You are on page 1of 718

‫أصول مذهب الشعية المامية الثني‬

‫عشرية‬
‫عرض ونقد‬
‫تأليف‬
‫دكتور ناصر بن عبد الله بن علي القفاري‬

‫المقدمة‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره‪ ،‬ونعوذ بسسالله مسسن شسسرور أنفسسسنا‬
‫ومن سيئات أعمالنا‪ .‬من يهده الله فل مضل له‪ ،‬ومن يضلل فل هادي لسسه‪،‬‬
‫وأشسسهد أن ل إلسسه إل اللسسه وحسسده ل شسسريك لسسه‪ ،‬وأشسسهد أن محمسسدا ً عبسسده‬
‫ورسوله‪.‬‬
‫وبعد‪..‬‬
‫فإن من أصسسول السسسلم العظيمسسة العتصسسام بحبسسل اللسسه جميع سا ً وعسسدم‬
‫ققوا ْ{ ]آل‬ ‫فّر ُ‬‫ول َ ت َ َ‬‫عقا َ‬ ‫مي ً‬
‫ج ِ‬‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫حب ْ ِ‬‫موا ْ ب ِ َ‬ ‫ص ُ‬
‫عت َ ِ‬
‫وا ْ‬
‫التفرق قال تعالى‪َ } :‬‬
‫وك َققاُنوا ْ‬
‫م َ‬ ‫هق ْ‬‫قققوا ْ ِدين َ ُ‬
‫فّر ُ‬‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬‫عمسسران‪ ،‬آيسسة‪ [103 :‬وقسسال سسسبحانه‪} :‬إ ِ ّ‬
‫ء{ ]النعام‪ ،‬آية‪.[159 :‬‬ ‫ي ٍ‬
‫ش ْ‬ ‫في َ‬ ‫م ِ‬
‫ه ْ‬
‫من ْ ُ‬
‫ت ِ‬ ‫عا ل ّ ْ‬
‫س َ‬ ‫شي َ ً‬
‫ِ‬
‫وقد كان المسلمون على ما بعث الله به رسوله من الهدى ودين الحسسق‬
‫الموافق لصحيح المنقول وصريح المعقول‪ ،‬فلما قتل عثمان ‪ -‬رضي اللسسه‬
‫عنه وأرضاه ‪ -‬ووقعت الفتنة‪ ،‬فاقتتل المسلمون بصفين‪ ،‬مرقسست المارقسسة‬
‫]المارقة‪ :‬لقب من ألقاب الخوارج‪ ،‬والخوارج‪ :‬هم الذين خرجوا على علي ‪ -‬رضي الله عنه‬
‫‪ -‬بعد التحكيم‪ ،‬فقاتلهم علي يوم النهروان‪ ،‬وقد أمر النبي صلى اللسسه عليسسه وسسسلم بقتسسالهم‬
‫في الحاديث الصحيحة‪ ،‬ففي الصحيحين عشرة أحاديث فيهم‪ ،‬أخسسرج البخسساري منهسسا ثلثسسة‪،‬‬
‫وأخرج مسلم سائرها )شسرح الطحاويسسة ص ‪ (530‬وسسساقها جميعسا ً ابسسن القيسسم فسسي تهسسذيب‬
‫السنن‪ ،153-4/148 :‬وانظر في عقائدهم وفرقهم‪ :‬الفرق بين الفرق‪ ،‬ص ‪ 72‬ومسا بعسسدها‪،‬‬
‫الملل والنحل ‪ 1/146 :‬وما بعدها‪ ،‬الفصل ‪ [.56-5/51 :‬التي قال فيها النسسبي صسسلى‬
‫الله عليه وسلم‪" :‬تمرق مارق علسى حيسن فرقسة مسن المسسلمين‪ ،‬يقتلهسم‬
‫أولى الطائفتين بالحق" ]انظر‪ :‬صحيح مسلم )بشرح النووي( كتاب الزكاة‪ ،‬باب ذكسسر‬
‫الخوارج وصفاتهم‪ [7/168 :‬وكان مروقها لما حكسسم الحكمسسان‪ ،‬وتفسسرق النسساس‬
‫على غير اتفاق‪.‬‬
‫ثم حدث بعد بدعة الخسسوارج بسسدع التشسسيع ]انظسسر‪ :‬منهسساج السسسنة لبسسن تيميسسة‪:‬‬
‫‪ ،[219-1/218‬وتتابع خروج الفرق‪ ،‬كما أخسسبر بسسذلك المصسسطفى صسسلى اللسسه‬
‫عليه وسلم ]انظر‪ :‬ص )‪ (112‬هامش رقم )‪ .[.(4‬وقد خرج التشسسيع مسسن الكوفسسة‬
‫]مجموعة فتاوى شيخ السلم ابن تيمية‪ ،[.20/301 :‬ولذلك جاء في أخبسسار الشسسيعة‬

‫‪1‬‬
‫بسسأنه لسسم يقبسسل دعسسوتهم مسسن أمصسسار المسسسلمين إل الكوفسسة‬
‫]بحسسار النسسوار‪:‬‬
‫‪ .[.100/259‬ثم انتشر بعد ذلسسك فسسي غيرهسسا‪ ،‬كمسسا خسسرج الرجسساء أيضسا ً مسسن‬
‫الكوفسسة‪ ،‬وظهسسر القسسدر‪ ،‬والعسستزال‪ ،‬والنسسسك الفاسسسد مسسن البصسسرة‪ ،‬ظهسسر‬
‫التجهم من ناحية خراسان‪.‬‬
‫وكان ظهور هذه البدع بحسب البعد عسن "السدار النبويسة" ]مجمسسوع فتسساوى‬
‫شيخ السلم ابن تيمية‪ [.301-20/300 :‬لن البدعة ل تنمو وتنتشر إل فسسي ظسسل‬
‫الجهل‪ ،‬وغيبة أهل العلم واليمان‪ ،‬ولذلك قال بعض السسسلف‪ :‬مسسن سسسعادة‬
‫الحدث والعجمي أن يوفقهما الله للعالم من أهل السنة ]شرح أصول اعتقاد‬
‫أهل السنة لللكائي‪ ، 1/60 :‬والقول ليوب السختياني‪[.‬؛ وذلك لسرعة تأثرها هسسؤلء‬
‫بأعاصير الفتنة والبدعة لضعف قسسدرتهم علسسى معرفسسة ضسسللها‪ ،‬واكتشسساف‬
‫عوارها‪ ،‬ولذا فإن خير منهج لمقاومة البدعة‪ ،‬ودرء الفرقة‪ ،‬هو نشر السنة‬
‫بين الناس‪ ،‬وبين ضسلل الخسارجين عنهسا‪ ،‬ولسذلك نهسض أئمسة السسنة بهسذا‬
‫المر‪ ،‬وبينوا حال أهل البدعة‪ ،‬وردوا شبهاتها‪ ،‬كما فعل المسسام أحمسسد فسسي‬
‫الرد على الزنادقة والجهمية‪ ،‬والمسسام البخسساري فسسي السسرد علسسى الجهميسسة‪،‬‬
‫وابن قتيبة في الرد على الجهمية والمشبهة‪ ،‬والدارمي في الرد على بشر‬
‫المريسي وغيرهم‪.‬‬
‫ول شك بأن بيان حال الفرق الخارجة عسسن الجماعسسة‪ ،‬والمجانبسسة للسسسنة‬
‫ضروري لرفع اللتبسساس‪ ،‬وبيسسان الحسسق للنسساس‪ ،‬ونشسسر ديسسن اللسسه سسسبحانه‪،‬‬
‫ي‬
‫وإقامة الحجة على تلك الطوائف‪ ،‬ليهلك من هلك عن بينة‪ ،‬ويحيا من ح ّ‬
‫عن بينة‪ ،‬فإن الحق ل يكاد يخفى على أحسسد‪ ،‬وإنمسسا يضسسلل هسسؤلء أتبسساعهم‬
‫بالشبهات والقوال الموهمة‪ ،‬ولذلك فإن أتباع تلك الطسسوائف هسسم مسسا بيسسن‬
‫زنديق‪ ،‬أو جاهل‪ ،‬ومن الضسسروري تعليسسم الجاهسسل‪ ،‬وكشسسف حسسال الزنسسديق‬
‫ليعرف ويحذر‪.‬‬
‫وبيان حال أئمة البدع المخالفة للكتاب والسنة واجب باتفاق المسلمين‬
‫"حتى قيل لحمد بن حنبل‪ :‬الرجل يصوم ويصلي ويعتكسسف أحسسب إليسسك‪ ،‬أو‬
‫يتكلم في أهل البدع؟‬
‫فقال‪ :‬إذا قام وصلى واعتكسسف فإنمسسا هسسو لنفسسسه‪ ،‬وإذا تكلسسم فسسي أهسسل‬
‫البدع فإنما هو للمسلمين‪ ،‬هذا أفضل‪.‬‬
‫فبين أن نفع هذا عام للمسلمين في دينهم من جنس الجهاد في سسسبيل‬
‫اللسسه‪ ،‬إذ تطهيسسر سسسبيل اللسسه ودينسسه ومنهسساجه وشسسرعته‪ ،‬دفسسع بغسسي هسسؤلء‬
‫وعدوانهم على ذلك واجب باتفاق المسلمين‪ ،‬ولول من يقيمسسه اللسسه لسسدفع‬
‫ضرر هؤلء لفسد الدين‪ ،‬وكان فساده أعظم من فساد استيلء العدو مسسن‬
‫أهل الحرب‪ ،‬فإن هؤلء إذا استولوا لم يفسدوا القلوب وما فيها من الدين‬
‫ا‪ ،‬وأما أولئك فهم يفسدون القلوب ابتداء" ]ابن تيمية‪ /‬مجموعة الرسسسائل‬ ‫إل تبع ً‬
‫والمسائل‪.[.5/110 :‬‬
‫وقد وجد العدو المتربص بالمة في هذه الفرق الخارجة عسسن الجماعسسة‪،‬‬
‫وسيلة ليقاع الفتنة في المة‪ ،‬ول يبعسسد أنسسه اليسسوم يريسسد أن يسسستثمر هسسذه‬
‫المسألة لمواجهة بوادر البعث السلمي المتنسسامي فسسي أرجسساء المعمسسورة‪،‬‬
‫والوقوف في وجه الصحوة السلمية السستي امتسسدت إلسسى عقسسر داره‪ ،‬وهسسو‬
‫‪2‬‬
‫يتخذ مسن تقسارير مستشساريه ‪ -‬السذين يهتمسون أبلسغ الهتمسام بتاريسخ تلسك‬
‫الطوائف وعقائدهم ‪ -‬منهجا ً يحتذيه في علقته مع المسلمين ودولهم‪.‬‬
‫ولذا نلحظ أنه يغذي بعض هذه الطوائف‪ ،‬ويهيئ الوسائل لوصولها لدفة‬
‫الحكم والتوجيه‪.‬‬
‫ول شك أن بيان الحق في أمر هذه الفسسرق فيسسه تفسسويت للفرصسسة أمسسام‬
‫العدو لتوسيع رقعة الخلف واسسستمراره؛ فسسإن تسسرك رؤوس زنادقسسة البسسدع‬
‫يسعون لضلل الناس‪ ،‬ويعملون على تكثير سوادهم‪ ،‬والتغريسسر بأتبسساعهم‪،‬‬
‫ويدعون أن ما هم عليه هسسو السسسلم‪ ،‬هسسو مسسن بسساب الصسسد عسسن ديسسن اللسسه‬
‫وشرعه‪ ،‬حتى أن من أسباب خسسروج الملحسسدة ظنهسسم أن السسسلم هسسو مسسا‬
‫عليه فرق أهل البدعة‪ ،‬ورأوا أن ذلسسك فاس سد ٌ فسسي العقسسل فكفسسروا بالسسدين‬
‫أص ً‬
‫ل‪.‬‬
‫ومعظم الفرق التي خرجت عن الجماعة ضسسعف نشسساطها اليسسوم‪ ،‬وفسستر‬
‫حماسها وتقلص أتباعها‪ ،‬وانكفأت على نفسها‪ ،‬وقلت منابذتها أهل السنة‪.‬‬
‫أما طائفة الشيعة فإن هجومها علسسى أهسسل السسسنة‪ ،‬وتجريحهسا لرجسسالهم‪،‬‬
‫وطعنها في مذهبهم‪ ،‬وسعيها لنشر التشيع بينهم يزداد يوما ً بعد يوم‪.‬‬
‫ولعل طائفة الثني عشرية هي أشد فرق الشيعة سعيا ً فسسي هسسذا البسساب‬
‫لضلل العباد إن لم تكن الفرقة الوحيسسدة السستي ُتكسسثر مسسن التطسساول علسسى‬
‫السنة‪ ،‬والكيد لها على الدوام مما ل تجده عند فرقة أخرى‪.‬‬
‫ولقد كانت صلتي بقضية الشيعة تعود إلى مرحلسسة "الماجسسستير"‪ ،‬حيسسث‬
‫كان موضوعها "فكرة التقريب بين أهل السنة والشيعة" وبعسسد أن انتهيسست‬
‫من دراسة مسألة التقريب‪ ،‬رغبت أن أتجه فسسي دراسسستي للسسدكتوراه إلسسى‬
‫تحقيق بعض كتب الستراث‪ ،‬وتقسدمت إلسى القسسم بطلسب الموافقسة علسى‬
‫تحقيسسق الجسسزء الول "الجسسواب الصسسحيح لمسسن بسسدل ديسسن المسسسيح" لشسسيخ‬
‫ي بعسض السساتذة الفضسلء فسي القسسم‬ ‫السلم ابن تيمية‪ ،‬ولكن أشار عل ّ‬
‫وخارجه بالستمرار في دراسة قضية الشيعة؛ لهميتها وضسسرورة دراسسستها‬
‫دراسة علمية موضوعية‪.‬‬
‫وبعسسد الستشسسارة والسسستخارة عقسسدت العسسزم علسسى أن أدرس العقسسائد‬
‫الساسية للمذهب الثني عشري‪ ،‬وأنا على علم بأن الجهسسد السسذي يتطلبسسه‬
‫هسسذا الموضسسع يفسسوق الموضسسوع الول كسسثيرًا‪ ،‬لننسسي ‪ -‬كمسسا سسسيتبين ‪ -‬أمسسام‬
‫دارسة دين بأكمله‪ ،‬ل كتاب شخص واحد‪.‬‬
‫وقد اخترت طائفة الثني عشرية بالذات من بين طوائف الشسسيعة لعسسدة‬
‫أسباب‪ ،‬منها‪:‬‬
‫ل‪ :‬أن هذه الطائفة بمصادرها في التلقي وكتبهسسا‪ ،‬وتراثهسسا تمثسسل نحلسسة‬ ‫أو ً‬
‫كبرى‪ ،‬حتى أنهم يسمون مسائل اعتقادهم "دين المامية" ]العتقسسادات لبسسن‬
‫بابويه يسمى "دين المامية" انظر‪) :‬الفهرسسست للطوسسسي‪ :‬ص ‪ ،189‬أغسسا بسسزرك‪ /‬الذريعسسة‪:‬‬
‫‪ [.(2/226‬ل مذهب المامية‪ ،‬وذلك لنفصالها عن ديسسن المسسة‪ ،‬وبحسسسبك أن‬
‫تعرف أن أحد مصادرها في الحديث عن الئمة يبلغ مائة وعشرة مجلدات‬
‫ه(‪.‬‬
‫وهو "بحار النوار" لشيخهم المجلسي )ت ‪‍ 1111‬‬

‫‪3‬‬
‫ثانيًا‪ :‬اهتمام هذه الطائفسسة بنشسسر مسسذهبها والسسدعوة إليسسه‪ ،‬وعنسسدها دعسساة‬
‫متفرغون ومنظمون‪ ،‬ولها في كل مكان )غالبًا( خلية ونشاط‪ ،‬وتوجه جسسل‬
‫اهتمامها في الدعوة لنحلتها في أوساط أهل السسسنة‪ ،‬ول أظسسن أن طائفسسة‬
‫مسسن طسسائف البسسدع تبلسسغ شسسأو هسسذه الطائفسسة فسسي العمسسل لنشسسر معتقسسدها‬
‫والهتمام بذلك ‪.‬‬
‫هي اليوم تسعى جاهدة لنشر "مذهبها" في العسالم السسلمي‪ ،‬وتصسدير‬
‫ثروتها‪ ،‬وإقامة دولتها الكبرى بمختلف الوسائل‪.‬‬
‫وقد تشيع بسبب الجهود التي يبذلها شسسيوخ الثنسسي عشسسرية الكسسثيُر مسسن‬
‫شباب المسلمين‪ ..‬ومن يطالع كتسساب "عنسسوان المجسسد فسسي تاريسسخ البصسسرة‬
‫ونجد" يهوله المر‪ ،‬حيث يجد قبائل بأكملها قد تشيعت‪.‬‬
‫وقد تحولت سفارات دولة الشيعة فسسي إيسسران إلسسى مركسسز للسسدعوة إلسسى‬
‫مذهبها في صفف الطلبة‪ ،‬والعساملين المسسلمين فسي العسالم‪ .‬وهسسي تهتسسم‬
‫بدعوة المسلمين أكثر من اهتمامها بدعوة الكافرين ]انظر سبب ذلك فسسي ص‬
‫) ‪ (715-714‬من هذه الرسالة‪ ،‬ومجموع فتاوى شيخ السلم‪.[.28/478 :‬‬
‫ولشسسك أن المسسسؤولية كسسبيرة فسسي إيضسساح الحقيقسسة أمسسام المسسسلمين‪.‬‬
‫ولسيما الذين دخلوا في سلك التشيع حبا ً لهل البيت واعتقادها ً منهسسم أن‬
‫هذا الطريق عين الحق‪ ،‬وطريق الصدق‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬أن هذه هي الطائفة الشيعية الكبرى في عالم اليوم‪ ،‬وقد احتسسوت‬
‫معظم الفرق الشيعية التي وجدت على مسسسرح التاريسسخ‪ ،‬تمثسسل مصسسادرها‬
‫في التلقي‪ ،‬خلصة أفكار التجاهسسات الشسسيعية المختلفسسة ومسسستقرها السستي‬
‫ظهرت على امتداد الزمن‪ ،‬حتى قيل بأن لقب الشيعة إذا أطلسسق ل ينصسسر‬
‫إل إليها‪.‬‬
‫رابعًا‪ :‬هذه الفرقسسة لهسسا اهتمسسام دعسسائي فسسي السسدعوة للتقسسارب مسسع أهسسل‬
‫السنة‪ ،‬وقد أقامت المراكز‪ ،‬وأرسسسلت السسدعاة‪ ،‬وأنشسسأت الجمعيسسات السستي‬
‫ترفع شار الوحدة السلمية ]انظر‪" :‬فكرة التقريب بين أهسسل السسسنة والشسسيعة"‪ :‬ص‬
‫‪ 511‬وما بعدها‪.[.‬‬
‫خامسًا‪ :‬هذه الطائفة تكثر من القول بأن مذهبها ل يختلف عسسن مسسذهب‬
‫أهل السنة‪ ،‬وأنها مظلومة ومفترى عليها‪ ،‬ولها اهتمسسام كسسبير بالسسدفاع عسسن‬
‫مذهبها‪ ،‬ونشر الكتب والرسائل الكثيرة للدعاية له‪ ،‬وتتبع كتب أهل السنة‬
‫ومحاولة الرد عليها‪ ،‬مما ل يوجد مثله عند طائفة أخرى‪.‬‬
‫سادسسًا‪ :‬كسسثرة مهاجمسسة هسسذه الطائفسسة لهسسل السسسنة‪ ،‬ول سسسيما صسسحابة‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وطعنها فسسي أمهسسات كتسسب المسسسلمين‪،‬‬
‫عبر مؤلفاتهم التي يخرج سنويا ً العشسرات مسن الكتسب‪ ..‬كسذلك مهاجمتهسا‬
‫بعنف وضراوة لكل من يكتب عنها أو يتعرض لمذهبها بالنقد‪ ،‬تحسست سسستار‬
‫أن هسسذه الكتابسسات تعيسسق التقريسسب‪ ،‬وتعرقسسل مسسساعي الوحسسدة السسسلمية‪،‬‬
‫فانصرفت أكثر القلم عن الكتابة عنها‪.‬‬
‫سابعًا‪ :‬استرعى انتباهي تضخم الخلف حول حقيقة الثني عشرية لسسدى‬
‫الكتاب المعاصرين‪:‬‬

‫‪4‬‬
‫فمن فريق يرى أنهم كفرة‪ ،‬وأن غلهم تجاوز الحدود السلمية‪ ،‬كما في‬
‫كتابات السسستاذ محسسب السسدين الخطيسسب‪ ،‬وإحسسسان إلهسسي ظهيسسر‪ ،‬وإبراهيسسم‬
‫الجبهان ]انظسر‪ :‬الخطسوط العريضسة للخطيسب‪ ،‬والشسيعة والسسنة لحسسان إلهسي ظهيسر‪،‬‬
‫وتبديل الظلم للجبهان‪ [.‬وغيرهم‪.‬‬
‫وفريق يرى أن الثني عشرية طائفة معتدلة لم تجنسسح إلسسى الغلسسو السسذي‬
‫وقعت فيه الفرق الباطنية‪ ،‬مثل‪ :‬كتابات النشار‪ ،‬وسليمان دنيا‪ ،‬ومصطفى‬
‫الشكعة ]نشأة الفكسسر الفلسسسفي للنشسسار‪ ،‬الجسسزء الثسساني ص ‪ ،13‬والشسسيعة وأهسسل السسسنة‬
‫سليمان دنيا‪ ،‬و إسلم بل مذاهب لمصطفى الشكعة ص ‪ [.194‬وغيرهم‪.‬‬
‫وفريق ثالث التبس عليه المر حتى ذهب يستفتي شيوخ الشيعة الثنسسي‬
‫عشرية فيما كتبه عنهم إحسان إلهي ظهير‪ ،‬ومحب السسدين الخطيسسب‪ ،‬كمسسا‬
‫تجد ذلك فيما كتبه البهنساوي في "السنة المفترى عليها"‪.‬‬
‫ومن خلل هذه الختلفات قد تضيع الحقيقة‪ ،‬أو تخفى على الكثير‪.‬‬
‫ولسسذلك فقسسد راعيسست فسسي هسسذه الرسسسالة – ول سسسيما فسسي بساب الشسسيعة‬
‫المعاصسسرين ‪ -‬السسستماع إلسسى أصسسوات الشسسيعة المسسدافعين عسسن مسسذهبهم‬
‫والناقدين لما كتبه بعض أهل السنة عن معتقدهم‪ ،‬ومناقشة ذلك‪.‬‬
‫ولقد كتب أسلفنا عن الثني عشسسرية‪ ،‬وهسسي السستي يسسسمونها بالرافضسسة‪،‬‬
‫وكان لمصنفاتهم أثرها‪ ،‬كما فسسي كتابسسات أبسسي نعيسسم‪ ،‬وشسسيخ السسسلم ابسسن‬
‫تيمية‪ ،‬المقدسي‪ ،‬والفيروزآبادي‪ ،‬وما فسسي كتسسب الفسسرق والعقيسسدة‪ ،‬ولكسسن‬
‫تلك الكتابات كانت قبل شيوع كتب الشيعة وانتشارها‪ ،‬وجملة منها يحمسسل‬
‫صسسفة السسرد علسسى بعسسض مؤلفسسات الشسسيعة‪ ،‬ول تسسدرس الطائفسسة بعقائدهسسا‬
‫وأفكارها بشكل شامل‪.‬‬
‫كما أن الثني عشرية لمهارتها في التقية‪ ،‬قد خفي أمرها؛ حتى نجد في‬
‫شرح صحيح مسلم القول بأن المامية ل تكفر الصحابة‪ ،‬و إنما تسرى أنهسم‬
‫أخطأوا فسسي تقسسديم أبسسي بكسسر ]شسسرح صسسحيح مسسسلم‪ .[.174 /15 :‬ونسسرى شسسيخ‬
‫السلم ابن تيمية على اهتمامه بالمذهب الرافضي ونقده‪ ،‬يقسسول‪ :‬حسسدثني‬
‫الثقات أن فيهم من يرى الحج إلى المشاهد أعظسسم مسسن الحسسج إلسسى بيسست‬
‫الله ]منهاج السنة‪.[.2/124 :‬‬
‫بينما هذه القضية تجدها اليوم مقررة فسسي أمهسسات كتبهسسم فسسي عشسسرات‬
‫الروايات والعديد من البواب‪.‬‬
‫كما أن أهم كتاب عند الشيعة وهو "أصول الكافي" ل تجد له ذكرا ً عنسسد‬
‫الشعري‪ ،‬أو ابن حزام‪ ،‬أو ابن تيمية‪ ،‬وهو اليوم الصل الول المعتمد عند‬
‫الطائفة في حديثها عن الئمة الذي هو أساس مذهبها‪.‬‬
‫وأيضا ً فإن طبيعة هذا المذهب أنه يتطور مسسن وقسست لخسسر‪ ،‬ويتغيسسر مسسن‬
‫جيل لجيل‪ ،‬حتى أن الممقاني أكبر شيوخهم في هذا العصر يقسسول‪ :‬إن مسسا‬
‫يعتبر غلوا ً عند الشيعة الماضين أصبح اليوم من ضرورات المذهب ]سسسيأتي‬
‫بنصه في ص )‪ .[.(373‬هذه الطبيعسسة المتغيسسرة تقتضسسي التعسسرف علسسى السسوجه‬
‫الحقيقي للثني عشرية في عصرنا‪.‬‬
‫كما أن جل الردود التي تسود المصنفات التي كتبها الئمسسة السسسابقون ‪-‬‬
‫رحمة الله عليهم أجمعين ‪ -‬هسسي علسسى شسسبهات يثيرهسسا الشسسيعة مسسن كتسسب‬
‫‪5‬‬
‫السسسنة نفسسسها؛ فيسسرد عليهسسا أهسسل السسسنة مسسبينين أن تلسسك النصسسوص السستي‬
‫يتمسك بها الشيعة إما موضوعة‪ ،‬وإمسسا ضسسعيفة‪ ،‬أو بعيسسدة عسسن اسسستدللهم‬
‫الفاسد‪.‬‬
‫ل‪ ،‬وهسسي تسسثير هسسذه‬‫ولكن الشيعة ل تسسؤمن بكتسسب أهسسل السسسنة كلهسسا أصس ً‬
‫الشبهات إلى اليوم لتحقيق أمرين‪:‬‬
‫الول‪ :‬إشغال أهل السنة بهذه الشبهات‪ ،‬حسستى ل يتفرغسسوا لنقسسد كتبهسسم‪،‬‬
‫ونصوصهم‪ ،‬ورجال رواياتهم‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬إقناع الحائرين والمتشككين من أهل طائفتهم بدعوى أن ما هم‬
‫عليه من شذوذ وهو موضع اتفاق بين السنة والشيعة‪.‬‬
‫ولكن كتب الشيعة اليم قد توفرت بشكل لم يعهد من قبل‪ ..‬فينبغي أن‬
‫تكون من أهم ركائز الدراسة والنقد؛ لن الحجة على كل طائفة إنما تقام‬
‫بما تصدقه وتؤمن به‪.‬‬
‫أما الكتابات المعاصرة من قبل أهسسل السسسنة عسسن الثنسسي عشسسرية فهسسي‬
‫قليلة بالنسبة لما يكتبه الشيعة عن أهل السنة‪.‬‬
‫وهي بالنسبة للثني عشرية ل تكفي‪ ،‬فمذهبهم قائم علسسى مئات الكتسسب‬
‫التي تخدم المذهب‪ ،‬وتدعو إليه‪ ،‬وتمثل فكره ووجهتسسه‪ ،‬ودراسسستها ونقسسدها‬
‫يحتاج لجهد أكبر‪ ،‬وعمل أوسع‪.‬‬
‫ولقد رأيت في هذه المؤلفسات أنهسسا أغفلسست جسوانب مهمسة فسي دراسسة‬
‫الثني عشرية؛ كعقيدتهم ‪ -‬مثل ً ‪ -‬في أصول الدين‪ ،‬وهو ما حسساولت القيسسام‬
‫بدراسته في الباب الثاني من هذه الرسالة‪.‬‬
‫كذلك معرفة آراء المعاصرين من الشيعة وتوجهساتهم‪ ،‬وصسلتهم بسالفرق‬
‫القديمة‪ ،‬وكتبهم السابقة‪ ،‬وهو ما يتحدث عنه الباب الرابع‪.‬‬
‫والموضسوع ‪ -‬حقيقسسة ‪ -‬كسسان مسن السسسعة والتشسسعب‪ ،‬بحيسسث يحتسساج إلسسى‬
‫دراسات جديدة ترتاد آفاقا ً مازالت مجهولة في المسسذهب الثنسسي عشسسري‪،‬‬
‫ولذلك نحوت في دراسة الموضوع منحا ً علميا ً تكشفت فيه معالم جديدة‪،‬‬
‫لعل من أبرزها ما يلي‪:‬‬
‫ل‪ :‬دراسة مذهب الثني عشرية في أصسسول السسدين وهسسي منطقسسة فسسي‬ ‫أو ً‬
‫معظم مسائلها مجهولة‪ ،‬لن الشيعة يتسترون عليها‪ ،‬والبسساحثين مسسن أهسسل‬
‫السنة لم يطرقوها‪ .‬وقسسد شسسكل ذلسسك بابسا ً كسسامل ً فسسي الرسسسالة هسسو البسساب‬
‫الثاني‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬أماطت هذه الدراسة اللثام عن عقائد لم يطرقها أحد مسسن قبسسل ‪-‬‬
‫حسب علمي ‪ -‬كعقيدة أن القرآن ليسسس حجسسة إل بقيسسم‪ ،‬وأن جسسل القسسرآن‬
‫نزل فيهم وفي أعدائهم‪ ،‬وعقيدة الظهور‪ ،‬والطينة ]قسسد أشسسار الشسسيخ تونسسسوي‬
‫في كتابه "عقائد الشيعة" إلى هذه العقيدة إشارة مقتضبة‪ ،‬ونقل نصا ً واحدا ً من الكسسافي ل‬
‫يصور هذه العقيدة بكاملهسسا‪ ،[.‬ودعوى تنزل كتسسب إلهيسسة علسسى الئمسسة ]والبسساحثون‬
‫يخلطون بينها وبين عقدية التحريف عند الشيعة‪.[.‬‬
‫كما كشفت عن متى بدأت فرية التحريف في المذهب الثنسسي عشسسري‪،‬‬
‫وأول كتاب سجلت فيه هذه الفريسسة‪ ،‬واكتشسساف وضسع هسذا الكتساب ومسستى‬
‫وضع‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫كذلك تم اكتشاف صلة شيخ السسلم ابسن تيميسة ومنهساج السسسنة‪ ،‬بسأكبر‬
‫تحول في تقويم النصوص عندهم وتقسيمها إلى صحيح‪ ،‬وضعيف وموثق‪.‬‬
‫وحققت القول بوجود المهدي الذي يقسوم عليسسه مسذهب الثنسسي عشسرية‬
‫اليوم وعرض شهادات مهمة صادرة من أسرة الحسسسن العسسسكري‪ ،‬وأهسسل‬
‫البيت والحسن العسكري نفسه‪ ،‬ومأخوذة من كتب الشيعة ذاتها‪.‬‬
‫وغير ذلك مما قد يجده الباحث في هذه الرسالة‪.‬‬
‫وإنني أذكر هذه المسائل حتى تتضح للقارئ مواضع الضافة التي يمكن‬
‫أن يفيد منها‪ ..‬ذلك أنني حاولت أن أكتفي في المسائل المبحوثة بالشارة‬
‫أو التيان بنصوص جديدة‪ ،‬كما في مسألة تكفيرهسسم للشسسيخين‪ ،‬السستي تجسسد‬
‫النصوص التي تكشف تورط الشيعة فيها من خلل ما كتبه الشيخ موسسسى‬
‫جار الله وإحسان إلهي ظهير‪ ،‬وغيرهما‪ ،‬فحاولت أن أقدم نصوصسا ً شسسيعية‬
‫تعبر عن الشسيخين برمسوز خاصسة‪ ،‬ثسم أوردت تفسسيرها مسن كتسب الثنسي‬
‫عشرية نفسها‪.‬‬
‫أما عن المنهج الذي حكم أسلوب معسسالجتي للموضسسوع‪ ،‬والجديسسد السسذي‬
‫يحتمل إضافته‪ ،‬فإن أبواب هذا البحث خير من يتحدث عنه‪ ،‬وإذا كان لبسسد‬
‫من إشارات في هذا التقديم فأقول‪:‬‬
‫قد عمدت في بداية رحلتي مسسع الشسسيعة وكتبهسسا أل أنظسسر فسسي المصسسادر‬
‫الناقلة عنهسسم‪ ،‬وأن أتعامسسل مباشسسرة مسسع الكتسساب الشسسيعي حسستى ل يتسسوجه‬
‫البحث وجهة أخرى‪.‬‬
‫وحاولت ‪ -‬جهد الطاقة ‪ -‬أن أكون موضوعيًا‪ ،‬ضمن الطار السذي يتطلبسه‬
‫موضوع له صلة وثيقة بالعقدية كموضعي هذا‪.‬‬
‫والموضوعية الصسادقة أن تنقسسل مسسن كتبهسسم بأمانسسة‪ ،‬أن تختسسار المصسادر‬
‫المعتمسسدة عنسسدهم‪ ،‬وأن تعسسدل فسسي الحكسسم‪ ،‬وأن تحسسرص علسسى الروايسسات‬
‫الموثقة عندهم أو المستفيضة في مصادرهم ‪ -‬ما أمكن ‪.-‬‬
‫ً‬
‫أما إنكار ما أقف عليه من منكر‪ ،‬بيان فساده‪ ،‬فهسسذا ليسسس خروج سا عسسن‬
‫الموضوعية‪ ،‬بل هو جزء من واجب كل مسلم‪ ،‬فمن يتعسسرض لكتسساب اللسسه‬
‫سبحانه‪ ،‬ويدعي فيه نقصا ً وتحريفسًا‪ ،‬أو يقسسول بسسأن عليسا ً هسسو الول والخسسر‬
‫والظاهر الباطن‪ ،‬وأمثال هذه الكفريسسات الظسساهرة‪ ،‬ل تملسسك إل أن تصسسمه‬
‫بما يستحقه‪ ،‬وأن تظهر فداحة جرمه‪ ،‬وشناعة معتقده‪ ،‬وإل كان في المر‬
‫خداع وتغرير بالقارئ المسلم‪.‬‬
‫ولذلك فإنني أعرض لعقائدهم بمنهسسج نقسسدي‪ ،‬وحينمسسا أجسسد أن المسسسألة‬
‫ل‪ ،‬ول ألسستزم‬‫تحتاج إلى دراسة نقدية أكثر تفصيل ً أعقد لذلك مبحث سا ً مسسستق ً‬
‫ذلك دائمًا؛ لن في جملة من العقسسائد مسسا يكفسسي لمعرفسسة حقيقتهسسا بمجسسرد‬
‫عرضها‪ ،‬ولهذا ذكسر شسيخ السسلم ابسن تيميسة أن تصسور المسذهب الباطسل‬
‫يكفي في بيان فساده ول يحتاج مع حسن التصور إلى دليسسل آخسسر‪ ،‬و إنمسسا‬
‫تقع الشبهة؛ لن أكثر الناس ل يفهمون حقيقة قسسولهم وقصسسدهم لمسسا فيسسه‬
‫من اللفاظ المجملة المشتركة ]مجموع فتاوى شيخ السلم‪) 2/138 :‬جمع الشسسيخ‬
‫عبد الرحمن بن قاسم(‪.[.‬‬

‫‪7‬‬
‫ولذلك فإنني أحيانا ً أكتفي بمجرد تصوير حقيقسسة القسسول‪ ،‬والشسسارة إلسسى‬
‫بطلنه‪ ،‬ول سيما في المسائل الجزئيسسة‪ ،‬كمسسا أننسسي فسسي مسسسائل المسسذهب‬
‫الكبار كمسألة النص أو الصحابة‪ ،‬أزيد على ذلسسك بنقسسد المقالسسة مسسن خلل‬
‫الكتاب والسنة‪ ،‬وأقوال أئمتهم‪ ،‬والمور المعلومة‪ ،‬والمتفق عليها‪.‬‬
‫وأسلك بوجه عام في مناقشتهم منهج النقد السسداخلي للنصسسوص؛ وذلسسك‬
‫عن طريق مقارنة هذه النصوص بعضها ببعض وبيان ما بينهسسا مسسن تنسساقض‬
‫ومفارقات ‪ -‬ما أمن ذلك ‪.-‬‬
‫كما أننسسي أحيانسا ً أناقشسسهم علسسى وفسسق منطقهسسم‪ ،‬وبمقتضسسى مقرراتهسسم‬
‫وقواعسسدهم‪ ،‬وعلسسى ضسسوء روايسساتهم‪ ،‬ول يعنسسي هسسذا الموافقسسة علسسى تلسسك‬
‫الصول‪ ،‬وقبول تلك الروايات؛ وإنما هو منهج فسسي النقسسد‪ ،‬لكشسسف حقيقسسة‬
‫المذهب‪ ،‬وخروجه عن أصوله‪ ،‬وعمله ببعض رواياته وترك الخر‪.‬‬
‫ثم إنني في عرضي لعقسسائدهم ألسستزم النقسسل مسسن مصسسادرهم المعتمسسدة‪،‬‬
‫لكن ل أغفل في الغالب ما قالته المصادر الخسسرى‪ .‬ووضسسع المريسسن أمسسام‬
‫القارئ مفيد جدا ً للموازنة والمقارنسسة‪ ،‬ومعرفسسة مسسدى اطلع الوائل علسسى‬
‫معتقد الشيعة‪ ،‬ومقدار التغير في المذهب الشيعي عبر القرون‪.‬‬
‫كما قمت بتخريج ما يرد فسسي البحسسث مسسن الحسساديث والثسسار‪ ،‬والتعريسسف‬
‫بالفرق والملل‪ ،‬وبيان المصطلحات‪ ،‬وكسسذلك الترجمسسة للعلم السسذين لهسسم‬
‫دور في تأسيس بعض عقائد الشيعة‪ ،‬أو ما تدعو حاجسسة البحسسث لمعرفتسسه‪.‬‬
‫أما الترجمة لكل ع َل َم ٍ يرد فهذا يشسسغل القسارئ عسسن الموضسوع الساسسي‪،‬‬
‫وهو موضوع مكانه كتب التاريخ التراجم‪ ،‬ولسسذلك فسسإني السستزمت التعريسسف‬
‫بكل فرقة ترد؛ لن هذا هو القرب للتخصص والموضوع‪.‬‬
‫ولقد اكتنفت دراستي عدة صعوبات‪:‬‬
‫أولها ‪ :‬أن كتب الرواية عند الشيعة ل تحظى بفهرسة‪ ،‬وليس لها تنظيم‬
‫معين‪ ،‬كما هو الحال في كتب أهل السنة ]يوجد عندهم "مفتسساح الكتسسب الربعسسة"‬
‫عنسسدي منسسه اثنسسا عشسسر مجلسسدًا‪ ،‬إل أن طريقسسة مسسؤلفه فسسي ترتيبسسه تجعلسسه أشسسبه بكتسساب ل‬
‫بفهرس‪ ،[.‬ولذلك فإن المر اقتضى مني قراءة طويلسسة فسسي كتسسب حسسديثهم‪،‬‬
‫حتى تصفحت البحار بكامل مجلسسداته‪ ،‬وأحيانسا ً أقسسرأ روايسسة روايسسة‪ ،‬وقسسرأت‬
‫أصول الكافي‪ ،‬وتصفحت وسسسائل الشسسيعة‪ ،‬وكسسانت الروايسسات السستي أحتسساج‬
‫إليها تبلغ المئات في كل مسألة في الغالب‪.‬‬
‫فل تسسستطيع أن تكتسسب عسسن هسسذه المسسألة حسستى تسسستكمل قسسراءة هسسذه‬
‫الخبار‪.‬‬
‫وأرجع كثيرا ً إلى شروح الكافي كشرح جامع للمازنسسدراني‪ ،‬لفهسسم وجهسسة‬
‫نظر شيوخهم في الروايات‪.‬‬
‫ثانيسًا‪ :‬رحلسست فسسي البحسسث عسسن الكتسساب الشسسيعي إلسسى مصسسر‪ ،‬والعسسراق‪،‬‬
‫والبحرين‪ ،‬والكويت‪ ،‬وباكستان‪ ،‬وحصلت من خلل ذلك على مصادر مهمة‬
‫أفدت منها في أبواب هذا البحث وفصوله‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬طول المسافة الزمنيسسة السستي شسسملها البحسسث‪ ،‬والسستي امتسسدت منسسذ‬
‫نشأة الشيعة حتى اليوم‪ ،‬فأمامي عشسسرات الكتسسب الشسسيعية فسسي مختلسسف‬

‫‪8‬‬
‫العصور أمضيت وقتا ً طويل ً في تتبعها‪ ،‬وملحقسسة التطسسور العقسسدي للشسسيعة‬
‫في امتدادها‪.‬‬
‫مصادر الرسالة‪:‬‬
‫وقد اعتمدت في دراسسستي عنهسسم علسسى مصسسادرهم المعتسسبرة مسسن كتسسب‬
‫التفسير والحديث‪ ،‬والرجال‪ ،‬والعقائد‪ ،‬والفرق‪ ،‬والفقه‪ ،‬والصول‪:‬‬
‫أ‪ -‬ففي كتب التفسير رجعت إلى‪:‬‬
‫تفسسسير علسسي بسن إبراهيسسم القمسي‪ ،‬السسذي قسالوا عنسسه بسأنه أصسل أصسول‬
‫التفاسير عندهم ]مقدمة تفسير القمي‪ :‬ص ‪ .[.10‬ووثق رواياته شيخ مشايخهم‬
‫في هذا العصر الذي يلقبونه "بالمسسام الكسسبر" وهسسو أبسسو القاسسسم الخسسوئي‪،‬‬
‫فقال‪" :‬ولذا نحكم بوثاقة جميع مشايخ علي بن إبراهيم القمي السذي روى‬
‫عنهم في تفسسسيره مسسع انتهسساء السسسند إلسسى أحسسد المعصسسومين" ]أبسسو القاسسسم‬
‫الخوئي‪ /‬معجم رجال الحديث‪ .[.1/63 :‬والقمي عنسسدهم ثقسسة فسسي الحسسديث‪ ،‬ثبسست‬
‫معتمد ]رجال النجاشي‪ :‬ص ‪ ،[.197‬كان في عصسسر المسسام العسسسكري‪ ،‬وعسساش‬
‫ه( ]الذريعة‪ ،4/302 :‬مقدمة تفسير القمي‪ :‬ص ‪.[.8‬‬ ‫إلى سنة )‪‍ 307‬‬
‫وكذلك تفسير العياشي الذي قال فيه شيخهم المعاصر ‪ -‬محمد حسسسين‬
‫الطبطبائي‪" :‬أحسن كتاب ألف قديما ً في بابه‪ ،‬وأوثق ما ورثناه من قدماء‬
‫مشايخنا من كتب التفسير بالمأثور‪ ،‬فقد تلقاه علماء هذا الشأن منذ ألسسف‬
‫عسسام إلسسى يومنسسا هسسذا مسسن غيسسر أن يسسذكر بقسسدح‪ ،‬أو يغمسسض فيسسه بطسسرف"‬
‫]الطبطائي‪ /‬مقدمة حل الكتاب ومؤلفة‪ :‬صاج‪.[.‬‬
‫والعياشي هو محمد بسن مسسسعود أبسو النضسر‪ ،‬عسساش فسسي أواخسسر القسرن‬
‫الثالث‪ ،‬وهو عندهم جليل القدر‪ ،‬واسع الخبار‪ ،‬بصير بالروايسسات ]الطوسسسي‪/‬‬
‫الفهرست‪ :‬ص ‪165– 163‬؟[‪.‬‬
‫وتفسير فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي‪ ،‬من شسسيوخهم فسسي القسسرن‬
‫الثالث وأوائل القرن الرابع ]أغسسا بسسزرك الطهرانسسي‪ /‬نوابسسع السسرواة‪ :‬ص ‪ .[.216‬وقد‬
‫وثقه شيخهم المجلسي فقال‪" :‬أخبار تفسير فرات موافقة لما وصل إلينا‬
‫من الحاديث المعتبرة" ]بحار النسسوار‪ ،37 /1 :‬وانظسسر فسسي بيسسان أنسسه مسسن مصسسادرهم‬
‫المعتبرة عند القدامى والمعاصرين‪ :‬مقدمة تفسير فرات‪ ،‬لمحمد علي الوردبادي‪.[.‬‬
‫هذه أهم كتب التفسير القديمة الموجودة اليوم بين أيديهم ]بالضسسافة إلسى‬
‫تفسير التبيان للطوسي‪ ،‬ومجمع البيان للطبرسي‪ ،‬والتي قال فيهما بعض شسسيوخهم بأنهمسسا‬
‫وضعا على أسسسلوب التقيسسة ‪ -‬كمسسا سسسيأتي ‪ .[.-‬وقد رجعت إليهسسا فسسي أثنسساء عسسرض‬
‫عقيدتهم في القرآن وغيره‪ ،‬ولم أكتف بتوثيق المنقول منهسسا‪ ،‬بسسل شسسفعت‬
‫ذلك بما كتبه شيوخهم المتأخرون المعتمدون عندهم‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫تفسير الصافي لشيخهم محمسد محسسن المعسسروف بسالفيض الكاشساني‪،‬‬
‫والذي يصفونه بس "العلمة المحقق‪ ،‬المدقق‪ ،‬جليل القدر‪ ،‬عظيسسم الشسسأن"‬
‫]الردبيلي‪ /‬جامع الرواة‪.[.2/42 :‬‬
‫والبرهان فسسي تفسسسير القسسرآن لشسسيخهم هاشسسم بسسن سسسليمان البحرانسسي‬
‫ه( وهسسو عنسسدهم العلمسسة الثقسسة الثبسست‬‫)المتسسوفى سسسنة ‪ 1107‬أو ‪‍ 1109‬‬
‫المحدث الخبير والناقد البصير ]انظر‪ :‬أمل المل‪ ،2/341 :‬يوسف البحراني‪ /‬لؤلسسؤة‬
‫البحرين ص ‪ ،63‬البلدي‪ /‬أنوار البدرين ص ‪.[.137‬‬
‫‪9‬‬
‫ومرآة النوار ومشكاة السرار‪ ،‬أو مقدمة البرهان لشيخهم أبي الحسن‬
‫ه(‬
‫بن محمد العاملي الفتوني ‪ ،‬تلميذ المجلسي صاحب البحسسار )ت ‪‍ 1140‬‬
‫قال عنه صاحب لؤلؤة البحرين بأنه كان محققا ً مدققا ً ]يوف البحراني‪ /‬لؤلسسؤة‬
‫البحرين‪ :‬ص ‪ ،[.107‬وقال عنه صاحب روضات الجنات‪" :‬من أعاظم فقهائنسسا‬
‫المتأخرين" ]الخوانسسساري‪ /‬روضسسات الجنسسات‪ :‬ص ‪ .658‬ط‪ :‬الثانيسسة‪ ،‬الزرنسسدي‪ /‬ترجمسسة‬
‫المؤلف )المطبسسوع مسسع مقدمسسة مسسرآة النسسوار(‪ ،[.‬ووصفه شيخهم النسسوري بالحجسسة‬
‫وقال عن كتابه‪" :‬لم يعمل مثله" ]مستدرك الوسائل‪ .[.3/385 :‬ومثل ذلك قال‬
‫صاحب الذريعة ]أغابزرك‪ /‬الذريعسسة‪ ،[.20/264 :‬وغير ذلسسك مسسن كتسسب التفسسسير‬
‫عندهم التي رجعت إليها‪ ،‬وذكرتها تبعا ً لما أشرت إليه ووثقته من كتبهم‪.‬‬
‫وأصحاب الكتب السابقة كلهم قسسالوا بتحريسسف القسسرآن‪ ،‬ولشسسك أن مسسن‬
‫اعتقد ذلك فهو ليس من أهل القبلة‪ ،‬ولكني أنقل توثيقاتهم لشيوخهم‪.‬‬
‫ب‪ -‬أمققا كتققب حققديثهم‪) :‬وهسسي روايسساتهم عسسن الئمسسة( فقسسد رجعسست‬
‫لمصادرهم المعتمدة عندهم وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬الكتسسب الربعسسة‪ :‬الكسسافي‪ ،‬والتهسسذيب‪ ،‬والستبصسسار‪ ،‬ومسسن ل يحضسسره‬
‫الفقيه‪ ،‬قال شيخهم المعاصر محمد صادق الصدر‪" :‬إن الشيعة‪ ...‬مجمعسسة‬
‫على اعتبار الكتب الربعسسة‪ ،‬وقائلسسة بصسسحة كسسل مسسا فيهسسا مسسن روايسسات ‪"...‬‬
‫]الشيعة‪ :‬ص ‪.[.127‬‬
‫‪ -2‬الكتب الربعسسة المتسسأخرة وهسسي‪ :‬السسوافي‪ ،‬وبحسسار النسسوار‪ ،‬والوسسسائل‪،‬‬
‫ومسسستدرك الوسسسائل‪ ،‬فتصسسبح مصسسادرهم الرئيسسسية ثمانيسسة‪ .‬قسسال عسسالمهم‬
‫المعاصر محمد صالح الحائري‪" :‬وأما صحاح المامية فهسسي ثمانيسسة‪ ،‬أربعسسة‬
‫منها للمحمسسدين الثلثسسة الوائل‪ ،‬وثلثسسة بعسسدها للمحمسسدين الثلثسسة الواخسسر‪،‬‬
‫وثامنها لمحمد حسين المرحوم المعاصر النوري" ]منهاج عملي للتقريب )مقال‬
‫للرافضي محمد الحائري ضمن كتاب الوحدة السلمية‪ :‬ص ‪.[.(233‬‬
‫وقد تحدثت عن هذه المصادر في فصل )عقيدتهم في السنة(‪.‬‬
‫وأكثر ما رجعت إليسسه مسسن هسسذه المصسسدر الثمانيسسة كتابسسان همسسا‪" :‬أصسسول‬
‫الكافي"‪ ،‬و"بحار النوار"؛ وذلك لنهما أكثر اهتماما ً بمسائل العتقاد‪ ،‬ولن‬
‫الشيعة تعلق عليهما أهمية بالغة‪.‬‬
‫قال الصدر عن الكسسافي‪" :‬ويعتسسبر )الكسسافي( عنسسد الشسسيعة أوثسسق الكتسسب‬
‫الربعة" ]الشسسيعة‪ :‬ص ‪ .[.133‬وتبلغ أخباره )‪ ،(16199‬ولسسو لسسم يقسسم صسساحب‬
‫الكافي بجمع الروايات عن الئمة في كتابه لما بقي منها إل النزر اليسير‪.‬‬
‫وقال‪ :‬يحكى أن الكسافي عسرض علسى المهسدي فقسال‪" :‬كساف لشسيعتنا"‬
‫]المصسسدر السسسابق‪ :‬ص ‪ ،123‬روضسسات الجنسسات‪ ،‬للخوانسسساري‪ ،6/116 :‬ومقدمسسة الكسسافي‪،‬‬
‫لحسين علي‪ :‬ص ‪.[.25‬‬
‫هذا ما يقوله الصدر‪ ،‬وينسبه للشيعة عموم سًا‪ ،‬ولهسسذا قسسال محسسب السسدين‬
‫الخطيب‪" :‬إن الكافي عند الشيعة هو كصسسحيح البخسساري عنسسد المسسسلمين"‬
‫]الخطوط العريضة‪ :‬ص ‪.[.28‬‬
‫وقد يكون في كلم الخطيب هذا بعض التسامح؛ لن غلوهم في الكافي‬
‫أكثر‪ ،‬أل ترى أنهم يقولون‪ :‬إن الكافي أّلف إبان الصلة المباشرة بمهديهم‬
‫وإنه عرض على "المعصوم" عندهم‪ ،‬فهو كما لو قسسال بعسض أهسسل السسنة‪:‬‬
‫‪10‬‬
‫إنه صحيح البخاري تم عرضه على الرسول صلى اللسسه عليسسه وسسسلم‪ ..‬لن‬
‫المام عندهم كالنبي‪ ،‬ولذا قالوا‪" :‬كانت منسسابع اطلعسسات الكلينسسي قطعيسسة‬
‫العتبار‪ ،‬لن باب العلسسم واسسستعلم حسسال تلسسك الكتسسب ]السستي جمسسع مسسن خللهسسا‬
‫الكافي‪ [.‬بواسطة سفراء القائم ]هو مهديهم المنتظر‪ ،‬وسفراؤهم‪ :‬أبوابه الربعة‪ ،‬كما‬
‫سيأتي في فصل الغيبة‪ [.‬كان مفتوحا ً عليه لكونهم معه في بلسسد واحسسد‪ ،‬بغسسداد"‬
‫]الحائري‪ /‬منهاج عملي للتقريب )ضسسمن كتسساب الوحسسدة السسسلمية ص ‪ .(333‬وانظسسر‪ :‬ابسسن‬
‫طاوس‪ /‬كشف المحجة ص ‪.[.159‬‬
‫أمسسا البحسسار فقسسالوا بسسأنه‪" :‬المرجسسع الوحيسسد لتحقيسسق معسسارف المسسذهب"‬
‫]البهبودي‪ /‬مقدمة البحسسار‪ :‬ص ‪ [.19‬وعظموا من أمسسره‪ ،‬كمسسا سسسيأتي مسسن خلل‬
‫صفحات هذه الرسالة ]انظر‪ :‬ص)‪.[.(164‬‬
‫‪ -3‬ورجعت إلى كتب شيوخهم المعتمسسدين عنسسدهم‪ ،‬والسستي يعسسدونها فسسي‬
‫العتبار والعتماد كالكتب الربعة‪ ،‬منها‪:‬‬
‫أ‪ -‬كتاب سليم بن قيس‪ ،‬وهو أول كتاب ظهسسر للشسسيعة‪ ،‬كمسسا يقسسول ابسسن‬
‫النديم ]انظر‪ :‬الفهرست ص ‪ ،219‬الذريعة‪ ،2/152 :‬وفي رضات الجنات ‪ 4/67‬زعسسم أنسسه‬
‫"أول ما صنف ودّون في السلم"‪ ،[.‬وهو من أصولهم المعتبرة ]انظر‪ :‬بحار النسسوار‪:‬‬
‫‪ ،[.1/32‬ولنا وقفة مع هسسذا الكتسساب ومسسؤلفه فسسي أثنسساء الحسسديث عسسن فريسسة‬
‫التحريف ]انظر‪ :‬ص)‪.[.(221‬‬
‫ب‪ -‬كتب شيخهم أبو جعفر محمد بن علي بن بسسابويه القمسسي )المتسسوفى‬
‫ه( مثل‪ :‬إكمال الدين‪ ،‬والتوحيد‪ ،‬وثواب العمسسال‪ ،‬وعيسسون أخبسسار‬ ‫سنة ‪‍ 381‬‬
‫الرضسسا‪ ،‬ومعسساني الخبسسار‪ ،‬والمسسالي وغيرهسسا‪ ،‬وكتبسسه كلهسسا "ل تقصسسر فسسي‬
‫الشتهار عن الكتب الربعة السستي عليهسسا المسسدار فسسي هسسذه العصسسار" ]بحسسار‬
‫النوار‪ ،[.1/26 :‬ول يستثنى من ذلك إل خمسسسة كتسسب لسسم أرجسسع إليهسسا ]وهسسي‪:‬‬
‫الهداية‪ ،‬وصفات الشسسيعة‪ ،‬وفضسسائل الشسسيعة‪ ،‬ومصسادقة الخسوان‪ ،‬وفضسائل الشسهر‪) .‬بحسار‬
‫النوار‪.[.(1/26 :‬‬
‫ج‪ -‬كتب شيخ الطائفة أبو جعفر محمد بن الحسسن الطوسسي )المتسوفى‬
‫ه( وهي مثل كتب ابن بابويه فسي العتبسار والشستهار عنسسدهم إل‬ ‫سنة ‪‍ 460‬‬
‫كتاب واحد ]وهسسو المسسالي )بحسسار النسسوار‪ .[.(1/27 :‬وغيرها مسن كتسب شسيوخهم‪،‬‬
‫والتي تكلف شيخهم المجلي بتوثيقها في الجزء الول من بحسساره ]ص‪(29):‬‬
‫وما بعدها‪ ،[.‬كما قد ألمحت ببعض توثيقاتهم لهذه الكتب فسسي أثنسساء البحسسث‪،‬‬
‫وأذكر توثيق الكتاب الذي ل أنقل منسسه إل مسسرة واحسسدة فسسي موضسسع النسسص‬
‫المنقول‪.‬‬
‫د‪ -‬رجعت إلى كتب العقيدة المعتمدة عندهم مثل‪:‬‬
‫‪ -1‬اعتقادات ابن بابويه‪.‬‬
‫‪ -2‬وأوائل المقالت للمفيد‪ ،‬وتصحيح العتقاد له أيضًا‪.‬‬
‫‪ -3‬ونهج المسترشدين لبن المطهر الحلي‪.‬‬
‫‪ -4‬والعتقاد للمجلسي صاحب البحار‪.‬‬
‫‪ -5‬وعقائد المامية للمظفر )من المعاصرين(‪.‬‬
‫‪ -6‬عقائد المامية الثني عشرية للزنجاني )معاصر( وغيرها‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫وفي عقائدهم التي تفردوا بها رجعت ‪ -‬بالضسسافة لمسسا مضسسى ‪ -‬إلسسى مسسا‬
‫ل‪ ،‬ففسسي الغيبسسة ‪ -‬مثل ً ‪ -‬رجعست إلسسى كتسساب‬ ‫كتب عن هسذه العقسسائد مسستق ً‬
‫الغيبة لشيخهم محمسسد بسسن إبراهيسسم النعمسساني‪ ،‬مسسن شسسيوخهم فسسي القسسرن‬
‫الثالث‪ ،‬وقد قال المجلسي عسسن كتسسابه هسسذا‪" :‬وكتسساب النعمسساني مسسن أجس ّ‬
‫ل‬
‫الكتب" ]بحسسار النسسوار‪ ،[.1/31 :‬ثم نقل عسسن المفيسسد مسسا يتضسسمن الثنسساء عليسسه‬
‫وتوثيقه ]الموضع نفسه من المصدر السابق‪.[.‬‬
‫وكذلك كتاب الغيبة للطوسي‪ ،‬وإكمال الدين لبن بابويه وغيرها‪.‬‬
‫وفي اعتقادهم في الرجعة‪ ،‬رجعت إلى ما كتبه شسسيخهم الحسسر العسساملي‬
‫في الرجعة وهو "اليقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة" وهكذا‪.‬‬
‫ه‪ -‬وكذلك رجعت إلى ما كتبسسه بعسسض شسسيوخهم فسسي المقسسالت والفسسرق‪،‬‬ ‫‍‬
‫وهما "المقالت والفرق" لشسسيخهم سسسعد بسسن عبسسد اللسسه الشسسعري القمسسي‬
‫ه(‪ ،‬و"فسسرق الشسسيعة" لشسسيخهم الحسسسن بسسن موسسسى‬ ‫المتوفى سسسنة )‪‍ 301‬‬
‫النوبختي من شيوخهم في القرن الثالث‪" .‬وهما كتابان وصل إلينا من بين‬
‫كتب فرق الشيعة الضائعة" ]محمد جواد مشسكور‪ ،‬مقدمسة كتساب المقسالت والفسرق‬
‫للقمي‪ :‬ص‪ /‬كا‪.[.‬‬
‫و‪ -‬وفي كتب الرجال رجعت إلى مصادرهم المعتمدة في ذلك‪ ،‬ولسسسيما‬
‫كتبهم الربعة؛ لنهم يقولون‪" :‬أهم الكتب في هذا الموضوع مسسن مؤلفسسات‬
‫المتقدمين هي أربعة كتب‪ ،‬عليها المعول في هذا الباب وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬معرفة الناقلين عن الئمة الصادقين لبي عمرو محمد بسن عمسر بسن‬
‫عبد العزيز الكشي )من شيوخهم في القرن الرابع( الذي يعرف بس "رجال‬
‫الكشي"‪.‬‬
‫‪ -2‬كتاب الرجال لبي العباس أحمد بن علي النجاشي المتسسوفى سسسنة )‬
‫ه( المعروف بس "رجال النجاشي"‪.‬‬ ‫‪‍ 460‬‬
‫‪ -3‬كتاب الرجال لشيخ الطائفة أبي جعفر محمد بسسن الحسسسن بسسن علسسي‬
‫ه( المعروف بس "رجال الطوسي"‪.‬‬ ‫الطوسي المتوفى سنة )‪‍ 460‬‬
‫‪ -4‬كتسساب "الفهرسسسيت للشسسيخ الطوسسسي" ]أحمسسد الحسسسيني‪ /‬مقدمسسة رجسسال‬
‫الكشي‪ ،‬ط‪ :‬العلمي‪ /‬كربلء‪ ،‬ص‪ ،4 :‬وانظر‪ :‬حسن المصسسطفوى‪ /‬مقدمسسة رجسسال الكشسسي‪،‬‬
‫ط‪ :‬إيران ص ‪ ،12‬أغابزرك‪ /‬الذريعة إلى تصانيف الشيعة‪.[.81-10/80 :‬‬
‫وقد أكثرت في النقل من رجال الكشي‪ ،‬لنهم يعسسدونه أهسسم كتبهسسم فسسي‬
‫الرجال‪ ،‬وأقدمها‪ ،‬وأوثقها؛ فهو من تأليف الكشي وهو عندهم "ثقسسة بصسسير‬
‫بالخبار وبالرجال حسن العتقسساد" ]فهرسسست الطوسسسي‪ :‬ص ‪ .[.172-171‬ومسسن‬
‫تهذيب واختصار شيخ الطائفة الطوسي‪.‬‬
‫ولذا قال شيخهم المصطفوي‪" :‬أقدم هسسذه الكتسسب‪ :‬هسسو رجسسال الكشسسي‬
‫الذي لخصه شيخ الطائفة‪ ..‬فكفسسى لهسسذا لكتسساب المنيسسف شسسرفا ً واعتبسسارًا"‬
‫]مقدمة المصطفوي لرجال الكشي‪ :‬ص ‪.[.12‬‬
‫والخلصة‪ :‬أنني لم أعمسد إل إلسى كتبهسم المعتمسدة عنسدهم‪ ،‬فسي النقسل‬
‫والقتباس لتصوير المذهب‪.‬‬
‫ولم أذكر من عقائدهم في هذه الرسالة إل ما استفاضت أخبسسارهم بسسه‪،‬‬
‫وأقره شيوخهم‪.‬‬
‫‪12‬‬
‫وقد تكون الروايات من الكسثرة فأشسير إلسى ذلسك بسذكر عسدد الروايسات‬
‫وعناوين البواب في المسائل التي أتحدث عنها‪.‬‬
‫وأذكسسر مسسا أجسسد لهسسم مسسن تصسسحيحات وحكسسم علسسى الروايسسات بمقتضسسى‬
‫مقاييسهم‪.‬‬
‫كل ذلك حتى ل يقال بأننا نتجه إلى بعسسض روايسساتهم الشسساذة‪ ،‬وأخبسسارهم‬
‫الضعيفة التي ل تعبر عن حقيقة المذهب‪ ،‬فنأخذ بها‪.‬‬
‫واهتممت بالنقل "الحرفي" فسسي الغسسالب رعايسسة للموضسسوعية‪ ،‬وضسسرورة‬
‫الدقة في النقل والعزو‪ ،‬وهذا مسسا يفرضسسه المنهسسج العلمسسي فسسي نقسسل كلم‬
‫الخصوم‪.‬‬

‫خطة البحث ‪:‬‬


‫يتكون هذا البحث من‪ :‬تمهيد‪ ،‬وخمسة أبواب‪.‬‬
‫في التمهيد‪ :‬التعريف بالشسسيعة‪ ،‬ونشسأتها‪ ،‬وجسذورها التاريخيسة‪ ،‬وفرقهسا‪،‬‬
‫وألقاب الثني عشرية‪ ،‬وفرقها‪.‬‬
‫أما الباب الول‪ :‬فموضوعه‪ :‬اعتقادهم في مصادر السلم‪ ،‬وينتظم فسسي‬
‫ثلثة فصول‪:‬‬
‫الفصل الول‪ :‬اعتقادهم في القرآن‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬اعتقادهم في السنة‪.‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اعتقادهم في الجماع‪.‬‬
‫وفي الباب الثاني‪ :‬درست اعتقادهم في أصول الدين في فصول أربعة‪:‬‬
‫الفصل الول‪ :‬اعتقادهم في توحيد اللوهية‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬اعتقادهم في توحيد الربوبية‪.‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬اعتقادهم في توحيد السماء والصفات‪.‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬اعتقادهم في اليمان وأركانه‪.‬‬
‫أما الباب الثالث‪ :‬فهو يتعلق بعقائدهم وأصولهم التي تفردوا بها‪.‬‬
‫ودرست فيه عقائدهم التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬المامية‪ ،‬وفيها عرضت لعقيدتهم في الصحابة‪ ،‬وأهل السسبيت‪ ،‬وحكسسام‬
‫المسلمين‪ ،‬وقضاتهم‪ ،‬وعلمائهم‪ ،‬والمصسسار السسسلمية وشسسعوبها‪ ،‬والفسسرق‬
‫السلمية‪ ،‬والمة‪.‬‬
‫‪ -2‬العصمة‪.‬‬
‫‪ -3‬التقية‪.‬‬
‫‪ -4‬المهدية والغيبة‪.‬‬
‫‪ -5‬الرجعة‪.‬‬
‫‪ -6‬الظهور ‪.‬‬
‫‪ -7‬البداء‪.‬‬
‫‪ -8‬الطينة‪.‬‬
‫أما الباب الرابع‪ :‬فهسسو يتصسسل بالشسسيعة المعاصسسرين وصسسلتهم بأسسسلفهم‪،‬‬
‫ويقع في أربعة فصول‪:‬‬
‫الفصل الول‪ :‬صلتهم بمصادرهم القديمة‪.‬‬
‫‪13‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬صلتهم بفرقهم القديمة‪.‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬الصلة العقدية بين القدامى والمعاصرين‪.‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬دولة اليات‪.‬‬
‫أمسسا البسساب الخسسامس‪ :‬فهسسو يتعلسسق بسسالحكم عليهسسم‪ ،‬وأثرهسسم فسسي العسسالم‬
‫السلمي‪ ،‬ويتكون من فصلين‪:‬‬
‫الفصل الول‪ :‬الحكم عليهم‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬أثرهم في العالم السلمي‪.‬‬
‫ومن ثم الخاتمة؛ وفيها عرض لهم النتائج التي توصل إليها البحث‪.‬‬
‫وفي ختسسام هسسذه المقدمسسة أدعسسو اللسسه العلسسي القسسدير أن يغفسسر لشسسيخي‬
‫وأستاذي الدكتور‪ /‬محمد رشاد سالم ]هو العسسالم الفاضسسل السسستاذ السسدكتور محمسسد‬
‫ه وحصل علسسى شسسهادة السسدكتوراه‬ ‫رشاد بن محمد رفيق سالم‪ ،‬ولد في القاهرة عام ‪‍ 1347‬‬
‫ه في موضوع "موافقة العقل للشرع عند ابسن تيميسة"‪ ،‬وقسد اهتسم بنشسر تسراث‬ ‫عام ‪‍ 1379‬‬
‫شيخ السلم ابن تيمية ودراسة آرائه‪ ،‬وتبنى إخراج مكتبته العظيمة‪ ،‬وقد حقق منهسسا كتسساب‬
‫"درء تعارض العقل والنقل" في أحد عشر مجلدًا‪ ،‬وكتاب "منهاج السنة النبوية" فسسي ثمسسان‬
‫مجلدات‪ ،‬وكتاب "الصفدية" في مجلدين‪ ،‬و»السسستقامة« فسسي مجلسسدين‪ ،‬وغيرهسسا‪ ،‬وتسسوفي ‪-‬‬
‫رحمه الله ‪ -‬وهو يعمل في تحقيق كتاب "نقسض التأسسيس"‪ ،‬فسي القساهرة فسي شسهر ربيسع‬
‫الخسسر عسسام ‪‍1407‬ه‪ ،[.‬وأن ينزل عليسسه الرحمسسة والرضسسوان‪ ،‬ويتغمسسده بواسسسع‬
‫عفوه وغفرانه‪ ،‬ويسسسكنه فسسسيح جنسساته‪ ،‬فقسسد تسسابع الرسسسالة منسسذ مراحلهسسا‬
‫الولى إلى أن وصلت إلى مشارف النهاية‪ ،‬وأذن لي ببدء طبعها‪ ،‬ثم رحسسل‬
‫عن هذه الدنيا ‪ -‬رحمه الله رحمة واسعة ‪ -‬وقد أفدت من توجيهه وعلمسسه‪،‬‬
‫وغمرني بفضله وخلقه‪.‬‬
‫وقد قضى ‪ -‬رحمسسه اللسسه ‪ -‬حيسساته فسسي العلسسم والجهسساد‪ ،‬وابتلسسي بالسسسجن‬
‫مرتين‪ ،‬وترك آثارا ً عظيمسسة النفسسع‪ ،‬وكسسان رحمسسه اللسسه يؤمسسل أن يقيسسم مسسع‬
‫تلمذته في القسم ما يسميه "مكتبسسة أهسسل السسسنة" وتتسسولى التعسساون فسسي‬
‫إخراج كتب التراث في العقيدة‪ ،‬والتأليف في اعتقسساد أهسسل السسسنة‪ ،‬والسسرد‬
‫على الفرق الخارجة عن الجماعة‪.‬‬
‫وأسأل الله سبحانه أن يجزيه على نيته وعمله خير الجسسزاء‪ ،‬وأن يحقسسق‬
‫آماله في تلمذته ليواصلوا الطريق بعده‪.‬‬
‫وأتوجه بالشكر والتقدير والعرفان بالجميل إلى شيخي الستاذ الدكتور‪/‬‬
‫سالم بن عبد الله السسدخيل‪ ،‬السسذي وافسسق علسسى اسسستكمال الشسسراف علسسى‬
‫الرسالة‪ ،‬وراجع مرحلها‪ ،‬وتابع خطواتها الخيرة‪ ،‬واطمأن على سيرها‪.‬‬
‫وكانت توجيهاته وآراؤه خير رافد ومعين‪.‬‬
‫وأتقدم بأزكى الشكر وأطيبسسه لكليسسة أصسسول السسدين ممثلسسة فسسي عميسسدها‬
‫ومجلسسسها‪ ،‬ولقسسسم العقيسسدة رئيس سا ً وأعضسساًء لرعسسايتهم للبحسسث‪ ،‬ومتابعسسة‬
‫خطواته فجزاهم الله خير الجزاء‪.‬‬
‫دم لي مساعدة فسسي هسسذه‬ ‫وأدعو الله سبحانه أن يجزي بالخير كل من ق ّ‬
‫الرسالة‪ ..‬وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين‪.‬‬
‫والحمد لله أول ً وأخًرا‪.‬‬

‫تمهيد‪:‬‬
‫‪14‬‬
‫ويشتمل على‪:‬‬
‫‪ -1‬التعريف اللغوي للفظ الشيعة‪.‬‬
‫‪ -2‬لفظ الشيعة في القرآن ومعناه‪.‬‬
‫‪ -3‬لفظ الشيعة في السنة ومعناه‪.‬‬
‫‪ -4‬لفظ الشيعة ومعناه في كتب الحديث عند الثني عشرية‪.‬‬
‫‪ -5‬لفظ الشيعة في التاريخ‪.‬‬
‫‪ -6‬تعريف الشيعة في كتب الثني عشرية‪.‬‬
‫‪ -7‬تعريف الشيعة في كتب السماعيلية‪.‬‬
‫‪ -8‬تعريف الشيعة في المصادر الخرى‪.‬‬
‫‪ -9‬التعريف المختار للشيعة‪.‬‬
‫‪ -10‬نشأة الشيعة‪.‬‬
‫‪ -11‬فرق الشيعة‪.‬‬
‫‪ -12‬ألقاب الشيعة المامية الثني عشرية‪.‬‬
‫‪ -13‬فرق الثني عشرية‪.‬‬

‫تعريف الشيعة‬
‫التعريف اللغوي‪:‬‬
‫ه(‪" :‬فلن من شيعة فلن أي‪ :‬ممسسن‬ ‫يقول ابن دريد )المتوفى سنة ‪‍ 321‬‬
‫يرى رأيه‪ ،‬وشيعت الرجسسل علسسى المسسر تشسسييعا ً إذا أعنتسسه عليسسه‪ ،‬وشسسايعت‬
‫الرجل على المر مشايعة وشياعا ً إذا مالته عليه" ]ابسسن دريسسد‪ /‬جمهسسرة اللغسسة‪:‬‬
‫‪.[.3/63‬‬
‫ه(‪" :‬والشيعة أنصار الرجسسل وأتبسساعه‬ ‫وقال الزهري )المتوفى سنة ‪‍ 370‬‬
‫وكل قوم اجتمعوا على أمرهم شيعة‪ .‬والجماعة شسسيع وأشسسياع‪ ،‬والشسسيعة‪:‬‬
‫قوم يهوون هوى عترة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ويوالونهم‪.‬‬
‫وشّيعت النار تشييعا ً إذا لقيت عليها ما تذكيها به‪ ،‬ويقسسال‪ :‬شسسيعت فلن سا ً‬
‫أي‪ :‬خرجت معه لودعه‪ ،‬ويقال‪ :‬شيعنا شهر رمضان بست من شوال أي‪:‬‬
‫ه أي‪ :‬اليسسوم السذي يتبعسسه‪،‬‬ ‫أتبعناه بها‪ ..‬وتقسسول العسرب‪ :‬آتيسسك غسدًا‪ ،‬أو َ‬
‫شسسيعَ ُ‬
‫والشيعة التي يتبع بعضهم بعضًا‪ ،‬والشيع الفرق السسذي يتبسسع بعضسسهم بعض سا ً‬
‫وليس كلهم متفقين" ]الزهري‪ /‬تهذيب اللغة‪.[.3/61 :‬‬
‫ه(‪" :‬تشّيع الرجسسل أي‪ :‬ادعسسى دعسسوى‬ ‫وقال الجوهري )المتوفى سنة ‪‍ 40‬‬
‫ش سَيع قسسال ذو‬‫الشيعة‪ ،‬وكل قوم أمرهم واحد يتبع بعضهم رأي بعض فهسسم ِ‬
‫الّرمة‪ :‬استحدث الركب عن أشياعهم خبرا ً ]ديوان ذي الرمة ص‪.[.4 :‬‬
‫يعني عن أصحابهم" ]الصحاح‪ ،3/1240 :‬تحقيق أحمد عبد الغفور عطار‪.[.‬‬
‫ه(‪" :‬والشسسيعة أتبسساع الرجسسل‬ ‫وقسسال ابسسن منظسسور )المتسسوفى سسسنة ‪‍ 711‬‬
‫ع‪ ،‬وأشياع جمع الجمع‪ ،‬وأصسسل الشسسيعة‪ :‬الفرقسسة مسسن‬ ‫شي َ ٌ‬
‫وأنصاره‪ ،‬وجمعها ِ‬
‫الناس‪ ،‬ويقع على الواحد والثنين والجمع والمذكور والمؤنث بلفسسظ واحسسد‬
‫ومعنى واحد‪ ،‬وقد غلب هذا السم على من يتولى عليسا ً وأهسل بيتسسه‪ ،‬حسستى‬
‫صار لهم اسما ً خاصًا‪ ،‬فإذا قيل‪ :‬فلن من الشيعة عسسرف أنسسه منهسسم‪ ،‬وفسسي‬

‫‪15‬‬
‫مذهب الشيعة كذا أي‪ :‬عندهم‪ ،‬وأصل ذلك مسسن المشسسايعة وهسسي المتابعسسة‬
‫والمطاوعة‪.‬‬
‫والشيعة‪ :‬قوم يرون رأي غيرهسسم‪ ،‬وتشسسايع القسسوم صسساروا شسسيعًا‪ ،‬وش سّيع‬
‫شيعة‪ ،‬وشايعه شياعا ً وشّيعه تابعه‪ ،‬ويقسسال‪ :‬فلن‬ ‫الرجل إذا ادعى دعوى ال ّ‬
‫يشايعه على ذلك أي‪ :‬يقويه" ]لسان العرب‪ :‬مادة‪ :‬شيع‪.[.‬‬
‫ه(‪" :‬كل من عسساون إنسسسانا ً وتحسسزب‬ ‫وقال الزبيدي )المتوفى سنة ‪‍ 1205‬‬
‫له فهو له شيعة‪ ،‬وأصل الشيعة من المشايعة وهي المتابعة‪ ،‬وقيسسل‪ :‬عيسسن‬
‫الشيعة واو من شوع قومه إذا جمعهم‪ .‬وقسسد غلسسب هسسذا السسسم )الشسسيعة(‬
‫على كل من يتولى عليا ً وأهل بيته‪ ..‬وهم أمة ل يحصون‪ ،‬مبتدعة‪ ،‬وغلتهم‬
‫المامية المنتظريسسة يسسسبون الشسسيخين‪ ،‬وغلة غلتهسسم يكفسسرون الشسسيخين‪،‬‬
‫ومنهم من يرتقي إلى الزندقة" ]تاج العروس‪ ،5/405 :‬وانظر من كتب اللغة )مادة‬
‫شاع(‪ :‬القساموس‪ ،3/47 :‬البسستاني‪ /‬قطسر المحيسط‪ ،1/1100 :‬وانظسر‪ :‬الطريحسي‪ /‬مجمسع‬
‫البحرين‪.[.4/355 :‬‬
‫فالشيعة ‪ ،‬والتشيع ‪ ،‬والمشايعة في اللغسسة تسسدور حسسول معنسسى المتابعسسة‪،‬‬
‫والمناصرة‪ ،‬والموافقة بالرأي‪ ،‬والجتماع على المر‪ ،‬أو الممالة عليه‪ .‬ثسسم‬
‫غلب هذا السم ‪ -‬كما يقوله صاحب اللسان‪ ،‬والقاموس‪ ،‬وتاج العسسروس ‪-‬‬
‫على كل من يتولى عليا ً وأهل بيته‪ .‬وهذه الغلبة‪ ..‬محل نظر؛ لنه إذا تأمل‬
‫الباحث في المعنى اللغوي للشيعة والذي يدل على المتابعة‪ ،‬والمناصسسرة‪،‬‬
‫ثم نظر إلى أكثر فرق الشيعة التي غلب إطلق هذا السم عليها يجسسد أنسسه‬
‫ل يصح تسميتها بالشيعة من الناحية اللغوية؛ لنها غير متابعة لهسسل السسبيت‬
‫على الحقيقة بل هي مخالفة لهم ومجافية لطريقتهم‪..‬‬
‫ولعل هذا ما لحظه شريك بن عبد الله حينما سأله سائل‪ :‬أيهما أفضسسل‬
‫أبو بكر أو علي؟ فقال له‪ :‬أبو بكر‪ .‬فقال السائل‪ :‬تقول هذا وأنت شيعي!‬
‫فقال له‪ :‬نعم من لم يقل هذا فليس شيعيًا‪ ،‬اللسسه لقسسد رقسسي هسسذه العسسواد‬
‫علي‪ ،‬فقال‪ :‬أل إن خير هذه المة بعد نبيها أبو بكر‪ ،‬ثسم عمسر‪ ،‬فكيسف نسرد‬
‫قوله‪ ،‬وكيف نكذبه؟ والله ما كان كذابا ً ]منهسساج السسسنة‪ 8-1/7 :‬تحقيسسق د‪ .‬محمسسد‬
‫رشاد السالم‪ ،‬وانظر‪ :‬عبد الجبار الهمداني‪ /‬تثبيت دلئل النبوة‪ .1/63 :‬وقال شسسيخ السسسلم‬
‫ابن تيمية‪ :‬وقد روي عن علي من نحو ثمانين وجها ً أنه قال علسسى منسسبر الكوفسسة‪ :‬خيسسر هسسذه‬
‫المة بعد نبيها أبو بكر وعمر‪ ،‬ورواه البخاري وغيره‪ .‬انظر‪ :‬منهاج السنة‪ ،4/137 :‬وقد جسساء‬
‫ذلك في كتب الشسسيعة أيضسًا‪ .‬انظسسر‪ :‬تلخيسسص الشسسافي‪ 2/428 :‬عسسن إحسسسان إلهسسي ظهيسسر‪:‬‬
‫الشيعة أهل البيت ص‪.[.52 :‬‬
‫فالمام شريك لحظ أن غير المتابع لعلي ل يسسستحق اسسسم التشسسيع‪ ،‬لن‬
‫معنى التشيع وحقيقته المتابعة‪ ..‬ولهذا آثر بعسسض الئمسسة أن يطلسسق عليهسسم‬
‫اسم الرافضة ]انظسسر ‪ -‬مثل ً ‪ -‬الملطسسي‪ /‬التنسسبيه والسسرد‪ :‬ص ‪ ،18‬البغسسدادي‪ /‬الفسسرق بيسسن‬
‫الفرق ص‪ ،21 :‬السسسفراييني‪ /‬التبصسسير فسسي السسدين ص ‪ ،16‬السكسسسكي‪ /‬البرهسسان ص ‪،36‬‬
‫وانظر الفرماني‪ /‬رسالة في بيان مذاهب بعض الفرق الضالة‪ :‬الورقة ‪ 2‬أ )مخطسسوط(‪ ،‬أبسسو‬
‫الحسن العراقي‪ /‬ذكر الفرق الضوال‪ :‬الورقة ‪ 12‬أ )مخطوط(‪.[.‬‬
‫وقد لجأ المتسسابعون لهسسل السسبيت علسسى الحقيقسسة‪ ،‬والسسذين كسسانوا يلقبسسون‬
‫بالشيعة‪ ،‬لجأوا إلى ترك هسسذا اللقسسب لمسسا غلسسب إطلقسسه علسسى أهسسل البسسدع‬
‫المخالفين لهل البيت‪ ،‬كما يشير صاحب التحفة الثني عشسسرية إلسى ذلسسك‬
‫‪16‬‬
‫فيقول‪ :‬إن الشيعة الولى تركسسوا اسسسم الشسسيعة لمسسا صسسار لقب سا ً للروافسسض‬
‫والسماعيلية‪ ،‬ولقبوا أنفسهم بس "أهل السنة والجماعة" ]التحفة الثنا عشرية‪:‬‬
‫ص ‪) 26-25‬مخطوط(‪.[.‬‬
‫لفظ الشيعة في القرآن ومعناه‪:‬‬
‫ومادة شيع وردت في كتاب الله العظيم في اثني عشسسر موضسسعا ً ]انظسسر‪:‬‬
‫المعجم المفهرس للفاظ القرآن ص ‪ ،[.18‬وقد أجمل ابن الجوزي ]أبسسو الفسسرج عبسسد‬
‫الرحمن بن علي بن محمد بسسن علسسي السستيمي البغسسدادي‪ ،‬المعسسروف بسسابن الجسسوزي‪ ،‬صسساحب‬
‫التصانيف الكثيرة في التفسير والحديث والفقه وغيرها‪ ،‬منهسسا‪ :‬جسسامع المسسسانيد‪ ،‬والمنتظسسم‬
‫وغيرهما‪ ،‬توفي عام ‪597‬هس‪ .‬انظر‪ :‬ابن العماد‪ /‬شذرات السسذهب‪ ، 4/329 :‬اليسسافعي‪ /‬مسسرآة‬
‫الجنسسان‪ ، 492- 3/489 :‬معجسسم المسسؤلفين‪ [.5/157 :‬معانيها بقسسوله‪" :‬وذكسسر أهسسل‬
‫التفسير أن الشيع في القرآن على أربعة أوجه‪:‬‬
‫كققاُنوا ْ‬‫و َ‬
‫م َ‬ ‫قوا ْ ِدين َ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫فّر ُ‬
‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬
‫أحدها‪ :‬الفرق‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪} :‬إ ِ ّ‬
‫َ‬
‫ع‬‫شقي َ ِ‬
‫في ِ‬ ‫ك ِ‬ ‫قب ْل ِ َ‬
‫من َ‬ ‫سل َْنا ِ‬ ‫قدْ أْر َ‬ ‫ول َ َ‬
‫عا{ ]النعام‪ ،‬آية‪ [.159 :‬وقوله‪َ } :‬‬‫شي َ ً‬‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫عا{ ]القصص‪ ،‬آيسسة‪،4 :‬‬ ‫شي َ ً‬‫ها ِ‬ ‫هل َ َ‬‫لأ ْ‬ ‫ع َ‬‫ج َ‬‫و َ‬ ‫وقوله‪َ } :‬‬ ‫ن{ ]الحجر‪ ،‬آية‪[.1 :‬‬
‫وِلي َ‬‫ال ّ‬
‫َ‬
‫عا{ يعنسسي بالشسسيع‪ :‬الفسسرق‪ ،‬تفسسسير الطسسبري‪:‬‬
‫شقي َ ً‬ ‫هل َ َ‬
‫ها ِ‬ ‫ع َ‬
‫لأ ْ‬ ‫ج َ‬
‫و َ‬
‫قال ابن جرير الطبري } َ‬
‫فّر ُ‬
‫قققوا‬ ‫ن َ‬‫ذي َ‬‫ن ال ّق ِ‬
‫م َ‬
‫‪ ،20/27‬وانظر أبو عبيدة‪ /‬مجاز القسسرآن‪ [.1/194 :‬وقوله‪ِ } :‬‬
‫عا{ ]الروم‪ ،‬آية‪.[.69 :‬‬ ‫شي َ ً‬ ‫و َ‬
‫كاُنوا ِ‬ ‫م َ‬
‫ه ْ‬
‫ِدين َ ُ‬
‫هق َ‬
‫ذا‬ ‫و َ‬
‫ه َ‬
‫عت ِ ِ‬‫شققي َ‬ ‫مققن ِ‬‫ذا ِ‬ ‫ه َ‬
‫والثاني‪ :‬الهل والنسب‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪َ } :‬‬
‫ه{ أي‪ :‬مسسسن‬ ‫عت ِ ِ‬
‫شي َ‬
‫من ِ‬‫ذا ِ‬ ‫ه{ ]القصص‪ ،‬آية‪ ، 15 :‬قال ابن قتيبة‪ :‬ومعنى } َ‬
‫ه َ‬ ‫و ِ‬
‫عدُ ّ‬
‫ن َ‬
‫م ْ‬
‫ِ‬
‫أصحابه بني إسرائيل )تفسير غريب القرآن ص ‪ ،(329‬وانظر‪ :‬أبو حيان‪ /‬تحفة الريسسب بمسسا‬
‫في القرآن من الغريب ص‪ [.153 :‬أراد من أهله في النسب إلى بني إسرائيل‪.‬‬
‫ة{‬‫ع ٍ‬ ‫شي َ‬‫ل ِ‬ ‫من ك ُ ّ‬ ‫ن ِ‬‫ع ّ‬ ‫ز َ‬‫م ل ََنن ِ‬ ‫والثالث‪ :‬أهل الملة‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪} :‬ث ُ ّ‬
‫م{ ]القمسسر‪ ،‬آيسسة‪،[.51 :‬‬ ‫عك ُ ْ‬‫شقَيا َ‬ ‫هل َك َْنقا أ َ ْ‬
‫قدْ أ َ ْ‬‫ول َ َ‬
‫]مريسسم‪ ،‬آيسسة‪ ،[.69 :‬وقسسوله‪َ } :‬‬
‫مققن‬ ‫ن ِ‬ ‫هم{ ]سسسبأ‪ ،‬آيسسة‪ .[.54 :‬وقسسوله‪} :‬إ ِ ّ‬ ‫ع ِ‬‫ش قَيا ِ‬‫ل ب ِأ َ ْ‬
‫عق َ‬
‫ف ِ‬ ‫وقسسوله‪} :‬ك َ َ‬
‫مققا ُ‬
‫م{ ]الصافات‪ ،‬آية‪.[.83 :‬‬ ‫هي َ‬
‫ه ل ِب َْرا ِ‬
‫عت ِ ِ‬
‫شي َ‬
‫ِ‬
‫يعا ً{ ]النعسسام‪،‬‬
‫َ‬
‫شق َ‬
‫م ِ‬‫سك ُ ْ‬ ‫و ي َل ْب ِ َ‬‫والرابع‪ :‬الهواء المختلفة‪ ،‬قال تعسسالى‪} :‬أ ْ‬
‫آية‪] "[.65 :‬ابن الجوزي‪ /‬نزهة العين النواظر‪ ،377-376 :‬وزاد السسدامغاني وجهسا ً خامسسا ً‬
‫َ‬
‫ع‬‫شقي َ‬‫ن أن ت َ ِ‬‫حّبقو َ‬
‫ن يُ ِ‬ ‫ن ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫وهو‪ :‬الشيع والشسساعة‪ ،‬واستشسسهد لهسسذا بقسسوله سسسبحانه‪} :‬إ ِ ّ‬
‫مُنوا{ يعني أن تفشو الفاحشسسة‪ ،‬كمسسا أن ابسسن الجسسوزي ذكسسر فسسي‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬‫في ال ّ ِ‬ ‫ة ِ‬ ‫ش ُ‬‫ح َ‬‫فا ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫مققن‬ ‫ذا ِ‬ ‫ه َ‬
‫الوجه الثاني أن من معاني الشيع الهل والنسب‪ ،‬واستشهد لها بقوله سبحانه‪َ } :‬‬
‫ه{‪ ،‬بينما نجسسد السسدامغاني ذكسسر أن مسسن معسساني الشسسيعة‪ :‬الجيسسش‪،‬‬ ‫و ِ‬
‫عدُ ّ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ه َ‬
‫ذا ِ‬ ‫و َ‬‫ه َ‬‫عت ِ ِ‬
‫شي َ‬‫ِ‬
‫واستدل لذلك بنفس الية‪ .‬وقد اتفقا فيما سوى ذلك من معاني التشيع‪.[.‬‬
‫ويشير ابن القيم ]محمد بن أبي بكر بن أيسسوب الزرعسي الدمشسقي‪ ،‬المعسروف بسابن‬
‫قيم الجوزية‪ ،‬توفي سنة ‪751‬هس‪ ،‬وله من التصانيف الكبار والصغار شيء كثير‪ ،‬منهسسا‪ :‬إعلم‬
‫الموقعين‪ ،‬وزاد المعاد‪ - [.‬رحمه الله ‪ -‬في نص مهم له إلى أن لفسسظ الشسسيعة‬
‫والشياع غالبا ً ما يستعمل في الذم‪ ،‬ويقول‪ :‬ولعله لم يرد فسسي القسسرآن إل‬
‫عل َققى‬‫شقدّ َ‬ ‫م أَ َ‬‫هق ْ‬
‫ل شققيع َ‬
‫ة أي ّ ُ‬ ‫من ك ُ ّ ِ َ ٍ‬ ‫ن ِ‬ ‫ع ّ‬‫ز َ‬‫م ل ََنن ِ‬ ‫كذلك‪ ،‬كقوله تعالى‪} :‬ث ُ ّ‬
‫عا{‪،‬‬ ‫كاُنوا ْ ِ‬
‫شي َ ً‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫قوا ْ ِدين َ ُ‬
‫فّر ُ‬
‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫عت ِّيا{‪ ،‬وكقولسه‪} :‬إ ِ ّ‬ ‫ن ِ‬‫م ِ‬
‫ح َ‬
‫الّر ْ‬
‫َ‬
‫من‬‫هم ّ‬ ‫ع ِ‬
‫شَيا ِ‬‫ل ب ِأ ْ‬ ‫ع َ‬ ‫ف ِ‬ ‫ما ُ‬ ‫ن كَ َ‬‫هو َ‬ ‫ما ي َ ْ‬
‫شت َ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫وب َي ْ َ‬
‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫حي َ‬
‫ل ب َي ْن َ ُ‬ ‫و ِ‬‫وقوله‪َ } :‬‬
‫ل{‪ .‬ويعلل ابن القيم لذلك بقوله‪" :‬وذلسسك واللسسه أعلسسم لمسسا فسسي لفسسظ‬ ‫َ‬
‫قب ْ ُ‬
‫الشيعة من الشياع‪ ،‬والشاعة التي هي ضسسد الئتلف والجتمسساع‪ ،‬ولهسسذا ل‬
‫‪17‬‬
‫يطلق لفظ الشيع إل على فرق الضلل لتفرقهم واختلفهم" ]بسسدائع الفسسوائد‪:‬‬
‫م{‪.[.‬‬ ‫هي َ‬
‫ه ل ِب َْرا ِ‬
‫عت ِ ِ‬
‫شي َ‬
‫من ِ‬
‫ن ِ‬
‫‪ .1/155‬وهذا في الغالب لنه ورد في القرآن‪} :‬إ ِ ّ‬
‫هذه ألفاظ الشيعة في كتاب الله ومعانيهسسا‪ ،‬وهسسي ل تسسدل علسسى التجسساه‬
‫الشيعي المعروف‪ ،‬وهذا أمر يدرك بداهة‪ ،‬ولكن الغريب في المر أن نجد‬
‫عند الشيعة اتجاها ً يحاول ما وسعته المحاولسسة أو الحيلسسة أن يفسسسر بعسسض‬
‫ألفاظ الشيعة الواردة في كتاب الله بطائفته‪ ،‬ويؤول كتاب الله على غيسسر‬
‫تأويله‪ ،‬ويحمل اليات ما ل تحتمل تحريفا ً لكتاب الله وإلحادا ً فيه‪ ،‬فقد جاء‬
‫م{‬ ‫هي ق َ‬
‫ه ل ِب َْرا ِ‬
‫عت ِ ِ‬
‫شققي َ‬
‫من ِ‬
‫ن ِ‬
‫في أحاديثهم في تفسير قسسوله سسسبحانه‪} :‬إ ِ ّ‬
‫]الصافات‪ ،‬آية‪ [.83 :‬قالوا‪ :‬أي إن إبراهيم مسسن شسسيعة علسسي ]البحرانسسي‪ /‬تفسسسير‬
‫البرهسسان‪ ،4/20 :‬وانظسسر‪ :‬تفسسسير القمسسي‪ ،2/323 :‬المجلسسسي‪ /‬بحسسار النسسوار‪،13-68/12 :‬‬
‫عباس القمي‪ /‬سسسفينة البحسسار‪ ،1/732 :‬البحرانسسي‪ /‬المعسسالم الزلفسسى ص‪ ،304 :‬الطريحسسي‪/‬‬
‫مجمع البحرين‪ ،2/356 :‬وقد نسبوا هذا التفسير ‪ -‬كذبا ً وافتراًء ‪ -‬إلى جعفر الصادق‪ ،‬ودينه‬
‫وعلمه ينفيان ذلك‪ ،[.‬وهذا مخالف لسياق القرآن‪ ،‬وأصول السلم‪ ،‬وهسسو نسسابع‬
‫عسسن عقيسسدة غلة الروافسسض السسذين يفضسسلون الئمسسة علسسى النبيسساء ]انظسسر‪:‬‬
‫البغدادي‪ /‬أصول الدين ص‪ ،298 :‬القاضسسي عيسساض‪ /‬الشسسفاء ص‪ ،290 :‬ابسسن تيميسسة‪ /‬منهسساج‬
‫السسسنة‪ ،[.1/177 :‬فهسسذا التأويسسل أو التحريسسف يجعسسل خليسسل الرحمسسن أفضسسل‬
‫الرسل والنبياء بعد محمد صلى الله عليه وسلم‪ ،‬يجعله من شيعة علي‪...‬‬
‫وهو أمر يعرف بطلنسسه مسسن السسسلم بالضسسرورة‪ ،‬كمسسا هسسو باطسسل بالعقسسل‪،‬‬
‫ضاع ل يحسن الوضع‪ ..‬ول يعرف كيف يضع‪.‬‬ ‫والتاريخ‪ ..‬وهو من َوضع و ّ‬
‫والذي قسساله أهسسل السسسنة فسسي تفسسسير اليسسة والمنقسسول عسسن السسسلف أن‬
‫إبراهيم من شيعة نوح عليسسه السسسلم وعلسسى منهسساجه وسسسنته ]انظسسر‪ :‬تفسسسير‬
‫الطبري‪ ،23/69 :‬تفسير ابسسن كسسثير‪ ،4/13 :‬تفسسسير القرطسسبي‪ ،15/91 :‬ابسسن الجسسوزي‪ /‬زاد‬
‫المسير‪ [.7/67 :‬وهذا التفسير هو الذي يتمشى مع سسياق اليسة‪ ،‬لن اليسات‬
‫التي قبل هذه الية كسسانت فسسي نسسوح عليسسه السسسلم‪ ،‬ويلحسسظ أن مفسسسسري‬
‫الشيعة من أخذ بقول أهل السنة‪ ،‬وأعرض عما قاله قومه في تأويل اليسسة‬
‫]وهناك قول ضعيف في الية نسب إلى الفراء بأن المعنى وإن من شيعة محمد لبراهيسسم‪.‬‬
‫قال الشوكاني‪ :‬ول يخفى ما في هذا من الضعف والمخالفة للسياق )فتح القسسدير‪(4/401 :‬‬
‫وقال اللوسي‪" :‬وذهب الفراء إلى أن ضمير )شيعته( لنبينا محمد صلى اللسسه عليسسه وسسسلم‪،‬‬
‫والظاهر ما أشرنا إليه )وهو أن يعود على نوح عليه السلم( وهو المروي عن ابسسن عبسساس‪،‬‬
‫ومجاهد‪ ،‬وقتادة‪ ،‬والسدي‪ ،‬وقلما يقال للمتقدم‪ :‬هو شيعة للمتأخر )روح المعاني‪-99 /23 :‬‬
‫‪.[.(100‬‬
‫لفظ الشيعة في السنة ومعناه‪:‬‬
‫ورد لفظ الشيعة في السنة المطهرة بمعنى التباع‪ ..‬كمسسا فسسي الحسسديث‬
‫الذي رواه المام أحمد في الرجل ]هسسو‪ :‬ذو الخويصسسرة التميمسسي‪ ..‬أصسسل الخسسوارج‪.‬‬
‫)انظر‪ :‬مسند أحمد‪ [.(12/4 :‬الذي قال للنبي صلى الله عليه وسلم‪" :‬لسسم أرك‬
‫عدلت‪ "..‬قال فيه عليه الصسلة والسلم‪" :‬سيكون له شيعة يتعمقون فسسي‬
‫الدين حتى يخرجوا منه"‪ ..‬الحديث ]مسند أحمد‪ 5-12/3 :‬قال عبد الله بسسن المسسام‬
‫أحمد‪ :‬ولهذا الحديث طرق فسسي هسسذا المعنسسى صسسحاح‪ .‬وقسسال أحمسسد شسساكر‪ :‬إسسسناده صسسحيح‬
‫)المصدر السابق(‪ ،‬ورواه ابن أبي عاصم في السسسنة‪ ،2/454 :‬قسسال اللبسساني‪ :‬إسسسناده جيسسد‬
‫ورجاله كلهم ثقات‪ ،[.‬وكذلك في الحديث الذي أخرجه أبو داود في المكسسذبين‬
‫بالقدر‪ ..‬وفيه‪" :‬وهم شيعة الدجال" ]سسسنن أبسسي داود ‪ ،5/67‬فسسال المنسسذري‪ :‬وفسسي‬

‫‪18‬‬
‫إسناده عمر مولى غفرة ل يحتج بحديثه‪ ،‬ورجل من النصار مجهول )المنذري( مختصر أبي‬
‫داود ‪ ،6/61‬ورواه أيضا ً المام أحمد ‪.[.5/407‬‬
‫فالشيعة هنا مرادفة للفظ الصحاب‪ ،‬والتباع‪ ،‬والنصار‪.‬‬
‫ومن خلل مراجعتي لمعاجم السنة لم أر استعمال لفسسظ الشسسيعة علسسى‬
‫الفرقة المعروفة بهسسذا السسسم إل مسسا جسساء فسسي بعسسض الخبسسار الضسسعيفة أو‬
‫الموضوعة والتي جاء فيهسسا لفسسظ الشسسيعة كدللسسة علسسى أتبسساع علسسي‪ ،‬مثسسل‬
‫حديث‪" :‬فاستغفرت لعلي وشيعته" ]قال العقيلي‪ :‬ل أصل له‪ ،‬وذكره الكنسساني مسسن‬
‫الحاديث الموضوعة‪) :‬تنزيه الشريعة‪ ،[.(1/414 :‬وحديث‪" :‬مثلي مثسسل شسسجرة أنسسا‬
‫أصلها وعلي فرعهسسا‪ ..‬والشسسيعة ورقهسسا" ]أورده ابسسن الجسسوزي فسسي الموضسسوعات‪:‬‬
‫‪ ،1/397‬والشوكاني في الفوائد المجموعة في الحاديث الموضوعة ص‪ ،[.379 :‬وحديث‬
‫أنه صلى الله عليه وسلم قال لعلي‪" :‬أنت وشيعتك في الجنة" ]وهو حسسديث‬
‫موضوع‪ ،‬انظسر‪ :‬ابسن الجسوزي‪ /‬الموضسوعات‪ ،1/397 :‬السذهبي‪ /‬ميسزان العتسدال‪،1/421 :‬‬
‫ترجمة جميع بن عمر بن سوار‪ ،‬الشوكاني‪ /‬الفوائد المجموعة ص‪.[.379 :‬‬
‫وقسد ورد في بعض الخبار أنه سيظهر قوم يدعون الشسسيعة لعلسسي يقسسال‬
‫لهم الرافضة ]سيأتي بيان معنى الرافضسسة‪ ،[.‬فقد روى المسام ابسن أبسي عاصسم‬
‫أربع روايات في ذكر الرافضة ]مثل حديث‪" :‬بشر يا عل ّ‬
‫ي أنت وأصحابك في الجنسسة‪،‬‬
‫أل إن ممسسن يزعسسم أنسسه يحبسسك قسسوم يرفضسسون السسسلم يقسسال لهسسم‪ :‬الرافضسسة‪ ،‬فسسإذا لقيتهسسم‬
‫فجاهدهم فسسإنهم مشسسركون‪ .‬قلسست‪ :‬يسسا رسسسول اللسسه‪ ،‬مسسا العلمسسة فيهسسم؟ قسسال‪ :‬ل يشسسهدون‬
‫الجمعة‪ ،‬ول جماعة ويطعنون على السلف")السنة لبن أبي عاصم‪ (2/475 :‬وهذا الحسسديث‬
‫قد أورده الشوكاني في "لحاديث الضعيفة"ص ‪ ،[.381-380 :‬وقال الشسسيخ اللبسساني‬
‫في تحقيقه لسانيدها بأنها ضعيفة ]انظر‪ :‬السنة لبن أبي عاصم‪.[.4766-2/474 :‬‬
‫وقد أخرج الطبراني ‪ -‬بإسناد حسن كما يقول الهيثمي ‪ -‬أن النبي صسسلى‬
‫الله عليه وسلم قال‪" :‬يا علي سيكون في أمتي قوم ينتحلسسون حسسب أهسسل‬
‫البيت‪ ،‬لهسسم نسسبز‪ ،‬يسسسمون الرافضسسة‪ ،‬قسساتلوهم فسسإنهم مشسسركون" ]مجمسسوع‬
‫الزوائد‪ ،10/22 :‬وانظر الحديث في المعجم الكبير للطسسبراني‪ ،12/242 :‬رقسسم ) ‪(12998‬‬
‫ولكن في اسناده الحجاج بن تميم وهو ضعيف )انظر‪ :‬تقريب التهذيب‪.[.(1/152:‬‬
‫وقد نبه شيخ السلم ابن تييمة إلى كذب لفظ الحاديث المرفوعة التي‬
‫فيها لفظ الرافضة‪ ،‬لن اسسسم الرافضسسة لسسم يعسسرف إل فسسي القسسرن الثسساني‬
‫]منهاج السنة‪ ،[.1/8 :‬وفي ظني أن هذا ل يكفي في الحكم بكذب الحسساديث‪،‬‬
‫إذ لو صحت أسانيدها لكانت من باب الخبار بما سيقع‪ ،‬وأن الله أخبر نبيه‬
‫بما سيكون من ظهور الروافض‪ ،‬كما أوحى الله إليسسه بشسسأن ظهسسور فرقسسة‬
‫الخوارج ]ففي الصحيحين عشرة أحاديث فيهم‪ ،‬أخرج البخاري منها ثلثة‪ ،‬وأخسسرج مسسسلم‬
‫سائرها‪ ،‬وساقها جميعا ً ابن القيم في تهذيب السسسنن‪ ،[.153-7/148 :‬وإن كانت بسسذرة‬
‫الخوارج وجدت في حياته ‪ -‬عليه الصلة والسلم – ]كما دلت علسسى ذلسك بعسسض‬
‫الحاديث في قصة الرجل السسذي قسسال للرسسسول صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم وهسسو يسسوزع بعسسض‬
‫الغنائم‪ :‬اعدل يا محمد‪ ..‬انظر الحديث في ذلك في صحيح البخاري )مع فتح البسساري( ج ‪12‬‬
‫ص ‪ ،290‬وصحيح مسلم )بشرح النووي ( ج‪ ‍7‬ص ‪.[.165‬‬
‫لفظ الشيعة ومعناه في كتب الحديث الثني عشرية‪:‬‬
‫وفي كتب الحديث عند الشيعة يتكرر في كثير مسسن روايسساتهم وأحسساديثهم‬
‫التي ينسبونها إلى رسول الله صلى الله عليسسه وسسسلم وإلسسى المسسام علسسى‬

‫‪19‬‬
‫]لن مفهوم السنة عنسدهم هسي مسا‬ ‫والحسن والحسين وبقية أئمتهم الثني عشر‬
‫قاله الرسول والئمة الثنا عشرية ‪ -‬كما سسسيأتي ‪ [.-‬يتكرر لفسسظ الشسسيعة كمصسسطلح‬
‫يدل على فرقتهم‪ ،‬وعقيدتهم‪ ،‬وأئمتهم‪ ،‬ذلك أنهم يزعمون أن رسول اللسسه‬
‫صلى الله عليه وسلم هو الذي غرس بذرة التشيع وتعهدها بالسسسقي حسستى‬
‫نمت وأينعت ]ففي أصول الكافي في مسألة النص على الئمة من الله ورسوله والئمة‬
‫‪ -‬كما يزعمون ‪ -‬ذكر ثلثة عشر بابا ً ضمنها مائة وعشرة أحاديث‪) .‬أصول الكسسافي‪-1/286 :‬‬
‫‪ ..[.(328‬بل وصل بهم المر في هذا إلى وضع روايات تدل علسسى أن لفسسظ‬
‫الشيعة ‪ -‬كمصطلح لطائفتهم ‪ -‬معروف قبل زمن رسالة نبينا محمد صلى‬
‫من‬ ‫ن ِ‬‫وإ ِ ّ‬
‫الله عليه وسلم‪ ،‬فقد جاء في أحاديثهم تفسير قوله سسسسبحانه‪َ } :‬‬
‫م{ أي‪ :‬إن إبراهيم من شيعة علي ]مضى تخرجيه من كتبهسسم‬ ‫هي َ‬
‫ه ل ِب َْرا ِ‬
‫عت ِ ِ‬
‫شي َ‬
‫ِ‬
‫في هامش رقسسم )‪ (2‬ص ‪ ،[.41‬بل بلغ بهسسم الزعسسم إلسسى القسسول‪" :‬إن اللسسه أخسسذ‬
‫ميثسساق النسسبيين علسسى وليسسة علسسي‪ ،‬وأخسسذ عهسسد النسسبيين علسسى وليسسة علسسي"‬
‫]البحراني‪ /‬تفسير البرهان‪ [.1/26 :‬وأن "ولية علي مكتوبسسة فسسي جميسسع صسسحف‬
‫النبياء" ]أصول الكافي‪ .[.1/437 :‬إلى آخر هذه الدعاوى وسيأتي بسسسط ذلسسك‬
‫في نشأة التشيع‪.‬‬
‫لفظ الشيعة في التاريخ السلمي‪:‬‬
‫في الحداث التاريخية فسي صسدر السسلم وردت لفسظ الشسيعة بمعناهسا‬
‫اللغوي الصرف‪ ،‬وهو المناصرة والمتابعة‪ ،‬بل إننا نجد في وثيقسسة التحكيسسم‬
‫بين الخليفة علي‪ ،‬ومعاوية ‪ -‬رضي الله عنهمسسا ‪ -‬ورود لفسسظ الشسسيعة بهسسذا‬
‫المعنى‪ ،‬حيث أطلق على أتباع علي شيعة‪ ،‬كما أطلق علسسى أتبسساع معاويسسة‬
‫ي‪.‬‬
‫شيعة‪ ،‬ولم يختص لفظ الشيعة بأتباع عل ّ‬
‫ومما جاء في صسحيفة التحكيسم‪" :‬هسذا مسا تقاضسى عليسه علسي بسن أبسي‬
‫طالب‪ ،‬ومعاوية بن أبي سسسفيان‪ ،‬وشسسيعتهما‪) ..‬ومنهسسا(‪ :‬وأن عليسا ً وشسسيعته‬
‫رضوا بعبد الله بسسن قيسسس‪ ،‬ورضسسي معاويسسة وشسسيعته بعمسسرو بسسن العسساص‪..‬‬
‫)ومنها(‪ :‬فإذا توفي أحسسد الحكميسسن فلشسسيعته وأنصسساره أن يختسساروا مكسسانه‪.‬‬
‫)ومنها(‪ :‬وإن مات أحد الميريسسن قبسسل انقضسساء الجسسل المحسسدود فسسي هسسذه‬
‫القضية فلشيعته أن يختساروا مكسانه رجل ً يرضسون عسسدله" ]السسدينوري‪ /‬الخبسسار‬
‫الطوال ص‪ ، 196-194 :‬وانظر‪ :‬تاريخ الطبري‪ ،54 - 5/53 :‬محمد حميد الله‪ /‬مجموعسسة‬
‫الوثائق السياسية ص‪.[.282-281 :‬‬
‫وقال حكيم بن أفلح ‪ -‬رضي الله عنه ‪" :-‬لني نهيتها ‪ -‬يعني عائشة ‪ -‬أن‬
‫ا" ]هذا جزء من حديث طويل في صحيح مسسسلم فسسي‬ ‫تقول في هاتين الشيعتين شيئ ً‬
‫باب جامع صلة الليل ومن نام عنه أو مرض‪ .[.170-2/168 :‬وقد أورد شيخ السلم‬
‫ي‬
‫ابن تيمية هذا النص‪ ،‬ليأخذ منه دللة تاريخيسسة علسسى عسسدم اختصسساص عل س ّ‬
‫باسم الشيعة في ذلك الوقت ]انظر‪ :‬منهاج السسسنة‪) 2/67 :‬تحقيسق د‪ .‬محمسسد رشساد‬
‫سالم(‪.[.‬‬
‫وجاء في التاريخ أن معاوية قال لبسر بن أرطأة حين وجهه إلى اليمن‪:‬‬
‫"امض حتى تأتي صنعاء فإن لنا بها شيعة" ]تاريخ اليعقوبي‪[.2/197 :‬؛ فإذن‬
‫ي فحسب حتى ذلك الوقت‪.‬‬ ‫لم يظهر مصطلح الشيعة دللة على أتباع عل ّ‬

‫‪20‬‬
‫ويبدو أن بدء التجمع الفعلي لمن يسسدعون التشسسيع‪ ،‬وابتسسداء التميسسز بهسسذا‬
‫السم بدأ بعد مقتل الحسين‪ .‬يقول المسعودي‪ :‬وفي سنة خمس وسسستين‬
‫تحركت الشيعة في الكوفة ]مروج الذهب‪ .[.3/100 :‬وتكونت حركة التسسوابين‪،‬‬
‫ثم حركة المحتار )الكيسانية( وبدأت الشيعة تتكون وتضع أصول مسسذهبها‪..‬‬
‫وأخذت تتميز بهذا السم‪.‬‬
‫من هنا يتضح أن اسم الشيعة كان لقبا ً يطلق على أيسسة مجموعسسة تلتسسف‬
‫حول قائدها‪ ،‬وإن كان بعض الشيعة يحاول أن يتجاهل الحقسسائق التاريخيسسة‬
‫ويدعي بأن الشيعة "هم أول مسسن سسسموا باسسسم التشسسيع مسسن هسسذه المسسة"‬
‫]القمي‪ /‬المقالت والفرق ص‪ ،15 :‬النوبخسستي‪ /‬فسسرق الشسسيعة ص‪ ،[.18 :‬ويتناسى بسسأن‬
‫معاوية أطلق أيضا ً على أتباعه كلمة الشيعة‪ ،‬ولكن الوقائع التاريخية تقول‬
‫ي‪-‬‬‫ي إل بعسسد مقتسسل عل س ّ‬ ‫بأن لقب الشيعة لم يختص إطلقه على أتباع عل س ّ‬
‫رضي الله عنه ‪ -‬كما يرى البعض ]محمسسد أبسسو زهسسرة‪ /‬الميسسراث عنسسد الجعفريسسة ص‪:‬‬
‫‪ ،[.22‬أو بعد مقتل الحسين كما يرى آخرون ]علسي سسامي النشسار‪ /‬نشسأة الفكسر‬
‫الفلسفي‪.[.2/35 :‬‬

‫تعريف الشيعة اصطلحا ً‬


‫أ‪ -‬تعريف الشيعة في كتب المامية الثني عشرية‪:‬‬
‫‪ -1‬يعرف شيخ الشيعة القمي ]سعد بن عبسسد اللسسه القمسسي‪ ،‬هسسو عنسسد الشسسيعة جليسسل القسسدر‪،‬‬
‫واسع الخبار‪ ،‬كثير التصنيف‪ ،‬ثقة‪ .‬من كتبه‪ :‬الضياء في المامة‪ ،‬ومقسسالت الماميسسة‪ ،‬تسسوفي‬
‫ه(‪.‬‬
‫ه( وقيل‪‍ 299) :‬‬
‫سنة )‪‍ 301‬‬
‫انظر‪ :‬الطوسي‪ /‬الفهرست ص‪ ،105 :‬الردبيلسسي‪ /‬جسسامع السسرواة‪) [.1/355 :‬المتوفى‬
‫ه( الشيعة بقوله‪ :‬هم شيعة علي بن أبي طالب ]المقسسالت والفسسرق‬ ‫سنة ‪‍ 301‬‬
‫ص‪ .[.3 :‬وفي موضع آخر يقول‪" :‬الشيعة هم فرقسسة علسسي بسسن أبسسي طسسالب‬
‫المسمون شيعة علسسي فسسي زمسان النسسبي صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم وبعسسده‪،‬‬
‫معروفون بانقطاعهم إليه والقول بإمامته" ]المصدر السابق ص‪.[.15 :‬‬
‫ويوافقه على هذا التعريف شيخهم "النوبختي" ]الحسن بن موسسسى النوبخسستي‪ :‬أبسسو محمسسد‪،‬‬
‫متكلم‪ ،‬فيلسوف‪ ،‬قال الطوسي‪ :‬كان إماميا ً حسن العتقاد‪ ،‬له مصنفات كثيرة منها‪ :‬كتسساب‬
‫الراء والديانات‪ .‬توفي بعد الثلثمائة(‪.‬‬
‫انظر في ترجمته‪ :‬الطوسي‪ /‬الفهرست ص‪ ،75 :‬الردبيلي‪ /‬جامع الرواة ‪ ،1/228 :‬ابسسن‬
‫النديم‪ /‬الفهرست ص ‪ ،177‬القمي‪ /‬الكنى واللقسساب‪ ، 1/148 :‬معجسسم المسسؤلفين‪،3/298 :‬‬
‫الذهبي‪ /‬سير أعلم النبلء‪ [.15/327 :‬حتى في اللفاظ نفسسسها ]فسسرق الشسسيعة‪ :‬ص‬
‫‪.[.17 ،20‬‬
‫مناقشة التعريف الول ‪:‬‬
‫هذا هو تعريف الشيعة في أهم كتب الشيعة وأقسسدمها الخاصسسة بسسالفرق‪.‬‬
‫وهذا التعريف ل يشير إلى أي أصل من أصول التشيع عندا الثني عشرية‪،‬‬
‫والتي تعتبر في نظرهم لب التشيع وأساسه؛ كمسسسألة النسسص علسسى علسسي‬
‫وولده وغيرها )باستثناء ذكره في الخيرة لمامسسة علسسي فقسسط بسسدون ذكسسر‬
‫النص أو بقية الئمة(‪.‬‬
‫‪ -‬والتعريف الذي يغفل أصول التشيع التي أحدثها الشيعة فيمسسا بعسسد هسسو‬
‫مسسن التعسساريف السسسليمة لشسسيعة علسسي ‪ -‬رضسسي اللسسه عنسسه ‪ -‬أو للشسسيعة‬

‫‪21‬‬
‫الحقيقيين‪ ،‬وهو يخرج مدعي التشسسيع مسسن حظيسسرة التشسسيع‪ ،‬لنهسسم أحسسدثوا‬
‫أصول ً لم يقلها أئمة أهل السسبيت‪ ،‬لكنسسه حسسسب مقسساييس الثنسسي عشسسرية ل‬
‫يعتبر تعريفا ً للشيعة مع أن القمي والنوبختي من الشيعة الثني عشرية‪.‬‬
‫‪ -‬وهذا التعريف يدعي وجود "شيعة علي في زمن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم" ]ويسميهم فيقول‪" :‬منهم المقاداد بن السود‪ ،‬وسلمان الفارسي‪ ،‬وأبو ذر جنسسدب‬
‫بن جنادة الغفاري‪ ،‬وعمار بن ياسر‪ ،‬ومن وافسق مسودته مسودة علسي‪ ،‬وهسم أول مسن سسمي‬
‫باسم التشيع من هذه المة" المقالت والفرق ص‪ ،15 :‬فرق الشيعة ص‪ [.18 :‬ول سند‬
‫لهذه الدعوى من الكتاب والسنة‪ ،‬ووقسسائع التاريسسخ صسسادقة‪ ،‬واللسسه سسسبحانه‬
‫م{ ]آل عمران‪ ،‬آية‪ [.19 :‬ل التشيع ول‬ ‫سل َ ُ‬ ‫عندَ الل ّ ِ‬
‫ه ال ِ ْ‬ ‫ن ِ‬
‫دي َ‬
‫ن ال ّ‬‫يقول‪} :‬إ ِ ّ‬
‫غيره‪ ،‬والصحابة كانوا في عهسسده صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم عصسسبة واحسسدة‪،‬‬
‫وجماعة واحدة‪ ،‬وشيعة واحدة تشيعهم وولؤهم لرسول الهدى صلى اللسسه‬
‫عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ -2‬التعريف الثاني ‪:‬‬
‫يقول شيخ الشسسيعة وعالمهسسا فسسي زمنسسه المفيسسد ]محمسسد بسسن محمسسد النعمسسان‬
‫الكعبري الملقب بالمفيد‪ ،‬نال في زعمهم شرف مكاتبة مهديهم المنتظسر‪ ،‬ولسه قريسب مسن‬
‫مائتي مصنف‪ .‬قال الخطيب البغدادي‪ :‬كان أحد أئمة الضلل‪ .‬هلك به خلق من الناس إلسسى‬
‫ه(‪ .‬انظر في ترجمته‪ :‬الطوسي‪ /‬الفهرسسست‬ ‫أن أراح الله المسلمين منه‪ .‬ومات سنة )‪‍ 413‬‬
‫ص‪ ،190 :‬ابن النديم‪ /‬الفهرست‪ ،‬ص‪ ،197 :‬القمي‪ /‬الكنى واللقسساب‪ ،3/164 :‬البحرانسسي‪/‬‬
‫لؤلؤة البحرين ص‪ ،356 :‬وانظر‪ :‬الخطيب البغدادي‪ /‬تاريسسخ بغسسداد‪ ،3/231 :‬ابسسن الجسسوزي‪/‬‬
‫المنتظسسم‪ ،[.8/118 :‬بأن لفظ الشسسيعة يطلسسق علسسى"‪ ..‬أتبسساع أميسسر المسسؤمنين‬
‫صسسلوات اللسسه عليسسه‪ ،‬علسسى سسسبيل السسولء والعتقسساد لمسسامته بعسسد الرسسسول‬
‫صلوات الله عليه وآله بل فصسسل‪ ،‬ونفسسي المامسسة عمسسن تقسسدمه فسسي مقسسام‬
‫الخلفة‪ ،‬وجعله في العتقاد متبوعا ً لهم غيسسر تسسابع لحسسد منهسسم علسسى وجسسه‬
‫القتسسداء" ]أوائل المقسسالت ص‪ .[.39 :‬ثسسم ذكسسر أنسسه يسسدخل فسسي هسسذا التعريسسف‬
‫المامية والجارودية الزيدية‪ ،‬أما باقي فرق الزيديسسة فليسسسوا مسسن الشسسيعة‪،‬‬
‫ول تشملهم سمة التشيع ]أوائل المقالت ص‪.[.39 :‬‬
‫مناقشة التعريف الثاني‪:‬‬
‫‪ -1‬ل نجد في تعريف المفيد هذا ذكرا ً لليمان بإمامة ولسسد علسسي‪ ،‬مسسع أن‬
‫من لم يؤمن بهذا فليس من الشيعة عندهم‪ ،‬كما أن هسسذا التعريسسف أغفسسل‬
‫التصريح ببعض الجوانب الساسية في التشيع والتي يربط الشيعة وصسسف‬
‫التشيع بها كمسألة النص‪ ،‬والعصمة وغيرها من أصول المامية‪.‬‬
‫‪ -2‬يلحظ أنه نص في تعريفه على‪ :‬إخراج الفرق المعتدلة مسسن الزيديسسة ول يصسسدق وصسسف‬
‫التشيع في نظره إل على غلة الزيدية وهم الجارودية ]الجارودية‪ :‬فرقة مسسن فسسرق الزيديسسة‬
‫وتنسب إلى أبي الجارود زياد بن المنذر الهمداني العمى الكوفي‪ .‬قال عنه أبو حاتم‪ :‬كسسان‬
‫رافضيًا‪ ،‬يضع الحديث في مثالب أصحاب رسول الله صلى اللسسه عليسسه وسسسلم ورضسسي اللسسه‬
‫عنهم‪ ...‬ومن مقالة الجارودية‪ :‬أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نص على علي ‪ -‬رضي‬
‫الله عنه ‪ -‬بالشارة والوصف دون التسمية والتعيين‪ ،‬وأن المة ضلت وكفرت بصرفها المر‬
‫إلى غيره‪...‬‬
‫انظر في أبي الجارود والجارودية‪ :‬رجسسال الكشسسي ص‪ ،151 :‬س ‪ ،229‬س ‪) 230‬وهسسي سسست‬
‫روايات في ذمه تضمن بعضها كسسونه كسسذابا ً كسسافرًا‪ ،‬ومسسع ذلسك فمفيسسدهم ينظمسسه فسسي سسلك‬
‫التشيع‪ ،‬لن التشيع في تعريفه هو هسسذا الغلسسو‪ (..‬وانظسسر‪ :‬الطوسسسي‪ /‬الفهرسسست ص‪،192 :‬‬
‫الردبيلي‪ /‬جامع الرواة‪ ،1/339 :‬القمي‪ /‬الكنى واللقاب‪ ،1/30 :‬وانظر‪ :‬ابن حجر‪ /‬تهسسذيب‬

‫‪22‬‬
‫التهذيب‪ .3/386 :‬وراجع‪ :‬القمي‪ /‬المقالت والفرق ص‪ ،18 :‬النوبختي‪ /‬فسسرق الشسسيعة ص‪:‬‬
‫‪ ،21‬نشوان‪ /‬الحور العيسسن ص‪ ،156 :‬المقريسسزي‪ /‬الخطسسط‪ ،2/352 :‬الشهرسسستاني‪ /‬الملسسل‬
‫والنحل‪ ،1/159 :‬الملطي‪ /‬التنبيه والرد ص‪ ،23 :‬أحمسسد بسسن المرتضسسى‪ /‬المنيسسة والمسسل ص‬
‫‪،20‬سس ‪ ،90‬البغسسدادي‪ /‬الفسسرق بيسسن الفسسرق ص‪ ،30 :‬السسرازي‪ /‬محصسسل أفكسسار المتقسسدمين‬
‫والمتأخرين ص‪ ،247 :‬الشعري‪ /‬مقالت السلميين‪ ،[.1/140 :‬وليس ذلك فحسسسب‪،‬‬
‫بل إنه فتح المجال في تعريفه لدخول الفرق الغالية كلها‪.‬‬
‫‪ -3‬أما قوله في التعريف‪" :‬وجعله في العتقاد متبوعا ً لهم غير تابع لحد‬
‫منهم على وجه القتداء" فهذا إشارة إلى أصل من أصول العتقاد عندهم‬
‫وهو التقية‪ ،‬فعلي عند الشيعة في الظاهر تابع للخلفاء الثلثة وفي الباطن‬
‫متبوع لهم‪ ،‬فاتباعه للخلفاء ‪ -‬في نظر المفيد وشسسعيته ‪ -‬ليسسس علسسى وجسسه‬
‫القتداء وإنما على وجه التقية‪ ،‬وليس على وجه العتقاد وإنمسا علسى وجسه‬
‫الموافقة في الظاهر فقط‪.‬‬
‫‪ -4‬أما قوله‪ ..." :‬بالعتقاد بإمامة علسسي بعسسد الرسسسول صسسلى اللسسه عليسسه‬
‫وسلم بل فصسسل" فهسسذا مبنسسي علسسى إنكسسار الشسسيعة لصسسحة خلفسسة الخلفسساء‬
‫الثلثة‪ ،‬وقد شرح مفيدهم هذه الجملة‪ ،‬وفصل القول فيها في كتسساب آخسسر‬
‫]وهو كتاب الرشاد أحد المصادر المعتمدة عند الثني عشرية "اعتمد عليه علمسساء الماميسسة‬
‫المتقدمين والمتأخرين‪ ،‬واعتبروه من أهسسم المصسسادر فسسي موضسسوعه وأعسساروه عنايسسة فائقسسة‬
‫وأهمية كبرى…" مقدمة الرشاد ص‪ ،7 :‬وانظر في توثيقه عندهم‪ :‬بحار النوار ‪ [.1/27‬له؛‬
‫حيث قال‪" :‬وكانت إمامة أمير المؤمنين بعد النبي صلى الله عليسسه وسسسلم‬
‫ثلثة سنة منها أربع وعشرون سنة وستة أشهر ممنوعا ً من التصسسرف فسسي‬
‫أحكامهسسا مسسستعمل ً للتقيسسة والمسسداراة‪ ،‬ومنهسسا خمسسس سسسنين وسسستة أشسسهر‬
‫ممتحنا ً بجهاد المنافقين من الناكثين والقاسطين والمارقين ]ورد في "معاني‬
‫الخبار" لشيخهم ابن بابويه القمي‪ :‬أن المراد بالناكثين‪ :‬الذين بايعوا بالمدينة ونكثسسوا بيعتسسه‬
‫بالبصرة‪ ،‬والقاسطين‪ :‬معاوية وأصسسحابه مسسن أهسسل الشسسام‪ ،‬والمسسارقين‪ :‬أصسسحاب النهسسروان‪.‬‬
‫معسساني الخبسسار ص‪ ،[.204 :‬ومضطهدا ً بفتن الضسسالين‪ ،‬كمسسا كسسان رسسسول اللسسه‬
‫صلى الله عليه وسلم ثلث عشسسرة ‪ -‬كسسذا ‪ -‬سسسنة مسسن نبسسوته ممنوعسا ً مسسن‬
‫أحكامها خائفا ً ومحبوسا ً هاربا ً ومطرودا ً ل يتمكن مسسن جهسساد الكسسافرين ول‬
‫يستطيع دفعا ً عن المؤمنين‪ ،‬ثم هسساجر وأقسسام بعسسد الهجسسرة عشسسرة سسسنين‬
‫مجاهدا ً للمشركين ممتحنا ً بالمنافقين إلى أن قبضه الله جل اسسسمه إليسسه‪،‬‬
‫وأسكنه جنات النعيم" ]الرشاد ص‪.[.12 :‬‬
‫فوصف التشيع ل يصدق ‪ -‬في نظر المفيد ‪ -‬إل علسسى مسن اعتقسسد خلفسة‬
‫علي بن أبي طالب ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬ممتسدة مسن حيسن التحسساق الرسسسول‬
‫بالرفيق العلى إلى أن توفي علي ]ونجد شيخهم عبد الله شبر يؤكسسد فسسي تعريفسسه‬
‫للشيعة على هذا المعنى فيقول‪" :‬اعلم أن لفظ الشيعة يطلق على من قسسال بخلفسسة أميسسر‬
‫المسسؤمنين ‪ -‬عليسسه السسسلم ‪ -‬بعسسد النسسبي صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم بل فصسسل" )حسسق اليقيسسن‪:‬‬
‫‪ ،[.(1/195‬ول صسسحة لخلف الخلفسساء الثلثسسة‪ ،‬فل يصسسدق ‪ -‬حسسسب تعريفسسه‪-‬‬
‫وصف التشيع بعد وفاة رسول الله صلى اللسسه عليسسه وسسسلم إل علسسى ثلثسسة‬
‫من الصحابة‪ ،‬وباقي الصاحبة هم ‪ -‬في نظسسر الشسسيعة ‪ -‬كفسسار كالمشسسركين‬
‫الذين عاصرهم الرسول صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬والحكومة كافرة‪ ،‬وعلسسي‬
‫يعيش بينهم متسترا ً بالتقية والنفاق ]وسيأتي ‪ -‬إن شاء الله ‪ -‬ذكر شواهد ذلك في‬

‫‪23‬‬
‫مبحث حكم منكر إمامة الثني عشر‪ ،[.‬فأي إساءة إلى علي ‪ -‬رضسسي اللسسه عنسسه ‪-‬‬
‫وإلى صحابة رسسول اللسه ‪ -‬رضسوان اللسه عليهسم وإلسى السسلم أبلسغ مسن‬
‫هذا؟!‪.‬‬
‫‪ -3‬التعريف الثالث للشيعة‪:‬‬
‫وإذا كان المفيد ل ينص في تعريفه للتشسسيع علسسى مسسألة النسسص والوصسسية‪ ،‬فإننسسا نسسرى فسسي‬
‫شيخهم الطوس ]أبو جعفر محمد بن الحسين بن علي الطوسي هو عندهم شسسيخ الماميسسة‬
‫ورئيس الطائفة‪ ،‬وهو مؤلف كتابين من كتبهم الربعة )التي هسسي كسسالكتب السسستة عنسسد أهسسل‬
‫السنة( وهمسسا‪ :‬تهسسذيب الحكسسام والستبصسسار‪ ،‬تسسوفي سسسنة )‪460‬هسسس( وكسسانت ولدتسسه سسسنة )‬
‫‪385‬هس(‪.‬‬
‫راجع ترجمته لنفسه في الفهرست ص‪ ،190-88 :‬البحراني‪ /‬لؤلؤة البحريسسن ص‪-293 :‬‬
‫‪ ،304‬القمي‪ /‬الكنى واللقاب‪ ،2/357 :‬وانظر‪ :‬لسان الميزان لبن حجر‪ [.5/135 :‬يربط‬
‫وصف التشيع بالعتقاد بكون علي إماما ً للمسسسلمين بوصسسية مسسن الرسسسول‬
‫صلى الله عليه وسلم وبإرادة من الله ]تلخيص الشافي‪.[.2/56 :‬‬
‫فالطوسي هنا يجعل العتقاد بالنص هو أساس التشيع‪ ،‬ولهسذا يخسرج الطوسسي السسليمانية‬
‫]السليمانية‪ :‬فرقة من فرق الزيدية ُتنسب إلى سسسليمان بسسن جريسسر الزيسسدي‪ ،‬وهسسي تسسسمى‬
‫بالسليمانية عند كثير من أصحاب الفسسرق )انظسسر‪ :‬مقسسالت السسسلميين‪ ،1/143 :‬اعتقسسادات‬
‫فرق المسلمين ص‪ ،78 :‬الملل والنحل‪ ،1/159 :‬التبصير في الدين ص ‪.(17‬‬
‫ومن أصحاب الفرق من يسميها بالجريرية )الحور العين ص ‪ ،156‬الخطسسط‪ /‬المقريسسزي‪:‬‬
‫‪ ،(2/325‬وقد نص صساحب الفسرق بيسن الفسرق أنهسا تسسمى بسس "السسليمانية أو الجريريسة"‪.‬‬
‫)الفرق بين الفرق ص ‪ ،(32‬ويسسسميها صسساحب المنيسة والمسسل أحيانسا ً بالسسليمانية ص‪،90 :‬‬
‫وأحيانا ً بالجريرية ص‪ [.90 :‬الزيدية من فرق الشيعة؛ لنهسسم ل يقولسسون بسسالنص‬
‫بسسل يقولسسون‪ :‬إن المامسسة شسسورى‪ ،‬وإنهسسا تصسسلح بعقسسد رجليسسن مسسن خيسسار‬
‫المسلمين‪ ،‬وإنها قد تصلح في المفضول‪ ..‬ويثبتسسون إمامسسة الشسسيخين أبسسي‬
‫بكر وعمر ]الشسسعري‪ /‬مقسسالت السسسلميين‪ ،[.1/143 :‬ولم يخرجسسوهم مسسن دائرة‬
‫التشيع فحسب‪ ،‬بل اعتسسبروهم "نواصسسب" ]انظسسر‪ :‬الطوسسسي‪ /‬التهسسذيب‪،1/364 :‬‬
‫الحر العاملي‪ /‬الوسائل‪ .[.4/288 :‬ولم يكتفوا بذلك‪ ،‬فقد جاء في رجال الكشي‬
‫أن الزيدية شر من النواصسسب ]انظسسر‪ :‬رجسسال الكشسسي ص‪ ،[.459 :‬ويجسسري هسسذا‬
‫الحكسسم مسسن الثنسسي عشسسرية علسسى كسسل فسسرق الزيديسسة السستي تقسسول بسسرأي‬
‫السليمانية كالصالحية والبترية ]الصالحية‪ :‬أصحاب الحسن صالح بن حي‪.[.‬‬
‫ويذهب بعض شيوخهم المعاصرين إلى ما ذهب إليه الطوسسسي‪ ،‬فيقصسسر‬
‫وصف التشيع على من يؤمن بالنص على خلفسسة علسسي‪ ،‬فيقسسول بسسأن لفسسظ‬
‫الشيعة‪" :‬علم من يؤمن بأن عليا ً هو الخليفة بنص النبي" ]محمد جواد مغنية‪/‬‬
‫الشيعة في الميزان ص ‪.[.15 :‬‬
‫ويلحظ أن مسألة النص هي محسسل اهتمسسام الشسسيعة البسسالغ فسسي القسسديم‬
‫والحسسديث؛ فنسسرى ‪ -‬مثل ً ‪ -‬فسسي القسسديم شسسيخهم الكلينسسي يعقسسد فسسي كتسسابه‬
‫الكافي ثلثة عشر بابا ً في مسألة النص على الئمة يضسسمنها مسسائة وتسسسعة‬
‫أحاديث ]انظر‪ :‬أصول الكافي‪ ،[.328-1/286 :‬ونرى في الحاضر أحسسد الروافسسض‬
‫يؤلف كتابا ً في ستة عشر مجلدا ً في حديث من أحسساديثهم السستي يسسستدلون‬
‫بها على ثبوت النص على علي وهو حديث "الغسسدير" ]سسسيأتي ذكسسره وتخريجسسه‬
‫ومناقشته عند ذكر أدلة الشيعة في مسألة المامسسة‪ .[.‬ويسمي كتسسابه باسسسم الغسسدير‬
‫]كتسساب الغسسدير لشسسيخهم المعاصسسر عبسسد الحسسسين المينسسي النجفسسي‪ ،‬وهسسو مليسسء بالكسساذيب‬

‫‪24‬‬
‫والطامات والكفر البواح‪ .‬انظر‪ :‬مسألة التقريب بين السنة والشيعة للمؤلسسف ص‪ 66 :‬ومسسا‬
‫بعدها‪ ،[.‬فل غرابة في أن يربط الشيعة وصف التشسيع بقضسية النسص‪ ،‬لكسن‬
‫اللفت للنظر أن هذا الهتمام والمبالغة يسري في كل عقائدهم التي هي‬
‫محل استنكار وتكذيب من جمهور المسلمين‪ ،‬فتراهم في كل عقيدة مسسن‬
‫هسسذه العقسسائد السستي هسسذا شسسأنها‪ ،‬يجعلونهسسا هسسي عمسسود التشسسيع وأساسسسه‪،‬‬
‫ويبالغون في إثباتها‪ ،‬ولكن حينما يعرف شيوخهم التشسسيع ل يسسذكرون هسسذه‬
‫العقائد في التعريف مع أنهسسم يعلقسسون الوصسسف بالتشسسيع باليمسسان بهسسا‪ ،‬ول‬
‫ل‪ ،‬قالوا في أحاديثهم‪" :‬ليس منا مسسن لسسم‬ ‫تشيع بدونها؛ كمسألة الرجعة مث ً‬
‫يؤمن بكرتنا" ]ابن بابويه‪ /‬من ل يحضره الفقيه‪ ،3/291 :‬الحر العاملي‪ /‬وسائل الشسسيعة‬
‫‪ ،7/438‬تفسير الصافي ‪ ،1/347‬المجلس‪ /‬بحار النوار ‪ .[.53/92 :‬ومسسع ذلسسك ل تسسرى‬
‫لها ذكرا ً في تعريف التشيع‪ ،‬وكذلك مسألة العصمة‪ ،‬واليمسسان بخلف ولسسد‬
‫علي وغيرها‪ ،‬بل تجد هذه المبالغة حتى في مسائل الفقه وقضايا الفسسروع‬
‫كمسألة المتعة‪ ،‬قالوا‪" :‬ليس منا من لم‪ ..‬يستحل متعتنا" ]المصسسادر السسسابقة‬
‫)نفس الصفحات(‪ .[.‬فالقوم ليسوا على منهج واضح سليم في ذلك‪.‬‬
‫‪ -4‬تعاريف أخرى للشيعة‪:‬‬
‫وهنالك تعريفات أخرى للشيعة متفرقة في كتب الشيعة القديم منها والحديث ل تخرج عما‬
‫ذكرنا ]فمن هذا التعاريف ما يربط التشسسيع باتبسساع علسسي وتقسسديمه علسسى غيسسره فسسي المامسسة‬
‫)انظر‪ :‬شرح اللمعة‪ .(2/228 :‬ومنها ما يزيد على ذلك بوجوب العتقاد أنسسه المسسام بوصسسية‬
‫من رسول الله وبإرادة من الله تعالى نصًا‪ ،‬كما يرى المامية‪ ،‬ووصفا ً كمسسا يسسرى الجاروديسسة‬
‫)موسسسوعة العتبسسات المقدسسسة المسسدخل ص‪ ،91 :‬عسسن هويسسة التشسسيع ص‪ .[.(12 :‬وهناك‬
‫تعريفات أخرى اتجهت اتجاها ً خاصا ً ‪ -‬في التعريف ‪ -‬ل يشير إلى أصسسولهم‬
‫في التشيع المعروفة؛ فهذا شسسيخهم النجاشسسي ]أحمسسد بسسن علسسي بسسن أحمسسد بسسن‬
‫العباس بن محمد النجاسي‪ ،‬له كتاب الرجال الذي اعتمد عليها شيوخ المامية‪ ،‬توفي سسسنة‬
‫)‪450‬هس(‪.‬‬
‫)انظر‪ :‬الردبيلي‪ /‬جسسامع السسرواة‪ ،1/54 :‬القمسسي‪ /‬الكنسسي‪ [.(3/199 :‬يعرف بالشسسيعة‬
‫بقوله‪:‬‬
‫"الشيعة الذين إذا اختلف الناس عن رسول الله أخذوا بقول علسسي‪ ،‬وإذا‬
‫اختلف الناس عن علي أخذوا بقول جعفر بسسن محمسسد" ]رجسسال النجاشسسي ص‪:‬‬
‫‪.[.9‬‬
‫وإذا اختلف النقل عن جعفر بن محمد بماذا يأخذون؟‬
‫ل نجد في التعريف جوابا ً على ذلك‪ ..‬إل إن كان هذا التعريف يشير فسسي‬
‫توقفه عند جعفسسر بسسن محمسسد إلسسى أن النقسسل عنسسه ل يختلسسف‪ ،‬وهسسذا خلف‬
‫الواقع وخلف المأثور عن جعفر بن محمد حتى في كتب الشيعة نفسسسها‪..‬‬
‫أم إن هذا النص موضوع في حياة جعفر بسسن محمسسد فتوقسسف عنسسده ونقلسسه‬
‫النجاشي‪ ،‬وأيا كان فهو ل يشير إلى الئمة الذين هسسم قبسسل جعفسسر‪ ،‬كمسسا ل‬
‫يشير إلى الئمة بعده‪..‬‬
‫ثم إن في هذا التعرف خروجا ً عن منهج السلم‪ ،‬فهو يقول بسسأن النسساس‬
‫إذا اختلفوا في النقل عن رسول الله ل يؤخذ بمقاييس الترجيح المعروفسسة‬
‫في اختيار النقل الصحيح‪ ..‬بل يؤخذ بقسسول علسسي‪ .‬وإذا اختلسسف النقسسل عسسن‬

‫‪25‬‬
‫علي يؤخذ بقول جعفر‪ ...‬هكسسذا يقولسسون‪ ،‬ثسسم لمسساذا ل يختلسسف القسسول عسسن‬
‫جعفر‪ ،‬ويختلف القول عن الله وعلي؟‪ ..‬وهل جعفر أفضل منهما؟!‬
‫وثمة تعريفات أخرى في كتسسب الثنسسي عشسسرية تجعسسل التشسسيع والشسسيعة‬
‫مرادفة للتقوى والصلح والستقامة‪ .‬قال أبو عبد الله‪" :‬ما شيعتنا إل مسسن‬
‫اتقى اللسسه وأطسساعه‪ ،‬ومسسا كسسانوا يعرفسسون إل بالتواضسسع والتجشسسع والمانسسة"‬
‫]سسسفينة البحسسار‪ .[.1/733 :‬وقال‪" :‬إنما شسسيعة علسسي مسسن عسسف بطنسسه وفرجسسه‪،‬‬
‫واشتد جهاده‪ ،‬وعمل لخالقه‪ ،‬ورجا ثوابه‪ ،‬وخاف عقابه‪ ،‬فسسإذا رأيسست أولئك‬
‫فأولئك شيعة جعفر" ]المصسسدر السسسابق‪ [.1/732 :‬وقال أبو جعفسسر‪" :‬ل تسسذهب‬
‫بكم المذاهب فوالله ما شيعتنا إل من أطاع الله عز وجسسل" ]أصسسول الكسسافي‪:‬‬
‫‪] [.1/73‬وقد نقل الشيخ موسى جار الله في آخر الوشيعة ص‪ 230 :‬مثل هسسذه العبسسارات‬
‫عن كتب الشيعة‪ ،‬ثم عقب عليها بقول‪" :‬هؤلء الشيعة هم شيعة علي كانوا يعرفون بالورع‬
‫والجتهاد‪ ،‬واجتناب الصغائر والعداوة‪ ،‬وكان لهم محبة أول المة‪ ،‬ديسسن هسسؤلء الشسسيعة كسسان‬
‫هو التقوى ل التقية‪ ،‬دين هؤلء الشيعة كان هو الولية لله الحق‪ ،‬لنبيه‪ ،‬لهل بيته‪ ،‬ولصحبه‪،‬‬
‫وللمؤمنين والمؤمنات كافة‪ .‬أما أولئك الذين دينهم التقية والنفاق وعداوة الصسسحابة وبعسسض‬
‫آل البيت والغلو في البعسسض الخسسر فليسسسوا بشسسيعة بشسسهادة مسسن تعتسسبرهم الشسسيعة أئمتهسسا‪،‬‬
‫وباعتراف كتب الشيعة نفسها‪ .‬ولهذا سماهم المام زيد بالرافضة‪ ،‬ل الشيعة"‪.[.‬‬
‫ب‪ -‬تعريف الشيعة في كتب السماعيلية‪:‬‬
‫ويقول أبو حاتم الرازي ‪ -‬وهو من أكبر الدعاة السماعيليين ]هو‪ :‬أبو حاتم‬
‫أحمد بن حمدان بن أحمد الرازي‪ ،‬من كتبسسه‪ :‬أعلم النبسسوة‪ ،‬الزينسسة وغيرهمسسا‪ .‬تسسوفي سسسنة )‬
‫‪322‬هس(‪.‬‬
‫انظر ترجته فسسي‪ :‬ابسسن حجسسر‪ /‬لسسسان الميسسزان‪ ،1/164 :‬وانظسسر‪ :‬أعلم السسسماعيلية ص‪:‬‬
‫‪ - [.97‬فسسي كتسسابه "الزينسسة"‪" :‬الشسسيعة لقسسب لقسسوم كسسانوا قسسد ألفسسوا أميسسر‬
‫المؤمنين علي بن أبي طالب ‪ -‬صلوات الله عليه ‪ -‬في حيسساة رسسسول اللسسه‬
‫صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم وعرفسسوا بسسه‪ ،‬مثسسل سسسلمان الفارسسسي‪ ،‬وأبسسي ذر‬
‫الغفاري‪ ،‬والمقداد بن السود‪ ،‬وعمار بن ياسسسر‪ ،‬وكسسان يقسسال لهسسم‪ :‬شسسيعة‬
‫علي‪ ،‬وأصحاب علي‪ ..‬ثم لزم هذا اللقب كل من قال بتفضيله بعده ]قوله‪:‬‬
‫"بعده" أي تفضيل علي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم على سائر الصحابة‪ ،‬ويمكسسن‬
‫أن يشمل هذا الطلق سائر الناس فيدخل فيهسسم النبيسساء‪ ،‬فيسسدخل فسسي لقسسب الشسسيعة غلة‬
‫الروافض كما يدخل فيه من سواهم‪ .‬ويتبادر معنى آخر وهو أنه يعني كل من قال بتفضسسيل‬
‫علي مطلقا ً بعده‪ ،‬أي بعد وفاة رسول الله صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم إلسسى يومنسسا هسسذا‪ ،‬وهسسو‬
‫قريب‪ [.‬إلى يومنا‪ ،‬وتشعبت من هذه الفرقسسة فسسرق كسسثيرة سسسميت بأسسسماء‬
‫متفرقة وألقاب شتى‪ ،‬مثل‪ :‬الرافضة‪ ،‬والزيدية‪ ،‬والكيسانية وغير ذلك من‬
‫اللقاب‪ ،‬وهم كلهم داخلون فسسي جملسسة هسسذا اللقسسب الواحسسد السسذي يسسسمي‬
‫الشيعة على تبسساينهم فسسي المسسذاهب وتفرقهسسم فسسي الراء" ]الزينسسة‪ :‬ص ‪259‬‬
‫)ضمن كتاب‪" :‬الغلو والفرق الغالية"(‪.[.‬‬
‫ويلحظ في هذا التعريف أن المؤلف ادعى‪ :‬أن لقب الشيعة أطلق على‬
‫طائفة معينة من الناس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وهسسذا‬
‫ما لم يثبت تاريخيًا‪ ،‬وانفرد بادعائه الشيعة‪ ،‬محاولة لثبات أصالة مسسذهبهم‬
‫وشرعيته‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫ولنا وقفة عند هذه المسألة في مبحث نشسسأة الشسسيعة‪ ،‬كمسسا يلحسسظ أنسسه‬
‫جعل علقة هؤلء الصحابة بعلي بن أبي طالب أساسسسها اللسسف‪ ،‬ولسسم يسسدع‬
‫كغيره النص من الله ورسوله ‪ -‬كما تزعم الشيعة ‪.-‬‬
‫ج‪ -‬تعريف الشيعة في المصادر الخرى‪:‬‬
‫‪ -1‬تعريف الشعري للشيعة‪:‬‬
‫ولعل من أقدم من عرف الشيعة من أصسسحاب المقسسالت والفسسرق )مسسن‬
‫غير الشيعة( المام الشعري‪ ،‬حيث قال‪:‬‬
‫"إنمسسا قيسسل لهسسم‪ :‬الشسسيعة‪ ،‬لنهسسم شسسايعوا علي سا ً ‪ -‬رضسسوان اللسسه عليسسه ‪-‬‬
‫ويقدمونه على سائر أصحاب رسول الله صلى الله عليسسه وسسسلم" ]مقسسالت‬
‫السلميين‪.[.1/65 :‬‬
‫مناقشة التعريف‪:‬‬
‫تعريف الشعري هذا يتفق مع ما تذهب إليه المفضلة من الشيعة‪ ،‬وهسسم‬
‫الذين يفضلون عليا ً على أبي بكر وعمر وسائر أصحاب رسول الله صسسلى‬
‫الله عليه وسلم‪ .‬والشيعة الثنا عشرية ل يعتبرون مجرد تقديم علي علسسى‬
‫سائر أصحاب النبي صلى اللسسه عليسسه وسسسلم كافي سا ً فسسي اسسستحقاق وصسسف‬
‫التشيع‪ ،‬بل لبد من العتقاد بأن خلفة علي بالنص‪ ..‬وأنها بدأت بعد وفسساة‬
‫الرسول صلى الله عليه وسسسلم‪ ..‬ولهسسذا أخسسرج الطوسسسي‪ ،‬والمفيسسد بعسسض‬
‫فرق الزيدية مسسن دائرة التشسسيع ‪ -‬كمسسا مسسر ‪ ،-‬ويمكسسن القسسول بسسأن تعريسسف‬
‫الشعري يشمل جميع أقسسام الشسيعة أو معظمهسا‪ ،‬ول يقتصسر علسى مسن‬
‫قال بالنص كما يزعم الرافضة‪.‬‬
‫‪ -2‬تعريف ابن حزم‪:‬‬
‫ومن أدق التعاريف للشيعة ‪ -‬في رأي البعسسض ‪ -‬تعريسسف ابسسن حسسزام ]أبسسو‬
‫محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري‪ ،‬عالم الندلس في عصسسره‪ ،‬ولسسد بقرطبسسة‬
‫ه( ومسسن آثسساره‪ :‬المحلسسى‪ ،‬والفصسسل‬
‫ه‪ ،‬وتوفي في النسسدلس سسسنة )‪‍ 456‬‬
‫ه أو ‪‍ 383‬‬
‫سنة ‪‍ 384‬‬
‫وغيرهما‪.‬‬
‫انظر‪ :‬المقري‪ /‬نفح الطيب‪ [.2/283 :‬للشيعة حيث قال‪" :‬ومن وافق الشسسيعة‬
‫في أن عليا ً ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬أفضل الناس بعسسد رسسسول اللسسه صسسلى اللسسه‬
‫عليه وسلم وأحقهم بالمامة وولسسده مسسن بعسسده فهسسو شسسيعي‪ ،‬وإن خسسالفهم‬
‫فيما عدا ذلك مما اختلف فيه المسلمون‪ ،‬فإن خالفهم فيما ذكرنسسا فليسسس‬
‫شيعيًا" ]الفصل‪.[.2/107 :‬‬
‫ويختار هذا التعريف أحد الروافض‪ ،‬ويعتبره من أدق التعسساريف للشسسيعة‪،‬‬
‫ويعرض عن تعاريف أهسسل نحلتسسه‪ ،‬ويعلسسل الرافضسسي اختيسساره لتعريسسف ابسسن‬
‫حزام على غيره بقوله‪» :‬ومما حدانا إلى تفضيل تعريف ابن حسسزم هسسو أن‬
‫العتراف بأفضلية المام علي ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬على الناس بعسسد رسسسول‬
‫الله‪ ،‬وأنه المام والخليفة بعسسده‪ ،‬وأن المامسة فسسي ذريتسسه هسسو أس التشسسيع‬
‫وجوهره" ]عبد الله فياض‪ /‬تاريخ المامية ص‪.[.33 :‬‬
‫ولكن من يقرأ كلم الشيعة عن عقائدهم كالمامسسة‪ ،‬والعصسسمة‪ ،‬والتقيسسة‬
‫وغيرها يرى أنهم يغسالون فسي كسل عقيسدة مسن عقسائدهم بحيسث يربطسون‬
‫وصف التشيع باليمان بتلك العقيدة ‪ -‬كمسسا سسسلف‪ -‬ولعسسل هسسذا مسسا لحظسسه‬

‫‪27‬‬
‫دم لنسسا تعريفسا ً للشسسيعة يعتسسبر مسسن أجمسسع التعسساريف‬
‫الشهرستاني حينمسسا قس ّ‬
‫لصول التشيع وأكثرها شمو ً‬
‫ل‪.‬‬
‫‪ -3‬تعريف الشهرستاني ]محمسسد بسسن عبسسد الكريسسم بسسن أحمسسد أبسسو الفتسسح المعسسروف‬
‫بالشهرستاني‪ .‬قال السبكي‪ :‬كان إمامسا ً مسسبرزا ً مقسسدما ً فسسي علسم الكلم والنظسسر‪ ،‬بسسرع فسسي‬
‫الفقه والصول والكلم‪ ،‬ومن تصانيفه‪ :‬الممل والنحل‪ ،‬نهاية القدام‪ ،‬وغيرهما‪ .‬تسسوفي سسسنة‬
‫ه‪.‬‬
‫ه‪ ،‬وقيل‪‍ 479 :‬‬ ‫ه(‪ ،‬وكانت ولدته عام ‪‍ 467‬‬
‫)‪‍ 548‬‬
‫انظر‪ :‬طبقات الشافعية‪ ،130-6/128 :‬مرآة الجنان‪:[.290-3/284 :‬‬
‫يقول الشهرستاني‪" :‬الشيعة هم الذين شايعوا عليًا‪ -‬رضسسي اللسسه عنسسه ‪-‬‬
‫على الخصوص‪ ،‬وقالوا بإمامته وخلفته نصا ً ووصية‪ ،‬إما جليسًا‪ ،‬وإمسسا خفيسًا‪،‬‬
‫واعتقدوا أن المامة ل تخرج مسسن أولده‪ ،‬وإن خرجسست فبظلسسم يكسسون مسسن‬
‫غيره‪ ،‬أو بتقية مسسن عنسسده‪ .‬وقسسالوا‪ :‬ليسسست المامسسة قضسسية مصسسلحية تنسساط‬
‫باختيار العامة وينتصب المام بنصبهم‪ ،‬بل هي قضية أصسسولية‪ ،‬وهسسي ركسسن‬
‫الدين ل يجوز للرسسسل عليهسسم السسسلم إغفسساله وإهمسساله‪ ،‬ول تفويضسسه إلسسى‬
‫العامة وإرساله‪.‬‬
‫ويجمعهسسم القسسول بوجسسوب التعييسسن والتنصسسيص‪ ،‬وثبسسوت عصسسمة النبيسساء‬
‫والئمة وجوبا ً عن الكبائر والصغائر‪ .‬والقسسول بسسالتولي والتسسبري قسسول ً وفعل ً‬
‫وعقدا ً إل في حال التقية‪ ،‬ويخالفهم بعض الزيدية في ذلك" ]الملسسل والنحسسل‪:‬‬
‫‪.[.6/146‬‬
‫ومن هذا التعريف يتبين أن جميع فرق الشيعة ‪ -‬ما عدا بعسض الزيديسة ‪-‬‬
‫يتفقون على وجوب اعتقاد المامة‪ ،‬والعصمة‪ ،‬والتقية‪ ،‬وسنرى أن الثنسسي‬
‫عشرية يقولون بعقائد أخرى كالغيبة‪ ،‬والرجعة‪ ،‬والبداء‪ ..‬وغيرها‪.‬‬
‫كما ينبغي أن يلحظ أن المام زيدا ً وأتباعه ل يحكمسسون بعصسسمة المسسام‪،‬‬
‫وز المسسام زيسد‬ ‫ول يمنعون المة من تعييسن مسن تختسساره للمامسة‪ ،‬ولسذا يجس ّ‬
‫إمامة المفضول مع وجود الفاضل‪ ،‬ول يقول بالتقيسسة‪ ،‬وكسسأن الشهرسسستاني‬
‫يشير إلى ذلك بقوله‪" :‬ويخالفهم بعض الزيدية في ذلسسك"‪ .‬علسسى أن هنسساك‬
‫من الزيدية من يقول بعصمة فاطمة‪ ،‬وعلي‪ ،‬والحسين ]انظر‪ :‬ابن المرتضسسى‪/‬‬
‫البحر الزخار ص‪ ،96 :‬المقبلي‪ /‬المعلم الشامخ ص‪ ،386 :‬ابن عباد‪ /‬نصرة مذاهب الزيدية‬
‫ص‪ ،[.196-164 :‬ومن يقول بالنص على إمامة الثلثة‪ :‬علسسي وولسسديه" ]يحيسسى‬
‫بسسن حمسسزة‪ /‬الرسسسالة الوازعسسة ص‪ .[.28 :‬وأكثر الزيديسسة علسسى خلف ذلسسك ]انظسسر‬
‫السمرقندي‪ /‬المعتقدات‪ :‬الورقة ‪) 35‬مخطوط(‪.[.‬‬

‫التعريف المختار للشيعة‬


‫وفي نظري أن تعريف الشيعة مرتبط أساسا ً بأطوار نشأتهم‪ ،‬ومراحسسل‬
‫التطور العقدي لهم‪ ،‬ذلسك أن الملحسسوظ أن عقسسائد الشسسيعة وأفكارهسا فسي‬
‫تغير وتطور مستمر؛ فالتشيع فسسي العصسسر الول غيسسر التشسسيع فيمسسا بعسسده‪،‬‬
‫دم عليا ً على عثمسسان‪،‬‬ ‫ولهذا كان في الصدر الول ل يسمى شيعيا ً إل من ق ّ‬
‫ولسسذلك قيسسل‪ :‬شسسيعي وعثمسساني‪ ،‬فالشسسيعي مسسن قسسدم علي سا ً علسسى عثمسسان‪،‬‬
‫دم عثمان على علي ]انظر‪ :‬نشوان الحميري‪ /‬الحسسور العيسسن ص‪:‬‬ ‫والعثماني‪ :‬من ق ّ‬
‫‪ ،179‬ابن المرتضى‪ /‬المنية والمل ص‪.[.81 :‬‬

‫‪28‬‬
‫فعلى هذا يكون التعريف للشيعة في الصدر الول‪ :‬أنهم الذين يقسسدمون‬
‫عليا ً على عثمان فقط ]وهم وإن سسسموا بالشسسيعة فهسسم مسسن أهسسل السسسنة؛ لن مسسسألة‬
‫عثمان وعلي‪ ...‬ليست من الصول التي يضلل المخالف فيهسسا‪ ،‬لكسسن المسسسألة السستي يضسسلل‬
‫فيها مسألة الخلفة‪ ..‬وقد كان بعض أهل السسسنة اختلفسسوا فسسي عثمسسان وعلسسي ‪ -‬رضسسي اللسسه‬
‫عنهما ‪ -‬بعد اتفسساقهم علسسى تقسسديم أبسسي بكسسر وعمسسر ‪ -‬أيهمسسا أفضسسل ‪ :-‬فقسسدم قسسوم عثمسسان‪،‬‬
‫وسكتوا‪ ،‬أو ربعوا بعلي‪ ،‬وقدم قوم عليًا‪ ،‬وقوم توقفوا‪ ،‬لكن اسسستقر أمسسر أهسسل السسسنة علسسى‬
‫تقديم عثمان‪.‬‬
‫انظر‪ :‬مجموعة فتاوى شيخ السلم ابن تيمية‪ ،3/153 :‬ابن حجر‪ /‬فتح الباري‪.[.7/34 :‬‬
‫ولهذا ذكر شيخ السلم ابن تيمية أن‪ :‬الشسسيعة الولسسى كسسانوا علسسى عهسسد‬
‫علي كانوا يفضلون أبا بكر وعمسر ]منهسساج السسسنة‪) 2/60 :‬تحقيسسق د‪ .‬محمسسد رشسساد‬
‫سالم(‪ .[.‬وقد منع شريك بن عبد الله ‪ -‬وهو ممن يوصسسف بالتشسسيع ‪ -‬إطلق‬
‫اسم التشيع على من يفضل عليا ً على أبي بكر وعمر؛ وذلك لمخالفته لما‬
‫تواتر عن علي في ذلك‪ ،‬والتشسسيع يعنسسي المناصسسرة والمتابعسسة ل المخالفسسة‬
‫والمنابذة ]ومضى نص كلمه في ص‪.[.32 :‬‬
‫وروى ابن بطة عن شيخه المعسسروف بسسأبي العبسساس بسسن مسسسروق قسسال‪:‬‬
‫حدثنا محمد بن حميد‪ ،‬حدثنا جرير‪ ،‬عن سفيان‪ ،‬عن عبد الله بن زيسساد بسسن‬
‫جدير قال‪ :‬قدم أبو إسحاق السبيعي الكوفسسة‪ ،‬قسسال لنسسا شسسمر بسسن عطيسسة‪:‬‬
‫قوموا إليه‪ ،‬فجلسنا إليه‪ ،‬فتحدثوا‪ ،‬فقال أبو إسحاق‪ :‬خرجسست مسسن الكوفسسة‬
‫وليس أحد يشك في فضل أبي بكر وعمر وتقسسديمهما‪ ،‬وقسسدمت الن وهسسو‬
‫يقولون‪ ،‬ويقولون‪ ،‬ول الله ما أدري ما يقولون ]المنتقى ص‪.[.360 :‬‬
‫قال محب الدين الخطيب‪ :‬هذا نسسص تسساريخي عظيسسم فسسي تحديسسد تطسسور‬
‫التشيع‪ ،‬فإن أبا إسحاق السبيعي كان شيخ الكوفسسة وعالمهسسا ]انظسسر ترجمتسسه‬
‫في‪ :‬تهذيب التهذيب‪ ،8/63 :‬الخلصة ص‪ .[.291 :‬ولد فسسي خلفسسة أميسسر المسسؤمنين‬
‫ه‪ ،‬وكسسان‬ ‫مسسر حسستى تسسوفي سسسنة ‪‍ 127‬‬ ‫عثمان قبل شهادته بثلث سسسنين‪ ،‬وع ّ‬
‫طفل ً في خلفة أمير المؤمنين علي‪ ،‬وهو يقسسول عسسن نفسسسه‪ :‬رفعنسسي أبسسي‬
‫حتى رأيت علي بن أبي طالب يخطب‪ ،‬أبيض الرأس واللحيسة‪ .‬ولسو عرفنسا‬
‫متى فارق الكوفة‪ ،‬ثم عاد فزارها‪ ،‬لتوصلنا إلى معرفة الزمسسن السسذي كسسان‬
‫فيه شيعة الكوفة علويين‪ ،‬يسسرون مسا يسسراه إمسامهم مسسن تفضسسيل أبسسي بكسسر‬
‫وعمر‪ ،‬ومتى أخذوا يفارقون عليًا‪ ،‬ويخالفونه فيما كسسان يسسؤمن بسسه‪ ،‬ويعلنسسه‬
‫على منبر الكوفة من أفضلية أخويه صاحبي رسول الله صسسلى اللسسه عليسسه‬
‫وسلم ووزيريه وخليفتيه على أمته في أنقى وأطهر أزمانها ]حاشسسية المنتقسسى‬
‫ص‪.[.361-360 :‬‬
‫وقال ليث بن أبي سليم‪ :‬أدركت الشيعة الولى وما يفضلون علسسى أبسسي‬
‫بكر وعمر أحدا ً ]المنتقى ص‪.[.361-360 :‬‬
‫وذكر صاحب مختصر التحفة‪ :‬إن السسذين كسسانوا فسسي وقسست خلفسسة الميسسر‬
‫رضي الله عنه من المهاجرين والنصار‪ ،‬والسسذين اتبعسسوهم بإحسسسان‪ ،‬كلهسسم‬
‫عرفوا له حقه‪ ،‬وأحلوه من الفضل محله‪ ،‬ولم ينتقصسسوا أحسسدا ً مسسن إخسسوانه‬
‫أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فضل ً عن إكفاره وسبه ]مختصسسر‬
‫التحفة الثني عشرية ص‪.[.3 :‬‬

‫‪29‬‬
‫ولكن لم يظل التشيع بهذا النقاء والصفاء‪ ،‬والسسسلمة والسسسمو‪ ..‬بسسل إن‬
‫مبدأ التشيع تغير‪ ،‬فأصبحت الشيعة شيعًا‪ ،‬وصار التشسسيع قناع سا ً يتسسستر بسسه‬
‫كل من أراد الكيد للسلم والمسلمين من العداء الموتورين الحاسسسدين‪..‬‬
‫ولهسسذا نسسرى بعسسض الئمسسة ل يسسسمون الطسساعنين بالشسسيخين بالشسسيعة‪ ،‬بسسل‬
‫يسمونهم الرافضة‪ ،‬لنهم ل يستحقون وصف التشيع‪.‬‬
‫ومن عرف التطور العقدي لطائفة الشيعة ل يستغرب وجود طائفة من‬
‫أعلم المحدثين‪ ،‬وغير المحدثين من العلمسساء العلم‪ ،‬أطلسسق عليهسسم لقسسب‬
‫الشسيعة‪ ،‬وقسد يكونسون مسن أعلم السسنة‪ ،‬لن للتشسيع فسي زمسن السسلف‬
‫مفهوما ً وتعريفا ً غير المفهوم والتعريف المتأخر للشيعة‪ ،‬ولهذا قال المسسام‬
‫الذهبي في معرض الحديث عمن رمي ببدعة التشيع من المحدثين‪ :‬قسسال‪:‬‬
‫"إن البدعة على ضربين )فبدعة صغرى( كغلو التشيع‪ ،‬أو كالتشيع بل غلو‪،‬‬
‫فهذا كثير في التابعين وأتباعهم مع الدين والورع والصدق‪ ،‬فلو رد حسسديث‬
‫هؤلء لذهب جملة من الثار النبوية‪ ،‬وهذه مفسدة بينة‪ ،‬ثم )بدعسسة كسسبرى(‬
‫كالرفض الكامل‪ ،‬والغلو فيه‪ ،‬والحط علسسى أبسسي بكسسر وعمسسر ‪ -‬رضسسي اللسسه‬
‫عنهما ‪ -‬والدعاء إلى ذلك‪ ،‬فهذا النوع ل يحتج بهسسم ول كرامسسة‪ ،‬وأيضسا ً فمسسا‬
‫أستحضسسر الن فسسي هسسذا الضسسرب رجل ً صسسادقًا‪ ،‬ول مأمونسسًا‪ ،‬بسسل الكسسذب‬
‫شعارهم‪ ،‬والتقية والنفاق دثارهم‪ ،‬فكيف يقبل نقل من هسسذا حسساله؟ حاشسسا‬
‫وكل‪.‬‬
‫فالشيعي الغالي في زمان السلف وعرفهم هسسو مسسن تكلسسم فسسي عثمسسان‬
‫والزبير‪ ،‬وطلحة‪ ،‬ومعاوية‪ ،‬وطائفة ممن حسسارب علي سا ً ‪ -‬رضسسي اللسسه عنسسه ‪-‬‬
‫وتعرض لسبهم‪.‬‬
‫عرفنسسا هسسو السسذي يكفسسر هسسؤلء السسسادة‪ ،‬ويتسسبرأ مسسن‬ ‫والغالي في زمننسسا و ُ‬
‫الشيخين فهذا ضال مفسستر" ]السسذهبي‪ /‬ميسسزان العتسسدال‪ ،6-1/5 :‬ابسسن حجسسر‪ /‬لسسسان‬
‫الميزان‪.[.10-1/9 :‬‬
‫إذن التشيع درجات‪ ،‬وأطوار‪ ،‬ومراحل‪ ..‬كما أنه فرق‪ ،‬وطوائف‪.‬‬
‫والفرقة التي سنخصها بالحديث هي الثنا عشرية‪ ،‬والطور مسسن التشسسيع‬
‫الذي سندرسه هو الذي يستقي عقيدته ودينه من الصول الربعة عنسدهم‪:‬‬
‫وهسسي‪ :‬الكسسافي‪ ،‬والتهسسذيب‪ ،‬والستبصسسار‪ ،‬ومسسن ل يحضسسره الفقيسسه‪ ،‬والسستي‬
‫يعتبرونها كالكتب الستة عند أهل السنة‪ ،‬وما ألحسسق بهسسا فسسي العتبسسار مسسن‬
‫المصسسادر الربعسسة المتسسأخرة عنسسدهم وهسسي‪ :‬السسوافي‪ ،‬والبحسسار‪ ،‬والوسسسائل‪،‬‬
‫ومستدرك الوسائل‪ .‬وكذلك ما رأى شيوخ الشيعة أنه بدرجة هسسذه الكتسسب‬
‫من مؤلفاتهم وهي كثيرة‪.‬‬
‫وقبل أن ندع الحديث حول تعريف الشيعة نشسسير إلسسى أنسسه يلحسسظ علسسى‬
‫تعريفات الشيعة الواردة في معظم كتب المقالت‪ ،‬أنها دأبت على القسسول‬
‫في التعريفات للشيعة )المامية( بأنهم أتباع علي‪ ..‬إلخ‪ ،‬وهسسذا يسسؤدي إلسسى‬
‫نتيجة خاطئة تخالف إجماع المة كلهسسا‪ .‬هسسذه النتيجسسة هسسي أن يكسسون علسسي‬
‫شيعيا ً يرى ما يراه الشيعة‪ ،‬وعلي ‪ -‬رضي اللسسه عنسسه ‪ -‬بريسسء ممسسا تعتقسسده‬
‫الشيعة فيه وفي بنيه‪ .‬ولذلك لبد من وضع قيد واحتراز في التعريف رفعا ً‬

‫‪30‬‬
‫ي؛ حيث إنهسسم لسسم يتبعسسوا علي سا ً‬
‫للبهام‪ ،‬فيقال‪ :‬هم الذين يزعمون اتباع عل ّ‬
‫على الحقيقة‪ ،‬وليس أمير المؤمنين على ما يعتقدون‪.‬‬
‫أو يقال‪ :‬بأنهم المدعون التشيع لعلسسي‪ ،‬أو الرافضسسة كمسسا سسسبق‪ ،‬ولسسذلك‬
‫عبر عنهم بعض أهل العلم بقوله‪" :‬الرافضة المنسوبون إلى شيعة علسسي"‬
‫]منهاج السنة‪ [.2/106 :‬فهم أيضا ً ليسوا على منهج شيعة علسسي المتبعيسسن لسسه‪،‬‬
‫بل هم أدعياء ورافضة‪.‬‬

‫نشأة الشيعة وجذورها التاريخية‬


‫إن الشيعة بأصولها ومعتقداتها لم تولد فجأة‪ ،‬بل مسسرت بمراحسسل كسسثيرة‬
‫ونشأت تدريجيًا‪ ..‬وانقسمت إلى فرق كثيرة‪ .‬ولشسسك أن التتبسسع التسساريخي‬
‫والفكري للمراحل والطوار التي مر بها التشيع يحتاج إلى بحث مسسستقل‪،‬‬
‫ولهذا سيكون الحديث هنا عن‪ :‬أصل النشأة وجذورها التاريخية‪ ،‬ول يعنينسسا‬
‫تتبع مراحلهسسا ونشسسوء فرقهسسا‪ ..‬وسسسنبدأ بعسسض رأي الشسسيعة مسسن مصسسادرها‬
‫المعتمدة عندها‪ ،‬ثم نذكر بعد ذلك آراء الخرين‪.‬‬
‫فالمنهج العلمسي والموضسوعية توصسي بأخسذ آراء أصسحاب الشسأن فيمسا‬
‫يخصهم أو ً‬
‫ل‪.‬‬
‫رأي الشيعة في نشأة التشيع‪:‬‬
‫لم يكن لهم رأي موحد في هذا‪ ،‬ونستطيع أن نسسستخلص ثلثسسة آراء فسسي‬
‫نشسسأة التشسسيع كلهسسا جسساءت فسسي كتبهسسم المعتمسسدة‪ ،‬وسسسنتعقب كسسل رأي‬
‫بالمناقشة والنقد‪.‬‬
‫الرأي الول‪:‬‬
‫إن التشيع قديم ولد قبل رسالة النبي صلى الله عليسسه وسسسلم‪ ،‬وأنسسه مسسا‬
‫من نسسبي إل وقسسد عسسرض عليسسه اليمسسان بوليسسة علسسي‪ ..‬وقسسد وضسسع الشسسيعة‬
‫أساطير كثيرة لثبات هذا الشأن‪ ،‬ومن ذلك ما جاء فسسي الكسسافي عسسن أبسسي‬
‫الحسن قال‪" :‬ولية علي مكتوبة في جميع صحف النبياء‪ ،‬ولن يبعث اللسسه‬
‫ي عليه السسسلم"‬ ‫رسول ً إل بنبوة محمد ‪ -‬صلى الله عليه وآله ‪ ،-‬ووصية عل ّ‬
‫]الكليني‪ /‬أصول الكافي‪.[.1/437 :‬‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ول َ‬
‫مقق ْ‬ ‫م ِ‬‫هدَْنا إ ِلى آدَ َ‬
‫ع ِ‬
‫قدْ َ‬ ‫وعن أبي جعفر في قوله الله عز وجل‪َ } :‬‬
‫ما{ ]طه‪ ،‬آية‪ [.115 :‬قال‪" :‬عهدنا إليه فسسي‬ ‫عْز ً‬
‫ه َ‬‫جدْ ل َ ُ‬ ‫ول َ ْ‬
‫م نَ ِ‬ ‫ي َ‬
‫س َ‬ ‫ل َ‬
‫فن َ ِ‬ ‫َ‬
‫قب ْ ُ‬
‫محمد والئمة من بعده فترك ولم يكن له عزم ]وهذا التفسير بعيسسد عسسن اليسسة‪..‬‬
‫بل إلحاد في آيات الله‪ .‬وقد جاء تفسير الية عن السلف وغيرهم‪" :‬ولقسسد وصسسينا آدم وقلنسا‬
‫ة{ فنسي مسسا عهسسد إليسسه فسسي‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫جن ّ ِ‬ ‫م َ‬
‫ما ِ‬ ‫جن ّك ُ َ‬
‫ر َ‬
‫خ ِ‬ ‫ك َ‬
‫فل ي ُ ْ‬ ‫ج َ‬
‫و ِ‬
‫ول َِز ْ‬
‫ك َ‬‫و لّ َ‬
‫عدُ ّ‬ ‫ه َ‬
‫ذا َ‬ ‫ن َ‬‫له‪} :‬إ ّ‬
‫م‬ ‫َ‬
‫َ ْ‬ ‫ل‬‫و‬‫}‬ ‫‪:‬‬ ‫سادة‬‫س‬ ‫قت‬ ‫سال‬
‫س‬ ‫ق‬ ‫سده‪.‬‬
‫س‬ ‫حس‬ ‫سذي‬ ‫س‬ ‫ال‬ ‫سس‬ ‫س‬ ‫إبلي‬ ‫عدوه‬ ‫أطاع‬ ‫ما‬ ‫عزم‬ ‫له‬ ‫كان‬ ‫ولو‬ ‫ترك(‬ ‫)أي‬ ‫ذلك‬
‫عْزًما{ أي صسسبرًا"‪) .‬تفسسسير الطسسبري‪ ،[.(222-16/220 :‬وإنمسسا سسسمي أولسسو‬ ‫ه َ‬‫جد ْ ل َ ُ‬
‫نَ ِ‬
‫العزم أولي العزم لنه عهد إليهم في محمد والوصياء من بعده‪ ،‬والمهدي‬
‫وسيرته‪ ،‬وأجمع عزمهم على أن ذلك كذلك والقرار بسسه" ]الكلينسسي‪ /‬الكسسافي‪:‬‬
‫‪ ،1/416‬وانظر‪ :‬ابن بابويه القمسسي‪ /‬علسسل الشسسرائع‪ :‬ص ‪ ،122‬الكاشسساني‪ /‬الصسسافي‪،2/80 :‬‬
‫تفسسسير القمسسي‪ ،2/65 :‬هاشسسم البحرانسسي‪ /‬المحجسسة ص‪ ، 636-635 :‬المجلسسسي‪ /‬البحسسار‪:‬‬
‫‪ ،26/278 ،11/35‬الصفار‪ /‬بصائر الدرجات‪ :‬ص ‪.[.21‬‬

‫‪31‬‬
‫وجاء في البحار‪ :‬أنسسه رسسسول اللسسه صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم قسسال ‪ -‬كمسسا‬
‫يزعمون ‪ :-‬يا علي‪ ،‬ما بعث الله نبيسا ً إل وقسسد دعسساه إلسسى وليتسسك طائعسا ً أو‬
‫كارهسا ً ]انظسسر‪ :‬البحسسار‪ ، 11/60 :‬البحرانسسي‪ /‬المعسسالم الزلفسسى ص‪ ، 303 :‬وهسسذه الروايسسة‬
‫موجودة في بصائر الدرجات للصفار‪ ،‬وفسسي الختصسساص للمفيسسد‪ .[.‬وفي روايسسة أخسسرى‬
‫لهم عن أبي جعفر قال‪ :‬إن الله تبارك وتعسسالى أخسسذ ميثسساق النسسبيين بوليسسة‬
‫علي ]المعالم الزلفى ص‪.[.303 :‬‬
‫وعن أبي عبد الله قال‪ :‬وليتنا ولية الله لم يبعث نبي قط إل بها ]النوري‬
‫الطبرسسسي‪ /‬مسسستدرك الوسسسائل‪ ،2/195 :‬المعسسالم الزلفسسى ص‪ .[.303 :‬وعقسسد لسسذلك‬
‫شيخهم البحرانسسي بابسا ً بعنسسوان‪ :‬بسساب أن النبيسساء بعثسسوا علسسى وليسسة الئمسسة‬
‫]المعالم الزلفى ص‪ ،[.303 :‬وقالوا‪ :‬ثبت أن جميع أنبيسساء اللسسه ورسسسله وجميسسع‬
‫المؤمنين كانوا لعلي بن أبي طالب مجيبين‪ ،‬وثبت أن المخالفين لهم كانوا‬
‫له ولجميع أهل محبته مبغضين‪ ..‬فل يدخل الجنة إل من أحبه مسسن الوليسسن‬
‫والخرين فهو إذن قسيم الجنة والنار ]الكاشاني‪ /‬تفسير الصافي‪.[.1/16 :‬‬
‫وجاءت رواياتهم في هذا المعنى في كثير من كتبهم المعتمسسدة عنسسدهم‪:‬‬
‫ج‪2‬‬ ‫في الكافي ]الكليني‪ /‬أصول الكافي‪ ،[.2/8 :‬والوافي ]الكاشاني‪ /‬الوافي‪ :‬المجلد ‍‬
‫ج ‪ 3‬ص ‪ ،[.10‬والبحار ]المجلسي‪ /‬البحار‪ ،151 :35 :‬القمي‪ /‬سسسفينة البحسسار‪:‬‬ ‫ص ‪‍ ،155‬‬
‫‪ ،[.1/729‬ومستدرك الوسائل ]النوري‪ /‬مسسستدرك الوسسسائل ‪ ،[.2/195 :‬والخصسسال‬
‫]الصسسدوق‪ /‬الخصسسال‪ ،[.1/270 :‬وعلل الشسسرائع ]الصسسدوق‪ /‬علسسل الشسسرائع ص‪،122 :‬‬
‫‪،135‬س ‪،136‬س ‪،143‬س ‪،144‬س ‪ ،[.174‬والفصول المهمة ]الحر العاملي‪ /‬الفصول المهمة‬
‫ص ‪ ،[.158 :‬وتفسسسير فسسرات ]تفسسسير فسسرات‪ :‬ص ‪،11‬سس ‪ ،[.13‬والصسسافي ]تفسسسير‬
‫الصافي‪ ،[.2/80 :‬والبرهان ]البحرانسسي‪ ،[.1/86 :‬وغيرها كسسثير‪ .‬حسستى قسسال الحسسر‬
‫العاملي صاحب وسائل الشيعة ‪ -‬أحد مصادرهم المعتمسسدة فسسي الحسسديث ‪-‬‬
‫بأن رواياتهم التي تقول‪ :‬بسسأن اللسسه حيسسن خلسسق الخلسسق أخسسذ الميثسساق علسسى‬
‫النبياء تزيد على ألف حديث ]الفصول المهمة ص‪[.159 :‬‬
‫ولم تكتف مبالغات الشيعة بالقول بما سلف‪ ،‬بل قالت بسسأن‪" :‬اللسسه عسسز‬
‫اسمه عرض وليتنا على السسسماوات والرض والجبسسال والمصسسار" ]النسسوري‪/‬‬
‫مستدرك الوسائل‪ .[.2/195 :‬ولهذا قال شيخهم هادي الطهراني ‪ -‬أحسسد آيسساتهم‬
‫ومراجعهم في هذا العصر ‪" :-‬تدل بعض الروايات علسسى أن كسسل نسسبي أمسسر‬
‫بالدعوة إلى ولية علي ‪ -‬رضي الله عنه ‪ ،-‬بل عرضت الولية علسسى جميسسع‬
‫الشياء فما قبل صلح‪ ،‬وما لم يقبل فسسسد"]هسسادي الطهرانسسي‪ /‬ودايسسع النبسسوة ص‪:‬‬
‫‪.[.155‬‬
‫نقد هذا الرأي‪:‬‬
‫هناك من الراء والمعتقدات ما يكفي في بيان فسسسادها مجسسرد عرضسسها‪،‬‬
‫وهذا الرأي من هذا الصنف‪ ،‬إذ إن فساده وبطلنسسه مسسن المسسور المعلومسسة‬
‫بالضرورة‪ ..‬وكتاب الله بين أيدينا ليس فيه شيء من هذه المزاعم‪.‬‬
‫لقد كانت دعوة الرسل ‪ -‬عليهم السلم ‪ -‬إلى التوحيد ل إلى ولية علسسي‬
‫والئمة ‪ -‬كما يفترون ‪.-‬‬

‫‪32‬‬
‫َ‬
‫حي‬ ‫ل ِإل ن ُققو ِ‬ ‫سققو ٍ‬
‫مققن ّر ُ‬ ‫ك ِ‬‫قب ْل ِ ق َ‬
‫من َ‬ ‫سل َْنا ِ‬ ‫ما أْر َ‬ ‫و َ‬
‫قال الله تعالى‪َ } :‬‬
‫ن{ ]النبيسساء‪ ،‬آيسسة‪ ،[.25 :‬وقسسال تعسسالى‪:‬‬ ‫دو ِ‬ ‫عب ُق ُ‬
‫فا ْ‬ ‫ه ِإل أ َن َقا ْ َ‬ ‫ه ل إ ِل َق َ‬
‫إل َيق َ‬
‫ه أن ّق ُ‬ ‫ِ ْ ِ‬
‫جت َن ِب ُققوا ْ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫فققي ك ُق ّ‬ ‫ول َ َ‬
‫وا ْ‬
‫ه َ‬
‫دوا الل ق َ‬‫عب ُق ُ‬
‫نا ْ‬‫سققول ً أ ِ‬ ‫ة ّر ُ‬ ‫مق ٍ‬ ‫لأ ّ‬ ‫عث ْن َققا ِ‬ ‫ق قدْ ب َ َ‬ ‫} َ‬
‫ت{ ]النحل‪ ،‬آية ‪ .[.36 :‬فكل رسل الله وأنبيائه كانوا يدعون قومهم‬ ‫غو َ‬ ‫طا ُ‬ ‫ال ّ‬
‫إلى عبادة الله وحده ل شريك له‪.‬‬
‫فقسسد قسسال نسسوح‪ ،‬وهسسود‪ ،‬وصسسالح‪ ،‬وشسسعيب ‪ -‬عليهسسم السسسلم ‪ -‬لقسسومهم‪:‬‬
‫ه{ ]العراف‪ ،‬آية‪.[.85 ،73 ،65 ،59 :‬‬ ‫غي ُْر ُ‬‫ه َ‬ ‫ن إ ِل َ ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫كم ّ‬ ‫ما ل َ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫دوا الل ّ َ‬ ‫عب ُ ُ‬ ‫}ا ْ‬
‫وقد قال صلى الله عليه وسلم‪" :‬أمرت أن أقاتل النسساس حسستى يشسسهدوا‬
‫أن ل إله إل الله وأن محمدا ً رسول الله‪] "...‬رواه البخسساري فسسي كتسساب اليمسسان‪،‬‬
‫م{ )‪ ،(1/11‬ومسسسلم‬ ‫س قِبيل َ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫خّلوا ْ َ‬ ‫وا ْ الّز َ‬
‫كاةَ َ‬
‫ف َ‬ ‫وآت َ ُ‬ ‫موا ْ ال ّ‬
‫صل َةَ َ‬ ‫وأ َ َ‬
‫قا ُ‬ ‫فِإن َتاُبوا ْ َ‬
‫باب‪َ } :‬‬
‫فسسي كتسساب اليمسسان‪ ،‬بسساب المسسر بقتسسال النسساس حسستى يقولسسوا‪ :‬ل إلسسه إل اللسسه )‪،(52-1/51‬‬
‫وغيرهما‪.[.‬‬
‫وعن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسسسلم لمسسا بعسسث معسساذا ً‬
‫إلى اليمن قال‪» :‬إنك تقدم على قوم أهل كتاب‪ ،‬فليكن أول مسسا تسسدعوهم‬
‫إليه عبادة الله عز وجل‪] "...‬رواه البخاري ومسلم بألفسساظ متقاربسسة‪ ،‬ومسسا ذكسسر لفسسظ‬
‫مسلم‪ ،‬انظر‪ :‬صحيح البخاري كتاب الزكاة‪ ،‬باب وجسسوب الزكسساة )‪ ،(2/108‬وصسسحيح مسسسلم‬
‫كتاب اليمان‪ ،‬باب الدعاء إلى الشهادتين )‪.[.(51-1/50‬‬
‫فلم يرد في السنة الصسسحيحة إل مسسا ينقسسض هسسذا السسرأي‪ .‬كمسسا أن "أئمسسة‬
‫السلف متفقون على أن أول ما يؤمر به العبد الشهادتان" ]شسسرح الطحاويسسة‬
‫ص‪.[.75 :‬‬
‫ي؟‬
‫فأين ما يزعمون من أمر ولية عل ّ‬
‫ي مكتوبسسة فسي جميسسع صسحف النبيساء‪ ،‬فلمساذا ينفسسرد‬ ‫وإذا كانت ولية عل ّ‬
‫بنقلها الروافض‪ ،‬ول يعلم بها أحد غيرهم؟ ولماذا لم يعلسسم بسسذلك أصسسحاب‬
‫الديانات؟ بل لماذا لم تسجل هذه الولية في القرآن وهسسو المهيمسسن علسسى‬
‫الكتب كلها‪ ،‬والمحفوظ من لدن رب العزة جل عله؟!‪.‬‬
‫إن هي إل دعوى بل برهان‪ ،‬والدعاوى ل يعجز عن التنطع بها أحد إذا لم‬
‫يكن له من دينه أو عقله أو حيائه ما يحميه‪.‬‬
‫قال شيخ السلم ابن تيمية‪" :‬وهذه كتب النبياء التي أخسسرج النسساس مسسا‬
‫ي‪..‬‬‫فيها من ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ليس في شيء منها ذكر علسس ّ‬
‫ي‬
‫وهؤلء الذين أسلموا من أهل الكتاب لم يسسذكر أحسسد منهسسم أنسسه ذكسسر علس ّ‬
‫عندهم‪ ،‬فكيف يجوز أن يقال‪ :‬إن كل ً من النبياء بعثوا بالقرار بولية علي‪،‬‬
‫ولم يذكروا ذلك لممهم‪ ،‬ول نقله أحد منهم ؟!" ]منهاج السنة‪.[.4/64 :‬‬
‫وكيف تتطاول هذه الساطير على النبياء فتزعم أن آدم ‪ -‬عليه السسسلم‬
‫‪ -‬وبقية النبياء ‪ -‬ما عدا أولي العزم ‪ -‬قد تركوا أمر الله في الوليسسة؟!‪ ،‬إن‬
‫هذا إل بهتان عظيم‪ ،‬فالولية باطلة والفتراء على النبياء باطل‪.‬‬
‫ومن المفارقات العجيبة‪ :‬ذلك الغلو الذي ل يقسف عنسد حسد فسي مسسألة‬
‫عصمة الئمة‪ ..‬وهذا الجفاء في حق صفوة الخلق وهم النبياء‪ ،‬أليس ذلك‬
‫دليل ً على أن واضعي هذه الساطير هم قوم قد فرغت عقولهم ونفوسهم‬
‫من العلم واليمان‪ ،‬وشسسحنت بالحقسسد والتسسآمر علسسى المصسسلحين والخيسسار‪،‬‬

‫‪33‬‬
‫وأرادوا الدخول على الناس لفساد أمرهم من طريق التشيع؟‪ ،‬بلسسى‪ :‬إنسسه‬
‫ل يتجرأ على مثل هذه الفتراءات إل زنديق‪ ،‬وكأنهم بهذه المقالة يجعلون‬
‫أتباع الئمة أفضل من أنبياء الله – ما عدا أولي العزم – لن التباع اتبعوا‪،‬‬
‫والنبياء تركوا‪ ،‬إن هذا لهو الضلل المبين‪..‬‬
‫لقد أخذ الله الميثاق على النبياء ‪ -‬عليهم السلم ‪ -‬لئن بعث محمد وهم‬
‫أحياء ليؤمنن به ولينصرنه‪ ،‬هكذا قال ابن عباس ]انظر‪ :‬تفسير الطبري‪6/557 :‬‬
‫ميَثققا َ‬
‫ق‬ ‫ه ِ‬‫خذَ الّلقق ُ‬ ‫وإ ِذْ أ َ َ‬ ‫وما بعدها )من الجزاء المحققة(‪ [.‬وغيره‪ .‬قال تعالى‪َ } :‬‬
‫ق‬
‫ص قدّ ٌ‬ ‫م َ‬ ‫ل ّ‬ ‫سققو ٌ‬ ‫م َر ُ‬ ‫جققاءَك ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ة ثُ ّ‬ ‫م ٍ‬‫حك ْ َ‬‫و ِ‬ ‫ب َ‬ ‫من ك َِتا ٍ‬ ‫كم ّ‬ ‫ما آت َي ْت ُ ُ‬ ‫ن لَ َ‬ ‫الن ّب ِي ّي ْ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫عَلى ذَل ِك ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫خذْت ُ ْ‬ ‫وأ َ‬ ‫م َ‬ ‫قَرْرت ُ ْ‬‫ل أأ ْ‬ ‫قا َ‬ ‫ه َ‬ ‫صُرن ّ ُ‬‫ول ََتن ُ‬
‫ه َ‬ ‫ن بِ ِ‬
‫من ُ ّ‬‫ؤ ِ‬ ‫م ل َت ُ ْ‬‫عك ُ ْ‬‫م َ‬‫ما َ‬ ‫لّ َ‬
‫شهدوا ْ َ‬ ‫قاُلوا ْ أ َ ْ‬
‫ن{‬ ‫دي َ‬ ‫ه ِ‬
‫شققا ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫مقق َ‬ ‫كم ّ‬ ‫ع ُ‬
‫م َ‬‫وأن َا ْ َ‬ ‫َ‬ ‫فا ْ َ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫قا َ‬‫قَرْرَنا َ‬ ‫ري َ‬ ‫ص ِ‬ ‫إِ ْ‬
‫]آل عمران‪ ،‬آية‪.[.81 :‬‬
‫فكأن هسسؤلء أرادوا ‪ -‬كعسسادتهم ‪ -‬أن يجعلسسوا مسسا للنسسبي صسسلى اللسسه عليسسه‬
‫ي‪ ،‬ثم إن اليمسسان بتفصسسيل مسسا بعسسث بسسه محمسسد لسسم‬ ‫وسلم هو من حلق عل ّ‬
‫يؤخذ عليهم‪ ،‬فكيف يؤخذ عليهم موالة واحد من الصحابة دون غيسسره مسسن‬
‫المؤمنين ؟!‪.‬‬
‫وقد أجمع المسلمون على أن الرجل لسسو آمسسن بسسالنبي صسسلى اللسسه عليسسه‬
‫وسلم وأطاعه‪ ،‬ومات في حياته قبل أن يعلم أن الله خلق أبا بكسسر وعمسسر‬
‫وعثمان وعليا ً لم يضره ذلك شيئًا‪ ،‬ولم يمنعه من دخول الجنسسة‪ .‬فسسإذا كسسان‬
‫هذا في أمة محمد صلى الله عليه وسسسلم فكيسسف يقسسال‪ :‬إن النبيسساء يجسسب‬
‫عليهم اليمان بواحد من الصحابة ]انظر‪ :‬منهاج السنة‪[.4/46 :‬؟!‪.‬‬
‫وأين عقول هؤلء القوم الذين يصدقون بهذه الترهات! كيف يؤخذ على‬
‫من قبلنا من النبياء وأممهم الميثاق على طاعة علي فسسي إمسسامته "هسسذا –‬
‫كما يقول شيخ السلم – كلم المجانين‪ ،‬فإن أولئك مسساتوا قبسسل أن يخلسسق‬
‫الله عليا ً فكيف يكون أميرا ً عليهم؟!‪ ،‬وغاية ما يمكن أن يكون أميرا ً علسسى‬
‫أهل زمانه‪ ،‬أما المارة على من خلق قبله‪ ،‬وعلى مسسن يخلسسق بعسسده‪ ،‬فهسسذا‬
‫من كذب من ل يعقل ما يقول‪ ،‬ول يستحي مما يقسسول‪ ..‬وهسسذا مسسن جنسسس‬
‫قول ابن عربي الطائي وأمثاله من ملحدة المتصسوفة السذين يقولسون‪ :‬إن‬
‫النبياء كانوا يستفيدون العلم بالله من مشكاة خساتم الوليساء والسذي وجسد‬
‫بعد محمد بنحو ستمائة سنة‪ ،‬فدعوى هؤلء في المامة من جنسسس دعسسوى‬
‫هسسؤلء فسسي الوليسسة‪ ،‬وكلهمسسا يبنسسي أمسسره علسسى الكسسذب والغلسسو والشسسرك‬
‫والدعاوى الباطلة‪ ،‬ومناقضة الكتاب والسنة وإجمساع سسسلف المسة" ]منهسساج‬
‫السنة‪.[.4/78 :‬‬
‫فما الغاية والهدف من هذه المقالة التي ل يخفى كذبها على أحد؟‬
‫هل الغاية صد الناس عن دين الله ؟!‬
‫لن هذا معلوم بطلنه بداهة‪ ،‬فإذا رفعوا هذه الدعوى ونسبوها للسلم‪،‬‬
‫واطلع عليهسسا أصسسحاب تلسسك السسديانات وغيرهسسم‪ ،‬ورأوا بطلنهسسا فسسي العقسسل‬
‫والنقل شكوا في السلم نفسه!!‬

‫‪34‬‬
‫ثم ماذا يقول أهل العلم والعقل عن هذا التحليل الغريب لفساد الشياء‬
‫أو صلحها من الجمادات والنباتات والمياه‪ ...‬إلخ‪ ،‬وأن هذا بسبب موقفهسسا‬
‫من ولية علي‪.‬‬
‫ماذا يقسسول العسسالم عسسن هسسذا‪..‬؟! هسسل هسسذا هسسو السسدين السسذي يريسسدون أن‬
‫يقدموه للناس؟!‬
‫أو أن الهدف تشويه السلم والصد عنه!!‬
‫ول يستغرب هذا الرأي من الشيعة‪ ،‬فهم أهل مبالغسسات غريبسسة‪ ،‬يكسسذبون‬
‫بالحقائق الواضحات‪ ،‬والخبسسار المتسسواترات‪ ،‬ويصسسدقون بمسسا يشسسهد العقسسل‬
‫والنقل بكذبه‪ ...‬وإذا كانوا يقولون بهذا الرأي فيمن يدعون إمسسامته‪ ،‬فسسإنهم‬
‫أيضا ً يقولون في أعداء الئمة وأعداء الشيعة ‪ -‬في اعتقادهم ‪ -‬مسسا يقسسارب‬
‫هذا الرأي فقد قالوا في الخليفتين الراشدين العظيمين‪ :‬أبي بكسسر وعمسسر‪،‬‬
‫قسسالوا ‪ -‬مثل ً ‪" :-‬وقسسع فسسي الخسسبر أن القسسائم ‪ -‬رضسسي اللسسه عنسسه ‪ -‬إذا ظهسسر‬
‫يحييهم ويلزمهم بكل ذنب وفساد وقع في الدنيا‪ ،‬حتى قَْتل قابيل وهابيسسل‪،‬‬
‫مي إخوة يوسف له في الجب‪ ،‬ورمي إبراهيم في النار وسايرها"‪ ،‬وكذا‬ ‫وَر ْ‬
‫روي عن الصادق‪" :‬أنه ما أزيل حجر من موضعه‪ ،‬ول أريقسست محجمسسة دم‬
‫إل وهو في أعناقهما ‪ -‬يعني الخليفة الول والثاني‪] "-‬البحراني‪ /‬درة نجفيه ص‪:‬‬
‫‪ ،37‬وانظر‪ :‬رجال الكشي ص‪ ،206-205 :‬وانظر‪ :‬النوار النعمانية‪.[.1/82 :‬‬
‫الرأي الثاني )من آراء الشيعة( ‪:‬‬
‫ويزعم بعض الروافض في القديم والحديث أن الرسول صلى الله عليه‬
‫وسلم هو الذي وضع بذرة التشيع‪ ،‬وأن الشيعة ظهرت فسسي عصسسره‪ ،‬وأن‬
‫ي‪ ،‬ويوالونه في زمنسسه صسسلى اللسسه‬ ‫هناك بعض الصحابة الذين يتشيعون لعل ّ‬
‫عليه وسلم‪.‬‬
‫يقول القمي‪" :‬فأول الفرق الشيعة‪ ،‬وهسسي فرقسسة علسسي بسسن أبسسي طسسالب‬
‫المسمون شيعة علسسي فسسي زمسان النسسبي صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم وبعسسده‪،‬‬
‫معروفسسون بانقطسساعهم إليسسه والقسسول بإمسسامته‪ ،‬منهسسم المقسسداد بسسن السسسود‬
‫الكندي‪ ،‬وسلمان الفارسي‪ ،‬وأبو ذر جندب بن جنادة الغفاري‪ ،‬وعمسسار بسسن‬
‫ياسر المذحجي‪ ..‬وهم أول من سمو باسم التشيع من هذه المة ]المقسسالت‬
‫والفرق ص‪ .[.15 :‬ويشاركه في هذا الرأي النوبختي ]فرق الشسسيعة ص‪ ،17 :‬وقسسد‬
‫م الشيبي في نقله لرأي النوبختي‪ ،‬حيث نسب إليه أنه يقول بأن التشيع نشسأ بعسسد وفساة‬
‫وَه ِ َ‬
‫الرسول صلى الله عليه وسلم )انظر‪ :‬الصلة بين التصوف والتشيع ص‪ ،[.(22 :‬والسسرازي‬
‫]انظر‪ :‬الرازي )من شيوخ السماعيلية( الزينة ص‪) 205 :‬مخطوط(‪.[.‬‬
‫ه( ‪ :‬إن‬ ‫ويقول محمسسد حسسسين آل كاشسف الغطسسا )المتسوفى سسنة ‪‍ 1373‬‬
‫أول من وضع بذرة التشيع في حقل السلم هو نفس صاحب الشريعة –؛‬
‫يعني أن بذرة التشيع وضعت في بذرة السلم ]لحظ أن هذا اعتراف منسسه بسسأن‬
‫بذرة التشيع غير بذرة السلم‪ [.‬جنبا ً إلى جنب‪ ،‬وسواء بسواء‪ ،‬ولم يزل غارسها‬
‫يتعاهدها بالسقي والري حتى نمت وازدهرت في حيسساته‪ ،‬ثسسم أثمسسرت بعسسد‬
‫وفسساته ]أصسسسل الشسسسيعة‪ :‬ص ‪ .[.43‬وقسسال بهسسذا السسرأي طائفسسة مسسن الشسسيعة‬
‫المعاصرين ]انظر‪ :‬محسن العاملي‪ /‬أعيان الشيعة‪ ،16 ،1/13 :‬محمد جواد مغنية‪ /‬الثنا‬
‫عشرية وأهل البيت ص‪ ،29 :‬هاشم معسسروف‪ /‬تاريسسخ الفقسسه الجعفسسري ص‪ ،105 :‬السسوابلي‪/‬‬

‫‪35‬‬
‫هوية التشيع ص‪ ،27 :‬الشيرازي‪ /‬هكذا الشيعة ص‪ ،4 :‬محمد الحسسسني‪ /‬فسسي ظلل التشسسيع‬
‫ص‪ ،51-50 :‬الزين‪ /‬الشسسيعة فسسي التاريسسخ ص‪ ،29 :‬س ‪ ،30‬المظفسسر‪ /‬تاريسسخ التشسسيع ص ‪،18‬‬
‫الصدر‪ /‬بحث حول الولية ص‪ ،63 :‬أحمد تفاحة‪ /‬أصول الدين‪ :‬ص ‪.[.19 ،18‬‬
‫مناقشة هذا الرأي‪:‬‬
‫ل‪ :‬يلحظ أن أول من قال بهسسذا السسرأي القمسسي فسسي كتسسابه »المقسسالت‬ ‫أو ً‬
‫والفسسرق« والنوبخسستي فسسي كتسسابه "فسسرق الشسسيعة"‪ .‬وقسسد يكسسون مسسن أهسسم‬
‫السباب لنشوء هذا الرأي هو أن بعض علماء المسلمين أرجع التشيع فسسي‬
‫نشأته وجذوره إلى أصول أجنبية‪ ،‬وذلك لوجود ظواهر واضحة تثبت ذلك ‪-‬‬
‫سيأتي الحديث عنها ]انظسسر‪ :‬ص)‪ (101‬مسسن هسسذا الكتسساب‪ .- [.‬فبسبب ذلسسك قسسام‬
‫الشسسيعة بمحاولسسة إعطسساء التشسسيع صسسفة الشسسرعية‪ ،‬والسسرد علسسى دعسسوى‬
‫خصومهم برد التشسيع إلسى أصسل أجنسبي‪ ،‬فسادعوا هسذه السدعوى‪ ،‬وحساولوا‬
‫تأييدها وإثباتها بكسسل وسسسيلة؛ فوضسسعوا روايسسات كسسثيرة فسسي ذلسسك ]فسسي كتسسب‬
‫الموضوعات عند أهل السنة روايات كثيرة من وضع الروافض في هذا الباب )انظر ‪-‬مثل ً ‪:-‬‬
‫الموضوعات لبن الجوزي‪ 1/338 :‬وما بعدها‪ ،‬الشوكاني‪ /‬الفوائد المجموعسسة ص ‪ 342‬ومسسا‬
‫بعدها‪ ،‬الكتاني‪ /‬تنزيه الشسسريعة‪ 1/351 :‬ومسسا بعسسدها‪ ،‬ولهسسم وسسسائل الطسسرق ومسسسالك فسسي‬
‫الستدلل والحتجاج على أهل السنة كتبت عنها في رسالتي‪ :‬فكرة التقريسسب ص‪ 51 :‬ومسسا‬
‫بعدها‪ ،[.‬ونسبوها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وزعموا أنها رويت‬
‫من طرق أهل السسسنة‪ ،‬وهسسي روايسسات "ل يعرفهسسا جهابسسذة السسسنة ول نقلسسة‬
‫الشريعة‪ ،‬بل أكثرها موضوع أو مطعون في طريقه‪ ،‬أو بعيد عن تسسأويلتهم‬
‫الفاسدة" ]ابن خلدون‪ /‬المقدمة‪ ،2/527 :‬تحقيق د‪ .‬علي عبد الواحد وافي‪.[.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬إن هذا السسرأي ل أصسسل لسسه فسسي الكتسساب والسسسنة‪ ،‬وليسسس لسسه سسسند‬
‫تاريخي ثابت‪ ،‬بل هو رأي يجافي أصول السسلم وينسافي الحقسائق الثابتسة‪،‬‬
‫فقد جاء السسسلم لجمسسع هسسذه المسسة علسسى كلمسسة سسسواء‪ ،‬ل ليفرقهسسا شسسيعا ً‬
‫وأحزابًا‪ ،‬ولم يكن بين يدي رسول الله صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم شسسيعة ول‬
‫م{ ]آل‬ ‫سققل َ ُ‬ ‫ه ال ِ ْ‬ ‫عندَ الل ّ ق ِ‬‫ن ِ‬‫دي َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫سنة‪ ،‬والله سبحانه وتعالى يقول‪} :‬إ ِ ّ‬
‫عمران‪ ،‬آية‪ [.19 :‬ل التشيع ول غيره‪ ،‬وهم يعسسترفون فسسي قسسولهم‪" :‬إن بسسذرة‬
‫التشيع وضعت مع بذرة السلم جنبا ً إلى جنب‪ "...‬إن التشيع غير السلم‪.‬‬
‫ه{ ]آل‬ ‫من ْق ُ‬
‫ل ِ‬ ‫فل َققن ي ُ ْ‬
‫قب َق َ‬ ‫س قل َم ِ ِدين ًققا َ‬ ‫غ َ‬
‫غي َْر ال ِ ْ‬ ‫من ي َب ْت َ ِ‬
‫و َ‬
‫والله يقول‪َ } :‬‬
‫عمران‪ ،‬آية‪.[.85 :‬‬
‫ومسسن الحقسسائق التاريخيسسة المتسسواترة والسستي تكشسسف خطسسأ هسسذا السسرأي‬
‫ومجانبته للحقيقة أنه لم يكن للشيعة وجود زمن أبي بكسسر وعمسسر وعثمسان‬
‫]يقول شيخ السلم ابن تيميسسة‪» :‬ففسسي خلفسة أبسي بكسر وعمسسر لسم يكسن أحسد يسسسمى مسن‬
‫الشسسيعة‪ ،‬ول تضسساف الشسسيعة إلسسى أحسسد«‪) .‬منهسساج السسسنة‪ 2/64 :‬تحقيسسق د‪ .‬محمسسد رشسساد‬
‫سالم(‪ .[.‬وقد اضطر بعض شيوخ الشيعة للذعان لهذه الحقيقة وهم السسذين‬
‫مردوا على إنكار الحقائق المتواترات‪.‬‬
‫يقول آيتهم ومجتهدهم الكبر في زمنه محمد حسين آل كاشف الغطاء‪:‬‬
‫"‪ ...‬ولم يكن للشيعة والتشيع يومئذ )في عهد أبي بكر وعمسسر رضسسي اللسسه‬
‫عنهما( مجال للظهور؛ لن السلم كان يجسسري علسسى منسساهجه القويمسسة‪"...‬‬
‫]أصسسل الشسسيعة‪ :‬ص ‪ .[.48‬وبمثل هسذا اعسستراف شسسيخهم الخسسر محمسد حسسين‬
‫العاملي‪ ،‬فقال‪" :‬إن لفظ الشيعة قد أهمل بعد أن تمت الخلفة لبي بكر‪،‬‬

‫‪36‬‬
‫]الشسسيعة فسسي‬ ‫وصار المسلمون فرقة واحدة إلى أواخر أيام الخليفة الثالث"‬
‫التاريخ ص‪.[.40-39 :‬‬
‫ل‪ ،‬إذ كيسسف يهمسسل‪ ،‬ول يظهسسر‪،‬‬ ‫ونحن نقول‪ :‬إنه أهمل لنه لسسم يوجسسد أص س ً‬
‫والحكومة كافرة في نظركم‪ ،‬كما هو متواتر في كتبكم ‪ -‬كما سيأتي نقلسسه‬
‫وبيانه ‪ -‬وهل كان المسلمون شيعا ً في عهد الرسول‪ ...‬وفرقة واحدة فسسي‬
‫عهد الخلفاء الثلثة؟!‬
‫ثالثًا‪ :‬زعموا أن الشيعة كانت تتألف من عمار‪ ،‬وأبي ذر‪ ،‬والمقداد‪ ،‬فهسسل‬
‫قال هؤلء بعقيدة من عقائد الشيعة من دعسسوة النسسص‪ ،‬وتكفيسسر الشسسيخين‪:‬‬
‫أبسسي بكسسر وعمسسر وأكسسثر الصسسحابة‪ ،‬أو أظهسسروا السسبراءة والسسسب لهسسم أو‬
‫كراهيتهم‪..‬؟ كل‪ ،‬لم يوجسسد شسسيء مسسن ذلسسك‪ ..‬وكسسل مسسا قسساله الشسسيعة مسسن‬
‫دعاوى في هذا وملوا به المجلدات ل يعسسدو أن يكسسون وهم سا ً مسسن الوهسسام‬
‫نسجته خيالت الحاقدين والعداء ]كقسسولهم‪" :‬إن الزبيسسر والمقسسداد وسسسلمان حلقسسوا‬
‫رؤوسهم ليقاتلوا أبا بكر‪) "..‬رجال الكشي رقسسم ‪ 210‬ص‪ .(133 :‬وأخبسسارهم فسسي هسسذا تمل‬
‫مجلدات‪ ..‬ويلحظ في الرواية السابقة‪ :‬أنهم ذكروا الزبير‪ ،‬والزبير كسسان ممسسن حسسارب عليسا ً‬
‫فيما بعد‪ ،‬ونسوا ذكر أبي ذر‪ ،‬وعمار‪ ،‬وآل البيت‪.[.‬‬
‫قال ابن المرتضى )وهو شعي زيدي( ‪" :‬فإن زعموا أن عمسسارًا‪ ،‬وأبسسا ذر‬
‫الغفاري‪ ،‬والمقداد بن السود‪ ،‬وسلمان الفارسسسي كسسانوا سسسلفهم؛ لقسسولهم‬
‫بإمامة علي – عليه السلم – أكذبهم كون هؤلء لسسم يظهسسروا السسبراءة مسسن‬
‫الشيخين ول السب لهم‪ ،‬أل ترى أن عمارا ً كان عامل ً لعمسسر بسسن الخطسساب‬
‫في الكوفة ]انظر‪ :‬ابن الثير‪ /‬أسد الغابة‪ ،4/64 :‬ابن حجسسر‪ /‬الصسسابة‪ ،2/506 :‬ابسسن عبسسد‬
‫البر‪ /‬الستيعاب‪ ،[.2/473 :‬وسلمان الفارسي في المسسدائن" ]طبقسسات ابسسن سسسعد‪:‬‬
‫‪] [.4/87‬المنية والمل ص‪ .[.125 ،124 :‬وهذه الحقائق التاريخية الثابتة تنسف‬
‫كل ما شيده الشيعة من دعاوى في هذا عبر القرون‪.‬‬
‫رابعًا‪ :‬يرى الشيخ موسى جار الله أن هذه المقالة من الشسسيعة مغالطسسة‬
‫فاحشة خرجت من حدود كل أدب‪ ،‬وأنها افتراء على النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم ولعسسب بالكلمسسات‪ ،‬ويتعجسسب مسسن قسسولهم‪" :‬إن أول مسسن وضسسع بسذرة‬
‫التشيع في حقل السلم هو نفسسس صسساحب الشسسريعة"‪ ،‬فيقسسول‪" :‬أي حبسسة‬
‫ب َذ ََر النبي حتى أنبتت سنابل اللعن والتكفير للصحابة وخير المة‪ ،‬وسسسنابل‬
‫العتقاد بسسأن القسسرآن محسسرف بأيسسدي منسسافقي الصسسحابة‪ ،‬وأن وفسساق المسسة‬
‫ج مسسن‬ ‫ضلل‪ ،‬وأن الرشاد في خلفها‪ ،‬حتى تسسوارت العقيسسدة الحقسسة فسسي لس ّ‬
‫ضلل الشيعة جم" ]الوشيعة ص‪ :‬مه‪.[.‬‬
‫الرأي الثالث‪:‬‬
‫يجعل تاريخ ظهور الشيعة يوم الجمل‪ .‬قال ابن النديم ]محمسسد بسسن إسسسحاق‬
‫بن محمد بن أبي يعقوب النديم ‪ ،‬كان معتزليا ً متشيعًا‪ .‬من تصانيفه‪ :‬الفهرست‪ ،‬توفي سنة‬
‫ه(‪.‬‬
‫)‪‍ 438‬‬
‫ً‬
‫)لسان الميسسزان‪ :[.(5/72 :‬إن عليا قصسد طلحسسة والزبيسر ليقاتلهمسسا حسستى‬
‫يفيئا إلى أمر الله جل اسمه‪ ،‬فسمى من اتبعه على ذلسسك الشسسيعة‪ ،‬فكسسان‬
‫يقسسول‪ :‬شسسيعتي‪ ،‬وسسسماهم ‪ -‬عليسسه السسسلم ‪ -‬الصسسفياء الوليسساء‪ ،‬شسسرطة‬
‫الخميس‪ ،‬الصحاب ]ابن النديم‪ /‬الفهرست ص‪.[.175 :‬‬

‫‪37‬‬
‫هذا رأي انفرد به ابن النديم ‪ -‬حسب علمي ‪ -‬وهو فيما يبدو ويشير إلى‬
‫تاريخ ظهور الشيعة بمعنى النصار والتبسساع‪ ،‬وتاريسسخ إطلق لقسسب الشسسيعة‬
‫على أنصار علي ‪ -‬رضي الله عنسسه ‪ -‬وأن عليسا ً ‪ -‬عليسسه السسسلم ‪ -‬هسسو السسذي‬
‫لقبهم بذلك حيث يقول‪" :‬شيعتي"‪.‬‬
‫ولشك أن هذا القول ل يدل على بداية الصسسول الفكريسسة للتشسسيع‪ ،‬فهسسو‬
‫يعني هنا المعنى اللغوي للشيعة وهو النصار‪ ،‬ولهذا اسسستخدم أيض سا ً ألقاب سا ً‬
‫أخرى تدل على ذلك كالصحاب والولياء‪ ،‬كما أن الوثائق التاريخيسسة ‪ -‬كمسسا‬
‫سلف ‪ -‬أثبتت أن لقب "شيعتي" والشيعة كما استعمله علي ‪ -‬رضي اللسسه‬
‫عنه ‪ -‬قد استعمله معاوية ‪ -‬رضي الله عنه ‪.-‬‬
‫ويصف د‪ .‬مصطفى كامل الشيبي ‪ -‬شيعي معاصر ‪ -‬رأي ابن النديم هذا‬
‫ي بنفسه على أصحابه ]الصلة بيسسن‬ ‫بالغربة‪ ،‬حيث جعل التشيع لقبا ً أطلقه عل ّ‬
‫التصوف والتشسسيع ص‪ ..[.18 :‬وما أدري مسا وجسه الغرابسة‪ ،‬فسسي أن يسدعو علسي‬
‫أنصاره بقوله‪" :‬شيعتي"‪.‬‬
‫أما د‪ .‬النشار فيرى في كلم ابن النديم بعض الغلو ]نشأة الفكسسر الفلسسسفي‪:‬‬
‫‪ [.2/32‬ول يذكر النشار وجه الغلو الذي يصف به كلم ابن النديم‪.‬‬
‫آراء غير الشيعة في نشأة التشيع‪:‬‬
‫القول الول‪:‬‬
‫إن التشيع ظهر بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم حيث وجد مسسن‬
‫يرى أن أحقية علي ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬بالمامة‪ .‬وهذا الرأي قال به طائفة‬
‫من القدامى والمعاصرين‪ ،‬منهم العلمة ابن خلدون‪ ،‬وأحمد أمين‪ ،‬وبعسسض‬
‫المستشرقين‪ ،‬وهذا القول منهم مبني على ما نقله البعض من وجود رأي‬
‫يقول بأحقية قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخلفة بعده‪.‬‬
‫يقول ابن خلدون‪" :‬اعلم أن مبدأ هذه الدولة ‪ -‬يعني دولسسة الشسسيعة ‪ -‬أن‬
‫أهل البيت لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسسسلم كسسانوا يسسرون أنهسسم‬
‫أحق بالمر‪ ،‬وأن الخلفة لرجالهم دون من سواهم" ]العبر‪.[.171-3/107 :‬‬
‫ويقول أحمد أمين‪" :‬كانت البذرة الولى للشيعة الجماعة الذين رأوا بعد‬
‫وفاة النبي صلى الله عليه وسلم أن أهسل بيتسه أولسسى النسساس أن يخلفسوه"‬
‫]فجسسر السسسلم ص‪ ،266 :‬وانظسسر‪ :‬ضسسحى السسسلم‪ ،3/209 :‬وقسسال د‪ .‬علسسي الخربسسوطلي‪:‬‬
‫"ونحن نرى أن التشيع بدأ بعد أن آلت الخلفسة إلسى أبسي بكسر دون علسي بسن أبسي طسالب"‬
‫)السلم والخلفة ص‪ .(62 :‬كما يقسسول بهسسذا السسرأي محمسسد عبسسد اللسسه عنسسان )انظسسر‪ :‬تاريسسخ‬
‫الجمعيات السرية ص‪ .[.(13 :‬كما قال بمثل ذلسسك بعسسض المستشسسرقين ]انظسسر‪:‬‬
‫دائرة المعارف السلمية‪.[.14/58 :‬‬
‫مناقشة هذا الرأي‪:‬‬
‫وهذا الرأي يستند القائلون به إلى الرأي القائل بأحقية القرابة بالمامة‪.‬‬
‫ي بالمامة‪ ،‬وأن المامة ينبغي أن‬‫ول شك أنه إذا وجد من يرى أحقية عل ّ‬
‫تكون في القرابة‪ ،‬فقد وجد رأي يقول باستخلف سعد بن عبادة‪ ،‬وأن‬
‫المامة ينبغي أن تكون في النصار‪ ،‬وهذا ل دللة فيه على ميلد حزب‬
‫معين‪ ،‬أو فرقة معينة‪ ،‬وتعدد الراء أمر طبيعي‪ ،‬وهو من مقتضيات نظام‬
‫الشورى في السلم‪ ،‬فهم في مجلس واحد تعددت آراؤهم "وما انفصلوا‬

‫‪38‬‬
‫حتى اتفقوا‪ ،‬ومثل هذا ل يعد نزاعًا" ]ابن تيمية‪ /‬منهاج السنة‪" ،[.1/36 :‬وقد‬
‫اندرجوا تحت الطاعة عن بكرة أبيهم لبي بكر ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬وكان‬
‫علي ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬سامعا ً لمره‪ ،‬وبايع أبا بكر على مل من الشهاد‪،‬‬
‫ونهض إلى غزو بني حنيفة" ]الجويني‪ /‬الرشاد ص‪" [.428 :‬وكانوا ‪ -‬على حال‬
‫ألفة‪ ،‬واجتماع كلمة ‪ -‬يبذلون في طاعة أئمتهم مهج أنفسهم‪ ،‬وكرائم‬
‫أموالهم على السبيل التي كانوا عليها مع نبيهم‪] "..‬الناشئ الكبر‪ /‬مسائل‬
‫المامة ص‪.[.15 :‬‬
‫ولو كان هذا الرأي القائل بأحقية القرابة بالمامة يمثسسل البسسذرة والنسسواة‬
‫للتشيع لكان له ظهور وودود زمن أبي بكر وعمر‪ ،‬ولكنه رأي إن ثبت فهو‬
‫كسائر الراء التي أثيرت في اجتماع السقيفة‪ ،‬ما إن وجد حتى اختفى بعد‬
‫أن تمت البيعة‪ ..‬واجتمعت الكلمسسة‪ ..‬واتفسسق السسرأي مسسن الجميسسع‪ .‬وموقسسف‬
‫أمير المؤمنين علي ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬ينفي اسسستمرار مثسسل هسسذه الراء أو‬
‫بقائها بين الصحابة‪ ،‬فقد تواتر عنه ‪ -‬رضي الله عنه‪ ،‬من وجوه كثيرة ‪ -‬أنه‬
‫قال على منبر الكوفة‪" :‬خير هذه المة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر" ]قال ابسسن‬
‫تيمية‪" :‬روي عن علي من نحو ثمانين وجها ً وأكثر أنه قال على منسسبر الكوفسسة هسسذا القسسول ‪-‬‬
‫كما مر ‪ -‬وقد ثبت في صحيح البخاري من رواية رجال همدان خاصة التي يقول فيها علسسي‪:‬‬
‫لو كنت بوابا ً على باب جنة لقلت لهمدان‪ :‬ادخلي بسسسلم‪ ،‬مسسن روايسسة سسسفيان الثسسوري عسسن‬
‫منذر الثوري وكلهما من همدان‪ ،‬قال البخاري‪ :‬حدثنا محمد بن كثير‪ ،‬أخبرنا سفيان ‪ ،‬حدثنا‬
‫جامع بن أبي راشد‪ ،‬حدثنا أبو يعلى عن محمد بن الحنفية قال‪" :‬قلت لبي‪ :‬أي الناس خيسسر‬
‫بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟" قال‪ :‬أبو بكر قلت‪ :‬ثم من؟ قسسال‪ :‬عمسسر‪ .‬وخشسسيت‬
‫أن يقول‪ :‬عثمان‪ ،‬قلت‪ :‬ثم أنت؟ قال‪ :‬ما أنا إل رجل من المسلمين"‪) .‬صحيح البخاري مسسع‬
‫فتح الباري‪ ،‬كتاب فضائل الصحابة‪ ،‬باب فضل أبي بكر ج‪ ‍7‬ص ‪.(20‬‬
‫قال ابن تيمية‪ :‬وهذا يقوله لبنه الذي ل يتقيسه‪) ..‬الفتساوى‪ ،408-4/407 :‬منهساج السسنة‪:‬‬
‫‪ .[.(138-4/137‬فكيف يرى غيره من الصحابة فيه ما لم يره في نفسه؟!‬
‫والشيعة ليس لها ذكر أو وجود في عهد أبسسي بكسسر ول عمسسر ول عثمسسان‪،‬‬
‫فكيف يقال بنشأتها بعد وفاة الرسول صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم ]ومسسا ذكسسره‬
‫بعضهم من ظهور جماعسسة بعسسد وفسساة الرسسسول صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم تسسرى أحقيسسة علسسي‬
‫بالمامة‪ ..‬ليس له أصل تاريخي ثابت‪ ،‬ويبدو أن عمدته رواية اليعقسسوبي فسسي تسساريخه والسستي‬
‫تقول‪ :‬بأن جماعة منهم سلمان وأبو ذر وعمار والمقداد تخلفوا عن بيعسسة أبسسي بكسسر ومسسالوا‬
‫إلسسى علسسي‪ ) .‬تاريسسخ اليعقسسوبي‪ .(2/124 :‬وروايسسات اليعقسسوبي‪ ،‬ومثلسسه المسسسعودي يجسسب‬
‫الحتزازوالحذر منهما ‪ -‬لجنوحهما للرفض ‪ -‬ولسيما فيما يوافسسق ميولهمسا المذهبيسسة‪ ،‬وفيمسسا‬
‫ينفردان به من نقسسول‪ .‬يقسول القاضسسي أبسو بكسر بسن العربسي‪" :‬ل تسسسمعوا لمسسؤرخ كلمسا ً إل‬
‫للطبري‪ ،‬وغير ذلك هو الموت الحمر والداء الكبر"‪ .‬وقسال فسي المسسعودي المسؤرخ‪" :‬إنسه‬
‫مبتدع محتال"‪) .‬العواصم من القواصم ص‪.(249-248 :‬‬
‫وأيضا ً لن الطبري يروي بالسند فيسهل فحسسص روايسساته والتحقسسق منهسسا‪[.‬؟! وقد أقسسر‬
‫بهذه الحقيقة بعض شيوخ الشيعة كما سلف ]انظر‪ :‬ص‪.[.(166 ) :‬‬
‫القول الثاني‪:‬‬
‫أن التشيع لعلي بدأ بمقتل عثمان ‪ -‬رضي الله عنه‪ ،‬يقول ابن حزم‪" :‬ثم‬
‫ولي عثمان‪ ،‬وبقي اثني عشر عامسًا‪ ،‬وبمسسوته حصسسل الختلف‪ ،‬وابتسسدأ أمسسر‬
‫الروافض" ]الفصل‪ ،2/8 :‬وبمثل قول ابن حزم هذا قسسال طائفسسة مسسن العلمسساء والبسساحثين‬
‫مثل‪ :‬الشيخ عثمان بن عبد الله الحنفي صاحب الفرق المتفرقة بيسسن أهسسل الزيسسغ والزندقسسة‬
‫)انظر‪ :‬الفرق المفترقة ص ‪ (6:‬ومثل المستشرق‪ :‬فلهوزن )انظر‪ :‬الخسسوارج والشسسيعة ص‪:‬‬

‫‪39‬‬
‫‪ .[.(112‬والذي بدأ غرس بذرة التشيع هو عبد الله بن سبأ اليهودي ]عبد الله‬
‫بن سبأ رأس الطائفة السبئية وكانت تقول بألوهية علي‪ ،‬كمسسا تقسسول برجعتسسه وتطعسسن فسسي‬
‫الصحابة‪ ...‬أصله من اليمن وكان يهوديا ً يتظاهر بالسسسلم‪ ،‬رحسسل لنشسسر فتنتسسه إلسسى الحجسساز‬
‫فالبصرة فالكوفة‪ ،‬ودخل دمشق في أيام عثمسسان بسسن عفسسان ‪ -‬رضسسي اللسسه عنسسه ‪ -‬فسسأخرجه‬
‫أهلها‪ ،‬فانصرف إلى مصر وجهر ببدعته‪ .‬قال ابن حجر‪" :‬عبد الله بن سبأ من غلة الزنادقة‬
‫ه‪ .‬وقد تكاثر ذكر أخبسسار فتنتسسه وشسسذوذه وسسسعيه‬ ‫ضال مضل‪ ،‬أحسب أن عليا ً حرقة بالنار" ا ‍‬
‫في التسآمر هسو وطسسائفته فسي كتسسب الفسسرق والرجسال والتاريسسخ وغيرهسا مسن مصسادر السسسنة‬
‫والشيعة جميعًا‪.‬‬
‫انظر فسسي ذلسسك‪ :‬الملطسسي‪ /‬التنسسبيه والسسرد ص‪ ،18 :‬الشسسعري‪ /‬مقسسالت السسسلميين‪،1/86 :‬‬
‫البغدادي‪ /‬الفرق بين الفرق ص ‪ ،233‬الشهرستاني‪ /‬الملل والنحل‪ ،1/174 :‬السسسفراييني‪/‬‬
‫التبصير في الدين ص‪ ،72-71 :‬الرازي‪ /‬اعتقادات فرق المسلمين ص‪ ،86 :‬ابن المرتضى‪/‬‬
‫المنية والمسسل ص‪ ،29 :‬ابسسن حجسسر‪ /‬لسسسان الميسسزان‪ ،3/289 :‬ابسسن عسسساكر‪ /‬تهسسذيب تاريسسخ‬
‫دمشق‪ ،7/431 :‬السمعاني‪ /‬النساب‪ ،7/46 :‬ابن الثير‪ /‬اللباب‪ ،1/527 :‬المقدسي‪ /‬البسسدء‬
‫والتاريخ‪ ،5/129 :‬تاريخ الطسسبري‪ ،4/340 :‬ابسسن الثيسسر‪ /‬الكامسسل‪ ،3/77 :‬ابسسن كسسثير‪ /‬البدايسسة‬
‫والنهاية‪ ،7/167 :‬ابن خلدون‪ /‬العبر‪ ،2/160،161 :‬الطبري‪ /‬تبصسسير أولسسي النهسسى الورقسسة )‬
‫‪) (14‬مخطوط(‪.‬‬
‫ومن مصسسادر الشسسيعة‪ :‬الناشسسئ الكسسبر‪ /‬مسسسائل المامسسة ص ‪ ،23-22‬القمسسي‪ /‬المقسسالت‬
‫والفرق ص‪ ،20 :‬النوبختي‪ /‬فرق الشيعة ص‪ ،22 :‬وأورد الكشي عدة روايات في ابن سسسبأ‬
‫)رجال الكشي‪ ،‬انظر الروايات رقم‪ ،174 ،173 ،172 ،171-170 :‬من ص ‪،(108-106‬‬
‫ابن أبي الحديد‪ /‬شرح نهج البلغسسة‪ ،[.2/308 :‬والذي بسسدأ حركتسسه فسسي أواخسسر عهسسد‬
‫عثمان‪ ،‬وأكد طائفة من الباحثين القدماء والمعاصسسرين علسسى أن ابسسن سسسبأ‬
‫هو أساس المذهب الشيعي والحجر الول في بنائه ]انظر ‪ -‬مثل ً ‪ : -‬ابسسن تيميسسة‬
‫الذي يعتبر ابن سبأ أول من أحدث القول بالعصمة لعلي‪ ،‬وبالنص عليه فسسي الخلفسسة‪ ،‬وأنسسه‬
‫أراد إفساد دين السلم‪ ،‬كما أفسد بولس دين النصارى )مجموع فتاوى شسسيخ السسسلم ابسسن‬
‫تيمية‪ /‬جمع عبد الرحمن بن قاسم‪ .(4/518 :‬وكذا ابن المرتضى في كتسسابه المنيسسة والمسسل‬
‫ص‪ ،125 :‬ومن المعاصرين ‪ -‬مثل ً ‪ -‬أبو زهرة الذي ذكر أن عبد الله بن سبأ هسسو الطسساغوت‬
‫الكبر الذي كان على رأس الطوائف الناقمين على السلم الذين يكيدون لهله‪ ،‬وأنسسه قسسال‬
‫برجعة علي‪ ،‬وأنه وصي محمد‪ ،‬ودعا إلى ذلك‪.‬‬
‫وذكر أبو زرهة أن فتنة ابن سبأ وزمرته كسسانت مسسن أعظسسم الفتسسن السستي نبسست فسسي ظلهسسا‬
‫المذهب الشيعي )انظر‪ :‬تاريخ المذاهب السلمية‪ ،(33-1/31 :‬وسعيد الفغاني الذي يسسرى‬
‫أن ابن سبأ أحد أبطال جمعية سرية )تلمودية( غايتها تقويض الدولة السلمية‪ ،‬وأنها تعمسسل‬
‫لحساب دولة الروم )انظر‪ :‬عائشة والسياسسسة ص‪ ،(60 :‬وانظسسر‪ :‬القصسسيمي فسسي الصسسراع‪:‬‬
‫‪ .[.1/41‬وقد تواتر ذكره في كتب السنة والشيعة على حد سواء‪.‬‬
‫ونبتت نابتة من شيعة العصر الحاضر تحاول أن تنكر وجوده بجسسرة قلسسم‬
‫دون مبرر واقعي‪ ،‬أو دليل قاطع ]وهو‪ :‬مرتضى العسكري في كتسسابه "عبسسد اللسسه‬
‫بن سبأ‪ "..‬ص‪ 35 :‬وما بعدها‪ ،[.‬بل ادعى البعض منهم أن عبسسد اللسسه بسسن سسسبأ‬
‫هو عمار بن ياسر ]وهو‪ :‬علي الوردي في كتابه )وعسساظ السسسلطين( ص‪ ،274 :‬وقلسسده‬
‫في هذا الشيعي الخر‪ :‬مصطفى الشيبي في كتابه )الصلة بين التصوف والتشيع( ص‪-40 :‬‬
‫‪ ،41‬ويرى الستاذ علي البصري أن الوردي هذا مقلد للستاذ هدايت الوحكيم الهلي أسسستاذ‬
‫بجامعة لندن في تلك الراء والذي نشرها في كتابه‪" :‬تخسسس إمسسام" أي‪ :‬المسسام الول‪ .‬وأن‬
‫الوردي قام بنشر ترجمتها تقريبا ً في كتابه "وعاظ السلطين"‪.‬‬
‫)انظر‪ :‬مجلة الثقافة السلمية‪ /‬بغداد‪ /‬العدد )‪ ،(11‬السنة الولسسى‪ ،‬مقسال علسسي البصسري‬
‫بعنوان "من طلب الشهرة علي الوردي"(‪ .[.‬وهذه الدعوى هسسي محاولسسة أو حيلسسة‬
‫لتبرئة يهود من التآمر على المسلمين‪ ..‬كما هي محاولسسة أو حيلسسة لضسسفاء‬

‫‪40‬‬
‫صفة الشسسرعية علسسى الرفسسض‪ ..‬والسسرد علسسى دعسسوى خصسسومهم بسسرد أصسسل‬
‫التشيع إلى أصل يهودي‪.‬‬
‫وقد اتفق القدماء من أهل السنة والشيعة على السواء على اعتبار ابن‬
‫سسسبأ حقيقسسة واقعيسسة‪ ،‬وشخصسسية تاريخيسسة‪ ،‬فكيسسف ينفسسى مسسا أجمسسع عليسسه‬
‫الفريقان؟! أما القول بأن ابن سسسبأ هسسو عسسامر بسسن ياسسسر فهسسو قسسول يسسرده‬
‫العقل والنقل والتاريخ‪ ،‬وكيف تلصق تلك العقائد السستي قسسال بهسسا ابسسن سسسبأ‬
‫بعمار بن ياسر‪ ،‬وهسسل هسسذا إل جسسزء مسسن التجنسسي علسسى الصسسحابة والطعسسن‬
‫فيهم؟!‪.‬‬
‫ولست بحاجة إلى دراسسسة هسسذه المسسسألة فقسسد خرجسست دراسسسات موضسسوعية‬
‫ومستوفية لهذه القضية ]من أبرز هذه الدراسات وأهمهسسا‪ :‬رسسسالة "عبسسد اللسسه بسسن سسسبأ‬
‫وأثره في إحداث الفتنة" للدكتور‪ /‬سسليمان العسودة‪ ،‬وقسد تسوفرت لسديه أدلسة قاطعسة علسى‬
‫وجود ابن سبأ وسعيه في الفتنة‪ .‬وهسسذه دراسسسة جسسادة ومسسستوفية وقسسد نسساقش المشسسككين‬
‫والمنكرين والقائلين أن ابن سبأ هسسو عمسسار بسسن ياسسسر‪ ،‬وأثبسست زيسسف هسسذه القسسوال بالحجسسة‬
‫والبرهان‪.‬‬
‫وكذلك د‪ .‬عمار الطالبي أثبت بطلن هذه القوال في كتابه‪" :‬آراء الخسسوارج" ص‪– 74 :‬‬
‫‪ .81‬وللدكتور عزت عطية مناقشة لهؤلء وتزييف لقوالهم في كتابه "البدعة" ص‪ 64 :‬وما‬
‫بعدها‪ .‬وقدم الدكتور سعدي الهاشمي محاضرة قيمة في هسذا الموضسوع أثبست فيهسا وجسود‬
‫ه‪:‬‬
‫ابن سبأ بالدلة من الفريقين )انظسر‪ :‬محاضسرات الجامعسة السسلمية عسام ‪‍ 1399-1398‬‬
‫"ابسسن سسسبأ حقيقسسة ل خيسسال" ص‪ ،[.(223-201 :‬فل حاجة للوقسسف عنسسدها طسسوي ً‬
‫ل‪..‬‬
‫ويكفي – هنا – الستشهاد بما جاء في كتب الشيعة المعتمدة عن ابن سبأ‬
‫تمشيا ً – أول ً – مع خطة البحسسث فسسي العتمسساد علسسى أصسسولهم‪ ،‬وثاني سًا‪ :‬لن‬
‫النكار لوجود ابن سبأ جاء من جهة الشيعة‪ ،‬فالحتجاج عليهسسم مسسن كتبهسسم‬
‫المعتمدة يسقط دعواهم من أساسها‪ .‬وثالثًا‪ :‬لن في عرض آراء ابن سسسبأ‬
‫من كتب الشيعة تصويرا ً لهل الشيعة وجذورها من كلم الشيعة أنفسهم‪،‬‬
‫وهو موضوع هذا البحث‪.‬‬
‫فماذا تقول كتب الشيعة عن ابن سبأ؟‪ ..‬فالشسسيعي سسسعد بسسن عبسسد اللسسه‬
‫القمي شيخ الطائفة وفقيهها ووجهها‪ ،‬كما ينعتسسه النجاشسسي ]رجسسال النجاشسسي‬
‫ص‪) [.126 :‬المتوفى سنة ‪ (301-229‬يقر بوجود ابن سسسبأ‪ ،‬ويسسذكر أسسسماء‬
‫بعض أصحابه الذين تآمروا معه‪ ،‬ويلقب فرقتسسه بالسسسبئية‪ ،‬ويسسرى أنهسسا أول‬
‫فرقة في السلم قالت بالغلو‪ ،‬ويعتبر ابسسن سسسبأ "أول مسسن أظهسسر الطعسسن‬
‫على أبي بكسسر وعمسسر وعثمسسان والصسسحابة وتسسبرأ منهسسم‪ ،‬وادعسسى أن عليسا ً –‬
‫رضي الله عنه – أمره بذلك"‪ ،‬ويذكر القمي أن عليا ً بلغه ذلك فأمر بقتلسسه‬
‫ثم ترك ذلك واكتفى بنفيه إلى المدائن ]المقالت والفرق ص‪.[.20 :‬‬
‫كما ينقل عن جماعة من أهل العلم ‪ -‬كما يصسفهم ‪" :-‬أن عبسسد اللسسه بسن‬
‫سبأ كان يهوديا ً فأسلم‪ ،‬ووالى عليسا ً وكسسان يقسسول وهسسو علسسى يهسسوديته فسسي‬
‫يوشع بن نون وصي موسى بهذه المقالسسة‪ ،‬فقسسال فسسي إسسسلمه بعسسد وفسساة‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم في علي بمثل ذلك‪ ،‬وهو أول من شسسهد‬
‫بالقول بفرض إمامة علسسي بسن أبسسي طسسالب وأظهسسر السسبراءة مسسن أعسسدائه‪..‬‬
‫وأكفرهم‪ ،‬فمن هاهنا قال من خالف الشيعة أن أصل الرفض مسسأخوذ مسسن‬
‫اليهودية ]المقالت والفرق ص‪ .[.20 :‬ثم يذكر القمي موقسسف ابسسن سسسبأ حينمسسا‬

‫‪41‬‬
‫]المقسسالت‬ ‫بلغه نعي علي حيث ادعى أنه لم يمت وقسسال برجعتسسه‪ ،‬وغل فيسسه‬
‫والفرق ص‪.[.21 :‬‬
‫هذا ما يقسوله القمسي عسن ابسن سسبأ‪ ،‬والقمسي عنسد الشسيعة ثقسة واسسع‬
‫المعرفة بالخبار ]انظسسر‪ :‬الطوسسسي‪ /‬الفهرسسست ص‪ ،105 :‬الردبيلسسي ‪ /‬جسسامع السسرواة ‪:‬‬
‫‪ ،[.1/352‬ومعلومسساته ‪ -‬عنسسدهم ‪ -‬مهمسسة نظسسرا ً لقسسدم فترتهسسا الزمنيسسة‪ ،‬ولن‬
‫سعدا ً القمي كما روى شسسيخهم الملقسسب عنسدهم بالصسسدوق قسسد لقسى فسسي‬
‫إمامهم المعصوم ‪ -‬في نظرهم ‪ -‬الحسن العسكري وسمع منه ]انظسسر‪ :‬ابسسن‬
‫بابويه القمي‪ /‬إكمال الدين ص‪ .[.453-425 :‬ونجد شيخهم الخر النوبختي يتحدث‬
‫عن ابن سبأ ويتفق فيما يقوله عن ابن سبأ مع القمي حسستى فسسي اللفسساظ‬
‫نفسها ]انظر‪ :‬فرق الشيعة للنوبختي ص‪ ،[.23-22 :‬والنوبختي ثقة معتمد عنسسدهم‬
‫]انظر‪ :‬الطوسي‪ /‬الفهرسست ص‪ ،75 :‬الردبيلسي‪ /‬جسامع السرواة ‪ ،1/228 :‬عبساس القمسي‪/‬‬
‫الكنى واللقاب‪ ،1/148 :‬الحائري‪ /‬متقبس الثر‪ .[.16/125 :‬وعالمهم الكشي ]وهسسو‬
‫عندهم "ثقة بصير بالخبار والرجال" )الطوسسسي‪ /‬الفهرسسست‪ [.(171 :‬يسسروي سسست‬
‫روايات في ذكر ابن سبأ ]رجال الكشي ص‪ [.305 ،108-106 :‬وذلك في كتابه‬
‫المعروف "برجال الكشي" والذي هو من أقدم كتب الشيعة المعتمدة في‬
‫علم الرجال‪ ،‬وتشير تلك الروايات إلى أن ابن سبأ ادعى النبوة وأنه زعسسم‬
‫أن أمير المؤمنين هو الله ‪ -‬تعالى اللسسه وتقسسدس ‪ -‬وأن علي سا ً اسسستتابه فلسسم‬
‫يتب‪ ،‬فأحرقه بالنار‪ ،‬كما ينقل الكشي لعن الئمة لعبد الله ابن سسسبأ‪ ،‬وأنسسه‬
‫كان يكذب على علي‪ ،‬كقول علي بن الحسين‪" :‬لعن الله من كسسذب علينسسا‬
‫إني ذكرت عبد الله بن سبأ فقامت كسسل شسسعرة فسسي جسسسدي‪ ،‬لقسسد ادعسسى‬
‫أمرا ً عظيمًا‪ ،‬ما له لعنه الله‪ ،‬كان علي ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬واللسسه عبسسدا ً للسسه‬
‫صالحا ً أخو رسول الله ما نال الكرامة من الله إل بطاعته" ]المصدر السابق‪:‬‬
‫ص‪.[.108 :‬‬
‫ثم قال الكشي بعد ذكر تلك الروايات‪" :‬ذكر أهل العلم أن عبد الله بسسن‬
‫سبأ كان يهوديا ً فأسلم ووالى عليسًا‪ ،‬وكسسان يقسسول وهسسو علسسى يهسسوديته فسسي‬
‫يوشع بن نون وصي موسى بالغلو‪ ،‬فقال في إسلمه بعد وفاة رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم في علي ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬مثسسل ذلسسك‪ ،‬وكسسان أول‬
‫من شهد بالقول بفرض إمامة علي وأظهر السسبراءة مسسن أعسسدائه‪ ،‬وكاشسسف‬
‫مخالفيه وأكفرهم‪ ،‬فمن هسسا هنسسا قسسال مسسن خسسالف الشسسيعة‪ :‬أصسسل التشسسيع‬
‫والرفض مأخوذ من اليهودية" ]المصسسدر السسسابق ص ‪ .[.109-108 :‬هسسذه مقالسسة‬
‫الكشي وهي تتفق مع كلم القمي والنوبختي وكلهسسم يوثقسسون قسسولهم هسسذا‬
‫بنسبته إلى أهل العلم‪.‬‬
‫ثم إن هسسذه الروايسسات السسست كلهسسا جسساءت فسسي رجسسال الكشسسي‪ ،‬والسسذي‬
‫يعتبرونه أحد الصول الربعة التي عليها المعول في تراجم الرجال‪ ،‬وقسسام‬
‫الطوسي شيخ الطائفة عندهم بتهسسذيب الكتسساب‪ ،‬فصسسار عنسسدهم أكسسثر ثقسسة‬
‫وتحقيقا ً حيث اجتمع في تأليفه الكشي الذي هو عندهم ثقة‪ ،‬بصير بالخبار‬
‫وبالرجال مع الطوسي وهو صاحب كتابين من صحاحهم الربعسسة‪ ،‬ومؤلسسف‬
‫كتابين من كتبهم الربعة المعول عليها في علم الرجال عندهم ]ومسسا نقلنسساه‬
‫عن الكشي هو من تذهيب الطوسي واختياره؛ لن الصل – كما يقولون – مفقود ل يعسسرف‬

‫‪42‬‬
‫له أثر‪) .‬انظر‪ :‬مقدمة رجسسال الكشسسي ص ‪ ،18-17‬يوسسسف البحرانسسي‪ /‬لؤلسسؤة البحريسسن ص‪:‬‬
‫‪.[.(403‬‬
‫ثم إن كثيرا ً من كتب الرجال الخرى عندهم جاءت على ذكسسر ابسسن سسسبأ‬
‫]لعل أقدم مصدر عند الشيعة تحدث عن ابن سبأ والسبئية وهو كتاب‪ :‬مسائل المامة ص‪:‬‬
‫ه(‪.‬‬
‫‪ 23-22‬لعبد الله الناشئ الكبر )المتوفى سنة ‪‍ 293‬‬
‫)راجع ترجمته في وفيات العيان‪ ،92-3/91 :‬أنباء الرواة‪.(129-2/128 :‬‬
‫ومن كتبهم في الرجال التي جاءت على ذكر ابن سسسبأ‪ :‬المازنسسدراني‪ /‬منتهسسى المقسسال )غيسسر‬
‫مرقم الصفحات(‪ ،‬الستراباذي‪ /‬منهج المقال فسسي تحقيسسق أحسسوال الرجسسال ص‪،204-203 :‬‬
‫الردبيلسسي‪ /‬جسسامع السسرواة‪ ،1/485 :‬ابسسن داود الحلسسي‪ /‬الرجسسال‪ ،2/71 :‬التسسستري‪ /‬قسساموس‬
‫الرجال‪ 5/461 :‬وما بعدها‪ ،‬رجال الطوسي ص‪.51 :‬‬
‫ومن كتبهم في الحديث والفقه التي جاء فيها ذكر ابن سسسبأ‪ :‬ابسسن بسسابويه القمسسي‪ /‬مسسن ل‬
‫يحضسسسره الفقيسسسه‪ ،1/213 :‬الخصسسسال ص‪ ،628 :‬الطوسسسسي‪ ،‬تهسسسذيب الحكسسسام‪،2/322 :‬‬
‫المجلسي‪ /‬بحار النوار‪ 25/286 :‬ومسسا بعسسدها‪ ،[.‬كما جساء ذكسر ابسن سسبأ فسي أهسم‬
‫وأوسع كتبهم الرجالية المعاصرة وهو تنقيح المقسسال ]تنقيسسح المقسسال‪[.2/183 :‬‬
‫لشيخهم عبد الله الممقاني ]انظر‪ :‬العلمي‪ /‬مقتبس الثسسر‪) [.21/230 :‬المتوفى‬
‫ه(‪.‬‬‫سنة ‪‍ 1351‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ولهذا يلحظ أن ثمة اتجاها أخيرا لدى بعض شسسيوخ الشسسيعة المعاصسسرين‬
‫إلى العدول عن إنكاره‪ ،‬يقول ‪ -‬مثل ً ‪ -‬محمسسد حسسسين الزيسسن‪" :‬وعلسسى كسسل‬
‫حال فإن الرجل ‪ -‬أي‪ :‬ابن سبأ ‪ -‬كان في عالم الوجود‪ ،‬وأظهر الغلو‪ ،‬وإن‬
‫شسسك بعضسسهم فسسي وجسسوده وجعلسسه شخص سا ً خيالي سًا‪ ..‬أمسسا نحسسن ‪ -‬بحسسسب‬
‫الستقراء الخير ‪ -‬فل نشك بوجوده وغلوه" ]الشيعة في التاريخ ص‪.[.213 :‬‬
‫ذلسسك أن إنكسسار وجسود ابسن سسسبأ هسو تكسذيب منهسم ‪ -‬وإن لسم يصسسرحوا ‪-‬‬
‫لشيوخهم الذين ذكروا ابسسن سسسبأ‪ ،‬ولكتبهسسم فسسي الرجسسال السستي تكسساثر فيهسسا‬
‫ذكره‪ ،‬وهسسو اعسستراف منهسسم ‪ -‬وإن لسسم يشسسعروا ‪ -‬أن كتسسب الرجسسال لسسديهم‬
‫ليست مرجعا ً يوثق به وإجماعها ل يعتد به‪.‬‬
‫وهكذا تعترف كتب الشيعة بأن ابن سبأ هو أول من قال بالوصية لعلسسي‬
‫ورجعته وطعن في الخلفاء الثلثة والصحابة‪ ..‬وهسسي آراء وعقسسائد أصسسبحت‬
‫فيما بعد مسن أسسس المسذهب الشسيعي‪ ،‬وذلسك حينمسا صسيغت هسذه الراء‬
‫وغيرهسسا علسسى شسسكل روايسسات وأحسساديث ونسسسبت لل السسبيت زورا ً وبهتان سًا‪،‬‬
‫فوجدت القبول لدى كثير من العوام وغيرهم ول سيما العجم‪.‬‬
‫القول الثالث‪:‬‬
‫ه‪ ،‬ومن أشهر القائلين بهذا السسرأي‬ ‫ويقول بأن منشأ التشيع كان سنة ‪‍ 37‬‬
‫صاحب مختصر التحفة الثني عشرية حيث يقول‪" :‬إن ظهور اسم الشيعة‬
‫ه" ]مختصر التحفة ص ‪ .[.5 :‬كما يقول بهسسذا السسرأي السسستاذ وات‬ ‫كان عام ‪‍ 37‬‬
‫منتوجمري )‪ (Montgomery Watt‬حيث يذكر "أن بداية حركة الشيعة هي أحد‬
‫ه(" ]‪.[.Montgomery Watt, Islam and the Integration of Society p,104‬‬
‫أيام سنة ‪658‬م )‪‍ 37‬‬
‫ويبدو أن هذا القول يربط نشأة التشيع بموقعة صفين‪ ،‬حيث وقعسست سسسنة‬
‫ه بيسسن المسسام علسسي ومعاويسسة ‪ -‬رضسسي اللسسه عنهمسسا ‪ -‬ومسسا صسساحبها مسسن‬ ‫‪‍ 37‬‬
‫أحداث‪ ،‬ومسسا أعقبهسسا مسسن آثسسار‪ ،‬ولكسسن هسسذا السسرأي ل يعنسسي بدايسسة الصسسول‬
‫الشيعية؛ حيث إننا ل نجد في أحداث هذه السنة فيما نقله المؤرخون مسسن‬

‫‪43‬‬
‫نسادى بالوصسية‪ ،‬أو قسسال بالرجعسسة‪ ،‬أو دعسا إلسى أصسسل مسن أصسول الشسسيعة‬
‫المعروفة‪ ،‬كما أن أنصار المام علي ل يمكن أن يقال بأنهم علسسى مسسذهب‬
‫الشيعة‪ ،‬أو أصل من أصول الشيعة‪ ،‬وإن كان في أصحاب المام علي كما‬
‫في أصحاب معاوية من أعداء السلم الذين تظاهروا بالسلم ليكيدوا لسسه‬
‫بالباطن ما ل ينكر‪ ،‬وقد كان للسبئيين أثر في إشعال الفتنة ل يجحد‪ ،‬وهم‬
‫وجدوا قبل ذلك‪ ،‬كما أننا نلحظ أنه بعد حادثة التحكيم وفي بنسسود التحكيسسم‬
‫أطلق لفظ الشيعة علسى الجسانبين بل تخصسيص – كمسا سسبق – ]انظسسر‪) :‬ص‬
‫‪.[.(38‬‬
‫القول الرابع‪:‬‬
‫بأن التشيع ولد إثر مثل الحسين‪ .‬يقول شتروتمان ]رودلسسف شسستروتمان مسسن‬
‫المستشرقين المتخصصين في الفسسرق ومسسذاهبها‪ ،‬ولسسه عنهسسا مبسساحث‪ .‬مسسن آثسساره‪ :‬الزيديسسة‪،‬‬
‫وأربعة كتب إسماعيلية‪.‬‬
‫)انظسسسر‪ :‬نجيسسسب العقيقسسسي‪ /‬المستشسسسرقون‪" (Strotnmann, R) [.(2/788 :‬إن دم‬
‫الحسسسين يعتسسبر البسسذرة الولسسى للتشسسيع كعقيسسدة" ]دائرة المعسسارف السسسلمية‪:‬‬
‫‪.[.14/59‬‬
‫الرأي المختار‪:‬‬
‫عرضنا فيما سبق معظم الراء في نشأة التشيع‪ ،‬وناقشنا ما يحتاج إلسسى‬
‫مناقشة‪ ..‬والذي أرى أن الشيعة كفكسسر وعقيسسدة لسسم تولسد فجسسأة‪ ،‬بسل إنهسسا‬
‫أخذت طورا ً زمنيًا‪ ،‬ومرت بمراحل‪ ..‬ولكن طلئع العقيدة الشسسيعية وأصسسل‬
‫أصولها ظهرت على يد السبئية باعتراف كتب الشيعة التي قالت بأن ابسسن‬
‫سبأ أول من شهد بالقول بفرض إمامة علي‪ ،‬وأن عليا ً وصي محمد ‪ -‬كمسسا‬
‫مر ‪ -‬وهذه عقيدة النص على علي بالمامة‪ ،‬وهي أساس التشيع كما يسسراه‬
‫شيوخ الشيعة كما أسلفنا ذكره في تعريف الشيعة‪ .‬وشهدت كتب الشيعة‬
‫بأن ابن سبأ وجمسساعته هسسم أول مسسن أظهسسر الطعسسن فسسي أبسسي بكسسر وعمسسر‬
‫وعثمان أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرحامه وخلفائه وأقرب‬
‫الناس إليه ‪ -‬رضسسي اللسسه عنهسسم ‪ -‬والطعسسن فسسي الصسسحابة الخريسسن‪ ،‬وهسسذه‬
‫عقيدة الشيعة في الصحابة كما هي مسجلة في كتبهم المعتمدة‪ .‬كمسسا أن‬
‫ابن سبأ قال برجعة علي ]انظر‪ :‬القمي‪ /‬المقالت والفرق ص‪ ،21 :‬النوبخسستي‪ /‬فسسرق‬
‫الشسسسيعة ص‪ ،23 :‬الناشسسسئ الكسسسبر‪ /‬مسسسسائل المامسسسة ص‪ ،23-22 :‬الشسسسعري‪ /‬مقسسسالت‬
‫السلميين‪ ،1/86 :‬الملطي‪ /‬التبيه والرد ص‪ ،18 :‬البغدادي‪ /‬الفرق بيسسن الفسسرق ص‪،237 :‬‬
‫السفراييني‪ /‬التبصير في الدين ص‪ ،72 :‬السسرازي‪ /‬محصسسل أفكسسار المتقسسدمين والمتسسأخرين‬
‫ص‪ ،242 :‬البجي ‪ /‬المواقف ص‪ [.419 :‬والرجعة من أصول الشيعة كما سيأتي‪.‬‬
‫كما أن ابن سبأ قال بتخصيص علي وأهل البيت بعلوم سرية خاصسسة‪ .‬كمسسا‬
‫أشار إلى ذلك الحسن بن محمد بن الحنفية ]قال ابن حجسسر‪ :‬الحسسسن بسسن محمسد‬
‫بن علي بن أبي طالب‪ ،‬أبسو محمسد المسدني ‪ ،‬وأبسوه يعسرف بسابن الحنفيسة‪ .‬لسه رسسالة فسي‬
‫الرجاء أخرجها محمد بن يحيى العدني في كتاب اليمسسان‪ .‬انظسسر تهسسذيب التهسسذيب‪[.2/32 :‬‬
‫ه( في رسسسالة الرجسساء ]رسسسالة الرجسساء )ضسسمن كتسساب اليمسسان‪،‬‬ ‫) ت ‪ 95‬أو ‪‍ 100‬‬
‫لمحمد بن يحيى العدني ص ‪.[.(250-249‬‬
‫وهذه المسألة أصبحت من أصول العتقاد عند الشسسيعة‪ ،‬وقسسد ثبسست فسسي‬
‫صحيح البخاري ما يدل على أن هذه العقيدة ظهرت في وقت مبكسسر‪ ،‬وأن‬
‫‪44‬‬
‫عليا ً ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬سئل عنها‪ ،‬وقيل له‪ :‬هل عندكم شسسيء ممسسا ليسسس‬
‫في القرآن ومما ليس عند الناس؟‪ ،‬فنفى ذلك نفيا ً قاطعا ً ]وقد أخسسرج المسسام‬
‫البخاري هذا الحديث في باب كتابة العلم )البخاري مع الفتح‪ (1/204 :‬وباب حسسرم المدينسسة‬
‫)البخاري مع الفتح ‪ (4/81‬وباب فكاك السير )‪ ،(6/167‬وباب ذمة المسسسلمين وجسسوارهم )‬
‫‪ (6/273‬وباب إثم من عاهد ثم غدر )‪ (280-6/279‬وباب إثم من تبرأ من مواليه )‪-12/41‬‬
‫‪ (42‬وباب العاقلة )‪ (12/246‬وباب ل يقتل مسلم بكسافر )‪ ،(12/260‬وبساب مسا يكسره مسن‬
‫التعمق والتنازع والغلو )‪ .(276-13/275‬وأخرجسسه مسسسلم فسسي بسساب فضسسل المدينسسة وبيسسان‬
‫تحريمها )مسلم مع النووي‪ (144-9/143 :‬وكتاب السسذبائح )مسسسلم مسسع النسسووي ‪.(13/141‬‬
‫وأخرجه النسائي )المجتبى‪ .(8/19 :‬والترمذي )‪ .(4/668‬وأحمد )المسند‪.[.(1/100 :‬‬
‫هذه أهم الصول التي تدين بها الشيعة ]ممسسا ينبغسسي أن يلحسسظ أن ربسسط نشسسأة‬
‫التشيع بابن سبأ هو في التشيع المتضسسمن لهسسذه الصسسول الغاليسسة‪ ،‬أمسسا "التشسسيع المتوسسسط‬
‫والذي مضمونه تفضيل علي وتقسديمه علسسى غيسسره ونحسسو ذلسك فلسم يكسن هسسذا مسن إحسداث‬
‫الزنادقة‪ ،‬بخلف دعوى النص والعصمة فإن الذي ابتدع ذلك كان منافقا ً زنديقًا"‪.‬‬
‫)ابن تيمية‪ /‬مجموعة الفتاوى‪ (20/466 :‬وهو ابن سبأ وعصسابته مسن اليهسود والمنسافقين‬
‫والحاقدين والموتورين‪ ،[.‬وقد وجدت إثر مقتل عثمان – رضي الله عنه – فسسي‬
‫عهد علي – رضي الله عنه – ولسم تأخسذ مكانهسا فسي نفسوس فرقسة معنيسة‬
‫معروفة‪ ،‬بل إن السبئية ما كادت تطل برأسها حتى حاربها علسسي – رضسسي‬
‫الله عنه – ]فقد أمر بإحراق أولئك الذين ادعوا فيه اللوهية‪) .‬انظسسر‪ :‬ابسسن تيميسسة‪ /‬منهسساج‬
‫السنة‪ 1/219 :‬تحقيق د‪ .‬محمد رشاد سالم‪ ،‬فتح البسساري‪ ،2/270 :‬الملطسسي‪ /‬التنسسبيه والسسرد‬
‫ص‪ ،18 :‬السفراييني‪ /‬التبصير في السسدين‪ :‬ص ‪ .(70‬وأمسا السسسبابة السسذين يسسسبون أبسسا بكسسر‬
‫وعمر فإن عليا ً لما بلغه ذلك طلب ابن السوداء الذي بلغه ذلك عنه‪ ،‬وقيل‪ :‬إنسسه أراد قتلسسه‪،‬‬
‫فهرب منه‪ .‬وأما المفضلة الذين يفضلونه على أبي بكر وعمر فروي أنه قال‪" :‬ل أوتى بأحد‬
‫يفضلني على أبي بكسر وعمسر إل ضسسربته حسسد المفسستري"‪) .‬منهساج السسنة‪،[.(220-1/219 :‬‬
‫ولكن ما تل ذلك من أحداث هيأ جوا ً صالحا ً لظهسسور هسسذه العقسسائد‪ ،‬وتمثلهسسا‬
‫في جماعة وذلك كمعركة صفين‪ ،‬وحادثة التحكيسسم السستي أعقبتهسسا‪ ،‬ومقتسسل‬
‫علي‪ ،‬ومقتل الحسين‪ ..‬كل هذه الحداث دفعت القلسسوب والعواطسسف إلسسى‬
‫التشيع لل البيت‪ ،‬فتسلل الفكر الوافد من نافذة التشيع لعلسسي وآل بيتسسه‪،‬‬
‫وصسسار التشسسيع وسسسيلة لكسسل مسسن أراد هسسدم السسسلم مسسن ملحسسد ومنسسافق‬
‫وطاغوت‪ ،‬ودخلت إلى المسلمين أفكار ومعتقدات أجنبيسسة اكتسسست بثسسوب‬
‫التشيع وتيسر دخولهسسا تحسست غطسسائه‪ ،‬وبمسسرور اليسسام كسسانت تتسسسع البدعسسة‬
‫ويتعاظم خطرها‪ ،‬حيث قد وجد لبن سبأ خلفاء كثيرون‪.‬‬
‫ولم يكن استعمال لقب "الشيعة" في عهد علي ‪ -‬رضي اللسسه عنسسه ‪ -‬إل‬
‫بمعنى الموالة والنصرة‪ ،‬ول يعني بحال اليمان بعقيدة من عقائد الشسسيعة‬
‫اليوم‪ ..‬ولم يكن يختص إطلق هذا اللقب بعلسسي ‪ -‬رضسسي اللسسه عنسسه ‪ -‬يسسدل‬
‫على ذلك ما جاء في صحيفة التحكيم من إطلق اسسسم الشسسيعة علسسى كسسل‬
‫من أتباع علي وأتباع معاوية كما سلف ]انظر ص‪.[.(38 ) :‬‬
‫فإذن كانت الحسسداث السستي جسسرت علسسى آل السسبيت )مقتسسل علسسي‪ ،‬مقتسسل‬
‫الحسين‪ ،‬إلخ( هي من العوامل المؤثرة للنسسدفاع إلسسى التشسسيع لل السسبيت‪،‬‬
‫وكان التعاطف والتأثر لمسسا حسسل بسسالل هسسو شسسعور كسسل مسسسلم‪ ،‬ولكسسن قسسد‬
‫استغل هذا المر مسسن قبسسل العسسداء السسذين يتربصسسون بالمسسسلمين السسدوائر‬
‫فدخلوا من هذا المنفذ‪ ،‬وأشاعوا الفرقة في صفوف المة‪ ،‬وحققوا بالكيد‬

‫‪45‬‬
‫والحيلة ماعجزوا عنه بالسسسلح والسسسنان‪ ،‬ودخسسل أتبسساع السسديانات الخسسرى‪،‬‬
‫والمتآمرون‪ ،‬والمتربصون في التشيع‪ ،‬وبدأوا يضعون أصول ً مستوحاة من‬
‫دينهم‪ ،‬ألبسوها ثوب السلم‪ ..‬كما سندرس هذا في أصل التشيع‪.‬‬

‫أصل التشيع‬
‫) أو أثر الفلسفات القديمة في المذهب الشيعي (‬
‫اختلف أنظار العلماء والباحثين في مرجع الصول العقدية للتشيع؛ فمن‬
‫قائل بأنها ترجع لصل يهودي‪ ،‬ومن قائل بأنها ترجع لصسسل فارسسسي‪ ،‬ومسسن‬
‫قائل بأن المذهب الشيعي كان مباءة للعقائد السسسيوية القديمسسة كالبوذيسسة‬
‫]البوذية‪ :‬هم أتباع بوذا‪ ،‬ولها انتشار بين عدد من الشعوب السيوية‪ ،‬وتتبسساين عقسسائد التبسساع‬
‫حول هذه النحلة؛ فتجعل البوذية اليابانية »بوذا« جوهرا ً إلها ً حال ً في الكون‪ ،‬وبوذية الهند –‬
‫وهي الصل – ل إله لها‪ ،‬وبوذية الصين مالت إلى العتقاد بفكرة كسسائن مطلسسق يتمثسسل فسسي‬
‫شخصيات مختلفة بوذا واحد منهسسا‪ .‬وانظسسر عسسن البوذيسسة )محمسسد سسسيد كيلنسسي‪ /‬ذيسسل الملسسل‬
‫والنحل ص ‪،13‬س ‪،26‬س ‪ ،31‬محمد أبو زهسسرة‪ /‬السسديانات القديمسسة ص‪ ،53 :‬سسسليمان مظهسسر‪/‬‬
‫قصة الديانات ص‪ [.(73 :‬وغيرها‪:‬‬
‫القول بالصل اليهودي‪:‬‬
‫من الباحثين من يرى أن أصل التشيع ذو صبغة يهودية وذلك باعتبارين‪:‬‬
‫الول‪:‬‬
‫أن ابن سبأ كسسان أول مسسن قسسال بسسالنص والوصسسية‪ ،‬والرجعسسة‪ ،‬وابسسن سسسبأ‬
‫يهودي‪ ،‬وهسسذه الراء صسسارت مسسن أصسسول المسسذهب الشسسيعي‪ ،‬ولهسسذا أشسسار‬
‫القمي‪ ،‬والنوبختي والكشي‪ ،‬وهم من شسسيوخ الشسسيعة القسسدامى إلسسى هسسذا‪،‬‬
‫وذلك حينما استعرضوا آراء ابن سبأ والتي أصبحت فيمسسا بعسسد مسسن أصسسول‬
‫الشيعة‪ ،‬قالوا‪" :‬فمن هنا قال من خسسالف الشسسيعة‪ :‬إن أصسسل الرفسسض كسسان‬
‫مأخوذا ً مسن اليهوديسة" ]انظسسر‪ :‬القمسسي‪ /‬المقسسالت والفسسرق ص‪ 20 :‬النوبخسستي‪ /‬فسسرق‬
‫الشيعة ص‪ ،22 :‬رجال الكشي ص‪.[.108 :‬‬
‫العتبار الثاني‪:‬‬
‫هو وجود تشابه في الصول الفكريسسة بيسسن اليهسسود والشسسيعة‪ ،‬ولعسسل أول‬
‫بيان لذلك وأشمله هو ما روي عن الشعبي ]عامر بن شراحيل بن عبسسد ذي كبسسار‬
‫ه(‪) .‬تهسسذيب التهسسذيب‪[.(5/5 :‬‬‫الشعبي‪ ،‬راوية من التابعين‪ ،‬يضرب المثل بحفظه‪) ،‬ت ‪‍ 102‬‬
‫في هذا الباب ]رواه الخلل في كتابة السنة‪ ،‬قال محقق الكتسساب‪ :‬إسسسناده ل يصسسح‪ ،‬لن‬
‫فيه عبد الرحمن بن مالك بن مغول متروك‪ ،‬ولكن المسسور المسسذكورة واقعسسة مسسن الرافضسسة‬
‫)السنة للخلل‪ ،(565-2/563 :‬وانظر‪ :‬منهاج السسسنة لبسسن تيميسسة‪ ،10-1/6 :‬الللكسسائي فسسي‬
‫شرح أصول اعتقاد أهل السنة‪) .‬انظر‪ :‬كاشف الغمة في اعتقاد أهل السنة ص ‪ ،(611‬ابسسن‬
‫الجسسوزي‪ /‬الموضسسوعات‪ ،1/338 :‬ابسسن بكسسر‪ /‬التمهيسسد والبيسسان‪ :‬ص ‪) ،234-233‬القسسسم‬
‫المخطوط(‪ .[.‬كما أشار ابن حسزم إلسى شسيء مسن ذلسك حينمسا قسال‪" :‬سسار‬
‫هسسؤلء الشسسيعة فسسي سسسبيل اليهسسود القسسائلين‪ ..‬إن إليسساس ‪-‬عليسسه السسسلم ‪،-‬‬
‫وفنحاس بن العازار بن هارون ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬أحياء إلسسى اليسسوم" ]الفصسسل‪:‬‬
‫‪ .[.5/37‬وقد ذكر شيخ السلم ابن تيمية أن في الشيعة من الجهل والغلسسو‬
‫واتباع الهوى ما أشسسبهوا فيسسه النصسسارى مسسن وجسسه واليهسسود مسسن وجسسه‪ ،‬وأن‬

‫‪46‬‬
‫الناس مازالوا يصفونهم بذلك‪ ،‬ثم نقل ما روي عن الشسسعبي مسسن مشسسابهة‬
‫الشيعة لليهود والنصارى ]منهاج السنة‪ ...[.1/6 :‬وقد قال بهذا الرأي جمع من‬
‫الباحثين ]من هؤلء الستاذ أحمد أمين‪ ،‬حيث قال‪" :‬فاليهودية ظهرت في التشيع بسسالقول‬
‫بالرجعة‪ ،‬وقالت الشيعة‪ :‬إن النسسار محرمسسة علسسى الشسسيعي إل قليل ً كمسسا قسسال اليهسسود‪َ} :‬لن‬
‫َ‬
‫ة{‪ .‬والنصرانية ظهرت في التشسسيع فسسي قسسول بعضسسهم‪ :‬إن‬ ‫دودَ ً‬‫ع ُ‬
‫م ْ‬
‫ما ّ‬‫سَنا الّناُر إ ِل ّ أّيا ً‬
‫م ّ‬
‫تَ َ‬
‫نسبة المام إلى الله كنسبة المسيح إليه‪ "...‬انظسسر‪ :‬فجسسر السسسلم ص‪ ،276 :‬ويسسرى جولسسد‬
‫تسيهر أن فكرة الرجعة تسربت إلسسى التشسسيع مسسن طريسسق المسسؤثرات اليهوديسسة والنصسسرانية‬
‫)انظر‪ :‬العقيدة والشريعة ص ‪ .(215‬وكذلك يرى فريد لندر أن التشسيع قسد اسستمد أفكساره‬
‫الرئيسة مسسن اليهوديسسة‪) .‬انظسسر‪ :‬المصسسدر السسسابق‪ :‬ص ‪ 100‬ومسسا بعسسدها(‪ ،‬ويقسسول فلهسسوزن‬
‫بالصل اليهودي‪ ،‬ويشير إلى بعض أوجه التشابه في الفكار بيسسن اليهسسود والشسسيعة )أحسسزاب‬
‫المعارضة ص‪.[.(170 :‬‬
‫القول بالصل الفارسي ) فارسية التشيع (‪:‬‬
‫يقرر بعض الباحثين أن التشيع نزعة فارسية‪ ،‬وذلك لعدة اعتبارات‪:‬‬
‫الول‪ :‬ما قاله ابن حسسزم والمقريسسزي مسسن أن الفسسرس كسسانت مسسن سسسعة‬
‫الملك‪ ،‬وعلو اليد على جميع المم‪ ،‬وجللة الخطر في أنفسها بحيث إنهسسم‬
‫كانوا يسمون أنفسهم الحرار والسياد‪ ،‬وكانوا يعدون سائر النسساس عبيسسدا ً‬
‫لهم‪ ،‬فلما امتحنوا بزوال الدولة عنهم على أيدي العرب‪ ،‬كان العسسرب عنسسد‬
‫الفرس أقسسل المسسم خطسسرًا‪ ،‬تعسساظمهم المسسر‪ ،‬وتضسساعفت لسسديهم المصسسيبة‬
‫وراموا كيد السلم بالمحاربة في أوقات شتى‪ ،‬وفي كل ذلسسك يظهسسر اللسسه‬
‫الحق‪ ..‬فسسرأوا أن كيسسده علسسى الحيلسسة أنجسسع‪ ،‬فسسأظهر قسسوم منهسسم السسسلم‪،‬‬
‫واستمالوا أهل التشيع‪ ،‬بإظهار محبة أهل البيت‪ ،‬واستبشسساع ظلسسم علسسي ‪-‬‬
‫بزعمهم – ثم سلكوا بهم مسالك حتى أخرجوهم عسسن طريسسق الهسسدى ]ابسسن‬
‫حزم‪ /‬الفصل‪ ،2/273 :‬وانظر‪ :‬المقريزي‪ /‬الخطط‪.[.2/362 :‬‬
‫الثاني‪ :‬أن العرب تدين بالحرية‪ ،‬والفرس يدينون بالملسسك والوراثسسة فسسي‬
‫البيت المالك‪ ،‬ول يعرفون معنى النتخاب للخليفة‪ ،‬وقد انتقل النبي صسسلى‬
‫الله عليه وسلم إلى الرفيق العلى‪ ،‬ولم يترك ولدًا‪ ،‬فسسأولى النسساس بعسسده‬
‫ابن عمه علي بن أبي طالب‪ ،‬فمن أخذ الخلفة كأبي بكر وعمسسر وعثمسسان‪،‬‬
‫فقد اغتصب الخلفة مسن مسستحقها‪ ،‬وقسد اعتساد الفسسرس أن ينظسروا إلسسى‬
‫الملك نظرة فيها معنى التقسسديس‪ ،‬فنظسسروا هسسذا النظسسر نفسسسه إلسسى علسسي‬
‫وذريته‪ ،‬وقالوا‪ :‬إن طاعة المام واجبة‪ ،‬وطاعته طاعة الله سبحانه وتعالى‬
‫]انظر‪ :‬محمد أبو زهرة‪ /‬تاريخ المذاهب السلمية‪ ،1/37 :‬أحمسسد أميسسن‪ /‬فجسسر السسسلم‪ :‬ص‬
‫‪ ،277‬عرفان عبد الحميد‪ /‬دراسات في الفرق‪ ،23 :‬فلهوزن‪ /‬أحزاب المعارضسسة السياسسسية‬
‫الدينيسسة فسسي صسسدر السسسلم‪ :‬ص ‪ ،168‬فلسسوتن‪ /‬السسسيادة العربيسسة‪ :‬ص ‪ .[.76‬وكثير مسسن‬
‫الفرس دخلوا في السلم ولم يتجردوا مسسن كسسل عقسسائدهم السسسابقة السستي‬
‫ل‪ ،‬وبمرور الزمان صسسبغوا آراءهسسم القديمسسة بصسسبغة إسسسلمية‪،‬‬ ‫توارثوها أجيا ً‬
‫فنظرة الشيعة إلى علي وأبنسسائه هسسي نظسسرة آبسسائهم الوليسسن إلسسى الملسسوك‬
‫الساسانيين‪.‬‬
‫يقول الشيخ محمد أبو زهرة‪" :‬إنا نعتقد أن الشسسيعة قسسد تسسأثروا بالفكسسار‬
‫الفارسسسية حسسول الملسسك والوراثسسة‪ ،‬والتشسسابه بيسسن مسسذهبهم ونظسسام الملسسك‬

‫‪47‬‬
‫الفارسي واضح‪ ،‬ويزكي هذا أن أكثر أهل فارس من الشيعة‪ ،‬وأن الشيعة‬
‫الولين كانوا من فارس" ]محمد أبو زهرة‪ /‬تاريخ المذاهب السلمية‪.[.1/38 :‬‬

‫‪48‬‬
‫الثالث‪ :‬حينما فتسسح المسسسلمون بلد الفسسرس تسسزوج الحسسسين بسسن علسسي ‪-‬‬
‫رضي الله عنه ‪ -‬ابنه يزدجرد أحد ملوك إيران‪ ،‬بعدما جسساءت مسسع السسسرى‬
‫فولدت له علي بن الحسين‪ ،‬وقد رأى الفسسرس فسسي أولدهسسا مسسن الحسسسين‬
‫وارثين لملوكهم القدمين‪ ،‬ورأوا أن الدم الذي يجري في عسسرق علسسي بسسن‬
‫الحسين وفي أولده دم إيراني من قبل أمه ابنة يزدجسسرد والسسذي مسسن هسسو‬
‫من سللة الملوك الساسانيين المقدسين عنسسدهم ]انظسسر فسسي أن أم علسسي بسسن‬
‫الحسين هي ابنة يزدجرد‪ :‬تاريخ اليعقوبي‪ ،2/247 :‬صحيح الكافي‪ .1/53 :‬وانظسسر فسسي أثسسر‬
‫ذلك‪ :‬سميرة الليثي‪ /‬الزندقة والشعوبية‪ :‬ص ‪ ،56‬عبد الله الغريسسب‪ /‬وجسساء دور المحبسسوس‪:‬‬
‫ص ‪ ،77‬النشار‪ /‬نشأة الفكر الفلسفي‪ ،2/11 :‬عبد السسرزاق الحصسسان‪ /‬المهسسدي والمهدويسسة‪:‬‬
‫ص ‪ ،82‬رونلدسن‪ /‬عقيدة الشيعة‪ :‬ص ‪ ،[.101‬أضف إلى ذلسسك أن اسسسم فاطمسسة ‪-‬‬
‫فيما يقال ‪ -‬اسم مقدس عند الفرس‪ ،‬لن لهسسا مقامسا ً محمسسودا ً فسسي تاريسسخ‬
‫الفرس القديم ]لن لفاطمة أثرا ً جميل ً ‪ -‬كما يعتقسسدون ‪ -‬فسسي الكشسسف عسسن سسسمرديس‬
‫المجوسي السسذي اسسستولى علسسى عسسرش الكيسسانيين‪ ،‬فكسسانت فاطمسسة بطلسسة‪ ،‬وكسسانت فاطمسسة‬
‫مقدسة ‪ ،‬ولولها لما علم شيء من أمر سمرديس المجوسي هذا‪ ،‬ولولهسسا لمسسا دبسسر أبوهسسا‬
‫أوتانس وصحبه مؤامرة عليه‪) .‬انظر‪ :‬عبسسد السسرزاق الحصسسان‪ /‬المهسسدي والمهدويسسة‪ :‬ص ‪،84‬‬
‫عن هيرودوتس‪ ،2/462 :‬المقدسي‪ /‬البدء والتاريخ‪.[.(6/95 ،4/134 :‬‬
‫الرابع‪ :‬وتلمسح الصسل الفارسسي أيضسا ً فسي روايسات عديسدة عنسد الثنسي‬
‫عشرية‪ ،‬تفرد سلمان الفارسي ‪ -‬رضي الله عنه وبرأه الله مما يفسسترون ‪-‬‬
‫بخصائص وصفات فوق مرتبة البشر‪ ،‬حيث جاء في أخبارهم‪" :‬أن سسسلمان‬
‫ا‪ ،‬ومن أنكره كان كسسافرًا" ]رجسسال‬ ‫باب الله في الرض‪ ،‬من عرفه كان مؤمن ً‬
‫الكشي‪ :‬ص ‪ .[.15‬وهذا الوصف لسلمان اعتسساد الشسسيعة فسسي روايسساتهم علسسى‬
‫إطلقه على أئمتهم الثني عشر‪ ،‬كما أثبتت رواياتهم بسسأن سسسلمان "يبعسسث‬
‫الله إليه ملكا ً ينقر في أذنه يقول كيت وكيسست" ]رجسسال الكشسسي‪ [.16 :‬و"عسسن‬
‫الحسن عن منصور قال‪ :‬قلسست للصسسادق ‪ -‬عليسسه السسسلم ‪ :-‬أكسسان سسسلمان‬
‫محدثًا؟ قال‪ :‬نعم‪ .‬قلسست‪ :‬مسسن يحسسدثه؟ قسسال‪ :‬ملسسك كريسسم‪ .‬قلسست‪ :‬إذا كسسان‬
‫سلمان كذا فصحابه أي شيء هو؟ قال‪ :‬أقبل على شسسأنك" ]رجسسال الكشسسي‪:‬‬
‫ص ‪ .[.19‬فهي تثبت الوحي لسلمان وتسسوحي بسسأن صسساحبه وهسسو علسسي فسسوق‬
‫ذلك؟! بل أثبتت أخبارهم لسلمان علم الئمة والنبياء‪ ،‬كما جعلت لسه أمسر‬
‫المسسام والنسسبي‪ ،‬فقسسالت‪ ..." :‬سسسلمان أدرك علسسم الول وعلسسم الخسسر" ثسسم‬
‫فسرت ذلك‪ ،‬فقالت‪" :‬يعني علم النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وعلم علي‪،‬‬
‫وأمرالنبي صلى الله عليه وسلم وأمر علي" ]رجال الكشي‪ :‬ص ‪.[.16‬‬
‫وجاء في رواياتهم أن سسسلمان أحسسد الشسسيعة السسذين بهسسم ‪ -‬كمسسا يفسسترون‬
‫"ترزقون‪ ،‬وبهم تنصرون‪ ،‬وبهم تمطرون" ]رجسسال الكشسسي‪ :‬ص ‪ .[.7-6‬بل بلسسغ‬
‫الغلو ببعض الفسسرق الشسسيعية أن قسسالت بتسسأليه سسسلمان‪ ،‬وقسسد وجسسدت هسسذه‬
‫ه(‪ ،‬وأشسسار‬ ‫الفرقة في عصر أبي الحسسسن الشسسعري )المتسسوفى سسسنة ‪‍ 330‬‬
‫إليها في مقالته حيث قال‪" :‬وقسسد قسسال فسسي عصسسرنا هسسذا قسسائلون بألوهيسسة‬
‫سلمان الفارسي" ]مقالت السلميين‪ .[.1/80 :‬وقد تكون هذه الروايسسات فسسي‬
‫كتب الثني عشرية هي من آثار هذه الفرقة‪ ،‬لن كتب الثني عشسسرية قسسد‬
‫استوعبت معظم آراء الفرق الشيعية بكل ما فيها من شذوذ‪ ..‬وبقاؤها في‬
‫كتبهم قد يؤذن بخروج طوائف منها مرة أخرى‪.‬‬
‫‪49‬‬
‫بل نلحظ أن هناك اتجاها ً داخل الدوائر الشيعية لتعظيم بعسسض العناصسسر‬
‫الفارسية التي شاركت في التآمر والكيد ضد دولة الخلفة الراشسسدة وهسسو‬
‫أبو لؤلؤة الفارسي المجوسي قاتل الخليفسسة العظيسسم عمسسر بسسن الخطسساب‪،‬‬
‫فقد أطلسسق عليسسه عنسسدهم "بابسسا شسسجاع السسدين" ]انظسسر‪ :‬عبسساس القمسسي‪ /‬الكنسسى‬
‫واللقاب‪ ، [.2/55 :‬واعتبروا يقوم مقتسسل عمسسر ‪ -‬رضسسي اللسسه عنسسه ‪ -‬بيسسد هسسذا‬
‫المجوسي عيدا ً من أعيادهم‪ ،‬وقد ساق شيخهم الجزائري روايات لهم في‬
‫ذلسسك ]انظسسر‪ :‬النسسوار النعمانيسسة‪ ، [.1/108 :‬كمسسا يعظمسسون يسسوم النيسسروز‪ ،‬كفعسسل‬
‫المجوس ]انظر‪ :‬العلمي‪ /‬مقتبس الثر‪ ،203-29/202 :‬المجلسسسي‪ /‬بحسسار النسسوار‪ ،‬بسساب‬
‫عمل يوم النيروز‪ ،98/419 :‬وانظسسر‪ :‬وسسسائل الشسسيعة‪ ،‬بسساب اسسستحباب صسسوم يسسوم النيسسروز‬
‫والغسل فيه‪ ،‬ولبس أنظف الثياب والطيسسب‪ ،[.7/346 :‬وقد اعسسترفت أخبسسارهم بسسأن‬
‫يوم النيروز من أعياد الفرس ]انظر‪ :‬بحار النوار‪.[.48/108 :‬‬
‫القققول بققأن المققذهب الشققيعي مبققاءة للعقققائد السققيوية‬
‫القديمة‪:‬‬
‫ويضسسيف البعسسض أن المسسذهب الشسسيعي كسسان مبسساءة ومسسستقرا ً للعقسسائد‬
‫السيوية القديمة كالبوذية وغيرها ]انظسسر‪ :‬تاريسسخ المسسذاهب السسسلمية لبسسي زهسسرة‪:‬‬
‫‪ .[.1/37‬يقول السسستاذ أحمسسد أميسسن‪" :‬وتحسست التشسسيع ظهسسر القسول بتناسسسخ‬
‫الرواح ]تناسخ الرواح‪ :‬انتقال الروح بعد الموت من بدن إلى آخر؛ إنسانا ً أو حيوانًا‪ .‬قسسال‬
‫بهذه النظرية بعض الهنود‪ ،‬وفيثاغورس مسسن اليونسسان‪ ،‬وتسسسربت للعسسالم السسسلمي‪) .‬انظسسر‪:‬‬
‫المعجم الفلسفي ص ‪ ،55‬التعريفات للجرجاني‪ :‬ص ‪ ، [.(93‬وتجسيم اللسسه ]المقصسسود‬
‫وصف الله جل شأنه بصفات المخلوقين‪ ،‬وقد وجد هذا عند طوائف من الشيعة كالهشسسامية‬
‫أتباع هشام بن الحكم وغيرها ‪ -‬كما سيأتي ‪ -‬أما لفظ الجسم فإن للناس فيه أقوال ً متعددة‬
‫اصطلحا ً غير معناه اللغوي‪.‬‬
‫انظر في ذلك‪ :‬ابن تيمية‪ /‬التدمرية‪ :‬ص ‪) 33-32‬ضمن مجموع فتاوى شيخ السلم – ج‬
‫‪ (‍3‬منهاج السنة‪ 2/97 :‬وما بعدها‪ 2/145 ،‬وما بعدها‪ ،‬درء تعارض العقل والنقسسل‪-1/118 :‬‬
‫‪ ،119‬التعريفات للجرجاني‪ :‬ص ‪ ،[.103‬والحلول ]الحلول‪ :‬هو الزعم بأن الله قسسد يحسسل‬
‫فسسي جسسسم عسسدد مسسن عبسساده‪ ،‬أو بعبسسارة أخسسرى أن اللهسسوت يحسسل فسسي الناسسسوت )المعجسسم‬
‫الفلسسسفلي‪ :‬ص ‪ [.( 76‬ونحسسو ذلسسك مسسن القسسوال السستي كسسانت معروفسسة عنسسد‬
‫البراهمة ]البراهمة‪ :‬هم المنتسبون إلسسى رجسسل مهسسم يقسسال لسسه‪ :‬براهسسم )الملسسل والنحسسل ‪:‬‬
‫‪ (2/251‬أو‪ :‬برهام من ملوك الفسسرس )المنيسسة والمسسل‪ :‬ص ‪ .(72‬يقسسرون بسسالله‪ ،‬ويجحسسدون‬
‫الرسل‪ ..‬وهم فرق مختلفة )انظر نفس الموضع من المصدرين السابقين(‪ [.‬والفلسسسفة‬
‫والمجوس ]المجوس‪ :‬هم عبدة النار‪ ،‬ويقولون بأصلين؛ أحدهما‪ :‬النور‪ ،‬والخر‪ :‬الظلمسسة‪.‬‬
‫والنور أزلي‪ ،‬والظلمة محدثة‪ .‬ومسائل المجوس كلها تدور علسسى قاعسدتين‪ ،‬إحسسداهما‪ :‬بيسسان‬
‫سبب امتزاج النور بالظلمة‪ ،‬والثانية‪ :‬بيان سبب خلص النور من الظلمة‪ ،‬وجعلوا المسستزاج‬
‫مبدأ‪ ،‬والخلص معادًا‪) .‬انظر‪ :‬الملل والنحل‪ 1/232 :‬ومسسا بعسسدها‪ ،‬السسرازي‪ /‬اعتقسسادات فسسرق‬
‫المسلمين والمشركين ص ‪ ،134‬وانظر‪ :‬أخبار أمسسم المجسسوس‪ /‬الكسسسندر سسسيبيل(‪ [.‬قبل‬
‫السلم" ]فجر السسسلم‪ :‬ص ‪ .[.277‬ويشير بعض المستشسسرقين إلسسى تسسسرب‬
‫الكثير من العقائد غيسسر السسسلمية إلسسى الشسسيعة ويقسول‪" :‬إن تلسسك العقسسائد‬
‫انتقلت إليها من المجوسية‪ ،‬والمانوية ]المانوية‪ :‬أصحاب ماني بن فاتك‪ ،‬كسسان فسسي‬
‫الصل مجوسيًا‪ ،‬ثم أحدث دينا ً بين المجوسية والنصرانية‪ ،‬وقد خالفته المجوس وسعت في‬
‫قتله‪ ،‬حتى قتله بهرام بن هرمز بن سابور وذلك بعد عيسى ‪ -‬عليه السسسلم ‪ -‬وبقسسي مسسذهبه‬
‫في أتباعه‪ .‬والمانوية يقولون بالصلين‪ :‬النور والظلمة‪ ،‬وأن العالم صسسدر عنهمسسا‪ ،‬وأن النسسور‬
‫خير من الظلمة وهو الله المحمود‪.‬‬
‫‪50‬‬
‫)انظر‪ :‬الملل والنحل‪ 1/244 :‬وما بعدها‪ ،‬المنية والمسسل‪ :‬ص ‪ ،60‬شسسرح الطحاويسسة‪ :‬ص‬
‫‪ ،18‬الرازي‪ /‬اعتقادات فسسرق المسسسلمين والمشسسركين‪ :‬ص ‪ ، [.(138‬والبوذية وغيرهسسا‬
‫من الديانات التي كسسانت سسسائدة فسسي آسسسيا قبسسل ظهسسور السسسلم" ]فلسسوتن‪/‬‬
‫السيادة العربية‪ :‬ص ‪.[.84-83‬‬
‫ويذكر صاحب مختصر التحفة‪" :‬أن مذهب الشيعة له مشسابهة تامسة مسع‬
‫فسسرق اليهسسود والنصسسارى والمشسسركين والمجسسوس"‪ ،‬ثسسم يسسذكر وجسسه شسسبه‬
‫المذهب الشيعي بكل طائفة من هذه الطوائف ]انظر‪ :‬مختصر التحفة ص ‪298‬‬
‫وما بعدها‪.[.‬‬
‫كما يذكر البعض أنه تتبسسع مسسذاهب الشسسيعة فوجسسد عنسسدها كسسل المسسذاهب‬
‫والديان التي جاء السلم لمحاربتها ]انظسسر‪ :‬بركسسات عبسسد الفتسساح‪ /‬الواحدانيسسة‪ :‬ص‬
‫‪.[.125‬‬
‫الرأي المختار في أصل التشيع‪:‬‬
‫والذي أرى أن التشيع المجرد من دعوى النص والوصية ليسسس هسسو وليسسد‬
‫مؤثرات أجنبية‪ ،‬بل إن التشيع لل البيت وحبهم أمر طسسبيعي‪ ،‬وهسسو حسسب ل‬
‫يفرق بين الل‪ ،‬ول يغلو فيهم‪ ،‬ول ينتقص أحسسدا ً مسسن الصسسحابة‪ ،‬كمسسا تفعسسل‬
‫الفرق المنتسبة للتشيع‪ ،‬وقد نما الحب وزاد للل بعدما جسسرى عليهسسم مسسن‬
‫المحن واللم بدءا ً من مقتل علي‪ ،‬ثم الحسين‪ ..‬إلخ‪.‬‬
‫هذه الحداث فجسرت عواطسف المسسلمين‪ ،‬فسدخل الحاقسدون مسن هسذا‬
‫الباب‪ ،‬ذلك أن آراء ابن سبأ لم تجسسد الجسسو الملئم؛ لتنمسسو وتنتشسسر إل بعسسد‬
‫تلك الحداث‪ ..‬لكسن التشسيع بمعنسى عقيسدة النسص علسسى علسي‪ ،‬والرجعسسة‪،‬‬
‫والبداء‪ ،‬والغيبة‪ ،‬وعصسسمة الئمسسة‪ ..‬إلسسخ فل شسسك أنهسسا عقسسائد طسسارئة علسسى‬
‫المة‪ ،‬دخيلة على المسلمين‪ ،‬ترجع أصولها لعناصر مختلفة‪ ،‬ذلسسك أنسسه قسسد‬
‫ركب مطية التشيع كل من أراد الكيسسد للسسسلم‪ ،‬وأهلسسه‪ ،‬وكسسل مسسن احتسسال‬
‫ليعيش في ظل عقيدته السابقة باسسسم السسسلم‪ ،‬مسسن يهسسودي‪ ،‬ونصسسراني‪،‬‬
‫ومجوسي‪ ،‬وغيرهم‪ .‬فدخل في التشيع كثير من الفكار الجنبيسسة والدخيلسسة‬
‫– كما سيتبين في الدراسة الموسعة لصولهم ‪ ،-‬ولهذا ذهب شيخ السلم‬
‫ابن تيمية إلى أن المنتسبين للتشيع قد أخذوا من مذاهب الفرس والروم‪،‬‬
‫واليونان‪ ،‬والنصارى‪ ،‬واليهسسود‪ ،‬وغيرهسسم أمسسورا ً مزجوهسسا بالتشسسيع‪ ،‬ويقسسول‪:‬‬
‫وهذا تصديق لمسسا أخسسبر بسسه النسسبي صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم‪ ،‬وسسساق بعسسض‬
‫الحاديث الواردة في أن هذه المة ستركب سنن من كان قبلها…‪ ،‬وقسسال‬
‫بأن هذا بعينه صار في المنتسبين للتشيع ]منهاج السنة‪ ،4/147 :‬وانظر الحاديث‬
‫في ذلك في‪ :‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب العتصسسام بالسسسنة‪ ،‬بسساب قسسول النسسبي صسسلى اللسسه عليسسه‬
‫وسلم‪" :‬لتتبعن سنن من كان قبلكم"‪ ،8/151 :‬وفي صحيح مسلم‪ ،‬كتاب العلم‪ ،‬بساب قسول‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪" :‬لتتبعن سنن من كان قبلكم" رقم )‪ ،(2669‬المسند ‪-2/450‬‬
‫‪.[.527 ،511‬‬

‫فرق الشيعة‬
‫حفلت كتب المقالت والفرق بذكر فرق الشيعة وطوائفهم‪ ...‬والملفسست‬
‫للنظر هو كثرة هذه الفرق‪ ،‬وتعددها بدرجة كبيرة حتى تكاد تنفرد الشسسيعة‬

‫‪51‬‬
‫بهذه السمة‪ ،‬أو قل‪ :‬بهذا البلء…‪ ،‬فبعسد وفساة كسل إمسام مسن الئمسة عنسد‬
‫الشيعة تظهر فرق جديدة‪ ،‬وكل طائفسسة تسسذهب فسسي تعييسسن المسسام مسسذهبا ً‬
‫خاصا ً بها‪ ..‬وتنفرد ببعض العقائد والراء عن الطوائف الخرى‪ ،‬وتدعي أنها‬
‫هي الطائفة المحقة‪.‬‬
‫وهذا الختلف والتفرق كان محل شسسكوى وتسسذمر مسسن الشسسيعة نفسسسها‪،‬‬
‫قال أحد الشيعة لمامه ‪ -‬كما في رجال الكشي ‪" :-‬جعلني الله فداك‪ ،‬مسسا‬
‫هسسذا الختلف السسذي بيسسن شسسيعتكم؟ فقسسال‪ :‬وأي الختلف؟‪ .‬فقسسال‪ :‬إنسسي‬
‫لجلس في حلقهم بالكوفة فأكاد أشك في اختلفهم في حديثهم‪ ..‬فقسسال‪:‬‬
‫أبو عبد الله أجل هو كمسسا ذكسسرت أن النسساس أولعسسوا بالكسسذب علينسسا‪ ،‬وإنسسي‬
‫أحدث أحدهم بالحديث‪ ،‬فل يخرج من عندي‪ ،‬حتى يتأوله على غير تسسأويله‪،‬‬
‫وذلك أنهم ل يطلبون بحديثنا وبحبنا ما عند الله‪ ،‬وإنما يطلبون الدنيا‪ ،‬وكل‬
‫يحب أن يدعى رأسًا" ]رجال الكشي‪ :‬ص ‪ ،136-135‬بحار النوار‪.[.2/246 :‬‬
‫فيدل هذا النص على أن حب الرياسسسة‪ ،‬ومتسساع السسدنيا السسزائل كسسان وراء‬
‫تشيع الكسسثيرين‪ ،‬وأن هسسؤلء أولعسسوا بالكسسذب علسسى آل السسبيت‪ ..‬ولهسسذا كسسثر‬
‫الخلف والتفرق‪.‬‬
‫وقد ذكر المسعودي وهو شيعي ]علي بن الحسين بن علي المسسسعودي المسسؤرخ‪.‬‬
‫قال ابن حجر‪ :‬كتبه طافحة بأنه كان شيعيا ً معتزليًا‪ ،‬ويعتبره الثنا عشرية ‪ -‬فسسي تراجمهسسم ‪-‬‬
‫من شيوخهم‪ .‬توفي سنة )‪‍346‬ه(‪ [.‬أن فرق الشيعة بلغسست ثلثسا ً وسسسبعين فرقسسة‬
‫]مسسروج السسذهب‪ ،3/221 :‬وانظسسر‪ :‬السسرازي‪ /‬اعتقسسادات فسسرق المسسسلمين‪ :‬ص ‪ .[.85‬وكل‬
‫فرقة تكفر الخرى‪ ،‬ولهذا زعم الرافضي مير باقر السسداماد ]محمسسد بسساقر بسسن‬
‫محمد السترابادي الشهير بداماد‪ ،‬من شيوخ الشسسيعة فسسي الدولسسة الصسسفوية‪ .‬تسسوفي سسسنة )‬
‫ه( مسسترجم لسسه فسسي‪ :‬الكنسسى واللقسساب‪ ،2/206 :‬المحسسبي‪ /‬خلصسسة الثسسر‪ :‬ص ‪،301‬‬ ‫‪‍ 1040‬‬
‫الحكيمي‪ /‬تاريخ العلماء‪ :‬ص ‪ [.83‬أن الفرق المذكورة في حديث افسستراق المسسة‬
‫إلى ثلث وسبعين فرقة ]حديث افتراق المة إلى ثلث وسبعين فرقسسة هسسو كمسسا قسسال‬
‫شيخ السلم ابن تيمية‪ :‬حديث صحيح مشهور في السنن والمسانيد )الفتاوى ‪ 3/345‬جمسسع‬
‫عبد الرحمن بن قاسسسم(‪ .‬وقسسال المقبلسسي‪ :‬حسسديث افسستراق المسة إلسسى ثلث وسسسبعين فرقسسة‬
‫رواياته كثيرة يشد بعضها بعضا ً بحيث ل يبقى ريبة في حاصل معناهسسا )العلسسم الشسسامخ‪ :‬ص‬
‫‪ .(414‬ويلحظ أن أحاديث افتراق المة‪ :‬منها ما ل نص فيه على الهالك‪ ،‬وهذه قسسد أخرجهسسا‬
‫أكثر المحدثين منهم أصحاب السنن إل النسسسائي وغيرهسسم‪ ،‬ومنهسسا مسسا فيسسه بيسسان أن واحسسدة‬
‫ناجية والباقين هلكى‪ ،‬وهذه لم يخرجها من أصحاب السسسنن إل أبسسو داود فسسي كتسساب السسسنة‬
‫رقم )‪ (4573‬وأخرجها الدارمي‪ ،2/241 :‬وأحمد‪ ،4/102 :‬والحاكم‪ ،1/128 :‬والجري فسسي‬
‫الشريعة‪ :‬ص ‪ .18‬ومنها‪ :‬ما يحكم بنجاة كل الفرق سوى واحدة وهي الزنادقسسة‪ ،‬وهسسذه قسسد‬
‫حكم عليها علماء الحديث بأنها موضوعة‪.‬‬
‫انظر‪ :‬كشف الخفاء‪ ،1/369 :‬والسرار المرفوعة‪ :‬ص ‪.161‬‬
‫ً‬
‫وكما أخرج أهل السنة حديث افتراق المسسة‪ ،‬فقسسد رواه الشسسيعة أيض سا بلفسسظ‪" :‬إن أمسستي‬
‫ستفترق على اثنتين وسبعين فرقة تهلك إحدى وسبعون ويتخلص فرقسسة‪ ،‬قسسالوا‪ :‬يسسا رسسسول‬
‫الله‪ ،‬ومن تلك الفرقة؟ قال‪ :‬الجماعة الجماعة الجماعة"‪ ،‬وبلفظ آخر‪" :‬إن أمستي سستفترق‬
‫بعدي على ثلث وسبعين فرقة‪ ،‬فرقة ناجية‪ ،‬واثنتان وسبعون في النار" )انظر‪ :‬ابسسن بسسابويه‬
‫القمي‪ /‬الخصال‪.(585-2/584 :‬‬
‫وليس في رواياتهم هذا التصريح بأن هذه الفرق كلها من الشيعة‪ ،‬كما فيها تصسسريح بسسأن‬
‫الناجيسسة الجماعسسة وليسسست الشسسيعة‪ .[.‬هي فسسرق الشسسيعة وأن الناجيسسة منهسسا هسسي‬
‫طائفته المامية ]جمال الدين الفغاني‪ /‬التعليقات على شروح الد ّّواني للعقائد العضدية‬

‫‪52‬‬
‫)ضمن كتاب العمال الكاملة للفغاني دراسة وتحقيق‪ :‬محمد عمارة‪ ،(1/215 :‬وقد نسسسب‬
‫رشيد رضا هذا الكتاب لمحمد عبده )تفسير المنار‪ ،(8/221 :‬لكن حقق محمسسد عمسسارة أنسسه‬
‫للفغاني )انظر‪ :‬محمد عمارة‪ /‬العمال الكاملة للفغاني‪ ،156-1/155 :‬العمسسال الكاملسسة‪/‬‬
‫لمحمد عبده‪ ،[.(1/209 :‬وأما أهل السنة والمعتزلة وغيرهم من سائر الفسسرق‬
‫فجعلهم من أمة الدعوة‪ ،‬أي ليسوا من أمة الجابة‪ ،‬فهم فسي اعتقساده لسسم‬
‫يدخلوا في السلم‪ .‬وهذه المقالة قد قالها الشسسيعة مسن قبسسل وأشسسار إلسسى‬
‫ذلك الشهرستاني ]الملسسل والنحسسل‪ ،[.1/165 :‬والسسرازي ]السسرازي‪ :‬اعتقسسادات فسسرق‬
‫المسلمين‪ :‬ص ‪.[.85‬‬
‫وقد ورد في دائرة المعارف‪ :‬أنه ظهر من فروع الفرق الشيعية ما يزيد‬
‫كثيرا ً عن الفرق الثنين والسبعين فرقة المشهورة ]دائرة المعارف السسسلمية‪:‬‬
‫‪ ،[.14/67‬بينمسسا يسسذكر المقريسسزي أن فسسرق الشسسيعة بلغسست ثلثمسسائة فرقسسة‬
‫]الخطط‪.[.2/315 :‬‬
‫ومرد هذا الختلف في الغالب هو اختلفهم حول الئمسسة مسسن آل السسبيت‬
‫فيذهبون مذاهب شتى في أعيان الئمة‪ ،‬وفي عددهم‪ ،‬وفي الوقسسف علسسى‬
‫أحدهم وانتظاره‪ ،‬أو المضي إلى آخر والقول بإمسسامته‪ ..‬فضسل ً عمسسا تبسساينوا‬
‫فيه من التفريع أو تنازعوا فيه من التأويل‪ ،‬ولهذا قال العلمة ابسن خلسدون‬
‫بعدما ساق اختلفهم في تعيين الئمة‪" :‬وهذا الختلف العظيم يسسدل علسسى‬
‫عدم النص" ]ابن خلدون‪ /‬لبسساب المحصسسل‪ :‬ص ‪ [.130‬أي يدل علسسى أنهسسم ليسسسوا‬
‫على شيء فيما ذهبوا إليه من دعوى أن الرسول صلى اللسسه عليسسه وسسسلم‬
‫ي والئمة الخرين‪ ..‬إذ لسو كسسان مسن عنسد اللسه لمسا كسان هسسذا‬ ‫نص على عل ّ‬
‫الختلف والتباين‪ ،‬ولكن لما وجدوا اختلفسا ً كسسثيرا ً كسسان مسسن أعظسسم الدلسسة‬
‫ر‬ ‫د َ‬
‫غْيقق ِ‬ ‫عنقق ِ‬
‫ن ِ‬ ‫م ْ‬‫ن ِ‬ ‫و َ‬
‫كا َ‬ ‫ول َ ْ‬
‫على عدم وجود نص صحيح‪ ،‬كما قال تعالى‪َ } :‬‬
‫فا ك َِثيًرا{ ]النساء‪ ،‬آية‪.[.82 :‬‬
‫خت ِل َ ً‬
‫ها ْ‬
‫في ِ‬‫دوا ْ ِ‬‫ج ُ‬ ‫ه لَ َ‬
‫و َ‬ ‫الل ّ ِ‬
‫وأمر المامة عندهم هو أصل الدين‪ ،‬فل يقبسسل فيهسسا الخلف‪ ،‬كمسسا يقبسسل‬
‫في الفروع‪ .‬وقسسد عسد ّ شسسيخ الشسسيعة الزيديسسة فسسي زمنسسه أحمسسد بسسن يحيسسى‬
‫المترضى ]وهو من كبار شيوخ الشيعة الزيدية حتى كانت مصنفاته الفقهية عمدة زيديسسة‬
‫اليمن‪ ،‬ومن المنتسبين لهل البيت‪) .‬انظر‪ :‬الشوكاني‪ /‬البدر الطالع‪) [.(1/122 :‬المتوفى‬
‫ه( اختلف الشيعة عند موت كل إمسسام فسسي القسسائم بعسسده أوضسسح‬ ‫سنة ‪‍ 840‬‬
‫دليل على إبطال ما يدعون من النص ]المنية والمل‪ :‬ص ‪.[.21‬‬
‫وإذا رجعنا إلى كتب الفرق ‪ -‬أو غيرها ‪ -‬السستي ذكسسرت طسسوائف الشسسيعة‪،‬‬
‫فإننسسا نجسسد بينهسسا اختلفسا ً فسسي الصسسول السستي انبثقسست منهسسا صسسنوف الفسسرق‬
‫الشيعية الكثيرة والمختلفة‪ ،‬فالجسساحظ يسسرى أن الشسسيعة فرقتسسان‪ :‬الزيديسسة‬
‫والرافضة‪ :‬يقول‪" :‬اعلم رحمك الله أن الشسيعة رجلن‪ :‬زيسدي‪ ،‬ورافضسي‪،‬‬
‫وبقيتهم بدد ل نظام لهم" ]ثلث رسسسائل للجسساحظ )نشسسرها السسسندوبي( ص‪ .241 :‬أو‬
‫رسائل الجاحظ‪ ،‬رسالة استحقاق المامة ص ‪) 207‬تحقيق عبد السلم هارون(‪ .[.‬ويأخسسذ‬
‫بهذا التقسيم شيخ الشيعة المفيسسد‪ ،‬ويقسسول‪ :‬بسسأن الشسسيعة رجلن‪ :‬إمسسامي‪،‬‬
‫وزيدي ]الرشاد‪ :‬ص ‪.[.195‬‬
‫أما المام الشسعري ‪ -‬رحمسه اللسه ‪ -‬فيجعسل أصسول فسسرق الشسسيعة ثلث‬
‫فسسرق‪ :‬الغاليسسة‪ ،‬والرافضسسة )الماميسسة(‪ ،‬والزيديسسة‪ .‬ويبلسسغ مجمسسوع الفسسرق‬

‫‪53‬‬
‫الشيعية عنده خمسا ً وأربعيسسن فرقسسة‪ ،‬حيسسث جعسسل الغاليسسة خمسسس عشسسرة‬
‫فرقسسة‪ ،‬والرافضسسة أربع سا ً وعشسسرين فرقسسة‪ ،‬والزيديسسة سسست فسسرق ]مقسسالت‬
‫السلميين‪ ،1/66 :‬س ‪ ،88‬س ‪ .[.140‬وهو يعتبر الثني عشسرية مسن فسرق الرافضسة‬
‫)الماميسسة( ويسسسميها بالقطعيسسة‪ ،‬ويصسسفهم بسسأنهم جمهسسور الشسسيعة ]المصسسدر‬
‫السابق‪.[.90/ 1 :‬‬
‫وقد سار على منهج الشعري في تقسسسيم فسسرق الشسسيعة الرئيسسسة إلسسى‬
‫ثلث‪ ..‬طائفة من كتاب الفرق وغيرهم مثل‪ :‬الرازي حيسسث سسسماها زيديسة‪،‬‬
‫وإمامية‪ ،‬وكيسسسانية ]اعتقسسادات فسسرق المسسسلمين‪ :‬ص ‪ .[.77‬ومثسسل السسسفرايني‪،‬‬
‫وكذلك ابن المرتضى حيث قال‪ :‬والشيعة ثلث‪ :‬زيدية‪ ،‬وإماميسسة‪ ،‬وباطنيسسة‬
‫]المنية والمل‪ :‬ص ‪ ،20‬وانظسسر المقدسسسي‪ /‬البسسدء والتاريسسخ‪ ،[.5/125 :‬وشيخ السسسلم‬
‫ابن تيمية الذي صنف الشيعة إلى ثلث درجات‪ ،‬شرها الغالية‪ ،‬وهم السسذين‬
‫يجعلون لعلي شيئا ً من اللوهية‪ ،‬أو يصفونه بالنبوة‪ ..‬والدرجة الثانيسة وهسم‬
‫الرافضة‪ ..‬والدرجة الثالثة المفضلة من الزيديسسة وغيرهسسم السسذين يفضسسلون‬
‫عليا ً على أبي بكر وعمر‪ ،‬ولكن يعتقسسدون إمامتهمسا وعسسدالتهما ويتولونهمسسا‬
‫]ابسسن تيميسسة ‪ /‬التسسسعينية‪ :‬ص ‪ 40‬ضسسمن مجمسسوع فتسساوى شسسيخ السسسلم‪ ،‬المجلسسد )‪ (5‬ط‪.‬‬
‫كردستان ‪1329‬هس‪ .[.‬وغير هؤلء من أهل العلم بالفرق والمقالت ]انظسسر‪ :‬زيسسن‬
‫العابدين بن يوسف السكوبي حيث قال‪" :‬أما الشيعة فهم اثنتان وعشرون فرقة‪ ،‬أصولهم‬
‫ثلث فرقة‪ :‬غلة‪ ،‬وزيدية‪ ،‬وإمامية" )الرد على الشيعة – الورقة ‪" 9‬مخطوط"(‪.[.‬‬
‫أما عبد القاهر البغدادي فيرجسسع فسسرق الشسسيعة إلسسى أربسسع فسسرق‪ :‬زيديسسة‪،‬‬
‫وإمامية‪ ،‬وكيسانية‪ ،‬وغلة‪ ،‬ويلقب الجميسسع بالرافضسسة ]الفسسرق بيسسن الفسسرق‪ :‬ص‬
‫‪ ،[.21‬ويصل عدد فرق الشيعة عنده ‪ -‬باستثناء الفسسرق الغاليسسة ]حيسسث وصسسل‬
‫عدد الغلة عنده إلى عشسسرين فرقسسة )الفسسرق بيسسن الفسسرق‪ :‬ص ‪ - [.(232‬إلى عشرين‬
‫فرقة ]الفرق بين الفسسرق‪ :‬ص ‪ [.23‬ويعتبر الثني عشسسرية مسسن فسسرق الماميسسة‪،‬‬
‫ويسميهم بالقطعية‪ ،‬كما يسميهم بالثني عشسسرية ]المصسسدر السسسابق‪ :‬ص ‪[.64‬‬
‫وإن كسسان قبسسل ذلسسك ذكسسر القطعيسسة والثنسسي عشسسرية كاسسسمين لفرقسستين‬
‫مختلفتين من فرق المامية ]المصدر السابق‪ [.53 :‬ل فرقة واحدة ]ولهذا أشسسار‬
‫محيي الدين عبد الحميد إلى أن سرد البغدادي في الفرق بين الفرق يسسدل علسسى أن الثنسسي‬
‫عشرية غير القطعية )هامش مقالت السلميين‪ (1/90 :‬وفاته أن البغسدادي نسص علسى أن‬
‫القطعية والثني عشرية فرقة واحدة‪) .‬الفرق بين الفرق‪ :‬ص ‪.[.(64‬‬
‫أما الشهرستاني فيرى أن الشيعة فسسرق كسسثيرة‪ ،‬لنسسه يقسسول‪" :‬لهسسم فسسي‬
‫تعدية المام كلم وخلف كثير‪ ،‬وعند كل تعدية وتوقسسف‪ :‬مقالسسة‪ ،‬ومسسذهب‪،‬‬
‫وخبط" ]الملل والنحل‪ [.1/147 :‬ولكنه يرجعهم إلسسى خمسسس فسسرق‪ :‬كيسسسانية‪،‬‬
‫وزيدية‪ ،‬وإمامية‪ ،‬وغلة‪ ،‬وإسماعيلية" ]نفس الموضع من المصدر السابق‪.[.‬‬
‫أما صاحب الحور العين فيرجع الفرق الشيعية الكثيرة إلسسى سسست فسسرق‬
‫]الحور العين‪ :‬ص ‪ ،[.145‬ويصل عدد فرق الشيعة عنسسد ابسن قتيبسسة إلسسى ثمسان‬
‫]ابن قتيبة‪ /‬المعارف‪ :‬ص ‪.[.623-622‬‬
‫وأبو الحسين الملطي يسسرى أن الشسسيعة ثمسساني عشسسرة فرقسسة‪ ،‬ويلقبهسسم‬
‫جميعا ً بالرافضة ]التنبيه والرد‪ :‬ص ‪ ،[.18‬ويشايعه في هسذا السرأي السكسسكي‬
‫في كتابه البرهان في معرفة عقائد أهسسل الديسسان ]البرهسسان‪ :‬ص ‪ .[.36‬ولكسسن‬

‫‪54‬‬
‫الغريب أن الملطي يسمي الثني عشرية بالسماعيلية‬
‫]انظسسر‪ :‬التنسسبيه والسسرد‪:‬‬
‫ص ‪.[.33-32‬‬
‫وابن الجسسوزي يعتسسبر الشسسيعة اثنسستي عشسسرة فرقسسة‪ ،‬ويسسسميها بالرافضسسة‬
‫]تلبيس إبليس‪ :‬ص ‪ 32‬تحقيق خير الدين علي‪ ،[.‬ويوافقه على هذا التقسيم المام‬
‫القرطبي ]بيان الفرق‪ /‬الورقة ‪) 1‬مخطوط(‪.[.‬‬
‫والذي يلحظ على إطلق اسم الرافضة على كل فرق الشسسيعة هسسو أنسسه‬
‫ينبغسسي اسسستثناء الزيديسسة‪ ،‬أو بعبسسارة أدق اسسستثناء الزيديسسة مسسا عسسدا فرقسسة‬
‫الجارودية منها؛ لن الجارودية سلكت مسلك الروافض‪ ،‬ولذلك فسسإن شسسيخ‬
‫الشيعة المفيد اعتبر الجارودية هي الشيعة‪ ،‬وما عداها من فسسرق الزيديسسة‪،‬‬
‫فليسوا بشيعة‪ ،‬وذلك لن طائفة الجارودية هي التي تشساركه فسي أسساس‬
‫مذهبه في الرفض ]انظر‪ :‬المفيد‪ /‬أوائل المقالت ص‪ ،39 :‬وانظر عسن الجاروديسسة ص‪:‬‬
‫)‪ (42‬من هذه الرسالة هامش رقم )‪.[.(3‬‬
‫أما كتب الفرق عند الشيعة الثني عشرية فإنهسسا تأخسسذ بمنهسسج آخسسر فسسي‬
‫ذكر الفرق‪ ،‬فهي تذكر فرق الشيعة حسب الئمسسة حيسسث تجسسد أن الشسسيعة‬
‫تفترق إلى فرق كثيرة بعد وفاة كل إمام‪ ،‬وقسسد وصسسل عسسدد فسسرق الشسسيعة‬
‫في المقالت والفرق للقمي‪ ،‬وفرق الشيعة للنوبختي إلسسى مسسا يربسسو علسسى‬
‫ستين فرقة‪ ،‬ويلحظ أن الثني عشرية كانت عند النوبختي والقمي فرقسسة‬
‫من أربع عشرة‪ ،‬أو خمس عشرة فرقة افسسترقت إليهسسا الشسسيعة بعسسد وفسساة‬
‫ه( ]انظر‪ :‬النوبختي‪ /‬فرق الشيعة ص‪ 96 :‬حيسسث ذكسسر‬‫الحسن العسكري سنة )‪‍ 260‬‬
‫أن أصحاب الحسن العسكري افترقوا أربع عشرة فرقة بعد وفاته‪ ،‬بينما ذكسسر القمسسي أنهسسم‬
‫خمس عشرة فرقة‪) .‬القمي‪ /‬المقالت والفرق‪ :‬ص ‪.[.(102‬‬
‫أما كتب الرواية عندهم فإن الكليني في الكافي يذكر رواية تجعل فسسرق‬
‫الشيعة ثلث عشرة فرقة كلها في النار إل واحسسدة ]أصسسول الكسسافي )المطبسسوع‬
‫على هامش مسسرآة العقسسول (‪ ،4/344 :‬وقسسد حكسم المجلسسسي علسسى هسسذه الروايسسة ‪ -‬حسسسب‬
‫مقاييسهم ‪ -‬بأنها ترتقي إلى درجة الحسن‪) .‬مرآة العقول‪.[.(4/344 :‬‬
‫هذا ودراسة نشأة الفرق الشيعية وتطورها يحتاج إلى بحسسث آخسسر‪ ،‬وهسسو‬
‫أقرب إلى البحث التاريخي‪ ،‬فل نستطرد في حكايسسة تفاصسسيله‪ ،‬ولكسسن مسسن‬
‫الملحظ ‪ -‬كما سيأتي في عرض آراء وعقائد الثنسسي عشسسرية ‪ -‬أن طائفسسة‬
‫الثني عشرية قد اسسستوعبت جسسل الراء والعقسسائد السستي قسسالت بهسسا الفسسرق‬
‫الشيعية الخرى‪ ،‬وأنها كانت بمثابة النهر الذي انسكبت فيها كسسل الجسسداول‬
‫والروافد الشيعية المختلفة‪ ،‬ودراسة هسسذه المسسسألة‪ ،‬دراسسسة مقارنسسة بيسسن‬
‫روايات الثني عشرية وآراء الفرق الخسسرى هسسو أيض سا ً يحتسساج إلسسى دراسسسة‬
‫مسسستقلة‪ ،‬وقسسد أشسسرت إلسسى بعسسض الوجسسوه فسسي هسسذا البسساب فسسي رسسسالة‬
‫الماجستير ]انظر‪ :‬فكرة التقريب بين أهل السنة والشيعة‪ :‬ص ‪ 346‬وما بعدها‪.[.‬‬
‫فهذه الفرق لم تفن ‪ -‬كما يقال ‪ -‬بل إن أكثرهسسا بسساق‪ ،‬وهسسو يطسسل علينسسا‬
‫خلل الفكر الثني عشري‪ .‬وقد انحصرت الفرق الشيعية المعاصرة بثلث‬
‫فرق‪ ،‬هي ]انظر‪ :‬النشار‪ /‬نشأة الفكر الفلسفي‪ ،2/12 :‬العاملي‪ /‬أعيان الشسسيعة‪،1/22 :‬‬
‫محمسسد مهسسدي شسسمس السسدين‪ /‬نظسسام الحكسسم والدارة فسسي السسسلم‪ :‬ص ‪ ،61‬هبسسة السسدين‬
‫الشهرستاني‪ /‬مقدمة فرق الشيعة‪ :‬ص ‪ /‬كا‪:[.‬‬

‫‪55‬‬
‫‪ -1‬الثنا عشرية‪.‬‬
‫‪ -2‬السماعيلية ]السسسماعيلية‪ :‬وهسسم السسذين قسسالوا‪ :‬المسسام بعسسد جعفسسر إسسسماعيل بسسن‬
‫جعفر‪ ،‬ثم قالوا بإمامة محمد بن إسماعيل بن جعفر‪ ،‬وأنكروا أمامة سائر ولد جعفسر‪ ،‬ومسن‬
‫السماعيلية انبثق القرامطسسة والحشاشسسون والفسساطميون والسسدروز وغيرهسسم‪ ،‬وللسسسماعيلية‬
‫فرق متعددة وألقاب كثيرة تختلسسف بسساختلف البلسسدان‪ ،‬إذ لهسسم ‪ -‬كمسسا يقسسول الشهرسسستاني ‪-‬‬
‫دعوة في كل زمان‪ ،‬ومقالة جديدة بكل لسان‪ ،‬وأما مذهبهم فهو كما يقول الغزالي وغيره‪:‬‬
‫"إنه مذهب ظاهره الرفض وباطنه الكفر المحض"‪ .‬أو كما يقول ابن الجسسوزي‪" :‬فمحصسسول‬
‫قولهم تعطيل الصانع وإبطال النبوة والعبادات وإنكار البعث"‪ ،‬ولكنهم ل يظهرون هسسذا فسسي‬
‫أول أمرهم‪ .‬ولهم مراتب في الدعوة‪ ،‬وحقيقة المذهب ل تعطى إل لمن وصل إلى الدرجسسة‬
‫الخيرة‪ ،‬وقد اطلع على أحوالهم وكشف أستارهم جملة مسسن أهسسل العلسسم كالبغسسدادي السسذي‬
‫اطلع على كتاب لهم يسمى‪" :‬السياسة والبلغ الكيسسد والنسساموس الكسسبر" ورأى مسن خللسسه‬
‫أنهم دهرية زنادقة يتسترون بالتشيع‪ ،‬والحمادي اليماني الذي انسسدس بينهسسم وعسسرف حسسالهم‬
‫وبين ذلك في كتابه‪" :‬كشف أسسسرار الباطنيسسة"‪ ،‬وابسسن النسسديم السسذي اطلسسع علسسى "البلغسسات‬
‫السبعة" لهم وقرأ البلغ السابع ورأى فيه أمرا ً عظيما ً من إباحة المحظورات والوضسسع مسسن‬
‫الشرائع وأصحابها‪ ..‬وغيرهم‪ ،‬ولهم نشاطهم اليوم‪ ،‬كما لهسم كتبهسم السسرية‪ .‬قسال أحسدهم‪:‬‬
‫"إن لنا كتبا ً ل يقف على قراءتها غيرنا ول يطلسسع علسسى حقائقهسسا سسسوانا" )مصسسطفى غسسالب‪/‬‬
‫الحركات الباطنية في السلم‪ :‬ص ‪ ،67‬وانظر‪ :‬أبو حاتم السسرازي السسسماعيلي‪ /‬الزينسسة‪ :‬ص‬
‫‪» 287‬ضمن كتاب الغلو والفرق الغالية«‪ ،‬الغزالسسي‪ /‬فضسسائح الباطنيسسة‪ :‬ص ‪ 37‬ومسسا بعسسدها‪،‬‬
‫الملل والنحل‪،1/67 :‬س ‪ ،191‬البغدادي‪ /‬الفسسرق بيسسن الفسسرق‪ :‬ص ‪،294‬س ‪ ،621‬ابسسن النسسديم‪/‬‬
‫الفهرست‪ :‬ص ‪ ،268-267‬الملطي‪ /‬التنسسبيه والسسرد‪ :‬ص ‪ ،218‬المقدسسسي‪ /‬البسسدء والتاريسسخ‪:‬‬
‫‪ ،5/124‬السفرايني‪ /‬التبصير فسسي السسدين‪ ،‬ابسسن الجسسوزي‪ /‬تلسسبيس إبليسسس‪ :‬ص ‪ ،99‬وانظسسر‪:‬‬
‫السماعيلية‪ :‬إحسان إلهي ظهير(‪.[.‬‬
‫‪-3‬الزيدية ]الزيدية‪ :‬وهم أتباع زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب )الملل‬
‫والنحل‪ ،1/154 :‬مقدمة البحسسر الزخسسار‪ :‬ص ‪ ،(40‬وسسسموا بالزيديسسة نسسسبة إليسسه )يحيسسى بسسن‬
‫حمزة‪ /‬الرسالة الوازعة ص ‪ ،28‬السمعاني‪ /‬النساب‪ ،(6/340 :‬وقد افترقوا عسسن الماميسسة‬
‫حينما سئل زيد عن أبي بكر وعمر فترضى عنهما فرفضه قوم فسموا رافضة‪ ..‬وسمي من‬
‫لم يرفضه من الشيعة زيدية لتباعهم له وذلك في آخر خلفة هشام بسسن عبسسد الملسسك سسسنة‬
‫إحدى وعشرين أو اثنتين وعشرين )منهسساج السسسنة‪ ،1/21 :‬الرسسسالة الوازعسسة‪ :‬ص ‪(88-87‬‬
‫والزيدية يوافقون المعتزلة في العقائد )انظر‪ :‬المقبلسسي‪ /‬العلسسم الشسسامخ‪ :‬ص ‪ ،319‬الملسسل‬
‫والنحل‪ ،1/162 :‬الرازي‪ /‬المحصل‪ :‬ص ‪ .(247‬والزيديسسة فسسرق‪ :‬منهسم مسن لسم يحمسسل مسن‬
‫النتساب إلى زيد إل السم فهم روافسسض فسسي الحقيقسسة يقولسسون‪ :‬إن المسسة ضسسلت وكفسسرت‬
‫بصرفها المر إلى غير علي‪ ،‬وهؤلء الجارودية أتباع أبي الجارود ‪ -‬كما سسسبق ‪ ،-‬ومنهسسم مسسن‬
‫يقترب من أهل السنة كثيرا ً وهم أصحاب الحسن بن صالح بسسن حسسي الفقيسسه القسسائلون بسسأن‬
‫المامة في ولد علي – رضي الله عنسه ‪ ،-‬ويقسول ابسن حسزم‪" :‬إن الثسابت عسن الحسسن بسن‬
‫صالح هو أن المامة في جميع قريش‪ ،‬ويتولون جميع الصحابة إل أنهم يفضسسلون عليسا ً علسسى‬
‫جميعهم"‪) .‬انظر‪ :‬ابن حزم‪ /‬الفصل‪ ،2/266 :‬وانظر في اعتدال الزيدية الحقة فسي مسسألة‬
‫الصسسحابة‪ :‬ابسسن السسوزير‪ /‬السسروض الباسسسم ص ‪ ،50-49‬المقبلسسي‪ /‬العلسسم الشسسامخ‪ :‬ص ‪(326‬‬
‫وانظر بحث عن الزيدية في‪" :‬فكرة التقريب" ص ‪ 146‬وما بعدها‪.[.‬‬
‫وطائفة الثني عشرية هي أكبر الطوائف اليوم‪ ،‬كما كانت تمثسل أكثريسة‬
‫الشيعة وجمهورها في بعض فترات التاريخ‪ .‬فقد وصفهم طائفة من علماء‬
‫الفرق ‍ب "جمهور الشيعة"‪ ،‬وممن نعتهم بهذا‪ :‬الشعري ]مقسسالت السسسلميين‪:‬‬
‫‪ ،[.1/90‬والمسعودي ]مروج الذهب‪ ،[.4/199 :‬وعبد الجبار الهمداني ]المغنسسي ج‬
‫‪ ‍2‬القسسسسم الثسسساني ص ‪ ،[.176‬وابسسن حسسزم ]الفصسسسل‪،5/38 :‬سسس ‪ ،[.4/158‬ونشسسوان‬
‫الحميري ]الحور العين‪ :‬ص ‪ .[.166‬وهذه الغلبية للثنسسي عشسسرية ليسسست فسسي‬
‫كل العصور إذ نلحظ ‪ -‬مثل ً ‪ -‬أن ابسسن خلسسدون يقسسرر أن شسسيعة محمسسد بسسن‬
‫‪56‬‬
‫الحنفية كانت أكثر شيعة أهل السسبيت ]تاريسسخ ابسسن خلسسدون‪ - [.3/172 :‬أي‪ :‬فسسي‬
‫عصرها ‪ -‬ثم لم تلبث أن تقلص أتباعها حتى اختفت‪ ،‬كذلك يقول البلخي ‪-‬‬
‫كما يحكي عنه صاحب الحور العين ‪ -‬أن الفطحية ]وهم أتباع عبد الله بن جعفر‬
‫بن محمد الصادق‪ ،‬وهسو أكسبر أولد الصسادق‪ ،‬وسسموا الفطحيسسة؛ لن عبسسد اللسه كسان أفطسح‬
‫الرأس‪ ،‬كما يدعون بالعمارية نسبة إلى رئيس لهم يعرف بعمسار‪ ،‬وقسد قسال النوبخستي بسسأنه‬
‫مال إلى هذه الفرقة جل مشايخ الشيعة وفقهائها‪ ،‬ولكن عبد الله لم يعش بعسسد وفسساة أبيسسه‬
‫سوى سبعين يوما ً فرجعوا عن القول بإمامته‪) .‬انظر‪ :‬مسائل المامة ص ‪ ،46‬فرق الشيعة‬
‫للنوبخسستي ص ‪ ،78-77‬مقسسالت السسسلميين ‪ ،1/102‬الحسسور العيسسن ص ‪ .(164-163‬قسسال‬
‫ه( ‪ :‬وقسسد انقرضسست هسسذه‬‫صاحب الزينة )أبو حاتم الرازي السسسماعيلي المتسسوفى سسسنة ‪‍ 322‬‬
‫الفرقة فليس أحد يقول بهذا القول‪ ،‬وعاش عبد الله بعد أبيه سبعين يوما ً ولم يخلف ذكسسرا ً‬
‫)الزينة‪ :‬ص ‪ .(287‬ولعل هذا من أسباب انقراضها‪ ،‬وقد بقيت روايسسات أتبسساع هسسذا المسسذهب‬
‫مدونة في كتب الثني عشرية المعتمدة‪ ،‬كمسسا سسسيأتي فسسي فصسسل السسسنة‪ [.‬أعظم فسسرق‬
‫الجعفرية وأكثرهم جمعا ً ]الحور العين‪ :‬ص ‪ – [.164‬يعني في زمنه ‪.-‬‬

‫ألقاب الشيعة المامية الثني عشرية‬


‫من اللقاب التي يطلقها بعض كتسساب الفسسرق والمقسسالت وغيرهسسم علسسى‬
‫الثني عشرية ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬الشيعة‪:‬‬
‫لقب الشيعة فسسي الصسسل يطلسسق علسسى فسسرق الشسسيعة كلهسسا‪ ،‬ولكسسن هسسذا‬
‫المصسسطلح اليسسوم إذا أطلسسق ‪ -‬فسسي نظسسر جمسسع مسسن الشسسيعة وغيرهسسم ‪ -‬ل‬
‫ينصرف إل إلى طائفة الثني عشرية‪ .‬وممن قال بهسذا السسرأي‪ :‬شسستروتمان‬
‫]انظر‪ :‬دائرة المعارف السلمية‪ ،[.14/68 :‬والطبرسي ]مستدرك الوسائل‪،[.3/311 :‬‬
‫وأمير علي ]يقول أمير علي‪" :‬أصبحت الثنسسا عشسسرية مرادفسسة للشسسيعة"‪) .‬روح السسسلم‪:‬‬
‫‪ ،[.(2/92‬وكاشف الغطسسا ]يقسسول الغطسسا‪" :‬يختسسص اسسسم الشسسيعة اليسسوم علسسى إطلقسسه‬
‫بالمامية"‪ ،‬وهو يعني بالمامية الثني عشرية‪ ،‬كما يدل عليه مسا بعسد هسذه الجملسة‪) .‬انظسر‪:‬‬
‫أصل الشيعة وأصولها‪ :‬ص ‪ ،[.(92‬ومحمد حسين العاملي ]يقسسول العسساملي‪" :‬بمسسا أن‬
‫الزيديسسة اليسسوم ومثلهسسم السسسماعيلية ل يعرفسسون إل بهسسذين النتسسسابين‪ ،‬وبمسسا أن الفطحيسسة‬
‫والواقفية ل وجود لهسسا فسسي هسسذا العصسسر انحصسسر اسسسم الشسسيعة بالماميسسة الثنسسي عشسسرية"‪.‬‬
‫)الشيعة في التاريخ ص ‪ ،[.(43‬وعرفان عبد الحميد ]يقول عرفان‪" :‬مصطلح الشسسيعة‬
‫إذا أطلق من غير تحديد وحصر ل يعني إل المذهب الثنا عشري"‪) .‬مجلسسة كليسسة الدراسسسات‬
‫السسسلمية‪ ،‬العسسدد الول‪1387 ،‬هس س ص ‪ ،[.(35‬وغيرهسم ]انظسسر مث ً‬
‫ل‪ :‬السسسامرائي‪ /‬الغلسسو‬
‫والفرق الغالية ص ‪ ،82‬أحمد زكسسي تفاحسسة‪ /‬أصسسول السسدين وفروعسسه عنسسد الشسسيعة‪ :‬ص ‪،21‬‬
‫إحسان إلهي ظهير‪ /‬الشيعة والتشيع ص ‪.[.9‬‬
‫وأقول بهذا الرأي‪ ،‬ل لن الثني عشرية يمثلون القاعدة الكبيرة من بين‬
‫الفرق الشيعية فحسسسب‪ ،‬بسسل لسسسبب أهسسم ‪ -‬لسسم أر مسسن تعسسرض بالدراسسسة‬
‫والبيان‪ ،‬وبحثه يحتاج إلى دارسة مستقلة تعتمد على التحليل والمقارنسسة ‪-‬‬
‫وهو أن مصادر الثني عشرية في الحديث والرواية قسسد اسسستوعبت معظسسم‬
‫آراء الفرق الشيعية التي خرجت في فترات التاريخ المختلفة إن لسسم يكسسن‬
‫كلها ‪ -‬كما سلف ‪ ،-‬فأصبحت هذه الطائفة هي السوجه المعسسبر عسسن الفسرق‬
‫الشيعية الخرى‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫‪ -2‬المامية‪:‬‬
‫هذا اللقب عند كثير من أصحاب الفرق والمقالت يطلق على مجموعة‬
‫من الفرق الشسسيعية‪ ،‬ولكسسن تخصسسص فيمسسا بعسسد عنسسد جمسسع مسسن المسسؤلفين‬
‫وغيرهم بالثني عشرية‪ ،‬ولعل من أول مسسن ذهسسب إلسسى ذلسسك شسسيخ الثنسسي‬
‫عشرية في زمنسسه "المفيسسد" فسسي كتسسابه أوائل المقسسالت ]أوائل المقسسالت‪ :‬ص‬
‫‪ ،[.44‬وأشسسار السسسمعاني إلسسى أن ذلسسك هسسو المعسسروف فسسي عصسسره فقسسال‪:‬‬
‫"وعلى هذه الطائفة ‪ -‬يشسسير إلسى الثنسي عشسرية ‪ -‬يطلسسق الن الماميسة"‬
‫]النساب‪ ،1/344 :‬ابن الثير‪ /‬اللباب‪ ،1/84 :‬السيوطي‪ /‬لب اللباب في تحريسسر النسسساب‪،‬‬
‫حرف الهمزة‪ ،‬لفسسظ إماميسسة‪ .[.‬وقال ابن خلسسدون‪" :‬وأمسسا الثنسسا عشسسرين فربمسسا‬
‫خصوا باسسسم الماميسسة عنسسد المتسسأخرين منهسسم" ]تاريسسخ ابسسن خلسسدون‪.[.1/201 :‬‬
‫وأشار صاحب مختصر التحفة الثني عشرية إلسسى أن الثنسسي عشسسرية هسسي‬
‫المتبادرة عند إطلق لفسسظ الماميسسة ]مختصسسر التحفسسة الثنسسي عشسسرية‪ :‬ص ‪.[.20‬‬
‫ويقول الشيخ زاهد الكوثري‪" :‬والمعروف أن المامية هم‪ :‬الثنسسا عشسسرية"‬
‫]الكوثري‪ /‬في تعليقاته على كتاب التنبيه والرد للملطي‪ :‬ص ‪.[.18‬‬
‫ويلحظ أن كاشف الغطا ‪ -‬مسسن شسسيوخ الشسسيعة المعاصسسرين ‪ -‬يسسستعمل‬
‫لقب المامية بإطلق علسسى الثنسسي عشسسرية ]أصسسل الشسسيعة وأصسسولها‪ :‬ص ‪،[.92‬‬
‫ومسسن شسسيوخ الشسسيعة الخريسسن مسسن يسسرى أن الماميسسة فسسرق‪ ،‬منهسسم الثنسسا‬
‫عشرية‪ ،‬والكيسانية‪ ،‬والزيدية‪ ،‬والسسسماعيلية ]محسسسن الميسسن‪ /‬أعيسسان الشسسيعة‪:‬‬
‫‪ .[.1/21‬وبعدما عرفنا أن المامية صار لقبا ً من ألقاب الثني عشرية نعسسرج‬
‫على ما قيل في تعريفه‪:‬‬
‫المامية‪:‬‬
‫ويقول شيخ الشيعة في زمنه المفيسسد‪" :‬الماميسسة هسسم القسسائلون بوجسسوب‬
‫المامة‪ ،‬والعصمة‪ ،‬ووجوب النص‪ ،‬وإنما حصل لهم هذا السم فسسي الصسسل‬
‫لجمعها في المقالة هذه الصول‪ ،‬فكل مسسن جمعهسسا فهسسو إمسسامي وإن ضسسم‬
‫ل‪ ،‬ثسسم إن مسسن شسسمله هسسذا السسسم‬ ‫إليهسسا حق سا ً فسسي المسسذهب كسسان أم بسساط ً‬
‫واستحقه لمعناه‪ ،‬قد افترقت كلمتهم في أعيان الئمة وفسسي فسسروع ترجسسع‬
‫إلى هذه الصول وغير ذلك‪ ،‬فأول من شذ من فسسرق الماميسسة الكيسسسانية"‬
‫]العيون والمحاسن‪.[.2/91 :‬‬
‫فالمفيد هنا يجعل لقب المامية لقبسا ً عامسا ً يشسسمل كسسل مسسن قسسال بهسسذه‬
‫الركان الثلثة التي ذكرها‪ :‬المامة‪ ،‬العصمة‪ ،‬النص‪ ،‬ولكنه في كتسساب آخسسر‬
‫له يضسسيق نطسساق هسسذا المصسسطلح حسستى يكسساد يقصسسره علسسى طائفسسة الثنسسي‬
‫عشرية حيث يقول‪" :‬المامية علم على من دان بوجوب المامة ووجودهسا‬
‫في كل زمان‪ ،‬وأجب النص الجلي‪ ،‬والعصمة والكمال لكل إمام‪ ،‬ثم حصر‬
‫المامة في ولد الحسين بن علي‪ ،‬وساقها إلى الرضسسا علسسي بسسن موسسسى ‪-‬‬
‫عليه السلم –" ]أوائل المقالت‪ :‬ص ‪.[.44‬‬
‫فأنت تلحظ أنه شرط هنسسا النسسص الجلسسي‪ ،‬بينمسسا فسسي الموضسسع السسسابق‬
‫أطلق القول بالنص ليشسمل الجلسي والخفسسي‪ ،‬كمسا أنسه أضساف هنسا حصسسر‬
‫الئمة بولد الحسين‪ ،‬وسياق المامة فيهم إلى الرضا علي بن موسى‪ ،‬في‬
‫حين أنه لم يشترط ذلك فيما سسسبق حسستى أدخسسل فيهسسم الكيسسسانية ]سسسيأتي‬

‫‪58‬‬
‫التعريف بها ص )‪ (180‬من هذه الرسسسالة‪ ..[.‬وكأنه لحسظ هسذا التغيسسر فسي السرأي‬
‫فقال‪" :‬لنه وإن كان )أي لقب المامية( في الصسسل علم سا ً علسسى مسسن دان‬
‫من الصول بما ذكرناه دون التخصيص لمن قال في العيان بما وصسسفناه‪،‬‬
‫فإنه قد انتقل عن أصله‪ ،‬لستحقاق فرق من معتقديه ألقابًا‪ ،‬بأحاديث لهم‬
‫بأقاويل أحدثوها‪ ،‬فغلبت عليهم فسسي السسستعمال‪ ،‬دون الوصسسف بالماميسسة‪،‬‬
‫وصار هذا السم في عرف المتكلمين وغيرهم من الفقهاء والعامسسة علم سا ً‬
‫على من ذكرناه" ]أوائل المقالت‪ :‬ص ‪.[.44‬‬
‫وإذا تجاوزت تعريف المفيسد هسذا إلسى كتسب الفسرق والمقسالت الخسرى‬
‫لستطلع آراء غير الشيعة فسسي تعريسسف الماميسسة نلحسسظ أن أكسسثر مسسؤلفي‬
‫الفرق لم يخصوا المامية بالثني عشرية‪ ،‬بل كسسان لقسسب الماميسسة عنسسدهم‬
‫أعم من ذلك وأشمل‪ ،‬فالشهرستاني يقول‪" :‬المامية هم القائلون بإمامسسة‬
‫علسسي ‪ -‬رضسسي اللسسه عنسسه ‪ -‬نصسا ً ظسساهرًا‪ ،‬وتعيينسا ً صسسادقا ً مسسن غيسسر تعريسسض‬
‫بالوصف‪ ،‬بل إشارة إليه بسالعين" ]الملسسل والنحسسل‪ ،[.1/162 :‬ومثلسسه الشسسعري‬
‫حيث يقول‪ .." :‬وهم يدعون المامية لقولهم بالنص على إمامسسة علسسي بسسن‬
‫أبي طالب" ]مقالت السلميين‪ .[.1/86 :‬ومن أصسسحاب الفسسرق مسسن قسسال بسسأن‬
‫"تسميتهم المامية" لنهم يزعمون أن الدنيا ل تخلو عن إمام‪ ،‬إمسا ظسساهرا ً‬
‫ا‪ ،‬وإما باطنا ً موصوفا ً ]عثمان بن عبد الله العراقي‪ /‬ذكر الفرق والضوال‪ :‬ق‬ ‫مكشوف ً‬
‫‪ 12‬أ )مخطسسوط(‪ ،‬وانظسسر مثسسل ذلسسك عنسسد القرطسسبي فسسي كتسسابه "بيسسان الفسسرق" ق ‪ 2‬ب‬
‫)مخطسسوط(‪ ،‬وانظسسر‪ :‬شسسرح الثنسستين والسسسبعين فرقسسة‪ :‬ق ‪)12‬مخطسسوط(‪ .[.‬ولكن ابسسن‬
‫المرتضى يقول‪ :‬والمامية "سميت بذلك لجعلها أمور السسدين كلهسسا للمسسام‪،‬‬
‫وأنه كالنبي‪ ،‬ول يخلو وقت من إمام ُيحتسساج إليسسه فسسي أمسسر السسدين والسسدينا"‬
‫]المنية والمل‪.[.21 :‬‬
‫فمن هؤلء من راعى في سبب التسمية مسألة النص‪ ،‬ومنهم من اعتبر‬
‫في سبب التسمية قولهم بأن الدنيا ل تخلو من إمام‪ ،‬ومنهم من جمع إلى‬
‫ذلك قولهم بأن أمور الدين كلها للمام‪ ،‬وهي أقوال متقاربة يرجسسع بعضسسها‬
‫إلى بعض‪ ..‬ومصطلح المامية تظهر بعد شيوع مصطلح الشيعة‪ ،‬ويبدو أن‬
‫ظهوره مرتبط ببدء الهتمسسام الشسسيعي بمسسسألة المسسام والمامسسة‪ ،‬وظهسسور‬
‫الفرق الشيعية التي تقول بإمامة أفراد أهل البيت‪ ،‬وسيأتي بحث ذلك في‬
‫موضوع المامة‪.‬‬
‫وقد ذكر ابن أبي الحديد أن مقالة المامية ‪ -‬فضل ً عن لقبها ‪ -‬لم تشتهر‬
‫إل متأخرة‪ .‬يقول ابسسن أبسسي الحديسسد‪" :‬لسسم تكسسن مقالسسة الماميسسة ومسسن نحسسا‬
‫نحوهم من الطاعنين في إمامة السلف مشهورة حينئذ )يعني في العصسسر‬
‫الموي( على هذا النحو من الشتهار" ]شرح نهج البلغة‪.[.4/522 :‬‬
‫‪ -3‬الثنا عشرية‪:‬‬
‫هذا المصطلح ل نجده في كتب الفرق والمقالت المتقدمة‪ ،‬فلم يسسذكره‬
‫ه( فسسي "المقسسالت والفسسرق"‪ ،‬ول النوبخسستي )ت‬ ‫ه أو ‪‍ 301‬‬‫القمي )ت ‪‍ 299‬‬
‫ه( فسسي "مقسسالت‬ ‫ه( فسسي "فسسرق الشسسيعة"‪ ،‬ول الشسسعري )ت ‪‍ 330‬‬ ‫‪‍ 310‬‬
‫السلميين"‪ .‬ولعل أول من ذكره المسعودي ]التنسسبيه والشسسراف‪ :‬ص ‪. [.198‬‬
‫ه( ‪)-‬من الشيعة(‪ .‬أما من غير الشيعة فلعله عبد القاهر البغدادي‬ ‫)ت ‪‍ 349‬‬
‫‪59‬‬
‫ه( حيسسث ذكسسر أنهسسم سسسموا بسسالثني عشسسرية لسسدعواهم أن المسسام‬ ‫)ت ‪‍ 429‬‬
‫المنتظر هو الثاني عشر من نسبه إلى علي بن أبسسي طسسالب ‪ -‬رضسسي اللسسه‬
‫عنه –" ]الفرق بين الفرق‪ :‬ص ‪.[.64‬‬
‫قال الرافضي المعاصر محمد جواد مغنيسة ‪ :‬الثنسا عشسسرية نعسست يطلسسق‬
‫على الشيعة المامية القائلسسة بسساثني عشسسر إمام سا ً تعينهسسم بأسسسمائهم ]الثنسسا‬
‫عشرية وأهل البيت‪ :‬ص ‪.[.15‬‬
‫وظهور هذا السم كسسان بل شسسك بعسسد ميلد فكسسرة الئمسسة الثنسسي عشسسر‪،‬‬
‫ه( حيسسث أنسسه‪:‬‬ ‫والتي حدثت بعد وفاة الحسن العسكري )تسسوفي سسسنة ‪‍ 260‬‬
‫"قبل وفاة الحسسن لسم يكسن أحسد يقسول بإمامسة المنتظسر إمسامهم الثساني‬
‫عشر‪ ،‬ول عرف من زمن علي ودولة بني أميسسة أحسسد ادعسسى إمامسسة الثنسسي‬
‫عشر" ]منهاج السنة‪.[.4/209 :‬‬
‫ولكسسن يسسرى صسساحب مختصسسر التحفسسة الثنسسي عشسسرية أن زمسسن ظهسسور‬
‫المامية الثني عشرية‪ ،‬سنة مائتين وخمس وخمسين ]انظر‪ :‬مختصر التحفسسة‪:‬‬
‫ص ‪.[.21‬‬
‫ه( هسسي الستي‬ ‫ويبدو أنه عين هذا التاريسخ بالسسذات‪ ،‬لن تلسك السسنة )‪‍ 255‬‬
‫زعمت الثنا عشرية أنه ولد فيها إمامهم الثاني عشر ]كما نص على ذلك الكل‬
‫الكليني في الكافي ‪ ،1/514 :‬والمفيد في الرشاد ص ‪ ،390‬والطبرسي في أعلم الورى‪:‬‬
‫ص ‪ .393‬ونجد في العلم للزركلي‪ ،2/215 :‬والعقل عند الشيعة‪ ،‬رشدي عليسسان‪ :‬ص ‪،56‬‬
‫وتاريخ المامية‪ ،‬عبد الله فياض‪ :‬ص ‪ ،183‬بسسأن السسولدة المزعومسسة كسسانت سسسنة )‪‍256‬ه(‪،[.‬‬
‫والذي يزعمون حياته إلى اليوم‪ ،‬وينتظرون خروجه‪ ،‬فإذا كان المر كسسذلك‬
‫ه؛ لن دعوة وجود المام الثسساني عشسسر‬ ‫فينبغي أن يحدد التاريخ بسنة ‪‍ 260‬‬
‫المنتظر إنمسسا ظهسسرت بعسسد وفسساة الحسسسن العسسسكري )والسسذي تسوفي سسسنة‬
‫ه(‪.‬‬
‫‪‍ 260‬‬
‫أما الثنا عشر الذي تقول الجعفرية بأنهم أئمتها‪ ،‬فهسسم‪ :‬أميسسر المسسؤمنين‬
‫علي بن أبي طالب‪ ،‬والحسن والحسين‪ ،‬وذرية الحسين‪.‬‬
‫وفيمسسا يلسسي بيسسان بأسسسمائهم وألقسسابهم‪ ،‬وكنسساهم‪،‬وسسسنة ميلد كسسل إمسسام‬
‫ووفاته‪:‬‬

‫سنة‬ ‫لقبه‬ ‫كنيته‬ ‫اسم المام‬ ‫م‬


‫ميلده‬
‫ووفاته‬
‫المرتضسس ‪ 23‬قبل الهجسسرة‪،‬‬ ‫أبسسسسسسسسسسو‬ ‫علسسي بسسن أبسسي‬ ‫‪1‬‬
‫‪ 40‬بعد الهجرة‬ ‫ى‬ ‫الحسن‬ ‫طالب‬
‫‪2-50‬هس‬ ‫‪2‬‬
‫‪3-61‬هس‬ ‫الزكي‬ ‫أبو محمد‬ ‫الحسسسسسن بسسسسن‬ ‫‪3‬‬
‫‪38-95‬هس‬ ‫الشهيد‬ ‫أبسسسسسسسسسسو‬ ‫علي‬ ‫‪4‬‬
‫‪57-114‬هس‬ ‫زيسسسسسسسسسسن‬ ‫الحسسسسين بسسسن عبدالله‬ ‫‪5‬‬
‫‪83-148‬هس‬ ‫العابدين‬ ‫أبو محمد‬ ‫علي‬ ‫‪6‬‬
‫‪128-183‬هس‬ ‫الباقر‬ ‫أبو جعفر‬ ‫علسسسسسسي بسسسسسسن‬ ‫‪7‬‬

‫‪60‬‬
‫‪148-203‬هس‬ ‫الصادق‬ ‫ابسسسسسسسسسسو‬ ‫‪ 8‬الحسين‬
‫‪195-220‬هس‬ ‫الكاظم‬ ‫عبدالله‬ ‫محمد بن علي‬ ‫‪9‬‬
‫‪212-254‬هس‬ ‫الرضا‬ ‫أبسسسسسسسسسسو‬ ‫جعفسسسسسر بسسسسسن‬ ‫‪10‬‬
‫‪232-260‬هس‬ ‫الجواد‬ ‫إبراهيم‬ ‫‪ 11‬محمد‬
‫يزعمسسسون أنسسسه‬ ‫الهادي‬ ‫أبسسسسسسسسسسو‬ ‫موسسسسسى بسسسسن‬ ‫‪12‬‬
‫العسسسكر ولسسسسسد سسسسسسنة‬ ‫الحسن‬ ‫جعفر‬
‫‪255‬أو ‪‍ 256‬‬
‫ه‬ ‫ي‬ ‫أبو جعفر‬ ‫علسسسسسسي بسسسسسسن‬
‫المهدي ويقولسسسسسسسسسون‬ ‫أبسسسسسسسسسسو‬ ‫موسى‬
‫بحيسسسساته إلسسسسى‬ ‫الحسن‬ ‫محمد بن علي‬
‫اليوم)‪(1‬‬ ‫أبو محمد‬ ‫علي بن محمد‬
‫أبسسسسسسسسسسو‬ ‫الحسسسسسن بسسسسن‬
‫القاسم‬ ‫علي‬
‫محمسسسسسد بسسسسسن‬
‫الحسن‬
‫)‪](1‬انظر عن الثنى عشر‪ :‬الكليني‪ /‬أصول الكافي‪ 1/452 :‬وما بعدها‪ ،‬المفيد‪ /‬الرشاد‪،‬‬
‫الطسسبري‪ /‬أعلم السسورى‪ ،‬الربلسسي‪ /‬كشسسف الغمسسة‪ .‬وانظسسر‪ :‬الشسسعري‪ /‬مقسسالت السسسلميين‪:‬‬
‫‪ ،90/91‬الشهرسسستاني‪ /‬الملسسل والنحسسل‪ ،1/169 :‬ابسسن خلسسدون‪ /‬لبسساب المحصسسل‪ :‬ص ‪128‬‬
‫وغيرها‪[.‬‬
‫‪ -4‬القطعية‪:‬‬
‫وهسسو مسسن ألقسساب الثنسسي عشسسرية عنسسد طائفسسة مسسن أصسسحاب الفسسرق‪،‬‬
‫كالشعري ]مقالت السلميين‪ [.91-1/90 :‬والشهرستاني ]الملل والنحل‪[.1/169 :‬‬
‫والسفراييني ]التبصير فسسي السسدين‪ [.33 :‬وغيرهم ]انظسسر‪ :‬الحسسور العيسسن‪ :‬ص ‪.[.166‬‬
‫وهم يسمون بالقطعية؛ لنهم قطعوا على موت موسى بن جعفر الصسسادق‬
‫]انظسسسر‪ :‬القمسسسي‪ /‬المقسسسالت والفسسسرق‪ :‬ص ‪ ، 89‬الناشسسسئ الكسسسبر‪ /‬مسسسسائل المامسسسة ص‬
‫‪،47‬الشعري‪ /‬مقسسالت السسسلميين‪ ،1/90 :‬عبسسد الجبسسار الهمسسداني‪ /‬المغنسسي ج ‪ ،20‬القسسسم‬
‫الثاني ص ‪ ،176‬المسسسعودي‪ /‬مسسروج السسذهب‪ ،[.3/221 :‬وهذا مسا تسذهب إليسسه الثنسسا‬
‫عشرية‪.‬‬
‫يقول المسعودي‪" :‬وفي سنة ستين ومائتين قبض أبو محمد الحسن بن‬
‫علي‪ ..‬وهو أبو المهسدي المنتظسر المسسام الثساني عشسسر عنسد القطعيسة مسن‬
‫المامية" ]مروج الذهب‪ ،[.4/199 :‬ومنهم من يعتبر القطعية فرقة مسسن فسسرق‬
‫المامية وليس من ألقاب الثني عشرية ]مختصر التحفة الثني عشسسرية‪ :‬ص ‪-19‬‬
‫‪ .20‬ولشك أن القطعية هم أسلف الثني عشرية‪ ،‬وسموا بهذا بعد القطع بإمامة موسسسى‪،‬‬
‫وافترقوا بذلك عن السماعيلية‪ ..‬ولكن إذا لحظنا أن الشيعة تختلسسف بعسسد مسسوت كسسل إمسسام‬
‫فإن فرقة القطعية قد حل بها هذا النقسام‪ ..‬وانفصل منها فرق لسسم تعتقسسد بسسالثني عشسسر‪.‬‬
‫أي أنه قد صار من فرق القطعية من لم يكن من الثني عشرية‪ ،‬فالقطعية أعم من الثنسسي‬
‫عشرية‪.[.‬‬
‫‪ -5‬أصحاب النتظار‪:‬‬
‫يلقب الرازي الثني عشرية بأصحاب النتظار‪ ،‬وذلك لنهم يقولسسون بسسأن‬
‫المام بعد الحسن العسكري ولده محمد بن الحسن العسكري وهو غائب‬
‫وسيحضر‪ ..‬ويقول‪ :‬وهذا المذهب هو السسذي عليسسه إماميسسة زماننسسا ]اعتقسسادات‬

‫‪61‬‬
‫فسسرق المسسسلمين والمشسسركين‪ :‬ص ‪ .[.85-84‬والنتظار للمسسام ممسسا يشسسترك فسسي‬
‫القول به جمع من فرق الشيعة على اختلف بينهم في تعيينسسه‪ ،‬ول يختسسص‬
‫به طائفة الثني عشرية‪.‬‬
‫‪ -6‬الرافضة‪:‬‬
‫ذهب جمع من العلماء إلى إطلق اسسسم الرافضسسة علسسى الثنسسي عشسسرية‬
‫كالشعري في المقالت ]انظسسر‪ :‬مقسسالت السسسلميين‪ ،[.1/88 :‬وابسسن حسسزم فسسي‬
‫الفصل ]الفصل‪.[.158-4/157 :‬‬
‫كما يلحظ أن كتب الثني عشرية تنص على أن هذا اللقب من ألقابهسسا‪،‬‬
‫وقد أورد شيخهم المجلسي في كتسسابه البحسسار ‪ -‬وهسسو أحسسد مراجعهسسم فسسي‬
‫الحديث ‪ -‬أربعة أحاديث من أحاديثهم في مدح التسسسمية بالرافضسسة ]ذكرهسسا‬
‫المجلسي في باب سماه‪" :‬باب فضل الرافضة ومدح والتسمية بها"‪ .‬ومن أمثلسة مسا ذكسره‬
‫في هذا الباب‪ :‬عن أبي بصير قال‪ :‬قلت لبي جعفر ‪ -‬عليه السسسلم ‪ :-‬جعلسست فسسداك‪ ،‬اسسسم‬
‫سمينا به استحلت به الولة دماءنا وأموالنا وعذابنا‪ ،‬قال‪ :‬وما هسسو؟ قلسست‪ :‬الرافضسسة‪ ،‬فقسسال‬
‫جعفر‪ :‬إن سبعين رجل ً من عسكر موسى ‪ -‬عليهم السلم ‪ -‬فلم يكن في قوم موسى أشد‬
‫اجتهادا ً وأشد حبا ً لهارون منهم‪ ،‬فسماهم قوم موسى الرافضة‪ ،‬فأوحى الله إلى موسى أن‬
‫أثبت لهم هذا السم في التوراة فإني نحلتهم‪ ،‬وذلك اسم قد نحلكموه الله‪.‬‬
‫)البحار‪ ،97-68/96 :‬وانظر أيضًا‪ :‬تفسير فرات‪ :‬ص ‪ ،139‬البرقي‪ /‬المحاسن‪ :‬ص ‪،157‬‬
‫العلمسسي‪ /‬دائرة المعسسارف‪ ،[.(18/200 :‬وكسسأنهم أرادوا تطييسسب نفسسوس أتبسساعهم‬
‫بتحسين هذا السم لهم‪ ،‬ولكن في هذه الحاديث ما يفيد أن الناس بسسدأوا‬
‫يسسسمونهم بالرافضسسة مسسن بسساب السسذم ل المسسدح‪ ،‬ول تجيسسب هسسذه المصسسادر‬
‫الشيعية عن سبب تسمية الناس لهم بهذا السم على سبيل الذم والسب‬
‫لهم ]هناك رأي يقول بأن أول من أطلق اسم الرافضة المغيرة بن سسسعيد‪ ،‬والسسذي تنسسسب‬
‫ه( وذلسسك أنسسه بعسسد وفسساة محمسسد‬
‫إليه طائفة المغيرية‪ ،‬وقد قتلسسه خالسسد القسسسري سسسنة )‪‍ 119‬‬
‫الباقر‪ ،‬مال إلى إمامة النفس الزكية )محمد بن عبد الله بن الحسن( وأظهر المقالة بسسذلك‬
‫فبرئت منه شيعة جعفر بن محمد فسماهم الرافضة‪.‬‬
‫)انظسسر‪ :‬القمسسي‪ /‬المقسسالت والفسسرق‪ :‬ص ‪ ،77-76‬النوبخسستي‪ /‬فرقسسة الشسسيعة‪ :‬ص ‪،63-62‬‬
‫القاضي عبد الجبار‪ /‬المغني ج‪ ‍20‬القسم الثاني ص ‪.(179‬‬
‫ويبدو أن مصدر هذا الزعم هو الرافضة‪ ،‬وقد أشار إلى ذلك الطبري فقال‪" :‬فهسسم اليسسوم‬
‫يزعمون أن الذي سماهم رافضة المغيرة حيث فارقوه" )تاريخ الطبري‪ ،(7/181 :‬وقد عسسد‬
‫عبد الله فياض الرواية المنسوبة للمغيرة من تسميته الشسسيعة بالرافضسسة ضسسعيفة ل تصسسمد‬
‫للنقد‪ ،‬إذ لو كان الذي سماهم بذلك هو المغيرة لم يسسوجب ذلسسك حنسسق الشسسيعة‪ ،‬واسسستحلل‬
‫الولة لدمائهم كما تسسذكره روايسسة الشسسيعة )تاريسسخ الماميسسة‪ :‬ص ‪ .[.(75‬ولكن المصسادر‬
‫الخرى تذكر أن ذلك لسباب تتعلق بموقفهم من خلفة الشسسيخين‪ ،‬يقسسول‬
‫أبو الحسن الشعري‪" :‬وإنما سموا رافضة لرفضهم إمامة أبي بكر وعمر"‬
‫]مقالت السلميين‪ ،1/89 :‬وانظر أيضا ً في سبب التسمية بالرافضة‪ :‬الشهرستاني‪ /‬الملل‬
‫والنحل‪ ،1/155 :‬الرازي‪ /‬اعتقادات فسسرق المسسسلمين والمشسسركين ص ‪ ،77‬والسسسفراييني‪/‬‬
‫التبصير في السسدين ص ‪ ،34‬الجيلنسسي‪ /‬الغنيسسة‪ ،1/76 :‬ابسسن المرتضسسى‪ /‬المنيسسة والمسسل ص ‪:‬‬
‫‪.[.21‬‬
‫ونقل شيخ السلم ابن تيمية قسول الشسعري هسذا وعقسب عليسه بقسوله‪:‬‬
‫"قلت‪ :‬الصحيح أنهم سموا رافضة لما رفضوا زيد بن علي بن الحسين بن‬
‫علي بن أبي طالب لما خرج بالكوفة أيام هشسسام بسسن عبسسد الملسسك" ]منهسساج‬
‫السسسنة‪ ..[.2/130 :‬وهذا الرأي لبسسن تيميسسة يعسسود لسسرأي الشسسعري‪ ،‬لنهسسم مسسا‬

‫‪62‬‬
‫رفضوا زيدا ً إل لما أظهر مقالته في الشيخين ومذهبه في خلفتهما ]راجسسع‪:‬‬
‫تاريسسخ الطسسبري‪ ،181-7/180 :‬ابسسن الثيسسر‪ /‬الكامسسل‪ ،4/246 :‬ابسسن كسسثير‪ /‬البدايسسة والنهايسسة‪:‬‬
‫‪ ،330-9/329‬ابن العماد الحنبلي‪ /‬شذرات السسذهب‪ ،1/158 :‬تاريسسخ ابسسن خلسسدون‪،[.3/99 :‬‬
‫فالقول بأنهم سسسموا رافضسسة لرفضسسهم زيسسدا ً أو لرفضسسهم مسسذهبه ومقسسالته‬
‫مؤداهما‪ -‬في نظري ‪ -‬واحد‪ .‬إل أن شيخ السلم راعى الناحيسسة التاريخيسسة‪،‬‬
‫في ملحظته على الشسسعري‪ ،‬ذلسسك أن رفسسض إمامسسة أبسسي بكسسر وعمسسر قسسد‬
‫وجدت عند بعض فرق الشسسيعة كالسسسبئية ونحوهسسا قبسسل خلفهسسم مسسع زيسسد‪،‬‬
‫ولكسسن لسسم يلحقهسسم هسسذا السسسم )الرافضسسة( ولسسم يوجسسد إل بعسسدما أعلنسسوا‬
‫مفارقتهم لزيد لترضيه عن الشيخين وتسمية زيد لهم بالرافضة‪.‬‬
‫هذا وهناك أقوال أخسسرى فسسي سسسبب تسسسميتهم بالرافضسسة ]فقيسسل‪" :‬سسسموا‬
‫رافضة"‪ ..‬لتركهم نصسسرة النفسسس الزكيسسة )ابسسن المرتضسسى‪ /‬المنيسسة والمسسل‪ :‬ص ‪ ،21‬وانظسسر‬
‫هامش رقم ‪ 1‬ص ‪ ،(111‬وقيل‪ :‬لتركهم محبة الصحابة )علي القسساري‪ /‬شسسم العسسوارض فسسي‬
‫ذم الروافض‪ ،‬الورقة ‪254‬ب )مخطوطة(‪ ،‬وقيل‪ :‬لرفضهم دين السلم )انظر‪ :‬السسسكوبي‪/‬‬
‫الرد على الشيعة‪ :‬الورقة ‪) 23‬مخطوط(‪ ،‬وانظر‪ :‬محي الدين عبد الحميد‪ /‬هامش مقسسالت‬
‫السسسلميين‪ .[.(1/89 :‬على أن هنسساك مسسن أصسسحاب الفسسرق مسسن أطلسسق اسسسم‬
‫الرافضة على عموم فرق الشيعة ]كالبغدادي في الفرق بين الفسسرق‪ ،‬والسسسفرايين‬
‫في التبصير في الدين‪ ،‬والملطي في التنبيه والرد‪ ،‬والسكسكي في البرهان في عقائد أهل‬
‫الديان وغيرهم‪ .‬وانظر الملحظة على ذلك‪ :‬ص )‪.[.(117‬‬
‫‪ -7‬الجعفرية‪:‬‬
‫وتسسسمى الثنسسا عشسسرية بالجعفريسسة نسسسبة إلسسى جعفسسر الصسسادق إمسسامهم‬
‫السادس ‪ -‬كما يزعمون ‪ -‬وهو من باب التسمية للعام باسم الخاص‪ .‬روى‬
‫الكشي أن‪ :‬شعية جعفر في الكوفة )أو من يدعون التشيع لجعفر( سسسموا‬
‫بالجعفريسسة‪ ،‬وأن هسسذه التسسسمية نقلسست إلسسى جعفسسر فغضسسب ثسسم قسسال‪" :‬إن‬
‫أصحاب جعفر منكم لقليل‪ ،‬إنما أصسسحاب جعفسسر مسسن اشسستد ورعسسه وعمسسل‬
‫لخالقه" ]رجال الكشي‪ :‬ص ‪.[.255‬‬
‫وقد جاء في الكافي ما يدل علسسى أن النسساس كسسانوا يطلقسسون علسسى مسسن‬
‫يدعي التشيع لجعفر الصادق "جعفري خبيث"‪ ،‬وأن بعض الشسسيعة اشسستكى‬
‫من ذلك لجعفر فأجابه‪" :‬ما أقل والله من يتبع جعفرا ً منكم‪ ،‬إنما أصحابي‬
‫من اشتد ورعه‪ ،‬وعمل لخالقه‪ ،‬ورجا ثوابه‪ ،‬فهؤلء أصحابي" ]أصول الكافي‪:‬‬
‫‪ .[.2/77‬فهذا يدل ‪ -‬إن صحت الرواية ‪ -‬على أن اسم الجعفرية كان شائعا ٌ‬
‫ي زمن جعفر‪ ،‬وأن جعفر ل يرضى عنه الكثيرين منهم‪ ،‬كما يسسدل علسسى أن‬
‫لقب الجعفري كان يطلق على السماعيلية والثني عشرية‪ ،‬لن الفسستراق‬
‫بين الطائفتين تم بعد وفاة جعفر‪.‬‬
‫وقد أطلق اسم "الجعفرية" على طائفسسة مسسن الشسسيعة انقرضسست كسسانت‬
‫تقول بأن المام بعد الحسن العسكري أخوه جعفسسر ]السسرازي‪ /‬اعتقسسادات فسسرق‬
‫المسلمين ص‪ ،84 :‬مختصسسر التحفسسة الثنسسي عشسسرية‪ :‬ص ‪ .[.21‬وهناك ألقاب أخسسرى‬
‫للثني عشرية تطلق عليهم في بعض البلدان ]مثل لقب "المتاولسسة" يطلسسق فسسي‬
‫العصار الخيرة على شيعة جبل عامل وبلد بعلبك وجبل لبنان وهو جمع متوالي إلى اسسسم‬
‫فاعل من توالي‪ ،‬مأخوذ من الولء والموالة وهي الحب‪ ،‬لمسسوالتهم‪ -‬فيمسسا يزعمسسون ‪ -‬أهسسل‬

‫‪63‬‬
‫البيت وقيل‪ :‬إنهم سموا بذلك لنهم كسسانوا يقولسسون فسسي حروبهسسم‪ :‬مسست وليسا ً لعلسسي فسسسمي‬
‫الواحد منهم متواليا ً لذلك‪.‬‬
‫انظر‪ :‬حاضر العالم السلمي‪ ،194-1/193 :‬أعيان الشيعة‪. 1/22 :‬‬
‫ومثل لقاب "قزلباش" وهو لفظ تركي معناه ذو الرأس الحمسسر‪ ...‬والن اسسسم قزلبسساش ي‬
‫بلد إيران مشهور‪ ،‬وفي بلد الهند والروم والشام يسمون كل شيعي قزلباش‪.‬‬
‫انظر‪ :‬أعيان الشيعة ‪ . 24-1/23‬وسيأتي فسسي فسسرق الثنسسي عشسسرية أن القزلباشسسية مسن‬
‫فرق الثني عشرية‪.[.‬‬
‫الخاصة‪:‬‬
‫وهو لقب يطلقه شسسيوخ الشسسيعة علسسى طسسائفتهم‪ ،‬ويلقبسسون أهسسل السسسنة‬
‫والجماعة بالعامة‪.‬‬
‫جاء في دائرة المعارف الشيعية ما نصه‪" :‬الخاصة فسسي اصسسطلح بعسسض‬
‫أهل الدارية‪ :‬المامية الثنا عشرية‪ ،‬والعامة‪ :‬أهل السنة والجماعسسة" ]دائرة‬
‫المعارف‪.[.17/122 :‬‬
‫ويجري كثيرا ً استعمال هذا اللقب في رواياتهم للحاديث‪ ،‬فيقولون‪ :‬هذا‬
‫عن طريق العامة‪ ،‬وهذا عن طريق الخاصة ]انظسسر ‪ -‬مثل ً ‪ -‬غايسسة المسسرام لهاشسسم‬
‫البحراني‪ ،‬ومن رواياتهم‪" :‬ما خالف العامسسة ففيسسه الرشسساد" انظسسر‪ :‬أصسسول الكسسافي‪،1/68 :‬‬
‫وسائل الشيعة‪.[.18/76 :‬‬
‫فرق الثني عشرية‪:‬‬
‫الثنسسا عشسسرية امتسسدا للشسسيعة الماميسسة )بمعناهسسا العسسام( وفصسسيلة مسسن‬
‫فضائلها‪ ..‬بل فرقة واحدة من خمس عشرة فرقة انقسمت إليها الشسسيعة‬
‫بعد وفاة الحسن العسكري ]انظر القمي‪ /‬فرق الشيعة‪ :‬ص ‪ 120‬وما بعدها‪ [.‬سنة‬
‫ه( ومع ذلك فقد انبثق من الثني عشرية فرق كثيرة‪.‬‬ ‫)‪‍ 260‬‬
‫يقول الستاذ محمود الملح وهو من المعنيين بتتبع هذه الفرقسسة‪" :‬وفسسي‬
‫عصرنا هذا نجد الثني عشرية منقسمة إلى‪:‬‬
‫‪ -‬أصولية ]سيأتي التعريف بهما‪.[.‬‬
‫‪ -‬وأخبارية ]سيأتي التعريف بهما‪.[.‬‬
‫وشسسيخية ]الشسسيخية‪ :‬وقسسد ياقسسل لهسسا‪ :‬الحمديسسة‪ ،‬هسسم أتبسساع الشسسيخ أحمسسد‬ ‫‪-‬‬
‫ه(‪ .‬وهسسو مسسن شسسيوخ الثنسسي‬ ‫ه‪ ،‬والمتوفى سسسنة ‪‍ 1241‬‬ ‫الحسائي )المولود سنة ‪‍ 1166‬‬
‫عشرية‪.‬‬
‫وقسسد قسسال اللوسسسي ‪ -‬رحمسسه اللسسه ‪) -‬عسسن الحسسسائي وأتبسساعه(‪" :‬ترشسسح كلمسساتهم بسسأنهم‬
‫يعتقدون في أمير المؤمنين علي على نحو ما يعتقده الفلسفة في العقل الول" كما نسب‬
‫إليه القول بالحلول‪ ،‬وتأليه الئمة‪ ،‬وإنكار المعاد الجسماني‪ ،‬وأن من أصول السسدين العتقسساد‬
‫بالرجل الكامل وهو المتمثل في شخصه‪ ،‬وقد اختلف الشيعة الثنا عشرية فسسي شسسأنه بيسسن‬
‫مادح كالخوانساري في روضات الجنات‪ ،1/94 :‬وقادح مثل محمسسد ممهسسدي القزوينسسي فسسي‬
‫كتابه‪ :‬ظهور الحقيقة على فرقة الشيخية‪ ،‬ومتوقف مثل علي البلدي في أنوار البدرين ص‬
‫‪ ،408‬ومنهم من زعم التوسط في شأنه فقال‪.." :‬اختلف الناس فيه بين من يقول بركنيته‬
‫وبين من يقول بكفره‪ ،‬والتوسط خير المور‪ ،‬والحق أنسسه مسسن أكسسابر علمسساء الماميسسة" ‪ -‬ثسسم‬
‫امتدحه بجملة كلمات ‪ -‬إلى أن قال‪" :‬نعم له كلمات في مؤلفاته بجملة – كذا ‪ -‬متشابهة ل‬
‫يجوز من أجلها التهجم والجرأة على تفكيره"‪) .‬محمد حسين آل كاشسسف الغطسسا‪) /‬حاشسسية(‬
‫المصدر السابق ص ‪ .(409-408‬وهذا الختلف قد يدل على أن الكثير من النسثي عشسسرية‬
‫تهون عندهم عظائم هذا الرجسسل وضسسللته‪) ..‬انظسسر فسسي مسسذهب الشسسيخية‪ :‬اللوسسسي‪ /‬نهسسج‬
‫السلمة‪ :‬ص ‪)19-18‬مخطوط(‪ ،‬مختصر التحفة‪ :‬ص ‪ ،22‬العلمي الحائري‪ /‬مقتبس الثسسر‪:‬‬
‫‪ ،20/136‬محمد حسن آل الطلقاني‪ /‬الشيخية نشأتها وتطورها‪ ،‬مجلسسة العرفسسان مجلسسد ‪33‬‬

‫‪64‬‬
‫ص ‪ ،199‬أعيان الشيعة‪ ،8/390 :‬محسسن عبسد الحميسد‪ /‬حقيقسة البابيسة والبهائيسة ص ‪،36:‬‬
‫مصطفى عمران‪ /‬تهافت البابيسسة والبهائيسسة ص ‪ ،34‬جولسسد تسسسيهر‪ /‬العقيسسدة والشسسريعة‪ :‬ص‬
‫‪ ،270‬مبارك إسماعيل‪ /‬التيارات الفكرية ص ‪.[.110‬‬
‫ه(‬ ‫‪ -‬وكشفية ]الكشفية‪ :‬هم أصحاب كاظم بن قاسم الرشسستي )المتسسوفى سسسنة ‪‍ 1259‬‬
‫تلميذ الحسائي )مؤسس الشيخية( والقائم مقامه من بعده‪ ،‬والخذ بنهجسسه مسسع زيسسادة فسسي‬
‫الغلو والتطرف‪ ،‬وسيمت بالكشفية لما ينسسسب إلسسى زعيمهسا مسن الكشسسف واللهسام‪ .‬يقسسول‬
‫الشيخ اللوسي عن الكشفية‪ :‬الكشفية لقسسب لقبهسسم بسسه بعسسض وزراء السسزوراء )علسسي رضسسا‬
‫باشا( أعلى الله درجته‪ ،‬وهم أصحاب السيد كاظم الحسيني الرشتي وهو تلميسسذ الحسسسائي‬
‫وخريجه‪ ،‬لكن خالفه في بعض المسائل‪ ،‬وكلماته ترشح بما هو أدهى وأمسر ممسا ترشسسح بسه‬
‫كلمات شيخه‪ ،‬حتى إن الثني عشرية يعدونه مسسن الغلة وهسسو يسسبرأ ممسسا تشسسعر بسسه ظسسواهر‬
‫كلماته‪ ،‬وقد عاشرته كثيرا ً فلم أدرك منه ما يقول فيه مكفروه من علمسساء الثنسسي عشسسرية‪،‬‬
‫نعم عنده على التحقيق غير ما عندهم في الئمة وغيرهم مما يتعلسسق بالمبسسدأ والمعسساد‪ ..‬ول‬
‫أظن مخالفاته لشيخه تجعله وأصحابه القائلين بقوله فرقة غير الشيخية )نهج السسسلمة ص‬
‫‪ ،(19‬ومنهم من اعتبره فرقة مستقلة لتصريحه بذلك في قوله في كتابه دليل الحيران ص‬
‫‪" :136‬هذا مسلك لم يسبقني إليه أحد قبلي" )انظر‪ :‬آل طعمسسة‪ /‬مدينسسة الحسسسين ص ‪(34‬‬
‫ولذلك يعتبره محمد حسين آل كاشف الغطا هو الذي خرج عن الجادة القويمة‪ ،‬وزاغ زيغسسا ً‬
‫عظيمًا‪ ،‬وأنه أدخل على الشيعة المامية أشد فتنة وأعظم بلية‪ ،‬ومنسسه وأتبسساعه نشسسأت بليسسة‬
‫البابية بخلف شيخه الحسائي‪) :‬محمد حسين آل كاشف الغطا‪ /‬حاشية علي أنوار البسسدرين‬
‫ص ‪ ،409-408‬وانظر في الكشفية أيضًا‪ :‬مصطفى عمران‪ /‬تهافت البابية ص ‪ ،39 -37‬آل‬
‫طعمة‪ /‬مدينة الحسين‪ ،‬وفيه بحث مطول عن الكشفية من كتسسب زعيمهسا وتلمسسذته ص ‪24‬‬
‫وما بعدها‪ ،‬عبد الرزاق الحسين ‪ /‬البابيون والبهائيون ص ‪.[.(10‬‬
‫‪ -‬وركنية ]الركنية‪ :‬أتباع مسرزا محمسد كريسم بسسن إبراهيسم خسان الكرمساني‪ ،‬مسن تلمسذه‬
‫الرشتي وعلى مذهبه‪ ،‬سميت بذلك؛ لقولها بالركن والشيعي الكامل‪ ،‬واعتباره مسسن أصسسول‬
‫الدين والمتمثل في شخص زعيمهم‪) .‬انظر‪ :‬آل طعمة‪ /‬مدينة الحسين ص ‪.(56‬‬
‫ومنهم من يعتبر الركنية والكشفية من ألقاب الشسسيخية والجميسسع فرقسسة واحسسدة‪) .‬انظسسر‪:‬‬
‫مجلة العرفان مجلد ‪ 33‬ص ‪ ،199‬محمد آل الطلقاني‪ /‬الشيخية ص ‪.[.(274‬‬
‫‪ -‬وكريمخانية ]كريمخانية‪ :‬هم أتباع محمسسد الفجسسري الكرمسساني كريمخسسان‪ ،‬وهسسو علسسى‬
‫مذهب الشسسيخية ولسسذلك قسسال فيسسه الحسسائري‪" :‬رئيسسس الطائفسة الشسسيخية"‪) .‬متقبسسس الثسسر‪:‬‬
‫‪.[.(275-24/274‬‬
‫‪ -‬وقزلباشية ]القزلباشية‪ :‬هم صوفية متشيعة من أتباع الصسسفويين‪ ،‬ولفسسظ القزلبسساش‬
‫معناه الرؤوس الحمر‪ ،‬لتغطية رؤوسهم بشعار أحمسسر‪ ،‬وهسسو عبسسارة عسسن قنلسسسوة يلبسسسونها‬
‫كشعار لهم وقد وصفها بعضهم بقوله‪" :‬لقد أمر حيدر ابن جنيد الصفوي أتبسساعه بسسأن ترتفسسع‬
‫من وسط عمامتهم‪ ،‬ذات الكوار العديدة قطعة مدببة على هيئة الهرم مقسمة مسسن قمتهسسا‬
‫إلى إطرافها إلى اثنسستي عشسسرة شسسقة تسسذكر بعلسسي وأبنسسائه الثنسسي عشسسر‪ ،‬ومسسن هنسسا سسسمي‬
‫الصوفية من أتباع الصفويين بالقزلباش اتصال ً بهذا الشسسعار الثنسسي عشسسري الحمسسر"‪ .‬وقسسد‬
‫زعم محسن المين أن القزلباش لقب للثني عشرية في بعض البلسسدان ‪ -‬كمسسا مسسر‪ -‬ولعلسسه‬
‫أراد التستر على كثرة فرق طائفته وانقساماتها كعادته‪.‬‬
‫)انظر‪ :‬مصطفى الشيبي‪ /‬الفكر الشيعي‪ :‬ص ‪ ،406-405‬أعيان الشيعة‪.[.(24 ،1/23 :‬‬
‫وكلها داخلة في المجموعة الثنسسي عشسسرية وأصسسولها مبثوثسسة فسسي كتسسب‬
‫الثني عشرية‪ ،‬وهي بعد هذا يكفر بعضها بعضًا" ]الراء الصريحة‪ :‬ص ‪.[.81‬‬
‫وزاد بعض الباحثين من الشيعة ]آل طعمة‪ /‬مدينة الحسين‪ :‬ص ‪ [.56-55‬أسماء‬
‫أخرى هي‪ :‬القرتية ]القرتية‪ :‬أصحاب امرأة اسمها هند‪ ،‬وكنيتها أم سلمة‪ ،‬ولقبهسسا قسسرة‬
‫العين‪ ،‬لقبها بذلك كاظم الرشتي في مراسلته إذ كسسانت مسسن أصسسحابه‪ ،‬وهسسي ممسسن قلسسدت‬
‫الباب بعد موت الرشتي ثم خالفته في عدة أشياء منها‪ :‬التكاليف‪ ،‬فقيل‪ :‬إنهسسا كسسانت تقسسول‬
‫بحل الفروج ورفع التكاليف بالكلية‪ .‬قال اللوسي )أبو الثنا(‪ :‬وأنا لم أحس منها بشيء مسسن‬
‫‪65‬‬
‫ذلك مع أنها حبست في بيتي نحو شهرين‪ ..‬والذي تحقق عندي أن البابيسسة والقرتيسسة طائفسسة‬
‫تعتقد في الئمة نحو اعتقاد الكشفية فيهم‪ ،‬ويزعمسسون انتهسساء التكليسسف بالصسسلوات الخمسسس‬
‫وأن الوحي غيسر منقطسع‪) .‬نهسسج السسلمة‪ :‬ص ‪ ،21‬وانظسسر عسن القرتيسسة‪ :‬آل طعمسسة‪ /‬مدينسة‬
‫الحسين ص ‪،56‬س ‪ ،239‬وما بعدها‪ ،‬وغالب الكتب التي ألفت في البابيسسة تحسسدثت عسسن هسسذه‬
‫المرأة وأتباعها )انظر مراجع هامش )‪ (4‬من هذه الصفحة(‪ ،[.‬البابية ]البابية‪ :‬أتباع البسساب‬
‫ه( وهو من المامية الثني عشسسرية‪ ،‬ادعسسى أنسسه‬ ‫ميرزا علي محمد الشيرازي )‪‍ 1265-1235‬‬
‫الباب للمام الذي ينتظرونه‪ ،‬وأنه وحده الناطق عنه‪ ،‬ثم ادعى أنه هو إمسسامهم الغسسائب‪ ،‬ثسسم‬
‫زعم أن الله ‪ -‬سبحانه ‪ -‬قد حل فيه‪ ،‬وله ضروب من الكفسسر والضسسلل‪) .‬انظسسر فسسي مسسذهب‬
‫البابية‪ :‬محسسسن عبسسد الحميسسد‪ /‬حقيقسسة البابيسسة والبهائيسسة‪ ،‬مصسسطفى عمسسران‪ /‬تهسسافت البابيسسة‬
‫والبهائية‪ ،‬محمود الملح‪ /‬البابيسسة والبهائيسسة‪ ،‬إحسسسان إلهسسي ظهيسسر‪ /‬البابيسسة(‪ ،[.‬والكوهرية‬
‫]الكوهرية‪ :‬هم أتباع الخوند مل حسن كوهر المروجون لنحلته في كسسربلء حسستى اليسسوم )آل‬
‫طعمة‪ /‬مدينة الحسين‪ :‬ص ‪ (55‬وكان للكشفية أثر بليغ في ظهورها )المصسسدر السسسابق ص‬
‫‪ (239‬يؤلهون الئمة ويقولون بنفي العقاب عن مرتكب المعاصي )انظر‪ :‬المصدر السسسابق‬
‫ص ‪.[.(54-53‬‬
‫وزاد بعضسسهم أيضسسا ً النوربخشسسية ]النوربخشسسية‪ :‬نسسسبة إلسسى محمسسد نسسوربخش‬
‫ه( يسسدعي الثنسسا‬‫ه‪ ،‬والمتوفى سسسنة ‪‍ 869‬‬ ‫القوهستاني يكنى بأبي القاسم )المولود سنة ‪‍ 795‬‬
‫عشرية أنها فرقة من فرقهم‪ ،‬وهي توجد في وديان همليا‪ ،‬وكوهسسستان بلتسسستان المتصسسلة‬
‫بتبت الصينية‪ ،‬وقد ادعى المهدية لنفسه‪ ،‬وطبق الحاديث الواردة عسسن طريسسق أهسسل السسسنة‬
‫في اسم المهدي وكنيتسسه علسسى شخصسسه‪ ،‬وأنكسسر مهسسدي الشسسيعة وانفصسسل عنهسسا‪ ،‬وبهسسذا رأى‬
‫بعضهم أنه ليس من فرق الثنسسي عشسسرية‪ ،‬بسسل هسسو مسسن الصسسوفية أصسسحاب وحسسدة الوجسسود‪.‬‬
‫)إحسان إلهي ظهير‪ /‬الشيعة ص‪.(316 :‬‬
‫ولكن ل يمنع هذا أن يكون من الثنسي عشسرية فسسي الصسل وادعسى دعسوى المهديسسة‪ ،‬وأخسذ‬
‫بروايات أهل السنة لنطباقها عليه‪ ،‬لنه كان يقول بالئمة الثني عشسسر‪ ،‬ولهسسذا اكتفسسى فسسي‬
‫يوم بيعته بالمهدية بقبول اثني عشر تيمنا ً بعدد الئمة )الشيبي‪ /‬الفكر الشيعي‪ :‬ص ‪.(332‬‬
‫كما زار ‪ -‬عندما قدم العراق ‪ -‬العتبات الشيعية المقدسة )المصدر السسسابق ص ‪ .(333‬أمسسا‬
‫المنزع الصوفي فإن الصلة بين التصوف والتشيع قائمة ووثيقة‪.‬‬
‫)انظر في مذهب هذه الطائفة‪ :‬الشيعة والتشيع‪ :‬ص ‪ ،314‬مصطفى الشيبي‪ /‬الشسسيعي‪:‬‬
‫ص ‪ 328‬وما بعدها(‪ ،[.‬ثم إنه كما يقسسول اللوسسسي‪" :‬ول يبعسسد أن تظهسسر فسسرق‬
‫أخرى من المامية بعد" ]أبو الثناء اللوسسسي‪ /‬نهسسج السسسلمة‪ :‬ص ‪ .[.22‬نسأل اللسسه‬
‫تعالى العافية‪.‬‬
‫ومن خلل تتبعي لنصوص الثني عشرية التي تنسبها للئمة وترويها في‬
‫كتبها المعتمدة وجدت أنها تحمل فسسي ثناياهسسا بسسذور نحسسل مختلفسسة وأهسسواء‬
‫متباينة‪ ..‬يجد فيها كل صاحب هوى وغلو وبدعة‪ ،‬بغيته ومرامه‪ ...‬فهسي قسد‬
‫اتسعت بحكم معتقد التقية‪ ،‬وكثرة الكذب والفتراء على الئمة‪ ،‬وانضسسواء‬
‫الملحسسدين والمتسسآمرين فسسي صسسفوفهم‪ ،‬وعجسسز شسسيوخ الشسسيعة عسسن تنقيسسة‬
‫المذهب مما علق به من كيد الملحدين عسسبر القسسرون‪ ،‬وفقسسدان المسسوازين‬
‫الصحيحة الثابتة لتمحيص الروايات وتحقيقها‪ ،‬اتسعت بسسبب ذلسك وغيسره‬
‫لحتواء تلك البذور السامة وذلك الركام الهائل من الخبار المظلمة‪.‬‬
‫أما الحديث المفصل عن كل فرقة بذاتها فهذا موضوع يطسسول الحسسديث‬
‫فيه‪ ،‬وقد ل يدخل في صسسل الموضسسوع الرئيسسسي لبحثنسسا والمعنسسي بدارسسسة‬
‫أصولهم ل نشأة فرقهم‪ ،‬وأخبار أصحابها وأقوالها وآرائهسسم‪ .‬ولعلنسسا نكتفسسي‬
‫بالحديث عسسن افسستراق الشسسيعة إلسسى أصسسولية وأخباريسسة؛ لن الصسسولية هسسي‬
‫أساس المذهب الثني عشسسري‪ ،‬وتمثسسل الكثريسسة‪ ،‬ويقابلهسسا الخباريسسة‪ ،‬وإن‬
‫‪66‬‬
‫كانت أقل منها‪ ،‬أما ما سواها من فسرق فهسسي ليسست بسذلك الحجسم السسذي‬
‫تمثلسسه الصسسولية‪ ..‬ولسسذلك اكتفينسسا بسسالتعريف المسسوجز عنهسسا فسسي الهسسوامش‬
‫السابقة‪.‬‬
‫كما أن الخلف الصولي الخباري يمثل خلفا ً في بنيسسة المسسذهب الثنسسي‬
‫عشري‪ ،‬فهو خلف بين رجال الشيعة الذين جمعوا تراث المسسذهب الثنسسي‬
‫عشري؛ فتجد الحر العاملي صاحب وسسسائل الشسسيعة‪ ،‬والكاشسساني صسساحب‬
‫الوافي‪ ،‬والنوري الطبرسي صاحب مستدرك الوسسائل كلهسسم أخباريسسة مسسع‬
‫أنهم مصنفو مصادرهم المعتمسسدة فسسي الروايسسة عنسسدهم‪ .‬بسسل يعتسسبرون ابسسن‬
‫بابويه صاحب "من ل يحضره الفقيه" أحد مصادرهم الربعة المتقدمة هسسو‬
‫رئيس الخباريين ]انظر‪ :‬الصوليون والخباريون فرقة واحسدة‪ :‬ص ‪ ،4‬كمسا أنسك تلحسظ‬
‫أن من شيوخ الخبارية من ظهر واشتهر عنسسدهم كمحمسسد حسسسين آل كسائف الغطسسا صسساحب‬
‫أصل الشيعة وأصولها‪ ،‬وأيضا ً تلحظ كثرة الخبارين في بعض الجهات مثسسل البحريسسن‪ ..‬كمسسا‬
‫أن مسسن كبسسار شسسيوخ الطائفسسة الصسسولية السسذين يمثلسسون الكسسثرة الغالبسسة‪ ..‬محسسسن الحكيسسم‪،‬‬
‫وشسسريعت مسسداري‪ ،‬والخسسوئي‪ ،‬والخمينسسي وغيرهسسم‪ ،[.‬ويقسسابلهم الطوسسسي صسساحب‬
‫الستبصسسار والتهسسذيب‪ ،‬والمرتضسسى المنسسسوب لسسه )أو لخيسسه( نهسسج البلغسسة‬
‫وغيرهما وهما من الصوليين‪..‬‬
‫فإذن الخلف بين الصوليين والخباريين هو خلف بيسسن أركسسان المسسذهب‬
‫ومشيدي بنائه‪ ،‬فلنتوقف للتعريف بهاتين الفرقتين‪:‬‬
‫فالخباريون يمنعون الجتهاد‪ ،‬ويعملون بأخبارهم‪ ،‬ويرون أن ما في كتب‬
‫الخبار الربعة عند الشيعة ]وهي‪ :‬الكافي‪ ،‬والتهسسذيب‪ ،‬والستبصسسار‪ ،‬ومسسن ل يحضسسره‬
‫الفقيه‪ ،‬وسيأتي الحديث عنها فسسي فصسسل "السسسنة" عنسسد الثنسسي عشسسرية‪ [.‬كلها صحيحة‬
‫قطعية الصدور عن الئمة‪ ،‬ويقتصرون على الكتاب والخبر‪ ،‬ولذلك عرفسسوا‬
‫بالخبارية نسبة إلى الخبار وينكرون الجماع )ودليل العقسسل( ]انظسسر‪ :‬العقسسل‬
‫عند الشيعة المامية‪ ،‬رشدي عليان‪ ،[.‬ول يرون حاجة إلى تعلم أصول الفقسسه‪ ،‬ول‬
‫يرون صحته‪ ،‬ويقابلهم الصوليون أو المجتهدون‪ ،‬وهم القسسائلون بالجتهسساد‪،‬‬
‫وبأن أدلة الحكسسام الكتسساب والسسسنة والجمسساع وليسسل العقسسل‪ ،‬ول يحكمسسون‬
‫بصحة كل ما في الكتب الربعة‪ ..‬ويمثلون الكثرية ]انظر‪ :‬حسن الميسسن‪ /‬دائرة‬
‫المعارف‪ :‬ص ‪ ،107‬عز الدين‪ /‬بحر العلوم‪ /‬التقليد في الشسسريعة‪ :‬ص ‪ ،92‬فسسرج العمسسران‪/‬‬
‫الصوليون والخباريون فرقة واحدة‪ :‬ص ‪.[.19‬‬
‫لكن شيخهم النصاري يكشف ‪ -‬حسب ما ينقله عن محققهم غلم رضسا‬
‫القمسسي ‪ -‬أن الخبسساريين ل يعتمسسدون فسسي الدلسسة الشسسرعية إل علسسى أخبسسار‬
‫الشيعة فقط‪ ،‬ويقبلونهسسا علسسى علتهسسا بل تفريسسق بيسسن صسسحيحها وسسسقيمها‪.‬‬
‫يقول ما نصه‪" :‬ويعجبني في بيان وجه تسسسمية هسسذه الفرقسسة )الخبسساريين(‬
‫المرموقة بالخبارية وهو أحد أمرين‪:‬‬
‫الول‪ :‬كونهم عاملين بتمام القسام من الخبار مسسن الصسسحيح والحسسسن‬
‫والموثق والضعيف ]سيأتي إيضاح لهذه المصطلحات في فصل "قولهم فسسي السسسنة"‪[.‬‬
‫من غير أنها يفرقوا بينها في مقام العمل في قبال المجتهدين‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫الثاني‪ :‬أنهم لما أنكروا الدلسة الثلثسة بمسا فيهسا القسرآن الكريسم وخصسوا‬
‫الدليل بالواحد منها‪ ،‬أعني الخبار فلسسذلك سسسموا بالسسسم المسسذكور" ]القلئد‬
‫على الفرائد‪ ،‬حاشية على رسائل الشيخ النصاري‪ ،‬مبحث حجة القطع‪.‬‬
‫انظر‪ :‬التقليد في الشريعة السلمية‪ :‬ص ‪.[.93‬‬
‫فهم هنا استجابوا لساطيرهم التي تقول بنقص القسسرآن فأعرضسسوا عسسن‬
‫كتاب الله في مقام الحتجاج‪ ،‬واعتمسدوا علسى تلسك السساطير‪ ،‬فهسم بهسذا‬
‫أخرجوا أنفسهم عن دائرة السلم‪ ،‬ومع ذلك فإن جملة من شيوخ الشيعة‬
‫تدعي مع هذا الكفر البواح الذي أعلنتسسه طائفسسة الخباريسسة أن الخلف بيسسن‬
‫الصولين والخبسسارين "يتقصسر علسسى بعسسض الوجسسوه البسسسيطة ككسل خلف‬
‫يحدث بين أبناء الطائفة الواحدة تبعا ً لختلف السسرأي والنظسسر" ]التقليسسد‪ :‬ص‬
‫‪ ،92‬وانظر‪ :‬البحراني‪ /‬الحدائق ‪.[.170-1/169‬‬
‫وقسال صساحب "الصسوليون والخبساريون فرقسة واحسدة"‪" :‬إنسي بحسسب‬
‫تتبعسسي وفحصسسي كتسسب الصسسوليين والخبسساريين لسسم أجسسد فرقسا ً بيسسن هسساتين‬
‫الطائفتين إل في بعض المسور الجزئيسة الستي ل تسوجب تشسنيعا ً ول قسدحًا"‬
‫]فرج العمران‪ /‬الصوليون والخباريون فرقة واحدة ص‪.[.3-2 :‬‬
‫فهل هم إذن وجهان لعملة واحدة؟!‬
‫ولقد حاول بعض الشيعة المعاصرين أن يخفف من وقع الكلمة السابقة‬
‫حول عملهم بالخبار وردهم للقرآن‪ ،‬فقال‪" :‬كيسسف ينكسسر الخبسساريون وهسسم‬
‫المسسسلمين دليليسسة الكتسساب" ]عسسز السسدين‪ /‬التقليسسد‪ :‬ص ‪ ،[.93‬ثسسم التمسسس لسسذلك‬
‫مخرجا ً بمسسا ذكسسره شسسيخهم السسستراباذي مسسن "أن القسسرآن ورد علسسى وجسسه‬
‫التعمية بالنسبة إلى أذهان الرعية" ]الفسسوائد المدنيسسة‪ :‬ص ‪ ،48-47‬التقليسسد ص ‪،94‬‬
‫الحدائق‪ ..[.1/169 :‬فل يجوز فهمه والعمل به إل بمقتضى أخبارهم ]الفسسوائد‬
‫المدنيسسة‪ :‬ص ‪ ،48-47‬التقليسسد ص ‪ ،94‬الحسسدائق‪ .[.1/169 :‬فكسسأن نهايسسة‬
‫القولين واحدة‪ ،‬لن أخبسسارهم قسسد حرفسست معسساني القسسرآن‪ ،‬وصسسرفتها عسسن‬
‫مدلولها ‪ -‬كما سيأتي – ول سيما وهذه الطائفة ل تفرق بين صحيح الخبار‬
‫وباطلها‪.‬‬
‫أما بداية افتراق الثني عشرية إلى‪ :‬أصولية‪ ،‬وأخبارية فيسسذكر البحرانسسي‬
‫ه( "هسسو أول‬ ‫أن شيخهم "محمد أمين الستراباذي" )المتسسوفى سسسنة ‪‍ 1033‬‬
‫من فتسح بساب الطعسن علسى المجتهسدين‪ ،‬وتقسسيم الفرقسة‪ ..‬إلسى أخبساري‬
‫ومجتهد" ]لؤلؤة البحرين‪ :‬ص ‪ .[.117‬ومنهم من يذكر أنه أقسسدم مسسن ذلسسك وأن‬
‫الستراباذي هو الذي جدده ]انظر‪ :‬الصوليون والخباريون فرقة واحدة‪ :‬ص ‪.[.4‬‬
‫هذا وقد جرى بين هاتين الفرقتين ردود ومنازعات وتكفير وتشنيع حسستى‬
‫إن بعضهم يفتي بتحريم الصلة خلف البعض الخر ]انظر‪ :‬محمسسد جسسواد مغنيسسة‪/‬‬
‫مع علماء النجسسف‪ :‬ص ‪ ،[.74‬وكان من شسسيوخ طائفسسة الخباريسسة مسسن ل يلمسسس‬
‫مؤلفسسات الصسسوليين بيسسده تحاشسسيا ً مسن نجاسستها‪ ،‬وإنمسسا يقبضسها مسن وراء‬
‫ملبسه ]محمد آل الطلقاني‪ /‬الشيخة‪ :‬ص ‪.[.9‬‬
‫وقد كفر الستراباذي )الخباري( بعض الصوليين ونسسسبهم إلسسى تخريسسب‬
‫الدين ]انظر‪ :‬لؤلؤة البحرين‪ /‬للبحراني‪ :‬ص ‪ - [.118‬على حد تعبيره ‪ -‬كما نسسسب‬
‫الكاشاني )الخباري( صاحب الوافي ‪ -‬إلى أحد مصادرهم الثمانية ‪ -‬جمعسسا ً‬
‫‪68‬‬
‫من علمائهم إلى الكفر ]انظسسر‪ :‬لؤلسسؤة البحريسسن‪ /‬للبحرانسسي‪ :‬ص ‪ ،[.121‬ورد عليه‬
‫بعضسسهم بسسأن لسسه مسسن المقسسالت السستي جسسرى فيهسسا علسسى مسسذهب الصسسوفية‬
‫والفلسفة ما يوجب الكفر كقوله بوحدة الوجود ]وهسسو البحرانسسي‪ /‬انظسسر لؤلسسؤة‬
‫البحرين‪ :‬ص ‪ ..[.121‬وهكذا يكفر بعضهم بعضا ً كما كان أسسسلفهم مسسن قبسسل‪،‬‬
‫كما صورته جملة من روايسساتهم ‪ -‬كمسسا سسسيأتي ]انظسسر‪ :‬مبحسسث الغيبسسة مسسن هسسذه‬
‫الرسالة‪ - [.‬مع أن الطائفتين كلهما من الثني عشرية‪.‬‬
‫أما عناصر الخلف بين الفريقيسن فقسد ألسف فسي شسأنها شسيخهم جعفسر‬
‫كاشف الغطا كتابا ً بعنوان‪" :‬الحق المبين في تصويب المجتهسسدين وتخطئة‬
‫الخبارين" ]طبع في طهران عام ‪‍1316‬ه‪ ،‬انظر‪ :‬الذريعسسة مسسن ‪ [.38-7/37‬أنهى فيسسه‬
‫عناصر الخلف إلى ثمانين‪ ،‬بينما نرى شسسيخهم البحرانسسي يحسساول أن يقلسسل‬
‫من مسائل الخلف بينهما فيهبط بها ليقصرها على ثمسسان ]انظسسر‪ :‬عسسز السسدين‬
‫بحر العلوم‪ /‬التقليد‪ :‬ص ‪ [.95‬أو أقل ]لني رجعت إليها في الحدائق فلم أجده أثبت أكثر‬
‫من أربعسسة فسسروق‪ ،‬وانظسسر الحسسدائق‪1/167 :‬ومسسا بعسسدها‪[.‬؛ لنه يرى أن هسسذا الخلف‬
‫يؤدي إلى القدح في شيوخ الطرفيسسن وفتسسح بسساب الطعسسن والتشسسنيع علسسى‬
‫الشيعة ]الحدائق‪ .[.1/167 :‬ومن بعسده محسسن الميسن السسذي جعلهسا خمسسا ً‬
‫]انظر‪ :‬أعيان الشيعة‪ ،[.458-17/453 :‬وصنف ثالث توسط فجعلها ثلثا ً وأربعين‬
‫]وهو شخيهم عبد الله بسسن صسسالح البحرانسسي فسسي كتسسابه منيسسة الممارسسسين‪ ،‬انظسسر‪ :‬الحسسدائق‬
‫‪ [.1/167‬أو أربعين ]وهو شيخهم عدبالله السماهيجي )انظر‪ :‬روضات الجنات‪[.(1/36 :‬‬
‫أو تسعا ً وعشرين ]وهو‪ :‬الخوانساري‪ .‬انظر‪ :‬المصدر السابق ‪ 1/36‬وما بعدها‪.[.‬‬
‫والتقليل من الخلف يعود إلى أنهم يرجعون بعض المسائل إلسسى بعسسض‪،‬‬
‫أو يحكمون بأن المر فيه خلف عند هؤلء وهسسؤلء‪ ،‬فل يعتسسبر حينئذ خلف سا ً‬
‫بين طرفين‪ ،‬أو أن الخلف ليسسس بخلف حقيقسسي كخلفهسسم حسسول الجمسساع‬
‫الذي يثبته الصوليون وينكره الخبسساريون‪ ،‬ولكسسن شسسيخهم البحرانسسي يعتسسبر‬
‫هذا ليس بخلف ثسسابت؛ لن الجمسساع وإن ذكسسره المجتهسسدون )الصسسوليون(‬
‫في المكتب الصولية وعدوه في جملة الدلسسة‪ ..‬إل أنسك تراهسم فسي مقسسام‬
‫التحقيق في الكتب الستدللية يناقشون في ثبوته وحصوله وينازعون في‬
‫تحققه ووجود مدلوله حتى يضمحل أثره بالكلية ]الحدائق‪.[.1/168 :‬‬
‫وليس الغرض هنا بسط مسسسائل الخلف بينهسسم ]انظسسر هسسذه المسسسائل فسسي‪:‬‬
‫مقتبس الثر للحائري‪ 3/296 :‬وما بعدها‪ ،‬الخوانساري‪ /‬روضات الجنات‪ ،1/36 :‬البحرانسسي‪/‬‬
‫الحدائق‪ 1/167 :‬وما بعسسدها‪ ،‬الكشسسكول‪ ،389-2/386 :‬محمسسد صسسادق بحسسر العلسسوم‪ /‬دليسسل‬
‫القضاء الشرعي أصسسوله وفروعسسه‪ ،26-3/22 :‬محسسسن الميسسن‪ /‬أعيسسان الشسسيعة‪-17/453 :‬‬
‫‪ ،458‬عز الدين بحر العلوم‪ /‬التقليد ص‪ 95 :‬ومسسا بعسسدها‪ ،‬الغريفسسي‪ /‬الجتهسساد والفتسسوى‪ :‬ص‬
‫‪.99‬‬
‫هذا وقد ذكر بعضهم بأن أهم النقاط التي جسسرى فيهسسا الخلف هسسي أربسسع‪ ،‬إحسسداها‪ :‬تنويسسع‬
‫الحديث إلى صحيح‪ ،‬وحسن‪ ،‬وموثق‪ ،‬وضعيف‪ ،‬حيث قسسرره الصسسوليون ومنعسسه الخبسساريون‪،‬‬
‫والثانية‪ :‬مسألة التقليد فالصوليون ل يجسسوزون تقليسسد الميسست‪ ،‬ولكسسن الخبسساريين يجسسوزونه‪،‬‬
‫وثالثها‪ ،‬ورابعها‪ :‬الجماع والعقل حيث قال الصوليون بالحتجاج بهما بعسسد الكتسساب والسسسنة‪،‬‬
‫ومنع ممن ذلك الخباريون )انظر‪ :‬الغريفي‪ /‬الجتهاد والفتوى‪ :‬ص ‪ [.(99‬وإنما الشسسارة‬
‫إلى انقسام الشيعة على نفسها إلى حزبين متعاديين متنازعين في أصول‬
‫الستدلل وغيرها‪ ،‬وإن حاول بعضهم أن يخفف من هذا‪ ..‬وهنا أشسسير إلسسى‬

‫‪69‬‬
‫أن الخلف الذي وقع بين هاتين الفرقتين مسسن الثنسسي عشسسرية قسسد كشسسف‬
‫أمورا ً كثيرة من حقائق المذهب بحكم ارتفاع التقية في صولة النزاع‪ ،‬وما‬
‫كانت لتبين لو لم يكن هذا الخلف‪.‬‬
‫وإن دراسة واعية متأنية للخلف بين الطرفين لتكشف الكثير من أسرار‬
‫المذهب ]وقد استفدت مما جرى من خلف بينهما في فصل‪ :‬قولهم في السسسنة‪ ،‬وفصسسل‬
‫الجماع‪.[.‬‬

‫الباب الول‬
‫اعتقادهم في مصادر السلم‬
‫وفيه ثلثة فصول‪:‬‬
‫وثلثة فصول‪:‬‬
‫الفصل الول‪ :‬عقيدتهم في كتاب الله‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬عقيدتهم في السنة‪.‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬عقيدتهم في الجماع‪.‬‬

‫الفصل الول‬
‫اعتقادهم في القرآن الكريم‬
‫فسسي هسسذا الفصسسل نتنسساول ‪ -‬بمشسسيئة اللسسه ‪ -‬أقسسوال الشسسيعة السستي تسسبين‬
‫اعتقادهم في كتسساب اللسسه سسسبحانه‪ ،‬فنعسسرض ‪ -‬أول ً ‪ -‬لمسسذهبهم فسسي حجيسسة‬
‫القرآن وخروجهم في هذا المر عما أجمع عليه المسلمون‪ ،‬وذلك بقولهم‪:‬‬
‫إن القرآن ليس بحجة إل بقيم )هسو أحسد الثنسي عشسر(‪ ،‬وكسذا قسولهم‪ :‬إن‬
‫علم القرآن عند الئمة‪ ،‬وقد اختصوا بمعرفته ل يشسسركهم فيسسه أحسسد‪ ،‬وكسسذا‬
‫زعمهم بأن قول المام يخصص عام القرآن‪ ،‬ويقيد مطلقه‪ ..‬إلخ‪.‬‬
‫ثم نعرض ‪ -‬ثانيا ً ‪ -‬لعقيدتهم في تأويل القرآن‪ ،‬ونتناول فيه قسسولهم‪ :‬بسسأن‬
‫للقرآن معاني باطنة ل يعرفها إل الئمة‪ ،‬وقولهم الخسسر‪ :‬بسسأن جسسل القسسرآن‬
‫نزل فيهم وفي أعدائهم‪.‬‬
‫ثم نتناول ‪ -‬ثالثا ً ‪ -‬عقيدتهم في نص القرآن وندرس هسسل الشسسيعة تقسسول‬
‫بنقص القرآن وتغييره؟‬
‫هذا والشيعة تقول بأن القرآن مخلوق‪ ،‬حيث اقتفسست أثسسر المعتزلسسة فسسي‬
‫ذلك‪ ،‬وسنتناول هذه المسألة في فصل عقيدتهم في السماء والصسسفات ‪-‬‬
‫إن شاء الله‪.-‬‬
‫كما أن للشيعة دعوى شائعة في كتبها‪ ،‬ولسسم أر مسسن خصسسها بدراسسسة‪ ،‬أو‬
‫إشارة‪ ،‬وهسسي دعسسواهم تنسّزل كتسسب إلهيسسة علسسى الئمسسة‪ ،‬وقسسد خفيسست هسسذه‬
‫المسألة حتى رأيت من الباحثين من خلط بينهسا وبيسسن مسا ينسسسب للشسيعة‬
‫من قولهم بتحريف القرآن كجولد سيهر‪ ،‬ومحب الدين الخطيب‪ ،‬وإحسان‬
‫إلهي ظهير‪.‬‬
‫وكذلك تدعي الشيعة بسسأن عنسسد أئمتهسسا جميسسع الكتسسب السستي نزلسست علسسى‬
‫النبياء‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫وسنعرض لهسسذه المسسألة والسستي قبلهسا فسسي مبحسسث »اليمسسان بسالكتب«‬
‫والذي هو أحد أركان اليمان‪ .‬وإنما أشرت إليهسسا هنسسا حسستى يتسسسنى تصسسور‬
‫عقائدهم المتعلقة بكتاب الله في مكان واحد‪ ،‬وقد أرجسسأت الحسسديث علسسى‬
‫المسائل الثلث للموضعين المذكورين‪ ،‬لنهما بهما أولى ‪ -‬فيما يظهر ‪.-‬‬
‫هذا وعقائد الشيعة الثني عشرية في كتاب الله بهذه الصسسورة لسسم تنسسل‬
‫العنايسسة ممسسن تنسساول مسسسألة الشسسيعة ‪ -‬حسسسب اطلعسسي ‪ -‬وقسسد أكسسثر‬
‫المعاصرون من الحديث عن مسألة واحدة وهي ما يقال عن الشيعة مسسن‬
‫قولهم بنقص القرآن وتغييره‪.‬‬
‫وسنرى أيضا ً أن هذه القضية لسسم تسسلم مسن الخلسسط والتعميسسم انسسسياقا ً‬
‫وراء ما قاله غلة الشيعة في هذه المسألة؛ والله المستعان‪.‬‬

‫المبحث الول‬
‫اعتقادهم في حجية القرآن‬
‫سنقسم هذا المبحث إلى مسائل ثلث‪ :‬الولى‪ :‬قولهم‪ :‬إن القرآن ليس‬
‫بحجة إل بقيم‪ ،‬والثانيسسة ‪ :‬حصسسر علسسم القسسرآن ومعرفتسسه بالئمسسة‪ ،‬والثالثسسة‪:‬‬
‫زعمهم بأن قول المام يخصص عام القرآن‪ ،‬ويقيد مطلقه‪ ..‬إلخ‪.‬‬
‫المسألة الولى‪ :‬اعتقادهم أن القرآن ليس حجة إل بقيم‪:‬‬
‫أثناء مطالعتي في كتب الشيعة رأيت هذه المسألة يؤكد عليها في أكثر‬
‫من كتاب من كتبهم المعتمدة عندهم‪ ،‬ومسسا كسسان يخطسسر بالبسسال أن تسسذهب‬
‫طائفة من الطوائف التي تزعم لنفسها السلم إلى القول‪" :‬بسسأن القسسرآن‬
‫ليس حجة" واللسسه يقسسول ‪ -‬لمسسن طلسسب آيسسة تسسدل علسسى صسسدق الرسسسول ‪:-‬‬
‫م{ ]العنكبسسوت‪ ،‬آيسسة‪:‬‬‫ه ْ‬ ‫ب ي ُت َْلى َ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ك ال ْك َِتا َ‬ ‫م أ َّنا َأنَزل َْنا َ‬
‫عل َي ْ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ول َ ْ‬
‫م ي َك ْ ِ‬
‫ف ِ‬
‫َ‬
‫}أ َ‬
‫‪..[.51‬‬
‫فالقرآن العظيم هو الشاهد والدليل والحجة‪ ،‬ولكن شسسيخ الشسسيعة ومسسن‬
‫يسمونه بس"ثقة السلم" )الكليني( يروي في كتابه‪ :‬أصول الكسسافي والسسذي‬
‫هو عندهم كصحيح البخاري عند أهل السنة ]انظر‪ :‬فصل "اعتقادهم فسي السسنة"‬
‫من هذا الكتاب‪ [.‬يروي ما نصه‪ ..." :‬أن القسسرآن ل يكسسون حجسسة إل بقيسسم‪ :‬وأن‬
‫عليا ً كان قيم القرآن وكانت طاعته مفترضة‪ ،‬وكان الحجة على الناس بعد‬
‫رسول الله" ]أصول الكافي‪.[.1/188 :‬‬
‫كما توجد هذه المقالة أيضسا ً فسسي طائفسسة مسسن كتبهسسم المعتمسسدة كرجسسال‬
‫الكشي ]رجسسال الكشسسي‪ :‬ص ‪ ،[.420‬وعلل الشسسرائع ]الصسسدوق‪ /‬علسسل الشسسرائع‪ :‬ص‬
‫‪ ،[.192‬والمحاسسسن ]السسسبرقي‪ /‬المحاسسسسن‪ :‬ص ‪ ،[.268‬ووسسسائل الشسسيعة ]الحسسسر‬
‫العاملي‪ /‬وسائل الشيعة‪ ،[.18/141 :‬وغيرها‪.‬‬
‫فماذا يعنون بهذه العقيدة‪ :‬أيعنون بذلك أن النسسص القرآنسسي ل يمكسسن أن‬
‫يحتج به إل بالرجوع لقول المسسام؟ وهسسذا يعنسسي أن الحجسسة هسسي فسسي قسسول‬
‫المام ل قسسول الرحمسسن‪ ،‬أم يعنسسوان أن القسسرآن ل يؤخسسذ بنظسسامه إل بقسسوة‬
‫السلطان وهو القيم على تنفيذه؟ ولكن ورد عنسسدهم فسسي تتمسسة النسسص مسسا‬
‫ينفي هذا الحتمال وهو قولهم‪" :‬فنظرت في القرآن فسسإذا هسسو يخاصسسم بسه‬

‫‪71‬‬
‫المرجسسئ‪ ،‬والقسسدري‪ ،‬والزنسسديق السسذي ل يسسؤمن بسسه حسستى يغلسسب الرجسسال‬
‫بخصومته فعرفت أن القرآن ل يكون حجة إل بقيسسم" ]الحسسر العسساملي‪ /‬وسسسائل‬
‫الشيعة‪.[.18/141 :‬‬
‫ومعنى هذا أن قول المام هو أفصح من كلم الرحمن‪ ،‬ويظهر مسن هسذا‬
‫أنهم يرون أن الحجة في قول المام لنه القدر على البيسسان مسسن القسسرآن‪،‬‬
‫ولهذا سموه بالقرآن الصامت وسمو المام بالقرآن الناطق‪ ،‬ويروون عسسن‬
‫علي أنه قال‪" :‬هسذا كتساب اللسه الصسامت وأنسا كتساب اللسه النساطق" ]الحسسر‬
‫العسساملي‪ /‬الفصسسول المهمسسة‪ :‬ص ‪ .[.235‬وقال‪" :‬ذلسسك القسسرآن فاسسستنطقوه فلسسن‬
‫ينطق لكم أخبركم عنه ‪] "...‬أصول الكافي‪.[.1/61 :‬‬
‫ي تفسسسير كتسساب اللسسه" ]البحسسار‪،37/209 :‬‬ ‫ويقولون ‪ -‬في رواياتهم ‪" :-‬وعلس ّ‬
‫الطبرسسسي‪ /‬الحتجسساج‪ :‬ص ‪ ،33-31‬السسبروجودي‪ /‬تفسسسير الصسسراط المسسستقيم‪،[.30/20 :‬‬
‫ومرة أخرى يدعون بأن الئمة هم القرآن نفسه ]ولهذا نجسسدهم يفسسسرون قسسوله‬
‫ُ‬
‫ه‪ {..‬يقولسسون‪ :‬النسسور‪ :‬علسسي والئمسسة عليهسسم‬ ‫عق ُ‬ ‫م َ‬ ‫ل َ‬ ‫ز َ‬ ‫ي أنق ِ‬ ‫ذ َ‬ ‫عوا ْ الّنوَر ال ّ ِ‬ ‫وات ّب َ ُ‬‫سبحانه‪َ ..} :‬‬
‫ل( الكسسافي‪ ،1/194 :‬ويفسسسرون قسسوله‬ ‫السلم )فالئمة بناء على هذا أنزلوا من السماء إنزا ً‬
‫ن‬ ‫قققْرآ ٍ‬‫ت بِ ُ‬‫قاءََنققا ائ ْ ِ‬ ‫ن لِ َ‬‫جو َ‬ ‫ن ل َ ي َْر ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ل ال ّ ِ‬ ‫قا َ‬ ‫ت َ‬ ‫م آَيات َُنا ب َي َّنا ٍ‬ ‫ه ْ‬ ‫ذا ت ُت َْلى َ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫وإ ِ َ‬ ‫تعالى‪َ } :‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫مققا‬‫ع إ ِل ّ َ‬‫ن أت ّب ِق ُ‬ ‫سققي إ ِ ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫ء نَ ْ‬‫قققا ِ‬ ‫مققن ت ِل َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ن أب َدّل ُ‬ ‫ن ِلي أ ْ‬ ‫ما ي َكو ُ‬ ‫ل َ‬ ‫ق ْ‬‫ه ُ‬‫و ب َدّل ُ‬ ‫ذا أ ْ‬ ‫هق َ‬‫ر َ‬
‫غي ْ ِ‬ ‫َ‬
‫ي{ ]يونس‪ :‬آية ‪.[15‬‬ ‫َ‬
‫حى إ ِل ّ‬ ‫ُيو َ‬
‫ه{ يعني‪ :‬أمير المؤمنين‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫و ب َدّل ُ‬ ‫هقذا أ ْ‬ ‫ر َ‬ ‫ن غي ْ ِ‬ ‫ت ب ِقْرآ ٍ‬ ‫يقولون‪} :‬ائ ِ‬
‫)انظر‪ :‬تفسير العياشي‪ ،2/120 :‬أصول الكافي‪ ،1/419 :‬تفسير البرهان‪ ،2/180 :‬تفسسسير‬
‫نور الثقلين‪ ،2/296 :‬تفسير القمي‪ ،1/310 :‬بحار النوار‪.(36/80 :‬‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫فلي َقأُتوا‬ ‫ن‪َ ،‬‬ ‫من ُققو َ‬ ‫ؤ ِ‬‫ه َبقل ل ي ُ ْ‬ ‫ول َ ُ‬‫قق ّ‬ ‫ن تَ َ‬ ‫قوُلو َ‬ ‫م يَ ُ‬ ‫ومثل ذلك تفسسسيرهم لقسسولهم تعسسالى‪} :‬أ ْ‬
‫ن{ ]الطور‪ :‬آية‪.[34 ،33 :‬‬ ‫قي َ‬ ‫صاِد ِ‬ ‫كاُنوا َ‬ ‫ه ِإن َ‬ ‫مث ْل ِ ِ‬ ‫ث ّ‬ ‫دي ٍ‬‫ح ِ‬ ‫بِ َ‬
‫ه{ يعنسسي‪ :‬أميسسر المسسؤمنين }ب َققل ل‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ول ُ‬ ‫ن ت َق ق ّ‬ ‫م ي َقولققو َ‬ ‫جسساء فسسي تفسسسير القمسسي‪} :‬أ ْ‬
‫ه{ أي‪ :‬رجسسل‬ ‫ق‬ ‫ل‬‫ْ‬ ‫ث‬ ‫م‬ ‫ث‬ ‫دي‬ ‫ق‬ ‫ح‬ ‫ب‬ ‫توا‬ ‫فل ْيأ ْ‬ ‫َ‬ ‫}‬ ‫قسسال‪:‬‬ ‫ثم‬ ‫برأيه‪،‬‬ ‫ن{ أنه لم يتقوله ولم يقمه‬ ‫يُ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َ ِ ٍ ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬
‫ن{‪) .‬انظسسر‪ :‬تفسسسير القمسسي‪ ،2/333 :‬البحرانسسي‪/‬‬ ‫قي َ‬ ‫صققاِد ِ‬ ‫كاُنوا َ‬ ‫مثله من عنسسد اللسسه }ِإن َ‬
‫البرهان في تفسسسير القسسرآن‪ ،4/242 :‬بحسسار النسسوار‪ (36/85 :‬ومثسسل ذلسسك كسسثير‪ ،[.‬وحينا ً‬
‫يزعمون بأن القسسرآن لسسم يفسسسر إل لرجسسل واحسسد هسسو علسسي ]أصسسول الكسسافي‪:‬‬
‫‪ .[.1/250‬وما ندري لم يكون علي قيم القسسرآن وهسسو القسسرآن نفسسسه؟! وإذا‬
‫كان هو القرآن أو القيسسم عليسسه فلمسساذا يفسسسر لسسه‪ ،‬وكيسسف يفسسسر لسسه وهسسو‬
‫تفسيره؟! إنها أقوال يضرب بعضها بعضًا‪ ،‬وهي برهان أكيد على أنهسسا مسسن‬
‫وضع زنديق أراد إفساد دين المسلمين‪ ،‬وكيف يقال مثل ذلسسك فسسي كتسساب‬
‫دي‬ ‫ه ِ‬
‫ن يِ ْ‬
‫قْرآ َ‬‫ذا ال ْ ُ‬
‫هق َ‬
‫ن َ‬‫أنزله الله سبحانه وتعالى ليكون هداية للناس }إ ِ ّ‬
‫م{ ]السراء‪ ،‬آية‪.[.9 :‬‬
‫و ُ‬ ‫ي أَ ْ‬
‫ق َ‬ ‫ل ِل ِّتي ِ‬
‫ه َ‬
‫قال الخليفة الراشد علي ‪ -‬رضي اللسسه عنسسه ‪" :-‬كتسساب اللسسه فيسسه نبسسأ مسسا‬
‫قبلكم‪ ،‬وخبر ما بعدكم‪ ،‬وحكم مسا بينكسم‪ ،‬هسو الفصسل ليسس بسالهزل‪ ،‬مسن‬
‫تركه من جبار قصمه الله‪ ،‬ومن ابتغى الهدى فسسي غيسسره أضسسله اللسسه‪ ،‬وهسسو‬
‫حبل الله المتين‪ ،‬وهو الذكر الحكيم‪ ،‬وهو الصراط المستقيم‪ ،‬وهو الذي ل‬
‫تزيغ به الهواء‪ ،‬ول تلتبس به اللسن‪ ،‬ول تنقضسسي عجسسائبه‪ ،‬ول يشسسبع منسسه‬
‫العلماء‪ ،‬من قال به صدق‪ ،‬ومن عمل به أجر‪ ،‬ومن حكسسم بسسه عسسدل‪ ،‬ومسسن‬
‫دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم" ]قال ابسسن كسسثير فسسي تعليقسسه علسسى هسسذا الخسسبر‪:‬‬
‫"وقد وهم بعضهم في رفعه‪ ،‬وقصارى هذا الحديث أن يكون من كلم أمير المؤمنين علي ‪-‬‬

‫‪72‬‬
‫رضسسي اللسسه عنسسه –"‪) .‬انظسسر‪ :‬ابسسن كسسثير‪ /‬فضسسائل القسسرآن‪ :‬ص ‪ .(15‬وقسسد أخرجسسه مرفوعسا ً‬
‫الترمسسذي‪ ،‬فسسي ثسسواب القسسرآن‪ ،‬بسساب مسسا جسساء فسسي فضسسل القسسرآن رقسسم )‪،4/172 :(2906‬‬
‫والدارمي في سننه‪ ،‬كتاب فضائل القرآن‪ ،‬باب فضل القرآن ص‪ ،831:‬ورواه المام أحمسسد‬
‫في مسنده‪ 2/703 :‬رقم )‪) ،(704‬تحقيق أحمد شاكر(‪.‬‬
‫والحديث في سسسنده مقسسال‪ .‬قسسال الترمسسذي‪" :‬هسسذا حسسديث ل نعرفسسه إل مسسن هسسذا السسوجه‪،‬‬
‫وإسناده مجهول‪ ،‬وفي الحسسارث )أحسسد رجسسال السسسند( مقسسال"‪) .‬انظسسر‪ :‬الترمسسذي‪،(4/172 :‬‬
‫وقال الحافظ ابن العربي المالكي‪ :‬وحديث الحرث ل ينبغي أن يعول عليه‪) .‬انظر‪ :‬عارضسسة‬
‫الحوذي‪ .(11/30 :‬قال الشيخ أحمد شاكر‪ :‬إسناده ضعيف جدا ً من أجسسل الحسسارث‪) .‬انظسسر‪:‬‬
‫المسند ‪ (2/704‬وقال الشيخ اللباني‪ :‬إسناده ضعيف‪ ،‬فيه الحارث العسسور‪ ،‬وهسسو ليسسن‪ ،‬بسسل‬
‫اتهمه بعض الئمة بالكسسذب‪ ،‬ولعسسل أصسسله موقسسوف علسسى علسسي ‪ -‬رضسسي اللسه عنسه ‪ -‬فأخطسأ‬
‫الحارث فرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم )انظر‪ :‬اشرح الطحاوي‪ ،‬الطبعة التي خرج‬
‫أحاديثها اللباني ص‪ (68 :‬وهذا الثسسر مسسروي عسسن علسسي فسسي كتسسب الشسسيعة‪ :‬انظسسر‪ :‬تفسسسير‬
‫العياشي‪ ،1/3 :‬البرهان‪ ،1/7 :‬تفسير الصافي‪ ،1/15 :‬بحار النوار‪.[. 19/7 :‬‬
‫وقال ابن عباس ‪ -‬رضي الله عنه ‪ :-‬تضمن الله لمن قرأ القرآن وعمسسل‬
‫بما فيه أل يضسسل فسسي السسدنيا ول يشسسقى فسسي الخسسرة‪ ،‬ثسسم قسسرأ هسسذه اليسة‪:‬‬
‫قى{ ]انظسسر‪ :‬تفسسسير ابسسن جريسسر‬ ‫شق َ‬‫ول َ ي َ ْ‬ ‫ضق ّ‬
‫ل َ‬ ‫فل َ ي َ ِ‬
‫ي َ‬
‫دا َ‬
‫هق َ‬‫ع ُ‬‫ن ات ّب َق َ‬
‫م ِ‬ ‫} َ‬
‫ف َ‬
‫الطبري‪.[.16/225 :‬‬
‫ومسألة أن كتاب الله هسسو الحجسسة والمسسام ل تحتسساج إلسسى بسسسط الدلسسة‪،‬‬
‫والتوسع في إقامة البراهين‪ ،‬ولقد آثرنا فيما عرضسسنا مسسن دليسسل أن نأخسسذه‬
‫من كتاب الله سبحانه‪ ،‬ومما جاء عن بعض أهسسل السسبيت فسسي مصسسادر أهسسل‬
‫السنة‪ .‬وقبل أن ننهي الحديث في هذه القضية نشير إلى مسا ينقضسها مسن‬
‫كتب الشيعة نفسها كبرهان على تناقضسسهم‪ ،‬كمسسا نشسسير إلسسى الهسسدف مسسن‬
‫وضع تلك المقالة‪.‬‬
‫ففي بعض مصادرهم المعتمدة جاء النص التالي‪" :‬ذكسسر الرضسسا ‪ -‬رضسسي‬
‫الله عنه ‪ -‬يوما ً القرآن فعظم الحجة فيسسه‪ ..‬فقسسال‪ :‬هسسو حبسسل اللسسه المسستين‬
‫وعروته الوثقى‪ ..‬جعل دليل البرهان ]كذا وردت في المصسسدر المنقسسول عنسسه‪ ،‬وقسسد‬
‫تكون صوابها »الحيران« لن البرهان ل يحتاج إلى دليل‪ [.‬وحجة على كسسل إنسسسان‪ ،‬ل‬
‫يأتيه الباطل من بين يديه ول مسسن خلفسسه تنزيسسل مسسن حكيسسم حميسسد" ]انظسسر‪:‬‬
‫)المجلسي‪ /‬البحار‪ ،92/14 :‬ابن بابويه‪ /‬عيون أخبار الرضا‪.[.2/130 :‬‬
‫وفي نص آخر لهم‪ .." :‬فإذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلسسم‪،‬‬
‫فعليكم بالقرآن‪ ،‬فإنه شافع مشفع‪ ،‬من جعله أمامه قاده إلى الجنة‪ ،‬ومسسن‬
‫جعله خلفه ساقه إلى النار‪ ،‬وهو السسدليل يسسدل علسسى خيسسر سسسبيل‪] "..‬انظسسر‪:‬‬
‫تفسير العياشي‪ ،1/2 :‬البحار‪.[.92/17 :‬‬
‫وفي نهج البلغة المنسوب لعلي ]لقد شك فسسي صسسحة نسسسبة الكتسساب إلسسى علسسي‬
‫النقاد قديما ً وحديثًا‪ .‬قال الذهبي‪" :‬ومن طسالع نهسج البلغسة جسزم بسأنه مكسذوب علسى أميسر‬
‫المؤمنين علي ‪-‬رضي الله عنه –"‪ ،‬ثم بين علمات ذلك‪) .‬انظر‪ :‬ميسسزان العتسسدال‪،3/124 :‬‬
‫ترجمة الشريف المرتضى(‪ .‬وسيأتي ‪ -‬إن شاء الله ‪ -‬حديث عنسسه فسسي فصسسل السسسنة‪ ،‬وذكسسر‬
‫للمصسسادر الناقسسدة لسسه‪ - .[.‬رضي الله عنسسه ‪ -‬والسسذي هسسو عنسسد الشسسيعة‪ :‬ل يسسأتيه‬
‫الباطل من بين يديه ول من خلفه ]ذكر الهادي كاشف الغطسا )أحسد شسسيوخ الشسيعة‬
‫المعاصرين( أن إنكار نسبته إلى علي يعد عندهم من إنكار الضسسروريات‪ .‬وقسسال‪" :‬إن جميسسع‬
‫ما فيه حاله كحال ما يروى عنه النبي ‪ -‬صلى الله عليه وآله وسلم –"‪ .‬انظسسر‪ :‬مسسدارك نهسسج‬
‫البلغة ص‪ [.190 :‬جاء النص التالي‪" :‬فسسالقرآن آمسسر زاجسسر‪ ،‬وصسسامت نسساطق‪،‬‬
‫‪73‬‬
‫حجة اللسسه علسسى خلقسسه‪"..‬‬
‫]نهسسج البلغسسة ص‪ ،265:‬تحقيسسق صسسبحي الصسسالح‪ ،‬البحسسار‪:‬‬
‫‪.[.92/20‬‬
‫ولهسسذه النصسسوص شسسواهد أخسسرى وهسسي تكشسسف لنسسا مسسدى التنسساقض‬
‫والضسسطراب الواقسسع فسسي مصسسادر هسسؤلء القسسوم؛ فروايسساتهم ‪ -‬كمسسا تسسرى ‪-‬‬
‫يعارض بعضها بعضًا‪ ،‬لكنهم في حالة التناقض تلك قد وضسسعوا لهسسم منهجسا ً‬
‫خطيرا ً وهو الخذ بما خالف العامة ‪ -‬وهم أهل السنة عندهم ‪ -‬كما سسسيأتي‬
‫تفصيل ذلك في معتقسسدهم فسسي الجمسساع ‪ -‬فيأخسسذون بالجسسانب الشسساذ عسسن‬
‫الجماعة‪ ،‬وإن جاء نص يخالفه‪ ،‬وإن استيقظ شيخ مسسن شسسيوخهم واسسستمع‬
‫إلى نداء الحق وأعلن مخالفته لضللهم قسسالوا فسسي ذلسسك كلسسه‪ :‬تقيسة ‪ -‬كمسا‬
‫سيأتي في مبحث التقية ‪.-‬‬
‫والمتأمل لتلك المقالة التي تواترت في كتسسب الشسسيعة يلحسسظ أنهسسا مسسن‬
‫وضع عدو حاقد أراد أن يصد الشيعة عن كتاب الله سبحانه‪ ،‬ويضلهم عسسن‬
‫هدى الله‪ ،‬فما دامسست تلسسك المقالسسة ربطسست حجيسسة القسسرآن بوجسسود القيسسم‪،‬‬
‫والقيم هو أحد الئمة الثنسسي عشسسر؛ لن القسسرآن فسسسر لرجسسل واحسسد وهسسو‬
‫علي‪ ،‬وقد انتقل علم القرآن من علي إلى سائر الئمة الثنسسي عشسسر‪ ،‬كسسل‬
‫إمام يعهد بهذا العلم إلى من بعده‪ ،‬حتى انتهسسى إلسسى المسسام الثسساني عشسسر‬
‫]سنبين هذا بالتفصيل ‪ -‬إن شاء الله ‪ -‬في فصل السنة‪ [.‬وهو غائب مفقد عند الثني‬
‫عشرية منذ ما يزيد على أحد عشر قرنًا‪ ،‬ومعدوم عند طوائف من الشيعة‬
‫وغيرهم‪..‬‬
‫فما دامت هذه المقالة ربطت حجيسسة القسسرآن بهسسذا الغسسائب أو المعسسدوم‬
‫فكأن نهايتها أن الحتجاج بالقرآن متوقف لغيسساب قيمسسه أو عسسدمه‪ ،‬وأنسسه ل‬
‫يرجع إلى كتاب الله‪ ،‬ول يعرج عليه في مقام الستدلل ؛ لن الحجسسة فسسي‬
‫قول المسسام فقسسط‪ ،‬وهسسو غسسائب فل حجسسة فيسسه حينئذ‪ ،‬ولسسذلك فسسإن طائفسسة‬
‫الخبارية من الثني عشرية "أنكروا‪ -‬كما يعسسترف شسسيوخ الثنسسي عشسسرية ‪-‬‬
‫الدلة الثلثة ]يعني‪ :‬الجماع‪ ،‬والعقل‪ ،‬والقرآن الكريم‪ [.‬بما فيهسسا القسسرآن الكريسسم‪،‬‬
‫وخصوا الدليل بالواحد أعني الخبار فلذلك سمو بالسسم المسسذكور" ]انظسسر‪:‬‬
‫التقليد في الشريعة السلمية ص‪ ،93 :‬وقد مضى الحديث عن ذلك ص‪ (143) :‬مسسن هسسذه‬
‫الرسالة‪.[.‬‬
‫وحسبك بهذا ضلل‪ ،‬وإضلل عن صراط الله‪ ...‬وتلك ليسسست هسسي نهايسسة‬
‫التآمر على كتاب الله‪ ،‬وعلى الشيعة‪ ،‬ولكنها حلقة من حلقسسات‪ ،‬ومسسؤامرة‬
‫ضمن سلسلة مؤامرات طوحت بالشسسيعة بعيسسدا ً عسسن جماعسسة المسسسلمين‪،‬‬
‫وهي مقدمة‪ ،‬أو إرهاص لبدء المحاولة فسسي تفسسسير كتسساب اللسسه علسسى غيسسر‬
‫وجهه‪ ،‬وزعمهم أن هذا هو مسسا جسساء عسسن القيسسم والمسسام مسسن أهسسل السسبيت‪،‬‬
‫والحجة فيه ل في غيره‪ ،‬وهو الناطق عن القرآن‪ ،‬والمسسبين لسسه‪ ..‬ول حجسسة‬
‫في القرآن إل به‪.‬‬
‫المسألة الثانية‪ :‬اعتقادهم بأن الئمة اختصوا بمعرفة القرآن ل يشركهم‬
‫فيه أحد‪:‬‬
‫فإنه مما علسم مسن السسلم بالضسرورة أن علسم القسرآن لسم يكسن سسرا ً‬
‫تتوارثه سللة معينة‪ ،‬ولسسم يكسسن لعلسسي اختصسساص بهسسذا دون سسسائر صسسحابة‬
‫‪74‬‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وأن الصحابة رضسسوان اللسسه عليهسسم هسسم‬
‫الطليعة الولى الذين حازوا شرف تلقي هذا القرآن عن رسسسول البشسسرية‬
‫محمد بن عبد الله ونقله إلى الجيسسال كافسسة‪ ..‬ولكسسن الشسسيعة تخسسالف هسسذا‬
‫الصل وتعتقسسد أن اللسسه سسسبحانه قسسد اختسسص أئمتهسسم الثنسسي عشسسرية بعلسسم‬
‫القرآن كله‪ ،‬وأنهم اختصوا بتأويله‪ ،‬وأن من طلب علم القرآن من غيرهسسم‬
‫فقد ضل‪.‬‬
‫وتذكر بعض مصادر أهل السنة بأن بداية هذه المقالة‪ ،‬وجذورها الولسسى‬
‫ترجع لبن سبأ فهو القائل‪" :‬بأن القرآن جزء من تسعة أجزاء وعلمه عنسسد‬
‫علي" ]الجوزجاني‪ /‬أحوال الرجال ص‪ [.38 :‬وقد استفاض ذكر هذه المقالة فسسي‬
‫كتب الثني عشرية بألوان الخبار وصنوف الروايات‪:‬‬
‫‪ -1‬جاء في أصول الكافي في خبر طويل عن أبسسي عبسسد اللسسه قسسال‪" :‬إن‬
‫الناس يكفيهم القرآن ولو وجدوا له مفسرًا‪ ،‬وإن رسول الله ‪ -‬صسسلى اللسسه‬
‫عليه وآله ‪ -‬فسره لرجل واحد‪ ،‬وفسر للمة شأن ذلك الرجسسل وهسسو علسسي‬
‫بن أبي طالب ]أصول الكافي‪ ،1/25 :‬وسائل الشيعة‪.[.18/131 :‬‬
‫‪ -2‬وجاء في طائفة من مصادر الشيعة المعتمدة لديهم أن رسول الله ‪-‬‬
‫صلى الله عليه وآله ‪ -‬قال‪" :‬إن اللسسه أنسسزل علسسي القسسرآن وهسسو السسذي مسسن‬
‫خالفه ضل‪ ،‬ومن يبتغي علمه عند غير علي هلك" ]وسسسائل الشسسيعة‪،18/138 :‬‬
‫وانظر‪ :‬بحار النوار‪ ،7/302 :‬س ‪ ،19/23‬الطسسبري )الرافضسسي(‪ /‬بشسسارة المصسسطفى ص‪،16 :‬‬
‫أمالي الصدوق ص‪.[.40 :‬‬
‫‪ -3‬وزعمت أيضا ً كتب الشيعة أن أبا جعفر قال‪ :‬يا قتادة‪ ،‬أنت فقيه أهل‬
‫البصرة؟ فقال‪ :‬هكذا يزعمون‪ ،‬فقال أبو جعفر ‪ -‬رضي الله عنه ‪" :-‬بلغني‬
‫أنك تفسر القرآن؟ فقال له قتادة‪ :‬نعم ‪ -‬إلسسى أن قسسال‪ -:‬ويحسسك يسسا قتسسادة‬
‫إنما يعرف القرآن من خوطب به" ]الكافي‪ ،‬كتاب الروضة‪ ،12/415 :‬رقسسم )‪(485‬‬
‫)المطبوع مع شرح جامع للمازنداني(‪ ،‬وسائل الشيعة‪ ،18/136 :‬تفسسسير الصسسافي‪-1/21 :‬‬
‫‪ ،22‬البرهان في تفسير القرآن‪ ،1/18 :‬بحار النوار‪.[.238-24/237 :‬‬
‫‪ -4‬وفي تفسير فرات‪ .." :‬إنما على الناس أن يقرأوا القرآن كما أنسسزل‪،‬‬
‫فإذا احتاجوا إلى تفسيره فالهتداء بنسسا وإلينسسا" ]تفسسسير فسسرات ص‪ ،91:‬وسسسائل‬
‫الشيعة‪.[.18/149 :‬‬
‫ً‬
‫ورواياتهم في هذا الباب كثيرة جدا‪ ،‬ولو ذهبت أنقل مسسا بيسسن يسسدي منهسسا‬
‫لستغرق مجلدًا‪.‬‬
‫ففي الكافي مجموعة من البواب كل باب يتضمن طائفة مسن أخبسارهم‬
‫في هذا الموضوع مثل‪:‬‬
‫باب "أن الئمة ‪ -‬رضي الله عنهم ‪ -‬ولة أمر الله وخزتسسة علمسسه" ]أصسسول‬
‫الكافي‪.[.1/192 :‬‬
‫باب أن أهل الذكر الذين أمر الله الخلسسق بسسسؤالهم هسسم الئمسسة ]المصسسدر‬
‫السابق‪.[.1/210 :‬‬
‫باب أن من وصفه الله تعالى في كتابه بالعلم هم الئمة ]المصدر السسسابق‪:‬‬
‫‪.[.1/212‬‬
‫باب أن الراسخين في العلم هم الئمة ]المصدر السابق‪.[.1/213 :‬‬
‫‪75‬‬
‫]المصسسدر السسسابق‪:‬‬ ‫بساب أن الئمسة قسسد أوتسوا العلسسم وأثبست فسسي صسدورهم‬
‫‪.[.1/213‬‬
‫أما صاحب البحار فقد ضرب بسهم وافر ‪ -‬كعسسادته ‪ -‬فسسي هسسذا المضسسار‪،‬‬
‫ومن أبوابه في ذلك‪:‬‬
‫باب أنهم أهل علم القسسرآن‪ ،‬وذكسسر فسسي هسسذا البسساب )‪ (54‬روايسسة ]البحسسار‪:‬‬
‫‪.[.205-23/188‬‬
‫وباب أنهسسم خسسزان اللسسه علسسى علمسسه وفيسسه )‪ (14‬روايسسة ]المصسسدر السسسابق‪:‬‬
‫‪.[.26/105‬‬
‫كما ذكر أيضا ً طائفة من روايات هذا الموضوع ضمن‪:‬‬
‫"بسساب أنهسسم ل يحجسسب عنهسسم علسسم السسسماء والرض" ]المصسسدر السسسابق‪:‬‬
‫‪.[.26/109‬‬
‫وباب أنهم ل يحجب عنهم شيء ]المصدر السابق‪.[.26/137 :‬‬
‫وفي وسائل الشيعة للحر العاملي "بسساب عسسدم جسسواز اسسستنباط الحكسسام‬
‫من ظواهر القرآن إل بعد معرفة تفسسسيرها مسسن كلم الئمسسة ‪ -‬رضسسي اللسسه‬
‫عنهم ‪ -‬فيه ثمانون حديثا ً من أحاديثهم" ]وسائل الشيعة‪.[.152-18/129 :‬‬
‫وفي الفصول المهمة في أصول الئمة "باب أنه ل يعرف تفسير القرآن‬
‫إل الئمة" ]الحر العاملي‪ /‬الفصول المهمة ص‪.[.173 :‬‬
‫وفي تفسير الصسسافي يخصسسص إحسسدى مقسسدمات تفسسسيره لهسسذه القضسسية‬
‫وهي‪" :‬المقدمة الثانية في ن ُب َذ ْ مما جاء في أن علم القسسرآن كلسسه إنمسسا هسسو‬
‫عند أهل البيت ‪ -‬رضي الله عنهم –" ]تفسير الصافي‪.[.1/19 :‬‬
‫أما صاحب مقدمة البرهان فيقول‪" :‬الفصل الخامس في بيسسان مسسا يسسدل‬
‫على أن علم تأويل القرآن بسل كلسه عنسد أهسل السسبيت ‪ -‬عليهسم السسسلم –"‬
‫]مقدمة البرهان‪ :‬ص ‪ .[.15‬ويذكر في هذا الفصل طائفة من أخبارهم في هذه‬
‫المسألة‪ ،‬ثم يقول‪" :‬أقول‪ :‬والخبار في هذا البسساب أكسسثر مسسن أن تحصسسى"‬
‫]المصدر السابق‪ :‬ص ‪.[.16‬‬
‫ولو ذهبنا نستقصي الكتب الشيعية التي تعرضت لهذا لطال بنا المقسسام؛‬
‫لن هذا من أصولهم‪ ،‬قسسال أحسسد آيسساتهم ]وهسسو حسسسين السسبروجردي مسسن شسسيوخهم‬
‫المعاصرين‪" :[.‬اعلم أن علم القرآن مخزون عند أهل البيت وهو مما قضست‬
‫به ضرورة المذهب" ]تفسير الصراط المستقيم‪.[.‬‬
‫ومن العجب أنهم بدعواهم أن علم القرآن عند الئمة نسبوا إلى الئمسسة‬
‫علم كل شئ‪ ،‬فيقول أبو عبد الله ‪ -‬كما يزعمسسون ‪" :-‬إنسسي لعلسسم مسسا فسسي‬
‫السموات وأعلم ما في الرضين‪ ،‬وأعلم ما في الجنة‪ ،‬وأعلم ما في النار‪،‬‬
‫وأعلم ما كان وما يكسسون‪ ،‬ثسسم مكسسث هنيئة فسسرأى أن ذلسسك كسسبر علسسى مسسن‬
‫سمعه فقال‪ :‬علمت ذلك مسسن كتسساب اللسسه أن اللسسه يقسسول‪ :‬فيسسه تبيسسان كسسل‬
‫شيء" ]البحار‪.[.26/111 :‬‬
‫لحظ أن هذا النص الذي يزعسم صساحبه ‪ -‬ونسسبرئ جعفسسرا ً منسسه‪ ،‬فإمسامته‬
‫ودينه ينفيان ذلك عنه ‪ -‬العلم بكل شيء يجهل أقرب الشياء لديه‪ ..‬حيسسث‬
‫إن القرآن ليس فيه )تبيان كسسل شسسيء( وإنمسسا هسسذا تحريسسف لقسسول تعسسالى‪:‬‬
‫ء{ ]النحل‪ ،‬آية‪ .[.89 :‬وهو يزعم أن هذه آية من القرآن‪،‬‬ ‫ي ٍ‬ ‫ل َ‬
‫ش ْ‬ ‫}ت ِب َْياًنا ل ّك ُ ّ‬
‫‪76‬‬
‫س‬
‫ففضحه الله بذلك‪ ..‬وهذا برهان أن هذه النصوص من وضسسع ملحسسد انسد ّ‬
‫في صفوف المسلمين للكيد للسلم وأهله‪.‬‬
‫مناقشة هذه المقالة ونقدها‪:‬‬
‫أ‪ -‬مناقشة النصوص‪:‬‬
‫كمسسا يلحسسظ القسسارئ أنسسه ل يسسسمح المقسسام بجمسسع نصوصسسهم فسسي هسسذه‬
‫المسألة لكثرتها‪ ،‬إذ جمعها ونقدها يستغرق صحفات كسسثيرة‪ ..‬وحسسسبنا أننسسا‬
‫ذكرنا بعض المثلة عليها‪ ،‬إذ كلها تحوم حسسول معنسسى واحسسد‪ ،‬هسسو اختصسساص‬
‫الئمة الثني عشرية بعلم القرآن‪ ،‬وأنه مخزون عندهم‪ ،‬وبسسه يعلمسسون كسسل‬
‫شيء‪..‬‬
‫وسسسنتوقف عنسسد كسسل نسسص عرضسسناه لنناقشسسه ونحللسسه‪ ..‬ثسسم نعسسود لصسسل‬
‫المقالة وننقدها‪:‬‬
‫النص الول‪) :‬الذي يقول بأن الرسول لم يبين القرآن إل لعلي‪.(...‬‬
‫ل‬‫مققا ن ُقّز َ‬
‫س َ‬
‫ن ِللن ّققا ِ‬ ‫وَأنَزل َْنا إ ِل َي ْ َ‬
‫ك ال قذّك َْر ل ِت ُب َي ّق َ‬ ‫الله سبحانه يقول‪َ } :‬‬
‫م{ ]النحل‪ ،‬آية‪ [.44 :‬وكتب الشيعة تقسسول ‪ -‬كمسسا سسسلف ‪ :-‬ليسسست مسسن‬ ‫ه ْ‬ ‫َ‬
‫إ ِلي ْ ِ‬
‫وظيفة الرسول بيان القرآن للناس‪ ،‬وإنما مهمته بيان "شأن ذلسسك الرجسسل‬
‫وهو علي بن أبي طالب" أما بيسسان القسسرآن للنسساس وتفسسسيره فهسسو رسسسالة‬
‫علي ل محمد ]انظر نص ص‪.[.(162) :‬‬
‫وكلم الثني عشرية هنا يذكر بكلم فرقة من فرقة الغلة وهم الغرابية‬
‫التي قالت‪ :‬إن محمدا ً صلى الله عليه وسلم كان أشبه بعلي مسسن الغسسراب‬
‫بالغراب‪ ،‬وأن الله عز وجل بعث جبريل عليسسه السسسلم بسسالوحي إلسسى علسسي‬
‫فغلط جبريل عليه السلم وأنزل الوحي على محمد ]ابن حزم‪ /‬الفصل‪،5/42 :‬‬
‫وانظر‪ :‬البغدادي‪ /‬الفرق بين الفرق ص‪ ،250 :‬السفراييني‪ /‬التبصسسير فسسي السسدين‪ :‬ص ‪،74‬‬
‫ابسسن المرتضسسى‪ /‬المنيسسة والمسسل ص‪ ،30 :‬الملطسسي‪ /‬التنسسبيه والسسرد ص‪ 158 :‬وسسسماها‬
‫)الجمهورية(‪.[.‬‬
‫ما الفرق بين هذه المقالة‪ ،‬ونسسص الثنسسي عشسسرية؟! إن الثنسسي عشسسرية‬
‫أعطوا عليا ً الرسالة بدون دعوى الغلط‪ ،‬وزعمسسوا أن رسسسالة النسسبي صسسلى‬
‫الله عليه وسلم التعريف بعلي فقط‪.‬‬
‫وأترك للقارئ تدبر بقية المعاني‪ ،‬فهي ناطقة بذاتها‪.‬‬
‫النص الثاني‪:‬‬
‫يقول بأن من ابتغى علم القرآن عند غير علي فقد هلك ]انظر نصسسه ص‪) :‬‬
‫‪.[.(163‬‬
‫أقول‪ :‬من ابتغى علم القرآن من القرآن‪ ،‬أو من سنة المصسطفى صسلى‬
‫الله عليه وسلم‪ ،‬أو من صحابة رسسسول اللسسه صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم بمسسا‬
‫فيهم علي فقد اهتدى‪ ،‬والقول بأن من طلب علم القرآن عنسسد غيسسر علسسي‬
‫هلك ليس من دين السلم‪ ،‬وهو مما علم بطلته من السسسلم بالضسسرورة‪،‬‬
‫فلم يخسص النسسبي صسلى اللسه عليسسه وسسسلم أحسسدا ً مسن الصسسحابة بعلسسم مسن‬
‫س‬
‫ن ِللّنا ِ‬‫ك الذّك َْر ل ِت ُب َي ّ َ‬‫وَأنَزل َْنا إ ِل َي ْ َ‬
‫الشريعة دون الخرين‪ .‬قال تعالى‪َ } :‬‬
‫م{ فالية تدل على أن البيان للناس وليس لفسسرد أو طائفسسة‬ ‫ه ْ‬ ‫ما ن ُّز َ َ‬
‫ل إ ِلي ْ ِ‬ ‫َ‬
‫منهم ولو كان أهل بيته‪.‬‬
‫‪77‬‬
‫وقد نفى أمير المؤمنين علي أن يكون قد خصه رسول الله صسسلى اللسسه‬
‫عليه وسلم بعلم دون الناس ]تقدم الشارة لهذا الحديث‪ ،‬وتخريجه من كتب السنة‪:‬‬
‫ص‪.[.(79) :‬‬
‫وقد خاطب النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة‪ ،‬ومن بعدهم‪ ،‬ورغبهسسم‬
‫في تبليغ سنته ولم يخص أحدا ً منهم فقال ‪ -‬كما يروي زيد بن ثابت وغيره‬
‫‪" :-‬نضر الله امرءا ً سمع منا حسسديثا ً فحفظسسه حسستى يبلغسسه غيسسره‪ ،‬فسسإنه رب‬
‫حامل فقه ليس بفقيه‪ ،‬ورب حامل فقه إلى من هو أفقسسه منسسه‪] "...‬أخرجسسه‬
‫أحمد‪ ،5/183 :‬واللفظ له‪ ،‬والدارمي‪ /‬مقدمسسة‪ ،‬بسساب القتسسداء بالعلمسساء‪ ،1/73 :‬و أبسسو داود‪،‬‬
‫كتاب العلم‪ ،‬باب فضل نشر العلم‪ ،69-4/68 ،‬وابن ماجه‪ ،‬المقدمسسة‪ ،‬بسساب مسسن بلسسغ علم سًا‪:‬‬
‫‪ ،1/84‬والترمذي في كتاب العلم‪ ،‬باب ما جاء فسسي الحسث علسسى تبليسسغ السسسماع‪،34-5/33 :‬‬
‫وابن حبان في صحيحه )انظر‪ :‬موارد الظمآن‪ ،‬كتاب العلم‪ ،‬باب رواية الحديث لمسسن فهمسسه‬
‫ولمن لم يفهمه ص‪ ،(47 :‬قال ابن حجر في تخريسسج المختصسر‪ :‬حسسديث زيسسد بسسن ثسسابت هسسذا‬
‫صسسحيح خرجسسه أحمسسد وأبسسو داود‪ ،‬وابسسن حبسسان‪ ،‬وابسسن أبسسي حسساتم‪ ،‬والخطيسسب‪ ،‬وأبسسو نعيسسم‪،‬‬
‫والطيالسي‪ ،‬والترمذي‪ ،‬وفي الباب عن معاذ بن جبل‪ ،‬وأبي الدرداء‪ ،‬وأنس وغيرهم‪.‬‬
‫)انظر‪ :‬فيسض القسدير‪ .(6/285 :‬وقسد ذكسره اللبساني فسسي سلسسسلة الحساديث الصسسحيحة‪:‬‬
‫‪ ،690-1/689‬وللشيخ عبد المحسسسن العبسساد دراسسسة حسسول هسسذا الحسسديث بعنسسوان‪" :‬دراسسسة‬
‫حديث نضر الله امرءا ً سمع مقالتي" روايسسة ودرايسسة‪ [.‬وقد روت هسسذا الحسسديث كتسسب‬
‫الثني عشسسرية المعتمسسدة ]انظسسر‪ :‬أصسسول الكسسافي‪ ،1/403 :‬الحسسر العسساملي‪ /‬وسسسائل‬
‫الشيعة‪ [.18/63 :‬فيكون حجة عليها‪.‬‬
‫أما النص الثالث‪:‬‬
‫فهو يدعي أن القول لم يخاطب به سوى الئمة الثني عشر‪ ،‬ومسسن هنسسا‬
‫فل يعرف القرآن سواهم )إنما يعرف القرآن من خسسوطب بسسه( ]انظسسر‪ :‬ص )‬
‫‪ ،[.(134-133‬ولهذا يعتبر صحابة رسول الله‪ ،‬والتابعون وأئمة السلم علسسى‬
‫امتداد العصور قد )هلكوا وأهلكوا( بقيامهم بتفسير القسسرآن وفسسق أصسسوله‪،‬‬
‫أو اعتقادهم أن في كتاب الله مسسا ل يعسسذر أحسسد بجهسسالته‪ ،‬ومنسسه مسسا تعرفسسه‬
‫العرب من كلمها‪ ،‬ومنه ما ل يعرفه إل العلماء‪ ،‬ومنه مسسا ل يعلمسسه إل اللسسه‬
‫]روي هذا المعنى عن ابسسن عبسساس )انظسسر‪ :‬تفسسسير الطسسبري‪ 1/76 :‬تحقيسسق وتخريسسج أحمسسد‬
‫شاكر‪ ،‬ومحمود شاكر‪ ،‬وانظر‪ :‬تفسير ابن كثير‪.[.(1/5 :‬‬
‫فالشيعة تزعم أنه ل يعرف القرآن سوى الئمة‪ ،‬وأنهم يعرفون القسسرآن‬
‫كله‪.‬‬
‫وهذه دعوى تفتقر إلسى السدليل‪ ،‬وزعسم يكسذبه العقسسل والنقسل‪ ،‬وينقضسسه‬
‫واقع التفسير عندهم ‪ -‬كما سيأتي ‪.-‬‬
‫النص الرابع‪:‬‬
‫يبين أن وظيفة الناس جميعا ً سوى الئمة الثني عشر هو قراءة القرآن‬
‫فقط‪.‬‬
‫ول يجوز لحد أن يتولى منصب تفسير القرآن ]انظسسر نصسسه‪ ،[.(134) :‬حتى‬
‫ول رسسسول اللسسه صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم لن وظيفتسسه بيسسان "شسسأن ذلسسك‬
‫الرجل‪ ،"..‬كما أنه من باب أولى ليس لحد من الصحابة والسلف والئمسسة‬
‫أن يتولى شيئا ً من ذلك‪ ،‬وإن احتاج أحد لتفسير آية فليرجع إلى من عنسسده‬
‫علم القرآن‪ :‬إلى أئمتهم‪ ..‬ومسساذا سسسيجد مسسن يرجسسع إلسسى تفاسسسير الشسسيعة‬

‫‪78‬‬
‫كتفسير القمي والعياشي‪ ،‬والبرهان‪ ،‬وتفسير الصافي‪ ،‬أو ما في الكسسافي‪،‬‬
‫والبحسسار مسسن تفسسسير ليسسات القسسرآن يزعمسسون نسسسبتها لئمتهسسم؟!‪ .‬سسسيجد‬
‫تأويلت باطنية ليس لها صلة بنسسص القسسرآن‪ ،‬ول سسسياق اليسسات ول معانيهسسا‬
‫ومفهوماتها‪ ..‬كما سنرى نماذج من ذلك‪.‬‬
‫إن أوضح برهان في هذه الدعاوى هو واقع التفسير عنسسد هسسؤلء القسسوم‪،‬‬
‫ثم إن النص المذكور يدعو إلى العراض عسسن تسسدبر القسسرآن وفهسسم معسسانيه‬
‫وهذا من الصد عسسن ديسسن اللسسه وشسسرعه‪ ..‬ولعسسل السسدافع لوضسسع مثسسل هسسذه‬
‫الروايات هو محاولة منع جمهسسور الشسسيعة مسسن قسسراءة كتسساب اللسسه وتسسدبره‬
‫وفهمسسه لن فسسي ذلسسك افتضسساحا ً لكسسذب مؤسسسسي هسسذا المسسذهب وكشسسفا ً‬
‫لضاليلهم وتعرية لمناهجهم الباطنية في تأويل كتاب الله‪.‬‬
‫ب‪ -‬نقد هذه المقالة‪:‬‬
‫تقوم هذه المقالة على أن الرسول صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم أودع عليسا ً‬
‫علسم القسرآن‪ ،‬وقسد وجسد لهسذه المقالسة أصسل فسي حيساة أميسر المسؤمنين‪،‬‬
‫وأظهرت السسسبئية القسسول بسسأن عنسسد علسسي غيسسر مسسا عنسسد النسساس‪ ،‬فنفىسسأمير‬
‫المؤمنين ذلك نفيا ً قاطعا ً وقال‪" :‬والذي فلق الحبة وبرأ النسمة مسسا عنسسدنا‬
‫إل ما في القرآن إل فهما ً يعطى رجل في كتابه‪] "...‬تقدم تخرجسسه ص ‪[.(79) :‬‬
‫‪ -‬كما مر‪.-‬‬
‫ومما يجب أن يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم بّين لصحابه معسساني‬
‫ل‬ ‫مققا ن ُقّز َ‬
‫س َ‬
‫ن ِللن ّققا ِ‬
‫القرآن‪ ،‬كما بّين لهم ألفاظه‪ ،‬فقسسوله تعسسالى‪} :‬ل ِت ُب َي ّ َ‬
‫م{ ]النحسسل‪ ،‬آيسسة‪ [.44 :‬يتناول هسسذا وهسسذا‪ .‬وقسسد قسسال أبسسو عبسسد الرحمسسن‬ ‫ه ْ‬ ‫َ‬
‫إ ِلي ْ ِ‬
‫السلمي ]مقرئ الكوفة المام العلم عبسسد اللسسه بسسن حسسبيب بسسن ربيعسسة الكسسوفي‪ ،‬مسن أولد‬
‫الصحابة‪ ،‬مولده في حياة النبي صلى الله عليسسه وسسسلم‪ ،‬وقسسد أخسسذ القسسراءات عسسن عثمسسان‪،‬‬
‫ي‪ ،‬وابن مسعود‪.‬‬‫وعلي‪ ،‬وزيد‪ ،‬وأب ّ‬
‫)انظر‪ :‬الذهبي‪ /‬سير أعلم النبلء‪ ،4/267 :‬السيوطي‪ /‬طبقات الحفاظ‪ :‬ص ‪.(19‬‬
‫وهو غير أبي عبد الرحمن السلمي شيخ الصوفية‪ ،‬صاحب حقسساق التفسسسير )ت ‪ (412‬السسذي‬
‫نسب إلى جعفر الصادق أقوال ً في تأويل القرآن على طريقة الباطنية‪.‬‬
‫وجعفر بريء من ذلك )انظر‪ :‬ابن تميمسسة‪ /‬منهسساج السسسنة‪ ،4/146 :‬والفتسساوى‪-13/242 :‬‬
‫‪ ،243‬وانظر في ترجمة السلمي الخيسسر‪ :‬الخطيسسب البغسسدادي‪ /‬تاريسسخ بغسسداد‪،249-2/248 :‬‬
‫الذهبي ميزان العتدال‪" :[.(3/523 :‬حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن ‪ -‬كعثمان‬
‫بن عفان‪ ،‬وعبد الله بن مسعود وغيرهما ‪ -‬أنهم كانوا إذا تعلموا من النسسبي‬
‫صلى الله عليه وسلم عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلمسسوا مسسا فيهسسا مسسن‬
‫العلم والعمل‪ ،‬قالوا‪ :‬فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميع ً‬
‫ا" ]انظسسر‪ :‬مجمسسوع‬
‫فتاوى شيخ السلم‪ ،13/331 :‬وقد أخرجه الطبري في تفسيره‪ ،1/80 :‬وقال المحقق في‬
‫تعليقه على هذا الثر‪" :‬هذا إسناد صحيح متصل"‪ .‬انظسسر‪ :‬تفسسسير الطسسبري‪ ،‬تحقيسسق وتعليسسق‬
‫محمود شاكر‪ ،‬وأحمد شاكر‪ .‬وأخرجه الطبري‪ 1/80 :‬عن طريق الحسين بسسن واقسسد‪ ،‬حسسدثنا‬
‫العمش عن شقيق عن ابن مسعود قال‪ :‬كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجسساوزهن‬
‫حتى يعرف معانيهن والعمل بهن‪.‬‬
‫قال المحقق‪" :‬هذا إسناد صحيح"‪ .‬وهو موقوف على ابن مسعود‪ ،‬ولكنه مرفوع معنى؛ لن‬
‫ابن مسعود إنما تعلم القرآن من رسول الله صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫فهو يحكي ما كان في ذلك العهد النبوي المنير )المصسسدر السسسابق ‪ (1/80‬وقسسال شسسعيب‬
‫الرناؤوط‪" :‬رجاله ثقات"‪ .‬انظر تعليقه على سير أعلم النبلء‪ .[. 4/270 :‬ولهذا كسسانوا‬

‫‪79‬‬
‫َ‬
‫ب أنَزل َْنا ُ‬
‫ه‬ ‫يبقون مدة في حفظ السورة‪ ،‬وذلك أن الله تعالى قال‪} :‬ك َِتا ٌ‬
‫َ‬
‫فل‬ ‫ه{ ]سسسسورة ص‪ ،‬آيسسسة‪ .[.29 :‬وقسسال‪} :‬أ َ‬ ‫ك ل َّيققدّب ُّروا آَيققات ِ ِ‬
‫مَبققاَر ٌ‬‫ك ُ‬‫إ ِل َْيقق َ‬
‫م ي َدّب ُّروا‬ ‫ن{ ]النساء‪ ،‬آية‪ ،82 :‬محمد‪ ،‬آية‪ [.24 :‬وقال‪} :‬أ َ َ‬
‫فل َ ْ‬ ‫قْرآ َ‬‫ن ال ْ ُ‬
‫ي َت َدَب ُّرو َ‬
‫ل{ ]المؤمنسسون‪ ،‬آيسسة‪ .[.68 :‬وتدبر القرآن بسسدون فهسسم معسسانيه ل يمكسسن‪،‬‬ ‫و َ‬‫ق ْ‬‫ال ْ َ‬
‫َ‬
‫ن{ ]يوسف‪،‬‬ ‫قُلو َ‬ ‫ع ِ‬ ‫عل ّك ُ ْ‬
‫م تَ ْ‬ ‫عَرب ِّيا ل ّ َ‬ ‫وكذلك قال تعالى‪} :‬إ ِّنا أنَزل َْناهُ ُ‬
‫قْرآًنا َ‬
‫آيسسسة‪ .[.2 :‬وعقسسل القسسرآن متضسسمن لفهمسسه‪ ،‬ومسسن المعلسسوم أن كسسل كلم‬
‫فالمقصود منه فهم معانيه دون مجرد ألفاظه‪ ،‬فالقرآن أولى بذلك‪.‬‬
‫ولهذا لم تعد فئة من الشيعة تهضم هذه المقالسسة‪ .‬وخرجسست عسسن القسسول‬
‫بكل ما فيها‪ ،‬فقالت بأن ظواهر القرآن ل يختص بعلمهسسا الثنسسا عشسسر‪ ،‬بسسل‬
‫يشركهم غيرهم فيها‪ ،‬أما بواطن اليات فمن اختصاص الئمة‪ .‬وقام خلف‬
‫كبير حول حجية ظواهر القرآن بين الخبارين والصسسوليين‪ ،‬فسسالفئة الولسسى‬
‫ترى أنه ل يعلم تفسير القرآن كله ظاهره وباطنه إل الئمة‪ ،‬والخرى ترى‬
‫حجيسسة ظسسواهر القسسرآن لعمسسوم الدلسسة فسسي السسدعوة لتسسدبر القسسرآن وفهمسسه‬
‫]تعرضت لهذه المسألة كسسثير مسن كتسسب التفسسسير وأصسسول الفقسسه عنسسدهم‪ .‬انظسسر‪ :‬الخسسوئي‪/‬‬
‫البيان‪ :‬ص ‪ 263‬وما بعدها‪ ،‬السسبروجردي‪ /‬تفسسسير الصسسراط المسسستقيم‪ 2/175 :‬ومسسا بعسسدها‪،‬‬
‫المظفر‪ /‬أصول الفقه‪ ،3/130 :‬الحكيسم‪ /‬الصسول العامسة للفقسه المقسارن‪ :‬ص ‪،105-102‬‬
‫الميثمي‪ /‬قوامع الفضول‪ :‬ص ‪.[.298‬‬
‫إن دعوى أن القرآن لم يفسر إل لعلي هي مخالفة لقول الله سسسبحانه‪:‬‬
‫م‬‫هق ْ‬‫عل ّ ُ‬
‫ول َ َ‬
‫م َ‬ ‫هق ْ‬ ‫مققا ن ُقّز َ َ‬
‫ل إ ِلي ْ ِ‬ ‫س َ‬
‫ن ِللن ّققا ِ‬ ‫وَأنَزل ْن َققا إ ِل َي ْق َ‬
‫ك ال قذّك َْر ل ِت ُب َي ّ ق َ‬ ‫} َ‬
‫ن{ ]النحل‪ ،‬آية‪ .[.44 :‬فالبيان للناس ل لعلي وحده ‪ -‬كمسسا سسسبق ‪.-‬‬ ‫فك ُّرو َ‬ ‫ي َت َ َ‬
‫فليس لمن قال بهذه المقالة إل أحد طريقين‪ :‬إما القول بأن الرسول لسسم‬
‫يبلغ ما أنزل إليه‪ ،‬وإما أن يكذب القرآن‪ ،‬وهي مخالفة للعقل وما علم من‬
‫السلم بالضرورة‪ ،‬ودعوى أن علم القرآن اختص به الئمة ينسسافيه اشسستهار‬
‫عدد كبير من صحابة رسول الله صلى اللسسه عليسسه وسسسلم بتفسسسير القسسرآن‬
‫كالخلفاء الربعة‪ ،‬وابسسن مسسسعود‪ ،‬وابسسن عبسساس‪ ،‬وزيسسد بسسن ثسسابت وغيرهسسم‪.‬‬
‫"وكان علي ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬يثني على تفسسسير ابسسن عبسساس" ]انظسسر‪ :‬ابسسن‬
‫عطية‪ /‬المحرر الوجيز‪ ،1/19 :‬ابن جزي‪ /‬التسهيل‪.[.1/9 :‬‬
‫قال شيخ السلم ابن تيمية‪" :‬وهذا ابن عباس نقل عنه من التفسير مسسا‬
‫شاء الله بالسانيد الثابتة ليس فسسي شسسيء منهسسا ذكسسر علسسي‪ ،‬وابسسن عبسساس‬
‫يروي من غير واحسسد مسسن الصسسحابة؛ يسسروي عسسن عمسسر وأبسسي هريسسرة وعبسسد‬
‫ي بن كعب وأسامة بن زيسسد وغيسسر‬ ‫الرحمن بن عوف وعن زيد بن ثابت وأب ّ‬
‫ً‬
‫واحد من المهاجرين والنصار‪ .‬وروايته عسسن علسسي قليلسسة جسسدا‪ ،‬ولسسم يخسسرج‬
‫أصحاب الصحيح شيئا ً من حديثه عن علي‪ ،‬وخرجوا حديثه عن عمسسر وعبسسد‬
‫الرحمن بن عوف وأبي هريسسرة وغيرهسسم‪ ...‬ومسسا يعسسرف بأيسسدي المسسسلمين‬
‫تفسير ثابت عن علي‪ ،‬وهذه كتب الحديث والتفسسسير مملسسوءة بالثسسار عسسن‬
‫الصحابة والتابعين‪ ،‬والذي منها عن علي قليل جدًا‪ ،‬وما ينقل من التفسسسير‬
‫عن جعفر الصادق عامته كذب على جعفر" ]منهاج السنة‪.[.4/155 :‬‬
‫ثم إن تعميم القول بأن الئمة يعلمون القرآن كله غلو فاحش‪ ،‬ذلك أنسسه‬
‫كما يقول ابن جرير الطبري‪" :‬إن مما أنزل الله من القسسرآن مسسا ل يوصسسل‬

‫‪80‬‬
‫إلى علم تأويله إل ببيان الرسول صلى الله عليه وسلم وذلسسك تفصسسيل مسسا‬
‫هو مجمل في ظاهر التنزيل‪ ،‬وبالعباد إلسسى تفسسسيره الحاجسسة‪ ،‬مسسن شسسرائع‬
‫الدين؛ كأوامره‪ ،‬ونواهيه‪ ،‬وحلله‪ ،‬وحرامسسه‪ ،‬وحسسدوده‪ ،‬وفرائضسسه‪ .‬فل يعلسسم‬
‫أحد من خلق الله تأويل ذلك إل ببيان الرسول صلى الله عليه وسسسلم‪ ،‬ول‬
‫يعلمه رسول الله إل بوحي الله‪ .‬ومنسسه مسسا ل يعلسسم تسسأويله إل اللسسه الواحسسد‬
‫القهار‪ ،‬وذلك ما فيه من أمور اسسستأثر اللسسه بعلمهسسا؛ كسسوقت قيسسام السسساعة‬
‫والنفخ في الصور‪ ..‬ومنه ما يعلم تأويله كل ذي علم باللسان العربي الذي‬
‫نزل به القرآن" ]تفسير الطبري‪.[.88-87 ،74-1/73 :‬‬
‫هذا وقولهم‪ :‬إن علم القرآن انفرد بنقله علي يفضسسي إلسسى الطعسسن فسسي‬
‫تواتر شريعة القرآن من الصحابة إلى سائر الجيال‪ ،‬لنه لم ينقلها ‪ -‬علسسى‬
‫حد زعمهم‪ -‬عن رسول الله إل واحد هو علي‪..‬‬
‫وبعد‪ :‬فهذه المقالة مؤامرة‪ ،‬الهدف منها الصد عن كتسساب اللسسه سسسبحانه‬
‫والعراض عن تدبره‪ ،‬واستلهام هسسديه‪ ،‬والتفكسسر فسسي عسسبره‪ ،‬والتأمسسل فسسي‬
‫معانيه ومقاصده‪ .‬فالقرآن في دين الشيعة ل وسيلة لفهسسم معسسانيه إل مسسن‬
‫طريقة الئمة الثني عشسر‪ ،‬أمسا غيرهسم فمحسروم مسن النتفساع بسه‪ ،‬وهسي‬
‫محاولة ‪ -‬أو حيلة ‪ -‬مكشوفة الهدف‪ ،‬مفضوحة القصد؛ لن كتاب الله نزل‬
‫قْرآن ًققا‬‫بلسان عربي مسسبين وخسسوطب بسسه النسساس أجمعسسون }إ ِّنا َأنَزل ْن َققاهُ ُ‬
‫دى‬ ‫هق ً‬‫و ُ‬‫س َ‬ ‫ذا ب ََيا ٌ ّ‬
‫هق َ‬ ‫قُلو َ‬ ‫عل ّك ُ ْ‬‫عَرب ِّيا ل ّ َ‬
‫ن للن ّققا ِ‬ ‫ن{ ]يوسف‪ ،‬آية‪ ،[.2 :‬س } َ‬ ‫ع ِ‬‫م تَ ْ‬ ‫َ‬
‫ن{ ]آل عمسسران‪ ،‬آيسسة‪ .[.138 :‬وأمسسر اللسسه عبسساده بتسسدبره‪،‬‬ ‫قي َ‬‫مت ّ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫ة لل ُ‬ ‫َ‬
‫عظ ٌ‬ ‫و ِ‬‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫والعتبار بأمثاله‪ ،‬والتعسساظ بمسواعظه‪ ،‬ومحسسال أن يقسسال لمسن ل يفهسسم مسا‬
‫يقال له ول يعقل تأويله‪ :‬اعتبر بما ل فهسسم لسسك بسسه ول معرفسسة مسسن البيسسان‬
‫والكلم ]انظر‪ :‬تفسير الطبري‪.[.1/82 :‬‬
‫وهي محاولة للصد عن ذلك العلم العظيم فسسي تفسسسير القسسرآن‪ ،‬والسسذي‬
‫نقله إلينا صحابة رسول الله والسلف والئمة‪ ..‬فهسسذه الكنسسوز العظيمسسة ل‬
‫عبرة بها ول قيمة لهسسا فسسي ديسسن الشسسيعة‪ ،‬لنهسسا ليسسست واردة عسسن الئمسسة‬
‫الثني عشرية‪ ،‬وقد صسسرح بسسذلك بعسسض شسسيوخهم المعاصسسرين فقسسال‪" :‬إن‬
‫جميع التفاسير الواردة عن غير أهل البيت ل قيمة لها ول يعتد بها" ]محمسسسد‬
‫رضا النجفي‪ /‬الشيعة والرجعة‪ :‬ص ‪.[.19‬‬
‫والقيمة في كتب التفسير عندهم وحدها‪.‬‬
‫وإذا ذهبنا نبحث عن هذه القيمة في كتبهم فماذا نجد؟‬
‫لقد حولت كتب التفسير المعتمسسدة عنسسدهم كتفسسسير القمسسي والعياشسسي‬
‫والصافي والبرهان وكتب الحديث كالكافي والبحسسار تسسأويلت لكتسساب اللسسه‬
‫منسوبة لل البيت تكشف في الكثير الغالب عن جهل فاضح بكتاب اللسسه‪،‬‬
‫وتأويسسل منحسسرف ليسساته‪ ،‬وتعسسسف بسسالغ فسسي تفسسسيره‪ ،‬ول يمكسسن أن تصسسح‬
‫نسبتها لعلمسساء آل السسبيت‪ ،‬فهسسي تسسأويلت ل تتصسسل بمسسدلولت اللفسساظ‪ ،‬ول‬
‫بمفهومها‪ ،‬ول بالسياق القرآني ‪ -‬كما سيأتي أمثلسسة ذلسسك ‪ -‬ومعنسسى ذلسسك ‪-‬‬
‫بناء على هذه العقيدة ‪ -‬أن هذا هو مبلغ علم علماء آل السسبيت‪ ،‬وفسسي ذلسسك‬
‫من الزراية عليهم‪ ،‬ونسبة الجهل إليهم الشيء الكسثير مسن قسسوم يزعمسسون‬
‫محبتهم والتشيع لهم‪.‬‬
‫‪81‬‬
‫وأمسسر آخسسر أكسسبر وأخطسسر وهسسي أن تلسسك التسسأويلت‪ ..‬هسسي علسسم القسسرآن‪،‬‬
‫ومعانيه‪ ،‬وأنسسه ل معنسسى للقسسرآن أعظسسم منهسسا‪ ،‬لنهسسا خرجسست مسسن المصسسدر‬
‫الصيل والوحيد والصحيح للتلقي‪ .‬وهذا تهوين من أمر القرآن وشسسأنه‪ ،‬بسسل‬
‫محاربة له وصد عنه بوسيلة ماكرة خبيثة‪.‬‬
‫المسألة الثالثة‪ :‬اعتقادهم بأن قول المام ينسخ القسسرآن ويقيسسد مطلقسسه‬
‫ويخصص عامه‪..‬‬
‫بناًء على اعتقاد الشيعة بأن المام هو قيم القرآن‪ ،‬وهو القرآن النسساطق‬
‫]انظر‪ :‬مسألة أن القرآن ليس بحجة إل بقيم ص‪ [.(127) :‬وأنهم هم خزنة علم اللسسه‬
‫وعيبة ]العيبة‪ :‬زبيل من أدم‪ ،‬ومن الرجل موضع سره‪) .‬انظر‪ :‬أصول الكافي‪) :‬الهسامش(‪:‬‬
‫‪ [.(1/192‬وحيه ]انظسسر‪ :‬أصسسول الكسسافي‪ :‬بسساب أن الئمسسة ولة أمسسر اللسسه وخزنسسة علمسسه‪:‬‬
‫‪ ،[.1/192‬وأنه بوفاة الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكمل التشريع‪ ،‬بسسل‬
‫إن بقية الشريعة أودعهسسا الرسسسول لعلسسي‪ ،‬وأخسسرج علسسي منهسسا مسسا يحتسساجه‬
‫عصره‪ ،‬ثم أودع ما بقسسي لمسسن بعسسده‪ ،‬وهكسسذا إلسسى أن بقيسست عنسسد إمسسامهم‬
‫الغائب ]انظر‪ :‬فصل السنة‪.[.‬‬
‫بناًء على ذلك فإن مسألة تخصسسيص عسسام القسسرآن‪ ،‬أو تقييسسد مطلقسسة‪ ،‬أو‬
‫نسخه هي مسألة لم تنته بوفاة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لن النص‬
‫النبوي‪ ،‬والتشريع اللهي استمر ولسسم ينقطسسع بوفسساة الرسسسول‪ ،‬بسسل اسسستمر‬
‫عندهم إلى بداية القرن الرابع الهجري وذلك بوقوع الغيبسسة الكسسبرى ]انظسسر‪:‬‬
‫مسألة الغيبة في موضعها من هسسذه الرسسسالة‪ .[.‬والتي انتهت بهسسا صسسلتهم بالمسسام‪،‬‬
‫وانقطع تلقي الوحي اللهي عنه؛ لنهم يعتقدون "أن حديث كل واحد مسسن‬
‫الئمسسة الطسساهرين قسسول اللسسه عسسز وجسسل‪ ،‬ول اختلف فسسي أقسسوالهم كمسسا ل‬
‫اختلف في قوله تعالى" ]المازندراني‪ /‬شرح جامع )علي الكافي( ‪.[.2/272 :‬‬
‫وقالوا‪ :‬يجوز لمن سمع حديثا ً عن أبي عبد الله )يعنون جعفر بن محمسسد‬
‫الصادق( أن يرويه عن أبيه أو أحد أجداده؛ بل يجسسوز أن يقسسول‪ :‬قسسال اللسسه‬
‫تعالى ]المصسسدر السسسابق‪ [.2/272 :‬فكسسان للمسسام ‪ -‬فسسي اعتقسسادهم ‪ -‬تخصسسيص‬
‫القرآن أو تقييده أو نسخه‪ ،‬وهو تخصيص أو تقييد أو نسخ للقرآن بالقرآن‪،‬‬
‫لن قول المام كقول الله ‪ -‬كما يفترون ‪.!!-‬‬
‫ذلك أنهم يرون ‪ -‬كما يقول أحسسد آيسساتهم فسسي هسسذا العصسسر ‪" :-‬أن حكمسسة‬
‫التدريج اقتضت بيان جملة من الحكام وكتمان جملة‪ ،‬ولكنه ‪ -‬سسسلم اللسسه‬
‫عليه ‪ -‬أودعها عند أوصيائه‪ :‬كل وصي يعهد بهسا إلسسى الخسر‪ ،‬لينشسرها فسسي‬
‫الوقت المناسب لهسسا حسسسب الحكمسسة‪ :‬مسسن عسسام مخصسسص‪ ،‬أو مطلسسق‪ ،‬أو‬
‫مقيسسد‪ ،‬أو مجمسسل مسسبين إلسسى أمثسسال ذلسسك‪ ،‬فقسسد يسسذكر النسسبي عامسا ً ويسسذكر‬
‫ل‪ ،‬بسسل يسسودعه عنسسد وصسسية‬ ‫مخصصة بعد برهة من حياته‪ ،‬ول قد يذكره أص س ً‬
‫إلى وقته" ]محمد حسين آل كاشف الغطا‪ /‬أصول الشيعة ص‪.[.77 :‬‬
‫ومسألة النسخ والتخصيص والتقييد‪ ...‬ليست إل جزءا ً من وظيفة المئة‬
‫الكبرى وهي )التفويض في أمر الدين( والتي يقررها صاحب الكسسافي فسسي‬
‫باب يعقده في هذا الشأن بعنوان‪" :‬باب التفويض إلى رسول الله ‪ -‬صسسلى‬
‫الله عليه وآله ‪ -‬وإلسسى الئمسسة ‪ -‬عليهسسم السسسلم ‪ -‬فسسي أمسسر السسدين" ]أصسسول‬
‫الكافي‪.[.1/265 :‬‬
‫‪82‬‬
‫فالئمة قد فوضوا في أمر هذا الدين‪ ،‬كما فوض رسول الله صسسلى اللسسه‬
‫عليه وسلم‪ ،‬فلهم حق التشريع‪ .‬تقول كتب الشيعة عسسن الئمسسة‪" :‬إن اللسسه‬
‫م‬ ‫ما آت َققاك ُ ُ‬
‫و َ‬‫عز مجل‪ ..‬فوض إلى نبيه صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم فقسسال‪َ } :‬‬
‫هوا{ ]الحشسسر‪ ،‬آيسسة‪ .[.7 :‬فمسسا‬ ‫فقانت َ ُ‬ ‫ه َ‬‫عْنق ُ‬‫م َ‬ ‫هقاك ُ ْ‬ ‫مقا ن َ َ‬‫و َ‬‫ذوهُ َ‬ ‫خ ُ‬ ‫ف ُ‬‫ل َ‬‫سو ُ‬‫الّر ُ‬
‫فوض إلى رسول الله ‪ -‬صلى اللسسه عليسسه وآلسسه ‪ -‬قسسد فوضسسه إلينسسا" ]أصسسول‬
‫الكافي‪.[.1/266 :‬‬
‫وقال أبو عبد الله ‪ -‬كما تزعم كتب الشيعة ‪" :-‬ل واللسسه مسسا فسسوض اللسسه‬
‫إلى أحد من خلقه إل إلى رسول الله ‪ -‬صلى الله عليه وآله ‪ -‬وإلى الئمة‪.‬‬
‫س‬‫ن الّنققا ِ‬ ‫م ب َْيقق َ‬ ‫ح ُ‬
‫كقق َ‬ ‫ق ل ِت َ ْ‬
‫ح ّ‬‫ب ِبال ْ َ‬‫ك ال ْك َِتا َ‬‫قال عز وجل‪} :‬إ ِّنا َأنَزل َْنا إ ِل َي ْ َ‬
‫ه{ ]النسسساء‪ ،‬آيسسة‪ .[.105 :‬وهسسي جاريسسة فسسي الوصسسياء" ]أصسسول‬ ‫ما أ ََرا َ‬
‫ك الل ّ ُ‬ ‫بِ َ‬
‫الكافي‪.[.1/268 :‬‬
‫ثم إن الئمة هم مسسستودع علسسوم الملئكسسة والنبيسساء والرسسسل‪ ،‬وعنسسدهم‬
‫جميع الكتب التي نزلسست مسسن السسسماء‪ ،‬كمسسا تقسسرره كتبهسسم المعتمسسدة فسسي‬
‫روايات كثيرة كما سيأتي ]انظر‪ :‬فصل السنة‪ ،‬ومبحث "اليمسسان بسسالكتب"‪ ..[.‬فهذه‬
‫المهام التشريعية هي من فيض هذه العلوم المخزونة عند الئمة‪.‬‬
‫أما التطبيق العلمي لهذه العقيدة فهو ذلك الكسسم الهسسائل مسسن الروايسسات‬
‫في مسائل العقيدة وغيرهسسا‪ ،‬والسستي شسسذوا بهسسا عسسن أئمسسة السسسلم‪ .‬فمثل ً‬
‫ألفاظ الكفر والكفار والشرك والمشركين الواردة في كتاب الله سبحانه‪،‬‬
‫والتي تعم كل من كفر بالله وأشرك‪ ..‬جاءت عندهم روايات كسسثيرة تخسسص‬
‫هذا العموم بالكفر بولية علي والشرك باتخاذ إمسسام معسسه ‪ -‬كمسسا سسسيأتي –‬
‫]سيأتي شواهد لذلك في مبحث‪ :‬أمثلة من تأويلت الشيعة ليسسات القسسرآن‪ ،‬ومبحسسث توحيسسد‬
‫اللوهية‪ [.‬فخصصوا عموم الكتاب بل مخصص‪ ،‬أو حرفوا النصسسوص وزعمسسوا‬
‫أنه تخصيص‪ ،‬واعتبروا مسألة المامة أخطر من الشرك والكفسسر‪ ،‬بل دليسسل‬
‫من عقل أو نقل صحيح‪ ،‬وخرجوا عسسن إجمسساع المسسسلمين‪ ،‬ومسسا تسسواتر مسسن‬
‫نصوص الدين‪ ،‬وتجاهلوا حتى اللغة السستي نسسزل بهسسا القسسرآن العظيسسم }إ ِّنا‬
‫قُلو َ‬
‫ن{ ]يوسف‪ ،‬آية‪.[.2 :‬‬ ‫ع ِ‬ ‫عل ّك ُ ْ‬
‫م تَ ْ‬ ‫عَرب ِّيا ل ّ َ‬ ‫َأنَزل َْناهُ ُ‬
‫قْرآًنا َ‬
‫وسنرى أمثلة كثيرة فيما سيأتي لهذا الضرب من التحريف‪.‬‬
‫نقد هذه العقيدة‪:‬‬
‫قد ختم الله سبحانه بمحمد صلى الله عليسسه وسسسلم الرسسسالت‪ ،‬وأكمسسل‬
‫برسالته الدين‪ ،‬وانقطع بموته الوحي‪ .‬وهذه أمور معلومة من دين السلم‬
‫بالضرورة‪ .‬وهذه المقالة تقوم على إنكار هسسذه الركسسان‪ ،‬أو تنتهسسي بقائلهسسا‬
‫إلى ذلك‪ ،‬وهذا بل شسسك نقسسض لحقيقسسة "شسسهادة أن محمسسدا ً رسسسول اللسسه"‬
‫والتي ل يتم إسلم أحد إل باليمان بها‪.‬‬
‫ولعل المتأمل لهذه المقالة‪ ،‬والمحلل لبعادها يدرك أن الهدف من هذه‬
‫المقالة تبديل ديسن السسسلم‪ ،‬وتغييسسر شسسريعة سسيد النسسام؛ إذ إن كلم اللسسه‬
‫سبحانه عرضة للتبديل والتغيير بناسخ‪ ،‬أو مخصص‪ ،‬أو مقيسسد‪ ،‬أو مسسبين‪ ،‬أو‬
‫عام يزعم شيوخ الشيعة نقله عن أئمتهم‪.‬‬
‫ولعل صورة التغيير تبدو بشكل أوضح وأجلى‪ ،‬إذا أدركنا مسسا جبسسل عليسسه‬
‫هؤلء القوم من الكذب حتى جعلوه دينا ً وقربة ‪ -‬كما سيأتي ]انظسسر‪ :‬مسسسألة‬

‫‪83‬‬
‫التقية‪" - [.‬ومن تأمل كتب الجسسرح والتعسسديل رأى المعسسروف عنسسد مصسسنفيها‬
‫بالكذب في الشيعة أكثر منهم في سائر الطوائف" ]انظر‪ :‬المنتقى‪ :‬ص ‪.[.22‬‬
‫وقد شهد طائفة من أئمة المسلمين بأنه لم ير أكذب وأشهد بالزور منهم‪،‬‬
‫وأنهسسم يضسسعون الحسسديث ويتخسسذونه دينسسًا‪ ،‬وأن النسساس كسسانوا يسسسمونهم‬
‫بالكذابين‪ ،‬ونهى أهل العلم عن أخذ الحسديث عسن هسؤلء الروافسض ]انظسسر‪:‬‬
‫منهاج السنة‪ ،1/16 :‬س ‪ ،17‬السيوطي‪ /‬تدريب الراوي‪" ،[.1/327 :‬بل في كتسسب هسسؤلء‬
‫نصوص تتضمن شكوى آل البيت من كذب هسسؤلء وبهتسسانهم" ]انظسسر‪ :‬البحسسار‪:‬‬
‫‪ ،25/263‬الممقاني‪ /‬تنقيح المقال‪) 1/174 :‬المقام الثالث مسسن المقدمسسة(‪ ،‬وانظسسر‪ :‬رجسسال‬
‫الكشي رقم‪،174 :‬س ‪،216‬س ‪،541‬س ‪،542‬س ‪،544‬س ‪،549‬س ‪،588‬س ‪،659‬س ‪،741‬س ‪،909‬س ‪،1007‬‬
‫‪ ،1048 ،1047‬وسيأتي ذكر بعض ذلك في "اعتقادهم في السنة"‪.[.‬‬
‫وهذه الدعوى تقسسوم علسسى أن ديسسن السسسلم نسساقص ويحتسساج إلسسى الئمسسة‬
‫الثني عشر لكماله‪ ،‬وأن كتاب الله وسنة رسوله صلى اللسسه عليسسه وسسسلم‬
‫لم يكمسسل بهمسا التشسسريع‪ ..‬إذ إن بقيسسة الشسسريعة مودعسسة عنسسد الئمسسة‪ ،‬وأن‬
‫رسول الهدى صلى الله عليه وسلم لم يبلغ ما أنزل إليسسه مسسن ربسسه‪ ،‬وإنمسسا‬
‫كتم بعض ما أنزلسسه إليسسه وأسسسره لعلسسي‪ ..‬وكسسل ذلسسك كفسسر بسسالله ورسسسوله‪،‬‬
‫َ‬
‫م‬‫م ِدين َك ُق ْ‬ ‫ت ل َك ُق ْ‬ ‫مل ْق ُ‬ ‫م أك ْ َ‬ ‫و َ‬ ‫ومناقضة لصسسول السسسلم‪ ،‬قسسال تعسسالى‪} :‬ال ْي َ ْ‬
‫َ‬
‫دين ًققا{ ]المسسائدة‪ ،‬آيسسة‪:‬‬ ‫م ِ‬ ‫س قل َ َ‬ ‫م ال ِ ْ‬ ‫ت ل َك ُ ُ‬ ‫ضي ُ‬ ‫وَر ِ‬ ‫مِتي َ‬ ‫ع َ‬‫م نِ ْ‬‫عل َي ْك ُ ْ‬ ‫ت َ‬ ‫م ُ‬ ‫م ْ‬‫وأت ْ َ‬ ‫َ‬
‫‪.[.3‬‬
‫ء{ ]النحسسل‪،‬‬ ‫ي ٍ‬ ‫شق ْ‬ ‫ل َ‬ ‫كق ّ‬ ‫ب ت ِب َْياًنا ل ّ ُ‬ ‫ك ال ْك َِتا َ‬ ‫عل َي ْ َ‬ ‫ون َّزل َْنا َ‬ ‫ويقول سبحانه‪َ } :‬‬
‫ه{ ]آل عمسسران‪ ،‬آيسسة‪:‬‬ ‫مققون َ ُ‬ ‫ول َ ت َك ْت ُ ُ‬ ‫س َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ه ِللّنا ِ‬ ‫آية‪ ،[.89 :‬وقال تعالى‪} :‬لت ُب َي ّن ُن ّ ُ‬
‫ت‬ ‫ن ال ْب َي ّن َققا ِ‬ ‫مق َ‬ ‫مققا أنَزل ْن َققا ِ‬ ‫ن َ‬ ‫مققو َ‬ ‫ن ي َك ْت ُ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّق ِ‬ ‫‪ ،[.187‬وقسسال تعسسالى‪} :‬إ ِ ّ‬
‫ُ‬
‫م الل ّق ُ‬
‫ه‬ ‫ه ُ‬ ‫عن ُ ُ‬‫ك َيل َ‬ ‫ب أوَلقئ ِ َ‬ ‫في ال ْك َِتا ِ‬ ‫س ِ‬ ‫ِ‬ ‫ما ب َي ّّناهُ ِللّنا‬ ‫د َ‬‫ع ِ‬‫من ب َ ْ‬ ‫دى ِ‬ ‫ه َ‬ ‫وال ْ ُ‬ ‫َ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫وب َي ّن ُققوا {‪] ...‬البقسسرة‪،‬‬ ‫حوا َ‬ ‫ص قل ُ‬ ‫وأ ْ‬ ‫ن ت َققاُبوا َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن‪ ،‬إ ِل ّ ال ِ‬ ‫عُنو َ‬ ‫م الل ِ‬ ‫ه ُ‬‫عن ُ ُ‬‫وي َل َ‬ ‫َ‬
‫اليتان‪.[.160 ،159 :‬‬
‫وقد نسب المام الشعري هذه المقالة إلى الصنف الخامس عشر مسسن‬
‫أصناف الغالية من الشيعة ‪ -‬حسسسب تقسسسيمه ‪ -‬فهسسم السسذين "يزعمسسون أن‬
‫الئمة ينسسسخون الشسرائع ويهبسط عليهسسم الملئكسسة‪ ،‬وتظهسسر عليهسم العلم‬
‫والمعجزات ويوحى إليهم" ]مقالت السلميين‪.[.1/88 :‬‬
‫وهذه العقائد أصبحت من أصسول الثنسسي عشسرية ]انظسسر فسسي دعسسوى الثنسسي‬
‫عشرية أن الئمة يوحى إليهم وتهبط عليهم الملئكة‪ :‬فصل السنة من هذا الكتسساب‪ ،‬وانظسسر‬
‫في قول الثني عشرية بأن الئمة تظهر عليهم المعجزات‪ :‬مبحث اليمان بالنبياء مسسن هسسذا‬
‫الكتاب‪ ،[.‬لنها شربت مذاهب الغلة حتى الثمالة‪.‬‬
‫ه( إلسسى هسسذه المقالسسة‬ ‫وقد أشار أبو جعفر النحاس )المتسسوفى سسسنة ‪‍ 338‬‬
‫ولم ينسبها لحد فقال‪" :‬وقال آخرون‪ :‬باب الناسخ والمنسوخ إلى المسسام‪،‬‬
‫ينسخ ما يشاء" ]الناسخ والمنسوخ‪ :‬ص ‪ [.8‬وعد ّ ذلك من عظيم الكفر‪ ،‬ثم بين‬
‫بطلنه بقوله‪" :‬لن النسخ لم يكن إلسسى النسسبي صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم إل‬
‫بالوحي من الله ‪ -‬جل وعز ‪ -‬إما بقرآن مثله على قول قسسوم‪ ،‬وإمسسا بسسوحي‬
‫ما‬ ‫من غير القرآن ]يعنسسي سسسنة المصسسطفى صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم قسسال تعسسالى ‪َ } :‬‬
‫و َ‬

‫‪84‬‬
‫ي ُيققوَحى{ ]النجسسم‪ ،‬آيسسة‪ ،[.[4-3:‬فلما ارتفسع هسذان‬
‫حقق ٌ‬ ‫و إ ِل ّ َ‬
‫و ْ‬ ‫هقق َ‬ ‫وى‪ ،‬إ ِ ْ‬
‫ن ُ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫ه َ‬ ‫ع ِ‬
‫ق َ‬
‫ي َن ْطِ ُ‬
‫بموت النبي صلى الله عليه وسلم ارتفع النسخ ]الناسخ والمنسوخ ‪ :‬ص ‪.[.9-8‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫اعتقادهم في تأويل القرآن‬
‫وفيه مسسسألتان‪ :‬الولسسى‪ :‬اعتقسسادهم بسسأن للقسسرآن معسساني باطنسسة تخسسالف‬
‫الظاهر‪ ،‬والثانية‪ :‬قولهم بأن جل القرآن نزل فيهم وفي أعدائهم‪.‬‬
‫المسألة الولى‪ :‬اعتقادهم بأن للقرآن معاني باطنة تخالف الظاهر‪:‬‬
‫وهذه المسألة قد أخذت بعدا ً كبيرا ً وخطيرا ً عنسسد الشسسيعة‪ ،‬حيسسث تحسسول‬
‫كتاب الله عندهم بتأثير هسسذا المعتقسسد إلسسى كتسساب آخسسر غيسسر مسسا فسسي أيسسدي‬
‫المسلمين‪ ،‬وقد ذهب شيوخ الشيعة وفي تطبيق هذا المبدأ شسسوطا ً بعيسسدًا‪،‬‬
‫وقدم الشيعة مئات الروايات والتي تسسؤول آيسسات اللسسه علسسى غيسسر تأويلهسسا‪..‬‬
‫ونسبوها للئمة الثني عشر‪ .‬وليس لهذا التأويل البسساطني مسسن ضسسابط‪ ،‬ول‬
‫له قاعدة يعتمد عليها‪ ..‬وسيجد القارئ في تأويلهم ليات القسسرآن محاولسسة‬
‫يائسة لتغيير هذا الدين وتحوير معالمه وطمس أركانه‪.‬‬
‫فأركان الدين تفسر بالئمة‪ ،‬وآيات الشرك والكفر تؤول بالشرك بوليسسة‬
‫علي وإمسسامته‪ ،‬وآيسسات الحلل والحسسرام تفسسسير بالئمسسة وأعسسدائهم‪ ،‬وهكسسذا‬
‫يخرج القارئ لهذه التأويلت بدين غير دين السلم‪ .‬وهذا الدين لسسه ركنسسان‬
‫أساسيان هما‪ :‬اليمان بإمامة الثني عشر‪ ،‬والكفر واللعن لعدائهم‪.‬‬
‫جاء في أصول الكافي للكليني ما نصه‪ .." :‬عن محمد بن منصور قسسال‪:‬‬
‫سألت عبدا ً صالحا ً ]يعنون به موسى الكاظم والسذي يعتسبرونه إمسامهم السسابع )انظسر‪:‬‬
‫م‬‫حققّر َ‬
‫ما َ‬ ‫ل إ ِن ّ َ‬ ‫أصول الكافي ‪ :‬الهامش ‪ [.(1/374 :‬عن قول الله عز وجل‪ُ } :‬‬
‫ق ْ‬
‫ن{ ]العسسراف‪ ،‬آيسسة‪ .[.33 :‬قسسال‪:‬‬ ‫ما ب َطَق َ‬
‫و َ‬
‫ها َ‬
‫من ْ َ‬ ‫ما ظَ َ‬
‫هَر ِ‬ ‫ش َ‬
‫ح َ‬
‫وا ِ‬ ‫ي ال ْ َ‬
‫ف َ‬ ‫َرب ّ َ‬
‫فقال‪ :‬إن القرآن له ظهر وبطسسن‪ ،‬فجميسسع مسسا حسسرم اللسسه فسسي القسسرآن هسسو‬
‫الظاهر‪ ،‬والباطن من ذلك أئمة الجسسور‪ ،‬وجميسسع مسسا أحسسل اللسسه تعسسالى فسسي‬
‫الكتاب هو الظاهر‪ ،‬والباطن من ذلسسك أئمسسة الحسسق" ]أصسسول الكسسافي‪،1/374 :‬‬
‫النعماني‪ /‬الغيبة‪ :‬ص ‪ ،83‬تفسير العياشي‪.[.2/16 :‬‬
‫تقرر هذه الرواية الواردة في أصح كتبهم الربعة مبدأ أن للقرآن معاني‬
‫باطنة تخالف الظاهر مخالفة تامة‪ ،‬وتضرب المثل بما أحل الله وحرم في‬
‫كتابه من الطيبسسات‪ ،‬والخبسسائث‪ ،‬وأن المقصسسود بسسذلك رجسسال بأعيسسانهم هسسم‬
‫الئمة الثنا عشرية‪ ،‬وأعداؤهم وهم كل خلفاء المسلمين‪ ..‬وهذا التأويل ل‬
‫أصل له من لغة أو عقل‪ ،‬أو دين‪ ،‬وهسسو محاولسسة لتغييسسر ديسسن السسسلم مسسن‬
‫أساسه ودعوة إلى التحلل والباحية!!‬
‫وفي هذا النص الوارد في أصح كتبهم يظهر من خلله الدافع إلى القول‬
‫بأن القرآن له ظهر وبطن‪ ،‬وهو أن كتاب الله سبحانه خل من ذكر أئمتهسسم‬
‫ض مضساجعهم‪،‬‬ ‫الثني عشسسر‪ ،‬ومسسن النسسص علسسى أعسسدائهم‪ ،‬وهسسذا المسسر أقس ّ‬
‫وأفسد عليهم أمرهم‪ ،‬وقد صرحوا بأن كتاب الله قسسد خل مسن ذكسسر الئمسسة‬
‫فقالوا‪" :‬لو قرئ القرآن كما أنزل للفينا مسلمين" ]انظسسر‪ :‬تفسسسير العياشسسي‪:‬‬

‫‪85‬‬
‫‪ ،1/13‬المجلي‪ /‬البحار‪ ،19/30 :‬هاشم البحراني‪ /‬البرهان‪ :‬ج‪ ‍1‬ص ‪ .[.22‬فلما لسسم يكسسن‬
‫لصل مذهبهم وهو )المامة( والئمة ذكر في كتاب الله قالوا بهذه المقالة‬
‫لقناع أتباعهم‪ ،‬وترويج مذهبهم بين الغرار والجهلسسة‪ ،‬وحسستى يجعلسسوا لهسسذه‬
‫المقالة القبول أسندوها ‪ -‬كعادتهم ‪ -‬لبعض آل البيت‪.‬‬
‫ومسألة القول بأن لنصوص القرآن باطنا ً يخسسالف ظاهرهسسا شسساعت فسسي‬
‫كتب القوم وأصبحت أصل ً من أصولهم‪ ،‬لنه ل بقاء لمذهبهم إل بهسسا أو مسسا‬
‫في حكمها‪ ،‬ولهذا عقد صاحب البحار بابسا ً لهسذا بعنسوان‪" :‬بساب أن للقسرآن‬
‫ظهرا ً وبطنسًا" ]انظسسر‪ :‬البحسسار‪ [.106-92/78 :‬وقسسد ذكسسر فسسي هسسذا البسساب )‪(84‬‬
‫رواية‪ ،‬وهذه الروايات هي قليل من كسسثير ممسسا أورده فسسي كتسسابه فسسي هسسذا‬
‫الموضوع‪ ..‬فقد قال في صدر هذا الباب إنسسه‪" :‬قسسد مضسسى كسسثير مسسن تلسسك‬
‫الخبار في أبواب كتاب المامة ونورد هنسسا مختصسسرا ً مسسن بعضسسها" ]المصسسدر‬
‫السابق‪ ،[.92/87 :‬ثم ساق الروايات الربع والثمانين‪.‬‬
‫وفي تفسير البرهان عقد بابا ً مماثل ً لما في البحسسار بعنسسوان‪» :‬بسساب فسسي‬
‫أن القرآن له ظهر وبطن" ]البرهان‪.[.1/19 :‬‬
‫وفي مقدمة تفسير البرهان أفاض القول في هسسذه المسسسألة‪ ،‬فقسسد ذكسسر‬
‫خمسة فصول حشر فيها روايات أئمته في هذا الباب انتخبها من مجموعة‬
‫كبيرة من كتبهم المعتمدة ]مرآة النوار‪ :‬ص ‪ .[.19-4‬وقد قرر كسثير مسن كتسب‬
‫التفسير عندهم في مقدماتها هذه المسألة كأصسسل مسسن أصسسولهم كتفسسسير‬
‫القمسي ]انظسسر‪ :‬تفسسسير القمسسي‪ ،1/14 :‬س ‪ ،[.16‬والعياشسي ]انظسسر‪ :‬تفسسسير العياشسسي‪:‬‬
‫‪ ،[.1/11‬والصافي ]تفسير الصافي‪ [.1/29 :‬وغيرها‪.‬‬
‫ومن نصوصهم فسسي هسسذه المسسسألة‪" :‬أن للقسسرآن ظهسسرا ً وبطنسًا‪ ،‬وببطنسسه‬
‫بطن إلى سبعة أبطن" ]المصدر السابق‪.[.1/31 :‬‬
‫وعن جابر الجعفي قال‪" :‬سألت أبا جعفر عن شيء من تفسير القسسرآن‬
‫فأجابني‪ ،‬ثم سألت ثانية فأجابني بجواب آخر‪ ،‬فقلت‪ :‬جعلسست فسسداك كنسست‬
‫أجبت في هذه المسألة بجواب غير هذا قبل اليوم؟ فقال لي‪ :‬يا جابر‪ :‬إن‬
‫للقرآن بطنًا‪ ،‬وللبطن بطنا ً وظهرًا‪ ،‬وللظهر ظهرًا‪ ،‬يسا جسسابر‪ ،‬وليسس شسسيء‬
‫أبعد من عقول الرجال من تفسير القرآن‪ ،‬إن الية لتكون أولها في شيء‬
‫وآخرها في شيء وهو كلم متصل يتصرف علسسى وجسسوه" ]تفسسسير العياشسسي‪:‬‬
‫‪ ،1/11‬السسبرقي‪ /‬المحاسسسن‪ :‬ص ‪ ،300‬البرهسسان فسسي تفسسسير القسسرآن‪ ،21-1/20 :‬تفسسسير‬
‫الصافي‪ ،1/29 :‬بحار النوار‪ ،92/95 :‬وسائل الشيعة‪.[.18/142 :‬‬
‫وتقرر نصوص الشيعة أن لكل آية معنى باطنيًا‪ ،‬بل قالوا أكثر من ذلسسك؛‬
‫فقالوا‪ :‬لكل آية سبعة بطون‪ .‬ثم طاشت تقديراتهم فقالت‪ :‬بأن لكسسل آيسسة‬
‫سبعين باطنًا‪ ،‬واستفاضت بشسأن ذلسك أخبسارهم؛ قسال أحسد شسيوخهم‪.." :‬‬
‫لكل آية من كلم الله ظهر وبطن‪ ..‬بل لكل واحسسدة منهسسا كمسسا يظهسسر مسسن‬
‫الخبار المستفيضة سبعة وسبعون بطن ً‬
‫ا" ]أبو الحسن الشريف‪ /‬مرآة النسسوار‪ :‬ص‬
‫‪ .[.3‬وما ندري ما كنه هذه البطون؟! والمعنى الذي يحاولون إثباته ل يعدو‬
‫أحد أمرين‪ :‬إثبات إمامة الثني عشر‪ ،‬أو الطعن في مخالفيهم وتكفيرهسسم‪،‬‬
‫فلماذا تتعدد هذه البطون‪...‬؟!‬

‫‪86‬‬
‫والناظر في رواياتهم التي تسسذهب هسسذا المسسذهب البسساطني والسستي تتسسسع‬
‫لعرضها المجلدات يجد أنها ل تعدو هذين الموضوعين‪ .‬قسسالوا‪» :‬وقسسد دلسست‬
‫أحاديث متكاثرة كادت أن تكون متواترة على أن بطونها وتأويلها بل كسسثير‬
‫من تنزيلها وتفسيرها في فضل شأن السادة الطهار‪ ...‬بل الحسق المتسسبين‬
‫أن أكسسثر آيسسات الفضسسل والنعسسام والمسسدح والكسسرام‪ ،‬بسسل كلهسسا فيهسسم وفسسي‬
‫أوليائهم نزلت‪ ،‬وأن جل فقرات التوبيخ والتشسنيع والتهديسد والتفظيسع؛ بسل‬
‫جملتها فسي مخسالفيهم وأعسدائهم‪ ...‬إن اللسه عسز وجسل جعسل جملسة بطسن‬
‫القرآن في دعوة المامة والولية‪ ،‬كما جعل جل ظهره في دعوة التوحيسسد‬
‫والنبسسوة والرسسسالة‪] "..‬المصسسدر السسسابق‪ :‬ص ‪ .[.3‬وسسسيأتي تفصسسيل ذلسسك فسسي‬
‫مسألة "أن جل القرآن نزل فيهم وفي أعدائهم"‪.‬‬
‫نقد هذه المقالة‪:‬‬
‫ل شك أن للقرآن العظيسم أسسسراره ولفتساته‪ ،‬وإيمساءاته وإيحساءاته‪ ،‬وهسو‬
‫بحر عظيم ل تنفذ كنوزه ول تنقضي عجائبه‪ ،‬ول ينتهي إعجازه‪ ..‬وكل ذلك‬
‫مما يتسع له اللفظ ول يخرج عن إطار المعنى العام‪ ..‬ولكن دعسسوى أولئك‬
‫الباطنيين غريبة عن هذا المقصد‪ ،‬وهي تسسأويلت ‪ -‬كمسسا سسسيأتي ‪ -‬ل تتصسسل‬
‫بمدلولت اللفسساظ ول بمفهومهسسا‪ ،‬ول بالسسسياق القسسرآن‪ ،‬بسسل هسسي مخالفسسة‬
‫للنص القرآني تمامًا‪ ،‬هسسدفها هسسو البحسسث فسسي كتسساب اللسسه مسسن أصسسل يؤيسسد‬
‫شذوذهم‪ ،‬وغايتها الصد عن كتاب الله ودينه‪ ،‬وحاصل هذا التجاه البسساطني‬
‫في تأويل نصوص الشريعة هو النحلل عن الدين ]انظر‪ :‬ابن حجر‪ /‬فتح الباري‪:‬‬
‫‪.[.1/216‬‬
‫وعموم البشر على اختلف لغاتهم يعتبرون ظاهر الكلم هو العمدة في‬
‫المعنى‪ ،‬وأسلوب الحاجي واللغاز ل وجود له إل في الفكر الباطني‪ ،‬ولسسو‬
‫اتخذ هذا السسسلوب قاعسسدة لمسسا أمكسسن التفسساهم بحسسال‪ ،‬ولمسسا حصسسل الثقسسة‬
‫بمقال؛ لن المعاني الباطنية ل ضابط لها ول نظام‪.‬‬
‫والمتأمل لهذه المقالة يدرك خطورة هذا التجسساه البسساطني فسسي تفسسسير‬
‫القرآن‪ ،‬وأنه يقتضي بطلن الثقسسة باللفسساظ‪ ،‬ويسسسقط النتفسساع بكلم اللسسه‬
‫وكلم رسوله‪ ،‬فإن ما يسبق إلى الفهم ل يوثق به‪ ،‬والباطن ل ضسسابط لسسه‪،‬‬
‫بل تتعارض فيه الخواطر‪ ،‬ويمكن تنزيله على وجوه شتى‪ ،‬وبهسسذا الطريسسق‬
‫يحاول الباطنية التوصل إلى هدم جميع الشريعة بتأويل ظواهرها‪ ،‬وتنزيلها‬
‫على رأيهم‪ .‬ولو كانت تلك التأويلت الباطنية هي معاني القرآن‪ ،‬ودللتهسسا‬
‫لما تحقق به العجاز‪ ،‬ولكن من قبيل اللغاز‪ ،‬والعرب كانت تفهسسم القسسرآن‬
‫من خلل معانيه الظاهرة‪.‬‬
‫قال شيخ السلم ابن تيمية‪" :‬مسسن ادعسسى علم سا ً باطن سًا‪ ،‬أو علم سا ً ببسساطن‬
‫وذلك يخالف العالم الظاهر كسسان مخطئًا‪ ،‬إمسسا ملحسسدا ً زنسسديقًا‪ ،‬وإمسسا جسساهل ً‬
‫ل‪ ...‬وأما الباطن المخالف للظاهر المعلوم‪ ،‬فمثسسل مسسا يسسدعيه الباطنيسسة‬ ‫ضا ً‬
‫القرامطسسة مسسن السسسماعيلية والنصسسيرية وأمثسسالهم" ثسسم يقسسول‪" :‬وهسسؤلء‬
‫ن{ ]يسسسس‪،‬‬ ‫مِبي ٍ‬
‫مام ٍ ُ‬‫في إ ِ َ‬ ‫صي َْناهُ ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ءأ ْ‬ ‫ي ٍ‬
‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫وك ُ ّ‬
‫الباطنية قد يفسرون‪َ } :‬‬
‫ة ال ْك ُ ْ‬ ‫َ‬
‫ر{ ]التوبة‪ ،‬آية‪ [.12 :‬أنهسسم‬ ‫ف ِ‬ ‫م َ‬‫قات ُِلوا ْ أئ ِ ّ‬‫ف َ‬
‫آية‪ [.12 :‬أنه علي‪ ..‬وقوله‪َ } :‬‬

‫‪87‬‬
‫ن{ ]السسسراء‪ ،‬آيسسة‪[.60 :‬‬ ‫في ال ُ‬
‫قْرآ ِ‬ ‫ة ِ‬ ‫مل ْ ُ‬
‫عون َ َ‬ ‫جَرةَ ال ْ َ‬ ‫وال ّ‬
‫ش َ‬ ‫طلحة والزبير‪َ } ،‬‬
‫بأنها بنو أمية" ]مجموع فتاوى شيخ السلم ابن تيمية‪.[.237-13/236 :‬‬
‫هذه التأويلت التي ينقلها ابن تيميسسة وينسسسبها للباطنيسسة موجسسودة بعينهسسا‬
‫ء‬
‫ي ٍ‬‫شق ْ‬ ‫ل َ‬‫وك ُق ّ‬
‫عنسسد الثنسسي عشسسرية‪ ،‬فالتأويسسل المسسذكور لليسسة الولسسى‪َ } :‬‬
‫ن{ جسساء عنسسدهم فسسي خمسسس روايسسات أو أكسسثر‬ ‫مِبيق ٍ‬
‫مام ٍ ُ‬
‫في إ ِ َ‬
‫صي َْناهُ ِ‬
‫ح َ‬
‫أ ْ‬
‫]انظر‪ :‬اللوامع النورانية في أمساء علي وأهسسل بيتسسه القرآنيسسة‪ :‬هاشسسم البحرانسسي‪ :‬ص ‪-321‬‬
‫‪ ،[.323‬وسجل في طائفة من كتبهم المعتمدة ]انظر مسسن ذلسسك‪ :‬تفسسسير القمسسي‪:‬‬
‫‪ ،2/212‬ابن بابويه القمي‪ /‬معاني الخبار‪ :‬ص ‪ ،95‬هاشم البحراني‪ /‬تفسسسير البرهسسان‪-4/6 :‬‬
‫‪ 7‬الكاشاني‪ /‬تفسير الصافي‪ ،4/247 :‬تفسير شسسبر‪ :‬ص ‪ ،[.416‬وليس فسسي اليسة أيسسة‬
‫دللة على هذا التأويل ]قال السلف في تفسير الية‪ :‬إن المام المبين هسسا هنسسا هسسو أم‬
‫الكتاب‪ ،‬أي‪ :‬وجميع الكائنات مكتوبة في كتاب مسطور مضبوط في لوح محفسسوظ‪) .‬انظسسر‪:‬‬
‫ة ال ْك ُ ْ‬ ‫َ‬
‫ر{‬ ‫فق ِ‬ ‫قات ُِلوا ْ أئ ِ ّ‬
‫مق َ‬ ‫ف َ‬
‫تفسير ابن كسسثير‪ .[.(3/591 :‬وكذلك الية الثانيسسة‪َ } :‬‬
‫ورد تأويلها بذلك في طائفة من كتبهم المعتمدة ]انظر‪ :‬البرهان‪،107 ،2/106 :‬‬
‫تفسير الصسسافي‪ ،2/324 :‬تفسسسير العياشسسي‪ ،78-2/77 :‬وانظسسر‪ :‬تفسسسير القمسسي‪[.1/283 :‬‬
‫وبلغت رواياتها عندهم أكثر من ثمان روايات ]راجع المصادر السابقة‪ ،[.‬ومثلها‬
‫ة{ جاء تأويلها عند الثني عشسسرية بمسسا‬ ‫مل ْ ُ‬
‫عون َ َ‬ ‫جَرةَ ال ْ َ‬ ‫وال ّ‬
‫ش َ‬ ‫الية الثالثة‪َ } :‬‬
‫قاله شيخ السلم في أكثر من اثنستي عشسرة روايسة ]انظسسر‪ :‬البرهسسان ‪-2/424‬‬
‫‪ ،[.425‬وتناقل هذا التأويل مجموعة من مصادرهم المعتمسسدة ]انظسسر‪ :‬تفسسسير‬
‫القمي‪ ،2/21 :‬تفسير العياشي‪ ،2/297 :‬تفسير الصافي‪ ،202-3/199 :‬البرهان‪-2/424 :‬‬
‫‪ ،425‬تفسير شبر ص‪ ،284 :‬وانظر‪ :‬مقتبس الثر )دائرة المعارف الشيعية(‪.[.20/21 :‬‬
‫وسنجد أنهم قالوا بأكثر من هذا‪ ،‬وأعظم من هذا‪ ،‬ولكن نقلنا هذا لنسسبين‬
‫أن ما يذكره علماء السلم عن الباطنية مسسن تسسأويلت منحرفسسة قسسد ورثتسسه‬
‫طائفة الثني عشرية‪ ،‬و أصبح منهجا ً مسسن مناهجهسسا‪ .‬وكسسان علمسساء السسسلم‬
‫يستنكرون هذا التأويل الباطني‪ ،‬لن "من فسر القسسرآن وتسسأوله علسسى غيسسر‬
‫التفسير المعروف من الصحابة والتابعين فهو مفتر على اللسسه‪ ،‬ملحسسد فسسي‬
‫آيات الله‪ ،‬محرف للكلم عن مواضعه‪ ،‬وهذا فتسسح لبسساب الزندقسسة واللحسساد‪،‬‬
‫وهو معلوم البطلن بالضطرار من دين السلم" ]الفتاوى‪.[.13/243 :‬‬
‫وما وصل لعلماء السلم السابقين من تسسأويلت باطنيسسة هسسي قليسسل مسسن‬
‫كثير مما كشفته اليوم مطابع النجسسف وطهسسران‪ ،‬ومسسا اسسستجد بعسسدهم مسسن‬
‫مقالت صنعتها يد التلبيس والتزوير والسستي لسسم تتوقسسف إلسسى اليسسوم‪ ،‬حيسسث‬
‫فسروا كسسثيرا ً مسسن آيسسات القسسرآن علسسى هسسذا النحسسو مسسن التأويسسل البسساطني‪،‬‬
‫وزعموا أن جل آيات القرآن العظيم نزل فيهم وفي أعدائهم‪ ،‬كما سيتبين‬
‫هذا في المسألة التالية‪:‬‬
‫المسألة الثانية‪ :‬قولهم بأن جل القرآن نزل فيهم وفي أعدائهم‪:‬‬
‫يقول الشيعة بأن‪" :‬جل القرآن إنما نزل فيهم )يعني فسي الئمسة الثنسي‬
‫عشرية( وفي أوليائهم وأعدائهم" ]تفسير الصافي‪ ،1/24 :‬وهذا النص جعله صاحب‬
‫الصافي عنوانا ً للمقدمة الثانية‪ ،[.‬مع أنك لو فتشت في كتاب الله وأخذت معسسك‬
‫قواميس اللغة العربية كلهسسا وبحثسست عسسن اسسسم مسسن أسسسماء هسسؤلء الثنسسي‬
‫عشرية فلن تجد لها ذكرًا‪ ،‬ومع ذلك فإن شيخهم البحراني يزعم بأن عليسا ً‬

‫‪88‬‬
‫وحده ذكر في القرآن )‪ (1154‬مرة ويؤلف في هسسذا الشسأن كتابسا ً سسماه‪:‬‬
‫"اللوامع النورانية في أسماء علي وأهل بيته القرآنية" ]وقد طبع في المطبعسسة‬
‫العلمية بقم ‪1394‬هس‪ [.‬يحطم فيه كل مقاييس لغة العرب‪ ،‬ويتجاوز فيه أصول‬
‫العقل والمنطق‪ ،‬ويفضح من خلله قومه علسسى رؤوس الشسسهاد بتحريفسساته‬
‫التي سطرها في هذا الكتاب وجمعها ‪ -‬وقد كانت متفرقة قسسد ل تعسسرف ‪-‬‬
‫من طائفة من مصادرهم هم المعتبرة عندهم‪.‬‬
‫وتأتي بعض رواياتهم لتقول‪" :‬إن القسسرآن نسزل أربعسسة أربسساع‪ :‬ربسسع حلل‪،‬‬
‫وربع حرام‪ ،‬وربع سنن وأحكام‪ ،‬وربع خسسبر مسسا كسسان قبلكسسم ونبسسأ مسسا يكسسون‬
‫بعدكم وفصل ما بينكم" ]أصول الكافي‪ .[.2/627 :‬وهذا يعني أنه ليس للئمسسة‬
‫ذكر صريح في القرآن‪.‬‬
‫ولكن تأتي رواية أخرى لهم بتقسيم آخر لكتاب اللسه تجعسل فيسه نصسيب‬
‫الئمة وأعدائهم ثلسسث القسسرآن‪ ،‬وكأنهسسا تحسساول أن تتلفسسى مسسا فسسي الروايسسة‬
‫السابقة من نسيان لذكر الئمة‪ ،‬إل أنها لم تجعل للئمة وأعدائهم إل ثلسسث‬
‫القرآن ل جله‪ ،‬تقول الرواية‪" :‬نزل القرآن أثلث سًا‪ :‬ثلسسث فينسسا وفسسي عسسدونا‪،‬‬
‫وثلث سنن وأمثال‪ ،‬وثلث فرائض وأحكسسام" ]أصسسول الكسسافي‪ ،2/627 :‬البرهسسان‪:‬‬
‫‪ 1/21‬تفسير الصافي‪ ،1/24 :‬اللوامح النورانية‪ :‬ص ‪ .[.6‬ولكن تأتي رواية ثالثة يزيد‬
‫فيها نصيب الئمة ومخالفيهم من الثلث إلى النصف؛ تقول الرواية‪" :‬نسسزل‬
‫القرآن على أربعة أرباع‪ :‬ربع فينا‪ ،‬وربع فسسي عسسدونا‪ ،‬وربسسع سسسنن وأمثسسال‪،‬‬
‫وربع في فرائض وأحكام" ]أصول الكافي‪ ، 2/627 :‬البرهان‪.[.1/21 :‬‬
‫ويلحظ أنه ليس للمة ميزة ينفسسردون بهسسا فسسي القسسرآن عسسن مخسسالفيهم‬
‫بالنسبة للتقسيم المذكور‪ ،‬وقد تفطسسن بعضسسهم لهسسذا فوضسسع روايسسة رابعسسة‬
‫بنفس النص السابق‪ ،‬إل أنه زاد فيها‪" :‬ولنا كرائم القرآن" ]تفسسسير العياشسسي‪:‬‬
‫‪ ،1/9‬تفسير فرات‪ ،2 ،1 :‬بحار النوار‪ ،24/305 :‬الكراجكي‪ /‬كنز الفوائد‪ :‬ص ‪ ،2‬البرهان‪:‬‬
‫‪ ،1/21‬اللوامح النورانية‪ :‬ص ‪ .[.7‬وقد أشار إلى ذلسسك صسساحب تفسسسير الصسسافي‬
‫فقال‪" :‬وزاد العياشي ولنا كرائم القسسرآن" ]تفسسسير الصسسافي‪ .[.1/24 :‬فسسانتهوا‬
‫بهذا إلى القول بأن أكثر القرآن نزل فيهم وفي أعدائهم‪.‬‬
‫يقول شيخهم الفيض الكاشاني )مؤلف الوافي أحد مصادرهم المعتمدة‬
‫عندهم في الحديث( يقول‪" :‬وردت أخبار جمة عن أهل السسبيت فسسي تأويسسل‬
‫كثير من آيات القرآن وبأوليائهم‪ ،‬وبأعدائهم‪ ،‬حتى أن جماعة مسسن أصسسحابنا‬
‫صنفوا كتبا ً في تأويل القرآن على هذا النحو جمعوا فيها ما ورد عنهم فسسي‬
‫تأويل القرآن آية آية‪ ،‬إما بهم أو بشيعتهم‪ ،‬أو بعدوهم‪ ،‬على ترتيب القرآن‪.‬‬
‫وقد رأيت منها كتابسا ً كسساد يقسسرب مسن عشسسرين ألسف بيسست‪ ،‬وقسسد روي فسسي‬
‫الكسسافي‪ ،‬وفسسي تفسسسير العياشسسي‪ ،‬وعلسسي بسسن إبراهيسسم القمسسي‪ ،‬والتفسسسير‬
‫المسموع من أبي محمد الزكي أخبسسارا ً كسسثيرة مسسن هسسذا القبيسسل ]الكاشسساني‪/‬‬
‫تفسير الصافي‪.[.25-1/24 :‬‬
‫هذه شهادة أو اعتراف مسن أحسسد أسسساطينهم تؤكسسد شسسيوع هسسذه المقالسسة‬
‫بينهم‪ ،‬وأنها أصبحت هسسي القاعسسدة المتبعسسة فسسي كتسسب التفسسسير المعتمسسدة‬
‫عندهم‪ ،‬وفي أصح كتب الحديث لديهم‪ ..‬فهم بهذا صرفوا كتسساب اللسسه عسسن‬
‫معانيه‪ ،‬وحرفوه عن تنزيله‪ ،‬وجعلوا منه كتابا ً غير ما في أيدي الناس‪.‬‬
‫‪89‬‬
‫وهم يعتبرون هذا هو الصل والقاعسسدة حسستى قسسال بعسسض شسسيوخهم‪" :‬إن‬
‫الصل في تنزيل آيات القرآن‪ ..‬إنما هو الرشاد إلى ولية النسسبي والئمسسة ‪-‬‬
‫صلوات الله عليهم ‪ -‬بحيث ل خيسسر خب ّسسر بسسه إل وهسسو فيهسسم وفسسي أتبسساعهم‪،‬‬
‫وعارفيهم‪ ،‬ول سوء ذكر فيه إل وهو صادق على أعدائهم وفي مخسسالفيهم"‬
‫]أبو الحسن الشريف‪ /‬مرآة النوار )مقدمة البرهان( ص ‪ ،4‬وانظر‪ :‬اللوامسسح النورانيسسة‪ :‬ص‬
‫‪ .[.548‬ولهذا نرى شيوخهم يتسابقون في تحريسسف آيسسات القسسرآن العظيسسم‪،‬‬
‫وتطبيق هذه العقيدة‪.‬‬
‫يعقد شيخهم الحر العاملي في كتابه‪ :‬الفصول المهمة في أصول الئمة‬
‫بابا ً في هذا الشأن بعنوان‪" :‬باب أن كل ما في القرآن من آيسسات التحليسسل‬
‫والتحريسسم‪ ،‬فسسالمراد بهسا ظاهرهسسا‪ ،‬والمسسراد بباطنهسسا أئمسسة العسسدل والجسسور"‬
‫]الفصسسول المهمسسة فسسي أصسسول الئمسسة‪ :‬ص ‪ ،[.256‬فهو يعتبر آيسسات أحكسسام الحلل‬
‫المقصود بها أئمتهم‪ ،‬وآيات الحرام المقصود بها خلفاء المسلمين باستثناء‬
‫المام علي وبقيسة الئمسة الثنسي عشسرة‪ ،‬وهسسذا بل شسسك بساب مسن أبسواب‬
‫الباحية‪ ،‬وهو ما عليه طوائف الباطنية‪ ،‬ولكنه يعد هذه المقالسسة أص سل ً مسسن‬
‫أصول الئمة‪.‬‬
‫وفي كتاب الكافي ‪ -‬أصح كتاب عندهم ‪ -‬روايات كثيرة في هذا‪.‬‬
‫وحسبك أن تقرأ‪" :‬باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الوليسسة" لتفاجسسأ‬
‫بإحدى وتسعين رواية حشدها في هذا الباب‪ ،‬وحرف بها آيات القرآن عسسن‬
‫معانيها ]انظر‪ :‬أصول الكافي‪ 1/412 :‬وما بعدها‪ .[.‬وهذا باب من مجموعة أبسسواب‬
‫]مثل‪ :‬باب أن الئمة ‪ -‬رضي الله عنهم ‪ -‬العلمات السستي ذكرهسسا اللسسه عسسز وجسسل فسسي كتسسابه‬
‫)أصول الكافي‪ ،(1/206 :‬باب أن اليات التي ذكرها اللسه عسز وجسل فسي كتسابه هسم الئمسة‬
‫)المصدر السابق‪ ،(207/ 1 :‬باب أن أهل الذكر الذين أمر الله الخلق بسؤالهم هم الئمسسة‬
‫)المصدر السابق‪ (1/210 :‬وغيرهسسا مسسن البسسواب‪ [.‬على هذا النهسسج وكلهسسا تضسسمنت‬
‫عشرات الروايات التي تجعل مسن كتساب اللسه كتابسا ً شسسيعيا ً ل موضسوع لسه‬
‫سوى أئمة الشيعة وأتباعهم‪ ،‬وأعدائهم‪.‬‬
‫وفي كتاب "البحار" أحد مصادرهم المعتمدة عندهم في الحديث أبسسواب‬
‫كثيرة هي بمثابة قواعد وأصول في تفسير القرآن عندهم‪ ،‬وقد حشر فسسي‬
‫هسسذه البسسواب روايسسات كسسثيرة كلهسسا تسسذهب هسسذا المسسذهب فسسي كتسساب اللسسه‬
‫سبحانه‪ .‬ولعله يكفسسي أن تقسسرأ عنسساوين بعسسض هسسذه البسسواب لتسسدرك مسسدى‬
‫مجافاتها للغة العرب‪ ،‬ومناقضتها للعقل‪ ،‬ومنافاتها لصسسول السسسلم‪ ،‬وأنهسسا‬
‫من أعظم اللحادة في كتاب الله‪ ،‬والتحريف لمعانيه‪.‬‬
‫ولنستعرض قسما ً من هذه العناوين فيما يلي‪ :‬قال المجلسي‪:‬‬
‫بساب "تأويسسل المسؤمنين واليمسان والمسسسلمين والسسسلم بهسم وبسوليتهم‬
‫عليهسسسم والسسسسلم‪ ،‬والكفسسسار والمشسسسركين‪ ،‬والكفسسسر والشسسسرك‪ ،‬والجبسسست‬
‫والطاغوت واللت والعزى‪ ،‬والصسسنام بأعسسدائهم ومخسسالفيهم" ]بحسسار النسسوار‪:‬‬
‫‪ [.390-23/354‬وقد ذكرت تحت هذا الباب مائة حديث لهم‪.‬‬
‫باب "أنهسسم عليهسسم السسسلم البسسرار والمتقسون‪ ،‬والسسابقون والمقربسسون‪،‬‬
‫وشيعتهم أصحاب اليمين‪ ،‬وأعداؤهم الفجار والشرار وأصسسحاب الشسسمال"‬
‫]المصدر السابق‪ ،[.9-24/1 :‬وذكر فيه )‪ (25‬رواية لهم‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫باب "أنهم عليهم السلم ووليتهم العدل والمعروف والحسان والقسط‬
‫والميزان‪ ،‬وترك وليتهم وأعدائهم الكفر والفسسسوق والعصسسيان والفحشسساء‬
‫والمنكر والبغسسي" ]بحسسار النسسوار‪ .[.191-24/187 :‬وأورد فيسسه )‪ (14‬حسسديثا ً مسسن‬
‫أحاديثهم‪.‬‬
‫وأبواب أخرى على هذا النمط ‪ -‬كما سيأتي ‪ -‬تكشف عن محاولة لتغيير‬
‫دين السلم؛ حيث حصرت كل معسساني السسسلم فسسي بيعسسه رجسسل‪ ،‬وغيسسرت‬
‫مفهوم الشرك فسسي عبسسادة اللسسه‪ ،‬والكفسسر بسسه‪ ،‬والطسسواغيت والصسسنام إلسسى‬
‫مفاهيم غريبة تكشف هوية واضع هسسذه "المفتريسسات"‪ ،‬فأعسسداء الئمسسة كسسل‬
‫خليفة من خلفاء المسلمين ‪ -‬باستثناء الثني عشر ‪ -‬من أبي بكسسر إلسسى أن‬
‫تقوم الساعة‪ ،‬وكل من بايع هؤلء الخلفاء من الصحابة ومسسن بعسسدهم إلسسى‬
‫نهاية الدنيا‪ ،‬هؤلء هم العداء الذين تؤول بهم ألفاظ الكفر والشسسرك كمسسا‬
‫سيأتي في مبحث "المامة"‪.‬‬
‫فسسأين أركسسان اليمسسان‪ ،‬وأصسسول السسسلم‪ ،‬وشسسرائعه وأحكسسامه؟! كلهسسا‬
‫انحصرت في المامة‪ ،‬وأصبح الشرك والكفر والصنام مسسن المعسسروف‪ ،‬إذ‬
‫ل شرك ول كفر إل الشرك مع المام أو الكفر بوليته‪ ..‬كما تدل عليه هذه‬
‫الروايات‪ .‬أليس هذا من أعظم الكفر والزندقة؟‪ ،‬وهل يبلغ كيد عدو حاقسسد‬
‫أبلغ من هذا؟!‪ ..‬وهو وإن كان كيد جاهل لوضوح فساده‪ ،‬وظهسسور بطلنسسه‪،‬‬
‫لكن ل ينقضي عجب المسلم العاقل كيف تعيش أمة تعد بالمليين أسيرة‬
‫لهذه الترهات والباطيل؟!‬
‫ونمضي في استعراضنا لعناوين بعض البواب من البحار‪ ،‬يقول صسساحب‬
‫البحار‪:‬‬
‫باب أنهم الصلة والزكاة والحج والصسسيام وسسسائر الطاعسسات‪ ،‬وأعسسداؤهم‬
‫الفسسواحش والمعاصسسي‪ ،‬وتضسسمن هسسذا البسساب )‪ (17‬روايسسة ]البحسسار‪-24/286 :‬‬
‫‪ ،[.304‬وهذا هو عين مذهب الباطنية الذين »يجعلون الشرائع المأمور بها‪،‬‬
‫والمحظورات المنهي عنها‪ :‬لها تأويلت باطنة تخالف ما يعرفه المسلمون‬
‫منها‪ ..‬والتي يعلم بالضطرار أنها كذب وافسستراء علسسى الرسسسول ‪ -‬صسسلوات‬
‫الله عليهم ‪ ،-‬وتحريف لكلم الله ورسوله عن مواضعه‪ ،‬وإلحاد فسسي آيسسات‬
‫الله" ]مجموع فتاوى شيخ السلم ابن تيمية‪.[.3/29 :‬‬
‫ويستمر صاحب البحار ليقدم لنا الثني عشرية على حقيقتهسسا مسسن خلل‬
‫أبوابه‪ ،‬لنه يكتب كتابه في ظل الدولة الصفوية والتي ارتفعت فيها التقيسة‬
‫إلى حد ما‪ ،‬فيقول‪:‬‬
‫باب أنهم عليهم السسسلم آيسسات اللسسه وبينسساته وكتسسابه‪ ..‬وفيسسه )‪ (20‬روايسسة‬
‫]انظر‪ :‬بحار النوار‪.[.211-23/206 :‬‬
‫وباب أنهم السبع المثاني‪ ،‬وفيه )‪ (10‬روايات ]بحار النوار‪.[.118-24/114 :‬‬
‫وبسساب أنهسسم عليهسسم السسسلم الصسسافون والمسسسبحون وصسساحب المقسسام‬
‫المعلوم وحملة عرش الرحمن‪ ،‬وأنهم السفرة الكرام البررة‪ ،‬وفيسسه )‪(11‬‬
‫رواية ]بحار النوار‪.[.91-24/87 :‬‬
‫وباب أنهم كلمات الله‪ ،‬وفيه )‪ (25‬رواية ]بحار النوار‪.[.184-24/173 :‬‬
‫وباب أنهم حرمات الله‪ ،‬وفيه )‪ (6‬روايات ]بحار النوار‪.[.186-24/185 :‬‬
‫‪91‬‬
‫]بحسسار النسسوار‪-23/172 :‬‬ ‫وباب انهم الذكر وأهسسل السسذكر‪ ،‬وفيسسه )‪ (65‬روايسسة‬
‫‪.[.188‬‬
‫وباب أنهم أنوار الله‪ ،‬وفيه )‪ (42‬رواية ]بحار النوار‪.[.325-23/304 :‬‬
‫وباب أنهم خير أمة وخير أئمة أخرجت للنسساس‪ ،‬وفيسسه )‪ (24‬روايسسة ]بحسسار‬
‫النوار‪.[.158-24/153 :‬‬
‫وباب أنهم المظلومون‪ ،‬وفيه )‪ (37‬رواية ]بحار النوار‪.[.231-24/221 :‬‬
‫وباب أنهم المستضعفون‪ ،‬وفيه )‪ (13‬روايسسة ]انظسسر‪ :‬بحسسار النسسوار‪-24/167 :‬‬
‫‪.[.173‬‬
‫وباب أنهم أهل العسسراف السسذين ذكرهسسم اللسسه فسسي القسسرآن‪ ،‬وفيسسه )‪(20‬‬
‫رواية ]بحار النوار‪.[.256-24/247 :‬‬
‫وباب تأويل الوالدين والولد والرحام وذوي القربى بهم ‪ -‬عليهم السلم‬
‫‪ -‬وفيه )‪ (23‬رواية ]بحار النوار‪.[.272-257-24 :‬‬
‫فالئمة كما ترى في هذه البسسواب يكونسسون أحيانسا ً ملئكسسة‪ ،‬وأحيانسا ً كتبسا ً‬
‫سماوية‪ ،‬أو أنواًرا إلهية‪ ..‬إلخ‪ ،‬ومع ذلك فهم المظلومون والمستضسسعفون‪،‬‬
‫ل‪ ،‬فضل ً عن الشسسرع‬ ‫وهي دعاوي ل تحتاج إلى نقد فهي مرفوضة لغة وعق ً‬
‫وأصول السلم‪ ،‬وهي عناوين يناقض بعضها بعضًا‪ ..‬ولكنه يمضي في هسسذا‬
‫النهج حتى يفسر الجمادات ويؤولها بالئمة‪ ،‬يقول‪ :‬باب أنهم الماء المعين‪،‬‬
‫والسبئر المعطلسة‪ ،‬والقصسر المشسيد‪ ،‬وتأويسل السسحاب‪ ،‬والمطسر‪ ،‬والظسل‪،‬‬
‫والفواكه وسائر المنافع بعلمهم وبركاتهم‪ .‬وقد أورد في هذا البسساب إحسسدى‬
‫وعشرين رواية ]البحسسار‪ [.110-24/100 :‬انتخبهسسا ‪ -‬كعسسادته ‪ -‬مسسن طائفسسة مسسن‬
‫كتبهم المعتمدة‪.‬‬
‫ويغلسسو ويشسستط‪ ،‬ويتجسساوز الحسسد‪ ،‬ليصسسل إلسسى أوصسساف السسرب جسسل جللسسه‬
‫فيقول‪ :‬باب أنهم جنب الله وروحسسه ويسسد اللسسه‪ ،‬وأمثالهسسا‪ ،‬ويسسذكر فيسسه سسستا ً‬
‫وثلثون رواية ]البحار‪.[.203-24/191 :‬‬
‫ً‬
‫ويجعلهم هم الكعبة والقبلة‪ ..‬ويعقد بابا لهذا بعنوان‪ :‬باب أنهسسم ‪ -‬رضسسي‬
‫الله عنهم ‪ -‬حزب الله وبقيته وكعبته ]ربمسسا أن البهسسرة )إسسسماعيلية الهنسسد واليمسسن(‬
‫الذين يذهبون للحج‪ ،‬لن الكعبة ‪ -‬كما يقولسسون‪ -‬رمسسز علسسي المسسام )إسسسلم بل مسسذاهب‪ :‬ص‬
‫‪ ،(240‬قد استقوا هذا »اللحاد« من هذه الروايات‪ ،‬فإن الروافض هم الباب والوسيلة لغلو‬
‫الفرق الباطنية‪ [.‬وقبلته‪ ،‬وأن الثارة من العلم علم الوصياء‪ ،‬ويقدم في هسسذا‬
‫الباب سبع روايات ]البحار‪.[.213-24/211 :‬‬
‫ويمضي في هذا الشسطط فسي طائفسة مسن البسواب عرضسها يمثسل فسي‬
‫الحقيقة أبلغ رد وأعظسسم نقسسد لمسسذهب الشسسيعة‪ ،‬وهسسو ينسسسف بنيسسانهم مسسن‬
‫القواعد‪ ،‬وهو يؤكد عظمة هذا الدين السسسلمي‪ ،‬فبضسسدها تتميسسز الشسسياء ‪-‬‬
‫فلول المر ما عرف طعم الحلو ‪ -‬فهذه التأويلت أشبه ما تكون بمحاولت‬
‫مسيلمة الكذاب‪ ،‬وهي تعطي الدليل القاطع على أنها ليست من عند الله‬
‫سبحانه‪ ،‬يعرف هذا من له أدنى صلة بلغة العرب فضل ً عسسن ديسسن السسسلم‬
‫وقواعده وأصوله‪ ،‬لن الله سبحانه أنزل هذا القرآن بلسان عربي مبين‪.‬‬
‫وكتاب البحار المعتمد عند الشيعة يكاد يجعل الئمة هم كسسل شسسيء ورد‬
‫به القرآن‪ ..‬فيمضي في هذه البسسواب ليقسسرر مسسا شسساء لسسه هسسواه وتعصسسبه‪،‬‬
‫‪92‬‬
‫ويصل به المر ليلقي كل مسسا فسسي نفسسسه ومسسا يخطسسر ببسساله بل خلف مسسن‬
‫انكشاف فضيحته‪ ،‬ول حياء من زيادة وقاحته فيقول‪:‬‬
‫باب أنهم البحسسر واللؤلسؤ والمرجسسان‪ ،‬ويضسسمن هسسذا البسساب سسسبع روايسسات‬
‫]المصدر السابق‪.[.99-24/97 :‬‬
‫فهل هسسم جمسساد؟ أو هسسذا عنسسدهم رمسسز بسساطني‪ ،‬وإشسسارة سسسرية إليهسسم!!‬
‫ولكنهم ليسوا بجماد‪ ،‬فهو يعقد بابا ً بعنوان‪:‬‬
‫باب أنهم الناس‪ ،‬ول يذكر فيه سوى ثلث روايات ]المصدر السابق‪-24/94 :‬‬
‫‪ .[.96‬ويقرر في هذا الباب بأن غير الئمة ليسوا من الناس‪ ..‬ويعسسود ليتسسابع‬
‫بسط مذهبهم الغريب الشاذ‪ ،‬والذي لم يكن معروفسا ً عسسن الثنسسي عشسسرية‬
‫عند علماء المسلمين السابقين‪ ،‬بل هذا المذهب مشتهر عن الباطنية ]وقد‬
‫أشار بعض شيوخهم إلى أن المذهب يتطور ويتغير من زمن لخر‪ ،‬كما سيأتي الحديث عسسن‬
‫ذلك في باب "الشيعة المعاصرون وصسسلتهم بأسسسلفهم"‪ ..[.‬يعود ليعقسسد بابسا ً بعنسسوان‪:‬‬
‫باب نادر في تأويل النحل بهم‪ ،‬وذكر في هذا سبع روايات ]البحسسار‪-24/110 :‬‬
‫‪.[.113‬‬
‫وبابا ً آخر بعنوان‪ :‬باب في تأويل اليام والشسسهور بالئمسسة‪ ،‬ويتضسسمن هسسذا‬
‫الباب أربعة أحاديث ]المصدر السابق‪.[.243-24/238 :‬‬
‫ولو ذهبنا ننقل أحاديث تلك البواب‪ ،‬ونتعقبها بالتحليل والنقد لسسستوعب‬
‫ذلك مجلدات‪.‬‬
‫وقد اخترنا هنا ذكر البواب حتى ل يقال بأننا نعمد إلى الروايات الشاذة‬
‫عندهم فنذكرها‪ ،‬كما أننا سنذكر بعد هذا أمثلة مسسن روايسسات هسسذه البسسواب‬
‫ونختار منها ‪ -‬في الغسسالب ‪ -‬مسسا يشسسترك فسسي ذكرهسسا مجموعسسة مسسن كتبهسسم‬
‫المعتمدة‪ .‬وهذه البواب التي أوردناها هي قليل من كثير‪ ،‬وقد جاءت فسسي‬
‫أكبر موسوعة حديثية عند الشيعة وهو كتاب البحار‪ ،‬والذي قسسال شسسيوخهم‬
‫المعاصرون في وصفه‪" :‬أجمع كتاب فسسي فنسسون الحسسديث" ]محسسسن الميسسن‪/‬‬
‫أعيسسان الشسسيعة‪" ،[.1/293 :‬لسسم يكتسسب قبلسسه ول بعسسده جسسامع مثلسسه" ]أغسسابزرك‬
‫الطهراني‪ /‬الذريعة‪" ،[.3/26 :‬وقد صار مصدرا ً لكل من طلب باب سا ً مسسن أبسسواب‬
‫علوم آل محمد صلى اللسسه عليسسه وسسسلم" ]المصسسدر السسسابق‪" ،[.27-3/26 :‬هسسو‬
‫المرجع الوحيد فسسي تحقيسسق معسسارف المسسذهب" ]البهبسسودي‪ /‬مقدمسسة البحسسار‪ :‬ص‬
‫‪ .[.19‬أما مؤلفه فهو عندهم‪" :‬شيخ السسسلم والمسسسلمين" ]الردبيلسسي‪ /‬جسسامع‬
‫السسرواة‪" ،[.2/78 :‬رئيس الفقهسساء والمحسسدثين‪ ،‬آيسسة اللسسه فسسي العسسالمين‪ ،‬ملذ‬
‫المحدثين في كل العصار‪ ،‬ومعاذ المجتهدين في جميسسع المصسسار" ]مقدمسسة‬
‫البحار‪ :‬ص ‪ [.39‬إلى آخر اللقاب التي خلعوها عليه‪.‬‬
‫وتلك الروايات مصدرها طائفة من كتبهم المعتمدة‪ ،‬لنه يقول‪» :‬اجتمسسع‬
‫عندنا بحمد الله سوى الكتسسب الربعسسة ]الكتسسب الربعسسة هسسي‪ :‬الكسسافي‪ ،‬والتهسسذيب‪،‬‬
‫والستبصار‪ ،‬ومن ل يحضره الفقيه‪ ،‬وسيأتي إن شاء الله حديث عنها في مبحث‪" :‬عقيدتهم‬
‫فسسي السسسنة"‪ [.‬نحو مائتي كتسساب ولقسسد جمعتهسسا فسسي بحسسار النسسوار" ]اعتقسسادات‬
‫المجلسسسي ص‪) 24 :‬عسسن كتسساب الفكسسر الشسسيعي‪ /‬مصسسطفى الشسسيبي ص‪ .[.(61 :‬ويقول‬
‫صسساحب الذريعسسة‪" :‬وأكسسثر مآخسسذ البحسسار مسسن الكتسسب المعتمسسدة والصسسول‬
‫المعتبرة" ]الذريعة‪.[.27-3/26 :‬‬
‫‪93‬‬
‫وإن من له أدنسسى صسسلة باللسسسان العربسسي ‪ -‬كمسسا قلسست ‪ -‬يسسدرك أن هسسذه‬
‫البواب وتلك الروايات إلحاد في كتاب الله‪ ،‬وتحريف لكلمه سسسبحانه عسسن‬
‫مواضسسعه‪ .‬وأن مثسسل هسسذه التحريفسسات ل تلتبسسس إل علسسى أعجمسسي جاهسسل‬
‫بالسلم ولغة العرب‪ ،‬ولعلها برهان واقعي على أن مسسن حسساول المسسساس‬
‫بكتاب الله سبحانه سقط إلى هذا الدرك الهسسابط‪ ،‬وليسسس هسسذا النهسسج فسسي‬
‫كتب الروايات والحاديث فحسب‪ ،‬فأنت إذا طسسالعت عمسسدة التفسسسير عنسسد‬
‫الطائفة "وأصل أصول التفاسير" ]انظسسر‪ :‬مقدمسسة تفسسسير القمسسي‪ [.1/16 :‬لديها‪،‬‬
‫وهو تفسير القمي ألفيته قد أخذ من تلك التفاسير الباطنية بنصيب وافسسر‪،‬‬
‫ومثله تفسير العياشي وهو من كتب التفسير القديمسسة المعتمسسدة عنسسدهم‪،‬‬
‫وعلى نفس الطريق تجد تفسير البرهان‪ ،‬وتفسير الصافي وغيرهسسا‪ ،‬وهسسي‬
‫تعتمد على تفسير اليات ‪ -‬بما زعموا ‪ -‬أنه المأثور عن جعفسسر الصسسادق أو‬
‫بقية النثي عشر‪ .‬ولو ذهنا ندرس ونعسسرض كسسل كتسساب تفسسسير علسسى حسسدة‬
‫لطال الموضوع وخرجنا عن المقام‪ ،‬وحسبنا أن نذكر أمثلة مسسن روايسساتهم‬
‫في هذا الباب ‪.‬‬
‫أصل هذه التأويلت وجذورها‪ ،‬وأمثلة لها‪:‬‬
‫أ‪ -‬أصل هذه التأويلت‪:‬‬
‫مضى القول بأن كتب الشيعة تزعم أن القرآن ل يحتج به إل بقيسسم‪ ،‬وأن‬
‫هذا القيم ‪ -‬والمتمثل بالثني عشر ‪ -‬عنده علم القرآن كله ول يشركه في‬
‫ذلك أحد‪ ،‬ثسسم جعلسست لهسسذا القيسسم وظيفسسة "المشسسرع" فسسي تخصسسيص عسسام‬
‫النصوص‪ ،‬وتقييد مطلقها‪ ،‬وبيان مجملها‪ ،‬ونسخ ما شاء منها‪ ،‬لنه مفسسوض‬
‫في أمر الدين كله‪ ،‬ثسسم بسسررت ضسسرورة وجسسود هسسذا القيسسم لتأويسسل القسسرآن‬
‫بقولها‪ :‬بأن للقرآن معاني باطنة تخالف الظاهر‪ ،‬ثم كشفت عن علسسم هسسذا‬
‫الباطن المدخر عند الئمة بأنه يعني الئمة الثني عشسسر وأعسسداءهم )وهسسم‬
‫الصحابة ومسسن تبعهسسم بإحسسسان(‪ ،‬ومعظسسم موضسسوعات القسسرآن ل تتعسسدى ‪-‬‬
‫عندهم ‪ -‬هذا الشأن‪ ،‬ثم وضعت هذه النظريات موضع التنفيسسذ‪ ،‬حيسسث قسسام‬
‫شيوخ الشيعة بوضع مئات الروايات في تفسير معسساني القسسرآن بالئمسسة أو‬
‫مخالفيهم‪ ،‬أو بعقيسسدة أخسسرى مسسن عقسسائدهم السستي شسسذوا بهسسا عسسن جماعسسة‬
‫المسلمين‪.‬‬
‫ويرى بعض الباحثين ]جولد سيهر‪ /‬مذاهب التفسير السسسلمي ص‪ [.404-303 :‬أن‬
‫أول كتاب وضع الساس لهذا اللون من تفسير الشيعة هو تفسير القسسرآن‬
‫الذي وضعه في القرن الثسساني للهجسسرة )جسسابر الجعفسسي( ]جسسابر بسسن يزيسسد بسسن‬
‫ه(‪ ،‬قال ابن حبان‪ :‬كان سبئيا ً من أصسسحاب عبسسد‬ ‫الحارث الجعفي الكوفي‪ ،‬توفي سنة )‪‍ 127‬‬
‫الله بن سبأ‪ .‬كان يقول‪ :‬إن عليا ً يرجع إلى الدنيا‪ ،‬وروى العقيلي بسنده عن زائدة أنه قسسال‪:‬‬
‫جابر الجعفي رافضي يشتم أصحاب رسول اللسسه صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم‪ ،‬وقسسال النسسسائي‬
‫وغيره‪ :‬متروك‪ .‬وقال يحيى‪ :‬ل يكتب حديثه ول كرامة‪ ،‬قال ابن حجر‪ :‬ضعيف رافضي‪.‬‬
‫)انظر‪ :‬ميزان العتدال‪ ،380-1/379 :‬تقريب التهذيب ‪ ،1/123‬الضعفاء للعقيلي‪-1/191 :‬‬
‫‪.(196‬‬
‫أما هذا الجعفي في كتب الشسسيعة فأخبسسارهم فسسي شسسأنه متناقضسسة‪ ،‬فأخبسسار تجعلسسه ممسسن‬
‫انتهى إليه علم أهل البيت‪ ،‬وتضفي عليه صفات أسطورية من علم الغيسسب ونحسسوه‪ ،‬وأخبسسار‬
‫تطعن فيه‪ ..‬لكنهم يحملون أخبار الطعن فيه علسى التقيسة‪ ،‬ويقولسون بتسوثيقه كعسادتهم فسي‬

‫‪94‬‬
‫توثيق من على مذهبهم‪ ،‬وإن كان كاذبا ً )انظر‪ :‬وسائل الشيعة‪ ،20/51 :‬رجال الكشي‪ :‬ص‬
‫‪ ،191‬جامع الرواة‪ .(1/144 :‬وانظر تفصيل ذلك في‪" :‬فصل عقيدتهم في السنة"‪.[.‬‬
‫وقد أشار إلى هذا التفسير طائفة من شيوخ الشيعة ]الطوسي‪ /‬الفهرسسست‬
‫ص‪ ،70 :‬أغا بسسرزك‪ /‬الذريعسسة‪ ،4/268 :‬العسساملي‪ /‬أعيسسان الشسسعية‪ ،[.1/196 :‬وكان هسسذا‬
‫التفسير ‪ -‬كمسسا تشسسير بعسسض روايسساتهم ‪ -‬موضسسع التسسداول السسسري‪ ،‬فيسسروي‬
‫الكشي بسنده عن المفضل بن عمر الجعفي‪ ،‬قال‪" :‬سألت أبا عبد اللسسه ‪-‬‬
‫عليه السلم ‪ -‬عن تفسسسير جسسابر؟ فقسسال‪ :‬ل تحسسدث بسسه السسسفلة فيسسذيعوه"‬
‫]رجال الكشي‪ :‬ص ‪.[.192‬‬
‫وتجد روايات كثيرة متفرقة في كتب الشيعة مروية عسسن هسسذا الجعفسسي‪،‬‬
‫وينسبها لجعفر بن محمد أو أبيه ]قال المظفر )مسسن شسسيوخ الشسسيعة المعاصسسرين( ‪:‬‬
‫"روي عن الباقر خاصة سبعين ألسسف حسسديث‪ ..‬وقيسسل‪ :‬إنسسه ممسسن انتهسسى إليسسه علسسم الئمسسة"‪.‬‬
‫)محمد المظفر‪ /‬المام الصادق ص ‪ .(143‬ولكسسن فسسي رجسسال الكشسسي عنسسد ترجمتسسه لجسسابر‬
‫الجعفي‪ .‬قال زرارة‪ :‬سألت أبا عبد الله ‪ -‬رضي الله عنسسه ‪ -‬عسسن أحسساديث جسسابر فقسسال‪" :‬مسسا‬
‫رأيته عند أبي قط إل مرة واحدة‪ ،‬وما دخسسل علسسي قسط" )رجسسال الكشسسي‪ :‬ص ‪ (191‬وهسذه‬
‫شهادة منهم تثبت كذب جابر في مروياته عن الصادق وأبيه‪ ،‬وسيأتي مزيسسد بيسان لهسسذا فسي‬
‫فصل السنة‪ .[.‬ويبدو أن الشيعة ل يمكن أن تثبت لهسسا قسسدم‪ ،‬أو تحتسسج بسسدليل‬
‫من كتاب الله إل بمثل هذه التأويلت الباطنية‪ ،‬ولهذا بدأ هذا النهسسج مبكسسرا ً‬
‫كما نلحظ‪ ،‬بل يمكن أن يقال‪ :‬إن جذور هذه العقيدة قد نبتت في أروقسسة‬
‫السبئية‪ ..‬لن ابن سبأ هو الذي حاول أن يجد لقوله بالرجعسسة مسسستندا ً مسن‬
‫كتاب الله بالتأويل الباطل وذلك حينما ً قال‪ :‬العجب ممن يزعم أن عيسى‬
‫ذي‬ ‫ن ال ّ ِ‬
‫يرجع ويكذب بسسأن محمسسدا ً يرجسسع‪ .‬وقسسد قسسال اللسسه عسسز وجسسل‪} :‬إ ِ ّ‬
‫د{ ]القصسسص‪ ،‬آيسسة‪ ، 85 :‬وهسسذا النسسص‬ ‫عا ٍ‬ ‫ك إ َِلى َ‬
‫م َ‬ ‫ن ل ََرادّ َ‬ ‫ك ال ْ ُ‬
‫قْرآ َ‬ ‫عل َي ْ َ‬
‫ض َ‬ ‫َ‬
‫فَر َ‬
‫في‪ :‬تاريخ الطبري ‪ ،4/34‬تاريخ ابن الثير )‪.[.(3/77‬‬
‫وقد نقلت لنا بعض كتب أهل السنة نماذج من تسسأويلت الشسسيعة لكتسساب‬
‫الله‪ ،‬ولكن ما انكشف لنا اليسسوم أمسسر ل يخطسسر علسسى البسسال‪ .‬ويبسسدو أن مسسا‬
‫نسبه بعض أئمة السنة لغلة الشيعة من تأويلت قد ورثتها الثنسسا عشسسرية‪.‬‬
‫فالمام الشسسعري ]مقسسالت السسسلميين‪ ،[.1/73 :‬وكسسذلك البغسسدادي ]الفسسرق بيسسن‬
‫الفرق‪ :‬ص ‪ ،[.240‬والشهرستاني ]الملل والنحل‪ [.1/177 :‬وغيرهم يحكسسون عسسن‬
‫المغيرة بن سعيد أحد الغلة باتفسساق السسسنة والشسسيعة والسسذي تنسسسب إليسسه‬
‫دهم أصسسحاب الفسسرق مسسن غلة‬ ‫طائفة المغيرية ]المغيرية‪ :‬أتباع المغيسسرة بسسن سسسعيد‪ ،‬ع س ّ‬
‫الشيعة‪ ،‬نسب إليه القول بألوهية علي‪ ،‬ودعوة النبوة‪ ،‬والتجسيم‪ ،‬وضللت أخرى‪ ،‬وقد جاء‬
‫في كتب الثني عشرية ذمة ولعنة عن الئمسسة‪ ..‬قتلسسه خالسسد بسسن عبسسد اللسسه القسسسري سسسنة )‬
‫ه(‪.‬‬
‫‪‍ 119‬‬
‫انظر‪ :‬تاريخ الطبري‪ ،130-7/128 :‬الشعري‪ /‬مقسسالت السسسلميين‪ ،74-1/69 :‬البغسسدادي‪/‬‬
‫الفرق بيسسن الفسسرق ص‪ ،242-238 :‬ابسسن حسسزم‪ /‬الفصسسل‪ ،44-5/43 :‬الشهرسسستاني‪ /‬الملسسل‬
‫والنحل‪ ، 178-176 :‬نشوان الحميري‪ /‬الحور العين‪ :‬ص ‪ ، 168‬الذهبي‪ /‬ميسسزان العتسسدال‪:‬‬
‫‪ ،162-4/160‬المقريزي‪ /‬الخطط‪. 2/353 :‬‬
‫وانظر من كتب الشيعة‪ :‬القمي‪ /‬المقسسالت والفسسرق‪ :‬ص ‪ ،55‬رجسسال الكشسسي‪ ،‬الروايسسات‬
‫رقم‪،543 ،542 ،511 ،408 ،407 ،406 ،405 ،404 ،403 ،402 ،400 ،339 ،336 :‬‬
‫ل‬ ‫‪ [.549 ،544‬أنه ذهب في تأويل الشيطان في قول الله جل شأنه‪} :‬ك َ َ‬
‫مث َ ِ‬

‫‪95‬‬
‫فْر{ ]الحشر‪ ،‬آية‪ [.16 :‬بعمر بن الخطسساب‬ ‫ن اك ْ ُ‬
‫سا ِ‬
‫لن َ‬ ‫قا َ‬
‫ل لِ ِ‬ ‫ن إ ِذْ َ‬ ‫شي ْ َ‬
‫طا ِ‬ ‫ال ّ‬
‫‪ -‬رضي الله عنه ‪.-‬‬
‫وهسسذا التأويسسل بعينسسه قسسد ورثتسسه الثنسسا عشسسرية‪ ،‬ودونتسسه فسسي مصسسادرها‬
‫المعتمسسدة‪ ،‬حيسسث جسساء فسسي تفسسسير العياشسسي ]تفسسسسير العياشسسسي‪،[.2/223 :‬‬
‫والصافي ]الكاشاني‪ /‬تفسير الصافي‪ ،[.3/84 :‬والقمي ]تفسير القمي )انظر‪ :‬المصدر‬
‫السابق‪ ،(3/84 :‬ولسسم أجسسده فسسي الطبعسسة السستي عنسسدي مسسن تفسسسير القمسسي‪ ،[.‬والبرهان‬
‫]البحراني‪ /‬البرهان‪ ،[.2/309 :‬وبحار النوار ]بحار النوار‪) 3/378 :‬ط‪ .‬كمباني(‪ ،[.‬عن‬
‫َ‬
‫مقُر{‬ ‫ي ال ْ‬‫ضق َ‬‫ق ِ‬‫مققا ُ‬ ‫ن لَ ّ‬ ‫شقي ْ َ‬
‫طا ُ‬ ‫ل ال ّ‬
‫قا َ‬‫و َ‬‫أبسسي جعفسسر فسسي قسسول اللسسه‪َ } :‬‬
‫]إبراهيسسم‪ ،‬آيسسة‪ [.22 :‬قسسال‪" :‬هسسو الثسساني‪ ،‬وليسسس فسسي القسسرآن شسسيء‪" :‬وقسسال‬
‫الشيطان" إل وهو الثاني" فكأن كتب الثني عشسسرية تزيسسد علسسى المغيسسرة‬
‫بوضع هذا اللحاد في كتاب الله قاعدة مطردة‪.‬‬
‫وفي الكافي عن أبي عبد الله قال‪" :‬وكان فلنا ً شيطانا ً ]الكلينسسي‪ /‬الكسسافي‬
‫)المطبسسوع بهسسامش مسسرآة العقسسول( ‪ ،[.4/416 :‬قال المجلسي فسسي شسسرحه علسسى‬
‫الكافي‪ :‬المراد بفلن عمر" ]مرآة العقول‪.[.4/416 :‬‬
‫فهذه الروايات التي تسندها كتب الشيعة الثني عشرية إلى أبي جعفسسر‬
‫الباقر هي من أكاذيب المغيرة بن سيعد وأمثسساله‪ ،‬فقسسد ذكسسر السسذهبي عسسن‬
‫كثير النواء ]كثير النواء‪ :‬شيعي )وروي أنه رجع عن تشيعه‪ ،‬قال الذهبي‪ :‬ضعفوه‪ ،‬ومشاه‬
‫ابن حبان‪ :‬الكاشف‪ [.(3/3 :‬أن أبا جعفر قال‪" :‬برئ الله ورسوله مسسن المغيسسرة‬
‫بن سعيد‪ ،‬وبيان بن سمعان فإنهما كذبا علينا أهل السسبيت" ]ميسسزان العتسسدال‪:‬‬
‫‪ ،[.4/161‬وروى الكشي فسسي رجسساله عسسن أبسسي عبسسد اللسسه قسسال‪" :‬لعسسن اللسسه‬
‫المغيسسرة بسسن سسسعيد كسسان يكسسذب علينسسا" ]رجسسال الكشسسي‪ :‬رقسسم ‪ .[.336‬وسسساق‬
‫الكشي روايات عديدة في هذا الباب ]مضى الشارة إليها في ص‪ (250) :‬هسسامش‬
‫رقم‪ .[.(5) :‬وأشارت روايات الكشي إلى أن المغيرة بسسن سسسعيد كسسان يأخسسذ‬
‫ضلله من مصدر يهودي‪ ،‬ففي رجال الكشسسي أن أبسسا عبسسد اللسه قسسال يومسا ً‬
‫لصحابه‪" :‬لعن الله المغيرة بن سعيد ولعن يهودية كان يختلف إليها يتعلم‬
‫منها السحر والشعبذة )كذا( والمخاريق" ]رجال الكشي‪ :‬رقم ‪.[.403‬‬
‫ويلحظ أنه اتفق كل مسسن الشسسعري‪ ،‬والبغسسدادي‪ ،‬وابسسن حسسزم‪ ،‬ونشسسوان‬
‫الحميري على أن جابر الجعفي الذي وضع أول تفسير للشيعة علسسى ذلسسك‬
‫النهج الباطني كان خليفة المغيسسرة بسسن سسسعيد ]الشسسعري‪ /‬مقسسالت السسسلميين‪:‬‬
‫‪ ،1/73‬البغدادي‪ /‬الفرق بين الفرق ص‪ ،242 :‬ابن حسسزم‪ /‬المحلسسى‪ ،5/44 :‬نشسسوان‪ /‬الحسسور‬
‫العيسسن ص ‪ [.168‬الذي قسسال‪ :‬بسسأن المسسراد بالشسسيطان فسسي القسسرآن هسسو أميسسر‬
‫المؤمنين عمر ‪ -‬رضي الله عنه ‪ ،-‬فهي عناصر خطرة يستقي بعضسسها مسسن‬
‫بعض عملت على إفساد التشيع‪.‬‬
‫ب‪ -‬أمثلة من تأويلت الشيعة ليات القرآن‪:‬‬
‫حين احتج شيخ الشسسيعة فسسي زمنسسه ‪ -‬والسسذي إذا أطلسسق لقسسب "العلمسسة"‬
‫عندهم انصرف إليه )ابن المطهر الحلسسي(‪ -‬علسسى اسستحقاق علسي للمامسة‬
‫مققا‬
‫ه َ‬‫ن‪ ،‬ب َي ْن َ ُ‬ ‫قي َققا ِ‬‫ن ي َل ْت َ ِ‬
‫حَري ْ ِ‬‫ج ال ْب َ ْ‬‫مَر َ‬
‫بقوله‪" :‬البرهان الثلثة قوله تعالى‪َ } :‬‬
‫ن{‬ ‫غي َققا ِ‬ ‫خ ل ي َب ْ ِ‬ ‫ما ب َقْرَز ٌ‬ ‫ه َ‬ ‫ن{ قسسال‪ :‬علسسي وفاطمسسة‪} ،‬ب َي ْن َ ُ‬ ‫غَيا ِ‬ ‫ب َْرَز ٌ‬
‫خ ل ي َب ْ ِ‬

‫‪96‬‬
‫ن{‪،‬‬ ‫جققا ُ‬ ‫وال ْ َ‬
‫مْر َ‬ ‫ؤل ُق ُ‬
‫ؤ َ‬ ‫مققا الل ّ ْ‬
‫ه َ‬
‫من ْ ُ‬
‫ج ِ‬
‫خُر ُ‬
‫النبي صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم‪} ،‬ي َ ْ‬
‫الحسن والحسين"‪.‬‬
‫حينما احتج ابن المطهر بذلك قسسال شسسيخ السسسلم ابسسن تيميسسة‪" :‬إن هسسذا‬
‫وأمثاله إنما يقوله من ل يعقل ما يقول‪ ،‬وهذا بالهذيان أشبه منسسه بتفسسسير‬
‫القرآن وهو من جنس تفسير الملحدة والقرامطسسة الباطنيسسة للقسسرآن‪ ،‬بسسل‬
‫هو شر من كثير منه‪ .‬والتفسير بمثل هذا طريق الملحدة‪ ،‬بل هو شر من‬
‫كثير منه‪ ،‬والتفسير بمثل هذا طريق للملحدة على القرآن والطعسسن فيسسه‪،‬‬
‫بل تفسير القرآن بمثل هذا من أعظم القدح والطعسسن فيسسه" ]منهسساج السسسنة‪:‬‬
‫‪.[.4/66‬‬
‫وأقول‪ :‬كيف لو رأى شيخ السلم ما أودع في الكافي والبحار‪ ،‬وتفسسسير‬
‫العياشي‪ ،‬والقمي‪ ،‬والبرهان‪ ،‬وتفسير الصافي وغيرها من تحريف لمعاني‬
‫القرآن سموه تفسيرًا؟!‪.‬‬
‫وبين يدي مجموعة كبيرة من هذا اللون‪ ..‬يسسستغرق عرضسسها المجلسسدات‬
‫]كنت عملت قائمة من هذه التأويلت رتبت موادها على حسروف المعجسم‪ ،‬فسأذكر فسسي كسل‬
‫مادة‪ :‬عسدد المواضسع السستي ذكسرت فيهسا فسسي كتساب اللسسه‪ ،‬وتسأويلت الشسيعة لهسا فسسي هسذه‬
‫المواضع‪ ..‬وخرجت من ذلك بمادة كبيرة جدًا‪ ،‬إل أن المشرف رأى ‪ -‬ووافقتسه علسى ذلسك ‪-‬‬
‫الستغناء عنها بما عرضنا هنا لسباب منهجية‪ ،[.‬ركام هائل من الروايسسات‪ ..‬حجبسست‬
‫الشيعة عن نور القرآن وهديه‪ ..‬فالتوحيد الذي هسسو أصسسل دعسسوة الرسسسل‪..‬‬
‫وجوهر رسالتهم‪ ..‬هو عندهم ولية المام‪ ،‬فيرون عن أبي جعفر أنه قسسال‪:‬‬
‫"ما بعث الله نبيا ً قط إل بوليتنا والبراءة من عدونا‪ ،‬وذلك قسسول اللسسه فسسي‬
‫جت َن ُِبققوا ْ‬ ‫َ‬ ‫في ك ُ ّ ُ‬
‫وا ْ‬‫ه َ‬ ‫دوا ْ الّلقق َ‬ ‫عب ُ ُ‬
‫نا ْ‬ ‫سول ً أ ِ‬ ‫ة ّر ُ‬ ‫م ٍ‬
‫لأ ّ‬ ‫عث َْنا ِ‬‫قدْ ب َ َ‬ ‫ول َ َ‬‫كتابه‪َ } :‬‬
‫ت{ ]النحل‪ ،‬آية‪] .[.23 :‬تفسير العياشي‪ ،2/261 :‬البرهسسان‪ ،2/343 :‬تفسسسير‬ ‫غو َ‬ ‫طا ُ‬ ‫ال ّ‬
‫الصافي‪ 3/134 :‬تفسير نور الثقليسسن‪ .[.3/60 :‬ورواياتهم فسسي هسسذا البسساب كسسثيرة ‪-‬‬
‫كما سيأتي – ]في مبحث‪ :‬عقيدتهم في توحيد اللوهية‪.[.‬‬
‫ن‬ ‫ذوا ْ ِإلقق َ‬
‫هي ْ ِ‬ ‫خ ُ‬ ‫والله في كتاب اللسسه هسسو المسسام‪ ،‬فقسسوله تعسسالى‪} :‬ل َ ت َت ّ ِ‬
‫د{ ]النحسسل‪ ،‬آيسسة‪ [.51 :‬قسسال أبسسو عبسسد اللسسه ‪ -‬كمسسا‬ ‫حق ٌ‬‫وا ِ‬ ‫ه َ‬
‫و ِإل ٌ‬ ‫ه َ‬ ‫ما ُ‬ ‫ن إ ِن ّ َ‬‫اث ْن َي ْ ِ‬
‫يزعمون ‪" :-‬يعنسسي بسسذلك ل تتخسسذوا إمسسامين إنمسا هسسو إمسسام واحسسد" ]تفسسسير‬
‫العياشسسي‪ ،2/261 :‬البرهسسان فسسي تفسسسير القسسرآن‪ ،2/373 :‬تفسسسير نسسور الثقليسسن‪.[.3/60 :‬‬
‫والرب هو المام عندهم‪ .‬وقد يلتمس لهم في هذا التأويل عذر؛ لن للرب‬
‫في اللغة استعمالت أخرى كرب البيت‪ ،‬ورب المال بمعنى صاحب‪ ،‬ولكن‬
‫يمنع من ذلك أن تأويلهم للرب في المام جرى فسسي آيسسات هسسي نسسص فسسي‬
‫الله سبحانه ول تحتمل وجهسا ً آخسسر‪ .‬وفسسي قسسوله سسسبحانه عسسن المشسسركين‪:‬‬
‫فُر‬ ‫كا ِ‬‫ن ال ْ َ‬‫كا َ‬‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ضّر ُ‬‫ول ي َ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬
‫ع ُ‬
‫ف ُ‬‫ما ل َين َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬
‫ه َ‬ ‫دو ِ‬ ‫من ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫دو َ‬ ‫عب ُ ُ‬‫وي َ ْ‬
‫} َ‬
‫هيًرا{ ]الفرقان‪ ،‬آية‪ .[.55 :‬قال القمي في تفسيره‪" :‬الكسسافر‪:‬‬ ‫عَلى َرب ّ ِ َ‬
‫هظ ِ‬ ‫َ‬
‫الثاني )يعني عمر ‪ -‬رضي الله عنه وأرضسساه ‪ (-‬كسسان علسسى أميسسر المسؤمنين‬
‫عليه السلم ظهيرًاط ]تفسير القمي‪ .[.2/115 :‬فاعتبر أمير المؤمنين عليا ً هو‬
‫الرب‪ .‬وقال الكاشاني "في البصائر" ]يعنسسي بصسسائر السسدرجات لشسسيخهم الصسسفار‪[.‬‬
‫عن الباقر ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬أنه سئل عسسن تفسسسيرها فقسسال )كمسسا يفسسترون(‪:‬‬
‫ي هسسو ربسسه فسسي الوليسسة‪ ،‬والسسرب هسسو‬ ‫"إن تفسيرها في بطسسن القسسرآن‪ :‬عل س ّ‬
‫‪97‬‬
‫الخالق الذي ل يوصف"‪ ،‬فهسذا قسد يفهسم منسه أن عليسا ً هسو السرب السذي ل‬
‫يوصف ]لحظ في هذا النسسص إشسسارة إلسسى مسسذهبهم فسسي تعطيسسل اللسسه مسسن صسسفاته ‪ -‬كمسسا‬
‫سيأتي‪ ،-‬وانظر النص في‪ :‬تفسير الصافي‪ ،4/20 :‬البرهان‪ ،3/172 :‬تفسسسير نسسور الثقليسسن‪:‬‬
‫‪ ،4/25‬مرآة النوار‪ :‬ص ‪ - [.59‬كما يفترون ‪ ،-‬لن اليسسة نسسص فسسي حسسق البسساري‬
‫سبحانه؟!‬
‫وقد حاول صاحب تفسير الصافي تفادي هسسذا المسسر فقسسال فسسي توضسسيح‬
‫النص السالف‪" :‬يعني أن السسرب علسسى الطلق الغيسسر المقيسسد بالوليسسة هسسو‬
‫الخالق جل شأنه" ]تفسير الصافي‪ ،4/20 :‬مرآة النوار‪ :‬ص ‪ .[.59‬ولكن نص الية‬
‫ل يؤيده فيما ذهب إليه؛ إذ إن "الرب" الوارد في الية لسسم يقيسسد بالوليسسة‪..‬‬
‫فهو ل ينصرف إل إلى الحق جسسل شسسأنه‪ ،‬وليسسس هنسساك أيسسة قرينسسة صسسارفة‬
‫للفظ عن معناه؛ ولهسسذا قسسال طائفسسة مسسن السسسلف فسسي تفسسسيرها‪" :‬وكسسان‬
‫الكافر معينا ً للشيطان على ربه مظاهرا ً له على معصيته" ]تفسسسير الطسسبري‪:‬‬
‫‪ ، 27-19/26‬تفسير ابن كثير‪.[.3/338 :‬‬
‫ها{ ]الزمسسر‪ ،‬آيسسة‪[.69 :‬‬ ‫ر َرب ّ َ‬ ‫ض ب ُِنو ِ‬ ‫ت الْر ُ‬
‫َ‬ ‫ق ِ‬ ‫وأ َ ْ‬
‫شَر َ‬ ‫وفي قوله سبحانه‪َ } :‬‬
‫قال المفسرون‪ :‬أي أضاءت يوم القيامة إذا تجلى الحق جل وعل للخلئق‬
‫لفصل القضاء ]تفسير ابن كثير‪ .[.4/70 :‬ولكن شيخ المفسسسرين عنسسد الشسسيعة‬
‫)إبراهيم القمي( يروي بسنده عن المفضل بن عمر أنه سمع أبا عبد اللسسه‬
‫هققا{‬ ‫ر َرب ّ َ‬‫ض ب ِن ُققو ِ‬
‫ت الْر ُ‬
‫َ‬ ‫ق ِ‬‫شَر َ‬ ‫وأ َ ْ‬ ‫‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬يقول فسسي قسسوله‪َ } :‬‬
‫قال‪ :‬رب الرض يعني إمام الرض‪ ،‬فقلت‪ :‬فإذا خرج يكون ماذا؟ قال‪ :‬إذا ً‬
‫يستغني الناس عن ضوء الشمس ونور القمر ويجتزون )كذا( بنسسور المسسام‬
‫]تفسير القمي‪ ،2/253 :‬البرهان‪ ،4/87 :‬تفسير الصافي‪.[.4/331 :‬‬
‫ويؤولون اليات المتعلقسسة بصسسفات اللسسه سسسبحانه بالئمسسة‪ ،‬وعلسسى سسسبيل‬
‫المثال قالوا‪" :‬إن الخبار المستفيضة تدل علسسى تأويسسل وجسسه اللسسه بالئمسسة‬
‫عليهسسم السسسلم" ]مسسرآة النسسوار‪ :‬ص ‪ [.324‬يعنسسون أخبسسار الشسسيعة‪ ،‬وقسسد ذكسسر‬
‫المجلسي جملة من هذه الخبار في باب عقده بعنوان‪" :‬باب أنهم عليهسسم‬
‫السلم جنب الله ووجه الله ويد الله وأمثالها" ]انظر‪ :‬بحار النوار‪.[.24/191 :‬‬
‫ك إ ِل ّ‬ ‫هال ِق ٌ‬ ‫ء َ‬‫ي ٍ‬ ‫شق ْ‬ ‫ل َ‬ ‫فهسسل يعنسسي أنهسسم يفسسسرون قسسوله سسسبحانه‪} :‬ك ُق ّ‬
‫ل‬ ‫جل ِ‬ ‫ذو ال ْ َ‬‫ك ُ‬ ‫ه َرب ّق َ‬‫جق ُ‬ ‫و ْ‬‫قققى َ‬ ‫وي َب ْ َ‬
‫ه{ ]القصسسص‪ ،‬آيسسة‪ ،[.88 :‬وقسسوله‪َ } :‬‬‫ه ُ‬‫ج َ‬
‫و ْ‬
‫َ‬
‫م{ ]الرحمن‪ ،‬آية‪ [.27 :‬بهذا المعنى ‪ ،-‬وأن الئمة لهم البقاء السسدائم‪،‬‬ ‫ْ‬
‫وال ِكَرا ِ‬ ‫َ‬
‫بل ينفردون بذلك؟! ما كنت أظن أن المر يصل بهم إلى هذا حتى وقعت‬
‫عيني على رواياته في كتبهم المعتمدة‪ ،‬ففي الية الولى يقول الصسسادق ‪-‬‬
‫كما يزعمون ‪" :-‬نحن وجه الله" ]انظسسر‪ :‬تفسسسير القمسسي‪ ،2/147 :‬الكراجكسسي‪ /‬كنسسز‬
‫الفوائد ص ‪ ،219‬ابن شهراشوب‪ /‬مناقب آل أبسسي طسسالب‪ ،3/63 :‬بحسسار النسسوار‪،24/193 :‬‬
‫تفسير شبر‪ :‬ص ‪ ،[.378‬وفي الية الثانية يقول‪" :‬نحن الوجه الذي يسسؤتى اللسسه‬
‫منه" ]تفسير القمي‪ ،2/345 :‬ابن شهراشوب‪ /‬مناقب آل أبي طالب‪ ،3/343 :‬الكاشاني‪/‬‬
‫تفسير الصسسافي‪ ،5/110 :‬بحسسار النسسوار‪ .[.24/192 :‬ولكن الئمة مسساتوا كسسالخرين‪:‬‬
‫ن{ ]الرحمن‪ ،‬آية‪ .[.26 :‬وقد حاول صسساحب الكسسافي أن‬ ‫فا ٍ‬ ‫عل َي ْ َ‬
‫ها َ‬ ‫ن َ‬
‫م ْ‬ ‫}ك ُ ّ‬
‫ل َ‬
‫يجعل لئمة الشيعة ميزة ينفردون بها في حكم المسسوت العسسام فقسسال‪" :‬إن‬
‫الئمة يعلمون متى يموتسسون ول يموتسون إل باختيسسار منهسسم" ]أصسسول الكسسافي‪:‬‬

‫‪98‬‬
‫‪ .[.1/258‬ولكنهم ماتوا على كل حال‪ ،‬ولو كان الموت حسب اختيارهم لما‬
‫كسسان للتقيسسة وجسسود‪ ..‬ويقولسسون‪ :‬إن السسسماء الحسسسنى السسواردة فسسي قسسوله‬
‫س قَنى{ ]العسسراف‪ ،‬آيسسة‪ [.180 :‬هسسي الئمسسة‪،‬‬ ‫ماءُ ال ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ول ِل ّ ِ‬
‫ح ْ‬ ‫س َ‬ ‫ه ال ْ‬ ‫سبحانه‪َ } :‬‬
‫ويروون عن أبي عبد الله أنه قال‪ :‬نحسن واللسه السسماء الحسسنى السذي ل‬
‫هققا{ ]تفسسسير العياشسسي‪،2/42 :‬‬ ‫عوهُ ب ِ َ‬ ‫فادْ ُ‬ ‫يقبل من أحد إل بمعرفتنا‪ ،‬قسسال‪َ } :‬‬
‫تفسير الصافي‪ ،255-2/254 :‬البرهان‪.[.2/51 :‬‬
‫وسيأتي المزيد من الشواهد في مبحث عقيدتهم في السماء والصفات‬
‫‪ -‬إن شاء الله ‪.-‬‬
‫وهذه التأويلت التي تفسر الله والرب و"الله" وصفاته بالمام هي مسسن‬
‫آثار السبئية التي تذهب إلى القول بألوهية علي‪ ،‬وهذا الثر السام ل يزال‬
‫ينخر في كيان الثني عشرية‪ ،‬ولهذا ل يزال إلى اليسسوم بعسسض شسسيوخ هسسذه‬
‫الطائفة يصرح ويجاهر بهذه المقالة )كما سيأتي( ]انظسسر‪ :‬الشسسيعة المعاصسسرون‬
‫وصلتهم بأسلفهم من هذه الرسالة‪ .[.‬وقد جاء في رجال الكشي بعض الروايات‬
‫التي تفيد استنكار جعفر لهذه التأويلت الباطنيسسة السستي تسسؤله الئمسسة‪ ،‬فقسسد‬
‫ذكر عند جعفر ‪ -‬كمسسا يسسروي الكشسسي ‪ -‬أن بعسسض الشسسيعة قسسال فسسي قسسوله‬
‫َ‬
‫ه{ ]الزخرف‪ ،‬آيسسة‪:‬‬ ‫ض إ ِل َ ٌ‬ ‫في الْر ِ‬ ‫و ِ‬‫ه َ‬ ‫ء إ ِل َ ٌ‬‫ما ِ‬ ‫س َ‬ ‫في ال ّ‬ ‫ذي ِ‬ ‫و ال ّ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬‫تعالى‪َ } :‬‬
‫‪ [.84‬قال‪ :‬هو المام‪ ،‬فقال أبو عبد الله‪" :‬ل واللسسه ل يسسأويني وإيسساه سسسقف‬
‫دا‪ ،‬هم شر من اليهود والنصارى والمجوس والسسذين أشسسركوا‪ ،‬واللسسه‬ ‫بيت أب ً‬
‫ما صّغر عظمة الله تصغيرهم شيء قط‪ ..‬والله لو أقررت بما يقسسول فسسي‬
‫أهل الكوفة لخذتني الرض وما أنا إل عبد مملوك ل أقدر على شيء ضسسر‬
‫ول نفع" ]رجال الكشي‪ :‬ص ‪.[.300‬‬
‫ً‬
‫وكما يسمى المام بالرب والله عندهم‪ ،‬فهو أيضا يعبر عنسسه بالرسسسول‪.‬‬
‫قال صاحب مرآة النوار‪" :‬قد ورد تأويل الرسول بالمام‪ ،‬والرسل بالئمة‬
‫في بعض اليات بحيث يمكن سحبه إلى غيرها" ]مسسرآة النسسوار ص‪ .[.163 :‬أي‬
‫أنه يمكن اعتبار الرسل حينما وقعت في القسسرآن يسسراد بهسسا الئمسسة‪ ..‬وممسسا‬
‫يدل على ذلك قولهم‪" :‬إن عمدة بعثة الرسل لجسسل الوليسسة فيصسسح تأويسسل‬
‫رسالة الرسل بما يتعلق بها" ]المصدر السابق‪ :‬ص ‪ .[.163‬وهذا ليسسس بسسدليل؛‬
‫لنه مبني على تأويل باطني ل يسلم لهم‪ ،‬ذلك أن عمدة بعثة الرسل هسسي‬
‫دوا ْ‬ ‫َ‬ ‫في ك ُ ّ ُ‬ ‫ول َ َ‬
‫عب ُ ُ‬ ‫نا ْ‬‫سول ً أ ِ‬ ‫ة ّر ُ‬ ‫م ٍ‬ ‫لأ ّ‬ ‫عث َْنا ِ‬ ‫قدْ ب َ َ‬ ‫التوحيد؛ لن الله يقول‪َ } :‬‬
‫َ‬
‫ك‬ ‫قب ْل ِق َ‬‫من َ‬ ‫سل َْنا ِ‬ ‫ما أْر َ‬ ‫و َ‬ ‫ت{ ]النحل‪ ،‬آية‪ ،[.36 :‬س } َ‬ ‫غو َ‬ ‫طا ُ‬ ‫جت َن ُِبوا ْ ال ّ‬ ‫وا ْ‬ ‫ه َ‬‫الل ّ َ‬
‫ن{ ]النبيسساء‪ ،‬آيسسة‪:‬‬ ‫دو ِ‬ ‫عب ُ ُ‬‫فا ْ‬ ‫ه ِإل أ َن َا ْ َ‬ ‫ه ل إ ِل َ َ‬
‫حي إل َي َ‬
‫ه أن ّ ُ‬ ‫ِ ْ ِ‬ ‫ل ِإل ُنو ِ‬ ‫سو ٍ‬ ‫من ّر ُ‬ ‫ِ‬
‫‪.[.25‬‬
‫ومن أمثله تأويلهم للرسول بالمام ما يرونسسه عسسن الصسسادق فسسي تفسسسير‬
‫ل{ ]يسسونس‪ ،‬آيسسة‪ .[.47 :‬قسسال‪ :‬أي فسسي كسسل‬ ‫سو ٌ‬ ‫قوله تعالى‪} :‬ول ِك ُ ّ ُ‬
‫ة ّر ُ‬ ‫م ٍ‬
‫لأ ّ‬ ‫َ‬
‫قرن إمام يدعوهم إلسسى طريسسق الحسسق ]مسسرآة النسسوار ص‪ ،164 :‬وانظسسر‪ :‬تفسسسير‬
‫العياشسسي‪ ،2/123 :‬البرهسسان‪ ،2/186 :‬تفسسسير الصسسافي‪ ،2/405 :‬بحسسار النسسوار‪-24/306 :‬‬
‫‪ .[.307‬والئمة أيضا ً يعبر عنهم بالملئكة في القسسرآن‪ ،‬جسساء فسسي أخبسسارهم ‪-‬‬
‫كما يقولون ‪ -‬ما يدل على أن المراد بالملئكة بحسب البطن فسسي القسسرآن‬

‫‪99‬‬
‫الئمة سواء كان المذكر بلفظ الملئكة أو غيرها ممسا يفيسد معنساه كالسذين‬
‫يحملون العرش وأمثاله ]مرآة النوار‪ :‬ص ‪.[.303‬‬
‫والئمة هم القرآن ‪ -‬كما مر ]انظر‪ :‬ص )‪ (129-128‬من هذه الرسسسسالة‪ - [.‬وهم‬
‫الكتاب‪ ،‬ففي تفسير القمي عن الصادق في قوله سبحانه‪} :‬الم~‪ ،‬ذَل ِ َ‬
‫ك‬
‫ه{ ]البقرة‪ ،‬آية‪،1 :‬سس ‪ [.2‬قال‪ :‬الكتاب علي ول شسسك فيسسه‬‫في ِ‬
‫ب ِ‬ ‫ال ْك َِتا ُ‬
‫ب ل َ َري ْ َ‬
‫]تفسير القمي‪ ،1/30 :‬تفسير العياشسسي‪ ،1/26 :‬البرهسسان‪ ،1/53 :‬تفسسسير الصسسافي‪-1/91 :‬‬
‫ي‬
‫ضق َ‬ ‫ق ِ‬ ‫ل لَ ُ‬‫صق ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫ة ال ْ َ‬‫مق ُ‬ ‫ول ك َل ِ َ‬ ‫ول َ ْ‬
‫‪ .[.92‬وهم الكلمة في قسسوله سسسبحانه‪َ } :‬‬
‫م{ ]الشسسورى‪ ،‬آيسسة‪ [.21 :‬قسسالوا‪ :‬الكلمسسة المسسام ]تفسسسير القمسسي‪،2/274 :‬‬ ‫هق ْ‬‫ب َي ْن َ ُ‬
‫ت‬‫مققا ِ‬‫ل ل ِك َل ِ َ‬‫دي َ‬‫البرهان‪ ،4/121 :‬بحار النوار‪ ،[.24/174 :‬وقوله سبحانه‪} :‬ل َ ت َب ْق ِ‬
‫ه{ ]يونس‪ ،‬آيسسة‪ [.64 :‬قالوا‪ :‬ل تغييسسر للمامسسة ]تفسسسير القمسسي‪ ، 1/314 :‬بحسسار‬ ‫الل ّ ِ‬
‫َ‬
‫ت‬ ‫مققا ُ‬‫ت ك َل ِ َ‬ ‫فدَ ْ‬ ‫ما ن َ ِ‬ ‫ر ّ‬ ‫ح ٍ‬
‫ة أب ْ ُ‬ ‫ع ُ‬
‫سب ْ َ‬‫النوار‪ .[.24/175 :‬وفي قوله سبحانه‪َ ...} :‬‬
‫ه{ ]لقمان‪ ،‬آية‪ [.27 :‬قال إمامهم )أبو الحسسسن علسسي بسسن محمسسد( ‪ :‬نحسسن‬ ‫الل ّ ِ‬
‫الكلمات السستي ل تسسدرك فضسسائلنا ول تستقصسسى ]بحسسار النسسوار‪ ،24/174 :‬تحسسف‬
‫العقول ص‪ ،355 :‬ابن شهراشوب‪ /‬مناقب آل أبسسي طسسالب‪ ،3/508 :‬الحتجسساج ص ‪.[.552‬‬
‫وأخبارهم في هذا كثيرة أورد منها المجلسي في البحار)‪ (25‬رواية ]انظسسسر‪:‬‬
‫بحار النوار‪ :‬باب أنهم كلمات الله‪.[.185-24/173 :‬‬
‫وإطلق الكلمة على المام قد يوضح مدى التأثر بالنصسسرانية فسسي إطلق‬
‫الكلمة على المسيح ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬لكن تسمية المسيح كلمسسة اللسسه؛ لن‬
‫مثله عند الله كمثل آدم خلقه مسسن تسسراب‪ ،‬ثسسم قسسال لسسه كسسن فيكسسون‪ ،‬فهسسو‬
‫مخلوق بالكلمة‪ ،‬وأما علي فهو مخلوق كما خلق سائر الناس ]منهاج السسسنة‪:‬‬
‫‪.[.3/18‬‬
‫صققَرا َ‬
‫ط‬ ‫دَنقققا ال ّ‬
‫والصسسسراط المسسسستقيم ‪ -‬فسسسي قسسسوله تعسسسالى ‪} :-‬اه ِ‬
‫م{ ]الفاتحة‪ ،‬آية‪ .[.6 :‬هو أمير المؤمنين ]تفسير القمي‪ ،1/28 :‬تفسسسير‬‫قي َ‬
‫مست َ ِ‬ ‫ال ُ‬
‫العياشسسسي‪ ،1/42 :‬البرهسسسان‪ ،1/89 :‬تفسسسسير الصسسسافي‪ ،1/85 :‬بحسسسار النسسسوار‪[.23/211 :‬‬
‫عندهم‪.‬‬
‫س‬
‫م ِ‬ ‫وال ّ‬
‫ش ْ‬ ‫والشمس هسسي علسسي‪ ،‬فيسسروون عسسن الصسسادق فسسي قسسوله‪َ } :‬‬
‫ها{ ]الشمس‪ ،‬آية‪ [.1 :‬قال‪" :‬الشمس أمير المؤمنين‪ ،‬وضحاها‪ :‬قيام‬ ‫حا َ‬‫ض َ‬‫و ُ‬‫َ‬
‫القائم" ]البرهان‪ ،4/467 :‬مرآة النوار ص‪ ،200 :‬وانظر‪ :‬تفسير القمسسي‪ ،2/242 :‬وفيسسه‬
‫أن النهار هم الئمسسة‪ .[.‬فهل يعني هسسذا أنسسه لمسسا مسسات أميسسر المسسؤمنين اختفسست‬
‫الشمس من الوجسسود؟!‪ ،‬والنسساس فسسي ظلمسسة حسستى يشسسرق ضسسحى القسسائم‬
‫؟!‬
‫المنتظر ‍‬
‫والمسجد‪ ،‬والمساجد‪ ،‬والكعبة‪ ،‬والقبلة هي المام والئمة‪ ،‬فيروون عسسن‬
‫د{‬ ‫ج ٍ‬
‫سق ِ‬‫م ْ‬
‫ل َ‬ ‫عن قدَ ك ُق ّ‬
‫م ِ‬ ‫هك ُ ْ‬ ‫جو َ‬ ‫و ُ‬ ‫موا ْ ُ‬‫قي ُ‬‫وأ َ ِ‬‫الصسسادق فسسي قسسوله تعسسالى‪َ } :‬‬
‫]العراف‪ ،‬آية‪ .[.29 :‬قال‪ :‬يعني الئمة ]تفسير العياشي‪ ،2/12 :‬البرهان‪ ،2/8 :‬تفسير‬
‫الصافي‪ ،2/188 :‬مرآة النوار‪ :‬ص ‪ ،175‬نور الثقلين‪ .[2/17 :‬وفي رواية أخرى عنسسه‬
‫د{ ]العسسراف‪ ،‬آيسسة‪[.31 :‬‬ ‫ج ٍ‬
‫سق ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل َ‬‫عندَ ك ُق ّ‬ ‫م ِ‬ ‫زين َت َك ُ ْ‬ ‫خ ُ ْ‬
‫ذوا ِ‬ ‫في قوله تعالى‪ُ } :‬‬
‫قال‪ :‬يعني الئمة ]تفسسسير العياشسسي‪ ،2/13 :‬البرهسسان‪ .[.2/9 :‬وفسي قسوله تعسالى‪:‬‬
‫عوا مع الل ّ َ‬ ‫} َ‬
‫دا{ ]الجسسن‪ ،‬آيسسة‪ [.18 :‬قسسال‪:‬‬ ‫ح ً‬ ‫هأ َ‬ ‫ِ‬ ‫َ َ‬ ‫فل ت َدْ ُ‬ ‫جدَ ل ِل ّ ِ‬
‫ه َ‬ ‫سا ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫م َ‬ ‫وأ ّ‬ ‫َ‬
‫ً‬
‫إن المام مسسن آل محمسسد فل تتخسسذوا مسسن غيرهسسم إمامسا ]البرهسسان‪،[.4/393 :‬‬
‫‪100‬‬
‫ويقول الصادق‪ -‬عندهم ‪.." :-‬نحن البلد الحسرام‪ ،‬ونحسن كعبسة اللسه‪ ،‬ونحسن‬
‫قبلة الله" ]انظر‪ :‬الكراجكي ‪ /‬كنز الفوائد ص‪ ،2 :‬بحار النسسوار‪ ،24/303 :‬مسسرآة النسسوار‪:‬‬
‫ص ‪.[.213‬‬
‫قدْ ك َققاُنوا‬
‫و َ‬‫والسجود‪ :‬هو ولية الئمة وبهذا يفسسسرون قسسوله تعسسالى‪َ } :‬‬
‫ن{ ]القلسسم‪ ،‬آيسسة‪ .[.43 :‬حيسسث قسسالوا‪:‬‬ ‫مو َ‬
‫سقال ِ ُ‬
‫م َ‬‫ه ْ‬
‫و ُ‬
‫جوِد َ‬ ‫ن إ َِلى ال ّ‬
‫س ُ‬ ‫و َ‬
‫ع ْ‬
‫ي ُدْ َ‬
‫"أي يدعون إلى ولية علي في الدنيا" ]تفسير القمي‪ ،2/383 :‬البرهسسان‪،4/372 :‬‬
‫تفسير الصافي‪ ،215-5/214 :‬مرآة النوار‪ :‬ص ‪.[.176‬‬
‫ولعسسل مثسسل هسسذه الروايسسات هسسي السسسبب فسسي شسسيوع عبسسادة الئمسسة‪،‬‬
‫وأضسسرحتهم‪ ،‬وعمسسارة المشسساهد وتعطيسسل المسسساجد‪ ،‬لن المشسساهد هسسي‬
‫المساجد‪ ،‬والمام هو كعبة الله وقبلته‪ ،‬ولهذا صنفوا كتبا ً سموها‪" :‬مناسك‬
‫المشاهد" أو "مناسك الزيارات"‪ ،‬أو "المسسزار" ]مثسسل كتسساب‪ :‬مناسسسك الزيسسارات‬
‫للمفيد‪ ،‬وكتاب المزار لمحمد علي بن الفضل‪ ،‬والمزار لمحمد المشهدي‪ ،‬والمسسزار لمحمسسد‬
‫بن همام‪ ،‬والمزار لمحمد بن أحمد‪ .‬ذكرها العاملي في وسائل الشيعة ونقل عنها‪.‬‬
‫انظر‪ :‬وسائل الشيعة‪ ، 49-20/48 :‬وانظر‪ :‬ابن تيمية‪ :‬منهاج السسسنة‪ ،1/175 :‬الفتسساوى‪:‬‬
‫‪ ،[.17/498‬واعتنوا ببيان فضائلها وآدابها‪ ،‬وأخذت هذه المسائل فسسي كتبهسسم‬
‫المعتمدة قسما ً كبيرا ً ]كما في أصسسول الكسسافي‪ ،‬والسسوافي‪ ،‬والبحسسار‪ ،‬ووسسسائل الشسسيعة‬
‫وغيرها‪ ،‬وسيأتي ذكر مواضعها وشيء من نصوصها‪ - [.‬كما سيأتي تفصسسيله – ]انظسسر‪:‬‬
‫"فصل عقيدتهم في توحيد اللوهية"‪.[.‬‬
‫والتوبة ومعناها معروف )الرجوع من المعاصي إلى طاعسسة اللسسه( ولكسسن‬
‫الشيعة تفسر التوبة بالرجوع من ولية أبي بكر وعمر وبني أمية إلى ولية‬
‫ك{‬ ‫س قِبيل َ َ‬
‫عققوا َ‬ ‫وات ّب َ ُ‬
‫ن ت َققاُبوا َ‬‫ذي َ‬ ‫فْر ل ِل ّق ِ‬ ‫فا ْ‬
‫غ ِ‬ ‫علي‪ ،‬ففي قوله سسسبحانه‪َ } :‬‬
‫فْر‬‫غ ِ‬ ‫فا ْ‬ ‫]غافر‪ ،‬آية‪ [.7 :‬جاء تأويلها عندهم في ثلث روايات‪ ،‬تقول الولى‪َ } :‬‬
‫ن َتاُبوا{ من ولية فلن وفلن )يعنون أبسسا بكسسر وعمسسر( وبنسسي أميسسة‪،‬‬ ‫ل ِل ّ ِ‬
‫ذي َ‬
‫ن ت َققاُبوا{ مسسن وليسسة الطسسواغيت‬ ‫ذي َ‬ ‫فْر ل ِل ّ ِ‬ ‫فا ْ‬
‫غ ِ‬ ‫وتقول الروايسسة الثانيسسة‪َ } :‬‬
‫ك{‬ ‫سِبيل َ َ‬ ‫عوا َ‬
‫وات ّب َ ُ‬ ‫الثلثة )يعنون أبا بكر وعمر وعثمان( ومن بني أمية‪َ } ،‬‬
‫ن َتاُبوا{ من ولية هسسؤلء‬ ‫ذي َ‬ ‫فْر ل ِل ّ ِ‬‫غ ِ‬ ‫فا ْ‬ ‫يعني ولية علي‪ ،‬وتقول الثالثة‪َ } :‬‬
‫ك{ هو أمير المؤمنين ]البرهان‪ ،93-4/92 :‬تفسسسير‬ ‫سِبيل َ َ‬
‫عوا َ‬ ‫وات ّب َ ُ‬
‫وبني أمية } َ‬
‫الصافي‪ ،4/335 :‬وانظر‪ :‬تفسير القمي‪.[.2/255 :‬‬
‫وكسسل الروايسسات الثلث المسسذكورة منسسسوبة لبسسي جعفسسر محمسسد البسساقر‪،‬‬
‫وعلمه ودينه ينفيان صحة ذلك عنه‪.‬‬
‫دم لنا مفهوما ً جديدا ً للتوبة‪ ،‬إذ هي فسسي حقيقتهسسا مسوالة‬ ‫وهذه الخبار تق ّ‬
‫رجل‪ ،‬ومعاداة آخر‪ ،‬وليس هناك ب ُعْد ٌ آخر غير هذا‪ ..‬فالتوبة ل تكون إل في‬
‫مسألة ولية المام‪ ،‬وغيرها ل يستحق النابة والرجوع‪ ،‬ولهسسذا لسسم يسسرد لسسه‬
‫ذكر‪ ،‬وكأن الشيعة بهذا تجعل من والى عليا ً ليس عليسسه ذنسسب‪ ،‬وإن بلغسست‬
‫ذنوبه مثل قراب الرض‪ ،‬وتجعل موالة أفضل الخلق بعد النبيين أبي بكسسر‬
‫وعمر وعثمان هو الكفر الذي ل ينفع معه عمل‪.‬‬
‫فهل هذا هو السلم‪ ..‬وهل الرسول وصحبه لم يجاهسدوا إل لقسرار هسذا‬
‫المر؟!‬

‫‪101‬‬
‫ثم ما تأثير مثل هذه الروايات على من يؤمن بها ويعتقد أنها صادرة من‬
‫محمد البسساقر؟ أل تهسسون فسسي نفسسسه المعصسسية‪ ،‬وتسسدفعه إلسسى ارتكسساب كسسل‬
‫موبقة‪ ..‬وتثبطه عن عمل الخير‪ ،‬واصطناع المعروف‪ ..‬بلى‪ ،‬إن هسسذا وراد‪،‬‬
‫ل‪ ،‬فقد اطلعت في الكافي علسى شسهادة هامسة‬ ‫بل وراد‪ ،‬بل قد يكون حاص ً‬
‫في هذا الباب تتضمن شكوى أحسد الشسيعة لمسامه مسن سسوء أخلق أبنساء‬
‫طائفته‪ ،‬وأنه ليعجب من البون الشاسع بين ما يجده عند أصحابه وبين مسسا‬
‫يراه عند أهل السنة ]نصه ما يلي‪:‬‬
‫عن عبد الله بن أبي يعفور قال‪ :‬قلت لبسسي عبسسد اللسسه ‪ -‬رضسسي اللسسه عنسه ‪ :-‬إنسسي أخسسالط‬
‫الناس فيكثر عجبي من أقوام ل يتولونكم ويتولون فلنا ً وفلنا ً )يعنسسي أبسسا بكسسر وعمسسر‪ ،‬وهسسو‬
‫يشير بهذا لهل السنة( لهم أمانة وصدق ووفاء‪ ،‬وأقوام يتولونكم )يعني الشيعة( ليس لهسسم‬
‫تلك المانة ول الوفاء والصدق؟ فاستوى أبو عبد الله ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬جالسا ً فأقبل علسسي‬
‫كالغضبان‪ ،‬ثم قال‪ :‬ل دين لمن دان الله بولية إمام جائر ليس من الله‪ ،‬ول عتب على مسسن‬
‫دان بولية إمام عادل من الله قلت‪ :‬ل دين لولئك ول عتب على هؤلء‪ ،‬ثم قسسال‪ :‬أل تسسسمع‬
‫ر{‬ ‫ت إ َِلقى الّنق ُ‬
‫و ِ‬ ‫ن الظّل ُ َ‬
‫مقا ِ‬ ‫مق َ‬
‫هم ّ‬‫ج ُ‬ ‫ر ُ‬ ‫مُنوا ْ ي ُ ْ‬
‫خ ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫ي ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫ول ِ ّ‬ ‫لقول الله عز وجل‪} :‬الل ّ ُ‬
‫ه َ‬
‫]البقرة‪ [257 :‬يعني من ظلمات الذنوب إلى نور التوبة والمغفرة لوليتهم كل إمسسام عسسادل‬
‫من الله‪) ..‬أصول الكافي‪ ،[.(1/375 :‬وقد نقل لنا الشوكاني ملحظات قيمة في‬
‫هذا سجلها أثناء خلطته مع الشيعة ]يقسسول الشسسوكاني‪" :‬جربنسسا وجسسرب غيرنسسا فلسسم‬
‫يجدوا رافضيا ً يتنزه عن شيء من محرمات السسدين كائن سا ً مسسا كسسان" )طلسسب العلسسم ص ‪،(73‬‬
‫وسسستأتي ‪ -‬إن شساء اللسسه ‪ -‬بقيسسة ملحظسساته فسسي فصسسل‪" :‬أثرهسم فسسي العسالم السسلمي"‪،[.‬‬
‫وسيأتي حديث في هذا الشأن في فصل "أثرهم في العالم السلمي"‪.‬‬
‫والصلة‪ ،‬والزكاة‪ ،‬الحج‪ ،‬والصيام‪ ..‬أركان السلم ومبسسانيه العظسسام هسسي‬
‫عند الشيعة بمعنى الئمة في القرآن‪ ،‬فيروون عن أبسسي عبسسد اللسسه‪" :‬نحسسن‬
‫الصلة في كتاب الله عز وجل ونحن الزكاة ونحسسن الصسسيام ونحسسن الحسسج"‬
‫]بحار النوار‪ ..[.24/303 :‬بل إن الدين كله هو عندهم ولية علي‪ ،‬ويروون عن‬
‫م‬‫فى ل َك ُق ُ‬ ‫ص قط َ َ‬‫ها ْ‬ ‫ن الل ّق َ‬ ‫جعفسسر الصسسادق فسسي تفسسسير قسسوله تعسسالى‪} :‬إ ِ ّ‬
‫فل َ‬ ‫ن{ ]البقسسرة‪ ،‬آيسسة‪ .[.132 :‬قال‪" :‬ولية علسسي ‪ -‬رضسسي اللسسه عنسسه – } َ‬ ‫دي َ‬ ‫ال ّ‬
‫َ‬
‫ن{ لولية علسسي" ]البرهسسان‪ ،1/156 :‬مسسرآة النسسوار‬ ‫مو َ‬‫سل ِ ُ‬
‫م ْ‬
‫وأنُتم ّ‬‫ن إ َل ّ َ‬
‫موت ُ ّ‬ ‫تَ ُ‬
‫ن‪{..‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫دي َ‬ ‫موا القق ّ‬ ‫قي ُ‬‫نأ ِ‬ ‫ص‪ .[.148 :‬وفي تفسير القمي في قوله تعسسالى‪} :‬أ ْ‬
‫ه{‪ ،‬كنايسسة عسسن أميسسر‬ ‫فيق ِ‬ ‫قوا ِ‬ ‫فّر ُ‬ ‫ول ت َت َ َ‬‫]الشسسورى‪ ،‬آيسسة‪ [.13 :‬قال‪ :‬المام‪َ } ،‬‬
‫م‬ ‫ه ْ‬
‫عو ُ‬ ‫مققا ت َقدْ ُ‬
‫ن َ‬ ‫كي َ‬ ‫ر ِ‬‫شق ِ‬ ‫م ْ‬ ‫عل َققى ال ْ ُ‬ ‫المؤمنين ‪ -‬رضي اللسسه عنسسه ‪} ،-‬ك َب َُر َ‬
‫ء{ كنايسسة عسسن‬ ‫شققا ُ‬ ‫مققن ي َ َ‬ ‫ه َ‬ ‫جت َِبي إ ِل َي ْ ِ‬ ‫ه يَ ْ‬‫ه{ من أمر ولية علي‪} ،‬الل ّ ُ‬ ‫إ ِل َي ْ ِ‬
‫علي ‪ -‬عليه السلم – ]تفسسسير القمسسي‪ ،2/274 :‬البرهسسان‪ ،4/120 :‬تفسسسير الصسسافي )‬
‫‪ ،(369-4/368‬بحار النوار‪.[.36/84 :‬‬
‫وإذا كان المر كذلك لماذا ل يسمى ديسن )المنتظسر( أو ديسن الوليسة‪ ،‬أو‬
‫الولية نفسها‪ ..‬وحقيقة المر أن هذا دين آخر غير دين السلم‪ ،‬هذا الدين‬
‫معناه طاعة رجل وقد ورثته الثنا عشرية ‪ -‬فيمسسا يظهسسر ‪ -‬عسسن الكيسسسانية‬
‫]الكيسانية‪ :‬من غلة الشيعة‪ ،‬تقول بإمامة محمدين بن الحنفية‪ ،‬وسميت بالكيسسسانية نسسسبة‬
‫للمختار بن أبي عبيد الثقفي؛ لن لقبة كيسان‪ ،‬وكذلك تسمى بالمختارية عند بعض أصحاب‬
‫الفرق‪ ،‬وقد ادعى المختار نسسزل السسوحي عليسسه‪ ،‬وقسسال بالبسسداء‪ ،‬وضسسللت أخسسرى‪ ،‬وقيسسل‪ :‬إن‬
‫الكيسانية سميت بذلك نسبة إلى رجل يقال له‪ :‬كيسان ‪ ،‬وهو مولى لبطن مسن جبيلسة فسسي‬
‫الكوفة‪ ،‬وقيل‪ :‬مولى لعلي بن أبي طالب‪.‬‬

‫‪102‬‬
‫صسسلها ‪ -‬كمسسا يسسرى‬
‫والكيسانية فرق بلغسست عنسسد الشسسعري إحسسدى عشسسرة فرقسسة‪ .‬ويرجسسع مح ّ‬
‫البغدادي ‪ -‬إلى فرقتين‪ :‬فرقة تقول‪ :‬إن محمد بن الحنفية لم يمت وهو المهسسدي المنتظسسر‪،‬‬
‫وفرقة أخرى ينقلون المامة بعد موته إلى غيره‪ ،‬ويختلفون بعد ذلك في المنقول إليه‪.‬‬
‫انظر عن الكيسانية‪ :‬الشعري‪ /‬مقالت السلميين‪ ،1/91 :‬البغدادي‪ /‬الفرق بين الفسسرق‪:‬‬
‫ص ‪،23‬س ‪،38‬س ‪ ،53‬ابن حزم‪ /‬الفصل ‪،36-5/35‬س ‪،40‬س ‪،41‬س ‪ ،43‬الرازي‪ /‬اعتقسسادات فسسرق‬
‫المسلمين والمشركين ص ‪ ،95-93‬نشوان الحميري‪ /‬الحور العين ص ‪ 157‬وما بعدها‪ ،‬ابن‬
‫المرتضى‪ /‬المنية والمل‪ :‬ص ‪ .83-82‬وانظر‪ :‬الناشئ الكبر‪ /‬مسسسائل الشسسيعة ص ‪،24-23‬‬
‫‪ .27‬وانظر‪ :‬وداود القاضي‪ /‬الكيسانية في التاريخ والدب‪ - [.‬حيث إنهسسم ‪ -‬كمسسا يقسسول‬
‫الشهرستاني‪" :‬يجمعهم القول بأن الدين طاعة رجسسل‪ ،‬حسستى حملهسسم ذلسسك‬
‫على تأويل الركان الشرعية من الصلة والصيام والزكاة والحج وغير ذلك‬
‫على الرجال‪ ...‬ومن اعتقد أن الدين طاعة رجل ول رجل له‪ ،‬لنسسه )غسسائب‬
‫فسسي سسسردابه( فل ديسسن لسسه‪] "..‬الملسسل والنحسسل‪ .[.1/147 :‬فقسسد انحصسسر السسدين‬
‫عندهم بولية رجل هو علي‪ ،‬وأصبح ما يدل عليه من الطاعة لله ورسسسوله‬
‫واتباع المعروف والنتهاء عسسن المنكسسر‪ ..‬خارجسا ً عسسن معنسسى السسدين حسسسب‬
‫رواياتهم‪.‬‬
‫ولفظ المة ‪ -‬ومعناه معروف ‪ -‬وقد ورد هذا اللفظ )‪ (49‬مرة في كتاب‬
‫الله‪ ،‬والشيعة تفسره بالئمة أو بالشيعة‪ .‬قال في مرآة النسسوار‪" :‬إن اللسسه‬
‫يستفاد من رواياتنا على اختلف ألفاظها تأويل المة فيما يناسسسب بالئمسسة‬
‫عليهما السلم وبأهل الحق والشيعة المحقة وإن قلوا‪] "...‬مسسرآة النسسوار‪ :‬ص‬
‫‪ .[.81‬ثم ساق طائفة من رواياتهم في هذا التأويل نقلها من مجموعة مسسن‬
‫كتبهم المعتمدة‪ ،‬وإذا كانت المة بمعنى الئمة فهذا يعني أن القسسرآن نسسزل‬
‫للئمة فقط‪ ،‬وأن المة غير مخاطبة بالقرآن ول مكلفة به‪.‬‬
‫وليس ذلك فحسب بل إن الجمادات تفسر بالئمة‪.‬‬
‫فالبئر ‪ -‬ومعناه واضح ‪ -‬ولكن الشيعة تفسره في القرآن "بعلسسي‪-‬رضسسي‬
‫الله عنه‪ ،-‬وبوليته‪ ،‬وبالمام الصامت ‪ -‬يعنسسون القسسرآن ‪ -‬والمسسام الغسسائب‪،‬‬
‫وبفاطمة وولدها المعطلين من الملك ]بحار النوار‪ ،105-36/104 :‬مرآة النسسوار‪:‬‬
‫‪ ،94‬وانظر‪ :‬تفسسسير القمسسي‪ ،2/85 :‬البرهسسان‪ ،97-3/96 :‬أصسسول الكسسافي‪ ،1/427 :‬معسساني‬
‫الخبسسار‪ :‬ص ‪ ،[.111‬وبسسذلك يفسسسرون قسسوله تعسسالى‪َ َ } :‬‬
‫ة‬
‫قْري َق ٍ‬ ‫فك َقأّين ّ‬
‫مققن َ‬
‫عطَّلقق ٍ‬
‫ة‬ ‫م َ‬‫ر ّ‬ ‫وب ِئ ْ ٍ‬
‫ها َ‬ ‫شقق َ‬ ‫عُرو ِ‬‫عَلى ُ‬ ‫ة َ‬‫وي َ ٌ‬
‫خا ِ‬
‫ي َ‬
‫ه َ‬ ‫ة َ‬
‫ف ِ‬ ‫م ٌ‬ ‫ي َ‬
‫ظال ِ َ‬ ‫ه َ‬ ‫و ِ‬ ‫ها َ‬ ‫هل َك َْنا َ‬‫أَ ْ‬
‫د{ ]الحسسج‪ ،‬آيسسة‪ .[.45 :‬وقسسد جسساء فسسي تفسسسير البرهسسان خمسسس‬ ‫شي ٍ‬ ‫م ِ‬ ‫ر ّ‬ ‫ص ٍ‬
‫ق ْ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫روايات لهم في هذا المعنى ]البرهان‪.[.97-3/96 :‬‬
‫والبحر ‪ -‬وقد ورد في كتسساب اللسسه فسسي أكسسثر مسسن ثلثسسة وثلثيسسن موضسسعا ً‬
‫بالمعنى المعروف ‪ ،-‬ولكن الشيعة تفسسسر البحسسر والبحسسار بالمسسام والئمسسة‬
‫وأعدائهم‪ .‬وقد أورد صاحب مرآة النوار جملة من روايات طائفته في هذا‬
‫التأويل‪ ،‬ثم قسسال‪" :‬ول يخفسسى أن المسسستفاد مسسن ذلسسك جسسواز تأويسسل البحسسر‬
‫والبحسسار العذبسسة‪ ..‬المشسستملة علسسى المسسدح والنفسسع بالمسسام والئمسسة‪ ،‬بسسل‬
‫بفاطمة‪ ..‬وتأويل البحر والبحار المالحة بأعدائهم ]مرآة النوار‪ :‬ص ‪ .[.94‬وقسسد‬
‫ج‬ ‫مَر َ‬ ‫جاء في تفسير القمي وغيره عن أبي عبد الله في قوله سسسسبحانه‪َ } :‬‬
‫ن{‬ ‫قَيا ِ‬ ‫ن ي َل ْت َ ِ‬ ‫ج ال ْب َ ْ‬
‫حَري ْ ِ‬ ‫مَر َ‬‫ن{ ]الرحمن‪ ،‬آية‪ [.19 :‬قال‪َ } :‬‬ ‫قَيا ِ‬‫ن ي َل ْت َ ِ‬‫حَري ْ ِ‬ ‫ال ْب َ ْ‬
‫ج‬ ‫خُر ُ‬ ‫علسسي وفاطمسسة بحسسران عميقسسان ل يبغسسي أحسسدهما علسسى صسساحبه‪} ،‬ي َ ْ‬

‫‪103‬‬
‫ن{ الحسن والحسين ]تفسير القمي‪ ،2/344 :‬تفسير‬ ‫جا ُ‬‫مْر َ‬‫وال ْ َ‬ ‫ؤل ُ ُ‬
‫ؤ َ‬ ‫ما الل ّ ْ‬
‫ه َ‬
‫من ْ ُ‬
‫ِ‬
‫فرات ص‪ ،177 :‬وابن بابويه‪ /‬الخصال ص ‪ ،65‬تفسير الصافي‪ ،5/109 :‬البرهان‪ ،‬وقد ذكر‬
‫اثنتي عشرة رواية في هسذا التأويسل‪ ،4/265 :‬بحسار النسوار‪ ،‬وقسد عقسد لسذلك بابسا ً مسستقل ً‬
‫بعنوان‪ :‬باب أنهم ‪ -‬عليهم السلم ‪) -‬البحر واللؤلؤ والمرجان( ‪ ،24/97 :‬وانظسسر مسسا مضسسى‬
‫من كلم ابن تيمية حول هذا التأويل ص‪.[.175 :‬‬
‫وتفسير المعاني والمثل العليا بالمامة والئمة‪.‬‬
‫فسسالخير هسسو الوليسسة‪ .‬يقسسول الكسساظم ‪ -‬كمسسا يسسدعون ‪ -‬فسسي قسسوله تعسسالى‪:‬‬
‫خي َْر{ ]الحج‪ ،‬آية‪ [.77 :‬قال‪ :‬الولية ]مرآة النوار‪ :‬ص ‪ .[.139‬وفي‬ ‫عُلوا ال ْ َ‬‫ف َ‬‫وا ْ‬ ‫} َ‬
‫ت{ ]البقرة‪ ،‬آية‪ ،[.148 :‬قال أبو جعفسسر‪:‬‬ ‫خي َْرا ِ‬‫قوا ْ ال ْ َ‬‫ست َب ِ ُ‬
‫فا ْ‬ ‫قوله سبحانه‪َ } :‬‬
‫ت{ الولية ]البرهان‪ ،1/163 :‬تفسير الصافي‪.[.1/200 :‬‬ ‫خي َْرا ِ‬‫}ال ْ َ‬
‫واليات الكونية تؤول بالئمة‪ ،‬فالئمسسة هسسم العلمسسات فسسي قسسوله تعسسالى‪:‬‬
‫ن{ ]النحل‪ ،‬آية‪ .[.16 :‬قال أبو عبد اللسسه ‪-‬‬‫دو َ‬ ‫هت َ ُ‬‫م يَ ْ‬‫ه ْ‬‫جم ِ ُ‬ ‫وِبالن ّ ْ‬
‫ت َ‬ ‫ما ٍ‬‫عل َ‬ ‫و َ‬ ‫} َ‬
‫كما يروون ‪" :-‬النجم رسول الله‪ ،‬والعلمسسات هسسم الئمسسة عليهسسم السسسلم"‬
‫]تفسسسير القمسسي‪ ،1/383 :‬تفسسسير العياشسسي‪ ،2/255 :‬أصسسول الكسسافي‪ ،1/206 :‬البرهسسان‪:‬‬
‫‪ ،2/362‬تفسير الصافي‪ ،3/129 :‬تفسير فسسرات‪ :‬ص ‪ ،84‬مجمسسع البيسسان‪ .[.4/62 :‬وعقد‬
‫الكليني بابا ً في هذا بعنوان‪" :‬باب أن الئمة هم العلمات التي ذكرها اللسسه‬
‫عز وجل في كتابه" ]أصول الكسسافي‪ .[.1/206 :‬وتبعه المجلسسسي وعنسسون لبسسابه‬
‫بقوله‪" :‬باب أنهم عليهم السسسلم النجسسوم والعلمسسات" ]بحسسار النسسوار‪-24/67 :‬‬
‫‪ .[.82‬وسياق الية‪ ،‬وما ورد عن السلف ينفي ما ذهبوا إليه في تأويل الية‬
‫]انظر‪ :‬تفسير الطبري‪ ،14/92 :‬تفسير ابن كثير‪.[.2/612 :‬‬
‫وأحسسوال اليسسوم الخسسر يفسسسرونها برجعسسة الئمسسة أو الوليسسة‪ ،‬فالسسساعة‪،‬‬
‫والقيامة‪ ،‬والنشور وغيرها من السماء التي تتعلق باليوم الخر تفسر فسسي‬
‫الغالب عند هؤلء برجعة الئمة‪ .‬ويقدم صاحب مرآة النوار قاعدة في هذا‬
‫فيقول‪" :‬كل ما عبر به بيوم القيامة في ظاهر التنزيسسل فتسسأويله بالرجعسسة"‬
‫]مرآة النوار‪ :‬ص ‪.[.303‬‬
‫ويقول المجلسي عسسن لفسسظ السسساعة فسسي القسسرآن‪ :‬إن السسساعة ظهرهسسا‬
‫القيامة‪ ،‬وبطنها الرجعة ]بحار النوار‪ .[.24/334 :‬وقد ورد أيضا ً عنسسدهم تأويسسل‬
‫كقذُّبوا‬ ‫ل َ‬ ‫الساعة بالوليسسة‪ ،‬فيسسروون عسسن الرضسسا فسسي قسسوله سسسبحانه‪} :‬ب َ ْ‬
‫ة{ ]الفرقان‪ ،‬آية‪ [.11 :‬قال‪ :‬يعني كذبوا بولية علسسي ]النعمسساني‪ /‬الغيبسسة‪:‬‬ ‫ع ِ‬
‫سا َ‬ ‫ِبال ّ‬
‫ص ‪ ،54‬البرهان‪ ،3/157 :‬مرآة النوار‪ :‬ص ‪.[.182‬‬
‫والحياة الدنيا‪ :‬هي الرجعة‪ ،‬قال صاحب مرآة النوار‪ :‬جاء ما يسسدل علسسى‬
‫تأويل الدنيا بالرجعة‪ ،‬وبولية أبي بكر وعمسسر ]مسسرآة النسسوار‪ :‬ص ‪ ،[.150‬ففسسي‬
‫ة الققدّن َْيا{‬ ‫في ال ْ َ‬
‫حَيا ِ‬ ‫مُنوا ِ‬‫نآ َ‬
‫ذي َ‬‫وال ّ ِ‬
‫سل ََنا َ‬ ‫قوله سبحانه‪} :‬إ ِّنا ل ََنن ُ‬
‫صُر ُر ُ‬
‫]غافر‪ ،‬آية‪ .[.51 :‬قال جعفر‪ :‬يعني في الرجعسسة ]تفسسسير القممسسي‪، 259-2/258 :‬‬
‫ن‬
‫ؤث ُِرو َ‬ ‫ل تُق ْ‬ ‫تفسير الصافي‪ ،4/345 :‬البرهان‪ ،[.4/100 :‬وفي قوله سبحانه‪} :‬ب َ ق ْ‬
‫يا{ ]العلسسى‪ ،‬آيسسة‪ .[.16 :‬قسسال‪ :‬وليتهسسم ]أصسسول الكسسافي‪،1/418 :‬‬ ‫ال ْ َ‬
‫حي َققاةَ القدّن ْ َ‬
‫البرهان‪) [.4/451 :‬يعني ولية أبي بكر وعمر وعثمان(‪ .‬والتسسأويلت الباطنيسسة‬
‫ل ضابط لها‪ ،‬فأنت ترى "أن الخرة تؤول بالرجعة‪ ،‬والحياة الدنيا تؤول بها‬
‫كذلك على مسسا بينهمسسا مسسن تفسساوت‪ ،‬كمسسا تلحسسظ أن الحيسساة السسدنيا فسسسرتها‬

‫‪104‬‬
‫تأويلتهم مرة بالرجعة‪ ،‬ومرة بالولية على مسسا بينهمسسا مسسن اختلف‪ ..‬فهسسي‬
‫أقوال عشوائية ل تستند إلى أصل ول فرع‪ ،‬بل ول عقل"‪.‬‬
‫وتأويلهم لكثير من آيات القرآن بالمامة والئمة يربو على الحصر وكسسأن‬
‫القرآن لم ينزل إل فيهم‪ ،‬ولقد تجسساوزوا فسسي هسسذه السسدعاوى كسسل معقسسول‪،‬‬
‫وأسفوا في تأويلتهم إلى ما يشبه هذيان المعتوهين حتى قالوا‪ :‬إن النحل‬
‫في قوله سبحانه‪َ } :‬‬
‫ل{ ]النحسسل‪ ،‬آيسسة‪ .[.68 :‬هسسم‬ ‫حق ِ‬ ‫ك إ ِل َققى الن ّ ْ‬‫حى َرب ّ َ‬ ‫و َ‬‫وأ ْ‬ ‫َ‬
‫الئمة‪ ،‬وروى القمي بإسناده إلى عبد الله قال‪ :‬نحسسن النحسسل السستي أوحسسى‬
‫َ‬
‫ل ب ُُيوًتا{ أمرنسسا أن نتخسسذ مسسن العسسرب‬ ‫جَبا ِ‬‫ن ال ْ ِ‬‫م َ‬ ‫ذي ِ‬ ‫خ ِ‬
‫ن ات ّ ِ‬
‫الله إليها }أ ِ‬
‫ن{ يقول‪ :‬من‬ ‫شو َ‬ ‫ر ُ‬‫ع ِ‬‫ما ي َ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫و ِ‬ ‫ر{ يقول‪ :‬من العجم } َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ش َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬‫و ِ‬‫شيعة } َ‬
‫الموالي‪] "..‬تفسير القمي‪.[.1/387 :‬‬
‫وجمع المجلسي رواياتهم في هذا المعنى في بساب بعنسوان‪" :‬بساب نسادر‬
‫في تأويل النحل بهم عليهم السلم" ]بحسسار النسسوار‪ ،[.113-24/110 :‬كمسسا جسساء‬
‫بروايات تقول‪" :‬إن الئمسة هسسم المساء المعيسسن والقصسسر المشسسيد السسسحاب‬
‫والمطر والفواكه وسائر المنافع الظاهرة" ]انظر‪ :‬بحار النوار‪.[.110-24/100 :‬‬
‫وفي الباب الذي عقده بعنوان‪» :‬باب تأويل اليام والشهور بالئمة ]بحسسار‬
‫النوار‪ [.243-24/238 :‬جاء فيه‪" :‬نحسسن اليسسام؛ فالسسسبت اسسسم رسسسول اللسسه‪،‬‬
‫والحد كناية عن أمير المؤمنين‪ ،‬والثنين الحسن والحسين‪ ،‬والثلثاء علسسي‬
‫بن الحسين‪ ،‬ومحمد بن علسسي‪ ،‬وجعفسسر بسسن محمسسد‪ ،‬والربعسساء موسسسى بسسن‬
‫جعفر‪ ،‬وعلي بن موسى ومحمد بن علي وأنا‪ ،‬والخميس‪ ،‬ابني الحسن بن‬
‫علي‪ ،‬والجمعة ابن ابنسسي‪] "..‬البحسسار‪ ،24/239 :‬الصسسدوق‪ /‬الخصسسال‪ :‬ص ‪،396-395‬‬
‫والنص منسوب لمامهم العاشر علي الهادي‪.[.‬‬
‫ومن الطريف أن بعض اليسسام حظيسست فسسي أخبسسار الشسسيعة بالسسذم كيسسوم‬
‫الثنين ]انظر‪ :‬سفينة البحار‪ ،[.1/137 :‬فهل يتوجه هذا الذم إلى بعض الئمسسة ؛‬
‫لن الئمة هم اليام؟!‬
‫ويروي جابر الجعفي قال‪ :‬سسألت أبسا جعفسر عسسن تأويسسل قسول اللسسه عسز‬
‫ب‬‫فققي ك ِت َققا ِ‬ ‫هًرا ِ‬‫شق ْ‬ ‫ش قَر َ‬ ‫ع َ‬ ‫عندَ الل ّق ِ‬
‫ه اث ْن َققا َ‬ ‫ر ِ‬ ‫هو ِ‬ ‫ش ُ‬ ‫عدّةَ ال ّ‬ ‫ن ِ‬ ‫وجل‪} :‬إ ِ ّ‬
‫ه‪] {..‬التوبة‪ ،‬آية‪ [.36 :‬قال‪ :‬فتنفس سيدي الصعداء ثسسم قسسال‪" :‬يسسا جسسابر‪،‬‬ ‫الل ّ ِ‬
‫أما السنة فهي جدي رسول الله صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم‪ ،‬وشسسهورها اثنسسا‬
‫عشر شهرا ً فهو أمير المؤمنين إلي ]أي هو أميسسر المسسؤمنين علسسي بسسن أبسسي طسسالب‬
‫ي‪) ،‬المجلسي‪ /‬بحار النسسوار‪ .[.(24/240 :‬وإلى ابنسسي‬ ‫ومن بعده من الئمة حتى يصل إل ّ‬
‫جعفر وابنه موسى وابنه علي وابنه محمد وابنه علي‪ ،‬وإلسسى ابنسسه الحسسسن‬
‫وإلى ابنه محمد الهادي المهدي اثنا عشر إمامسًا‪ ...‬والربعسسة الحسسرم السسذين‬
‫هم الدين القيم أربعة منهم يخرجون باسم واحسسد‪ :‬علسسي أميسسر المسسؤمنين ‪-‬‬
‫رضي الله عنه ‪ -‬وأبي علي بسسن الحسسسين‪ ،‬وعلسسي بسسن موسسسى‪ ،‬وعلسسي بسسن‬
‫م{‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫ن َأن ُ‬
‫ف َ‬ ‫ه ّ‬‫في ِ‬‫موا ْ ِ‬ ‫فل َ ت َظْل ِ ُ‬ ‫محمد‪ ،‬فالقرار بهؤلء هو الدين القيم } َ‬
‫أي‪ :‬قولوا بهم جميعا ً تهتدوا" ]الطوسي‪ /‬الغيبة‪ :‬ص ‪ ،96‬ابن شهراشوب‪ /‬منسساقب آل‬
‫أبي طالب‪ ،1/244 :‬بحار النوار‪ ،24/240 :‬البرهان‪ ،123-2/122 :‬نسسور الثقليسسن‪-2/214 :‬‬
‫‪ ،215‬اللوامع النورانية‪ :‬ص ‪.[.141‬‬

‫‪105‬‬
‫والبعوضة )وهي حشرة صغيرة معروفة( ورد ذكرها فسسي سسسورة البقسرة‬
‫]الية‪ .[.26 :‬هي علي عندهم ]تفسير القمي‪ ،1/35 :‬البرهان‪.[.1/70 :‬‬
‫ولفظ )الذباب( يؤول بعلسسي فسسي تفسسسير الشسسيعة ]انظسسر‪ :‬مسسرآة النسسوار‪ :‬ص‬
‫‪ ،[.150‬كما أولوا البعوضة وحاول بعضهم أن يلطف من هذا التأويل فزعسسم‬
‫أنه ذباب العسل ]نفس الموضع من المصسسدر السسسابق‪ ،[.‬وفاته أنهسسم يؤولسسون بسسه‬
‫قققوا ذَُباب ًققا‬ ‫خل ُ ُ‬‫ه ل َققن ي َ ْ‬ ‫ن الل ّق ِ‬ ‫دو ِ‬ ‫من ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫عو َ‬ ‫ن ت َدْ ُ‬‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫قوله سبحانه‪} :‬إ ِ ّ‬
‫ه{ ]الحج‪ ،‬آية‪ .[.73 :‬وما أدري ما السسر فسي إطلق أسسماء‬ ‫عوا ل َ ُ‬ ‫م ُ‬
‫جت َ َ‬‫وا ْ‬ ‫ول َ ِ‬ ‫َ‬
‫أحط الحشرات على أمير المؤمنين علي ‪ -‬رضي الله عنسسه وأرضسساه ‪ -‬مسسن‬
‫طائفة تزعم محبته والتشيع له؟!‪ .‬ولكن قد بدت البغضاء من أفواههم وما‬
‫تخفي صدورهم أكبر‪ ،‬وتاريخهم الفعلي مع آل البيت أشد وأشنع‪.‬‬
‫وقبسسور الئمسسة لهسسا نصسسيب مسسن تسسأويلتهم‪ ،‬فالبقعسسة المباركسسة فسسي قسسوله‬
‫ة‬
‫عق ِ‬ ‫فققي ال ْب ُ ْ‬
‫ق َ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ِ‬
‫َ‬
‫واِد الي ْ َ‬ ‫ئ ال ْ َ‬‫شاطِ ِ‬ ‫من َ‬ ‫ها ُنوِدي ِ‬ ‫ما أ ََتا َ‬ ‫فل َ ّ‬
‫سبحانه‪َ } :‬‬
‫ة{ ]القصص‪ ،‬آية‪ [.30 :‬هي كربلء ]ابسسن قولسسويه‪ /‬كامسسل الزيسسارات‪ :‬ص ‪-48‬‬ ‫مَباَرك َ ِ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫‪ ،49‬البرهان‪ ،3/336 :‬مرآة النوار‪ :‬ص ‪ ،[.99‬ومن المعروف أنها كانت فسسي طسسور‬
‫ر{‪.‬‬ ‫طو ِ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫جان ِ ِ‬ ‫من َ‬ ‫سيناء بنص القرآن في الية التي قبلها‪ِ } :‬‬
‫وكما خصت هذه الروايات أئمة الشيعة بهذه اليات كذلك تخص أتباعهسسا‬
‫بآيات من كتاب الله حتى تذهب إلى أن الشيعة هي الشسسيء ]انظسسر‪ :‬أصسسول‬
‫الكسسافي‪ ،1/429 :‬البرهسسان‪ ،2/40 :‬مسسرآة النسسوار‪ :‬ص ‪ [.192‬فسسي قسسوله سسسبحانه‪:‬‬
‫ء{ ]العراف‪ ،‬آيسسة‪ [.156 :‬لتقصر رحمسسة اللسسه‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ت كُ ّ‬ ‫ع ْ‬‫س َ‬ ‫و ِ‬ ‫مِتي َ‬ ‫ح َ‬ ‫وَر ْ‬ ‫} َ‬
‫الواسعة على الشيعة‪ ،‬وتضيق ما وسعه الله على عباده‪.‬‬
‫ولفظ "الشر" و"الكفر" و"الردة" و"الضسسلل" فسسي كتسساب اللسسه يؤولسسونه‬
‫بغير ما يعرفه المسلمون من هذه "اللفاظ"؛ حيث يفسرون هذه اللفاظ‬
‫بترك بيعة الثني عشر )على الرغم من أنهم لم يتولوا الحكم ما عدا أمير‬
‫المؤمنين علي(‪ ،‬وشواهد هذا كثيرة بلغت عشرات الروايات‪ ،‬وقسسد أشسسرنا‬
‫فيما سلف إلى أن شيخهم المجلسي عقد أبوابا ً في بحاره تحمل عنسساوين‬
‫في التأويل الباطني تضمن بعضها مائة رواية‪ ،‬ولكن هنا نذكر مجرد أمثلسسة‬
‫ت‬ ‫شَرك ْ َ‬ ‫ن أَ ْ‬‫لهذه الحاديث‪ ،‬فقد روت كتب الشيعة في قوله سبحانه‪} :‬ل َئ ِ ْ‬
‫ك{ ]الزمر‪ ،‬آية‪.[.65 :‬‬ ‫مل ُ َ‬ ‫ع َ‬‫ن َ‬ ‫حب َطَ ّ‬ ‫ل َي َ ْ‬
‫قالت‪" :‬لئن أشركت في إمامة علسسي وليسسة غيسسره" ]انظسسر‪ :‬تفسسسير القمسسي‪:‬‬
‫‪ ،2/251‬تفسير فرات‪ :‬ص ‪ ،133‬البرهان‪ ،4/83 :‬تفسير الصافي‪.[.4/328 :‬‬
‫قال صاحب مرآة النوار‪" :‬فعلى هذا جميسسع المخسسالفين مشسسركون" ]أبسسو‬
‫الحسسسن الشسسريف‪ /‬مسسرآة النسسوار‪ :‬ص ‪ .[.202‬وقال‪" :‬إن الخبار )أخبسسار الشسسيعة(‬
‫متضافرة في تأويل الشرك بالله‪ ،‬والشسسرك بعبسسادته بالشسسرك فسسي الوليسسة‬
‫والمامة" ]نفسسس الموضسسع مسسن المصسسدر السسسابق‪ ،[.‬ولذلك حكموا علسسى صسسحابة‬
‫رسول الله بالردة ‪ -‬كما سيأتي ]فسسي فصسسل المامسسة‪ - [.‬لمبسسايعتهم لبسسي بكسسر‬
‫دون علي‪.‬‬
‫وكذلك يؤولون الكفر بذلك‪ ،‬جاء في الكافي‪" :‬عسسن أبسسي عبسسد اللسسه فسسي‬
‫فُروا ْ‬ ‫م كَ َ‬ ‫مُنوا ْ ث ُ ّ‬ ‫مآ َ‬ ‫فُروا ْ ث ُ ّ‬ ‫م كَ َ‬ ‫مُنوا ْ ث ُ ّ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫قول الله عز وجل‪} :‬إ ِ ّ‬
‫م{ ]لحظ أنه جمع آيتين من سورتين علسسى‬ ‫ه ْ‬‫وب َت ُ ُ‬
‫ل تَ ْ‬ ‫قب َ َ‬ ‫فًرا ّلن ت ُ ْ‬ ‫دوا ْ ك ُ ْ‬ ‫دا ُ‬ ‫م اْز َ‬ ‫ثُ ّ‬
‫‪106‬‬
‫أنهما آية واحدة‪ ،‬مما يشير إلى أن واضع هذه السسساطير‪ ،‬ومفتريهسسا علسسى أهسسل السسبيت أحسسد‬
‫م{ مسسن آل عمسسران‪ ،‬آيسسة‪ ،90 :‬وقسسوله‪:‬‬ ‫ه ْ‬
‫وب َت ُ ُ‬
‫ل تَ ْ‬ ‫الزنادقة الجهلة؛ حيث إن قوله‪ّ} :‬لن ت ُ ْ‬
‫قب َ َ‬
‫ن آَمُنوا ْ‪ {..‬إلسسخ مسسن النسسساء‪ ،‬آيسسة‪ .[.137 :‬قال‪ :‬نزلت فسسي فلن وفلن‬ ‫ن ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫}إ ِ ّ‬
‫وفلن ]يعنون‪ :‬أبا بكر وعمر وعثمان كما جاء تفسير ذلك على لسان بعض شيوخهم كمسسا‬
‫سيأتي في فصل‪" :‬المامسسة"‪ [.‬آمنوا بالنبي ‪ -‬صسسلى اللسسه عليسسه وآلسسه ‪ -‬فسسي أول‬
‫المسسر‪ ،‬وكفسسروا حيسسث عرضسست عليهسسم الوليسسة‪ ..‬ثسسم آمنسسوا بالبيعسسة لميسسر‬
‫المؤمنين ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬ثم كفروا حيث مضى رسول اللسسه ‪ -‬صسسلى اللسسه‬
‫عليه وآله ‪ -‬فلم يقروا بالبيعة‪ ،‬ثم ازدادوا كفرا ً بأخسسذهم مسسن بسسايعه بالبيعسسة‬
‫لهم فهؤلء لم يبق فيهم من اليمسسان شسسيء ]أصسسول الكسسافي‪ ،1/420» :‬تفسسسير‬
‫القمسسي‪ ،1/159 :‬تفسسسير العياشسسي‪ ،1/276 :‬البرهسسان‪ ،1/421 :‬تفسسسير الصسسافي‪،1/511 :‬‬
‫بحار النوار‪ ،23/375 :‬مرآة النوار‪ :‬ص ‪.[.289‬‬
‫فأنت ترى أنهم خصوا أفضل الخلق بعد النبيين بهسسذا الحكسسم‪ ،‬فمسسا بالسسك‬
‫بمن دونهم من سائر أمة محمد صلى الله عليه وسسسلم‪ ،‬وقسسد أشسسار بعسسض‬
‫شيوخهم إلى وجه هذا التخصيص فقال‪" :‬ورد فسسي بعسسض الروايسسات تأويسسل‬
‫الكفسسر برؤسسساء المخسسالفين‪ ،‬لسسسيما الثلثسسة‪) :‬يعنسسون الخلفسساء الراشسسدين(‬
‫مبالغة بزيادة كفرهم وجحدهم" ]مرآة النوار‪ :‬ص ‪.[.187‬‬
‫ولفظ‪" :‬الردة" يعني الردة عن بيعة أحد الثنى عشسر‪ .‬جساء فسي أصسول‬
‫دوا‬‫ن اْرت َ ّ‬‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬‫الكافي وغيره عن أبي عبد الله في قول الله تعالى‪} :‬إ ِ ّ‬
‫َ‬
‫دى‪] {..‬محمسسد‪ ،‬آيسسة‪.[.25 :‬‬ ‫م ال ْ ُ‬
‫هق َ‬ ‫هق ُ‬‫ن لَ ُ‬‫مققا ت َب َي ّق َ‬
‫د َ‬
‫عق ِ‬ ‫من ب َ ْ‬ ‫هم ّ‬ ‫عَلى أدَْبا ِ‬
‫ر ِ‬ ‫َ‬
‫)قسسال( فلن وفلن وفلن ارتسسدوا مسسن اليمسسان فسسي تسسرك وليسسة أميسسر‬
‫المؤمنين‪] ..‬أصسسول الكسسافي‪ ،1/420 :‬بحسسار النسسوار‪ ،23/375 :‬وانظسسر‪ :‬تفسسسير القمسسي‪:‬‬
‫‪ ،2/308‬البرهان‪ ،4/186 :‬تفسير الصافي‪.[.5/28 :‬‬
‫م ت َقَر إ ِل َققى‬ ‫َ‬
‫والضلل هو عدم معرفة المام‪ ،‬ففسسي قسسوله سسسبحانه‪} :‬أل َ ْ‬
‫ض قل َل َ َ‬ ‫ُ‬
‫ة‪] {...‬النسسساء‪ ،‬آيسسة‪:‬‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ش قت َُرو َ‬‫ب يَ ْ‬ ‫ن ال ْك َِتا ِ‬‫م َ‬ ‫صيًبا ّ‬ ‫ن أوُتوا ْ ن َ ِ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬
‫‪ .[.44‬قال‪" :‬يعني ضلوا في أميسسر المسسؤمنين" ]تفسسسير القمسسي‪ [.1/139 :‬وفسسي‬
‫ن{ ]الفاتحة‪ ،‬آية‪.[.7 :‬‬ ‫ضاّلي َ‬ ‫ول َ ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫علي ِ‬
‫ب َ َ‬ ‫ضو ِ‬ ‫مغ ُ‬ ‫ر ال َ‬ ‫قوله سبحانه‪َ } :‬‬
‫غي ِ‬
‫قال‪" :‬الضالين‪ :‬الذين ل يعرفون المام" ]تفسير القمي‪.[.1/29 :‬‬
‫إن تفسير الكفر والشرك‪ ،‬والردة والضلل بترك بيعة الثني عشر فضل ً‬
‫عن أنه ل سند له من نقل أو عقل أو لغة أو شرع فسسإنه ‪ -‬ولعسسل ذلسسك هسسو‬
‫هدف واضع الروايات ‪ -‬ينتهي بالمؤمن به إلسسى تفضسسيل الكفسسر والكسسافرين‬
‫على سائر المسلمين مسن غيسر الشسسيعة‪) ،‬لن رأس الكفسسر تسسرك الوليسة(‪،‬‬
‫وهذا ما يصدقه تاريخ الشيعة مع المسلمين‪ ،‬كمسسا أنسسه يهسسون أمسسر الشسسرك‬
‫واللحاد‪ ،‬وهذا هدم لصول السلم‪ ،‬ومحاربة لرسالة محمد بن عبد اللسسه ‪-‬‬
‫عليه الصسسلة والسسسلم ‪ -‬السسذي بعسسث لمحاربسسة الشسسرك والكفسسر والضسسلل‪،‬‬
‫وإرساء قواعد التوحيد وشريعة السلم‪.‬‬
‫والكبائر وسائر المحرمات هي عندهم أعداء الئمة‪ .‬يقول أبو عبد الله ‪-‬‬
‫كما يزعمون ‪.." :-‬وعسسدونا فسي كتساب اللسه عسسز وجسسل‪ :‬الفحشساء والمنكسسر‬
‫والبغي والخمر والميسسسر والنصسساب والزلم والصسسنام‪ ،‬والوثسسان والجبسست‬
‫والطساغوت والميتسة والسدم ولحسم الخنزيسر‪] "..‬بحسسار النسسوار‪ .[.24/303 :‬وقسد‬

‫‪107‬‬
‫أشرنا من قبل إلى أن تأويل المحرمات بأعداء الئمة قد جسساء فسسي أبسسواب‬
‫عدة في البحار تضمنت عشرات الحاديث‪.‬‬
‫وقد جاء في بعض مصادرهم المعتمدة عنسسدهم مسسا يكشسسف واضسسع هسسذه‬
‫السسسطورة‪ ،‬ويسسبين أن أصسسل تأويسسل المحرمسسات بأعسسداء الئمسسة‪ ،‬وتأويسسل‬
‫الفرائض بالئمة هو‪ :‬أبو الخطسساب السسذي تسسبرأ منسسه الئمسسة ولعنسسوه‪ ،‬وففسسي‬
‫رجال الكشي‪" :‬كتب أبو عبد الله إلى أبي الخطاب‪ :‬بلغني أنسسك تزعسسم أن‬
‫الزنسسا رجسسل وأن الخمسسر رجسسل وأن الصسسلة رجسسل وأن الصسسيام رجسسل وأن‬
‫الفواحش رجل‪ ،‬وليس هو كما تقول‪] "..‬رجسسال الكشسسي‪ :‬ص ‪ ،291‬بحسسار النسسوار‪:‬‬
‫‪.[.24/299‬‬
‫وتذكر كتب المقالت عن بعض غلة الشيعة القول بأن المحرمات كلهسسا‬
‫أسماء رجال أمرنا الله تعالى بمعاداتهم‪ ،‬وأن الفرائض أسماء رجال أمرنسا‬
‫بموالتهم ]الملل والنحل‪.[.1/179 :‬‬
‫ويقول الشهرستاني‪" :‬إنما مقصودهم من حمسسل الفسسرائض والمحرمسسات‬
‫على أسماء رجال‪ :‬هو أن من ظفر بذلك الرجل وعرفه فقسسد سسسقط عنسسه‬
‫التكليف وارتفع الخطاب" ]الملسسل والنحسسل‪ .[.1/179 :‬وكسسل ذلسسك ورثتسسه الثنسسا‬
‫عشرية وأحيته وتسسولى كسسبر نشسسره القمسسي )صسساحب التفسسسير(‪ ،‬والكلينسسي‪،‬‬
‫والعياشي‪ ،‬والكاشاني‪ ،‬والمجلسي‪ ،‬وغيرهم مسسن شسسيوخ الدولسسة الصسسفوية‬
‫الذين "أحيوا" كل أسسساطير غلة الفسسرق الشسسيعية‪ ،‬وأدخلسسوه فسسي المعتقسسد‬
‫الثني عشري كروايات عن الئمة‪.‬‬
‫هذا وتأويلتهم في هذا الباب يستغرق ذكرهسسا مجلسسدات‪ ،‬ولهسسم فسسي كسسل‬
‫عقيدة شذوا بها كالرجعة‪ ،‬والغيبة‪ ،‬والتقية وغيرها تأويلت وافتراءات تربو‬
‫على الحصر‪ ،‬وسنأتي ‪ -‬إن شاء الله ‪ -‬علسسى شسسيء منهسسا عنسسد بحثنسسا لهسسذه‬
‫المسسسائل‪ .‬ومسسا ذكرنسساه هنسسا جسسزء قليسسل ممسسا جمعنسساه ولسسم نسسذكره خشسسيه‬
‫الطالة‪ ..‬وما جمعناه هو كقطرة من بحر مظلم‪ ..‬عرضه ونقده يسسستوعب‬
‫المجلدات‪ ..‬وكل مثال من هسسذه المثلسسة ‪ -‬فسسي الغسسالب ‪ -‬يكشسسف لنسسا عسسن‬
‫عقيدة من عقائد القوم في اللوهية والنبوة‪ ،‬والسماء والصفات‪ ،‬وأركسسان‬
‫السلم وغيرها‪.‬‬
‫هذا وقبل أن أرفع القلم عن هذا الموضوع أسجل الملحظات التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬فيما مضى من مباحث ذكرنا ما يقوله الشسسيعة مسسن أن جسسل القسسرآن‬
‫نسسزل فيهسسم وفسسي أعسسدائهم‪ ،‬ثسسم قسسدمت أمثلسسة لتحريسسف الشسسيعة لمعسساني‬
‫القرآن‪ ..‬وكل ذلك يؤكد ما تذهب إليه الشيعة من القول بأن أكثر القسسرآن‬
‫قد اشتمل على ذكر الئمة الثني عشر ومخالفيهم‪ ..‬فهذه المسألة حشسسد‬
‫لها شيوخ الشيعة آلف النصوص كمسسا أسسسلفنا الشسسارة إلسسى شسسيء منهسسا‪..‬‬
‫وبعد ذلك كله نجد من نصوصهم نفسها ما ينقض هذه الدعاوى كلها جملة‬
‫واحدة‪.‬‬
‫يقول هذا النص الذي يروونه عن أبي عبد الله جعفر الصادق‪" :‬لو قسسرئ‬
‫القرآن كما أنزل للفيتنا فيه مسسسلمين" ]تفسسسير العياشسسي‪ ،1/13 :‬بحسسار النسسوار‪:‬‬
‫‪ ،92/55‬تفسير الصسسافي‪ ،1/41 :‬اللوامسسع النورانيسسة‪ :‬ص ‪ .[.547‬فهذا اعسستراف منهسسم‬
‫بأنه ليس لئمتهم ذكر في كتاب الله‪ ،‬ولم يرد لهسسم تسسسمية فيسسه‪ ..‬فكسسأنهم‬
‫‪108‬‬
‫يخربون بيوتهم بأيديهم‪ .‬ولعل السر في ذلك أن واضع هذا النص قد اهتسسم‬
‫بتأييسسد مسسسألة التحريسسف ‪ -‬وسسسيأتي بحثهسسا ‪ -‬ونسسسي مسسا وضسسع مسسن قبسسل‪،‬‬
‫والختلف والتناقض قد يكون عقوبة إلهية لمن يضع فسسي السسدين مسسا ليسسس‬
‫ر الل ّق ِ‬
‫ه‬ ‫د َ‬
‫غي ْق ِ‬ ‫عن ق ِ‬
‫ن ِ‬
‫م ْ‬‫ن ِ‬
‫كا َ‬ ‫ول َ ْ‬
‫و َ‬ ‫منه‪ ،‬كما يؤخذ ذلك من قوله سبحانه ‪َ } :‬‬
‫فا ك َِثيًرا{ ]النساء‪ ،‬آية‪ .[.82 :‬فهو برهان أكيد على أنسسه‬ ‫خت ِل َ ً‬
‫ها ْ‬ ‫في ِ‬ ‫دوا ْ ِ‬‫ج ُ‬ ‫لَ َ‬
‫و َ‬
‫ليس من عند الله سبحانه‪ ..‬وقد مضى من قبل الشارة إلى نص آخر لهم‬
‫يجعل من كتاب الله سسسبحانه أربعسسة أقسسسام وليسسس فسسي قسسسم منهسسا ذكسسر‬
‫للئمة ]انظر‪ :‬ص )‪.[.(157-156‬‬
‫وجاء في رجال الكشي نص هام ينسف كل ما بنسسوه مسسن هسسذا التفسسسير‬
‫الباطني‪ ،‬فقد نقل لبي عبد الله جعفر ما يقوله أولئك الزنادقة من تأويسسل‬
‫آيات الله سبحانه بتلك التأويلت الباطنية "حيسسث قيسسل لسسه‪ :‬روي عنكسسم أن‬
‫الخمر والميسر والنصاب والزلم رجال؟ فقال‪ :‬ما كسسان اللسسه عسسز وجسسل‬
‫ليخسساطب خلقسسه بمسسا ل يعملسسون" ]رجسسال الكشسسي‪ :‬ص ‪ .[.291‬أي يسسستحيل أن‬
‫يخاطب الله سبحانه عباده بما ل سبيل لهسسم إلسسى معرفتسسه والهتسسداء إلسسى‬
‫معناه؛ لن هذا يتنافى مع الحكمة في إنزال القرآن لهداية الناس والدعوة‬
‫إلى عبادة الله‪ ،‬ويتنزه الله سبحانه أن يأمر عباده بتدبر القسسرآن وهسسو غيسسر‬
‫قابل للتدبر والفهم‪ ،‬ويتقدس سبحانه أن يخاطب عبسساده بألغسساز وطلسسسم‪.‬‬
‫وهذا القول من أبي عبد الله الذي ورد في أوثق كتب الرجال عند الشيعة‬
‫يهدم كل ما بنوه من تلك التحريفات وذلك اللحاد في كتاب الله وآياته‪.‬‬
‫هذا نقض للمسالة من نصوصهم نفسها‪ ،‬أو مسسا يسسسمى بالنقسسد السسداخلي‬
‫للنصوص‪ ،‬وإل فإن المتأمل ليات القرآن بمقتضى اللغة العربية التي نزل‬
‫ن{ ]يوسف‪ ،‬آيسسة‪ [.2 :‬ل يجسد‬ ‫قُلو َ‬‫ع ِ‬ ‫عل ّك ُ ْ‬
‫م تَ ْ‬ ‫عَرب ِّيا ل ّ َ‬‫قْرآًنا َ‬ ‫بها‪} :‬إ ِّنا َأنَزل َْناهُ ُ‬
‫فيه ذكرا ً لما يدعون‪ ،‬والروايات السستي يسذكرونها يكفسسي فسسي بيسان فسسادها‬
‫مجرد عرضها‪ ،‬فهي تحمسسل بنفسسسها مسسا يهسسدم بنيانهسسا مسسن السسساس‪ ،‬فهسسل‬
‫يصدق أحد أن لعلي في القرآن )‪ (1154‬اسمًا؟ وهل يدخل عقل أحسسد أن‬
‫من أسماء علي البعوضة والذباب؟ وهل يوافق مؤمن على القول بأن مسسا‬
‫ورد من آيات عن اليسوم الخسر هسي خاصسة بعقيسدة رجعسة الئمسة؟ وكيسف‬
‫تناقش من يقول بأن آيات اليمان والمؤمنين هي في الئمة الثني عشسسر‪،‬‬
‫وآيات الكفر والكافرين هي في الصحابة؟!‬
‫وإنني هنا أذهب إلى القول بأن هذا المستوى الذي هبط إليه هسسؤلء هسسو‬
‫من معجزات هذا الدين العظيم‪ ،‬فما من أحد ادعى نبوة أو وحيسسا ً وأراد أن‬
‫يضع في الدين ما ليس منه إل وفضحه الله علسسى روؤس الشسسهاد‪ ،‬وتسسالله‬
‫إن هذه المقالت التي ل يمكن بحال أن تتفق مع العقل والنقسسل ول اللغسسة‬
‫والدين هي من أعظم فضائح القوم وعوراتهم‪ ..‬وبها يكشف الله سسسبحانه‬
‫وتعالى كذبهم وبهتانهم‪.‬‬
‫إن مطابع النجف وطهران وقم وبمبي قد أخرجت لنا تراثا ً شيعيا ً ضخما ً‬
‫يمثل دينا ً بأكمله‪ ،‬لعل أقرب تسمية له هسو ديسن الوليسة‪ ،‬أو المامسة‪ ،‬ولسسم‬
‫تتوفر هسسذه الكتسب للمسسسلم كمسا تسوفرت اليسوم‪ ..‬ديسسن وضسعه المجلسسي‬
‫والكليني وغيرهما من أساطين التشيع‪ ،‬وسينكشف من خلله أمور كسسثيرة‬
‫‪109‬‬
‫لم تكن معروفسة مسن قبسل‪ ..‬ويبسدو مسن الطلع عليسه عظمسة هسذا السدين‬
‫اللهي وسر خلوده‪ ،‬إذ بضدها تتميسسز الشسسياء فلسسول المسر مسا عسسرف طعسسم‬
‫الحلو‪..‬‬
‫‪ -2‬هذه التأويلت الباطنيسسة المستفيضسسة فسسي كتسسب الثنسسي عشسسرية هسسي‬
‫مجهولة للكثير ممن يكتب عن هذه الطائفة‪ ..‬وحسبك أن تجد ممن كتسسب‬
‫عن الثني عشرية من يعتبرها بعيدة كل البعد عن التجاه الباطني‪ ،‬ويظن‬
‫أن التأويل الباطني مقصور أمره علسسى طائفسسة السسسماعيلية‪ .‬يقسسول بعسسض‬
‫من كتب عن الفرق ‪" :‬جعل السماعيلية للئمة صسسفات لسسم تعرفهسسا فسسرق‬
‫الشيعة الخرى‪ ،‬ذلك أنهم يقولون ظاهرًا‪ :‬إن الئمسسة بشسسر كسسسائر النسساس‬
‫يسسأكلون وينسسامون ويموتسسون‪ ،‬ولكنهسسم فسسي تسسأويلتهم الباطنيسسة يقولسسون‪ :‬إن‬
‫المام هو‪" :‬وجه الله" "ويد الله" "وجنب اللسسه" ]مصسسطفى الشسسكعة‪ /‬إسسسلم بل‬
‫مذاهب‪ :‬ص ‪.[.248-247‬‬
‫ويلحظ أن هذا هو عين ما تذهب إليسسه طائفسسة الثنسسي عشسسرية‪ ،‬وجسساءت‬
‫أخبار كثيرة عندهم في إقرار هذا الغلو‪ ،‬وخصص المجلس لسسذلك باب سا ً مسسن‬
‫أبواب بحاره ‪ -‬كما أسلفنا ‪ -‬وهو »باب أنهم ‪ -‬عليهم السسسلم ‪ -‬جنسسب اللسسه‬
‫ووجه الله ويد الله وأمثالها" ]بحار النوار‪.[.203-24/191 :‬‬
‫والسر في هذا الجهل المتفشسسي بيسسن طبقسسة مسسن الكتسساب هسسو أن كتسسب‬
‫الثني عشرية نوعان‪ :‬كتسسب للدعايسسة للمسسذهب وضسسعت بأسسسلوب التقيسسة‪..‬‬
‫والنوع الثساني‪ -:‬وهسو المعتسبر عنسدهم ‪ -‬كتسب الحسديث الثمانيسة المعتمسدة‬
‫عنسسدهم وكتسسب الرجسسال الربعسسة‪ ،‬ومسسا فسسي درجسسة هسسذه الكتسسب مسسن كتسسب‬
‫شيوخهم‪ .‬فمن يعتمد على الول وحده يفوته الكثير مسسن أمسسورهم‪ ،‬والسستي‬
‫قد تشير إليها كتب الدعاية إشارة ل يفهمها إل شيوخهم‪ ،‬أو من هسسو علسسى‬
‫صلة وفهم لكتبهم المعتمدة‪.‬‬
‫‪ -3‬يلحسسظ أن هسسذه التسسأويلت ليسسست عنسسدهم آراء اجتهاديسسة فسسي تأويسسل‬
‫القرآن قابلة للخذ والسسرد والمناقشسسة والتعسسديل‪ ،‬بسسل هسسي فسسي مقاييسسسهم‬
‫نصوص شرعية لها سمة الوحي وأهميته‪ ،‬وقدسية النص النبوي وشرعيته‪.‬‬
‫وقد جاءت عندهم نصوص كثيرة تحذر وتنذر من رد أمثال هسسذه النصسسوص‬
‫التي ل تتفق مع العمسسل والفطسسرة‪ ،‬ول مسسع المنطسسق واللغسسة‪ .‬وأن السسواجب‬
‫التسليم وعدم العتراض‪ ،‬على لغة‪" :‬أطفئ مصباح عقلك واعتقسسد"‪ ،‬وقسسد‬
‫حاولوا توطين أتباعهم على قبول أمثال هذه النصوص فقالوا‪" :‬إن حسسديثنا‬
‫تشمئز منه القلوب فمسسن عسسرف فزيسسدوهم‪ ،‬ومسسن أنكسسر فسسذروهم" ]البحسسار‪:‬‬
‫‪" .[.2/129‬وعن سفيان السمط قال‪ :‬قلت لبي عبد الله ‪ -‬عليه السسسلم ‪:-‬‬
‫جعلت فداك‪ ،‬إن رجل ً يأتينا من قبلكسسم يعسسرف بالكسسذب فيحسسدث بالحسسديث‬
‫فنستبشعه‪ ،‬فقال أبو عبد الله‪ :‬يقول لك‪ :‬إني قلت لليل إنه نهار أو للنهسسار‬
‫إنه ليل؟ قال‪ :‬فإن قال لك هذا إني قلته فل تكذب به فإنسسك إنمسسا تكسسذبني‬
‫]البحار‪ ، 212-2/211 :‬البحراني‪ /‬اللوامع النورانية ص ‪.[.550-549‬‬
‫وأمثال هذه الروايات كثيرة‪ ،‬ويلحسسظ أن فسسي الروايسسة الخيسسرة مسسا يسسدل‬
‫على أن من الشيعة من يستبشع رواياتهم‪ ،‬ولكن يلزمون باليمان العمى‬
‫بها‪ ،‬بل يعتبر من توقف في رواية مسسن هسسذه الروايسسات وقسسال‪" :‬كيسسف جسساء‬
‫‪110‬‬
‫]انظسسر‪:‬‬ ‫هذا‪ ،‬وكيف كان‪ ،‬وكيف هو؟‪ ،‬فإن هذا والله الشسسرك بسسالله العظيسسم‬
‫رجال الكشي ‪ :‬ص ‪ [.194‬وقد اهتم بهذه القضسسية صسساحب البحسسار وذكسسر لهسسا )‬
‫‪ (116‬حديثا ً مسسن أحسساديثهم فسسي بسساب عقسسده بعنسسوان‪" :‬بسساب أن حسسديثهم ‪-‬‬
‫عليهم السلم ‪ -‬صعب مستصسسعب‪ ،‬وأن كلمهسسم ذو وجسسوه كسسثيرة وفضسسيلة‬
‫التسسدبر فسسي أخبسسارهم ‪ -‬عليهسسم السسسلم ‪ -‬والتسسسليم لهسسم والنهسسي عسسن رد‬
‫أخبارهم" ]انظر‪ :‬بحار النوار‪ 2/182 :‬وما بعدها‪.[.‬‬
‫ولعل أول من أرسى دعائم هذا المعتقد صسساحب الكسسافي والسسذي خصسسه‬
‫بباب مستقل بعنوان‪" :‬باب فيما جاء أن حديثهم صعب مستصسسعب" وذكسسر‬
‫فيه خمس روايات ]انظر‪ :‬أصول الكافي‪ .[.402-1/401 :‬ولعل هذا السلوب هو‬
‫الذي ساعد على تفشي تلك المقالت السطورية‪ ،‬وغياب الصوت العاقسسل‬
‫الذي يجهر بالحق‪ ..‬ويعري الباطل ويفضحه‪ .‬وهذا نوع من الستهواء الذي‬
‫يطالب فيه التباع باليمان بأقوال الئمة وإن خالفت العقل والنقسسل‪ ،‬وهسسو‬
‫قريب من موقف الصوفية الذي يطالب فيسسه الشسسيوخ مريسسديهم بالتسسسليم‬
‫لهم حتى إنهم قالوا‪ :‬إن المريد بين يدي شيخه كالميت بين يسسدي غاسسسله‪،‬‬
‫وهذا الستهواء هسسو السسذي لجسسأ إليسسه فرعسسون مسسع قسسومه‪ ،‬وأشسسار إليسسه اللسسه‬
‫ه{ ]الزخرف‪ ،‬آية‪] [.54 :‬انظسسر‪:‬‬ ‫عو ُ‬ ‫طا ُ‬ ‫فأ َ َ‬ ‫ه َ‬ ‫م ُ‬ ‫و َ‬ ‫ف َ‬
‫ق ْ‬ ‫خ ّ‬ ‫ست َ َ‬ ‫فا ْ‬ ‫سبحانه بقوله‪َ } :‬‬
‫المدخل إلى الثقافة السلمية‪ :‬ص ‪.[.115-113‬‬
‫‪ -4‬إن للتفسير عندهم وجوهًا‪ :‬ظاهرة‪ ،‬وباطنة‪ ،‬والجميع معتبر‪ .‬قال أبسسو‬
‫عبد الله ‪ -‬كما يزعمون ‪ :-‬إن قوما ً آمنسسوا بالظسساهر وكفسسروا بالبسساطن فلسسم‬
‫ينفعهم شيء‪ ،‬وجاء قوم من بعدهم فآمنوا بالباطن وكفروا بالظسساهر فلسسم‬
‫ينفهم ذلك شيئًا‪ ،‬ول إيمان بظاهر إل ببسساطن‪ ،‬ول بسساطن إل بظسساهر‪ ،‬ولهسسذا‬
‫يلحظ أن بعض تفاسير الشيعة لم تذكر هذا التأويل‪ ،‬أو ذاك‪ ،‬وإنما ذكرت‬
‫ما ظهر من الية الذي قد يوافق اللغة أو ما جاء عن السلف‪ ،‬ولكن قسسد ل‬
‫يعني هذا مخالفتهم لسسذلك التأويسسل البسساطني لنهسسم يقولسسون بسسأن لكسسل آيسسة‬
‫معنى باطنا ً ومعنى ظاهرًا‪ ،‬والكل مراد‪ ،‬فقد يكتفي بعضهم بسسذكر الظسساهر‬
‫وحده‪ ،‬أو الباطن فقط‪ ،‬أو يذكر الوجهين جميعًا؛ لن رواياتهم جاءت علسسى‬
‫نفس المنهج كما تدل على ذلك رواية صسساحب الكسسافي فسسي تفسسسير قسسوله‬
‫م{ ]الحج‪ ،‬آية‪ :‬ص ‪.[.29‬‬ ‫ه ْ‬ ‫ضوا ت َ َ‬
‫فث َ ُ‬ ‫ق ُ‬‫م ل ْي َ ْ‬‫تعالى‪} :‬ث ُ ّ‬
‫قال‪ ..." :‬عن عبد الله بن سنان عن ذريسسح المحسساربي قسسال‪ :‬قلسست لبسسي‬
‫عبد الله‪ :‬إن الله أمرني في كتابه بأمر فأحب أن أعمله‪ ،‬قسسال‪ :‬ومسسا ذاك؟‬
‫م{‬ ‫ه ْ‬ ‫ذوَر ُ‬ ‫فققوا ُنقق ُ‬ ‫ول ُْيو ُ‬‫م َ‬ ‫هق ْ‬ ‫فث َ ُ‬ ‫ضوا ت َ َ‬ ‫ق ُ‬ ‫م ل ْي َ ْ‬ ‫قلت‪ :‬قول الله عز وجل‪} :‬ث ُ ّ‬
‫م{ تلسسك‬ ‫ه ْ‬ ‫ذوَر ُ‬ ‫فققوا ن ُق ُ‬ ‫ول ُْيو ُ‬ ‫م{ لقسساء المسسام‪َ } ،‬‬ ‫هق ْ‬ ‫فث َ ُ‬‫ضققوا ت َ َ‬ ‫ق ُ‬ ‫قسسال‪} :‬ل ْي َ ْ‬
‫المناسك‪ ،‬قال عبد الله بن سسسنان‪ :‬فسسأتيت أبسسا عبسسد اللسسه ‪ -‬عليسسه السسسلم ‪-‬‬
‫فوا‬ ‫ول ُْيو ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫فث َ ُ‬‫ضوا ت َ َ‬ ‫ق ُ‬ ‫م ل ْي َ ْ‬ ‫فقلت‪ :‬جعلت فداك‪ ،‬قول الله عز وجل‪} :‬ث ُ ّ‬
‫م{ قال‪ :‬أخذ الشارب وقص الظفار وما أشبه ذلسسك‪ .‬قسسال‪ :‬قلسست‪:‬‬ ‫ه ْ‬‫ذوَر ُ‬ ‫نُ ُ‬
‫ضوا‬ ‫ق ُ‬ ‫جعلت فداك‪ ،‬إن ذريحا ً المحاربي حدثني عنك بأنسسك قلسست لسسه‪} :‬ل ْي َ ْ‬
‫م{ تلك المناسك‪ ،‬فقسسال‪ :‬صسسدق‬ ‫ه ْ‬‫ذوَر ُ‬ ‫فوا ن ُ ُ‬ ‫ول ُْيو ُ‬ ‫م{ لقاء المام } َ‬ ‫ه ْ‬ ‫تَ َ‬
‫فث َ ُ‬
‫ذريح وصدقت‪ ،‬إن للقرآن ظاهرا ً وباطنسا ً ومسسن يحتمسسل مسسا يحتمسسل ذريسسح"‬
‫]الكليني‪ /‬فروع الكافي‪ ،4/549 :‬وانظر‪ :‬ابن بابويه‪ /‬من ل يحضسسره الفقيسسه‪،291-2/290 :‬‬

‫‪111‬‬
‫معاني الخبار‪ :‬ص ‪ ،340‬عيون أخبار الرضا‪ :‬ص ‪ ،366‬الكاشاني‪ /‬تفسير الصافي‪،3/376 :‬‬
‫الحويزي‪ /‬تفسير نسسور الثقليسسن‪ ،2/492 :‬البحرانسسي‪ /‬البرهسسان‪ ،89-3/88 :‬المجلسسسي‪ /‬بحسسار‬
‫النوار‪ ، 84-92/83 :‬الحر العاملي‪ /‬وسسسائل الشسسيعة‪ ،10/253 :‬الموسسسوي‪ /‬مفتسساح الكتسسب‬
‫البعة‪.[.229-5/228 :‬‬
‫ففي هذا النص ‪ -‬الذي أورده صاحب الكافي‪ ،‬وذكره أيضا ً صاحب من ل‬
‫يحضره الفقيه وغيره ‪ -‬التصريح بأن للقسسرآن معسساني ظسساهرة تقسسال لعامسسة‬
‫ن باطنة ل تذكر إل للخاصة ممن يسسستطيع احتمالهسسا‪ ،‬وهسسم‬ ‫الناس‪ ،‬وله معا ٍ‬
‫قلة ل توجد "فمن يحتمل ما يحتمل ذريح"‪ .‬وإذا كسسان الئمسسة يضسسنون بهسسذا‬
‫العلم الباطني‪ ،‬ويتحاشون ذكره عند شسسيعتهم إل مسسن كسسان علسسى مسسستوى‬
‫ذريح فماذا خالفت كتب الثني عشرية نهج أئمتها وأشسساعت هسسذا "العلسسم"‬
‫المضنون به على غير أهله للخاص والعام؟!‬
‫هذا ما يؤخذ من أقوال هؤلء القوم‪ ..‬ولعل قسسائل ً يقسسول‪ :‬لمسساذا ل يكسسون‬
‫هذا التأويل الذي يتفق وظاهر النص‪ ،‬وسياق القسسرآن‪ ،‬ولغسسة العسسرب‪ ،‬ومسسا‬
‫أثر من السلف‪ ،‬وما اتفق عليه جماعة المسلمين هو الذي يعتقسسد صسسدوره‬
‫عن أمثال محمد الباقر‪ ،‬وجعفر الصادق وغيرهما مسن أئمسة العلسم والسدين‬
‫واللغة‪ ،‬وأن تلك التأويلت الباطنية التي ل تستند إلى أصل معتبر من نقل‬
‫أو عقل أو لغة هي من وضسسع زنسسديق ملحسسد أراد السسساءة إلسسى كتساب اللسه‬
‫ودينسه‪ ،‬وإلسى أهسل السبيت‪ ،‬ولسسيما أن تلسك القسوال الباطنيسة ل تسذكر إل‬
‫خلسة وفي الظلم‪ ،‬ول ينقلها إل قلة كما يشير إليه نهاية الخسسبر‪ ،‬وتفسسسير‬
‫القرآن ل يمكن أن يكسون علمسا ً سسريا ً ل يتحملسه إل خاصسة النساس‪ ،‬فسالله‬
‫سبحانه أنزل كتابه لعباده كافة ل لفئة معينة‪ ،‬وهؤلء الئمة كسسان عصسسرهم‬
‫يمثل العصر الذهبي للمة في وقت عزة السلم والمسلمين‪ ،‬فهل يصسسبح‬
‫تفسير القرآن في عصرهم "سريًا" وفي هذا العصر يعلن هذا التفسير؟!‬
‫وأئمة أهل البيت هم أجرأ وأشجع مسن أن يجبنسوا عسن بيسان الحسق‪ ،‬وأن‬
‫يتخلوا عن الصدع بأمر الله وشرعه‪.‬‬
‫‪ -5‬هذه التأويلت الباطنية هي من باب اللحاد فسسي كتسساب اللسسه وآيسساته ‪-‬‬
‫عل َي ْن َققا{‬
‫ن َ‬ ‫و َ‬
‫فق ْ‬‫خ َ‬
‫في آَيات ِن َققا ل ي َ ْ‬‫ن ِ‬‫دو َ‬ ‫ن ي ُل ْ ِ‬
‫ح ُ‬ ‫ن ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫وقد قال تعالى‪} :‬إ ِ ّ‬
‫]فصلت‪ ،‬آية‪ .[.40 :‬قال ابن عبسساس‪ :‬هسسو أن يوضسسع الكلم فسسي غيسسر موضسسعه‬
‫]تفسير الطبري‪ ،24/123 :‬فتح القدير‪ [.4/520 :‬وذلك بالنحراف في تأويله ]انظر‪:‬‬
‫القاسمي‪ /‬محاسن التأويل‪ ،14/211 :‬اللوسي‪ /‬روح المعاني‪.[.24/126 :‬‬
‫قال في الكليل‪" :‬ففيها الرد على من تعاطى تفسير القرآن بما ل يسسدل‬
‫عليه جوهر اللفظ كما يفعله والتحاديسسة والملحسسدة" ]السسسيوطي‪ /‬الكليسسل‪ :‬ص‬
‫‪) 354‬المطبوع على هامش جامع البيان في تفسير القرآن(‪ .[.‬وهؤلء الذين يلحسسدون‬
‫في آيات الله ويحرفونها عن معانيها وإن كتموا كفرهم وتسسستروا بالباطسسل‬
‫ن‬
‫و َ‬ ‫خ َ‬
‫ف ْ‬ ‫وأرادوا الخفاء لكنهم ل يخفون على الله كمسسا قسسال تعسسالى‪} :‬ل ي َ ْ‬
‫عل َي َْنا{ ]محمد شاه الكشميري‪ /‬إكفار الملحدين‪ :‬ص ‪.[.2‬‬ ‫َ‬
‫‪ -6‬ربط شيوخ الشيعة هذه التسسأويلت أو التحريفسسات بأئمسسة أهسسل السسبيت‬
‫لتحظى بالقبول عند الناس‪ ،‬ولنها تأويلت غير عاقلة قسسالوا‪ :‬بسسأن السسسياق‬
‫القرآني غير منسجم مع النظر العقلي‪ ،‬ونسبوا هذا القول لجعفر الصسسادق‬

‫‪112‬‬
‫كما يروي ذلسسك جسسابر الجعفسسي أنسسه قسسال لسسه‪" :‬يسسا جسسابر‪ ،‬إن للقسسرآن بطنسا ً‬
‫وللبطن ظهرًا‪ ،‬ثم قال‪ :‬وليس شيء أبعد من عقول الرجال منه‪ ،‬إن اليسسة‬
‫لينزل أولها في شيء وآخرها في شسسيء وهسسو كلم متصسسل يتصسسرف علسسى‬
‫وجوه" ]تقسسدم تخريسسج هسسذا النسسص مسسن كتسسب الشسسيعة‪ :‬ص )‪ .[.(152‬ولشك أن هسسذا‬
‫الحكم هو برواياتهم أليق وأوفق‪ ،‬ول يتصل من قريب أو بعيد بكتسساب اللسسه‬
‫وتفسيره الصحيح‪.‬‬
‫‪ -7‬قامت مصادرهم في التفسير ‪ -‬غالبا ً ‪ -‬على هذا المنهج الباطني فسسي‬
‫التأويل الذي استقته من أبي الخطاب وجابر الجعفي والمغيرة بسسن سسسعيد‬
‫وغيرهم من الغلة‪ .‬ويلحظ أنه فسسي القسسرن الخسسامس بسسدأ اتجسساه التفسسسير‬
‫عندهم يحاول التخلص من تلك النزعة المغرقة في التأويل الباطني؛ حيث‬
‫بدأ شيخ الطائفة عندهم أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسسسي )المتسسوفى‬
‫ه( يؤلسف لهسم كتابسا ً فسي تفسسير القسرآن يستضسيء فسي تسأليفه‬ ‫سنة ‪‍ 460‬‬
‫بأقوال أهل السنة‪ ،‬ويأخذ مسسن مصسسادرهم فسسي التفسسسير‪ ،‬ويحسساول فيسسه أن‬
‫يتخلص أو يخفف من ذلك الغلو الظاهر في تفسير القمي والعياشي وفي‬
‫أصول الكافي وغيرهسسا‪ ،‬وهسسو وإن كسسان يسسدافع عسسن أصسسول طسسائفته ويقسسرر‬
‫مبادئهم المبتدعة‪ ،‬إل أنه ل يهبط ذلك الهبوط الذي نزل إليه القمسسي ومسسن‬
‫تأثر به‪ .‬ومثل الطوسي في هذا النهج الفضل بن الحسسسن الطبرسسسي فسسي‬
‫"مجمع البيان" وقد أشار شيخ السسسلم ابسسن تيميسسة إلسسى ذلسسك حيسسث قسسال‪:‬‬
‫"الطوسي ومن معه في تفسيرهم يأخذون من تفاسسسير السسسنة‪ ،‬ومسسا فسسي‬
‫تفسيرهم من علم يستفاد إنما هو مأخوذ من تفاسير أهسسل السسسنة" ]انظسسر‪:‬‬
‫منهاج السنة‪ :‬ص ‪.[.3/246‬‬
‫ولكن قسسد كشسسف لنسسا شسسيخ الشسسيعة فسسي زمنسسه ومحسسدثها وخسسبير رجالهسسا‬
‫وصاحب آخر مجموع من مجاميعهم الحديثية‪ ،‬وأسسستاذ كسسثير مسسن علمسسائهم‬
‫الكبار عنسسدهم كمحمسسد حسسسين آل كاشسسف الغطسسا‪ ،‬وأغسسا بسسزرك الطهرانسسي‬
‫وغيرهما وعسسالم الشسسيعة حسسسين النسوري الطبرسسي قسسد كشسف لنسا سسسرا ً‬
‫عندهم بقي دفينًا‪ ،‬وأماط اللثام عن حقيقة كسسانت مجهولسسة لسسدينا وهسسي أن‬
‫كتسساب »التبيسسان« للطوسسسي إنمسسا وضسسع علسسى أسسسلوب التقيسسة والمسسداراة‬
‫للخصوم وإليك نص كلمه‪:‬‬
‫"ثم ل يخفى على المتأمل في كتاب التبيان أن طريقته فيه علسسى نهايسسة‬
‫المداراة والمماشاة مع المخالفين‪ ،‬فإنك تراه اقتصسسر فسسي تفسسسير اليسسات‬
‫على نقل كلم الحسن وقتادة والضسسحاك والسسسدي وابسسن جريسسج والجبسسائي‬
‫والزجاج‪ ،‬وابن زيد وأمثالهم‪ .‬ولم ينقل عن أحد من مفسري المامية‪ ،‬ولم‬
‫يسسذكر خسسبرا ً عسسن أحسسد مسسن الئمسسة ‪ -‬عليهسسم السسسلم ‪ -‬إل قليل ً فسسي بعسسض‬
‫المواضع لعله وافقه فسسي نقلسسه المخسسالفون‪ .‬بسسل عسسد الوليسسن فسسي الطبقسسة‬
‫الولى من المفسسسرين السسذين حمسسدت طرائقهسسم ومسسدحت مسسذاهبهم‪ .‬وهسسو‬
‫بمكان من الغرابة لو لم يكن على وجه المماشاة‪ ..‬ومما يؤكد كون وضسسع‬
‫هذا الكتاب على التقية ما ذكره السيد الجيل علي بسسن طسساوس فسسي سسسعد‬
‫السعود وهذا لفظه‪" :‬ونحسسن نسذكر مسسا حكسساه جسسدي أبسسو جعفسسر محمسسد بسسن‬
‫الحسن الطوسي في كتاب »التبيان« وحملته التقية علسسى القتصسسار عليسسه‬
‫‪113‬‬
‫من تفضيل المكي على المدني والخلف في أوقاته‪ ..‬الخ‪) .‬هكذا لم يكمل‬
‫النوري النص(" ثم قال هذا النوري معقبا ً على ما نقله على ابسسن طسساوس‪:‬‬
‫"وهو ‪ -‬يعني ابن طاوس ‪ -‬أعرف بما قال مسسن وجسسوه ل يخفسسى علسسى مسسن‬
‫اطلسسع علسسى مقسسامه فتأمسسل" ]فصسسل الخطسساب‪ :‬ص ‪) 35‬والورقسسة ‪ 17‬مسسن النسسسخة‬
‫المخطوطة من الكتاب المذكور(‪.[.‬‬
‫فمن هذا النص يتبين أن التبيان للطوسي قد وضع على أسلوب التقية ‪-‬‬
‫كما هو رأي شيخ الشسسيعة المعاصسسر ‪ -‬أو أن يكسسون التبيسسان قسسد صسسدر مسسن‬
‫الطوسي نتيجة اقتناع عقلي بإسفاف ما عليه القوم مسسن تحريسسف لمعسساني‬
‫القرآن سموه تفسيرًا‪ ،‬وبتسسأثير نزعسسة معتدلسسة لختلطسسه مسسع بعسسض علمسساء‬
‫السنة في بغداد‪ ..‬ومعنى هذا أن شيعة اليوم ‪ -‬والذي يمثلهم هسسذا النسسوري‬
‫الطبرسسسي والسسذي ارتضسسوا كتسسابه )مسسستدرك الوسسسائل( مصسسدرا ً لهسسم فسسي‬
‫الحديث ]انظر‪ :‬فصسسل "السسسنة" مسسن هسسذه الرسسسالة‪ ،[.‬كدليل على كسسبير مقسسامهم‬
‫عندهم ‪ -‬هم أشد غلوا ً وتطرفًا‪ ،‬ولذا تراهم يعتبرون تفسير الطوسي ومن‬
‫سار على منهجسسه إنمسسا ألفسست للخصسسوم‪ ،‬والسستزمت بسسروح التقيسسة )لتبشسسر(‬
‫بالعقيدة الشيعية مع غير الشيعة‪.‬‬
‫ولعل القسسارئ يسسدرك مسسن خلل هسسذا السسرأي لشسسيخ الشسسيعة حسسول كتسساب‬
‫»التبيان« ‪ -‬أن التقية أسهمت في )تكريس( الغلو عند هذه الطائفة‪ ،‬وفي‬
‫وأد كل صوت عاقل ورأي معتدل بحمله على التقية لنه يوافق ‪ -‬بزعمهسسم‬
‫‪ -‬ما عند أهل السنة‪ ،‬فبقيت هذه الطائفة في هسسذه السسدائرة المغلقسسة‪ ،‬قسسد‬
‫جعلت من التقية حصنا ً تلجأ إليه كلما هبت عليها نسمات الصسسلح‪ ،‬وريسساح‬
‫التغيير ‪ -‬كما سيأتي في مبحث التقية ‪.-‬‬
‫ثم ل ننسى أن نشير إلى أن ما قلناه عن كتاب الطوسسي ينطبسق علسى‬
‫تفسير مجمع البيان للطبرسي لنه سار علسى نهسج الطوسسي وأشسار إلسى‬
‫ذلك في مقدمة تفسيره حيث قال‪ .." :‬إل ما جمعه الشيخ الجسسل السسسعيد‬
‫أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي قدس الله روحه من كتسساب التبيسسان‪،‬‬
‫فإنه الكتاب الذي يقتبس منه ضياء الحق ويسلوح عليه رواء الصسسدق‪ ..‬وهسسو‬
‫القدوة أستضيء بأنواره وأطأ مواقع آثاره" ]مجمع البيان‪.[.1/20 :‬‬

‫المبحث الثالث‬
‫هل الشيعة تقول بأن في كتاب الله نقصا ً أو تغييرًا‪:‬‬
‫مدخل للموضوع‪:‬‬
‫وجاء في هذا المبحث بهذه الصيغة الستفهامية لثلث أسباب‪:‬‬
‫ل‪ :‬أن طائفة من أعلم الثني عشرية يتبرأون من هذه المقالة ‪ -‬مثسسل‬ ‫أو ً‬
‫الشريف المرتضى‪ ،‬وابن بابويه القمي وغيرهما ‪.-‬‬
‫ثانيا‪ :‬إن إجماع المسلمين كلهم قام على أن كتاب الله سبحانه محفوظ‬
‫ه{‪ .‬ومن‬ ‫خل ْ ِ‬ ‫ه ال َْباطِ ُ‬ ‫ْ‬
‫ف ِ‬ ‫ن َ‬
‫م ْ‬
‫ول ِ‬
‫ه َ‬
‫ن ي َدَي ْ ِ‬
‫من ب َي ْ ِ‬
‫ل ِ‬ ‫بحفظ الله له }ل ي َأِتي ِ‬
‫قال بأن في القرآن نقصسا ً و تحريفسا ً فليسسس مسسن أهسسل القبلسسة وليسسس مسسن‬
‫السلم في شيء‪ ،‬ومن هنا فسسإن العسسدل يقتضسي أن نحتساط فسسي دراسسستنا‬

‫‪114‬‬
‫لهذه المسألة أبلغ الحتياط‪ ،‬وأن نعدل في القول‪ ،‬فل نرمي طائفسسة بهسسذه‬
‫المقالة إل بعد الدراسة والتثبت‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬إن هناك طائفة من المفكرين يرمون الشيعة بالقول بهسسذا الكفسسر‪،‬‬
‫ق‪ ،‬والشسسيعة طبقسات‪ ،‬فل يصسسح أن‬ ‫ويعممون ذلك‪ ،‬ولشك بأن الشيعة فسسر ٌ‬
‫يقال مثل ً بأن متقدمي الشيعة يقولون بهذه المقالة ]وقد انساق "إحسان إلهي‬
‫ظهير" وراء مقالة صاحب فصل الخطاب بأنه ل يوجد من أنكر مقالة التحريف من الشسسيعة‬
‫في القرون المتقدمة إل هؤلء الربعة )يعني ابن بسسابويه القمسسي‪ ،‬والمرتضسسى‪ ،‬والطبرسسسي‪،‬‬
‫والطوسسسي( فقسسال إحسسسان‪" :‬والحاصسسل أن متقسسدمي الشسسيعة ومتسسأخريهم تقريبسا ً جميعهسسم‬
‫متفقون على أن القرآن محرف‪ ،‬مغير فيه"‪) .‬الشيعة والسنة ص ‪) (122‬ط‪ .‬دار النصسسار(‪.‬‬
‫الحقيقة أن هذه القضية بدأت عند الشسسيعة متسسأخرة عسسن نشسسأة الشسسيعة نفسسسها‪ ،‬وأن أوائل‬
‫الشيعة ليسوا على هذا الضلل‪ ،‬وأن فرقا ً من الشسيعة ليسست علسى هسذا "الباطسل"‪ ،[.‬ول‬
‫يقبل أن يقسسال بسأن الزيديسسة تقسسول بهسسذه الفريسسة‪ ..‬فأسسسلوب التعميسسم غيسسر‬
‫مرضي ول مقبول‪.‬‬
‫وبعد ‪ :‬فإن الباحث المسسسلم يعسساني بل شسسك مسسن قسسراءة تلسسك الحسسروف‬
‫السوداء‪ ،‬ومن الستماع لولئك القسسزام السسذين يتطسساولون علسسى كلم اللسسه‬
‫سبحانه‪ ،‬يعسساني مسسن ذلسسك أبلسسغ المعانسساة‪ .‬وليعلسسم القسسارئ أن دراسسسة هسسذا‬
‫الموضوع ليست من أجل الرد والدفاع‪ ،‬فكتاب اللسسه ل تصسسل إلسسى مقسسامه‬
‫بغاث الحلم‪ ،‬ول تنال من عظمته دعسسوى حاقسسد‪ ،‬ومزاعسسم مغسسرض‪ .‬فهسسل‬
‫تسسستر الشسسمس‪ ،‬أو تحجسسب القمسسر كسسف إنسسسان؟! ثسسم مسسا أسسسهل الدعسساء‬
‫وتور‪ ،‬ومن ثم فليس علينا أن نتتبع كسسل دعسسوى كاذبسسة‬ ‫م ْ‬
‫الكاذب على حاقد َ‬
‫لنردها‪:‬‬
‫لو أن كل كلب عوى ألقمته حجرا ً لكان كل مثقال بدينار‬
‫كما أن إهمال القول الكاذب قد يكون أحرى لماتته وانصسسراف النظسسار‬
‫عنه‪ ،‬ما لم يتفش هذا القسسول ويشسستهر وتحملسسه طائفسسة‪ ،‬وتسسسير بسسه كتسسب‪،‬‬
‫فحينئذ يجب كشف المطبل وباطله‪.‬‬
‫وأقول‪ :‬إن دراسة هذه المسألة ليست من أجل الرد والنقض‪ ،‬إنما هسسي‬
‫لبيان هل الشيعة تقول بهذه المقالة أو ل؟‪ ،-‬وفي ثبوت ذلك أكبر فضسسيحة‬
‫للشيعة يهدم بنيانها من الساس ويزلزل كيانهسسا مسسن القواعسسد‪ ،‬ولسسن يقبسسل‬
‫منها قول ول يسمع منها كلمة‪ ..‬ومن ذا الذي يمس كتاب الله ويقبسل منسه‬
‫مسلم قول ً أو يرتضي منه حكما ً ]ولهذا رأينا المام بن احسسزم ‪ -‬رحمسسه اللسسه ‪ -‬حينمسسا‬
‫احتج النصارى بما ينسب إلى الرافضة من القول بنقص القرآن وتغييره‪ ..‬أجابهم ابن حسسزم‬
‫بأن هؤلء ليسوا من المسلمين وإنما هي فرقة طارئفسسة علسسى السسسلم والمسسسلمين حسسدث‬
‫أولها بعد مسسوت النسسبي صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم بخمسسس وعشسسرين سسسنة‪) .‬انظسسر‪ :‬الفصسسل‪:‬‬
‫‪ .[.(2/80‬ومسسن ثسسم فنحسسن نكتسسب هسسذه الدارسسسة لبيسسان حقيقسسة نسسسبة هسسذه‬
‫المسألة للشيعة؛ لن من حاول المساس بكتاب الله والنيل مسسن قدسسسيته‬
‫فإنه بعيد عن السسسلم وإن تسسسمى بسسه‪ ،‬وأنسسه يجسسب كشسسفه لتعسسرف المسسة‬
‫عدواته؛ لنه يحارب السلم في أصله العظيم وركنه المتين‪.‬‬
‫ثم إن حكاية قول من قال ذلك ‪ -‬كما يقول أبو بكر الباقلني ‪ -‬يغني عن‬
‫الرد عليه ]إعجاز القرآن‪ :‬ص ‪ ، 24‬تحقيق أحمد صقر‪[.‬؛ لما توافر لكتاب الله من‬
‫وسائل الحفظ وأسباب الضبط التي يستحيل معها أن يتطسسرق إليسسه نقسسص‬

‫‪115‬‬
‫ن ن َّزل ْن َققا ال قذّك َْر‬ ‫أو تغيير تحقيقا ً لوعد الله سبحانه فسسي حفظسسه }إ ِّنا ن َ ْ‬
‫حق ُ‬
‫ن{ ]الحجر‪ ،‬آية‪ .[.9 :‬هذا ومن أمسسر هسسذه السسدعوى والسستي‬ ‫ظو َ‬‫ف ُ‬ ‫ه لَ َ‬
‫حا ِ‬ ‫وإ ِّنا ل َ ُ‬
‫َ‬
‫وجدت في محيط الشيعة )وسندرس مدى موافقة الشيعة لها أو رفضسسها(‬
‫أنها ولدت وفي أحشائها أسباب فنائها‪ ،‬وبراهين زيفهسسا وكسسذبها‪ ،‬لسسم يحكسسم‬
‫واضعها الصنعة في صياغتها‪ ،‬ولم يجسسد الحيلسسة فسسي حبكهسسا‪ ،‬فجسساءت علسسى‬
‫صورة مفضوحة‪ ،‬وبطريقة مكشوفة‪ ،‬ولذلك نقضت نفسها بنفسسسها‪ ،‬فهسسي‬
‫تقوم على دعوى أن القرآن ناقص ومغير‪ ..‬وأن القرآن الكامل المحفسسوظ‬
‫من أي تغيير هو عند أمير المؤمنين علي بن أبي طالب‪ ،‬ثسسم أورثسسه الئمسسة‬
‫من بعده وهو اليوم عند مهديهم المنتظر‪.‬‬
‫فهذه الدعوى ربطوها بأمير المؤمنين علي‪ ،‬ولكن عليسا ً هسسو السسذي حك ّسسم‬
‫القرآن في خلفته وقرأه وتعبد به‪ ،‬ولو كان لديه غيره لخرجه للناس ولم‬
‫يجز أن يتعبد اللسه بكتساب محسرف ونساقص‪ ،‬ولسو كسان شسيء ممسا يسدعون‬
‫لخرج علي القرآن الكامل الذي جمعه‪ ،‬وعارض به هذا القرآن المحرف ‪-‬‬
‫كما يدعون ‪ -‬ولتدارك المر حين أفضت إليه الخلفة‪ ،‬لن من أقر الخسسائن‬
‫على خيانته كان كفاعلها‪ ..‬وقسد حسارب علسي معاويسسة علسسى أقسل مسن هسذا‬
‫المر‪ ،‬فكيف لم يفعل ذلك أمير المؤمنين؟!!‬
‫لم يجد أصحاب هذا الفتراء ما يجيبون به عن هذا السؤال الكبير السسذي‬
‫ينسف بنيانهم من القواعد سوى قسسولهم علسسى لسسسان عسسالمهم نعمسسة اللسسه‬
‫الجزائري ]وله منزلته عندهم‪ ،‬وصسسفوه بسسأنه السسسيد السسسند‪ ،‬والركسسن المعتمسسد‪ ،‬المحسسدث‬
‫النبيه‪ ،‬المحقق‪ ،‬النحرير‪ ،‬المسسدقق العزيسسز النظيسسر‪ ،‬وقسسالوا بسسأنه مسسن أكسسابر متسسأخري علمسساء‬
‫المامية‪ ،‬محدث جليل القدر‪ ،‬ومحقسسق عظيسسم الشسسأن‪ ،‬إلسسى آخسسر أوصسسافهم‪ ،‬تسسوفي سسسنة )‬
‫ه( )انظر‪ :‬أمسسل المسسل‪ ،2/336 :‬الكنسسى واللقسساب‪ ،3/298 :‬سسسفينة البحسسار‪،2/601 :‬‬ ‫‪‍ 1112‬‬
‫مقدمة النوار النعمانية(‪" :[.‬ولما جلس أمير المسسؤمنين ‪ -‬عليسسه السسسلم ‪ -‬علسسى‬
‫سرير الخلفة لم يتمكن من إظهار ذلك القرآن وإخفاء هسسذا لمسسا فيسسه مسسن‬
‫إظهار الشنعة على ما سبقه" ]النوار النعمانية‪.[.2/362 :‬‬
‫هكذا يجيبون وبهذا يعتسسذرون‪ ..‬وأي قسسدح وسسسب لميسسر المسسؤمنين ممسسن‬
‫يزعم التشيع له أبلغ من هذا وأشد‪ ..‬إنهم يتهمون عليا ً ‪ -‬رضي الله عنسسه ‪-‬‬
‫بأنه راعى المجاملة لمن سبقه على هداية المة‪ ،‬ولهذا لم يخرج ما عنسسده‬
‫من القرآن‪ ..‬سبحانك هذا بهتان عظيم!‪.‬‬
‫كما أنهم ربطوا وجود المصحف بإمامهم المنتظر الذي لم يولد أصل ً ول‬
‫وجود له ‪ -‬كما سيأتي ‪ -‬والمسام الغسسائب والمصسسحف الغسسائب كلهمسسا وهسسم‬
‫وخيال‪.‬‬
‫والكلمات المفتراة والتي قدموها على أنها آيات ساقطة من المصسسحف‬
‫انكشف بها كسسذبهم وظهسسر بهسسا بهتسسانهم‪ ،‬فهسسي أشسسبه مسسا تكسسون بمفتريسسات‬
‫مسيلمة المتنبئ الكذاب وادعاءاته‪ ..‬ل تربطها بلغة العرب‪ ،‬وبلغة اللسان‬
‫العربي أدنى رابطة ‪ -‬كما سيأتي ‪ ،-‬ثم إنهم رجعوا على أنفسهم وقالوا‪ :‬ل‬
‫اعتماد على تلك الكلمات ول تعتبر من القرآن‪ ،‬ول يجوز القسسراءة بهسسا‪ ،‬لن‬
‫طريقها آحاد‪ ،‬والئمة قرأوا هذا القرآن واسسستعملوه فل يسسترك مسسا أجمعسسوا‬
‫عليه بمثل هذه الروايات‪ ..‬ثم انفصل منهم طائفة عاقلسة تسبرأت مسن هسسذا‬

‫‪116‬‬
‫الكفر لما رأت من تناقضه ووضسوح بطلنسه‪ ..‬وهساجمت مسن قسال بسه مسن‬
‫أصحابها وكشفت كذبه وكفى الله المؤمنين القتال‪ ..‬وهذا الصسسراع السسدائر‬
‫بين الطائفتين ينكشف من خلل كتاب فصل الخطاب كما سيأتي تفصسسيله‬
‫إن شاء الله‪ ،‬فحملت هذه المقالة أسباب فنائها فسسي أحشسسائها‪ ،‬وانكشسسف‬
‫عوارها وكذبها بكلمات أصحابها‪ ،‬وفي هسسذا آيسسات للمسسؤمنين‪ ،‬وبرهسسان مسسن‬
‫براهين عظمة هذا القرآن‪ ،‬وسر مسن أسسسرار إعجسسازه والسستي ل تحيسط بهسا‬
‫العقول‪ ،‬وشاهد من شواهد تحقيق وعد الله بحفظه لكتابه العزيز‪.‬‬
‫وفيما يلي نبدأ بدراسة هذه القضية عنسسد الشسسيعة‪ ،‬ومسستى بسسدأت‪ ،‬وكيسسف‬
‫امتدت‪ ،‬ومن الذي تولى كبر وضعها‪ ،‬وهل تقول الشيعة كلها بذلك أو فيها‬
‫من أنكر وتبرأ؟ وسنذكر أول ً ما تقوله كتب السنة‪ ،‬ثم نرجع لتحقيسسق ذلسسك‬
‫من كتب الشيعة الثني عشرية نفسها‪:‬‬
‫بداية هذا الفتراء ‪ -‬كما تقوله مصادر أهل السنة‪:‬‬
‫يقول المام أبو بكر محمد بن القاسم النباري ]محمد بن القاسم بن محمد‪..‬‬
‫أبو بكر بن النباري‪ ،‬قال الخطيب البغدادي‪" :‬كان صدوقا ً فاضل ً دينا ً خيرا ً من أهسسل السسسنة‪،‬‬
‫وصنف كتبا ً كثيرة في علوم القسسرآن‪ ..‬والوقسسف والبتسسداء والسسرد علسسى مسسن خسسالف مصسسحف‬
‫العامة‪ ..‬وكسسان مسن أحفسسظ النسساس للغسسة وتفسسسير القسسرآن"‪) .‬انظسسر‪ :‬تاريسسخ بغسسداد‪-3/181 :‬‬
‫‪" :[.(186‬لسسم يسسزل أهسسل الفضسسل والعقسسل يعرفسسون شسسرف القسسرآن وعلسسو‬
‫منزلته‪ ..‬حتى نبغ في زماننسسا هسسذا زائع عسسن الملسسة وهجسسم علسسى المسسة بمسسا‬
‫يحاول بسسه إبطسسال الشسسريعة‪ ..‬فزعسسم أن المصسسحف السسذي جمعسسه عثمسسان ‪-‬‬
‫رضي الله عنه ‪ -‬باتفاق أصحاب رسول الله صلى اللسسه عليسسه وسسسلم علسسى‬
‫تصويبه فيما فعل ل يشتمل على جميسسع القسسرآن‪ ،‬إذا كسسان قسسد سسسقط منسسه‬
‫خمسمائة حرف‪) ..‬ثم ذكر ابن البناري( أن هذا الزنسسديق أخسسذ يقسسرأ آيسسات‬
‫من القرآن على غير وجهها زندقة وإلحادًا‪ ،‬فكان يقرأ‪) :‬ولقد نصركم اللسسه‬
‫ببدر بسيف علي وأنتم أذلة(" ]تفسير القرطبي‪.[.1/28 :‬‬
‫ه( والمتسسوفى سسسنة )‬ ‫هذا النص قسساله ابسسن النبسساري المولسسود سسسنة )‪‍ 271‬‬
‫ه( وهو يشير إلى أن هسسذا الفسستراء بسسدأ فسسي زمنسسه فسسي نهايسسة القسسرن‬‫‪‍ 328‬‬
‫الثالث وبداية القرن الرابع‪ .‬ويدل النص المذكور أيضا ً على‪ :‬أن مصدر هذا‬
‫الفتراء من طائفة الشيعة كما تفيده تلك الزيادة المفتراة )بسسسيف علسسي(‬
‫كما يدل على أنه لم يكن للمة المسلمة في ماضيها عهد بهذه المفتريات‬
‫حتى ظهر هذا الزائغ عن الملة‪ ،‬وكأن ابن النباري بهذا يشير إلسى شسسخص‬
‫بعينه إل أنسسه لسسم يسسذكره باسسسمه‪ ..‬ولكسسن بسسدت هسسويته المذهبيسسة مسسن خلل‬
‫افتراءاته‪.‬‬
‫ه( يشير إلى أن هذا الشخص صسساحب هسسذه‬ ‫بينما نجد المطلي )ت ‪‍ 377‬‬
‫الفرية هو هشام بن الحكم ]هشام بن الحكم‪ :‬أصله كوفي‪ ،‬وسكن بغداد‪ ،‬وتربى في‬
‫أحضان بعض الزنادقة‪ ،‬وكان في الصل على مذهب الجهميسة‪ ،‬ثسم قسال بالتجسسيم‪ ..‬نقلست‬
‫عنه مقالت ضالة وتنسب له كتسسب الفسسرق فرقسسة "الهشسسامية" مسسن الشسسيعة‪ .‬تسسوفي سسسنة )‬
‫ه( انظر‪ :‬رجال الكشي‪ :‬ص ‪ ،280-255‬رجسسال‬ ‫ه( كما في رجال الكشي‪ ،‬وقيل‪‍ 190) :‬‬ ‫‪‍ 179‬‬
‫النجاشي‪ :‬ص ‪ ،338‬وانظسسر‪ :‬ابسسن حجسسر‪ /‬لسسسان الميسسزان‪ ،6/194 :‬وانظسسر عسسن الهشسسامية‪:‬‬
‫الملطي‪ /‬التنبيه والرد‪ :‬ص ‪ ،24‬الشسسعري‪ /‬مقسسالت السسسلميين‪ ،1/106 :‬البغسسدادي الفسسرق‬
‫بيسسن الفسسرق‪ :‬ص ‪ ،65‬الشهرسسستاني‪ /‬الملسسل والنحسسل‪1/184 :‬وغيرهسسا‪ [.‬فسسإنه زعسسم أن‬

‫‪117‬‬
‫القرآن الذي في أيدي الناس وضع أيام عثمان‪ ،‬وأما القرآن فقد صسسعد بسسه‬
‫إلى السماء لردة الصحابة بزعمه ]التنبيه والرد‪ :‬ص ‪.[.25‬‬
‫ه( وهذا يعنسسي أن هسسذا الفسستراء‬ ‫ولكن هشام بن الحكم توفي سنة )‪‍ 190‬‬
‫أقدم مما يذكره ابن النباري‪ ،‬وإذا لحظنسسا أن هسسذه الفريسسة مرتبطسسة أشسسد‬
‫الرتباط بمسسسألة المامسسة والئمسسة عنسسد الشسسيعة‪ ،‬وذلسسك حينمسسا بسسدأ شسسيوخ‬
‫الشيعة في الستدلل عليها فلم يجدوا في كتاب الله مسسا يثبسست مزاعمهسسم‬
‫في ذلك فأدى بهم هذا إلى القول بهسسذه الفريسسة وغيرهسسا‪ ..‬إذا أدركنسسا ذلسسك‬
‫فإنه ل يبعد أن يكون ما يقوله المطلي في أن هشاما ً هو الذي تسسولى كسسبر‬
‫هذا الفتراء‪ ..‬ل يبعد أن يكون هذا واقعا ً لسيما ً أن هشسساما ً كسسان مسسن أول‬
‫من تكلم في المامة‪ ،‬حتى قال ابن النديم‪" :‬إن هشسسام بسسن الحكسسم ممسسن‬
‫فتق الكلم في المامة‪ ،‬وله من الكتب كتاب المامة" ]الفهرست‪ :‬ص ‪،[.175‬‬
‫وقال ابن المطهر الحلسسي‪" :‬وكسسان ممسسن فتسسق الكلم فسسي المامسسة وهسسذب‬
‫المذهب بالنظر" ]رجال الحلي‪ :‬ص ‪.[.178‬‬
‫ويشفع لتأهيل هشام بن الحكم ‪ -‬أيضا ً ‪ -‬لهذه الفرية ما جاء فسسي رجسسال‬
‫الكشي‪ -‬عمدة الشيعة في كتب الرجال ‪ -‬ونصه‪" :‬هشان بسسن الحكسسم مسسن‬
‫غلمسسان أبسسي شسساكر‪ ،‬وأبسسو شسساكر زنسسديق" ]رجسسال الكشسسي‪ :‬ص ‪ .[.278‬وقسسال‬
‫القاضي عبد الجبار )المعسستزلي( ‪" :‬هشسسام‪ ..‬ليسسس مسسن أهسسل القبلسسة‪ ،‬وهسسو‬
‫معروف بعداوة النبياء‪ ،‬وقد أخذ مع أبي شاكر الديصاني ]انظسسر‪ :‬ابسسن النسسديم‪/‬‬
‫الفهرسسست‪ :‬ص ‪ [.338‬صاحب الديصانية ]الديصسسانية‪ :‬إحسسدى فسسرق الثنويسسة القسسائلين‬
‫بالصلين النور والظلمسسة‪ ،‬وأن العسسالم صسسدر عنهمسسا‪ ،‬وتعتسسبر أصسل ً للمانويسسة‪ ،‬وإنمسسا اختلفسست‬
‫الفرقتان في كيفية اختلط النور بالظلمة )الملل والنحل‪ ،1/250 :‬الفهرست لبسسن النسسديم‪:‬‬
‫ص ‪ [.(339-338‬وكان معروفا ً به وبصحبته‪ ،‬فادعى أنه من الشيعة‪ ،‬فخلصسسه‬
‫بعض أصحاب المهدي حين ادعى أنه يتشيع لبنسسي هاشسسم فلسسم يصسسلبه مسسع‬
‫أبي شاكر ]انظسسر‪ :‬تثسسبيت دلئل النبسسوة‪ :‬ص ‪ ،[.225‬فهسسو قسسد تربسسى فسسي أحضسسان‬
‫الزنادقة‪ ،‬والشيء من معدنه ل يستغرب‪ ..‬وقد أوعز إليه ‪ -‬كما في رجسسال‬
‫الكشي ‪ -‬بلزوم الصمت حين جد ّ المهدي العباسي بتتبسسع الزنادقسسة" ]انظسسر‪:‬‬
‫رجال الكشسسي‪ :‬ص ‪ .[.266-265‬قال هشام‪" :‬فكففسست عسسن الكلم حسستى مسسات‬
‫المهدي" ]رجال الكشي‪ :‬ص ‪.[.266‬‬
‫فتشير القرائن ‪ -‬كما ترى ‪ -‬إلى هشسام وشسيعته‪ ،‬فهسذا يسدل علسى أقسل‬
‫الفتراضات أن هذه "الفرية" وجدت فسي عصسر هشسام‪ ،‬وممسا يسدل علسسى‬
‫وجود هذه الدعوى في تلك الفترة ما ذكره ابن حسسزم عسسن الجسساحظ قسسال‪:‬‬
‫"أخبرني أبو إسحاق إبراهيم النظام وبشر بن خالد أنهما قسسال لمحمسسد بسسن‬
‫جعفر ]كذا في الطبعة المحققة من "الفصل" ولعل الصواب أبو جعفر‪ ،‬لن أباه علي كما‬
‫هو المشهور في كتب التراجم‪ [.‬الرافضي المعسسروف بشسسيطان الطسساق‪ :‬ويحسسك!‬
‫أما استحيت من الله أن تقول في كتابك في المامسسة‪ :‬إن اللسسه تعسسالى لسسم‬
‫قققو ُ‬
‫ل‬ ‫ر إ ِذْ ي َ ُ‬ ‫فققي ال ْ َ‬
‫غققا ِ‬ ‫مققا ِ‬ ‫ي اث ْن َي ْ ِ‬
‫ن إ ِذْ ُ‬
‫ه َ‬ ‫يقسسل قسسط فسسي القسسرآن‪َ} :‬ثان ِ َ‬
‫عَنا{ ]التوبسسة‪ ،‬آيسسة‪ .[.40 :‬قال‪ :‬فضسسحك واللسسه‬ ‫م َ‬‫ه َ‬‫ن الل ّ َ‬
‫ن إِ ّ‬ ‫ه ل َ تَ ْ‬
‫حَز ْ‬ ‫حب ِ ِ‬
‫صا ِ‬
‫لِ َ‬
‫شيطان الطاق طويل ً حتى كأّنا نحن الذي أذنبنا" ]الفصل‪.[.5/39 :‬‬

‫‪118‬‬
‫هذه الحكاية أوردها ابن حسسزم عسسن الجسساحظ‪ ،‬وقسسد قسسال ابسسن حسسزم عسسن‬
‫الجاحظ بأنه رغم مجونه وضلله‪" :‬فإننا ما رأينا لسسه فسسي كتبسسه تعمسسد كذبسسة‬
‫يوردهسسا مثبتسسا ً لهسسا‪ ،‬وإن كسسان كسسثيرا ً ليسسراد كسسذب غيسسره" ]الفصسسل‪.[.5/39 :‬‬
‫وشيطان الطاق وهو محمد بن علي ابن النعمان أو جعفسسر الحسسول تسسوفي‬
‫ه( ]نسب إليه أنه يقول‪ :‬إن الله ل يعلم شيئا ً حسستى يكسسون‪ ،‬وضسسللت أخسسرى‪،‬‬
‫سنة )‪‍ 160‬‬
‫تنسب له فرقة "الشيطانية" أو النعمانية من غلة الشيعة‪.‬‬
‫)انظر‪ :‬رجال الكشسسي‪ :‬ص ‪ ،185‬رجسسال النجاشسسي‪ :‬ص ‪ ،249‬لسسسان الميسسزان‪-5/300 :‬‬
‫‪ ،301‬فرق الشيعة للنوبختي‪ :‬ص ‪ ،78‬سفينة البحار‪ ،1/333 :‬مقالت السلميين‪،1/111 :‬‬
‫الملل والنحل‪ ،1/186 :‬النتصار لبن الخياط‪ :‬ص ‪ ،[.(48-14‬والمعروف أن شسسيطان‬
‫الطاق معاصر لهشام بن الحكم‪ ،‬قال ابن حجر‪" :‬قيل إن هشام بن الحكم‬
‫شيخ الرافضسسة لمسسا بلغسسه أنهسسم لقبسسوه شسسيطان الطسساق سسسماه هسسو مسسؤمن‬
‫الطاق" فقد يكون أحد الشركاء في هذه "الجريمة" مع هشام بن الحكسسم‪،‬‬
‫فهو شريك في التأليف حول مسألة المامسة والستي هسسي السسسبب والصسل‬
‫للقول بهذا الفتراء كما تدل عليه نصوص هذه الفرية‪.‬‬
‫شيوع هذه المقالة عندهم كما تقول كتب أهل السنة‪:‬‬
‫ثسسم فشسست هسسذه المقالسسة فسسي الشسسيعة الثنسسي عشسسرية والسسذي يلقبهسسم‬
‫الشعري وغيره بالرافضة كما أسلفنا حتى أصبحت ‪ -‬كما يذكر الشعري ‪-‬‬
‫ه( مقالسسة لطائفسسة مسسن هسسؤلء الروافسسض زعمسسوا‪" :‬أن‬ ‫)المتوفى سنة ‪‍ 330‬‬
‫القرآن قد نقص منه‪ ،‬وأمسسا الزيسسادة فسسذلك غيسسر جسسائز أن يكسسون قسسد كسسان‪،‬‬
‫وكذلك ل يجوز أن يكون قد غير منه شيء عما كان عليه‪ ،‬فأما ذهاب كثير‬
‫منه فقد ذهب كثير منه‪ ،‬والمام يحيط علما ً به" ]مقسسالت السسسلميين‪-1/119 :‬‬
‫‪ ،[.120‬بينما اتجهت فرقة أخرى مسسن هسسؤلء يصسسفهم الشسسعري بسسأنه ممسسن‬
‫جمع القول بالعتزال والمامة إلى إنكار هذا القسسول وقسسالت‪" :‬إن القسسرآن‬
‫ما نقص منه‪ ،‬ول زيد فيه‪ ،‬وإنه على ما أنزل الله تعالى علسسى نسسبيه ‪ -‬عليسسه‬
‫الصلة والسلم ‪ -‬لم يغير ولم يبدل‪ ،‬ول زال على مسسا كسسان عليسسه" ]مقسسالت‬
‫السلميين‪ .[.120-1/119 :‬وهناك فرقة ثالثة سقط ‪ -‬فيما يظهر‪ -‬ذكر مذهبها‬
‫]كما يبدو من خلل النسخة المطبوعة من مقالت السلميين تحقيق محمسسد محيسسي السسدين‬
‫عبد الحميد )ج‪‍1‬ص ‪ (120‬وفي المطبوعة الخرى للمقالت تحقيق هلموت ريسستر ذكسسر فسسي‬
‫تحقيقه للكتاب بأنه قد وجد في بعض النسخ الخطية تعليقسسة فسسي الهسسامش تقسسول‪" :‬سسسقط‬
‫فرقة من الترتيب والعسسدد وهسسم السسذين يجسسوزون الزيسسادة ول يجسسوزون النقسسص منسسه )انظسسر‪:‬‬
‫هامش مقسالت السسسلميين‪ :‬ص ‪ 47‬تحقيسسق هلمسسوت ريسستر( وقسسد يكسسون هسسذا اسسستنتاج مسسن‬
‫الناسخ؛ حيث ل يوجد من الشسسيعة قسسائل بسسذلك‪ ،‬فقسسد ذكسسر الطوسسسي فسسي التبيسسان )‪،(1/15‬‬
‫والطبرسي في مجمع البيان )‪ (1/30‬أن الزيادة مجمع على بطلنها عندهم"‪.[.‬‬
‫ه( إلسسى أن مسسن الرافضسسة مسسن‬ ‫كما يشير البغدادي )المتسسوفى سسسنة ‪‍ 429‬‬
‫زعم أن الصحابة غيروا بعسسض القسسرآن‪ ،‬وحرفسسوا بعضسسه‪ ،‬واعتسسبر ذلسسك مسسن‬
‫موجبات الحكم بكفرها وخروجهم عن السلم ]انظسسر‪ :‬الفسسرق بيسسن الفسسرق‪ :‬ص‬
‫‪.[.327‬‬
‫ويبدو أن هذا المنكر زاد انتشاره بين هسسؤلء القسسوم حسستى إننسسا نجسسد ابسسن‬
‫ه( ينسب هذه المقالة إلى طائفسسة المسسام كلهسسا‪ ،‬ولسسم‬ ‫حزم )المتوفى ‪‍ 456‬‬

‫‪119‬‬
‫]انظسسسر‪:‬‬ ‫يستثن من أعلم المامية إل ثلثة نجوا من الوقوع في هذه الهاوية‬
‫الفصل‪.[.5/40 :‬‬
‫ه( ينسب هذه المقالة إلى‬ ‫وكذلك القاضي أبو يعلى )المتوفى سنة ‪‍ 458‬‬
‫طائفة الرافضة ]المعتمد في أصول السسدين‪ :‬ص ‪ ،258‬ويشسسير القاضسسي أبسسو يعلسسى إلسسى‬
‫جهل هؤلء الروافض وإنكارهم للقضايا الضرورية ومكابرتهم فسسي ذلسسك للحقسساق المتسسواترة؛‬
‫حيث إن القرآن قد جمع بمحضر من الصحابة ‪ -‬بما فيهم علي رضسسي اللسسه عنسسه ‪ -‬وأجمعسسوا‬
‫عليه‪ ،‬ولم ينكره منكر‪ ،‬وإن مثل هذا لو كان لستحال كتمانه فسسي مسسستقر العسسادة‪ ،‬ولسسوجب‬
‫ي وغيره إنكاره ‪ ،‬وقد كان علي ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬يقرأه ويستعمله‪) ..‬المعتمد‪ :‬ص‬ ‫على عل ّ‬
‫‪ [.(258‬والتي هي من ألقاب الثني عشرية ‪ -‬كما سبق ‪ ،-‬بينمسسا نجسسد شسسيخ‬
‫ه( يعزو هذه المقالة ‪ -‬فيما يظهسسر ‪-‬‬ ‫السلم ابن تيمية )المتوفى سنة ‪‍ 728‬‬
‫للباطنية حيث قال‪" :‬وكذلك ‪ -‬أي يحكم بكفره ‪ -‬من زعم أن القرآن نقص‬
‫منه آيات وكتمسست‪ ،‬أو زعسسم تسسأويلت باطنسسة تسسسقط العمسسال المشسسروعة‪،‬‬
‫ونحسسو ذلسسك‪ ،‬وهسسؤلء يسسسمون القرامطسسة والباطنيسسة" ]الصسسارم المسسسلول‪ :‬ص‬
‫‪.[.586‬‬
‫فهل شيخ السلم ابن تيمية يعتبر الثني عشرية في عسسداد الباطنيسسة‪ ،‬أو‬
‫غاب عنه أنهم يذهبون هذا المذهب فلم يسسذكرهم‪ ،‬أو أن الشسسيخ فسسي هسسذه‬
‫النسسسبة ركسسز علسسى المعنسسى الخيسسر وهسسو التأويسسل البسساطني السسذي تعتمسسده‬
‫القرامطة الباطنية؟‬
‫علي أي الحوال فإني لم أجد ‪ -‬فيما قرأت ‪ -‬لشيخ السسلم أنسسه ينسسسب‬
‫هذه الفرية لطائفة الثني عشرية‪ ،‬ل في منهاج السنة الذي رد فيسسه علسسى‬
‫شيخهم ابن المطهر الحلي ول في غيره من كتبه المنشورة التي اطلعسست‬
‫عليها‪.‬‬
‫ويكشف ‪ -‬ميرزا مخدوم الشيرازي )من القرن العاشر( وقد عاش بيسسن‬
‫الشيعة وقرأ الكثير من كتبهم ‪ -‬كما يقسسول ]حيسسث يسسذكر أنسسه اضسسطر للبقسساء بيسسن‬
‫ظهرانيهم‪ ،‬ولزمته مخالطتهم ومطالعة كتبهسسم‪ ..‬وقسسد اطلسسع بسسسبب ذلسسك علسسى الكسسثير مسسن‬
‫ضللتهم وأباطيلهم‪.‬‬
‫)انظر‪ :‬النواقض‪ :‬الورقة ‪) (165 ،115 ،110‬مخطوط( حتى قال‪» :‬لم يطلع أحد على‬
‫تفصيل كتبهم وأقوالهم وشروح عاداتهم وأعمالهم كما اطلعت عليسسه‪ ،‬فل يقسسدرون علسسى أن‬
‫يقولوا قد افترى علينا مثل ما يقولون في مقابلة ما نسبه سلفنا فسسي كتبهسسم الكلميسسة إلسسى‬
‫الرافضسسة )المصسسدر السسسابق الورقسسة‪-87 :‬أ(‪" –[.‬أنهسسم ذكسسروا فسسي كتسسب حسسديثهم‬
‫وكلمهم أن عثمان – رضي الله عنه ‪ -‬نقص من آيات القرآن ‪ -‬بزعمهسسم ‪-‬‬
‫َ‬
‫م‬‫ويشير إلى أمثلة مما قالوه في القرآن كقولهم‪ :‬إنه كان في سورة }أل َ ْ‬
‫ك{ كسسان بعسسدها ‪ -‬كمسسا‬ ‫عَنا ل َق َ‬
‫ك ِذك ْقَر َ‬ ‫وَر َ‬
‫ف ْ‬ ‫ح{ بعد قوله سسسبحانه‪َ } :‬‬ ‫نَ ْ‬
‫شَر ْ‬
‫يفترون – "وعليا ً صهرك" ]النواقض‪ /‬الورقة ‪) 103‬مخطوط( قال الشيخ محب الدين‬
‫َ‬
‫ح ‪ ‬مكية وإنما‬
‫شَر ْ‬ ‫الخطيب‪» :‬وهم ل يخجلون من هذا الزعم مع عملمهم بأن سورة ‪ ‬أل َ ْ‬
‫م نَ ْ‬
‫كان صهره الوحيد العاص بن الربيع الموي« )الخطوط العريضة‪ :‬ص ‪.[.(15‬‬
‫ويذكر مطهر بن عبد الرحمن بن علي بن إسماعيل فسسي كتسسابه‪" :‬تكفيسسر‬
‫ه( يذكر ما صنعه شيعة زمانه مسسن إحسسراق‬ ‫الشيعة" والذي ألفه سنة )‪‍ 990‬‬
‫المصاحف وإهانتها واختراعهم ‪ -‬كما يقول ‪ -‬مصحفا ً محسسدثا ً ]تكفيسسر الشسسيعة‪:‬‬
‫الورقسسة ‪) 58‬مخطسسوط( ذكسسر ذلسسك فسسي الفصسسل السسذي عقسسده بعنسسوان‪" :‬فصسسل فسسي أحسسوال‬
‫طهماسب الزنيم وزندقته وبيان كفره وإلحاده" وطهماسب هذا هو‪ :‬طهماسسسب بسسن الشسساه‬

‫‪120‬‬
‫ه( وهسسو أحسسد سسسلطين الدولسسة الصسسفوية‪،‬‬
‫إسماعيل بن حيدر الصسسفوي المولسسود سسسنة )‪‍ 919‬‬
‫ه( وهسسو مسسن الشسسيعة الثنسسي عشسسرية )انظسسر‪ :‬دائرة‬
‫وتولى الحكم بعد وفاة أبيه سسسنة )‪‍ 930‬‬
‫المعارف )الشيعية( ج‪ ‍6‬ص ‪.[.(321‬‬
‫ه( إلسسى مسسا ذكرتسسه كتسسب‬ ‫ويشير المام محمد بن عبد الوهاب )ت ‪‍ 1206‬‬
‫الشيعة من القول بنقص القرآن‪ ،‬ويذكر بأن شيعة زمنه ‪ -‬علسى مسا قيسل ‪-‬‬
‫أظهروا سورتين يزعمون أنهما من القرآن الذي أخفاه عثمان‪ ،‬كل سسسورة‬
‫مقدار جزء وألحقوهما بآخر المصحف إحسسداهما سسسورة النسسورين والخسسرى‬
‫سورة الولء ]انظر‪ :‬رسالة في الرد على الرافضة‪ :‬ص ‪.[.14‬‬
‫كما أن الصورة تتضح أكثر عند صاحب التحفة الثني عشرية شسساه عبسسد‬
‫ه( السسذي يسسذكر بسسأن الثنسسي عشسسرية‬ ‫العزيز الدهلوي المتوفى سنة )‪‍ 1239‬‬
‫تقول بأن الصحابة قد غيروا ونقصوا في كتاب الله ما يتصل بفضسسل علسسي‬
‫وأئمتهم الثني عشر وذلك أعدائهم‪ ،‬وينقل بعض الشواهد علسسى ذلسسك مسسن‬
‫كتبهم‪ ،‬ويبين أنهم خالفوا بذلك المنقول والمعقسول‪ ،‬ومسا علسم مسن السدين‬
‫بالضرورة‪ ،‬وما تواترت به التواريخ والوقائع‪ ،‬كمسسا يسسبين بسسراءة أهسسل السسبيت‬
‫من هذه العقيدة‪ ،‬وأن من شيوخ الشيعة أنفسهم من بسسدأ يتسسبرأ مسسن هسسذه‬
‫العقيدة كابن بابويه ]انظر‪ :‬مختصر التحفة الثنسسي عشسسرية‪ :‬ص ‪ ،82‬وانظسسر أيض سًا‪ :‬ص‬
‫‪.[.52 ،50 ،30‬‬
‫ه( لهذه الفرية في‬ ‫كما يتعرض أبو الثناء اللوسي )المتوفى سنة ‪‍ 1270‬‬
‫تفسيره‪ ،‬ويذكر بعض شواهدها من كتبهم‪ ،‬ويبين فسادها؛ لما تسسوافر لهسسذا‬
‫الكتاب العظيم من أسباب الحفظ بما ل يبقسسى فسسي ذهسسن مسسؤمن احتمسسال‬
‫سقوط شيء بعد من القرآن‪ ،‬وإل لوقع الشسسك فسسي كسسثير مسسن ضسسروريات‬
‫هذا الدين‪.‬‬
‫ثم يقول‪ :‬بأنه لما تفطن بعض علمائهم لما في قولهم هذا مسسن الفسسساد‬
‫جعله قول ً لبعض أصسسحابه‪ ،‬واستشسسهد علسسى ذلسسك بمسسا قسساله شسسيخ الشسسيعة‬
‫الطبرسي في مجمع البيان من أن الشيعة تنكر هذه المقالسسة‪ ،‬وأنهسسا قسسول‬
‫لقوم من أصحابها‪ ،‬والصحيح خلفه‪ ،‬ثم قال اللوسي‪ :‬وهو كلم دعاه إليسسه‬
‫ظهور فساد مذهب أصحابه حتى للطفال والحمد لله على أن ظهر الحق‬
‫وكفى الله المؤمنين القتال ]روح المعاني‪ 1/23 :‬وما بعدها‪.[.‬‬
‫ولعل اللوسي )أبا الثناء( أول من كتب بالعربية عن هذه القضسسية بسسذلك‬
‫السسستيعاب )النسسسبي(؛ حيسسث عسسرض لهسسذه الفريسسة مقرونسسة بالستشسسهاد‬
‫المباشر من كتبهم‪ ،‬وعرض أحاديثهم كما جاءت في أصول الكافي وغيره‪،‬‬
‫وذكر الجناح الخر من الشيعة الذي أنكر هسسذه الفريسسة واستشسسهد بكلمسسه‪،‬‬
‫وناقشه‪.‬‬
‫ه(‬
‫وكذلك قام حفيسسده علمسسة العسسراق أبسسو المعسسالي اللوسسسي )ت ‪‍ 1342‬‬
‫ببيان وقوع الشيعة في هذا الكفر عبر رسائله التي ألفها أو لخصسسها حسسول‬
‫الشيعة‪.‬‬
‫ه( بعسسد ذلسسك‬ ‫هذا ويتولى الشيخ محمد رشيد رضا )المتوفى سسسنة ‪‍ 1354‬‬
‫إثارة هذه المسألة‪ ،‬وفضح الشيعة في هذا عبر مجلة المنار ]انظسسر‪ :‬المجلسسد‬
‫‪ 29‬ص ‪ ،[.436‬ثم في رسالته "السنة والشيعة" وذلك حينما ألجأه إلى ذلسك‬
‫‪121‬‬
‫تعصب بعسسض شسسيوخ الشسسيعة وعسسدوانهم ‪ -‬كسسم يقسول ‪ -‬فيسسذكر أن رافضسسة‬
‫الشيعة تزعم أن ما بين الدفتين ليس كلم الله بل حسذف منسه الصسحابة ‪-‬‬
‫بزعمهم ‪ -‬بعض اليات وسورة الولية ]السنة والشيعة‪ :‬ص ‪.[.43‬‬
‫ه( والسسذي عسساش‬ ‫ومن بعد هؤلء يأتي الشيخ موسى جار الله )ت ‪‍ 1369‬‬
‫بين الشيعة فترة‪ ،‬وتجول في مدنها‪ ،‬وحضر حلقات دروسسسها فسسي السسبيوت‬
‫والمساجد والمدارس‪ ،‬وقرأ في العديد من أمهسسات كتبهسسا ]الوشسسيعة‪ :‬ص ‪-25‬‬
‫‪ .[.26‬ورأى أن "القول بتحريف القرآن بإسقاط كلمات وآيسسات قسسد نزلسست‪،‬‬
‫وبتغيير ترتيسسب الكلمسسات واليسسات‪ ،‬أجمعسست عليسسه كتسسب الشسسيعة" ]المصسسدر‬
‫السابق‪ :‬ص ‪ [.104‬وأن هذه الكلمات واليات كانت كمسا يزعمسون فسي علسي‬
‫وأولده‪ ،‬وأن الذي حذف ذلك هم صحابة رسسسول اللسسه‪ ،‬وينقسسل عسسن بعسسض‬
‫شيوخ الشيعة أنهم قالوا بأن أخبار هذه الفرية متواترة عندهم ويلزم مسسن‬
‫ردها رد سائر أخبارهم فسي المامسة والرجعسة وغيرهسا‪ ،‬والحكسم ببطلنهسا"‬
‫]انظر‪ :‬المصدر السابق‪ :‬ص ‪.[.138‬‬
‫وقد لحظ من خلل حياته مسسع الشسسيعة فسسي تلسسك الفسسترة تسسأثر المجتمسسع‬
‫الشيعي بهذه العقيدة؛ حيث إنه لم يجد من التلميسسذ ول مسسن العلمسساء مسسن‬
‫يحفظ القسسرآن‪ ،‬ول مسسن يعسسرف وجسسوه القسسرآن الدائيسسة‪ ،‬بسسل ول مسسن يقيسسم‬
‫القرآن بعض القامة بلسانه وأنهم اتخذوا القرآن مهجورا ً ]وقسسد اسسستفهم عسسن‬
‫هذه الظاهرة الخطيرة بعض شيوخ الشيعة في ورقة صغيرة كتب فيهسسا هسسذه المسسسألة مسسع‬
‫مسائل أخر فلم يجد إجابة )انظر‪ :‬الوشيعة ص‪ ،(28-27 :‬ثم كتب بعد ذلك رسسسالة ضسسمنها‬
‫مجموعة من عقائد الشيعة الباطلة وقدمها لشيخ مجتهدي الكاظمية ببغداد‪ ،‬ثم نسخت في‬
‫كراريس‪ ،‬ووزعتها الرابطة العلمية لساتذة النجف‪ ،‬ثم يذكر بأنه بعدما راجع بهذه المسائل‬
‫مجتهدي الشيعة انتظر سنة وزيادة ولم يسمع جوابا ً من أحد إل من كبير مجتهسسدي الشسسيعة‬
‫بالبصرة‪ ،‬فقد أجابه بكتاب من تسعين صفحة بكلمات في الطعن علسسى العصسسر الول أشسسد‬
‫وأجرح من كلمات كتب الشيعة‪) .‬الوشسسيعة‪ :‬ص ‪،98‬سس ‪ ،[.(118-117‬ويقول‪ :‬هسسل هسسذا‬
‫بسبب أنهم ينتظرون ما وعد َْتهم به أساطيرهم من ظهور القرآن الكامسسل‬
‫مع منتظرهم الموعود؟ ]انظر‪ :‬ص ‪.[.112 ،31-30‬‬
‫ه( بمناسسسبة إنشسساء دار‬ ‫ثم يقوم الستاذ محب الدين الخطيب )ت ‪‍ 1389‬‬
‫التقريب بين المذاهب السسلمية الستي أنشسأها الشسيعة فسي أرض الكنانسة‬
‫لبث عقيدة "الرفض" بين أهلها يقوم بالكتابة عن الشيعة في مجلة الفتح‪،‬‬
‫وفي رسالته "الخطوط العريضة" ويتحدث عن هذه الفرية‪ ،‬ويستشهد بما‬
‫جاء في كتاب "فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الرباب" السذي‬
‫ألفه ميرزا حسين ابسسن محمسسد تقسسي النسسوري الطبرسسسي أحسسد كبسسار علمسساء‬
‫ه( أنهسسم‬‫النجف‪ ،‬والذي بلغ من إجلل الشيعة له عنسسد وفسساته سسسنة )‪‍ 1320‬‬
‫دفنوه في أشرف بقعة عندهم‪ ،‬ويقول بأن هذا الكتاب ينطوي علسسى مئات‬
‫النصسسوص عسسن علمسسائهم فسسي كتبهسسم المعتسسبرة يثبسست بهسسا أنهسسم جسسازمون‬
‫بالتحريف ومؤمنون بسسه‪ ،‬ويستشسسهد بمسسا جسساء فسسي كتسساب الكسسافي للكلينسسي‬
‫والذي يقول بأنه كصحيح البخاري عند أهل السنة‪.‬‬
‫كمسسا ينشسسر صسسورة لمسسا يسسمى‪" :‬سسسورة الوليسسة" ويقسسول بأنهسسا منقولسسة‬
‫فوتوغرافيا ً عن أحسسد مصسساحف إيسسران‪ ،‬ثسسم قسسال‪ :‬ويبقسسى أن هنسساك قرآنيسسن‬
‫أحسسدهما عسسام ومعلسسوم‪ ،‬والخسسر خسساص مكتسسوم ومنسسه سسسورة الوليسسة‪ ،‬ثسسم‬
‫‪122‬‬
‫يستشسسهد بمسسا جسساء فسسي بعسسض نصوصسسهم مسسن الفتسسوى بقسسراءة المصسسحف‬
‫العثماني‪ ،‬ولكن يقول‪ :‬إن خاصة الشيعة يعلم بعضهم بعضا ً ما يخالف ذلك‬
‫مما يزعمون وجوده عند أئمتهم من أهل البيت" ]الخطسسوط العريضسسة‪ :‬ص ‪-10‬‬
‫‪.[.19‬‬
‫ه( في العراق فضح الشيعة في‬ ‫كما أن الشيخ محمود الملح )ت ‪‍ 1389‬‬
‫هذه المسألة لمواجهة محاولة شيخ الشسسيعة الخالصسسي فسسي نشسسر الرفسسض‬
‫باسم الوحدة السلمية ]انظر كتابه‪" :‬الوحدة السلمية بين الخذ والرد"‪.[.‬‬
‫ومن بعد هؤلء نرى الشيخ إحسان إلهي ظهير يكتب عسسن هسسذه القضسسية‬
‫في كتابه‪" :‬الشيعة والسنة" ويذهب إلى القول بأن الشيعة كلها على هسسذا‬
‫الكفسسر‪ ،‬وينقسسل الشسسواهد الكسسثيرة مسسن كتبهسسم السستي تتضسسمن أخبسسار هسسذه‬
‫السطورة‪ ،‬ويعد إنكار المنكرين لهذه المسألة تقيسسة ل حقيقسسة‪ ،‬ويسسرى أنسسه‬
‫قام بدراسة هذه المسألة ببيسسان واضسسح‪ ،‬مسسستند‪ ،‬مفصسسل لسسم يسسسبق إليسسه‬
‫]السنة والشيعة‪ :‬ص ‪.[.14‬‬
‫ثم يحاول أن يتوسع أكثر في هذه المسسسألة فيخصسسص لهسسا كتابسا ً مفسسردا ً‬
‫بعنوان "الشيعة والقرآن" ينتهي فيه إلى نفس الحكم الذي انتهى إليه في‬
‫كتابه السابق‪ ،‬ومعظم هذا الكتاب هو عبارة عن نقل حرفسسي بسسدون أدنسسى‬
‫تعليق لكتاب ل يوجد من كتسسب الشسسيعة أجمسسع لنصسسوص الفريسسة منسسه وهسسو‬
‫كتاب "فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الرباب"‪ ،‬والغريسسب أن‬
‫إحسان ينتهي إلى نفس النهاية التي انتهى إليها صسساحب فصسسل الخطسساب‪،‬‬
‫مع أن صاحب فصل الخطاب ألف كتابه ‪ -‬كما سيأتي ‪ -‬لقناع طائفسسة مسسن‬
‫قومه أنكرت هذا الكفر وأبت أن تهضمه‪ ،‬واحتجت بما قاله بعض شسسيوخها‬
‫السابقين من إنكار هذه الفرية‪ ،‬فرد عليها صاحب فصسسل الخطسساب بكتسسابه‬
‫هذا‪ ،‬وعزا النكار من شسسيوخه السسسابقين إلسسى التقيسسة أو إلسسى عسسدم تسسوفير‬
‫المصادر عندهم ‪ -‬كما سيأتي ‪ -‬فذهب إحسان إلى مسسذهب صسساحب فصسسل‬
‫الخطاب نفسه ]في فصل الخطاب يتبين أن هنسساك جنسساحين مسسن الشسسيعة‪ ،‬جنسساح يقسسول‬
‫بالتحريف‪ ،‬ويعتبر إنكار من أنكر تقية ويدعي إجماع الشيعة على ذلك الكفسسر‪ ،‬ويشسسايع هسسذا‬
‫الجناح صاحب فصل الخطاب والذي ألف هذا الكتاب كما قلنا من أجل الرد على من أنكسسر‬
‫ذلك‪.‬‬
‫والجناح الخر المنكر لرأي أولئك ويدعي الجماع على خلفه ويسرد الدلة القويسسة السستي‬
‫تؤيد مذهبه‪ ،‬إل أن صاحب الشيعة والقرآن أغفل ذكر أدلة هذه الطائفة واكتفسسى بسسسرد مسسا‬
‫عند الطائفة الخرى بدون أي تعليق‪ ،‬وكأنه اعتبر هذا النكار تقية فل لزوم لذكره‪ ،‬ول شسسك‬
‫أن المانة تقتضي ذكسسر المسسذهبين‪ ،‬كمسسا أن بسسذكرهما يتسسبين أمسسور كسسثيرة تتصسسل باضسسطراب‬
‫المذهب الشيعي وفساده‪ ،[.‬ونعمة الله الجزائري من أن إنكار المنكرين علسسى‬
‫سبيل التقية كما سيأتي بحثه ودراسته‪.‬‬
‫كما أن للستاذ محمد مال الله كتابا ً بعنوان‪» :‬الشيعة وتحريف القرآن«‬
‫انتهسسى فيسسه إلسسى أن شسسيوخ الشسسيعة اتفقسسوا علسسى القسسول بهسسذه الفريسسة‪،‬‬
‫واستشهد على ذلك بكلم اثني عشسسر شسسيخا ً مسسن شسسيوخهم يقولسسون بهسسذا‬
‫الفتراء‪ ،‬ولم يشسسر إلسسى وجسسود خلف بينهسسم فسسي هسسذا مسسع أن طائفسسة مسسن‬
‫شيوخهم أنكروه‪ ،‬كما قام بالستشهاد بأكثر من مائتي رواية لهم قال بأنها‬
‫نماذج من تحريفات الشيعة للقرآن‪ ،‬كما قام بإعداد جدول لهذا في تعليقه‬
‫‪123‬‬
‫على كتاب الخطوط العريضة ووضعه في نهايسسة الكتسساب‪ ،‬واسسستخرج ذلسسك‬
‫من طائفة من كتب الشيعة في التفسير والحسسديث‪ ،‬إل أن فيهسسا مسسا ليسسس‬
‫بصريح في هذا المر بل هو يندرج بشكل واضح في باب التأويل‪.‬‬
‫كما أنه وقع ‪ -‬كما وقع إحسان من قبله ‪ -‬بذكر بعض الروايسسات للشسسيعة‬
‫والتي فيها ذكر قراءة لليسة مرويسسة عسسن السسلف واعتبرهسا ‪ -‬بجهسسل ‪ -‬مسن‬
‫قبيل التحريف‪ .‬والسبب في ذلسسك هسسو اعتمسسادهم بسسدون تسسدبر علسسى كتسساب‬
‫فصل الخطاب‪ ،..‬وهناك كتابات أخرى تشابه ما ذكرناه ]مثل كتاب‪ :‬وجسساء دور‬
‫المجوس )ص ‪ (114‬الذي يرى أنه إنكارهم للتحريف تقيسسة‪ ،‬لنهسسم يعتقسسدون خيانسسة الخلفسساء‬
‫الثلثة ونفاقهم‪ ،‬وغيرهم من جلة الصحابة‪ ،‬والقرآن وصلنا عن طريقهم‪ ،‬كما أنهم يترحمون‬
‫على شسسيوخهم المجسساهرين بهسسذه الفريسسة ويجلسسونهم‪) .‬ص ‪ ،[.(117‬لكن الدكتور علسسي‬
‫أحمد السالوس وهو أحد المهتميسسن بقضسسية الشسسيعة‪ ،‬ل يتفسسق مسسع السسستاذ‬
‫محب الدين الخطيب وغيره في نسسسبة هسسذا الجسسرم الشسسنيع إلسسى الماميسسة‬
‫عامة ويرى أن ذلك خسساص بالخبسساريين فقسسط‪ ،‬أمسسا الصسسوليين منهسسم فهسسم‬
‫يتبرؤون من هذه المقالة‪ ،‬لكن هسذا التقسسسيم لسسم يكسد يسسسلم لسه بطريقسسة‬
‫جازمة‪ ،‬حيث قام بمقابلة أحد مراجع الشيعة الخبارية وسأله عن رأيه في‬
‫ذلك فقال‪ :‬إن التحريف وقع في القرآن الكريم من جهة المعنى فقط‪.‬‬
‫يقول الدكتور السالوس‪ :‬وأعطاني كتيبا ً كتبه تعليقا ً علسسى مقسسال يهسساجم‬
‫الشيعة‪ ،‬ومما جاء في هذا الكتيب‪" :‬مسسذهبنا ‪ -‬ومسسذهب كسسل مسسسلم ‪ -‬بسسأن‬
‫القرآن الكريم المتداول بين أيدينا ليس فيه أي تحريف بزيادة أو نقصسسان‪،‬‬
‫وما ذكر في بعض الحاديث بأن فيه تحريفا ً ونقصانا ً فهو مخسسالف لعقيسسدتنا‬
‫في القرآن الكريم الذي هو الذكر الحكيم‪ ،‬والذي ل يأتيه الباطل مسسن بيسسن‬
‫يديه ول من خلفه"‪.‬‬
‫وقال الدكتور‪ :‬لعل القائلين بهسسذه الفريسسة هسسم فريسسق مسسن الخبسساريين ل‬
‫كلهم‪ ،‬أو يكون الكلم في ذلك الكتيب مبعثه التقيسسة‪ ،‬ويسسستدل علسسى ذلسسك‬
‫بأنه قال في نفس ذلك الكتيب‪" :‬لم يقل الشيعة وأئمتهسسم بمسسا يحسسط مسسن‬
‫كرامة الخلفاء المرضيين‪ ..‬وقد أجري الفتسسح والخيسسر للمسسسلمين علسسى يسسد‬
‫أولئك الصالحين ‪ -‬عليهم سلم اللسسه ورحمتسسه ورضسسوانه أجمعيسسن ‪ -‬ويقسسول‬
‫بأنه من الواضح السسبين أن هسسذا ليسسس رأي الشسسيعة" ]انظسسر‪ :‬فقسسه الشسسيعة‪ :‬ص‬
‫‪.[.148‬‬
‫هذا ولعلماء الهند وباكسستان جهسسود فسي كشسف هسذه الفريسة فسسي كتسسب‬
‫الشيعة وإعلنها للمسلمين بغير اللغة العربية ]انظر‪ -‬مثل ً ‪ -‬ما كتبسسه الشسسيخ عبسسد‬
‫الشسسكور فسساروقي الكهنسسوي بعنسسوان‪» :‬إفسسسانة تحريسسف قسسرآن‪ .‬ومعنسسى إفسسسانة‪ :‬حكايسسة أو‬
‫رواية‪.[.‬‬
‫هذا ونكتفي بهذه الشارة للدراسات السستي قسسامت حسسول هسسذه "الفريسسة"‬
‫ونسسدع الجسسانب التفصسسيلي مسسن التقييسسم‪ ،‬والملحظسسات علسسى بعسسض هسسذه‬
‫الدراسات حتى ل نخرج من موضوعنا الساسي؛ لنني سأحاول أن أكتسسب‬
‫عسسن هسسذه القضسسية وفسسق منهسسج آخسسر‪ ،‬وذلسسك بدارسسسة أصسسولها وجسسذورها‬
‫الساسية‪ ،‬وتتبع مسارها التاريخي‪ ،‬وإفساح المجال للصوت المنكسسر لهسسذه‬

‫‪124‬‬
‫السطورة‪ ،‬لسسسماعه وتحليلسسه‪ ،‬فلسسم أر مسسن اعتنسسى بمثسسل ذلسسك‪ .‬بالضسسافة‬
‫لمسائل أخرى قد تكون جديدة تتعلق بهذه القضية‪.‬‬
‫وقبل أن أرفع القلم أشير إلى أن تلك الدراسات والقسسوال قسسوبلت مسسن‬
‫طائفة من شيوخ الشسسيعة بالنكسسار‪ ،‬وأخسسذوا ينسسادون ويصسسرخون بسسأنهم قسسد‬
‫ظلموا في هذه القضية وأنهم أبرياء من هذه التهمسسة‪ ،‬فمسسا حقيقسسة المسسر؟‬
‫لقد رأينا من المنتمين لهل السنة ]سالم البهنساوي فسسي كتسسابه‪" :‬السسسنة المفسسترى‬
‫عليها"‪ .[.‬من بلغ به الحماس إلى أن يجمع ما جاء في كتسساب إحسسسان إلهسي‬
‫ظهيسسر ومحسسب السدين الخطيسب مسن نصسوص حسسول هسذه الفريسة‪ ،‬مقرونسا ً‬
‫بمصادره التي نقلت عنها ويعرضه على أحد شسسيوخ الشسسيعة ]وهسسو كمسسا قسسال‬
‫"محمسسد مهسسدي الصسسفي" ووصسسفه بسسأنه‪" :‬الخ الصسسديق المسام" وهسسو يقيسم فسسي الكسسويت‪[.‬‬
‫ويطلب منه الجابة على ذلك‪ ..‬فكان من جواب هسذا الشسيعي أن‪ :‬سسلمة‬
‫القرآن الكريم من التحريف موضع اتفاق وإجماع علماء الشيعة الماميسسة‪،‬‬
‫ومن شذ منهم في هسسذه المسسسألة فل يعبسسأ برأيسسه كمسسا مسسن شسسذ عسسن هسسذا‬
‫الجماع من علماء السنة" ]لحظ الكذب على علماء السنة‪ ،‬فل يوجسسد مسسن علمسسائهم‬
‫من قال بهذا الفتراء‪.‬‬
‫ولكن هذه إشارة لها مغزى سيأتي الوقوف عندها وعنسسد سسسائر أخطسسائه وتناقضسساته فسسي‬
‫مبحث »الشيعة المعاصرون وصلتهم بأسلفهم« إن شاء الله‪.[.‬‬
‫ثم استدل ببعض أقوال شيوخهم في إنكار هذه الفرية‪ ،‬كما ذكر أن في‬
‫كتسسب الحسسديث عنسسدهم الصسسحيح وغيسسره‪ ،‬وأن الروايسسات السستي ذكرهسسا فسسي‬
‫رسالته غير معتبرة إجمال ً وقال‪" :‬وقد عرفنا إجماع الطائفة واتفاقها قائم‬
‫على رفض التحريف في كتاب الله‪ ،‬فهذه الروايات إذن مهما كثرت فهسسي‬
‫مردودة عندنا‪ ،‬ول تسل لماذا تثبسست هسسذه الروايسسات فسسي المجسساميع عنسسدنا‪،‬‬
‫فهي مجسساميع خاضسسعة للنقسسد والجتهسساد‪ ،‬وليسسست صسسحاحا ً للخسسذ والعمسسل"‬
‫]الصفى‪ /‬البيان التوضيحي حول دعسسوى تحريسسف القسسرآن‪ ،‬ضسسمن كتسساب‪" :‬السسسنة المفسسترى‬
‫عليها"‪ :‬ص ‪.[.75-68‬‬
‫ولكثرة إنكار الشيعة وشيوخها لهسذا الفريسسة ‪ -‬إن حقيقسة أو تقيسة ‪ -‬قسال‬
‫السسدكتور رشسسدي عليسسان‪" :‬وأرى مسسادام المعتمسسدون مسسن علمسساء الطائفسسة‬
‫يذهبون إلى أنه ل تبديل ول تحريف ول نقص ول زيادة فسسي كتسساب اللسه أن‬
‫نكتفي بذلك ول داعي لترديد بعض الراء الشاذة وذكسسر الروايسسات الواهيسسة‬
‫الموضوعة في ذلك" ]العقل عند الشيعة المامية‪ :‬ص ‪.[.49‬‬
‫وقال الشيخ رحمة الله الهندي في كتسسابه إظهسسار الحسسق بعسسد نقلسسه لكلم‬
‫طائفة من شيوخهم في إنكار هذه الفريسسة‪" :‬فظهسسر أن المسسذهب المحقسسق‬
‫عند علماء الفرقة المامية الثني عشرية أن القرآن الذي أنزله الله علسسى‬
‫نبيه هو ما بين الدفتين وهو مما في أيدي الناس ليسسس بسسأكثر مسن ذلسسك‪"..‬‬
‫]إظهار الحق‪ :‬ص ‪.[.77‬‬
‫وبعسسدما عرفنسسا مسا جساء فسسي كتسسب المنتميسسن لهسسل السسسنة‪ ،‬ولحظنسسا أن‬
‫المتقدمين من أهل السنة كالشعري يرى أن الشيعة فريقان‪ :‬فريق يقول‬
‫بهذا الكفر وفريق ينكره‪ ،‬ثم نرى هذه الفريسسة عنسسد البغسسدادي وأبسسي يعلسسي‬
‫تنسب إلى الرافضة عمومًا‪ ،‬ولكسسن نلحسسظ فسسي بعسسض كتابسسات المتسسأخرين‬

‫‪125‬‬
‫كأبي الثناء اللوسي‪ ،‬والسسدكتور السسسالوس وغيرهمسسا أن الشسسيعة فسسي هسسذا‬
‫طائفتان‪ ،‬ويميز بينهما الدكتور السالسوس بالسم فيسسرى بسسأن الصسسوليين‬
‫قد ردوا أخبار هذه السطورة بحكم منهجهم في نقد النصوص‪ ،‬بينما قبلها‬
‫الخباريون لنهم يقبلون كل ما نسب لئمتهم من روايات‪ ،‬كما ترى إشارة‬
‫إلى شيء من الخلف فيما جاء علسسى لسسسان الشسسيخ رحمسسه اللسسه الهنسسدي‪،‬‬
‫بينما يرى د‪ .‬رشدي عليان أل يذكر سوى هذا القول عسسن الشسسيعة؛ لن مسسا‬
‫سواه عندهم رأي شاذ موضسسوع‪ .‬بينمسسا نسسرى صسسنفا ً آخسسر مسسن المعاصسسرين‬
‫كالشيخ محب الدين الخطيب وإحسان إلهي ظهير وغيرهما يرى أن الثني‬
‫عشرية كلها على هذا‪ ،‬ومسسن أنكسسر منهسسم ذلسسك فإنكسساره مسسن قبيسسل التقيسسة‬
‫وليس بحقيقة‪.‬‬
‫وبعد هذا نرجع إلسسى مصسسادر الشسسيعة المعتمسسدة عنسسدها نسسستنطقها عّلنسسا‬
‫نعرف جلية الخبر عندها‪ ،‬هل ما يقال عنهم ليس بثابت عندهم؟ فلقد وجد‬
‫من الطوائف ومن العلماء من افترى عليه وظلم وقيل عنه ما ليس فيسسه‪،‬‬
‫ومسسا ورد فسسي كتسسب الفسسرق والمقسسالت نقسسول عسسن المخسسالف‪ ،‬وقسسد تكسسون‬
‫تخريجات وإلزامات بعيدة عما يقتضيه المذهب‪ ،‬أو تكون ليست بثابتسسة‪ ،‬أو‬
‫لها تأويل آخر عندهم‪ ،‬ولذا قبل‪" :‬إن نقل المخالف ل يعتسسد بسسه" ]القاسسسمي‪/‬‬
‫تاريخ الجهمية والمعتزلة‪ :‬ص ‪.[.22‬‬
‫َ‬
‫س أن‬ ‫ن الّنققا ِ‬ ‫مُتققم ب َْيقق َ‬ ‫حك َ ْ‬ ‫ذا َ‬ ‫وإ ِ َ‬
‫والعسسدل والنصسساف واجسسب ولزم } َ‬
‫علققى‬ ‫َ‬ ‫وم ٍ َ‬ ‫ن َ‬
‫ق ْ‬ ‫شَنآ ُ‬ ‫م َ‬ ‫من ّك ُ ْ‬‫ر َ‬‫ج ِ‬‫ل{ ]النساء‪ ،‬آية‪ ،[.58 :‬س }َول َ ي َ ْ‬ ‫عدْ ِ‬ ‫موا ْ ِبال ْ َ‬ ‫حك ُ ُ‬ ‫تَ ْ‬
‫َ‬ ‫دُلوا ْ ُ‬ ‫دُلوا ْ ا ْ‬ ‫َ‬
‫وى{ ]المائدة‪ ،‬آية‪.[.8 :‬‬ ‫ب ِللت ّ ْ‬
‫ق َ‬ ‫قَر ُ‬‫وأ ْ‬‫ه َ‬ ‫ع ِ‬ ‫أل ّ ت َ ْ‬
‫ع ِ‬
‫ما تقوله مصادر الشيعة في هذه الفرية‪:‬‬
‫وقبل أن نأخذ بيد القارئ في رحلة تبدأ من نقطة الصفر من أول كتاب‬
‫وضسسعه الشسسيعة وألفسسوه‪ ،‬نعسسرض لصسسوتين مختلفسستين ومتعارضسسين‪ ،‬هسسذان‬
‫الصوتان المتعارضسسان كسسان لهمسسا ‪ -‬فسسي الغسسالب ‪ -‬وجسسود وصسسدى فسسي كسسل‬
‫الكتب الشيعية التي تعرضت لهذه القضية‪ ،‬فلنستمع إليهما ليتسنى إدراك‬
‫وتصور هذه المسألة عند هسسؤلء حسستى ل يحصسسل غبسسش فسسي تصسسورها فسسي‬
‫رحلة قد تطول مراحلها بين محطات الكتب الشيعية المختلفة‪.‬‬
‫ه( صاحب من ل‬ ‫يقول شيخ الشيعة في زمنه ابن بابويه القمي )ت ‪‍ 381‬‬
‫يحضره الفقيه‪ ..‬وهو واحد من أهم كتبهم الربعة المعتمدة فسسي الحسسديث‪،‬‬
‫يقول‪" :‬اعتقادنا أن القرآن الذي أنزله الله تعالى على نبيه محمد وهسسو مسا‬
‫بين الدفتين وهو ما في أيدي الناس ليس بأكثر من ذلك‪ ..‬ومن نسب إلينا‬
‫أنا نقول أكثر من ذلك فهو كاذب" ]العتقادات‪ :‬ص ‪.[.102-101‬‬
‫هذا قول شيخهم الملقسسب عنسسدهم بالصسسدوق‪ ،‬ويشسسايعه فسسي قسسوله هسسذا‬
‫ه(‪" :‬إن الخبسسار قسسد جسساءت‬ ‫آخسسرون مسسن شسسيعته‪ .‬ويقسسول المفيسسد )ت ‪‍ 413‬‬
‫مستفيضة عن أئمة الهدى من آل محمد صلى الله عليسسه وسسسلم بسساختلف‬
‫القسسرآن ومسسا أحسسدثه بعسسض الطسساعنين فيسسه مسسن الحسسذف والنقصسسان" ]أوائل‬
‫المقالت‪ :‬ص ‪ [.54‬ويقول‪" :‬واتفقسسوا ‪ -‬أي الماميسسة ‪ -‬علسسى أن أئمسسة الضسسلل‬
‫]يعني بهم كبار صحابة رسول صلى الله عليه وسلم الذين رضسسي اللسسه عنسسه ورضسسوا عنسسه ‪،‬‬
‫وعلى رأسهم الخلفاء الثلثة قبل علي رضي الله عنهم‪ [.‬خالفوا في كثير من تسسأليف‬
‫‪126‬‬
‫القرآن وعدلوا فيه عن موجب التنزيل وسنة النبي صلى الله عليه وسلم"‬
‫]أوائل المقسسالت‪ :‬ص ‪ .[.13‬ويقسسول بمسسا قسساله مفيسسدهم ‪ -‬السسذي يلقبسسونه بركسسن‬
‫السلم وآية الله الملك العلم ‪ -‬طائفة من شيوخهم‪.‬‬
‫هذان قسسولن مختلفسسان ومتعارضسسان صسسدرا مسسن شسسيخين مسسن شسسيوخهم‬
‫يجمعهما وحدة الزمان والمكان‪ ،‬ويتفقان في الهوية المذهبية‪ ،‬بل إن هسسذا‬
‫المفيد هو تلميذ لبن بابويه القمي‪ .‬فمن نصدق منهما؟ وأي القولين يعسسبر‬
‫عن مذهب الشيعة؟ ونجد أن تلميذين من تلمذة المفيد ومن أكبر شسسيوخ‬
‫الشيعة ‪ -‬وهما الطوسي‪ ،‬وابن المرتضى ‪ -‬يقولن بما قاله ابن بابويه وأن‬
‫مذهب أهل التحقيق من الشيعة إنكار هذه الفريسسة ‪ -‬كمسسا سسسيأتي ‪ ،-‬وكسسل‬
‫قول من هذين القولين يؤيده جناح من الشيعة‪ ،‬بل يدعي حينا ً أن ل قسسول‬
‫للشيعة سواه وغيره افتراء على الشيعة وكذب‪ ..‬والتعرف علسسى الحقيقسسة‬
‫وسط هذا الركام من القوال المتعارضة والمتناقضة ليس بسهل المنال‪..‬‬
‫وإذا لحظنا أن من أركان الدين عند هؤلء »التقية« ولدين لمن ل تقيسسة‬
‫له؛ أدركنا أن الحقيقة محجوبة بغيسسوم مسسن الكسسذب والسستزوير‪ ،‬وركسسام مسسن‬
‫التناقضات والتعارضات‪ ،‬وعقبات من التقية والكتمان‪ ..‬ولهسذا سسنرى فسي‬
‫مبحث التقية أن الحقيقة السستي تعسسبر عسسن مسسذهب الئمسسة قسسد تخفسسى علسسى‬
‫شيوخ الشيعة أنفسهم فل يعلمون أي القولين تقية‪ ،‬فكان هذا من أسباب‬
‫ضياع مذهب الئمة واستمرار الغلو‪.‬‬
‫ولهسسذا سسسنبدأ بدراسسسة هسسذه القضسسية مسن بسسدايتها‪ ،‬والتحسسري فسسي صسدق‬
‫القوال من تقيتها‪ ،‬بتحليل القوال ومقارنتها ممسسا صسسدر عسسن صسساحبها فسسي‬
‫كتبه الخرى‪ ،‬وأسأل الله سبحانه أن يعصمنا من اتهام الخرين بمسسا ليسسس‬
‫فيهم‪ ،‬وأن يجنبنا مواضع الزلل في أقوالنا وأحكامنا‪.‬‬
‫وسنتناول هذه القضسسية الخطيسرة السستي يسترتب علسسى رمسسي الشسيعة بهسا‬
‫انفصالها عن المسلمين لمفارقتها للصل الذي يتفقسسون عليسسه ‪ -‬سسسنتناولها‬
‫فيما يلي وفق التصوير التالي‪:‬‬
‫أقوم أول ً بتتبع الكتب التي شاركت في وضسسع هسسذا الكفسسر بيسسن الشسسيعة‪،‬‬
‫وأعرض لها‪ ،‬وأتوقف في أول المر لدراسسسة أول كتساب تسسسجل فيسه هسذه‬
‫الفرية‪ ،‬ومن الذي وضسسعه‪ ،‬ورأى شسسيوخ الشسسيعة فيسسه؛ لمسسا فسسي ذلسسك مسسن‬
‫أهمية في بيان جذور هذا البلء‪ ،‬واكتشاف اليسسدي السسسبئية السستي شسساركت‬
‫في هذه الجريمة‪ ،‬ثم نتحدث كيف امتدت منه إلى سائر كتب الشيعة‪.‬‬
‫وبعسسد ذلسسك نعسسرض لمضسسامين هسسذه الكتسسب ونصوصسسها المتصسسلة بقضسسية‬
‫التحريف‪ ،‬وحجمها ووزنها عنسدهم‪ ،‬ومسا يقولسونه فسي مصسحف علسي‪ ،‬ومسا‬
‫يقال بأن عندهم مصحفا ً سسسريا ً يتسسداولونه فيمسسا بينهسسم‪ ،‬وإنكسسار جملسسة مسسن‬
‫شيوخ الشيعة لهذا الكفر‪ ،‬وهل هذا النكار تقية أو حقيقة‪ .‬كل ذلك نعرض‬
‫له من كتب الشيعة نفسها‪ ،‬إل ما جاء عرضا ً في مناقشة بعض المسسسائل‪،‬‬
‫وإن رأيت شسسيئا ً مسسن الطالسسة فسسي هسسذا المبحسسث فللخطسسورة الكسسبرى لسسه‪،‬‬
‫واختلف الناس حول رمي الشيعة به ‪ -‬كما سلف الشارة إلى ذلك ‪.-‬‬
‫بداية الفتراء كما يؤخذ من كتب الشيعة‪:‬‬

‫‪127‬‬
‫أول كتاب تسجل فيه هذه الفرية هو‪" :‬كتاب سليم بن قيس ]تقسسول كتسسب‬
‫الشيعة‪" :‬سليم بن قيس الهللي يكنى أبا صادق‪ ،‬كان مسسن أصسسحاب أميسسر المسسؤمنين وكسسان‬
‫هاربا ً من الحجاج لنه طلبه ليقتله ولجأ إلى أبان بن أبي عياش فأواه‪ ،‬فلما حضسسرته الوفسساة‬
‫ه("‪) .‬السسبرقي‪ /‬الرجسسال‪ :‬ص‬ ‫أعطاه )سليم( كتابا ً وهو كتاب سليم بن قيس‪ .‬توفي سنة )‪‍ 90‬‬
‫‪ ،4-3‬الطوسي‪ /‬الفهرست‪ :‬ص ‪ ،111‬الردبيلي‪ /‬جامع الرواة‪ ،1/374 :‬رجال الكشسسي‪ :‬ص‬
‫‪ ،167‬رجال الحلي‪ :‬ص ‪ ،82‬س ‪ .[.(83‬الذي رواه عنه أبان بن أبي عياش ]أبسسان بسسن‬
‫أبي عياش فيروز أبو إسماعيل‪ ،‬قال المام أحمد‪ :‬متروك الحديث ترك النسساس حسسديثه منسسذ‬
‫دهر‪ ،‬وقال‪ :‬ل يكتب حديثه كان منكر الحديث‪ ،‬وقال ابن معين‪ :‬ليس حسسديثه بشسسيء‪ ،‬وقسسال‬
‫ابن المديني‪ :‬كان ضعيفًا‪ ،‬وقال شعبة‪ :‬ابن أبي عياش كان يكذب في الحديث‪ .‬تسسوفي سسسنة‬
‫ه(‪.‬‬
‫)‪‍ 138‬‬
‫)انظسسر‪ :‬تهسسذيب التهسسذيب‪ ،101-1/97 :‬العقيلسسي‪ /‬الضسسعفاء‪ ،41-1/38 :‬ابسسن أبسسي حسساتم‪/‬‬
‫الجرح والتعديل‪ (296-2/295 :‬هذا بعض ما قسساله أئمسسة أهسسل السسسنة‪ ،‬وفسسي كتسسب الشسسيعة‪.‬‬
‫يقول ابن المطهر الحلي‪ :‬أبان بن أبي عيسساش ضسسعيف جسسدًا‪ ،‬وينسسسب أصسسحابنا وضسسع كتسساب‬
‫سليم بسن قيسس إليسه‪ ،‬ومثسل ذلسك قسال الردبيلسي )انظسر‪ :‬رجسال الحلسي‪ :‬ص ‪ ،206‬جسامع‬
‫السسرواة ‪ ،[.(1/9 :‬لسسم يسسروه عنسسه غيسسره ]انظسسر‪ :‬الفهرسسست‪ :‬ص ‪ ،219‬الخوانسسساري‪/‬‬
‫روضسسسات الجنسسسات‪ ،4/67 :‬رجسسسال الحلسسسي‪ :‬ص ‪ ،83‬الردبيلسسسي‪ /‬جسسسامع السسسرواة‪،1/374 :‬‬
‫البروجردي‪ /‬البرهان‪ :‬ص ‪ ،[.104‬وهو‪" :‬أول كتاب ظهر للشيعة" كما يقول ابسسن‬
‫النديم ]الفهرست‪ :‬ص ‪ ،219‬وانظر‪ :‬الذريعة‪ [.2/152 :‬وغيره‪.‬‬
‫وقد أكثر الشيعة من مدحه وتوثيقه والثناء على كتابه ]يروون عن أبسسي عبسسد‬
‫الله أنه قال فيه‪" :‬من لم يكن عنده من شسسيعتنا ومحبينسسا كتسساب سسسليم ابسسن قيسسس الهللسسي‬
‫فليس عنده من أمرنا شيء ول يعلم من أسسسبابنا شسسيئًا‪ ،‬وهسسو أبجسسد الشسسيعة وهسسو سسسر مسسن‬
‫أسرار آل محمد صلى الله عليه وآلسسه" مقدمسسة كتسساب سسسليم بسسن قيسسس ص‪ ،4 :‬أغسسا بسسزرك‬
‫الطهراني‪ /‬الذريعة‪ ،2/152 :‬وانظر‪ :‬هامش وسائل الشيعة‪ 2/42 :‬رقم )‪.(4‬‬
‫وقال النعماني‪" :‬وليس بين جميع الشيعة ممن حمسسل العلسسم ورواه عسسن الئمسسة ‪ -‬عليهسسم‬
‫السلم ‪ -‬خلف في أن كتاب سليم بن قيس الهللي أصل من أكبر كتب الصول التي رواه‬
‫أهل العلم وحملة حديث أهل البيت ‪ -‬عليهم السلم وأقدمها‪ ،‬لن جميسسع مسسا اشسستمل عليسسه‬
‫الصل إنما هو عن رسول الله ‪ -‬صلى الله عليه وآله وسسسلم ‪ -‬وأميسسر المسسؤمنين‪ ،‬والمقسسداد‪،‬‬
‫وسلمان الفارسي‪ ،‬وأبي ذر ومن جرى مجراهم ممن شسسهد رسسسول اللسسه صسسلى اللسسه عليسسه‬
‫وسلم وأمير المؤمنين عليه السلم وسمع منهما‪ ،‬وهو من الصول التي ترجع الشيعة إليهسسا‬
‫وتعول عليها"‪) .‬انظر‪ :‬النعمسساني‪ /‬الغيبيسسة ص ‪61‬ط‪ .‬العلمسسي بيسسروت‪ ،‬وص ‪ 47‬ط‪ .‬إيسسران‪،‬‬
‫وانظر‪ :‬وسائل الشيعة‪.(210-20 :‬‬
‫وقال المجلسي‪" :‬وهو أصل من أصول الشيعة وأقدم كتاب صنف في السلم"‪ ،‬ثم أورد‬
‫المجلسي أربع روايات لهم تفيد أن عليا ً ابن الحسين ‪ -‬برأه الله مما يفسسترون ‪ -‬قسسرئ عليسسه‬
‫الكتاب وقال‪" :‬صدق سليم" )بحار النوار‪ ،158-1/156 :‬وانظر في بعسسض الروايسسات السستي‬
‫أشرنا إليها‪ :‬رجال الكشي‪ :‬ص ‪ [.(105-104‬رغم أنني لم أجد لمؤلفه ذكسسرا ً فيمسسا‬
‫رجعت إليه من مصادر ]رجعت في البحث عنه إلى مصادر كثيرة من كتب أهل السنة‬
‫فلم أجد له ذكرًا‪ ،‬فلم أجده مثل ً في تاريخ الطبري كما يظهر ذلك من خلل فهرس العلم‬
‫الذي وضعه أبو الفضل إبراهيم‪ ،‬وكذلك تاريخ ابن الثير كما يبدو من فهارسه السستي وضسسعها‬
‫إحسان عباس )أو سيف الدين الكاتب( وليسس لسه ذكسر فسي شسذرات السذهب لبسن العمساد‬
‫الحنبلي‪ ،‬والبداية والنهاية لبن كثير‪ ،‬وطبقات ابن سعد‪ ،‬ول في مجموعة من كتسب الرجسال‬
‫مثل‪ :‬لسان الميزان‪ ،‬أو التاريخ الكبير والصغير للبخاري‪ ،‬أو تهذيب الكمال للمزي‪ ..‬إلخ مسسع‬
‫أنه مؤلف أول كتاب في السلم‪ ،‬ولحقه الحجاج لقتله‪ ..‬إلخ فمن برز في هذين التجسساهين‬
‫الفكري‪ ،‬والسياسي يستبعد أن ينسى‪ ،‬ونسيانه دليل على أن ما تقوله الشيعة عنسسه مجسسرد‬
‫دعوى‪ ،‬فقد يكون شخصية خيالية‪ ،‬أو نكرة من النكرات‪ ،[.‬ولو صدق بعض ما تسسذكره‬
‫الشيعة فيه لكان شيئا ً مذكورًا‪ ،‬ولكنه لم يذكر إل في كتب الشيعة وحدها‪،‬‬

‫‪128‬‬
‫بل إن من متقدمي الشيعة مسسن قسسال‪" :‬إن سسسليما ً ل يعسسرف ول ذكسسر فسسي‬
‫خسسبر" ]رجسسال الحلسسي‪ :‬ص ‪ [.83‬وإن كسسان هسسذا ليسسس بمرضسسي عنسسد متسسأخري‬
‫الشسسيعة‪ .‬ورغسسم أن الكتسساب يحمسسل أخطسسر آراء السسسبئية وهسسو تسسأليه علسسي‬
‫ووصفه بأوصاف ل يوصف بها إل رب العالمين ]جاء فسسي بعسسض روايسسات الكتسساب‬
‫مخاطبة علي هذه اللقاب‪" :‬يا أول‪ ،‬يا آخر‪ ،‬يسسا ظسساهر‪ ،‬يسسا بسساطن ‪ ،‬يسسا مسسن هسسو بكسسل شسسيء‬
‫عليم"‪ ،‬ويقول‪" :‬إن هسسذا الوصسسف صسسدر مسسن الشسسمس لعلسسي وأنسسه سسسمعه أبسسو بكسسر وعمسسر‬
‫والمهاجرون والنصار فصعقوا ثم أفاقوا بعد ساعات" )كتسساب سسسليم بسسن قيسسس ص ‪ 38‬ط‪:‬‬
‫العلمي‪ ،‬وص ‪ 32-31‬ط‪ :‬النجف(‪ ،‬وهذه الوصاف هي آثار السبئية التي تؤله عليسًا‪ ،‬والستي‬
‫ورثتها الثنا عشرية‪ ،‬واستبقت أقوالها في مصادرها‪ ،‬ونسبتها لل البيت‪ ،‬فسسأزرت علسسى الل‬
‫و‬
‫ه َ‬
‫بهذا وأمثاله‪ ،‬وهي تدعي التشيع لهم‪ ..‬وهسسذه أوصسساف لسسرب العسسالمين‪ :‬قسسال تعسسالى‪ُ } :‬‬
‫َ‬
‫م{ ]الحديسسد‪ ،‬آيسسة‪ [.[3 :‬فإن‬ ‫عِلي ٌ‬
‫ء َ‬
‫ي ٍ‬
‫ش ْ‬‫ل َ‬ ‫و ب ِك ُ ّ‬
‫ه َ‬
‫و ُ‬ ‫وال َْباطِ ُ‬
‫ن َ‬ ‫هُر َ‬ ‫وال ّ‬
‫ظا ِ‬ ‫خُر َ‬
‫وال ِ‬ ‫و ُ‬
‫ل َ‬ ‫ال ّ‬
‫كل ذلك لم يحسسد مسن مبالغسات الشسسيعة فسسي مسدحه وتسسوثيقه فسسي روايسسات‬
‫ينسبونها لل السسبيت‪ ،‬وأقسسوال صسسدرت مسسن كبسسار شسسيوخهم ]انظسسر‪ :‬ص)‪(270‬‬
‫هسسامش رقسسم‪ [.(5) :‬حسستى اعتسسبروه أص سل ً مسسن أصسسول آل محمسسد وسسسرا ً مسسن‬
‫أسرارهم‪ ،‬رغم أنه يحمل برهان وضعه سندا ً ومتنا ً فهو مسسن روايسسات أبسسان‬
‫وهو متروك أو ضعيف عند أهل السسسنة‪ ،‬وضسسعيف فسسي كتسسب الرجسسال عنسسد‬
‫الشيعة ]انظر‪ :‬ص )‪ (270‬هامش رقم‪ [.(2) :‬أيضًا‪ ،‬وسسسليم السسذي يزعمسسون أنسسه‬
‫مؤلف الكتاب مجهول‪ ،‬وقد ل يكون له وجود في إل فسسي خيسسالت الشسسيعة‬
‫]انظر‪ :‬ص)‪ (271‬هامش رقم‪ ،[.(1) :‬والكتاب مضطربة طرقه ولكنهم يقولسسون‪:‬‬
‫"ما يتراءى من الضطراب في الطريسسق غيسسر قسسادح وهسسو واقسسع فسسي أكسسثر‬
‫طرق كتب أصحابنا" ]الخوانساري‪ /‬روضات الجنسسات‪ .[.4/68 :‬وجملة مسسن متسسون‬
‫الكتاب تجعله في عداد الكتب الباطنيسسة اللحاديسسة‪ ،‬ومسسع ذلسك فقسد اعتمسسد‬
‫النقل عنه أصحاب الكتب الربعة المعتمدة عندهم وآخرون مسسن شسسيوخهم‬
‫]الكليني يعتمد عليه وأخرج له في عدة أبواب؛ كبسساب مسسا جسساء فسسي الثنسسي عشسسرية )انظسسر‬
‫أصول الكسافي‪ (1/252 :‬وبساب دعسائم الكفسسر )انظسر‪ :‬المصسدر السسابق‪ (2/391 :‬وغيرهسا‪.‬‬
‫ومثله شيخهم ابن بابويه القمي الملقب عندهم بالصدوق في من ل يحضره الفقيه )انظسسر‪:‬‬
‫روضات الجنات ‪ ،4/68‬الذريعة‪ (2/154 :‬ومثله الحتجاج للطبرسي‪ ،‬والختصسساص للمفيسسد‪،‬‬
‫وتفسير فرات وغيرها‪ .‬انظر‪ :‬مقدمة كتاب سليم ابن قيسسس ص ‪ .[.6‬وسجل فسسي هسسذا‬
‫الكتاب جملة من عقائد غلة الشيعة‪.‬‬
‫والمفاجأة في هذا الموضوع أن بعض شيوخ الشسسيعة أمسساط اللثسسام عسسن‬
‫حقيقة هذا الكتاب‪ ،‬وكشف النقاب عن هويته؛ إذ قد رابهم شيء في هسسذا‬
‫الكتاب فرأوا من الواجب كشسسفه قبسسل أن يقسسوض أسسساس التشسسيع الثنسسي‬
‫عشري نفسه‪ ،‬ول يظن القارئ أن هذا الذي رابهم وأشكل عليهم هو تأليه‬
‫علي‪ ،‬أو الطعن في القرآن أو غير ذلك من المطاعن في السلم نفسسسه‪،‬‬
‫إنما الخطر الذي اكتشفوه في الكتاب‪" :‬هو أنه جعسسل الئمسسة ثلث عشسسر"‬
‫وهذه طامة كبرى تهدد بنيان الثنسسي عشسسرية بالسسقوط‪ ،‬ولسسيما أن هسذا‬
‫وجد في كتاب يعتبر أبجد الشيعة‪ ،‬وأول كتاب ظهر لهم‪ ،‬ولهذا كفونا مؤنة‬
‫نقض هذا الكتاب‪ .‬فقرر فريسسق منهسسم أن "الكتسساب موضسسوع ل مريسسة فيسسه"‬
‫]انظر‪ :‬رجال الحلي‪ :‬ص ‪ ،83‬ابن داود‪ /‬الرجال‪ :‬ص ‪.[.414 ،413‬‬

‫‪129‬‬
‫وبدأوا يبينون عيوب الكتاب وأمارات وضعه فقسسالوا‪ :‬إنسسه خسسالف التاريسسخ‬
‫بقوله‪" :‬إن محمد بن أبي بكر وعظ أباه عند المسسوت لنسسه غصسسب المامسسة‬
‫من علي" مع أن محمد بن أبي بكر ولد في سنة حجة الوداع فكيف يعسسظ‬
‫أباه وعمره ثلث سنوات ]انظر‪ :‬الخوانساري‪ /‬روضات الجنات‪ ،4/67 :‬رجال الحلسسي‪:‬‬
‫ص ‪ ،[.83‬كما أنه جعل الئمة ثلث عشر‪ ،‬وقسسالوا‪ :‬بسسأن سسسليما ً ل يعسسرف ول‬
‫ذكر في خبر‪ ،‬وأن أسانيد الكتاب مختلفة مضطربة ]انظسسر‪ :‬رجسسال الحلسسي‪ :‬ص‬
‫‪ ،83‬الخوانساري‪ /‬روضات الجنات‪ ،4/67 :‬ابن داود‪ /‬الرجسسال‪ :‬ص ‪ ،[.414-413‬واتهمسسوا‬
‫في وضع الكتاب أبان بن أبي عيسساش ]انظسسر‪ :‬رجسسال الحلسسي‪ :‬ص ‪ ،206‬ابسسن داود‪/‬‬
‫الرجال‪ :‬ص ‪.[.414-413‬‬
‫وحدد بعض المعاصرين تاريخ وضعه فقال‪ :‬إنه موضوع في آخسسر الدولسسة‬
‫الموية لغرض صحيح ]هو‪ :‬أبو الحسن الشعراني‪ /‬في تعليقه على الكافي مسسع شسسرحه‬
‫للمازندراني‪ -[.374-2/373 :‬ولم يبين دليله فيما ذهب إليه ‪ -‬وفريق منهم عسسّز‬
‫عليهم ‪ -‬فيما يبدو ‪ -‬أنه يفقدوا هذا الكتاب جملة واحدة مع أنسسه أصسسل مسسن‬
‫أصولهم وعمدة لشسسيوخهم‪ ..‬فقسسال هسسذا الفريسسق‪" :‬والسسوجه عنسسدي الحكسسم‬
‫بتعديل المشار إليه والتوقف في الفاسد مسسن كتسسابه" ]رجسسال الحلسسي‪ :‬ص ‪،83‬‬
‫وسائل الشيعة‪ [.20/210 :‬مع أن هذا الفاسد ينقض بنيان الثنسسي عشسسرية مسن‬
‫الساس وذلك في جعله الئمة ثلثة عشر‪.‬‬
‫ولهذا لم يرتض هذا القول من الدوائر الشيعية فرأى فريق منهم القيام‬
‫بعمل جذري ينهي المشسسكلة السستي أقلقتهسسم مسسن أساسسسها فقسساموا بتعسسديل‬
‫الكتاب ليتلءم والمنطق الشيعي‪.‬‬
‫وأشار الخوانساري إلى التغير في الكتاب فقال‪" :‬إن ما وصل إلينا مسسن‬
‫نسخ الكتاب هو أن عبد اللسسه بسسن عمسسر وعسسظ أبسساه عنسسد المسسوت" ]روضسسات‬
‫الجنات‪ .[.4/69 :‬وقال الحر العاملي‪" :‬والذي وصل إلينا من نسخه ليس فيه‬
‫شسسيء فاسسسد‪ ،‬ول شسسيء ممسسا اسسستدل بسسه علسسى الوضسسع" ]وسسسائل الشسسيعة‪:‬‬
‫‪ .[.20/210‬وقد بحثت عن عيوب الكتاب في نظر الشيعة والتي أشار إليهسسا‬
‫الفرق الول في طبعتين من طبعات الكتسساب ]ط‪ :‬النجسسف بالمطبعسسة الحيدريسسة‪،‬‬
‫وطبعة العلمي ببيروت‪ [.‬فلم أجد لها ذكرا ً فيه‪ ،‬وهذا يدل علسسى أنهسسم يغيسسرون‬
‫في كتبهم ويزيدون وينقصون‪ .‬ومع هذا فقد أصبح هذا الكتاب عمسسدة عنسسد‬
‫متأخري الشيعة كما قرره المجلسي في البحار ]بحار النسسوار‪ ،[.1/32 :‬والحر‬
‫العاملي في الوسائل ]وسائل الشيعة‪ [.20/210 :‬وغيرهما‪.‬‬
‫هسسذه الوقفسسة عنسسد كتسساب سسسليم بسسن قيسسس أرى أنهسسا ضسسرورية لمحاولسسة‬
‫اكتشاف اليدي السبئية التي افترت هذه الفرية‪ ،‬إذ إننا نلحسسظ أن الفريسسة‬
‫بدأت من كتاب سليم بن قيس الذي اتهموا في وضعه أبان‪ ،‬وحدد بعضهم‬
‫تاريخ وضعه بأنه في آخر الدولة الموية‪ .‬أمسسا مسسن تسسولى كسسبر هسسذا الوضسسع‬
‫لهذه الفرية فإن بعض شيوخ الشيعة يتهم فيه أبان‪ ،‬وقسسد سسسبق أن ذكرنسسا‬
‫أن الملطي يتهم فيه هشان بن الحكم‪ ،‬يعني أن هذه الفرية لسسم يكسسن لهسسا‬
‫وجود قبل القرن الثاني‪ ،‬وقسسد تتبعسست الراء المنسسسوبة لبسسن سسسبأ وطائفسسة‬
‫السبئية فلم أجد أن هذه المقالة قد نقلت عن ابن سبأ لنها ‪ -‬فيما يبسسدو ‪-‬‬
‫لم تخطر على باله لوضوح بطلنها أمام الجيل الذي عاصر التنزيل‪ ،‬ولنهسسا‬
‫‪130‬‬
‫وسيلة سريعة لنكشسساف كسسذبه‪ ،‬فلسسم يتجسسرأ ابسسن سسسبأ علسسى إشسساعة هسسذه‬
‫الفرية‪ .‬لم يقسسل إن الصسسحابة حرفسسوا القسسرآن ولكسسن عسسدل عسسن ذلسسك إلسسى‬
‫القسسول‪" :‬بسسأن هسسذا القسسرآن جسسزء مسسن تسسسعة أجسسزاء وعلمسسه عنسسد علسسي"‬
‫]الجوزجاني‪ /‬أحوال الرجال‪ :‬ص ‪ ،[.38‬وهي مقالسة مجملسة لسم يفصسح فيهسا عسن‬
‫مراده‪ ،‬وقد يوضحها ما جاء في رسالة الحسن بن محمد بسسن الحنفيسسة )ت‬
‫ه( وهو قوله‪" :‬ومن خصومه هسسذه السسسبئية السستي أدركنسسا يقولسسوا )كسسذا(‬ ‫‪‍ 95‬‬
‫هدينا لوحي ضل عنه الناس وعلم خفي ويزعمون أن نبي الله كتم تسسسعة‬
‫أعشار القرآن‪ ،‬ولو كان نبي الله كاتمسا ً شسسيئا ً ممسسا أنسسزل اللسسه لكتسسم شسسأن‬
‫َ‬
‫ه{ ]كتاب اليمان لمحمد بن أبي‬ ‫عل َي ْ ِ‬ ‫م الل ّ ُ‬
‫ه َ‬ ‫ع َ‬ ‫ل ل ِل ّ ِ‬
‫ذي أن ْ َ‬ ‫وإ ِذْ ت َ ُ‬
‫قو ُ‬ ‫امرأة زيد } َ‬
‫عمر المكي العدني‪ :‬ص ‪) 250-249‬مخطوط( والية رقم )‪ (37‬من سورة الحزاب‪.[.‬‬
‫فإذن لم تكن هذه القضية من مقالت السبئية بل حدثت فيما بعسسد‪ ،‬أمسسا‬
‫من هو الذي تولى كبر وضع هذا الكفر بين الشيعة؟ فإن الجابسسة الجازمسسة‬
‫المحسسددة قسسد ل تكسسون ميسسسرة‪ ،‬ول يجسسدي فسسي هسسذا تتبسسع أسسسانيد روايسسات‬
‫التحريف؛ لن في أخبارها ما هو عار من السند كالروايات التي جاءت في‬
‫كتاب الحتجاج للطبرسي‪ ،‬ولن مسألة السناد عنسسدهم قسسد وجسسدت بعسسض‬
‫القرائن ‪ -‬كما سيأتي ‪ -‬التي تدل على أنهسسا صسسنعت متسسأخرة‪ ،‬كمسسا أن مسسن‬
‫أساليبهم وضع السانيد الصحيحة لمتسسون مكذوبسسة فل يعطسسي سسسلوك هسسذا‬
‫المنهج نتيجة جازمة‪.‬‬
‫شيوع هذه الفرية في كتب الشيعة‪:‬‬
‫سسسليم وبسسدأت‬ ‫قد لحظنا أن البداية ‪ -‬إذا أخذنا بأقوالهم ‪ -‬كسسانت بكتسساب ُ‬
‫القضية بروايتين فقط‪ ،‬وليس فيها الصراحة التي نجسسدها عنسسد مسسن بعسسده ‪-‬‬
‫كما سترى أثناء عرضنا لروايات التحريف بعد نهاية هذه المسسسألة ‪ -‬فكسسأن‬
‫المسألة في كتابه ل تزال فسسي بسسدايتها لسسم يكسسثر الوضسسع والكسسذب حولهسسا‪،‬‬
‫ولكنها بداية في كتاب قوبل بالرفض من بعض الشيعة؛ فهذا يعني الحكسسم‬
‫بالموت على هذه المقالة‪ ،‬لول أنه جاء في القرن الثالث مسسن تلقسسف هسسذه‬
‫السطورة وزاد عليها‪ ،‬وأرسى دعائمها الباطلة‪.‬‬
‫جاء شيخهم علي بن إبراهيم القمي هو شسسيخ الكلينسسي صسساحب الكسسافي‬
‫وحشا تفسيره بهذه السطورة ]انظر ‪ -‬على سبيل المثال ‪ :-‬تفسير القمسسي‪،1/48 :‬‬
‫‪،100‬س ‪،110‬س ‪،118‬س ‪،122‬س ‪،123‬س ‪،142‬س ‪ ،159‬ج‪ ‍2‬ص ‪،21‬س ‪،111‬س ‪ ،125‬وغيرها كسسثير ‪،‬‬
‫وسيأتي ذكر بعضسسها‪ [.‬وصرح بهسسا فسسي مقدمسسة تفسسسيره ]تفسسسير القمسسي‪.[.1/10 :‬‬
‫ولهذا قال شيخهم الكاشاني‪" :‬فسسإن تفسسسيره مملسسوء منسسه ولسسه غلسسو فيسسه"‬
‫]تفسير الصافي‪ [.1/52 :‬وكذلك قال شيخهم الخر النسسوري الطبرسسسي‪" :‬وقسسد‬
‫صرح )يعني القمي( بهذا المعتقد في أول تفسيره ومل كتابه مسسن أخبسساره‬
‫مع الستزامه فسي أولسه أل يسذكر فيسه إل مشسايخه وثقساته" ]الطبرسسسي‪ /‬فصسسل‬
‫الخطاب الورقة )‪) (13‬النسسسخة المخطوطسسة( وص ‪ 26‬مسسن المطبوعسسة‪ .[.‬ومع أن هسسذا‬
‫الكتاب قد ملئ بهذه الزندقة فسسإن كسسبير علمسساء الشسسيعة اليسسوم "الخسسوئي"‬
‫يوثق روايات القمي كلها ‪ -‬كلما سلف – ]انظر نص ذلك عن الخوئي فسسي مقدمسسة‬
‫هذه الرسالة‪ ،‬أو معجم رجال الحديث للخوئي‪.[.1/63 :‬‬

‫‪131‬‬
‫ه(‬
‫ه( أو )‪‍ 329‬‬‫ومن بعد القمي جاء تلميذه الكليني المتسسوفى سسسنة )‪‍ 328‬‬
‫الملقب عند الشيعة بس"ثقة السلم" ومؤلف أصح كتاب من كتبهم الربعسسة‬
‫المعتمدة في الرواية عندهم‪.‬‬
‫وقد روى الكليني في الكافي من أخبار هذه السسسطورة الشسسيء الكسسثير‬
‫]انظر‪ :‬أصول الكافي‪ ،‬باب فيه نكت ونتف فسسي التنزيسسل فسسي الوليسسة مسسن الجسسزء الول ص‬
‫‪ 413‬وما بعدها‪ ،‬وأرقام هذه الروايات كالتالي‪،45 ،32 ،31 ،28 ،27 ،26 ،25 ،23 ،8 :‬‬
‫‪. 64 ،60 ،59 ،58‬‬
‫وانظر‪ :‬الجزء الثاني من الكافي باب أن القرآن يرفع كما أنزل ص ‪ 619‬رقسسم ‪ ،2‬وبسساب‬
‫النوادر ص ‪ 627‬وما بعدها رقم‪ ،28 ،23 ،4 ،3 ،2 :‬وهذه الروايات المشار إليها صريحة‬
‫في القول بهذا الفتراء ويبعد حملها أو يتعذر على أنها من قبيل التفسير أو القراءات‪ [.‬مع‬
‫أنه التزم الصحة فيما يرويه ]انظر‪ :‬مقدمة الكافي‪ :‬ص ‪ ،9‬وتفسير الصافي المقدمة‬
‫السادسة ص ‪ ،52‬ط‪ :‬العلمي بيروت‪ ،‬وص ‪ 14‬ط‪ :‬المكتبة السسسلمية بطهسسران‪ ،[.‬ولهذا‬
‫قرر الكاتبون عنه عن الشيعة‪" :‬أنه كسسان يعتقسسد التحريسسف والنقصسسان فسسي‬
‫القرآن‪ ،‬لنه روى روايات في هذا المعنى في كتسسابه الكسسافي ولسسم يتعسسرض‬
‫لقدح فيها مع أنه ذكر في أول كتسابه أنسه يثسق بمسا رواه" ]الكاشسساني‪ /‬تفسسسير‬
‫الصسسافي‪ /‬المقدمسسة السادسسسة ص ‪ ،52‬ط‪ :‬العلمسسي‪ ،‬وص ‪ 14‬ط‪ :‬طهسسران‪ .[.‬والكسسافي‬
‫للكليني عند شيوخ الرافضة في أعلى درجسسات الصسسحة‪ ،‬لن الكلينسسي كسسان‬
‫معاصرا ً للسفراء الربعة الذين يدعون الصسسلة بمهسسديهم الغسسائب المنتظسسر‪،‬‬
‫ولهذا كان التحقيق من صحة مدوناته أمر ميسورا ً له لنه يعيش معهم في‬
‫بلد واحد وهو بغداد ]انظر‪ :‬محمد صالح الحائري‪ /‬منهاج عملي للتقريب ضسسمن كتسساب‪:‬‬
‫"الوحدة السلمية" ص‪ ،233 :‬وبمثل هذا قال قدماء شيوخهم‪ .‬انظر‪ :‬ابن طسساوس‪ /‬كشسسف‬
‫المحجة ص ‪ ،159‬وراجع ما جاء في مقدمة الرسالة‪.[.‬‬
‫ولكن يلحظ أن ابسسن بسسابويه القمسسي حكسسم بوضسسع مسسا روي فسسي تحريسسف‬
‫القرآن مع وجودها في الكافي الذي يصفونه بهذا الوصسسف‪ ،‬ويوثقسسونه هسسذا‬
‫التوثيق‪.‬‬
‫وقسسد رجعسست إلسسى مسسرآة العقسسول للمجلسسسي فرأيتسسه يحكسسم علسسى بعسسض‬
‫أحاديث الكافي بالضعف‪ ،‬ولكنه حكم على روايات فسسي التحريسسف بالصسسحة‬
‫]كحكمه بصحة رواية‪" :‬أن القرآن الذي جاء به جبرائيل ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬إلسسى محمسسد صسسلى‬
‫الله عليه وسلم وآله وسلم سبعة عشر ألف آية"‪ .‬وآيات القرآن كما هو معروف ل تتجسساوز‬
‫ل‪) .‬انظسسر‪ :‬مسسرآة العقسسول‪ ،[.(2/536 :‬وكسسذلك الشسسافي شسسرح‬ ‫سسستة آلف آيسسة إل قلي ً‬
‫أصول الكافي ]انظر‪ :‬حكمه بالصحة على الروايسة الستي ذكرنهسا فسي الهسامش السسابق‪،‬‬
‫الشافي شرح أصول الكافي‪ ،[.7/227 :‬وقد صسسدر حسسديثا ً كتسساب اسسسمه‪" :‬صسسحيح‬
‫ه من تأليف أحد شيوخهم المعاصرين "محمد الباقر البهبودي"‬ ‫الكافي" ]طبع سنة ‪‍ 1401‬‬
‫ويقع في ثلثة أجزاء‪ [.‬وقد راجعته فوجسسدت صسساحبه قسسد جسسرده مسسن الروايسسات‬
‫التي تمس كتاب الله‪ ،‬وليس ذلسسك فحسسسب بسسل حسسذف أبوابسا ً بكاملهسسا مسسع‬
‫أحاديثها ]مثل‪ :‬باب أنه لم يجمع القرآن كله إل الئمة وهو مسسن أبسسواب الكسسافي الصسسريحة‬
‫في هذا الفتراء‪ ،‬حتى استظهر بعش الشيعة مذهبه في هسسذا مسسن خلل عنسسوان هسسذا البسساب‬
‫)انظر‪ :‬فصل الخطاب‪ :‬ص ‪ (27-26‬وأبواب أخرى‪ ،‬كما حذف كل روايات "بسساب فيسسه نكسست‬
‫ونتف من التنزيل فسي الوليسة" والبالغسة )‪ (92‬روايسة‪ ،‬مسا عسدا روايستين فقسط ليسس فيهمسا‬
‫الطعن في نص القرآن فيما انحراف في تأويله أي تحريف لمعناه وفق المنهج الباطني في‬
‫التفسسسير عنسسدهم‪ ،‬وهسسذا البسساب المشسسار إليسسه هسسو أكسسثر أبسسواب الكسسافي جمع سا ً لخبسسار هسسذه‬

‫‪132‬‬
‫السسسطورة‪ ،‬حسستى خصصسسه بسسذلك صسساحب فصسسل الخطسساب‪) .‬انظسسر‪ :‬ص ‪ 26‬مسسن فصسسل‬
‫الخطاب (‪ [.‬في ذلك‪ ،‬كما حذف أبوابا ً تمثل جملسسة مسسن العقسسائد السستي تنتقسسد‬
‫فيها الشيعة ]مثل باب أن الئمة إذا شاؤوا أن يعلموا علمسسوا ‪ ،‬وبسساب أن الئمسسة يعلمسسون‬
‫متى يموتون ول يموتون إل باختيار منهم‪ ،‬وباب أن الئمة يعلمون علم مسسا كسسان ومسسا يكسسون‬
‫وأنه ل يخفى عليهم الشيء صلوات الله عليهم‪ ،‬وغيرها‪.‬‬
‫)قارن في هذا كتاب الحجة من صحيح الكافي‪ ،‬وكتاب الحجة من أصول الكافي(‪ [.‬وما‬
‫ندري تصرفه هذا تقية أم حقيقة‪ ..‬لسيما وأنسسه قسسد حسسذف أحسساديث كسسثيرة‬
‫لهسسم قسسد حكسسم عليهسسم بالصسسحة المجلسسسي فسسي مسسرآة العقسسول‪ ،‬وصسساحب‬
‫الشافي‪.‬‬
‫ومن طبقة الكليني أيضا ً العياشي له تفسير يسمى‪" :‬تفسير العياشسسي"‬
‫وقد وجدت أسطورة التحريف مكانها في هذا التفسير في مواضسسع كسسثيرة‬
‫ومتفرقة فيه ]انظر من ذلك المواضع التالية‪ 206 ،169 ،168 ،1/13 :‬وغيرها‪ .[.‬وهو‬
‫من كتبهم المعتمدة ‪ -‬كما سلف ]انظر مقدمسسة الرسسسالة‪ -[.‬رغم أن روايسساته ل‬
‫سند لهسسا ول زمسسام‪ ،‬وزعسسم صسساحب البحسسار أن السسذي حسسذف أسسسانيده أحسسد‬
‫النساخ ]بحار النوار‪.[.1/128 :‬‬
‫ومن القرن الثالث أيضا ً فرات بن إبراهيم الكسسوفي لسسه تفسسسير يسسسمى‪:‬‬
‫"تفسير فرات" ]طبسسع فسسي المطبعسسة الحيدريسسة بسسالنجف وكتسسب علسسى صسسفحة العنسسوان‬
‫"التفسير القيم الذي طالما تشوقت لرؤيته نفوس العلماء‪ ،‬ضم )على صغر حجمه( مسسا لسسم‬
‫تضمه التفاسير الكبيرة‪ ،‬مطابق تمام المطابقة لحاديث وأخبار النبي والئمة ‪ -‬رضسسي اللسسه‬
‫عنهم ‪ .[."-‬وقد ارتضى لنفسه أن ينقل من أخبار هذه السسطورة ]انظسسر مسسن‬
‫تفسير فرات‪ :‬ص ‪ 85 ،18‬وغيرها‪ [.‬وهو من كتبهم المعتبرة ]انظر مقدمة الرسالة‪[.‬‬
‫عندهم‪ .‬ومن هذا القرن أيضا ً محمد بن إبراهيسسم النعمسساني ]قسسالوا‪ :‬كسسان فسسي‬
‫عصر السفراء الربعة لمهديهم المنتظر‪ ،‬وهو من تلمذة شيخهم الكلينسي صسساحب الكسافي‪،‬‬
‫ولعله تلقى عنه هذا الكفر‪ ،‬بل قالوا بأنه هو الذي كتب الكافي‪ ،‬وساعد الكليني في تأليفه‪.‬‬
‫)انظر‪ :‬رجال النجاشي‪ :‬ص ‪ ،298‬أمل المل‪ :‬ص ‪ ،232‬رجال الحلي‪ :‬ص ‪ [.(162‬روى‬
‫في كتابه‪" :‬الغيبة" طائفة من الروايات في هذا الفتراء ]انظسسر ص ‪ 218‬مسسن‬
‫كتاب الغيبة‪ [.‬وهو عندهم من أج ّ‬
‫ل الكتب وأثبتها ]انظر‪ :‬بحار النوار‪.[.1/30 :‬‬
‫ومن هذه الزمرة الحاقسسدة السستي وجسسدت فسسي هسسذه الفسسترة أبسسو القاسسسم‬
‫الكوفي‪ ،‬وقد نسبته بعض كتب النثي عشرية إلى الغلو ]قال النجاشي‪" :‬علي‬
‫بن أحمد أبو القاسم الكوفي رجل من أهل كوفة كان يقسسول أنسسه مسسن آل أبسسي طسسالب‪ ،‬وغل‬
‫في آخر أمره وفسد مذهبه وصنف كتبا ً كثيرة أكثرهسسا علسسى الفسسساد‪ :‬كتسساب النبيسساء‪ ،‬كتسساب‬
‫الوصياء‪ ،‬كتاب البدع المحدثة‪ ،‬كتسساب التبسسديل والتحريسسف"‪ ،‬كمسسا ذكسسر النجاشسسي بسسأن الغلة‬
‫ه(‪.‬‬
‫يدعون فيه منازل عظيمة‪ .‬توفي سنة )‪‍ 352‬‬
‫)رجسسال النجاشسسي ص‪ ،203 :‬رجسسال الحلسسي‪ :‬ص ‪ (233‬وقسسد حسساول الرافضسسي المعاصسسر‬
‫دم لكتاب الستغاثة والذي لم يفصح عن اسمه أن يدفع عنه صفة الغلو )انظسسر‪ :‬ص ب‬ ‫المق ّ‬
‫من المقدمة(‪ ،[.‬وشهد علسى نفسسه فسي كتسابه‪" :‬السستغاثة" بسأنه علسى هسذا‬
‫المنهسسج الضسسال ]انظسسر‪ :‬السسستغاثة )أو البسسدع المحدثسسة( ص‪ .[.25 :‬وقسسد نسسسب لسسه‬
‫النجاشي كتابا ً سماه‪" :‬التبديل والتحريسسف" ]انظسسر‪ :‬رجسسال النجاشسسي‪ :‬ص ‪[.203‬‬
‫وقد فقد هذا الكتاب مسسع نظسسائر لسسه‪ ،‬كمسسا أشسسار إلسسى ذلسسك صسساحب فصسسل‬
‫الخطاب ]انظر‪ :‬فصسسل الخطسساب‪ :‬ص ‪ [.31-30‬وهو يروي عسسن القمسسي مباشسسرة‬

‫‪133‬‬
‫]انظر‪ :‬الستغاثة ص ‪ [.29‬بعض روايات التحريف‪ ،‬فقسد يكسون تلقسى عنسه هسذا‬
‫الكفر‪.‬‬
‫ه( سجل فسسي كتسسابه "أوائل‬ ‫ومن بعد هؤلء نرى شيخهم المفيد )ت ‪‍ 413‬‬
‫المقالت" إجماع طسسائفته علسسى هسسذا المنكسسر ]انظسسر‪ :‬أوائل المقسسالت ص ‪،[.51‬‬
‫ونقل بعض أخباره في بعض كتبه كالرشاد ]انظر‪ :‬الرشاد ص ‪ [.365‬وهو من‬
‫كتبهم المعتبرة ]انظر‪ :‬بحار النوار‪.[.1/27 :‬‬
‫هذا الزخم من المصنفات وغيرها لتأييد هذا الكفر وإثباته ل يشك مسلم‬
‫أنه كيد زنديق حاقد على كتاب الله ودينه وأتباعه‪ ،‬وقد دفع هذا الفئة إليسسه‬
‫‪ -‬كما سيأتي في تحليل نصوص هذه السطورة ورواياتها ‪ -‬خلو كتاب اللسسه‬
‫مما يثبت شذوذهم‪ ،‬وما ذهبوا إليه من عقسسائد ليسسس لهسسا أصسسل فسسي كتسساب‬
‫الله‪ ،‬وليس في مقدورهم أن يفعلسسوا شسسيئا ً لتغييسسر بعسسض آيسسات اللسسه‪ ،‬كمسسا‬
‫فعلوا فسسي السسسنة المطهسسرة حينمسسا دسسسوا بعسسض الروايسسات والسستي كشسسفها‬
‫صيارفة هذا العلم وأربابه‪ ،‬فلما لم يسسستطيعوا أن يحسسدثوا فسسي كتسساب اللسسه‬
‫أمرا ً لنه فوق منالهم حينئذ ادعوا أن في كتاب اللسسه نقص سا ً وتغييسسرا ً ‪ -‬ومسسا‬
‫أسهل الدعوى على حاقد موتور ‪.-‬‬
‫وهي محاولة فيما يبدو لقناع أتباعهم الذين ضجوا من خلسسو كتسساب اللسسه‬
‫من ذكر أئمتهم وعقسسائدهم والسستي لهسسا تلسسك المكانسسة السستي يسسسمعونها مسسن‬
‫رؤسائهم ]كما سيأتي بيسسان ذلسسك فسسي المامسسة وغيرهسسا مسسن عقسسائدهم‪ ،[.‬فادعوا هذه‬
‫الدعوى ونشط شيوخهم فسسي القسسرن الثسسالث والرابسسع فسسي الحسسديث عنهسسا‪،‬‬
‫ولكنهم فيما يبدو لم يحسبوا لهذه الدعوى حسابها فارتسسدت عليهسسم بأسسوأ‬
‫العواقب؛ فقد فضحتهم أمام المل وكشفت القنسساع عسسن وجسسوههم وأبسسانت‬
‫عن عداوتهم ونفاقهم‪ ،‬وقطعت صلتهم بالسلم والقرآن وأهل البيت‪.‬‬
‫ولهذا في القرن الرابع أعلن كبير شيوخهم ابسسن بسسابويه القمسسي صسساحب‬
‫"من ل يحضره الفقيه" أحسسد صسسحاحهم الربعسسة فسسي الحسسديث والموصسسوف‬
‫ه( أعلسسن بسسراءة الشسسيعة‬ ‫عندهم بس"رئيس المحدثين" المتسسوفى سسسنة )‪‍ 381‬‬
‫من هذه العقيدة ]انظر‪ :‬كتاب العتقادات‪ :‬ص ‪ ،102-101‬وسيأتي نص كلمسسه إن شسساء‬
‫ه( كسسان ينكسسر هسسذه‬ ‫الله‪ ،[.‬وكذلك الشريف المرتضى المتسسوفى سسسنة )‪‍ 436‬‬
‫المقالة‪ ،‬ويكفر من قال بها كما ذكر ذلسسك ابسسن حسسزم ]الفصسسل‪ ،[.5/22 :‬وقسسد‬
‫نقل إنكاره أيضا ً شيوخ الشيعة كالطوسي ]التبيان‪ [.1/3 :‬والطبرسي ]مجمسسع‬
‫البيسسان‪ ،[.1/31 :‬وكذلك استنكر هسسذه المقالسسة وصسسلة الشسسيعة بهسسا الطوسسسي‬
‫صاحب كتابين من كتب الحديث الربعة المعتمدة عندهم‪ ،‬وصاحب كتسسابين‬
‫من كتب الرجال الربعة المعتمدة عندهم ]التبيان‪ ،[.1/3 :‬وكذلك الطبرسسسي‬
‫]مجمع البيان‪ .[.1/31 :‬صاحب "مجمع البيان"‪.‬‬
‫وسننقل ‪ -‬بمشيئة الله ‪ -‬كلماتهم في ذلك ونقدم دراسة مقارنة لها مسسع‬
‫ما قالوه في كتبهم الخرى‪ ،‬وما قسساله الشسسيعة فسسي إنكسسارهم‪ ،‬ولكسسن رغسسم‬
‫هذا النكار من هؤلء فإن القضية ما تمسست‪ ،‬ففسسي القسسرن السسسادس تسسولى‬
‫إثارة هذه القضية مسسرة أخسسرى الطبرسسسي صسساحب الحتجسساج فحشسسا كتبسسه‬
‫الحتجاج من هذا الكفر ]انظر‪ :‬فصل الخطساب الورقسة )‪ (32‬النسسسخة المخطوطسسة‪،[.‬‬
‫وسطر مجموعة من رواياتهم فسسي ذلسسك وجسساء بهسسا مجسسردة منكسسل إسسسناد‪،‬‬
‫‪134‬‬
‫وزعم في مقدمة كتابه أنه لم يذكر إسسسنادا ً فسسي أكسسثر روايسساته لنهسسا محسسل‬
‫إجماع قومه‪ ،‬أو مشهورة عندهم فقال‪" :‬ول نأتي في أكثر مسسا نسسورده مسسن‬
‫الخبار بإسناد‪ ،‬إما لوجود الجماع عليه‪ ،‬أو موافقته لما دلت العقول إليسسه‪،‬‬
‫أو لشتهاره في السير والكتب بين المخالف والمؤالف" ]الحتجاج‪ :‬ص ‪،[.14‬‬
‫وقد كان هذا الطبرسي المجاهر بهسسذا الكفسسر مسسن معاصسسري أبسسي الفضسسل‬
‫الطبرسي صاحب مجمع البيان الذي ينكر هذه المقالة ويبرئ الشيعة منها‬
‫]وقد خلط بعض الكاتبين بينهما فنسب كتاب الحتجاج لصاحب مجمع البيان مع أن صسساحب‬
‫الحتجاج يجاهر بهذا الكفر‪ ،‬وصاحب مجمع البيان يتبرأ منه‪ .‬وممن اشتبه عليه التفريق بين‬
‫الرجلين‪ :‬نبيلة عبيد في كتابها "نشأة الشيعة" ص ‪ ،40-39‬على الرغم من أنها شيعية‪.‬‬
‫كما اشتبه على بعضهم التفريق بيسسن الطبرسسسي صسساحب الحتجسساج والطبرسسسي صسساحب‬
‫فصل الخطاب فظنهما شخصية واحدة مع أن بينهما أكسسثر مسسن سسستة قسسرون‪ .‬وممسسن اشسستبه‬
‫عليه ذلك‪ :‬عبد المتعال الجبري‪ /‬حوار مع الشيعة‪ :‬ص ‪.[.187‬‬
‫ويبدو أن إنكار أولئك الربعة كان له وقعه‪ ،‬أو أن القضية أصبحت سرية‬
‫التداول‪ ،‬فلم نشاهد نشاطا ً ملحوظا ً لبعثها وترويجها بشسسكل ظسساهر وكسسبير‬
‫إل في ظل الحكم الصسسفوي السسذي شسسهد إثسسارة لهسسذه السسسطورة واخسستراع‬
‫روايات لها‪ ،‬وترويجها أشد مما كان في القرن الثالث‪ ،‬كان ذلسسك علسسى يسسد‬
‫مجموعة من شيوخ الدولة الصفوية الذين نشسسطوا فسسي بعسسث هسسذا الكفسسر‪،‬‬
‫حتى يلحظ أن هذه السطورة التي بدأت بروايتين فسسي كتسساب سسسليم بسسن‬
‫قيس أصبحت كما يعترف شسسيخهم نعمسسة اللسسه الجسسزائري أكسسثر مسسن ألفسسي‬
‫رواية ]انظر‪ :‬فصل الخطاب‪ /‬الورقة )‪) (125‬النسخة المخطوطة(‪ ،[.‬حيث إن شسسيوخ‬
‫الدولة الصفوية كالمجسلي في بحاره ]انظسسر‪ :‬بحسسار النسسوار‪ :‬كتسساب القسسرآن‪ ،‬بسساب‬
‫تأليف القرآن وأنه على غير ما أنزل الله عز وجل‪ 92/66 :‬وما بعدها‪ ،[.‬والكاشاني في‬
‫تفسير الصافي ]انظر‪ :‬تفسير الصافي‪ :‬المقدمة السادسسسة‪ :‬ص ‪ ،55-40‬س ‪ ،136‬س ‪،163‬‬
‫‪ ،399‬س ‪ ،[.420‬والبحراني في البرهان ]البرهان في مواضع كثيرة‪ ،‬انظسسر ‪ -‬مثل ً – ج‪‍1‬‬
‫ص ‪ 15‬باب أن القرآن لم يجمعه كما أنسزل إل الئمسة‪ ،‬وص ‪،34‬س ‪،70‬س ‪،102‬س ‪،140‬س ‪،170‬‬
‫‪ 308 ،295 ،294 ،277‬وغيرها كثير‪ ،[.‬ونعمة الله الجزائري في النوار النعمانية‬
‫]انظر‪ :‬النوار النعمانية‪ :‬ص ‪ ،[.358-2/357‬وما سواها مسسن كتبسسه‪ ،‬وأبسسي الحسسسن‬
‫الشريف في مرآة النوار ]انظسسر‪ :‬مسسرآة النسسوار لبسسي الحسسسن الشسسريف‪ ،‬المقدمسسة‬
‫الثانية‪ :‬ص ‪ ،[.49-36‬والمازنداني ]فقد شرح الكافي ووافسسق مسسؤلفه علسسى بليسساه حسستى‬
‫قال‪ :‬وإسقاط بعض القرآن وتحريفه ثبت من طرقنا بسسالتواتر معنسسى‪) ..‬انظسر‪ :‬شسرح جسامع‬
‫الكافي‪ (11/76 :‬ولك أن تعرف أن هذا التواتر المزعسسوم هسسو عنسسد صسسنف آخسسر مسسن شسسيوخ‬
‫الشيعة نفسسسها مسسن الكسسذب المعلسسوم‪ [.‬شارح الكافي وغيرهسسم تولسسوا نشسسر هسسذه‬
‫الفرية على نطاق واسع في ظل الحكم الصفوي الذي ارتفعت فيه التقية‬
‫إلى حد ما‪.‬‬
‫وفي آخر القرن الثالث عشر وقعت الفضيحة الكبرى للشسسيعة فسسي هسسذا‬
‫الباب؛ فقد ألف شيخهم حسين النوري الطبرسي الذي يحظى بتعظيمهسسم‬
‫]يحظى بتعظيم الشسسيعة حسستى جعلسسوا كتسسابه "مسسستدرك الوسسسائل" مصسسدرا ً مسسن مصسسادرهم‬
‫المعتمدة في الحديث‪ ،‬كما سيأتي عند الحديث عن عقيدتهم في السنة‪ ،‬وبعد أن مات هسسذا‬
‫الطبرسي وضعوه في أشرف بقعة عندهم "بين العترة والكتاب ‪ -‬كذا ‪ -‬يعنسسي فسسي اليسسوان‬
‫الثالث عن يمين الداخل إلى الصحن الشريف من باب القبلة )في النجفة(‪.‬‬

‫‪135‬‬
‫)أغا بزرك الطهراني‪ /‬أعلم الشيعة‪ ،‬القسم الثاني من الجزء الول ص ‪ [.(553‬مؤلفسسا ً‬
‫في هذا الكفر جمع فيه كل ما لهم من "أساطير" في هسسذا البسساب وسسسماه‬
‫"فصل الخطاب في إثبات تحريف كتسساب رب الربسساب" ]وقسسد ارتكسسب جريمسسة‬
‫ه‪ ،‬ولديّ صسسورة مسسن النسسسخة المخطوطسسة‬
‫ه وطبع في إيران سنة ‪‍ 1298‬‬
‫تأليفه سنة ‪‍ 1292‬‬
‫مصورة من المتحف العراقي‪ ،‬ونسخة من المطبوعة‪ .‬وسيأتي ‪ -‬إن شاء الله ‪ -‬حديث عنسسه‬
‫في الباب الرابع‪ ،[.‬فأصبح هذا الكتاب عارا ً على الشيعة أبد الدهر‪ ،‬فقد جمسسع‬
‫فيسسه صسساحبه روايسساتهم المتفرقسسة وأقسسوال شسسيوخهم المتنسساثرة لثبسسات أن‬
‫الشيعة برواياتها وأقوال المحققين من شيوخها تقسسول بهسسذا الكفسسر‪ ..‬وهسسو‬
‫يؤلف كتابه هذا لمواجه جناح من الشيعة أبى أن يهضسسم هسسذه السسسطورة‪،‬‬
‫ورفض قبول هذه المقالة كما يظهر واضحا ً في رده عليهم في آخر كتسسابه‬
‫المذكور ]انظر‪ :‬فصل الخطاب ص ‪.[.360‬‬
‫وقد كشف بهذا الكتاب ما كان خفيا ً وأبان ما كسسان مسسستورًا‪ .‬لقسسد وضسسع‬
‫"المجهر" الذي كشف ما في زوايا كتسب القسوم وخباياهسا مسن كيسد حاقسد‪،‬‬
‫وعداوة مبيتة للقرآن وأهله‪ ،‬وقد أبسسان هسسذا الملحسسد المسسسمى بالطبرسسسي‬
‫عن غرضه المبيت ضد كتاب الله في مقدمة كتابه فقال‪:‬‬
‫"فيقول العبد المذنب المسيء حسين بن محمد تفي السسدين الطبرسسسي‬
‫جعله الله من السواقفين ببسابه المتمسسسكين بكتسابه )!(‪ :‬هسسذا كتسساب لطيسف‬
‫وسسسفر شسسريف عملتسسه فسسي إثبسسات تحريسسف القسسرآن وفضسسائح أهسسل الجسسور‬
‫والعسسدوان‪ ،‬وسسسميته فصسسل الخطسساب فسسي تحريسسف كتسساب رب الربسساب‪..‬‬
‫وأودعت فيه من بدايع الحكمة ما تقر بسسه كسسل عيسسن‪ ،‬وأرجسسو ممسسن ينتظسسر‬
‫رحمته المسيئون أن ينفعنسسي بسسه فسسي يسسوم ل ينفسسع مسسال ول بنسسون" ]فصسسل‬
‫الخطاب‪ :‬ص ‪.[.2‬‬
‫انظر كيف تتقنع "المجوسسسية" بمسسسوح الريسساء والكسسذب لخسسداع الغسسرار‬
‫والبسطاء عن الهدف الخبيث الذي تسعى إليه‪ ،‬وقد رام بعضهم أن يتستر‬
‫على هذا "الهدف" فقال‪" :‬وقد يقال‪ :‬إن نظسسره فسسي تسسأليف ذلسسك الكتسساب‬
‫إلى جمع تلك الخبار والشواذ والنوادر ولم يكن غرضه اعتقسساد التحريسسف"‬
‫]محمد الطبطبائي‪ /‬هامش النوار النعمانية‪ ،[.2/364 :‬ولكن هذه الدعوى مسسا تلبسسث‬
‫أن تتلشى بمجرد قراءة العنوان فضل ً عن المقدمسسة والكتسساب‪ ،‬فل يجسسدى‬
‫شيئا ً مثل هسسذا السسدفاع فهسسي تقيسسة مكشسسوفة ]سسسيأتي ‪ -‬إن شسساء اللسسه ‪ -‬عسسرض‬
‫لموضسسوعات الكتسساب ونقسسض لمزاعمسسه وشسسبهاته وكشسسف لمفتريسساته فسسي بسساب الشسسيعة‬
‫المعاصرين‪ ،[.‬هذا وبعد هذا العار الكبر الذي كساه صساحب فصسسل الخطساب‬
‫على الشيعة وكتبها‪.‬‬
‫وبعد هذه الفضسسيحة والخسسزي قسسام فئة مسسن شسسيوخ الشسسيعة المعاصسسرين‬
‫يتبرؤون من هذه المقالة وينكرونها كالبلغي في آلء الرحمن ]آلء الرحمسسن‪:‬‬
‫‪ ،[.32-1/17‬ومحسن المين في الشيعة بين الحقائق والوهسسام ]الشسسيعة بيسسن‬
‫الحقائق والوهام‪ :‬ص ‪ ،[.160‬وعبد الحسين شرف السسدين فسسي أجوبسسة مسسسائل‬
‫جار الله ]أجوبسسة مسسسائل جسسار اللسسه‪ :‬ص ‪ ،[.37-27‬والخوئي في تفسسسيره البيسسان‬
‫]البيسسان‪ :‬ص ‪ ،[.226‬ومحمسسد حسسسين آل كاشسسف الغطسسا فسسي أصسسل الشسسيعة‬
‫وأصولها ]أصل الشيعة وأصولها‪ :‬ص ‪ ،[.88‬ومحمد جواد مغنية في الشسسيعة فسسي‬

‫‪136‬‬
‫الميسسزان ]الشسسيعة فسسي الميسسزان‪ :‬ص ‪ ،[.58‬وفسسي عسسدد مسسن كتبسسه‪ ،‬وغيرهسسم‪،‬‬
‫وسنتوقف في مناقشة أقوالهم في فصل‪" :‬الشيعة المعاصسسرون وصسسلتهم‬
‫بأسلفهم"‪.‬‬
‫فهل ننتهي من هذا كله إلى أن ما قاله الشعري في المقسسالت مسسن أن‬
‫للشيعة في هذه المسألة أكثر من قول وأنهم لم يتفقوا على هذا الضسسلل‬
‫هو الواقع‪ ،‬وأن الثنسسي عشسسرية فئتسسان‪ :‬فئة تغلسسو فسسي هسسذا وتشسستط‪ ،‬وفئة‬
‫تقول الحق كما ذكر ذلك بعض المنتمين لهل السنة ‪ -‬كما سبق ‪ -‬وبعسسض‬
‫الكاتبين من الشيعة ]تفسسسير الصسسافي‪ 53-1/52 :‬قوامسسع الفضسسول‪ :‬ص ‪ [.298‬أو أن‬
‫القول الحق هو تقية من الشيعة كمسسا قسسال بسسذلك بعسسض أهسسل السسسنة كمسسا‬
‫سلف‪ ،‬وكما يزعمه من يقول بالتحريف من الشيعة كنعمة الله الجسسزائري‬
‫]النسسوار النعمانيسسة‪ ،359-2/358 :‬وسسسيأتي نسسص كلمسسه ‪-‬إن شسساء اللسسه ‪ ،[.-‬هسسذا كلسسه‬
‫ل‪.‬‬
‫سنتناوله بالدراسة والبيان في مبحث تا ٍ‬
‫مضامين روايات التحريف في كتب الشيعة‪:‬‬
‫بعد ما عرضنا للكتب التي نقلت هذه السطورة نبدأ الن في بيان بعض‬
‫مضامينها‪ ،‬وصورة البداية لهذه الفرية‪ ،‬وكيف تطورت وبماذا انتهت‪.‬‬
‫ونبدأ في ما تضمنه أول كتاب للشيعة‪ ،‬وأول كتاب تعرض لهسسذه الفريسسة‬
‫وهو كتاب سليم بن قيس؛ حيث نجد الصورة لهذه الفرية في بدايتها فترد‬
‫هذه المسألة في أثناء روايسستين طويلسستين يتعلقسسان بموضسسوع إمامسسة علسسي‪،‬‬
‫فتذكر الراوية الولى والتي يرويها أبان بن عيسساش المتفسسق علسسى ضسسعفه ‪-‬‬
‫كما أسلفنا ‪ -‬عن سليم وفيها‪" :‬أن عليا ً لسسزم بيتسسه حستى جمعسه وكسسان فسسي‬
‫الصحف والرقاع" ]كتاب سليم بن قيس‪ :‬ص ‪ .[.81‬واعتذر عن المسسسارعة إلسسى‬
‫بيعة أبي بكر بانشغاله بجمع القرآن فقال ‪ -‬لما بعث إليه أبسسو بكسسر لطلسسب‬
‫البيعة ‪" :-‬إني آليت على نفسي يمينا ً أل أرتدي رداًء إل للصلة حتى أولف‬
‫القرآن وأجمعه" ]كتاب سليم بن قيس‪ :‬ص ‪ ،81‬ولحظ في هذا النص المنقول أن عليا ً‬
‫لم يعتذر عن المبادرة لبيعة أبي بكر إل بانشسسغاله بجمسسع القسسرآن‪ ،‬ولسسم يعتسسذر بشسسيء آخسسر‪،‬‬
‫فكأن الواضع لهذه الحكاية نسي القضية الساسية عندهم وهي مسسسألة المامسة‪ ،‬وأن عليسا ً‬
‫لم يبايع في نظرهم بسبب أنه يرى أنه هو الوصي المنصوص عليه‪ ...‬وهسسذه سسسمة مطسسردة‬
‫في كثير من المسائل التي يريدون إثباتهسسا‪ ..‬حيسسث يثبتونهسسا مسسن وجسسه تنتفسسي معسسه العقيسسدة‬
‫الخرى‪ ،‬وهذه سمة الوضع والكذب على السسدوام‪ :‬الختلف والتنسساقض‪ ،‬كمسسا قسسال سسسبحانه‪:‬‬
‫فا ك َِثيًرا{ ]النساء‪ ،‬آيسسة‪ .[82 :‬فهسسذه‬‫خت ِل َ ً‬
‫ها ْ‬ ‫دوا ْ ِ‬
‫في ِ‬ ‫ج ُ‬ ‫ه لَ َ‬
‫و َ‬ ‫ر الل ّ ِ‬ ‫د َ‬
‫غي ْ ِ‬ ‫عن ِ‬
‫ن ِ‬
‫م ْ‬
‫ن ِ‬
‫كا َ‬ ‫ول َ ْ‬
‫و َ‬ ‫} َ‬
‫الية تدل على أن كل من يزعم أنه من عند الله وهو ليس مسسن عنسسد اللسسه فل محيسسص مسسن‬
‫وقوعه في فخ الختلف والتناقض‪ .[.‬ومثل هذه الدعوى وردت فسسي بعسسض كتسسب‬
‫أهل السنة ولكنها لم تثبت بسند صحيح‪ ،‬ولهذا قال ابن حجسسر‪ :‬ومسسا يسسروى‬
‫عن علي أنه قال‪" :‬آليست أل آخسذ ردائي إل للصسسلة حستى أجمسسع القسرآن"‪،‬‬
‫فجمعه فإسناده ضعيف لنقطاعه‪ ،‬وعلى تقدير أن يكون محفوظا ً فمراده‬
‫بجمعه حفظه في صدره‪ ،‬وما وقع فسسي بعسسض طرقسسه‪" :‬حسستى جمعتسسه بيسسن‬
‫اللوحين" فوهم من روايه" ]فتح الباري‪ .13-9/12 :‬وانظر كتاب المصاحف لبن أبي‬
‫داود ص ‪.[.16‬‬
‫قال ابن حجر‪" :‬وأصح منه وهو المعتمسد مسا أخرجسه ابسسن أبسسي داود فسسي‬
‫المصاحف بإسناد حسن عن عبسد خيسر قسال‪ :‬سسمعت عليسا ً يقسول‪ :‬أعظسسم‬
‫‪137‬‬
‫الناس في المصاحف أجرا ً أبو بكر ‪ -‬رحمة الله على أبسسي بكسسر ‪ -‬وهسسو أول‬
‫من جمع كتاب الله" ]فتح الباري‪ :‬ص ‪.[.9/12‬‬
‫هذا وتصف رواية سليم جمع علي للقرآن بسسأنه لسسم يكسسن كلسسه قرآنسا ً بسسل‬
‫جمع "تنزيله وتأويله والناسخ والمنسوخ منه" ]كتاب سليم بن قيسسس ‪ :‬ص ‪،[.81‬‬
‫وهذا رغم أنه لم يصح من أصله إل أنه يدل على أنسسه ليسسس وفسسق الصسسول‬
‫التي أمر بها النبي –صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم‪ -‬لجمع القسسرآن‪ ،‬ومنهسسا قسسوله‪" :‬ل‬
‫تكتبوا عني شيئا ً غير القرآن" ]رواه مسلم‪ ،‬كتاب الزهد رقسسم ‪ 72‬ص ‪،2299-2298‬‬
‫والدارمي‪ ،‬مقدمة رقم ‪ 42‬ص ‪ ،119‬وأحمد في مسنده‪ .39 ،21 ،3/12 :‬قال أهل العلم‪:‬‬
‫إن النهي عن كتابة الحسديث مسع القسرآن فسي صسحيفة واحسدة لئل يختلسط‪) .‬النسووي‪ /‬شسرح‬
‫صحيح مسلم‪ ،18/130 :‬البي‪ /‬إكمال إكمال المعلم‪ .[.(7/305 :‬فقد أمر النبي –صلى‬
‫الله عليه وسلم‪ -‬بكتابة القرآن ونهى أن يكتب معسسه غيسسره خشسسية أن يختلسسط‬
‫بشيء آخر‪ ،‬وعلى أي الحوال فإن قصارى ما في هذه السسدعوى أن يكسسون‬
‫لعلي مصحف مثل بعض الصحابة كابن مسعود وغيره ]انظسسر‪ :‬ابسسن أبسسي داود‪/‬‬
‫كتاب المصاحف‪ :‬ص ‪ 60‬ومسسا بعسسدها‪ ..[.‬وهذا ل يتضمن الطعسسن فسسي كتسساب اللسسه‬
‫سبحانه‪.‬‬
‫ولكن الرواية لم تكتف بهذه الدعوى‪ ،‬بل قالت بأنه جاء به إلى الصحابة‬
‫ودعاهم إليه فقال عمر ‪ -‬كما يزعمون ‪" :-‬ما أغنانا بمسسا معنسسا مسسن القسسرآن‬
‫عما تدعونا إليه" ]كتاب سليم بن قيس‪ :‬ص ‪ .[.82‬وما دام قرآن علي المزعوم‬
‫لم يكن كله قرآنا ً بل اشتمل على التفسير واليات المنسوخة فإن الصسسل‬
‫الرجوع إلى المصحف المام فهو يغني عن غيره‪ .‬لذا عادت هسسذه الزمسسرة‬
‫التي وضعت في هذا السطورة لتتوسع في سبكها‪ ،‬وعرضها‪ ،‬ولعسسب فيهسسا‬
‫الخيسسال الحاقسسد دوره أكسسثر وأكسسثر فتحسسولت هسسذه الزيسسادة الخيسسرة عنسسد‬
‫الطبرسي )من القرن السادس( في الحتجاج إلى صسسورة أخسسرى كطبيعسسة‬
‫الكذب الذي يزيد وينقص‪ ،‬تحولت إلى صسسراع بيسسن علسسي وصسسحابة رسسسول‬
‫الله ‪ -‬رضي الله عن الجميع وبرأهم الله مما يفتري المفترون ‪.-‬‬
‫فإذا كانت رواية سليم تقول بأنهم ردوا مصحف علي حينما جاء به لول‬
‫وهلة‪ ،‬فإن رواية الطبرسي تشير إلى أنهسسم أخسسذوه "فلمسسا فتحسسه أبسسو بكسسر‬
‫خرج في أول صفحه فضائح القوم" ]الحتجاج ص ‪ .[.156‬وهي هنا تقسسدم لنسسا‬
‫موضوعا ً من موضوعات مصحف علي وهو فضائح القوم يعني الطعن في‬
‫صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬في حين أن رواية سسسليم ل تتعسسرض‬
‫لكتاب الله بطعن صسسريح‪ ،‬وهسسذا ل يطفسسئ الحقسسد السسذي أكسسل قلسسوب هسسذه‬
‫الزمرة الحاقدة تجاه الرعيل الول الذين فتحوا ديسسارهم ونشسسروا السسسلم‬
‫بينهم‪ ،‬بسسل ل تتغسسذى قلسسوبهم الحاقسسدة إل علسسى مسسوائد سسسب الصسسحابة‪ ،‬ول‬
‫ترتوي نفوسهم السوداء إل بالطعن فيهم‪ .‬وآيات القرآن التي تثني عليهسسم‬
‫وتعلي من شأنهم هي قوارع من حديسسد علسسى رؤوسسسهم‪ ،‬وشسسهب مسسن نسسار‬
‫تهوي على أفئدتهم‪ ،‬فكان من الطبيعي أن يدعوا مثل هذه الدعوى‪..‬‬
‫وإذا كانت رواية سليم تكتفي بمسسا أسسسلفنا فسسإن روايسسة الحتجسساج تضسسيف‬
‫إليها فصل ً جديدا ً يقول‪" :‬ثم أحضروا زيد بن ثابت ‪ -‬وكسسان قسسارئا ً للقسسرآن ‪-‬‬
‫فقال له عمر‪ :‬إن عليا ً جاء بالقرآن وفيه فضائح المهاجرين والنصسسار وقسسد‬
‫‪138‬‬
‫رأينا أن نؤلف القرآن )في حين أن رواية سليم تشير إلى أن القرآن كسسان‬
‫مجموع سا ً عنسسد أبسسي بكسسر وعمسسر( ونسسسقط منسسه مسسا كسسان فضسسيحة وهتك سا ً‬
‫للمهاجرين والنصار‪ ،‬فأجابه زيد إلى ذلسسك ثسسم قسسال‪ :‬فسسإن أنسسا فرغسست مسسن‬
‫القرآن على ما سألتهم وأظهر علي القرآن الذي ألفه أليس قد بطل كسسل‬
‫ما عملتهم؟ فقال عمر‪ :‬فما الحيلة؟ قال زيسد‪ :‬أنتسسم أعلسسم بالحيلسة‪ ،‬فقسسال‬
‫عمر‪ :‬ما حيلته دون أن نقتله ونستريح منه‪ ،‬فسدبر فسي قتلسه" ]الحتجسساج‪ :‬ص‬
‫‪ 156‬ط‪ :‬العلمي‪.[.‬‬
‫ثم يشرح في موضع آخر محاولة القتل المزعومة وتكليسسف خالسسد بسسذلك‬
‫وأن أبا بكر تأسف وتراجع عن هذه المسؤامرة خشسية عواقبهسا فقسال وهسو‬
‫فسسي الصسسلة‪" :‬ل تقتلسسه يسسا خالسسد" إلسسى آخسسر هسسذه المسسسرحية المصسسنوعة‬
‫]الحتجاج‪ :‬ص ‪ 90-89‬ط‪ :‬العلمي‪.[.‬‬
‫ثم تواصل هذه السطورة فصولها فتذكر محاولة عمسسر لسسستدراج علسسي‬
‫وخداعه بدعوته إحضار القرآن حتى يعملسوا بسه‪ ،‬وذلسك محاولسة عسن عمسر‬
‫لتحريف مصحف علي‪ ،‬وأن عليا ً رفسسض ذلسسك‪ ،‬وأن عمسسر سسسأله مسستى أوان‬
‫ظهوره؟ فقال‪ :‬إنه سيظهر مع القائم مسسن ولسسدي يظهسسره ويحمسسل النسساس‬
‫عليه فتجري السنة به ‪ -‬صلوات الله عليه – ]الحتجاج‪ 228-1/255 :‬ط‪ :‬النجف‪،‬‬
‫أو ص‪156-155 :‬من ط‪ :‬العلمي بيروت‪.[.‬‬
‫والسؤال الذي ل تجيب عنه رواية الطبرسي‪ ،‬ول كتب الشسسيعة الخسسرى‬
‫هو مادامت محاولتهم لقتل علي أخفقت‪ ،‬وتدبيرهم لتحريسف مصسحفه قسد‬
‫فشلت‪ ،‬فلماذا لم يخرج علي القرآن الذي معه؟!‪ ،‬وإذا كان يخشى منهسسم‬
‫لن السلطة بأيديهم فلماذا لم يخرجه أثناء خلفته‪ ،‬لماذا يتسبب في بقسساء‬
‫المة تائهة حائرة‪ ،‬ولماذا يتسسستر علسسى خيانسسة الخسسائن وتحريسسف المحسسرف‪،‬‬
‫ومن أقر خائنا ً على خيانته كان كفاعلها؟ لم تجد هذه الزمرة ما تجيب بسسه‬
‫ضسل مجاملسة‬ ‫إل ما قالته على لسان عالمها نعمة الله الجزائري من أنسه ف ّ‬
‫من سبقه على هداية المة ]وسسسبق نقسسل النسسص ص‪ ،[.(203-202 ) :‬وهذا فسسوق‬
‫أنه طعن في كتاب الله وهو من أبلغ القدح في علي ‪ -‬كما سبق ‪ -‬وأقسسول‬
‫أيضًا‪ :‬إذا كسسانت مجاملسسة علسسي تبلسسغ هسسذا المبلسسغ فلمسساذا لسسم يقتسسد الشسسيعة‬
‫ود صفحات المجلدات من كتبهسسم‪،‬‬ ‫بإمامهم ويدعوا السب والطعن الذي س ّ‬
‫فإما أن يكونوا كاذبين في اعتذارهم أو مجانبين لخطى إمامهم‪ ،‬وما ندري‬
‫وح بهما أكثر من الخر‪.‬‬ ‫أي المرين يط ّ‬
‫وأعود لذكر الرواية الخرى في كتاب سليم بن قيس وهي تشبه الرواية‬
‫الولى وتزيد عليها بسؤال وجه من طلحة ‪-‬رضي اللسسه عنسسه ‪ -‬لعلسسي لمسساذا‬
‫لم يخرج القرآن الذي معه؟‪ ،‬وسكوت علي عن الجابة ومضيه في حديث‬
‫عن أحقيته بالمامة‪ ،‬ولكن طلحة يسأله مرة أخرى عن هسسذا فيقسسول‪" :‬مسسا‬
‫أراك يا أبا الحسن أجبتني عما سألتك عنه عسسن القسسرآن أل تظهسسر للنسساس‪،‬‬
‫قال‪ :‬يا طلحة‪ ،‬عمدا ً كففت عن جوابك‪ ،‬قال‪ :‬فأخبرني عما في كتب عمر‬
‫وعثمان ‪ -‬كذا ‪ -‬أقرآن كله أم فيه ما ليس بقرآن‪ ،‬قسسال طلحسسة‪ :‬بسسل قسسرآن‬
‫كله‪ .‬قال‪ :‬إن أخذتم بما فيه نجوتم من النار ودخلتم الجنة‪ ،‬فإن فيه حجتنا‬

‫‪139‬‬
‫وبيان حقنا وفرض طاعتنا‪ ،‬فقال طلحة‪ :‬حسبي‪ ،‬أما إذ هو قرآن فحسبي"‬
‫]كتاب سليم بن قيس‪ :‬ص ‪.[.124‬‬
‫فهذه الراوية عند سسسليم تعسسرض عسسن الطعسسن فسسي كتسساب اللسسه بطريقسسة‬
‫صريحة‪ ،‬بل تؤكد بأن كل مسا فيسسه قسسرآن‪ ،‬وأن فيسسه بيسان حسسق أهسسل السسبيت‬
‫وفرض طاعتهم‪ ،‬على حين أننا نجد روايات عنسسدهم تنسساقض هسسذا‪ ،‬وتقسسول‪:‬‬
‫"لول أنه زيد في كتاب الله ونقص منسسه لمسسا خفسسي حقنسسا علسسى ذي حجسسى"‬
‫]البرهان‪ :‬مقدمة ص ‪ ،37‬بحار النوار‪ ،19/30 :‬تفسير الصسسافي‪ ،[.1/41 :‬وتقسسول‪" :‬لسسو‬
‫قرئ القرآن كما أنزل للفينا فيه مسمين" ]تفسير العياشي‪ ،1/13 :‬بحار النوار‪:‬‬
‫‪ ،92/55‬تفسير الصسسافي‪ ،1/41 :‬اللوامسسع النورانيسسة‪ :‬ص ‪ [.547‬فهذا تطور آخسسر فسسي‬
‫هذه السطورة ينكشف من خلله بعض الدوافع لوضسسعها وهسسي أن الئمسسة‬
‫الثني عشر الذين جعلوا اليمان بهم هو السلم‪ ..‬وإنكار واحسسد منهسسم هسسو‬
‫الكفر ل ذكر لهم فسسي كتسساب اللسسه‪ ،‬وهسسذا يهسسدد جمعهسسم بالفشسسل وبنيسسانهم‬
‫بالنهيار‪ ،‬ففزعوا يبحثون عن حيلة لمواجهة هذه المعضلة عنسسدهم فلجسسؤوا‬
‫إلى وسائل شتى‪ ،‬أخطرها هذه المقالة‪.‬‬
‫هذا وفي تطور آخر بدأت هذه السطورة تتخذ شسسكل ً عملي سا ً ويسسزاد فسسي‬
‫أخبارها ورواياتها على يد علي بن إبراهيم القمي صاحب التفسير وتلميذه‬
‫الكليني صاحب الكسسافي‪ ،‬وهسسذان السسرجلن همسسا ممسسن أرسسسى دعسسائم هسسذه‬
‫العقيدة الباطلة وعمل على ترويجها ونشرها والكثسسار مسسن الحسسديث عنهسسا‪،‬‬
‫وقد اكتملت صورة هسسذه السسسطورة علسسى أيسسديهما فبسسدأت الروايسسات عنسسد‬
‫القمي والكليني تأخذ بهذه السطورة إلى مرحلسسة عمليسسة فبسسدؤوا بإقحسسام‬
‫كلمة "في علي" بعد أي آية فيها لفظ‪" :‬أنزل الله إليك"‪" ،‬وأنزلنسسا إليسسك"‪،‬‬
‫وزيسسادة لفسسظ‪" :‬آل محمسسد حقهسسم" بعسسد لفسسظ‪" :‬ظلمسسوا" حيثمسسا وقسسع فسسي‬
‫القرآن‪ ،‬وزيادة لفظ‪" :‬في ولية علي" بعد لفظ‪" :‬أشركوا" حيثما جاء في‬
‫القرآن‪ ،‬وتغيير كلمة "أمة" بكلمة أئمة حيثما وقعت‪.‬‬
‫وعلى هذا المنوال نسج القوم في القسسرآن كلسسه‪ ،‬ومسسن شسسواهد هسسذا مسسا‬
‫يروي الكليني عن القمي بسنده إلى جابر الجعفي عسسن أبسسي جعفسسر قسسال‪:‬‬
‫نزل جبرائيل بهذه الية على محمد "بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفسسروا‬
‫ا" ]الية ‪ 90‬من سسسورة البقسسرة والكلم المحسسرف السسذي‬‫بما أنزل الله )في علي( بغي ً‬
‫ذكرته أعله في أصول الكافي‪.[.1/417 :‬‬
‫وكذلك يقولون‪" :‬نزل جبرائيل بهذه الية على محمد هكسسذا‪" :‬وإن كنتسسم‬
‫في ريب مما نزلنا )في علي( فأتوا بسورة مسسن مثلسسه" ]اليسسة ‪ 23‬مسسن سسسورة‬
‫البقرة‪ ،‬والكلم المحرف المذكور في أصول الكافي‪.[.1/417 :‬‬
‫ويروون عن أبي عبدالله أنه قال‪" :‬نزل جبرائيل ‪ -‬عليسسه السسسلم ‪ -‬علسسى‬
‫محمد بهذه الية هكذا‪" :‬يا أيها الذين أتوا الكاب آمنوا بما نزلنا )في علي(‬
‫نورا ً مبينًا" ]أصول الكافي‪ .[.1/417 :‬ويلحظ هنا أنه خلط بيسسن أكسسثر مسسن آيسسة‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫عك ُققم{ هسسي‬ ‫م َ‬‫ما َ‬ ‫قا ل ّ َ‬‫صدّ ً‬ ‫ما ن َّزل َْنا ُ‬
‫م َ‬ ‫مُنوا ْ ب ِ َ‬ ‫ن أوُتوا ْ ال ْك َِتا َ‬
‫بآ ِ‬ ‫ها ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫]فأول الية‪َ} :‬يا أي ّ َ‬
‫مِبيًنا{‪ ،‬وهي جزء مسسن آيسسة‬ ‫الية ‪ 47‬من سورة النساء‪ ،‬فأقحم مع هذه الية قوله‪ُ} :‬نوًرا ّ‬
‫وَأنَزل َْنققا‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ك‬
‫ّ ّ ْ َ‬ ‫ب‬‫ر‬ ‫من‬ ‫كم ب ُ ْ َ ٌ ّ‬
‫ن‬ ‫ها‬ ‫ر‬ ‫جاءَ ُ‬ ‫قد ْ َ‬ ‫س َ‬‫ها الّنا ُ‬
‫َ‬
‫أخرى في نفس السورة وهي‪َ} :‬يا أي ّ َ‬
‫م ُنوًرا ّمِبيًنا{ الية ‪ 174‬من سورة النساء‪.[.‬‬ ‫إ ِل َي ْك ُ ْ‬

‫‪140‬‬
‫وقال القمي‪" :‬وأما ما هو محرف فمنه قوله‪" :‬لكن الله يشهد بما أنزل‬
‫إليك )في علي( أنزله بعلمه والملئكة يشهدون" ]النساء‪ ،‬آية‪ ،[.166 :‬وقوله‪:‬‬
‫"يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك )في علي( وإن لسسم تفعسسل فمسسا‬
‫بلغت رسالته" ]المسسائدة‪ ،‬آيسسة‪ ،[.67 :‬وقسسوله‪" :‬إن السسذين كفسسروا وظلمسسوا )آل‬
‫محمد حقهم( لم يكن الله ليغفر لهم" ]النساء‪ ،‬آية‪ ،168 :‬والكلم المقحم في تفسسسير القمسسي‪:‬‬
‫‪ .[.1/159‬وقسوله‪" :‬وسسيعلم السذين ظلمسوا )آل محمسد حقهسم( فسي غمسرات‬
‫الموت" ]لحظ أن هؤلء بعيدون عن كتسساب اللسسه روحسا ً وحسسا ً فيخطئون حسستى فسسي نقسسل‬
‫اليات أو يتعمدون وينسبون ذلك لهسل السبيت زورا ً وبهتانسًا‪ ،‬فتأمسسل كيسف خلسسط بيسن آيسستين‬
‫َ‬
‫ب‬‫قَلقق ٍ‬
‫من َ‬ ‫ي ُ‬
‫مققوا أ ّ‬‫ن ظَل َ ُ‬ ‫م اّلقق ِ‬
‫ذي َ‬ ‫عل َ ُ‬
‫سققي َ ْ‬‫و َ‬ ‫بطريقسسة غبيسسة جاهلسسة بيسسن قسسوله سسسبحانه‪َ } :‬‬
‫ت‬ ‫مقَرا ِ‬ ‫فققي َ‬
‫غ َ‬ ‫ن ِ‬
‫مو َ‬ ‫ّ‬
‫و َتقَرى إ ِِذ الظققال ِ ُ‬ ‫َ‬
‫ولق ْ‬ ‫ن{ ]الشسسعراء‪ ،‬آيسسة‪ ،[227 :‬وقسسوله‪َ } :‬‬ ‫َين َ‬
‫قل ُِبو َ‬
‫ت{ ]النعام‪ ،‬آية‪ [93 :‬فجعلها "وسيعلم الذين ظلموا في غمرات الموت"‪.‬‬ ‫و ِ‬‫م ْ‬‫ال ْ َ‬
‫ولشك أن رؤية الظالمين في غمسسرات المسسوت يعسسانون مسسن سسسكراته وآلمسسه هسسي محسسل‬
‫للعبرة والذكرى‪ ،‬وهي أبلغ وأعظم من القول بأنهم سسسيعلمون فسسي غيمسسرات المسسوت؛ لنسسه‬
‫سيأتي من يقول بسأنهم فسي غمسسرات المسسوت قسد ذهلسسوا فهسم ل يكسسادون يفقهسون شسسيئا ً ول‬
‫يعلمون ‪ ،‬ول نسترسل أكثر من هذا فمثل هذه الساطير ل تستحق المناقشة‪ [.‬قال هسسذا‬
‫القمي ومثله كثير نذكره في مواضعه ]تفسير القمي‪ ،[.11-1/10 :‬وقد حشسسى‬
‫ل‪ :‬ج ‪ 1‬ص ‪،159 ،142 ،122 ،110 ،100 ،48‬‬ ‫كتابه بهذا الكفر كما وعد ]انظر مث ً‬
‫‪ ،125 ،123 ،118‬وغيرها‪ [.‬وعلى نفس النسق الذي أشرنا إليه‪.‬‬
‫ن‬‫ذي َ‬‫عل َققى ال ّق ِ‬ ‫فَأنَزل َْنا َ‬ ‫كما تزيد رواية أخرى له على قسسوله سسسبحانه‪َ } :‬‬
‫موا ْ{ ]البقرة‪ ،‬آية‪ [.59 :‬تزيد كالعسسادة عبسسارة "آل محمسسد" ]تفسسسير القمسسي‪:‬‬ ‫ظَل َ ُ‬
‫‪.[.1/48‬‬
‫ويروي هذا القمي أيضا عن أبي عبد الله أنه قسسرأ عنسسده قسسوله سسسبحانه‪:‬‬ ‫ً‬
‫س{ ]آل عمسسران‪ ،‬آيسسة‪ [.110 :‬قسسال أبسسو عبسسد‬ ‫ت ِللّنا ِ‬
‫ج ْ‬‫ر َ‬ ‫ة أُ ْ‬
‫خ ِ‬ ‫م ٍ‬
‫ُ‬
‫خي َْر أ ّ‬ ‫م َ‬ ‫كنت ُ ْ‬ ‫} ُ‬
‫الله‪" :‬خير أمة" يقتلون أمير المؤمنين والحسن والحسين ‪ -‬عليهم السلم‬
‫‪-‬؟ فقال القارئ‪ :‬جعلت فداك كيف نزلت؟ قسسال‪ :‬نزلسست )كنتسسم خيسسر أئمسسة‬
‫ْ‬
‫ن‬
‫و َ‬‫هقق ْ‬‫وت َن ْ َ‬‫ف َ‬‫عُرو ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِبال ْ َ‬ ‫مُرو َ‬ ‫أخرجت للناس(‪ ،‬أل ترى مدح الله لهم }ت َأ ُ‬
‫ر{" ]تفسير القمي‪ [.1/110 :‬وهذا يعني أن المة بما فيها الشسسيعة‬ ‫منك َ ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫ع ِ‬ ‫َ‬
‫ل خير فيها ماعدا الئمة الثني عشر‪ .‬كما يلحسسظ أن روايسساتهم فسسي تأويسسل‬
‫القرآن‪ ،‬أثبتسست المسسة‪ ،‬وأولتهسسا بالئمسسة ‪ -‬كمسسا سسسلف ‪ -‬وروايسسات التحريسسف‬
‫زعمت أن الصل الئمة ل المة أليس هذا تناقضًا؟!‬
‫عل َققى‬‫ويروي الكليني عن الرضسسا فسسي قسسول اللسسه ‪ -‬عسسز وجسسل ‪} :-‬ك َب َُر َ‬
‫ه{ ]الشسسورى‪ ،‬آيسسة‪:‬‬ ‫م إ ِل َي ْ ق ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫عو ُ‬ ‫ما ت َدْ ُ‬ ‫ن{ )يزيدون( بولية علي } َ‬ ‫كي َ‬ ‫ر ِ‬‫ش ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫‪) [.13‬يزيدون( يا محمد من ولية علي‪ ،‬هكذا في الكتاب مخطوطة ]أصسسول‬
‫فققي‬ ‫و ِ‬ ‫هق َ‬ ‫ن ُ‬‫مق ْ‬ ‫ن َ‬‫مو َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫الكافي‪ ،[.1/418 :‬وفي قول الله عز وجسسل‪َ } :‬‬
‫ن{ ]الملسسك‪ ،‬آيسسة‪) .[.29 :‬يزيسسدون(‪ :‬يسسا معشسسر المكسسذبين حيسسث‬ ‫مِبيق ٍ‬ ‫ل ّ‬ ‫ضل ٍ‬ ‫َ‬
‫أنبأتكم رسالة ربي في ولية علي ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬والئمة من بعسسده‪ ،‬مسسن‬
‫هو في ضلل مبين‪.‬‬
‫ثم يؤكدون هذا التحريف والكفر بقولهم‪" :‬هكسسذا نزلسست" ]أصسسول الكسسافي‪:‬‬
‫ف قُروا{ )يزيسسدون(‪:‬‬ ‫ن كَ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّق ِ‬ ‫ق ّ‬ ‫فل َن ُ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫‪ ،[.1/421‬وفي قسسوله سسسبحانه‪َ } :‬‬
‫)بسستركهم وليسسة أميسسر المسسؤمنين عليسسه السسسلم( عسسذابا ً شسسديدا ً فسسي السسدنيا‬
‫‪141‬‬
‫]فصسسلت‪ ،‬آيسسة‪ ،27 :‬والتحريسسف مسسن الكسسافي‪:‬‬ ‫ولنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعملسسون‬
‫‪.[.1/421‬‬
‫والمثلة في هذه كسسثيرة‪ .‬وإذا قسسارنت بيسسن مسسا جسساء فسسي تفسسسير القمسسي‬
‫والكسسافي مسسن هسسذه الروايسسات‪ ،‬وبيسسن مسسا ذكسسره شسسيوخهم المتسسأخرون‬
‫كالمجلسسسي والجسسزائري‪ ،‬والنسسوري الطبرسسسي منهسسا‪ ،‬لحظسست أن روايسسات‬
‫التحريف زادت عند المتأخرين بشكل ملحسسوظ ممسسا يسسدل علسسى أن العمسسل‬
‫يجري في كل فترة على الزيادة في هذه المفتريات‪.‬‬
‫وهذه "الضافات" التي تزعم الشيعة نقصها مسسن كتسساب اللسسه أل يلحسسظ‬
‫القارئ العربي أن السياق ل يتقبلها‪ ،‬وأنها مقحمة إقحاما ً بل أدنى مناسبة‪،‬‬
‫ولذلك يكاد النص يلفظها‪ ،‬وأنها من وضع أعجمي ل صلة له بلغسسة العسسرب‪،‬‬
‫ول معرفة له بأساليب العربيسسة‪ ،‬ول ذوق لسسه فسسي اختيسسار اللفسساظ‪ ،‬وإدراك‬
‫المعاني‪.‬‬
‫إن الكلمسسات المفسستراة السستي قسسدمها أولئك المفسسترون أمثلسسة لليسسات‬
‫الساقطة بزعمهم‪ ،‬قد كشفت القناع عن كفرهم‪ ،‬كما أنها فضحت كذبهم‪،‬‬
‫وكشف افتراءهم‪ ،‬فهي محاولت أشسسبه بمحسساولت مسسسيلمة الكسسذاب فسسي‬
‫تقليد القرآن العظيم‪ ،‬كما ترى ذلك في المثلة التي قسسدمناها‪ ،‬وكمسسا تسسراه‬
‫في اللف مثال أو أكثر‪ ،‬والذي قدمها صاحب فصل الخطسساب ]انظسسر‪ :‬فصسسل‬
‫الخطاب ص ‪ 253‬وما بعدها‪.[.‬‬
‫وتكفسي فصساحة القسرآن وإعجسازه البلغسي السذي سسحر أسساتذة البيسان‬
‫وفرسان العربية وأعياهم وأعجزهم أن يأتوا بسورة مسن مثلسسه أو آيسسة مسن‬
‫مثلسه يكفسسي فسي كشسف هسذه المفتريسات والكساذيب‪ ،‬بسسل إن أغلسسب هسذه‬
‫المفتريات تنزل علسسى مسسستوى أداء النسسسان العسسادي‪ ،‬وبهسسا يتسسبين عظمسسة‬
‫القرآن وسحره‪ ،‬فلول المر ما عرف طعم الحلو‪ ،‬ولسسول الملوحسسة مسسا تسسبين‬
‫طعم العذوبة‪ ،‬وبضدها تتميز الشياء‪ ،‬ولذلك فهي ناطقة بذاتها على كسسذب‬
‫واضعيها بغض النظسسر عسسن السسبراهين والدلسسة الخسسرى علسسى حفسسظ القسسرآن‬
‫وسلمته‪.‬‬
‫إن هذه المحسساولت الغبيسسة لقحسسام كلم البشسسر فسسي كلم اللسسه سسسبحانه‬
‫ة‪ ..‬عملسست جاهسسد‬ ‫وتعالى عملت شرذمة من هسسذه الطائفسسة قرونسا ً متواصسسل ً‬
‫ليجسساد أكسسبر قسسدر ممكسسن منهسسا‪ ،‬وهنسساك أمثلسسة عديسسدة لهسسذه المحسساولت ‪-‬‬
‫بالضافة لما مضى‪ -‬ذكر المجلسي جزءا ً منها في باب عقده بعنوان )باب‬
‫التحريف في اليسات الستي هسي خلف مسا أنسزل اللسه عسز وجسل ممسا رواه‬
‫مشايخنا‪] (..‬بحسسار النسسوار‪ 92/60 :‬ومسسا بعسسدها‪ ،[.‬كما أن كتسسب التفسسسير عنسسدهم‬
‫حوت من هذا الغثاء الشيء الكثير ‪ -‬كما أشسرنا مسن قبسل ]انظسسر‪ :‬ص )‪(266‬‬
‫من هذه الرسالة‪ -[.‬وجمعها كلها صاحب فصل الخطاب ]فصل الخطاب‪ :‬ص ‪253‬‬
‫وما بعدها‪.[.‬‬
‫وعد ّ الرافضة هذه المفتريات جزءا ً مما سقط من كتاب الله‪ ،‬فقسسد روى‬
‫الكليني في الكافي "أن القرآن السذي جساء بسه جبرائيسل إلسى محمسد )ص(‬
‫وآله وسلم سبعة عشر ألف آية" ]أصول الكافي‪ :‬كتاب فضل القرآن‪ ،‬باب النسسوادر‪:‬‬
‫‪ ،[.2/134‬وآيات القسسرآن ‪ -‬كمسسا هسسو معسسروف ‪ -‬ل تتجسساوز سسستة آلف آيسسة إل‬
‫‪142‬‬
‫قلي ً‬
‫ل‪ ،‬فهسسذا يقتضسسي سسسقوط مسسا يقسسارب ثلسسثي القسسرآن‪ ،‬فمسسا أعظسسم هسسذا‬
‫الفتراء! وهذه الرواية وردت في الكافي أصح كتسساب عنسسدهم‪ ،‬ولكسسن مسسن‬
‫الشيعة من يقول‪ :‬ليس كل ما في الكافي صحيحا ً ]انظسسر ‪ -‬مثل ً ‪ -‬محمسسد جسسواد‬
‫مغنيسسة‪ /‬العمسسل بالحسسديث وشسسروطه عنسسد الماميسسة ضسسمن كتسساب دعسسوة التقريسسب ص ‪،383‬‬
‫محسن المين‪ /‬الشيعة بين الحقائق والوهام ص ‪.[.420-419‬‬
‫وإذا حملنا مثل هذا القول على الحقيقة ل على التقية‪ ،‬وإذا تجاوزنسسا مسسا‬
‫يلحظ على السناد عندهم‪ ،‬ومسسا يلحسسظ علسسى ضسسوابط وأصسسول التصسسحيح‬
‫والتضعيف لديهم‪ ،‬وما يرى من اختلفهم في هذا الشأن واضسسطرابهم فيسسه‬
‫]سيأتي إيضاح هذا في فصل "عقيدتهم في السنة"‪ ،[.‬وأن الحكم بالضعف قد يكون‬
‫على السناد فقط حيث قالوا‪" :‬إن أكثر أحاديث الصول في الكسسافي غيسسر‬
‫صحيحة السناد ولكنها معتمدة لعتبار متونها‪ ،‬وموافقتها للعقائد الحقة ول‬
‫ينظر في مثلهسسا إلسسى السسسناد" ]الشسسعراني‪ /‬مقدمسسة شسسرح جسسامع‪ :‬ص‪ /‬يسسب‪ ،[.‬إذا‬
‫تجاوزنا ذلك كله وذهبنا نبتغي الجابة من شيوخهم عن صسسحة إسسسناد هسسذه‬
‫الرواية وذلك لنكون أكثر حيدة من قيامنا بمثل هذا عن طريق النظر فسسي‬
‫السناد على ضوء كتسسب "الرجسسال" عنسسدهم ‪ -‬نجسسد أن شسسيخهم المجلسسسي‬
‫يقول عن الرواية السابقة‪" :‬فالخبر صحيح" ]مرآة العقسسول‪ [.2/536 :‬وشسسهادة‬
‫المجلسي هذا في غاية العتبار عندهم‪ ،‬لنه "الشارح المتتبع للكافي الذي‬
‫بين صحيحه من ضعيفه" ]راجع‪ :‬مرآة العقسسول‪ ،‬وانظسسر‪ :‬محمسسد جسسواد مغنيسسة‪ /‬العمسسل‬
‫بالحديث وشروطه عند المامية ضمن كتاب دعوة التقريب‪ :‬ص ‪.[.383‬‬
‫وإذا أردنا شسسهادة مسسن شسسيوخهم المعاصسسرين علسسى صسسحة هسسذه الروايسسة‬
‫عنسسدهم فإننسسا نجسسد شسسيخهم عبسسد الحسسسين المظفسسر يقسسول‪" :‬إنسسه موثسسق‬
‫كالصحيح" ]الشافي شرح أصول الكافي‪ .[.7/227 :‬ومن النصاف أن نسسذكر بسسأن‬
‫صاحب "صحيح الكافي" وهو من شيوخهم المعاصرين ‪ -‬أيضا ً ‪ -‬قسسد أغفسسل‬
‫ذكر هذه الرواية ]انظر‪ :‬صحيح الكافي‪ /‬البهبودي‪ :‬كتسساب فضسسل القسسرآن‪ ،‬بسساب النسسوادر‪:‬‬
‫‪ [.157-1/156‬فهل يعني إغفاله لها أنها ليست بصحيحة في نظره؟ هسذا مسا‬
‫يظهر من صنيعه حسب منهجه السسذي ألمسسح إليسسه فسسي مقدمسسة كتسسابه‪ ،‬وقسسد‬
‫يسلك مثل هذا العمل وأكثر وهو غير صادق بحكم عقيسسدة التقيسسة عنسسدهم‪،‬‬
‫حتى قال أحد شيوخهم المعاصسسرين‪" :‬لكسسل مجتهسسد إمسسامي أن يرفسسض أي‬
‫حديث ل يرتضيه في الكافي وغيسسره ويأخسسذ بحسسديث موجسسود فسسي البخسساري‬
‫ومسلم‪ ،‬ول يحق لحد أن يحتج عليه مسسن وجهسسة دينيسسة أو مذهبيسسة" ]محمسسد‬
‫جواد مغنيسسة‪ /‬العمسسل بالحسسديث وشسسروطه عنسسد الماميسسة )ضسسمن كتسساب دعسسوة التقريسسب ص‬
‫‪ ،[.(384‬لن التقيسسة تسسسمح لسسه بسسذلك وإل فالحقيقسسة غيسسر هسسذا‪ ،‬ولهسسذا فسسإن‬
‫شيخهم المجلسي يعقد بابا ً بعنوان‪" :‬الباب الثسسامن والعشسسرون مسسا ترويسسه‬
‫العامة )أهل السنة( من أخبار الرسول صلى الله عليه وآله‪ ،‬وأن الصسسحيح‬
‫من ذلك عندهم )يعني شيعته( والنهي عن الرجوع إلسسى أخبسسار المخسسالفين‬
‫إل في حالة الحتجاج عليهم من كتبهم" ]بحار النوار‪.[.2/214 :‬‬
‫هذا عن صحة الرواية عندهم‪ ،‬أما عن معنى الروايسسة المسسذكورة عنسسدهم‬
‫فقد قال "المازندراني" ]محمد صالح بن أحمد المازندراني توفي سنة )‪‍ 1081‬‬
‫ه( أو )‬
‫ه(‪ [.‬شارح الكافي‪" :‬إن القرآن ستة آلف وخمسمائة" ]هذا العدد السسذي‬ ‫‪‍ 1086‬‬

‫‪143‬‬
‫ذكره ليات القرآن لم أجد له ذكرا ً ضمن القوال المأثورة في عدد الي وذلك فيما رجعسست‬
‫إليه‪ .‬انظر‪ :‬تفسير القرطبي‪ ،65-1/64 :‬التقان‪ ،1/89 :‬الفيروزآبادي‪ /‬بصائر ذوي التمييسز‪:‬‬
‫‪ ..[.560-1/559‬والزائد على ذلك مما سقط بالتحريف" ]شرح جامع )للكافي( ‪:‬‬
‫‪ ..[.11/76‬وقال المجلسسسي‪" :‬إن هسسذا الخسسبر وكسسثير مسسن الخبسسار الصسسحيحة‬
‫صريحة في نقص القرآن وتغييره" ]مرآة العقول‪.[.2/536 :‬‬
‫هذا قول شيوخ الدولة الصفوية في تفسير هذه الرواية‪ ،‬والسسذين سسساروا‬
‫في التشيع أشواطا ً حثيثة في الغلو‪ ،‬وبلغوا بهسسا "الوج" فسسي ذلسسك‪ ،‬ولعلسسك‬
‫تعجب إذا قارنت هذه التفسيرات لهذه السطورة والتي تجسم هذا الكفر‬
‫وتنشر هذا الغلو عن شيوخ وجدوا في القرن الثاني إبان الحكم الصسسفوي‪،‬‬
‫إذا قارنت هذه التفسيرات بما قاله ابن بسسابويه القمسسي مسسن القسسرن الرابسسع‬
‫الهجري عن هذه الرواية في كتسسابه "العتقسسادات" وهسسو بشسسهادة شسسيوخهم‬
‫المعاصرين "من الكتب المعتبرة الموثقة" ]الذريعة‪ [.13/101 :‬عندهم‪ ،‬حيث‬
‫قال‪ .." :‬إنه قد نزل من الوحي الذي ليس بقرآن ما لو جمع إلسسى القسسرآن‬
‫لكان مبلغه مقدار سبعة عشرة ألف آية‪ ،‬وذلك مثل قول جبرائيسل‪ ..‬عسش‬
‫ما شئت فإنك ميت‪ ،‬وأحب ما شئت فإنك مفارقه‪ ،‬واعمل ما شئت فإنسسك‬
‫ملقيه‪] "..‬العتقادات‪ :‬ص ‪ .[.102‬ثم ذكر طائفة من أمثال هذه القوال‪.‬‬
‫فانظر إلى هذا الختلف والتباين بين نص الكليني‪ ،‬ونص ابن بابويه‪ ،‬هذا‬
‫يقول‪" :‬نزل من الوحي الذي ليس بقرآن" وذاك يقول‪" :‬إن القرآن السسذي‬
‫جاء به جبرائيل‪ "..‬أي إن ابن بسابويه يقسول‪ :‬إن النقسسص فسي غيسر القسسرآن‪،‬‬
‫والكليني يصرح بأن النقسسص فسسي القسسرآن‪ ،‬ولسسذلك جسساء تفسسسير المجلسسسي‬
‫والمازندراني للرواية بما يتمشى مع ظاهر النسسص اللحسسادي‪ ،‬بينمسسا نلحسسظ‬
‫أن ابن بابويه حمل زيادة العدد المذكور في الرواية عن عدد آيات القسسرآن‬
‫حمل ذلك على الحاديث القدسية؛ لن ذلك يمكن أن يتمشسسى مسسع ظسساهر‬
‫القول الذي ذكره‪ ،‬ولكن الجميع جبن عن رد الرواية وتكذيبها‪.‬‬
‫ه يمكسسن قبسسوله خلف سا ً لمسسا يسسراه ويفسستريه‬
‫وأقول‪ :‬هل لرواية الكليني وج ٌ‬
‫المجلسي والمازندراني وأضرابهما؟ لعله من الممكن لو كان لهؤلء إرادة‬
‫خير لمذهبهم وأتباعهم أن يحملوا ما زاد عن عدد آيات القرآن مما ذكرتسسه‬
‫الرواية أن يحملوا ذلك على منسوخ التلوة إذا لسسم يكسسن لسسديهم الشسسجاعة‬
‫على رد هذه الرواية وأمثالها‪ ،‬إذ لبد من تأويلها وأمثالها بنحو من العتبسسار‬
‫وإل فليضرب بها الجدار‪.‬‬
‫ثم إني رأيت صاحب الوافي ذكر هسذا التأويسل للروايسة‪ ،‬حيسث قسال بعسد‬
‫ذكره لبعض الحتمالت التي تؤيد ذلك الكفر قال بعد ذلك‪" :‬أو يكون ‪ -‬أي‬
‫العد والزائد عما في القرآن ‪ -‬مما نسخ تلوتسسه" ]الكاشسساني ‪ /‬السسوافي‪ ،‬المجلسسد‬
‫الثاني‪ .[.1/274 :‬ولكن شسيخ الشسيعة اليسوم "الخسوئي" ]أبسسو القاسسسم الموسسسوي‬
‫الخوئي يلقبونه بالمام الكسسبر واليسسة العظمسسى‪ ،‬زعيسسم الحسسوزة العلميسسة‪ ،‬يعيسسش حالي سا ً فسسي‬
‫العراق‪ ،‬من تآليفه معجم رجال الحديث‪ ،‬البيان في تفسير القرآن‪ .[.‬ومرجعها الكسسبر ‪-‬‬
‫وهو يتظاهر بالدفاع عن القرآن ‪ -‬يسسرى أن القسسول بنسسسخ التلوة هسسو قسسول‬
‫بالتحريف ]الخوئي‪ /‬البيسسان‪ :‬ص ‪ ،[.210‬وكأنه أراد أن يوصسسد هسسذا البسساب‪ ،‬ويسسرد‬
‫هذه القاعدة الثابتة ليثبت بطريق ملتسسو عقيسسدة فسسي نفسسه يكسساد يخفيهسا‪..‬‬

‫‪144‬‬
‫والفرق واضح بين النسخ والتحريف‪ ،‬فالتحريف مسن صسنع البشسر وقسد ذم‬
‫خ من آي َ‬
‫ها‬ ‫سق َ‬
‫و ُنن ِ‬
‫ةأ ْ‬‫س ْ ِ ْ َ ٍ‬ ‫ما َنن َ‬
‫الله فاعله‪ ،‬والنسخ من الله‪ .‬قال تعالى‪َ } :‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ها{ ]البقرة‪ ،‬آية‪ .[.106 :‬وهو ل يستلزم مس كتاب‬ ‫مث ْل ِ َ‬
‫و ِ‬‫ها أ ْ‬
‫من ْ َ‬
‫ر ّ‬
‫خي ْ ٍ‬
‫ت بِ َ‬
‫ن َأ ِ‬
‫الله سبحانه بأي حال‪.‬‬
‫وإذا كانت رواية الكليني تذهب إلى سقوط قرابة الثلثين فيعني هذا أنسسه‬
‫لم يبق لدينا من كتاب الله إل ما يتجاوزك الثلث بقليل‪ ،‬وإذا عرضنا روايته‬
‫الخرى التي تقول‪" :‬نزل القرآن أثلثًا‪ ،‬ثلث فينا وفي عدونا‪ ،‬وثلسسث سسسنن‬
‫وأمثال‪ ،‬وثلث فرائض وأحكام" ]أصسسول الكسسافي‪ .[.2/627 :‬فسسأي الثلث السسذي‬
‫بقي لنا في نظرهم؟ أثلث السنن والمثال أم ثلث الفرائض والحكسسام؛ إذ‬
‫ل ريب عند هذه الزمرة الملحدة إن ثلث الولياء والعداء قد أسقط لنهم‬
‫قالوا‪" :‬لو قسسرئ القسسرآن كمسسا أنسسزل للفينسسا مسسسمين"‪ ،‬وهسسو بيسست القصسسيد‬
‫والهدف الظاهر من كل هذه المحاولت‪.‬‬
‫ومعنى هذا أن المة ضائعة كل هذه القرون الطويلة‪ ..‬منسسذ وفسساة النسسبي‬
‫صلى الله عليه وسلم ليس معها سوى ثلث كتابها‪ ..‬والئمسسة تقسسف موقسسف‬
‫المتفرج‪ ..‬لديها القرآن الكامل ‪ -‬كما يزعمسسون ‪ -‬ول تبلغسسه للمسسة‪ ،‬لتتركهسسا‬
‫أسيرة ضللها‪ ،‬ل تعرف وليها من عدوها‪ ،‬وتعدهم بظهوره مسسع منتظرهسسم‪،‬‬
‫وتمر آلف السنين ول غائب يعسسود‪ ،‬ول مصسسحف يظهسسر‪ ،‬فسسإن كسسانت المسسة‬
‫تهتدي بدونه فما فائدة ظهوره مع المنتظر‪ ،‬وإن كان أساسسا ً فسسي هسسدايتها‬
‫فلماذا يحول الئمة بينه وبين المة‪ ،‬لتبقسسى المسسة فسسي نظسسر هسسؤلء حسسائرة‬
‫ضالة تائهة‪ ،‬وهل أنسسزل اللسسه سسسبحانه كتسسابه ليبقسسى أسسسيرا ً مسسع المنتظسسر ل‬
‫سبيل للمة للوصول إليه؟ مع أن الله سبحانه لم يترك حفظ كتابه ل لنبي‬
‫معصوم ول لمنتظر موهوم‪ ،‬بل تكفل بحفظه سبحانه‪.‬‬
‫تقول رواياتهم ‪ -‬كما تقدم ‪ -‬بأن عليا ً لم يستطع إخراجه خشية تحريفه‪،‬‬
‫وهذا يعني أن المة التي هي خير أمة أخرجت للناس كتب عليهسسا الشسسقاء‬
‫والضلل ل يستثنى من ذلك إل أصحاب المنتظر‪ ،‬لنها ستبقى فسسي معسسزل‬
‫عن مصدر هدايتها‪ ،‬وأصل سعادتها وخيرها‪.‬‬
‫مع أن الئمة يملكون من وسائل التبليغ ما ل يملكه حتى النبياء‪ ،‬فعلسسي‬
‫بزعمهم يملك قدرات خارقة وكسسان بإمكسسانه بهسسذه القسسدرات نشسسر القسسرآن‬
‫الكامل‪ .‬فقد قال المجلسي في الباب السسذي عقسسده بعنسسوان بسساب "جوامسسع‬
‫معجزاته رضي الله عنه"‪" :‬إن عليا ً مسسر برجسسل يخبسسط‪ :‬هسسو هسسو‪ ،‬فقسسال‪ :‬يسسا‬
‫شاب‪ ،‬لو قرأت القرآن لكان خيرا ً لك‪ .‬فقال‪ :‬إنسسي ل أحسسسنه ولسسوددت أن‬
‫أحسن منه شيئًا‪ .‬فقال‪ :‬ادن مني‪ ،‬فدنا منسسه فتكلسسم بشسسيء خفسسي‪ ،‬فصسسور‬
‫الله القرآن كله في قلبه فحفظه كله" ]بحار النوار‪.[.42/17 :‬‬
‫فإذن علي يستطيع إبلغ القرآن بهذه الطريقة "السحرية" إلى كل مسسن‬
‫يريد‪ ،‬ويستطيع أن يتخذ كل التدابير الكفيلة بمنسسع أي محاولسسة ضسسده‪ ،‬لنسسه‬
‫كما تقول أبواب الكافي‪" :‬يعلم ما كان وما يكون ول يخفي عليه الشسسيء"‬
‫]انظر‪ :‬أصول الكافي‪ ،[.1/260 :‬كما أن الوصول إلى قتله بغير رضاه واختيسساره‬
‫أمسسر ممتنسسع‪ ،‬لن الئمسسة كمسسا تقسسول أبسسواب الكسسافي أيضسًا‪" :‬يعلمسسون مسستى‬
‫يموتون ول يموتون إل باختيارهم" ]أصول الكافي‪.[.1/258 :‬‬
‫‪145‬‬
‫؟! جاء في بعض رواياتهم أن أميسسر المسؤمنين قسسال‪" :‬لسسو‬ ‫فلماذا لم يفعل ‍‬
‫ثني لي الوسادة وعرف لي حقي لخرجت لهم مصحفا ً كتبته وأمله علسسي‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم" ]بحار النوار‪.[.92/52 :‬‬
‫ونقف أول ً عند قوله‪" :‬لو ثني لي الوسادة" وهذا كناية عن توليه الحكسسم‬
‫‪ -‬كما قرره المجلسي ]بحار النوار‪ -[.92/52 :‬فكيف لم يخسرج مسا عنسده بعسد‬
‫توليه الخلفة وهو يعد بهسذا أم قسسد أخلسف وعسسده كمسا يفسستري واضسسح هسسذه‬
‫"الساطير"؟!‪.‬‬
‫ثم قوله‪" :‬وعرف لي حقي" كيف يعرف حقه ومصدر هذه المعرفة لسسم‬
‫يظهر للناس؟‬
‫أما قوله‪" :‬أمله علي رسول الله" فهذا يناقض أساطيرهم الخرى التي‬
‫تقول‪ :‬إن الجمع تم بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫والحقيقة أن كل هذه النصوص حول هذه الفرية هي مسن أبلسغ الطعسون‬
‫في أهل البيت‪ ،‬ول يبلغ مفتر ضد أهل البيت مبلغ هسسذه المفتريسسات‪ ،‬حسستى‬
‫لقد صدق فيهم قول إمامهم ‪ -‬كما تعترف بذلك كتبهم ‪" :-‬لقد أمسينا وما‬
‫أحد أعدى لنا ممن ينتحل مودتنا" ]رجال الكشي‪ :‬ص ‪.[.307‬‬
‫ومن أعجب الروايات لهذه السطورة أن عمالمهم في القرن السسسادس‬
‫"الطبرسي" في كتابه "الحتجاج" جعل القسسول بهسسذه الفريسسة هسسي الجابسسة‬
‫المقنعة من أمير المؤمنين علي علسسى اعسستراض أحسسد الزنادقسسة‪ ،‬فقسسد روى‬
‫في كتابه الحتجاج وهو من كتبهسسم المعتسسبرة ‪ -‬كمسسا قسسدمنا ‪ -‬أن عليسسا قسسال‬
‫لحد الزنادقة في محاورة طويلة منها "‪ ...‬إن الكناية عن أسسسماء الجسسرائر‬
‫العظيمة من المنافقين في القرآن ليست من فعله تعالى‪ ،‬وأنها من فعسسل‬
‫المغيرين والمبدلين‪.‬‬
‫وليس يسوغ مع عموم التقية التصريح بأسماء المبدلين‪ ،‬ول الزيادة في‬
‫آياته على ما أثبتوه من تلقائهم في الكتاب لما في ذلك مسسن تقويسسة حجسسج‬
‫أهل التعطيل والكفر‪ ،‬والملسسل المنحرفسسة عسسن قبلتنسسا‪ ،‬وإبطسسال هسسذا العلسسم‬
‫الظاهر الذي قد استكان له الموافسسق والمخسسالف بوقسسوع الصسسطلح علسسى‬
‫الئتمار لهم‪ ،‬والرضا بهم‪ ..‬فلن الصبر على ولة المر مفروض لقول الله‬
‫ُ‬
‫عققْزم ِ‬ ‫وُلوا ال ْ َ‬‫صب ََر أ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫صب ِْر ك َ َ‬ ‫فا ْ‬ ‫عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم‪َ } :‬‬
‫ل{ ]الحقسساف‪ ،‬اليسسة‪ ..[.35 :‬فحسسسبك مسسن الجسسواب عسسن هسسذا‬ ‫سق ِ‬
‫ن الّر ُ‬‫مق َ‬ ‫ِ‬
‫الموضوع ما سمعت‪ ،‬فإن شريعة التقية تحظر التصريح بأكثر منه‪.‬‬
‫ه{ ]القصسسص‪ ،‬آيسسة‪ [.88 :‬فإنمسسا‬ ‫هق ُ‬ ‫ج َ‬ ‫و ْ‬ ‫ك إ ِل ّ َ‬
‫هال ِق ٌ‬ ‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬‫ش ْ‬‫ل َ‬ ‫وأما قوله‪} :‬ك ُ ّ‬
‫نزلت كل شيء هالك إل دينسسه لن مسن المحسسال أن يهلسسك منسسه كسسل شسسيء‬
‫ويبق الوجه‪ ،‬هو أجل وأعظم من ذلك‪ ،‬إنما يهلك مسن ليسس منسه‪ ،‬أل تسسرى‬
‫ل‬‫جل ِ‬ ‫ذو ال ْ َ‬ ‫ك ُ‬ ‫ه َرب ّق َ‬ ‫جق ُ‬‫و ْ‬ ‫قققى َ‬ ‫وي َب ْ َ‬‫ن‪َ ،‬‬ ‫فققا ٍ‬‫هققا َ‬‫عل َي ْ َ‬‫ن َ‬‫مق ْ‬ ‫ل َ‬ ‫أنسسه قسسال‪} :‬ك ُق ّ‬
‫وال ِك َْرام ِ{ ]الرحمن‪ ،‬آية‪ .[.27 ،26 :‬ففصل بين خلقه ووجه‪.‬‬ ‫َ‬
‫فققي‬ ‫ْ‬
‫سقطوا ِ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫م أل ت ُق ِ‬ ‫خفت ُق ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫وإ ِ ْ‬ ‫وأمسسا ظهسسورك علسسى تنسساكر قسسوله‪َ } :‬‬
‫ء{ ]النسسساء‪ ،‬آيسسة‪ ،[.3 :‬وليس‬ ‫سا ِ‬ ‫ن الن ّ َ‬ ‫م َ‬ ‫كم ّ‬ ‫ب لَ ُ‬‫طا َ‬ ‫ما َ‬ ‫حوا ْ َ‬ ‫فانك ِ ُ‬‫مى َ‬ ‫ال ْي ََتا َ‬
‫يشبه القسط في اليتامى نكسساح النسسساء‪ ،‬ول كسسل النسسساء أيتسسام‪ ،‬فهسسو ممسسا‬
‫قدمت ذكره من إسقاط المنافقين من القرآن‪ ،‬وبين ]كسسذاب فسسي الحتجسساج‪[.‬‬
‫‪146‬‬
‫القول في اليتامى‪ ،‬وبين نكاح النساء من الخطاب والقصص أكثر من ثلث‬
‫القرآن‪ ،‬وهذا وما أشبهه مما ظهرت حوادث المنسسافقين فيسسه لهسسل النظسسر‬
‫والتأمل‪ ،‬ووجسسد المعطلسسون وأهسسل الملسسل المخالفسسة للسسسلم مسسساغا ً إلسسى‬
‫دل ممسسا‬ ‫القدح في القرآن‪ ،‬ولو شسسرحت لسك كسسل ممسا أسسسقط وحسّرف وبس ّ‬
‫يجري هذا المجرى لطسسال‪ ،‬وظهسسر مسسا تحظسسر التقيسسة إظهسساره مسسن منسساقب‬
‫الولياء ومثالب العداء" ]الحتجاج‪ :‬ص ‪.[.254-249‬‬
‫هسسذا النسسص رغسسم طسسوله هسسو جسسزء مسسن محسساورة طويلسسة يزعسسم صسساحب‬
‫الحتجاج أنها جرت بين أمير المؤمنين علسسي‪ ،‬وزنسسديق مسسن الزنادقسسة‪ ،‬وأن‬
‫عليا ً يناظره ويحاول أن يهديه إلى الحق‪ ،‬فهل يمكسسن أن يكسسون أحسسد أشسسد‬
‫زندقة‪ ،‬ممن يقول في كتاب الله سبحانه وصسسحابة رسسول اللسه مثسل هسسذا‬
‫القول‪ ،‬وهل يبلغ كيد حاقد أكثر من هذا‪..‬؟ يقول موسسسى جسسار اللسسه‪" :‬هسسل‬
‫َ‬
‫دم للسدين مسن مثسل هسذا‬ ‫هس َ‬ ‫يجد أشد الناس عداوة مساغا ً أهْ َ‬
‫دم للقسرآن وأ ْ‬
‫القول الذي يسنده شيوخ الشيعة إلى أميسر المسؤمنين علسي" ]الوشسسيعة‪ :‬ص‬
‫‪.[.123‬‬
‫ولحظ في هذه الرواية ذلك الحقد السود ضد خير جيل عرفته البشرية‬
‫ضد صحابة رسول الهدى صلى الله عليسسه وسسسلم حيسسث كن ّسست عنهسسم هسسذه‬
‫الرواية بأنهم‪" :‬أصحاب الجرائر العظيمة من المنافقين" لن تلسسك الزمسسرة‬
‫الحاقدة التي قد أكل الغيظ قلوبها‪ ،‬ومل الحقد نفوسسسها ضسسد ذلسسك الجيسسل‬
‫القرآني الفريد‪ ،‬لم تجد في كتاب الله ما يطفئ هسسذا الحقسسد فقسسالت‪ :‬بسسأن‬
‫القسسرآن مليسسء بأسسسماء المنسسافقين ‪ -‬وتعنسسي بهسسم صسسحابة رسسسول اللسسه ‪-‬‬
‫وإسقاطهم من فعل المبدلين‪ .‬ورواياتهم في هذا التجاه كثيرة‪.‬‬
‫ثم تقول تلك الروايسسة إنسسه ل يسسسوغ التصسسريح بأسسسماء المبسسدلين بسسسبب‬
‫التقية مع أنه في نفس الكتاب رواية تقول بأن السسذين غي ّسسروا ‪ -‬بزعمهسسم ‪-‬‬
‫هم‪ :‬أبو بكر وعمر وزيد بن ثابت ]انظر‪ :‬الحتجاج‪ :‬ص ‪ ،[.156‬وشيخهم النوري‬
‫الطبرسي يزيد آخرين فيقسسول‪" :‬والسذين باشسسروا هسسذا المسر الجسسسيم هسم‬
‫أصحاب الصحيفة أبو بكر وعمر وعثمان أبو عبيدة وسعد بسسن أبسسي وقسساص‬
‫وعبد الرحمن بن عوف‪ ،‬واستعانوا بزيد بن ثسسابت" ]فصسسل الخطسساب‪ :‬الورقسسة )‬
‫‪.[.(73‬‬
‫هؤلء هم رواد الفتح السلمي‪ ،‬والطليعة من الرعيسسل الول السسذين بنسسوا‬
‫ل‪ ،‬فهم قذى في عيون هؤلء‪ ،‬وشسسجى فسسي‬ ‫حضارة لم تعرف لها الدنيا مثي ً‬
‫حلوقهم‪ ،‬فلهذا خصتهم هذه الزمرة بهذا الفتراء‪.‬‬
‫ثم تقسسول هسسذه السسسطورة‪ :‬ول يسسسوغ بحكسسم التقيسسة الزيسسادة فسسي آيسسات‬
‫القرآن‪.‬‬
‫هل يعني هذا أن الخوف هو الذي قعد بهم عن إخسسراج مصسسحف مفسسترى‬
‫وأنه لول الخوف لفعلسسوا مثسسل هسسذا‪ ،‬وأنسسه يحتمسسل عنسسد ارتفسساع الخسسوف أن‬
‫يفعلوا ذلك ويجاهروا بسسه‪ ،‬ومسسع وجسسود الخسسوف قسسد يكسسون موضسسع التسسداول‬
‫السري بينهم‪..‬؟!‬
‫دم من كتب قومه أكثر من ألسسف "شسساهد"‬ ‫لكن صاحب فصل الخطاب ق ّ‬
‫زعم أنها آيات من كتاب الله أسقطت‪ ،‬واثبت تواطؤ معظم كتسب الشسيعة‬
‫‪147‬‬
‫المعتمدة على هذا‪ ،‬وسجل بهذا أكبر فضيحة لقومه‪ ،‬وكشف أكسبر جريمسة‬
‫ارتكبتها طسسائفته‪ ،‬فهسسل ارتفعسست التقيسسة‪ ،‬مسسع أن فسسي نصوصسسهم أن التقيسسة‬
‫ملزمة لهم حتى رجعة مهديهم ]انظر‪ :‬فصل التقية في هذه الرسالة‪ ،[.‬أو هو قد‬
‫خالف بهذا وصية إمامه‪ ،‬وخطة قومه؟ إنهسسا أوهسسام يضسسرب بعضسسها بعض سًا‪،‬‬
‫وسيأتي بعد قليل تحقيق القول في هل للشيعة مصحف سري متداول؟‬
‫ثم تذكر رواية الحتجاج بأن عليا ً واصل حسسديثه مسسع الزنسسديق وقسسال بسسأنه‬
‫بسبب ظروف التقية ل يستطيع أن يصرح بأكثر من هذا لما في ذلك مسسن‬
‫تقوية حجج أهل التعطيل‪.‬‬
‫فمعنسسى هسسذا أن الخطسساب مسسع الزنادقسسة ترتفسسع فيسسه التقيسسة‪ ،‬وتتسسم فيسسه‬
‫المصارحة بالكفر‪ ،‬وأما مع المؤمنين فالتقية واجبة‪ ،‬فهسسل تريسسد هسسذه الفئة‬
‫أن تجعل أمير المؤمنين من حزب هذا الزنديق يتقى صسسحابة رسسسول اللسسه‬
‫ويصارح بأمر كتاب الله الزنادقة الملحسسدين؟! وبعسسد هسسذا التصسسريح بسسالكفر‬
‫يقول‪ :‬إن الزيادة على هذا فيه تقوية لحجج أهل التعطيل‪،‬إذا كسسان المسسراد‬
‫بأهل التعطيل هم أهل اليمان من الصحب الكرام‪ ،‬ومن تبعهسسم‪ ،‬فل شسسك‬
‫أن هذا يكفي لكشف ما عليسسه هسسذه الزمسرة الحاقسسدة‪ ،‬وإن كسانت الخسسرى‬
‫فكيف يكون الكفر بكتاب الله إذن؟!‬
‫ثم تزعم هذه "الزمرة" أن عليا ً قال للزنديق بسسأنه ل يسسستطيع أن يعلسسن‬
‫ذلك ويفصله "لن الصبر على ولة المسسر مفسسروض‪ "..‬إن مسسذهب الشسسيعة‬
‫قائم على إنكار إمامة ما سوى الثني عشر‪ .‬وهذا النسص يثبسست بسأن هنسساك‬
‫ولة أمسسر غيرهسسم مفروضسسة طسساعتهم‪ ،‬وهسسذا ينقسسض المسسذهب مسسن أصسسله‪،‬‬
‫ويكشف أن الوضع والفتراء ل محالة له من التناقض والختلف‪.‬‬
‫ومن أعظم الفتراء على أمير المؤمنين علي القول بأنه يطيع غيره في‬
‫معصية الله‪ ،‬ويرى أن هذا المر مفروض!! ومن المعلوم في السسلم أنسه‬
‫ر َ‬
‫ك‬ ‫على َأن ت ُ ْ‬
‫شقق ِ‬ ‫ك َ‬ ‫دا َ‬
‫ه َ‬ ‫جا َ‬
‫وِإن َ‬‫ل طاعة لمخلوق في معصية الخالق‪َ } :‬‬
‫ما{ ]لقمان‪ ،‬آية‪.[.15 :‬‬ ‫ه َ‬
‫ع ُ‬‫فل ت ُطِ ْ‬ ‫م َ‬‫عل ْ ٌ‬‫ه ِ‬‫ك بِ ِ‬‫س لَ َ‬‫ما ل َي ْ َ‬‫ِبي َ‬
‫وهؤلء يزعمسسون أن علي سا ً وافقهسسم وأطسساعهم فسسي تغييسسر القسسرآن بحكسسم‬
‫شريعة التقية‪ ،‬وهذا سب لعلي وتكفيسسر لسسه قبسسل أن يكسسون ذلسسك لصسسحاب‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ومن هنا نسسدرك أن هسسؤلء أعسسداء لهسسل‬
‫البيت قبل أن يكونوا أعداء لسائر المسلمين‪.‬‬
‫ولحظ كيسسف يسسستدل علسسى طاعسسة الحسساكم فسسي الكفسسر بقسسوله سسسبحانه‪:‬‬
‫ُ‬
‫عْزم ِ{ فهذا يدل على أن واضع هسسذا النسسص‬ ‫وُلوا ال ْ َ‬ ‫صب ََر أ ْ‬
‫ما َ‬ ‫صب ِْر ك َ َ‬ ‫} َ‬
‫فا ْ‬
‫من الجهلة؛ لن هذه الية تسسأمر بخلف مسسا يسسدعو إليسسه تمامسًا‪ ،‬ونسسسبة هسسذا‬
‫الستدلل لعلي تجهيل له وافتراء عليه‪.‬‬
‫ه{ فإنمسسا‬ ‫هقق ُ‬
‫ج َ‬ ‫ك إ ِل ّ َ‬
‫و ْ‬ ‫هال ِ ق ٌ‬
‫ء َ‬‫ي ٍ‬
‫ش ْ‬‫ل َ‬ ‫ويظهر من قوله‪" :‬وأما قوله‪} :‬ك ُ ّ‬
‫نزلت كل شيء هالك إل دينه‪ ،‬لن مسن المحسال أن يهلسسك منسسه كسل شسسيء‬
‫ويبقى الوجه‪ ..‬إلخ" ]الخطسسوط العريضسسة‪ :‬ص ‪ [.6‬يظهر مسسن النسسص أن واضسسعه‬
‫أعجمي ل صله له بلغة العرب‪ ،‬ول معرفة له بدللت ألفاظهسسا‪ ..‬أو زنسسديق‬
‫يتجاهل‪.‬‬

‫‪148‬‬
‫ثم زعم صاحب الحتجاج أن عليا ً قسسال للزنسسديق بسسأنه "سسسقط أكسسثر مسسن‬
‫ثلث القرآن في موضع من سورة النساء‪ ،‬وأنسسه لسسو شسسرح كسسل مسسا أسسسقط‬
‫دل ممسسا يجسسري هسسذا المجسسرى لطسسال‪ ،‬وظهسسر مسسا تمنسسع التقيسسة‬ ‫وح سّرف وب س ّ‬
‫إظهاره"‪ ،‬وهذا من أعظم الكذب على أمير المؤمنين‪ ،‬بدليل أنه لسسم يعلسسن‬
‫في مدة خلفته على المسلمين هذا الثلث الساقط من القرآن‪ ،‬ولم يسسأمر‬
‫المسلمين بإثباته والهتداء بهديه والعمل بأحكسسامه‪ .‬فهسسؤلء السسذين يسسدعون‬
‫التشيع لمير المؤمنين‪ ،‬وينسبون له هذه الباطيسسل هسسم بهسسذا أشسسد عسسداوة‬
‫لمير المؤمنين من النصاب‪ ،‬لنهم ينسبون له الرضا بالكفر والقرار به‪.‬‬
‫وهم كلما أعيتهم الحيلة لثبات الحجة لجأوا إلى التقية‪ ،‬فهسسو هنسسا يسسستر‬
‫دل‪ ،‬بالتعلق بالتقيسسة‪ ،‬وهسسي حيلسسة مكشسسوفة‪،‬‬ ‫قط وب ُ ّ‬
‫عجزه عن شرح ما أس ِ‬
‫وفرار من المواجهة‪ ،‬ثم إن غيره ممن حاول أن يقدم شسسيئا ً مسسن النمسسوذج‬
‫الساقط بزعمه افتضح أمره‪ ،‬وانكشف كيده‪ ،‬لن هذا "النمسسوذج" بالنسسسبة‬
‫ليات القرآن أشبه ما يكون بعبث الصبيان ولعب الطفسسال‪ ،‬وأنسسى لهسسم أن‬
‫يصلوا إلى شيء من محاكاة القرآن العظيم‪.‬‬
‫هسسذا ومسسا دامسست شسسريعة هسسذه الزمسرة تخسسص الزنادقسسة بهسسذه المقسالت‬
‫الملحدة حلول كتاب الله كما في الرواية السسسابقة‪ ،‬فهسسل نصسسدق مسسا قيسسل‬
‫بأن عند المستشرق "براين" مصحفا ً إيرانيا ً فيه زيادات علسسى كتسساب اللسسه‪،‬‬
‫ومن هذه الزيادات "سورة" يسمونها "الولية" ]انظسسر‪ :‬الخطسسوط العريضسسة‪ :‬ص‬
‫‪ [.11‬وهذا يعني أن عند هؤلء القوم مصاحف سرية يتداولونها‪.‬‬
‫هل لدى الشيعة مصحف سري يتداولونه؟‬
‫هل عند الشيعة مصحف يحوي كل هذه المتفريسسات وتكسسون فيسسه قسسراءة‬
‫الشيعة عوضا ً عن كتاب الله سبحانه؟ ماذا تقول أساطيرهم‪ ،‬وماذا يقسسول‬
‫واقعهسسم بهسسذا الخصسسوص؟ هسسل قسسول الشسسيخ محسسب السسدين الخطيسسب بسسأن‬
‫"للشيعة مصاحف خاصة تختلف عن المصسسحف المتسسداول‪] "..‬انظسسر‪ :‬هسسامش‬
‫"مختصر التحفة الثني عشرية" ص ‪ .[.32‬هل هذا واقع؟ وقد نشسسر محسسب السسدين‬
‫صورة "لسورة مفتراة" يسسسمونها سسسورة "الوليسسة" ]وقسسد نشسسر صسسورتها فسسي‪:‬‬
‫الخطوط العريضة ص ‪ ،12‬ومختصر التحفة ص ‪ ،31‬ومجلة الفتح العدد )‪ (842‬ص ‪ ،9‬وقسسد‬
‫نشرها قبله الشيعي الصل الستاذ أحمد الكسروي في كتابه‪" :‬الشيعة والتشيع"‪ [.‬وقسسال‬
‫بأنها مصورة من مصحف إيراني مخطوط عند المستشسسرق مسسستر برايسسن‬
‫]قال الشيخ محب الدين بأنه قد اطلع عليه وصسسورها منسسه مسسن وصسسفه بسسس"الثقسسة المسسأمون"‬
‫محمد علي سعودي الذي كان ‪ -‬كما يقول الشيخ ‪ -‬كبير خبراء وزراء العدل بمصر )هسسامش‬
‫مختصسسر التحفسسة‪ :‬ص ‪ ،32‬الخطسسوط العريضسسة ص ‪ ،[.(11‬وقبسسل ذلسسك أثبتهسسا شسسيخ‬
‫الرافضة في كتابه "فصسسل الخطسساب" ]ص ‪ .[.180‬ومسسن قبسسل قسسال صسساحب‬
‫تكفير الشيعة‪ :‬إنهم أحدثوا مصحفا ً ‪ -‬كما سلف ‪ ،-‬فعسسل للشسسيعة مصسسحف‬
‫سري يتداولونه كما يقول هؤلء؟‬
‫سأجيب من خلل استقراء نصوصسسهم وأقسسوال شسسيوخهم‪ ..‬فسسأقول‪ :‬لقسسد‬
‫جاءت نصوص عندهم تأمرهم بالعمل بالقرآن ريثمسسا يخسسرج مصسسحفهم مسسع‬
‫إمامهم المنتظر‪ .‬قال الكليني في الكافي ما نصه‪ .." :‬عسسدة مسسن أصسسحابنا‬
‫عن سهل بن زياد عن محمسد بسن سسليمان عسسن بعسسض أصسحابه‪ ،‬عسسن أبسي‬

‫‪149‬‬
‫الحسن ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬قال‪ :‬قلت‪ :‬جعلت فداك إنا نسسسمع اليسسات فسسي‬
‫القرآن‪ ،‬ليسسس هسسي عنسسدنا كمسسا نسسمعها‪ ،‬ول نحسسن أن نقرأهسسا كمسا بغلنسا‬
‫عنكم‪ ،‬فهل نأثم؟ فقال‪ :‬ل‪ ،‬اقرؤوا كما تعلمتسسم فسسسيجيئكم مسسن يعلمكسسم"‬
‫]أصول الكافي‪.[.2/619 :‬‬
‫ومن هذا النص نأخذ أنهم فيما بينهسسم يتلسسون مفتريسساتهم كمسسا يسسدل عليسسه‬
‫قوله‪" :‬كما نسمعها"‪" ،‬كما بلغنا عنكم" ]وهنسساك روايسسات كسسثيرة تزعسسم أن أئمتهسسم‬
‫يقرأون بغير ما في القرآن‪ ،‬كما جاء في تفسيرات فرات "عسسن حمسسران قسسال‪ :‬سسسمعت أبسسا‬
‫جعفر يقرأ هذه الية‪" :‬إن الله اصطفى آدم ونوحا ً و آل إبراهيم وآل محمد على العسسالمين"‬
‫قلت‪ :‬ليس يقرأ كذا‪ ،‬قال‪ :‬أدخل حرف مكان حرف" )تفسير فسسرات ص ‪ ،18‬بحسسار النسسوار‪:‬‬
‫‪ (92/56‬ومثله نصوص كثيرة تدل على أنهم ينسبون للئمة أنهم يقرأون بغير ما أنزل الله‪،‬‬
‫وبخلف ما يقرأ المسلمون‪ ،‬فهل هؤلء شيعة لهل البيت؟![‪ ،‬ثم إنهم اشتكوا أنهسم ل‬
‫يحسنون قراءة ما يسمعون أو ما يبلغهم فوعسسدهم إمسسامهم بسسأنه سسسيأتيهم‬
‫من يعلمهم‪ ،‬وهذا الوعد كان في عهد إمامهم أبي الحسسسن ‪ -‬كمسسا يفسسترون‬
‫‪ .-‬وعبسسارة "سسسيأتيكم" تسسوحي بسسأن هسسذا المعّلسسم سسسيأتي هسسؤلء السسذين ل‬
‫يحسنون القراءة‪ ،‬ولكن هذا المعّلم لم يأت ومّر ذلك الجيل ومسسرت بعسسده‬
‫قرون متطاولة‪ ..‬وقد فسر شيوخ الشيعة فيما بعد المقصود َ بالمعلم بأنهم‬
‫مهديهم المنتظر ]انظر‪ :‬المازنسسدراني ‪ /‬شسسرح جسسامع )علسسى الكسسافي( ‪ ،11/47 :‬وهنسساك‬
‫نصوص كثيرة للرافضة تصرح بأنه القائم أو المهدي كما سنذكر بعد قليل‪.[.‬‬
‫والشيعة مأمورة بقراءة القرآن‪ ،‬وانتظر مسسا يسسأتي بسسه منتظرهسسم وعسسدم‬
‫قراءة تلك المفتريات لنهم ل يحسنون قراءتها كما يسسدل النسسص المسسذكور‪،‬‬
‫وبالتالي ل تجعل فسسي مصسسحف متسسداول بينهسسم‪ ،‬هسسذا مسسا تسسدل عليسسه روايسسة‬
‫الكافي‪.‬‬
‫ويقول مفيدهم‪" :‬إن الخبر قد صسح مسن أئمتنسسا ‪ -‬عيلهسسم السسلم ‪ -‬أنهسم‬
‫أمروا بقراءة ما بين الدفتين‪ ،‬وأن ل نتعداه‪ ،‬بل زيادة فيه ول نقصان منسسه‪،‬‬
‫حتى يقوم القائم ‪-‬عليه السلم ‪ -‬فيقرأ الناس القرآن على مسسا أنزلسسه اللسسه‬
‫تعالى وجمعه أمير المؤمنين ‪ -‬عليه السلم ‪] "-‬بحار النوار‪.[.74 :92 :‬‬
‫وقال شيخهم نعمة الله الجسسزائري‪" :‬قسسد روي فسسي الخبسسار أنهسسم عليهسسم‬
‫السلم أمروا شيعتهم بقراءة هذا الموجود من القرآن في الصلة وغيرهسسا‬
‫والعمل بأحكامه حتى يظهر مولنا صاحب الزمان فيرتفع هذا القرآن مسسن‬
‫أيدي الناس إلى السماء‪ ،‬ويخرج القرآن الذي ألفه أميسسر المسسؤمنين فيقسسرأ‬
‫ويعمل بأحكامه" ]النسسوار النعمانيسسة‪ [.364-2/363 :‬فمادام المسسر كسسذلك‪ ،‬لمسساذا‬
‫تروى عن كل إمام طائفة من الزيادات على كتسساب اللسسه؟ ثسسم مسسا دام قسسد‬
‫غير كيف يصبح العمل به؟!‬
‫وهذه النصوص التي تدعو إلى العمل بالقرآن يكاد يقابلها نصوص أخرى‬
‫تدعو بأسلوب "مقنع" وغير صريح إلى إهمال حفسسظ القسسرآن لنسسه مغيسسر ‪-‬‬
‫بزعمهسسم ‪ -‬ومسسن حفظسسه علسسى تحريفسسه يصسسعب عليسسه حفظسسه إذا جسساء بسسه‬
‫منتظرهم‪ .‬فقد روى مفيدهم بإسناده إلى جابر الجعفي عن أبي جعفر أنه‬
‫قال‪ :‬إذا قام قائم آل محمد صلى الله عليه وآله ضرب فسسساطيط‪ ،‬ويعلسسم‬

‫‪150‬‬
‫الناس القرآن على ما أنزل الله عسز وجسل‪ ،‬فأصسعب مسا يكسون علسى مسن‬
‫حفظه اليوم‪ ،‬لنه يخالف فيه التأليف ]المفيد‪ /‬الرشاد‪ :‬ص ‪.[.413‬‬
‫هذه الرواية لمفيدهم الذي يقدسونه ويعظمونه حسستى زعمسسوا أنسسه فسسوق‬
‫مستوى البشر‪ ،‬لن إمامهم المنتظر خاطبه بالخ السديد والمولى الرشيد‬
‫]مقدمسسة الكتسساب السستي أحسسالت نصسسوص مخاطبسسة المهسسدي لمفيسسدهم‪ ،‬لكتسساب الحتجسساج ص‬
‫‪ ..[.277‬وهسسذه الروايسسة جسساءت فسسي كتسسابه الرشسساد وهسسو فسسي قمسسة كتبهسسم‬
‫المعتبرة حتى قال شيخهم المجلسي‪" :‬كتاب الرشاد أشسسهر مسسن مسسؤلفه"‬
‫]المجلسي‪ /‬بحار النسسوار‪ ..[.1/27 :‬وكذلك روى النعماني فسسي الغيبسسة مسسا يشسسبه‬
‫الرواية السابقة‪ ،‬فقد روى بإسسسناده )الكسساذب( إلسسى أميسسر المسسؤمنين علسسي‬
‫قال‪" :‬كأني بالعجم فساطيطهم في مسجد الكوفة يعلمون الناس القرآن‬
‫كما أنزل‪ ،‬قلسست‪ :‬يسسا أميسسر أو ليسسس هسسو كمسسا أنسسزل؟ فقسسال‪ :‬ل‪ ،‬محسسي منسسه‬
‫سبعون من قريش بأسمائهم وأسماء آبائهم‪ ،‬وما تسسرك أبسسو لهسسب إل إزراء‬
‫على رسول الله ‪ -‬صلى الله عليه وآله ‪ -‬لنه عمه" ]النعماني‪ /‬الغيبة ص ‪-171‬‬
‫‪ ،172‬فصل الخطاب الونرقة )‪ ،(7‬بحار النوار‪.[.92/60 :‬‬
‫وأورد النعماني روايتين ]انظر‪ :‬الغيبة ص ‪ ،194‬بحسسار النسسوار‪ [.25/364 :‬بمعنى‬
‫هذه الرواية‪.‬‬
‫ويبدو أن واضع هذه السطورة هو أعجمسسي زنسسديق‪ ،‬فهسسو يخسسص العجسسم‬
‫بأسسسطورة التعليسسم الموعسسودة‪ ،‬كمسسا أن الحقسسد المريسسر السسذي يحملسسه إزاء‬
‫صحابة رسول الله ‪ -‬رضوان الله عليهم ‪ -‬الذين فتحوا ديار قومه ونشسسروا‬
‫السلم بينهم واضح في هسسذه الروايسسة‪ ،‬ولسسذلك فسسإن دعسسوى التغييسسر عنسسده‬
‫تكمن في عدم وجود أسمائهم مع اسم أبي لهب‪.‬‬
‫ولقد كان لهذه الساطير التي تدعو إلى إهمال حفظ كتسساب اللسسه أثرهسسا‬
‫في مجتمعات الشيعة كما شهد بذلك الشيخ موسى جار الله والذي عاش‬
‫بين الشيعة فترة من الزمسن فلسم يسر مسن تلميسذ الشسسيعة وعلمسائهم مسن‬
‫يحفظ القرآن‪ ،‬ول من يقيم القسسرآن بعسسض القامسسة بلسسسانه فض سل ً عسسن أن‬
‫يعسرف وجسوه قراءاتسه‪ ،‬ورأى أن هسذا قسد يكسون مسن أثسر انتظسار الشسيعة‬
‫مصحف علي الذي غاب بيسسد قسسائم آل محمسسد ]الوشسسيعة‪ :‬ص ‪ ،116‬وقسسد جسساءت‬
‫نصوص أخرى عندهم تدعو لتعلم هذا القرآن وحفظه‪ ،‬وتذكر ثواب مسسن فعسسل ذلسسك؛ كقسسول‬
‫أبي جعفر لحد أصحابه ويدعى سعد الخفاف‪" :‬يا سعد‪ ،‬تعلموا القرآن‪) "..‬أصسسول الكسسافي‪:‬‬
‫‪ .(2/596‬وعقد صاحب الكافي بابا ً بعنوان‪" :‬باب من حفسسظ القسسرآن ثسسم نسسسيه" وذكسسر فيسسه‬
‫ست روايات تتحدث عن الثواب الذي يضيع على مسن نسسي شسيئا ً مسن كتساب اللسه )أصسول‬
‫الكافي‪ (609-2/607 :‬وعقد بابا ً آخر بعنوان "باب فسسي قراءتسسه" وفيسسه عسن أبسسي عبسسد اللسه‬
‫قال‪" :‬القرآن عهد الله إلى خلقه فقد ينبغي للمرء المسلم أن ينظسسر فسسي عهسسده وأن يقسسرأ‬
‫منه في كل يوم خمسين آية" )المصدر السابق‪.(2/609 :‬‬
‫كما عقد بابا ً بعنوان‪" :‬باب البيوت التي يقرا فيها القسسرآن" وجسساء فيسسه‪" :‬عسسن ليسسث بسسن أبسسي‬
‫سليم رفعه قال‪ :‬قال النبي صلى الله عليه وآله‪" :‬نوروا بيوتكم بتلوة القسسرآن ول تتخسسذوها‬
‫قبورًا" )المصدر السابق‪.(2/610 :‬‬
‫وكذلك ذكر من البواب "باب ثواب قسسراءة القسسرآن" وجسساء فيسسه سسسبع روايسسات تتحسسدث عسسن‬
‫عظيم ثواب من قرأ القرآن وتعلمه‪) ..‬المصدر السابق‪ (613-2/611 :‬وباب قراءة القسسرآن‬
‫في المصحف‪ ،‬وذكر فيه خمس روايات تبين ثواب القراءة في المصحف )المصدر السابق‪:‬‬
‫‪.(614-613 /2‬‬

‫‪151‬‬
‫وأبواب أخرى في هذا الموضوع‪ ،‬وهذه تنقض تلك الروايات‪ ،‬بل تثبسست مسسن كتبهسسم زيسسف‬
‫وكذب ما يفترونه علسسى آل السسبيت مسن تلسك "الكساذيب" إذ كيسف يسأمرون بقسسراءة القسسرآن‪،‬‬
‫ويذكرون الثواب العظيم لمن قرأه‪ ،‬وأنه ينبغي للمسلم أن يقرأه فسسي كسسل يسسوم‪ ،‬وأن ينسسور‬
‫بيتسسه بسسه‪ .‬وهسسو يقولسسون‪ :‬إنسسه مغيسسر مبسسدل‪ ،‬ألسسي هسسذا يسسدل علسسى عظيسسم التنسساقض فسسي هسسذا‬
‫المذهب؟!‪ -[.‬فهل يقوم الشيعة بجمع أساطيرهم في مصحف ليسهل حفظ‬
‫المصحف الموعود حين ظهوره؟ يقول المجلسي نقل ً عن المفيد‪:‬‬
‫"‪ ..‬نهونا عليهم السلم عن قراءة مما وردت به الخبار من أحرف يزيسسد‬
‫على الثابت في المصحف‪ ،‬لنه لم يأت على التواتر وإنما جاء بالحاد‪ ،‬وقد‬
‫يلغط الواحد فيما ينقله‪ ،‬ولنه متى قرأ النسان بما يخالف ما بين الدفتين‬
‫غرر بنفسه مع أهل الخلف‪ ،‬وأغرى به الجبسسارين‪ ،‬وعسسرض نفسسسه للهلك‪،‬‬
‫فمنعونا عليهم السلم من قراءة القرآن بخلف ما يثبت بين السسدفتين لمسسا‬
‫ذكرناه" ]بحار النوار‪.[.75 – 92/74 :‬‬
‫فهذا يعني أن )اليات المفتراة( والمتفرقة في كتبهم‪ ،‬والمخالفة لكتاب‬
‫الله لم تصسل عنسدهم إلسى وضسعها فسي مصسحف متسداول بينهسم لسسببين‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬الخوف من المسلمين‪ ،‬والخر‪ :‬أن الطريق لثبوتها عندهم طريسسق‬
‫آحاد‪ ،‬والواحد قد يغلط فيما ينقله‪ ،‬ويلحظ أن عدم قبسسول الروايسسات السستي‬
‫طريقها أحاد مما يختص به "الصوليون"‪ ،‬أما الخباريون من الشيعة فإنهم‬
‫يرون صحة ما رواه شيوخهم عن الئمة فسسي العشسسرات مسسن الكتسسب السستي‬
‫صنفوها‪ ،‬وتواترها وثبوتها عن مؤلفيها‪ ،‬وثبوت أحاديثها عن أهسسل العصسسمة"‬
‫]وسائل الشيعة‪.[.20/61 :‬‬
‫فهم يقرون بكل نص ورد في هذه "الفرية" في كتب شسسيوخهم‪ ،‬ولسسذلك‬
‫قال شيخ الشيعة الذي يصفونه بس"إمام الفقهسساء العظسسام رئيسسس السسسلم"‬
‫جعفر كاشف الغطا‪" :‬وصدرت منهم ‪ -‬يعني من الخباريين ‪ -‬أحكام غريبسسة‬
‫وأقوال منكرة‪ ،‬منها قولهم بنقص القسسرآن مسسستندين إلسسى روايسسات تقضسسي‬
‫البديهة بتأويلها وطرحها‪] "..‬جعفر كاشف الغطا‪ /‬حق المبين عن‪ :‬الطباطائي‪ /‬النوار‬
‫النعمانية )الهامش( ‪.[.2/359‬‬
‫إذن الخباريون يرون ثبوت هذه الساطير في كتب شسسيوخهم )ولسسك أن‬
‫تعجب كيف يؤمنون بكل حرف ورد في هذه الكتب المنسسسوبة لشسسيوخهم‪،‬‬
‫والمنكسسرة فسسي أسسسانيدها ومتونهسسا‪ ،‬ويشسسكون فسسي كتسساب اللسسه سسسبحانه؟‍!‬
‫يصدقون بالكاذيب الواضحة‪ ،‬ويكذبون بالحقائق الثابتة‪ ،‬فأي عقوبة أعظم‬
‫من هذا المسخ‪ ،‬والنتكاس في الفطر والعقول والمقاييس‪.‬‬
‫وعلى ذلك فإن مسألة رد هذه الروايات لنها أخبار آحاد ممسسا لسسم يتفسسق‬
‫عليه الشيعة‪ ،‬وأن السبب المسسانع السسذي يتفسسق عليسسه الجميسسع هسسو الخسسوف‪،‬‬
‫ومعنى هذا أن مسألة التداول السري لمصحف مفترى من الخباريين أمر‬
‫وارد‪ ،‬ولعل هذا يفسر ما نشره محب السسدين الخطيسسب وأحمسسد الكسسسروي‬
‫)الشيعي الصل( من صورة "لسورة" تسمى الولية مسسأخوذة مسسن حصسسف‬
‫إيراني" ]وهذه المفتريات جمعها صاحب فصل الخطاب ورتبها على سسسور القسسرآن ولكسسن‬
‫ليست كهيئة مصحف‪ ،‬وقد وصلني مصحف من باكستان طبعه الشيعة وقسسد حشسساه طسسابعه‬
‫بتلك المفتريات‪ ،‬ولكن لم تمتد أيديهم إلى الصل‪ ،‬فقد طبع كطبعة تفسسسير الجلليسسن حيسسث‬
‫وضع نص القرآن في الوسط‪ ،‬والتفسير في الحواشي‪.[.‬‬
‫‪152‬‬
‫ولكن هذا يبقى مجرد جمع لتلك المفتريات‪ ،‬التي جاءت عنسسدهم كأمثلسسة‬
‫لما في مصحف علسسي المزعسسوم‪ ،‬أمسسا مصسسحف علسسي فهسسو غسسائب منتظسسر‪،‬‬
‫كالمهدي المنتظر عندهم‪ ،‬لسسم يخسسرج إلسسى الن‪ ،‬والعمسسل بسسالقرآن إلسسى أن‬
‫يظهسسر‪ ،‬ولكسسن جمسسع هسسذه المفتريسسات هسسو محاولسسة لقنسساع المتشسسككين‬
‫والحائرين من بني قومهم‪ .‬والذي لحظتسسه مسسن كلم شسسيوخهم أن قسسولهم‬
‫بموجود مصحف لعلي أمر ل يختلفون فيه‪ ،‬حتى ليقول بذلك مسسن يتظسساهر‬
‫بإنكسسار التحريسسف مسسن القسسدامى والمعاصسسرين كسسابن بسسابويه القمسسي فسسي‬
‫العتقادات كما سيأتي نص كلمه‪ ،‬والخوئي في البيان ]البيان‪ :‬ص ‪.[.223‬‬
‫لكن يبقى القول في زيادة مصحف علي المزعوم عما فسسي كتسساب اللسسه‬
‫وهل هي زيادة في النص أو من قبيل التأويل أو الترتيب؟ كما سيأتي‪.‬‬
‫مصحف علي‪:‬‬
‫تقدم الشارة إلى أن مصحف علي "المزعوم"‪ :‬جاء الحسسديث عنسسه فسسي‬
‫أول كتاب وضعه الشيعة‪ ،‬وأنه قد جسساءت بعسسض الروايسسات عنسسه عنسسد أهسسل‬
‫السنة ولكنها كما قال ابن حجر ل تصح‪ ،‬ولكن ما في كتب الشيعة صسسورة‬
‫أخرى ‪ -‬كمسسا سسسلف ‪ -‬وقسسد أكسسثر القسسوم مسسن الحسسديث عسسن مصسسحف علسسي‬
‫المزعوم والذي يحتوي ‪ -‬كما يزعمون ‪ -‬على زيادات على كتاب الله‪.‬‬
‫وقد اهتم بإشاعة هذه الفرية الكليني ثقة دينهم في كتابه الكافي وعقد‬
‫لها بابا ً خاصا ً بعنسوان‪" :‬بساب أنسه لسم يجمسع القسرآن كلسه إل الئمسة عليهسم‬
‫السلم" وذكر فيه ست روايات لهم‪ ،‬منها ما رواه عسن جسابر الجعفسي إنسه‬
‫سمع أبا جعفر يقول‪" :‬ما ادعى أحد من الناس أنه جمع القسسرآن كلسسه كمسسا‬
‫أنزل إل كذاب‪ ،‬وما جمعه وحفظه كما نزله اللسسه تعسسالى إل علسسي بسسن أبسسي‬
‫طالب والئمة من بعده" ]أصول الكافي‪ ،1/228 :‬لحظ أن هذه الرواية رواهسسا جسسابر‬
‫الجعفي وهو كذاب عن أهل السنة‪ ،‬كما أن كتسسب الشسسيعة اعسسترفت بسسأنه ليسسس علسسى صسسلة‬
‫معروفة بأبي جعفر )انظسر‪ :‬رجسال الكشسسي ص ‪ (191‬فهسسذه الروايسة مسن أكساذيبه‪ ،‬وتلقفهسا‬
‫الكليني الذي يعمل إشاعة هذا الكفر‪.‬‬
‫وإذا كان لم يجمع القرآن إل علي فأين ما جمعسسه؟ وإذا كسسان قسسد جمعسسه علسسي فمسسا الحاجسسة‬
‫لجمع الئمة من بعده؟ إل إذا كانوا يرون أنهم قد شاركوا في الجمع وهم لم يوجدوا‪.‬‬
‫ولماذا لم ير هذا الكتاب المجموع ولم يعرفه أحد من المسلمين؟‬
‫وكيف يصدق مثل هذا الفك الذي نقله شرذمة من الكذابين وينكر إجمسساع الصسسحابة بمسسا‬
‫فيهم علي ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬على العمل بهذا القرآن العظيم وتحكيمه وعلى نهجهسسم أئمسسة‬
‫المسلمين بما فيهم علماء أهسل السبيت؟ إنهسا خرافسات ل يصسدقها عقسل بريسء مسن الهسوى‬
‫والغرض‪ ،‬ول تدخل قلبا ً خالطته بشاشة اليمان‪.[.‬‬
‫وفي تفسير القمي ‪ -‬عمدة كتسسب التفسسسير عنسسدهم ‪ -‬عسسن أبسسي جعفسسر ‪-‬‬
‫رضي الله عنه ‪ -‬قال‪" :‬ما أحد من هذه المة جمع القرآن إل وصي محمسسد‬
‫صلى الله عليه وآله" ]تفسير القمي‪ :‬ص ‪ 744‬ط‪ :‬إيران‪ ،‬بحار النوار‪.[.92/48 :‬‬
‫ويفهم من رواية الكليني أن كل إمسسام جمسسع القسسرآن‪ ،‬وكأننسسا أمسسام كتسسب‬
‫متعددة ل كتاب واحد‪ ،‬بينما تعارضها رواية القمي وتذكر بصيغة الحصر أنه‬
‫لم يجمعه سوى علي‪ ،‬ثم هم يقولون في رواياتهم وأبوابهم‪ :‬من ادعى أنه‬
‫جمع القرآن غير الئمة فهو كذاب‪ .‬مع أنهم زعموا أن القرآن كسسان مسسدونا ً‬
‫مجموعا ً من عهد النبي صلى الله عليه وسلم ويستدلون على هذا بروايسسة‬

‫‪153‬‬
‫جاءت في البحار ]انظر‪ :‬المرعشي‪ /‬المعارف الجلية‪ :‬ص ‪ .[.7‬فهسسل كسسان الحسسسن‬
‫والحسين وبقية الئمة هم الذين يتولون جمعه في عهد النسسبي صسسلى اللسسه‬
‫عليه وسلم؟!‬
‫وتذكر بعض هذه الساطير أن بعض الشيعة اطلع علسسى هسسذا المصسسحف‬
‫المزعوم فتقول‪ .." :‬عن ابن الحميسسد قسال‪ :‬دخلست علسسى أبسسي عبسسد اللسسه ‪-‬‬
‫ي مصحفًا‪ ،‬قسسال‪ :‬فتصسسفحته فوقسسع بصسسري علسسى‬ ‫رضي الله عنه‪ -‬فأخرج إل ّ‬
‫موضع منه فإذا فيه مكتوب‪" :‬هذه جنهسم الستي كنتسم بهسا تكسذبان‪ .‬فاصسليا‬
‫فيها ل تموتان فيها ول تحييان" قال المجلسي‪" :‬يعني الولين" ]بحار النوار‪:‬‬
‫‪ .[.92/48‬يعنون حبيبي رسول اللسسه‪ ،‬وصسسهريه وخليفسستيه ووزيريسسه‪ ،‬وأفضسسل‬
‫الخلق بعد النبيين أبا بكر وعمر ‪ -‬رضي الله عنهما ‪.-‬‬
‫وإذا كسسانت هسسذه الروايسسة تسسسمح لخسسواص الئمسسة بسسالطلع علسسى ذلسسك‬
‫المصحف المزعوم‪ ،‬فإن في الكافي رواية أخرى تخسسالف ذلسسك حيسسث جسساء‬
‫ي أبسسو الحسسسن مصسسحفا ً‬ ‫فيه عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال‪ :‬دفع إل س ّ‬
‫وقال‪" :‬ل تنظر فيه‪ ،‬ففتحته وقرأت فيه‪ :‬لم يكسسن السسذين كفسسروا؛ فوجسسدت‬
‫فيها اسم سبعين رجل ً من قريش بأسمائهم وأسسسماء آبسسائهم قسسال‪ :‬فعبسسث‬
‫ي‪ :‬ابعث بالمصحف" ]أصول الكافي‪.[.2/631 :‬‬ ‫إل ّ‬
‫ففي هذه الرواية‪ :‬المام يستودع المصحف أحسسد خواصسسه ويحظسسر عليسسه‬
‫النظر فيه‪ ،‬ولكن يخالف أمر إمامه‪ ،‬ويخونه فيما استودعه ويقرأ فسسي هسسذا‬
‫المصحف‪ ،‬ويكشف بعض محتوياته‪ .‬فهذا المصحف الذي تتحدث عنه هسسذه‬
‫الرواية مصحف سري محجوب عسسن الخسساص والعسسام ل يطلسسع عليسسه سسسوى‬
‫المام‪ ،‬وهو يشير إلى أن من موضوعاته تكفير صحابة رسول اللسسه صسسلى‬
‫الله عليه وسلم‪ ،‬فهو ليس كتاب الله الذي نزل للناس كافة‪ ،‬والسسذي أثنسسى‬
‫على الصحابة في جمل من آياته‪ ..‬بل هو مصحف تتداوله اليدي الباطنيسسة‬
‫بصفة سرية وتنسب بعض أخباره لهل البيت لتسيء إليهم‪.‬‬
‫وهذه السطورة أراها تعرض مرة أخسسرى بصسسيغة مغسسايرة لتلسسك الروايسسة‬
‫السابقة‪ ،‬حيث جاء في بصائر السسدرجات عسسن السسبزنطي ]السسبزنطي هسسو نفسسسه‬
‫الراوي للسطورة السابقة‪ ،‬وهذا الذي يروي هذه الساطير‪ ،‬ويفتري على كتاب الله وعلى‬
‫الصحابة والقرابة‪ ،‬هو ثقة عندهم )مع أنه قد خان إمسسامه وخسسالف أمسسره(‪ .‬جسساء فسسي معجسسم‬
‫رجال الحديث للخوئي‪" :‬أحمد بن محمد بن أبي نصر زيد مولى السكوني أبو جعفر‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫أبو علي المعروف بالبزنطي‪ ،‬كوفي ثقة لقي الرضا‪ ،‬وكان عظيم المنزلة عنسسده‪ ،‬روى عنسسه‬
‫كتابًا‪ ،‬ومات سنة ‪221‬هس"‪.‬‬
‫)معجسسم رجسسال الحسسديث‪ .[.(2/231 :‬أن الرضا عليه السسسلم أودع عنسسده ذلسسك‬
‫المصسسحف المزعسسوم فقسسال هسسذا البنزنطسسي‪ :‬وكنسست يوم سا ً وحسسدي ففتحسست‬
‫المصحف لقرأ فيه‪ ،‬فلما نشرته نظرت فيه في "لم يكن" فإذا فيهسسا أكسسثر‬
‫مما في أيدينا أضعافه‪ ،‬فقدمت علسسى قراءتهسسا فلسسم أعسسرف شسسيئا ً فأخسسذت‬
‫الدواة والقرطاس فأردت أن أكتبها لكي أسأل عنها‪ ،‬فأتاني مسسسافر قبسسل‬
‫أن أكتب منها شيئًا‪ ،‬معه منديل وخيسسط وخسساتمه فقسسال‪ :‬مسسولي يسسأمرك أن‬
‫تضع المصحف في المنسسديل وتختمسسه وتبعسسث إليسسه بالخسساتم‪ ،‬قسسال‪ :‬ففعلسست‬
‫]بصائر الدرجات‪ :‬ص ‪ ،246‬عن بحار النوار‪.[.92/51 :‬‬

‫‪154‬‬
‫هذا البزنطي يقول في هذه الرواية ‪ :‬لم أعرف منها شيئًا‪ ،‬وفي الرواية‬
‫التي قبلها يقول إنه وجسسد فيهسسا اسسسم سسسبعين رجل ً مسسن قريسسش بأسسسمائهم‬
‫وأسماء آبائهم!!‬
‫وتأتي رواية أخرى له في رجال الكشي لتصوغ هذه السسسطورة بصسسورة‬
‫ثالثة فتقول‪" :‬عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال‪ :‬لما أتي بأبي الحسن‬
‫رضي الله عنه أخذ به على القادسية‪ ،‬ولسسم يسسدخل الكوفسسة‪ ،‬أخسسذ بسسه علسسى‬
‫ي مصحفا ً وأنا بالقادسية ففتحته فوقعت بين‬ ‫بّراني البصرة‪ ،‬قال‪ :‬فبعث إل ّ‬
‫يديّ سورة "لم يكسسن" فسسإذا هسسي أطسسول وأكسسثر ممسسا يقرأهسسا النسساس‪ ،‬قسسال‬
‫فحفظت منه أشياء قال‪ :‬فأتى مسافر ومعه منديل وطيسسن وخسساتم فقسسال‪:‬‬
‫هات‪ :‬فدفعته إليه فجعله في المنديل‪ ،‬ووضع عليه الطيسسن وختمسسه فسسذهب‬
‫عني ما كنت حفظت منه‪ ،‬فجهدت أن أذكر منه حرفا ً واحسسدا ً فلسسم أذكسسره"‬
‫]رجال الكشي‪ :‬ص ‪.[.589-588‬‬
‫هذه روايات ثلث كلها عسسن هسسذا السسبزنطي فسسي روايسسة بصسسائر السسدرجات‬
‫يزعم أنه لم يفهم شيئا ً مما قرأ وحاول أن يكتب ما قرأ فاستعجله رسول‬
‫إمامه قبل أن يكتب‪ ،‬وفي رواية الكشيء يزعم أنه حفظ جزءا ً ممسسا قسسرأ‪،‬‬
‫ولكن هذا المحفوظ فارقه بمفارقة المصسحف‪ ،‬وفسي روايسة الكسافي نسراه‬
‫يعرف ما قسرأه ويسستذكر مسا حفسظ‪ ،‬وأن ذلسك يتعلسق بأعسداء الئمسة مسن‬
‫قريش‪ .‬نصوص متناقضة كالعادة في كل أسطورة‪.‬‬
‫وإذا كان يصعب كتابة شيء منسسه‪ ،‬أو حفسسظ جسسزء منسسه‪ ،‬فكيسسف حفظسست‬
‫وكتبت تلك "الساطي"؟ أنها أوهام يناقض بعضها بعضًا‪.‬‬
‫وروايات الشيعة تقول بأن هسسذا المصسسحف عنسسد إمسسامهم المنتظسسر‪ .‬قسسال‬
‫شيخهم نعمة الله الجزائري‪" :‬إنه قد استفاض في الخبار أن القسسرآن كمسسا‬
‫أنزل لم يؤلفه إل أمير المسسؤمنين ‪ -‬إلسسى أن قسسال‪- :‬وهسسو الن موجسسود عنسسد‬
‫مولنا المهدي رضسسي اللسسه عنسسه مسسع الكتسسب السسسماوية ومسسواريث النبيسساء"‬
‫]النوار النعمانية‪ ،[.362-2/360 :‬ومع ذلك فقد ارتبطت مصسساحف قديمسسة عنسسد‬
‫الشيعة أيضا ً بعقيسسدة أنهسسا مكتوبسسة بخسسط علسسي‪ ،‬ويسسذكر ابسسن النسسديم ‪ -‬وهسسو‬
‫شسسيعي ‪ -‬أنسسه رأى قرآنسا ً بخسسط علسسي يتسسوارثه بيسست مسسن السسبيوت المنتسسسبة‬
‫للحسن ]الفهرست‪ :‬ص ‪.[.28‬‬
‫ويشير ابن عنبة ‪ -‬وهو ممن يدعي النسب العلوي ‪ -‬إلى وجود مصحفين‬
‫بخط أمير المؤمنين علي‪ ،‬أحدهما يقع في ثلثة مجلدات‪ ،‬والخر يقسسع فسسي‬
‫مجلد واحد‪ ،‬قسسد رآه بنفسسه‪ ،‬ولكنهمسسا احترقسسا ‪ -‬كمسا يسذكر ‪ -‬حيسن احسسترق‬
‫المشهد ]عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب‪ :‬ص ‪.[.131-130‬‬
‫وقال أبو عبد الله الزنجسساني ‪ -‬مسسن كبسسار شسسيوخ الشسسيعة المعاصسسرين ‪:-‬‬
‫ه فسسي دار الكتسسب العلويسة فسسي‬ ‫ورأيسست فسسي شسسهر ذي الحجسسة سسسنة ‪‍ 1353‬‬
‫النجف مصحفا ً بالخط الكوفي كتب على آخره‪ :‬كتبه علي بن أبسسي طسسالب‬
‫في سنة أربعين من الهجرة ]الزنجاني‪ /‬تاريسسخ القسسرآن‪ :‬ص ‪ ،[.68-67‬ولهسذا قسال‬
‫ميرزا مخدوم الشيرازي ‪ -‬وهو ممن عاش بين الشسيعة‪ ،‬وقسرأ الكسسثير مسن‬
‫كتبها كما سلف ‪ -‬قال‪" :‬ومن الطرائف أنهم مسسع هسسذا )أي مسسع مسسا يسسدعونه‬
‫من التحريف( يعتقدون في مصاحف كثيرة كونها مكتوب علي والئمة من‬
‫‪155‬‬
‫ولده‪ ،‬وليس فيها إل ما في سسسائر المصسساحف المتسسواترة والسستي ل تحصسسى‬
‫كثرة ]النواقض‪ :‬الورقة ‪) 104‬مخطوط(‪.[.‬‬
‫كما أن هذه المشاهدات المزعومة لمصحف علي‪ ،‬تنسساقض دعسسواهم أن‬
‫المصحف الذي كتبه علي عند مهديهم المنتظر‪.‬‬
‫ولشك بأن أمير المؤمنين علي ما كان يقرأ ويحكم إل بالمصحف السسذي‬
‫أجمع عليه الصحابة‪ ،‬وهذا ما تعترف به كتب الشيعة نفسسسها ‪ -‬كمسسا سسسلف‬
‫]انظسسر‪ :‬ص )‪ -[.(203‬ولهذا أخسسرج ابسسن أبسسي داود بإسسسناد صسسحيح مسن طريسسق‬
‫سويد بن غفلة قال‪ :‬قال علي‪" :‬ل تقولوا في عثمان إل خيسسرًا‪ ،‬فسسوالله مسسا‬
‫فعل في المصاحف إل عن مل منا" ]فتسسح البسساري‪ .[.13/18 :‬وقد نقلسست ذلسسك‬
‫كتب الشيعة كما سيأتي بعد قليل‪ .‬وقد جاء في صحيح البخاري بسسأن أميسسر‬
‫المؤمنين عثمان ‪ -‬حين جمع القرآن ‪ -‬أرسل إلى كل أفسسق بمصسسحف ممسسا‬
‫نسخوا‪ ،‬وأمر بما سواه من القرآن في كل صسحيفة أو مصسحف أن يحسرق‬
‫]صحيح البخاري ‪ -‬مع فتح الباري‪ .[.13/11 :‬ولعل هذا ينفي وجود مصسسحف بخسسط‬
‫علي ‪ -‬كما يدعون ‪.-‬‬
‫ويلحظ أن من بين القراء المشهورين ما يرجع سند قراءتسسه إلسسى أئمسسة‬
‫أهل البيت‪ ،‬ولهذا استدل السدكتور عبسد الصسبور شساهين علسى بسراءة أهسل‬
‫البيت‪ ،‬وزيف ادعسساءات الشسسيعة أن مسن بيسسن القسسراء السسسبعة المشسهورين‬
‫حمزة الزيات‪ ،‬وسند قراءته هو‪ :‬حمزة الزيات‪ ،‬عن جعفسسر الصسسادق‪ ،‬وهسسو‬
‫قرأ على محمد الباقر‪ ،‬وهو قرأ على زيسسن العابسسدين‪ ،‬وهسسو قسسرأ علسسى أبيسسه‬
‫الحسين‪ ،‬وهو قرأ على أبيه علي بن أبسسي طسسالب ‪-‬كسسرم اللسسه وجسسه – ]عبسسد‬
‫الصبور شاهين‪ /‬تاريخ القرآن‪ :‬ص ‪ ،[.170‬فهؤلء البرار من آل البيت لم يخرجوا‬
‫على إجماع المسلمين على المصحف المام‪ ،‬وآيسسة رضسساهم بسسه‪ ،‬إقراؤهسسم‬
‫النسساس بمحتسسواه دون زيسسادة أو نقسسص أو ادعسساء يمسسس كمسسال كتسساب اللسسه‬
‫سبحانه ]عبد الصبور شاهين‪ /‬تاريخ القرآن‪ :‬ص ‪.[.165‬‬
‫وقال الدكتور محمد بلتاجي‪" :‬ونضيف إلى ذلك أن قراءة علي بسسن أبسسي‬
‫طالب للقرآن قد رويت أيضا ً بطريق زيد بن علي أخي المام الباقر وعسسم‬
‫المام الصادق‪ -‬وهذا ما يسلم به المامية الثنا عشرية أنفسسسهم ‪] "-‬مناهسسج‬
‫التشريع السلمي‪ ،1/189 :‬وأحال في هذا العسستراف إلسسى كتسساب تأسسسيس الشسسيعة لعلسسوم‬
‫السلم‪ :‬ص ‪ ،343 ،285‬والفهرست للطوسي ص ‪.[.115‬‬
‫قلت‪ :‬أضيف ‪ -‬أيضا ً ‪ -‬إقرارا ً واعترافا ً آخر من شسسيخ الشسسيعة المجلسسسي‬
‫حيث يقول‪" :‬والقراء السبعة إلى قراءتسسه )يعنسسي قسسراءة علسسي( يرجعسسون‪،‬‬
‫فأما حمزة والكسائي فيعولن على قراءة علي‪ ..‬وأما نافع وابن كثير وأبو‬
‫عمرو فمعظم قراءاتهم يرجع إلى ابن عباس‪ ،‬وابن عباس قسسرأ علسسى أبسسي‬
‫بن كعب وعلي‪ ،‬والذي قرأ هؤلء القراء يخالف قراءة أبي فهو إذا ً مسسأخوذ‬
‫عن علي ‪ -‬عليه السلم ‪.-‬‬
‫وأما عاصم فقراه على أبي الرحمن السلمي وقسسال أبسسو عبسسد الرحمسسن‪:‬‬
‫قرأت القرآن كله على علي بن أبي طالب عليسسه السسسلم‪ ،‬فقسسالوا‪ :‬أفصسسح‬
‫القراءات قراءة عاصم لنه أتى بالصل وذلك أنه يظهسر مسا أدغمسه غيسره‪،‬‬
‫ويحقق من الهمز ما لينه غيره‪ ..‬والعدد الكوفي في القرآن منسسسوب إلسسى‬
‫‪156‬‬
‫علي عليه السلم وليس في الصحابة من ينسب إليسسه العسسدد غيسسره‪ ،‬وإنمسسا‬
‫كتب عدد ذلك كل مصر عن بعض التابعين" ]بحار النوار‪ ، 54-53 /92 :‬منسساقب‬
‫آل آبي طالب‪.[.43-42 /2 :‬‬
‫بل يقولون ‪ -‬كمسسا ذكسسره شسسيخهم علسسي بسسن محمسسد الطاووسسسي العلسسوي‬
‫الفاطمي في كتابه سعد السعود‪" :‬ثم عاد عثمان فجمسسع المصسسحف بسسرأي‬
‫مونا علي بن أبي طالب ‪ -‬رضي الله عنه ‪] "-‬عن تاريخ القرآن‪ /‬للزنجسساني )وهسسو‬
‫من الثني عشرية المعاصرين(‪ :‬ص ‪ ..[.67‬يقولون‪ :‬وقال علي أيضا‪" :‬أيها النسساس‬
‫الله الله إياكم والغلو في أمر عثمان وقولكم حراق المصاحف فسسوالله مسسا‬
‫حرقها إل عن مل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم" ]عن تاريخ‬
‫القرآن‪ /‬للزنجاني‪ :‬ص ‪ [.68‬بل قالوا أكثر من ذلسسك‪ ،‬قسسالوا‪ :‬إنسسه ورد عسسن أهسسل‬
‫البيت عليهم السلم أن عثمان بسسن عفسسان لمسسا رأى اختلف الصسسحابة فسسي‬
‫قراءة القرآن طلب من علي عليه السلم مصحف فاطمة الذي كانت هي‬
‫‪ -‬سلم الله عليها ‪ -‬دونته بإشسسارة أبيهسسا‪ ،‬وطسسابقه مسسع المصسساحف الخسسرى‬
‫التي كانت بيد الصحابة‪ ،‬فما طابق منهسسا مصسسحف فاطمسسة نشسسره ومسسا لسسم‬
‫يطابقه أحرقه‪ .‬فعلى هذا يكون المصحف الذي بأيدينا مصسسحف فاطمسسة ل‬
‫مصحف عثمان‪ ،‬وعثمان كان ناشره ل مسدونه ومرتبسسه ]المرعشسسي‪ /‬المعسسارف‬
‫الجلية‪ :‬ص ‪.[.27‬‬
‫أليس هذا كله ينقض كل ما ادعوه‪ ،‬ويهدم كل ما بنوه‪ ..‬وهو دليل علسسى‬
‫اختلف أخبارهم وتناقضها‪ ،‬والتناقض أمارة بطلن المذهب‪.‬‬
‫ويبدو من خلل النص الخير أن ذلسسك محاولسسة منهسسم للرجسسوع عسسن تلسسك‬
‫المقالسسة بعسسدما جلبسست عليهسسم العسسار‪ ،‬وأورثتهسسم السسذي والشسسماتة‪ ،‬وضسسرت‬
‫مذهبهم ولم تنل مسسن كتسساب اللسسه شسسيئًا‪ ،‬لكسسن الرجسسوع عسسن هسسذه المقالسسة‬
‫يوقعهم في تناقض آخر وهو أن هذا القرآن العظيم وصل إلينا عن طريسسق‬
‫أبي بكر وعثمان وإخوانهم‪ ،‬وهؤلء لهم في مذهب الشيعة النصيب الوفى‬
‫مسسن اللعسسن والتكفيسسر‪ ،‬وكيسسف يجتمسسع حينئذ فسسي قلسسب واحسسد وعقسسل واحسسد‬
‫العتقاد بسلمة القرآن وخيانة جسسامعيه‪ ،‬ولعلهسسم وضسسعوا المقالسسة الخيسسرة‬
‫السستي تقسسول إن عثمسسان قابسسل القسسرآن علسسى مصسسحف فاطمسسة المزعسسوم‪،‬‬
‫وضعوها للخروج من هذا المأزق‪ ،‬ولكن هذا يوقعهم في تناقض ثالث وهسسو‬
‫مخالفة أخبارهم التي تقول إن مصحف فاطمة غير القرآن ‪ -‬كما سيأتي –‬
‫]انظر الحديث عن فاطمة في مبحث )اليمان بسسالكتب (‪ .[.‬والثابت عسسن عثمسسان أنسسه‬
‫أرسل إلى حفصة "أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف‪ ..‬إلخ"‬
‫]انظر‪ :‬صحيح البخاري ‪ -‬مع فتح الباري ‪.[.13/11 :-‬‬
‫وهؤلء جعلوا ذلك لفاطمة كعادتهم في نسبة فضائل النبياء‪ ،‬والصسسحابة‬
‫إلسسى الثنسسي عشسسر‪ ،‬عسسن طريسسق تحسسوير الحسساديث‪ ،‬وصسسياغتها فسسي كتبهسسم‬
‫وتركيبها على الئمة‪ ،‬أما في آيات القرآن فطريق ذلك التأويل الباطني أو‬
‫دعوى التحريف‪ ،‬كما رأينا‪.‬‬
‫حجم أخبار هذه السطورة في كتب الشيعة ووزنها عندهم‪:‬‬
‫لقد رأينا أن معظم كتب الشيعة انغمسسست فسسي هسسذا المسسستنقع السسسن‪،‬‬
‫وسقطت في تلك الهوة الخطيرة‪ ،‬فما مقدار هذا السقوط وما مسسستواه؟‬
‫‪157‬‬
‫هل تلك الروايات السوداء التي وجدت طريقها إلى كتب القوم‪ ،‬وتسسسللت‬
‫إلى مراجعهم الحديثية لتكسسسو مسن يركسسن إليهسسا ثوبسا ً مسن الخسسزي والعسسار‪،‬‬
‫وتسلب من يده آخر علقة له بالسلم‪ ..‬هل تلك الروايات مجسسرد روايسسات‬
‫شسساذة مندسسسة فسسي كتسسب القسسوم لسسم تحسسظ برضسسى عقلئهسسم‪ ،‬ول قبسسول‬
‫محققيهم‪ ،‬وأنها قد تسربت إلى كتب هسسؤلء‪ ،‬لن الكسسذابين علسسى الئمسسة –‬
‫كما تقول كتب الشيعة – قسسد كسسثروا فسسي صسسفوف الشسسيعة‪ ،‬وكسسان التشسسيع‬
‫مطية لكل من أراد الكيد للسلم وأهله‪ ،‬كما أثبتته الحداث والوقائع؟‬
‫قد لحظنا أن هذه السطورة بدأت بروايتين اثنتين في كتاب سسسليم بسسن‬
‫قيس حسب النسخة المطبوعة التي بين أيدينا‪ ،‬وما لبثت أن أخسسذت بعسسدا ً‬
‫أكبر وزادت أخبارها‪ .‬وقد تسسولى كسسبر هسسذه الفريسسة ووزر هسسذا الكفسسر شسسيخ‬
‫الشيعة علي بن إبراهيم القمي‪ ،‬فقد أكثر مسسن الروايسسات فسسي هسسذا البسساب‪،‬‬
‫ونص في مقدمته على أنها كثيرة‪ ،‬وبدأت عنده محاولسسة التطسسبيق العملسسي‬
‫لهسسذه الخرافسسة كمسسا سسسبق‪ .‬ويلحسسظ أن معظسسم روايسسات الكلينسسي صسساحب‬
‫الكافي هي عن هذا القمي الذي تلقف هذه الروايات عن كسسل أفسساك أثيسسم‬
‫وسجلها في تفسيره الذي يحظى بتقدير الشيعة كلها ]انظر مقدمة الرسالة‪،[.‬‬
‫وقد قال الذهبي وابن حجر عن تفسيره هذا‪" :‬ولسسه تفسسسير فيسسه مصسسائب"‬
‫]انظر‪ :‬ميزان العتدال‪ ،3/111 :‬ولسان الميزان‪.[.4/191 :‬‬
‫كسسانت دوائر الغلة فسسي القسسرن الثسسالث تعمسسل علسسى الكثسسار مسسن صسسنع‬
‫الروايات في هذا حتى أن شيخهم المفيد الذي يلقبونه بركن السلم وآيسسة‬
‫ه( يشهد باستفاضستها عنسد طسسائفته‬ ‫الله الملك العلم والمتوفى سنة )‪‍ 413‬‬
‫)الثنا عشرية( يقول‪" :‬إن الخبار قد جاءت مستفيضة عن أئمة الهدى من‬
‫آل محمد صلى الله عليه وآله وسسسلم بسساختلف القسسرآن ومسسا أحسسدثه بعسسض‬
‫الظالمين فيه من الحذف والنقصان" ]أوائل المقالت‪ :‬ص ‪.[.98‬‬
‫هذه الستفاضة هي ثمرة الوضع والكذب على أهل البيت والذي نشسسط‬
‫في القرن الثالث على يد شرذمة من شيوخهم‪.‬‬
‫ولو كان عند أهسسل السسبيت شسسيء لقسسرؤوا بسسه دون مسسا سسسواه‪ ،‬ولخرجسسوه‬
‫للناس ولم يسعهم كتمانه‪ .‬ولكن أهل البيت باعتراف الشسسيعة لسسم يقسسرؤوا‬
‫إل بكتاب الله‪ ،‬فعلم براءتهم من هذا الفتراء‪ ..‬وثبت أن دينا ً يستفيض فيه‬
‫الباطل باطل‪.‬‬
‫هذا والمفيد يقول باستفاضة هذا الكفر بين طائفته‪ ،‬رغم أن شيخه ابسسن‬
‫بابويه يقول‪ :‬إن من نسب إلى الشيعة مثل هذا القسسول فهسسو كسساذب ‪ -‬كمسسا‬
‫سبق ]انظر‪ :‬ص )‪ -[.(219-218‬وسللة أهل البيت )الشسسريف المرتضسسى وهسسو‬
‫من معاصري المفيد بل من تلمذته يقول‪ :‬إن أخبارهم في هذا ل يعتد بها‪،‬‬
‫لنها أخبار ضسسعيفة ل يرجسسع بمثلهسسا عسسن المعلسسوم المقطسسوع علسسى صسسحته(‬
‫]انظر‪ :‬مجمع البيان‪ .[.1/31 :‬فهل كل شيخ من هسسؤلء يمثسسل ومدرسسسة ونحلسسة‬
‫والتشيع يجمعهم‪ ،‬أو هم يتلونون تلون الحربساء بحكسم التقيسة‪ ،‬أو أنهسم قسد‬
‫أحكموا خطتهم‪ ،‬وأزمعوا أمرهم على أن يظهسسر منهسسم حسسسب المناسسسبات‬
‫والظروف صوتان مختلفان متعارضان حسستى ل يتمكسسن أحسسد مسسن الوقسسوف‬
‫على حقيقة المذهب؟!‬
‫‪158‬‬
‫ولهذا نجد أيضا ً في القرن السادس ظهور الطبرسسسي صسساحب التفسسسير‬
‫وإنكسساره هسسذه المقالسسة كمسسا سسسيأتي‪ ،‬ومعاصسسره الطبرسسسي الخسسر صسساحب‬
‫الحتجاج يصرح بهذا الكفر ويروي فيه عشر روايسسات‪ ،‬ويسسرى أن مسسا ذكسسره‬
‫هو محل إجماع أو اشتهار بين طائفته كما سلف‪.‬‬
‫أم أن الوضع لهسسذا الروايسسات إنمسسا وقسسع فسسي العصسسور المتسسأخرة ونسسسب‬
‫لشسيوخهم القسدامى ليحظسى بثقسة التبساع الغسرار؟ سسيأتي إن شساء اللسه‬
‫دراسة هل النكار تقية أو حقيقة؟‪ ..‬هسسذا وفسسي ظسسل الدولسسة الصسسفوة كسسثر‬
‫الوضسسع الخبسسار هسسذه السسسطورة فتجسساوزت مرحلسسة مسسا سسسجله القمسسي أو‬
‫الكليني‪ ،‬أو المفيد‪ ،‬أو فرات الكوفي‪ ،‬وغيرهسسم مسسن شسسيوخهم فسسي القسسرن‬
‫الثالث والرابع تجاوزت الحجم السسذي سسسجلته هسسذه الزمسسرة إلسسى درجسسة أن‬
‫شهد شيخهم المجلسي صاحب بحار النوار بأن أخبارهم في هذا أصسسبحت‬
‫تضاهي أخبار المامة؛ يقول‪" :‬وعندي أن الخبار فسسي هسسذا البسساب متسسواترة‬
‫معنى‪ ،‬وطرح جميعها يوجب رفع العتماد عن الخبار رأسسًا؛ بسسل ظنسسي أن‬
‫الخبار في هذا الباب ل تقصر عن أخبار المامة" ]مرأة العقول‪.[.2/536 :‬‬
‫ه(علسى تضسخم أخبسار‬ ‫هذه شهادة من المجلسي المتسوفى سسنة )‪‍ 1111‬‬
‫هذه السطورة‪ ،‬والتي كانت مجرد روايسستين فسسي كتسساب سسسليم بسسن قيسسس‪،‬‬
‫ه( ل تكسساد توجسسد حسستى‬ ‫وكانت عند ابن بابويه القمي المتسسوفى سسسنة )‪‍ 381‬‬
‫قال‪ :‬إن من نسب للشيعة مثسسل هسسذا القسسول فهسسو كسساذب‪ ،‬وشسسيخ الشسسيعة‬
‫الطوسي أنكر نسبة هذا إلى الشيعة ]انظر‪ :‬تفسير التبيسسان‪ ،[.1/3 :‬وقد أرهسسق‬
‫نفسه النوري الطبرسي صاحب فصل الخطاب ليجسسد وسسسيلة يتخلسسص بهسسا‬
‫من كلم الطوسي فقال‪" :‬والطوسي في إنكاره )يعني لتحريسسف القسسرآن(‬
‫معذور لقلة تتبعه الناشئ من قلة تلك الكتب عنسده" ]فصسسل الخطسساب الورقسسة‬
‫‪) 175‬النسخة المخطوطة(‪.[.‬‬
‫وهذا العتذار ل يمكن أن يوافق عليه صاحب فصل الخطاب الذي يصسسر‬
‫على أن يجعل كل الشيعة على مذهبه في القسسول بتحريسسف القسسرآن‪ ،‬ذلسسك‬
‫لن الطوسي هو شيخ الشيعة في زمنسسه‪ ،‬وهسسو مؤلسسف كتسسابين مسسن كتبهسسم‬
‫الربعة المعتمدة في الحديث‪ ،‬وكتابين من كتبهم المعتمسسدة فسسي الرجسسال‪،‬‬
‫فل يتصور أن يوصف بقلسة التتبسسع‪ ،‬أو بقلسة الكتسسب عنسسده‪ ،‬كمسا يقسول هسسذا‬
‫الطبرسي‪ .‬بل نحسسن نأخسسذ منقسسول الطوسسسي هسسذا شسسهادة هامسسة أو وثيقسسة‬
‫تاريخيسسة تثبسست أن الوضسسع لهسسذه السسسطورة لسسم يتسسسع ويصسسل إلسسى هسسذا‬
‫المسسستوى الموجسسود اليسسوم إل فسسي ظسسل الحكسسم الصسسفوي‪ ،‬ول يسسستبعد أن‬
‫تضاف روايات مسسن هسسذه الروايسسات إلسسى شسسيوخهم القسسدامى لخدمسسة هسسذه‬
‫السطورة‪ ،‬ولسيما والشواهد قائمة علسسى أن الكسسذب فسسي الشسسيعة كسسثير‪،‬‬
‫كما تشهد بهذا كتب أهل السسسنة وتقسسر بسسذلك كتسسب الشسسيعة نفسسسها ‪ -‬كمسسا‬
‫سيأتي – ]انظر‪ :‬فصل "اعتقادهم في السنة"‪.[.‬‬
‫هذا وشهادة شيوخ الدولة الصفوية بكثرة هذه الخبار في زمنهم كثيرة‪،‬‬
‫فكما شهد المجلسي يشهد شيخهم الخر نعمسسة اللسسه الجسسزائري وهسسو مسسن‬
‫معاصري المجلسي‪ ،‬ومن تلمذته ]أشار إلى ذلك فسسي النسسوار النعمانيسسة‪[.4/232 :‬‬
‫وموضع ثقة الشيعة وتقديرهم ]انظر‪ :‬ص )‪ (202‬من هذه الرسالة‪ .[.‬يقول‪" :‬إن‬
‫‪159‬‬
‫]انظر‪ :‬فصل الخطسساب‪ ،‬الورقسسة‬ ‫الخبار الدالة على ذلك تزيد على ألفي حديث"‬
‫‪) 125‬النسسسخة المخطوطسسة( وص ‪ 251‬مسسن المطبوعسسة‪ ،[.‬كما أنسه يضسع أسساطيره‪،‬‬
‫وكتاب الله سبحانه في كفة ميزان‪ ،‬ويرى أن القول بسلمة القرآن يسسؤدي‬
‫إلى انعدام الثقة في أخبارهم فيقول ‪ -‬وهو يرد على شيوخهم المتقسسدمين‬
‫‪ -‬فسسي قسسولهم بتسسواتر القسسراءات السسسبع‪ ..‬يقسسول‪" :‬إن تسسسليم تواترهسسا عسسن‬
‫الوحي اللهي‪ ،‬وكون الكل قد نسسزل بسسه السسروح الميسسن يفضسسي إلسسى طسسرح‬
‫الخبار المستفيضة‪ ،‬بل المتواترة الدالة بصريحها على وقوع التحريف في‬
‫القرآن" ]النوار النعمانية‪.[.357-356 /2 :‬‬
‫يعني والمحافظة على حرمة وسلمة أخباره وأساطيره أولى من القول‬
‫بصيانة القرآن وحفظه! وهذا هو نفس ما قسساله شسسيخهم المجلسسسي حينمسسا‬
‫قال ‪ -‬كما مر ‪" :-‬وطرح جميعها )يعني جميع أخبار التحريف( يسسوجب رفسسع‬
‫العتماد على الخبار رأسًا"‪.‬‬
‫هذا هو الخيار الصعب في نظسسر هسسذه الزمسسرة‪ ،‬هسسل تفقسسد أخبارهسسا وبهسسا‬
‫قوام دينها‪ ،‬ومنها تقتات رزقها باسم الخمس‪ ،‬وبها تستمد قداستها باسسسم‬
‫النيابة عن المام أتخسر كل هذه المكاسب التي تجنيهسسا‪ ..‬أم تقسسول بتغيسسر‬
‫القرآن فتجنسسي تكفيسسر المسسسلمين لهسسا‪ ،‬وصسسعوبة التبشسسير بسسدينها‪ ،‬وتقلسسص‬
‫أتباعهسسا وضسسمور مكاسسسبها مسسن بعسسد ذلسسك؟ إنسسه خيسسار صسسعب أمسسام هسسؤلء‬
‫)الشيوخ( ‪ ..‬هل يخرجون منسسه بسسالظهور أمسسام النسساس بسسوجهين وقسسولين أو‬
‫يرجعون إلى التقية والكتمان‪ ،‬أو يراعون الظروف والمناسبات والجواء؟‬
‫الملحظ أن شيوخ الدولة الصفوية هم أجرأ على التصسسريح بهسسذا الكفسسر‬
‫بحكم ووجود قسسوة تسسسندهم فتخسسف التقيسسة لسسديهم‪ ،‬ولهسسذا كسسثرت أقسسوالهم‬
‫بتواتر هذا الكفر عندهم حتى زعم شيخهم أبو الحسن الشريف وهسسو مسسن‬
‫تلمذة المجلسي بأنه‪" :‬يمكن الحكم بكونه من ضروريات مذهب التشيع"‬
‫]مرآة النوار‪ :‬ص ‪.[.49‬‬
‫ه(‪ .." :‬وإسسسقاط بعسسض‬ ‫وقال ثقتهم محمد صالح المازندراني )ت ‪‍ 1081‬‬
‫القرآن وتحريفه ثبت من طرقنا بالتواتر معنى كلما يظهر لمن تأمل كتسسب‬
‫الحاديث )يعني كتب أحاديثهم( من أولها إلى آخرها" ]المازندراني‪ /‬شرح جامع‬
‫)على الكافي(‪.[.11/76 :‬‬
‫ويقول شيخهم محسن الكاشاني‪" :‬المستفاد‪ ..‬من الروايات من طريسسق‬
‫أهل البيت ‪ -‬عليهم السلم ‪ -‬أن القرآن السسذي بيسسن أظهرنسسا ليسسس بتمسسامه‪،‬‬
‫كما أنزل على محمد صلى الله عليه وآله وسلم‪ ،‬بل منه ما هسسو خلف مسسا‬
‫أنزل الله‪ ،‬ومنه ما هو مغير محرف‪ ،‬وأنه قد حذف عنه أشياء كسسثيرة منهسسا‬
‫اسم علي ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬في كثير من المواضسسع‪ ،‬ومنهسسا غيسسر ذلسسك‪ ،‬وأنسسه‬
‫ليس أيضا ً على الترتيب المرضي عند الله وعند رسسسوله صسسلى اللسسه عليسسه‬
‫وآله وسلم" ]تفسير الصافي‪.[.1/49 :‬‬
‫هذا بعض ما قاله شيوخهم في تلك الفترة عن حجم الروايسسات والخبسسار‬
‫عندهم‪ ،‬وهي شهادة خطيرة تؤكد هسسذه الفريسة عنسدهم‪ ،‬واستفاضسستها فسسي‬
‫كتبهم‪ ،‬وهذا بل شك دليل بطلن أخبسسارهم كلهسسا‪ ،‬فمسسا دام الكسسذب عنسسدهم‬
‫يصل إلى حد التواتر فل ثقة بسائر أخبارهم‪ ،‬وكل من يذهب هذا المسسذهب‬
‫‪160‬‬
‫فإنه ليس من السلم في شيء‪ ،‬وإن دين هؤلء ليس دين الئمة‪ ،‬بل هسسو‬
‫دين المجلسي أو القمي أو الكليني أو العياشي أو غيرها‪ .‬وإن مثل هسسؤلء‬
‫كمثل سائر الزنادقة الذين ظهروا في التاريخ السلمي‪ ،‬وإن ذلسسك القنسساع‬
‫الذي أضفوه علسسى حقيقتهسسم المعاديسسة للسسسلم وأهلسسه قسسد انكشسسف بهسسذه‬
‫الدعوى‪ ،‬وإن أخبارهم التي نسبوها زورا ً وكذبا ً لهل البيت قد ظهر كسسذبها‬
‫واستبان زيفها بهذا الكفر المعلن‪.‬‬
‫وبناًء على حركسسة الوضسسع المسسستمرة عسسبر القسسرون‪ ،‬ولسسسيما فسسي إبسسان‬
‫الدولة الصفوية رأينا شيخ الشيعة ومحدثها‪ ،‬وخبير رجالهسسا‪ ،‬وصسساحب آخسسر‬
‫مجموع من مجسساميعهم الحديثيسسة )مسسستدرك الوسسسائل( وأسسستاذ كسسثير مسسن‬
‫شيوخهم المعتبرين كمحمد حسين آل كاشف الغطا‪ ،‬وأغا بزرك الطهراني‬
‫وغيرهما‪ ..‬شيخ الشيعة حسين النوري الطبرسي يرى أنه ل ينبغي عنسسدهم‬
‫النظر في أسانيد تلك الساطير لتواترها من طرقهم؛ يقول‪" :‬إن ملحظسسة‬
‫السند في تلك الخبار الكثيرة توجب سد باب التواتر المعنوي فيها بل هسسو‬
‫أشبه بالوسواس الذي ينبغي السسستعاذة منسسه" ]فصسسل الخطسساب ‪ -‬الورقسسة ‪124‬‬
‫)النسخة المخطوطة(‪.[.‬‬
‫والخسسوئي مرجسسع الشسسيعة فسسي العسسراق وغيسسره اليسسوم يقسسول‪" :‬إن كسسثرة‬
‫الرويات )رواياتهم في تحريف القرآن( من طريق أهل البيت تورث القطع‬
‫بصدور بعضها عن المعصومين‪ ،‬ول أقسسل مسسن الطمئنسسان بسسذلك‪ ،‬وفيهسسا مسسا‬
‫روي بطريق معتبر" ]الخوئي‪ /‬البيان ص ‪.[.226‬‬
‫وبعد هذه العترافات من أساطين التشيع وشيوخه هل يشك أحسسد يقسسرأ‬
‫هذه الدعاوى العريضة فسسي أن القسسوم قسسد وقعسسوا فسسي درك مظلسوم وفسسي‬
‫مستنقع آسن؟ وكم يتألم المسلم وهو يقرأ مثل هذه الكلمسسات المظلمسسة‪،‬‬
‫ت هسسذا "الغثسساء"‬ ‫ح سو َ ْ‬
‫وكم يشفق على قوم اعتمدوا في دينهم علسسى كتسسب َ‬
‫وركنوا في أمرهم على شسسيوخ يجسساهرون بهسسذا الكفسسر قسسد بسساعوا أنفسسسهم‬
‫للشسسيطان‪ ،‬وجعلسسوا نواصسسيهم بيسسده‪ .‬ولكسسن هسسل الشسسيعة كلهسسم علسسى هسسذا‬
‫الطريق المظلم؟ وهسسل هسسم جميعسا ً قسسالوا بهسسذا الكفسسر واللحسساد؟ هسسذا مسسا‬
‫سنتحدث عنه في الفقرة التالية‪:‬‬
‫هققل الشققيعة جميعققا ً تعتقققد صققحة هققذه الروايققات وتقققول‬
‫بتواترها؟‬
‫وبعدما رأينا أن معظم كتب الشيعة سقطت في هسسذه الهسسوة المظلمسسة‪،‬‬
‫وعرضنا لشيء من مضامين هذه الروايات مما تتضح به صورتها وتتبين به‬
‫حقيقتها‪ ،‬ثم حاولنا التعرف علسسى القسسدر الكمسسي‪ ،‬والسسوزن السسسنادي لهسسذه‬
‫الروايات‪ ،‬ورأينا أن مهندسي التشيع عملوا جاهدين على الوضسسع والزيسسادة‬
‫لخبار هذه السطورة عسسبر القسسرون‪ ،‬حسستى اعسسترف طائفسسة مسسن شسسيوخهم‬
‫المعتبرين عندهم باستفاضتها وتواترهسسا‪ ،‬وأنسسه ل ينبغسسي لسسذلك النظسسر فسسي‬
‫أسانيدها‪ ..‬فهل جميع شيوخ الثني عشرية يتفقون معهم في هذا الحكم؟‬
‫ه( فسسي كتسسابه أوائل المقسسالت وهسسو مسن‬ ‫يقول شسسيخهم المفيسسد )ت ‪‍ 413‬‬
‫كتبهم المعتبرة عندهم بسساعتراف شسسيوخهم المعاصسسرين ]محمسسد جسسواد مغنيسسة‪:‬‬
‫الشيعة في الميزان‪ :‬ص ‪ ،[.14‬يقول‪" :‬واتفقسسوا ‪ -‬أي الماميسسة ‪ -‬علسسى أن أئمسسة‬
‫‪161‬‬
‫الضلل خالفوا في كثير من تأليف القرآن وعدلوا فيه عن موجب التنزيسسل‬
‫وسسسنة النسسبي صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم‪ ،‬وأجمعسست المعتزلسسة‪ ،‬والخسسوارج‪،‬‬
‫والزيدية‪ ،‬والمرجئة‪ ،‬وأصحاب الحديث على خلف المامية" ]أوائل المقالت‪:‬‬
‫ص ‪.[.13‬‬
‫وهذه شهادة مهمة واعتراف صريح من مفيد الشيعة بسسأن سسسائر الفسسرق‬
‫السلمية لم تقع في هذا الكفر السسذي وقعسست فيسسه طسسائفته‪ .‬وهسسي شسسهادة‬
‫تلجم أولئك الروافض الذين يحاولون مسسن منطلسسق جبسسان أن يصسسموا أهسسل‬
‫السنة مسسن هسسذه الفريسسة؛ كمحاولسسة مكشسسوفة لثبسسات هسسذا الكفسسر بطريسسق‬
‫النسبة الكاذبة لهل السنة‪ .‬وعصمة أهل السنة من هذا الضسسلل ل تحتسساج‬
‫إلى هذا العتراف‪ ،‬ولكن ذكرنساه هنسا لنسسه صسادر مسن المخسسالف وإنصساف‬
‫المخالف أشد وقعا ً في النفس من إنصاف الموافق‪ ،‬ولن في هذا وأمثاله‬
‫ما يسكت أولئك المفترين الذين يفترون الكذب ول يؤمنون‪.‬‬
‫كما أن مفيدهم يعترف أيضا ً بأن إجماع طسسائفته قسسائم علسسى هسسذا الكفسسر‬
‫البين‪ ،‬ولم يذكر مفيدهم وجود خلف بين علمائهم في هذا!! مع أن شيخه‬
‫ه( قسسد أنكسسر هسسذا فسسي‬ ‫ابن بابويه القمي الملقب عندهم بالصدوق )ت ‪‍ 381‬‬
‫رسالته في "العتقادات" ]العتقسسادات‪ :‬ص ‪ .[.102-101‬وأنكر نسسسبة العتقسساد‬
‫بالتحريف إليهم ‪ -‬كما مر ‪ ،-‬وتبعسسه علسسى ذلسسك الشسسريف المرتضسسى ]انظسسر‪:‬‬
‫ه(‪ ،‬والطوسي ]انظسسر‪ :‬التبيسسان ‪[.1/3 :‬‬
‫التبيان‪ ، 1/3 :‬مجمع البيان‪) [.1/31 :‬ت ‪‍ 436‬‬
‫ه( وهمسسا مسسن تلمسسذة المفيسسد‪ ،‬ورابعهسسم الطبرسسسي )ت ‪ 548‬أو‬ ‫)ت ‪‍ 450‬‬
‫م يشر المفيد إلى خلف شيخه القمي؟ هسسل تجاهسسل المفيسسد‬ ‫م لَ ْ‬
‫ه( فل ِ َ‬‫‪‍ 561‬‬
‫لذلك من قبيل اقتناعه بأن مخالفته بسسسبب التقيسة أو مساذا؟! وليسسس ذلسك‬
‫فحسب بل إن المفيد نفسه‪ ،‬وفي الكتاب ذاتسسه ذكسسر أن طائفسسة مسسن أهسسل‬
‫المامة أنكرت ذلك ]حيث ذكر أن "جماعة من أهل المامة )قالت(‪ :‬إنه لم ينقص مسسن‬
‫كلمة ول من آيسسة ول مسسن سسسورة" )انظسسر‪ :‬أوائل المقسسالت‪ :‬ص ‪ ،(55‬وسسسنرى فسسي مبحسسث‬
‫"عقيدتهم في الجماع " اضطرابهم فسسي أمسسر الجمسساع حيسسث تجسسد الجماعسسات المتعارضسسة‪،‬‬
‫ودعوى الشخص منهم للجماع مع نقله للخلف فيه‪.[.‬‬
‫ومثل دعوى المفيد يسسدعي النسسوري الطبرسسسي أن إجمسساع الشسسيعة قسسائم‬
‫على هذا الكفر‪ ،‬إلى أن جاء ابن بابويه القمي فخالف ذلك حتى قال‪" :‬إن‬
‫ابن بابويه القمي أول من أحسسدث هسسذا القسسول فسسي الشسسيعة فسسي عقسسائده"‬
‫]فصل الخطاب‪ ،‬الورقة ‪) 111‬النسخة المخطوطة(‪.[.‬‬
‫ولعسسل القسارئ يسدرك محاولسسة هسسذا الطبرسسي‪ ،‬لن يجعسسل الشسيعة منسسذ‬
‫نشسسأتها كسسانت علسسى مسسذهبه‪ ،‬وأن مخالفسسة هسسذا المسسذهب كسسانت طسسارئة‪،‬‬
‫والحقيقة السستي ل يمسساري فيهسسا مسسسلم‪ ،‬ول يشسسك فيهسسا مسسن سسسبر التطسسور‬
‫العقدي عند هؤلء القوم أن أوائل الشيعة ما كسسانت علسسى هسسذا الكفسسر‪ ،‬مسسا‬
‫كسسان خلف الشسسيعة فسسي أول المسسر إل فسسي مسسسألة المامسسة ومسسن أحسسق‬
‫بالمامة‪ ،‬ثم ما لبثت أن انجرت من بدعة إلى أخرى حسستى رأينسسا شسسيوخهم‬
‫في القرن الثالث يتسسسابقون للوقسسوع فسسي هسسذا الكفسسر‪ ،‬فسسأورثهم ذلسسك ذل ً‬
‫وعارا ً ومقتا ً من المسلمين‪ ،‬فأراد ابن بابويه الرجوع بهم إلى الصل ‪ -‬كما‬
‫هو الظاهر ‪ -‬ولكن عقيدة التقية لديهم جعلت محاولسسة ابسسن بسسابويه ل تثمسسر‬
‫‪162‬‬
‫ثمارها‪ ،‬وتبع ابن بابويه ثلثة آخرون من شيوخهم‪ ،‬كلهم أنكروا هسسذا ‪ -‬كمسسا‬
‫مر ‪.-‬‬
‫ويذكر النسسوري الطبرسسسي بسأنه ل يوجسد مسن القسسرن الرابسسع إلسسى القسرن‬
‫السادس خامس لهؤلء الربعة السسذين ذكرنساهم‪ ،‬ويقسول إنسسه‪" :‬لسسم يعسسرف‬
‫الخلف صسسريحا ً إل مسسن هسسؤلء الربعسسة" ]فصسسل الخطسساب‪) 15 :‬المخطسسوط( وص‬
‫‪.[.34‬‬
‫إذن بعدما استشرى هذا البلء في المامية لسسم نجسسد مسسن شسسيوخهم مسسن‬
‫يعلن إنكاره لهذا إل هؤلء الربعة ]وقد نقل الشيخ إحسان إلهي ظهير هسسذا القسسول‪،‬‬
‫وتحدى الشيعة أن تأتي بخامس لهؤلء )الشيعة والسنة ص ‪ .(124‬والسسذي يجسسب ملحظتسسه‬
‫في هذا المر ما يلي‪:‬‬
‫ل‪ :‬أن مفيدهم ذكر أن الخلفة لهذا الكفر قد ذهب إليه جماعة من أهسسل المامسسة )انظسسر‪:‬‬ ‫أو ً‬
‫أوائل المقالت ص ‪ ،(55‬فهل هو يشير بهذا إلى خلف الثلثسسة )لن الطبرسسسي مسسن القسرن‬
‫السادس( أو يشير إلى أكثر من ذلك ولسيما أن وصفهم بأنهم جماعة‪ ،‬يشعر بكثرتهم؟‪.‬‬
‫وقد شك في هذا صاحب فصل الخطاب نفسه وقال‪" :‬ولم يعرف من القدماء موافق لهسسم‬
‫إل ما حكاه المفيد من جماعة من أهل المامة‪ ،‬والظسساهر أنسسه أراد منهسسا الصسسدوق وأتبسساعه"‬
‫)انظر‪ :‬فصل الخطاب ص ‪.(33‬‬
‫ثانيًا‪ :‬أن أوائل الشيعة كلهسسم علسسى خلف هسسذا الكفسسر‪ ،‬وقسسد اسسستحدث هسسذا القسسول فئة مسسن‬
‫الزنادقة قد اندسوا في الروافض‪ ،‬فقول النوري‪" :‬لم يعرف من القدماء موافسسق لهسسم" هسسو‬
‫كذب ظاهر؛ إذ إن كل أوائل الشيعة وقدمائها معهم‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬أن الشعري في مقالت السلميين نسب النكار لهذه الفريسسة إلسسى طائفسسة منهسسم‪،‬‬
‫وهو يشعر بأنهم ليسوا بثلثسسة فقسسط )انظسسر مقسسالت السسسلميين‪ .[.(120-119 /1 :‬وقد‬
‫أشرنا من قبل إلى أن ابن حزم يذكر بأن المامية كلها على هسسذا الباطسسل‬
‫إل ثلثة‪ ،‬ومن هؤلء الثلثة الشريف المرتضى‪.‬‬
‫وقد تحدث شيوخهم أن المامية لم تتفق على هذا الكفر‪ .‬يقول صاحب‬
‫ي بسسن‬
‫"قوامسسع الفضسسول"‪" :‬إن المحكسسي عسسن ظسساهر الكلينسسي وشسسيخه علس ّ‬
‫إبراهيم القمي والشيخ أحمد بن أبي طسسالب الطبرسسسي صسساحب الحتجسساج‬
‫وقسسوع التحريسسف والزيسسادة والنقصسسان فيسسه‪ ،‬بسسل وحكسسي ذلسسك عسسن أكسسثر‬
‫الخباريين‪ ،‬وعن السيد الصدوق ]لقب يطلقونه على ابن بابويه القمي صسساحب مسسن‬
‫ل يحضره الفقيه‪ [.‬والمحقق ]يطلق لقب المحقسق علسى محمسد بسن محمسسد بسن الحسسسن‬
‫ه( )انظسسر‪ :‬أغسسابزرك‪/‬‬
‫الطوسي‪ ،‬وعلى جعفر بسسن الحسسسن ابسسن يحيسسى المتسسوفى سسسنة )‪‍ 676‬‬
‫النوار الساطعة ص ‪ (146‬وهو هنا يريسسد الول )الطوسسسي(‪ [.‬إنكار ذلسسك‪ ،‬بسسل وحكسسي‬
‫عن جمهور المجتهدين‪ ،‬وظاهر الصدوق في اعتقاداته أن المسسراد بمسسا ورد‬
‫في الخبار الدالة على أن في القرآن الذي جمعه أمير المسسؤمنين ‪ -‬رضسسي‬
‫الله عنه ‪ -‬كان زيادة لم يكسسن فسسي غيرهسسا أنهسسا كسسانت مسسن بسساب الحسساديث‬
‫القدسية ل القرآن" ]قوامع الفصول‪ :‬ص ‪.[.298‬‬
‫وكذلك أشار الطبرسي في فصل الخطاب إلى مثسسل ذلسسك وتوسسسع فسسي‬
‫ذكر الذاهبين إلى التحريف فممسسا قسساله‪" :‬اعلسسم أن لهسسم فسسي ذلسسك أقسسوال ً‬
‫مشورها اثنان‪ :‬الول وقع التغيير والنقصان فيه"‪ ،‬ثم ذكر مسسن قسسال بسسذلك‬
‫من شيوخهم‪ ،‬ونقل كلمات بعضهم في هذا‪ ،‬ويلحظ أنسسه يحسساول المبالغسسة‬
‫في جعل معظم رجالت طائفته على هذا القول‪ ،‬بل إنه ذكسسر مصسسنفات ل‬
‫يوجد لها عين ول أثر‪ ،‬وذكر أنهسسا تسسسمى باسسسم "التحريسسف" أو "التبسسديل"‪،‬‬

‫‪163‬‬
‫واسسستظهر أن أصسسحابها كسسانوا علسسى مسسذهبه ]انظسسر‪ :‬فصسسل الخطسساب‪،[.31-30 :‬‬
‫ولمعارضه أن يقسول‪ :‬مسا المسانع أن تكسون هسذه المصسنفات لنقسد تحريسف‬
‫الشيعة لمعسساني القسسرآن‪ ،‬أو لنقسسد دعسسواهم تحريسسف ألفسساظه وأخسسذت ذلسسك‬
‫السم‪.‬‬
‫ثم ذكر القول الثاني فقال‪" :‬الثاني‪ :‬عدم وقسسوع التغييسسر والنقصسسان فيسسه‬
‫وأن جميع ما نزل على رسول الله صلى الله عليه وآله هو الموجود بأيدي‬
‫النسساس فيمسسا بيسسن السسدفتين‪ ،‬وإليسسه ذهسسب الصسسدوق فسسي عقسسائده والسسسيد‬
‫المرتضى‪ ،‬وشيخ الطائفة في التبيان‪ ،‬ولم يعرف من القدماء موافق لهسسم‬
‫إل ما حكاه المفيد عن جماعة مسسن أهسسل المامسسة‪ ،‬والظسساهر أنسسه أراد منهسسا‬
‫الصدوق وأتباعه" ]فصل الخطاب‪ :‬ص ‪.[.33‬‬
‫وقسسوله‪" :‬لسسم يعسسرف مسسن القسسدماء موافسسق لهسسم" يعنسسي قسسدماء شسسيوخه‬
‫المامية‪ ،‬الرافضة‪ ،‬أم أسلفهم من الشيعة فلم يصل بهم المسسر إلسسى هسسذا‬
‫الحد ‪ -‬كما تقدم ‪.-‬‬
‫ثم قال هذا النوري‪" :‬ثم شاع هذا المذهب )يعني إنكسسار التحريسسف( بيسسن‬
‫الصوليين من أصحابنا واشتهر بينهسسم حسستى قسسال المحقسسق الكسساظمي فسسي‬
‫شرح الوافية‪ :‬إنه حكي عليه الجماع" ]فصل الخطاب‪ :‬ص ‪ .[.38‬ثم حسساول رد‬
‫دعوى الجماع‪ ..‬ليجعل جل الشيعة الثني عشرية على مذهبه‪.‬‬
‫فإذن هل ننتهي من هسسذا إلسسى أن الثنسسي عشسسرية لسسم يتفقسسوا علسسى هسسذا‬
‫الكفر‪ ،‬بل لهم قولن في هذه المسألة‪ ،‬كما أشار إلى ذلك الشسسعري فسسي‬
‫مقالته كما سلف‪ ،‬أو أنه قول واحد والنكار تقية؟ هذا ما سنعرض له في‬
‫المسألة التالية‪:‬‬
‫هققل إنكققار المنكريققن لهققذا الكفققر )مققن الشققيعة( مققن قبيققل‬
‫التقية؟‬
‫بعدما بّينا أن المامية لم تتفق على هذا الضلل‪ ،‬وأنه قد أنكر ذلك كبسسار‬
‫محققيهم كالشريف المترضى‪ ،‬وابن بابويه القمي والطوسي والطبرسي‪،‬‬
‫ومن اتبعهم من المتأخرين‪ ،‬فإنه مع ذلك قد برز ناعق مسسن شسسيوخ الدولسسة‬
‫الصفوية يقول‪ :‬إن إنكار هؤلء كان على سبيل التقية‪.‬‬
‫يقسسول شسسيخهم نعمسسة اللسسه الجسسزائري )وهسسو مسسن الخبسسارين( ]ولهسسذا قسسال‬
‫الخوانساري‪" :‬كان مع شرب الخبارية كثير العتناء والعتداد بأرباب الجتهساد ‪) "..‬روضسات‬
‫الجنات‪ [.(8/150 :‬والذي قال عنه الخوانسسساري‪" :‬كسسان مسسن أعسساظم علمائنسسا‬
‫المتأخرين وأفاخم فضلئنا المتبحرين‪] "..‬روضات الجنات‪" :[.8/150 :‬والظاهر‬
‫أن هذا القول إنما صدر منهم لجل مصالح كثيرة‪ ،‬منهسسا سسسد بسساب الطعسسن‬
‫عليهم بأنه إذا جاز هذا في القرآن فكيف جاز العمل بقواعده وأحكامه مع‬
‫جواز لحوق التحريف لها" ]الجزائري‪ /‬النوار النعمانية‪.[.2/358 :‬‬
‫ثم قدم برهان دعواه بقوله‪" :‬كيسسف وهسسؤلء العلم رووا فسسي مؤلفسساتهم‬
‫أخبارا ً تشتمل على وقوع تلك المور في القرآن‪ ،‬وأن الية هكذا أنزلت ثم‬
‫غيرت إلى هذا" ]الجزائري‪ /‬النوار النعمانية‪.[.359-2/358 :‬‬
‫وكسسذلك يسسرى هسسذا صسساحب فصسسل الخطسساب؛ فسسإنه نقسسل كلم الجسسزائري‬
‫المذكور مؤيدا ً له‪ ،‬كما نقل ما ذكسسره شسسيخهم ابسسن طسساوس مسسن أن كتسساب‬
‫‪164‬‬
‫التبيان الذي أنكر فيه الطوسسسي هسسذا الضسسلل موضسسوع علسسى غايسسة الحسسذر‬
‫والمدارة للمخالفين ]فصل الخطاب‪ :‬ص ‪) 38‬النسخة المخطوطة(‪.[.‬‬
‫وقد نقلنا النص بتمامه فيما سبق ]انظر‪ :‬ص )‪ ..[.(198-197‬فهل ما يقسسوله‬
‫هؤلء حقيقة؟‬
‫أقول‪ :‬ل شك أن الجزائري وصحاب فصل الخطاب وغيرهمسسا هسسم ممسسن‬
‫يجاهر بهذا الكفر ويعلنه‪ ،‬ومن يفعل ذلك فليس مسسن السسسلم فسسي شسسيء‪،‬‬
‫وإذا كنا نتثبت في خبر الفاسق‪ ،‬فما بالسسك بأخبسسار هسسؤلء‪ ،‬فهسسم يسسودون أن‬
‫يجعلسسوا كسسل شسسيعي علسسى هسسذا الكفسسر فليسسس بغريسسب أن يحملسسوا آراء‬
‫المعارضين على التقية‪ .‬وأرى خطأ من يأخذ كلم هذا الجزائري ومن على‬
‫شاكلته بإطلق‪ ،‬ويحكم على طائفة بأكملها بهسسذا الكفسسر مسسن غيسسر دراسسسة‬
‫وتحقيق‪.‬‬
‫وإذا كنا ل نأخذ بكلم هؤلء الفاكين الثمين فهذا ل يعني أيضا ً أن نتقبل‬
‫بسذاجة ظاهرة‪ ،‬وبسطحية غافلة ما يقوله أصحاب الرأي الخسسر بسسإطلق‪،‬‬
‫ونحن نعلم أن التقية من أصولهم‪ ،‬وأنها عنسسدهم تسسعة أعشسار السدين‪ ،‬ول‬
‫دين لمن ل تقية له ‪ -‬كما سيأتي ‪.-‬‬
‫وعلى هذا فلبد من دراسة متأنية وأمينة لهذا القضية‪ ،‬فأقول‪ :‬كما نقسسل‬
‫شيخهم المفيد إجماع طائفته على هذا الكفر كما أسسسلفنا‪ ،‬فسسإن مسسن كبسسار‬
‫شيوخهم المتأخرين من نقل إجماع الصوليين من الشيعة على إنكار هسسذا‬
‫الكفر ]فصل الخطاب‪ :‬ص ‪) 38‬النسخة المخطوطة(‪.[.‬‬
‫واعترف صاحب فصل الخطسساب بسسأن مسسذهب إنكسسار التحريسسف قسسد شسساع‬
‫واشتهر بيسن أصسسحابه فقسال‪ .." :‬شساع هسسذا المسسذهب بيسن الصسوليين مسن‬
‫أصحابنا واشتهر بينهم حتى قال المحقق الكاظمي في شرح الوافيسسة‪ :‬إنسسه‬
‫حكي عليه الجماع" ]فصل الخطاب‪ :‬ص ‪) 38‬النسخة المخطوطة(‪.[.‬‬
‫وقد غضب من هذا المر صاحب فصل الخطسساب‪ ،‬لنسسه ‪ -‬كمسسا أسسسلفت ‪-‬‬
‫يريد أن يجعل مسذهبه هسو الشسهر والكسثر‪ ..‬فقسال‪ .." :‬إن دعسواه ‪ -‬يعنسي‬
‫دعوى الجماع ‪ -‬جرأة عظيمة )!( وكيف يمكن دعوى الجماع بل الشسسهرة‬
‫المطلقة على مسألة خالفها جمهسسور القسسدماء وجسسل المحسسدثين وأسسساطين‬
‫المتأخرين‪ ،‬بل رأينا كثيرا ً من كتب الصول خالية عن ذكر هسسذه المسسسألة‪،‬‬
‫ولعل المتتبع يجد صدق ما قلناه‪ ،‬ومع ذلك كله فالمتبع هو الدليل‪ ،‬وإن لم‬
‫يذهب إليه إل قليل كما قسسال السسسيد المرتضسسى ‪ -‬رحمسه اللسسه ‪ -‬فسسي بعسسض‬
‫مسائله‪ :‬ل يجب أن يوحش من المذهب قلة الذاهب إليه والعاثر عليه‪ ،‬بل‬
‫ينبغي أل يسسوحش منسسه إل مسسا ل دللسسة لسسه تعضسسده ول حجسسة تعمسسده‪ ،‬وقسسال‬
‫المفيد في موضع من المقالت‪ :‬ولم يوحشني من خالف فيسسه؛ إذ بالحجسسة‬
‫له أتم أنس ول وحشة من حق" ]فصل الخطاب‪ :‬ص ‪.[.39-38‬‬
‫نلحظ من خلل هذه الكلمات أن هناك وميض نار مشتعلة بين فريقيسسن‬
‫وكل يدعي الشهرة والحقية لمسسذهبه‪ ..‬وأن هسسذا الرجسسل قسسد ارتسسدى ثسسوب‬
‫الواعظ كما يصنع الشيطان أحيانا ً وراح يدعو قومه إلسسى نسسار جنهسسم وبئس‬
‫المصير‪ ،‬وينادي بأن قوله هو الذي عليسسه السسدليل مسن كتبهسسم‪ ،‬وهسسو الصسسل‬

‫‪165‬‬
‫الذي عليه قسسدماء الشسسيعة‪ ،‬وخلفسسه قسسول طسسارئ علسسى مسسذهبهم‪ ،‬ودعسسوى‬
‫الجماع عليه أو الشهرة في نظره جرأة عظيمة‪.‬‬
‫إذن هناك ‪ -‬بلشك ‪ -‬فئة من الشيعة لم تعسد تهضسم هسذا المعتقسد‪ ،‬وقسد‬
‫كثر أتباعها‪ ،‬ولهسسؤلء ‪ -‬فيمسسا يظهسسر ‪ -‬أل ّسسف صسساحب فصسسل الخطسساب كتسسابه‬
‫ليردهم عن هذا الطريق السذي سسلكوه‪ ،‬ويرفسع عنهسم تلسك العمساوة الستي‬
‫غشيتهم في نظره ويقول‪ :‬إن السدليل أحسسق أن يتبسع‪ ،‬وإن لسسم يسذهب إليسسه‬
‫أحد‪ .‬وكأنه استوحش من مسسذهبه‪ ،‬والكفسسر كهسسف مسوحش مخيسسف‪ ،‬وخسساف‬
‫تقلص أتباعه واندراس أشياعه فراح يدعو إلسى عسدم الوحشسة عنسد القلسة‬
‫فهي في نظره عنوان الحق علسى هسذا القسول‪ ،‬ومسن الغريسب أن يسستعير‬
‫كلمات الشريف المرتضى الذي يتبرأ مسسن هسسذا الكفسسر‪ ،‬ويكفسسر مسسن قسساله‪،‬‬
‫ويعظ بها قومه ويدعوهم إلى هذا اللحاد‪.‬‬
‫ومن خلل قراءتي لكتاب فصل الخطاب تسسبين لسسي أن فئة مسسن الشسسيعة‬
‫لم تعد تصدق بهذه الخرافسة‪ ،‬وقسد هساجمهم صساحب فصسل الخطساب فسي‬
‫مواضع متعددة‪ ،‬وقال معلقا ً على كلم بعضهم‪" :‬ليس لداء قلة التتبع دواء‬
‫إل تعب المراجعة" ]فصل الخطاب‪ :‬الورقة ‪) 84‬النسخة المخطوطة( و ص ‪) 169‬من‬
‫المطبوعة(‪.[.‬‬
‫كما ضاق ذرعا ً بأمر الصدوق صاحب "من ل يحضره الفقيه" أحد كتبهسسم‬
‫الربعة المعتمدة في إنكسساره لهسسذه الخرافسسة‪ ،‬وقسسال‪ :‬إن أمسسره مضسسطرب‪،‬‬
‫ويغير بعض الروايات لتوافق مذهبه في نفي هذه الخرافة‪ ،‬وأنسسه غيسسر فسسي‬
‫بعض الروايات تغييرات تورث سوء الظسسن ]فصسسل الخطسساب‪ :‬الورقسسة ‪) 120‬مسسن‬
‫المخطوطة( و ص ‪) 240‬من المطبوعة(‪ [.‬به‪ ،‬كما سيأتي بعد قليل إيراد نصوصسه‬
‫في هذا‪ ،‬مع العلم بأن كتابه "مسسن ل يحضسسره الفقيسسه" هسسو أحسسد جسسوامعهم‬
‫المعتمدة عندهم‪.‬‬
‫كما يعتذر أحيانا ً عن المنكرين من أصحابه لهذا العتقاد ‪ -‬الذي يؤكد أنه‬
‫متواتر من طرقهم الكاذبة ‪ -‬بقوله‪" :‬إن أخبار التحريف متفرقة فلهسسذا لسسم‬
‫يعرفوها" ]فصل الخطاب‪ :‬الورقة ‪) 176‬النسخة المخطوطة(‪.[.‬‬
‫ولقائل أن يقول‪ :‬إنها لم تكن موجودة فلهسسذا لسسم يعرفوهسسا ولسسدت فيمسسا‬
‫بعد‪ ،‬ونمت أخبارها وكثرت أساطيرها فأخذت بها أنت ومن معسسك اغسسترارا ً‬
‫أو تغريسسرًا؛ إذ كيسف يعقسل أن تخفسسى علسسى أمثسسال ابسن بسابويه وغيسره مسن‬
‫مؤسسسسي مسسذهبكم ومسسؤلفي مجسساميعكم المعتمسسدة‪ ،‬وكسسذلك اعتسسذر عسسن‬
‫الطوسي بنحو هذا ‪ -‬كما سيأتي ‪ -‬وحتى نعمة الله الجسسزائري السسذي قسسال‪:‬‬
‫إن إنكارهم تقية لم يكن على يقين من هسسذا‪ ،‬فسستراه فسسي شسسرح الصسسحيفة‬
‫السجادية يتعجب من صنيعهم‪ ،‬ويحاول أن يرد على حجتهم‪ ،‬حيسسث يقسسول‪:‬‬
‫"وأخبارنا متواترة بوقوع التحريف والسسسقط منسسه بحيسسث ل يسسسعنا إنكسساره‪،‬‬
‫والعجب العجيب من الصدوق وأمين السلم الطبرسسسي‪ ،‬والمرتضسسى فسسي‬
‫بعض كتبه كيف أنكروه وزعموا أن ما أنزله الله تعالى هسسو هسسذا المكتسسوب‬
‫مع أن فيه رد متواتر الخبار )يعني أساطيرهم("‪.‬‬
‫ثم حاول أن يجيب عما اعترض به عقلء قومه مسسن أن القسسول بتحريسسف‬
‫القرآن يلزم منه أل يعمل به لرتفاع الثقسسة عنسسه‪ ،‬وهسسذا مخسسالف لمسسا عليسسه‬
‫‪166‬‬
‫الشيعة والئمة‪ ..‬فقسسال‪" :‬ومسسا قيسسل مسسن طرفهسسم أنسسه يلسسزم عليسسه ارتفسساع‬
‫الموثسسوق باليسسات الحكاميسسة‪ ،‬وينتفسسي جسسواز السسستدلل بهسسا لمكسسان جسسواز‬
‫التحريف عليها‪ .‬فجسسوابه‪ :‬أنهسسم عليهسسم السسسلم أمرونسسا فسسي هسسذه العصسسار‬
‫بتلوة هذا القرآن والعمل بما تضمنته آيسساته لنسسه زمسسن هدنسسة‪ ،‬فسسإذا قسسامت‬
‫دولتهسسم وظهسسر القسسرآن كمسسا أنسسزل السسذي ألفسسه أميسسر المسسؤمنين بعسسد وفسساة‬
‫الرسول صلى الله عليه وسلم وشده في ردائه وأتى إلى أبي بكر وعمسسر‬
‫وهما في المسجد في جماعة من الناس فعرضه عليهسسم فقسسالوا‪ :‬ل حاجسسة‬
‫لنا في قرآنك ول فيك عندنا من القرآن ما يكفينا‪ .‬فقال‪ :‬لن تروه بعد هذا‬
‫اليوم حتى يقوم قائمنا‪ .‬فعند ذلك يكسسون ذلسسك القسسرآن هسسو المتسسداول بيسسن‬
‫الناس مع أن ما وقع من التحريف في اليسسات الحكاميسسة أظهسسروه عليهسسم‬
‫السلم‪ ،‬فيقوم الظن بأن ما لسسم يعرفونسسا تحريفسسه لسسم يكسسن فيسسه تحريسسف"‬
‫]شرح الصحيفة السجادية‪ :‬ص ‪.[.43‬‬
‫وبعد هذا هل يحق لحسسد أن يجسسزم بسسالقول‪ :‬إن إنكسسار هسسؤلء كسسان علسسى‬
‫سبيل التقية‪ ،‬والخلف جاري بينهسسم وبيسسن قسسومهم علسسى أشسسده‪ ،‬والصسسراع‬
‫واضح من خلل ما كتبه صاحب فصل الخطاب وغيره؟!‬
‫ولكن بقي أن ندرس البرهان الذي قدمه نعمسسة اللسسه الجسسزائري فسسي أن‬
‫إنكسسار هسسؤلء المنكريسسن كسسان علسسى سسسبيل التقيسسة بسسدليل أنهسسم "رووا فسسي‬
‫مؤلفاتهم أخبارا ً كثيرة تشتمل علسسى وقسسوع تلسسك المسسور فسسي القسسرآن‪ ،‬وأن‬
‫الية هكذا أنزلت ثم غيرت إلى هذا" ]النوار النعمانية‪ [.359-2/358 :‬كما سبق‬
‫نقله‪ ،‬فهل هذا حقيقي بالنسبة لولئك المنكرين؟‬
‫ه( باعتبسساره أول مسسن أنكسسر‬ ‫نبدأ بابن بابويه القمسسي "الصسسدوق" )ت ‪‍ 381‬‬
‫على هؤلء الغلة‪ ،‬وأعلن أن هذا ل يمثل مذهب الشيعة وذلك في رسالته‬
‫"العتقادات"‪.‬‬
‫‪ -1‬ابن بابويه وإنكاره لما ينسب لطائفته‪:‬‬
‫يقول‪" :‬اعتقادنا أن القرآن الذي أنزل الله تعالى على نسسبيه محمسسد وهسسو‬
‫ما بين الدفتين وهو ما في أيسسدي النسساس‪ ،‬وليسسس بسسأكثر مسسن ذلسسك‪ ،‬ومبلسسغ‬
‫سوره عند الناس مائة وأربعة عشر ]كذا فسسي الصسسل وهسو خطسأ لغسوي‪ ،‬والصسسحيح‬
‫"أربعة عشرة سورة"‪ [.‬سورة‪ ،‬وعندنا أن الضحى وألم نشرح سسسورة واحسسدة‪،‬‬
‫ومن نسب إلينا أنا نقول أنه أكثر من ذلك فهو كاذب"‪ ،‬ثم استدل بما جسساء‬
‫في رواياتهم في ثواب من قرأ سورة من القرآن‪ ،‬وثواب من ختم القرآن‬
‫كله‪ ،‬وأن هذا ينفي تلك الدعاوى الباطلة‪.‬‬
‫ثم قال‪" :‬بل نقول‪ :‬إنه قد نزل من الوحي الذي ليس بقرآن ما لو جمع‬
‫إلى القرآن لكان مبلغه مقدرا ً سبع عشرة ألف آية"‪ .‬واستشهد على ذلسسك‬
‫ببعض الحاديث القدسية الواردة عندهم‪ ،‬ثم قسسال‪" :‬ومثسسل هسسذا كسسثير كلسسه‬
‫وحي ليس بقرآن‪ ،‬ولسسو كسسان قرآن سا ً لكسسان مقرون سا ً بسسه وموصسسول ً إليسسه غيسسر‬
‫مفصول عنه كما قال أمير المؤمنين لما جمعه‪ ،‬فلما جسساء بسسه فقسسال لهسسم‪:‬‬
‫هذا كتاب الله ربكم كما أنزل على نبيكم لم يزد فيه حرف ولم ينقص منه‬
‫حرف‪ ،‬فقالوا‪ :‬ل حاجة لنا فيسسه‪ ،‬عنسسدنا مثسسل السسذي عنسسدك‪ .‬فانصسسرف وهسسو‬

‫‪167‬‬
‫يقول‪ :‬فنبذوه وراء ظهورهم واشسستروا بسسه ثمنسا ً قليل ً فسسبئس مسسا يشسسترون"‬
‫]العتقادات‪ :‬ص ‪.[.103-101‬‬
‫هذا ما قاله ابن بابويه نقلته بطوله لنسسدرة المصسسدر المنقسسول عنسسه‪ ،‬ولن‬
‫معظم من ينقل عنه من كتب الشيعة وغيرها يكتفي بنقل صدر كلمه مما‬
‫ل يعطي تصورا ً كامل ً عن مذهب الرجل‪.‬‬
‫ومن خلل الكلمات السابقة يلحظ ما يلي‪:‬‬
‫ل‪ :‬إن الرجل يعد هذا القول مذهب الشيعة المامية كلها‪ ،‬ولهسسذا قسسال‬ ‫أو ً‬
‫صاحب فصل الخطسساب بعسسد نقلسسه لهسسذا النسسص‪" :‬وظسساهر قسسوله‪ :‬اعتقادنسسا‪،‬‬
‫وقوله‪ :‬نسب إلينا‪ ،‬اعتقاد المامية" ]فصسسل الخطسساب‪ :‬ص ‪ [.33‬ثم انتقسسده فسسي‬
‫ذلك وقال‪" :‬وقد ذكر في هذا الكتاب ما لم يقل به غيره أو قال به قليسسل"‬
‫]فصل الخطاب‪ :‬ص ‪.[.33‬‬
‫وقد سبق أن قلت‪ :‬إن صاحب فصل الخطاب متحمس لن يجعل جميع‬
‫الشيعة على مذهبه‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬في قوله‪" :‬ومن نسب إلينا أنا نقسسول أكسسثر مسسن ذلسسك فهسسو كسساذب"‬
‫تكذيب للكليني صاحب الكافي وشيخه القمي صاحب التفسير والنعمسساني‬
‫صاحب الغيبة وغيرهم الذين يجاهرون بهذا المعتقد‪ ،‬ويعسسدونه مسسن مسسذهب‬
‫المامية‪ ،‬أو كأنه يعتبر من يقول بهذا ليس في عداد الشيعة‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬ل نرى إشارة منه إلى وجود رأي آخر في هذا عنسسدهم‪ ،‬كمسسا أشسسار‬
‫إلى ذلك الشعري وغيره‪ ،‬وكأنه يعتبر مسن يخسسالف فسي هسسذا خسارج نطسساق‬
‫التشيع إل إن كان في المر تقية‪.‬‬
‫رابعًا‪ :‬كأنه في قسوله‪ ..." :‬مسا لسو جمسع إلسى القسرآن لكسان مبلغسه سسبع‬
‫عشرة ألف آية" يفسر فيه رواية الكليني والتي تقسسول‪" :‬إن القسسرآن السسذي‬
‫جاء به جبرائيل عليه السلم إلى محمد صلى الله عليه وآله وسسسلم سسسبعة‬
‫عشر ألف آية" وآيات القرآن كما هو معروف ل تتجساوز سستة آلف آيسسة إل‬
‫ل‪ ،‬لكن الكليني ينص كما ترى على أنها من القسسرآن‪ ،‬بينمسسا ابسسن بسسابويه‬ ‫قلي ً‬
‫ينص على أنها ليست من القرآن ويحملها على الحسساديث القدسسسية ‪ -‬كمسسا‬
‫سلف ‪.-‬‬
‫خامسا‪ :‬لم يتحرر ‪ -‬كما ترى ‪ -‬من رواسب وآثاره الروايات السسسطورية‬ ‫ً‬
‫والتي علقت فسسي ذهنسسه فسسي هسسذا البسساب‪ ..‬فسستراه يكسساد ينقسسص مسسا قسسرره‪..‬‬
‫بالرواية الخيرة السستي ذكرهسسا فسسي عسسرض علسي المصسحف علسى الصسحابة‬
‫وردهم له‪ ..‬إن إقراره لهذه الخرافة يفتح الباب لن يقال فيه بسسأن إنكسساره‬
‫كان على سبيل التقية وهو ما قيل فعل ً من قبل بعض الشيعة‪ ،‬ومسسن لسسدن‬
‫بعض أهل السنة‪ ،‬ولكنه على أية حال لم يتجرأ أن يقسسول فسسي كتسساب اللسسه‬
‫شيئا ً وأراد إنقاذ سمعة طسسائفته مسسن العسسار السسذي لحقهسسا‪ ،‬ولسسم يسسستطع أن‬
‫يجابه قومه بإنكار روايتهم رأسًا‪ ،‬أو لسسم يتمكسسن مسسن الخلص النهسسائي عسسن‬
‫تلك السموم‪ ،‬أو أراد النكار على سبيل التقيسسة وزرع فسسي كلمسسه مسسا ينسسبئ‬
‫عن ذلك‪ .‬الله أعلم بالسرائر‪.‬‬
‫لكن أرى من الشيعة من يذهب إلى القول بأن إنكاره تقية كنعمسسة اللسسه‬
‫الجسسزائري‪ ،‬ولكسسن ل يقسسدم دليل ً معينسا ً علسى هسذا القسول‪ ،‬ويكتفسي بمجسسرد‬
‫‪168‬‬
‫الدعوى بأنه روى في كتبه بسسأن اليسسة هكسسذا أنزلسست ثسسم غيسسرت إلسسى هسسذا‪..‬‬
‫وبالرجوع إلى بعض كتب ابن بسسابويه المعسسروف عنسسدهم بالصسسدوق للبحسسث‬
‫عن روايات هذه السطورة في كتبه‪ ،‬فنجد مسسن روايسسات هسسذه السسسطورة‬
‫حكاية الزنديق الذي جاء لسسسؤال علسسي بسسن أبسسي طسسالب ‪ -‬كمسسا يزعمسسون ‪-‬‬
‫والذي مر بنا نقسسل بعسسض نصوصسسه‪ ،‬والسسذي رواه شسسيخهم الطبرسسسي )مسسن‬
‫القرن السادس( في كتابه الحتجاج وفيه تسعة مواضع كلها تدل على هذا‬
‫الكفر ]انظر‪ :‬الحتجاج ص ‪ [.240‬كما شسسهد بسسذلك النسسوري الطبرسسسي ]النسسوري‪/‬‬
‫فصل الخطاب ‪ :‬ص ‪ ،[.240‬نجد أن هذا الخبر يورده صدوقهم هسسذا فسسي كتسسابه‬
‫التوحيد وليس فيه ما يدل على أسطورة التحريف ]انظر‪ :‬التوحيد ص ‪ 255‬وما‬
‫بعدها‪ .[.‬فهل هذه السطورة زادت بعد قرنين من عصر ابن بابويه لتحشى‬
‫بهذا الكفر‪ ،‬أو أن ابن بابويه نفسه حذف ذلك‪ ..‬على آية حسسال هسسي تشسسهد‬
‫بسلمته من التلبس بحكاية هذا الكفر الذي حملته رواية الطبرسي‪.‬‬
‫وقد احتار صاحب فصل الخطاب في تعليل هسسذا فقسسال‪" :‬وسسساق )يعنسسي‬
‫صدوقهم( الخبر )خبر الزنديق( مع نقصان كثير عما في الحتجاج‪ ،‬منه مسسا‬
‫يتعلق بنقصان القرآن وتغييره‪ ،‬إما لعدم الحاجة إليه كما يفعل ذلك كثيرًا‪،‬‬
‫أو لعدم مسسوافقته لمسسذهبه" ]فصسسل الخطسساب‪ :‬ص ‪ .[.240‬ولكسسن أل يحتمسسل أن‬
‫يكون الصسسل هسسو مسسا فسسي كتسساب التوحيسسد‪ ،‬وأن تلسسك المفتريسسات المتعلقسسة‬
‫بالتحريف زيادة بعد الصدوق من صاحب الحتجاج أو غيرهسسا‪ ،‬هسسذا احتمسسال‬
‫وارد ولسيما أن صدوقهم لم يشر إلى أن حذف منه شيئًا‪.‬‬
‫ولقد اغتاظ ‪ -‬فيما يبدو ‪ -‬صاحب فصل الخطسساب مسسن صسسدوقهم بسسسبب‬
‫ذلسسك وقسسال ‪ -‬نقل ً عسسن بعسسض شسسيوخه ‪ .." :-‬وبالجملسسة فسسأمر الصسسدوق‬
‫مضطرب جدًا‪ ،‬ول يحصل من فتسسواه علسسم ول ظسسن ل يحصسسل مسسن فتسساوى‬
‫وأساطين المتأخرين وكذلك الحال في تصحيحه وترجيحه" ]فصسسل الخطسساب‪:‬‬
‫ص ‪ ،[.240‬ثم قال‪" :‬وقد ذكر صاحب البحار حديثا ً عنه في كتاب التوحيسسد‪..‬‬
‫ثم قال‪ :‬هذا الخبر مأخوذ من الكافي وفيسسه تغييسسرات عجيبسسة تسسورث سسسوء‬
‫الظن بالصدوق" ]فصل الخطاب‪ :‬ص ‪ ،240‬والمجلسي يقول هذا عن صدوقهم مع أنه‬
‫يعتبر جميع كتبه ما عدا أربعة "ل تقصر في الشتهار عن الكتب الربعة السستي عليهسسا المسسدار‬
‫في جميع العصار" )البحار‪ (1/26 :‬وقد أخرج له في بحاره عن سبعة عشر منهسسا )البحسسار‪:‬‬
‫‪ (1/73‬وكتابه من ل يحضره الفقيه‪ ،‬أحد كتبهم الربعسسة المعتمسسدة‪ ،‬فمسسا هسسذا التنسساقض؟![‪..‬‬
‫كل ذلسسك بسسسبب أن صسسدوقهم لسسم ينقسسل ذلسسك الكفسسر السسذي نقلسسه صسساحب‬
‫الكافي‪ .‬وساق هذه "النتقادات" صاحب فصسسل الخطسساب‪ ،‬لن ابسسن بسسابويه‬
‫لم يوافقه في مشربه‪.‬‬
‫ولكن لم تسلم كل كتب الصدوق من هذا "اللحاد" فقد جاء فسسي كتسسابه‬
‫"ثواب العمال" في ثواب من قسسرأ سسسورة الحسسزاب‪ ،‬عسسن أبسسي عبسسد اللسسه‬
‫رضي الله عنه قال‪" :‬من كسسان كسسثير القسسراءة لسسسورة الحسسزاب كسسان يسسوم‬
‫القيامة في جوار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأزواجه ‪ -‬إلى أن‬
‫قال‪ - :‬إن سورة الحزاب فضحت نساء قريش من العرب وكسسانت أطسسول‬
‫من سورة البقرة ولكن نقصوها وحرفوهسسا" ]ثسسواب العمسسال‪ :‬ص ‪ ،139‬وانظسسر‪:‬‬
‫بحار النوار‪.[.92/50 :‬‬
‫‪169‬‬
‫وفي كتاب الخصال جاء برواية تقول‪" :‬يجيء يوم القيامة ثلثة يشسسكون‬
‫إلى الله عز وجل‪ :‬المصحف‪ ،‬والمسجد‪ ،‬والعترة‪ .‬يقول المصحف يسسا رب‬
‫حرقوني ومزقوني‪] "..‬الخصال‪.[.175-1/174 :‬‬
‫وقد وردت في بحار النسسوار ]بحسسار النسسوار‪ .[.92/49 :‬وعنسسد بعسسض القسسائلين‬
‫]إحسان إلهي‪ /‬الشيعة والقرآن‪ :‬ص ‪" [.68‬حرفوني" وهي أدل على الوقسسوع فسسي‬
‫هذا الكفر‪ ،‬ولكنها خلف الصل‪.‬‬
‫وقد وردت بنحسسو ذلسسك فسسي كتسسابه المسسالي‪ ،‬تقسسول الروايسسة السستي يرويهسسا‬
‫صدوقهم بسنده عن جعفر الصادق عن أبيه عن آبائه رضي الله عنهم قال‬
‫رسول الله صلى الله عليسسه وآلسسه وسسسلم‪ ..." :‬اذكسسروا وقسسوفكم بيسسن يسسدي‬
‫اللسسه‪ ..‬فسسإنه لبسسد سسسائلكم عمسسا عملتسسم بسسالثقلين مسسن بعسسدي‪ :‬كتسساب اللسسه‪،‬‬
‫وعترتي‪ ،‬فانظروا أن ل تقولوا‪ :‬أما الكتاب فغيرنا وحرفنا‪] "..‬أمالي الصدوق‪:‬‬
‫ص ‪ .[.231‬وهسذه الروايسة ل تسدل علسى فعلهسم ولكنهسا تحسذرهم‪ ،‬ولكسن إذا‬
‫قرنتها بما قبلها‪ ،‬وأنهم قد فعلوا ‪ -‬كما يزعمون ‪ -‬صارت من ذلسسك الكفسسر‪،‬‬
‫وهناك روايات أخرى مماثلة نقلها صاحب فصسسل الخطسساب بالواسسسطة أدع‬
‫نقلها لعدم وقوفي عليها في كتب الصدوق ]مثل ما نقله عن بشسسارة المصسسطفى‬
‫للصدوق‪ ،‬بواسطة تفسير البرهان لمحدثهم "التوبلي" )فصل الخطاب‪ :‬ص ‪.[.(158-157‬‬
‫كما أن ثمسة روايسسات أخسرى أوردهسا صساحب فصسسل الخطسساب مسن كتسسب‬
‫صدوقهم وهي قراءة واردة ل تدين الرجل وحدها ]مثسسل الروايسسات الثلث السستي‬
‫أوردها صاحب فصل الخطساب )ص ‪ (259‬عسن معساني الخبسار )انظسر‪ :‬معساني الخبسار‪ :‬ص‬
‫‪ (331‬بأن في مصحف عائشة وحفصة "حافظوا على الصلوات والصلة والوسطى وصسسلة‬
‫العصر" وهذه قراءة ورادة‪ .‬انظرهما في مصسسحف عائشسسة ‪ -‬تفسسسير الطسسبري‪ 5/173 :‬ومسسا‬
‫بعدها رقم ‪) 5467 ،5466 ،5397 ،5394 ،5393‬تحقيق الخوين أحمد ومحمود شاكر(‬
‫وانظر‪ :‬تفسير ابن كثير‪ ،1/304 :‬قال الشيخ أحمد شاكر‪ :‬والخبر نقله الحافظ فسسي الفتسسح‪:‬‬
‫‪ ،8/146‬والسيوطي‪ ،1/304 :‬ولم ينسباه لغيسر الطسبري‪ ،‬وذكسره ابسن حسزم فسي المحلسى‪:‬‬
‫‪ ،4/354‬ورواه عبد الرزاق في المصنف‪) 1/128 :‬تفسسسير الطسسبري ص ‪176‬الهسسامش ج‪(‍5‬‬
‫وانظر عن وجود هذه القراءة في مصسسحف حفصسسة‪ :‬تفسسسير الطسسبري‪،5/209 :‬س ‪ 210‬رقسسم‬
‫‪ ،5463 ،5462 ،5406‬تفسير ابن كثير‪. 1/304 :‬‬
‫وقد جاء في صحيح مسلم ما يدل على نسخ هذه التلوة )صحيح مسلم‪ ،1/438 :‬كتسساب‬
‫المساجد ومواضع الصلة‪ ،‬باب الدليل لمن قسسال‪ :‬الصسسلة الوسسسطى هسسي صسسلة العصسسر(‪،[.‬‬
‫فليس هذا بغريب من ذلك الطبرسي‪ ،‬ولكن قسد اغستر بصسنيعه هسذا بعسض‬
‫الكاتبين من السنة‪ ،‬وسلك مسلكه بل تدبر ]مثل‪ :‬إحسسسان إلهسسي ظهيسسر‪ /‬الشسسيعة‬
‫والقرآن ص ‪ ،96‬محمد مال الله‪ /‬الشيعة وتحريف القرآن‪ :‬ص ‪.[.122‬‬
‫وننتهي من هذا إلسسى أنسسه جسساء فسسي كتسسب صسسدوقهم بعسسض روايسسات هسسذه‬
‫الفرية‪ ،‬ومع ذلك فل نجزم بالقول أنه هذه عقيسسدته وأن النكسسار تقيسسة كمسسا‬
‫قال بعضهم‪ ،‬ذلك لنه ل يوثق بخلو كتبه من الدس والزيادة عليسسه‪ ،‬وليسسس‬
‫ذلك مجرد تخمين ل دليل عليه؛ بل إن الزيادة أمر ميسور عندهم‪ ،‬كما بدا‬
‫لنا ذلك في كتاب‪" :‬سليم بن قيس" والذي اعسسترف بوضسسعه والتغييسسر فيسسه‬
‫شيوخهم ‪ -‬كما سسسلف ‪ -‬وكمسسا زادوا فسسي روايسسات كتسساب‪" :‬مسسن ل يحضسسره‬
‫الفقيسسه" لبسسن بسسابويه نفسسسه أكسسثر مسسن الضسسعف كمسسا سسسيأتي فسسي فصسسل‪:‬‬
‫"اعتقادهم في السنة"‪.‬‬

‫‪170‬‬
‫‪ -2‬الطوسي وإنكاره للتحريف‪:‬‬
‫ه( فقسسد قسسال‪" :‬وأمسسا الكلم فسسي زيسسادته‬ ‫أما شسسيخهم الطوسسسي )ت ‪‍ 450‬‬
‫ونقصسسانه ممسسا ل يليسسق بسسه أيض سًا؛ لن الزيسسادة فيسسه مجمسسع علسسى بطلنهسسا‪،‬‬
‫والنقصان منه فالظاهر أيض سا ً مسسن مسسذهب المسسسلمين خلفسسه وهسسو الليسسق‬
‫بالصحيح من مسسذهبنا‪ ،‬ورويسست روايسسات كسسثيرة مسسن جهسسة العامسسة والخاصسسة‬
‫بنقصان كثير من آي القرآن ونقل شيء منه من موضع إلى موضسسع‪ ،‬لكسسن‬
‫طريقها الحاد التي ل توجب علمًا‪ ،‬فالولى العراض عنها‪ ،‬وترك التشاغل‬
‫بها‪ ،‬لنه يمكن تأويلها‪ ،‬ولو صحت لما كان ذلك طعنا ً علسى مسا هسو موجسود‬
‫بين الدفتين‪ ،‬فإن ذلك معلوم صحته ل يعترضه أحد من الئمسسة ول يسسدفعه‪،‬‬
‫ورواياتنا متناصرة بالحث على قراءته والتمسك بما فيسسه ورد مسسا يسسرد مسسن‬
‫اختلف الخبار في الفروع إليه وعرضها عليه‪ ،‬فما وافقه عمل عليه‪ ،‬ومسسا‬
‫يخالفه يجتنب ولم يتلفت إليه‪ ،‬وقد وردت عن النبي صلى الله عليسسه وآلسسه‬
‫رواية ل يدفعها أحد أنه قال‪ :‬إني مخلف فيكم الثقلين‪ :‬كتاب الله وعسسترتي‬
‫أهل بيتي‪ ،‬وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض‪ ،‬وهسسذا يسسدل علسسى أنسسه‬
‫موجود في كل عصر‪ ،‬لنسه ل يجسوز أن يسأمر المسسة بالتمسسسك بمسا ل تقسدر‬
‫على التمسك به‪ ،‬كما أن أهل البيت ومن يجب اتباع قوله حاصل في كسسل‬
‫وقت‪ ،‬وإذا كسسان الموجسسود بيننسسا مجمع سا ً علسسى صسسحته فينبغسسي أن نتشسساغل‬
‫بتفسيره وبيان معانيه وترك ما سواه" ]التبيان‪.[.1/3 :‬‬
‫هذا كلم شسيخهم الطوسسي صساحب كتسسابين مسن كتبهسسم المعتمسسدة فسسي‬
‫الحديث عندهم‪ ،‬وكتابين من كتبهم المعتمدة في الرجال‪ ،‬فهل هذا النكار‬
‫تقية‪..‬؟‪.‬‬
‫أقول‪ :‬إن مسألة التقية من أماراتها التناقض والختلف‪ ،‬ولكن التنسساقض‬
‫صار قاعدة مطردة في رواياتهم‪ ،‬بل وجد مثل ذلك فسسي إجماعسساتهم‪ ،‬كمسسا‬
‫وجد في كلم شيوخهم‪ ،‬وأصبح معرفسسة حقيقسسة المسسذهب ليسسست متيسسسرة‬
‫حتى على شيوخهم الذين ل يجدون دليل ً على التمييز بين ما هو تقيسسة ومسسا‬
‫حقيقة إل بالستناد إلى أصسسل وضسسعه زنسسديق ملحسسد وهسسو قسسولهم‪" :‬إذا ورد‬
‫عليكم حديثان مختلفان فخذوا بما خالف القوم" ]البحار‪ [.2/233 :‬يعني أهل‬
‫السنة‪ ،‬فأوشك أن ينتهي بهم هذا المهذب إلى مفارقة الدين رأسا ً ]سسسيأتي‬
‫إن شاء الله بحث في هذه المسألة في‪" :‬فصل الجماع"‪.[.‬‬
‫وعليه‪ ،‬فإن قضية الختلف هي ظاهرة طبيعية لكل دين ليس من شرع‬
‫فا ك َِثيًرا{‪ :‬فهو‬‫خت ِل َ ً‬
‫ها ْ‬ ‫دوا ْ ِ‬
‫في ِ‬ ‫ج ُ‬
‫و َ‬‫ه لَ َ‬
‫ر الل ّ ِ‬ ‫د َ‬
‫غي ْ ِ‬ ‫عن ِ‬
‫ن ِ‬
‫م ْ‬
‫ن ِ‬ ‫و َ‬
‫كا َ‬ ‫ول َ ْ‬
‫الله } َ‬
‫حينما ينقل رواياتهم فسسي كتبسسه فمسسن الطسسبيعي وجسسود مثسسل هسسذا الختلف‪،‬‬
‫وبالتالي فإنه ل يدين الرجل إدانة أكيدة بعسسد إنكسساره‪ ،‬ول سسسيما أن العسسبرة‬
‫بالنسبة لبيان مذهبه بما رأى ل بما روى‪.‬‬
‫لقد لسسوحظ أن الطوسسسي هسسذا نقسسل فسسي تهسسذيبه لرجسسال الكشسسي بعسسض‬
‫روايات هذه السطورة كنقله للرواية التي تقول‪" :‬ل تأخسسذن معسسالم دينسسك‬
‫من غير شيعتنا‪ ،‬فإنك إن تعديتهم أخذت دينك عسسن الخسسائنين السسذين خسسانوا‬
‫الله ورسوله‪ ،‬وخسسانوا أمانسساتهم‪ ،‬إنهسسم اؤتمنسسوا علسسى كتسساب اللسسه جسسل وعل‬
‫دلوه‪] "..‬رجال الكشي‪ :‬ص ‪ .[.4‬كما أنه قد نقسسل بعسسض أخبسسار هسسذه‬ ‫فحّرفوا وب ّ‬
‫‪171‬‬
‫السطورة على أنها قراءة في تفسيره التبيان ]كما في تفسيره قسسوله سسسبحانه‪:‬‬
‫ن{ قسسال‪:‬‬ ‫عققال َ ِ‬
‫مي َ‬ ‫عل َققى ال ْ َ‬
‫ن َ‬‫مَرا َ‬
‫ع ْ‬ ‫وآ َ‬
‫ل ِ‬ ‫م َ‬
‫هي َ‬ ‫وآ َ‬
‫ل إ ِب َْرا ِ‬ ‫حا َ‬
‫وُنو ً‬
‫م َ‬ ‫صطَ َ‬
‫فى آدَ َ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ها ْ‬ ‫}إ ِ ّ‬
‫وفي قراءة أهل البيت‪} :‬وآل محمد على العالمين{ وهسسذا تلطسسف فسسي التعسسبير‪ ،‬أو محاولسسة‬
‫للتغير في أساطيرهم التي تنص على أن هذه ليست قراءة‪ ،‬وإنما هسسي مسسن بسساب التحريسسف‬
‫بفعل الصحابة كما يفترون‪) ،‬وسيأتي ذكر نصوصها بعد قليل في مناقشة الطبرسي(‪ .‬وهذا‬
‫التغيير قد يكون الهدف منه التستر على الفضيحة‪ ،‬أو محاولة لنتشال طائفة من قومه من‬
‫تلك الوهدة التي تردوا فيها بفعل ذلك الساطير‪ ،‬وربما يكون ما عند الطوسسسي هسسو الصسسل‬
‫والزيادات التي تصرح بالتحريف هو ما جعل شيوخ الدولة الصفوية‪.‬‬
‫لكن يرد على ذلك أن تلسسك الروايسسات موجسسودة فسسي كتسسب معاصسسرة للطوسسسي أو أقسسدم‪،‬‬
‫كتفسير القمي والعياشي وفرات‪ ،‬إل إذا قلنا إن الشسسيعة يغيسسرون فسسي كتسسب قسسدمائهم كمسسا‬
‫فعلوا في كتاب سليم بن قيس‪.[.‬‬
‫ولكن يرى أن كل هذه الروايات من قبيل روايات الحسساد السستي ل يعتمسسد‬
‫عليها ‪ -‬كما ذكره في إنكاره ‪ -‬ول تدفع ما تضافر من رواياتهم التي توجب‬
‫العمل بالقرآن والرجوع إليه عند التنازع‪.‬‬
‫أما صاحب فصل الخاطب فقد اختلفت أقسسواله فسسي تسسوجيه هسسذا النكسسار‬
‫الذي يقلقه لمخالفته لمذهبه؛ فهو مرة يرى أن هذا القول ل يمثل إل رأي‬
‫الطوسي وفئة قليلسسة مسن الشسيعة معسه يقسول‪ .." :‬إنسه ليسس فيسسه حكايسة‬
‫إجماع عليه‪ ،‬بل قوله‪ :‬نصره المرتضسسى صسسريح فسسي عسسدمه‪ ،‬بسسل فسسي قلسسة‬
‫الذاهبين إليه" ]فصل الخطاب‪ :‬ص ‪ ،[.38‬ثم يرجع ويقول‪ :‬بأن هذا القول منسسه‬
‫تقية‪ ،‬لن هذا النكار جاء في تفسير التبيان و"ل يخفى على المتأمسسل فسسي‬
‫كتسساب التبيسسان أن طريقتسسه فيسسه علسسى نهايسسة المسسدارة والمماشسساة مسسع‬
‫المخالفين" ]فصل الخطاب‪ :‬ص ‪ [.38‬ويعلل ذلك باسسستناده لقسوال أئمسة أهسل‬
‫السنة في التفسسسير ]وقسسد مضسسى نقسسل النسسص بتمسسامه ص‪ ،[.(199-198) :‬ول يكسساد‬
‫يجزم بهذا الحكم كما يشعر به قوله‪ " :‬وهسسو ‪ -‬أي نقسسل الطوسسسي لقسسوال‬
‫أئمة السنة ‪ -‬بمكان من الغرابة لو لسسم يكسسن علسسى وجسسه المماشسساة‪ ،‬فمسسن‬
‫المحتمل أن يكون هذا القول ‪ -‬يعني إنكار التحريف ‪ -‬منه )من الطوسي(‬
‫فيه )في تفسير البيان( على نحو ذلك )أي من المدارة والتقية("‪.‬‬
‫وثم يتجه وجهة أخرى ويشير إلى أن في كلم الطوسسسي تناقض سا ً يشسسعر‬
‫أنه تقية فقال‪" :‬إن إخباره بأن ما دل على النقصان روايات كثيرة ينسساقض‬
‫قوله‪ :‬لكن طريقه الحاد‪ ،‬إل أن يحمل ما ذكرنا" ]فصل الخطاب‪ :‬ص ‪ [.38‬أي‬
‫من التقية‪.‬‬
‫ثم يعرض عن هذا كله ويقول‪ :‬إن الطوسي "معذور )في إنكسساره( لقلسسة‬
‫تتبعه من قلة تلك الكتب عنده" ]فصل الخطاب‪ :‬ص ‪.[.351‬‬
‫هذا جانب من حيرة الطبرسي في أمر الطوسي وغيسره مسن المنكريسن‬
‫لهذه الفرية‪ ،‬فإذا كان هذا أمسسر شسسيوخهم ل يكسسادون يقفسسون علسسى حقيقسسة‬
‫مذهب أئمتهم وشيوخهم القدامى بسبب أمر التقية فنحن أعذر فسسي عسسدم‬
‫الوصول إليه نتيجة جازمة يقينية‪.‬‬
‫والطوسي كما يلحظ في إنكاره قد دس في الشهد سمًا‪ ،‬وتناقض فسسي‬
‫حكاية مذهبه كما ل يخفى ]من ذلك زعمه أن العامة ‪ -‬يعنسسي بهسسم أهسسل السسسنة ‪ -‬قسسد‬
‫شاركوا طائفته في رواية هذا الكفر‪ .‬وهذا كذب‪ ،‬وقد شهد شسسيخهم المفيسسد بتفسسرد طسسائفته‬
‫بهذا البلء )أوائل المقالت ص ‪ .(13‬وأجمل أهل السنة‪ ،‬بل المسلمون جميعا ً علسسى صسسيانة‬
‫‪172‬‬
‫كتاب الله عز وجل وسلمته من التحريف أو الزيسسادة أو النقسسص‪ ،‬محفسسوظ بحفسسظ اللسسه لسسه‪.‬‬
‫ن{ ]الحجر‪ ،‬آية‪.[9 :‬‬
‫ظو َ‬‫ف ُ‬‫حا ِ‬‫ه لَ َ‬
‫وإ ِّنا ل َ ُ‬
‫ن ن َّزل َْنا الذّك َْر َ‬
‫ح ُ‬
‫قال تعالى‪} :‬إ ِّنا ن َ ْ‬
‫وانظر ما قاله في هذا علماء التفسير من أهل السسنة حسول هسذه اليسة )انظسر‪ :‬القرطسبي‪/‬‬
‫جامع أحكام القرآن‪ ،10/65 :‬النسسسفي‪ /‬مسسدارك التأويسسل‪ ،2/179 :‬تفسسسير الخسسازن‪،4/47 :‬‬
‫تفسسسير ابسسن كسسثير‪ ،2/592 :‬تفسسسير البغسسوي‪ ،3/44 :‬البيضسساوي‪ /‬أنسسوار التنزيسسل‪،1/538 :‬‬
‫اللوسسسي‪ /‬روح المعسساني‪ ،14/16 :‬صسسديق خسسان‪ /‬فتسسح البيسسان‪،5/168 :‬س ‪ ،169‬الشسسنقيطي‪/‬‬
‫أضواء البيان‪ ،3/120 :‬سيد قطب‪ /‬في ظلل القرآن‪ 5/194 :‬وغيرها‪.‬‬
‫وانظر في نقل أئمة السنة لجماع المسلمين على حفظ كتاب الله وسلمته‪ ،‬وتكفيرهسسم‬
‫لمن خالف ذلك‪ :‬انظر‪ :‬القاضي عياض‪ /‬الشفاء‪ ،305-2/304 :‬ابن قدامة‪ /‬لمعسسة العتقسساد‪:‬‬
‫ص ‪ ،20‬البغدادي‪ /‬الفرق بين الفرق‪ :‬ص ‪ ،327‬ابن حزم‪ /‬الفصل‪ 5/22 :‬وغيرها‪.[.‬‬
‫ه( وإنكاره لهذه الفرية‪:‬‬ ‫‪ -3‬الشريف المترضى )ت ‪‍ 436‬‬
‫يقول‪" :‬إن العلم بصحة نقل القرآن كسسالعلم بالبلسسدان والحسسوادث الكبسسار‬
‫والوقسسائع العظسسام والكتسسب المشسهورة وأشسسعار العسسرب المسسسطورة‪ ،‬فسسإن‬
‫العناية اشتدت والدواعي توفرت على نقله وحراسته‪ ،‬وبلغت إلى حسسد لسسم‬
‫يبلغه فيما ]لعلهسسا "مسسا ذكرنسساه"‪ [.‬ذكرناه‪ ،‬لن القرآن معجسسزة النبسسوة‪ ،‬ومأخسسذ‬
‫العلوم الشرعية‪ ،‬والحكام الدينية‪ ،‬وعلماء المسلمين قد بلغوا في حفظسسه‬
‫وحمايته الغاية حتى عرفسسوا كسسل شسسيء اختلسسف فيسسه مسسن إعرابسسه وقراءتسسه‬
‫وحروفه وآياته‪ ،‬فكيف يجوز أن يكون مغيرا ً ومنقوصا ً مع العنايسسة الصسسادقة‬
‫والضبط الشديد"‪.‬‬
‫ثم ذكر أنه لسسو رام أحسسد الزيسسادة أو النقسسص مسسن كتسساب مشسسهور ككتسساب‬
‫سيبوبه والمزني لعرف ونقل‪ ،‬لن أهل العنايسسة بهسسذا الشسسأن يعلمسسون مسسن‬
‫تفصيلهما ما يعلمونه مسسن جملتهمسسا حسستى لسسو أن مسسدخل ً أدخسسل فسسي كتسساب‬
‫سيبويه بابا ً في النحو ليس من الكتاب لعرف وميز وعلم أنه ملحق وليس‬
‫من أصل الكتاب‪ ،‬وكذلك القول في كتاب المزني‪.‬‬
‫ومعلسسوم أن العنايسسة بسسالقرآن وضسسبطه أصسسدق مسسن العنايسسة بنقسسل كتسساب‬
‫سيبويه ودواوين الشعراء‪..‬‬
‫وإن مسسن خسسالف ذلسسك مسسن الماميسسة والحشسسوية ل يعتسسد بخلفهسسم‪ ،‬فسسإن‬
‫الخلف في ذلك مضاف إلى قوم من أصحاب الحديث نقلوا أخبارا ً ضعيفة‬
‫ظنوا صحتها ل يرجع بمثلها عن المعلوم المقطوع على صحته ]انظر‪ :‬مجمسسع‬
‫البيان‪.[.1/31 :‬‬
‫وكأن الجملة الخيرة تشير إلى ما ذهب إليه الخباريون من الشيعة من‬
‫القول بهذا الضلل ]ويرى اللوسي أنسسه يلمسسز بهسسذا القسسول أهسسل السسسنة‪ ،‬ويعقسسب عليسسه‬
‫بقوله‪ :‬وهو كذب أوسوء فهم‪ ،‬لنهم أجمعوا على عدم وقوع النقص فيمسسا تسسواتر قرآن سا ً كمسسا‬
‫هو موجود بين الدفتين اليوم‪) ..‬روح المعاني‪.[.(25-1/24 :‬‬
‫وهذه كلمات شيخهم الشريف المرتضى )الذي اسسستثناه ابسسن حسسزم مسسن‬
‫القائلين بهذا الكفر كما تقدم( نقلها عنه صسساحب مجمسسع البيسسان وقسسال‪ :‬إن‬
‫المرتضى "قد اسسستوفى فسسي الكلم فسسي نصسسرة هسسذا المسسذهب الحسسق فسسي‬
‫جواب المسائل الطرابلسيات" ]انظر‪ :‬مجمع البيسسان‪ [.1/31 :‬ولم يقسسع لنسسا هسسذا‬
‫الكتاب‪ ،‬وأغفل متأخرو الشيعة النقل عنه كما فعل الكاشاني فسسي تفسسسير‬
‫الصافي‪ ،‬والبحراني في البرهان‪ ،‬والمجلسي في البحار وغيرهم‪ ،‬ولم أجد‬

‫‪173‬‬
‫منه ‪ -‬فيما اطلعت عليه ‪ -‬إل هذا النص الذي حفظه الطبرسي في مجمسسع‬
‫البيان‪.‬‬
‫ولكن قيل‪ :‬إن هذه النكار تقية‪ ،‬لنه كما قال صسساحب فصسسل الخطسساب‪:‬‬
‫"قد عد ّ هو في الشافعي من مطاعن عثمان ومن عظيسسم مسسا أقسسدم عليسسه‬
‫جمع الناس على قراءة زيد وإحراقه وإبطسساله مسسا شسسك أنسسه مسسن القسسرآن"‬
‫]فصل الخطاب‪ :‬ص ‪.[.33‬‬
‫وهسسذا بل شسسك ينسساقض إنكسساره لهسسذه الفريسسة‪ ،‬وبيسسانه بالسسدليل العقلسسي‬
‫والتاريخي استحالة حصولهم‪ ،‬فإما أن يكسسون هسسذا النسسص مدسوس سا ً عليسسه‪،‬‬
‫فقد رأينا كيف يغيرون في كتبهم كما صنعوا بكتاب سليم بن قيس وغيره‪،‬‬
‫ل سيما ً أنه لو كانت هذه عقيدة الرجل لكثر حسسديثه عنهسسا‪ ،‬ولكسسن لسسم يجسسد‬
‫صاحب فصل الخطاب عليه سوى هذا النص‪.‬‬
‫وإما أن يكون النكار على سبيل التقية‪ ،‬وهذا احتمال أضعف ممسسا قبلسسه‬
‫لما ذكرنا‪ ،‬وهذا النص علوة على أنه طعن في كتسساب اللسسه سسسبحانه‪ ،‬فهسسو‬
‫حكم بالضلل على المة عامة بما فيها علي ‪ -‬رضي الله عنسسه ‪ -‬مسسن قسسوم‬
‫يزعمون التشيع له وموالته!!‪.‬‬
‫وكيف يتصور مسلم مثل هذا في ذلك الجيل القرآني الفريد الذين بذلوا‬
‫المهج وهجروا الهسسل الولسسد‪ ،‬وفسسارقوا الوطسسان فسسي سسسبيل اللسسه وحسسده؟!‬
‫ولمصلحة من‪ ،‬وفسي سسبيل مسن يضسحون بسسابقتهم‪ ،‬وجهسادهم‪ ،‬ويسبيعون‬
‫دينهم ودنياهم فيوافقسوا أحسدا ً علسى المسساس بسدينهم وكتسابهم؟! إن هسذا‬
‫لبهتان عظيم؛ بل الحق أن عمسسل عثمسسان هسسذا مسسن أعظسسم منسساقبه‪ ،‬ووقسسع‬
‫بإجماع من المة‪ ،‬كما قال أميسسر المسسؤمنين علسسي ‪ -‬رضسسي اللسسه عنسسه ‪" :-‬ل‬
‫تقولوا في عثمان إل خيرا ً فوالله ما فعل في المصاحف إل عن مل منهسسا"‬
‫]أخرجه ابن أبي داود بسند صحيح كما قاله ابن حجر فسسي فتسسح البسساري‪ [.13/18 :‬فجزاه‬
‫الله عن المة خيرًا‪.‬‬
‫‪ -4‬الطبرسي وإنكاره لهذه الفرية‪:‬‬
‫أما الطبرسي فيقول‪ .." :‬ومن ذلك الكلم في زيادة القسسرآن ونقصسسانه‪،‬‬
‫فسسإنه ل يليسسق بالتفسسسير‪ ،‬فأمسسا الزيسسادة فيسسه فمجمسسع علسسى بطلنهسسا‪ ،‬وأمسسا‬
‫النقصان منه فقد روى جماعة من أصحابنا وقسسوم مسسن حشسسوية العامسسة أن‬
‫في القرآن تغييرا ً ونقصانًا‪ ،‬والصحيح من مذهب أصحابنا خلفه‪ ،‬وهو الذي‬
‫نصره المرتضى قدس الله وروحه‪ ،‬واسسستوفى الكلم فيسسه غايسسة السسستيفاء‬
‫في جواب المسائل الطرابلسيات" ثم ساق بعسض كلمسه فسي ذلسك ]تقسسدم‬
‫ذكره ص )‪.[.(358‬‬
‫فهو يشير هنا إلى أن جماعة من أصحابه رووا روايات في نقسسص كتسساب‬
‫الله وتغييره‪ ،‬وأن مذهب محققي الشسسيعة علسسى خلفسسه‪ ،‬ويحسساول ‪ -‬كعسسادة‬
‫هؤلء ‪ -‬أن يشرك بعض أهل السنة الذي عبر عنهم "بحشوية العامة" فسسي‬
‫هذا الكفر كنوع من الدفاع عن المسسذهب‪ ،‬وحفسسظ مسساء السسوجه‪ ،‬ولسسون مسسن‬
‫النقد المبطن لهل السنة‪ ،‬وهو كما قال اللوسسسي‪" :‬كسسذب أو سسسوء فهسسم‪،‬‬
‫لنهم أجمعوا على عدم وقوع النقص فيما تواتر قرآنا ً كما هو موجسسود بيسسن‬
‫الدفتين اليوم‪.‬‬
‫‪174‬‬
‫نعم أسقط زمن الصديق ما لم يتواتر ونسخت تلوته ‪ -‬وكان يقرأه مسسن‬
‫لم يبلغه النسخ ‪ -‬وما لم يكن في العرضة الخيسسرة ولسسم يسسأل جهسسدا ً رضسسي‬
‫الله عنه في تحقيق ذلك إل أنه لسسم ينتشسسر نسسوره فسسي الفسساق إل زمسسن ذي‬
‫النورين‪] "..‬روح المعسساني‪ [.1/25 :‬وقسسد نسساقش اللوسسسي مسسا قسساله الطبرسسسي‬
‫وبين أوهامه ]روح المعاني‪.[.25-1/24 :‬‬
‫وقد ذكر اللوسي أن كلمه هذا في إنكار هذه الفرية دعسساه إليسسه ظهسسور‬
‫فساد مذهب أصسسحابه حسستى للطفسسال‪ ،‬والحمسسد للسسه علسسى أن ظهسسر الحسسق‬
‫وكفى الله المؤمنين القتال ]روح المعاني‪.[.1/24 :‬‬
‫وقد اكتشفت أثناء قراءتي في مجمع البيان أن الطبرسي قد قام بحيلة‬
‫أو محاولة لستر هسسذا العسسار‪ ،‬فسسأتى إلسسى بعسسض روايسسات أصسسحابه فسسي هسسذه‬
‫السطورة والتي فيها أن الية كذا ثم غيرت إلى كذا‪ ،‬فغير صورة عرضسسها‬
‫بما ينخدع به أهل السنة‪ ،‬أو بما ل تتضح به صورة هذا الخسسزي‪ ،‬فعسسبر عسسن‬
‫بعض هذه الساطير بأنها قراءة ورادة‪.‬‬
‫ولنعرض على سبيل المثال بعض المثلة لساطيرهم في التحريف كمسسا‬
‫جاءت في مصادرهم‪ ،‬وتغيير الطبرسي لها‪:‬‬
‫م‬‫فى آدَ َ‬ ‫َ‬
‫ص قط َ‬ ‫ها ْ‬ ‫ّ‬
‫ن الل َ‬ ‫جاء في تفسير القمي فسسي قسسوله سسسبحانه‪} :‬إ ِ ّ‬
‫ن{ ]آل عمسسران‪ ،‬آيسسة‪:‬‬ ‫مي َ‬ ‫عققال َ ِ‬ ‫عل َققى ال ْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫مَرا َ‬ ‫ع ْ‬‫ل ِ‬ ‫وآ َ‬ ‫م َ‬ ‫هي َ‬ ‫وآ َ‬
‫ل إ ِب َْرا ِ‬ ‫حا َ‬ ‫وُنو ً‬ ‫َ‬
‫‪ .[.33‬قال العالم ]كناية عن المام‪ -[.‬رضي الله عنه ‪ -‬نزل‪" :‬وآل عمران وآل‬
‫محمسسد علسسى العسسالمين" فأسسسقطوا آل محمسسد مسسن الكتسساب ]تفسسسير القمسسي‪:‬‬
‫‪.[.1/100‬‬
‫وفي تفسير فرات عن حمران قال‪ :‬سمعت أبا جعفسسر يقسسرأ هسسذه اليسسة‪:‬‬
‫)إن الله اصطفى آدم ونوحا ً وآل إبراهيم وآل محمد على العالمين‪ :‬قلسست‪:‬‬
‫ليس يقرأ هكذا‪ ،‬قال أدخل حرف مكان حسسرف( ]تفسسسير فسسرات‪ :‬ص ‪ ،18‬بحسسار‬
‫النوار‪.[.92/56 :‬‬
‫وفي تفسير العياشي عن هشام بن سالم قال‪ :‬سألت أبا عبد اللسسه عسسن‬
‫وآ َ‬
‫ل‬ ‫م َ‬‫هي ق َ‬ ‫ل إ ِب َْرا ِ‬‫وآ َ‬ ‫حققا َ‬ ‫وُنو ً‬ ‫م َ‬ ‫فى آدَ َ‬ ‫ص قط َ َ‬ ‫ها ْ‬ ‫ن الل ّ ق َ‬ ‫قسسوله تعسسالى‪} :‬إ ِ ّ‬
‫ن{ قسسال‪" :‬هسسو آل إبراهيسسم وآل محمسسد علسسى‬ ‫مي َ‬ ‫عققال َ ِ‬ ‫عل َققى ال ْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫مققَرا َ‬
‫ع ْ‬
‫ِ‬
‫العالمين فوضوا اسما مكان اسم" ]تفسسسير العياشسسي‪ ،1/168 :‬البرهسسان‪،1/278 :‬‬ ‫ً‬
‫فصل الخطاب‪ :‬ص ‪.[.244‬‬
‫والهدف من هذا الفتراء والتزوير هو محاولة إثبات قولهم بسساثني عشسسر‬
‫إماما ً من كتاب الله‪ ،‬وفاتهم أن آل محمد لفظ عام‪ ،‬والثني عشر عنسسدهم‬
‫ي وابنسساه وأولد أحسسد أبنسسائه فقسسط‪ ،‬ومسسا سسسواهم ينسسالون السسسب أو‬ ‫هم عل س ّ‬
‫التفكير ‪ -‬كما سيأتي ‪ -‬فلم يتحقق الهدف لهم من التزوير ول من التأويل‪،‬‬
‫وهذه الساطير التي تفتري على كتاب الله‪ ،‬وصحابة رسول الله بما فيهم‬
‫أهل بيته‪ ،‬والتي تناقلتها كتب التفسير عنسسدهم‪ ،‬نلحسسظ أن صسساحب مجمسسع‬
‫البيسسان يعسسبر عنهسسا بقسسوله‪" :‬وفسسي قسسراءة أهسسل السسبيت‪ :‬وآل محمسسد علسسى‬
‫العالمين" ]مجمسسع البيسسان‪ .[.2/62 :‬وكذلك فعل فسسي عسسدة مسسن مفتريسساتهم جعلهسسا‬
‫َ‬
‫ن{ ]التوبسسة‪،‬‬ ‫قي َ‬‫ف ِ‬‫مَنا ِ‬‫وال ْ ُ‬ ‫فاَر َ‬ ‫د ال ْك ُ ّ‬ ‫ه ِ‬
‫جا ِ‬‫ي َ‬‫ها الن ّب ِ ّ‬ ‫قراءات ]كما في قوله سبحانه }َيا أي ّ َ‬
‫آية‪ .[73 :‬جاء في تفسير القمي‪" :‬إنما نزلت‪" :‬جاهد الكفسسار بالمنسسافقين" لن النسسبي صسسلى‬

‫‪175‬‬
‫الله عليه وسلم لم يجاهد المنافقين بالسيف"‪) .‬تفسسسير القمسسي‪ ،(1/301 :‬وهسسي أسسسطورة‬
‫وضعت لتوافق مذهب الرافضة في الصسسحابة فسسي رميهسسم بالنفسساق‪ ،‬وزعمسست أن اللسسه يسسأمر‬
‫رسوله بالعتماد على المنافقين في الجهاد‪ ،‬وجعلت الجهاد في السلم قائما ً علسسى أكتسساف‬
‫المنافقين‪ ،‬فهي جهل فاضح بالسلم‪ ،‬وتاريخ المسلمين‪ ،‬وتفسير القرآن‪ ،‬أو زندقسسة إلحسساد‪،‬‬
‫ومع ذلك فإن الطبرسي يعبر عن هذه السسسطورة بقسسوله‪" :‬وروي فسسي قسسراءة أهسسل السسبيت‪:‬‬
‫جاهد الكفار بالمنافقين"‪ ،‬وحاول أن يوجه الية بقوله‪" :‬وإنما كان يتألفهم لن المنسسافقين ل‬
‫يظهرون الكفر‪ ،‬وعلم الله تعالى بكفرهم ل يبيح قتلهم‪ ،‬إذ كانوا يظهرون اليمسسان" )مجمسسع‬
‫البيان‪ ،(3/100 :‬ولكن هذا التعليل ل ينسجم بحال مع معنى الية‪ ،‬فسسالله يسسأمر نسسبيه بجاهسسد‬
‫الكفار والمنافقين‪ ،‬فكيف تجعل تألف المنافقين هو جهاد للكفار بهم‪ ،‬ولم يقم الجهسساد فسسي‬
‫ل{ ]التوبة‪ ،‬آية‪.[47 :‬‬ ‫خَبا ً‬ ‫دوك ُ ْ‬
‫م إ ِل ّ َ‬ ‫ما َزا ُ‬
‫كم ّ‬ ‫جوا ْ ِ‬
‫في ُ‬ ‫خَر ُ‬ ‫السلم بالمنافقين }ل َ ْ‬
‫و َ‬
‫وقد قال السلف في تفسير الية‪ :‬جاهد الكفار بالسسسيف والقتسسل‪ ،‬وكسسذلك جاهسسد المنسسافقين‬
‫باللسان وترك الرفسسق‪ ،‬كمسسا قسسال ابسسن عبسساس‪ ،‬أو باليسسد أو اللسسسان أو القلسسب علسسى حسسسب‬
‫القدرة‪ ،‬ول تلقهم إل بوجه مكفهر كما قال ابن مسعود‪ ،‬أو بإقامة الحدود عليهسسم كمسسا قسسال‬
‫الحسن وقتادة‪ .‬وكلها معان تدل على مجاهد المنافقين وعدم العفو عنهم‪.‬‬
‫ولهذا قال عطاء‪ :‬نسخت هذه الية كل شيء من العفو والصفح )انظر‪ :‬تفسير الطبري‪:‬‬
‫‪ ،174-12/183‬تفسير البغوي‪ (2/311 :‬وأنت ترى الفرق الكبير بين نص الية السسذي يسسأمر‬
‫بجهاد المنافقين‪ ،‬وبين تلك القراءة المفتراة التي تأمر بالجهاد بهم‪.[.‬‬
‫وأحيانا ً يجعل تلك الفرية معنى للية؛ ففي أسطورتهم حسسول قسسوله جسسل‬
‫م{ ]سسسورة‬ ‫مققال َ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫ط أَ ْ‬
‫ع َ‬ ‫حب َ َ‬ ‫ل الل ّه َ َ‬
‫فأ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ما َأنَز َ‬
‫هوا َ‬ ‫م كَ ِ‬
‫ر ُ‬ ‫ه ْ‬
‫شأنه‪} :‬ذَل ِ َ َ‬
‫ك ب ِأن ّ ُ‬
‫محمد‪ ،‬آية‪ [.9 :‬قالت السطورة‪" :‬عن أبي جعفر نزل جبرائيل علسسى رسسسول‬
‫الله صلى الله عليه وآله بهذه الية هكذا‪" :‬ذلك بأنهم كرهوا ما أنسسزل اللسسه‬
‫)في علي( فأحبط أعمالهم" انظر إلسسى هسسذه الزيسسادة السستي افتروهسسا وهسسي‬
‫قولهم‪" :‬في علي" ]انظسسر‪ :‬فصسسل الخطسساب‪ [.331 – 330 :‬تجدها تتحسسول عنسسد‬
‫الطبرسي إلى معنى للية يقول‪" :‬كرهوا ما أنزل الله في حق علي رضي‬
‫الله عنه" ]مجمع البيان‪.[.6/32 :‬‬
‫هذا بعض ما جاء في كتاب مجمع البيسسان‪ ،‬السسذي سسسار فسسي تسسأليفه علسسى‬
‫منهج الطوسسسي فسسي التبيسسان‪ ،‬وقسسرر ثقسسة الشسسيعة فسسي العصسسور المتسسأخرة‬
‫"النوري الطبرسي" أن كتاب التبيان موضوع على أسلوب المداراة وتقية‬
‫الخصوم‪ ،‬فإن صدق هذا الوصف انطبسسق علسسى الثنيسسن معسًا‪ ،‬لن منهجهمسسا‬
‫واحد‪ ،‬وقد انخدع بأسلوب "مجمع البيان" قلة من المنتسبين لهل السسسنة‬
‫ممن ينتمي لدار التقريب في القاهرة‪ ،‬والتي كانت حية إلى وقسست قريسسب‬
‫قبل أن تتبين حقيقتها‪ ..‬فقاموا بإخراج هذا الكتاب باسسسم التقريسسب وعمسسل‬
‫على مراجعته وتصحيحه وضبطه ستة من الشيوخ المنتسبين لهل السسسنة‬
‫]انظر‪ :‬مجمع البيان‪) 10/575 :‬كلمسسة ختاميسسة( ط‪ .‬دار التقريسسب‪ ،[.‬وذلك لن مسن لسسم‬
‫يتعرف على نصوصهم ل يدرك "الخدعة" التي انطوى عليها هذا التفسير‪..‬‬
‫ويبدو أن ذلك السلوب هو الذي جعل بعض الشيعة يعتبر إنكار الطبرسي‬
‫تقية‪.‬‬
‫هؤلء هم الربعة الذين نقلت أقوالهم‪ ،‬وقد يكون هناك من أنكر غيرهسسم‬
‫ولم تصلنا أقوالهم‪ ،‬فسسإن المفيسسد فسسي أوائل المقسسالت نسسسب النكسسار إلسسى‬
‫جماعة من المامية ‪ -‬كما سلف ‪ -‬ول نجزم بأن هؤلء الربعة ل يوجد لهسسم‬
‫خامس في القرون المتقدمة كصاحب فصل الخطاب الذي يريد أن يخنسسق‬

‫‪176‬‬
‫]انظر‪ :‬ص )‪ (338‬هامش )‪ (2‬مسسن‬ ‫هذا الصوت‪ ،‬ويجعل جل الشيعة على مذهبه‬
‫هذه الرسالة‪.[.‬‬
‫وفي النهاية أقول‪ :‬بأن هسسذا الموقسسف مسسن كبسسار علمسساء الشسسيعة فسسي رد‬
‫وإنكار ما ورد في كتبهم مما يمس كتاب الله ‪ -‬سبحانه ‪ -‬ل نقول‪ :‬إنه تقية‬
‫فل سبيل إلى معرفة ذلك على وجه اليقين‪ ،‬وإن كان البعسسض مسسن السسسنة‬
‫]انظسسر‪ :‬ص )‪ [.(213‬والشسسيعة ]انظسسر‪ :‬ص )‪ [.(279‬قسسد ذهسسب إلسسى ذلسسك‪ ،‬فقسسد‬
‫لحظت الصراع الدائر بين الطائفتين في فصل الخطاب‪ ،‬كما تبين شسسيوع‬
‫الكذب والدس فيكتبهم كما بينا‪ ،‬ثم إن من يتبرأ من هذا الكفر )بعد إيمانه‬
‫بالله ورسوله( نقبل ذلك منه والله يتولى السرائر‪.‬‬
‫وهذا النكار خطوة يجب أن تتلوها خطوات‪ ،‬وذلك بأن يعيدوا النظر في‬
‫سائر ما شذوا به عن جماعة المسلمين‪ ،‬وقد أشسسار شسسيخهم المجلسسسي ‪-‬‬
‫كما مر ‪ -‬إلى أنهم يجب أن يسلكوا هذا المسلك‪ ،‬إذ يترتب في رأيه علسسى‬
‫إنكار أخبار التحريف التي تواترت مسسن طرقهسسم بالكسسذب والفسستراء يسسترتب‬
‫على ذلك رفع الثقة والعتماد في سائر أخبارهم‪ ..‬وهسسذا حسسق‪ ،‬فسسإن تسسواتر‬
‫هذا الكذب في كتبهم من أكبر الدلة على وضعها وفشو الكذب فيها‪.‬‬
‫نتائج الموضوع‪:‬‬
‫ل‪ :‬يحتمل أن هذه السطورة نشأت عند الشسسيعة فسسي القسسرن الثسساني‪،‬‬ ‫أو ً‬
‫والذي تولى كبرها بعض الغلة )وقد مر ذكر بعسسض أسسسمائهم(‪ ،‬وكسسان مسسن‬
‫أسبابها خلو كتاب الله مما يثبت بدعهم في المامة‪ ،‬والصحابة وغيرهما‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬أكثر كتب الشيعة المعتمدة عندهم قسسد روت هسسذا الكفسسر‪ ،‬وجسساءت‬
‫معظم هذه الروايات صريحة في ذلك ل يمكن حملها على أنهسسم يقصسسدون‬
‫تأويل الية‪ ،‬أو بيان القراءات التي وردت فيها‪ ،‬بل جاءت تصرح بسسأن اليسسة‬
‫هكذا والصحابة – بزعمها ‪ -‬غير ذلك‪ ،‬مثل اللفاظ التالية‪" :‬هذه اليسسة ممسسا‬
‫غيروا وحروفوا‪] "..‬بحار النوار‪ .[.55 /92 :‬يعنون الصسسحابة‪ ،‬وقسسولهم‪" :‬أنسسزل‬
‫الله سبعة بأسمائهم فمحت قريش ستة وتركوا أبا لهب" ]رجال الكشسسي‪ :‬ص‬
‫‪ ،290‬بحار النوار‪" ،[.92/54 :‬كانت فيه أسماء رجال فألقيت" ]تفسسسير العياشسسي‪:‬‬
‫‪ 1/12‬بحار النوار‪ ،[.92/55 :‬وقولهم‪" :‬هكذا والله نزل به جبرائيل على محمد‬
‫ولكنه فيما حرف من كتاب الله" ]بحار النوار‪ ،[.92/56 :‬وقولهم‪" :‬بلى واللسسه‬
‫إنه لمثبت فيها وإن أول من غيسسر ذلسسك لبسسن أروى" ]تفسسسير فسسرات‪ :‬ص ‪،177‬‬
‫بحار النوار‪ [.91/56 :‬ومثل ذلك كثير‪.‬‬
‫فمن يقل من الشيعة‪ :‬إن رواياتهم الواردة في كتبهم من جنس روايات‬
‫القراءات‪ ،‬ونسخ التلوة فهو يتستر على هذا الكفسسر‪ ،‬ويسسساوي بيسسن الحسسق‬
‫والباطل‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬ادعى جمع من شيوخهم استفاضة هذه "السسساطير" وكثرتهسسا فسسي‬
‫كتبهم المعتمدة‪ ،‬وهذا طعن في كتبهم ل فسسي كتسساب اللسسه سسسبحانه‪ ،‬ولهسسذا‬
‫حاول بعض عقلئهم الخروج بالمذهب من هذا "المأزق" الذي وقع فيه‪ ،‬أو‬
‫التستر على هذه الفضيحة‪ ..‬ولكن هذه السسسطورة كسسانت رواياتهسسا تزيسسد –‬
‫عبر القرون – رغم إنكار المنكرين‪ ،‬وتبنسسى إشسساعتها طائفسسة مسسن الزنادقسسة‬
‫الذين اندسوا في الشيعة‪ ..‬ول ريب بأن من يقل بهسسذه السسسطورة فليسسس‬
‫‪177‬‬
‫من السلم في شيء‪ ،‬ول علقة له بكتاب الله ودينه‪ ،‬ول برسول السلم‬
‫وأهل بيته‪ ،‬بل له دين آخر غير دين السلم‪.‬‬
‫لكن هؤلء القائلون بتغير القرآن النسساقلون لتلسسك السسساطير كالمجلسسسي‬
‫في بحار النوار‪ ،‬والطبرسي في فصل الخطسساب نراهسسم يستشسسهدون مسسن‬
‫كتاب الله‪ ،‬ويفتتحون كل باب من أبسسواب كتبهسسم بآيسسات مسسن القسسرآن‪ ،‬كمسسا‬
‫يفعسسل المجلسسسي فسسي بحسساره‪ ،‬والطبرسسسي فسسي "مسسستدرك الوسسسائل"‬
‫وغيرهما‪ ،‬بل إن الطبرسي الذي كتب في فصل الخطاب ما كتب قد عقد‬
‫في كتابه‪" :‬مستدرك الوسائل" بابا ً بعنوان‪" :‬باب استحباب الوضوء لمس‬
‫كتابة القرآن ونسخه‪ ،‬وعدم جواز مس المحسسدث والجنسسب كتابسسة القسسرآن"‬
‫]مستدرك الوسائل‪ ،[.1/43 :‬بل إن شيخ الشيعة المجلسسسي السسذي قسسال ‪ -‬كمسسا‬
‫سلف ‪ -‬باستفاضة تلك الساطير وأنها ل تقصر عن أخبار المامة يقول مع‬
‫ذلك‪" :‬بأن الذي بين الدفتين كلم الله تعالى على الحقيقة من غيسسر زيسسادة‬
‫ول نقصان" ]بحار النوار‪.[.92/75 :‬‬
‫ثم استشسسعر التنسساقض بيسسن هسسذا القسسول وبيسسن أسسساطيرهم فسسي تحريسسف‬
‫ح القول بأن الذي بين الدفتين هسو‬ ‫القرآن فقال‪" :‬فإن قال قائل‪ :‬كيف يص ّ‬
‫كلم الله تعالى على الحقيقة من غير زيادة ول نقصان‪ ،‬وأنتم تروون عسسن‬
‫الئمة عليهم السسسلم أنهسم قسرؤوا‪" :‬كنتسسم خيسر أئمسة أخرجست للنساس" أو‬
‫"كذلك جعلناكم أئمة وسطًا" وقرؤوا‪" :‬يسألونك النفال" وهسسذا بخلف مسسا‬
‫في المصحف الذي في أيدي الناس؟ قيسسل لسسه‪ ..:‬إن الخبسسار السستي جسساءت‬
‫بذلك أخبار آحاد ل يقطع على الله بصحتها‪ ،‬فلذلك وقفنا فيها‪ ،‬ولسسم نعسسدل‬
‫عما في المصحف الظساهر علسى مسا أمرنسا بسه‪ ..‬مسع أنسه ل ننكسر أن تسأتي‬
‫القراءة على وجهين منزلتين أحدهما ما تضمنه المصحف‪ ،‬والثاني ما جسساء‬
‫به الخبر‪ ،‬كما يعترف مخالفونا به من نزول القرآن على وجوه شسستى" ثسسم‬
‫أشار إلى بعض القراءات ]بحار النوار‪.[.92/75 :‬‬
‫فما دام هذه نهاية الذين أثاروا تلك العقائد الكفرية‪ ،‬فلمسساذا أثسساروا تلسسك‬
‫المفتريات وتناقلوها‪ ..‬والجواب واضح من خلل ما سبق أن عرضناه وهسسو‬
‫إقناع قومهم وأتباعهم بصحة ما هسسم عليسسه مسسن معتقسسدات‪ ،‬وأن آيسسات مسسن‬
‫القرآن قد حذفها الصحابة تشهد لمذهبهم‪ ،‬ولهذا لحظنا أنهم أيض سا ً ادعسسوا‬
‫نزول كتب إلهية غير القسسرآن‪ ،‬وفزعسسوا إلسسى التفسسسير البسساطني؛ كسسل ذلسسك‬
‫لثبات شذوذهم‪ ..‬فإذن تحولت تلك الدعاوى إلى مجرد محاولت للتخلص‬
‫من اللزامات الواردة عليهم بخلو كتاب الله ممسسا يثبسست عقسسائدهم‪ ،‬ولكسسن‬
‫تلك الروايات كان لها آثارها علسسى فسسرق الشسسيعة ]كالسسدروز السسذين اتخسسذوا لهسسم‬
‫مصحفا ً سموه‪" :‬مصحف المنفرد بذاته"‪.‬‬
‫)انظر‪ :‬مصطفى الشكعة‪ ،‬إسلم بل مذاهب‪ ،‬مقدمة الطبعة الخامسة‪ ،‬الخطيب‪ /‬عقيسسدة‬
‫الدروز ص ‪ ،[.(184-138‬بل على الثني عشرية نفسها‪ ،‬فإن الخباريين منهسسم‬
‫دمون أخبارهم على كتاب الله كما سلف ]انظسسر‪ :‬ص )‪ .[.(116‬حتى أشسسيع‬ ‫يق ّ‬
‫بأن الثني عشرية لهم مصحف خاص بهم‪.‬‬
‫رابعًا‪ :‬كما أن لديهم روايات تقول بالتحريف‪ ،‬فإن عندهم روايات أخسسرى‬
‫تنفي هذا الباطل وتنكره مثسسل قسسول إمسسامهم‪" :‬واجتمعسست المسسة قاطبسسة ل‬
‫‪178‬‬
‫اختلف بينهم في ذلك أن القرآن حق ل ريب فيه عند جميسسع فرقهسسا‪ ،‬فهسسم‬
‫في حالة الحتجاج عليه مصيبون‪ ،‬وعلى تصسسديق مسسا أنسسزل اللسسه مهتسسدون‪،‬‬
‫لقول النبي صلى الله عليه وسسسلم‪" :‬ل تجتمسسع أمسستي علسسى ضسسللة" ]انظسسر‪:‬‬
‫الشعراني‪ /‬تعاليق علمية )على شرح الكافي للمازندراني( ‪ ،2/414‬وراجع تتمة النسسص فسسي‬
‫فصل‪ :‬اعتقادهم في الجماع‪ .[.‬ومثل ما جاء عندهم فسسي ثسسواب قسسراءة القسسرآن‬
‫]انظر‪ :‬أصول الكافي‪ ،‬كتاب فضل القرآن‪ ،[.2/611 :‬وفضل حامسسل القسسرآن ]أصسسول‬
‫الكافي‪ ،[.3/603 :‬ووجوب عرض أحاديثهم عليه ]أصسسول الكسسافي ‪ /‬بسساب السسرد إلسسى‬
‫الكتاب والسنة‪ ،[.1/59 :‬والتمسك به إلى قيام الساعة‪ ،‬وهذا يبطل أن يكسسون‬
‫محرفا ً أو مخفيا ً عند منتظرهم‪.‬‬
‫خامسًا‪ :‬تبين لنا أن هسسذه السسسطورة حملسست بسسذاتها باطلهسسا‪ ،‬وتسسبين مسسن‬
‫عناصر تكوينها فسادها‪ ،‬وكان مجرد عرضها كافيا ً في الرد عليهسسا‪ .‬ويكفسسي‬
‫في بيان كذب الروافض‪ ..‬أن علي بن أبي طالب الذي هو عند أكثرهم إله‬
‫خالق‪ ،‬وعند بعضهم نبي ناطق‪ ،‬وعند سسسائرهم إمسسام معصسسوم ولسسي المسسر‬
‫وملك‪ ،‬فبقي خمسسة أعسسوام وتسسسعة أشسسهر خليفسة مطاعسا ً ظسساهر المسسر‪..‬‬
‫والقرآن يقرا في المساجد في كل مكان وهو يؤم الناس به‪ ،‬والمصسساحف‬
‫معه وبين يديه‪ .‬فلو رأى فيه تبديل ً كما تقول الرافضسة أكسان يقرهسم علسى‬
‫ذلك؟ ثم أتى ابنه الحسن وهو عندهم كأبيه فجرى على ذلك‪.‬‬
‫فكيف يسوغ لهؤلء النوكى أن يقولوا إن فسسي المصسسحف حرف سا ً زائدا ً أو‬
‫ناقصا ً أو مبدل ً مع هذا؟!‬
‫ولقد كان جهاد من حرف القرآن وبدل السلم أوكد عليه من قتال أهل‬
‫الشام السسذين إنمسا خسسالفوه فسسي رأي يسسسير رأوه ورأى خلفسسة فقسسط‪ ،‬فلح‬
‫كذب الرافضة ببرهان ل محيد عنه‪ .‬والحمسسد للسسه رب العسسالمين ]ابسسن حسسزم‪/‬‬
‫الفصل‪.[.217-2/216 :‬‬

‫الفصل الثاني‪:‬‬
‫اعتقادهم في السنة‪:‬‬
‫اعتبر المام عبد القاهر البغدادي الشيعة من المنكرين للسنة لرفضسسهم‬
‫قبول مرويات صحابة رسول الهدى ‪ -‬عليه الصلة والسلم ]انظر‪ :‬الفرق بين‬
‫الفرق ص‪ ،322 :‬س ‪ ،327‬س ‪ -[.346‬على حين نجد أن السيوطي يشير فسسي كتسسابه‬
‫"الحتجاج بالسنة" إلى ظهور دعوة شاذة في عصره تدعو إلى نبذ السنة‪،‬‬
‫والعسراض عسن الحتجساج بهسا والكتفساء بسالقرآن‪ ،‬ويسذكر أن مصسدر هسذه‬
‫الدعوة رجل رافضي‪ ،‬وقد كتب كتابه المذكور لنقض هذا التجاه وإبطاله‪.‬‬
‫إذا ً فالشيعة تحارب السنة‪ ،‬ولهذا فإن أهل السسسنة اختصسسوا بهسسذا السسسم‬
‫لتباعهم سنة المصسسطفى صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم ]المنتقسسى ص ‪ ،189‬منهسساج‬
‫السنة‪.[.2/175 :‬‬
‫هذا ما جاء في بعض مصادر أهل السنة؛ ولكن الشيعة تروي عن أئمتهسا‬
‫"أن كل شيء مردود إلى الكتاب والسنة وكل حديث ل يوافق كتسساب اللسسه‬
‫فهو زخسرف" ]البهبسسودي‪ /‬صسسحيح الكسسافي‪ .[.1/11 :‬وبهسذا المعنسى روايسات أخسر‬
‫]انظر‪ :‬أصول الكسافي مسع شسرحه‪ ،‬بساب الخسذ بالسسنة وشسواهد الكتساب ‪ ،2/417‬وصسحيح‬

‫‪179‬‬
‫الكافي‪ [.1/11 :‬عندهم‪ .‬وهو يفيد أن الشيعة ل تنكر سنة رسول اللسسه صسسلى‬
‫الله عليه وسلم؛ بل تعتمد عليها‪ ،‬وتجعلها مع كتاب الله الميزان والحكم‪.‬‬
‫غير أن الدارس لنصوص الشيعة ورواياتهسسا قسسد ينتهسسي إلسسى الحكسسم بسسأن‬
‫الشسسيعة تقسسول بالسسسنة ظسساهرا ً وتنكرهسسا باطنسسًا؛ إذ إن معظسسم روايسساتهم‬
‫وأقوالهم تتجه اتجاها ً مجانفا ً للسنة السستي يعرفهسسا المسسسلمون‪ ،‬فسسي الفهسسم‬
‫والتطبيق‪ ،‬وفي السانيد‪ ،‬والمتون‪ ،‬ويتبين ذلك فيما يلي‪:‬‬
‫قول المام كقول الله ورسوله‪:‬‬
‫ل أو‬ ‫ل أو فع س ٍ‬‫فالسنة عندهم هي‪" :‬كل ما يصدر عن المعصسسوم مسسن قسسو ٍ‬
‫ر" ]محمد تقي الحكيم‪ /‬الصول العامة للفقه المقارن ص‪ ،[.122 :‬ومن ل يعرف‬ ‫تقري ٍ‬
‫طبيعسسة مسسذهبهم ل يلمسسح مسسدى مجسسانبتهم للسسسنة فسسي هسسذا القسسول؛ إذ إن‬
‫المعصوم هو رسول الله صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم؛ ولكسسن الشسسيعة تعطسسي‬
‫صفة العصمة لخرين غيسسر رسسسول اللسسه صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم‪ ،‬وتجعسسل‬
‫كلمهسسم مثسسل كلم اللسسه وكلم رسسسوله‪ ،‬وهسسم الئمسسة الثنسسا عشسسر‪ ،‬ل فسسرق‬
‫عندهم في هذا بين هؤلء الثني عشر وبين من ل ينطسسق عسسن الهسسوى‪ ،‬إن‬
‫هو إل وحي يوحى‪.‬‬
‫فهم "ليسوا من قبيل الرواة عن النبي والمحدثين عنسسه‪ ،‬ليكسسون قسسولهم‬
‫حجة من جهة أنهم ثقات في الرواية؛ بل لنهم هسسم المنصسسوبون مسسن اللسسه‬
‫تعسسالى علسسى لسسسان النسسبي لتبليسسغ الحكسسام الواقعيسسة‪ ،‬فل يحكمسسون إل عسسن‬
‫الحكام الواقعية عند الله تعسسالى كمسسا هسسي" ]المظفسسر‪ /‬أصسسول الفقسسه المقسسارن‪:‬‬
‫‪ ،3/51‬وانظر‪ :‬السالوس‪ /‬أثر المامة ص ‪.[.274‬‬
‫ول فرق في كلم هؤلء الثني عشر بيسسن سسسن الطفولسسة‪ ،‬وسسسن النضسسج‬
‫العقلسسي؛ إذ إنهسسم ‪ -‬فسسي نظرهسسم ‪ -‬ل يخطئون عمسسدا ً ول سسسهوا ً ول نسسسيانا ً‬
‫طوال حياتهم ‪ -‬كما سيأتي في مسألة العصمة ‪ ،-‬ولهاذ قال أحد شيوخهم‬
‫المعاصرين‪" :‬إن العتقاد بعصمة الئمة جعل الحاديث السستي تصسسدر عنهسسم‬
‫صحيحة دون أن يشترطوا إيصال سندها إلى النبي صلى الله عليه وسسسلم‬
‫كما هو الحال عند أهل السنة" ]عبد الله فياض‪ /‬تاريسسخ الماميسسة ص‪ ،[.140 :‬ذلك‬
‫إن المامة عندهم "استمرار للنبوة" ]محمسسد رضسسا المظفسسر‪ /‬عقسسائد الماميسسة ص‪:‬‬
‫‪ ،[.166‬وأن الئمة كالرسل "قولهم قول الله وأمرهم أمر اللسسه وطسساعتهم‬
‫طاعة الله ومعصيتهم معصية اللسه وإنهسسم لسسم ينطقسسوا إل عسسن اللسسه تعسالى‬
‫وعن وحيه" ]ابن بابويه‪ /‬العتقادات ص‪.[.106 :‬‬
‫وقد جاء في الكافي ما يعدونه حجة لهم في هذا المذهب وهو قول أبي‬
‫عبد الله ‪ -‬كما يزعم صاحب الكافي ‪" -‬حديثي حسسديث أبسسي‪ ،‬وحسسديث أبسسي‬
‫حسسديث جسسدي‪ ،‬وحسسديث جسسدي حسسديث الحسسسين‪ ،‬وحسسديث الحسسسين حسسديث‬
‫الحسن‪ ،‬وحديث الحسن حديث أميسسر المسسؤمنين‪ ،‬وحسسديث أميسسر المسسؤمنين‬
‫حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وحديث رسسسول اللسسه قسسول اللسسه‬
‫عز وجل" ]أصول الكافي‪ ،‬كتاب فضل العلم‪ ،‬باب رواية الكتب والحديث‪ ، 1/53 :‬وسائل‬
‫الشيعة‪.[.18/58 :‬‬

‫‪180‬‬
‫وذكر شارح الكافي أن هذا القول يدل على "أن حسسديث كسسل واحسسد مسسن‬
‫الئمسسة الظسساهرين قسسول اللسسه عسسز وجسسل‪ ،‬ول اختلف فسسي أقسسوالهم كمسسا ل‬
‫اختلف في قوله تعالى" ]المازندراني‪ /‬شرح جامع )على الكافي( ‪.[.2/272‬‬
‫بل قال‪" :‬يجوز من سمع حديثا ً عن أبي عبد الله ‪ -‬رضي اللسسه عنسسه ‪ -‬أن‬
‫يرويه عن أبيه أو عن أحد من أجداده‪ ،‬بل يجوز أن يقول‪ :‬قال الله تعالى"‬
‫]المازندراني‪ /‬شرح جامع )علسسى الكسسافي( ‪ ،[.2/272‬وهذا صسسريح فسسي جسسواز نسسسبة‬
‫أقوال البشر إلى الله سبحانه‪ .‬ثم ذكر أن بعض رواياتهم تسدل علسسى جسواز‬
‫ذلك بل أولويته ]المازندراني‪ /‬شرح جسسامع )علسسى الكسسافي( ‪ ،[.2/272‬كما جساء فسي‬
‫الكافي عسسن أبسسي بصسسير قسسال‪ :‬قلسست لبسسي عبسسد اللسسه ‪ -‬رضسسي اللسسه عنسسه ‪:-‬‬
‫الحديث أسمعه منك أرويه عن أبيك أو أسمعه عن أبيك أرويه عنك؟ قال‪:‬‬
‫ي‪ .‬وقال أبسسو عبسسد اللسسه ‪ -‬رضسسي اللسسه‬‫سواء‪ ،‬إل أنك ترويه عن أبي أحب إل ّ‬
‫عنه ‪ -‬لجميل‪ :‬ما سمعت مني فاروه عن أبي" ]أصول الكافي )مع شرح جامع(‪:‬‬
‫‪.[.2/259‬‬
‫هذه الروايات صسسريحة فسسي استسسساغتهم الكسسذب البسسواح الصسسراح حيسسث‬
‫ينسبون – مثل ً ‪ -‬لمير المؤمنين علي ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬مسسا لسسم يقلسسه‪ ،‬بسسل‬
‫قاله بعض أحفاده ممن لم يشتهر عنه العلم‪ ،‬وحسستى مسسا ينسسسب لمنتظسسره‬
‫من أقوال يجوز نسبتها إلى أمير المؤمنين علي؛ بسسل النسسسبة إلسسى العلسسى‬
‫أولى كما يدل عليسه صسريح الروايسة السسابقة‪ ،‬وقسد أخسذ مسن ذلسك شسارح‬
‫الكافي أولوية نسبة أقوال الئمة إلى الله عز وجل‪ ،‬وهذا في غاية الجرأة‬
‫على الله عز وجل‪ ،‬فالسنة عندهم ليست سسسنة النسسبي فحسسسب؛ بسسل سسسنة‬
‫الئمة‪ ،‬وأقوال هؤلء الئمة كأقوال الله ورسوله‪ ،‬ولهذا اعسسترفوا بسسأن هسسذا‬
‫مما ألحقته الشيعة بالسنة المطهرة‪ ،‬قالوا‪" :‬وألحق الشيعة الماميسسة كسسل‬
‫ما يصسسدر عسسن أئمتهسسم الثنسسي عشسسر مسسن قسسول أو فعسسل أو تقريسسر بالسسسنة‬
‫الشريفة" ]محمد تقي الحكيم‪ /‬سنة أهل البيت ص‪.[.9 :‬‬
‫وهم يقولون بهذا القول من منطلقيسسن خطيريسسن‪ ،‬وقاعسسدتين أساسسسيتين‬
‫عندهم في هذه المسألة‪ .‬وقد أشار أحد شيوخهم المعاصرين إليهما حينما‬
‫ذكر أن قول المام عندهم يجري مجرى قول النبي‪ ،‬من كونه حجسسة علسسى‬
‫العباد واجب التباع‪ ،‬وأنهم ل يحكمون إل عن الحكسسام الواقعيسسة عنسسد اللسسه‬
‫تعالى كما هي‪.‬‬
‫فبين أن ذلك يتحقق لهم من طريقين "من طريسسق اللهسسام كسسالنبي مسسن‬
‫طريق الوحي‪ ،‬أو من طريق التلقي عن المعصسسوم قبلسسه كمسسا قسسال مولنسسا‬
‫أمير المؤمنين ‪ -‬عليسسه السسسلم ‪" :-‬علمنسسي رسسسول اللسسه صسسلى اللسسه عليسسه‬
‫وسلم ألف باب من العلم ينفتح لي من كسسل بسساب ألسسف بسساب" ]محمسسد رضسسا‬
‫المظفر‪ /‬أصول الفقه‪ ،[.3/51 :‬فعلم الئمة نوعسسان‪ :‬علسسم حسسادث وهسسذا يتحقسسق‬
‫عن طريق اللهام وغيره‪ ،‬وعلم مستودع عندهم ورثوه عن الرسول صلى‬
‫الله عليه وسلم‪ ،‬والكل يعتبر من السنة‪.‬‬
‫وفيما يلي توضيح لهذين الصلين الخطيرين عند الشيعة‪:‬‬
‫الصل الول‪ :‬علم الئمة يتحقق عن طريق اللهام والوحي‪:‬‬

‫‪181‬‬
‫علم الئمة يتحقق ‪ -‬في نظرهم ‪ -‬عن طريق اللهام‪ ،‬وحقيقته كما قسسال‬
‫صاحب الكافي في روايته عن أئمته‪" :‬النكت في القلسسوب" ]أصسسول الكسسافي‪:‬‬
‫‪ ،[.1/264‬وفي لفظ آخسسر لسسه‪" :‬فقسسذف فسسي القلسسوب" وصسسرح أن ذلسسك هسسو‬
‫اللهام حيث قال‪" :‬وأما النكت في القلوب فإلهام" ]أصول الكسسافي‪،[.1/264 :‬‬
‫أي أن العلم ينقدح في قلب المام فيلهم القول الذي ل يتصور فيه الخطأ‬
‫لن المام معصوم‪.‬‬
‫واللهام ليس هو الوسيلة الوحيدة في هسسذا‪ ،‬كمسسا حساول أن يلطسسف مسن‬
‫المر ذلك الشسسيعي المعاصسسر السسذي نقلنسسا كلمسسه آنفسًا‪ ،‬بسسل صسسرح صسساحب‬
‫الكافي في أن هناك طرقا ً أخرى غيره‪ ،‬حيسث ذكسر فسي بعسض روايساته أن‬
‫من وجوه علوم الئمة "النقر في السماع" مسسن قبسسل الملسسك‪ ،‬وفسّرق بيسسن‬
‫هذا واللهام حيث قال‪" :‬وأما النكت في القلوب فإلهسسام‪ ،‬وأمسسا النقسسر فسسي‬
‫السماع فأمر الملك" ]أصول الكافي‪.[.1/264 :‬‬
‫إذن هناك وسيلة أخسسرى غيسسر اللهسسام‪ ،‬وهسسو نقسسر فسسي السسسماع بتحسسديث‬
‫الملك ]المازندراني‪ /‬شرح جامع )علسسى الكسسافي(‪ ،[.6/44 :‬وهو يسسسمع الصسسوت ول‬
‫يرى الملك كما جاء فسي الروايسات الربسع فسي بساب الفسرق بيسن الرسسول‬
‫دث من أصول الكسسافي‪ ،‬وكلهسسا قسسالت‪ :‬إن "المسسام هسسو السسذي‬ ‫والنبي والمح ّ‬
‫يسمع الكلم ول يرى الشخص" ]انظسسر‪ :‬أصسسول الكسسافي‪ ،177-1/176 :‬وقسسد صسسحح‬
‫هذه الروايات صاحب الشسسافي شسسرح الكسسافي‪ .[.3/29 :‬وذكر صسساحب البحسسار )‪(15‬‬
‫روايسسة فسسي هسسذا المعنسسى فسسي بسساب عقسسدة بعنسسوان‪" :‬بسساب أنهسسم محسسدثون‬
‫مفهمون" ]المجلسي‪ 26/73 :‬وما بعدها‪.[.‬‬
‫ولكن كيف يعلم أنه كلم الملك وهو ل يراه؟ قال إمسامهم‪" :‬إنسسه يعطسسى‬
‫السكنية والوقسار حستى يعلسسم أنسه كلم الملسك" ]أصسسول الكسسافي‪ ،1/271 :‬بحسسار‬
‫النوار‪ ،26/68 :‬الصفار‪ /‬بصائر الدرجات ص‪.[.93 :‬‬
‫ب عدة يعود صاحب الكافي ينقسسض مسسا قسسرره فسسي الروايسسات‬ ‫ثم بعد أبوا ٍ‬
‫السابقة‪ ،‬ويثبت تحقيق رؤية المام للملك في روايات أربع في باب عقده‬
‫بعنوان‪" :‬باب الئمة تدخل الملئكة بيوتهم وتطأ بسطهم‪ ،‬وتأتيهم بالخبسسار‬
‫عليهسسم السسسلم" ]أصسسول الكسسافي‪ ،[.394-1/393 :‬ثسسم مسسا تلبسسث أن تزيسسد هسسذه‬
‫الروايات الربع‪ ،‬لتصل إلى ست وعشرين رواية عند صاحب بحسسار النسسوار‬
‫ليجمعها في باب أكثر صراحة على التأكيد على رؤية المسسام للملسسك حيسسث‬
‫جعل عنوانه "باب أن الملئكة تأتيهم وتطأ فرشسسهم وأنهسسم يرونهسسم" ]بحسسار‬
‫النوار‪ 26/355 :‬وما بعدها‪.[.‬‬
‫وتتحدث رواية أخرى لهم عن أنواع الوحي للمام فتذكر أن جعفرا ً قال‪:‬‬
‫"إن منا لمن ينكت في أذنه‪ ،‬وإن منا لمن يؤتى في منسسامه‪ ،‬وإن منسسا لمسسن‬
‫يسمع صوت السلسلة تقع على الطشت )كذا(‪ ،‬وإن منا لمن يأتيه صسسورة‬
‫أعظم من جبرائيل وميكائيل" ]بحار النوار‪ ،26/358 :‬بصائر الدرجات ص‪.[.63 :‬‬
‫وثمة روايات أخرى في البحار بهذا المعنى ]انظسسر‪ :‬بحسسار النسسوار‪ 26/35 :‬ومسسا‬
‫بعدها‪ ،‬الروايات رقم‪،110 :‬سس ‪،111‬سس ‪،112‬سس ‪ .[.130‬وكأنهم بهذا المقسسام أرفسسع مسسن‬
‫النبي الذي ل يسسأتيه إل جبرائيسسل‪ ،‬وتسسأتي روايسسات تسسبين هسسذه الصسسورة السستي‬
‫أعظم من جبرائيل وميكائيل بأنها الروح ]وقد ورد في معاني الخبسسار لبسسن بسسابويه‬
‫‪182‬‬
‫تفسير للروح بأنها ‪ -‬كما يقول إمامهم ‪" :-‬عمود من نور بيننا وبين اللسسه عسسز وجسسل"‪ .‬عيسسون‬
‫الخبار ص‪ [.354 :‬عندهم‪ ،‬وقد خصها صاحب الكافي بباب مسسستقل بعنسسوان‪:‬‬
‫"باب الروح التي يسدد الله بها الئمسة"‪ ،‬وذكسر فيهسسا سست روايسسات ]أصسسول‬
‫الكافي‪ ،[.274-1/273 :‬منها‪" :‬عن أبي بصير قال‪ :‬سسسألت أبسسا عبسسد اللسسه عسسن‬
‫مققا‬ ‫َ‬ ‫حي َْنا إ ِل َي ْ َ‬ ‫قول الله تبارك وتعالى‪} :‬وك َذَل ِ َ َ‬
‫رن َققا َ‬
‫م ِ‬
‫نأ ْ‬ ‫مق ْ‬‫حققا ّ‬
‫ك ُرو ً‬ ‫و َ‬‫كأ ْ‬ ‫َ‬
‫ن{ قال‪ :‬خلق من خلق الله عز وجل‬ ‫ما ُ‬‫لي َ‬‫ول ا ِ‬ ‫ما ال ْك َِتا ُ‬
‫ب َ‬ ‫ري َ‬ ‫ت ت َدْ ِ‬
‫كن َ‬ ‫ُ‬
‫أعظم من جبرائيل وميكائيل كان مع رسول الله ‪ -‬صلى الله عليسسه وآلسسه ‪-‬‬
‫يخبره ويسدده وهو مع الئمة من بعده" ]أصول الكافي‪.[.1/273 :‬‬
‫ومعلوم أن الروح في هذه الية المراد بها القرآن‪ ،‬كما يدل عليسسه لفسسظ‬
‫حي َْنا{‪ ،‬وقد سماه الله سسسبحانه روح سا ً لتوقسسف الحيسساة الحقيقيسسة‬ ‫َ‬
‫و َ‬ ‫الية }أ ْ‬
‫على الهتداء به ]شرح الطحاويسسة‪ :‬ص ‪ .[.4‬وكأن هسسذه السسدعاوى حسسول السسوحي‬
‫ه( أو أنهسسا صسسنعت فيمسسا‬ ‫للمام قد غابت عن مفيدهم )المتوفى سسسنة ‪‍ 413‬‬
‫بعد؛ إذ رأينا المفيد يقرر التفاق والجماع علسى "أنسه مسن يزعسم أن أحسدا ً‬
‫بعد نبينا يوحى إليه فقسسد أخطسسأ وكفسسر‪] "..‬أوائل المقسسالت‪ :‬ص ‪ ،[.39‬أو يكسسون‬
‫ه هذا تقية‪.‬‬ ‫قول ُ‬
‫إذن المسسام يلهسسم‪ ،‬ويسسسمع صسسوت الملسسك‪ ،‬ويسسأتيه الملسسك فسسي المنسسام‬
‫واليقظة‪ ،‬وفي بيته ومجلسسسه‪ ،‬أو يرسسسل لسسه مسسا هسسو أعظسسم مسسن جبرائيسسل‬
‫يخبره ويسدده‪ ،‬وليسسس ذلسسك نهايسسة المسسر‪ ،‬بسسل لسسدى الئمسسة أرواح أخسسرى‪،‬‬
‫ووسائل أخرى؛ لسسديهم خمسسسة أرواح‪ :‬روح القسسدس‪ ،‬وروح اليمسسان‪ ،‬وروح‬
‫الحياة‪ ،‬وروح القوة‪ ،‬وروح الشهوة‪.‬‬
‫ذكر ذلك صاحب الكافي في باب بعنوان‪" :‬بسساب فيسسه ذكسسر الرواح السستي‬
‫في الئمسة عليهسم السسلم" ]أصسسول الكسسافي‪ [.1/271 :‬فسسذكر فسسي ذلسك سست‬
‫روايات‪ ،‬بينما تطورت هذه المسألة عند صاحب البحسسار فبلغسست رواياتهسسا )‬
‫‪ (74‬رواية ]بحار النوار‪.[.99-25/47 :‬‬
‫وقد ركزت رواياتهم على روح القسسدس‪ ،‬فسسذكرت أن هسسذه السسروح تنتقسسل‬
‫إلى الئمة بعد موت النبياء "فسسإذا قبسسض النسسبي ‪ -‬صسسلى اللسسه عليسسه وآلسسه ‪-‬‬
‫انتقل روح القدس إلسسى المسسام" ]أصسسول الكسسافي‪" [.1/272 :‬وبسسروح القسسدس"‬
‫عرفوا ما تحت العرش إلى ما تحت الثرى" ]أصول الكسسافي‪" ،[.1/272 :‬وروح‬
‫القدس ل ينام ول يغفسل ول يلهسو ول يزهسسو" ]أصسسول الكسسافي‪ ،1/272 :‬والزهسسو‪:‬‬
‫الرجسساء الباطسسل والكسسذب والسسستخفاف )هسسامش الكسسافي‪ ،[.(1/272 :‬وبسسروح القسسدس‬
‫يستطيع أن يرى المام "ما غساب عنسه فسي أقطسار الرض ومسا فسي عنسان‬
‫السماء وبالجملة ما دون العرش إلى ما تحت الثرى" ]الغفسساري‪ /‬تعسساليق علسسى‬
‫أصول الكافي‪) 1/272 :‬الهامش(‪.[.‬‬
‫بل إن الئمة تذهب إلسسى عسسرش الرحمسسن ‪ -‬كمسسا يزعمسسون ‪ -‬كسسل جمعسسة‬
‫لتطوف به فتأخذ من العلم ما شاءت‪.‬‬
‫قال أبو عبد الله‪" :‬إذا كان ليلة الجمعة وافى رسسسول اللسسه ‪ -‬صسسلى اللسسه‬
‫عليه وآله‪ -‬العرش ووافى الئمة ‪ -‬عليهم السلم ‪ -‬معه ووافينا معهسسم‪ ،‬فل‬
‫ترد أرواحنا إلى أبداننا إل بعلم مستفاد‪ ،‬ولول ذلك لنفسسذنا" ]أصسسول الكسسافي‪:‬‬
‫‪ ،1/254‬بحار النوار‪ ،89-26/88 :‬بصائر الدرجات‪ :‬ص ‪.[.36‬‬
‫‪183‬‬
‫وجاءت روايات أخرى بهذا المعنى ذكرها الكليني في باب خصصه لهذه‬
‫الدعوى بعنوان‪" :‬بسساب فسسي أن الئمسسة عليهسسم السسسلم يسسزدادون فسسي ليلسسة‬
‫الجمعة"‪ .‬وذكسسر فيسسه ثلث روايسسات ]انظسسر‪ :‬أصسسول الكسسافي‪ ،[.1/253 :‬ثسسم جسساء‬
‫صاحب البحار فذكر في هذا الموضوع )‪ (37‬رواية في باب عقده في هسذا‬
‫الشأن بعنوان‪" :‬باب أنهم يزدادون وأرواحهسم تعسرج إلسى السسماء" ]انظسسر‪:‬‬
‫بحار النوار‪.[.97-26/86 :‬‬
‫بل جاء في البحار تسع عشرة رواية تذكر بأن اللسسه تعسسالى نسساجى علي سًا‪،‬‬
‫وأن جبرائيل يملي عليه‪] ..‬بحار النوار‪ .[.157-39/151 :‬كما جسساءت فيسسه سسسبع‬
‫عشرة رواية تتحدث عن تحف الله تعالى وهسسداياه إلسى علسي ]بحسسار النسسوار‪:‬‬
‫‪ .[.129-39/118‬كمسسا ذكسسر المجلسسسي‪" :‬أن اللسسه ‪ -‬بزعمهسسم ‪ -‬يرفسسع للمسسام‬
‫عمودا ً ينظر به إلى أعمال العبسساد" واستشسسهد لسسذلك بسسست عشسسرة روايسسة‬
‫]بحار النوار‪.[.136-26/132 :‬‬
‫كسسل هسسذه العلسسوم السستي تتحقسسق لهسسم بهسسذه الوسسسائل يسسسمونها‪" :‬العلسسم‬
‫الحادث" ]انظر‪ :‬أصول الكافي‪ [.1/264 :‬وتحققها موقوف على مشيئة الئمسسة‪،‬‬
‫كما أكدت ذلك روايات صاحب الكافي التي جاءت في الباب السسذي عقسسده‬
‫بعنوان‪" :‬باب أن الئمة عليهم السلم إذا شاؤوا أن يعلموا علمسسوا" ]أصسسول‬
‫الكافي‪ ،[.1/258 :‬وذكر فيه روايات ثلثا ً كلها تنطق بس"أن المام إذا شسساء أن‬
‫يعلم أعلم" ]أصول الكافي‪ ،[.1/258 :‬وفي لفظ آخر‪" :‬إذ أراد المام أن يعلسسم‬
‫شيئا ً أعلمه الله ذلك" ]أصول الكافي‪ .[.1/258 :‬فالوحي للئمة ليس بمشسسيئة‬
‫الله وحده كما هو الحال مع الرسسسل ‪ -‬عليهسسم السسسلم ‪ -‬بسسل تسسابع لمشسسيئة‬
‫المام!!‬
‫وهذا العلم الحادث الذي يحدث للئمة متى شاؤوا فيجعل كلمهسسم مثسسل‬
‫كلم الله ورسوله‪ ،‬ليسسس هسسو كسسل مسسا عنسسد الئمسسة‪ ،‬بسسل لسسديهم مسسا تسسسميه‬
‫رواياتهم بالعلم الغابر‪ ،‬العلم المزبور ]انظر‪ :‬باب جهات علوم الئمسسة‪ ،‬مسسن أصسسول‬
‫الكافي‪ ،[.1/264 :‬وهو ما أودع الئمة من علسسوم ومسسن كتسسب وصسسحف‪ ،‬وهسسي‬
‫الساس الثاني لقولهم بأن كلم المام يجري مجسسرى كلم اللسسه ورسسسوله‪،‬‬
‫وهو ما سنبينه في المبحث التالي‪.‬‬
‫الصل الثاني‪ :‬خزن العلم وإيداع الشريعة عند الئمة‪:‬‬
‫جاء في الكافي عن موسى جعفر قال ‪ -‬كمسسا يزعمسسون ‪" :-‬مبلسسغ علمنسسا‬
‫سسسر‪ ،‬وأمسسا الغسسابر‬
‫على ثلثة وجوه‪ :‬ماض وغابر وحادث‪ ،‬فأما الماضي فمف ّ‬
‫فمزبور‪ ،‬وأما الحادث فقذف في القلوب ونقر فسسي السسسماع وهسسو أفضسسل‬
‫علمنا ول نبي بعد نبيا" ]أصول الكافي‪.1/264 :‬‬
‫وقد جاء في رواية أخرى لهم قول إمامهم‪ .." :‬أما الغابر فالعلم بما يكون‪ ،‬وأما المزبور‬
‫فسسالعلم بمسسا كسسان" )انظسسر‪ :‬بحسسار النسسوار‪ ،26/18 :‬المفيسسد‪ /‬الرشسساد ص ‪ ،257‬الطبرسسسي‪/‬‬
‫الحتجاج ص‪ (203:‬وهذا التفسير كأنه يشير إلى موضوع كل نسوع‪ ،‬فنسوع يتعلسق بسالحوادث‬
‫الماضية‪ ،‬وآخر يتعلق بالحوادث المستقبلة‪ .[.‬وفي البحسسار وبصسسائر السسدرجات ثلث‬
‫روايات بهذا اللفظ ]بحار النوار‪ ،26/59 :‬بصائر الدرجات ص ‪.[.92‬‬
‫العلم الحادث هو ما تقدم بيانه‪ ،‬وهو كما أشارت الرواية يعد من أفضسسل‬
‫علومهم‪ ،‬لنه كما يقول بعض شيوخهم‪ :‬حصسسل لهسسم مسسن اللسسه بل واسسسطة‬

‫‪184‬‬
‫]المازندراني‪ /‬شرح جامع‪[.6/44 :‬؛ أي من اللسسه مباشسسرة بل واسسسطة ملسسك مسسن‬
‫الملئكة‪ ،‬وهذا يشبه قول غلة الصوفية مثل ابن عربي‪.‬‬
‫سر والغابر المزور فقد أوضح شسسارح الكسسافي معناهمسسا‬ ‫أما الماضي المف ّ‬
‫بقوله‪" :‬يعني‪ :‬الماضي الذي تعلق علمنا به وهو كسسل مسسا كسسان مفسسسرا ً لنسسا‬
‫بالتفسير النبوي‪ ،‬والغابر المزبور الذي تعلق علمنسسا بسسه هسسو كسسل مسسا يكسسون‬
‫مزبورا ً مكتوبا ً عندنا بخط علي ‪ -‬رضي اللسسه عنسسه ‪ -‬وإملء الرسسسول وإملء‬
‫الملئكة مثل الجامعة وغيرها"‪.‬‬
‫فبهذا يتبين أن العلم المستودع عنسسد الئمسسة نوعسسان‪ :‬كتسسب ورثوهسسا عسسن‬
‫النبي‪ ،‬أو علم تلقوه مشافهة منسسه صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم‪ .‬وفحسسوى هسسذا‬
‫العتقاد الذي يعتبر من ضرورات مذهبهم وأركسسان دينهسسم أن رسسسول اللسسه‬
‫صلى الله عليه وسلم بلغ جزءا ً من الشريعة وكتم البسساقي وأودعسسه المسسام‬
‫عليا ً فأظهر علي منه جزءا ً في حياته‪ ،‬وعنسسد مسسوته أودعسسه الحسسسن وهكسسذا‬
‫كل إمام يظهر منه جزءا ً حسب الحاجة ثم يعهد الباقي لمن يليسسه إلسسى أن‬
‫صار عند إمامهم المنتظر‪.‬‬
‫وقد مر بنا ما قاله شيخهم وآيتهم محمسسد بسن حسسسين آل كاشسف الغطسا‬
‫ه( من أن الحكام في السلم قسمان‪ :‬قسم أعلنه النبي صلى‬ ‫)ت ‪‍ 1376‬‬
‫الله عليه وسلم للصحابة‪ ،‬وقسم كتمه أودعه أوصياءه‪ ،‬كسسل وصسسي يخسسرج‬
‫منه ما يحتاجه الناس في وقته ثم يعهد به إلسسى مسسن بعسسده‪ ،‬حسستى زعسسم أن‬
‫ل؛‬‫النبي صلى الله عليه وسلم قد يذكر حكما ً عاما ً ول يذكر مخصصسسه أصسس ً‬
‫بل يودعه عند وصيه إلى وقته ]انظر‪ :‬أصسسل الشسسيعة‪ :‬ص ‪ ،77‬وانظسسر ص ‪ 146‬مسسن‬
‫هذه الرسالة‪.[.‬‬
‫وقال شيخهم المعاصر بحسسر العلسسوم‪" :‬لمسسا كسسان الكتسساب العزيسسز متكفل ً‬
‫بالقواعد العامة دون السسدخول فسسي تفصسسيلتها‪ ،‬احتسساجوا إلسسى سسسنة النسسبي‪..‬‬
‫والسنة لم يكمل بها التشسسريع!!‪ ،‬لن كسسثيرا ً مسسن الحسسوادث المسسستجدة لسسم‬
‫تكن على عهده صلى الله عليه وسلم احتاج أن يدخر علمها عند أوصسسيائه‬
‫ليؤدوها عنه في أوقاتها" ]بحر العلوم‪ /‬مصابيح الصول‪ :‬ص ‪ ،4‬وأقوال شسسيوخهم فسسي‬
‫هذا المعنى كثيرة‪ ،‬فيقول – مثل ً ‪ -‬آيتهم العظمى شهاب السسدين النجفسسي‪" :‬إن النسسبي صسسلى‬
‫الله عليه وسلم ضاقت عليه الفرصة ولم يسعه المجال لتعليم جميسسع أحكسسام السسدين‪ ..‬وقسسد‬
‫دم الشتغال بالحروب على التمحص )كذا( ببيان تفاصل الحكام‪ ..‬لسيما مع عسسدم كفايسسة‬ ‫ق ّ‬
‫استعداد الناس في زمنه لتلقي جميع ما يحتاج إليه طول قسسرون" )النجفسسي‪ /‬تعليقسساته علسسى‬
‫إحقاق الحق‪.(289-2/28 :‬‬
‫دم الشسستغال بسسالحروب‬ ‫انظر‪ :‬كيف يطعن في رسول الله صلى الله عليه وسلم بسسأنه ق س ّ‬
‫َ‬
‫من ّرّبققك{‪..‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ز َ‬ ‫ُ‬ ‫ل ب َل ّ ْ‬
‫سو ُ‬ ‫َ‬
‫ل إ ِلي ْك ِ‬ ‫ما أن ِ‬
‫غ َ‬ ‫ها الّر ُ‬‫على تبليغ شريعة الله‪ ،‬والله يقول‪َ} :‬يا أي ّ َ‬
‫؟! وهل أمثال هؤلء من أتباع الرسسسول‪ ..‬فض سل ً عسسن‬ ‫فهل أعرض رسول الهدى عن أمر ربه ‍‬
‫أن يكونوا من أنصار أهل بيته؟! أليس إقراراهم لهذه العقيدة هسسو تكسسذيب لقسسول اللسسه جسسل‬
‫ت لَ ُ‬ ‫شأنه‪} :‬ال ْيوم أ َك ْمل ْت ل َك ُم دين َك ُم َ‬
‫م‬‫سققل َ َ‬
‫م ال ِ ْ‬
‫كقق ُ‬ ‫ضي ُ‬ ‫وَر ِ‬ ‫مِتي َ‬ ‫ع َ‬‫م نِ ْ‬‫عل َي ْك ُ ْ‬
‫ت َ‬
‫م ُ‬‫م ْ‬‫وأت ْ َ‬‫ْ َ‬ ‫ْ ِ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ ْ َ‬
‫ِديًنا{ فالله سبحانه أكمل لنا الدين‪ ،‬وكل قول خلف هذا كفسسر وضسسلل‪ ..‬ولكسسن السسدين لسسم‬
‫يكمل ولن يكمل هو دين الشيعة الذي يزيد فيسه شسيوخهم علسسى مسر السسدهور ول يسزال فسسي‬
‫نقص واختلف لنه من وضع البشر‪.[.‬‬

‫‪185‬‬
‫هذه بعض الخطوط العامة لهذه العقيدة الخطيرة في مسسذهب الشسسيعة‪،‬‬
‫أما شواهدها فسإن المقسام سسسيطول لسو عرضست لهسسا كلهسسا فكيسف بتحليهسسا‬
‫ونقدها‪ ..‬فلنذكر على سبيل الجمال‪..‬‬
‫فهم يزعمون أن الئمة هو خزنة علسسم اللسسه ووحيسسه‪ ،‬وقسسد عقسسد صسساحب‬
‫الكافي بابا ً لهذا بعنوان‪" :‬باب أن الئمة ‪ -‬عليهسسم السسسلم ‪ -‬ولة أمسسر اللسسه‬
‫وخزنة علمه" ]أصول الكافي‪ [.193-1/192 :‬وضمن هسسذا البسساب سسست روايسسات‬
‫في هذا المعنى‪ ،‬وبابا ً آخسسر بعنسوان‪" :‬أن الئمسة ورثسوا علسسم النسبي وجميسع‬
‫النبياء والوصياء الذين من قبلهم" ]أصول الكسسافي‪ ،[.226-1/223 :‬وفيه سسسبع‬
‫روايات‪ ،‬وبابا ً ثالثا ً بعنوان‪" :‬أن الئمة يعلمون جميسسع العلسسوم السستي خرجسست‬
‫إلى الملئكة والنبيسساء والرسسسل ‪ -‬عليهسسم السسسلم ‪] "-‬أصسسول الكسسافي‪-1/225 :‬‬
‫‪ .[.256‬وفيه أربع روايات‪.‬‬
‫وهسسذا العلسسم المسسستودع نوعسسان ‪ -‬كمسسا سسسبق ‪) -‬مفسسسر‪ ،‬ومزبسسور(‪ ،‬أمسسا‬
‫المفسر فمما ذكروه فيه ما جاء فسسي أصسسول الكسسافي‪" :‬بسساب أن اللسسه عسسز‬
‫وجل لم يعلم نبيه علما ً إل أمره أن يعلمه أمير المؤمنين وأنه كان شريكه‬
‫في العلم"‪ ،‬وذكر فيه ثلث روايسسات ]انظسسر‪ :‬أصسسول الكسسافي‪ ،[.1/263 :‬وقريسسب‬
‫من هذا ما جاء في البحار في باب بعنوان‪" :‬بسساب أنسسه صسسلوات اللسسه عليسسه‬
‫كان شريك النبي ‪ -‬صلى الله عليه وآله ‪ -‬في العلم دون النبوة‪ ،‬وأنه علسسم‬
‫كلما علم صلى الله عليه وآله وأنه أعلم من سائر النبياء عليهم السسسلم"‬
‫وقد استشهد لذلك باثنتي عشرة رواية من روايساتهم ]بحسسار النسسوار‪-40/208 :‬‬
‫‪.[.212‬‬
‫كما قدم المجلسي اثنتين وثمسسانيني روايسة تتحسسدث عسسن علسم علسسي وأن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم عمله ألف باب مسسن العلسسم‪ ..‬فسسي بسساب عقسسده‬
‫لهذه الموضوع ]بحار النوار‪ ،[.200-40/127 :‬قالت إحسسدى روايسساته بسسأن النسسبي‬
‫صلى الله عليه وسلم أسّر إلى علي ألف حديث لم تعلمه المة‪ ،‬وزعمسست‬
‫أن عليا ً أعلن ذلك للناس فقال‪" :‬أيها النساس‪ ،‬إن رسسول اللسسه صسلى اللسسه‬
‫ي ألف حديث‪ ،‬في كل حديث ألف باب‪ ،‬لكل باب ألسسف‬ ‫عليه وسلم أسّر إل ّ‬
‫مفتاح" ]بحار النوار‪ ،40/127 :‬ابن بابويه‪ /‬الخصال‪.[.2/174 :‬‬
‫ومرة أخرى زعمت أن أبا عبد الله قسسال‪" :‬أوصسسى رسسسول اللسسه ‪ -‬صسسلى‬
‫الله عليه وآله ‪ -‬إلى علي ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬بألف باب كسسل بسساب يفتسسح ألسسف‬
‫باب" ]بحسسار النسسوار‪ ،40/129 :‬الخصسسال‪ [.176-2/175 :‬ثم زعمت أن علي سا ً قسسال‪:‬‬
‫"إن رسسسول اللسسه صسسلى اللسسه عليسسه وآلسسه علمنسسي ألسسف بسساب مسسن الحلل‬
‫والحرام‪ ،‬ومما كان ومما يكون إلى يوم القيامة‪ ،‬كل باب منهسسا يفتسسح ألسسف‬
‫باب فذلك ألف ألف باب‪ ،‬حتى علمسست المنايسا والبليسا‪ ،‬وفصسسل الخطسساب"‬
‫]بحار النسسوار‪ ،40/130 :‬الخصسسال‪ ،2/175:‬بصسسائر السسدرجات ص ‪ .[.87‬كما قسالت بسأن‬
‫رسول صلى الله عليه وسلم جلل عليا ً بثوبه ‪ -‬عند موته ‪ -‬وأنه حدثه بألف‬
‫حديث كل حديث يفتح ألف باب ]بحار النوار‪ ،40/215 :‬بصسسائر السسدرجات ص‪-89 :‬‬
‫‪.[.90‬‬
‫وهذا كله ليس بذاك العلم فسسي نظسسر الئمسسة بالقيسساس لمسسا عنسسدهم مسسن‬
‫علوم‪ ،‬فقد قال أبو بصير‪" :‬دخلت على أبي عبد الله فقلت له‪ :‬إن الشيعة‬
‫‪186‬‬
‫يتحدثون أن رسول الله صلى الله عليه وآله علم عليا ً بابا ً يفتسسح منسسه ألسسف‬
‫باب‪ ،‬فقال أبو عبد الله عليه السلم‪ :‬يا أبا محمد‪ ،‬علم واللسسه رسسسول اللسسه‬
‫صلى الله عليه وآله عليا ً ألف باب يفتح له من كل بسساب ألسسف بسساب‪ :‬قلسست‬
‫له‪ :‬هذا والله هو العلم‪ .‬قال‪ :‬إنه لعلم وليس بذاك" ]وهي رواية طويلة تتحسسدث‬
‫عن العلوم الوهمية التي عند الئمة‪ .‬انظرها في أصول الكافي‪ 1/238 :‬وما بعدها‪ ،‬وانظر‪:‬‬
‫بحار النوار‪ ،40/130 :‬الخصال‪.[.177-2/176 :‬‬
‫وقد استمر رسول الله صلى الله عليه وسلم طيلة حيسساته ‪ -‬كمسسا تزعسسم‬
‫روايات الشيعة ‪ -‬يعلم عليا ً علوما ً وأسرارا ً ل يطلع عليها أحد سسسواه‪ ،‬وقسسد‬
‫وصلت مبالغات الشيعة في هذه الدعاوى إلسسى مرحلسسة ل يصسسدقها عقسسل‪..‬‬
‫حتى قالوا بأن عليا ً استمر في تلقي العلم من فم الرسول حتى بعد موته‬
‫‪ -‬عليه الصلة والسلم ‪ ،-‬وعقد المجلسي لهذا بابا ً بعنوان‪" :‬باب ما علمسسه‬
‫الرسول صلى الله عليسسه وآلسسه عنسسد وفسساته وبعسسده‪] "..‬بحسسار النسسوار‪-40/213 :‬‬
‫‪.[.218‬‬
‫وقالت الرواية الولى في هذا الباب إن عليا ً قال‪" :‬أوصاني النبي صسسلى‬
‫ت فغسلني بست قسسرب مسسن بئر غسسرس ]بئر‬ ‫الله عليه وآله فقال‪ :‬إذا أنا م ّ‬
‫غرس‪ :‬بئر بالمدينة‪) .‬انظر‪ :‬معجم البلدان‪ ،4/193 :‬معجم ما استعجم‪ ،2/994 :‬المراصسسد‪:‬‬
‫‪ ،[.(2/988‬فإذا فرغت من غسلي فأدرجني في أكفاني‪ ،‬ثم ضع فسساك علسسى‬
‫فمي‪ ،‬قال‪ :‬ففعلت وأنبأني بما هسسو كسسائن إلسسى يسسوم القيامسسة" ]بحسسار النسسوار‪:‬‬
‫‪ ،40/213‬بصائر الدرجات‪ :‬ص ‪ .[.80‬وقالت الرواية الثانيسسة بسسأن الرسسسول صسسلى‬
‫ت فاغسسسلني‬ ‫الله عليه وسلم قسسال ‪ -‬كمسسا يفسسترون ‪" :-‬يسسا علسسي‪ ،‬إذا أنسسا مس ّ‬
‫وكفني ثم أقعدني وسائلني واكتب" ]بحار النوار‪ ،40/213 :‬بصسسائر السسدرجات‪ :‬ص‬
‫‪.[.80‬‬
‫ومضت بقية الروايات على هذا النسق المظلسسم‪ ،‬حسستى قسسالوا بسسأن علي سا ً‬
‫كان إذا أخبر بشيء قال‪" :‬هذا مما أخبرني به النبي صلى الله عليسسه وآلسسه‬
‫بعد موته" ]بحسسار النسسوار‪ ،40/215 :‬الخسسرائج والجسسرائح‪ :‬ص ‪ .[.132‬وهكذا يخربسسون‬
‫بيوتهم بأيديهم‪ ،‬ويكشسسفون كسسذبهم بأنفسسسهم عسسبر مبسسالغتهم السستي ل تكسساد‬
‫تنتهي‪ ،‬وهذا جزء من رواياتهم عن العلم الذي خصه النبي صلى الله عليسسه‬
‫وسلم لعلي وأورثه الئمة من بعده‪.‬‬
‫ولم يكتف الخيال الشيعي بهذا؛ بل زعم أن عند الئمسة العلسم المزبسور‪،‬‬
‫أو الكتب التي ورثوها عن النبي صلى الله عليه وسلم‪ .‬وقد جاء على ذكر‬
‫بعضها صاحب الكافي في باب عقسسده بعنسسوان" بسساب فيسسه ذكسسر الصسسحيفة‪،‬‬
‫والجفر والجامعة ومصحف فاطمة ‪ -‬عليها السلم ‪] "-‬أصول الكسسافي‪-1/238 :‬‬
‫‪ ،[.242‬وفي باب آخر بعنوان‪" :‬ما أعطى الئمة عليهسسم السسسلم مسسن اسسسم‬
‫الله العظم" ]أصول الكافي‪ ،[.1/230 :‬وفي باب ثالث بعنوان‪" :‬باب مسسا عنسسد‬
‫الئمة من آيات النبياء عليهم السلم" ]أصول الكافي‪.[.232-1/231 :‬‬
‫أما شيخهم المجلسي فقد أكثر من الروايات في هذا البسساب‪ ،‬وجمسسع مسسا‬
‫في معظم كتب شيوخهم المعتمدة عندهم‪ ،‬وسجل ذلسسك فسسي بحسساره فسسي‬
‫أبواب متعددة تضمنت روايات يصعب حصرها‪ ،‬مثل‪" :‬باب جهات علسسومهم‬
‫عليهم السلم وما عندهم مسسن الكتسسب‪ ،"..‬وقسسد بلغسست أخبسسار هسسذا البسساب )‬
‫‪187‬‬
‫]بحسسار‬ ‫‪ (149‬خبرا ً انتخبها كعادته من مجموعة من كتبهسم المعتمسدة لسديهم‬
‫النوار‪ ،[.66-26/18 :‬وباب "في أن عندهم كتبسا ً فيهسسا أسسسماء الملسسوك السسذين‬
‫يملكون في الرض" ]بحار النوار‪) 156-26/155 :‬وفيه ‪ 7‬روايسسات(‪ ،[.‬وباب "فسسي‬
‫أن عندهم صلوات الله عليهم كتب النبياء عليهسسم السسسلم يقرءونهسسا علسسى‬
‫اختلف لغاتها" ]بحار النوار‪) 189-26/180 :‬وفيه ‪ 27‬رواية(‪ ،[.‬وباب "أن عنسسدهم‬
‫جميع علوم الملئكة والنبياء وأنهم أعطوا مسسا أعطسساه اللسسه النبيسساء عليهسسم‬
‫السلم‪ ،‬وأن كل إمام يعلم جميع علم المسسام السسذي قبلسسه ول تبقسسى الرض‬
‫بغير عالم" ]بحسسار النسسوار‪) 179-26/159 :‬وفيسسه ‪63‬روايسسة(‪ ،[.‬وباب "أنهسسم عليهسسم‬
‫السلم‪ ..‬عندهم كتاب فيه أسماء أهل الجنة وأسسسماء شسسيعتهم وأعسسدائهم"‬
‫]بحار النوار‪) 132-26/117 :‬وفيه ‪ 40‬رواية(‪.[.‬‬
‫وتحدثت روايات هذه البواب عما ورثسسه الئمسسة مسسن صسسحف وغيرهسسا‪ ،‬أو‬
‫عن المصادر الوهمية التي تزعم الرافضة عند أئمتهم الثني عشسسر والسستي‬
‫فيها ‪ -‬كما يزعمون ‪ -‬كل ما يحتاجه الناس‪ ،‬ولو ذهبنسسا نعسسرض ونفصسسل مسسا‬
‫احتوته هذه البواب‪ ،‬ونحلل معلوماتها‪ ،‬ونبين ضسسروب تناقضسساتها وأوهامهسسا‬
‫ل؛ ولكن نكتفي بالشارة والمثال‪.‬‬ ‫لكان بذاته بحثا ً مستق ً‬
‫لقد كان مما تضمنته هذه البواب روايسسات عديسسدة عسسن صسسحيفة تسسسمى‬
‫الجامعسسة أو الصسسحيفة‪ ،‬وصسسفوها بأنهسسا "سسسبعون ذراع سا ً بخسسط علسسي عليسسه‬
‫السلم‪ ،‬وإملء رسول الله صلى الله عليهما وعلى أولدهما – كسسذا ‪ -‬فيهسسا‬
‫من كل حلل وحرام" ]أصول الكافي‪ ،1/239 :‬بحار النوار‪ ،[.26/22 :‬وليسسس مسسن‬
‫قضية إل هسي فيهسا حستى أرش الخسدش ]أصسسول الكسسافي‪ ،1/239 :‬بحسسار النسسوار‪:‬‬
‫‪ ،[.26/22‬وتكرر ذكر هذه المعلومات ومسسا فسسي معناهسسا فسسي روايسسات كسسثيرة‬
‫]انظر‪ :‬بحار النوار‪ 26/22 :‬وما بعدها‪ ،‬الروايات التالية‪ :‬رقم ‪،22 ،18 ،17 ،15 ،13 ،11‬‬
‫‪ 90 ،80 ،78 ،65 ،61 ،25 ،23‬وغيرها‪.[.‬‬
‫ومن العجب أن أئمتهم يعدون أتباعهم بسسأنهم سسسيحكمون بمسسا فسسي هسسذه‬
‫الصحيفة لو تمكنوا من الحكم حيث قسسالوا‪" :‬لسسو ولينسسا النسساس لحكمنسسا بمسسا‬
‫أنزل اللسه لسسم نعسسد مسا فسسي هسسذه الصسسحيفة" ]بحسسار النسسوار‪ ،23-26/22 :‬بصسسائر‬
‫الدرجات‪ :‬ص ‪.[.39‬‬
‫أما القرآن فليس له ذكر‪ ،‬كما يخبرون بأنها هي دستورهم الذي يتبعون‪،‬‬
‫حيث قالوا‪ .." :‬فنحن نتبع ما فيها ول نعدوها" ]بحار النسسوار‪ ،23-26/22 :‬بصسسائر‬
‫الدرجات‪ :‬ص ‪ .[.39‬وزعم أبو بصير )أحد رواتهم( بسسأنه رآهسسا عنسسد أبسسي جعفسسر‬
‫]بحار النوار‪ ،26/23 :‬بصائر الدرجات‪ :‬ص ‪ ،[.39‬كما زعم زرارة أنسسه اسسستمع إلسسى‬
‫نص من نصوصها يقول‪" :‬إن ما يحدث به المرسلون كصوت السلسسسلة أو‬
‫كمناجاة الرجل صاحبه" ]بحار النوار‪ ،26/24 :‬بصائر الدرجات‪ :‬ص ‪.[.40-39‬‬
‫كما نقلت رواياتهم أخبارا ً عن كتاب يسمونه كتاب علي‪ ،‬ووصفوا شكله‬
‫وى" ]بحار النوار‪ ،26/51 :‬بصسسائر السسدرجات‪ :‬ص ‪[.45‬‬ ‫بأنه "مثل فخذي الرجل مط ّ‬
‫وأنه "خط علي بيده وإملء رسول الله" ]بحار النوار‪ ،26/51 :‬بصسسائر السسدرجات‪:‬‬
‫ص ‪ ،[.45‬ولم ينقلوا لنا من نصوصه وأحكسسامه إل هسسذا الحكسسم الجسسائر السسذي‬
‫يقول‪" :‬إن النساء ليس لهن من عقار الرجسسل إذا هسسو تسسوفي عنهسسا شسسيء‪،‬‬
‫هذا والله خسسط علسسي بيسسده وإملء رسسسول اللسسه" ]بحسسار النسسوار‪ ،26/51 :‬بصسسائر‬

‫‪188‬‬
‫السسدرجات‪ :‬ص ‪ ،[.45‬وهسسم يأخسسذون بهسسذا النسسص مسسن ذلسسك الكتسساب الموهسسوم‪،‬‬
‫ويعرضون عن نصوص القرآن العامة والتي لم تفرق بيسسن العقسسار وغيسسره‪.‬‬
‫دعونه بأن لفاطمة نصيبا ً فسسي فسسدك ]وحسساولوا التخلسسص‬
‫ثم إن هذا يناقض ما ي ّ‬
‫من ذلك بزعمهم أن رسول الله صلى اللسسه عليسسه وسسسلم خصسسها بسسذلك فسسي حيسساته‪) .‬انظسسر‪:‬‬
‫مقتبس الثر‪.[.(23/179 :‬‬
‫ويبدو من خللهم رواياتهم أن هذا الكتاب ل يظهر له صوت إل فسسي جسسو‬
‫من اللحاد والزندقة؛ إذ إنه مسسا إن قتسسل المغيسسرة ]المغيسسرة بسسن سسسعيد البجلسسي‬
‫الكوفي‪ ،‬أحد الزنادقة‪ ،‬تقدم التعريف به ص‪ [.(168) :‬والذي تعترف كتب الرافضسسة‬
‫بغلوه حتى زاد حصرهم على إخفاء الكتاب‪ ،‬فقد قال جعفرهم حينما نقسسل‬
‫ي ولكن دفعته‬ ‫له نص في ولية علي‪ ..." :‬هذا مكتوب عندي في كتاب عل ّ‬
‫أمس حين كان هذا الخوف وهو حين صلب المغيسسرة" ]بحسسار النسسوار‪-26/52 :‬‬
‫‪ ،53‬بصائر الدرجات‪ :‬ص ‪ ،45‬وانظر الحديث عن كتاب علي المزعوم في‪ :‬البحار‪26/24 :‬‬
‫رقم‪.[.59 ،55 ،54 :‬‬
‫كما تتحدث رواياتهم عن صحيفة فيها تسع عشرة صسسحيفة قسسد حباهسسا أو‬
‫خباها ]على اختلف نسخهم ما بين اللفظين‪ [.‬رسول الله صسسلى اللسسه عليسسه وآلسسه‬
‫عند الئمة ]بحار النوار‪ ،26/24 :‬بصائر السسدرجات‪ :‬ص ‪ ،[.39‬ول تفصح عسسن شسسيء‬
‫أكثر من هذا‪.‬‬
‫وتذكر أخبارهم بأنه‪" :‬في ذؤابة سيف علسسي صسسحيفة صسسغيرة‪ ،‬وأن عليسا ً‬
‫عليه السلم دعا إليسه الحسسن فسدفعها إليسه ودفسع إليسه سسكينا ً وقسال لسه‪:‬‬
‫افتحها‪ ،‬فلم يستطيع أن يفتحها ففتحها له‪ ،‬ثم قال له‪ :‬اقرأ‪ ،‬فقرأ الحسسسن‬
‫‪ -‬عليه السلم ‪ -‬اللف والباء والسين واللم وحرفا ً بعد حسسرف‪ ،‬ثسسم طواهسسا‬
‫فدفعها إلى الحسين عليه السلم فلم يقدر أن يفتحها‪ ،‬ففتحها له ثم قسسال‬
‫ي‪ ،‬فقرأها كما قرأ الحسن عليه السسسلم‪ ،‬ثسسم طواهسسا فسسدفعها‬ ‫له‪ :‬اقرأ يا ب ُن َ ّ‬
‫إلى ابن الحنفية فلم يقدر على أن يفتحها ففتحها له فقال له‪ :‬اقسسرأ‪ ،‬فلسسم‬
‫ا‪ ،‬فأخذها وطواها ثم علقها بذؤابة السيف" ]بحسسار النسسوار‪:‬‬ ‫يستخرج منها شيئ ً‬
‫‪ ، 26/56‬بصائر الدرجات‪ :‬ص ‪ ،89‬المفيد‪ /‬الختصاص ص ‪.[.284‬‬
‫وقد سئل أبو عبد الله عن ما في هذه الصسسحفية فقسسال‪" :‬هسسي الحسسرف‬
‫التي يفتح كل حرف ألف باب" ]بحسسار النسسوار‪ ، 26/56 :‬بصسسائر السسدرجات‪ :‬ص ‪،89‬‬
‫المفيد‪ /‬الختصاص ص ‪ .[.284‬وقال أبو عبد الله ‪ -‬عليسسه السسسلم ‪" :-‬فمسا خسسرج‬
‫منها إل حرفان الساعة" ]بحسسار النسسوار‪ ، 26/56 :‬بصسسائر السسدرجات‪ :‬ص ‪ ،89‬المفيسسد‪/‬‬
‫الختصسساص ص ‪ .[.284‬ولسسم يفصسسح هسسذا النسسص عسسن معسساني هسسذه الحسسروف‬
‫المبهمة‪ ،‬والتي يفتح بها آلف من البواب المغلقة ‪ -‬كم يزعمون ‪ ،-‬ولماذا‬
‫لم يستفد منها الئمة‪ ،‬وهم في أخبار الشيعة تتنسساوبهم المحسسن‪ ،‬ويعيشسسون‬
‫في ظسسل الخسسوف والتقيسسة‪ ،‬حسستى ظسسل آخرهسسم قابعسا ً فسسي سسسردابه ‪ -‬فيمسسا‬
‫يزعمون ‪ -‬يمنعه الخوف من أعدائه كل هذه القرون المتطاولة؟!‬
‫وقد أشار شيخ السلم إلى ما يشبه هذه الدعوى حيث أشار إلسسى لسسون‬
‫من استكشاف المستقبل بواسطة "حساب الجمل من حسسروف المعجسسم"‬
‫وأشار إلى أن هذا مما ورث عن اليهود‪ ،‬وأن طائفسسة حسساولت بسسه اسسستخرج‬
‫مدة بقاء هذه المة" ]فتسساوى شسسيخ السسسلم‪) 4/82 :‬جمسسع الشسسيخ عبسسد الرحمسسن بسسن‬

‫‪189‬‬
‫قاسسسم(‪ ..[.‬فقسسد تكسسون تلسسك السسدعوى السسسابقة كشسسبيهتها هسسذه ذات أصسسل‬
‫يهودي‪ ..‬وهي على العموم ضرب من الهوس والجنون‪ ،‬أو لون مسسن الكيسسد‬
‫للمة وإلهائها عن مهمتها في هذه الحياة‪ ،‬ونوع مسسن التلسسبيس علسسى عسسوام‬
‫الشيعة وخداعها‪ ،‬وإغراقها فسسي جسسو مسسن الطلسسسم واللغسساز ل تبصسسر مسسن‬
‫خلله طريقها‪ ،‬ول تهتدي بسبب ظلماته إلى الصراط المستقيم‪.‬‬
‫ومزاعمهم في هذا الباب ل تكاد تنتهي‪.‬‬
‫فقد افتروا بأن عليا ً قال‪" :‬إن عندي صسسحفا ً كسسثيرة‪ ..‬وإن فيهسسا لصسسحيفة‬
‫يقال لها العبيطة‪ ،‬وما ورد عن العرب أشد عليهم منهسسا‪ ،‬وإن فيهسسا لسسستين‬
‫قبيلة من العرب بهرجة ]فسسي القساموس‪ :‬المبهسسرج‪ :‬الباطسسل الرديسسء‪ ..‬والمبهسسرج مسن‬
‫المياه‪ :‬المهمل الذي ل يمنع عنه‪ ،‬ومن الدماء‪ :‬المهدر )القاموس‪ [.(1/180 :‬ما لها فسسي‬
‫دين الله من نصيب" ]بحار النوار‪ ،26/37 :‬بصائر الدرجات‪ :‬ص ‪.[.41‬‬
‫ولعل القارئ يلحظ من خلل قراءة هذا النص وأمثاله هوية واضع هسسذه‬
‫النصوص‪ ..‬وأنهم صسسنف مسسن الشسسعوبية السسذين يكنسسون كسسل حقسسد وكراهيسسة‬
‫للعرب‪ ،‬ل لمجسسرد جنسسسيتهم؛ ولكسسن للسسدين السسذي يحملسسونه ويسسسعون فسسي‬
‫نشره‪ ،‬وأن هذا الصنف استغل التشيع ليحقسسق مسسن خللسسه كيسسده وعسسدوانه‬
‫ضد المة ودينها‪ ..‬ولقد ان ْط َل َسست الخدعسسة علسسى طسسوائف الشسسيعة فأوسسسعوا‬
‫مصادرهم لخبار هذا الصنف الحاقد‪ ،‬أو تعمدوا ذلك‪ ،‬والضحية هسسم التبسساع‬
‫الجهلة السسذين ينخسسدعون بهسسذه السسساطير‪ ،‬لنهسسا منسسسوبة لل السسبيت‪ ،‬ولسسم‬
‫يعلموا أن وراء الكمة ما وراءها‪.‬‬
‫ومن الكتب التي عند أئمتهسسم ‪ -‬كمسسا يزعمسسون ‪ -‬كتسساب يسسسمى‪" :‬ديسسوان‬
‫الشيعة" أو الناموس أو السمط علسى اختلف روايساتهم فسي تسسميته‪ ،‬قسد‬
‫سجل فيه الشيعة بأسمائهم وأسماء آبائهم‪ ،‬وكان أتباع الئمة ‪ -‬كما تزعسسم‬ ‫ُ‬
‫روايسسات الشسسيعة ‪ -‬يسسذهبون إلسسى الئمسسة ليقفسسوا علسسى أسسسمائهم فسسي هسسذا‬
‫الديوان؛ لن وجود السم فيه هو برهان النجاة ]انظسسر روايسساتهم فسسي هسسذا فسسي‪:‬‬
‫بحار النوار‪.[.132-26/117 :‬‬
‫فمثل ً هذه امرأة تدعى حبابة الوالبية ‪ -‬كما تقول روايتهم ‪ -‬جسساءت لبسسي‬
‫عبد الله وقالت له‪" :‬إن لسسي ابسسن أخ وهسسو يعسسرف فضسسلكم وإنسسي أحسسب أن‬
‫تعلمني أمن شيعتكم؟ قسسال‪ :‬ومسسا اسسسمه؟ قسسالت‪ :‬فلن ابسسن فلن‪ ،‬قسسالت‪:‬‬
‫فقال‪ :‬يا فلنه‪ ،‬هاتي الناموس‪ ،‬فجاءت بصحيفة تحملها كبيرة فنشرها ثسسم‬
‫نظر فيها فقال‪ :‬نعم هو ذا اسمه واسم أبيه ها هنسسا" ]بحسسار النسسوار‪،26/121 :‬‬
‫بصائر الدرجات‪ :‬ص ‪.[.46‬‬
‫ومن ليس له اسم في هذا الديوان فليس عندهم من أهل السسسلم؛ لن‬
‫إمامهم قال‪" :‬إن شيعتنا مكتوبون بأسمائهم وأسماء آبسسائهم‪ ..‬ليسسس علسسى‬
‫ملة السلم غيرنسسا وغيرهسسم" ]بحسسار النسسوار‪ ،26/123 :‬بصسسائر السسدرجات‪ :‬ص ‪.[.47‬‬
‫وأحيانا ً يقولون في رواياتهم بأنهم ورثوا ذلك من الرسول صلى الله عليسسه‬
‫دفع إليه ‪ -‬حينما أسري به ‪ -‬صسسحيفتان‪ :‬صسسحيفة فيهسسا أصسسحاب‬ ‫وسلم لنه ُ‬
‫اليمين‪ ،‬وأخرى فيها أصحاب الشمال‪ ،‬وفيهما أسماء أهل الجنسسة‪ ،‬وأسسسماء‬
‫ي‪ ،‬وتوارثها الئمة‬ ‫أهل النار‪ .‬وقد دفعهما الرسول ‪ -‬كما يزعمون ‪ -‬إلى عل ّ‬
‫ي‪ ،‬وهما اليوم عند منتظرهم ]انظسسر‪ :‬بحسسار النسسوار‪ ،125-26/124 :‬بصسسائر‬ ‫من عل ّ‬
‫‪190‬‬
‫الدرجات‪ :‬ص ‪ ،52‬وإذا لحظنا أنهم يزعمون بأن لكبار شيوخهم صلة بالمنتظر المزعمسسون‪،‬‬
‫وهذا المنتظر عنده كل هذه العلوم‪ ،‬والتي منها سجل أسسسماء أهسسل الجنسسة وأهسسل النسسار‪ ،‬فل‬
‫يستبعد ما يقال بأن بعض آياتهم في دولتهم الحاضرة يصدرون صكوك الغفران والحرمسسان‪،‬‬
‫ويغررون بأولئك المغفلين ويزجون بهم في أتون الحرب تحت تأثير هسسذه المسساني والوعسسود‬
‫الكاذبة‪.[.‬‬
‫كما أن لدى الئمة كتابا ً يقولون عنسسه بسأنه‪" :‬وصسية الحسسسين" وفيهسسا مسا‬
‫يحتاج الناس ]بحار النسسوار‪ ،26/54 :‬بصسسائر السسدرجات‪ :‬ص ‪ [.54‬أو "ما يحتسساج إليسسه‬
‫ولد آدم منذ كانت الدنيا إلى أن تفنى" ]أصول الكافي‪.[.1/304 :‬‬
‫كما أن لدى الئمة الجفر البيض ]الجفر‪ :‬تقول رواياتهم في تفسيره بأنه‪" :‬وعاء‬
‫من أدم فيه علم النبيين والوصيين‪ ،‬وعلم العلماء الذين مضوا مسسن بنسسي إسسسرائيل" )أصسسول‬
‫الكافي ‪ (1/239‬ومرة تنعته بأنه‪" :‬جلد ثور ملئ علمسًا" )المصسسدر السسسابق‪ .(1/241 :‬وهسسل‬
‫المسلمون بحاجة في دينهم إلى غير شريعة القرآن؟! لقد أكمسسل اللسسه سسسبحانه لنسسا السسدين‪،‬‬
‫فَلقن‬
‫سقل َم ِ ِديًنقا َ‬ ‫غ َ‬
‫غْيقَر ال ِ ْ‬ ‫من ي َب ْت َ ِ‬
‫و َ‬
‫وختم بكتابه الكتاب‪ ،‬ونسخ بالسلم الديان كلها } َ‬
‫ه{ ]آل عمران‪ ،‬آية‪.[85 :‬‬
‫من ْ ُ‬
‫ل ِ‬ ‫يُ ْ‬
‫قب َ َ‬
‫ً‬
‫وتأتي روايات أخرى عندهم تجعل من هذه الجفر ألوانا؛ لكل لون مضسمون يتناسسب مسع‬
‫لونه‪ ،‬ونكهة توافق شكله‪ ،‬فنهاك الجفر البيض‪ ،‬وهناك الجفر الحمر‪ ،‬والذي يحمل المسسوت‬
‫الحمر والذي "سيبعث" به منتظرها‪ ،‬وتتوعد الرافضة بهذا "الجفر" الصالحين مسن مسسسلف‬
‫هذه المة وخلفها‪ ،‬لنه يحكي أسطورة النتقام الموعودة )انظر في الجفر الحمسسر‪ :‬أصسسول‬
‫الكافي ‪ ،(1/240‬وراجع‪ :‬فصل المهدية والغيبة‪ [.‬وفيه كما تقسسول روايسساتهم‪" :‬زبسسور‬
‫داود‪ ،‬وتوراة موسى‪ ،‬وإنجيل عيسى‪ ،‬وصحف إبراهيسسم‪ ،‬والحلل والحسسرام‪،‬‬
‫ومصحف فاطمة‪ ،‬وفيه مسسا يتحسساج النسساس؛ حسستى إن فيسسه الجلسسدة‪ ،‬ونصسسف‬
‫الجلدة‪ ،‬وثلث الجلدة‪ ،‬وربع الجلسسدة‪ ،‬وأرش الخسسدش" ]بحسسار النسسوار‪،26/37 :‬‬
‫بصائر الدرجات‪ :‬ص ‪.[.41‬‬
‫النقد‪:‬‬
‫هذا‪ ،‬ونكتفي بهذا لقدر مسسن المصسسادر الوهميسسة السستي تزعمهسسا الرافضسسة‪،‬‬
‫والتي يغني في بيان فسادها مجرد عرضها وتصورها‪ ..‬والتي لو كان شيء‬
‫منها موجودا ً لتغير وجه التاريخ‪ ،‬ولما عجز الئمة ‪ -‬حسب منطق الروافض‬
‫‪ -‬عن الوصول إلى سدة الحكم‪ ،‬ولما عصفت بهن المحن‪ ،‬ومات كل واحد‬
‫منهم مقتول ً أو مسموما ً ‪ -‬كما يزعمون ‪ ،-‬ولما غاب غائبهم فسسي سسسردابه‪،‬‬
‫وظل مختفيا ً قابًعا في مكمنه خوف القتل!! وهذه المزاعم الخطيرة التي‬
‫دونها الروافض في المعتمد من كتبهم تحمل أموًرا خطيرة‪:‬‬
‫تحمل دعوى استمرار الوحي اللهي‪ ،‬وهو باطل‪ ..‬قسسامت الدلسسة النقليسسة‬
‫والعقلية على بطلنه‪ ،‬وأجمع المسلمون على أن "الوحي قسسد انقطسسع منسسذ‬
‫مات النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬والوحي ل يكون إل لنبي‪ ،‬وقد قال اللسسه‬
‫َ َ‬
‫ل الل ّق ِ‬
‫ه‬ ‫ول َك ِققن ّر ُ‬
‫سققو َ‬ ‫جققال ِك ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫من ّر َ‬
‫د ّ‬
‫ح ٍ‬
‫مدٌ أَبا أ َ‬
‫ح ّ‬
‫م َ‬‫ن ُ‬‫كا َ‬ ‫ما َ‬‫سبحانه‪ّ } :‬‬
‫ن{ ]الحزاب‪ ،‬آية‪ .[.40 :‬وقد جاء في نهسسج البلغسسة عسسن علسسي‬ ‫م الن ّب ِّيي َ‬
‫خات َ َ‬
‫و َ‬
‫َ‬
‫قال في حق رسول الله صلى الله عليه وسلم‪" :‬أرسله علسسى حيسسن فسسترة‬
‫فى به الرسل‪ ،‬وختم به الوحي" ]نهج البلغة‪ :‬ص ‪.[.191‬‬ ‫من الرسل‪ ..‬فق ّ‬
‫فهذا قد يدل على أن هذه الدعاوي التي مضى عرضها من صنيع شسسيوخ‬
‫ه( يكفر‬ ‫الشيعة المتأخرين‪ ،‬وقد لوحظ ‪ -‬كما سلف ‪ -‬أن مفيدهم )ت ‪‍ 413‬‬
‫من يذهب إلى القول بنسبة الوحي لغير النبياء‪.‬‬

‫‪191‬‬
‫ثم هسسي تسدعي أن السدين لسسم يكمسسل وهسي مخالفسة صسريحة لقسول اللسسه‬
‫َ‬
‫م‪] {..‬المائدة‪ ،‬آية‪ ،[.3 :‬كما تزعم بسسأن‬ ‫م ِدين َك ُ ْ‬ ‫ت ل َك ُ ْ‬ ‫مل ْ ُ‬
‫م أك ْ َ‬ ‫و َ‬‫سبحانه‪} :‬ال ْي َ ْ‬
‫رسول الهدى صلى الله عليه وسلم لم يبلغ جميسسع مسساأنزل إليسسه‪ ،‬وأنسسه لسسم‬
‫مققن‬ ‫ل إ ِل َي ْق َ‬ ‫ز َ‬ ‫ُ‬ ‫ل ب َل ّ ْ‬ ‫سو ُ‬ ‫َ‬
‫ك ِ‬ ‫ما أن ق ِ‬ ‫غ َ‬ ‫ها الّر ُ‬ ‫يتمثل أمر ربه في قوله ‪َ} :‬يا أي ّ َ‬
‫ه{ ]المائدة‪ ،‬آيسسة‪ [.67 :‬وهسسذا إزراء‬ ‫سال َت َ ُ‬ ‫ر َ‬ ‫ت ِ‬ ‫غ َ‬ ‫ما ب َل ّ ْ‬ ‫ف َ‬‫ل َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ف َ‬ ‫م تَ ْ‬ ‫وِإن ل ّ ْ‬ ‫ك َ‬ ‫ّرب ّ َ‬
‫بحق رسول الله‪ ،‬ولهذا وجد من فرق الشسسيعة مسن يقسسع فسسي رسسسول اللسسه‬
‫]وهي طائفة العلبائية‪ ،‬سيأتي التعريف بها ص )‪.[.(619‬‬
‫وقد بّلغ النبي صلى الله عليه وسلم البلغ المسسبين‪ ،‬وبي ّسسن السسدين‪ ،‬وأقسسام‬
‫الحجة على العالمين‪ ،‬وأعلن ذلك بين المسلمين‪ ،‬ولم يسسسر لحسسد بشسسيء‬
‫ول َ‬‫س َ‬ ‫ه ِللّنققا ِ‬ ‫مسسن الشسسريعة ويسسستكتمه إيسساه‪ ،‬قسسال تعسسالى‪} :‬ل َت ُب َي ّن ُّنقق ُ‬
‫ه{ ]آل عمران‪ ،‬آية‪ [.187 :‬فهو بيسسان للنسساس وليسسس لفئة معينسسة مسسن‬ ‫مون َ ُ‬ ‫ت َك ْت ُ ُ‬
‫َ‬
‫ت‬‫ن ال ْب َي ّن َققا ِ‬ ‫مق َ‬ ‫ما أنَزل ْن َققا ِ‬ ‫ن َ‬ ‫مو َ‬ ‫ن ي َك ْت ُ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫أهل البيت‪ ،‬وقال تعالى }إ ِ ّ‬
‫ُ‬
‫ه‬‫م الل ّق ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫عن ُ ُ‬ ‫ك َيل َ‬ ‫ب أوَلقئ ِ َ‬ ‫في ال ْك َِتا ِ‬ ‫س ِ‬ ‫ما ب َي ّّناهُ ِللّنا ِ‬ ‫د َ‬ ‫ع ِ‬‫من ب َ ْ‬ ‫دى ِ‬ ‫ه َ‬ ‫وال ْ ُ‬‫َ‬
‫وب َي ّن ُققوا{ ]البقسسرة‪ ،‬آيسسة‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫حوا َ‬ ‫صل ُ‬ ‫وأ ْ‬ ‫ن َتاُبوا َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن‪ ،‬إ ِل ال ِ‬ ‫عُنو َ‬ ‫م الل ِ‬ ‫ه ُ‬ ‫عن ُ ُ‬‫وي َل َ‬ ‫َ‬
‫ذي‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫م ال ق ِ‬ ‫هق ُ‬ ‫نل ُ‬ ‫ب إ ِل ل ِت ُب َي ّق َ‬ ‫علي ْك الك ِت َققا َ‬ ‫ما أنَزلَنا َ‬ ‫و َ‬‫‪ ،[.160-159‬وقال‪َ } :‬‬
‫ه{ ]النحل‪ ،‬آية‪.[.64 :‬‬ ‫في ِ‬ ‫فوا ْ ِ‬ ‫خت َل َ ُ‬‫ا ْ‬
‫"فالدين قد تم وكمل ل يسزاد فيسه ول ينقسص منسه ول يبسدل" ]ابسسن حسسزام‪/‬‬
‫المحلي‪ [.1/26 :‬ل من إمام مزعوم‪ ،‬ول من غائب موهوم‪.‬‬
‫وقد ودع المصطفى الدنيا بعد أن بلغ الدين كله وبين جميعه كمسسا أمسسره‬
‫ربه‪ ،‬وأعلم بذلك المسلمين أجمع "فل سر في الدين عند أحد" ]ابسسن حسسزام‪/‬‬
‫المحلي‪.[.1/15 :‬‬
‫قسسال صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم‪" :‬تركتم على مثققل البيضققاء ليلهققا‬
‫كنهارها ل يزيغ عنها بعدي إل هالك" ]هذا جزء من حديث رواة ابن مسساجه‬
‫في سننه‪ ،‬المقدمة‪ ،‬بسساب اتبسساع الخلفسساء الراشسسدين‪ ،1/16 :‬وأحمسسد فسسي مسسسنده‪،4/126 :‬‬
‫والحاكم في مستدركه‪ ،1/96 :‬وابن أبي عاصم في كتاب السنة باب ذكر قول النبي صسسلى‬
‫الله عليه وسلم‪" :‬تركتكم على مثل البيضاء"‪ ،‬وروى عدة روايسسات فسسي هسسذا المعنسسى صسسحح‬
‫اللباني معظمها‪.[.‬‬
‫قال أبو الدرداء رضي الله عنه‪" :‬صدق اللسسه ورسسسوله فقسسد تركنسسا علسسى‬
‫مثل البيضاء ]رواه ابن أبي عاصم في كتاب السنة ‪.[.1/26‬‬
‫وقال أبو ذر رضي الله عنه‪" :‬لقد تركنا محمسسد صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم‬
‫وما يحرك طائر جناحيه في السماء إل ذكسسر لنسسا منسسه علمس ً‬
‫ا" ]روى هسسذا الثسسر‬
‫المام أحمد في مسنده ‪ .[.5/153‬وقال عمر رضي الله عنه‪" :‬قام فينسسا رسسسول‬
‫الله مقاما ً فأخبرنا عن بدء الخلق حسستى دخسسل أهسسل الجنسسة منسسازلهم وأهسسل‬
‫النار منازلهم حفظ ذلك من حفظه ونسيه من نسيه" ]صحيح البخسساري‪ ،‬كتسساب‬
‫م ي ُِعيدُُه{ ج‪.[.‍4/73‬‬
‫ق ثُ ّ‬ ‫ذي ي َب ْدَأ ُ ال ْ َ‬
‫خل ْ َ‬ ‫و ال ّ ِ‬
‫ه َ‬
‫و ُ‬
‫بدء الخلق‪ ،‬باب ما جاء في قوله تعالى‪َ } :‬‬
‫وقال المام الشافعي‪" :‬فليست تنزل بأحد من أهل ديسسن اللسسه نازلسسة إل‬
‫وفي كتاب الله الدليل على سبيل الهدى فيها" ]الرسسسالة‪ :‬ص ‪ ،[.20‬بسسل قسسال‬
‫جعفر الصادق ‪ -‬كما تنقل كتب الشيعة نفسها ‪" :-‬إن الله تعالى أنزل فسسي‬
‫القرآن تبيان كل شيء حتى والله ما ترك الله شيئا ً يحتاج إليه العباد حسستى‬

‫‪192‬‬
‫ل يستطيع عبد يقول‪ :‬لو كان هذا أنسسزل فسسي القسسرآن؟ إل وقسسد أنسسزل اللسسه‬
‫فيه" ]أصول الكافي‪ ،[.1/59 :‬فكل ما تنسبه الشيعة بعد هذا كذب‪.‬‬
‫والرافضة ليست على شيء في مخالفتها في هذا الصل العظيم السسذي‬
‫"هو أصل أصول العلم واليمان‪ ،‬وكل من كان أعظم اعتصاما ً بهذا الصسسل‬
‫ل" ]معسسارج الوصسسول‪ :‬ص ‪ ،2‬وانظسسر‪ :‬موافقسسة صسسحيح‬ ‫كان أولسسى بسسالحق علمسا ً وعم ً‬
‫المنقول‪.[.1/13 :‬‬
‫وأين هذه "المصادر" اليوم؟ وماذا ينتظسسر "منتظرهسسم" حسستى يخسسرج بهسسا‬
‫إلى الناس؟ وهل الناس بحاجة إليها في دينهم؟ فسسإن كسسان النسساس بحاجسسة‬
‫فلم تبقى المة منذ اختفاء المام "المزعوم" منذ أكثر من أحد عشر قرنا ً‬
‫بعيدة عن مصدر هدايتها؟ وما ذنب كل هذه الجيال المتعاقبة لتحسسرم مسسن‬
‫هذه "الفيوضات" والكنوز؟!‬
‫وإن لم تكن المة في حاجة إليها فلم كل هسسذه السسدعاوى‪ ،‬ولسسم يصسسرف‬
‫هؤلء الشيعة عن مصدر هدايتهم وهو كتاب الله وسنة نبيه؟!‬
‫ت لَ ُ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫كقق ْ‬ ‫مل ْ ُ‬
‫م أك ْ َ‬ ‫إن الحق الذي ل ريب فيه أن الله أكمل لنا ديننا }ال ْي َ ْ‬
‫و َ‬
‫م‪ {..‬وكل دعوى بعد ذلك فهي باطل من القول وزور‪.‬‬ ‫ِدين َك ُ ْ‬
‫وكل هذه الدعاوى أرادت منها هذه الزمرة إثبات ما تزعمه في الئمة‪..‬‬
‫فزادت وغلت في ذلك‪ ..‬فانكشف بذلك أمرها‪ ..‬والشسسيء إذا تجسساوز حسسده‬
‫انقلب إلى ضده‪.‬‬
‫ولو كان عنسسد علسسي مثسسل هسسذه العلسسوم‪ ..‬لخرجهسسا للنسساس أيسسام خلفتسسه‪،‬‬
‫ولرواها عنه أئمة أهل السنة ولم يختص بها شرذمة من الرافضة‪.‬‬
‫بل إن هذه الدعاوى وجد لها أصل في عهد أمير المؤمنين وتولى كبرهسسا‬
‫بعض العناصر السبئية‪ ،‬كما جاء في رسالة الرجاء للحسن بسن محمسسد بسن‬
‫الحنفية ‪ -‬كما سلف ‪ ،-‬وقد نفى أمير المسؤمنين علسسي هسسذه المزاعسسم نفيسا ً‬
‫قاطع سًا‪ ،‬وأعلسسن ذلسسك للمسسسلمين‪ ،‬ونفسسى أن يكسسون عنسسدهم شسسيء أسسسره‬
‫الرسسسول لهسسم واختصسسوا بسسه دون المسسسلمين‪ ..‬وأقسسسم علسسى ذلسسك قسسسما ً‬
‫مؤكدًا‪ ،‬وكأنه ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬خشي أن يأتي من يقول بأن هسسذا النكسسار‬
‫تقية‪ ،‬فأقسم على نفي ذلك ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حيى عسسن‬
‫بينة‪ ،‬وهسسذا مسسن فراسسسة الرعيسسل الول ببركسسة صسسحبة النسسبي والتلقسسي عنسسه‬
‫والجهاد معه‪ ..‬وقد جساء الحسديث عسن علسي فسي نفسي تلسك المزاعسم فسي‬
‫الصحاح والسنن والمسانيد ]وقد مر تخريجه ص‪.[.(79) :‬‬
‫وقد وقفت على هذا النص في بعض كتب الشيعة‪ ،‬فقد جاء في تفسسسير‬
‫الصافي‪" :‬أنه عليه السلم سئل هل عنسسدكم مسسن رسسسول اللسسه صسسلى اللسسه‬
‫عليه وآله وسلم شيء من السسوحي سسسوى القسسرآن؟ قسسال‪ :‬ل‪ ،‬والسسذي فلسسق‬
‫الحبة وبرأ النسسسمة إل أن يعطسسى العبسسد فهمسا ً فسسي كتسسابه" ]تفسسسير الصسسافي‪:‬‬
‫‪.[.1/19‬‬
‫ثم تطسسورت هسسذه المزاعسسم وكسسثرت فسسي عصسسر جعفسسر الصسسادق وأبيسسه ‪-‬‬
‫رحمهما الله ‪ -‬وكان لكل اتجاه شسسيعي نصسسيبه مسسن هسسذه المزاعسسم‪ ،‬ولكسسن‬
‫الثني عشرية استوعبت كل ما عنسسد هسسذه الفسسرق وزادت عليهسسا علسسى مسسر‬
‫السنين‪ ،‬وقد أشار شيخ السلم ابن تيمية إلى هذا التجاه عند الشيعة في‬
‫‪193‬‬
‫نسبة هذه الوهام كالجفر ونحوه لبعض أهل البيت ولم يحدد فرقة الثنسسي‬
‫عشرية بذاتها إل أنه نسسسب القسسول بسسأن عليسا ً أعطسسي علمسا ً باطنسا ً مخالفسا ً‬
‫للظاهر نسب ذلك إلى القرامطة الباطنية ]منهاج السنة‪ ،[.4/179 :‬كما نسب‬
‫القول بأن عليسا ً يعلسسم المسسستقبلت إلسسى الغلة مسسن الشسسيعة ]منهسساج السسسنة‪:‬‬
‫‪ ،[.4/179‬ويرى الشيخ أبو زهرة "بأن الخطابية هسم أول مسن تكلسم بسالجفر‬
‫واستنبط ذلك من كلم للمقريزي" ]المام الصادق‪ :‬ص ‪.[.126‬‬
‫وأضيف بأنه جساء فسسي كتسسب الشسسيعة أيضسا ً مسا يوافسق ذلسك وهسسو أن أبسسا‬
‫الخطاب هو الذي نسب علم الغيب إلى جعفر الصادق‪ ،‬وأن جعفسسرا ً كسسذبه‬
‫دم من حياته أمثلة لجهله بمسسا غسساب عنسسه‪ ،‬وإن كسسان‬ ‫في ذلك وتبرأ منه‪ ،‬وق ّ‬
‫من أقرب الشياء إليه شأنه فسسي ذلسسك شسسأن سسائر البشسسر‪ ،‬وسسسيأتي نسص‬
‫كلمه‪.‬‬
‫وهذه الدعاوى ينفيها واقع الئمسسة‪ ،‬فقسسد تلقسسوا العلسسم كغيرهسسم مسسن بنسسي‬
‫البشر‪ ..‬ومن يراجع تراجمهم يجد هذا واضحا ً جليا ً ]فقسسد أخسسذ ‪ -‬مثل ً ‪ -‬علسسي بسسن‬
‫الحسين العلم عن جابر وأنس )منهاج السنة‪ ،(2/153 :‬وأخذ عن أمهات المسسؤمنين عائشسسة‬
‫وأم سلمة وصفية‪ ،‬وأخذ عن ابن عباس والمسور بن مخرمة‪ ،‬وأبي رافع مولى النبي صسلى‬
‫الله عليه وسلم‪ ،‬ومروان بن الحكم وسعيد بن المسيب وغيرهم من علمسساء أهسسل المدينسسة‪.‬‬
‫)منهاج السنة‪ ،(4/144 :‬وكان الحسن ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬يأخذ عسسن أبيسسه وعسسن غيسسره حسستى‬
‫أخذ عن التابعين‪ ،‬وهذا من علمه ودينه ‪ -‬رضسسي اللسسه عنسسه ‪) -‬نفسسس الموضسسع مسسن المصسسدر‬
‫السابق( وهكذا سائر علماء أهل البيت‪.[.‬‬
‫وقد أقرت الشيعة في أوثق كتاب عندها في علم الرجسسال وهسسو "رجسسال‬
‫الكشي" أقرت بأن محمد بن علي بن الحسين يسسروي عسسن جسسابر بسسن عبسسد‬
‫الله‪ ،‬واعتذرت عن ذلك باعتذار غريب‪ ،‬حيث قالت‪ :‬إنه يروي عنه ليصدقه‬
‫الناس ]رجسسال الكشسسي‪ :‬ص ‪ .[.28‬وهذا العتسسذار ل يقبسسل بسسالنظر إلسسى دعسساوى‬
‫الشيعة في أئمتها‪ ،‬وأن عندهم من المعجزات والعلوم والكتب ما يجعلهسسم‬
‫يستولون على العقول والقلوب‪ ،‬كما أنهسم مسن سسللة الرسسسول فكيسف ل‬
‫يصدقهم الناس حينئذ؟!‬
‫ولو كان لمير المؤمنين بعض ما يدعون لدبر المر في خلفته على غير‬
‫ما دبر‪ ،‬ولقد ندم على أشسسياء ممسسا فعلهسسا ]منهسساج السسسنة‪ ،[.4/180 :‬والشسسيعة‬
‫يذكرون أن مسيرة الحسين إلى أهل الكوفة‪ ،‬وخذلنهم لسسه‪ ،‬وقتلسسه كسسانت‬
‫سبب ردة الناس إل ثلثة" ]أصول الكافي‪ ،2/280 :‬رجال الكشي‪ :‬ص ‪ ،[.123‬ولسسو‬
‫كان يعلم المستقبل وأنهم سيرتدون ما سار إليهم أو سار إلى غيرهم‪.‬‬
‫وقد تبرأ جعفسسر مسسن ذلسسك الغلسسو ومسسن الغلة وروت ذلسسك كتسسب الشسسيعة‬
‫نفسها‪ ،‬فقد نفى ما نسبه إليه أبو الخطاب من العلم بالغيب وأقسم علسسى‬
‫ذلك يمينا ً مؤكدًا‪ ،‬وقدم من واقع حياته مثسسال ً عمليسا ً علسسى ذلسسك فقسسال‪.." :‬‬
‫لقد قاسمت مع عبد الله بن الحسسسن حائط سا ً بينسسي وبينسسه فأصسسابه السسسهل‬
‫والشرب‪ ،‬وأصابني الجبل" ]رجسسال الكشسسي‪ :‬ص ‪189-188‬ط‪ :‬إيسسران‪ ،‬بحسسار النسسوار‪:‬‬
‫‪ .[.25/322‬وقال‪" :‬يا عجبا ً لقوام يزعمون أنا نعلم الغيب‪ ،‬ما يعلسسم الغيسسب‬
‫إل الله‪ ،‬لقد هممت بضرب جاريتي فلنة فهربت مني فما عملسست فسسي أي‬
‫بيوت الدار هي" ]أصول الكافي‪ .[.1/257 :‬ولقد كسسان واقسسع حيسساتهم العمليسسة ‪-‬‬

‫‪194‬‬
‫كما قلت ‪ -‬يكشف كل هذه الدعاوى حيسسث كسسانوا كسسسائر البشسسر يسسسهون‪،‬‬
‫ويخطئون‪.‬‬
‫وقد اخترع مهندسو التشيع عقيدتين للخروج من هذا هما عقيدة التقية‪،‬‬
‫والبداء‪ ،‬فإذا أجاب المام بخلف الصسسواب قسسالوا‪ :‬التقيسسة‪ ،‬وإذا أخسسبر بسسأمر‬
‫ووقع خلفة قالوا‪ :‬قد بدا الله سبحانه ]انظر‪ :‬فصلي التقية‪ ،‬والبداء‪.[.‬‬
‫وقد يقال بأن هذه الدعاوى مجرد حكايات ل رصيد لها مسسن الواقسسع وقسسد‬
‫حفظتها كتب الشيعة ليبقى عارها عليها إلى البد‪ ،‬وليس لها أثر في واقسسع‬
‫الحياة؛ لنه ل وجسسود للئمسسة‪ ..‬وأقسسول‪ :‬إن هسسذه السسساطير المكشسسوفة لهسسا‬
‫آثارها الخطيرة على نفسية وعقلية أولئك التباع الغرار‪ ،‬وقد تسسؤدي بمسسن‬
‫يؤمن بها ويعطي لعقله فرصة التأمل والتفكر فيهسسا إلسسى متاهسسات اللحسساد‪،‬‬
‫كما أن هذا الغلو قد تحول إلى واقع عملي واضسسح وهسسو الغسسول فسسي قبسسور‬
‫الئمة ‪ -‬كما سلف ‪.-‬‬
‫وجانب ثالث وهو أن في عقيدة هسسؤلء ‪ -‬كمسسا سسسيأتي فسسي المامسسة ‪ -‬أن‬
‫آياتهم ومراجعهم لهم حق النيابة عن الغسائب وتمسسثيله بيسن النساس‪ ،‬وأنهسسم‬
‫على صلة بهذا الغائب‪ ،‬وقد يظهر لبضعهم كما يزعمون‪.‬‬
‫إذن هذه الدعاوى عادت بشكل واقعي‪ ،‬وارتدت بصورة خطيرة متمثلسسة‬
‫في المرجع الشيعي وهذا ما سنفصله في مبحث حكايات الرقع‪:‬‬
‫حكايات الرقاع‪:‬‬
‫ه( والذي تزعسسم الشسسيعة أنسسه إمامهسسا‬ ‫مات الحسن العسكري )سنة ‪‍ 260‬‬
‫الحادي عشر "ولم يعرف له خلف ولم ير له ولد ظاهر" ]المقسسالت والفسسرق‪:‬‬
‫ص ‪ ،[.102‬كما تعترف كتب الشيعة‪ ،‬وقال ثقات المؤرخين بأنه مات عقيما ً‬
‫]انظر‪ :‬المنتقى ص ‪ .[.31‬فكانت هذه الواقعة قاصمة الظهر للتشيع‪ ،‬لن هسسذا‬
‫مؤذن بنهايتهم‪ ،‬إذ إن أساس دينهم هو المام الذي يزعمون أن قوله قول‬
‫الله ورسوله والمام تسوفي ولسسم يخلسف ولسدا ً يتعلقسسون بسه‪ ،‬وحينئذ توقسسف‬
‫ه( وانقطع سيل الموال الجارية التي تؤخذ من‬ ‫النص المقدس سنة )‪‍ 260‬‬
‫التباع باسم المسسام‪ ،‬فسسافترق الشسسيعة‪ ،‬وتشسستت أمرهسسم‪ ،‬وعظسسم الخطسسب‬
‫عليهم‪ ،‬وضاقت بهم السبل‪ -‬كما سسيأتي ]سسسيأتي نقسسل صسسورة لسسذلك فسسي فصسسل‬
‫الغيبة‪.-[.‬‬
‫إل أن تلك الزمرة التي أخذت على عاتقهسسا تفرقسسة المسسة أخسسذت تنسسسج‬
‫خيوطها وأوهامها‪ ،‬وتضع شسسباك مؤامراتهسسا للبحسسث عسسن وسسسيلة لسسستمرار‬
‫دعوى التشيع ليستمر من خلل ذلك كيدهم للمة ودينها‪ ،‬والسسستيلء علسسى‬
‫أموال الجهلة والمغفلين بأيسسسر طريسسق‪ ،‬والحصسسول علسسى وجاهسسة ومنزلسسة‬
‫عندهم؛ فادعت دعوى في غاية الغرابة‪ ،‬ادعت أن للحسن ولدا ً قد اختفى‬
‫فلم يعرفه أحد‪ ،‬وكان سبب اختفائه خوف القتل‪ ،‬مسسع أنسسه لسسم يقتسسل أبسسوه‬
‫ل دولسسة الخلفسسة ‪ -‬وهسسم كبسسار فكيسسف يقتسسل وهسسو طفسسل‬ ‫وأجداده ‪ -‬مسسن قِب َس ِ‬
‫رضيع؟!‪ ،‬إل أن هذه الفكرة رغم سسسذاجتها‪ ،‬وظهسسور زيفهسسا راقسست لشسسيوخ‬
‫الشيعة‪ ،‬وأخذوا يشيعونها بين أتباعهم‪ ،‬وبسسدأت تتسسسلل للوسسساط الشسسيعية‬
‫الشعبية بشرية تامة‪ ..‬واختلف الشيوخ على النيابة‪ ،‬وكسسل يخسسرج "توقيعسًا"‬
‫أي‪ :‬ورقة من الطفل يلعن بها الخر ويزعم فيها أنه هو نائب الطفل‪.‬‬
‫‪195‬‬
‫وكثر الذين يدعون النيابة وذلك بغية الستيلء على الموال السستي تجسسبى‬
‫باسم هذا "المنتظر"‪ ،‬وقد ارتضت طائفة الثني عشرية أربعسسة مسسن هسسؤلء‬
‫واعتبرتهم هم النواب عن المسسام‪ .‬وكسسان هسسؤلء السسوكلء عسسن هسسذا الطفسسل‬
‫الصغر يأخذون الموال‪ ،‬ويتلقون السسسئلة والطلبسسات ويخرجسسون لصسسحابها‬
‫بطريقة سرية أجوبة وإيصالت يزعمسسون أنهسسا بخسسط هسسذا "الطفسسل" السسذي‬
‫قالوا عنه بأنه سيظهر ووقتوا لظهوره وقتا ً حسستى ل يسسسارع فسسي تكسسذيبهم‪،‬‬
‫ثم لما مضى ذلك الجيل قالوا‪ :‬إنا الله بدا له وأنه ل توقيت لخروجه ‪ -‬كما‬
‫سيأتي – ]انظر‪ :‬فصل الغيبة‪.[.‬‬
‫وكانت تلك الخطوط المجهولسسة‪ ،‬والسستي خرجسست علسسى يسسد تلسسك الزمسسرة‬
‫المتآمرة‪ ،‬والمنسوبة لذلك الطفل المدعى‪ ..‬هي عندهم من أوثق السسسنن‬
‫وأقوى النصوص‪ .‬ويسمونها "التوقيعات"‪" ،‬والتوقيعات هي خطوط الئمسسة‬
‫بزعمهم في جواب مسائل الشيعة"‪.‬‬
‫ويبدو أنه فسسي ظسسل التحسسزب والتعصسسب يفقسسد العقسسل وظيفتسسه‪ ،‬ويصسساب‬
‫الفكر بالشلل والتعطل‪ ..‬فقد جعل هؤلء المفترون لهذا الطفل المزعسسوم‬
‫وظيفة "المشرع" أي منصب النبياء والرسل‪ ،‬مسسع أن مكسسانه ‪ -‬لسسو وجسسد ‪-‬‬
‫في حضانة وليه‪ ،‬وكانت بداية النقل الشرعي عن هذا الرضيع منذ ولدتسسه‪،‬‬
‫وهو ما ل يكون إل في خيالته المعتوهين‪.‬‬
‫اسسستمع لبسسن بسسابويه الملقسسب عنسسدهم بالصسسدوق يسسروي عمسسن سسسموها‬
‫"نسيمًا" وزعموا أنها خادمة هذا الرضيع‪ ،‬أنها قالت‪:‬‬
‫"قال لي صاحب الزمان وقد دخلسست عليسسه بعسسد مولسسده بليلسسة فعطسسست‬
‫عنده فقال لي‪ :‬رحمك الله‪ ،‬قالت نسيم‪ :‬ففرحت بذلك‪ ،‬فقال لي ‪ -‬عليسسه‬
‫السلم ‪ :-‬أل أبشرك في العطاس؟ قلت‪ :‬بلى يسا مسولي‪ ،‬قسال‪ :‬هسو أمسان‬
‫من الموت ثلثة أيام" ]إكمال السسدين‪ :‬ص ‪،407-،406‬سس ‪ [.416‬فهذا النسسص ينقلسسه‬
‫واحد من أكبر شيوخهم ويعتبره من سسسنة المعصسسومين والسستي هسسي كقسسول‬
‫الله ورسوله‪..‬‬
‫وقد تولى بث هذه الخبار مجموعة مسسن هسسؤلء الفسساكين السسذين يسسدعون‬
‫الصلة بهذا المنتظسر وارتضست هسذه الطائفسة أربعسة منهسم ‪ -‬كمسا سسبق ‪،-‬‬
‫وسميت فترة النيابة التي تعاقبوا عليها بالغيبسسة الصسسغرى والسستي اسسستمرت‬
‫زهاء سبعين سنة‪ ،‬كما كان فسسي بلسسدان العسسالم السسسلمي مجموعسسة تمثسسل‬
‫هسسؤلء النسسواب‪ ،‬وكسسانوا يسسستلمون الوال ويخرجسسون للنسساس التوقيعسسات‬
‫المزعومة‪.‬‬
‫وقد اهتم شيوخ الشيعة بهذه التوقيعات ودونوها فسي كتبهسم الساسسية‪،‬‬
‫على أنها من الوحي الذي ل يأتيه الباطل )!( كما فعل الكليني في أصسسول‬
‫الكافي ]أصول الكافي‪ 1/517 :‬وما بعدها )بسساب مولسسد الصسساحب(‪ [.‬وابن بسسابويه فسسي‬
‫إكمال الدين ]إكمال الدين‪ :‬ص ‪ 450‬وما بعدها )الباب التاسع والربعون ذكر التوقيعسسات‬
‫السسوراردة عسسن القسسائم(‪ ،[.‬والطوسسسي فسسي الغيبسسة ]الغيبسسة ص ‪ 172‬ومسسا بعسسدها‪،[.‬‬
‫والطبرسي في الحتجاج ]الحتجاج‪ 2/277 :‬وما بعدها‪ ،[.‬والمجلسي في البحار‬
‫]بحار النوار‪) 246-53/150 :‬باب ما خرج من توقيعسساته(‪ ،[.‬وقد جمسسع شسسيخهم عبسسد‬

‫‪196‬‬
‫الله بن جعفر الحميري الخبار المروية عن منتظرهسسم فسسي كتسساب سسسماه‪:‬‬
‫"قرب السناد" ]وقد طبع في المطبعة السلمية بطهران‪.[.‬‬
‫وذكر صاحب الذريعة كتابين لهم في هسسذا باسسسم‪" :‬التوقيعسسات الخارجسسة‬
‫من الناحية المقدسة" ]أغا برزك الطهراني‪ /‬الذريعسسة إلسسى تصسسانيف الشسسيعة‪-4/500 :‬‬
‫‪.[.501‬‬
‫وتحكي هذه "التوقيعات" رأي المام المزعوم في كثير من أمور السسدين‬
‫والحياة‪ ،‬وتصور قدرته على علم الغيب المجهول‪ ..‬وتحقيقه لماني شيعته‬
‫وشسسفائه لمراضسسهم‪ ،‬وحسسل لمشسساكلهم‪ ،‬وإجسسابته لسسسئلتهم واسسستلمه لمسسا‬
‫يقدمونه من أموال‪ ،‬وقد تصاغ أحداث ذلك أحيانا ً بثوب قصصي‪.‬‬
‫والمتأمل للفتاوى المنسوبة إليه في أمور الدين يسسرى فسسي الكسسثير منهسسا‬
‫الجهسسل فسسي أبسسسط مسسسائل الشسسيعة‪ ،‬ممسسا يسسدل علسسى أن واضسسع هسسذه‬
‫"التوقيعات" هو من المتآمرين الجهلة الذين ل يحسنون الوضع‪ ،‬أو أن الله‬
‫سبحانه شاء كشفهم وفضحهم علسسى رؤوس الخلئق‪ ..‬فجسساءت محسساولتهم‬
‫في الكذب كمحاولة مسيلمة في محاكاة القرآن‪.‬‬
‫استمع إلى شيء من هذه التوقيعات‪:‬‬
‫"وكتب إليه صلوات الله عليه أيضا ً في سنة ثمان وثلثمسسائة كتاب سا سسسأله‬
‫ً‬
‫فيه عن مسائل‪ ..‬سأل عن البرص والمجذوم وصاحب الفالسسج هسسل يجسسوز‬
‫شهادتهم؟ فأجاب عليه السلم‪ :‬إن كان ما بهسسم حسسادث جسسازت شسسهادتهم‪،‬‬
‫وإن كانت ولدة لم تجز" ]بحار النوار‪.[.53/164 :‬‬
‫فهل للبرص ونحوه أثر في قبول الشهادة وردها‪ ،‬وهل للتفريق بيسسن مسسا‬
‫هو أصلي وحادث وجه معقول‪ ..‬وهل تستحق مثل هذه الفتاوى مناقشسسة‪..‬‬
‫وكيف ينسب مثل ذلك لهل البيت‪ ،‬بل وللسلم؟!‬
‫وسأل هل يجوز أن يسبح الرجل بطين القبر وهسل فيسه فضسل؟ فأجساب‬
‫عليه السلم‪ :‬يسبح به فما من شيء من التسبيح أفضل منه‪ ،‬ومن فضسسله‬
‫أن الرجل ينسى التسبيح ويدير السبحة فيكتب لسسه التسسسبيح" ]بحسسار النسسوار‪:‬‬
‫‪.[.53/165‬‬
‫فهذا المبدأ من دين الوثنين‪ ،‬ل من ديسسن التوحيسسد‪ ..‬ولسسه يكتسسب التسسسبيح‬
‫بالعبث بالمسبحة‪ ..‬فأي شرعة هذه وأي فقيه يفتي بذلك؟!‬
‫والمثلة على هذا اللون من الفتاوى الجاهلة الغبية كثيرة ]فهسسو يفسستي لمسسن‬
‫سأله هل يجوز أن يسسسجد علسسى القسسبر أم ل؟ فيقسسول‪" :‬والسسذي عليسسه العمسسل أن يضسسع خسسده‬
‫اليمن على القبر‪ ،‬وأما الصلة فإنها خلفه ويجعل القبر أمامه‪) .‬بحار النوار‪.(53/165 :‬‬
‫فكيف يجعل القبر قبلة؟ ولم يعفر خده بطين القبر؟!‪ ،‬والمسلم مأمور بالتوجه لبيت اللسسه‪،‬‬
‫والسجود لله وحده‪ .‬وقد جاء اللعن لمن اتخذ القبور مساجد‪.‬‬
‫ومن المثلة أيضا ً السستي وجهسست بزعمهسسم للطفسسل المنتظسسر وجسساء التوقيسسع بجوابهسسا السسسؤال‬
‫التالي‪" :‬قد اختلف أصحابنا في مهر المرأة فقال بعضسسهم‪ :‬إذا دخسسل بهسسا سسسقط المهسسر‪ ،‬ول‬
‫شيء لها‪ ،‬وقال بعضهم‪ :‬هو لزم في الدنيا والخسرة‪ ،‬فكيسف ذلسك؟ ومسا السذي يجسب فيسسه؟‬
‫فأجاب عليه السلم‪ :‬إن كان عليه بالمهر كتاب فيه دين‪ ،‬فهو لزم لسسه فسسي السسدنيا والخسسرة‪،‬‬
‫وإن كان عليه كتاب فيه ذكر الصدقات سقط إذا دخل بها‪ ،‬وإن لم يكسسن عليسسه كتسساب فسسإذا‬
‫دخل بها سقط في الصداق‪) .‬بحار النوار‪.(53/169 :‬‬
‫ي عالم‪ ،‬بسسل مسن جاهسل يملسسك ذرة مسن عقسل؟ وهسل هسذا‬ ‫فهل هذا الجواب يخرج من ف ّ‬
‫المبدأ من دين السلم؟ كيف يقرر مثل هذا المبدأ الذي يبيح أخذ مال الغير إذا لم يكتسسب‪..‬‬

‫‪197‬‬
‫فيسقط الصداق إذا لم يكن فيه كتاب‪ ..‬هذه شرعة اللصسسوص والبسساحيين ل ديسسن السسسلم‪.‬‬
‫هذا ومن أراد التوسع في هذه المثلة فليرجع لبحار النوار ج ‪ ،‍53‬وإكمال الدين لبن بابويه‪،‬‬
‫والغيبة للطوسي وغيرها‪.[.‬‬
‫وهسسذه "السسسنة" السستي تخسسرج مسسن المنتظسسر تحمسسل الخبسسار بالمغيبسسات‪،‬‬
‫والقدرات الخارقسسة علسسى تحقيسسق المنيسسات‪ ..‬فهسسذا الشسسيعي السسذي أصسسيب‬
‫بمرض عضال أعيا الطباء شفاؤه‪ ..‬يتوجه لهذا المنتظر عن طريسسق نسسوابه‬
‫فيكتب رقعة يطلب فيها الشفاء فيأتي التوقيسسع بالسسدعوة لسسه بالشسسفاء فمسسا‬
‫تأتي جمعة حتى يشفى ]أصول الكافي‪.[.1/519 :‬‬
‫وهذا الرجل الذي ل تحمل زوجته‪ ،‬وقد بلغ به الحنين والشوق إلى الولد‬
‫ما بلغ‪ ،‬فما أن يكتب إلى الناحية المقدسة ]كنابة عسسن مهسسديهم المنتظسسر‪ [.‬حتى‬
‫يخرج التوقيع بأنه سيحمل له قبل الربعسسة أشسسهر وسسسيولد لسسه ابسسن ]إكمسسال‬
‫الدين‪ :‬ص ‪.[.460‬‬
‫وعن طريق هسسذا الطفسسل الغسسائب يعرفسسون مسستى يموتسسون‪ ،‬فهسسذا شسسيعي‬
‫يكتب إليه يسأله كفنا ً فيأتي التوقيسسع "إنسسك تحتسساج إليسسه فسسي سسسنة ثمسسانين‪،‬‬
‫فمات في سنة ثمانين وبعث إليه بالكفن قبل مسسوته بأيسسام" ]أصسسول الكسسافي‪:‬‬
‫‪ ،1/524‬إكمال الدين‪ :‬ص ‪.[.467 ،465‬‬
‫وقد جاءت توقيعات من المنتظر يؤخسسذ منهسسا أن العمسسل بسسسنن السسسلم‬
‫وشرائعه يتوقف على إذن "القائم المنتظر"‪ ،‬فكأن "سنة" هسسذه "الرقسساع"‬
‫المزورة أبلغ من نصسوص السسلم عنسدهم‪ ،‬كمسا قسد يؤخسذ مسن النصسوص‬
‫التالية‪" :‬ولد لي مولود فكتبت أستأذن في تطهيره يوم السابع‪ .‬فلم يكتب‬
‫شيئا ً فمات المولود يوم الثامن‪] "..‬ابن بابويه‪ /‬إكمال الدين‪ :‬ص ‪.[.456‬‬
‫فهو يتوقف في ختان ابنه حتى يأتي له الذن من القائم‪.‬‬
‫والزواج مرتبط بأمر القائم فسسي الغسسالب‪ ،‬قسسال أحسسدهم‪" :‬زوجسست بسسأمره‬
‫سرا ً فلما وطئتها علقت وجسساءت بابنسسة فسساغتممت وضسساق صسسدري فكتبسست‬
‫أشكو ذلك )يعني في رسالة إلى هذا الطفسسل المنتظسسر( فسسورد‪ :‬سسستكفاها‪،‬‬
‫فعاشت أربع سنين ثم ماتت فورد‪ :‬اللسسه ذو أنسساة وأنتسسم تسسستعجلون ]نفسسس‬
‫الموضع من المصسسدر السسابق‪ .‬ويلحسسظ أن هسسذا المنتظسسر المعصسسوم ‪ -‬بزعمهسم ‪ -‬أقسسر هسسذا‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫ذا ب ُ ّ‬‫وإ ِ َ‬
‫ه ْ‬
‫حقدُ ُ‬
‫شَر أ َ‬ ‫المشتكي على غمه وحزنه مع أن ذلسسك سسسنة أهسسل الجاهليسسة السسذين } َ‬
‫م{ ]النحل‪ ،‬آية‪.[58 :‬‬ ‫و كَ ِ‬ ‫لنَثى ظَ ّ‬ ‫با ُ‬
‫ظي ٌ‬ ‫ه َ‬‫و ُ‬ ‫دا َ‬‫و ّ‬‫س َ‬ ‫م ْ‬‫ه ُ‬ ‫ه ُ‬‫ج ُ‬
‫و ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ِ‬
‫م‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ولدَك ق ْ‬ ‫ول ت َقت ُلوا أ ْ‬ ‫وقد اهتم بأمر رزقها مع أن الله سبحانه هو المتكفسسل بسسالرزق‪َ } :‬‬
‫كم{ ]السراء‪ ،‬آية‪ [31 :‬ولكن النص عن هذا المنتظسسر‬ ‫وإ ِّيا ُ‬
‫م َ‬‫ه ْ‬ ‫ق ُ‬‫ن ن َْرُز ُ‬‫ح ُ‬ ‫ق نّ ْ‬
‫مل ٍ‬ ‫ة إِ ْ‬
‫شي َ َ‬‫خ ْ‬
‫َ‬
‫اعتبر الموت هو الكافي‪.[.‬‬
‫والحسسج متوقسسف علسسى إذن هسسذا الطفسسل المزعسسوم‪ ،‬فهسسذا شسسيعي يقسول‪:‬‬
‫"تهيأت للحج‪ ،‬وودعت النسساس‪ ،‬وكنسست ‪ -‬كسسذا ‪ -‬علسسى الخسسروج فسسورد‪ :‬نحسسن‬
‫لذلك كارهون‪ ،‬والمر إليسسك‪ ،‬قسسال‪ :‬فضسساق صسسدري واغتممسست وكتبسست‪ :‬أنسسا‬
‫مقيم على السمع والطاعة غير أنسسي مغتسسم بتخلفسسي عسسن الحسسج‪ ،‬فوقسسع‪ :‬ل‬
‫يضيقن صدرك فإنك ستحج من قابل إن شسساء اللسسه‪ ،‬قسسال‪ :‬ولمسسا كسسان مسسن‬
‫قابل كتبت أستأذن‪ ،‬فورد الذن" ]أصول الكافي‪ .[.1/522 :‬فهل أمسسر قسسائمهم‬
‫فوق أمر الله وشرعه حتى يستأذن في ركن من أركان السلم؟!!‬

‫‪198‬‬
‫وهذا التوقيعات التي تحمل كل هذه الباطيل‪ ،‬لهسسا عنسسد شسسيوخ الشسسيعة‬
‫مكانة خاصة‪ ،‬ومزية ظاهرة حستى إنهسم رجحسوا هسذه التوقيعسات علسى مسا‬
‫روي بإسناد صحيح عندهم في حال التعارض‪.‬‬
‫قال ابن بابويه في كتابه "من ل يحضره الفقيه" بعسسدما ذكسسر التوقيعسسات‬
‫الواردة من الناحية المقدسة في باب "الرجلين يوصى إليهما‪ "..‬قال‪ :‬هسسذا‬
‫التوقيع عندي بخط أبي محمد الحسن بن علي‪ ،‬ثسسم ذكسسر أن فسسي الكسسافي‬
‫للكليني رواية بخلف ذلك التوقيع عن الصادق‪ ،‬ثم قال‪" :‬لست أفتي بهسسذا‬
‫الحديث بل أفتي بما عندي بخط الحسن بسسن علسسي‪ ،"..‬وعقسسب علسسى ذلسسك‬
‫الحر العاملي فقال‪ .." :‬فإن خط المعصوم أقوى من النقل بوسائط"‪.‬‬
‫وكيف يجزمون بأن هذا هو خط الحسن أو "المنتظر" )السسذي لسسم يولسسد(‬
‫مع أن الخطوط تتشابه‪ ،‬والكذب والتزوير على أهسسل السسبيت كسسثير؟ وكيسسف‬
‫يعتمدون في هذا على قول واحد غير معصوم هو "نائب المنتظسر" مسع أن‬
‫العصمة من أصولهم؟ كمسسا أن هسسذا النسسائب محسسل شسسك كسسبير‪ ،‬لن مسسسألة‬
‫"النيابة" يتصارع كثير من رؤسائهم على الفوز بها لنها وسيلة سهلة لجمع‬
‫الموال‪.‬‬
‫فصار من المحتمل أن الذي فتسسح علسسى الشسسيعة هسسذا البسساب لسسص مسساهر‬
‫محتال لبسسس ثسسوب الكسسذب وارتسسدى زي النفسساق للكسسسب الحسسرام والتسسآمر‬
‫والضلل‪ ..‬لكن صار نقل هذا الواحد وغيسر المعصسوم؛ بسل والمشسبوه هسو‬
‫عمدة عند شيوخهم‪ ،‬فهو يرجحون ما في هذه التوقيعات على ما جاء فسسي‬
‫أصح كتبهم‪ .‬ومن يزعم الصلة بهذا المنتظسسر‪ ،‬أو يزعسسم أنسه قسد أرسسسل لسه‬
‫برسالة يحظى بثقة القوم‪ ،‬كما نجد ذلك في تراجسسم رجسسالهم ]انظسسر‪ :‬رجسسال‬
‫الحلي‪ :‬ص ‪) 100‬ترجمة علي بن الجهم(‪ ،‬ووسسسائل الشسسيعة‪ ،20/332 :‬ترجمسسة محمسسد بسسن‬
‫عبد الله بن جعفسر الحميسري‪ ،‬وكسذلك ترجمسة علسي بسن الحسسين بسن بسابويه فسي المصسدر‬
‫السابق‪ ،[.20/262 :‬مع أن هذا بدللة العقل والتاريخ من أكبر البراهين علسسى‬
‫كذبهم‪.‬‬
‫كما يجري في هذه التوقيعات توثيق الرجال أو ذمهم‪ ،‬ويجعل ذلك أصل ً‬
‫عندهم في جرحسسه وتعسسديله ]انظسسر‪ :‬رجسسال الحلسسي ص ‪ ،[.90‬فهسسي مصسسدر مسسن‬
‫مصادر دينهم‪.‬‬
‫قال اللوسي ‪ -‬رحمه الله ‪" :-‬إنهم أخذوا مذهبهم مسسن الرقسساع المسسزورة‬
‫التي ل يشك عاقل أنها افتراء على الله تعالى ول يصدق بها إل من أعمى‬
‫الله بصره وبصيرته" ]كشف غياهب الجهالت‪ :‬ص ‪) 12‬مخطوط(‪.[.‬‬
‫ثم تحدث اللوسي عن أحد رجال الرافضة الذي يدعي أنسسه اتصسسل بهسسذا‬
‫المنتظر في غيبته المزعومة ويدعى علسسي بسسن الحسسسين مسسن موسسسى بسسن‬
‫بابويه القمي‪ ،‬والذي زعم أنه وصلته رقاع من هذا المنتظر وتعجسسب كيسسف‬
‫تلقبه الرافضة بالصدوق ]الملقب بالصدوق بإطلق ‪ -‬عندهم ‪ -‬هو ابنه "صاحب مسن ل‬
‫يحضره الفقيه"‪ ،[.‬وقال‪" :‬ل يخفى عليك أن هسسذا مسسن قبيسسل تسسسمية الشسسيء‬
‫باسم ضده‪ ،‬وهو وإن كان يظهر السلم فهو كافر فسسي نفسسس المسسر"‪ ،‬ثسسم‬
‫بين أن دعواه ل يخفى كذبها على عاقل فهل يزعم أنه يكتب مسسسألة فسسي‬

‫‪199‬‬
‫رقعة فيضعها في ثقب شجرة ليل ً فيكتسسب الجسسواب عنهسسا صسساحب الزمسسان‬
‫]انظر نص الشيعة على أن ابن بابويه ممن كاتب منتظرهم‪ :‬وسائل الشيعة‪.[.20/262 :‬‬
‫ثم ذكر أن الرافضة لم تكتف بمجرد تصديق هذه "الخرافسة" بسل جعلسوا‬
‫هذه الرقاع من أقوى دلئلهم‪ ،‬وأوثق حججهم وتعجب كيسسف يزعمسسون بعسسد‬
‫هسسذا أنهسسم أتبسساع السسبيت وقسسد أثبتسسوا أحكسسام دينهسسم بمثسسل هسسذه الترهسسات‪،‬‬
‫واستنبطوا الحرام والحلل من نظائر هسسذه الخسسزعبلت‪ ،‬وقسسال‪ :‬إنهسسم فسسي‬
‫الحقيقة أتباع الشياطين وأهل البيت بريئون منهم ]كشف غياهب الجهالت‪ :‬ص‬
‫‪) 12‬مخطوط(‪.[.‬‬
‫ذلك أن مثل هذه الرقاع ل يقام لها وزن فسسي قضسساء ول فسسي منطسسق ول‬
‫في عقل من عقول البشر‪ ،‬فهي "رقسساع " منسسسوبة لطفسسل مشسسكوك فسسي‬
‫وجوده أصل ً ‪ -‬حتى عند طوائف من الشسسيعة‪ ،‬بسسل وينكسسر بعضسسهم وجسسوده‪،‬‬
‫وهو متيقن عسسدمه عنسسد أهسسل التحقيسسق كمسسا سسسيأتي ‪ -‬عليهسسا خسسط مجهسسول‬
‫ووصلت بوسائط مجهولة‪ ،‬فهل يبنى على مثسسل ذلسسك حكسسم فضسل ً عسسن أن‬
‫تكون مصدرا ً من مصادر التشريع؟! إن ذلك لعار على الرافضة إلى البسسد‪،‬‬
‫وبرهان دائم على كذبهم‪ ..‬وفضيحة من الله سبحانه لمسسن أراد أن ينسسسب‬
‫إلى الدين ما ليس منه‪..‬‬
‫وهذه التوقيعات جرت في فترة الغيبة الصغرى ‪ -‬كما يسمونها ‪ -‬والسستي‬
‫استمرت قرابة سبعين سنة‪ ،‬تعاقب على دعوى النيابة عن المام الغسسائب‬
‫فيها أربعة ممن يسمونهم بالسفراء والنسسواب ‪ -‬كمسسا سسسبق ‪ ..-‬وقسسد أعلسسن‬
‫ي" انتهاء الصلة بالمام وانقطاع فسسترة النيابسسة‪ .‬قسسالوا‪:‬‬ ‫رابعهم وهو "السمر ّ‬
‫ي‪) :‬يعني خرجت ورقة من المنتظر‬ ‫"خرج التوقيع إلى أبي الحسن السمر ّ‬
‫ي‪ ،‬اسمع أعظم الله أجر إخوانك فيك‪،‬‬ ‫المزعوم( يا علي بن محمد السمر ّ‬
‫فإنك ميت ما بينك وبين ستة أيام‪ ،‬فأجمع أمرك‪ ،‬ول توص إلى أحسسد يقسسوم‬
‫مقامك بعد وفاتك‪ ،‬فقد وقعت الغيبسسة التامسسة‪ ،‬فل ظهسسور إل بعسسد إذن اللسسه‬
‫دعي المشسساهدة‪ ،‬أل فمسسن ادعسسى‬ ‫تعالى ذكره‪ ..‬وسيأتي من شيعتي مسسن يس ّ‬
‫المشاهدة قبل خروج السسفياني والصسيحة فهسو كسذاب مفستر" ]ابسسن بسسابويه‪/‬‬
‫إكمال الدين‪ ،2/193 :‬الطوسي‪ /‬الغيبة‪ :‬ص ‪ .[.257‬وهذا يعني أن النص المعصسسوم‬
‫ه( ولكسسن شسسيوخ الشسسيعة ‪-‬‬ ‫‪-‬عندهم ‪ -‬قد انقطع بالغيبة الكبرى سسسنة )‪‍ 329‬‬
‫فيما بعد ‪ -‬لم تقتنسع بسالعلن عسن النقطساع التسام عسن المنتظسر‪ ،‬وكسثرت‬
‫السسدعاوى عنسسدهم فسسي التصسسال بسسالمنتظر‪ ،‬ولقسسائه والخسسذ عنسسه )مسسع أن‬
‫منتظرهم يقول‪ :‬بأن من ادعسسى ذلسسك فهسسو كسسذاب(‪ ،‬وهسسذا يعنسسي اسسستمرار‬
‫النسسص المقسسدس وأنسسه لسسم يتوقسسف‪ ،‬كمسسا أعلسسن ذلسسك الشسسيعة بعسسد وفسساة‬
‫دعي اللقساء‬ ‫ي‪ ..‬فها هسو شسيخهم ابسن المطهسر الملقسسب بالعلمسسة يس ّ‬ ‫السمر ّ‬
‫ً‬
‫بالمهدي وأنه نسخ له كتابا في ليلة واحدة ]بحار النوار‪.[.51/361 :‬‬
‫ويفسسسر شسسيخهم النسسوري الطبرسسسي نسسص الكسسافي السسذي يقسسول‪" :‬لبسسد‬
‫لصاحب هذا المر من غيبة‪ ،‬ولبد له في غيبته من عزلة‪ ،‬وما بثلثيسسن مسسن‬
‫وحشة" ]النوري الطبرسي‪ /‬جنة المأوى‪) 53/320:‬المطبوع مع بحار النوار(‪ [.‬بأنه في‬
‫"كل عصر يوجد ثلثون مؤمنا ً وليا ً يتشرفون بلقائه" ]النسسوري الطبرسسسي‪ /‬جنسسة‬
‫المسسأوى‪) 53/320:‬المطبسسوع مسسع بحسسار النسسوار(‪ ،[.‬بل قسالوا‪ :‬إن بعسض المجتهسدين‬
‫‪200‬‬
‫يتمكن من لقاء الغائب ويأخذ منه بعض الحكام الشرعية‪ ،‬وقد ل يستطيع‬
‫أن يعلن عن هذا اللقاء لمر المام له بالكتمان فهسسو حينئذ يسسدعي حصسسول‬
‫الجماع على هذا الحكم‪ ،‬وإن لم يوجسسد إجمسساع فسسي الحقيقسسة ]جنسسة المسسأوى‪:‬‬
‫‪) 321-53/320‬ضمن بحار النوار(‪.[.‬‬
‫وبهذا يفسرون دعاوى بعض شيوخهم الجماع على مسائل لم يقسسل بهسسا‬
‫سوى هؤلء الشيوخ‪ ،‬وسيأتي في مبحسسث الجمسساع عنسسدهم قسسولهم بتحقسسق‬
‫الجماع بقول فئة يوجد فيها "عسسالم مجهسول النسسسب غيسسر معسسروف" وأنسسه‬
‫بقولها يحصل الجماع مهما خالف من خالف على اعتبار أن هذا المجهول‬
‫قد يكون المام‪.‬‬
‫وقرر شيوخهم بأن هذا المنتظر الذي لم يوجد "كان يجتمسع بجملسسة مسن‬
‫أهل العلم والتقوى الذين كانوا يستحقون المقابلة كالعلمة السسسيد مهسسدي‬
‫بحر العلوم النجفي فيما اشتهر عنه‪ ،‬والشسسيخ ميثسسم البحرانسسي فيمسسا ينقسسل‬
‫عنسسه‪] "..‬محمسسد صسسالح‪ /‬حصسسائل الفكسسر‪ :‬ص ‪ ،[.123‬وقسسد ألسسف بعسسض شسسيوخهم‬
‫مصسسنفات فسسي حكايسسات وأحسسداث مسسن اجتمسسع بهسسذا المنتظسسر‪ ،‬كمسسا فعسسل‬
‫ه( في البحار‪ ،‬ثسسم جساء بعسده النسوري الطبرسسي )ت‬ ‫المجلسي )ت ‪‍ 1111‬‬
‫ً‬
‫ه( فكتب في ذلك كتابا سماه "جنة المأوى فيمن فاز بلقسساء الحجسسة‬ ‫‪‍ 1320‬‬
‫ومعجزاته في الغيبة الكبرى"‪ ،‬وقد أورد فيه تسعا ً وخمسين حكاية‪ ،‬وذكسسر‬
‫من كان بعد المجلسي ممن ادعى اللقاء بالمنتظر ]انظر‪ :‬أغا بسسزرك‪ /‬الذريعسسة‪:‬‬
‫‪.[.5/159‬‬
‫وهكذا صار بإمكان كل شيطان رجيم من النس والجن أن يحتسسال علسسى‬
‫هؤلء‪ ،‬ويتظاهر بأنه المنتظر ويدس في دينهم مسسا يبعسسدهم عسسن الحسسق مسسا‬
‫داموا فتحوا هذا الباب على أنفسهم ويعتبرون ذلك مسسن السسسنة‪ ،‬وبإمكسسان‬
‫كل شيخ زنديق متلفع برداء الدروشسسة ومتوشسسح بالسسسواد متظسساهر بسسالعلم‬
‫مدٍع للسيادة ‪ -‬وما أكثر هؤلء عندهم ‪ -‬أن يزعم اللقاء بسسالمنتظر ليحظسسى‬
‫بالتعظيم‪ ،‬وليغير من دينهم ما شاء له إلحاده‪ ،‬ولسيما أن هؤلء يزعمسسون‬
‫أن هذا المنتظر يتصسسور بصسسور مختلفسسة‪ ،‬ويظهسسر بأشسسكال وأرديسسة متنوعسسة‬
‫]انظر‪ :‬تاريخ الغيبة الكبرى للصسسدر‪ :‬ص ‪ .[.40‬فهذه اللقسساءات المزعومسسة ل تخلسسو‬
‫من حالتين‪ :‬إما أن مدعيها كاذب أراد السسسمعة‪ ،‬أو قصسسد الضسسلل‪ ،‬أو أراد‬
‫كل المرين‪ ،‬أو أنه صادق والذي مثل الدور أمامه شسسيطان مسسن الشسسياطن‬
‫]راجع للتعرف على هذا المعنسسى‪ ،‬وبيسسان كيسسد الشسسيطان لبنسسي آدم‪ ،‬وتمثلسسه لبعسسض الشسسيوخ‬
‫المضلين لغرائهم‪) :‬الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان(‪.[.‬‬
‫قال شيخ السلم ابن تيمية‪ .." :‬وكذا منتظر الرافضة قسسد يسسراه أحسسدهم‬
‫ويكون المرئي جنبًا" ]مجموع فتاوى شيخ السلم‪.[.13/95 :‬‬
‫وقد ضلت النصارى ‪ -‬كما يقول شيخ السلم ‪ -‬بمثل هذا حيسسث اعتقسسدوا‬
‫أن المسيح بعسسد أن صسسلب ‪ -‬كمسسا يظنسسون ‪ -‬أتسسى إلسسى الحسسواريين وكلمهسسم‬
‫ووصاهم وهذا مذكور في أناجيهم وذاك الذي جساء كسان شسيطانا ً قسال‪ :‬أنسا‬
‫المسيح ولم يكن هو المسيح نفسه ]ويجوز أن يشسستبه مثسسل هسسذا علسسى الحسسواريين‪،‬‬
‫كما اشتبه على كثير من شيوخ المسلمين‪ ،‬ولكن ما أخبرهم المسيح قبل أن يرفسسع بتبليغسسه‬

‫‪201‬‬
‫فهو الحق الذي يجب عليهم تبليغه‪ ،‬ولم يرفع حتى بلغ رسالت ربسسه‪ ،‬فل حاجسسة إلسسى مجيئه‬
‫بعد أن رفع إلى السماء )المصدر السابق‪.[.(13/94 :‬‬
‫كما قال شسسيخ السسسلم‪ :‬إن أصسسحاب الحلج لمسسا قتسسل كسسان يسسأتيهم مسسن‬
‫يقول‪ :‬أنا الحلج‪ ،‬فيرونه في صورته عيانًا‪ ،‬وكسسذلك شسسيخ بمصسسر يقسسال لسسه‬
‫الدسوقي بعد أن مات كان يأتي أصحابه من جهته رسائل وكتسسب مكتوبسسة‪،‬‬
‫وقد ذكر شيخ السلم أنه اطلسسع علسسى هسسذا الكتسساب المنسسسوب للدسسسوقي‬
‫حيث أطلعه عليه بعض الصادقين من أتباع الدسوقي‪.‬‬
‫يقول شيخ السلم‪ :‬فرأيته بخط الجن‪ ،‬وقد رأيت خط الجن غيسسر مسسرة‪.‬‬
‫ثمر ذكر شيخ السلم نماذج أخرى من هذا القبيل ثم قسسال‪ :‬وهكسسذا السسذين‬
‫كانوا يعتقدون بقاء علي أو بقاء محمد بن الحنفية قد كان يأتي إلى بعسسض‬
‫أصحابهم جنى في صورته‪ ..‬ثم قال‪ :‬وهسذا بساب واسسسع واقسع كسسثيرا ً وكلمسا‬
‫كان القوم أجهل كان عندهم أكثر ]مجموع فتاوى شيخ السلم‪.[.95-13/94 :‬‬
‫مرويات الصحابة‪:‬‬
‫وبعدما لحظنا أن الثني عشرية حصرت نفسها في نطسساق ضسسيق‪ ،‬وهسسو‬
‫ما ينقل عن بعض أهل البيت من روايات‪ ،‬ولم تكتف بأهل العلم منهم؛ بل‬
‫أدخلست فيهسم مسن لسم يشستهر بعلسم ‪ -‬كمسا سسيأتي ‪ -‬حستى عملست برقساع‬
‫منسوبة لطفل مختلف في وجوده‪ ،‬وجعلت ما ينقل عسسن هسسؤلء مسسا يقسسوله‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنهسسا أيضسا ً حرمسست نفسسها مسن مصسدر‬
‫عظيم للعلم واليمان هو‪" :‬روايات الصحابة" رضسسوان اللسسه عليهسسم‪ ،‬السسذين‬
‫فازوا بصحبة رسول الله‪ ،‬وشسسهدوا التنزيسسل‪ ،‬وعرفسسوا التأويسسل وأنسسثى اللسسه‬
‫عليهم ورسوله‪.‬‬
‫يقول محمد حسين آل كاشف الغطا ‪ -‬أحد مراجع شسسيعة هسسذا العصسسر ‪-‬‬
‫في تقرير مذهب طسسائفته فسسي ذلسسك‪" :‬إن الشسسيعة ل يعتسسبرون مسسن السسسنة‬
‫)أعني الحاديث النبوية( إل ما صح لهسسم مسسن طسسرق أهسسل السسبيت‪ ..‬أمسسا مسسا‬
‫يرويه مثل أبي هريرة‪ ،‬وسمرة بن جندب‪ ،‬وعمسسرو بسسن العسساص ونظسسائرهم‬
‫فليس لهم عند المامية مقدار بعوضة" ]أصسسل الشسسيعة وأصسسولها‪ :‬ص ‪ ،[.79‬فهو‬
‫هنا يقرر أن مذهب الشيعة هو قبول "ما صح لهم من طرق أهسسل السسبيت"‬
‫]قوله‪" :‬ما صلح لهم من طرق أهل البيت" هذا تعبير فيه شيء مسسن التمسسويه والخسسداع‪ ،‬لن‬
‫من ل يعرف طبيعة مذهب الشيعة يظن أن العمدة عندهم هو كلم رسول الله صسسلى اللسسه‬
‫عليه وسلم ‪ -‬الذي جاء من طرق آل البيت ‪ -‬في حين أنهم يعدون الواحد من الثنسسي عشسر‬
‫كالرسول ل ينطق عن الهوى‪ ،‬وقوله كقول الله ورسوله‪ ،‬ولذلك يندر وجود أقوال الرسول‬
‫في مدوناتهم؛ لنهم اكتفسسوا بمسسا جسساء عسسن أئمتهسسم‪ ،‬كمسسا أن قسسوله‪ :‬أهسسل السسبيت‪ ،‬إنمسسا يعنسسي‬
‫بعضهم‪ ،‬فليس كسسل آل السسبيت يصسسلحون – عنسسدهم ‪ -‬طريقسا ً للروايسسة‪ ،‬لن آل السسبيت ليسسسوا‬
‫جميعا ً أئمة‪ ،‬فالرواية عن ذرية فاطمة من ولد الحسين ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬ل تعتبر روايتهم؛‬
‫لن من بعد الحسن من ذريته ليسسسوا أئمسسة عنسسدهم‪ ،‬وغايسسة أمرهسسم أن يعتسسبروا مجسسرد رواة‬
‫يخضعون للرد والقبول‪ ،‬ولذلك كفر الثنا عشرية كل من خرج وادعى المامة من آل البيت‬
‫)مسا عسدا الئمسة الثنسي عشسسر عنسدهم(‪) .‬أصسول الكسافي‪ 1/372 :‬رقسم ‪،1‬س ‪ .(3‬ويلحسسظ أن‬
‫الطوسي في الستبصار يرد روايات زيد بسسن علسي )الستبصسار‪ .(1/66 :‬فتعسسبير آل كاشسف‬
‫الغطسسا فيسسه شسسيء مسسن التمسسويه والخسسداع‪ ،‬لن الكتسساب وضسسع للدعايسسة للتشسسيع فسسي العسسالم‬
‫السلمي‪ [.‬دون ما سواه من روايات صحابة رسسسول اللسسه صسسلى اللسسه عليسسه‬
‫وسلم‪.‬‬

‫‪202‬‬
‫وإذا عرفنا أن الثني عشرية تعني بأهسسل السسبيت "الئمسسة الثنسسي عشسسر"‪،‬‬
‫والذي أدرك الرسول صلى اللسسه عليسسه وسسسلم منهسسم وهسسو مميسسز هسسو أميسسر‬
‫المؤمنين علي‪ ،‬وعليه فهل يتمكن أمير المؤمنين من نقسسل سسسنة الرسسسول‬
‫صلى الله عليه وسلم كلها للجيال‪ ..‬كيف وهو ل يكون مع الرسول صسسلى‬
‫الله عليه وسلم في كل الحيان‪ ..‬فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم‬
‫يسافر ويستخلفه في بعض الحيان كما في غسسزوة تبسسوك‪ ،‬كمسسا كسسان علسسي‬
‫يسافر ورسول الله في المدينة فقد بعثه رسول الله إلى اليمن‪.‬‬
‫وكذلك ألحقه بسسأبي بكسسر حيسسن أرسسسله لهسسل مكسسة‪ ،‬بالضسسافة إلسسى حسسال‬
‫الرسول صلى الله عليه وسلم في بيته والتي يختص بنقلها زوجاته أمهات‬
‫المسسؤمنين‪ ..‬وهسسذا مسسن أسسسرار وحكسسم تعسسددهن‪ ..‬فسسإذن علسسي ل يمكسسن أن‬
‫يستقل بنقل سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فكيف يقولون بسسأنهم‬
‫ل يقبلون إل ما جاء عن طريقه؟! كما أن هذه المقالسسة‪ ،‬وهسسي حصسسر نقسسل‬
‫سنة رسول الله صلى الله عليه وسسسلم بواحسسد يفضسسي إلسسى فقسسدان صسسفة‬
‫التواتر في نقل شريعة القرآن‪ ،‬وسند سيد النام صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم‬
‫"ولهذا اتفق المسلمون على أنه ل يجوز أن يكون المبلغ عنه العلم واحدًا؛‬
‫بل يجسب أن يكسون المبلغسون أهسل التسواتر السذين يحصسل العلسسم بخسسبرهم‬
‫للغائب‪] "..‬منهاج السنة‪ ،4/138 :‬ويقول شيخ السلم أيضًا‪" :‬وخبر الواحد ل يفيد العلسسم‬
‫بالقرآن والسنن المتواترة‪ ،‬وإذا قالوا‪ :‬ذلك الواحد المعصوم يحصل العلم بخبره‪ ،‬قيل لهم‪:‬‬
‫ل‪ ،‬وعصمته ل تثبت بمجسسرد خسسبره قبسسل أن تعسسرف عصسسمته لنسسه‬‫فل بد من العلم بعصمته أو ً‬
‫دور‪ ،‬ول تثبت بالجماع فإنه ل إجماع فيها‪ ،‬وعند المامية إنما يكون الجماع حجة‪ ،‬لن فيهم‬
‫المام المعصوم فيعود المر إلى إثبات عصمته بمجرد دعواه‪ ،‬فعلسسم أن عصسسمته لسسو كسسانت‬
‫حقا ً لبد أن تعلم بطريق آخر غير خبره"‪.‬‬
‫)منهاج السنة‪.[.(4/139 :‬‬
‫كما أن جل بلد السلم بلغهم العلم عسن رسسول اللسه مسن غيسر طريسق‬
‫علي ‪ -‬رضي الله عنه ]قال شيخ السسسلم ابسسن تيميسسة‪ .." :‬فسسإن جميسسع مسسدائن السسسلم‬
‫بلغهم العلم عن الرسول من غير علي‪ ،‬أما أهل المدينة ومكة فسسالمر فيهسسا ظسساهر‪ ،‬وكسسذلك‬
‫ل‪ ،‬وإنما كان غالب علمسسه‬‫الشام والبصرة‪ ،‬فإن هؤلء لم يكونوا يروون عن علي إل شيئا ً قلي ً‬
‫في الكوفة‪ ،‬كانوا يعلمون القرآن والسنة قبل أن يتولى عثمان فضل ً عن علي‪ ،‬وفقهاء أهل‬
‫المدينة تعلموا الدين في خلفة عمر‪ ،‬وتعليم معاذ لهل اليمن ومقامه فيهم أكثر من علسسي؛‬
‫ولهذا روى أهل اليمن عن معاذ بن جبل أكثر مما رووا عن علي‪ ،‬وشريح وغيسسره مسن أكسابر‬
‫التابعين إنما تفقهوا على معاذ بن جبل‪ ،‬ولما قدم علي الكوفة كان شريح فيها قاضًيا‪ ،‬وهسسو‬
‫عبيدة السلماني تفقها على غيره‪ ،‬فانتشر علم السسسلم فسسي المسسدائن قبسسل أن يقسسدم علسسي‬
‫الكوفة"‪) .‬منهاج السنة‪ -[.(4/139 :‬وعامة من بلغ عنه صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم‬
‫من غير أهل بيته ‪ -‬فضل ً أن يكون هو علي وحده ‪ -‬فقد بعث رسسسول اللسسه‬
‫صلى الله عليسسه وسسسلم أسسسعد بسسن زرارة إلسسى المدينسسة يسسدعو النسساس إلسسى‬
‫السلم‪ ،‬ويعلسسم النصسسار القسسرآن‪ ،‬ويفقههسسم فسسي السسدين‪ ،‬وبعسسث العلء بسسن‬
‫الحضرمي إلى البحرين في مثل ذلك‪ ،‬وبعث معاذا ً وأبا موسى إلى اليمن‪،‬‬
‫وبعث عتاب بن أسيد إلى مكة‪ ،‬فسسأين قسسول مسن زعسم أنسسه ل يبلسسغ عنسه إل‬
‫رجل من أهل بيته" ]منهاج السنة‪.[.3/15 :‬‬

‫‪203‬‬
‫وقد قال بعض أهل العلم إنه‪" :‬لسسم يسسرو عسسن علسسي إل خمسسسمائة وسسستة‬
‫وثمانون حديثا ً مسندة يصح منها نحسسو خمسسسين حسسديث ً‬
‫ا" ]ابسسن حسسزام‪ /‬الفصسسل‪:‬‬
‫‪ ،4/213‬منهاج السنة‪.[.4/139 :‬‬
‫فهل سنة الرسول هي هذه فقط؟!‬
‫وقد أقر الروافض بأنه لم يبلغهم علم الحلل والحرام ومناسك الحج إل‬
‫عن طريق أبي جعفر‪ ..‬وهذا يعني أنه لم يبلغهم عن علي شيء في هسسذا‪،‬‬
‫وأن أسلفهم كانوا يتعبدون فيما جاء عن صحابة رسسسول اللسسه صسسلى اللسسه‬
‫عليه وسلم‪.‬‬
‫تقول كتب الشيعة‪ .." :‬كانت الشيعة قبسسل أن يكسسون أبسسو جعفسسر وهسسم ل‬
‫يعرفون مناسك حجهم وحللهم وحرامهم‪ ،‬حتى كان أبو جعفسسر ففتسح لهسسم‬
‫وبّين لهم مناسك حجهم وحللهم وحرامهسسم‪ ،‬حسستى صسسار النسساس يحتسساجون‬
‫إليهم من بعد ما كانوا يحتاجون إلى النسساس‪] "..‬أصسسول الكسسافي‪ ،2/20 :‬تفسسسير‬
‫العياشي‪ ،253-1/252 :‬البرهان‪ ،1/386 :‬رجال الكشي‪ :‬ص ‪.[.425‬‬
‫ومن العجب أن الشيعة حكمت على من سمع من غير المام بالشسسرك‪،‬‬
‫حيث جاء في أصول الكافي‪ .." :‬من ادعى سسماعا ً مسن غيسسر البساب السذي‬
‫فتحسسه اللسسه فهسسو مشسسرك" ]أصسسول الكسسافي‪ ..[.1/377 :‬فهسسم يحكمسسون علسسى‬
‫أسلفهم بالشرك لنهم تلقوا علم الحلل والحرام والمناسسسك مسسن النسساس‬
‫ويقولون‪ .." :‬كل ما لم يخرج من الئمة فهو باطل" ]أصول الكسسافي‪[.1/399 :‬‬
‫وهذه جرأة عظيمة على شريعة سيد المرسلين‪ ،‬التي نقلها الرعيسسل الول‬
‫إلسسى الجيسسال‪ ،‬والمتمثلسسة بالسسسنة المطهسسرة السستي يتعبسسد بمقتضسسى بيانهسسا‬
‫المسلمون‪.‬‬
‫ولعل الرافضة حينما وضعت لنفسها أل تأخذ ما جاء عسسن طريسسق علسسي‪،‬‬
‫ولسسم يكسسن عنسسدها ممسسا يسسؤثر عسسن علسسي إل القليسسل‪ ،‬حسستى إن علسسم الحلل‬
‫والحرام ليس عندهم فيه شيء عن علي كمسسا يعسسترفون فعملسست القواعسسد‬
‫الشيعية على سد هذه الفجوة بالكذب‪ ،‬ولسسذلك قسسال الشسسعبي‪" :‬مسسا كسسذب‬
‫على أحد من هذه المة ما كذب على علي" ]انظسسر‪ :‬السسذهبي‪ /‬سسسير أعلم النبلء‪:‬‬
‫‪.[.4/307‬‬
‫ولشيوع الكذب على علي من قبل الرافضة ]قال ابسسن الجسسوزي‪ :‬إن الرافضسسة‬
‫ثلثة أصناف‪:‬‬
‫ً‬
‫‪ -‬صنف سمعوا شيئا من الحديث فوضعوا أحاديث وزادوا ونقصوا‪.‬‬
‫‪ -‬وصنف لم يسمعوا فتراهم يكسذبون علسى جعفسر الصسادق ويقولسون‪ :‬قسال جعفسر‬
‫وقال فلن‪.‬‬
‫‪ -‬والصنف الثالث‪ :‬عوام جهلة يقولون مسسا يريسسدون ممسسا يسسسوغ فسسي العقسسل ومسسا ل‬
‫يسوغ‪.‬‬
‫)ابن الجوزي‪ /‬الموضوعات ‪ ،1/338‬ابن تيمية‪ /‬منهاج السنة‪ [.(4/119 :‬حتى ل يكسساد‬
‫يوثق برواية أحسسد منهسسم‪ ،‬أعسسرض عنهسسم أهسسل الصسسحيح فل يسسروي البخسساري‬
‫ومسلم أحاديث علي إل عن أهسسل بيتسسه كسسأولده مثسسل الحسسسن والحسسسين‪،‬‬
‫ومثل محمد بن الحنفية‪ ،‬وكاتبه عبيد اللسسه بسسن أبسسي رافسسع أو أصسسحاب ابسسن‬
‫مسعود وغيرهم‪ ،‬مثل عبيدة السلماني‪ ،‬والحارث التيمي‪ ،‬وقيس بن عبسساد‬

‫‪204‬‬
‫وأمثالهم‪ ،‬إذ هؤلء صادقون فيما يروونه عن علسسي‪ ،‬فلهسسذا أخسسرج أصسسحاب‬
‫الصحيح حديثهم ]مجموع فتاوى شيخ السلم‪.[.13/32 :‬‬
‫وقد اعترفت كتب الشيعة بكثرة الكسسذب علسسى أهسسل السسبيت‪ ،‬حسستى قسسال‬
‫جعفر الصادق‪ -‬كما تسروي كتسب الشسيعة ‪ .." :-‬إن النساس أولعسوا بالكسذب‬
‫علينا‪] "..‬بحار النوار‪ .[.2/246 :‬وكانت مصيبة جعفر أن "اكتنفسسه ‪ -‬كمسسا تقسسول‬
‫كتب الشيعة ‪ -‬قوم جهال يسسدخلون عليسسه ويخرجسسون مسسن عنسسده ويقولسسون‪:‬‬
‫حدثنا جعفر بن محمد‪ ،‬ويحدثون بأحسساديث كلهسسا منكسسرات كسسذب موضسسوعة‬
‫على جعفر ليستأكلوا الناس بذلك ويأخسذوا منهسم السدراهم‪] "..‬انظسسر‪ :‬رجسسال‬
‫الكشي‪ :‬ص ‪ ،209-208‬بحار النوار‪ ،303-25/302 :‬وهذا جزء من نص سيأتي بتمسسامه‪.[.‬‬
‫ولذلك قال بعض أهل العلم‪" :‬لم يكذب علسسى أحسسد مسسا كسسذب علسسى جعفسسر‬
‫الصادق مع براءته" ]منهاج السنة‪.[.4/143 :‬‬
‫ومن هنا ندرك كبير الخطر على الشيعة حينمسسا قبلسسوا روايسسات الكسسذابين‬
‫على الئمة وأعرضوا عسسن روايسسات صسسحابة رسسسول اللسسه صسسلى اللسسه عليسسه‬
‫وسلم‪ ،‬بسسل وثقسسوا هسسؤلء السسذين اكتنفسسوا جعفسسرا ً قسسالوا‪" :‬روى عسسن المسسام‬
‫الصادق أربعة آلف راو‪ .‬وذهب بعض علمسساء الماميسسة إلسسى القسسول بتوثيسسق‬
‫الربعة آلف بدون استثناء" ]محمسسد جسسواد مغنيسسة‪ /‬الشسسيعة فسسي الميسسزان‪ :‬ص ‪،110‬‬
‫وانظر‪ :‬محمد الحسين المظفسر‪ /‬المسسام الصسسادق‪ :‬ص ‪ ،144‬أغسا بسسزرك‪ /‬الذريعسسة‪،2/129 :‬‬
‫وانظر‪ :‬وسائل الشيعة‪ .[.20/72 :‬مع أن أبا عبد الله يشكو ‪ -‬كما مر ‪ -‬من كثرة‬
‫الكذابين عليه؛ بل ويذكر أنه ل يوجد له من هؤلء الذين يدعون التشيع ول‬
‫سبعة عشر رجل ً من شيعته كما صرحت بذلك رواية الكافي ]أصول الكسسافي‪:‬‬
‫‪.[.243-2/242‬‬
‫ولكن لماذا أعرضت طائفسة الثنسسي عشسسرية عسسن روايسسة صسحابة رسسسول‬
‫الله؟!‬
‫إن السبب يعود إلى البدعة الولى التي ابتدعها ابن سبأ من القول بسسأن‬
‫عليسا ً هسسو وصسسي رسسسول اللسسه‪ ،‬وأن الصسسحابة لسسم ينفسسذوا الوصسسية‪ ،‬ويولسسوه‬
‫الخلفة‪ ..‬وترتب على ذلك عند طائفة الثني عشسرية أن الصسحابة خرجسوا‬
‫من دين السلم‪ ،‬ول يستثنون من ذلك إل عددا ً ل يساوي أصابع اليد ‪ -‬كما‬
‫سيأتي ‪ -‬ولسم يشسفع للصسحابة عنسسد هسسؤلء ثنساء اللسسه ورسسوله عليهسم‪ ،‬ول‬
‫صحبتهم لرسول الله‪ ،‬وجهادهم في سسسبيل اللسسه‪ ،‬وتضسسحياتهم‪ ،‬وسسسابقتهم‪،‬‬
‫وبذلهم الرواح والمهج‪ ،‬ومفارقتهم للهل والوطن‪ ،‬ونشرهم للسسسلم فسسي‬
‫أصقاع الرض‪..‬‬
‫ومسسن المفارقسسات العجيبسسة أن الشسسيعة تحكسسم علسسى مسسن زعسسم أنسسه رأى‬
‫المنتظر الذي لم يوجد أصل ً ‪ -‬كما سيأتي ‪ -‬بالعدالة والصدق‪.‬‬
‫يقول الممقاني ‪ -‬وهو مسسن آيسساتهم فسسي هسسذا العصسسر ‪" :-‬تشسسرف الرجسسل‬
‫برؤية الحجة ‪ -‬عجل الله فرجه وجعلنا من كل مكسسروه فسسداه ‪ -‬بعسسد غيبتسسه‬
‫فنستشهد بذلك على كونه في مرتبة أعلسسى مسسن مرتبسسة العدالسسة ضسسرورة"‬
‫]تنقيح المقال‪.[.1/211 :‬‬
‫ولكن لماذا ل يجرون مثل هذا الحكم في صحابة رسول الله‪ ،‬ويعتسسبرون‬
‫تشسسرف الصسسحابة برؤيسسة رسسسول الهسسدى صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم برهسسان‬
‫‪205‬‬
‫عدالتهم‪ ،‬أليس رسول الله أعظم من منتظر موهوم مشكوك في وجسسوده‬
‫عند شيعة عصره‪ ،‬فكيف به اليسسوم بعسسد تعسساقب القسسرون‪ ..‬أليسسس هسسذا هسسو‬
‫التناقض بعينه؟! فانظر وتعجسسب كيسسف يزكسسى رجسسل يسسدعي رؤيسسة معسسدوم‪،‬‬
‫والصل أن يعتبر هذا دليل كذبه‪ ،‬ويطعن في صسسحابة رسسسول اللسسه!! وكسسل‬
‫خطيئة الصحابة التي من أجلها ردوا رواياتهم‪ ،‬وحكموا بردتهم أنهم أنكروا‬
‫النص على إمامة علي‪ ،‬وهذا أمر عظيم وخطسسب كسسبير عنسسدهم‪ ،‬فسسإن مسسن‬
‫أنكر إمامة واحد من الئمة ولو كسان الغسائب المزعسوم فهسو كسإبليس كمسا‬
‫نص على ذلك صدوقهم ابن بابويه القمي ]إكمال الدين‪ :‬ص ‪.[.13‬‬
‫فاليمان بسسأئمتهم هسسو مقيسساس القبسسول والسسرد عنسسدهم‪ ،‬لنسسه هسسو أسسساس‬
‫اليمان والكفر ‪ -‬كما سسسيأتي ‪ -‬ومسسع هسسذا الصسسل السسذي ي َزِن ُسسون بسسه النسساس‬
‫واضح البطلن لنه لو كان بهذه المثابة التي يزعمون لذكره اللسسه سسسبحانه‬
‫وتعالى في كتابه المبين‪ ،‬ولبينه رسوله صلى الله عليه وسسسلم لمسسن سسسأله‬
‫عن حقيقة اليمان والسلم‪ ،‬ولصبح ذلك من المسسور المجمسسع عليهسسا بيسسن‬
‫المسلمين‪ ،‬فهسسل يخطسسر ببسسال عاقسسل أن المسسة علسسى تسسوالي القسسرون مسسن‬
‫الصحابة ومن تبعهم بإحسسان تجهسل ركنسا ً أساسسسيا ً مسن أركسان اليمسان أو‬
‫تجمع على إنكاره؟! ومسا كسان اللسه ورسسوله بتكساركي خيسر أمسة أخرجست‬
‫للناس دون إكمال دينهم وتعريفهم بحقيقة إسلمهم‪ ،‬وما يدور بخلد مؤمن‬
‫شيء من هذا قط‪..‬‬
‫أقول‪ :‬مع وضوح بطلن هذا الصل الذي يزنون بسسه النسساس فيسسردون بسسه‬
‫رواية من أنكر إمامة إمام من الئمة‪ ،‬فإن هذا الصل لم يعلموا به إل في‬
‫حق الصحابة حيث ردوا روايات الصسسحابة ولكنهسسم لسسم يسسردوا روايسسات مسسن‬
‫أنكر بعض الئمة من أسلفهم من الشيعة‪ ،‬وقد أكد شيخهم الحر العسساملي‬
‫على أن الطائفة المامية عملسست بأخبسسار الفطحيسة ]انظسسر‪ :‬ص )‪ (98‬مسسن هسسذه‬
‫الرسالة‪ [.‬مثل‪ :‬عبد الله بن بكير‪ ،‬وأخبار الواقفة ]الواقفة‪ :‬هم الذين واقفوا على‬
‫موسى بن جعفر فلم يقولوا بإمامة من بعده‪ ،‬ذلك أنهسسم زعمسسوا أن موسسسى بسسن جعفسسر لسسم‬
‫يمت بل هو حي‪ ،‬وينتظرون خروجه كمسسا ينتظسسر الثنسسا عشسسرية غسسائبهم المزعسسوم )القمسسي‪/‬‬
‫المقالت والفرق‪ :‬ص ‪ ،93‬الناشئ الكبر‪ /‬مسسسائل المامسسة ص ‪ .(47‬قسسال صسساحب الزينسسة‪:‬‬
‫"وقد ثبت على هذا القول جماعة إلى يومنا هذا" )الزينة‪ :‬ص ‪ (290‬ولكنها انقرضسست فيمسسا‬
‫بعد‪..‬‬
‫وربما يطلق الواقفي على من وقف على غير موسى بن جعفر؛ كمن وقف على علي أو‬
‫الصادق أو الحسن العسكري‪ ،‬فلم يقل بإمامة من بعده‪ [.‬مثل‪ :‬سماعة بسسن مهسسران‪.‬‬
‫وكثيرا ً ما تقرأ في تراجم رجالهم بأن فلنا ً فطحي‪ ،‬وذاك واقفي وهذا من‬
‫الناووسية ]الناووسسسية‪ :‬أتبسساع رجسسل يقسسال لسسه نسساووس‪ ،‬أو ابسسن النسساووس‪ ،‬أو عجلن بسسن‬
‫ناووس‪ ،‬وقيل‪ :‬نسبه إلى قرية ناووسا‪ ،‬وقالت هذه الفرقة بأن جعفر بسسن محمسسد لسسم يمسست‬
‫وهو حي ل يموت حتى يظهر ويلي المر وهو القائم المهدي‪..‬‬
‫قال صاحب الزينة‪" :‬وقد انقرضت هسسذه الفرقسسة ول يوجسسد اليسسوم أحسسد يقسسول بهسسذا القسسول"‬
‫)ولكن رجالها ل تزال رواياتهم في كتب الثني عشرية(‪.‬‬
‫)انظسسر‪ :‬القمسسي‪ /‬المقسسالت والفسسرق ص ‪ ،80‬النوبخسستي‪ /‬فسسرق الشسسيعة ص ‪ ،67‬السسرازي‪/‬‬
‫الزينسسة ص ‪ ،286‬الشسسعري‪ /‬مقسسالت السسسلميين ‪ ،1/100‬الشهرسسستاني‪،167-1/166 :‬‬
‫نشوان‪ /‬الحور العين ص ‪.[.(162‬‬

‫‪206‬‬
‫وكل هذه الطوائف الثلث تنكر بعسسض أئمسسة الثنسسي عشسسرية‪ ،‬ومسسع ذلسسك‬
‫يعدون جملة من رجالها ثقات‪ ..‬جاء في رجال الكشي ‪ -‬مثل ً ‪" -‬في محمد‬
‫بن الوليد الخزار‪ ،‬ومعاوية بن حكيم‪ ،‬ومصدق بن صدقة‪ ،‬ومحمد بن سالم‬
‫بن عبد الحميد قال أبو عمرو )الكشي(‪ :‬وهسسؤلء كلهسسم فطحيسسة وهسسم مسسن‬
‫أجلة العلماء والفقهاء والعدول‪ ،‬وبعضهم أدرك الرضا ‪ -‬رضسسي اللسسه عنسسه ‪-‬‬
‫وكلهم كوفيسون" ]رجسسال الكشسسي‪ :‬ص ‪ [.563‬كمسا كسان الحسسن بسن علسي بسن‬
‫فضال ]رجال الكشي‪ :‬ص ‪ ،[.565‬وعلي بن حديد بسسن حكيسسم ]رجسسال الكشسسي‪ :‬ص‬
‫‪ ،[.570‬وعمسسرو بسسن سسسعيد المسسدايني ]رجسسال الكشسسي‪ :‬ص ‪ [.612‬كلهسسم مسسن‬
‫الفطحية‪.‬‬
‫وكان أبو خالسسد السجسسستاني ]رجسسال الكشسسي‪ :‬ص ‪ ،[.612‬وعلسسي بسسن جعفسسر‬
‫المروزي ]رجال الكشي‪ :‬ص ‪ ،[.616‬وعثمان بن عيسى ]رجال الكشي‪ :‬ص ‪[.597‬‬
‫وحمسسزة بسسن بزيسسغ ]رجسسال الكشسسي‪ :‬ص ‪ [.615‬كلهسسم مسسن الواقفسسة‪ ،‬ومسسع ذلسسك‬
‫وثقوهم وعملوا بمروياتهم معرضين عن قول إمامهم‪" :‬الزيديسسة والواقفسسة‬
‫والنصاب بمنزلة واحدة" ]رجال الكشي‪ :‬ص ‪" ،[.456‬والواقف عائد عن الحق‬
‫ومقيم على سيئة إن مات بها كسسانت جهنسسم مسسأواه وبئس المصسسير" ]رجسسال‬
‫الكشي‪ :‬ص ‪.[.456‬‬
‫وقسسال‪ :‬الواقفسسة "يعيشسسون حيسسارى ويموتسسون زنادقسسة" ]رجسسال الكشسسي‪ :‬ص‬
‫‪ .[.456‬وقال‪" :‬فإنهم كفار مشركون زنادقة" ] رجال الكشي‪ :‬ص ‪ ،[.456‬ومسسع‬
‫هذا فهي تقبل روايات هؤلء أو يقبل شيوخهم روايات هؤلء لقيام نصوص‬
‫المذهب الشاذة عليهم ويردون روايات الصسسحابة ‪ -‬رضسسوان اللسسه عليهسسم ‪-‬‬
‫أليسسس هسسذا هسسو التنساقض بعينسه؟! ذلسسك أننسسا إذا أدركنسا أنهسم ردوا روايسسات‬
‫الصحابة لردهم النص المزعوم على علي‪ ،‬وهؤلء من الواقفسسة والفطحيسسة‬
‫ينكرون مجموعة من الئمة ويجحدون النصوص الواردة فيهسسم عسسن الئمسسة‬
‫قبلهم‪ ،‬فسسالجميع يشسستركون فسسي نفسسس العلسسة المزعومسسة السستي مسسن أجلهسسا‬
‫رفضوا مرويات الصحابة وهو إنكار أحسسد الئمسسة‪ ..‬إذا أدركنسسا ذلسسك ‪ -‬أدركنسسا‬
‫عظيسسم تناقضسسهم وأنهسسم ليسسس لهسسم ميسسزان ثسسابت‪ ،‬وأن الهسسوى المسسذهبي‪،‬‬
‫والتعصسسب والتحسسزب قسسد أعمسسى أبصسسار شسسيوخهم فأضسسلوا أتبسساعهم سسسواء‬
‫السبيل وحرموهم من منبع العلم واليمان‪.‬‬
‫وهل ثمة مجال لمقارنة من أثنسسى اللسسه عليهسسم ورسسسوله بمجموعسسة مسسن‬
‫حثالسة الفساكين والمفسترين‪ ،‬إل لبيسان أنهسم فسي مسذهبهم فسي رد روايسات‬
‫الصحابة ليسوا على شيء‪.‬‬
‫ولقد جاء في كتب الشيعة‪" :‬عن ابن حازم قال‪ :‬قلت لبسسي عبسسد اللسسه‪..‬‬
‫فأخبرني عن أصحاب رسول اللسسه صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم صسسدقوا علسسى‬
‫محمد صلى الله عليه وسلم أم كذبوا؟ قسسال‪ :‬بسسل صسسدقوا" ]أصسسول الكسسافي‪:‬‬
‫‪ ،1/65‬بحار النوار‪.[.2/228 :‬‬
‫والصحابة ليسوا بحاجة لمثل هذا بعد ثناء الله ورسوله‪ ،‬ولكن نستشسسهد‬
‫بذلك لبيان أنهم أعرضوا حتى عما جاء عن أئمتهسسم فسسي كتبهسسم‪ ،‬الموافسسق‬
‫لما جاء في كتاب الله وسنة رسوله‪ ،‬واتبعوا روايات الكذابين عسسن الئمسسة‪،‬‬

‫‪207‬‬
‫والتي اعترفت بكسسذبهم كتسسب الشسسيعة نفسسسها كمسسا سسسيأتي‬
‫]فسسي بيسسان "حسسال‬
‫رجالهم" الذين نقلوا الروايات عن الئمة‪.[.‬‬
‫بداية تدوين الحديث عندهم‪:‬‬
‫قال ابن النسسديم‪" :‬إن أول كتسساب ظهسسر للشسسيعة كتسساب سسسليم بسسن قيسسس‬
‫الهللي" ]الفهرست‪ :‬ص ‪ [.219‬رواه عن أبان بن أبي عياش لسسم يسسروه غيسسره‬
‫]نفس الموضع من المصدر السابق‪ ،‬روضات الجنات‪ ،4/67 :‬رجال الحلسسي‪ :‬ص ‪ ،83‬جسسامع‬
‫السسرواة‪ ،1/374 :‬السسبروجردي‪ /‬البرهسسان ص ‪ ،[. 104‬وقد كان لنسسا وقفسسة عنسسد هسسذا‬
‫دم‬‫الكتاب في أثناء الحديث عن أسطورة "التحريف عند الشسسيعة" وقسسد قس ّ‬
‫لنسسا أحسسد أسسساطين الشسسيعة المتسسأخرين اعترافسا ً يقسسول‪" :‬بسسأن هسسذا الكتسساب‬
‫موضوع في آخر الدولة الموية‪ "..‬يعني ل صحة لنسبته لسليم‪ .‬وقسسد تسسبين‬
‫لنا أن "سليمًا" هذا ل ذكر له في مصادر أهل السسسنة مسسع تعظيسسم الشسسيعة‬
‫لمره‪ ،‬وقد يقال بأنه اسم ل مسمى له؛ إذ لسسو كسسان كمسسا يقولسسون‪ ..‬لكسسان‬
‫شيئا ً مذكورًا‪.‬‬
‫ويبدو أن أوسع جمع لثارهم ‪ -‬في العصور المتقدمة ‪ -‬هو ما قام به أبسسو‬
‫جعفر القمي محمد بن الحسن بن فروخ الصسسفار القمسسي )المتسسوفى سسسنة‬
‫ه( في كتابه "بصائر الدرجات في علوم آل محمسسد ومسسا خصسسهم اللسسه‬ ‫‪‍ 290‬‬
‫ه ]انظر‪ :‬الذريعة‪.[.3/124 :‬‬‫به" وهو مجموعة لحاديثهم‪ ،‬وقد طبع سنة ‪‍ 1285‬‬
‫وهذا الصفار اعتبره بروكلمان "المؤسس الحقيقي لفقسسه الماميسسة فسسي‬
‫بلد العجم" ]تاريخ الدب العربي‪.[.3/337 :‬‬
‫ويرى الدكتور محمسسد البلتسساجي أنسسه "أول مسسن دّون فقسسه وآثسسار الماميسسة‬
‫الثنسسي عشسسرية" ]مناهسسج التشسسريع السسسلمي‪ ،[.1/201 :‬وفسسي كلم ابسسن النسسديم‬
‫السالف ما ينفي دعوى الوليسسة‪ .‬ويكسساد شسسيخهم المجلسسسي ينقسسل الكتسساب‬
‫بحذافيره في موسوعته البحار‪ ،‬عبر أبوابه المختلفة‪ .‬وقد امتل هذا الكتاب‬
‫بالغلو حيث فيه الطعن في كتاب الله سبحانه‪ ،‬والغلو في الئمسسة‪ ،‬وتكفيسسر‬
‫الصحابة‪ ..‬إلخ‪ ،‬مما يؤكد أن معظم أخباره مفتراة على الئمة‪.‬‬
‫وفي أوائل الرابع الهجري جدد التأليف الكليني )المتسسوفى سسسنة ‪ 328‬أو‬
‫ه( في كتابه "الكافي" ثم تعاقب التأليف عندهم بعد ذلك‪.‬‬ ‫‪‍ 329‬‬
‫الكتب الرئيسة عند الثني عشرية‪:‬‬
‫إن الكتب الرئيسة التي تعتبر مصسسادر الخبسسار عنسسد الثنسسي عشسسرية فسسي‬
‫ثمانية يسمونها‪" :‬الجوامع الثمانية" ]مفتاح الكتب الربعة‪ ،[.1/5 :‬ويقولون بأنه‬
‫هي المصادر المهمة للحساديث المرويسة مسن الئمسة ]أعيسسان الشسسيعة‪،1/288 :‬‬
‫مفتاح الكتب الربعة‪ .[.1/5 :‬قال عالمهم المعاصر محمد صالح الحائري‪" :‬وأما‬
‫صحاح المامية فهي ثمانية‪ ،‬أربعة منهسسا للمحمسسدين الثلثسسة الوائل‪ ،‬وثلثسسة‬
‫بعدها للمحمسدين الثلثسة الواخسسر‪ ،‬وثامنهسا لحسسين ‪ -‬المعاصسسر ‪ -‬النسسوري"‬
‫]الحائري‪ /‬منهاج عملي للتقريب )مقال نشر في مجلة رسسسالة السسسلم فسسي القسساهرة‪ ،‬كمسسا‬
‫نشر مع مقالت أخرى منتخبة من المجلة باسم "الوحدة السلمية" ص‪.[.(233 :‬‬
‫أول هذه المصسسادر وأصسسحها عنسسدهم الكسسافي ]انظسسر فسسي التعريسسف بالكسسافي‪:‬‬
‫الذريعة‪ ،17/245 :‬النوري‪ /‬مسستدرك الوسسائل‪ ،3/432 :‬مقدمسة الكسافي‪ ،‬الحسر العساملي‪/‬‬
‫وسائل الشيعة‪ ،20/71 :‬وقد أشارت هذه المصادر إلى أن هذا الكتاب أصح الكتب الربعسسة‬

‫‪208‬‬
‫المعتمدة عندهم‪ ،‬وأنه كتبه في فترة الغيبة الصغرى التي بواسطتها يجد طريقا ً إلى تحقيق‬
‫منقولته‪ ،..‬مع أنه الكتاب الوحيد من بين الكتب الربعة الذي ورد فيه أساطير الطعسسن فسسي‬
‫كتاب الله‪ ،‬وبلغسست أحسساديث الكسافي كمسسا يقسسول العسساملي‪ 16099 :‬حسسديثا ً )أعيسسان الشسسيعة‪:‬‬
‫‪ (1/280‬وقد طبع عدة طبعات‪ ،‬وشرحه عدد من شيوخهم‪ ،‬وقد رأيت مسسن شسسروحه‪ :‬مسسرآة‬
‫العقول للمجلسي‪ ،‬وقد اعتنى بالحكم على أحاديث الكافي مسسن ناحيسسة الصسسحة والضسسعف‪..‬‬
‫وقد صحح روايات هي كفر بإجماع المسلمين كروايات تحريف القرآن‪.‬‬
‫كما اطلعسست أيضسا ً علسسى شسسرح المازنسسدراني للكسسافي المسسسمى "شسسرح جسسامع"‪ ،‬وكسسذلك‬
‫الشافي شرح أصول الكافي‪ [.‬لمحمد بسن يعقسوب الكلينسي‪ ،‬ثسم كتساب‪" :‬مسن ل‬
‫يحضره الفقيه" ]انظسسر فسسي التعريسسف بهسسذا الكتسساب‪ :‬الخوانسسساري‪ /‬روضسسات الجنسسات‪:‬‬
‫‪ ،237-6/230‬وأعيان الشيعة‪ ،1/280 :‬مقدمة مسسن ل يحضسسره الفقيسسه‪ ،‬وقسسد اشسستمل علسسى‬
‫‪ 176‬بابا ً أولها باب الطهارة وآخرها بسساب النسسوادر‪ ،‬وبلغسست أحسساديثه )‪ (9044‬وقسسد ذكسسر فسسي‬
‫مقدمة كتابه أنه ألفه بحذف السانيد لئل تكثر طرقه‪ ،‬وأنسسه اسسستخرجه مسسن كتسسب مشسسهورة‬
‫عندهم وعليها المعول‪ ،‬ولم يورد فيه إل ما يؤمن بصحته‪ .[.‬لشيخهم المشهور عندهم‬
‫ه(‪ ،‬ثسسم تهسسذيب‬‫بالصسسدوق محمسسد بسسن بسسابويه القمسسي )المتسسوفى سسسنة ‪‍ 381‬‬
‫الحكام ]انظر في التعريف به‪ :‬النوري الطبرسي‪ /‬مسسستدرك الوسسائل ‪ ،4/719‬الذريعسة‪:‬‬
‫‪ ،4/504‬مقدمة تهذيب الحكام‪ .‬وقد ألفه لمعالجة التناقض والختلف الواقع في رواياتهم‪،‬‬
‫وبلغت أبوابه )‪ (393‬بابًا‪ ،‬أما عدد أحاديثه فسسسيأتي الحسسديث عنهسسا‪ ،[.‬والستبصار ]ويقسسع‬
‫الكتاب في ثلثة أجزاء‪ ،‬جزآن منه في العبادات‪ ،‬والثسسالث فسسي بقيسسة أبسسواب الفقسسه‪ ،‬وبلغسست‬
‫أبوابه )‪ (393‬بابسًا‪ ،‬وحصسسر المؤلسسف أحسساديثه بسسس)‪ (5511‬وقسسال‪ :‬حصسسرتها لئل يقسسع زيسسادة أو‬
‫نقصان‪ ،‬وقد جاء فسسي الذريعسة أن أحسساديثه )‪ (6531‬وهسسو خلف مسسا قسساله المؤلسف‪) .‬انظسر‪:‬‬
‫الذريعسسة‪ ،2/14 :‬أعيسسان الشسسيعة‪ ،1/280 :‬حسسسن الخرسسسان‪ ،‬فسسي تقيسسدمه للستبصسسار(‪،[.‬‬
‫كلهما لشيخهم المعروف بس"شيخ الطائفة" أبي جعفر محمد بسسن الحسسسن‬
‫ه(‪.‬‬
‫الطوسي )المتوفى سنة ‪‍ 360‬‬
‫ه(‪" :‬إن مسسدار‬ ‫قسسال شسسيخهم الفيسسض الكاشسساني )المتسسوفى سسسنة ‪‍ 1091‬‬
‫الحكام الشرعية اليوم على هذه الصول الربعسسة‪ ،‬وهسسي المشسسهود عليهسسا‬
‫بالصحة من مؤلفيهسسا" ]السسوافي‪ .[.1/11 :‬وقسسال أغسسا بسسزرك الطهرانسسي ‪ -‬مسسن‬
‫مجتهديهم المعاصرين ‪ -‬وهي‪" :‬الكتسسب الربعسسة والمجسساميع الحديثيسسة السستي‬
‫عليها استنباط الحكام الشسسرعية حسستى اليسسوم" ]الذريعسسة‪ .[.2/14 :‬هسسذه هسسي‬
‫المصادر الربعة المتقدمة عندهم‪.‬‬
‫ثسسم ألسسف شسسيوخهم فسسي القسسرن الحسسادي عشسسر ومسسا بعسسده مجموعسسة مسسن‬
‫المسسدونات ارتضسسى المعاصسسرون منهسسا أربعسسة سسسموها بالمجسساميع الربعسسة‬
‫المتأخرة وهي‪ :‬الوافي ]ويقع في ‪ 3‬مجلدات كبار‪ ،‬وطبع في إيسسران‪ ،‬وبلغسست أبسسوابه )‬
‫‪ (273‬بابًا‪ ،‬وقال شسسيخهم محمسسد بحسسر العلسسوم ‪ -‬مسسن المعاصسسرين ‪ -‬بسسأنه يحتسسوي علسسى نحسسو‬
‫خمسين ألف حديث‪) .‬لؤلؤة البحرين "الهامش" ص ‪ ،(122‬بينما يذكر محسسسن الميسسن بسسأن‬
‫مجموع ما في الكتب )‪ (44244‬حديثا ً )أعيان الشيعة‪ [.(1/280 :‬لشيخهم محمسسد بسسن‬
‫ه(‪،‬‬
‫مرتضى المعروف بمل محسن الفيض الكاشاني )المتوفى سنة ‪‍ 1091‬‬
‫وبحار النوار الجامعة لدرر أخبار الئمسة الطهسار ]قسسالوا بسسأنه أجمسسع كتسساب فسسي‬
‫الحديث‪ ،‬جمعه مؤلفه من الكتب المعتمدة عندهم‪.‬‬
‫لشيخهم محمد‬ ‫انظر فسسي التعريسسف بسسه‪ :‬الذريعسسة‪ ،3/27 :‬أعيسسان الشسسيعة‪[.1/293 :‬‬
‫ه(‪ ،‬ووسسسائل الشسسيعة ]هسسو‬
‫باقر المجلسي )المتوفى سسسنة ‪ 1110‬أو ‪‍ 1111‬‬
‫أجمع كتاب لحاديث الحكام عندهم‪ ،‬جمع فيه مؤلفه رواياتهم عن الئمة من كتبهم الربعسسة‬
‫التي عليها المدار في جميع العصار ‪ -‬كما يقولسسون ‪ -‬وزاد عليهسسا روايسسات أخسسذها مسسن كتسسب‬

‫‪209‬‬
‫الصحاب المعتبرة تزيد على ‪ 70‬كتابًا‪ ،‬كما ذكر صاحب الذريعة‪ ،‬ولكن ذكر الشسسيرازي فسسي‬
‫مقدمة الوسائل بأنها تزيد على ‪ ،180‬ول نسبة بين القولين‪ ،‬وقد ذكر الحر العاملي أسسسماء‬
‫الكتب التي نقل عنها فبلغت ‪ -‬كما حسبتها ‪ -‬أكثر من ثمانين كتابًا‪ ،‬وأشار إلى أنه رجع إلسسى‬
‫كتب غيرها كثيرة‪ ،‬إل أنه أخذ منها بواسطة من نقسسل عنهسا )طبسسع فسسي ثلثسسة مجلسسدات عسسدة‬
‫مرات‪ ،‬ثم طبع أخيرا ً بتصحيح وتعليق بعض شيوخهم في عشرين مجلدًا(‪.‬‬
‫)الشيرازي‪ /‬مقدمة الوسائل‪ ،‬أعيان الشيعة‪ ،293-1/292 :‬الذريعة‪ ،353-4/352 :‬الحر‬
‫العسساملي‪ /‬وسسسائل الشسسيعة‪ ،8-1/4 :‬س ‪ [.(49-20/36‬إلى تحصسسيل مسسسائل الشسسريعة‬
‫ه(‪،‬‬
‫تأليف شيخهم محمد بن الحسن الحر العسساملي )المتسسوفى سسسنة ‪‍ 1104‬‬
‫ومستدرك الوسسسائل ]قسسال أغسسا بسسزرك الطهرانسسي‪" :‬أصسسبح كتسساب المسسستدرك كسسسائر‬
‫المجسساميع الحديثيسسة المتسسأخرة فسسي أنسسه يجسسب علسسى المجتهسسدين الفحسسول أن يطلعسسوا عليهسسا‬
‫ويرجعوا إليها في استنباط الحكام‪ ،‬وقد أذعن بسسذلك جسسل علمائنسسا المعاصسسرين" )الذريعسسة‪:‬‬
‫‪ ،(111-2/110‬ثسم استشسهد بعسض أقسوال شسيوخهم المعاصسرين باعتمساد المسستدرك مسن‬
‫مصادرهم الساسية )الذريعة‪.(2/111 :‬‬
‫ولكن يبدو أن بعض شيوخهم لم يوافق على ذلسسك فنجسسد صسساحب أحسسسن الوديعسسة ينتقسسد‬
‫بشدة هذا الكتاب ويقول بأنه‪" :‬نقل منه عن الكتسسب الضسسعيفة الغيسسرة معتسسبرة‪ ...‬والصسسول‬
‫الغير ثابتة صحة نسخها‪ ،‬حيث إنهسسا وجسسدت مختلفسسة النسسسخ أشسسد الختلف"‪ ،‬ثسسم قسسال بسسأن‬
‫أخباره مقصورة على ما في البحار‪ ،‬وزعها علسسى البسسواب المناسسسبة للوسسسائل‪ ،‬كمسسا قسسابلته‬
‫حرف سا ً بحسسرف )محمسسد مهسسدي الكسساظمي‪ /‬أحسسسن الوديعسسة ص ‪ [.(74‬لحسسسين النسسوري‬
‫ه(‪.‬‬
‫الطبرسي )المتوفى سنة ‪‍ 1320‬‬
‫ملحوظات على الكتب الثمانية‪:‬‬
‫هناك كتب كسسثيرة عنسسدهم قسسالوا‪ :‬إنهسسا فسسي العتبسسار والحتجسساج كسسالكتب‬
‫الربعة‪ ،‬كما ذكر ذلك المجلسي فسسي مقدمسسة بحسساره ]انظسسر‪ :‬ج‪ ‍1‬ص ‪ ،26‬قسسال‬
‫المجلسي بأن كتب الصدوق ما عدا خمسة فيها ل تقصر في الشسستهار عسسن الكتسسب الربعسسة‬
‫)نفس الموضع من المرجع السابق(‪ .‬وقال‪" :‬وكتاب بصائر الدرجات من الصسسول المعتسسبرة‬
‫التي روى عنها الكليني وغيره"‪) .‬السابق‪ ،(1/27 :‬وهكذا قال في عدد كسسبير مسسن كتبهسسم‪.[.‬‬
‫والحر العاملي في الوسائل ]انظر‪ :‬وسائل الشسسيعة‪ :‬ج‪)‍20‬الخاتمسسة(‪ ،[.‬وكما نجسسد‬
‫ذلك في مقدمات تلك الكتب‪ .‬ويبدو أن تخصيص ما سلف بالذكر‪ ،‬إما لنها‬
‫مجاميع كبيرة‪ ،‬أو قد يكون لمجرد محاكاة أهل السنة وللدعايسسة المذهبيسسة‪،‬‬
‫ومما يوضح ذلك أنهم اعتبروا مثل ً من المجاميع الثمانيسسة المتقدمسسة كتسساب‬
‫الوافي‪ ،‬وعدوه أصل ً مسسستق ً‬
‫ل‪ ،‬مسسع أنسسه عبسسارة عسسن جمسسع لحسساديث الكتسسب‬
‫الربعة المتقدمة )الكافي والتهذيب والستبصسسار ومسسن ل يحضسسره الفقيسسه(‬
‫ل‪ ،‬وهو تكرار لحاديث الكتب الربعة؟!‬ ‫فكيف يعد أصل ً خامسًا‪ ،‬ومستق ً‬
‫وكذلك اعتسسبروا "الستبصسسار" للطوسسسي مصسسدرا ً مسسستقل ً مسسن المصسسادر‬
‫الربعة المتقدمة‪ ،‬وهو ل يعدو أن يكسسون اختصسسارا ً لكتسساب تهسسذيب الحكسسام‬
‫لطوسي‪ ،‬كما صرح بذلك الطوسي في مقدمة الستبصار ]الستبصسسسار‪-1/2 :‬‬
‫‪ ،[.3‬وكما يبدو واضحا ً لمن شاء المقارنة بين الكتابين‪ ،‬فالدعايسسة المذهبيسسة‬
‫واضحة في صنيعهم هذا‪..‬‬
‫وتجد أن بحار النوار وضعه مؤلفه في خمس وعشرين مجلدًا‪ ،‬ولما كبر‬
‫المجلسسد الخسسامس والعشسسرين جعسسل شسسطرا ً منسسه فسسي مجلسسد آخسسر فصسسار‬
‫المجموع )‪ (26‬مجلدا ً ]انظر‪ :‬الذريعة‪ ،[.3/27 :‬فقسام المعاصسرون وزادوا فيسه‬
‫كتبا ً ليست من وضع المؤلسسف كجنسسة المسسأوى للنسسوري الطبرسسسي‪ ،‬وهدايسسة‬
‫الخبار للمسترحمي‪ ،‬ومجلدات في الجازات ليبلغوا به في طبعسسة جديسسدة‬
‫‪210‬‬
‫مائة وعشرة مجلدات تبدأ من الصفر ]حيث إن المجلد الول يحمل رقم صفر!‪.[.‬‬
‫كلون من المظاهر الثقافية الشكلية‪ ،‬والدعايسسة المذهبيسسة‪ .‬وهسسم مغرمسسون‬
‫بهذا التجاه الدعائي ]وتجد أن مجموعة كبيرة منهم تكلف بالكتابسسة فسسي موضسسع "مسسا"‪،‬‬
‫ويصرف لها المرتبات من الحوزات العلمية‪ ،‬فإذا انتهى العمل نسسسب لواحسسد منهسسم أو لحسسد‬
‫شيوخهم كأنه هو الذي قام بهذا العمل الذي ل يقوم به إل جمع من الناس‪ ،‬كما يلحظ ذلك‬
‫في كتاب الغدير وغيره‪ ،‬ولهم هوس في ادعاء السبق‪ ،‬حيث تجد في كتاب الشيعة وفنسسون‬
‫السلم بأن للشيعة السبق في كل علم‪ ،‬مع أن الروافض لم يعرف عنهم شيء من هذا إل‬
‫ما أخذوه عن أهل السنة‪ ،‬ولهم مفردات تفضح أمرهم‪ ،‬وترى في أعيسسان الشسسيعة للعسساملي‬
‫احتسابه لكثير من أئمة أهل السنة من طائفته لمجرد ما يذكر في تراجمهم من وجود ميل‬
‫للتشيع عندهم‪ ،‬وهو أمر ل يدخلهم في مسلك الروافض‪ ،‬إذ محبة أهل البيت الحقيقية هسسي‬
‫في أهل السنة أكثر من الرافضة‪.[.‬‬
‫أما موضوع هذه المدونات فإن التهذيب‪ ،‬والستبصسسار‪ ،‬ومسسن ل يحضسسره‬
‫الفقيه‪ ،‬ووسسائل الشسسيعة‪ ،‬ومسستدرك الوسسسائل كلهسا فسسي الفقسسه‪ ،‬وكسسذلك‬
‫الكافي‪ ،‬فإن المجلدين الول والثاني في الصول وسائر المجلدات الباقية‬
‫في الفقه وهو مما يسمى "فروع الكافي"‪.‬‬
‫ويلحظ التشابه في كثير مسن مسسائلهم الفقهيسة مسع أهسل السسنة؛ ممسا‬
‫يؤكد ما يقول بعض أهل العلم من أخسسذهم لسسذلك مسسن أهسسل السسسنة ]انظسسر‪:‬‬
‫منهاج السنة النبوية‪ ،[.3/246 :‬ولهم مفردات غريبة‪ ،‬ومسائل منكسسرة ل تخطسسر‬
‫على البسسال تسسستحق أن يكتسسب فيهسسا تسسأليف خساص‪ ،‬وقسسد جمسسع جسسزءا ً منهسا‬
‫شيخهم المرتضى في كتاب سسسماه "النتصسسار" ]وقسسد وقفسست عليسسه فسسي طبعتسسه‬
‫ه‪ ،‬دار الضواء‪ ،‬بيروت( وقد طبع قبل ذلك ضمن الجوامع الفقهية بطهسسران‬ ‫الخيرة )‪‍ 1405‬‬
‫ه‪ ،‬ويسسسمى‪" :‬مسسسائل النفسسرادات فسسي الفقسسه" )لؤلسسؤة‬ ‫ً‬
‫ه ومسسستقل سسسنة ‪‍ 1315‬‬‫سنة ‪‍ 1267‬‬
‫البحرين ص ‪ .[.(320‬وقد نقل ابن عقيل الحنبلي بعسسض هسسذه المسسسائل‪ ،‬وهسسو‬
‫يتعجب منها‪ ،‬وقد سجلها ابن الجوزي في المنتظسسم ]المنتظسسم‪ [.8/120 :‬مسسن‬
‫خط ابن عقيل‪ ،‬كما أشار إليهسسا فسسي الموضسسوعات بقسسوله‪" :‬ولقسسد وضسسعت‬
‫الرافضة كتابا ً في الفقه وسموه مذهب الماميسسة‪ ،‬وذكسسروا فيسسه مسسا يخسسرق‬
‫إجماع المسلمين بل دليل أصل ً ]الموضوعات‪.[.1/338 :‬‬
‫أما بالنسبة للقسسسم البسساقي مسن هسسذه المسسدونات وهسي أصسسول الكسافي‪،‬‬
‫وبحار النوار فهي تتعلق بمسائل‪ :‬التوحيد‪ ،‬والعسسدل‪ ،‬والمامسسة‪ ..‬وأكسسثر مسسا‬
‫فيها يدور حول عقائدهم وآرائهم في المامة والئمة الثني عشسسر والنسسص‬
‫عليهم‪ ،‬وصفاتهم‪ ،‬وأحوالهم‪ ،‬وزيارة قبوهم‪ ،‬والحديث عن أعدائهم‪ ،‬وعلسسى‬
‫رأسهم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ونلحظ أن كسسل شسسيء ‪-‬‬
‫في الغالب ‪ -‬يدور في فلك المامة والئمة‪.‬‬
‫والقارئ لهذه الحاديث في هسسذه المسسدونات وغيرهسسا مسسن كتسسب الروايسسة‬
‫عندهم يجد أن هناك فرقا ً واضحا ً وكبيرا ً بين الروايات التي ترد عن طريق‬
‫أهل السنة ويطلق عليها الحديث‪ ،‬وبيسسن الروايسسات السستي تسسرد عسسن طريسسق‬
‫الشيعة ويطلق عليها اللفظ نفسه‪ ،‬فكتب السسسنة السسستة وغيرهسسا إذا روت‬
‫حديثا ً فهو منسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهي أحاديثه هسسو‪ .‬أمسسا‬
‫كتب الحديث عند الشيعة فهي تأتي بالرواية عن أحد أئمتهم الثنسسي عشسسر‬

‫‪211‬‬
‫ويعتقدون ‪ -‬كما مر ‪ -‬أن ل فرق بين ما يروونه عن النبي صلى اللسسه عليسسه‬
‫وسلم أو عن أحد أئمتهم‪.‬‬
‫كما أن القارئ لكتب الحديث عندهم ل يجسسد إل القليسسل النسسادر منهسسا هسسو‬
‫المسند إلى النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وأكسسثر مسسا يروونسسه فسسي الكسسافي‪،‬‬
‫واقف عند جعفر الصادق‪ ،‬وقليل منها يعلو إلى أبيسسه محمسسد البسساقر‪ ،‬وأقسسل‬
‫من ذلك ما يعلوا إلى أمير المؤمنين علسسي ‪ -‬رضسسي اللسسه عنسسه ‪ -‬ونسسادرا ً مسسا‬
‫يصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫كما يلحظ أن مدوناتهم الربع المتأخرة ألفت في القسسرن الحسسادي عشسسر‬
‫ه( وهسسو‬ ‫وما بعده‪ ،‬وآخرها ألفه النسسوري الطبرسسسي )المتسسوفى سسسنة ‪‍ 1320‬‬
‫من معاصري الشيخ محمد عبده‪ .‬وقد جمع فيه ثلثة وعشرين ألف حديث‬
‫عن الئمة ]الذريعة‪ .[.21/7 :‬لم تعرف من قبسسل‪ ،‬فهسسي متسسأخرة عسسن عصسسور‬
‫الئمة بمئات السنين‪ ،‬فإذا كان هؤلء قد جمعوا تلك الحاديث عسسن طريسسق‬
‫السند والرواية فكيف يثق عاقل برواية لم تسجل طيلة أحد عشر قرنا ً أو‬
‫ثلثة عشر قرنًا!! وإذا كانت مدونة في كتب فلم يعثر على هذه الكتسسب إل‬
‫في القرون المتأخرة ]صرح بعض أصحاب هذه المدونات بأنه عثر على كتب لم تدون‬
‫في كتبهم المعتمدة من قبسسل‪ .‬يقسسول المجلسسسي‪" :‬اجتمسسع عنسسدنا بحمسسد اللسسه سسسوى الكتسسب‬
‫الربعة نحو مسسائتي كتسساب‪ ،‬ولقسسد جمعتهسسا فسسي بحسسار النسسوار )اعتقسسادات المجلسسسي ص ‪،24‬‬
‫مصطفى الشيبي‪ /‬الفكر الشيعي ص ‪ ،(61‬وذكر شيخهم الحر العاملي بأنه توفر عنده أكثر‬
‫من ثمانين كتابا ً عدا الكتب الربعة‪ ،‬وقد جمع ذلك في وسائل الشيعة" )انظسسر‪ :‬الوسسسائل ج‬
‫‪ ،‍1‬المقدمة‪ ،‬والذريعة‪.(353-4/352 :‬‬
‫ً‬
‫أما شيخهم المعاصر النوري الطبرسي فهو أيضا قد عثر على كتسب لسم تسدون مسن قبسل‬
‫رغم أنه من المعاصرين‪ ،‬يقول أغا بزرك الطهراني‪" :‬والدافع لتسسأليفه عثسسور المؤلسسف علسسى‬
‫بعض الكتب المهمة التي لم تسجل في جوامع الشيعة من قبسسل )الذريعسسة‪ (21/7 :‬وجعلسسوا‬
‫هذه الحاديث المكتشفة والتي جمعها مستدرك الوسائل مما ل يسسستغنى عنسسه‪ ،‬قسسال آيتهسسم‬
‫الخراساني ‪ -‬كما ينقل صاحب الذريعة ‪ -‬بأن الحجة للمجتهسسد فسسي عصسسرنا هسسذا ل تتسسم قبسسل‬
‫الرجوع إلى المستدرك‪ ،‬والطلع على ما فيه ما الحاديث" )الذريعسة ‪ ،(2/111‬فهسل يعنسسي‬
‫هذا أنه قبل تأليف المستدرك ل حجة عنسسدهم فسسي قسسول شسسيخهم؟! فسسانظر وتعجسسب‪ ..‬وقسسد‬
‫تستمر مسيرة الكتشاف للكتب والروايات‪ ،[.‬ولم يجمع تلك الروايات متقدموهم‪،‬‬
‫ولم لم تذكر تلك الكتب وتسجل في كتبهم القديمسسة؟! كيسسف لسسم يسسسجلها‬
‫الكليني وهو بحضرة السفراء الربعة سفراء المهدي؟! وقد سماه الكافي‬
‫لنه كاف للشيعة‪ ،‬وقد عرضه على مهديهم ‪ -‬بواسسسطة السسسفراء ‪ -‬فقسسال‪:‬‬
‫كاف لشيعتنا – كما سلف ]انظر‪ :‬مقدمة الرسالة‪ -[.‬بل إن الطوسي قال بسسأنه‬
‫جمع في كتابه تهذيب الحكام جميع ما يتعلق بالفقه من أحاديث أصحابهم‬
‫وكتبهم وأصولهم‪ ،‬لم يتخلف عن ذلك إل نادر قليل وشاذ يسير ]الستبصسسسار‪:‬‬
‫‪.[.1/2‬‬
‫فهل هذه الكتب وضعت فيما بعسسد فسسي أيسسام الدولسسة الصسسفوية‪ ،‬ونسسسبت‬
‫لشيوخهم الوائل؟ هذا ليس ببعيد‪.‬‬
‫بل إن كتبهم الربعة الولى لم تخل من دس وزيادة‪ ،‬وآية ذلك أن كتاب‬
‫تهذيب الحكام للطوسي بلغت أحاديثه )‪ (13950‬حديثا ً كما ذكر ذكسسر أغسسا‬
‫بزرك الطهراني في الذريعة ]الذريعة‪ ،[.4/504 :‬ومحسن العاملي في أعيان‬
‫الشيعة ]أعيان الشيعة‪ [.1/288 :‬وغيرهما من شيوخهم المعاصرين‪ ،‬في حيسسن‬
‫‪212‬‬
‫أن الشيخ الطوسسسي نفسسسه صسسرح فسسي كتسسابه عسسدة الصسسول بسسأن أحسساديث‬
‫التهذيب وأخباره تزيد على )‪ ،(5000‬ومعنسسى ذلسسك أنهسسا ل تصسسل إل إلسسى )‬
‫‪ (6000‬في أقصى الحوال ]انظر‪ :‬المسسام الصسسادق‪ :‬ص ‪ .[.485‬فهل زيسسد عليهسسا‬
‫أكثر من الضعف في العصور المختلفة؟! الدليل المادي الملمسسوس أمامنسسا‬
‫يؤكد ذلك‪.‬‬
‫وأيضا تراهم اختلفوا هل كتاب الروضة ‪ -‬وهسسو أحسسد كتسسب الكسسافي السستي‬
‫تضم مجموعة من البواب‪ ،‬وكل باب يتضمن عددا ً كسسبيرا ً مسسن الحسساديث ‪-‬‬
‫هل هو من تأليف الكليني أم مزيد فيما بعسسد علسسى كتسسابه الكسسافي ]روضسسات‬
‫الجنات‪ ،[.176-6/188 :‬فكأن أمر الزيادة شيء طبيعي ووارد في كل حال‪.‬‬
‫بل المر أخطر من ذلك فسسإن شسسيخهم الثقسسة عنسسدهم حسسسين بسسن حيسسدر‬
‫ه( قال‪ :‬إن كتاب الكافي خمسسسون‬ ‫الكركي العاملي )المتوفى سنة ‪‍ 1076‬‬
‫كتابا ً بالسانيد التي فيه لكل حديث متصل بالئمة ]المصدر السسسابق‪،[.6/114 :‬‬
‫ه( يقول‪" :‬كتسساب الكسسافي‬ ‫بينما نرى شيخهم الطوسي )المتوفى سنة ‪‍ 360‬‬
‫مشتمل على ثلثين كتابس ً‬
‫ا‪ ،‬أخبرنسسا بجميسسع روايسساته الشسسيخ‪] "..‬الفهرسسست‪ :‬ص‬
‫‪.[.161‬‬
‫فهل زيد على الكافي للكليني فيما بين القرن الخامس‪ ،‬والحادي عشسسر‬
‫عشرون كتابًا‪ ،‬مع أن كل كتاب يضم عشرات البواب‪ ،‬وكسسل بسساب يشسسمل‬
‫مجموعة من الحاديث؟! لعل هذا أمر طسسبيعي‪ ،‬فمسسن كسسذب علسسى رسسسول‬
‫الله والصحابة والقرابة فمن باب أولى أن يكذب على شيوخه‪..‬‬
‫وشواهد هذا الباب كثيرة‪.‬‬
‫أمسسا متسسون هسسذه الكتسسب ونصوصسسها فإنسسك تلحسسظ فيهسسا ظسساهرة الختلف‬
‫والتضاد‪ ،‬ولقد تألم شيخهم محمد بسسن الحسسسن الطوسسسي "لمسسا آلسست إليسسه‬
‫أحاديثهم من الختلف والتباين والمنافاة والتضاد حتى ل يكسساد يتفسسق خسسبر‬
‫إل وبسسإزائه مسسا يضسساده‪ ،‬ول يسسسلم حسسديث إل وفسسي مقسسابلته مسسا ينسسافيه‪"..‬‬
‫واعترف بأن هذا الختلف قد فاق ما عند أصحاب المذاهب الخسسرى‪ ،‬وأن‬
‫هذا كان من أعظم الطعون على مذهبهم‪ ،‬وأنه جعل بعض الشسسيعة يسسترك‬
‫هذا المذهب لما انكشف له أمسسر هسسذا الختلف والتنسساقض ]تهسسذيب الحكسسام‪:‬‬
‫‪.[.3-1/2‬‬
‫وقام شيخهم الطوسي بمحاولة يائسة لتدارك هذا الختلف وتوجيه هذا‬
‫التنسساقض فلسسم يفلسسح؛ بسسل زاد الطيسسن بلسسة‪ ،‬حيسسث علسسق كسسثيرا ً مسسن اختلف‬
‫الروايات على التقية بل دليل سسسوى أن هسسذا الحسسديث أو ذاك يوافسسق أهسسل‬
‫السنة‪.‬‬
‫والواقع أنه بصنيعه هذا قد "كرس" الفرقة‪ ،‬وأضاع علسسى طسسائفته كسسثيرا ً‬
‫من سبل الهداية‪ ..‬ومحاولته كانت في أحاديث الحكام‪ ،‬أمسسا بسساقي مسسسال‬
‫المذهب فلم يتعرض لها‪.‬‬
‫والدليل المسسادي علسى أن محساولته لسم تنجسسح هسسو كسسثرة اختلفهسسم‪ ،‬وقسسد‬
‫اشتكى بعض شيوخهم من هذه الظاهرة وهسسو الفيسسض الكاشسساني صسساحب‬
‫الوافي أحد الكتب الثمانية المعتمدة فقال عن اختلف طائفته‪ .." :‬تراهسسم‬
‫يختلفون في المسألة الواحدة على عشرين قسسول ً أو ثلثيسسن قسسول ً أو أزيسسد؛‬
‫‪213‬‬
‫بل لو شئت أقول‪ :‬لم تبق مسألة فرعيسسة لسسم يختلفسسوا فيهسسا أو فسسي بعسسض‬
‫متعلقاتها" ]الوافي‪ ،‬المقدمة‪ :‬ص ‪.[.9‬‬
‫ومن الملحظ أن اختلفهم هو اختلف في الحاديث أو النصوص وليسسس‬
‫اختلفا ً في الستنباط‪ ،‬ول شك أن التنسساقض أمسسارة علسسى بطلن المسسذهب‪،‬‬
‫ن‬ ‫و َ‬
‫كققا َ‬ ‫ول َ ْ‬
‫وكذب الروايات‪ ..‬وأن ذلك ليس من عند الله لقوله سبحانه‪َ } :‬‬
‫فا ك َِثيًرا{ ]النساء‪ ،‬آية‪..[.82 :‬‬
‫خت ِل َ ً‬
‫ها ْ‬
‫في ِ‬‫دوا ْ ِ‬
‫ج ُ‬ ‫ه لَ َ‬
‫و َ‬ ‫ر الل ّ ِ‬ ‫د َ‬
‫غي ْ ِ‬ ‫عن ِ‬
‫ن ِ‬
‫م ْ‬
‫ِ‬
‫وقد عزت بعض راياتهم ظاهرة الختلف إلى كثرة الكذب على الئمة‪..‬‬
‫فهذا الفيض بن المختار يشكو لبي عبد الله ‪ -‬كما تقول روايسساتهم ‪ -‬كسسثرة‬
‫اختلفهم ويقول‪" :‬ما هذا الختلف الذي بين شسسيعتكم‪ ..‬إنسسي لجلسسس فسسي‬
‫حلقهم بالكوفة فأكاد أن أشك في اختلفهم فسسي حسسديثهم‪ .‬فقسسال أبسسو عبسسد‬
‫الله‪ :‬هو ما ذكرت يا فيض إن الناس أولعوا بالكسسذب علينسسا‪ ..‬وإنسسي أحسسدث‬
‫أحدهم بالحديث فل يخرج من عندي حتى يتأوله على غيره تسسأويله‪ ،‬وذلسسك‬
‫أنهم ل يطلبون بحديثنا وبحبنا ما عند الله وإنما يطلبون السسدنيا وكسسل يحسسب‬
‫أن يدعى رأسًا" ]مضى ذكره وتخريجه من كتب الشيعة‪ :‬ص ‪.[.90‬‬
‫وقد كثرت شكاوى الئمة من كثرة الكذابين عليهم ]تروي كتب الشيعة عسسن‬
‫جعفر الصادق قال‪" :‬إن لكل رجل منا‪ ،‬رجل يكذب عليه‪ ،‬وقال‪ :‬إن المغيرة بن سسسعيد دس‬
‫في كتب أصحاب أبي أحاديث لم يحدث بها‪ ،‬فاتقوا الله ول تقبلوا علينا ما خالف قسسول ربنسسا‬
‫وسنة نبينا"‪ .‬وقد اعسترف المغيسرة بسن سسعيد كمسا تسروي كتسب الشسيعة بسذلك حيسث قسال‪:‬‬
‫"دسست في أخباركم أخبارا ً كثيرة تقرب من مائة ألف حديث"‪.‬‬
‫وعن الصادق قال‪" :‬إنا أهل بيت صادقون ل نخلو من كسسذاب يكسسذب علينسسا فيسسسقط صسسدقنا‬
‫بكذبه"‪ .‬وعن أنس أنه قال‪" :‬وافيت العراق فوجدت قطعة مسسن أصسسحاب أبسسي جعفسر وأبسسي‬
‫عبد الله ‪ -‬عليهما السلم ‪ -‬متوافرين فسمعت منهم وأخذت كتبهم وعرضتها من بعسسد علسسى‬
‫أبي الحسن الرضا فأنكر منها أحاديث كثيرة‪ ..‬وقال‪ :‬إن أبا الخطساب كسسذب علسسى أبسسي عبسسد‬
‫الله‪ ،‬لعن الله أبا الخطاب‪ ،‬وكذلك أصحاب أبي الخطاب يسسسدون مسسن هسسذه الحسساديث إلسسى‬
‫يومنا هذا في كتب أصحاب أبي عبد الله ‪ -‬عليسسه السسسلم ‪ -‬فل تقبلسسوا علينسسا خلف القسسرآن"‬
‫)انظر النصوص السابقة في‪ :‬تنقيح المقال‪.(175-1/174 :‬‬
‫فإذا وضعت مع هذه النصوص شهادة أئمة السنة بكسسذب الروافسسض )انظسسر‪ :‬المنتقسسى ص‬
‫‪ ،23-21‬ميزان العتدال‪ (28-1/27 :‬تبين شيوع الكذب وكثرته عنسسدهم‪ ،‬وإذا عرفسست مسسدى‬
‫بضاعتهم في علم السناد‪ ،‬والجرح والتعديل تحقق لك الخطر الكبير الذي يعيشه هؤلء من‬
‫خلل اعتمادهم في التلقي على ذلك المدونات‪ ،[..‬وقد حسسف بهسسم ول سسسيما جعفسسر‬
‫الصسسادق مجموعسسة مسسن المتسسآمرين والمتكسسسبين والمحتسسالين‪ ..‬وكسسانوا‬
‫يستقبلون بعسسض الوفسسود القادمسسة مسسن أصسسقاع العسسالم السسسلمي ويسسأكلون‬
‫أموالهم باسم الئمة‪ ،‬ويقدمون لهسسم تواقيسسع مسسزورة باسسستلمهم ويحسسدثون‬
‫عنهم بما لم يقولوا ]انظر‪ :‬التحفة الثني عشرية‪ ،‬الورقة )‪) (92‬مخطوط(‪.[.‬‬
‫وإذا كذب الئمة أقوالهم قالوا‪ :‬إن هذا التكذيب منهم تقية ]انظسسر‪ :‬ميسسزان‬
‫العتدال ترجمسسة زرارة‪ ،70-2/69 :‬وسسسيأتي عنسسد الحسسديث عسسن حسسال رجسسالهم بسسأن شسسيوخ‬
‫الشيعة يحملون الطعن والتكذيب الصادر من جعفر الصادق وغيره في حق معظم رواتهسسم‬
‫بأنه تقية‪.[.‬‬
‫ه( يصف القوام‬ ‫واستمع إلى شريك بن عبد الله القاضي )ت ‪‍ 178-177‬‬
‫الذين التصقوا بجعفر وادعوا الرواية عنه ‪ -‬كمسسا تنقسسل ذلسسك كتسسب الشسسيعة‬
‫مسساني فسسي‬
‫نفسها ‪" -‬قال أبو عمرو الكشي‪ :‬قال يحيى بن عبد الحميسسد الح ّ‬
‫كتابه المؤلف في إثبات إمامة أمير المسسؤمنين ‪ -‬رضسسي اللسسه عنسسه ‪ :-‬قلسست‬
‫‪214‬‬
‫لشريك‪ :‬إن أقواما ً يزعمون أن جعفر بن محمد ضسسعيف الحسسديث‪ ،‬فقسسال ‪:‬‬
‫أخبرك القصة‪ ،‬كان جعفر بن محمد رجل ً صالحا ً مسلما ً ورعا ً فاكتنفه قوم‬
‫جهال يدخلون عليه ويخرجون من عنده ويقولون‪ :‬حدثنا جعفر بسن محمسد‪،‬‬
‫ويحدثون بأحاديث كلها منكسسرات كسسذب موضسسوعة علسسى جعفسسر‪ ،‬ليسسستأكلوا‬
‫الناس بذلك‪ ،‬ويأخذوا منهسم السدراهم‪ ،‬كسانوا يسأتون مسن ذلسك بكسل منكسر‪،‬‬
‫فسمعت العوم بذلك فمنهم من هلك ومنهم مسسن أنكسسر" ]رجسسال الكشسسي‪ :‬ص‬
‫‪ ،209-208‬بحار النوار‪ .[.303-20/302 :‬ويبدو أن النكار كسسان مسسن طائفسسة مسسن‬
‫المتقدمين‪ ..‬إذ إن المتأخرين ‪ -‬ولسيما في العهد الصفوي وما بعده ‪ -‬قسسد‬
‫أصبحت الساطير الكثيرة التي تروى عسسن جعفسسر جسسزءا ً مسسن عقسسائدهم بل‬
‫نكير‪.‬‬
‫أما معاني هذه الروايسسات‪ ،‬ومادتهسسا فسسإن فيهسسا مسسا يحكسسم المسسرء بوضسسعه‬
‫بمجرد النظر فسسي متنسسه لمخسالفته لصسسول السسسلم وضسسروراته‪ ،‬ومسا علسسم‬
‫بالتواتر‪ ،‬وما أجمع المسسسلمون عليسسه‪ ..‬مسسع مخسسالفته لصسسريح العقسسل‪ ،‬وقسسد‬
‫رأيت في روايسساتهم مسسا يلغسسى هسسذا المبسسدأ أعنسسي مبسسدأ نقسسد المتسسن لظهسسور‬
‫القرائن التي تدل على ذلك‪ ،‬فقد جسساء فسسي بصسسائر السسدرجات عسسن سسسفيان‬
‫السمط قال‪" :‬قلت لبي عبد الله ‪ -‬عليه السلم ‪ :-‬جعلت فداك؛ إن رجل ً‬
‫يأتينا من قبلكم يعرف بالكذب فيحدث بالحديث فنستبشعه‪ ،‬فقال أبو عبد‬
‫الله ‪ -‬عليه السلم ‪ :-‬يقول لك‪ :‬إني قلت لليل إنه نهار‪ ،‬وللنهسسار إنسسه ليسسل‪،‬‬
‫قال‪ :‬ل‪ ،‬قال‪ :‬فإن قال لك هذا إني قلته فل تكذب به فإنسسك إنمسسا تكسسذبني"‬
‫]بحار النوار‪.[.212-2/211 :‬‬
‫وجاء أيضا ً "إن حديثنا تشمئز منه القلوب فمسسن عسسرف فزيسسدوهم‪ ،‬ومسسن‬
‫أنكر فذروهم" ]بحار النوار‪.[.2/192 :‬‬
‫وقد ذكر شيخهم المجلسي في التجاه )‪ (116‬حسسديثا ً فسسي بسساب بعنسسوان‬
‫"بسساب إن حسسديثهم ‪ -‬عليهسسم السسسلم ‪ -‬صسسعب مستصسسعب‪ ،‬وإن كلمهسسم ذو‬
‫وجوه كثيرة‪ ،‬وفضيلة التدبر في أخبسارهم ‪ -‬رضسي اللسه عنهسم ‪ -‬والتسسليم‬
‫لهسسم والنهسسي عسسن رد أخبسسارهم" ]انظسسر‪ :‬المصسسدر السسسابق‪ ،[.212-2/182 :‬وإذا‬
‫قارنت هذا بما يسسذهب إليسسه أهسسل السسسنة اسسستبان بصسسورة أعظسسم ضسسللهم‪،‬‬
‫وبضدها تتميز الشياء ]قارن ذلك بما قاله أئمة السنة في هذا الباب‪ ،‬قسسال الربيسسع بسسن‬
‫ه( والذي قال فيه ابن مسعود‪" :‬لو رآك رسسسول اللسسه صسسلى‬ ‫خثيم )المتوفى سنة ‪ 61‬أو ‪‍ 63‬‬
‫ً‬
‫الله عليه وسلم لحبك" )تقريب التهذيب‪ (1/244 :‬قال الربيع‪" :‬إن من الحسسديث حسسديثا لسسه‬
‫ضوء كضوء النهار يعرف‪ ،‬وإن مسن الحسسديث حسسديثا ً لسه ظلمسسة كظلمسسة الليسسل ننكسسره" )رواه‬
‫الخطيب البغدادي في الكافية ص ‪ ،(605‬وقال أبو الحسن علسي بسن عسروة المتسوفى سسنة‬
‫ه‪ ،‬صسساحب الكسسواكب السسدراري فسسي ‪ 120‬مجلسسدًا‪) .‬انظسسر‪ :‬السسسخاوي‪ /‬الضسسوء اللمسسع‪:‬‬‫‪‍ 837‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ ،(215-5/214‬قال ابن عروة‪" :‬القلب إذا كان تقيا نظيفا زاكيا كسسان لسسه تمييسسز بيسسن الحسسق‬
‫والباطل‪ ،‬والصدق والكذب‪ ،‬والهدى والضلل ول سيما إذا كان قسسد حصسسل لسسه إضسساءة وذوق‬
‫مسن النسور النبسوي‪ ،‬فسإنه حينئذ تظهسر لسه خبايسا المسور‪ ،‬ودسسائس الشسياء‪ ،‬والصسحيح مسن‬
‫السقيم‪ ،‬ولو ركب على متن ألفاظ موضوعة على الرسسسول إسسسناد صسسحيح أو متسسن صسسحيح‬
‫إسناد ضعيف لميز ذلك وعرفه‪ .‬فإن ألفاظ الرسول ل تخفى على عاقل ذاقها" )القاسمي‪/‬‬
‫قواعد التحديث ص ‪ ،165‬وقد نقل ذلك عن مخطوطة الكواكب الدراري لبن عروة(‪.‬‬
‫وقد اعتنى أئمة الحديث بسسالمتن كمسسا اعتنسسوا بالسسسناد‪ ،‬ووضسسعوا علمسسات لمعرفسسة الحسسديث‬
‫الموضوع بدون النظر إلى إسناده‪ ،‬وعامة علوم الحسسديث تعرضسست لسسذلك‪ ،‬قسسال ابسسن دقيسسق‬

‫‪215‬‬
‫العيد‪ :‬وأهل الحديث كثيرا ً ما يحكمسسون بالوضسسع باعتبسسار أمسسور ترجسسع إلسسى المسسروي وألفسساظ‬
‫الحديث‪) ..‬القتراح‪ :‬ص ‪ ..(231‬كمسسا ذكسسر ايسسن الصسسلح بسسأنهم قسسد يعرفسسون كسسون الحسسديث‬
‫موضوعا ً بقرينة النص المروي‪ ،‬فقد وضعت أحسساديث ‪ -‬كمسسا يقسسول ‪ -‬طويلسسة تشسسهد لوضسسعها‬
‫ركاكة ألفاظها ومعانيها )علوم الحديث‪ /‬لبن الصلح ص‪.(89 :‬‬
‫وقد كتب ابن القيم ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬كتابا ً مستقل ً في هذا الشأن إجابة لسؤال يقول‪" :‬هسسل‬
‫يمكن معرفة الحديث الموضوع بضابط من غير أن ينظر في سنده؟" فأورد ‪ -‬رحمه اللسسه ‪-‬‬
‫قواعد عدة في هذا الشأن بلغت )‪ (44‬قاعدة ومثل لها بس )‪ (273‬حديثا ً وبي ّسسن وجسسه وضسسعها‬
‫من خلل نقد المتن فقط وذلك في كتابه "المنار المنيف"‪.[.‬‬
‫والغالب في النقد المتن عندهم أنه يعمسسل بسسه إذا كسسان الحسسديث يوافسسق‬
‫أهل السسسنة والسسذين يسسسمونهم بالعامسسة فيسسرد ّ الحسسديث حينئذ‪ ،‬لن مخالفسسة‬
‫العامة كما تقول رواياتهم فيها الرشاد ]انظر‪ :‬مبحث الجماع من هذه الرسسسالة‪.[.‬‬
‫فيزدادون بهذا ضلل ً على ضللهم‪ ..‬مع أنه قد جاء عن بعسسض الئمسسة وفسسي‬
‫كتب الشيعة نفسها‪" :‬ل تقبلوا علينا خلف كتاب ربنا" ]انظسسر‪ :‬أصسسول الكسسافي‪،‬‬
‫باب الخذ بالسنة وشواهد الكتاب‪ ،71-1/69 :‬وفيه مجموعة أحسساديث فسسي هسسذا المعنسسى‪،[.‬‬
‫إل أن هذا المبدأ لم يعمل به شيوخهم‪ ..‬بسسل إن الصسسل السسذي أمسسر الئمسسة‬
‫بالرجوع إليه )وهو القرآن( قد كثرت أساطيرهم التي تتعرض له‪.‬‬
‫أما مدى صحة هسسذه الروايسسات عنسسدهم‪ ،‬والسستي تضسسمنتها تلسسك المسسدونات‬
‫والتعرف علسسى أسسسانيدهم ورجسسالهم السسذين ارتضسسوا روايسساتهم عسسن الئمسسة‪،‬‬
‫وأقسام الحديث عندهم‪ ،‬ومقاييس نقد السند لسسديهم‪ ،‬فهسسذا موضسسوع هسسام‬
‫وكبير يستحق أن يكتب فيسسه كتابسسة مسسستقلة‪ ..‬وذلسسك لهميتسسه فسسي كشسسف‬
‫حقيقسسة هسسذه المسسدونات أمسسام المخسسدوعين والمغفليسسن‪ ..‬وتعريسسة الباطسسل‬
‫واكتشاف اليدي السبئية التي أسهمت فسسي صسسنع هسسذا "الضسسلل" ونسسسبته‬
‫لبعض علماء أهل البيت‪ ..‬وهو مبحث واسسسع الطسسراف متعسسدد الجسسوانب ل‬
‫يكفسسي هسسذا الحيسسز لتفصسسيل القسسول فيسسه‪ ..‬فسسسنكتفي بسسالعرض المجمسسل‪،‬‬
‫والشارة واللمحة‪.‬‬
‫مدى صحة روايات هذه المدونات‪:‬‬
‫لقد جاء على لسان جملة من أعلم أهل السنة بأن الرافضة من أعظم‬
‫الطوائف افتراء للكذب‪ ،‬وتكذيبا ً للصدق ]منهسساج السسسنة‪ ،4/51 :‬وراجسسع‪ :‬المنتقسسى‬
‫)مختصر منهاج السنة‪ :‬ص ‪ ،23-21‬ميسسزان العتسسدال‪ ..[.(28-1/27 :‬وحينما قسسال ابسسن‬
‫المطهر‪ :‬فإن لهم أحاديثهم التي رواها رجالهم الثقات‪ ،‬قال شيخ السسسلم‪:‬‬
‫"من أين لكم أن الذين نقلسوا هسسذه الحساديث فسسي الزمسسان القسسديم ثقسات‪،‬‬
‫وأنتم لم تدركوها‪ ،‬ولسسم تعلمسسوا أحسسوالهم ول لكسسم كتسسب مصسسنفة تعتمسسدون‬
‫عليها في أخبارهم التي يميز بها بين الثقة وغيره‪ ،‬ول لكم أسانيد تعرفسسون‬
‫رجالها" ]منهاج السنة‪.[.4/110 :‬‬
‫ولكن هل أئمة السلم على علم بهذه المدونات؟‬
‫الحقيقسسة أنسسه لسسم يكسسن للمسسة المسسسلمة مصسسادر فسسي التلقسسي معروفسسة‬
‫مشهورة غير أمهات مصادر المسلمين من الصحاح والسنن والمسانيد‪..‬‬
‫والملحوظ أن أئمة السلم الذين لهم عناية بسسأمر الروافسسض كالشسسعري‬
‫وابن حزم‪ ،‬وابن تيمية‪ ،‬لم يرد عنهم ‪ -‬في حدود تتبعي ‪ -‬ذكر لسماء هسسذه‬
‫المدونات وبالخص أخطر كتسساب لهسسم وهسسو فسسي أصسسول الكسسافي‪ ،‬رغسسم أن‬
‫‪216‬‬
‫ه‪ .‬فهل مرد ذلك إلى أن تلك المسسدونات سسسرية‬ ‫صاحبه قد توفي سنة ‪‍ 329‬‬
‫التسسداول بينهسسم‪ ،‬أو لحتقسسار علمسساء السسسلم لهسسم‪ ،‬فلسسم يلتفتسسوا إلسسى كتسسب‬
‫الحديث عنسسدهم؟ أو أن هسسذه الكتسسب صسسنفت فسسي إبسسان الدولسسة الصسسفوية‪،‬‬
‫ونسبت لشيوخهم الوائل؟‬
‫قد جاء في أصول الكافي ما يفيد أن كتب الحديث عندهم كانت موضسسع‬
‫التداول السري بينهم‪ ،‬ولهذا لم تكن متصلة السند بسسسبب ظسسروف التقيسسة‬
‫كما يدعون‪.‬‬
‫يقول نص الكافي‪" :‬إن مشايخنا رووا عن أبي جعفسسر وأبسسي عبسسد اللسسه ‪-‬‬
‫عليهما السلم ‪ -‬وكانت التقية شديدة فكتموا كتبهم ولم تسسرو عنهسسم‪ ،‬فلمسسا‬
‫ماتوا صارت الكتب إلينا‪) .‬قال أحد أئمتهم(‪ :‬حدثوا بها فإنهسسا حسسق" ]أصسسول‬
‫الكافي‪ ،‬كتاب فضل العلم‪ ،‬بسساب روايسسة الكتسسب والحسسديث‪ ،[.1/53 :‬وتلحظ في بعسسض‬
‫رواياتهم ‪ -‬مثل ً ‪ -‬المر بكتمان هذا النص وعدم إذاعته عند غيسسر أهلسسه ]كمسسا‬
‫في خبر "لوح فاطمة" المزعوم‪ ،‬وفي آخره قال إمامهم‪" :‬لو لم تسمع في دهسسرك إل هسسذا‬
‫ه إل عن أهله" وهو نص يرويه أبسسو بصسسير عسسن جعفسسر الصسسادق‪) .‬انظسسر‪:‬‬ ‫الحديث لكفاك فَ ُ‬
‫صن ْ ُ‬
‫أصول الكسسافي‪ ،(528-1/527 :‬الكاشساني‪ /‬السسوافي‪ ،‬المجلسسد الول ج‪ ‍2‬ص ‪ ،72‬الطبرسسسي‪/‬‬
‫الحتجاج‪ ،87-1/84 :‬ابن بسسابويه‪ /‬إكمسسال السسدين‪ :‬ص ‪ ،304-301‬الطبرسسسي )وهسسو صسساحب‬
‫مجمع البيان(‪ /‬أعلم الورى‪ :‬ص ‪ 152‬وما بعدها‪ ،‬الكراجكي‪ /‬الستنصار‪ :‬ص ‪.[.18‬‬
‫وفي عصر السيوطي قام أحد الروافسسض يسسدعو إلسسى الحتجسساج بسسالقرآن‬
‫فقط دون السنة‪ ،‬وألف في الرد عليه كتابه "الحتجساج بالسسنة"‪ ،‬فلسم لسم‬
‫يدع هذا الرافضي إلى كتب أصحابه؟ قد يلتمس من هذا الصنيع أنه يتكتسسم‬
‫عليها‪ ..‬وعلى أية حال لم يكن لكتبهم ذلك الذيوع والنتشار إل بعد ظهسسور‬
‫الطباعة وتفشي أمر الرافضة‪.‬‬
‫ولعل أولى الشارات لمصادر الشيعة الربعة الولسسى جسساءت فسسي كتسساب‬
‫النواقض في الرد على الروافض‪ ،‬حيث ذكسسر بسسأنه مسسن هفسسوات الروافسسض‬
‫إنكسسارهم كتسسب الحسساديث الصسسحاح السستي تلقتهسسا المسسة بسسالقبول‪ ،‬وإيمسسانهم‬
‫بمقابل ذك بأربعة كتب جمع فيها كثير مسسن الكسساذيب مسسع بعسسض الحسساديث‬
‫وأقوال الئمة ]النواقض‪ :‬ص ‪) 110 ،109‬مخطوط(‪.[.‬‬
‫وصاحب النواقض )مخدوم الشيرازي( من القرن العاشر‪ ،‬ولكن ل يعني‬
‫هسسذا ظهسسور أمسسر هسسذه المسسدونات؛ لن الشسسيرازي هسسذا عسساش فسسي وسسسط‬
‫الرافضة‪ ،‬واضطر أن يتلقى تعليمه بينهم‪ ..‬فعرف من أمورهم ‪ -‬كما يقول‬
‫‪ -‬ما يخفى على الكثير ]انظر‪ :‬المصدر السابق‪ :‬الورقة ‪ ،151 ،87‬وانظر‪ :‬ص )‪(209‬‬
‫من هذه الرسالة‪ ،‬هامش رقم )‪.[.(2‬‬
‫‪ -‬أما مدى صحة ما في هذه المدونات في نظر هذه الطائفة‪ ،‬فهسسم فسسي‬
‫هذا فريقان‪ :‬صنف يرى صحتها‪ ،‬ويقطع بثبوت كل حرف فيها عسسن الئمسسة‪،‬‬
‫وفريق يرى أن فيها الصحيح وغيره‪ ..‬يبين ذلك شيخهم الممقاني فيقول‪:‬‬
‫"إن كون مجموع ما بين دفتي كل واحد مسسن الكتسسب الربعسسة مسسن حيسسث‬
‫المجموع متواترا ً مما ل يعتريه شك ول شبهة‪ ،‬بل هي عند التأمل فوق حد‬
‫التواتر‪ ،‬ولكن هل هي متواترة بالنسبة إلى خصسسوص كسسل حسسديث وبعبسسارة‬
‫أخرى هل كل حديث وكلمة بجميع حركاتها وسسسكناتها العرابيسسة والبنائيسسة‪،‬‬

‫‪217‬‬
‫وبهسسذا السسترتيب للكلمسسات والحسسروف علسسى القطسسع أم ل؟ فسسالمعروف بيسسن‬
‫أصحابنا المجتهدين الثاني كما هو قضية عدها أخبار آحاد‪ ،‬واعتبارهم صحة‬
‫سندها أو ما يقسوم مقسسام الصسسحة‪ ،‬وجسسل الخبسسار علسسى الول كمسسا يقتضسسيه‬
‫قولهم بوجوب العمل بالعلم‪ ،‬وأنها قطعية الصدور" ]تنقيح المقال‪) 1/183 :‬ط‬
‫‪‍1349‬ه(‪.[.‬‬
‫إذن الكتب الربعة عند الخباريين من الثني عشرية أعظم مسسن القسسرآن‬
‫عند المسلمين‪ ..‬ولهذا قبلوا رواياتها الستي تتعسرض لكتساب اللسه‪ ،‬وجعلوهسا‬
‫هي الحاكمة على كتاب الله وذلك هو الضلل العظيم‪ ،‬والكفر الصراح‪.‬‬
‫أما الصوليون أو المجتهسسدون كمسسا يسسمون فسسإنهم يعتبرونهسسا مسسن قبيسسل‬
‫الحاد‪ ،‬وينظرون حين الحكم عليها إلى السند‪ ،‬ولذلك قال جعفسسر النجفسسي‬
‫ه(‪ -‬شيخ الشيعة المامية‪ ،‬ورئيس المذهب ‪ -‬فسسي زمنسسه ]الشسسيعة‬ ‫)ت ‪‍ 1227‬‬
‫في الميزان‪ :‬ص ‪) 272‬الهامش(‪ [.‬قال في كتسسابه "كشسسف الغطسسا" عسسن مسسؤلفي‬
‫الكتب الربعة‪:‬‬
‫" والمحمدون الثلثة كيسسف يعسسول فسسي تحصسسيل العلسسم عليهسسم‪ ،‬وبعضسسهم‬
‫يكسسذب روايسسة بعسسض‪ ..‬وروايسساتهم بعضسسها يضسساد بعض سًا‪ ..‬ثسسم إن كتبهسسم قسسد‬
‫اشتملت على أخبار يقطع بكذبها كأخبار التجسيم والتشبيه وقسسدم العسسالم‪،‬‬
‫وثبوت المكان‪ ،‬والزمان" ]كشف الغطا‪ :‬ص ‪.[.40‬‬
‫ولكن أصحاب الكتب الربعة نصسوا فسي مقسسدماتهم بسأنهم ل يسذكرون إل‬
‫الصحيح‪ ،‬فيجيب صاحب كشف الغطا عن ذلك بقوله‪" :‬فلبد من تخصيص‬
‫ما ذكر في المقدمات أو تأويله على ضرب من المجازات أو الحمل علسسى‬
‫العدول عما فات‪ ،‬حيث ذكروا في تضساعيف كتبهسم خلف مسا ذكسروه فسي‬
‫أوائلها ]كشف الغطا‪ :‬ص ‪ ،[.40‬أي أنهم عدلوا عن شرط الصحة الذي ذكسسروه‬
‫في مقدمات كتبهم!!"‪.‬‬
‫ثم يأتي العتراض الكثر صعوبة وهو أن هذه الكتب الربعة مأخوذة كما‬
‫يقولون من أصول معروضة على الئمة‪ ،‬وأصول الكافي كتسسب فسسي عصسسر‬
‫الغيبة الصغرى‪ ،‬وكان بالمكان الوصول إلى حكم المام على أحاديثه‪ ،‬بسسل‬
‫قالوا بأنه عرض على مهديهم فقال بسسأنه كسساف لشسسيعتنا ]مضسسى تخريجسسه مسسن‬
‫كتبهسسم ص‪ (120) :‬مسسن هسسذه الرسسسالة‪ .[.‬كما أن صسساحب مسسن ل يحضسسره الفقيسسه‬
‫"أدرك من الغيبة الصغرى نيفا ً وعشسسرين سسسنة" ]الصسسدر‪ /‬الشسسيعة‪ :‬ص ‪،[.125‬‬
‫فلم لم يعترض الئمة على ما فيها من موضوعات؟ لم يجد صاحب كشف‬
‫الغطا جوابا ً على ذلك إل الفزع إلى التقية الستي هسي متعقلهسسم إذا أعيتهسسم‬
‫الحيل فقال‪" :‬وأنه ل يجب على الئمسسة المبسسادرة إليهسسم بالنكسسار ول تمييسسز‬
‫الخطأ من الصواب لمنع التقية المتفرعة على يوم السقيفة" ]كشف الغطسسا‪:‬‬
‫ص ‪.[.40‬‬
‫ومع ذلك فسسإن لسسسائل أن يقسسول‪ :‬إذا كسسان الصسسوليون مسسن الشسسيعة قسسد‬
‫سلكوا مسلك التصحيح والتضعيف من خلل دراسة السناد فهسسل للشسسيعة‬
‫بصر بالرجال ودراية بعلم الجرح والتعديل؟‬
‫والجواب على ذلك أنه‪ :‬من خلل النظر في كتب الرجال عنسسدهم يتسسبين‬
‫بأنه لم يكن لهم كتاب في أحوال الرجال حسستى ألسسف الكشسسي فسسي المسسائة‬
‫‪218‬‬
‫الرابعة كتابا ً لهم في ذلك‪ ،‬جاء في غاية الختصار‪ ،‬وليس فيه ما يغني في‬
‫هذا الباب‪ ،‬وقد أورد فيه أخبارا ً متعارضة في الجرح والتعديل ]انظر ‪ -‬مثل ً ‪:-‬‬
‫ترجمة زرارة بن أعين‪ ،‬وأبي بصير‪ ،‬وجابر الجعفي وغيرهم‪ [.‬وليس في كتب رجالهم‬
‫الموجودة إل في حال بعض رواتهم ]الشسيرازي‪ /‬النسواقض ص ‪) 113‬مخطسوط(‪.[.‬‬
‫كما "أنه في كثير من السانيد قد وقع غلط واشتباه فسسي أسسسامي الرجسسال‬
‫وآبائهم أو كناهم‪ ،‬أو ألقابهم" ]الممقاني‪ /‬تنقيح المقال‪.[.1/177 :‬‬
‫وقد كان التأليف في أصول الحديث وعلومه معدوما ً عندهم حسستى ظهسسر‬
‫زين الدين العاملي ]النواقض‪ :‬ص ‪ [.112-111‬الملقب عندهم بالشهيد الثسساني‬
‫ه( ]انظر‪ :‬القمي‪ /‬الكنى واللقاب‪ ،[.2/344 :‬وهذا ما تعسسترف‬ ‫)المقتول سنة ‪‍ 965‬‬
‫به كتب الشيعة نفسها‪.‬‬
‫قال شيخهم الحائري‪" :‬ومن المعلومات التي ل يشك فيها أحسسد أنسسه لسسم‬
‫يصنف في دراية الحديث من علمائنسا قبسل الشسهيد الثساني وإنمسا هسو مسن‬
‫علوم العامة‪] "..‬مقتبس الثر‪ ،3/73 :‬وقال الحر العاملي في ترجمة شيخهم المسسذكور‪:‬‬
‫وهو أول من صنف مسسن الماميسسة فسسي درايسسة الحسسديث؛ لكنسسه نقسسل الصسسطلحات مسسن كتسسب‬
‫العامة‪ ،‬كما ذكره ولده وغيره )أمل المل‪ ،[.(1/86 :‬يعني أهل السنة‪) .‬وسيأتي أن‬
‫تقسيم الحديث إلى صحيح وغيسره لسم يوجسد عنسدهم أيضسا ً إل فسي القسرن‬
‫السابع(‪.‬‬
‫ويرى صاحب التحفة أن سسسبب تسسأليفهم فسسي ذلسسك هسسو مسسا لحظسسوه فسسي‬
‫وراياتهم من تناقض وتهافت‪ ،‬وأنهم قد استعانوا في وضع هذه الصول بما‬
‫كتبه أهل السنة ]التحفة الثنا عشرية‪ :‬ص ‪) 105‬مخطسسوط(‪ ،[.‬غير أن لهسسم بعسسض‬
‫المقاييس الخاصة بهم لم تسلم من ضلل كالعادة في كل ما انفسسردوا بسسه‬
‫عن المسلمين‪ .‬فتجدهم مثل ً يوثقون من ادعى رؤية غائبهم المعدوم الذي‬
‫لم يولد أصل ً ]كما تقوله طسسوائف مسسن الشسسيعة‪ ،‬وكمسسا ثبسست ذلسسك عنسسد ثقسسات المسسؤرخين‬
‫وعلماء النسب ‪ -‬كما سيأتي في مبحث الغيبة ‪ ،[.-‬ويعتبرون ذلك دللسسة علسسى كسسونه‬
‫فوق العدالة‪ ،‬على حين ل تؤثر عندهم صحبة الرسسسول شسسيئا ً فسسي التزكيسسة‬
‫والتعديل ‪ -‬كما سلف ‪ -‬فهم بهذا يجعلون الكسسذب والضسسلل دليسسل العدالسسة‪،‬‬
‫وعدوا برهان العدالة أمارة على الكذب فانظر وتعجب‪ ..‬ويوثقون الكليني‬
‫الذي أخرج أساطير "تحريف القرآن" وأوسع لها في كتابه الكافي‪ ،‬ولذلك‬
‫قال عنه الكاشسساني فسسي تفسسسيره الصسسافي ]انظسسر‪ :‬تفسسسير الصسسافي‪ ،1/52 :‬ط‪:‬‬
‫العلمي بيروت‪ ،‬وص‪ 14 :‬ط‪ :‬المكتبة السلمية طهسسران‪ ،[.‬والنوري الطبرسسسي فسسي‬
‫فصل الخطساب ]انظسسر‪ :‬فصسسل الخطسساب‪ :‬ص ‪ 30‬ومسسا بعسسدها )النسسسخة المطبوعسسة(‪،[.‬‬
‫ومحمود النجفي الطهراني فسسي قوامسسع الفضسسول ]انظسسر‪ :‬قوامسسع الفضسسول‪ :‬ص‬
‫‪ ،[.298‬بأنه كان يقول يتحريف القرآن‪.‬‬
‫وقال أبو زهرة‪ :‬فإن مسسن هسسذا اعتقسساده فليسسس مسسن أهسسل القبلسسة ]المسسام‬
‫الصادق‪ :‬ص ‪.[.440‬‬
‫ومع ذلك يقول ابن المطهر الحلي بأنه مسسن أوثسسق النسساس فسسي الحسسديث‬
‫وأثبتهم ]رجال الحلي‪ :‬ص ‪ .[.45‬بينما يعدون القول بالقياس ‪ -‬والذي هسسو مسسن‬
‫مبادئ الفقه السلمي ‪ -‬قدح في الرجسل عنسدهم تسترك روايتسه مسن أجلسه‬

‫‪219‬‬
‫]رجسسال الحلسسي‪ :‬ص ‪ [.145‬فسسانظر كيسسف يوثقسسون الكفسسار‪ ،‬ويسسردون روايسسات‬
‫المسلمين‪.‬‬
‫ومن كان على غير مذهب المامية فروايته ل ترتقي للصحة ‪ -‬عنسسدهم ‪-‬‬
‫كما سيأتي في تعريف الصحيح عندهم‪ ،‬ولكن المامي مقبولة روايتسسه ولسسو‬
‫كان مذموما ً على لسان الئمة؛ بل صرح ابن المطهر الحلي بأن "الطعسسن‬
‫في دين الرجل ل يوجب الطعن في حسسديثه" ]رجسسال الحلسسي‪ :‬ص ‪ ،[.137‬فسسإذا‬
‫كانت هذه بعض مقاييسهم فما حال رجالهم؟‬
‫رجال أسانيدهم‪:‬‬
‫إن مصنفي هذه المسدونات لسسم يحصسسل لهسسم ملقساة الئمسة‪ ،‬ومسا أخسذوا‬
‫أقوالهم إل بواسطة رجال بينهم وبين الئمة‪ ،‬فما حال هؤلء الرجال الذين‬
‫رووا كل ذلك الضلل عن جعفر وغيره؟‬
‫لقد شهد طائفة من أعلم السنة بأن الروافض مسسن أكسسذب النسساس فسسي‬
‫الحديث واتقوا الرواية عنهم‪ ..‬لكن الثني عشرية ل تقبل هذه الشسسهادات‪،‬‬
‫فهي ل تقبل "روايات العامة" كما يقولون فضل ً عن الخذ بجرحهم‪.‬‬
‫وقد استقرأ صاحب التحفة الثنسسي عشسسرية أحسسوال رجسسالهم فسسي الكتسسب‬
‫الربعة من خلل ما تقوله عنهم كتسسب الشسسيعة نفسسسها ]انظسسر‪ :‬التحفسسة الثنسسي‬
‫عشرية‪ :‬ص ‪ 107 ،97‬وما بعدها )مخطوط(‪ ،‬ومختصر التحفة ص ‪ ،[.69‬كما فعل مثل‬
‫ذلك صاحب "الصواقع المحرقة" ]الصواقع ‪ -‬بتقديم القاف علسسى العيسسن ‪ -‬المحرقسسة‬
‫لخوان الشياطين والزندقة من تأليف نصير الدين محمد الشهير بخواجه نصر اللسسه الهنسسدي‬
‫المكي‪ ،‬وقد قام الشيخ محمود اللوسي باختصار الكتاب باسم "مختصر الصواقع‪ "..‬وانظر‬
‫)ما أشرنا إليه في( مختصر الصواقع‪ :‬ص ‪) 112‬مخطوط(‪ .[.‬وقدم اللوسي ‪ -‬رحمسسه‬
‫الله ‪ -‬في "كشف غياهب الجهالت" إلمامة موجزة بأحوالهم ]كشف غيسساهب‬
‫الجاهلت‪ :‬ص ‪) 10‬مخطوط(‪ ،[.‬كما صدر حديثا ً كتاب بعنوان‪" :‬رجسسال الشسسيعة"‬
‫درس فيه مؤلفه مجموعة كبيرة مسن رجسسالهم مسن خلل مصسسادر الشسسيعة‪،‬‬
‫وما قد يوجد في مصادر السنة‪ ،‬وهي خطوة تستحق الشادة ]وقسسد نشسسرته‪:‬‬
‫دار الرقام ‪ -‬الكويت عام ‪‍1403‬ه تأليف عبد الرحمن الزرعي‪.[.‬‬
‫وتبين من خلل ذلك أن رجال كتبهم في الغالب مسسا بيسسن كسسافر ل يسسؤمن‬
‫بالله ول بالنبياء ول بالبعث والمعاد‪ ،‬ومنهم من كان مسسن النصسسارى ويعلسسن‬
‫بذلك جهسارا ً َويَتزّيسا بزّيهسم‪ ،‬ولسم يسدع صسحبتهم‪ ،‬ومنهسم مسن أعلسن جعفسر‬
‫الصادق كذبهم ونص على ذلك باعتراف كتب الشيعة وقسسال‪" :‬يسسروون عنسسا‬
‫الكاذيب ويفترون علينا أهل البيت" ]انظر‪ :‬التحفة ص ‪ .[.97‬إلى غير ذلك من‬
‫أحوال رجالهم‪ ،‬وأنواع ضسسللهم‪ .‬وقسسد ذكسسرت هسسذه المصسسنفات جملسسة مسسن‬
‫أسماء هؤلء الرجال الذين ذهبوا لهذه المذاهب الملحدة ]ولعل بعسض أقسسام‬
‫"السنة" في الجامعات السلمية تقوم بدراسة متأنية وشاملة لحوال هؤلء الرجسسال السسذين‬
‫قام على رواياتهم مذهب الثني عشرية لكشف حالهم‪ ...‬وبيان الحقيقة‪.[..‬‬
‫ولقد لخص شيخ الطائفة‪ ،‬وصاحب كتابين ]وهما‪ :‬التهذيب والستبصسسار‪ [.‬مسسن‬
‫كتبهم الربعة في الحسسديث‪ ،‬وصسساحب كتسسابين أو ثلثسسة مسسن كتبهسسم الربعسسة‬
‫المعتمدة في الرجال ]وهي‪ :‬الفهرست للطوسي‪ ،‬ورجال الطوسي‪ ،‬والكتسساب الثسسالث‬
‫وهو رجال الكشي‪ ،‬والذي قام بتهذيبه الطوسي‪ ،‬وقسسد فقسسد الصسسل اليسسوم عنسسد الشسسيعة فل‬

‫‪220‬‬
‫يوجد إل تهذيب الطوسسسي‪ ،‬بالضسسافة إلسسى كتسساب الرجسسال للنجاشسسي‪ [.‬لخص الطوسي‬
‫م أجسسراه اللسسه سسسبحانه علسسى لسسسانه‪ ،‬يقسسول‬ ‫أحسسوال رجسسالهم بسساعتراف مهس ّ‬
‫الطوسي‪" :‬إن كثيرا ً من مصسسنفي أصسسحابنا ينتحلسسون المسسذاهب الفاسسسدة ‪-‬‬
‫ومع هذا يقول‪ :‬إن كتبهسسم معتمسسدة ‪] "-‬الفهرسسست‪ :‬ص ‪ [.25-24‬فكسسأن المهسسم‬
‫عندهم تشيع الرجل ول يضر بعد ذلك انتحساله لي مسذهب فاسسد‪ .‬ولكنهسم‬
‫يردون روايات الزيدية‪ .‬كما ردوا روايات زيد بن علي وهو من أهسسل السسبيت‬
‫كما فعل الطوسي في الستبصار ]انظر‪ :‬الستبصار‪ [.66-1/65 :‬مع أن الزيدية‬
‫شيعة‪.‬‬
‫إذن المقصود عندهم هو المام أو الغالي‪ ،‬ولهذا ارتضوا أمسسر الجاروديسسة‬
‫مع أنها من غلة الزيدية‪ ،‬ولكن ارتضوا مذهبها لنهسسا تكفسسر معظسسم صسسحابة‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم وتسرد مرويساتهم فتشساركهم فسسي عمسسوم‬
‫مذهبهم ]كما قرر ذلك شيخهم المفيد في أوائل المقالت‪ ،‬وقد مضسسى ذكسسر كلمسسه ص‪) :‬‬
‫‪ .[.(41‬ثم بعسسد ذلسسك ل يضسسر أن يكونسسوا مسسن أصسسحاب المسسذاهب الفاسسسدة‪،‬‬
‫والنحل الزائفة‪.‬‬
‫بل قرر جملة من علماء الرجال عندهم كابن الغضائري‪ ،‬وابسسن المطهسسر‬
‫الحلي بأن القدح في دين الرجل ل يؤثر في صحة حسسديثه ]رجسسال الحلسسى‪ :‬ص‬
‫‪ - [.137‬كما مر ‪.-‬‬
‫ولكن هناك جملة من رجسالهم ورواة مسذهبهم هسم مسن الغلة كمسا نسص‬
‫على ذلك شيوخ المذهب القدامى‪ ،‬فلم يكونوا يأخسسذون بروايسساتهم‪ ،‬ولكسسن‬
‫هذا القدح في هؤلء الرجال لم يرتضه الشسسيعة المتسسأخرون بحجسسة غريبسسة‪،‬‬
‫وهي أن المذهب يتطور ويتغير فأصسسبح مسسا يعتسسبر عنسسد القسسدامى غلسسوا ً هسسو‬
‫اليوم من ضرورات المذهب الشيعي‪ ،‬فصارت مقاييسهم في نقسسد مسسذهب‬
‫الرجل تتغير من عصر لعصر تبعا ً لتغير المذهب وتطوره‪ .‬قال الممقسساني ‪-‬‬
‫أكبر شيوخهم في علم الرجال في هذا العصر ‪" :-‬إن القدماء ‪ -‬يعنسسي مسسن‬
‫الشيعة ‪ -‬كانوا يعدون ما نعده اليوم من ضسسروريات مسسذهب الشسسيعة غلسسوا ً‬
‫وارتفاعًا‪ ،‬وكانوا يرمون بذلك أوثق الرجال كما ل يخفسسى علسسى مسسن أحسساط‬
‫خبرا ً بكلماتهم" ]تنقيح المقال‪ ،3/23 :‬وراجع ما ذكره محب السسدين الخطيسسب فسسي ذلسسك‬
‫في حاشية المنتقى‪ :‬ص ‪.[.193‬‬
‫وأمر آخر أخطر من هسسذا‪ ،‬لقسسد جسساءت روايسسات بأسسسانيد ثابتسسة وصسسحيحة‬
‫لديهم تذم وتعلن مجموعة من الكذابين السسذين قسسام السسدين الشسسيعي علسسى‬
‫رواياتهم‪ ،‬تذمهم بأعيانهم‪ ..‬فلسسم يقبسسل شسسيوخ الشسسيعة السسذم السسوارد فيهسسم‬
‫)لنهم لو قبلوا ذلك لصبحوا من أهل السسنة وتخلسوا عسن شسذوذهم( وقسد‬
‫فزعوا إلى التقية لمواجهة هسسذا السسذم‪ ،‬وهسسذا ليسسس لسسه تفسسسير إل رد قسسول‬
‫المام من وجسسه خفسسي‪ ،‬وإذا كسسان منكسسر نسسص المسسام كسسافرا ً فسسي المسسذهب‬
‫الشيعي فهم خرجوا بهذا عن الدين رأسًا‪.‬‬
‫وقد اعترف محمد رضا المظفر ‪ -‬وهو من شيوخهم وآياتهم المعاصرين‬
‫ل رواتهم قد ورد فيهم الذم من الئمة ونقلسست ذلسسك كتسسب‬ ‫‪ -‬اعترف بأن ج ّ‬
‫الشيعة نفسها‪ ،‬قال وهو يتحدث عما جاء في هشام بن سسسالم الجسسواليقي‬
‫من ذم قال‪" :‬وجاءت فيه مطاعن‪ ،‬كما جاءت في غيره مسسن أجلسسة أنصسسار‬
‫‪221‬‬
‫]محمسسد الحسسسين‬ ‫أهل البيت وأصحابهم الثقات والجواب عنها عامة مفهسسوم"‬
‫المظفر‪ /‬المام الصادق‪ :‬ص ‪) [.178‬أي العلة المعروفسسة السسسائرة عنسسدهم وهسسي‬
‫التقية( ثم قال‪" :‬وكيف يصح في أمثال هسسؤلء العسساظم قسسدح؟ وهسسل قسسام‬
‫دين الحق وظهر أمر أهل البيت إل بصوارم حججهم" ]محمد الحسين المظفر‪/‬‬
‫المام الصادق‪ :‬ص ‪.[.178‬‬
‫لحظ كيف يصنع التعصب بأهله‪ ..‬فهم يسسدافعون عسسن هسسؤلء السسذين جسساء‬
‫ذمهم عن أئمة أهل السسبيت‪ ،‬ويسسردون النصسسوص المرويسسة عسسن علمسساء أهسسل‬
‫البيت في الطعن فيهم والتحذير منهم‪ ،‬والتي تنقلها كتب الشيعة نفسسسها‪..‬‬
‫فكأنهم بهذا يكذبون أهل البيت‪ ..‬بل ويصدقون مسا يقسوله هسؤلء الفساكون‬
‫حيث زعموا أن ذم الئمة لهم جاء على سبيل التقية‪ ..‬فهم ل يتبعون أهسسل‬
‫البيت في أقوالهم السستي تتفسسق مسسع نقسسل المسسة‪ ،‬بسل يقتفسون أثسسر أعسسدائهم‬
‫ويأخذون بأقوالهم‪ ،‬ويفزعون إلى التقية في رد أقوال الئمة‪.‬‬
‫وهناك مجموعة من رجالهم تميزوا بالكثار من الرواية في كتبهم‪ ،‬وهسسم‬
‫يحظون بتوثيق شيوخهم على الرغم من أنهم قد لعنوا أو كفسسروا أو كسسذبوا‬
‫على ألسنة الئمة وباعتراف كتب الشيعة نفسها‪.‬‬
‫وفي ظني أن جمع ما ورد في هؤلء الرجال الذين شاعت رواياتهم في‬
‫كتب الثني عشرية‪ ..‬جمع ما ورد فيهم من ذك في كتب الشسسيعة ومسسا قسسد‬
‫يوجد من ذلك في كتب السنة يسهم فسسي إيضسساح الرؤيسسة وكشسسف الكسسذب‬
‫على أهل البيت‪ ،‬ويسقط الكثير من تلك الروايسسات السسسوداء السستي أخسسذت‬
‫بالشيعة بعيدا ً عن جماعة المسلمين‪ ،‬ويكشف المسسر أمسسام عسسوام الشسسيعة‬
‫وجهالهم الذين ل يعرفون عن مذهبهم إل أنه مأخوذ عن أهل السسبيت‪ ،‬كمسسا‬
‫خدعهم بذلك شيوخهم‪ ،‬وما علموا أن تلك الروايات جاءت بواسطة حثالسسة‬
‫من الكذابين الذين تبرأ الئمة منهن وكسسذبوهم‪ .‬فسسالعوام فسسي الغسسالب فسسي‬
‫غفلة من مذهبهم وما يراد بهم‪.‬‬
‫ويسسأتي علسسى رأس هسسؤلء السسذين تميسسزوا بكسسثرة الروايسسة عنسسدهم جسسابر‬
‫الجعفي‪ ،‬قال الحر العاملي‪" :‬روى سبعين ألف حديث عسسن البسساقر ‪ -‬عليسسه‬
‫السلم ‪ -‬وروى مائة وأربعين ألف حسسديث‪ ،‬والظسساهر أنسسه مسسا روي بطريسسق‬
‫المشافهة عن الئمة عليهم السلم أكسسثر ممسسا روى جسسابر" ]وسسسائل الشسسيعة‪:‬‬
‫‪.[.20/151‬‬
‫إذا ً فجابر يأخذ المرتبة الولى في الرواية من ناحيسسة العسسدد‪ ،‬وإذا لحظنسسا‬
‫أن مجموع أحاديث كتبهم الربعة لم تبلغ سسسوى )‪] (44244‬أعيسسان الشسسيعة‪:‬‬
‫‪ ،[.1/280‬أدركنا ضخامة ما رواه جابر الجعفي‪ ،‬وأن روايسساته تأخسسذ النصسسيب‬
‫الكبر في المدونات الشيعية‪ ،‬فهو أحد أركان دينهم‪.‬‬
‫ولكن جاء في رجال الكشي ‪ -‬أصل كتسسب الرجسسال عنسسدهم ‪ -‬عسسن زرارة‬
‫بن أعين قال‪" :‬سألت أبا عبد اللسسه ‪ -‬عليسسه السسسلم ‪ -‬عسسن أحسساديث جسسابر؟‬
‫ي قسسط" ]رجسسال‬ ‫فقال ما رأيته عن أبي قط إل مسسرة واحسسدة‪ ،‬ومسسا دخسسل علس ّ‬
‫الكشي‪ :‬ص ‪ ،191‬وقسسد مضسسى الستشسسهاد بسسه‪ .[.‬فالمام الصادق هنسسا يكسسذب ممسسا‬
‫يزعمه جابر من روايته عنه وعن أبيه‪ ..‬فكيف إذا ً يروي هذا العدد الضسسخم‬

‫‪222‬‬
‫من الحاديث عمن لم يلتق به‪ ،‬أو لم يلتق به إل مرة واحدة مع أنه صسسرح‬
‫بالسماع والتحديث؟!‬
‫ولم يجد شيخهم الخوئي مخرجا ً من هذه الرواية السستي تكسسذب جسسابرا ً إل‬
‫أن يفزع إلى التقية فيقول بأنه‪" :‬لبسد مسن حملسه إلسى نحسو مسن التوريسة"‬
‫]معجم رجال الحديث‪ .[.5/25 :‬لنه يرى أنه مسسن ثقسساتهم‪ ،‬حيسسث يقسسول‪" :‬السسذي‬
‫ينبغي أن يقال‪ :‬إن الرجل لبد من عده مسسن الثقسسات الجلء" ]معجسسم رجسسال‬
‫الحديث‪.[.4/25 :‬‬
‫واستشهد لذلك بتوثيق بعض شيوخهم له كابن قولويه وعلي بن إبراهيم‬
‫والمفيد‪ ،‬ثم قال‪ :‬ويقول الصادق في صحيحة زيساد إنسه كسان يصسدق علينسا‬
‫]المصدر السابق‪ .[.4/25 :‬وقد جسساء فسسي جسسامع السسرواة الشسسارة إلسسى أن هسسذه‬
‫الرواية التي يصفها الخوئي بالصحيحة قد رويسست عنسسدهم بطريسسق مجهسسول‬
‫]الردبيلي‪ /‬جامع السسرواة‪ ،[.1/144 :‬وما أدري لم يسسؤول الروايسسة الخسسرى ويأخسسذ‬
‫بهذه الرواية بل دليل؟‬
‫كما أن المفيد الذي يعتبره الخوئي ممن وثقه كان ينشد أشسسعارا ً كسسثيرة‬
‫عنه يستدل بها على اختلطه كما أشار إلى ذلك النجاشي ]النجاشي‪ /‬الرجال‬
‫ص ‪.[.100‬‬
‫كما أن النجاشي قال عنه‪" :‬وكان في نفسه مختلط ً‬
‫ا" ]النجاشسسي‪ /‬الرجسسال‪:‬‬
‫ص ‪ .[.100‬وقال هاشم معروف‪" :‬إن جابر الجعفي من المتهمين عند أكسسثر‬
‫المؤلفين في الرجسال" ]الموضسسوعات فسسي الثسسار والخبسسار‪ :‬ص ‪ [.334‬وقسال وهسو‬
‫يحكم على بعض رواياتهم‪" :‬في سند هذه الروايسسة صسسباح المزنسسي‪ ،‬وجسسابر‬
‫الجعفي وهما ضعيفان‪ ،‬وقد ورد في جابر قدح ومدح والكثر على أنه كان‬
‫مخلطا" ]المصدر السابق‪ :‬ص ‪.[.184‬‬
‫ه( وهسسو خسسبير رجسسالهم وصسساحب أحسسد كتبهسسم‬ ‫كما أن النجاشسسي )ت ‪‍ 450‬‬
‫ل ما يورد عنه شيء في الحلل والحسسرام"‬ ‫الربعة في الرجال ذكر أنه‪" :‬ق ّ‬
‫]النجاشي‪ /‬الرجال‪ :‬ص ‪ ،[.100‬ولكن الخوئي يقول‪" :‬فسسإن الروايسسات عنسسه فسسي‬
‫الكتسسب الربعسسة كسسثيرة فسسي الحلل والحسسرام ]الخسسوئي‪ /‬معجسسم رجسسال الحسسديث‪:‬‬
‫‪ ..[.4/26‬فهذا قد يشير إلى شيء آخر وهو أن الرجل بالضسسافة إلسسى كسسذبه‬
‫في نفسه‪ ،‬قد كثر الذين يكذبون عليه‪ ،‬وهسذا مسا صسسرح بسه النجاشسسي فسسي‬
‫رجاله حينما قال‪" :‬روى عنه جماعة غمز فيهم وضسسعفوا منهسسم عمسسرو بسسن‬
‫شمر‪ ،‬ومفضل بن صالح‪] "..‬النجاشي‪ /‬الرجال‪ :‬ص ‪.[.100‬‬
‫وقال هاشم معروف في ترجمة عمر بن شمر‪" :‬ضسسعفه المؤلفسسون فسسي‬
‫الرجال ونسبوا إليه أنه دس أحاديث في كتب جابر الجعفي" ]دراسسسات فسسي‬
‫الحديث‪ :‬ص ‪ ،[.195‬و"أنه كان يضع الحاديث في كتب جابر الجعفي وينسبها‬
‫إليه" ]هاشم معسسروف‪ /‬الموضسسوعات والثسسار‪ :‬ص ‪ .[.234‬فهذا جانب آخسسر يكشسسف‬
‫كذب هذه الروايات الكثيرة المنتشرة في كتبهم عن جابر‪.‬‬
‫كما جاء في رواياتهم مما يثبت أن جابرا ً أحد المجانين‪ ،‬وإن زعمسسوا أنسسه‬
‫افتعل ذلك خشية بطش الخليفة ]انظر ذلك في رجال الكشسسي‪ :‬ص ‪..[.195-194‬‬
‫كما صورته رواياتهم بأنه واحد مسسن أمهسسر السسسحرة والمشسسعوذين وإن لسسم‬
‫تسمه بذلك ]انظر مخاريقه التي ينقلونها عنه في ذلك في رجال الكشي‪ :‬ص ‪.[.197‬‬
‫‪223‬‬
‫وإذا لحظنا أن جابرا ً قد شاركت رواياته في كثير من أركسان الكفسر فسي‬
‫المذهب الشيعي فهو الذي روى في الكافي أنه لم يجمسسع القسسرآن كلسسه إل‬
‫الئمة‪ ..‬إلخ‪ ،‬وهو أول من وضع التأويل الباطني في كتاب ‪ -‬كمسسا سسسلف ‪.-‬‬
‫وجاء في رواياتهم ما يشير إلى وجوب كتمان تلك التأويلت إلى غير ذلسسك‬
‫مما أسهم به في تشييد الكفسسر والضسسلل‪ ،‬كمسسا أن روايسساته هسسي مسسن أكسسبر‬
‫الدلسسة علسسى كسسذبه وبهتسسانه‪ ،‬وقسسد شسسهد علمسساء السسسنة بسسأنه أحسسد الكسسذابين‬
‫المفترين‪.‬‬
‫قال المام أبو حنيفة‪" :‬ما رأيت أحدا ً أكذب مسسن جسسابر الجعفسسي"‪ .‬وقسسال‬
‫ابن حبان‪" :‬كان سبئيا ً من أصحاب عبد اللسسه ابسسن سسسبأ‪ ،‬وكسسان يقسسول‪" :‬إن‬
‫عليا ً عليسسه السسسلم يرجسسع إلسسى السسدنيا"‪ .‬وقسسال جريسسر بسسن عبسسد الحميسسد‪" :‬ل‬
‫أستحل أن أحدث عن جابر الجعفي"‪ ،‬وقال‪" :‬هو كسسذاب يسسؤمن بالرجعسسة"‪.‬‬
‫وقال زائدة‪ :‬رافضي يشتم أصحاب رسسسول اللسسه صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم‬
‫]انظر‪ :‬العقيلي‪ /‬الضعفاء الكبير‪ ،1/196 :‬ابن حبان‪ /‬المجروحين‪ ،1/208 :‬ميزان العتدال‪:‬‬
‫‪.[.1/379‬‬
‫ه(‪ ،‬وثقسسه شسسيوخهم‬ ‫ومثسسل جسسابر الجعفسسي‪ ،‬زرارة بسسن أعيسسن )ت ‪‍ 150‬‬
‫كالطوسسسي ]الفهرسسست‪ :‬ص ‪ ،104‬رجسسال الطوسسسي‪ :‬ص ‪،201‬سس ‪ ،[.350‬والنجاشسسي‬
‫]رجال النجاشي‪ :‬ص ‪،132‬سس ‪ ،[.133‬وابن المطهر ]رجال الحلي‪ :‬ص ‪ ،[.76‬وغيرهسسم‬
‫]انظسسر‪ :‬الحسسر العسساملي‪ /‬وسسسائل الشسسيعة‪ ،20/196 :‬الردبيلسسي‪ /‬جسسامع السسرواة‪.[.1/324 :‬‬
‫واعتبروه أحد الرجال الستة ‪ -‬من أصحاب أبسسي جعفسسر‪ ،‬وأبسسي عبسسد اللسسه ‪-‬‬
‫الذين أجعمعت ]لحظ استدللهم بمبدأ الجماع وهم ل يقولون به كما سيأتي في فصل‬
‫الجمسساع‪ [.‬العصابة على تصسسديقهم ]انظسسر‪ :‬معجسسم رجسسال الحسسديث‪ ،[.7/219 :‬ولسسه‬
‫روايات كثيرة في كتب الشيعة‪ ،‬كما أن له إخوة وأبنسساء شسساركوا فسسي ذلسسك‬
‫]انظسسر‪ :‬الفهرسسست للطوسسسي‪ :‬ص ‪ [.104‬ولهذا قسسال الطوسسسي‪" :‬ولهسسم روايسسات‬
‫كثيرة وأصول وتصانيف" ]انظر‪ :‬الفهرست للطوسي‪ :‬ص ‪.[.104‬‬
‫وذكر الخوئي مجموع روايسساته فسسي كتبهسسم الربعسسة فقسسال‪" :‬وقسسع بعنسسوان‬
‫زرارة في إسناد كثير من الروايات تبلغ ألفين وأربعة وتسعين موردًا‪ ،‬فقد‬
‫روى عن أبي جعفر ‪ -‬عليه السلم ‪ ،-‬ورواياته عنه تبلغ ألفا ً ومائتين وسسستة‬
‫وثلثين موردًا‪ ،‬وروى عسسن أبسسي جعفسسر وأبسسي عبسسد اللسسه ‪ -‬عليهمسسا لسسسلم ‪-‬‬
‫ورواياته عنهما بهذا العنوان تبلغ اثنين وثمانين موردًا‪ ،‬وروى عن أبسسي عبسسد‬
‫الله ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬ورواياته عنه بهذا العنوان‪ ،‬وقد يعسسبر عنسسه بالصسسادق ‪-‬‬
‫عليه السلم ‪ -‬تبلغ أربعمسسائة وتسسسعة وأربعيسسن مسسوردًا‪ ،‬وروى عسسن أحسسدهما‬
‫عليهما السلم ورواياته عنهما بهذا العنوان تبلسسغ سسستة وخمسسسين مسوردًا‪"..‬‬
‫]الخوئي‪ /‬معجم رجال الحديث‪.[.7/247 :‬‬
‫هذا مسسا يقولسسون‪ ،‬ولكسسن يقسسول سسسفيان الثسسوري بسسأن زارة‪" :‬مسسا رأى أبسسا‬
‫جعفر" ]انظر‪ :‬لسان الميزان‪ .[.2/474 :‬ويقول سفيان بن عيينسسة ‪ -‬حينمسسا قيسسل‬
‫له‪ :‬روى زرارة بن أعين عن أبي جعفر كتابا ً ‪" : -‬ما هو مسسا رأى أبسسا جعفسسر‬
‫ولكنه كان يتتبع حديثه" ]انظر‪ :‬لسان الميزان‪.[.2/474 :‬‬
‫وقد جاء في ميزان العتدال أن زرارة نسب لجعفر الصسسادق علسسم أهسسل‬
‫الجنة وأهل النار‪ ،‬وقال لبن السماك‪ :‬إذا لقيته فاسسأله هسل أنسا مسن أهسل‬
‫‪224‬‬
‫النار أم من أهل الجنة؟ ولما بلغ ذلسسك جعفسسرا ً قسسال‪ :‬أخسسبره أنسسه مسسن أهسسل‬
‫النار‪ ،‬فمن ادعى علي علم هذا فهو من أهلها ]انظر ميزان العتدال‪،70-2/69 :‬‬
‫لسان الميزان‪ ،[.474-2/473 :‬غير أن بعض آياتهم وشيوخهم فسي هسذا العصسر‬
‫يقول‪" :‬لم نجد أثرا ً مما نسبوه إلى كل من زرارة بسسن أعيسسن‪ ،‬ومحمسسد بسسن‬
‫مسلم‪ ،‬ومؤمن الطارق وأمثالهم‪ ،‬مسسع أنسسا قسسد اسسستفرغنا الوسسسع والطاقسسة‬
‫بالبحث عسسن ذلسسك ومسسا هسسو إل البغسسي والعسسدوان" ]الموسسسوي‪ /‬المراجعسسات‪ :‬ص‬
‫‪.[.313‬‬
‫فكأنه يشير إلى أنه ل أصل لما يذكر عن زرارة مسسن ذم‪ ،‬وأن ذلسسك مسسن‬
‫عدوان الخصوم‪ ،‬وأنه بحث عن ذلك فسسي مصسسادره واسسستفرغ الوسسسع فسسي‬
‫التقصي فلم يجد له أي أثر‪ ..‬فهل هذا حق؟ لبد مسسن الرجسسوع لمصسسادرهم‬
‫المعتمدة في الرجال لجل التثبت مسسن صسسحة هسسذه السسدعوى‪ ،‬لسسسيما وأن‬
‫عقيدة التقية هي شبهة تمنع الباحث من التصديق‪ ،‬وأولسسى مسسا يرجسسع إليسسه‬
‫في هذا الشأن كتب الرجال المعتمدة عندهم‪ ..‬ففي الفهرست للطوسسسي‬
‫يتبين أن زرارة من أسرة نصرانية‪ ،‬إذ إن جسده "سنسسن" كسان راهبسا ً فسي‬
‫بلد السسروم‪ ،‬وكسسان أبسسوه عبسسدا ً رومي سا ً لرجسسل مسسن بنسسي شسسبيان" ]الطوسسسي‪/‬‬
‫الفهرست‪ :‬ص ‪ ،104‬ابن النديم‪ /‬الفهرست ص ‪ ،220‬والذي جاء في فهرست ابسسن النسسديم‬
‫أنه اسم جده سنبس ل سنسن كما في فهرست الطوسي‪.[.‬‬
‫ويبدو تأثير زرارة في مذهب الشيعة أشبه بتأثير ابن سبأ‪ ،‬بسسل قسسال أبسسو‬
‫عبد الله‪" :‬ما أحدث أحد في السلم ما أحدث زرارة من البدع عليه لعنسسة‬
‫الله" ]رجال الكشي‪ :‬ص ‪ .[.149‬وقال‪ .." :‬زرارة شر مسسن اليهسسود والنصسسارى‪،‬‬
‫ن مع الله ثالث ثلثة" ]رجال الكشي‪ :‬ص ‪.[.160‬‬ ‫ومن قال‪ :‬إ ّ‬
‫ونقل الكشي أن أبا عبد اللسسه لعنسسه ثلث سا ً ]السسسابق‪ :‬ص ‪ ،[.150-149‬وقسسال‪:‬‬
‫"إن الله نكس قلب زرارة‪] "..‬السابق‪ :‬ص ‪ .[.160‬وذكر روايسسات أخسسرى فسسي‬
‫ذمه‪.‬‬
‫ولذلك كان زرارة ‪ -‬كما ينقسسل الكشسسي ‪ -‬يقسول‪" :‬وأمسسا جعفسسر فسسإن فسسي‬
‫قلبي عليه لفتة " وعلل لذلك راوي الخبر عن زرارة بقسوله‪" :‬لن أبسا عبسسد‬
‫الله أخرج مخازيه" ]السابق‪ :‬ص ‪ [.145-144‬وقد بلغ تطاول زرارة على أبسسي‬
‫عبد الله ‪ -‬كما في رجسسال الكشسسي‪ -‬أن كسسذبه فسسي قسسوله ]انظسسر‪ :‬السسسابق‪ :‬ص‬
‫‪ [.158‬وأساء في القول له ]حتى قال‪ :‬سألت أبا عبد الله عن التشهد ‪ -‬إلى أن قال ‪-‬‬
‫فلما خرجت ضرطت في لحيته وقلسست ل يفلسسح أبسسدًا‪ .‬السسسابق‪ :‬ص ‪ ،[.159‬وكان يتعمد‬
‫الكذب‪ ،‬ويصر على نسبته إليه‪ ،‬ففي رجال الكشي "‪ ..‬عن محمد بن أبسسي‬
‫عمير‪ ،‬قال‪ :‬دخلت على أبي عبد الله ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬فقال‪ :‬كيسسف تركسست‬
‫زرارة؟ قلت‪ :‬تركته ل يصسلى العصسسر حسستى تغيسسب الشسمس فقسسال‪ :‬فسسأنت‬
‫رسولي إليه فقل له‪ :‬فليصل في مواقيت أصحابي فإني قد حرقت‪ .‬قسسال‪:‬‬
‫فأبلغته ذلك فقال )يعني زرارة(‪ :‬أنا والله أعلم أنك لم تكذب عليه‪ ،‬ولكسسن‬
‫أمرني بشيء فأكره أن أدعه" ]رجسسال الكشسسي‪ :‬ص ‪ ،143‬الحسسر العسساملي‪ /‬وسسسائل‬
‫الشيعة‪ ،3/113 :‬الخوئي‪ /‬معجم رجال الحديث‪.[.7/222 :‬‬
‫فهو يزعم أن جعفر الصادق هو الذي أمره إل يصلي العصر حتى تغيب‬
‫الشمس!! وجعفر بريء من هذا الفتراء‪.‬‬
‫‪225‬‬
‫فهذا هو زرارة كما تصفه كتسسب الشسسيعة نفسسسها‪ ،‬ومسسع ذلسسك يقسسول كسسبير‬
‫شيوخهم في هذا العصر بأنه قد استفرغ الوسع والطاقة في البحسسث فلسسم‬
‫يجد شيئا ً في ذمه‪ ،‬فهسسل يخفسسى عليسسه ذلسسك أم أن فسسي التقيسسة متسسسعا ً لن‬
‫يقول ما يشاء ول أحد ينكر عليه؟!‬
‫وكيف يذهب شيوخ الشيعة إلسسى توثيسسق زرارة مسسع هسسذا التجريسسح‪ ،‬وهسسذا‬
‫التكفير واللعن الذي صدر عن "المعصوم" فسسي اعتقسسادهم‪ ..‬والسسذي يتفسسق‬
‫في روايته الكشي‪ ،‬وشسسيخ الطائفسسة الطوسسسي ]لن رجسسال الكشسسي مسسن تسسأليف‬
‫الكشي‪ ،‬وتهذيب واختيارات الطوسي‪ ،‬والمتداول هو اختيارات الطوسي‪ ،‬لن الصل مفقود‬
‫‪ -‬كما مر ‪[.-‬؟‬
‫يجيب على ذلك شيخهم الحر العاملي فيقول‪" :‬روي أحسساديث فسسي ذمسسه‬
‫)أي زرارة( ينبغي حملها على التقيسسة‪ ،‬بسسل يتعيسسن‪ ،‬وكسسذا مسسا ورد فسسي حسسق‬
‫أمثاله من أجلء الماميسسة" ]وسسسائل الشسسيعة‪ ،[.20/196 :‬ويحتجسسون لسسذلك بمسسا‬
‫يروونه عن محمد بن عبد الله بن زرارة وابنيه الحسن والحسين عن عبسسد‬
‫الله بن زرارة‪ ،‬قال‪ :‬قال لي أبو عبسسد اللسسه )جعفسسر الصسسادق(‪" :‬اقسسرأ علسسى‬
‫والدك السلم وقل له‪ :‬إنما أعيبك دفاعا ً منسسي عنسسك‪ ،‬فسسإن النسساس والعسسدو‬
‫يسارعون إلى كل من قربنسساه وحمسسدنا مكسسانه‪ ،‬لدخسسال الذى فيمسسن نحبسسه‬
‫ونقربه‪ ،‬فيذمونه لمحبتنا له وقربه ودنسسوه منسسا‪ ،‬ويسسرون إدخسسال الذى عليسسه‬
‫وقتله‪] "..‬رجسسال الكشسسي‪ :‬ص ‪ ،138‬وسسسائل الشسسيعة‪ ،20/196 :‬معجسسم رجسسال الحسسديث‪:‬‬
‫‪.[.7/245‬‬
‫يحتجون بهذا ول يلتفتون إلى أن رواية البن مجروحسسة‪ ،‬لنسسه يسسدافع عسسن‬
‫أبيه‪ ،‬ثم لو كان ذلك الذم تقية لم يصل إلى هذا الحد من اللعن والتكفيسسر‪،‬‬
‫ثم إن جعفرا ً كان في عصره محل الجلل والتكريم فكيف يهان من يحبسسه‬
‫ويقربه؟‪ ،‬وإذا كسانت التقيسة مسن جعفسسر للسدفاع عسن زرارة فلمسساذا يفستري‬
‫زرارة عليه بأنه أمره أل يصسسلي العصسسر إل بعسسد غسسروب الشسسمس ويكسسذبه‪،‬‬
‫ويسيء إليه‪ ،‬فهل في هذا تقية؟!‪ ،‬ولذلك حسساول شسسيخهم أن يتخلسسص مسسن‬
‫روايات ذم زرارة في كتبهسم بحمسل قسسم منهسا علسى التقيسة ]معجسسم رجسسال‬
‫الحديث‪ .[.7/245 :‬والتخلص من القسم الخر في الطعن في سنده‪.‬‬
‫وقد لحظت أن طعنه في بعض رجال تلك الروايسسات ل يسسستقيم مسسع مسسا‬
‫جاء عنه فسسي كتسسب الرجسسال عنسسدهم فهسسو ‪ -‬مثل ً ‪ -‬قسسد رد ّ روايسسات فسسي ذم‬
‫زرارة بحجة أن فيها جبرائيل بن أحمد هو ‪ -‬كما يقسسول – مجهسسول ]السسسابق‪:‬‬
‫‪ ،[.7/241‬في حين أنه ليس بمجهول عندهم‪ ،‬لنه كما يقول الردبيلي‪ :‬كان‬
‫مقيما ً بكش كثير الرواية عن العلماء بالعراق وقم وخراسان ]جسسامع السسرواة‪:‬‬
‫‪.[.1/146‬‬
‫ثم إنه قام بالطعن في روايات السذم فقسط وأهمسل النظسر فسي روايسات‬
‫المدح وهذا تحيز ظاهر‪.‬‬
‫ولكن شيوخهم يجرون هذا الحكم فسسي كسسل رجسسل ذمسه الئمسسة وارتضسسى‬
‫شيوخهم أخباره مثل أحمد بن محمد المروزي ]قال الحر العاملي‪ :‬روى الكشي‬
‫وغيره فيه مسدحا ً وذمسًا‪ ،‬ولعسسل وجسه السذم يسسأتي فسي زرارة )أي حمسل السذم علسسى التقيسة(‪.‬‬
‫)وسسائل الشسسيعة‪ ،20/127 :‬انظسر‪ :‬رجسسال الكشسسي‪ :‬ص ‪ ،562-559‬جسسامع السسرواة‪-1/48 :‬‬

‫‪226‬‬
‫‪ ،[.(49‬وإسماعيل بن جابر الجعفي ]قسسال الحسسر العسساملي‪" :‬وفيسسه ذم يسسسير ضسسعيف‬
‫السند والدللة‪ ،‬ويأتي وجهه في زرارة" )وسائل الشيعة‪ ،20/139 :‬وانظر رجسسال الكشسسي‪:‬‬
‫ص ‪ ،[.(199‬وبريد بن معاوية العجلي ]قال الحر العاملي‪" :‬وجه من وجسسوه أصسسحابنا‪،‬‬
‫ده الكشسسي مسسن أصسسحاب الجمسساع )أي ممسسن أجمعسست الشسسيعة علسسى تصسسحيح‬
‫ثقة فقيه‪ ،‬وع ّ‬
‫رواياتهم( وفيه بعض الذم يأتي الوجه فسسي مثلسسه فسسي زرارة"‪) .‬وسسسائل الشسسيعة‪-20/145 :‬‬
‫‪ ،146‬وانظر‪ :‬رجال النجاشي‪ :‬ص ‪ ،87‬رجال الحلسسي‪ :‬ص ‪ ،27-26‬جسسامع السسرواة‪-1/117 :‬‬
‫‪ ،119‬رجال الكشي‪ :‬ص ‪" 148‬وفيه قال أبو عبد الله‪ :‬لعن اللسسه بريسسدًا"(‪ ،[.‬وحريز بسسن‬
‫عبد الله السجستاني ]قال الحر العاملي‪" :‬كوفى ثقة‪ ،‬وفيسسه مسسدح‪ ،‬وفيسسه ذم محمسسول‬
‫على التقية لما يأتي في زرارة" )وسائل الشسسيعة‪ ،20/162 :‬وانظسسر‪ :‬رجسسال النجاشسسي‪ :‬ص‬
‫‪ ،111‬رجسسال الطوسسسي‪ :‬ص ‪ ،181‬رجسسال الحلسسي‪ :‬ص ‪ ،63‬جسسامع السسراواة ‪[.(187-1/182‬‬
‫وغيرهم‪.‬‬
‫ولشك بأن أمر التقية في مثل هذه الحسسالت ليسسس بمؤكسسد‪ ،‬فكسسان أقسسل‬
‫الحوال أن يتوقف في هؤلء‪ ،‬وإذا كان شيوخ الشيعة لسسم يقبلسسوا مسسا قيسسل‬
‫في رواتهم من قبل أهل السنة‪ ،‬لنهم خصوم ‪ -‬على حسسد زعمهسسم ‪ -‬فسسإنهم‬
‫أيضا ً لم يقبلوا ما ورد عن أئمتهم وادعو أنه صدر منهم مجاملسسة ومصسسانعة‬
‫لهل السنة‪ ..‬فضاعت الحقيقسسة حينئذ‪ ،‬وقسسام مسسذهب الشسسيعة علسسى أهسسواء‬
‫الشيوخ‪ ،‬والرواة الكذبة‪.‬‬
‫أقسام الحديث عند الشيعة‪:‬‬
‫ومع تأخر التأليف عندهم في علم الرجال‪ ،‬واشسستماله علسسى مسسا ل يغنسسي‬
‫في بيسسان الحسسال‪ ،‬فسسإن القسسارئ لكتسسب الشسسيعة المتسسأخرة‪ ،‬كمسسرآة العقسسول‬
‫للمجلسي‪ ،‬والمعاصرة مثل الشافي في شرح أصول الكسسافي‪ ،‬يجسسد أنهسسم‬
‫يذكرون أحيانا ً أن هذا الحديث صحيح وذاك ضعيف‪ ،‬وإن كسسانوا ل يلسستزمون‬
‫هذا في الكثير من مصنفاتهم‪ .‬وقد مّر أن هذا مسسسلك طائفسسة مسسن الثنسسي‬
‫عشرية وهم الصوليون‪.‬‬
‫والعهسسد بالشسسيعة أنهسسم ل بصسسر لهسسم بهسسذه المسسور ول معرفسسة لهسسم بهسسذا‬
‫الشأن‪ ،‬وقد شنع عليهم أهل السنة لجهلهم بذلك‪ ،‬فمتى بدأ هذا التقسسسيم‬
‫عند الشيعة وما سببه؟‬
‫لقد ظهر لي أثنسساء دراسسستي لعلسسم الجسسرح والتعسسديل عنسسدهم أن تقسسسيم‬
‫الحديث إلى صحيح‪ ،‬وحسن‪ ،‬وموثق‪ ،‬وضعيف ]الصحيح عندهم‪ :‬ما اتصسل سسنده‬
‫إلى المصوم بنقل المامي العدل عن مثله في جميع الطبقات‪.‬‬
‫والحسن‪ :‬ما اتصل سنده كذلك بإمامي ممدوح من غير نصل على عدالته مع تحقيسسق ذلسسك‬
‫في جميع مراتبه أو في بعضها مع كون الباقي من رجال الصحيح‪.‬‬
‫والموثوق‪ :‬ما دخل في طريقه من نص الصحاب على توثيقه مع فساد عقيدته‪.‬‬
‫والضعيف‪ :‬ما ل يجتمع فيه شروط أحد الثلثة المتقدمين بأن يشمل طريقسسه علسسى مجسسروح‬
‫أو مجهول الحال أو ما دون ذلك‪.‬‬
‫والمرسل‪ :‬ما رواه عن المعصوم من لم يدركه‪.‬‬
‫)زين الدين العاملي‪ /‬الدراية‪ :‬ص ‪ ،47 ،24 ،23 ،21 ،19‬وانظر‪ :‬الممقاني مقياس الهداية‬
‫ص‪ ،(35-33 :‬بهاء الدين العاملي‪ /‬الوجيزة‪ :‬ص ‪. 5‬‬
‫ويلحظ أن المعصوم ‪ -‬كما أشسسرنا مسسن قبسسل ‪ -‬ليسسس هسو الرسسسول صسسلى اللسه عليسسه وسسسلم‬
‫فحسب‪ ،‬بل أئمتهم لهم هذه الصفة التي يختص بها الرسسسل‪ ،‬كمسسا أنهسسم يشسسترطون إماميسسة‬
‫الراوي فسسي الحكسم بصسسحة الحديثسسة أو حسسسنه‪ ،‬ومسسا سسسوى المسسامي فل يقبسسل خسسبره بقسسول‬
‫علمتهم ابن المطهر الحلي‪" :‬ل تقبل رواية الكافر وإن علم من دينه التحرز عن الكذب"‪.‬‬

‫‪227‬‬
‫وكذلك "المخالف ل يقبل روايته أيضا ً لندراجه تحت اسم الفاسق" )ابسسن المطهسسر‪ /‬تهسسذيب‬
‫الموصول‪ :‬ص ‪ (78-77‬وهم يجرون حكم الكفر أو الفسق على سائر المسلمين مسسن غيسسر‬
‫طائفتهم‪ .‬قال الممقسساني‪ .." :‬والخبسسار فسسي فسسسقهم بسسل كفرهسسم ل تحصسسى كسسثرة" )تنقيسسح‬
‫المقال‪ (3/207 :‬وراجع مبحث المامة من هذه الرسالة ص )‪ (749‬وما بعدها‪.‬‬
‫ولكنهم متناقضون في تطسبيق هسذه الشسروط‪ ..‬وقسسد تعقبهسم فسسي ذلسك صساحب التحفسة‬
‫وغيره‪ ،‬كما كشف أمرهم إخسسوانهم مسسن الخبسساريين‪ [.‬قد جسساء متسأخرا ً جسسدا ً عنسسدهم‪.‬‬
‫ولعل هذه "القضية" تحتاج إلى شيء من التفصسسيل باعتبارهسسا فسسي نظسسري‬
‫جديدة لم أر من نبه عليها من قبل فأقول‪:‬‬
‫يلحظ أن بداية تقويم الشيعة للحديث وتقسيمه إلى صحيح وغيسسره‪ ،‬قسسد‬
‫كانت في القرن السابع )مع أن بداية دراسة أحوال الرجال عنسسدهم كسسانت‬
‫في القرن الرابع‪ -‬كما مر ‪ ،(-‬وجاءت متوافقة مع حملة شيخ السلم ابسسن‬
‫تيمية عليهم فسي منهساج السسنة حينمسا شسنع علسى الشسيعة قصسورهم فسي‬
‫معرفة علم الرجال‪ ،‬وقلة خبرتهم في ذلك‪ ،‬كما انبرى يكشف اسسستدللت‬
‫الشسسيعة مسسن كتسسب السسسنة ويسسبين جهلهسسم وكسسذبهم فسسي هسسذا البسساب حيسسث‬
‫يستدلون بالضعيف والموضوع‪ ،‬وينقلون من المصادر غير المعتمدة‪.‬‬
‫فهل الشيعة تنبهوا إلى ضعف هذا الجانب عندهم فاتجهوا إلسسى تمحيسسص‬
‫أحاديثهم‪ ،‬أو إنهم رأوا أن تقليدهم لهل السنة في هذا البسساب فيسسه مجسسال‬
‫للتخلص من إلزامات أهل السنة ونقدهم لما جسساء فسسي كتسسب الشسسيعة مسن‬
‫ي‪ :‬لقد جاء فسسي كتسسابكم الكسسافي مثل ً‬ ‫كفر وضلل‪ ،‬فما أن يقول لهم السن ّ‬
‫كذا وكذا من الكفر حتى يجد الشسسيعي الجسسواب حاضسسرا ً وميسسسورًا‪ ،‬حينمسسا‬
‫يحكم على الحديث الوضع وفي التقية متسع‪..‬؟‬
‫إن التوافق الزمني بين رد شيخ السسسلم ووضسسعهم لهسسذا الصسسطلح قسسد‬
‫ينسسبئ عسسن تسسأثيرهم بنقسسد شسسيخ السسسلم لهسسم‪ ،‬حيسسث اعسسترفوا بسسس"أن هسسذا‬
‫الصطلح )وهو من تقسيم الحديث عندهم إلى صسسحيح وموثسسق وضسسعيف(‬
‫مستحدث في زمن العلمة" ]وسائل الشيعة‪ ،20/102 :‬وانظر‪ :‬الكاشاني‪ /‬السسوافي‪/‬‬
‫المقدمة الثانية‪.[.‬‬
‫والعلمة إذا أطلق في كتب الشيعة يقصد به ابن المطهر الذي رد عليسسه‬
‫شيخ السلم‪ .‬بسل هنساك مسا يؤكسسد الموضسوع أكسسثر‪ ،‬وهسو أن ابسن المطهسر‬
‫الحلي هذا هو ‪ -‬كما يقول صاحب السسوافي‪" :‬أول مسسن اصسسطلح علسسى ذلسسك‬
‫وسلك هذا المسلك" ]الوافي‪ /‬المقدمة الثانية‪.[.1/11 :‬‬
‫إذن أل يدل هذا على أن لبن تيمية‪ ،‬ومنهاج السسسنة أثسرا فسي ذلسك‪ ،‬وإن‬
‫بدء ابن المطهر في وضع هسسذه المقسساييس لشسسيعته إنمسسا هسسو سسسبب النقسسد‬
‫الموجه له من ابن تيمية؟‬
‫وقد اعسسترف شسسيخهم "الحسسر العسساملي" بسسأن سسسبب وضسسع الشسسيعة لهسسذا‬
‫الصطلح واتجاههم للعناية بالسند هو النقد الموجه لهم مسسن أهسسل السسسنة‬
‫فقال‪" :‬والفائدة في ذكره )أي السند(‪ ...‬دفسسع تعييسسر )يعنسسي أهسسل السسسنة(‬
‫الشيعة بأن أحاديثهم غير معنعنة‪ ،‬بل منقولة من أصول قسسدمائهم" ]وسسسائل‬
‫الشيعة‪.[.20/100 :‬‬

‫‪228‬‬
‫وكأن هذا النص الخطير يفيد ‪ -‬أيضا ً ‪ -‬أن السسسناد عنسسدهم غيسسر موجسسود‪،‬‬
‫وأن رواياتهم كسسانت بل زمسسام ول خطسسام حسستى شسسنع النسساس عليهسسم بسسذلك‬
‫فاتجهوا حينئذ لذكر السناد‪ .‬فالسانيد التي نراها في رواياتهم هي صسسنعت‬
‫فيما بعد وركبت على نصوص أخذت من أصسسول قسسدمائهم‪ ،‬ووضسسعت هسسذه‬
‫السانيد لتوقي نقد أهل السنة‪ ،‬وقولهم بأن أسانيد الشسسيعة غيسسر معنعنسسة‪.‬‬
‫ول يستبعد أن يقوم من يتولى صناعة تلك السانيد بوضع أسسسماء رجسسال ل‬
‫مسمى لهم‪.‬‬
‫وقد لحظت في دراستي لكتاب سليم بن قيس ‪ -‬أول كتاب ظهر لهسسم ‪-‬‬
‫أنهسسم يضسسعون روايسسات أو كتبسا ً لشسسخاص ل وجسسود لهسسم‪ ،‬حسستى قسسال بعسسض‬
‫شيوخهم وهو يعترف بأن كتاب سليم بن قيس موضوع عليه‪" :‬والحسسق أن‬
‫هذا الكتاب موضوع لغسسرض صسسحيح نظيسسر كتسساب الحسسسنية‪ ،‬وطسسرائف بسسن‬
‫طاوس‪ ،‬والرحلة المدرسية" ]أبو الحسن الشسسعراني‪ /‬تعليقسسات علميسسة )علسسى شسسرح‬
‫الكافي للمازندراني(‪ .[.374-2/373 :‬وتبين لنا فيما سسسلف أن سسسليم بسسن قيسسس‬
‫قد يكون اسما ً ل مسمى له ]انظر‪ :‬ص )‪ (26‬من هذه الرسالة‪.[.‬‬
‫وقد رأيت صاحب الحور العين يقدم شهادة مهمة لحسسد علمسساء الشسسيعة‬
‫الزيدية في هذا الشأن حيث قال‪ :‬قال السيد أبو طالب ]أبو طالب يحيسسى بسسن‬
‫ه(‪.‬‬
‫الحسين بن هارون الحسني‪ ،‬وقد قال ذلك في كتسسابه الدعامسسة‪ ،‬وقسسد تسسوفي سسسنة )‪‍ 424‬‬
‫)انظر‪ :‬معجم المؤلفين‪" :[.(1932-13/192 :‬إن كثيرا ً من أسانيد الثني عشسسرية‬
‫مبنية على أسام ل مسمى لها من الرجال‪ ،‬قال‪ :‬وقد عرفت مسسن رواتهسسم‬
‫المكثرين من كان يستحل وضع السانيد للخبار المنقطعة إذا وقعت إليه‪.‬‬
‫وحكي عسسن بعضسسهم‪ :‬أنسسه كسسان يجمسسع روايسسات بزرجمهسسر‪ ،‬وينسسسبها للئمسسة‬
‫بأسانيد يضعها‪ ،‬فقيل له في ذلك‪ ،‬فقال‪ :‬ألحق الحكمة بأهلها" ]الحور العين‪:‬‬
‫ص ‪.[.153‬‬
‫وقد ذكروا أن من رجالهم حيدر بن محمد بسسن نعيسسم السسسمرقندي قسسالوا‬
‫بأنه‪" :‬روى جميع مصنفات الشيعة وأصولهم‪ ..‬وروى ألف كتاب مسسن كتسسب‬
‫الشيعة" ]وسائل الشسسيعة‪ ،[.20/185 :‬ولو كسان هسذا واقعسا ً لنتشسر ذكسره فسي‬
‫كتب الرجال والتاريخ ولكني لم أجد له أي ذكر أو إشارة‪.‬‬
‫ومما يؤيد هذا وأنه ل سند لهم في الحقيقة النص التالي الذي جسساء فسسي‬
‫أصح كتبهم‪ ،‬حيث قالوا‪" :‬إن مشايخنا رووا عن أبي جعفر وأبي عبد الله ‪-‬‬
‫عليهما السلم ‪ ،-‬وكانت التقية شديدة فكتموا كتبهم ولم ترو عنهسسم‪ ،‬فلمسسا‬
‫ماتوا صارت الكتب إلينا"‪ .‬ولما سألوا إمامهم عن ذلسسك قسسال‪" :‬حسسدثوا بهسسا‬
‫فإنها حق" ]أصول الكافي‪ ،‬كتسساب فضسسل العلسسم‪ ،‬بسساب روايسسة الكتسسب والحسسديث‪،[.1/53 :‬‬
‫فهذا اعتراف خطير بانقطاع أسانيدهم‪.‬‬
‫ومن يضمن لهم ول سيما في ظروف الخوف والتقية السستي تشسسير إليهسسا‬
‫هذه الرواية‪ ،‬من يضمن أن ل تكون هسذه الكتسب الستي صسارت إليهسم مسن‬
‫وضع زنديق ملحد أراد إضلل الشسسيعة وإبعسسادهم عسسن "حظيسسرة" الجماعسسة‬
‫بنسبة روايات تلك الكتب إلى بعض أهل البيت‪ ..‬وليس هسسذا ببعيسسد‪ ..‬وممسسا‬
‫يثبت ذلك كثرة النصوص عندهم والتي تتناول أقسسدس مسسا عنسسد المسسسلمين‬

‫‪229‬‬
‫وهو كتاب اللسسه سسسبحانه بسسالطعن ممسسا ل يوجسسد عنسسد طائفسسة مسسن طسسوائف‬
‫الضلل والكفر إل عند هذه الطائفة‪.‬‬
‫ويؤكد شيخهم الحر العاملي أن الصطلح الجديد )وهو تقسيم الحسسديث‬
‫عندهم إلى صحيح وغيره( والذي وضعه ابسسن المطهسسر هسسو محاولسسة لتقليسسد‬
‫أهسسل السسسنة حيسسث قسسال‪" :‬والصسسطلح الجديسسد موافسسق لعتقسساد العامسسة‬
‫واصطلحهم‪ ،‬بل هو مأخوذ من كتبهم كما هو ظاهر بالتتبع" ]وسائل الشسسيعة‪:‬‬
‫‪.[.20/100‬‬
‫وهذا يفيد تأخر الشيعة فسسي الهتمسسام بهسسذه القضسسية‪ ،‬وإن السسدافع لسسذلك‬
‫ليس هو الوصول إلى صحة الحديث بقدر ما هو تسسوقي نقسسد المسسذهب مسسن‬
‫قبل الخصوم والدفاع عنه‪ .‬ولذلك جاء علم الجرح والتعسسديل عنسسدهم مليئا ً‬
‫بالتناقضات والختلفات حتى قال شيخهم الفيض الكاشاني‪" :‬فسسي الجسسرح‬
‫والتعديل وشرايطهما اختلفات وتناقضسات واشستباهات ل تكساد ترتفسع بمسا‬
‫تطمئن إليه النفوس كما ل يخفى إلى الخسسبير بهسا" ]السسوافي‪ ،‬المقدمسسة الثانيسسة‪:‬‬
‫‪.[.12-1/11‬‬
‫وهذه العترافات الخطيرة من الكاشاني‪ ،‬والحر العسساملي لسسم تظهسسر إل‬
‫في ظل الخلف الذي دار ويدور بين الخباريين والصوليين‪ ..‬والذي ‪ -‬كمسسا‬
‫نلحظ ‪ -‬ارتفعت فيه التقية لسيما وأن في الشيعة ‪ -‬كما يقسسول الكسسافي ‪-‬‬
‫خصلتين‪" :‬النزق ]نزق نزقا ً من باب تعب‪ :‬خف وطساش )المصسباح المنيسر‪ :‬ص ‪[.(734‬‬
‫وقلة الكتمان" ]أصول الكافي‪ ،[.222-2/221 :‬فجاءت هذه القرارات لتكشف‬
‫أن "السناد" خصيصة من خصائص أهل السنة‪ ،‬وأن اتجسساه الشسسيعة لسسذلك‬
‫إنما هو مسسن بساب التقليسسد وصسسيانة المهسسذب مسن النقسسد‪ ..‬وكسسان وضسسع هسسذا‬
‫الصطلح على يد ابن المطهر الذي حظي بنقسسد قسسوي مسسن شسسيخ السسسلم‬
‫ابن تيمية مما يدل على أثر ذلك في الشيعة‪.‬‬
‫وقد صار هذا الصطلح مثل عقيدة التقيسسة يتسسسترون بسسه علسسى غلسسوهم‪،‬‬
‫فإذا وجه إليه نقده ادعوا أن في رواياتهم الصحيح وغيره‪ ،‬كما تلحظ هسسذه‬
‫الظاهرة في كتابات ثلة من شيوخهم المعاصرين‪.‬‬
‫ومنهج التصحيح والتضعيف الذي وضعه المتسسأخرون إن طبقسسوه لسسم يبسسق‬
‫لهم من حسسديثهم إل القليسسل‪ ،‬كمسسا كشسسف ذلسسك شسسيخهم يوسسسف البحرانسسي‬
‫ه( حيث قال‪" :‬والواجب إما الخذ بهذه الخبسسار‪ ،‬كمسسا هسسو‬ ‫المتوفى )‪‍ 1186‬‬
‫عليه متقدمو علمائنسسا البسسرار‪ ،‬أو تحصسسيل ديسسن غيسسر هسسذا السسدين‪ ،‬وشسسريعة‬
‫أخرى غير هذه الشريعة‪ ،‬لنقصانها وعدم تمامها‪ ،‬لعدم الدليل علسسى جملسسة‬
‫من أحكامها‪ ،‬ول أراهم يلتزمون شيئا ً من المريسسن‪ ،‬مسسع أنسسه ل ثسسالث لهمسسا‬
‫في البين‪ ،‬وهذا بحمد الله ظاهر لكل ناظر‪ ،‬غير متعسف ول مكابر" ]لؤلؤة‬
‫البحرين‪ :‬ص ‪.[.47‬‬
‫فهذا نص مهم يكشف أخبارهم في ضوء علم الجسسرح والتعسسديل الخسساص‬
‫بهم‪ ،‬وأنهم لو استخدموه بدقة لسقطت معظم رواياتهم‪ ..‬وليسسس لهسسم إل‬
‫الخسسذ بروايسساتهم بسسدون تفسستيش‪ ،‬كمسسا فعسسل قسسدماؤهم‪ ،‬وقبولهسسا بأكاذيبهسسا‬
‫وأساطيرها‪ ،‬أو البحسسث عسسن مسسذهب سسسوى مسسذهب الشسسيعة‪ ،‬لن مسسذهبهم‬
‫ناقص ل يفي بمتطلبات الحياة‪.‬‬
‫‪230‬‬
‫وإذا أخذنا هذا العتراف‪ ،‬ووضعناه مع إقرارهم الذي جساء فسي أخبسارهم‬
‫بأنهم كانوا ل يعرفون مناسك الحج والحلل والحرام حتى جسساء أبسسو جعفسسر‬
‫]أصول الكافي‪ ،2/20 :‬ومضى ذكر النسسص بحروفسسه ص )‪ ،[.(346‬وأنه فسسي عهسسد أبسسي‬
‫جعفر وابنه كثر الكسذابون علسى الئمسة ]انظسسر‪ :‬ص )‪ (362‬مسسن هسسذه الرسسسالة‪-[.‬‬
‫تكاملت الصورة في أن معظم رواياتهم مكذوبسسة‪ ،‬ولسسو طبسسق علسسم الجسسرح‬
‫والتعديل لنكشف أمرها بذلك وظلسسوا كمسسا كسسانوا مسسن قبسسل أبسسي جعفسسر ل‬
‫يعرفون الكثير من أمور دينهم إل عن طريق كتب المسلمين‪.‬‬
‫ولكن يبدو أنهم لم يلتزموا بتطبيق هذه الصول التي وضسسعوها‪ .‬فسستراهم‬
‫مثل ً يحكمسسون بصسسحة كتسساب نهسسج البلغسسة‪ ،‬حسستى قسسال أحسسد شسسيوخهم‬
‫المعاصرين‪" :‬إن الشيعة على كثرة فرقهم واختلفها متفقسسون متسسسالمون‬
‫على أن ما نهج البلغة هسسو مسسن كلم أميسسر المسسؤمنين ‪ -‬رضسسي اللسسه عنسسه ‪-‬‬
‫اعتمادا ً على رواية الشريف ودرايته ووثاقته"‪ ..‬حسستى كسساد أن يكسسون إنكسسار‬
‫نسسسبته إليسسه ‪ -‬رضسسي اللسسه عنسسه ‪ -‬عنسسدهم مسسن إنكسسار الضسسروريات وجحسسد‬
‫البديهيات اللهم إل شاذا ً منهم‪ ..‬وأن جميسع مسا فيسسه مسن الخطسب والكتسب‬
‫والوصايا والحكم والداب حاله كحال ما يروى عن النبي صسسلى اللسسه عليسسه‬
‫وسلم ]الهادي كاشف الغطا‪ /‬مدراك نهج البلغة‪ :‬ص ‪ [.191-190‬مع أن كتاب النهج‬
‫مطعون فسسي سسنده ومتنسه‪ ،‬فقسسد جمسسع بعسد أميسر المسسؤمنين بثلثسة قسسرون‬
‫ونصف بل سسسند‪ ،‬وقسسد نسسسبت الشسسيعة تسسأليف نهسسج البلغسسة إلسسى الشسسريف‬
‫الرضي ]محمد بن الحسين بن موسى الرضي أبو الحسسسن‪ ،‬قسسال السسذهبي‪ :‬رافضسسي جلسسد‪.‬‬
‫)ميزان العتدال‪ .[.(3/523 :‬وهو غير مقبول عند المحدثين لو أسسسند خصوص سا ً‬
‫فيما يوافق بدعته فيكف إذا لم يسند كما فعل في النهج؟‪ ،‬وأمسسا المتهسسم ‪-‬‬
‫عند المحدثين ‪ -‬بوضح النهج فهو أخوه علي ]علي بن الحسين العلسسوي الشسسريف‬
‫المرتضى المتكلم الرافضي المعتزلي‪ ..‬المتوفى سنة )‪436‬هسسس( )انظسسر‪ :‬ميسسزان العتسسدال‪:‬‬
‫‪.[.(3/124‬‬
‫قال شيخ السلم ابن تيمية‪" :‬وأهل العلم يعلمون أن أكسسثر خطسسب هسسذا‬
‫الكتاب مفتراه على علي‪ ،‬ولهذا ل يوجد غالبهسا فسي كتساب متقسدم ول لهسا‬
‫إسناد معروف" ]ابسسن تيميسسة‪ /‬منهسساج السسسنة‪ ،4/24 :‬المنتقسسى مسسن منهسساج العتسسدال ص‬
‫‪.[.430‬‬
‫كما أن علمات الوضع لنصوص الكتاب كثيرة ليس هذا موضسسع تفصسسليها‬
‫]انظر في نقد نهج البلغة‪ :‬ابن تيمية‪ /‬منهاج السنة‪ ،4/159 :‬المنتقى من منهسساج العتسسدال‪:‬‬
‫ص ‪ ،509-508‬الذهبي‪ /‬ميزان العتدال )ترجمسسة علسسي بسسن الحسسسين الشسسريف المرتضسسى‪:‬‬
‫‪ ،(3/124‬ابن حجر‪ /‬لسان الميزان‪ ،4/223 :‬مختصر التحفة الثني عشرية‪ :‬ص ‪ ،36‬محسسب‬
‫الدين الخطيب‪ /‬حاشية مختصر التحفة‪ :‬ص ‪ ، 58‬وحاشية المنتقى‪ :‬ص ‪ ،430‬أحمسسد أميسسن‪/‬‬
‫فجر السلم‪ :‬ص ‪ ،178‬أحمد زكي صفوت‪ /‬ترجمة علسسي بسسن أبسسي طسسالب‪ :‬ص ‪،162-125‬‬
‫الزعبي‪ /‬البينات في الرد على أباطيسسل المراجعسسات‪ :‬ص ‪ ،40-36‬مجلسسة المقتطسسف المجلسسد‬
‫‪ 42‬ج‪ ‍3‬ص ‪ 248‬عدد )‪ (25‬ربيسسع الول عسسام ‪1331‬هسسس‪ ،‬السسوادعي‪ /‬ريسساض الجنسسة‪ :‬ص ‪-162‬‬
‫‪.[.163‬‬
‫والغرض هنا أن الشيعة يشترطون فسسي الحكسسم بالصسسحة اتصسسال السسسند‬
‫فأين اتصال السند هنسسا؟ ومسسن قسسديم كسسان شسسيوخهم ل يعملسسون بمقسساييس‬
‫الصحة والضعف التي وضعوها بأنفسهم‪ .‬قال الحر العسساملي عسسن شسسيخهم‬

‫‪231‬‬
‫الطوسي إنه "يقول‪ :‬هذا ضعيف‪ ،‬لن روايه فلن ضسسعيف‪ ،‬ثسسم نسسراه يعلسسم‬
‫برواية ذلك الرواي بعينه‪ ،‬بل بروايسسة مسسن هسسو أضسسعف منسسه فسسي مواضسسع ل‬
‫تحصسسى‪ .‬وكسسثيرا ً مسسا يضسسعف الحسسديث بسسأنه مرسسسل ثسسم يسسستدل بالحسسديث‬
‫المرسل‪ ،‬بل كثيرا ً ما يعمل بالمراسسسيل وبروايسسة الضسسعفاء‪ ،‬ويسسرد المسسسند‬
‫ورواية الثقات" ]وسائل الشيعة‪.[.20/111 :‬‬
‫ه( يقسسرر بسسأن تطسسبيق‬ ‫وإذا كان شيخهم البحراني المتسسوفى سسسنة )‪‍ 1186‬‬
‫منهجهم في الجرح والتعديل )على ما فيسسه( يلغسسي الكسسثير مسسن أحسساديثهم ‪-‬‬
‫كما مر ‪ -‬فإن شيخهم الردبيلسسي ]محمسسد بسسن علسسي الردبيلسسي الغسسروي الحسسائري‪.[.‬‬
‫ه( يؤلف كتابه جامع الرواة ويدعي دعوى في غايسة‬ ‫والمتوفى سنة )‪‍ 1101‬‬
‫الغرابة‪ ،‬حيث زعم ‪ -‬وهو فسسي القسسرن الحسسادي عشسسر ‪ -‬أنسه بتسسأليفه لكتسسابه‬
‫المذكور تتغير أحكامه في اثني عشر ألف حديث عن الئمسسة فسسي العصسسور‬
‫الولى‪ ،‬تتغير من القول بضعفها أو إرسالها أو جهالتها إلى القول بصسسحتها‪،‬‬
‫حيث قال‪" :‬بسبب نسختي هذه يمكن أن يصير قريبا ً من اثني عشر ألسسف‬
‫حديث أو أكسثر مسن الخبسار الستي كسانت بحسسب المشسهور بيسن علمائنسا ‪-‬‬
‫رضوان الله عليهم ‪ -‬مجهولة أو ضعيفة أو مرسلة معلومة الحال وصحيحة‬
‫لعناية الله تعالى‪ ،‬وتوجه ‪ -‬كذا ‪ -‬سيدنا محمسسد وآلسسه الطسساهرين" ]الردبيلسسي‪/‬‬
‫مقدمة جامع الرواة‪.[.‬‬
‫ويستدل بهذا القول صسساحب فصسسل الخطسساب علسسى أنسسه ل مسسانع مسسن أن‬
‫تصبح أحاديث التحريف ضعيفة عند قدمائهم لعدم علمهسسم بطسسرق صسسحتها‬
‫فتتحول عندهم إلى صحيحة ]فصل الخطاب‪ :‬ص ‪.[.354‬‬
‫ونجد شسسيخهم المجلسسسي فسسي كتسسابه مسسرآه العقسسول يضسسعف جملسسة مسسن‬
‫أحاديث الكافي مع أنه يقول‪ :‬فإننا ل نحتاج إلى سند لهذه الصول الربعة‪،‬‬
‫وإذا أوردنا سندا ً فليس إل للتيمن والتبرك والقتداء بسسسنة السسسلف ]رسسسالة‬
‫لزوم نقد رجال من ل يحضره الفقيه‪ ،‬عسسن أبسسي زهسسرة‪ /‬المسسام الصسسادق‪ :‬ص ‪،[.471-470‬‬
‫وهذا تناقض غريب‪ .‬ولكن شيخهم هاشم معسسروف يسسرى "أن اتصسساف هسسذا‬
‫المقدار من مرويات الكافي بالضعف ]قالوا بأن عدد الضعيف من روايات الكسسافي‬
‫)‪ (9485‬حسسديثًا‪ ،‬والصسسحيح )‪ ،(5072‬الحسسسن )‪ ،(144‬والموثسسق )‪ ،(178‬القسسوى )‪.(302‬‬
‫)انظر‪ :‬الذريعة‪ ،246-17/245 :‬النوري‪ /‬مستدرك الوسسسائل‪ :‬الفسسائدة الرابعسسة(‪ [.‬ل يعني‬
‫عدم جواز العتماد عليها في أمور الدين‪ ،‬ذلك لن وصف الرواية بالضعف‬
‫من حيث سندها‪ ،‬ل يمنع مسسن قوتهسسا مسسن ناحيسسة ثانيسسة كوجودهسسا فسسي أحسسد‬
‫الصول الربعمائة‪ ،‬أو في بعض الكتسسب المعتسسبرة‪ ..‬أو لكونهسسا معمسسول ً بهسسا‬
‫عند العلماء وقد نص أكسسثر الفقهسساء علسسى أن الروايسسة الضسسعيفة إذا اشسستهر‬
‫العمل بها والعتماد عليها تصسسبح كغيرهسسا مسسن الروايسسات الصسسحيحة‪ ،‬وربمسسا‬
‫تترجح عليها في مقام التعارض" ]هاشم معروف‪ /‬دراسات في الحديث والمحدثين‪:‬‬
‫ص ‪ .[.137‬ولهذا قال شيخهم الشعراني ‪ -‬كما مر ‪ -‬بأن أسانيد الكافي وإن‬
‫كان أكثرها ضعيفا ً فإن مضامينها صحيحة ]الشعراني‪ /‬تعاليق علمية )علسسى شسسرح‬
‫الكافي للمازندراني( ‪.[.2/123‬‬
‫ويلحظ أن هذا مع ما قبله محاولة للتخلسسص مسسن تطسسبيق مبسسادئ الجسسرح‬
‫والتعديل التي وضعها لهم ابن المطهر في القرن السابع وانتهت بهم إلسسى‬
‫‪232‬‬
‫سقوط كثير من رواياتهم‪ ،‬كمسسا كشسسف ذلسسك شسسيخهم البحرانسسي‪ ،‬فطفقسسوا‬
‫يبحثون عما يسند رواياتهم بأي قرينة‪ ..‬وإل فما معنى وجودهسسا فسسي كتسساب‬
‫معتسسبر وهسسل هنسساك أكسسثر اعتبسسارا ً عنسسدهم مسسن الكسسافي المعسسروض علسسى‬
‫مهديهم؟!‪ ،‬أمام قوله‪" :‬كوجودها في أحد الصول الربعمائة" ]ادعسسى شسسيوخ‬
‫الشيعة بأن أسلفهم كانوا يعتمدون على أربعمسسائة مصسسنف يسسمونها الصسول‪ ،‬ثسم لخصست‬
‫هذه الكتب وجمعت في كتب خاصة أحسنها الكتسسب الربعسسة‪) .‬الوسسسائل ‪ .[..(20/67‬فإن‬
‫شيوخهم يقولون بأن الكتب الربعة وغيرها من كتبهم المعتمدة كالخصال‪،‬‬
‫والمالي‪ ،‬ومدينة العلم‪ ..‬منقولة من الصول الربعمائة ]الوسائل‪.[20/67 :‬‬
‫فكيف يجعلون علمة صحة أخبارهم عن الئمة في الكافي وجودها فسسي‬
‫أحد الصول‪ ،‬والكسسافي برمتسسه منقولسسة منهسسا ‪ -‬كمسسا يزعمسسون ‪ -‬أليسسس هسسذا‬
‫تناقضًا؟!‪.‬‬
‫تقققويم حققال الئمققة الققذين تققدعي فيهققم الشققيعة كققل تلققك‬
‫الدعاوى‪:‬‬
‫الملحظ أن روايات الشيعة في كتبها كلهسسا منسسسوبة إلسسى الئمسسة الثنسسي‬
‫عشر‪ ،‬ومعظمها مروي عن جعفر الصادق‪ ،‬وقليل منها )بسسل نسسادٌر ول يكسساد‬
‫يوجد إل بكلفة( مروي عن رسول الله صلى اللسسه عليسسه وسسسلم‪ ،‬بسسل أشسسار‬
‫شيخهم الحر العاملي إلى أنهم يتجنبون رواية ما يرفسسع إلسسى النسسبي خشسسية‬
‫أن يكون من روايات أهل السنة ]انظر‪ :‬وسائل الشيعة‪.[.20/391 :‬‬
‫إذن هذه الطائفة "ل تعتني بحديث رسول الله صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم‬
‫ومعرفة صحيحه من سقيمه والبحث عن معانيه‪ ،‬ول تعتني بآثسسار الصسسحابة‬
‫والتابعين حتى تعرف مآخذهم ومسالكهم وترد مسسا تنسسازعوا فيسسه إلسسى اللسسه‬
‫والرسول" ]منهاج السنة‪.[.3/40 :‬‬
‫بل عمدتها ما تزعم روايته عن بعض أهل البيت وليس كل أهسسل السسبيت‪،‬‬
‫فقد رد الطوسي روايات زيد بن علي بن الحسين ]انظر‪ :‬الستبصار‪..[.1/66 :‬‬
‫وكفر هؤلء جملة من أهل البيت ل لشسسيء إل لنهسسم لسسم يصسسدقوا بسسدعوى‬
‫إمامة الثني عشر ]انظر‪ :‬أصول الكافي‪ ،1/372 :‬بحار النوار‪ .[.114-25/112 :‬ويسسا‬
‫ليتهم أخذوا بما يقوله أميسسر المسؤمنين علسسي‪ ،‬أو قنعسسوا بمراسسيل التسسابعين‬
‫كعلي بن الحسين؛ بل يأتون إلى من تأخر زمسسانه كالعكسسسريين فيقولسسون‪:‬‬
‫كل ما قاله واحد من أولئك فالنبي قد قاله‪.‬‬
‫وكل من له عقل يعلم أن العسكريين بمنزلسسة أمثالهمسسا ممسسن كسسان فسسي‬
‫زمانهما من الهاشميين ليس عندهم من العلم ما يمتازون به عن غيرهسسم‪،‬‬
‫ويحتاج إليهسسم فسسي أهسل العلسم‪ ،‬ول كسان أهسل العلسسم يأخسسذون عنهسم‪ ،‬كمسا‬
‫يأخذون عسن علمساء زمسانهم‪ ،‬وكمسا كسان أهسل العلسم فسي زمسن علسي بسن‬
‫الحسين وابنه أبي جعفر وابن ابنه جعفر بسسن محمسسد‪ ،‬فسسأن هسسؤلء الثلثسسة ‪-‬‬
‫رضي الله عنهم ‪ -‬قد أخذ أهل العلم عنهم كما كانوا يأخذون عسسن أمثسسالهم‬
‫بخلف العسكريين ونحوهما فإنه لم يأخذ أهسسل العلسسم المعروفسسون بسسالعلم‬
‫عنهم شيئًا‪ .‬فيريدون أن يجعلوا ما قاله الواحد من هؤلء هو قول الرسول‬
‫الذي بعثه الله إلى جميع العالمين‪ ،‬بمنزلة القرآن والمتسسواتر مسسن السسسنن‪،‬‬

‫‪233‬‬
‫وهذا مما ل يبنى عليه دينه إل من كان أبعد الناس من طريقة أهسسل العلسسم‬
‫واليمان ]منهاج السنة‪.[.41-3/40 :‬‬
‫وقد تحدث ابن حزم عن هذه الدعوى للروافض وقسسال‪" :‬وأمسسا مسسن بعسسد‬
‫ل‪ ،‬ل من رواية ول مسسن فتيسسا علسسى‬ ‫جعفر بن محمد فما عرفنا لهم علما ً أص ً‬
‫قرب عهدهم منا‪ ،‬ولو كان عندهم من ذلك شيء لعسسرف كمسسا عسسرف عسسن‬
‫محمد بن علي وابنسه جعفسر وعسن غيسره منهسم ممسن حسدث النساس عنسه"‬
‫]الفصسسل‪ .[.4/175 :‬وأمسسا مسسن قبسسل جعفسسر فلهسسم مسسا لنظرائهسسم مسسن العلسسم‬
‫والفضل‪.‬‬
‫وقال شيخ السلم ابن تيمية‪ :‬بأن من يدعي الروافسسض أن قسسوله كقسسول‬
‫الله ورسوله‪" :‬منهم من كان خليفة راشدا ً تجب طسساعته كطاعسسة الخلفسساء‬
‫قبلسسه‪ ،‬وهسسو علسسي‪ ،‬ومنهسسم أئمسسة فسسي العلسسم والسسدين يجسسب لهسسم مسسا يجسسب‬
‫لنظرائهم من أئمة العلم والدين كعلي بسن الحسسين‪ ،‬وأبسي جعفسر البسساقر‪،‬‬
‫وجعفر بن محمد الصسسادق‪ ،‬ومنهسسم دون ذلسسك" ]مجمسسوع فتسساوى شسسيخ السسسلم‪:‬‬
‫‪.[.19/69‬‬
‫ثم فصل القول في من هم دون ذلك في موضع آخر؛ فذكر بأن موسى‬
‫بن جعفر ليس له كثير رواية‪ ،‬وقد روى عن أبيسه‪ ،‬وروى عنسه أخسوه علسي‪،‬‬
‫وروى له الترمذي وابن ماجه‪ ،‬وأما من بعد موسى فلسسم يؤخسسذ عنهسسم مسسن‬
‫العلم‪ ،‬وليس لهم رواية في الكتب المهات مسسن الحسسديث‪ ،‬ول فتسساوى فسسي‬
‫الكتب المعروفة التي نقل فيها فتاوى السلف‪ ،‬ول لهسسم تفسسسير ول غيسسره‪،‬‬
‫ول لهم أقوال معروفة‪ ،‬ولكن لهم من الفضائل والمحاسن ما هم له أهسسل‬
‫‪ -‬رضي الله عنهم – ]منهاج السنة‪.[.2/155 :‬‬
‫فكأن شسسيخ السسسلم ‪ -‬رحمسسه اللسسه ‪ -‬يسسستدرك علسسى ابسسن حسسزم‪ ..‬فيزيسسد‬
‫موسى بن جعفر‪ ،‬ويبين أنه كان له رواية في كتب السنة‪ ،‬إل أنهسسا ليسسست‬
‫دد الذهبي رواياته في الكتب الستة فقال‪ :‬له عنسسد الترمسسذي‬ ‫كثيرة‪ .‬وقد ح ّ‬
‫وابن ماجه حديثان ]سير أعلم النبلء‪.[.6/270 :‬‬
‫ولكن يلحظ أيضا ً أن ابنه علي بن موسى الرضا؛ له رواية في سنن ابن‬
‫ماجه‪ ،‬كما أشار إلى ذلك الذهبي‪ ،‬وابن حجسسر حيسسث رمسسزا لسسه – عنسسد ذكسسر‬
‫ترجمته – بالقاف إشارة إلى ذلك ]السسذهبي‪ /‬الكاشسسف‪ ،2/296 :‬ابسسن حجسسر‪ /‬تقريسسر‬
‫التهذيب‪ .[.45-2/44 :‬وقد ذكر المزي بأنها رواية وحسسدة فقسسط ]المسسزي‪ /‬تهسسذيب‬
‫الكمال‪) 2/993 :‬المخطسسوط(‪ .[.‬وبالرجوع إلسسى سسسنن ابسن مسساجه تسسبين أن تلسسك‬
‫الرواية جاءت من طريق أبي الصلت الهروي ]انظر‪ :‬سنن ابن مسساجه‪26-1/25 :‬‬
‫رقم )‪ ،(45‬وقد حكسسم عليهسسا ابسسن الجسسوزي بالوضسسع )الموضسسوعات‪ ،(129-1/128 :‬وانظسسر‪:‬‬
‫السخاوي‪ /‬المقاصد الحسنة‪ :‬ص ‪ ،140‬الكناني‪ /‬تنزيه الشريعة‪ ،152-1/515 :‬البوصسسيري‪/‬‬
‫مصباح الزجاجة ص ‪ [.12‬وهو ممن ل يحتسسج لسسه‪ ،‬حسستى قسسال فيسسه السسدارقطني‪:‬‬
‫"رافضي خبيث متهم بوضسسع حسسديث اليمسسان فسسي القلسسب" ]ميسسزان العتسسدال‪:‬‬
‫‪ .[.2/616‬وهو الحسسديث السسذي جسساء فسسي سسسنن ابسن مسساجه مسسن طريسسق أبسسي‬
‫الصلت عن علي بن موسى‪ ،‬ولذلك قسسال ابسسن السسسمعاني‪ :‬إن الخلسسل فسسي‬
‫روايات علسسي الرضسسا مسسن رواتسسه‪ ،‬فسسإنه مسسا روى عنسسه إل مسستروك ]النسسساب‪:‬‬
‫‪ ،6/134‬وانظر‪ :‬تهذيب التهذيب‪.[.7/389 :‬‬
‫‪234‬‬
‫]تقريسسب التهسسذيب‪:‬‬ ‫وقال فيه ابن حجر‪ :‬إنه صدوق والخلل ممسسن روى عنسسه‬
‫‪.[.2/45‬‬
‫ولعل هذا ما أشار إليه شيخ السلم حينما قال‪" :‬لم يأخذ عنه أحسسد مسسن‬
‫أهل العلم بالحديث شيئًا‪ ،‬ول روى له حديثا ً في كتب السسسنة‪ ،‬وإنمسسا يسسروي‬
‫له أبو الصلت الهروي وأمثاله نسخا ً عن آبائه فيهسسا مسسن الكسساذيب مسسا نسسزه‬
‫الله عنه الصادقين" ]منهاج السسسنة‪ ،2/156 :‬وفسسي تهسسذيب التهسسذيب ذكسسر أمثلسسة لهسسذه‬
‫المنكرات والكاذيب التي يرويها أبو الصسسلت الهسسروي عسسن علسسي الرضسسا )تهسسذيب التهسسذيب‪:‬‬
‫‪ (389-7/388‬كحديثهم الذي يقول‪" :‬السبت لنا‪ ،‬والحد لشيعتنا‪ ،‬والثنين لبني أمية‪ "..‬إلخ‪.‬‬
‫)انظر‪ :‬المصدر السابق ‪ (7/388‬وترويه كتسسب الثنسسي عشسسرية فسسي مصسسادرها المعتمسسدة‬
‫عندهم‪) .‬انظر‪ :‬عيون الخبار‪ :‬ص ‪ ،207‬وسائل الشيعة‪.[.(8/258 :‬‬
‫وأما من بعد علي الرضا ‪ -‬وهو من يعده الثنا عشرية إمسسامهم الثسسامن ‪-‬‬
‫فلم يؤثر عنهم في كتب السنة من العلم شيء‪ ،‬وحينما ادعى ابن المطهر‬
‫الحلي أن الحسن العسكري )إمامهم الحادي عشر( قد "روت عنه العامسسة‬
‫)يعني أهل السنة( كثيرًا"؛ نفى ذلك شيخ السسسلم ابسسن تيميسسة وقسسال‪ :‬بسسأن‬
‫ذلك من الدعاوى المجردة‪ ،‬والكسساذيب المثبتسسة‪ ،‬فسسإن العلمسساء المعروفيسسن‬
‫ي العسكري ليسسست لهسسم‬ ‫بالرواية الذين كانوا في زمن هذا الحسن بن عل ّ‬
‫عنه رواية مشهورة في كتب أهسسل العلسم‪ .‬وقسال‪" :‬بسأن شسسيوخ أهسل كتسسب‬
‫السنة )البخاري ومسلم وأبي داود والنسائي وابن ماجه( كسسانوا موجسسودين‬
‫في ذلك الزمان وقريبا ً منه مثله وبعده‪ ،‬وقد جمع الحافظ أبو القاسم ابن‬
‫عساكر أسماء شيوخ الكل ‪ -‬يعني شيوخ هؤلء الئمة ‪ ،-‬فليس فسي هسؤلء‬
‫الئمة من روى عن الحسن بسن علسي العسسكري مسع ورايتهسم عسن ألسوف‬
‫مؤلفة من أهل الحديث‪ ،‬فكيف يقال‪ :‬روت عنه العامسسة كسسثيرًا‪ ،‬وأيسسن هسسذه‬
‫الروايات؟" ]منهاج السنة‪.[.164-2/163 :‬‬
‫وقد رأيت الحافظ ابن حجر في ترجمة الحسن بن علي العسكري يذكر‬
‫بأن ابن الجوزي ضعفه في الموضسسوعات ]لسسسان الميسسزان‪ .[.2/240 :‬فسسانظر‬
‫الفرق بين هذا‪ ،‬وبين من يعد كلمه وحيا ً يوحى‪.‬‬
‫وقد أثار ابن حزام على الشيعة مسسا ثبسست تاريخيسا ً مسسن أن بعسسض أئمتهسسم‬
‫المذكورين مات أبوه وهو ابن ثلث سنوات‪ ،‬ثم قال‪" :‬فنسسسألهم مسسن أيسسن‬
‫علم هذا الصغير جميع علومه الشريعة وقد تعذر تعليسسم أبيسسه لسسه لصسسغره؟‬
‫دعوا له الوحي فهذه نبسسوة وكفسسر صسسريح‪ ،‬وهسسم ل يبلغسسون‬ ‫فلم يبق إل أن ي ّ‬
‫إلى أن يدعوا له النبوة‪ ،‬وأن يدعوا له معجزة تصحيح قوله‪.‬‬
‫دعوا له اللهام فما يعجز‬ ‫فهذه دعوة باطلة‪ ،‬ماظهر منها قط شيء‪ ،‬أو ي ّ‬
‫أحد عن هذه الدعوى" ]الفصل‪.[.4/172 :‬‬
‫وكأن ابن حزم يتنبأ بما ستضيفه الشيعة‪ ،‬أو هو يكشف شسسيئا ً يتسسسترون‬
‫عليه‪ ،‬فقد قالوا باللهام والوحي للمام ‪ -‬كما سلف ‪ -‬وجاء في روايتهم ما‬
‫يؤكد القول بإمامة الطفسال‪ ،‬ففسي أصسول الكسافي "عسن ابسن بزيسع قسال‪:‬‬
‫سألته يعني أبا جعفر ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬عن شيء من أمر المام‪ ،‬فقلسست‪:‬‬
‫يكون ابن أقل من سبع سنين؟ فقال‪ :‬نعم‪ ،‬وأقل من خمس سنين" ]أصول‬
‫الكافي‪ ،384-1/383 :‬بحار النوار‪.[.25/103 :‬‬

‫‪235‬‬
‫]بحسسار النسسوار‪:‬‬‫وقسسالوا بسسأن الجسسواد كسسان إمامسا ً وهسسو ابسسن خمسسس سسسنوات‬
‫‪ ،[.25/103‬وقد مضى احتجاجهم بروايات منسوبة لمنتظرهم وهو ابن ليلسسة‬
‫واحدة‪.‬‬
‫ويكفي مجرد تصور هذا لمعرفسسة مسسدى بطلن روايسساتهم السستي ينسسسبونها‬
‫للئمة‪ ،‬إذ قد علم بنص القرآن والسنة المتسسواترة وإجمسساع المسسة‪ ،‬أن مثسسل‬
‫هذا يجب أن يكسسون تحسست وليسسة غيسسره فسسي نفسسسه ومسساله‪ ،‬فتكسسون نفسسسه‬
‫محضونة ومكفولة لمن يستحق كفالته الشرعية‪ ،‬وهو قبل السسسبع ل يسسؤمر‬
‫بالصلة‪ ،‬فإذا بلغ السبع أمر بها‪ ..‬فكيف يكسسون مثسسل هسسذا إمام سا ً معصسسومًا‪،‬‬
‫قوله قول الله ورسوله؟‪ ،‬وهل يؤمن بهذا إل من أعمى الله قلبه‪..‬‬
‫ولذلك اعترفت كتب الفرق عند الشيعة‪ ،‬بأن طوائف من الشيعة أنكروا‬
‫إمامة الجواد لستصغارهم لسنه‪ ،‬وقالوا‪ :‬ل يجوز المام إل بالغًا‪ ،‬ولسسو جسساز‬
‫أن يأمر الله عز وجل بطاعة غير بالغ لجاز أن يكلف الله غيسر بسالغ‪ ،‬فكمسا‬
‫ل يعقل أن يحتمل التكليف غير بالغ فكسسذلك ل يفهسسم القضسساء بيسسن النسساس‬
‫دقيقه وجليله وغامض الحكام وشرائع الدين‪ ،‬وجميسع مسا أتسسى بسه النسسبي ‪-‬‬
‫صلى الله عليه وآله ‪ ،-‬وما تحتاج إليه المة إلى يوم القيامة من أمر دينهسسا‬
‫ودنياها طفل غير بالغ ]النوبختي‪ /‬فرق الشيعة‪ :‬ص ‪ ،88-87‬القمي‪ /‬المقالت والفرق‬
‫ص ‪.[.95‬‬
‫وقد أدى بهم القول بإمامة طفل في حكم الحضانة‪ ..‬إلسسى قبسسول روايسسة‬
‫الكسسذابين السسذين نسسسبوا لبعسسض الئمسسة أقسسوال ً لسسم تصسسدر منهسسم‪ ،‬لنهسسم لسسم‬
‫يدركوهم إل في مرحلة الطفولة‪.‬‬
‫قال الممقاني في ترجمة المعلسى بسن خنيسس‪" :‬إن المعلسى قتسل لربسع‬
‫وثلثين ومائة‪ ،‬والكاظم طفل لنه ولد سنة ‪ 28‬أو ‪ 29‬ومائة‪ ،‬فعمسسره عنسسد‬
‫قتل المعلى ست أو سسسبع سسسنين" ]تنقيسسح المقسسال للممقسساتي‪ ،‬ترجمسسة المعلسسى‪.[.‬‬
‫ولكنه يروي عن الكاظم والشيعة تقبل روايته‪ .‬يقول الممقاني في تسسوجيه‬
‫ذلك‪" :‬وفيه أن صغرهم ل يمنع من علمهم بالحكسسام‪ ،‬أل تسسرى إلسسى إمامسسة‬
‫الجواد وهو صغير فيمكن أن يكون المعلى سأل الكاظم وهو صغير فروى‬
‫عنه" ]تنقيح المقال للممقاتي‪ ،‬ترجمة المعلى‪.[.‬‬
‫ثم إنهم فيما ينقلونه عن بعض علماء أهل البيت ل ينظرون في السسسناد‬
‫إليهم هل ثبت النقل إليهسسم أم ل‪ ،‬فسسإنهم ل معرفسسة لهسسم بصسسناعة الحسسديث‬
‫والسسسناد ]منهسساج السسسنة‪ [.3/246 :‬فهسم فسي حقيقسة المسر "ليسسس لهسسم أئمسة‬
‫يباشسسرونهم بالخطسساب إل شسسيوخهم السسذين يسسأكلون أمسسوالهم بالباطسسل‬
‫ويصدونهم عن سبيل اللسسه" ]منهسساج السسسنة‪ ،2/134 :‬المنتقسسى‪ :‬ص ‪ ،[.163‬ولهسسذا‬
‫وجدوا كتبا ً منسوبة لوائلهم‪ ،‬مقطوعة السناد‪ ،‬بسسسبب الخسسوف مسسن دولسسة‬
‫الخلفة السلمية ‪ -‬كما يقولون ‪ -‬وقيل لهم اعملوا بها فإنها صادقة ‪ -‬كمسسا‬
‫مر ‪.-‬‬
‫وكان شيوخهم يقبلون بما جاء فسسي هسسذه الكتسسب بل تمحيسسص‪ ..‬حسستى إذا‬
‫جاء القرن السابع بدأ ابن المطهسسر بتقسسسيم الحسسديث عنسسدهم إلسسى صسسحيح‬
‫وغيسسره‪ .‬وفسسي القسسرن ألسسف أول كتسساب عنسسدهم فسسي مصسسطلح الحسسديث‪..‬‬
‫وخالفهم في ذلك طائفة منهم وهم الخبارون‪ ،‬الذين رفضوا ذلسك وقسالوا‪:‬‬
‫‪236‬‬
‫إنه مجرد محاكسساة وتقليسسد لهسسل السسسنة‪ ..‬وفضسسحوا أمسسر الشسسيعة فسسي هسسذا‬
‫الباب‪.‬‬
‫وقد شهد طائفة من أعلم المسسسلمين بسسأن صسسناعة الكسسذب رائجسسة فسسي‬
‫الوساط الشيعية‪ ،‬وأنهم يرون ذلك من الدين بحكم عقيسسدة التقيسسة ‪ -‬كمسسا‬
‫سلف الشارة إلى ذلك ]ص‪ (362) :‬هامش )‪ ،(3‬وانظر‪ :‬فصل التقية‪ ،-[.‬وقسسد بلسسغ‬
‫التعصب المذهبي مداه حينما قبلسسوا روايسسات الكسسذابين‪ ،‬ومسسن أنكسسر إمامسسة‬
‫بعض الئمة‪ ..‬لمجرد النتساب للتشيع‪ ،‬وردوا روايات الصحابة الذين أثنسسى‬
‫الله عليهم ورسوله‪..‬‬
‫وكانت مقاييسهم في توثيق الرجال فسي غايسة العجسب؛ فمسن زعسم أنسه‬
‫رأى المنتظر‪ ،‬أو أكثر من الفتراء على أهسسل السسبيت ]لنهسسم رووا عسسن أئمتهسسم‪:‬‬
‫"اعرفوا منازل الناس على قدر روايتهم عنا"‪) .‬أصول الكسسافي‪ .[.(1/50 :‬أو زعسم أنهسسم‬
‫ضمنوا له الجنة ]ضمان المام الجنة لحد رواتهسم مسن أعلسى درجسات التوثيسق‪) .‬انظسر‪:‬‬
‫وسائل الشيعة‪ 20/118 :‬رقم )‪ ،(20‬رجال الكشي‪ :‬ص ‪ 381‬رقسسم )‪ ،(714‬ص ‪ 567‬رقسسم‬
‫)‪ ،(1073‬رجال الحلي‪ :‬ص ‪.(158 ،98‬‬
‫ومن نماذج هذه التوثيقات ما جاء فسسي ترجمسسة إبراهيسسم بسسن أبسسي محمسسود والسسذي قسسال عنسه‬
‫الكشي بأنه‪" :‬روى عنه أحمد بن محمد بن عيسى مسائل موسى ‪ -‬رضي الله عنه ‪) -‬يعني‬
‫موسى الكاظم( قدر خمس وعشرين ورقة‪ ،‬وعاش بعد الرضا"‪.‬‬
‫جاء فيها النص التالي الذي يدل علسسى توثيسسق الرجسسل بزعمهسسم‪" :‬روى الكشسسي يسسسنده عسسن‬
‫إبراهيم ابن أبي محمود‪ ،‬قال‪ :‬دخلت على أبي جعفر ‪ -‬إلى أن قال ‪ -‬فقلسست‪ :‬جعلسست فسسداك‬
‫تضمن لي عن ربك أن تسسدخلني الجنسسة؟ قسسال‪ :‬نعسسم‪ ،‬قسسال‪ :‬فأخسسذت رجلسسه فقبلتهسسا" )رجسسال‬
‫الكشي‪ :‬ص ‪.(567‬‬
‫ً‬
‫ولشك بأن من يعتقد في الئمة هذا العتقاد فليس من السلم في شيء‪ ،‬فضل عن أن‬
‫يؤخذ من ذلك توثيق للرجل‪ ،‬وقد أفتى جعفر الصادق بكفر من اعتقسد منهسم ذلسك‪) .‬انظسر‪:‬‬
‫ميزان العتدال‪ .[.(70-1/69 :‬أو أنه كان يغلو فيهم ]في رجال الحلسسي‪ ،‬وفسسي ترجمسسة‬
‫رجل من رواتهم يدعى واصل‪ ،‬استدل على وثاقته بما رواه الكشي قسسال‪" :‬حسسدثني واصسسل‪،‬‬
‫قال‪ :‬طليت أبا الحسن ‪ -‬رضي الله عنه – بالنورة‪ ،‬فسددت مخرج المسساء مسسن الحمسسام إلسسى‬
‫البئر‪ ،‬ثم جمعت ذلك الماء‪ ،‬وتلك النورة‪ ،‬وذلك الشعر فشربته كلسسه"‪) .‬رجسسال الكشسسي‪ :‬ص‬
‫‪ .(614‬قال ابن المطهر‪ :‬وهذا يدل على علو اعتقسساده‪ ،‬والسسسند صسسحيح )رجسسال الحلسسي‪ :‬ص‬
‫‪ .[.(178-177‬هو الثقة المأمون‪.‬‬
‫فكيف يجعل الكذب أصل ً للتوثيق والتعسسديل‪ ..‬وإذا تسسدبرت رجسسال السسسند‬
‫على ضوء كتب الرجال عندهم رأيت أن كبارهم‪ ،‬والمكسسثرين مسسن الروايسسة‬
‫عندهم قد نالوا من ذم الئمة‪ ،‬وحسساق بهسسم لعنهسسم‪ ،‬وكسسان الئمسسة يتسسبرؤون‬
‫منهم ويكذبونهم‪ ..‬وقد نقلت ذلك كتب الشيعة نفسها ]انظسسر مسسا سسسبق‪ :‬ص )‬
‫‪.[.(374‬‬
‫ولكن شيوخ الشيعة أعرضسسوا عسسن وصسسايا الئمسسة وأقسسوالهم بل مسسبرر إل‬
‫هى‪..‬‬
‫دعوى التقية التي هي في مثل هذا المقام كنسيج العنكبوت أو أوْ َ‬
‫ومن بعد السند‪ ..‬المتن‪ ..‬فكثير من متون هذه الروايات كمسسا رأينسسا فسسي‬
‫أبواب هذه الرسالة وفصولها‪ ..‬وكما يظهر ذلك لمن راجع أصول الكسسافي‪،‬‬
‫أو البحار‪ ،‬أو تفسير القمي‪ ،‬والعياشي‪ ،‬أو رجال الكشي ‪ -‬كثير من متونهسسا‬
‫هي معسسروف كسسذبها مسن السسسلم بالضسسرورة‪ ،‬لنهسا تنسسال مسن كتسساب ربنسسا‪،‬‬

‫‪237‬‬
‫وتحسسارب سسسنة نبينسسا‪ ،‬وتكفسسر خيسسر القسسرون ومسسن تبعهسسم بإحسسسان‪ ،‬وتقسسول‬
‫بعقائدنا ليس لها في كتاب الله برهان‪..‬‬
‫فيكفي في الحكم على أحاديثهم؛ النظر فسسي متونهسسا "وكسسل متسسن يبسساين‬
‫المعقول‪ ،‬أو يخالف المنقول‪ ،‬أو يناقض الصول فسساعلم أنسسه موضسسوع ]ابسسن‬
‫الجوزي‪ /‬الموضوعات‪ [.1/106 :‬على الرسول"‪.‬‬

‫الفصل الثالث‬
‫عقيدتهم في الجماع‪:‬‬
‫الجماع من أصول أهل السنة‪ ،‬وهو الصل الثسسالث بعسسد الكتابسسة والسسسنة‬
‫الذي يعتمد عليه في العلم والدين ]انظر‪ :‬مجمسسوع فتسساوى شسسيخ السسسلم‪،3/157 :‬‬
‫وراجسسع فسسي هسذا‪ :‬المسسدي‪ /‬الحكسسام فسسي أصسسول الحكسسام‪ ،1/200 :‬الغزالسسي‪ /‬المستصسسفى‪:‬‬
‫‪ 1/173‬وما بعدها‪ ،‬وانظر‪ :‬الرسالة للشافعي‪ :‬ص ‪ 403‬رقم ‪ ،1105‬وص ‪ 471‬وما بعسسدها‪،‬‬
‫ابن عبد البر‪ /‬التمهيد‪ ،[.4/267 :‬ولذا قال شيخ السلم ابن تيميسسة‪" :‬فمسسن قسسال‬
‫بالكتاب والسنة والجماع كان من أهل السنة والجماعة" ]مجموع فتاوى شيخ‬
‫السلم‪.[.3/346 :‬‬
‫وأهل السنة ي َزُِنون بهذه الصول الثلثة جميع ما عليه الناس من أقسسوال‬
‫وأعمال‪ ..‬مما تعلق بالدين ]المصدر السابق‪ ،[.3/157 :‬وسموا أهسسل الجماعسسة‪،‬‬
‫لن الجماعة هي الجتماع وضدها الفرقة ]وإن كان لفظ الجماعة قد صسسار اسسسما ً‬
‫لنفس القوم المجتمعين )انظر‪ :‬المصدر السابق‪ .[.(3/157 :‬والجماع السسذي ينضسسبط‬
‫هو ما كان عليه السلف الصالح‪ ،‬إذ بعدهم كسسثر الختلف وانتشسسرت المسسة‬
‫]المصدر السابق‪.[.3/157 :‬‬
‫والشيعة ل ترى إجماع الصحابة والسلف أو إجمساع المسة إجماعسًا‪ ،‬ولهسا‬
‫في هذا الباب عقائد مخالفة نذكرها فيما يلي‪:‬‬
‫ل‪ :‬الحجة في قول المام ل في الجماع‪:‬‬ ‫أو ً‬
‫نقلت كتب الصول عند أهل السنة أن الشيعة تقول‪" :‬إن الجماع حجسسة‬
‫ل لكونه إجماعًا‪ ،‬بل لشتماله على قول المام المعصوم‪ ،‬وقوله بسسانفراده‬
‫عندهم حجة" ]السنوي‪ /‬نهاية السول‪.[.3/247 :‬‬
‫ونسسستطلع فيمسسا يلسسي رأي الشسسيعة مسسن مصسسادرها‪ ،‬يقسسول ابسسن المطهسسر‬
‫الحلي‪" :‬الجماع إنما هو حجة عندنا لشتماله على قسسول المعصسسوم‪ ،‬فكسسل‬
‫جماعة كثرت أو قلت كان قول المام في جملة أقوالهسسا‪ ،‬فإجماعهسسا حجسسة‬
‫لجله ل لجل الجماع" ]ابن المطهر‪ /‬تهذيب الوصول إلى علسسم الصسسول‪ :‬ص ‪ ،70‬ط‪:‬‬
‫طهسسران ‪1308‬هسسس‪ .[.‬وبمثل هسذا قسال عسدد مسن شسيوخهم ]انظسسر‪ :‬المفيسسد‪ /‬أوائل‬
‫المقالت ص ‪ ،100-99‬قوامع الفضول ص ‪ ،305‬حسين معتسسوق‪ /‬المرجعيسسة الدينيسسة العليسسا‬
‫ص ‪ ،16‬وراجع كتب الصول عندهم عامة‪.[.‬‬
‫إذن الجمسساع ليسسس حجسسة عنسسدهم بسسدون وجسسود المسسام السسذي يعتقسسدون‬
‫عصمته‪ ،‬فمدار حجية الجماع هو على قوله ل علسسى نفسسس الجمسساع‪ ،‬فهسسم‬
‫في الحقيقة لم يقولوا بحجة الجماع‪ ،‬وإنما قالوا بحجيسسة قسسول المعصسسوم‪،‬‬
‫ودعواهم الحتجاج بالجماع تسسسمية ل مسسسمى لهسسا‪ ،‬فقسسول ابسسن المطهسسر‪:‬‬
‫"الجماع حجة عندنا" من لغو القول؛ إذ الصسسل أن يقسسول‪ :‬الجمسساع ليسسس‬

‫‪238‬‬
‫بحجة عندنا‪ ،‬لن الحجة في قول المام المعصسسوم‪ ..‬لن هسسذا هسسو مقتضسسى‬
‫مذهبهم‪ ،‬فهم جعلوا المام بمثابة النبي أو أعظم؛ فهو عنسسدهم ينكسست فسسي‬
‫أذنه‪ ،‬ويأتيه الملك‪ ،‬بل يرى خلقا ً أعظم من جبرائيل وميكائيل‪ ،‬إلى آخر ما‬
‫فصلنا القسسول فيسسه عنهسسم فسسي معتقسسدهم فسسي السسسنة‪ ،‬فهسسم ليسسسوا بحاجسة‬
‫للجمساع والمسام حاضسر بينهسم‪ ،‬كمسا أن الصسحابة ليسسوا بحاجسة للجمساع‬
‫والرسول حاضر بينهم‪.‬‬
‫فعندهم في كسسل عصسسر نسسبي يسسسمى المسسام‪ ،‬والحجسسة فسسي قسسوله ل فسسي‬
‫الجماع‪ ،‬ولهذا قالوا‪" :‬ونحن لما ثبت عندنا بالدلة العقلية والنقلية كما هو‬
‫مستقصى في كتب أصحابنا المامية أن زمان التكليف ل يخلسسو مسسن إمسسام‬
‫معصوم حافظ للشرع يجب الرجوع إلى قوله فيه‪ ،‬فمسستى اجتمعسست المسسة‬
‫على قول كان داخل ً في جملتها لنه سيدها‪ ،‬والخطسسأ مسسأمون علسسى قسسوله‪،‬‬
‫فيكون ذلك الجماع حجة‪ .‬فحجية الجماع عندنا إنما هو باعتبار كشفه عن‬
‫الحجة التي هي قول المعصوم" ]النحاريري‪ /‬معالم الدين‪ :‬ص ‪.[.406‬‬
‫والرض ل تخلو من إمام‪ ،‬لنه ‪ -‬كمسسا يزعمسسون ‪" -‬لسسو خلسست الرض مسسن‬
‫إمام لساخت" ]أصول الكسسافي‪ ،[.1/179 :‬ومعنى هسسذا اسسستمرار تعطيسسل مبسسدأ‬
‫الجماع‪.‬‬
‫وأنت إذا تأملت أقوالهم في الجماع ل تكسساد تلمسسس فرق سا ً بيسسن مفهسسوم‬
‫السسسنة عنسسدهم‪ ،‬والجمسساع إل بسساللفظ فقسسط؛ لن السسسنة قسسول المعصسسوم‪،‬‬
‫والجماع المعتبر عندهم هو الكاشف عن قول المعصوم‪ .‬ولسسك أن تعجسسب‬
‫لماذا يعدون الجمسساع أصسل ً يقررونسسه فسسي كتبهسسم الصسسولية‪ .‬وهسسو اسسسم بل‬
‫مسمى حتى قرروا بأنه ل عبرة بأقوال ففقهائهم ولو بلغوا المسسائة‪ ،‬قسسالوا‪:‬‬
‫"أما الجماع فعندنا هو حجة بانضمام المعصوم‪ ،‬فلو خل المائة من فقهائنا‬
‫عن قوله لما كان حجة‪ ،‬ولو كان في اثنين لكسسان قولهمسسا حجسسة‪ ،‬ل باعتبسسار‬
‫اتفاقهما بل باعتبار قوله" ]معالم الدين‪ :‬ص ‪.[.405‬‬
‫فمعنى هذا أن الجماع لغو ل فائدة فسسي القسسول فيسسه أصس ً‬
‫ل‪ ،‬وإنمسسا نهايسسة‬
‫أمرهم أنهم سموا السنة باسم الجماع‪.‬‬
‫ويبدو أن هذا العتراض أثير على الشيعة في عصور متقدمة‪ ،‬فقسسد نقسسل‬
‫بعض شيوخ الشيعة عن الشريف المرتضسسى أنسسه قسسال‪" :‬إننسسا لسسسنا بسسادئين‬
‫بالحكم بحجية الجماع حتى يرد كسونه لغسوًا‪ ،‬وإنمسا بسدأ بسذلك المخسالفون‪،‬‬
‫وعرضوه علينا‪ ،‬فلم نجد بدا ً من مسسوافقتهم عليسسه‪ ..‬فوافقنسساهم فسسي أصسسل‬
‫الحكسم لكسونه حقسا ً فسي نفسسه‪ ،‬وإن خالفنساهم فسي علتسه ودليلسه" ]قوامسسع‬
‫الفضول‪ :‬ص ‪ .[.305‬أي‪ :‬إنهم قلدوا لمجرد التقليد والمحاكاة‪.‬‬
‫وقال صاحب قوامع الفضول أيضًا‪" :‬تنعدم فائدة الجماع لسسو علسسم حسسال‬
‫شخص المام خروجا ً أو دخول ً ]يعني خروجا ً من الجمسساع أو دخسسول ً فيسسه‪ [.‬أو حال‬
‫قوله تقية أو نحوها‪ ،‬لكن الذي يسهل الخطسسب هسسو أن عقسسد بسساب الجمسساع‬
‫منهم دوننا كي يتجه علينا ذلك" ]قوامع الفضول‪ :‬ص ‪.[.305‬‬
‫ل‪ ،‬فلمسساذا تجسسارونهم وعقيسسدتكم فسسي‬ ‫ومادام أهل السنة اعتبروا هذا أصس ً‬
‫ل؟!‬‫المام تناقض القول به أص ً‬

‫‪239‬‬
‫ويقول محمد رضا المظفر‪" :‬إن الجماع ل قيمة علمية له عند الماميسسة‬
‫ما لم يكشف عن قول المعصوم‪ ..‬فإذا كشف على نحو القطع عسسن قسسوله‬
‫فالحجة في الحقيقة هو المنكشف ل الكاشف‪ ،‬فيسدخل حينئذ فسي السسنة‪،‬‬
‫ول يكون دليل ً مستقل ً في مقابلها" ]المظفر‪ /‬أصول الفقه ‪.[.3/92‬‬
‫ويقول رضا الصسسدر‪" :‬وأمسسا الجمسساع عنسسدنا ‪ -‬معاشسسر الماميسسة ‪ -‬فليسسس‬
‫بحجة مسسستقلة تجسساه السسسنة‪ ،‬بسسل يعسسد حاكيسا ً لهسسا‪ ،‬إذ منسسه يستكشسسف رأي‬
‫المعصومين عليهم السلم" ]رضا الصدر‪ /‬الجتهاد والتقليد‪ :‬ص ‪.[.17‬‬
‫ويذكر شيخهم محمد جواد مغنية )وهسسو مسسن شسسيخهم المعاصسسرين(‪" :‬أن‬
‫ثمة تباينا ً بين موقف متقدمي الشيعة وبين موقف متسسأخريهم فسسي مسسسألة‬
‫الجماع‪ ،‬حيث اتفق المتقدمون )مسسن الشسسيعة( علسسى أن مصسسادر التشسسريع‬
‫أربعسسة‪ :‬الكتسساب‪ ،‬والسسسنة‪ ،‬والجمسساع‪ ،‬والعقسسل‪ ،‬وغسسالوا فسسي العتمسساد علسسى‬
‫الجماع حتى كادوا يجعلونه دليل ً على كل أصل وكل فرع‪ ،‬وعد المتأخرون‬
‫لفظ الجماع مع هذه المصادر ولكنهم أهملسسوه‪ ،‬بسسل لسسم يعتمسسدوا عليسسه إل‬
‫منضما ً مع دليل آخر في أصل معتبر" ]مغنية‪ /‬أصول الفقسسه للشسسيعة الماميسسة بيسسن‬
‫القديم والحسسديث‪ /‬بحسسث بمجلسسة رسسسالة السسسلم‪ ،‬السسسنة الثانيسسة‪ ،‬العسسدد الثسسالث‪ :‬ص ‪-284‬‬
‫‪ .[.286‬ولكن هذا الكلم ليسسس علسسى إطلقسسه‪ ،‬إذ مسسن المتسسأخرين مسسن يعسسد‬
‫ل" ]فقد ذهب شيخهم الشعراني والسسذي وصسسفوه بالعسسالم المتبحسسر‬ ‫الجماع دليل ً مستق ً‬
‫ل"‪) .‬الشعراني‪ /‬تعسساليق علميسسة "علسسى شسسرح‬ ‫إلى القول "بحجية الجماع‪ ،‬وكونه دليل ً مستق ً‬
‫جامع للمازندراني"‪.(2/414 :‬‬
‫إذن ما يقول مغنيسسة غيسسر مسسسلم‪ ،‬لكسسن الخلف ‪ -‬فيمسسا ألحسسظ ‪ -‬دائر فسسي هسسذا الصسسل بيسسن‬
‫الصوليين والخباريين‪ ،‬فنجد الحر العساملي – وهسو مسن الخبساريين ‪ -‬يسرى أن "كسل مسا هسو‬
‫مذكور في هذا البحث في كتب الصول فهو من العامة )يعني أهسسل السسسنة( ل دليسسل عليسسه‪،‬‬
‫ل" )الفصول المهمة‪ :‬ص ‪.(214‬‬ ‫ول وجه له أص ً‬
‫وبإزاء ذلك فإن الصوليين من الشيعة قد بحثوا هذا "الصل" وقرروا القسسول بسسه فسسي كتسسب‬
‫أصول الفقه عندهم‪ ،‬وإن كان مذهبهم في المام ل يستجيب للقول به‪.‬‬
‫يقسسول شسسيخهم المعاصسسر ‪ -‬الشسسعراني ‪ -‬فسسي التأكيسسد علسسى القسسول بهسسذا الصسسل‪" :‬روى‬
‫الطبرسي في الحتجاج عن أبي الحسن علي بن محمد العسكري في حديث طويسسل قسسال‪:‬‬
‫"اجتمعت المة قاطبة ل اختلف بينهم في ذلك على أن القرآن حق ل ريب فيه عند جميسسع‬
‫فرقها‪ ،‬فهم في حالة الجتماع عليه مصيبون‪ ،‬وعلى تصديق ما أنسسزل اللسسه مهتسسدون؛ لقسسول‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪ :‬ل تجتمع أمتي على الضللة‪ ."..‬قال الشعراني‪ :‬وهو يدل على‬
‫ل‪ ،‬وإمكان العلم به‪ ،‬وتصديق لصحة الحديث المشسسهور "ل‬ ‫حجية الجماع‪ ،‬وكونه دليل ً مستق ً‬
‫تجتمع أمتي على ضللة"‪) .‬الشعراني‪ /‬تعاليق علمية‪.[.(2/414 :‬‬
‫هذا وإمامهم انقطع ظهوره منذ القرن الثالث‪ ،‬فكيف الطريق للوصسسول‬
‫لرأيه الكاشف عن حجية الجماع؟‬
‫يرى شيخهم الحر العاملي ومن سلك سسسبيله مسسن الخبسساريين أن يتعسسذر‬
‫الوصول لرأيه بعد غيبته‪ ،‬وبالتالي ل يثبت الجمسساع‪ ،‬لنسسه ل يمكسسن تحصسسيل‬
‫العلم بدخوله فيهم ول يظن به بعد غيبته‪ ،‬فل يدرى في البر أم في البحر‪،‬‬
‫في المغرب أم في المشرق ]عن مقتبس الثر للحائري‪ :‬ص ‪ .[.63‬بينمسسا يسسذهب‬
‫الصوليون إلى ثبوت الجماع‪ ،‬وإمكانية معرفة رأي المام‪.‬‬
‫يقول شسسيخهم الهمسسداني فسسي مصسسباح الفقيسسه‪" :‬إن المسسدار علسسى حجيسسة‬
‫الجماع على ما استقر عليه رأي المتأخرين ليس على اتفاق الكل‪ ،‬بل ول‬

‫‪240‬‬
‫على اتفاقهم في عصر واحد‪ ،‬بل على استكشاف رأي المعصسسوم بطريسسق‬
‫الحدس ]الحدس في اللغة‪ :‬الظسن والتخميسن )مختسار الصسحاح مسادة‪ :‬حسدس( وقسد يسراد‬
‫بالحدس المصطلح الفلسفي وهو الدراك المباشر لموضوع التفكير‪..‬‬
‫من‬ ‫وهو أشبه عندهم بالرؤية المباشرة واللهسسام‪) .‬المعجسسم الفلسسسفي‪ :‬ص ‪.[.(70-69‬‬
‫فتسسوى علمسساء الشسسيعة الحسسافظين للشسسريعة‪ ،‬وهسسذا ممسسا يختلسسف بسساختلف‬
‫الموارد‪ ،‬فرب مسألة ل يحصل فيها الجسسزم بموافقسسة المسسام‪ ،‬وإن اتفقسست‬
‫فيها آراء جميع العلم‪ ..‬ورب مسألة يحصل فيها الجزم بالموافقة ولو من‬
‫الشهرة" ]مصباح الفقيه‪ :‬ص ‪ ،436‬الجتهاد والتقليد‪ :‬ص ‪.[.17‬‬
‫فمن هنا يتبين أن الطريق ‪ -‬عندهم ‪ -‬لكتشاف قول المام هو الحدس‪،‬‬
‫فانظر كيف يجعلون اكتشاف قول المعصوم بطريق الحسسدس والظسسن هسسو‬
‫العمدة‪ ،‬وإجماع السلف ليسسس بعمسسدة‪ ،‬إنهسسا مفارقسسات فسسي غايسسة الغرابسسة‪،‬‬
‫واتفاق جميع أعلمهم ل يحصل به الجزم بموافقة المام‪ ،‬ومجرد الشسسهرة‬
‫يحصل بها الجزم ولو لسسم يحصسسل اتفسساق‪ .‬إنهسسا مقسساييس مقلوبسسة‪ ،‬كمسسا أنسسه‬
‫اعتراف منهم بأن شيوخهم قد يتفقون على ضللة‪.‬‬
‫ومع إنكارهم حجية الجماع في الحقيقة‪ ،‬فقد أثبتوا العمل بقول طائفسسة‬
‫مجهولة وترك ما تقوله الطائفة المعروفة‪ ،‬وهذه من ثمسسار الشسسذوذ‪ ،‬وقسسد‬
‫عللوا لهذا المسلك الشاذ بأن المام مع الطائفة المجهولة‪.‬‬
‫يقول صاحب معالم الدين‪" :‬إذا اختلفت المامية على قولين‪ ،‬فإن كانت‬
‫إحدى الطائفتين معلومة النسب ولم يكن المسسام أحسسدهم كسسان الحسسق مسسع‬
‫الطائفة الخرى‪ ،‬وإن لم تكسسن معلومسسة النسسسب‪] "..‬معسسالم السسدين‪ :‬ص ‪.[.406‬‬
‫حتى اعتبروا وجود هسسذه الطائفسسة المجهولسسة شسسرطا ً لتحقسسق الجمسساع فسسي‬
‫عصور الغيبة‪ .‬قالوا‪" :‬الحق امتناع الطلع عادة على حصول الجماع فسسي‬
‫زماننا هذا وما ضاهاه من غير جهسسة النقسسل‪ ،‬إذ ل سسسبيل إلسسى العلسسم بقسسول‬
‫المام‪ ،‬كيف وهو موقوف على وجود المجتهسسدين المجهسسولين ليسسدخل فسسي‬
‫جملتهم ويكون قوله رضي الله عنه مستورا ً بيسن أقسسوالهم‪ ،‬وهسسذا مقطسسوع‬
‫بانتفائه‪ ،‬فكل إجماع يدعى في كلم الصحاب مما يقرب من عصر الشيخ‬
‫إلى زماننا‪ ،‬وليس مستندا ً إلى نقل متواتر وآحاد حيث يعتبر أو مع القرائن‬
‫المفيدة للعلم‪ ،‬فلبد أن يراد به ما ذكره الشهيد من الشهرة" ]معالم الدين‪:‬‬
‫ص ‪ .[.406‬العمدة عندهم قول الطائفة المجهولة‪ ،‬وهذا عزيز الوجود‪ ،‬فمنذ‬
‫ما يقارب عصر شيخ طائفة الطوسي لم يطلع علسسى مثسسل هسسذا‪ ،‬والجمسساع‬
‫الموجود هو الجماع المنقول ]الجمسساع فسسي اصسسطلح الثنسسي عشسسرية ينقسسسم إلسسى‬
‫قسمين‪:‬‬
‫‪ -1‬الجماع المحصل‪ :‬والمقصود به الجماع الذي يحصسسله الفقيسسه بتتبسسع أقسسوال أهسسل‬
‫الفتوى‪.‬‬
‫‪ -2‬الجماع المنقول‪ :‬والمقصود به الجماع الذي لم يحصله الفقيه بنفسسسه وإنمسسا ينقلسسه‬
‫له من حصله من الفقهاء سواء أكان النقل به بواسطة أم بوسائط‪ ،‬ثم النقسسل تسسارة يقسسع‬
‫على نحو التواتر‪ ،‬وهذا حكمه حكم المحصل من جهة الحجية‪ ،‬وأخرى يقع على نحو خسسبر‬
‫الواحد‪ ،‬وإذا أطلق قول الجماع المنقول في لسان الصوليين فالمراد منه الخيسسر‪ ،‬وقسسد‬
‫وقع الخلف بينهسم فسي حجيتسه )المظفسر‪ /‬أصسول الفقسه‪ .(3/101 :‬وقسال العملسي فسي‬
‫مقتبس الثر‪ :‬للجماع في اصطلحات الفقهاء )يعنسسي فقهسساء الجعفريسسة( إطلقسسات منهسسا‬
‫يقولون‪ :‬الجماع‪ :‬هو القطع برأي المام رضي الله عنه‪.‬‬
‫‪241‬‬
‫ومنها الجماع المحصل‪ ،‬وعلق عليه بقوله‪ :‬وهو غير حاصل‪ ،‬ومنها الجماع المنقول بخبر‬
‫الواحد وعقب عليه بقسسوله‪ :‬وهسسو مقبسسول‪) .‬مقتبسسس الثسسر‪ .[.(3/62 :‬وكأنه قبل عصسسر‬
‫الشيخ قد وجد مثل هذا الجماع‪.‬‬
‫وهؤلء الذين يرفضون إجماع الصحابة‪ ،‬يبحثون عن قول طائفة مجهولة‬
‫ليأخذوا به‪ .‬ثم هم قد أصابوا في عدم العتداد بأقوال شيخهم وإن اتفقت‬
‫كلمتهم‪ ،‬ولكنهم ضلوا في إعراضهم عما أجمع عليه الصحابة والسلف‪.‬‬
‫وهم في وصولهم إلسسى مسسا يسسسمى "بالجمسساع" عنسسدهم‪ ،‬يتخبطسسون أيمسسا‬
‫تخطب حسستى صسسارت إجماعسساتهم المتعارضسسة كروايسساتهم المتضسساربة السستي‬
‫تلحظهسا أثنسساء مراجعتسك لكتساب الستبصسار أو البحسار أو غيرهمسا‪ ،‬بسل إن‬
‫العالم الواحد تتضارب أقواله في دعوى الجماع‪ ،‬انظر ‪ -‬مثل ً ‪ -‬ابن بسسابويه‬
‫القمي صاحب "من ل يحضره الفقيه" أحد الكتب الربعة التي عليها مسسدار‬
‫العمل عندهم‪ ،‬قالوا إنه‪ .." :‬ليدعي الجماع فسسي مسسسألة ويسسدعي إجماع سا ً‬
‫آخر على خلفها وهو كثير" ]جسسامع المقسسال فيمسسا يتعلسسق بسسأحوال الحسسديث والرجسسال‪/‬‬
‫الطريحي‪ :‬ص ‪ .[.15‬حتى قال صاحب جامع المقال‪" :‬ومن هذه طريقتسسه فسسي‬
‫دعوى الجماع كيف يتم العتماد عليسه والوثسوق بنقلسه" ]الموضسسع نفسسسه مسسن‬
‫المصدر السابق‪.[.‬‬
‫بل إنهم يسسدعون الجمسساع فسسي أمسسر ل قسسائل بسسه‪ ،‬يقسسول شسسيخهم النسسوري‬
‫الطبرسي‪" :‬ربما يدعي الشيخ والسيد إجماع الماميسسة علسسى أمسسر وإن لسسم‬
‫يظهر له قائل" ]فصل الخطاب‪ :‬ص ‪ .[.34‬كما ذكسسر شسسيخهم الطبرسسسي وأكسسد‬
‫على وجود "الجماعات المتعارضة مسسن شسسخص واحسسد ومسسن معاصسسرين أو‬
‫متقاربي العصر‪ ،‬ورجوع المسسدعي عسسن الفتسسوى السستي ادعسسى الجمساع فيهسسا‬
‫ودعوى الجماع في مسائل غير معنونسسة )كسسذا( فسسي كلم مسن تقسسدم علسسى‬
‫المدعي‪ ،‬وفي مسائل قد اشتهر خلفها بعد المدعي‪ ،‬بل في زمانه‪ ،‬بل ما‬
‫قبله" ]الموضع نفسه من المصدر السابق‪.[.‬‬
‫هذا قول الطبرسي وهو الخبير المتتبسسع لكتبهسسم‪ ،‬واضسسطر ليكشسسف هسسذا‬
‫لنصرة مذهبه الذي ألف فصل الخطاب مسسن أجلسسه‪ ،‬ويسسرد دعسسوى الجمسساع‬
‫علسسى خلفسسه فاسسستفدنا مسسن هسسذا العسستراف غيسسر المقصسسود لسسذاته لنسسبين‬
‫اضطرابهم في هذا الصل‪ ،‬واضطرابهم في تحديده وفي تطبيقه‪.‬‬
‫ثم إنهم ‪ -‬وهم يقولون بأن الجماع وهو ما يكشف عن قول المعصوم ‪-‬‬
‫ل يطبقون هذا‪ ،‬بل يتتبعون اتفاق أصحابهم ل قول معصومهم‪ .‬ولهذا قسسال‬
‫صاحب معالم الدين حينما ذكر ما قاله أحد كبار شيوخهم مسسن أن العمسسدة‬
‫هو كلم المعصسسوم ل اتفسساق الفقهسساء بسسدونه‪ ،‬فقسسال‪" :‬والعجسسب مسسن غفلسسة‬
‫الصحاب عن هذا الصل وتساهلهم في دعوى الجماع عند احتجسساجهم بسسه‬
‫للمسسسائل الفقهيسسة‪ ،‬حسستى جعلسسوه عبسسارة عسسن مجسسرد اتفسساق الجماعسسة مسسن‬
‫الصحاب فعدلوا به عن معناه الذي جرى عليه الصطلح مسسن غيسسر قرينسسة‬
‫جلية‪ ،‬ول دليل على الحجية معتدا ً – كذا ‪ -‬به" ]معالم الدين‪ :‬ص ‪.[.406-405‬‬
‫فهم ل يقولون بالجماع على الحقيقية‪ ،‬ومسسع ذلسسك يجعلسسونه مسسن أصسسول‬
‫أدلتهم‪ ،‬ويتناقضون في دعواه وتطبيقه أيما تناقض‪ .‬والتناقض فسسي القسسول‬
‫دليل بطلنه‪.‬‬
‫‪242‬‬
‫وحتى يتجلى لك الفرق جليا ً بين مذهب أهل السسسنة فسسي القسسول بحجيسسة‬
‫الجماع‪ ،‬وبين مذهب الشيعة في ذلك‪ ،‬فلك أن تتصسسور أنسسه لسسو صسسدر مسسن‬
‫إمامهم محمد الجواد‪ ،‬والذي قالوا بإمامته وهسو ابسن خمسس سسنين ]انظسسر‪:‬‬
‫بحار النسسوار‪ ،[.25/103 :‬لو صدر منسسه وهسسو فسسي هسسذا العمسسر قسسول أو رأي‪ ،‬أو‬
‫نسب إليه عن طريق جماعة مسسن الروافسسض أنسسه يقسسول فسسي أمسسر شسسرعي‬
‫بحكم‪ ،‬أو قول‪ ،‬وخالفته في ذلك المة السلمية جمعيًا‪ ،‬فإن الحاجسسة فسسي‬
‫رأيه ل في إجماع المة" ]وقد جاء في أصول الكافي القول بإمامة المسسام‪ ،‬ولسسو كسسان‬
‫عمره ثلث سنين‪.‬‬
‫انظسسر )أصسسول الكسسافي‪ ،‬كتسساب الحجسسة‪ ،‬بسساب الشسسارة والنسسص علسسى أبسسي جعفسسر الثسساني‪:‬‬
‫‪ ،(1/321‬وانظر‪) :‬المفيد‪ /‬الرشسساد ص ‪ ،298‬الطبرسسسي‪ /‬أعلم السسورى‪ :‬ص ‪ .331‬وفيهمسسا‬
‫"ولو كان ابن أقل من ثلث سنين"‪ ،‬وبحار النوار‪.[.(103-25/102 :‬‬
‫ولو أثر عن منتظرهم الذي قال التاريخ بأنه ل وجود لسسه ‪ -‬كمسسا سسسيأتي ‪-‬‬
‫قول‪ ،‬ولو عسن طريسق حكايسات الرقساع‪ ،‬وخسالفه فسي هسذا القسول أو ذلسك‬
‫الحكم المسلمون جميعًا‪ ،‬فسسإن القسسول هسسذا المعسسدوم السسذي لسسم يوجسسد‪ ،‬ول‬
‫عبرة بقول المسلمين جميعسًا‪ .‬قسسال مفيسسدهم فسسي تقريسسر هسسذا‪" :‬فلسو قسسال‬
‫)يعني المام( قول ً لم يوافقه عليه أحد من النام لكسسان كافي ًسسا فسسي الحجسسة‬
‫والبرهان" ]أوائل المقالت ‪ :‬ص ‪.[.100‬‬
‫وهذا مذهب في غاية البطلن ل يحتاج إلى مناقشة‪.‬‬
‫ولهذا قرر المفيد أن هذا مما شذت بسسه طسسائفته‪ ،‬فقسسال‪" :‬وهسسذا مسسذهب‬
‫أهل المامة خاصة‪ ،‬ويخالفهم فيه المعتزلة والمرجئة والخسسوارج وأصسسحاب‬
‫الحديث‪] "..‬المصدر السابق ونفس الصفحة‪.[.‬‬
‫ثنايًا‪ :‬ما خالف العامة ففيه الرشاد‪:‬‬
‫الجماع عند جمهور المسلمين ينظر فيه إلى إجماع المسسة‪ ،‬لن المسسة ل‬
‫مققن‬ ‫ل ِ‬ ‫سو َ‬‫ق الّر ُ‬ ‫ق ِ‬
‫شا ِ‬ ‫من ي ُ َ‬ ‫و َ‬‫يمكن أن تجتمع على ضللة‪ .‬قال تعالى‪َ } :‬‬
‫وّلى‬‫ما ت َ َ‬
‫ه َ‬‫ول ّ ِ‬
‫ن نُ َ‬
‫مِني َ‬‫ؤ ِ‬‫م ْ‬‫ل ال ْ ُ‬‫سِبي ِ‬ ‫ع َ‬
‫غي َْر َ‬ ‫وي َت ّب ِ ْ‬
‫دى َ‬ ‫ه ال ْ ُ‬
‫ه َ‬ ‫ن لَ ُ‬‫ما ت َب َي ّ َ‬‫د َ‬ ‫ع ِ‬‫بَ ْ‬
‫را{ ]النساء‪ ،‬آية‪ ،115 :‬فمن خرج من إجماع المة‬ ‫صي ً‬ ‫م ِ‬ ‫ت َ‬
‫ساءَ ْ‬ ‫و َ‬‫م َ‬ ‫هن ّ َ‬
‫ج َ‬ ‫ه َ‬ ‫صل ِ ِ‬
‫ون ُ ْ‬‫َ‬
‫ول‬ ‫فقد اتبع غير سبيل المؤمنين )انظر‪ :‬مجموع فتاوى شيخ السلم‪ .(19/194 :‬ولسسذلك ع س ّ‬
‫المام الشافعي ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬في الحتجاج على كون الجماع حجسسة تحسسرم مخسسالفته بهسسذه‬
‫الية الكريمة‪ ،‬وذلك بعد التروي والفكر الطويل‪ ،‬وهو من أحسن الستنباطات وأقواها‪ ،‬وإن‬
‫كان بعضهم قد استشكل ذلك فاستبعد الدللسسة منهسسا )تفسسسير ابسسن كسسثير‪ .(1/590 :‬ولشسسيخ‬
‫السسسلم تحقيسسق بسسديع حسسول هسسذه اليسسة والجمسساع )انظسسر‪ :‬مجمسسوع فتسساوى شسسيخ السسسلم‪:‬‬
‫‪ 192 ،179 ،19/178‬وما بعدها‪ ،‬وانظر‪ :‬تفسير القاسمي‪ 5/459 :‬وما بعدها(‪.‬‬
‫ن{ هسسذا ملزم للصسسفة الولسسى‪،‬‬ ‫مِني َ‬
‫ؤ ِ‬ ‫ل ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫ع َ‬
‫غي َْر َ‬ ‫وي َت ّب ِ ْ‬
‫قال المام ابن كثير‪" :‬قوله } َ‬
‫ولكن قد تكون المخالفة لنص الشارع‪ ،‬وقد تكون لما اجتمعت عليه المسسة المحمديسسة فيمسسا‬
‫علم اتفاقهم عليه تحقيقًا‪ ،‬فإنه قد ضمنت لهم العصمة في اجتمساعهم مسن الخطسأ تشسريفا ً‬
‫لهم وتعظيما ً لنبيهم‪.‬‬
‫وقد وردت أحاديث صحيحة كثيرة في ذلك‪ ..‬ومن العلماء من ادعى تواتر معناها"‪.‬‬
‫)تفسير ابن كثير‪ .[.(1/590 :‬وقال صلى الله عليسسه وسسسلم‪" :‬ل تسسزال طائفسسة‬
‫من أمتي قائمة بأمر الله ل يضرهم من خذلهم أو خالفهم حتى يسسأتي أمسسر‬
‫الله وهو ظاهرون على الناس" ]رواه مسسسلم فسسي كتسساب الجهسساد‪ ،‬بسساب قسسول النسسبي‬
‫صلى الله عليسسه وسسسلم‪" :‬ل تسزال طائفسسة مسسن أمسستي ظسساهرين علسسى الحسسق ل يضسسرهم مسسن‬
‫خالفهم" ‪.2/1524‬‬
‫‪243‬‬
‫والحديث بهذا المعنى أخرجه ‪ -‬أيضا ً ‪ -‬البخاري في كتاب العتصام بالكتاب والسنة‪ ،‬باب‬
‫قول النبي صلى الله عليه وسلم‪" :‬ل تزال طائفة من أمتي ظاهرين علققى الحققق"‬
‫‪.[.8/149‬‬
‫وروي عنه صلى الله عليه وسسسلم عسسدة روايسسات فسسي أن هسسذه المسسة "ل‬
‫تجتمع على ضللة" ]قسسال السسسخاوي‪" :‬حسسديث مشسسهور المتسسن ذو أسسسانيد كسسثيرة‬
‫وشواهد متعددة في المرفوع وغيره )المقاصسسد الحسسسنة ص ‪ (460‬فسسروي عنسسه صسسلى اللسسه‬
‫عليه وسلم أنه قال‪" :‬إن الله أجاركم من ثلث خلل )ومنها( وأن ل يجتمعوا على‬
‫ضللة" رواه أبو داود في سننه‪) 4/452 :‬رقم ‪ .(4253‬قسسال الحسسافظ فسسي التلخيسسص‪ :‬فسسي‬
‫إسناده انقطاع‪ ،‬وقال في موضع آخر‪ :‬سنده حسن )عون المعبود‪.(11/326 :‬‬
‫وروى المام أحمد عن أبي بصرة الغفاري رضي الله عنه أن رسول اللسسه صسسلى اللسسه عليسسه‬
‫وسلم قال‪" :‬سألت الله عز وجققل أن ل يجمققع أمققتي علققى ضققللة فأعطانيهققا"‬
‫)المسند ‪ (6/396‬قال الحافظ في التلخيص‪ .." :‬رجاله ثقات لكن فيه راو لم يسم" )عسسون‬
‫المعبود‪ .(11/326:‬وروى الترمذي عن ابن عمر "أن الله تعققالى ل يجمققع أمققتي ‪ -‬أو‬
‫قال‪ :‬أمة محمد صلى الله عليه وسلم ‪ -‬على ضللة‪ ،‬ويققد اللققه مققع الجماعققة‪،‬‬
‫ومن شذ شذ إلى النار"‪ .‬قال أبو عيسى‪ :‬حديث غريب من هذا الوجه )سسسنن الترمسسذي‬
‫‪ ) (4/466‬رقم ‪ .(2167‬وقال ابن حجر في تخريج المختصر‪ :‬حديث غريب خرجه أبو نعيسسم‬
‫في الحلية‪ ،‬والللكائي في السنة ورجاله رجال الصحيح لكنه معلوم‪ ،‬فقد قسسال الحسساكم‪ :‬لسسو‬
‫كان محفوظا ً حكمت بصحته على شرط الصحيح‪ ،‬لكن اختلف فيه على معتمر بن سسسليمان‬
‫على سبعة فذكرها‪ ،‬وذلك مقتضي للضطراب والمضطرب من أقسام الضعيف )عن فيض‬
‫القدير ‪ .(2/271‬ورواه ابن ماجه بلفظ‪" :‬إن أمتي ل تجتمع على ضققللة" )سسسنن ابسسن‬
‫ماجه ‪ -‬كتاب الفتن ‪ -‬باب السواد العظم ‪) (2/1303‬رقم ‪.(3950‬‬
‫وأورده السسسيوطي فسسي الجسسامع ورمسسز لسسه بالصسسحة )فيسسض القسسدير‪ .(2/431 :‬لكسسن قسسال‬
‫السندي‪" :‬وفي الزوائد في إسناده أبو خلف العمى‪ ،‬واسمه حازم بن عطاء وهسسو ضسسعيف"‬
‫)حاشسسية السسسندي علسسى سسسنن ابسسن مسساجه‪ ،(2/464 :‬وقسسال العراقسسي فسسي تخريسسج أحسساديث‬
‫البيضاوي‪" :‬جاء الحديث بطرق في كلها نظسسر" )المصسسدر السسسابق(‪ .‬وقسسال ابسسن حجسسر‪" :‬لسسه‬
‫طرق ل يخلو واحد منها من مقال" )عن فيض القدير‪ (2/200 :‬وقد أورده أصحاب الصول‬
‫محتجين به‪) .‬انظر‪ :‬المستصفى‪ ،1/175 :‬والحكام للمدي‪.[.(1/219 :‬‬
‫هذا بالنسبة لجمهور المسلمين‪ ،‬أما طائفة الشيعة فالنظر عنسسدهم فسسي‬
‫الجماع إلى المام ل إلى المة‪ ،‬والعتبسسار بمسسن دان بإمامسسة الثنسسي عشسسر‬
‫بشرط أن يكون من ضمنهم المام‪ ،‬أو يكون إجمسساعهم كاشسسفا عسسن قسسول‬
‫المام ‪ -‬كما قسدمنا ‪ -‬ول يلتفست إلسى اتفساق العلمساء المجتهسدين مسن أمسة‬
‫محمد صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫بل المر أعظم من عدم اعتبار إجماعهم‪ ،‬حيث تعدى ذلسسك إلسسى القسسول‬
‫بأن مخالفة إجماع المسلمين فيه الرشاد‪ ،‬وصار مبدأ المخالفسسة أصسل ً مسسن‬
‫أصسسول الترجيسسح عنسسدهم‪ ،‬وأساسسا ً مسسن أسسسس مسسذهبهم‪ ،‬وجسساءت عنسسدهم‬
‫نصوص كثيرة تؤكد هذا المبدأ وتدعو إليه‪.‬‬
‫ففي أصول الكافي سؤال أحد أئمتهم يقول‪ :‬إذا "‪ ..‬وجدنا أحد الخسسبرين‬
‫موافقا ً للعامة )يعني أهل السنة( والخر مخالفا ً لهم بسسأي الخسسبرين يؤخسسذ؟‬
‫فقال‪ :‬ما خالف العامة ففيه الرشاد‪ ،‬فقلت )القسسائل هسسو السسراوي(‪ :‬جعلسست‬
‫فداك‪ ،‬فإن وافقها الخسسبران جميعسًا؟ قسسال‪ :‬ينظسسر إلسسى مسسا هسسم إليسسه أميسسل‬
‫حكامهم وقضاتها فيترك ويؤخذ بالخر‪ ،‬قلت‪ :‬فإن وافق حكامهم الخسسبرين‬
‫جميعًا؟ قال‪ :‬إذا كان ذلك فارجئه حتى تلقسسى إمامسسك‪ ،‬فسسإن الوقسسوف عنسسد‬
‫الشبهات خير من القتحام في الهلكات" ]الكليني‪ /‬أصول الكسسافي‪،68-1/67 :‬‬

‫‪244‬‬
‫ابسسن بسساوبيه القمسسي‪ /‬مسسن ل يحضسسره الفقيسسه‪ ،3/5 :‬الطوسسسي‪ /‬التهسسذيب‪،6/301 :‬‬
‫الطبرسي‪ /‬الحتجاج ص ‪ ،194‬الحر العاملي‪ /‬وسائل الشيعة‪.[.76-18/75 :‬‬
‫وذكر ثقتهم الكليني أن مسسن وجسسوه التمييسسز عنسسد اختلف روايسساتهم قسسول‬
‫إمامهم‪" :‬دعوا ما وافق القوم فإن الرشد في خلفهم" ]أصول الكافي‪ /‬خطبة‬
‫الكتاب ص ‪ ،8‬وانظر‪ :‬وسائل الشيعة‪.[.18/80 :‬‬
‫وقال أبو عبد اللسسه ‪ -‬كمسسا يفسسترون ‪" :-‬إذا ورد عليكسسم حسسديثان مختلفسسان‬
‫فخذوا بما يخالف القوم" ]وسائل الشيعة‪.[.18/85 :‬‬
‫وعن الحسن بن الجهم قسسال‪ :‬قلسست للعبسسد الصسسالح ]هسسذا اللقسسب المسسراد بسسه‬
‫المام‪ -[.‬رضي الله عنه ‪" :-‬هسسل يسسسعنا فيمسسا ورد علينسسا منكسسم إل التسسسليم‬
‫لكم؟ فقال‪ :‬ل والله ل يسعكم إل التسليم لنا‪ ،‬فقلت‪ :‬فيروى عن أبي عبد‬
‫الله شيء‪ ،‬ويروى عنه خلفه فأيهما نأخسذ؟ فقسال‪ :‬خسذ بمسا خسالف القسوم‬
‫)إشارة لهل السنة( وما وافق القوم فاجتنبه" ]وسائل الشيعة‪.[.18/85 :‬‬
‫ويعللون الخذ بهذا المبدأ بما يرويه أبو بصير عن أبي عبد الله قال‪" :‬ما‬
‫أنتم والله على شيء ممسسا هسسم فيسسه‪ ،‬ول هسسم علسسى شسسيء ممسسا أنتسسم فيسسه‪،‬‬
‫فخالفوهم فما هسسم مسسن الحنيفيسسة علسسى شسسيء" ]الموضسسع نفسسسه مسسن المصسسدر‬
‫السابق‪.[.‬‬
‫ويغرر هؤلء الزنادقة الذين يبغون فسسي المسسة الفرقسسة والخلف‪ ،‬بسسأولئك‬
‫التباع الجهال الذين تعطلت ملكة التفكير عندهم بعدما شسسحنت نفوسسسهم‬
‫بما يسمى "محن آل البيت" و"خدرت" عقولهم بما يقسسال لهسسم مسسن ثسسواب‬
‫كبير ينتظرهم بمجرد حب آل البيت‪ ،‬غسسرر هسسؤلء الزنادقسسة بسسأولئك التبسساع‬
‫فقالوا‪ :‬إن الصل في هذا المبدأ "أن عليا ً ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬لم يكن يدين‬
‫الله بدين إل خسسالف – كسسذا ‪ -‬عليسسه المسسة إلسسى غيسسره إرادة لبطسسال أمسسره‪،‬‬
‫وكانوا يسألون أمير المؤمنين عن الشيء السسذي ل يعلمسسونه‪ ،‬فسسإذا أفتسساهم‬
‫جعلوا له ‪ -‬كذا ‪ -‬من عندهم ليلتبسوا ‪ -‬كذا ‪ -‬على الناس" ]ابسسن بسسابويه‪ /‬علسسل‬
‫الشرائع‪ :‬ص ‪ ،531‬وسائل الشيعة‪.[.18/83 :‬‬
‫مع أنهم يقولون بأن عمر كان يستشيره في كل صغيرة وكبيرة‪ ،‬ويأخسسذ‬
‫بقوله ويعمل بفتواه‪ ،‬وأن الصحابة كانت ترجع إليه فسسي مشسسكلتهم ]انظسسر‪:‬‬
‫منهسساج السسسنة حيسسث نقسسل كلم ابسسن المطهسسر فسسي ذلسسك‪ ،[.4/160 :‬وأن عمر قسسال‪ :‬ل‬
‫عشت في أمة لست لها يسسا أبسسا الحسسسن ]منسساقب آل أبسسي طسسالب‪،493-1/492 :‬‬
‫الصادقي‪ /‬علي والحاكمون‪ :‬ص ‪ .[.120‬ل عشت لمعضلة ل يكون لها أبا الحسسسن‬
‫]الرشاد للمفيد ص ‪ ،98-97‬مناقب آل أبي طالب‪.[.1/494 :‬‬
‫ضسساع‬‫فسسأي القسسولين نأخسسذ بسسه ونصسسدقه؟ ولكسسن هسسذا هسسو دأب هسسؤلء الو ّ‬
‫التناقض‪ ،‬وهذه ثمار الكذب‪.‬‬
‫كمسسا يوصسسون أتبسساعهم بالوصسسية التاليسسة والسستي تعمسسق الخلف وتضسسمن‬
‫استمراره‪ ،‬وتكفل لهذه الفئة العزلة عسسن جماعسسة المسسسلمين وإجمسساعهم‪:‬‬
‫عن علي ابن أسباط قال‪ :‬قلت للرضا ‪ -‬رضي الله عنه ‪ :-‬يحسسدث المسسر ل‬
‫أجد بد ّا ً من معرفتسسه‪ ،‬وليسسس فسسي البلسسد السسذي أنسسا فيسسه أحسسد أسسستفتيه مسسن‬
‫مواليك‪ ،‬قال‪ :‬ائت فقيه البلد‪ ،‬فاستفته عن أمرك‪ ،‬فإذا أفتاك بشيء فخسسذ‬

‫‪245‬‬
‫بخلفه‪ ،‬فإن الحق فيه" ]ابسسن بسسابويه‪ /‬علسسل الشسسرائع‪ :‬ص ‪ ،531‬الطوسسسي‪ /‬التهسسذيب‪:‬‬
‫‪ ،6/295‬وسائل الشيعة‪ ،83-18/82 :‬وبحار النوار‪.[.2/233 :‬‬
‫وعلق على هذا النص أحد شيوخهم‪ ،‬فقال‪" :‬من جملة نعماء اللسسه علسسى‬
‫هذه الطائفة المحقة أنه خلى بين الشيطان وبين علماء العامسسة‪ ،‬فأضسسلهم‬
‫في جميع المسائل النظرية حتى يكون الخذ بخلفهم ضابطة لنا‪ ،‬ونظيسسره‬
‫ما ورد في حسق النسسساء شساوروهن وخسسالفوهن" ]الحسسر العسساملي‪ :‬اليقسساظ مسسن‬
‫الهجعة ص ‪.[.71-70‬‬
‫هذه النصوص في منتهى الخطورة‪ ،‬وهسسي مسسن وضسسع زنسسديق ملحسسد أراد‬
‫الكيد للمة ودينها‪ ،‬وأراد أن يفتح للقوم بابا ً واسسعا ً للخسروج مسن السسلم‪،‬‬
‫حيث يتجهون إلى مخالفة كل أمر مسسن السسدين عليسسه أمسسة السسسلم‪ .‬وكيسسف‬
‫يدعو قوم هذه عقائدهم إلى التقريب؟! وكيف يزعمون إمكانية اللقاء مسسع‬
‫أهل السنة الذين يكون الرشد في خلفهم؟!‬
‫الجانب النقدي لهذه المقالة‪:‬‬
‫بالضافة إلى ما ألمحنا إليه في أثناء العرض نوضح هذه المسسسألة أكسسثر‪،‬‬
‫فسسأقول‪ :‬أمسسا ثبسسوت حجيسسة الجمسساع‪ ،‬فقسسد تكفلسست كتسسب الصسسول ببيسسانه‪،‬‬
‫والستدلل عليه بما يغني ويكفي‪.‬‬
‫والشيعة تقر بالجماع اسمًا‪ ،‬وتخالفه في الحقيقة ‪ -‬كما سلف ‪.-‬‬
‫وقد نقل شسسخيهم المعاصسسر مغنيسسة اتفسساق شسسيعته القسسدماء علسسى القسول‬
‫بالجماع‪ ،‬وأن المتأخرين عدوه من أصول أدلتهم‪ ،‬ولكن لم يعتمسسدوا عليسسه‬
‫]انظر‪ :‬ص ) ‪ ،[.(406‬وهذا يعني أنهم خالفوا الجماع الذي عدوه مسسن أصسسول‬
‫أدلتهسسم‪ ،‬أو أن قسسدماء الشسسيعة قسسد أجمعسسوا علسسى ضسسللة‪ ،‬أو أن متسسأخريهم‬
‫خالفوا الحق الذي أجمع عليه متقدموهم‪ ..‬والحقيقة أن مآل الجميسسع إلسسى‬
‫النكار‪ ،‬وإن كثر ادعاء بعضهم في هسسذا البسساب لسسسيما فسسي كتسسب الصسسول‬
‫عندهم‪ ،‬ذلك أن دعوى الجماع عند التمحيص مجرد لغو ل حقيقة له‪.‬‬
‫ولكن بالضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن حيرتهسسم فسسي الوصسسول إلسسى هسسذا الجمسساع‬
‫الذي يدعونه برهان جلي يدل على أنهم ليسوا علسسى شسسيء‪ ،‬ومسسن أوضسسح‬
‫المثلة على ذلك اشتراطهم وجود عالم مجهسول النسسب لتحقسق الجمساع‬
‫على اعتبار أن يكون هو المام الغائب‪ ،‬وقد اعتبر شيخ السلم ابن تيميسسة‬
‫ذلك من أعظم الجهل‪ ،‬حيسسث قسسال‪" :‬رأيسست فسسي كتسسب شسسيوخهم أنهسسم إذا‬
‫اختلفوا في مسألة على قولين‪ ،‬وكان أحد القولين يعرف قائله‪ ،‬والخسسر ل‬
‫يعرف قائله‪ ،‬فالصسسواب عنسسدهم القسسول السسذي ل يعسسرف قسسائله‪ .‬قسسالوا‪ :‬لن‬
‫قائله إذا لم يعرف كسسان مسسن أقسسوال المعصسسوم‪ ،‬فهسسل هسسذا إل مسسن أعظسسم‬
‫الجهل"‪.‬‬
‫وتعجب كيف يجعلسسون عسسدم العلسسم بسسالقول وصسسحته‪ ،‬دليل ً علسسى صسسحته‪،‬‬
‫وقال‪" :‬من أين يعرف أن القول الخسسر السسذي لسسم يعسسرف قسسائله إنمسسا قسساله‬
‫المعصوم؟ ولم ل يجوز أن يكون المعصوم قد وافسسق القسسول السسذي يعسسرف‬
‫قائله‪ ،‬وأن القول الخر قد قاله من ل يدري مسسا يقسسول‪ ،‬بسسل قسساله شسسيطان‬
‫من شياطين الجن والنس؟ فهم أثبتوا الجهل بالجهل‪ ،‬حيسسث جعلسسوا عسسدم‬
‫العلم بالقائل دليل ً على أنه قول المعصوم‪ .‬وهذه حال من أعرض عن نور‬
‫‪246‬‬
‫السنة التي بعث الله بها رسوله‪ ،‬فسسإنه يقسسع فسسي ظلمسسات البسسدع‪ ،‬ظلمسسات‬
‫بعضها فوق بعض" ]منهاج السنة‪.[.266-3/265 :‬‬
‫وقد انتقدهم شيخهم الحر العالي "صاحب الوسائل" على هذا المسسسلك‬
‫]لنه من الخبسساريين السسذين ل يقولسسون بسسدليل الجمسساع‪ ،[.‬فقال‪" :‬وقولهم باشسستراط‬
‫دخول مجهول النسب فيهم أعجسب وأغسرب‪ ،‬وأي دليسل دل عليسه؟ وكيسف‬
‫يحصل مع ذلك العلم بكونه هو المعصسوم أو الظسسن بسه" ]عسسن مقتبسسس الثسسر‪:‬‬
‫‪.[.3/63‬‬
‫وأمر آخر ل يقل عن هذا‪ ،‬وهسسو كيسسف يجعسسل قسسول طفسسل عمسسره خمسسس‬
‫سنين لم يخرج عن طور الحضانة بمنزلة إجماع المة بأسرها‪ ،‬بل يرفسسض‬
‫إجماع المة ويؤخذ بقول صبي أو معدوم؟! هذا في غاية الفساد‪.‬‬
‫وإذا بحثت عن إجماعهم )السمي( السذي يكشسف عسن رأي المعصسوم ‪-‬‬
‫كما يزعمون ‪ -‬لم تجد إل روايات يعارض بعضها بعضًا‪ ،‬كما ترى ذلسسك فسسي‬
‫روايات التهذيب والستبصسسار‪ .‬وقسسد صسسرح بسسه شسسيخ الطائفسسة فسسي مقدمسسة‬
‫التهذيب‪ ،‬وذكر أن هذا من أسباب خروج الكسسثير مسسن التشسسيع ‪ -‬كمسسا مسسر –‬
‫]انظر‪ :‬ص )‪.[.(361‬‬
‫ثم يلحظ أن أهم مسألة عند الشيعة وهسسي مسسسألة المسسام قسسد تضساربت‬
‫في تعيينه فرق الشيعة‪ ،‬واختلفت مسذاهبهم‪ ،‬واضسطربت اتجاهساتهم حسوله‬
‫بشكل كبير‪ ،‬كما حفلت ببيانه وتفصيله كتب المقالت عند الفريقين‪ ،‬فأين‬
‫تحقق الجماع وأصسسل المسسذهب تنخسسر فيسسه الختلفسسات‪ ،‬وتسسدور فسسي شسسانه‬
‫المنازعات؟‬
‫وترى كذلك أن دعوى الجماع عندهم متعارضة متضساربة‪ .‬ومسا انفسردت‬
‫به الشيعة عن الجماعة وادعت الجماع عليه هي أقوال في غايسسة الفسسساد‬
‫سواء فسي الصسول أو الفسروع‪ ،‬كإيمسانهم بسذلك المنتظسر السذي لسم يولسد‪،‬‬
‫ومبالغاتهم في أوصسساف المسسام ومعجزاتسسه‪ ،‬وإلسسى آخسسر مسا شسسذوا بسه ممسسا‬
‫سيأتي بسطه وبيانه‪ .‬بسسل قسسال شسسيخ السسسلم ابسسن تيميسسة ‪ -‬رحمسسه اللسسه ‪:-‬‬
‫"الشيعة ليس لهم قول واحد يتفقون عليه" ]منهاج السنة‪.[.2/129 :‬‬
‫وهذا حق اعترفت به الشيعة نفسها‪ ،‬حيث جاء في أصول الكافي‪" :‬عن‬
‫زرارة بن أعين عن أبي جعفر ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬قال‪ :‬سألته عسسن مسسسألة‬
‫فأجابني‪ ،‬ثم جاءه رجل فسأله عنها‪ ،‬فأجابه بخلف مسسا أجسسابني‪ ،‬ثسسم جسساءه‬
‫رجل آخر فأجابه بخلف ما أجسابني وأجساب صساحبي‪ ،‬فلمسا خسرج السرجلن‬
‫قلت‪ :‬يا ابن رسول الله‪ ،‬رجلن من أهل العراق من شيعتكم قدما يسألن‬
‫فأجبت كل واحد منهما بغير ما أجبت به صاحبه؟ فقال‪ :‬يسسا زرارة‪ ،‬إن هسسذا‬
‫خير لنا ولكم‪ ،‬ولو اجتمعتم على أمر واحد لصدقكم النسساس علينسسا‪ ،‬ولكسسان‬
‫ل لبقائنا وبقائكم" ]أصول الكافي‪.[.1/65 :‬‬ ‫أق ّ‬
‫فهذا يؤكد أن من أصول مذهبهم بحكسسم عقيسسدة التقيسسة اختلف أقسسوالهم‬
‫وتباين آرائهم‪ ،‬حسستى ل يقسسف ‪ -‬بزعمهسسم ‪ -‬العسسداء علسسى حقيقسسة مسسذهبهم‪،‬‬
‫فكان من أثر ذلك أن ضاع المذهب‪ ،‬ولم يعرف حقيقة رأي الئمة‪ ،‬فكيسسف‬
‫يمكسسن تحقسسق الجمسساع علسسى قسسول أو حكسسم فسسي ظسسل هسسذا الختلف‬
‫والضطراب؟!‬
‫‪247‬‬
‫والمام أبو جعفر بريء من هذا‪ ،‬لكن هذا من اخسستراع الزنادقسسة حسستى ل‬
‫يعرف الشيعة رأي أبي جعفر وغيسسره مسسن علمسساء آل السسبيت ليتسسسنى لهسسم‬
‫نشر كفرهم وغلوهم‪ ،‬وكلما كذب هذا الغلو أئمسسة أهسسل السسبيت قسسالوا‪ :‬هسسذا‬
‫تقية‪.‬‬
‫قال علمة الهند صاحب التحفة الثني عشرية‪ :‬وأمسسا الجمسساع فسسدعواهم‬
‫أنه من أدلتهسسم باطسسل‪ ،‬لنسسه كسسونه حجسسة ليسسس بالصسسالة‪ ،‬بسسل لكسسون قسسول‬
‫المعصوم في ضمنه‪ ،‬فمسسدار حجيتسسه علسسى قسسول المعصسسوم ل علسسى نفسسس‬
‫الجماع‪.‬‬
‫وهم ينازعون في ثبوت عصمة المام‪ ،‬كما ينازعون فسسي تعيينسسه‪ .‬وأيض سا ً‬
‫إجماع الصدر الول ‪ -‬يعني قبل حسسدوث الختلف فسسي المسسة ‪ -‬غيسسر معتسسبر‬
‫عندهم‪ ،‬لنهم أجمعوا على خلفسسة أبسسي بكسسر وعمسسر‪ ..‬ومنسسع ميسسراث النسسبي‬
‫صلى الله عليه وسلم وحرمة المتعة‪ ،‬وهذا باطل فسسي نظرهسسم‪ ،‬فسسإذا كسسان‬
‫هذا الجماع غير معتبر عندهم فبعد حسسدوث الختلف فسسي المسسة وتفرقهسسم‬
‫بفسسرق مختلفسسة كيسسف يتصسسور الجمسساع‪ ،‬ولسسسيما فسسي المسسسائل الخلفيسسة‬
‫المحتاجة إلى الستدلل وإقامة الحجة القاطعة‪.‬‬
‫ثم أشار صاحب التحفة إلى صور من التناقض عندهم‪ ،‬حيث إن بعضسسهم‬
‫نقل إجماع فرقتهم على أمر وكذبهم وأنكر عليهسسم بسسذلك الخسسرون منهسسم‪.‬‬
‫وأن شيخهم )الشسسهيد الثسساني( وهسسو مسسن أجلسسة علمسسائهم قسسد أفسسرد فصسل ً‬
‫مستقل في أن شيخ الطائفة قد ادعى في مواضع إجماع الفرقسسة مسسع أنسسه‬
‫قال هو بخلفه في مواضع أخر ]جمع شيخهم زين الدين العسساملي‪ ،‬الملقسسب عنسسدهم‬
‫بالشهيد الثاني أربعين مسألة ادعى فيها شيخ الطائفة الطوسي الجماع‪ ،‬وقد خالف أكثرها‬
‫في موارد أخرى‪ ،‬كما أن بعض شيوخهم يسسدعي الجمسساع فيمسسا يتفسسرد بسسه‪ ،‬وعلسسل شسسيوخهم‬
‫المجلسي لهذه الظاهرة عندهم بقوله‪ :‬إنهم لما رجعوا إلى الفروع ونسوا ما أسسسسوه فسسي‬
‫الصول‪ ،‬فادعوا الجماع في أكثر المسائل سسسواء أهسسر فيهسسا الخلف أم ل‪ ،‬وافسسق الروايسسات‬
‫المنقولة أم ل‪.‬‬
‫)انظر‪ :‬الشيعة في الميزان‪ :‬ص ‪.(323‬‬
‫وقد ل يكون مرد ذلك النسيان كما يقسسول المجلسسسي‪ ،‬بسسل سسسبب ذلسسك أن كتسسب الفسسروع‬
‫عنسسدهم منقولسسة فسسي الغسسالب مسسن كتسسب أهسسل السسسنة‪ ،‬فانفصسسلت عسسن آرائهسسم فسسي مسسسائل‬
‫المامة‪ .[.‬ثم نقل صاحب التحفة نص كلمه ]انظر‪ :‬التحفة الثني عشرية ‪ -‬الورقسسة‬
‫‪) 118‬مخطوط(‪ ،‬ومختصر التحفة ص ‪.[.51‬‬
‫وأقول‪ :‬إن مذهبهم بأن الجماع حجة من جهة كشفه عن رأي المعصوم‬
‫فقط ل من جهة أن المة ل تجتمع على ضللة‪ ،‬كما عليه أهل السنة‪ ،‬فوق‬
‫أن هذا إنكار للجماع على الحقيقة‪ ،‬فإن في ذلك مخالفة للحديث الثسسابت‬
‫عندهم وهو‪" :‬ل تجتمع أمتي على ضللة" ]انظر‪ :‬الشعراني‪ /‬تعاليق علمية‬
‫)على شرح الكافي للمازنسسدراني(‪ .[.2/414 :‬كما أن هسسذا الحسسديث أيضسا ً ورد مسسن‬
‫طرق أهل السنة كما سبق تخريجه" ]انظر‪ :‬ص )‪ (412‬من هذه الرسالة‪.[.‬‬
‫فلماذا ل يؤخذ بهذا النص الذي يسسستدل بسسه كسسل الفريقيسسن‪ ،‬وليسسس ذلسسك‬
‫فحسب بل قد ورد أيضا ً في الحتجاج ‪ -‬وهو من كتبهم المعتمدة كما قسسرر‬
‫ذلك المجلسي وغيره ‪ -‬رواية عن أبي الحسن علي بن محمد العسكري ‪-‬‬
‫رضي الله عنه ‪ -‬في حديث طويل قال‪" :‬واجتمعت المة قاطبة ل اختلف‬

‫‪248‬‬
‫بينهم في ذلك على أن القرآن حق ل ريب فيه عند جميع فرقها‪ ،‬فهم فسسي‬
‫حالة الجتماع عليه مصيبون وعلى تصسديق مسا أنسزل اللسه مهتسدون لقسول‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪" :‬ل تجتمع أمتي علققى الضققللة" فسسأخبر‬
‫أن ما أجمعت عليه المة‪ ،‬ولم يخالف بعضها بعضا ً هو الحسسق‪ ،‬فهسسذا معنسسى‬
‫الحديث‪ ،‬ل ما تأوله الجساهلون‪ ،‬ول مسا قساله المعانسدون مسن إبطسال حكسسم‬
‫الكتسساب‪ ،‬واتبسساع حكسسم الحسساديث المسسزورة‪ ،‬والروايسسات المزخرفسسة‪ ،‬واتبسساع‬
‫الهسسواء المرديسسة المهلكسسة السستي تخسسالف نسسص الكتسساب‪ ،‬وتحقيسسق اليسسات‬
‫الواضحات النيرات‪] "..‬بحار النوار‪.[.2/225 :‬‬
‫فأنت ترى في هذا النص إمامهم لم يقسسل‪ :‬انظسسروا إلسسى مسسا اتفسسق عليسسه‬
‫الجماعة التي فيهسسا المعصسسوم‪ ،‬ودعسسوا رأي الجماعسسة الخسسرى‪ ،‬ولسسم يقسسل‪:‬‬
‫ابحثوا عن الجماعة أو الشخص المجهول النسب‪ ،‬فقد يكون المنتظر مسسن‬
‫ضمن تلك الجماعة‪ ،‬أو يكون هو نفسا المجهول النسب‪ ،‬بل قال‪ :‬بسسأن مسسا‬
‫أجتمعت عليه المة ولم يخالف بعضها بعضسا ً هسسو الحسسق‪ ،‬وبيسسن أن أسسساس‬
‫إصابة الحق هو العتماد على الكتاب والسنة‪ ،‬وأن إصابة الحق فسسي حالسسة‬
‫الجماع محققة لقول النبي صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم‪" :‬ل تجتمع أمققتي‬
‫على ضللة" وهذا الحديث هو أحد حجج جمهسسور المسسسلمين فسسي إثبسسات‬
‫حجية الجماع‪.‬‬
‫وحذر من اتباع غير ذلك من الروايات المكذوبة‪.‬‬
‫فلماذا تشذ هذه الطائفة‪ ،‬وتأخذ بتلسسك الروايسسات المكذوبسسة‪ ،‬وتسسدع قسسول‬
‫إمامهم‪ ،‬وتفارق المة‪ ،‬وتنبذ إجماعها‪ ،‬وتأخذ برأي طفل صغير أو معسسدوم‪،‬‬
‫وتدع ما أجمع عليه أمة السلم‪ ،‬كل ذلك لن زنديقا ً وضع لها أصسسل ً يقسسول‬
‫بأن ما خالف العامة فيه الرشاد "فجمعوا مخالفسسة أهسسل السسسنة والجماعسسة‬
‫الذين هم على ما كان عليه الرسول وأصحابه رضوان الله عليهم أجمعين‬
‫أصل ً للنجاة‪ ،‬فصار كلما فعل أهسسل السسسنة شسسيئا ً تركسسوه‪ ،‬وإن تركسسوا شسسيئا ً‬
‫فعلوه‪ ،‬فخرجوا بذلك عن الدين رأسًا‪ ،‬وذلك هو الضسسلل المسسبين بسساليقين"‬
‫]اللوسي‪ /‬كشف غياهب الجاهلت‪ /‬الورقة )‪.[.(6‬‬
‫مققا‬ ‫د َ‬ ‫عق ِ‬‫مققن ب َ ْ‬‫ل ِ‬ ‫سققو َ‬ ‫ق الّر ُ‬‫ق ِ‬ ‫شا ِ‬ ‫من ي ُ َ‬ ‫و َ‬
‫والله سبحانه وتعالى يقول‪َ } :‬‬
‫ه‬
‫صل ِ ِ‬
‫ون ُ ْ‬‫ولى َ‬ ‫ّ‬ ‫ما ت َ َ‬
‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫ول ِ‬ ‫ن نُ َ‬
‫مِني َ‬ ‫م ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫ْ‬
‫ل ال ُ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫ع َ‬
‫غي َْر َ‬ ‫وي َت ّب ِ ْ‬
‫دى َ‬ ‫ه ال ْ ُ‬
‫ه َ‬ ‫ن لَ ُ‬‫ت َب َي ّ َ‬
‫صيًرا{ ]النساء‪ ،‬آية ‪.[.115 :‬‬ ‫م ِ‬ ‫ت َ‬
‫ساءَ ْ‬ ‫و َ‬‫م َ‬ ‫هن ّ َ‬
‫ج َ‬ ‫َ‬
‫ولو كان هذا الصل؛ أعني قولهم‪ :‬ما خسسالف العامسسة ‪ -‬أي أهسسل السسسنة ‪-‬‬
‫فيه الرشاد‪ ،‬لو كان هذا من عند الئمة كما تزعم هذه الزمة لكسسان الئمسسة‬
‫أسبق النساس إلسى تطسبيقه علسى أنفسسهم‪ ،‬والواقسع السذي يوافقنسا شسيوخ‬
‫الشيعة عليه أن عليا ً ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬لم يشذ عن الصحابة‪ ،‬بل إنه كمسسا‬
‫يقول شيخهم الشريف المرتضى‪" :‬دخل في آرائهم‪ ،‬وصسسلى مقتسسديا ً بهسسم‪،‬‬
‫وأخذ عطيتهم‪ ،‬ونكح سبيهم‪ ،‬وأنكحهم‪ ،‬ودخل في الشورى" ]المرتضى‪ /‬تنزيه‬
‫النبيسساء‪ :‬ص ‪ .[.132‬وغير ذلك‪ .‬ولسسم يسسذهب إلسسى مخسسالفتهم فسسي شسسيء ممسسا‬
‫أجمعوا عليه‪ ،‬وكان رضي الله عنه يكره الختلف‪ ،‬كما روى البخسساري عسسن‬
‫علي ‪ -‬رضسسي اللسسه عنسسه ‪ -‬قسسال‪" :‬اقضسسوا كمسسا كنتسسم تقضسسون‪ ،‬فسسإني أكسسره‬
‫الختلف حتى يكون الناس جماعة" ]صحيح البخاري )مع فتح الباري(‪.[.7/71 :‬‬
‫‪249‬‬
‫قال ابن حجر‪ :‬قوله‪" :‬فإني أكره الختلف" أي‪ :‬الذي يؤدي إلى النسسزاع‪.‬‬
‫قال ابن التين‪ :‬يعني مخالفة أبي بكر وعمر‪ ،‬وقال غيره‪ :‬المراد المخالفسسة‬
‫التي تؤدي إلى النزاع والفتنة‪ ،‬ويؤيده قوله بعد ذلسسك "حسستى يكسسون النسساس‬
‫جماعة" ]فتح الباري‪.[.7/73 :‬‬
‫وكل ما ينفرد به الشيعة وتشذ به ليس من "هسسدي" علسسي ‪ -‬رضسسي اللسسه‬
‫عنه ‪ -‬وكسسان علسسي ‪ -‬رضسسي اللسسه عنسسه ‪ -‬مسسع المسسة فسسي إجماعهسسا‪ ،‬لن فيسسه‬
‫الرشاد‪ ،‬ل في مخسسالفتهم كمسسا تسدعيه هسسذه الزمسسرة الحاقسسدة علسسى المسسة‪،‬‬
‫والتي تبغي فيها الفرقة والشتات‪ ،‬ولهذا لم نجد إجابة عن موافقة علسسي ‪-‬‬
‫ي للصسسحابة ‪ -‬بسسرأه‬‫رضي الله عنه ‪ -‬للمة إل بدعوى التقيسسة‪ ،‬أي نفسساق عل س ّ‬
‫الله مما يفترون ‪ -‬وهسسي دعسسوى تتنسساقض مسسع العقسسل والتاريسسخ‪ ،‬فضسل ً عسسن‬
‫الشرع والدين‪.‬‬
‫فلم يستطع شيوخ الشيعة ‪ -‬كما ترى ‪ -‬أن يثبتوا على علي تطبيقه لهسسذا‬
‫الصل المفترى‪ ،‬بل أقروا بموافقته للمسة علسسى لسسان شسسيخهم الشسسريف‬
‫المترضى‪ ،‬وحتى إّبان خلفته‪ ،‬وامتلكه لزمسسام المسسور والسستي تنتفسسي معهسسا‬
‫"التقية" لم يقدروا على إنكار موافقته للمة‪.‬‬
‫يقول شيخهم نعمة الله الجزائري‪" :‬ولما جلس أميسسر المسسؤمنين ‪ -‬عليسسه‬
‫السلم ‪ -‬على سرير الخلفة لم يتمكسسن مسسن إظهسسار ذلسسك القسسرآن وإخفسساء‬
‫هذا؛ لما فيه من إظهار الشنعة على من سبقه‪ ،‬كما لم يقسسدر علسسى النهسسي‬
‫عن صلة الضحى‪ ،‬وكما لم يقدر على إجراء المتعسستين متعسسة الحسسج ومتعسسة‬
‫النسسساء‪ ..‬وكمسسا لسسم يقسسدر علسسى عسسزل شسسريح عسسن القضسساء‪ ،‬ومعاويسسة عسسن‬
‫المارة" ]النوار النعمانية‪.[.2/362 :‬‬
‫فثبت بنقل الفريقيسن أن أميسر المسسؤمنين لسسم يفسسارق إجمساع المسسة‪ ،‬وأن‬
‫المامية قسسد خسسالفت سسسريته حينمسسا وضسسعت لنفسسسها مبسسدأ مخالفسسة المسسة‪،‬‬
‫فليست له بشيعة‪ ،‬وليس لها بإمام‪.‬‬

‫‪250‬‬
‫شيعة‬‫أصول مذهب ال ّ‬
‫الجزء الّثاني‬
‫الباب الثاني‬
‫عقيدتهم في أصول الدين‬
‫وفيه أربعة فصول‪:‬‬
‫الفصل الول‪ :‬عقيدتهم في توحيد اللوهية‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬عقيدتهم في توحيد الربوبية‪.‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬عقيدتهم في أسماء الله وصفاته‪.‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬عقيدتهم في اليمان وأركانه‪.‬‬

‫الفصل الول‬
‫عقيدتهم في توحيد اللوهية‬
‫والمقصسود بتوحيسسد اللوهي ّسسة‪ :‬إفسراد اللسه تعسالى بالعبسسادة؛ لّنسه سسسبحانه‬
‫المستحقّ أن ُيعبد وحده ل شريك له‪ ،‬وإخلص العبسسادة لسسه‪ ،‬وعسسدم صسسرف‬
‫طحاوي ّسسة‪:‬‬ ‫أي نوع من أنواع العبادة لغيره ]انظر في تعريف توحيد اللوهي ّسسة‪ :‬شسسرح ال ّ‬
‫ص ‪ ،16‬لوامع النوار‪ ،1/29 :‬تيسير العزيز الحميد‪ :‬ص ‪ 36‬وغيرها‪.[.‬‬
‫وهذا التوحيد هو الذي دعسست الرسسسل إليسسه؛ لن إقسسرار أقسسوامهم بتوحيسسد‬
‫الربوبية معلوم‪ ،‬كما أخبر الله – عز وجل – عن أنبيائه نوح‪ ،‬وهود‪ ،‬وصالح‪،‬‬
‫ه{‬ ‫غي ْقُر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ن إ َِلق ق ٍ‬ ‫مق ْ‬ ‫ما ل َك ُققم ّ‬ ‫ه َ‬ ‫دوا ْ الل ّ َ‬ ‫عب ُ ُ‬ ‫وشعيب أنهم قالوا لقومهم‪} :‬ا ْ‬
‫]العراف‪ ،‬آية‪ ،[85 ،73 ،65 ،59 :‬وأخبر سبحانه أن هذه دعوة الرسل عامة‪،‬‬
‫َ‬ ‫في ك ُ ّ ُ‬
‫دوا ْ الل ّق َ‬
‫ه‬ ‫عب ُق ُ‬‫نا ْ‬ ‫سققول ً أ ِ‬ ‫ة ّر ُ‬
‫م ٍ‬ ‫لأ ّ‬ ‫عث َْنا ِ‬‫قدْ ب َ َ‬‫ول َ َ‬‫فقال جل شأنه‪َ } :‬‬
‫سقل َْنا‬ ‫َ‬ ‫طا ُ‬‫جت َن ُِبوا ْ ال ّ‬
‫ما أْر َ‬ ‫و َ‬ ‫ت{ ]النحسسل‪ ،‬آيسسة‪ .[36 :‬وقسسال سسسبحانه‪َ } :‬‬ ‫غو َ‬ ‫وا ْ‬‫َ‬
‫ن{‬ ‫َ‬
‫ه ِإل أَنا َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫من َ‬
‫دو ِ‬‫عُبقق ُ‬ ‫فا ْ‬ ‫ه ل إ ِل َ‬ ‫ه أن ّ ُ‬ ‫حي إ ِلي ْ ِ‬ ‫ل ِإل ُنو ِ‬ ‫سو ٍ‬ ‫من ّر ُ‬ ‫قب ْل ِك ِ‬ ‫ِ‬
‫]النبياء‪ ،‬آية ‪.[25‬‬
‫َ‬
‫ف قُر أن‬ ‫غ ِ‬ ‫ه ل َ يَ ْ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫وهو أصسسل الّنجسساة‪ ،‬وأسسساس قبسسول العبسسادات‪} :‬إ ِ ّ‬
‫شاء{ ]الّنساء‪ ،‬آية‪.[116 ،48 :‬‬ ‫من ي َ َ‬ ‫ك لِ َ‬ ‫ن ذَل ِ َ‬‫دو َ‬ ‫ما ُ‬ ‫فُر َ‬ ‫غ ِ‬
‫وي َ ْ‬
‫ه َ‬‫ك بِ ِ‬‫شَر َ‬ ‫يُ ْ‬
‫فهل حافظت الشيعة على هذا الصسسل الصسسيل‪ ،‬والركسسن المسستين‪ ،‬أو أن‬
‫اعتقادها في الئمة قد أثر على عقيدتها في توحيد الله سسسبحانه؟ هسسذا مسسا‬
‫سنتناوله بالحديث فيما يلي‪ ،‬حيث سأعرض لسبعة مباحث – إن شاء اللسسه‬
‫‪.-‬‬
‫أولها‪ :‬اعتقادهم أن نصوص القرآن الواردة في أعظم أصل من أصول‬
‫الدين‪ ،‬والذي وقع فيه الضلل في العالمين‪ ،‬وهو توحيد العبادة‪ ،‬اعتقادهم‬
‫ي والئمة وعدم إشراك أحد معهم في‬ ‫أن الغاية منه تقرير ولية عل ّ‬
‫المامة‪.‬‬
‫والمبحث الثاني‪ :‬اعتقادهم أن أصل قبول العمسسال هسسو اليمسسان بإمامسسة‬
‫الثني عشر ووليتهم وليس توحيد الله عز وجل‪.‬‬
‫والمبحث الثالث‪ :‬اعتقادهم أن الئمة هسم الواسسطة بيسن اللسه والخلسق‪،‬‬
‫حتى صاروا يعبدونهم ويدعونهم رغًبا ورهًبا‪.‬‬
‫‪251‬‬
‫والمبحث الرابع‪ :‬اعتقادهم أن للئمة حق التشريع والتحليل والتحريم‪.‬‬
‫والمبحث الخامس‪ :‬اعتقادهم أن تراب قبر الحسين شفاء من كسسل داء‪،‬‬
‫وأمان من كل خوف‪.‬‬
‫والمبحث السادس‪ :‬دعسساؤهم بالطلسسسم والرمسسوز لكشسسف البليسسا ورفسسع‬
‫الملمات‪ ،‬واستعانتهم بالمجهول لطلب الهداية‪.‬‬
‫والمبحث السابع‪ :‬استخارتهم بما يشبه رقاع الجاهلية ]هذه المسسسائل الربسسع‬
‫الخيرة يمكن إلحاقها بوجه آخر في توحيد الربوبيسسة‪ ،‬ول شسسك أن توحيسسد اللوهيسسة متضسسمن‬
‫لتوحيد الربوبية‪ ،‬وتوحيد الربوبية مستلزم لتوحيد اللوهية‪.[.‬‬

‫المبحث الول‬
‫نصوص التوحيد جعلوها في ولية الئمة‬
‫فأول ما نفاجأ به أن نصوص القرآن التي تأمر بعبادة الله وحده‪ ،‬غيسسروا‬
‫معناها إلى اليمان بإمامة علي والئمة‪ ،‬والنصوص التي تنهى عن الشسسرك‬
‫جعلوا المقصود بها الشرك في ولية الئمة‪.‬‬
‫ك‬ ‫قب ْل ِ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫ّ‬
‫وإ ِلى ال ِ‬ ‫َ‬ ‫ك َ‬ ‫َ‬
‫ي إ ِلي ْ َ‬ ‫ح َ‬ ‫قدْ ُأو ِ‬ ‫ول َ َ‬ ‫أ س ففي قوله سبحانه‪َ } :‬‬
‫ك{ ]الزمر‪ ،‬آية‪.[.65 :‬‬ ‫مل ُ َ‬ ‫ع َ‬ ‫ن َ‬ ‫حب َطَ ّ‬ ‫ت ل َي َ ْ‬ ‫شَرك ْ َ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫ل َئ ِ ْ‬
‫جاء في الكافي ]أصول الكافي‪ 1/427 :‬رقم )‪ – [.(76‬أصح كتاب عندهم فسسي‬
‫الرواية – وفي تفسير القمي ]تفسسسير القمسسي‪ – [.2/251 :‬عمدة تفاسسسيرهم –‬
‫وفي غيرهما من مصادرهم المعتمدة ]انظسسر‪ :‬البرهسسان‪ ،4/83 :‬وتفسسسير الصسسافي‪:‬‬
‫‪ [.4/328‬تفسيرها بما يلي‪" :‬يعني إن أشركت في الولية غيسسره" ]هسسذا لفسسظ‬
‫الكليني في الكافي‪ ،[.‬وفي لفظ آخر‪" :‬لئن أمرت بولية أحسسد مسسع وليسسة علسسي‬
‫من بعدك ليحبطن عملك" ]هذا لفظ القمي في تفسسسيره‪ .[.‬وقد سسساق صسساحب‬
‫البرهان في تفسير القرآن أربسسع روايسسات لهسسم فسسي تفسسسير اليسسة السسسابقة‬
‫بالمعنى المذكور ]البرهان‪.[.4/83 :‬‬
‫وقد جاء في سبب نزولها عندهم‪ ..." :‬إن الله عز وجل حيث أوحى إلى‬
‫ما اندس إليسسه معسساذ بسسن‬ ‫نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقيم علًيا للناس عل ً‬
‫جبل فقال‪ :‬أشرك في وليته الول والثاني )يعنسسون أبسسا بكسسر وعمسسر( حسستى‬
‫هققا‬ ‫َ‬
‫يسكن الناس إلى قولك ويصدقوك‪ ،‬فلما أنزل الله عسسز وجسسل‪} :‬ي َققا أي ّ َ‬
‫ك{ ]المسسائدة‪ ،‬آيسسة‪ [.67 :‬شكا رسسسول‬ ‫من ّرب ّ َ‬ ‫ل إ ِل َي ْ َ‬ ‫ز َ‬ ‫ُ‬ ‫ل ب َل ّ ْ‬ ‫سو ُ‬
‫ك ِ‬ ‫ما أن ِ‬ ‫غ َ‬ ‫الّر ُ‬
‫الله صلى الله عليسسه وسسسلم إلسسى جبرائيسسل فقسسال‪ :‬إن النسساس يكسسذبوني ول‬
‫ك‬ ‫مل ُق َ‬ ‫ع َ‬‫ن َ‬ ‫حب َطَ ق ّ‬ ‫ت ل َي َ ْ‬ ‫شَرك ْ َ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫يقبلون مني‪ ،‬فأنزل اللسسه عسسز وجسسل‪} :‬ل َئ ِ ْ‬
‫ن{ ]البرهان‪.[.4/83 :‬‬ ‫ري َ‬ ‫س ِ‬ ‫خا ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫كون َ ّ‬ ‫ول َت َ ُ‬ ‫َ‬
‫وحتى يدرك القارئ مسسدى تحريفهسسم ليسسات اللسسه‪ ،‬وتسسآمرهم لتغييسسر ديسسن‬
‫السلم بتغيير أصسسله العظيسسم وهسسو التوحيسسد‪ ،‬نسسسوق اليسسة ومسسا قبلهسسا ومسسا‬
‫بعدها‪ ،‬ونتبع ذلك ببيان معناها‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ل أَ َ‬
‫ن‪،‬‬ ‫هُلو َ‬ ‫جقا ِ‬ ‫هققا ال ْ َ‬ ‫عُبقدُ أي ّ َ‬ ‫مُروّني أ ْ‬ ‫ه ت َقأ ُ‬ ‫غْيقَر الّلق ِ‬ ‫ف َ‬ ‫ق ْ‬ ‫قال تعالى‪ُ } :‬‬
‫َ‬ ‫قدْ ُأو ِ‬
‫حب َطَق ّ‬
‫ن‬ ‫ت ل َي َ ْ‬ ‫ش قَرك ْ َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ك ل َئ ِ ْ‬ ‫قب ْل ِق َ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫وإ َِلى ال ّ ِ‬ ‫ك َ‬ ‫ي إ ِل َي ْ َ‬ ‫ح َ‬ ‫ول َ َ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫ّ ْ‬ ‫ق‬ ‫م‬ ‫قن‬ ‫ق‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫و‬ ‫د‬‫ق‬
‫ْ ُ ْ َ‬ ‫ب‬ ‫ع‬ ‫فا‬ ‫َ‬ ‫ه‬
‫َ‬ ‫ق‬ ‫ّ‬ ‫ل‬‫ال‬ ‫ل‬ ‫ق‬ ‫ب‬
‫ِ ِ َ َ ِ‬ ‫ن‪،‬‬ ‫ري‬ ‫ق‬ ‫س‬ ‫خا‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫ق‬
‫َ ّ ِ َ‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫قو‬ ‫ق‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ت‬‫َ‬
‫َ َ‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ق‬ ‫ُ‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫ع‬
‫َ َ‬
‫ن{‪.‬‬ ‫ري َ‬ ‫شاك ِ ِ‬ ‫ال ّ‬
‫‪252‬‬
‫فالية كما هو واضح من سسسياقها تتعلسسق بتوحيسسد اللسسه فسسي عبسسادته‪ ،‬فهسسم‬
‫غيروا المر فاعتبروا الية متعلقة بعلي‪ ،‬مسسع أنسسه ليسسس لسسه ذكسسر فسسي اليسسة‬
‫ل‪ ،‬فكأنهم جعلوه هو المعبر عنه بلفظ الجللة )الله( وجعلسوا "العبسسادة"‬ ‫أص ً‬
‫هي الولية‪ .‬والية واضحة المعنى بينة الدللة‪ ،‬ليس بيسسن معناهسسا وتسسأويلهم‬
‫المذكور أدنى صلة‪.‬‬
‫قال أهل العلم في تفسيرها‪:‬‬
‫إن الله سبحانه أمر نبيه أن يقول هذا للمشركين لما دعوه إلى مسسا هسسم‬
‫عليه من عبادة الصنام‪ ،‬وقالوا‪ :‬هو دين آبائك ]وقسسد نقسسل ابسسن كسسثير وغيسسره عسسن‬
‫بعض السلف أن هذا هو سبب نزولهسسا‪ .‬انظسسر‪ :‬تفسسسير ابسسن كسسثير‪ ،4/67 :‬تفسسسري البغسسوي‪:‬‬
‫‪ .[.4/284‬والمعنى‪ :‬قل يا محمد لمشسسركي قومسسك‪ ،‬أتسسأمرونني بعبسسادة غيسسر‬
‫الله أيها الجاهلون بالله ول تصلح العبادة لشي سواه سسسبحانه‪ .‬ولمسسا كسسان‬
‫المر بعبادة غير الله ل يصدر إل من غبي جاهل ناداهم بالوصف المقتضي‬
‫َ‬
‫ن{‪ .‬ثم بين سبحانه أنسسه قسسد أوحسسى إلسسى نسسبيه‬ ‫هُلو َ‬ ‫جا ِ‬‫ها ال ْ َ‬
‫ذلك فقال‪} :‬أي ّ َ‬
‫وإلى الرسل من قبله‪ :‬لئن أشركت بالله ليبطلن عملسسك‪ .‬وهسسذا فسسي بيسسان‬
‫خطر الشرك وشناعته‪ ،‬وكونه بحيث ينهى عنه من ل يكاد يباشسسره فكيسسف‬
‫بمن عداه؟‬
‫د{ ل تعبد ما أمرك به المشركون بل‬ ‫عب ُ ْ‬ ‫ه َ‬
‫فا ْ‬ ‫ل الل ّ َ‬‫ثم قال سبحانه‪} :‬ب َ ِ‬
‫اعبد الله وحده دون كل ما سواه من اللهة والوثان ]انظسسر‪ :‬تفسسسير الطسسبري‪:‬‬
‫‪ ،24/24‬تفسير القرطبي‪ ،277-15/276 :‬البحر المحيط لبي حيان‪ ،7/438 :‬فتسسح القسسدير‬
‫للشوكاني‪ ،4/474 :‬روح المعاني لللوسي‪.[.24-24/23 :‬‬
‫فالمعنى كما ترى واضح جلي‪ ،‬ل يلتبس إل على صاح هوى مغرض‪ ،‬قسسد‬
‫أعماه هواه عن رؤية الحق‪ ،...‬فهذه الزمرة السستي وضسسعت هسسذه الروايسسات‬
‫كان جل همهسسا‪ ،‬وغايسسة قصسسدها البحسسث عسسن سسسند لسسدعواهم فسسي المامسسة‪،‬‬
‫فكانت تخبط في هذا المر خبسسط عشسسواء‪ ،‬ل تسسستند فسسي السسستدلل إلسسى‬
‫أصل من لغة أو عقل فضل ً عن الشرع والدين‪.‬‬
‫وفسسي ظنسسي أنسسه ل يبعسسد أن يكسسون مسسن بينهسسا مسسن يتعمسسد سسسلوك هسسذه‬
‫المسالك‪ ..‬حتى يبعد ناشئة الشيعة‪ ،‬وعقلءها عن دين السسسلم‪ ،‬لنهسسم إذا‬
‫رأوا أن هذه الدلة‪ ،‬والمسائل وأمثالها فاسدة في العقسسل‪ ،‬وظنسسوا أن هسسذا‬
‫هو السلم شكوا في السلم نفسه‪ ،‬وهذه إحسسدى الهسسداف البعيسسدة لتلسسك‬
‫الزمرة الحاقدة التي رامت الكيد للمسسة ودينهسا‪ ،‬وإبعسساد الشسسيعة عسسن ديسسن‬
‫السلم‪ ،‬ول سيما أنك تجد في النص الشسسيعي السسسالف السسذكر النيسسل مسسن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬حيث نسبوا إليه عليه الصسسلة والسسسلم‬
‫المخالفة بعدم امتثال أمر ربه ابتداء‪ ،‬وهسسو تنقسسص لمقسسام المعصسسوم )مسسن‬
‫قوم بالغوا في دعوى عصمة من دون النبي وهم الئمسسة( وتنقسسص النبيسساء‬
‫كفر ]انظر‪ :‬محمد بن عبد الوهاب‪ /‬رسالة في الرد على الرافضة‪ :‬ص ‪.[.6‬‬
‫كذلك يظهر في النص الساءة للمعصوم عليه الصلة والسلم بتصسويره‬
‫في موقف الخائف الوجل من قومه‪ ،‬المتردد في تنفيذ أمر ربه‪ ،‬حتى إنسسه‬
‫لم يفارق هذا الموقف إل حينما نزل عليه التهديد بإحباط عمله‪.‬‬

‫‪253‬‬
‫]غسسافر‪ ،‬آيسسة‪:‬‬‫ل{‬ ‫سِبي ٍ‬ ‫من َ‬ ‫ج ّ‬ ‫خُرو ٍ‬ ‫ل إ َِلى ُ‬ ‫ه ْ‬‫ف َ‬ ‫ب س وفي قوله سبحانه‪َ } :‬‬
‫َ‬
‫م{ أي ذلك‬ ‫فْرت ُ ْ‬‫حدَهُ ك َ َ‬
‫و ْ‬‫ه َ‬ ‫ي الل ّ ُ‬‫ع َ‬‫ذا دُ ِ‬‫ه إِ َ‬ ‫‪ [.12‬فكان جوابهم }ذَل ِ ُ‬
‫كم ب ِأن ّ ُ‬
‫الذي أنتم فيه من العذاب بسبب أنه إذا دعي اللسسه فسسي السسدنيا وحسسده دون‬
‫ه{ غيسسره مسسن الصسسنام أو‬ ‫ك بِ ِ‬ ‫شَر ْ‬‫وِإن ي ُ ْ‬ ‫غيره كفرتم به وتركتم توحيده } َ‬
‫مُنوا{ بالشراك به وتجيبوا السسداعي إليسسه‪ ،‬فسسبين سسسبحانه لهسسم‬ ‫غيرها }ت ُ ْ‬
‫ؤ ِ‬
‫السبب الباعث على عدم إجابتهم إلى الخروج من النار وهو ما كسسانوا فيسسه‬
‫من ترك توحيد الله وإشراك غيره به في العبادة التي رأسها الدعاء‪ ،‬فهي‬
‫مع ما قبله خبر عن جزاء المشركين في الخرة‪ ،‬وأن مصيرهم إلسسى النسسار‬
‫ل يخرجون منهسسا‪ ،‬وأنهسسم يطلبسسون الرجعسسة إلسسى السسدنيا ول يجسسابون بسسسبب‬
‫إشراكهم بالله في عبادته ]انظر‪ :‬تفسسسير الطسسبري‪ ،24/48 :‬تفسسسير البغسسوي‪-4/93 :‬‬
‫‪ ،94‬تفسير ابن كسثير‪ ،80-4/79 :‬فتسح القسسدير‪ ،4/484 :‬تفسسير القاسسسمي‪ ،14/227 :‬ابسسن‬
‫سعدي‪ /‬تيسير الكريم الرحمن ‪ 6/512‬وغيرها‪.[.‬‬
‫ولكن الشيعة تروي عن أئمتها في تأويل الية غير ما فهمسسه المسسسلمون‬
‫َ‬
‫ي‬
‫عق َ‬ ‫ذا دُ ِ‬ ‫منها‪ .‬تقول‪" :‬عن أبي جعفر في قوله عز وجل‪} :‬ذَل ِك ُققم ب ِقأن ّ ُ‬
‫ه إِ َ‬
‫ه{ من ليسسست لسسه‬ ‫ك بِ ِ‬‫شَر ْ‬ ‫وِإن ي ُ ْ‬ ‫م{ بأن لعلي ولية } َ‬ ‫حدَهُ ك َ َ‬
‫فْرت ُ ْ‬ ‫و ْ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫ه َ‬
‫ر{" ]البرقي‪ /‬كنز جامع الفوايسسد ص‬ ‫ي ال ْك َِبي ِ‬ ‫ه ال ْ َ‬
‫عل ِ ّ‬ ‫م ل ِل ّ ِ‬ ‫فال ْ ُ‬
‫حك ْ ُ‬ ‫مُنوا َ‬ ‫ولية }ت ُ ْ‬
‫ؤ ِ‬
‫‪ ،277‬بحسسار النسسوار‪ ،23/364 :‬وانظسسر‪ :‬تفسسسير القمسسي‪ ،2/256 :‬أصسسول الكسسافي‪،1/421 :‬‬
‫البرهان ‪ ،94-4/93‬تفسير الصافي‪.[.4/337 :‬‬
‫ومعلوم أن هذا التأويل من جنس تأويلت الباطنية‪ ،‬إذ ل دللة عليه مسسن‬
‫قا‪ ،‬ولذلك فإن صاحب مجمع البيان أعرض عسسن‬ ‫لفظ الية ول سياقها مطل ً‬
‫تأويلت طائفته حب رواياتها عن أئمتها وفسر الية بمقتضى ظاهرها‪ ،‬ومسسا‬
‫قساله السسلف فسي تفسسيرها ]انظسسر‪ :‬مجمسسع البيسسان‪ .[.5/186 :‬لكسن مثسل هسذه‬
‫الصوات المعتدلة سرعان ما تموت في جو التقية الخانق‪.‬‬
‫ج س وتمضي رواياتهم على ذلك المنهج الضال‪ ،‬والتأويل الفاسسسد‪ ،‬ففسسي‬ ‫‍‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن{ ]النمسسل‪ ،‬آيسسة‪:‬‬ ‫مو َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫م ل يَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ل أك ْث َُر ُ‬ ‫ه بَ ْ‬ ‫ع الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ّ‬ ‫قوله سبحانه‪ ...} :‬أإ ِل َ ٌ‬
‫‪ [.61‬قال أبو عبد الله – كما يفترون ‪" :-‬أي إمام هدى مع إمام ضسسلل فسسي‬
‫قرن واحد" ]بحار النوار‪ ،23/391 :‬كنز جامع الفوايد‪ :‬ص ‪.[.207‬‬
‫إن هذه الروايات وأمثالها هي التربة الصالحة لنشوء التجاهسسات الغاليسسة‬
‫التي تؤله علًيا‪ ،‬والتي ل تزال تظهر في هسسذه الطائفسسة بيسسن آونسسة وأخسسرى‪،‬‬
‫وإل فالية ل صلة لها بإمامهم‪ ،‬بسسل هسسي لتقريسسر وحدانيسسة اللسسه‪ ،‬فسسالله جسسل‬
‫فى‬ ‫ص قط َ َ‬ ‫نا ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ه ال ّ ق ِ‬ ‫عب َققاِد ِ‬ ‫عل َققى ِ‬ ‫م َ‬ ‫سل ٌ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫مدُ ل ِل ّ ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫ق ِ‬‫شأنه قال‪ُ } :‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وأنقَز َ‬
‫ل‬ ‫ض َ‬ ‫والْر َ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ما َ‬‫سق َ‬ ‫ق ال ّ‬ ‫خَلق َ‬ ‫ن َ‬ ‫مق ْ‬ ‫ن‪،‬أ ّ‬ ‫كو َ‬ ‫ر ُ‬ ‫ِ‬ ‫شق‬ ‫ما ي ُ ْ‬‫خي ٌْر أ ّ‬ ‫آلل ّ ُ‬
‫ه َ‬
‫م َأن‬ ‫ن ل َك ُ ْ‬ ‫ما َ‬
‫كا َ‬ ‫ة ّ‬ ‫ج ٍ‬ ‫ه َ‬ ‫ت بَ ْ‬ ‫ذا َ‬ ‫ق َ‬ ‫دائ ِ َ‬ ‫ح َ‬ ‫ه َ‬ ‫فأنب َت َْنا ب ِ ِ‬
‫كم من السماء ماء َ َ‬
‫َ‬ ‫ّ َ‬ ‫ّ َ‬ ‫لَ ُ‬
‫شجر َ َ‬
‫ن{ اليات ]النمل‪ ،‬آية‪:‬‬ ‫دُلو َ‬ ‫ع ِ‬‫م يَ ْ‬ ‫و ٌ‬
‫ق ْ‬‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ل ُ‬ ‫ه بَ ْ‬ ‫ع الل ّ ِ‬ ‫م َ‬‫ه ّ‬ ‫ها أإ ِل َ ٌ‬ ‫ُتنب ُِتوا َ َ َ‬
‫‪.[.60-59‬‬
‫َ‬
‫ه{ أي‪ :‬أإلسسه مسسع اللسسه فعسسل‬ ‫ع الل ّق ِ‬ ‫مق َ‬ ‫ه ّ‬ ‫يقول الله في آخر كل آية‪} :‬أإ ِل َ ٌ‬
‫هذا؟ وهذا استفهام إنكار يتضمن نفي ذلسسك‪ ،‬وهسسم كسسانوا مقريسسن بسسأنه لسسم‬
‫يفعل ذلك غير الله؟ فاحتج عليهم بذلك‪ ،‬وأن ذلك يستلزم أل يعبد إل اللسسه‬
‫وحده ]شرح الطحاوية‪ :‬ص ‪.[.25‬‬
‫‪254‬‬
‫َ‬
‫مققن‬ ‫ك ِ‬ ‫قب ْل ِق َ‬
‫مققن َ‬‫س قل َْنا ِ‬
‫ما أْر َ‬ ‫و َ‬
‫د س وإذا كان الله جل شسسأنه يقسسول‪َ } :‬‬
‫ن{ ]النبيسساء‪ ،‬آيسسة‪،[25 :‬‬ ‫دو ِ‬‫عب ُ ُ‬
‫فا ْ‬‫ه ِإل أ ََنا َ‬
‫ه ل إ ِل َ َ‬
‫حي إل َي َ‬
‫ه أن ّ ُ‬
‫ِ ْ ِ‬ ‫ل ِإل ُنو ِ‬‫سو ٍ‬‫ّر ُ‬
‫فإن تلك الزمرة التي وضعت روايات الشيعة قالت وكأنهسسا تضسساهي معنسسى‬
‫هذه الية أو تعارضه‪ ،‬قالت‪" :‬ما بعث الله نبًيا قط إل بوليتنسسا والسسبراء مسسن‬
‫أعدائنا" ]البرهان‪ ،2/367 :‬تفسير العياشي )انظر‪ :‬المصسسدر السسسابق(‪ ،‬تفسسسير الصسسافي‪:‬‬
‫‪.[.3/134‬‬
‫وفي رواية أخرى‪" :‬وليتنا وليسسة اللسسه السستي لسسم يبعسسث نبي ًسسا قسسط إل بهسسا"‬
‫]أصول الكافي‪ 1/437 :‬رقم )‪ ،[.(3‬فجعلوا أمر إمامة أئمة لم يخلقوا هسسو أصسسل‬
‫دعوة النبياء ]ونسبوا هذه الروايات وأمثالها لجعفسسر الصسسادق وأبيسسه – برأهمسسا اللسسه ممسسا‬
‫يفترون ‪ ،-‬وذلك إمعاًنا في التغرير بأولئك التباع الغسسرار ممسسن حجبسسوا عقسسولهم عسسن رؤيسسة‬
‫الحق‪ ،‬وعطلوا ملكة التفكير عندهم‪ ،‬بإيحسساءات متنوعسسة عسسبر مراحسسل العمسسر الممتسسدة فسسي‬
‫موضوع محن آل البيت‪ ،‬وحب آل البيت‪ ،‬والصسسراع بيسسن الل والصسسحاب‪ ،‬ليخسرج مسن ذلسسك‬
‫الناشئ وقد شحنت عاطفته ونفسيته بالحقد والكراهيسسة للصسسحابة‪ ،‬ولكسسل مسسسلم مسسن غيسسر‬
‫طائفته‪ ..‬وإن دراسة الثار النفسية والتربويسسة لهسسذه الروايسسات علسسى أولئك التبسساع ومقارنسسة‬
‫ذلك بالحركات التاريخية لهم لهسسو موضسسوع حقيسسق بالدراسسسة ليتسسبين ضسسخامة الخطسسر لهسسذه‬
‫السسساطير‪ ..‬ورصسسد مكسسامن الضسسرر‪ ،‬التعسسرف علسسى توجهسسات أولئك البسساطنيين ضسسد المسسة‬
‫ودينها‪!![.‬‬
‫هذا ورواياتهم في تأويل نصوص التوحيد والنهسسي عسسن الشسسرك بسسالمعنى‬
‫المبتدع عندهم ل تكاد تخلو منها آية من آيات القسسرآن المتعلقسسة بالتوحيسسد‪،‬‬
‫ن‬
‫مقق َ‬ ‫والنهي عن الشرك ]ومن أمثلة هذه التأويلت‪ :‬تحريفهم لمعنى قوله سبحانه‪َ } :‬‬
‫و ِ‬
‫خذُ من دون الل ّ َ‬
‫ه{ ]البقسسرة‪ ،‬آيسسة‪[165 :‬‬ ‫ب الل ّق ِ‬‫حق ّ‬ ‫م كَ ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫دادا ً ي ُ ِ‬
‫حب ّققون َ ُ‬ ‫ه أن َ‬
‫ِ‬ ‫ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫من ي َت ّ ِ‬ ‫س َ‬‫الّنا ِ‬
‫مسسا"‬
‫بقولهم‪" :‬هم أولياء فلن وفلن اتخذوهم أئمة دون المام السسذي جعلسسه اللسسه للنسساس إما ً‬
‫)الغيبسسة للنعمسساني ص ‪ ،83‬بحسسار النسسوار‪ ،23/359 :‬البرهسسان‪ ،(1/172 :‬وقسسوله سسسبحانه‪:‬‬
‫فا{ ]الروم‪ ،‬آية‪ [30:‬بقولهم‪" :‬هي الوليسسة" )تفسسسير القمسسي‪:‬‬ ‫حِني ً‬‫ن َ‬‫دي ِ‬‫ك ِلل ّ‬‫ه َ‬ ‫ج َ‬
‫و ْ‬‫م َ‬ ‫فأ َ ِ‬
‫ق ْ‬ ‫} َ‬
‫‪ ،2/154‬أصسسول الكسسافي‪،1/418 :‬سس ‪ ،419‬كنسسز جسسامع الفوايسسد‪ :‬ص ‪ ،224‬بحسسار النسسوار‪:‬‬
‫ن‬ ‫ن ل يُ ْ‬
‫ؤت ُققو َ‬ ‫ن‪ ،‬ال ّق ِ‬
‫ذي َ‬ ‫كي َ‬
‫ر ِ‬
‫شق ِ‬ ‫م ْ‬‫ل ل ّل ْ ُ‬‫وي ْ ٌ‬
‫و َ‬‫‪ ،23/365‬البرهان‪ ،(3/261 :‬وقسسوله سسسبحانه‪َ } :‬‬
‫ن{ ]فصسسلت‪ ،‬آيسسة‪ ،6 :‬س ‪ [7‬قسسالوا‪" :‬وويسسل للمشسسركين‬ ‫فُرو َ‬ ‫م َ‬
‫كقا ِ‬ ‫ه ْ‬‫ة ُ‬‫خَر ِ‬ ‫هم ِبال ِ‬ ‫و ُ‬‫كاةَ َ‬ ‫الّز َ‬
‫الذين أشركوا بالمام الول‪ ،‬وهم بالئمة الخرين كافرون‪) "...‬تفسير القمي‪ ،2/262 :‬بحار‬
‫النسسوار‪ ،84-83 /23 :‬البرهسسان‪ ،4/106 :‬تفسسسير الصسسافي‪ .(4/353 :‬وأمثسسال ذلسسك مسسن‬
‫التأويلت الخطرة لعظم ركن مسسن أكسسان السسدين‪ ،[.‬ولهذا جعل أحسسد شسسيوخهم هسسذا‬
‫التأويل قاعدة مطردة في القرآن فقال‪" :‬كل مسسا ورد ظسساهره فسسي السسذين‬
‫أشركوا مع الله سبحانه رًبا غيره من الصسسنام السستي صسسنعوها بأيسسديهم ثسسم‬
‫عظموها وأحبوها والتزموا عبادتها وجعلوهم شركاء ربهسسم‪ ،‬وقسسالوا‪ :‬هسسؤلء‬
‫شفعاؤنا عند الله بغير أمر من الله بل بآرائهم وأهوائهم‪ ،‬فبطنسه وارد فسي‬
‫الذين نصبوا أئمة بأيديهم وعظموهم وأحبوهم والتزموا طاعتهم وجعلوهم‬
‫شركاء إمامهم الذي عينه الله لهم‪] "..‬مرآة النوار‪ :‬ص ‪ ،100‬وانظسسر‪ :‬ص ‪ 58‬مسسن‬
‫المرجع المذكور‪.[.‬‬
‫ووضعهم هذا قاعدة يعني أن أخبسارهم تواطسأت وتضسافرت لثبسات هسذا‬
‫ن الخبسسار‬‫المنكسسر‪ ،‬وهسسذا مسسا صسسرحوا بسسه فقسسالوا‪" :‬إن الخبسسار متضسسافرة إ ّ‬
‫شسسرك فسسي الوليسسة‬ ‫شسسرك بعبسسادته بال ّ‬
‫شرك بسسالله وال ّ‬
‫متضافرة في تأويل ال ّ‬
‫والمامة؛ أي يشرك مع المام من ليس من أهسسل المامسسة‪ ،‬وأن يّتخسسذ مسسع‬

‫‪255‬‬
‫]مرآة‬ ‫مة الثنا عشر( ولية غيرهم"‬ ‫ولية آل محمد رضي الله عنهم )أي الئ ّ‬
‫النوار‪ :‬ص ‪.[.202‬‬
‫وهكذا ل تكاد تخلو آية من آيات القرآن من موضوع التوحيد والنهي عن‬
‫الشرك إل وراموا تحريفها وتعطيل معناها وتحويلها إلى ولية علي والئمة‬
‫ولو كانت صريحة واضحة بينة‪.‬‬
‫وهذه التأويلت هي مفتاح كل شر‪ ،‬وباب كل فتنة ]للعلمة ابن القيسسم حسسدث‬
‫قيم عن فساد التأويل‪ ،‬وما جره على المة من المصائب "وإن أصل خسسراب السسدين والسسدنيا‬
‫إنما هو من التأويل الذي لم يرده الله ورسسوله بكلمسه‪ ،‬ول دل علسسى أنسسه مسراده"‪) .‬انظسر‪:‬‬
‫أعلم الموقعين‪ ،[.(254-4/250 :‬كيف وهي تتعلسسق بأصسسل السسدين‪ ،‬ومسسا اتفقسست‬
‫عليه دعوة المرسلين‪ ،‬وبه نزلت الكتب‪ ،‬ومن أجله أرسسسلت الرسسسل‪ ،‬وبسسه‬
‫انقسم الناس إلى فريقين‪ :‬فريق في الجنة‪ ،‬وفريق في الجحيم‪.‬‬
‫وقبل أن نرفع القلم في هذه المسألة أشير إلى رواية من كتبهم تنقض‬
‫تأويلتهم‪ ،‬وتبين أصلها ومنبتها‪ ،‬فقسسد جساء فسسي تفسسيرهم "البرهسسان"‪ :‬عسسن‬
‫حبيب بن معلى الخثعمي قال‪ :‬ذكرت لبسسي عبسسد اللسسه رضسسي للسسه عنسسه مسسا‬
‫ذا‬‫ي ما يقل‪ .‬قال‪ :‬في قوله عز وجل‪} :‬إ ِ َ‬ ‫يقول أبو الخطاب‪ ،‬فقال‪ :‬أجل إل ّ‬
‫ه{‬ ‫دون ِ ق ِ‬
‫مققن ُ‬
‫ن ِ‬ ‫ذا ذُك َِر ال ّ ق ِ‬
‫ذي َ‬ ‫وإ ِ َ‬
‫ه{ أنه أمير المسسؤمنين } َ‬ ‫حدَ ُ‬
‫و ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ذُك َِر الل ّ ُ‬
‫فلن وفلن ]يعني بهما‪ :‬أبا بكر وعمر رضي الله عنهما‪ .[.‬قال أبسسو عبسسد اللسسه‪ :‬مسسن‬
‫قال هذا فهو مشرك بالله عز وجل ثلًثا أنا إلى الله منهم بريء ثلًثسسا‪ ،‬بسسل‬
‫عني الله بذلك نفسه‪ ،‬قال‪ :‬فالية الخسسرى السستي فسسي حسسم قسسول اللسسه عسسز‬
‫َ‬
‫م{ ثسسم قلسست‪ :‬زعسسم أنسسه‬ ‫فْرت ُ ْ‬‫حدَهُ ك َ َ‬ ‫و ْ‬‫ه َ‬‫ي الل ّ ُ‬‫ع َ‬ ‫ذا دُ ِ‬‫ه إِ َ‬‫كم ب ِأن ّ ُ‬ ‫وجل‪} :‬ذَل ِ ُ‬
‫يعني بذلك أمير المؤمنين صلى الله عليه وسلم‪ .‬قال أبسسو عبسسد اللسسه‪ :‬مسسن‬
‫قال هذا فهو مشرك بالله عز وجل ثلًثا أنا إلى الله منهم بريء ثلًثسسا‪ ،‬بسسل‬
‫عني الله بذلك نفسه‪ ،‬قال‪ :‬فالية الخسسرى السستي فسسي حسسم قسسول اللسسه عسسز‬
‫َ‬
‫م{ ثسسم قلسست‪ :‬زعسسم أنسسه‬ ‫فْرت ُ ْ‬‫حدَهُ ك َ َ‬ ‫و ْ‬‫ه َ‬‫ي الل ّ ُ‬‫ع َ‬ ‫ذا دُ ِ‬‫ه إِ َ‬‫كم ب ِأن ّ ُ‬ ‫وجل‪} :‬ذَل ِ ُ‬
‫يعني بذلك أمير المؤمنين صلى الله عليه وسلم‪ .‬قال أبسسو عبسسد اللسسه‪ :‬مسسن‬
‫قال هذا فهو مشرك بالله ثلًثا أنا إلى الله منهم بريء ثلًثا‪ ،‬بل عنسسي اللسسه‬
‫بذلك نفسه" ]البرهان‪.[.4/78 :‬‬
‫وقد مّر أن الية الخيرة التي أشارت إليها الرواية جاء تأويلهسسا بمثسسل مسسا‬
‫قال أبو الخطاب في عدد مسسن مصسسادرهم المعتمسسدة كالكسسافي‪ ،‬والبرهسسان‪،‬‬
‫والبحار‪ ،‬وتفسير الصافي وغيرهسسا كمسسا سسسلف ]انظسسر‪ :‬ص)‪ .[.(430‬أمسسا اليسسة‬
‫الولى فقسسد جساء تأويلهسا بمثسسل هسذا المنكسر السذي أنكسسره أبسو عبسسد اللسسه –‬
‫باعترافهم – في رواية ينسسسبونها لبسسي عبسسد اللسسه خرجهسسا صسساحب الكسسافي‬
‫]روضة الكافي‪ :‬ص ‪ .[.304‬وذكرها صاحب البحسسار ]ذكرهسسا فسسي موضسسعين ص ‪،362‬‬
‫وص ‪ 368‬من الجزء الثالث والعشرين‪ .[.‬وغيرهما ]انظر‪ :‬البرقي‪ /‬كنز جامع الفوايد‪ :‬ص‬
‫‪.[.271‬‬
‫فأبو عبد اللسسه يحكسسم علسسى شسسيوخ الشسسيعة السسذين ارتضسسوا هسسذا التأويسسل‬
‫بالشرك‪.‬‬
‫وقد جاءت عندهم روايات كثيرة ليست من قبيل التأويل لليات‪ ،‬بل هي‬
‫أحاديث مستقلة عن أئمتهم تؤصل هذا المنكر‪ ،‬وتثبسست قاعسسدته‪ ،‬كقسسولهم‪:‬‬
‫‪256‬‬
‫"من أشرك مع إمام إمامته من عند الله من ليست إمامته من اللسسه كسسان‬
‫مشر ً‬
‫كا" ]الّنعماني‪ /‬الغيبة ص ‪ ،82‬بحار النوار‪.[.22/78 :‬‬
‫وفي هذا المعنى عدة روايات ]انظر – مثل ً ‪ :-‬أصول الكافي‪.[.1/437 :‬‬
‫وأكد ذلك شيوخهم‪ ،‬قال صدوقهم ابسسن بسسابويه‪ .." :‬إن اللسسه هسسو السسذي ل‬
‫يخليهم في كل زمان من إمام معصوم‪ ،‬فمن عبد رًبا لم يقم لهم الحجسسة‪،‬‬
‫فإنما عبد غير الله عز وجل" ]علل الشرائع ص ‪ ،14‬بحار النوار‪.[.23/83 :‬‬
‫وهو يعني أن من آمن بالله سبحانه رًبا‪ ،‬وأخلص له العبادة‪ ،‬ولكن اعتقد‬
‫أنه لم يول علًيا‪ ،‬ولم ينص على إمامته‪ ،‬فقد عبد غير الله!!‪.‬‬
‫وأخسسذوا مسسن هسسذه النصسسوص وغيرهسسا الحكسسم بتكفيسسر مسسن عسسداهم مسسن‬
‫المسلمين‪.‬‬
‫شسسرك والكفسسر – يعنسسي فسسي‬ ‫ن إطلق لفسسظ ال ّ‬ ‫قسسال المجلسسسي‪" :‬اعلسسم أ ّ‬
‫مسسة مسسن ولسسده‬‫نصوصهم – على من لم يعتقسسد إمامسسة أميسسر المسسؤمنين والئ ّ‬
‫فسسار مخّلسدون فسي النسسار"‬ ‫ل أّنهسم ك ّ‬‫ضل عليهم غيرهم يد ّ‬ ‫سلم‪ ،‬وف ّ‬ ‫عليهم ال ّ‬
‫صسسحابة وغيرهسسم‬
‫]بحار النوار‪ ،390 /23 :‬وسيأتي – إن شاء الله – حديث عن تكفيرهسسم لل ّ‬
‫مّمن لم يؤمن بأئّمتهم في الباب الّثالث‪.[.‬‬
‫وكل ذلك دعاوى ل سسسند لهسسا مسسن كتسساب اللسسه سسسبحانه وهسسي غيسسر ديسسن‬
‫قا لكان له ذكر في كتاب اللسسه‬ ‫ما ولو كان شيء مما يقولون ح ً‬ ‫السلم تما ً‬
‫في آيات كثيرة صسسريحة مبينسسة ل لبسسس فيهسسا ول غمسسوض تسسبين للمسسة هسسذا‬
‫المر‪ ،‬ولو كان شيء من ذلك واقًعا لبينه الرسول صلى الله عليسسه وسسسلم‬
‫حا وشسسافًيا كافي ًسسا‪ ،‬ولنقلتسسه المسسة بأجمعهسسا‪ ..‬وأصسسبح مسسن المسسور‬ ‫بياًنا واضس ً‬
‫المشهورة المعروفة‪ ..‬ولم يستقل بنقله حثالة من الكذابين‪.‬‬
‫قا لما أعرض عنه صسسحابة رسسسول اللسسه‪ ،‬ولمسسا‬ ‫ولو كان شيء من ذلك ح ً‬
‫تخلفوا عن القيام بسسه‪ ،‬وهسسم السسذين بسسذلوا المسسال والنفسسس وهجسسروا الهسسل‬
‫والولد وفارقوا الوطان واعتزلوا القرابة والعشسسيرة‪ ،‬وبسسذلوا حيسساتهم لهسسذا‬
‫الدين‪.‬‬
‫وآيات القرآن صريحة واضحة في أن أصل هذا الدين وأساسه هو توحيد‬
‫الله سبحانه وإفراده جل شأنه بالعبودية‪ ،‬وشسواهد هسذا فسي القسرآن كسثير‬
‫خقذَْنا‬ ‫وإ ِذْ أ َ َ‬
‫ه{ ]السسسراء‪ ،‬آيسسة‪َ } .[.23:‬‬ ‫دوا ْ إ ِل ّ إ ِي ّققا ُ‬ ‫عب ُق ُ‬
‫ضى رب َ َ‬
‫ك أل ّ ت َ ْ‬ ‫َ ّ‬ ‫ق َ‬ ‫و َ‬
‫} َ‬
‫ما‬‫ل إ ِن ّ َ‬‫ق ْ‬ ‫ه{ ]البقرة‪ ،‬آية‪ُ } .[.83:‬‬ ‫ن إ ِل ّ الل ّ َ‬‫دو َ‬ ‫عب ُ ُ‬‫ل ل َ تَ ْ‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫ميَثاقَ ب َِني إ ِ ْ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ه{ ]الرعد‪ ،‬آية‪ [.36:‬وغير ذلك كثير‪.‬‬ ‫ك بِ ِ‬ ‫ر َ‬ ‫ش ِ‬ ‫ول أ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫عب ُدَ الل ّ َ‬
‫نأ ْ‬ ‫تأ ْ‬ ‫مْر ُ‬ ‫أ ِ‬
‫أما ولية الثني عشر فليس لها ذكر على وجه الطلق في كتسساب اللسسه‪.‬‬
‫وقد اعترفت بذلك نصوصهم – كما سلف ‪ .-‬فهسسذه التحريفسسات والتسسأويلت‬
‫الخطرة ابتداع في الدين كبير‪ ،‬وإغفال لصل الدين العظيم‪ ..‬وفتح لبواب‬
‫الشرك‪ ،‬وتيسير لسبابه‪.‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫الولية أصل قبول العمال عندهم‬

‫‪257‬‬
‫إن التوحيد هو أصل قبول العمسسال‪ ،‬والشسسرك بسسالله سسسبحانه هسسو سسسبب‬
‫ن‬
‫دو َ‬ ‫مققا ُ‬ ‫فُر َ‬‫غ ِ‬ ‫وي َ ْ‬‫ه َ‬ ‫ك بِ ِ‬ ‫شَر َ‬‫فُر َأن ي ُ ْ‬ ‫ه ل َ يَ ْ‬
‫غ ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫بطلنها‪ .‬قال تعالى‪} :‬إ ِ ّ‬
‫شاء{ ]النساء‪ ،‬آية‪ ،48 :‬س ‪ ،[.116‬ولكن الشسيعة جعلسوا ذلسك كلسه‬ ‫من ي َ َ‬ ‫ك لِ َ‬ ‫ذَل ِ َ‬
‫لولية الثني عشر‪ ،‬وجاءت رواياتهم لتجعل المغفرة والرضسسوان والجنسسات‬
‫لمن اعتقد المامة وإن جاء بقراب الرض خطايا‪ ،‬والطسسرد والبعسساد والنسسار‬
‫ل نصب‬ ‫ن الله عّز وج ّ‬ ‫لمن لقي الله ل يدين بإمامة الثني عشر‪ ،‬فقالوا‪" :‬إ ّ‬
‫ما بينه وبين خلقه فمن عرفه كان مؤمًنا‪ ،‬ومن أنكسسره كسسان كسسافًرا‪،‬‬ ‫علّيا عل ً‬
‫كا‪ ،‬ومن جسساء بسسوليته‬ ‫ل‪ ،‬ومن نصب معه شيًئا كان مشر ً‬ ‫ومن جهله كان ضا ً‬
‫دخل الجّنة" ]أصول الكافي‪.[.437 /1 :‬‬
‫وقالوا في رواياتهم‪ ..." :‬فإن من أقر بوليتنا ثم مات عليهسسا قبلسست منسسه‬
‫صلته‪ ،‬وصومه‪ ،‬وزكاته‪ ،‬وحجه‪ ،‬وإن لسسم يقسسر بوليتنسسا بيسسن يسسدي اللسسه جسسل‬
‫ئا مسسن أعمسساله" ]أمسسالي الصسسدوق‪ :‬ص ‪،154‬‬ ‫جلله لم يقبل اللسسه عسسز وجسسل شسسي ً‬
‫‪.[.155‬‬
‫وقال أبو عبد الله – كما يزعمون ‪" :-‬من خالفكم وإن تعبد منسوب إلى‬
‫صقَلى ن َققاًرا‬ ‫ة‪ ،‬ت َ ْ‬ ‫صقب َ ٌ‬‫ة ّنا ِ‬ ‫مل َق ٌ‬
‫عا ِ‬
‫ة‪َ ،‬‬ ‫ع ٌ‬‫شق َ‬ ‫خا ِ‬ ‫ذ َ‬‫مئ ِ ٍ‬
‫و َ‬‫جققوهٌ ي َق ْ‬
‫و ُ‬‫هسسذه اليسسة‪ُ } :‬‬
‫ة{" ]اليات من سورة الغاشية ‪ ،4-2‬والنص في تفسير القمي‪.[.2/419 :‬‬ ‫مي َ ً‬‫حا ِ‬‫َ‬
‫وزعموا أن جبرائيل نزل على النبي صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم فقسسال‪ :‬يسسا‬
‫محمد‪ ،‬السلم يقرئك السلم ويقول‪" :‬خلقت السماوات السبع وما فيهن‪،‬‬
‫والرضين السبع وما عليهن‪ ،‬وما خلقت موضًعا أعظم من الركن والمقام‪،‬‬
‫دا‬
‫سماوات والرضين ثم لقيني جاح ً‬ ‫دا دعاني هناك منذ خلقت ال ّ‬ ‫ولو أن عب ً‬
‫صدوق‪ :‬ص ‪ ،290‬بحار النوار‪.[.27/167 :‬‬ ‫لولية علي لكببته في سقر" ]أمالي ال ّ‬
‫ول تترك رواياتهم وجًها من أوجه المبالغة في عبادة جاحد الولية وعدم‬
‫نفعها له إل وتذكره حتى قالت‪ ..." :‬لو سجد حسستى ينقطسسع عنقسسه مسسا قبسسل‬
‫الله منه إل بوليتنا أهل البيت" ]الخصال‪ ،1/41 :‬المحاسن‪ :‬ص ‪ ،224‬بحسسار النسسوار‪:‬‬
‫‪.[.168 ،27/167‬‬
‫دا يعبسسدني‬ ‫ن عبس ً‬ ‫وزعمت أن الله قال – كما يفسسترون ‪" :-‬يسسا محمسسد‪ ،‬لسسو أ ّ‬
‫دا لسسوليتهم مسسا أسسسكنته جن ّسستي ول‬ ‫ن ثم أتاني جاح ً‬ ‫ش ّ‬ ‫حتى ينقطع ويصير كال ّ‬
‫أظللته تحت عرشي" ]بحار النوار‪ .[.169 /27 :‬وادعت أن رسول الله صسسلى‬
‫الله عليه وسلم قال‪" :‬لو جاء أحدكم يوم القيامة بأعمسسال كأمثسسال الجبسسال‬
‫شسسيخ‬‫نار" ]أمالي ال ّ‬ ‫ل بال ّ‬ ‫ولم يجئ بولية علي بن أبي طالب لكّبه الله عّز وج ّ‬
‫طوسي‪.[1/314 :‬‬ ‫ال ّ‬
‫دا جاء يوم القيامة بعمل سبعين نبًيا ما قبسسل اللسسه ذلسسك منسسه‬ ‫"ولو أن عب ً‬
‫حتى يلقاه بوليتي وولية أهل بيتي" ]بحار النوار‪.[.27/172 :‬‬
‫بل إنهم جعلوا التوحيد ل يقبل إل بالولية‪ ،‬ففي أخبسسارهم "قسسال رسسسول‬
‫الله صلى الله عليه وسسسلم‪ :‬مسن قسسال‪ :‬ل إلسسه إل اللسسه دخسسل الجن ّسسة‪ ،‬فقسسال‬
‫رجلن من أصحابه‪ :‬فنحن نقول‪ :‬ل إله إل اللسسه‪ ،‬فقسسال رسسسول اللسسه صسسلى‬
‫الله عليه وسلم‪ :‬إّنمسسا تقبسسل شسسهادة أن ل إلسسه إل اللسسه مسسن هسسذا وشسسيعته‪،‬‬
‫ي وقسسال لهمسسا‪:‬‬ ‫ووضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على رأس عل ّ‬
‫مسن علمسة ذلسك أل تجلسسا مجلسسه ول تكسذبا قسوله ‪] "...‬بحسسار النسسوار‪/27 :‬‬
‫‪258‬‬
‫‪ .[.201‬فهذا يقتضي عندهم أن الولية مقدمة على الشهادة وهسسي أسسساس‬
‫قبولهم‪ ..‬ول تقبل الشهادة إل من شيعة علي‪.‬‬
‫واعتقاد المامة هو مناط عفو الله ومغفرته‪ ،‬وإنكارها هو سسسبب سسسخط‬
‫الله وعقابه‪ ،‬وجاءت عندهم بهذا المعنسسى روايسسات كسسثيرة؛ فقسسد رووا "عسسن‬
‫علي رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليسسه وسسسلم عسسن جبرائيسسل‬
‫عن الله عز وجل قال‪ :‬وعزتي وجللي لعذبن كل رعية في السلم دانت‬
‫بولية إمام جائر ليس من الله عز وجسسل‪ ،‬وإن كسسانت الرعيسسة فسسي أعمالهسسا‬
‫برة تقية‪ ،‬ولعفون عن كل رعية دانت بولية إمام عادل مسسن اللسسه تعسسالى‪،‬‬
‫وإن كانت الرعية في أعمالها طالحسسة سسسيئة" ]النعمسساني‪ /‬الغيبسسة‪ :‬ص ‪ ،83‬بحسسار‬
‫النوار‪.[.27/201 :‬‬
‫ورواياتهم في هذه المسألة كثيرة جاء على أكثرها صاحب البحسسار‪ ،‬فقسسد‬
‫ذكر مثل ً عشرين رواية في "باب أنهسسم عليهسسم السسسلم أهسسل العسسراف‪ ..‬ل‬
‫يدخل الجنة إل مسسن عرفهسسم وعرفسسوه" ]بحسسار النسسوار‪ [.256-24/247 :‬وإحسسدى‬
‫وسبعين رواية في "باب أنه ل تقبل العمسسال إل بالوليسسة" ]المرجسسع السسسابق‪:‬‬
‫‪ [.202-27/166‬وغيرها‪.‬‬
‫وكل هذه الروايات ليست من السلم في شيء‪ ،‬فأمامنا كتاب الله‬
‫سبحانه ليس فيه مما يدعون شيء‪ ،‬وهو الفيصل الول‪ ،‬والمرجع الول‬
‫في كل خلف‪.‬‬
‫القرآن العظيم ذكر أن اصل قبول العمال هو التوحيد وسبب الحرمسسان‬
‫ه‬‫عَلي ق ِ‬ ‫ه َ‬ ‫م الل ّق ُ‬ ‫حّر َ‬ ‫قدْ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ك ِبالل ّ ِ‬
‫ه َ‬ ‫ر ْ‬ ‫ش ِ‬ ‫من ي ُ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫هو الشرك‪ ،‬قال تعالى‪} :‬إ ِن ّ ُ‬
‫َ‬ ‫ةو ْ‬
‫ك‬ ‫شَر َ‬ ‫فُر أن ي ُ ْ‬ ‫غ ِ‬‫ه ل َ يَ ْ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫واهُ الّناُر{ ]المائدة‪ ،‬آية‪} ،[.72 :‬إ ِ ّ‬ ‫مأ َ‬ ‫جن ّ َ َ َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫شاء{ ]النساء‪ ،‬آية‪.[.116 ،48 :‬‬ ‫من ي َ َ‬ ‫ك لِ َ‬ ‫ن ذَل ِ َ‬ ‫دو َ‬ ‫ما ُ‬ ‫فُر َ‬ ‫غ ِ‬‫وي َ ْ‬
‫ه َ‬ ‫بِ ِ‬
‫وكل ما ذكر من مبالغات الشسسيعة تكسسذبها آيسسات القسسرآن؛ فسسالله سسسبحانه‬
‫َ‬
‫م‬ ‫هقق ْ‬ ‫جُر ُ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ه ْ‬‫فل َ ُ‬ ‫صاِلحا ً َ‬ ‫ل َ‬ ‫م َ‬ ‫ع ِ‬‫و َ‬ ‫ر َ‬ ‫خ ِ‬ ‫وم ِ ال ِ‬ ‫وال ْي َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ن ِبالل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫نآ َ‬ ‫م ْ‬ ‫يقول‪َ } :‬‬
‫م{ ]البقرة‪ ،‬آية‪ .[.62:‬ولم يذكر سسسبحانه مسسن ضسسمن ذلسسك الوليسسة‪،‬‬ ‫ه ْ‬ ‫عندَ َرب ّ ِ‬ ‫ِ‬
‫حا‬ ‫صققال ِ ً‬ ‫ل َ‬ ‫مقق َ‬ ‫ع ِ‬‫رو َ‬ ‫خقق ِ‬ ‫وم ِ ال ِ‬ ‫ْ‬
‫والي َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫ن ِبالل ِ‬ ‫م َ‬ ‫نآ َ‬ ‫م ْ‬ ‫وكذلك قال سبحانه‪َ } :‬‬
‫م{ ]المائدة‪ ،‬آية‪.[.69:‬‬ ‫ه ْ‬ ‫ف َ َ‬ ‫فل َ َ‬ ‫َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫و ٌ‬ ‫خ ْ‬
‫وهم يزعمون أو ولية الثنسسي عشسسر أعظسسم مسسن الصسسلة وسسسائر أركسسان‬
‫السلم ]انظر في فصل المامة من الباب الثالث في هذا الكتاب‪ .[.‬والصسسلة ذكسسرت‬
‫في القرآن بلفظ صريح واضح فسسي أكسسثر مسسن ثمسانين موضسًعا‪ ،‬ولسسم تسسذكر‬
‫وليتهم مرة واحدة‪ ..‬فهل أراد جل شسسأنه ضسسلل عبسسادة‪ ،‬أو لسسم يسسبين لهسسم‬
‫ل‬ ‫ضقق ّ‬ ‫ه ل ِي ُ ِ‬ ‫ن الل ّ ُ‬ ‫كا َ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬ ‫طريق الوصول إليه!! سبحانه هذا بهتان عظيم‪َ } :‬‬
‫ن{ ]التوبة‪ ،‬آية‪.[.115:‬‬ ‫قو َ‬ ‫ما ي َت ّ ُ‬ ‫هم ّ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫حّتى ي ُب َي ّ َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬
‫دا ُ‬ ‫ه َ‬‫عدَ إ ِذْ َ‬ ‫ما ب َ ْ‬ ‫و ً‬‫ق ْ‬ ‫َ‬
‫وقد جاء في رواياتهم ما ينقض ما قالوه‪ ،‬وإن كسسانت ل تلبسسث تسسأويلتهم‪،‬‬
‫أو تقيتهم من وأد مثل هذه النصسسوص المعتدلسسة‪ ،‬ولكسسن أذكسسر ذلسسك لقامسسة‬
‫الحجة عليهم من كتبهم‪ ،‬ولبيان ما عليه نصوصهم مسسن تنسساقض‪ ..‬جسساء فسسي‬
‫تفسير فرات‪" :‬قال علي بن أبي طالب‪ :‬سمعت رسسسول اللسسه صسسلى اللسسه‬
‫عل َي َ‬ ‫قل ل أ َ َ‬
‫ة‬
‫ودّ َ‬ ‫مقق َ‬ ‫جققًرا ِإل ال ْ َ‬ ‫هأ ْ‬ ‫م َ ْ ِ‬ ‫سأل ُك ُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫عليه وسلم يقول لما نزلت‪ُ } :‬‬

‫‪259‬‬
‫في ال ْ ُ‬
‫قْرَبى{ ]الشسسورى‪ ،‬آيسسة‪ [.23:‬قال جبرائيل‪ :‬يسسا محمسسد‪ ،‬إن لكسسل ديسسن‬ ‫ِ‬
‫عا وبنياًنا‪ ،‬وإن أصل الدين ودعامته قول‪ :‬ل إله إل اللسسه‪،‬‬ ‫أصل ً ودعامة‪ ،‬وفر ً‬
‫وإن فرعه وبنيانه محبتكم أهل البيت ومسسوالتكم فيمسسا وافسسق الحسسق ودعسسا‬
‫إليه" ]تفسير فرات‪ :‬ص ‪ ،149-148‬بحار النوار‪.[.23/247 :‬‬
‫فهذا النص يخسسالف مسسا تسسذهب إليسسه أخبسسارهم‪ ،‬حيسسن يجعسسل أصسسل السسدين‬
‫شسسهادة التوحيسسد‪ ،‬ل الوليسسة‪ ،‬ويعسسد محبسسة أهسسل السسبيت هسسي الفسسرع وهسسي‬
‫مشروطة بمن وافق الحق منهم ودعا إليه‪.‬‬

‫المبحث الثالث‬
‫اعتقادهم أن الئمة هم الواسطة بين الله والخلق‬
‫يقسسول الثنسسا عشسسرية‪ :‬إن الئمسسة الثنسسي عشسسر هسسم الواسسسطة بيسسن اللسسه‬
‫وخلقه‪ .‬قال المجلسي عن أئمتسسه‪" :‬فسسإنهم حجسسب السسرب‪ ،‬والوسسسائط بينسسه‬
‫وبين الخلق" ]بحار النوار‪.[.23/97 :‬‬
‫وعقسسد لسسذلك باب ًسسا بعنسسوان "بسساب أن النسساس ل يهتسسدون إل بهسسم‪ ،‬وأنهسسم‬
‫الوسائل بين الخلق وبين الله‪ ،‬وأنه ل يدخل الجنة إل من عرفهم" ]المصسسدر‬
‫السابق‪.[.23/97 :‬‬
‫سسسبب بينكسسم وبيسسن اللسسه‬
‫وجاء في أخبارهم أن أبا عبد الله قال‪" :‬نحن ال ّ‬
‫سابق‪.[.23/101 :‬‬ ‫ل" ]ال ّ‬‫عّز وج ّ‬
‫وجاء في كتاب "عقائد المامية" أن الئمة الثني عشر هم‪" :‬أبواب اللسسه‬
‫والسبل إليه‪ ...‬إنهم كسفينة نوح من ركبها نجسسا ومسسن تخلسسف عنهسسا غسسرق"‬
‫]عقائد المامة‪ /‬للمظفر‪ :‬ص ‪.[.99-98‬‬
‫وإذا كان المسلمون يعتقدون أن الرسل هم الواسطة بين الله والنسساس‬
‫في تبليغ أمسر اللسه وشسرعه‪ ،‬فسإن الثنسي عشسرية تعتقسد أن هسذا المعنسى‬
‫موجود في الئمة‪ ،‬لنهم يتلقون من الله – كما مر في فصل عقيدتهم في‬
‫السنة – وتزيد على ذلك فتجعل لهم من خصائص اللوهية ما يخسسرج بمسسن‬
‫يؤمن به من دين التوحيد إلى ديسن المشسركين حيسن تجعسل هدايسة الخلسق‬
‫إليهم‪ ،‬وأن الدعاء ل يقبل إل بأسمائهم‪ ،‬وأنسسه يسسستغاث بهسسم عسسد الشسسدائد‬
‫والملمات‪ ،‬ويحج إلى مشاهدهم‪ ،‬والحج إليهم أفضل مسسن الحسسج إلسسى بيسست‬
‫الله‪ ،‬وكربلء أفضل مسسن الكعبسسة‪ ،‬ولزيسسارة أضسسرحة الئمسسة مناسسسك وآداب‬
‫سموها "مناسك المشاهد" وجعلوها تحج كما يحسسج بيسست اللسسه السسذي جعلسسه‬
‫ما للناس‪ ،‬ويطاف بها كما يطاف بسسالبيت‪ ،‬وتتخسسذ قبلسسة كسسبيت اللسسه‬ ‫الله قيا ً‬
‫الحرام‪.‬‬
‫وسأعرض – إن شاء اللسسه – لهسسذه المسسسائل مسسن خلل النقسسل الميسسن –‬
‫بحول الله – من كتب الشيعة المعتمدة عندها‪.‬‬
‫وقبل أن أعرض لهسسذه المسسسائل أبيسسن أن دعسسوى » الواسسسطة « للئمسسة‬
‫غريبة على نصوص السلم‪ ،‬بل هي منكسسرة‪ ،‬لنهسسا عيسسن ديسسن المشسسركين‪،‬‬
‫وقد بعث الرسل لتخليص البشرية من هذا الشرك‪.‬‬

‫‪260‬‬
‫وليس بين المسلم في عبادته لربه ودعائه له‪ ،‬حجب تمنعه‪ ،‬ول واسطة‬
‫ب‬ ‫ُ‬ ‫ف قإ ِّني َ‬ ‫عن ّققي َ‬ ‫سأ َل َ َ‬ ‫وإ ِ َ‬
‫جي ق ُ‬ ‫بأ ِ‬ ‫ري ق ٌ‬‫ق ِ‬ ‫عَباِدي َ‬ ‫ك ِ‬ ‫ذا َ‬ ‫تحجبه‪ .‬قال تعالى‪َ } :‬‬
‫م‬‫هق ْ‬‫عل ّ ُ‬‫من ُققوا ْ ب ِققي ل َ َ‬ ‫ول ْي ُ ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫جيُبوا ْ ل ِققي َ‬ ‫س قت َ ِ‬ ‫فل ْي َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫عققا ِ‬ ‫ذا دَ َ‬ ‫ع إِ َ‬ ‫دا ِ‬ ‫وةَ ال ق ّ‬‫عق َ‬‫دَ ْ‬
‫ن{ ]البقرة‪ ،‬آية‪.[.186 :‬‬ ‫دو َ‬ ‫ش ُ‬ ‫ي َْر ُ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫عق ْ‬ ‫ن َ‬ ‫س قت َك ْب ُِرو َ‬
‫ن يَ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ق ِ‬‫م إِ ّ‬ ‫ب ل َك ُ ْ‬ ‫ج ْ‬ ‫ست َ ِ‬‫عوِني أ ْ‬ ‫وقال تعالى‪} :‬ادْ ُ‬
‫ن{ ]غافر‪ ،‬آية‪.[.60:‬‬ ‫ري َ‬ ‫خ ِ‬ ‫دا ِ‬ ‫م َ‬ ‫هن ّ َ‬‫ج َ‬ ‫ن َ‬ ‫خُلو َ‬ ‫سي َدْ ُ‬‫عَبادَِتي َ‬ ‫ِ‬
‫وقال أهل العلم‪" :‬إن من جعل بينسسه وبيسسن اللسسه وسسسائط يتوكسسل عليهسسم‬
‫فسَر إجماع ًسسا؛ لن ذلسسك كفعسسل عابسسدي الصسسنام السسذين‬ ‫ويدعوهم ويسألهم ك َ َ‬
‫فققى{ ]الزمسسر‪ ،‬آيسسة‪"[.3:‬‬ ‫ه ُزل ْ َ‬ ‫قّرُبوَنا إ ِل َققى الل ّق ِ‬ ‫م ِإل ل ِي ُ َ‬ ‫ه ْ‬
‫عب ُدُ ُ‬ ‫ما ن َ ْ‬‫قالوا‪َ } :‬‬
‫]انظر‪ :‬البهوتي‪ /‬كشاف القناع‪.[.169-6/168 :‬‬
‫وحينما سئل شيخ السلم ابن تيمية عمن قال‪ :‬لبد لنا من واسطة بيننا‬
‫وبين الله فإننا ل نقدر أن نصل إليه إل بذلك‪.‬‬
‫أجاب – رحمه الله – بقوله‪ :‬إن أراد أنه لبد لنا من واسسسطة تبلغنسسا أمسسر‬
‫الله فهذا حق فإن الخلق ل يعلمون ما يحبه الله ويرضاه ويأمر بسسه وينهسسى‬
‫عنه إل بواسطة الرسل الذين أرسلهم الله إلى عباده‪ ،‬وهذا ما أجمع عليه‬
‫أهل الملل من المسلمين واليهود والنصارى‪ ،‬فإنهم يثبتسون الوسسائط بيسن‬
‫الله وبين عباده‪ ،‬وهم الرسل الذين بلغوا عن اللسسه أوامسسره ونسسواهيه‪ ،‬قسسال‬
‫س{‪ ،‬ومن أنكر‬ ‫ن الّنا ِ‬ ‫م َ‬ ‫و ِ‬‫سل ً َ‬ ‫ة ُر ُ‬‫ملئ ِك َ ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫في ِ‬ ‫صط َ ِ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫تعالى‪} :‬الل ّ ُ‬
‫هذه الوسائط فهو كافر بإجماع أهل الملل‪.‬‬
‫وإن أرادوا بالواسطة‪ :‬أنه لبد من واسطة يتخذها العباد بينهم وبين الله‬
‫في جلب المنافع ودفع المضار‪ ،‬مثسل أن يكونسوا واسسسطة فسي رزق العبسساد‬
‫ونصرهم وهسسداهم‪ ،‬يسسسألون ذلسسك ويرجعسسون إليسسه فيسسه‪ ،‬فهسسذا مسسن أعظسسم‬
‫فر الله به المشسركين‪ ،‬حيسسث اتخسذوا مسن دون اللسه أوليسساء‬ ‫الشرك الذي ك ّ‬
‫وشفعاء يجتلبون بهم المنافع ويدفعون بهم المضار‪ ،‬فمن جعسسل النبيسساء أو‬
‫الملئكة أو الئمة والولياء وسائط يدعوهم ويتوكل عليهم ويسسألهم جلسسب‬
‫المنافع ودفع المضسار مثسل أن يسسألهم غفسران السذنوب‪ ،‬وهدايسة القلسوب‬
‫وتفريج الكربات‪ ،‬وسد الفاقات فهو كافر بإجماع المسلمين‪.‬‬
‫إلى أن قال‪ :‬فمن أثبت وسائط بين الله وبين خلقه كالحجاب الذي بين‬
‫الملك ورعيته‪ ،‬بحيث يكونون هم يرفعون إلى الله حوائج خلقسسه‪ ،‬وأن اللسسه‬
‫إنما يهدي عباده وينصرهم ويرزقهم بتوسطهم‪ ،‬بمعنى أن الخلق يسألوهم‬
‫وهم يسألون الله‪ ،‬كما أن الوسائط عند الملسسوك يسسسألون الملسسوك حسسوائج‬
‫الناس لقربهسسم منهسسم‪ ،‬والنسساس يسسسألونهم أدب ًسسا منهسسم أن يباشسسروا سسسؤال‬
‫الملك‪ ،‬أو لن طلبهم من الوسائل أنفع لهم من طلبهم من الملك لكونهم‬
‫أقرب إلى الملك من الطالب‪ ،‬فمن أثبتهم وسائط علسسى هسسذا السسوجه فهسسو‬
‫كافر مشرك يجب أن يستتاب‪ ،‬فإن تاب وإل قتل ]انظر‪ :‬ابسسن تيميسسة‪ /‬الواسسسطة‬
‫بين الخلق والحق )ضمن مجموع فتاوى شيخ السلم‪ 1/121 :‬وما بعدها‪ ،‬جمع الشيخ عبسسد‬
‫الرحمن بن قاسم( وانظر‪ :‬أبا بطين‪ /‬النتصار لحزب الله الموحدين ص ‪.[.31-30‬‬

‫‪261‬‬
‫فسسا مسسن خلل كتسسب‬ ‫وأعود – الن – لعرض المسائل التي أشرت إليهسسا آن ً‬
‫الشيعة نفسها لتتضح حقيقة الشرك والدعوة إليسسه الكامنسسة فسسي المسسذهب‬
‫المامي الثني عشري‪.‬‬
‫المسألة الولى‪ :‬قولهم‪ :‬ل هداية للناس إل بالئمة‪:‬‬
‫قال أبو عبد الله‪" :‬بليسسة النسساس عظيمسسة؛ إن دعونسساهم لسسم يجيبونسسا‪ ،‬وإن‬
‫تركناهم لم يهتدوا بغيرنا" ]أمالي الصدوق‪ :‬ص ‪ ،363‬بحار النوار‪.[.23/99 :‬‬
‫فهذا النص يقرر أن هداية الناس ل تتحقسسق إل بالئمسسة‪ ،‬وأن النسساس فسسي‬
‫بلء وضلل دائم لنهم يرفضون إجابة دعوة الئمة‪.‬‬
‫وكل الحكمين )حصسسر الهدايسسة بالئمسسة‪ ،‬والحكسسم بالضسسلل علسسى النسساس(‬
‫باطل من القول وزور لمخالفته للنقل والعقل والواقع‪.‬‬
‫ف‬‫ومرة أخرى تقول أخبارهم‪" :‬قال أبو جعفسسر‪ :‬ب ِن َسسا ع ُب ِسد َ اللسسه‪ ،‬وب ِن َسسا ع ُسرِ َ‬
‫حد َ الله" ]بحار النوار‪.[.23/103 :‬‬ ‫الله‪ ،‬وب َِنا وُ ّ‬
‫فهي ل تنفي الهداية عن المة‪ ،‬ولكن تجعل مصدرها الئمة‪.‬‬
‫والحق أن الهداية بمعنى التوفيق إلسسى الحسسق وقبسسوله‪ ،‬ل يملكهسسا إل رب‬
‫العباد‪ ،‬ومقلب القلوب والبصار‪ ،‬والذي يحول بين المرء وقلبه‪ ،‬والسسذي إذا‬
‫قال للشيء‪ :‬كن فيكون‪ ..‬والشيعة في إطلقها هسسذه العبسسارات بل أي قيسسد‬
‫تجعل لئمتها مشاركة لله جل شأنه فسسي هسسذه الهدايسسة‪ ،‬وهسسو شسسرك أكسسبر؛‬
‫فالله سبحانه هو الهادي وحده ل شريك له‪.‬‬
‫د‬
‫جقق َ‬ ‫فلققن ت َ ِ‬ ‫َ‬ ‫ل َ‬‫ضل ِ ْ‬
‫من ي ُ ْ‬ ‫و َ‬ ‫دي َ‬ ‫هت َ ِ‬
‫م ْ‬‫و ال ْ ُ‬ ‫ه َ‬‫ف ُ‬ ‫ه َ‬ ‫د الل ّ ُ‬ ‫ه ِ‬ ‫من ي َ ْ‬ ‫قال تعالى‪َ } :‬‬
‫ك‬ ‫دا{ ]الكهف‪ ،‬آية‪ .[.17:‬ويقول لنبيه – عليسسه السسسلم ‪} :-‬إ ِّنق َ‬ ‫ش ً‬‫مْر ِ‬ ‫ول ِّيا ّ‬ ‫ه َ‬‫لَ ُ‬
‫َ‬
‫شاء{ ]القصص‪ ،‬آية‪.[.56 :‬‬ ‫من ي َ َ‬ ‫دي َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ه يَ ْ‬‫ن الل ّ َ‬ ‫ول َك ِ ّ‬‫ت َ‬ ‫حب َب ْ َ‬‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫دي َ‬ ‫ه ِ‬
‫ل تَ ْ‬
‫أما هداية الدللة على الحق والرشاد إليسسه فهسسذه وظيفسسة الرسسسل ومسسن‬
‫عققو‬ ‫س قِبيِلي أ َدْ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ذ ِ‬ ‫هق ِ‬‫ل َ‬ ‫ق ْ‬ ‫تبعهم بإحسان‪ ،‬ول تنحصر في الثني عشر‪ُ } .‬‬
‫عَلى بصير َ‬
‫عِنققي{ ]يوسسسف‪ ،‬آيسسة‪ .[.108:‬وإطلق‬ ‫ن ات ّب َ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ة أن َا ْ َ‬
‫و َ‬ ‫َ ِ َ ٍ‬ ‫ه َ‬ ‫إ َِلى الل ّ ِ‬
‫القول بأن هداية العباد ل تتم إل بالئمة جرأة على الله سبحانه‪.‬‬
‫المسألة الثانية‪ :‬قولهم‪ :‬ل يقبل الدعاء إل بأسماء الئمة‪:‬‬
‫قالوا‪ :‬ل يفلح من دعا الله بغير الئمة‪ ،‬ومن فعل ذلك فقد هلك‪.‬‬
‫جاء في أخبارهم عن الئمة‪" :‬من دعا اللسسه بنسسا أفلسسح‪ ،‬ومسسن دعسسا بغيرنسسا‬
‫طبري‪ /‬بشارة المصطفى‪ :‬ص ‪ ،119-117‬البحار‪ ،23/103 :‬وسسسائل‬ ‫هلك واستهلك" ]ال ّ‬
‫ن دعاء النبيساء‬ ‫شيعة‪ .[.4/1142 :‬وبلغت جرأتهم في هذا الباب أن قالوا‪" :‬إ ّ‬ ‫ال ّ‬
‫توسل والستشفاع بهم صلوات الله عليهم أجمعين" ]وهذا أحسسد‬ ‫استجيب بال ّ‬
‫أبواب بحار النوار‪.[26/319 :‬‬
‫وقد استشهد على ذلك المجلسسسي بإحسسدى عشسسرة روايسسة مسسن روايسساتهم‬
‫]انظسسر‪ :‬بحسسار النسسوار‪ .[.334-26/319 :‬كما عرض لروايسسات كسسثيرة مماثلسسة فسسي‬
‫أبواب أحوال النبياء‪ ،‬وبالخص في أحوال آدم وموسى وإبراهيم‪ ،‬وكذا في‬
‫أبواب معجزات النبي ]بحار النوار‪.[.26/334 :‬‬
‫وجاءت روايات كثيرة في هذا المعنى في عدد من مصادرهم المعتمسسدة‬
‫]انظر– مثل ً ‪ :-‬تفسير العياشي‪ ،1/41 :‬ابسسن بسسابويه‪ /‬الخصسسال‪ ،1/130 :‬معسساني الخبسسار ص‬
‫‪ ،42‬الطبرسي‪ /‬الحتجاج‪ :‬ص ‪ ،28 ،27‬وانظر‪ :‬تفسير الحسن العسكري‪ :‬ص ‪،118 ،117‬‬
‫‪262‬‬
‫وسسسائل الشسسيعة‪ 4/1139 :‬وغيرهسسا‪ .[.‬وهسسذا "الزعسسم" الخطيسسر يهسسدف بطريقسسة‬
‫ماكرة‪ ،‬وأسلوب مقنع إلى "تأليه الئمة" وأنهسسم ملجسسأ المحتسساجين ومفسسزع‬
‫الملهوفين وأمان الخائفين وقبلة الداعين‪ ،‬ول تستجاب السسدعوات إل بسسذكر‬
‫أسمائهم‪ ،‬فأي فرق بين هذا وبين ما يزعمه المشركون في أصنامهم؟!‬
‫نعم هناك فرق‪ ،‬وهو أن المشركين في وقسست الشسسدة يخلصسسون السسدعاء‬
‫ن{‬ ‫دي َ‬ ‫ه الق ّ‬ ‫ن ل َق ُ‬ ‫صققي َ‬ ‫خل ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫وا الل ّق َ‬ ‫عق ُ‬‫ك دَ َ‬ ‫فل ْق ِ‬ ‫فقي ال ْ ُ‬ ‫ذا َرك ِب ُققوا ِ‬ ‫فإ ِ َ‬‫للسسه } َ‬
‫شسسرك ومسسا هسسو الّتوحيسسد‪ ،‬فهسسي‬ ‫]العنكبوت‪ ،‬آية‪ .[65 :‬هذه الية تبني مسسا هسسو ال ّ‬
‫دعاء عند اضطراب المسسوج ول تتعل ّسسق بالمامسسة‪ .‬أمسسا‬ ‫تتعّلق بالخلص في ال ّ‬
‫هؤلء فإنهم يشركون في الرخاء والشدة‪ ،‬بل يزعمون أن الشسسدة ل ترفسسع‬
‫إل بالدعاء بأسماء الئمة‪.‬‬
‫مسسا أشسسرف نسسوح‬ ‫تقول إحدى رواياتهم‪" :‬عن الرضا عليه السسسلم قسسال‪ :‬ل ّ‬
‫مسسا رمسسي‬ ‫قنا فدفع الله عنه الغرق‪ ،‬ول ّ‬ ‫سلم على الغرق دعا الله بح ّ‬ ‫عليه ال ّ‬
‫ن‬ ‫ما‪ ،‬وإ ّ‬ ‫دا وسسسل ً‬ ‫قنا فجعل الله الن ّسسار عليسسه بسسر ً‬ ‫إبراهيم في الّنار دعا الله بح ّ‬
‫قنسسا فجعلسسه‬ ‫قا فسسي البحسسر دعسسا اللسسه بح ّ‬ ‫ما ضرب طري ً‬ ‫سلم ل ّ‬ ‫موسى عليه ال ّ‬
‫جسسي‬ ‫قنسسا فن ّ‬ ‫ما أراد اليهود قتله دعا اللسسه بح ّ‬ ‫سلم ل ّ‬ ‫ن عيسى عليه ال ّ‬ ‫سا‪ ،‬وإ ّ‬ ‫يب ً‬
‫شيعة‪.[.4/1143 :‬‬ ‫من القتل فرفعه الله" ]بحار النوار‪ ،26/325 :‬وسائل ال ّ‬
‫وكما أن الستجابة لدعاء النبيسساء بسسسبب الئمسسة‪ ،‬فسسإن مسسا جسسرى لبعسسض‬
‫النبياء هي بزعمهم بسبب موقفهم من الئمة‪ ،‬فآدم عليسسه السسسلم – كمسسا‬
‫يفترون – "‪ ..‬لما أسكنه الله الجنة مّثل له النبي وعلي والحسن والحسين‬
‫صلوات الله عليهم فنظر إليهم بحسد‪ ،‬ثم عرضسست عليسسه الوليسسة فأنكرهسسا‬
‫فرمته الجنة بأوراقها‪ ،‬فلما تاب إلى الله مسسن حسسسده وأقسسر بالوليسسة ودعسسا‬
‫بحق الخمسسسة محمسسد وعلسسي وفاطمسسة والحسسسن والحسسسين صسسلوات اللسسه‬
‫ت{‬ ‫مققا ٍ‬ ‫ه ك َل ِ َ‬ ‫مققن ّرب ّق ِ‬ ‫م ِ‬ ‫قى آدَ ُ‬ ‫فت َل َ ّ‬‫عليهم غفسسر اللسسه لسسه‪ ،‬وذلسسك قسسوله‪َ } :‬‬
‫]البقرة‪ ،‬آية‪ ،37 :‬والنص المذكور في‪ :‬تفسير العياشسسي‪ ،1/41 :‬بحسسار النسسوار‪.[.26/326 :‬‬
‫سلم حبسه اللسسه فسسي بطسسن الحسسوت لنكسساره‬ ‫ن يونس عليه ال ّ‬ ‫"كما ادعوا أ ّ‬
‫ولية علي بن أبي طالب ولم يخرجه حتى قبلها" ]تفسسسير فسسرات ص ‪ ،13‬بحسسار‬
‫النوار‪.[.334-26/333 :‬‬
‫ه‬ ‫ّ‬
‫ول ِلق ِ‬ ‫هسسذا مسسا تقسسوله الشسسيعة وتفسستريه‪ ،‬ولكسسن يقسسول اللسسه سسسبحانه‪َ } :‬‬
‫ها{ ]العراف‪ ،‬آية‪ .[.180:‬ولم يقل سسسبحانه‪:‬‬ ‫سَنى َ‬ ‫ماء ال ْ ُ‬ ‫َ‬
‫عوهُ ب ِ َ‬ ‫فادْ ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫س َ‬
‫ال ْ‬
‫فادعوه بأسماء الئمة أو مقامات الئمة أو مشاهدهم‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م{ ]غافر‪ ،‬آيسسة‪:‬‬ ‫ب لك ُ ْ‬ ‫ج ْ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫عوِني أ ْ‬ ‫م ادْ ُ‬ ‫ل َرب ّك ُ ُ‬ ‫قا َ‬ ‫و َ‬‫كما قال جل شأنه‪َ } :‬‬
‫‪ .[60‬ولو كان أساس قبول الدعاء ذكر أسماء الئمة لقال‪ :‬ادعوني بأسماء‬
‫الئمة أستجب لكم‪ ،‬بل إن هسسذا المسسر السسذي تسسدعيه الشسسيعة وتفسستريه مسسن‬
‫أسباب رد الدعاء وعسسدم قبسسوله‪ ،‬لن الخلص فسسي السسدعاء للسسه أصسسل فسسي‬
‫و‬‫ول َ ق ْ‬ ‫ن َ‬ ‫دي َ‬ ‫ه ال ق ّ‬ ‫ن لَق ُ‬ ‫صي َ‬ ‫خل ِ ِ‬ ‫م ْ‬‫ه ُ‬ ‫عوا الل ّ َ‬ ‫فادْ ُ‬ ‫الجابة والقبول‪ .‬قال تعالى‪َ } :‬‬
‫ن{‬ ‫دي َ‬ ‫ه الق ّ‬ ‫ن َلق ُ‬ ‫صقي َ‬ ‫خل ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫عققوهُ ُ‬ ‫وادْ ُ‬ ‫ن{ ]غسسافر‪ ،‬آيسسة‪َ } .[.14:‬‬ ‫فُرو َ‬ ‫كا ِ‬ ‫رهَ ال ْ َ‬ ‫كَ ِ‬
‫]العراف‪ ،‬آية‪.[.29:‬‬

‫‪263‬‬
‫ن الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫دو ِ‬ ‫من ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫عو َ‬ ‫ن ت َدْ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬‫وهؤلء الئمة هم من سائر البشر }إ ِ ّ‬
‫َ‬
‫ن{‬ ‫قي َ‬‫صققاِد ِ‬ ‫م َ‬
‫كنت ُق ْ‬‫م ِإن ُ‬ ‫جيُبوا ْ ل َك ُق ْ‬ ‫فل ْي َ ْ‬
‫س قت َ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫عو ُ‬ ‫م َ‬
‫فققادْ ُ‬ ‫مَثال ُك ُ ْ‬ ‫عَبادٌ أ ْ‬ ‫ِ‬
‫]العراف‪ ،‬آية‪.[.194:‬‬
‫حا‬‫ولم يجعل الله عز وجل بينه وبين خلقه في عبادته ودعسسائه ولي ًسسا صسسال ً‬
‫ف‬‫سقَتنك ِ َ‬ ‫ل‪ ،‬بسسل الجميسسع عبسساد اللسسه }ّلن ي َ ْ‬ ‫كا مقرب ًسسا ول نبي ًسسا مرس س ً‬ ‫ول مل ً‬
‫ن ‪] {...‬النسسساء‪،‬‬ ‫قّرُبقو َ‬ ‫م َ‬ ‫ة ال ْ ُ‬‫كق ُ‬ ‫ملئ ِ َ‬‫ول َ ال ْ َ‬‫ه َ‬ ‫عْبدا ً ل ّل ّق ِ‬
‫ن َ‬ ‫كو َ‬‫ح َأن ي َ ُ‬ ‫سي ُ‬ ‫م ِ‬‫ال ْ َ‬
‫ض ِإل آت ِققي‬ ‫َ‬ ‫آيسسة‪ .[.172:‬اليسسة‪ِ} ،‬إن ك ُق ّ‬
‫والْر ِ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫سق َ‬ ‫فققي ال ّ‬ ‫مققن ِ‬ ‫ل َ‬
‫دا{ ]مريم‪ ،‬آية‪.[.93:‬‬ ‫عب ْ ً‬
‫ن َ‬ ‫م ِ‬ ‫ح َ‬‫الّر ْ‬
‫وتربية الشيعي من خلل أدعيته ومناجاته لله على هذا المنهج هي تربية‬
‫خطيرة‪ ..‬حيث تزرع في قلبه ومشاعره التجاه إلى غير الواحد القهار‪،‬‬
‫وتنمي في نفسه التوجه إلى البشر ل إلى خالق البشر‪ ،‬ويترعرع في هذا‬
‫المحضن الوثني لينشأ أولده وأحفاده على هذه الطريق‪ ،‬ولربما ينسى‬
‫ل؛ لن ذكر الئمة في لسانه‪ ،‬ووجودهم في قلبه حين‬ ‫ذكر الله سبحانه أص ً‬
‫الدعاء والتوجه‪.‬‬
‫ويتركز ذلك من خلل الكلمة والقدوة‪.‬‬
‫وقد صرحت بعض رواياتهم بشيء مسسن هسسذا المعنسسى‪ ،‬حيسسث تقسسول بسسأن‬
‫ب‬ ‫ن الّرجسسل يح س ّ‬ ‫شيعة كتب إلى إمامه يشتكي أو يسأل ويقسسول‪" :‬إ ّ‬ ‫بعض ال ّ‬
‫ب أن يفضسسي إلسسى رب ّسسه" فجسساء الجسسواب‪" :‬إذا‬ ‫أن يفضي إلى إمامه مسسا يحس ّ‬
‫ن الجسواب يأتيسك" ]بحسسار النسسوار‪.[.94/22 :‬‬ ‫كانت لك حاجة فحّرك شفتيك‪ ،‬فإ ّ‬
‫فهم أسرع إجابة وأقضى للحاجة‪ ،‬وهذا شرك يهسسون عنسسد شسسرك الجاهليسسة‬
‫الولى‪ ..‬وواقع مشاهد الشيعة ومزاراتهم يعبر عن الثمسسرات المسسرة لهسسذه‬
‫الساطير‪.‬‬
‫ودعوى أن دعاء النبيسساء اسسستجيب بالتوسسسل بالئمسة هسسي دعسسوى جاهلسسة‬
‫غبية؛ إذ ليس للئمة وجود في حيسساة النبيسساء عليهسسم السسسلم‪ ،‬وهسسي دعسسوة‬
‫للشرك بالله سبحانه؛ إذ إنهم جعلوا مفتاح الجابة وأساس القبول هو ذكر‬
‫أسماء الئمسسة‪ ،‬فهسسي كقسسول المشسسركين بسسأن أصسسنامهم تقربهسسم إلسسى اللسسه‬
‫زلفى‪ ..‬وهي زعم باطل‪ ،‬إذ إن النبياء عليهم السلم – كما جاء فسسي قسسول‬
‫أصدق القائلين – إنما دعوا الله عز وجل باسمه سسسبحانه وبوحسسدانيته جسسل‬
‫َ‬
‫ه ِإل‬ ‫ت أن ل إ ِل َق َ‬ ‫مققا ِ‬ ‫فققي الظّل ُ َ‬ ‫دى ِ‬ ‫فَنا َ‬ ‫شأنه‪ .‬قال سبحانه عن يونس‪َ } :‬‬
‫ن{ ]النبياء‪ ،‬آية‪.[.87:‬‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ك إ ِّني ُ‬ ‫حان َ َ‬ ‫َ‬
‫مي َ‬ ‫ظال ِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ت ِ‬ ‫كن ُ‬ ‫سب ْ َ‬‫ت ُ‬ ‫أن َ‬
‫والكلمات التي قالها آدم عليه السلم وزوجه هي كما قال الله سبحانه‪:‬‬
‫ن‬‫مقق َ‬ ‫ن ِ‬ ‫كون َ ّ‬ ‫مَنا ل َن َ ُ‬ ‫ح ْ‬‫وت َْر َ‬‫فْر ل ََنا َ‬ ‫غ ِ‬‫م تَ ْ‬ ‫وِإن ل ّ ْ‬ ‫سَنا َ‬ ‫ف َ‬ ‫مَنا َأن ُ‬
‫قال َ َرب َّنا ظَل َ ْ‬ ‫} َ‬
‫ن{ ]العراف‪ :‬آية‪.[.23:‬‬ ‫ري َ‬ ‫س ِ‬‫خا ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫وهذه المقالة من الشيعة معلوم فسادها من الدين بالضرورة‪ ،‬وهي من‬
‫ن‬ ‫دو َ‬ ‫ري ق ُ‬ ‫إدخسسال الشسسرك فسسي ديسسن السسسلم }ي ُ ِ‬ ‫وضسسع زنسسديق ملحسسد أراد‬
‫َ‬
‫ه‬
‫ر َ‬ ‫كقق ِ‬ ‫و َ‬ ‫وَلقق ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ر ِ‬ ‫م ُنققو ِ‬ ‫مِتقق ّ‬
‫ه ُ‬ ‫والّلقق ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ه ِ‬‫وا ِ‬
‫ف َ‬ ‫ه ِبققأ ْ‬ ‫ؤوا ُنققوَر الّلقق ِ‬ ‫فقق ُ‬‫ل ِي ُطْ ِ‬
‫ن{ ]الصف‪ ،‬آية‪.[.8:‬‬ ‫فُرو َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫كا ِ‬

‫‪264‬‬
‫ونقلت كتب الشسسيعة نفسسها مسا ينساقض هسذه السسدعوى عسسن الئمسة فسي‬
‫مناجاتهم لله ودعسسائهم لسسه‪ ،‬فسسأمير المسسؤمنين كسسان يقسسول كمسسا تنقسسل كتسسب‬
‫ي خطيئتي‪ ،‬ثم أذكر العظيم من‬ ‫كر في عفوك فتهون عل ّ‬ ‫الشيعة‪" :‬إلهي أف ّ‬
‫أخذك فتعظم علي بليتي‪ ،‬ثم قال‪ :‬آه إن أنا قرأت في الصسسحف سسسيئة أنسسا‬
‫ناسيها وأنت محصيها‪ ،‬فتقول‪ :‬خذوه! فيا له من مأخوذ ل تنجيسسه عشسسيرته‪،‬‬
‫صدوق ص ‪ ،48‬بحار النوار‪.[.94/92 :‬‬ ‫ول تنفعه قبيلته" ]أمالي ال ّ‬
‫وما من إمام إل قد رووا عنه الكثير من أمثال هذا الدعاء‪ ،‬ممسسا ل يتسسسع‬
‫المجال لعرضه وقد أتى على أكثره المجلسي في بحاره ]ول سيما في الجزء‬
‫الرابع والتسعين‪.[.‬‬
‫المسألة الثالثة‪ :‬الستغاثة ]الستغاثة‪ :‬طلب الغوث‪ ،‬وهو إزالة الشدة‪ ،‬كالستنصار‬
‫طلب النصر‪ ،‬والفرق بين الدعاء والستغاثة‪ :‬أن الدعاء عام فسسي كسسل الحسسوال‪ ،‬والسسستغاثة‬
‫هي الدعاء لله في حالة الشدائد )انظر‪ :‬ابن تيمية‪ /‬الرد على البكري ص ‪ ،88‬سسسليمان بسسن‬
‫عبد الوهاب‪ /‬تيسير العزيسسز الحميسسد‪ :‬ص ‪ ،215-214‬ابسسن سسسعدي‪ /‬القسسول السسسديد ص ‪-48‬‬
‫‪ [.(49‬بالئمة‪:‬‬
‫ل يستغاث إل بالله وحده‪ ،‬ولكن الشيعة تدعو إلى الستغاثة بأئمتها فيما‬
‫ل يقدر عليه إل الله وحده‪ ،‬وقد خصصت بعض رواياتهسسا وظيفسسة كسسل إمسسام‬
‫سسسلطين‬ ‫ي بسسن الحسسسين فللّنجسساة مسسن ال ّ‬ ‫ما عل ّ‬ ‫في هذا الباب فقالت‪ .." :‬أ ّ‬
‫مسسد فللخسسرة ومسسا‬ ‫مسسد بسسن علسسي وجعفسسر بسسن مح ّ‬ ‫ما مح ّ‬‫شياطين‪ ،‬وأ ّ‬ ‫ونفث ال ّ‬
‫ما موسى بن جعفر فالتمس بسسه العافيسسة‬ ‫تبتغيه من طاعة الله عّز وج ّ‬
‫ل‪ ،‬وأ ّ‬
‫سسسلمة فسسي السسبراري‬ ‫ي بن موسى فاطلب به ال ّ‬ ‫ما عل ّ‬‫ل‪ ،‬وأ ّ‬‫من الله عّز وج ّ‬
‫ي‬
‫ما عل ّ‬ ‫مد بن علي فاستنزل به الّرزق من الله تعالى‪ ،‬وأ ّ‬ ‫ما مح ّ‬ ‫والبحار‪ ،‬وأ ّ‬
‫مسا‬‫ل‪ ،‬وأ ّ‬ ‫مد فللّنوافل وبّر الخوان وما تبتغيه من طاعة الله عسّز وجس ّ‬ ‫بن مح ّ‬
‫ذبسسح‬‫سيف ال ّ‬ ‫ما صاحب الّزمان فإذا بلغ منك ال ّ‬ ‫ي فللخرة‪ ،‬وأ ّ‬ ‫الحسن بن عل ّ‬
‫فاستعن به فإّنه يعينك" ]بحار النوار‪.[.94/33 :‬‬
‫ثم جاء صاحب البحار بدعاء يتضمن السسستغاثة بالئمسسة علسسى هسسذا النحسسو‬
‫السالف الذكر اعتبره من قبيل الشرح لهسسذا النسسص ]انظسسر‪ :‬المصسسدر السسسابق‪:‬‬
‫‪.[.94/33‬‬
‫دواء العظسسم‬ ‫شفاء الكبر وال س ّ‬ ‫وقد قرر المجلسي أنهم – كما يزعم – "ال ّ‬
‫لمن استشفى بهم" ]بحار النوار‪.[.94/33 :‬‬
‫وأدعيتهم تنسج على هذا المنوال‪ ،‬حيث الئمسسة عنسسدهم هسسم المسسستغاث‬
‫والمرتجى‪ ،‬فيتوجه الشيعي للمام ويقول – كما جاء فسسي روايسساتهم – عسسن‬
‫إمامهم المنتظر‪:‬‬
‫"‪ ..‬أركان البلد‪ ،‬وقضاة الحكام‪ ،‬وأبواب اليمسسان‪ ..‬منسسائح العطسساء‪ ،‬بكسسم‬
‫سسبيل‪..‬‬ ‫سسبب وإليسه ال ّ‬ ‫ما مقروًنا‪ ،‬فما شيء منه إل وأنتم له ال ّ‬ ‫إنفاذه محتو ً‬
‫فل نجاة ول مفزع إل أنتم‪ ،‬ول مذهب عنكم يا أعين الله الن ّسساظرة‪] "..‬بحسسار‬
‫النوار‪.[.94/37 :‬‬
‫ول يخفى ما في هذا النص مسسن تسسأليه للئمسسة‪ ،‬حيسسث جعلهسسم سسسبب كسسل‬
‫ما‪!!...‬‬‫شيء‪ ،‬ول مفزع إل إليهم‪ ،‬وبهم العطاء محتو ً‬

‫‪265‬‬
‫وأدعية كثيرة تسير على هذا الضلل في الغلو بالئمة إلسسى مقسسام خسسالق‬
‫الرض والسماوات‪ ،‬وهي قد جمعسست فسسي كتسسب الدعيسسة عنسسدهم كمفاتيسسح‬
‫الجنان وعمدة الزائر وغيرهما‪ ،‬وقد وردت في كتبهم المعتمدة في أبسسواب‬
‫المزار‪ ،‬والدعية‪ ،‬ودراستها وجمعهسسا وتحليلهسسا يحتسساج إلسسى بحسسث مسسستقل‪،‬‬
‫وترى في تلك الدعية السبئية قد أطلت بوجهها المظلم السسذي يسسؤله علي ًسسا‬
‫من خلل هاتيك الدعوات والستغاثات‪.‬‬
‫وهنسساك "رقسساع" تكتسسب‪ ،‬وتوضسسع علسسى قبسسول الئمسسة‪ ،‬لن قبسسور الئمسسة‬
‫وأضرحتهم التي ل تنفع ول تضسسر هسي – بزعمهسسم – منساط الرجساء ومفسسزع‬
‫ل فسساكتب رقعسسة علسسى‬ ‫الحاجات‪ .‬قالوا‪" :‬إذا كان لك حاجة إلى الله عّز وج ّ‬
‫دها‬ ‫مسسة إن شسسئت‪ ،‬أو فش س ّ‬ ‫بركسسة اللسسه‪ ،‬واطرحهسسا علسسى قسسبر مسسن قبسسور الئ ّ‬
‫فا واجعلها فيسسه‪ ،‬واطرحهسسا فسسي نهسسر جسساٍر‪ ،‬أو بئر‬ ‫واختمها واعجن طيًنا نظي ً‬
‫سلم وهو يتوّلى قضسساء‬ ‫سّيد عليه ال ّ‬‫عميقة‪ ،‬أو غدير ماء‪ ،‬فإّنها تصل إلى ال ّ‬
‫حاجتك بنفسه" ]بحار النوار‪.[.94/29 :‬‬
‫ثم ذكروا أنه يكتب في هذه الّرقعة‪" :‬بسم الله الّرحمن الّرحيسسم‪ ،‬كتبسست‬
‫إليك يا مولي صلوات الله عليك مستغيًثا‪ ،..‬فأغثني يا مولي صلوات اللسسه‬
‫ل في أمري قبل حلول الّتلف‬ ‫دم المسألة لله عّز وج ّ‬ ‫عليك عند الّلهف‪ ،‬وق ّ‬
‫ي‪ ،‬واسأل اللسسه )الخطسساب للمسسام‬ ‫وشماتة العداء‪ ،‬فبك بسطت الّنعمة عل ّ‬
‫ل جلله لي نصًرا عزيًزا‪] "..‬بحار النوار‪.[.30-94/29 :‬‬ ‫في قبره( ج ّ‬
‫ثم ذكروا بأنه يصعد الّنهر أو الغسسدير وينسسادي علسسى أحسسد أبسسواب المنتظسسر‬
‫سسسمري‪) .‬بحسسار‬
‫]وهم أربعة‪ :‬عثمان بن سعيد‪ ،‬أو ابنه محمد‪ ،‬أو الحسن بن روح‪ ،‬أو علسسي ال ّ‬
‫النوار‪ ،(94/30 :‬وانظر‪ :‬فصل الغيبة من هذه الرسالة‪ [.‬فينادي أحدهم ويقسسول‪" :‬يسسا‬
‫ي‬
‫ن وفاتك في سبيل الله وأنسست حس ّ‬ ‫فلن بن فلن سلم الله عليك‪ ،‬أشهد أ ّ‬
‫ل وع سّز‪،‬‬‫عند الله مرزوق‪ ،‬وقد خاطبتك في حياتك السستي لسسك عنسسد اللسسه ج س ّ‬
‫سسسلم فس سّلمها إليسسه فسسأنت الّثقسسة‬ ‫وهذه رقعتي وحاجتي إلى مولنا عليه ال ّ‬
‫المين" ]بحار النوار‪.[.94/3 :‬‬
‫لمها إليسسه" ]بحسسار‬‫قالوا‪" :‬ثم ارم بها في الّنهر وكأّنك تخيسسل لسسك أن ّسسك تسس ّ‬
‫النوار‪.[.94/3 :‬‬
‫ضا تبعث إلى المنتظر المعدوم لطلب الستغاثة‪.‬‬ ‫وهناك رسائل أي ً‬
‫وقد قرر المحققون من أهل العلم بالنساب والتواريخ أن هذا المنتظسسر‬
‫مسسا –‬‫ل؛ لن الحسن العسكري مات عقي ً‬ ‫الذي تنتظره الرافضة لم يولد أص ً‬
‫كما سيأتي – ولهذا قال شيخ السلم ابن تيمية عسسن هسسذا المنتظسسر‪" :‬وهسسو‬
‫شيء ل حقيقة له ولم يكن هذا في الوجود قط" ]مجموع فتاوى شيخ السسسلم‪:‬‬
‫‪ .[.28/401‬ومع هذا فقد وضعوا من الروايات في مشسروعية إرسسال رقساع‬
‫إلى هذا المعدوم لطلب الستغاثة والنجدة فيما ل يقدر عليه إل الله‪ ،‬فمن‬
‫ضا‪:‬‬
‫ذلك أي ً‬
‫قالوا‪ :‬تكتب رقعة إلى صاحب الّزمان وتكتب فيها "بسسسم اللسسه الّرحمسسن‬
‫صالح محمسسد بسن الحسسسن ]جسساء عنسسدهم‬ ‫جة الله الخلف ال ّ‬ ‫سلت بح ّ‬ ‫الّرحيم‪ ،‬تو ّ‬
‫روايات تنهى عن الّتصريح باسمه )أصول الكافي ‪،1/332‬س ‪ (333‬فهذه الّروايسسة تنسساقض مسسا‬
‫قّرروه‪ ،‬وتناقضهم ل يكاد ينتهي‪ [.‬بن علي بسن محمسد بسن علسي بسن موسسى بسن‬
‫‪266‬‬
‫جعفر بن محمسسد بسسن علسسي بسسن الحسسسين بسسن علسسي بسسن أبسسي طسسالب‪ ،‬الّنبسسأ‬
‫صسسراط المسسستقيم‪ ،‬والحبسسل المسستين‪ ،‬عصسسمة الملجسسأ‪ ،‬وقسسسيم‬ ‫العظيم‪ ،‬وال ّ‬
‫مهاتك الط ّسساهرات‪ ،‬الباقيسسات‬ ‫طاهرين‪ ..‬وأ ّ‬‫سل إليك بآبائك ال ّ‬ ‫الجّنة والّنار أتو ّ‬
‫ل‬‫ل فسسي كشسسف ض سّري وح س ّ‬ ‫صالحات‪ ..‬أن تكون وسيلتي إلى الله عّز وج ّ‬ ‫ال ّ‬
‫عقدي وفرج حسرتي‪ ،‬وكشف بلّيتي‪] "...‬بحار النوار‪.[.94/29 :‬‬
‫قالوا‪" :‬ثم تكتب رقعة أخرى لله سبحانه وتطيب الّرقعتين‪ ،‬وُتجمل‬
‫رقعة الباري تعالى في رقعة المام رضي الله عنه وتطرحهما في نهرٍ جاٍر‬
‫ر ]طين حّر‪ :‬أي ل رمل فيه )بحار النوار‪:‬‬ ‫أو بئر ماء بعد أن تجعلهما في طين ح ّ‬
‫‪] "..[.(94/28‬بحار النوار‪.[.94/28 :‬‬
‫انظر في هذا النص وصسسفه لهسسذا المعسسدوم بسسأنه عصسسمة الملجسسأ‪ ،‬وفسسارج‬
‫الحسسسرة‪ ،‬وكاشسسف البليسسة‪ .‬وهسسي صسسفات ل تطلسسق إل علسسى مسسن يجيسسب‬
‫المضطر إذا دعاه‪ ،‬ويكشف السوء‪ ،‬ومن يهدي من يعتصم به إلى صسسراط‬
‫مستقيم وهو الخالق جل عله‪ .‬ولكن هؤلء جعلوا لهذا المعسسدوم خصسسائص‬
‫الرب عز وجل‪.‬‬
‫وتأمل قوله في نهاية النص‪" :‬وتجعل رقعسسة البسساري فسسي رقعسسة المسسام"‬
‫دم في طلب الحاجات!!‬ ‫فكأنهم يجعلون هذا المعدوم هو المق ّ‬
‫ثم ساق المجلسي استغاثة أخرى بهذا المنتظر‪ ،‬وفيها "ارجع فيمسسا أنست‬
‫بسبيله إلى الله تعسسالى‪ ،‬واسسستعن بصسساحب الزمسسان ]هسسذا مسسن ألقسساب مهسسديهم‬
‫عا‪ ،‬فإنه نعسسم المعيسسن‪ ،‬وهسسو عصسسمة‬ ‫المنتظر‪ [.‬عليه السلم‪ ،‬واتخذه لك مفز ً‬
‫أوليائه المسسؤمنين‪ ..‬وقسسل‪ :‬السسسلم عليسسك يسسا إمسسام المسسسلمين والمسسؤمنين‪،‬‬
‫السلم عليك يا وارث علم النبيين‪ ،‬السلم عليك يا عصمة السسدين‪ ،‬السسسلم‬
‫عليك يا معز المسسؤمنين المستضسسعفين‪ ،‬السسسلم عليسسك يسسا مسسذل الكسسافرين‬
‫المتكبرين الظالمين‪ ،‬السلم عليك يا مولي يا صاحب الزمان‪ ..‬يا مسسولي‪،‬‬
‫حاجتي كذا وكذا فاشفع لي في نجاحها" ]بحار النوار‪.[.32-94/31 :‬‬
‫وصاحب الزمان عندهم قد عجز عن الخروج إلسسى شسسيعته خسسوف القتسسل‬
‫كما تقرر نصوصهم المعتبرة – كما سيأتي – فكيف يوصف بهذه الوصاف‪،‬‬
‫ويطلب منه هذا الحاجات مما ل يقدر عليه إل كاشف الملمات وهو عسساجز‬
‫عن حماية نفسه قد قبع في سردابه وتوارى عن النظار؟!‬
‫المسألة الرابعة‪ :‬قولهم‪ :‬إن الحج إلى المشساهد أعظسسم مسسن الحسسج إلسسى‬
‫بيت الله‪:‬‬
‫قال شيخ السلم ابن تيمية‪" :‬حدثني الثقسسات أن فيهسسم مسسن يسسرى الحسسج‬
‫إلى المشاهد أعظم من الحج إلى السسبيت العسستيق‪ ،‬فيسسرون الشسسراك بسسالله‬
‫أعظم من عبادة الله وحده‪ ،‬وهذا مسن أعظسم اليمسان بالطساغوت" ]منهسساج‬
‫السنة‪.[.2/124 :‬‬
‫هذه المسألة التي قال عنها عالم من أكبر علماء أهل السنة المعنيين‬
‫بتتبع أمر الرافضة والرد عليهم بأنه قد وصله خبرها عن طريق بعض‬
‫الثقات هي اليوم مقررة ومعلنة في المعتمد من كتب الثني عشرية في‬

‫‪267‬‬
‫عشرات من الروايات تنص على أن زيارة المشهد أفضل من الحج إلى‬
‫بيت الله الحرام‪.‬‬
‫جسسة‪،‬‬
‫ن زيارة قسسبر الحسسسين تعسسدل عشسسرين ح ّ‬ ‫جاء في الكافي وغيره‪" :‬إ ّ‬
‫جسسة" ]فسسروع الكسسافي‪ ،1/324 :‬ابسسن بسسابويه‪ /‬ثسسواب‬
‫وأفضل من عشرين عمسسرة وح ّ‬
‫طوسي‪ /‬تهذيب الحكام‪ ،2/16 :‬ابن قولويه‪ /‬كامل الّزيسسارات‪ :‬ص ‪،161‬‬ ‫العمال‪ :‬ص ‪ ،52‬ال ّ‬
‫شيعة‪.[.10/348 :‬‬‫الحّر العاملي‪ /‬وسائل ال ّ‬
‫جسسة‪ ،‬وتسسسع‬ ‫شيعة لمامه‪" :‬إّني حججت تسع عشرة ح ّ‬ ‫وحينما قال أحد ال ّ‬
‫جسسة‬‫جح ّ‬ ‫عشرة عمرة" أجابه المام – بأسلوب يشبه السخرية ‪ -‬قسسائ ً‬
‫ل‪" :‬ح س ّ‬
‫سسسلم"‬ ‫أخرى‪ ،‬واعتمر عمرة أخرى‪ ،‬تكتب لك زيارة قبر الحسسسين عليسسه ال ّ‬
‫شيعة ‪ ،10/348‬بحار النوار‪.[.101/38 :‬‬ ‫]ال ّ‬
‫طوسي‪ /‬تهذيب الحكام‪ ،2/16 :‬وسائل ال ّ‬
‫فكأنه يقول له‪ :‬علم تبذل كل هذا الجهد‪ ،‬وزيسسارة قسسبر الحسسسين أفضسسل‬
‫من عملك هذا‪ ،‬ثم تراه وجهه لكمسال عشسرين حجسة وعمسرة ليتحقسق لسه‬
‫بذلك فضل زيارة واحدة لقبر الحسين‪ ،‬ولم يوجهه لزيارة الحسين‪ ،‬وذلسسك‬
‫زيادة في التقريع وإظهار السخرية وإبداء التحسر‪.‬‬
‫وتذهب رواياتهم إلى المبالغة بالقول بأفضلية زيرة قبر الحسسسين وقبسسور‬
‫سائر الئمة على الركن الخمس من أركان السلم حج بيت الله الحسسرام‪،‬‬
‫وتصل في ذلك إلى درك من العته والجنسسون‪ ،‬أو الزندقسسة واللحسساد ل يكسساد‬
‫يصل إليه أحد في هذا الباب‪ ،‬حتى ليقول القائل بأن هذا ديسسن المشسسركين‬
‫ل دين المسلمين الموحدين؛ لن هؤلء يقدمون لنا ديًنا آخر غير ما يعرفسسه‬
‫المسلمون؛ دين شيوخهم وآياتهم ل دين رب العالمي‪ ،‬وتخرصات وأوهسسام‬
‫رجالهم‪ ،‬ل وحي سيد المرسلين‪ ،‬فهي أشبه ما تكون بمؤامرة لتغيير ديسسن‬
‫المسلمين‪ ،‬وتغيير قبلة المسلمين‪ ،‬بيت رب العالمين‪.‬‬
‫وتقدم لنا رواياتهم هذا المعنى بصسسور مختلفسسة وأسسساليب متنوعسسة لتسسؤثر‬
‫في قلوب السذج والجهلة‪ ،‬وتخدع عقول الناشئة والعجم‪ ،‬فما أسرع تأثير‬
‫البدعة في هؤلء ]ولذلك قال أيوب السختياني – كما يروي الللكائي ‪ :-‬إن من سسسعادة‬
‫الحدث والعجمي أن يوفقهما الله لعالم من أهل السنة‪) .‬شرح أصول اعتقاد أهسسل السسسنة‪:‬‬
‫‪..[.(1/60‬‬
‫فهذا أحد العراب يشد الرحل من اليمن لزيارة الحسسسين – كمسسا تزعسسم‬
‫أساطيرهم – فيلتقي بجعفرهم الذي يسمونه بالصادق‪ ،‬لن جعفر بن عبسسد‬
‫الله بريء من افتراءات هؤلء وأكاذيبهم‪ ،‬فيسأله جعفر عن أثر زيارة قسسبر‬
‫الحسين فقال هذا العرابي‪ :‬إنه يرى البركسة مسن ذلسك فسي نفسسه وأهلسه‬
‫وأولده وأمواله وقضاء حوائجه‪ ،‬فقال أبو عبد الله – كما تقسسول الروايسسة ‪:-‬‬
‫أفل أزيدك من فضله فضل ً يا أخا اليمن؟ قال‪ :‬زدنسسي يسسا ابسسن رسسسول اللسسه‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬قال‪ :‬إن زيارة أبي عبد اللسه عليسسه السسلم – يعنسسي‬
‫نفسه – تعدل حجة مقبولة زاكية مع رسول اللسه صسلى اللسسه عليسه وسسسلم‬
‫وآله فتعجب من ذلك‪ ،‬فقسسال لسسه‪ :‬أي واللسسه وحجسستين مسسبرورتين متقبلسستين‬
‫زاكيتين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬فتعجب‪ ،‬فلم يزل أبو عبسسد‬
‫الله عليه السلم يزيد حتى قال‪ :‬ثلثيسسن حجسسة مسسبرورة متقبلسسة زاكيسسة مسسع‬

‫‪268‬‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم ]ابن بابويه القمي‪ /‬ثسسواب العمسسال ص ‪ ،52‬الحسسر‬
‫العاملي‪ /‬وسائل الشيعة‪.[.351-10/350 :‬‬
‫بهذا السلوب الغريب الذي أشبه ما يكون بلعسسب الطفسسال ومحسساوراتهم‬
‫يقرر جعفرهم أن زيارة الضريح أفضل من ثلثين حجة‪.‬‬
‫ضسسا علسسى رسسسول اللسسه بسسأنه قسسرر هسسذا الشسسرك بنفسسس هسسذا‬ ‫ويفسسترون أي ً‬
‫السلوب الذي بلفظه يكشف كذبهم فضل ً عن معناه‪ ،‬حيث تقول روايتهم‪:‬‬
‫"كان الحسين عليه السلم ذات يوم في حجر النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫وهو يلعبه ويضاحكه‪ ،‬وإن عائشة قالت‪ :‬يا رسول اللسسه مسسا أشسسد إعجابسسك‬
‫بهذا الصبي!! فقال لها‪ :‬وكيف ل أحبه وأعجب به وهو ثمرة فسسؤادي وقسسرة‬
‫عيني‪ ،‬أما إن أمتي ستقتله فمن زاره بعد وفاته كتسسب اللسسه لسسه حجسسة مسسن‬
‫حججي‪ ،‬قالت‪ :‬يا رسول اللسسه حجسسة مسسن حججسسك؟!‪ ،‬قسسال‪ :‬نعسسم وحجسستين‪،‬‬
‫قالت‪ :‬حجتين؟ قال‪ :‬نعم وأربًعا‪ .‬فلم تزل تزاده وهو يزيد حتى بلغ سبعين‬
‫حجة من حجج رسول الله صلى الله عليه وسلم بأعمارها" ]وسائل الشسسيعة‪:‬‬
‫‪.[.352-10/351‬‬
‫وتذهب رواية أخرى إلى أن "من زار قسبر أبسي عبسد اللسه كتسب اللسه لسه‬
‫ثمسسانين حجسسة مسسبرورة" ]ثسسواب العمسسال ص ‪ ،52‬كامسسل الزيسسارات ص ‪ ،162‬وسسسائل‬
‫الشيعة‪.[.10/350 :‬‬
‫سلم‬ ‫وتزيد رواية أخرى على ذلك فتقول‪" :‬من أتى قبر الحسين عليه ال ّ‬
‫جسسة مسسع رسسسول اللسسه صسسلى اللسسه عليسسه‬ ‫ج مسسائة ح ّ‬‫قه كان كمن ح س ّ‬ ‫عارًفا بح ّ‬
‫شيعة‪.[.10/350:‬‬ ‫وسلم" ]ثواب العمال‪ :‬ص ‪ ،52‬وسائل ال ّ‬
‫وتتنافس رواياتهم في المبالغة في العداد لتتجسساوز المئات إلسسى مرحلسسة‬
‫اللف‪ ،‬وتتجاوز ذلك إلى ذكر أصناف من الثواب والجر‪ ،‬وكأن السسدين هسسو‬
‫مجرد زيارة قبر‪ ،‬والوقوف على ضريح‪.‬‬
‫فقد جاء في "وسائل الشيعة" وغيره عسسن محمسسد بسسن مسسسلم عسسن أبسسي‬
‫جعفر قال‪" :‬لو يعلم الناس ما في زيارة الحسين عليه السلم من الفضل‬
‫لماتوا شوًقا‪ ،‬وتقطعت أنفسهم عليه حسرات‪ ،‬قلت‪ :‬وما فيسه؟ قسسال‪ :‬مسن‬
‫جسسة متقّبلسسة‪ ،‬وألسسف عمسسرة مسسبرورة‪،‬‬ ‫زاره تشوًقا إليه كتب الله لسسه ألسسف ح ّ‬
‫وأجر ألف شهيد من شهداء بسسدر‪ ،‬وأجسسر ألسسف صسائم‪ ،‬وثسواب ألسسف صسسدقة‬
‫ظا سنته مسسن‬ ‫مقبولة‪ ،‬وثواب ألف نسمة أريد بها وجه الله‪ ،‬ولم يزل محفو ً‬
‫ل آفة أهونها الشيطان‪،‬ووكل به ملك كريم يحفظه مسسن بيسسن يسسديه ومسسن‬ ‫ك ّ‬
‫خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوق رأسه ومن تحت قدمه‪ ،‬فإن مات‬
‫سنته حضسسرته ملئكسسة الّرحمسسن يحضسسرون غسسسله وأكفسسانه والسسستغفار لسسه‬
‫ويشّيعونه إلى قبره بالستغفار له‪ ،‬ويفسح له في قبره مد ّ بصره‪ ،‬ويسسؤمنه‬
‫الله من ضغطة القبر‪ ،‬ومن منكر ونكير يروعانه‪ ،‬ويفتح له باب إلى الجنة‪،‬‬
‫ويعطى كتابه بيمينه ويعطسى لسه يسوم القيامسة نسور يضسيء لنسوره مسا بيسن‬
‫المشرق والمغرب‪ ،‬وينادي مناد هذا من زار الحسين شوًقا إليه‪ ،‬فل يبقسسى‬
‫سسسلم"‬ ‫أحد يوم القيامة إل تمّنى يومئذ أّنه كان من زّوار الحسسسين عليسسه ال ّ‬
‫شيعة‪ ،1/353 :‬بحار النوار‪.[.101/18 :‬‬ ‫]كامل الّزيارات ص ‪ ،143‬وسائل ال ّ‬

‫‪269‬‬
‫وفي رواية أخرى‪" :‬إن الرجل منكم ليغتسل في الفسسرات ثسسم يسسأتي قسسبر‬
‫الحسين عارًفا بحقه فيعطيه الله بكل قسسدم يرفعهسسا أو يضسسعها مسسائة حجسسة‬
‫مقبولة‪ ،‬ومائة عمرة مبرورة‪ ،‬مائة غزوة مع نسسبي مرسسل أو إمسام عسسادل"‬
‫]وسائل الشيعة‪ ،10/379 :‬كامل الزيارات ص ‪.[.185‬‬
‫ورواية ثالثة تقول‪" :‬من زار الحسين عليه السسسلم يسسوم عاشسسوراء حسستى‬
‫يظل عنده باكًيا لقي الله عز وجل يوم القيامسسة بثسسواب ألفسسي ألسسف حجسسة‪،‬‬
‫وألفي ألف عمرة‪ ،‬وألفي ألسسف غسسزوة‪ ،‬وثسسواب كسسل حجسسة وعمسسرة وغسسزوة‬
‫كثواب من حج واعتمر وغزا مع رسول الله صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم ومسسع‬
‫الئمة الراشدين صلوات الله عليهم‪] "..‬بحار النوار‪ ،101/290 :‬كامسسل الزيسسارات‬
‫ص ‪ 176‬ما بعدها‪.[.‬‬
‫ضا لمن لم يستطع زيارة‬ ‫ثم ذكرت الرواية أن هذا الفضل كله يحصل أي ً‬
‫قبره في هذا اليوم‪ ،‬ولكن صعد على سطح داره وأومسسأ إليسسه بالسسسلم ثسسم‬
‫دعا على قاتله وندب الحسين وبكاه ولم ينتشر في يومه هسسذا فسسي حاجسسة‬
‫]بحار النوار‪ ،101/290 :‬كامل الزيارات ص ‪.[.176‬‬
‫وعلى غرار هذا عشرات من المثلة تكل اليد من نقلهسسا‪ ،‬ويتعسسب الفسسؤاد‬
‫من تأملها‪ ،‬لنها روايات الهدف منها صرف الناس عن عبادة الواحد القهار‬
‫إلى عبادة المخاليق الضعفاء‪ ،‬وغايتها التحلل من تكاليف السلم وشسسرائع‬
‫الدين إلى مجرد نقل القدم إلى قبر ليحصل بذلك علسسى كسسل الجسسر‪ ،‬حسستى‬
‫تنتهسسي بمعتقسسدها إلسسى ضسسرب مسسن الباحيسسة‪ ،‬والعسسراض عسسن أوامسسر اللسسه‬
‫وشرائعه‪ ،‬والتعدي على محارمه‪.‬‬
‫قسا لسذكره القسرآن العظيسم فسي آيساته‪ ،..‬لمساذا‬ ‫فلو كان شيء من هذا ح ً‬
‫قسسا‪..‬‬
‫يذكر الحج في آيات عدة من القرآن‪ ،‬ول تذكر زيارة قسسبر المسسام مطل ً‬
‫وهي أفضل من الحج إلى بيت الله الحرام – بزعمهم ‪-‬؟!‬
‫وقد تنبه أحد الشيعة لسسذلك وتعجسسب لمسساذا تخسسص زيسسارة الحسسسين بهسسذا‬
‫الفضل الذي يربو علسسى فضسسل الحسسج مئات المسسرات وليسسس لهسسا ذكسسر فسسي‬
‫القرآن؟! أليس هذا دليل الوضع والفتراء؟!!‬
‫فقال – بعد أن استمع من إمامه لفضائل زيارة قبر الحسين المزعومسسة‬
‫– قال‪" :‬قسسد فسسرض اللسسه علسسى النسساس حسسج السسبيت‪ ،‬ولسسم يسذكر زيسسارة قسسبر‬
‫الحسين عليه السلم" ]بحار النوار‪ ،101/33 :‬كامل الزيارات ص ‪.[.266‬‬
‫فأجاب إمامهم بجواب يبدو فيه الضطراب‪ ،‬حيث قال‪" :‬وإن كان كذلك‬
‫فإن هذا شيء جعله الله هكذا" ]بحار النوار‪ ،101/33 :‬كامل الزيارات ص ‪.[.266‬‬
‫وهذا اعتراف منهم وهم أربسساب التأويسسل البسساطني بخلسسو القسسرآن مسسن هسسذه‬
‫ف في نقض مزاعمه من كتبهم‪ .‬فالقرار هو سسسيد الدلسسة‪،‬‬ ‫البدعة‪ ،‬وهذا كا ٍ‬
‫وبأيديهم يهدمون بيوتهم‪.‬‬
‫وكأن إمامهم في جوابه هذا يقول‪ :‬ل جواب عندي‪ ،‬المر هكذا‪ ،‬لم يسسبين‬
‫الله لعباده سبيل عبادتهم وما يتقون‪.‬‬
‫دا عسسن‬ ‫ثسسم حسساول بعسسد هسسذه الكلمسسة المضسسطربة أن يتلمسسس جواب ًسسا بعي س ً‬
‫ل‪" :‬أما سمعت قول أمير المؤمنين‪ :‬إن باطن القسسدم‬ ‫الموضوع فأردف قائ ً‬
‫أحق بالمسح من ظاهر القدم‪ ،‬ولكن اللسسه فسسرض هسسذا علسسى العبسساد" ]بحسسار‬
‫‪270‬‬
‫ضسسا بسسأن زيسسارة‬ ‫النوار‪ ،101/33 :‬كامل الزيارات ص ‪ .[.266‬وهذا اعتراف منهم أي ً‬
‫قبر الحسين كباطن القدم )والصح كباطن الخف( لم تسسدخل فيمسسا فسسرض‬
‫الله‪ ،‬ثم واصل العتذار فقال‪" :‬أوما علمت أن الموقف لو كان في الحرم‬
‫كان أفضل لجل الحرم ولكن الله صنع ذلك في غير الحسسرم" ]بحسسار النسسوار‪:‬‬
‫‪ ،101/33‬كامل الزيارات ص ‪.[.266‬‬
‫وهذا كسابقه اعتراف بأن الزيارة لم تفرض‪ ،‬وإن كانت فسسي نظسسر هسسذه‬
‫الزمرة أحق‪ ..‬ثم هي في اعتذارها تحاول أن تجعل من نفسها رقيبة على‬
‫تشريع رب العالمين‪ ،‬فكأنها تشير بأن الله سبحانه لم يفعل مسسا هسسو أولسسى‬
‫وأحق )تعالى الله عما يقوله الظالمون(‪ ،‬حيث لم يجعسسل موقسسف عرفسسات‬
‫في الحرم بل جعله في الحل‪ ،‬وهكذا تتطاول هذه الزمسسرة الملحسسدة السستي‬
‫وضعت هذه الخبار‪ ،‬وخدعت بها الغرار تتطاول على شرع الله وحكمتسسه‪،‬‬
‫وتضع من نفسها وصية على أمر الله‪.‬‬
‫ورواياتهم في هذا كثيرة للغاية – كما أشرنا من قبل – وإنني الن أمسسام‬
‫زخم هائل مسن الروايسسات الستي ل تخطسر ببسال مسن لسسم يخسض غمسار هسسذه‬
‫الساطير؛ روايات كثيرة ما أدري مسا آخسذ منهسا ومسا أدع‪ ،‬فكسل منهسا يسثير‬
‫العجب والستنكار لكل من كان على صلة بكتاب ربه‪ ،‬أو على أدنى وعسسي‬
‫بأمر دينه‪ ،‬ولم يلجم عقلسسه التعصسسب ويغلسسق فكسسره الهسسوى وتأخسسذه العسسزة‬
‫بالثم تعصًبا لبدعته وطائفته‪.‬‬
‫ولو حاول الشيعي أن يتخلى عن هذه الساطير التي تشده إلسسى الظلم‬
‫ولو لحظة ثم يتفكر في أمر هذا الخطر الكبر السسذي يأخسسذ بسسه ليلقيسسه فسسي‬
‫غياهب الشرك وظلماته‪ ،‬لينسى ربه وخالقه‪ ،‬ويتعلق بقبر مخلوق قسسد أرم‬
‫من‬ ‫ن ِ‬ ‫عو َ‬ ‫ن ت َدْ ُ‬ ‫ن ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫ل يملك لنفسه نفًعا ول ضًرا ول حياة ول نشوًرا }إ ِ ّ‬
‫َ‬
‫م{ ]العراف‪ ،‬آية‪.[.194:‬‬ ‫مَثال ُك ُ ْ‬
‫عَبادٌ أ ْ‬ ‫ن الل ّ ِ‬
‫ه ِ‬ ‫دو ِ‬
‫ُ‬
‫والعجب أنه ورد عندهم بعسسض الروايسسات فسسي تخفيسسف هسسذا الغلسسو السسذي‬
‫يجعل من الشخوص إلى القبر أفضل مسسن حسسج بيسست اللسسه الحسسرام‪ ،‬ولكسسن‬
‫شيخ الشيعة المجلسي رد ذلك بحجة التقية‪.‬‬
‫تقول روايتهم‪ » :‬عن حنان قلت لبي عبد الله عليسسه السسسلم‪ :‬مسسا تقسسول‬
‫في زيارة قبر الحسين صلوات الله عليه فإنه بلغنا عن بعضسسكم أنسسه قسسال‪:‬‬
‫تعدل حجة وعمرة؟ قال فقال‪ :‬ما أضعف هذا الحديث ما تعسسدل هسسذا كلسسه‬
‫ولكن زوروه ول تجفوه فإنه سيد شباب أهسسل الجنسسة ]بحسسار النسسوار‪،101/35 :‬‬
‫قرب السناد ص ‪..[.48‬‬
‫قال المجلسي في تأويل هذا النص الذي ينقض عشرات الروايات السستي‬
‫جاء بها‪ ،‬ويكشف ضلل ما عليه طائفته قسسال‪" :‬لعسسل المسسراد أنهسسا ل تعسسدل‬
‫الواجبين من الحج والعمرة والظهر أنه محمول على التقية" ]بحسسار النسسوار‪:‬‬
‫‪ ،101/35‬قسسرب السسسناد ص ‪ ،[.48‬أي إن جعفًرا يقول هسسذا الكلم علسسى سسسبيل‬
‫الكذب مجاملة لهل السنة أو خوًفا منهم وليس من دين الشيعة‪ ..‬وهكسسذا‬
‫يفعل شسيوخهم بكسسل روايسة عسسن أهسل السسبيت ل توافسق أهسسواءهم يبطلسسون‬
‫مفعولها بهذه الحجة الجاهزة "التقية" فصار التشسسيع يكتسسسب غلسسوه علسسى‬
‫مر اليام بفعل شيوخه وصار دينهم دين شيوخ الرافضة ل دين الئمة‪..‬‬
‫‪271‬‬
‫زيارة كربلء يوم عرفة أفضل من سائر اليام‪:‬‬
‫مما يكشف أن هذه الروايات هي ثمرة مؤامرة ضد المة لصسسرفها عسسن‬
‫بيت ربها‪ ،‬والعمل على إفساد أمرها‪ ،‬وتفريسسق اجتماعهسسا‪ ..‬والحيلولسسة دون‬
‫تلقيها في هذا المؤتمر السنوي العسسام‪ ..‬أن هسسذه الروايسسات خصسست زيسسارة‬
‫الحسين يوم عرفة بفضل خاص‪ ،‬تقول‪:‬‬
‫"من أتى قبر الحسسسين عارفًسسا بح ّ‬
‫قسسه فسسي غيسسر يسسوم عيسسد كتسسب اللسسه لسسه‬
‫جة وعشرين عمرة مبرورات مقبولت‪ ..‬ومن أتاه في يوم عيسسد‬ ‫عشرين ح ّ‬
‫جة ومائة عمرة‪ ..‬ومسسن أتسساه يسسوم عرفسسة عارفًسسا بح ّ‬
‫قسسه‬ ‫كتب الله له مائة ح ّ‬
‫جة وألف عمسسرة مسسبرورات متقّبلت‪ ،‬وألسسف غسسزوة مسسع‬ ‫كتب الله له ألف ح ّ‬
‫نبي مرسل أو إمام عادل" ]انظر‪ :‬الكليني‪ /‬فروع الكافي‪ ،1/324 :‬ابن بابويه‪ /‬من ل‬
‫طوسي‪ /‬الّتهذيب‪ ،2/16 :‬ابن قولويه‪ /‬كامل الّزيسسارات ص ‪،169‬‬ ‫يحضره الفقيه‪ ،1/182 :‬ال ّ‬
‫شيعة‪.[.10/359 :‬‬ ‫ابن بابويه‪ /‬ثواب العمال ص ‪ ،50‬الحّر العاملي‪ /‬وسائل ال ّ‬
‫وتكاد بعض روايسساتهم تصسسرح بالهسسدف‪ ،‬فهسسذا جعفرهسسم يقسسول‪" :‬لسسو أن ّسسي‬
‫ج منكم أحسسد‪،‬‬ ‫سا وما ح ّ‬ ‫ج رأ ً‬‫دثتكم بفضل زيارته وبفضل قبره لتركتم الح ّ‬ ‫ح ّ‬
‫كا قبسسل أن يّتخسسذ مك ّسسة‬‫ما آمًنا مبار ً‬
‫ن الله اّتخذ كربلء حر ً‬ ‫ويحك أما علمت أ ّ‬
‫ما‪] "..‬بحار النوار‪ ،101/33 :‬كامل الّزيارات ص ‪.[.266‬‬ ‫حر ً‬
‫فأنت تلحظ أنه صرح مسسن طسسرف خفسسي أن تسسرك الحسسج وزيسسارة كسسربلء‬
‫ن الله يبدأ بالّنظر إلى زّوار قبر الحسسسين بسسن علسسي عشسّية‬ ‫أولى‪ .‬وقال‪" :‬إ ّ‬
‫عرفة قبل نظره إلى أهل الموقف"‪) ،‬قال الراوي‪ :‬وكيف ذلك؟( قسسال أبسسو‬
‫ن في أولئك أولد زنا وليسس فسسي هسؤلء أولد‬ ‫عبد الله – كما يزعمون ‪ :-‬ل ّ‬
‫شسسيعة‬ ‫زنا ]الفيض الكاشاني‪ /‬الوافي‪ /‬المجّلسسد الّثسساني‪ ،[.8/222 :‬وأولد الّزنا عنسسد ال ّ‬
‫شيعة من المسلمين ]يد ّ‬
‫ل على ذلك ما جاء فسسي الكسسافي عسسن أبسسي جعفسسر‬ ‫هم غير ال ّ‬
‫ن الّناس كّلهم أولد بغايا ما خلل شيعتنا" )الكليني‪ /‬الّروضة من الكسسافي‪ :‬ص‬ ‫قال‪" :‬والله إ ّ‬
‫‪ 135‬ط‪ :‬لكنو ‪1886‬م‪ ،‬وانظر‪ :‬بحار النوار‪ ،(24/311 :‬وعن إبراهيسم بسسن أبسسي يحيسسى عسسن‬
‫ن‬
‫جعفر بن محمد قال‪ :‬ما من مولود يولد إل وإبليس من البالسة بحضرته‪ ،‬فإن علم الله أ ّ‬
‫شسسيطان‪ ،‬وإن لسسم يكسسن المولسسود مسسن شسسيعتنا أثبسست‬ ‫المولود من شسسيعتنا حجبسسه مسسن ذلسسك ال ّ‬
‫شيطان إصبعه في دبر الغلم فكان مأبون ًسسا‪ ،‬وفسسي فسسرج الجاريسسة فكسسانت فسساجرة )تفسسسير‬ ‫ال ّ‬
‫العّياشي‪ ،2/218 :‬البرهان ‪ .(2/139‬وعقد المجلسي في البحار باًبا لهذا العتقسساد بعنسسوان‪:‬‬
‫شسسيعة" وذكسسر فيهسسا ‪ 12‬حسسديًثا )بحسسار النسسوار‪:‬‬
‫مهسساتهم إل ال ّ‬
‫"باب أّنه يدعى الّناس بأسسسماء أ ّ‬
‫‪ ،(7/237‬وانظر‪ :‬تفسير نور الّثقلين‪.[.2/513 :‬‬
‫ويظهر من روايتهم أن لهذه الساطير تأثيرها حتى قال أحسسد نقلسسة هسسذه‬
‫السطورة ورواتها بعد سماعه دعاء من جعفرهم لزوار قبر الحسين قال‪:‬‬
‫"والله لقد تمنيت أني زرته ولم أحج‪] "..‬وسائل الشيعة‪ ،10/321 :‬فروع الكافي‪:‬‬
‫‪ ،335‬ثواب العمال ص ‪.[.35‬‬
‫وتتحدث رواية أخرى أن من أراد "أن يتنفل بالحج والعمسسرة فمنعسسه مسسن‬
‫ذلك شغل دنيا أو عائق فأتى الحسين بن علي في يوم عرفة أجسسزأه ذلسسك‬
‫من أداء حجته وضاعف اللسسه لسسه بسسذلك أضسسعاًفا مضسساعفة )قسسال السسراوي(‪:‬‬
‫قلت‪ :‬كم تعدل حجة وكم تعدل عمرة؟ قال‪ :‬ل يحصى ذلك‪ .‬قلسست‪ :‬مسسائة‪.‬‬
‫قال‪ :‬ومن يحصي ذلك؟ قلت‪ :‬ألف‪ .‬قال‪ :‬وأكثر‪ ،‬ثم قال‪ :‬وإن تعدوا نعمسسة‬
‫الله ل تحصوها ]الوافي‪ ،‬المجلد الثاني‪.[.8/223 :‬‬

‫‪272‬‬
‫وأنت تلحظ أن صدر النص يشير إلى أن الحج أفضل‪ ،‬وأن زيارة‬
‫الحسين هي البديل عند حصول عائق بينما عجزه يشير إلى خلف ذلك‪.‬‬
‫قال شيخهم الفيضي الكاشاني فسي التعليسق عمسا تسذكره روايساتهم مسن‬
‫مسسا‬‫فضائل زيارة قبر الحسين‪" :‬إن هذا ليس بكثير على من جعله اللسسه إما ً‬
‫سماوات والرضين‪ ،‬وجعله صراطه وسبيله‪ ،‬وعينسسه‪،‬‬ ‫للمؤمنين‪ ،‬وله خلق ال ّ‬
‫ودليله‪ ،‬وبابه الذي يؤتى منه‪ ،‬وحبله المّتصل بينسسه وبيسسن عبساده مسن رسسل‬
‫ضسسا‬
‫ن مقسسابرهم رضسسي اللسسه عنهسسم فيهسسا أي ً‬ ‫وأنبياء وحجج وأولياء‪ ،‬هذا مسسع أ ّ‬
‫مسسل‬ ‫إنفاق أموال‪ ،‬ورجسساء آمسسال‪ ،‬وإشسسخاص أبسسدان‪ ،‬وهجسسران أوطسسان‪ ،‬وتح ّ‬
‫مشاق‪ ،‬وتجديد ميثاق‪ ،‬وشسسهود شسسعائر‪ ،‬وحضسسور مشسساعر" ]السسوافي‪ ،‬المجل ّسسد‬
‫الّثاني‪.[.8/224 :‬‬
‫تأمل هذا الغلو‪ ،‬حيسسث جعسسل الحسسسين هسسو الحبسسل والواسسسطة بيسسن اللسسه‬
‫وعباده‪ ،‬وأنه عين الله وبابه!! ولحظ توجيهه لفضسسل زيسسارة قسسبر الحسسسين‬
‫بفعل أسباب الوقوع في الشرك نفسه من شد الرحال إلى القبر‪ ،‬وإنفاق‬
‫الموال لها أو عندها طلًبا لشسسفاعتها‪ ،‬وتعلسسق المسسال عليهسسا‪ ،‬إلسسى آخسسر مسسا‬
‫ذكره من أعمسسال الشسسرك وأسسسبابه‪ ،‬ومسسع ذلسسك فهسسذا عنسسدهم مسسن أفضسسل‬
‫الطاعات!! ]ولكن لماذا لم يعمل شيوخهم بهذه الروايات ويسدعوا الحسسج‪..‬؟ الواقسسع أنهسم‬
‫لم يفعلوا‪ ،‬لعل ذلك لسباب منها ليتمكن هؤلء من نقل شرهم لسائر العالم السسسلم عسسبر‬
‫هذا المؤتمر العظيم‪ ..‬وخشية التشنيع عليهم من قبل المسلمين فيفقدوا الرضية الصالحة‬
‫لنشر دعوتهم‪ ،‬سيما أنهم يرون الفريضة لبد منهسسا‪ ،‬علسسى الرغسسم مسسن أن هسسذه الروايسسات ل‬
‫تجعل في قلب المؤمن بها أي حنين إلى حج بيت الله الحرام‪.[.‬‬
‫زيارة قبر الحسين أفضل العمال‪:‬‬
‫ليست زيارة قبر الحسين عن هؤلء أفضل من الحج فحسب‪ ،‬بل أفضل‬
‫ن زيارة قسبر الحسسين "أفضسل مسا يكسون مسن‬ ‫العمال‪ ،‬جاء في رواياتهم أ ّ‬
‫العمال" ]كامسسل الّزيسسارات ص ‪ ،146‬بحسسار النسسوار‪ .[.101/49 :‬وفي روايسسة أخسسرى‬
‫ب العمال زيارة قبر الحسين" ]كامسسل الّزيسسارات ص ‪ ،146‬بحسسار النسسوار‪:‬‬ ‫"من أح ّ‬
‫صسا بهسذا العنسوان ذكسر فيسه جملسة مسن‬ ‫‪ ،[.101/49‬وأنشأ المجلسي باًبسا خا ً‬
‫جنس هذه الروايات ]وهو بعنوان "باب أن زيارته عليسسه السسسلم مسسن أفضسسل العمسسال"‬
‫بحار النوار‪.[.101/49 :‬‬
‫وهكذا تنسى شرائع السلم وأوامره‪ ،‬ويهتسسم هسسؤلء بسسالقبور والضسسرحة‬
‫ويجعلونها من أفضل العمال بل دليل إل ما صنعته أوهسسامهم وأوحسساه لهسسم‬
‫شياطينهم‪ ،‬ليشرعوا من الدين ما لم يشرعه الله‪.‬‬
‫قولهم‪ :‬إن كربلء أفضل من الكعبة‪:‬‬
‫قبلة المسلمين‪ ،‬وأقدس مقدساتهم‪ ،‬وأفضل البقسساع بيسست اللسسه الحسسرام‪،‬‬
‫مهوى أفئدة المسلمين‪ ،‬الذي ل يشرع الطواف إل به‪ ..‬والسذي جعلسه اللسه‬
‫مثابة للناس وأمًنا‪ ..‬ملتقى المسلمين العام‪ ،‬وقبلتهسسم السستي يتجهسسون إليهسسا‬
‫جميًعا‪ ..‬تقول روايات الثني عشرية بأنها ليست إل ذنًبسسا ذليل ً مهيًنسسا لرض‬
‫كربلء ]سيأتي بعد أسطر سياق النص بتمامه وتخريجه من كتبهم‪.[.‬‬

‫‪273‬‬
‫ض مضاجع العداء اجتماع المسسسلمين‬ ‫إن وراء الكمة ما وراءها‪ ..‬لقد أق ّ‬
‫في هذا الملتقى الطاهر‪ ،‬وأّرق أجفسانهم تلقيهسم وتسوجيههم لهسذا المكسان‬
‫الواحد‪..‬‬
‫فراموا الكيد لذلك بكل وسيلة‪ ..‬وراحوا يبحثون عما يصرفون به قلسسوب‬
‫المسلمين‪ ..‬وكان المدخل الميسر لهم عن طريق التشيع‪ ،‬فقالوا‪ :‬إن قبر‬
‫الحسين أفضسسل مسسن الكعبسسة السسبيت الحسسرام‪ ..‬ووضسسعوا مسسن الروايسسات مسسا‬
‫يحتالون به لثبات هذه المقالسسة‪ ،‬ونسسبوها لبعسض آل السبيت زوًرا وبهتاًنسا‪..‬‬
‫علها تجد طريقها لقلوب المغفلين‪ ،‬وعقسسول الجسساهلين‪ ،‬ويميسسل إليهسسا أهسسل‬
‫الهواء‪ ،‬والبتداع‪ ،‬وأصسسحاب الحقسساد المتوارثسسة‪ ،‬والثسسارات القديمسسة‪ ،‬ومسسن‬
‫يبغي في المة الفرقة والشتات‪.‬‬
‫ما‬‫لقد اعتبر الشيعة كربلء وغيرها من أماكن قبور أئمتهم المزعومة حر ً‬
‫ن الكوفسسة‬ ‫م حرم‪ ،‬وغيرها‪ ،‬جاء فسسي روايسساتهم "إ ّ‬ ‫سا؛ فالكوفة حرم‪ ،‬وقُ ّ‬ ‫مقد ً‬
‫حرم الله وحرم رسول الله صلى الله عليه وسسسلم حسسرم أميسسر المسسؤمنين‪،‬‬
‫درهم بألف درهم" ]الوافي‪ /‬بسساب فضسسل الكوفسسة‬ ‫صلة فيها بألف صلة وال ّ‬ ‫ن ال ّ‬
‫وإ ّ‬
‫ومساجدها‪ ،‬المجّلد الّثاني‪.[.8/215 :‬‬
‫مسسا وهسسو‬ ‫مسسا هسسو مك ّسسة‪ ،‬ولرسسسوله حر ً‬
‫ن للسسه حر ً‬ ‫ويروون عسسن جعفرهسسم "إ ّ‬
‫ضسسم‬‫ما وهو قم ]قسسم‪ :‬بال ّ‬ ‫ما وهو الكوفة‪ ،‬ولنا حر ً‬ ‫المدينة‪ ،‬ولمير المؤمنين حر ً‬
‫شيعة مشهورة في إيران‪ ،‬وأهلهسسا كّلهسسم‬‫دسة عند ال ّ‬‫والّتشديد كلمة فارسّية‪ ،‬وهي مدينة مق ّ‬
‫شيعة إمامّية )انظر‪ :‬معجم البلدان‪ (4/397 :‬ومن أسباب تقديسهم لقم وجود قبر فاطمسسة‬
‫سابع( فيها‪ ،‬انظر‪ :‬عبد الّرّزاق الحسيني‪ /‬مشسساهد العسسترة‪:‬‬
‫بنت موسى بن جعفر )إمامهم ال ّ‬
‫مى فاطمة‪ ،‬مسسن زارهسسا‬ ‫ص ‪ 162‬وما بعدها‪ ،[.‬ستدفن فيه امرأة من ولدي تس ّ‬
‫وجبت له الجّنة" ]بحار النوار‪.[102/267 :‬‬
‫وقال علي بن الحسن – كما يفسسترون علسسي ‪" :-‬اّتخسسذ اللسسه أرض كسسربلء‬
‫مسسا بأربعسسة‬‫كا قبل أن يخلسسق اللسسه أرض الكعبسسة ويّتخسسذها حر ً‬ ‫ما آمًنا مبار ً‬
‫حر ً‬
‫دسها وبارك عليها‪ ،‬فما زالت قبل خلق الله الخلسسق‬ ‫وعشرين ألف عام‪ ،‬وق ّ‬
‫دسة مباركة ول تزال كذلك حتى يجعلها اللسسه أفضسسل أرض فسسي الجن ّسسة‪،‬‬ ‫مق ّ‬
‫نسسة" ]بحسسار النسسوار‪:‬‬
‫وأفضسسل منسسزل ومسسسكن يسسسكن فيسسه أوليسساءه فسسي الج ّ‬
‫‪.[.101/107‬‬
‫وتقديسهم لرض كربلء لنه ضمت جسد الحسسسين فاسسستمدت قداسسستها‬
‫بوجوده فيها‪.‬‬
‫فهل كان الحسين مدفوًنا فيها قبل خلق الكعبسسة بأربعسسة وعشسسرين ألسسف‬
‫عام‪ ،‬أو هي معدة لستقباله منذ غابر الزمان؟! وإذا كان كل هسذا الفضسل‬
‫بوجود جسد الحسين فلماذا لم تفضل المدينة وفيها جسد رسسسول اللسسه؟!‬
‫إن هذا تناقض في بنية المذهب‪ ..‬وهو يكشسسف أنسسه ليسسس الهسسدف تقسسديس‬
‫الحسين‪ ،‬ولكن الكيد للمة ودينها‪.‬‬
‫وقد جاءت روايات كثيرة عندهم تفضل كربلء على بيت الله‪.‬‬
‫فتتحدث بعض هذه الساطير عسسن محسساورة جسسرت بيسسن كسسربلء والكعبسسة‬
‫يتبين منهسسا أن هسسؤلء الوضسساعين ل عقسسل عنسسدهم فضسل ً عسسن السسدين‪ ،‬قسسال‬

‫‪274‬‬
‫جعفرهم‪" :‬إن أرض الكعبسسة قسسالت‪ :‬مسسن مثلسسي وقسسد بنسسي بيسست اللسسه علسسى‬
‫ظهري يأتيني الناس من كل فجر عميق وجعلت حرم الله وأمنه‪.‬‬
‫ضلت بسسه‬ ‫فأوحى الله إليها – كما يفترون – أن كفي وقّري ما فضل ما ف ّ‬
‫فيما أعطيت أرض كربلء إل بمنزلة البرة غرست في البحر فحملت مسسن‬
‫ماء البحر‪ ،‬ولول تربة كربلء ما فضلتك‪ ،‬ولول من تضسسمنه أرض كسسربلء مسسا‬
‫خلقتك ول خلقت البيت الذي به افتخسسرت‪ ،‬فقسّري واسسستقري وكسسوني ذنب ًسسا‬
‫متواضًعا ذليل ً مهيًنا غير مستنكف ول مستكبر لرض كربلء وإل سخت بك‬
‫وهويت بك في نار جهنم" ]كامل الزيارات‪ :‬ص ‪ ،270‬بحار النوار‪.[.101/109 :‬‬
‫ولكن الكعبة لم تأخذ بالنصيحة كما تقول روايات الشيعة!! فلم تتواضسسع‬
‫لرض كربلء‪ ،‬وتصبح كالذنب الذليل المهين لها‪ ،‬فحلت بها العقوبة‪ ،‬بل إن‬
‫العقوبة – كما يقولون – وقعت على كل ماء وأرض ما عسسدا كسسربلء‪ ،‬قسسالوا‬
‫في رواياتهم‪:‬‬
‫"‪ ..‬فما من ماء ول أرض إل عوقبت لترك التواضع لله‪ ،‬حتى سلط اللسسه‬
‫حا حتى أفسد طعمه‪"..‬‬ ‫على الكعبة المشركين‪ ،‬وأرسل إلى زمزم ماء مال ً‬
‫]كامل الزيارات‪ :‬ص ‪ ،270‬بحار النوار‪.[.101/109 :‬‬
‫أما كربلء فقد نجت من العقوبة على الرغم أنها افتخسسرت وقسسالت‪" :‬أنسسا‬
‫أرض الله المقدسة المباركة‪ ،‬الشفاء في تربتي ومسسائي ول فخسسر‪] "..‬كامسسل‬
‫الزيارات‪ :‬ص ‪ ،270‬بحار النوار‪.[.101/109 :‬‬
‫فسسا‬ ‫هذا جزء مما يدعونه حول كربلء‪ ،‬وجمعه كله وتحليلسسه يسسستغرق مؤل ً‬
‫صا‪ ،‬وهي كلمة ل يمكن أن تخضع للمناقشة بالعقل والمنطق؛ فهي من‬ ‫خا ً‬
‫جنس هذيان المحمسومين وكلمسسات المجسانين‪ ،‬ولسسو لسسم أجسدها فسي كتبهسم‬
‫المعتمدة‪ ،‬وبروايات عديسسدة لمسا أثبتهسسا‪ ..‬وهسسذه السسدعاوى والمخسساريق هسسي‬
‫إساءة بالغة لهل السسبيت السسذين يزعمسون محبتهسسم والتشسسيع لهسسم‪ ،‬ولكنهسسم‬
‫كانوا عليهم أشد من أعدائهم‪ ،‬وهي فضيحة من فضسسائح ديسسن الشسسيعة قسسد‬
‫تنتهي بقارئها والمؤمن بها من مثقفي الشيعة وعقلئهم إلى درب اللحسساد‬
‫والضلل‪.‬‬
‫ولقد خاب واضع هذه الساطير وفشل في تحقيسسق أهسسدافه‪ ،‬فلسسم يتجسسه‬
‫المسلمون إلسسى كسسربلء‪ ،‬وظلسست هسسذه الروايسسات ل تسسؤثر إل بسسأولئك السسذين‬
‫أصمهم التعصب عن سماع الحق وأعمى قلوبهم‪ ،‬فهسساموا فسسي أوديسسة مسسن‬
‫الضلل‪.‬‬
‫فمسسا دام كتسساب اللسسه سسسبحانه بيسسن المسسسلمين فلسسن يغسستر بمثسسل هسسذه‬
‫المؤامرات إل من اتخذ كتاب اللسسه مهجسوًرا‪ ،‬ولسم يسسر الحسق إل فيمسسا قساله‬
‫الحجة والسيد والية وما سارت عليه طسائفته‪ ،‬وإن كسان ل شساهد لسه مسن‬
‫كتاب الله سبحانه‪.‬‬
‫والذي يروي هذه السطورة السسسالفة السسذكر عسسن جعفسسر الصسسادق رجسسل‬
‫يدعى صفوان الجمال‪ ،‬وهو كما يزعم شيوخ الشيعة من رجال جعفر وهو‬
‫ثقة عندهم ]معجم رجال الحديث‪ ،[.9/121 :‬فقد يكون هو السسذي بسساء بسسإثم هسسذا‬
‫عا‪ ،‬ولم أجد لهذا الرجسل ذكسًرا فسي الكتسسب‬ ‫الفك‪ ،‬إذا لم يكن السند مصنو ً‬
‫التي رجعت إليها من كتب الرجال عند أهل السنة‪.‬‬
‫‪275‬‬
‫زوار الحسين تأتيهم الملئكة ويناجيهم الله‪:‬‬
‫وصلت مبالغات الشيعة في الحسسديث عسسن فضسسائل زيسسارة قسسبر الحسسسين‬
‫والئمة الخرين إلى درجسسة ل تتصسسور ول يقبلهسسا ذو عقسسل‪ ،‬قسسال جعفرهسسم‪:‬‬
‫ل خطوة حسسسنة‪..‬‬ ‫"من خرج من منزله يريد زيارة الحسين كتب الله له بك ّ‬
‫إلى أن قال‪ :‬وإذا قضى مناسكه‪ ..‬أتاه ملك فقال له‪ :‬أنا رسول الله‪ ،‬رب ّسسك‬
‫طوسي‪ /‬تهسسذيب‬ ‫سلم ويقول لك‪ :‬استأنف فقد غفر لك ما مضى" ]ال ّ‬ ‫يقرئك ال ّ‬
‫الّتهذيب‪ ،2/14 :‬ابن قولسسويه‪ /‬كامسسل الّزيسسارات‪ :‬ص ‪ ،132‬ثسسواب العمسسال‪ :‬ص ‪ ،51‬وسسسائل‬
‫شيعة‪.[.342-341 /10 :‬‬ ‫ال ّ‬
‫فالملئكة تقابل زوار القبر‪ ،‬وتبلغهسم سسلم اللسه وتسوزع عليهسم صسكوك‬
‫الغفران!!‬
‫هذه دعاوى فوق الجنسسون بسسدرجات‪ ،‬وأعظسسم منهسسا وأكسسبر جرأتهسسم علسسى‬
‫القول بأن الله يناجي زوار الحسين‪ ،‬قالت رواياتهم‪ .." :‬فسسإذا أتسساه )يعنسسي‬
‫أتى الّزائر قبر الحسين( ناجاه الله فقسسال‪ :‬عبسسدي‪ ،‬سسسلني أعطسسك‪ ،‬ادعنسسي‬
‫شيعة‪ ،342 /10 :‬وانظر‪ :‬ثواب العمسسال ص‬ ‫أجبك" ]كامل الّزيارات‪ :‬ص ‪ ،132‬وسائل ال ّ‬
‫‪.[.51‬‬
‫وهكذا يفترون الكذب على الله‪ ،‬وإنما يفتري الكذب على اللسسه السسذين ل‬
‫يؤمنون‪ ،‬ويزعمون وهم الذين سلكوا مسلك أهل التعطيسسل فسسي كلم اللسسه‬
‫سبحانه‪ ،‬أن الله يناجي ويكلم زوار الحسين‪ ..‬وهذه فرية خطيرة‪ ..‬وبهتان‬
‫عظيم‪.‬‬
‫ولم يكتفوا بذلك كعسسادتهم فسسي الغلسسو والمبالغسسة‪ ،‬بسسل زعمسسوا أن اللسسه –‬
‫وا كسسبيًرا – يسسزور قبسسور الئمسسة مسسع الشسسيعة‪،‬‬
‫تعالى عما يقوله الظالمون عل ً‬
‫ن قبر أميسسر المسسؤمنين يسسزوره اللسسه مسسع الملئكسسة‬ ‫ففي البحار للمجلسي "إ ّ‬
‫ويزوره النبياء ويزوره المؤمنون" ]بحار النوار‪.[.100/258 :‬‬
‫كبرت كلمة تخرج من أفواههم‪ ،‬وتسطرها أقلمهم‪ ،‬إن يقولون إل كذًبا‪.‬‬
‫مناسك المشاهد‪:‬‬
‫زيارة الضرحة فريضة من فرائض مذهبهم ]انظسسر روايسسات ذلسسك فسسي تهسسذيب‬
‫الحكام للطوسي‪ ،2/14 :‬وفي كامل الزيارات لبن قولويه ص ‪ ،194‬ووسائل الشيعة للحر‬
‫العاملي‪ ،[.337-10/333 :‬يكفر تاركها ]ففي الوسائل "عن هارون بن خارجة عسسن أبسسي‬
‫عبد الله عليه السلم قال‪ :‬سألته عمن ترك الزيارة زيارة قبر الحسسسين عليسسه السسسلم مسسن‬
‫غير علة‪ ،‬فقال‪ :‬هذا رجل من أهل النار"‪) .‬وسائل الشيعة‪ ،337-10/336 :‬كامل الزيارات‪:‬‬
‫ص ‪ .[.(193‬وقد عقد لذلك المجلسي باب ًسسا بعنسسوان‪" :‬بسساب أن زيسسارته ]يعنسسي‪:‬‬
‫زيسسارة الحسسسين‪ .[.‬واجبة مفترضسسة مسأمور بهسسا‪ ،‬ومسسا ورد مسسن السسذم والتسسأنيب‬
‫والتوعد على تركها" وذكر فيه )‪ (40‬حدي ً‬
‫ثا من أحاديثهم ]انظسسر‪ :‬بحسسار النسسوار‪:‬‬
‫‪.[.11-1 /101‬‬
‫ومن هنا وضعوا لها مناسك كماسك الحج إلى بيت الله الحرام‪.‬‬
‫يقسسول شسسيخ السسسلم ابسسن تيميسسة‪" :‬وقسسد صسسنف شسسيخهم ابسسن النعمسسان‬
‫المعسسروف عنسسدهم بالمفيسسد كتاب ًسسا سسسماه "مناسسسك المشسساهد" جعسسل قبسسور‬
‫مسسا‬
‫المخلوقين تحج كمسسا تحسسج الكعبسسة السسبيت الحسسرام السسذي جعلسسه اللسسه قيا ً‬

‫‪276‬‬
‫للناس‪ ،‬وهو أول بيت وضع للناس‪ ،‬فل يطاف إل به ول يصلى إل إليه ولسسم‬
‫يأمر إل بحجه" ]منهاج السنة‪ ،1/175 :‬مجموع فتاوى شيخ السلم‪.[.17/498 :‬‬
‫ولكن كشف لنا اليوم شيخهم أغا بزرك الطهراني في كتسسابه "الذريعسسة"‬
‫أن ما صنفه شسسيوخهم فسسي المسسزار ومناسسسكه قسسد بلسسغ سسستين كتاب ًسسا ]انظسسر‪:‬‬
‫الذريعة‪ ،[.326-20/316 :‬كلها ألفت لرساء قواعد هذا الشرك وتشييد بنسسائه‪،‬‬
‫وهذا عدا ما اشتملت عليه كتب الخبار المعتمدة عندهم من أبواب خاصة‬
‫بالمشاهد – كما سيأتي – ومن هذه المناسك ما يلي‪:‬‬
‫أ ق الطواف بها‪:‬‬
‫اتفق المسلمون على أنه ل يشرع الطواف إل بسالبيت المعمسور ]مجمسسوع‬
‫فتاوى شيخ السلم‪ …[.4/521 :‬ولكن شيوخ الشيعة شرعوا لتباعهم الطواف‬
‫بأضرحة المسوتى مسن الئمسة‪ ،‬ووضسعوا مسن الروايسات علسى آل السبيت مسا‬
‫يسندون به هذا الشرك‪ ،‬فقال المجلسي بأنه ورد في بعض زيارات الئمة‬
‫"إل أن نطسسوف حسسول مشسساهدكم"‪ ،‬وفسسي بعسسض الروايسسات "قب ّسسل جسسوانب‬
‫القبر"‪ ،‬كما قال بأن الرضا كان – على حد زعمسسه – يطسسوف بقسسبر رسسسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم ]بحار النوار‪ [.100/126 :‬وأخذ من ذلك "شسسرعية"‬
‫هسسذا "النسسسك السسوثني" فسسي مسسذهبهم‪ ،‬ولسسم يلتفسست إلسسى نصسسوص القسسرآن‬
‫الصريحة الواضحة في النهي عن الشرك والوعيد عليسسه بنسسار جهنسسم وبئس‬
‫المصير‪ ،‬ولكن أشكل عليه روايات لهم تنسساقض – كالعسسادة – مسسذهبهم فسسي‬
‫المشاهد وهي مروية عن أئمتهم فرام التخلص منا بالتأويل‪.‬‬
‫فقد جاء في رواياتهم ما ينهى عن الطواف بسسالقبور كقسسول إمسسامهم‪" :‬ل‬
‫ن إل‬‫تشرب وأنسست قسسائم ول تطسسف بقسسبر‪.. ،‬فسسإن مسسن فعسسل ذلسسك فل يلسسوم ّ‬
‫ئا من ذلك لم يكن يفارقه إل ما شاء الله" ]ابن بسسابويه‪/‬‬ ‫نفسه‪ ،‬ومن فعل شي ً‬
‫شرائع‪ :‬ص ‪ ،283‬بحار النوار‪ .[.100/126 :‬وقد أجهد المجلسي نفسه قال‬ ‫علل ال ّ‬
‫طواف بالعسسدد‬ ‫في تأويل هذه الّرواية فقال‪" :‬يحتمل أن يكون الّنهي عن ال ّ‬
‫المخصوص الذي ُيطاف بالبيت" ]بحار النوار‪.[.100/126 :‬‬
‫فأنت ترى أن المجلسي لم يحاول أن يسسسلك مسسا يتفسسق مسسع كتسساب اللسسه‬
‫ضا‪" :‬ول تطف علسسى قسسبر"‬ ‫سبحانه وما عليه المسلمون‪ ،‬وما جاء عندهم أي ً‬
‫فينصح لنفسه وطائفته بالنهي عسسن هسسذه البدعسسة فيقسسر بسسذلك‪ ،‬ويسسؤول مسسا‬
‫يخالفه‪ ،‬لنه شذوذ وانحراف وباب من أبواب الشرك بالله‪ ،‬لم يفعل ذلسسك‬
‫بل تكلف فسسي تأويسسل نصسسهم السسذي يسسدل علسسى المعنسسى الحسسق حسستى قسسال‪:‬‬
‫"يحتمسسل أن يكسسون المسسراد بسسالطواف المنفسسي هنسسا التغسسوط" ]بحسسار النسسوار‪:‬‬
‫‪.[.100/127‬‬
‫فدين الشيعة هو دين المجلسي ل دين الئمة‪ ،‬وعمل الشسسيعة بمسسا قسساله‬
‫شيوخهم ل ما قاله إمامهم‪ ..‬فأعرضوا عن قول المام‪" :‬ول تطف بقسسبر"‪،‬‬
‫كما أعرضوا من قبل عن قول الله ورسسسوله وإجمسساع المسسسلمين‪ ،‬فض سّلوا‬
‫وأضّلوا قومهم سواء ال ّ‬
‫سبيل‪.‬‬
‫ب ق الصلة عند الضريح‪:‬‬
‫من مناسك المشاهد والضرحة أداء ركعتين أو أكسسثر عنسسد قبسسور الئمسسة‪،‬‬
‫وربما يتخذونها قبلة – كما سيأتي – وكل ركعسسة تسسؤدى عنسسد القبسسور تفضسسل‬
‫‪277‬‬
‫صسسلة‬‫على الحج إلى بيت الله الحرام مئات المرات‪ ،‬جاء في أخبارهم‪" :‬ال ّ‬
‫جسسة‪،‬‬
‫ج ألسسف ح ّ‬‫ل ركعة تركعها عنده كثواب من ح س ّ‬ ‫في حرم الحسين لك بك ّ‬
‫واعتمر ألف عمرة‪ ،‬وأعتق ألف رقبة‪ ،‬وكأّنما وقسسف فسسي سسسبيل اللسسه ألسسف‬
‫ألف مّرة مع نبي مرسل" ]الوافي‪ /‬المجّلد الّثاني‪.[.8/234 :‬‬
‫صا بقبر الحسين بل كل قبور أئمتهم كذلك‪ ،‬ففسسي البحسسار‪:‬‬ ‫وليس هذا خا ً‬
‫"من زار الرضا ]يعد مرقد علي الرضا أهم الماكن المقدسة فسسي إيسسران‪ ،‬ومسسن أضسسخم‬
‫الماكن المقدسسة لسدى الشسيعة‪ ،‬وعليسه قبسة ضسخمة مكسسوة بالسذهب )عبسد اللسه فيساض‪/‬‬
‫مشاهداتي في إيران ص ‪ (102‬لن الضرحة والهتمام بها وتقديم أنواع مسسن العبسسادات لهسسا‬
‫دا من الئمة فصلى عنده‪ ..‬فإنه يكتب لسسه )ثسسم ذكسسر‬ ‫من أصول دينهم‪ [.‬أو واح ً‬
‫ما جاء في النص السابق وزاد( وله بكل خطة مسسائة حجسسة‪ ،‬ومسسائة عمسسرة‪،‬‬
‫وعتق مائة رقبة في سبل الله‪ ،‬وكتسسب لسسه مسسائة حسسسنة‪ ،‬وحسسط عنسسه مسسائة‬
‫سيئة ]بحار النوار‪.[.138-100/137 :‬‬
‫انظر كيف يفضلون الصلة عند القبور على الحج إلى بيت الله الحرام‪،‬‬
‫فيقدمون الشرك على التوحيد‪.‬‬
‫ما كان المشركون يقولون بأن دينهم أفضل مسسن ديسسن اللسسه‪ ،‬وأنهسسم‬ ‫وقدي ً‬
‫أهدى من الذين آمنوا سبي ً‬
‫ل‪.‬‬
‫واتخاذ القبور مساجد ملعون فاعلها على لسان رسول الهدى صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ ،‬حيث قال‪" :‬لعنسسة اللسسه علسسى اليهسسود والنصسسارى اتخسسذوا قبسسور‬
‫أنبيائهم مساجد" ]أخرجه البخاري في الصلة‪ ،‬في باب ‪) 1/532 :55‬البخاري مع فتسسح‬
‫الباري(‪ ،‬وفي الجنائز‪ ،‬باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور‪ ،3/200 :‬وباب مسسا جسساء‬
‫في قبر النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر‪ ،3/255 :‬وفسسي النبيسساء‪ ،‬بسساب مسسا ذكسسر‬
‫عن بني إسرائيل ‪ ،6/294‬وفي المغازي‪ ،‬فسسي بسساب مسسرض النسسبي صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم‬
‫ووفاته ‪ ،8/140‬وفي اللباس في باب الكسية والخمائل‪ .10/277 :‬والحديث بهسسذا المعنسسى‬
‫في مسلم‪ ،‬كتاب المساجد‪ ،‬باب النهي عن بناء المساجد على القبور‪ ،377-376 :‬وأحمسسد‪:‬‬
‫‪ ،275 ،255 ،252 ،229 ،146 ،121 ،84 ،6/80 ،1/218‬والدارمي‪ ،‬كتاب الصلة‪ ،‬باب‬
‫النهي عن اتخاذ القبور مساجد‪ 1/326 :‬وغيرها‪.[.‬‬
‫ضا أنه ذكر له في مرض موته كنيسة بأرض الحبشة‪،‬‬ ‫وفي الصحيحين أي ً‬
‫وذكر له من حسنها وتصاوير فيها فقال‪" :‬إن أولئك إذا مات فيهسسم الرجسسل‬
‫دا‪ ،‬وصوروا فيسسه تلسسك التصسساوير‪ ،‬أولئك شسسرار‬ ‫الصالح بنوا على قبره مسج ً‬
‫الخلق عند الله" ]أخرجه البخاري في الصلة‪ ،‬باب هل تنبش قبسسور مشسسركي الجاهليسسة‪،‬‬
‫ويتخذ مكانها مساجد‪) 1/523 :‬البخاري مع فتح الباري(‪ ،‬وباب الصلة فسسي البيعسسة‪،1/531 :‬‬
‫وفي الجنائز في باب بنسساء المسسسجد علسسى القسسبر‪ ،3/208 :‬ومسسسلم‪ ،‬كتسساب المسسساجد‪ ،‬بسساب‬
‫النهي عن بناء المساجد على القبور‪ ،376-1/375 :‬وأبو عوانة في مسسسنده‪،410-1/400 :‬‬
‫وأحمد‪ ،6/51 :‬والبيهقي‪.[.4/80 :‬‬
‫ضا النهي عن اتخاذ القبور مساجد في كتسسب الثنسسي عشسسرية‬ ‫وقد ثبت أي ً‬
‫نفسها‪ ،‬ولكن شيوخهم يؤولونه – كما سيأتي ‪.-‬‬
‫ج ق النكباب على القبر‪:‬‬ ‫‍‬
‫من مناسك المشاهد عندهم النكبسساب علسسى القسسبر‪ ،‬ووضسسع الخسسد عليسسه‪،‬‬
‫وتقبيل العتاب‪ .‬ومناجاة صاحب القبر حتى ينقطع النفس كما يقولون‪.‬‬

‫‪278‬‬
‫]بحسسار‬ ‫قال المجلسي‪" :‬باب ما يستحب فعله عند قبره عليسسه السسسلم‪"..‬‬
‫طوسسسي قسسال فسسي وصسسفه‬ ‫النسسوار‪ [.101/285 :‬ثم ذكسسر أن شسسيخ طسسائفتهم ال ّ‬
‫ب على القبر وتقول‪ :‬مولي إمسسامي‪،‬‬ ‫لعمال زيارة يوم الجمعة‪ .." :‬ثم تنك ّ‬
‫نفسسس" ]بحسسار‬ ‫مظلوم استعدى على ظالمه‪ ،‬الّنصسسر‪ ،‬الّنصسسر حسستى ينقطسع ال ّ‬
‫النوار‪.[.101/285 :‬‬
‫وفي أكثر زيسساراتهم يؤكسسدون فسسي أثنائهسسا وخاتمتهسسا علسسى النكسساب علسسى‬
‫القسسبر‪ ،‬ودعسسائه‪ ،‬فهسسذه زيسسارة للحسسسين أوصسسى بهسسا جعفسسر الصسسادق – كمسسا‬
‫يزعمون – وأمر قبل بسسدء هسسذه الزيسسارة بصسسيام ثلثسسة أيسسام ثسسم الغتسسسال‪،‬‬
‫ولبس ثوبين طاهرين‪ ،‬ثم صلة ركعتين‪ ،‬ثم قال‪" :‬فإذا أتيسست البسساب فقسسف‬
‫خارج القّبة‪ ،‬وأوم بطرفك نحو القبر وقل‪ :‬يا مولي يا أبا عبد اللسسه يسسا ابسسن‬
‫صسسر فسي‬ ‫ذليل بين يسديك‪ ،‬المق ّ‬ ‫رسول الله عبدك وابن عبدك وابن أمتك‪ ،‬ال ّ‬
‫دا إلسسى حرمسسك‪،‬‬ ‫متك‪ ،‬قاصس ً‬ ‫قك‪ ،‬جاءك مستجيًرا بذ ّ‬ ‫علو قدرك‪ ،‬المعترف بح ّ‬
‫ب على القسسبر وقُسسل‪ :‬يسسا مسسولي‬ ‫م انك ّ‬ ‫جًها إلى مقامك – إلى أن قال‪ -:‬ث ّ‬ ‫متو ّ‬
‫ب على القسسبر ثانيسسة"‬ ‫فا فآمّني‪ ،‬وأتيتك مستجيًرا فأجرني‪ ..‬ثم انك ّ‬ ‫أتيتك خائ ً‬
‫]بحار النوار‪ 261-101/257 :‬عن المزار الكبير لمحمد المشهدي‪ :‬ص ‪ ..[144-143‬إلى‬
‫آخر الزيارة التي يدعو فيها مخلوًقا من دون اللسسه سسسبحانه‪ ،‬ويتضسسرع إليسسه‬
‫كا؟! ومثل‬ ‫وكأنه يتضرع أمام الله‪ ،‬فماذا يكون الشرك إذا لم يكن هذا شر ً‬
‫ب على القبر وقّبله – إلسسى أن‬ ‫ذلك قال مفيدهم‪" :‬فإذا أردت الخروج فانك ّ‬
‫سلم عليك يا أبا عبد الله‪ ،‬أنت‬ ‫قال‪ -:‬ثم ارجع إلى مشهد الحسين وقل‪ :‬ال ّ‬
‫جّنة من العذاب" ]بحار النوار‪ 261-101/257 :‬عن المزار الكبير ص ‪.[.154‬‬ ‫لي ُ‬
‫وهكذا أصبح في دينهم الشرك بالله من المستحبات‪ ،‬فهو سسسجود علسسى‬
‫القبر أو لصاحب القبر يسمونه "النكبسساب"‪ ،‬ودعسساء للميسست السسذي ل يملسك‬
‫لنفسه نفًعا ول ضًرا وكأنهم يدعون خالق السماوات والرض القسسادر علسسى‬
‫ب‬‫جي ُ‬‫سقت َ ِ‬‫مققن ل ي َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّق ِ‬ ‫دو ِ‬ ‫من ُ‬ ‫عو ِ‬ ‫من ي َدْ ُ‬ ‫م ّ‬ ‫ل ِ‬ ‫ض ّ‬‫ن أَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬
‫كل شيء } َ‬
‫ن{ ]الحقسساف‪ ،‬آيسسة‪،[.5:‬‬ ‫فلو َ‬ ‫ُ‬ ‫م َ‬
‫غققا ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ه إ َِلى َيوم ِ ال ِ‬
‫ْ‬ ‫لَ ُ‬
‫عائ ِ ِ‬ ‫عن دُ َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫و ُ‬ ‫ة َ‬‫م ِ‬‫قَيا َ‬
‫وهم يعدون هذا من أفضل القربسسات‪ ،‬ويوهمسسون التبسساع بسسأن هسسذا الشسسرك‬
‫سسسيئات‪،‬‬ ‫ط ال ّ‬ ‫ذنوب ودخول الجّنة‪ ،‬والعتق مسسن الن ّسسار‪ ،‬وحس ّ‬ ‫"يوجب غفران ال ّ‬
‫م )‪(37‬‬ ‫دعوات" ]هذا مسسن عنسساوين بحسسار النسسوار‪ ،‬وقسسد ض س ّ‬ ‫درجات‪ ،‬وإجابة ال ّ‬ ‫ورفع ال ّ‬
‫رواية فسسي هسسذا المعنسسى‪ [.28-21 /101 :‬و"توجب طسول العمسر وحفسظ الّنفسس‬
‫فس الكرب‪ ،‬وقضاء الحوائج" ]هذا أحد عناوين بحسسار‬ ‫والمال‪ ،‬وزيادة الّرزق وتن ّ‬
‫ج والعمسسرة والجهسساد‬ ‫ضسسا وفيسسه )‪ (17‬روايسسة‪ .[.48-45 /101 :‬و"تعدل الح ّ‬ ‫النوار أي ً‬
‫والعتاق" ]وهذا من عناوين صاحب البحار وقد ضّمنه )‪ (84‬وراية‪ [.44-28 /101 :‬إلى‬
‫دين ما لم يأذن به الله‪.‬‬ ‫آخر الفضائل الموهومة‪ ..‬فشرعوا من ال ّ‬
‫ولهم تعلق بكل عمل يتصل بالشرك بالله من قريب أو بعيد‪ ،‬حسستى وإن‬
‫لم يوجد نص يعتمدون عليه من كتبهم المليئة بما يغني فسسي بسساب الشسسرك‬
‫ما تقبيسسل العتسساب فلسسم نقسسف علسسى‬ ‫وأسبابه‪ ،‬يقول المجلسي – مثل ً ‪" :-‬وأ ّ‬
‫ية" ]بحار النوار‪ ،100/136 :‬عمسسدة السّزائر‪ :‬ص ‪[.29‬‬ ‫ص يعتد ّ به ولكن عليه المام ّ‬ ‫ن ّ‬
‫دا لهسسم‪ ،‬فكسسأن الشسسرك‬ ‫أي أنهسسم يتعبسسدون بسسذلك مجسساراة لسسسلفهم وتقليس ً‬
‫وأعماله المنتشرة في أمهات كتبهم لم تمل ما في نفوسهم‪ ،‬فتعلقسسوا بمسسا‬
‫‪279‬‬
‫عَلققى‬ ‫جدَْنا آَباءَنا َ‬ ‫و َ‬‫عليه من سبقهم كحال المشركين الذين قالوا‪} :‬إ ِّنا َ‬
‫ُ‬
‫ن{ ]الزخرف‪ ،‬آية‪.[.23:‬‬ ‫دو َ‬‫هت َ ُ‬
‫م ْ‬‫هم ّ‬ ‫عَلى آَثا ِ‬
‫ر ِ‬ ‫وإ ِّنا َ‬
‫ة َ‬ ‫م ٍ‬
‫أ ّ‬
‫وكل إمام ينسب له مسسن المبسسادئ الشسسركية الجديسسدة‪ ،‬حسستى "المنتظسسر"‬
‫الذي لم يولد له قوانين جديدة فسسي هسسذا البسساب منهسسا اسسستقبال القسسبر فسسي‬
‫الصلة واستدبار الكعبة – كما سيأتي – ومنها في مسألتنا هذه وضع الخسسد‬
‫علسسى القسسبر‪ ،‬فقسسد خرجسست الروايسسة فيهسسا – كمسسا يقولسسون – مسسن الناحيسسة‬
‫المقدسة‪ ،‬أي من قبل المهدي المنتظر المزعوم بواسطة سفرائه الكذبسسة‬
‫ده اليمسسن علسسى‬ ‫حيث قال مهسسديهم‪ ..." :‬والسسذي عليسسه العمسسل أن يضسسع خس ّ‬
‫القبر" ]عمدة الّزائر‪ :‬ص ‪.[.31‬‬
‫ولهذا قرر شيوخهم أن من آداب زيارة هذه الضرحة "وضع الخد ّ اليمن‬
‫دعاء" ]بحار النوار‪ ،100/134 :‬عمدة السسّزائر‪ :‬ص ‪.[.30‬‬ ‫عند الفراغ من الّزيارة وال ّ‬
‫ضرايح؛ بل هسسو سسّنة عنسسدنا ولسو كسسان هنسساك‬ ‫وقالوا‪" :‬ل كراهة في تقبيل ال ّ‬
‫تقية فتركه أولى" ]بحار النوار‪.[.100/136 :‬‬
‫هسسذه مبسسادئ جديسسدة ابتسسدعها شسسيوخ السسسوء مسسن الرافضسسة "وقسسد اتفسسق‬
‫المسسلمون علسى أنسه ل يشسرع السستلم والتقبيسل إل للركنيسن اليمسانيين‪،‬‬
‫فالحجر السود يستلم ويقبل‪ ،‬واليماني يستلم‪ ،‬وقسسد قيسسل إنسسه يقبسسل وهسسو‬
‫ضسسعيف‪ ،‬وأمسسا غيسسر ذلسسك فل يشسسرع اسسستلمه ول تقسسبيله كجسسوانب السسبيت‪،‬‬
‫والصخرة والحجرة النبوية‪ ،‬وسائر قبور النبياء والصالحين" ]مجمسسوع فتسساوى‬
‫شيخ السلم‪.[.4/521 :‬‬
‫والهدف من هذه المبادئ الصسد عسن ديسن اللسه سسبحانه‪ ،‬والسدعوة إلسى‬
‫الشرك بالله وتهيئة أسبابه‪ ،‬وقد وضعت أدعيسسة تقسسال أثنسساء هسسذه العمسسال‬
‫فيهسسا مسسن الشسسرك بسسالله سسسبحانه‪ ،‬وتسسأليه الئمسسة مسسا يسسستقل عنسسده فعسسل‬
‫المشركين‪.‬‬
‫د ق اتخاذ القبر قبلة كبيت الله‪:‬‬
‫ن استقبال القبر أمر لزم‪ ،‬وإن لم يكسسن‬ ‫قال شيخ الشيعة المجلسي‪" :‬إ ّ‬
‫قا للقبلة‪ ..‬واستقبال القبر للّزائر بمنزلسسة اسسستقبال القبلسسة وهسسو وجسسه‬ ‫مواف ً‬
‫الله‪ ،‬أي جهته التي أمر الن ّسساس باسسستقبالها فسسي تلسسك الحالسسة" ]بحسسار النسسوار‪:‬‬
‫‪.[.101/369‬‬
‫وحينما وجد المجلسي في روايات قومه نصين متعارضين – كالعادة ‪-‬‬
‫ن رسسسول اللسسه صسسلى اللسسه‬ ‫الول‪ :‬عن أبي جعفر محمد الباقر يقسسول‪" :‬إ ّ‬
‫ن اللسسه عسّز وجس ّ‬
‫ل‬ ‫دا‪ ،‬فسسإ ّ‬
‫عليه وسلم‪ ..‬قال‪ :‬ل تّتخذوا قبري قبلسة ول مسسج ً‬
‫شرائع ص ‪ ،358‬بحار‬ ‫لعن الذين اّتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" ]ابن بابويه‪ /‬علل ال ّ‬
‫النوار‪.[.100/128 :‬‬
‫والثاني‪ :‬من مهديهم المنتظر )الذي ل وجود له كمسسا يقسسول أهسسل العلسسم(‬
‫ذابين السذين‬ ‫ونصه‪" :‬كتب الحميري ]عبد الله بن جعفر بسسن مالسك الحميسري‪ ،‬أحسد الكس ّ‬
‫يزعمون مكاتبة المنتظسسر السسذي لسسم يوجسسد ولكن ّسسه عنسسدهم مسسن الّثقسسات‪) .‬انظسسر‪ :‬الفهرسسست‬
‫دسة ]الّناحيسسة المق ّ‬
‫دسسسة‬ ‫طوسي ص ‪ ،132‬رجال الحلي ص ‪ [.(106‬إلى الّناحية المق ّ‬ ‫لل ّ‬
‫مسسة عليهسسم‬ ‫رمز عندهم على مهديهم المنتظر‪ [.‬يسأل عن الّرجل يسسزور قبسسور الئ ّ‬
‫سلم‪ ..‬هل يجوز لمن صّلى عند بعض قبسورهم عليهسم ال ّ‬
‫سسلم أن يقسوم‬ ‫ال ّ‬
‫‪280‬‬
‫وراء القبر ويجعل القبر قبلة أم يقوم عند رأسه أو رجليه؟ وهل يجسسوز أن‬
‫يتقسسسدم القسسسبر ويصسسسلي ويجعسسسل القسسسبر خلفسسسه أم ل؟ فأجسسساب )المهسسسدي‬
‫صسسلة فإّنهسسا خلفسسه ويجعسسل القسسبر أمسسامه‪ ،‬ول يجسسوز أن‬ ‫ما ال ّ‬
‫المزعوم(‪ .. :‬أ ّ‬
‫يصلي بين يديه ول عن يمينه ول عن يساره؛ لن المام صلى الله عليسسه ل‬
‫يتقدم عليسسه ول يسسساوى" ]الحتجسساج للطبرسسسي‪ 2/312 :‬ط‪ :‬النجسسف‪ ،‬بحسسار النسسوار‪:‬‬
‫‪.[.100/128‬‬
‫حينما وجد المجلسي هذين النصين رجسسح لقسسومه العمسسل بسسالنص الثسساني‬
‫سسسابق علسسى الّتقيسسة أو علسسى أّنسه ل يجسسوز أن‬ ‫فقال‪" :‬يمكن حمسسل الخسسبر ال ّ‬
‫جه إليها من كس ّ‬
‫ل جسسانب ]أي أّنهسسا قبلسسة – فسسي‬ ‫يجعل قبورهم بمنزلة الكعبة يتو ّ‬
‫ل الجهسسات‪ ،‬وليسسس ذلسسك لفضسسلّية‬ ‫مذهبهم – من جهة واحدة‪ ،‬وليست كالكعبة قبلسسة مسسن ك س ّ‬
‫ضسسريح كمسسا يشسسير إليسسه "الّتوقيسسع"‪ .[.‬ومن‬‫دم علسسى ال ّ‬
‫الكعبسسة عنسسدهم‪ ،‬ولكسسن خشسسية الّتق س ّ‬
‫صلة جماعة‪ ،‬والخسسبر الث ّسساني علسسى‬ ‫الصحاب من حمل الخبر الّول على ال ّ‬
‫صلة فرادى‪ ،‬وستأتي الخبار المؤيدة للخبر الثاني )يعني في اتخاذ القبر‬ ‫ال ّ‬
‫قبلة( في أبواب الزيارات" ]بحار النوار‪.[.100/128 :‬‬
‫انظر كيف يؤيد شيوخهم الشرك بالله سبحانه‪ ،‬ويردون الحق ولسسو جسساء‬
‫جح المجلسي ما جاء عن المنتظر الذي ل حقيقة له‪ ،‬ويسسرد ّ‬ ‫في كتبهم‪ ،‬فير ّ‬
‫ما روي عن أبي جعفر عن رسول الهدى صلى الله عليه وسلم والموافسسق‬
‫مة‪.‬‬‫سّنة وإجماع ال ّ‬ ‫للكتاب وال ّ‬
‫ضا عند قول إمامه وهو يبين طريقة زيارة القبر‬ ‫وقد توقف المجلسي أي ً‬
‫من البعيد عنه قال‪" :‬اغتسل يوم الجمعة أو أي يوم شئت‪ ،‬والبسسس أطهسسر‬
‫صسسحراء فاسسستقبل القبلسسة‬ ‫ثيابك واصعد إلسسى أعلسسى موضسسع فسسي دارك أو ال ّ‬
‫ن القبر هنالك"‪ .‬توقف المجلسي عند هذا النسسص‪ ،‬لن‬ ‫بوجهك بعدما تبّين أ ّ‬
‫استقبال القبر في دينه أمر لزم فقسسال‪" :‬قسسوله‪ :‬فاسسستقبل القبلسسة بوجهسسك‬
‫لعله عليه السلم إنما قال ذلك لمن أمكنه استقبال القسسبر والقبلسسة معًسسا‪...‬‬
‫ويحتمل أن يكون المراد بالقبلة هنا جهة القبر مجسساًزا‪ ..‬ول يبعسسد أن تكسسون‬
‫القبلة تصحيف القبر" ]بحار النوار‪.[.101/369 :‬‬
‫كل هذه التكلفات والتأولت لنه يقسول بسأن طسائفته "حكمسوا باسستقبال‬
‫قا )أي في كل أنواع الزيارات(‪ ،‬وهو الموافق للخبار الخر فسسي‬ ‫القبر مطل ً‬
‫زيارة البعيد" ]بحار النوار‪.[.370-101/369 :‬‬
‫وقال‪ :‬إنه مع بعد الزائر عن القبر يستحسن استقبال القبر فسسي الصسسلة‬
‫واستدبار الكعبة ]بحار النوار‪ ،[.100/135 :‬وذلك عند أداء ركعتي الزيارة التي‬
‫قسسالوا فيهسسا‪" :‬إن ركعسستي الزيسسارة لبسسد منهمسسا عنسسد كسسل قسسبر" ]بحسسار النسسوار‪:‬‬
‫‪ .[.100/134‬وهسسذا ليسسس بغريسسب مسسن قسسوم زعمسسوا أن كسسربلء أفضسسل مسسن‬
‫الكعبة‪.‬‬
‫فماذا نسمي هذا الدين السسذي يسسأمر أتبسساعه باسسستدبار الكعبسسة واسسستقبال‬
‫قبور الئمة؟ وما ذا نسمي هؤلء الشيوخ الذين يدعون لهذا الدين؟‬
‫فليسم بأي اسم إل السلم دين التوحيد الذي نهى رسوله عليه الصسسلة‬
‫والسلم عن الصلة في المقابر فكيف باتخاذ القبور قبلة!!‬

‫‪281‬‬
‫دا وقبلة ورد في كتسسب‬‫ومن العجب أن هذا النهي عن اتخاذ القبور مسج ً‬
‫الشيعة نفسها‪ ،‬كما جاء في الوسائل للحر العاملي ]روت كتب الشيعة أن علي‬
‫ن‬
‫دا فسسإ ّ‬
‫بن الحسين قال‪ :‬قال الّنبي صلى الله عليه وسلم‪" :‬ل تّتخذوا قبري قبلسسة ول مسسسج ً‬
‫ل لعن اليهود حيث اّتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" )من ل يحضسسره الفقيسسه ‪،1/57‬‬ ‫الله عّز وج ّ‬
‫شيعة‪ (3/455 :‬ولكن هؤلء دينهم دين شيوخهم الذين وضعوا مبدأ خالفوا العامسسة‬ ‫وسائل ال ّ‬
‫ضسسا بطلن‬ ‫)يعني أهسسل السسسنة( فأضسسلوا قسسومهم سسسواء السسسبيل‪ [.‬وغيره‪ ،‬كما ورد أي ً‬
‫الصلة إلى غير القبلة ]وقد ذكسسر صسساحب الوسسسائل فسسي هسسذا المعنسسى خمسسس روايسسات‬
‫)انظر‪ :‬وسائل الشيعة‪ (3/227 :‬وانظر في بطلن الصلة إلسسى غيسسر القبلسسة عنسسدهم‪ :‬مسسن ل‬
‫يحضره الفقيه‪ ،1/79،122 :‬وتهذيب الحكام‪ ،218 ،192 ،178 ،1/146 :‬وفروع الكافي‪:‬‬
‫‪..[.1/83‬‬
‫والتناقض في هذا المذهب من أعجب العجب‪.‬‬
‫هذا بعض ما جاء في مصادرهم المعتمدة حول المشاهد‪ ،‬وهو قليل مسسن‬
‫ما واسًعا بأمر المشاهد ومناسكها‬ ‫كثير‪ ،‬حيث إن لهم عناية ظاهرة‪ ،‬واهتما ً‬
‫ما‬‫كاهتمامهم بمسألة المامة‪ ،‬وقد خصصت مصسسادرهم المعتمسسدة لسسه قسس ً‬
‫صا مما ل تجده في كتب المسلمين الموحدين‪.‬‬ ‫خا ً‬
‫ففسسي بحسسار النسسوار للمجلسسسي‪ ،‬كتسساب مسسستقبل سسسماه "كتسسب المسسزار"‬
‫يتضمن أبواًبا كثيرة‪ ،‬اشسستملت علسسى مئات الروايسسات‪ ،‬وقسسد اسسستغرق ذلسسك‬
‫حوالي ثلثة مجلسسدات ]هسسي المجلسسدات‪ ،100 :‬س ‪ ،101‬س ‪ [.102‬مسسن طبعسسة البحسسار‬
‫الخيرة‪.‬‬
‫وكذلك في وسائل الشيعة للحر العاملي ذكر )‪ (106‬باًبا بعنوان‪ :‬أبسسواب‬
‫المزار" ]انظرها في‪ 10/251 :‬وما بعدها‪.[.‬‬
‫وفي الوافي للكاشاني الجامع لصولهم الربعسة عقسد ثلثسة وثلثيسن باًبسا‬
‫بعنوان "أبواب المزارات والمشسساهد" ]انظرهسسا فسسي المجلسسد الثسساني‪ 8/193 :‬ومسسا‬
‫بعدها‪.[.‬‬
‫وفي كتاب من ل يحضره الفقيه لبن بابويه )أحد مصسسادرهم المعتمسسدة(‬
‫أبواب عدة حول المشاهد وتعظيمهسسا كبسساب تربسسة الحسسسين وحريسسم قسسبره‪،‬‬
‫وأبواب زيارة الئمة وفضلها ]انظر‪ :‬من ل يحضره الفقيه‪ 2/338 :‬وما بعدها‪.[.‬‬
‫وفسسي مسسستدرك السسسائل سسستة وثمسسانون باب ًسسا حسسوت )‪ (276‬روايسسة فسسي‬
‫الزيارات والمشاهد ]انظر‪ :‬النوري الطبرسي‪ /‬مستدرك الوسائل‪.[.234-2/189 :‬‬
‫هذا عدا ما اشتملت عليه كتبهم الخرى التي هي في منزلة المصادر‬
‫الثمانية عندهم كثواب العمال لبن بابويه وغيره‪.‬‬
‫وهسسذا غيسر مسا ألسف فسسي المسزارات مسن كتسسب خاصسسة بسه فسسي الماضسي‬
‫والحاضسسر مثسسل‪ :‬كامسسل الزيسسارات لبسسن قولسسويه‪ ،‬ومفاتيسسح الجنسسان لعبسساس‬
‫القمسسي‪ ،‬وعمسسدة السسزائر لحيسسدر الحسسسيني‪ ،‬وضسسياء الصسسالحين للجسسوهري‬
‫وغيرها‪.‬‬
‫وكلها تتحدث عن الفضائل المزعومة لمن شسسد الرحسسل لزيسسارة أضسسرحة‬
‫الئمة وطاف بهسسا‪ ،‬ودعسسا فسسي رحابهسسا‪ ،‬واسسستغاث بمسن فيهسسا‪ ،‬وتسسذكر مئات‬
‫الدعية التي فيها من الغلو في الئمة ما يصل بهم إلى مقام الخسسالق جسسل‬
‫شأنه‪ ،‬وفيها من الشرك بالله ما الله به عليم‪.‬‬

‫‪282‬‬
‫وكسسان لهتمسسامهم بهسسذا المعسسول الهسسادم لصسسل التوحيسسد أثسسره فسسي ديسسار‬
‫الشيعة‪ ،‬حيث عمسسرت بيسسوت الشسسرك السستي يسسسمونها المشسساهد‪ ،‬وعطلسست‬
‫بيوت التوحيد وهي المساجد وبقي هذا الهتمام إلى اليسسوم كمسسا سسسيأتي –‬
‫إن شاء الله – ]انظر‪ :‬الفصل الثالث من الباب الرابع‪ .‬ص)‪ (1071‬وما بعدها‪.[.‬‬
‫الجانب النقدي ) لمسألة المشاهد عند الشيعة (‪:‬‬
‫إن للمسلمين كعبة واحدة يتجهون إليها في صلتهم ودعائهم‪ ،‬ويحجسسون‬
‫إليها‪ ،‬ويطوفون بها‪ ،‬أما الشيعة فلهم مزارات ومشاهد وكعبات عبارة عن‬
‫أضرحة الموتى من الئمة ]وكثير من هذه القبور )المنسسسوبة للئمسسة( لسسم يسسدفن فيهسسا‬
‫من ينسبونها إليهم؛ فل مكان قبر أمير المؤمنين علي رضي الله عنه في النجف هسسو مكسسان‬
‫قبره حقيقة‪ ،‬ول مكان الحسين في كربلء وغيرهسسا هسسو مكسسان دفنسسه حقيقسسة‪ .‬وهسسذه حقسسائق‬
‫يعرفها التاريخ ويقررها وإن كسسابروا فيهسسا )محسسب السسدين الخطيسسب‪ /‬المنتقسسى )الهسسامش( ص‬
‫‪ .(158‬وانظر للتفصيل‪) :‬مجمسسوع فتسساوى شسسيخ السسسلم‪ 27/446 :‬ومسسا بعسسدها( قسسال شسسيخ‬
‫السلم‪" :‬وأصل ذلك أن عامة أمر هذه القبور والمشاهد مضطرب مختلسسق ل يكسساد يوقسسف‬
‫منه على العلم إل في قليل منها بعد بحث شديد‪ ،‬وهذا لن معرفتها وبنسساء المسسساجد عليهسسا‬
‫ليسسس مسسن شسسريعة السسسلم" )المصسسدر السسسابق ‪ [.(27/447‬وغيرهسسم ]غلسسو الرافضسسة‬
‫بالمشاهد تجاوز مشاهد أئمتهم إلى آخرين‪ .‬انظر – مثل ً ‪ :-‬بسساب فضسسل زيسارة عبسسد العظيسسم‬
‫الحسني من بحار النوار‪ ،102/268 :‬وقد جاء فيه أن الحسن العسكري قال‪ :‬بأن مسسن زار‬
‫قبر عبد العظيم كان كمن زار قبر الحسين )انظر‪ :‬الموضسسع نفسسسه مسسن المصسسدر السسسابق‪،‬‬
‫وثواب العمال ص ‪ ،89‬وكامل الزيارات ص ‪ ،(324‬وكذلك عقد المجلسسسي باب ًسسا فسسي زيسسارة‬
‫فاطمة بنت موسى بقم )انظر‪ :‬بحار النوار‪ ،[.(102/265 :‬وهي قبسسور تنسسافس بيسست‬
‫الله بل تفضل عليه‪ ،‬ويقام فيها الشرك ويهدم التوحيد‪.‬‬
‫وقد يقال‪ :‬إن الشرك والمشاهد منتشرة في كثير من بلد السسسنة‪ .‬وقسسد‬
‫أثار شيخ السلم ابن تيمية هذا السؤال في أثناء حديثه عسسن غلسسو الشسسيعة‬
‫في أئمتها ومسسا عنسسدها مسسن الشسسرك والبدعسسة حيسسث قسسال‪" :‬فسسإن قيسسل‪ :‬مسسا‬
‫وصفت به الرافضة من الغلو والشرك والبدع موجود كسسثير منسسه فسسي كسسثير‬
‫من المنتسبين إلى السنة‪ ،"..‬وأجاب رحمه الله عسسن ذلسسك‪ :‬بسسأن هسسذا كلسسه‬
‫مما نهى الله عنه ورسوله‪ ،‬وكل ما نهى اللسسه عنسسه ورسسسوله فهسسو مسسذموم‬
‫منهي عنه سواء كان فاعله منتسًبا إلى السسسنة أو التشسسيع‪ ،‬ولكسسن مسسا عنسسد‬
‫الرافضة من هذه المسسور المخالفسسة للكتسساب والسسسنة أكسسثر ممسسا عنسسد أهسسل‬
‫السنة ]انظر‪ :‬منهاج السنة‪.[.178-1/177 :‬‬
‫ضا أن الفرق بين الشيعة وأهل السسسنة فسسي ذلسسك أن مسسا عنسسد‬ ‫وأضيف أي ً‬
‫أهل السنة هو انحراف في واقعهم تنكره أصولهم‪ ،‬وما عند الشيعة هو ما‬
‫يتفق مع أصولهم بل هو ما تدعو إليه وتحسسث عليسسه أحسساديثهم وروايسساتهم –‬
‫كما رأينا – فهو معروف في أصول الشيعة منكر في أصول أهل السنة‪.‬‬
‫ونتيجة هذا الفرق أن ما عند أهل السنة قابل للصلح وما عنسسد الشسسيعة‬
‫ل‪ ،‬وهذه النتيجة ليست نظرية أو خيالية بسل‬ ‫غير قابل حتى تغير أصولهم أو ً‬
‫ظهرت بشكل واقع في تأثير حركسسة الشسسيخ محمسسد بسسن عبسسد الوهسساب فسسي‬
‫العسسالم السسسلمي فسسي محاربسسة الشسسرك‪ ،‬واستعصسساء الشسسيعة علسسى هسسذا‬
‫الصلح‪.‬‬
‫وقد شهد بهذه الحقيقة شاهد من أهلها‪:‬‬

‫‪283‬‬
‫]انظسسر الحسسديث‬ ‫يقول العالم اليراني – الشيعي الصل – أحمسسد الكسسسروي‬
‫عنه في "فكرة التقريب بين أهل السنة والشيعة" ص‪ 555:‬ومسسا بعسسدها‪" : [.‬ومما يسسرى‬
‫من لجاج الشسسيعة أنسسه قسسد انقضسسى منسسذ ظهسسور الوهسسابيين أكسسثر مسسن مسسائة‬
‫ما‪ ،‬وجرت في تلك المسسدة مباحثسسات ومجسسادلت كسسثيرة بينهسسم‬ ‫وخمسين عا ً‬
‫وبين الطوائف الخرى من المسلمين‪ ،‬وانتشرت رسسسالت وطبعسست كتسسب‪،‬‬
‫وظهر جلًيا أن ليست زيارة القبب‪ ،‬والتوسل بالموتى‪ ،‬ونذر النذور للقبسسور‬
‫وأمثالها إل الشرك‪ ،‬ول فرق بين هذه وبين عبادة الوثان التي كانت جارية‬
‫بين المشركين من العرب فقام السلم يجادلها ويبغي قلع جذورها‪ ،‬يسسبين‬
‫ذلك آيات كثيرة من القرآن‪ ،‬فأثرت الوهابية في سائر طوائف المسسسلمين‬
‫غير الروافض أو الشيعة المامية‪ ،‬فإن هسسؤلء لسسم يكسسترثوا بمسسا كسسان‪ ،‬ولسسم‬
‫يعتنوا بالكتب المنتشرة والدلئل المذكورة أدنى اعتناء‪ ،‬ولسسم يكسسن نصسسيب‬
‫الوهابيين منهم إل اللعن والسب كالخرين" ]الكسروي‪ /‬الشيعة ص ‪.[.89‬‬
‫إن الشرك قد ألبس في مصادر الشيعة المعتمدة ثسسوب الحسسق‪ ،‬وأصسسبح‬
‫هو الدين‪ ،‬وهذا هو الخطر الكبر‪ ،‬والداء العظم‪ .‬لقد عقدت أمهات كتبهم‬
‫"أبواًبا" كثيرة ضمنتها مئات من الروايات تجسد الشرك وترسي قواعسسده‪،‬‬
‫ب مستقلة جمعت من الشر في هذا السبيل فسسأوعت –‬ ‫وألفت في هذا كت ٌ‬
‫كما مر ‪.-‬‬
‫لقد غلت الرافضة بالئمة وقبورهم‪ ،‬وصنعوا صنيع النصارى فسسي غلسسوهم‬
‫في المسيح‪ ..‬فترك هؤلء الروافض عبادة الله وحده ل شريك له فسستراهم‬
‫يعطلون المساجد التي أمر الله أن ترفع ويسسذكر فيهسسا اسسسمه‪ ..‬ويعظمسسون‬
‫المشاهد المبنية على القبور فيعكفون عليها مشابهة للمشركين‪ ،‬ويحجون‬
‫إليها كما يحج الحاج إلسسى السسبيت العسستيق‪ ،‬بسسل السسسفر إليهسسا والطسسواف بهسسا‬
‫والصسسلة عنسسدها وتقسسديم القرابيسسن فسسي رحابهسسا والنكبسساب علسسى الضسسريح‬
‫والستغاثة به‪ ،‬وطلب الشسسفاء منسسه‪ ،‬أو التوسسسل بسسه وطلسسب شسسفاعته هسسي‬
‫عندهم مسن أفضسل القربسات وأعظسم الطاعسات – كمسا مضسى ذكسر بعسض‬
‫شواهده – ومن أضل ممن يفضل الشرك على التوحيد‪ ،‬ويعمسسر المشسساهد‬
‫ويعطل المساجد‪ ،‬و"يعتاض عن أرض مكة والحسسرم وعفسسرة ومنسسى بسسأرض‬
‫كسسربلء" ]الجرجسساني‪ /‬المعارضسسة فسسي السسرد علسسى الرافضسسة الورقسسة )‪ [.(71‬ويسسستبدل‬
‫ل؟!‬ ‫الباطل بالحق‪ ،‬ويرى أنه أهدى من الذين آمنوا سبي ً‬
‫وقد علم بالضطرار من دين السلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم‬
‫يأمر بما ذكروه من أمر المشساهد ول شسرع ول شسرع لمتسه مناسسك عنسد‬
‫قبور النبياء والصالحين‪ ،‬بل هذا من دين المشركين ]منهسساج السسسنة‪[.1/175 :‬‬
‫دا‬‫و ّ‬
‫ن َ‬‫ول ت َقذَُر ّ‬‫م َ‬ ‫هت َك ُق ْ‬ ‫قاُلوا ل ت َذَُر ّ‬
‫ن آل ِ َ‬ ‫و َ‬
‫الذين قال الله تعالى فيهم‪َ } :‬‬
‫سًرا{ ]نوح‪ ،‬آية‪.[.23:‬‬ ‫ون َ ْ‬
‫عوقَ َ‬ ‫وي َ ُ‬
‫ث َ‬
‫غو َ‬‫ول ي َ ُ‬
‫عا َ‬‫وا ً‬
‫س َ‬
‫ول ُ‬ ‫َ‬
‫قال ابن عباس وغيره‪ :‬هؤلء‪ ..‬أسماء رجال صالحين من قوم نوح‪ ،‬فلما‬
‫هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصسسبوا إلسسى مجالسسسهم السستي كسسانوا‬
‫يجلسون أنصاًبا وسموها بأسمائهم‪ ،‬ففعلوا‪ ،‬فلم تعبد‪ ،‬حتى إذا هلك أولئك‬
‫وتنسخ العلم عبدت ]أخرجسسه البخسساري فسسي تفسسسير سسسورة نسسوح )البخسساري مسسع الفتسسح‪:‬‬

‫‪284‬‬
‫‪ .(8/667‬قال اللباني‪" :‬وهو موقوف على ابن عباس في حكم المرفسسوع" )شسسرح العقيسسدة‬
‫الطحاوية ص ‪– 80‬الهامش‪.[.(-‬‬
‫وقد قال أمير المؤمنين علي بن أبي طسسالب – رضسسي اللسسه عنسسه – لبسسي‬
‫الهياج السدي‪" :‬أل أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليسسه‬
‫وسلم؟ أن ل تدع تمثال ً إل طمسسسته‪ ،‬ول قسسبًرا مشسسر ً‬
‫فا إل سسسويته" ]أخرجسسه‬
‫مسلم في الجنائز‪ ،‬باب المر بتسوية القبر )‪ ،1/666 :(969‬وأبسسو داود‪،(3218) 3/548 :‬‬
‫والترمذي‪ ،(1049) 3/366 :‬والنسائي ‪ ،4/88‬س ‪ ،89‬وأحمد ‪ ،1/96‬س ‪ 129‬ومواضسسع أخسسرى‪،‬‬
‫وأبو داود الطيالسي ‪ ،1/168‬والحاكم‪ ،1/369 :‬والبيهقي في سننه‪.[.4/3 :‬‬
‫وهذا المعنى أقرت به بعض روايات الشيعة‪ ،‬فقد روى الكليني عن أبسسي‬
‫سلم‪ :‬بعثنسسي رسسسول اللسسه صسسلى‬ ‫عبد الله قال‪ :‬قال أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫الله عليه وسلم إلى المدينة فقسسال‪ :‬ل تسسدع صسسورة إل محوتهسسا ول قسسبًرا إل‬
‫ويته ]فروع الكسسافي‪ ،2/227 :‬وسسسائل ال ّ‬
‫شسسيعة‪ .[2/869 :‬وفسسي روايسسة أخسسرى » بعثنسسي‬ ‫س ّ‬
‫صور" ]فسسروع الكسسافي‪،2/226 :‬‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم في هدم القبور وكسر ال ّ‬
‫شيعة‪.[.2/870 :‬‬‫وسائل ال ّ‬
‫وعن أبي عبد الله قسسال‪ :‬نهسسى رسسسول اللسسه صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم أن‬
‫يصلى على قبر أو يقعد عليه أو يبنى عليه ]الطوسسسي‪ /‬تهسسذيب الحكسسام‪،1/130 :‬‬
‫ن‬
‫وسائل الشيعة‪ .[.2/869 :‬وعن أبي عبد الله قال‪ :‬ل تبنوا علسسى القبسسور‪ ..‬فسسإ ّ‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم كره ذلك ]تهسسذيب الحكسسام‪ ،1/130 :‬السسبرقي‪/‬‬
‫ضا عسسن آبسسائه عسسن رسسسول‬ ‫شيعة‪ ،[.2/870 :‬وعنه أي ً‬ ‫المحاسن‪ :‬ص ‪ ،612‬وسائل ال ّ‬
‫صص المقابر ]ابن بابويه‪ /‬مسسن ل يحضسسره‬ ‫الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يج ّ‬
‫شيعة‪.[2/870 :‬‬ ‫صدوق ص ‪ ،253‬وسائل ال ّ‬ ‫الفقيه‪ ،2/194 :‬أمالي ال ّ‬
‫ن هذا النهي يشمل كسسل قسسبر "غيسسر قسسبر النسسبي‬ ‫وقد زعم الحّر العاملي أ ّ‬
‫صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم والئمسسة عليهسسم السسسلم وأن هسسذا الّنهسسي لمجسّرد‬
‫الكراهة" ]كما هو صريح الباب الذي عقده لهذه الحاديث وهو "بسساب كراهسسة البنسساء علسسى‬
‫شيعة ‪ (2/869‬والغريب أّنه لم يسسذكر مسسا يسسد ّ‬
‫ل‬ ‫مة‪) "..‬وسائل ال ّ‬
‫ي والئ ّ‬
‫القبر في غير قبر الّنب ّ‬
‫سبعة تناقض ما ذهب إليه‪.[.‬‬ ‫على هذا العنوان؛ إذ ك ّ‬
‫ل أحاديث الباب ال ّ‬
‫وصيغة العموم واضحة في هذه الروايات‪ ،‬كمسسا أن دللسسة التحريسسم بينسسة‪،‬‬
‫ول دليل عند العاملي سوى ما شذت به طسسائفته فسسي واقعهسسا وفسسي جملسسة‬
‫من رواياتهسا‪ ،‬والشسذوذ دليسل علسى البطلن لمخسالفته لكتساب اللسه وسسنة‬
‫رسوله صلى الله عليه وسلم وإجماع المة بما فيهم أهل البيت الذين أثسسر‬
‫عنهم التحذير من ذلك‪ ،‬لن ذلك وسيلة للشرك بالله‪ ،‬ثم إن الحكمة السستي‬
‫ورد من أجلها النهي ل تفرق بين قبر وقبر‪ ،‬وقسد يكسون الخطسر فسي قبسور‬
‫الئمة أشد لعظيم الفتتان بهم‪ ،‬ولهذا كسسان أصسسل الشسسرك هسسو الغلسسو فسسي‬
‫الصالحين ]انظر‪ :‬كتاب التوحيد )مع شرحه تيسير العزيز الحميد( باب مسسا جسساء أن سسسبب‬
‫كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصالحين ص ‪..[.305‬‬
‫وتناقض كتب الشيعة نفسها حينما تنقسسل أدعيسسة الئمسسة‪ ،‬ومناجسساتهم للسسه‬
‫سبحانه‪ ،‬وتضسرعهم بالسستكانة إليسه‪ ،‬وإخلص السدعاء لسه وحسده‪ ،‬وإظهسار‬
‫الضعف والفتقار إليه سبحانه‪ ،‬مما يكشسسف باطسسل الشسسيعة‪ ،‬ويسسبين أن مسسا‬
‫تفعله في مزاراتها‪ ،‬وتدعو إليه في رواياتها ليس من هدي الئمة‪.‬‬

‫‪285‬‬
‫فهذا جعفر الصادق كان من دعائه كما تعترف كتب الشيعة‪" :‬الّلهم إّني‬
‫أصبحت ل أملك لنفسي ضّرا ول نفًعا ول حياة ول موًتا ول نشوًرا‪ ،‬قسسد ذ ّ‬
‫ل‬
‫مصرعي‪ ،‬واستكان مضجعي‪ ،‬وظهر ضري‪ ،‬وانقطع عذري‪ ،‬وقسسل ناصسري‪،‬‬
‫ي‪ ،‬وظهسسور براهينسسك‬ ‫وأسلمني أهلي ووالدي وولدي بعسسد قيسسام حجتسسك عل س ّ‬
‫عندي‪ ،‬ووضوح أدلتك لي‪.‬‬
‫اللهم وقد‪ ..‬أعيت الحيل‪ ،‬وتغلقت الطرق‪ ،‬وضاقت المسسذاهب‪ ،‬ودرسسست‬
‫رجاء إل من جهتسسك‪] "..‬بحسسار النسسوار‪ ،86/318 :‬مهسسج‬ ‫المال إل منك‪ ،‬وانقطع ال ّ‬
‫الّدعوات ص ‪.[.216‬‬
‫هذا ما يجأر به جعفر ويلجأ به إلى الله فهو ل يملك شسسيًئا مسسن النفسسع‪ ،‬أو‬
‫الضر لنفسه فكيف لغيره‪ ،‬وإذا كان ذلك في حياته فهو بعد موته أعجز‪.‬‬
‫وكثير من الئمة نقل عنهم أمثال هذه الدعوات ]انظر – مثل ً ‪ :-‬بسساب الدعيسسة‬
‫ضا‪ :‬باب أدعيسسة المناجسساة فسسي الجسسزء ‪94‬‬
‫والذكار من البحار‪ 86/240 :‬وما بعدها‪ ،‬وانظر أي ً‬
‫ص ‪ 89‬وما بعدها‪.[.‬‬
‫كما تنقل كتب الشيعة أن أمير المؤمنين علًيا صور حالته في القبر في‬
‫مناجاته لربه فقال‪" :‬إلهي كأني بنفسي قد أضجعت في حقرتها‪ ،‬وانصرف‬
‫عنها المشيعون من جيرتها‪ ..‬ولم يخف على الناظرين ضّر فاقتها‪ ..‬قد‬
‫توسدت الثرى وعجز حيلتها‪] "..‬بحار النوار‪ .[.94-94/93 :‬فليس له حيلة في‬
‫نفسه إل برحمة من الله وفضل‪ ،‬فكيف يطلب منه في قبره الشفاعة‬
‫والغفران وينسى ذو الرحمة الواسعة والفضل العظيم‪.‬‬
‫والحسين لم يستطع أن يدفع عن نفسه القتل فكيف يطلسسب منسسه مسسا ل‬
‫يقدر عليه إل الله؟!‬
‫وقد نقلت كتب الشيعة أن النبي صلى الله عليه وسلم كسسان يعسسوذه هسسو‬
‫والحسن بهذه العوذة وهو هذا الدعاء‪ :‬بسسسم اللسسه الرحمسسن الرحيسسم‪ :‬أعيسسذ‬
‫نفسي ودينسسي وأهلسسي ومسسالي وولسسدي وخسسواتيم عملسسي‪ ،‬ومسسا رزقنسسي ربسسي‬
‫وخولني بعزة ربي وعظمة الله‪ ..‬إلخ ]بحار النسسوار‪ ،94/264 :‬مهسسج السسدعوات‪ :‬ص‬
‫‪ [.13‬فهو أضعف من أن يقي نفسه شر ما يصيبها إل بحفظ الله‪ ،‬فإذا كان‬
‫ذلك في حياته فهو بعد موته أعجسسز‪ ،‬واللسسه سسسبحانه لسسم يجعسسل بينسسه وبيسسن‬
‫خلقه واسطة إل الرسل للبلغ والبيان‪.‬‬

‫المبحث الرابع‬
‫قولهم‪ :‬إن المام ُيحّرم ما يشاء وُيح ّ‬
‫ل ما يشاء‬
‫من أصول التوحيد اليمان بأن الله سبحانه هو المشرع وحسسده سسسبحانه‪،‬‬
‫يحل ما يشاء ويحرم ما يشاء‪ ،‬ل شريك له في ذلك‪ ،‬ورسسسل اللسسه يبلغسسون‬
‫ما يحل ما يشسساء ويحسسرم مسسا يشسساء‬ ‫شرع الله لعباده‪ ،‬ومن ادعى أن له إما ً‬
‫َ‬
‫ن‬
‫مق َ‬ ‫هققم ّ‬‫عوا ل َ ُ‬
‫ش قَر ُ‬ ‫شَر َ‬
‫كاء َ‬ ‫م ُ‬ ‫م لَ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫فهو داخسسل فسسي قسسوله سسسبحانه‪} :‬أ ْ‬
‫ه{ ]الشورى‪ ،‬آية‪ [.21:‬فأشرك مع الله غيره‪.‬‬ ‫ه الل ّ ُ‬ ‫م ي َأ ْ َ‬
‫ذن ب ِ ِ‬ ‫ما ل َ ْ‬
‫ن َ‬
‫دي ِ‬
‫ال ّ‬
‫دا وعلي ّسسا‬
‫م ً‬‫والشيعة تزعم في رواياتهم أن الله سبحانه وتعالى "خلق مح ّ‬
‫وفاطمة فمكثوا ألف دهر ثم خلق جميع الشياء فأشهدهم خلقهسسا وأجسسرى‬

‫‪286‬‬
‫وض أمورهم إليها‪ ،‬فهم يحّلون ما يشاءون ويحّرمون مسسا‬ ‫طاعتهم عليها وف ّ‬
‫يشاءون" ]أصول الكافي‪ ،1/441 :‬بحار النوار‪.[.25/340 :‬‬
‫وقد بين شيخهم المجلسسسي بعسسض فقسسرات هسسذا النسسص فقسسال‪" :‬وأجسسرى‬
‫طسساعتهم عليهسسا‪ ،‬أي أوجسسب وألسسزم علسسى جميسسع الشسسياء طسساعتهم حسستى‬
‫شجر وتسبيح‬ ‫سماوّيات والرضّيات‪ ،‬كشقّ القمر وإقبال ال ّ‬ ‫الجمادات من ال ّ‬
‫وض أمورها إليهم من الّتحليل والّتحريم‬ ‫ما ل يحصي‪ ،‬وف ّ‬ ‫الحصى وأمثالها م ّ‬
‫والعطاء والمنع‪] "..‬بحار النوار‪ .[.342-341 /25 :‬ثم بين أن ظاهر هذا النسسص‬
‫يدل على تفويض الحكام "أحكام التحليل والتحريم إليهم"‪.‬‬
‫وجاءت الرواية عندهم صريحة بهذا فيما ذكره المفيسسد فسسي الختصسساص‪،‬‬
‫والمجلسي في البحار وغيرهم عن أبي جعفر قال‪" :‬مسسن أحللنسسا لسسه شسسيًئا‬
‫دولة السلمّية‪ ،‬مسسا‬ ‫ظالمون في معتقدهم هم خلفاء ال ّ‬ ‫أصابه من أعمال ال ّ‬
‫ظالمين ]ال ّ‬
‫متهم لسسم يتول ّسسوا الخلفسسة‬
‫ن بقّية أئ ّ‬
‫عدا أمير المؤمنين علّيا وابنه الحسن رضي الله عنهما؛ ل ّ‬
‫ل خليفة من غيرهم هو ظالم غاصب لحقّ الئّمة على حد ّ زعمهم‪ [.‬فهو‬ ‫دا‪ ،‬وك ّ‬
‫ما واح ً‬
‫ول يو ً‬
‫حلل لن الئمة منا مفوض إليهم‪ ،‬فما أحلوا فهسسو حلل‪ ،‬ومسسا حرمسسوا فهسسو‬
‫حسسرام" ]الختصسساص‪ :‬ص ‪ ،330‬بحسسار النسسوار‪ ،25/334 :‬وانظسسر‪ :‬بصسسائر السسدرجات‪ :‬ص‬
‫‪.[.113‬‬
‫هكذا يصرحون بأن للئمة حق التشريع والتحليسسل والتحريسسم فمسسا أحلسسوه‬
‫من بين مال المسلمين فهو حلل‪ ،‬وما حرموه فهو حرام‪ ...‬فجعسسل هسسؤلء‬
‫من أئمتهم أرباًبا من دون الله‪ ،‬لن جعلهم جهة تحريم وتحليل وتشريع هو‬
‫شرك في توحيد الربوبية‪ ،‬لن الحاكميسسة والتشسسريع للسسه‪ ،‬كمسسا أن طسساعتهم‬
‫في تشريعهم المخالف لشريعة رب العالمين‪ ،‬والتي قد تنسسسخ أو تقيسسد أو‬
‫تخصص ما جاء به خاتم النبيين ]انظر‪ :‬ما سلف حسسول هسذا الموضسسوع ص‪ 144:‬ومسا‬
‫بعسسدها‪ [.‬هو عبوديسسة لهسسم مسسن دون اللسسه‪ ..‬وحسسق التشسسريع ل يملكهسسا إل رب‬
‫العباد‪ ،‬والرسل عليهم الصلة والسلم إنما هم مبلغون عن الله سبحانه ل‬
‫يحرمون ول يحلون إل ما يأمرهم الله به‪ ،‬ويوحيه إليهم‪.‬‬
‫وقد قال الله جل شأنه فيمن اتبع مشايخه فيما يحلسسون ويحرمسسون مسسن‬
‫َ‬
‫م‬‫ه ْ‬
‫هب َققان َ ُ‬
‫وُر ْ‬
‫م َ‬
‫ه ْ‬ ‫ذوا ْ أ ْ‬
‫حب َققاَر ُ‬ ‫خ ُ‬
‫دون شرع الله وحكمسسه قسسال سسسبحانه‪} :‬ات ّ َ‬
‫َ‬
‫ه{ ]التوبة‪ ،‬آية‪ [.31:‬فجعل سبحانه اتباعهم فيما يحلون‬ ‫ن الل ّ ِ‬
‫دو ِ‬
‫من ُ‬
‫أْرَباًبا ّ‬
‫من الحرام‪ ،‬ويحرمون من الحلل ‪ -‬كما جاء في تفسير الية ]انظسسر‪ :‬تفسسسير‬
‫الطبري‪ ،114-10/113 :‬تفسير ابن كثير‪ .374-2/373 :‬وقد جسساء فسسي أصسسول الكسسافي مسسا‬
‫يقر بهذا في تأويل الية‪ ،‬حيث قال أبو عبد الله‪" :‬أما والله ما دعوهم إلى عبسسادة أنفسسسهم‪،‬‬
‫ما‪ ،‬وحرموا عليهم حلل ً من حيث ل يشعرون"‬ ‫ولو دعوهم ما أجابوهم‪ ،‬ولكن أحلوا لهم حرا ً‬
‫)أصول الكافي‪ ،1/53 :‬ومثله في‪ :‬مجمع البيان للطبرسي‪ ،49-3/48 :‬والبرهان للبحراني‪:‬‬
‫‪ ،121-2/120‬وتفسسسير الصسسافي للكاشسساني‪ -[.(2/336 :‬عبسسادة لهسسم‪ ،‬حيسسث "تلقسسوا‬
‫الحلل والحرام من جهتهم وهو أمر ل يتلقى إل من جهسة اللسسه عسسز وجسسل"‬
‫]ابن عطية‪ /‬المحرر الوجيز‪.[.8/166 :‬‬
‫وقد شابه اعتقاد الشيعة في أئمتهسسم ومشسسايخهم اعتقسساد النصسسارى فسسي‬
‫رؤسائهم؛ فالجميع اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباًبا من دون الله سبحانه‪.‬‬

‫‪287‬‬
‫والشيعة حينما اعتقدت في أئمتها أنهم جهة تشريع أكملت ذلك بدعواها‬
‫أن الناس جميًعا عبيسسد للئمسسة لتتضسسح صسسورة الشسسرك أكسسثر‪ .‬قسسال الرضسسا‪:‬‬
‫ل لنا في الدين فليبلسسغ الشسساهد الغسسائب"‬ ‫"الناس عبيد لنا في الطاعة‪ ،‬موا ٍ‬
‫]المفيد‪ /‬المالي ص ‪ ،48‬بحار النوار‪.[.25/279 :‬‬
‫َ‬
‫ب‬‫ه ال ْك ِت َققا َ‬
‫ه الل ّق ُ‬ ‫ر أن ي ُق ْ‬
‫ؤت ِي َ ُ‬ ‫شق ٍ‬‫ن ل ِب َ َ‬ ‫ما َ‬
‫كا َ‬ ‫مع أن الله سبحانه يقول‪َ } :‬‬
‫ه{‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫دو ِ‬‫من ُ‬ ‫دا ّلي ِ‬ ‫عَبا ً‬ ‫كوُنوا ْ ِ‬ ‫س ُ‬ ‫م يَ ُ‬
‫قو َ‬
‫ل ِللّنا ِ‬ ‫وةَ ث ُ ّ‬
‫والن ّب ُ ّ‬
‫م َ‬ ‫وال ْ ُ‬
‫حك ْ َ‬ ‫َ‬
‫]آل عمران‪ ،‬آية‪.[.79:‬‬
‫فالناس جميًعا عبيد لله وحده ل لحد سواه‪ ،‬ولو كان من عباد الله‬
‫المرسلين الذين آتاهم الله الكتاب والحكم والنبوة‪ ،‬فكيف بأئمة الشيعة‪،‬‬
‫أو من تدعي فيه المامة‪.‬‬
‫وبما أن الئمسسة – حسسسب اعتقسساد الشسسيعة – جهسسة تحليسسل وتحريسسم‪ ،‬جهسسة‬
‫تحليل وتحريم‪ ،‬فإن لهم الخيار في أن يبينوا للنسساس أمسسر الحلل والحسسرام‬
‫وأن يكتموا‪.‬‬
‫جاء في الكافي وغيره‪" :‬عن معلى بن محمد عن الوشسساء قسسال‪ :‬سسسألت‬
‫ر ِإن‬‫ل الذّك ْ ِ‬ ‫سأ َُلوا ْ أ َ ْ‬
‫ه َ‬ ‫فا ْ‬‫الرضا رضي الله عنه فقلت له‪ :‬جعلت فداك } َ‬
‫ن{ ]النحل‪ ،‬آية‪ ،43:‬النبيسساء‪ ،‬آيسسة‪ [.7:‬فقال‪ :‬نحسسن أهسسل السسذكر‪،‬‬‫مو َ‬‫عل َ ُ‬
‫م ل َ تَ ْ‬ ‫ُ‬
‫كنت ُ ْ‬
‫ونحن المسؤولون‪ ،‬قلت‪ :‬فأنتم المسؤولون ونحن السسائلون؟ قسال‪ :‬نعسسم‪،‬‬
‫قسسا عليكسسم أن تجيبونسسا؟‬ ‫قا علينا أن نسألكم؟ قسسال‪ :‬نعسسم‪ ،‬قلسست‪ :‬ح ً‬ ‫قلت‪ :‬ح ً‬
‫قال‪ :‬ل‪ ،‬ذاك إلينا إن شئنا فعلنا وإن شئنا لم نفعل" ]أصسسول الكسسافي‪-1/210 :‬‬
‫‪ ،211‬تفسسسير القمسسي‪ ،2/68 :‬بحسسار النسسوار‪ .[.23/174 :‬وفي هسسذا المعنسسى روايسسات‬
‫كثيرة عندهم ]انظر‪ :‬أصول الكافي‪ ،‬باب أن أهل الذكر الذين أمر الله الخلسسق بسسسؤالهم‬
‫هم الئمة عليهم السلم‪ ،212-1/210 :‬بحار النوار‪ ،‬باب أنهم عليهم السسسلم السسذكر وأهسسل‬
‫الذكر وأنهم المسؤولون‪ ،‬وأنه فرض على شسيعتهم المسسألة ولسم يفسرض عليهسم الجسواب‪:‬‬
‫‪ ،188-23/172‬وانظسسر‪ :‬تفسسسير العياشسسي‪ ،2/261 :‬قسسرب السسسناد للحميسسري ص ‪،152‬‬
‫‪.[.153‬‬
‫مع أن هذا لم يكن لرسول الهدى صلى الله عليه وسلم أفضسسل الرسسسل‬
‫ل‬ ‫مققا ن ُقّز َ‬ ‫س َ‬ ‫ِ‬ ‫ن ِللن ّققا‬‫ك القذّك َْر ل ِت ُب َي ّق َ‬ ‫وَأنَزل َْنا إ ِل َي ْق َ‬ ‫أجمعين‪ .‬قال تعالى‪َ } :‬‬
‫ل‬‫ز َ‬ ‫ُ‬ ‫ل ب َل ّ ْ‬ ‫سو ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مققا أن ق ِ‬ ‫غ َ‬ ‫ها الّر ُ‬ ‫م{ ]النحل‪ ،‬آية‪ ،[.44:‬وقال تعالى‪َ} :‬يا أي ّ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫إ ِلي ْ ِ‬
‫ه{ ]المائدة‪ ،‬آية‪.[.67 :‬‬ ‫سال َت َ ُ‬‫ر َ‬ ‫ت ِ‬ ‫غ َ‬ ‫ما ب َل ّ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫ل َ‬ ‫ع ْ‬‫ف َ‬ ‫م تَ ْ‬ ‫وِإن ل ّ ْ‬ ‫ك َ‬ ‫من ّرب ّ َ‬ ‫ك ِ‬ ‫إ ِل َي ْ َ‬
‫وقد جاء الوعيد الشديد لمن كتم ما أنزل الله من الهسسدى والحسسق‪ ،‬قسسال‬
‫َ‬
‫د‬
‫عق ِ‬ ‫من ب َ ْ‬ ‫دى ِ‬ ‫ه َ‬ ‫وال ْ ُ‬‫ت َ‬ ‫ن ال ْب َي َّنا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ما أنَزل َْنا ِ‬ ‫ن َ‬ ‫مو َ‬ ‫ن ي َك ْت ُ ُ‬
‫ذي َ‬‫ن ال ّ ِ‬ ‫تعالى‪} :‬إ ِ ّ‬
‫م‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ب أولق قئ ِ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫هق ُ‬ ‫عن ُ ُ‬ ‫وي َل َ‬
‫ه َ‬ ‫م الل ق ُ‬ ‫هق ُ‬ ‫عن ُ ُ‬
‫ك َيل َ‬ ‫فققي الك ِت َققا ِ‬ ‫س ِ‬ ‫مققا ب َي ّن ّققاهُ ِللن ّققا ِ‬ ‫َ‬
‫ن{ ]البقرة‪ :‬آية‪.[.159:‬‬ ‫عُنو َ‬ ‫الل ِ‬
‫وقد ورد في الحديث المروي من طرق متعسسددة عسسن النسسبي صسسلى اللسسه‬
‫عليه وسلم أنه قال‪" :‬من سئل عن علم ثم كتمه ألجم يوم القيامة بلجسسام‬
‫من نار" ]أخرجه أحمد‪،2/263 :‬س ‪،305‬س ‪،344‬س ‪،353‬س ‪،495‬س ‪،499‬س ‪ ،508‬وأبو داود في‬
‫العلم‪ ،‬باب كراهية منع العلم‪ ،(3658) 4/67 :‬والترمذي في العلم‪ ،‬باب ما جاء في كتمان‬
‫العلم‪ ،(2649) 5/29 :‬وقال الترمذي‪ :‬حديث حسن‪ ،‬وأخرجه ابن ماجه في المقدمة‪ ،‬باب‬
‫من سئل عن علم فكتمه‪ ،(261) 1/96 :‬والحاكم‪ ،1/101 :‬وصححه ووافقه الذهبي‪ ،‬وابن‬

‫‪288‬‬
‫حبان‪ .[.1/260 :‬فهل بيان ما يحتاج النسساس إليسسه مسسن الحسسق والهسسدى خاضسسع‬
‫للرادات والمزاج والهوى حتى يقال‪" :‬ليس علينسا الجسواب إن شسئنا أجبنسا‬
‫وإن شئنا أمسكنا" ]أصول الكافي‪[.1/212 :‬؟!‬
‫ولن البيان والتعليم خاضع لرادة أئمة الشيعة‪ ،‬فقد ظل الشيعة – كمسسا‬
‫تقول أخبارهم – "ل يعرفون مناسك حجهم وحللهم وحرامهسسم حسستى كسسان‬
‫أبسسو جعفسسر )محمسسد البسساقر( ففتسسح لهسسم‪ ،‬وبيسسن مناسسسك حجهسسم وحللهسسم‬
‫وحرامهم" ]أصول الكافي‪.[.2/20 :‬‬
‫"ولم يكتف الشيعة بذلك بل زعموا أن لئمتهسسم "حسسق" إضسسلل النسساس‪،‬‬
‫وإجابتهم بالجوبة المختلفة المتناقضة‪ ،‬لنه قد فوض إليهم ذلك‪ .‬جساء فسسي‬
‫الختصاص للمفيد عن موسى بن أشيم قال‪ :‬دخلسست علسسى أبسسي عبسسد اللسسه‬
‫فسألته عن مسألة فأجابني فيها بجواب‪ ،‬فأنا جالس إذ دخل رجل فسسسأله‬
‫عنها بعينها فأجابه بخلف ما أجابني وخلف ما أجاب به صاحبي‪ ،‬ففزعسست‬
‫ي وقسسال‪ :‬يسسا ابسسن أشسسيم إن‬ ‫ي‪ ،‬فلما خرج القوم نظر إل ّ‬ ‫من ذلك وعظم عل ّ‬
‫ك‬‫سقق ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ؤَنا َ‬
‫طا ُ‬‫ع َ‬ ‫ه َ‬
‫م ِ‬‫وأ ْ‬‫نأ ْ‬ ‫من ُ ْ‬
‫فا ْ‬ ‫ذا َ‬ ‫الله فوض إلى داود أمر ملكه فقال‪َ } :‬‬
‫ب{ ]سورة ص‪ ،‬آيسسة‪ ،[.39 :‬وفوض إلسسى محمسسد صسسلى اللسسه عليسسه‬ ‫سا ٍ‬
‫ح َ‬
‫ر ِ‬ ‫غي ْ ِ‬
‫بِ َ‬
‫ه‬
‫عن ْ ق ُ‬
‫م َ‬‫هاك ُ ْ‬‫ما ن َ َ‬
‫و َ‬ ‫ذوهُ َ‬‫خ ُ‬ ‫ل َ‬
‫ف ُ‬ ‫سو ُ‬ ‫ما آَتاك ُ ُ‬
‫م الّر ُ‬ ‫و َ‬
‫وسلم أمر دينه فقال‪َ } :‬‬
‫هوا{ ]الحشر‪ ،‬آية‪ ،[.7:‬وإن الله فوض إلى الئمة منسسا وإلينسسا مسسا فسسوض‬ ‫فانت َ ُ‬ ‫َ‬
‫إلى محمد صلى الله عليه وسلم فل تجسسزع" ]الختصسساص‪ :‬ص ‪ ،330-329‬بحسسار‬
‫النوار‪.[.23/185 :‬‬
‫وهكذا يفترون الكذب‪ ..‬فالئمة – كما تقول أخبارهم – هم المشسسرعون‪،‬‬
‫وأمر التحليل والتحريم بأيديهم‪ ،‬ولهسم حسق كتمسان مسا يحتساج النساس إليسه‬
‫حتى أركان السلم وأصوله إن شاءوا أجابوا الناس‪ ،‬وإن شاءوا منعسسوهم‪،‬‬
‫ولذلك ظل الشيعة في جهل في أمر الحج – كما يشهدون على أنفسهم –‬
‫إلى زمن الباقر؛ لنهم ل يأخذون مما رواه الصحابة عن رسول الله صسسلى‬
‫الله عليه وسسلم وإنمسا يأخسذون مسا جساء عسن الئمسة‪ ،‬والئمسة كتمسوا أمسر‬
‫المناسك عليهم‪.‬‬
‫وتستمر مسسسيرة الفسستراء بأيسسدي هسسؤلء القسسوم علسسى ديسسن اللسسه وكتسسابه‪،‬‬
‫ورسسسوله وأهسسل بيتسسه‪ ،‬وهسسم يتسسسترون علسسى هسسذه السسدعاوى المنكسسرة‪،‬‬
‫والتجاهات الكافرة بسدعوى التشسيع لل السبيت‪ ،‬فهسل هسؤلء شسيعة لعلسي‬
‫والحسن والحسين وعلسسي بسسن الحسسسين وهسسم يفسسترون عليهسسم‪ ..‬كسسل هسسذه‬
‫الفتراءات‪ ،‬ويرمونهم بأنهم لم يبينوا للناس أمر الحلل والحسسرام‪ ،‬والحسسج‪،‬‬
‫وأن من شرعتهم كتمان الحق‪ ،‬وإضلل الناس بالجوبة المتناقضة ؟!‬

‫المبحث الخامس‬
‫قولهم‪ :‬إن تراب قبر الحسين شفاء من كل داء‬
‫تقول الشيعة – مخالفة بذلك النقل والعقل‪ ،‬والطب والحكمة بأن تربسسة‬
‫الحسين هي الكفيلسسة لشسسفاء الدواء والسسسقام بشسستى أنواعهسسا وأشسسكالها‪،‬‬
‫وكأنهم بهذا اعتقدوا فيما ل ينفسسع بسسالحس والمشسساهدة‪ ،‬وبسسالطبع والعقسسل‪،‬‬

‫‪289‬‬
‫اعتقدوا فيه النفع‪ ،‬وزعموا أن الشفاء يتحقسسق مسسن تسسراب قسسبر ل مسسن رب‬
‫فل َ‬‫ضقّر َ‬ ‫ه بِ ُ‬ ‫ك الل ّق ُ‬‫س َ‬ ‫س ْ‬‫م َ‬‫وِإن ي َ ْ‬
‫الربسساب‪ ،‬مخسسالفين بسسذلك قسسول اللسسه‪َ } :‬‬
‫ض قطَّر‬ ‫َ‬
‫م ْ‬ ‫ب ال ْ ُ‬ ‫جي ق ُ‬‫من ي ُ ِ‬‫و{ ]يونس‪ ،‬آية‪ ،[.107:‬وقسسوله‪} :‬أ ّ‬ ‫ه إ ِل ّ ُ‬
‫ه َ‬ ‫ف لَ ُ‬‫ش َ‬ ‫كا ِ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫ضق ُ‬‫ر ْ‬‫م ِ‬ ‫ذا َ‬ ‫وإ ِ َ‬
‫ء{ ]النمسسل‪ ،‬آيسسة‪ ،[.62:‬وقسسوله‪َ } :‬‬ ‫سققو َ‬‫ف ال ّ‬
‫ش ُ‬ ‫وي َك ْ ِ‬
‫عاهُ َ‬ ‫ذا دَ َ‬ ‫إِ َ‬
‫ن{ ]الشعراء‪ ،‬آية‪.[.80:‬‬ ‫في ِ‬ ‫ش ِ‬‫و يَ ْ‬‫ه َ‬‫ف ُ‬ ‫َ‬
‫فهم باعتقادهم بهذا التراب الدواء والشفاء قد شسسابهوا المشسسركين فسسي‬
‫اعتقادهم بأحجارهم النفع والضر‪.‬‬
‫ولقد ذكر صاحب البحسسار مسسا يصسسل إلسسى ثلث وثمسسانين روايسسة عسسن تربسسة‬
‫ج ‪/101‬ص ‪ ،[.140-118‬فجعلت هذه‬ ‫الحسين وفضلها وآدابها وأحكامها ]انظر‪‍ :‬‬
‫ل داء ] جسساء فسسي أخبسسارهم‪.." :‬‬ ‫شافي من ك ّ‬ ‫الّروايات من هذه الّتربة البلسم ال ّ‬
‫ن رجسسل كسسثير العلسسل‬ ‫سسسلم ‪ :-‬إ ّ‬
‫عن الحارث بن المغيرة قال‪ :‬قلت لبي عبد اللسسه – عليسسه ال ّ‬
‫والمراض‪ ،‬وما تركت دواء إل تداويت به‪ ،‬فقال لي‪ :‬أين أنست عسن طيسن قسبر الحسسين بسن‬
‫طوسسسي‪ ،1/326 :‬وبحسسار‬ ‫ل خسسوف" )أمسالي ال ّ‬ ‫ل داء وأمن ًسسا نسسم كس ّ‬‫ن فيه شفاء من كس ّ‬ ‫علي فإ ّ‬
‫شسسيعة‪،10/415 :‬‬ ‫النوار‪ ،101/119 :‬وانظر شواهد أخرى في هذا المعنسسى فسسي‪ :‬وسسسائل ال ّ‬
‫ل خسسوف‪،‬‬ ‫كامسسل الّزيسسارات ص ‪،278‬سس ‪ 285‬وغيرهمسسا(‪ ،[.‬والحصن الحصين مسسن كس ّ‬
‫ول إلى صحيح‪ ،‬كأن لم يكن به بأس ]وقد اخترعسسا‬ ‫يشرب منها المريض فيتح ّ‬
‫ذر‬‫صة مرضه‪ ،‬وتع ّ‬ ‫ل واحد من أصحاب هذه الحكايات يسوق ق ّ‬ ‫في ذلك حكايات وأساطير‪ ،‬ك ّ‬
‫ّ‬
‫شفائه‪ ،‬وما إن يأكل من طين الحسين حتى ينهض كأن لم يكن به علة‪ .‬يقسسول أحسسدهم فسسي‬
‫شراب في جوفي فكأّنما نشطت مسسن عقسسال"‪) .‬بحسسار النسسوار‪:‬‬ ‫ما استقر ال ّ‬
‫نهاية حكايته‪" :‬فل ّ‬
‫طفسسل فتكسسون مسسأمنه‬ ‫‪ ،121-120 /101‬كامل الّزيارات‪ :‬ص ‪ .[.(275‬ويحّنك بها ال ّ‬
‫من الخطار ]قال أبسو عبسد اللسسه‪" :‬حّنكسوا أولدكسم بتربسسة الحسسين فسإّنه أمسان"‪) .‬كامسل‬
‫الّزيارات ص ‪ ،278‬بحار النوار‪ ،[.(101/124 :‬وتوضع مع المّيت فسسي قسسبره لتقيسسه‬
‫من العذاب ]انظسسر‪ :‬مبحسسث اعتقسسادهم فسسي اليسسوم الخسسر‪ :‬ص)‪ ،[.(631‬ويمسسك بهسا‬
‫الّرجل يعبث بها ساهًيا يقّلبها فيكتب له أجسسر المسسّبحين‪ ،‬لّنهسسا تسسّبح بيسسد‬
‫مسسد الحميسسري‬ ‫بح ]جاء في تهسسذيب الحكسسام لل ّ‬
‫طوسسسي "عسسن مح ّ‬ ‫الّرجل من غير أن يس ّ‬
‫قال‪ :‬كتبت إلى الفقيه )إمامهم المنتظر( أسأله هل يجسسوز أن يس سّبح الّرجسسل بطيسسن القسسبر؟‬
‫وهل فيه فضل؟ فأجاب‪ ،‬وقرأت الّتوقيع ومنه نسخت‪ :‬تسّبح به فما من شيء من الّتسسسبيح‬
‫سبحة تكتسسب لسسه ذلسسك الّتسسسبيح"‬ ‫مسّبح ينسى الّتسبيح ويدير ال ّ‬‫ن ال ُ‬
‫أفضل منه‪ ،‬ومن فضله أ ّ‬
‫)تهذيب الحكام‪ ،6/75 /‬بحار النوار‪ .(133-132 /101 :‬وفسسي روايسسة أخسسرى عنسسدهم‪" :‬إذا‬
‫ل حّبة أربعون حسنة‪ ،‬وإذا قّلبها ساهًيا يعبسسث بهسسا كتسسب اللسسه لسسه‬‫قلبها ذاكًرا الله كتب له بك ّ‬
‫عشرين حسنة" )تهذيب الحكام ‪ ،6/75‬بحار النوار ‪.[.(132 /101‬‬
‫ل داء‪،‬‬‫دي الحسسسين رضسسي اللسسه عنسسه شسسفاء مسسن كس ّ‬ ‫ن الله جعل تربة ج ّ‬ ‫إ ّ‬
‫ل خسوف‪ ،‬فسإذا تناولهسا أحسدكم فليقّبلهسا ويعضسها علسى عينسه‬ ‫وأماًنا مسن كس ّ‬
‫م بحقّ هذه الّتربة وبحقّ مسسن ح س ّ‬
‫ل‬ ‫وليمّرها على سائر جسده وليقل‪" :‬الّله ّ‬
‫طوسي‪ ،1/326 :‬بحار النوار‪.[.101/119 :‬‬ ‫بها وثوى فيها‪ ..‬إلخ" ]أمالي ال ّ‬
‫وما أن يحس الشيعي بألم المرض وشدته حتى يتجه إلى طينة الضسسريح‬
‫وعليه أن يختار الوقت المناسب‪ ،‬فيتجه إليه – كما تقسسول أخبسسارهم – فسسي‬
‫جنح الليل البهيم وليكن في آخره‪ ،‬ويغتسل ويلبس أطهر ثيابه‪ ،‬وإذا وصسسل‬
‫فليقف عند الرأس ويصلي‪ ،‬وإذا فرغ من صلته سجد سجدة طويلة يكسسرر‬
‫فيها كلمة واحدة ألف مرة‪ ،‬هذه الكلمة هسسي "شسسكًرا"‪ ،‬ثسسم يقسسوم ويتعلسسق‬
‫بالضريح ويقول‪" :‬يا مولي يا ابن رسول الله إنسي آخسذ مسن تربتسك بإذنسك‬
‫‪290‬‬
‫اللهم فاجعلها شفاء من كل داء‪ ،‬وعًزا من كل ذل‪ ،‬وأمًنا مسسن كسسل خسسوف‪،‬‬
‫ى من كل فقر‪] "..‬بحار النوار‪ ،101/37 :‬وقسد نقسل ذلسك عسن مصسباح السزائر ص‬ ‫وغن ً‬
‫‪.[.136‬‬
‫ثسسم بعسسد ذلسسك يأخسسذ مسسن الطينسسة "بثلث أصسسابع ثلث قبضسسات" وتوصسسيه‬
‫الرواية بأن يجعل ذلك في خرقة نظيفة ويختمها بخاتم فصسسه عقيسسق‪ ..‬ثسسم‬
‫يستعمل منها وقت الحاجة مثل الحمصة فإنه يشفي ]بحسسار النسسوار‪،101/37 :‬‬
‫وقد نقل ذلك عن مصباح الزائر ص ‪.[.136‬‬
‫وتزيد رواية أخرى بأن عليه أن يتباكى ويقول‪" :‬بسم الله وبسسالله وبحسسق‬
‫هذه التربة المباركة‪ ،‬وبحق الوصي الذي تواريه وبحسسق جسسده وأبيسسه‪ ،‬وأمسسه‬
‫وأخيسسه‪ ،‬وبحسسق أولده الصسسادقين‪ ،‬وبحسسق الملئكسسة المقيميسسن عنسسد قسسبره‬
‫ل عليهم أجمعين‪ ،‬واجعل لي ولهلي وولسسدي وإخسسوتي‬ ‫ينتظرون نصرته‪ ،‬ص ّ‬
‫وأخواتي فيه الشفاء من كل داء‪] "..‬بحار النوار‪.[.101/138 :‬‬
‫وتتحدث بعض الروايات عن طرق أخرى للستشفاء بها فتقول‪ :‬قال أبو‬
‫عبد الله‪ :‬إن الله جعل تربة جدي الحسين رضي الله عنه شسسفاء مسسن كسسل‬
‫داء‪ ،‬وأماًنا من كل خوف‪ ،‬فإذا تناولها أحدكم فليقبلهسسا ويضسسعها علسسى عنسسه‬
‫وليمرها على سائر جسده وليقل‪" :‬اللهم بحق هذه التربة وبحق مسسن حسسل‬
‫بها وثوى فيها‪ ..‬إلخ" ]أمالي الطوسي‪ ،1/326 :‬بحار النوار‪.[.101/119 :‬‬
‫وتذكر رواية أخرى طريقسسة تناولهسسا ببيسسان المقسسدار والصسسفة‪ ،‬حيسسث قسسال‬
‫جعفرهم – حينما سئل عن كيفية تناولها ‪" :-‬إذا تناول الّتربة أحدكم فليأخذ‬
‫مصسسة فليقّبلهسسا وليضسسعها علسسى عينسسه‪"..‬‬ ‫بأطراف أصسسابعه وقسسدره مثسسل الح ّ‬
‫]مكسسارم الخلق ص ‪) 189‬ط‪ :‬إيسسران ‪‍1376‬ه(‪ ،‬بحسسار النسسوار‪ [.101/120 :‬فهسسذا هسسو‬
‫المستشفى المتنقل مع كل شيعي‪.‬‬
‫ضا‪ ،‬ومن تعلق بشيء وكل إليه‪،‬‬ ‫ويبدو أن هذه الطينة زادت مرضهم مر ً‬
‫ولهذا شكا بعض الشيعة لمامه ما يجده من ضعف القدرة‪ ،‬فعزاه إمامه‬
‫بقوله‪" :‬كذلك جعل الله أولياءنا وأهل مودتنا وجعل البلء إليهم سريًعا"‬
‫]كامل الزيارات ص ‪ ،275‬بحار النوار‪.[.101/121 :‬‬
‫هذا وكما أن الشيعي يتجه حيسسن نسسزول المسسرض بسسه إلسسى صسسنمه والسسذي‬
‫ضا يلجأ إلى هذا الصنم وقسست الخسسوف ومداهمسسة‬ ‫يسميه "بالطينة"‪ ،‬فإنه أي ً‬
‫العدو‪ ،‬فيصسسطحبه معسسه فسسي ظسسروف الخسسوف‪ .‬يقسسول إمسسامهم‪" :‬إذا خفسست‬
‫ن مسسن منزلسسك إل ومعسسك مسسن طيسسن قسسبر‬ ‫سلطاًنا أو غير سلطان فل تخرج ّ‬
‫طوسسسي‪ ،1/325 :‬بحسسار النسسوار‪ [101/118 :‬وأمسسره أن يقسسول‪:‬‬ ‫الحسين" ]أمسسالي ال ّ‬
‫مسا‬
‫م إّني أخذته من قبر ولّيك وابن ولّيسك‪ ،‬فساجعله لسي أمًنسا وحسرًزا ل ِ َ‬ ‫"الّله ّ‬
‫طوسي‪ ،1/325 :‬بحار النوار‪.[.101/118 :‬‬ ‫أخاف وما ل أخاف" ]أمالي ال ّ‬
‫ول ينسى راوي هذه السطورة أن يذكر طائفته بأنه فعسسل ذلسسك فكسسانت‬
‫طوسسسي‪:‬‬ ‫له المان من كل ما خاف وما لم يخف ولسسم يسسر مكروهًسسا ]أمسسالي ال ّ‬
‫‪ ،1/325‬بحار النوار‪.[.101/118 :‬‬
‫وهذه الطينة هي أمل الحور العين‪ ،‬ولذلك فالحور كما تقول أساطيرهم‬
‫يطلبن من الملئكة حينما يهبطون إلى الرض أن تكون هداياهن من طين‬

‫‪291‬‬
‫قبر الحسين ]بحار النوار‪ ،101/134 :‬وقد نقل ذلك عن كتاب المسسزار الكسسبير لشسسيخهم‬
‫محمد المهدي‪ :‬ص ‪.[.119‬‬
‫جسسب‬ ‫ح ُ‬ ‫طينسسة بأّنهسسا "تخسسرق ال ُ‬ ‫سسسجود علسسى هسسذه ال ّ‬ ‫كما تصف روايسساتهم ال ّ‬
‫طوسي‪ :‬ص ‪ ،511‬بحار النوار‪.[.101/135 :‬‬ ‫جد لل ّ‬ ‫سبع" ]مصباح الّته ّ‬ ‫ال ّ‬
‫هذا جزء من دعاواهم حول طينة الحسين‪ ،‬وكأنهم فسسي اعتقسسادهم بهسسذه‬
‫الطينة فعلوا أكثر من المشركين الذين قالوا فسسي أصسسنامهم بأنهسسا تقربهسسم‬
‫إلى الله زلفى‪ ،‬فقد جعلوا لهذه الطينة خواص ل يقدر عليها إل رب العسسزة‬
‫جل عله‪ ،‬اتخذوها رًبا وإلًها مع الله سبحانه‪.‬‬
‫ودعوى الستشفاء بهذه الطينة منكر من القسسول وزور‪ ،‬وهسسي مسسن ديسسن‬
‫ل‬‫قَبقق َ‬ ‫فَلن ي ُ ْ‬ ‫سل َم ِ ِديًنا َ‬‫غي َْر ال ِ ْ‬ ‫غ َ‬ ‫من ي َب ْت َ ِ‬ ‫و َ‬‫الشيعة ل من دين السلم } َ‬
‫ن{ ]آل عمران‪ ،‬آية‪ ،[.85:‬وليسسس لهسسا‬ ‫ري َ‬ ‫س ِ‬ ‫خا ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬‫ة ِ‬ ‫خَر ِ‬‫في ال ِ‬ ‫و ِ‬ ‫ه َ‬
‫و ُ‬‫ه َ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ِ‬
‫ذكر في كتاب ربنا ول سنة نبينا‪ ،‬والله سبحانه بي ّسسن فسسي كتسسابه أن القسسرآن‬
‫فاء{‬ ‫شقق َ‬ ‫و ِ‬
‫دى َ‬ ‫ه ً‬‫مُنوا ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫و ل ِل ّ ِ‬‫ه َ‬ ‫ل ُ‬ ‫ق ْ‬ ‫العظيم شفاء لعباده المؤمنين } ُ‬
‫ة‬
‫مق ٌ‬‫ح َ‬ ‫وَر ْ‬ ‫فاء َ‬ ‫شق َ‬ ‫و ِ‬‫هق َ‬ ‫مققا ُ‬ ‫ن َ‬‫ق قْرآ ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫مق َ‬ ‫ل ِ‬ ‫ون ُن َ قّز ُ‬ ‫]فصسسلت‪ ،‬آيسسة‪َ } .[.44:‬‬
‫ن{ ]السراء‪ ،‬آية‪.[.82:‬‬ ‫مِني َ‬‫ؤ ِ‬‫م ْ‬ ‫ل ّل ْ ُ‬
‫وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم بينت من الدعيسسة والوراد السستي‬
‫فيها اللجوء إلى الله وحده ل إلى تراب ول صنم‪ ،‬بسسل ول ملسسك مقسسرب ول‬
‫نبي مرسل وإنما إلى الله وحده‪ ،‬ويتحقق بسببها – بإذنه تعسسالى – الحفسسظ‬
‫للمسلم والمان ]راجع كتب الذكار مثل‪ :‬الذكار للنووي‪ ،‬والكلم الطيب لشيخ السسسلم‬
‫ابن تيمية‪ ،‬والوابل الصيب لبن القيم‪ ،‬وتحفة الذاكرين للشوكاني وغيرها‪.[.‬‬
‫كما أن المسلم مأمور بالخذ بالسباب الطبيعية للشفاء‪..‬‬
‫أما أكل التراب فهو بدعة كبرى‪ ،‬وأضحوكة ليس لها مثيسسل إل فسسي ديسسن‬
‫هؤلء القوم‪.‬‬

‫المبحث السادس‬
‫دعاؤهم بالطلسم والرموز‪ ،‬واستغاثتهم بالمجهول‬
‫ومن ضللهم وشركهم دعاؤهم بالرموز والطلسسسم والحسسروف‪ ،‬واعتبسسار‬
‫ذلك من أحراز الئمة وأدعيتهسم وحجبهسم‪ ،‬فيكتبونهسا ويتمتمسون بهسا‪ ..‬مسن‬
‫أجل الشفاء‪ ،‬والسلمة‪ ،‬وقد جمع من ذلك المجلسي فأكثر‪ ،‬فقد أورد في‬
‫كتابه طائفة من اللفاظ التي ل معنى لهسسا‪ ،‬ووضسسع صسسور بعسسض الطلسسسم‬
‫برسم غريب في كتابه البحار على أن ذلك من هسسدي الئمسسة للشسسفاء ]مسسن‬
‫أمثلة تلك الطلسسم قسالوا‪ :‬حسرز لميسر المسؤمنين صسلوات اللسه عليسه للمسسحور‪ ،‬والتوابسع‬
‫)الجني يتبع النسان حيث ذهب( والمصروع والسم والسلطان والشيطان وجميع ما يخسسافه‬
‫النسسسان‪ ..‬وهسسذه كتسسابته‪ :‬بسسسم اللسسه الرحمسسن الرحيسسم‪ ،‬أي كنسسوش أي كنسسوش أرشسسش‬
‫عطنيطنيطح يا مطيطرون فريالسنون ما وما سساما طيطشسا لسوش خيطسوش‪ ...‬إلسسى آخسر‬
‫هذه الطلسم‪ ،‬ثم رسم رموًزا غريبة على شكل خطوط متداخلة‪) ...‬بحار النسسوار‪ :‬ص ‪193‬‬
‫ج ‪ .(94‬وتكر رسم مثل هذه الرموز في ص ‪ ،229‬وص ‪ 297 ،265‬من الجزء نفسه‪ .‬ومن‬ ‫‍‬
‫عوذات الئمة وأحرازهم باللفسساظ قسسولهم كمسسا يزعمسسون‪" :‬أعسسوذه بيسسا أهيسسا شسسراهيا‪ "..‬إلسسخ‬
‫)المصدر السابق‪.[.(94/222:‬‬

‫‪292‬‬
‫والحجية بالحروف التي ل معنى لها هي من عوذات الئمة كما يفسسترون‬
‫]ومن دعواتهم بالحروف‪" :‬اللهم بالعين والميم والفاء والحاءين بنور أبسسو الشسسباح‪ ..‬اكفنسسي‬
‫شر من دب ومشى‪ "..‬واعتبروا هذا من الحجب التي احتجب بها الئمة ممسسن أراد السسساءة‬
‫ماء‬ ‫َ‬ ‫ول ِل ّ ِ‬
‫سق َ‬
‫ه ال ْ‬ ‫إليهم )بحسسار النسسوار‪ .[.(373-94/372 :‬والله سسسبحانه يقسسول‪َ } :‬‬
‫ها{ ]العراف‪ ،‬آية‪ .[.180:‬وكتابة الحجبة والحروز بهذه‬ ‫عوهُ ب ِ َ‬ ‫سَنى َ‬
‫فادْ ُ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ح ْ‬
‫الطلسم والحروف هي من الشرك بالواحد القهار‪ ،‬لنهسسا دعسساء لغيسسر اللسسه‬
‫سبحانه لنها ليست من أسمائه سبحانه وصفاته‪ ،‬وأسماء الله سبحانه هي‬
‫ما ورد في الكتاب والسنة وهسسي توفيقيسسة ل يجسسوز أن نسسدعو اللسسه سسسبحانه‬
‫بغيرها‪.‬‬
‫كما أن هذه الطلسم ل معنى لها معروف‪ ،‬ولهذا قال المسسام الصسسغاني‪:‬‬
‫"وربما يكون التلفظ بتلك الكلمات كفًرا لنا ل نعرف معناها بالعربية‪ ،‬وقد‬
‫ء{ ]النعسسام‪ ،‬آيسسة‪.[.38:‬‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫من َ‬ ‫ب ِ‬ ‫في الك َِتا ِ‬ ‫فّرطَْنا ِ‬
‫ما َ‬ ‫قال الله تعالى‪ّ } :‬‬
‫وهو يقول‪" :‬آهيا شراهيا‪] "..‬موضوعات الصغاني‪ :‬ص ‪ [.63‬ثم ذكر أنه قد ضسسل‬
‫بهذه الدعوات المجهولت خلق كثير ]موضوعات الصغاني‪ :‬ص ‪.[.63‬‬
‫أما الستعانة بالمجهول فإنهم يستغيثون بسسه عنسسد الضسسلل فسسي الطريسسق‬
‫كما اسسستغاثوا مسسن قبسسل بسسالميت‪ ،‬والمعسسدوم – كمسسا سسسلف ‪ ،-‬و"السسستعانة‬
‫بالموات أو الغائبين عن نظر من استعان بهم من ملئكة أو جسسن أو إنسسس‬
‫في جلب نفع أو دفع ضر نوع مسن الشسرك الكسسبر السذي ل يغفسسره اللسه إل‬
‫لمن تاب منه؛ لن هذا النوع من الستعانة قرب وعبادة‪ ،‬وهسي ل تجسوز إل‬
‫لله خالصة لوجهه الكريم‪.‬‬
‫د‬
‫عب ُق ُ‬ ‫ومن أدلة ذلك ما علسسم اللسسه عبسساده أن يقولسسوه فسسي آيسسة‪} :‬إ ِّيا َ‬
‫ك نَ ْ‬
‫ن{ ]الفاتحة‪ ،‬آية‪ [.5:‬أي ل نعبد إل إيسساك ول نسسستعين إل بسسك‪،‬‬ ‫عي ُ‬
‫ست َ ِ‬
‫ك نَ ْ‬‫وإ ِّيا َ‬
‫ضى رب َ َ‬
‫ه{ ]السسسراء‪ ،‬آيسسة‪[.23:‬‬ ‫دوا ْ إ ِل ّ إ ِي ّققا ُ‬ ‫ك أل ّ ت َ ْ‬
‫عب ُق ُ‬ ‫َ ّ‬ ‫و َ‬
‫ق َ‬ ‫وقوله سبحانه‪َ } :‬‬
‫وغيرها" ]هذه فتوى للجنسسة الدائمسسة للبحسسوث العلميسسة والفتسساء‪ ،‬انظسسر‪ :‬جريسسدة الجزيسسرة‪،‬‬
‫ه‪ ،‬العسسدد )‪ ،(5272‬ركسسن السسدعوة والفتسساء‪ ،‬تحسست إشسسراف الرئاسسسة‬
‫الجمعة ‪ 6‬رجب ‪‍ 1407‬‬
‫العامة لدارات البحوث العلمية ص‪.[.8:‬‬
‫جاء في مصادرهم المعتمدة "عن أبي بصير عن أبي عبد اللسسه قسسال‪ :‬إذا‬
‫ضللت الطريق فناد‪ :‬يا صالح أو يا أبا صالح أرشدونا إلى الطريق يرحمكم‬
‫الله" ]ابسسن بسسابويه‪ /‬مسسن ل يحضسسره الفقيسسه‪ ،2/195 :‬السسبرقي‪ /‬المحاسسسن‪ :‬ص ‪) 362‬وفيسسه‬
‫أخطأتم الطريق(‪ ،‬وسائل الشيعة‪.[.8/325 :‬‬
‫قال ابن بابويه في باب‪ :‬دعاء الضسسال عسسن الطريسسق بعسسد ذكسسره للروايسسة‬
‫السالفة‪" :‬وروي أن البر موكل به صالح‪ ،‬والبحر موكل بسسه حمسسزة" ]مسسن ل‬
‫يحضره الفقيه‪ ،2/195 :‬المحاسن‪ :‬ص ‪ ،362‬وانظر‪ :‬وسائل الشيعة‪.[.8/325 :‬‬
‫ومن هو صالح أو حمزة؟ جاء ما يكشف عن هوية "صالح" في الخصسسال‬
‫لبن بابويه بإسناده عن علي في حديث الربعمائة قال‪" :‬ومن ضل منكسسم‬
‫في سفر وخاف على نفسه فليناد‪ :‬يا صالح أغثني‪ ،‬فإن في إخسسوانكم مسسن‬
‫الجن جنًيا يسمى صالح يسبح في البلد لمكانكم محتسًبا نفسه لكم‪ ،‬فسسإذا‬
‫سمع الصوت أجساب وأرشسد الضسال منكسم وحبسس عليسه دابتسه" ]الخصسسال‪:‬‬
‫‪ ،2/618‬وسائل الشيعة‪.[.8/325 :‬‬

‫‪293‬‬
‫وهذا ورثوه فيما يبدو عن أهل الجاهلية الولى‪ ،‬فهو من دينها‪ ،‬كما يسسدل‬
‫على ذلسسك قسسوله سسسبحانه‪َ } :‬‬
‫ن‬
‫ذو َ‬ ‫عققو ُ‬
‫س يَ ُ‬
‫لنق ِ‬
‫نا ِ‬ ‫مق َ‬‫ل ّ‬‫جققا ٌ‬‫ر َ‬
‫ن ِ‬‫ه ك َققا َ‬‫وأن ّ ُ‬
‫َ‬
‫هقا{ ]الجن‪ ،‬آية‪.[.6 :‬‬ ‫ً‬ ‫م َر َ‬ ‫ه ْ‬
‫دو ُ‬ ‫ن َ‬
‫فَزا ُ‬ ‫ج ّ‬‫ن ال ْ ِ‬‫م َ‬‫ل ّ‬‫جا ٍ‬
‫ر َ‬ ‫بِ ِ‬
‫قسسال أهسسل العلسسم‪" :‬كسسانت عسسادة العسسرب فسسي جاهليتهسسا إذا نزلسست مكان ًسسا‬
‫يعوذون بعظيم ذلك المكان أن يصيبهم بشيء يسوءهم‪ ،‬كما كسسان أحسسدهم‬
‫يدخل بلد أعدائه في جوار رجل كبير وذمامته وخفسسارته‪ ،‬فلمسسا رأت الجسسن‬
‫قسسا أي خوفًسسا وإرهاب ًسسا‬
‫أن النس يعوذون بهم من خوفهم منهسسم زادوهسسم ره ً‬
‫ذا بهسسم‪ ،‬كمسسا قسسال قتسسادة‬ ‫وذعًرا حتى بقسسوا أشسسد منهسسم مخافسسة وأكسسثر تعسسو ً‬
‫ما‪ ،‬وازدادت الجن عليهسسم بسسذلك جسسرأة‪ ...‬فسسإذا‬ ‫قا{ أي إث ً‬ ‫ه ً‬‫م َر َ‬‫ه ْ‬‫دو ُ‬
‫فَزا ُ‬‫} َ‬
‫عاذوا بهم من دون الله رهقتهسم الجسسن الذى عنسد ذلسك" ]تفسسسير ابسسن كسسثير‪:‬‬
‫‪ ،455-4/454‬وانظر‪ :‬تفسير الطبري ‪ ،29/108‬فتح القدير‪ ،5/305 :‬وقد جاء هذا المعنسسى‬
‫في كتب التفسير عند الشيعة‪ :‬انظر‪ :‬البرهان‪ ،4/391 :‬تفسير القمي )المصسسدر السسسابق(‪،‬‬
‫تفسير الصافي‪ ،235-5/234 :‬تفسير شبر ص ‪.[.535‬‬
‫فلمسسا جسساء السسسلم عسساذوا بسسالله وحسسده وتركسسوهم ]انظسسر‪ :‬تفسسسير الطسسبري‪:‬‬
‫‪ .[.29/109‬والستعاذة بالجن من الشسسرك‪ ،‬لنسسه اسسستعاذة بغيسسر اللسسه ]انظسسر‪:‬‬
‫كتاب التوحيد )مع شرح فتح المجيد(‪ ،‬باب من الشرك الستعاذة بغير الله ص ‪.[.175‬‬
‫ك‬‫ردْ َ‬
‫وِإن ُيق ِ‬ ‫و َ‬ ‫ه إ ِل ّ ُ‬
‫هق َ‬ ‫ف َلق ُ‬‫شق َ‬
‫كا ِ‬ ‫فل َ َ‬‫ضقّر َ‬ ‫ك الّلق ُ‬
‫ه بِ ُ‬ ‫سق َ‬‫س ْ‬ ‫م َ‬‫وِإن ي َ ْ‬
‫} َ‬
‫فققوُر‬ ‫غ ُ‬‫و ال ْ َ‬
‫ه َ‬‫و ُ‬‫ه َ‬‫عَباِد ِ‬
‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫شاء ِ‬‫من ي َ َ‬ ‫ه َ‬‫ب بِ ِ‬‫صي ُ‬
‫ه يُ َ‬‫ضل ِ ِ‬
‫ف ْ‬ ‫فل َ َرآدّ ل ِ َ‬‫ر َ‬‫خي ْ ٍ‬
‫بِ َ‬
‫م{ ]يونس‪ ،‬آية‪.[.107:‬‬ ‫حي ُ‬ ‫الّر ِ‬

‫المبحث السابع‬
‫استخارتهم بما يشبه أزلم الجاهلية‬
‫كانت العرب في جاهليتها إذا أراد أحدهم سفًرا أو غزًوا ونحو ذلك أجال‬
‫القداح وهي الزلم‪ ،‬وكانت عبارة عسسن قسسداح ثلثسسة‪ ،‬علسسى أحسسدها مكتسسوب‬
‫افعل‪ ،‬وعلى الخر ل تفعل‪ ،‬والثالث غفل ليس عليسسه شسسيء‪ ،‬ومسن النسساس‬
‫من قسسال‪ :‬مكتسسوب علسسى الواحسسد أمرنسسي ربسسي‪ ،‬وعلسسى الخسسر نهسساني ربسسي‪،‬‬
‫والثالث غفل ليس عليه شسسيء‪ ،‬فسسإذا أجالهسسا فطلسسع سسسهم المسسر فعلسسه‪ ،‬أو‬
‫النهي تركه‪ ،‬وإن طلسسع الفسسارغ أعسساد ]تفسسسير ابسسن كسسثير‪ ،2/12 :‬تفسسسير الطسسبري‪:‬‬
‫‪) 9/510‬ط‪ :‬المحققة(‪.[.‬‬
‫وقد ابتلي فئات مسسن النسساس بسسالزلم‪ ،‬كمسسا ابتلسسوا بالنصسساب‪ ،‬فالنصسساب‬
‫للشرك في العبادة والزلم للتكهن وطلب علم مسسا اسسستأثر اللسسه بسسه‪ ،‬هسسذا‬
‫للعلم وتلك للعمل ودين الله وشرعه مضاد لهذا وهذا‪.‬‬
‫وقد أدخلت طائفة الثني عشرية الستخارة بالزلم في دينها وأضسسافت‬
‫عليها بعسسض الضسسافات وسسسموها الرقسساع‪ .‬وعقسسد الحسسر العسساملي لهسسذا باب ًسسا‬
‫بعنوان "باب استحباب الستخارة بالرقاع وكيفيتها" ]وسسسائل الشسسيعة‪-5/208 :‬‬
‫‪ [.213‬وذكر في هسسذا البسساب جملسسة مسسن أحسساديثهم فسسي ذلسك بلغسست خمسسس‬
‫روايات‪ ،‬أما المجلسي فقد ذكر أنواع ًسسا مسسن السسستخارات تسسدخل فسسي هسسذا‬
‫المعنى في أبواب ثلثة وهي باب الستخارة بالرقساع ]بحسسار النسسوار‪-91/226 :‬‬

‫‪294‬‬
‫‪ ،[.234‬وبسسساب السسسستخارة بالبنسسسادق ]بحسسسار النسسسوار‪ ،[.240-91/235 :‬وبسسساب‬
‫الستخارة بالسبحة والحصى ]بحار النوار‪.[.251-91/247 :‬‬
‫وفي هذه الستخارات تذكر كتب الشيعة كيفية قسسد تختلسسف فسسي البدايسسة‬
‫عن طرق أهل الجاهلية حيث الصسسلة والسدعاء‪ ،‬وهسي صسسلة علسى طريقسة‬
‫مبتدعسسة‪ ،‬ثسم دعسساء معيسن ولكنهسسا تنتهسي بمسا يشسبه عمسل الجاهليسسة حيسسث‬
‫استكشاف ما هو خيسر عسن طريسق تحريسك السسبحة‪ ،‬أو كتساب افعسل أو ل‬
‫تفعل في رقاع معينة واختبار ذلك عدة مرات‪.‬‬
‫ومسسن أمثلسسة ذلسسك مسسا جسساء عنسسد الكلينسسي ]الفسسروع مسسن الكسسافي‪،[.1/131 :‬‬
‫والطوسي ]التهذيب‪ ،[.1/306 :‬والحر العاملي ]وسائل الشسسيعة‪ [.5/208 :‬وغيهسسم‬
‫]انظر‪ :‬المقنعة ص ‪ ،36‬المصباح ص ‪ [.372‬عن هارون بن خارجسسة عسسن أبسسي عبسسد‬
‫الله عليه السلم قال‪ :‬إذا أردت أمسًرا فخسسذ سسست رقسساع فسساكتب فسسي ثلث‬
‫منها‪ » :‬بسم الله الرحمن الرحيم خيرة من الله العزيز الحكيسسم لفلن بسسن‬
‫م{ ]الحسسزاب‪ ،‬آيسسة‪:‬‬
‫ه ْ‬
‫م لب َققائ ِ ِ‬
‫ه ْ‬‫عو ُ‬
‫فلنة هكذا النسبة للم‪ ،‬والله يقول‪} :‬ادْ ُ‬
‫‪ [.5‬افعل‪ ،‬وفي ثلث منها‪ :‬بسم الله الرحمن الرحيم خيرة من الله العزيز‬
‫الحكيم لفلن بن فلنة ل تفعل‪ ،‬ثم ضعها تحت مصلك‪ ،‬ثسسم صسسل ركعسستين‪،‬‬
‫فإذا فرغت فاسجد سجدة وقل فيها مائة مرة‪ :‬أستخير الله برحمته خيرة‬
‫سسسا وقسسل‪ :‬اللهسسم خسسر لسسي واخسستر لسسي فسسي جميسسع‬ ‫في عافية‪ ،‬ثم اسسستو جال ً‬
‫أموري‪ ،‬في يسر منسسك وعافيسسة‪ ،‬ثسسم اضسسرب بيسسدك إلسسى الرقسساع فشوشسسها‬
‫وأخرج واحدة‪ ،‬فإن خرج ثلث متواليات افعل‪ .‬فافعل المسسر السسذي تريسسده‪،‬‬
‫وإن خسسرج ثلث متواليسسات ل تفعسسل فل تفعلسسه‪ ،‬وإن خرجسست واحسسدة افعسسل‬
‫والخرى ل تفعل فأخرج من الرقاع إلى خمس فانظر أكثرهسسا فاعمسسل بسسه‬
‫ودع السادسة ل تحتاج إليها «‪.‬‬
‫و‬
‫أما الستخارة بالبنادق فيفسرها ما جاء في روايتهم التي تقول‪ .." :‬انسس ِ‬
‫الحاجة في نفسك ثسسم اكتسسب رقعسستين‪ ،‬فسسي واحسسدة ل‪ ،‬وفسسي واحسسدة نعسسم‪،‬‬
‫ل ركعسستين واجعلهمسا تحسست ذيلسك‬ ‫واجعلهما في بندقتين من طيسسن‪ ،‬ثسم صس ّ‬
‫وقل‪ :‬يا الله‪ ،‬إني أشاورك فسسي أمسسري هسسذا وأنسست خيسسر مستشسسار ومشسسير‬
‫فأشر علي مما فيه صلح وحسن عاقبة‪ ،‬ثم أدخل يدك فإن كان فيها نعسسم‬
‫فافعل‪ ،‬وإن كان فيها ل‪ ،‬ل تفعل" ]الفروع من الكافي‪ ،1/132 :‬التهسسذيب‪،1/306 :‬‬
‫وسائل الشيعة‪.[.5/209 :‬‬
‫وجاء في أخبارهم أن "استخارة مولنا أمير المؤمنين وهي أن تضمر ما‬
‫شئت وتكتب هذه الستخارة وتجعلهما في مثسسل البنسسدق ويكسسون بسسالميزان‬
‫]أي متسسساويتين بسسأن تزنهمسسا بسسالميزان‪ ،‬قسساله شسسيخهم المجلسسسي‪ :‬البحسسار‪ :‬أبسسو ‪[.91/239‬‬
‫وتضعهما في إناء فيه ماء ويكسسون علسسى ظهسسر إحسسداهما افعسسل والخسسرى ل‬
‫تفعل‪ ،‬فأيهما طلسسع علسسى وجسسه المسساء فافعسسل بسسه‪ ،‬ول تخسسالفه ]بحسسار النسسوار‪:‬‬
‫‪ ،91/238‬باب الستخارة بالبنادق‪.[.‬‬
‫ول شك بأن أمير المؤمنين علًيا بريسسء مسسن لوثسسات الجاهليسسة وأوهامهسسا‪،‬‬
‫وهذا مما دسته الشيعة عليه‪ ،‬ولذلك لم ينقله عنه سواها‪..‬‬
‫أما الستخارة بالسبحة والحصى فقد قال شيخهم المجلسسسي‪" :‬سسمعت‬
‫والدي يروي عسسن شسسيخه البهسسائي‪ ..‬أنسسه كسسان يقسسول‪ :‬سسسمعنا مسسذاكرة عسسن‬
‫‪295‬‬
‫مشايخنا عن القائم صلوات الله عليه في الستخارة بالسبحة أنه يأخسسذها‪،‬‬
‫ويصلي على النبي وآلسسه صسسلوات اللسسه عليهسسم ثلث مسسرات‪ ،‬ويقبسسض علسسى‬
‫السبحة‪ ،‬ويعد اثنتين اثنتين‪ ،‬فإن بقت واحدة فهو افعل‪ ،‬وإن بقيسست اثنتسسان‬
‫فهو ل تفعل" ]بحار النوار‪.[.91/250 :‬‬
‫هسسذا النسسواع مسسن السسستخارة ذات أصسسل جسساهلي حسساولوا إلباسسسه ثسسوب‬
‫السلم‪.‬‬
‫وقد أمر الله المؤمنين إذا ترددوا في أمورهم أن يستخيروه بأن يعبدوه‬
‫ثم يسألوه الخيرة في المر الذي يريسسدونه ]ابسسن كسسثير‪ /‬التفسسسير‪ ،[.2/13 :‬لمسسا‬
‫روى المام أحمد والبخاري وأهل السنن عن جابر بن عبد الله قسسال‪ :‬كسسان‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الستخارة كما يعلمنا السورة من‬
‫م أحدكم بالمر فليركع ركعتين من غير الفريضسسة ثسسم‬ ‫القرآن يقول‪" :‬إذا ه ّ‬
‫ليقسل‪ :‬اللهسم إنسي أسستخيرك بعلمسك‪ ،‬وأسستقدرك بقسدرتك‪ ،‬وأسسألك مسن‬
‫فضلك العظيم فإنك تقدر ول أقدر‪ ،‬وتعلم ول أعلم وأنت علم الغيسوب‪"...‬‬
‫الحديث ]أخرجه البخاري‪ 2/51 :‬في التهجسسد‪ ،‬بسساب مسسا جسساء فسسي التطسسوع مثنسسى مثنسسى‪ ،‬و‬
‫و ال ْ َ‬
‫قققاِدُر{‪ ،‬وأبسسو داود ‪ ،2/187‬س ‪،(1538) 188‬‬ ‫هق َ‬
‫ل ُ‬ ‫‪ ،8/168‬باب قول الله تعسسالى‪ُ } :‬‬
‫ق ْ‬
‫والترمذي‪ ،(480) 349 /2 :‬والنسائي ‪ ،81-6/80‬وابن ماجه‪ ،(1383) 1/440 :‬وأحمسسد‪:‬‬
‫‪.[.3/344‬‬
‫ضسسا فسسي كتسسب الشسسيعة بنفسسس النسسص السسسابق‬ ‫وهذه الستخارة جاءت أي ً‬
‫]انظسسر‪ :‬بحسسار النسسوار‪ ،91/265 :‬مكسسارم الخلق ص ‪ [.372‬الوارد في أمهسسات كتسسب‬
‫المسلمين )مصادر أهل السنة(‪ ،‬ولكن عقيدة التقية التي كسسانت مسسن أهسسم‬
‫العوامل التي نأت بالشيعة عن النضواء تحت لواء الجماعة‪ ..‬جعلت بعض‬
‫شيوخ الشيعة يرجح العمل برقاع الجاهلية علسسى غيرهسسا ل لشسسيء إل لنهسسا‬
‫مما شذت به طائفته عن هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم وما عليه‬
‫أهل السنة‪ ،‬ذلك أن ما يتفسق مسن روايسساتهم مسع إجمساع المسسلمين يصسسبح‬
‫العمل به عند الشيعة موضع تردد لحتمالت التقية المزعومة‪.‬‬
‫قال الحر العسساملي‪" :‬قسسد رجسح ابسن طساووس العمسل باسستخارة الرقسساع‬
‫بوجوه كثيرة منها‪ ..‬أنها ل تحتمل التقية لنسسه لسسم ينقلسسه أحسسد مسسن العامسسة"‬
‫]وسائل الشيعة‪ [.5/211 :‬ويعني بالعامة أهل السنة‪ ،‬وهسسذا اعسستراف منهسسم أن‬
‫استخارة الرقاع مما شذت به طائفتهم‪.‬‬
‫ويبدو أن بعض شيوخهم رابهم أمر هذه الرقاع وشعروا بشسسذوذه فقسسال‬
‫بعضهم ]وهو شيخهم جعفر بن الحسن الحلي )ت ‪‍676‬ه( الملقسسب عنسسدهم بسسالمحقق‪: [.‬‬
‫"وأما الرقاع وما يتضمن افعل ول تفعسسل ففسسي حيسسز الشسسذوذ" ]انظسسر‪ :‬بحسسار‬
‫النوار‪ [.91/287 :‬كما طعن بعضهم في إسنادها ]قال شسسيخهم ابسسن إدريسسس‪" :‬إنسسه‬
‫مسسن شسسواذ الخبسسار‪ ،‬لن رواتهسسا فطحيسسة ملعونسسون مثسسل‪ :‬زرعسسة وسسسماعة" )بحسسار النسسوار‪:‬‬
‫‪.[.(91/287‬‬
‫ولكن هذا الصوت الذي ينكر هذا التجاه في الستخارة لم يسسرق لبعسسض‬
‫متأخري الشيعة‪ ،‬فقسسد ردوه وقسسالوا‪" :‬إنسسه ل مأخسسذ لسسه مسسع اشسستهارها بيسسن‬
‫الصحاب‪ ،‬وكيف تكون شاذة وقد دونها المحدثون في كتبهم‪ ،‬والمصنفون‬
‫في مصنفاتهم" ]بحار النوار‪ ،[.91/288 :‬ثم قالوا بأنه قد ألف أحسسد شسسيوخهم‬

‫‪296‬‬
‫ما فسي السستخارات‬ ‫]وهو رضي الدين الحسن علي بن طاووس الحسني‪ [.‬كتاًبا ضخ ً‬
‫واعتمد فيه على رواية الرقاع وذكر من آثارها عجائب وغرائب ]بحار النوار‪:‬‬
‫‪ ،[.91/288‬وقالوا بأنه لم ينكرها إل قلة ]اختلفسست أقسسوالهم فسسي أول مسسن أنكرهسسا؛‬
‫فذكر شيخهم الملقب بالشهيد بأنه لم ينكرها من شسسيوخهم سسسوى ابسسن إدريسسس ومسسن أخسسذ‬
‫مأخذه كالشيخ نجم الدين )بحار النوار‪ .(91/288 :‬بينما قال المجلسي بسسأن أصسسل النكسسار‬
‫كان من شيخهم المفيد‪ ،‬وذلك حينما ذكسر روايسة السستخارة بالرقسساع قسسال‪" :‬وهسسذه الروايسة‬
‫شاذة‪ ..‬أوردناها للرخصة دون تحقيق العمل"‪ .‬ثم أنكر بعض متأخريهم وجود هذا الكلم في‬
‫نسخة المفيد وقالوا بأنه مما ألحق في كلمه وليس منه‪) .‬بحسسار النسسوار‪[.(288-91/287 :‬‬
‫منهم ل عبرة بإنكاره‪.‬‬
‫هذه حكاية الستخارة بالرقاع‪ ،‬والبنسسادق‪ ،‬والسسسبحة‪ ،‬والحصسسى‪ ،‬ومسسا دار‬
‫حولها من جدل‪ ..‬وهي عين استخارة المشركين "افعل أو ل تفعل" سسسوى‬
‫أنهم أضسسافوا إليهسسا صسسلة ً ودعسساًء‪ ،‬وخصصسست بعسسض روايسساتهم موضسسع هسسذه‬
‫الستخارة بأن تكون عنسسد قسسبر الحسسسين ]انظسسر‪ :‬وسسسائل الشسسيعة‪ ،5/220 :‬بحسسار‬
‫النوار‪ [.101/285 :‬ليتسع باب الشسسرك أكسسثر‪ .‬وهسسذه بدعسسة انفسسرد بهسسا هسسؤلء‬
‫القوم‪ ،‬جعلتهم يتعلقون‪ ،‬ويأتمرون بما تهديهم إليه هذه الزلم‪.‬‬
‫م{ ‪ -‬إلسسى‬ ‫واْلقدّ ُ‬‫ة َ‬ ‫مي َْتق ُ‬‫م ال ْ َ‬ ‫كق ُ‬‫عل َي ْ ُ‬‫ت َ‬
‫مق ْ‬
‫حّر َ‬‫مع أن الله سبحانه يقول‪ُ } :‬‬
‫َ‬ ‫قوله سبحانه –‪َ } :‬‬
‫ق‪] {...‬المائدة‪،‬‬ ‫س ٌ‬‫ف ْ‬ ‫م ِ‬ ‫موا ْ ِبالْزل َم ِ ذَل ِك ُ ْ‬ ‫س ُ‬‫ق ِ‬‫ست َ ْ‬
‫وأن ت َ ْ‬ ‫َ‬
‫آية‪ [.3:‬أي حرم عليكسسم أيهسسا المؤمنسسون الستقسسسام بسالزلم‪ ،‬والستقسسسام‬
‫مأخوذ من طلب القسم من هذه الزلم ]تفسير ابسسن كسسثير‪ .[.2/12 :‬قال ابسسن‬
‫عباس‪" :‬هي قداح كانوا يستقسمون بها في المور" ]تفسير الطسسبري‪[.6/78 :‬‬
‫أي يطلبون بها علم ما قسم لهم ]ابسسن القيسسم‪ /‬إغاثسسة اللهفسسان‪ .[.1/227 :‬وقسسوله‬
‫ي وضللة وجهالة وشسسرك"‬ ‫ق{ أي تعاطيه فسق وغ ّ‬ ‫س ٌ‬
‫ف ْ‬ ‫سبحانه‪} :‬ذَل ِك ُ ْ‬
‫م ِ‬
‫]تفسير ابن كثير‪.[.2/13 :‬‬
‫وهسسؤلء الروافسسض فسسي اسسستخارتهم تلسسك سسساروا فسسي خطسسا المشسسركين‪،‬‬
‫ورجحوا العمل بهذه "الزلم" ]انظر‪ :‬الحر العاملي‪ /‬اليقاظ من الهجعة‪ :‬ص ‪-70 ،3‬‬
‫‪ [.71‬على السسستخارة الشسسرعية‪ ،‬لن انفرادهسسم بهسسا عسسن المسسسلمين دليسسل‬
‫الصحة عندهم‪ ،‬كما هسسي قاعسسدتهم‪ ،‬كمسسا ألزمسسوا أتبسساعهم العمسسل بنتيجتهسسا‪،‬‬
‫وتوعدوا على مخالفتهسسا ]قسسالوا – مثل ً ‪" :-‬وإن وجسسد فسسي كلهسسا )أي الرقسساع( ل تفعسسل‬
‫فليحذر عن القدام على ذلك المر"‪) .‬بحار النوار‪ .[.(91/228 :‬فكأنهم اعتقسسدوا أنهسسا‬
‫تأتيهم بالخبر عن الله‪ ،‬وهذا كالستقسام بالزلم عند المشركين‪ .‬قال ابن‬
‫القيم‪" :‬الستقسام هو إلزام أنفسهم بما تأمر به القداح كقسم اليميسسن‪"..‬‬
‫]إغاثة اللهفان‪.[.1/227 :‬‬
‫فكيف يزعم الرافضي أن ما خرج من هذه الرقسساع السستي يستقسسسم بهسسا‬
‫طلع الغيب أم اّتخذ عند الرحمسسن‬ ‫هي عين ما أراد الله فيلزم نفسها بها‪ ..‬أ ّ‬
‫؟! فهذه الرقاع تدفعه للمضي في أمره أو تمنعسسه بل بينسسة ول برهسسان‬ ‫دا ‍‬
‫عه ً‬
‫كحال أهل الشرك‪ ،‬ولعله "ل فرق بين ذلك وبيسسن قسسول المنجسسم‪ :‬ل تخسسرج‬
‫ذا‬‫مققا َ‬
‫س ّ‬
‫فق ٌ‬ ‫ري ن َ ْ‬ ‫ما ت َدْ ِ‬ ‫و َ‬ ‫من أجسسل نجسسم كسسذا"‪ .‬واللسسه سسسبحانه يقسسول‪َ } :‬‬
‫دا{ ]لقمان‪ ،‬آية‪] [.34:‬إغاثة اللهفان‪ .[.1/227 :‬فهؤلء يقولون‪ :‬اعمل‬ ‫ب َ‬
‫غ ً‬ ‫س ُ‬ ‫ت َك ْ ِ‬
‫أو ل تعمل‪ ،‬بأمر الحصى والجمادات‪.‬‬

‫‪297‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫عقيدتهم في توحيد الربوبية‬
‫وتوحيد الربوبية هو إفراد الله سبحانه بالملك والخلق والتسسدبير‪ ،‬فيسسؤمن‬
‫العبسسد بسسأنه سسسبحانه الخسسالق السسرازق‪ ،‬المحيسسي‪ ،‬المميسست‪ ،‬النسسافع‪ ،‬الضسسار‪،‬‬
‫َ‬
‫خْلقق ُ‬
‫ق‬ ‫ه ال ْ َ‬
‫المالك‪ ،‬المدبر‪ ،‬له الخلق والمر كله‪ ،‬كما قال سسسبحانه‪} :‬أل َ ل َ ُ‬
‫ول ِل ّق ِ‬ ‫عال َ ِ‬
‫ب ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫ن{ ]العسسراف‪ ،‬آيسسة‪ .[.54:‬وقسسال‪َ } :‬‬ ‫مي َ‬ ‫ه َر ّ‬‫ك الل ّ ُ‬
‫مُر ت ََباَر َ‬‫وال ْ‬ ‫َ‬
‫صققيُر{ ]النسسور‪ ،‬آيسسة‪ .[.42:‬ل‬ ‫م‬
‫َ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ق‬‫ّ‬ ‫ل‬‫ال‬ ‫قى‬‫ق‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫إ‬ ‫و‬ ‫ض‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫وا‬ ‫ت‬ ‫وا‬‫ما‬ ‫ق‬ ‫س‬ ‫ال‬ ‫ك‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬‫م‬
‫ْ ِ َ ِ‬ ‫ّ َ َ ِ َ‬ ‫ُ‬
‫شريك له في ذلك سبحانه ول نظير ]انظسسر فسسي معنسسى توحيسسد الربوبيسسة‪ :‬مجمسسوع‬
‫فتسساوى شسسيخ السسسلم‪ ،10/33 :‬وعلسسي بسسن أبسسي العسسز‪ /‬شسسرح العقيسسدة الطحاويسسة ص ‪،17‬‬
‫المقريزي‪ /‬تجريسسد التوحيسسد ص ‪) 81‬ضسسمن مجمسوع‪ :‬عقيسدة الفرقسسة الناجيسة(‪ ،‬السسفاريني‪/‬‬
‫لوامع النوار البهية‪ ،129-1/128 :‬وسليمان بن عبد الوهاب‪ /‬تيسير العزيز الحميد ص ‪،33‬‬
‫عبد الرحمن بن سعدي‪ /‬سؤال وجواب في أهم المهمات ص ‪ ،5‬محمد خليل هراس‪ /‬دعوة‬
‫التوحيد‪ :‬ص ‪ 27‬وما بعدها‪ ،‬عبد العزيز بن باز‪ /‬تعليسسق علسسى العقيسسدة الطحاويسسة‪ ،‬نشسسر فسسي‬
‫مجلة البحوث السلمية‪ ،‬العدد‪‍1406 (15) :‬ه‪.[.‬‬
‫وليس المقصود هنسسا دراسسسة هسسذا الصسسل‪ ،‬وإنمسا القصسد معرفسة اعتقساد‬
‫الشيعة فيه‪ ..‬وهل تأثر هسسذا الصسسل الصسسيل والركسسن العظيسسم عنسسدهم بمسسا‬
‫يدعونه في المام؟‬
‫لقد بين القرآن العظيم أن مشركي قريش مع كفرهم بعبسسادته سسسبحانه‬
‫عا من العبادات لغيره‪ ،‬إل أنهم يؤمنون بأن الله سسسبحانه هسسو‬ ‫وصرفهم أنوا ً‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫قققول ُ ّ‬ ‫م ل َي َ ُ‬ ‫هق ْ‬ ‫ق ُ‬‫خل َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫مق ْ‬‫هم ّ‬ ‫سأل ْت َ ُ‬ ‫ول َِئن َ‬ ‫خالقهم ورازقهم‪ ،‬قال تعالى‪َ } :‬‬
‫ماء‬ ‫سق َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫مق َ‬ ‫قك ُققم ّ‬ ‫مققن ي َْرُز ُ‬ ‫ل َ‬ ‫قق ْ‬ ‫ه{ ]الزخسسرف‪ ،‬آيسسة‪ ،[.87 :‬وقسسال‪ُ } :‬‬ ‫الل ّ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫وال َْر‬
‫ن‬
‫مق َ‬ ‫ي ِ‬ ‫حق ّ‬ ‫ج ال ْ َ‬ ‫ر ُ‬‫خق ِ‬ ‫مققن ي ُ ْ‬ ‫و َ‬
‫صققاَر َ‬ ‫ع والب ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫سق ْ‬‫ك ال ّ‬ ‫مل ِق ُ‬ ‫مققن ي َ ْ‬ ‫ضأ ّ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫س قي َقولو َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫م قَر ف َ‬ ‫مققن ي ُقدَب ُّر ال ْ‬ ‫و َ‬‫ي َ‬ ‫حق ّ‬ ‫ن ال َ‬ ‫م َ‬ ‫ت ِ‬ ‫مي ّ َ‬ ‫ج ال َ‬ ‫ر ُ‬ ‫خَ ِ‬‫وي ُ ْ‬ ‫ت َ‬ ‫مي ّ ِ‬ ‫ال َ‬
‫ن{ ]يونس‪ ،‬آية‪.[.31 :‬‬ ‫قو َ‬ ‫فل َ ت َت ّ ُ‬ ‫لأ َ‬ ‫ق ْ‬ ‫ف ُ‬‫ه َ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫ولكنهم مع ذلك أشركوا مع الله غيره في عبادته‪ ،‬ولهسسذا قسسال سسسبحانه‪:‬‬
‫ن ‪] ‬يوسسسف‪ ،‬آيسسة‪ [.106:‬قسسال‬ ‫كو َ‬ ‫ر ُ‬ ‫ش ِ‬ ‫م ْ‬ ‫هم ّ‬ ‫و ُ‬ ‫ه إ ِل ّ َ‬‫م ِبالل ّ ِ‬ ‫ه ْ‬‫ن أ َك ْث َُر ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫ما ي ُ ْ‬ ‫و َ‬‫‪َ ‬‬
‫مجاهد‪" :‬إيمانهم بالله قولهم‪ :‬إن الله خلقنا ويرزقنا ويميتنا فهذا إيمان مع‬
‫شرك عبسسادتهم غيسسره" ]تفسسسير الطسسبري‪ ،78-231/77 :‬وانظسسر‪ :‬تفسسسير ابسسن كسسثير‪:‬‬
‫‪.[.2/532‬‬
‫فهل كانت الشيعة أكثر كفًرا من المشركين في هذا؟‬
‫لقد بين أهل العلم أن اليمان بربوبية الله سبحانه أمسسر قسسد فطسسر عليسسه‬
‫البشسسر وأن الشسسرك فسسي الربوبيسسة باعتبسسار إثبسسات خسسالقين متمسساثلين فسسي‬
‫الصفات والفعال لم يثبت عن طائفة من الطوائف في التاريسسخ البشسسري‪،‬‬
‫قسسا خلسسق بعسسض العسسالم ]انظسسر‪:‬‬ ‫وإنما ذهب بعض المشركين إلى أن ثسسم خال ً‬
‫مجموع فتاوى شيخ السلم ابن تيمية‪ ،97-3/96 :‬شرح العقيدة الطحاوية‪ :‬ص ‪.[.18-17‬‬
‫ولهذا كان السؤال‪ :‬هل تأثر هذا الصل في ديسسن الشسسيعة؟‪ ،‬بمعنسسى هسسل‬
‫وجد الشراك الجزئي عندهم‪ ،‬باعتبار ما يولسسونه الئمسسة مسسن اهتمسسام‪ ،‬ومسسا‬
‫يعطونهم من أوصاف‪ ،‬وما يضفونه عليهم من ألقاب؟‬

‫‪298‬‬
‫سيتبين هذا من خلل التتبع لما جاء عسسن أئمتهسسم فسسي كتبهسسم المعتمسسدة‪،‬‬
‫ورواياتهم المعتبرة عندهم‪ ،‬حيث أعرض خمسة مباحث‪ :‬أولها‪ :‬قولهم‪ :‬إن‬
‫الرب هو المام‪ ،‬وثانيها‪ :‬اعتقادهم أن الدنيا والخرة للمام‪ ،‬وفي المبحسسث‬
‫الثالث‪ :‬قولهم‪ :‬إن السحاب والرعد هو مسسن أمسسر الئمسسة‪ ،‬ومسسسخر للئمسسة‬
‫وهو ما أسميته )إسناد الحوادث الكونية إلى الئمة(‪ ،‬وفي المبحث الرابسسع‪:‬‬
‫قولهم بحلول جزء إلهي في الئمة‪ ،‬وفسسي الخسسامس‪ :‬زعمهسسم تسسأثير اليسسام‬
‫ضسا فسي أقسوالهم بأركسان اليمسان مبحسث قسولهم‬ ‫بالنفع والضر‪ ،‬وسيأتي أي ً‬
‫بالقدر وأن العبد يخلق فعله‪ ،‬وهذا شرك في الربوبية‪ ،‬وقد أرجأت عرضسسه‬
‫إلى هناك حتى يكتمل النظر في أقوالهم في أركان اليمان‪.‬‬

‫المبحث الول‬
‫قولهم‪ :‬إن الرب هو المام‬
‫جاء في أخبسسارهم أن علي ًسسا – كمسسا يفسسترون عليسسه – قسسال‪ :‬أنسسا رب الرض‬
‫الذي يسكن الرض به ]مسسرآة النسسوار ص ‪ ،59‬وقسسد نقسسل ذلسسك عسسن بصسسائر السسدرجات‬
‫للصفار‪.[.‬‬
‫فانظر إلى هسسذا التطسساول والغلسسو‪ ..‬فهسسل رب الرض إل الواحسسد القهسسار‪،‬‬
‫وهل يمسك السماوات والرض إل خالقهما سبحانه ومبدعهما‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫ول َِئن َزال َت َققا إ ِ ْ‬ ‫ض أن ت َقُزول َ‬ ‫والْر َ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫سق َ‬ ‫ك ال ّ‬ ‫س ُ‬‫م ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه يُ ْ‬ ‫}إ ِ ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‪] {..‬فاطر‪ ،‬آية‪.[.41:‬‬ ‫د ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫من ب َ ْ‬ ‫د ّ‬
‫ح ٍ‬‫نأ َ‬ ‫م ْ‬‫ما ِ‬ ‫ه َ‬‫سك َ ُ‬‫م َ‬ ‫أ ْ‬
‫وقسسال إمسسامهم‪" :‬أنسسا رب الرض" يعنسسي إمسسام الرض‪ ،‬وزعسسم أنسسه هسسو‬
‫هققا{ ]الزمسسر‪ ،‬آيسسة‪:‬‬ ‫ر َرب ّ َ‬ ‫ض ب ِن ُققو ِ‬
‫َ‬
‫ت الْر ُ‬ ‫ق ِ‬ ‫شَر َ‬ ‫وأ َ ْ‬ ‫المقصود بقوله سبحانه‪َ } :‬‬
‫‪] [.69‬مّر تخريج هذا النص ص‪.[.(0172:‬‬
‫َ‬
‫م ي َُردّ إ َِلى َرب ّ ِ‬
‫ه‬ ‫ه ثُ ّ‬ ‫عذّب ُ ُ‬ ‫ف نُ َ‬‫و َ‬ ‫س ْ‬
‫ف َ‬ ‫م َ‬‫من ظَل َ َ‬ ‫ما َ‬ ‫وفي قوله سبحانه‪} :‬أ ّ‬
‫ذاًبا ن ّك ًْرا{ ]الكهسسف‪ ،‬آيسسة‪ [.87:‬قسسالوا‪ :‬يسسرد إلسسى أميسسر المسسؤمنين‬ ‫ع َ‬‫ه َ‬‫عذّب ُ ُ‬‫في ُ َ‬‫َ‬
‫فيعذبه عذاًبا نكًرا ]مرآة النوار ص ‪ ،59‬وقد عزاه إلى كنز الفوائد‪.[.‬‬
‫دا{ ]الكهف‪ :‬آية‪.[.110:‬‬ ‫عبادة رب َ‬ ‫ر ْ‬ ‫ول ي ُ ْ‬
‫ح ً‬ ‫هأ َ‬ ‫ك بِ ِ َ َ ِ َ ّ ِ‬ ‫ش ِ‬ ‫وفي قوله سبحانه‪َ } :‬‬
‫جاء في تفسير العياشي‪ :‬يعني التسليم لعلي رضسسي اللسسه عنسسه ول يشسسرك‬
‫معه في الخلفة من ليس له ذلك ول هو من أهله ]تفسسسير العياشسسي‪،2/353 :‬‬
‫البرهان‪ ،2/497 :‬تفسير الصافي ‪ ،[.3/270‬وبنحو ذلسسك جسساء تأويلهسسا عنسسد القمسسي‬
‫في تفسيره ]انظر‪ :‬تفسير القمي‪.[.2/47 :‬‬
‫ول تظن أن هذا التأويل من باب أن رب تأتي في اللغة بمعنسسى صسساحب‬
‫أو سسسيد‪ ،‬إذ إن هسسذه اليسسات نسسص فسسي السسرب سسسبحانه ل يحتمسسل سسسواه‪،‬‬
‫فالضافة عرفته وخصصته‪.‬‬
‫وقد قال أئمة اللغة‪ :‬إن الرب إذا دخلت عليسسه )أل( ل يطلسسق إلسسى علسسى‬
‫الله سبحانه ]انظر‪ :‬المصباح المنير‪ :‬ص ‪.[.254‬‬
‫قال شيخ السلم ابن تيمية‪:‬‬
‫السماء والصفات نوعان‪ :‬نوع يختص به الرب‪ ،‬مثل الله ورب العالمين‬
‫ونحو ذلك‪ ،‬فهذا ل يثبسست للعبسسد بحسسال‪ ،‬ومسسن هنسسا ضسسل المشسسركون السسذين‬

‫‪299‬‬
‫دا‪ ،‬والثاني‪ :‬ما يوصف به العبد فسسي الجملسسة كسسالحي والعسسالم‬ ‫جعلوا لله أندا ً‬
‫والقادر إل أنه ل يجوز أن يثبت للعبد مثل ما يثبت للرب أصل ً ]منهاج السسسنة‪:‬‬
‫ما‬
‫‪ ..[.1/342‬ولكسسن هسسؤلء جعلسسوا لفسسظ السسرب الخسساص بسسالله سسسبحانه اس س ً‬
‫لمامهم عبر تأويلتهم الكثيرة‪.‬‬
‫وهذه التأويلت وضعها لهم زنديق ملحد أراد بسسذلك صسسرف الشسسيعة مسسن‬
‫ي‪ ،‬والرجسسال السسذين ذهبسسوا‬‫ربها‪ ..‬وقد تكون فرقهم التي قالت بربوبيسسة علس ّ‬
‫هذا المذهب والسسذي نسسسمع نعيقهسسم إلسسى يومنسسا هسسذا قسسد شسسربوا مسسن هسسذا‬
‫المستنقع السن الذي احتفظت به كتب الثني عشرية المعتمدة عندها‪.‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫قولهم بأن الدنيا والخرة كلها للمام‬
‫يتصرف بها كيف يشاء‬
‫عقد صسساحب الكسسافي لهسسذا باب ًسسا بعنسسوان‪" :‬بسساب أن الرض كلهسسا للمسسام"‬
‫]انظر‪ :‬أصول الكافي‪ ،[410-1/407 :‬ومما جاء فيه‪ :‬عن أبي بصير عن أبي عبسسد‬
‫الله عليه السلم قال‪" :‬أما علمت أن الدنيا والخسسرة للمسسام يضسسعها حيسسث‬
‫يشاء ويدفعها إلسسى مسسن يشسساء‪ ،‬جسسائز لسسه ذلسسك مسسن اللسسه‪] "..‬أصسسول الكسسافي‪:‬‬
‫‪.[.1/409‬‬
‫أليس في هذا النص شرك في ربوبية الله سبحانه؛ لن اللسسه جسسل شسسأنه‬
‫َ‬ ‫مل ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ض{ ]البقسرة‪ ،‬آيسة‪:‬‬ ‫وا َلْر ِ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫س َ‬ ‫ك ال ّ‬ ‫ه ُ‬ ‫ه لَ ُ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫مأ ّ‬ ‫عل َ ْ‬‫م تَ ْ‬ ‫يقول‪} :‬أل َ ْ‬
‫مققا‬ ‫ه َ‬ ‫مققا ب َي ْن َ ُ‬ ‫و َ‬
‫ض َ‬ ‫والْر ِ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫سق َ‬ ‫ك ال ّ‬ ‫مل ْ ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫ول ِل ّ ِ‬ ‫‪ [.107‬ويقول سبحانه‪َ } :‬‬
‫ك‬ ‫ملقق ُ‬ ‫ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫ّ‬
‫صققيُر{ ]المسسائدة‪ ،‬آيسسة‪ .[.18:‬ويقسسول جسسل شسسأنه‪} :‬ل ِلقق ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ال ْ َ‬ ‫وإ ِل َْيقق ِ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ذي لق ُ‬ ‫ن{ ]المائدة‪ ،‬آية‪ .[.120 :‬وقال‪} :‬ال ِ‬ ‫ه ّ‬ ‫في ِ‬ ‫ما ِ‬ ‫و َ‬ ‫ض َ‬ ‫والْر ِ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫س َ‬ ‫ال ّ‬
‫َ‬
‫فققي‬ ‫ك ِ‬ ‫ري ٌ‬ ‫ش ِ‬ ‫ه َ‬ ‫كن ل ّ ُ‬ ‫م يَ ُ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫دا َ‬ ‫ول َ ً‬ ‫خذْ َ‬ ‫م ي َت ّ ِ‬ ‫ول َ ْ‬‫ض َ‬ ‫ِ‬ ‫والْر‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫س َ‬ ‫ك ال ّ‬ ‫مل ْ ُ‬ ‫ُ‬
‫والولققى{‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ك{ ]الفرقسسان‪ ،‬آيسسة‪ ،[.2 :‬وقسسال سسسبحانه‪َ } :‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫خقَرةُ َ‬ ‫ه ال ِ‬ ‫فل ِل ِ‬ ‫مل ِ‬ ‫ال ُ‬
‫]النجم‪ ،‬آية‪.[.25 :‬‬
‫ل‬ ‫ض ُ‬ ‫َ‬ ‫ق ُ‬ ‫من ي َْرُز ُ‬ ‫ق ْ‬ ‫كما قال سبحانه‪ُ } :‬‬
‫قق ِ‬ ‫والْر ِ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫س َ‬‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫كم ّ‬ ‫ل َ‬
‫غي ْقُر الل ّق ِ‬
‫ه‬ ‫ق َ‬ ‫خققال ِ ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫مق ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫هق ْ‬ ‫ه{ ]سسسبأ‪ ،‬آيسسة‪ ،[.24 :‬وقسسال سسسبحانه‪َ } :‬‬ ‫الل ّق ُ‬
‫ض{ ]فاطر‪ ،‬آية‪.[.3 :‬‬ ‫َ‬ ‫ق ُ‬ ‫ي َْرُز ُ‬
‫والْر ِ‬ ‫ماء َ‬ ‫س َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫كم ّ‬
‫ه{‬ ‫شققك ُُروا َلقق ُ‬ ‫وا ْ‬ ‫دوهُ َ‬ ‫عُبقق ُ‬ ‫وا ْ‬ ‫ه الققّرْزقَ َ‬ ‫عنققدَ الّلقق ِ‬ ‫غوا ِ‬ ‫فققاب ْت َ ُ‬ ‫وقسسال‪َ } :‬‬
‫]العنكبوت‪ ،‬آية‪ [.17 :‬فهو سبحانه قد تفرد بالملك والرزق والتسسدبير ل شسسريك‬
‫له في ذلك‪.‬‬
‫فكيف تدعي هذه الزمرة ما ل سلطان للبشر عليه‪ ،‬وتعطسسي الئمسسة مسسا‬
‫هو من مقتضيات ربوبية الله سبحاه‪ ،‬ما لهم بذلك من برهان إل اتبسساع مسسا‬
‫تمليه شياطينهم‪ ،‬وتسطره زنادقتهم‪ ،‬ومسسن العجسسب أنهسسم يعطسسون أئمتهسسم‬
‫ملك الله وعلمه وحقوقه وأفعاله‪ ..‬ويقولون‪ :‬إن ذلك من الله أو "جائز له‬
‫ذلك من الله" فهسسل هسسذا إل مجسسرد تسسستر علسسى اللحسساد‪ ،‬ومحاولسسة لخفسساء‬
‫الهدف الخطير السسذي تسسسعى إليسسه شسسياطينهم فسسي تسسأليه الئمسسة‪ ،‬وإضسسفاء‬
‫صفات الربوبية عليهم؟!‬

‫‪300‬‬
‫المبحث الثالث‬
‫إسناد الحوادث الكونية إلى الئمة‬
‫كسل مسا يجسري فسي هسذا الكسون فهسو بسأمر اللسه وتقسديره ل شسريك لسه‬
‫سبحانه‪ ،‬لكن في كتب الثني عشرية ما يثير العجب في هذا؛ حيث تسسدعي‬
‫بأن لئمتها أمًرا في ذلك‪ ،‬تقول روايتهم‪:‬‬
‫"عن سماعة بن مهسسران قسسال‪ :‬كنسست عنسسد أبسسي عبسسد اللسسه عليسسه السسسلم‬
‫فأرعدت السماء وأبرقت‪ ،‬فقال أبو عبد الله عليه السلم‪ :‬أما إنه ما كسسان‬
‫من هذا الرعد ومن هذا البرق فإنه من أمر صاحبكم‪ ،‬قلت‪ :‬مسسن صسساحبنا؟‬
‫قال‪ :‬أمير المؤمنين عليسسه السسسلم" ]المفيسسد‪ /‬الختصسساص ص ‪ ،327‬بحسسار النسسوار‪:‬‬
‫‪ ،27/33‬البرهان‪.[.2/482 :‬‬
‫يعني كل ما وقع من رعد وبرق فهو من أمسر علسسي‪ ،‬ل مسن أمسر الواحسسد‬
‫القهار‪..‬‬
‫فماذا يستنبط المسلم المنصف من هذه الرواية‪ ،‬والله جل شأنه يقول‪:‬‬
‫ب‬‫حا َ‬‫سقق َ‬‫شققىءُ ال ّ‬ ‫وي ُن ْ ِ‬
‫عققا َ‬ ‫وط َ َ‬
‫م ً‬ ‫و ً‬
‫فققا َ‬ ‫م ال َْبققْرقَ َ‬
‫خ ْ‬ ‫ري ُ‬
‫كقق ُ‬ ‫و اّلقق ِ‬
‫ذي ي ُ ِ‬ ‫هقق َ‬‫} ُ‬
‫ل{ ]الرعسسد‪ ،‬آيسسة‪[.12:‬؟ أليست هذه هسسي السسسبئية قسسد أطلسست برأسسسها‬ ‫قا َ‬ ‫الث ّ َ‬
‫المشوه من خلل كتب الثني عشرية؟ أليس هذا ادعاء لربوبيسسة علسسي‪ ،‬أو‬
‫كا في الربوبية؟ كيف يتجرأ قلسسم المجلسسسي ومسسن قبلسسه المفيسسد‬ ‫أن له شر ً‬
‫على كتابة هذه السطورة ونسبتها إلى جعفر؟ فإن هسسذا اللحسساد ل يخفسسى‬
‫على أمثالهم‪ ،‬ول يؤمن بهذا ويدعو إليه إل كل زنديق وملحد‪ ،‬والعجب من‬
‫خا يجاهرون‬ ‫قوم يستقون دينهم من كتب حوت هذا الغثاء‪ ،‬ويعظمون شيو ً‬
‫بهذا البلء‪ ،‬أليس في هذه الطائفة من صاحب عقسل وديسن يعلسن الصسيحة‬
‫والنكير علسسى هسسذا الضسسلل المنتشسسر‪ ،‬والكفسسر المسسبين يسسبرئ "أهسسل السسبيت‬
‫الطهار" من هذا الدرن القاتل وينقي ثوب التشيع ممسسا لطخسسه بسسه شسسيوخ‬
‫الدولة الصفوية من كفر وضلل‪.‬‬
‫أم أن كل صوت صادق إما أن يعاجل بالقتل كما فعلسسوا مسسع الكسسسروي‪،‬‬
‫أو يحمل قوله على التقية كما صنعوا في الكثير من رواياتهم‪ ،‬وطائفة من‬
‫أقوال شيوخهم‪ ،‬فهل وصل هذا المذهب في سبيل عودته إلى نسسور الحسسق‬
‫إلى طريق مسدود‪..‬؟‬
‫ما إل هسسذا؛ لن‬ ‫أحسب أن أولئك التباع الغرار ل يظنون بان هناك إسسسل ً‬
‫طوائف من السنة والشيعة أوهموهم بسسأن ل فسسرق بيسسن المسسذهبين إل فسسي‬
‫بعض مسائل الفروع فأوصدوا أمامهم مجال النظر والتفكير والبحث بهسسذا‬
‫الوهم الشائع الكبير ]راجع فكرة التقريب بين أهل السنة والشيعة‪.[.‬‬
‫ويقولون بأن السحاب هو المطية الذلول لعلي يسيرها كيف شاء‪.‬‬
‫تقسسول روايتهسسم‪ .." :‬مسسا كسسان مسسن سسسحاب فيسسه رعسسد وصسساعقة وبسسرق‬
‫فصاحبكم يركبه‪ ،‬أما أنه سيركب السحاب‪ ،‬ويرقى فسسي السسسباب أسسسباب؛‬
‫السماوات والرضين السبع‪ ،‬خمس عسوامر وثنتسسان خسسراب" ]الختصسساص‪ :‬ص‬
‫‪ ،199‬وانظر‪ :‬رواية أخرى مثلها ص ‪ ،327‬وانظر‪ :‬بحار النوار‪.[.27/32 :‬‬

‫‪301‬‬
‫وكأنهم بهذا يقولون إن علًيا هو الذي يسسسير السسسحاب؛ فيكفسسرون بقسسول‬
‫ت‬ ‫مي ّق ٍ‬ ‫قَناهُ ل ِب َل َق ٍ‬
‫د ّ‬ ‫سق ْ‬ ‫قققال ً ُ‬ ‫حاًبا ث ِ َ‬
‫سق َ‬
‫ت َ‬ ‫ذا أ َ َ‬
‫قل ّق ْ‬ ‫حّتى إ ِ َ‬‫اللسسه سسسبحانه‪َ } :‬‬
‫َ َ‬
‫ل‬‫سق ُ‬ ‫ذي ي ُْر ِ‬ ‫ه ال ّق ِ‬
‫مققاء{ ]العسسراف‪ ،‬آيسسة‪ ،[.57:‬وقسسوله‪} :‬الل ّق ُ‬ ‫ه ال ْ َ‬‫فأنَزل َْنا ب ِق ِ‬
‫شاء{ ]الروم‪ ،‬آيسسة‪:‬‬ ‫ف يَ َ‬ ‫ماء ك َي ْ َ‬ ‫س َ‬‫في ال ّ‬ ‫ه ِ‬‫سط ُ ُ‬‫في َب ْ ُ‬‫حاًبا َ‬‫س َ‬‫فت ُِثيُر َ‬ ‫ح َ‬ ‫الّرَيا َ‬
‫‪.[.48‬‬
‫ويبدو أن قول الثني عشية‪ :‬إن علي ًسسا يركسسب السسسحاب امتسسداد للمسسذهب‬
‫السبئي الذي يقول بأن علًيا‪" :‬هو الذي يجيء في السحاب والرعد صسسوته‬
‫والبرق تبسمه" ]الشهرستاني‪ /‬الملل والنحل‪.[.1/174 :‬‬
‫وينقل لنا المجلسي رواية طويلة في ثماني صفحات ]انظسسر‪ :‬بحسسار النسسوار‪:‬‬
‫‪ ،[.40-27/33‬تجعل لعلسسي قسسدرات مطلقسسة‪ ،‬فهسسو ينقسسل أصسسحابه إلسسى عسسالم‬
‫السماوات والرض‪ ،‬ويعرض عليهم معجزات أعظم من معجزات النبيسساء‪،‬‬
‫ويمر بأقوام فيهلكهم بصعقة واحدة‪ .‬ويتعاظم حتى يقول‪ :‬إني لملسسك مسسن‬
‫ملكوت السماوات والرض ما ل يحتملون العلم ببعضه‪..‬‬
‫يقسسول المجلسسسي – فسسي حسسديثه هسسذا ‪ :-‬إن علًيسسا أومسسأ إلسسى سسسحابتين‬
‫فأصبحت كل سحابة كأنها بساط موضسسوع فركسسب علسسى سسسحابة بمفسسرده‪،‬‬
‫وركب بعض أصحابه – كما تقول الرواية – كسسسلمان والمقسسداد‪ ..‬السسسحابة‬
‫الخرى‪ ،‬وقال علي وهو فوق السحابة‪" :‬أنا عين الله في أرضه‪ ،‬أنا لسسسان‬
‫الله الناطق في خلقه‪ ،‬أنا نور الله الذي ل يطفأ‪ ،‬أنا رب اللسسه السسذي يسسؤتى‬
‫منه‪ ،‬وحجته على عباده" ]بحار النوار‪.[.27/34 :‬‬
‫ومضت القصة الطويلة في سسسرد غريسسب‪ ،‬أصسسحاب علسسي يسسسألونه عسسن‬
‫معجزات النبياء فيقول‪ :‬أنا أريكسم أعظسسم منهسا حستى قسال‪" :‬والسسذي فلسسق‬
‫الحبة وبرأ النسمة إني لملك من ملكوت السماوات والرض ما لو علمتم‬
‫ببعضه لما احتمله جنانكم‪ ،‬إن اسم الله العظم على اثنين وسبعين حرًفا‪،‬‬
‫وكان عند آصف بن برخيا حرف واحد فتكلسسم بسسه فخسسسف اللسسه عسسز وجسسل‬
‫الرض ما بينه وبين عرش بلقيس‪ ،‬حتى تناول السسسرير‪ ،‬ثسسم عسسادت الرض‬
‫كما كانت أسرع من طرف النظر‪ ،‬وعندنا نحن والله اثنان وسبعون حرًفسسا‬
‫وحرف واحد عند الله عز وجل استأثر بسسه فسسي علسسم الغيسسب" ]بحسسار النسسوار‪:‬‬
‫‪.[.27/37‬‬
‫ثم تذكر هذه السطورة بأنهم مسسروا علسسى عسسوالم غريبسسة فسسزار النبيسساء‪،‬‬
‫فكان من النبياء مسسن يبكسسي لمسسا رأى أميسسر المسسؤمنين‪ ،‬ولمسسا قيسسل لسسه‪ :‬مسسا‬
‫بكاؤك؟ قال‪" :‬إن أمير المؤمين كان يمر بي عند كل غداة فيجلس فتزداد‬
‫عبادتي بنظري إليه فقطع ذلك منذ عشرة أيام فأقلقني ذلك" ]بحار النسسوار‪:‬‬
‫‪.[.27/37‬‬
‫وتقول القصة بأن علًيا كان يقسسول لصسسحابه‪" :‬غضسسوا أعينكسسم" فينقلهسسم‬
‫إلى مدينة أسواقها قائمة‪ ،‬وأهلهسسا أعظسسم مسسن طسسول النخسسل‪ ،‬ويقسسول‪" :‬إن‬
‫ي صسسعقة فتهلكهسسم" ]انظسسر‪ :‬بحسسار‬ ‫هؤلء من قوم عاد‪ ،‬ثسسم يصسسعق فيهسسم علس ّ‬
‫النوار‪.[.27/39 :‬‬
‫وهكذا تمضي القصة حتى يعودوا تقلهم السسسحاب ثسسم يهبطسسون فسسي دار‬
‫أمير المؤمنين فسسي أقسسل مسسن طسسرف النظسسر‪ ،‬قسسالوا‪" :‬وكسسان وصسسولنا إلسسى‬
‫‪302‬‬
‫المدينسسة وقسست الظهسسر والمسسؤذن يسسؤذن‪ ،‬وكسسان خروجنسسا منهسسا وقسست علسست‬
‫الشمس" ]بحار النسسوار‪ .[.27/40 :‬فقال أميسر المسؤمنين‪" :‬لسو أننسسي أردت أن‬
‫أجوب السسدنيا بأسسسرها والسسسماوات السسسبع وأرجسسع فسسي أقسسل مسسن الطسسرف‬
‫لفعلت بما عندي من اسم الله العظم‪ ،‬فقلنا‪ :‬يا أمير المؤمنين أنت والله‬
‫الية العظمى والمعجز الباهر" ]بحار النوار‪.[.27/40 :‬‬
‫هسسذه الروايسسة الطويلسسة بكسسل مسسا فيهسسا مسسن "بليسسا" لسسم يتجاسسسر شسسيخهم‬
‫المجلسي على ردها‪ ،‬بالرغم من انه قال بسسأن هسسذا النسسص‪" :‬لسسم نسسره فسسي‬
‫الصول التي عندنا" ]بحار النوار‪ ،[.27/40 :‬إل أنه قال بأننسسا "ل نردهسسا‪ ،‬ونسسرد‬
‫علمها إليهم عليهم السلم" ]بحار النوار‪.[.27/40 :‬‬
‫فانظر إلى نص ل يوجد في أصولهم المعتسسبرة‪ ،‬وحسسوى مسسن الغلسسو مسسا ل‬
‫يخطر بالبال‪ ،‬ومع ذلك لم يتجرأ على رده‪ ..‬فكيف إذن بالروايات الخسسرى‬
‫المثبتة في أصولهم‪ .‬فقبولها من باب أولى‪.‬‬

‫المبحث الرابع‬
‫الجزء اللهي الذي حل في الئمة‬
‫ي‪.‬‬
‫وترد عندهم رايات تدعي بأن جزًءا من النور اللهي حل بعل ّ‬
‫قال أبو عبد الله‪" :‬ثم مسحنا بيمينسسه فأضسسى نسسوره فينسسا" ]أصسسول الكسسافي‪:‬‬
‫‪ ،1/440‬وبحسسار النسسوار‪.." .[.442-1/441 :‬ولكسسن اللسسه خلطنسسا بنفسسسه‪] "..‬أصسسول‬
‫الكافي‪ .[.1/435 :‬كانوا قبل خلق الخلق أنواًرا‪.‬‬
‫وهذا الجزء اللهي الذي في الئمة – كما يزعمون – أعطسسوا بسسه قسسدرات‬
‫مطلقة‪ ،‬ولذلك فإن من يقرأ مسسا يسسسمونه معجسسزات الئمسسة – وتبلسسغ مئات‬
‫الروايات – يلحظ أن الئمة أصبحوا كرب العالمين – تعالى اللسسه وتقسسدس‬
‫عما يقولون – في الحياء والماتة والخلق والسسرزق ]انظسسر‪ :‬بحسسار النسسوار‪ ،‬بسساب‬
‫جوامسع معجزاتسه )يعنسون علًيسا(‪ ،50-42/17 :‬وفيسه ‪ 17‬روايسة‪ ،‬وبساب مسا ورد مسن غسرائب‬
‫معجزاته‪ ،56-42/50 :‬وحتى قبره جعلوا له معجسسزات ل يقسسدر عليهسسا إل رب العبسساد‪ ،‬وعقسسد‬
‫لهسسذا صسساحب البحسسار باب ًسسا بعنسسوان بسساب "مسسا ظهسسر عنسسد الضسسريح المقسسدس مسسن المعجسسزات‬
‫والكرامات"‪ ..[.339-42/311 :‬إل أن رواياتهم تربط هسسذا بسسأنه مسسن اللسسه كنسسوع‬
‫من التلبيس واليهام‪.‬‬
‫حِيي الموتى‪ .‬جاء فسسي الكسسافي عسسن أبسسي عبسسد اللسسه‬ ‫فهذا – مثل ً – عل ّ‬
‫ي يُ ْ‬
‫ن شسساّبا منهسسم أتسساه‬ ‫ن أمير المؤمنين له خؤولة في بني مخسسزوم وإ ّ‬ ‫قال‪" :‬إ ّ‬
‫دا‪ ،‬قسسال‪ :‬فقسسال‪:‬‬ ‫ن أخي مات وقد حزنت عليسسه حزن ًسسا شسسدي ً‬ ‫فقال‪ :‬يا خالي إ ّ‬
‫تشتهي أن تراه؟ قال‪ :‬بلى‪ ،‬قال‪ :‬فسسأرني قسبره‪ ،‬قسال‪ :‬فخسسرج ومعسه بسردة‬
‫ما انتهسسى إلسسى القسسبر تلملمسست شسسفتاه ثسسم ركضسسه‬ ‫رسول الله مّتزًرا بها‪ ،‬فل ّ‬
‫برجله فخرج من قبره وهو يقول بلسسسان الفسسرس‪ ،‬فقسسال أميسسر المسسؤمنين‬
‫عليه السلم‪ :‬ألم تمت وأنت رجل من العرب؟ قال‪ :‬بلى‪ ،‬ولكنا متنا علسسى‬
‫سسسنة فلن وفلن )أي أبسسو بكسسر وعمسسر( فسسانقلبت ألسسسنتنا" ]أصسسول الكسسافي‪:‬‬
‫‪ ،1/457‬وانظر‪ :‬بحار النوار‪ ،41/192 :‬بصائر الدرجات ص ‪.[.76‬‬
‫يا – كما يزعمون – أحيى موتى مقبرة الجبانسسة بسسأجمعهم ]بحسسار‬ ‫بل إن عل ً‬
‫النسسوار‪ ،41/194 :‬وعسسزاه إلسسى الخسسرائج والجسسرائح‪ ،‬ول يوجسسد فسسي النسسسخة المطبوعسسة‪،[.‬‬
‫‪303‬‬
‫]بحار النوار‪ ،41/198 :‬وعزاه إلى الخسسرائج‬ ‫وضرب الحجر فخرجت منه مائة ناقة‬
‫والجرائح‪ ،‬وليس في النسخة المطبوعة‪.[.‬‬
‫وقال سلمان – كما يفترون ‪" :-‬لو أقسم أبو الحسن على الله أن يحيي‬
‫الّولين والخرين لحياهم" ]بحار النوار‪ ،41/201 :‬الخرائج والجرائح ص ‪.[82‬‬
‫هذا الغلو هو بل شك ارتضعوه من أفاويق المذاهب الوثنية السستي تسسدعي‬
‫في أصنامها ومعبوداتها ما للرب سبحانه من أفعسسال‪ ،‬ويكفسسي فسسي فسسساده‬
‫مجسسرد تصسسوره؛ إذ هسسو مخسسالف للنقسسل والعقسسل والسسسنن الكونيسسة كمسسا هسسو‬
‫منقوض بواقع الئمة وإقراراتهم‪ ،‬ورسول الهسدى صسلى اللسه عليسه وسسلم‬
‫َ‬
‫مققا‬‫ضّرا إ ِل ّ َ‬
‫ول َ َ‬ ‫عا َ‬ ‫سي ن َ ْ‬
‫ف ً‬ ‫ف ِ‬ ‫ك ل ِن َ ْ‬‫مل ِ ُ‬
‫قل ل ّ أ ْ‬ ‫يقول – كما أمره ربه ‪ُ } :-‬‬
‫ه{ ]العراف‪ ،‬آية‪.[.188:‬‬‫شاء الل ّ ُ‬‫َ‬
‫ومن الطريف أن كتب الشيعة مع تعظيم الئمة والغلو فيهسسم تسسروي مسسا‬
‫يخالف هذا‪ ،‬لتثبت تناقضها فيما تقول كالعادة في كل كذب وباطسسل‪ ،‬فقسسد‬
‫جاء في رجال الكشي أن جعفر بن محمد قال‪" :‬فوالله مسسا نحسسن إل عبيسسد‬
‫الذي خلقنا واصطفانا‪ ،‬ما نقدر علسسى ض سّر ول نفسسع‪ ،‬وإن رحمنسسا فسسبرحمته‪،‬‬
‫جة‪ ،‬ول معنسسا مسسن اللسسه بسسراءة‪،‬‬ ‫ذبنا فبذنوبنا‪ ،‬والله ما لنا على الله ح ّ‬ ‫نع ّ‬‫وإ ّ‬
‫وإّنا لمّيتسسون ومقبسسورون ومنشسسورون ومبعوثسسون وموقوفسسون ومسسسؤولون‪،‬‬
‫ويلهم! ما لهم لعنهسسم اللسسه فقسسد آذوا اللسسه وآذوا رسسسوله صسسلى اللسسه عليسسه‬
‫وسلم في قبره‪ ،‬وأمير المؤمنين وفاطمة والحسسسن والحسسسين وعلسسي بسسن‬
‫الحسين ومحمد بن علي صلوات الله عليهم‪ ..‬أشهدكم أن ّسسي امسسرؤ ولسسدني‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسسسلم ومسسا معسسي بسسراءة مسسن اللسسه‪ ،‬إن أطعتسسه‬
‫شي‪ :‬ص ‪.[.226-225‬‬ ‫دا" ]رجال الك ّ‬ ‫ذبني عذاًبا شدي ً‬ ‫رحمني‪ ،‬وإن عصيته ع ّ‬
‫ولكن شيوخ الشيعة يعدون مثل هذه القرارات مسسن بسساب التقيسسة ]انظسسر‪:‬‬
‫ص ‪ ،151‬وراجع‪ :‬مبحث التقية فسسي هسسذا الكتسساب‪ [.‬فأضلوا قسسومهم سسسواء السسسبيل‪،‬‬
‫مة‪.‬‬‫شيوخ ل مذهب الئ ّ‬ ‫شيعة مذهب ال ّ‬ ‫وأصبح مذهب ال ّ‬
‫وهذه المقالة التي عرضت لبعض شواهدها عندهم والسستي تزعسسم حلسسول‬
‫جزء إلهي بالئمة‪ ،‬قد تطسسورت عنسسد بعسسض شسسيوخهم واتسسسع نطاقهسسا إلسسى‬
‫القول "بوحدة الوجود" ]وحقيقتهسسا أن وجسسود الكائنسسات هسسو عيسسن وجسسود اللسسه‪) .‬انظسسر‪:‬‬
‫مجموع فتاوى شيخ السلم‪ [.(1/140 :‬وعدوا ذلك أعلى مقامسسات التوحيسسد‪ ،‬فهسسو‬
‫الغاية في التوحيد عند شيخهم النراقي ]مهسسدي بسسن أبسسي ذر الكاشسساني النراقسسي‪،‬‬
‫ه( )انظر‪ :‬الذريعة‪ ،5/58 :‬وانظر نص النراقسسي فسسي ذلسك فسسي كتسسابه‪:‬‬
‫المتوفى سنة )‪‍ 1209‬‬
‫جامع السعادات ص ‪ ،[.(133-132‬كما أن شيخهم الكاشسساني – صسساحب السسوافي‬
‫أحد أصولهم الربعة المتسسأخرة – كسسان يقسسول بعقيسسدة وحسسدة الوجسسود‪ ،‬ولسسه‬
‫رسالة في ذلك‪ ،‬جرى فيها مجرى ابن عربي وعسسبر عنسسه ببعسسض العسسارفين‬
‫]لؤلؤة البحرين‪ :‬ص ‪.[.121‬‬
‫والتجاه الصوفي المتطرف قد تغلغل في كيان المذهب الثني عشري‪،‬‬
‫وعشسسعش فسسي عقسسول أسسساطين المسسذهب مسسن المتسسأخرين‪ ،‬وبيسسن الفكسسار‬
‫الصوفية الغالية والعقائد الشيعية المتطرفسسة تشسسابه وتلق ]راجسسع فسسي ذلسسك‪:‬‬
‫الصلة بين التصوف والتشيع‪ /‬لمصطفى كامل الشيبي‪ ،‬والفكر الشيعي والنزعات الصسسوفية‬
‫للمؤلف نفسه‪ ،‬والفكسر الصسوفي‪ /‬عبسد الرحمسن عبسد الخسالق ص ‪ ،389‬وقسد غساظت هسذه‬

‫‪304‬‬
‫الحقيقة بعض متعصبي الشيعة الثنسسي عشسسرية وهسسو هاشسسم معسسروف الحسسسيني فسسرد علسسى‬
‫الشيبي بكتاب سماه‪" :‬بين التصوف والتشيع"‪.[.‬‬

‫المبحث الخامس‬
‫قولهم بتأثير اليام والليالي بالنفع والضر‬
‫م‬‫س قك ُ ُ‬
‫م ّ‬
‫ذا َ‬ ‫ن الل ّ ق ِ‬
‫ه ثُق ّ‬
‫م إِ َ‬ ‫م َ‬‫ف ِ‬‫ة َ‬‫م ٍ‬
‫ع َ‬
‫من ن ّ ْ‬
‫كم ّ‬ ‫ما ب ِ ُ‬
‫و َ‬
‫قال الله سبحانه‪َ } :‬‬
‫فإل َيه ت َ َ‬
‫ن{ ]النحسسل‪ ،‬آيسسة‪ .[.53:‬فالضر والنفع مسسن اللسسه وحسسده‪،‬‬ ‫ضّر َ ِ ْ ِ ْ‬
‫جأُرو َ‬ ‫ال ّ‬
‫وليس للنواء واليام والليالي وغيرها تأثير في ذلك‪ ،‬والشيعة تخسسالف هسسذا‬
‫ما ل تقضى فيسسه الحاجسسات‪ .‬قسسال أبسسو عبسسد‬ ‫بدعواها أن في بعض اليام شؤ ً‬
‫الله‪" :‬ل تخرج يوم الجمعسسة فسسي حاجسسة‪ ،‬فسسإذا كسسان يسسوم السسسبت وطلعسست‬
‫الشسسمس فسساخرج فسسي حاجتسسك" ]مسسن ل يحضسسره الفقيسسه‪ ،1/95 :‬وسسسائل الشسسيعة‪:‬‬
‫‪.[.8/253‬‬
‫وقال‪" :‬السبت لنا‪ ،‬والحد لبني أمية" ]من ل يحضسسره الفقيسسه‪ ،2/342 :‬وسسسائل‬
‫الشيعة‪.[.8/253 :‬‬
‫ما من يوم الثنين‪ ..‬ل تخرجوا يوم الثنيسسن‬ ‫وقال‪ .." :‬فأي يوم أعظم شؤ ً‬
‫واخرجوا يوم الثلثاء" ]من ل يحضره الفقيه‪ ،1/95 :‬الروضة‪ :‬ص ‪ ،314‬المحاسن‪ :‬ص‬
‫‪ ،347‬وسائل الشيعة‪ ،8/254 :‬وانظر‪ :‬الخصال‪.[.2/26 :‬‬
‫وقسسال أبسسو عبسسد اللسسه‪" :‬ل تسسسافر يسسوم الثنيسسن ول تطلسسب فيسسه حاجسسة"‬
‫]المحاسن‪ :‬ص ‪ ،346‬وسائل الشيعة‪.[.8/255 :‬‬
‫وقال‪" :‬آخر أربعاء في الشهر يوم نحس مستمر" ]الخصسسال‪ ،2/27 :‬وسسسائل‬
‫الشيعة‪.[.8/257 :‬‬
‫وقال أميسسر المسسؤمنين علسسي – كمسسا يفسسترون ‪" :-‬يسسوم السسسبت يسسوم مكسسر‬
‫وخديعة‪ ،‬ويوم الحد يوم غرس وبناء‪ ،‬ويوم الثنين يوم سفر وطلب‪ ،‬ويوم‬
‫الثلثاء يوم حرب ودم‪ ،‬ويوم الربعاء يوم شؤم يتطيسسر فيسسه النسساس‪ ،‬ويسسوم‬
‫الخميس يوم الدخول علسسى المسسراء وقضسساء الحسسوائج‪ ،‬ويسسوم الجمعسسة يسسوم‬
‫خطبة ونكاح" ]علل الشرائع‪ :‬ص ‪ ،199‬الخصال‪ .2/28 :‬عيون الخبار ص ‪ ،137‬وسسائل‬
‫الشيعة‪.[.8/258 :‬‬
‫وثمة أحاديث أخر عندهم بهسسذه المعسساني ]ومثسسل هسسذا النسسوع قسسد ذكسسره علمسساء‬
‫الحديث من أهل السنة في كتب الموضوعات )انظر‪ :‬ابن الجسسوزي‪ /‬الموضسسوعات‪ :‬ص ‪-71‬‬
‫‪ ،74‬ابن عراق‪ /‬تنزيه الشريعة المرفوعسسة‪ ،56-2/53 :‬الشسسوكاني‪ /‬الفسسوائد المجموعسسة‪ :‬ص‬
‫‪ ،[.(438-437‬ومسسن مجمسسوع هسسذه الروايسسات يتسسبين أن الجمعسسة‪ ،‬والحسسد‪،‬‬
‫والثنين‪ ،‬والربعاء أيام فيها شؤم ذاتي فل يناسب قضاء الحاجات فيها‪.‬‬
‫ولكن تلحظ أن الرواية الخيرة اعتبرت يوم الثنيسن يسوم سسسفر وطلسب‪،‬‬
‫وهذا يخالف ما مضى من روايات‪ ،‬ولذلك حمل شيخهم الحر العاملي هسسذا‬
‫على التقية ]وسائل الشيعة‪.[.8/258 :‬‬
‫فعلى هذا كل هذه اليام الربعة أيام مشؤومة فلسسم يبسسق أمسسام الشسسيعي‬
‫من وقت للعمل من السبوع سوى أيام ثلثة‪.‬‬
‫وهذا نوع من التطير ]وأصل التطير أنهم كانوا في الجاهلية يعتمسسدون علسسى الطيسسر‪،‬‬
‫فإذا خرج أحدهم لمر‪ ،‬فإن رأى الطير طار يمنسسة تيمسسن بسسه واسسستمر‪ ،‬وإن رآه طسسار يسسسرة‬

‫‪305‬‬
‫تشاءم به ورجع‪ ،‬وربما كان أحسدهم يهسي الطيسر ليطيسر فيعتمسدها وكسانوا يسسمونه السسانح‬
‫والبارح‪ ،‬فالسانح ما ولك ميامنه بأن يمر عن يسارك إلى يمينك‪ ،‬والبارح بسسالعكس‪ .‬وكسسانوا‬
‫يتيمنون بالسانح‪ ،‬ويتشاءمون بالبارح‪) .‬فتح الباري ‪ ،213-10/212‬وانظسسر‪ :‬لسسسان العسسرب‪:‬‬
‫‪ .(4/512‬ويفرق بعضهم بين الطيرة والتطير فيقول‪ :‬التطير‪ :‬هو الظسسن السسسيئ السسذي فسسي‬
‫القلب‪ ،‬والطيرة‪ :‬هو الفعل المرتسسب علسسى الظسسن السسسيئ‪ ،‬وقسسد نسسسب ذلسسك صسساحب عسسون‬
‫المعبود إلى عز الدين بن عبد السلم )عون المعبود ‪ ،[.(10/406‬وهو التشاؤم ببعسسض‬
‫اليسسام‪ ،‬أو الطيسسور والسسسماء‪ ،‬واللفسساظ والبقسساع وغيرهسسا‪ ،‬وهسسو مسسن عمسسل‬
‫الجاهلية والمشركين‪ ،‬وقد ذمهم الله تعالى به ومقتهم‪ ،‬وقسسد نهسسى رسسسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم عن التطير وأخبر أنسسه شسسرك‪ ،‬وأنسسه ل تسسأثير لسسه‬
‫في جلب نفع ول دفع ضر‪ ،‬وهي من إلقاء الشيطان وتخويفه ووسوسته‪.‬‬
‫م لَ‬ ‫هق ْ‬‫ن أ َك ْث ََر ُ‬‫وَلق قك ِ ّ‬ ‫ه َ‬ ‫عن قدَ الل ّ ق ُ‬ ‫م ِ‬ ‫مققا طَققائ ُِر ُ‬
‫ه ْ‬
‫َ‬
‫قسسال تعسسالى‪} :‬أل إ ِن ّ َ‬
‫ن{ ]العراف‪ ،‬آية‪.[.131:‬‬ ‫عل َ ُ‬
‫مو َ‬ ‫يَ ْ‬
‫د‬ ‫ما طَققائ ُِر ُ‬ ‫َ‬
‫عن ق َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫قال علي بن أبي طلحسسة عسسن ابسسن عبسساس‪} :‬أل إ ِن ّ َ‬
‫ن{‪.‬‬ ‫مو َ‬ ‫عل َ ُ‬
‫م ل َ يَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ن أ َك ْث ََر ُ‬‫وَلقك ِ ّ‬
‫ه{ يقول‪ :‬مصائبهم عند الله } َ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫َ‬
‫ه{‬ ‫عندَ الّلقق ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬‫طائ ُِر ُ‬ ‫ما َ‬ ‫وقال ابن جريج عن ابن عباس قال‪}" :‬أل إ ِن ّ َ‬
‫أي‪ :‬من قبل الله" ]تفسير ابن كثير‪.[.2/257 :‬‬
‫وعن ابن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسسال‪" :‬الطيسسرة‬
‫شرك الطيرة شرك ثلًثا" ]رواه أبو داود في الطب‪ ،‬باب في الطيرة‪ 4/230 :‬رقسسم)‬
‫‪ ،(3910‬والترمذي فسسي السسسير‪ ،‬بسساب مسسا جسساء فسسي الطيسسرة‪ ،161-4/160 :‬رقسسم )‪،(1614‬‬
‫وقال‪ :‬هذا حديث حسن صحيح‪ ،‬وابن ماجه في الطب‪ ،‬باب مسسن كسسان يعجبسسه الفسسأل ويكسسره‬
‫الطيرة‪ ،2/1170 :‬رقم )‪ ،(3538‬ورواه ابن حبسسان فسسي صسسحيحه "مسسوارد الظمسسآن" رقسسم )‬
‫‪.[.(1427‬‬
‫وهذا صريح في تحريم الطيرة‪ ،‬وأنها من الشسسرك‪ ،‬لمسسا فيهسسا مسسن تعلسسق‬
‫القلب بغير الله تعالى ]فتح المجيد‪ :‬ص ‪.[.361‬‬
‫كا لعتقادهم أن ذلسسك يجلسسب نفعًسسا‬ ‫وقال ابن حجر‪" :‬وإنما جعل ذلك شر ً‬
‫را فكأنهم أشركوه مع الله تعالى" ]فتح الباري‪ ،10/213 :‬وانظر‪ :‬ابن‬ ‫أو يدفع ض ً‬
‫منظور‪ /‬لسان العسسرب‪ .[.4/513 :‬وهي دعسسوة باطلسسة لضسساعة الوقسسات وتأجيسسل‬
‫الحاجات‪ ،‬وصرف للقلوب عن الخسسالق البسسارئ إلسسى مخلوقسسات ل تضسسر ول‬
‫تنفع‪.‬‬
‫غير أنه ل يكاد يوجد شذوذ عند الشيعة إل وفيه من رواياتهم نفسسسها مسسا‬
‫يرد هذا الشذوذ ويبطله‪ ،‬فقد جاء في رواياتهم مسسا ينقسسض هسسذه السسدعاوى‪،‬‬
‫وأبلغ ما يكون نقض الخصم لكلمه بنفسه‪ ،‬فقد روت كتب الشسسيعة أن أبسسا‬
‫عبد الله قال‪ :‬ل طيرة ]روضة الكافي‪ :‬ص ‪ ،196‬وسائل الشيعة‪.[.18/262 :‬‬
‫وقال‪ :‬كفارة الطيرة التوكل ]روضة الكافي‪ :‬ص ‪ ،198‬وسائل الشيعة‪.[.8/262 :‬‬
‫وقال أبو الحسن الثاني رضي الله عنه‪" :‬من خرج يوم الربعسساء‪ ..‬خلفًسسا‬
‫على أهل الطيرة وقي من كل آفة وعوفي من كل عاهة وقضسسى اللسسه لسسه‬
‫حاجته" ]من ل يحضره الفقيه‪ ،1/95 :‬الخصال‪.[.2/27 :‬‬
‫ضا‪" :‬إذا تطيرت فامض" ]تحف العقول‪ :‬ص ‪ ،50‬ط‪.[.2:‬‬ ‫وجاء عندهم أي ً‬
‫وجاء في البحار وغيره "في الحديث أن النسسبي صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم‬
‫كان يحب الفأل‪ ،‬ويكره الطيرة‪ ،‬وكان عليسسه السسسلم يسسأمر مسسن رأى شسسيًئا‬

‫‪306‬‬
‫يكرهسسه‪ ،‬ويتطيسسر منسسه أن يقسسول‪" :‬اللهسسم ل يسسؤتي الخيسسر إل أنسست ول يسسدفع‬
‫السيئات إل أنت ول حول ول قسسوة إل بسسك" ]بحسسار النسسوار‪ ،3-95/2 :‬الطبرسسسي‪/‬‬
‫مكارم الخلق ص ‪.[.403‬‬
‫فهسسذا تنسساقض‪ ،‬والتنسساقض علمسسة بطلن المسسذهب‪ ،‬ولكسسن مبسسدأ التقيسسة‪،‬‬
‫ومخالفة العامة يعطل الستفادة من هذه النصوص وأمثالها‪ ،‬ولذلك تلحظ‬
‫أن شيخهم الحر العاملي حمل حديثهم الذي يقول "بأن يوم الثنيسسن" يسسوم‬
‫سفر وطلب على التقية‪.‬‬

‫الفصل الثالث‬
‫عقيدتهم في أسماء الله وصفاته‬
‫للشيعة في هذا الفصل أربع ضللت‪:‬‬
‫الضللة الولى‪ :‬ضللة الغلو في الثبات )وما يسمى بالتجسيم(‪.‬‬
‫الضللة الثانية‪ :‬تعطيلهم الحق جل شأنه من أسمائه وصفاته‪.‬‬
‫الضللة الثالثة‪ :‬وصف الئمة بأسماء الله وصفاته‪.‬‬
‫الضسسللة الرابعسسة‪ :‬تحريسسف اليسسات بسسدافع عقيسسدة التعطيسسل للسسسماء‬
‫والصفات‪.‬‬
‫وسأتوقف عند كل مسألة من هذه المسائل الربع وأبين مذهب الشيعة‬
‫فيها من خلل مصادرها – إن شاء الله ‪.-‬‬

‫ول‬‫المبحث ال ّ‬
‫الغلو في الثبات ]الّتجسيم[‬
‫تجسيم بين اليهود ]وفي كتاب الله سسسبحانه أدلسسة علسسى تلبسسس‬ ‫اشتهرت ضللة ال ّ‬
‫ه{ ]التوبة‪ ،‬آية‪.[.30 :‬‬ ‫ّ‬
‫ن الل ِ‬
‫عَزي ٌْر اب ْ ُ‬
‫هودُ ُ‬ ‫ْ‬
‫ت الي َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وقال ِ‬‫اليهود بهذا الضلل‪ .‬قال تعالى‪َ } :‬‬
‫وفي التوراة المتداولة اليوم بين اليهود أمثلة عديدة لفشسسو ضسسللة وصسسف اللسسه سسسبحانه‬
‫بصفات المخلوقين بينهم منها ما يلي‪" :‬وسمعا )يعني آدم وحواء( صوت الرب الله ماشًيا"‬
‫)سفر التكوين‪ ،‬الفصل الثالث‪ ،‬فقرة ‪ ،(8‬ومنها‪" :‬ثم صعد موسى وهارون‪ ..‬وسسسبعون رجل ً‬
‫من شيوخ بني إسرائيل ورأوا إلسه إسسرائيل وتحست قسدميه كصسنعة بلط‪ ..‬وكسذات السسماء‬
‫صفاء" )سفر الخروج‪ ،‬الفصل الرابع والعشرون‪ ،‬فقرة‪،9 :‬س ‪،10‬س ‪ .(11‬وأمثلة كسسثيرة علسسى‬
‫هذا النمط وأشد‪ ،‬وللمزيد من أمثلة هذه الفتراءات انظر‪ :‬سفر التكوين‪ ،‬الفصل ‪ 32‬فقرة‬
‫‪ ،22‬وسفر تثنية‪ ،‬الفصل ‪ ،34‬فقرة ‪ ،10‬سفر القضاة‪ ،‬الفصل ‪ ،6‬فقرة ‪ ،11‬سفر الخروج‪،‬‬
‫فصل ‪ ،24‬فقرة ‪ ..4‬إلخ‪ ،[.‬أّول من ابتدع ذلك بيسسن المسسسلمين هسسم الّروافسسض‪،‬‬
‫ولهذا قال الّرازي‪" :‬اليهود أكثرهم مشّبهة‪ ،‬وكان بدء ظهسسور الّتشسسبيه فسسي‬
‫السلم من الّروافض مثل هشام بن الحكم‪ ،‬وهشام بن سالم الجواليقي‪،‬‬
‫ويونس بن عبد الرحمن القمي وأبي جعفر الحول" ]اعتقادات ِفرق المسلمين‬
‫والمشركين‪ :‬ص ‪.[.97‬‬
‫وكسسل هسسؤلء الرجسسال المسسذكورين هسسم ممسسن تعسسدهم الثنسسا عشسسرية فسسي‬
‫الطليعة من شيوخها‪ ،‬والثقات من نقلة مذهبها ]انظسسر‪ :‬محسسسن الميسسن‪ /‬أعيسسان‬
‫الشسسيعة‪ ،1/106 :‬وهسسؤلء فسسي كتسسب الفسسرق أصسسحاب طسسوائف منسسسوبة لسسسمائهم‪ .‬قسسال‬
‫الشسسعري‪" :‬الهشسسامية أصسسحاب هشسسام بسسن الحكسسم‪) "..‬مقسسالت السسسلميين‪(1/106 :‬‬

‫‪307‬‬
‫و"اليونسسسية أصسسحاب يسسونس بسسن عبسسد الرحمسسن القمسسي" )السسسابق‪ ،(1/110 :‬و"الهشسسامية‬
‫أصحاب هشام بن سالم الجوليقي" )السابق‪ ،(1/109 :‬والجميع ينتظمهم سلك الرفض‪.[.‬‬
‫وقد حدد شيخ السلم ابن تيميسسة أول مسن تسولى كسبر هسذه الفريسة مسن‬
‫هؤلء فقال‪" :‬وأول من عرف فسسي السسسلم أنسسه قسسال‪ :‬إن اللسسه جسسسم هسسو‬
‫هشام بن الحكم" ]منهاج السنة‪.[.1/20 :‬‬
‫شيعة كانوا‬ ‫ن أوائل ال ّ‬‫وقبل ذلك يذكر الشعري في مقالت السلميين أ ّ‬
‫سمة‪ ،‬ثم بّين مذاهبهم في الّتجسيم‪ ،‬ونقل بعض أقوالهم في ذلسسك‪ ،‬إل‬ ‫مج ّ‬
‫ُ‬
‫تعطيسسل ]انظسسر‪ :‬مقسسالت‬ ‫خريهم إلى ال ّ‬‫أّنه يقول بأّنه قد عدل عنه قوم من متأ ّ‬
‫السلمّيين‪.[109-106 /1 :‬‬
‫وهذا يدل على أن اتجاه الثني عشرية إلى التعطيل قد وقسسع فسسي فسسترة‬
‫مبكرة‪ ،‬وسيأتي ما قيل في تحديد ذلك ]في المبحث الثاني‪.[.‬‬
‫وقد نقل أصحاب الفرق كلمات مغرقة في التشبيه والتجسسسيم منسسسوبة‬
‫إلى هشام بن الحكم وأتباعه تقشعر من سماعها جلود المؤمنين‪.‬‬
‫يقول عبد القاهر البغدادي‪" :‬زعم هشام بن الحكم أن معبوده جسم ذو‬
‫حد ونهاية وأنه طويل عريض عميق وأن طوله مثسسل عرضسه‪] "..‬الفسسرق بيسسن‬
‫الفرق‪ :‬ص ‪.[.65‬‬
‫ويقول‪ :‬إن هشام بن سالم الجسسواليقي مفسسرط فسسي التجسسسيم والتشسسبيه‬
‫لنه زعم أن معبوده على صورة النسان‪ ..‬وأنه ذو حواس خمس كحواس‬
‫النسسسان ]الفسسرق بيسسن الفسسرق‪ :‬ص ‪ ،[.69-68‬وكسسذلك ذكسسر أن يسسونس بسسن عبسسد‬
‫ضا في باب التشبيه‪ ،‬وساق بعض أقواله في ذلك‬ ‫الرحمن القمي مفرط أي ً‬
‫]الفرق بين الفرق‪ :‬ص ‪.[.70‬‬
‫وقال ابن حزم‪" :‬قال هشام إن ربه سبعة أشبار بشسسبر نفسسسه" ]الفصسسل‪:‬‬
‫‪.[.5/40‬‬
‫وقسسد نقسسل السسسفراييني مقالسسة هشسسام بسسن الحكسسم‪ ،‬وهشسسام الجسسواليقي‬
‫وأتباعهما في التجسيم‪ ،‬ثم قال‪" :‬والعاقل بأول وهلة يعلسسم أن مسسن كسسانت‬
‫هذه مقالته لم يكن له في السلم حظ" ]التبصير في الدين‪.[.24 /‬‬
‫وقد استفاض عن هشام بن الحكم ومن تبعه أمسسر الغلسسو فسسي التجسسسيم‬
‫في كتب الفرق وغيرها ]انظر – بالضافة لما مضى ‪ :-‬الملطي‪ /‬التنبيه والسسرد ص ‪،24‬‬
‫الشهرساني‪ /‬الملل والنحل‪ ،188 ،187 ،1/184 :‬السكسكي‪ /‬البرهان ص ‪ ،41‬ابن حجر‪/‬‬
‫لسسسان الميسسزان‪ ،6/194 :‬محمسسود البشبيشسسي‪ /‬الفسسرق السسسلمية ص ‪ ،58‬علسسي مصسسطفى‬
‫ضسسا بعسسض كتسسب‬
‫الغرابي‪ /‬تاريخ الفرق السسسلمية ص ‪ .[.300‬وتحدثت عسسن ذلسسك أي ً‬
‫المعتزلة والزيدية‪ .‬وممن نقل ذلك عن الروافسسض مسسن المعتزلسسة الجسساحظ‬
‫دا‪ ،‬وكفسسرت مسسن‬‫حيث قال‪ :‬وتكلمت هذه الرافضة وجعلت له صورة وجس ً‬
‫قال بالرؤية على غير التجسيم والتصوير ]انظر‪ :‬رسالة الجاحظ في بني أمية ص‬
‫‪) 99‬ضمن كتاب النزاع والتخاصم فيما بين بنسسي أميسسة وبنسسي هاشسسم‪ ،‬المطبعسسة البراهيميسسة‬
‫القاهرة ‪1937‬م(‪ ،[.‬وكذلك ابن الخياط ]النتصار‪ :‬ص ‪ ،[.14‬والقاضي عبد الجبار‬
‫]تثبيت دلئل النبوة‪.[.1/225 :‬‬

‫‪308‬‬
‫ومن الزيدية ]يلحسسظ أن الزيديسسة هسسم يوافقسسون المعتزلسسة فسسي العقيسسدة؛ ولسسذلك قسال‬
‫الشهرستاني‪" :‬أما في الصول فيسسرون رأي المعتزلسسة حسسذو القسسذة بالقسسذة" )انظسسر‪ :‬الملسسل‬
‫والنحل ‪ ،11/162‬المقبلي‪ /‬العلم الشامخ‪.[.(319 :‬‬
‫ن الّزيدي ّسسة هسسم يوافقسسون المعتزلسسة فسسي العقيسسدة؛ ولسسذلك قسال‬‫زيدّية ]يلحسسظ أ ّ‬‫ومن ال ّ‬
‫مل َسسل‬
‫ِ‬ ‫ال‬ ‫سر‪:‬‬
‫س‬ ‫)انظ‬ ‫سذة"‬
‫س‬ ‫بالق‬ ‫سذة‬
‫س‬ ‫الق‬ ‫سذو‬
‫س‬ ‫ح‬ ‫سة‬
‫س‬ ‫المعتزل‬ ‫رأي‬ ‫سرون‬ ‫س‬ ‫في‬ ‫الصول‬ ‫في‬ ‫ما‬
‫ّ‬ ‫"أ‬ ‫شهرستاني‪:‬‬ ‫ال ّ‬
‫شامخ‪ [.(319 :‬ابن المرتضى اليماني حيث قال‬ ‫حل ‪ ،11/162‬المقبلي‪ /‬العلم ال ّ‬ ‫والن ّ َ‬
‫بأن جل الروافض علسسى التجسسسيم إل مسسن اختلسسف منهسسم بالمعتزلسسة ]المنيسسة‬
‫والمل ص ‪ ،19‬وانظر‪ :‬نشوان الحميري‪ /‬الحور العين ص ‪.[.149-148‬‬
‫ن‬
‫ذا تشبيه الله سبحانه بخلقه كان في اليهود‪ ،‬وتسّرب إلسسى الّتشسّيع‪ ،‬ل ّ‬ ‫إ ً‬
‫ل من أراد الكيد للسلم وأهله‪ ،‬وأول من تولى كسسبره‬ ‫الّتشّيع كان مأوى لك ّ‬
‫هشام بن الحكم ]انظر ما سلف من الحديث عن هشام وصلته بفرية دعسسوى التحريسسف‬
‫للقرآن التي استشرى داؤها في مذهب الثنسسي عشسسرية ص)‪ ،[.(214-213‬ثسسم تعسسدى أثسسره‬
‫إلى آخرين عرفوا بكتسسب الفسسرق بمسسذاهب ضسسالة غاليسسة منسسسوبة إليهسسم ]انظسسر‪ :‬ص )‪(528‬‬
‫هامش رقم‪.[.(3) :‬‬
‫ولكن شيوخ الثني عشرية يدافعون عن هؤلء الضلل السسذين اسسستفاض‬
‫خبر فتنتهم‪ ،‬واستطار شرهم ويتكلفون تأويل كل بائقسة منسسوبة إليهسم أو‬
‫تكذيبها ]انظر‪ :‬المجلسي في دفاعه عن هؤلء في بحار النوار‪.[.292-3/290 :‬‬
‫حتى قال المجلسي‪" :‬ولعل المخالفين نسبوا إليهما ]يعني هشام بن الحكم‪،‬‬
‫وهشام بن سالم الجواليقي‪ [.‬هذين القولين ]يشير إلى ما نسب إليهما من القول‬
‫بالجسم‪ ،‬والقول بالصورة‪ [.‬معاندة" ]بحار النوار‪.[.3/288 :‬‬
‫وأقول‪ :‬أما إنكار بعض الشيعة لذلك فقد عهد منهم التكسسذيب بالحقسسائق‬
‫الواضحات‪ ،‬والتصديق بالكاذيب البينات‪.‬‬
‫وأما دفاعهم عن هؤلء الضلل فالشسسيء مسسن معسسدنه ل يسسستغرب‪ ،‬فهسسم‬
‫يدافعون عن أصحابهم‪ ،‬وقد تخصص طغام منهم للدفاع عن شذاذ الفاق‪،‬‬
‫ومن استفاض شره‪ ،‬وتناقل الناس أخبار مروقه وضسسلله‪ ،‬فسسي حيسسن أنهسسم‬
‫يتناولون من أثنى الله عليهم ورسوله بالذم والتفكي‪.‬‬
‫وقد يقال‪ :‬إن ما سلف مسسن أقسسوال عسسن هشسسام وأتبسساعه هسسي مسسن نقسسل‬
‫خصوم الشيعة فل يكون حجة عليهم‪.‬‬
‫ومسسع أن تلسسك النقسسول عسسن أولئك الضسسلل قسسد استفاضسست مسسن أصسسحاب‬
‫المقالت على اختلف اتجاهاتهم‪ ،‬وهم أصدق من الرافضسسة مقسسا ً‬
‫ل‪ ،‬وأوثسسق‬
‫نق ً‬
‫ل‪ ،‬وهي تثبسست أن الرافضسسة هسسم الصسسل فسسي إدخسسال هسسذه البدعسسة علسسى‬
‫المسلمين‪ .‬لكن القول بأن نسبة التجسيم إليهم قد جاءت مسسن الخصسسوم‪،‬‬
‫ول شاهد عليها من كتب الشيعة قد يتوهمه من يقرأ إنكار المنكرين لذلك‬
‫من الشيعة‪ ،‬وإل فالواقع خلف ذلك‪.‬‬
‫إذ قد جاء في رواياتهم في كتبهم المعتمسسدة مسا يسسدل علسسى أن متكلمسسي‬
‫الشيعة كهشام بن الحكم‪ ،‬وهشام بن سالم الجسسواليقي ويسسونس بسسن عبسسد‬
‫الرحمن القمي وأمثالهم لم يكتفوا بمجسسرد إثبسسات الصسسفات كمسسا دل عليسسه‬
‫القرآن والسنة‪ ،‬بل تجاوزوا ذلك حتى ابتدعوا الغلو في الثبات والتجسيم‪.‬‬

‫‪309‬‬
‫جاء في أصول الكافي للكليني‪ ،‬وفي التوحيسسد لبسسن بسسابويه وغيرهمسسا مسا‬
‫ه( قد تاهوا في بيداء مظلمسسة‪ ،‬إذ قسسد‬ ‫يدل على أن الشيعة في سنة )‪‍ 255‬‬
‫غرقوا في خلفهم في التجسيم؛ فمن قائل‪ :‬إنه صسسورة‪ ،‬ومسسن قسسائل‪ :‬إنسسه‬
‫جسم‪ ،‬وقد صوروا هذا الواقع لمسسامهم فحكسسم عليهسسم بسسأنهم بمعسسزل عسسن‬
‫التوحيد‪ ،‬تقول الرواية كما يرويها صدوقهم القمي عن سسسهل قسسال‪ :‬كتبسست‬
‫ه( قد اختلف يسسا سسسيدي أصسسحابنا فسسي التوحيسسد؛‬ ‫إلى أبي محمد سنة )‪‍ 255‬‬
‫منهم من يقول‪ :‬هو جسم ]لفظ "الجسم" وأمثاله من اللفاظ المبتدعة التي لم نفي‬
‫لفظها ول إثباته في الكتاب والسنة‪ ..‬الحق التوقف في مثل هذه اللفسساظ فل يثبسست اللفسسظ‬
‫قا قيسسل وإن أراد بسساطل ً‬
‫ول ينفى لعدم ورود دليل النفي أو الثبات‪ .‬وأما المعنى فإن أراد ح ً‬
‫رد‪ ،‬وإن اشتمل كلمه على حق وباطل فل بد من الستفصسسال وتسسبيين الحسسق مسسن الباطسسل‪.‬‬
‫والله أعلم‪ .‬انظسسر‪ :‬التدمريسسة ص ‪) 65‬بتحقيسسق محمسسد بسسن عسسودة السسسعودي( وانظسسر معنسسى‬
‫الجسم في اللغة وعند النظسسار والمتكلميسسن فسسي‪ :‬مجمسسوع فتسساوى شسسيخ السسسلم ‪-12/316‬‬
‫‪ ،[.318‬ومنهم من يقول‪ :‬هو صورة‪ ،‬فإن رأيت يسسا سسسيدي أن تعلمنسسي مسسن‬
‫ذلك ما أقف عليه ول أجوزه فعلت متطول ً على عبدك؟‬
‫فوقع بخطه‪ :‬سألت عن التوحيد وهذا عنكم معسسزول‪ ،‬اللسسه تعسسالى واحسسد‬
‫وا أحسسد‪ .‬خسسالق وليسسس بمخلسسوق‪،‬‬ ‫أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كف ً‬
‫ور‪،‬‬‫يخلق تبارك وتعالى ما يشاء من الجسام ويصور ما يشاء وليس بمصسس ّ‬
‫جل ثناؤه وتقدست أسماؤه‪ ،‬وتعالى أن يكون له شسسبيه هسسو ل غيسسره ليسسس‬
‫كمثله شيء وهو السميع البصير ]أصول الكافي‪ ،1/103 :‬التوحيد لبسسن بسسابويه‪ :‬ص‬
‫‪ ،102-101‬بحار النوار‪.[.3/261 :‬‬
‫وقد كان لهشام بسسن الحكسسم وهشسسام بسسن سسالم الجسسواليقي بالسسذات دور‬
‫ظسساهر فسسي اتجسساه التجسسسيم عنسسد الشسسيعة كمسسا تسسذكر ذلسسك مجموعسسة مسسن‬
‫رواياتهم‪.‬‬
‫جاء في أصول الكافي وغيسسره‪ ..‬عسسن محمسسد بسسن الفسسرج الّرخجسسي قسسال‪:‬‬
‫"كتبت إلى أبي الحسن عليه السلم أسأله عما قال هشام بن الحكم فسسي‬
‫الجسم وهشام بن سسسالم فسسي الصسسورة‪ ،‬فكتسسب‪ :‬دع عنسسك حيسسرة الحيسسران‬
‫واستعذ بالله من الشيطان‪ ،‬ليس القول ما قال الهشامان" ]أصسسول الكسسافي‪:‬‬
‫‪ ،1/105‬وانظسسر هسسذه الروايسسة فسسي التوحيسسد لصسسدوقهم ابسسن بسسابويه ص ‪ ،97‬وفسسي "أمسسالي‬
‫الصدوق"‪ :‬ص ‪ ،228‬وبحار النوار‪ ،3/288 :‬والحر العاملي‪ /‬الفصول المهمة ص ‪.[.15‬‬
‫وكان الئمة يتبرؤون منهما ومن قولهما‪ ،‬وحينما جاء بعض الشسسيعة إلسسى‬
‫إمامهم وقال له‪" :‬إني أقول بقول هشام" قال إمامهم )أبو الحسسسن علسسي‬
‫بن محمد(‪" :‬ما لكم ولقول هشام؟ إنه ليس منا من زعم أن اللسسه جسسسم‪،‬‬
‫ونحن منه براء في الدنيا والخرة" ]ابسسن بسسابويه‪ /‬التوحيسسد‪ :‬ص ‪ ،104‬بحسسار النسسوار‪:‬‬
‫‪.[.3/291‬‬
‫وتفصسسح بعسسض روايسساتهم عمسسا قسسالوه فسسي السسرب جسسل شسسأنه وتقدسسست‬
‫أسماؤه‪ ،‬فهذا أحد رجالهم ]سمته الرواية‪ :‬يعقوب السراج وهسسو مسسن ثقسساتهم )انظسسر‪:‬‬
‫الفهرست للطوسي ص ‪ [.(214‬ينقل لبي عبد اللسه – كمسا تقسول الروايسة – مسا‬
‫عليه طائفة من الشيعة من التجسيم فيقول‪" :‬إن بعض أصحابنا يزعسسم أن‬
‫الله صورة مثل النسان‪ ،‬وقال آخر‪ :‬إنه في صورة أمرد جعد قطط! فخسّر‬
‫دا ثم رفع رأسه فقال‪ :‬سسسبحان السسذي ليسسس‬ ‫أبو عبد الله عليه السلم ساج ً‬
‫‪310‬‬
‫]ابسسن بسسابويه‪ /‬التوحيسسد ص‬‫كمثله شيء ول تدركه البصار ول يحيط بسسه علسسم‪"..‬‬
‫‪ ،104-103‬بحار النوار‪.[.3/304 :‬‬
‫وروى ابن بابويه عن إبراهيم بن محمد الخراز ومحمد بن الحسين قسسال‪:‬‬
‫دا‬
‫"دخلنا على أبي الحسن الرضا عليه السلم فحكينا له مسا روي أن محمس ً‬
‫رأى ربه في هيئة الشاب الموفق في سسسن أبنسساء ثلثيسسن سسسنة‪ ،‬رجله فسسي‬
‫خضره وقلنا‪ :‬إن هشام بن سالم وصاحب الطساق ]يعنسسي محمسسد بسسن علسسي بسسن‬
‫النعمان أبو جعفر؛ لنسه يلقسب بشسيطان الطساق‪ ،‬والشسيعة يقولسون عنسه‪" :‬مسسؤمن الطساق"‬
‫)سبقت ترجمته ص‪ [.(207:‬والميثمي ]هو‪ :‬علي بن إسماعيل بن شسسعيب بسسن ميثسسم بسسن‬
‫يحيى التمار‪ ،‬من وجوه متكلمي الشسيعة‪ ،‬وتلميسذ هشسام بسن الحكسم‪ ،‬لسه كتسب منهسا كتساب‬
‫"المامسسة"‪ ،‬انظسسر‪ :‬رجسسال النجاشسسي ص ‪ [.176‬يقولسسون‪ :‬إنسسه أجسسوف إلسسى السسسرة‬
‫دا ثم قال‪ :‬سبحانك ما عرفوك ول وحسسدوك فمسسن‬ ‫والباقي صمد‪ ،‬فخر ساج ً‬
‫أجل ذلك وصفوك‪ ،‬سبحانك لو عرفوك لوصفوك بما وصفت به نفسسسك‪"..‬‬
‫]ابن بابويه‪ /‬التوحيد ص ‪ ،114-113‬بحار النوار‪ ،4/40 :‬أصول الكافي‪.[.1/101 :‬‬
‫فأنت ترى أن كبار متكلميهم قد غلوا في الثبات‪ ،‬حتى شبهوا اللسسه جسسل‬
‫شأنه بخلقه وهو كفر بالله سبحانه؛ لنه تكسسذيب لقسسوله سسسبحانه‪} :‬ل َي ْق َ‬
‫س‬
‫ء{ ]الشسسورى‪ ،‬آيسسة‪ [.11:‬وعطلسسوا صسسفاته اللئقسسة بسسه سسسبحانه‬ ‫ي ٌ‬
‫شق ْ‬ ‫كَ ِ‬
‫مث ِْلق ِ‬
‫ه َ‬
‫فوصفوه بغير ما وصف به نفسه‪ ،‬وإمامهم كان ينكسسر عليهسسم هسسذا المنهسسج‬
‫الضال‪ ،‬ويأمر باللتزام في وصف الله‪ ،‬بما وصف به نفسه‪ .‬ورواياتهم في‬
‫هذا الباب كثيرة ]لمعرفة المزيد من الشواهد انظر كتاب‪ :‬التوحيد لبن بابويه‪ ،‬باب أنسسه‬
‫عز وجل ليس بجسم ول صورة ص‪ ،104-97:‬وفيه عشرون رواية‪ ،‬وأصسسول الكسسافي‪ :‬بسساب‬
‫النهي عن الجسم والصورة‪ ،106-1/104 :‬وفيه ثماني روايات‪ ،‬وفي بحار النوار‪ ،‬في بسساب‬
‫نفي الجسم والصورة والتشبيه وفيه )‪ (47‬رواية‪ ،‬وفي ترجمة هشام ابسسن الحكسسم‪ ،‬وهشسسام‬
‫بن سالم‪ ،‬ويونس بن عبد الرحمن في رجال الكشي أمثلة أخرى لهذا التجاه‪ ،‬وانظر بعض‬
‫ضسسا عنسسد‪ :‬الطبطبسسائي‪ /‬مجسسالس الموحسسدين فسسي أصسسول السسدين‪ :‬ص‬
‫روايات هذه المسألة أي ً‬
‫‪.[.23‬‬
‫فهذا التجاه إلى الغلو في الثبات‪ ،‬قسسد طسسرأ علسسى الثبسسات الحسسق السسذي‬
‫عليه علماء أهل البيت‪ ،‬وأصبح المذهب يتنازعه اتجاهسسان‪ :‬اتجسساه التجسسسيم‬
‫الذي تزعمه هشام‪ ،‬واتجاه التنزيه الذي عليه أهل السسبيت كمسسا تشسسير إليسسه‬
‫روايات الشيعة نفسها‪ ،‬وكما هو "ثابت مسسستفيض فسسي كتسسب أهسسل العلسسم"‬
‫]منهاج السنة‪.[.20/144 :‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫التعطيل عندهم‬
‫بعد هذا الغلو في الثبات بدأ تغيسسر المسسذهب فسسي أواخسسر المسسائة الثالثسسة؛‬
‫حيث تأثر بمذهب المعتزلة في تعطيل البارئ سبحانه مسسن صسسفاته الثابتسسة‬
‫له في الكتسساب والسسسنة‪ ،‬وكسسثر التجسساه إلسسى التعطيسسل عنسسدهم فسسي المسسائة‬
‫الرابعسسة لمسسا صسسنف لهسسم المفيسسد وأتبسساعه كالموسسسوي الملقسسب بالشسسريف‬
‫المرتضى‪ ،‬وأبي جعفر الطوسي‪ ،‬واعتمدوا في ذلك علسسى كتسسب المعتزلسسة‬
‫]انظر‪ :‬منهاج السنة‪.[.1/229 :‬‬

‫‪311‬‬
‫وكثير مما كتبوه في ذلك منقول عن المعتزلة نقسل المسسطرة‪ ،‬وكسذلك‬
‫ما يذكرونه في تفسير القرآن في آيسسات الصسسفات والقسسدر ونحسسو ذلسسك هسسو‬
‫منقول من تفاسير المعتزلة ]منهاج السنة‪.[.1/356 :‬‬
‫ولهذا ل يكاد القسسارئ لكتسسب متسسأخري الشسسيعة يلمسسس بينهسسا وبيسسن كتسسب‬
‫المعتزلة في باب السماء والصفات فرًقا‪ ،‬فالعقسسل – كمسسا يزعمسسون – هسسو‬
‫عمدتهم فيما ذهبوا إليه‪ ،‬والمسائل التي يقررها المعتزلة فسسي هسسذا البسساب‬
‫أخذ بهسسا شسسيوخ الشسسيعة المتسسأخرون كمسسسألة خلسسق القسسرآن‪ ،‬ونفسسي رؤيسسة‬
‫المؤمنين لربهم في الخرة‪ ،‬وإنكار الصفات‪.‬‬
‫بل إن الشبهات التي يثيرها المعتزلة في هذا‪ ،‬هي الشبهات التي يثيرها‬
‫شيوخ الشيعة المتأخرون‪.‬‬
‫والفرق الذي قد يلمسه القارئ في هذه المسألة هو أن الشيعة أسندوا‬
‫روايات إلى الئمة تصرح بنفي الصفات وتقسسول بالتعطيسسل‪ ،‬مسسع أنهسسم كمسسا‬
‫قال شيخ السسلم ابسن تيميسة قسد "أسسسوا دينهسم علسى أن بساب التوحيسد‬
‫والصفات ل يتبع فيه ما رأوه بقياس عقولهم" ]منهاج السنة‪ ،79-2/78 :‬تحقيسسق‬
‫د‪ .‬محمسسد رشسساد سسسالم‪ ،‬أو ج‪ ‍1/232‬مسسن ط‪ :‬الميريسسة‪ .[.‬وهذا تلمسسسه فسسي طريقسسة‬
‫احتجاجهم على مذهبهم في التعطيل كما فسسي النكسست العتقاديسسة للمفيسسد‪،‬‬
‫ونهج المسترشدين لبن المطهر وغيرها من كتبهم الكلمية حيث اعتمسسدوا‬
‫المنهج العقلي الكلمي البحث في صفات الله‪.‬‬
‫وهذا مخسسالف للمنهسسج الشسسرعي والعلمسسي والعقلسسي؛ إذ إن صسسفات اللسسه‬
‫سبحانه من الغيب الذي يتوقف العلم به على الكتاب والسنة‪.‬‬
‫ومع اعتمادهم الدليل العقلي كمنهج أهسسل العسستزال فإنسسك تلحسسظ أنهسسم‬
‫جسساءوا بروايسسات كسسثيرة عسسن الئمسسة يسسسندون بهسسا مسسذهبهم فسسي التعطيسسل‪،‬‬
‫ويفترون على أمير المؤمنين علي – رضي الله عنه – وبعسسض علمسساء أهسسل‬
‫البيت كمحمد الباقر وجعفر الصادق بأنهم يقولون بالتعطيل‪ .‬واعتبر بعسسض‬
‫شيوخهم المعاصرين أن هذا هو عمدتهم في نفي الصسسفات؛ حيسسث قسسال –‬
‫تحت عنسسوان طريقسسة معرفسسة الصسسفات ‪" :-‬هسسل يبقسسى مجسسال للبحسسث عسسن‬
‫الصفات وهل له طريق إل الذعان بكلمة أمير المؤمنين رضي اللسسه عنسسه‪:‬‬
‫كمال الخلص نفي الصفات عنه" ]الزنجسساني‪ /‬عقسسائد الماميسسة الثنسسي عشسسرية ص‬
‫‪.[.28‬‬
‫فترى القسسوم ليسسس لهسسم منهسسج ثسسابت‪ ،‬ذلسسك أن مسسسالك التقليسسد عرضسسة‬
‫لتناقض‪ ،‬فهسسم حين ًسسا يعتمسسدون العقسسل‪ ،‬وتسسارة يعتمسسدون الخسسبر‪ ..‬فهسسم بيسسن‬
‫مشرب أخباري‪ ،‬ومشرب اعتزالي عقلي يتأرجحون‪.‬‬
‫هذا والثابت عن علي رضي الله عنه وأئمة أهسسل السسبيت إثبسسات الصسسفات‬
‫لله‪..‬‬
‫والنقل بذلك ثابت مستفيض في كتب أهل العلم ]منهسساج السسسنة‪.[.2/144 :‬‬
‫ضا ما تعترف به بعض روايات لهم موجودة وسط ركسسام هسسائل مسسن‬ ‫وهذا أي ً‬
‫التعطيل‪ ،‬وسيرد شيء منها بعد قليل‪.‬‬
‫ولكن المثلة على رواياتهم التي نسبوها لهل البيت والتي تصرح بنفسسي‬
‫الصفات كثيرة‪ ،‬منها قولهم‪" :‬وكمال التوحيد نفي الصسسفات عنسسه" ]التوحيسسد‬
‫‪312‬‬
‫"وحمد اللسه نفسسي الصسفات عنسسه" ]التوحيسسد لبسسن‬ ‫لبن بابويه‪ :‬ص ‪ ،[.57‬وقولهم‪:‬‬
‫)للتشبيه( مع إثبات الصفات" ]التوحيد لبن بابويه‪:‬‬ ‫بابويه‪ :‬ص ‪" ،[.35-34‬ول نفي‬
‫ص ‪.[.40‬‬
‫وصرح علمتهم ابن المطهر بأن مذهبهم في السماء والصفات كمذهب‬
‫المعتزلة ]ابن المطهر‪ /‬نهج المسترشدين ص ‪ ،[.32‬ومنهم مسسن قسسال‪" :‬وكمسسذهب‬
‫الفلسفة" ]الطبطبائي‪ /‬مجالس الموحدين في أصول الدين ص ‪.[.21‬‬
‫كما وصفت مجموعة من رواياتهم رب العالمين بالصفات السلبية السستي‬
‫ضمنوها نفي الصفات الثابتة له سسسبحانه‪ ،‬فقسسد روى ابسسن بسابويه أكسسثر مسن‬
‫سبعين رواية تقول إنه تعالى‪" :‬ل يوصف بزمان ول مكسسان‪ ،‬ول كيفيسسة‪ ،‬ول‬
‫سسسا ول‬
‫حركسسة‪ ،‬ول انتقسسال‪ ،‬ول بشسسيء مسسن صسسفات الجسسسام‪ ،‬وليسسس ح ً‬
‫جسمانًيا ول صورة‪] "..‬انظر‪ :‬التوحيد‪ /‬لبن بابويه ص ‪ 31‬وما بعدها‪.[.‬‬
‫وشيوخهم ساروا على هذا النهج الضال من تعطيل الصفات الواردة في‬
‫الكتاب والسنة ووصفه سبحانه بالسلوب‪ .‬قسسال شسسيخهم محمسسد الحسسسيني‬
‫ه( والذي يلقبونه بالمسسام الثسسالث عشسسر لنسسه‬ ‫الشهير بالقزويني )ت ‪‍ 1300‬‬
‫قابل منتظرهم – المزعوم – ثلث مرات‪ .‬قال في وصف الله سبحانه‪.." :‬‬
‫ل جزء له‪ ،‬وما ل جزء له ل تركيب فيه‪ ،‬وما ليس بمركب ليس بجسسوهر ول‬
‫عسرض‪ ،‬ومسا ليسس بجسوهر ليسس بعقسل ول نفسس ول مسادة ول صسورة ول‬
‫جسم‪ ،‬وما ليس بجسم ليس في مكان ول في زمان ول في جهة‪ ،‬ول في‬
‫وقت‪ ،‬وما ليس في جهة ل كم له ول كيف ول رتبة‪ ،‬وما ل كم له ول كيسسف‬
‫له ول جهة ل وضع له‪ ،‬وما ليس لسه وضسع ول فسي وقست ول فسي مكسان ل‬
‫إضافة له ول نسبة‪ ،‬ومسسا ل نسسسبة لسسه ل فعسسل فيسسه ول انفعسسال‪ ،‬ومسسا ليسسس‬
‫بجسم ول لون ول في مكان ول جهة ل يرى ول يسسدرك‪] "..‬قلئد الخسسرائد فسسي‬
‫أصول العقائد ص ‪ ،50‬وانظر في مثل هذه الطريقة‪ :‬ابن المطهسسر‪ /‬نهسسج المسترشسسدين ص‬
‫‪ ،47-45‬الطبطبائي‪ /‬مجالس الموحدين في أصول الدين ص ‪.[.21‬‬
‫فأنت ترى أن هذا النفي المحض الذي استقاه من ركام الفلسفة وغثاء‬
‫مققا‬
‫ع ّ‬‫ة َ‬ ‫ع قّز ِ‬‫ب ال ْ ِ‬‫ك َر ّ‬ ‫ن َرب ّق َ‬ ‫حا َ‬ ‫سب ْ َ‬‫الملحدة يتضمن نفي الوجسسود الحسسق } ُ‬
‫ن{‬ ‫مي َ‬‫عققال َ ِ‬
‫ب ال ْ َ‬‫ه َر ّ‬‫م قدُ ل ِل ّق ِ‬ ‫وال ْ َ‬
‫ح ْ‬ ‫ن‪َ ،‬‬‫س قِلي َ‬ ‫عَلى ال ْ ُ‬
‫مْر َ‬ ‫م َ‬
‫سل ٌ‬‫و َ‬
‫ن‪َ ،‬‬ ‫ص ُ‬
‫فو َ‬ ‫يَ ِ‬
‫]الصافات‪ ،‬آية‪.[.182-180 :‬‬
‫وليس هذا بجديد‪ ،‬فهو سبيل مسسن زاغ وحسساد عسسن منهسسج الرسسسل عليهسسم‬
‫السلم "من الكفار والمشركين والذين أوتوا الكتاب ومن دخل في هسسؤلء‬
‫من الصابئة ]ذهب جملة من الصابئة إلسسى وصسسف اللسسه سسسبحانه بالسسسلوب‪ ،‬ولسسذلك قسسال‬
‫البيروني عن صابئة حران‪ :‬إنهم يصفون الله سبحانه بالسلب ل باليجسساب كقسسولهم‪ :‬ل يحسسد‬
‫ول يسسرى ول يظلسسم ول يجسسور‪ ،‬ويسسسمونه بالسسسماء الحسسسنى مجسساًزا إذ ليسسس عنسسدهم صسسفة‬
‫بالحقيقة‪ ،‬وينسبون التدبير إلى الفلك وأجرامه )الثار الباقية عن القرون الخالية ص ‪.(205‬‬
‫ما اختلف في أمرها فقد أخرج الطبري بسسسنده عسسن مجاهسسد وغيسسره‬ ‫وطائفة الصابئة عمو ً‬
‫أنهم قالوا‪" :‬الصابئون قوم بين المجوس واليهود والنصارى ليس لهم دين"‪) .‬انظر‪ :‬تفسسسير‬
‫الطبري‪ 2/146 :‬من تحقيق أحمد ومحمود شاكر(‪ .‬وهذا ما رجحه ابن كثير )انظر‪ :‬تفسسسير‬
‫ابن كثير‪ ،(1/107 :‬واختار الرازي أن الصابئين قوم يعبسسدون الكسسواكب فسسي زمسسان إبراهيسسم‬
‫)اعتقادات فرق المسلمين والمشركين ص ‪ (143‬ويذكر الشهرستاني أن الفرق في زمسسان‬
‫إبراهيم يرجعون إلى صنفين‪ :‬صابئة وحنفاء )الملل والنحل‪ .(1/230 :‬وأنهسسم بحكسسم ميلهسسم‬
‫عن سنن الحق وزيغهم عن نهج النبياء قيل لهم الصابئة‪ ،‬لن صسسبأ فسسي اللغسسة بمعنسسى مسسال‬
‫‪313‬‬
‫وزاغ )المصدر السابق‪ (2/5 :‬وانظر عن الصسسابئة )بالضسسافة لمسا أشسسي إليسسه مسسن مصسادر(‪:‬‬
‫التبصير في الدين للسفراييني ص ‪ ،59‬السسرد علسسى المنطقييسسن لبسسن تيميسسة ص ‪،289-287‬‬
‫‪ ،457-454‬الخطسسط للمقريسسزي‪ [.2/344 :‬والمتفلسسسفة والجهميسسة ]الجهميسسة‪ :‬أتبسساع‬
‫الجهم بن سفوان‪ .‬من ضللته القول بنفي الصفات وبدع أخرى كالقول بالرجسساء‪ ،‬والجسسبر‪،‬‬
‫وفناء الجنة والنار‪) .‬انظر عن الجهم والجهمية‪ :‬الرد على الجهمية للمام أحمد ص ‪ 64‬ومسسا‬
‫بعدها‪ ،‬خلسسق أفعسسال العبسساد للبخسساري ص ‪ 118‬ومسسا بعسسدها‪ ،‬الشسسعري‪ /‬مقسالت السسسلميين‪:‬‬
‫‪ 1/214‬وما بعدها‪ ،‬التنبيه والرد‪ /‬للملطسسي ص ‪ ،218‬التبصسسير فسسي السسدين‪ /‬للسسسفراييني ص‬
‫‪ ،63‬والبدء والتاريسسخ‪ /‬للمقدسسسي‪ ،5/146 :‬تاريسسخ الجهميسسة والمعتزلسسة للقاسسسمي وغيرهسسا(‪.‬‬
‫صسسا بالجهميسسة المحضسسة أتبسساع جهسسم بسسن صسسفوان‪ .‬قسسال شسسيخ‬
‫ومصطلح الجهمية لم يعد مخت ً‬
‫السلم ابن تيمية‪" :‬إن السسسلف كسسانوا يسسسمون كسسل مسسن نفسسى الصسسفات وقسسال‪ :‬إن القسسرآن‬
‫مخلوق وإن اللسسه ل يسسرى فسسي الخسسرة – جهمي ًسسا" )مجمسسوع الفتسساوى‪ ،(12/119 :‬وقسسال فسسي‬
‫موضع آخر‪" :‬ومن الجهمية‪ :‬المتفلسفة والمعتزلة الذين يقولسسون‪ :‬إن كلم اللسسه مخلسسوق‪"..‬‬
‫)المصدر السابق‪ [.(12/524 :‬والباطنية ]الباطنية‪ :‬من ألقاب السماعيلية ومر التعريسسف‬
‫بها ص‪ [.(97) :‬ونحوهم‪ .‬فإنهم يصفونه سبحانه بالصفات السلبية على وجسسه‬
‫قا ل حقيقة لسسه عنسسد التحصسسيل‪ ،‬فقسسولهم‬ ‫دا مطل ً‬ ‫التفصيل ول يثبتون إل وجو ً‬
‫يستلزم غاية التعطيل وهسسو نفسسي الوجسسود الحسسق؛ لنهسسم يعطلسسون السسسماء‬
‫والصفات تعطيل ً يستلزم نفي الذات‪.‬‬
‫كمسسا يسسستلزم غايسسة التمثيسسل حيسسث يمثلسسونه بالممتنعسسات والمعسسدومات‬
‫والجمادات ]انظر‪ :‬التدمرية لبن تيمية‪ :‬ص ‪.[.16‬‬
‫وهؤلء جميعهم يفرون من شيء فيقعون في نظيره وفي شر منسسه مسسع‬
‫ما يلزمهم من التحريفات والتعطيلت ]انظر‪ :‬التدمرية لبن تيمية‪ :‬ص ‪.[.19‬‬
‫والله سسسبحانه بعسسث رسسسله فسسي صسسفاته بإثبسسات مفصسسل‪ ،‬ونفسسي مجمسسل‬
‫]التدمرية لبن تيمية‪ :‬ص ‪.[.8‬‬
‫ل‪ ،‬والنفسسي مجمل ً ]شسسرح‬ ‫ولهذا يأتي الثبات للصفات في كتاب الله مفص ً‬
‫الطحاوية‪ :‬ص ‪.[.49‬‬
‫ر{ ]الشسسسورى‪،‬‬ ‫صققي ُ‬ ‫ع الب َ ِ‬ ‫مي ُ‬ ‫س ِ‬ ‫و ال ّ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫يء ٌ َ‬ ‫ش ْ‬ ‫ه َ‬ ‫مث ْل ِ ِ‬ ‫س كَ ِ‬ ‫َ‬
‫قال تعالى‪} :‬لي ْ َ‬
‫ء{ وهذه طريقة القسسرآن‬ ‫ي ٌ‬ ‫ش ْ‬ ‫ه َ‬ ‫مث ْل ِ ِ‬ ‫س كَ ِ‬ ‫آية‪ .[.11:‬فالنفي جاء مجمل ً }ل َي ْ َ‬
‫مّيا{ ]مريسسم‪ ،‬آيسسة‪ [.65 :‬أي‬ ‫سق ِ‬ ‫ه َ‬ ‫م لَ ُ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫ل تَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫في النفي غالًبا‪ .‬قال تعالى‪َ } :‬‬
‫يا يسسساميه ]التدمريسسة ص ‪ ،8‬وانظسسر‪:‬‬ ‫نظيًرا يستحق مثل اسمه‪ ،‬ويقسسال‪ :‬مسسسام ً‬
‫لسان العرب‪ ،‬مادة "سما"‪.[.‬‬
‫ها ]تفسسسير‬ ‫وهذا معنى ما يروى عن ابن عباس‪ :‬هل تعلسسم لسسه مثل ً أو شسسبي ً‬
‫الطبري‪.[.16/106 :‬‬
‫َ‬
‫د{ ]الخلص‪ ،‬آية‪.[.4:‬‬ ‫ح ٌ‬ ‫وا أ َ‬ ‫ف ً‬ ‫ه كُ ُ‬ ‫كن ل ّ ُ‬ ‫م يَ ُ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫وقال سبحانه‪َ } :‬‬
‫صيُر{ وكآخر سورة‬ ‫ع الب َ ِ‬ ‫مي ُ‬ ‫س ِ‬ ‫و ال ّ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫أما في الثبات فيأتي التفصيل } َ‬
‫و‬‫هق َ‬ ‫ة ُ‬ ‫هادَ ِ‬ ‫شق َ‬ ‫وال ّ‬ ‫ب َ‬ ‫غي ْق ِ‬ ‫م ال َ‬ ‫ْ‬ ‫عال ِ ُ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ه ِإل ُ‬ ‫ذي ل إ ِل َ َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬ ‫و الل ّ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫الحشر‪ُ } :‬‬
‫س‬ ‫دو ُ‬ ‫قق ّ‬ ‫ك ال ْ ُ‬ ‫مل ِق ُ‬ ‫و ال ْ َ‬ ‫هق َ‬ ‫ه ِإل ُ‬ ‫ذي ل إ ِل َق َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬ ‫و الل ّ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫م‪ُ ،‬‬ ‫حي ُ‬ ‫ن الّر ِ‬ ‫م ُ‬ ‫ح َ‬ ‫الّر ْ‬
‫ن الل ّق ِ‬
‫ه‬ ‫حا َ‬ ‫سقب ْ َ‬ ‫مت َك َب ّقُر ُ‬ ‫جب ّققاُر ال ْ ُ‬ ‫زيقُز ال ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫ع‬ ‫م ُ‬ ‫هي ْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬‫م ال ْ ُ‬ ‫سل ُ‬ ‫ال ّ‬
‫ماء‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ر ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ر ُ‬ ‫ما ي ُ ْ‬
‫سق َ‬ ‫ه ال ْ‬ ‫وُر لق ُ‬ ‫صق ّ‬ ‫م َ‬ ‫ئ ال ُ‬ ‫ق الب َققا ِ‬ ‫خققال ِ ُ‬ ‫ه ال َ‬ ‫و اللق ُ‬ ‫هق َ‬ ‫ن‪ُ ،‬‬ ‫كو َ‬ ‫ش ِ‬ ‫ع ّ‬‫َ‬
‫و ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫زي قُز‬ ‫ع ِ‬ ‫هق َ‬ ‫و ُ‬ ‫ض َ‬ ‫والْر ِ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫سق َ‬ ‫فققي ال ّ‬ ‫مققا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ح ل َق ُ‬ ‫س قب ّ ُ‬ ‫س قَنى ي ُ َ‬ ‫ح ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫م{ ]الحشر‪ ،‬آية‪.[.24-22:‬‬ ‫كي ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫ال ْ َ‬

‫‪314‬‬
‫]وقد استعرض أكثرها شيخ السلم في السسسلم التدمريسسة ص ‪8‬‬‫وشواهد هذا كثيرة‬
‫وما بعدها‪.[.‬‬
‫فطريقة هؤلء في النفي المحسسض ل تتفسسق مسسع طريقسسة القسسرآن‪ ،‬كمسسا ل‬
‫تتفق مع الفطر السسسليمة والعقسسول الصسسريحة‪ ،‬بسسل هسسي منكسسرة فسسي مسسدح‬
‫البشر للبشر فكيف يوصف بها رب العالمين ]قال شارح الطحاوية‪" :‬وهذا النفي‬
‫المجرد مع كونه ل مدح فيه‪ ،‬فيه إساءة أدب‪ ،‬فإنك لو قلت للسلطان‪ :‬أنت لست بزبال ول‬
‫حجام ول حائك! لدبك على هذا الوصف وإن كنت صسسادًقا‪ ،‬وإنمسسا تكسسون ماد ً‬
‫حسسا إذا أجملسست‬
‫النفي‪ ،‬فقلت‪ :‬أنت لست مثسسل أحسسد مسسن رعيتسسك‪ ،‬أنسست أعلسسى منهسسم وأشسسرف وأجسسل‪ ،‬فسسإذا‬
‫أجملت في النفي‪ ،‬أجملت في الدب" )علي بن أبي العز‪ /‬شرح الطحاوية‪[.(50 /‬؟!‬
‫والشيعة تروي عن أئمتها "أن الخالق ل يوصف إل بما وصف به نفسسسه"‬
‫ولكنها تعرض عن ذلك كما أعرضت عن كتاب الله سبحانه‪ ،‬وعن مقتضسسى‬
‫العقسسل والفطسسرة‪ ،‬وتسسؤثر فسسي ذلسسك التقليسد المحسسض‪ ،‬والخسسذ مسن "نفايسا"‬
‫الفلسفات البائدة وإل فكيف يتجرأ عاقل على العتمسساد فسسي أمسسر غيسسبي ل‬
‫سبيل للوصول إلى المعرفة فيسسه علسسى سسسبيل التفصسسيل إل بخسسبر السسسماء‬
‫على العقسل القاصسر والفكسر العساثر‪ ،‬وتحكيسم خيسالت البشسر المتناقضسة‪،‬‬
‫وتصوراتهم المتعارضة؟!‬
‫وهؤلء المعطلة قد رد عليهم أئمة السسسلم وبينسسوا بسساطلهم‪ ،‬ولسسن نكسسرر‬
‫القول ونبدئ فيه ونعيد‪ ..‬ولكن الذي يمكن أن يضاف في هذا المجال بعد‬
‫ظهور الكتاب الشيعي وانتشاره هو تصوير هذه المسألة من كتب الشسسيعة‬
‫ومن خلل روايات الشيعة عن أئمتها‪ ،‬وكلم شيوخهم المبني على مجاراة‬
‫أهل التعطيل‪ ،‬ليتبين مدى تناقضهم‪ ،‬وانفصالهم عن أئمتهم‪ ،‬ومدى تسسدخل‬
‫اليسسدي السسسبئية لتحسسوير مسسذهب الئمسسة‪ ،‬ووضسسع روايسسات تحسساكي مسسذهب‬
‫التعطيل‪ ،‬وتصدق مذهبهم في التقليد‪ ،‬وسأختار ثلثة مسائل في ذلك‪:‬‬
‫الولى‪ :‬مسألة خلق القرآن‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬مسألة الرؤية‪.‬‬
‫الثالثة‪ :‬مسألة النزول اللهي‪.‬‬
‫ثم أبين بعد ذلك من خلل نصوص الشيعة نفسها أن مذهب الئمة كسسان‬
‫طا بين غلو الممثلة‪ ،‬وجفاء المعطلة‪ .‬وهسسو مسسا يتفسسق مسسع مسسذهب أهسسل‬ ‫وس ً‬
‫السنة‪ ،‬وهو الموافق للنقل الصحيح والعقل الصريح‪.‬‬
‫‪ 1‬ق المسألة الولى‪ :‬قولهم بأن القرآن مخلوق‪:‬‬
‫القرآن كلم اللسسه منسسزل غيسسر مخلسسوق‪ ،‬وعلسسى هسسذا دل الكتسساب والسسسنة‬
‫وإجماع السلف ]انظر في تقرير مذهب السلف في ذلك والرد علسسى المخسسالفين‪ :‬السسرد‬
‫على الزنادقة والجهمية للمام أحمد‪ ،‬كتاب خلق أفعال العباد للبخاري‪ ،‬والرد على الجهميسسة‬
‫للدارمي‪ ،‬وكتاب رد عثمان بن سعيد علسى المريسسسي العنيسسد‪ ،‬والختلف فسي اللفسظ والسسرد‬
‫على الجهمية والمشبهة لبن قتيبة‪ ،‬والرد على من يقول القرآن مخلوق للنجاد‪ ،‬والرد على‬
‫الجهمية لبن منسسده وغيرهسسا‪ ،[.‬والثنا عشرية حسسذت حسسذو الجهميسسة فسسي القسسول‬
‫بخلق القرآن‪ ،‬فقد عقد شيخ الشيعة في زمنه المجلسي فسسي البحسسار فسسي‬
‫ن القرآن مخلوق" ]بحسسار النسسوار‪-117 /92 :‬‬
‫كتاب القرآن باًبا بعنوان‪" :‬باب أ ّ‬
‫‪ [121‬أورد فيه إحدى عشرة رواية‪ ،‬ومعظم هذه الروايات تخالف ما ذهسسب‬
‫كا في تأويلها سنذكره بعد قليل‪.‬‬ ‫إليه‪ ،‬ولكن لشيوخ الشيعة مسل ً‬
‫‪315‬‬
‫ويقول آية الشيعة محسن الميسسن‪" :‬قسسالت ال ّ‬
‫شسسيعة والمعتزلسسة‪ :‬القسسرآن‬
‫شيعة‪.[1/461 :‬‬‫مخلوق" ]أعيان ال ّ‬
‫وهذا بناًء على إنكارهم لصفة الكلم لله وزعمهم أن الله سبحانه "يوجد‬
‫الكلم في بعض مخلوقاته كالشجرة حين كلسسم موسسسى‪ ،‬وكجبرائيسسل حيسسن‬
‫أنزل بالقرآن" ]أعيان الشيعة‪.[.1/453 :‬‬
‫هذا بعض ما يقوله شيوخهم في هذا المر ]وقد سئل شيخ السلم عمسسن قسسال‬
‫ذب‬ ‫ذلك فأتى بكفره وأنه يستتاب‪ ،‬فإن تاب وإل قتل‪ ،‬وقال بسأنه يكفسر ولسو قسال‪ :‬أنسا ل ُأكس ّ‬
‫ما{ ]النساء‪ ،‬آية‪ .[164:‬بل ٌأقسسر بسسأن هسسذا اللفسسظ‬ ‫سى ت َك ِْلي ً‬‫مو َ‬ ‫م الل ّ ُ‬
‫ه ُ‬ ‫وك َل ّ َ‬
‫قوله تعالى‪َ } :‬‬
‫حق‪ ،‬ولكن أنفي معناه وحقيقته‪ ،‬وقال بأن هؤلء هم الجهمية الذين اتفسسق السسسلف والئمسسة‬
‫على أنهم من شر أهل الهواء والبدع‪ ،‬حتى أخرجهم كثير من الئمة عن الثنتين والسسسبعين‬
‫فرقة‪) ،‬انظر‪ :‬مجموعة الرسائل والمسسسائل لبسسن تيميسسة‪ ،1/474 :‬أو مجمسسوع فتسساوى شسسيخ‬
‫فسسروا الجهميسسة السسذين‬‫السلم‪ ،12/502 :‬وقال في موضع آخسسر‪ :‬إن سسسلف المسسة وأئمتهسسا ك َ ّ‬
‫ما في بعض الجسام سمعه موسى وفسر التكليسسم بسسذلك‪) .‬مجمسسوع‬ ‫قالوا‪ :‬إن الله خلق كل ً‬
‫فتاوى شيخ السلم‪.[.(12/533 :‬‬
‫وإذا رجعت إلى الروايات التي ينقلونها عن )آل السسبيت( وجسسدتها تخسسالف‬
‫في أكثرها ما يذهب إليه هؤلء‪ ،‬فمن ذلك‪:‬‬
‫ما جاء في تفسير العياشي‪" :‬عن الرضا أنه سئل عن القسسرآن فقسسال‪...:‬‬
‫إنه كلم الله غير مخلوق‪] "..‬تفسير العياشي‪.[.1/8 :‬‬
‫وفي رجسسال الكشسسي‪ ..." :‬إن الكلم ليسسس بمخلسسوق‪] "..‬رجسسال الكشسسي‪:‬ص‬
‫‪.[.490‬‬
‫وفي "التوحيد" لبن بابويه القمي قيل لبي الحسن موسى رضسسي اللسسه‬
‫عنه‪" :‬يا ابن رسول الله‪ ،‬ما تقول في القرآن؛ فقد اختلف فيسسه مسسن قبلنسسا‬
‫فقال قوم‪ :‬إنه مخلوق‪ ،‬وقال قوم‪ :‬إنه غير مخلوق؟ فقال رضي الله عنه‪:‬‬
‫أما إني ل أقول في ذلك ما يقولون‪ ،‬ولكني أقول‪ :‬إنه كلم الله عز وجل"‬
‫]ابن بابويه‪ /‬التوحيد ص ‪.[.224‬‬
‫وفي هذا المعنى روايات كثيرة عندهم ]انظر في ذلك‪ :‬البحسسار‪،121-92/117 :‬‬
‫التوحيد‪ :‬ص ‪.[.229-223‬‬
‫ولكن يلحظ أن شيخ الشيعة في زمنه ابن بابويه القمي قسسد ذهسسب فسسي‬
‫تأويل هذه النصوص إلى اتجاه آخسسر فسسأثبت أن قسسول الئمسسة‪ :‬القسسرآن غيسسر‬
‫مخلوق يعني "أنه غير مخلوق أي غير مكذوب ل يعني به أنه غير محسسدث"‬
‫]انظسسر‪ :‬التوحيسسد ص ‪ ،225‬البحسسار‪ .[.92/119 :‬وقسسال‪" :‬وإنمسسا امتنعنسسا مسسن إطلق‬
‫المخلوق عليسسه لن المخلسسوق فسسي اللغسسة قسسد يكسسون مكسسذوًبا‪ ،‬ويقسسال‪ :‬كلم‬
‫مخلوق أي مكذوب" ]التوحيد ص ‪ ،225‬البحار‪.[.92/119 :‬‬
‫ول شسسك أن هسسذا التأويسسل ل يسسسلم لسسه لنسسه مسسن الواضسسح أن النصسسوص‬
‫السابقة ترد على مسسا ذهسسب إليسسه أهسسل العسستزال مسسن القسسول بسسأن القسسرآن‬
‫دا عليهم‪ :‬إنه غير مخلسسوق ولسسم يريسسدوا بسسذلك أنسسه‬ ‫مخلوق‪ ،‬فقال السلف ر ً‬
‫دا مسسن المسسسلمين لسسم‬ ‫غير مكذوب كما يزعم ابن بسسابويه وغيسسره‪ ،‬فسسإن أحس ً‬
‫يقل‪ :‬إنه مكذوب‪ ،‬بل هذا كفر ظاهر يعلمه كسسل مسسسلم‪ ،‬وإنمسسا قسسالوا‪ :‬إنسسه‬
‫مخلوق خلقه في غيره فرد السلف هذا القول‪ ،‬كمسسا تسسواترت الثسسار عنهسسم‬

‫‪316‬‬
‫]انظسسر‪ :‬مجمسسوع فتسساوى شسسيخ السسسلم‪:‬‬ ‫بذلك‪ ،‬وصنف في ذلك مصنفات متعددة‬
‫‪.[.12/301‬‬
‫صسسا عسسن‬ ‫وفي كتاب تفسير الصراط المستقيم ليتهم البروجردي نقسسل ن ً‬
‫ضا – يحيل فيه النصوص السستي فيهسسا المعنسسى السسسابق علسسى‬ ‫ابن بابويه – أي ً‬
‫مسسا للّتقيسسة‬ ‫التقيسسة فقسسال‪" :‬ولعس ّ‬
‫ل المنسسع مسسن إطلق الخلسسق علسسى القسسرآن إ ّ‬
‫فسار عليسه بهسذا‬ ‫ما لمعنى آخسسر أطلسسق الك ّ‬
‫مة‪ ،‬أو لكونه موه ً‬‫مماشاة مع العا ّ‬
‫صراط المستقيم‪.[.1/304 :‬‬ ‫المعنى في قولهم‪ :‬إن هذا إل اختلق" ]تفسير ال ّ‬
‫فلم يجد هؤلء الشيوخ ما يلوذون به إل القول "بالتقيسسة" أو مسسا ماثلهسسا‪..‬‬
‫وهذا المنهج يثبت أنهم ليسوا على شيء‪ ،‬وأن احتمال التقية في كل نسسص‬
‫قسسد أفسسسد عليهسسم أمرهسسم وأضسساع حقيقسسة المسسذهب‪ ،‬فأصسسبح دينهسسم ديسسن‬
‫المجلسي‪ ،‬أو الكليني‪ ،‬أو ابن بسابويه القمسي ل روايسات الئمسة ]راجسسع كتسساب‬
‫"درة نجفية" لشيخهم هاشم البحرانسسي ص ‪ 60‬ومسسا بعسسدها‪ ،‬فقسسد عسسرض لختلف الروايسسات‬
‫عندهم من أجل التقية‪ ،‬وكشف عن حيرتهم بأي القوال يؤخذ هل يؤخذ بالول أو بالخير أو‬
‫يتوقف أو يخير في الخذ بأيهما شاء أو ماذا يفعسسل بهسسذه القسسوال المتعارضسسة المتناقضسسة؟!‬
‫فقد جعلت التقية كما يقول هذا البحرانسسي‪" :‬منسساط كلم ل تخلسسو مسسن شسسوب وريسسب وتسسردد‬
‫لكثرة الختلفات في تعارض الدلة وتدافع المسسارات" )درة نجفيسسة‪ :‬ص ‪ ،61‬وانظسسر‪ :‬فصسسل‬
‫"التقية" في هذه الرسالة(‪.[.‬‬
‫وتسنى لكل شيخ‪ ،‬أو زنسديق أو مفستر يلبسسس ثسوب المشسسيخة‪ ،‬ويتظسساهر‬
‫دا من هذه‬ ‫بالعلم أن يأخذ ما شاءت له زندقته أو جهله وهواه وتعصبه واح ً‬
‫قسسا‪،‬‬
‫القوال المتعارضة المتضاربة ويعرض عن القوال الخرى ولو كانت ح ً‬
‫ويجد ما يبرر هذا التصرف مسسن الحتجسساج بالتقيسسة‪ ،‬أو دعسسوى أن فسسي ذلسسك‬
‫مخالفة للعامة – أي أهل السنة – ففي خلفهم الرشسساد – كمسسا يفسسترون ‪،-‬‬
‫وهكذا يضيع العلم والحسق والسسدين بهسذه الطريقسة الماركسسة‪ ،‬ويكتسسب علسسى‬
‫المسسة الفرقسسة والخلف بهسسذه السسساليب السستي هسسي مسسن وحسسي الشسسيطان‬
‫ومكره‪ ...‬ولو أحسن محسن للشيعة وأراد بها الخير مسسن شسسيوخها لسسسلك‬
‫بها طريق الجماعة وأخذ من رواياتهم ما يتفق وكتاب الله‪ ،‬وما عليه أهسسل‬
‫السنة والجماعة‪ ،‬وتخلص من مكر القمي والكليني والمجلسي‪ ،‬ول سيما‪،‬‬
‫والئمة تشتكي من كثرة الكذابين عليها حسستى قسسالوا‪" :‬بسسأن النسساس أولعسسوا‬
‫بالكذب علينا" ]رجال الكشي‪ :‬ص ‪ ،136-135‬وللطلع على المزيد من الشواهد ارجسسع‬
‫إلى فصل "عقيدتهم في السنة" ص‪.[.(362) :‬‬
‫ولو أردت أن تطبيق هذه النظرية – أعنسسي مسسا تتفسسق فيسسه روايسسات أهسسل‬
‫السنة مع روايات الشيعة عن أهل البيت في هسذه المسسألة – لوجسدت أن‬
‫كتب الشيعة روت – كما سبق – روايسسات عسسن أهسسل السسبيت بسسأن كلم اللسسه‬
‫منزل غير مخلوق‪ ،‬وكتب أهل السنة روت مثل هذا؛ فقسسد أخسسرج البخسساري‬
‫في كتاب أفعال العباد ]خلق أفعال العبسساد ص ‪) 36‬تحقيسسق البسسدر(‪ ،‬وص ‪) 135‬ضسسمن‬
‫مجموعة عقائد السلف تحقيق النشار وعمار الطالبي(‪ [.‬وابن أبي حاتم ]كما في منهاج‬
‫السنة لبن تيمية‪ 188-2/187 :‬تحقيق د‪ /‬محمد رشاد سسسالم‪ ،[.‬وأبو سسسعيد السسدارمي‬
‫]السسرد علسسى الجهميسسة ص ‪ ،[.101‬والجسسري فسسي الشسسريعة ]الشسسريعة‪ :‬ص ‪،[.77‬‬
‫والبيهقي في العتقاد ]العتقاد‪ :‬ص ‪ ،36‬وقال السبيهقي بعسد ذكسره‪" :‬فهسسو عسن جعفسسر‬
‫صحيح مشهور‪ ،‬وقد روي ذلك عن جعفر بن محمد عن أبيه علسسي بسسن الحسسسين‪ ،‬وروي عسسن‬

‫‪317‬‬
‫الزهري عن علي بن الحسين‪ ،‬ورويناه من أوجه عن مالك بن أنس وهو مذهب كافسسة أهسسل‬
‫ما وحسسديًثا" )المصسسدر السسسابق‪ :‬ص ‪ ،[.(39‬والسماء والصسسفات ]السسسماء‬
‫العلسسم قسسدي ً‬
‫والصفات‪ :‬ص ‪ ،[.247‬والللكائي في شرح أصسسول اعتقسساد أهسسل السسسنة ]شسسرح‬
‫أصول اعتقاد أهل السنة‪ ،[.242-241 ،2/238 :‬وابو داود في مسائل المام أحمد‬
‫]مسسسائل المسسام أحمسسد‪ :‬ص ‪ 265‬ط‪ :‬بيسسروت‪ ،‬أو ص ‪) 107-106‬ضسسمن مجموعسسة عقسسائد‬
‫السلف(‪ [.‬عن جعفر الصادق أنه قال حينما سئل عسسن القسسرآن قسسال‪" :‬ليسسس‬
‫بخالق ول مخلوق"‪ .‬قال شيخ السلم ابن تيمية‪ :‬إنه قد استفاض ذلك عن‬
‫جعفر ]منهاج السنة‪.[.1/278 :‬‬
‫فلماذا ل يؤخذ بالمعنى المتفق عليه ويسسترك الباطسسل السسذي ل يسسسنده إل‬
‫أقوال شيوخ يبغون في المة الفرقة والخلف‪ ،‬وينشدون الشذوذ والعزلسسة‬
‫ليتسنى لهم تحصيل الموال الطائلة باسم الخمس‪ ،‬وتتحقق لهم الوجاهسسة‬
‫الجتماعية‪ ،‬والمنزلة )المقدسة( باسم النيابة عن المام الغائب؟ ولهذا ما‬
‫برحوا يؤكدون على القول‪ :‬إن ما خالف العامة ففيه الرشاد‪.‬‬
‫"والعامة" أو أهل السنة بالمعنى العام يدخل فيه المعتزلة ]انظسسر‪ :‬منهسساج‬
‫السنة‪ 2/163 :‬تحقيق د‪ /‬محمد رشاد سالم‪ ،[.‬وهم قلدوا المعتزلة في هسسذا‪ ،‬ذلسسك‬
‫أن مسألة خلق القرآن من عقائد أهل العتزال‪ ،‬قال عبد الجبار في شرح‬
‫الصول الخمسة‪" :‬وأما مذهبنا في ذلك )أي في القرآن( فهسسو أن القسسرآن‬
‫كلم الله تعالى ووحيه وهو مخلوق محدث" ]شرح الصسسول الخمسسسة‪ :‬ص ‪،528‬‬
‫وانظر‪ :‬المحيط بالتكليف ص ‪.[.331‬‬
‫وقد تلقته الشيعة فيما تلقته من آراء المعتزلة‪ ..‬فهي بضسساعة اعتزاليسسة‪،‬‬
‫فلم يتحقق لهم مخالفة العامة‪.‬‬
‫وأول من قال بهذه المقالة هو الجعد بن درهم ]قسسال ابسسن حجسسر‪" :‬الجعسسد بسسن‬
‫درهم عداده في التسابعين‪ ،‬مبتسدع ضسال زعسم أن اللسه لسم يتخسذ إبراهيسم خلي ً‬
‫ل‪ ،‬ولسم يكلسم‬
‫موسى‪ ،‬فقتل على ذلك بسالعراق يسوم النحسر‪ ،‬وللجعسد أخبسار كسثيرة فسي الزندقسة" )لسسان‬
‫الميزان ‪ ،2/105‬ميزان العتدال‪ ،1/399 :‬ابن نباتة‪ /‬سرح العيون‪ :‬ص ‪.[.(294-293‬‬
‫قال عبد الرحمن بن أبي حاتم‪ :‬سمعت أبي يقول‪" :‬أول من أتى بخلسسق‬
‫القرآن جعد بن درهم ]الللكائي‪ /‬شرح أصول اعتقاد أهل السنة ص ‪ .382‬ويلحظ أن‬
‫النص المذكور له تتمة هي "وقاله )أي خلق القرآن( في سنة نيسسف وعشسسرين ومسسائة" ولسسم‬
‫يتعقب المحقق هذا النص بشيء زعم أن الجعد قتسسل نحسسو سسسنة ‪‍118‬ه‪ [.‬فهو أول مسسن‬
‫قال بمبدأ التعطيل في هذه المة‪ ،‬ثم تلقى ذلك عنه الجهسسم بسسن صسسفوان"‬
‫]انظر‪ :‬ابن تيميسسة‪ :‬بيسسان تلسسبيس الجهميسسة‪ ،1/127 :‬مجمسسوع فتسساوى شسسيخ السسسلم‪،5/20 :‬‬
‫وانظر‪ :‬درء تعارض العقل والنقل ‪ ،5/244‬ابن نباتة‪ ،‬سرح العيون‪ :‬ص ‪.[.293‬‬
‫ويشير البعض إلى أن هذه المقالة ترتد في أصولها إلى مؤثرات أجنبية‪،‬‬
‫فقد ذكر ابن الثير‪ ،‬وشيخ السلم ابن تيمية وغيرهما أن الجعد أخسسذ ذلسسك‬
‫– أي القول بخلق القرآن – عن أبان بن سمعان‪ ،‬وأخذه هذا مسسن طسسالوت‬
‫ابن أخت لبيد بن أعصم اليهودي الذي سحر النبي صلى الله عليسسه وسسسلم‬
‫قا‪ ،‬وهو أول مسسن صسسنف لهسسم‬ ‫وكان يقول بخلق التوراة‪ ،‬وكان طالوت زندي ً‬
‫في ذلك ثم أظهره الجعد بن درهم ]انظر‪ :‬ابن الثير‪ /‬الكامل‪ ،5/294 :‬ابن تيميسسة‪/‬‬
‫الحموية )ضمن مجمسوع فتسساوى شسيخ السسلم‪ ،(5/20/21 :‬ابسسن نباتسسة‪ /‬سسرح العيسون‪ :‬ص‬
‫‪ ،293‬السفاريني‪ /‬لوامع النسسوار‪ ،[.1/23 :‬كما يسسذكر الخطيسسب البغسسدادي أن والسسد‬
‫‪318‬‬
‫بشر المريسي وهو أحد كبسسار القسسائلين بخلسسق القسسرآن مسسن المعتزلسسة كسسان‬
‫يهودًيا ]تاريخ بغداد‪.[.7/61 :‬‬
‫ومن هنا يظهر الثر اليهودي في ظهور هذه المقالة‪.‬‬
‫ويشير شيخ السلم – رحمه الله – إلى مسؤثرات أخسرى حيسث يسذكر أن‬
‫الجعد بن درهسسم كسسان مسسن أهسسل حسسران‪ ،‬وكسسان فيهسسم مسسن بقايسسا الصسسابئين‬
‫والفلسفة خصوم إبراهيم عليه السسسلم؛ لهسسذا أنكسسر تكليسسم موسسسى وخلسسة‬
‫إبراهيم موافقة لفرعون والنمرود بنسساء علسسى أصسسل هسسؤلء النفسساة وهسسو أن‬
‫السسرب تعسسالى ل يقسسوم بسسه كلم‪ ،‬ول محبسسة لغيسسره‪ ،‬فقتلسسه المسسسلمون‪ ،‬ثسسم‬
‫انتشرت مقالته فيمن ضل من هذا الوجه ]درء تعسسارض العقسسل والنقسسل‪-7/175 :‬‬
‫‪.[.176‬‬
‫وتلك الروايات الواردة في كتب الشسسيعة والسستي تنسسص علسسى أن القسسرآن‬
‫منزل غير مخلوق قد تمثل مذهب قدماء الشسسيعة السسذين كسسانوا علسسى هسسذا‬
‫العتقاد كما أشار إلسسى ذلسسك أهسسل العلسسم ]انظسسر‪ :‬منهسساج السسسنة‪[.1/296 :‬؛ لن‬
‫القول بأن القرآن مخلوق هو من إحداث متأخري الشيعة ]انظسسر‪ :‬الشسسعري‪/‬‬
‫مقالت السلميين‪.[.1/114 :‬‬
‫كما أن العتقاد بأن القسسرآن منسسزل غيسسر مخلسسوق‪ ،‬هسسو الثسسابت عسسن أهسسل‬
‫البيت‪ ،‬إذ ليس من أئمة أهل البيت مثسسل علسسي بسسن الحسسسين وأبسسي جعفسسر‬
‫الباقر وابنه جعفر بن محمد من يقول بخلق القرآن‪ ،‬ولكن المامية تخالف‬
‫أهل البيت في عامة أصولهم ]منهاج السنة‪.[.1/296 :‬‬
‫أما قولهم بأن كلم الله لموسى خلقه في شجرة؛ فهو مخسسالف لصسسريح‬
‫ما{ ]النسسساء‪ ،‬آيسسة‪ [.164 :‬فالتأكيسسد‬ ‫سى ت َك ْل ِ ً‬
‫مو َ‬
‫م الله ُ‬‫وك َل ّ َ‬
‫قوله سبحانه‪َ } :‬‬
‫ما" ينفي التأويل الذي يشيرون إليسسه‪ ،‬ولسسذا قسسال غيسسر واحسسد‬ ‫بالمصدر "تكلي ً‬
‫مسن العلمساء‪ :‬التوكيسسد بالمصسسدر ينفسي المجساز ]مجمسسوع فتسساوى شسسيخ السسسلم‪:‬‬
‫‪.[.12/515‬‬
‫ولو كان المر على ما يدعون لسسم يكسسن فسسي ذلسسك مزيسسة لموسسسى عليسسه‬
‫السلم‪ ،‬وفضيلة اختص بها‪ ،‬ونوه الله سبحانه بذكرها فإن "من سمع كلم‬
‫الله من مالك أو من نبي أتاه به من عنسسد اللسسه أفضسسل مرتبسسة فسسي سسسماع‬
‫الكلم من موسى؛ لنهم سمعون من نبي‪ ،‬وموسى سسسمعه مسسن شسسجرة‪..‬‬
‫ويلزمهم أن تكون الشجرة هي السستي قسسالت‪) :‬إننسسي أنسسا اللسسه ل إلسسه إل أنسسا‬
‫فاعبدني( وهذا ظاهر الفساد" ]البيهقي‪ /‬العتقاد ص ‪.[.33‬‬
‫والسسرد علسسى الجهميسسة القسسائلين بنفسسي الصسسفات كسسثير فسسي كلم التسسابعين‬
‫دا ]مجمسسوع‬ ‫وتابعيهم‪ ،‬والئمة المشاهير‪ ،‬وفي مسألة القرآن آثسسار كسسثيرة ج س ً‬
‫فتاوى شيخ السلم‪ ،[.12/418 :‬وهي مذكورة في الكتب المتخصصة في ذلسسك‬
‫]انظر‪ :‬ص )‪ (541‬هامش )‪ .[.(1‬ولكن الذي يمكن أن يضاف فيمسسا يتصسسل بنقسسد‬
‫المذهب الشيعي في ذلك بعد ظهور كتبهسسم وانتشسسارها أنهسسم وهسسم ينفسسون‬
‫هذه الفضيلة لموسى عليسه السسلم‪ ،‬وينكسرون مناجساة اللسه لسه ومنساداته‪،‬‬
‫ويزعمون أن الشجرة هي التي كلمت موسى عليسسه السسسلم – لسسم يأخسسذوا‬
‫بهذا المنهج فيمسسا يتصسسل بالمسسام‪ ،‬ونسسسوا هسسذه القضسسية فسسي حسسديثهم عسسن‬
‫فضائل الئمة‪ ..‬لقد جاء في كتابهم المعتمسسد عنسسدهم "بحسسار النسسوار" بسساب‬
‫‪319‬‬
‫]بحسسار النسسوار‪:‬‬‫ن اللسسه تعسسالى ناجسساه صسسلوات اللسسه عليسسه‪"..‬‬‫بعنسسوان "بسساب أ ّ‬
‫‪ [.39/151‬وسسساق فيسسه مجموعسسة مسسن روايسساتهم فسسي هسسذا المعنسسى عزاهسسا –‬
‫كعادته – إلى طائفة من كتبهم المعتمدة‪.‬‬
‫ما بعث رسول الله صلى الله عليه وسسسلم‬ ‫تقول إحدى هذه الروايات‪" :‬ل ّ‬
‫ببراءة مع أبي بكر وأنزل الله عليه‪ :‬تترك من ناجيته غير مّرة‪ ،‬وتبعث من‬
‫لم أناجه؟ ]لحظ هنا أ ّ‬
‫ن الله – بزعمهم – عاتب رسول الله‪ ،‬وبّين خطأه‪ ..‬وهسسذا ينسساقض‬
‫مسسة وظسساهرة‬
‫مة‪ ..‬والّتناقض سمة عا ّ‬
‫دعوى العصمة المطلقة التي يصفون بها الّرسول والئ ّ‬
‫مطردة في نصوصهم[ فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخسسذ بسسراءة‬
‫منه ودفعها إلى علي رضي الله عنه فقال له علي‪ :‬أوصني يا رسول الله‪،‬‬
‫ن الله ُيوصسسيك ويناجيسسك‪ ،‬قسسال‪ :‬فناجسساه يسسوم بسسراءة قبسسل صسسلة‬ ‫فقال له‪ :‬إ ّ‬
‫الولى إلى صلة العصر" ]بحار النوار‪.[.39/155 :‬‬
‫ن الله ناجاه )يعنسسي علي ّسسا( يسسوم الط ّسسائف ويسسوم‬ ‫وتقول رواية أخرى‪ .." :‬إ ّ‬
‫عقبة تبوك‪ ،‬ويوم حنين" ]بحار النوار‪ ،39/154 :‬الختصاص‪ :‬ص ‪.[.328‬‬
‫وفي بصائر الدرجات‪ ،‬والختصاص وبحار النوار‪ ،‬رواية تقول‪" :‬عن أبسسي‬
‫عبد الله قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لهل الطائف‪ :‬لبعثن‬
‫إليكم رجل ً كنفسي يفتح الله به الخيبر‪ ،‬سوطه سيفه"‪ ،‬ثسسم تسسذكر الروايسسة‬
‫اختيار علي لهذه المهمة‪ ،‬وأن الرسول لحق به ولما وصلها كان علي على‬
‫رأس الجبل فقال له رسول اللسسه صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم‪ :‬اثبسست‪ ،‬فثبسست‪،‬‬
‫فسمعنا مثسسل صسسرير الزجسسل ]قسسالوا‪ :‬معنسساه "صسسوت الّرعسسد"‪ ،‬انظسسر‪ :‬بحسسار النسسوار‪:‬‬
‫‪ ،39/156‬الختصاص‪ :‬ص ‪) 200‬الهامش(‪ [.‬فقيل‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬مسسا هسسذا؟ قسسال‪:‬‬
‫يا رضسسي اللسسه عنسسه" ]المفيسسد‪ /‬الختصسساص‪ :‬ص ‪ ،201-200‬بحسسار‬ ‫ن الله يناجي عل ّ‬
‫إ ّ‬
‫درجات )انظسسر الموضسسع نفسسسه مسسن المصسسدر‬
‫فار‪ /‬بصسسائر الس ّ‬
‫صس ّ‬
‫النسسوار‪ ،156-155 /39 :‬ال ّ‬
‫سابق(‪.[.‬‬‫ال ّ‬
‫وبغض النظر عما في هذه الرواية من أخطاء تاريخيسسة فسسي خلطهسسا بيسسن‬
‫فتح خيبر والطائف‪ ،‬فلعسسل القسسارئ يلحسسظ هسسذا التشسسبيه لكلم الحسسق جسسل‬
‫شأنه‪ ...‬فعنصر التجسيم والتمثيل واضح في قوله‪" :‬مثسسل صسسرير الزجسسل"‬
‫ول تشير الرواية إلى أن هذا قد سمعه علي من شجرة ونحوها‪ ،‬فما بالهم‬
‫يذهبون تارة إلى التعطيل المحض‪ ،‬وتارة إلى التجسيم‪ ،‬هل هذه الروايات‬
‫تمثل الدوار التي مرت بها مراحل التشيع حينما كان الشيعة مجسمة‪ ،‬ثم‬
‫تحولوا إلى مرحلة التعطيل في المائة الثالثة حينمسسا هبسست عليهسسم أعاصسسير‬
‫العتزال؟!‬
‫ضاع هذه الروايات يمثلون على نحلة وكل يضع مسسا تمليسسه عليسسه‬ ‫أم أن و ّ‬
‫عقيدته؟!‬
‫والتشيع يحتضن الجميع بل تفريق؛ فحب علي حسنة ل تضر معها سسسيئة‬
‫كما يقولون‪.‬‬
‫ول يجدون ما يلجسؤون إليسه فسي تعليلسه سسوى القسول بالتقيسة‪ ،‬ول يكساد‬
‫يجزم شيخ من مشايخم بمعرفة أي القولين تقية إل بالقول بأن ما خسسالف‬
‫العامة )يعني أهل السنة( فيه الرشاد‪ .‬وليتهم قالوا‪ :‬ما وافسسق القسسرآن هسسو‬
‫الحق وما سواه تقية‪.‬‬
‫‪320‬‬
‫وبعد‪ ،‬أليس يكفي في بيان فساد مذهبهم أنه عنصر غريب علسسى المسسة‪،‬‬
‫وأنه خلف ما عليه أهل البيت‪ ،‬وخلف ما اتفقت فيه روايات لهسسم مسسع مسسا‬
‫جاء عند أهل السنة‪ ،‬وأن رواياتهم كلها متعارضة متناقضة؟!‬
‫‪ 2‬ق مسألة الرؤية‪:‬‬
‫الرؤية حق لهل الجنة‪ ،‬بغير إحاطة ول كيفية‪ ،‬كما نطسسق بسسه كتسساب ربنسسا‬
‫ة{ ]القيامة‪ ،‬آيسسة‪ ،22 :‬س ‪ ،23‬والنسسص‬ ‫ة‪ ،‬إ َِلى َرب ّ َ‬
‫ها َناظَِر ٌ‬ ‫ضَر ٌ‬
‫ذ ّنا ِ‬
‫مئ ِ ٍ‬
‫و َ‬
‫جوهٌ ي َ ْ‬
‫و ُ‬
‫} ُ‬
‫عن الطحاوية )انظر‪ :‬شرح الطحاوية ص ‪ .[.(146‬وأما الحاديث عسسن النسسبي صسسلى‬
‫الله عليه وسسسلم وأصسسحابه الدالسسة علسسى الرؤيسسة فمتسسواترة رواهسسا أصسسحاب‬
‫الصحاح والمسانيد والسن ]علي بن أبي العز‪ /‬شرح الطحاوية ص ‪.[.151‬‬
‫وقد قال بثبوت الرؤية الصحابة والتسسابعون‪ ،‬وأئمسسة السسسلم المعروفسسون‬
‫بالمامة في السسدين‪ ،‬وسسسائر طسسوائف أهسسل الكلم المنسسسوبين إلسسى السسسنة‬
‫والجماعة ]علي بن أبي العز‪ /‬شرح الطحاوية ص ‪.[.146‬‬
‫وخالف في ذلك الجهمية والمعتزلة ومن تبعهم مسسن الخسسوارج والماميسسة‬
‫]علسسي بسسن أبسسي العسسز‪ /‬شسسرح الطحاويسسة ص ‪ [.146‬وقولهم باطسسل مسسردود بالكتسساب‬
‫والسنة وإجماع السلف ]انظر‪ :‬الرد على الزنادقة والجهميسسة للمسسم أحمسسد ص ‪ ،85‬رد‬
‫المام الدارمي عثمان بن سعيد على المريسي العنيد ص ‪ ،413‬شرح أصسسول اعتقسساد أهسسل‬
‫السنة لللكائي‪ ،3/454 :‬وانظر التصديق بالظر إلى الله في الخرة للجري‪ ،‬ضوء السساري‬
‫إلى معرفة رؤية الباري لبسسي شسسامة‪ ،‬والتبصسسرة للشسسيرازي ص ‪ ،229‬شسسرح الطحاويسسة ص‬
‫‪ ،146‬مختصر الصواعق المرسلة ص ‪.[.179‬‬
‫وأذكر فيما يلي قول الشيعة من مصادرها‪:‬‬
‫لقد ذهبت الشيعة المامية بحكم مجاراتهم للمعتزلة إلسسى نفسسي الرؤيسسة‪،‬‬
‫وجاءت روايات عديدة ذكرها ابن بابويه فسسي كتسسابه التوحيسسد وجمسسع أكثرهسسا‬
‫صاحب البحار تنفي ما جاءت به النصوص من رؤيسسة المسسؤمين لربهسسم فسسي‬
‫الخرة‪ ،‬فتفتري – مثل ً – على أبي عبد الله جعفر الصادق بأنه سسسئل "عسسن‬
‫الله تبارك وتعالى هل يرى في المعاد ؟ فقال‪ :‬سسسبحان اللسسه وتعسسالى عسسن‬
‫وا كبيًرا‪ ..‬إن البصار ل تدرك إل مسا لسه لسون وكيفيسة‪ ،‬واللسه خسالق‬ ‫ذلك عل ً‬
‫اللوان والكيفية" ]بحار النوار‪ ،4/31 :‬وعزاه إلى أمالي الصدوق‪.[.‬‬
‫ويظهر أن الحجة التي احتج بها هؤلء الذين وضسسعوا هسسذه الروايسسة علسسى‬
‫قسا ل وجسسود لسسه‪.‬‬
‫جعفر تتضمن نفي الوجود الحق‪ ،‬لن ما ل كيفيسسة لسه مطل ً‬
‫ولهذا قال بعض السلف حينما سئل عسن السستواء قسال‪ :‬السستواء معلسوم‬
‫والكيف مجهول ]جاء هذا الثر – بهذا المعنى – عن أم سلمة‪ ،‬فأخرجه الللكائي بسنده‬
‫عن أم سلمة موقوًفا )شرح أصول اعتقاد أهسسل السسسنة‪ ،(3/297 :‬وذكسسره ابسسن حجسسر )فتسسح‬
‫الباري‪ .(13/406 :‬قال شيخ السلم ابن تيمية‪ » :‬روي هذا الجسسواب عسسن أم سسسلمة رضسسي‬
‫عا‪ ،‬ولكن ليس إسناده مما يعتمد عليه « )الفتاوى‪ ،(5/365 :‬كمسسا‬ ‫الله عنها‪ :‬موقوًفا ومرفو ً‬
‫ثبت مثل هذا الجسواب عسن ربيعسة شسيخ مالسك‪ ،‬وروي مسن غيسر وجسه عسن مالسك )المصسدر‬
‫السابق( فأخرجه الللكائي عنهمسسا )شسسرح أصسسول اعتقسساد أهسسل السسسنة‪ .(3/398 :‬والسسبيهقي‬
‫)السسسماء والصسفات ص ‪ ،(409-408‬وذكسسره البغسسوي )شسسرح السسسنة‪ (1/171 :‬والسسسيوطي‬
‫)الدر المنثور‪ ..[.(3/91 :‬ولم يقل‪ :‬ل كيفية له‪.‬‬
‫فالمنفي هنا علم البشر بالكيفية ل ذات الكيفية‪ ،‬كما أن هذا ينسساقض مسسا‬
‫رواه صاحب الكافي عن أبي عبد الله أنه قال‪ .." :‬ولكسسن لبسسد مسسن إثبسسات‬

‫‪321‬‬
‫أن له كيفية ل يسسستحقها غيسسره ول يشسسارك فيهسسا ول يحسساط بهسسا ول يعلمهسسا‬
‫غيره" ]أصول الكافي‪.[.1/85 :‬‬
‫وقال شيخهم وآيتهم جعفر الّنجفي صساحب كشسف الغطسا‪" :‬ولسو نسسسب‬
‫صفات‪ ..‬كالّرؤية حكسسم بارتسسداده" ]كشسسف الغطسسا‪ :‬ص ‪.[.417‬‬ ‫إلى الله بعض ال ّ‬
‫وجعل الحّر العاملي نفي الرؤية من أصول الئمة‪ ،‬وعقد لذلك باًبا بعنسسوان‬
‫دنيا ول فسسي‬ ‫ن اللسسه سسسبحانه ل تسسراه عيسسن ول يسسدركه بصسسر فسسي الس ّ‬ ‫"بسساب أ ّ‬
‫الخرة" ]الفصول المهّمة في أصول الئّمة‪ :‬ص ‪.[.12‬‬
‫فنفيهم لرؤية المؤمنين لربهم في الخرة خروج عن مقتضسسى النصسسوص‬
‫ضا خروج عسسن مسذهب أهسل السبيت‪ ،‬وقسد اعسترفت بعسض‬ ‫الشرعية‪ ،‬وهو أي ً‬
‫مي عن أبي بصسسير‪ ،‬عسسن أبسسي عبسسد‬ ‫رواياتهم بذلك‪ ،‬فقد روى ابن بابويه الق ّ‬
‫ل هسسل يسسراه‬ ‫سلم قسسال‪ :‬قلسست لسسه‪ :‬أخسسبرني عسسن اللسسه عسّز وجس ّ‬ ‫الله عليه ال ّ‬
‫المؤمنون يوم القيامة؟ قسسال‪ :‬نعسسم ]ابسسن بسسابويه‪ /‬الّتوحيسسد ص ‪ ،117‬بحسسار النسسوار‪:‬‬
‫شي ص ‪) 450‬رقم ‪.[.(848‬‬ ‫‪ ،4/44‬وانظر‪ :‬رجال الك ّ‬
‫‪ 3‬س ومثل مسألة "الرؤية" مسألة أخرى هي "نزول الرب جل شأنه"‪:‬‬
‫والذي استفاضت به السنة عسسن النسسبي صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم واتفسسق‬
‫سلف المة وأئمتها وأهل العلم بالسنة والحديث على تسديق ذلك وتلقيسسه‬
‫بالقبول ]ابن تيمية‪ /‬شرح حديث النزول‪ :‬ص ‪ ،6‬وانظر‪ :‬السسرد علسسى الجهميسسة للمسسام أبسسي‬
‫سعيد السسدارمي‪ :‬ص ‪ ،284‬ورد المسام عثمسان بسن سسعيد علسسى المريسسي العنيسد ص ‪،377‬‬
‫السنة‪ /‬لبن أبسسي عاصسسم‪ ،1/216 :‬شسسرح أصسسول اعتقسساد أهسسل السسسنة‪ /‬الللكسسائي‪[.3/434 :‬‬
‫وإثباته على ما يليق بجلله سبحانه ويختص بعظمته‪.‬‬
‫وقد جاءت عند الثني عشرية روايسسات نسسسبوها لهسسل السسبيت تنكسسر ذلسسك‬
‫]انظر رواياته في أصول الكافي‪ ،127-1/125 :‬وانظر‪ :‬بحار النوار‪ [.314 ،3/311 :‬في‬
‫حين يوجد روايات أخرى تثبت النزول اللهي وهي التي تتفق مع نقل أهل‬
‫السنة عنهم‪ .‬جاء في كتب الشيعة "قال سائل لبي عبسسد اللسسه‪ :‬تقسسول إن ّسسه‬
‫ن الّروايسسات قسسد‬ ‫دنيا؟ قال أبو عبد الله‪ :‬نقول بسسذلك‪ ،‬ل ّ‬‫سماء ال ّ‬
‫ينزل إلى ال ّ‬
‫حت به والخبار" ]بحار النوار‪ .3/331 :‬وقد عزاه المجلسي إلى كتاب الّتوحيد لبسسن‬ ‫ص ّ‬
‫ل علسسى الن ّسسزول‬‫ص الذي يسسد ّ‬ ‫ن الن ّ ّ‬
‫بابويه‪ ،‬وقد رجعت إلى كتاب الّتوحيد فوجدت الّرواية إل أ ّ‬
‫ص فسسي بعسسض الّنسسسخ‬ ‫قق الكتاب أشار في الحاشية إلسسى وجسسود هسسذا الن ّس ّ‬ ‫قد حذف‪ ،‬لكن مح ّ‬
‫صلب لعسسدم مسسوافقته لمشسسربه )انظسسر‪ :‬الّتوحيسسد لبسسن‬ ‫الخط ّّية للكتاب‪ ،‬ولكّنه لم يثبته في ال ّ‬
‫بابويه ص ‪ .[.(248‬ومثل هذا المعنسسى جسساء فسسي تفسسسير القمسسي أصسسل أصسسول‬
‫التفاسير عندهم كما أثبت ذلسسك صسساحب البحسسار ]بحسسار النسسوار‪ ،[.3/315 :‬وإن‬
‫كان ناشر الكتاب والمعلق عليه أضاف إليه ما يغير معناه ]قال‪" :‬ينزل أمره"‬
‫انظر‪ :‬تفسير القمي‪ [.2/204 :‬ولم يتفطن أن بقية النص تكشسسف مسسا زاده فيسسه‬
‫]حيث جاء النص‪" :‬إن الرب تبارك وتعالى ينزل كله ليلة… فإذا طلع الفجر عاد السسرب إلسسى‬
‫عرشه"‪) .‬انظر‪ :‬بحار النوار‪ ،3/315 :‬تفسير القمي‪ (2/204 :‬ول يخفى ما فيسسه مسسن الغلسسو‬
‫في الثبات في قوله‪" :‬ثم عاد الرب إلى عرشه"‪.[.‬‬
‫واختلف رواياتهم بهذه الصورة يدل على أن جانًبا منها باطسسل بل ريسسب‪،‬‬
‫ول شك بأن الروايات التي تتفق مع كتاب اللسه وسسنة رسسوله صسلى اللسه‬
‫عليه وسلم وإجماع السلف هي الصواب‪ ،‬وإن أعرض عنه شسسيوخ الشسسيعة‬
‫مجاراة لهل العتزال‪.‬‬
‫‪322‬‬
‫ثم إن اختلف شيوخ المامية المتقدمين عن متأخريهم فسسي هسسذا البسساب‬
‫يلزم منه أن أحدهما على ضلل‪ ،‬وعليه "لزم ضسسرورة أن شسسيوخ الماميسسة‬
‫ضلوا في التوحيد إما متقسسدموهم وإمسسا متسسأخروهم" ]منهسساج السسسنة‪.[.1/275 :‬‬
‫وقد جاءت روايسسات تسدل علسى أن الئمسة – بساعتراف كتسب الشسيعة – قسد‬
‫أخذوا بالمنهج الوسط بين غلو متقسسدمي الشسسيعة فسسي الثبسسات‪ ،‬وبيسسن غلسسو‬
‫متأخريهم في التعطيل‪.‬‬
‫وعقد صاحب الكافي باًبا بعنوان "باب النهي عن الصفة بغير مسسا وصسسف‬
‫به نفسه تعالى" وذكر فيسسه اثنسستي عشسسرة روايسسة عسسن الئمسسة ]انظسسر‪ :‬أصسسول‬
‫الكافي‪ [.104-1/100 :‬افتتح البسساب بروايسسة "عبسسد الرحيسسم بسسن عتيسسك القصسسير‬
‫قال‪ :‬كتبت على يدي عبد الملك بن أعين إلى أبي عبد الله عليسسه السسسلم‪:‬‬
‫ي‪ :‬سسسألت‬ ‫ما بالعراق يصفون الله بالصسسورة وبسسالتخطيط فكتسسب إلس ّ‬ ‫"إن قو ً‬
‫رحمك الله عن التوحيد وما ذهب إليه من قبلك‪ ،‬فتعالى اللسسه السسذي ليسسس‬
‫كمثله شيء وهو السميع البصير‪ ،‬وتعالى عما يصفه الواصفون المشبهون‬
‫الله بخلقه المفترون على الله‪ ،‬فاعلم رحمسسك اللسسه أن المسسذهب الصسسحيح‬
‫في التوحيد ما نزل به القرآن من صفات الله جسسل وعسسز‪ ،‬فسسانف عسسن اللسسه‬
‫تعالى البطلن والتشبيه فل نفي ول تشبيه ]مذهب السلف بيسسن مسسذهبين‪ ،‬وهسسدي‬
‫مث ْل ِق ِ‬
‫ه‬ ‫بين ضللتين‪ :‬هو إثبات الصفات‪ ،‬ونفي مماثلة المخلوقات‪ ،‬فقوله تعسسالى‪} :‬ل َي ْق َ‬
‫س كَ ِ‬
‫صيُر{ رد علسسى أهسسل‬ ‫ع الب َ ِ‬
‫مي ُ‬
‫س ِ‬
‫و ال ّ‬
‫ه َ‬
‫و ُ‬
‫ء{ رد على أهل التشبيه‪ ،‬والتمثيل‪ .‬وقوله‪َ } :‬‬
‫ي ٌ‬
‫ش ْ‬‫َ‬
‫النفي والتعطيل )انظر‪ :‬مجموع فتاوى شيخ السلم‪ (5/196 :‬لكن لفظ التشبيه صسسار فسسي‬
‫ظا مجمل ً يراد به المعنى الصحيح وهو ما نفاه القرآن ودل عليسسه العقسسل مسسن‬ ‫كلم الناس لف ً‬
‫أن صفات الرب ل يوصف بها شيء من المخلوقات‪ ،‬ول يماثله شيء مسسن المخلوقسسات فسسي‬
‫شيء من صفاته‪ ،‬ويراد به معنى باطل وهو أن ل يثبت لله شيء من الصفات )انظر‪ :‬شرح‬
‫الطحاويسسة ص ‪ ..[.(40‬ل تعسسدوا القسسرآن فتضسسلوا بعسسد البيسسان" ]أصسسول الكسسافي‪:‬‬
‫‪ .[.1/100‬وعن المفضل قسال‪ :‬سسسألت أبسسا الحسسسن عسن شسسيء مسن الصسسفة‬
‫فقال‪" :‬ل تجاوز ما في القرآن" ]السابق‪.[.1/102 :‬‬
‫لحظ أن هذا النص الذي ورد في أصح كتبهم الربعة يسسأمرهم باتبسساع مسسا‬
‫نزل به القرآن من صفات الله سبحانه‪ .‬فمن قلد أهسل العستزال‪ ،‬أو حكسم‬
‫العقل وأعرض عن كتاب الله‪ ،‬لم يتبع كتاب الله‪ ،‬ولم يأخذ بوصية إمامه‪.‬‬
‫قال الرضا‪" :‬للناس في التوحيد ثلثسسة مسسذاهب‪ :‬نفسسي‪ ،‬وتشسسبيه‪ ،‬وإثبسسات‬
‫بغير تشبيه؛ فمذهب النفسسي ل يجسسوز‪ ،‬ومسسذهب التشسسبيه ل يجسسوز؛ لن اللسسه‬
‫تبارك وتعالى ل يشبه شيء والسبيل في الطريقة الثالثة إثبات بل تشبيه"‬
‫]بحار النوار‪.[.3/263 :‬‬
‫فأوائل الشيعة أخذوا بالتشبيه وأواخرهم أخسسذوا بسالنفي‪ ،‬وأعرضسسوا عسسن‬
‫المذهب الوسط‪ ،‬وهو مذهب الئمة كما تقر به "نقولهم" فدل علسسى أنهسسم‬
‫ليسوا على شيء في هذا الباب فلم يأخسسذوا بمنهسسج القسسرآن والسسسنة ولسسم‬
‫يأخذوا بطريقة الئمة الذين يزعمون أنهسسم قسسدوتهم‪ ،‬بسسل سسساروا مسسع أهسسل‬
‫ء{ ثم أخذوا بمسلك‬ ‫ي ٌ‬ ‫ه َ‬
‫ش ْ‬ ‫مث ْل ِ ِ‬ ‫ل‪ ،‬وخالفوا قول الله‪} :‬ل َي ْ َ‬
‫س كَ ِ‬ ‫التمثيل أو ً‬
‫أهل التعطيل وأعرضوا عن نصوص الصفات الواردة عن الله ورسوله‪.‬‬

‫‪323‬‬
‫المبحث الثالث‬
‫وصفهم الئمة بأسماء الله وصفاته‬
‫وهو ما انفردت به الشسيعة‪ ،‬وشسذت بسه عسن المسسة‪ ...‬فسسإذا كسسان شسسيوخ‬
‫الشيعة المتقدمون قد شبهوا الخالق سبحانه بصفات المخلوقين‪ ،‬ثم واجه‬
‫هذه الموجة الغالية في التجسيم موقف آخر قد يمثل ردة فعسسل لسسه‪ ،‬وهسسو‬
‫موقف التعطيل‪..‬‬
‫فشسسبهوا اللسسه سسسبحانه بالمعسسدومات والجمسسادات والممتنعسسات‪ ،‬وعطلسسوا‬
‫نصوص السماء والصفات‪.‬‬
‫فهم لم يصفوا الله سبحانه بما وصف به نفسه وبما وصسسفه بسسه رسسسوله‬
‫صلى الله عليه وسلم ل فسسي مسسذهبهم الول ول فسسي مسسذهبهم الخيسسر‪ ..‬إذا‬
‫كان المر كذلك فإنهم لم يكتفوا بذلك‪ ،‬بل تطسسور المسسر إلسسى أن السسسماء‬
‫والصفات الواجبة لله سبحانه وصفوا بهسسا بعسسض البشسسر )الئمسسة( فخرجسسوا‬
‫بمذهب ثالث وهو تشبيه المخلوق بالخسسالق‪ ،‬فشسسابهوا النصسسارى فسسي ذلسسك‬
‫كما شابهوا اليهود في المذهب الول )التجسيم(‪.‬‬
‫لقد خرجوا ببدعة ثالثة أحدثوها في أمة محمد صلى اللسسه عليسسه وسسسلم‪،‬‬
‫حيث زعموا أن الئمة هم أسماء الله‪ ،‬فأسماء اللسسه سسسبحانه السستي ذكرهسسا‬
‫في كتابه هي – على حد زعمهم – عبارة عسسن الئمسسة الثنسسي عشسسر‪ ،‬وهسسذا‬
‫يتضسسمن تعطيسسل اللسسه مسسن أسسسمائه الحسسسنى‪ ،‬وإعطاءهسسا بعسسض البشسسر‪،‬‬
‫ويزعمسسون أن النسسص مسسن "المعصسسوم" قسسد ورد بسسذلك‪ ،‬وهسسذا إفسسك عظيسسم‬
‫افتروه؛ فويل لهم مما يفترون‪.‬‬
‫روى الكليني في أصل الكافي عن أبي عبد الله في قول الله عز وجل‪:‬‬
‫ها{ ]العراف‪ ،‬آية‪ [.180 :‬قال‪" :‬نحن‬ ‫سَنى َ‬ ‫ماء ال ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ول ِل ّ ِ‬
‫عوهُ ب ِ َ‬
‫فادْ ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫س َ‬
‫ه ال ْ‬ ‫} َ‬
‫والله السماء الحسسسنى السستي ل يقبسسل اللسسه مسسن العبسساد عمل ً إل بمعرفتنسسا"‬
‫]أصول الكافي‪.[.144-1/143 :‬‬
‫وهذا المعنى تناقله أساطين المذهب في روايات عديدة منسوبة لجعفر‬
‫الصسسادق وغيسسره ]انظسسسر‪ :‬تفسسسسير العياشسسسي‪ ،2/42 :‬المفيسسسد‪ /‬الختصسسساص‪ :‬ص ‪،252‬‬
‫المجلسي‪ /‬بحار النوار‪ ،94/22 :‬النوري الطبرسي‪ /‬مستدرك الوسسسائل‪ ،1/371 :‬البرهسان‪:‬‬
‫‪ ،2/52‬تفسير الصافي ‪.[.255-2/254‬‬
‫سَنى{ وهؤلء يقولسسون‪ :‬نحسسن‬ ‫ماء ال ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ول ِل ّ ِ‬
‫ح ْ‬ ‫س َ‬
‫ه ال ْ‬ ‫الله سبحانه يقول‪َ } :‬‬
‫السماء الحسنى‪ ،‬فأي محاداة لله وكتابه أعظسم مسن هسذا! إن مسن معيسسن‬
‫هذه النصوص المظلمة تستقي طسسوائف الباطنيسسة الملحسسدة والسستي تسسذهب‬
‫لتأليه الئمة‪ ..‬ومن مائها السن ترتوي‪.‬‬
‫وتفصل روايات أخرى لهم ما أجملته الرواية السابقة فيروون عسسن أبسسي‬
‫جعفر أنه قال‪" :‬نحن وجه الله نتقلب في الرض بين أظهركم‪ ،‬ونحن عين‬
‫الله في خلقه‪ ،‬ويده المبسوطة بالرحمسة علسى عبساده‪ ،‬عرفنسا مسن عرفنسا‬
‫وجهلنا من جهلنا" ]أصول الكافي‪ ،1/143 :‬البرهان‪.[.3/240 :‬‬
‫وعن أبي عبد اللسه‪" :‬إن اللسه خلقنسا فأحسسن صسورنا وجعلنسا عينسه فسي‬
‫عباده‪ ،‬ولسانه الناطق في خلقسسه‪ ،‬ويسسده المبسسسوطة علسسى عبسساده بالرأفسسة‬
‫والرحمة‪ ،‬ووجهه الذي يؤتى منه‪ ،‬وبابه الذي يدل عليه‪ ،‬وخزانه في سمائه‬
‫‪324‬‬
‫وأرضه‪ ،‬بنا أثمرت الشجار وأينعت الثمار‪ ،‬وجرت النهار‪ ،‬وبنا ينسسزل غيسسث‬
‫عبد الله" ]أصسسول‬
‫السماء وينبت عشب الرض‪ ،‬وبعبادتنا عبد الله ولولنا ما ُ‬
‫الكسسافي‪ ،1/144 :‬ابسسن بسسابويه‪ /‬التوحيسسد ص ‪ ،152-151‬بحسسار النسسوار ‪ ،24/197‬البرهسسان‪:‬‬
‫‪.[.241-3/240‬‬
‫وزعموا أن أمير المؤمنين علًيا قال‪" :‬أنا عين الله وأنا يد الله وأنا حبيب‬
‫الله وأنا باب الله" ]أصول الكافي‪ ،1/145 :‬بحار النسسوار‪ .[.24/194 :‬وقسسال – كمسسا‬
‫يفترون ‪" :-‬أنا علم الله‪ ،‬وأنا قلب الله الواعي‪ ،‬ولسان الله الّناطق‪ ،‬وعين‬
‫ناظرة‪ ،‬وأنا جنب الله وأنا يسسد اللسسه" ]ابسسن بسسابويه‪ /‬الّتوحيسسد ص ‪ ،164‬بحسسار‬ ‫الله ال ّ‬
‫النوار‪.[.24/198 :‬‬
‫قا من‬ ‫ل خل ً‬ ‫ن لله عّز وج ّ‬ ‫ن أبا عبد الله قال‪" :‬إ ّ‬ ‫وفي التوحيد لبن بابويه أ ّ‬
‫سسسامعة‪ ،‬ولسسسانه‬ ‫رحمته‪ ،‬خلقهم من نوره‪ ..‬فهم عين الله الّناظرة وأذنه ال ّ‬
‫ضسيم‪ ،‬وبهسم‬ ‫سسّيئات‪ ،‬وبهسم يسدفع ال ّ‬ ‫الّناطق في خلقه بإذنه‪ ..‬بهسم يمحسو ال ّ‬
‫ُينّزل الّرحمة‪ ،‬وبهم يحيي ميًتا‪ ،‬وبهم يميت حّيا‪ ،‬وبهسسم يبتلسسي خلقسسه‪ ،‬وبهسسم‬
‫يقضي في خلقه قضّيته" ]الّتوحيد‪ :‬ص ‪.[.167‬‬
‫وقد ذكر المجلسي سًتا وثلثين رواية تقول إن الئمة هم وجه اللسسه ويسسد‬
‫شي وغيره قال علي – كمسسا‬ ‫الله ]بحار النوار‪ .[.203-24/191 :‬وفي رجال الك ّ‬
‫ظسساهر‪،‬‬ ‫يفترون ‪" :-‬أنا وجه الله‪ ،‬أنا جنب الله‪ ،‬وأنا الّول‪ ،‬وأنا الخر‪ ،‬وأنا ال ّ‬
‫شسسي ص ‪ 221‬رقسسم )‪ ،(374‬وانظسسر‪ :‬بحسسار النسسوار‪،94/180 :‬‬ ‫وأنا الباطن‪] "..‬رجسسال الك ّ‬
‫بصائر الّدرجات ص ‪.[151‬‬
‫وجاءت عندهم روايات عديدة في كثير من مصسسادرهم المعتمسسدة تفسسسر‬
‫م{ ]الرحمن‪ ،‬آيسسة‪:‬‬ ‫وال ِك َْرا ِ‬ ‫ل َ‬ ‫جل ِ‬ ‫ذو ال ْ َ‬ ‫ك ُ‬ ‫ه َرب ّ َ‬
‫ج ُ‬ ‫و ْ‬‫قى َ‬ ‫وي َب ْ َ‬
‫قوله سبحانه‪َ } :‬‬
‫ه{ ]القصسسص‪ ،‬آيسسة‪[.88 :‬‬ ‫هق ُ‬ ‫ج َ‬‫و ْ‬ ‫ك ِإل َ‬ ‫هال ِ ٌ‬‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫‪ .[.27‬وقوله سبحانه‪} :‬ك ُ ّ‬
‫بما رووه عن جعفر أّنه قال‪" :‬نحن وجه الله" ]مضى تخريج هذا الّنص من كتبهم‬
‫ص ‪" [173-172‬نحن الوجه الذي يؤتى الله منه" ]مضسسى تخريجسسه مسسن كتبهسسم ص‬
‫‪" ،[173-172‬نحن وجه الله السسذي ل يهلسسك" ]ابسسن بسسابويه‪ /‬الّتوحيسسد ص ‪ ،150‬بحسسار‬
‫صافي‪ ،4/108 :‬البرهسسان‪ ،[.3/241 :‬وروايات أخسسرى بهسسذا‬ ‫النوار‪ ،24/201 :‬تفسير ال ّ‬
‫ه{ ص‬ ‫هق ُ‬‫ج َ‬
‫و ْ‬
‫ك ِإل َ‬‫هال ِق ٌ‬
‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬‫شق ْ‬ ‫ل َ‬ ‫المعنى ]انظر‪ :‬ابن بابويه‪ /‬التوحيسسد‪ ،‬بسساب تفسسسير }ك ُ ّ‬
‫‪ ،153-149‬وبحار النوار‪ 24/191 :‬وما بعدها‪ ،‬وفي تفسير البرهان ثلث عشرة رواية بهذا‬
‫المعنى نقلها من مختلف كتبهم المعتمدة عندهم )انظر‪ :‬البرهان ‪.[.(242-30/240‬‬
‫وجاء في تفسير العياشي‪ ،‬رواية طويلسسة تقشسسعر منهسسا أبسسدان المسسؤمنين‬
‫تصف ما يجري في يوم القيامة‪ ،‬وتقول نهاية الرواية – على لسان الئمسسة‬
‫‪" :-‬ثم يؤتى بنا فنجلس على عرش رّبنا‪] "..‬تفسير العّياشي‪ ،2/312 :‬البحرانسسي‪/‬‬
‫البرهان‪ ،2/439 :‬المجلسي‪ /‬بحار النوار‪) 3/302 :‬ط‪:‬كمباني(‪.[.‬‬
‫هذا ونصوصهم التي تفسر أسماء الله عز وجل وصفاته بالمام والئمسسة‬
‫كثيرة‪.‬‬
‫ضسسا بعسسض صسسفات السسرب سسسبحانه كسسالعلم‬ ‫كما أنهم أضفوا على الئمة أي ً‬
‫بالغيب‪ ،‬وعقد لذلك صاحب الكافي باب ًسسا بعنسسوان "بسساب أن الئمسسة يعلمسسون‬
‫علم ما كان وما يكون وأنه ل يخفى عليهسسم الشسسيء" ]انظسسر‪ :‬أصسسول الكسسافي‪:‬‬
‫‪ .[.262-1/260‬وضمنه طائفة من رواياتهم‪ .‬وعقد باًبا آخر بعنسسوان "بسساب أن‬
‫‪325‬‬
‫الئمة إذا شاءوا أن يعلموا علموا" ]أصول الكسسافي‪ [.1/258 :‬وذكر فيسسه جملسسة‬
‫من أحاديثهم‪ ،‬ومن روايات هذه البواب‪:‬‬
‫سماوات وما في‬ ‫قال أبو عبد الله – كما يفترون ‪" :-‬إّني لعلم ما في ال ّ‬
‫الرض وأعلم ما في الجّنة وأعلم ما في الّنار‪ ،‬وأعلم ما كان وما يكون‪"..‬‬
‫]أصول الكافي‪" .[.1/261 :‬وعن سيف التمار قال‪ :‬كنا مع أبي عبد الله رضسسي‬
‫الله عنه جماعة من الشيعة في الحجر فقسسال‪ :‬علينسسا عيسسن؟ فالتفتنسسا يمنسسة‬
‫ب‬‫ب الكعبسسة ور ّ‬ ‫دا‪ ،‬فقلنسسا‪ :‬ليسسس علينسسا عيسسن‪ .‬فقسسال‪ :‬ور ّ‬
‫ويسرة فلم نر أحس ً‬
‫البنية – ثلث مّرات – لو كنت بين موسسسى والخضسسر لخبرتهمسسا أن ّسسي أعلسسم‬
‫سسسلم‬ ‫ن موسى والخضر عليهما ال ّ‬ ‫منهما ولنبأتهما بما ليس في أيديهما‪ ،‬ل ّ‬
‫أعطيا علم ما كان ولم ُيعطيسسا علسسم مسسا يكسسون ومسسا هسسو كسسائن حسستى تقسسوم‬
‫ساعة‪ ،‬وقد ورثناه من رسول الله صلى الله عليه وسسسلم وراثسسة" ]أصسسول‬ ‫ال ّ‬
‫الكافي‪.[.261-1/260 :‬‬
‫وبعد‪ ،‬فهذه كلمات ل تحتاج إلى تعليسسق‪ ،‬وأقسسول هسسي "زبالسسة" المسسذاهب‬
‫الباطنية‪ ،‬التي كان لها وجود في تاريخ المسلمين‪ ،‬والتي تذهب إلسسى تسسأليه‬
‫ي والئمة‪ .‬قد استوعبتها الثنا عشرية في بنية مذهبها‪.‬‬ ‫عل ّ‬
‫وهسسم يلصسسقون هسسذه المفتريسسات بأهسسل السسبيت ليتخسسذوا منهسسم "عكسسازة"‬
‫يعتمدون عليها لنشر مذهبهم‪ .‬وإل فمن يقول‪" :‬أنا الول والخسسر والظسساهر‬
‫والباطن" ]انظر‪ :‬ص )‪[.(558‬؛ هل يختلف عن فرعون الذي قال‪" :‬أنسسا ربكسسم‬
‫العلى"؟! وكيف يتجرأ أساطين المذهب كالكشي والطوسسسي علسسى نقسسل‬
‫هذا اللحاد‪ ،‬وكيف يعدون الكليني ثقة إسلمهم وهو ينقل هو وأضرابه هذا‬
‫الكفر البواح؟!‬
‫وهل ثمة عذر لمعتذر؟‬
‫وقد حاول شيخهم المجلسي اللجوء إلى المجاز لتفسير بعض نصوصهم‬
‫الواردة في هذا البسساب حيسسث قسسال‪" :‬إن تلسسك المجسسازات شسسائعة فسسي كلم‬
‫العرب‪ ،‬فيقال‪ :‬لفلن وجه عند الناس‪ ،‬ولفلن يد على فلن وأمثسسال ذلسسك‪،‬‬
‫والوجه يطلق على الجهة‪ ،‬فالئمة الجهة التي أمر اللسسه بسسالتوجه إليهسسا‪ ،‬ول‬
‫يتوجه إليه تعالى إل بالتوجه إليهم‪ ،‬وكسسل شسسيء هالسسك باطسسل مضسسمحل إل‬
‫دينهم وطريقتهم وطاعتهم‪ ،‬وهم عين الله أي شسساهده علسى عبسساده‪ ،‬فكمسا‬
‫أن الرجل ينظسسر بعينسسه ليطلسسع علسسى المسسور فكسسذلك خلقهسسم اللسسه ليكونسسوا‬
‫شهداء من الله عليهم ناظرين في أمورهم‪.‬‬
‫وإطلق اليد على النعمة والرحمة والقدرة شائع‪ ،‬فهم نعمة الله التامسسة‪،‬‬
‫ورحمته المبسوطة‪ ،‬ومظاهر قسسدرته الكاملسسة‪ .‬والجنسسب‪ :‬الجسسانب والناحيسسة‬
‫وهم الجانب الذي أمر الخلق بالتوجه إليهم‪ ..‬ويحتمل أن يكون كنايسسة عسسن‬
‫أن قرب الله تعالى ل يحصل إل بالتقرب بهم‪ ،‬كما أن قرب الملسسك يكسسون‬
‫ه ]بحار النوار‪.[.24/202 :‬‬‫بجنبه" ا ‍‬
‫إن هذا العتذار دليل على رضا شيوخهم بهذا الكفسسر السسبين‪ ،‬وإل فكيسسف‬
‫جا؟! لم ل يضرب به الجدار‪ ،‬وينقي "ثوب‬ ‫يلتمس لهذا اللحاد الظاهر مخر ً‬
‫التشيع" مسسن أدران رؤوس الملحسسدة‪ ،‬وزبانيسسة الكفسسر؟ وهسسل يصسسح تأويسسل‬

‫‪326‬‬
‫المجلسي إل إذا صح تأويل قول فرعون "أنا ربكم العلى" إل إذا كان هذا‬
‫التأويل لمجرد التستر على الباطل‪ ،‬والدفاع بالهوى عن مقالت الملحدة‪.‬‬
‫إن التعلق بالمجاز – على فرض القول ]انظر في مسسسألة المجسساز‪ :‬ابسسن تيميسسة‪/‬‬
‫مجموع فتاوى شيخ السلم‪ ،119-7/87 :‬مختصر الصواعق المرسلة ص ‪ 242‬وما بعدها‪[.‬‬
‫به – ل مكان له هنا؛ لن المجاز في اللغسسة يلحسسظ فيسسه وجسسود علقسسة بيسسن‬
‫المعنى الصلي والمعنى المجسسازي‪ ،‬مسسع وجسسود قرينسسة تمنسسع إرادة المعنسسى‬
‫الصلي ]راجع‪ :‬كتسب البلغسة العربيسة‪ :‬انظسر – مثل ً ‪ :-‬المراغسي‪ /‬علسوم البلغسة ص ‪،296‬‬
‫حفني ناصف وزملؤه‪ /‬البلغسسة ص ‪) 341‬ضسسمن قواعسسد اللغسسة(‪ .[.‬والصل فسسي الكلم‬
‫الحقيقة "ول يصار إلى المجاز إل إذا تعذر حمل الكلم على حقيقتسسه" ]أبسسو‬
‫شامة‪ /‬ضوء الساري ص ‪.[.106‬‬
‫ولذلك فإن فرًقا كسسثيرة فسسي الثنسسي عشسسرية وغيرهسسا عسسدت ذلسك الكلم‬
‫حقيقة‪ ،‬واعتقدت في الئمة اللوهية بمقتضى هذا الكفر السذي ينقلسه لهسم‬
‫شيوخ الثني عشرية‪ ،‬وكان حق هسسذه المقالسسة الرفسسض والتكسسذيب؛ لنسسه ل‬
‫معنى لدعوى المجاز‪ ،‬فهل توجد علقة وقرينة لجعسسل معسساني أسسسماء اللسسه‬
‫الحسنى وصفاته العليا للئمة ؟! فأين العلقة في قولهم بأن أسسسماء اللسسه‬
‫"الول والخر والظاهر والباطن" هي أوصاف للئمسسة ؟!! وقسسوله سسسبحانه‪:‬‬
‫ها{ أيسسن القرينسسة الصسسارفة لهسسذه‬ ‫سَنى َ‬ ‫ماء ال ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ول ِل ّ ِ‬
‫عوهُ ب ِ َ‬ ‫فادْ ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫س َ‬‫ه ال ْ‬ ‫} َ‬
‫الية عن معناها الصلي وهو أسماء الله سبحانه؟! ل يوجد شيء من ذلك‬
‫إل إن كانت هي زعمهسسم أن فسسي الئمسسة جسسزءا ً إلهي ًسسا‪ ،‬فقسسد أخسسرج صسساحب‬
‫ن اللسسه خلطنسسا بنفسسسه" ]أصسسول الكسسافي‪:‬‬ ‫الكافي عسسن الئمسسة أنهسسم قسسالوا‪" :‬إ ّ‬
‫‪.[.1/146‬‬
‫فإذا كانت هذه هي القرينسسة فهسسي تؤكسسد مبسسدأ الغلسسو ول تنفيسسه‪ ،‬وتعطسسي‬
‫الئمة جزءا ً من صفات الله سبحانه‪ .‬وأنت تلحظ فسسي كلمسسات المجلسسسي‬
‫مظاهر الغلو في الئمة وتكاد تكون مجرد صدى لتلك الروايات‪.‬‬
‫فهل يمكن أن يقارن قول العرب‪ :‬لفلن وجه عند الناس بقسسول إمسسامهم‬
‫– كما يفترون ‪" :-‬أنا وجه الله"؟! وهل يقبل أن تجعل قرينة ذلك أن علًيسسا‬
‫والئمة هم الجهة التي أمر الله بالتوجه إليها‪ ..‬هل عندهم من برهان بهسسذا‬
‫فيخرجوه لنا؟‬
‫ل يتسسوجه النسساس بعبسسادتهم ودعسسائهم إل إلسسى اللسسه وحسسده‪ ،‬ول يسسستقبل‬
‫المسلمون في صلواتهم إل إلى بيت الله‪ ،‬ول واسطة بين اللسسه وخلقسسه إل‬
‫في تبليغ وحيه سسسبحانه‪ ،‬ول واسسسطة فسسي التبليسسغ إل رسسسل الهسسدى عليهسسم‬
‫السلم‪ ،‬وكل يؤخذ من قوله ويترك إل رسول الله صلى الله عليه وسسسلم‪،‬‬
‫فكيف يقال بعد هذا‪ :‬إن الئمة هم الجهة التي يتوجه الناس إليها ؟!‬
‫أمسسا دعسسوى "أن الئمسسة يعلمسسون مسسا كسسان ومسسا يكسسون ول يخفسسى عليهسسم‬
‫الشيء" فهذه صفة للحق جل شسسأنه ل يشسساركه فيهسسا أحسسد سسسبحانه‪ .‬قسسال‬
‫َ‬
‫ه{‬ ‫ب ِإل الل ّ ُ‬ ‫ض ال ْ َ‬
‫غي ْ َ‬ ‫والْر ِ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫س َ‬ ‫في ال ّ‬ ‫من ِ‬ ‫م َ‬ ‫عل َ ُ‬‫قل ل ي َ ْ‬ ‫تعالى‪ُ } :‬‬
‫و{ ]النعام‪ ،‬آية‪:‬‬ ‫ه َ‬ ‫ها إ ِل ّ ُ‬
‫م َ‬ ‫عل َ ُ‬‫ب ل َ يَ ْ‬ ‫غي ْ ِ‬ ‫ح ال ْ َ‬ ‫فات ِ ُ‬ ‫م َ‬‫عندَهُ َ‬ ‫و ِ‬‫]النمل‪ ،‬آية‪َ } .[.65 :‬‬
‫َ‬ ‫عل َْيقق ِ‬
‫فققي‬ ‫ول َ ِ‬‫ض َ‬‫فققي الْر ِ‬ ‫يء ٌ ِ‬ ‫شقق ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ى َ‬ ‫فقق َ‬ ‫خ َ‬‫ه ل َ يَ ْ‬ ‫ن الّلقق َ‬‫‪} .[.59‬إ ِ ّ‬
‫ماء{ ]آل عمران‪ ،‬آية‪.[.5 :‬‬ ‫س َ‬ ‫ال ّ‬
‫‪327‬‬
‫والله سبحانه أمر أفضل الخلق رسول الهدى صلى الله عليه وسسسلم أن‬
‫ي‬‫سققن ِ َ‬‫م ّ‬‫مققا َ‬ ‫و َ‬ ‫ر َ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫خي ْ ِ‬ ‫م َ‬‫ت ِ‬ ‫ست َك ْث َْر ُ‬‫ب لَ ْ‬ ‫م ال ْ َ‬
‫غي ْ َ‬ ‫عل َ ُ‬‫ت أَ ْ‬ ‫كن ُ‬ ‫و ُ‬ ‫ول َ ْ‬
‫يقول‪َ } :‬‬
‫َ‬
‫ن الّلقق ِ‬
‫ه‬ ‫خَزآئ ِ ُ‬ ‫دي َ‬ ‫عن ِ‬‫م ِ‬ ‫ل ل َك ُ ْ‬‫قو ُ‬ ‫قل ل ّ أ ُ‬ ‫ء{ ]العراف‪ ،‬آية‪،[.188 :‬سس } ُ‬ ‫سو ُ‬ ‫ال ّ‬
‫م ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫ب{ ]النعام‪ ،‬آية‪ [.50 :‬فأمره سبحانه أن يفوض المور إليسسه‪،‬‬ ‫غي ْ َ‬ ‫عل َ ُ‬‫ول أ ْ‬ ‫َ‬
‫وأن يخبر عن نفسه أنه ل يعلم بغيب المستقبل‪ ،‬ول اطلع له على شسسيء‬
‫فل‬ ‫ب َ‬ ‫غي ْق ِ‬‫م ال ْ َ‬ ‫عال ِ ُ‬‫من ذلك إل بما أطلعه اللسسه عليسسه كمسسا قسسال تعسسالى‪َ } :‬‬
‫غيب َ‬
‫ل‪] {...‬الجسسن‪ ،‬آيسسة‪:‬‬ ‫سو ٍ‬ ‫من ّر ُ‬ ‫ضى ِ‬ ‫ن اْرت َ َ‬ ‫م ِ‬‫دا ‪ِ ،‬إل َ‬ ‫ح ً‬ ‫هأ َ‬ ‫عَلى َ ْ ِ ِ‬ ‫هُر َ‬ ‫ْ‬
‫ي ُظ ِ‬
‫‪ ،27 ،26‬والنص عن تفسير ابن كثير‪.[.2/293 :‬‬
‫وقد ذكر علماء السلم أن من ادعى شيًئا مسسن علسسم الغيسسب فقسسد كفسسر‪،‬‬
‫فقد أضاف الله سبحانه علم الغيب إلى نفسه في غير ما آيسسة مسسن كتسسابه‪،‬‬
‫فل يظهر على غيبه إل من اصطفى من رسله ]انظسسر هسسذا المعنسسى فسسي تفسسسير‬
‫القرطبي‪ ،[.3 ،7/2 :‬وهذا هو الغيب المطلق المحجوب عن جميع الخلق ]ذكر‬
‫أهل العلم أن الغيب ينقسم إلى قسمين‪ :‬غيب "مطلق" أو حقيقسسي وهسسو مسسا يعلمسسه وحسسده‬
‫قل ل‬ ‫سبحانه دون ما سواه‪ ،‬وهو المقصود عنسسد الطلق‪ ،‬وفيسسه يقسسول اللسسه عسسز وجسسل‪ُ } :‬‬
‫َ‬
‫ه{‪ .‬وغيب "إضافي" أو مقيد وهو مسسا‬ ‫ب ِإل الل ّ ُ‬ ‫ض ال ْ َ‬
‫غي ْ َ‬ ‫والْر ِ‬
‫ت َ‬
‫وا ِ‬
‫ما َ‬
‫س َ‬‫في ال ّ‬‫من ِ‬‫م َ‬‫عل َ ُ‬
‫يَ ْ‬
‫غاب علمه عن بعض المخلوقين دون بعض؛ كالذي يعلمه الملئكة عن أمر عسسالمهم وغيسسره‬
‫ل‪ .‬وأما ما يعلمه البشر بتمكينهم من أسبابه واسسستعمالهم لهسسا ول يعلمسسه‬ ‫ول يعلمه البشر مث ً‬
‫غيرهم لجهلهم بتلك السباب أو عجزهم عن استعمالها فل يدخل في عمسسوم معنسسى الغيسسب‬
‫الوارد في كتاب الله؛ لنه غيب عمن غاب عنه من المخلوقين‪ ،‬ليس هو غيًبا عمسسن شسسهده‪.‬‬
‫قا غاب عن‬ ‫دا ليس غيًبا مطل ً‬ ‫والناس كلهم قد يغيب عن هذا ما يشهده هذا‪ ،‬فيكون غيًبا مقي ً‬
‫المخلوقين قاطبة‪.‬‬
‫)انظر‪ :‬مجموع فتاوى شيخ السلم‪ ،16/110 :‬تفسير المنار‪.[.(7/422 :‬‬
‫وقد عثرت وسط هذا الركام من هسسذه السسدعاوى الغبيسسة الملحسسدة حسسول‬
‫الئمة على بعض النصوص التي روتها كتب الشيعة والتي تجرد الئمة مسسن‬
‫هذه الصفات التي خلعوها عليهم‪ ،‬وهي ل تنبغي إل للحق جل شأنه‪.‬‬
‫قسسال أبسسو عبسسد اللسسه – كمسسا يسسروي صسساحب الكسسافي ‪" :-‬يسسا عجب ًسسا لقسسوام‬
‫يزعمون أنا نعلم الغيب‪ ،‬ما يعلسسم الغيسسب إل اللسسه عسسز وجسسل‪ ،‬لقسسد هممسست‬
‫بضرب جاريتي فلنة فهربت مني‪ ،‬فما علمت في أي بيسسوت السسدار هسسي‪"..‬‬
‫]أصول الكافي‪.[.1/257 :‬‬
‫ولو كان أبو عبد الله – كما يزعم الكليني فسسي أبسسوابه السستي عقسسدها بعسسد‬
‫ذكره لهذا النص – لو كان يعلم ما يكون ول يخفى عليه الشيء‪ ،‬وإذا شسساء‬
‫أن يعلم – علم لم يخف عليه موضع الجارية‪.‬‬
‫وكان الئمة من قديم يشكون مسسن مزاعسسم هسسؤلء السسذين جمسسع أقسسوالهم‬
‫صاحب الكافي وأسندها للئمة‪ ،‬ولهذا جاء في حسسديث لهسسم ذكسسره صسساحب‬
‫البحار وصاحب الحتجاج عن بعض أئمتهم قال‪" :‬تعالى الله عز وجل عمسسا‬
‫يصفون سبحانه وبحمده‪ ،‬ليس نحن شركاء في علمه ول في قدرته‪ ،‬بل ل‬
‫م‬‫عل َ ُ‬
‫قل ل ي َ ْ‬ ‫يعلم الغيب غيره‪ ،‬كما قال في محكم كتابه تبارك وتعالى‪ُ } :‬‬
‫َ‬
‫ه{‪ ...‬قسسد آذانسسا جهلء‬ ‫ب ِإل الل ّق ُ‬ ‫ض ال ْ َ‬
‫غي ْق َ‬ ‫والْر ِ‬‫ت َ‬‫وا ِ‬
‫ما َ‬‫سق َ‬
‫فققي ال ّ‬
‫مققن ِ‬
‫َ‬
‫الشيعة وحمقاؤهم‪ ،‬ومن دينه جناح البعوضة أرجح منه‪ ،‬وأشهد اللسسه السسذي‬
‫دا‪ ...‬أنسسي بريسسء إلسسى اللسسه وإلسسى رسسسوله ممسسن‬ ‫ل إله إل هو وكفى به شهي ً‬

‫‪328‬‬
‫يقول‪ :‬إنا نعلم الغيب أو نشارك الله في ملكه‪ ،‬أو يحلنا محل ً سوى المحل‬
‫الذي رضيه الله لنا"‪.‬‬
‫وروايات الشيعة تكشف نفسها بنفسها وتتناقض نصوصها‪.‬‬
‫وقول الئمة‪ :‬إنهم مصدر الرزق وإنزال الغيث‪ ..‬إلخ والذي يرويه شسيوخ‬
‫الثني عشرية هو من مخلفات غلة الشيعة والذين أنكر الئمة مذهبهم‪.‬‬
‫فقد جاء في أخبارهم أن أبا عبد الله قال حينما قيل له‪ :‬إن المفضل بن‬
‫عمر يقول‪ :‬إنكم تقدرون أرزاق العباد‪ .‬فقال‪" :‬واللسسه مسسا يقسسدر أرزاقنسسا إل‬
‫ي الفكسسرة‬‫الله‪ ،‬ولقد احتجت إلى طعام لعيالي فضاق صسسدري وأبلغسست إل س ّ‬
‫في ذلك حتى أحرزت قوتهم؛ فعندها طابت نفسي‪ ،‬لعنه الله وبرئ منه «‬
‫]بحار النوار‪ ،25/301 :‬رجال الكشي ص ‪ ،323‬وانظر روايسسة فسسي هسسذا المعنسسى فسسي بحسسار‬
‫ضا في البحسار‪ ،25/316 :‬ورجسسال‬ ‫النوار‪ ،25/32 :‬ورجال الكشي ص ‪ ،325-324‬وأخرى أي ً‬
‫الكشي ص ‪.[.519-518‬‬
‫ولكن هذه الروايات هي كالشعرة البيضاء في الثور السود‪ ،‬وفي التقية‬
‫متسع لكل نص تضيق به نفوس شيوخ الشيعة‪ ،‬وإذا أردت مثال ً على ذلسسك‬
‫فاسمع ما يقوله شارح الكافي تعقيًبا على قول أبي عبد الله السسذي نقلنسساه‬
‫فا )والذي يتعجب فيه أبو عبد اللسسه مسسن قسسوم نسسسبوا لسسه العلسسم بسسالغيب‪،‬‬ ‫آن ً‬
‫ويذكر للرد عليهم بأن جاريته قد اختفت في داره فلم يدر أين هي فكيسسف‬
‫يقال عنه إنه يعلم ما كان وما يكون(‪ .‬قال شارح الكافي‪ .." ..‬الغرض من‬
‫هذا التعجب وإظهاره هو أل يتخذه الجهال إلهًسسا‪ ،‬أو يسسدفع عسسن وهسسم بعسسض‬
‫الحاضرين المنكر لفضله ما نسبوه إليه من العلم بسسالغيب حفظ ًسسا لنفسسسه‪،‬‬
‫ما بما كان وما يكون‪ ،‬فكيف يخفسسى عليسسه‬ ‫وإل فهو رضي الله عنه كان عال ً‬
‫مكان الجارية؟ فإن قلت‪ :‬إخباره بذلك على هذا يوجب الكذب‪ ،‬قلت‪ :‬إنما‬
‫يوجب الكذب لو لم يقصد التورية وقسسد قصسسدها‪ ،‬فسسإن المعنسسى مسسا علمسست‬
‫ما غير مستفاد منه تعالى بأنها فسسي أي بيسسوت السسدار" ]المازنسسدراني‪ /‬شسسرح‬ ‫عل ً‬
‫جامع )على الكافي(‪.[.31-6/30 :‬‬
‫انظر التكلف العجيب في رد هذه الرواية لثبات أن المام يعلم ما كسسان‬
‫وما يكون حتى ارتكب في سبيل ذلك نسبة المام إلى الكذب‪ ،‬وهدم أصل ً‬
‫من أصولهم وهو العصمة‪.‬‬
‫وإذا كان المام أراد بهذا القول أل يتخذه الجهال إلًها فهل أنسست بإثباتسسك‬
‫لضد قوله تريد أن تدعو إلى تأليه المام‪ ،‬وأيسن السدليل علسى وجسود بعسض‬
‫الحاضسسرين السسذين يخشسسى مسسن وجسسودهم المسسام وسلسسسلة السسسند كلهسسم‬
‫شيعة ؟! وعلى أي وجه من وجوه اللغة يعتبر هذا من قبيل التورية؟!‬
‫أمسسا شسسيخهم الخسسر الشسسعراني المعلسسق علسسى الشسسرح فلسسم يعجبسسه هسسذا‬
‫التكليف فسي تأويسل الروايسة‪ ،‬ورام ردهسا بأقصسر طريسق وهسو الحكسم بسأن‬
‫الرواية كذب ]تعاليق علمية )على الكافي وشرحه( ‪.[.6/31 :‬‬
‫وهكذا يشيع الزنادقة عن علماء أهل البيت مثل هذه الشاعات الكاذبة‪،‬‬
‫فإذا أنكروا على هؤلء الزنادقة فريتهم‪ ،‬وفضحوا باطلهم أمام المل حمسسل‬
‫شيوخ الشيعة هذا التكذيب والنكار على التقية‪ ..‬فصارت التقية حيلسسة بيسسد‬

‫‪329‬‬
‫غلة الشيعة لبقسساء التشسسيع فسسي دائرة الغلسسو‪ ،‬ورد الحسسق‪ ،‬والسسساءة لهسسل‬
‫البيت‪.‬‬
‫وقد ادعى زارة بن أعين أن جعفسسر بسسن محمسسد يعلسسم أهسسل الجنسسة وأهسسل‬
‫فر من قسساله‪ ،‬ولكسسن زرارة حينمسسا‬ ‫النار‪ ،‬فأنكر ذلك جعفر لما بلغه ذلك‪ ،‬وك ّ‬
‫نقل له موقف جعفر قال لمحدثه‪" :‬لقد عمل معك بالتقية" ]انظر قصة ذلسسك‬
‫في ميزان العتدال‪ ،‬ترجمة زرارة بن أعين‪.[.70-2/69 :‬‬

‫المبحث الرابع‬
‫دعوى التحريف لتأييد مذهبهم في التعطيل‬
‫وهو مسلك لم يسلكه أحسسد غيرهسسم‪ ،‬وشسسذوذ اختصسسوا بسسه عسسن سسسواهم؛‬
‫حيث راموا التخلص من آيات الثبات للسسسماء والصسسفات فسسي كتسساب اللسسه‬
‫سبحانه بدعوى خطيرة‪ ،‬سبق أ عرضنا لها مفصسسلة‪ ،‬ولسسذلك سنشسسير إليهسسا‬
‫هنا باقتضاب ونقتصر على ما يتصل منهسسا ببسساب السسسماء والصسسفات‪ ،‬هسسذه‬
‫الدعوى هي تحريفهم للية عما أنزل الله‪ ،‬فمثل ً روى ابن بابويه عن الرضا‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ل َين ُ‬
‫م‬‫ه ُ‬‫ن إ ِل ّ أن َيققأت ِي َ ُ‬ ‫ظققُرو َ‬ ‫ه ْ‬‫علي بن موسى في قول الله سبحانه‪َ } :‬‬
‫وإ ِل َققى الل ّق ِ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫مقُر َ‬‫ي ال ْ‬ ‫ضق َ‬ ‫ق ِ‬‫و ُ‬ ‫ة َ‬ ‫وال ْ َ‬
‫ملئ ِك َق ُ‬ ‫مام ِ َ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫غ َ‬ ‫م َ‬ ‫في ظُل َ ٍ‬
‫ل ّ‬ ‫ه ِ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫موُر{ ]البقرة‪ ،‬آية‪ .[.210 :‬قال الرضسسا‪" :‬إنهسسا هسسل ينظسسرون إل أن‬ ‫ع ال ُ‬ ‫ج ُ‬ ‫ت ُْر َ‬
‫يأتيهم الله بالملئكة في ظلل من الغمام‪ ،‬وهكذا نزلت" ]التوحيد لبن بسسابويه‪:‬‬
‫ص ‪ ،163‬بحار النوار‪ ،3/319 :‬البرهان‪ .[.1/208 :‬قال الرضا‪" :‬إنها هسسل ينظسسرون‬
‫إل أن يأتيهم الله بالملئكة في ظلل من الغمام‪ ،‬وهكسسذا نزلسست" ]الحتجسساج‪:‬‬
‫ص ‪.[.253‬‬
‫وهدف الشيعة من هذا التحريف واضح‪ ،‬فهم يحاولون بذلك نفي التيسسان‬
‫عن الله سبحانه كقول المعتزلة‪.‬‬
‫وفي الحتجاج للطبرسي عن أميسسر المسسؤمنين علسسي قسسال يخسساطب أحسسد‬
‫ك ِإل‬ ‫هاِلقق ٌ‬ ‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬‫شقق ْ‬‫ل َ‬ ‫الزنادقسسة لقنسساعه بالسسسلم !!‪" :‬وأمسسا قسسوله‪ُ } :‬‬
‫كقق ّ‬
‫ه{ فإنما نزلت كل شيء هالسسك إل دينسسه؛ لن مسسن المحسسال أن يهلسسك‬ ‫ه ُ‬‫ج َ‬ ‫و ْ‬
‫َ‬
‫منه كل شيء ويبقى الوجه‪ ،‬هو أجل وأعظم من ذلك" ]الحتجاج‪ :‬ص ‪.[.253‬‬
‫وواضح أن واضع هذه السطورة أعجمي جاهل ل يفقه من أمر العربيسسة‬
‫شيًئا‪ ،‬وزنديق حاقد في افترائه على كتسساب اللسسه‪ ،‬وتعطيلسسه لصسسفات اللسسه‪،‬‬
‫ونسبة هذا الكفر لمير المؤمنين علي‪ .‬ومن كبير مكره وحقسسده زعمسسه أن‬
‫هذه إجابة أمير المؤمنين لقناع أحد الزنادقة‪.‬‬
‫إن هذا المنهج في التعطيل يدل على أن هذه الزمرة التي وضعت هسسذه‬
‫الروايات ل ترعى في سبيل الدفاع عن مبادئها أيسسة حرمسسة‪ ،‬ول تقسسف عنسسد‬
‫حد‪.‬‬
‫وإذا كانت فرق العطلة من المعتزلة وغيرها لم تحسساول أن تمسسس لفسسظ‬
‫كتاب الله سبحانه‪ ،‬ورامت البحث عن تأويل للمعنى‪ ،‬فسسإن هسسذه الفئة قسسد‬
‫تخطت الحدود وتجاوزت المبادئ فرامت إثبات مبسسدئها‪ ،‬يمسسا يخرجهسسا عسسن‬
‫ل‪ ،‬فدل على أن هناك فئات من أهل التعطيل تريد الكيد للمسسة‬ ‫السلم أص ً‬

‫‪330‬‬
‫بمحاربة أصل دينها وهو كتاب الله العظيم‪ .‬ولقسسد انكشسسف بهسسذه الوسسسيلة‬
‫أمرها وافتضح شأنها‪ .‬والله من ورائهم محيط‪.‬‬

‫الفصل الرابع‬
‫اعتقادهم في اليمان وأركانه‬
‫وفي هسسذا الفصسسل عسسرض لمبحسسثين الول‪ :‬قسسولهم فسسي اليمسسان والوعسسد‬
‫والوعيد‪ ،‬والثاني‪ :‬قولهم في أركان اليمان‪.‬‬
‫وفي المبحث الول خمس مسائل‪:‬‬
‫المسألة الولى‪ :‬مفهوم اليمان عندهم‪.‬‬
‫المسألة الثانية‪ :‬قولهم بشهادة ثالثة مع الشهادتين‪.‬‬
‫المسألة الثالثة‪ :‬القول بالرجاء‪.‬‬
‫المسألة الرابعة‪ :‬بيان قولهم بالوعد‪.‬‬
‫المسألة الخامسة‪ :‬بيان قولهم بالوعيد‪.‬‬
‫وفي المبحث الثاني‪ :‬بيان لقولهم في أركان اليمان‪.‬‬

‫المبحث الول‬
‫قولهم في اليمان والوعد والوعيد‬
‫المسألة الولى‪ :‬مفهوم اليمان عندهم‪:‬‬
‫لقد أدخل الثنا عشرية اليمان بالئمة الثني عشر في مسسسمى اليمسسان‬
‫]وقسسد نسسسب الشسسعري هسسذا المسسذهب إلسسى جمهسسور الرافضسسة‪ ،‬انظسسر‪ :‬مقسسالت السسسلميين‪:‬‬
‫‪ ،[.1/125‬بل جعلوه هو اليمان بعينه‪.‬‬
‫جاء في أصول الكافي‪" :‬السلم هو الظاهر الذي عليه النسساس‪ :‬شسسهادة‬
‫دا عبسسده ورسسسوله" ثسسم ذكسسر‬ ‫أن ل إله إل الله وحده ل شريك له وأن محم س ً‬
‫بقية أركان السلم‪ ،‬ثم قال‪" :‬اليمان معرفة هذا المر مع هسسذا‪ ،‬فسسإن أقسسر‬
‫ل" ]أصول الكافي‪.[.2/24 :‬‬ ‫ما وكان ضا ً‬ ‫بها ولم يعرف هذا المر كان مسل ً‬
‫ويقولون بأن الثسسواب فسسي الخسسرة ليسسس علسسى السسسلم‪ ،‬إنمسسا هسسو علسسى‬
‫اليمان‪ .‬وعقد لذلك صاحب الكافي باًبا بعنوان‪" :‬باب أن السلم يحقن به‬
‫الدم وأن الثواب على اليمان" ]أصول الكافي‪.[.2/24 :‬‬
‫ُ‬
‫مقا‬ ‫و َ‬ ‫ل إ ِل َي َْنقا َ‬
‫ز َ‬‫مقآ أنق ِ‬ ‫و َ‬‫ه َ‬ ‫مّنا ِبقالل ّ ِ‬ ‫قوُلوا ْ آ َ‬ ‫ويفسرون قوله سبحانه‪ُ } :‬‬
‫مقا‬ ‫و َ‬ ‫ط َ‬ ‫سقَبا ِ‬ ‫وال ْ‬ ‫ب َ‬ ‫قو َ‬ ‫ع ُ‬‫وي َ ْ‬ ‫ق َ‬‫ح َ‬‫س َ‬ ‫وإ ِ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫عي َ‬ ‫ما ِ‬ ‫س َ‬ ‫وإ ِ ْ‬ ‫م َ‬ ‫هي َ‬‫ل إ َِلى إ ِب َْرا ِ‬ ‫ز َ‬ ‫ِ‬ ‫ُأن‬
‫ن‬ ‫م ل َ نُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫فّرقُ ب َي ْ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫من ّرب ّ ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫ي الن ّب ِّيو َ‬ ‫ما أوت ِ َ‬ ‫و َ‬ ‫سى َ‬ ‫عي َ‬ ‫و ِ‬‫سى َ‬ ‫مو َ‬ ‫ي ُ‬‫َأوت ِ َ‬
‫ه‬
‫منت ُققم ب ِق ِ‬ ‫مققا آ َ‬ ‫ل َ‬ ‫مث ْق ِ‬ ‫من ُققوا ْ ب ِ ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫فإ ِ ْ‬‫ن‪َ ،‬‬ ‫مو َ‬ ‫سل ِ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫ن لَ ُ‬‫ح ُ‬‫ون َ ْ‬
‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫من ْ ُ‬
‫د ّ‬ ‫ح ٍ‬ ‫أ َ‬
‫ق‪] {...‬البقسسرة‪ ،‬آيسسة‪،136 :‬‬ ‫قا ٍ‬ ‫ش َ‬ ‫في ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ما ُ‬ ‫فإ ِن ّ َ‬ ‫وا ْ َ‬‫ول ّ ْ‬‫وِإن ت َ َ‬ ‫دوا ْ ّ‬ ‫هت َ َ‬‫دا ْ‬ ‫ق ِ‬ ‫ف َ‬ ‫َ‬
‫‪ – [.137‬بما يرونه عن أبي جعفر قال‪" :‬إنمسسا عنسسي بسسذلك علي ًسسا‪ ،‬والحسسسن‪،‬‬
‫والحسين‪ ،‬وفاطمة‪ .‬وجرت بعدهم في الئمة‪ .‬قال‪ :‬ثسسم يرجسسع القسسول مسسن‬
‫منت ُققم‬ ‫مققا آ َ‬ ‫ل َ‬ ‫مث ْق ِ‬ ‫مُنوْا{ يعنسسي النسساس }ب ِ ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫فإ ِ ْ‬‫الله في الناس فقال‪َ } :‬‬
‫د‬‫ق ِ‬‫ف َ‬ ‫ه{ يعني علًيا وفاطمة والحسن والحسسسين والئمسسة مسسن بعسسدهم‪َ } ،‬‬ ‫بِ ِ‬

‫‪331‬‬
‫]تفسسسير العياشسسي‪،1/62 :‬‬ ‫ق{"‬ ‫شق َ‬
‫قا ٍ‬ ‫فققي ِ‬ ‫م ِ‬ ‫هق ْ‬
‫ما ُ‬ ‫وا ْ َ‬
‫فإ ِن ّ َ‬ ‫ول ّ ْ‬ ‫دوا ْ ّ‬
‫وِإن ت َ َ‬ ‫هت َ َ‬
‫ا ْ‬
‫تفسير الصافي‪ ،1/92 :‬البرهان‪.[.1/157 :‬‬
‫ولهذا قال ابن المطهر الحلي‪" :‬إن مسألة المامة )إمامة الثني عشسسر(‬
‫هي أحد أركان اليمان المستحق بسببه الخلود في الجنان والتخلسسص مسسن‬
‫غضب الرحمن" ]منهاج الكرامة في معرفة المامة‪ :‬ص ‪.[.1‬‬
‫وقال محمد جواد العاملي‪" :‬اليمان عندنا إنما يتحقق بالعتراف بإمامسسة‬
‫الئمة الثني عشر عليهم السلم‪ ،‬إل من مات في عهد أحدهم فل يشترط‬
‫في إيمانه إل معرفة إمام زمانه ومن قبله" ]مفتاح الكرامة‪.[.2/80 :‬‬
‫وقال أمير محمد القزويني )من شيوخهم المعاصسسرين(‪" :‬إن مسسن يكفسسر‬
‫بولية علي وإمامته – رضي الله عنه – فقسسد أسسسقط اليمسسان مسسن حسسسابه‬
‫وأحبط بذلك علمه" ]الشيعة في عقائدهم وأحكامهم‪ :‬ص ‪.[.24‬‬
‫المسألة الثانية‪ :‬الشهادة الثالثة‪:‬‬
‫وبمقتضسسى هسسذا اليمسسان السسذي ل يعرفسسه سسسوى الثنسسي عشسسرية‪ ،‬فسسإنهم‬
‫اخترعوا "شهادة ثالثة" هي شعار هذا اليمان الجديد‪ ،‬هي قسولهم‪" :‬أشسهد‬
‫أن علًيا ولي الله" يرددونها في أذانهم وبعد صلتهم‪ ،‬ويلقنونها موتاهم‪.‬‬
‫فالقرار بالئمة مع الشهادتين يقال بعد كل صلة‪ ،‬وعقد الحسسر العسساملي‬
‫باًبا في هذا المعنى ]انظر‪ :‬وسائل الشيعة‪ :‬باب استحباب الشهادتين والقسسرار بالئمسسة‬
‫بعد كل صلة‪.[.4/1038 :‬‬
‫وجاء في أخبارهم عسسن زرارة عسن أبسسي جعفسسر عليسه السسسلم قسسال‪" :‬لسو‬
‫أدركت عكرمة ]يعني عكرمة مولى ابن عباس العلمسسة الحسافظ المفسسر )انظسسر‪ :‬سسسير‬
‫أعلم النبلء‪ .(5/12 :‬هذا قدره عند هؤلء )انظر‪ :‬رجال الكشسسي‪ :‬ص ‪ 216‬حيسسث قسسال بسسأن‬
‫هذا يدل على ذمه(‪ [.‬عند الموت لنفعته‪ ،‬فقيل لبسسي عبسسد اللسسه عليسسه السسسلم‪:‬‬
‫بماذا كان ينفعه؟ قال‪ :‬يلقنه ما أنتم عليه" ]فروع الكافي‪ ،1/34 :‬مسسن ل يحضسسره‬
‫الفقيسسسه‪ ،1/41 :‬تهسسسذيب الحكسسسام‪ ،1/82 :‬ورجسسسال الكشسسسي‪ :‬ص ‪ ،216‬وسسسسائل الشسسسيعة‪:‬‬
‫‪ ،[.2/665‬وعن أبي بصير عن أبي جعفر قال‪ ..." :‬لقنوا موتاكم عند الموت‬
‫شهادة أن ل إله إل الله والولية" ]فسسروع الكسسافي‪ ،1/34 :‬تهسسذيب الحكسسام‪،1/82 :‬‬
‫وسائل الشيعة‪.[.2/665 :‬‬
‫ويلقن هذه الشهادة عند إدخاله للقسسبر ]انظسسر أخبسسارهم فسسي ذلسسك فسسي‪ :‬فسسروع‬
‫الكسسافي‪ ،1/53 :‬تهسسسذيب الحكسسسام‪ ،1/91 :‬وسسسسائل الشسسسيعة‪ ،[.2/843 :‬وكسسذلك عنسسد‬
‫وب لذلك المجلسي فقال‪" :‬باب اسسستحباب تلقيسسن‬ ‫انصراف الناس عنه‪ ،‬وب ّ‬
‫الولي الميت الشسسهادتين والقسسرار بالئمسسة عليهسسم السسسلم بأسسسمائهم بعسسد‬
‫انصسسراف النسساس" ]وسسسائل الشسسيعة‪ ،[.2/862 :‬وسسساق فسسي ذلسسك جملسسة مسسن‬
‫رواياتهم‪.‬‬
‫وهذه الشهادة الجديدة هي إقرار بمسألة المامة التي يرى ابن المطهر‬
‫أنها "أهم المطالب في أحكام الدين وأشرف مسسسائل المسسسلمين" ]منهسساج‬
‫الكرامة‪ :‬ص ‪.[.1‬‬
‫وبعد‪ ،‬فإن العتقاد بأن اليمان بسسالثني عشسسر هسسو ركسسن اليمسسان‪ ،‬أو هسسو‬
‫اليمان نفسه وهو أهم مطالب الدين‪ ...‬إن هذا "العتقاد" إحسسدى السسدلئل‬
‫البينة‪ ،‬والمارات الواضحة على بطلن مذهبهم‪ ،‬وأنهم شرعوا مسسن السسدين‬
‫‪332‬‬
‫ما لم يأذن به الله‪ .‬فل جاء في القرآن ول ثبت في السنة شيء مسسن ذلسسك‬
‫]انظر ما ساقه ابن تيمية من ذلك في منهاج السنة‪ 1/20 :‬وما بعدها‪ ،‬وقد مضى في هسسذه‬
‫الرسالة شيء من ذلك‪ ،‬وسيأتي تفصيل في فصل المامة‪ ،[.‬ولهذا رأى شيخ السلم‬
‫أن قولهم بسأن المامسة – فضسل ً عسن القسول بإمامسة الثنسسي عشسسر السستي ل‬
‫يوافقهم أحد من المسلمين عليها إل من ارتضى مذهبهم من الروافسسض –‬
‫أهم مطالب الدين هو كفسسر‪ ،‬لنسسه مسسن المعلسسوم مسسن السسدين بالضسسرورة أن‬
‫اليمان بالله ورسوله أهم من مسألة المامة ]انظر‪ :‬منهاج السنة‪.[.1/20 :‬‬
‫وإذا كسسانت المامسسة بهسسذه المثابسسة السستي يزعمسسون‪ ،‬فأبعسسد النسساس عنهسسا‬
‫الرافضسسة السسذين يسسرون أن كسسل رايسسة ترفسسع قبسسل قيسسام "المعسسدوم" والسسذي‬
‫يسمونه المنتظر هي راية جاهلية ]انظسر‪ :‬الغيبسة للنعمساني‪ ،‬بساب فسي أن كسل رايسة‬
‫ترفع قبل قيام القائم فصاحبها طاغوت‪ ،‬ص ‪ ،[.7‬ويكفرون بمسا وراءه مسن الخلفسساء‬
‫ما عدا خلفة علي والحسن‪.‬‬
‫كما أن مجرد المعرفة للئمة ل يحصل بها نيل درجة الكرامة‪ ،‬لن هذا ل‬
‫يحصل بمجرد معرفة الرسول صلى اللسسه عليسسه وسسسلم إذا لسسم يطسسع أمسسره‬
‫ويتبع قوله ]انظر‪ :‬منهاج السنة‪.[.1/31 :‬‬
‫المسألة الثالثة‪ :‬القول بالرجاء‪:‬‬
‫هذا وإذا كان اليمان عندهم هو القرار بالئمة الثني عشر‪ ،‬فقسسد أصسسبح‬
‫معرفة الئمة عندهم كافية في اليمسسان ودخسسول الجنسسان‪ ،‬فأخسسذوا بمسسذهب‬
‫المرجئة ]المرجئة‪ :‬هم الذي يؤخرون العمسسل عسن اليمسسان‪ ،‬ويجعلسسون اليمسان هسسو مجسسرد‬
‫المعرفة بالله سبحانه‪ ،‬ومنهم من يقول‪ :‬إنه ل يدخل النار أحد من أهل القبلة مهما ارتكسسب‬
‫من المعاصي‪.‬‬
‫انظر عسسن المسسرجئة‪ :‬مقسسالت السسسلميين‪ ،234-1/213 :‬الملسسل والنحسسل‪،146-1/139 :‬‬
‫الفرق بين الفرق ص ‪ ،207-202‬التنبيه والسسرد ص ‪ ،43‬التبصسسير فسسي السسدين ص ‪ ،59‬البسسدء‬
‫والتاريخ‪ ،5/144 :‬اعتقسسادات فسسرق المسسسلمين والمشسسركين ص ‪ ،107‬الخطسسط للمقريسسزي‪:‬‬
‫سا‪ .‬ولهذا عقد صاحب الكافي باًبا بعنوان‪" :‬باب أن اليمان‬ ‫‪ [.350-2/349‬رأ ً‬
‫ل يضر معه سيئة‪ ،‬والكفر ل ينفع معه حسنة" ]أصول الكافي‪ ،[.2/463 :‬وذكر‬
‫فيه ستة أحاديث منها قول أبسسي عبسسد اللسسه‪" :‬اليمسسان ل يضسسر معسسه عمسسل‪،‬‬
‫وكذلك الكفر ل ينفع معسسه عمسسل" ]أصسسول الكسسافي‪ [.2/464 :‬واليمسسان حسسسب‬
‫مصطلحهم هو حب الئمة أو معرفتهم‪.‬‬
‫وحين قال شيخ السسسلم ابسسن تيميسسة – رحمسسه اللسسه ‪" :-‬إن أكسسثر الشسسيعة‬
‫يعتقدون أن حب علي حسنة ل يضر معها سيئة" ]منهاج السنة‪.[.1/31 :‬‬
‫رد عليه بعض شيوخهم وآياتهم في هذا العصر فقال‪" :‬ما نسبه إلى‬
‫كثير من الشيعة من القول بأن حب علي حسنة ليس يضر معه سيئة‪،‬‬
‫فإنه بهتان منه‪ ،‬فإنهم جميًعا متفقون على ذلك‪ ،‬فتخصيصه الكثير منهم‬
‫بهذه العقيدة ليس له وجه سوى الكذب" ]محمد مهدي الكاظمي‪ /‬منهاج‬
‫الشريعة في الرد على ابن تيمية‪.[.1/98 :‬‬
‫قال شيخ السلم‪" :‬وإذا كانت السيئات ل تضر مع حب علي‪ ،‬فل حاجة‬
‫إلى المام المعصوم الذي هو لطف في التكليف‪ ،‬فإنه إذا لم يوجد إنما‬
‫توجد سيئات ومعاص‪ ،‬فإذا كان حب علي كافًيا فسواء وجد المام أو لم‬

‫‪333‬‬
‫يوجد" ]منهاج السنة‪ [.1/31 :‬فصارت مسألة إمامة المعصوم المبنية على‬
‫قاعدة اللطف منقوضة بمسألة المحبة المجردة‪ ،‬وكل قول عندهم لبد‬
‫أن يهدم قول ً آخر وهكذا الشأن في كل دين ليس من عند الله سبحانه‪.‬‬
‫ولعلهسسم يفسسارقون المسسرجئة مسسن حيسسث إن المسسرجئة تقسسول‪ :‬اليمسسان هسسو‬
‫المعرفة بالله‪ ،‬وهم يقولون‪ :‬اليمان معرفة المام أو حبه‪.‬‬
‫وأخبارهم في هذا الباب كثيرة فسسي عشسسرات مسسن الحسساديث‪ ،‬فقسسد جسساء‬
‫عندهم "وهل الدين إل الحب" ]تفسسسير العياشسسي‪ ،1/167 :‬بحسسار النسسوار‪.[.27/95 :‬‬
‫وذكر المجلسي )‪ (154‬رواية في باب بعنوان‪" :‬باب ثواب حبهم ووليتهسسم‬
‫وأنهم أمان من النار" ]بحار النوار‪ ،[.144-27/73 :‬كما جاء فسسي عنسسوان آخسسر‪:‬‬
‫"أن وليته )يعني علًيا( عليسسه السسسلم حصسسن مسسن عسسذاب الجبسسار‪ ،‬وأنسسه لسسو‬
‫اجتمع الناس على حبه ما خلق الله النار" ]بحسسار النسسوار‪ ،[.39/32 :‬وجاء فسسي‬
‫أحاديثهم "ل يدخل الجنة إل من أحبه من الولين والخرين‪ ،‬ول يدخل النار‬
‫إل من أبغضه من الولين والخرين" ]علل الشرائع‪ :‬ص ‪.[.162‬‬
‫وعلى هذا التقدير سقط اليمان بالله ورسوله‪ ،‬وجميع العقسسائد الدينيسسة‪،‬‬
‫وجميع التكليفات والحكام الشرعية‪ ،‬ولم يبسسق فسسي شسسريعة السسسلم غيسسر‬
‫حب علي‪ ،‬وهسذه المفتريسات قسد أضسلت كسثيًرا ممسن يحسب الباحسة ويتبسع‬
‫الشهوات ]نقض عقائد الشيعة للسويدي‪ ،‬الورقة‪) 34 :‬مخطوط(‪.[.‬‬
‫وهذه الروايات يلزم منها أن القرآن لم ينزل لهداية الخلق‪ ،‬بل‬
‫لضللتهم؛ إذ لم يذكر فيه حب علي وبغضه مع أنه هو أصل دخول الجنة‬
‫أو دخول النار‪.‬‬
‫قال السويدي‪" :‬وإذا كان حب الله ورسوله صلى الله عليه وسسسلم غيسسر‬
‫كاف في النجاة والخلص من العذاب بل إيمان وعمل صالح فكيسسف يكسسون‬
‫جقَز‬‫ءا ي ُ ْ‬
‫سققو ً‬
‫ل ُ‬ ‫مق ْ‬‫ع َ‬
‫مققن ي َ ْ‬ ‫حب علي كافًيا‪ ،‬وهذا مخالف لقوله سبحانه‪َ } :‬‬
‫ه{‬‫شقّرا ي َقَر ُ‬ ‫ة َ‬
‫ل ذَّر ٍ‬ ‫مث ْ َ‬
‫قققا َ‬ ‫مق ْ‬
‫ل ِ‬ ‫ع َ‬
‫من ي َ ْ‬
‫و َ‬
‫ه{ ]النساء‪ ،‬آية‪ [.123 :‬وقوله‪َ } :‬‬
‫بِ ِ‬
‫]الزلزلة‪ ،‬آية‪[.8 :‬؟ بل مخالف لصسسولهم وروايسساتهم‪ ،‬أمسسا المخالفسسة للصسسول‪،‬‬
‫فلنه إذا ارتكب رافضسي الكبسسائر ولسم يعسساقبه اللسه علسسى ذلسسك يلسسزم تسرك‬
‫الواجب على الله تعالى عندهم‪.‬‬
‫وأما المخالفة للروايات فلن علي ًسسا والسسسجاد والئمسسة الخريسسن قسسد روي‬
‫عنهم في أدعيتهم الواردة عندهم بطرق صسسحيحة البكسساء والسسستعاذة مسسن‬
‫عذاب الله تعالى‪ ،‬وإذا كان مثل هؤلء الئمة الكرام خاشعين خائفين مسسن‬
‫عذاب الله فكيف يصح لغيرهم أن يغتر بمحبتهم ويتكسسل عليهسسم فسسي تسسرك‬
‫العمل ]نقسسض عقسسائد الشسسيعة‪ ،‬الورقسسة‪ ،34 :‬س ‪[.35‬؟"‪ .‬وانظر في قسسولهم‪" :‬إنسسه ل‬
‫يدخل النار إل من أبغضه من الولين والخرين" تجد أنه يدل صراحة علسسى‬
‫أنسه ل يسدخل النسسار مثسل فرعسسون وهامسسان وقسارون وسسائر رؤسساء الكفسر‬
‫وأتباعهم من المم الماضية لنهم لم يبغضوا علًيا‪ ،‬بل لم يعرفسسوه‪ ،‬فسسانظر‬
‫كيف أدى بهم الغلو‪.‬‬

‫‪334‬‬
‫ول شك أن هذه مقالة ل يتكلف في ردها‪ ،‬لنه معلوم بطلنها من‬
‫السلم بالضرورة‪ ،‬ولو كان المر كما يزعمون لما أرسلت الرسل‪،‬‬
‫وأنزلت الكتب‪ ،‬وشرعت الشرائع‪.‬‬
‫لكن هذه العقيدة بقيت آثارها في المجتمعسسات الشسسيعية مسسن السسستهانة‬
‫بشرائع الله‪ ،‬والجرأة على حدود الله‪.‬‬
‫المسألة الرابعة‪ :‬قولهم في الوعد‪:‬‬
‫قال ابن بابويه‪" :‬اعتقادنا في الوعد أن من وعد اللسسه علسسى عمسسل ثواب ًسسا‬
‫فهو منجزه" ]العتقادات‪ :‬ص ‪ ،94‬وانظر‪ :‬أوائل المقالت ص ‪ ،57‬العتقادات للمجلسي‬
‫ص ‪.[.100‬‬
‫وقسسد توسسسعوا فسسي مفهسسوم الوعسسد فسساخترعوا روايسسات وأخبسساًرا ونسسسبوها‬
‫لجعفر الصادق وغيره تثبت الوعد بالثواب على أعمال مسسا أنسسزل اللسسه بهسسا‬
‫من سلطان‪ .‬بل إن الدليل والبرهان قام على منعها وتحريمها أو اعتبارهسسا‬
‫ضرًبا من الشرك أو اللحسساد كلعسسن صسحابة رسسسول اللسه صسلى اللسسه عليسه‬
‫وسلم وقد جعلوه من أفضل القربات ]انظسسر‪ :‬بحسسار النسسوار‪ ،27/218 :‬وراجسسع ص‬
‫‪ 730‬مسسن هسسذه الرسسسالة‪ .[.‬ولطسسم الخسسدود وشسسق الجيسسوب‪ ،‬وتعسسذيب النفسسس‪،‬‬
‫وضربها بالسكاكين والسيوف باسم عزاء الحسين وهو عندهم من عظيسسم‬
‫الطاعسسات ]انظسسر‪ :‬عقسسائد الماميسسة للزنجسساني‪ 1/289 :‬ومسسا بعسسدها‪ ،‬مبحسسث )المسسواكب‬
‫الحسينية(‪ ،‬وانظر‪ :‬اليات البينات‪ /‬لمحمد حسين آل كاشف الغطاء ص ‪ 4‬وما بعدها‪ ،‬فصل‬
‫)المواكب الحسينية(‪ ،‬ودائرة المعارف )الشيعية(‪.[.21/706 :‬‬
‫والحج إلى الضسسرحة والطسسواف بهسسا ودعائهسسا والسسستغاثة بهسسا مسسن أجسسل‬
‫العبادات عندهم ]انظر‪ :‬فصل عقيدتهم في توحيد اللوهية‪ .[.‬واستحداثهم لعبادات‬
‫ما نزل بها من عند الله نص‪ ،‬وترتيسسب عظيسسم الثسسواب عليهسسا ]انظسسر – مثل ً ‪:-‬‬
‫بحار النوار‪ ،‬باب أعمسال يسوم الغسسدير وليلتسه وأدعيتهمسا‪ ،323-98/298 :‬وبساب عمسل يسوم‬
‫النيروز وما يتعلق بذلك‪ 98/419 :‬وغيرها‪ ،‬وانظر‪ :‬وسائل الشيعة‪ ،‬باب استحباب صوم يوم‬
‫النيروز والغسل فيه‪ ،‬ولبس أنظف الثيسساب والطيسسب‪ ،7/346 :‬وبسساب اسسستحباب صسسوم يسسوم‬
‫التاسع والعشرين من ذي القعدة‪ ،‬وقال بسأنه كفسارة سسبعين سسنة‪ ،7/333 :‬وأبسواب صسلة‬
‫جعفر‪،5/194 :‬س ‪ ،197‬وصلة فاطمة‪ ،5/243 :‬وصلة يوم المباهلة‪ ،‬وتعدل مائة ألف حجسسة‬
‫– على حد زعمهم ‪.[.5/287 :-‬‬
‫وجاءت أخبارهم تقسول بسأن الئمسة يملكسون الضسمان لشسسيعتهم بسدخول‬
‫الجنة‪ ،‬وقد شهدوا بذلك لبعض أتبسساعهم علسسى وجسسه التعييسسن‪ ،‬فهسسم يعسسدون‬
‫بالثواب ويحققونه!!‪.‬‬
‫ومن نصوصهم في هذا ما جاء في رجال الكشي‪ .." :‬عسسن زيسساد القنسسدي‬
‫عن علي بن يقطين‪ ،‬أن أبا الحسن قد ضمن له الجنسسة" ]رجسسال الكشسسي‪ :‬ص‬
‫‪ ،[.430‬وفي روايسسة أخسسرى "عسسن عبسسد الرحمسسن الحجسساج‪ ،‬قسسال‪ :‬قلسست لبسسي‬
‫الحسن رضي الله عنه‪ :‬إن علي بن يقطين أرسلني إليك برسسسالة أسسسألك‬
‫الدعاء له‪ ،‬فقال‪ :‬في أمر الخرة ]لحظ أن المام المزعوم يستفهم عسسن المقصسسود‬
‫بالدعاء وهو الذي يعلم المصير ويضمنه‪ ،‬وهذا من كذب المغفلين‪ ،‬أو أن اللسسه سسسبحانه أراد‬
‫لمرهم أن يفتضح بهذا الختلف والتناقض الشائع في الكثير من أخبارهم‪[.‬؟ قلت‪ :‬نعم‪،‬‬
‫قال‪ :‬فوضع يده على صدره ثم قال‪ :‬ضمنت لعلسسي بسسن يقطيسسن أل تمسسسه‬

‫‪335‬‬
‫]رجال الكشي‪ :‬ص ‪ ،431‬وأورد الكشي عدة روايسسات مشسسابهة لمسسا ذكسسر‪ :‬ص ‪-431‬‬ ‫النار"‬
‫‪.[.432‬‬
‫فانظر إلى هذا "التسسألي" علسسى اللسسه‪ ،‬وكسسأن لسسديهم خسسزائن رحمسسة اللسسه‪،‬‬
‫وبيدهم مقاليد كل شيء‪ ،‬فهسم يضسمنون ول يسستثنون‪ ،‬ويوزعسون صسكوك‬
‫الغفران والحرمان‪ ،‬فهل لهم مع الله تدبير؟ أو هم رسل يسسوحى إليهسسم‪ ،‬أو‬
‫دا؟! إن مثل هسسذه المزاعسسم‬ ‫اطلعوا على الغيب‪ ،‬أو اتخذوا عند الرحمن عه ً‬
‫تبين أن واضسعي هسذه السساطير هسم فئة مسن الزنادقسة السذين ل يؤمنسون‬
‫بقرآن ول سنة‪ ،‬وهدفهم إفساد هذا الدين‪ ،‬فلم يجدوا مكاًنا لتحقيسسق ذلسسك‬
‫إل في محيط التشيع‪.‬‬
‫وعلي بن يقطيسن السسذي ضسمن لسه هسؤلء الزنادقسسة "جنتهسسم" قسسد يكسون‬
‫ه بسسأنه‬
‫كا لهم في المذهب‪ ،‬فقد ذكر الطبري فسسي حسسوادث سسسنة ‪‍ 169‬‬ ‫شري ً‬
‫قتل على الزندقة ]تاريخ الطبري‪.[.8/190 :‬‬
‫وأخبار ضمان الئمة لتباعهم الجنة مستفيضة أخبارها فسسي كتسسب الثنسسي‬
‫عشرية ]انظر مثل ذلك فسسي‪ :‬أصسسول الكسسافي‪،1/474 :‬س ‪ ،475‬رجسسال الكشسسي‪ :‬ص ‪-447‬‬
‫‪ ،484 ،448‬ورجال الحلي‪ :‬ص ‪ ،185 ،98‬وكل هذه الصفحات المشار إليها تحمل ضمان‬
‫قا للرجل‪ ،‬ولذلك تكسسثر أخبسساره فسسي‬
‫الئمة لبعض أتباعهم الجنة‪ ،‬وهذا "الضمان" يعدونه توثي ً‬
‫كتب الرجال عندهم‪ ،‬كما أن الشهادة بالنار يعتبرونها من علمات القسسدح‪ ،‬ولسسذلك يتسسداولون‬
‫ضا‪.[.‬‬
‫أخبارها في كتب رجالهم أي ً‬
‫المسألة الخامسة‪ :‬قولهم في الوعيد‪:‬‬
‫قال المفيد‪" :‬اتفقت المامية على أن الوعيد بالخلود فسسي النسسار متسسوجه‬
‫إلى الكفار خاصة دون مرتكسسبي السسذنوب مسسن أهسسل المعرفسسة بسسالله تعسسالى‬
‫والقرار بفرائضه من أهل الصلة" ]أوائل المقالت‪ :‬ص ‪ ،[.14‬وأنهسسم بارتكسساب‬
‫الكبيرة ل يخرجون عن السلم‪ ،‬وإن كانوا يفسقون بما فعلوه من الكبائر‬
‫والثام ]أوائل المقالت‪ :‬ص ‪.[.15‬‬
‫وهذا القول في ظاهره موافق لمذهب أهل السنة‪ ،‬لكنهسسم خرجسسوا عسسن‬
‫تحقيق هذا المذهب مسسن طريسسق آخسسر‪ ،‬حيسسث توسسسعوا فسسي مفهسسوم الكفسسر‬
‫والمكفرات‪ ،‬ولذلك "اتفقت المامية على أن أصسسحاب البسسدع كلهسسم كفسسار‪،‬‬
‫وأن على المام أن يستتيبهم عند التمكن بعد الدعوة لهم وإقامسسة البينسسات‬
‫عليهم فإن تابوا عن بدعهم وصاروا إلى الصسسواب وإل قتلهسسم لردتهسسم عسسن‬
‫اليمان‪ ،‬وأن من مات منهم على تلك البدعسسة فهسسو مسسن أهسسل النسسار" ]أوائل‬
‫المقالت‪ :‬ص ‪.[.16‬‬
‫واتفقت على القول بكفر من حارب أمير المسسؤمنين علي ًسسا وأنهسسم "كفسسار‬
‫ضلل ملعونون بحربهم أمير المسسؤمنين وأنهسسم بسسذلك فسسي النسسار مخلسسدون"‬
‫]أوائل المقالت‪ :‬ص ‪.[.10‬‬
‫وهكذا حكمهم في كل من خالفهم‪ ،‬ولذلك قال ابسسن بسسابويه‪" :‬واعتقادنسسا‬
‫فيمن خالفنا في شيء واحد من أمور الدين كاعتقادنسسا فيمسسن خالفنسسا فسسي‬
‫جميع أمور الدين" ]العتقادات‪ :‬ص ‪ ،116‬وانظر‪ :‬العتقادات للمجلسي‪ :‬ص ‪.[.100‬‬
‫فهم مسسن هسسذا البسساب وعيديسسة‪ ،‬ولهسسذا قسسال شسسيخ السسسلم بسسأن متسسأخري‬
‫الشيعة وعيدية في باب السماء والحكام ]الفتاوى‪.[.6/55 :‬‬

‫‪336‬‬
‫ويذكر الشعري بأن طائفة من الروافض "يثبتون الوعيد على مخالفيهم‬
‫ويقولون‪ :‬إنهم يعذبون‪ ،‬ول يقولون بإثبات الوعيسسد فسسي مسسن قسسال بقسسولهم‪،‬‬
‫ويزعمون أن الله سبحانه يدخلهم الجنة‪ ،‬وإن أدخلهم النار أخرجهسسم منهسسا‪،‬‬
‫ورووا في أئمتهم أن ما كان بين الله وبين الشسسيعة مسسن المعاصسسي سسسألوا‬
‫الله فيهم فصفح عنهم‪ ،‬وما كان بين الشيعة وبين الئمة تجاوزوا عنه‪ ،‬وما‬
‫كان بين الشيعة وبين الناس من المظالم شفعوا لهم إليهم حتى يصسسفحوا‬
‫عنهم" ]مقالت السلميين‪.[.1/126 :‬‬
‫وهذا المعنى الذي يتحدث عنه الشعري قد تبنى المجلسي إشاعته فسسي‬
‫باب عقده بعنوان‪" :‬باب الصفح عسسن الشسسيعة" وذكسسر فيسسه سسسبًعا وتسسسعين‬
‫رواية ]انظر‪ :‬بحار النوار‪.[.149-68/98 :‬‬
‫وبعدما ذكر هذه الروايات كلها كأنه استقلها فقال‪ :‬قد مرت أخبار كثيرة‬
‫من هذا الباب في أبواب المعاد من الحوض والشفاعة وأحسسوال المسسؤمنين‬
‫والمجرميسسن فسسي القيامسسة وغيرهسسا‪ ،‬وأبسسواب فضسسائل الئمسسة ]بحسسار النسسوار‪:‬‬
‫‪.[.68/149‬‬
‫وقد صدر الباب المذكور بحديث يحكي نفس المذهب السسذي أشسسار إليسسه‬
‫الشعري‪ ،‬يقول حديثهم‪" :‬إذا كان يوم القيامة ولينا حساب شسسيعتنا‪ ،‬فمسسن‬
‫كانت مظلمته فيما بينه وبين الله عز وجل حكمنا فيها فأجابنا‪ ،‬ومن كانت‬
‫مظلمته فيما بينه وبين الناس استوهبناها فوهبت لنا‪ ،‬ومن كانت مظلمتسسه‬
‫فيما بينه وبيننا كنا أحق مسسن عفسسا وصسسفح" ]بحسسار النسسوار‪ ،68/99 :‬عيسسون أخبسسار‬
‫الرضا‪.[.2/68 :‬‬
‫فهم وعيدية بالنسبة لمن خالفهم‪ ،‬كما أنهم مرجئة فيمن دان بقولهم‪.‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫قولهم في أركان اليمان‬
‫أركان اليمان تشمل‪ :‬اليمان بسسالله‪ ،‬وملئكتسسه‪ ،‬وكتبسسه‪ ،‬ورسسسله‪ ،‬واليسسوم‬
‫ول ّققوا ْ‬ ‫َ‬
‫س ال ْب ِقّر أن ت ُ َ‬‫الخر‪ ،‬واليمان بالقدر‪ ،‬كمسسا فسسي قسسوله تعسسالى‪} :‬ل ّي ْ َ‬
‫ه‬‫ن ب ِققالل ّ ِ‬
‫مق َ‬‫نآ َ‬
‫مق ْ‬ ‫ن ال ْب ِقّر َ‬
‫وَلق قك ِ ّ‬ ‫ب َ‬ ‫ر ِ‬ ‫غق ِ‬‫م ْ‬‫وال ْ َ‬ ‫ق َ‬ ‫ر ِ‬ ‫ش ِ‬‫م ْ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫قب َ َ‬ ‫م ِ‬ ‫هك ُ ْ‬
‫جو َ‬ ‫و ُ‬
‫ُ‬
‫ن‪] {...‬البقرة‪ ،‬آية‪.[.177 :‬‬ ‫والن ّب ِّيي َ‬ ‫ب َ‬ ‫ْ‬
‫والك َِتا ِ‬ ‫ة َ‬ ‫َ‬
‫ملئ ِك ِ‬ ‫ْ‬
‫وال َ‬ ‫ر َ‬ ‫خ ِ‬‫وم ِ ال ِ‬ ‫ْ‬
‫والي َ ْ‬ ‫َ‬
‫ر{ ]القمر‪ ،‬آية‪.[.49 :‬‬ ‫د‬ ‫ق‬‫َ‬
‫َ ُ ِ َ ٍ‬‫ب‬ ‫ه‬ ‫نا‬ ‫ْ‬
‫ق‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫ء‬
‫ٍ‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ش‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫نا‬
‫ِّ‬ ‫إ‬ ‫}‬ ‫وقوله‪:‬‬
‫وقد سبق الحديث مفصل عن انحراف الشيعة فسسي بسساب اليمسسان بسسالله‪،‬‬ ‫ً‬
‫في ربوبيته‪ ،‬وإلهيته‪ ،‬وأسمائه وصفاته‪.‬‬
‫وهنا سيكون الحديث عن قولهم في بقية أركان اليمان‪ ،‬حيسسث يبسسدو أن‬
‫مسألة المامة كان لها أثرها على ذلك‪ ،‬فهم مع إثبات أركان اليمسسان مسسن‬
‫اليمان بالله وملئكته وكتبه ورسله والقدر واليوم الخر‪ ،‬يبدو أثسسر المامسسة‬
‫حا في بيانهم لهذه الركان‪ ،‬وحديثهم عنها‪ ،‬كما سيتبين في الصفحات‬ ‫واض ً‬
‫التالية‪:‬‬
‫اليمان بالملئكة‪:‬‬

‫‪337‬‬
‫وقد نال هذا الركن من أركان اليمان نصيبه‪ ،‬فالملئكة خلقسسوا مسسن نسسور‬
‫الئمة وهم خدم للئمة‪ ،‬ومنهم طسسوائف قسسد كلفسسوا – بزعمهسسم – للعكسسوف‬
‫على قبر الحسين‪ ..‬إلخ‪.‬‬
‫تقول أخبارهم‪" :‬خلق الله من نور وجه علي بن أبي طالب سبعين ألف‬
‫ملك يستغفرون له ولمحبيه إلى يوم القيامة" ]كنز جامع الفوايد‪ :‬ص ‪ ،334‬بحار‬
‫النوار‪.[.23/320 :‬‬
‫وأحياًنا يقولون‪" :‬خلق الله الملئكة مسسن نسسور علسسي" ]المعسسالم الزلفسسى‪ :‬ص‬
‫‪.[.249‬‬
‫وقد زعموا أن من ملئكة الرحمن من ل وظيفة لهم إل البكاء على قسسبر‬
‫كل الله بقبر الحسين أربعة آلف ملسسك‬ ‫الحسين‪ ،‬والتردد لزيارته‪ ،‬قالوا‪" :‬و ّ‬
‫شعث غبر يبكونه إلى يوم القيامة‪] "..‬وسسسائل الشسسيعة‪ ،10/318 :‬فسسروع الكسسافي‪:‬‬
‫‪ ،1/325‬ثواب العمال‪ :‬ص ‪ ،49‬كامل الزيارات‪ :‬ص ‪.[.189‬‬
‫وزيارة قبر الحسين هي أمنية أهل السسسماء‪ ،‬قسسالوا‪" :‬وليسسس شسسيء فسسي‬
‫السماوات إل وهم يسألون الله أن يؤذن لهسسم فسسي زيسسارة الحسسسين ففسسوج‬
‫ينزل وفوج يعرج" ]الطوسي‪ /‬التهذيب‪ ،2/16 :‬ثواب العمال‪ :‬ص ‪ ،54‬وسائل الشيعة‪:‬‬
‫‪.[.10/322‬‬
‫وقالوا‪" :‬إن الملئكة لخسسدامنا وخسسدام محبينسسا" ]بحسسار النسسوار‪ ،26/335 :‬ابسسن‬
‫بابويه‪ /‬إكمال الدين‪ :‬ص ‪ ،147‬عيون أخبار الرضا‪ ،1/262 :‬علل الشرائع‪ :‬ص ‪.[.13‬‬
‫مسسا‬
‫وجاء فسسي آخسسر حسسديث طويسسل لهسسم "إن جبرائيسسل دعسسا أن يكسسون خاد ً‬
‫للئمة‪ ،‬قالوا‪ :‬فجبريل خادمنا" ]بحسسار النسسوار‪ ،345-26/344 :‬إرشسساد القلسسوب‪ :‬ص‬
‫‪ ،214‬كنز جامع الفوايد‪ :‬ص ‪.[.483‬‬
‫وقد قال شيخ السلم – رحمه الله – وهو يرد علسسى ابسسن المطهسسر نقلسسه‬
‫لمثل هذا اللقب للملئكة قال‪" :‬فتسمية جبريسسل رسسسول اللسسه إلسسى محمسسد‬
‫ما عبارة من ل يعرف قدر الملئكة وقدر إرسال‬ ‫صلى الله عليه وسلم خاد ً‬
‫الله لهم إلى النبياء‪] "..‬منهاج السنة‪.[.2/158 :‬‬
‫و ُ‬
‫ل‬ ‫ه لَ َ‬
‫ق ْ‬ ‫وكيف يطلق هذا اللقب "الوضيع" فيمن وصفه الله بقوله‪} :‬إ ِن ّ ُ‬
‫ن{ ]التكوير‪ ،‬آيسسة‪.[19/20 :‬‬ ‫كي ٍ‬
‫م ِ‬
‫ش َ‬
‫عْر ِ‬ ‫عندَ ِذي ال ْ َ‬‫ة ِ‬‫و ٍ‬ ‫م‪ِ ،‬ذي ُ‬
‫ق ّ‬ ‫ري ٍ‬‫ل كَ ِ‬‫سو ٍ‬ ‫َر ُ‬
‫فالمراد بالرسول الكريم هنا جبريل‪ ،‬وذي العرش رب العزة سبحانه‪.‬‬
‫ولهم دعاوى فسسي هسسذا البسساب كسسثيرة‪ ،‬وكسسأنه ل وظيفسسة للملئكسسة إل أمسسر‬
‫أئمتهم الثني عشر‪ ،‬أو كأنهم ملئكة الئمة ل ملئكة الله!‪.‬‬
‫قال أبو عبد اللسسه‪" :‬إن الملئكسسة لتنسسزل علينسسا فسسي رحالنسسا وتتقلسسب فسسي‬
‫فرشنا‪ ،‬وتحضر موائدنا‪ ،‬وتأتينا مسسن كسسل نبسسات فسسي زمسسانه رطسسب ويسسابس‪،‬‬
‫وتقلب علينا أجنحتها‪ ،‬وتقلب أجنحتها على صبياننا‪ ،‬وتمنع الدواب أن تصسل‬
‫إلينا‪ ،‬وتأتينا في وقت كل صلة لتصليها معنا‪ ،‬وما من يسسوم يسسأتي علينسسا ول‬
‫ليل إل وأخبار أهل الرض عندنا‪ ،‬وما يحدث فيها‪ ،‬وما من ملك يموت فسسي‬
‫الرض ويقوم غيره إل وتأتينا بخبره وكيف كانت سسيرته فسي السدنيا" ]بحسسار‬
‫النوار‪ ،26/356 :‬بصائر الدرجات‪ :‬ص ‪.[.27‬‬

‫‪338‬‬
‫ويقولون بأن وسائد وقلئد أولدهم يأخذونها من أجنحة الملئكة‪ ،‬بسسل إن‬
‫الملئكة تتسسولى رعايسسة أطفسسالهم‪ ،‬حسستى قسسال أبسسو عبسسد اللسسه‪" :‬هسسم ألطسسف‬
‫بصبياننا منا بهم" ]بحار النوار‪ ،26/354 :‬بصائر الدرجات‪ :‬ص ‪.[.26‬‬
‫والملئكة في أخبار الشيعة مكلفون بمسألة الولية‪ ،‬ولكنهم يقولون أنه‬
‫لم يستجب منهم إل طائفة المقربين ]بحار النوار‪ ،26/340 :‬بصائر الدرجات‪ :‬ص‬
‫‪ .[.20‬رغم أن العقوبة تحل بمن يخالف منهم في أمر الولية – في زعمهم‬
‫– حتى إن أحد الملئكة عوقب بكسر جناحه لرفضه ولية أميسسر المسسؤمنين‬
‫ولم يبرأ إل حينما تمسح وتمرغ بمهد الحسسسين ]بحسسار النسسوار‪ ،26/341 :‬بصسسائر‬
‫الدرجات‪ :‬ص ‪.[.20‬‬
‫ولم تشرف الملئكسسة – بزعمهسسم – إل بقبولهسا وليسسة علسسي ]انظسسر‪ :‬تفسسسير‬
‫الحسن العسكري ص ‪ ،153‬الحتجاج للطبرسي‪ :‬ص ‪ ،31‬بحار النوار‪.[.26/338 :‬‬
‫وحياة الملئكة موقوفة علسسى الئمسسة والصسسلة عليهسسم‪ ،‬لنسسه "ليسسس لهسسم‬
‫طعام ول شراب إل الصلة على علي بن أبي طالب ومحسسبيه‪ ،‬والسسستغفار‬
‫حا‬ ‫لشيعته المذنبين" ]بحار النوار‪ ،[.26/349 :‬وكانت الملئكسسة ل تعسسرف تسسسبي ً‬
‫سا من قبل تسبيحنا )يعني تسسسبيح الئمسسة( وتسسسبيح شسسيعتنا ]جسسامع‬ ‫ول تقدي ً‬
‫الخبار لبن بابويه‪ :‬ص ‪ ،9‬بحار النوار‪.[.26/344 :‬‬
‫ولذلك فإن الملئكة تراعي أمر الشيعة على وجسسه الخصسسوص‪ ،‬فسسإذا خل‬
‫الشيعي بصاحبه اعتزلهم الحفظسسة فلسسم يكتبسسوا عليهسسم شسسيًئا‪ ،‬يقولسون‪ :‬إذا‬
‫التقى الشيعي مع الشيعي يتساءلن‪ ،‬قالت الحفظة‪ :‬اعتزلوا بنا‪ ،‬فإن لهم‬
‫س سًرا وقسسد سسستره اللسسه عليهمسسا ]وسسسائل الشسسيعة‪ ،[.564-8/563 :‬مسسع أن اللسسه‬
‫ل‬ ‫ما ِ‬ ‫شق َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫عق ِ‬ ‫و َ‬ ‫ن َ‬ ‫مي ق ِ‬ ‫ن ال ْي َ ِ‬ ‫عق ِ‬ ‫ن َ‬ ‫قَيا ِ‬ ‫مت َل َ ّ‬‫قى ال ْ ُ‬ ‫سبحانه يقول‪} :‬إ ِذْ ي َت َل َ ّ‬
‫د{ ]سسسورة ق‪ ،‬آيسسة‪-17 :‬‬ ‫عِتيق ٌ‬ ‫ب َ‬ ‫قي ٌ‬ ‫ه َر ِ‬ ‫ل ِإل ل َدَي ْ ِ‬ ‫و ٍ‬ ‫ق ْ‬ ‫من َ‬ ‫ظ ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫ما ي َل ْ ِ‬ ‫عيدٌ ‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫ق ِ‬
‫هم‬ ‫وا ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫جق َ‬ ‫ون َ ْ‬
‫م َ‬ ‫ه ْ‬
‫سقّر ُ‬ ‫ع ِ‬ ‫م ُ‬‫سق َ‬ ‫ن أن ّققا ل ن َ ْ‬ ‫سُبو َ‬ ‫ح َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫‪ .[.18‬وقال سبحانه‪} :‬أ ْ‬
‫ن{ ]الزخرف‪ ،‬آية‪.[.80 :‬‬ ‫م ي َك ْت ُُبو َ‬ ‫ه ْ‬ ‫َ‬ ‫وُر ُ ُ‬ ‫ب ََلى َ‬
‫سلَنا لدَي ْ ِ‬
‫هذا ومزاعمهم في هذا الباب متنوعة‪ ،‬وفيهسسا مسسن التطسساول علسسى مقسسام‬
‫الملئكة المقربين‪ ،‬والكذب عليهم‪ ،‬مع مبالغات غريبة‪ ،‬ومجازفات طاغية‪،‬‬
‫أقرب ما تكون إلى إنكار الملئكسسة؛ لن إنكسسار وظسسائفهم وخصائصسسهم ومسسا‬
‫شسسرفهم اللسه بسه‪ ،‬ووضسسع ديسن الوليسة هسو شسسرعتهم‪ ،‬والشسسرك عنسسد قسسبر‬
‫ل‪ ،‬ولقسسد اقسستربوا‬ ‫الحسين هو عمل طائفة منهم قد يهون عنده إنكارهم أص ً‬
‫من النكار حينما أولسسوا أسسسماء وألقسساب الملئكسسة فسسي القسسرآن بالئمسسة‪ ،‬أو‬
‫جعلوا وظائف الملئكة للئمة‪.‬‬
‫وبهذا عقد المجلسي باًبا بعنسسوان "بسساب أنهسسم عليهسسم السسسلم الصسسافون‬
‫والمسسسبحون وصسساحب المقسسام المعلسسوم وحملسسة عسسرش الرحمسسن وأنهسسم‬
‫السفرة الكرام البررة" ]بحار النوار‪.[.24/87 :‬‬
‫د‬
‫عَبققا ٌ‬ ‫ل ِ‬ ‫هسسذا مسسا يقولسسونه فسسي الملئكسسة‪ ،‬واللسسه سسسبحانه يقسسول‪َ} :‬بقق ْ‬
‫َ‬
‫ن{ ]النبيسساء‪ ،‬آيسسة‪:‬‬ ‫مُلقو َ‬ ‫ع َ‬‫ه يَ ْ‬ ‫ر ِ‬‫م ِ‬‫هم ِبقأ ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ل َ‬ ‫و ِ‬ ‫ق ْ‬ ‫ه ِبال ْ َ‬ ‫قون َ ُ‬ ‫سب ِ ُ‬ ‫ن‪ ،‬ل ي َ ْ‬ ‫مو َ‬ ‫مك َْر ُ‬ ‫ّ‬
‫ل‬‫ميك َققا َ‬ ‫و ِ‬ ‫ل َ‬ ‫ري ق َ‬ ‫جب ْ ِ‬
‫و ِ‬ ‫ه َ‬ ‫سل ِ ِ‬ ‫وُر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ملئ ِك َت ِ ِ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫وا لل ِ‬ ‫ّ‬ ‫عدُ ّ‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫من َ‬ ‫‪َ } .[.27-26‬‬
‫ن{ ]البقرة‪ ،‬آية‪.[.98 :‬‬ ‫ري َ‬ ‫ف ِ‬ ‫كا ِ‬ ‫و ل ّل ْ َ‬ ‫عدُ ّ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬‫فإ ِ ّ‬ ‫َ‬
‫اليمان بالكتب‪:‬‬
‫‪339‬‬
‫والشيعة قد تأثر هذا الجانب عندها بمقتضى عقائدها السستي انفسسردت بهسسا‬
‫عن سائر المسلمين في مسألة المامة وغيرها‪ ،‬فآمنت بكتب ما أنزل بها‬
‫من سسسلطان‪ ،‬حيسسث ادعسست أن اللسسه سسسبحانه أنسسزل علسسى أئمتهسسا كتب ًسسا مسسن‬
‫السماء‪ ،‬كما أنزل كتبه على أنبيائه‪.‬‬
‫كما زعمت بأن لدى الئمة الثنسسي عشسسر الكتسسب السسماوية السستي نزلسست‬
‫على جميع النبياء فهم يقرأونها ويحتكمون إليها‪.‬‬
‫وإليك بيان هاتين القضيتين‪ ،‬من خلل النقسسل الميسسن مسسن كتسسب الشسسيعة‬
‫المعتمدة‪:‬‬
‫المسألة الولى‪ :‬دعواهم تنزل كتب إلهية علققى الئمققة ]هنسساك‬
‫كتب أخرى يزعمون أنها مودعة عند الئمة‪ ،‬سبق ذكرها فسسي فصسسل عقيسسدتهم فسسي السسسنة‪،‬‬
‫وهي كهذه الكتب في القدسية‪ ،‬إل أنها ل توصف بأوصاف هذه الكتسسب مسسن القسسول بنزولهسسا‬
‫من عند الله ونحوه‪:[.‬‬
‫تضمنت كتب الشيعة المعتمدة عندها دعاوى عريضة‪ ،‬ومزاعم خطيرة‬
‫ليس لها وجود في عالم الواقع‪ ،‬ول يرى لها عين ول أثر‪ ،‬وليس لها في‬
‫كتب المة شاهد ول خبر‪.‬‬
‫تلك المزاعم والدعاوى تتضمن أن هناك كتًبا مقدسة نزلت من السسسماء‬
‫بوحي من رب العزة جل عله إلسسى "الئمسة"‪ .‬وأحياًنسا تسورد كتسسب الشسيعة‬
‫صا وأخباًرا يزعمون أنها مأخوذة من تلك الكتب‪ ،‬وعلى هذه الروايات‬ ‫نصو ً‬
‫المدعى أخذها من تلك الكتب تبنى عقائد ومبادئ‪.‬‬
‫وكأن الذين وضعوا أصسسول التشسسيع لسسم يكتفسسوا لتأييسسد أصسسولهم بكسسل مسسا‬
‫مضى من دعاوى حول كتاب الله‪ ،‬وخافوا أل تكسسون وافيسسة بسسالغرض فيفسّر‬
‫أتباعهم من حولهم‪ ،‬وتضيع مصادر الثروة عليهم فيخسسسروا المسسال والجسساه‬
‫والتقسسديس السسذي يجنسسونه مسسن أولئك التبسساع باسسسم الخمسسس والنيابسسة عسسن‬
‫المام‪.‬‬
‫فافتعلوا هذه الدعوى ليضمنوا بها – مع أخواتها – تحقيق تلك الهسسداف‪،‬‬
‫ما آخر ضد المة ودينها‪.‬‬ ‫وليسددوا بها سه ً‬
‫وهذه الدعوى ل تكاد تختلف عن دعوى أكسسثر المتنسسبئين بتنسسزل كتسسب‪ ،‬أو‬
‫وحي عليهم‪.‬‬
‫ولعل جذور هذه المقالة بدأت في عصر علي – رضي اللسسه عنسسه – كمسسا‬
‫أشارت إلى ذلك إحدى روايات المام البخاري – رضي الله عنه – عن أبي‬
‫ي‪ :‬هسسل عنسسدكم كتسساب؟ قسسال‪ :‬ل‪ ،‬إل كتسساب اللسسه‪ ،‬أو‬ ‫جحيفة قال‪" :‬قلت لعل ّ‬
‫فهم أعطيه رجل مسلم‪ ،‬أو ما في هسذه الصسسحيفة‪ .‬قسال‪ :‬قلسست‪ :‬فمسسا فسسي‬
‫هذه الصحيفة؟ قال‪ :‬العقل وفكاك السير ول يقتل مسسسلم بكسسافر" ]صسسحيح‬
‫البخاري )مع الفتح(‪ .1/204 :‬وسبق تخريجه ‪ :‬ص)‪.[.(79‬‬
‫وفي رواية أخرى للبخاري جاء السؤال‪" :‬هل عندكم شسسيء مسن السسوحي‬
‫إل ما في كتاب الله" ]صحيح البخاري )مع الفتح(‪) .[.6/167 :‬وهي تفسر المسسراد‬
‫بالكتاب(‪.‬‬
‫قال ابن حجر‪" :‬وإنما سأله أبو جحيفة عن ذلك‪ ،‬لن جماعة من الشيعة‬
‫كانوا يزعمون أن عند أهل البيت – لسيما علًيا – أشياء من الوحي خصهم‬
‫‪340‬‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم بها لم يطلع غيرهم عليها‪ ،‬وقد سأل علًيا عسسن‬
‫ضا قيس بن عباد‪ ،‬والشتر النخعسي‪ ،‬وحسديثهما فسي مسسند‬ ‫هذه المسألة أي ً‬
‫النسائي" ]فتح الباري‪.[.1/204 :‬‬
‫فإذن نواة هذه المقالة ظهرت في عصر متقدم‪ ..‬أمسسا مسن تسولى كبرهسا‬
‫فإن في رسالة "الرجاء" للحسن بن محمد بن الحنفية مسسا يشسسير إلسسى أن‬
‫السسسبئيين – أتبسساع عبسسد اللسسه بسسن سسسبأ – قسسد بسسدأوا فسسي إشسساعة مثسسل هسسذه‬
‫المقالت حيث قال‪" :‬هدينا لوحي ضل عنه النسساس‪ ،‬وزعمسسوا أن نسسبي اللسسه‬
‫كتم تسعة أعشار القرآن" ]رسالة الرجاء )ضسسمن كتسساب اليمسسان( محمسسد بسسن يحيسسى‬
‫العدني‪ :‬ص ‪) 250-249‬مخطوط(‪.[.‬‬
‫وفي كتاب أحوال الرجال أن عبد الله بن سبأ زعم أن القرآن جزء مسسن‬
‫تسعة أجزاء وعلمه عند علي ]الجوزجاني‪ /‬أحوال الرجال‪ :‬ص ‪.[.38‬‬
‫إذن كانت دعوى السبئيين تشير إلى علم مخزون عند علي‪ ،‬فهذه أصل‬
‫الدعوى‪ ،‬وقد تطسسورت واتخسسذت صسسوًرا وأشسسكال ً متعسسددة كلهسسا ترجسسع إلسسى‬
‫دعوى أن عند آل البيت ما ليس عند الناس‪ ،‬والسستي نفاهسسا أميسسر المسسؤمنين‬
‫علي نفًيا قاطًعا‪ ،‬وما تفرع من الباطل فهو باطل‪ ،‬فالفرع له حكم أصله‪.‬‬
‫وإليك بكل أمانة بعض ما وجدناه في كتبهم المعتسسبرة عنسسدهم مسسن هسسذه‬
‫الدعاوى والمزاعم‪:‬‬
‫أ ق "مصحف فاطمة"‪:‬‬
‫تدعي كتب الشيعة نزول مصحف على فاطمسسة بعسسد وفسساة رسسسول اللسسه‬
‫صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫تقول إحدى روايات الكافي عن مصحف فاطمة‪ .." :‬إن الله تعسسالى لمسسا‬
‫قبض نبيه صلى الله عليه وسلم دخل على فاطمة عليها السلم من وفاته‬
‫من الحزن ما ل يعلمه إل الله عز وجسسل‪ ،‬فأرسسسل اللسسه إليهسسا ملك ًسسا يسسسلي‬
‫غمها ويحدثها فشكت ذلك إلى أمير المؤمنين رضسسي اللسسه عنسسه فقسسال‪ :‬إذا‬
‫أحسست بذلك‪ ،‬وسمعت الصوت قولي لي‪ ،‬فأعلمته بسسذلك‪ ،‬فجعسسل أميسسر‬
‫فا‪..‬‬‫المؤمنين رضي الله عنه يكتب كل ما سمع حتى أثبت من ذلسسك مصسسح ً‬
‫أما إنه ليس فيه شسسيء مسسن الحلل والحسسرام ولكسسن فيسسه علسسم مسسا يكسسون"‬
‫]أصول الكافي‪ ،1/240 :‬بحار النوار‪ ،26/44 :‬بصائر الدرجات‪ :‬ص ‪.[.43‬‬
‫تفيد هذه الرواية بسسأن الغسسرض مسسن هسسذا المصسسحف أمسسر يخسسص فاطمسسة‬
‫وحدها وهو تسليتها وتعزيتها بعد وفاة أبيهسسا صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم‪ ،‬وأن‬
‫موضوعه "علم ما يكون"‪ ،‬وما أدري كيف يكون تعزيتها بإخبارها بما يكون‬
‫وفيه – على ما تنقله الشيعة – قتل أبنائها وأحفادها‪ ،‬وملحقة المحن لهل‬
‫البيت؟!‬
‫ثم كيف تعطى فاطمة "علم ما يكسسون" "علسسم الغيسسب" ورسسسول الهسسدى‬
‫ر{‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫خي ْ ِ‬ ‫م َ‬
‫ت ِ‬‫ست َك ْث َْر ُ‬
‫ب لَ ْ‬ ‫م ال ْ َ‬
‫غي ْ َ‬ ‫ت أَ ْ‬
‫عل َ ُ‬ ‫و ُ‬
‫كن ُ‬ ‫ول َ ْ‬
‫يقول كما أمره الله‪َ } :‬‬
‫فهل هي أفضل من رسول الله؟‬
‫وتقول هذه الرواية بسأن علي ًسسا هسسو السسذي كتسسب مسسا أمله الملسك رغسسم أن‬
‫رواياتهم الخرى تقول بأن بعد وفاة الرسول صلى الله عليسسه وسسسلم كسسان‬
‫منشغل ً بجمع القرآن ]انظر‪ :‬ص)‪ (236‬من هذا الكتاب‪.[.‬‬
‫‪341‬‬
‫والكذب ل محالة له من التناقض والختلف‪.‬‬
‫ويقولون بأن مصحفهم هذا ثلثة أضعاف القرآن‪.‬‬
‫جاء في الكافي "عن أبي بصير قال‪ :‬دخلت على أبي عبد الله‪ ...‬ثم‬
‫ذكر حديًثا طويل ً في ذكر العلم الذي أودعه الرسول صلى الله عليه‬
‫ن‬
‫وسلم عند أئمة الشيعة – كما يزعمون – وفيه قول أبي عبد الله‪" :‬وإ ّ‬
‫سلم‪ .‬قلت )القول للّراوي(‪ :‬وما مصحف‬ ‫عندنا لمصحف فاطمة عليها ال ّ‬
‫سلم؟ قال‪ :‬مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلث مّرات ما‬ ‫فاطمة عليها ال ّ‬
‫فيه من قرآنكم حرف واحد" ]أصول الكافي‪.[.1/239 :‬‬
‫فهذه السطورة التي يرويها "ثقة السلم عندهم" بسند صحيح عندهم‬
‫شافي شرح أصول الكافي‪ .[.3/197 :‬تقول‪" :‬إن‬ ‫كما يقرره شيوخهم ]انظر‪ :‬ال ّ‬
‫مصحفهم يفوق المصحف في حجمه‪ ،‬ويخالفه في مادته‪ "..‬فهل معنى‬
‫هذا أ كتاب الله أقل من مصحف فاطمة‪ ،‬وأن مصحف فاطمة أكمل‬
‫ل‬‫وأوفى من كتاب الله سبحانه الذي أنزله الله سبحانه }ت ِب َْياًنا ل ّك ُ ّ‬
‫ن{ ]النحل‪ ،‬آية‪ ،[.89 :‬وجعله‬ ‫مي َ‬
‫سل ِ ِ‬ ‫شَرى ل ِل ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫وب ُ ْ‬
‫ة َ‬
‫م ً‬
‫ح َ‬
‫وَر ْ‬
‫دى َ‬
‫ه ً‬
‫و ُ‬
‫ء َ‬‫ي ٍ‬ ‫َ‬
‫ش ْ‬
‫دستوًرا ومنهاج حياة للمة إلى أن تقوم الساعة؟! وهل المة محتاجة إلى‬
‫كتاب آخر غير كتاب الله ليكمل به دينها؟! وإذا فقدته فهي لم تستكمل‬
‫أسباب الهداية والخير‪ ،‬وهي اليوم قد فقدته‪ ،‬إذ ل وجود له باعتراف‬
‫الجميع‪..‬‬
‫ثم كيف يكون كتاب تسلية وتعزية كما تقول روايتهم السابقة أكمل من‬
‫كتاب الله سبحانه؟ أليس هذا الزعم غاية في التحلل من العقل والجرأة‬
‫على الكذب؟‬
‫هذا وتختلف أساطيرهم في وصف مصحف فاطمة كطبيعة الكاذيب‪،‬‬
‫فإذا كانت الرواية المذكورة تذكر بأن هذا المصحف من إملء أحد‬
‫الملئكة‪ ،‬والمصحف كان نزوله بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم‪..‬‬
‫سلم ما هو‬‫فإن رواية أخرى عندهم تقول‪" :‬وخلفت فاطمة عليها ال ّ‬
‫ي"‬ ‫قرآن‪ ،‬ولكّنه كلم من كلم الله أنزله عليها إملء رسول الله وخ ّ‬
‫ط عل ّ‬
‫]بحار النوار‪ ،26/42 :‬عن بصائر الّدرجات‪ :‬ص ‪.[.42‬‬
‫فهذا يعني أن المصحف كان في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫والمملي هو رسول الله‪ ،‬والكلم كلم الله‪.‬‬
‫وهذه الرواية يكاد آخرها يناقض أولها‪ ،‬إذ كيف ينزل على فاطمة ثم‬
‫ي؟!‬‫يكون من إملء رسول الله وخط عل ّ‬
‫وتقول رواية أخرى‪" :‬مصحف فاطمة عليها السلم ما فيه شيء من‬
‫كتاب الله وإنما هو شيء ألقي عليها" ]بحار النوار‪ ،26/48 :‬بصائر الدرجات‪ :‬ص‬
‫‪ .[.43‬فهذا يشير إلى أن المصحف ألقي عليها من السماء ولم يكن‬
‫المملي رسول الله ول خط علي‪ ،‬ولم يحضر ملك يحدثها ويؤنسها ليكتب‬

‫‪342‬‬
‫ي ما يقوله الملك – بدون علمه كما يبدو – ليجتمع من ذلك مصحف‬ ‫عل ّ‬
‫فاطمة‪ ،‬لم يحدث شيء من ذلك إنما هو شيء ألقي عليها ثم إنه بعد‬
‫وفاة أبيها ل في حياته‪.‬‬
‫وكان الئمة – كما تزعم كتب الشيعة – يتخذون من مصحف فاطمة‬
‫وسيلة لمعرفة علم الغيب‪ ،‬واستطلع ما يكون‪.‬‬
‫يقول أبو عبد الله – كما يزعمون ‪" :-‬تظهر الزنادقة في سنة ثمان‬
‫وعشرين ومائة وذلك أني نظرت في مصحف فاطمة عليها السلم‪"...‬‬
‫]أصول الكافي‪ .[.1/240 :‬أي فأخذت ذلك منه‪.‬‬
‫وليس في هذه السنة التي حددتها هذه السطورة أحداث بارزة – كما‬
‫يظهر من كتب التواريخ اللهم إل قتل بعض الرؤوس الضالة كالجهم بن‬
‫ضا‪:‬‬
‫صفوان وغيره‪ ،‬وهذا ضد ما تزعمه السطورة من ظهورهم‪ ،‬وتقول أي ً‬
‫قال أبو عبد الله‪" :‬إني نظرت في مصحف فاطمة عليها السلم قبيل فلم‬
‫أجد لبني فلن فيها إل كغبار النعل" ]بحار النوار‪ ،26/48:‬بصائر الدرجات‪ :‬ص‬
‫‪.[.44‬‬
‫وهذه السطورة مغلفة بشيء من التقية‪ ،‬فلم يفصح عن اسم بني‬
‫فلن‪ ،‬ول المشار إليه بقوله فيها‪ ،‬ولم يوضح شيخهم المجلسي ذلك‬
‫كعادته‪ ،‬وقد يشيرون بذلك إلى الخلفة‪ ،‬وببني فلن إلى أولد الحسن بن‬
‫ما حولها يدندنون كقولهم‬‫علي بن أبي طالب رضي الله عنهم‪ ،‬فهم دائ ً‬
‫"أولد الحسن يحملهم الحسد وطلب الدنيا في النكار" ]أصول الكافي‪:‬‬
‫‪.[.306-1/305‬‬
‫والمقصود أن مصحف فاطمة أداة عندهم لستطلع ما يحدث في هذه‬
‫الكون‪ ،‬ولو كان شيء من ذلك لتغير وجه التاريخ‪ ..‬ولما حصل للئمة ما‬
‫حصل مما تصوره كتب الشيعة من المحن‪ ،‬ولما غاب منتظرهم واختفى‬
‫خوًفا من القتل‪ ،‬ولما كان للتقية أدنى حاجة‪ ،‬إذ بمعرفة أسباب وقوع‬
‫المكروه يتقون المكروه‪ ،‬وبمعرفة أسباب المرغوب والمحبوب يفوزون‬
‫بالمحبوب‪.‬‬
‫فإن زعموا أنهم ل قدرة لهم على تغيير شيء من ذلك فهم إذن كسائر‬
‫الناس يجري فيها قدر الله‪ ،‬وعلمهم بما يحدث يزيدهم حزًنا ل يؤنسهم‬
‫ويزيل وحشتهم – كما تزعم روايتهم – ما دام أنهم ل حيلة لهم في‬
‫التغيير‪.‬‬
‫وإذا كانت هذه الروايات تجعل موضوع مصحف فاطمة هو "علم ما‬
‫يكون"‪ ..‬فإن حديًثا آخر من أحاديثهم – يقول كما يروي ثقة السلم‬
‫عندهم ‪ :-‬إن أبا عبد الله قال عن مصحف فاطمة‪" :‬ما أزعم أن فيه‬
‫قرآًنا‪ ،‬وفيه ما يحتاج الناس إلينا ول نحتاج إلى أحد حتى فيه الجلدة‬
‫ونصف الجلدة وربع الجلدة وأرش الخدش" ]أصول الكافي‪.[.1/240 :‬‬

‫‪343‬‬
‫فهذا النص يجعل من مصحف فاطمة بالضافة إلى علم ما يكون‪ ،‬علم‬
‫الحدود والديات‪ ،‬ففيه حتى أرش الخدش‪ ،‬بل فيه التشريع كله فل يحتاج‬
‫فيه الئمة معه إلى أحد‪ ،‬فهي يعني هذا أنهم ل يحتاجون إلى كتاب الله‪،‬‬
‫وأنهم استغنوا عن شريعة القرآن بمصحف فاطمة فلهم دينهم ولمة‬
‫السلم دينها؟!‬
‫وهل التشريع السلمي العظيم لم يكمل بكتاب الله وسنة رسوله‬
‫ليحتاج بعد ذلك إلى مصحف فاطمة‪ ،‬أو أن مصحف فاطمة يغني عن‬
‫الجميع؟!‬
‫إن المغزى من هذه النصوص واضح‪ ،‬فإعطاء الئمة علم ما يكون من‬
‫إضفاء لصفة اللوهية عليهم بمنحهم ما هو من خصائص الله "وهو علم‬
‫الغيب"‪ ،‬وجعل مصحف فاطمة يحوي علم الحدود والديات هو اتهام‬
‫"مبطن" بقصور التشريع السلمي‪.‬‬
‫ثم عندهم رواية أخرى تقول‪ :‬إن علم التشريع موجود في الجامعة ل‬
‫في مصحف فاطمة‪ ،‬يقولون‪" :‬إن عندنا لصحيفة يقال لها الجامعة ما من‬
‫حلل ول حرام إل وهو فيها حتى أرش الخدش" ]بحار النوار‪ ،26/23 :‬عن‬
‫بصائر الدرجات‪ :‬ص ‪ ،[.390‬وكذا في صحيفة عندهم تسمى صحيفة الحدود‬
‫فيها من الحدود "ثلث جلدة من تعدى ذلك كان عليه حد ّ جلدة" ]بحار‬
‫النوار‪ ،20-26/19 :‬عن بصائر الدرجات‪ :‬ص ‪.[.38‬‬
‫أما علم ما يكون فهو الخر قالوا بأن وسيلته غير مصحف فاطمة؛ لنه‬
‫في الجفر‪ ،‬وخلق أعظم من جبرائيل وميكائيل ]بحار النوار‪ ،26/19 :‬أمالي ابن‬
‫الطوسي‪ :‬ص ‪ ..[260‬إلخ حتى قاالوا‪" :‬ما ينقلب طائر في الهواء إل وعندنا‬
‫فيه علم" ]بحار النوار‪ ،26/19 :‬عيون أخبار الرضا‪ :‬ص ‪.[.200‬‬
‫ثم رجعوا وقالوا‪ :‬إن العلم كله إنما يؤخذ من كتاب الله‪ ،‬كقوله روايتهم‬
‫بأن أبا عبد الله قال‪" :‬إني أعلم ما في السماوات وما في الرض‪ ،‬وأعلم‬
‫ما في الجنة‪ ،‬وأعلم ما في النار‪ ،‬وأعلم ما كان وما يكون"‪ .‬قال‬
‫)الراوي(‪ :‬ثم مكث هنيهة فرأى أن ذلك كبر على من سمعه منه فقال‪:‬‬
‫"علمت ذلك من كتاب الله عز وجل‪ ،‬إن الله عز وجل يقول‪ :‬فيه تبيان‬
‫كل شيء" ]مضى تخريجه من كتب الشيعة‪ ،‬والتعليق عليه ص)‪.[.(136‬‬
‫وقد مضى ما نقله بعض شيوخهم المعاصرين من القول بإيمان الشيعة‬
‫بسلمة كتاب الله‪ ،‬لنه قوبل على مصحف فاطمة ]انظر‪ :‬ص)‪ .[.(267‬ولكن‬
‫قال شيخهم الخر الخنيزي‪ :‬إن مصحف فاطمة غير القرآن وعلى ذلك‬
‫تدل نصوصهم ]الخنيزي‪ /‬الدعوة السلمية‪.[.1/47 :‬‬
‫أقوال وروايات يكذب بعضه الخر‪ ،‬ول يخجلون من ذلك لن دينهم‬
‫التقية‪.‬‬

‫‪344‬‬
‫وفي كتاب "دلئل المامة" وهو من كتبهم المعتمدة عندهم ]قال عالمهم‬
‫المجلسي عن الكتاب "دلئل المامة"‪ :‬من الكتب المعتبرة المشهورة‪ ،‬أخذ منه جملة من‬
‫تأخر عنه كالسيد ابن طاووس وغيره‪ ..‬ومؤلفه من ثقات رواتنا المامية )محمد بن جرير‬
‫بن رستم الطبري( وليس هو ابن جرير صاحب التاريخ المخالف )المجلسي‪ /‬البحار ‪-1/39‬‬
‫‪ (40‬وقالت مقدمة الكتاب‪" :‬وهذا الكتاب لم يزل مصدًرا من مصادر الشيعة في المامة‬
‫والحديث تركن إليه وتعتمد عليه في أجيالها المتعاقبة منذ تأليف إلى وقتنا الحاضر" )من‬
‫مقدمة الكتاب‪ :‬ص ‪ [.(5‬ترد رواية تصف هذا المصحف المزعوم بأن فيه "خبر‬
‫ما كان وما يكون إلى يوم القيامة‪ ،‬وفيه خبر سماء سماء‪ ،‬وعدد ما‬
‫السماوات من الملئكة وغير ذلك‪ ،‬وعدد كل من خلق الله مرسل ً وغير‬
‫مرسل‪ ،‬وأسماءهم‪ ،‬وأسماء من أرسل إليهم‪ ،‬وأسماء من كذب ومن‬
‫أجاب‪ ،‬وأسماء جميع من خلق الله من المؤمنين والكافرين‪ ،‬وصفة كل‬
‫من كذب‪ ،‬وصفة القرون الولى وقصصهم‪ ،‬ومن ولي من الطواغيت‬
‫ومدة ملكهم وعددهم‪ ،‬وأسماء الئمة وصفتهم وما يملك كل واحد واحد‪...‬‬
‫فيه أسماء جميع ما خلق الله وآجالهم‪ ،‬وصفة أهل الجنة وعدد من‬
‫يدخلها‪ ،‬وعدد من يدخل النار‪ ،‬وأسماء هؤلء وهؤلء‪ ،‬وفيه علم القرآن كما‬
‫أنزل‪ ،‬وعلم التوراة كما أنزلت‪ ،‬وعلم النجيل كما أنزل‪ ،‬وعلم الزبور‪،‬‬
‫وعدد كل شجرة ومدرة في جميع البلد" ]محمد بن جرير بن رستم الطبري‪/‬‬
‫دلئل النبوة‪ :‬ص ‪.[.28-27‬‬
‫هذه المواضيع كلها في "ورقتين من أوله"‬
‫]محمد بن جرير بن رستم الطبري‪/‬‬
‫دلئل النبوة‪ :‬ص ‪ .[.28-27‬يقول الراوي‪" :‬إن إمامهم قال‪ :‬وما وصفت لك‬
‫بعد ما في الورقة الثالثة ول تكلمت بحرف منه" ]محمد بن جرير بن رستم‬
‫الطبري‪ /‬دلئل النبوة‪ :‬ص ‪.[.28-27‬‬
‫وما ندري بأي حجم يكون هذا "الورق"؟! كما ل ندري لماذا لم يستفد‬
‫أئمتهم من هذه العلوم في سبيل استرداد المامة التي حرموها – كما‬
‫تزعم الشيعة –؟‬
‫ولماذا ل يخرج منتظرهم من سردابه‪ ،‬وكيف يخاف القتل – كما يعللون‬
‫سر اختفائه – فيظل مختفًيا – وكل هذه العلوم عنده؟!‬
‫وتصف رواية "دلئل المامة" صفة نزول هذا المصحف على خلف ما‬
‫جاء في الرواية السالفة عن الكافي من أن علًيا كتب ما سمعه من‬
‫فا‪ ،‬تقول رواية "الدلئل" إنه نزل جملة‬ ‫الملك حتى أثبت بذلك مصح ً‬
‫واحدة من السماء بواسطة ثلثة من الملئكة وهم "جبرائيل وإسرافيل‬
‫ما حتى قعدت‪،‬‬ ‫وميكائيل… فهبطوا به وهي قائمة تصلي‪ ،‬فلما زالوا قيا ً‬
‫ولما فرغت من صلتها سلموا عليها وقالوا‪ :‬السلم يقرئك السلم‪،‬‬
‫ووضعوا المصحف في حجرها" ]محمد بن جرير بن رستم الطبري‪ /‬دلئل النبوة‪:‬‬
‫ص ‪.[.28-27‬‬
‫فقالت‪ :‬لله السلم ومنه السلم وإليه السلم وعليكم يا رسل الله‬
‫السلم‪ ،‬ثم عرجوا إلى السماء فما زالت من بعد صلة الفجر إلى زوال‬
‫‪345‬‬
‫الشمس تقرؤه حتى أتت على آخره "ولقد كانت عليها السلم مفروضة‬
‫الطاعة على جميع من خلق الله من الجن والنس والطير والوحش‬
‫والنبياء والملئكة‪.‬‬
‫قلت‪ :‬جعلت فداك فلمن صار ذلك المصحف بعد مضيها؟‬
‫قال‪ :‬دفعته إلى أمير المؤمنين‪ ،‬فلما مضى صار إلى الحسن ثم إلى‬
‫الحسين ثم عند أهله حتى يدفعوه إلى صاحب هذا المر‪] "...‬محمد بن جرير‬
‫بن رستم الطبري‪ /‬دلئل النبوة‪ :‬ص ‪.[.28-27‬‬
‫هذا بعض ما جاء في كتبهم عن مصحف فاطمة المزعوم‪ ،‬وهو يبين أن‬
‫فا نزل عليها بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم فيه‬
‫لفاطمة مصح ً‬
‫علم الغيب وعلم الحدود والديات وغيرها مما سلف ذكره‪ ،‬وأنه اليوم عند‬
‫إمامهم الغائب! وهو وحي كالقرآن‪ ،‬إل أنه مثله ثلث مرات ما فيه من‬
‫قرآننا حرف واحد‪ ،‬فهل نزل هذا المصحف ليكمل القرآن؟!‬
‫هذا ومثل هذا المصحف المزعوم "مصاحف كثيرة" تدعي الشيعة فيها‬
‫ما يشبه دعواها حول مصحف فاطمة‪ ،‬وهذا موضوع واسع يحتاج إلى‬
‫بحث مستقل‪ ،‬ولذلك سنذكر فيما يلي بعض أسماء هذه المصاحف وشيًئا‬
‫مما يعّرف بها وندع التفصيل والتحليل‪.‬‬
‫ب ق كتاب أنزل على الرسول قبل أن يأتيه الموت – كما‬
‫يزعمون ‪:-‬‬
‫"عن أبي عبد الله الصادق عليه السلم قال‪ :‬إن الله عز وجل أنزل‬
‫على نبيه كتاًبا قبل أن يأتيه الموت فقال‪ :‬يا محمد‪ ،‬هذا الكتاب وصيتك‬
‫إلى النجيب من أهل بيتك‪ ،‬فقال‪ :‬ومن النجيب من أهلي يا جبرائيل؟‬
‫فقال‪ :‬علي بن أبي طالب عليه السلم‪ ،‬وكان على الكتاب خواتيم من‬
‫ي عليه السلم وأمره أن‬ ‫ذهب‪ ،‬فدفعه النبي صلى الله عليه وسلم إلى عل ّ‬
‫ما وعمل بما فيه‪،‬‬‫ما منها ويعمل بما فيه‪ ،‬ففك عليه السلم خات ً‬
‫يفك خات ً‬
‫ما وعمل بما فيه‪ ،‬ثم دفعه‬ ‫ثم دفعه إلى ابنه الحسن عليه السلم ففك خات ً‬
‫ما فوجد فيه أن اخرج بقوم إلى‬ ‫إلى الحسين عليه السلم ففك خات ً‬
‫الشهادة فل شهادة لهم إل معك وأشر نفسك لله عز وجل ففعل‪.‬‬
‫ما فوجد فيه‪:‬‬ ‫ثم دفعه إلى علي بن الحسين عليه السلم ففك خات ً‬
‫اصمت والزم منزلك واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ففعل‪ ،‬ثم دفعه إلى‬
‫ما فوجد فيه‪ :‬حدث الناس وأفتهم‬ ‫محمد بن علي عليه السلم ففك خات ً‬
‫ما‬
‫ي ففككت خات ً‬ ‫ول تخافن إل الله فإنه ل سبيل لحد عليك‪ ،‬ثم دفعه إل ّ‬
‫دث الناس وأفتهم وانشر علوم أهل بيتك‪ ،‬وصدق آباءك‬ ‫فوجدت فيه‪ :‬ح ّ‬
‫دا إل الله وأنت في حرز وأمان ففعلت‪ ،‬ثم ادفعه‬ ‫الصالحين ول تخافن أح ً‬
‫دا‬
‫إلى موسى بن جعفر وكذلك يدفعه موسى إلى الذي بعده‪ ،‬ثم كذلك أب ً‬
‫إلى قيام المهدي عليه السلم" ]بحار النوار‪ ،193-36/192 :‬وانظر‪ :‬ابن بابويه‪/‬‬

‫‪346‬‬
‫إكمال الدين‪ /‬ص ‪ ،376‬أمالي الصدوق‪ :‬ص ‪ ،240‬أمالي الشيخ‪ :‬ص ‪ ،282‬أصول الكافي‪:‬‬
‫‪.[.1/280‬‬
‫إن هذا الكلم ممكن أن يؤخذ منه أن الرسول صلى الله عليه وسلم‬
‫كان يجهل من هو النجيب من أهل بيته إلى وقت وفاته فهو يسأل من هو‬
‫النجيب‪ ،‬وهذا يعني أنه لم يعلن للناس‪ ،‬وبهذا تسقط أخبار الشيعة كلها‪،‬‬
‫أو يقال إن هناك مجموعة من النجباء من أهل البيت والسؤال للتعرف‬
‫ي‪.‬‬
‫ضا يلغي دعاوى الشيعة في أفضلية عل ّ‬
‫على المقصود منهم‪ ،‬وهذا أي ً‬
‫ثم إن الكتاب لم يفصح عما أمر به علي والحسن‪ ،‬وبين ما أمر به‬
‫الحسين وهو خروجه إلى الموت‪ ،‬وهذا يخالف الواقع تاريخًيا من أن‬
‫الحسين لم يكن في ذهابه يتوقع ما حصل له‪ ،‬وأن الذي تولى كبر ما‬
‫حصل للحسين رضي الله – بعد قتله – هم الذين غرروا به وخدعوه‪ ،‬فلما‬
‫خرج إليهم خذلوه وتخلوا عن نصرته‪ ،‬وهم يزعمون التشيع له‪ .‬وقد كتبوا‬
‫إليه كتًبا عديدة في توجهه إلى طرفهم‪ ،‬فلما قرب من ديارهم تقاعسوا‬
‫عن نصرته‪ ،‬بل رجع أكثرهم مع العداء خوًفا وطمًعا وصاروا سبًبا‬
‫لشهادته وشهادة كثير ممن معه ]مختصر التحفة‪ :‬ص ‪ ..[.62‬ولذلك حكمت‬
‫كتب الشيعة بردة من بعد الحسين إل ثلثة ]أصول الكافي‪ ،[.2/380 :‬فهل‬
‫هذه الرواية محاولة للدفاع عن هذه الفئة؟!‬
‫ثم كيف يفرقون بين الئمة في وجوب الدعوة ونشر العلم‪ ،‬وأن فيهم‬
‫من يسعه الصمت ولزوم البيت ومنهم من يلزمه نشر العلم وإظهار‬
‫الدعوة؟!‬
‫ثم هذه الرواية تعترف بأن الشيعة لم يكن لديهم من يحدثها وينشر‬
‫العلم بينها حتى جاء أبو جعفر الصادق‪ ،‬وهذا ما تؤكده روايتهم التي تقول‪:‬‬
‫"كانت الشيعة قبل أن يكون أبو جعفر وهم ل يعرفون مناسك حجهم‬
‫وحللهم وحرامهم‪ ،‬حتى كان أبو جعفر ففتح لهم‪ ،‬وبين لهم مناسك حهم‬
‫وحللهم وحرامهم‪] "..‬أصول الكافي‪.[.2/20 :‬‬
‫وهذا يعني الحكم بأن أوائل الشيعة من قبل أبي جعفر كانوا يعبدون‬
‫الله على جهل‪.‬‬
‫ثم هل كان علي بن الحسين ممن لزم بيته وآثر الصمت‪ ،‬أو هو قد خان‬
‫الوصية وخالف الكتاب المختوم بالذهب فنشر العلم‪ ،‬ودعا إلى سبيل الله‬
‫على بصيرة؟!!‬
‫ما وديًنا‪ ،‬وهو‬
‫لقد كان علي بن الحسين من كبار التابعين وساداتهم عل ً‬
‫الذي قال في مثل هؤلء المفترين‪" :‬أحبونا حب السلم‪ ،‬فوالله مازال بنا‬
‫ما تقولون حتى بغضتمونا إلى الناس" ]طبقات ابن سعد‪.[.5/214 :‬‬
‫يا أفضل منه وما رأيت أفقه منه ]الخزرجي‪/‬‬ ‫قال الزهري‪" :‬ما رأيت قرش ً‬
‫الخلصة‪ :‬ص ‪ [.273‬وكان ثقة مأموًنا كثير الحديث‪] "..‬منهاج السنة‪.[.2/153 :‬‬

‫‪347‬‬
‫وقد اعترف شيخهم المفيد بنشره للعلم‪ ،‬قال‪" :‬وقد روى عنه فقهاء‬
‫العامة – يعني أهل السنة – من العلوم ما ل تحصى كثرة‪ ،‬وحفظ عنه من‬
‫المواعظ والدعية والحلل والحرام‪ ،‬والمغازي واليام ما هو مشهور بين‬
‫العلماء‪ ،‬ولو قصدنا إلى شرح ذلك لطال به الخطاب" ]المفيد‪ /‬الرشاد‪ :‬ص‬
‫‪ ،293-292‬عباس القمي‪ /‬النوار البهية‪ :‬ص ‪.[.112‬‬
‫وهكذا تتناقض أخبارهم وتتعارض أقوالهم وهو دليل الكذب والفتراء‪.‬‬
‫ج ق "لوح فاطمة"‪:‬‬
‫‍‬
‫وهذا – كما يؤخذ من رواياتهم – غي مصحف فاطمة‪ ،‬لن مصحف‬
‫فاطمة نزل بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم بواسطة الملك‬
‫ي من فم الملك وسلمه لفاطمة‪ ،‬أو نزل جملة واحدة ثلثة من‬ ‫وكتبه عل ّ‬
‫الملئكة… إلى آخر ما بينا من أوصاف القوم لهذا الكتاب‪.‬‬
‫أما لوح فاطمة فله صفات أخرى منها‪ :‬أنه نزل على الرسول صلى الله‬
‫عليه وسلم وأهداه لفاطمة‪ ،‬إلى غير ذلك من أوصافه‪ ،‬وقد نقلوا عن لوح‬
‫فاطمة بعض النصوص التي تؤيد عقائدهم‪ .‬ويبدو أن هذا الخبر عن » لوح‬
‫فاطمة « والنص المنقول منه على درجة عالية من السرية‪ ،‬ففي نهاية‬
‫النص – كما سيأتي – أمر بكتمانه عن غير أهله فهو سر من أسرارهم‪ ،‬ول‬
‫ندري كيف تسرب ولماذا تسرب ومتى؟‬
‫وإليك النص‪:‬‬
‫روى صاحب الوافي عن الكافي عن أبي بصير عن أبي عبد الله قال‪:‬‬
‫قال أبي لجابر بن عبد الله النصاري‪ :‬إن لي إليك حاجة متى يخف عليك‬
‫أن أخلو بك فأسألك عنها؟ قال له جابر‪ :‬في أي الحوال أحببت‪ ،‬فخل به‬
‫في بعض اليام فقال له‪ :‬يا جابر‪ ،‬أخبرني عن اللوح الذي رأيته في يد‬
‫أمي فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وما أخبرتك به أمي‬
‫أنه في ذلك اللوح مكتوب‪ ،‬فقال جابر‪ :‬أشهد بالله أني دخلت على أمك‬
‫فاطمة عليها السلم في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فهنيتها‬
‫حا أخضر ظننت أنه من زمرد ورأيت‬ ‫بولدة الحسين فرأيت في يديها لو ً‬
‫فيه كتاًبا أبيض شبه لون الشمس فقلت لها‪:‬‬
‫أبي وأمي أنت يا بنت رسول الله ما هذا اللوح؟ فقالت‪ :‬هذا لوح أهداه‬
‫الله تعالى إلى رسوله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فيه اسم أبي واسم بعلي‬
‫واسم ابني واسم الوصياء من ولدي‪ ،‬وأعطانيه أبي ليبشرني بذلك‪ .‬قال‬
‫جابر‪ :‬فأعطتنيه أمك فاطمة عليها السلم فقرأته واستنسخته‪ ،‬فقال أبي‪:‬‬
‫فهل لك يا جابر أن تعرضه علي؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬فمشى معه أبي إلى منزل‬
‫جابر فأخرج صحيفة من رق فقال‪ :‬يا جابر‪ ،‬انظر في كتابك لقرأ عليه‪،‬‬
‫فنظر جابر في نسخته وقرأ أبي‪ ،‬فما خالف حرف حرًفا‪ ،‬فقال جابر‪:‬‬
‫أشهد بالله أني هكذا رأيته في اللوح مكتوًبا‪:‬‬

‫‪348‬‬
‫"بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من الله العزيز الحكيم لمحمد‬
‫نبيه ونوره وسفيره وحجابه ودليله‪ ،‬نزل به الروح المين من عند رب‬
‫العالمين‪ ،‬عظم يا محمد أسمائي واشكر نعمائي‪] "..‬انظر نصه في كتب‬
‫الشيعة‪ :‬الكليني‪ ،‬الكافي‪ ،528 ،1/527 :‬الفيض الكاشاني‪ /‬الوافي‪ ،‬أبواب العهود بالحجج‬
‫والنصوص عليهم صلوات الله وسلمه‪ ،‬المجلد الول‪ ،2/72 :‬وانظر‪ :‬الطبرسي‪ /‬الحتجاج‪:‬‬
‫‪ ،87-1/84‬وابن بابويه القمي‪ /‬إكمال الدين‪ :‬ص ‪ ،304-301‬الطبرسي )صاحب مجمع‬
‫البيان(‪ /‬أعلم الورى‪ :‬ص ‪ ،152‬الكراجكي‪ /‬الستنصار‪ :‬ص ‪.[.18‬‬
‫د ق دعواهم نزول اثنتي عشرة صحيفة من السماء تتضمن‬
‫صفات الئمة‪:‬‬
‫في حديث طويل من أحاديثهم – يرويه صدوقهم ابن بابويه القمي – أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم قال – كما يفترون ‪" :-‬إن الله تبارك‬
‫ما‪ ،‬واثني عشر صحيفة‪ ،‬اسم كل إمام‬ ‫ي اثني عشر خات ً‬
‫وتعالى أنزل عل ّ‬
‫على خاتمه وصفته في صحيفته" ]ابن بابويه القمي‪ /‬إكمال الدين ص ‪.[.263‬‬
‫ومزاعمهم في هذا الباب كثيرة ]وهناك كتب أخرى غير ما ذكر‪ :‬كصحيفة‬
‫فاطمة‪ ..‬وهي كما يزعمون "صحيفة بيضاء من درة‪ ..‬فيها أسماء الئمة" ومحظور لمسها‬
‫على سائر الناس "قد نهي أن يمسها إل يمسها إل نبي أو وصي نبي أو أهل بيت نبي" ثم‬
‫ذكروا بعض نصوصها ومنها "أبو القاسم محمد بن عبد الله المصطفى أمه آمنة‪ ،‬أبو‬
‫الحسن علي بن أبي طالب المرتضى أمه فاطمة بنت أسد‪ "...‬ثم ذكر بقية الثني عشر‬
‫بذكر اسمه واسم أمه )انظر‪ :‬بحار النوار‪ ،194-36/193 :‬إكمال الدين‪ :‬ص ‪ ،178‬عيون‬
‫أخبار الرضا‪ :‬ص ‪.[.(25 ،24‬‬
‫وهكذا يحاول القوم أن يسلكوا كل وسيلة لتثبيت معتقدهم في الئمة‪..‬‬
‫بعد أن زلزل دعواهم خلو كتاب السلم العظيم "مما يثبتها" فراحوا‬
‫يزعمون تنزل كتب إلهية مع القرآن فكانت هذه الدعوى فضيحة تضاف‬
‫لقائمة فضائحهم وأكاذيبهم‪.‬‬

‫صورة لحد الكتب المزعومة ص ‪.729‬‬

‫نقد هذه المقالة‪:‬‬


‫ن‬
‫م َ‬ ‫م ك َِتاًبا ّ‬ ‫ه ْ‬ ‫ل َ َ‬
‫عل َي ْ ِ‬ ‫ب َأن ت ُن َّز َ‬ ‫ل ال ْك َِتا ِ‬ ‫ه ُ‬ ‫ك أَ ْ‬ ‫سأ َل ُ َ‬‫قال الله تعالى‪} :‬ي َ ْ‬
‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫هَرةً‬ ‫ج ْ‬‫ه َ‬ ‫رَنا الل ِ‬ ‫قالوا أ ِ‬ ‫ف َ‬ ‫ك َ‬ ‫من ذَل ِ َ‬ ‫سى أك ْب ََر ِ‬ ‫مو َ‬ ‫سأُلوا ْ ُ‬ ‫قدْ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ماء َ‬ ‫س َ‬ ‫ال ّ‬
‫م‪] {..‬النساء‪ ،‬آية‪.[.153 :‬‬ ‫ه ْ‬ ‫م ِ‬‫ة ب ِظُل ْ ِ‬ ‫ق ُ‬ ‫ع َ‬ ‫صا ِ‬ ‫م ال ّ‬ ‫خذَت ْ ُ‬
‫ه ُ‬ ‫فأ َ َ‬‫َ‬
‫ض‬ ‫َ‬ ‫جَر ل ََنا ِ‬ ‫حّتى ت َ ْ‬ ‫ن لَ َ‬ ‫قاُلوا ْ َلن ن ّ ْ‬ ‫و َ‬
‫ن الْر ِ‬ ‫م َ‬
‫َ‬
‫ف ُ‬ ‫ك َ‬ ‫م َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫وقال تعالى‪َ } :‬‬
‫َ‬
‫ها‬ ‫َ‬
‫خلل َ‬ ‫هاَر ِ‬ ‫جَر الن ْ َ‬ ‫ف ّ‬ ‫فت ُ َ‬‫ب َ‬ ‫عن َ ٍ‬‫و ِ‬ ‫ل َ‬ ‫خي ٍ‬‫من ن ّ ِ‬ ‫ة ّ‬ ‫جن ّ ٌ‬‫ك َ‬ ‫َ‬
‫نل َ‬ ‫كو َ‬ ‫و تَ ُ‬ ‫عا‪ ،‬أ ْ‬ ‫َينُبو ً‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ي‬
‫و ت َأت ِ َ‬ ‫فا أ ْ‬ ‫س ً‬ ‫عل َي َْنا ك ِ َ‬ ‫ت َ‬ ‫م َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ما َز َ‬ ‫ماء ك َ َ‬ ‫س َ‬ ‫ط ال ّ‬ ‫ق َ‬ ‫س ِ‬ ‫و تُ ْ‬ ‫جيًرا‪ ،‬أ ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫تَ ْ‬
‫َ‬ ‫ن لَ َ‬ ‫َ‬
‫قى‬ ‫و ت َْر َ‬ ‫فأ ْ‬ ‫خُر ٍ‬ ‫من ُز ْ‬ ‫ت ّ‬ ‫ك ب َي ْ ٌ‬ ‫كو َ‬ ‫و يَ ُ‬ ‫قِبيل ً ‪ ،‬أ ْ‬ ‫ة َ‬ ‫ملئ ِك َ ِ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ِبالل ّ ِ‬

‫‪349‬‬
‫ؤهُ ُ‬
‫ق ْ‬
‫ل‬ ‫عل َي َْنا ك َِتاًبا ن ّ ْ‬
‫قَر ُ‬ ‫ل َ‬ ‫حّتى ت ُن َّز َ‬ ‫ك َ‬ ‫قي ّ َ‬ ‫ن ل ُِر ِ‬ ‫م َ‬‫ؤ ِ‬ ‫وَلن ن ّ ْ‬ ‫ماء َ‬ ‫س َ‬‫في ال ّ‬ ‫ِ‬
‫سول ً ‪] ‬السراء‪ ،‬آية‪.[.93-90 :‬‬ ‫شًرا ّر ُ‬ ‫َ‬
‫ت إل ّ ب َ َ‬ ‫ل كن ُ‬‫ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫ن َرّبي َ‬ ‫حا َ‬‫سب ْ َ‬ ‫ُ‬
‫ه‬
‫سو ُ‬ ‫م ُ‬‫فل َ َ‬
‫س َ‬‫قْرطا ٍ‬
‫َ‬ ‫في ِ‬ ‫ك ك َِتاًبا ِ‬ ‫عل َي ْ َ‬
‫و ن َّزل َْنا َ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫وقال سبحانه‪َ } :‬‬
‫َ‬
‫ن{ ]النعام‪ ،‬آية‪:‬‬ ‫مِبي ٌ‬ ‫حٌر ّ‬ ‫ذا إ ِل ّ ِ‬
‫س ْ‬ ‫هق َ‬
‫ن َ‬ ‫فُروا ْ إ ِ ْ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ل ال ّ ِ‬ ‫م لَ َ‬
‫قا َ‬ ‫ه ْ‬‫دي ِ‬‫ب ِأي ْ ِ‬
‫‪.[.7‬‬
‫فالذين طلبوا من الرسول صلى الله عليه وسلم صحيفة مكتوبة من‬
‫السماء هم الكفار وأهل الكتاب‪ ..‬فلم يجابوا‪..‬‬
‫فأراد الكليني وأمثاله ممن أشاع هذه الفرية أن يصوروا خير أمة‬
‫أخرجت للناس بأنهم أشد كفًرا من اليهود والذين كفروا؛ لنهم أنزل‬
‫عليهم كتب من السماء فلم يؤمنوا أي لم يعرفوا الئمة الثني عشر‪.‬‬
‫والية صريحة في بطلن ما يدعي هؤلء الروافض‪ ،‬إذ لو كان شيء من‬
‫دعاوي الشيعة واقًعا لشارت إليه اليات‪ ،‬ولم تنكر على هؤلء دعواهم‪،‬‬
‫أو لقال النبي صلى الله عليه وسلم لهم‪ :‬دونكم ما نزل على فاطمة‪ ،‬أو‬
‫ي‪ ،‬أو ما سينزل على الئمة‪ ،‬ولكن شيًئا من ذلك لم يحدث فما‬‫ما نزل عل ّ‬
‫أجرأ هؤلء على الكذب المكشوف‪.‬‬
‫ولماذا تنقل المة القرآن والسنة‪ ..‬وتترك هذه الكتب المزعومة لينفرد‬
‫بنقلها هؤلء؟ ول يعرف أحد من المة ول علماء التاريخ‪ ،‬ول أهل الديان‬
‫شيًئا عن أمر هذه "الكتب"؟ وكيف تختلف الشيعة في أمر تعيين المام‬
‫إلى عشرات الفرق وعندها هذه الصحف المنزلة؟‬
‫وقد وقفت على نص عندهم جاء في الكافي‪ ،‬يناقض هذه الدعوى وهو‬
‫عن أبي عبد الله – الذي يفترون عليه كل تلك الفتراءات – قال‪" :‬إن الله‬
‫دا‪ ،‬وختم بكتابكم الكتب فل‬ ‫عز ذكره ختم بنبيكم النبيين فل نبي بعده أب ً‬
‫دا‪ ،‬وأنزل فيه تبيان كل شيء وخلقكم وخلق السماوات‬ ‫كتاب بعده أب ً‬
‫والرض ونبأ ما قبلكم وفصل ما بينكم وخبر ما بعدكم وأمر الجنة والنار‬
‫وما أنتم صائرون إليه" ]صحيح الكافي‪ ،1/31 :‬أو أصول الكافي‪ ،1/269 :‬وانظر‪:‬‬
‫مفتاح الكتب الربعة‪ [.65-8/64 :‬وهذا نص ل يحتاج إلى تعليق فهو يكذب كل‬
‫هذه الدعاوى وينفي وقوعها نفًيا قاطًعا‪.‬‬
‫وفي حديث آخر عندهم قال الرضا‪" :‬شريعة محمد صلى الله عليه‬
‫وسلم ل تنسخ إلى يوم القيامة‪ ،‬فمن ادعى بعده نبوة‪ ،‬أو أتى بعد القرآن‬
‫بكتاب فدمه مباح لكل من سمع ذلك منه" ]بحار النوار‪ ،79/221 :‬و ‪-11/34‬‬
‫‪ ،35‬وعزاه إلى علل الشرائع لبن بابويه‪.[.‬‬
‫ونحن هنا نخاطبهم بعقليتهم وإل فإن هذه المقالة يكفي في معرفة‬
‫فسادها مجرد عرضها‪ ،‬وإن إجماع المة قائم على أنه ل كتاب إل كتاب‬
‫الله سبحانه‪ ،‬وكل من ادعى أنه عنده كتاب إلهي فهو كاذب زنديق‪.‬‬

‫‪350‬‬
‫عل َي ْ َ‬
‫ك‬ ‫ون َّزل َْنا َ‬ ‫وما الحاجة لنزول هذه الكتب والله سبحانه يقول‪َ } :‬‬
‫ن{‬ ‫مي َ‬ ‫سل ِ ِ‬‫م ْ‬ ‫شَرى ل ِل ْ ُ‬‫وب ُ ْ‬
‫ة َ‬ ‫م ً‬
‫ح َ‬
‫وَر ْ‬ ‫دى َ‬ ‫ه ً‬
‫و ُ‬‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬‫ْ‬ ‫ش‬‫ل َ‬‫ب ت ِب َْياًنا ل ّك ُ ّ‬
‫ال ْك َِتا َ‬
‫م{ ]السراء‪:‬‬ ‫و ُ‬‫ق َ‬‫ي أَ ْ‬ ‫دي ل ِل ِّتي ِ‬
‫ه َ‬ ‫ه ِ‬
‫ن يِ ْ‬
‫قْرآ َ‬‫ذا ال ْ ُ‬
‫هق َ‬
‫ن َ‬‫]النحل‪ ،‬آية‪} ،[.89 :‬إ ِ ّ‬
‫آية‪.[.9 :‬‬
‫وأين هذه المصاحف والصحف اليوم‪ ،‬وهل لها من أثر‪ ،‬وما فائدة خزنها‬
‫عند المنتظر‪ ..‬ولكن يبدو أن منهدسي بناء التشيع وضعوا أمثال هذه‬
‫الروايات خوًفا من أن يفقد المذهب أتباعه لعدم وجود ما يشهد له من‬
‫كتاب الله‪ .‬كما كان لهم هدف أبعد من ذلك وهو الكيد للمة ودينها‪،‬‬
‫دا عن المسلمين لتستقل بكتبها عن كتاب الله‪.‬‬
‫والخذ بالشيعة بعي ً‬
‫ومن الغريب أن من شيوخ الشيعة القدامى والمعاصرين من أنكر ما‬
‫ينسب لمذهب الشيعة الثني عشرية من القول بالتحريف‪ ،‬وعد ّ رواياتهم‬
‫وإن كثرت من قبيل الساطير التي تسربت للمذهب‪ ...‬ولكن لم يقفوا‬
‫نفس الموقف – في حدود اطلعي – من هذه الفرية التي تولى كبر‬
‫إشاعتها الكليني وأضرابه‪ ،‬فقد أغمض عنها شيوخ الشيعة‪ ،‬وهي قد ل تقل‬
‫خطورة عن "الدعوى" الولى بل إن ابن بابويه‪ ،‬والطبرسي وهما ممن‬
‫أنكر "أسطورة التحريف" قد شاركا في إشاعة هذه "الضللة"‪ ...‬فهل لن‬
‫الولى عرفها المسلمون عن الشيعة‪ ،‬والخرى كانت غير معروفة؟!‬
‫وهذه الدعوة تتضمن أموًرا في غاية الخطورة منها‪ :‬أن الوحي لم‬
‫ينقطع والنبوة لم تختم‪ ،‬وأن الئمة بمنزلة النبياء أو أعظم‪ ،‬فهم تنزل‬
‫عليهم الكتب المتعددة من السماء‪ ،‬وهذا ما لم يتحقق للرسول صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ ،‬ومنها تضليل الصحابة والمة جميًعا بأنها ردت الكتب المنزلة‪.‬‬
‫وهذه الدعوى إحدى المعالم الواضحة على أن هذا المذهب قد ابتلي‬
‫بشرذمة من الكذابين الذين ل يتورعون عن أي كذب‪ ،‬فهم كذبوا على‬
‫رسول الله بوضع الحاديث‪ ،‬وكذبوا على الله سبحانه بوضع هذه‬
‫"الكتب"!!‬
‫وإنما يفتري الكذب على الله الذين ل يؤمنون‪.‬‬
‫المسألة الثانية‪ :‬دعواهم بأن جميع الكتب السماوية عند‬
‫الئمة‪:‬‬
‫تدعي الشيعة بأن عند الئمة الثني عشر كل كتاب نزل من السماء‬
‫وأنهم يقرؤونها على اختلف لغاتها‪ ،‬وعقد صاحب الكافي باًبا لهذا‬
‫الموضوع بعنوان‪" :‬باب أن الئمة عندهم جميع الكتب التي نزلت من عند‬
‫الله عز وجل وأنهم يعرفونها على اختلف ألسنتها" ]أصول الكافي‪.[.1/227 :‬‬
‫وضمنه طائفة من رواياتهم‪ .‬ومثله فعل صاحب البحر فذكر باًبا بعنوان‪:‬‬
‫سلم‬ ‫ن عندهم صلوات الله عليهم كتب النبياء عليهم ال ّ‬ ‫"باب في أ ّ‬
‫يقرؤونها على اختلف لغاتها" ]بحار النوار‪ [.26/180 :‬وذكر في هذا الباب )‬
‫‪ (27‬حديًثا من أحاديثهم‪.‬‬
‫‪351‬‬
‫تقول هذه الروايات عن الئمة‪" :‬كسسل كتسساب نسسزل فهسسو عنسسد أهسسل العلسسم‬
‫ونحن هسسم" ]أصسسول الكسسافي )مسسع شسسرح جسسامع للمازنسسدراني(‪" ،[.5/355 :‬إن عنسسدنا‬
‫صحف إبراهيم وألواح موسسسى" ]أصسسول الكسسافي )مسسع شسسرح جسسامع للمازنسسدراني(‪:‬‬
‫‪" ،[.5/354‬إن عندنا علم التوراة والنجيل والزبسسور وبيسسان مسسا فسسي اللسسواح"‬
‫]أصول الكافي )مع شرح جامع للمازندراني(‪ .[.5/354 :‬وتأتي روايسسة أخسسرى تفسسسر‬
‫المراد باللواح وأنها ألواح موسى‪ ،‬وتصف هذه اللواح بأنهسسا زبرجسسدة مسسن‬
‫الجنة وفيها تبيان كل شيء هو كائن إلى أن تقوم السسساعة‪ ،‬وأنهسسا مكتوبسسة‬
‫بالعبرانية وأن الرسول صلى الله عليه وسلم دفعهسسا إلسسي أميسسر المسسؤمنين‬
‫علي وقال‪" :‬دونك هذه ففيها علم الولين والخريسسن وهسسي ألسسواح موسسسى‬
‫وقد أمرني ربي أن أدفعها إليك‪ .‬قال يا رسول الله لست أحسن قراءتهسسا‪،‬‬
‫قال‪ :‬إن جبرائيل أمرني أن آمرك أن تضعها تحت رأسك ليلتك هذه فإنسسك‬
‫تصبح وقد علمت قراءتها قال‪ :‬فجعلها تحت رأسه فأصبح وقد علمسسه اللسسه‬
‫كل شسسيء فيهسسا فسسأمره رسسسول اللسه صسسلى اللسه عليسه وسسلم أن ينسسسخها‬
‫فنسخها في جلد شاة وهو الجفر وفيه علم الولين والخرين‪ ،‬وهو عنسسدنا"‬
‫]بحار النوار‪.[.188-26/187 :‬‬
‫وإذا كانت هذه الرواية تحدد مضمون الجفر بسأنه )ألسواح موسسى(‪ ،‬فسإن‬
‫ن‬
‫رواية أخرى لهم تخرج عن هذا التحديد وتقول بأن أبا عبد اللسسه قسسال‪" :‬إ ّ‬
‫عندي الجفر البيض‪ ..‬فيسسه‪ :‬زبسسور داود‪ ،‬وتسسوراة موسسسى‪ ،‬وإنجيسسل عيسسسى‪،‬‬
‫ن فيسسه‬ ‫وصحف إبراهيم‪ ،‬والحلل والحسسرام‪ ،‬ومصسسحف فاطمسسة‪ .‬مسسا أزعسسم أ ّ‬
‫قرآًنا وفيه ما يحتسساج الن ّسساس إلينسسا ول نحتسساج إلسسى أحسسد‪ ،‬حسستى فيسسه الجلسسدة‬
‫ونصف الجلدة وربع الجلدة وأرش الخدش" ]أصول الكافي‪.[.1/340 :‬‬
‫وكأن شارح الكافي استكثر أن يكون كل ذلك مكتوًبا فسسي الجفسسر السسذي‬
‫هو جلد شاة – كما تفسره الرواية السسسابقة – فقسسال‪" :‬الظسساهر أن الجفسسر‬
‫وعاء فيه هذه الصحف ل أنها مكتوبة فيه" ]شرح جسامع‪ /‬للمازنسدراني‪.[.5/389 :‬‬
‫في حين أن صريح الرواية السابقة يخالف هذا حيث نصسست علسسى أن علي ًسسا‬
‫)نسخها في جلد شاة(‪.‬‬
‫ومعنى هذا أن جلد الشاة يستحيل أن يستوعب كل هذه الكتسب‪ ،‬والستي‬
‫يتضمن أحدها وهو ألواح موسى‪ ،‬علم الولين والخرين‪ ،‬وهسسذا يكشسسف أن‬
‫هذه الدعاوي من وضع جاهل ل يحسن أن يضع‪.‬‬
‫وكل عاقل يدرك أن لو كان عند الئمة علم الولين والخرين لتغير وجه‬
‫التاريخ‪.‬‬
‫والزعم بأن عند الئمة الكتب السماوية كلهسسا لسسم يأخسسذ الشسسك النظسسري‬
‫فحسب‪ ،‬بل تجاوز ذلك إلى محيط العمل‪ ،‬فها هو أبو الحسن – بزعمهم –‬
‫يقرأ النجيل أمام نصراني يقال له بريه فيقول هذا النصراني بعد سسسماعه‬
‫لقراءة إنجيله عن المسسام‪ :‬إيسساك كنسست أطلسسب منسسذ خمسسسين سسسنة‪ ،‬ثسسم إن‬
‫النصراني – كما تقول الرواية – آمن وحسن إسلمه‪ .‬وقسسال للمسسام‪" :‬أنسسى‬
‫لكم التوراة والنجيل وكتب النبياء؟ فقال‪ :‬هسسي عنسسدنا وراثسسة مسسن عنسسدهم‬
‫نقرؤها كما قرؤوها‪ ،‬ونقولها كما قالوا‪ :‬إن الله ل يجعسسل حجسسة فسسي أرضسسه‬

‫‪352‬‬
‫يسأل عن شيء فيقول ل أدري" ]أصول الكافي )مسسع شسسرح جسسامع(‪ ،5/359 :‬بحسسار‬
‫النوار‪ ،182 ،26/181 :‬التوحيد للصدوق‪ :‬ص ‪.[.288-286‬‬
‫فيؤخذ من هذه الرواية أن الئمسسة يقسسرؤون التسسوراة والنجيسسل وغيرهمسسا‪،‬‬
‫كما قرأها النبياء‪ ،‬حتى يجدوا ما يجيبون فيه على أسئلة الناس‪.‬‬
‫بل المر تعسسدى مجسسرد القسسراءة والفتسسوى إلسسى مجسسال الحكسسم والقضسساء‪،‬‬
‫ووضع صاحب الكافي لهذا باب ًسسا بعنسسوان‪" :‬بسساب فسسي الئمسسة أنهسسم إذا ظهسسر‬
‫أمرهسسم حكمسسوا بحكسسم داود وآل داود ول يسسسألون البينسسة عليهسسم السسسلم"‬
‫]أصول الكافي‪.[.1/393 :‬‬
‫ومن الروايات التي ذكرها في هذا الباب‪ .." :‬عسسن جعيسسد الهمسسداني عسسن‬
‫علي بن الحسن رضي الله عنه قسسال‪ :‬سسسألته بسسأي حكسسم تحكمسسون؟ قسسال‪:‬‬
‫حكم آل داود فإن أعيانا شيء تلقانسسا بسسه روح القسسدس" ]أصسسول الكسسافي‪ :‬ص‪/‬‬
‫‪.[.398‬‬
‫وترد عندهم نصوص كثيرة تقول بأن مهديهم المنتظسسر يحكسسم بحكسسم آل‬
‫داود ول يسأل بينة ]أصسسول الكسسافي‪ 1/398 :‬ومسسا بعسسدها‪ ،[.‬ويذكرون جملسسة مسسن‬
‫الحكام التي يحكم بها مهسسديهم بمسسوجب شسسريعته الخاصسسة مثسسل "كسسونه ل‬
‫يقبل الجزية من أهل الكتاب‪ ،‬ويقتل كل من بلغ عشرين سنة ولسسم يتفقسسه‬
‫في السسدين‪ ،‬وأنسسه ل يقبسسل البينسسة‪ ،‬ويحكسسم بحكسسم آل داود وأمثالهسسا" ]انظسسر‪:‬‬
‫الشعراني‪ /‬تعاليق علمية )على شرح الكافي للمازندراني(‪ .[.6/393 :‬كما سيأتي – إن‬
‫شاء الله – تفصيله في عقيدتهم في المهدي المنتظر‪.‬‬
‫وجاءت عندهم عدة روايات تذكر بأن علًيا يقول‪ :‬لسسو تمكنسست مسن المسسر‬
‫لحكمت لكل طائفة بكتابها ]توجد هسسذه الروايسسات فسسي البحسسار‪ 26/180 :‬ومسسا بعسسدها‪،‬‬
‫‪ 40/136‬وما بعدها‪ ،[.‬فمن هذه الروايات‪ :‬زعمهم أن علًيا قال‪" :‬لو ثنيت لسسي‬
‫وسادة" ]قال المجلسي‪ :‬ثني الوسادة عبارة عن التمكن في المر ونفاذ الحكم‪) .‬البحار‪:‬‬
‫‪ ،[.(40/137‬أو "لسسو ثنسسى النسساس لسسي وسسسادة كمسسا ثنسسي لبسسن صسسوحان ]قسسال‬
‫المجلسي‪ :‬ذكر ابن صوحان في الخبر غريب‪ ،‬ولعله كان ابسسن أبسسي سسسفيان‪ ،‬وعلسسى تقسسديره‬
‫كأن المراد به لو كان لي بين أصحابي نفاذ أمر وقبول حكم كنفاذ أمر ابن صوحان )البحار‪:‬‬
‫‪ [.(26/182‬لحكمت بين أهل التوراة بالتوراة‪ ،‬ولحكمسست بيسسن أهسسل النجيسسل‬
‫بالنجيل ولحكمت بين أهل الزبور بسسالزبور‪ ،‬ولحكمسست بيسسن أهسسل الفرقسسان‬
‫بالفرقان" ]البحار‪.[.26/182 :‬‬
‫نقد هذه المقالة‪:‬‬
‫دا صلى الله عليسسه وسسسلم إلسسى جميسسع الثقليسسن‪ ،‬وختسسم بسه‬ ‫بعث الله محم ً‬
‫سل َم ِ ِديًنا‬ ‫غي َْر ال ِ ْ‬ ‫غ َ‬ ‫من ي َب ْت َ ِ‬ ‫و َ‬‫النبوات‪ ،‬ونسخ برسالته سائر الرسالت } َ‬
‫ن{ ]آل عمسسران‪ :‬آيسسة‪:‬‬ ‫ري َ‬ ‫سق ِ‬ ‫خا ِ‬‫ن ال ْ َ‬‫مق َ‬ ‫ة ِ‬ ‫خَر ِ‬
‫في ال ِ‬ ‫و ِ‬‫ه َ‬
‫و ُ‬
‫ه َ‬ ‫من ْ ُ‬‫ل ِ‬‫قب َ َ‬‫فَلن ي ُ ْ‬ ‫َ‬
‫‪" .[.85‬ولو كان موسى وعيسى حييسسن لكانسسا مسسن أتبسساعه صسسلى اللسسه عليسسه‬
‫وسلم" ]شرح الطحاوية‪ :‬ص ‪" [.513‬وإذا نزل عيسى عليه السلم إلسسى الرض‬
‫فإنما يحكم بشسسريعة محمسسد صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم" ]مجمسسوع فتسساوى شسسيخ‬
‫السلم‪ ،4/316 :‬شرح الطحاوية‪ :‬ص ‪ .[.513‬فقد نسخ الله سبحانه بكتابه الكتب‬
‫ما‬‫قا ل ّ َ‬
‫صدّ ً‬‫م َ‬ ‫ق ُ‬
‫ح ّ‬ ‫ب ِبال ْ َ‬ ‫ك ال ْك َِتا َ‬ ‫وَأنَزل َْنا إ ِل َي ْ َ‬‫السماوية كلها‪ ،‬قال تعالى‪َ } :‬‬
‫َ‬
‫ل الّلقق ُ‬
‫ه‬ ‫ما أنَز َ‬ ‫هم ب ِ َ‬ ‫كم ب َي ْن َ ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫فا ْ‬‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬
‫مًنا َ‬ ‫هي ْ ِ‬
‫م َ‬
‫و ُ‬‫ب َ‬‫ن ال ْك َِتا ِ‬ ‫م َ‬‫ه ِ‬‫ن ي َدَي ْ ِ‬
‫ب َي ْ َ‬
‫‪353‬‬
‫ة‬
‫ع ً‬‫ش قْر َ‬ ‫م ِ‬ ‫منك ُق ْ‬ ‫عل َْنا ِ‬ ‫ج َ‬ ‫ل َ‬ ‫ق ل ِك ُ ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ك ِ‬ ‫جاء َ‬ ‫ما َ‬ ‫ع ّ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫واء ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ع أَ ْ‬ ‫ول َ ت َت ّب ِ ْ‬ ‫َ‬
‫فققي‬ ‫م ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫وك ْ‬ ‫كن لي َب ْل ق َ‬ ‫ولق ق ِ‬ ‫حدَةً َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ة َ‬ ‫م ً‬ ‫مأ ّ‬ ‫علك ْ‬ ‫ج َ‬‫هل َ‬ ‫شاء الل ُ‬ ‫ول ْ‬ ‫جا َ‬ ‫ها ً‬ ‫من ْ َ‬‫و ِ‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫عققا في ُن َب ّئكققم‬ ‫َ‬ ‫مي ً‬ ‫ج ِ‬‫م َ‬ ‫عك ْ‬ ‫ُ‬ ‫ج ُ‬ ‫مْر ِ‬ ‫ت إ ِلى الله َ‬ ‫َ‬ ‫خي َْرا ِ‬ ‫ست َب ِقوا ال َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫مآ آَتاكم فا ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ع‬‫ول َ ت َت ّب ِ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫مآ أنَز َ‬ ‫هم ب ِ َ‬ ‫كم ب َي ْن َ ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫نا ْ‬ ‫وأ ِ‬ ‫ن‪َ ،‬‬ ‫فو َ‬ ‫خت َل ِ ُ‬ ‫ه تَ ْ‬‫في ِ‬ ‫م ِ‬ ‫كنت ُ ْ‬ ‫ما ُ‬ ‫بِ َ‬
‫ه إ ِل َي ْق َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أَ ْ‬
‫ك‪{..‬‬ ‫ل الل ّق ُ‬ ‫ما أنَز َ‬ ‫ض َ‬ ‫ع ِ‬ ‫عن ب َ ْ‬ ‫ك َ‬ ‫فت ُِنو َ‬ ‫م أن ي َ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫حذَْر ُ‬ ‫وا ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫واء ُ‬ ‫ه َ‬
‫]المائدة‪ ،‬آية ‪.[.49-48‬‬
‫َ‬
‫ه{‪:‬‬ ‫ل الّلقق ُ‬ ‫ما أنققَز َ‬ ‫هم ب ِ َ‬ ‫كم ب َي ْن َ ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫فا ْ‬ ‫قال ابن جرير في قوله سبحانه‪َ } :‬‬
‫"وهذا أمر من الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم أن يحكم بيسسن‬
‫المحتكمين إليه من أهل الكتاب وسائر أهل الملل بكتابه الذي أنزلسسه إليسسه‬
‫وهو القرآن الذي خصه بشريعته‪ ،‬فالله سبحانه أنسسزل القسسرآن مصسسدًقا مسسا‬
‫بين يديه من الكتب ومهيمًنا عليه‪ ،‬رقيًبا علسسى مسسا قبلسسه مسسن سسسائر الكتسسب‬
‫قبله صلى الله عليه وسلم ]تفسير ابن جرير الطبري‪ ،269-6/268 :‬وانظر‪ :‬مجموع‬
‫فتاوى شيخ السلم‪.[.19/218 :‬‬
‫وكتب الشيعة تقول بأن الئمة يحكمون بحكم آل داود‪ ،‬ويحكمسسون لكسسل‬
‫أصحاب دين بكتابه‪ ،‬فهل هذا خسسروج عسسن شسسريعة السسسلم‪ ،‬أو دعسسوة إلسسى‬
‫وحدة الديان؟! وقد يكون هذا مسسن الدلسسة علسسى أن التشسسيع مسسأوى النحسسل‬
‫والديان‪ ،‬وكل صاحب دين يجد فيه بغيته‪ ،‬وينفث من خلله سسسمومه علسسى‬
‫السلم‪.‬‬
‫أما قول الشيعة بأن كتب النبياء عند أئمتهم فهسسذا مسسا ل يملكسسون عليسسه‬
‫دليل ً سوى دعاوى ل يصدقها الواقع‪ ،‬كيسسف والمصسسطفى صسسلى اللسسه عليسسه‬
‫وسلم ل يملك ذلك‪ ،‬كما يدل على ذلك ما جاء فسسي الصسسحيحين وغيرهمسسا‪:‬‬
‫"إن اليهود جاءوا إلى رسول الله صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم فسسذكروا لسسه أن‬
‫رجل ً منهم وامرأة زنيا‪ :‬فقال لهم رسول الله صلى اللسسه عليسسه وسسسلم‪ :‬مسسا‬
‫تجدون في التوراة في شأن الرجسسم؟ فقسسالوا‪ :‬نفضسسحهم ويجسسدلون‪ .‬فقسسال‬
‫عبد الله بن سلم‪ :‬كذبتم‪ ،‬إن فيها الرجم‪ .‬فأتوا بالتوراة فنشروها‪ ،‬فوضسسع‬
‫أحدهم يده على آية الرجم‪ ،‬فقرأ ما قبلها وما بعدها‪ .‬فقال له عبد الله بن‬
‫سلم‪ :‬ارفع يدك‪ ،‬فرفع يده‪ ،‬فإذا فيها آية الرجم‪ ،‬فقسال‪ :‬صسسدق يسا محمسد‪،‬‬
‫فيها آية الرجم‪ .‬فأمر بهما رسسسول اللسسه صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم فرجمسسا"‬
‫ه كَ َ‬
‫مققا‬ ‫ر ُ‬
‫فون َ ُ‬ ‫ع ِ‬
‫]أخرجه البخاري )مع الفتح( في كتاب المناقب‪ ،‬بسساب قسسول اللسسه تعسسالى‪} :‬ي َ ْ‬
‫م‪] {...‬البقرة‪ ،‬آية‪ [146 :‬ج‪ ‍6‬ص ‪) 631‬ح ‪ (3635‬وفسسي مواضسسع أخسسرى‪،‬‬ ‫ن أ َب َْناء ُ‬
‫ه ُ‬ ‫ر ُ‬
‫فو َ‬ ‫ع ِ‬
‫يَ ْ‬
‫وأخرجه بهذا المعنى مسلم‪ ،‬كتاب الحدود‪ ،‬باب رجم اليهوديين‪) ،4/593 :‬ح ‪ ،(4446‬وابسسن‬
‫مسساجه فسسي الحسسدود‪ ،‬بساب رجسسم اليهسسودي واليهوديسسة‪) 855-2/854 :‬ح ‪ ،(2558‬ومالسسك فسسي‬
‫الموطأ‪ ،‬كتاب الحسسدود‪ ،‬بسساب مسسا جسساء فسسي الرجسسم‪ ،2/819 :‬وأحمسسد‪ ،2/5 :‬والشسسافعي فسسي‬
‫الرسالة فقرة ‪ ،692‬بتحقيق أحمد شاكر‪.[.‬‬
‫قال أهل العلم‪" :‬وقوله صلى الله عليه وسلم‪" :‬ما تجدون فسسي التسسوراة‬
‫في شأن الرجم" يحتمل أن يكون قد علم بسسالوحي أن حكسسم الرجسسم فيهسسا‬
‫ثابت على ما شرع‪ ...‬ويحتمل أن يكون علم بذلك بخبر عبد الله بن سسلم‬
‫ومن أسلم من علماء اليهود على وجه حصل له به العلم بصحة ما نقلسسوه‪،‬‬
‫ويحتمل أن يسألهم عن ذلك ليعلم ما عندهم فيه ثم يسسستعلم صسسحة ذلسسك‬

‫‪354‬‬
‫]الباجي‪ /‬المنتقي‪ ،7/133 :‬فتح البسساري‪ ،12/168 :‬عسسون المعبسسد‪:‬‬ ‫من قبل الله تعالى"‬
‫‪.[.12/131‬‬
‫ولم يذكروا احتمال أن تكون التوراة موجسسودة عنسسده بسسل هسسذا مسسن بسسدع‬
‫الشيعة‪ ..‬ولسسو كسسان المسسر علسسى مسا زعمسست كتسسب الشسسيعة لظهسسر التسسوراة‬
‫الموجودة عنده ولم يأمرهم بالتيان بها‪ ،‬لو لطلبها من ابن أخيه علي‪.‬‬
‫وأمسسر آخسسر وهسسو أن الشسسيعة تزعسسم أن الكتسسب السسسماوية السسسابقة‬
‫والموجودة عند الئمة لم تصل إليها يد التحريف والتبديل‪.‬‬
‫وقد بين الله سبحانه لنا أهل الكتاب حرفسسوا الكلسسم عسسن مواضسسعه ومسسن‬
‫بعد مواضعه‪ ،‬وأنهسسم نسسسوا حظ ًسسا ممسسا ذكسسروا بسسه‪ ،‬وإنمسسا أوتسسوا نصسسيًبا مسسن‬
‫الكتاب؛ إذ نسوا نصيًبا آخر وأضاعوه‪.‬‬
‫ولما خرجت أمة القرآن من المية وعرفوا تاريخ أهل الكتاب ظهر لهسسم‬
‫أن اليهود فقدوا التوراة التي كتبها موسى ثم لم يجدوها‪ ،‬وإنما كتسسب لهسسم‬
‫جا مما ليس منها‪ ،‬والتوراة التي بيسسن‬ ‫بعض علمائهم ما حفظوه منها ممزو ً‬
‫أيديهم تثبت ذلك ]تفسير المنار‪.[.6/396 :‬‬
‫"وأما الناجيل فالضطراب فيها أعظم منه فسسي التسسوراة‪ ،‬ونسسسخ الزبسسور‬
‫ضا مخالفة كثيرة في كثير من اللفاظ والمعاني‪ ،‬ويقطسسع‬ ‫يخالف بعضها بع ً‬
‫را منها كذب على زبور داود عليه السلم" ]ابن تيميسسة‪ /‬دقسسائق‬ ‫من رآها أن كثي ً‬
‫التفسير‪.[.3/58 :‬‬
‫ولسنا في مقام دراسة هذه المسألة وبسسسطها‪ ،‬وإنمسسا الغسسرض الشسسارة‬
‫إلى نتيجة الدراسات التي قامت حول الكتب السابقة والتي تقول بأنه لسسم‬
‫يبق منها كتاب على ما أنزل لم يصسل إليسسه تحريسف‪ ..‬إل أن كتسسب الشسيعة‬
‫تدعي أن عندها هذه الكتب وغيرها من الكتب السماوية لسسم ينلهسسا تغييسسر‪..‬‬
‫ولسسو كسسان عنسسد الئمسسة الكتسسب الصسسلية غيسسر المحرفسسة لكسسان واجسسب المسسر‬
‫بالمعروف والنهي عن المنكر يحتم عليهم أن يواجهوا بها اليهود والنصارى‬
‫ليردوهم إلى الحق وليظهروا ما فيها من الخبسار مسن ظهسور النسبي صسلى‬
‫اللسسه عليسسه وسسسلم ووجسسوب اتبسساعه‪ ،‬ولسسو فعلسسوا ذلسسك لرجسسع أكسسثر اليهسسود‬
‫والنصارى عن كفرهم ولنقل ذلك واشتهر‪.‬‬
‫ولعل من سمع هذه الدعوى يسأل‪ :‬أين هذه الكتب السسسماوية‪ ،‬فسسي أي‬
‫مكان توجد وعند من؟‬
‫وما الهدف من وجودها عند أئمتهم؟ هل ليكملوا بها شريعة السلم؟!‬
‫ولم لم يحتجوا بها على تحريف أهل الكتاب ويقيموا الحجة عليهم؟ هسسل‬
‫هذا تقصير منهم؟‬
‫هذه أسئلة ل جواب عليها يرتضى‪ ،‬لنها تسسدور علسسى أسسسطورة ل حقيقسسة‬
‫لها‪ ..‬وليست هذه الدعوى بغريبة علسسى قسسوم ادعسسوا لئمتهسسم كسسل شسسيء‪..‬‬
‫ولكن الغريب أن تجد من يصدق بها في عالم اليوم‪.‬‬
‫ولذلك فإن الشيعة تقول في كل وهم من هذه الوهسسام – أعنسسي الكتسسب‬
‫السسسرية والمصسساحف السسسماوية ومسسواريث النبيسساء‪ ..‬إلسسخ ‪ :-‬إن مسسستقرها‬
‫ومستودعها عند الغسسائب الموهسسوم المهسسدي المنتظسسر ]انظسسر‪ :‬أصسسول الكسسافي‪:‬‬
‫ضا‪.‬‬‫‪ ،[.1/221‬فتعلق أتباعهم بهذا السراب الخادع أساطير يتبع بعضها بع ً‬
‫‪355‬‬
‫اليمان بالرسل‪:‬‬
‫وضلل الشيعة في هذا الركن يتمثسسل فسسي عقسسائد متعسسددة كقسسولهم بسسأن‬
‫سلم ل يتكّلمسسون إل بسسالوحي" )بحسسار‬‫مة عليهم ال ّ‬ ‫مة ُيوحى إليهم ]بل قالوا‪" :‬إ ّ‬
‫ن الئ ّ‬ ‫الئ ّ‬
‫النوار‪ ،[.(54/237 ،17/155 :‬كما سبق إثباته في "فصل السنة"‪ ،‬وفي مسألة‬
‫اليمان بالكتب‪.‬‬
‫وكقولهم بعصمة الئمة‪ ،‬وضرورة اتباع قولهم ]انظر فصسسل العصسسمة‪ ،[.‬فهم‬
‫أعطوهم بهذا معنى النبوة‪ ،‬ولهذا قال شيخ السلم ابن تيمية‪" :‬فمن جعل‬
‫ما يجب اليمان بكل ما يقوله فقد أعطاه معنى النبسسوة‬ ‫بعد الرسول معصو ً‬
‫وإن لم يعطه لفظها" ]منهاج السنة‪.[.3/174 :‬‬
‫وبالغوا في الضللة حينمسسا زعمسسوا أن النبيسساء عليهسسم السسسلم هسسم أتبسساع‬
‫لعلي‪ ،‬وأن منهم من عوقب لرفضه وليسسة علسسي‪ ،‬حسستى جسساء فسسي أخبسسارهم‬
‫ن اللسسه عسسرض‬ ‫سسسلم‪ :‬إ ّ‬‫"عن حّبة العرني قال‪ :‬قال أمير المسسؤمنين عليسسه ال ّ‬
‫سماوات وأهل الرض أقّر بهسسا مسسن أق سّر‪ ،‬وأنكرهسسا مسسن‬ ‫وليتي على أهل ال ّ‬
‫ر بهسسا" ]بحسسار‬
‫أنكر‪ ،‬أنكرها يونس فحبسه اللسسه فسسي بطسسن الحسسوت حسستى أقس ّ‬
‫النوار‪ ،26/282 :‬بصائر الّدرجات‪ :‬ص ‪.[.22‬‬
‫ولهم في هذا المعنى روايات كثيرة ]ذكرها المجلسي في "باب تفضسسيلهم علسسى‬
‫النبياء" ‪.[.319-26/267‬‬
‫من هنا قرروا‪ :‬بأن الئمة هم أفضل من النبياء‪ ،‬وأن الئمة جاءوا‬
‫بالمعجزات لقامة الحجة على الخلق أجمعين‪ .‬وسأعرض لهاتين‬
‫المسألتين بشيء من التفصيل في الصفحات التالية‪.‬‬
‫تفضيلهم الئمة على النبياء والرسل‪:‬‬
‫دهم الله تعسسالى لكمسسال‬ ‫قهم بالّرسالة؛ حيث أع ّ‬ ‫الّرسل أفضل البشر وأح ّ‬
‫َ‬
‫ه{‬ ‫سققال َت َ ُ‬
‫ر َ‬‫ل ِ‬‫عقق ُ‬
‫ج َ‬‫ث يَ ْ‬‫حي ْ ُ‬
‫م َ‬‫عل َ ُ‬
‫هأ ْ‬‫دعوة والجهاد }الل ّ ُ‬ ‫العبودّية والّتبليغ وال ّ‬
‫]النعسسام‪ ،‬آيسسة‪ ،[.124:‬فهسسم قسسد امتسسازوا "برتبسسة الّرسسسالة عسسن سسسائر الن ّسساس"‬
‫]الحليمي‪ /‬المنهاج في شعب اليمان‪.[.1/238 :‬‬
‫َ‬
‫مققن‬ ‫سققل َْنا ِ‬‫ما أْر َ‬‫و َ‬‫وقد أوجب الله على الخلق متابعتهم‪ .‬قال تعالى‪َ } :‬‬
‫ه{ ]الّنسسساء‪ ،‬آيسسة‪ .[.64 :‬ول يفضسسل أحسسد مسسن‬ ‫ن الل ّق ِ‬
‫ع ب ِإ ِذْ ِ‬ ‫ل إ ِل ّ ل ِي ُ َ‬
‫طا َ‬ ‫سو ٍ‬
‫ّر ُ‬
‫دا‬
‫ضل أحسس ً‬ ‫سّنة‪" :‬ول نف ّ‬ ‫حاوي في بيان اعتقاد أهل ال ّ‬ ‫ّ‬
‫البشر عليهم‪ .‬قال الط ّ‬
‫سلم ونقول‪ :‬نسسبي واحسسد أفضسسل‬ ‫من الولياء على أحد من النبياء عليهم ال ّ‬
‫طحاوّية )مع شرح علسسي بسسن أبسسي الع سّز( ص ‪،493‬‬ ‫من جميع الولياء" ]انظر‪ :‬العقيدة ال ّ‬
‫وفة" )شسسرح‬
‫شيخ إلى الّرد ّ إلى الّتحادّية وجهلسسة المتصس ّ‬‫شيخ ابن أبي العّز‪" :‬ويشير ال ّ‬
‫قال ال ّ‬
‫صوفّية والّرافضة كثير‪.[.‬‬ ‫ّ‬
‫طحاوّية ص ‪ ،(493‬واللقاء والّتشابه بين ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫وتفضيل الئمة على النبياء هو مذهب غلة الروافض‪ ،‬كما نبه على ذلك‬
‫عبسسد القسساهر البغسسدادي ]البغسسدادي‪ /‬أصسسول السسدين‪ :‬ص ‪ ،[.298‬والقاضسسي عيسساض‬
‫]القاضي عياض‪ /‬الشفاء‪ :‬ص ‪ ،[.1078‬وشيخ السلم ابن تيمية ]ابسسن تيميسسة‪ /‬منهسساج‬
‫السنة‪.[.1/177 :‬‬
‫وقد ذكر المام محمد بن عبد الوهاب أن "مسن اعتقسد فسي غيسر النبيساء‬
‫كونه أفضل منهم ومساوًيا لهم فقد كفر"‪ ،‬وقد نقل الجماع على ذلك غير‬

‫‪356‬‬
‫واحد من العلماء ]رسالة في الرد على الرافضة‪ :‬ص ‪ .[.29‬ولسسذلك قسسال القاضسسي‬
‫مسسة أفضسسل مسسن‬‫ن الئ ّ‬
‫عياض‪" :‬نقطع بتفكيسسر غلة الّرافضسسة فسسي قسسولهم‪ :‬إ ّ‬
‫شفا‪ :‬ص ‪ .[.1078‬وهذا المذهب بعينه قد غسسدا مسسن أصسسول الثنسسي‬ ‫النبياء" ]ال ّ‬
‫مسسة الثنسسي عشسسر علسسى‬ ‫ن تفضسسيل الئ ّ‬
‫عشرية‪ ،‬فقد قّرر صاحب الوسسسائل أ ّ‬
‫مة في‬‫مة ]انظر‪ :‬الفصول المه ّ‬‫شيعة التي نسبها للئ ّ‬‫النبياء من أصول مذهب ال ّ‬
‫سسسلم – أفضسسل مسسن سسسائر‬
‫مسسة الثنسسي عشسسر – عليهسسم ال ّ‬
‫ي والئ ّ‬
‫ن الن ّسسب ّ‬
‫مة "بسساب أ ّ‬
‫أصول الئ ّ‬
‫سسسابقين والملئكسسة وغيرهسسم"‪ :‬ص ‪ ،[.151‬وقال بسأن‬ ‫المخلوقات من النبياء والوصياء ال ّ‬
‫مة في أصول‬ ‫الروايات عندهم في ذلك أكثر من أن تحصى ]انظر‪ :‬الفصول المه ّ‬
‫الئّمسسة‪ :‬ص ‪ ،[.154‬وفسسي بحسسار النسسوار للمجلسسسي عقسسد باب ًسسا بعنسسوان "بسساب‬
‫سلم على النبيسساء وعلسسى جميسسع الخلسسق وأخسسذ ميثسساقهم‬ ‫تفضيلهم عليهم ال ّ‬
‫ن أولي العزم إّنما صسساروا أولسسي‬ ‫عنهم وعن الملئكة وعن سائر الخلق‪ ،‬وأ ّ‬
‫العزم بحّبهم صلوات الله عليهم" ]انظر‪ :‬بحار النوار‪.[.26/267 :‬‬
‫واستشهد لهذا الصسسل بثمانيسة وثمسسانين حسسديًثا مسن أحساديثهم المنسسوبة‬
‫للثني عشر ]انظر‪ :‬بحار النوار‪ .[.26/267 :‬وقال‪" :‬والخبار – يعني أخبارهم –‬
‫في ذلك أكثر من أن تحصى وإنما أوردنا فسسي هسسذا البسساب قليل ً منهسسا وهسسي‬
‫متفرقة في البواب لسيما باب صفات النبياء وأصنافهم عليهسسم السسسلم‪،‬‬
‫وباب أنهم عليهم السلم كلمة الله‪ ،‬وباب بدو أنوارهم‪ ،‬وبسساب أنهسسم أعلسسم‬
‫من النبياء‪ ،‬وأبواب فضائل أمير المؤمنين وفاطمة صسسلوات اللسسه عليهمسسا"‬
‫]بحار النوار‪.[.298-26/297 :‬‬
‫شسسيعة‬ ‫مى ديسسن ال ّ‬ ‫وقد قّرر شيخهم ابن بسسابويه فسسي اعتقسساداته السستي تس س ّ‬
‫ل لسسم‬ ‫ن اللسسه عسّز وجس ّ‬ ‫المامّية هذا المبدأ عندهم فقال‪" :‬يجسسب أن يعتقسسد أ ّ‬
‫ب‬‫مسسة‪ ،‬وأّنهسسم أحس ّ‬ ‫مد صلى الله عليه وسسسلم والئ ّ‬ ‫قا أفضل من مح ّ‬ ‫يخلق خل ً‬
‫مسسا أخسسذ اللسسه ميثسساق‬ ‫ل وأكرمهم وأّولهم إقراًرا بسسه ل ِ َ‬ ‫الخلق إلى الله عّز وج ّ‬
‫ي علسسى قسسدر معرفتسسه نبّينسسا‬ ‫ل نسسب ّ‬‫ن الله تعالى أعطى ك ّ‬ ‫ذر‪ ،‬وأ ّ‬‫الّنبّيين في ال ّ‬
‫ن اللسسه تعسسالى خلسسق‬ ‫صلى الله عليه وسلم وسبقه إلى القرار به‪ ،‬ويعتقد أ ّ‬
‫سماء ول‬ ‫سلم وأّنه لولهم ما خلق ال ّ‬ ‫جميع ما خلق له ولهل بيته عليهم ال ّ‬
‫مسا خلسسق‬ ‫واء ول الملئكة ول شسسيًئا م ّ‬ ‫الرض ول الجّنة ول الّنار ول آدم ول ح ّ‬
‫صلوات الله عليهم أجمعين" ]اعتقادات ابن بابويه‪ :‬ص ‪.[.107-106‬‬
‫ن ما ذكره‬ ‫قب عليه بقوله‪" :‬اعلم أ ّ‬ ‫ص وع ّ‬ ‫وقد نقل صاحب البحار هذا الن ّ ّ‬
‫متنسسا صسسلوات اللسسه عليهسسم علسسى جميسسع‬ ‫رحمسسه اللسسه مسسن فضسسل نبّينسسا وأئ ّ‬
‫متنا أفضل من سائل النبيسساء هسسو السسذي ل يرتسساب فيسسه‬ ‫المخلوقات وكون أئ ّ‬
‫سلم على وجه الذعسان واليقيسن‪ ،‬والخبسار فسي‬ ‫من تتّبع أخبارهم عليهم ال ّ‬
‫ذلك أكثر من أن ُتحصى‪ ..‬وعليه عمسسدة المامي ّسسة ول يسسأبى ذلسسك إل جاهسسل‬
‫بالخبار" ]بحار النوار‪.[298-26/297 :‬‬
‫وقد أّلف بعض شيوخهم في هذا المذهب مؤّلفات ]مثل كتاب تفضيل الئ ّ‬
‫مسسة‬
‫سسسلم علسسى أولسسي العسسزم مسسن الّرسسسل )كلهمسسا‬
‫على النبياء‪ ،‬وكتسساب تفضسسيل علسسي عليسسه ال ّ‬
‫دهم مسن‬ ‫مسة علسى غيسر جس ّ‬‫لشيخهم هاشم البحرانسي‪ ،‬المتسوّفى سسنة ‪ ،(1107‬وتفضسيل الئ ّ‬
‫مد كاظم الهسزار‪ ،‬وتفضسيل أميسر المسؤمنين علسي علسى مسن عسدا خساتم‬ ‫النبياء لشيخهم مح ّ‬
‫ن أحسسد شسيوخهم‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫ّ‬
‫ظريسف‬ ‫ال‬ ‫ومسن‬ ‫ه(‬‫‍‬ ‫‪1111‬‬ ‫سنة‬ ‫س‬ ‫س‬ ‫فى‬ ‫ّ‬ ‫سو‬
‫س‬ ‫)المت‬ ‫المجلسي‬ ‫مد باقر‬
‫الّنبّيين‪ /‬لمح ّ‬

‫‪357‬‬
‫أّلف كتاًبا بعنوان‪ » :‬تفضيل القائم المهدي على سائر الئ ّ‬
‫مة « مسسن تسسأليف فارسسسي يسسدعى‬
‫فتحعلياشه )ت ‪‍1250‬ه(‪ ،‬وانظر‪ :‬الّذريعة ‪.[.360-358 /4‬‬
‫وهذه المقالة هي التي يجاهر بها الخميني ومن يشايعه في هسسذا العصسسر‬
‫ية – كما سيأتي – ]فسسي فصسسل دولسسة‬ ‫كما قّرر ذلك في كتابه الحكومة السلم ّ‬
‫اليات من الباب الّرابع‪.[.‬‬
‫وتعزو رواياتهم هذه الفضلية إلى أمور يرونهسسا فسسي الئمسسة مغرقسسة فسسي‬
‫الغلو والضلل تقشعر من سماعها أبدان المؤمنين )وقسسد مسسر بعضسسها فسسي‬
‫فصلي اعتقادهم في توحيد اللوهية والربوبية(‪.‬‬
‫وليس الئمة أفضل من النبياء فحسب؛ بل ما اسسستحق النبيسساء مسسا هسسم‬
‫فيه من فضل – بزعمهم – إل بسبب الولية ‪ .‬قال إمسسامهم "مسسا اسسستوجب‬
‫سسسلم‪،‬‬ ‫آدم أن يخلقه الله بيده وينفخ فيه من روحه إل بولية علي عليسسه ال ّ‬
‫سسسلم‪ ،‬ول أقسسام اللسسه‬‫ما إل بوليسسة علسسي عليسسه ال ّ‬ ‫وما كّلهم الله موسى تكلي ً‬
‫سسسلم"‪ ،‬ثسسم قسسال‪:‬‬ ‫ي عليسسه ال ّ‬
‫عيسى بن مريم آية للعالمين إل بالخضوع لعل ّ‬
‫نظر إليه إل بالعبودّية لنا ]الختصاص‪:‬‬ ‫أجمل المر ما استأهل خلق من الله ال ّ‬
‫ص ‪ :250‬بحار النوار‪.[.26/294 :‬‬
‫ولو ذهبت أنقل من أحاديث "بحارهم" وغيره من هذا "اللون" لستغرق‬
‫ذلك صفحات طويلة ]انظر‪ :‬الكثير منها في الجزء السادس والعشرين من البحسسار‪ ،‬ول‬
‫سيما "باب تفضيل الئمسة علسى النبيساء" ص‪ ،319-267:‬وبساب أن دعساء النبيساء اسستجيب‬
‫بالتوسل والستشفاع بهم صلوات الله عليهم أجمعين‪ :‬ص ‪ ،334-319‬من نفس الجزء‪.[.‬‬
‫ويبدو أن هذا هو المذهب الذي استقر عليه مذهب الثنسسي عشسسرية عسسبر‬
‫التغيرات والتطورات التي تلحسسق المسسذهب‪ ،‬والسسذي أشسسار الممقسساني إلسسى‬
‫طبيعتها وهسسو التطسسور نحسسو الغلسسو ]انظسسر‪ :‬نسسص كلمسسه ص)‪ ،394‬س ‪ ،[.(1104‬فسسإن‬
‫الشيعة في هذه المسألة )أعني مسألة تفضيل النبياء على الئمسسة( كسسانوا‬
‫ثلث فرق – كما يقول الشعري ‪:-‬‬
‫فرقة‪ :‬يقولون بأن النبياء أفضل من الئمة‪ ،‬غير أن بعض هسسؤلء جسسوزوا‬
‫أن يكون الئمة أفضل من الملئكة‪.‬‬
‫والفرقة الثانية‪ :‬يزعمون أن الئمة أفضل من النبياء والملئكة‪.‬‬
‫والفرقة الثالثة‪ :‬وهم القائلون بالعتزال والمامة‪ ،‬يقولون‪ :‬إن الملئكسسة‬
‫والنبياء أفضل من الئمة ]مقالت السلميين‪.[.1/120 :‬‬
‫ويضيف المفيد في أوائل المقالت مذهًبا رابًعا لهم وهو أفضسسلية الئمسسة‬
‫على سائر النبياء ما عدا أولي العزم ]أوائل المقالت‪ :‬ص ‪ .[.43-42‬ثم ل يبوح‬
‫بذكر المذهب الذي يعتمده من هذه المذاهب بل يذكر تسسوقفه للنظسسر فسسي‬
‫ذلك ]أوائل المقالت‪ :‬ص ‪.[.43‬‬
‫ولكن يظهر أن كل هذه المذاهب تلشت بسعي شيوخ الدولة الصسسفوية‬
‫ومن تبعهم واستقر المذهب على الغلسسو فسسي الئمسسة‪ ،‬حسستى إن المجلسسسي‬
‫ن أولسسي‬‫يقول في عنوان الباب السسذي عقسسده فسسي بحسساره لهسسذا الغسسرض‪" :‬إ ّ‬
‫العزم إّنما صاروا أولي العزم بحّبهم صلوات الله عليهم" ول يسسستثني فسسي‬
‫مد صلى الله عليه وسلم ]انظر‪ :‬ص)‬ ‫دا من المرسلين‪ ،‬حتى نبّينا مح ّ‬ ‫ذلك أح ً‬
‫‪.[.(615‬‬
‫‪358‬‬
‫وجاءت عندهم نصوص تعقد مقارنات بين رسسسول اللسسه وعلسسي‪ ،‬وتنتهسسي‬
‫بأن لعلي فضل التميز علسسى رسسسول اللسسه صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم‪ ،‬حيسسث‬
‫شاركه علي في خصائصه‪ ،‬وانفرد علي بفضائل لسسم يشسساركه فيهسسا رسسسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم‪ .‬وعقد لهذه النصوص صاحب البحار باًبا بعنوان‬
‫"باب قول الرسول لعلي‪ :‬أعطيت ثلًثا ما أعط" ‪ -‬كذا – ]انظر‪ :‬بحسسار النسسوار‪:‬‬
‫‪ ،39/89‬ومن أمثلة ذلك ما جاء في أخبارهم أن رسول الله صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم قسال‪:‬‬
‫"أعطيت ثلًثا وعلي مشاركي فيها‪ ،‬وأعطي علي ثلًثا ولم أشسساركه فيهسسا‪ ،‬فقيسسل يسسا رسسسول‬
‫الله‪ :‬وما هي الثلث التي شاركك فيها علسسي عليسسه السسسلم؟ قسسال‪ :‬لسسي لسسواء الحمسسد وعلسسي‬
‫حامله‪ ،‬والكوثر لي وعلسي سساقيه‪ ،‬ولسي الجنسة والنسار وعلسي قسسيمهما‪ ،‬وأمسا الثلث الستي‬
‫أعطيها علي ولم أشاركه فيها فإنه أعطي ابن عم مثلي ولسسم أعسسط مثلسسه‪ ،‬وأعطسسي زوجتسسه‬
‫فاطمة ولم أعط مثلها‪ ،‬وأعطي ولديه الحسن والحسين ولم أعسسط مثلهمسسا‪) .‬بحسسار النسسوار‪:‬‬
‫‪ ،39/90‬وانظر فسي هسذا المعنسى‪ :‬عيسون أخبسار الرضسا‪ :‬ص ‪ ،212‬منساقب آل أبسي طسالب‪:‬‬
‫‪.[.(2/47‬‬
‫وقد جاء في الكافي والبحار وغيرهمسسا نصسسوص كسسثيرة تقسسول بسسأن لعلسسي‬
‫والئمة من الفضسسل ووجسسوب الطاعسسة كرسسسول اللسسه‪ ،‬ولكنهسسا مسسا تلبسسث أن‬
‫تنتقل بالقارئ إلى أن الئمة أفضل من رسول الله‪ ،‬بل تذهب إلى القسسول‬
‫بأن علًيا والئمة انفردوا بخصائص ل يشاركهم فيها أحسسد مسسن الخلسسق‪ ،‬وإذا‬
‫تدبرت تلك الخصائص وجدت أنها من صفات الرب جسسل شسسأنه‪ ،‬وبحسسسبك‬
‫أن تعرف أن من هذه الوصاف التي يتنطع بها الروافض ما ينسبونه لعلي‬
‫أنه قال‪" :‬لم يفتني ما سبقني ولم يعزب عني ما غاب عني‪ ...‬إلخ" ]أصول‬
‫الكافي‪ 1/197 :‬وما بعدها‪ ،‬وقد ذكر جملة من أحاديثهم بهذا المعنى المسسذكور‪ ،‬وانظسسر‪ :‬ص‬
‫‪ 624-623‬من هذه الرسالة‪ ،‬حيث سأذكر – إن شاء اللسسه – بعسسض نصسسوص هسسذه "الفريسسة"‬
‫والمراجع الشيعية التي تناقلتها‪.[.‬‬
‫فما أعظم افتراءهم على الله‪ ،‬وعلى دينسسه‪ ،‬وعلسسى نسسبيه‪ ،‬وعلسسي‪ ،‬وأهسسل‬
‫البيت‪ .‬ولقد أنكر أمير المؤمنين علسسي – رضسسي اللسسه عنسسه – تفضسسيله علسسى‬
‫الشيخين أبي بكر وعمر‪ ،‬وهدد من يتفوه بذلك بأنه سيجلده حسد المفستري‬
‫]انظر‪ :‬منهاج السنة‪ ،4/137 :‬وروي ذلك عن علسسي بأسسسانيد جيسسدة )الفتسساوى‪.[.(28/475 :‬‬
‫وتواتر عنه من ثمانين وجًها أنه كان يقسول علسسى منسبر الكوفسسة‪ :‬خيسسر هسذه‬
‫المة بعد نبيها أبو بكر وعمر ]منهاج السسسنة‪ .[.138-4/137 :‬ونقلت ذلسسك كتسسب‬
‫الشيعة نفسها ]انظر‪ :‬تلخيص الشافي‪ ،2/428 :‬عسسن الشسسيعة وأهسسل السسبيت‪ :‬ص ‪..[.52‬‬
‫فما حاله رضي الله عنه مع هذا الصنف السسذي يسدعي التشسيع لسه ويفضسله‬
‫على أنبياء الله؟ ل شك أن إنكاره عليهم أعظم وأشد‪ ،‬وقد قرر بعض أهل‬
‫ضل علًيا – فكيف ممن بعده – على نسسبي اللسسه إبراهيسسم أو‬ ‫العلم بأن من ف ّ‬
‫محمد فإنه أشد كفًرا من اليهود والنصارى ]منهاج السنة‪.[.4/69 :‬‬
‫وقد روت كتب الشيعة أنه عندما قيل لمير المؤمنين‪ :‬أنسست نسسبي‪ ،‬قسسال‪:‬‬
‫"ويلك إنما أنا عبد من عبيسسد محمسسد صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم" ]ابسسن بسسابويه‪/‬‬
‫التوحيد‪ :‬ص ‪،174‬س ‪ ،175‬المجلسي‪ /‬بحسسار النسسوار‪ ،8/283 :‬الطبرسسسي‪ /‬الحتجسساج )انظسسر‪:‬‬
‫منهاج السنة‪ .[.(4/69 :‬قال ابن بابويه‪ :‬يعنسسي بسسذلك عبسسد طسساعته ل غيسسر ذلسسك‬
‫]التوحيد ص ‪.[.175‬‬

‫‪359‬‬
‫ويحتمل أن هذا التجاه الغالي الذي استقر عليه المذهب الثني عشري‬
‫كان من آثار فرقة من فرق الشيعة تذهب إلى تفضيل علسسي علسسى محمسسد‬
‫صلى الله عليه وسلم يقال لها العلبائية ]العلبائية‪ :‬من فرق الشيعة‪ ،‬وهم أصحاب‬
‫العلباء بن ذراع الدوسي‪ ،‬أو السدي‪ ،‬كان يفضل علًيا على النبي صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم‪،‬‬
‫وكان يقول بذم محمد صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وزعم أنه بعسسث ليسسدعو إلسسى علسسي فسسدعا إلسسى‬
‫نفسه‪.‬‬
‫)الملل والنحل‪ ،1/175 :‬وانظر‪ :‬رجال الكشي‪ :‬ص ‪ ،571‬إل أنه سماها‪ :‬العليائيسسة‪ :‬بحسسار‬
‫النوار‪.[.(25/305 :‬‬
‫وفسسي ظنسسي أن عقيسسدة عصسسمة المسسام عنسسدهم تسسؤدي إلسسى ظهسسور هسسذا‬
‫المذهب وأمثاله؛ ذلك أنهم يصفون الئمة بأوصاف ل يتصف بهسسا أحسسد مسسن‬
‫أنبياء الله ورسله – كما سيأتي – وإن من يرجسسع إلسسى كتسساب اللسسه سسسبحانه‬
‫يجد أنه ليس لئمتهم الثني عشر ذكر‪ ،‬فضل ً عسسن أن يقسسدموا علسسى أنبيسساء‬
‫الله ورسله‪.‬‬
‫كما أنسسه يلحسسظ "أن النبيسساء لكسسونهم أرفسسع رتبسسة يقسسدمون بالسسذكر علسسى‬
‫َ‬ ‫غيرهم من صالحي عباد الله‪ .‬قال تعالى‪ُ َ } :‬‬
‫م‬‫عقق َ‬‫ن أن ْ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ع ال ّ ق ِ‬‫مق َ‬‫ك َ‬ ‫وَلقئ ِ َ‬‫فأ ْ‬
‫ن{‬ ‫حي َ‬ ‫صققال ِ ِ‬
‫وال ّ‬ ‫داء َ‬‫ه َ‬‫شق َ‬ ‫وال ّ‬ ‫ن َ‬ ‫قي َ‬
‫دي ِ‬ ‫صق ّ‬‫وال ّ‬‫ن َ‬ ‫ن الن ّب ِّييق َ‬
‫مق َ‬
‫هققم ّ‬ ‫ه َ َ‬
‫الل ّ ُ‬
‫علي ْ ِ‬
‫صسسواقع‪ :‬ص ‪ .[.187‬فرتسسب اللسسه سسسبحانه عبسساده‬ ‫]الّنسسساء‪ ،‬آيسسة‪] [.69 :‬مختصسسر ال ّ‬
‫السعداء المنعم عليهم أربسسع مراتسسب ]مجمسسوع فتسساوى شسسيخ السسسلم‪.[.11/221 :‬‬
‫"وكتاب الله يدل في جميع آيسساته علسسى اصسسطفاء النبيسساء واختيسسارهم علسسى‬
‫جميع العالم" ]مختصر التحفة‪ :‬ص ‪.[.101‬‬
‫وقد أجمع أهل القرون الثلثة علسى تفضسيل النبيساء علسى مسن سسواهم‪،‬‬
‫وهذا الجماع حجة – حتى عند الشيعة – لن فيهم الئمسة ]مختصسسر الصسسواقع‪:‬‬
‫ص ‪.[.187-186‬‬
‫قال شيخ السلم ابن تيمية‪" :‬اتفق سسسلف المسسة وأئمتهسسا وسسسائر أوليسساء‬
‫الله تعالى على أن النبياء أفضل من الولياء الذي ليسسوا بأنبيساء" ]مجمسسوع‬
‫فتاوى شيخ السلم‪.[.11/221 :‬‬
‫حا علسسى أن جعسسل النسسبي واجسسب الطاعسسة وجعلسسه أمسًرا‬ ‫والعقل يدل صري ً‬
‫ما على الطلق والمام نائًبا وتابعًسسا لسسه ل يعقسسل بسسدون فضسسيلة‬ ‫وناهًيا وحاك ً‬
‫دا فسسي‬ ‫دا في حسسق كسسل نسسبي مفقسسو ً‬ ‫النبي عليه‪ ،‬ولما كان هذا المعنى موجو ً‬
‫ل‪ ،‬بل يستحيل ]مختصر التحفة‪:‬‬ ‫حق كل إمام لم يكن إمام أفضل من نبي أص ً‬
‫ص ‪.[.101‬‬
‫ص والجمسساع‬ ‫شسسيعة نفسسها مسا يّتفسسق مسسع الن ّس ّ‬ ‫ثم إّنه قد ورد في كتسسب ال ّ‬
‫شذوذ؛ وهو ما رواه الكليني عن هشام الحول عسسن‬ ‫والعقل‪ ،‬وينفي ذلك ال ّ‬
‫ن من قال غير ذلك فهو ضسسا ّ‬
‫ل‬ ‫مة‪ ،‬وأ ّ‬ ‫ن النبياء أفضل من الئ ّ‬ ‫زيد بن علي أ ّ‬
‫صواقع‪ :‬ص ‪.[.187‬‬ ‫]انظر‪ :‬مختصر ال ّ‬
‫ب إلى الله من‬ ‫ن النبياء أح ّ‬ ‫ص على أ ّ‬ ‫صادق ما ين ّ‬ ‫وروى ابن بابويه عن ال ّ‬
‫علي ]انظر‪ :‬مختصر الّتحفة‪ :‬ص ‪.[.100‬‬

‫‪360‬‬
‫ول شك أن هذا المسسذهب واضسسح البطلن‪ ،‬يسسدرك بطلنسسه بصسسري العقسسل‬
‫وبما علم من الدين بالضرورة‪ ،‬وبالتاريخ والسير والفطسسر‪ ،‬ول يحتسساج إلسسى‬
‫تكلف في إبطاله وهو أحد البراهين على فساد المذهب الرافضي‪.‬‬
‫معجزات المام‪:‬‬
‫يرى أهل السنة "أن المعجزات ]المعجزات‪ :‬هي اليات والسسبراهين السستي ل يقسسدر‬
‫عليها إل الله والتي يجريها الله تعالى على أيدي أنبيائه فتدل على صدقهم‪ .‬وقد ذكسسر شسسيخ‬
‫السلم ابن تيمية بأن لفظ المعجزات لم يكن موجوًدا في الكتاب والسنة‪ ،‬وإنما فيسسه لفسظ‬
‫الية‪ ،‬والبينة والبرهان )الجواب الصحيح‪ (4/67 :‬وقال رحمه الله‪ :‬المعجزة تعم كسسل خسسارق‬
‫للعادة في اللغة‪ ،‬وعرف الئمة المتقدمين كالمام أحمد بن حنبل وغيسسره يسسسمونها اليسسات‪.‬‬
‫لكن كثيًرا من المتأخرين يفرق في اللفظ بينهما فيجعل المعجزة للنسسبي‪ ،‬والكرامسسة للسسولي‬
‫وجماعهما المر الخارق للعادة )انظسسر‪ :‬قاعسسدة فسسي المعجسسزات والكرامسسات ص ‪ ،2‬مطبعسسة‬
‫المنار‪ ،‬أو ‪ 312-11/311‬من مجمسسوع فتسساوى شسسيخ السسسلم‪ ،‬وراجسسع النبسسوات لبسسن تيميسسة‪،‬‬
‫وانظر‪ :‬التعريفات للجرجاني‪ :‬ص ‪ ،282‬شرح العقيدة الطحاوية‪ :‬ص ‪ [.(495‬ل يأتي بهسا‬
‫أحد إل النبياء عليهسسم السسسلم ]ابسسن حسسزم‪ /‬المحلسسى‪ ،[.1/35 :‬خلفًسسا للروافسسض‬
‫ن‬
‫الذين جعلوا علمة المام عندهم صدور المعجزة منه‪ ،‬لنهم يقولسسون‪" :‬إ ّ‬
‫ن اللسسه سسسبحانه يختسسار‬ ‫وة ]عقائد المامّية‪ :‬ص ‪ [.94‬فكما أ ّ‬ ‫المامة استمرار للّنب ّ‬
‫وة والّرسسسالة ويؤي ّسسده بسسالمعجزة‪ ..‬فكسسذلك يختسسار‬ ‫من يشاء من عبسساده للّنبس ّ‬
‫شيعة وأصولها‪ :‬ص ‪.[.58‬‬ ‫للمامة" ]أصل ال ّ‬
‫وقد امتلت كتب الحديث عندهم بالحديث عن هذه المعجسسزات‪ ،‬وروايسسة‬
‫قصصها وأحداثها – المزعومة – وقد يقال بأن غاية ما هنالك بسسأنهم سسسموا‬
‫الكرامات معجزات‪.‬‬
‫ول شك أن "من أصول أهل السنة والجماعة التصديق بكرامات الولياء‬
‫وما يجري على أيديهم من خوارق العادة في أنسسواع العلسسوم والمكاشسسفات‬
‫وأنواع القدرة والتأثيرات كالمأثور عسسن سسسالف المسسم فسسي سسسورة الكهسسف‬
‫وغيرها‪ ،‬وعن صدر هذه المة من الصحابة والتابعين وسسسائر قسسرون المسسة‪،‬‬
‫وهي موجودة فيها إلى يوم القيامة" ]مجموع فتاوى شيخ السلم‪.[.3/156 :‬‬
‫وإذا كان المر كذلك فتسسمية الكرامسسات بمعجسزات مجسرد اختلف فسسي‬
‫الصطلح ولهذا حينما قال ابن المطهر الحلي عسسن أميسسر المسسؤمنين علسسي‪:‬‬
‫"وظهرت منه معجزات كثيرة" عقب على ذلك شيخ السلم بقوله‪:‬‬
‫"فكأنه يسمي كرامات الولياء معجزات وهذا اصطلح كثير مسسن النسساس‬
‫فيقال‪ :‬علي أفضل من كثير ممن لسسه كرامسسات‪ ،‬والكرامسسات متسسواترة عسسن‬
‫كثير من عوام أهل السنة الذين يفضلون أبسسا بكسسر وعمسسر فكيسسف ل تكسسون‬
‫الكرامات ثابتة لعلي رضي الله عنه‪ ،‬وليس في مجرد الكرامسسات مسسا يسسدل‬
‫على أنه أفضل من غيره" ]منهاج السنة‪.[.2/149 :‬‬
‫وقد رأى شيخ السلم أن اهتمام الروافض بأمر مسسا ينسسسب للئمسسة مسسن‬
‫كرامات إنما سسسببه أن "الرافضسسة لجهلهسسم وظلمهسسم وبعسسدهم عسسن طريسسق‬
‫أوليسساء اللسسه ليسسس لهسسم مسسن كرامسسات الوليسساء المتقيسسن مسسا يعتسسد بسسه‪ ،‬فهسسو‬
‫لفلسسسهم منهسسا إذا سسسمعوا شسسيًئا مسسن خسسوارق العسسادات عظمسسوه تعظيسسم‬
‫المفلس للقليل من النقسسد‪ ،‬والجسسائع للكسسسرة مسسن الخسسبر‪] "..‬منهسساج السسسنة‪:‬‬
‫‪.[.4/196‬‬
‫‪361‬‬
‫ولكن المامية هل ترى هذه الخوارق من كرامات أوليسساء اللسسه وتسسسميها‬
‫معجزات؟‬
‫إن المتأمل للمذهب المامي يرى أنهم يذهبون في هذه الكرامات إلسسى‬
‫مذهب آخر؛ فهم يرون أنها معجزات لثبات المامة وإقامسسة الحجسسة – كمسسا‬
‫يزعمون – على الخلق‪ ،‬لن الئمة كما تقول روايسساتهم هسسم الحجسسة البالغسسة‬
‫على من دون السماء وفوق الرض ]أصول الكافي‪ ،1/192 :‬وانظر‪ :‬المظفر‪ /‬علم‬
‫المام‪ :‬ص ‪.[.43‬‬
‫بل يقول ثقة إسلمهم الكليني‪" :‬إن الحجة ل تقسسوم للسسه علسسى خلقسسه إل‬
‫بإمام" ]وهو عنوان باب في الكافي تضمن أربعة أحاديث بهذا المعنسسى‪) .‬أصسسول الكسسافي‪:‬‬
‫‪ [.(1/177‬وجاءت روايات كثيرة عنسسدهم بهسسذا المعنسسى‪ ،‬ولسسذا قسسالوا "فنحسسن‬
‫حجج الله في عباده" ]أصول الكافي‪" ،[.1/193 :‬ولولنا مسسا عبسسد اللسسه" ]أصسسول‬
‫الكافي‪" ،[.1/193 :‬الوصياء هم أبواب الله عز وجل التي يؤتى منها ولولهم‬
‫ما عرف الله عز وجل‪ ،‬وبهم احتج الله تبارك وتعالى علسسى خلقسسه" ]أصسسول‬
‫الكافي‪ .[.1/193 :‬ولذلك قال البحراني في كتابه الذي صسنفه فسي معجسزات‬
‫الئمة‪" :‬إن الله أظهر علسى أيسديهم المعساجز والسدلئل لنهسم حجتسه علسى‬
‫عباده" ]هاشم البحراني‪ /‬ينابيع المعاجز‪ :‬ص ‪) 2‬المقدمة(‪.[.‬‬
‫فهم يجعلون الئمة كالنبياء والرسل الذين يقيم الله بهم الحجة على‬
‫خلقه فهم يحتاجون للمعجزات لثبات رسالتهم كما يحتاج النبياء‪.‬‬
‫بل هم في الفضل‪ ،‬ووجوب الطاعة‪ ،‬وتحقق المعجزات قد يصلون إلسسى‬
‫مرتبة أفضل الرسل والنبياء أو أعظم‪.‬‬
‫ي رضي الله عنه آخسسذ‬ ‫قال أبو عبد الله – كما يزعمون ‪" :-‬ما جاء به عل ّ‬
‫به وما نهي عنه أنتهي عنه‪ ،‬جرى لسسه مسسن الفضسسل مثسسل مسسا جسسرى لمحمسسد‬
‫صلى الله عليه وسلم"‪.‬‬
‫دا بعد واحد‪.‬‬
‫وكذلك يجري لئمة الهدى واح ً‬
‫كان أمير المؤمنين كثيًرا ما يقول‪" :‬لقد أعطيت خصال ً ما سبقني إليهسسا‬
‫أحد قبلي‪ ،‬علمت المنايا والبليا والنساب وفصل الخطاب‪ ،‬فلم يفتني مسسا‬
‫ل ذلسسك‬ ‫سبقني ولم يعزب عّني ما غاب عّني أبشر بإذن الله وأودي عنه كس ّ‬
‫كنني فيه بعلمه" ]أصول الكافي‪ ،197-1/196 :‬وروايات أخرى بهسسذا المعنسسى‪ ،‬وكّلهسسا‬ ‫م ّ‬
‫ن الئّمة هم أركان الرض"‪ .‬وانظر‪" :‬فصل العصمة"‪.[.‬‬
‫ساقها في "باب أ ّ‬
‫فأنت ترى أن النص يؤكد بأن من أخذ عن أحد مسسن الئمسسة فكأنمسسا أخسسذ‬
‫ي ل عن‬ ‫عن رسول الله‪ ،‬أو أفضل؛ ولذلك فإن جعفًرا يفضل الخذ عن عل ّ‬
‫رسول الله ]ونبرئ جعفًرا من هذه الزندقة وسائر أئمة أهل البيت‪ ،‬فإن من اعتقد أن له‬
‫قا إلى الله ل يحتاج فيه إلى محمد فهو كافر ملحد‪.‬‬
‫طري ً‬
‫)انظر حول هذا المعنى‪ :‬مجموع فتاوى شيخ السلم‪.[.(11/225 :‬‬
‫ي مسسن معجسسزات وصسسفات ليسسست لمحمسسد‬ ‫ثم يبرهن على ما تميز به عل ّ‬
‫صلى الله عليه وسلم في قوله‪) :‬أنا قسيم الله‪ ...‬إلخ(‪ ،‬ويؤكد هذا المعنى‬
‫في خاتمة النص وهو قوله‪" :‬لقد أعطيت خصال ً مسسا سسسبقني إليهسسا أحسسد‪"..‬‬
‫ويضفي على علي صفات الجبسسار جسسل عله حينمسا يقسول‪" :‬علمسست المنايسا‬

‫‪362‬‬
‫والبليا"‪ ،‬وكذلك حينما يقول‪" :‬فلم يفتني ما سبقني ولسسم يعسسزب عنسسي مسسا‬
‫ب جس ّ‬
‫ل‬ ‫غاب عني"‪ ،‬فالذي ل يعسسزب عنسسه شسسيء ول يفسسوته شسسيء هسسو السّر ّ‬
‫ب عندهم يبدو له كما زعموا‪.‬‬ ‫ن الّر ّ‬
‫جلله‪ .‬لك ّ‬
‫فهذه ليست معجزات‪ ،‬هذه افتراءات وتأليه للئمة‪.‬‬
‫ولكن الشيعة المامية ترى أن هذه معجزات جرت للئمة لقامة الحجسسة‬
‫ضا من قبيل الكرامات بل هي كمعجسسزات النبيسساء‬ ‫على الخلق‪ ..‬وليست أي ً‬
‫وب صاحب البحار لهذا المعنى باًبا بعنوان "إّنهسسم يقسسدرون‬ ‫أو أعظم‪ ،‬وقد ب ّ‬
‫على إحياء الموتى وإبراء الكمه والبرص وجميع معجسسزات النبيسساء" ]بحسسار‬
‫النسسوار‪ .[.31-27/29 :‬وأورد فيه جملة مسسن أحسساديثهم‪ ،‬ولهسسذا عسسرف شسسيخهم‬
‫القزويني المعجزة التي تحصل للئمة بأنها "ما كان خارًقا للعادة أو صارًفا‬
‫للقدرة عند التحدي مع عدم المعارضة‪ ،‬والمطابقة للدعوى" ]قلئد الخسسسرائد‪:‬‬
‫ص ‪.[.72‬‬
‫فهي معجزة خارقة للعادة المقصود بها التحدي لقامة الدعوى‪.‬‬
‫وقد صنفوا المصنفات في معجزات الئمة كمسسا يكتسسب أهسسل السسسنة فسسي‬
‫معجزات رسول الله صلى اللسسه عليسسه وسسسلم ]مثسسل كتسساب "عيسسون المعجسسزات"‬
‫لشيخهم حسين بسن عبسد الوهساب )مسسن القسرن الخسامس( وقسد نشسرته مؤسسسة العلمسسي‬
‫ه‪ ،‬وقد جاء فيه من معجزاتهم ‪ :‬أنهم يحيون الموتى‬ ‫للمطبوعات في طبعة ثالثة عام ‪‍ 1403‬‬
‫ص ‪ ،32‬ويتحدثون مع الحيوانات‪ ،‬وتشهد لهم بالمامة ص ‪ ،32 ،25 ،22 ،17‬ويحدثون بما‬
‫كان وما يكسون ص ‪ ،57‬ويسرون أعمسال العبساد بواسسطة عمسود مسن نسور يكسون معهسم منسذ‬
‫دلئل" لشسسيخهم هاشسسم‬ ‫ولدتهم ص ‪ ،80‬وأمثال ذلك‪ .‬ومثل كتاب "ينابيع المعاجز وأصول ال ّ‬
‫ن عنسسدهم‬ ‫البحراني‪ ،‬وذكر فيه )‪ (21‬باب ًسسا ومسسن عنسساوين هسسذه البسسواب "البسساب الخسسامس"‪ :‬أ ّ‬
‫سماء‪ ،‬وعلم ما في الرض‪ ،‬وعلم ما كان‪ ،‬وعلم ما يكون‪ ،‬ومسسا‬ ‫سلم علم ما في ال ّ‬ ‫عليهم ال ّ‬
‫يحدث بالّليل والّنهسار‪ ،‬وسساعة وسسساعة‪ ،‬وعنسدهم علسم الن ّسسبّيين‪ ،‬وزيسادة ص ‪ ،42-35‬البساب‬
‫ن قلوبهم مورد إرادة الله‪ ،‬وإذا‬ ‫سلم إذا شاؤوا أن يعلموا علموا‪ ،‬وأ ّ‬ ‫سادس‪ :‬أّنهم عليهم ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫شاء شيًئا شاؤوه ص‪.46-43 :‬‬
‫ضا كتاب آخر في نفس الموضوع ولعله أوسع ما كتب عندهم سماه "مدينة‬ ‫وللبحراني أي ً‬
‫المعاجز" يذكر عند كل إمسسام مسسا ينسسسبون لسسه مسسن معجسسزات؛ فمثل ً عقسسد البسساب الّول فسسي‬
‫معجزات أمير المؤمنين فذكر )‪ (550‬معجسسزة‪ ،‬منهسسا ذكسسر معسساجز ميلده ص ‪ – 5‬علسسى حسد ّ‬
‫سماء ص ‪ ،12‬وكلم الرض معسسه ص ‪ ،16‬وكلم‬ ‫زعمهم ‪ ،-‬مناجاة الله له ص ‪ ،9‬وعروجه لل ّ‬
‫إبليس معه ص ‪ ،16‬وذكر له معجزات قبل جوده‪ ،‬فكر أّنه حضسسر عنسسد فرعسسون‪ ،‬وقسسال فسسي‬
‫ن الله أّيد بك الّنبّيين سّرا‪ ،‬وأي ّسسدني بسسك جه سًرا‪.‬‬
‫ي‪ :‬إ ّ‬‫ن الّرسول قال لعل ّ‬ ‫الّتعقيب على ذلك بأ ّ‬
‫وهكذا يذكر لكسل إمسام معجزاتسه حستى إمسامهم المنتظسر السذي ل وجسود لسه قسال بسأن مسن‬
‫معجزاته‪ :‬قراءته وقت ولدته الكتب المنزلة‪ ،‬والصعود إلى سسرادق العسسرش‪ .‬ويمضسسي فسسي‬
‫ذكر حكايات ل يصدق بها عاقل‪ ،‬تجعلك تعجب غاية العجسسب مسسن شسسيوخ اسسستغفلوا أتبسساعهم‬
‫إلى هذا الحد‪ ..‬ومن أتباع انقادوا لهذه "الترهات"‪ ،[.‬بل إن أخبارهم في ذلك تخسسرج‬
‫بالئمة من طور البشر إلى مقام الخالق جل عله‪.‬‬
‫وللقوم ولع غريب وتعلسسق عجيسسب بسسسرد الحكايسسات وغسسرائب السسساطير‬
‫والتي هي أحياًنا أشبه بعمل السحرة والمشعوذين‪ ،‬وحيًنا هي من ضسسروب‬
‫الخيال‪ ،‬وغرائب الحلم‪ .‬ويزعمون أن هذا من أصول ثبوت إمسسامتهم‪ .‬بسسل‬
‫جعلوا لتباع الئمة معجزات تضاهي معجزات الئمة ]انظر – مثل ً ‪ :-‬حسين عبد‬
‫دا الهجسري يعلسم علسم‬
‫الوهاب‪ /‬عيون المعجزات‪ ،‬شهادة الكاظم – كما يزعمون – بأن رشي ً‬
‫المنايا ص ‪ ،101‬وفي رجال الكشي "وكان إذا لقي الرجل قال له‪ :‬فلن أنت تمسسوت بميتسسة‬
‫كذا‪ ،‬وتقتل أنت يا فلن بقتلة كذا وكذا فيكون كما يقول" )رجال الكشي‪ :‬ص ‪.[.(76‬‬
‫‪363‬‬
‫وقد يقال‪ :‬تلك حكايات وأسسساطير ذهبسست مسسع ذهسساب الئمسسة وليسسس لهسسا‬
‫وجود واقعي‪ ،‬وأقول‪ :‬إن هذه المعجزات ل تزال تولد عند الشيعة وتتجسسدد‬
‫ل بقراءة هذه الساطير في المجالس وتخدير العقول وتكبيل الفكسسار بهسسا‬
‫فحسب‪ ،‬بل اتخذت صورة واقعية تتمثل في جانبين‪:‬‬
‫الول‪ :‬ما ينسبونه للغائب المنتظر من معجسزات وخسوارق ينقلهسا جملسة‬
‫من شيوخهم الذين يزعمون الصلة به‪ ،‬فهذا ابسسن المطهسسر الحلسسي يسسستعير‬
‫كتاب ًسسا كسسبيًرا ليسسرد عليسسه – كمسسا يقولسسون – ول يسسسمح لسسه صسساحب الكتسساب‬
‫باستعارته إل ليلة واحدة فيأتيه هذا المنتظر فينسخ له الكتساب كلسسه ]مضسسى‬
‫ص )‪ (340‬من هذه الرسالة‪ .[.‬وحكاياتهم فسسي هسسذا البسساب كسسثيرة سسسجل جملسسة‬
‫منها شيخهم النوري الطبرسي في كتابه جنة المأوى‪ ،‬فسسالمعجزات تجسسري‬
‫الن علي أيدي غائبهم‪ ،‬ويظهرها في أشخاص شيوخهم وآياتهم‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬ما يدعونه مسسن حصسسول الخسسوارق عنسسد قبسسورهم فأضسسلوا قسسومهم‬
‫سواء السبيل وأغروهم بالشرك وفتحوا لهم أبسوابه‪ .‬وقسد عقسد المجلسسي‬
‫جملة من أبواب بحاره لهذا الغسسرض مثسسل "البسساب التاسسسع والعشسسرون مسسا‬
‫ظهسسر عنسسد الضسسريح المقسسدس مسسن المعجسسزات والكرامسسات" ]بحسسار النسسوار‪:‬‬
‫‪ ،[.42/311‬ومثل "الباب الخمسون جور الخلفاء علسسى قسسبره الشسسريف ومسسا‬
‫ظهر من المعجزات عند ضريحه ومن تربته وزيارته" ]بحار النوار‪.[.45/390 :‬‬
‫وهكذا يذكر عند الحديث عن كل إمام معجزاته المزعومة‪ .‬وقد ألفوا فسسي‬
‫هذه الخرافات مصنفات ]مثل‪" :‬المعجزات" لشيخهم محمد علي البلداوي‪ ،‬جمع فيسسه‬
‫المعجسسزات السستي ظهسسرت عنسسد المشسسهدين الكسساظميين والعسسسكريين‪) .‬انظسسر‪ :‬الذريعسسة‪:‬‬
‫‪.[.(21/215‬‬
‫وقد تحدثت أساطيرهم عن معجزات جرت من الضرحة‪ ،‬وساق الكسسثير‬
‫منها المجلسي في أبوابه التي عقدها في أخبار كسسل إمسسام‪ .‬وجسساء بقصسسص‬
‫خيالية تثير العجب من هؤلء القوم الذين ألفوا الخرافة‪ ،‬ووجسدت طريقهسا‬
‫لقلوبهم بكل يسر‪.‬‬
‫قصسسص تتحسسدث عسسن شسسفاء الضسسريح للمسسراض المستعصسسية‪ ،‬فتسسذكر أن‬
‫أعمى أبصر بمجرد مجاورته للضريح ]بحار النوار‪.[.42/317 :‬‬
‫وأن الحيوانات تذهب لضرحة أئمتهم طلًبا للشفاء‪ ،‬فهذا حيسسوان يتمسسرغ‬
‫على القبر لشفاء جرحه فيشفى ]بحار النوار‪.[.42/312 :‬‬
‫بل جعلوا أئمتهم وهم رهائن قبورهم يتصرفون تصرف الحياء فجاءوا‬
‫بقصص تتحدث عن أن الضريح يودع المانات فيحفظها ]بحار النوار‪:‬‬
‫‪.[.42/318‬‬
‫ويبدو أن واضع هذا بعض السدنة اللصوص الذي لم يكفه ما يأخذ من‬
‫هؤلء الغرار من أموال يبذلونها على عتبات الضريح فحاول أن يأخذ‬
‫المزيد بالسرقة والخداع‪.‬‬
‫والضريح يخاطب فيستجيب‪ ..‬فهسسذا أحسسد زوار القسسبر يتمسسزق رداؤه عنسسد‬
‫الضريح فيقول‪" :‬ما أعرف عوض هذا إل منك‪ ،‬فيتحقق لسسه مسسا أراد" ]بحسسار‬
‫النوار‪.[.42/316 :‬‬
‫‪364‬‬
‫كل هذه الساطير تصاغ في قالب قصصي خيالي للتسسأثير علسسى السسسذج‬
‫من العامة‪ ،‬وهي قصص كثيرة وطويلسسة تنتهسسي بمثسسل هسسذه الغسسرائب السستي‬
‫تدعو للشرك بالله سبحانه‪ ،‬وتشسسل العقسسل‪ ،‬وتعطسسل التفكيسسر‪ ،‬وتثبسسط عسسن‬
‫العمل الصالح‪ ،‬وقد تنأى بعقلئهسسم إلسسى الكفسسر بالسسدين أص سل ً إذا رأى هسسذه‬
‫الخرافات الباطلة بضرورة العقل‪.‬‬
‫صادق ما ينسبه له شيعة الكوفة من تلك المبالغات‬ ‫وقد استنكر جعفر ال ّ‬
‫ي أهسسل‬ ‫فقال – كما تروي كتب الشيعة ‪" :-‬والله لسسو أقسسررت بمسسا يقسسول فس ّ‬
‫الكوفة لخذتني الرض‪ ،‬وما أنا إل عبد مملوك ل أقدر على شيء بضّر ول‬
‫بنفع" ]تنقيح المقال‪.[.3/332 :‬‬
‫ول يستبعد أن تلك الدعاوى الغالية في الئمسسة والسستي ترفسسع الئمسسة إلسسى‬
‫مقسسام اللوهيسسة ويسسسمونها معجسسزات ل يسسستبعد أن هسسذه موروثسسة عسسن‬
‫المجوسية الذين دخلوا في سلك التشيع للكيد للسلم أو لظهار عقائدهم‬
‫باسم السلم ذلك أن "المجوس تدعي لزرادشت من المعجزات واليسسات‬
‫أكثر مما يدعيه النصارى" ]تثبيت دلئل النبوة‪.[.1/185 :‬‬
‫أما قولهم بأن الئمة هم الحجة على الناس ول تقوم الحجة على خلقسسه‬
‫إل بهم‪ ،‬ولهسسذا جسسرت المعجسسزات علسسى أيسسديهم لثبسسات المامسسة‪ ..‬فهسسذا إذا‬
‫بحثت عنه في كتاب الله سبحانه لم تجد ما يدل عليسسه البتسسة‪ ،‬بسسل تجسسد مسسا‬
‫يخالفه وهو أن حجة الله على عباده قسسامت بالرسسسل‪ .‬قسسال تعسسالى‪} :‬ل ِئ َل ّ‬
‫ل{ ]النسسساء‪ ،‬آيسسة‪ [.165 :‬ولسسم‬ ‫سق ِ‬ ‫ع قدَ الّر ُ‬ ‫ة بَ ْ‬
‫ج ٌ‬‫ح ّ‬ ‫ه ُ‬ ‫عَلى الل ّ ِ‬ ‫س َ‬ ‫ن ِللّنا ِ‬ ‫كو َ‬ ‫يَ ُ‬
‫يذكر الئمة‪.‬‬
‫فعلم أن هذه السسدعوى هسسي محسسض اختلق‪ ،‬وأمسسا تلسسك المعجسسزات السستي‬
‫ينسبونها للضرحة أو الغسسائب المنتظسسر فهسسي كسسذب وبهتسسان‪ ،‬أو مسسن وحسسي‬
‫شيطان‪ ،‬فالغائب ل وجود له إل فسسي خيسسالت طائفسسة الثنسسي عشسسرية كمسسا‬
‫يقرره طوائف من الشيعة‪ ،‬وكما يذكر ذلك أهل العلم بالنساب والتواريخ‪.‬‬
‫أما معجزات الضرحة فإنها دعوى شيطانية للشرك‪ ،‬وهؤلء أمسسوات قسسد‬
‫أفضوا إلى ما قدموا ل يملكون لنفسهم نفًعا ول ضًرا‪ ..‬وهسسم فسسي حيسساتهم‬
‫يلجؤون إلى الله سبحانه ينفون عن أنفسهم الحول والقوة‪.‬‬
‫وقد نقلت كتب الشيعة نفسها أحسساديث كسسثيرة فسسي هسسذا المعنسسى‪ ،‬واللسسه‬
‫ض قّرا إ ِل ّ‬ ‫ول َ َ‬ ‫مل ِ ُ‬ ‫َ‬
‫عققا َ‬ ‫ف ً‬ ‫سي ن َ ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫ك ل ِن َ ْ‬ ‫قل ل ّ أ ْ‬ ‫سبحانه أمر نبيه أن يقول‪ُ } :‬‬
‫َ‬
‫ول َ‬‫ض قّرا َ‬ ‫سققي َ‬ ‫ف ِ‬ ‫مل ِ ُ‬
‫ك ل ِن َ ْ‬ ‫قل ل ّ أ ْ‬ ‫ه{ ]العراف‪ ،‬آية‪،[.188 :‬سس } ُ‬ ‫شاء الل ّ ُ‬ ‫ما َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫دي‬ ‫عنق ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ل لك ُق ْ‬ ‫قو ُ‬ ‫قل ل ّ أ ُ‬ ‫ه{ ]يونس‪ ،‬آيسسة‪ ،[.49 :‬س } ُ‬ ‫شاء الل ُ‬ ‫ما َ‬ ‫عا إ ِل ّ َ‬ ‫ف ً‬ ‫نَ ْ‬
‫م ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫ن َرّبققي‬ ‫حا َ‬ ‫سب ْ َ‬ ‫ل ُ‬ ‫ق ْ‬ ‫ب{ ]النعام‪ ،‬آية‪،[.50 :‬سس } ُ‬ ‫غي ْ َ‬ ‫عل َ ُ‬‫ول أ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬‫خَزآئ ِ ُ‬ ‫َ‬
‫ش قٌر‬ ‫َ‬
‫ما أَنا ب َ َ‬ ‫ق ْ‬ ‫ل{ ]السسسراء‪ :‬آيسسة‪،[.93 :‬سس } ُ‬ ‫سو ً‬ ‫ت إ َل ّ ب َ َ‬ ‫ل ُ‬ ‫ه ْ‬
‫ل إ ِن ّ َ‬ ‫شًرا ّر ُ‬ ‫كن ُ‬ ‫َ‬
‫م{ ]الكهف‪ ،‬آية‪.[.110 :‬‬ ‫ُ‬
‫مث ْلك ُ ْ‬ ‫ّ‬
‫فهذا هو رسول الهدى وخاتم النبياء وسيد الولين والخرين فكيف بمن‬
‫دونه‪.‬‬
‫اليمان باليوم الخر‪:‬‬
‫لهم في الركن العظيم أقوال منكرة‪ ،‬وبسسدع كسسثيرة‪ .‬فآيسسات القسسرآن فسسي‬
‫اليوم الخر أّولوا معناها بالرجعة ]انظر‪ :‬فصل "الرجعة"‪ .[.‬وهذه حيلسسة مسساكرة‬
‫‪365‬‬
‫من واضعي هذه النصوص لنكار أمر اليوم الخسسر بالكليسسة‪ ،‬وأقسسل مسسا فيهسسا‬
‫أنها تصرف قلوب الشيعة‪ ،‬عن ذلك اليوم‪ ،‬أو تمحو معاني اليوم الخر من‬
‫نفوسهم‪ ،‬لنهم ل يقرأون في آيات اليسسوم الخسسر إل تسسأويلت شسسيوخهم لسسه‬
‫بالرجعة‪.‬‬
‫ضا قولهم بأن أمر الخرة للمسسام‪ .‬يقسسول صسساحب الكسسافي‬ ‫ومن بدعهم أي ً‬
‫في أخباره‪" :‬الخرة للمام يضعها حيث يشاء ويدفعها إلى من يشاء جسسائز‬
‫له ذلك من الله" ]أصول الكافي‪.[.1/409 :‬‬
‫أما لماذا أمر الخسرة للمسام فسإن هسذا فسرع عسن تصسورهم لمسر الجنسة‬
‫نار" ]قال ابن بابويه‪" :‬ويجب‬ ‫مة ما خلقت الجّنة وال ّ‬ ‫والنار‪ ،‬إذ يقولون‪" :‬لول الئ ّ‬
‫سسسماء والرض ول الجن ّسسة ول الن ّسسار‪ ،‬ول آدم ول‬ ‫ما خلق الله سسسبحانه ال ّ‬ ‫أن يعتقد أّنه لولهم ل َ َ‬
‫ن الله خلسسق‬ ‫حّواء‪ ،‬ول الملئكة‪ ،‬ول شيًئا مّما خلق" )العتقسسادات‪ :‬ص ‪ [.(107-106‬و"إ ّ‬
‫نة من نور الحسسسين" ]المعسسالم الزلفسسى‪ :‬ص ‪ ،249‬وانظسسر‪ :‬نزهسسة البسسرار‪ ،‬ومنسسار‬ ‫الج ّ‬
‫ضسسا‪ :‬ص ‪ .[.395‬وعقد شسسيخهم‬ ‫النظسسار فسسي خلسسق الجن ّسسة والّنسسار‪ /‬لهاشسسم البحرانسسي أي ً‬
‫البحراني باًبا في ذلك بهذا العنوان المذكور ]المعالم الّزلفى‪ :‬ص ‪.[.249‬‬
‫ي‪.‬‬
‫ن الجّنة هي من مهر فاطمة في زواجها على عل ّ‬ ‫ومرة يقولون بأ ّ‬
‫وما أدري كيف تكون مهرها وهي مخلوقة من نور ابنها؟!‬
‫طوسسسي‬ ‫شسسيخ ال ّ‬‫والصل في المهر أن يدفع من قبل الزوج‪ ،‬فقسسد روى ال ّ‬
‫ن اللسسه تعسسالى أمهسسر‬ ‫في مجالسه عن أبي بصير عن أبي عبد الله قسسال‪" :‬إ ّ‬
‫دنيا فربعها لها‪ ،‬وأمهرها الجّنة والّنار‪ ،‬تسسدخل‬ ‫فاطمة رضي الله عنها ربع ال ّ‬
‫أعداءها الّنار وتدخل أولياءها الجّنة" ]المعالم الّزلفسسى‪ :‬ص ‪ .[.350‬وعقد لسسذلك‬
‫ن الجن ّسسة فسسي مهسسر‬‫صسساحب المعسسالم الّزلفسسى باب ًسسا بعنسسوان "البسساب الّرابسسع أ ّ‬
‫فاطمة" ]المعالم الّزلفى‪ :‬ص ‪ [.319-317‬أي أن الجنة جزء من مهر فاطمة‪.‬‬
‫ثم إن المهر الصل أن يصل إلى صسساحبه فسسي السسدنيا‪ ،‬ولسسذلك قسسالوا‪ :‬إن‬
‫صسسص لهسسذه المسسسألة شسسيخهم‬ ‫الئمة يأكلون في الدنيا من نعيم الجنة‪ ،‬وخ ّ‬
‫دنيا ل يسأكله إل نسبي أو‬ ‫ن طعام الجّنسة فسي الس ّ‬ ‫البحراني باًبا بعنوان "باب أ ّ‬
‫وصي نبي"‪ .‬أورد فيه روايات كثيرة من كتبهسسم المعتمسسدة عنسسدهم تتضسسمن‬
‫أن الفسسواكه والرمسسان والطبسساق المليئة بسسأنواع الطعسسام تسأتيهم مسن الجنسسة‬
‫يأكلون منها‪ ،‬وصاغ هذه المزاعم في قصص طويلة‪.‬‬
‫وفات عليهم أن يزيدوا في قولهم عمن يأكسسل طعسسام الجنسسة ل يسسأكله إل‬
‫نبي‪ ،‬أو وصي نبي "أن يزيدوا أو بنت نبي"‪ ،‬لنهم بهذا قسسد حرمسسوا فاطمسسة‬
‫من مهرها‪ ،‬ومما خلق من نور ولدها‪ ،‬لنها ليست مسسن الوصسسياء باتفسساقهم‬
‫فل تأكل من طعام الجنة‪ ،‬ويبدو أنهم لم يزيدوا ذلك خشية أن تسسدخل فيسسه‬
‫بنات النبي الخريات‪ ،‬وليس لهن نصيب من الود في دين الشيعة‪.‬‬
‫وما دام أمر الخرة في نظر هذه الزمرة للمام بهذه الوجوه المذكورة‪،‬‬
‫فإن كل مراحل الحياة الخروية صبغتها الشسسيعة بآثسسار غلسسوهم فسسي المسسام‬
‫والئمة‪ .‬فالئمة يحضرون عند الموت‪ .‬قال المجلسي في بيسسان اعتقسسادات‬
‫طائفته‪" :‬يجب القرار بحضسسور النسسبي والئمسة الثنسسي عشسسر صسسلوات اللسسه‬
‫عليهم عند موت البرار والفجار والمسسؤمنين والكفسسار‪ ،‬فينفعسسون المسسؤمنين‬
‫بشفاعتهم في تسهيل غمرات الموت وسسسكراته عليهسسم‪ ،‬ويشسسددون علسسى‬
‫‪366‬‬
‫المنافقين ومبغضي أهل البيت صلوات الله عليهسم‪ ،‬ول يجسوز التفكسر فسي‬
‫كيفية ذلك إنهم يحضرون – كذا – في الجساد الصلية أو المثالية أو بغيسسر‬
‫ذلك" ]العتقادات‪ :‬ص ‪.[.94-93‬‬
‫وحينما يوضع الميت في قبره‪ ،‬يجعل معه تربة من تراب الحسين‪ ،‬لنهسسا‬
‫بزعمهم أمان له‪ ،‬وعقد لهذا الحسسر العسساملي باب ًسسا بعنسسوان "بسساب اسسستحباب‬
‫يت في الحنوط والكفن وفسسي القسسبر" ]وسسسائل‬ ‫وضع الّتربة الحسينّية مع الم ّ‬
‫صص لها صاحب مستدرك الوسسسائل باب ًسسا بنفسسس‬ ‫شيعة‪ ،[.2/742 :‬وكذلك خ ّ‬ ‫ال ّ‬
‫العنوان المذكور ]مستدرك الوسائل‪.[.1/106 :‬‬
‫ومن وصاياهم في ذلك قولهم‪" :‬ويجعل معه شسسيء مسسن تربسسة الحسسسين‬
‫فقد روي أّنها أمان" ]مسسستدرك الوسسسائل‪ ،[.1/106 :‬ولهسسم فسسي هسسذه المسسسألة‬
‫طوسسي‪ /‬تهسذيب‬ ‫أحاديث كثيرة ]وسائل الشيعة‪ ،2/742 :‬مستدرك الوسائل‪ ،1/106 :‬ال ّ‬
‫طبرسي‪ /‬الحتجاج‪ :‬ص ‪ ،274‬الكفعمي‪ /‬المصباح‪ :‬ص ‪.[.511‬‬ ‫الحكام‪ ،2/27 :‬ال ّ‬
‫والتكليف بزعمهم ورفع الدرجات وعمل الحسسسنات يحصسسل مسسن الميسست‬
‫الشيعي وهو في قبره‪ .‬روى الكليني في الكافي عن حفص قال‪ :‬سسسمعت‬
‫موسى بن جعفر يقول‪ :‬الرجل أيحب البقاء في الدنيا؟ قال‪ :‬نعسسم‪ ،‬فقسسال‪:‬‬
‫ولم؟ قال‪ :‬لقراءة قل هو الله أحد‪ .‬فسكت عنه فقسسال لسه بعسسد سساعة‪ :‬يسا‬
‫حفص من مات من أوليائنا وشيعتنا ولسسم يحسسسن القسسرآن علسسم فسسي قسسبره‬
‫ليرفع الله به من درجته‪ ،‬فإن درجات الجنة على قدر آيات القسسرآن ]أصسسول‬
‫الكافي‪ ،2/606 :‬المعالم الزلفى‪ :‬ص ‪.[.133‬‬
‫فالشسسيعي فسسي قسسبره يعلسسم القسسرآن ويشسستغل بقراءتسسه فيسسستمر عمسسل‬
‫الحسنات منه حتى بعد موته! وهذه فريدة من فرائدهم‪ .‬فهل هسسذه دعسسوة‬
‫مبطنة وحيلة أخرى لهجر القرآن وتعلمه وقراءته بانتظار حصول ذلك في‬
‫القبر؟‬
‫وأول ما يسأل عنه في القبر هو حب الثني عشر قالوا‪" :‬أول ما يسسسأل‬
‫عنه العبد حبنا أهل البيت" ]بحسسار النسسوار‪ ،27/79 :‬عيسسون أخبسسار الرضسسا‪ :‬ص ‪[.222‬‬
‫مة واحد بعد واحد‪ ،‬فسسإن لسسم يجسسب‬ ‫فيسأله ملكان عن "من يعتقده من الئ ّ‬
‫عن واحد منهم يضربانه بعمود من نار يمتلئ قبره ناًرا إلى يسسوم القيامسسة"‬
‫دا بهسسم )يعنسسي‬ ‫]العتقادات‪ /‬للمجلسي‪ :‬ص ‪ ،[.95‬وأما "إذا كان في حيسساته معتق س ً‬
‫الثني عشر( فسإنه يسستطيع السرد علسى أسسئلتهم )يعنسي أسسئلة الملئكسة(‬
‫ويكون في رغسسد إلسسى يسسوم الحشسسر" ]محمسسد الحسسسيني الجللسسي‪ /‬السسسلم عقيسسدة‬
‫ودستور‪ :‬ص ‪.[.77‬‬
‫ويعتقد الشيعة بحشر بعد الموت ل يشاركهم في القول به أحسسد‪ ،‬يقسسول‬
‫المجلسي في العتقادات‪" :‬يحشر الله تعسسالى فسسي زمسسن القسسائم أو قسسبيله‬
‫جماعة من المؤمنين لتقر أعينهسسم برؤيسسة أئمتهسسم ودولتهسسم‪ ،‬وجماعسسة مسسن‬
‫الكافرين والمخالفين للنتقام عاجل ً في الدنيا" ]العتقادات‪ :‬ص ‪.[.98‬‬
‫أما اعتقادهم في الحشر يوم القيامة‪ ،‬فإن لهم فيه أقوال ً منكسسرة؛ ففسسي‬
‫أخبارهم أن حشر الناس يسسوم القيامسسة ل يشسسمل الجميسسع كمسسا هسسو اعتقسساد‬
‫المسلمين‪ ،‬بل هناك فئة ل يشملها الحشر‪ ،‬ول تتعرض لهول ذلسسك اليسسوم‪،‬‬

‫‪367‬‬
‫ول تقف ذلك الموقف العظيسسم‪ ،‬ول تمسسر علسسى الصسسراط بسسل ينتقلسسون مسسن‬
‫قبورهم إلى الجنة بل وسائط‪.‬‬
‫أولئك هسسم أهسسل مدينسسة "قسسم"‪ ،‬تقسسول أخبسسارهم‪" :‬إن أهسسل مدينسسة قسسم‬
‫يحاسسسبون فسسي حفرهسسم ويحشسسون مسسن حفرهسسم إلسسى الجنسسة" ]بحسسار النسسور‪:‬‬
‫‪ ،60/218‬عباس القمي‪ /‬الكنى واللقاب‪.[.3/71 :‬‬
‫وليس ذلك فحسب‪ ،‬بل إن أحد أبسسواب الجنسسة قسسد خصسسص – بزعمهسسم –‬
‫ن للجن ّسسة ثمانيسسة أبسسواب‪ ،‬ولهسسل‬ ‫لهل "قم" عن أبي الحسن الرضا قال‪" :‬إ ّ‬
‫قم واحد منها فطوبى لهم ثسسم طسسوبى" ]بحسسار النسسوار‪ ،60/215 :‬سسسفينة البحسسار‪:‬‬
‫مر الله تعالى وليتنسسا فسسي‬ ‫‪ [.1/446‬و"هم خيار شيعتنا من بين سائر البلد خ ّ‬
‫طينتهم" ]بحار النوار‪.[.60/216 :‬‬
‫قال شيخهم عباس القمي )من المعاصرين(‪" :‬وقد وردت روايات كثيرة‬
‫عن أئمة أهل البيت في مدح قم وأهلها‪ ،‬وأنها فتح إليهسسا باب ًسسا – كسسذا – مسسن‬
‫أبواب الجنة" ]الكنى واللقاب‪.[.3/7 :‬‬
‫صوا )قسم( بفضسائل أخسرى ]بحسسار النسسوار‪ ،[.221-212 /60 :‬حستى أغسروا‬ ‫وخ ّ‬
‫ن قم يبلغ من العمارة إلى أن‬ ‫شيعتهم بشراء أرضها‪ ،‬وخدعوهم بقولهم‪ :‬إ ّ‬
‫يشترى موضع فرس بسسألف درهسسم ]بحسسار النسسوار‪ .[.60/215 :‬فحسساولوا التسسأثير‬
‫عليهم من الجانب المادي‪ ،‬والجانب الروحي‪ ..‬وقسسد يكسسون فسسي الموضسسوع‬
‫جسانب سياسسي‪ ،‬حيسث إن قسم فسي إيسران وهسي مركسز الدولسة الصسفوية‪،‬‬
‫بالضافة إلى الهدف المقيت الذي تسعى إليه هذه الزمسسرة السستي وضسسعت‬
‫هذه الروايات‪ ،‬لشاعة الكفر والزندقة‪ ،‬إبعسساد الشسسيعة عسسن السسسلم‪ ،‬وقسسد‬
‫ضا‪ ،‬وما أسهل ذلك‪ ،‬لنهسسم سسسيأتون‬ ‫تجد من يساندها من شياطين الجن أي ً‬
‫إليهم بثوب "المهدي المنتظر" المزعوم ويضعون في دينهم ما يشاءون‪.‬‬
‫وقد زاد أحد شيوخهم المعاصرين في عدد أبواب الجنة المفتوحسسة علسسى‬
‫قم – كما يفترون – فذكر بأن في أخبارهم أن الرضسسا قسسال‪ :‬للجن ّسسة ثمانيسسة‬
‫أبواب فثلثة منها لهسسل قسسم ]محمسسد مهسسدي الكسساظمي‪ /‬أحسسسن الوديعسسة‪ :‬ص ‪-313‬‬
‫‪.[.314‬‬
‫وجعلوا أمور الحساب‪ ،‬والصراط والميسسزان‪ ،‬والجنسسة والنسسار بيسسد الئمسسة‪،‬‬
‫صراط وإلينا الميزان وإلينا حساب شيعتنا" ]رجال‬ ‫قال أبو عبد الله‪" :‬إلينا ال ّ‬
‫شي‪ :‬ص ‪.[.337‬‬ ‫الك ّ‬
‫ن حسسساب جميسسع الخلسسق‬ ‫مة اليمسسان بسسأ ّ‬‫وعد ّ الحّر العاملي من أصول الئ ّ‬
‫مة ]الفصول المهّمة في أصول الئّمة‪ :‬ص ‪.[.171‬‬ ‫يوم القيامة إلى الئ ّ‬
‫صسسراط أحسسد إل ومعسسه‬ ‫وجاءت عندهم روايات كسسثيرة تقسسول‪" :‬ل يجسسوز ال ّ‬
‫ولية من علي" ]المعسسالم الّزلفسسى‪ :‬ص ‪ [.239‬أو "جواز فيه وليسسة علسسي" ]بحسسار‬
‫النوار‪ ،8/68 :‬البرهان‪ ،[.4/17 :‬أو "كتاب فيه براءة بوليسسة علسسي" ]بحسسار النسسوار‪:‬‬
‫‪.[.8/66‬‬
‫وفي كتاب العتقادات لبن بابويه في "باب العتقاد في الصراط" قال‪:‬‬
‫"‪ ..‬والصسسراط فسسي وجسسه آخسسر اسسسم حجسسج اللسسه فمسسن عرفهسسم فسسي السسدنيا‬
‫وأطاعهم أعطاه اللسسه جسسواًزا علسسى الصسسراط السسذي هسسو جسسسر جهنسسم يسسوم‬
‫ي صلى اللسسه عليسه وسسلم لعلسي‪ :‬يسا علسي إذا كسان يسوم‬ ‫القيامة‪ ..‬قال الّنب ّ‬
‫‪368‬‬
‫صسسراط إل‬ ‫صراط فل يجسسوز علسسى ال ّ‬ ‫القيامة أقعد أنا وأنت وجبرائيل على ال ّ‬
‫من كانت معه براءة بوليتك" ]العتقادات‪ :‬ص ‪.[.95‬‬
‫صراط عقبة اسمها الولية "يوقف جميع الخلئق عندها‬ ‫ن على ال ّ‬‫وقال بأ ّ‬
‫مسسة مسسن بعسسده فمسسن أتسسى بهسسا نجسسا‬ ‫فيسألون عن ولية أمير المسسؤمنين والئ ّ‬
‫وجاوز‪ ،‬ولن لم يأت بها بقي" ]العتقادات‪ :‬ص ‪.[.96‬‬
‫سسسلم قسسسيم الجن ّسسة والن ّسسار‬
‫وعقد المجلسي باًبا بعنوان "باب أّنه عليه ال ّ‬
‫صسسراط" ]بحسسار النسسوار‪ .[.39/193 :‬وعقسد البحرانسي باًبسا بنحسو ذلسسك‬ ‫وجسسواز ال ّ‬
‫]المعالم الّزلفى‪ :‬ص ‪) 167‬باب علي قسسسيم الجّنسسة والّنسسار(‪ .[.‬وساقا فيهمسسا روايسسات‬
‫عدة عن أساطين المذهب‪ ،‬وكتبهم المعتمدة عندهم‪.‬‬
‫والمعلومات التي تقدمها الثنا عشرية في معنى أنه قسيم الجنة والنسسار‬
‫ل تعطى إل للخواص‪ ،‬ذلك أن المأمون – كما تقول أخبسسارهم – سسسأل عسسن‬
‫معنى أن علًيا قسسسيم الجنسسة والنسسار فأجسسابه الرضسسا بسسأن حسسب علسسي إيمسسان‬
‫وبغضه كفر فصار حينئذ قسسسيم الجنسسة والنسسار‪ ،‬ولكنسسه حينمسسا لحسسق بسسه أبسسو‬
‫الصلت الهروي قال له الرضا‪" :‬إنما كلمته من حيث هو‪ ،‬ولقد سمعت أبي‬
‫ي رضي الله عنه أن ّسسه قسسال‪ :‬قسسال لسسي رسسسول اللسسه‬ ‫يحدث عن آبائه عن عل ّ‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ :‬يا علي أنت قسيم الجّنة والّنار يوم القيامة‪ ،‬تقسسول‬
‫نار هذا لي وهسسذا لسك" ]ابسسن بسسابويه‪ :‬عيسسون أخبسسار الّرضسسا‪ :‬ص ‪ ،239‬بحسسار النسسوار‪:‬‬ ‫لل ّ‬
‫‪.[.39/194‬‬
‫ويقولون بأنه صاحب الجنة والنار‪ ،‬قالت أخبارهم‪" :‬إذا كان يوم القيامسسة‬
‫وضع منبر يراه الخلئق يصسسعده رجسسل يقسسوم ملسسك عسسن يمينسسه وملسسك عسسن‬
‫ي بن أبسسي طسسالب‬ ‫شماله‪ ،‬ينادي الذي عن يمينه‪ :‬يا معشر الخلئق‪ ،‬هذا عل ّ‬
‫صسساحب الجن ّسسة يسسدخلها مسسن يشسساء‪ ،‬وينسسادي السسذي عسسن يسسساره‪ :‬يسسا معشسسر‬
‫ي بن أبي طسسالب صسساحب الن ّسسار يسسدخلها مسسن يشسساء" ]بحسسار‬ ‫الخلئق‪ ،‬هذا عل ّ‬
‫النوار‪ ،39/200 :‬بصائر الّدرجات‪ :‬ص ‪.[.122‬‬
‫بل وصلوا إلى القول بأنه ديان الناس يوم القيامسسة‪" ،‬عسسن المفصسسل بسسن‬
‫عمر الجعفي عن أبي عبد الله قال‪ :‬سمعته يقول‪ :‬إن أمير المؤمنين علي‬
‫بن أبسسي طسسالب لسسدّيان النسساس يسوم القيامسسة‪] "..‬بحسسار النسسوار‪ ،39/200 :‬بصسسائر‬
‫الّدرجات‪ :‬ص ‪ ،122‬وانظر‪ :‬تفسير فرات‪ :‬ص ‪.[.13‬‬
‫وهذه الجنة التي يتحدثون عنها هسسي قصسسر علسسى الروافسسض ل يشسساركهم‬
‫فيها أحد لنها لئمتهم‪ ،‬كما أن النار التي مفاتيحها بيد الئمة هي لعدائهم‪،‬‬
‫قسسالوا‪" :‬إنمسسا خلقسست الجنسسة لهسسل السسبيت‪ ،‬والنسسار لمسن عسساداهم" ]المعسسالم‬
‫الزلفى‪ :‬ص ‪ .[.251‬ولكنهم ينسون هسسذا ويقولسون بسأن "الشسيعة يسدخلون‬
‫مسسا" ]المعسسالم الزلفسسى‪ :‬ص ‪،255‬‬ ‫الجنة قبل سائر الناس من المسسم بثمسسانين عا ً‬
‫وانظر بمعنى هذا الخبر‪ :‬ابسسن قولسسويه‪ /‬كامسسل الزيسسارات‪ :‬ص ‪ ،137‬الحسسر العسساملي‪ /‬وسسسائل‬
‫الشيعة‪.[.10/331 :‬‬
‫ومن أصولهم "أن الناس يدعون بأسماء أمهاتهم يوم القيامة إل الشيعة‬
‫فيدعون بأسماء آبائهم" ]الفصول المهمة في أصول الئمة‪ :‬ص ‪.[.124‬‬
‫هذا ويعتقدون بجنة غير جنة الخلسسد‪ ،‬يسسسمونها جنسسة السسدنيا‪ ،‬وكسسذلك بنسسار‬
‫يعذب بها الناس غير نار الخرة‪ .‬يقول المجلسي‪" :‬ويجب أن يعتقد أن لله‬
‫‪369‬‬
‫تعالى في الدنيا جنة وناًرا سوى جنة الخلد ونار الخلد" ]العتقادات للمجلسي‪:‬‬
‫ص ‪ ،98‬ويقول بأنها هي جنة آدم )الفصول المهمة في أصول الئمة‪ :‬ص ‪ (.124‬قسسال شسسيخ‬
‫السلم ابن تيمية‪ :‬والجنة التي أسكنها آدم وزوجته عند سلف المة وأهل السنة والجماعسسة‬
‫هي جنة الخلد‪ ،‬ومن قال‪ :‬إنهسسا جنسسة فسسي الرض فهسسو مسسن المتفلسسسفة والملحسسدين‪ ،‬أو مسسن‬
‫إخسسوانهم المبتسسدعين‪ ،‬فسسإن هسسذا يقسسوله مسسن يقسسوله مسسن المتفلسسسفة والمعتزلسسة‪) .‬الفتسساوى‪:‬‬
‫‪ ،[.(4/347‬وأهسسل القبسسور قسسد ينتقلسسون إليهمسسا‪ ،‬وذلسسك أنهسسم "بعسسد السسسؤال‬
‫وضغطة القبر ينتقلون إلى أجسادهم المثالية فقد يكونون علسسى قبسسورهم‪،‬‬
‫ويطلعون على زوارهم‪ ،‬وقد ينتقلون إلى النجف" ]العتقسسادات للمجلسسسي‪ :‬ص‬
‫‪.[.97‬‬
‫ومزاعمهم في هسسذا البسساب يصسسعب حصسسرها‪ ..‬بسسدع كسسثيرة منكسسرة‪ ..‬ومسسا‬
‫ذكرته مجرد إشارات لو قمنا باستعراض نصوصها وتحليلها لستغرق ذلسسك‬
‫صفحات كثيرة‪.‬‬
‫وكلها بدع ليس عليها من كتاب الله برهان‪ ،‬وليس لهسسا فسسي كتسسب المسسة‬
‫شاهد ول خبر‪ ..‬ويكفي في بيان وضسسعها‪ ،‬ومعرفسسة كسسذبها مجسسرد عرضسسها‪..‬‬
‫لوَلى{‬ ‫خرةُ وا ُ‬ ‫َ‬ ‫فل ِل ّ ِ‬ ‫فهم جعلوا الخرة للئمة والله سبحانه يقول‪َ } :‬‬
‫َ‬ ‫ه ال ِ َ‬
‫]النجم‪ ،‬آية‪ [.25:‬وما أشبه قولهم هذا بمزاعسسم يهسسود فسسي قسسولهم إن الخسسرة‬
‫ة‬ ‫صق ً‬ ‫خال ِ َ‬ ‫ه َ‬ ‫عندَ الل ّ ِ‬ ‫خَرةُ ِ‬ ‫داُر ال َ ِ‬ ‫م ال ّ‬ ‫ت ل َك ُ ُ‬ ‫كان َ ْ‬ ‫ل ِإن َ‬ ‫ق ْ‬ ‫لهم‪ .‬قال تعالى‪ُ } :‬‬
‫ه‬
‫و ُ‬ ‫مّنقق ْ‬ ‫وَلققن ي َت َ َ‬ ‫ن‪َ ،‬‬ ‫قي َ‬ ‫صاِد ِ‬ ‫م َ‬ ‫كنت ُ ْ‬ ‫ت ِإن ُ‬ ‫و َ‬ ‫م ْ‬ ‫وا ْ ال ْ َ‬ ‫من ّ ُ‬ ‫فت َ َ‬ ‫س َ‬ ‫ن الّنا ِ‬ ‫دو ِ‬ ‫من ُ‬ ‫ّ‬
‫ن{ ]البقرة‪ ،‬آية‪.[.95-94 :‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م ِبالظاِلمي َ‬ ‫عِلي ٌ‬ ‫ه َ‬ ‫والل ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫دي ِ‬ ‫ت أي ْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ما قدّ َ‬ ‫دا ب ِ َ‬ ‫أب َ ً‬
‫كما جعلوا للئمة الحكم والمر في يوم القيامة والله جسسل شسسأنه يقسسول‪:‬‬
‫وإ ِل َْيق ِ‬ ‫ه ال ْ ُ‬ ‫ُ‬
‫ن{‬ ‫عقو َ‬ ‫ج ُ‬ ‫ه ت ُْر َ‬ ‫م َ‬ ‫كق ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫وَلق ُ‬ ‫ة َ‬ ‫خقَر ِ‬ ‫وال ِ‬ ‫فقي الوَلقى َ‬ ‫مدُ ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫ه ال ْ َ‬ ‫}ل َ ُ‬
‫]القصص‪ ،‬آية‪.[.70 :‬‬
‫ن‬ ‫كا َ‬ ‫من َ‬ ‫ة إ ِل ّ َ‬ ‫جن ّ َ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫خ َ‬ ‫وقالوا بأن الجنة لهم كما قال اليهود‪َ} :‬لن ي َدْ ُ‬
‫م ِإن ُ‬ ‫هققاُتوا ْ ب ُْر َ‬ ‫هققودا ً أ َو ن َصققارى ت ِل ْق َ َ‬
‫م‬ ‫كنت ُق ْ‬ ‫هققان َك ُ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫قق ْ‬ ‫م ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫مققان ِي ّ ُ‬ ‫كأ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫د‬
‫عنقق َ‬ ‫جُرهُ ِ‬ ‫هأ ْ‬ ‫فل َ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫س ٌ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ه ل ِل ّ ِ‬ ‫ه ُ‬ ‫ج َ‬ ‫و ْ‬ ‫م َ‬ ‫سل َ َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ‪ ،‬ب ََلى َ‬ ‫قي َ‬ ‫صاِد ِ‬ ‫َ‬
‫ن{ ]البقرة‪ ،‬آية‪.[.112-111 :‬‬ ‫نو‬ ‫ز‬
‫ُ ْ َ ْ َ ُ َ‬ ‫ح‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫م‬
‫ْ ٌ َ ْ ِ ْ َ‬‫ه‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ف‬ ‫و‬ ‫خ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫و‬
‫َر ّ ِ َ‬
‫ه‬ ‫ب‬
‫م‬ ‫كنُتقق ْ‬ ‫م ِإن ُ‬ ‫هان َك ُ ْ‬ ‫هاُتوا ب ُْر َ‬ ‫ونقول لهم في كل مزاعمهم التي مرت‪َ } :‬‬
‫ن{ بل أنتم بش كسائر البشر‪ ،‬وما تسسدعونه إنمسسا هسسو كيسسد عسساجز‪،‬‬ ‫قي َ‬ ‫صاِد ِ‬ ‫َ‬
‫وصنعة حاقد‪ ،‬وتدبير زنديق‪ ،‬وبين أيدينا كتاب الله سسسبحانه لسسم يسسدع لهسسذه‬
‫التخرصات والوهام سبيل ً إلى قلب من احتكم إليه وجعله إمامه وقائده‪.‬‬
‫وأما من أغلسق عقلسه‪ ،‬وأخسذته العسزة بسالثم‪ ،‬وأعمسى تفكيسره التعصسب‬
‫ول َ‬ ‫شقْيئا ً َ‬ ‫س َ‬ ‫فق ٍ‬ ‫عققن ن ّ ْ‬ ‫س َ‬ ‫فق ٌ‬ ‫زي ن َ ْ‬ ‫ج ِ‬ ‫فسيجد مغبة ذلك فسسي يسسوم }ل ّ ت َ ْ‬
‫ن{ ]البقرة‪ ،‬آيسسة‪:‬‬ ‫صُرو َ‬ ‫م ُين َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ول َ ُ‬ ‫ة َ‬ ‫ع ٌ‬ ‫فا َ‬ ‫ش َ‬ ‫ها َ‬ ‫ع َ‬ ‫ف ُ‬ ‫ول َ َتن َ‬ ‫ل َ‬ ‫عدْ ٌ‬ ‫ها َ‬ ‫من ْ َ‬ ‫ل ِ‬ ‫قب َ ُ‬‫يُ ْ‬
‫‪.[.123‬‬
‫اليمان بالقدر‪:‬‬
‫يقول شيخ السلم ابن تيمية بأن "قسسدماء الشسسيعة كسسانوا متفقيسسن علسسى‬
‫إثبات القدر‪ ،‬وإنما شاع فيهم نفي القدر من حين اتصلوا بالمعتزلة" ]منهاج‬
‫السنة‪.[.2/29 :‬‬

‫‪370‬‬
‫وهذا كان في أواخر المائة الثالثة‪ ،‬وكسثر بينهسم فسي المسائة الرابعسة لمسا‬
‫صنف لهم المفيد وأتباعه ]منهاج السنة‪.[.1/229 :‬‬
‫كما أن "سائر علماء أهل البيت متفقون على إثبات القدر" ]منهاج السسسنة‪:‬‬
‫‪.[.2/29‬‬
‫ويذكر الشعري أن الرافضة في أفعال العباد ثلثة فرق‪ :‬فرقسسة يقولسسون‬
‫بأن أعمال العبسساد مخلوقسسة للسسه‪ ،‬وأخسسرى تقابلهسسا فتنفسسي أن تكسسون أعمسسال‬
‫العباد مخلوقة لله‪ ،‬وثالثة تتوسط وتقسسول‪ :‬ل جسسبر كمسسا قسسال الجهمسسي‪ ،‬ول‬
‫تفويض كما قال المعتزلة؛ لن الرواية عن الئمسسة – كمسسا زعمسسوا – جسساءت‬
‫بذلك‪ ،‬ولم يتكلفوا أن يقولوا في أعمال العباد هل هي مخلوقة أو ل شسسيًئا‬
‫]مقالت السلميين‪.[.115 ،1/114 :‬‬
‫واعتبر شيخ السلم هذه الطائفسسة متوقفسسة بينمسسا الولسسى مثبتسسة والثانيسسة‬
‫نافية ]منهسساج السسسنة‪ ،[.1/286 :‬ول يذكر صساحب التحفسة الثنسي عشسرية عسن‬
‫المامية إل قولهم‪" :‬إن العبد يخلق فعله" ]مختصر التحفة‪ :‬ص ‪.[.90‬‬
‫هذا ما تقوله مصادر أهل السنة‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى مصادر الشيعة يتبين ما يلي‪:‬‬
‫نرى ابن بابويه القمي الملقب عندهم بالصدوق‪ ،‬يقول في عقائده الستي‬
‫سجلها على أنهسسا تمثسسل عقسسائد الشسسيعة واشسستهرت باسسسم عقسسائد الصسسدوق‬
‫يقول‪" :‬اعتقادنا في أفعال العباد أنها مخلوقة خلق تقدير ل خلسسق تكسسوين‪،‬‬
‫ما بمقاديرها" ]عقائد الصدوق‪ :‬ص ‪.[.75‬‬ ‫ومعنى ذلك أنه لم يزل الله عال ً‬
‫وهذا فيه إثبات علم الله عز وجل بأعمال العبسساد فقسسط ل إثبسسات عمسسوم‬
‫مشيئته سبحانه‪ ،‬وهو ل يقتضي أن الله خالق أفعال العباد‪ ،‬ومع ذلك فقسسد‬
‫تعقبه شيخهم المفيد فقال‪" :‬الصحيح عن آل محمد صلى الله عليه وسلم‬
‫أن أفعال العباد غير مخلوقة لله‪ ،‬والذي ذكره أبو جعفر قد جاء به حسسديث‬
‫غير معمول بسسه‪ ،‬ول مرضسسي السسسناد‪ ،‬والخبسسار الصسسحيحة بخلفسسه‪ ،‬وليسسس‬
‫يعرف في لغة العرب أن العلم بالشيء هو خلق له" ]شسسرح عقسسائد الصسسدوق‪:‬‬
‫ص ‪.[.12‬‬
‫ثم قال‪" :‬وقد روي عن أبي الحسن أنه سئل عن أفعال العباد فقيل له‪:‬‬
‫قا لها لمسسا تسسبرأ‬ ‫هل هي مخلوقة لله تعالى؟ فقال عليه السلم‪ :‬لو كان خال ً‬
‫َ‬
‫ه{‬ ‫سقول ُ ُ‬ ‫وَر ُ‬
‫ن َ‬‫كي َ‬‫ر ِ‬
‫شق ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫مق َ‬‫ريقءٌ ّ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه بَ ِ‬ ‫منها وقد قال سبحانه‪} :‬أ ّ‬
‫ولم يرد البراءة من خلق ذواتهم وإنما تبرأ من شسسركهم وقبسسائحهم" ]شسسرح‬
‫عقائد الصدوق‪ :‬ص ‪.[.13‬‬
‫ويبدو في هذا الستدلل الذي عزاه مفيدهم إلى الرضا التكلف الواضح‪،‬‬
‫فبراءة الله عز وجل من المشركين لعدم رضاه سبحانه عسسن عملهسسم‪ ،‬ول‬
‫وَلقق ْ‬
‫و‬ ‫ينفي هذا قدرة الله سبحانه ومشيئته الشاملة النافذة‪ ،‬قال تعالى‪َ } :‬‬
‫كوْا{ ]النعام‪ ،‬آية‪ .[.107 :‬وجاء في روايسساتهم مسسا ينقسسض‬ ‫ما أ َ ْ‬
‫شَر ُ‬ ‫شاء الل ّ ُ‬
‫ه َ‬ ‫َ‬
‫هذا ويتفق مع الحق‪ ،‬حيث قالوا‪" :‬ما خلل الله فهو مخلوق‪ ،‬واللسسه خسسالق‬
‫كل شيء" ]الحر العاملي‪ /‬الفصول المهمة‪ :‬ص ‪.[.35‬‬
‫ثم إن المفيسسد يسسذهب إلسسى معنسسى أن العبسساد خسسالقون لفعسسالهم‪ ،‬لكنسسه ل‬
‫يستحسسسن هسسذا التعسسبير فيقسسول‪" :‬أقسسول‪ :‬إن الخلسسق يفعلسسون‪ ،‬ويحسسدثون‬
‫‪371‬‬
‫ويخترعون ويصنعون ويكتسبون‪ ،‬ول أطلق القول عليهم بأنهم يخلقون ول‬
‫هم خالقون‪ ،‬ول أتعسسدى ذكسسر ذلسسك فيمسسا ذكسسره اللسسه تعسسالى ول أتجسساوز بسسه‬
‫مواضسسعه مسسن القسسرآن‪ ،‬وعلسسى هسسذا القسسول إجمسساع الماميسسة والزيديسسة‬
‫والبغداديين من المعتزلة وأكثر المرجئة وأصسسحاب الحسسديث‪ ،‬وخسسالف فيسسه‬
‫البصريون من المعتزلة وأطلقوا على العباد أنهم خسسالقون فخرجسسوا بسسذلك‬
‫عن إجماع المسلمين" ]أوائل المقالت‪ :‬ص ‪.[.25‬‬
‫فهو يلتزم – كما يزعم – منهج القسسرآن؛ لنسسه سسسماهم فسساعلين وعسساملين‬
‫ولم يسمهم خالقين‪ ،‬غير أن إجماع طائفته لم يستمر – إن كان قد حصسسل‬
‫– إذ إن طائفة من شسسيوخهم سسسلكوا مسسسلك معتزلسسة البصسسرة فسسي إطلق‬
‫لفظ "الخلق" ]وقالوا بأنه قيل لبي الحسن‪ :‬هل غيسر الخسالق الجليسل خسالق؟ قسال‪ :‬إن‬
‫ن{ ]المؤمنسسون‪ ،‬آيسسة‪ .[14 :‬إن‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ك الل ّ َ‬
‫فت ََباَر َ‬‫الله تبارك وتعالى يقول‪َ } :‬‬
‫قي َ‬
‫خققال ِ ِ‬ ‫س ُ‬
‫ح َ‬
‫هأ ْ‬‫ُ‬
‫في عباده خالقين وغير خالقين‪ ،‬منهم عيسى عليه السسسلم خلسسق مسسن الطيسسن كهيئة الطيسسر‬
‫)الفصول المهمة ص ‪ ،(81‬ومثل هذا التوجيه نسب لبعض السسسلف حيسسث قسسال ابسسن جريسسج‪:‬‬
‫ن{‬ ‫ّ‬
‫ن الطي ق ِ‬ ‫ق ل َك ُققم ّ‬
‫مق َ‬ ‫خل ُق ُ‬‫إنما جمع الخالقين؛ لن عيسى كان يخلق كمسسا قسسال‪} :‬أ َّني أ َ ْ‬
‫فأخبر اللسسه عسسن نفسسسه أنسسه أحسسسن الخسسالقين )تفسسسير الطسسبري‪ ،12/11 :‬تفسسسير البغسسوي‪:‬‬
‫‪ ،(3/304‬ولكن عيسى عليه السلم إنما كان يخلق بإذن الله فل خالق مع الله‪ ،‬ولذلك فإن‬
‫أكثر أهل العلم قال‪ :‬إن الخلق بمعنى التقدير كما يدل على ذلك لغة العرب‪ ،‬وقال مجاهد‪:‬‬
‫يصنعون ويصنع الله والله خير الصانعين )تفسير البغوي ‪.(3/304‬‬
‫قال ابن جرير الطبري – بعد أن ذكر قول ابن جريسسج وقسسول مجاهسسد ‪" :-‬وأولسسى القسسولين‬
‫قا" )انظر‪ :‬تفسير الطسسبري‬ ‫في ذلك بالصواب قول مجاهد؛ لن العرب تسمي كل صانع خال ً‬
‫‪.(12/11‬‬
‫والقضية عند هؤلء الروافض ليست في إطلق اللفسسظ السسذي لسسه معنسسى فسسي اللغسسة غيسسر‬
‫اليجاد‪ ،‬ولكن في قولهم بأن العبد هو الذي يخلق فعله‪ ،‬كما أن توجيه إمامهم بسسأن عيسسسى‬
‫يخلق ليس بدليل لهم في قولهم إن كل إنسان يخلق فعله؛ لن ذلك معجزة لعيسسسى بسسأمر‬
‫ق ل َك ُققم{ وهسسم يعممسسون إطلق اللفسسظ‪ .[.‬والفسسرق‬ ‫اللسسه‪ ،‬وورد بسسه النسسص }أ َن ّققي أ َ ْ‬
‫خل ُ ق ُ‬
‫اللفظي بينهم وبين معتزلة البصرة قد توارى فيما بعسسد علسسى يسسد ثلسسة مسسن‬
‫أساطين المذهب‪.‬‬
‫ه( صاحب الشيعة فسسي كتسسابه‬ ‫فقد عقد شيخهم الحّر العاملي )ت ‪‍ 1104‬‬
‫ن اللسسه سسسبحانه‬‫الذي يتحدث فيه عن أصول أئمته عقد باًبا بعنوان "بسساب أ ّ‬
‫ل شيء إل أفعال العباد" ]الفصسسول المهّمسسة فسسي أصسسول الئّمسسة‪ :‬ص ‪،[.80‬‬ ‫خالق ك ّ‬
‫ن أفعسال العبساد صسادرة عنهسم‬ ‫وقال‪" :‬أقول‪ :‬مذهب المامّيسة والمعتزلسة أ ّ‬
‫وهم خالقون لها" ]الفصول المهّمة في أصول الئّمة‪ :‬ص ‪.[.81‬‬
‫وكذلك قسسال شسسيخهم الطبطبسسائي‪" :‬ذهبسست الماميسسة والمعتزلسسة إلسسى أن‬
‫أفعال العباد وحركاتهم واقعة بقدرتهم واختيارهم فهسسم خسسالقون لهسسا‪ ،‬ومسسا‬
‫في اليات من أنه تعالى خالق كل شيء وأمثالها إما مخصسسص بمسسا سسسوى‬
‫أفعال العباد‪ ،‬أو مؤول بأن المعنى أنه خالق كل شسسيء إمسسا بل واسسسطة أو‬
‫بواسسسطة مخلوقسساته" ]مجسسالس الموحسسدين فسسي بيسسان أصسسول السسدين‪ /‬محمسسد صسسادق‬
‫الطبطبائيك ص ‪.[.21‬‬
‫وقال القزويني‪" :‬وأفعال العباد مخلوقة لهم" ]قلئد الخرائد‪ :‬ص ‪.[60‬‬
‫وغير هؤلء كثير ]مثل ابن المطهر الحلي في كتابه نهج المسترشدين‪ :‬ص ‪ ،52‬حيث‬
‫قال‪ :‬البحث الرابع‪ :‬في خلق العمال‪ ،‬وقرر أن هذا مذهب طائفته ومذهب المعتزلة‪ ،‬ومثل‬
‫ذلك صرح في كتابه "الباب الحادي عشسسر" )مسسع شسسرحه للمقسسداد( ص ‪ ،32‬وكتسسابه‪ :‬كشسسف‬
‫‪372‬‬
‫المراد ص ‪ ،332‬وكذلك شسسيخ الشسسيعة المجلسسسي صسساحب البحسسار قسسال‪" :‬وذهبسست الماميسسة‬
‫والمعتزلة إلى أن أفعال العباد وحركسساتهم واقعسسة بقسسدرتهم واختيسسارهم فهسسم خسسالقون لهسسا"‪.‬‬
‫)بحار النوار‪ ،(4/148 :‬والمقداد الحلي ) انظر‪ :‬النافع يوم الحشر في شرح الباب الحسسادي‬
‫عشر‪ :‬ص ‪ .[.(33-32‬وهو كما ترى عين مسسذهب أهسسل العسستزال‪ ،‬فهسسل مقالسسة‬
‫هؤلء طارئة على المسسذهب الشسسيعي كمسسا قسساله شسسيخ السسسلم ابسسن تيميسسة‬
‫وغيره‪ ،‬وإن قدماء الشيعة لسسم يكونسسوا علسسى هسسذا المعتقسسد‪ ،‬أو أن هسسذا هسسو‬
‫مذهب القدمين ومن بعدهم؟‬
‫لعل أفضل مرجع يرجع إليه لستقراء هسسذه الحقيقسسة هسسو كتسسب الحسسديث‬
‫عند الشيعة‪.‬‬
‫وقد رجعت إلسسى مصسسادر الشسسيعة المعتمسسدة فسسي الروايسسة وبالسسذات إلسسى‬
‫مراجعها الرئيسة؛ فرأيت مجموعة كبيرة من الروايات تخالف ما هو شائع‬
‫عن مذهب الشيعة من القول بمذهب المعتزلة في أفعال العباد‪ ،‬وتعارض‬
‫ما قرره طائفة من شيوخهم في هسسذه المسسسألة مسسن الخسسذ بمسسسلك أهسسل‬
‫العتزال‪ ،‬كما سبق ذكر بعض شواهده من أقوال المفيسسد‪ ،‬وابسسن المطهسسر‪،‬‬
‫والحر العاملي وأضرابهم مما سجلوه في كتب العقيدة التي كتبوها لتعسسبر‬
‫عن مذهب الشيعة‪.‬‬
‫فمن رواياتهم التي وصفنا‪:‬‬
‫"قال أبو جعفر وأبو عبد الله «‪ :‬إن الله أرحم بخلقه من أن يجبر خلقسسه‬
‫على الذنوب‪ ،‬ثم يعذبهم عليهسسا‪ ،‬واللسسه أعسسز مسسن أن يريسسد أمسًرا فل يكسون‪،‬‬
‫قال‪ :‬فسئل عليهما السلم هل بين الجبر والقدر منزلسسة ثالثسسة؟ قسسال‪ :‬نعسسم‬
‫أوسع ما بين السماء والرض" ]أصول الكافي‪.[.1/159 :‬‬
‫يعني أن بين القول بالجبر والقول بنفي القدر منزلة ثالثة وسط‪.‬‬
‫وجاءت عندهم مجموعة من الروايات تقول بأن مذهبهم في القسسدر هسسو‬
‫أمر بين المرين ل جبر ول تفويض ]انظر‪ :‬أصول الكافي‪ /‬باب الجبر والقدر والمسسر‬
‫بين المرين‪ ،1/155 :‬وانظر‪ :‬بحار النوار‪ ،56 ،5/22 :‬الفصول المهمة‪ :‬ص ‪.[.72‬‬
‫مة هو نفي الجبر‬ ‫ن الذي استفاض عن الئ ّ‬ ‫ولهذا قال المجلسي‪" :‬اعلم أ ّ‬
‫والّتفويض وإثبات مر بين المرين" ]بحار النوار‪.[.5/82 :‬‬
‫ونفي الجبر واضح القصد وهو الخروج عن مذهب الجبريسسة‪ ،‬ولكسسن مسساذا‬
‫يريدون بالتفويض؟‬
‫يقول المجلسي‪" :‬وأما التفويض فهسو مسا ذهسب إليسه المعتزلسة مسن أنسه‬
‫تعالى أوجد العباد‪ ،‬وأقدرهم على تلك الفعال وفوض إليهم الختيار‪ ،‬فهسسم‬
‫مستقلون بإيجادها وفق مشيئتهم وقدرتهم وليس لله في أفعسسالهم صسسنع"‬
‫]بحار النوار‪.[.5/83 :‬‬
‫كذلك عندهم روايات أخرى تنتقد مذهب المعتزلة‪ ،‬وتشنع على القائلين‬
‫به‪ ،‬فهو رد على الشيعة نفسها فسسي سسسلوكها مسسسلك المعتزلسسة‪ ،‬جسساء فسسي‬
‫تفسير القمي – في التشنيع على القدرية نفاة القسدر مسن المعتزلسة ومسسن‬
‫نهج سبيلهم – قول إمامهم‪" :‬القدرة الذين يقولون ل قدر‪ ،‬ويزعمون أنهم‬
‫قادرون على الهدى والضللة‪ ،‬وذلك إليهسسم إن شسساءوا اهتسسدوا‪ ،‬وإن شسساءوا‬
‫ضلوا‪ ،‬وهم مجوس هذه المة‪ ،‬وكذب أعسسداء اللسسه؛ المشسسيئة والقسسدرة للسسه‬

‫‪373‬‬
‫ضققل َل َ ُ‬ ‫ق َ َ‬ ‫َ‬
‫ة{‬ ‫م ال ّ‬ ‫ه ُ‬‫علي ْ ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫ري ً‬
‫قا َ‬ ‫و َ‬
‫ف ِ‬ ‫دى َ‬ ‫ه َ‬
‫قا َ‬ ‫ري ً‬
‫ف ِ‬‫ن‪َ ،‬‬ ‫دو َ‬
‫عو ُ‬
‫م تَ ُ‬‫ما ب َدَأك ُ ْ‬ ‫}ك َ َ‬
‫]العراف‪ ،‬آية‪،29 :‬سس ‪ .[.30‬من خلقه اللسسه شسسقًيا يسسوم خلقسسه كسسذلك يعسسود إليسسه‬
‫دا‪ ،‬قسسال رسسسول‬ ‫دا يوم خلقه كذلك يعسسود إليسسه سسسعي ً‬ ‫شقًيا‪ ،‬ومن خلقه سعي ً‬
‫الله صلى الله عليه وسلم‪" :‬الشقي من شسسقي فسسي بطسسن أمسسه‪ ،‬والسسسعيد‬
‫من سعد في بطن أمه" ]تفسير القمر‪ ،227-1/226 :‬بحار النوار‪.[.5/9 :‬‬
‫وقال أبو عبد الله‪" :‬إنك لتسأل عن كلم أهل القدر ومسسا هسسو مسسن دينسسي‬
‫دا من أهل بيستي يقسول بسه" ]بحسسار النسسوار‪،5/56 :‬‬ ‫ول دين آبائي ول وجدت أح ً‬
‫البرهان‪.[.1/398 :‬‬
‫ها‬‫قققدّْرَنا َ‬ ‫ه َ‬ ‫َ‬
‫مَرأت َ ُ‬ ‫وقال‪" :‬ويح هذه القدرية أما يقرأون هذه الية‪ِ} :‬إل ا ْ‬
‫درها إل اللسسه تبسسارك وتعسسالى" ]بحسسار النسسوار‪:‬‬ ‫ن{ ويحهم مسسن قس ّ‬ ‫ري َ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫غاب ِ ِ‬ ‫م َ‬‫ِ‬
‫‪ [.5/56‬وغيرها كثير ]انظر‪ :‬بحار النوار‪ 5/116 ،‬ومسسا بعسسدها رقسسم ‪ ،49‬س ‪،50‬س ‪ ،51‬س ‪،52‬‬
‫‪ ،69 ،61 ،60 ،59 ،58 ،57 ،54 ،53‬وغيرها‪.[.‬‬
‫هذه الروايات تعبر عن مذهب الئمة في إثبات القدر‪ ،‬وقد تشير إلى ما‬
‫عليه قدماء الشيعة من الثبات‪ ،‬وقد أعسسرض عسسن هسسذه الروايسسات الشسسيعة‬
‫المتسسأخرون بل دليسسل سسسوى تقليسسد أهسسل العسستزال‪ ،‬وأغمضسسوا النظسسر عمسسا‬
‫يعارض ذلك من روايات كثيرة عندهم‪ ،‬بل إن الشيعة جعلوا مسسن أصسسولهم‬
‫العدل كالمعتزلة سواًء بسسواء‪ .‬وهسذه الكلمسة فسي ظاهرهسا لفسظ جميسل‪،‬‬
‫ى خطيًرا‪ ،‬وهو إنكار قدر الله عز وجل‪.‬‬ ‫ولكنها تخفي وراءها معن ً‬
‫ما المامّية فالعدل من أركان اليمسسان عنسسدهم بسسل‬ ‫قال أحد شيوخهم‪" :‬أ ّ‬
‫شيعة بين الشاعرة والمعتزلة‪ :‬ص ‪ ،240‬عبد‬ ‫ومن أصول السلم" ]هاشم معروف‪ /‬ال ّ‬
‫المير قبلن‪ /‬عقيدة المؤمن‪ :‬ص ‪.[.43‬‬
‫مع أن أقوال الئمة – كما أثبتته كتبهم المعتمدة عندهم – ل تصرح بنفي‬
‫القدر في أكثر رواياتهم – كما مضى – بل تهاجم المعتزلة وتنتقسسد مسسذهبها‬
‫في القدر‪ ،‬كما تقرر جملة أن الحق ليسسس مسسع المعتزلسسة القدريسسة‪ ،‬ول مسسع‬
‫الجبرية بل الحق منزلة أخرى ثالثة‪ ،‬وهذا حق‪ ،‬ولكن تفسير هذه المنزلة‪،‬‬
‫أو المر بين المرين ما هو؟‬
‫لقد أحجمت بعض رواياتهم عن تفيسر هذا واكتفت بإطلق هذا القسسول‪.‬‬
‫ولما سئل أبو عبد الله عن معنساه لسم يجسب وقسالت روايساتهم فسي وصسف‬
‫موقفه من هذا السؤال‪" :‬فقلب يده مرتين أو ثلًثا ثم قال‪ :‬لو أجبتك فيسسه‬
‫لكفرت" ]ابن بابويه‪ /‬التوحيد‪ :‬ص ‪ ،363‬بحار النوار‪ ،5/53 :‬وجاءت روايات أخسسر شسسبيهة‬
‫بهذا منها ما يقول بأن ذلك "سر من أسرار الله"‪) .‬بحار النوار‪ (5/116 :‬أو "أن بينهمسسا مسسا‬
‫بين السماء والرض" )المصدر السابق ‪ ،(5/116‬وما ماثل ذلك‪.[.‬‬
‫وقد حمل بعض شيوخهم هذا الموقف من "جعفر" على التقيسسة "لنسسه –‬
‫بزعمهم – كسان يعلسسم أنسه ل يسدركه عقسسل السسائل فيشسك فيسه أو يجحسده‬
‫فيكفر" ]المجلسي‪ /‬بحار النوار‪.[.54-5/53 :‬‬
‫ولعل هذا التوقسسف هسسو مسسا أشسسار إليسسه الشسسعري مسسن أنسسه أحسسد مسسذاهب‬
‫الرافضة الثلثة‪ .‬كما أن المذهب الول قد جاء على لسان شيخهم المفيسسد‬
‫في قوله‪" :‬إن أفعال العباد غير مخلوقة للسسه" ]شسسرح عقسسائد الصسسدوق‪ :‬ص ‪-10‬‬
‫‪ .[.12‬وقد لوحظ أن المذهب الثالث وهو الثبات قد نطقت به طائفسسة مسسن‬
‫‪374‬‬
‫روايسساتهم‪ ،‬فسسأنت تسسرى أن المسسذاهب الثلثسسة للرافضسسة السستي أشسسار إليهسسا‬
‫الشسسعري فسسي مقسسالته قسسد وجسسدت كلهسسا ضسسمن مقسسالت الثنسسي عشسسرية‬
‫ورواياتهم‪.‬‬
‫وذكر صدوقهم في عقائده رواية تفسر قولهم بالمر بين المرين؛ حيث‬
‫قال‪ :‬قيل لبي عبد الله‪" :‬ما أمر بين المرين؟ فقال‪ :‬ذلك مثل رجل رأيته‬
‫على المعصية فنهيته فلم ينته فتركته ففعل تلك المعصية فليسسس حيسسث ل‬
‫يقبل منك فتركته كنت أنت الذي أمرته بالمعصية" ]عقائد الصدوق‪ :‬ص ‪.[.75‬‬
‫فهو هنا يفسر القدر بسسالمر والنهسسي فحسسسب‪ ..‬وهسسو ل يكفسسي فسسي بيسسان‬
‫المذهب الحق في القدر‪ ..‬إذ كان الله سبحانه ل سلطان له على العبد إل‬
‫أمره أو نهيه‪.‬‬
‫ولكن نجد من شيوخهم مسسن فسسسر ذلسسك بمقتضسسى مسسذهب أهسسل السسسنة‬
‫وقال بما جاء في روايسساتهم مسن الثبسسات‪ ،‬وأعسسرض عمسسا قسساله طائفسة مسسن‬
‫شيوخه وجعل ذلك هو معتقد طائفته فقال بعدما ذكر ضلل الجبرية فيمسسا‬
‫ذهبوا إليه ‪,‬ان من قال بقولهم فقسسد نسسسب الظلسسم إليسسه تعسسالى عسسن ذلسسك‪،‬‬
‫وضلل القدرية فيما أخذوا به مسسن نفسسي القسسدر‪ ،‬وأن مسن قسسال بسذلك فقسسد‬
‫أشرك مع الله غيره في الخلق – قال‪ » :‬واعتقادنا في ذلك تبسسع لمسسا جسساء‬
‫عن أئمتنا الطهار عليهم السلم من المر بين المرين والطريسسق الوسسسط‬
‫بين القولين‪ ..‬فقد قال إمامنا الصادق عليه السلم لبيان الطريق الوسسسط‬
‫كلمته المشهورة‪" :‬ل جبر ول تفويض ولكن أمر بين المرين"‪.‬‬
‫ما أجمل هذا المغزى‪ ،‬وما أدق معنسساه وخلصسسته‪" :‬أن أفعالنسسا مسسن جهسسة‬
‫هي أفعالنا حقيقة ونحن أسسسبابها الطبيعيسسة وهسسي تحسست قسسدرتنا واختيارنسسا‪،‬‬
‫ومن جهة أخرى هسسي مقسسدورة للسسه تعسسالى وداخلسسة فسسي سسسلطانه لنسسه هسسو‬
‫مفيض الوجود ومعطيه‪ ،‬فلم يجبرنا على أفعالنا حتى يكون قد ظلمنا على‬
‫المعاصي‪ ،‬لن لنسا القسسدرة والختيسار فيمسسا نفعسسل‪ ،‬ولسسم يفسوض إلينسسا خلسق‬
‫أفعالنا حتى يكون قد أخرجها عن سلطانه‪ ،‬بل له الخلق والمر وهو قسسادر‬
‫على كل شيء ومحيط بالعباد" ]المظفر‪ /‬عقائد الماميسة‪ :‬ص ‪ ،68-67‬وقريسسب مسن‬
‫ذلك ما ذكره شيخهم الزنجاني‪ /‬في عقائد الشيعة المامية الثني عشرية‪.[.176-3/175 :‬‬
‫وهذه الكلمات ل تخالف ما قاله أهل السنة في باب أفعال العباد‪ ،‬وهسسي‬
‫تفيد أن من شيوخ الشيعة المتأخرين من يذهب إلى ما ذهب إليه أوائلهم‪،‬‬
‫وما قررته معظم رواياتهم إذا لم يكن قد جعل لكلماته ضرًبا مسسن التأويسسل‬
‫أو لوًنا من التقاء فذاك علمه عند الله‪.‬‬
‫طائفة قد ذهبوا في الغالب‬ ‫وهذا ل ينفي أن شيوخ المذهب وأساطين ال ّ‬
‫إلى ما ذهب إليه أهل العتزال‪.‬‬
‫ويمكن أن يقال‪ :‬قد كان في القديم الثبات هسسو الصسسل والنفسسي طسسارئ‬
‫نتيجة التأثر بالتجاه العتزالي‪ ،‬وعند المتأخرين النفي هسسو الكسسثير الغسسالب‪،‬‬
‫والثبات موجود عند البعض‪.‬‬
‫ول شك بأن من قال بالنفي فقد قال بجزء مسسن الدلسسة وعطسسل البسساقي‪،‬‬
‫ومن قال بالجبر فقسسد عمسسل بسسالجزء الخسسر وعطسسل مسسا سسسواه‪ ،‬ومسسن أخسسذ‬
‫بالقول الوسط فقد أعمل الدلسسة كلهسسا‪ ،‬وآيسسات القسسرآن أثبتسست للعبسسد فعل ً‬
‫‪375‬‬
‫ما‬
‫و َ‬
‫وقدرة ومشيئة‪ ،‬ولكنهسسا تابعسسة لقسسدرة اللسسه ومشسسيئته‪ ،‬قسسال تعسسالى‪َ } :‬‬
‫ه{ ]النسان‪ ،‬آية‪ ،30 :‬التكوير‪ ،‬آية‪.[.29 :‬‬ ‫ن ِإل َأن ي َ َ‬
‫شاء الل ّ ُ‬ ‫شا ُ‬
‫ؤو َ‬ ‫تَ َ‬
‫قال شيخ السلم‪:‬‬
‫"فجمهور أهل السنة من السلف والخلسسف يقولسسون‪ :‬إن العبسسد لسسه قسسدرة‬
‫وإرادة وفعل‪ ،‬والله خالق ذلك كله كما هو خالق كل شيء‪ ،‬كمسسا دل علسسى‬
‫ذلك الكتاب والسنة" ثم ساق الدلة في ذلك ]انظر‪ :‬منهاج السنة‪.[.21-1/20 :‬‬
‫والروايات الكثيرة عند الرافضة – والتي مضى بعضها – هي أكبر شسساهد‬
‫من مذهبهم نفسه على بطلن ما ذهب إليه شسسيوخهم مسسن الخسسذ بمسسذهب‬
‫أهل العتزال ]ولتفصيل القول في القسدر‪ ،‬ونقسسض شسسبهات المعتزلسسة ومسسن قلسسدهم مسسن‬
‫ج ‪ 2/2‬وما بعدها‪،‬‬ ‫الرافضة انظر‪ :‬منهاج السنة النبوية‪ 356 ،285 ،45-1/39 :‬وما بعدها‪ .‬و ‍‬
‫مجموع فتاوى شيخ السلم ج‪ ،‍8‬وفي مواضسسع متفرقسسة أخسسرى راجسسع المجلسسد ‪ 36‬ص ‪-143‬‬
‫‪ ،153‬وانظر شرح الطحاوية ص ‪ 217‬ومسسا بعسسدها‪ ،352-347 ،‬وراجسسع رسسسالة الشسسيخ عبسسد‬
‫الرحمن المحمود‪ /‬القضاء والقدر‪.[.‬‬

‫الباب الثالث‬
‫أصولهم ومعتقداتهم ]الخرى[ التي تفردوا بها‬
‫وفيه ثمانية فصول‪:‬‬
‫الفصل الول‪ :‬المامة‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬عصمة المام‪.‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬التقية‪.‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬المهدية والغيبة‪.‬‬
‫الفصل الخامس‪ :‬الرجعة‪.‬‬
‫الفصل السادس‪ :‬الظهور‪.‬‬
‫الفصل السابع‪ :‬البداء‪.‬‬
‫الفصل الثامن‪ :‬الطينة‪.‬‬

‫الفصل الول‬
‫المامة‬
‫المامة عند الشيعة هي الصل الذي تسسدور عليسسه أحسساديثهم وترجسسع إليسسه‬
‫عقائدهم‪ ،‬وتلمس أثره في فقههم وأصولهم‪ ،‬وتفاسيرهم وسائر علومهم‪.‬‬
‫ولقد اهتم الشيعة بأمرها في القديم والحديث‪.‬‬
‫وفيمسسا يلسسي عسسرض لهسسم جوانبهسسا‪ :‬مفهومهسسا‪ ،‬ومنشسسئها‪ ،‬ومنزلتهسسا فسسي‬
‫مسسذهبهم‪ ،‬وكتمسسانهم لهسسا فسسي بسسادئ المسسر‪ ،‬ثسسم بسسدء شسسيوخ الشسسيعة فسسي‬
‫الستدلل عليها‪ ،‬وعسسرض لمسسا يعسسدونه أقسسوى أدلتهسسم فيهسسا ومناقشسسته‪ ،‬ثسسم‬
‫حديث عن تكفيرهم لمنكرها‪ ،‬حتى كفروا الصحابة‪ ،‬وأهسسل السسبيت‪ ،‬وحكسسام‬
‫المسلمين‪ ،‬وقضاتهم‪ ،‬والمصسسار السسسلمية وشسسعوبها‪ ،‬والفسسرق السسسلمية‬
‫بكل اتجاهاتها‪ ،‬والمة جميًعا‪ ،‬كل ذلك على سبيل التعيين والتخصيص‪.‬‬

‫‪376‬‬
‫وسيتبين هذا في الصفحات التالية‪ ،‬ومن خلل ما قالته كتبهم المعتمسسدة‬
‫عندهم‪.‬‬
‫م بهسسم تقسسدمهم وهسسي‬ ‫مفهوم المامة ]المامة‪ ،‬في اللغة‪ :‬التقدم‪ ،‬تقول‪ :‬أ ّ‬
‫م القوم‪ ،‬وأ ّ‬
‫المامة‪ ،‬والمام كل مسسن ائتسسم بسسه قسسوم كسسانوا علسسى الصسسراط المسسستقيم‪ ،‬أو كسسانوا ضسسالين‪،‬‬
‫ويطلق المام على الخليفة‪ ،‬وعلى العسسالم المقتسسدى بسسه‪ ،‬وعلسسى مسسن يسسؤتم بسسه فسسي الصسسلة‬
‫م‪ ،‬وراجسع فسي تعريسف المامسة عنسد أهسل‬ ‫)انظر‪ :‬اللسان‪ ،‬والقساموس‪ ،‬والمصسباح‪ ،‬مسادة‪ :‬أ ّ‬
‫السنة‪ :‬الحكام السسسلطانية للمسساوردي‪ :‬ص ‪ ،5‬مقدمسسة ابسسن خلسسدون‪ [.(518-2/516 :‬عند‬
‫الشيعة ومنشؤها‪:‬‬
‫لعل أول من تحدث عن مفهوم المامة بالصورة الموجودة عند الشسسيعة‬
‫هو ابن سبأ‪ ،‬الذي بدأ يشسسيع القسسول بسسأن المامسسة هسسي وصسساية مسسن النسسبي‪،‬‬
‫ومحصورة بالوصي‪ ،‬وإذا تولهسا سسواه يجسب السبراءة منسه وتكفيسره‪ ،‬فقسد‬
‫ن ابن سبأ "كان أّول من أشهر القول بفرض إمامة‬ ‫شيعة بأ ّ‬‫اعترف كتب ال ّ‬
‫فرهم" ]رجال الك ّ‬
‫شسسي‪:‬‬ ‫ي‪ ،‬وأظهر البراءة من أعدائه‪ ،‬وكاشف مخالفيه وك ّ‬ ‫عل ّ‬
‫شيعة ص ‪ ،22‬الّرازي‪/‬‬ ‫فَرق‪ :‬ص ‪ ،20‬الّنوبختي‪ /‬فَِرق ال ّ‬‫مي‪ /‬المقالت وال ِ‬ ‫ص ‪ ،109-108‬الق ّ‬
‫شهرسسستاني عسسن ابسسن سسسبأ‪:‬‬‫حل‪ ،1/174 :‬حيسسث قسسال ال ّ‬ ‫ّ َ‬ ‫ن‬‫وال‬ ‫لل‬ ‫َ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ال‬ ‫وانظر‪:‬‬ ‫الّزينة‪ :‬ص ‪،305‬‬
‫ي رضي الله عنه"‪ [.‬لنسسه كسسان يهسسودي‬ ‫ص على إمامة عل ّ‬ ‫"وهو أّول من أظهر القول بالن ّ ّ‬
‫الصل‪ ،‬يرى أن يوشع بن نون هو وصي موسسسى‪ ،‬فلمسسا أسسسلم أظهسسر هسسذه‬
‫مسسي‪ /‬المقسسالت‬ ‫المقالة في علي بن أبي طالب ]رجال الك ّ‬
‫شسسي‪ :‬ص ‪ ،109-108‬الق ّ‬
‫مل َسسل‬ ‫فَرق‪ :‬ص ‪ ،20‬الّنوبختي‪ /‬فَِرق ال ّ‬
‫شيعة ص ‪ ،22‬الّرازي‪ /‬الّزينسسة‪ :‬ص ‪ ،305‬وانظسسر‪ :‬ال ِ‬ ‫وال ِ‬
‫والن َّحل‪.[.1/174 :‬‬
‫جل عقسسائد‬ ‫وهذا ما تواضع عليه شيوخ الشيعة‪ ،‬فسسابن بسسابويه القمسسي يسس ّ‬
‫ل نسسبي وصسّيا‬‫ن لكس ّ‬
‫شيعة في القرن الّرابسسع ويقسسول بسسأّنهم‪" :‬يعتقسسدون بسسأ ّ‬ ‫ال ّ‬
‫صسسدوق‪ :‬ص ‪ .[.106‬ويسسذكر أن عسسدد‬ ‫أوصسسى إليسسه بسسأمر اللسسه تعسسالى" ]عقسسائد ال ّ‬
‫الوصياء "مائة ألف وصي‪ ،‬وأربعة وعشرون ألف وصي" ]عقائد الصدوق‪ :‬ص‬
‫‪ ،[.106‬كما يذكر المجلسي في أخباره "أن علي ًسسا هسسو آخسر الوصسياء" ]بحسسار‬
‫ن إمامسسة مسسن بعسسده باطلسسة‪ ،‬لّنهسسم‬
‫ي‪ ،‬وأ ّ‬
‫ي بعد علس ّ‬
‫النوار‪ ،342 /39 :‬ومعنى هذا أّنه ل وص ّ‬
‫ليسوا بأوصياء‪ ،‬وهذا ينقض مذهب الثني عشرّية من أصله‪ ،[.‬وجاء في بعض عناوين‬
‫البواب في الكافي "باب أن المامة عهد من اللسسه عسسز وجسسل معهسسود مسسن‬
‫واحد إلى واحسسد" ]أصسسول الكسسافي‪ .[.1/227 :‬و"بسساب مسسا نسسص اللسسه عسسز وجسسل‬
‫دا" ]أصسسول الكسسافي‪ [.1/286 :‬وقسسد ضسسمنها‬ ‫دا فواح س ً‬‫ورسوله على الئمسسة واح س ً‬
‫مجموعة من أخبارهم التي يعدونها من الدلة الستي ل يرقسى إليهسا الشسك‪.‬‬
‫ولهذا قال شيخهم مقدار الحلي )ت ‪ (821‬بسسأن مسسستحق المامسسة عنسسدهم‬
‫دا من الله تعالى ورسوله ل أي شخص اتفسسق"‬ ‫صا معهو ً‬ ‫لبد أن "يكون شخ ً‬
‫]النافع يوم الحشر‪ :‬ص ‪.[.47‬‬
‫ويقّرر محمسسد حسسسين آل كاشسسف الغطسسا أحسسد مراجسسع الشسسيعة فسسي هسسذا‬
‫ن الله سبحانه يختار مسسن‬ ‫وة‪ ،‬فكما أ ّ‬ ‫ن المامة منصب إلهي كالّنب ّ‬ ‫العصر‪" :‬أ ّ‬
‫ص مسسن اللسسه‬
‫وة والّرسالة ويؤّيد بالمعجزة التي هي كن ّ‬ ‫يشاء من عباده للّنب ّ‬
‫ص عليسسه وأن ينصسسبه‬‫عليه‪ ..‬فكذلك يختار للمامة من يشاء ويأمر نبّيه بسسالن ّ ّ‬
‫شيعة وأصولها‪ :‬ص ‪.[.58‬‬ ‫ناس من بعده" ]أصل ال ّ‬ ‫ما لل ّ‬
‫إما ً‬

‫‪377‬‬
‫وة‪ ،‬فكما يصطفي الله‬ ‫فأنت ترى أن مفهوم المامة عندهم كمفهوم الّنب ّ‬
‫ص عليهسسم‪ ،‬ويعلسسم الخلسسق‬ ‫مة‪ ،‬وين ّ‬‫سبحانه من خلقه أنبياء‪ ،‬يختار سبحانه أئ ّ‬
‫جسسة‪ ،‬ويؤي ّسسدهم بسسالمعجزات‪ ،‬وين سّزل عليهسسم الكتسساب‪،‬‬ ‫بهسسم‪ ،‬ويقيسسم بهسسم الح ّ‬
‫ن المامسسة‬ ‫وُيوحي إليهم‪ ،‬ول يقولون أو يفعلون إل بأمر اللسسه ووحيسسه‪ ..‬أي إ ّ‬
‫ي‪ ،‬والّتغييسسر فسسي السسسم فقسسط‪ .‬ولسسذلك قسسال‬ ‫وة‪ ،‬والمسسام هسسو الن ّسسب ّ‬ ‫هي الّنبس ّ‬
‫ي والمام من تلك الخبسسار ل يخلسسو‬ ‫ن استنباط الفرق بين الّنب ّ‬ ‫المجلسي‪" :‬إ ّ‬
‫من إشكال" ]بحار النوار‪ ،[.26/82 :‬ثم قال‪" :‬ول نعرف جهة لعسسدم اّتصسسافهم‬
‫وة والمامسسة"‬ ‫وة إل رعاية خاتم النبياء‪ ،‬ول يصل عقولنا فرق بيسن الّنبس ّ‬ ‫بالّنب ّ‬
‫]بحار النوار‪.[.26/82 :‬‬
‫هذا قولهم في مفهوم المامة‪ ،‬ويكفي في نقده أنه ل سند لهسسم فيسسه إل‬
‫ابن سبأ واليهودية‪.‬‬
‫منزلة المامة عندهم‪:‬‬
‫مسألة المامة عند أهل السنة ليسسست مسسن أصسسول السسدين السستي ل يسسسع‬
‫المكلف الجهل بها‪ ،‬كما قرره جمع من أهل العلم ]انظر‪ :‬المدي‪ /‬غاية المسسرام‪:‬‬
‫ص ‪ ،363‬الغزالي‪ /‬القتصسساد‪ :‬ص ‪ ،134‬مقدمسسة ابسسن خلسسدون‪ ..[.3/1080 :‬ولكنها عنسسد‬
‫الشيعة )بمفهومها السبئي( لها شأن آخر‪ ،‬فالنوبختي يذكر بسسأن مسسن فسسرق‬
‫الشيعة من يذهب إلى أن المامة من أجل المور بعد النبوة ]فسسرق الشسسيعة‪:‬‬
‫ص ‪ ،[.19‬ولكنهسسا عنسسد آل كاشسسف الغطسساء‪" :‬منصسسب إلهسسي كسسالنبوة" ]أصسسل‬
‫الشيعة‪ :‬ص ‪ .[.58‬وفي أحاديث الكليني في الكافي تعلو علسسى مرتبسسة النبسسوة‬
‫]انظر‪ :‬أصول الكافي‪ ،[.1/175 :‬وهذا ما يجاهر بسسه جملسسة مسسن شسسيوخهم‪ .‬قسسال‬
‫وة‬‫مة التي هي فسسوق درجسسة الّنب س ّ‬ ‫شيخهم نعمة الله الجزائري‪" :‬المامة العا ّ‬
‫والّرسالة‪] "..‬زهر الّربيع‪ :‬ص ‪.[.12‬‬
‫طهراني – أحد مراجعهم وآياتهم في هذا العصر ‪" :-‬المام‬ ‫وقال هادي ال ّ‬
‫وة‬ ‫وة‪ ،‬فإّنها مرتبة ثالثة شّرف الله تعالى بها إبراهيم بعسسد الّنب س ّ‬ ‫ل من الّنب ّ‬ ‫أج ّ‬
‫والخلة‪] "..‬ودايع الّنبّوة‪ :‬ص ‪.[.114‬‬
‫وفي الكافي روايات تجعل المامة أعظم أركان السلم‪.‬‬
‫روى الكليني بسنده عن أبي جعفسسر قسسال‪" :‬بنسسي السسسلم علسسى خمسسس‪:‬‬
‫ج والولية‪ ،‬ولم ينسساد بشسسيء كمسسا نسسودي‬ ‫صوم والح ّ‬ ‫صلة والّزكاة وال ّ‬ ‫على ال ّ‬
‫ناس بأربع وتركوا هسسذه – يعنسسي الوليسسة –" ]أصسسول الكسسافي‪،‬‬ ‫بالولية‪ ،‬فأخذ ال ّ‬
‫كتاب اليمان والكفر‪ ،‬باب دعائم السلم‪ ،2/18 :‬رقم ‪ ،3‬قال في شرح الكسسافي فسسي بيسسان‬
‫شسسافي شسسرح الكسسافي‪:‬‬‫صحيح" فهو معتبر عنسسدهم‪) .‬ال ّ‬
‫درجة هذا الحديث عندهم‪" :‬موثق كال ّ‬
‫‪ 5/28‬رقم ‪.[.(1487‬‬
‫شسسهادتين مسسن أركسسان السسسلم‪ ،‬ووضسسعوا‬ ‫فسسأنت تسسرى أنهسسم أسسسقطوا ال ّ‬
‫مكانهما الولية‪ ،‬وعدوها من أعظم الركان‪ ،‬كما يدل عليسسه قسسولهم‪" :‬ولسسم‬
‫يناد بشيء كما نودي بالولية" وكما يدل عليه حديثهم الخر‪.‬‬
‫وقد ذكر فيه نص الرواية السابقة وزاد‪" :‬قلت )الراوي(‪ :‬وأي شيء من‬
‫ذلك أفضل؟ فقال‪ :‬الولية أفضل" ]أصسسول الكسسافي‪ ،‬كتسساب اليمسسان والكفسسر‪ ،‬بسساب‬
‫دعائم السلم‪ ،2/18 :‬وهسسو حسسديث صسسحيح السسسند حسسسب مسسا صسسرح بسسه شسسيوخهم )انظسسر‪:‬‬
‫الشافي‪ (5/59 :‬وقد ورد حديثهم هسسذا فسسي‪ :‬تفسسسير العياشسسي‪ ،1/191 :‬البرهسسان‪،1/303 :‬‬

‫‪378‬‬
‫بحار النسسوار‪ .[.1/394 :‬ورواية ثالثة بنحسسو الروايسسة الولسسى‪ ،‬مسسع زيسسادة تقسسول‪:‬‬
‫"فرخص لهم في أشياء من الفرائض الربع ]قال المجلسي‪ :‬قوله‪ :‬فرخسسص لهسسم‬
‫في أشياء؛ كقصر الصلة في السفر‪ ،‬وترك الصيام في السفر والمرض‪ ،‬والحج والزكاة مع‬
‫عدم الستطاعة" )مرآة العقول‪.[.(4/369 :‬‬
‫ي صلى اللسسه عليسسه وسسسلم‬ ‫ضا بأنه‪" :‬عرج بالّنب ّ‬
‫حتى قالوا في أخبارهم أي ً‬
‫سماء مائة وعشرين مّرة‪ ،‬ما من مّرة إل وقد أوصى الله عّز وجس ّ‬
‫ل فيهسسا‬ ‫ال ّ‬
‫ما أوصاه بسسالفرائض" ]ابسسن‬ ‫مة من بعده أكثر م ّ‬ ‫ي والئ ّ‬
‫ي بالولية لعل ّ‬
‫إلى الّنب ّ‬
‫بابويه‪ /‬الخصال‪ :‬ص ‪ ،601-600‬بحسسار النسسوار‪" [.23/69 :‬وما و ّ‬
‫كد علسسى العبسساد فسسي‬
‫شيء ما وكد عليهم بالقرار بالمامة‪ ،‬وما جحد العبسساد شسسيًئا مسا جحسسدوها"‬
‫]الحميري‪ /‬قرب السناد‪ :‬ص ‪ ،123‬بحار النوار‪.[.23/69 :‬‬
‫وبهذا الضلل يهذي شيوخهم‪ ،‬قال أحد مراجعهم فسسي هسسذا العصسسر‪" :‬إن‬
‫أعظم ما بعث الله تعسسالى نسسبيه مسسن السسدين إنمسسا هسسو أمسسر المامسسة" ]هسسادي‬
‫الطهراني‪ /‬ودايع النبوة‪ :‬ص ‪ ،115‬وانظر في هذا المعنى‪ :‬محمد حسين آل كاشسف الغطسا‪/‬‬
‫راسالة عين الميزان‪ :‬ص ‪.[.4‬‬
‫هذه منزلة إمامة الثني عشر عندهم‪ ،‬وما أدري أين سسند هسذه المنزلسة‬
‫المزعومة‪ ،‬وكتاب السلم العظيم – كتاب الله – تذكر فيه مسسرات‪ ،‬وتؤكسسد‬
‫كرات أركان السلم‪ :‬الشهادتان‪ ،‬والصسلة‪ ،‬والصسوم‪ ،‬والزكساة‪ ،‬والحسج ول‬
‫ذكر فيه لشأن ولية أئمتهم؟!‬
‫سرية هذا المبدأ‪:‬‬
‫وكسسانت مسسسألة المامسسة بمفهسسوم الشسسيعة تعنسسي أن هنسساك خليسسة سسسرية‬
‫وضعت لتباعها هذا المبدأ لتعمل على تقويض أركان الخلفسسة السسسلمية‪..‬‬
‫ولذلك فإنها ما إن كشفت هذا الوجه فسسي عهسسد الخلفسسة الراشسسدة‪ ..‬حسستى‬
‫ما‪ ..‬فتعقسسب ابسسن سسسبأ‬ ‫مسسا وصسسار ً‬
‫فا حاز ً‬
‫ي موق ً‬
‫وقف منها أمير المؤمنين عل ّ‬
‫ونفسساه إلسسى المسسدائن‪ ،‬ونفسسى مسسا حسساول إشسساعته مسسن أفكسسار فسسي المجتمسسع‬
‫السلمي‪ ..‬كما تعترف بذلك كتسسب الشسسيعة نفسسسها ]انظسسر‪ :‬القمسسي‪ /‬المقسسالت‬
‫والفرق‪ :‬ص ‪ ،20‬النوبختي‪ /‬فرق الشسسيعة‪ :‬ص ‪ ،23-22‬وفسسي رجسسال الكشسسي‪ :‬ص ‪ :107‬أن‬
‫علًيا قتله‪.[.‬‬
‫فعادت هذه الخلية تدعو لهذا المبدأ في سرية تامة‪ ،‬وكسسانت تقسسول فسسي‬
‫عصر علي الرضا كمسسا يظهسسر مسسن إسسسناد النسسص إليسسه‪ ،‬تقسسول‪" :‬وليسسة اللسسه‬
‫أسرها إلى جبرائيل‪ ،‬وأسسسرها جبرائيسسل إلسسى محمسسد‪ ،‬وأسسسرها محمسسد إلسسى‬
‫ي‪ ،‬وأسرها علي إلى من شاء اللسسه‪ ،‬ثسسم أنتسسم تسذيعون ذلسسك‪ ،‬مسسن السسذي‬ ‫عل ّ‬
‫فا سمعه؟" ]أي لسسم يوجسسد أحسسد أمسسسك كل ً‬
‫مسسا سسسمعه )المازنسسدراني‪ /‬شسسرح‬ ‫أمسك حر ً‬
‫جامع‪.[.(9/123 :‬‬
‫قال أبو جعفر رضي الله عنه‪" :‬فسسي حكمسسة آل داود ينبغسسي للمسسسلم أن‬
‫كا لنفسه مقبل ً على شسأنه عارًفسا بأهسل زمسانه‪ ،‬فساتقوا اللسه‪ ،‬ول‬ ‫يكون مال ً‬
‫تذيعوا حديثنا" ]أصول الكافي‪.[.2/224 :‬‬
‫فهذا النص يشير إلى أن الولية من السرار فسسي أصسسل التنزيسسل اللهسسي‬
‫ويحسسذر مسسن إظهسسار الحسسديث عنهسسا‪ ..‬أي إنسسه فسسي العهسسد السسسلمي الزاهسسر‬
‫عا للوليسسة وشسسأنها‪ ..‬ويعلسسل شسسارح الكسسافي ذلسسك‬ ‫المتقدم ل صوت مسسسمو ً‬

‫‪379‬‬
‫بقوله‪" :‬لما كانت التقية شديدة في عصرهم عليهم السلم أمروا شيعتهم‬
‫بكتمان أسرارهم وإمامتهم وأحسساديثهم وأحكسسامهم المختصسسة بمسسذهبهم‪."..‬‬
‫]المازندراني‪ /‬شرح جامع‪.[.9/118 :‬‬
‫وعند حديث الكليني الذي يقول‪ .." :‬ول تبث ّسسوا س سّرنا‪ ،‬ول تسسذيعوا أمرنسسا"‬
‫]أصول الكافي‪ .[.2/222 :‬قال شارح الكافي‪" :‬وهو أمسسر المامسسة والخلفسسة‪"..‬‬
‫]المازنسسدراني‪ /‬شسسرح جسسامع‪ .[.9/119 :‬وقال عنسد حسديث آخسر يسسندونه لجعفسر‬
‫ويقول‪" :‬المذيع حديثنا كالجاحد له" ]أصسسول الكسسافي‪ .[.2/224 :‬قسسال‪" :‬واعلسسم‬
‫دسسسة وعلسسى‬ ‫دين علسسى نفسسسه المق ّ‬ ‫فا من أعداء ال ّ‬‫سلم كان خائ ً‬ ‫أّنه عليه ال ّ‬
‫ل علسسى‬‫شيعته‪ ،‬وكان في تقية شديدة منهم فلذلك نهى عن إذاعة خسسبر دا ّ‬
‫إمامته أو إمامة آبائه" ]شرح جامع‪.[.10/26 :‬‬
‫ن أمرنسسا مسسستور‬ ‫وكان هناك ميثاق دائم بينهسسم علسسى الكتمسسان‪ ،‬قسسالوا‪" :‬إ ّ‬
‫حح الكافي عند هذا فقال‪" :‬أي بالعهد الذي أخذه الله ورسسسوله‬ ‫نع بالميثاق ]عّلق ُ‬
‫مص ّ‬ ‫مق ّ‬
‫سلم أن يكتموه من غير أهله" )أصول الكافي‪ ،2/227 :‬هامش رقسسم)‬
‫مة عليهم ال ّ‬
‫على الئ ّ‬
‫ّ‬
‫‪ [.(1‬فمن هتك علينا أذله الله" ]أصول الكافي‪.[.2/227 :‬‬
‫وتحدد بعض نصوصهم بدء إذاعة أمر الولية بسسأنه كسسان علسسى يسسد طائفسسة‬
‫مسا حستى صسار فسي يسد ولسد كيسسسان‬ ‫الكيسانية فتقول‪" :‬ما زال سرنا مكتو ً‬
‫]كيسان‪ :‬لقب المختسسار بسسن أبسسي عبيسسد المنسسسوب إليسسه الكيسسسانية‪) .‬شسسرح جسسامع‪-9/121 :‬‬
‫‪ [.(122‬فتحدثوا به في الطريق وقرى السواد" ]أصول الكافي‪.[.2/223 :‬‬
‫وهذه الخلية التي وضعت الخطوط الساسسسية لمسسر الوليسسة علسسى وفسسق‬
‫المنهج السبئي ل تنسى أن توصي أتباعها بسسأن يتسسستروا بالتجسساه الشسسيعي‬
‫المعتدل لنشر فكرتهم بين الناس‪ ،‬فقسسد جسساء فسسي أصسسول الكسسافي‪" :‬كفسسوا‬
‫دا‪ ،‬ول تسسزال‬ ‫ألسنتكم والزموا بيوتكم فإنه ل يصسسيبكم أمسسر تخصسسون بسسه أب س ً‬
‫دا" ]أصسسول الكسسافي‪ .[.2/225 :‬ويحتمسسل أن المسسراد أن‬ ‫الزيديسسة لكسسم وقسساء أب س ً‬
‫الزيدية لظهارها طلب الولية هي التي يوقع بها وتسلمون أنتم للتزامكم‬
‫بالتقية كما أشار إليه شارح الكافي ]شرح جامع‪.[.9/126 :‬‬
‫محاطسسة‬ ‫وة أو أعظسسم فلمسساذا تكسسون س سّرّية ُ‬ ‫وإذا كانت الوليسسة صسسنو الّنب س ّ‬
‫ن رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي أمسسره اللسسه أن‬ ‫بالكتمان‪ ،‬حتى إ ّ‬
‫ي إلسسى‬
‫ي‪ ،..‬ثم يسّرها عل س ّ‬ ‫يبّلغ ما أنزل الله – يخفي أمرها ويسّرها إلى عل ّ‬
‫من شاء؟!‬
‫ي إليهم‪ ..‬وتسسترك المسسر‬ ‫ول تحدد هذه الرواية الشخاص الذين أسرها عل ّ‬
‫لمشيئته يختار ما يريد‪ ،‬أما غيسسر علسسي فل خيسسرة لسسه فسسي الختيسسار! فكيسسف‬
‫تكسسون الوليسة السستي هسسي أصسسل النجسساة عنسسدهم‪ ،‬وأسسساس قبسسول العمسسال‪،‬‬
‫والفيصل بين اليمان والكفر كيسف تظسل سسرية حستى يتسولى نشسرها ولسد‬
‫جا عن الصل المأمور به‪.‬‬ ‫كيسان؟! ويعدون ذلك خرو ً‬
‫إن هذه النصوص تدل على أن واضعي هذه الفكرة هم من أعداء المة‪،‬‬
‫واستغلوا هذه المسألة لتنفيذ أغراضهم‪ ،‬ولذلك أحاطوها بجو من السسسرية‬
‫والكتمان‪ ،‬ونسسسبوها لل السسبيت‪ ،‬لتجسسد طريقهسسا إلسسى قلسسوب النسساس السسذين‬
‫آلمهم ما جرى من أحداث على بعض علماء أهل البيت‪ ،‬والتي كانت هسسذه‬
‫الزمر الحاقدة المدعية للتشيع أحد أسبابها الرئيسة‪.‬‬
‫‪380‬‬
‫حصر الئمة بعدد معين‪:‬‬
‫ي‪ ،‬ولكسن جسساء فيمسا بعسد مسن‬ ‫كان ابن سبأ ينتهي بأمر الوصسية عنسد علس ّ‬
‫عممها في مجموعة من أولده‪ ..‬وكانت "الخليا" الشسسيعية تعمسسل بصسسمت‬
‫وسرية‪ ..‬ومع ذلك فقد كانت تصل بعسسض هسسذه السسدعاوى إلسسى بعسسض أهسسل‬
‫ي‪،‬‬‫البيت‪ ،‬فينفون ذلك نفًيا قاطعًسسا‪ ،‬كمسسا فعسسل جسسدهم أميسسر المسسؤمنين عل س ّ‬
‫ولذلك اخترع أولئك الكذابون على أهل البيت "عقيدة التقية" حتى يسسسهل‬
‫نشر أفكارهم وهم في مأمن من تأثر التباع بمواقف أهل البيت الصسسادقة‬
‫والمعلنة للناس‪.‬‬
‫ترد رواية في "رجسال الكشسسي" ‪ -‬أهسسم كتسساب عنسسدهم ‪" :-‬فسسي الرجسسال"‬
‫تكشف بأن شيطان الطاق ]وتلقبه الشيعة مؤمن الطاق )انظر‪ :‬رجسسال الكشسسي‪ :‬ص‬
‫‪ (185‬وانظر ترجمته ص)‪ (207‬من هذه الرسالة‪ [.‬هو الذي بسسدأ يشسسيع القسسول بسسأن‬
‫المامة محصورة بأناس مخصوصين من آل البيت‪ ،‬وأنه حينما علسسم بسسذلك‬
‫ي بعث إليه ليقف على حقيقة الشاعة‪ ،‬فقسال لسه زيسد‪" :‬بلغنسي‬ ‫زيد بن عل ّ‬
‫ما مفترض الطاعة؟ قال شسسيطان الطسساق‪:‬‬ ‫أنك تزعم أن في آل محمد إما ً‬
‫نعم‪ ،‬وكان أبوك علي بن الحسين أحدهم‪ ،‬فقسسال‪ :‬وكيسسف وقسسد كسسان يسسؤتى‬
‫ي‬
‫بلقمة وهي حارة فيبردها بيده ثم يلقمنيها‪ ،‬أفسسترى أنسسه كسسان يشسسفق علس ّ‬
‫من حر اللقمة‪ ،‬ول يشفق علي من حر النار؟ قال )شيطان الطاق(‪ :‬قلت‬
‫لسسه‪ :‬كسسره أن يخسسبرك فتكفسسر فل يكسسون لسسه فيسسك الشسسفاعة‪ ،‬ل واللسسه فيسسك‬
‫المشّية – كذا –" ]رجال الكشي‪ :‬ص ‪.[.186‬‬
‫وفي رواية الكليني في الكافي‪ :‬قال زيد بن علسسي لبسسي جعفسسر‪" :‬يسسا أبسسا‬
‫جعفر كنت أجلس مع أبي على الخوان فيلقمني البضسسعة السسسمينة‪ ،‬ويسسبرد‬
‫ي مسن حسسر النسسار‪،‬‬ ‫ي‪ ،‬ولم يشفق عل ّ‬ ‫لي اللقمة الحارة حتى تبرد‪ ،‬شفقة عل ّ‬
‫إذ أخبرك بالدين ولم يخبرني به؟ فأجابه شسسيطان الطسساق‪ :‬جعلسست فسسداك‪،‬‬
‫من شفقته عليك من حر النار لم يخبرك‪ ،‬خاف عليك أن ل تقبلسسه فتسسدخل‬
‫النار‪ ،‬وأخبرني أنا‪ ،‬فسسإن قبلسست نجسسوت‪ ،‬وإن لسسم أقبسسل لسسم يبسسال أن أدخسسل‬
‫النار‪] "..‬أصول الكافي‪.[.1/174 :‬‬
‫وينقسسل السسستاذ محسسب السسدين الخطيسسب هسسذا النسسص مسسن تنقيسسح المقسسال‬
‫للمقاني ]انظر‪ :‬تنقيح المقال‪ ،[.1/470 :‬ويأخذ منه أن شيطان الطسساق هسسو أول‬
‫من اخترع هذه العقيدة الضالة وحصر المامة والتشسسريع وادعسسى العصسسمة‬
‫لناس مخصوصين من آل البيت ]مجلسسة الفتسسح ص ‪ ،5‬العسسدد )‪ ،(862‬خاتمسسة العسسام‬
‫الثامن عشر‪ ،‬ذو الحجة ‪‍1367‬ه‪.[.‬‬
‫ضا من تنقيح المقال في تعليقه على‬ ‫كما نقل الستاذ محب هذا النص أي ً‬
‫مختصر التحفة وعقب على ذلسسك بقسسوله‪" :‬وهكسسذا اخسسترع شسسيطان الطسساق‬
‫أكذوبة المامة‪ ،‬التي صارت من أصول الديانة عند الشسسيعة‪ ،‬واتهسسم المسسام‬
‫علًيا زين العابدين بن الحسين بأنه كتم أساس الدين حتى عسسن ابنسسه السسذي‬
‫دا بسأنه لسم يبلسغ درجسة أخسس‬ ‫هو من صفوة آل محمد‪ ،‬كما اتهم المام زيس ً‬
‫الروافض في قابليته لليمان بإمامة أبيه‪ ..‬والشيعة هم الذين يسسروون هسسذا‬
‫الخبر في أوثق المصادر عنسسدهم ويعلنسسون فيسسه أن شسسيطان الطسساق يزعسسم‬

‫‪381‬‬
‫بوقاحته أنه يعرف عن والد المام زيد ما ل يعرفه المسسام زيسسد مسسن والسسده‬
‫مما يتعلق بأصل من أصول الدين عندهم‪.‬‬
‫وليس هذا بكثير على شيطان الطاق الذي روى عنه الجاحظ في كتسسابه‬
‫ر{ ]انظسسر‪:‬‬ ‫في ال ْ َ‬
‫غققا ِ‬ ‫ما ِ‬
‫ه َ‬ ‫ي اث ْن َي ْ ِ‬
‫ن إ ِذْ ُ‬ ‫عن المامة‪ :‬أن الله لم يقل‪َ} :‬ثان ِ َ‬
‫مختصر التحفة الثني عشرية ص ‪) 196-195‬الهامش(‪ ،‬وقد مّر نقل ما رواه الجاحظ عسسن‬
‫شيطان الطاق بتمامه في هذا الكتاب‪ :‬ص)‪.[.(206‬‬
‫وتذكر كتب الشيعة أنه بلغ جعفًرا ما يقوله شيطان الطاق‪ ،‬ومسسا يجسسادل‬
‫به في أمر المامة فقال‪" :‬لو شاء ظريف من مخاصميه أن يخصمه فعل؟‬
‫قلت )القائل هو الراوي(‪ :‬كيف ذاك؟ فقال‪ :‬يقول‪ :‬أخبرني عن كلمك هذا‬
‫من كلم إمامك؟ فإن قال‪ :‬نعم‪ ،‬كذب علينا‪ ،‬وإن قال‪ :‬ل‪ ،‬قسسال لسسه‪ :‬كيسسف‬
‫تتكلسسم بكلم لسسم يتكلسسم بسسه إمامسسك‪ ،‬ثسسم قسسال )أي جعفسسر الصسسادق( ‪ :‬إنهسسم‬
‫يتكلمون بكلم إن أنا أقسسررت بسسه ورضسسيت بسسه أقمسست علسسى الضسسللة‪ ،‬وإن‬
‫برئت منه شق علي‪ ،‬نحن قليل وعدونا كثير‪ ،‬قلسست )أي السسراوي( ‪ :‬جعلسست‬
‫فداك فأبلغه عنك ذلك؟ قال‪ :‬أما إنهم قد دخلوا في أمسسر مسسا يمنعهسسم عسسن‬
‫الرجوع عنه إل الحمّية‪ ،‬قال‪ :‬فأبلغت أبا جعفر الحسسول ذاك فقسسال‪ :‬صسسدق‬
‫بأبي وأمي ما يمنعني من الرجوع عنسسه إل الحميسسة" ]رجسسال الكشسسي‪ :‬ص ‪-190‬‬
‫‪.[.191‬‬
‫ولقد شارك شيطان الطاق رجل آخر هو هشام بن الحكم ]مضى التعريف‬
‫به‪) [.‬المتوفى سنة ‪ (179‬بل يرى القاضي عبد الجبسسار الهمسسداني أن السسذي‬
‫ادعى النص‪ ،‬وجرأ الناس على شتم أبي بكر وعمسسر وعثمسسان والمهسساجرين‬
‫والنصار هشام بن الحكم وهو ابتدأه ووضعه‪ ،‬وما ادعسسى هسسذا النسسص أحسسد‬
‫قبله ]تثبيت دلئل النبوة‪ ،1/225 :‬ولعل القاضي يريد النص على أناس بأعيانهم مسسن أهسسل‬
‫البيت‪ ،‬إذ إن النص على علي وحده‪ ،‬قد سبقه إليه "ابن سبأ"‪.[.‬‬
‫وفي رجال الكشي ما يفيد أن مسسؤامرة هشسسام بسسن الحكسسم فسسي مسسسألة‬
‫المامة وصل خبرها إلى هسسارون الرشسسيد‪ ،‬حيسسث قسسال لسسه يحيسسى بسن خالسسد‬
‫البرمكي‪" :‬يا أمير المؤمنين‪ ،‬إني قد استنبطت أمر هشام فإذا هسسو يزعسسم‬
‫ما غيرك مفروض الطاعة‪ ،‬قال‪ :‬سسسبحانه اللسسه! قسسال‪:‬‬ ‫أن لله في أرضه إما ً‬
‫نعم‪ ،‬ويزعم أن لو أمره بالخروج لخرج" ]رجسسال الكشسسي‪ :‬ص ‪ ..[.258‬فيظهسسر‬
‫أن هارون – كما يدل عليه هذا النص – فوجئ بهذه المقالة مما يدل علسسى‬
‫جدتها‪.‬‬
‫وقد أشاع هشام بن الحكم أن ما يقول به في المامة إنما هو عسن أمسسر‬
‫موسى الكاظم‪ ،‬فأساء إليه أبلغ الساءة حتى سجنه المهدي العباسسي ثسسم‬
‫أخرجه "وأخذ عليه العهد أن ل يخرج عليه ول على أحد من أولده‪ ،‬فقسسال‪:‬‬
‫والله ما هذا من شسسأني ول حسسدثت فيسسه نفسسسي" ]ابسسن كسسثير‪ /‬البدايسسة والنهايسسة‪:‬‬
‫‪.[.10/183‬‬
‫وقد أشار شيخ السلم ابن تيمية إلى أن موسى الكاظم – رحمه الله –‬
‫متهسسم بسسالتطلع للملسسك‪ ،‬ولسسذلك سسسجنه المهسسدي ثسسم الرشسسيد ]منهسساج السسسنة‪:‬‬
‫‪.[.2/155‬‬

‫‪382‬‬
‫ويبدو أن الذي يعمل على ترويسسج هسسذه الشسساعة فسسي الخفسساء ضسسده هسسو‬
‫هشام بن الحكم ومن لف لفه‪ ..‬ولذلك أقرت روايات الشسسيعة بسسأن سسسبب‬
‫سجن موسى هو هشام بسبب ما ينسبه له مسن أقسوال‪ ،‬ومسا يشسيعه عنسه‬
‫من افتراءات تدور حول المامة وأحقيته بها‪ ..‬ولذلك لما بلغ هارون شسسيء‬
‫من ذلك عن هشام قال لعامله‪" :‬شد يدك بهذا وأصحابه‪ ،‬وبعث إلسسى أبسسي‬
‫الحسن موسى عليه السلم فحبسه‪ ،‬فكان هذا سبب حبسه مع غيره مسسن‬
‫السباب" ]رجال الكشي‪ :‬ص ‪.[.262‬‬
‫ما بأنه هو السسذي شسسارك فسسي قتسسل موسسسى‬ ‫واتهمت نصوص الشيعة هشا ً‬
‫الكاظم ]لن الشيعة تزعم أنه قتل مسموًما في سجن الرشيد‪ [.‬فقالت‪" :‬هشام بن‬
‫الحكم‪ ..‬ضال مضل شرك في دم أبي الحسن" ]رجال الكشي‪ :‬ص ‪.[.268‬‬
‫وقد طلب منه أبو الحسن – كما تقول روايتهسسم – أن يكسسف عسسن الكلم‪،‬‬
‫ولكنه أمسك عن الكلم شهًرا ثم عاد‪ ،‬فقال له أبو الحسسسن‪" :‬أيسسسرك أن‬
‫تشرك في دم امرئ مسلم؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬قال‪ :‬وكيف تشرك فسسي دمسسي‪ ،‬فسسإن‬
‫سكت وإل فهو الذبح؟ فما سكت حتى كان من أمره ما كسسان )صسسلى اللسسه‬
‫عليه(" ]رجال الكشي‪ :‬ص ‪.[.279 ،271-270‬‬
‫ولذلك قال أبو الحسن الرضا – كما تسسروي كتسسب الشسسيعة ‪ ..." :-‬هشسسام‬
‫بن الحكم فهو الذي صنع بأبي الحسن ما صنع وقال لهم وأخسسبرهم‪ ،‬أتسسرى‬
‫الله يغفر له ما ركب منا" ]رجال الكشي‪ :‬ص ‪.[.278‬‬
‫ما قد تربى في أحضان بعسسض الزنادقسسة‪،‬‬ ‫وكشفت كتب الشيعة بأن هشا ً‬
‫ففي رجال الكشي "‪ ..‬وهشام من غلمان أبي شاكر‪ ،‬وأبو شسساكر زنسسديق"‬
‫]رجال الكشي‪ :‬ص ‪ .278‬وهو‪ :‬أبو شاكر الديصاني صاحب الديصانية‪ ،‬مر التعريف بهسسا ص‪:‬‬
‫‪ ،205‬وهو الذي ساهم في إضلل هشام بن الحكم )انظر‪ :‬الرافعي‪ /‬تحت راية القرآن‪ :‬ص‬
‫‪ ،[.(176‬ومع ذلك فإن أحد آيات الشيعة في هذا العصر يقسسول عسسن هشسسام‬
‫صاحب كل هذه البليا التي تنقلها أوثق كتسسب الشسسيعة فسسي الرجسسال يقسسول‬
‫عنه‪" :‬لم يعثر أحد من سلفنا على شيء ممسسا نسسسبه الخصسسم إليسسه‪] "..‬عبسسد‬
‫الحسين الموسوي‪ /‬المراجعات‪ :‬ص ‪ [.313‬وما أدري هسسل يخفسسى عليسسه المسسر؟ أو‬
‫ينكر تقية؛ لنه يظن أن الناس ل علم لهم بما فيه كتبهم‪.‬‬
‫ذا هشام بن الحكم‪ ،‬وشيطان الطاق وأتباعهما هم الذين أحيوا نظرية‬ ‫فإ ً‬
‫ي ثم عمومها على آخرين مسسن سسسللة أهسسل‬ ‫ابن سبأ في أمير المؤمنين عل ّ‬
‫البيت‪ ،‬واستغلوا بعض ما جرى على أهل البيت‪ ،‬كمقتسسل علسسي والحسسسين‪،‬‬
‫فسسي إثسسارة مشسساعر النسساس وعسسواطفهم‪ ،‬والسسدخول إلسسى قلسسوبهم لتحقيسسق‬
‫أغراضهم ضد الدولة السلمية في ظل هذا الستار‪.‬‬
‫ويبدو أن عقيدة حصر المامة بأناس معينين سسسرت فسسي الكوفسسة ]انظسسر‪:‬‬
‫بحار النوار‪ [.100/259 :‬بسعي مجموعة من أتبسساع هشسام والشسسيطان‪ ،‬وكسسان‬
‫بعض من تعرض عليه هذه السسدعوة فسسي المجتمسسع السسسلمي‪ ،‬يسسذهب إلسسى‬
‫جعفر يسأله عن حقيقة المر‪ ،‬فيروي الكشي بسنده عسسن سسسعيد العسسرج‪.‬‬
‫قال‪ :‬كنا عند أبي عبد الله رضي الله عنه فاستأذن له رجلن‪ ،‬فأذن لهمسسا‪،‬‬
‫فقال أحدهما‪ :‬أفيكم إمام مفترض الطاعسسة؟ قسسال‪ :‬مسسا أعسسرف ذلسسك فينسسا‪،‬‬
‫مسسا مفسسترض الطاعسسة‪ ،‬وهسسم ل‬ ‫قسسال‪ :‬بالكوفسسة قسسوم يزعمسسون أن فيكسسم إما ً‬
‫‪383‬‬
‫يكذبون أصحاب ورع واجتهسساد‪ ..‬منهسسم عبسسد اللسسه بسسن يعفسسور وفلن وفلن‪،‬‬
‫فقال أبو عبد الله رضسسي اللسسه عنسسه‪ :‬مسسا أمرتهسسم بسسذلك‪ ،‬ول قلسست لهسسم أن‬
‫يقولوه ]ل يخفى ما في هسذه الكلمسة مسن تلميسح إلسى أن إنكسار جعفسر كسان علسى سسبيل‬
‫دا‪ ،‬قال‪ :‬فلما رأيسسا‬‫التقية‪ ،[.‬قال‪ :‬فما ذنبي! واحمر وجهه وغضب غضًبا شدي ً‬
‫الغضب في وجهه قاما فخرجا‪ ،‬قال‪ :‬أتعرفسسون الرجليسسن؟ قلنسسا‪ :‬نعسسم همسسا‬
‫رجلن من الزيدية ]رجال الكشي‪ :‬ص ‪.[.427‬‬
‫إذن فكرة حصر الئمة بعدد معي قد وضسسع جسسذورها فسسي القسسرن الثسساني‬
‫زمرة ممن يدعي الصلة بأهل السسبيت أمثسسال شسسيطان الطسساق وهشسسام بسسن‬
‫الحكم‪.‬‬
‫ولقد اختلفت اتجاهات الشيعة وتباينت مذاهبهم فسسي عسسدد الئمسسة‪ ،‬قسسال‬
‫في مختصر التحفة‪" :‬اعلم أن الماميسسة قسسائلون بانحصسسار الئمسسة‪ ،‬ولكنهسسم‬
‫مختلفون في مقدارهم‪ ،‬فقال بعضهم‪ :‬خمسة‪ ،‬وبعضهم‪ :‬سبعة‪ ،‬وبعضهم‪:‬‬
‫ثمانية‪ ،‬وبعضهم‪ :‬اثنا عشر‪ ،‬وبعضهم‪ :‬ثلث عشر" ]مختصر التحفسسة‪ :‬ص ‪.[.193‬‬
‫وأقوالهم في هذا كثيرة وأظن أنني لو قمت بنقل اتجاهاتهم في ذلك مسسن‬
‫خلل كتب الفرق لقطع القارئ القراءة مسسن الملسسل لكسسثرة خلفهسسم السسذي‬
‫يمضي على وتيرة واحدة‪ ،‬إذ بعد وفاة كل إمام من أهل البيت تنشأ بعسسده‬
‫فرق‪ ..‬منهم من يتوقف عليه ويجعسسل عسسدد الئمسسة ينتهسسي بسسه‪ ،‬ومنهسسم مسسن‬
‫مسسا‪ ،‬ويكتسسسب مسسن خلل‬ ‫يذهب يلتمس رجل ً آخر من أهل البيت يتخسسذه إما ً‬
‫ذلك‪ ،‬ويحقق ما في نفسه من موروثات دينية سابقة‪ ،‬أو تطلعسسات عرقيسسة‬
‫وشعوبية‪ ،‬وينفذ من وراء ذلك أحقاده ومطامعه‪..‬‬
‫وبحسب القارئ أن يطلع علسسى كتسسب الفسسرق ليجسسد ذلسسك‪ ..‬بسسل إن كتسسب‬
‫الفرق عند الشيعة نقلت صورة هسسذا التبسساين والتنسساقض سسسواء كسسانت مسسن‬
‫كتب السماعيلية كمسائل المامسسة للناشسسئ الكسسبر‪ ،‬أو الزينسسة لبسسي حسساتم‬
‫الرازي‪ ،‬أو مسسن كتسسب الثنسسي عشسسرية مثسسل‪ :‬المقسسالت والفسسرق للشسسعري‬
‫القمي‪ ،‬وفسسرق الشسسيعة للنوبخسستي‪ ،‬أو مسسن كتسسب الزيديسسة كالمنيسسة والمسسل‬
‫للمرتضى‪.‬‬
‫وقضية المامة عندهم ليس بالمر الفرعي الذي يكون فيه الخلف أمًرا‬
‫عادًيا‪ ،‬بل هي أساس الدين وأصله المتين‪ ،‬ول دين لمن لم يؤمن بإمسسامهم‬
‫ضسسا‬
‫ضا‪ ،‬بل إن أتباع المام الواحد يكفسسر بعضسسهم بع ً‬ ‫ولذلك يكفر بعضهم بع ً‬
‫ضا ]ولذلك كانوا يشتكون من ذلك )انظسسر‪ :‬رجسسال الكشسسي‪ :‬ص ‪-498‬‬ ‫ويلعن بعضهم بع ً‬
‫‪ ،(4499‬وانظر‪ :‬ص)‪ (747‬من هذه الرسالة‪.[.‬‬
‫أما الثنا عشرية فقد استقر قولهم – فيما بعد – بحصر المامة في اثني‬
‫ما‪ ،‬و"لم يكن في العترة النبوية بني هاشم على عهد رسول الله‬ ‫عشر إما ً‬
‫ي رضي الله عنهم من‬ ‫صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وعل ّ‬
‫يقول بإمامة الثنسسي عشسسر‪] "..‬منهسساج السسسنة‪ [.2/111 :‬وإنمسسا عسسرف العتقسساد‬
‫ما بعد وفاة الحسن العسكري كما سبق ]مضى ص)‪.[.(103‬‬ ‫باثني عشر إما ً‬
‫وتجد في بعض الروايات عند الثني عشرية ملمح مسسن الحيسسرة والسستردد‬
‫في عدد الئمسسة‪ ،‬ممسسا يسسدل علسسى أن تلسسك الروايسسات موضسسوعة قبسسل وفسساة‬
‫الحسن العسكري‪ ،‬وأنه قبل ذلك لم تعرف عقيسدة اليمسان بسالثني عشسر‬
‫‪384‬‬
‫الذين تنتسب إليهم الثنا عشرية‪ ،‬أو أنها موضوعة قبل تحدد هذه العقيسسدة‬
‫عند الجعفرية‪ ،‬ول شك أن تلك الروايات نقد واضح للتجاه الثني عشري‪.‬‬
‫يا يسر بالولية إلسسى مسسن شسساء ]مضسسى‬ ‫فقد جاء في روايات الكافي أن عل ً‬
‫ذكسسر النسسص ص)‪ .[.(658‬وقسسال شسسارح الكسسافي‪ :‬إلسسى مسسن شسساء مسسن الئمسسة‬
‫المعصومين ]المازندراني‪ /‬شرح جسسامع‪ ،[.9/123 :‬ول تحدد هسسذه الروايسسة العسسدد‪،‬‬
‫ول تعين الشخص‪ ،‬فكأن المر غير مستقر في تلك الفترة التي وضع فيهسسا‬
‫الخسسبر‪ ،‬بينمسا تجسد روايسات عنسسدهم تجعسل الئمسة سسسبعة وتقسسول‪" :‬سسسابعنا‬
‫قائمنا" ]رجال الكشي‪ :‬ص ‪ .[.373‬وهذا ما استقر عليه المر عند السماعيلية‪.‬‬
‫ولكن لما زاد عدد الئمة أكثر عند الموسوية أو القطعية والسستي سسسميت‬
‫بالثني عشرية صار هذا النص النف الذكر مبعث شك في عقيدة المامسسة‬
‫لدى أتباع هذه الطائفة وحاول مؤسسو المذهب التخلص منه‪ ،‬ونفي شسسك‬
‫التباع بالرواية التالية‪" :‬عن داود الرقي قسسال‪ :‬قلسست لبسسي الحسسسن الرضسسا‬
‫رضي الله عنه‪ :‬جعلت فداك إنه والله ما يلج في صدري من أمرك شسسيء‬
‫إل حديًثا سمعته من ذريح يرويه عن أبي جعفر رضي الله عنسسه‪ .‬قسسال لسسي‪:‬‬
‫وما هو؟ قال‪ :‬سمعته يقول‪ :‬سابعنا قائمنا إن الله‪ .‬قسسال‪ :‬صسسدقت وصسسدق‬
‫كا‪ ،‬ثسسم قسسال‪ :‬يسسا‬‫ذريح وصدق أبو جعفر رضي الله عنه‪ ،‬فسسازددت واللسسه شس ً‬
‫داود بن أبي خالد‪ ،‬أما والله لول أن موسى قال للعالم‪ :‬ستجدني إن شسساء‬
‫الله صابًرا ما سأله عن شيء‪ ،‬وكذلك أبو جعفر عليه السلم لول أن قال‪:‬‬
‫إن شاء الله لكان كما قال‪ ،‬قسسال‪ :‬فقطعسست عليسسه" ]رجسسال الكشسسي‪ :‬ص ‪-373‬‬
‫‪.[.374‬‬
‫فكأنهم يجعلسسون هسسذا مسسن بسساب البسسداء وتغيسسر المشسسيئة والسسذي هسسو مسسن‬
‫عقائدهم – كما سيأتي – لنهم يجدون به وسيلة للتخلص مسسن أمثسسال هسسذه‬
‫القوال‪.‬‬
‫ولقد كان أول كتاب ظهر للشيعة وهو كتسساب سسسليم بسسن قيسسس قسسرر أن‬
‫عدد الئمة ثلثة عشر‪ ،‬وكان هذا من أسباب القسسدح فيسسه عنسسد طائفسسة مسسن‬
‫شيوخ الثني عشرية‪.‬‬
‫كما أنك ترى الكافي أصسسح كتبهسسم الربعسسة قسسد احتسسوى علسسى جملسسة مسسن‬
‫أحاديثهم تقول بأن الئمة ثلثة عشر‪ .‬فقد روى الكلينسسي بسسسنده عسسن أبسسي‬
‫مسسا‬‫جعفر قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ :‬إني واثني عشر إما ً‬
‫من ولدي وأنت يا علي زّر الرض – يعني أوتادها وجبالهسسا – بنسسا أوتسسد اللسسه‬
‫الرض أن تسيخ بأهلها‪ ،‬فإذا ذهب الثنسسا عشسسر مسسن ولسسدي سسساخت الرض‬
‫بأهلها ولم ينظروا ]أصول الكافي‪.[.1/534 :‬‬
‫فهذا النص أفاد أن أئمتهم – بدون علي – اثنا عشر ومع علسسي يصسسبحون‬
‫ثلثة عشر‪ .‬وهذا ينسف بنيسسان الثنسسي عشسسرية‪ ..‬ولهسسذا يظهسسر أن شسسيخهم‬
‫الطوسي في الغيبة تصرف في النص وغير فيه فأورده بهذا اللفظ‪" :‬إنسسي‬
‫وأحد عشر من ولدي" ]الغيبة‪ :‬ص ‪.[.92‬‬
‫كذلك روت كتب الشيعة الثني عشرية عن أبي جعفسسر عسسن جسسابر قسسال‪:‬‬
‫"دخلت علسسى فاطمسسة وبيسسن يسسديها لسسوح فيسسه أسسسماء الوصسسياء مسسن ولسسدها‬
‫فعددت اثني عشر آخرهم القائم‪ ،‬ثلثسسة منهسسم محمسسد وثلثسسة منهسسم علسسي"‬
‫‪385‬‬
‫]أصول الكافي‪ ،1/532 :‬ابن بسسابويه‪ /‬إكمسسال السسدين‪ :‬ص ‪ ،264‬المفيسسد‪ /‬الرشسساد‪ :‬ص ‪،393‬‬
‫الطوسي‪ /‬الغيبة‪ :‬ص ‪.[.92‬‬
‫فانظر كيف اعتبروا أئمتهم اثنسسي عشسسر كلهسسم مسسن أولد فاطمسسة‪ ،‬فسسإذن‬
‫علي ليس من أئمتهم لنه زوج فاطمة ل ولدها‪ ،‬أو يكسسون مجمسسوع أئمتهسسم‬
‫ثلثة عشر‪.‬‬
‫ضا على أنهم لم يعتبروا علًيا من أئمتهم قسسوله‪ :‬ثلثسسة منهسسم‬ ‫ومما يدل أي ً‬
‫علي‪ ،‬فإن المسسسمى بعلسسي مسسن الئمسسة عنسسد الثنسسي عشسسرية أربعسسة‪ :‬أميسسر‬
‫المؤمنين علي‪ ،‬وعلي بن الحسين‪ ،‬وعلي الرضا‪ ،‬وعلي الهادي‪.‬‬
‫ولذلك فإن ابن بابويه غير في النص فيما يبسسدو – فسسي كتسسابه الخصسسال –‬
‫حيث جاء النص عنده بدون لفظة "مسسن ولسسدها"‪ ،‬ولكسسن لسسم يفطسسن لبسساقي‬
‫النص وهو قوله‪" :‬ثلثة منهم علي" فسسأثبته كمسا جسساء فسسي المصسسادر الثنسسي‬
‫عشرية الخرى ]انظسسر‪ :‬ابسسن بسسابويه‪ /‬الخصسسال‪ :‬ص ‪[.478-477‬؛ ولكنه فسسي كتسسابه‬
‫عيون أخبار الرضا غير النص فسي الموضسعين بمسا يتفسسق ومسذهبه أو غي ّسسره‬
‫غيره ]انظر‪ :‬ابن بابويه‪ /‬عيون أخبار الرضا‪.[.2/52 :‬‬
‫ومن العجب أن بعض شيوخهم حكم بوضع كتاب سسسليم بسسن قيسسس لنسسه‬
‫اشتمل على أن الئمة ثلثة عشر ولم يحكم بمثل ذلك على الكافي السسذي‬
‫ورد فيه مثل ذلك‪ ،‬والمصادر الخرى التي شاركته في هذا التجاه‪.‬‬
‫والقول بأن الئمة ثلثة عشر قامت فرقة من الشيعة تقسسول بسسه‪ ،‬ولعسسل‬
‫تلك النصوص من آثارها‪ ،‬وقد ذكر هذه الفرقة الطوسي في رده على من‬
‫خالف التجسساه الثنسسي عشسسري‪ ،‬السسذي ينتمسسي إليسسه ]الغيبسسة‪ :‬ص ‪ ،[.137‬وكسسذلك‬
‫النجاشي في ترجمة هبة الله أحمد بن محمد ]حيسسث ذكسسر بسسأن هبسسة اللسسه "كسسان‬
‫يتعاطى الكلم‪ ،‬ويحضر مجلس أبي الحسين ابن الشيبة العلوي الزيدي المذهب‪ ،‬فعمل لسسه‬
‫كتاًبا‪ ،‬وذكر أن الئمة ثلثة عشر مع زيد بن علسسي بسسن الحسسسين‪ ،‬واحتسسج بحسسديث فسسي كتسساب‬
‫سليم بن قيس الهللي‪ :‬إن الئمة اثنا عشر من ولد أمير المؤمنين" )رجسسال النجاشسسي‪ :‬ص‬
‫‪.[.(343‬‬
‫وكل فرقة من هذه الفرق تدعي أنها على الحق‪ ،‬وأن الخبر فسسي تعييسسن‬
‫أئمتها متواتر‪ ،‬وتبطل ما ذهبت إليه الفسسرق الشسسيعية الخسسرى‪ ،‬وهسسذا دليسسل‬
‫على أنهسسم ليسسسوا علسسى شسسيء؛ إذ لسسو تسسواتر خسسبر إحسسدى فرقهسسم لسسم يقسسع‬
‫الختلف قط بينهم‪ ...‬فإن هذه مزاعم افتروها على أهل البيت على وفق‬
‫ما تدعو إليسسه ليأخسسذوا بهسسذه الذريعسسة‬ ‫مصلحة الوقت‪ ،‬فكل طائفة تقرر إما ً‬
‫الخمس والنذور والتحسسف والهسسدايا مسسن أتبسساعهم باسسسم إمسسامهم المزعسسوم‬
‫ويتعيشوا بها‪ ،‬ومتأخروهم قد قلدوا أوائلهم بل دليل‪ ،‬وسقطوا فسسي ورطسسة‬
‫م‬ ‫ه ْ‬
‫ر ِ‬‫عَلققى آَثققا ِ‬ ‫م َ‬ ‫هقق ْ‬ ‫ن‪َ ،‬‬
‫ف ُ‬ ‫ضققاّلي َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬
‫وا آَبققاء ُ‬ ‫فقق ْ‬ ‫م أ َل ْ َ‬
‫هقق ْ‬
‫الضسسلل‪} ،‬إ ِن ّ ُ‬
‫ن{ ]الصافات‪ ،‬آية‪] [.70-69 :‬مختصر التحفة‪ :‬ص ‪.[.200‬‬ ‫عو َ‬
‫هَر ُ‬‫يُ ْ‬
‫نقد حصرهم الئمة بعدد معين‪:‬‬
‫عقوا ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫طي ُ‬‫وأ ِ‬ ‫عقوا ْ الّلق َ‬
‫ه َ‬ ‫طي ُ‬‫من ُققوا ْ أ ِ‬
‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫هقا اّلق ِ‬ ‫قال اللسسه تعسسالى‪َ} :‬يا أي ّ َ‬
‫َ‬ ‫ل ُ‬
‫م{ ]النسسساء‪ ،‬آيسسة‪ .[.59 :‬ولسسم يحصسسر سسسبحانه‬ ‫منك ُ ْ‬‫ر ِ‬ ‫م ِ‬
‫وِلي ال ْ‬ ‫وأ ْ‬ ‫سو َ َ‬‫الّر ُ‬
‫أولي المر بعدد معين وهذا واضح جلي‪.‬‬

‫‪386‬‬
‫وأمر تعيين الئمة من أعظم أمسسور السسدين عنسسدهم‪ ،‬وهسسو صسسنو النبسسوة أو‬
‫أعظسسم‪ ..‬فكيسسف ل يسسبين اللسسه ذلسسك فسسي كتسسابه‪ ،‬ويسسذكر الئمسسة بأسسسمائهم‬
‫وأعيانهم؟‬
‫ل يوجد لئمتهم ذكر في كتاب الله‪ ،‬وليس هناك نص صحيح متواتر فسسي‬
‫تعيين أئمتهم‪ ..‬ولو وجد لما تخبط الشيعة وتاهوا في أمر تعيين المام كما‬
‫حكت ذلك كتب المقالت؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم في الحسساديث‬
‫الثابتسسة عنسسه المستفيضسسة لسسم يسسوقت ولة المسسور فسسي عسسدد معيسسن‪ ،‬ففسسي‬
‫الصحيحين عن أبي ذر قال‪" :‬إن خليلي أوصاني أن أسمع وأطيع وإن كان‬
‫يا مجدع الطسسراف" ]منهسساج السسسنة النبويسسة‪ ،2/105 :‬والحسسديث المسسذكور‬
‫دا حبش ً‬‫عب ً‬
‫أخرجه البخاري بلفظ‪ :‬قال النبي صلى الله عليه وسلم لبي ذر‪" :‬اسمع وأطع ولو لحبشسسي‬
‫كأن رأسه زبيبة" )صحيح البخاري – مع الفتح – كتاب الذان‪ ،‬باب إمامة المفتون والمبتدع‪،‬‬
‫ج‪ ‍2‬ص ‪ ،188‬ح ‪ ،(696‬وأخرجه مسلم بإسناده إلسسى أبسسي ذؤءصسسر ‪ 23‬بسساللفظ السسذي ذكسسره‬
‫شيخ السلم‪) .‬صحيح مسلم‪ /‬كتاب المارة‪ ،‬باب وجسوب طاعسة المسراء فسي غيسر معصسية‪:‬‬
‫‪ ،1468 ،2/1467‬ح ‪.[.(1837‬‬
‫أما كتب الشيعة الثني عشرية فهي طافحة بالروايات التي تحدد الئمة‬
‫باثني عشر‪ ،‬والملحظ أن هذه الروايسسات كسسانت موضسسع التسسداول السسسري‪،‬‬
‫وكان الئمة يكذبون رواتها‪ ،‬مما يثير الشكوك في صدقها‪ ،‬ل سيما وكتسساب‬
‫الله سبحانه – والذي أمر الئمة بالرجوع إليه في الحكسم علسى مسا ينسسب‬
‫إليهم من أقوال – ل شاهد فيسسه لهسسذه الروايسسات إل عسسن طريسسق التسسأويلت‬
‫الباطنيسسة‪ ،‬والروايسسات الموضسسوعة‪ ،‬فيصسسبح عمسسدتهم فسسي النهايسسة هسسذه‬
‫الروايات‪ ..‬التي تؤكد الشواهد كسسذبها‪ ،‬كمسسا أن الوائل السسذين جمعسسوا هسسذه‬
‫الروايات وهم‪ :‬الصسسفار وإبراهيسسم القمسسي والكلينسسي هسسم مسسن الغلة السسذين‬
‫يجسسب اعتبسسارهم خسسارج الصسسف السسسلمي لنقلهسسم أسسساطير نقسسص القسسرآن‬
‫وتحريفه‪ ،‬فهم بهذا غير مأمونين وكتبهم غير موثوقة‪.‬‬
‫مة الثني‬ ‫وكتاب الّنهج الذي هو أصح كتاب عند الشيعة ل ذكر فيه للئ ّ‬
‫مة‪ ،‬حيث‬ ‫عشر بأسمائهم وأعيانهم؛ بل جاء فيه ما ينقض مبدأ حصر الئ ّ‬
‫قال صاحب نهج البلغة‪ .." :‬إّنه ل بد ّ للّناس من أمير بّر أو فاجر‪ ..‬يقاتل‬
‫ضعيف من القوي حتى يستريح بر‪،‬‬ ‫سبل‪ ،‬ويؤخذ به لل ّ‬ ‫به العدو‪ ،‬وتأمن ال ّ‬
‫ويستراح من فاجر" ]نهج البلغة‪ :‬ص ‪.[.82‬‬
‫فلم يحدد الئمة بعدد معين‪ .‬فأين تذهب الشيعة‪ ،‬وهي تزعم أنها تصدق‬
‫بكل حرف في النهج؟!‬
‫كما أن اختلف أقوال فرق الشيعة في هذا المر‪ ،‬وتباين مذاهبهم في‬
‫تحديد عدد الئمة وأعيانهم يكشف حقيقة هذه الدعوى‪ ،‬إذ كل طائفة‬
‫تدحض مزاعم الخرى وتكذبها‪ ،‬وكفى الله المؤمنين القتال ]انظر – مثل ً – ما‬
‫كتبه أبو حاتم الرازي في التشكيك بإمامة أئمة الثني عشرية بعد جعفر الصادق في كتاب‬
‫"الزينة" ص‪) ،233-232:‬مخطوط(‪.[.‬‬

‫‪387‬‬
‫ومسألة حصر الئمة بعدد معين ل يقبلها العقل ومنطق الواقع؛ إذ بعد‬
‫انتهاء العدد المعين هل تظل المة بدون إمام؟ ولذلك فإن عصر الئمة‬
‫الظاهرين عند الثني عشرية ل يتعدى قرنين ونصف إل قلي ً‬
‫ل‪.‬‬
‫مة بمسألة نيابة المجتهسسد عسسن‬ ‫شيعة للخروج عن حصر الئ ّ‬ ‫وقد اضطر ال ّ‬
‫المام‪ ،‬واختلف قولهم في حدود النيابة ]انظر‪ :‬محمد مغنية‪ /‬الخمينسسي والحكومسسة‬
‫السلمّية‪ :‬ص ‪ ..[.68‬وفي هذا العصر اضطّروا للخروج نهائّيا عن هذا الصسسل‬
‫م عسسن طريسسق النتخسساب‪..‬‬ ‫دولسسة تتس ّ‬
‫الذي هو قاعدة دينهم‪ ،‬فجعلوا رئاسة ال ّ‬
‫لكنهم خرجوا عن حصر العدد إلى حصر النوع فقصروا رئاسة الدولة على‬
‫الفقيه الشيعي ]انظر‪ :‬الخميني‪ /‬الحكومة السلمية‪ :‬ص ‪.[.48‬‬
‫مسسة بمسسا جسساء فسسي كتسسب‬ ‫ج الثنا عشرّية في أمر تحدي عسسدد الئ ّ‬ ‫هذا ويحت ّ‬
‫سّنة عن جابر بن سمرة قال‪" :‬يكون اثنا عشر أميسًرا – فقسسال كلمسسة لسسم‬ ‫ال ّ‬
‫لهم من قريش" هذا لفسسظ البخسساري ]صسسحيح‬ ‫أسمعها‪ ،‬فقال أبي‪ :‬إّنه قال‪ :‬ك ّ‬
‫البخاري‪ ،‬كتاب الحكام‪ ،‬بسساب السسستخلف‪ ،[.8/127 :‬وفي مسسسلم عسسن جسسابر قسسال‪:‬‬
‫سمعت رسول الله صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم يقسسول‪" :‬ل يزال السققلم‬
‫عزيًزا إلى اثني عشر خليفة" ثم قال كلمة لم أفهمها‪ .‬فقلسست لبسسي‪:‬‬
‫لهم من قريش" ]صحيح مسلم‪ ،‬كتاب المسسارة‪ ،‬بسساب الن ّسساس‬ ‫ما قال؟ فقال‪" :‬ك ّ‬
‫دين‬ ‫تبع لقريش والخلفة في قريش‪ .[.2/1453 :‬وفي لفسسظ‪" :‬ل يزال هققذا ال ق ّ‬
‫عا إلى اثني عشر خليفققة" ]صسسحيح مسسسلم‪ ،[.2/1453 ،‬وفسسي‬ ‫عزيًزا مني ً‬
‫لفظ آخر‪" :‬ل يزال أمر الّناس ماضًيا ما وليهم اثنققا عشققر رج ً‬
‫ل"‬
‫مققا‬
‫دين قائ ً‬ ‫]صحيح مسسسلم‪ ،‬ص ‪ ..[.1452‬وعند أبي داود‪" :‬ل يزال هققذا ال ق ّ‬
‫مققة"‬ ‫حتى يكون عليكم اثنا عشر خليفة‪ ،‬كّلهم تجتمع عليهم ال ّ‬
‫ضسسا مسسن طريسسق‬ ‫]سنن أبي داود‪ ،‬أّول كتاب المهدي‪ .[.4/471 :‬وأخرجه أبو داود أي ً‬
‫السود بن سعيد عن جابر بنحو ما مضى قال‪" :‬وزاد فلما رجع إلى منزلسسه‬
‫أتته قريش فقالوا‪ :‬ثسسم يكسسون مسساذا؟ قسسال‪ :‬الهسسرج" ]سسسنن أبسسي داود‪،4/472 :‬‬
‫وأخرج البزار هذه الزيادة من وجه آخر فقال فيها‪" :‬ثم رجع إلى منزلسسه فسسأتيته فقلسست‪ :‬ثسسم‬
‫يكون ماذا؟ قال‪ :‬الهرج"‪) .‬ابن حجر‪ /‬فتح الباري‪.[.(13/211 :‬‬
‫يتعلق الثنا عشرية بهذا النص ويحتجون به على أهل السنة‪ ،‬ل ليمسانهم‬
‫بما جاء في كتب أهل السنة ]انظسسر ممسسن يحتسسج بسسذلك مسسن شسسيوخهم‪ :‬ابسسن بسسابويه‪/‬‬
‫الخصال‪ :‬ص ‪ ،470‬الطوسي‪ /‬الغيبة‪ :‬ص ‪ ،88‬الربلي‪ /‬كشف الغمة‪ :‬ص ‪ ،57-56‬البياضسسي‪/‬‬
‫الصسسراط المسسستقيم‪ ،2/100 :‬شسسبر‪ /‬حسسق اليقيسسن‪ :‬ص ‪ ،338‬السسسماوي‪ /‬المامسسة‪،1/147 :‬‬
‫وغيرهم كثير‪ ،[.‬ولكن للحتجاج عليهم بما يسلمون به‪.‬‬
‫وبالتأمل في النص بكل حيدة وموضسسوعية نجسسد أن هسسؤلء الثنسسي عشسسر‬
‫وصفوا بأّنهم يتوّلون الخلفسة‪ ،‬وأن السسلم فسي عهسدهم يكسون فسي عسزة‬
‫حا فسسي‬‫ومنعة‪ ،‬وأن الناس تجتمع عليهم ول يزال أمر النسساس ماض سًيا وصسسال ً‬
‫عهدهم‪.‬‬
‫دعي الثنا عشرّية فيهم المامة‪،‬‬ ‫ل هذه الوصاف ل تنطبق على من ت ّ‬ ‫وك ّ‬
‫دة قليلسسة‪ ،‬ولسسم‬
‫ل الخلفة منهم إل أمير المؤمنين علي والحسن م س ّ‬ ‫فلم يتو ّ‬
‫تجتمع في عهدهما المة‪ ،‬كما لم يقم أمر المة في مسسدة أحسسد مسسن هسسؤلء‬
‫دا‪..‬‬
‫الثني عشر – في نظر الشيعة أنفسهم – بل مسسا زال أمسسر المسسة فاسس ً‬
‫‪388‬‬
‫ويتولى عليهم الظالمون بل الكافرون ]منهاج السسسنة‪ ،4/210 :‬المنتقسسى )مختصسسر‬
‫منهاج السنة(‪ :‬ص ‪ ،533‬وستأتي أحاديثهم في أن الناس بعد رسول اللسسه صسسلى اللسسه عليسسه‬
‫مة أنفسهم كسسانوا‬ ‫وسلم ارتدوا إل ثلثة‪ ،‬وبعد الحسين ارتدوا إل ثلثة‪ ..‬إلخ‪ ،[.‬وأن الئ ّ‬
‫يتسّترون في أمور دينهم بالّتقية ]مختصسسر الصسسواقع‪ :‬ص ‪) 231‬مخطسسوط(‪ ،[.‬وأن‬
‫عهد أمير المؤمنين علي وهو على كرسي الخلفة عهسسد تقيسسة‪ ،‬كمسسا ص سّرح‬
‫بذلك شيخهم المفيسسد ]ص ‪ 44-43‬مسسن هسسذه الّرسسسالة‪ [.‬فلسسم يسسستطع أن يظهسسر‬
‫القرآن‪ ،‬ول أن يحكم بجملة من أحكام السلم‪ ،‬كما صسسرح بسسذلك شسسيخهم‬
‫صسسحابة‬ ‫الجزائري ]انظر‪ :‬ص ‪ 203-202‬من هذه الرسالة‪ ،[.‬واضطّر إلى ممالة ال ّ‬
‫ر بسسذلك شسسيخهم المرتضسسى ]ص ‪421‬‬ ‫دين‪ ،‬كما أق ّ‬
‫ومجاراتهم على حساب ال ّ‬
‫من هذه الّرسالة‪ ..[.‬فالحديث في جانب ومزاعم هؤلء في جانب آخر‪.‬‬
‫ثم إنه ليس في الحديث حصر للئمة بهذا العسسدد؛ بسسل نبسسوءة منسسه صسسلى‬
‫الله عليه وسلم بأن السلم ل يزال عزيًزا في عصر هؤلء‪.‬‬
‫وكان عصر الخلفاء الراشدين وبني أمية عصر عزة ومنعسسة‪ ،‬ولهسسذا قسسال‬
‫مسسا‬ ‫شيخ السلم‪" :‬إن السلم وشرائعه في زمن بني أمّية أظهر وأوسسسع م ّ‬
‫كان بعدهم‪ ،‬ثم استشهد بحديث "ل يزال هذا المر عزيًزا إلى اثنسسي عشسسر‬
‫خليفة كلهم من قريش"‪ .‬ثسسم قسسال‪ :‬وهكسسذا كسسان‪ ،‬فكسسان الخلفسساء أبسسو بكسسر‬
‫وعثمان وعلي‪ ،‬ثم تولى من اجتمع الناس عليه وصار له عز ومنعة معاوية‬
‫وابنه يزيد ثم عبد الملك وأولده الربعة وبينهم عمر بن عبسسد العزيسسز وبعسسد‬
‫ذلك حصل من النقص ما هو باق إلى الن" ثم شسسرح ذلسسك‪] ..‬منهسساج السسسنة‪:‬‬
‫‪.[.4/206‬‬
‫ونجد أن الثني عشسسرية تسسرى دوام "وليسسة المنتظسسر‪ ..‬إلسسى آخسسر السسدهر‪،‬‬
‫وحينئذ فل يبقى زمان يخلو عندهم من الثني عشسسر‪ ،‬وإذا كسسان كسسذلك لسسم‬
‫يبق الزمان نوعين‪ :‬نوع يقوم فيه أمر المة‪ ،‬ونوع ل يقوم بل هو قائم في‬
‫الزمان كلها وهو خلف الحديث ]منهسساج السسسنة‪ ،[.4/210 :‬وخلف ما يعتقسسده‬
‫هؤلء بأن عصر الثني عشر إلى أن يخسسرج المنتظسسر هسسو عصسسر تقيسسة مسسن‬
‫تركها من الشيعة بمنزلة من ترك الصلة" ]انظره بنصه في فصل "التقية"‪.[.‬‬
‫مسسا – مسسا عسسدا علي ًسسا‬
‫كما أن المة لم تجتمسسع عليهسسم لنهسسم لسسم يتولسسوا حك ً‬
‫والحسسسن – بسسل الشسسيعة أنفسسسهم مختلفسسون فسسي شسسأنهم وفسسي أعسسدادهم‬
‫وأعيانهم اختلًفا ل يكاد يحصى إل بكلفة‪ ،‬كمسسا حفلسست بتصسسوير ذلسسك كتسسب‬
‫الفرق والمقالت‪.‬‬
‫ثم إنه قال في الحديث‪" :‬كلهم من قريش" وهذا يعني أنهم ل يختصون‬
‫بعلي وأولده "ولو كانوا مختصين بعلسسي وأولده لسسذكر مسسا يميسسزون بسسه‪ ،‬أل‬
‫ترى أنه لم يقل‪ :‬كلهم من ولد إسماعيل ول من العرب‪ ،‬وإن كانوا كسسذلك‪،‬‬
‫لنه قصد القبيلة التي يمتازون بها‪ ،‬فلو امتازوا بكونهم من بني هاشسسم‪ ،‬أو‬
‫قا علم أنهم مسسن‬ ‫من قبيل علي لذكروا بذلك‪ ،‬فلما جعلهم من قريش مطل ً‬
‫قريش‪ ،‬بل ل يختصون بقبيلة‪ ،‬بل بنو تيسسم وبنسو عسدي‪ ،‬وبنسسو عبسد شسمس‪،‬‬
‫وبنو هاشم‪ ،‬فإن الخلفاء الراشدين كانوا مسن هسسذه القبسائل" ]منهسساج السسسنة‪:‬‬
‫‪.[.4/211‬‬

‫‪389‬‬
‫فإذن لم يبق من الوصاف التي تنطبق على ما يريدون إل مجرد العدد‪،‬‬
‫والعدد ل يدل على شيء‪ ..‬أل ترى أن هذا الرقم وصف به هسسؤلء الخلفسساء‬
‫الصلحاء كما وصف به أضدادهم‪ ،‬فقد جاء في صسسحيح مسسسلم "فسسي أمسستي‬
‫قا" ]صحيح مسلم‪ ،‬كتاب صفات المنافقين وأحكسسامهم‪،2144-3/2143 :‬‬
‫اثنا عشر مناف ً‬
‫)ح ‪.[.(2779‬‬
‫ويبد أن هذا الرقم الذي تدعيه الشيعة الثني عشرية يعود في الصل‬
‫إلى زعم يهودي قديم ورد في كتاب دانيال ]قال أبو الحسين بن المنادي في‬
‫الجزء الذي جمعه في المهدي‪ :‬فقد وجدت في كتاب دانيال‪ :‬إذا مات المهدي ملك بعده‬
‫خمسة رجال من ولد السبط الكبر‪ ،‬ثم خمسة من ولد السبط الصغر‪ ،‬ثم يوصي آخرهم‬
‫بالخلفة لرجل من ولد السبط الكبر‪ ،‬ثم يملك بعده ولده فيتم بذلك اثنا عشر مل ً‬
‫كا‪ ،‬كل‬
‫واحد منهم إمام مهدي‪) .‬انظر‪ :‬فتح الباري‪ ،[.(13/213 :‬كما أشار شيخ السلم ابن‬
‫تيمية إلى أن في التوراة مثل ذلك ]منهاج السنة‪.[.4/210 :‬‬
‫استدللهم على مسألة المامة‪:‬‬
‫من أصول الروافض "أنه ل يجوز للرعية اختيار إمام‪ ،‬بل لبد فيه من‬
‫النص" ]الحر العاملي‪ :‬الفصول المهمة في أصول الئمة ص ‪ ،142‬وانظر‪ :‬ابن المطهر‪/‬‬
‫ص" ]المظ ّ‬
‫فر‪ /‬عقائد‬ ‫نهج المسترشدين‪ :‬ص ‪" .[.63‬فالمامة ل تكون إل بالن ّ ّ‬
‫المامّية‪ :‬ص ‪ .[.103‬وأن الرسول صلى الله عليه وسلم نص على علي‬
‫وأولده ]الكليني‪ /‬أصول الكافي‪ :‬باب ما نص الله ورسوله على الئمة‪ 1/286 :‬وما‬
‫بعدها‪ ،[.‬فهم الئمة إلى أن تقوم الساعة‪.‬‬
‫وقد رأينا بدايات هذه العقيدة على أيدي السبئية‪ ،‬والهشامية‬
‫والشيطانية‪ .‬إل أن شيوخ الشيعة ادعوا أن هذا المر هو من شرع الله‬
‫ورسوله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وأقوال أئمة أهل البيت‪.‬‬
‫وأخذوا يستدلون على ذلك "بنصوص ينقلونها ويؤولونها على مقتضى‬
‫مذهبهم ل يعرفها جهابذة السنة ول نقلة الشريعة‪ ،‬بل أكثرها موضوع أو‬
‫مطعون في طريقه أو بعيد عن تأويلتهم الفاسدة" ]ابن خلدون‪ /‬المقدمة‪:‬‬
‫‪) 2/527‬تحقيق د‪ .‬علي عبد الواحد وافي(‪.[.‬‬
‫وبالغوا كعادتهم في جمع الروايات وحشد النصوص في ذلك حتى ألف‬
‫شيخهم ابن المطهر كتاًبا سماه "اللفين في إمامة أمير المؤمنين" ]إل أنه‬
‫فا وثمانًيا‬
‫لم يبلغ ما يريد فلم يصل إلى اللفين‪ ،‬كما عنون به كتابه‪ ،‬حيث لم يذكر إل أل ً‬
‫وثلثين‪ ،‬مما يعدها أدلة على مقصوده‪) .‬العلمي‪ /‬مقدمة اللفين‪ :‬ص ‪.[.(10‬‬
‫وقل من مؤلفي الشيعة من لم يتكلم عن هذه القضية ويستدل لها‬
‫]الذريعة إلى تصانيف الشيعة‪ ،[.1/320 :‬لنها عب دينهم وعماده‪.‬‬
‫وإذا علمت أن كل هذه الروايات تفرد بنقلها حسب منطق الشيعة آحاد‬
‫عا من غيره‬‫الناس‪ ،‬بل الواحد وهو علي لنه هو الباب‪ ،‬ومن ادعى سما ً‬
‫فقد أشرك ]أصول الكافي‪ ،1/377 :‬وقد مّر بنصه ص ‪ ،[.346‬كما أن ما سوى‬
‫علي وبضعه نفر من الصحابة ثلثة أو أربعة أو سبعة ما سوى هؤلء‬

‫‪390‬‬
‫محكوم عليهم في كتب الشيعة بالردة‪ ،‬فل تقبل روايتهم‪ ..‬وتفرد الواحد‬
‫بالنقل موضع شك ول سيما والجم الغفير على خلفه‪ ..‬فاضطروا حينئذ‬
‫للقول بالعصمة‪ .‬ولكن العصمة كيف تثبت بخبر من ادعاها وهو واحد‪..‬‬
‫فاضطروا حينئذ للقول ببدعة أخرى وهي إثبات المعجزة للئمة‪ ،‬فصارت‬
‫قضية المامة ترتكز عندهم على ثلث شعب‪ :‬النص‪ ،‬والعصمة‪،‬‬
‫والمعجزة‪.‬‬
‫قال شيخهم المفيد‪" :‬إن المامة توجب لصاحبها عند الثني عشرية‪:‬‬
‫العصمة‪ ،‬والنص‪ ،‬والمعجزة‪] "...‬العيون‪.[.2/127 :‬‬
‫وقد مضى القول بأن المعجزات ل يأتي بها إل النبياء‪ ،‬وأن الشيعة‬
‫قالت بها في حق الئمة؛ لنهم أعطتهم معنى النبوة دون اسمها‪ ،‬وزعمت‬
‫أنهم هم الحجة على العباد‪ ،‬وليس لهم في ذلك من برهان إل اتباع ما‬
‫عَلى‬
‫س َ‬‫ن ِللّنا ِ‬ ‫وضعه زنادقة العصور الماضية‪ ..‬قال تعالى‪} :‬ل ِئ َل ّ ي َ ُ‬
‫كو َ‬
‫ل{ ]النساء‪ ،‬آية‪ ،[.165 :‬ولم يقل سبحانه‪ :‬والئمة‪،‬‬ ‫س ِ‬‫عدَ الّر ُ‬
‫ة بَ ْ‬
‫ج ٌ‬
‫ح ّ‬ ‫الل ّ ِ‬
‫ه ُ‬
‫فحجة الله قامت على عباده بالرسل وأيدهم سبحانه باليات‪.‬‬
‫ول يملك الشيعة في باب معجزات الئمة إل دعاوى مجردة ل يعجز عن‬
‫تأليفها المحتالون والمتآمرون ]انظر‪ :‬ص ‪ 625-624‬من هذه الرسالة‪.[.‬‬
‫أما مسألة العصمة فلهميتها في المذهب الشيعي‪ ،‬فقد خصص لها‬
‫الفصل التالي لهذا الفصل‪.‬‬
‫ثم إن المعجزة على تقدير الصدور موقوفة على الخبر‪ ،‬وكيف يوثق‬
‫بخبر مرتدين؟! وكذا الشأن في العصمة‪ ،‬ومع ذلك فإن الشيعة تولي‬
‫مسألة الخبر المتمثل في دعوى النص والوصية أهمية كبرى‪ ،‬فهي الحجر‬
‫الول في بناء المذهب‪ ،‬والقاعدة الساسية في كيانهم العقدي‪.‬‬
‫ول شك أن النص على عين من يتولى إمامة المسلمين إلى أن تقوم‬
‫الساعة غير ممكن‪ ،‬إل في عقل الرافضة‪ ،‬وقد انتهى بهم هذا القول إلى‬
‫الستسلم لوهم كبير‪ ،‬حيث اضطروا إلى القول بحياة واحد من البشر‬
‫قروًنا مديدة )وهو مهديهم الذي ينتظرونه( فأصبحوا ضحكة المم‪..‬‬
‫ي الرضا – والذي يدعون إمامته – برد هو من أبلغ‬‫وقد رد عليهم عل ّ‬
‫الردود وأقواها في هذه المسألة‪ ،‬والشيعة تنقله في أوثق كتبها في‬
‫الرجال‪ ،‬حيث قال‪" :‬لو كان الله يمد ّ في أجل أحد من بني آدم لحاجة‬
‫الخلق إليه لمد الله في أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم" ]رجال‬
‫الكشي‪ :‬ص ‪.[.458‬‬
‫لكنهم يخالفون هذا الصل الواضح ويعتقدون أن بقاء المنتظر كل هذه‬
‫القرون إنما هو لحاجة الخلق بل والكون كله إليه‪ ،‬ولو خلت منه الرض‬
‫لساخت بأهلها‪.‬‬

‫‪391‬‬
‫وبعد هذا التأصيل لقضية النص‪ ،‬ل أعتقد أننا بحاجة إلى أن نتتبع‬
‫النصوص في هذه المسألة؛ لن هذه القضية انتهت عندهم اليوم إلى‬
‫اليمان بهذا المنتظر الذي ل يسمع له حس ول خبر ول يرى له عين ول‬
‫أثر‪ .‬ولو كان للناس فيه حاجة لبقي رسول الله وهو أفضل منه‪ ،‬ولكن‬
‫المة في غنى بقرآنها وسنة نبيها عن كل منتظر موهوم وكتاب مزعوم‪،‬‬
‫وسيأتي نقض مسألة الغيبة‪.‬‬
‫ولكن الشيعة ترى أن القرآن نص على "إمامتهم"‪ ،‬وكذلك تزعم أن‬
‫أمر "النص" متفق عليه بين أهل السنة والشيعة‪ ،‬فهي تريد أن تشرك‬
‫السنة في "أوهامها" وتخدع بذلك أتباعها‪ ..‬وما دام المر كذلك فلندرس‬
‫ما تقدمه كتب الشيعة في هذا الباب‪ ،‬وسنختار أقوى أدلتها في ذلك من‬
‫الكتاب والسنة‪ ،‬ثم نعرج بعد ذلك على أدلتها الخاصة بها‪.‬‬
‫ونختم القول بنقد "مسألة النص" من الكتاب والسنة‪ ،‬والعتبار العقلي‪،‬‬
‫والمور المعلمة والمتفق عليها‪.‬‬
‫أدلتهم من القرآن‪:‬‬
‫قال شيخ الطائفة – كما يلقبونه – الطوسي‪" :‬وأما النص على إمامته‬
‫م الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ول ِي ّك ُ ُ‬
‫ما َ‬ ‫من القرآن فأقوى ما يدل عليه قوله تعالى‪} :‬إ ِن ّ َ‬
‫ة‬ ‫ن الّز َ‬
‫كا َ‬ ‫ؤُتو َ‬ ‫وي ُ ْ‬‫صل َةَ َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫مو َ‬
‫قي ُ‬
‫ن يُ ِ‬ ‫مُنوا ْ ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫نآ َ‬ ‫وال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫ه َ‬ ‫سول ُ ُ‬
‫وَر ُ‬‫َ‬
‫ن{ ]المائدة‪ ،‬آية‪] "[.55 :‬تلخيص الشافي‪ .[.2/10 :‬وقال‬ ‫عو َ‬ ‫م َراك ِ ُ‬ ‫ه ْ‬
‫و ُ‬ ‫َ‬
‫الطبرسي‪" :‬وهذه الية من أوضح الدلئل على صحة إمامة علي بعد‬
‫النبي بل فصل" ]مجمع البيان‪.[.2/128 :‬‬
‫ويكاد شيوخهم يتفقون على أن هذا أقوى دليل عندهم؛ حيث يجعلون‬
‫له الصدارة في مقام الستدلل في مصنفاتهم ]انظر – مثل ً ‪ :-‬ابن المطهر‬
‫الحلي في منهاج الكرامة‪ ،‬حيث اعتبره البرهان الول )ص‪ ،(147:‬وشبر في حق اليقين‪:‬‬
‫‪ ،1/144‬والزنجاني في عقائد المامية الثني عشرية‪.[.82-1/81 :‬‬
‫أما كيف يستدلون بهذه الية على مبتغاهم؟ فإنهم يقولون‪" :‬اتفق‬
‫المفسرون والمحدثون من العامة والخاصة أنها نزلت في علي لما تصدق‬
‫بخاتمه على المسكين في الصلة بمحضر من الصحابة وهو مذكور في‬
‫الصحاح الستة" ]قوله‪" :‬الصحاح الستة" تسمية غير سليمة؛ لن أهل السنة ل يعدون‬
‫حا" ولذا يسمونها "الكتب الستة"‪ ،‬ولكن الروافض أصحاب‬
‫جميع الكتب الستة "صحا ً‬
‫مبالغات‪ ،‬وليس هذا بكثير على من يتعمد الكذب على الله ورسوله‪.[.‬‬
‫و"إنما" للحصر باتفاق أهل اللغة‪ ،‬والولي بمعنى الولى بالتصرف‬
‫المرادف للمام والخليفة ]شبر‪ /‬حق اليقين‪ ،1/144 :‬الزنجاني‪ /‬عقائد المامية الثني‬
‫عشرية‪.[.82-1/81 :‬‬
‫فأنت ترى أن الشيعة تعتمد في استدللها بالية بما روي في سبب‬
‫نزولها؛ لنه ليس في نصها ما يدل على مرادها‪ ،‬فصار استدللهم بالرواية‬

‫‪392‬‬
‫ل بالقرآن‪ ،‬فهل الرواية ثابتة‪ ،‬وهل وجه استدللهم سليم؛ يتبين هذا‬
‫بالوجوه التالية‪:‬‬
‫ي هو‬‫ل‪ :‬أن زعمهم بأن أهل السنة أجمعوا على أنها نزلت في عل ّ‬ ‫أو ً‬
‫"من أعظم الدعاوى الكاذبة‪ ،‬بل أجمع أهل العلم بالنقل على أنها لم‬
‫تنزل في علي بخصوصه‪ ،‬وأن علًيا لم يتصدق بخاتمه في الصلة‪ ،‬وأجمع‬
‫أهل العلم بالحديث على أن القصة المروية في ذلك من الكذب‬
‫الموضوع" ]منهاج السنة‪ .[.4/4 :‬وقوله‪ :‬إنها "مذكورة في الصحاح الستة"‬
‫كذب؛ إذ ل وجود لهذه الرواية في الكتب الستة ]وهو من الكذب الذي ل‬
‫يستحي الشيعة من إثباته‪ ،‬والغريب أن هذا الزعم يجري على ألسنة آياتهم في هذا العصر‬
‫كشبر‪ ،‬والزنجاني‪ ،‬فهل يخفى عليهم أن هذا ل وجود له في الكتب الستة؟!‪.‬‬
‫وقد توفرت اليوم الفهارس والمعاجم التي تكشف الحقيقة راجع‪ :‬المعجم المفهرس‬
‫للفاظ الحديث‪ ،‬ومفتاح كنوز السنة‪ ،‬لفظ "علي بن أبي طالب"‪ ،‬وراجع الكتب المعنية‬
‫بجميع الروايات المتعلقة بتفسير اليات وسبب نزولها مثل‪ :‬الدر المنثور‪106-3/104 :‬‬
‫وغيره‪ ،‬أو المعنية بجمع روايات الكتب الستة كجامع الصول فل تجد لدعواهم أص ً‬
‫ل‪.‬‬
‫ولذا قال شيخ السلم ابن تيمية‪" :‬وجمهور المة لم تسمع هذا الخبر ول هو في شيء‬
‫من كتب المسلمين المعتمدة ل الصحاح ول السنن ول الجوامع ول المعجمات ول شيء‬
‫من المهات" )منهاج السنة‪.[.(4/5 :‬‬
‫وقد ساق ابن كثير الثار التي تروى في أن هذه الية نزلت في علي‬
‫حين تصدق بخاتمه‪ ،‬وعقب عليها بقوله‪" :‬وليس يصح شيء منها بالكلية‬
‫لضعف أسانيدها‪ ،‬جهالة رجالها" ]تفسير ابن كثير‪.[.77-2/76 :‬‬
‫ثانيًا‪ :‬أن هذا الدليل الذب يستدلون به ينقض مذهب الثني عشرية؛ لنه‬
‫يقصر الولية على أمير المؤمنين بصيغة الحصر "إنما" فيدل على سلب‬
‫المامة عن باقي الئمة‪ ،‬فإن أجابوا عن النقض بأن المراد حصر الية في‬
‫بعض الوقات‪ ،‬أعني وقت إمامته ل وقت إمامة من بعده‪ ،‬وافقوا أهل‬
‫مأ ل قبله‪ ،‬وهو زمان‬‫السنة في أن الولية العامة كانت له وقت كونه إما ً‬
‫خلفة الثلثة ]انظر‪ :‬روح المعاني‪.[.6/168 :‬‬
‫ثالًثا‪ :‬أن الله تعالى ل يثني على النسان إل بما هو محمود عنده‪ ،‬إما‬
‫واجب وإما مستحب‪ ،‬والتصدق أثناء الصلة ليس بمستحب باتفاق علماء‬
‫الملة‪ ،‬ولو كان مستحًبا لفعله الرسول صلى الله عليه وسلم ولحض‬
‫ل‪ ،‬وإعطاء السائل ل يفوت؛ إذ‬ ‫شغ ً‬
‫عليه‪ ،‬ولكرر فعله‪ ،‬وإن في الصلة ل ُ‬
‫يمكن للمتصدق إذا سلم أن يعطيه؛ بل إن الشتغال بإعطاء السائلين‬
‫يبطل الصلة كما هو رأي جملة من أهل العلم ]انظر‪ :‬منهاج السنة‪ :‬ج‪ ‍1‬ص‬
‫‪ ،208‬ج‪ ‍4‬ص ‪.[.5‬‬
‫رابًعا‪ :‬أنه لو قدر أن هذا مشروع في الصلة لم يختص بالركوع‪ ،‬فكيف‬
‫يقال‪ :‬ل ولي إل الذين يتصدقون في حال الركوع‪ ،‬فإن قيل‪ :‬هذه أراد بها‬
‫التعريف بعلي‪ ،‬قيل له‪ :‬أوصاف علي التي يعرف بها كثيرة ظاهرة‪ ،‬فكيف‬
‫يترك تعريفه بالمور المعروفة ويعرف بهذا المر الذي ل يعرفه إل من‬

‫‪393‬‬
‫سمعه وصدق به؟! وجمهور المة ل تسمع هذا الخبر ول هو في شيء من‬
‫كتب المسلمين المعتمدة ]منهاج السنة‪.[.4/5 :‬‬
‫سا‪ :‬وقولهم‪ :‬إن علًيا أعطى خاتمه زكاة في حال ركوعه فنزلت‬ ‫خام ً‬
‫الية – مخالف للواقع؛ ذلك أن علًيا رضي الله عنه لم يكن ممن تجب‬
‫عليه الزكاة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فإنه كان فقيًرا‪ ،‬وزكاة‬
‫الفضة إنما تجب على من ملك النصاب حول ً وعلي لم يكن من هؤلء‪.‬‬
‫كذلك فإن إعطاء الخاتم في الزكاة ل يجزي عند كثير من الفقهاء إل‬
‫إذا قيل بوجوب الزكاة في الحلي‪ ،‬وقيل إنه يخرج من جنس الحلي‪ ،‬ومن‬
‫جوز ذلك بالقيمة فالتقويم في الصلة متعذر‪ ،‬والقيم تختلف باختلف‬
‫الحوال ]منهاج السنة‪.[.4/5 :‬‬
‫دا‬
‫سا‪ :‬لما تبين أن الروايات التي أولوا بمقتضاها الية باطلة سن ً‬
‫ساد ً‬
‫ومتًنا‪ ،‬فل متمسك لهم حينئذ بالية بوجه سائغ؛ بل إن الية حجة عليهم؛‬
‫لنها جاءت بالمر بموالة المؤمنين‪ ،‬والنهي عن موالة الكافرين ]حتى وإن‬
‫ثبت أن لها سبب نزول خاص )راجع كتب التفسير في سبب النزول(‪ ،‬فالعبرة بعموم‬
‫اللفظ ل بخصوص السبب‪ ،[.‬وليس للرافضة – فيما يظهر من نصوص وتاريخها‬
‫– من ذلك نصيب‪.‬‬
‫وهذا المعنى يدرك بوضوح من سياق اليات؛ إذ قبل هذه الية الكريمة‬
‫َ‬
‫د‬
‫هو َ‬‫ذوا ْ ال ْي َ ُ‬ ‫مُنوا ْ ل َ ت َت ّ ِ‬
‫خ ُ‬ ‫نآ َ‬
‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫جاء قوله سبحانه‪َ} :‬يا أي ّ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫م َ‬
‫فإ ِن ّ ُ‬ ‫منك ُ ْ‬‫هم ّ‬ ‫ول ّ ُ‬
‫من ي َت َ َ‬ ‫و َ‬ ‫ض َ‬
‫ع ٍ‬ ‫ول َِياء ب َ ْ‬‫مأ ْ‬ ‫ه ْ‬‫ض ُ‬‫ع ُ‬ ‫ول َِياء ب َ ْ‬‫صاَرى أ ْ‬ ‫والن ّ َ‬ ‫َ‬
‫ن{ ]المائدة‪ ،‬آية‪ .[.51 :‬فهذا‬ ‫مي َ‬ ‫ّ‬
‫م الظال ِ ِ‬ ‫و َ‬ ‫ق ْ‬ ‫ْ‬
‫دي ال َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ه ل َ يَ ْ‬ ‫ّ‬
‫ن الل َ‬ ‫م إِ ّ‬‫ه ْ‬‫من ْ ُ‬ ‫ِ‬
‫نهي صريح عن موالة اليهود والنصارى بالود والمحبة والنصرة‪ ..‬ول يراد‬
‫بذلك باتفاق الجميع الولية بمعنى المارة‪ ،‬وليس هذا بوارد أص ً‬
‫ل‪ ،‬ثم‬
‫أردف ذلك بذكر من تجب موالته وهو الله ورسوله والمؤمنون‪ ،‬فواضح‬
‫من ذلك أن موالة المحبة والنصرة التي نهى عنها في الولى هي بعينها‬
‫التي أمر بها المؤمنين في هذه الية بحكم المقابلة كما هو بين جلي من‬
‫لغة العرب‪.‬‬
‫قال الرازي‪" :‬لما نهى في اليات المتقدمة عن موالة الكفار‪ ،‬أمر في‬
‫هذه الية بموالة من تجب موالته" ]تفسير الفخر الرازي‪.[.12/25 :‬‬
‫وقال شيخ السلم ابن تيمية‪" :‬إنه من المعلوم المستفيض عند أهل‬
‫فا عن سلف أن هذه الية نزلت في النهي عن موالة الكفار‪،‬‬ ‫التفسير خل ً‬
‫والمر بموالة المؤمنين" ]منهاج السنة‪.[.4/5 :‬‬
‫م{ المارة – ل يتفق مع‬ ‫ول ِي ّك ُ ُ‬
‫ما َ‬ ‫سابًعا‪ :‬قولهم‪" :‬إن المراد بقوله‪} :‬إ ِن ّ َ‬
‫مُنوْا{؛ فإن الله‬
‫نآ َ‬ ‫وال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫ه َ‬ ‫سول ُ ُ‬ ‫وَر ُ‬ ‫م الل ّ ُ‬
‫ه َ‬ ‫ول ِي ّك ُ ُ‬
‫ما َ‬
‫قوله سبحانه‪} :‬إ ِن ّ َ‬
‫سبحانه ل يوصف بأنه متول على عباده‪ ،‬وأنه أمير عليهم‪ ،‬فإنه خالقهم‬
‫ورازقهم وربهم ومليكهم له الخلق والمر‪ ،‬ل يقال‪ :‬إن الله أمير المؤمنين‬
‫كما يسمى المتولي مثل علي وغيره أمير المؤمنين ]بل الرسول صلى الله‬

‫‪394‬‬
‫ضا ل يقال إنه متول على الناس‪ ،‬وأنه أمير عليهم‪ ،‬فإن قدره أجل من هذا‪،‬‬
‫عليه وسلم أي ً‬
‫بل أبو بكر الصديق رضي الله عنه لم يكونوا يسمونه إل خليفة رسول الله‪ ،‬وأول من‬
‫سمي من الخلفاء أمير المؤمنين عمر‪) .‬منهاج السنة‪ ،[.(4/9 :‬وأما الولية المخالفة‬
‫للعداوة فإنه يتولى عباده المؤمنين فيحبهم ويحبونه‪ ،‬ويرضى عنهم‬
‫يا فقد بارزه بالمحاربة ]وهذه الولية من‬
‫ويرضون عنه‪ ،‬ومن عادى له ول ً‬
‫د‬
‫م ُ‬
‫ح ْ‬‫ال ْ َ‬ ‫ل‬
‫ق ِ‬‫و ُ‬ ‫رحمته وإحسانه ليست كولية المخلوق للمخلوق لحاجته إليه‪ .‬قال تعالى‪َ } :‬‬
‫ن‬
‫م َ‬ ‫ّ‬ ‫ي‬‫ول ِ ّ‬
‫ه َ‬‫كن ل ّ ُ‬ ‫ول َ ْ‬
‫م يَ ُ‬ ‫مل ْ ِ‬
‫ك َ‬ ‫في ال ْ ُ‬ ‫ري ٌ‬
‫ك ِ‬ ‫كن ل ّ ُ‬
‫ه َ‬
‫ش ِ‬ ‫وَلم ي َ ُ‬ ‫ول َ ً‬
‫دا َ‬ ‫خذ ْ َ‬ ‫ذي ل َ ْ‬
‫م ي َت ّ ِ‬ ‫ه ال ّ ِ‬
‫ل ِل ّ ِ‬
‫ل{‪] .‬السراء‪ :‬آية‪.[111 :‬‬ ‫الذّ ّ‬
‫فل ِل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫عّزةَ َ‬‫ريدُ ال ْ ِ‬ ‫ن يُ ِ‬
‫كا َ‬‫من َ‬ ‫فالله تعالى لم يكن له ولي من الذل؛ بل هو القائل‪َ } :‬‬
‫جِميًعا{‪] .‬فاطر‪ ،‬آية‪) ،[10 :‬منهاج السنة‪ ،[.(4/9 :‬فهذه الولية هي‬ ‫ال ْ ِ‬
‫عّزةُ َ‬
‫ن{ أي‬ ‫عو َ‬ ‫م َراك ِ ُ‬ ‫ه ْ‬‫و ُ‬
‫المقصودة في الية ]منهاج السنة‪ ،[.4/9 :‬وقوله‪َ } :‬‬
‫خاضعون لربهم منقادون لمره‪ ،‬والركوع في أصل اللغة بمعنى الخضوع‪،‬‬
‫أي يقيمون الصلة ويؤتون الزكاة في حال الركوع وهو الخشوع والخبات‬
‫والتواضع لله" ]انظر‪ :‬الكشاف للزمخشري‪ ،1/624 :‬تفسير الرازي‪.[.12/25 :‬‬
‫ثامًنا‪ :‬إن الفرق بين الولية بالفتح‪ ،‬والولية بالكسر معروف في اللغة‪،‬‬
‫فالولية ضد العداوة وهي المذكورة في هذه النصوص‪ ،‬ليست هي الولية‬
‫بالكسر التي هي المارة‪ ،‬وهؤلء الجهال يجعلون الولي هو المير ول‬
‫يفرقون بين اللفظين‪ ،‬مع أنه واضح "أن الولء بالفتح وهو ضد العداوة‪،‬‬
‫والسم منه مولى وولي‪ ،‬والولية بالكسر والسم منها والي ومتولي"‬
‫]المقدسي‪ /‬رسالة في الرد على الرافضة‪ :‬ص ‪ ،221-220‬وراجع مختار الصحاح‪ ،‬مادة‬
‫"ولي"‪.[.‬‬
‫ولهذا قال الفقهاء‪ :‬إذا اجتمع في الجنازة الوالي والولي فقيل‪ :‬يقدم‬
‫الوالي وهو قول أكثرهم‪ ،‬وقيل‪ :‬يقدم الولي‪ :‬فلفظ الولي والولية غير‬
‫لفظ الوالي ]منهاج السنة‪.[.4/8 :‬‬
‫ولو أراد سبحانه الولية التي هي المارة لقال‪) :‬إنما يتولى عليكم(‪..‬‬
‫فتبين أن الية دلت على الموالة المخالفة للمعادة الثابتة لجميع‬
‫المؤمنين بعضهم على بعض ]منهاج السنة‪ .4/8 :‬وللمزيد من التفصيل راجع‪ :‬تفسير‬
‫الفخر الرازي‪ 12/25 :‬وما بعدها‪ ،‬تفسري اللوسي‪ 6/167 :‬وما بعدها‪ ،[.‬ولهذا جاء‬
‫مُنوا{ بصيغة الجمع‪.‬‬‫نآ َ‬ ‫وال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫قوله‪َ } :‬‬
‫وإذا كانت هذه أقوى أدلتهم – كما يقوله شيوخهم – تبين أنهم ليسوا‬
‫على شيء؛ ذلك أن الصل أن يستعمل في هذا المر العظيم – والذي هو‬
‫عند الشيعة أعظم أمور الدين‪ ،‬ومنكره في عداد الكافرين – صيغة‬
‫واضحة جلية‪ ،‬يفهمها الناس بمختلف طبقاتهم‪ ،‬يدركها العامي‪ ،‬كما يدركها‬
‫العالم‪ ،‬ويفهمها اللحق‪ ،‬كما يفهمها الحاضر‪ ،‬ويعرفها البدوي‪ ،‬كما يعرفها‬
‫الحضري‪ ،‬فلما لم يستعمل مثل ذلك في كتاب الله دل على أنه ل نص‬
‫كما يزعمون‪ ،‬فليست الية المذكورة – وغيرها مما يستدلون به – من‬
‫ألفاظ الستخلف المعروفة في لغة العرب‪ ،‬والقرآن نزل بلسان عربي‬

‫‪395‬‬
‫مبين‪ .‬فأين يذهب الشيعة بعد هذا؟ إما إلى الكفر بالقرآن وهو كفر‬
‫بالسلم‪ ،‬وإما ترك الغلو والتطرف والتعصب والرجوع إلى الحق‪ ،‬وهذا‬
‫هو المطلوب‪.‬‬
‫هذه أقوى آية يستدلون بها من كتاب الله‪ ،‬ويسمونها آية الولية‪ ،‬ولهم‬
‫تعلق بآيات أخرى ذكرها ابن المطهر الحلي‪ ،‬وأجاب عليها شيخ السلم‬
‫ابن تيمية بأجوبة جامعة ]وقد ق ّ‬
‫دم الدكتور علي السالوس – في رسالة له بعنوان‪:‬‬
‫ضا ومناقشة لليات القرآنية‬
‫"المامة عند الجعفرية والدلة من القرآن العظيم"‪ -‬عر ً‬
‫الكريمة التي يستدل بها المامية لقولهم بالمامة‪ ،‬وانتهى من ذلك إلى أن استدللتهم‬
‫تنبني على روايات متصلة بأسباب النزول‪ ،‬وتأويلت انفردوا بها‪ ،‬ولم يصح شيء من هذا‬
‫ول ذاك بما يمكن أن يكون دليل ً يؤيد مذهبهم‪ ،[.‬ومن يراجع كتب التفسير‬
‫والحديث عندهم يلحظ أنهم أجروا القرآن في فلك الولية والئمة كما‬
‫مضى نقل صورة من ذلك وهذا برهان عجزهم وفشلهم‪.‬‬
‫وقد تبين أن القرآن ليس في ظاهره ما يدل على ما يذهبون إليه من‬
‫ي أو بقية الثني عشر‪ ،‬وأن كل ما يستدلون به من آيات‬
‫النص على عل ّ‬
‫يحاولون أن يصرفوا معناها إلى ما يريدون بمقتضى روايات موضوعة‪،‬‬
‫وتأويلت باطلة‪ ..‬فهم في الحقيقة ل يستدلون بالقرآن‪ ،‬وإنما يستدلون‬
‫بالخبار‪ ،‬فدعواهم أخذ الدلة من القرآن دعوى ل حقيقة لها‪.‬‬
‫أدلتم من السنة‪:‬‬
‫أما السنة المطهرة فقد تعلق الشيعة في إثبات النص من طرق أهل‬
‫السنة بما ورد في فضائل علي – رضي الله عنه ‪ ،-‬ويلحظ أن باب‬
‫الفضائل مما كثر فيه الكذب‪ ،‬ويقال بأن الشيعة هم الصل فيه‪.‬‬
‫يقول ابن أبي الحديد‪" :‬الكذب في أحاديث الفضائل جاء من جهة‬
‫الشيعة" ]شرح نهج البلغة لبن أبي الحديد‪) 2/134 :‬عن السنة ومكانتها في التشريع‪:‬‬
‫ص ‪.[.(76‬‬
‫ولهذا تجد في كتب الموضوعات الحاديث الموضوعة في حق علي‬
‫أكثر من غيره من الخلفاء الربعة‪.‬‬
‫والفضائل الواردة في حق علي رضي الله عنه ليست من ألفاظ‬
‫النصوص والوصايا والستخلف‪ ،‬ل في لغة العرب ول في عرفهم ول في‬
‫شريعة السلم ول في عقول العقلء‪ ،‬إنما هي فضائل أدخلها هؤلء في‬
‫الدعاوى‪ .‬وقد قام ابن حزم بحصر الحاديث الواردة في فضائل علي‬
‫فقال‪ :‬وأما الذي صح من فضائل علي فهو قول النبي صلى الله عليه‬
‫ي بعدي" ]ون ّ‬
‫ص‬ ‫وسلم‪" :‬أنت مّني بمنزلة هارون من موسى إل أّنه ل نب ّ‬
‫ن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى تبوك‪،‬‬ ‫الحديث – كما أخرجه البخاري ‪" :-‬أ ّ‬
‫صبيان والّنساء؟ فقال‪ :‬أل ترضى أن تكون مّني‬
‫واستخلف علّيا‪ ،‬فقال‪ :‬أتخلفني في ال ّ‬
‫ي بعدي" صحيح البخاري – مع الفتح – كتاب‬‫بمنزلة هارون من موسى إل أّنه ليس نب ّ‬
‫صحابة‪ ،‬باب من‬‫المغازي‪ ،‬باب غزوة تبوك‪) 8/12 :‬ح ‪ ،(4416‬ورواه مسلم في فضائل ال ّ‬
‫فضائل علي بن أبي طالب‪) ،2/1870 :‬ح ‪ ،(2404‬والّترمذي‪ :‬كتاب المناقب‪-640 /5 :‬‬

‫‪396‬‬
‫دمة‪) 43-1/42 :‬ح ‪ ،(115‬وأحمد‪،1/170 :‬‬ ‫‪) 641‬ح ‪ ،(3731 ،3730‬وابن ماجه‪ ،‬المق ّ‬
‫‪ ،330 ،185 ،184 ،182 ،179 ،177 ،175 ،174 ،173‬وج‪ ‍3‬ص ‪ ،338 ،32‬وج‪ ‍6‬ص‬
‫‪ 369‬و ‪ .[438‬وهذا ل حجة فيه للرافضة ]يقول ابن حزم في إثبات ذلك‪ » :‬وهذا ل‬
‫ن هارون لم يل‬ ‫يوجب له فضل ً على من سواه ول استحقاق المامة بعده عليه ال ّ‬
‫سلم؛ ل ّ‬
‫سلم يوشع‬ ‫سلم‪ ،‬وإّنما ولي المر بعد موسى عليه ال ّ‬ ‫ي إسرائيل بعد موسى عليه ال ّ‬
‫أمر نب ّ‬
‫بن نون‪ ،‬فتى موسى وصاحبه الذي سافر معه في طلب الخضر عليهما السلم‪ ،‬كما ولي‬
‫المر بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاحبه في الغار الذي سافر معه إلى المدينة‪.‬‬
‫وإذا لم يكن علي نبًيا كما كان هارون نبًيا‪ ،‬ول كان هارون خليفة‪ ،‬بعد موت موسى على‬
‫بني إسرائيل‪ ،‬فصح أن كونه – رضي الله عنه – من رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫بمنزلة هارون من موسى إنما هو في القرابة فقط‪.‬‬
‫ضا فإنما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا القول إذ استخلفه على‬
‫وأي ً‬
‫المدينة في غزوة تبوك‪ ،‬فقال المنافقون‪ :‬استقله )كذا في الصل المحقق من الفصل‪،‬‬
‫ولعلها استثقله( فخلفه‪ ،‬فلحق علي برسول الله صلى الله عليه وسلم فشكى ذلك إليه‪،‬‬
‫فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم حينئذ‪" :‬أنت مني بمنزلة هارون من موسى"‪،‬‬
‫يريد عليه السلم أنه استخلفه على المدينة مختاًرا لستخلفه‪ ،‬ثم قد استخلف عليه‬
‫السلم قبل تبوك وبعد تبوك على المدينة في أسفاره رجال ً سوى علي رضي الله عنه‪،‬‬
‫فصح أن هذا الستخلف ل يوجب لعلي فضل ً على غيره‪ ،‬ول ولية المر بعده‪ ،‬كما لم‬
‫يوجب ذلك لغيره من المستخلفين"‪) .‬الفصل‪.(160-4/159 :‬‬
‫وتشبيه علي بهارون ليس بأعظم من تشبيه أبي بكر بإبراهيم وعيسى‪ ،‬وتشبيه عمر‬
‫بنوح وموسى )كما روى ذلك المام أحمد في مسنده‪) 1/383 :‬ح ‪ ،(3632‬والحاكم في‬
‫مستدركه‪ ،22-3/21 :‬وروى الترمذي في كتاب الجهاد طرًفا منه ‪ .(4/213‬فإن هؤلء‬
‫الربعة أفضل من هارون‪ ،‬وكل من أبي بكر وعمر شبه باثنين ل بواحد‪ ،‬فكان هذا التشبيه‬
‫أعظم من تشبيه علي‪ ،‬مع أن استخلف علي له فيه أشباه وأمثال من الصحابة‪ ،‬وهذا‬
‫التشبيه ليس لهذين فيه شبيه‪ ،‬فلم يكن الستخلف من الخصائص‪ ،‬ول التشبيه بنبي في‬
‫بعض أحواله من الخصائص )المنتقى‪ :‬ص ‪.(315-314‬‬
‫وانظر في إبطال احتجاج الرافضة بهذا الحديث‪ :‬شرح النووي على صحيح مسلم‪:‬‬
‫‪ ،15/174‬المامة والرد على الرافضة لبي نعيم ص‪ ،222-221:‬منهاج السنة‪ 4/87 :‬وما‬
‫بعدها‪ ،‬المنتقى ص ‪ ،314 ،311 ،213 ،212‬فتح الباري‪ ،7/74 :‬المقدسي‪ /‬الرد على‬
‫الرافضة ص ‪ ،208-201‬مختصر التحفة الثني عشرية ص ‪ ،164-163‬السالوس‪ /‬المامة‬
‫عند الجعفرية في ضوء السنة ص ‪ ،34-33‬وغيرها‪.[.‬‬
‫دا رجل ً يحب الله‬ ‫وقوله عليه السلم‪" :‬لعطين الراية غ ً‬
‫ورسوله‪ ،‬ويحبه الله ورسوله" ]أخرجه البخاري‪ ،‬كتاب فضائل الصحابة‪ ،‬باب‬
‫مناقب علي بن أبي طالب‪) 7/70 :‬البخاري مع الفتح(‪ ،‬ومسلم‪ ،‬كتاب فضائل الصحابة‪،‬‬
‫باب من فضائل علي بن أبي طالب‪ ،[.1873-2/1871 :‬وهذه صفة واجبة لكل‬
‫مسلم وفاضل ]أي ليس هذا الوصف من خصائص علي؛ بل غيره يحب الله ورسوله‪،‬‬
‫ويحبه الله ورسوله‪ ،‬ولكن فيه الشهادة لعينه بذلك‪ ،‬كما شهد لعيان العشرة بالجنة‪ ،‬فهو‬
‫صا على إمامته وعصمته‪ .‬والرافضة الذين يقولون‪:‬‬ ‫ليس من خصائصه فضل ً عن أن يكون ن ً‬
‫إن الصحابة ارتدوا بعد موته صلى الله عليه وسلم ل يمكنهم الستدلل بهذا؛ لن الخوارج‬
‫ضا‪ ،‬قال الشعري‪ :‬أجمعت الخوارج على كفر علي‪) .‬المقالت‪:‬‬ ‫تقول لهم‪ :‬هو ممن ارتد أي ً‬
‫‪ ،(1/167‬وأهل السنة يبطلون قول الخوارج بأدلة كثيرة لكنها مشتركة تدل على إيمان‬
‫الثلثة‪) ..‬انظر‪ :‬منهاج السنة‪.[.(99 ،4/98 :‬‬
‫وعهده عليه السلم‪" :‬أن علًيا ل يحبه إل مؤمن ول يبغضه إل منافق"‬
‫]أخرجه الترمذي‪ ،‬في كتاب المناقب‪) 5/643 :‬ح ‪ .(3736‬وقال الترمذي‪ :‬هذا حديث‬
‫‪397‬‬
‫حسن صحيح‪ .[.‬وقد صح مثل هذا في النصار‪ -‬رضي الله عنهم – أنه ل‬
‫يبغضهم من يؤمن بالله واليوم الخر ]الحديث أخرجه مسلم بسنده عن أبي‬
‫هريرة‪ ،‬أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‪" :‬ل يبغض النصار رجل يؤمن بالله‬
‫واليوم الخر" )كتاب اليمان‪ ،‬باب الدليل على أن حب النصار وعلي رضي الله عنهم من‬
‫اليمان وعلماته‪ ،‬وبغضهم من علمات النفاق‪ :‬ج‪ ‍1‬ص ‪) 86‬ح ‪ ،(130‬وهناك أحاديث في‬
‫النصار مطابقة للفظ الوارد في علي رضي الله عنه‪ ،‬منها ما أخرجه الشيخان أن النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم قال‪" :‬النصار ل يحبهم إل مؤمن ول يبغضهم إل منافق" البخاري –‬
‫مع الفتح – كتاب مناقب النصار‪ ،‬باب حب النصار من اليمان‪) 7/113 :‬ح ‪،3783‬‬
‫‪ ،(3784‬ومسلم‪ ،‬في الموضع السابق )ح ‪ ،(129‬والترمذي‪ ،‬كتاب المناقب‪ ،‬باب فضل‬
‫النصار وقريش‪) 5/712 :‬ح ‪.[.(3900‬‬
‫ي موله" ]سيأتي تخريجه‪ ،‬والتعليق عليه‪ ،[.‬فل يصح‬ ‫ما "من كنت موله فعل ّ‬ ‫وأ ّ‬
‫من طريق الثقات أص ً‬
‫ل‪.‬‬
‫"وأما سائر الحاديث التي تتعلق بها الرافضسسة فموضسسوعة‪ ،‬يعسسرف ذلسسك‬
‫من له أدنى علم بالخبار ونقلتها" ]الفصل‪.[.4/224 :‬‬
‫وقد نقل هذا النص عن ابن حزم شيخ السلم ابسسن تيميسسة وعقسسب عليسسه‬
‫بقوله‪ » :‬فإن قيل‪ :‬لم يذكر ابن حزم ما في الصحيحين من قسسوله‪" :‬أنقت‬
‫مني وأنا منك" ]راجع‪ :‬صحيح البخاري – مع الفتح – كتسساب الصسسلح‪) 304-5/303 :‬ح‬
‫‪ ،(2699‬وكتاب المغازي‪ ،‬باب عمرة القضاء‪) 7/499 :‬ح ‪.[.(4251‬‬
‫وحديث المباهلة ]وهو في مسلم من حديث سسسعد بسسن أبسسي وقسساص قسسال‪ ...» :‬ولمسسا‬
‫ع أ َبَناءن َققا َ‬
‫م{ ]آل عمسسران‪ ،‬آيسسة‪ [61 :‬دعسسا‬ ‫وأب ْن َققاءك ُ ْ‬
‫َ‬ ‫وا ْ ن َقدْ ُ ْ‬
‫عال َ ْ‬ ‫ق ْ‬
‫ل تَ َ‬ ‫ف ُ‬‫نزلت هذه اليسسة‪َ } :‬‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسسسلم علًيسسا وفاطمسسة وحس سًنا وحسسسيًنا فقسسال‪" :‬اللهم هؤلء‬
‫أهلي" "‪.‬‬
‫)صحيح مسلم‪ ،‬كتاب فضائل الصحابة‪ ،‬باب من فضائل علي بن أبسسي طسسالب رضسسي اللسسه‬
‫عنه‪ .(2/1871 :‬وهذا "ل دللة فيه على المامة ول على الفضلية‪ ..‬والمباهلة إنمسسا تحصسسل‬
‫بالقربين إليه‪ ،‬وإل فلو باهلها بالبعدين في النسب‪ ،‬وإن كانوا أفضل عنسسد اللسسه لسسم يحصسسل‬
‫المقصود" )انظر تفصيل السسرد علسسى الروافسسض فسسي احتجسساجهم بهسسذا الحسسديث فسسي‪ :‬منهسساج‬
‫السنة‪ ،36-4/34 :‬المقدسي‪ /‬رسالة في الرد على الرافضسسة ص ‪ [.(245-243‬والكسسساء‬
‫]وهو في مسلم من حديث عائشة – رضي الله عنها – قالت‪ :‬خرج النسبي صسلى اللسه عليسه‬
‫حسسل )هسسو الموشسسى المنقسسوش عليسسه صسسور رجسسال‬ ‫وسلم غداة وعليه مرط )يعني كساء( مر ّ‬
‫البل( من شعر أسود‪ ،‬فجاء الحسن بن علسي فسأدخله‪ .‬ثسم جساء الحسسين فسدخل معسه‪ .‬ثسم‬
‫م‬‫عنك ُق ُ‬
‫ب َ‬
‫ه َ‬ ‫ريقدُ الل ّق ُ‬
‫ه ل ِي ُقذْ ِ‬ ‫ما ي ُ ِ‬‫جاءت فاطمة فأدخلها‪ .‬ثم جاء علي فأدخله‪ .‬ثم قسسال‪} :‬إ ِن ّ َ‬
‫هيًرا{ ]الحزاب‪ ،‬آيسسة‪) .[33:‬صسسحيح مسسسلم‪ ،‬كتسساب‬ ‫ْ‬
‫م ت َط ِ‬‫هَرك ُ ْ‬ ‫وي ُطَ ّ‬‫ت َ‬ ‫ل ال ْب َي ْ ِ‬ ‫س أَ ْ‬
‫ه َ‬ ‫ج َ‬
‫الّر ْ‬
‫فضائل الصحابة‪ ،‬باب فضائل أهل بيت النبي صلى الله عليسسه وسسسلم‪) 2/1883 :‬ح ‪،(2424‬‬
‫وانظر‪ :‬فسسي السسرد علسسى تعلسسق الرافضسسة بهسسذا الحسسديث‪ :‬منهسساج السسسنة‪ ،25-4/20 :‬وانظسسر‪:‬‬
‫المقدسي‪ ،‬رسالة في السسرد علسسى الرافضسسة ص ‪ ،246‬مختصسسر التحفسسة‪ :‬ص ‪[.(156-155‬؟‬
‫قيل‪ :‬مقصود ابن حزم الذي في الصحيح من الحديث الذي ل يذكر فيه إل‬
‫علي‪ ،‬وأما تلك ففيهسسا ذكسسر غيسسره‪ ،‬فسسإنه قسسال لجعفسسر‪" :‬أشبهت خلقي‬
‫وخلقي"‪ .‬وقال لزيد‪" :‬أنت أخونا ومولنا"‪ ،‬وحديث المباهلة والكساء‬
‫فيهما ذكر علي‪ ،‬وفاطمة‪ ،‬وحسن‪ ،‬وحسين رضي الله عنهسسم فل يسسرد هسسذا‬
‫على ابن حزم" ]منهاج السنة‪.[.4/86 :‬‬
‫ولكن الرافضة قد توسعوا فسسي هسسذا البسساب‪ ،‬واختلقسسوا الروايسسات‪ ،‬وزادوا‬
‫صسسا كاذبسسة‪ ..‬وقسسد ذكسسرت كتسسب الموضسسوعات‬ ‫على النصوص الصحيحة نصو ً‬
‫‪398‬‬
‫]انظسسر مث ً‬
‫ل‪ :‬الموضسسوعات لبسسن‬ ‫جملة من الروايات التي يستند إليهسسا الروافسسض‬
‫الجسسوزي‪ 1/338 :‬ومسسا بعسسدها‪ ،[.‬قسسال ابسسن الجسسوزي‪" :‬فضسسائله – يعنسسي علي ًسسا –‬
‫الصحيحة كثيرة‪ ،‬غير أن الرافضة لم تقنع‪ ،‬فوضعت له ما يضسسع ول يرفسسع"‬
‫]الموضوعات لبن الجوزي‪..[.1/338 :‬‬
‫وتجدهم في كتبهم يحتجون بكثير من الروايات التي يعزونها لكتب أهسسل‬
‫ل‪ ،‬ولسسذا قسسال شسسيخ‬‫السنة مسسن بسساب الخسسداع والكسسذب إذ ل وجسسود لهسسا أصس ً‬
‫السلم ابن تيمية‪" :‬ورأيت كثيًرا من ذلك المعزو الذي عزاه أولئك )يعنسسي‬
‫بهم شيوخ الروافض الذين اطلع علسسى كتبهسسم( إلسسى المسسسند والصسسحيحين‬
‫وغيرهما باطل ً ل حقيقة له" ]منهاج السنة‪.[.4/27 :‬‬
‫وقد جمع ابن المطهر الحلي جل ما يحتجون به في هذا الباب‪ ،‬وكشسسف‬
‫شيخ السلم ما فيها مسسن حسسق وباطسسل فسسي "منهسساج السسسنة" ]ول سسسيما فسسي‬
‫المجلد الخيسر منسه‪ ،‬وقسد قسام د‪ .‬علسي السسالوس بجمسع كسل الحساديث المتصسلة بالمامسة‬
‫دا ومتن ًسسا‪ ،‬وانتهسسى إلسسى أن‬
‫والموجودة في الكتب الستة والموطأ ومسند أحمد ودرسسسها سسسن ً‬
‫السنة النبوية ل تؤيد ما ذهب إليه الجعفرية في مسألة المامة؛ بل تنقضه بأحاديث صحيحة‬
‫ثابتة‪) .‬انظر‪ :‬المامة عند الجعفرية في ضوء السنة(‪.[.‬‬
‫لكن للروافض وسائل خفية ماكرة في طريقتهم في الحتجاج من كتب‬
‫أهل السنة‪ ،‬لعل أول من تسسولى كشسسفها وشسسرحها علمسسة الهنسسد شسساه عبسسد‬
‫العزيز الدهلوي في كتابه التحفة الثني عشرية ]انظسر‪ :‬التحفسة الثنسي عشسرية‪،‬‬
‫الورقة ‪ 44‬وما بعدها‪ ،‬ومختصر التحفة الثني عشرية ص ‪ 32‬وما بعدها‪ ،[.‬وكسذلك فعسل‬
‫شيخ العلماء العلم فريد دهسسره ووحيسسد عصسسره – كمسسا يصسسفه اللوسسسي –‬
‫الشسسيخ محمسسد الشسسهير بخواجسسة نصسسر اللسسه الهنسسدي المكسسي فسسي كتسسابه‬
‫"الصسسواعق المحرقسسة" وقسسد اختصسسره اللوسسسي – رحمسسه اللسسه – وسسسماه‬
‫"السيوف المشرقة" ]انظر‪ :‬السيوف المشرقة‪ ،‬ومختصر الصواقع المحرقسسة‪ ،‬الورقسسة‬
‫‪ 50‬وما بعدها‪.[.‬‬
‫والشيخ السويدي – رحمه الله – قد ساهم في ذلسسك فسسي كتسسابه "نقسسض‬
‫عقائد الشيعة" ]انظر‪ :‬نقض عقائد الشيعة‪ ،‬وهو مخطوط غير مرقم الصسسفحات وبالعسسد‬
‫ينظر الورقة ‪ 25‬وما بعدها‪ ،[.‬وقد أوردت طائفة من هذه الوسائل في رسالتي‬
‫"فكرة التقريب" ]فكرة التقريب‪ :‬ص ‪ 52‬وما بعدها‪ [.‬مما ل حاجة لعادته‪.‬‬
‫هذا وكما ذكرنا ما يراه الشيعة أنه أقوى أدلتهم من القسسرآن فسسي إثبسسات‬
‫ضا مسسا يرونسسه أقسسوى أدلتهسسم مسسن السسسنة‬‫المامة بحسب مفهومهم‪ ،‬نذكر أي ً‬
‫ونبين ما فيه‪.‬‬
‫عمدة أدلتهم من السنة‪:‬‬
‫عمدة أدلتهم هسسو مسسا يسسسمونه "حسسديث الغسسدير"‪ ،‬وقسسد بلسسغ مسسن اهتمسسام‬
‫الروافض بأمره أن ألف أحد شيوخهم المعاصسسرين كتاب ًسسا مسسن سسستة عشسسر‬
‫دا‪ ،‬يثبت به صحة هذا الحسديث وشسهرته سسماه‪" :‬الغسدير فسي الكتساب‬ ‫مجل ً‬
‫والسنة والدب"‪ .‬فهم يرون أن النبي صلى الله عليه وسلم عنسسدما وصسسل‬
‫إلى غدير خم ]خ ّ‬
‫م‪ :‬واد بين مكة والمدينة عند الجحفة به غدير‪ ،‬وهسسذا السسوادي موصسسوف‬
‫بكثرة الوخامسسة‪) .‬معجسسم البلسسدان‪ [.(2/389 :‬بعد منصسرفه مسن حجسة السوداع بّيسن‬
‫للمسلمين أن وصيته وخليفته من بعده علي بن أبسسي طسسالب؛ حيسسث أمسسره‬

‫‪399‬‬
‫ك‬‫ل إ ِل َي ْق َ‬
‫ز َ‬ ‫ُ‬ ‫ل ب َل ّق ْ‬
‫سو ُ‬ ‫َ‬
‫مققا أن ق ِ‬ ‫غ َ‬ ‫ها الّر ُ‬ ‫الله عز وجل بذلك في قوله‪َ} :‬يا أي ّ َ‬
‫ه{ ]المائدة‪ :‬آية‪.[.67 :‬‬ ‫سال َت َ ُ‬‫ر َ‬ ‫ت ِ‬‫غ َ‬ ‫ما ب َل ّ ْ‬ ‫ل َ‬
‫ف َ‬ ‫ع ْ‬
‫ف َ‬ ‫وِإن ل ّ ْ‬
‫م تَ ْ‬ ‫من ّرب ّ َ‬
‫ك َ‬ ‫ِ‬
‫وقد أورد شيخهم المجلسي في هذا المعنى )‪ (105‬من أحسساديثهم ]بحسسار‬
‫النوار‪ ،[.253-37/108 :‬وقال‪" :‬إنا ومخالفينا قد روينا عسسن النسسبي صسسلى اللسسه‬
‫عليه وسلم أنه قام يوم غدير خم وقد جمع المسلمون فقال‪ :‬أيها النسساس‪،‬‬
‫ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ فقالوا‪ :‬اللهم بلسسى‪ ،‬قسسال صسسلى اللسسه‬
‫عليه وسلم‪ :‬من كنت موله فعلي موله اللهسسم وال مسسن واله‪ ،‬وعسساد مسسن‬
‫عاداه‪ ،‬وانصر من نصره‪ ،‬واخذل من خذله‪] "..‬بحار النوار‪.[.37/225 :‬‬
‫وقد أوردت كتب التفسير عندهم هذا الحديث للحتجاج بسسه علسسى إمامسسة‬
‫علي ]انظر – مثل ً – مجمسسع البيسسان‪ ،153-2/152 :‬تفسسسير الصسسافي‪ ،71-2/51 :‬البرهسسان‪:‬‬
‫ز َ‬
‫ل‬ ‫ُ‬ ‫ل ب َل ّق ْ‬
‫سققو ُ‬ ‫َ‬
‫مققا أنق ِ‬ ‫غ َ‬ ‫هققا الّر ُ‬ ‫‪ [.491-1/488‬عنسسد قسسوله سسسبحانه‪} :‬ي َققا أي ّ َ‬
‫ك‪ {..‬الية ]المسسائدة‪ ،‬آيسسة‪ .[.67 :‬وكسسذلك سسسائر كتبهسسم السستي تتحسسدث عسسن‬ ‫إ ِل َي ْ َ‬
‫مسألة المامة ]انظر‪ :‬ابن المطهسسر‪ /‬كشسسف المسسراد‪ :‬ص ‪ ،395‬القزوينسسي‪ /‬الشسسيعة فسسي‬
‫عقائدهم‪ :‬ص ‪ ،71‬الصادقي‪ /‬علي والحاكمون‪ :‬ص ‪ ،76-55‬خليل ياسين‪ /‬المسسام علسسي‪ :‬ص‬
‫‪ ،292‬الزنجاني‪ /‬عقسسائد الماميسسة الثنسسي عشسسرية‪ ،1/90 :‬الصسسفهاني‪ /‬عقيسسدة الشسسيعة فسسي‬
‫المامة‪ :‬ص ‪.[.55‬‬
‫وهم يذكرون هذا الخبر في طليعة الخبار التي يحتجسسون بهسا علسى أهسل‬
‫السسسنة‪ .‬قسسال شسسيخهم عبسسد اللسسه شسسبر‪" :‬مسسا روى العامسة بأسسسرهم بطسسرق‬
‫متواترة وأسانيد متضافرة تنيسسف علسى مسائة طريسق واتفقسوا علسسى صسسحته‬
‫فسسا"‬
‫واعترفوا بوقوعه وهو حديث الغدير‪ ،‬ثم ذكر ملخصه بنحو ما ذكرناه آن ً‬
‫]حق اليقين‪ ،1/153 :‬وقسسال الصسسادقي‪" :‬إن قصسسة الغسسدير لمسسن أثبسست الثسسار السستي يتناقلهسسا‬
‫الرواة‪) "..‬علي والحاكمون‪ :‬ص ‪ (72‬وهي "حجة على الحاضسسر والغسسائب لئل يكسسون للنسساس‬
‫حجة بعد هذه الحجة البالغة" )علي والحاكمون‪ :‬ص ‪.[.(73‬‬
‫والحديث احتج به ابن المطهر‪ ،‬وأجاب عليه شيخ السسسلم جواب ًسسا شسسافًيا‬
‫]انظسسر‪ :‬منهسساج السسسنة‪ ،16-4/9 :‬س ‪ ،87-84‬المنتقسسى‪ :‬ص ‪ ،425-422‬س ‪ ،[.468-466‬كمسسا‬
‫ناقش المسسام محمسسد بسسن عبسسد الوهسساب شسسيخهم المفيسسد فسسي إيسسراده لهسسذا‬
‫الحديث بالصورة التي تراها الشيعة ]انظر‪ :‬رسالة في الرد علسسى الرافضسسة‪ :‬ص ‪-6‬‬
‫‪ .[.7‬وتعرض لهذا الحديث معظم أهسسل السسنة السذين ردوا علسى الروافسسض‬
‫]انظر‪ :‬أبو نعيم‪ /‬المامة والرد على الرافضسسة‪ :‬ص ‪ ،13‬المقدسسسي‪ /‬رسسسالة فسسي السسرد علسسى‬
‫الرافضسسة‪ :‬ص ‪ ،224-221‬الطفيلسسي‪ /‬المنسساظرة بيسسن أهسسل السسسنة والرافضسسة‪ :‬ص ‪،16-15‬‬
‫اللوسي‪ /‬روح المعاني‪ .[.199-6/192 :‬ونوجز جواب أهل السنة فيما يلي‪:‬‬
‫ح منه في نظر طائفسسة مسسن أهسسل‬ ‫ضاعون فيه‪ ،‬ول يص ّ‬
‫أن الحديث زاد الو ّ‬
‫ي مسسوله" ]مح ّ‬
‫مسسد بسسن عبسسد‬ ‫العلم في الحديث إل قوله‪" :‬من كنت موله فعلس ّ‬
‫الوهاب‪ /‬رسالة في الّرد على الّرافضة ص ‪ .13‬والحديث أخرجه ابن ماجه‪ .1/43 :‬وأخرجه‬
‫الترمذي بسنده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪" :‬من كنت موله فعلي مسسوله"‪ .‬قسسال‬
‫الترمذي‪ :‬هذا حديث حسن صحيح الترمسسذي‪ ،‬كتسساب المنسساقب‪ ،‬بسساب منسساقب علسسي بسسن أبسسي‬
‫طالب‪) 5/633 :‬ح ‪ ،(3713‬وابن ماجه بسنده عن البراء بن عازب قال‪" :‬أقبلنا مسع رسسول‬
‫الله في حجته التي حج‪ ،‬فنزل في بعض الطرق فأمر الصلة جامعة"‪ .‬فأخذ بيد علي فقال‪:‬‬
‫"ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟" قالوا‪ :‬بلسسى‪ .‬قسسال‪" :‬ألسسست أولسسى بكسسل مسسؤمن مسسن‬
‫نفسه؟"‪ .‬قالوا‪ :‬بلى‪ .‬قال‪" :‬فهذا ولي من أنا موله‪ ،‬اللهسسم وال مسسن واله‪ ،‬اللهسسم عسساد مسسن‬
‫عاداه"‪ .‬ابن ماجه‪ ،1/43 :‬المقدمة )ح ‪ .(116‬لكن قال في الزوائد‪ :‬إسناده ضعيف لضسسعف‬

‫‪400‬‬
‫علي بن زيد بن جدعان )أحد رجسسال سسسند ابسسن مسساجه(‪) ،‬السسزوائد‪ :‬ص ‪ .(69‬وأخرجسسه المسسام‬
‫أحمد ‪ ،1/84‬قال الشيخ أحمد شاكر‪ :‬الحديث متنه صحيح‪ ،‬ورد عن طرق كثيرة‪ ،‬وطرقه أو‬
‫أكثرها في مجمع الزوائد )انظر‪ :‬المسند‪2/56 :‬؛ تحقيسسق شساكر‪ ،‬ومجمسسع السزوائد‪-9/103 :‬‬
‫‪ ،[.(109‬بينما يرى بعض أهل العلم أن الحسسديث ل يصسسح منسسه شسسيء البتسسة‪.‬‬
‫قال ابن حزم‪" :‬وأما من كنسست مسسوله فعلسسي مسسوله فل يصسسح مسسن طريسسق‬
‫الثقات أصل ً « ]ابن حزم‪ /‬الفصسسل‪ ،4/224 :‬وانظسسر‪ :‬ابسسن تيميسسة‪ /‬منهسساج السسسنة‪،4/86 :‬‬
‫والذهبي‪ /‬المنتقى )مختصر منهاج السنة( ص ‪ .[.467‬ونقل عسسن البخسساري وإبراهيسسم‬
‫الحربي وطائفة من أهل العلم بالحديث أنهم طعنوا فيسسه وضسسعفوه ]منهسساج‬
‫السنة‪.[.4/86 :‬‬
‫قال شيخ السلم‪" :‬وأما قوله‪" :‬من كنت موله فعلي موله" فليس هو‬
‫حته ]منهسساج‬
‫ما رواه أهل العلم وتنازع الّناس في صس ّ‬ ‫صحاح‪ ،‬لكن هو م ّ‬ ‫في ال ّ‬
‫م وال من واله وعاد من عاداه وانصسسر مسسن‬ ‫ما قوله‪" :‬الّله ّ‬
‫السنة‪ .[.4/86 :‬وأ ّ‬
‫نصره واخذل من خذله" فهو كذب باتفاق أهل المعرفسسة بالحسسديث" ]منهسساج‬
‫السنة‪ .[.4/16 :‬ثم بين شيخ السلم أن الكذب يعرف من مجرد النظسسر فسسي‬
‫متنها‪ ،‬لن قوله‪" :‬اللهم انصر من نصره‪ "..‬خلف الواقع التسساريخي الثسسابت‬
‫]فإنه قاتل معه أقوام يوم "صفين" فما انتصروا‪ ،‬وأقوام لم يقاتلوا فما خذلوا‪ » :‬كسسسعد «‬
‫الذي فتح العراق لم يقاتل معه‪ ،‬وكذلك أصحاب معاوية وبني أمية الذين قاتلوه فتحوا كثيًرا‬
‫من بلد الكفار ونصرهم الله‪) .‬مجمسسوع فتسساوى شسسيخ السسسلم‪ [.(4/418 :‬فل تصح عسسن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وأما قوله‪" :‬اللهم وال مسسن واله وعسساد‬
‫ن المسسؤمنين‬ ‫ن القرآن قسسد بي ّسسن أ ّ‬ ‫من عاداه" فهو مخالف لصل السلم‪ ،‬فإ ّ‬
‫إخسسوة مسسع قتسسالهم وبغسسي بعضسسهم علسسى بعسسض ]مجمسسوع فتسساوى شسسيخ السسسلم‪:‬‬
‫‪.[.4/418‬‬
‫قال شيخ السلم ابن تيمية – بعد ذكسسره لخلف أهسسل العلسسم فسسي ثبسسوت‬
‫قوله‪" :‬من كنت موله فعلي موله"‪ :-‬إن لم يكن النسسبي صسسلى اللسسه عليسسه‬
‫وسلم قاله فل كلم‪ ،‬فإن قاله فلم يرد به قطًعا الخلفة بعده؛ إذ ليس في‬
‫غا مبيًنا‪ ..‬والموالة‬ ‫اللفظ ما يدل عليه‪ ،‬وهذا المر العظيم يجب أن يبلغ بل ً‬
‫ضد المعاداة‪ .‬وهذا حكم ثابت لكل مؤمن ]وإنما خص بذلك علسسي لسسسبب سسسيأتي‬
‫بيسسانه‪ ،[.‬فعلسسي رضسسي اللسسه عنسسه مسسن المسسؤمنين السسذين يتولسسون المسسؤمنين‬
‫ويتولونه‪ ،‬وفي هذا الحديث إثبات إيمان علي فسسي البسساطن‪ ،‬والشسسهادة لسسه‬
‫بسسأنه يسسستحق المسسوالة باطن ًسسا وظسساهًرا‪ ،‬ويسسرد مسسا يقسسوله فيسسه أعسسداؤه مسسن‬
‫الخوارج والنواصب‪ ،‬ولكن ليس فيه أنه ليس من المسسؤمنين مسسولى غيسسره‪،‬‬
‫فكيف ورسول الله صلى الله عليه وسلم له موال وهم صالحو المسسؤمنين‬
‫]منهاج السنة‪.[.4/86 :‬‬
‫قال الفيروزآبسسادي صسساحب القسساموس‪" :‬وأمسسا مسسا يظنسسه مسسن يظسسن مسسن‬
‫سققول ُ ُ‬
‫ه‪ {..‬انظسسر‪:‬‬ ‫وَر ُ‬‫ه َ‬ ‫م الل ّ ق ُ‬
‫ول ِي ّك ُ ُ‬
‫ما َ‬‫الرافضة أن في الية ]وهي قوله سبحانه‪} :‬إ ِن ّ َ‬
‫استدلل الروافض بها ونقده ص)‪ (678‬وما بعسسدها‪ [.‬أو في الحسسديث دللسسة علسسى أن‬
‫علًيا – رضي الله عنه – هو الخليفة بعد النبي صلى الله عليه وسلم فمسسن‬
‫الجهسسل المقطسسوع بخطسسأ صسساحبه؛ فسسإن الوليسسة بالفتسسح هسسي ضسسد العسسداوة‪،‬‬
‫ي‪ ،‬والولية بكسر الواو هي المسسارة‪ ،‬والسسسم منهسسا‬ ‫والسم منها مولى وول ّ‬

‫‪401‬‬
‫والي ومتولي‪ ..‬والموالة ضد المعاداة وهي مسسن الطرفيسسن كقسسوله تعسسالى‪:‬‬
‫ح‬
‫صققال ِ ُ‬ ‫و َ‬ ‫ل َ‬ ‫ريقق ُ‬ ‫جب ْ ِ‬
‫و ِ‬
‫ولهُ َ‬ ‫مقق ْ‬ ‫و َ‬ ‫هقق َ‬‫ه ُ‬ ‫ن الّلقق َ‬ ‫فققإ ِ ّ‬ ‫ه َ‬ ‫عل َْيقق ِ‬‫هَرا َ‬ ‫ظققا َ‬ ‫وِإن ت َ َ‬ ‫} َ‬
‫ك‬‫هيٌر{ ]التحريم‪ ،‬آيسسة‪ ،[.4:‬وقال‪} :‬ذَل ِق َ‬ ‫عدَ ذَل ِ َ َ‬ ‫ملئ ِك َ ُ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫م ْ‬‫ال ْ ُ‬
‫ك َظ ِ‬ ‫ة بَ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬
‫َ‬
‫م{ ]محمسسسد‪،‬‬ ‫ه ْ‬ ‫وَلى ل َ ُ‬ ‫م ْ‬‫نل َ‬ ‫ري َ‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫كا ِ‬ ‫وأ ّ‬ ‫مُنوا َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫وَلى ال ّ ِ‬ ‫م ْ‬‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ب ِأ ّ‬
‫َ‬
‫ول ِي َققاء‬‫مأ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ضق ُ‬ ‫ع ُ‬ ‫ت بَ ْ‬ ‫من َققا ُ‬
‫ؤ ِ‬ ‫وال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫ن َ‬ ‫من ُققو َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬‫وال ْ ُ‬
‫آيسسة‪ .[.11:‬وقسسال تعسسالى‪َ } :‬‬
‫ض{ ]التوبة‪ ،‬آية‪] "[.71 :‬القضسساب المشسستهر‪ ،‬الورقسسة)‪ .[.(13‬واليات فسسي هسسذا‬ ‫ع ٍ‬ ‫بَ ْ‬
‫المعنى كثيرة ]انظر‪ :‬المعجم المفهرس‪ ،‬مادة "ولي"‪.[.‬‬
‫ويبدو أن الرافضة وجسسدوا أن الحسسديث ل يخسسدم أغراضسسهم‪ ،‬فسسزادوا فيسسه‬
‫زيادات فاحشة‪.‬‬
‫وقد رأى المام محمد بن عبسسد الوهسساب فسسي جملسسة مسسن الزيسسادات السستي‬
‫زادها الروافض في هذا الحديث ما هو كفر بإجماع المسلمين ]انظر‪ :‬رسالة‬
‫في الرد على الرافضة ص ‪ 6‬وما بعدها‪ ،[.‬ومن يقرأ زياداتها في ذلك من خلل ما‬
‫جمعه المجلسي في بحاره يرى من الكفر والضسسلل مسسا يسسستغرق شسسرحه‬
‫الصفحات الطوال‪ ،‬ويكفي في الحكم بكذبه مجرد النظر إلى متنه‪.‬‬
‫ومن المعلسسوم لغسسة وعقل ً وعرفًسسا‪ ،‬فض سل ً عسسن الشسسرع أن السسستخلف ل‬
‫يكون بمثل هذه اللفاظ‪ ،‬لذلك قال الحسن بن الحسن بن علسسي بسسن أبسسي‬
‫طالب – كما يروي البيهقي – حينما قيل له‪ :‬ألسسم يقسسل رسسسول اللسسه صسسلى‬
‫الله عليه وسلم لعلي‪ :‬من كنت موله فعلي مسوله؟ فقسال‪ :‬أمسا واللسه إن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كان يعني المرة والسلطان والقيسسام‬
‫على الناس بعده لفصح لهم بذلك‪ ،‬كما أفصح لهم بالصلة والزكاة وصيام‬
‫رمضان وحج البيت‪ ،‬ولقال لهم‪ :‬إن هذا ولي أمركم من بعدي فاسمعوا له‬
‫وأطيعوا فما كان من وراء هذا شيء‪ ،‬فإن أنصح الناس للمسلمين رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم ]البيهقي‪ /‬العتقاد‪ :‬ص ‪ ،183-182‬وانظسسر‪ :‬تهسسذيب تاريسسخ‬
‫دمشق‪ ،4/169 :‬أبو حامد المقدسي‪ /‬رسالة في الرد على الرافضة‪ :‬ص ‪.[.223-222‬‬
‫ص بسذلك علي ّسسا –‬ ‫ل مسؤمن‪ ،‬ولكسسن خس ّ‬ ‫م كس ّ‬ ‫والمعنى الذي في الحديث يعس ّ‬
‫ده‬ ‫شسسكاية ضس ّ‬ ‫رضي الله عنه – لّنه قد نقم منه بعسسض أصسسحابه‪ ،‬وأكسسثروا ال ّ‬
‫ي صلى الله عليسسه وسسسلم إلسسى اليمسسن قبسسل خروجسسه مسسن‬ ‫حينما أرسله الّنب ّ‬
‫جة الوداع ]سسسيرة ابسسن هشسسام‪ ،2/603 :‬البدايسسة والّنهايسسة‪،[.105-5/104 :‬‬ ‫المدينة لح ّ‬
‫ولذلك قال البيهقي‪" :‬ليس فيه إن صح إسناده نص على ولية علي بعسسده‬
‫فقد ذكرنا من طرقه في كتاب الفضائل ما دل على مقصسود النسبي صسلى‬
‫الله عليه وسلم من ذلك‪ ،‬وهو أنه لما بعثه إلى اليمن كثرت الشسسكاة عنسسه‬
‫وأظهروا بغضه‪ ،‬فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يسسذكر اختصاصسسه بسسه‬
‫ومحبته إياه ويحثهم بذلك على محبته وموالته وترك معسساداته فقسسال‪ :‬مسسن‬
‫كنت وليه فعلي وليه‪ ،‬وفي بعض الروايات‪ :‬من كنت مسسوله فعلسسي مسسوله‪،‬‬
‫ضسسا‬‫والمراد به ولء السلم ومودته‪ .‬وعلى المسلمين أن يوالي بعضسسهم بع ً‬
‫ضا" ]العتقسساد‪ :‬ص ‪ ،181‬ونشسسير فسسي ختسسام القسسول عسسن حسسديث‬ ‫ول يعادي بعضهم بع ً‬
‫الغدير إلى الملحظات التالية‪:‬‬
‫ك{ ]المسسائدة‪،‬‬ ‫مققن ّرب ّق َ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫يق‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫إ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ز‬ ‫غ ما ُ‬
‫أن‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ب‬ ‫ُ‬
‫ل‬ ‫سو‬ ‫ر‬ ‫ال‬ ‫ها‬ ‫ي‬‫ل‪ :‬أن قوله سبحانه‪} :‬يا أ َ‬‫أو ً‬
‫ِ‬ ‫ِ ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ ُ‬ ‫َ ّ َ‬
‫جسسة بعسسد‬
‫دة طويلة‪ ،‬ويوم الغسسدير إّنمسسا كسسان ثمسسان عشسسر ذي الح ّ‬ ‫جة بم ّ‬‫آية‪ [67:‬نزلت قبل ح ّ‬

‫‪402‬‬
‫ج‪ ،‬فقولهم بأّنه حينما نزلت عليه هذه الية خطب خطبة الغدير هو من وضع‬ ‫رجوعه من الح ّ‬
‫من ل يعرف كيف يضع‪.‬‬
‫ن الذي واه مسلم بأّنه بغدير خم قال‪" :‬إّنما أنا بشر يوشك أن يسسأتي رسسسول رب ّسسي‬ ‫ثانًيا‪ :‬أ ّ‬
‫فأجيب‪ .‬وأنا تارك فيكم ثقليسن‪ :‬أّولهمسا كتساب اللسه فيسه الهسدى والّنسور فخسذوا بكتساب اللسه‬
‫غب فيه‪ ،‬ثم قال‪" :‬وأهل بيسستي أذكركسسم اللسسه فسسي‬ ‫ث على كتاب الله ور ّ‬ ‫واستمسكوا به" فح ّ‬
‫ي بسسن أبسسي طسسالب –‬ ‫صحابة‪ ،‬باب من فضائل عل ّ‬ ‫أهل بيتي‪) "..‬صحيح مسلم كتاب فضائل ال ّ‬
‫رضي الله عنه – ‪) 2/1883‬ح ‪.(2408‬‬
‫قال شيخ السلم ابن تيمّية‪ :‬وهذا ما انفرد به مسلم ولم يروه البخسساري‪ ،‬وليسسس فيسسه إل‬
‫جسسة السسوداع‪ ،‬وهسسو لسسم يسسأمر‬
‫دمت الوصّية به فسسي ح ّ‬ ‫الوصّية باّتباع كتاب الله‪ ،‬وهذا أمر قد تق ّ‬
‫كركم الله في أهل بيتي"‪ ،‬وتذكر المة لهم يقتضسسي أن يسسذكروا‬ ‫باّتباع العترة ولكن قال‪" :‬أذ ّ‬
‫ما تقدم المر به قبل ذلك من إعطائهم حقوقهم‪ ،‬والمتناع من ظلمهم‪ ،‬وهذا أمر قد تقسسدم‬
‫بيانه قبل غدير خم‪ ،‬فعلم أنه لم يكن في الغدير أمر بشرع نزل ل في حق علسي ول غيسره‪.‬‬
‫)منهاج السنة‪.(4/85 :‬‬
‫وقال الفيروزآبادي‪ :‬إن قوله‪" :‬أذكركم الله فسسي أهسسل بيسستي" ليسسس ممسسا يختسسص بعلسسي –‬
‫رضي الله عنه – بل هو مشترك بين جميع أهسسل السسبيت‪ :‬آل علسسي‪ ،‬وآل جعفسسر‪ ،‬وآل عقيسسل‪،‬‬
‫وآل عباس‪ ،‬وأبعد الناس من قبسسول هسسذه الوصسسية هسسم الرافضسسة فسسإنهم يعسادون جمهسسور آل‬
‫البيت‪ ،‬ويعاونون الكفار على أهل البيت‪) .‬القضاب المشتهر‪ ،‬الورقة ‪.[.(13‬‬
‫وبعد أن عرضنا لهم دليل عندهم من كتاب اللسسه‪ ،‬وأقسسوى دليسسل عنسسدهم‬
‫من سنة رسول الله صلى الله عليه وسسسلم نسسدع اسسستعراض بسساقي أدلتهسسم‬
‫إلى كتب أهل السنة التي تتبعت شبه الروافسسض السستي يثيرونهسسا مسسن كتسسب‬
‫السنة وأتت عليها من القواعد‪.‬‬
‫ول شك أن التعرف على هذه الشبه والرد عليها أمر ميسسسور‪ ،‬إذ يكفسسي‬
‫الرجسسوع إلسسى منهسساج السسسنة ومسسا مسساثله مسسن كتسسب أهسسل السسسنة‪ ..‬ولكسسن‬
‫استعراضها كلها في بحثنا يستوعب المجلدات ولسسن يسسأتي بجديسسد‪ ..‬ولسسذلك‬
‫اقتصرنا على أقوى دليل عندهم من الكتاب والسنة‪.‬‬
‫وسبب آخر في غاية الهمية وهو أن هؤلء الروافض ل يؤمنون أصل ً بما‬
‫جاء عن طريق أهل السنة ولو كان في غاية الصحة – كمسسا سسسلف – لكسسن‬
‫هم يثيرون هذه الشبهات ليحققوا بها أمرين – فيما أرى ‪:-‬‬
‫الول‪ :‬إقناع المتشككين والحائرين من أتباعهم‪ ،‬وذلك بخداعهم أن هذه‬
‫العقائد متفق عليها بين السنة والشيعة‪ ،‬ولكن أهل السنة يكابرون‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬إشغال أهل السنة بهذه المسائل والدفاع عنهسسا حسستى ل يتمكنسسوا‬
‫من الوصول إلى كتب الروافض المعتمدة في الحديث والرجال والتفسسسير‬
‫ودراستها بعين بصيرة ناقدة‪ ..‬وكشف المر أمام التباع الجهلة‪.‬‬
‫مسسا فسسي مواجهسسة المسسر‬‫دا عظي ً‬
‫ولذلك أقول‪ :‬إن علماء السنة قدموا جه س ً‬
‫الول‪ ،‬أما الثاني فإن عدم توفر كتب الروافض – فيما يظهر – حال بينهسسم‬
‫وبين نقدها‪ ،‬وكشف ما فيها‪ ،‬إل في العصسسور المتسسأخرة‪ ،‬حيسسث بسسدأ علمسساء‬
‫الهند والباكستان السهام في ذلك‪ .‬والموضوع ل يزال بحاجة إلى مواصلة‬
‫هذا الطريق وتضافر الجهسسود‪ ،‬بدراسسات علميسسة موضسوعية تسسبين الحقيقسسة‬
‫وتكشف الزيف أمام أولئك المغرورين والمخدوعين‪.‬‬
‫ونعود الن إلى مسألة النص في كتب الشيعة بعد أن أشرنا إلسسى أقسسوى‬
‫أدلتهم من طريق السنة‪.‬‬
‫النص في كتب الشيعة‪:‬‬
‫‪403‬‬
‫أصل قول الرافضة هو دعوى النص ]انظر‪ :‬ابن تيمية‪ /‬منهاج السنة‪..[.3/356 :‬‬
‫وقد تنوعت احتجاجاتهم على مسألة النص؛ فهي تارة كتب إلهية تنزل من‬
‫السماء في النص على علي والئمة‪ ،‬ولكن هسسذه الكتسسب غسسابت منسسذ سسسنة‬
‫ه مع الغائب المنتظر ]انظسسر‪ :‬ص)‪ (586‬مسسن هسسذه الرسسسالة‪ ..[.‬وهي أخسسرى‬
‫‪‍ 260‬‬
‫نصوص صريحة فسسي القسسرآن فسسي النسسص علسسى الثنسسي عشسسر‪ ،‬ولكسسن هسسذه‬
‫النصوص اختفت من القرآن بفعل الصحابة ]انظر‪ :‬ص)‪ (200‬وما بعدها من هذه‬
‫الرسالة‪ ،[.‬وهي ثالثة نصوص صريحة من الرسول صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم‬
‫ولكن المة أجمعت على كتمانها‪ ،‬وكان أول مسسن أظهسسر القسسول بهسسا – كمسسا‬
‫في رجال الكشي وغيره – ابن سبأ ]انظر‪ :‬ص )‪ (654‬من هذه الرسالة‪.[.‬‬
‫وهي تارة رابعة تأويلت باطنية ليسسات القسسرآن بالئمسسة‪ ،‬ولكسسن ل يعسسرف‬
‫هذه التأويلت إل الئمة ]انظر‪ :‬ص ‪ 149-133‬من هذه الرسالة‪.[.‬‬
‫ويدعمون ذلك بدعاوى غريبة في الئمة من معجزات خارقة‪ ،‬وعصمة‬
‫مطلقة وكتب موروثة‪ ،‬وعلوم متلقاة عن الوحي السماوي‪ ..‬وعلمات في‬
‫الئمة ينفردون بها دون سائر البشر‪ ...‬إلخ‪.‬‬
‫وقد تفرد بنقسسل دعسسوى النسسص فسسي بسسدايتها ابسسن سسسبأ‪ ،‬ثسسم عممسست هسسذه‬
‫الدعوى على آخرين من آل محمسسد اختلفسست فسسرق الشسسيعة فسسي أعسسدادهم‬
‫وأعيانهم اختلًفا كبيًرا‪ ،‬وقد تولى كبرها هشام بن الحكم وشيطان الطسساق‬
‫ما‬
‫كما يقوله طائفة من أهل العلم‪ ،‬ثم كان استقرار القول باثني عشر إما ً‬
‫ه( على يد ثلة ممن ادعوا واخترعوا فكرة المسسام الغسسائب‪،‬‬ ‫بعد سنة )‪‍ 260‬‬
‫والنيابة عنه والرتزاق باسمه كما سيأتي في مسألة الغيبة‪.‬‬
‫ورواياتهم في النص على الئمة قد استحوذت على حيز كبير من كتبهسسم‬
‫المعتمسسدة فسسي الكسسافي والبحسسار وكتسسب التفسسسير‪ ،‬وعامسسة كتسسب شسسيوخهم‬
‫كالمفيد وابن بابويه‪ ،‬والطوسي‪ ،‬وابن المطهر وغيرهم‪.‬‬
‫وما دام قد قام ما يشبه التفاق بين كتب السنة والشيعة على أن الذي‬
‫تولى كبر فرية النص هو ابن سبأ‪ ،‬ونقلت كتب الشسسيعة أن أحسساديث النسسص‬
‫كانت موضوع التداول السري بين العناصر المنتسبة للتشيع ]كما سلف ص )‬
‫‪ ،[.(658‬ولم تعلن ذلك أمام علماء السلم بما فيهم أئمة أهل البيت‪ ،‬وهذا‬
‫الجو السري مجال واسع للوضع والفتراء‪.‬‬
‫وقد كانت بداية التدوين من عناصر ليست من السلم في شيء‬
‫لفترائها على كتاب الله كالصفار وإبراهيم القمي والكليني‪ ،‬فما دام المر‬
‫كذلك فهل يثق المسلم بمثل هذه النصوص التي تكاثرت على مر‬
‫الزمان؟!‬
‫وبعض الشيعة الصوليين قد ل يثقون بكل ما جاء فسسي هسسذه المسسدونات‪،‬‬
‫حتى قال جعفر آل كاشف الغطا في كتابه "كشسف الغطسسا" والسسذي تعتمسسد‬
‫عليه الشيعة اليوم‪ ،‬قسسال‪ :‬المحمسسدون الثلثسسة كيسسف يوثسسق بتحصسسيل العلسسم‬
‫عليهم ]مر نقل النص ص ‪ ،368‬وهو يعني بالمحمدين الثلثة أصحاب الكتب الربعة‪.[.‬‬
‫والكتاب الوحيد الذي تطمئن الشيعة إلى كل كلمة فيسسه هسسو كتسساب نهسسج‬
‫البلغة مع أنه لم يجمع إل في القرن الرابع عن أمير المؤمنين في القسسرن‬
‫‪404‬‬
‫الول وليس له سند معروف ]انظسسر‪ :‬ص )‪ .[.(389‬فإذا كسسان هسسذا هسسو عمسسدة‬
‫كتبه فما حال الكتب الخرى؟ ولذلك قال شيخ السلم ابن تيميسسة‪" :‬ليسسس‬
‫أحسسد مسسن الماميسسة ينقسسل هسسذا النسسص بإسسسناد متصسسل فضسل ً عسسن أن يكسسون‬
‫متواتًرا" ]منهاج السنة‪.[.4/210 :‬‬
‫ومع ذلك إذا أردنا أن نحتكم إلى نهج البلغة نجسسد فيسسه مسسا ينفسسي دعسسوى‬
‫النص ويهدم كل ما زعموه في هسسذا البسساب‪ ،‬أو يثبسست التنسساقض‪ ،‬والتنسساقض‬
‫دليل بطلن المذهب‪.‬‬
‫جاء في نهج البلغة أن أمير المؤمنين علًيا قال – لما أراده الناس علسسى‬
‫البيعة ‪" :-‬دعوني والتمسوا غيري فإّننا مستقبلون أمًرا له وجوه وألسسوان ل‬
‫تقوم له القلوب ول تثبسست عليسسه العقسسول‪ ،‬وإن تركتمسسوني فسسإّني كأحسسدكم‪،‬‬
‫ي أسمعكم وأطوعكم لمن ولّيتموه أمركم‪ ،‬وأنا لكم وزيًرا خيسسر من ّسسي‬ ‫ولعل ّ‬
‫را" ]نهج البلغة‪ :‬ص ‪ .136‬وقال المفيد فسسي الرشسساد‪ :‬وممسا حفسسظ العلمسساء مسسن‬‫لكم أمي ً‬
‫كلم أمير المؤمنين أنه قسسال‪ ..." :‬أتيتمسسوني فقلتسم‪ :‬بايعنسا‪ ،‬فقلسست‪ :‬ل أفعسسل‪ ،‬فقلتسسم‪ :‬بلسى‪،‬‬
‫ي تسسداك‬
‫فقلت‪ :‬ل‪ ،‬وقبضت يدي فبسطتموها‪ ،‬ونسسازعتكم فجسسذبتموه – كسسذا – وتسسداككتم علس ّ‬
‫ضسسا لسسدي‬
‫البل الهيم على حياضها يوم ورودها حتى ظننت أنكم قاتلي‪ ،‬وإن بعضكم قاتل بع ً‬
‫فبسطت يدي فبايعتموني‪) ."...‬الرشسساد‪ :‬ص ‪ 131-130‬ط‪ :‬العلمسسي بيسسروت‪ ،‬وص‪-143 :‬‬
‫‪ 144‬ط‪ :‬الحيدريسسة بسسالنجف(‪ .‬فهسسل يقسسول مثسسل هسسذا الكلم مسسن يتطلسسع للخلفسسة‪ ،‬ويطسسوف‬
‫بفاطمة على بيوت الصحابة يطالب بالبيعة‪ ...‬إلى آخسسر أسسساطير الشسسيعة فسسي هسسذا البسساب؟‬
‫وهل يبقى لدعوى النص على المامة وكفر من خالفه بعد هذا القول مكان؟! إذ هل يخطر‬
‫بالبال أن يدعو علي الناس إلى الكفر‪ ،‬ذلك أن من لم يبايع المام المنصوص عليه هو كافر‬
‫ي هنا يرفض البيعة؟![‪.‬‬ ‫في قواميس الشيعة‪ ..‬وعل ّ‬
‫صسسا عليسسه بالمامسسة مسسن جهسسة‬‫وهذا النص يدل علسسى أنسسه لسسم يكسسن منصو ً‬
‫الرسول وإل لما جاز أن يقول‪" :‬دعسوني‪ ..‬إلسخ‪ ،‬ولعّلسي‪ ..‬إلسسخ‪ ،‬وأنسا لكسسم‪..‬‬
‫إلخ" ]محمود شكري اللوسي‪ /‬تعليقات على ردود الشيعة )مخطوط(‪.[.‬‬
‫فكيف يرفض المام المعصوم مبايعته بالمامة في قوله‪" :‬دعسسوني" مسسع‬
‫أن ذلك أهم ركن من أركان الدين؟ وكيف يأمرهم بمبايعة غيره في قوله‪:‬‬
‫"التمسوا غيري" مع أن كتب الشيعة تقسول‪ :‬ثلثسة ل ينظسر اللسه إليهسم ول‬
‫ما ليس من عند الله‪"..‬؟!‬ ‫يكلمهم ولهم عذاب أليم‪" :‬من بايع إما ً‬
‫فهل يأمرهم بالكفر بعد اليمان‪ ..‬أو أن دعاوى الشيعة في هذا الباب ل‬
‫ي‪ ،‬وإنما هي دسيسة حاقد‪ ،‬وصنيعة كافر موتسسور‪ ..‬أراد‬ ‫صلة لها بالمام عل ّ‬
‫تفرقة المة وبث النزاع والخلف في صفوفها؟‬
‫إن ابن المطهر الحلي يقرر بأن من طلب القالة فليسسس بإمسسام؛ إذ "لسسو‬
‫ما لم يجز لسسه طلسسب القالسسة" ]ابسسن المطهسسر‪ /‬منهسساج الكرامسسة‪ :‬ص ‪[.195‬‬
‫كان إما ً‬
‫فكيف بمن يرد بيعته‪ ،‬ويأمر بمبايعسسة غيسسره‪ ..‬أل تكسسون مسسن بسساب أولسسى أل‬
‫يكون عنده نص بإمامته من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!‬
‫وهذا المعنى الذي جاء في النهج يتفق مع مسا أثبتتسسه القسسرائن والحسسداث‬
‫التاريخية من أن الخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم ما كسسانوا يتطلعسسون‬
‫لمنصب الخلفة‪ ،‬ول يستشرفونه‪ ..‬لن ذلسسك فسسي نظرهسسم أمانسسة عظيمسسة‪،‬‬
‫وتكليف باهظ‪.‬‬

‫‪405‬‬
‫"وقد اتفق أهل السنة والشيعة على أن علًيا لم يسسدع إلسسى مبسسايعته فسسي‬
‫خلفة أبسسي بكسسر وعمسسر وعثمسسان ول بسسايعه علسسى ذلسسك أحسسد" ]منهسساج السسسنة‪:‬‬
‫‪ [.1/225‬ولكن الشيعة تفسر ذلك بتفسير ل يليق بمقام أمير المسسؤمنين؛ إذ‬
‫"تعتقد أنه كان يريد ذلك‪ ،‬وتعتقد أنه المام المستحق للمامسسة دون غيسسره‬
‫ولكن كان عاجًزا عنه" ]منهاج السنة‪ [.1/225 :‬فكان يلوذ بالتقية‪ ،‬وتخلى عسسن‬
‫أعظم أمر من أمور الدين كمسسا يراهسسا هسسؤلء‪ ،‬وهسسذا مسسا حسسدا بطائفسسة مسسن‬
‫الشيعة وهي الكاملية إلى تكفيره – رضي الله عنه – لتخليه عن المطالبة‬
‫بهذا المر‪ ،‬وهذا لن من وضع هذا العتقاد ل يقصد نصرة أميسسر المسسؤمنين‬
‫ومشايعته وإنما يرمي إلى تفرقة المة والكيسسد لهسسا‪ ..‬ولهسسذا كسسانت النتيجسسة‬
‫لمقالته الحكم بالضلل على جميع المة بما فيهم أمير المؤمنين علي‪.‬‬
‫ي‬
‫ثم قرر أمير المؤمنين – كما يذكر صسساحب النهسسج – فسسي قسسوله‪" :‬ولعلس ّ‬
‫من ولّيتموه أمركم" بأنه رضي الله عنه سيكون أكثر‬ ‫أسمعكم وأطوعكم ل ِ َ‬
‫سمًعا وطاعة لمن وله المسلمون واختاروه خليفة‪ ..‬وهسسذا ينقسسض دعسسوى‬
‫الّتقية في مبايعته لمسسن سسسبقه وطسساعته لهسسم رضسسي اللسسه عنسسه‪ ،‬إذ إن مسسن‬
‫يتعامل معهم بالتقيسسة ل يكسسون كأحسسد المسسسلمين المبسسايعين فضسل ً عسسن أن‬
‫يكون أكثرهم سمًعا وطاعة‪.‬‬
‫وقوله‪" :‬لمن وليتموه" يقتضسسي أن أمسسر الوليسسة يعسسود إلسسى رأي جمهسسور‬
‫المسسسلمين واتفسساقهم‪ ،‬ل إلسسى نسسص مزعسسوم‪ ،‬كمسسا ل ينحصسسر فسسي شسسخص‬
‫معلوم‪.‬‬
‫ثم يدفع أمر مبايعته مرة أخرى وبطريق آخر في قوله‪" :‬وأنا لكم وزيًرا‬
‫ضا ينفي ما نسبه الروافض إليه – رضسسي اللسه‬ ‫خير مني لكم أميًرا" وهذا أي ً‬
‫عنه – من التفاخر بالفضسسائل والتظسساهر بسسالخوارق والمعجسسزات‪ ..‬والطعسسن‬
‫في الخلفاء السابقين للحتجاج على أحقيته بالمامة‪ .‬لذلك تنسف الوصية‬
‫من القواعد‪.‬‬
‫وهو يشير في نص آخر إلى أن قبوله للخلفة ل عن رغبة بهسسا ول تطلسسع‬
‫صسسا ول‬‫دع ن ّ‬ ‫إليها‪ ،‬ولكنه استجابة لحمل المسسسلمين لسسه علسسى ذلسسك‪ ،‬ولسسم يس ّ‬
‫وصّية فهو يقول‪" :‬والله ما كانت لي في الخلفة رغبة ول في الولية إربة‬
‫طلبة[‪ ،‬ولكّنكم دعوتمسسوني إليهسسا‪ ،‬وحملتسسوني‬ ‫]الربة – بكسر الهمزة ‪ :-‬الغرض وال ّ‬
‫عليها‪] "..‬نهج البلغة‪ :‬ص ‪.[.322‬‬
‫ويذكر أن ثبوت خلفتسسه تسسم بمبايعسسة المهسساجرين والنصسسار السسذين كسسانت‬
‫الشورى لهم‪ ،‬وكان إجماعهم هو المعتبر في هذا المقام‪ ،‬ولسسو كسسان هسسؤلء‬
‫مرتدين كما تصفهم كتب الشيعة لم يجسسز اعتبسسار بيعتهسسم وإجمسساعهم‪ ،‬ولسسو‬
‫كان ثمة نص لم يحتج إلى بيعتهم وإجماعهم‪.‬‬
‫يقول أمير المؤمنين – كما في النهج ‪" :-‬إنه بايعني القوم السسذين بسسايعوا‬
‫مسن‬ ‫أبا بكر وعمر وعثمان على ما بايعوهم عليه )فطرقة بيعته ل تختلف ع ّ‬
‫شسساهد أن يختسسار ول للغسائب أن َيسُرد ّ )وهسذا يسوحي بسأن‬ ‫سبقه( فلم يكن لل ّ‬
‫بيعته لم تكن ثابتة من قبل كما يزعم المامية‪ ،‬وإنما بعد ثبوتها بالبيعة لسسم‬
‫شسسورى للمهسساجرين والنصسسار‪ ،‬فسسإن‬ ‫يكن ثمسسة مجسسال للسسرد حينئذ( وإّنمسسا ال ّ‬
‫ما كان ذلك رضسسى )فإجمسساعهم هسسو الصسسل‬ ‫موه إما ً‬‫اجتمعوا على رجل وس ّ‬
‫‪406‬‬
‫دوه‬ ‫في الختيار ل النص(‪ ،‬فإن خرج عسسن أمرهسسم خسسارج بطعسسن أو بدعسسة ر ّ‬
‫إلى ما خرج منه‪ ،‬فإن أبى قاتلوه على اّتباعه غيسسر سسسبيل المسسؤمنين وو ّ‬
‫له‬
‫ما توّلى"‪] .‬نهج البلغة‪ :‬ص ‪ ،367-366‬وقارن ما ذكره المفيد عنه في الرشاد ص ‪130‬‬
‫ط‪ :‬العلمي بيروت‪ ،‬وص ‪ 143‬ط‪ :‬الحيدرّية الّنجف‪.[.‬‬
‫ضا – في عسسدم وجسسود نسسص‪ ،‬فالشسسورى – فسسي أمسسر‬ ‫فهذا نص صريح – أي ً‬
‫المامة – هي للمهاجرين والنصار‪ ،‬ومسسن أجمعسسوا عليسسه هسسو المسسام‪ ،‬ومسسن‬
‫خرج عن ذلك وجب قتاله لتباعه غير سبيل المؤمنين‪ ،‬ولو كان هناك نسسص‬
‫في المام لم يقل علي رضي الله عنه ذلك‪.‬‬
‫فهذه النصوص من كتاب نهج البلغة الذي ترى الشسسيعة أنسسه مسسن الكلم‬
‫الذي ل ريب فيه‪ ،‬ول يأتيه الباطل من بين يديه ول من خلفه فهو من كلم‬
‫المعصوم على وجه اليقين عندهم‪ .‬ول يشك الشيعة في كلمة منسسه‪ ،‬وهسسي‬
‫ي والئمة‪.‬‬‫تهدم كل ما بنوه من دعاوى حول النص على عل ّ‬
‫وهذا المعنى المروي عن علي في النهج يتفق مسسع مسسا جسساء عسسن طريسسق‬
‫أهل السنة عن أمير المؤمنين فيأخسذ صسفة الجمساع عنسد الفريقيسن‪ ،‬فقسد‬
‫روى المام أحمد في مسنده عن وكيع عن العمسسش عسسن سسسالم بسسن أبسسي‬
‫الجعد عن عبد الله بن سبع قال‪ :‬سمعت علّيا يقول‪) :‬وذكسسر أن ّسسه سسسيقتل(‬
‫قالوا‪ :‬فاستخلف علينا‪ ،‬قال‪ :‬ل‪ ،‬ولكن أترككم إلى ما ترككسسم إليسسه رسسسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم‪ .‬قالوا‪ :‬ما تقسسول لرب ّسسك إذا أتيتسسه؟ قسسال‪ :‬أقسسول‪:‬‬
‫م تركتني فيهما ما بدا لك ثم قبضتني إليك وأنسست فيهسسم‪ ،‬فسسإن شسسئت‬ ‫"الّله ّ‬
‫أصلحتهم‪ ،‬وإن شئت أفسدتهم" ]مسند أحمسسد‪ 2/242 :‬رقسم )‪ ،(1078‬وقسسال أحمسسد‬
‫شاكر‪ :‬إسناده صحيح‪ ،‬والحديث في مجمع الّزوائد‪ .9/137 :‬وقال الهيثمي‪ :‬رواه أحمد وأبو‬
‫صحيح‪ ،‬ورواه البّزار بإسناد حسن‪.[.‬‬
‫يعلى ورجاله رجال ال ّ‬
‫وروى المام أحمد مثله عن أسود بن عامر بن العمش عن سسسلمة بسسن‬
‫كهيل عن عبد الله بن سبع ]المسند‪ 2/340 :‬رقم)‪ .(1339‬قال أحمد شاكر‪ :‬إسناده‬
‫صحيح‪ .[.‬وفي هذا الباب روايات أخرى ]انظر‪ :‬الدارقطني‪ /‬السنن الكبرى‪،8/149 :‬‬
‫وراجع‪ :‬البداية والنهاية‪.[.325-7/324 ،251-5/250 :‬‬
‫وقد قال العباس لعلي – رضي الله عنهما ‪ .." :-‬فاذهب بنسسا إليسسه )يعنسي‬
‫إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم( فنسأله فيمن هذا المر؟ فإن كان‬
‫فينا عرفناه وإن كان في غيرنا أمرناه فوصسساه بنسسا‪] "..‬صسسحيح البخسساري‪ /‬كتسساب‬
‫الستئذان‪.[.7/136 :‬‬
‫وقد كان هذا كما جاء في بعض الروايات "يوم الثنين يوم الوفاة‪ ،‬فسسدل‬
‫على أنه عليه السلم توفي عن غير وصية فسسي المسسارة" ]ابسسن كسسثير‪ /‬البدايسسة‬
‫والنهاية‪.[.5/251 :‬‬
‫ن علّيسا – رضسي‬ ‫وقد جاء في صحيح البخاري أّنهم "ذكروا عنسد عائشسة أ ّ‬
‫ي إليه؟! وقد كنسست مسسسندته‬ ‫ُ‬
‫ص َ‬
‫الله عنه وعنها – كان وصّيا فقالت‪ :‬متى أو ِ‬
‫طست‪ ،‬فلقد انخنث في حجري فما‬ ‫إلى صدري‪ ،‬أو قالت‪ :‬حجري فدعا بال ّ‬
‫شعرت أّنه قد مات فمتى أوصى إليه" ]صحيح البخسساري‪ /‬كتسساب الوصسسايا‪،3/186 :‬‬
‫مسسن ليسس لسه شسيء‬
‫وكتاب المغازي ‪ ،5/143‬ومسلم‪ ،‬كتاب الوصسّية‪ ،‬بساب تسرك الوصسّية ل ِ َ‬

‫‪407‬‬
‫ي صسسلى‬
‫ُيوصي فيه‪) 2/1257 :‬ح ‪ ،(1636‬والّنسائي‪ ،‬كتاب الحباس‪ ،‬باب هسسل أوصسسى الن ّسسب ّ‬
‫الله عليه وسلم‪ ،6/240 :‬وأحمد‪.[6/32 :‬‬
‫وقد صح عن ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم لم يوص "أخرجه ابن‬
‫أبي شيبة من طريق أرقم بن شرحبيل عنه" ]مصنف ابسسن أبسسي شسسيبة‪11/207 :‬‬
‫)ح ‪ ،(10988‬وقد صححه الحافظ ابن حجر )فتح الباري‪.[.(5/361 :‬‬
‫السققتدلل بققالمور المعلومققة والمتفققق عليهققا فققي مسققألة‬
‫النص‪:‬‬
‫إن لدى أهل السنة أدلة ثابتة صحيحة عندهم في أن الرسول صلى الله‬
‫ي بالمامة‪.‬‬ ‫عليه وسلم لم ينص على عل ّ‬
‫وما تنسبه الشيعة من نصوص لهل السنة هي باطلة في أصلها أو فسسي‬
‫دللتها‪ ،‬ول حجة فيها عليهم‪.‬‬
‫ولدى الشيعة أدلتهم في ثبوت النص سجلوها في كتبهسسم الخاصسسة بهسسم‪،‬‬
‫وأهل السنة ل يؤمنون بها‪ ،‬ويرون أنها وضعت على الئمة من قبسسل بعسسض‬
‫الروافض‪.‬‬
‫وما في كتب الشيعة من أدلة تنقض ما ادعوه في هسسذا البسساب كمسسا فسسي‬
‫نهج البلغة وغيره يلجؤون في ردها إلى التأويل أو دعوى التقيسسة‪ ،‬فليرجسسع‬
‫في الحكم في هذه المسسألة الستي هسي أصسل الصسول عنسد الشسيعة إلسى‬
‫المسسور المعلومسسة والمتسسواترة والمتفسسق عليهسسا "نقسسدر – كمسسا يقسسول شسسيخ‬
‫السلم ابن تيمية – أن الخبسسار المتنسسازع فيهسسا لسسم توجسسد أو لسسم يعلسسم أيهسسا‬
‫الصحيح‪ ،‬ونترك الستدلل بها في الطرفين‪ ،‬ونرجع إلى ما هو معلوم بغير‬
‫ذلك من التواتر وما يعلم من العقول والعادات ومسسا دلسست عليسسه النصسسوص‬
‫المتفق عليها" ]قال شيخ السسسلم ابسسن تيميسسة‪" :‬إن أهسسل العلسسم يعلمسسون بالضسسطرار أن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم لم يبلغ شيًئا مسسن إمامسسة علسسي‪ ،‬ولهسسم علسسى هسسذا طسسرق كسسثيرة‬
‫يثبتون بها هذا العلم" )منهاج السنة‪ (4/14 :‬ويكفي نقل ما ذكره شيخ السلم في مواضسسع‬
‫متفرقة من المنهاج فهي كنز عظيم‪: [.‬‬
‫ل‪ :‬لندع جانب الّروايات المخت ََلف فيها ونحتكم إلى كتاب الله سسسبحانه‬ ‫أو ً‬
‫عن طريق فهمسسه مسسن خلل الّلغسسة العربي ّسسة‪ .‬فسسالله سسسبحانه أنسسزل القسسرآن‬
‫سسّنة وال ّ‬
‫شسسيعة علسسى حسسدود العربي ّسسة‪،‬‬ ‫بلسان عربي مبين‪ ،‬وقد اّتفق أهل ال ّ‬
‫ّ‬
‫ن اللغة العربّيسسة‬‫واّتفقوا على ما وضع لمفرداتها من المعاني‪ ،‬ومعنى هذا أ ّ‬
‫يمكن أن تكون المرجع في الحكومة في هذا المر‪.‬‬
‫مة الثنسسي عشسسر بأسسسمائهم‪ ،‬كمسسا ذكسسر‬ ‫فهل نجد في كتاب الله ِذكًرا للئ ّ‬
‫ن المسسام عنسسدهم‬ ‫رسول الهدى صلى الله عليه وسسسلم باسسسمه ووصسسفه؛ ل ّ‬
‫كالّنبي‪ ،‬ومنكر المام كمنكر النبي أو أعظم‪.‬‬
‫حا فسسي كتسساب اللسسه كمسسا ذكسسرت‬ ‫وهل نجد لمامة الثني عشر ذكًرا صسسري ً‬
‫أركان السلم صريحة واضحة في مواضع متفرقة من كتاب الله من غيسسر‬
‫حاجة لمعرفسسة أصسسلها إلسسى تأويسسل بسساطني أو روايسسات موضسسوعة‪ ،‬والمامسسة‬
‫عندهم أعظم أركان السلم؟!‬

‫‪408‬‬
‫ن مزاعسسم المامي ّسسة‬ ‫فكيف ل تذكر ول يشار إليها؟ أليس هذا دليل ً علسسى أ ّ‬
‫في هذا الباب ل أصل لها؟ وحينئذ لبد من رفض هذه المزاعم لمناقضسستها‬
‫لكتاب الله‪.‬‬
‫وقد أشار شيخ السلم ابن تيمية في مناقشته لبن المطهر الحلي إلسسى‬
‫سا أمكن أن تترك الرواية" ]منهسساج‬ ‫هذا المنهج فقال‪" :‬فإن تركوا الرواية رأ ً‬
‫السنة‪ ،[.1/32 :‬ثم طبق هذا المنهج في الحتجاج لبطسسال دعسسوى الروافسسض‬
‫مققا‬ ‫في المامة فقال‪" :‬وهب أنا ل نحتج بالحديث فقد قال الله تعالى‪} :‬إ ِن ّ َ‬
‫م‬ ‫هقق ْ‬ ‫ت َ َ‬ ‫وإ ِ َ‬ ‫قُلوب ُ ُ‬ ‫ت ُ‬ ‫جل َ ْ‬ ‫ذا ذُك َِر الل ّ ُ‬ ‫ن إِ َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ذا ت ُل َِيقق ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫و ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ذي َ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬
‫ن‬
‫مققو َ‬ ‫قي ُ‬ ‫ن يُ ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن‪ ،‬ال ّ ق ِ‬ ‫وك ّل ُققو َ‬ ‫م ي َت َ َ‬ ‫هق ْ‬ ‫علققى َرب ّ ُِ‬
‫و َ َ‬ ‫مان ًققا َ‬ ‫م ِإي َ‬ ‫هق ْ‬ ‫ه َزادَت ْ ُ‬ ‫آي َققات ُ ُ‬
‫م‬ ‫ه ْ‬‫قا ل ّ ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫ن َ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫م ال ْ ُ‬ ‫ه ُ‬‫ك ُ‬ ‫وَلقئ ِ َ‬ ‫ن‪ ،‬أ ْ‬ ‫قو َ‬ ‫ف ُ‬
‫م ُين ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫قَنا ُ‬ ‫ما َرَز ْ‬ ‫م ّ‬ ‫و ِ‬ ‫صل َةَ َ‬ ‫ال ّ‬
‫م{ ]النفسسال‪ ،‬آيسسة‪ .[.4-2 :‬فشسسهد‬ ‫ري ٌ‬ ‫رْزقٌ ك َ ِ‬ ‫و ِ‬ ‫فَرةٌ َ‬ ‫غ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫عندَ َرب ّ ِ‬ ‫ت ِ‬ ‫جا ٌ‬ ‫دََر َ‬
‫لهؤلء باليمان من غير ذكر للمامة‪.‬‬
‫م‬‫م َلقق ْ‬ ‫ه ثُ ّ‬ ‫سول ِ ِ‬ ‫وَر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫مُنوا ِبالل ّ ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬‫م ْ‬ ‫ما ال ْ ُ‬ ‫وقال تعالى‪} :‬إ ِن ّ َ‬
‫ول َئ ِ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫هقق ُ‬ ‫ك ُ‬ ‫هأ ْ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫في َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫وأن ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫وال ِ ِ‬ ‫م َ‬‫دوا ب ِأ ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫جا َ‬ ‫و َ‬ ‫ي َْرَتاُبوا َ‬
‫ن{ ]الحجرات‪ ،‬آية‪ [.15 :‬فجعلهم صادقين في اليمان من غير ذكر‬ ‫قو َ‬ ‫صاِد ُ‬ ‫ال ّ‬
‫المامة‪.‬‬
‫وساق شيخ السلم شواهد أخسرى مسن هسذا القبيسل ]انظسسر‪ :‬منهسساج السسسنة‪:‬‬
‫‪ ،[.1/33‬وهي وغيرها تبين أن إمامة الثني عشر التي تجعلها الثنا عشسسرية‬
‫أصل الدين وأساسه‪ ،‬ليس لها أصل في كتاب الله سبحانه‪.‬‬
‫ثانًيا‪ :‬أن هذا مما تتوفر الهمم والدواعي على نقلسه‪ ،‬فلسو كسان لسه أصسل‬
‫لنقل كما نقل أمثاله من حديثه‪ ،‬لسيما مع كثرة ما ينقل في فضائل علي‬
‫من الكذب الذي ل أصل له فكيف ل ينقل الحسسق السسذي قسسد بلسسغ للنسساس؟!‬
‫ولن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أمته بتبليغ ما سمعوا منه‪ ،‬فل يجسسوز‬
‫عليهم كتمان ما أمرهم الله بتبليغه ]منهاج السنة‪.[.4/14 :‬‬
‫ص عليه لكتموا فضسسائل علسسي ومنسساقبه ولسسم‬ ‫صحابة مسألة الن ّ ّ‬ ‫ولو كتم ال ّ‬
‫م أن ّسسه لسسو كسسان شسسيء مسسن ذلسسك‬ ‫ينقلوا منها شيًئا‪ ،‬وهذا خلف الواقع‪ ،‬فَعُل ِس َ‬
‫ص على الخلفسسة واقعسسة عظيمسسة‪ ،‬والوقسسائع العظيمسسة يجسسب‬ ‫ن "الن ّ ّ‬ ‫لنقل؛ ل ّ‬
‫دا‪ ،‬فلسسو حصسسلت هسسذه الشسسهرة لعرفهسسا المخسسالف والموافسسق‪،‬‬ ‫اشتهارها ج س ً‬
‫وحيث لم يصل خبر هذا النص إلى أحد من الفقهاء والمحسسدثين علمنسسا أنسسه‬
‫كذب" ]الرازي‪ /‬أصول الدين‪ :‬ص ‪ ،[.137‬وإنما تفسسرد بنقلسسه الشسسيعة "وهسسم فيسسه‬
‫مدعون وفيما نقلوه متهمون ل سيما مسسع مسسا ظهسسر مسسن كسسذبهم وفسسسقهم‬
‫وبدعتهم وسلوكهم طرق الضللة والبهث بادعاء المحال ومخالفة العقول‪،‬‬
‫وسب أصحاب الرسول" ]المدي‪ /‬غاية المرام‪ :‬ص ‪.[.377‬‬
‫والصحابة رضوان الله عليهم نقلوا إلينا ما صسسدر عنسسه صسسلى اللسسه عليسسه‬
‫وسلم من قسسوله وفعلسسه‪ ،‬وأمسسره ونهيسسه‪ ،‬وأكلسسه وشسسربه‪ ،‬وقعسسوده‪ ،‬ونسسومه‪،‬‬
‫وسائر أحواله عليه الصلة والسلم‪ ،‬فكيسسف يتصسسور أن ينسسص النسسبي صسسلى‬
‫الله عليه وسلم على علي بالخلفة ول ينقل ذلك بحال؟!‬
‫قال ابن حزم‪" :‬وبرهسسان ضسسروري وهسسو أن رسسسول اللسسه مسسات وجمهسسور‬
‫الصحابة رضوان الله عليهم‪ ،‬حاشا من كان منهم في النواحي يعلم الناس‬
‫‪409‬‬
‫الدين‪ ،‬فما منهم أحد أشار إلى علي بكلمة يذكر فيها أن رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم نص عليه‪.‬‬
‫ومن المحال الممتنع الذي ل يمكن البتة اّتفاق أكسسثر مسسن عشسسرين ألسسف‬
‫ي عهسسد عهسسده رسسسول‬ ‫إنسان متنابذي الهمم والن ّّيات والنساب‪ ..‬علسسى ط س ّ‬
‫ص‬
‫ط رواية عن أحد في الّنسس ّ‬ ‫الله صلى الله عليه وسلم إليهم‪ ،‬وما وجدنا ق ّ‬
‫دعى إل رواية واهية عن مجهسسولين إلسسى مجهسسول يكن ّسسى أبسسا الحمسسراء ل‬ ‫الم ّ‬
‫يعرف من هو في الخلق ]الفصل‪.[4/161 :‬‬
‫ثالًثا‪ :‬أن المامة من المفرضات التي تتعلسسق بهسسا مصسسالح النسساس كلهسسم‪،‬‬
‫فإذا قيل فيهسسا‪ :‬إن النسسبي صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم نسسص علسسى أحسسد بعينسسه‪،‬‬
‫والصحابة غيروا وبسدلوا‪ ،‬أمكسن حينئذ لكسل ملحسسد أن يقسول‪ :‬إن الصسلوات‬
‫سسسا بسسأهوائهم‪،‬‬
‫الخمس كانت عشسًرا وإنمسسا الصسسحابة كتموهسسا وجعلوهسسا خم ً‬
‫وهكذا إذا ادعى مدع تغيير ما نص عليه النبي صلى الله عليه وسلم أمكن‬
‫ذلك في جميع الفرائض ويتعدى ذلك إلى أن يحصل الثقة بشيء من أمور‬
‫الدين أصل ً ]دفع شبه الخوارج والرافضة‪ :‬الورقة)‪.[.(15‬‬
‫رابًعا‪ :‬أن قول الروافض بالنص على علي كقول من يزعسسم النسسص علسسى‬
‫العباس‪ ،‬فإن قالوا‪ :‬ليس النص على العباس بصحيح‪ ،‬قيل‪ :‬ول النص على‬
‫ي‪ ،‬لن‬ ‫ي صحيح‪ ،‬وبإبطالهم النص على العباس يبطسسل النسسص علسسى عل س ّ‬ ‫عل ّ‬
‫الكل لسسم يسسرد بسسه نسسص صسسحيح صسسريح‪ ،‬وهنسساك فسسرق شسسيعية كسسثيرة تنسسازع‬
‫الروافض في النص على الكسسثير ممسسن تسسدعي إمسسامته‪ ،‬حسستى ينازعهسسا فسسي‬
‫إمامها الثاني عشر عشرون فرقة‪ ،‬والكل يزعم بطلن نص الخر‪.‬‬
‫والنص في اللغة مأخوذ من المنصة وهي الظاهر على الفرس لظهوره‪،‬‬
‫فأين ظهور النص‪ ،‬ولسسو كسسان لسسذلك أصسسل لظهسسر واشسستهر ونقسسل وتسسداولته‬
‫اللسنة وشاع بين الخاص والعام‪ ،‬فسسإن قسسالوا‪ :‬فقسسد نسسص ولكنهسسم كتمسسوه‪،‬‬
‫ضا فإذا أمكسسن أن‬ ‫قيل لهم‪ :‬فقد نص على عمه العباس ولكنهم كتموه‪ ،‬وأي ً‬
‫يكتم مثل هذا ول يظهر يسوغ لقائل أن يقول‪ :‬إن النبي صسسلى اللسسه عليسسه‬
‫وسلم كان له ابن ونص عليه وأن الصحابة حسدوه وقتلوه‪ ،‬وما أشبه هذه‬
‫الدواعي الفاسدة التي ل يصير إليها عاقل ]دفع شبه الخوارج والرافضة‪ :‬الورقسسة‬
‫‪ 14‬ب‪.[.‬‬
‫سا‪ :‬أنا رأينا أبا بكر حيث نص على عمسسر مسسا اختلسسف فيسسه اثنسسان‪ ،‬ول‬ ‫خام ً‬
‫وقع في ذلك خفاء‪ ،‬وكذلك حيث نص عمر على سسستة أنفسسس مسسن قريسسش‬
‫ظهر ذلك عنهم ظهوًرا ل يسع جحسسده‪ ،‬ل يمكسسن رده‪ ،‬ورسسسول اللسسه صسسلى‬
‫الله عليه وسلم أفضل‪ ،‬ومبادرة الخلق إلى امتثسسال أمسسره أكسسثر‪ ،‬وتشسسوف‬
‫النفوس إلى نقل ما صدر عنه أعظم‪ ،‬فمن المحال البين أن ينص أبو بكسسر‬
‫على واحد ول يقع خلف فيمن استخلفه‪ ،‬ول أمكن أحد أن يكتمه‪ ،‬وكسسذلك‬
‫عمر‪ ،‬بل معاوية حيث نسسص علسسى يزيسسد‪ ،‬اشسستهر ذلسسك ونقسسل عنسسه اشسستهاًرا‬
‫ظاهًرا متواتًرا ل نزاع فيه ول مراء‪ ،‬فكيف نقسسل نسسص معاويسسة‪ ،‬وكتسسم نسسص‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وما نقله أحد ]دفع شبه الخسسوارج والرافضسسة‪:‬‬
‫الورقة ‪) 15-14‬مخطوط(‪ ،[.‬باعتراف الشيعة الذين يقرون بأن مسألة الوليسسة‬
‫وأحاديثها سر من أسرارهم؟!‬
‫‪410‬‬
‫سا‪ :‬كيف يقبل المهاجرون والنصار والمسلمون جميًعا أمر أبي بكر‬ ‫ساد ً‬
‫في عمر حين استخلفه‪ ،‬ولم يختلف اثنسسان علسسى إمامسسة عمسسر‪ ،‬ول يقبلسسون‬
‫أمر رسول الله صلى الله عليه وسسسلم فسسي علسسي‪ ،‬فهسسل صسسار المسسسلمون‬
‫أطوع لبي بكر من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!‬
‫"كيف يحتمل عقل عاقل‪ ،‬أو يشتبه على بر أو فاجر – إل مسسن أراد اللسسه‬
‫فتنته – أن المهاجرين والنصسسار وجميسسع التسسابعين لهسسم بإحسسسان علمسسوا أن‬
‫رسول الله صلى الله عليسه وسسلم قسد نسص علسى علسي بسن أبسسي طسسالب‪،‬‬
‫وأمرهم أن يوالوه فعصوه وتركوا أمر الرسسسول صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم‪،‬‬
‫وأمرهم أبو بكر أن يولوا عمسسر بسسن الخطسساب فسساتبعوه وأطسساعوه‪ ،‬وأمرهسسم‬
‫عمر بن الخطاب أن يولوا الستة فلم يخالفوه ولم يعصوه" ]أبسسو بكسسر محمسسد‬
‫بن حاتم بن زنجويه‪ /‬إمامة أبي بكر الصديق )مخطوط غير مرقم الصفحات(‪.[.‬‬
‫وكيسسف يتصسسور أن يقسسوم المسسسلمون بالصسسلة والزكسساة والصسسوم والحسسج‬
‫والجهاد وغيرها من فرائض السلم ويتركون فريضة واحدة تحبط عملهسسم‬
‫كله وهي بيعة علي‪ ،‬وأي مصلحة لهم في مبايعسسة أبسسي بكسسر وتسسرك مبايعسسة‬
‫علي؟ ]أبو بكر محمد بن حاتم بن زنجويه‪ /‬إمامة أبي بكر الصديق )مخطسسوط غيسسر مرقسسم‬
‫الصفحات(‪.[.‬‬
‫ي رضي الله عنسسه أن‬ ‫حا لم يجز لعل ّ‬
‫ي صحي ً‬‫ص على عل ّ‬ ‫سابًعا‪ :‬لو كان الن ّ ّ‬
‫ي‬
‫ص عليهم عمر‪ ،‬وكان يقسسول‪ :‬أنسسا المنصسسوص عل س ّ‬ ‫سّتة الذي ن ّ‬ ‫يدخل مع ال ّ‬
‫ص عليه عمر ]دفع شسسبه الخسسوارج والّروافسسض‪:‬‬
‫دخول فيمن ن ّ‬ ‫فل حاجة لي إلى ال ّ‬
‫فسسان –‬
‫صة البيعة والّتفاق على عثمسسان بسسن ع ّ‬
‫الورقة ‪ ،15‬وقد أخرج البخاري في صحيحه ق ّ‬
‫صة البيعة والّتفاق على عثمسسان‪:‬‬
‫رضي الله عنه ‪) -‬انظر‪ :‬البخاري‪ /‬فضائل الصحاب‪ ،‬باب ق ّ‬
‫‪ 4/204‬وما بعدها(‪ ،[.‬ولم يجز له أن يبايع أبا بكر وعمر وعثمان‪ ،‬ول يجسسوز أن‬
‫ص عليسسه خسسوف‬ ‫ي – رضي اللسسه عنسسه – أن ّسسه أمسسسك عسسن ذكسسر الن ّس ّ‬
‫ن بعل ّ‬
‫يظ ّ‬
‫الموت‪ ،‬وهو السد شجاعة‪ ،‬وقد عرض نفسه للموت بين يدي رسول الله‬
‫فين‪ ،‬فما الذي جبنه بيسسن‬ ‫صلى الله عليه وسلم مّرات‪ ،‬ثم يوم الجمل‪ ،‬وص ّ‬
‫هاتين الحالتين؟ ]الفصل‪ [.4/162 :‬وألجأه إلى الّتقية‪.‬‬
‫ضا إليه أمر المة بعد رسول الله‬ ‫صا عليه بالمامة‪ ،‬ومفو ً‬ ‫وإذا كان منصو ً‬
‫صلى الله عليسه وسسلم‪ ،‬فقسد قلسد أمسًرا يجسب عليسه القيسام بسه‪ ،‬ومدافعسة‬
‫المبطل عنه بكل وجه‪ ،‬وإن أهمل ذلك وتركه من غير سسسبب‪ ،‬فقسسد خسسالف‬
‫وحاشاه من ذلك‪ ،‬ولسسو كسسان مغلوب ًسسا عليسسه فل بسسد أن يجسسري سسسبب يسسوجب‬
‫عذره من أخذ حقه سيما مع التفويض إليه‪.‬‬
‫ورأينا عثمان بن عفان وهو أضعف عندكم من علي لم يسلمها إلى غيسسر‬
‫أهلها‪ ،‬ورضي بحكم الله وقضائه‪ ،‬ولم يضيع ما جعل إليسسه‪ ،‬ورأينسسا أبسسا بكسسر‬
‫حيث ارتدت قبائل العرب‪ ،‬ومنعوا الزكاة لم يهمل أمسسر المسسة ولسسو أهملسسه‬
‫لنهدم السلم‪ ،‬فقاتلهم ونصره الله عليهم‪ ..‬وما كان في صسسحابة رسسسول‬
‫الله صلى اللسسه عليسسه وسسسلم مسن يسسسكت عسسن حسسق رآه ]دفسسع شسسبه الخسسوارج‬
‫والرافضة‪ :‬الورقة ‪16‬أ‪ .[.‬فكيف ينسب هسسؤلء الروافسسض إلسسى أميسسر المسسؤمنين‬
‫علي الرضى بالباطل‪ ،‬والجبن والخسسوف عسسن المطالبسسة بحقسسه‪ ،‬حسستى ارتسسد‬

‫‪411‬‬
‫الناس كلهم بسبب تأخره عن إعلن حقه والدعوة إليه‪ ،‬ولم يبق منهسسم إل‬
‫النزر اليسير – كما يقولون – وهو أسد الله وأسد رسوله؟!‬
‫بل لم ينقل أنه دعا إلى نفسه‪ ،‬وجادل من أجل بيعته‪ ،‬فضل ً عن القتال‪،‬‬
‫ولو وقع ذلك لشتهر‪ ،‬وقد وقعت مناسبات مهمة‪ ،‬وأحداث خطيرة تسسوجب‬
‫إظهار النص كحادثة السقيفة‪ ،‬وحادثة الشورى‪ ،‬فلم يفعل شسسيًئا مسسن ذلسسك‬
‫]قال شيخهم البياضي‪ :‬إنما عدل عن ذلك النص لوجهين‪:‬‬
‫أ س لو ذكره فأنكروه حكم بكفرهم حيث أنكروا متواتًرا‪.‬‬
‫ب س أنهم قصسسدوا فسسي الشسسورى الفضسسل فاحتسسج عليهسسم بمسسا يسسوجب تقسسديمه )الصسسراط‬
‫المستقيم‪ .(1/299 :‬فتأمل جوابه تجد أنه متناقض‪ ،‬حيسسث زعسسم أن علي ًسسا تخلسسى عسسن إعلن‬
‫النص خشية إنكاره‪ ،‬فيرتد منكره‪ ،‬مع أنهم يكفرون الصحابة لنكارهم النسسص بزعمهسسم‪ ،‬ثسسم‬
‫هي حجة باردة ساقطة لنها تعني أن أصل السدين وجسوهره ل يسدعى إليسه لئل ينكسر فيكفسر‬
‫منكره‪.‬‬
‫أما اعتذاره من عدم ذكره للنص في حادثة الشورى‪ ،‬فيكفي إقراره بأنه لم يظه رالنص‬
‫إذ زعمه بأنه ل موجب لذكر النص ل يتفق مع العقسسل والمنطسسق‪ ،‬لسسسيما وأن المسسر يتعلسسق‬
‫بمنصب المامة‪ .‬وهي أصل الصول عندهم‪ ،[.‬بل إنه دعا أصسسحابه إلسسى بيعتسسه كمسسا‬
‫صا ]قال البياضي‪" :‬قالوا‪ :‬طلب علي بيعة أصحابه دليل علسسى‬ ‫دع ن ً‬
‫تقر الرافضة ولم ي ّ‬
‫عدم نصه‪ .‬قلنا‪ :‬الخلفة حقه فله التوصل إليها بما يمكنه" )الصراط المستقيم‪.(1/299 :‬‬
‫صا لصحابه‪ ،‬ولسسو كسسان‬ ‫وهذا إقرار منهم بأن علًيا حين واتته الخلفة بعد عثمان لم يذكر ن ً‬
‫ثمة نص لظهره ولم يحتج المر إلى بيعة وانتخاب‪.‬‬
‫وقوله‪" :‬هي حقه فله التوصل إليه بما يمكنه" حجة منقوضة عندهم‪ ،‬لن القضسسية تتعلسسق‬
‫قا شخص سًيا‪ ،‬لكسسن‬
‫عندهم بإيمان الناس‪ ،‬أو كفرهم‪ ،‬وهي منصبة كالنبوة أو أعظم وليست ح ً‬
‫الروافض يتحدثون في كل مسألة بما يوجب – في نظرهم – ردها‪ ،‬وينسون ما قرروه مسسن‬
‫قبل‪.[.‬‬
‫وقد ذكر شيخ السلم بأن من الطسسرق السستي نعلسسم منهسسا بالضسسطرار أن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم لم يبلغ شيًئا من إمامة علسسي أن النسسبي صسسلى‬
‫الله عليه وسلم لما مات وطلب بعض النصار أن يكون منهم أميسسر‪ ،‬ومسسن‬
‫المهاجرين أمير ]وهذا يقر به الشيعة‪ .‬انظر‪ :‬الصسسراط المسسستقيم‪ [.1/299 :‬فسسأنكروا‬
‫ذلك عليه وقالوا‪ :‬المارة ل تكون إل في قريش ]أخرجه المسسام أحمسسد‪،3/129 :‬‬
‫‪ ،4/421‬وأبو داود الطيالسي ص ‪) 125‬ح ‪ ،(2133 ،926‬ورواه المام مسلم بلفظ "الناس‬
‫تبع لقريش" وفي لفظ آخر "ل يزال هذا المر في قريش ما بقي من الناس اثنان" )صحيح‬
‫مسلم‪ ،‬كتاب المارة‪) 1452-2/1451 :‬ح ‪.[.(1820 ،1818‬‬
‫وروى الصحابة في متفرقة الحاديث عن النبي صلى اللسسه عليسسه وسسسلم‬
‫أن المامة في قريش‪ ،‬ولم يرو واحد منهم ل في ذلك المجلسسس ول غيسسره‬
‫ما يدل على إمامة علي‪ ،‬وبايع المسلمون أبسسا بكسسر‪ ،‬وكسسان أكسسثر بنسسي عبسسد‬
‫مناف من بني أمية وبني هاشم وغيرهم لهم ميل قوي إلى علي بسسن أبسسي‬
‫طالب يختارون وليته‪ ،‬ولم يذكر أحد منهم هذا النص‪ ،‬وهكسسذا جسسرى المسسر‬
‫ضا لما صارت له وليسسة لسسم يسسذكر هسسو‬ ‫في عهد عمر وعثمان‪ ،‬وفي عهده أي ً‬
‫ول أحد من أهل بيته ول من الصحابة المعروفين هذا النص‪.‬‬
‫ولو كان للنص وجود ما حصل الختلف في عهده‪ ،‬إذ لم تتفق المة فيه‬
‫ل عليه ول على غيره‪.‬‬
‫وقد جرى تحكيم الحكمين ومعه أكثر الناس فلسسم يكسسن فسسي المسسسلمين‬
‫من أصحابه فضل ً عن غيرهم من احتج في مثل هسسذا المقسسام السسذي تتسسوفر‬
‫‪412‬‬
‫فيه الهمم والدواعي على إظهسساره‪ ،‬وقسسد احتجسسوا بقسسوله صسسلى اللسسه عليسسه‬
‫وسلم‪" :‬تقتل عماًرا الفئة الباغية" ]أخرجه البخاري‪ ،‬في كتاب الجهاد والسير‪ ،‬بسساب‬
‫مسح الغبسار عسن النساس‪ ،3/207 :‬ومسسلم كتساب الفتسن ‪) 3/2235‬ح ‪ ،(2915‬والترمسذي‪:‬‬
‫كتاب المناقب‪ ،‬باب منسساقب عمسسار بسسن ياسسسر‪) 5/669 :‬ح ‪ ،(3800‬وأحمسسد‪،2/161 :‬س ‪،164‬‬
‫‪ ،206‬وج‪ ‍3‬ص ‪،5‬س ‪،22‬س ‪،28‬س ‪ ،90‬وج‪ ‍4‬ص ‪ ،97‬وج‪ ‍5‬ص ‪،214‬س ‪ ،306‬ج‪ ‍6‬ص ‪،289‬س ‪،300‬‬
‫‪،311‬سس ‪ ،[.315‬وهذا الحديث خبر واحد أو اثنين أو ثلثة ونحوهم‪ ،‬وليس هسسذا‬
‫متواتًرا‪ ،‬والنص عند القائلين به متسواتر‪ ،‬فيسا للسه العجسب كيسف سساغ عنسد‬
‫الناس احتجاج شيعة علي بذلك الحديث‪ ،‬ولم يحتج أحد منهم بالنص ]منهاج‬
‫السنة‪[.15-4/14 :‬؟!‬
‫أما دعوى النص على إمامة الثني عشر‪ ،‬وأن الرسول صلى اللسسه عليسسه‬
‫وسلم نص على ذلك فهي أعظم استحالة‪ ،‬وأوضسسح بطلن ًسسا‪ ،‬وأظهسسر كسسذًبا‪،‬‬
‫فلم ينقله إل الثنا عشرية‪ ،‬وسائر فرق الشيعة تكذبها وهم فرقة من نحسسو‬
‫سبعين فرقة من طوائف الشيعة‪.‬‬
‫والنصوص التي ينقلها الثنا عشرية تعارضها نصوص القائلين بإمامة غير‬
‫الثني عشر من فرق الشيعة البالغة الكثرة‪ ،‬فسسإن كسسل طائفسسة تسدعي مسن‬
‫النص غير ما تدعيه الثنا عشرية‪.‬‬
‫وهذه الدعوى لم تظهر إل بعد موت النبي صلى الله عليه وسسسلم بسسأكثر‬
‫من مائتين وخمسين سنة‪ ،‬فهو من اختلق متأخري الشسسيعة‪ ،‬ومسسن قبلهسسم‬
‫يخالفهم في ذلك‪.‬‬
‫وأهل السنة وعلماؤهم وهم أضسسعاف أضسسعاف الشسسيعة يعلمسسون أن هسسذا‬
‫ما يقيًنا ل يخالطه الريسسب‪،‬‬ ‫كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم عل ً‬
‫ويباهلون الشيعة على ذلك‪.‬‬
‫والمنقول بالنقل المتواتر عسسن أهسسل السسبيت يكسسذب مثسسل هسسذا وأنهسسم لسسم‬
‫يكونوا يدعون أنه منصوص عليهم بل يكذبون من يقسسول ذلسسك‪ ،‬فض سل ً عسسن‬
‫أن يثبتوا النص على اثني عشر ]انظر‪ :‬منهاج السنة‪.[.210-4/209 :‬‬
‫مسا كسسان‬ ‫َ‬
‫ولو كان المسسر فسسي المامسسة علسسى مسسا يقسول هسسؤلء الروافسسض ل َ‬
‫الحسن رضي الله عنه في سعة من أن يسسّلمها إلسسى معاويسسة رضسسي اللسسه‬
‫دين‪ ،‬فيكسسون شسسريكه‬ ‫ضلل وعلى إبطال الحقّ وهدم ال ّ‬ ‫عنه‪ ،‬فيعينه على ال ّ‬
‫ل مظلمة‪ ،‬ويبطل عهد رسول الله صلى اللسسه عليسسه وسسسلم ويسسوافقه‬ ‫في ك ّ‬
‫ط بيعة معاوية إلسسى‬ ‫على ذلك أخوه الحسين رضي الله عنهما‪ ،‬فما نقض ق ّ‬
‫ل الحسن والحسين رضي اللسسه عنهمسسا إبطسسال عهسسد‬ ‫أن مات‪ ،‬فكيف استح ّ‬
‫ن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسسسلم إليهمسا طسسائعين غيسسر مكرهيسسن؟ مسسع أ ّ‬
‫الحسن معه أزيد من مائة ألف عنان يموتون دونه‪.‬‬
‫فتالله لول أن الحسن رضي الله عنه علم أنه فسسي سسسعة مسسن إسسسلمهم‬
‫إلى معاوية‪ ،‬وفي سعة من أن ل يسلمها لما جمع بين المريسسن‪ ،‬فأمسسسكها‬
‫ستة أشهر لنفسه وهي سحقه‪ ،‬وسلمها بعد ذلك لغير ضسسرورة‪ ،‬وذلسسك لسسه‬
‫مباح؛ بل هو الفضل بل شك‪ ،‬لن جده رسول الله صلى الله عليه وسسسلم‬
‫قد خطب بذلك على المنبر وقال‪" :‬إن ابني هذا سيد‪ ،‬ولعل الله أن‬
‫يصلح به بين طققائفتين عظيمققتين مققن المسققلمين" روينسساه مسسن‬

‫‪413‬‬
‫طريق البخاري ]ابن حزم‪ :‬الفصسسل‪ ،173-4/172 :‬والحسسديث رواه البخسساري فسسي كتسساب‬
‫الصلح‪ ،‬باب قول النبي صلى الله عليه وسلم للحسن بن علي رضي الله عنهما‪" :‬ابني هذا‬
‫سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين"‪ ،3/169 :‬وأبو داود‪ ،‬كتاب السنة‪ ،‬باب مسسا‬
‫يدل على ترك الفتنة‪) 5/48 :‬ح ‪ ،(4662‬الترمسسذي‪ ،‬كتسساب المنسساقب‪ ،‬بسساب منسساقب الحسسسن‬
‫والحسين عليهما السلم‪) 5/658 :‬ح ‪ ،(3773‬والنسائي‪ ،‬كتاب الجمعة‪ ،‬باب مخاطبة المام‬
‫رعيته وهو على المنبر‪ ،3/107 :‬وأحمد‪.[.51 ،49 ،44 ،38-5/37 :‬‬
‫هذا والبراهين المعلومة الضرورية في هذا الباب كثيرة‪ ،‬ويكفسسي بعضسسها‬
‫لمعرفة الحق لمن تجرد عن الهوى والتعصب‪.‬‬
‫حكم من أنكر إمامة أحد الثنى عشر‪:‬‬
‫المامسة صسنو النبسوة أو أعظسم‪ ،‬وهسي أصسل السدين وقاعسدته الساسسية‬
‫عندهم‪..‬‬
‫لهذا جاء حكم الشيعة الثني عشرية علسسى مسسن أنكسسر إمامسسة واحسسد مسسن‬
‫أئمتهم الثني عشر مكمل ً لهذا الغلو‪ ،‬حيث حكمسسوا عليسسه بسسالكفر والخلسسود‬
‫في النار‪.‬‬
‫مسسة مسسن‬ ‫قال ابن بابويه‪" :‬واعتقادنا فمن جحد إمامة أمير المؤمنين والئ ّ‬
‫وة النبياء"‪.‬‬ ‫بعده أّنه بمنزلة من جحد نب ّ‬
‫دا من بعده من الئمة أنسسه‬ ‫واعتقادنا فيمن أقر بأمير المؤمنين وأنكر واح ً‬
‫بمنزلة من آمن بجميع النبياء ثم أنكر نبوة محمد صلى اللسسه عليسسه وسسسلم‬
‫]العتقادات‪ :‬ص ‪ ،111‬بحار النوار‪.[.27/62 :‬‬
‫فهذا النص يقتضي أن الثني عشرية تكفسسر كسسل فسسرق المسسسلمين حسستى‬
‫فرق الشيعة التي وجدت على مدار التاريخ‪ ،‬مسسع أنهسسا تتلقسسى عنهسسم دينهسسا‪،‬‬
‫لن رواتهم من رجالها‪.‬‬
‫وة كفسسر‪،‬‬ ‫ن دفسسع الّنب س ّ‬ ‫طوسي‪" :‬ودفع المامة كفر‪ ،‬كمسسا أ ّ‬ ‫وقال شيخهم ال ّ‬
‫شافي‪ ،4/131 :‬بحسسار النسسوار‪:‬‬ ‫طوسي‪ /‬تلخيص ال ّ‬ ‫ن الجهل بهما على حد ّ واحد" ]ال ّ‬ ‫ل ّ‬
‫‪.[.8/368‬‬
‫وهذا فيما يبدو لم يقنع ابن المطّهر الحّلي فرأى أن إنكار إمامسسة الثنسسي‬
‫وة لطسسف‬ ‫م‪ ،‬والّنب س ّ‬‫عشر أعظم من إنكار النبوة‪ ،‬فقال‪" :‬المامة لطسسف عسسا ّ‬
‫ي بخلف المام‪ ،‬وإنكار الّلطف العا ّ‬
‫م‬ ‫يح ّ‬ ‫ص لمكان خلو الّزمان من نب ّ‬ ‫خا ّ‬
‫ص" ]ابن المطهر الحلي‪ /‬اللفين‪ :‬ص ‪.[.3‬‬ ‫شّر من إنكار الّلطف الخا ّ‬
‫فهو يجعل من لم يؤمن بأئمتهم أشد كفًرا مسسن اليهسسود والنصسسارى‪ ،‬وقسسد‬
‫بنى ذلك على أن الزمسسان ل يخلسسو مسسن إمسسام‪ ،‬وهسسو إشسسارة إلسسى عقيسسدتهم‬
‫باليمان بوجود إمامهم المنتظر الغائب‪ ،‬والذي أنكره طوائف من الشيعة‪،‬‬
‫وقرر المحققون من علماء النسب والتاريخ أنه لم يولد أصل ً – كما سيأتي‬
‫– ولكن شيخ الشيعة يرى أن إنكاره أعظم الكفر‪.‬‬
‫وينقل شيخهم المفيد اتفاقهم على هذا المذهب في تكفير أمة السسسلم‬
‫مة وجحد مسسا‬ ‫ن من أنكر إمامة أحد من الئ ّ‬ ‫فيقول‪" :‬اّتفقت المامّية على أ ّ‬
‫مستحقّ للخلود في‬ ‫ل ُ‬ ‫طاعة فهو كافر ضا ّ‬ ‫أوجبه الله تعالى له من فرض ال ّ‬
‫الّنار" ]المسائل للمفيد‪ ،‬وقد نقل ذلك عنه المجلسي في البحار‪.[.8/366 :‬‬

‫‪414‬‬
‫وبلغ المر بشيخهم نعمة الله الجزائري أن يعلسسن انفصسسال الشسسيعة عسسن‬
‫المسلمين بسبب قضية المامة فيقول‪" :‬لم نجتمع معهم على إله ول نبي‬
‫ول على إمام‪ ،‬وذلك أنهم يقولون‪ :‬إن ربهم هو الذي كان محمد صلى الله‬
‫عليه وسلم نبيه‪ ،‬وخليفته بعده أبو بكر‪ ،‬ونحن ل نقول بهذا الرب ول بذلك‬
‫النبي‪ ،‬بل نقول إن الرب الذي خليفته نبيه أبو بكر ليس ربنا ول ذلك النبي‬
‫نبينا" ]النوار النعمانية‪.[.2/279 :‬‬
‫وبعد هذا التكفيسسر العسسام‪ ،‬خصصسسوا بسساللعن والحكسسم بسسالردة جميسسع فئات‬
‫المسلمين ما عدا الثني عشرية فتناول تكفيرهم‪:‬‬
‫‪ -1‬الصحابة رضوان الله عليهم‪ ،‬وعلسسى رأسسسهم خيسسر هسسذه المسسة بعسسد‬
‫خاتم النبياء أبو بكر وعمر رضي الله عنهما‪.‬‬
‫‪ -2‬أهل البيت‪.‬‬
‫‪ -3‬خلفاء المسلمين وحكوماتهم‪.‬‬
‫‪ -4‬المصار السلمية وأهلها‪.‬‬
‫‪ -5‬قضاة المسلمين‪.‬‬
‫‪ -6‬أئمة المسلمين وعلمائهم‪.‬‬
‫‪ -7‬الفرق السلمية‪.‬‬
‫‪ -8‬المة‪.‬‬
‫وسأذكر عقيدتهم في هذه الفئات تفصيل ً فيما يلي‪:‬‬
‫‪ 1‬ق الصحابة رضوان الله عليهم‪:‬‬
‫كتب الشيعة مليئة باللعن والتفكير لمن رضي اللسسه عنهسسم ورضسسوا عنسسه‪،‬‬
‫من المهسساجرين والنصسسار‪ ،‬وأهسسل بسسدر‪ ،‬وبيعسسة الرضسسوان‪ ،‬وسسسائر الصسسحابة‬
‫أجمعين‪ ،‬ول تستثني منهم إل النزر اليسير الذي ل يبلسسغ عسسدد أصسسابع اليسسد‪،‬‬
‫وأصبحت هذه المسألة بعسسد ظهسسور كتبهسسم وانتشسسارها مسسن المسسور السستي ل‬
‫تحجب بالتقية‪.‬‬
‫وإ كانت من قبل قد تخفى على بعض أئمة السلم‪ .‬فقد جاء في شسسرح‬
‫مسلم للنووي بأن المامية يقولون بأن الصحابة مخطئون في تقسسديم غيسسر‬
‫علي ل كفار ]شرح مسلم للنووي‪.[.15/174 :‬‬
‫ولكن من أهل العلم وأصحاب المقالت من اطلع على هسسذا المسسر عنسسد‬
‫المامية‪ ،‬قسال القاضسسي عبسد الجبسار‪" :‬وأمسا الماميسسة فقسد ذهبست إلسى أن‬
‫الطريق إلى إمامسة الثنسي عشسر النسص الجلسسي‪ ،‬السسذي يكفسر مسن أنكسره‪،‬‬
‫ويجب تكفيره‪ ،‬فكفروا لسسذلك صسسحابة النسسبي عليسسه السسسلم" ]شسسرح الصسسول‬
‫الخمسة‪ :‬ص ‪.[.761‬‬
‫وقريب من هذا المعنى قال عبد القاهر البغسسدادي ]الفسسرق بيسسن الفسسرق‪ :‬ص‬
‫‪ ،[.321‬وابن تيمية ]منهاج السنة‪ [.4/128 :‬وغيرهما ]انظر‪ :‬البزدوي‪ /‬أصسسول السسدين‪:‬‬
‫ص ‪.[.248-247‬‬
‫ولكن العدد الذي تستثنيه الرافضة من حكمها العام بالتكفير لم أجد من‬
‫أشار إليه بما يتفق مع ما جاء في كتب الثني عشرية‪ ،‬فيقول عبد القسساهر‬
‫البغدادي‪" :‬وأما المامية فقد زعم أكثرهم ]تلحسسظ أن عبسسد القسساهر ل يعمسسم هسسذا‬
‫المذهب على المامية كلها‪ ،‬وقد أشار الشعري إلى أنهم اختلفوا فسسي ذلسسك علسسى فرقسستين‪.‬‬

‫‪415‬‬
‫)انظر‪ :‬مقالت السلميين‪ [.(129-1/128 :‬أن الصحابة ارتسسدت بعسسد النسسبي صسسلى‬
‫الله عليه وسلم سوى علي وابنيه ومقدار ثلثة عشر منهم"‪.‬‬
‫ويقسول شسيخ السسلم ابسن تيميسة‪" :‬إن الرافضسة تقسول‪ :‬إن المهساجرين‬
‫ل‪ ..‬إما بضعة عشسسر أو أكسسثر‪ ،‬ثسسم‬ ‫والنصار كتموا النص‪ ،‬فكفروا إل نفًرا قلي ً‬
‫يقولون‪ :‬إن أبا بكر وعمر ونحوهما مازال منافقين‪ .‬وقد يقولون‪ :‬بل آمنسسوا‬
‫ثم كفروا" ]مجموع فتاوى شيخ السلم‪.[.3/356 :‬‬
‫وستجد أن العدد الذي تستثنيه الثني عشرية أقل مما يذكرون‪.‬‬
‫هذا ما جاء فسسي كتسسب أهسسل السسسنة وغيرهسسم حسسول مسسذهب الشسسيعة فسسي‬
‫الصسسحابة‪ ،‬وسسسنرى فيمسسا يلسسي مسساذا تقسسول الشسسيعة مسسن خلل مصسسادرها‬
‫المعتمدة عندها‪.‬‬
‫تقول كتب الثنسي عشسرية‪ :‬إن الصسحابة بسسبب تسوليتهم لبسي بكسر قسد‬
‫ارتدوا إل ثلثة‪ ،‬وتزيسسد بعسسض روايسساتهم ثلثسسة أو أربعسسة آخريسسن رجعسسوا إلسسى‬
‫إمامة علي‪ ،‬ليصبح المجموع سبعة‪ ،‬ول يزيدون على ذلك‪.‬‬
‫ولقد تداولت الشيعة أنباء هسسذه "السسسطورة" فسسي المعتمسسد مسسن كتبهسسا‪،‬‬
‫فسجلوا ذلك في أول كتاب ظهر لهم وهو كتسساب سسسليم بسسن قيسسس ]انظسسر‪:‬‬
‫كتاب سليم بن قيس‪ :‬ص ‪ ،[.75-74‬ثم تتابعت كتبهم فسسي تقريسسر ذلسسك وإشسساعته‬
‫وعلى رأسها الكافي ]الكليني‪ /‬الكافي‪ [.2/244 :‬أوثق كتبهسسم الربعسسة‪ ،‬ورجسسال‬
‫الكشي ]رجال الكشي‪ :‬ص ‪ [.11 ،9 ،8 ،7 ،6‬عمدتهم في كتب الرجال‪ ،‬وغيرها‬
‫من مصادرهم كتفسير العياشي ]تفسسسير العياشسسي‪ ،[.1/199 :‬والبرهان ]هاشسسم‬
‫البحسسسران‪ /‬البرهسسسان‪ ،[.1/319 :‬والصسسافي ]محسسسسن الكاشسسساني‪ /‬الصسسسافي‪،[.1/389 :‬‬
‫وتفسير نور الثقليسسن ]الحسسويزيني‪ /‬نسسور الثقليسسن‪ ،[.1/396 :‬والختصسساص ]المفيسسد‪/‬‬
‫الختصاص‪ :‬ص ‪ ،[.5-4‬والسرائر ]ابسسن إدريسسس‪ /‬السسسرائر‪ :‬ص ‪ ،[.468‬وبحار النسسوار‬
‫]بحار النوار‪.[.440 ،352 ،351 ،22/345 :‬‬
‫وليست هذه مجرد آراء لبعض شيوخهم‪ ،‬ولكنها روايات عن معصسسوميهم‬
‫تحمل صفة "العصمة" والقدسية عندهم‪.‬‬
‫أما السب لذلك الجيل القرآن الفريسسد‪ ،‬علسسى ألسسسنة شسسيوخهم فهسسو قسسد‬
‫سود معظم كتبهم‪.‬‬
‫ولو ذهبت أسرد للقارئ ما رأيت من هذا الغثاء لبلغ مجلدات‪ ،‬وسأكتفي‬
‫بذكر بعض النصوص التي فيها التصريح بالتكفير؛ إذ هو يكشف ويغني عما‬
‫دونه من سب وطعن‪.‬‬
‫روى ثقتهم الكليني في الكافي‪" :‬عن حمران بن أعين قال‪ :‬قلسست لبسسي‬
‫سسسلم‪ :‬جعلسست فسسداك‪ ،‬مسسا أقلنسسا لسسو اجتمعنسسا علسسى شسساة مسسا‬ ‫جعفر عليسسه ال ّ‬
‫دثك بأعجب من ذلك‪ ،‬المهاجرون والنصار ذهبسسوا إل‬ ‫أفنيناها؟ فقال‪ :‬أل أح ّ‬
‫– وأشار بيده – ثلثة" ]عّلق هنا شيخهم المعاصر "علي أكبر الغفسساري" فقسسال‪" :‬يعنسسي‬
‫سسسلم بثلث مسسن أصسسابع يسسده‪ .‬والمسسراد بالّثلثسسة سسسلمان وأبسسو ذّر والمقسسداد"‪.‬‬‫أشسسار عليسسه ال ّ‬
‫)الكافي‪ – 2/244 :‬الهامش(‪ .‬فانظر كيف لم تمح هذه المعاني الخرافّية من عقسسول هسسؤلء‬
‫شسسيعة المعاصسسرين‪] [.‬أصسسول‬ ‫سسسنين‪ ..‬وسسسيأتي مزيسسد بيسسان فسسي بسساب ال ّ‬
‫شيوخ على مسّر ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫شسسي‪ :‬ص‬ ‫ّ‬
‫الكافي‪ ،‬كتاب اليمان والكفر‪ ،‬باب قلة عدد المؤمنين‪ ،2/244 :‬وانظر‪ :‬رجال الك ّ‬
‫‪ ،7‬بحار النوار‪.[.22/345 :‬‬

‫‪416‬‬
‫فالتكفير – كما ترى – يتناول أفضل صحابة رسول الله وهم المهاجرون‬
‫دا مسسن‬‫والنصسسار‪ ،‬ويسسبين أن الشسسيعة فسسي عصسسر أبسسي جعفسسر ل يسسرون أح س ً‬
‫المسلمين على السلم إل قلة شاذة تقول برأيهم‪ ،‬وهي ل تشكل بالنسبة‬
‫إلى مجموع المسلمين شيًئا‪ ،‬حتى إنها لو اجتمعت على أكل شاة لما أتت‬
‫عليها‪ ،‬وقد شكوا ذلك إلى إمامهم‪ ،‬فقال لهسسم معزي ًسسا بسسأن الشسسيعة الوائل‬
‫كانوا ل يتجاوزون الثلثة والباقي في حكم المرتدين‪.‬‬
‫وهذا النص قد يبين أن الرافضة إلى عهد أبي جعفر محمد الباقر‪ ،‬كسسانوا‬
‫قلة شاذة بالنسبة للمسسسلمين‪ ،‬وأن دعسسوتهم لسسم تجسسد القبسسول‪ ،‬ولسسم تحسظ‬
‫بالنتشار‪ ،‬وكانت تعيش في سراديب التقيسسة والكتمسسان‪ ،‬ويعسسزي رؤسسساؤها‬
‫أتباعهم بما يفترونه على أهل البيت من أمثال هذه المفتريات‪.‬‬
‫ولم تكشف رواية الكافي أسماء الثلثة الذين سلموا مسسن السسردة‪ ،‬حيسسث‬
‫قالوا بمذهب الرافضة‪ ،‬لكن مذهب الرفض لم يظهر أصسسله إل بعسسد مقتسسل‬
‫عثمان‪ ،‬فهؤلء ليسوا بصحابة‪ ،‬ول يبعد أن يكون هؤلء من السبئيين الذين‬
‫بسسدأ النشسساط الرافضسسي علسسى أكتسسافهم‪ ،‬ول يسسستبعد أن هسسؤلء السسسبئيين‬
‫يتخذون أسماء "مستعارة" وقد تكون أسماء صحابة لهم مكانتهم‪.‬‬
‫وهذا ما جاء في رجال الكشي "‪ ..‬عن حنان بن سدير عن أبيه عن أبسسي‬
‫جعفر عليه السلم قال‪ :‬كان الناس أهل الردة بعد النبي صلى اللسسه عليسسه‬
‫وسلم إل ثلثة‪ ،‬فقلت‪ :‬ومن الثلثة؟ فقسسال‪ :‬المقسسداد بسسن السسسود‪ ،‬وأبسسو ذر‬
‫الغفاري‪ ،‬وسلمان الفارسي‪ ،‬ثسسم عسسرف النسساس بعسسد يسسسير‪ ،‬وقسسال‪ :‬هسسؤلء‬
‫الذين دارت عليهسسم الرحسسا وأبسسوا أن يبسسايعوا لبسسي بكسسر حسستى جسساءوا بسسأمير‬
‫ها فبايع" ]رجال الكشي‪ :‬ص ‪ ،6‬الكافي‪ ،‬كتاب الروضة‪322-12/321 :‬‬ ‫المؤمنين مكر ً‬
‫)مع شرح جامع للمازندراني(‪.[.‬‬
‫فهذا النص بالضافة إلى تكفيره لصحابة رسسسول اللسسه صسسلى اللسسه عليسسه‬
‫وسلم‪ ،‬قد يشسسير إلسسى الخليسسة الولسسى لمسسذهب الرفسسض وأنهسسا تتقنسسع بهسسذه‬
‫السماء المستعارة‪ .‬وحتى هؤلء الثلثة الذين تستثنيهم أخبار الشيعة‪ ،‬لسسم‬
‫يسلموا من شك في "معرفة" المام التي هي أصل اليمان باستثناء واحد‬
‫ل‪ » :‬إن‬ ‫منهم‪ ،‬ولذلك حينما قال أبو جعفر‪ :‬ارتد الناس إل ثلثة‪ ،‬أردف قسسائ ً‬
‫أردت الذي لم يشك‪ ،‬ولم يدخله شيء فالمقداد‪.‬‬
‫فأما سلمان فإنه عرض في قلبه عسارض أن عنسد أميسر المسسؤمنين عليسسه‬
‫السلم اسم الله العظم لو تكلم بسسه لخسسذتهم الرض‪ ،‬وهسسو هكسسذا‪ ،‬فلبسسب‬
‫]لببه‪ :‬جمع ثيابه عند نحره فسسي الخصسسومة ثسسم جسسره )رجسسال الكشسسي –الهسسامش‪ -‬ص ‪[.(11‬‬
‫ووجئت ]وجأ يوجأ‪ :‬ضسسربه باليسسد والسسسكين )رجسسال الكشسسي –الهسسامش‪ -‬ص ‪ [.(11‬عنقه‬
‫حتى تركت كالسلقة ]فسسي نسسسخة أخسسرى "كالسسسلعة"‪ .‬والسسسلعة‪ :‬خسسراج كهيئة الغسسدة‪.‬‬
‫)المصباح‪ :‬ص ‪ ،[.(337‬فمر به أمير المؤمنين عليه السلم فقال له‪ :‬يا أبا عبد‬
‫الله‪ ،‬هذا من ذاك‪ ،‬بايع‪ ،‬فبايع‪.‬‬
‫وأما أبو ذر فأمر أمير المؤمنين عليه السلم بالسكوت‪ ،‬ولم يأخذه فسسي‬
‫الله لومة لئم‪ ،‬فأبى إل أن يتكلم فمر به عثمان فأمر به" ]رجال الكشي‪ :‬ص‬
‫‪ ،11‬بحار النوار‪ – [.22/440 :‬كذا ‪.-‬‬

‫‪417‬‬
‫ضا مسسن قسسدح الشسسيعة‬ ‫وهؤلء الثلثة الذين نجوا من الردة‪ ،‬لم يسلموا أي ً‬
‫وعيبهم‪ ،‬فتذكر أخبارهم بأن العلقة بين هؤلء الثلثسسة طيبسسة فسسي الظسساهر‪،‬‬
‫ولكن لو علم كل واحد منهم بمسسا فسسي قلسسب الخسسر لقتلسسه‪ ،‬أو ترحسسم علسسى‬
‫قاتله؛ لن كل ً منهم أجنبي في باطنه واعتقسساده عسسن صسساحبه‪ ،‬ففسسي رجسسال‬
‫الكشي "قال أمير المسسؤمنين‪ :‬يسسا أبسسا ذر‪ ،‬إن سسسلمان لسسو حسسدثك بمسسا يعلسسم‬
‫لقلت‪ :‬رحم الله قاتل سلمان" ]رجال الكشي‪ :‬ص ‪.[.15‬‬
‫وعن أبي بصير قال‪ :‬سمعت أبا عبد اللسسه رضسسي اللسسه عنسسه يقسسول‪ :‬قسسال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ :‬يا سلمان‪ ،‬لو عرض علمك على مقداد‬
‫لكفر‪ ،‬يا مقداد لو عرض علمك على سلمان لكفر ]رجال الكشي‪ :‬ص ‪.[.11‬‬
‫ولذلك فإن التعامل قائم بينهم )وهم خلص الشيعة في زعم الروافسسض(‬
‫على أساس التقية والكتمان‪" ،‬فعن جعفر عن أبيه رضسسي اللسسه عنسسه قسسال‪:‬‬
‫م أبسو ذر مسا فسي‬ ‫ما عند علي عليسه السسلم فقسال‪ :‬إن ع َِلس َ‬ ‫ذكرت التقية يو ً‬
‫قلب سلمان لقتله‪ ،‬وقد آخر رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما فمسسا‬
‫ظنك بساير الخلق" ]رجال الكشي‪ :‬ص ‪.[.17‬‬
‫م‬‫ه ْ‬‫سب ُ ُ‬
‫ح َ‬
‫وهذه النصسسوص تنطبسسق علسسى أهسسل البدعسسة والكفسسر؛ لنسسك }ت َ ْ‬
‫شّتى{ ويبرأ منها صحابة رسول الله صلى اللسسه عليسسه‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫قُلوب ُ ُ‬
‫و ُ‬
‫عا َ‬
‫مي ً‬
‫ج ِ‬
‫َ‬
‫وسلم‪ .‬لكن هذه النصوص يؤخذ منها تكفير الشسسيعة لصسسحابة رسسسول اللسسه‬
‫ضسا الصسورة غيسر المنظسورة فسي‬ ‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬كما يؤخذ منهسا أي ً‬
‫الظاهر لهل الرفض؛ حيث قتلهم وتناكر قلوبهم‪ ،‬وإضمار السوء لبعضهم‪،‬‬
‫واعتقادهم بأنه ليس على اليمان سواهم‪ ،‬وهسسذه خصسسائص الرعيسسل الول‬
‫عندهم فما ظنك بسائرهم؟‬
‫وتقول نصوص الشيعة‪ :‬إن هؤلء الثلثسسة قسسد لحسسق بهسسم أربعسسة آخسسرون‪،‬‬
‫ليصل عدد المؤمنين )أو قل‪ :‬الروافض( فسسي عصسسر الصسسحابة إلسسى سسسبعة‪،‬‬
‫ولكنهم لم يتجاوزوا هذا العدد‪.‬‬
‫وهذا ما تتحدث عنه أخبسسارهم حيسسث تقسسول‪" :‬عسسن الحسسارث بسسن المغيسسرة‬
‫النصري‪ ،‬قال‪ :‬سمعت عبد الملك بن أعين يسأل أبا عبد اللسسه رضسسي اللسسه‬
‫ذا ]أي‪ :‬بعد وفاة الرسول صلى‬ ‫عنه فلم يزل يسأله حتى قال له‪ :‬فهلك الناس إ ً‬
‫الله عليه وسلم ومبايعة الناس لبي بكر )في منظور الروافض(‪[.‬؟ فقال‪ :‬إي والله يسسا‬
‫ابن أعين هلك الناس أجمعون‪ ،‬قلت‪ :‬من في الشرق ومسسن فسسي الغسسرب؟‬
‫قال‪ :‬فقال‪ :‬إنها فتحت على الضلل إي والله هلكوا إل ثلثة‪ .‬ثم لحسسق أبسسو‬
‫ساسان ]قال شيخهم الردبيلي‪ :‬أبو ساسان اسمه الحصين بسسن المنسسذر‪ ،‬وقسسد يقسسال‪ :‬أبسسو‬
‫سنان‪ ،‬ثم ساق الرواية المذكورة عن الكشي )جامع الرواة‪ .(2/387 :‬وقد ذكسسر ابسسن حجسسر‬
‫بأنه يسمى "حضين" ‪ -‬بالضاد المعجمة مصغًرا – ابن المنذر بن الحسارث الرقاشسي‪ ،‬وقسال‪:‬‬
‫كان من أمراء علي بصفين‪ ،‬وهو ثقة‪ ،‬مات على رأس المائة )تقريب التهسسذيب‪،[.(1/185 :‬‬
‫وعمار ]يعني‪ :‬عمار بن ياسر‪ ،[.‬وشتيرة ]قال الردبيلسسي‪" :‬شسستيرة" مسسن أصسسحاب أميسسر‬
‫المؤمنين عليه السلم‪ ،‬ثم ساق رواية الكشي مرة أخرى‪) .‬جامع الرواة‪ ،[.(1/398 :‬وأبو‬
‫عمرة ]قال الردبيلي‪ :‬أبسسو عمسسرة النصسساري اسسسمه ثعلبسسة بسسن عمسسرو‪ ،‬مسسن الصسسفياء مسسن‬
‫أصحاب أمير المؤمنين )جامع الرواة‪ .(2/408 :‬قسسال ابسسن عبسسد السسبر‪ :‬أبسسو عمسسرة النصسساري‬
‫اختلف في اسمه؛ فقيل‪ :‬عمرو بن محصن‪ ،‬وقيل‪ :‬ثعلبة بن عمرو بن محصن‪ ،‬وقيل‪ :‬بشير‬

‫‪418‬‬
‫بن عمرو بن محصن بن عتيك‪ .‬قال ابن عبد البر‪ :‬وهو الصواب إن شاء اللسسه‪ ،‬قتسسل بصسسفين‬
‫وهو يقاتل مع علي رضي الله عنهما‪.‬‬
‫)الستيعاب‪ ،134-4/133 :‬وانظر‪ :‬الصسسابة‪ ،4/441 :‬أسسسد الغابسسة‪ [.(5/263 :‬وصاروا‬
‫سبعة" ]رجال الكشي‪ :‬ص ‪.[.7‬‬
‫وتؤكد جملة من نصوصهم على أن العدد لم يزد على ذلك‪ .‬قال أبو‬
‫جعفر‪" :‬وكانوا سبعة‪ ،‬فلم يكن يعرف حق أمير المؤمنين عليه السلم إل‬
‫هؤلء السبعة" ]رجال الكشي‪ :‬ص ‪.[.12-11‬‬
‫وكان أبو عبد الله يقسم على ذلك فيقول‪" :‬فوالله ما وفى بها إل سبعة‬
‫نفسسر" ]المفيسسد‪ /‬الختصسساص‪ :‬ص ‪ ،63‬الحميسسري‪ /‬قسسرب السسسناد‪ :‬ص ‪ ،38‬بحسسار النسسوار‪:‬‬
‫‪.[.22/322‬‬
‫وتتفاوت أخبارهم وتختلف في تعيين بعسسض هسسؤلء السسسبعة ]قسسارن – مثل ً –‬
‫بين ما جاء في الرواية التي عند الكشي والطوسي في تعيين السبعة كما سقتها‪ ،‬وبين مسسا‬
‫جاء في قرب السناد للحميري وفيه‪" :‬فوالله ما وفى بها إل سبعة نفسسر‪ :‬سسسلمان‪ ،‬وأبسسو ذر‪،‬‬
‫وعمار‪ ،‬والمقداد بن السود الكندي‪ ،‬وجابر بسسن عبسسد اللسسه النصسساري‪ ،‬ومسسولى لرسسسول اللسسه‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬يقال له الثبيت‪ ،‬وزيد بن أرقم" )قرب السناد‪ :‬ص ‪ ،38‬بحار النوار‪:‬‬
‫‪ ،[.(22/322‬فيما يبدو أنه اختلف بين الفرق الشسسيعية فسسي تعييسسن آحسسادهم‪،‬‬
‫وكل يضع من جهته‪ ،‬أو لن من طبيعة الكذب الختلف والتناقض‪.‬‬
‫وإن كان يحتمل – كما قلسست – أن الرافضسسة تكفسسر الصسسحابة كلهسسم‪ ،‬وأن‬
‫هؤلء السبعة رموز على "الخلية الولى للرفض" لن صفاتهم‪ ،‬وعلقاتهم‪،‬‬
‫ومذهبهم ليست من الصحابة في شيء‪.‬‬
‫والرافضة تؤول أحياًنا ]لن تأويلها في غسسالب نصوصسسهم بالئمسسة‪ [.‬آيات اليمسسان‬
‫والثناء على الصحابة بهذا العدد اليسير الذي تستثنيه من الصل العام في‬
‫ن‬‫ذي َ‬ ‫ن ال ّق ِ‬‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬‫م ْ‬‫ما ال ْ ُ‬ ‫التكفير‪ ،‬ففي تفسير القمي في قوله سبحانه‪} :‬إ ِن ّ َ‬
‫م‬‫هق ْ‬‫ه َزادَت ْ ُ‬‫م آَيقات ُ ُ‬ ‫هق ْ‬ ‫ت َ َ‬ ‫وإ ِ َ‬ ‫قل ُققوب ُ ُ‬ ‫ت ُ‬ ‫جَلق ْ‬ ‫كقَر الل ّق ُ‬ ‫ذا ذُ ِ‬ ‫إِ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ذا ت ُل ِي َق ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫و ِ‬‫ه َ‬
‫مققا‬
‫م ّ‬ ‫ص قل َةَ َ‬
‫و ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫مققو َ‬ ‫قي ُ‬ ‫ن يُ ِ‬‫ذي َ‬ ‫ن‪ ،‬ال ّ ق ِ‬ ‫وك ّل ُققو َ‬ ‫م ي َت َ َ‬‫هق ْ‬‫ِ‬ ‫عل َققى َرب ّ‬ ‫و َ‬ ‫مان ًققا َ‬ ‫ِإي َ‬
‫ُ‬
‫د‬
‫عن ق َ‬ ‫ت ِ‬ ‫جققا ٌ‬ ‫م دََر َ‬ ‫ه ْ‬ ‫قا ل ّ ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫ن َ‬ ‫مُنو َ‬ ‫م ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫م ال ْ ُ‬ ‫ه ُ‬‫ك ُ‬ ‫وَلقئ ِ َ‬ ‫ن‪ ،‬أ ْ‬ ‫قو َ‬ ‫ف ُ‬‫م ُين ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫قَنا ُ‬‫َرَز ْ‬
‫م{ ]النفال‪ ،‬آية‪ .[.4-2:‬قال‪" :‬فإنها نزلسست فسسي‬ ‫ري ٌ‬ ‫رْزقٌ ك َ ِ‬ ‫و ِ‬ ‫فَرةٌ َ‬ ‫غ ِ‬ ‫م ْ‬
‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫َرب ّ ِ‬
‫أمير المؤمنين عليه السسسلم‪ ،‬وأبسسي ذر وسسسلمان والمقسسداد" ]تفسسسير القمسسي‪:‬‬
‫‪ ،1/255‬بحار النوار‪.[.22/322 :‬‬
‫وفاتهم أن الشيعة إنمسسا تثنسسي علسسى هسسؤلء الثلثسسة‪ ،‬وتسسدخلهم فسسي عسسداد‬
‫المؤمنين‪ ،‬ل لهذه الوصاف المذكورة في الية ولكن لنهسسم آمنسسوا بإمامسسة‬
‫علي‪ ،‬وكفروا بإمامة أبسي بكسر‪ ،‬وهسذا الصسل السذي تسزن بسه الشسيعة مسن‬
‫صسسا فسسي إيمسسان الثلثسسة‪،‬‬ ‫خالفها ليس له ذكر في هذه اليسسة السستي جعلوهسسا ن ً‬
‫وكذلك الشأن في آيات القرآن كلها فهي رد عليهم ل حجة لهم‪.‬‬
‫وجعلوا آيات الكفر والكافرين والشرك والمشركين في سسسائر الصسسحابة‬
‫أجمعين‪ ،‬كما نجد ذلك في عدد من أبواب الكافي وبحار النسسوار ]انظسسر فسسي‬
‫الكافي‪ :‬باب فيه نكسست ونتسسف مسسن التنزيسسل فسسي الوليسسة‪ ،436-1/412 :‬وفيسه )‪ (92‬روايسسة‪،‬‬
‫وراجع ما مر حول ذلك ص ‪ 158‬وما بعدها‪.[.‬‬

‫‪419‬‬
‫ومع هذا الحكم العام في التكفير لصحاب محمد بن عبد الله صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ ،‬وأنصاره وأحبابه‪ ،‬وأصسسفيائه‪ ،‬فسسإنهم يخصسسون‪ ،‬كبسسار الصسسحابة‬
‫رضوان الله عليهم بمزيسسد مسسن الطعسسن والتكفيسسر‪ ،‬ولهسسم فسسي ذلسسك أقسسوال‬
‫ونصوص تقشعر من سماعها جلود المؤمنين‪.‬‬
‫فهم يخصون الخلفاء الثلثة أبا بكر وعمسسر وعثمسسان‪ ،‬وزراء رسسسول اللسسه‬
‫وأصهاره بالنصيب الوفى من التكفير‪ ،‬وقد عقسسد شسسيخهم المجلسسسي فسسي‬
‫كتابه البحار – الذي عده بعض شيوخهم المعاصسسرين المرجسسع الوحيسسد فسسي‬
‫تحقيق معارف المذهب – ]البهبودي‪ /‬مقدمة البحار‪ ،‬ج صفر ص ‪ - [.19‬باًبا بعنوان‬
‫ثلثة ونفاقهم وفضسسائح أعمسسالهم" ]بحسسار النسسوار‪ 252-8/208 :‬مسسن‬ ‫"باب كفر ال ّ‬
‫طبعسسة الحجرّيسسة‪ .[.‬وعقسسد شسسيخهم الخسسر البحرانسسي عسسدة أبسسواب فسسي هسسذا‬ ‫ال ّ‬
‫دما على أمير المؤمنين عليهما مثسسل‬ ‫الموضوع منها‪" :‬الباب ‪ :97‬الّلذان تق ّ‬
‫مد إلى يوم القيامة ]المعسسالم الّزلفسسى‪ :‬ص ‪ .[.324‬والباب ‪ 98‬أن‬ ‫مة مح ّ‬ ‫ذنوب أ ّ‬
‫إبليس أرفع مكاًنا في النار من عمر‪ ،‬وأن إبليس شرف عليه فسسي النسسار «‬
‫]المعالم الزلفى‪ :‬ص ‪.[.325‬‬
‫وجاءت رواياتهم مغرقة في هذا الكفر تضرب في كل اتجاه فيسسه‪ ،‬فهسسي‬
‫مرة ل تكفسسر الشسسيخين فحسسسب؛ بسسل تسسرى أن مسسن أعظسسم الكفسسر الحكسسم‬
‫بإسلمهما حتى روى صاحب الكافي‪" :‬ثلثة ل يكّلمهم الله يوم القيامة ول‬
‫ص فسسي‬ ‫دعى إمامة من الله ليست له ]هسسذا نسس ّ‬ ‫كيهم ولهم عذاب أليم‪ :‬من ا ّ‬ ‫يز ّ‬
‫ما مسسن اللسسه ]هسسذا‬ ‫ساعة![‪ ،‬ومن جحد إما ً‬ ‫ل خلفاء المسلمين إلى أن تقوم ال ّ‬ ‫تكفير ك ّ‬
‫ل من ل يؤمن بأئّمتهم الثنسسي عشسسر مسسن جميسسع المسسسلمين الّوليسسن والخريسسن!‪،[.‬‬ ‫تكفير لك ّ‬
‫با" ]أصول الكسسافي‪ ،1/373 :‬س ‪ ،374‬الّنعمسساني‪/‬‬ ‫ن لهما في السلم نصي ً‬ ‫ومن زعم أ ّ‬
‫الغيبة‪ :‬ص ‪ ،70‬تفسير العّياشي‪ ،1/178 :‬بحار النوار‪ ،[.25/111 :‬وحيًنا تنعتهم بسسأّنهم‬
‫ب عليهسسم الّلعنسسات ول‬ ‫طاغوت ]أصول الكسسافي‪ ،[.1/429 :‬وتارة تصس ّ‬ ‫الجبت وال ّ‬
‫سّيما في أدعية الّزيارات ]مسسن ل يحضسسره الفقيسسه‪ ،[.2/354 :‬و"أذكسسار" مسسا بعسسد‬
‫شسسيخين وسسسائر المسسسلمين‬ ‫صسسلوات حيسسث يسسستبدلونها بسسالّلعن علسسى ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫]مستدرك الوسائل‪.[.10/342 :‬‬
‫وقد نقل بعض من كتب عن الشيعة في هسسذا العصسسر شسسيًئا مسسن سسسوآت‬
‫الشيعة وعواتها في تكفير صديق المة وفاروقها ]كما في كتابات الشيخ موسى‬
‫جار الله في الوشيعة‪ ،‬وإحسسسان إلهسسي ظهيسسر فسسي "السسسنة والشسسيعة" وغيرهمسسا‪ ،[.‬ولكن‬
‫دولسسة‬‫شسسيعة فسسي ظسسل ال ّ‬ ‫الذي يمكن أن أضيفه هنسسا‪ ،‬أن مسسا كتبسسه شسسيوخ ال ّ‬
‫مسسد صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم‬ ‫صفوّية كان فيه الّتكفير لفضل أصحاب مح ّ‬ ‫ال ّ‬
‫شيعة في عصر الكليني وما بعده كسسان‬ ‫حا ومكشوًفا‪ ،‬وما كتبه أوائل ال ّ‬ ‫صري ً‬
‫بلغسسة الّرمسسز والشسسارة‪ ،‬وقسسد كشسسف أقنعسسة هسسذه الرمسسوز شسسيوخ الشسسيعة‬
‫المتأخرون حينما ارتفعت التقية إلى حد مسسا وظهسسرت الثنسسا عشسسرية علسسى‬
‫حقيقتها‪.‬‬
‫فمن مصطلحاتهم الخاصة‪ :‬تسمية الشيخين بالفصيل ورمع‪ ،‬وذلك لنهم‬
‫ل يجرؤون على التصريح بالسم في إبان قوة دولة السلم‪.‬‬
‫جاء في تفسير العّياشي‪ .." :‬قلت )الراوي يقول لمامهم( ‪ :‬ومن أعداء‬
‫الله أصلحك الله؟ قال‪ :‬الوثان الربعة‪ ،‬قسسال‪ :‬قلسست‪ :‬مسسن هسسم؟ قسسال‪ :‬أبسسو‬
‫‪420‬‬
‫الفصيل‪ ،‬ورمع‪ ،‬ونعثل‪ ،‬ومعاوية‪ ،‬ومن دان دينهم‪ ،‬فمن عسسادى هسسؤلء فقسسد‬
‫عادى أعداء الله" ]تفسير العّياشي‪ ،2/116 :‬بحار النوار‪.[.27/58 :‬‬
‫قال شيخهم المجلسي في بيانه لهذه المصسسطلحات‪" :‬أبسسو الفصسسيل أبسسو‬
‫ن الفصيل والبكر متقاربان في المعنى‪ ،‬ورمع مقلوب عمر‪ ،‬ونعثسسل‬ ‫بكر؛ ل ّ‬
‫هو عثمان" ]بحار النوار‪.[.27/58 :‬‬
‫ب ل ّك ُق ّ‬ ‫َ‬
‫ج قْزءٌ‬ ‫م ُ‬ ‫هق ْ‬ ‫من ْ ُ‬
‫ب ّ‬ ‫ل ب َققا ٍ‬ ‫وا ٍ‬ ‫ة أب ْق َ‬ ‫ع ُ‬
‫سب ْ َ‬ ‫ها َ‬ ‫وعنسسد قسسوله سسسبحانه‪} :‬ل َ َ‬
‫م{ ]الحجر‪ ،‬آية‪ [.44 :‬روى العياشي عن أبسسي بصسسير عسسن جعفسسر بسسن‬ ‫سو ٌ‬ ‫ق ُ‬ ‫م ْ‬‫ّ‬
‫محمد عليه السلم قال‪" :‬يؤتى بجهنم لها سبعة أبواب‪ ،‬بابها الول للظالم‬
‫وهو زريق‪ ،‬وبابها الثاني لحبتر‪ ،‬والبسساب الثسسالث للثسسالث‪ ،‬والرابسسع لمعاويسسة‪،‬‬
‫والباب الخامس لعبد الملك‪ ،‬والباب السادس لعسكر بسن هوسسر‪ ،‬والبسساب‬
‫السسسابع لبسسي سسسلمة‪ ،‬فهسسم أبسسواب لمسسن اتبعهسسم" ]تفسسسير العياشسسي‪،2/243 :‬‬
‫البرهان‪.[.2/345 :‬‬
‫قسسال المجلسسسي فسسي تفسسسير هسسذا النسسص‪" :‬زريسسق كنايسسة عسسن الول؛ لن‬
‫العرب تتشام بزرقة العين‪ ،‬والحبتر هو الثعلب‪ ،‬ولعله إنما كنى عنه لحيلته‬
‫ومكره‪ ،‬وفي غيره من الخبار وقع بالعكس وهو أظهسسر؛ إذ الحبسستر بسسالول‬
‫ضا المراد ذلك‪ ،‬إنما قدم الثاني لنسسه أشسسقى‬ ‫أنسب ويمكن أن يكون هنا أي ً‬
‫وأفظ وأغلظ‪ ،‬وعسكر بن هوسر كناية عن بعض خلفاء بنسسي أميسسة أو بنسسي‬
‫العباس‪ ،‬وكذا أبي سسسلمة كنايسسة عسسن أبسسي جعفسسر السسدوانيقي‪ ،‬ويحتمسسل أن‬
‫يكون عسكر كناية عن عائشسسة وسسساير أهسسل الجمسسل؛ إذ كسسان اسسسم جمسسل‬
‫عائشة عسكًرا وروي أنه كان شيطاًنا" ]البحار‪.[.8/220 ،4/378 :‬‬
‫كما يرد ّ في كثير مسسن نصوصسسهم الشسسارة إلسسى هسسذين العظيميسسن بلقسسب‬
‫"فلن وفلن"‪ ،‬كما في روايتهم التي تقول‪ :‬عن أبي عبسسد اللسسه فسسي قسسوله‪:‬‬
‫ن{ ]البقسسرة‪ ،‬آيسسة‪،168 :‬سس ‪ ،208‬النعسسام‪ ،‬آيسسة‪:‬‬ ‫طا ِ‬ ‫شقي ْ َ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫وا ِ‬ ‫خط ُ َ‬ ‫عوا ْ ُ‬ ‫ول َ ت َت ّب ِ ُ‬ ‫} َ‬
‫شسسيطان واللسسه وليسسة فلن وفلن ]تفسسسير العياشسسي‪:‬‬ ‫‪ [.142‬قال‪ :‬وخطسسوات ال ّ‬
‫صافي‪.[.1/242 :‬‬ ‫‪ ،1/102‬البرهان‪ ،1/208 :‬تفسير ال ّ‬
‫َ‬
‫ر‬‫حقق ٍ‬‫في ب َ ْ‬ ‫ت{ قسسالوا‪ :‬فلن وفلن } ِ‬ ‫ما ٍ‬ ‫و ك َظُل ُ َ‬ ‫وفي قوله سبحانه‪..} :‬أ ْ‬
‫ج{ طلحسسة والزبيسسر‬ ‫و ٌ‬ ‫مق ْ‬ ‫ه َ‬‫ق ِ‬‫و ِ‬ ‫من َ‬
‫فق ْ‬ ‫ج{ يعنسسي نعثسسل } ّ‬ ‫و ٌ‬‫م ْ‬ ‫شاهُ َ‬ ‫غ َ‬ ‫ي يَ ْ‬ ‫ج ّ‬ ‫لّ ّ‬
‫ض{ ]النسسور‪ ،‬آيسسة‪ [.40 :‬معاوية‪] ..‬تفسسسير القمسسي‪:‬‬ ‫ع ٍ‬ ‫وق َ ب َ ْ‬ ‫ف ْ‬ ‫ها َ‬ ‫ض َ‬ ‫ع ُ‬ ‫ت بَ ْ‬ ‫ما ٌ‬ ‫}ظُل ُ َ‬
‫‪ ،2/106‬بحار النوار‪.[.305-23/304 :‬‬
‫قال المجلسي‪ :‬المراد بفلن وفلن أبسو بكسر وعمسر‪ ،‬ونعثسل هسو عثمسان‬
‫]بحار النوار‪.[.23/306 :‬‬
‫ضا للرمز للشيخين ما جاء في تأويلهم سورة الليل‬ ‫ومن مصطلحاتهم أي ً‬
‫ها{‬ ‫شققا َ‬ ‫غ َ‬
‫ذا ي َ ْ‬‫ل إِ َ‬ ‫ّ‬
‫واللي ْ ِ‬ ‫ها{ هسسو قيسسام القسسائم } َ‬ ‫جّل َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ر إِ َ‬‫ها ِ‬ ‫والن ّ َ‬ ‫وفيها } َ‬
‫يا عليه الحسسق ]كنسسز الفسسوائد‪ :‬ص ‪ ،390-389‬بحسسار النسسوار‪-24/72 :‬‬ ‫حبتر ودلم غش ً‬
‫‪.[.73‬‬
‫قال شيخ الدولة الصفوية – في زمنسسه – )المجلسسسي(‪ :‬حبسستر ودلم‪ :‬أبسسو‬
‫بكر وعمر ]بحار النوار‪.[.24/73 :‬‬

‫‪421‬‬
‫وتجد بعض النصوص التي فيها الرمز للشيخين في كتب أوائلهم‪ ،‬ولكسسن‬
‫حينما ينقلها عنهم بعسسض شسسيوخ الدولسسة الصسسفوية يسسستبدل الرمسسز بالسسسم‬
‫الصريح ]انظر‪ :‬تفسير القمي‪ ،1/301 :‬حيسسث رمسسز للشسسيخين بفلن وفلن‪ ،‬ولكسسن حينمسسا‬
‫ينقل شيخهم الكاشاني هذا النص يصرح بالسمين‪) .‬تفسير الصافي‪.[.(2/359 :‬‬
‫كما تطسساولوا بالسسسب والتكفيسسر‪ ،‬وعلسسى سسسبيل التعييسسن علسسى كسسثير مسسن‬
‫صسسحابة رسسسول اللسسه صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم‪ ،‬ويختسسارون منهسسم أعيسسانهم‬
‫وخيارهم‪ ،‬فكما طعنوا وكفروا الخلفاء الثلثة‪ ،‬فكذلك يفعلون فسسي آخريسسن‬
‫من فضلء الصحابة وعظمائهم كعبد الرحمسن بسن عسسوف‪ ،‬وسسسعد بسن أبسي‬
‫وقاص‪ ،‬وأبي عبيدة بن الجراح‪ ،‬وسالم مولى أبي حذيفة‪ ،‬جاء في تفسسسير‬
‫القمي والصافي‪" :‬عن الصسسادق‪ :‬لمسسا أقسسام رسسسول اللسسه صسسلى اللسسه عليسسه‬
‫وسلم يوم غدير خم كان بحذائه سبعة نفر من المنافقين وهسسم‪ :‬أبسسو بكسسر‪،‬‬
‫وعمر ]هكذا في تفسير الصافي‪ ،‬أمسسا فسسي تفسسسير القمسسي فقسسال‪" :‬وهسم‪ :‬الول والثساني‪..‬‬
‫إلخ"‪ ،[.‬وعبد الرحمن بن عوف‪ ،‬وسعد بن أبي وقاص‪ ،‬وأبو عبيسسدة‪ ،‬وسسسالم‬
‫مولى أبي حذيفة‪ ،‬والمغيرة بن شعبة‪ .‬قال عمسسر ]هكسسذا فسسي تفسسسير الصسسافي‪،‬‬
‫وفي تفسير القمي "قسسال الثسساني"‪ : [.‬أما ترون عينسسه كأنمسسا عيسسن مجنسسون يعنسسي‬
‫النبي‪ ،‬الساعة يقوم ويقول‪ :‬قال لي ربسي ]ل يخفسسى علسسى عاقسسل أن واضسسع هسسذا‬
‫القول قد رام الطعن في رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه وفي نبوته بادئ ذي بدء‪،‬‬
‫لنه يريد أن يقال‪ :‬إذا كان كبار صحابته لم يؤمنسسوا بسسه‪ ،‬وهسسم السسذين عاصسسروه وتلقسسوا عنسسه‪،‬‬
‫وشاهدوا معجزاته‪ ..‬فغيرهم أحق‪ ،‬كذلك يريد أن يقال‪ :‬رجل سوء لسسه أصسسحاب سسسوء‪ ،‬كمسسا‬
‫كشف عن هذا الهدف بعض السلف‪ ،‬كما يريدون الطعن في السلم ذاتسسه بطريقسسة مسساكرة‬
‫خفية على الغرار والدهماء وهو الطعن في الناقل لبطال المنقسسول‪ [.‬فلمسا قسام قسال‪:‬‬
‫أيها الناس من أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا‪ :‬اللسسه ورسسسوله‪ .‬قسسال‪ :‬اللهسسم‬
‫فاشهد‪ ،‬ثم قال‪ :‬أل من كنت موله فعلي موله‪ ،‬وسلموا عليه بإمرة أميسسر‬
‫المؤمنين فنزل جبرائيل وأعلم رسول الله ]هكذا في الصل المنقول منسسه بسسدون‬
‫ذكر للصلة على النبي صلى الله عليسسه وسسسلم‪ ،‬ولحسسظ‪ :‬الرسسسول يعلمسسه جبريسسل‪ ،‬وأئمتهسسم‬
‫يعلمون ما كان وما يكون ول يخفى عليهم شيء‪ ،‬كما بوب عليسسه صسساحب الكسسافي‪) .‬أصسسول‬
‫الكافي‪ [.(1/260 :‬بمقالة القوم فدعاهم وسألهم فأنكروا وحلفوا فأنزل الله‪:‬‬
‫ر{" ]تفسسسير القمسسي‪:‬‬ ‫ف ِ‬‫ة ال ْك ُ ْ‬ ‫قاُلوا ْ ك َل ِ َ‬
‫م َ‬ ‫ول َ َ‬
‫قدْ َ‬ ‫قاُلوا ْ َ‬
‫ما َ‬ ‫ن ِبالل ّ ِ‬
‫ه َ‬ ‫حل ِ ُ‬
‫فو َ‬ ‫}ي َ ْ‬
‫‪ ،1/301‬تفسير الصافي‪.[.2/359 :‬‬
‫ضا يتناولون آخرين مسن فضسسلء الصسسحابة ونقلسسة الشسسريعة‬ ‫ومثل هؤلء أي ً‬
‫كأبي هريسسرة ]انظسسر‪ :‬بحسسار النسسوار‪ ،22/242 :‬الخصسسال‪ .1/190 :‬وقسسد ألسسف الرافضسسي‬
‫المعاصر عبد الحسين الموسوي كتاًبا في أبي هريرة – رضي اللسسه عنسسه – انتهسسى فيسسه إلسسى‬
‫قا كافًرا )انظر‪ :‬الموسوي‪ /‬أبو هريرة( وانظر في الرد على افسستراءاته‪:‬‬ ‫القول بأنه كان مناف ً‬
‫محمد عجاج الخطيب‪ ،‬أبو هريرة راوية السلم ص ‪ 201‬ومسسا بعسسدها‪ ،‬عبسسد المنعسسم العسسزي‪/‬‬
‫دفاع عن أبي هريرة‪ ،‬عبد الرحمن الزرعسسي‪ /‬أبسسو هريسسرة وأقلم الحاقسسدين‪ ،[.‬وأنس بسسن‬
‫مالك ]انظر‪ :‬رجال الكشي‪ :‬ص ‪ ،[.45‬والبراء بن عسسازب ]رجسسال الكشسسي‪ :‬ص ‪،[.45‬‬
‫وطلحة والزبير بن العوام ]وقالوا فهيما‪" :‬كانا إمامين من أئمة الكفر" انظر‪ :‬تفسسسير‬
‫العياشي‪ ،78-2/77 :‬البرهان‪ ،2/107 :‬تفسير الصافي‪ [.2/324 :‬وغيرهم‪.‬‬
‫أما كلم شيوخهم في هؤلء العظماء فقد سود الصفحات‪ ،‬فإنه ل يخلو‬
‫مصنف من مصنفاتهم في مسألة المامة ونحوها إل وفيه من التكفير‬

‫‪422‬‬
‫والسب واللعن ما ل يخطر ببال مسلم‪ ،‬لنهم ل يرونهم على السلم‬
‫ل‪ ،‬وفضل ً عن ذلك فإنهم يرونهم من ألد أعدائهم‪ ،‬ومن الظالمين لهم‪،‬‬ ‫أص ً‬
‫لنهم بايعوا أباب بكر وعمر وعثمان وكانوا في عهدهم على كلمة سواء‪،‬‬
‫وكانوا بنعمة الله إخواًنا فأقاموا دولة السلم‪ ،‬وفتحوا البلد ونشروا‬
‫السلم بين العباد‪ ،‬وأطفأوا نار المجوسية‪ ،‬وحطموا طاغوت الوثنية‪،‬‬
‫وأخرجوا الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد وخالقهم‪ ،‬فأوغروا‬
‫بذلك صدور الزنادقة الحاقدين من أصحاب تلك البلد المفتوحة‪ ،‬وأتباع‬
‫تلك الديانات الموضوعة‪ ،‬فكان من كيدهم الدخول لفساد أمر هذه المة‬
‫من طريق التشيع‪ ،‬وكان من الطبيعي أن تكون مسألة المامة هي‬
‫هدفهم‪ ،‬وشغلهم الشاغل‪ ،‬فكان من أمرهم ما كان‪ ،‬ثم أصبح كيدهم‬
‫وخلصة مكرهم عقيدة لهؤلء الشيع كفروا بها الحاكم والمحكوم‪.‬‬
‫قال ابن بابويه في العتقادات‪" :‬فمن ادعى المامسسة وليسسس بإمسسام فهسسو‬
‫الظالم الملعون‪ ،‬ومن وضع المامسسة فسسي غيسسر أهلهسسا فهسسو ظسسالم ملعسسون"‬
‫]العتقادات‪ :‬ص ‪ ،113-112‬بحار النوار‪.[.27/62 :‬‬
‫فهذا تكفير للحاكم والمحكوم في مختلف العصور )مسسا عسسدا حكسسم علسسي‬
‫والحسن( وحينما سئل شيخهم المفيد الملقب عندهم بركن السسلم وآيسة‬
‫الله الملك العلم عما ورد عن أمير المسسؤمنين علسسي رضسسي اللسسه عنسسه أنسسه‬
‫قال‪ :‬ل أوتى برجل يفضلني على أبي بكر وعمر إل جلسسدته حسسد المفسستري‪.‬‬
‫فأجاب‪ :‬عليه من الله ما يستحق "إن الوجه فيسسه أن المفاضسسل بينسسه وبيسسن‬
‫الرجليسسن إنمسسا وجسسب عليسسه حسسد المفسستري‪ ،‬لن المفاضسسلة ل تكسون إل بيسسن‬
‫متقاربين في الفضل‪ ،‬وكان الرجلن بجحدهما النص قد خرجا عن اليمسسان‬
‫بطل أن يكون لهما فضل في السلم فكيف يحصل لهما مسسن الفضسسل مسسا‬
‫يقارب فضل أمير المؤمنين؟ ومتى فضل إنسسسان أميسسر المسسؤمنين عليهمسسا‬
‫فقد افترى بالتفضيل لمير المؤمنين عليهما‪ ،‬مسسن حيسسث كسسذب فسسي إثبسسات‬
‫فضل لهم في الدين‪ ،‬وجرى في هذا الباب مجرى من فضل المسلم السسبر‬
‫التقسسي علسسى الكسسافر المرتسسد‪ ،‬ومجسسرى مسسن فضسسل جبرائيسسل علسسى إبليسسس‪،‬‬
‫ورسوله الله على أبي جهل بن هشام" ]العيون والمحاسن‪.[.123-2/122 :‬‬
‫فانظر كيف عد ّ أفضل المة بعد نبيها بمنزلة إبليسسس وأبسسي جهسسل‪ .‬وهسسذا‬
‫موضع إجماع طائفته حيث يقول‪" :‬فقد حصل الجماع علسسى كفسسره )يعنسسي‬
‫عمر( بعد إظهاره اليمان" ]العيون والمحاسن‪.[.1/9 :‬‬
‫ما عد ّ من ضسسرورّيات ديسسن المامي ّسسة ]انظسسر‬‫وقال شيخهم المجلسي‪" :‬وم ّ‬
‫ل بذاته‪ ،‬منفصل عن‬ ‫ن ما عليه المامّية دين مستق ّ‬
‫كيف يستخدم كلمة "دين" وكأّنه يلوح بأ ّ‬
‫طره المجلس في بحاره وعقائده هو في الغالب دين آخر ل‬ ‫ن ما س ّ‬ ‫دين السلم‪ ،‬ول ريب أ ّ‬
‫ج الّتمّتع‪ ،‬والبراءة من أبي بكسسر‬ ‫ت لدين السلم بصلة‪ [.‬استحلل المتعة‪ ،‬وح ّ‬ ‫يم ّ‬
‫وعمر وعثمان ومعاوية" ]العتقادات للمجلسي‪ :‬ص ‪.[.91-90‬‬
‫ومن لم يبرأ من أبي بكر وعمر وعثمان فهو عدو وإن أحب علي ًسسا ]انظسسر‪:‬‬
‫وسائل الشيعة‪.[.5/389 :‬‬
‫ل صلة بلعن الخلفاء الّثلثسسة وغيرهسسم‬
‫ولذلك يتعّبدون الله سبحانه بعد ك ّ‬
‫مهات المؤمنين رضوان الله عليهم أجمعيسسن‪.‬‬ ‫صحابة‪ ،‬وبعض أ ّ‬
‫من فضلء ال ّ‬
‫‪423‬‬
‫دين‬ ‫وعقد لذلك الحّر العاملي باًبا بعنوان‪" :‬بسساب اسسستحباب لعسسن أعسسداء الس ّ‬
‫صسسلة بأسسسمائهم"‪ ،‬وذكسسر فيسسه مسسا روى الكلينسسي عسسن ابسسن ثسسوير‬ ‫عقيسسب ال ّ‬
‫ل‬‫سراج قال‪ :‬سمعنا أبا عبد الله رضي الله عنه وهسسو يلعسسن فسي دبسر كس ّ‬ ‫وال ّ‬
‫مكتوبة أربعة من الّرجال وأربًعا من الّنسسساء‪ ،‬فلن ًسسا وفلن ًسسا وفلن ًسسا )الخلفسساء‬
‫ميهم ومعاويسسة‪ ،‬وفلنسسة وفلنسسة )عائشسسة‪ ،‬وحفصسسة رضسسي اللسسه‬ ‫الّثلثة( ويس ّ‬
‫طوسسسي‪ /‬الّتهسسذيب‪:‬‬ ‫م الحكم أخت معاوية ]فروع الكافي‪ ،1/95 :‬ال ّ‬ ‫دا وأ ّ‬ ‫عنهما( وهن ً‬
‫شيعة‪.[.4/1037 :‬‬ ‫‪ ،1/227‬وسائل ال ّ‬
‫طبرسسسي عقسسد باب ًسسا بعنسسوان‪:‬‬ ‫وفي مستدرك الوسائل لشيخهم الن ّسسوري ال ّ‬
‫صسسلة بأسسسمائهم" ]مسسستدرك‬ ‫عقيسسب ال ّ‬ ‫دين ُ‬
‫"بسساب اسسستحباب لعسسن أعسسداء ال س ّ‬
‫الوسائل‪ .[.1/342 :‬وساق فيه جملة من رواياتهم ومنها‪" :‬عن أبي عبسسد اللسسه‬
‫قنا على أوليائنسسا وأشسسياعنا أن ل ينصسسرف الّرجسسل فيهسسم‬ ‫ن من ح ّ‬ ‫أّنه قال‪ :‬إ ّ‬
‫م‪ ..‬ضاعف لعنتك وبأسك ونكالك وعذابك على‬ ‫دعاء‪ :‬الّله ّ‬ ‫حتى يدعو بهذا ال ّ‬
‫وفا رسولك‪ ..‬وحل عقده فسسي وصسسيه‪ ،‬ونبسسذا عهسسده‬ ‫الّلذين كفرا نعمتك‪ ،‬وخ ّ‬
‫دل سّنته‪ ،‬وقلبا دينه‪،‬‬ ‫في خليفته من بعده‪ ،‬وادعيا مقامه‪ ،‬وغّيرا أحكامه‪ ،‬وب ّ‬
‫جتك وحججك‪ ،‬وبدءا بظلمهم‪ ،‬وطرقا طريسسق الغسسدر عليهسسم‪،‬‬ ‫وصّغرا قدر ح ّ‬
‫والخلف عن أمرهم‪ ،‬والقتل لهم‪ ..‬ومنعا خليفتك مسن سسد ّ الّثلسم‪ ،‬وتقسويم‬
‫العوج‪ ،‬وإمضاء الحكام‪ ،‬وإظهار دين السلم‪ ،‬وإقامة حدود القرآن‪ ،‬الّلهسس ّ‬
‫م‬
‫ل من مال ميلهم‪ ،‬وحسسذا حسسذوهم‪ ،‬وسسسلك طريقتهسسم‬ ‫العنهما‪ ،‬وابنتيهما‪ ،‬وك ّ‬
‫در ببدعتهم لعًنا ل يخطر على البال‪ ،‬ويسسستعيذ منسسه أهسسل الن ّسسار‪ ،‬العسسن‬ ‫وتص ّ‬
‫ك فسسي كفرهسسم‬ ‫م من دان بقولهم‪ ،‬واّتبع أمرهم‪ ،‬ودعا إلى وليتهم‪ ،‬وش ّ‬ ‫الّله ّ‬
‫من الّولين والخرين" ]مستدرك الوسائل‪.[.1/342 :‬‬
‫فانظر كيف لعنوا في هذه "الكلمات المظلمسسة" المسسسلمين جميعًسسا مسسن‬
‫صسسوا بمزيسسد مسسن الّلعسسن والّتكفيسسر مسسن أقامسسا دولسسة‬ ‫الّوليسسن والخريسسن‪ ،‬وخ ّ‬
‫السلم بعد رسسول اللسه صسلى اللسه عليسه وسسلم‪ ،‬ونشسرا ديسن اللسه فسي‬
‫العالمين‪ ،‬وعدوهما وجميع من ابتعهما )أي جميسسع المسسسلمين( مسسن أعسسداء‬
‫الدين‪ ،‬فأي ديسسن يعتقسسده هسسؤلء السسذين يعسسدون صسسحابة رسسسول اللسسه ومسسن‬
‫اتبعهم بإحسان هم أعداء للدين؟ فليكن أي ديسسن ونحلسسة إل ديسسن السسسلم‪،‬‬
‫إن هذه "اللعنات" تؤكد أن واضعها مسسن أتبسساع تلسسك السسديانات السستي قضسسى‬
‫عليها السلم بقيادة أبي بكر وعمر وإخوانهما رضوان الله عليهم جميًعا‪.‬‬
‫ضا – بواسطة الدعية التي وضعها لولئك التباع‬ ‫وفي مزاراتهم يجري أي ً‬
‫ضغائن‪ ،‬وتأجيج العداوة فسسي‬ ‫ث ال ّ‬‫زنادقة العصور البائدة ‪ -‬غرس الحقاد وب ّ‬
‫لعنات متتالية ومتتابعسسة علسسى خيسسر القسسرون‪ ،‬ففسسي زيسسارة فاطمسسة – مثل ً –‬
‫صحابة رضوان الله عليهم فسسي دعسساء يقولسسون فيسسه‪:‬‬ ‫يلعنون أبا بكر وبقّية ال ّ‬
‫سلم عليك يا فاطمة يا سّيدة نساء العالمين‪ ،‬لعسسن اللسسه مانعسسك إرثسسك‪،‬‬ ‫"ال ّ‬
‫قسك‪ ،‬والسّراد ّ عليسسك قولسسك‪ ،‬لعسن اللسسه أشسسياعهم وأتبسساعهم‬ ‫ودافعسسك عسسن ح ّ‬
‫وألحقهم بدرك الجحيم" ]بحسسار النسسوار‪ ،100/197 :‬بسساب زيسسارة فاطمسسة‪ ،‬وانظسسر‪ :‬ص‬
‫‪ 198‬رقم ‪ ،16‬وانظر‪ :‬ص ‪ 200‬من الجزء نفسه‪.[.‬‬
‫وتلحظ أن واضع هذا الدعاء يقصد فيه لعن صديق هذه المة ثسم يلحسق‬
‫فيه كل من شايعه‪ ،‬فيدخل فيهم أمير المؤمنين علي‪ ،‬لنه من شسسيعة أبسسي‬
‫‪424‬‬
‫بكر وأعسوانه ووزرائه‪ .‬ول تخفسى هسذه الحقيقسة علسى واضسع هسذا السدعاء‪،‬‬
‫ولكنه عدو للجميع ويتستر بالتشيع لن العقل الشسسيعي فسسي غيبوبسسة بفعسسل‬
‫العواطسف المشسحونة – زوًرا – بظلسم آل السبيت وقهرهسم وضسياع حقهسم‪،‬‬
‫وصراعهم مع أعدائهم وهم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ .‬وقد‬
‫ما هائل ً من الساطير ل تبقى في قلب من يسسؤمن بهسسا‬ ‫حشدوا في ذلك ركا ً‬
‫إل الحقد‪ ،‬والتعطش لسفك الدماء‪ ،‬والرغبة في النتقسسام ]انظسسر بعسسض أخبسسار‬
‫هذا الصراع المزعوم‪ ،‬في إثبات الوصية الذي ينسبونه للمسسسعودي صسساحب مسسروج السسذهب‬
‫ص ‪ 122‬وما بعدها‪ ..[.‬وواقعهم يشهد بذلك‪.‬‬
‫مثالب الصحابة )المزعومة(‪:‬‬
‫ومع اللعن والتكفير لخير القسسرون‪ ،‬فسسإن الشسسيعة ملت الصسسفحات فيمسسا‬
‫يسمونه بمثالب الصحابة ومعايبهم ]انظر‪ :‬ابن المطهر الحلي‪ /‬منهاج الكرامسسة‪ :‬ص‬
‫‪ ،[.132‬وانشغل بعض أهل السنة في الرد عليهم ]وقد أجاب شيخ السسسلم عمسسا‬
‫يثيره الروافض فسسي هسسذا البسساب بجسسواب مفصسسل )انظسسر‪ :‬منهسساج السسسنة ‪ 3/19‬ومسسا بعسسدها(‬
‫وبجواب مجمل ملخصه ما يلي‪ :‬أن المثالب التي تنقل عن الصحابة نوعان‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬ما هو كذب‪ ،‬إما كذب كله‪ ،‬وإمسسا محسسرف قسسد دخلسسه مسسن الزيسسادة والنقصسسان مسسا‬
‫يخرجه إلى الذم والطع‪ ،‬وأكثر المنقول من المطاعن الصريحة هو من هسسذا البسساب‪ ،‬يرويهسسا‬
‫الكذابون المعروفون بالكذب مثل أبي مخنف لوط بن يحيى‪ ،‬وهشام بسن السسائب الكلسبي‪،‬‬
‫وأمثالهما من الكذابين الذين شهد الئمة بكذبهم‪ ،‬وسقوط أخبارهم‪.‬‬
‫النوع الثاني‪ :‬ما هو صدق‪ ،‬وأكثر هذه المور لهم فيها معاذير تخرجها من أن تكون ذنوًبا‪،‬‬
‫وتجعلها من موارد الجتهاد التي إن أصاب المجتهد فله أجران‪ ،‬وإن أخطأ فله أجسسر‪ ،‬وعامسة‬
‫المنقول الثابت عن الخلفاء الراشدين من هذا الباب‪.‬‬
‫قا‪ ،‬فإن ذلك ل يقدح فيما علم من فضائلهم وسسسوابقهم‬ ‫در من هذه المور ذنًبا محق ً‬
‫وما ق ّ‬
‫وكونهم من أهل الجنة‪ ،‬لن الذنب المحقق يرتفع عقابه في الخرة بأسباب متعسسددة‪ ،‬منهسسا‪:‬‬
‫التوبة‪ ،‬ومنها الحسنات الماحية للذنوب؛ فإن الحسسنات يسذهبن السسيئات‪ ،‬ومنهسا المصسائب‬
‫المكفرة‪) ..‬منهاج السنة‪ ،[.(3/19 :‬والحقيقة المهمة في هذا الموضوع أن إثارة‬
‫الشيعة لهذه القضايا هو في حقيقة أمره تستر على السبب الحقيقي مسسن‬
‫موقفهم من الصحابة‪ ،‬ذلك أن الصحابة رضوان الله عليهسسم لسسو كسسانوا فسسي‬
‫عصمة من كل خطأ‪ ،‬وفي حرز من كل ذنسب‪ ،‬لمسا رضسي عنهسم الماميسة‪،‬‬
‫لن ذنب الصحابة عند هؤلء هو بيعتهسسم لبسسي بكسسر دون علسسي‪ ،‬وكسسل ذنسسب‬
‫يغتفر إل هذا المر‪ ،‬كما أن مسسن جسساء بقسسراب الرض خطايسسا ومعسسه "جسسواز‬
‫الولية" فقد نجا‪.‬‬
‫وقد تنبه إلى هذه الحقيقة المهمة القاضية عبسسد الجبسسار فقسسال‪" :‬وكسسثيًرا‬
‫تسأل المامية عما كان من عثمان في تولية أقاربه وغير ذلك‪ ،‬وفي سسسير‬
‫طلحة والزبير وعائشة إلى البصرة‪ ،‬وما ذاك إل لضعفهم وانقطسساعهم؛ لن‬
‫كا عنسسدهم‬ ‫عثمان لو لم يول أقاربه ولم يصنع مسسا صسسنع لكسسان كسسافًرا مشسسر ً‬
‫بادعائه المامة لنفسه ولبي بكر وعمر‪ ،‬ولو كان طلحسسة والزبيسسر وعائشسسة‬
‫في عسكر أميسسر المسسؤمنين وفسسي المحسساربين معسسه مسسا كسسانوا إل مشسسركين‬
‫باعتقادهم إمامة أبي بكر وعمر وعثمان‪ ،‬فمن يكلم المامية فسسي إثسسارتهم‬
‫لهذه المسائل كمن يكلم اليهود في وجسسوب النيسسة فسسي الطهسسارة‪ ،‬أو يكلسسم‬
‫النصارى في استحللهم الخمسسر‪ ،‬وإنمسسا يكلسسم فسسي هسسذا مسسن قسسال‪ :‬ل ذنسسب‬
‫لعثمان إل ما أتاه من الحمى‪ ،‬وتولية القارب‪ ،‬ولول ذلك لكان مثل عمسسر‪،‬‬
‫‪425‬‬
‫ومن قال‪ :‬ل ذنب لطلحة والزبير وعائشة إل مسيرهم إلى البصسسرة‪ ،‬ولسول‬
‫ذلك لكانوا مثل أبي عبيدة وعبد الرحمن وابن مسعود‪.‬‬
‫فاعرف هذا ول تكلمهم فيه البتة‪ ،‬وكلمهم فيما يدعونه مسسن النسسص فهسسو‬
‫الصل" ]تثبيت دلئل النبوة‪.[.1/294 :‬‬

‫‪ 2‬ق تكفيرهم أهل البيت‪:‬‬


‫هذه الّروايات التي تحكم بالّردة على ذلك المجتمع المثسسالي الفريسسد‪ ،‬ول‬
‫تستثني منهم جميًعا إل سبعة في أكثر تقديراتها‪ ،‬ل تذكر من ضمن هسسؤلء‬
‫دا من أهل بيت رسول الله باستثناء بعض روايسسات عنسسدهم جسساء‬ ‫سبعة أح ً‬ ‫ال ّ‬
‫فيها استثناء علي فقط‪ ،‬وهي رواية الفضيل بن يسار عن أبي جعفر قسسال‪:‬‬
‫صار الناس كلهم أهل جاهلية إل أربعة‪ :‬علي‪ ،‬والمقداد‪ ،‬وسلمان‪ ،‬وأبو ذر‪.‬‬
‫فقلت‪ :‬فعمار؟ فقال‪ :‬إن كنت تريد الذين لم يدخلهم شيء فهؤلء الثلثسسة‬
‫]تفسير العياشي‪ ،1/199 :‬البرهان‪ ،1/319 :‬تفسير الصافي‪.[.1/389 :‬‬
‫ي‬
‫صسسحابة وأهسسل السسبيت الّنبسسو ّ‬ ‫دة في هذه الّنصوص شامل لل ّ‬ ‫فالحكم بالّر ّ‬
‫من زوجات رسول الله صلى اللسسه عليسسه وسسسلم وقرابتسسه‪ ،‬مسسع أن واضسسعها‬
‫يزعم التشيع لهل بيت رسول الله صلى اللسسه عليسسه وسسسلم‪ ،‬فهسسل هسسذا إل‬
‫دليل واضح على أن التشيع إنما هو ستار لتنفيد أغراض خبيثة ضد السلم‬
‫وأهله‪ ،‬وأن واضعي هذه الروايات أعداء للصحابة وللقرابة؟‬
‫ول يستعبد – كما سبق – أن تلسك السسسماء الستي تسسستثنى هسي »أسسماء‬
‫مستعارة« للزنادقة الذين يشكلون الخلية الولى "للرفض"‪ ،‬ول يعني بهم‬
‫الصحابة‪ ،‬وإل لماذا لم يسسذكر أحسسد معهسسم مسسن أهسسل السسبيت؟ ولمسساذا هسسؤلء‬
‫الصحابة الذين يستثنون ما ظهر منهم منابذة ومناوأة للخليفتين الراشدين‬
‫بل ظهر منهم الحب والمؤازرة؟!‬
‫لقد حكموا بالردة في نصوصهم التي مر ذكرها‪ ،‬على الحسن والحسين‬
‫وآل عقيسسسل وآل جعفسسسر‪ ،‬وآل العبسسساس‪ ،‬وزوجسسسات رسسسسول اللسسسه أمهسسسات‬
‫المؤمنين‪.‬‬
‫بل إن الشيعة خصت بالطعن والتكفير جملة من أهل بيت رسسسول اللسسه‬
‫صلى الله عليه وسلم كعم النبي العباس‪ ،‬حتى قالوا بسسأنه نسسزل فيسسه قسسوله‬
‫مققى‬‫ع َ‬‫ة أَ ْ‬
‫خ قَر ِ‬
‫فققي ال ِ‬‫و ِ‬‫هق َ‬
‫ف ُ‬‫مققى َ‬ ‫ه أَ ْ‬
‫ع َ‬ ‫ذ ِ‬‫هق ق ِ‬
‫في َ‬
‫ن ِ‬ ‫من َ‬
‫كا َ‬ ‫و َ‬
‫سبحانه‪َ } :‬‬
‫ل{ ]رجال الكشي‪ :‬ص ‪ ،53‬والية )‪ (72‬من سورة السراء‪.[.‬‬ ‫سِبي ً‬‫ل َ‬‫ض ّ‬‫وأ َ َ‬
‫َ‬
‫وكابنه عبد الله بن عباس حبر المسسة وترجمسسان القسسرآن‪ ،‬فقسسد جسساء فسسي‬
‫الكسسافي مسسا يتضسسمن تكفيسسره‪ ،‬وأنسسه جاهسسل سسسخيف العقسسل ]أصسسول الكسسافي‪:‬‬
‫‪ .[.1/247‬وفي رجال الكشي‪" :‬اللهم العن ابني فلن واعم أبصارهما‪ ،‬كمسسا‬
‫عميت قلوبهما‪ ..‬واجعل عمى أبصارهم دليل ً علسسى عمسسى قلوبهمسسا" ]رجسسال‬
‫الكشي‪ :‬ص ‪.[.53‬‬
‫وعلق على هذا شيخهم حسن المصسسطفوي فقسسال‪" :‬همسسا عبسسد اللسسه بسسن‬
‫عباس وعبيد الله بن عباس" ]رجال الكشي‪ :‬ص ‪) 53‬الهامش(‪.[.‬‬

‫‪426‬‬
‫وبنات النبي صلى الله عليه وسلم يشملهن سخط الشيعة وحنقهسسم‪ ،‬فل‬
‫يذكرن فيمن استثنى من التكفير‪ ،‬بل ونفى بعضسسهم أن يكسسن بنسسات للنسسبي‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ -‬ما عدا فاطمة ]انظر‪ :‬جعفر النجفي‪ /‬كشسسف الغطسساء‪ :‬ص‬
‫‪ ،5‬حسن المين‪ /‬دائرة المعارف السلمية‪ ،‬الشيعة‪ – [.1/27 :‬فهل يحب رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم من يقول فيه وفي بناته هذا القول؟!‬
‫وقد نص صاحب الكافي في رواياته على أن كل من لسسم يسسؤمن بسسالثني‬
‫يا ]انظر‪ :‬الكسسافي‪ ،‬بسساب مسسن ادعسسى المامسسة‬
‫عشر فهو كافر‪ ،‬وإن كان علوًيا فاطم ً‬
‫وليس لها بأهل‪ ،‬ومن جحسسد الئمسسة أو بعضسسهم‪ ،‬ومسسن أثبسست المامسسة لمسسن ليسسس لهسسا بأهسسل‪:‬‬
‫‪ ،[.374-1/372‬وهذا يشمل في الحقيقة التكفير لجيل الصحابة ومن بعسسدهم‬
‫بما فيهم الل والصحاب؛ لنهم لم يعرفوا فكرة "الثني عشسسر" السستي لسسم‬
‫ه(‪.‬‬
‫توجد إل بعد سنة )‪‍ 260‬‬
‫كما باءوا بتفكير أمهات المسسؤمنين أزواج رسسسول اللسسه صسسلى اللسسه عليسسه‬
‫وسلم؟ إذ لم يستثنوا واحدة منهن في نصوصهم‪ ..‬ولكنهم يخصسسون منهسسن‬
‫عائشة ]انظر‪ :‬أصول الكافي‪ ،1/300 :‬رجال الكشي‪ :‬ص ‪ ،60-57‬بحار النوار‪[.53/90 :‬‬
‫وحفصة ]انظر‪ :‬بحار النوار‪ -[.22/246 :‬رضي الله عنهن جميًعا – بالذم واللعن‬
‫والتكفير‪.‬‬
‫وقد عقد شيخهم المجلسي باًبا بعنوان "بسساب أحسسوال عائشسسة وحفصسسة"‬
‫ذكر فيه )‪ (17‬رواية ]بحار النوار‪ ،[.247-22/227 :‬وأحال فسسي بقيسسة الروايسسات‬
‫إلى أبواب أخرى ]حيث قال‪" :‬قد مر بعض أحوال عائشة في باب تزويج خديجة‪ ،‬وفسسي‬
‫باب أحوال أولده صلى الله عليه وسلم في قصص مارية وأنها قسسذفتها فنزلسست فيهسسا آيسسات‬
‫الفك )انظر كيف يقلبون الحقائق( وسيأتي أكثر أحوالها في قصسة الجمسل" )بحسار النسسوار‪:‬‬
‫‪ ،[.(22/245‬وقد آذوا فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فسسي أهسسل بيتسسه‬
‫أبلغ اليذاء‪.‬‬
‫حتى اتهموا في أخبسسارهم مسسن برأهسسا اللسسه مسسن سسسبع سسسماوات؛ عائشسسة‬
‫الصديقة بنت الصسسديق بالفاحشسسة‪ ،‬فقسسد جسساء فسسي أصسسل أصسسول التفاسسسير‬
‫عندهم )تفسير القمي( هذا القذف الشنيع ]ونص ذلسسك‪" :‬قسسال علسسي بسسن إبراهيسسم‬
‫مَثل{ ]الّتحريم‪ ،‬آية‪ [11:‬ثسسم ضسسرب اللسسه فيهمسسا )يعنسسي عائشسسة‬ ‫ه َ‬‫ب الل ّ ُ‬ ‫ضَر َ‬ ‫و َ‬ ‫في قوله‪َ } :‬‬
‫َ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وحفصة زوجتي رسول الله مثل ً فقال‪َ } :‬‬
‫ح‬
‫مقَرأةَ ن ُققو ٍ‬‫فقُروا ا ِ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫مَثل لل ق ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ب اللق ُ‬ ‫ضَر َ‬
‫َ‬
‫ما{ ]الّتحريم‪ ،‬آية ‪[10‬‬ ‫ه َ‬
‫خان ََتا ُ‬‫ف َ‬ ‫ن َ‬
‫حي ْ ِ‬
‫صال ِ َ‬ ‫عَباِدَنا َ‬
‫ن ِ‬ ‫م ْ‬‫ن ِ‬‫عب ْدَي ْ ِ‬
‫ت َ‬ ‫ح َ‬ ‫ط َ‬
‫كان ََتا ت َ ْ‬ ‫مَرأةَ ُلو ٍ‬‫وا ِ ْ‬
‫َ‬
‫ن الحد ّ على فلنة فيمسسا أتسست‬ ‫ما{ إل الفاحشة‪ ،‬وليقيم ّ‬ ‫ه َ‬
‫خان ََتا ُ‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬والله ما عنى بقوله }ف َ‬
‫ما أرادت أن تخرج إلسسى البصسسرة قسسال لهسسا فلن‪ :‬ل‬ ‫في طريق البصرة‪ ،‬وكان فلن يحّبها‪ ،‬فل ّ‬
‫ل لك أن تخرجين – كذا – من غير محرم فزّوجت نفسها من فلن‪..‬‬ ‫يح ّ‬
‫مسسي‬ ‫مسسا تفسسسير الق ّ‬ ‫مي كما نقله عنه المجلسي في بحار النسسوار‪ ،22/240 :‬أ ّ‬ ‫ص الق ّ‬
‫هذا ن ّ‬
‫حح حذف اسم البصرة الذي ورد مّرتين ووضع مكانه نقسسط‬ ‫ن المص ّ‬ ‫ص‪ ،‬إل أ ّ‬ ‫فقد جاء فيه الن ّ ّ‬
‫مي ‪.(2/377‬‬ ‫)انظر‪ :‬تفسير الق ّ‬
‫والنص فيه عدم التصريح بالسسسماء‪ ،‬فقسسوله‪" :‬ليقيمسسن الحسسد" مسسن السسذي يقيسسم؟ وقسسوله‪:‬‬
‫ل رموزها وذلك‬ ‫"فلن‪ ،‬وفلنة" من هما؟ لكن شيخ الشيعة المجلسي كشف هذه الّتقية وح ّ‬
‫سلم فسسي‬ ‫ن الحد ّ أي القائم عليه ال ّ‬ ‫لنه يعيش في ظل الدولة الصفوية فقال‪ :‬قوله‪ :‬وليقيم ّ‬
‫الّرجعة كما سيأتي )وقد نقلت ذلك عن المجلسي في فصل الغيبسسة‪ ،‬وص سّرح بالسسسم وأّنهسسا‬
‫م المؤمنين‪ ،‬إل أنه قال بأنه بسبب ما قالته فسي ماريسسة‪ ،‬فلسم يجسسرؤ أن يصسرح مسع‬ ‫عائشة أ ّ‬
‫ذكر السم بمسسا صسسرح بسسه هنسسا مسسن القسسذف الصسسريح( والمسسراد بفلن طلحسسة )بحسسار النسسوار‪:‬‬
‫‪.(22/241‬‬

‫‪427‬‬
‫هذا النص كما ترى قد جاء في تفسير القمسسي السسذي يسسوثقه شسسيوخهم المعاصسسرون‪ ،‬ولسسم‬
‫يتعقبه المصحح والمعلق على تفسير القمي بشيء‪ ،‬فهو عار يلسف السسابقين والمعاصسرين‬
‫من شيوخهم‪ ،‬إل أن المعلق على البحار عقب علسسى النسسص المسسذكور بالسسدفاع عسسن شسسيخهم‬
‫القمي ل الدفاع عسسن عائشسسة أم المسسؤمنين‪ ،‬وأم المسسؤمنين ل تحتسساج إلسسى شسسهادة أحسسد بعسسد‬
‫شهادة الله لها‪ ..‬ولكن نذكر ذلسسك لبيسسان عظيسسم جرمهسسم‪ [.‬المتضمن تكذيب القسسرآن‬
‫العظيم‪ ،‬قسسال ابسسن كسسثير فسسي تفسسسير سسسورة النسسور‪" :‬أجمسسع أهسسل العلسسم –‬
‫رحمهم الله – قاطبة على أن من سبها ورماها بما رماها به بعد هذا السسذي‬
‫ذكر في الية فإنه كافر‪ ،‬لنه معانسسد للقسسرآن" ]تفسسسير ابسسن كسسثير‪،290-3/289 :‬‬
‫وانظر‪ :‬الصارم المسلول لبن تيمية ص ‪.[.571‬‬
‫وقال القرطبي‪" :‬فكل من سبها مما برأها اللسسه منسسه مكسسذب للسه‪ ،‬ومسن‬
‫كذب الله فهو كافر" ]تفسير القرطبي‪.[.12/206 :‬‬
‫هسسذا وظسساهرة التكفيسر عنسسد الشسسيعة ل تخسسص جيسل الصسسحابة‪ ،‬وإن كسان‬
‫الصحابة ينالهم النصيب الوفى مسسن السسسب والتكفيسسر باعتبسسار أنهسسم حملسسة‬
‫الشريعة‪ ،‬ونقلة الكتاب والسسسنة‪ ،‬والمبلغسسون عسسن رسسسول اللسسه ديسسن اللسسه‪،‬‬
‫ولذلك صار "الطعن فيهم طعن في الدين" ]ابسسن تيميسسة‪ /‬منهسساج السسسنة‪.[.1/5 :‬‬
‫وكان هسسذا هسسو هسسدف الزنادقسسة مسسن وراء الحملسسة الضسسارية عليهسسم‪ ،‬ولكسسن‬
‫سلسلة التكفير عند الشيعة مستمرة‪.‬‬
‫فكما قالت كتب الشيعة‪ :‬إن الناس ارتدوا بعد وفسساة الرسسسول إل ثلثسسة‪،‬‬
‫ضا‪" :‬ارتد الناس بعسسد قتسسل الحسسسين إل ثلثسسة‪ :‬أبسسو خالسسد الكسسابلي‪،‬‬ ‫قالت أي ً‬
‫ويحيى أم الطويل‪ ،‬وجبير بن مطعم" ]رجسسال الكشسسي‪ :‬ص ‪ ،123‬أصسسول الكسسافي‪:‬‬
‫‪.[.2/380‬‬
‫دا من أهل السسبيت ول الحسسسن بسسن‬ ‫فأنت ترى أن هذا النص ل يستثني أح ً‬
‫علي الذي تعسده الثنسسا عشسرية إمامهسا‪ ،‬ويبسسدو أنهسا ل تسستثنيه لنهسا عليسه‬
‫ساخطة لقيامه بمصالحة معاوية حسستى خسساطبه بعسسض الشسسيعة بقسسوله‪" :‬يسسا‬
‫مذل المؤمنين" ]انظسسر‪ :‬رجسسال الكشسسي‪ :‬ص ‪ ،[.111‬ووثب عليسسه أهسسل عسسسكره‬
‫فانتهبوا فسطاطه‪ ،‬وأخذوا متاعه‪ ،‬وطعنه ابن بشير السدي فسسي خاصسسرته‬
‫حا إلى المدائن ]انظر‪ :‬المصدر السابق‪ :‬ص ‪.[.113‬‬ ‫فردوه جري ً‬
‫‪ 3‬ق تكفيرهم خلفاء المسلمين وحكوماتهم‪:‬‬
‫في دين الثني عشرية أن كل حكومة غير حكومة الثنسسي عشسسر باطلسسة‪،‬‬
‫وصاحبها ظالم وطاغوت يعبد من دون الله‪ ،‬ومسسن يبسسايعه فإنمسسا يعبسسد غيسسر‬
‫الله‪.‬‬
‫وقد أثبت الكليني هذا المعنسى فسي عسدة أبسواب مثسل‪ :‬بساب مسن ادعسى‬
‫المامة وليس لها بأهل‪ ،‬ومن جحد الئمة أو بعضسسهم‪ ،‬ومسسن أثبسست المامسسة‬
‫ثا عن أئمتهم ]الكسسافي‪-1/372 :‬‬ ‫لمن ليس لها بأهل‪ ،‬وذكر فيه اثني عشر حدي ً‬
‫‪ ،[.374‬وباب فيمن دان الله عز وجل بغير إمام من الله جسسل جللسسه‪ ،‬وفيسسه‬
‫خمسة أحاديث ]الكافي‪.[.376-1/374 :‬‬
‫وفي البحار "باب عقاب من ادعى المامة بغير حق أو رفسسع رايسسة جسسور‪،‬‬
‫ما جائًرا" ]بحار النوار‪ 25/110 :‬وما بعدها‪.[.‬‬
‫أو أطاع إما ً‬

‫‪428‬‬
‫وكل خلفاء المسلمين ما عدا علًيا والحسن طواغيت – حسب اعتقادهم‬
‫– وإن كانوا يدعون إلى الحق‪ ،‬ويحسنون لهل البيت‪ ،‬ويقيمون ديسن اللسه‪،‬‬
‫ذلك أنهم يقولون‪" :‬كل راية ترفع قبسسل رايسسة القسسائم ]هسسو‪ :‬مهسسديهم المنتظسسر‪[.‬‬
‫رضي الله عنه صاحبها طاغوت" ]الكسسافي‪ :‬بشسسرحه للمازنسسدراني‪ ،12/371 :‬بحسسار‬
‫النوار‪ .[.25/113 :‬قال شارح الكافي‪" :‬وإن كان رافعهسسا يسسدعو إلسسى الحسسق"‬
‫]المازنسسدراني‪ /‬شسسرح جسسامع‪ ،[.12/371 :‬وحكسسم المجلسسسي علسسى هسسذه الروايسسة‬
‫بالصحة ]مرآة العقول‪ [.4/378 :‬حسب مقاييسهم‪.‬‬
‫ه( فيقسسول شسسيخهم المجلسسسي عسسن الخلفسساء‬ ‫أمسسا مسسن قبسسل سسسنة )‪‍ 260‬‬
‫الراشدين‪" :‬إنهم لم يكونوا إل غاصبين جائرين مرتسسدين عسسن السسدين‪ ،‬لعنسسة‬
‫الله عليهم وعلى من اتبعهم في ظلم أهل البيت مسسن الوليسسن والخريسسن"‬
‫]بحار النوار‪.[.4/385 :‬‬
‫‪ 4‬ق الحكم على المصار السلمية بأنها دار كفر‪:‬‬
‫جاء في أخبارهم تخصيص كثير من بلد المسلمين بالسب‪ ،‬وتفكير أهلها‬
‫عا‬
‫ما بالسلم واتبا ً‬ ‫على وجه التعيين‪ ،‬ويخصون منها غالًبا ما كان أكثر التزا ً‬
‫للسنة‪ ،‬فقد صرحوا بكفر أهالي مكة والمدينة في القرون المفضلة‪ ،‬ففي‬
‫شسسام‬‫عصر جعفر الصادق كانوا يقولون عن أهسسل مكسسة والمدينسسة‪" :‬أهسسل ال ّ‬
‫شّر من أهل الّروم )يعني شّر من الّنصارى(‪ ،‬وأهل المدينة شّر مسسن أهسسل‬
‫كة يكفرون بالله جهرة" ]أصول الكافي‪.[.2/409 :‬‬ ‫كة‪ ،‬وأهل م ّ‬ ‫م ّ‬
‫"وعسسن أبسسي بصسسير‪ ،‬عسسن أحسسدهما عليهمسسا السسسلم قسسال‪ :‬إن أهسسل مكسسة‬
‫ليكفرون بالله جهرة‪ ،‬وإن أهل المدينة أخبث من أهل مكسسة‪ ،‬أخبسسث منهسسم‬
‫فا" ]أصول الكافي‪.[.2/410 :‬‬‫سبعين ضع ً‬
‫ومن المعلوم أن أهل المدينة كانوا – ول سيما في القسسرون المفضسسلة –‬
‫يتأسون بأثر رسول الله صلى الله عليه وسسسلم أكسسثر مسسن سسسائر المصسسار‪،‬‬
‫ولهذا لم يذهب أحد من علماء المسلمين إلى أن إجمسساع أهسسل مدينسسة مسسن‬
‫المدائن حجة يجب اتباعها غير المدينة ]اشتهر عن مالك وأصحابه‪ ،‬أن إجماع أهلها‬
‫حجة‪ ،‬وإن كسسان بقيسسة الئمسسة ينسسازعونهم فسسي ذلسسك‪ ،‬والمسسراد إجمسساعهم فسسي تلسسك العصسسار‪،‬‬
‫المفضلة‪ ،‬أما بعد ذلك فقد اتفق الناس على أن إجماعهم ليس بحجة )مجموع فتاوى شسسيخ‬
‫السلم‪.[.(20/300 :‬‬
‫وقد ظل أهل المدينة متمسكين بمذهبهم القديم‪ ،‬منتسبين إلى مسسذهب‬
‫مالك إلى أوائل المائة السادسة أو قبل ذلك أو بعد ذلك‪ ،‬فإنهم قدم إليهم‬
‫من رافضة المشرق من أفسد مذهب كسسثير منهسسم ]انظسسر‪ :‬الفتسساوى‪-20/299 :‬‬
‫‪.[.300‬‬
‫وهذا اللتزام بالسلم قد أغاظ هؤلء الزنادقة‪ ،‬فعبروا عن حقدهم بهذه‬
‫الكلمات‪ ،‬والتاريخ يعيد نفسه‪ ،‬ففي هذا العصر خطب خطيبهم وقال‪ :‬بسسأن‬
‫ر من اليهود ]وسيأتي ذكسسر ذلسسك بنصسسه فسسي فصسسل »دولسسة‬‫مكة يحكمها شرذمة أش ّ‬
‫اليات« من الباب الرابع ص ‪.[.1174‬‬
‫وقد كشف شيخهم المعاصر والذي علق على نصوص الكافي عن وجسسه‬
‫هذه الكلمات‪ ،‬وأبان عن فحوى هذه النصوص فقال‪" :‬لعل هذا الكلم في‬
‫زمن بني أمية وأتباعهم‪ ،‬كانوا منافقين يظهرون السلم ويبطنسسون الكفسسر‪،‬‬
‫‪429‬‬
‫والمنافقون شر من الكفار وهم في الدرك السفل من النار‪ ..‬ويحتمل أن‬
‫قا شر من سائر‬ ‫يكون هذا مبنًيا على أن المخالفين غير المستضعفين مطل ً‬
‫الكفار كما يظهر من كسسثير مسسن الخبسسار" ]علسسي أكسسبر الغفسساري‪ /‬أصسسول الكسسافي‪:‬‬
‫‪) 410-2/409‬الهامش(‪.[.‬‬
‫فهو يرى أن هذا التكفير حق‪ ،‬ويخرج الحكم عليهم بأنهم شر من الكفار‬
‫بأحسسد أمريسسن‪ :‬إمسسا باتبسساعهم للمسسويين أي‪ :‬بمقتضسسى مبسسايعتهم لخلفسساء‬
‫المسلمين من المويين‪ ،‬وهذا نفاق أكبر عندهم‪ ،‬أو لن المخالف شر مسسن‬
‫الكافر‪ ..‬وبهذا التخريسسج الخيسسر يشسسمل التفكيسسر ديسسار المسسسلمين فسسي كسسل‬
‫الزمان‪.‬‬
‫ضا عن مصر وأهلها‪" :‬أبناء مصر لعنسسوا علسسى لسسسان داود عليسسه‬ ‫وقالوا أي ً‬
‫سلم‪ ،‬فجعل الله منهسسم القسسردة والخنسسازير" ]بحسسار النسسوار‪ ،60/208 :‬تفسسسير‬ ‫ال ّ‬
‫القّمي‪ :‬ص ‪ 596‬ط‪ :‬إيران‪" [.‬وما غضسسب اللسسه علسسى بنسسي إسسسرائيل إل أدخلهسسم‬
‫مصر‪ ،‬ول رضي عنهم إل أخرجهم منها إلى غيرهسسا" ]بحسسار النسسوار‪-208 /60 :‬‬
‫‪ ،209‬قرب السناد‪ :‬ص ‪ ،220‬تفسير العياشي‪ ،1/304 :‬البرهان‪.[.1/456 :‬‬
‫"بئس البلد مصسسر! أمسسا إنهسسا سسسجن مسسن سسسخط اللسسه عليسسه مسسن بنسسي‬
‫إسرائيل" ]تفسير العياشي‪ ،1/305 :‬بحار النوار‪ ،60/210:‬البرهان‪.[.1/457 :‬‬
‫"انتحوا مصر ل تطلبوا المكث فيها ) لنه ( يسسورث الدياثسسة" ]بحسسار النسسوار‪:‬‬
‫‪.[.60/211‬‬
‫وجاءت عندهم عدة روايات في ذم مصر‪ ،‬وهجسساء أهلهسسا‪ ،‬والتحسسذير مسسن‬
‫سكناها‪ ،‬ونسبوا هذه الروايات إلى رسسسول اللسسه صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم‪،‬‬
‫وإلى محمد الباقر‪ ،‬وإلى علي الرضا‪ ،‬وهذا رأي الروافسسض فسسي مصسسر فسسي‬
‫تلك العصور السلمية الزاهرة‪ ،‬وقد عقب المجلسي على هسسذه النصسسوص‬
‫بقوله بأن مصر صارت من شر البلد في تلسسك الزمنسسة‪ ،‬لن أهلهسسا صسساروا‬
‫من أشقى الناس وأكفرهم ]انظر‪ :‬بحار النوار‪.[.5/208 :‬‬
‫كل ذلك لنها لم تأخذ بنهج الروافض‪ ،‬ويحتمل أن هذه الروايات قبسسل أو‬
‫بعد الحقبة السماعيلية من تاريخ مصر‪ ،‬لن من يشسساركهم فسسي رفضسسهم‪..‬‬
‫ويقيم دولة تسمح بكفرهم ل ينالون منه بمثل هذا‪.‬‬
‫ول يبعد أن هذه النصوص هي تعبير عسسن حقسسد الرافضسسة وغيظهسسم علسسى‬
‫مصر وأهلها بسبب سقوط دولسسة إخسسوانهم السسسماعيليين علسسى يسسد القسسائد‬
‫العظيم صلح الدين الذي طهر أرض الكنانة من دنسهم ورجسهم‪.‬‬
‫وأين هذه الكلمات المظلمة في حق مصر وأهلها من الباب الذي عقده‬
‫مسلم في صحيحه "باب وصية النبي صلى الله عليه وسسسلم بأهسسل مصسسر"‬
‫]صحيح مسلم‪.[.2/2970 :‬‬
‫وجاء عندهم ذم كثير من بلدان السسسلم وأهلهسسا ]انظسسر‪ :‬الخصسسال‪ :‬ص ‪-506‬‬
‫‪ ،507‬بحار النوار‪ 60/206 :‬وما بعدها‪ .[.‬ولم يستثن من ديار المسسسلمين إل مسسن‬
‫يقول بمذهبهم وهي قليلة في تلسسك الزمسسان‪ ،‬حسستى جسساء عنسسدهم "إن اللسسه‬
‫عرض وليتنا على أهل المصار فلم يقبلهسسا إل أهسسل الكوفسسة" ]بحسسار النسسوار‪:‬‬
‫‪ ،60/209‬وعزاه إلى بصائر الدرجات‪.[.‬‬

‫‪430‬‬
‫‪ 5‬ق قضاة المسلمين‪:‬‬
‫تعد أخبسسارهم قضسساة المسسسلمين طسسواغيت لرتبسساطهم بالمامسسة الباطلسسة‬
‫بزعمهم‪ ،‬فقد جاء في الكافي عن عمر بن حنظلسسة قسسال‪ :‬سسسألت أبسسا عبسسد‬
‫الله عليه السلم عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث‬
‫فتحاكما إلى السلطان وإلى القضاة أيحل ذلسسك؟ قسسال‪ :‬مسسن تحسساكم إليهسسم‬
‫في حق أو باطل فإنما تحاكم إلى الطسساغوت‪ ،‬ومسسا يحكسسم لسسه فإنمسسا يأخسسذ‬
‫قا ثابًتا له؛ لنه أخذ بحكم الطسساغوت‪ ،‬وقسسد أمسسر اللسسه أن‬ ‫سحًتا‪ ،‬وإن كان ح ً‬
‫موا ْ إ ِل َققى الطّققا ُ‬ ‫َ‬
‫د‬
‫قق ْ‬‫و َ‬
‫ت َ‬‫غو ِ‬ ‫حققاك َ ُ‬
‫ن أن ي َت َ َ‬
‫دو َ‬
‫ريق ُ‬
‫به‪ .‬قال تعالى‪} :‬ي ُ ِ‬ ‫يكفر‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ه{ ]النساء‪ ،‬آية‪] [.60 :‬أصول الكافي‪.[.1/67 :‬‬ ‫فُروا ْ ب ِ ِ‬ ‫مُروا ْ أن ي َك ْ ُ‬
‫أ ِ‬
‫فأنت ترى أنهم اعتبروا قضاة المسلمين وحكامهم طسسواغيت‪ ،‬واعتسسبروا‬
‫أحكامهم باطلة‪ ،‬ومن يأخذ حقه بواسطتها فإنما يأكل الحرام‪ ،‬وهذا الحكم‬
‫يعم قضاة المسلمين على مدى القرون وتعسساقب الجيسسال‪ ،‬وهسسذه الروايسسة‬
‫تحكم على القضاء والقضسساة فسسي عصسسر جعفسسر الصسسادق‪ ،‬كمسسا يظهسسر مسسن‬
‫إسنادهم للرواية إلى جعفر‪ ،‬فإذا كان هذا نظرهسسم فسسي قضسساة المسسسلمين‬
‫في القرون المفضلة فما بالك فيمن بعدهم‪.‬‬
‫ويبدو أنهم يريدون قضاة يحكمون بحكايات الرقاع‪ ،‬وبسسالجفر والجامعسسة‪،‬‬
‫ومصحف فاطمة‪ ،‬وحكم آل داود‪ ،‬ول يسسألون البينسة‪ ،‬كمسا جساء ذلسك فسي‬
‫أخبارهم ]انظر‪" :‬فصل السنة‪ ،‬ومبحث اليمان بالكتب‪ ،‬وفصل الغيبسسة"‪ [.‬ل فسسي حكسسم‬
‫الكتسساب والسسسنة وإجمسساع سسسلف المسسة‪ ،‬فهسسم السسذين تتنسساولهم اليسسة السستي‬
‫استدلوا بها‪ ،‬لنها نزلت في بعض المنافقين الذين فضلوا حكسسم الطسساغوت‬
‫على حكم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسسسلم ]انظسسر‪ :‬تفسسسير الطسسبري‪:‬‬
‫‪ 8/507‬وما بعدها )من الجزاء المحققة(‪ ،‬تفسير البغوي‪ .[.1/446 :‬وهؤلء الروافسسض‬
‫من جنس أولئك المنافقين‪.‬‬
‫وهذه النظرة لم يتغير منها شيء في نفوس شيوخهم في هسسذا العصسسر؛‬
‫دا معنسساه ‪" :-‬المسسام‬ ‫فها هو الخميني يعقب على حديثهم هذا فيقول – مؤك ً‬
‫عليه السلم نفسه ينهسسى عسسن الرجسسوع إلسسى السسسلطين وقضسساتهم ويعتسسبر‬
‫عا إلى الطاغوت" ]الحكومة السلمية‪ :‬ص ‪.[.74‬‬ ‫الرجوع إليهم رجو ً‬
‫ويقول المعلق على الكافي‪ :‬والية بتأييد الخبر تدل على عدم الترافع‬
‫قا‪ ،‬وربما قيل بجواز التوسل بهم إلى أخذ الحق‬ ‫إلى حكم الجور مطل ً‬
‫المعلوم‪ ،‬اضطراًرا مع عدم إمكان الترافع إلى الفقيه العدل ]أصول الكافي‪:‬‬
‫‪) 1/67‬الهامش(‪.[.‬‬
‫ولكن يظهر أن هذه المبادئ التي وضعها الزنادقة لم تجد القبول لدى‬
‫بعض أتباعهم‪ ،‬لنه يجد في ظل قضاة المسلمين العدل والنصاف ما ل‬
‫يجد عند قومه‪ ،‬وقد اعترف بعضهم لشيخ السلم ابن تيمية فقال له‪ :‬أنتم‬
‫ضا ]منهاج السنة‪ .3/39 :‬وقد‬
‫)يعني أهل السنة( تنصفوننا ما ل ينصف بعضنا بع ً‬
‫حدثني بعض قضاة السنة وقد تولى القضاء في بعض المناطق التي يقطنها شيعة بأنه يجد‬
‫رغبة في التحاكم إلى أهل السنة لستخلص حقوقهم ول يرجعون لشيوخهم‪ .‬ويبدو أنهم ل‬
‫يلجأون إلى شيوخهم إل مكرهين تحت سياط الوعيد والتهديد بإصدار صكوك الحرمان‪،‬‬
‫والوعيد بالنيران‪.[.‬‬
‫‪431‬‬
‫وقد اشتكى بعض رجالهم لمامه بسأنهم يجسدون عنسد أهسل السسنة كسثرة‬
‫المانة‪ ،‬وحسن الخلق‪ ،‬وحسن السمت‪ ،‬ويجدون على الضد من ذلك فسسي‬
‫الشيعة فيغتمون لذلك ]أصول الكافي‪.[.2/4 :‬‬
‫‪ 6‬ق أئمة المسلمين وعلماؤهم‪:‬‬
‫حذروا من التلقي عن شيوخ المسلمين وعلمائهم‪ ،‬وعدوهم كملل أهسسل‬
‫سسسلم‪ :‬إن ّسسا‬‫الشرك "عن هارون بن خارجة قال‪ :‬قلت لبي عبد الله عليه ال ّ‬
‫نأتي هؤلء المخالفين ]هذا الّلقب يطلق عندهم فسسي الغسسالب علسسى أهسسل ال ّ‬
‫س سّنة‪ ،‬وقسسد‬
‫جسسة لنسسا عليهسسم؟ قسسال‪ :‬ل‬ ‫ل مخسسالف‪ [.‬فنسمع منهم الحسسديث يكسسون ح ّ‬ ‫يتناول ك ّ‬
‫تأتهم ول تسمع منهسسم‪ ،‬لعنهسسم اللسسه ولعسسن مللهسسم المشسسركة" ]بحسسار النسسوار‪:‬‬
‫سرائر لبن إدريس‪.[.‬‬
‫‪ ،2/216‬وعزاه لل ّ‬
‫وجاء في الكافي عن سدير عن أبسسي جعفسسر قسسال‪ .." :‬يسسا سسسدير فأريسسك‬
‫دين عن دين الله‪ ،‬ثم نظر إلى أبي حنيفة وسفيان الث ّسسوري فسسي ذلسسك‬ ‫صا ّ‬
‫ال ّ‬
‫دون عسسن ديسسن اللسسه بل‬ ‫صسسا ّ‬
‫الّزمان وهم حلق في المسجد‪ ،‬فقال‪ :‬هسسؤلء ال ّ‬
‫ن هسسؤلء الخسسابث لسسو جلسسسوا فسسي بيسسوتهم‬ ‫هدى من الله ول كتاب مسسبين‪ ،‬إ ّ‬
‫دا يخبرهم عن الله تبارك وتعالى وعن رسسوله‬ ‫فجال الّناس‪ ،‬فلم يجدوا أح ً‬
‫صلى الله عليه وسلم حتى يأتونا فنخبرهم عسن اللسه تبسارك وتعسالى وعسن‬
‫رسوله صلى الله عليه وسلم" ]أصول الكافي‪ ،393-1/392 :‬تفسسسير نسسور الّثقليسسن‪:‬‬
‫‪.[.4/132‬‬
‫فيبدوا أن الغيظ أخذ من هؤلء الباطنيين مأخذه‪ ،‬وهم يسسرون أئمسسة أهسسل‬
‫السنة يعلمون الناس القرآن والسنة‪ ،‬ويدعون إلى ديسسن السسسلم والنسساس‬
‫مقبلون عليهم‪ ،‬ينهلسسون مسسن علمهسسم ويأخسسذون عنهسسم‪ ،‬فسسترى حلقهسسم فسسي‬
‫المسسسجد‪ ،‬عسسامرة بسسالرواد‪ ،‬مزدانسسة بسسالعلم‪ ..‬تغمرهسسا السسسكينة‪ ،‬وتحفهسسا‬
‫الرحمسسة‪ ،‬وتغشسساها الملئكسسة‪ ،‬وكسسان هسسؤلء العلمسساء العلم للمتقيسسن أئمسسة‬
‫وقادة‪ ،‬وأولئك الباطنيون قد قبعوا في بيوتهم‪ ،‬ل يلتفسست إليهسسم‪ ،‬ول يحفسسل‬
‫بهسسم‪ ،‬قسسد اسسستولت عليهسسم الذلسسة‪ ،‬والمسسسكنة وبسساءوا بغضسسب النسساس‪،‬‬
‫واحتقارهم‪ .‬فكانت أمنياتهم التي وضعوها على ألسنة أهل السسبيت للتغريسسر‬
‫بالتباع‪ ،‬ومحاولة إيجاد الفتنة والعزلة بين أهسسل السسبيت وأئمسسة المسسسلمين‪،‬‬
‫كانت هذه المنيات تكفر أئمسسة المسسسلمين وتتمنسسى أن تخلسسو الرض منهسسم‬
‫لتتهيأ لهم الفرصة لتحقيق أغراضهم‪.‬‬

‫‪ 7‬ق الفرق السلمية‪:‬‬


‫ويخصون كثيًرا من الفرق السسلمية بسالتكفير والطعسسن‪ ،‬ول سسسيما أهسسل‬
‫السنة والذين يلقبونهم حيًنا بالنواصب‪ ،‬وأحياًنا بالمرجئة‪ .‬جاء في الكافي‪:‬‬
‫"عن أبي مسروق قال‪ :‬سألني أبو عبسسد اللسسه عسسن أهسسل البصسسرة مسسا هسسم؟‬
‫فقلت‪ :‬مسسرجئة وقدريسسة ]صسسارت الشسسيعة قدريسسة فيمسسا بعسسد – كمسسا سسسلف – فسساللعن‬
‫يشملهم‪ ،[.‬وحرورية‪ .‬فقال‪ :‬لعن الله تلك الملل الكافرة المشسسركة السستي ل‬
‫تعبد الله على شيء" ]أصول الكافي‪.[.409 ،2/387 :‬‬

‫‪432‬‬
‫ويعنسسون بسالمرجئة أهسل السسسنة‪ ،‬ولهسذا تجسسد شسيخهم المجلسسي يشسرح‬
‫حديثهم الذي يقول‪" :‬اللهم العن المرجئة فهم أعداؤنا في الدنيا والخسسرة"‬
‫]فروع الكافي )مع شرحه مرآة العقول‪.[.(4/371 :‬‬
‫ي عن الدرجسسة الولسسى‬ ‫ويرجح أن المراد بالرجاء في هذا النص تأخير عل ّ‬
‫إلى الدرجة الرابعة ]مرآة العقول‪.[.4/371 :‬‬
‫ويكفي أن تعرف أن الزيدية وهي من الشيعة نالهم من السسذم والتكفيسسر‬
‫مال يخطر بالبال‪ .‬قالوا – مثل ً – عن الزيدية عن عمر بن يزيد قال‪ :‬سألت‬
‫دق عليهسسم‬ ‫أبا عبد الله عن الصدقة على الناصب وعلى الزيدية قال‪ :‬ل تص ّ‬
‫بشيء ول تسقهم من الماء إن استطعت‪ ،‬وقال لي‪ :‬الزيدية هسسم النصسساب‬
‫]رجال الكشي‪ :‬ص ‪ ،199‬بحار النوار‪.[.72/179 :‬‬
‫وفي الكافي "عن عبد الله بن المغيرة قال‪ :‬قلست لبسسي الحسسن رضسسي‬
‫ن لي جارين أحدهما ناصب والخر زيدي ول بد ّ من معاشسسرتهما‬ ‫الله عنه‪ :‬إ ّ‬
‫فمن أعاشر؟ فقال‪ :‬هما سيان‪ ،‬من كسسذب بآيسسة مسسن كتسساب اللسسه فقسسد نبسسذ‬
‫ذب بجميسسع القسسرآن والنبيسساء والمرسسسلين‪ ،‬ثسسم‬ ‫السلم وراء ظهره هو المك ّ‬
‫زيسسدي نصسسب لنسسا" ]الكسسافي‪ /‬كتسساب الّروضسسة‪:‬‬ ‫ن هذا نصسسب لسسك‪ ،‬وهسسذا ال ّ‬ ‫قال‪ :‬إ ّ‬
‫‪) 12/304‬مع شرحه للمازندراني(‪ ،‬مفتاح الكتب الربعة‪.[8/76 :‬‬
‫ولم يشفع للزيديسسة عنسسدهم أنهسسم "دعسسوا إلسسى وليسسة علسسي" ]بحسسار النسسوار‪:‬‬
‫‪ [.72/181‬وكانوا شيعة‪ :‬لنهم "خلطوها بولية أبي بكر وعمر" ]بحسسار النسسوار‪:‬‬
‫‪ [.72/181‬وهذا عندهم ذنب ل يغفر‪ ،‬بل إن مجسسرد محبسسة أبسسي بكسسر عنسسدهم‬
‫ي‬
‫هي من الكفر‪ .‬جاء في البحار "عن أبي علي الخراساني عن مولى لعلسس ّ‬
‫سسسلم فسسي بعسسض خلسسواته‬ ‫سلم قال‪ :‬كنت معه عليسسه ال ّ‬ ‫بن الحسين عليه ال ّ‬
‫قا أل تخسسبرني عسسن هسسذين الّرجليسسن‪ :‬عسسن أبسسي بكسسر‬ ‫ن لي عليك ح ّ‬ ‫فقلت‪ :‬إ ّ‬
‫وعمر؟ فقال‪ :‬كافران كافر من أحّبهما" ]بحار النوار‪.[.138-137 /72 :‬‬
‫وعدوا مجرد العتقاد بإمامة أبي بكر وعمر من النصب الذي هو أعظسسم‬
‫الكفر عندهم‪.‬‬
‫ولهذا قال الملجسي‪" :‬قد يطلسسق الناصسسب علسسى مطلسسق المخسسالف غيسسر‬
‫المستضعف كما هو ظاهر من كثير من الخبار" ]مرآة العقول‪.[.4/72 :‬‬
‫ضا‪" :‬ل تجوز الصلة على المخالف لجبر أو تشسسبيه أو اعسستزال أو‬ ‫وقال أي ً‬
‫خارجية أو إنكار إمامة إل للتقية‪ ،‬فإن فعل )يعني صسسلى عليسسه تقيسسة( لعنسسه‬
‫بعد الرابعة" ]مرآة العقول‪.[.73-4/72 :‬‬
‫وقد قال المفيد بأن كل أهل البسسدع كفسسار ]أوائل المقسسالت‪ :‬ص ‪ ،[.15‬ولهسسذا‬
‫عقد المجلسي باًبا بعنوان‪" :‬باب كفسر المخسالفين والنصساب" ]بحسسار النسسوار‪:‬‬
‫‪.[.72/131‬‬
‫وقسسال المجلسسسي‪" :‬كتسسب أخبارنسسا مشسسحونة بالخبسسار الدالسسة علسسى كفسسر‬
‫الزيدية وأمثالهم من الفطحية‪ ،‬والواقفة" ]بحار النوار‪.[.37/34 :‬‬
‫وهذه الفرق التي يذكر كلها شيعة‪ ،‬فما بالك بمن دونهم – في رأيهم ‪.-‬‬
‫ضسسا‪ ،‬اسسستمع إلسسى مسسا يرويسسه‬ ‫بل إن رجال الثني عشرية يكفر بعضهم بع ً‬
‫الكشي‪ ،‬ويوافقه عليه شيخ طائفتهم الطوسي ]لن رجال الكشسسي مسسن اختيسساره‬
‫وتهذيبه‪ ،[.‬عن حال أصحابهم من التكفير والختلف والتنابذ‪ ،‬حيث يقول في‬
‫‪433‬‬
‫ه( اجتمع ستة عشر رجل ً في باب أبسسي الحسسسن‬ ‫روايته بأنه في سنة )‪‍ 190‬‬
‫الثاني‪ ،‬فقال له أحدهم ويدعى جعفر بن عيسى‪" :‬يسسا سسسيدي‪ ،‬نشسسكو إلسسى‬
‫الله وإليك ]هذا من اللفاظ المنهي عنها لدخولها في دائرة الشسسرك‪ ،‬بسسل يقسسال‪" :‬نشسسكو‬
‫إلى الله ثم إليك" وضلل هؤلء أكبر من ذلك‪ ،‬ولكن هسسذا لتنسسبيه القسسارئ‪ [.‬ما نحسسن فيسسه‬
‫من أصحابنا‪ ،‬فقال‪ :‬وما أنتم فيه منهم؟ فقال جعفسسر‪ :‬هسسم واللسسه يزنسسدقونا‬
‫ويكفرونا ويتسسبرؤون منسسا‪ ،‬فقسسال‪ :‬هكسسذا كسسان أصسسحاب علسسي بسسن الحسسسين‪،‬‬
‫ومحمد بن علي‪ ،‬وأصحاب جعفر‪ ،‬وموسى‪ :‬صلوات الله عليهم‪ ،‬ولقد كان‬
‫أصحاب زرارة يكفرون غيرهم‪ ،‬وكسسذلك غيرهسسم كسسانوا يكفرونهسسم‪ "..‬وقسسال‬
‫يونس‪" :‬جعلسست فسسداك إنهسسم يزعمسون أنسا زنادقسسة" ]رجسسال الكشسسي‪ :‬ص ‪-498‬‬
‫‪.[.499‬‬
‫وهذا حال "رعيلهم الول" الذين ينتسبون زوًرا لهسسل السسبيت‪ ،‬فمسسا حسسال‬
‫من بعدهم؟!‬

‫‪ 8‬ق المة كلها‪:‬‬


‫ولعن المة السلمية وتكفيرها مما استفاض في كتب الشسسيعة‪ ،‬ولسسذلك‬
‫فإن أدعية الزيارة والمشاهد التي يلهج بها الشيعة ويرددونها ل تخلسسو مسسن‬
‫لعن لهذه المة المباركة الوسط‪.‬‬
‫ففي زيارة أمير المؤمنين علي يقولون‪" :‬لعن اللسسه مسسن خالفسسك‪ ،‬ولعسسن‬
‫الله من افترى عليك وظلمك‪ ،‬ولعن الله من غصبك ]الظلسسم والغضسسب عنسسدهم‬
‫هو تولية أبي بكر وعمر وعثمان الخلفة )انظسسر العتقسسادات لبسسن بسسابويه ص ‪،[.(113-112‬‬
‫ولعن الله من بلغه ذلك فرضي به ]أي مسسن رضسسي بخلفسسة أبسسي بكسسر لنسسه رضسسي –‬
‫بزعمهم – بالظلم والغصب‪ ،‬فيشمل جميع أمة محمد ما عدا غلة الشيعة‪ ،[.‬أنا إلى الله‬
‫منهم بريء‪ ،‬لعن الله أمة خالفتك ]بتوليتها لبي بكر‪ [.‬وأمة جحدتك‪ ،‬وجحسسدت‬
‫وليتك ]الولية لعلي ممتدة عندهم منذ وفاة الرسول صلى الله عليسسه وسسسلم‪ ،‬فمسسن أقسسر‬
‫بخلفسسة الثلثسسة فقسسد جحسسد الوليسسة‪) .‬انظسسر‪ :‬الرشسساد للمفيسسد ص ‪ ،[.(12‬وأمة تظاهرت‬
‫عليك‪ ،‬وأمة حادت عنسسك وخسسذلتك‪ ،‬الحمسسد للسسه السسذي جعسسل النسسار مثسسواهم‬
‫وبئس السسسورد المسسسورد‪ ،‬وبئس ورد السسسواردين‪ ..‬اللهسسسم العسسسن الجسسسوابيت‬
‫والطواغيت والفراعنة‪ ،‬واللت والعزى‪ ،‬وكل ند يدعى دون الله ]الجسسوابيت‪..‬‬
‫إلخ هم في اعتقادهم خلفاء المسلمين ول سيما الخلفاء الثلثة‪ ،‬والخلفسساء المويسسون‪ ،‬والنسسد‬
‫الذي يدعى من دون الله هو المام الذي يبايع دون أئمتهسسم الثنسسي عشسسر )انظسسر‪ :‬عقيسسدتهم‬
‫فسسي توحيسسد اللوهيسسة(‪ ،[.‬وكسسل مفسستر‪ ،‬اللهسسم العنهسسم وأشسسياعهم وأتبسساعهم‪،‬‬
‫را" ]ابسسن بسسابويه‪ /‬مسسن ل يحضسسره الفقيسسه‪:‬‬‫وأولياءهم‪ ،‬وأعوانهم‪ ،‬ومحبيهم لعًنا كثي ً‬
‫‪..[.2/354‬‬
‫وهذه اللعنات التي تجري على ألسنة هؤلء مكان التسبيح والتهليسل لهسا‬
‫دا وكراهية للمة ودينها‪..‬‬
‫آثارها في تعبئة نفوسهم حق ً‬
‫والمة عند هؤلء الروافض لها ألقسساب وشسسناعات وخسسواص ل توجسسد فسسي‬
‫كتسسب طائفسسة مسسن الطسسوائف‪ ،‬ل لشسسيء إل لن المسسة ارتضسست مسسن رضسسيه‬
‫الصحابة والمهاجرون لهم خليفة‪.‬‬

‫‪434‬‬
‫عا وتتهمها بالفجور ]قالوا بأنه يحضسسر‬ ‫فهي أحياًنا تقذف المة السلمية جمي ً‬
‫المولود أحد الشياطين ليتولى الفجور به‪ ،‬ول يسلم من ذلك إل شسسيعتهم‪ ،‬وقسسد مضسسى ذكسسر‬
‫نا تدعي بأنهم كلهم أولد زنسسا ]قسسالوا‪:‬‬ ‫نصوصهم في ذلك ص‪ 460:‬هامش‪ ،[.4 :‬وحي ً‬
‫إن الناس كلهم أولد بغايسا مسا عسدا شسيعتنا‪ ،‬وقسسد مضسى تخريسج ذلسك مسن كتبهسم ص‪460:‬‬
‫هسسامش‪ ،[.4 :‬ولذلك فإنهم يسسوم القيامسسة يظهسسرون علسسى حقيقتهسسم فيسسدعون‬
‫بأسماء أمهاتهم ]وهذا أحد عناوين بحار النوار‪ ،[.7/237 :‬ومرة تقول بأنهم خلسسق‬
‫منكوس وهم ليسوا من البشر‪ ،‬بل هم قردة وكلب وخنسسازير ]ومسسن شسسواهد‬
‫ذلك "عن أبي بصير قال‪ :‬قلت لبي جعفر عليه السلم‪ :‬أنسسا مسسولك ومسسن شسسيعتك‪ ،‬ضسسعيف‬
‫البصر‪ ،‬اضمن لي الجنة‪ .‬قال‪ :‬أول أعطيك علمة الئمة؟ قلت‪ :‬وما عليسسك أن تجمعهسسا لسسي؟‬
‫قال‪ :‬وتحب ذلك؟ قلت‪ :‬كيف ل أحب؟ فما زاد أن مسح على بصير فأبصرت جميع مسا فسسي‬
‫سا‪ ،‬قال‪ :‬يا أبا محمد هذا بصرك‪ ،‬فانظر مسسا تسسرى بعينسسك‪ ،‬قسسال‪:‬‬ ‫السقيفة التي كان فيها جال ً‬
‫فوالله ما أبصرت إل كلًبا وخنزيًرا وقدًرا‪ ،‬قلت‪ :‬ما هذا الخلق الممسسسوخ؟ قسسال‪ :‬هسسذا السسذي‬
‫ترى‪ ،‬هذا السواد العظم‪ ،‬ولو كشف الغطاء للناس ما نظر الشيعة إلى من خالفهم إل في‬
‫هذه الصورة‪ ،‬ثم قال‪ :‬يا محمد‪ ،‬إن أحببت تركتك على حالك هكذا وحسابك على الله‪ ،‬وإن‬
‫أحببت ضمنت لك على الله الجنة ورددتك على حالك الول‪ ،‬قلت‪ :‬ل حاجة في إلسسى النظسسر‬
‫إلى هذا الخلق المنكوس‪ ،‬ردني فما للجنة عسسوض‪ ،‬فمسسسح يسسده علسسى عينسسي فرجعسست كمسسا‬
‫كنت" )بحار النوار‪ ،27/30 :‬وعزاه إلى الخرائج والجرائح للراوندي(‪.‬‬
‫فانظر إلى هذه المخاريق التي ل تشيع إل في مجتمعات السحرة والمشسسعوذين‪ ،‬وانظسسر‬
‫إلى دعواهم أن الئمة يملكون الضمان بالجنة‪ ،‬ثم زعمهسسم بسسأن كسسل النسساس كلب وخنسسازير‬
‫ن ِإل ك َِذًبا{‪ ،[.‬ولهم أقوال ولعنات‬ ‫قوُلو َ‬ ‫م ِإن ي َ ُ‬
‫ه ْ‬
‫ه ِ‬
‫وا ِ‬ ‫ن أَ ْ‬
‫ف َ‬ ‫م ْ‬
‫ج ِ‬
‫خُر ُ‬
‫ة تَ ْ‬ ‫ت ك َل ِ َ‬
‫م ً‬ ‫}ك َب َُر ْ‬
‫في المة كثيرة منكرة‪.‬‬
‫دا من أمة محمد صلى اللسسه عليسسه‬ ‫هذه نصوص الثني عشرية لم تدع أح ً‬
‫وسلم إل وتناولته بالطعن والتكفير‪ ،‬وخصت بذلك صحابة رسول الله مسسن‬
‫المهسساجرين والنصسسار وأهسسل السسبيت النبسسوي‪ ،‬والمصسسار السسسلمية وأهلهسسا‪،‬‬
‫والفسسرق السسسلمية‪ ،‬وأمسسة محمسسد وتلعسسن الجميسسع فسسي دعواتهسسا وصسسلواتها‬
‫دا؟ نعسم‪ ،‬إنهسا اسستثنت الفئة التاليسة‬
‫وزياراتهسا‪ ،‬فهسل اسستثنت الشسيعة أحس ً‬
‫ودافعت عنهم وأثنت عليهم‪.‬‬
‫الفئة الققتي تسققتثنيها الشققيعة مققن عمققوم اللعققن والتكفيققر‬
‫للمة‪:‬‬
‫وإذا كفرت الثنا عشرية الصحابة والقرابة‪ ،‬والخلفاء‪ ،‬والقضاة‪ ،‬والئمسسة‬
‫والفرق السلمية بما فيها فرق من الشيعة‪ .‬فمن تثني عليه؟‬
‫لقد رأيتها تثني على أقزام التاريخ‪ ،‬وحثالة البشر‪ ،‬بل تمدح وتسسدافع عسسن‬
‫الكفسسرة الملحسسدين‪ ،‬والزنادقسسة والمنسسافقين‪) ،‬والرواح جنسسود مجنسسدة‪ ،‬فمسسا‬
‫تعارف منها ائتلف(‪.‬‬
‫فهي تسسدافع عسسن المرتسسدين كأصسسحاب مسسسيلمة الكسسذاب ]انظسسر‪ :‬عبسسد اللسسه‬
‫العليلي‪ /‬المام الحسين‪ ،‬مقدمة الطبعة الثانية‪ :‬ص ‪ ،19 ،4 ،3‬وراجع‪ :‬المنتقى‪ :‬ص ‪-271‬‬
‫‪ ،[.273‬وعن الزنادقة‪ :‬كالمختار بن أبي عبيد ]انظسسر‪ :‬ابسسن إدريسسس‪ /‬السسسرائر‪ :‬ص‬
‫‪ ،475‬وانظسسر‪ :‬حسسسين السسبرقي‪ /‬تاريسسخ الكوفسسة‪ :‬ص ‪ ،[.62‬والنصير الطوسسسي ]انظسسر‪:‬‬
‫الخوانساري‪ /‬روضسسات الجنسسات‪ ،301-6/300 :‬الخمينسسي‪ /‬الحكومسسة السسسلمية‪ :‬ص ‪،[.128‬‬
‫وعسسن الكسسذابين والمفسسترين كجسسابر الجعفسسي ]انظسسر‪ :‬ص)‪ (378-375‬مسسن هسسذه‬
‫الرسسسالة‪ ،[.‬وزرارة بسسن أعيسسن ]انظسسر‪ :‬ص)‪ (382-378‬مسسن هسسذه الرسسسالة‪ ،[.‬وعسسن‬
‫‪435‬‬
‫المجوس الحاقدين مثل أبي لؤلؤة المجوسي – قاتسسل عمسسر بسسن الخطسساب‬
‫رضي الله عنه – حتى إنها تسسسميه بابسسا شسسجاع السسدين ]عبسساس القمسسي‪ /‬الكنسسى‬
‫واللقاب‪ ،2/55 :‬وتعد يوم مقتل عمر رضي الله عنه من أعظم أعيادها‪ ،‬وتقسسول‪" :‬إن هسسذا‬
‫يوم عيد وهو من خيار العياد" انظسر أخبسسارهم فسسي ذلسك فسسي النسوار النعمانيسسة للجسزائري‪:‬‬
‫‪ 1/108‬وما بعدها‪ ،‬فصل "نور سماوي يكشف عن ثواب يوم قتل عمر بن الخطاب"‪ ،‬وهسسذا‬
‫اعتقادهم في عظيم السلم وفاروق هذه المة‪ ،‬وسبب هذا الحسسق أنسسه هسسو السسذي فتسسح بلد‬
‫فارس وأخضعها لحكم السلم‪ ،‬ولذلك عظموا قاتله ويوم مقتله‪.[.‬‬
‫كما تتلقى دينهسسا عسسن الكفسسرة السسذين يعتقسسدون فسسي كتسساب اللسسه النقسسص‬
‫والتحريسسف وفسسي صسسحابة رسسسول اللسسه الكفسسر والسسردة‪ :‬كسسإبراهيم القمسسي‪،‬‬
‫والكليني وأمثالهما وتجعل منهم ثقات دينها‪ ،‬وعمدة رواياتها‪.‬‬
‫النقد‪:‬‬
‫هذا التكفير العام الشامل الذي لم ينج منه أحد هل يحتاج إلى نقسسد؟ إن‬
‫بطلنه أوضح مسن أن يسبين‪ ،‬وكسذبه أجلسى مسن أن يكشسف‪ ،‬وتكفيسر المسة‬
‫امتداد لتكفير الصحابة‪ ،‬والسبب واحد ل يختلف‪.‬‬
‫ومن الطبيعي أن من يحقد على صحابة رسول الله ويسسسبهم ويكفرهسسم‬
‫ل قلب أحد‬ ‫يحقد على المة جميًعا ويكفرها‪ ،‬كما قال بعض السلف‪" :‬ل يغ ّ‬
‫على أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إل كان قلبه على‬
‫طة‪ :‬ص ‪ [.41‬فإذا لم يرض عن أبسي بكسسر وعمسر‬ ‫المسلمين أغ ّ‬
‫ل" ]البانة لبن ب ّ‬
‫وعثمان‪ ،‬وأهل بدر وبيعة الرضوان‪ ،‬والمهاجرين والنصار وهم في السسذروة‬
‫من الفضل والحسان‪ ،‬فهل يرضى بعد ذلك عن أحد بعدهم؟!‬
‫ومبنى هذا الموقف هو دعوى الروافض أن الصحابة رضوان الله عليهسسم‬
‫أنكروا النص على إمامة علي وبايعوا أبا بكر‪ ،‬وقد مضى بيان بطلن النص‬
‫بالنقل والعقل وبالمور المتواترة المعلومة‪ .‬ومسسا بنسسي علسسى الباطسسل فهسسو‬
‫باطل‪.‬‬
‫ولقد كان حكمهسسم بسسردة ذلسسك "الجيسسل القرآنسسي الفريسسد" مسسن الظسسواهر‬
‫الواضحة على بطلن مذهب الرفض من أساسه‪ ،‬وأنسسه إنمسسا وضسسع أصسسوله‬
‫شرذمة من الزنادقة‪ ،‬وبطلن هسسذه المقالسسة معسسروف بداهسسة‪ ،‬ولسسذلك قسسال‬
‫أحمد الكسروي )اليراني والشيعي الصل( ‪" :‬وأمسسا مسسا قسسالوا مسسن ارتسسداد‬
‫المسلمين بعد موت النسسبي صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم فسساجتراء منهسسم علسسى‬
‫الكذب والبهتان‪ ،‬فلقائل أن يقول‪ :‬كيف ارتدوا وهسسم كسسانوا أصسسحاب النسسبي‬
‫آمنوا به حين كذبه الخرون‪ ،‬ودافعوا عنسسه واحتملسسوا الذى فسسي سسسبيله ثسسم‬
‫ناصروه في حروبه‪ ،‬ولم يرغبوا عنه بأنفسهم‪ ،‬ثم أي نفع لهسسم فسسي خلفسسة‬
‫ل‪ :‬أكسسذب‬‫أبي بكر ليرتدوا عن دينهم لجلسسه؟! فسسأي المريسسن أسسسهل احتمسسا ً‬
‫رجل ً أو رجلين من ذوي الغراض الفاسدة‪ ،‬أو ارتداد بضع مئات من خلص‬
‫المسلمين؟ فأجيبونا إن كان لكم جواب" ]التشيع والشيعة‪ :‬ص ‪.[.66‬‬
‫ومسسع وضسسوح بطلن مسسذهبهم – كمسسا تسسرى – لمخسسالفته للشسسرع والعقسسل‬
‫والتاريخ‪ ،‬وما علم من السلم بالضرورة‪ ،‬فإنه لبد من وقفة ولسسو سسسريعة‬
‫في الرد عليه؛ لنه وجد في الماضسسي ويوجسسد اليسسوم مسسن يتجاهسسل السسدلئل‬
‫والبراهين في ذلسسك‪ ،‬وحسسسبك أن تعسسرف أن أحسسد آيسسات الشسسيعة فسسي هسسذا‬

‫‪436‬‬
‫العصر‪ ،‬ومن يرفع شعار الوحدة السلمية‪ ،‬ويرددهسا فسي نشسراته وخطبسه‬
‫ورحلته ]انظسسر – مثل ً ‪ :-‬السسسلم فسسوق كسسل شسسيء‪ :‬ص ‪ [.65‬وهسسو شسسيخهم محمسسد‬
‫الخالصي قد كتب رسالة للشيخ محمد بهجة البيطسسار فسسي تاريسسخ ‪ 26‬ربيسسع‬
‫ه يقول فيها‪:‬‬‫الول سنة ‪‍ 1382‬‬
‫"لم أذكر الصحابة بخير لني ل أريسسد أن أتعسسرض لعسسذاب اللسسه وسسسخطه‬
‫بمخالفتي كتابه وسنته في مدح من ذمه الكتاب والسسسنة‪ ،‬والطسسراء علسسى‬
‫من قبح أعماله القرآن المجيد‪ ،‬والحاديث المتواترة عن النبي صسسلى اللسسه‬
‫عليه وسلم‪ ،‬وغاية ما كنت أكتبه وأقوله هو أن كتاب الله وسنته لسسم تسسذكر‬
‫الصسسحابة بخيسسر‪ ،‬ول تسسدل علسسى فضسسل لهسسم لنهسسم صسسحابة" ]رسسسالة السسسلم‬
‫والصحابة الكرام بين السنة والشيعة للشيخ محمد بهجة البيطار‪ :‬ص ‪.[.6‬‬
‫فالخالصي هنا ل يذكر الصحابة بخير مسسع تسسواتر النصسسوص فسسي فضسسلهم‪،‬‬
‫ولكنه يقول عن أئمته‪ :‬إن "الئمة الثني عشر أركان اليمان ول يقبل الله‬
‫تعالى العمال من العباد إل بوليتهم" ]الخالصسسي‪ /‬العتصسسام بحبسسل اللسسه‪ :‬ص ‪[.43‬‬
‫مع أن الثني عشر ل ذكر لهم ول لمامتهم أصل ً في كتسساب اللسسه سسسبحانه‪.‬‬
‫فانظر كيف يكذبون بالحقائق الواضحات‪ ،‬ويصدقون بالكذب الصريح‪.‬‬
‫وإذا كان المر وصل إلى هذا الحد فإننسسا نسسسوق الدلسسة والسسبراهين علسسى‬
‫نقض مذهب الرافضة‪ ،‬وبيان فضل الصحابة من الكتسساب والسسسنة‪ ،‬وأقسسوال‬
‫الئمة‪ ،‬والتاريخ‪ ،‬والعقسسل‪ ،‬والمسسور المعلومسسة المتسسواترة‪ ..‬ونكشسسف – مسسن‬
‫خلل كتب الشيعة نفسها – مؤسسسس وواضسسع هسسذه العقيسسدة فسسي المسسذهب‬
‫الشيعي‪.‬‬
‫وهو بالتالي نقض لمذهبهم في تكفيسسر المسسة جميعًسسا‪ ،‬لن السسسبب السسذي‬
‫كفروا به الصحابة هو السبب بعينه الذي كفروا به سائر المسلمين‪ ،‬ولكسن‬
‫الصحابة – رضسسوان اللسسه عليهسسم – يختصسسون بالمزيسسد مسسن السسسب واللعسسن‬
‫ما وحديًثا بهدف إبطال الشريعة التي ينقلونها للمة‪.‬‬ ‫والتكفير قدي ً‬
‫أ ق القرآن الكريم‪:‬‬
‫لقد شهدت نصوص القسسرآن علسسى عسسدالتهم والرضسسا عنهسسم‪ ،‬وأثنسسى اللسسه‬
‫عليهم في آيات كثيرة جلية واضحة‪ ،‬ل نحتسساج لمعرفسسة معناهسسا إلسسى تأويسسل‬
‫باطني كحال الشيعة في تأويل آيات القرآن بالثني عشر‪.‬‬
‫س{ ]آل عمسسران‪ ،‬آيسسة‪:‬‬‫ت ِللّنا ِ‬‫ج ْ‬
‫ر َ‬ ‫ة أُ ْ‬
‫خ ِ‬ ‫م ٍ‬
‫ُ‬
‫خي َْر أ ّ‬
‫م َ‬ ‫س قال جل شأنه ‪ُ } :‬‬
‫كنت ُ ْ‬
‫‪.[.110‬‬
‫"وكفى فخًرا لهم أن الله تبارك وتعسسالى شسسهد لهسسم بسسأنهم خيسسر النسساس‪،‬‬
‫فسسإنهم أول داخسسل فسسي هسسذا الخطسساب‪ ،‬ول مقسسام أعظسسم مسسن مقسسام قسسوم‬
‫ارتضاهم الله عز وجل لصحبة نبيه صلى الله عليسسه وسسسلم ونصسسرته" ]ابسسن‬
‫حجر الهيثمي‪ /‬الصواعق المحرقة‪ :‬ص ‪.[.7‬‬
‫ولهذا جاء تأويلهسسا عسسن السسسلف بسسأقوال "مقتضسساها أن اليسسة نزلسست فسسي‬
‫الصحابة‪ ،‬قال الله لهم كنتم خير أمة" ]ابن عطية‪ /‬المحرر الوجيز‪ ،3/193 :‬ولهسسذا‬
‫قال علمة الشيعة الزيدية محمد بن إبراهيم الوزير بعدما ذكسسر مسسن أحسسوال أولئك الصسسحب‬
‫العظام ما لم تر أمة من أمم الرض مثله‪ .‬قال‪" :‬وهذه الشياء تنبه الغافل‪ ،‬وتقوي بصسسيرة‬

‫‪437‬‬
‫س{ كفاية وغنية" )السسروض‬
‫ت ِللّنا ِ‬
‫ج ْ‬
‫ر َ‬ ‫ة أُ ْ‬
‫خ ِ‬ ‫م ٍ‬
‫ُ‬
‫خي َْر أ ّ‬
‫م َ‬ ‫العاقل‪ ،‬وإل ففي قوله تعالى‪ُ } :‬‬
‫كنت ُ ْ‬
‫الباسم‪ ،57-1/56 :‬وانظر‪ :‬محب الدين الخطيب‪ /‬الجيل المثالي‪ :‬ص ‪.[.(19‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ر‬‫صا ِ‬ ‫والن َ‬ ‫ن َ‬ ‫ري َ‬‫ِ‬ ‫ج‬
‫ها ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫وُلو َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫قو َ‬ ‫ساب ِ ُ‬‫وال ّ‬ ‫س وقال سبحانه‪َ } :‬‬
‫َ‬ ‫ضققوا ْ َ‬
‫د‬
‫عق ّ‬ ‫وأ َ‬ ‫ه َ‬ ‫عن ْق ُ‬ ‫وَر ُ‬ ‫م َ‬ ‫هق ْ‬ ‫عن ْ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ي الل ّق ُ‬ ‫ض َ‬ ‫ن ّر ِ‬ ‫سا ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫هم ب ِإ ِ ْ‬ ‫عو ُ‬ ‫ن ات ّب َ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وُز‬ ‫فق ْ‬ ‫ك ال َ‬ ‫دا ذَل ِق َ‬ ‫هققا أب َق ً‬ ‫في َ‬ ‫ن ِ‬ ‫دي َ‬ ‫خال ِق ِ‬ ‫هاُر َ‬ ‫ها الن ْ َ‬ ‫حت َ َ‬ ‫ري ت َ ْ‬ ‫ج ِ‬ ‫ت تَ ْ‬ ‫جّنا ٍ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫لَ ُ‬
‫م{ ]الّتوبة‪ :‬آية‪.[.100 :‬‬ ‫ظي ُ‬ ‫ع ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫فالية صريحة الدللة على رضاء الله سبحانه عن المهسساجرين والنصسسار‪،‬‬
‫والتابعين لهم بإحسسسان‪ ،‬وتبشسسيرهم بسسالفوز العظيسسم‪ ،‬والخلسسود فسسي جنسسات‬
‫النعيم‪ ،‬ولهذا قال ابن كثير عند هذه الية‪:‬‬
‫"فيا ويل من أبغضهم أو سبهم‪ ،‬أو أبغض أو سب بعضهم ول سيما سسسيد‬
‫الصحابة بعد الرسول وخيرهم وأفضسسلهم أعنسسي الصسسديق الكسسبر والخليفسسة‬
‫العظم أبا بكر بن أبي قحافة رضي الله عنه‪ ،‬فإن الطائفة المخذولة مسسن‬
‫الرافضة يعادون أفضل الصحابة ويبغضونهم ويسسسبونهم ]بسسل تجسساوزوا مرحلسسة‬
‫ذا بالله مسسن ذلسسك‪ .‬وهسسذا يسسدل علسسى أن‬ ‫السب إلى الحكم بالردة والتكفيسسر‪ ،[.‬عيا ً‬
‫عقولهم معكوسة‪ ،‬وقلوبهم منكوسة‪ ،‬فأين هؤلء من اليمسسان بسسالقرآن‪ ،‬إذ‬
‫يسبون من رضي الله عنهم" ]تفسير ابن كثير‪.[.2/410 :‬‬
‫ك‬ ‫عون َق َ‬ ‫ن إ ِذْ ي َُباي ِ ُ‬‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫مق ْ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫ِ‬ ‫عق‬
‫ه َ‬ ‫ي الل ّق ُ‬ ‫َ‬ ‫ضق‬ ‫قدْ َر ِ‬ ‫س وقال سسسبحانه‪} :‬ل َ َ‬
‫م‬ ‫هق ْ‬ ‫علي ْ ِ‬
‫ة َ َ‬ ‫كين َ َ‬‫سق ِ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫فقَأنَز َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫قلققوب ِ ِ‬
‫فققي ُ ُ‬ ‫مققا ِ‬ ‫م َ‬ ‫عل ِق َ‬ ‫ف َ‬‫ة َ‬ ‫جَر ِ‬ ‫ش َ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫ح َ‬ ‫تَ ْ‬
‫حا َ‬ ‫م َ‬ ‫َ‬
‫ريًبا{ ]الفتح‪ ،‬آية‪.[.18 :‬‬ ‫ق ِ‬ ‫فت ْ ً‬ ‫ه ْ‬ ‫وأَثاب َ ُ‬ ‫َ‬
‫قال ابن حزم‪" :‬فمن أخبرنا الله سبحانه أنه علم ما في قلوبهم‪ ،‬ورضي‬
‫عنهم‪ ،‬وأنزل السكينة عليهم فل يحل لحد التوقف فسسي أمرهسسم ول الشسسك‬
‫فيهم البتة" ]الفصل‪.[.4/225 :‬‬
‫تنعيم ]الّتنعيم‪ :‬على ثلثة‬ ‫شجرة بالحديبّية عند جبل ال ّ‬ ‫"والذين بايعوا تحت ال ّ‬
‫ن على يمينه جبل نعيم كزبير‪ ،‬وعلسسى يسسساره‬
‫مي به ل ّ‬ ‫أميال أو أربعة من م ّ‬
‫كة المشّرفة‪ ،‬س ّ‬
‫جبل ناعم‪ ،‬والوادي اسمه نعمان بالفتح‪) .‬انظر‪ :‬تاج العروس‪ ،‬ماّدة "نعم"‪ ،‬ومعجم البلدان‪،‬‬
‫لفظ "تنعيم"(‪ [.‬كانوا أكثر من ألف وأربعمائة‪ ،‬بسسايعوه لمسسا صسسده المشسسركون‬
‫عن العمرة ]منهاج السنة‪) 16-2/15 :‬تحقيق د‪ .‬رشاد سالم(‪...[.‬‬
‫وهؤلء كما يقول شيخ السلم ابن تيمي ّسسة هسسم أعيسسان مسسن بسسايع أبسسا بكسسر‬
‫سّنة‪.[.1/206 :‬‬ ‫وعمر وعثمان رضي الله عنهم ]منهاج ال ّ‬
‫ولقد خسساب وخسسسر مسسن رد قسسول ربسسه أنسسه رضسسي عنسسه المبسسايعين تحسست‬
‫الشجرة‪ ..‬وقد علم كل أحد له أدنى علم أن أبا بكر وعمر وعثمسسان وعلًيسسا‬
‫وطلحة والزبير وعماًرا والمغيرة بن شعبة رضي الله عنهم من أهسسل هسسذه‬
‫الصفة‪ ،‬وقد انتظمت الخوارج والروافض البراءة منهم خلًفا لله عز وجسسل‬
‫دا ]الفصل‪.[.4/226 :‬‬ ‫وعنا ً‬
‫علققى‬ ‫َ‬ ‫داء َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫سققو ُ‬
‫شق ّ‬ ‫هأ ِ‬ ‫عق ُ‬
‫م َ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫والق ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ل اللق ِ‬ ‫مقدٌ ّر ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫م َ‬ ‫وقسسال تعسسالى‪ّ } :‬‬
‫ن الل ّق ِ‬
‫ه‬ ‫مق َ‬ ‫ض قل ً ّ‬ ‫ف ْ‬ ‫ن َ‬ ‫غو َ‬ ‫دا ي َب ْت َ ُ‬ ‫ج ً‬ ‫س ّ‬ ‫عا ُ‬ ‫م ُرك ّ ً‬ ‫ه ْ‬‫م ت ََرا ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫ماء ب َي ْن َ ُ‬ ‫ح َ‬‫ر ُر َ‬ ‫ِ‬ ‫فا‬ ‫ال ْك ُ ّ‬
‫م‬ ‫هق ْ‬ ‫مث َل ُ ُ‬ ‫ك َ‬ ‫جوِد ذَِلق َ‬ ‫سق ُ‬ ‫ر ال ّ‬ ‫ِ‬ ‫ن أ ََثق‬ ‫مق ْ‬ ‫هم ّ‬ ‫ه ِ‬‫جو ِ‬ ‫و ُ‬‫في ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ما ُ‬‫سي َ‬ ‫واًنا ِ‬ ‫ض َ‬ ‫ر ْ‬ ‫و ِ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫ر‬‫ز‬ ‫قآ‬‫ق‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫أ‬‫ْ‬ ‫ط‬ ‫ق‬ ‫ش‬‫َ‬ ‫ج‬ ‫ر‬ ‫ق‬ ‫خ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ع‬ ‫ر‬ ‫ز‬ ‫ق‬‫َ‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ق‬ ‫جي‬ ‫لن‬ ‫ا‬ ‫قي‬ ‫ق‬ ‫ف‬
‫ِ‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ُ‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫ث‬‫م‬‫و‬ ‫ة‬ ‫را‬ ‫و‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫في‬ ‫ِ‬
‫َ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ْ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ّ ْ َ ِ َ َ ُ ْ‬
‫م‬ ‫هق ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ظ َ‬ ‫غل َ َ‬ ‫َ‬
‫غي قظ ب ِ ِ‬ ‫ع ل ِي َ ِ‬ ‫ب ال قّزّرا َ‬ ‫جق ُ‬ ‫ع ِ‬ ‫ه يُ ْ‬ ‫ق ِ‬ ‫سققو ِ‬ ‫علققى ُ‬ ‫وى َ‬ ‫س قت َ َ‬ ‫فا ْ‬ ‫س قت َ ْ‬ ‫فا ْ‬

‫‪438‬‬
‫ة‬
‫فقَر ً‬ ‫غ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫هققم ّ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ت ِ‬ ‫حا ِ‬ ‫صققال ِ َ‬ ‫مل ُققوا ال ّ‬ ‫ع ِ‬ ‫و َ‬ ‫مُنوا َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬ ‫عدَ الل ّ ُ‬ ‫و َ‬ ‫فاَر َ‬ ‫ال ْك ُ ّ‬
‫ما{ ]الفتح‪ ،‬آية‪.[.29 :‬‬ ‫َ‬
‫ظي ً‬ ‫ع ِ‬ ‫جًرا َ‬ ‫وأ ْ‬ ‫َ‬
‫فانظر إلى عظيم مقام الصحابة‪ ،‬حيث أثنى الله عليهم بهذه الوصسساف‪،‬‬
‫وأخبر أن صفتهم مذكورة في التوراة والنجيل‪ ،‬حتى ذكر بعض أهل العلم‬
‫ن فسسي قلسسوبهم غيظ ًسسا مسسن‬ ‫فار؛ ل ّ‬ ‫ن الّروافض ك ّ‬ ‫ن ظاهر هذه الية ُيوجب أ ّ‬ ‫أ ّ‬
‫ن مسسن‬ ‫فاَر{‪ ،‬فبّين أ ّ‬ ‫م ال ْك ُ ّ‬ ‫ه ُ‬ ‫غيظ ب ِ ِ‬
‫صحابة وعداوة لهم‪ ،‬والله يقول‪} :‬ل ِي َ ِ َ‬ ‫ال ّ‬
‫دين‪:‬‬ ‫فار ]انظر‪ :‬السفراييني‪ /‬الّتبصير فسسي ال س ّ‬ ‫كان في قلبه غيظ منهم فهو من الك ّ‬
‫ص ‪ ،25‬تفسير ابن كثير‪ ،4/219 :‬تفسير القاسمي‪.[.15/104 :‬‬
‫ح‬ ‫فت ْق ِ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫قب ْق ِ‬ ‫مققن َ‬ ‫ق ِ‬ ‫فق َ‬ ‫ن َأن َ‬ ‫مق ْ‬ ‫كم ّ‬ ‫من ُ‬ ‫وي ِ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫س س وقسسال تعسسالى‪} :‬ل ي َ ْ‬
‫قققات َُلوا‬ ‫َ‬ ‫ك أَ ْ‬ ‫قات َ َ ُ‬
‫و َ‬ ‫ع قدُ َ‬ ‫مققن ب َ ْ‬ ‫قققوا ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫ن أن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ة ّ‬ ‫ج ً‬ ‫م دََر َ‬ ‫عظ َ ُ‬ ‫ول َئ ِ َ‬ ‫لأ ْ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫سَنى{ ]الحديد‪ ،‬آية‪.[.10 :‬‬ ‫ح ْ‬ ‫ه ال ُ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫عدَ الل ُ‬ ‫و َ‬ ‫وكل َ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫هققم‬ ‫تل ُ‬ ‫َ‬ ‫س قب َق ْ‬‫َ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ِ‬ ‫ّ‬ ‫وقد حكم الله لمن وعد بالحسسسنى بقسسوله‪} :‬إ ِ ّ‬
‫ول َئ ِ َ‬ ‫ُ‬
‫م‬ ‫هق ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ها َ‬ ‫سق َ‬ ‫سي َ‬ ‫ح ِ‬ ‫ن َ‬ ‫عو َ‬ ‫م ُ‬ ‫س َ‬ ‫ن ‪ ،‬ل يَ ْ‬ ‫دو َ‬ ‫ع ُ‬ ‫مب ْ َ‬ ‫ها ُ‬ ‫عن ْ َ‬ ‫ك َ‬ ‫سَنى أ ْ‬ ‫ح ْ‬ ‫مّنا ال ْ ُ‬ ‫ّ‬
‫ع الكَبقُر{‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫فقَز ُ‬ ‫ْ‬
‫م ال َ‬ ‫ت أن ُ‬ ‫َ‬ ‫ما ا ْ‬
‫هق ُ‬ ‫حُزن ُ ُ‬ ‫ن‪ ،‬ل ي َ ْ‬ ‫دو َ‬ ‫خال ِق ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫سق ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫شقت َ َ‬ ‫في َ‬ ‫ِ‬
‫]النبياء‪ ،‬آية‪.[.103 ،102 ،101 :‬‬
‫فجاء النص أن من صحب النبي صلى الله عليه وسلم فقسسد وعسسده اللسسه‬
‫د{‬ ‫عققا َ‬ ‫مي َ‬ ‫ف ال ْ ِ‬ ‫خل ِق ُ‬ ‫ه ل َ يُ ْ‬ ‫ن الل ّق َ‬ ‫تعالى بالحسنى‪ ،‬وقد نص الله سبحانه‪} :‬إ ِ ّ‬
‫]آل عمسسران‪ ،‬آيسسة‪ [.9 :‬وصح بسسالنص أن كسسل مسسن سسسبقت لسسه مسسن اللسسه تعسسالى‬
‫الحسنى‪ ،‬فإنه مبعد عن النار ل يسمع حسيسها‪ ،‬وهو فيما اشتهى خالسسد ل‬
‫يحزنه الفزع الكبر‪ ..‬وليس المنافقون ول سائر الكفار من أصسسحابه صسسلى‬
‫الله عليه وسلم ]المحلى‪.[.1/42 :‬‬
‫مققن‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ف َ‬ ‫سسس وقسسال سسسبحانه‪} :‬ل ِل ْ ُ‬
‫جققوا ِ‬ ‫ر ُ‬ ‫خ ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ق ِ‬ ‫ري َ‬ ‫ج ِ‬ ‫هققا ِ‬ ‫م َ‬ ‫قققَراء ال ُ‬
‫ديارهم َ‬
‫ن‬ ‫صقُرو َ‬ ‫وَين ُ‬ ‫واًنا َ‬ ‫ضق َ‬ ‫ر ْ‬ ‫و ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّق ِ‬ ‫مق َ‬ ‫ضقل ً ّ‬ ‫ف ْ‬ ‫ن َ‬ ‫غو َ‬ ‫م ي َب ْت َ ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫ِ‬ ‫وال ِ‬ ‫م َ‬ ‫وأ ْ‬ ‫ِ ِ ِ ْ َ‬
‫ُ‬
‫داَر‬ ‫ؤوا القق ّ‬ ‫و ُ‬ ‫ن ت ََبقق ّ‬ ‫ذي َ‬ ‫واّلقق ِ‬ ‫ن‪َ ،‬‬ ‫قو َ‬ ‫صققاِد ُ‬ ‫م ال ّ‬ ‫هقق ُ‬ ‫ك ُ‬ ‫ول َئ ِ َ‬ ‫هأ ْ‬ ‫سققول َ ُ‬ ‫وَر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫الّلقق َ‬
‫فققي‬ ‫ن ِ‬ ‫دو َ‬ ‫جق ُ‬ ‫ول ي َ ِ‬ ‫م َ‬ ‫هق ْ‬ ‫َ‬ ‫من َ‬
‫جَر إ ِلي َْ ِ‬ ‫هققا َ‬ ‫ن َ‬ ‫مق ْ‬ ‫ن َ‬ ‫حّبو َ‬ ‫م يُ ِ‬
‫ُ‬
‫ه ْ‬ ‫قب ْل ِ ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫ما َ‬ ‫لي َ‬ ‫وا ِ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ه ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫على أن ُ‬ ‫َ‬ ‫وي ُ ْ‬
‫ن بِ ِ‬ ‫و كا َ‬ ‫ول ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ؤث ُِرو َ‬
‫ُ‬
‫ما أوُتوا َ‬ ‫م ّ‬ ‫ة ّ‬ ‫ج ً‬ ‫حا َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ر ِ‬ ‫دو ِ‬ ‫ص ُ‬ ‫ُ‬
‫ن‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ق ِ‬ ‫ّ‬ ‫ن‪َ ،‬‬ ‫حققو َ‬ ‫مفل ِ ُ‬ ‫ْ‬ ‫م ال ُ‬ ‫ْ‬ ‫هق ُ‬ ‫ولئ ِك ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه فأ ْ‬ ‫َ‬ ‫س ِ‬ ‫ح ن َف ِ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫من ُيوقَ ش ّ‬ ‫و َ‬ ‫ة َ‬ ‫ص ٌ‬ ‫صا َ‬ ‫خ َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ذي َ‬ ‫ّ‬
‫وان ِن َققا ال ق ِ‬ ‫خ َ‬ ‫ول ِ ْ‬ ‫ف قْر لن َققا َ‬ ‫َ‬ ‫غ ِ‬ ‫ن َرب ّن َققا ا ْ‬ ‫قولققو َ‬ ‫ُ‬ ‫م يَ ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫د ِ‬ ‫عق ِ‬ ‫مققن ب َ ْ‬ ‫ؤوا ِ‬ ‫جققا ُ‬ ‫َ‬
‫مُنوا َرب َّنا إ ِن ّكَ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫غل لل ِ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫قلوب َِنا ِ‬ ‫ُ‬ ‫في ُ‬ ‫ل ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ج َ‬ ‫ول ت َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ما ِ‬ ‫لي َ‬ ‫قوَنا ِبا ِ‬ ‫سب َ ُ‬ ‫َ‬
‫م{ ]الحشر‪ ،‬اليات‪.[.10 ،9 ،8 :‬‬ ‫حي ٌ‬ ‫ف ّر ِ‬ ‫َرؤو ٌ‬ ‫ُ‬
‫من الّثناء على المهاجرين والنصار‪ ،‬وعلى الذين جاءوا‬ ‫وهذه اليات تتض ّ‬
‫من بعدهم يستغفرون لهم‪ ،‬ويسألون الله أل يجعل فسسي قلسسوبهم غل ّ لهسسم‪،‬‬
‫قون للفيء‪.‬‬ ‫ن هؤلء الصناف هم المستح ّ‬ ‫من أ ّ‬ ‫وتتض ّ‬
‫ول ريب أن هؤلء الّرافضسسة خسسارجون مسسن الصسسناف الثلثسسة‪ ،‬فسسإنهم لسسم‬
‫ل عليهسسم‪ .‬ففسسي اليسسات الثنسساء علسسى‬ ‫سابقين‪ ،‬وفي قلسسوبهم غس ّ‬ ‫يستغفروا لل ّ‬
‫الصحابة وعلى أهل السنة الذين يتولونهم وإخراج الرافضة من ذلك‪ ،‬وهذا‬
‫ينقض مذهب الرافضة ]منهاج السنة‪.[.1/204 :‬‬

‫‪439‬‬
‫واليات في هذا الباب كثيرة ]وحبسسذا لسسو قسسام أحسسد طلبسسة قسسسم القسسرآن وعلسسومه‬
‫بتسجيل موضوع في "الصحابة في القرآن الكريم" لظهار عظيم ثناء الله على هذا الجيسسل‬
‫القرآني الفريد‪.[.‬‬
‫ب ق السنة المطهرة‪:‬‬
‫وكتب السنة مليئة بالثناء على الصحب‪ ،‬وبيان فضلهم عن سسسيد الخلسسق‬
‫صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫‪1‬س فنصوص تثني عليهم جميًعا كقوله صلى الله عليه وسلم‪" :‬ل تس سّبوا‬
‫ن أحسسدكم أنفسسق مثسسل‬ ‫أصحابي‪ ،‬ل تسّبوا أصحابي‪ ،‬فوالذي نفسي بيده لو أ ّ‬
‫مد ّ أحدهم ول نصيفه" ]أخرجه البخسساري‪ ،‬بسساب فضسسائل أصسسحاب‬
‫ُ‬
‫حد ٍ ذهًبا ما أدرك ُ‬
‫أ ُ‬
‫صسسحابة‪ ،‬بسساب‬‫الّنبي صلى الله عليه وسلم ‪ .4/195‬ومسلم‪ ،‬والّلفظ له‪ ،‬في كتابه فضائل ال ّ‬
‫سسّنة‪،‬‬
‫صحابة رضي الله عنهسسم‪) 2/1967 :‬ح ‪ ،(2540‬وأبسسو داود فسسي كتسساب ال ّ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫تحريم س ّ‬
‫ب أصسسحاب رسسسول اللسسه‪) 5/45 :‬ح ‪ ،(4658‬والّترمسسذي فسسي كتسساب‬ ‫ّ‬ ‫س‬ ‫س‬ ‫سن‬
‫س‬ ‫ع‬ ‫سي‬‫س‬ ‫نه‬
‫باب في ال ّ‬
‫المناقب‪ ،‬باب ‪) 696-5/695 :59‬ح ‪.[.(3861‬‬
‫وقوله عليه الصلة والسلم‪" :‬خير الّناس قرني‪ ،‬ثسسم السسذين يلسسونهم‪ ،‬ثسسم‬
‫الذين يلونهم‪ ،«،‬قسسال عمسسران‪ :‬فل أدري أذكسسر بعسسد قرنسسه قرنسسي أو ثلثسسة"‬
‫شهادات‪ ،‬باب ل يشهد على شسسهادة جسسور إذا شسسهد‪..‬‬ ‫]أخرجه البخاري‪ ،3/151 :‬في كتاب ال ّ‬
‫صحابة ثم الذين يلسسونهم‪،‬‬ ‫والّلفظ له‪ ،‬ومسلم بنحوه في كتاب فضائل ال ّ‬
‫صحابة‪ ،‬باب فضل ال ّ‬
‫ثم الذين يلونهم‪) 2/1962 :‬ح ‪.[.(2533‬‬
‫‪2‬س ونصوص تثني على جماعات منهم على سسسبيل التعييسسن كأهسسل بسسدر‪،‬‬
‫طلسسع علسسى‬ ‫ل الله ا ّ‬
‫وقد قال فيهم صلى الله عليه وسلم‪ .." :‬وما يدريك لع ّ‬
‫أهل بدر فقال‪ :‬اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم" ]أخرجه مسلم‪ ،‬كتاب فضسسائل‬
‫صحابة‪ ،‬باب من فضائل أهل بدر‪) 2/1941 :‬ح ‪.[.(2494‬‬
‫ال ّ‬
‫شجرة أهل بيعة الّرضوان‪ ،‬وقد قال فيهسسم صسسلى اللسسه عليسسه‬ ‫وأصحاب ال ّ‬
‫شسسجرة أحسسد‪ ،‬السسذين‬ ‫وسلم‪" :‬ل يدخل الّنار – إن شاء الله – من أصحاب ال ّ‬
‫شسسجرة‪:‬‬‫صحابة‪ ،‬باب من فضائل أصسسحاب ال ّ‬‫بايعوا تحتها" ]أخرجه مسلم‪ ،‬كتاب فضائل ال ّ‬
‫‪) 2/1942‬ح ‪ .[.(2496‬وغيرهما ]راجع‪ :‬جامع الصول‪ ،‬الباب الّرابع في فضائل ال ّ‬
‫صسسحابة‬
‫صسسحابة للمسسام أحمسسد‪،‬‬ ‫ومناقبهم‪ ،‬وفيه خمسة فصول‪ 8/547 :‬وما بعدها‪ ،‬وانظر‪ :‬فضسسائل ال ّ‬
‫صسسحابة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫وال‬ ‫سة‬
‫س‬ ‫القراب‬ ‫سحابة في منسساقب‬ ‫صحابة للّنسائي‪ ،‬وانظر‪ :‬ال ّ‬
‫شوكاني‪ /‬دّر ال ّ‬ ‫وفضائل ال ّ‬
‫سّنة‪ :‬ص ‪.[.161‬‬ ‫الكبيسي‪ /‬صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكتاب وال ّ‬
‫‪3‬س ونصوص تثني على آحادهم وهي كثيرة ذكرتها كتب الصحاح‪،‬‬
‫والسنن والمسانيد‪.‬‬
‫ولكن الشيعة قد رضيت لنفسها أن تنأى عن هذا المورد العظيم فهي ل‬
‫تعرج في مقام الستدلل عليها‪ ،‬ول تحتج بها‪ ،‬ول معنى لحتجاجنسسا عليهسسم‬
‫برواياتنا فهم ل يصدقونها‪ ،‬كمسسا أنسسه ل معنسسى لحتجسساجهم علينسسا بروايسساتهم‬
‫فنحن ل نصدقها‪ ،‬وإنما ينبغي أن يحتسسج الخصسسوم بعضسسهم علسسى بعسسض بمسسا‬
‫يصدقه الذي تقام عليسسه الحجسسة بسسه‪ ،‬سسسواء صسسدقه المحتسسج أو لسسم يصسسدقه‬
‫]الفصل‪.[.4/159 :‬‬
‫ولذا أكتفي في هذا المقسسام بالحالسسة علسسى الكتسسب المهسسات فسسي أبسسواب‬
‫فضائل الصحابة؛ ففيها أحاديث كثيرة في فضسسل الصسسحابة والثنسساء عليهسسم‪،‬‬

‫‪440‬‬
‫ضا‪ ،‬مسسن أقسسوال الئمسسة‬
‫والنهي عن سبهم وأقيم عليهم الحجة من كتبهم أي ً‬
‫التي يعدونها كأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫ج ق ثناء الئمة على الصحابة رضوان الله عليهم‪:‬‬ ‫‍‬
‫في الخصال لبن بابويه القمي‪ » :‬عن أبي عبد الله قال‪ :‬كسسان أصسسحاب‬
‫فا ]هذا من وضع الجّهسسال‪ ،‬فعسسدد‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم اثني عشر أل ً‬
‫فا سوى التباع والّنساء‪،‬‬ ‫صحابة الذين شهدوا معه صلى الله عليه وسلم حنيًنا اثنا عشر أل ً‬ ‫ال ّ‬
‫ل من اجتاز‬ ‫ضا‪ ،‬وك ّ‬
‫سا‪ ،‬وكذلك المدينة أي ً‬ ‫ّ‬
‫وجاءت إليه هوازن مسلمين‪ ،‬وترك مكة مملوءة نا ً‬
‫به من قبائل العرب كانوا مسلمين‪ ،‬فهؤلء كّلهسسم لهسسم صسسحبة‪ ،‬وقسسد شسسهد معسسه تبسسوك مسسن‬
‫جة الوداع وكّلهم له صسسحبة‪) .‬ابسسن الثيسسر‪ /‬أسسسد‬ ‫الخلق الكثير ما ل يحصيهم ديوان‪ ،‬وكذلك ح ّ‬
‫الغابة‪.(1/12 :‬‬
‫ي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ومن رآه وسمع منسه زيسادة عسن مسائة‬ ‫قال أبو زرعة‪ :‬توفي الّنب ّ‬
‫ألف إنسان من رجسسل وامسسرأة‪) .‬تسسدريب السّراوي‪ ،2/221 :‬الصسسابة‪ :‬ص ‪ ،4‬السسذهبي‪ /‬تجريسسد‬
‫صحابة صلى الله عليه وسلم‪ :‬ص)ب(‪ ،‬والمعتمد أّنه ليس هناك تحديد ثسسابت لهسسم‪.‬‬ ‫أسماء ال ّ‬
‫سخاوي‪ /‬فتح المغيسسث‪ ،[.(3/111 :‬ثمانية آلف فسسي المدينسسة وألفسسان مسسن‬ ‫انظر‪ :‬ال ّ‬
‫طلقسساء‪ ،‬لسسم يسسرد فيهسسم قسسدري‪ ،‬ول مرجسسئ‪ ،‬ول‬ ‫أهسسل مك ّسسة‪ ،‬وألفسسان مسسن ال ّ‬
‫حروري‪ ،‬ول معتزلي‪ ،‬ول صاحب رأي‪ ،‬كسسانوا يبكسسون الّليسسل وال ّ‬
‫نهسسار « ]ابسسن‬
‫بابويه القمي‪ /‬الخصال‪ :‬ص ‪ ،640-639‬وانظر‪ :‬المجلسي‪ /‬البحار‪.[.22/305 :‬‬
‫وفي البحار للمجلسي‪:‬‬
‫سسسلم قسسال‪" :‬أوصسسيكم بأصسسحاب‬ ‫صادق عن آبائه عن علي عليه ال ّ‬ ‫عن ال ّ‬
‫ن رسسسول‬ ‫محد ًِثا‪ ،‬فإ ّ‬
‫نبّيكم ل تسّبوهم‪ ،‬الذين لم يحدثا بعده حدًثا ولم يؤووا ُ‬
‫الله أوصى بهم الخير" ]المجلسي‪ :‬البحار ‪.[.306-22/305‬‬
‫ضا‪ ،‬قال النبي صلى الله عليه وسلم‪" :‬طوبى لمن رآنسسي‪،‬‬ ‫وفي البحار أي ً‬
‫وطوبى لمن رأى من رآني‪ ،‬وطوبى لمن رأى من رأى مسسن رآنسسي" ]أمسسالي‬
‫الصدوق‪ ،241-240 :‬بحار النوار‪.[.22/305 :‬‬
‫سابع( قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله‬ ‫وعن موسى بن جعفر )إمامهم ال ّ‬
‫عليه وسلم‪" :‬أنا أمنة لصحابي‪ ،‬فإذا قبضت دنا من أصحابي مسا يوعسدون‪،‬‬
‫مسستي مسسا يوعسسدون‪ ،‬ول‬ ‫متي‪ ،‬فإذا قبض أصحابي دنسسا مسسن أ ّ‬ ‫وأصحابي أمنة ل ّ‬
‫ّ‬
‫دين ظسساهًرا علسسى الديسسان كلهسسا مسسا دام فيكسسم مسسن قسسد رآنسسي"‬ ‫يزال هذا ال ّ‬
‫]المجلسي‪ /‬البحار‪ ،310-309 /22 :‬وعزاه إلى نوادر الّرواندي‪ :‬ص ‪.[.23‬‬
‫وفي معاني الخبار لشيخهم ابن بابويه القمي )الصدوق( ‪" :‬عسسن جعفسسر‬
‫بن محمد عن آبائه عليه السلم قال‪ :‬قسسال رسسسول اللسسه صسسلى اللسسه عليسسه‬
‫وسلم‪ :‬ما وجدتم في كتاب الله عز وجل فالعمل لكم به‪ ،‬ل عذر لكم فسسي‬
‫تركه‪ ،‬وما لم يكن في كتاب الله عز وجل‪ ،‬وكانت فيه سنة منسسي فل عسسذر‬
‫لكم في ترك سنتي‪ ،‬وما لم يكن فيه سنة مني فما قال أصسسحابي فقولسسوا‬
‫به‪ ،‬فإنما مثل أصحابي فيكم كمثل النجوم بأيها أخذ اهتسدي‪ ،‬وبسأي أقاويسل‬
‫أصحابي أخذتم اهتسديتم )ثسم زاد دعساة التفرقسة علسى هسذا النسص الزيسادة‬
‫التالية( فقيل‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬ومن أصحابك؟ قال‪ :‬أهسسل بيسستي" ]ابسسن بسسابويه‪/‬‬
‫معاني الخبار‪ ،157-156 :‬المجلسي‪ /‬البحار‪.[.307 :‬‬

‫‪441‬‬
‫دا‪ ،‬وقسسد لحسسظ‬ ‫ول شك أن تفسير الصسسحابة بأهسسل السسبيت فقسسط بعيسسد جس ً‬
‫صدوقهم هذا البعد فعقب على النص السسسالف بقسسوله‪" :‬إن أهسسل السسبيت ل‬
‫يختلفون‪ ،‬ولكن يفتسسون الشسسيعة بمسسر الحسسق‪ ،‬وربمسسا أفتسسوهم بالتقيسسة‪ ،‬فمسسا‬
‫يختلف من قولهم فهو للتقيسسة‪ ،‬والتقيسسة رحمسسة للشسسيعة" ]ابسسن بسسابويه‪ /‬معسساني‬
‫الخبار‪ ،157-156 :‬المجلسي‪ /‬البحار‪.[.307 :‬‬
‫فهو هنا يحمل "النص الذي يثني علسسى الصسسحابة" علسسى التقيسسة‪ ،‬والعقسسل‬
‫والمنطق يعترض على هذا "التأويل" فلم يكون الثناء على الصحابة السسذي‬
‫أثنى عليهم الله ورسوله‪ ،‬وشهد التاريخ بفضسسلهم وجهسسادهم تقيسسة‪ ،‬ويكسسون‬
‫السب لهم هو الحقيقة وهسسو مسسذهب الئمسسة؟ إنسسه ل دليسسل لهسسم علسسى هسسذا‬
‫المذهب سوى أنه يتمشى مع منطق أعداء المة‪.‬‬
‫ثم إن النص السابق يرويه "جعفر الصادق" عن رسول الله صسسلى اللسسه‬
‫عليه وسلم‪ ،‬فهل رسسسول اللسسه يكسسذب علسسى المسسة – تقيسسة – أو أن جعفسًرا‬
‫يكذب على رسول الله من أجل التقية؟! وكل المرين طعسسن فسسي رسسسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم وأهل بيته ومخالفة صريحة للنصوص‪.‬‬
‫وفي نهج البلغة يقول علي رضي الله عنه في أبي بكسسر أو عمسسر رضسسي‬
‫الله عنهما على اختلف بين شيوخ الشيعة فسسي ذلسسك ]انظسسر‪ :‬ميثسسم البحرانسسي‪/‬‬
‫شرح نهج البلغة‪" : [.4/97 :‬لله بلء فلن ]أي عملسسه الحسسسن فسسي سسسبيل اللسسه )ميثسسم‬
‫البحراني‪ /‬شرح نهج البلغة‪ [.(4/97 :‬فلقد قوم الود ]وهو كناية عن تقسسويمه لعوجسساج‬
‫الخلسسق عسسن سسسبيل اللسسه إلسسى السسستقامة‪) .‬مسسثيم البحرانسسي‪ /‬شسسرح نهسسج البلغسسة‪،[.(4/97 :‬‬
‫صالح في تعليقه على نهسسج البلغسسة‬ ‫مد ]العمد بالّتحريك‪ :‬العّلة‪ .‬انظر‪ :‬صبحي ال ّ‬ ‫وداوى العَ َ‬
‫نة‪ ..‬وخلف الفتنة ]تركهسسا خل ً‬
‫فسسا ل هسسو أدركهسسا ول هسسي أدركتسسه‬ ‫س ّ‬
‫ص‪ ،[.671:‬وأقام ال ّ‬
‫سسسابق(‪ ،[.‬ذهب نقي الث ّسسوب‪ ،‬قليسسل العيسسب‪ ،‬أصسساب خيرهسسا وسسسبق‬ ‫)المصدر ال ّ‬
‫قه" ]نهج البلغة‪ :‬ص ‪) 350‬تحقيسسق صسسبحي‬ ‫دى إلى الله طاعته واّتقاه بح ّ‬ ‫شّرها‪ ،‬أ ّ‬
‫صالح(‪.[.‬‬
‫ال ّ‬
‫ل ما بنوه وزعموه عن عداوة وصراع بين علسسي‬ ‫ص عظيم يهدم ك ّ‬ ‫وهذا ن ّ‬
‫والشيخين رضي الله عنهم‪.‬‬
‫وقد احتار "الروافض" بمثل هذا النص؛ لنسسه فسسي نهسسج البلغسسة ومسسا فسسي‬
‫النهج عندهم قطعي الثبوت‪ ،‬وصور شيخهم ميثم البحرانسسي ]ميثسسم بسسن علسسي‬
‫البحراني )كمال السدين( مسن شسسيوخ الماميسسة‪ ،‬مسن أهسسل البحريسسن‪ ،‬مسن كتبسه‪" :‬شسرح نهسج‬
‫البلغسسة"‪ ،‬تسسوفي فسسي البحريسسن سسسنة ‪‍679‬ه )معجسسم المسسؤلفين‪ [.(13/55 :‬ذلك بقسسوله‪:‬‬
‫"واعلم أن الشيعة قسسد أوردوا هنسسا سسسؤال ً فقسسالوا‪ :‬إن هسسذه الممسسادح السستي‬
‫ذكرها في حق أحد الرجلين تنافي ما أجمعنا عليه من تخطئتهسسم وأخسسذهما‬
‫لمنصب الخلفة‪ ،‬فإما أن ل يكون هذا الكلم من كلمسسه رضسسي اللسسه عنسسه‪،‬‬
‫وإما أن يكون إجماعنا خطأ"‪.‬‬
‫ثم حملوا هذا الكلم على التقيسسة وأنسسه إنمسسا قسسال هسسذا المسسدح مسسن أجسسل‬
‫"استصلح من يعتقد صحة خلفة الشيخين واسسستجلب قلسسوبهم بمثسل هسسذا‬
‫الكلم"‪ .‬أي‪ :‬أن علي ًسسا – فسسي زعمهسسم – أراد خسسداع الصسسحابة‪ ،‬وأظهسسر لهسسم‬
‫خلف ما يبطن فهو خطب هذه الخطبة العامة أمسسام النسساس‪ ،‬وهسسي مبنيسسة‬

‫‪442‬‬
‫]ميثم البحراني‪ /‬شسسرح نهسسج‬ ‫على الكذب‪ ،‬هذا هو جواب من يزعم التشيع لعلي‬
‫البلغة‪.[.4/98 :‬‬
‫وما أعتقد أن عاقل ً يرضى هذا "الجواب"‪ ،‬وإننا نقول بأن إجماع الشيعة‬
‫ضلل‪ ،‬وقول علي هو الحق والصدق‪ ،‬وهو الذي ل يخسساف فسسي اللسسه لومسسة‬
‫لئم‪.‬‬
‫وقد يقول قائل‪ :‬هذه النصوص المنقولة من كتبهم تناقض ما سلف مسسن‬
‫تكفير الشيعة للصحابة‪ ،‬وأقول‪ :‬نعم‪ ،‬لن هذا المذهب يحمل فسسي روايسساته‬
‫هذه الصسسورة المتناقضسسة‪ ،‬لكسسن شسسيوخهم وضسسعوا أصسسول ً وأقسسوال ً نسسسبوها‬
‫للئمة للتخلص من هذه الخبار‪ ،‬والخروج من هذا التناقض‪ ،‬فمن أصسسولهم‬
‫أن هذا التناقض أمر مقصود لخفاء حقيقة المسسذهب حسستى ل يقضسسى علسسى‬
‫المذهب وأهله من قبسسل العامسسة )يعنسسي أهسسل السسسنة( ]انظسسر‪ :‬أصسسول الكسسافي‪:‬‬
‫‪.[.1/65‬‬
‫وقالوا عند الختلف‪" :‬خذوا بما خالف العامة‪ ،‬فإن فيسسه الرشسساد" ]انظسسر‪:‬‬
‫ص )‪ (413‬من هذه الرسالة‪ .[.‬ولذلك يحمل شيوخهم أمثال هذه الروايات على‬
‫التقية‪ ،‬ولنها روايات قليلة بالنسبة لخبسسارهم الكسسثيرة السستي تفكسسر وتلعسسن‪،‬‬
‫فهم ل يأخذون بها‪ ،‬فمفيدهم يقول‪" :‬ما خرج للتقية ل يكسسثر روايتسسه عنهسسم‬
‫كما تكثر روايات المعمول به" ]تصحيح العتقاد ‪ :‬ص ‪.[.71‬‬
‫ولذلك تجد في تعقيسسب ابسسن بسسابويه إشسسارة إلسسى أن مسسدح الصسسحابة فسسي‬
‫الرواية التي ذكرها إنما هو على سبيل التقية‪ ،‬وكذلك في تعقيب ميثم‪.‬‬
‫وإذا كان المسسر كسسذلك فسسإني إنمسسا ذكسسرت هسسذه الخبسسار وأمثالهسسا لثبسسات‬
‫تناقض المذهب أمام العقلء‪ ،‬وتبصير من يريسسد الحسسق مسسن أتبسساع المسسذهب‬
‫إلى أن هذه الروايات هي الحقيقة ل التقية؛ لتفاقها مع كتاب الله سبحانه‬
‫وإجماع المة‪.‬‬
‫وبيسسان أن عقيسسدة التقيسسة جعلسست مسسن المسسذهب ألعوبسسة بأيسسدي الشسسيوخ‬
‫يوجهونه وفق إرادتهم‪ ،‬فلم يعد مذهب أهسسل السسبيت‪ ،‬إنمسسا مسسذهب الكلينسسي‬
‫والقمي والمجلسي وأضرابهم‪.‬‬

‫دللة العقل والتاريخ وما علم بالتواتر وأجمع الناس عليه‪:‬‬


‫أو ً‬
‫ل‪ :‬قد عرف بالتواتر الذي ل يخفى على العامسسة والخاصسسة أن أبسسا بكسسر‬
‫وعمر وعثمان رضي الله عنهم كسان لهسم بسالنبي صسلى اللسه عليسه وسسلم‬
‫صا بسسه‪ ،‬وصسسحبة لسسه وقرب ًسسا‬
‫اختصاص عظيم وكانوا من أعظم الناس اختصا ً‬
‫إليه‪ ،‬وقد صاهرهم كلهم‪ ،‬وكان يحبهم ويثني عليهم‪ ،‬وحينئذ فإما أن يكونوا‬
‫على الستقامة ظاهًرا وباطًنا في حياته وبعد موته‪ ،‬وإما أن يكونوا بخلف‬
‫ذلك في حياته أو بعد موته‪ ،‬فإن كانوا على غير الستقامة مع هذا القسسرب‬
‫فأحد المرين لزم‪ ،‬إما عدم علمه بأحوالهم‪ ،‬أو مداهنته لهم‪ ،‬وأيهمسسا كسسان‬
‫فهو من أعظم القدح في الرسول صلى الله عليه وسلم كما قل‪:‬‬
‫وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم‬ ‫فإن كنت ل تدري فتلك مصيبة‬

‫‪443‬‬
‫وإن كانوا انحرفوا بعد السسستقامة فهسسذا خسسذلن مسسن اللسسه للرسسسول فسسي‬
‫خواص أمته‪ ،‬وأكابر أصحابه‪ ،‬ومن وعسسد أن يظهسسر دينسسه علسسى السسدين كلسسه‪،‬‬
‫فكيف يكون أكابر خواصه مرتدين؟ فهذا ونحوه مسسن أعظسسم مسسا يقسسدح بسسه‬
‫الرافضة في الرسول صلى الله عليه وسلم كما قسسال مالسسك وغيسسره‪ :‬إّنمسسا‬
‫طعن فسسي الّرسسسول صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم ليقسسول‬ ‫أراد هؤلء الّرافضة ال ّ‬
‫حا لكسان‬ ‫القائل‪ :‬رجسل سسوء كسان لسه أصسحاب سسوء‪ ،‬ولسو كسان رجل ً صسال ً‬
‫أصحابه صالحين‪ ،‬ولهسسذا قسسال أهسسل العلسسم‪ :‬إن الرافضسسة دسيسسسة الزندقسسة‬
‫سّنة‪.[.4/123 :‬‬
‫]منهاج ال ّ‬
‫ثانًيسسا‪ :‬إن المرتسسد إنمسسا يرتسسد لشسسبهة أو شسسهرة‪ ،‬ومعلسسوم أن الشسسبهات‬
‫والشهوات في أوائل السلم كانت أقوى‪ ،‬حيث كان السلم إذ ذاك قلي ً‬
‫ل‪،‬‬
‫والكفسسار مسسستولون علسسى عامسسة الرض‪ ،‬وكسسان المسسسلمون يسسؤذون بمكسسة‬
‫ويلقون من أقاربهم وغيرهم من المشركين من الذى ما ل يعلمه إل الله‪،‬‬
‫وهم صابرون على الذى متجرعون لمرارة البلوى‪ ،‬وقد اتبعوه صلى اللسسه‬
‫عليه وسلم وهو وحيد فقير‪ ،‬ذليل خائف‪ ،‬مقهور مغلوب‪ ،‬وأهسسل الرض يسسد‬
‫واحدة في عداوته‪ ،‬وقد خرجوا من ديارهم وأموالهم وتركوا ما كانوا عليسسه‬
‫من الشرف والعزة حًبا لله ورسوله‪.‬‬
‫عا واختياًر‪ ،‬فمن كان إيمانهم مثل الجبال فسسي حسسال‬ ‫وهذا كله فعلوه طو ً‬
‫ضعف السلم‪ ،‬كيف يكون إيمانهم بعد ظهور آياته وانتشار أعلمسسه ]منهسساج‬
‫السنة‪[.4/128 :‬؟! لسيما والسبب الذي تكفرهسسم الرافضسسة مسسن أجلسسه وهسسو‬
‫بيعة أبي بكر من دون علي‪ ،‬ل يوجد فيه ما يدفعهم إلى التضحية بإيمانهم‪،‬‬
‫وخسارة سابقتهم وجهادهم وبيع آخرتهسسم مسسن أجسسل أبسسي بكسسر‪ ،‬فمسسا السسذي‬
‫حملهم على ذلك وهم يعلمون أنه كفر بربهم‪ ،‬ورجوع عن دينهسسم‪ ،‬وتركسسوا‬
‫اتباع قول رسول الله في بيعة علي بن أبي طالب‪ ،‬وقد علموا أنها طاعسسة‬
‫نبيهم‪ ،‬والثبات على دينهم‪ ،‬هل يعقل أن يطيع المهاجرون والنصار أبا بكر‬
‫في الكفر بالله‪ ،‬ويتركوا اتبساع قسول رسسول اللسه فسي علسي؟ وهسم السذين‬
‫خرجوا من ديارهم يبتغون فضل ً من الله ورضواًنا‪ ،‬وينصرون الله ورسوله‪،‬‬
‫أولئك هم الصادقون‪.‬‬
‫ثالًثا‪ :‬إن مذهب الرافضة في تكفير الصسسحابة يسسترتب عليسسه تكفيسسر أميسسر‬
‫المؤمنين لتخليه عن القيام بأمر الله‪ ،‬ويلزم عليه إسقاط تواتر الشسسريعة‪،‬‬
‫بل بطلنها ما دام نقلتها مرتدين‪ ،‬ويؤدي إلى القدح فسسي القسسرآن العظيسسم‪،‬‬
‫لنه وصلنا عن طريق أبي بكر وعمر وعثمان وإخسسوانهم‪ ،‬وهسسذا هسسو هسسدف‬
‫دا‬‫واضع هذه المقالة‪ ،‬ولذلك قال أبو زرعة‪ » :‬إذا رأيت الرجل ينتقسسص أحس ً‬
‫من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق‪ ،‬وذلك أن‬
‫الرسول صسلى اللسه عليسه وسسلم حسق والقسرآن حسق‪ ،‬وإنسا أدى إلينسا هسذا‬
‫القرآن والسنن أصحاب رسسسول اللسسه‪ ،‬وإنمسسا يريسسدون أن يجرحسسوا شسسهودنا‬
‫ليبطلوا الكتاب والسسسنة‪ ،‬والجسسرح بهسسم أولسسى وهسسم زنادقسسة" ]الكفايسسة‪ :‬ص‬
‫‪.[.49‬‬
‫شيعة أن الذي وضع هسسذه المقالسسة هسسو ابسسن سسسبأ‬ ‫ولذلك اعترفت كتب ال ّ‬
‫صسسحابة‪،‬‬ ‫طعن في أبي بكر عمسسر وعثمسسان وال ّ‬ ‫فقالت إنه‪" :‬أّول من أظهر ال ّ‬
‫‪444‬‬
‫]القمسسي‪ /‬المقسسالت‬ ‫سسسلم أمسسره بسسذلك"‬ ‫ن علي ّسسا عليسسه ال ّ‬ ‫دعسسى أ ّ‬ ‫وتبرأ منهم‪ ،‬وا ّ‬
‫شيعة‪ :‬ص ‪.[.20-19‬‬ ‫فَرق‪ :‬ص ‪ ،20‬الّنوبختي‪ /‬فَِرق ال ّ‬ ‫وال ِ‬
‫مسسن قسساتله حسستى ول‬ ‫دا م ّ‬‫فسسر أح س ً‬
‫ن علي ّسسا رضسسي اللسسه عنسسه لسسم يك ّ‬ ‫رابعًسسا‪ :‬أ ّ‬
‫الخوارج‪ ،‬ول سبى ذرية أحد منهم‪ ،‬ول غنم ماله‪ ،‬ول حكم فسسي أحسسد ممسسن‬
‫قاتله بحكم المرتدين كما حكم أبو بكسسر وسسسائر الصسسحابة فسسي بنسسي حنيفسسة‬
‫وأمثالهم من المرتدين‪ ،‬بل كان يترضى عن طلحة والزبير وغيرهمسسا ممسسن‬
‫قاتله‪ ،‬ويحكم فيهم وفي أصحاب معاوية ممن قاتله بحكم المسلمين‪ ،‬وقد‬
‫ن مناديه نادى يسسوم الجمسسل‪ :‬ل يتبسسع مسسدبر‪ ،‬ول يجهسسز‬ ‫صحيح أ ّ‬ ‫ثبت بالّنقل ال ّ‬
‫ما أنكرته الخوارج عليه حتى ناظرهم ابن عّبسساس –‬ ‫على جريح‪ ،‬ول يغنم مال ]وهذا م ّ‬
‫س سّنة‪ ..[.(4/181 :‬واستفاضت الثسسار أنسسه كسسان‬ ‫رضي الله عنه – في ذلك‪) .‬منهسساج ال ّ‬
‫يقول عن قتلى عسسسكر معاويسسة‪ :‬إنهسسم جميعًسسا مسسسلمون ليسسسوا كفسساًرا ول‬
‫منافقين ]منهاج السنة‪.[.4/181 :‬‬
‫شيعة نفسها‪ ،‬فقد جاء فسسي كتبهسسم المعتمسسدة عنسسدهم‪:‬‬ ‫وهذا ثبت بنقل ال ّ‬
‫دا من أهل‬ ‫سلم – لم يكن ينسب أح ً‬ ‫ن علّيا – عليه ال ّ‬ ‫"عن جعفر عن أبيه أ ّ‬
‫نسه يقسول‪ :‬هسسم بغسوا علينسسا" ]قسسرب‬ ‫شرك‪ ،‬ول إلسى الّنفساق‪ ،‬ولك ّ‬ ‫حربه إلى ال ّ‬
‫شيعة‪.[.11/62 :‬‬ ‫السناد‪ :‬ص ‪ ،62‬وسائل ال ّ‬
‫ولكن عقيدة التقية عندهم تجعل دينهم دين الشيوخ ل دين الئمسة‪ ،‬فقسد‬
‫قال الحر العاملي في التعليق على النص السسسابق‪" :‬أقسسول‪ :‬هسسذا محمسسول‬
‫شيعة‪.[.11/62 :‬‬ ‫تقية" ]وسائل ال ّ‬ ‫على ال ّ‬
‫وجاء في كتاب علي إلى أهل المصار يذكر فيه ما جرى بينه وبين أهسسل‬
‫شسسام‪ ،‬والظ ّسساهر أ ّ‬
‫ن رّبنسسا‬ ‫صفين‪" :‬وكان بدء أمرنا التقينا والقوم من أهل ال ّ‬
‫واحسسد‪ ،‬ودعوتنسسا فسسي السسسلم واحسسدة‪ ،‬ول نسسستزيدهم فسسي اليمسسان بسسالله‪،‬‬
‫والّتصديق برسوله‪ ،‬ول يستزيدوننا‪ ،‬المر واحد إل ما اختلفنسسا فيسسه مسسن دم‬
‫عثمان ونحن منه براء" ]نهج البلغة‪ :‬ص ‪.[.448‬‬
‫وقد أنكر على من يسب معاوية ومن معسسه فقسسال‪" :‬إن ّسسي أكسسره لكسسم أن‬
‫تكونوا سّبابين‪ ،‬ولكّنكم لو وصفتم أعمالهم‪ ،‬وذكرتم حسسالهم‪ ،‬كسسان أصسسوب‬
‫في القول‪ ،‬وأبلغ في العذر‪ ،‬وقلتم مكان سّبكم إياهم‪ :‬الّلهم احقن دماءنسسا‬
‫ودماءهم‪ ،‬وأصلح ذات بيننا وبينهم" ]نهج البلغة‪ :‬ص ‪.[.323‬‬
‫فهذا السب والتكفير لم يكن من هدي علي بسساعتراف أصسسح كتسساب فسسي‬
‫نظر الشيعة‪.‬‬
‫سا‪" :‬إن الذين تستثنيهم الرافضة من حكمها بالردة كسلمان وعمار‬ ‫خام ً‬
‫والمقداد‪ ،‬إنما استثنتهم لنهم بزعمها على مذهب الرفض من تفكيسسر أبسسي‬
‫بكر وعمر‪ ،‬وإنكار بيعتهما‪ ،‬وهذا من جملة نصب الرافضة وتلبيسسسهم؛ لنسسه‬
‫لم يعهد لبي بكر وعمر رضي الله عنهما منازع في إمامتهمسسا ل هسسؤلء ول‬
‫غيرهم‪ .‬وهذا سلمان كان أميًرا على مدائن كسسرى مسن قبسل عمسر يسدعو‬
‫مار كان أميًرا من قبل عثمسسان – رضسسي اللسسه‬ ‫إلى إمامته وطاعته‪ ..‬وهذا ع ّ‬
‫صسسحابة‬ ‫عنسسه – علسسى الكوفسسة‪ ،‬وهسسذا المقسسداد وغيسسره كسسانوا فسسي عسسساكر ال ّ‬
‫وغزواتهم فكيف يمشي تلبيس الرافضة" ]أبسسو المحاسسسن الواسسسطي‪ /‬المنسساظرة‪:‬‬
‫الورقة)‪ ،(66‬وانظر‪ :‬ص)‪ (67-66‬من هذه الّرسالة‪.[.‬‬
‫‪445‬‬
‫سا‪ :‬من المعلوم المقطوع به من وقائع التاريسسخ وأحسسداثه المعلومسسة‬ ‫ساد ً‬
‫المستفيضة حال الصحابة رضوان الله عليهم‪ ،‬وأنهم لم يسسؤثروا علسسى اللسسه‬
‫شيًئا‪ ،‬وبلغ المكروه بهم كل مبلغ‪ ،‬وبذلوا النفوس في اللسسه حسستى أيسسد اللسسه‬
‫تعالى بهم نبيه‪ ،‬وأظهر بهم دينه‪ ،‬فكيف يجسسسر علسسى الطعسسن عليهسسم مسسن‬
‫عرف الله ساعة في عمره؟ أم كيف يجترئ على سسسبهم وانتقاصسسهم مسسن‬
‫يزعم أنه مسلم ]التنبيه والرد‪ :‬ص ‪[.11-10‬؟! ولهذا قسسال الخطيسسب البغسسدادي‪:‬‬
‫"على أنه لو لم يرد من الله عز وجسسل فيهسسم شسسيء ممسسا ذكرنسساه لوجبسست‬
‫الحسسال السستي كسسانوا عليهسسا مسسن الهجسسرة والجهسساد والنصسسرة‪ ،‬وبسسذل المهسسج‬
‫والمسسوال‪ ،‬وقتسسل البسساء والولد‪ ،‬والمناصسسحة فسسي السسدين‪ ،‬وقسسوة اليمسسان‬
‫واليقين القطع على عدالتهم والعتقاد بنزاهتهم" ]الكفاية‪ :‬ص ‪ ،49‬وانظر مثسسل‬
‫هذا المعنى‪ :‬اليجي‪ /‬المواقف‪ :‬ص ‪.[.413‬‬
‫ومن يراجع أحداث السيرة وما لقي رسول الله صلى الله عليسسه وسسسلم‬
‫وصحبه من أذى واضطهاد‪ ،‬حتى رمتهم العرب عن قوس واحدة‪ ،‬وتحملوا‬
‫اضطهاد قريش في بطحاء مكة‪ ،‬وقاسوا مرارة المقاطعة وشدة الحصسسار‬
‫في الشعب‪ ،‬وعانوا مسسن فسسراق السسوطن والهسسل والعشسسيرة فهسساجروا إلسسى‬
‫الحبشسسة‪ ،‬والمدينسسة‪ ،‬وقسساموا بأعبسساء الجهسساد وتضسسحياته‪ ،‬وحسساربوا الهسسل‬
‫والعشيرة‪ ،‬إلى آخر ما هو مشهور ومعلوم من حالهم‪.‬‬
‫من يتأمل شسيًئا مسن هسسذه الحسوال‪ ،‬يعسسرف عظمسة ذلسسك الجيسسل‪ ،‬وقسسوة‬
‫إيمانه‪ ،‬وصدق بلئه‪.‬‬
‫سسسابًعا‪ :‬قسسامت القسسرائن العمليسسة‪ ،‬والدلسسة الواقعيسسة مسسن سسسيرة أميسسر‬
‫المؤمنين علي في علقته مع إخوانه أبي بكر وعمسر وعثمسان ممسا اشستهر‬
‫وذاع ونقله حتى الروافض ما يثبت المحبة الصادقة‪ ،‬والخسساء الحميسسم بيسسن‬
‫هذه الطليعة المختارة‪ ،‬والصفوة من جيل الصحابة رضوان الله عليهم‪.‬‬
‫وتأتي في مقدمة هذه الدلة والقرائن تزويج أمير المسسؤمنين علسسي ابنتسسه‬
‫أم كلثوم لمير المؤمنين عمر ]انظر‪ :‬عقد أم كلثوم للشيخ فاروقي‪ ،‬محمسسد صسسديق‪/‬‬
‫التحقيق الجلي في تزويج أم كلثوم بنت علي‪ .[.‬فإذا كان عمسسر فسساروق هسسذه المسسة‬
‫قد صسسار عنسسد الثنسسي عشسسرية أشسسد كفسًرا مسسن إبليسسس‪ ،‬أفل يرجعسسون إلسسى‬
‫عقولهم ويتدبروا فساد ما ينتهي إليه مذهبهم؟! إذ لو كان أبسسو بكسسر وعمسسر‬
‫رضي الله عنهما كافرين لكان علي بتزويجه ابنتسسه أم كلثسسوم الكسسبرى مسسن‬
‫ضسا بنتسه للزنسا‪ ،‬لن وطسء الكسافر‬ ‫قا معر ً‬‫عمر رضي الله عنه كافًرا أو فاس ً‬
‫للمسلمة زنا محض ]السمعاني‪ /‬النساب‪.[.1/347 :‬‬
‫والعاقل المنصف البريء من الغرض‪ ،‬الصسسادق فسسي تشسسيعه ل يملسسك إل‬
‫الذعان لهذه الحقيقة‪ ،‬حقيقة الولء والحب بيسسن الخلفسساء الربعسسة رضسسوان‬
‫الله عليهم‪ ،‬ولذلك لما قيل لمعز الدولسسة أحمسسد بسسن بسسويه – وكسسان رافضسًيا‬
‫يشتم صحابة رسول الله ‪" :-‬إن علًيا – عليه السلم – زوج ابنته أم كلثسسوم‬
‫من عمر بن الخطاب‪ ،‬استعظم ذلك وقال‪ :‬ما علمت بهذا‪ ،‬وتسساب وتصسسدق‬
‫بأكثر ماله وأعتق مماليكه ورد كثيًرا من المظالم وبكى حتى غشي عليسه"‬
‫]ابسسن الجسسوزي‪ /‬المنتظسسم‪ [.39-7/38 :‬لشسعوره بعظيسم جرمسه فيمسا سسلف مسن‬

‫‪446‬‬
‫عمره‪ ،‬الذي أمضسساه ينهسسش فسسي أعسسراض هسسؤلء الطهسسار مغسستًرا بشسسبهات‬
‫الروافض‪.‬‬
‫دليل فوضعوا روايات‬ ‫شيعة إبطال مفعول هذا ال ّ‬ ‫وقد حاول شيوخ ال ّ‬
‫شيعة‪-434 /7 :‬‬ ‫مة تقول‪" :‬ذلك فرج غصبناه" ]فروع الكافي‪ ،2/10 :‬وسائل ال ّ‬ ‫الئ ّ‬
‫وروا أمير المؤمنين في صورة‬ ‫‪ ،[.435‬فزادوا الطين بلة‪ ،‬حيث ص ّ‬
‫"الد ّّيوث" الذي ل ينافح عن عرضه‪ ،‬ويقر الفاحشة في أهله‪ ،‬وهل يتصور‬
‫ن أدنى العرب يبذل نفسه دون‬ ‫مثل هذا في حق أمير المؤمنين علي؟! "إ ّ‬
‫عرضه‪ ،‬ويقتل دون حرمه‪ ،‬فضل ً عن بني هاشم الذين هم سادات العرب‬
‫وأعلها نسًبا وأعظمها مروءة وحمية‪ ،‬فكيف يثبتون لمير المؤمنين مثل‬
‫هذه المنقصة الشنيعة‪ ،‬وهو الشجاع الصنديد‪ ،‬ليث بني غالب‪ ،‬أسد الله‬
‫في المشارق والمغارب؟!" ]السويدي‪ /‬مؤتمر الّنجف‪ :‬ص ‪.[.86‬‬
‫ويبدو أن بعضهم لم يعجبه هذا التوجيه‪ ،‬فرام التخلسص مسن هسذا السدليل‬
‫ن أم كلثوم لم تكن بنسست علسسي ولكّنهسسا‬ ‫بمنطق أغرب وأعجب‪ ،‬حيث زعم أ ّ‬
‫ورت بصورتها ]انظر‪ :‬النوار الّنعمانّية‪ ،84-83 /1 :‬وقد جاء مثل هذا الّتوجيه‬ ‫جن ّّية تص ّ‬
‫شريف‪ :‬ص ‪ 84‬وما بعدها‪.[.‬‬ ‫في كتب السماعيلّية‪ .‬انظر‪ :‬الهفت ال ّ‬
‫ضسسا علقسسات القربسسى القائمسسة بينهسسم‪ ،‬ووشسسائج الصسسلة‪،‬‬ ‫ومسسن القسسرائن أي ً‬
‫مون بعسسض‬ ‫ن علي ّسسا والحسسسن والحسسسين يس س ّ‬ ‫وكذلك مظاهر المحبة‪ ،‬حتى إ ّ‬
‫أولدهم باسم أبي بكر وعمر‪ ،‬وهل يطيسسق أحسسد أن يسسسمي أولده بأسسسماء‬
‫ها له؟ وهل يطيق أن يسمع أسماء أعدائه تتردد في‬ ‫أشد أعدائه كفًرا وكر ً‬
‫ب‬ ‫أرجاء بيته‪ ،‬يرددها مع أهلها في يومه مرات وكرات؟! ]انظر مسسا س س ّ‬
‫جله مح س ّ‬
‫دين الخطيب من علقات المصاهرة بين الل والصحاب وأولد آل السبيت السذين يحملسون‬ ‫ال ّ‬
‫صحابة في كتابه‪" :‬حملة رسسسالة السسسلم الّولسسون ومسسا‬ ‫أسماء الخلفاء الّثلثة وغيرهم من ال ّ‬
‫وره"‪ :‬ص ‪ 12‬وما‬ ‫كانوا عليه من المحّبة والّتعاون" ص‪ 11:‬وما بعدها‪ ،‬أو "نشأة الّتشّيع وتط ّ‬
‫شيعة في هسسذا البسساب فسسي‬ ‫ما نقله من كتب ال ّ‬ ‫جله إحسان إلهي ظهير م ّ‬ ‫بعدها‪ ،‬وانظر‪ :‬ما س ّ‬
‫شيعة وأهل البيت"‪ ،‬مّما ل حاجة لتكرار نقله هنا‪.[.‬‬‫كتابه "ال ّ‬

‫الفصل الثاني‬
‫عصمة المام‬
‫مسألة عصمة المام لها أهمية كبرى عند الشسسيعة ]عبسسد اللسسه فيسساض‪ /‬تاريسسخ‬
‫المامية‪ :‬ص ‪ ،[.157‬وهي من المبادئ الولية في كيانهم العقدي ]بسساقر شسسريف‬
‫القرشي‪ /‬حياة المام موسى بن جعفر‪.[.1/111 :‬‬
‫والعصمة في كلم العرب‪ :‬تعني المنع‪ ،‬وعصمة الله عبده‪ :‬أن يعصمه‬
‫مما يوبقه‪ ،‬واعتصم فلن بالله إذا امتنع به ]تهذيب اللغة‪ :‬مادة "عصم"‪.[.‬‬
‫أما معنى العصمة عند الشيعة فيختلف بحسب أطوار التشيع وتطوراته‪،‬‬
‫لكن يظهر أن مذهب الشيعة في عصمة الئمة قد استقر علسسى مسسا قسسرره‬
‫شيخ الشيعة – في زمنه – المجلسي – صاحب بحار النوار )المتوفى سنة‬
‫مسة – عليهسم‬‫ن المامّية اّتفقوا على عصمة الئ ّ‬
‫ه( في قوله‪" :‬اعلم أ ّ‬‫‪‍ 1111‬‬
‫ذنوب – صغيرها وكبيرها – فل يقع منهم ذنب أصل ً ل عم ً‬
‫دا‬ ‫سلم – من ال ّ‬‫ال ّ‬
‫‪447‬‬
‫]بحسسار النسسوار‪:‬‬ ‫ول نسياًنا ول الخطأ في الّتأويل ول للسهاء من الله سبحانه"‬
‫‪ ،25/211‬وانظر‪ :‬مرآة العقول‪.[.4/352 :‬‬
‫فالمجلسسسي يسسسبغ علسسى أئمتسسه العصسسمة مسسن كافسسة الوجسسه المتصسسورة‪:‬‬
‫العصسسمة مسسن المعصسسية كلهسسا – صسسغيرة أو كسسبيرة – العصسسمة مسسن الخطسسأ‪،‬‬
‫والعصمة من السهو والنسيان‪.‬‬
‫صورة للعصمة التي يرسسمها المجلسسسي‪ ،‬ويعلسسن اتفساق الشسيعة‬ ‫وهذه ال ّ‬
‫ل علسسى ذلسسك صسسريح القسسرآن‪،‬‬ ‫قق لنبياء الله ورسسسله كمسسا يسسد ّ‬ ‫عليها لم تتح ّ‬
‫سّنة‪ ،‬وإجماع المة ]انظر‪ :‬فكسسرة التقريسسب‪ :‬ص ‪) 299‬الهسسامش(‪ ،[.‬فهي غريبسسة‬ ‫وال ّ‬
‫مة‬‫سهو والّنسيان عن الئ ّ‬ ‫ن الّنفي المطلق لل ّ‬ ‫على الصول السلمية‪ ،‬بل إ ّ‬
‫تشبيه لهم بمن ل تأخذه سسسنة ول نسسوم‪ ،‬ولهسسذا قيسسل للّرضسسا – وهسسو المسسام‬
‫ن‬
‫مسسا يزعمسون أ ّ‬ ‫ن فسسي الكوفسسة قو ً‬ ‫الّثامن الذي تدعي الشيعة عصمته ‪" :-‬إ ّ‬
‫سهو في صلته‪ ،‬فقال‪ :‬كذبوا –‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم لم يقع عليه ال ّ‬ ‫الّنب ّ‬
‫ن الذي ل يسسهو هسسو اللسه السذي ل إلسه إل هسسو" ]بحسسار النسسوار‪:‬‬ ‫لعنهم الله – إ ّ‬
‫‪ ،25/350‬وانظر‪ :‬ابن بابويه‪ /‬عيون أخبار الّرضا‪ :‬ص ‪.[.326‬‬
‫وهذا النص – إن صح – من الممكن أن نستقرئ منه بأن نفي السسسهو –‬
‫والذي أصبح من أسس مفهوم العصمة عنسسد الثنسسي عشسسرية المتسسأخرين –‬
‫كان في عصر الرضا عقيدة لقوم ينتسسسبون للتشسسيع‪ ،‬لسسم يسسذكر لهسسم اسسسم‬
‫لقلتهم أو حقارتهم أو شناعة قولهم‪ ،‬وكانوا يخصون بهذه العقيسسدة أفضسسل‬
‫الخليفة محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وقسسد قوبسسل هسسذا التجسساه‬
‫الغالي باللعن والتكذيب والتفكير مسن إمسسام الشسسيعة نفسسسه؛ لن فسسي هسسذا‬
‫تشبيًها للرسول صلى الله عليه وسلم بمن ل تأخذه سسسنة ول نسسوم‪ ،‬فمسساذا‬
‫ذا فيمن يطلق هذا الوصسسف عليسسه‪ ،‬وعلسسى آخريسسن معسسه مسسن‬ ‫يقول الرضا إ ً‬
‫أجداده وأبنائه؟‬
‫ل شك أن إنكاره عليهم أشد وأعظم‪ ،‬كما يمكن أن يؤخذ من هذا النص‬
‫تأخر شيوع هذا التجاه عن عصر الرضا‪.‬‬
‫وهذا يدعونا لبحث بواكير النشأة لهذه العقيدة وتطورها‪.‬‬

‫نشأة هذه العقيدة وتطورها‬


‫إن شيخ السلم ابن تيمية يقرر أن معتقسسد العصسسمة كسسان مسسن آراء ابسسن‬
‫سبأ ]مجموع فتاوى شيخ السلم‪ ،4/518 :‬منهاج السنة‪ ،[.4/60 :‬ولكن لم أجد لفظ‬
‫"العصم" مأثوًرا عن ابن سبأ – في حدود اطلعي ‪ ،-‬ول شك أن ابن سسسبأ‬
‫قد نقل عنه ما يؤدي إلى القول بالعصمة وأعظسسم‪ ،‬فقسسد نقسسل عنسه القسول‬
‫بألوهية أميسسر المسسؤمنين ]انظسسر‪ :‬مقسسالت السسسلميين‪ ،1/86 :‬التنسسبيه والسسرد‪ :‬ص ‪،18‬‬
‫الفرق بين الفرق‪ :‬ص ‪ ،21‬الملل والنحل‪ ،1/174 :‬وانظر في كتب الشيعة‪ :‬رجال الكشي‪:‬‬
‫ص ‪ ،107-106‬السسرازي‪ /‬الزينسسة‪ :‬ص ‪ ،305‬تنقيسسح المقسسال‪ ،[.2/183 :‬لكنسسه لسسم يقسسل‬
‫بالعصمة حسب النظرية المامية‪ ،‬وكانت آراؤه فسسي الغسسالب خاصسسة بسسأمير‬
‫المؤمنين علي‪ ،‬حتى إنه كان أول من قسال بسالتوقف مسن الشسيعة ]القمسسي‪/‬‬
‫المقالت والفرق‪ :‬ص ‪ – [.20‬أي انتظار ظهور المام علي ورجعته ‪.-‬‬

‫‪448‬‬
‫ويرى القاضي عبد الجبار أن القول بعصسسمة المسسام وأنسسه ل يجسسوز عليسسه‬
‫الخطأ والزلل في حال من الحوال ول يلحقه سهو ول غفلة لم يعرف في‬
‫عصر الصحابة والتابعين لهم إلى زمن هشام بن الحكسسم حيسسث ابتسسدع هسسذا‬
‫القول ]تثبيت دلئل النبوة‪.[.2/528 :‬‬
‫ويتفق معه محب الدين الخطيب في تحديد الحقبة الزمنية التي نشسسأت‬
‫فيها عقيدة العصمة‪ ،‬لكنه يعزوها إلى شخص آخر من معاصري هشام بن‬
‫الحكم فيقول‪" :‬وأول من اخترع لهم هذه العقيسسدة الضسسالة خسسبيث يسسسميه‬
‫المسلمون شيطان الطاق وتسميه الشعية "مسسؤمن آل محمسسد" ]فسسي رجسسال‬
‫الكشي‪ :‬ص ‪» ،185‬مؤمن الطاق«‪ ،[.‬واسمه محمد بن علي الحول" ]مجلة الفتح‪:‬‬
‫المجلد )‪ (18‬ص ‪.[.277‬‬
‫وقد أشار دونلدسن إلى احتمال أن فكرة العصمة قد بدأت عند الشيعة‬
‫في عصر جعفر الصادق ]دونلدسن‪ /‬عقيدة الشيعة‪ :‬ص ‪ ،329‬محمود صبحي‪ /‬نظريسسة‬
‫المامسسة‪ :‬ص ‪ ،[.134‬ويلحسسظ أن هشسسام بسسن الحكسسم‪ ،‬وشسسيطان الطسساق مسسن‬
‫المعاصرين لجعفر‪ ،‬فلعسسل هسسذه العقيسسدة عرفسست عنسسد الشسسيعة فسسي عصسسر‬
‫جعفر الصادق‪ ،‬ولكنها تطورت‪ ،‬ومرت بمراحل حستى اسستقرت علسى تلسسك‬
‫الصورة التي يعرضها المجلسي‪.‬‬
‫أطوار عقيدة العصمة‪:‬‬
‫وإذا حاولنا أن نرجع إلى النصوص الشسسيعية السستي ورد فيهسسا النسسص علسسى‬
‫العصمة لنستقرئ من خللها الطوار التي مرت بها هذه العقيسسدة نجسسد مسسا‬
‫يلي‪ :‬تنسب كتب الشيعة إلى زين العابسسدين علسسي بسسن الحسسسين أن ّسسه قسسال‪:‬‬
‫"المعصوم هو من اعتصم بحبل الله‪ ،‬وحبل اللسسه هسسو القسسرآن" ]ابسسن بسسابويه‪/‬‬
‫معاني الخبار‪ :‬ص ‪ ،132‬بحار النوار‪.[.25/194 :‬‬
‫وسواء صحت نسبة هذا النص إلى علي بن الحسسسين أم لسسم تصسسح فسسإنه‬
‫يطلعنا على تلك النظرة السليمة للعصمة‪ ،‬وربطها بهذا المعنى السسسلمي‬
‫الجميل في تلك الفترة المبكسسرة مسسن تاريسسخ التشسسيع‪ ،‬فالعتصسسام بسسالقرآن‬
‫والتمسك به هو العصمة والنجاة‪ ،‬وهذا المعنى ليس مقصوًرا علسسى أنسساس‬
‫عققا{ ]آل عمسسران‪ ،‬آيسسة‪:‬‬ ‫مي ً‬‫ج ِ‬ ‫ل الل ّق ِ‬
‫ه َ‬ ‫حب ْ ِ‬‫موا ْ ب ِ َ‬ ‫ص ُ‬ ‫عت َ ِ‬
‫وا ْ‬‫معينين‪ ،‬قال تعالى‪َ } :‬‬
‫م{ ]آل‬ ‫َ‬ ‫ف َ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫قي ٍ‬ ‫سققت َ ِ‬‫م ْ‬ ‫ط ّ‬
‫صَرا ٍ‬ ‫ي إ ِلى ِ‬ ‫د َ‬‫ه ِ‬‫قدْ ُ‬ ‫صم ِبالل ِ‬ ‫عت َ ِ‬
‫من ي َ ْ‬ ‫و َ‬
‫‪،[.103‬سس } َ‬
‫عمران‪ ،‬آية‪.[.101 :‬‬
‫وبعد ذلك نجد أن هشام بن الحكم الذي ينسب له القاضسي عبسد الجبسار‬
‫اختراع عقيدة العصمة يسأله أحد رجسسال الشسسيعة ويسسدعى حسسسين الشسسقر‬
‫ما؟" فقسسال هشسسام‪:‬‬ ‫فيقول‪ :‬ما معنى قولكم‪" :‬إن المام ل يكون إل معصو ً‬
‫سألت أبا عبد الله )جعفر الصادق( عن ذلك فقال‪" :‬المعصوم هو الممتنسسع‬
‫صققم ب ِققالل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫عت َ ِ‬
‫من ي َ ْ‬ ‫و َ‬‫بالله من جميع محارم الله‪ ،‬وقال تبارك وتعسسالى‪َ } :‬‬
‫م{ ]آل عمران‪ ،‬آية‪ ،101 :‬والنص عسسن معسساني‬ ‫قي ٍ‬ ‫ست َ ِ‬‫م ْ‬ ‫ط ّ‬‫صَرا ٍ‬ ‫ي إ َِلى ِ‬ ‫د َ‬
‫ه ِ‬
‫قدْ ُ‬‫ف َ‬
‫َ‬
‫الخبار‪ :‬ص ‪ ،132‬بحار النوار‪.[.195-25/194 :‬‬
‫ويقول شيعي آخر يدعى ابن أبسسي عميسسر‪ :‬مسسا اسسستفدت مسسن هشسسام بسسن‬
‫الحكم في طول صسسحبتي إيسساه شسسيًئا أحسسسن مسسن هسسذا الكلم فسسي عصسسمة‬
‫المسسام وهسسو‪ :‬أن المسسام ل يسسذنب؛ لن منافسسذ السسذنوب الحسسرص والحسسسد‬
‫‪449‬‬
‫والغضب والشهوة‪ ،‬وهذه الوجه منتفيسسة عسسن المسسام ]بحسسار النسسوار‪-25/192 :‬‬
‫‪" 193‬باختصار"‪ ،‬وانظر‪ :‬ابسسن بسسابويه‪ /‬الخصسسال‪ ،1/215 :‬معسساني الخبسسار‪ :‬ص ‪ ،133‬أمسسالي‬
‫الصدوق‪ :‬ص ‪.[.376-375‬‬
‫ولكن هذا المفهوم – علسسى كسسل حسسال – ليسسس مسسن غلسوّ المجلسسسي فسسي‬
‫العصمة‪ ،‬ول يترتب عليه من الثسسار مسسا يسسترتب علسسى عصسسمة الشسسيعة فسسي‬
‫صياغتها الخيرة والتي تزيد على ذلسسك‪ ،‬بجعسسل كلم المسسام وحي ًسسا يسسوحى ل‬
‫يأتيه الباطل من بين يديه ول من خلفه‪ ،‬وتنفي عنه العوارض البشرية من‬
‫السهو والغفلة والنسيان لتخرج به من طور المخلوقين إلى صفات خسسالق‬
‫البشر‪.‬‬
‫طاعسسة‬ ‫كما يلحظ أن الحكم بامتناع المام من المعصسسية ولسسزوم فعلسسه لل ّ‬
‫يعني أّنه مجبور من الله – سبحانه – على ذلك‪ ،‬وهذا يتعارض مسسع مسسذهب‬
‫ن العبسسد يخلسسق‬ ‫الثني عشرّية في القدر‪ ،‬من القسسول بالحّري ّسسة والختيسسار‪ ،‬وأ ّ‬
‫ن مفهوم العصسسمة هسسذا سسسابق لمسسذهبهم فسسي القسسدر‬ ‫ما يد ّ‬
‫ل على أ ّ‬ ‫فعله‪ ،‬م ّ‬
‫والذي أخذوه عن المعتزلة في المائة الّثالثة‪.‬‬
‫ولهذا نجد أنه بعد تأثر الشيعة بالفكر العتزالي اصطبغ مفهوم العصسسمة‬
‫عندهم ببعض الفكار العتزاليسسة كفكسسرة اللطسسف اللهسسي‪ ،‬وفكسسرة الختيسسار‬
‫ه(‬‫النسسساني‪ ،‬كمسسا نلحسسظ هسسذا فسسي تعريسسف المفيسسد )المتسسوفى سسسنة ‪‍ 413‬‬
‫للعصمة حيث قال‪" :‬بأنها لطف يفعله الله – تعالى – بالمكلف بحيث يمنع‬
‫منه وقوع المعصية‪ ،‬وترك الطاعة مع قدرته عليها" ]المفيد‪ /‬النكت العتقاديسسة‪:‬‬
‫ص ‪ ،34-33‬تصسسحيح العتقسساد‪ :‬ص ‪ ،106‬الجيلنسسي‪ /‬توفيسسق التطسسبيق‪ :‬ص ‪ ،[.16‬فليسسس‬
‫معنى العصمة أن يجبر الله المام على ترك المعصية بل يفعل به ألطاًفسسا‬
‫يسسترك معهسسا المعصسسية مختسساًرا‪ .‬فتلحسسظ السسستعانة بمصسسطلحات المعتزلسسة‬
‫لتحديد مفهوم العصمة‪.‬‬
‫ومسألة العصمة لم تقف عند حد نفي المعصية بل تجاوزت ذلك‪ ..‬ففي‬
‫ه( عقيسسدة الشسسيعة فسسي‬ ‫القرن الرابع يقرر ابن بابويه )المتوفى سسسنة ‪‍ 381‬‬
‫العصمة في كتابه العتقادات الذي يسمى "دين الشيعة المامية" فيقسسول‪:‬‬
‫"اعتقادنا في‪ ..‬الئمة‪ ..‬أنهم معصومون مطهرون من كل دنسسس‪ ،‬وأنهسسم ل‬
‫يسسذنبون ذنب ًسسا صسسغيًرا ول كسسبيًرا‪ ،‬ول يعصسسون اللسسه مسسا أمرهسسم ويفعلسسون مسسا‬
‫يؤمرون‪ ،‬ومن نفى عنهم العصمة فسسي شسسيء مسسن أحسسوالهم فقسسد جهلهسسم‪،‬‬
‫ومسسن جهلهسسم فهسسو كسسافر‪ ،‬واعتقادنسسا فيهسسم أنهسسم معصسسومون موصسسوفون‬
‫بالكمسسال والتمسسام والعلسسم مسن أوائل أمسورهم وأواخرهسسا‪ ،‬ل يوصسسفون فسسي‬
‫شيء من أحوالهم بنقص ول عصيان ول جهل" ]العتقادات‪ :‬ص ‪.[.109-108‬‬
‫ضسسا الجهسسل والنقسسص‪ ،‬ويثبسست الكمسسال السسذي‬ ‫فهو هنا ينفي المعصسسية‪ ،‬وأي ً‬
‫يلزمهم من أول حياتهم إلى آخرها‪ ،‬ويكفر من خالف ذلك‪.‬‬
‫فهذا طور آخر انتقل إليه مسألة العصمة‪ ،‬ولكنه لم يصرح بنفي السسسهو‬
‫ص في‬ ‫عن الئمة كما فعل المجلسي وشيوخ الشيعة المتأخرون‪ ،‬بل إّنه ن ّ‬
‫ي صسسلى اللسسه‬ ‫سسسهو عسسن الن ّسسب ّ‬
‫ن نفي ال ّ‬ ‫كتابه "من ل يحضره الفقيه" على أ ّ‬
‫وة –‬ ‫ن الغلة والمفس ّ‬ ‫وضسة‪ ،‬يقسول‪" :‬إ ّ‬ ‫عليسسه وسسسلم هسسو مسذهب الغلة والمف ّ‬
‫ي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬يقولون‪ :‬لو جاز‬ ‫لعنهم الله – ينكرون سهو الّنب ّ‬
‫‪450‬‬
‫صلة لجاز أن يسهو في الّتبليغ؛ لن الصلة فريضة كما أن‬ ‫أن يسهو في ال ّ‬
‫التبليغ فريضة‪ ..‬وليس سسهو النسبي صسلى اللسه عليسه وسسلم كسسهونا؛ لن‬
‫سهوه من الله عز وجل وإّنما أسهاه الله ليعلم أّنه بشر مخلسسوق فل يّتخسسذ‬
‫سهو‪ ،‬وكان شيخنا محمد بن‬ ‫دا دونه‪ ،‬وليعلم الّناس بسهوه حكم ال ّ‬ ‫رًبا معبو ً‬
‫سسسهو عسسن‬ ‫الحسن بن أحمد بن الوليد يقول‪ :‬أّول درجة فسسي الغلسسو نفسسي ال ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم وأنا أحتسب الجسسر فسسي تصسسنيف كتسساب مفسسرد‬ ‫الّنب ّ‬
‫منكريه" ]من ل يحضره الفقيه‪.[.1/234 :‬‬ ‫ي والّرد على ُ‬ ‫في إثبات سهو الّنب ّ‬
‫مونه – ينكر علسسى‬ ‫شيعة – كما يس ّ‬ ‫فأنت ترى أن ابن بابويه وهو رئيس ال ّ‬
‫سهو عن المصطفى صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فكيف بمن هو أقل‬ ‫من نفى ال ّ‬
‫سهو علمة الغلو‪ ،‬ويشير إلى أن هذا القول من‬ ‫منه كالئمة؟! ويعد ّ نفي ال ّ‬
‫مسسذاهب الغلة‪ ..‬ويلمسسح إلسسى مسسا ينطسسوي عليسسه نفسسي السسسهو مسسن تشسسبيه‬
‫المخلوق بالخالق جل شأنه‪.‬‬
‫خرون إلسسى مسسسألة‬ ‫مسسا أضسسافه ال ّ‬
‫شسسيعة المتسسأ ّ‬ ‫سسسهو هسسو م ّ‬‫ولكسسن نفسسي ال ّ‬
‫العصمة‪ ،‬في تطور آخر لهذه القضية‪ ،‬ولسسذلك فسسإن نصوصسسهم الموضسسوعة‬
‫سهو‬ ‫ما ذكر له ال ّ‬ ‫فا عن الئمة تخالف ذلك‪ ،‬فأبو عبد الله كان يقول – ل ّ‬ ‫سل ً‬
‫ي صسسلتي"‬ ‫‪" :-‬أو ينفلت من لك أحد؟ رّبما أقعدت الخادم خلفي يحفظ عل ّ‬
‫]بحار النوار‪.[.25/351 :‬‬
‫والرضا يلعن من ينفي السهو عن النبي صلى الله عليه وسلم ‪ -‬كما مّر‬
‫– ويقول‪ :‬إن الذي ل يسهو هو اللسسه سسسبحانه‪ ،‬وكتسسب الشسسيعة روت أخبسساًرا‬
‫في سهوه صلى الله عليسسه وسسسلم فسسي صسسلته ]انظسسر‪ :‬مسسن ل يحضسسره الفقيسسه‪:‬‬
‫‪.[.1/233‬‬
‫جون بإجماعهم رغم أّنه منقسسوض بمخالفسسة شسسيعة‬ ‫ومن الغريب أنهم يحت ّ‬
‫القرن الّرابع من قبلهم‪ ،‬وبنصوصهم‪.‬‬
‫ن أصسسحابنا المامي ّسسة أجمعسسوا علسسى عصسسمة‬ ‫ولكن شهوة الغلسسو تقسسول‪" :‬إ ّ‬
‫دا وخطسسأ‬ ‫صغيرة والكبيرة عمسس ً‬ ‫ذنوب ال ّ‬ ‫مة – صلوات الله عليهم – من ال ّ‬ ‫الئ ّ‬
‫ل" ]بحسسار النسسوار‪/25 :‬‬ ‫ونسياًنا من وقت ولدتهم إلسى أن يلقسوا اللسه عسّز وجس ّ‬
‫‪.[.351-350‬‬
‫صسسدوق ابسسن بسسابويه‬ ‫وإذا قيسسل لهسسم كيسسف ينعقسسد إجمسساعكم‪ ،‬وشسسيخكم ال ّ‬
‫وشيخه ابن الوليد قد خالفا هسسذا المسسذهب؟ قسسالوا‪" :‬إن خروجهمسسا ل يخسسل‬
‫بالجماع لكونهما معروفي النسب" ]بحار النوار‪ ،[.25/351 :‬أما القسم الخر‬
‫الذين قالوا بالعصمة المطلقة ففيهم من ل تعرف هسسويته ونسسسبه أو كلهسسم‬
‫كذلك‪ ،‬فيحتمل أن يكون المسسام الغسسائب خسسرج مسسن مخسسبئه وأدلسسى بصسسوته‬
‫معهم‪ ،‬وقوله هو العمدة في الجماع ]انظسسر‪ :‬فصسسل الجمسساع‪ ،[.‬أي أنسسه يكفسسي‬
‫فسسي إثبسسات حجيسسة الجمسساع فسسي هسسذه المسسألة وجسسود الظسسن بسأن الغسسائب‬
‫المعصوم يوجد مع الفئة المجهولة التي قررت نفي السهو‪.‬‬
‫ولسسك أن تعجسسب كيسسف يسسردون النصسسوص الصسسريحة فسسي إثبسسات السسسهو‬
‫والسسواردة فسسي كتبهسسم عسسن الئمسسة ويتعلقسسون بإجمسساع يكشسسف عسسن قسسول‬
‫المعصوم الغائب على سبيل الظن والحتمال؟!‬
‫ولكن مذهب الشيعة هو مذهب الشيوخ ل مذهب الئمة‪.‬‬
‫‪451‬‬
‫ولقد احتار المجلسي – وهو يرى النصوص التي تخالف إجماع أصحابه ‪-‬‬
‫فقال‪" :‬المسألة في غاية الشكال لدللة كسثير مسن الخبسار واليسات علسى‬
‫سهو عنهم‪ ،‬وإطباق الصحاب إل من شذ منهم على عدم الجواز"‬ ‫صدور ال ّ‬
‫]بحار النوار‪.[.25/351 :‬‬
‫وهذا اعتراف من المجلسي بأن إجماع الشيعة المتأخرين علسسى عصسسمة‬
‫الئمة بإطلق يخالف رواياتهم‪ ،‬وهسسذا دليسسل واقعسسي واعسستراف صسسريح فسسي‬
‫أنهم يجمعون على ضللة‪ ،‬وعلى غير دليل حتى من كتبهم‪.‬‬

‫استدللهم على عصمة أئمتهم‬


‫استدللهم بالقرآن‪:‬‬
‫رغم أن كتاب الله سبحانه ليس فيه ذكر للثني عشر أصل ً – كمسسا مسّر –‬
‫فضل ً عن عصمتهم‪ ،‬إل أن الثني عشرية تتعلق بسسالقرآن لتقريسسر العصسسمة‪،‬‬
‫م‬‫هي َ‬‫وإ ِِذ اب ْت ََلى إ ِب َْرا ِ‬
‫ويتفق شيوخهم على الستدلل بقوله – سبحانه ‪َ } :-‬‬
‫مققن‬ ‫قققا َ‬ ‫مققا َ‬ ‫عل ُ َ‬ ‫قا َ‬ ‫ن َ‬ ‫ربه بك َل ِمات َ َ‬
‫و ِ‬
‫ل َ‬ ‫ما ً‬‫س إِ َ‬‫ك ِللن ّققا ِ‬ ‫جا ِ‬ ‫ل إ ِّني َ‬ ‫ه ّ‬‫م ُ‬ ‫فأت َ ّ‬ ‫َ ٍ‬ ‫َ ّ ُ ِ‬
‫ن{ ]البقرة‪ ،‬آية‪.[.124 :‬‬ ‫مي َ‬ ‫ّ‬
‫دي الظال ِ ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫ع ْ‬
‫ل َ‬‫ل ل ي ََنا ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ذُّري ِّتي قا َ‬
‫وبهذه الية صدر المجلسي بابه الذي عقده فسسي بحسساره بشسسأن العصسسمة‬
‫بعنوان "باب‪ ..‬لزوم عصمة المام" ]بحار النوار‪.[.25/191 :‬‬
‫وجملة من شيوخ الشيعة المعاصرين يجعلون هذه الية أصل استدللهم‬
‫من القرآن‪ ،‬ول يستدلون بسواها مثل محسن المين ]انظسسر‪ :‬أعيسسان الشسسيعة‪:‬‬
‫ن هسسذه اليسسة‬ ‫‪ ،[.1/458‬ومحمد حسين آل كاشسسف الغطسسا‪ ،‬والسسذي يقسسول بسسأ ّ‬
‫شيعة‪ :‬ص ‪.[.59‬‬ ‫صريحة في لزوم العصمة ]أصل ال ّ‬
‫ويتولى صاحب مجمع البيان سياق وجهسسة اسسستدلل أصسسحابه بهسسذه اليسسة‬
‫على مرادهم فيقول‪" :‬استدل أصحابنا بهذه الية على أن المسسام ل يكسسون‬
‫ن الله – سبحانه – نفى أن ينسسال عهسسده – السسذي‬ ‫ما من القبايح؛ ل ّ‬ ‫إل معصو ً‬
‫سلف في معنى العهد – كم سيأتي – ولكن الّروافسض يأخسذون بمسا‬ ‫هو المامة ]اختلف ال ّ‬
‫يوافق هواهم ويقطعون به بل دليسسل‪ – [.‬ظالم‪ ،‬ومن ليسسس بمعصسسوم فقسسد يكسسون‬
‫ما لنفسه‪ ،‬وإما لغيره‪.‬‬ ‫ما إ ّ‬
‫ظال ً‬
‫فإن قيل‪ :‬إنما نفى أن ينال ظالم في حال ظلمه‪ ،‬فإذا تسساب فل يسسسمى‬
‫ما فيصح أن يناله‪.‬‬ ‫ظال ً‬
‫ظالم وإن تاب فل يخرج من أن تكون الية قد تناولته‬ ‫والجواب‪ :‬أن ال ّ‬
‫ما‪ ،‬فإذا نفى أن يناله فقد حكم عليه بأنه ل ينالها‪ ،‬والية‬ ‫في حال كونه ظال ً‬
‫مطلقة غير مقّيدة بوقت دون وقت فيجب أن تكون محمولة على‬
‫طبرسي‪ /‬مجمع البيان‪:‬‬ ‫ظالم وإن تاب فيما بعد" ]ال ّ‬ ‫الوقات كلها‪ ،‬فل ينالها ال ّ‬
‫طوسي‪ /‬الّتبيان‪ ،1/449 :‬المجلسي‪ /‬بحار النوار‪.[.25/191 :‬‬ ‫‪ ،1/201‬وانظر‪ :‬ال ّ‬

‫نقد استدللهم‪:‬‬
‫أو ً‬
‫ل‪ :‬اختلف السلف في معنى العهد على أقوال‪:‬‬

‫‪452‬‬
‫دي‬ ‫ه ِ‬‫ع ْ‬‫ل َ‬ ‫قال ابن عباس والسدي‪ :‬إنه النبوة‪ ،‬قال‪} :‬ل َ ي ََنا ُ‬
‫ما‬
‫ما ظال ً‬ ‫ن{ "أي نبوتي"‪ ،‬وقال مجاهد‪ :‬المامة‪ ،‬أي ل أجعل إما ً‬ ‫مي َ‬ ‫ظال ِ ِ‬ ‫ال ّ‬
‫يقتدى به‪ ،‬وقال قتادة وإبراهيم الّنخعي وعطاء والحسن وعكرمة‪ :‬ل ينال‬
‫ظالم فأمن به‬ ‫دنيا فقد ناله ال ّ‬ ‫ما في ال ّ‬ ‫ظالمين فأ ّ‬ ‫عهد الله في الخرة ال ّ‬
‫ظالمين؛‬ ‫جاج‪ :‬وهذا قول حسن‪ ،‬أي ل ينال أماني ال ّ‬ ‫وأكل وعاش‪ ..‬قال الّز ّ‬
‫ظالم‪ :‬المشرك‪ ،..‬وقال الربيع بن‬ ‫أي‪ :‬ل أؤمنهم من عذابي‪ .‬والمراد بال ّ‬
‫أنس والضحاك‪ ،‬عهد الله الذي عهد إلى عباده‪ :‬دينه‪ ،‬يقول‪ :‬ل ينال دينه‬
‫من‬ ‫و ِ‬
‫ق َ‬ ‫ح َ‬ ‫س َ‬‫عَلى إ ِ ْ‬ ‫و َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬
‫ه َ‬ ‫وَباَرك َْنا َ‬‫الظالمين‪ ،‬أل ترى أنه قال‪َ } :‬‬
‫ل ذّريتك يا‬ ‫ن{ يقول‪ :‬ليس ك ّ‬ ‫مِبي ٌ‬ ‫ه ُ‬ ‫س ِ‬‫ف ِ‬‫م ل ّن َ ْ‬
‫ظال ِ ٌ‬ ‫و َ‬‫ن َ‬‫س ٌ‬
‫ح ِ‬
‫م ْ‬
‫ما ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ذُّري ّت ِ ِ‬
‫دي‬ ‫ه ِ‬‫ع ْ‬‫ل َ‬ ‫ضا – }ل َ ي ََنا ُ‬ ‫ق‪ ..‬وروي عن ابن عباس – أي ً‬ ‫إبراهيم على الح ّ‬
‫ن{‪ ،‬قال‪ :‬ليس للظالمين عهد‪ ،‬وإن عادته فانقضه ]انظر‪ :‬تفسير‬ ‫مي َ‬ ‫ظال ِ ِ‬ ‫ال ّ‬
‫الطبري‪ :‬ج‪) ‍2‬من الجزاء المحققة( ص ‪ 20‬وما بعدها‪ ،‬تفسير البغوي‪ ،1/112 :‬ابن عطية‪/‬‬
‫المحرر الوجيز‪ ،1/250 :‬القرطبي‪ /‬الجامع لحكام القرآن‪ ،2/108 :‬تفسير ابن كثير‪:‬‬
‫‪ ،173-1/172‬الشوكاني‪ /‬فتح القدير‪ ،1/138 :‬اللوسي‪ /‬روح المعاني‪ ،1/377 :‬تفسير‬
‫القاسمي‪.[.246-2/245 :‬‬
‫فالية – كما ترى – اختلف السلف في تأويلها‪ ،‬فهي ليست في مسألة‬
‫المامة أصل ً في قول أكثرهم‪ ،‬والذين فسروها بالمامة قصدوا إمامة‬
‫العلم والصلح والقتداء‪ ،‬ل المامة بمفهوم الرافضة‪.‬‬
‫ل على العصمة بحال؛ إذ ل‬ ‫ثانًيا‪ :‬لو كانت الية في المامة فهي ل تد ّ‬
‫ظالم معصوم ل يخطئ ول ينسى ول يسهو‪ ..‬إلخ‬ ‫ن غير ال ّ‬
‫يمكن أن يقال بأ ّ‬
‫كما هو مفهوم العصمة عند الشيعة‪ ،‬إذ يكون قياس مذهبهم من سها فهو‬
‫ظالم ومن أخطأ فهو ظالم‪ ..‬وهذا ل يوافقهم عليه أحد ول يّتفق مع‬
‫ن نفي‬‫ظلم فرق كبير؛ ل ّ‬‫أصول السلم‪ ،‬فبّين إثبات العصمة‪ ،‬ونفي ال ّ‬
‫ظلم إثبات للعدل‪ ،‬ل للعصمة ال ّ‬
‫شيعّية‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫ما ثم تاب منه لحقه وصف الظلم‬ ‫ثالًثا‪ :‬ل يسلم لهم أن من ارتكب ظل ً‬
‫شرك‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬ ‫ّ‬
‫ولزمه‪ ،‬ول تجدي التوبة في رفعه‪ ،‬فإن أعظم الظلم ال ّ‬
‫م{ ]النعام‪ :‬آية‪ ،[.82 :‬ثم‬ ‫ُ ْ‬ ‫سوا ْ ِإي َ‬‫م ي َل ْب ِ ُ‬‫ول َ ْ‬
‫مُنوا ْ َ‬ ‫}ال ّ ِ‬
‫هم ب ِظل ٍ‬ ‫مان َ ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬
‫م{ ]لقمان‪ ،‬آية‪ [.13:‬ومع‬ ‫ظي ٌ‬‫ع ِ‬ ‫م َ‬‫ك ل َظُل ْ ٌ‬ ‫شْر َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ظلم بقوله‪} :‬إ ِ ّ‬ ‫سر ال ّ‬ ‫ف ّ‬
‫هوا ْ‬ ‫ْ‬
‫فُروا ِإن َينت َ ُ‬‫ن كَ َ‬
‫ذي َ‬ ‫ّ‬
‫قل ل ِل ِ‬ ‫فار‪ُ } :‬‬ ‫ل شأنه – في حقّ الك ّ‬ ‫هذا قال – ج ّ‬
‫ف{ ]النفال‪ :‬آية‪.[.38 :‬‬ ‫سل َ َ‬ ‫قدْ َ‬ ‫ما َ‬ ‫هم ّ‬ ‫فْر ل َ ُ‬‫غ َ‬‫يُ َ‬
‫ن من أشرك ولو لحظة‪ ،‬أو ارتكب معصية ولو‬ ‫لكن قياس قول هؤلء أ ّ‬
‫ن المشرك ولو‬ ‫دى هذا أ ّ‬ ‫ّ‬
‫ك عنه وصف الظلم‪ ،‬ومؤ ّ‬ ‫صغيرة فهو ظالم ل ينف ّ‬
‫ن مرادهم‬
‫شرك؛ ل ّ‬‫ظلم ال ّ‬ ‫ظلم هو ال ّ‬
‫شرك ]هم يعنون بال ّ‬ ‫ن ال ّ‬
‫أسلم فهو مشرك ل ّ‬
‫شرك لم ينف ّ‬
‫ك عنهما بعد‬ ‫إبطال خلفة أبي بكر وعمر؛ لّنهما قد أسلما بعد شرك‪ ،‬وال ّ‬
‫ل ظالم"‪) .‬أصول‬ ‫إيمانهما في زعمهم‪ ،‬ولذلك قال الكليني‪" :‬هذه الية أبطلت إمامة ك ّ‬
‫الكافي‪.[.(1/199 :‬‬

‫‪453‬‬
‫فصاروا بهذا أشد ّ من الخوارج الوعيدّية؛ لن الخوارج ل يثبتون الوعيد‬
‫لصاحب الكبيرة إل في حالة عدم توبته‪.‬‬
‫ومن المعلوم في بدائه العقول فضل ً عن الشرع والعرف واللغة "أن‬
‫ح أن يطلق عليه أّنه كافر أو ظالم‪..‬‬ ‫م تاب وأصلح ل يص ّ‬ ‫من كفر أو ظلم ث ّ‬
‫وإل جاز أن ُيقال‪ :‬صبي لشيخ‪ ،‬ونائم لمستيقظ‪ ،‬وغني لفقير‪ ،‬وجائع‬
‫ضا لو اطرد ذلك يلزم من حلف ل‬ ‫لشبعان‪ ،‬وحي لميت‪ ،‬وبالعكس‪ ،‬وأي ً‬
‫يسلم على كافر فسلم على إنسان مؤمن في الحال إل أنه كان كافًرا‬
‫قبل سنين متطاولة أن يحنث‪ ،‬ول قائل به" ]اللوسي‪ /‬روح المعاني‪.[.1/377 :‬‬
‫ومن المعروف أنه قد يكون التائب من الظلم أفضل ممن لم يقع فيه‪.‬‬
‫ومن اعتقد أن كل من لم يكفر ولم يقتل ولم يذنب أفضل من كل من‬
‫آمن بعد كفره واهتدى بعد ضلله‪ ،‬وتاب بعد ذنوبه‪ ،‬فهو مخالف لما علم‬
‫بالضطرار من دين السلم‪ ،‬فمن المعلوم أن السابقين أفضل من‬
‫أولدهم‪ ،‬وهل يشبه أبناء المهاجرين والنصار بآبائهم عاقل ]انظر‪ :‬منهاج‬
‫السنة‪[.303-1/302 :‬؟!‬
‫كما أن استدللهم هذا يؤدي إلى أن جميع المسلمين وكذلك الشيعة‬
‫وأهل البيت – إل من تعتقد الشيعة عصمتهم – جميعهم ظلمة لنهم غير‬
‫م فل يجوز أن‬ ‫ظلم اسم ذ ّ‬ ‫معصومين‪ ،‬وقد قال شيخهم الطوسي بأن ال ّ‬
‫عَلى‬ ‫َ‬
‫ه َ‬‫ة الل ّ ِ‬ ‫يطلق إل على مستحقّ الّلعن لقوله – تعالى ‪} :-‬أل َ ل َ ْ‬
‫عن َ ُ‬
‫ن{ ]الّتبيان‪ ،1/158 :‬والية رقم ‪ 18‬من سورة هود‪.[.‬‬
‫مي َ‬ ‫ال ّ‬
‫ظال ِ ِ‬
‫رابًعا‪ :‬وأختم القول بما قرره أحد علماء الشيعة الزيدية في نقض‬
‫استدلل الشيعة الثني عشرية بهذه الية حيث قال‪" :‬احتج الرافضة بالية‬
‫على أن المامة ل يستحقها من ظلم مرة‪ ،‬ورام الطعن في إمامة أبي‬
‫بكر وعمر‪ ،‬وهذا ل يصح لن العهد إن حمل على النبوة فل حجة‪ ،‬وإن‬
‫ظلم ل يوصف بأّنه ظالم‪ ،‬ولم يمنعه –‬ ‫حمل على المامة فمن تاب من ال ّ‬
‫ما" ]يوسف بن أحمد الّزيدي‪ /‬الّثمرات‬
‫تعالى – من نيل العهد إل حال كونه ظال ً‬
‫اليانعة‪ :‬ج‪ ‍1‬الورقة ‪) 60‬مخطوط(‪.[.‬‬
‫أدلتهم من السنة‪:‬‬
‫ويتمسكون بروايات من طرق أهل السنة للحتجاج بها على أهل‬
‫السنة‪ ،‬وإقناع قومهم بأن ما هم عليه موضع إجماع‪ ،‬وهي ما بين كذب‪ ،‬أو‬
‫بعيد عن استدللهم‪ ،‬وقد مضى الحديث فيها في فصل المامة‪.‬‬
‫والروايات التي يحتجون بها هي تتعلق بأهل البيت‪ ،‬ول حجة للثني‬
‫عشرية في ذلك أصل ً لما ثبت من أن الثني عشرية ليس لها علقة بأهل‬
‫البيت إل العلقة المزعومة بعلي وبعض أولده‪ ،‬وهما الحسن والحسين‪،‬‬
‫وبعض ذرية الحسين‪ ،‬وقد انقطع النسل الذين يقولون بإمامتهم لوفاة‬
‫ه بشيوخ يزعمون‬‫ما‪ ،‬فعلقتهم منذ سنة ‪‍ 260‬‬‫الحسن العسكري عقي ً‬

‫‪454‬‬
‫النيابة عن معدوم ل وجود له‪ ،‬وهم الذين انتهوا بالمذهب إلى هذه النهاية‬
‫المفزعة التي مر علينا جملة من صورها‪.‬‬
‫سكهم‬
‫ن تم ّ‬
‫وقد سلف ذكر الشواهد في تكفيرهم لهل البيت‪ ،‬ولذلك فإ ّ‬
‫بالقول بعصمة أهل البيت هو من خداع العناوين‪.‬‬
‫غير أن الثني عشرية تقيم معتقدها في العصمة وغيرها بما يرويه‬
‫صاحب الكافي‪ ،‬وإبراهيم القمي‪ ،‬والمجلسي وأضرابهم من روايات‬
‫منكرة في متنها فضل ً عن إسنادها‪ ،‬تثبت لهؤلء الثني عشر العصمة‬
‫المزعومة‪ ،‬وقد ساق المجلسي في بابه الذي عقده في شأن العصمة‬
‫ثلًثا وعشرين رواية من روايات شيوخه كالقمي‪ ،‬والعياشي والمفيد‬
‫وغيرهم‪ ،‬وقد ذكرها بعد استدلله بآية البقرة‪ ،‬التي تبين لنا أن استدللهم‬
‫فيها باطل‪.‬‬
‫أما الكليني في الكافي فقد عقد مجموعة من البواب في معنى‬
‫دعون فيها‬ ‫العصمة المزعومة‪ ،‬ساق فيها أخباًرا بسنده عن الثني عشر ي ّ‬
‫أنهم معصومون بل وشركاء في النبوة‪ ،‬بل ويتصفون بصفات اللوهية‪،‬‬
‫وقد مر في باب اعتقادهم في أصول الدين أمثلة من ذلك‪ ،‬وتجد ذلك في‬
‫الكافي في باب "أن الئمة هم أركان الرض" وأثبت فيه ثلثة روايات‬
‫تقول بأن الئمة الثني عشر كرسول الله في وجوب الطاعة‪ ،‬وفي‬
‫الفضل‪ ،‬وفي التكليف‪ ،‬فعلي "جرى له من الطاعة بعد رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم ما لرسول الله صلى الله عليه وسلم" ]أصول الكافي‪:‬‬
‫‪ ،[.1/198‬كذا سائر الثني عشر‪ ،‬ثم ما تلبث أن ترفعهم عن مقام رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم إلى مقام رب العالمين حيث تقول بأن علًيا‬
‫ن أحد قبلي‪ :‬عّلمت علم المنايا والبليا‪..‬‬ ‫ُ‬
‫قال‪" :‬أعطيت خصال ً لم يعطه ّ‬
‫ني" ]أصول الكافي‪:‬‬
‫فلم يفتني ما سبقني ولم يعزب عّني ما غاب ع ّ‬
‫‪.[.1/197‬‬
‫س‬
‫ف ٌ‬ ‫ري ن َ ْ‬
‫ما ت َدْ ِ‬
‫و َ‬ ‫والذي يعلم المنايا والبليا هو الله – سبحانه – } َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ت{ ]لقمان‪ ،‬آية‪:‬‬ ‫مو ُ‬ ‫ض تَ ُ‬
‫ي أْر ٍ‬
‫س ب ِأ ّ‬ ‫ري ن َ ْ‬
‫ف ٌ‬ ‫ما ت َدْ ِ‬
‫و َ‬
‫دا َ‬ ‫ب َ‬
‫غ ً‬ ‫ذا ت َك ْ ِ‬
‫س ُ‬ ‫ما َ‬
‫ّ‬
‫‪.[.34‬‬
‫والذي ل يعزب عنه شيء‪ ،‬ول يفوته شيء هو الخالق – جل عله – قال‬
‫في‬‫ول ِ‬
‫ت َ‬
‫وا ِ‬
‫ما َ‬
‫س َ‬
‫في ال ّ‬ ‫ل ذَّر ٍ‬
‫ة ِ‬ ‫مث ْ َ‬
‫قا ُ‬ ‫ه ِ‬
‫عن ْ ُ‬
‫ب َ‬ ‫عُز ُ‬‫تعالى‪} :‬ل ي َ ْ‬
‫ض{ ]سبأ‪ ،‬آية‪.[.3:‬‬ ‫َ‬
‫الْر ِ‬
‫فالمر تعدى حدود العصمة إلى دعوى الرسالة واللوهية‪ ،‬وهذا خروج‬
‫سا‪.‬‬
‫عن السلم رأ ً‬
‫وقد تتابعت أبواب الكافي في هذا المعنى ]انظر‪ :‬من أصول الكافي‪ ،‬باب‬
‫فرض طاعة الئمة‪ ،1/185 :‬وقد ذكر فيه )‪ (17‬رواية لهم‪ ،‬وباب أن الئمة ولة أمر الله‬
‫وخزنة علمه‪ ،1/192 :‬وأورد فيه )‪ (6‬روايات‪ ،‬وباب أن الئمة خلفاء الله – عز وجل – في‬
‫أرضه‪ ،‬وأبوابه التي منها يؤتى‪ ،1/193 :‬وفيه ثلثة روايات‪ ،‬وغيرها من البواب والخبار‬

‫‪455‬‬
‫التي يعرف كذبها بالضطرار من دين السلم‪ ،[.‬وهي ل تخرج عن دعاوى‬
‫المتنبئين والملحدين على مدار التاريخ سوى أنهم نسبوا هذه المفتريات‬
‫إلى جملة من أهل البيت الطهار‪.‬‬
‫أدلتهم العقلّية على مسألة العصمة‪:‬‬
‫نستطيع أن نرجع أدلتهم العقلية التي يستدلون بها على عصمة المام‬
‫مة كّلها معّرضة للخطأ وال ّ‬
‫ضلل‪ ،‬والعاصم لها‬ ‫ن ال ّ‬
‫إلى أصل واحد‪ ،‬وهو أ ّ‬
‫ضلل هو المام‪.‬‬‫من ال ّ‬
‫ولهذا رتبوا أدلتهم على هذا الساس فقالوا‪ :‬إن المة لبد لها من رئيس‬
‫دده فيلزم‬‫معصوم يسدد خطأها‪ ،‬فلو جاز الخطأ عليه لزم له آخر يس ّ‬
‫الّتسلسل فحينئذ يلزم القول بعصمة المام؛ لن الثقة عندهم بالمام ل‬
‫بالمة‪ ..‬وقالوا بأنه هو الحافظ للشرع‪ ،‬ول اعتماد على الكتاب والسنة‬
‫والجماع بدونه… إلخ ]انظر‪ :‬ابن المطهر‪ /‬كشف المراد‪ :‬ص ‪ ،391-390‬وانظر‪ :‬نهج‬
‫المسترشدين‪ :‬ص ‪ ،63‬وانظر‪ :‬اللفين‪ :‬ص ‪ 56‬وما بعدها‪ ،‬القزويني‪ /‬الشيعة في عقائدهم‪:‬‬
‫ص ‪ ،369-368‬الزنجاني‪ /‬عقائد المامية‪ :‬ص ‪ ،77‬هاشم معروف الحسيني‪ /‬أصول التشيع‪:‬‬
‫ص ‪.[.132-131‬‬
‫مة معصومة بكتاب رّبها وسّنة نبّيها صلى‬ ‫ما‪ ،‬فال ّ‬ ‫والحقيقة غير هذا تما ً‬
‫مة مغنية عن‬ ‫مة على ضللة‪ ،‬وعصمة ال ّ‬ ‫الله عليه وسلم‪ ،‬ول تجمع ال ّ‬
‫عصمة المام‪ ،‬وهذا مما ذكره العلماء في حكمة عصمة المة قالوا‪ :‬لن‬
‫من كان من المم قبلنا كانوا إذا بدلوا دينهم بعث الله نبًيا يبين الحق‪،‬‬
‫وة‪ ،‬فل يمكن‬ ‫مة ل نبي بعد نبّيها‪ ،‬فكانت عصمتها تقوم مقام الّنب ّ‬ ‫وهذه ال ّ‬
‫دله‪،‬‬
‫دين إل أقام الله من يبّين خطأه فيما ب ّ‬ ‫دل شيًئا من ال ّ‬ ‫أحد منهم أن يب ّ‬
‫ن الله – سبحانه – قرن سبيل المؤمنين بطاعة رسوله في قوله‬ ‫ولذلك فإ ّ‬
‫دى‬ ‫ه َ‬ ‫ْ‬
‫ه ال ُ‬ ‫َ‬
‫نل ُ‬ ‫ما ت َب َي ّ َ‬‫د َ‬‫ع ِ‬
‫من ب َ ْ‬‫ل ِ‬ ‫سو َ‬ ‫ق الّر ُ‬ ‫من ي ُ َ‬ ‫– عّز وج ّ‬
‫ق ِ‬‫شا ِ‬ ‫و َ‬
‫ل ‪َ } :-‬‬
‫ت‬‫ساء ْ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬‫هن ّ َ‬‫ج َ‬‫ه َ‬ ‫صل ِ ِ‬ ‫وّلى َ‬
‫ون ُ ْ‬ ‫ما ت َ َ‬ ‫ول ّ ِ‬
‫ه َ‬ ‫ن نُ َ‬ ‫مِني َ‬ ‫م ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫ل ال ْ ُ‬
‫سِبي ِ‬ ‫ع َ‬
‫غي َْر َ‬ ‫وي َت ّب ِ ْ‬
‫َ‬
‫صيًرا{ ]الّنساء‪ ،‬آية‪.[.155 :‬‬ ‫م ِ‬ ‫َ‬
‫فعصمة المة وحفظها من الضلل – كما جاءت بذلك النصوص‬
‫ما من "يوجب عصمة واحد من المسلمين‪ ،‬ويجوز‬ ‫الشرعية – تخالف تما ً‬
‫على مجموع المسلمين – إذا لم يكن فيهم معصوم – الخطأ" ]المنتقى‬
‫)مختصر منهاج السنة(‪ :‬ص ‪.[.410‬‬
‫وكل ما سطروه وملوا به الصفحات من أدلة عقلية تؤكد الحاجة إلى‬
‫معصوم قد تحققت بالرسول صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ولذلك فإن المة ترد‬
‫عند التنازع إلى ما جاء به الرسول من الكتاب والسنة ول ترد إلى المام‬
‫ل{ ]الّنساء‪ ،‬آية‪:‬‬
‫سو ِ‬
‫والّر ُ‬ ‫دوهُ إ َِلى الل ّ ِ‬
‫ه َ‬ ‫ء َ‬
‫فُر ّ‬ ‫ي ٍ‬ ‫في َ‬
‫ش ْ‬ ‫م ِ‬
‫عت ُ ْ‬ ‫} َ‬
‫فِإن ت ََناَز ْ‬
‫‪" .[.59‬قال العلماء‪ :‬إلى كتاب الله‪ ،‬وإلى نبّيه صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فإن‬
‫قبض فإلى سّنته" ]ابن عبد البّر‪ /‬الّتمهيد‪ ،[.4/264 :‬وهي بهدي الكتاب والسنة‬
‫ل تجمع على ضللة؛ لنها لن تخلو من متمسك بهما إلى أن تقوم الساعة‪.‬‬

‫‪456‬‬
‫حي َْنا‬ ‫َ‬
‫و َ‬ ‫ولهذا فإن الحجة على المة قامت بالرسل‪ ،‬قال تعالى‪} :‬إ ِّنا أ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫إ ِل َي ْ َ‬
‫ه{ إلى قوله‪} :‬ل ِئ َل ّ‬ ‫د ِ‬
‫ع ِ‬
‫من ب َ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫والن ّب ِّيي َ‬‫ح َ‬ ‫حي َْنا إ ِلى ُنو ٍ‬
‫و َ‬‫ما أ ْ‬ ‫ك كَ َ‬
‫ل{ ]الّنساء‪ ،‬آية‪ ،[.165:‬ولم‬ ‫س ِ‬ ‫عدَ الّر ُ‬ ‫ة بَ ْ‬
‫ج ٌ‬‫ح ّ‬ ‫ه ُ‬ ‫عَلى الل ّ ِ‬
‫س َ‬‫ن ِللّنا ِ‬ ‫كو َ‬ ‫يَ ُ‬
‫يقل – سبحانه ‪ :-‬والئمة‪ ،‬وهذا يبطل قول من أحوج الخلق إلى غير‬
‫الرسل كالئمة ]انظر‪ :‬ابن تيمية‪ /‬الفتاوى‪.[.19/66 :‬‬
‫مة بدونه ل‬ ‫ن ال ّ‬ ‫كد الحاجة إلى إمام معصوم‪ ،‬وأ ّ‬ ‫وأدّلتهم العقلّية التي تؤ ّ‬
‫دي في الّنهاية إلى إبطال‬ ‫ضا تؤ ّ‬‫إيمان لها ول أمان‪ ،‬هذه الحجج هي أي ً‬
‫قق بهام مقاصد المامة التي‬ ‫متهم لم يتح ّ‬ ‫ن أئ ّ‬ ‫مة عندهم؛ ل ّ‬ ‫عصمة الئ ّ‬
‫دثون عنها‪.‬‬ ‫يتح ّ‬
‫والواقع أّنه يكفي من ذلك انتهاء ظهور المام عندهم منذ سنة )‬
‫ه(‪ ،‬سواء كان لم يوجد أصل ً – كما يقوله أكثر الفرق ال ّ‬
‫شيعّية التي‬ ‫‪‍ 260‬‬
‫وجدت إثر وفاة الحسن‪ ،‬وكما تقوله أسرة الحسن وعلى رأسهم أخوه‬
‫كده علماء الّنسب والّتاريخ‪ ،‬كما سيأتي – أو هو مختف لم‬ ‫جعفر‪ ،‬وكما يؤ ّ‬
‫ن هذا الغائب الموعود أو المعدوم لم‬ ‫يظهر – كما تقوله الثنا عشرّية – فإ ّ‬
‫ينتفع به في دين ول دنيا‪.‬‬
‫وهذه ثلمة ل تسد‪ ،‬وفتق ل يرتق في المذهب الثني عشري ل يبقي ول‬
‫يذر لحججهم وزًنا ول أثًرا‪ ،‬وكذلك أجداده من قبل إذ لم يتول منهم أحد‬
‫ما عدا أمير المؤمنين علي‪ ،‬والحسن قبله تنازله‪ ،‬ولهذا قال أهل العلم‪:‬‬
‫إن دعوى العصمة عندهم ليس عليها دليل إل زعمهم بأن الله لم يخل‬
‫العالم من أئمة معصومين لما في ذلك من المصلحة واللطف‪ ..‬وكذلك‬
‫أجداده المتقدمون لم يحصل بهم المصلحة واللطف الحاصلة من إمام‬
‫معصوم ذي سلطان كما كان النبي صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة‪،‬‬
‫فإنه كان إمام المؤمنين الذي يجب عليهم طاعته‪ ،‬ويحصل بذلك‬
‫سعادتهم‪ ،‬ولم يحصل بعده أحد له سلطان تدعى له العصمة إل علي –‬
‫رضي الله عنه – ومن المعلوم أن المصلحة والّلطف الذي كان المؤمنون‬
‫فيها زمن الخلفاء الّثلثة أعظم من المصلحة والّلطف الذي كان في‬
‫سّنة‪.[.2/104 :‬‬
‫خلفة علي زمن القتل والفتنة والفتراق ]منهاج ال ّ‬
‫أما من دون علي فإنما كان يحصل للناس من علمه ودينه مثل ما‬
‫يحصل من نظرائه‪ ،‬وكان علي بن الحسين وابنه أبو جعفر‪ ،‬وابنه جعفر بن‬
‫محمد يعلمون الناس ما علمهم الله كما علمه علماء زمانهم‪ ،‬وكان في‬
‫زمانهم من هو أعلم منهم وأنفع للمة‪ ،‬وهذا معروف عند أهل العلم‪ ،‬ولو‬
‫قدر أنهم كانوا أعلم وأدين فلم يحصل من أهل العلم والدين ما يحصل‬
‫من ذوي الولية من القوة والسلطان‪ ،‬وإلزام الناس بالحق ومنعهم باليد‬
‫عن الباطل‪.‬‬
‫وأما من بعد الثلثة كالعسكريين فهؤلء لم يظهر عليهم علم تستفيده‬
‫المة‪ ،‬ول كان لهم يد تستعين بها المة؛ بل كانوا كأمثالهم من الهاشميين‬

‫‪457‬‬
‫لهم حرمة ومكانة‪ ،‬وفيهم من معرفة ما يحتاجون إليه في السلم والدين‬
‫ما في أمثالهم‪ ،‬وهو ما يعرفه كثير من عوام المسلمين‪ ..‬ولذلك لم يأخذ‬
‫عنهم أهل العلم كما أخذوا عن أولئك الثلثة ]منهاج السنة‪.[.3/248 :‬‬
‫نقد عام لمبدأ "عصمة الئمة"‪:‬‬
‫ن المعصوم يجب‬ ‫وة‪ ،‬فإ ّ‬ ‫مة تضاهي المشاركة في الّنب ّ‬ ‫دعوى العصمة للئ ّ‬
‫صة‬‫ل ما يقول‪ ،‬ول يجوز أن يخالف في شيء‪ ،‬وهذه خا ّ‬ ‫اّتباعه في ك ّ‬
‫قوُلوا ْ‬ ‫النبياء ولهذا أمرنا أن نؤمن بما أنزل إليهم فقال – تعالى ‪ُ } :-‬‬
‫ل‬‫عي َ‬ ‫ما ِ‬ ‫س َ‬ ‫وإ ِ ْ‬ ‫م َ‬ ‫هي َ‬ ‫ل إ َِلى إ ِب َْرا ِ‬ ‫ز َ‬ ‫ِ‬ ‫ما ُأن‬ ‫و َ‬ ‫ل إ ِل َي َْنا َ‬ ‫ز َ‬ ‫ِ‬ ‫مآ ُأن‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫مّنا ِبالل ّ ِ‬ ‫آ َ‬
‫ما‬ ‫ُ‬ ‫ع ُ‬
‫و َ‬ ‫سى َ‬ ‫عي َ‬ ‫و ِ‬ ‫سى َ‬ ‫مو َ‬ ‫ي ُ‬ ‫ما أوت ِ ََ‬ ‫و َ‬ ‫ط َ‬ ‫سَبا ِ‬ ‫وال ْ‬ ‫ب َ‬ ‫قو َ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫ق َ‬ ‫ح َ‬ ‫س َ‬ ‫وإ ِ ْ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ن‬ ‫ح‬ ‫ن‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫د‬ ‫ح‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ق‬ ‫ر‬ ‫ف‬‫َ‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫من‬ ‫ن‬ ‫يو‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫أو‬ ‫ُ‬
‫ُ ّ ُ َ ْ َ َ ٍ ّ ْ ُ ْ َ َ ْ ُ ُ‬ ‫ّ ّ ِ ْ‬ ‫ّ ِ ّ َ ِ‬ ‫ِ َ‬
‫ن{ ]البقرة‪ ،‬آية‪ [136:‬فأمرنا أن نقول‪ :‬آمنا بما أوتي النبيون‪..‬‬ ‫مو َ‬ ‫سل ِ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫فاليمان بما جاء به النبيون مما أمرنا أن نقوله ونؤمن به‪ ،‬وهذا ما اتفق‬
‫ل ما‬ ‫ما يجب اليمان بك ّ‬ ‫عليه المسلمون‪ ..‬فمن جعل بعد الّرسول معصو ً‬
‫سّنة‪.[.3/174 :‬‬ ‫وة‪ ،‬وإن لم يعطه لفظها ]منهاج ال ّ‬ ‫يقوله فقد أعطاه معنى الّنب ّ‬
‫وهذا مخالف لدين السلم‪ ،‬للكتاب والسنة وإجماع سلف المة وأئمتها‪.‬‬
‫َ‬ ‫ل ُ‬ ‫أما القرآن فقال – سبحانه ‪َ } :-‬‬
‫ر‬‫م ِ‬ ‫وِلي ال ْ‬ ‫وأ ْ‬ ‫سو َ َ‬ ‫عوا ْ الّر ُ‬ ‫طي ُ‬ ‫وأ ِ‬ ‫َ‬
‫ل{‬ ‫سو ِ‬ ‫والّر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫دوهُ إ ِلى الل ِ‬ ‫َ‬ ‫فُر ّ‬ ‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫في َ‬ ‫م ِ‬ ‫عت ُ ْ‬ ‫فِإن ت ََناَز ْ‬ ‫م َ‬ ‫منك ُ ْ‬ ‫ِ‬
‫]الّنساء‪ ،‬آية‪ ،[.59:‬فلم يأمرنا بالرد عند التنازع إل إلى الله والرسول‪ ،‬ولو‬
‫كان للناس معصوم غير الرسول صلى الله عليه وسلم لمرهم بالرد إليه؛‬
‫فدل القرآن أن ل معصوم إل الرسول صلى الله عليه وسلم ]منهاج السنة‪:‬‬
‫‪.[.2/105‬‬
‫ل َ ُ‬
‫ن‬
‫ذي َ‬ ‫ع ال ّ ِ‬ ‫م َ‬‫ك َ‬ ‫وَلقئ ِ َ‬ ‫فأ ْ‬ ‫سو َ‬ ‫والّر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ع الل ّ َ‬ ‫من ي ُطِ ِ‬ ‫و َ‬‫وقال – تعالى ‪َ } :-‬‬
‫ه َ َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫حي َ‬ ‫صال ِ ِ‬ ‫وال ّ‬ ‫داء َ‬ ‫ه َ‬ ‫ش َ‬ ‫وال ّ‬ ‫ن َ‬ ‫قي َ‬ ‫دي ِ‬‫ص ّ‬ ‫وال ّ‬ ‫ن َ‬ ‫ن الن ّب ِّيي َ‬ ‫م َ‬ ‫هم ّ‬ ‫علي ْ ِ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫ع َ‬‫أن ْ َ‬
‫ص الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫ع ِ‬ ‫من ي َ ْ‬ ‫و َ‬ ‫قا{ ]الّنساء‪ ،‬آية‪ ،[.69 :‬وقال‪َ } :‬‬ ‫في ً‬ ‫ك َر ِ‬ ‫ن ُأوَلقئ ِ َ‬ ‫س َ‬ ‫ح ُ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫دا{ ]الجن‪ ،‬آية‪ [.23:‬فدل‬ ‫ب‬‫َ‬ ‫أ‬ ‫ها‬ ‫في‬ ‫ن‬ ‫دي‬ ‫ل‬ ‫خا‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ن‬‫ه‬ ‫ج‬ ‫ر‬ ‫نا‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫ف‬‫َ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫سو‬ ‫ر‬ ‫و‬
‫َ ً‬ ‫ِ ِ َ ِ َ‬ ‫ِ ّ ُ َ َ َ َ ّ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ُ‬
‫القرآن – في غير موضع – على أن من أطاع الرسول كان من أهل‬
‫السعادة‪ ،‬ولم يشترط في ذلك طاعة معصوم آخر‪ ،‬ومن عصى الرسول‬
‫كان من أهل الوعيد وإن قدر أنه أطاع من ظن أنه معصوم‪.‬‬
‫وقد اتفق أهل العلم أهل الكتاب والسنة على أن كل شخص – سوى‬
‫الرسول – فإنه يؤخذ من قوله ويترك إل رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم فإنه يجب تصديقه في كل ما أخبر‪ ،‬واتباعه فيما أمر واجتناب ما‬
‫نهى عنه وزجر‪ ،‬وأل يعبد الله إل بما شرع فإنه المعصوم الذي ل ينطق‬
‫عن الهوى إن هو إل وحي يوحى ]منهاج السنة‪.[.3/175 :‬‬
‫والسنة المطهرة دلت على ذلك‪ ،‬ولكنهم – كما سلف – ل يرجعون إل‬
‫إلى أقوال أئمتهم‪ ،‬وإليك ما ينقض مذهبهم من أقوالهم‪:‬‬

‫‪458‬‬
‫جاء في نهج البلغة – الذي ل تشك الشيعة في كلمة منه – ما يهدم كل‬
‫ما بنوه من دعاوى في عصمة الئمة؛ حيث قال أمير المؤمنين – كما‬
‫يروي صاحب النهج ‪" :-‬ل تخالطوني بالمصانعة‪ ،‬ول تظنوا بي استثقال ً في‬
‫حق قيل لي‪ ،‬ول التماس إعظام النفس‪ ،‬فإنه من استثقل الحق أن يقال‬
‫له أو العدل أن يعرض عليه‪ ،‬كان العمل بهما أثقل عليه‪ ،‬فل تكفوا عن‬
‫مقالة بحق‪ ،‬أو مشهورة بعد‪ ،‬فإّني لست في نفسي بفوق أن أخطئ ول‬
‫آمن ذلك من فعلي" ]نهج البلغة‪ :‬ص ‪.[.335‬‬
‫فأمير المؤمنين يطلب من أصحابه أل يترددوا في إبداء النصيحة‬
‫والمشورة‪ ،‬ول يمنعهم من ذلك المجاملة والمصانعة‪ ،‬أو أن يظن به أنه ل‬
‫ما لنفسه‪ ،‬فإن الحكم الذي ل‬ ‫يقبل الحق إذا قيل له‪ ،‬استثقال ً له وتعظي ً‬
‫يقبل مشورة الرعية ول يرضى أن يقال له‪ :‬أخطأت هو عن العمل بالحق‬
‫والعدل أبعد؛ لن من يثقله استماع النصيحة فهو عن العمل بها أعجز‪ ،‬فل‬
‫تكفوا عن مقالة بحق ول مشورة بعدل فالجماعة أقرب إلى الحق‬
‫والعصمة‪ ،‬والفرد ل يأمن على نفسه الوقوع في الخطأ‪.‬‬
‫دع ما تزعم الشيعة فيه من أنه ل يخطئ بل أكد أنه ل‬
‫فهو هنا لم ي ّ‬
‫يأمن على نفسه من الخطأ‪ ،‬كما لم يعلن استغناءه عن مشورة الرعية‬
‫بل طلب منهم المشورة بالحق والعدل لن المة ل تجتمع على ضللة‪،‬‬
‫وكل فرد لوحده معرض للضللة‪ ،‬فعلم أن دعوى العصمة من مخترعات‬
‫غلة الشيعة‪.‬‬
‫ضا ‪" :-‬لبد ّ للّناس من أمير بّر أو فاجر يعمل‬
‫وجاء في نهج البلغة – أي ً‬
‫سبل‪،‬‬
‫في إمرته المؤمن‪ ،‬ويجمع به الفيء‪ ،‬ويقاتل به العدو‪ ،‬وتأمن به ال ّ‬
‫ضعيف من القوي" ]نهج البلغة‪ :‬ص ‪.[.82‬‬ ‫ويؤخذ به لل ّ‬
‫فأنت ترى أنه لم يشترط العصمة في المير‪ ،‬ولم يشر لها من قريب أو‬
‫بعيد‪ ،‬بل رأى أنه لبد ّ من نصب أمير تناط به مصالح العباد والبلد‪ ،‬ولم‬
‫يقل أنه ل يلي أمر الناس إل إمام معصوم‪ ،‬وكل راية تقوم غير راية‬
‫المعصوم فهي راية جاهلية – كما تقول كتب الشيعة ‪ -‬ولم يحصر المارة‬
‫في الثني عشر المعصومين عند الشيعة ويكفر من تولها من خلفاء‬
‫المسلمين كما تذهب إليه الشيعة‪ ،‬بل رأى ضرورة قيام المام ولو كان‬
‫فاجًرا‪ ،‬وجعل إمارته شرعية بدليل أنه أجاز الجهاد في ظل إمارة الفاجر؛‬
‫فأين هذا مما تقرره الشريعة بمنع الجهاد حتى يخرج المنتظر ]انظر‪ :‬فصل‬
‫الغيبة والمهدية‪ :‬ص ‪ ..[.824‬لن المامة الشرعية محصورة في الثني عشر؟!‬
‫وكان الئمة يعترفون بالذنوب ويستغفرون الله منها‪..‬‬
‫فأمير المؤمنين يقول في دعائه – كما في نهج البلغة ‪" :-‬الّله ّ‬
‫م اغفر‬
‫م اغفر لي ما‬ ‫ي بالمغفرة‪ ،‬الّله ّ‬
‫لي ما أنت أعلم به مّني‪ ،‬فإن عدت فعد عل ّ‬
‫م اغفر لي ما‬ ‫وأيت ]وأيت‪ :‬وعدت‪ [.‬من نفسي ولم تجد له وفاء عندي‪ ،‬الّله ّ‬
‫م اغفر لي رمزات اللحاظ‪،‬‬ ‫تقّربت به إليك بلساني‪ ،‬ثم خالفه قلبي‪ ،‬الّله ّ‬
‫‪459‬‬
‫]نهج البلغة‪ :‬ص‬ ‫وسقطات اللفاظ‪ ،‬وشهوات الجنان‪ ،‬وهفوات الّلسان"‬
‫‪.[.104‬‬
‫فأنت ترى القرار بالذنب‪ ،‬وبالعودة إليه بعد التوبة‪ ،‬والعتراف‬
‫بسقطات اللفاظ وشهوات الجنان‪ ،‬ومخالفة القلب للسان‪ ..‬كل ذلك‬
‫ينفي ما تدعيه الشيعة من العصمة‪ ،‬إذ لو كان علي والئمة معصومين‬
‫لكان استغفارهم من ذنوبهم عبًثا‪ ..‬وكل أئمتهم قد نقلت عنهم كتب‬
‫الشيعة الستغفار إلى الله – سبحانه – من الذنوب والمعاصي‪ ،‬ولو كانوا‬
‫معصومين لما كانت لهم ذنوب‪.‬‬
‫قال أبو عبد الله – كما تروي كتب الشيعة ‪" :-‬إّنا لنذنب ونسيء ثم‬
‫نتوب إلى الله متاًبا" ]بحار النوار‪.[.25/207 :‬‬
‫وكان أبو الحسن )موسى الكاظم( يقول – حسب روايات الشيعة ‪:-‬‬
‫ب عصيتك بلساني ولو شئت وعّزتك لخرستني‪ ،‬وعصيتك ببصري ولو‬ ‫"ر ّ‬
‫شئت لكمهتني ]كمه بصره‪ :‬اعترته ظلمة تطمس عليه‪ ،‬عمى أو صار أعشى )بحار‬
‫النوار‪– 25/203 :‬الهامش‪ ،[.(-‬وعصيتك بسمعي ولو شئت وعّزتك لصممتني‪،‬‬
‫زتك لكنعتني ]كنع يده‪ :‬أشّلها وأيبسها‪) .‬بحار النوار‪:‬‬
‫وعصيتك بيدي ولو شئت وع ّ‬
‫‪-25/203‬الهامش‪ ،[.(-‬وعصيتك بفرجي ولو شئت وعّزتك لعقمتني‪ ،‬وعصيتك‬
‫برجلي ولو شئت وعّزتك لجذمتني‪ ،‬وعصيتك بجميع جوارحي التي أنعمت‬
‫ي ولم يكن هذا جزاك مّني" ]بحار النوار‪.[.25/203 :‬‬
‫بها عل ّ‬
‫ولقد احتار شيوخ الشيعة في توجيه مثل هذه الدعية والتي تتنافى‬
‫ومقرراتهم في العصمة‪.‬‬
‫ولقد نقل لنا أحدهم صورة لهذا التردد حول الحديث السابق فقال‪:‬‬
‫"كنت أفكر في معناه وأقول‪ :‬كيف يتنزل على ما تعتقده الشيعة من‬
‫القول بالعصمة؟ وما اتضح لي ما يدفع التردد الذي يوجبه" ثم يذكر بأنه‬
‫توجه بالسؤال عن هذا إلى شيخهم رضي الدين أبي الحسن علي بن‬
‫موسى بن طاووس العلوي الحسني وذكر له هذا الشكال‪ ،‬فقال ابن‬
‫دين العلقمي سألني عنه فقلت‪ :‬كان يقول‬ ‫ن الوزير مؤّيد ال ّ‬
‫طاووس‪" :‬إ ّ‬
‫هذا ليعلم الّناس"‪ ،‬ويبدو أن ابن العلقمي اقتنع بالجواب ولكن صاحب‬
‫كرت بعد ذلك‬ ‫الشكال استدرك على جواب ابن طاووس وقال‪" :‬إّني ف ّ‬
‫فقلت‪ :‬هذا كان يقوله في سجدته في الّليل وليس عنده من يعّلمه"‪.‬‬
‫يقول‪" :‬ثم خطر ببالي جواب آخر وهو أنه كان يقول ذلك على سبيل‬
‫التواضع"‪.‬‬
‫ولكن لم يقنعه هذا الجواب‪ ..‬واستقر جواب السائل على أن اشتغالهم‬
‫بالمباحات من "المأكل والمشرب والتفرغ إلى النكاح يعدونه ذنًبا‪،‬‬
‫ويعتقدونه خطيئة ويستغفرون الله منه"‪ .‬ويذكر أن هذا هو الجواب الذي‬
‫ل شيء بعده ويتمنى حياة ابن العلقمي ليهديه إليه ويكشف حيرته به‬
‫]بحار النوار‪.[.205-25/203 :‬‬
‫‪460‬‬
‫وهذا الجواب الذي يرى أنه هو الكاشف لهذه المعضلة عندهم ل يتفق‬
‫وشريعة السلم التي تنهى عن تحريم ما أحل الله وترفض الرهبانية‬
‫ن‬
‫م َ‬
‫ت ِ‬‫وال ْطّي َّبا ِ‬
‫ه َ‬
‫عَباِد ِ‬
‫ج لِ ِ‬ ‫ي أَ ْ‬
‫خَر َ‬ ‫ه ال ّت ِ َ‬
‫ة الل ّ ِ‬
‫زين َ َ‬
‫م ِ‬
‫حّر َ‬
‫ن َ‬
‫م ْ‬
‫ل َ‬ ‫} ُ‬
‫ق ْ‬
‫ق{ ]العراف‪ ،‬آية‪.[.32 :‬‬ ‫الّرْز ِ‬
‫وكيف يعد الئمة هذه المور ذنوًبا‪ ،‬كيف يجعلون النكاح الذي هو من‬
‫شرائع السلم ذنًبا يستغفرون الله منه‪ ،‬والله – سبحانه – يقول‪:‬‬
‫ساء{ ]النساء‪ ،‬آية‪ .[.3 :‬ويعتبرون الكل‬ ‫ن الن ّ َ‬‫م َ‬
‫كم ّ‬ ‫ب لَ ُ‬ ‫ما َ‬
‫طا َ‬ ‫حوا ْ َ‬ ‫} َ‬
‫فانك ِ ُ‬
‫قَناك ُ ْ‬
‫م{‬ ‫ما َرَز ْ‬ ‫من طَي َّبا ِ‬
‫ت َ‬ ‫والشرب معاصي والله يقول‪} :‬ك ُُلوا ْ ِ‬
‫]العراف‪ ،‬آية‪ ،160:‬طه‪ ،‬آية‪.[.81:‬‬
‫ولكن الجواب الذي يكشف هذه المعضلة‪ ،‬ويتفق مع واقع الئمة‬
‫وشرائع السلم هو بطلن دعوى العصمة بالصورة التي تراها الشيعة وأن‬
‫الئمة ليسوا بمعصومين من الخطأ والعصيان‪ ،‬وهذا كما يتفق مع‬
‫النصوص الشرعية ينسجم مع واقع الئمة‪ ،‬وبه تتحقق إمكانية القدوة‪.‬‬
‫ولهذا فإن أنبياء الله – سبحانه – كانوا كسائر البشر يأكلون الطعام‬
‫ويمشون في السواق‪ ..‬ويسعون في نشر الدعوة‪ ،‬ويعانون من أذى‬
‫قومهم‪ ،‬ومن تكاليف الجهاد‪ ،‬كل ذلك لتتحقق بهم القدوة‪ ،‬وليكونوا لمن‬
‫بعدهم أسوة‪.‬‬
‫وأمر آخر يبطل دعوى العصمة ومن كتب الشيعة نفسها؛ ذلك هو‬
‫الختلف والّتناقض حيال بعض المواقف والمسائل‪ ،‬وأعمال المعصومين‬
‫ضا ويشهد بعضها لبعض‪..‬‬
‫ل تتناقض ول تختلف بل يصدق بعضها بع ً‬
‫والختلف ناقض للعصمة التي هي شرط للمامة عندهم‪ ،‬وهو ناقض‬
‫بالتالي لصل المامة نفسها‪ ،‬ولذلك فإن ظاهرة الختلف في أعمال‬
‫الئمة كانت سبًبا مباشًرا لخروج بعض الشيعة من نطاق التشيع حيث‬
‫رابهم أمر هذا التناقض‪.‬‬
‫ومن أمثلة ذلك ما يذكره القمي والنوبختي من أنه بعد قتل الحسين‬
‫حارت فرقة من أصحابه وقالت‪ :‬قد اختلف علينا فعل الحسن وفعل‬
‫قا واجًبا صواًبا من موادعته‬
‫الحسين‪ ،‬لنه إن كان الذي فعله الحسن ح ً‬
‫معاوية وتسليمه له عند عجزه عن القيام بمحاربته مع كثرة أنصار الحسن‬
‫وقوتهم ‪ -‬فما فعله الحسين من محاربته يزيد بن معاوية مع قلة أنصار‬
‫الحسين وضعفهم‪ ،‬وكثرة أصحاب يزيد حتى ُقتل وُقتل أصحابه جميًعا‬
‫باطل غير واجب‪ ،‬لن الحسين كان أعذر في القعود من محاربة يزيد‬
‫وطلب الصلح والموادعة من الحسن في القعود عن محاربة معاوية‪ ،‬وإن‬
‫قا واجًبا صواًبا من مجاهدته يزيد حتى قتل ولده‬ ‫كان ما فعله الحسين ح ً‬
‫وأصحابه‪ ،‬فقعود الحسن وتركه مجاهدة معاوية وقتاله ومعه العدد الكثير‬
‫باطل‪ ،‬فشكوا في إمامتهما ورجعوا فدخلوا في مقالة العوام" ]القمي‪/‬‬
‫المقالت والفرق‪ :‬ص ‪ ،25‬النوبختي‪ /‬فرق الشيعة‪ :‬ص ‪.[.26-25‬‬

‫‪461‬‬
‫مة فهو باب واسع‪،‬‬
‫أما المثلة على الختلف والّتناقض في أقوال الئ ّ‬
‫وكان هو الخر من أسباب انصراف بعض الشيعة من التشيع‪ ،‬وقد شهد‬
‫ن أخبارهم متناقضة متباينة مختلفة‬ ‫طوسي وقال بأ ّ‬ ‫طائفة ال ّ‬
‫بذلك شيخ ال ّ‬
‫ده‪ ،‬ول رواية إل ويوجد ما يخالفها‪ ،‬وعد ّ‬ ‫حتى ل يوجد خبر إل بإزائه ما يضا ّ‬
‫شيعي‪ ،‬ومن أسباب مفارقة بعض‬ ‫طعون على المذهب ال ّ‬ ‫ذلك من أعظم ال ّ‬
‫شيعة للمذهب ]انظر‪ :‬ص ‪ 361‬من هذه الّرسالة‪.[.‬‬ ‫ال ّ‬
‫وكتابا التهذيب والستبصار – وهما المصدران المعتمدان من المصادر‬
‫الربعة عند الشيعة – يشهدان بهذا التناقض والختلف عبر رواياتهما‬
‫الكثيرة‪ ،‬وقد حاول الطوسي درء هذا الختلف ومعالجة هذا التناقض‬
‫بحمله على التقية فما أفلح إذ زاد الطين بلة‪.‬‬
‫شيعة عقيدة الّتقية والبداء لتغطية هذا الختلف في أخبار‬ ‫وقد أوجد ال ّ‬
‫ة وأعمالهم‪ ..‬فاكتشف بعض الشيعة هذه المحاولة‪ ،‬وعرف سبب‬ ‫الئم ّ‬
‫وضع هاتين العقيدتين‪ ،‬فترك التشيع وقال‪ :‬إن أئمة الرافضة وضعوا‬
‫دا‪ ،‬وهما‬
‫لشيعتهم مقالتين ل يظهرون معهما من أئمتهم على كذب أب ً‬
‫القول بالبداء وإجازة التقية ]المقالت والفرق‪ :‬ص ‪ ،78‬فرق الشيعة‪ :‬ص ‪،56-55‬‬
‫والقائل هو‪ :‬سليمان بن جرير الذي تنسب له طائفة السليمانية من الزيدية‪.[.‬‬
‫وتنقل كتب الشيعة أن المام في مجلس واحد وفي مسألة واحدة‬
‫يجيب بثلثة أجوبة مختلفة متباينة‪ ،‬ويحيل ذلك على التقية‪ ،‬أو على حرية‬
‫المام في الفتوى وأن له أن يجيب على الزيادة والنقصان‪.‬‬
‫وقد ذهب رجل من الشيعة يدعى عمر بن رياح ليسأل إمامه‪ ،‬فلما‬
‫أفتاه عاد إليه من قابل فسأله عن نفس المسألة فأفتاه بخلف الجواب‬
‫الول فاستنكر ذلك وقال‪ :‬هذا خلف ما أجبتني في هذه المسألة العام‬
‫الماضي‪ ،‬فقال له‪) :‬أي المام(‪ :‬إن جوابنا خرج على التقية‪ ،‬فتشكك في‬
‫أمره وإمامته‪ .‬ثم خرج من عنده ولقي أحد الشيعة )ويدعى محمد بن‬
‫قيس( وقص عليه ما حدث وقال له‪ :‬وقد علم الله أني ما سألته عنها إل‬
‫وأنا صحيح العزم على التدين بما يفتيني به وقوله في العمل به‪ ،‬فل وجه‬
‫لتقائه إياي وهذه حالي‪ ،‬فقال له محمد بن قيس‪ :‬فلعله حضرك من‬
‫اتقاه؟ فقال‪ :‬ما حضر مجلسه في واحدة من المسألتين غيري ولكن‬
‫جوابيه جميًعا خرجا على وجه التبخيت – كذا – ولم يحفظ ما أجاب به في‬
‫ما من‬ ‫العام المضي فيجيب بمثله‪ ،‬فرجع عن إمامته وقال‪ :‬ل يكون إما ً‬
‫يفتي بالباطل ]فرق الشيعة‪ :‬ص ‪.[.61-59‬‬
‫وقد روى الكليني عن زرارة بن أعين عن أبي جعفر – رضي الله عنه –‬
‫قال )زرارة(‪" :‬سألته عن مسألة فأجابني‪ ،‬ثم جاءه رجل فسأله عنها‬
‫فأجابه بخلف ما أجابني‪ ،‬ثم جاءه رجل فسأله عنها فأجابه بخلف ما‬
‫أجابني وأجاب صاحبي‪ ،‬فلما خرج الرجلن قلت‪ :‬يا ابن رسول الله‪،‬‬
‫رجلن من أهل العراق من شيعتكم قدما يسألن فأجبت كل واحد منهما‬

‫‪462‬‬
‫بغير ما أجبت صاحبيه؟ فقال‪ :‬يا زرارة إن هذا خير لنا ولكم‪ ،‬ولو اجتمعتم‬
‫على أمر واحد لصدقكم الناس علينا ولكان أقل لبقائنا وبقائكم" ]أصول‬
‫الكافي‪.[.1/65 :‬‬
‫وأحياًنا يفتي في تفسير آية من كتاب الله بثلثة أجوبة مختلفة متباينة‪،‬‬
‫ويزعم أن هذا قد فوض إليه‪ ،‬يقولون فيه ما يشاؤون ]انظر‪ :‬أصول الكافي‪:‬‬
‫‪.[.266-1/265‬‬
‫فأنت ترى اختلف الجواب في مسألة واحدة وفي مجلس واحد‪،‬‬
‫والختلف ينفي دعوى العصمة‪ ..‬هذا بحسب المنطق الشيعي‪ ،‬وإل فإن‬
‫شيًئا من ذلك لم يحدث من أبي جعفر محمد الباقر‪ ،‬فدينه وعلمه وورعه‬
‫ينفي أن يفتي في دين الله بالكذب خوًفا وتقية‪ ،‬ولكن هذه الرواية‬
‫وأمثالها هي حيلة ممن اخترع عقيدة العصمة والغلو في الئمة لستر‬
‫ضا –‬
‫الخلف والتناقص الحاصل في روايتهم والتي هي في الغالب – أي ً‬
‫من صنع أيديهم‪ ،‬فيحصل فيها من التناقض ما يليق بجهلهم‪.‬‬
‫ثم إن المعصوم الذي يدعون اتباعه لم يعصمهم من الخلف في أصل‬
‫الدين عندهم وأساسه وهو المامة؛ فتجدهم مختلفين متنابذين متلعنين‬
‫ضا لختلفهم في عدد الئمة‪ ،‬وفي تحديد أعيانهم‪ ،‬وفي‬ ‫يكفر بعضهم بع ً‬
‫الوقف وانتظار عودة المام‪ ،‬أو المضي إلى إمام آخر‪ ..‬هذا عدا الروايات‬
‫المختلفة المتناقضة في الكثير من أمور الدين – أصوله وفروعه – فما‬
‫منعت العصمة المزعومة أهل الطائفة من الختلف‪ ..‬وعدم وجود أثرها‬
‫يدل على انعدام أصلها‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬وقد يكون مبدأ العصمة ورثته الشيعة عن المذهب المجوسي‪،‬‬
‫ذلك أن المجوس تدعي في منتظرهم الذي ينتظرون وأصحابه أنهم ل‬
‫يكذبون‪ ،‬ول يعصون الله‪ ،‬ول يقع منهم خطيئة صغيرة ول كبيرة ]تثبيت‬
‫دلئل النبوة‪.[.1/179 :‬‬
‫وقد يقال بأن اعتقادهم في عصمة الئمة أمر ل يؤثر اليوم لن الئمة‬
‫ه‪ ..‬ولم يبق إل النتظار للغائب‬
‫قد انتهى وجودهم الفعلي منذ عام ‪‍ 260‬‬
‫الموعود‪.‬‬
‫وأقول‪ :‬إن هذه العقيدة لها آثارها اليوم في واقع الشيعة‪ ،‬ويتمثل ذلك‬
‫في جوانب منها‪:‬‬
‫أو ً‬
‫ل‪ :‬علمهم بما يؤثر عن الئمة الثني عشر كما يعلم سائر المسلمين‬
‫بالقرآن والسنة‪.‬‬
‫ثانًيا‪ :‬غلوهم في قبورهم وأضرحتهم؛ فالغلو في عصمتهم إلى حد‬
‫وصفهم بصفات اللوهية تحول إلى غلو في قبورهم ومشاهدهم فيطاف‬
‫بها وتدعى من دون الله سبحانه‪.‬‬

‫‪463‬‬
‫ثالًثا‪ :‬أن المجتهد الشيعي أصبح له شيء من هذه الصفة‪ ،‬فهم يرون أن‬
‫الراد عليه كالراد على الله‪ ،‬وهو على حد الشرك بالله ]سيأتي – إن شاء الله‬
‫– ذكر بعض نصوصهم في ذلك في فصل الغيبة‪ ،[.‬وهذا من الخطورة بمكان؛ لن‬
‫آيات الشيعة اليوم هم الذين يقودون الحكم في دولة الشيعة‪ ..‬فينفذ‬
‫الشعب تعاليمهم على أنها من شرع الله‪ ،‬ول يعترض عليهم خشية الوقوع‬
‫في الشرك‪.‬‬
‫رابًعا‪ :‬حمل هذا العتقاد الفاسد والدينونة به‪.‬‬

‫الفصل الثالث‬
‫ذرته‪) ،‬لسان العرب‬ ‫ح ِ‬
‫ة وتقاء‪َ :‬‬
‫قي ّ ً‬
‫قى وت َ ِ‬
‫قيه وأّتقيه ت َ‬
‫قيُته أت ِ‬
‫ت الشيء‪ ،‬وت َ َ‬ ‫التقية ]ات ّ َ‬
‫قي ْ ُ‬
‫مادة‪ :‬وقي(‪ .‬ولهذا قال ابن حجر‪ :‬التقية‪ :‬الحذر من إظهار ما في النفس من معتقد وغيره‬
‫للغير )فتح الباري‪ ،(12/314 :‬وهذا يعني الكتمان‪ ،‬وقد يضطر لظهار خلف ما في النفس‬
‫بلسانه‪ ،‬قال ابن عباس‪" :‬التقية باللسان‪ ،‬والقلب مطمئن باليمان" وقال أبو عالية‪ :‬التقية‬
‫باللسان وليس بالعمل )تفسير الطبري‪ ،315-6/314 :‬تحيق شاكر‪ ،‬فتح الباري‪:‬‬
‫‪.(12/314‬‬
‫فالتقية‪ :‬إظهار خلف ما في الباطن )انظر‪ :‬النهاية لبن الثير‪ ،(1/193 :‬وأكثر العرب‬
‫ة{ ]آل عمران‪،‬‬ ‫م تُ َ‬
‫قا ً‬ ‫ه ْ‬
‫من ْ ُ‬ ‫ينطقون التقّية »تقاة«‪ ،‬ولهذا جاء في القرآن‪} :‬إ ِل ّ َأن ت َت ّ ُ‬
‫قوا ْ ِ‬
‫آية‪ .[28 :‬وإن كان نطقها تقية صواًبا كما قال الفراء‪ ،‬وقد قرئ‪" :‬تقية" )انظر‪ :‬معاني‬
‫القرآن للفراء ص ‪ ،205‬تفسير الطبري‪[.(6/317 :‬‬
‫تعريفها‪:‬‬
‫يعرف المفيد التقية عندهم بقوله‪" :‬التقية كتمان الحق‪ ،‬وستر العتقاد‬
‫فيه‪ ،‬وكتمان المخالفين‪ ،‬وترك مظاهرتهم بما يعقب ضرًرا في الدين أو‬
‫الدنيا" ]شرح عقائد الصدوق‪ :‬ص ‪) 261‬ملحق بكتاب أوائل المقالت(‪.[.‬‬
‫فالمفيد يعرف التقية بأنها الكتمان للعتقاد خشية الضرر من المخالفين‬
‫– وهم أهل السنة كما هو الغالب في إطلق هذا اللفظ عندهم – أي هي‬
‫ل(‪ ،‬وكتمان مذهب الرافضة‬ ‫إظهار مذهب أهل السنة )الذي يرونه باط ً‬
‫الذي يرونه هو الحق‪ ،‬من هنا يرى بعض أهل السنة‪ :‬أن أصحاب هذه‬
‫العقيدة هم شر من المنافقين؛ لن المنافقين يعتقدون أن ما يبطنون من‬
‫كفر هو باطل‪ ،‬ويتظاهرون بالسلم خوًفا‪ ،‬وأما هؤلء فيرون أن ما‬
‫يبطنون هو الحق‪ ،‬وأن طريقتهم هي منهج الرسل والئمة ]ابن تيمية‪ :‬رسالة‬
‫في علم الظاهر والباطن‪ ،‬ضمن مجموعة الرسائل المنيرية‪.[.1/248 :‬‬
‫والتقية في السلم غالًبا إنما هي مع الكفار‪ ،‬قال تعالى‪} :‬إ ِل ّ َأن‬
‫ة{ ]آل عمران‪ ،‬آية‪ .[.28:‬قال ابن جرير الطبري‪" :‬التقية‬ ‫م تُ َ‬
‫قا ً‬ ‫ه ْ‬ ‫قوا ْ ِ‬
‫من ْ ُ‬ ‫ت َت ّ ُ‬
‫التي ذكرها الله في هذه الية إنما هي تقية من الكفار ل من غيرهم"‬
‫]تفسير الطبري‪) 6/316 :‬تحقيق شاكر(‪.[.‬‬

‫‪464‬‬
‫ولهذا يرى بعض السلف أنه ل تقية بعد أن أعز الله السلم‪ ،‬قال معاذ‬
‫بن جبل‪ ،‬ومجاهد‪ :‬كانت التقية في جدة السلم قبل قوة المسلمين‪ ،‬أما‬
‫اليوم فقد أعز الله المسلمين أ يتقوا منهم تقاة ]انظر‪ :‬تفسير القرطبي‪:‬‬
‫‪ ،4/57‬فتح القدير للشوكاني‪.[.1/331 :‬‬
‫ولكن تقية الشيعة هي مع المسلمين ولسيما أهل السنة حتى إنهم‬
‫يرون عصر القرون المفضلة عهد تقية كما قرره شيخهم المفيد ]مضى نص‬
‫قوله ص‪ ،[.(44-43) :‬وكما تلحظ ذلك في نصوصهم التي ينسبونها للئمة؛‬
‫لنهم يرون أهل السنة أشد كفًرا من اليهود والنصارى؛ لن منكر إمامة‬
‫الثني عشر أشد من منكر النبوة ]انظر‪ :‬ص)‪ (714‬من هذا الكتاب‪.[.‬‬
‫والتقية رخصة في حالة الضطرار‪ ،‬ولذلك استثناها الله – سبحانه – من‬
‫ن‬
‫مُنو َ‬‫ؤ ِ‬‫م ْ‬‫ذ ال ْ ُ‬‫خ ِ‬ ‫مبدأ النهي عن موالة الكفار فقال – سبحانه ‪} :-‬ل ّ ي َت ّ ِ‬
‫َ‬
‫ن‬‫م َ‬
‫س ِ‬ ‫فل َي ْ َ‬
‫ك َ‬ ‫ل ذَل ِ َ‬ ‫ع ْ‬ ‫من ي َ ْ‬
‫ف َ‬ ‫و َ‬
‫ن َ‬ ‫مِني َ‬‫ؤ ِ‬‫م ْ‬‫ن ال ْ ُ‬‫و ِ‬ ‫من دُ ْ‬ ‫ول َِياء ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ري َ‬‫ِ‬ ‫ف‬
‫كا ِ‬‫ال ْ َ‬
‫ه‬
‫س ُ‬‫ف َ‬‫ه نَ ْ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫حذُّرك ُ ُ‬ ‫وي ُ َ‬
‫قاةً َ‬ ‫م تُ َ‬
‫ه ْ‬
‫من ْ ُ‬‫قوا ْ ِ‬ ‫ء إ ِل ّ َأن ت َت ّ ُ‬‫ي ٍ‬‫ش ْ‬ ‫في َ‬ ‫ه ِ‬‫الل ّ ِ‬
‫صيُر{ ]آل عمران‪ ،‬آية‪.[.28 :‬‬ ‫م ِ‬ ‫ه ال ْ َ‬ ‫وإ َِلى الل ّ ِ‬ ‫َ‬
‫فنهى الله – سبحانه – عن موالة الكفار‪ ،‬وتوعد على ذلك أبلغ الوعيد‬
‫ء{ أي ومن‬ ‫ي ٍ‬
‫ْ‬ ‫في َ‬
‫ش‬ ‫ه ِ‬‫ن الل ّ ِ‬
‫م َ‬ ‫فل َي ْ َ‬
‫س ِ‬ ‫ل ذَل ِ َ‬
‫ك َ‬ ‫ع ْ‬ ‫من ي َ ْ‬
‫ف َ‬ ‫و َ‬‫فقال‪َ } :‬‬
‫َ‬
‫يرتكب نهي الله في هذا فقد برئ من الله‪ ،‬ثم قال – سبحانه ‪} :-‬إ ِل ّ أن‬
‫ة{ أي‪ :‬إل من خاف في بعض البلدان والوقات من‬ ‫قا ً‬‫م تُ َ‬
‫ه ْ‬ ‫قوا ْ ِ‬
‫من ْ ُ‬ ‫ت َت ّ ُ‬
‫شرهم فله أن يتقيهم بظاهره ل بباطنه ونيته ]تفسير ابن كثير‪ ،1/371 :‬وراجع‬
‫في هذا المعنى كتب التفسير عند آيتي‪ :‬آل عمران‪ ،‬آية‪ ،28 :‬والنحل‪ ،‬آية‪.[.106:‬‬
‫وأجمع أهل العلم على أن التقية رخصة في حال الضرورة‪ ،‬قال ابن‬
‫المنذر‪" :‬أجمعوا على أن من أكره على الكفر حتى خشي على نفسه‬
‫القتل فكفر وقلبه مطمئن باليمان أنه ل يحكم عليه بالكفر" ]فتح الباري‪:‬‬
‫‪.[.12/314‬‬
‫ولكن من اختار العزيمة في هذا المقام فهو أفضل‪ ،‬قال ابن بطال‪:‬‬
‫"وأجمعوا على أن من أكره على الكفر واختار القتل أنه أعظم أجًرا عند‬
‫الله" ]فتح الباري‪ .[.12/317 :‬ولكن التقية التي عند الشيعة خلف ذلك‪ ،‬فهي‬
‫عندهم ليست رخصة بل هي ركن من أركان دينهم كالصلة أو أعظم‪،‬‬
‫قال ابن بابويه‪" :‬اعتقادنا في التقية أنها واجبة‪ ،‬من تركها بمنزلة من ترك‬
‫الصلة" ]العتقادات‪ :‬ص ‪.[.114‬‬
‫قال الصادق‪" :‬لو قلت أن تارك التقية كتارك الصلة لكنت صاد ً‬
‫قا" ]ابن‬
‫إدريس‪ /‬السرائر‪ :‬ص ‪ ،479‬ابن بابويه‪ /‬من ل يحضره الفقيه‪ ،2/80 :‬جامع الخبار‪ :‬ص‬
‫‪ ،110‬الحر العاملي‪ /‬وسائل الشيعة‪ ،7/94 :‬بحار النوار‪.[.75/412،414 :‬‬
‫بل نسبوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‪" :‬تارك التقية كتارك‬
‫الصلة" ]جامع الخبار‪ :‬ص ‪ ،110‬بحار النوار‪ [.412-75 :‬ثم زادوا في درجة التقية‬
‫فجعلوها "تسعة أعشار الدين"‪.‬‬
‫‪465‬‬
‫ثم لم يكفهم ذلك فجعلوها هي الدين كله ول دين لمن ل تقية له‪ ،‬جاء‬
‫في أصول الكافي وغيره أن جعفر بن محمد قال‪" :‬إن تسعة أعشار‬
‫الدين في التقية ول دين لمن ل تقية له" ]أصول الكافي‪ ،2/217 :‬البرقي‪/‬‬
‫المحاسن‪ :‬ص ‪ ،259‬الحر العاملي‪ /‬وسائل الشيعة‪ ،11/460 :‬المجلسي‪ /‬بحار النوار‪:‬‬
‫‪.[.75/423‬‬
‫دوا ترك التقية ذنًبا ل يغفر على حد الشرك بالله‪ ،‬قالت أخبارهم‪:‬‬ ‫وع ّ‬
‫"يغفر الله للمؤمن كل ذنب‪ ،‬يظهر منه في الدنيا والخرة‪ ،‬ما خل ذنبين‪:‬‬
‫ترك التقية‪ ،‬وتضييع حقوق الخوان" ]تفسير الحسن العسكري‪ :‬ص ‪ ،130‬وسائل‬
‫الشيعة‪ ،11/474 :‬بحار النوار‪.[.75/415 :‬‬
‫ما في‬ ‫جا عا ً‬
‫والتقية في دين السلم دين الجهاد والدعوة‪ ،‬ل تمثل نه ً‬
‫سلوك المسلم‪ ،‬ول سمة من سمات المجتمع السلمي‪ ،‬بل هي – غالًبا –‬
‫حالة فردية مؤقتة‪ ،‬مقرونة بالضطرار‪ ،‬مرتبطة بالعجز عن الهجرة‪،‬‬
‫وتزول بزوال حالة الكراه‪.‬‬
‫ولكنها في المذهب الشيعي تعد طبيعة ذاتية في بنية المذهب‪ ،‬يقول‬
‫أبو عبد الله‪" :‬إنكم على دين من كتمه أعزه الله‪ ،‬ومن أذاعه أذله الله"‬
‫]أصول الكافي‪ ،[.1/222 :‬وقال‪ .." :‬أبى الله – عز وجل – لنا ولكم في دينه‬
‫إل التقية" ]أصول الكافي‪.[.2/218 :‬‬
‫والتقية عندهم حالة مستمرة‪ ،‬وسلوك جماعي دائم‪ ،‬قال ابن بابويه في‬
‫كتابه "العتقادات" المسمى دين المامية‪" :‬والتقية واجبة ل يجوز رفعها‬
‫إلى أن يخرج القائم‪ ،‬فمن تركها قبل خروجه فقد خرج عن دين الله –‬
‫تعالى – وعن دين المامية وخالف الله ورسوله والئمة" ]العتقادات‪ :‬ص‬
‫‪.[.115-114‬‬
‫وروت كتب الشيعة عن علي بن موسى الرضا – عليه السلم – قال‪:‬‬
‫"ل إيمان لمن ل تقية له‪ ،‬وإن أكرمكم عند الله أعملكم بالتقية" ]وكأنهم‬
‫م{ ]الحجرات‪..[.[13 :‬‬ ‫ه أ َت ْ َ‬
‫قاك ُ ْ‬ ‫عندَ الل ّ ِ‬ ‫مك ُ ْ‬
‫م ِ‬ ‫َ‬
‫ن أك َْر َ‬
‫يفسرون قوله – سبحانه ‪} :-‬إ ِ ّ‬
‫فقيل له‪ :‬يا ابن رسول الله إلى متى؟ قال‪" :‬إلى يوم الوقت المعلوم وهو‬
‫يوم خروج قائمنا‪ ،‬فمن ترك التقية قبل خروج قائمنا فليس منا" ]ابن‬
‫بابويه‪ /‬إكمال الدين‪ :‬ص ‪ ،355‬الطبرسي‪ /‬أعلم الورى‪ :‬ص ‪ ،408‬أبو القاسم الرازي‪/‬‬
‫كفاية الثر‪ :‬ص ‪ ،323‬وسائل الشيعة‪ ،466 ،11/465 :‬وانظر في هذا المعنى‪ :‬جامع‬
‫الخبار‪ :‬ص ‪ ،110‬وبحار النوار‪.[.75/412 :‬‬
‫والتقية ملزمة للشيعي في كل ديار المسلمين حتى إنهم يسمون دار‬
‫السلم "دار التقية"‪ ،‬جاء في رواياتهم‪ .." :‬والتقية في دار التقية واجبة"‬
‫]جامع الخبار‪ :‬ص ‪ ،110‬بحار النوار‪.[.75/411:‬‬
‫ويسمونها "دولة الباطل"‪ .‬قالوا‪" :‬من كان يؤمن بالله واليوم الخر فل‬
‫يتكلم في دولة الباطل إل بالتقية" ]جامع الخبار‪ :‬ص ‪ ،110‬بحار النوار‪:‬‬
‫‪.[.75/412‬‬

‫‪466‬‬
‫ويسمونها‪" :‬دولة الظالمين" قالوا‪" :‬التقية فريضة واجبة علينا في دولة‬
‫الظالمين‪ ،‬فمن تركها فقد خالف دين المامية وفارقه" ]بحار النوار‪:‬‬
‫‪.[.75/421‬‬
‫ويؤكدون على أن تكون عشرة الشيعة مع أهل السنة التقية‪ ،‬وقد ترجم‬
‫لذلك الحر العاملي فقال‪" :‬باب وجوب عشرة العامة )أهل السنة(‬
‫بالتقية" ]وسائل الشيعة‪.[.11/470 :‬‬
‫ونسبوا لبي عبد الله أنه قال‪" :‬من صلى معهم في الصف الول فكأنما‬
‫صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصف الول" ]بحار النوار‪:‬‬
‫باب التقية‪ [.75/421 :‬وقال‪" :‬من صلى خلف المنافقين بتقية كان كمن‬
‫صلى خلف الئمة" ]جامع الخبار‪ :‬ص ‪ ،110‬بحار النوار‪.[.75/412:‬‬
‫وقال صاحب كشف الغطاء‪" :‬التقية إذا وجبت فمتى أتي بالعبادة على‬
‫خلفها بطلت‪ ،‬وقد ورد فيها الحث العظيم‪ ،‬وأنها من دين آل محمد‪ ،‬ومن‬
‫ل تقية له ل إيمان له" ]جعفر النجفي‪ /‬كشف الغطاء‪ :‬ص ‪.[.61‬‬
‫بل إن التقية تجري حتى وإن لم يوجد ما يبررها‪ ،‬فأخبارهم تحث‬
‫الشيعي على استعمال التقية مع من يأمن جانبه حتى تصبح له سجية‬
‫وطبيعة فيمكنه التعامل بها حينئذ مع من يحذره ويخافه بدون تكلف ول‬
‫تصنع‪ ،‬فقد روت كتبهم‪" :‬عليكم بالتقية فإنه ليس منا من لم يجعلها‬
‫شعاره ودثاره مع من يأمنه‪ ،‬لتكون سجيته مع من يحذره" ]أمالي الطوسي‪:‬‬
‫‪ ،1/199‬وسائل الشيعة‪ ،11/466 :‬بحار النوار‪.[.75/395 :‬‬
‫ولن التقية ل تعني – بهذه الصورة – سوى الكذب والنفاق‪ ،‬وهو مما‬
‫تكرهه الفطرة السليمة وتمجه النفوس السوية ول تقبله العقول‪ ،‬حاولت‬
‫روايات الشيعة أن تحببها للتباع‪ ،‬وتغريهم بالتزامها؛ فزعموا أنها عبادة‬
‫لله‪ ،‬بل هي أحب العبادات إليه‪ ،‬روى الكليني‪ .." :‬عن هشام الكندي قال‪:‬‬
‫سمعت أبا عبد الله يقول‪ :‬والله ما عبد الله بشيء أحب إليه من الخبء‪،‬‬
‫فقلت‪ :‬ما الخبء؟ قال‪ :‬التقية" ]أصول الكافي‪ ،2/219 :‬وانظر‪ :‬ابن بابويه‪ /‬معاني‬
‫الخبار‪ :‬ص ‪ ،162‬وسائل الشيعة‪.[.11/462 :‬‬
‫وجاء في الكافي وغيره‪ .." :‬عن محمد بن مروان عن أبي عبد الله –‬
‫رضي الله عنه – قال‪ :‬كان أبي – عليه السلم – يقول‪ :‬وأي شيء أقر‬
‫لعيني من التقية" ]أصول الكافي‪ ،[.2/220 :‬وفي رواية‪" :‬ما خلق الله شيًئا‬
‫أقر لعين أبيك من التقية" ]ابن بابويه‪ /‬الخصال‪ :‬ص ‪ ،22‬جامع الخبار‪ :‬ص ‪،110‬‬
‫البرقي‪ /‬المحاسن‪ :‬ص ‪ ،258‬الحر العاملي‪ /‬وسائل الشيعة‪ ،464 ،11/460 :‬بحار النوار‪:‬‬
‫‪.[.75/394‬‬
‫هذه هي معالم التقية عند الشيعة الثني عشرية‪ ،‬وقد ذكر صاحب‬
‫الكافي أخبارها في "باب التقية" ]أصول الكافي‪ ،[.2/217 :‬و"باب الكتمان"‬
‫]أصول الكافي‪ [.2/221 :‬و"باب الذاعة" ]أصول الكافي‪.[.2/369 :‬‬

‫‪467‬‬
‫وذكر المجلسي في بحاره من رواياتهم فيها مائة وتسع روايات في‬
‫باب عقده بعنوان "باب التقية والمداراة" ]بحار النوار‪.[.443-75/393 :‬‬
‫أما سبب هذا الغلو في أمر التقية فيعود إلى عدة أمور منها‪:‬‬
‫أو ً‬
‫ل‪ :‬أن الشيعة تعد إمامة الخلفاء الثلثة باطلة‪ ،‬وهم ومن بايعهم في‬
‫عداد الكفار‪ ،‬مع أن علًيا بايعهم‪ ،‬وصلى خلفهم‪ ،‬وجاهد معهم‪ ،‬وزوجهم‬
‫وتسرى من جهادهم‪ ،‬ولما ولي الخلفة سار على نهجهم ولم يغير شيًئا‬
‫مما فعله أبو بكر وعمر‪ ،‬كما تعترف بذلك كتب الشيعة نفسها ]انظر‪ :‬ص‬
‫‪ ،[.422‬وهذا يبطل مذهب الشيعة من أساسه‪ ..‬فحاولوا الخروج من هذا‬
‫التناقض المحيط بهم بالقول بالتقية‪.‬‬
‫ثانًيا‪ :‬أنهم قالوا بعصمة الئمة وأنهم ل يسهون ول يخطئون ول ينسون‪،‬‬
‫وهذه الدعوى خلف ما هو معلوم من حالهم‪ ..‬حتى إن روايات الشيعة‬
‫نفسها المنسوبة للئمة مختلفة متناقضة حتى ل يوجد خبر منها إل وبإزائه‬
‫ما يناقضه‪ ،‬كما اعترف بذلك شيخهم الطوسي ]انظر‪ :‬ص ‪ .[.360‬وهذا‬
‫ينقض مبدأ العصمة من أصله‪.‬‬
‫فقالوا بالتقية لتبرير هذا التناقض والختلف والتستر على كذبهم‪ ،‬روى‬
‫صاحب الكافي عن منصور بن حازم قال‪" :‬قلت لبي عبد الله – عليه‬
‫السلم ‪ :-‬ما بالي أسألك عن المسألة فتجيبني فيها بالجواب‪ ،‬ثم يجيئك‬
‫غيري فتجيبه فيها بجواب آخر؟ فقال‪ :‬إنا نجيب الناس على الزيادة‬
‫والنقصان‪] "..‬أصول الكافي‪.[.1/65 :‬‬
‫قال شارح الكافي‪" :‬أي زيادة حكم عند التقية‪ ،‬ونقصانه عند عدمها‪..‬‬
‫دا إلى النسيان والجهل بل لعلمهم بأن اختلف‬ ‫ولم يكن ذلك مستن ً‬
‫كلمتهم أصلح لهم‪ ،‬وأنفع لبقائهم إذ لو اتفقوا لعرفوا بالتشيع وصار ذلك‬
‫سبًبا لقتلهم‪ ،‬وقتل الئمة عليهم السلم" ]المازندراني‪ /‬شرح جامع‪.[.2/397 :‬‬
‫ولذلك رأى سليمان بن جرير الزيدي في مقالة التقية أنها مجرد تستر‬
‫على الختلف والتناقض؛ إذ لما رأوا في أقوال الئمة في المسألة‬
‫الواحدة عدة أجوبة مختلفة متضادة‪ ،‬وفي مسائل مختلفة أجوبة متفقة‪،‬‬
‫فلما وقفوا على ذلك منهم‪ ،‬قالت لهم أئمتهم ]حسب مقالة شيوخ السوء‬
‫عنهم‪ : [.‬إنما أجبنا بهذا للتقية‪ ،‬ولنا أن نجيب بما أجبنا وكيف شئنا‪ ،‬لن‬
‫ذلك إلينا‪ ،‬ونحن نعلم بما يصلحكم‪ ،‬وما فيه بقاؤنا وبقاؤكم‪ ،‬وكف عدوكم‬
‫عنا وعنكم‪ ،‬قال‪ :‬فمتى يظهر من هؤلء على كذب‪ ،‬ومتى يعرف لهم حق‬
‫من باطل؟! ]القمي‪ /‬المقالت والفرق‪ :‬ص ‪ ،78‬النوبختي‪ /‬فرق الشيعة‪ :‬ص ‪.[.66-65‬‬
‫ثالًثا‪ :‬تسهيل مهمة الكذابين على الئمة ومحاولة التعتيم على حقيقة‬
‫مذهب أهل البيت بحيث يوهمون التباع أن ما ينقله )واضعو مبدأ التقية(‬
‫عن الئمة هو مذهبهم‪ ،‬وأن ما اشتهر وذاع عنهم‪ ،‬وما يقولونه‪ ،‬ويفعلونه‬
‫أمام المسلمين ل يمثل مذهبهم وإنما يفعلونه تقية فيسهل عليهم بهذه‬
‫الحيلة رد أقوالهم‪ ،‬والدس عليهم‪ ،‬وتكذيب ما يروى عنهم من حق‪،‬‬
‫‪468‬‬
‫فتجدهم مثل ً يردون كلم المام محمد الباقر أو جعفر الصادق الذي قاله‬
‫أمام مل من الناس‪ ،‬أو نقله العدول من المسلمين بحجة أنه حضره بعض‬
‫أهل السنة فاتقى في كلمه‪ ،‬ويقبلون ما ينفرد بنقله الكذبة أمثال جابر‬
‫الجعفي بحجة أنه ل يوجد أحد يتقيه في كلمه‪.‬‬
‫وبحسبك أن تعرف أن المام زيد بن علي وهو من أهل البيت يروي‬
‫عن علي – رضي الله عنه – كما تنقله كتب الثني عشرية نفسها – أنه‬
‫غسل رجليه في الوضوء‪ ،‬ولكن من يلقبونه ‍ب "شيخ الطائفة" ل يأخذ بهذا‬
‫الحديث ول يجد حجة يحتج بها سوى دعوى التقية‪ ،‬فهو يورد الحديث في‬
‫الستبصار عن زيد بن علي عن جده علي بن أبي طالب قال‪" :‬جلست‬
‫أتوضأ فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ابتدأت الوضوء – إلى‬
‫أن قال – وغسلت قدمي‪ ،‬فقال لي‪ :‬يا علي خلل بين الصابع ل تخلل‬
‫بالنار" ]الستبصار‪ .[.1/65/66 :‬فأنت ترى أن علًيا كان يغسل رجليه في‬
‫وضوئه‪ ،‬وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكد عليه بأن يخلل‬
‫أصابعه‪ ،‬والشيعة تخالف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهدي‬
‫علي في ذلك‪ ،‬ول تلتفت لمثل هذه الروايات‪ ،‬وإن جاءت في كتبها‬
‫بروايات أئمة أهل البيت‪ ،‬ول يكلف شيوخ الشيعة أنفسهم بالتفكر في‬
‫أمر هذه الروايات ودراستها‪ ،‬فلديهم هذه الحجة الجاهزة "التقية"‪ ،‬ولهذا‬
‫قال الطوسي‪" :‬هذا خبر موافق للعامة )يعني أهل السنة( وقد ورد مورد‬
‫التقية لن المعلوم الذي ل يتخالج منه الشك من مذاهب أئمتنا – عليهم‬
‫السلم – القول بالمسح على الرجلين‪ ،‬ثم قال‪ :‬إن رواة هذا الخبر كلهم‬
‫عامة‪ ،‬ورجال الزيدية‪ ،‬وما يختصون به ل يعمل به" ]الستبصار‪.[.66-1/65 :‬‬
‫ثم ساق رواية أخرى عن أبي عبد الله جعفر الصادق في النص على‬
‫غسل الرجلين وحملها على التقية ]الستبصار‪.[.1/65 :‬‬
‫وفي الذان حمل ما لم يتفق ومذهب شيوخه على التقية ]الستبصار‪:‬‬
‫‪) 1/308‬مثل ما جاء عندهم أنه يقول في أذان الفجر‪ :‬الصلة خير من النوم(‪.[.‬‬
‫وفي قسمة المواريث يقررون أن المرأة ل ترث من العقار والدور‬
‫والرضين شي ً‬
‫ئا ]انظر‪ :‬الستبصار للطوسي‪ ،‬باب في أن المرأة ل ترث من العقار‬
‫والدور شيًئا‪ .[.155-4/151 :‬ولما يأتي عندهم نص عن الئمة يخالف ذلك وهو‬
‫حديث أبي يعفور عن أبي عبد الله قال‪" :‬سألته عن الرجل هل يرث من‬
‫دار امرأته أو أرضها من التربة شيًئا؟ أو يكون في ذلك منزلة المرأة فل‬
‫يرث من ذلك شيًئا؟ فقال‪ :‬يرثها وترثه من كل شيء ترك وتركت"‬
‫]الستبصار‪.[.4/154 :‬‬
‫قال الطوسي‪" :‬نحمله على التقية‪ ،‬لن جميع من خالفنا يخالف في‬
‫هذه المسألة‪ ،‬وليس يوافقنا عليها أحد من العامة‪ ،‬وما يجري هذا المجرى‬
‫يجوز التقية فيه" ]الستبصار‪.[.4/155 :‬‬

‫‪469‬‬
‫وفي النكاح‪" :‬جاءت عندهم روايات في تحريم المتعة‪ ،‬ففي كتبهم عن‬
‫زيد بن علي عن آبائه عن علي – عليه السلم – قال‪ :‬حّرم رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم يوم خيبر لحوم الحمر الهلية ونكاح المتعة" ]انظر‪:‬‬
‫الطوسي‪ /‬تهذيب الحكام‪ ،2/184 :‬الستبصار‪ ،3/132 :‬الحر العاملي‪ /‬وسائل الشيعة‪:‬‬
‫‪.[.7/441‬‬
‫]إذا أطلق الشيخ في كتب‬ ‫قال شيخهم الحر العاملي‪" :‬أقول‪ :‬حمله الشيخ‬
‫الشيعة فالمراد به "شيخهم الطوسي"‪ [.‬وغيره على التقية يعني في الرواية‪ ،‬لن‬
‫إباحة المتعة من ضروريات مذهب المامية" ]وسائل الشيعة‪.[.7/441 :‬‬
‫رابًعا‪ :‬وضع مبدأ التقية لعزل الشيعة عن المسلمين لذلك‪ ،‬جاءت‬
‫ت‬
‫أخبارهم فيها على هذا النمط‪ ،‬يقول إمامهم )أبو عبد الله(‪" :‬ما سمع َ‬
‫مني يشبه قول الناس فيه التقية‪ ،‬وما سمعت مني ل يشبه قول الناس‬
‫فل تقية فيه" ]بحار النوار‪ ،2/252 :‬وعزاه إلى تهذيب الحكام للطوسي‪.[.‬‬
‫سا وينظمهم في‬
‫وهذا مبدأ خطير‪ ،‬تطبيقه يخرج بالشيعة من السلم رأ ً‬
‫سلك الملحدة والزنادقة‪ ،‬لنهم جعلوا مخالفة المسلمين هي القاعدة‪،‬‬
‫فتكون النتيجة أنهم يوافقون الكافرين ويخالفون المسلمين‪ ،‬فانظر إلى‬
‫أي مدى لعب بهم زنادقة القرون البائدة‪.‬‬
‫وكان من آثار عقيدة التقية ضياع مذهب الئمة عند الشيعة‪ ،‬حتى إن‬
‫شيوخهم ل يعلمون في الكثير من أقوالهم أيها تقية وأيها حقيقة ]انظر‪:‬‬
‫احتجاج السويدي على علماء الشيعة في هذا النص‪ ،‬وانقطاعهم وعجزهم عن الجابة‬
‫)مؤتمر النجف‪ :‬ص ‪ ،[.(106‬ووضعوا لهم ميزاًنا‪ ،‬أخرج المذهب إلى دائرة‬
‫الغلو‪ ،‬وهو أن ما خالف العامة فيه الرشاد ]انظر‪ :‬فصل الجماع‪.[.‬‬
‫وقد اعترف صاحب الحدائق بأنه لم ُيعلم من أحكام دينهم إل القليل‬
‫بسبب التقية حيث قال‪" :‬فلم يعلم من أحكام الدين على اليقين إل‬
‫القليل لمتزاج أخباره بأخبار التقية‪ ،‬كما قد اعترف بذلك ثقة السلم‬
‫محمد بن يعقوب الكليني في جامعه الكافي‪ ،‬حتى إنه تخطأ العمل‬
‫بالترجيحات المروية عند تعارض الخبار والتجأ إلى مجرد الرد والتسليم‬
‫للئمة البرار" ]يوسف البحراني‪ /‬الحدائق الناضرة‪.[.1/5 :‬‬
‫أما تطبيق التقية عندهم فإنه خير كاشف بأن تقيتهم غير مرتبطة بحالة‬
‫الضرورة‪.‬‬
‫ضا – صاحب الحدائق بأن الئمة "يخالفون بين الحكام‬ ‫وقد اعترف – أي ً‬
‫وإن لم يحضرهم أحد من أولئك النام‪ ،‬فتراهم يجيبون في المسألة‬
‫الواحدة بأجوبة متعددة‪ ،‬وإن لم يكن بها قائل من المخالفين" ]الحدائق‬
‫الناضرة‪.[.1/5 :‬‬
‫دا‪.‬‬
‫والمثلة في هذا الباب كثيرة ج ً‬

‫‪470‬‬
‫روى الكليني "‪ ...‬عن موسى بن أشيم قال‪ :‬كنت عند أبي عبد الله‬
‫فسأله رجل عن آية من كتاب الله – عز وجل – فأخبره بها‪ ،‬ثم دخل عليه‬
‫داخل فسأله عن تلك الية فأخبره بخلف ما أخبر به الول‪ ،‬قال‪ :‬فدخلني‬
‫من ذلك ما شاء الله حتى كأن قلبي يشرح بالسكاكين فقلت في نفسي‪:‬‬
‫تركت أبا قتادة بالشام ل يخطئ في الواو وشبهه‪ ،‬وجئت إلى هذا يخطئ‬
‫هذا الخطأ كله‪ .‬فبينا أنا كذلك إذ دخل عليه آخر فسأله عن تلك الية‬
‫فأخبره بخلف ما أخبرني وأخبر صاحبي‪ ،‬فسكنت نفسي فعلمت أن ذلك‬
‫ي فقال لي‪ :‬يا ابن أشيم إن الله فوض إلى‬ ‫منه تقية‪ ،‬قال‪ :‬ثم التفت إل ّ‬
‫هوا{‬ ‫ه َ‬
‫فانت َ ُ‬ ‫عن ْ ُ‬ ‫هاك ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫ما ن َ َ‬
‫و َ‬ ‫خ ُ‬
‫ذوهُ َ‬ ‫ل َ‬
‫ف ُ‬ ‫سو ُ‬ ‫ما آَتاك ُ ُ‬
‫م الّر ُ‬ ‫و َ‬
‫نبيه فقال‪َ } :‬‬
‫فما فوض إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد فوضه إلينا" ]أصول‬
‫الكافي‪.[.266-1/265 :‬‬
‫فانظر كيف نسبوا إلى جعفر أنه يضل بتأويل القرآن على غير تأويله؛‬
‫بل وإشاعة التأويلت المختلفة المتناقضة بين المة‪ ،‬ثم يزعمون أنه قد‬
‫فوض له أمر الدين‪ ،‬يفعل ما يشاء‪ ..‬فهذه ليست تقية‪ ،‬هذا إلحاد في‬
‫كتاب الله وصد عن دينه‪ ،‬ثم هل هناك حاجة للتقية في تفسير القرآن‬
‫وفي القرون المفضلة ومن عالم أهل البيت في عصره؟!‬
‫ويزعمون أن أئمتهم كانوا يفتون بتحريم الحلل وتحليل الحرام بموجب‬
‫التقية بل مبرر‪ ،‬ففي الكافي "عن أبان بن تغلب قال‪ :‬سمعت أبا عبد الله‬
‫يقول‪ :‬كان أبي – عليه السلم – يفتي في زمن بني أمية أن ما قتل‬
‫البازي والصقر فهو حلل‪ ،‬وكان يتقيهم‪ ،‬وأنا ل أتقيهم وهو حرام ما قتل"‬
‫]فروع الكافي‪ ،‬باب صيد البزاة والصقور‪.[.6/208 :‬‬
‫ومما يدل صراحة على أن التقية ليست إل الكذب الصريح بل مبرر ما‬
‫رواه شيخهم الكليني عن محمد بن مسلم قال‪ :‬دخلت على أبي عبد الله‬
‫– عليه السلم – )جعفر الصادق( وعنده أبو حنيفة فقلت له‪ :‬جعلت فداك‬
‫رأيت رؤيا عجيبة‪ ،‬فقال لي‪ :‬يا ابن مسلم هاتها إن العالم بها جالس‪،‬‬
‫وأومأ بيده إلى أبي حنيفة )فعرض الراوي الرؤيا على أبي حنيفة فأجابه‬
‫أبو حنيفة عليها – كما يزعمون( فقال أبو عبد الله – عليه السلم ‪:-‬‬
‫أصبت والله يا أبا حنيفة‪.‬‬
‫قال )الراوي(‪ :‬ثم خرج أبو حنيفة من عنده فقلت له‪ :‬جعلت فداك إني‬
‫كرهت تعبير هذا الناصب‪ ،‬فقال‪ :‬يا ابن مسلم ل يسؤك الله فما يواطئ‬
‫تعبيرهم تعبيرنا‪ ،‬ول تعبيرنا تعبيرهم وليس التعبير كما عبره‪ ،‬قال‪ :‬فقلت‬
‫له‪ :‬جعلت فداك‪ :‬فقولك‪ :‬أصبت وتحلف عليه وهو مخطئ؟ قال‪ :‬نعم‬
‫حلفت علي أنه أصاب الخطأ ]روضة الكافي‪ .8/292 :‬ط‪ :‬إيران‪.[.‬‬
‫فهل استعمال التقية في هذا النص له مسوغ؟ هل أبو حنيفة ذو سلطة‬
‫وقوة حتى يخشى منه ويتقى‪ ،‬وهل من ضرورة لمدحه والقسم على‬
‫صواب إجابته ثم لما خرج يحكم عليه بالنصب ويخطئ في جوابه‪ ،‬هل‬

‫‪471‬‬
‫لهذا تفسير غير أن الخداع والكذب بل مسوغ ونحن نبرئ جعفر الصادق‬
‫من هذا الفتراء ونقول‪ :‬إن هذا سب وطعن في جعفر ممن يزعم التشيع‬
‫له ومحبته‪.‬‬
‫وكلما كان الرافضي أبرع في الكذب والخداع كلما عظم مقامه عندهم‬
‫ونال أعلى شهادة‪ ،‬ولذلك أثنى محمد باقر الصدر على الحسين بن روح‬
‫]وهو الباب الثالث من أبواب مهديهم‪ ،[.‬وقال بأنه قام بمهمة "البابية" خير قيام‬
‫لنه "كان من مسلكه اللتزام بالتقية المضاعفة‪ ،‬بنحو ملفت للنظر‬
‫بإظهار العتقاد بمذهب أهل السنة" ]تاريخ الغيبة الصغرى‪ :‬ص ‪.[.411‬‬
‫وجاء في الغيبة للطوسي‪ .." :‬عن عبد الله بن غالب قال‪ :‬ما رأيت من‬
‫ما في‬
‫هو أعقل من الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح‪ ،‬ولعهدي به يو ً‬
‫دار ابن يسار‪ ،‬وكان له محل عند السيد والمقتدر عظيم‪ ،‬وكانت العامة –‬
‫ضا – تعظمه‪ ..‬وعهدي به وقد تناظر اثنان‪ ،‬فزعم واحد أن أبا بكر أفضل‬
‫أي ً‬
‫الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلم ثم عمر ثم علي ]كذا‬
‫ورد بدون ذكر عثمان‪ ،‬فكأن مجلسهم يسوده اتجاه شيعي عام‪ ،‬ومع ذلك تجري فيه‬
‫أبو‬ ‫التقية‪ ،[.‬وقال الخر‪ :‬بل علي أفضل من عمر‪ ،‬فزاد الكلم بينهما‪ ،‬فقال‬
‫القاسم – رضي الله عنه ‪ :-‬الذي اجتمعت الصحابة عليه هو تقديم‬
‫الصديق ثم بعده الفاروق‪ ،‬ثم بعده عثمان ذو النورين ثم علي الوصي‪،‬‬
‫وأصحاب الحديث على ذلك‪ ،‬وهو الصحيح عندنا‪.‬‬
‫فبقي من حضر المجلس متعجًبا من هذا القول‪ ،‬وكاد العامة الحضور‬
‫يرفعونه على رؤوسهم‪ ،‬وكثر الدعاء له‪ ،‬والطعن على من يرميه بالرفض‪،‬‬
‫ي الضحك‪ ،‬فلم أزل أتصبر وأمنع نفسي‪ ،‬وأدس كمي في فمي‪،‬‬ ‫فوقع عل ّ‬
‫ي ففطن بي‪ ،‬فلما‬ ‫فخشيت أن أفتضح فوثبت عن المجلس‪ ،‬ونظر إل ّ‬
‫حصلت في منزلي فإذا الباب يطرق‪ ،‬فخرجت مبادًرا فإذا بأبي القاسم‬
‫الحسين ابن روح راكًبا بغلته قد وافاني من المجلس قبل مضيه إلى داره‬
‫فقال لي‪ :‬يا أبا عبد الله – أيدك الله – لم ضحكت؟ فأردت أن تهتف بي‬
‫كأن الذي قلته عندك ليس بحق‪ ،‬فقلت‪ :‬كذلك هو عندي‪ ،‬فقال لي‪ :‬اتق‬
‫الله أيها الشيخ فإني ل أجعلك في حل تستعظم هذا القول مني؟ فقلت‪:‬‬
‫يا سيدي‪ ،‬رجل يرى بأنه صاحب المام ووكيله يقول ذلك القول يتعجب‬
‫منه ويضحك من قوله هذا‪ ،‬فقال لي‪ :‬وحياتك ]الحلف بغير الله من شريعة‬
‫"نائب المعصوم وبابه"‪ [.‬لئن عدت لهجرنك وودعني وانصرف" ]الغيبة‬
‫للطوسي‪ :‬ص ‪.[.237-236‬‬
‫نقلت هذه القصة رغم طولها؛ لنها تصور كيف يخادعون أهل السنة‪،‬‬
‫ويقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم‪ ،‬ويتندرون فيما بينهم على تصديق‬
‫بعض أهل السنة لنفاقهم وكذبهم‪ ،‬وعقلية شيعة هذا العصر ل تزال تؤمن‬
‫بهذا النفاق وجدواه ]انظر‪ :‬محمد باقر الصدر‪ /‬تاريخ الغيبة الصغرى‪ :‬ص ‪ ،385‬فقد‬
‫نقل هذه الحادثة عن ابن روح مؤيًدا لمنهجه‪ .‬مثنًيا على مسلكه‪ ،[.‬وقد جاءت عندهم‬
‫أخبار كثيرة على هذا النهج‪ ،‬لول ضيق المجال لعرضت لها‪ ،‬وأعقبتها‬

‫‪472‬‬
‫بالنقد والتحليل‪ ،‬وهي تستحق دراسة خاصة لما فيها من كشف لحيل‬
‫الروافض وأساليبهم ]انظر‪ :‬جملة منها في بحار النوار‪ 75/402 :‬وما بعدها‪.[.‬‬
‫استدللهم على التقية‪:‬‬
‫يستدل الثنا عشرية ]انظر‪ :‬الشيعة في الميزان‪ :‬ص ‪ [.50-49‬بآيتي آل عمران‬
‫فَر ِبالل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫ة{‪ ،[.‬والنحل ]الية )‪َ } :(106‬‬
‫من ك َ َ‬ ‫م تُ َ‬
‫قا ً‬ ‫ه ْ‬ ‫قوا ْ ِ‬
‫من ْ ُ‬ ‫]الية )‪} :(28‬إ ِل ّ َأن ت َت ّ ُ‬
‫ُ‬
‫ن{‪ ،[.‬وغيرهما ]وهي اليات‬ ‫ما ِ‬
‫لي َ‬
‫ن ِبا ِ‬ ‫مط ْ َ‬
‫مئ ِ ّ‬ ‫ه ُ‬‫قل ْب ُ ُ‬‫و َ‬‫ره َ َ‬‫ن أك ْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ه إ ِل ّ َ‬
‫مان ِ ِ‬
‫د إي َ‬
‫ع ِ‬
‫من ب َ ْ‬
‫ِ‬
‫عوا‬‫طا ُ‬‫س َ‬‫ما ا ْ‬ ‫التي يؤلونها بحسب المنهج الباطني عندهم كتأويلهم قوله – سبحانه ‪َ } :-‬‬
‫ف َ‬
‫َ‬
‫قًبا{ ]الكهف‪ ،[97 :‬بقولهم‪ :‬ما استطاعوا له نقًبا إذا‬ ‫عوا ل َ ُ‬
‫ه نَ ْ‬ ‫ست َ َ‬
‫طا ُ‬ ‫ما ا ْ‬
‫و َ‬ ‫أن ي َظْ َ‬
‫هُروهُ َ‬
‫عمل بالتقية‪.‬‬
‫كاء{ ]الكهف‪ .[98 :‬قالوا‪" :‬رفع التقية عند‬ ‫عل َ ُ‬
‫ه دَ ّ‬ ‫ج َ‬
‫عدُ َرّبي َ‬
‫و ْ‬
‫جاء َ‬
‫ذا َ‬ ‫وفي قوله‪َ } :‬‬
‫فإ ِ َ‬
‫الكشف فينتقم من أعداء الله"‪) .‬انظر في تأويلهم لليتين بذلك في‪ :‬تفسير العياشي‪:‬‬
‫‪ ،2/351‬البرهان‪ ،2/486 :‬البحار‪ .(5/168 :‬وغيرها من اليات )راجع‪ :‬فكرة التقريب‪ :‬ص‬
‫‪ [.(221-220‬على عقيدتهم في التقية‪ ،‬ولكن استدللهم )باليتين( واقع في‬
‫غير موقعه كما تبين أثناء توضيح معالم التقية عندهم‪ ،‬ولذلك قرر أهل‬
‫العلم من خلل معرفتهم بواقع الشيعة أن تقيتهم إنما هي الكذب والنفاق‬
‫ضا‪.‬‬
‫ليس إل‪ .‬وقد تبينت لنا هذه الحقيقة من خلل "النص الشيعي" أي ً‬
‫فأنت ترى أن التقية عندهم هي الكذب والنفاق‪ ،‬ومع هذا يعتبرون ذلك‬
‫من الدين‪ ،‬بل هو الدين كله‪.‬‬
‫وأن حالهم من جنس حال المنافقين ل من جنس حال المكره الذي‬
‫أكره وقلبه مطمئن باليمان‪.‬‬
‫حا الفرق بين تقية النفاق‪ ،‬والتقية في‬‫قال شيخ السلم ابن تيمية موض ً‬
‫السلم‪ :‬التقية‪ ...‬ليست بأن أكذب وأقول بلساني ما ليس في قلبي فإن‬
‫هذا نفاق‪ ،‬ولكن أفعل ما أقدر عليه‪ ..‬فالمؤمن إذا كان بين الكفار‬
‫والفجار‪ ،‬لم يكن عليه أن يجاهدهم بيده مع عجزه‪ ،‬ولكن إن أمكنه‬
‫بلسانه‪ ،‬وإل فبقلبه مع أنه ل يكذب ويقول بلسانه ما ليس في قلبه‪ ،‬إما‬
‫أن يظهر دينه وإما أن يكتمه‪ ،‬وهو مع هذا ل يوافقهم على دينهم كله‪ ،‬بل‬
‫قا لهم على جميع‬ ‫غايته أن يكون كمؤمن آل فرعون؛ حيث لم يكن مواف ً‬
‫دينهم‪ ،‬ول كان يكذب‪ ،‬ول يقول بلسانه ما ليس في قلبه‪ ،‬بل كان يكتم‬
‫إيمانه‪ ،‬وكتمان الدين شيء‪ ،‬وإظهار الدين الباطل شيء آخر‪ ،‬فهذا لم‬
‫يبحه الله قط إل لمن أكره بحيث أبيح له النطق بكلمة الكفر ]منهاج السنة‪:‬‬
‫‪ [.3/260‬فيعذره الله في ذلك‪ ،‬والمنافق والكذاب ل يعذر بحال‪.‬‬
‫ثم إن المؤمن الذي يعيش بين الكفار مضطًرا ويكتم إيمانه يعاملهم –‬
‫بمقتضى اليمان الذي يحمله – بصدق وأمانة ونصح وإرادة للخير بهم‪،‬‬
‫قا لهم على دينهم‪ ،‬كما كان يوسف الصديق يسير في‬ ‫وإن لم يكن مواف ً‬
‫أهل مصر وكانوا كفاًرا‪ ..‬بخلف الرافضي الذي ل يترك شًرا يقدر عليه إل‬
‫فعله بمن يخالفه ]منهاج السنة‪.[.3/260 :‬‬

‫‪473‬‬
‫الفصل الرابع‬
‫المهدية والغيبة‬
‫في هذا الفصل سأتناول – بحول الله – مسألة المهدية والغيبة عند‬
‫الفرق الشيعية بوجه عام‪ ،‬ثم نشأة هذه الفكرة عند الثني عشرية‬
‫وتطورها‪ ،‬وبعد ذلك أبين الخطوط العريضة لهذه العقيدة عندهم‪ ،‬وما‬
‫يستدلون به لسناد هذا المعتقد ودفاعهم عن طول زمن الغيبة الذي‬
‫مضى عليه الن أكثر من أحد عشر قرًنا‪ ،‬ومناقشة ذلك‪.‬‬
‫يلي ذلك بيان لما يتخيله الثنا عشرية لدولة المهدي بعد عودته من‬
‫غيبته‪ ،‬وهي خيالت صاغوها على شكل روايات عن أئمة أهل البيت لتأخذ‬
‫صفة العصمة والقداسة عند أتباعهم‪ ،‬فأبين ما قالوه حول شريعته‪،‬‬
‫وسيرته‪ ،‬وجنده‪.‬‬
‫ثم أعرض بعد هذا للشيعة في فترة الغيبة‪ ،‬والمبادئ التي شرعوها‪،‬‬
‫والشرائع التي عطلوها بسبب هذه العقيدة‪ ،‬ومحاولة شيوخهم لمواجهة‬
‫فقد إمامهم باختراع عقيدة "النيابة عن المهدي"‪.‬‬
‫وأختم الموضوع بنقد لصل هذه الفكرة ومناقشتها‪.‬‬

‫المهدية والغيبة عند فرق الشيعة‬


‫فكرة اليمان بالمام الخفي أو الغائب توجد لدى معظم فرق الشيعة‪،‬‬
‫حيث تعتقد في إمامها بعد موته أنه لم يمت‪ ،‬وتقول بخلوده‪ ،‬واختفائه عن‬
‫الناس‪ ،‬وعودته إلى الظهور في المستقبل مهدًيا‪ ،‬ول تختلف هذه الفرق‬
‫إل في تحديد المام الذي قدرت له العودة‪ ،‬كما تختلف في تحديد الئمة‬
‫دا منهم‪.‬‬
‫وأعيانهم والتي يعتبر المام الغائب واح ً‬
‫وتعتبر السبئية – كما يقول القمي‪ ،‬والنوبختي‪ ،‬والشهرستاني وغيرهم –‬
‫أول فرقة قالت بالوقف على علي ]أي لم تسق المامة لمن بعده‪ [.‬وغيبته‬
‫]القمي‪ /‬المقالت والفر‪ :‬ص ‪ ،20-19‬النوبختي‪ /‬فرق الشيعة‪ :‬ص ‪ ،22‬الشهرستاني‪/‬‬
‫الملل والنحل‪ ،[.1/174 :‬حيث زعمت "أن علًيا لم يقتل ولم يمت‪ ،‬ول يقتل‬
‫ول يموت حتى يسوق العرب بعصاه‪ ،‬ويمل الرض عدل ً وقس ً‬
‫طا كما ملئت‬
‫ما وجوًرا" ]المقالت والفرق‪ :‬ص ‪ ،19‬فرق الشيعة‪ :‬ص ‪ ،22‬مقالت السلميين‪:‬‬
‫ظل ً‬
‫‪.[.1/86‬‬
‫ولما بلغ عبد الله بن سبأ نعي علي بالمدائن قال للذي نعاه‪" :‬كذبت‪ ،‬لو‬
‫جئنا بدماغه في سبعين صرة‪ ،‬وأقمت على قتله سبعين عدل ً لعلمنا أنه‬
‫لم يمت ولم يقتل‪ ،‬ول يموت حتى يملك الرض" ]فرق الشيعة‪ :‬ص ‪،23‬‬

‫‪474‬‬
‫المقالت والفرق‪ :‬ص ‪ [.21‬وظلت تنتظر عودته من غيبته‪ ،‬ثم انتقلت هذه‬
‫"الفكرة" من السبئية إلى بعض فرق الكيسانية كالكربية ]الكربية‪ :‬أتباع أبي‬
‫كريب الضرير‪ ،‬وقد مضى التعريف بالكيسانية‪ [.‬حيث قالت لما مات محمد بن‬
‫الحنفية – وهو الذي تدعي أنه إمامها ‪ :-‬إنه حي لم يمت وهو في جبل‬
‫رضوى بين مكة والمدينة عن يمينه أسد وعن يساره نمر موكلن به‬
‫يحفظانه إلى أوان خروجه وقيامه ]وقد تغنى شعراؤهم بذلك حتى قال شاعرهم‬
‫)كثير عزة( ‪:‬‬
‫ولة الحق أربعة سواء‬ ‫أل إن الئمة من قريش‬
‫هم السباط ليس بهم خفاء‬ ‫علي والثلثة من بنيه‬
‫وسبط غيبته كربلء‬ ‫فسبط سبط إيمان وبّر‬
‫يقود الخيل يقدمها اللواء‬ ‫وسبط ل يذوق الموت حتى‬
‫برضوا عنده عسل وماء‬ ‫تغيب ل يرى عنا زمان‬
‫)انظر‪ :‬مسائل المامة ص ‪ ،26‬مقالت السلميين‪ ،93-1/92 :‬الفرق بين الفرق ص‬
‫ضا أشعاًرا في هذا المعنى لشعراء آخرين )انظر‪:‬‬
‫‪ ،(41‬وقد أوردت كتب المقالت أي ً‬
‫مسائل المامة ص ‪ ،(29 ،28 ،27 ،26‬وقد نظم البغدادي بعض البيان في الرد عليها‬
‫الفرق بين الفرق‪ :‬ص ‪ ،[.(43-41‬وقالوا‪ :‬إنه المهدي المنتظر ]مسائل المامة‪ :‬ص‬
‫‪ ،26‬فرق الشيعة‪ :‬ص ‪ ،27‬مقالت السلميين‪ ،1/92 :‬الفرق بين الفرق‪ :‬ص ‪ ،39‬التبصير‬
‫ما في جبل‬ ‫في الدين‪ :‬ص ‪ .[.19-18‬وزعموا أنه سيغيب عنهم سبعين عا ً‬
‫رضوى ثم يظهر فيقيم لهم الملك‪ ،‬ويقتل لهم الجبابرة من بني أمية‬
‫]مسائل المامة‪ :‬ص ‪ ...[.27‬فلما مضت سبعون سنة ولم ينالوا من أمانيهم‬
‫شيًئا حاول بعض شعرائهم توطين أصحابه على هذه العقيدة‪ ،‬وأن يرضوا‬
‫بالنتظار ولو غاب مهديهم مدة عمر نوح عليه السلم ]يقول شاعرهم في‬
‫ذلك‪:‬‬
‫منا النفوس بأنه سيؤوب‬ ‫لو غاب عنا عمر نوح أيقنت‬
‫فا يعقوب‬
‫قد كان يأمل يوس ً‬ ‫إنسي لرجسوه وآملسه كمسا‬
‫)المصدر السابق‪ :‬ص ‪.[.(29‬‬
‫ثم شاع التوقف على المام وانتظار عودته مهدًيا بعد ذلك بين فرق‬
‫الشيعة‪ ..‬فبعد وفاة كل إمام من آل البيت تظهر فرقة من أتباعه تدعي‬
‫فيه هذه الدعوى‪ ..‬وتنتظر عودته‪ ،‬وتختلف فيما بينها اختلًفا شدي ً‬
‫دا في‬
‫تحديد المام الذي وقفت عليه وقدرت له العودة – في زعمهم – ولذلك‬
‫قال السمعاني‪" :‬ثم إنهم في انتظارهم المام الذي انتظروه مختلفون‬
‫اختلًفا يلوح عليه حمق بليغ" ]النساب‪.[.1/345 :‬‬
‫وحتى بعض فرق الزيدية وهي الجارودية تاهت في وهم هذا النتظار‬
‫للمام الذي قد مات‪ ،‬مع اختلف فروع هذه الطائفة في تحديد المام‬
‫المنتظر‪ ،‬كما نقل ذلك الشعري ]مقالت السلميين‪ [.142-1/141 :‬والبغدادي‬
‫]الفرق بين الفرق‪ :‬ص ‪ [.32-31‬والشهرستاني ]الملل والنحل‪[.159-1/158 :‬‬

‫‪475‬‬
‫وغيرهم ]نشوان‪ /‬الحور العين‪ :‬ص ‪ .[.156‬ولذلك فإنه ل صحة لما قاله بعضهم‬
‫من أن الزيدية كلها تنكر هذا التجاه كما قاله أحمد أمين ]ضحى السلم‪:‬‬
‫‪ ،[.3/243‬وأشار إليه جولد سيهر ]العقيدة والشريعة‪ :‬ص ‪.[.211‬‬
‫هذه عقيدة الغيبة عند فرق الشيعة‪ ،‬ارتبطت بأفراد من أهل البيت‬
‫معروفين وجدوا في التاريخ فعل ً وعاشوا حياتهم كسائر الناس‪ ،‬فلما ماتوا‬
‫ادعت فيهم هذه الفرق تلك الدعوى‪ ،‬حيث لم تصدق بموتهم‪ ،‬وزعمت‬
‫أنهم غابوا‪ ،‬وسيعودون للظهور مرة أخرى‪ .‬أما هذه الفكرة عند الثني‬
‫عشرية فتختلف من حيث إنها ارتبطت عندهم "بشخصية خيالية" ل وجود‬
‫لها عند أكثر فرق الشيعة المعاصرة لظهور هذه "الدعوى" وهي عند‬
‫أصحابها شخصية رمزية ]وتتداول الشيعة أخبارها بالرمز إليه بدون ذكر اسمها‪ ،[.‬لم‬
‫يرها الناس‪ ،‬ولم يعرفوها‪ ،‬ول يعلمون مكانها‪ ،‬غابت – كما يدعون – بعد‬
‫ولدتها‪ ،‬ولم يظهر حملها‪ ،‬وأحيطت ولدتها بسياج من السرية والكتمان‪،‬‬
‫بل إن عائلتها‪ ،‬ووكيلها وأقرب الناس إليها لم يعلموا بأمر هذا الحمل‬
‫وذلك المولود‪ ،‬وكانوا له منكرين‪ ،‬بل لم يظهر للشيعة التي تدعيه إل من‬
‫خلل نواب يدعون الصلة به‪.‬‬
‫كل اليمان‬‫هذه الشخصية هي شخصية المهدي المنتظر عندهم‪ ،‬ويش ّ‬
‫بها عند الثني عشرّية الصل الذي ينبني عليه مذهبهم‪ ،‬والقاعدة التي‬
‫شيعة بوفاة‬ ‫مة ال ّ‬
‫تقوم عليها بنية الّتشّيع عندهم؛ إذ بعد انتهاء وجود أئ ّ‬
‫الحسن العسكري أصبح اليمان بغيبة ابنه المزعوم هو المحور الذي تدور‬
‫شيعة من النهيار‪.‬‬ ‫عليه عقائدهم‪ ،‬والساس الذي يمسك بنيان ال ّ‬
‫ولكن كيف ومتى بدأت هذه الفكرة عند الثني عشرية؟‬

‫نشأة فكرة الغيبة عند الشيعة الثني عشرية وتطورها‬


‫حال الشيعة بعد وفاة الحسن العسكري‪:‬‬
‫لبد في الحديث عن النشأة أن نتناول حال الشيعة بعد وفاة الحسن‬
‫لعلقته الوثيقة بنشأة هذه الفكرة‪.‬‬
‫ه( "لم ير له‬ ‫إذ بعد وفاة الحسن – إمامهم الحادي عشر – سنة )‪‍ 260‬‬
‫خلف‪ ،‬ولم يعرف له ولد ظاهر‪ ،‬فاقتسم ما ظهر من ميراثه أخوه جعفر‬
‫شيعة‪ :‬ص ‪) 96‬وفيها‪" :‬ولم ير له أثر"(‪ [.‬كما‬ ‫مه" ]المقالت وال ِ‬
‫فَرق‪ :‬ص ‪ ،102‬فَِرق ال ّ‬ ‫وأ ّ‬
‫تعترف بذلك كتب الشيعة نفسها‪.‬‬
‫شيعة‪ ،‬وتفّرق جمعهم‪ ،‬لّنهم أصبحوا بل‬ ‫وبسبب ذلك اضطرب أمر ال ّ‬
‫جة على أهل الرض ]أصول‬ ‫إمام‪ ،‬ول دين عندهم بدون إمام‪ ،‬لّنه هو الح ّ‬
‫الكافي‪ .[.1/188 :‬وحتى كتاب الله سبحانه ليس حجة عندهم إل به – كما‬
‫سلف ‪ ،-‬وبالمام بقاء الكون‪ ،‬إذ "لو بقيت الرض بغير إمام لساخت"‬
‫ن المام رفع من الرض‬ ‫]أصول الكافي‪ ،[.1/179 :‬وهو أمان الّناس "ولو أ ّ‬
‫‪476‬‬
‫ت بأهلها كما يموج البحر بأهله" ]أصول الكافي‪ .[.1/179 :‬ولكن‬ ‫ج ْ‬ ‫ساعة ل َ َ‬
‫ما َ‬
‫المام مات بل عقب‪ ،‬وبقيت الرض بل إمام‪ ،‬ولم يحدث شيء من هذه‬
‫الكوارث‪ ..‬فتحيرت الشيعة واختلفت في أعظم أمر عندها وهو تعيين‬
‫نوبختي ]فَِرق ال ّ‬
‫شيعة‪:‬‬ ‫المام‪ ،‬فافترقت إلى أربع عشرة فرقة كما يقول ال ّ‬
‫ص ‪ ،96‬المفيد‪ /‬الفصول المختارة‪ :‬ص ‪ ،[.258‬أو خمس عشرة فرقة كما ينقل‬
‫من عاصر‬ ‫مي ]المقالت والِفَرق‪ :‬ص ‪ ،[.102‬وهما من الثني عشرّية‪ .‬وم ّ‬ ‫الق ّ‬
‫أحداث الختلف‪ ،‬إذ هما من القرن الّثالث‪ ،‬فمعلوماتهما مهمة في تصوير‬
‫ما آل إليه أمر الشيعة بعد الحسن العسكري‪.‬‬
‫ومن بعدهما زادت الفرقة واّتسع الختلف‪ ،‬حيث يذكر المسعودي‬
‫ه( ما بلغه اختلف شيعة الحسن بعد وفاته‪،‬‬ ‫شيعي )المتوّفى سنة ‪‍ 346‬‬‫ال ّ‬
‫صواعق المحرقة‪:‬‬
‫ذهب‪ ،4/190 :‬وانظر‪ :‬ال ّ‬‫وأّنه وصل إلى عشرين فرقة ]مروج ال ّ‬
‫ص ‪ [168‬فما بالك بما بعده ]وعندي أن هذا الختلف لم يتوقف إل بعد قيام السمري‬
‫– كما سيأتي – بإلغاء فكرة البابية واختراع فكرة النيابة العامة عن المهدي من جميع‬
‫شيوخهم‪ ،‬فاتفقوا حينئذ على دعوى غيبة المولود لتفاقهم على قسمة الغنائم التي تجبى‬
‫باسمه فيما بينهم باسم النيابة‪.[.‬‬
‫وقد ذهبت هذه الفرق مذاهب شّتى في أمر المامة‪ ،‬فمنهم من قال‪:‬‬
‫ي لم يمت‪ ،‬وإّنما غاب وهو القائم‪ ،‬ول يجوز أن‬ ‫ن الحسن بن علي ح ّ‬ ‫"إ ّ‬
‫شيعة‪ :‬ص ‪،96‬‬ ‫ن الرض ل تخلو من إمام" ]فرق ال ّ‬ ‫يموت ول ولد له ظاهر‪ ،‬ل ّ‬
‫فرقة على الحسن العسكري‬ ‫المقالت والِفَرق‪ :‬ص ‪ .[.106‬فوقفت هذه ال ِ‬
‫ل إمام‬ ‫شيعة بعد وفاة ك ّ‬ ‫وقالت بمهديته وانتظاره كما هي العادة عند ال ّ‬
‫دعي إمامته‪ ،‬وذهبت فرقة أخرى إلى القرار بموته‪ ،‬ولكّنها زعمت أّنه‬ ‫ت ّ‬
‫فَرق‪ :‬ص‬ ‫شيعة‪ :‬ص ‪ ،97‬المقالت وال ِ‬ ‫نه غائب وسيظهر ]فَِرق ال ّ‬ ‫ي بعد موته‪ ،‬ولك ّ‬‫ح ّ‬
‫‪ ،[.107‬بينما فَِرق أخرى حاولت أن تمضي بالمامة من الحسن إلى أخيه‬
‫ما‬
‫جعفر ]المقالت والفرق‪ :‬ص ‪ ،[.110‬وأخرى أبطلت إمامة الحسن بموته عقي ً‬
‫شيعة‪ :‬ص ‪.[.101-100‬‬ ‫]انظر‪ :‬المقالت والفرق‪ :‬ص ‪ ،109‬فرق ال ّ‬

‫دا‬
‫أما الثنا عشرّية فقد ذهبت إلى الّزعم بأن للحسن العسكري ول ً‬
‫دة‬
‫"كان قد أخفى )أي الحسن( مولده‪ ،‬وستر أمره لصعوبة الوقت وش ّ‬
‫سلطان له‪ ..‬فلم يظهر ولده في حياته‪ ،‬ول عرفه الجمهور بعد‬ ‫طلب ال ّ‬
‫وفاته" ]المفيد‪ /‬الرشاد‪1005 :‬آ‪.[.3+‬‬
‫ويقابل ذلك اتجاه آخر يقول‪" :‬إن الحسن بن علي قد صحت وفاته كما‬
‫صحت وفاة آبائه بتواطؤ الخبار التي ل يجوز تكذيب مثلها‪ ،‬وكثرة‬
‫المشاهدين لموته‪ ،‬وتواتر ذلك عن الولي له والعدو‪ ،‬وهذا ما ل يجب‬
‫الرتياب فيه‪ ،‬وصح بمثل هذه السباب أنه ل ولد له‪ ،‬فلما صح عندنا‬
‫الوجهان ثبت أنه ل إمام بعد الحسن بن علي‪ ،‬وأن المامة انقطعت‪ ..‬كما‬
‫جاز أن تنقطع النبوة بعد محمد‪ ،‬فكذلك جائز أن تنقطع المامة‪ ،‬لن‬
‫الرسالة والنبوة أعظم خطًرا وأجل‪ ،‬والخلق إليها أحوج‪ ،‬والحجة بها ألزم‪،‬‬
‫والعذر بها أقطع‪ ،‬لن معها البراهين الظاهرة والعلم الباهرة‪ ،‬فقد‬

‫‪477‬‬
‫]المقالت والفرق‪ :‬ص ‪،108-107‬‬ ‫انقطعت‪ ،‬فكذلك يجوز أن تنقطع المامة"‬
‫فرق الشيعة‪ :‬ص ‪.[.105‬‬
‫وقطعت كذلك فرقة أخرى بموت الحسن بن علي وأنه ل خلف له‪،‬‬
‫ما من آل محمد ممن قد مضى‪ ،‬إن شاء بعث‬ ‫وقالت‪ :‬إن الله سيبعث قائ ً‬
‫الحسن بن علي‪ ،‬وإن شاء بعث غيره‪ ،‬ونحن الن في زمن فترة انقطعت‬
‫فيه المامة ]المقالت والفرق‪ :‬ص ‪ ،108‬وانظر‪ :‬فرق الشيعة‪ :‬ص ‪.[.105‬‬
‫وهكذا تضاربت أقوالهم‪ ،‬واختلفت اتجاهاتهم‪ ،‬وتفرقوا شيًعا وأحزاًبا كل‬
‫حزب بما لديهم فرحون‪ ..‬وبلغت الحيرة في تلك الفترة أن اختار بعضهم‬
‫التوقف وقال‪" :‬نحن ل ندري ما نقول في ذلك وقد اشتبه علينا المر‪"..‬‬
‫]المقالت والفرق‪ :‬ص ‪ ،116-115‬وانظر‪ :‬فرق الشيعة‪ :‬ص ‪.[.108‬‬
‫هذه بعض ملمح الخلف الذي دب بين الشيعة بعد وفاة الحسن‪.‬‬
‫أسباب القول بالغيبة‪:‬‬
‫ولعل القارئ يعجب من ذلك الصرار الشديد على القول بإمامة أحد‬
‫من آل البيت حتى ينكرون موت من مات‪ ،‬أو يدعون أنه حي بعد موته‪ ،‬أو‬
‫دا لمن ل عقب له‪ ،‬وقليل منهم ثاب إلى رشده لما انكشف‬ ‫يخترعون ول ً‬
‫ما فترك التحزب والتشيع وقال بانقطاع‬
‫له الغطاء بموت المام عقي ً‬
‫المامة‪ ،‬ورجع إلى شئون حياته‪ .‬ولعل هذه الفئة هي التي تتشيع عن‬
‫صدق‪ ،‬فلما تبين لها المر‪ ،‬وسقط القناع رجعت‪.‬‬
‫إن أهم سبب لهذا الصرار يتبين من خلل اختلف هذه الفرق ونزاعها‬
‫فيما بينها للدفاع عن رأيها والفوز بأكثر قدر من التباع‪ ،‬حيث إن كل‬
‫طائفة تنادي بمهدي لها وتكذب الخرى‪ ،‬ومن خلل تلك الخصومة تتسرب‬
‫الحقيقة‪.‬‬
‫لنستمع – مثل ً – إلى ما ترويه الثنا عشرية – التي تقول بالغيبة والوقف‬
‫على البن المزعوم للحسن للعسكري – في كشف حقيقة دعوى الطائفة‬
‫الخرى التي تقول بالغيبة والوقف على موسى الكاظم تقول‪" :‬مات أبو‬
‫إبراهيم )موسى الكاظم( وليس من قوامه ]نوابه ووكلؤه‪ [.‬أحد إل وعنده‬
‫المال الكثير‪ ،‬وكان ذلك سبب وقفهم وجحدهم موته طمًعا في الموال‪،‬‬
‫كان عند زياد بن مروان القندي سبعون ألف دينار‪ ،‬وعند علي بن أبي‬
‫طوسي‪ :‬ص ‪.[.43-42‬‬ ‫حمزة ثلثون ألف دينار‪] "..‬الغيبة لل ّ‬

‫وجاء عندهم روايات أخر بهذا المعنى ]انظر‪ :‬المصدر السابق‪ :‬ص ‪ 43‬وما‬
‫بعدها‪ ،‬ورجال الكشي‪ /‬الروايات رقم‪ [.893 ،888 ،871 ،759 :‬تكشف ما خفي‪..‬‬
‫وأن وراء دعوى غيبة المام وانتظار رجعته الرغبة في الستئثار بالموال‪،‬‬
‫س ّ‬
‫ذج‪ ،‬وتأخذ أموالهم باسم‬ ‫وأن هناك فئات منتفعة بدعوى الّتشّيع تغّرر بال ّ‬
‫واب المام‪ ،‬فإذا ما توّفي المام أنكروا موته لتبقى الموال في‬ ‫أّنهم ن ّ‬
‫أيديهم‪ ،‬ويستمّر دفع الموال إليهم باسم خمس المام الغائب‪.‬‬

‫‪478‬‬
‫وهكذا تدور عمليات النهب والسلب‪ ..‬والضحية هم أولئك السذج‬
‫المغفلون الذين يدفعون أموالهم إلى من زعموا أنهم نواب المام في‬
‫بلدان العالم السلمي‪ .‬والذين استمرأوا هذه الغنيمة الباردة فظلوا‬
‫يذكون في النفوس محبة آل البيت‪ ،‬واستشعار ظلم آل البيت‪ ،‬والحديث‬
‫عن محن آل البيت‪ ،‬والمطالبة بحق آل البيت‪ ..‬ليفرقوا المة‪ ،‬ويتخذوا‬
‫من تلك الموال وسيلة لتغذية جمعياتهم السرية التي تعمل على تقويض‬
‫كيان الدولة السلمية‪.‬‬
‫ضا تطلع الشيعة إلى قيام‬
‫ولعل من أسباب القول بالمهدية والغيبة أي ً‬
‫كيان سياسي لهم مستقل عن دولة السلم‪ ،‬وهذا ما نلمسه في‬
‫اهتمامهم بمسألة المامة‪ ،‬ولما خابت آمالهم‪ ،‬وغلبوا على أمرهم وانقلبوا‬
‫صاغرين هربوا من الواقع إلى المال والحلم كمهرب نفسي ينقذون به‬
‫أنفسهم من الحباط وشيعتهم من اليأس‪ ،‬وأخذوا يبثون الرجاء والمل‬
‫في نفوس أصحابهم‪ ،‬ويمنونهم بأن المر سيكون في النهاية لهم‪ .‬ولذلك‬
‫فإن القول بالمهدية والغيبة ينشط دعاته بعد وفاة كل إمام لمواجهة‬
‫عوامل اليأس وفقدان المل‪ ،‬بالضافة إلى تحقيق المكاسب المادية‪.‬‬
‫كما أن التشيع كان مهوى قلوب أصحاب النحل والهواء والمذاهب‬
‫المتطرفة؛ لنهم يجدون من خلله الجو المناسب لتحقيق أهدافهم‪،‬‬
‫والعودة إلى معتقداتهم‪.‬‬
‫فانضم إلى ركب التشيع أصناف من أصحاب هذه التجاهات الغالية‪..‬‬
‫وكان هذا »الخليط« يشطح "بالشيعة" نحو معتقداته الموروثة‪ ،‬ول سيما‬
‫بعد أن عزلت الشيعة نفسها عن أصول المة‪ ،‬وإجماعها‪.‬‬
‫ولهذا فإن مسألة المهدية والغيبة حسب العتقاد الشيعي لها جذورها‬
‫في بعض الديانات والنحل‪ ،‬مما ل يستبعد معه أن لتباع تلك الديانات دوًرا‬
‫في تأسيس هذه الفكرة في أذهان الشيعة‪.‬‬
‫ويميل بعض المستشرقين أنها ذات أصل يهودي‪ ،‬لن اليهود يعتقدون‬
‫بأن إيليا رفع إلى السماء وسيعود في آخر الزمان‪ ،‬ولذلك فإن إيليا هو –‬
‫حسب رأيهم – النموذج الول لئمة الشيعة المختفين الغائبين ]جولد سيهر‪/‬‬
‫العقيدة والشريعة‪ :‬ص ‪.[.192‬‬
‫وفي نظري أن هذا ل يكفي لظهار الثر اليهودي‪ ،‬لن في السلم أن‬
‫عيسى رفع إلى السماء وسيعود في آخر الزمان‪ ،‬فليست هذه الفكرة‬
‫التي عرضوها غريبة على الصول السلمية‪ ،‬ولكن لن المستشرقين‬
‫ينكرون مسألة المهدية أصل ً قالوا هذا القول‪ .‬إنما يبرز إيضاح الثر‬
‫اليهودي أكثر من أوجه أخرى هي أن نظرية الغيبة ترجع في أصولها إلى‬
‫ابن سبأ وهو حبر من أحبار اليهود‪.‬‬

‫‪479‬‬
‫كذلك ما صرح به بعض شعراء الشيعة من أن فكرة المهدية مستمدة‬
‫من أخبار كعب الحبار الذي كان على دين اليهودية قبل إسلمه‪ ،‬ويبدو‬
‫ذلك بوضوح فيما قاله شاعر الكيسانية كثير عزة في ابن الحنفية‪:‬‬
‫]ديوان كثير‬ ‫أخو الحبار في الحقب الخوالي‬ ‫هو المهدي خبرناه كعب‬
‫عزة‪.[.1/275 :‬‬
‫ويقول فان فلوتن‪" :‬وأما نحن معاشر الغربيين فقد استرعت عقيدة‬
‫المهدي المنتظر بوجه خاص أنظار المستشرقين منا" ]السيادة العربية‬
‫والسرائيليات‪ :‬ص ‪.[.110‬‬
‫ثم يربط هذه العقيدة بالسرائيليات ويردها إلى أصول يهودية‬
‫ونصرانية‪ ،‬لنه يرى أنها تخل تحت نطاق التنبؤ ببعض الشخاص والحوادث‬
‫المعينة‪ ،‬وهو التنبؤ الذي أفاضت فيه كتب إسرائيلية لم تكن معروفة عند‬
‫العرب في بادي المر‪ ،‬وإنما وصلت إليهم عن طريق اليهود والمسيحيين‬
‫الذين اعتنقوا السلم ]السيادة العربية والسرائيليات‪ :‬ص ‪.[.112‬‬
‫ويبدو أن ربطه هذه العقيدة باليهودية والنصرانية لمجرد أنها تدخل في‬
‫نطاق الخبار بالمغيبات الذي ل يعرفه العرب كما يقول هو ربط ضعيف‪،‬‬
‫ذلك أن من معجزات رسول السلم العربي الهاشمي الخبار ببعض‬
‫المغيبات‪ ،‬لكن هؤلء يحللون هذه المسائل وفق عقليتهم الكافرة‪،‬‬
‫واتجاههم المنكر لنبوة محمد صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫وأرجح في هذه المسألة أن عقيدة الثني عشرية في المهدية والغيبة‬
‫شيعة أكثرهم من الفرس‪ ،‬والفرس من‬ ‫ترجع إلى أصول مجوسية‪ ،‬فال ّ‬
‫ن لهم منتظًرا حّيا باقًيا مهدّيا من‬ ‫دعي أ ّ‬‫أديانهم المجوسّية‪ ،‬والمجوس ت ّ‬
‫ولد بشتاسف بن بهراسف ُيقال له‪ :‬أبشاوثن‪ ،‬وأّنه في حصن عظيم من‬
‫صين ]تثبيت دلئل الّنبّوة‪.[.1/179 :‬‬‫]لعلها "بين"‪ [.‬خراسان وال ّ‬
‫وهذا مطابق لجوهر المذهب الثني عشري‪.‬‬
‫واضع مبدأ الغيبة عند الثني عشرية‪:‬‬
‫إذا كان ابن سبأ هو الذي وضع عقيدة النص على علي بالمامة – كما‬
‫تذكره كتب الفرق عند الشيعة وغيرها – فإن هناك ابن سبأ آخر هو الذي‬
‫وضع البديل "لفكرة المامة" بعد انتهائها حسًيا بانقطاع نسل الحسن‪ ،‬أو‬
‫أنه واحد من مجموعة وضعت هذه الفكرة‪ ،‬لكنه هو الوجه البارز لهذه‬
‫الدعوى‪ .‬هذا الرجل يدعى عثمان بن سعيد العمري ]ويرى الستاذ محب الدين‬
‫الخطيب أن مؤسس فكرة الغيبة هو محمد بن نصير من موالي بني نمير )الخطوط‬
‫العريضة‪ :‬ص ‪ ،(37‬وقد ورد في كتب الثني عشرية أنه ممن ادعى البابية للغائب‪ ،‬وقد‬
‫سبقه في ذلك رجل آخر يدعى الشريعي‪ ،‬وتله آخرون ادعوا كدعواه‪) .‬انظر‪ :‬الغيبة‬
‫للطوسي‪ :‬ص ‪ ،[.(244‬وقد قام بدوره في منتهى السرية حيث "كان يتجر‬
‫في السمن تغطية على المر"‪ ،‬وكان يتلقى الموال التي تؤخذ من التباع‬
‫باسم الزكاة والخمس وحق أهل البيت فيضعها "في جراب السمن‬
‫‪480‬‬
‫]الغيبة للطوسي‪ :‬ص ‪ ،215-214‬محمد الصدر‪ /‬تاريخ الغيبة‬ ‫وزقاقة‪ ..‬تقية وخوًفا"‬
‫دا قد اختفى‬‫الصغرى‪ :‬ص ‪ .[.397-396‬وقد زعم – في دعواه – أن للحسن ول ً‬
‫وعمره أربع سنوات ]انظر‪ :‬الغيبة للطوسي‪ :‬ص ‪ ،258‬وقد اختلفوا في عمره حينما‬
‫غاب لختلف رواياتهم في ذلك – كما سيأتي ‪ ،-‬قال المجلسي‪ :‬أكثر الروايات على أنه ابن‬
‫أقل من خمس سنين بأشهر أو بسنة وأشهر‪) .‬بحار النوار‪ ،[.(25/123 :‬وزعم أنه ل‬
‫يلتقي به أحد سواه فهو السفير بينه وبين الشيعة يستلم أموالهم ويتلقى‬
‫أسئلتهم ومشكلتهم ليوصلهم للمام الغائب‪.‬‬
‫ومن الغريب أن الشيعة تزعم أنها ل تقبل إل قول معصوم حتى ترفض‬
‫الجماع بدون المعصوم‪ ،‬وها هي تقبل في أهم عقائدها دعوى رجل واحد‬
‫غير معصوم وقد ادعى مثل دعواه آخرون‪ ،‬كل يزعم أنه الباب للغائب‬
‫وكان النزاع بينهما على أشده‪ ،‬وكل واحد منهم يخرج توقيًعا يزعم أنه‬
‫صدر عن الغائب المنتظر يتضمن لعن الخر وتكذيبه‪ ،‬وقد جاء على ذكر‬
‫أسمائهم الطوسي في مبحث بعنوان‪" :‬ذكر المذمومين الذين ادعوا‬
‫البابية لعنهم الله" ]الغيبة‪ :‬ص ‪.[.244‬‬
‫ولعثمان بن سعيد – كما تنقل كتب الشيعة – وكلء في معظم الديار‬
‫السلمية يدعون لمامة هذا المعدوم والقول ببابية عثمان بن سعيد‪ .‬وقد‬
‫جاء على ذكر هؤلء الوكلء ابن بابويه القمي‪ ،‬وهو أجمع نص لسمائهم‪،‬‬
‫كما يذكر محمد باقر الصدر ]تاريخ الغيبة الصغرى‪ :‬ص ‪ .[.60‬وهناك وكلء‬
‫آخرون غير مرضيين من عثمان بن سعيد ومن يشايعه‪ ،‬وقد ذكر منهم‬
‫الطوسي سبعة في مبحث بعنوان "ذكر المذمومين من وكلء الئمة"‬
‫]الغيبة للطوسي‪ :‬ص ‪.[.214-213‬‬
‫والفرق عندهم بين الباب والوكيل‪ :‬أن الباب يلتقي بالمام الغائب‪،‬‬
‫والوكيل يلتقي بالباب ول يرى المام‪ ،‬ويكون الواسطة بين الشيعة والباب‬
‫]انظر‪ :‬الصدر‪ /‬تاريخ الغيبة الصغرى‪ :‬ص ‪.[.609‬‬
‫ولما توفي عثمان بن سعيد الباب الول المعتمد عند الثني عشرية‪،‬‬
‫دا‪ ،‬ولكن خالفه في ذلك طائفة منهم‪ ،‬فلم ترتض‬
‫عين من بعده ابنه محم ً‬
‫ضا‪.‬‬
‫بابية ابنه‪ ،‬ونشأ نزاع بينهم ولعن بعضهم بع ً‬
‫فهذا أحد المخالفين ويدعى أحمد بن هلل الكرخي لما قيل له‪" :‬أل‬
‫تقبل أمر أبي جعفر محمد بن عثمان وترجع إليه‪ ،‬وقد نص عليه المام‬
‫المفترض الطاعة ]يعنون إمامهم المنتظر‪ ،‬لنهم يعتبرون قول الباب الول هو قول‬
‫سا من‬
‫صا مقد ً‬
‫المام‪ ،‬لنه بابه وسفيره الوحيد‪ ،‬فاعتبروا تعيين عثمان بن سعيد لبنه ن ً‬
‫المام يلعن مخالفه‪[.‬؟ فقال لهم‪ :‬لم أسمعه ينص عليه بالوكالة‪ ،‬ولست أنكر‬
‫أباه – يعني عثمان بن سعيد – فأما أن أقطع أن أبا جعفر وكيل ]يلحظ أنه‬
‫سماه وكيل ً مع أن الثني عشرية تسميه بالباب‪ ،‬وتفرق بين الوكيل والباب‪ [.‬صاحب‬
‫الزمان فل أجسر عليه‪ .‬فقالوا‪ :‬قد سمعه غيرك‪ ،‬فقال‪ :‬أنتم وما سمعتم‪..‬‬
‫فلعنوه وتبرؤوا منه" ]الغيبة للطوسي‪ :‬ص ‪.[.245‬‬

‫‪481‬‬
‫وتكشف بعض أوراقهم سبب هذا التنازع بينهم‪ ،‬يذكر الطوسي – مثل ً –‬
‫عن رجل يدعى محمد بن علي بن بلل بأنه رفض بابية محمد بن عثمان‬
‫العمري‪ ،‬وأنه جرى بينه وبين العمري قصة معرفة – كما يقول – حيث‬
‫تمسك الول "بالموال التي كانت عنده للمام‪ ،‬وامتنع من تسليمها‬
‫وادعى أنه الوكيل حتى تبرأت منه الجماعة ولعنوه" ]الغيبة للطوسي‪ :‬ص‬
‫‪.[.245‬‬
‫فأت تلحظ أنه شارك عثمان بن سعيد في الوكالة‪ ،‬فلما توفي استأثر‬
‫بالمال‪.‬‬
‫فهو تزاحم وتكالب على البابية والوكالة من أجل جمع الموال‪ ..‬وإل لو‬
‫كان هناك »إمام« غائب‪ ،‬يسير أم شيعته عن طريق البواب لما صارت‬
‫الموال إلى هذا الرجل المحتال‪ ،‬ولما كان محل ثقة المام صاحب‬
‫الزمان‪ ،‬لن المام عندهم يعلم ما كان وما يكون‪ ..‬فلماذا لم يصدر أمره‬
‫من البداية في التحذير من التعامل معه حتى ل يأخذ أموال الناس؟! لكن‬
‫الحقيقة أنه ل إمام غائب؛ بل عصابات تأكل أموال الناس بالباطل باسم‬
‫التشيع والتدين‪ ،‬وأن نزاعها كان لجل ذلك‪.‬‬
‫ثم توفي محمد بن عثمان بن سعيد‬
‫]انظر عنه‪ :‬الغيبة للطوسي‪ ،223 :‬رجال‬
‫وا من خمسين‬‫ه( بعد أن تولى البابية "نح ً‬
‫الحلي‪ :‬ص ‪) [.149‬ت ‪ 304‬أو ‪‍ 30‬‬
‫سنة ]الغيبة للطوسي‪ :‬ص ‪ ،223‬رجال الحلي‪ :‬ص ‪ ،[.149‬يحمل الناس إليه‬
‫أموالهم‪ ،‬ويخرج إليهم التوقيعات بالخط الذي كان يخرج في حياة الحسن‬
‫عليه السلم إليهم بالمهمات في أمر الدين والدنيا وفيما يسألونه من‬
‫المسائل بالجوبة العجية" ]الغيبة للطوسي‪ :‬ص ‪.[.223‬‬
‫وتولى بعده رجل يدعى أبا القاسم الحسين بن روح‪ ،‬وقد كان كما تذكر‬
‫رواياتهم يقوم بمهمة البابية في آخر حياة محمد بن عثمان؛ حيث كان‬
‫يحيل إليه استلم الموال التي يأتي بها الشياع‪ ،‬ولذلك قال رجل يدعى‬
‫)محمد بن علي السود( ‪ :‬كنت أحمل الموال التي تحصل في باب‬
‫الوقف إلى أبي جعفر محمد بن عثمان العمري فيقبضها مني فحملت إليه‬
‫شيًئا من الموال في آخر أيامه قبل موته بسنتين أو ثلث سنين‪ ،‬فأمر‬
‫بتسليمه إلى أبي القاسم الروحي فكنت أطالبه بالقبوض‪ ،‬فشكا ذلك إلى‬
‫أبي جعفر )محمد بن عثمان( فأمرني أل أطالبه بالقبوض‪ ،‬وقال‪ :‬كل ما‬
‫ي‪ ،‬فكنت أحمد بعد ذلك الموال إليه‬‫وصل إلى أبي القاسم فقد وصل إل ّ‬
‫ول أطالبه بالقبوض ]الغيبة للطوسي‪ :‬ص ‪.[.226-225‬‬
‫ولما تردد أحدهم في تسليم أمواله إلى أبي القاسم بن روح غضب منه‬
‫الباب محمد بن عثمان وقال له‪ :‬لم لم تمتثل ما قلته لك؟ ولكن الرجل‬
‫حاول أن يلطفه ويهدئ من غضبه خشية أن يخرج له توقيًعا بلعنه‬
‫والبراءة منه كعادة ]وهي كصكوك الحرمان عند النصارى‪ [.‬البواب فيمن يرفض‬
‫فا‪" :‬لم أجسر على ما رسمته لي" إل‬ ‫دفع الموال إليهم‪ ،‬فقال له متلط ً‬

‫‪482‬‬
‫أن الباب أجابه وهو غاضب وقال له‪" :‬قم كما أقوال لك" يقول الرجل‪:‬‬
‫"فلم يكن عندي غير المبادرة‪ ،‬فصرت إلى أبي القاسم بن روح وهو دار‬
‫ضيقة فعّرفته ما جرى فسر به وشكر الله عز وجل‪ ،‬ودفعت إليه الدنانير‪،‬‬
‫وما زلت أحمد إليه ما يحصل في يدي بعد ذلك من الدنانير" ]الغيبة‬
‫للطوسي‪ :‬ص ‪.[.224‬‬
‫فأنت تلحظ ما تحيط به الرموز الشيعية نفسها من صفة القداسة‪ ،‬وما‬
‫تضفي به على قولها من العصمة ووجوب الطاعة المطلقة‪ ،‬وإل فاللعن‬
‫والطرد من رحمة الله‪.‬‬
‫كما تلحظ بأن لغة المال هي السائدة في التوقيعات المنسوبة‬
‫للمنتظر وعلى ألسنة البواب والوكلء‪.‬‬
‫وكان اختيار أبي القاسم لنه أحفظ لسر المكان الذي يقيم فيه الغائب‪،‬‬
‫حيث إن اختيار الباب يتم من قبل الدوائر الشيعية حسب مواصفات‬
‫خاصة لعل من أبرزها حفظ السر‪ ،‬وعدم الظهور والشهرة‪ ،‬يدل على‬
‫ذلك ما جاء في الغيبة للطوس "أن سهل ً النوبختي سئل فقيل له‪ :‬كيف‬
‫صار هذا المر إلى الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح دونك؟ فقال‪ :‬هم‬
‫أعلم وما اختاروه ]لحظ أنه عزا الختيار – فيما يظهر – إلى شيوخ الشيعة‪ ،‬وهم‬
‫يزعمون أن ذلك إلى المام الغائب‪ ،[.‬ولكن أنا رجل ألقى الخصوم وأناظرهم‪،‬‬
‫ولو علمت بمكانه ]أي مكان المهدي الغائب لنه ل يعلم بمكانه سوى الباب‪ [.‬كما‬
‫علم أبو القاسم وضغطتني الحجة على مكانه لعلي كنت أدل على مكانه‪،‬‬
‫وأبو القاسم فلو كانت الحجة ]يعني القاسم المنتظر الغائب‪ [.‬تحت ذيله‬
‫وقرض بالمقاريض ما كشف الذيل عنه" ]الغيبة‪ :‬ص ‪.[.240‬‬
‫عا كبيًرا بين الخليا‬
‫ورغم ذلك فقد أثار تعيين أبي القاسم بن روح نزا ً‬
‫السرية‪ ،‬فانفصل عدد من رؤسائهم وادعوا البابية لنفسهم‪ ..‬وكثر التلعن‬
‫بينهم‪.‬‬
‫وقد اضطر بعضهم لن يكشف حقيقة دعوى البابية تلك بسبب أنه لم‬
‫ينجح في اقتناص مجموعة أكبر من التباع‪ ،‬ومن هؤلء محمد بن علي‬
‫ه( ]انظر عنه‪ :‬الغيبة للطوسي‪ :‬ص ‪ ،248‬البداية‬
‫الشلمغاني المقتول سنة )‪‍ 323‬‬
‫والنهاية لبن كثير‪ ،11/179 :‬الكامل‪ [.8/290 :‬وهو ممن ادعى النيابة عن مهدي‬
‫الروافض‪ ،‬ونافس أبا القاسم الحسين بن روح عليها‪ ،‬وفضح أمرهم فقال‪:‬‬
‫"ما دخلنا مع أبي القاسم الحسين بن روح إل ونحن نعلم فيما دخلنا فيه‪،‬‬
‫لقد كنا نتهارش على هذا المر كما تتهارش الكلب على الجيف" ]الغيبة‬
‫للطوسي‪ :‬ص ‪.[.241‬‬
‫ويعقب على ذلك أحمد الكروي اليراني )الشيعي الصل(‪" :‬لقد صدق‬
‫فيما قال‪ ،‬فإن التخاصم لم يكن إل لجل الموال‪ ،‬كان الرجل يجمع المال‬
‫ويطمع فيه فيدعي البابية لكيل يسلمه إلى آخر" ]التشيع والشيعة‪ :‬ص ‪.[.33‬‬

‫‪483‬‬
‫ه( فانتقلت البابية بوصية منه‬‫ثم ما لبث ابن روح أن توفي سنة )‪‍ 326‬‬
‫إلى رجل رابع يدعى‪ :‬أبا الحسن علي بن محمد السمري ]انظر‪ :‬الغيبة‬
‫للطوسي‪ :‬ص ‪ .[.244‬والذي تولى منصب البابية وكان قد انقضى على غيبة‬
‫ما لم يتحقق فيها أمل الشيعة في رجعته رغم‬ ‫المام قرابة سبعين عا ً‬
‫انتظارهم إياه وتلهفهم عليه‪.‬‬
‫وقد تخلفت وعود الشيعة بالظهور للغائب المستور‪ ،‬وساد الشك‬
‫الوساط الشيعية‪ ،‬وبدأت تتكشف حقيقة المر بعد النزاع الحاد الذي وقع‬
‫ما‪ ،‬فل تجد له في كتب‬ ‫بين أدعياء البابية‪ ،‬ولذلك اختفى نشاط الباب تما ً‬
‫الشيعة مثل ما تجد لسلفه من الرقاع والتوقيعات التي ينسبونها للغائب‬
‫المنتظر‪ .‬وقد اعترف بذلك بعض الشيعة وإن حاول أن يتستر على تلك‬
‫السباب فيعزو المر إلى كثرة الضغوط على الشيعة ]محمد باقر الصدر‪/‬‬
‫تاريخ الغيبة الصغرى‪ :‬ص ‪.[.414‬‬
‫وقد استمر السمري في منصبه )الشكلي( ثلث سنوات ]لنه توفي سنة )‬
‫‪‍329‬ه(‪ ،‬انظر‪ :‬الغيبة للطوسي‪ :‬ص ‪ ،243‬تاريخ الغيبة الصغرى للصدر‪ :‬ص ‪ ،[.413‬وربما‬
‫أدركته "الخيبة وشعر بتفاهة منصبه كوكيل معتمد للمام الغائب ]رونلدسن‪/‬‬
‫عقيدة الشيعة‪ ،‬ص ‪ ،[.257‬فلما قيل له وهو على فراش الموت‪ :‬من وصيك‬
‫من بعدك؟ قال‪ :‬لله أمر هو بالغه" ]الغيبة للطوسي‪ :‬ص ‪ .[.242‬وهكذا انتهت‬
‫دعوى الصلة المباشرة بالغائب‪ ،‬لن أوراقها انكشفت بسبب التنافس‬
‫عليها‪.‬‬
‫ووصلت دعوى الغيبة إلى طريق مسدود‪ ،‬إذ لم تنجح فكرة البابية‬
‫الخاصة‪ ،‬ولكن أخرج شيوخ الشيعة توقيًعا منسوًبا للسمري عن المنتظر‬
‫يعلن فيه انقطاع البابية المباشرة‪ ،‬واختراع مبدأ النيابة العامة التي‬
‫يشترك فيها شيوخ الشيعة – كما سيأتي ‪.-‬‬
‫وبعد هذا التغيير خرجت قضية غيبة المهدي من طريقها المسدود‪،‬‬
‫واختفت ظواهر النزاع على منصب البابية واقتسمت الغنيمة بين الجميع‬
‫بالسوية‪ ،‬وقررت عقيدة النيابة والتي سنتحدث عنها بعد استعراضنا‬
‫لقضية المهدي عند الشيعة‪.‬‬
‫هؤلء البواب الربعة‪ :‬عثمان بن سعيد‪ ،‬وابنه‪ ،‬وابن روح‪ ،‬والسمري‪،‬‬
‫هم المؤسسون لقضية الغيبة والمهدية‪ ،‬أو هم الوجوه البارزة التي‬
‫رسمت نظرية المهدي عند الثني عشرية‪ ،‬وتسمى فترة عملهم بالبابية‪:‬‬
‫"الغيبة الصغرى" والتي استمرت سبعين سنة أو تزيد ]يقول شيخهم وآيتهم‬
‫جعفر النجفي أن الغيبة الصغرى استمرت ‪ 74‬سنة‪) .‬انظر‪ :‬كشف الغطا‪ :‬ص ‪ (13‬ويبدو‬
‫أن هذا التحديد غير متفق عليه بينهم‪ ،‬ففي تنقيح المقال للمامقاني رد – فيما يظهر – لهذا‬
‫التحديد حيث قال‪" :‬وما قيل إن مدة الغيبة أربع وسبعون سنة اشتباه بل شبهة‪ ،‬إل أن‬
‫يحسبها من سنة الولدة" )أي ولدة منتظرهم المزعومة( ثم ذكر أن مدتها ثمان أو تسع‬
‫وستون سنة إل شهًرا )تنقيح المقال‪ (1/189 :‬بينما يذكر الصدر أن مدتها سبعون سنة‬
‫)انظر‪ :‬تاريخ الغيبة الصغرى‪ :‬ص ‪.[.(345‬‬

‫‪484‬‬
‫وسنتناول نظرية المهدية والغيبة كما جاءت في كتب الثني عشرية‪،‬‬
‫ونتعرف على مضامينها‪ ،‬حيث أصبحت اليوم هي أساس المذهب‬
‫الشيعي‪.‬‬

‫الخطوط العامة لقصة المهدية عند الثني عشرية‬


‫قصة المهدي في كتب الشيعة قصة غريبة‪ ،‬نسج الخيال خيوطها وبلغ‬
‫مداه في صياغة أحداثها‪ ،‬وتحولت إلى أسطورة كبرى ل تجد إلى العقل‬
‫ذا‪ ،‬ول في الفطر السليمة قبول ً حتى أنكرتها أكثر الفرق الشيعية التي‬‫منف ً‬
‫عاصرت ولدتها ]انظر‪ :‬ص ‪ 830-828‬من هذه الرسالة‪ .[.‬ولنعرض لخطوطها‬
‫العامة بدًءا من اختيار الحسن لم المهدي المزعوم‪ ،‬إلى ولدة المهدي‪،‬‬
‫واختفائه‪ ،‬ثم عودته‪ ،‬وسيرته‪.‬‬
‫أما اقتران الحسن بأم المهدي فقد صاغت كتب الشيعة أحداثه بما‬
‫يشبه قصص ألف ليلة وليلة‪ ،‬فاختيار الحسن العسكري للجارية التي‬
‫ينسبون لها الولد قد تم – كما تصوره كتب الشيعة – عن دراية بالغيب‬
‫المستور‪ ،‬فهو يبعث خادمه لسوق بيع الجواري‪ ،‬ويعطيه أوصاف الجارية‪،‬‬
‫ونوع لباسها‪ ،‬والكلم الذي ستنطق به أثناء بيعها‪ ،‬وما يحدث أثناء‬
‫المساومة‪ ،‬ويرسل معه كتاًبا لها بالرومية ما إن تنظر إليه حتى تبكي بكاءً‬
‫دا وتتمسح به‪ ،‬وحينما يعجب الخادم من كل ذلك تكشف له عن‬ ‫شدي ً‬
‫هويتها وأنها مليكة بنت يوشع بن قيصر ملك الروم‪ .‬وتسرد له قصة‬
‫حياتها‪ ،‬ووقوف الكوارث أمام زواجها من خطابها‪ ،‬وأنها رأت في منامها‬
‫أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء يخطبها من المسيح وقال له‪:‬‬
‫"يا روح الله جئتك خاطًبا من وصيك شمعون فتاته مليكة لبني هذا‪ ،‬وأومأ‬
‫بيده إلى أبي محمد" )الحسن العسكري(‪ .‬ثم تتابع الرؤى عليها حتى‬
‫تزورها في المنام أم الحسن العسكري‪ ،‬ومعها مريم بنت عمران‪ ،‬وألف‬
‫وصيفة من وصائف الجنان فتقول لها مريم‪ :‬هذه سيدة النساء ]لحظ‬
‫إطلق هذا اللقب على أم الحسن العسكري؛ فهل هي أفضل من فاطمة؟![ أم زوجك‬
‫أبي محمد عليه السلم‪ ،‬فتتعلق بها أم المهدي وتبكي وتشكو إليها امتناع‬
‫الحسن العسكري من زيارتها‪ ،‬لكن أم الحسن قالت لها‪ :‬إن ابني محمد ل‬
‫يزورك وأنت مشركة بالله ]أبو محمد ل يزورها وهي مشركة‪ ،‬وسيدة النساء‪،‬‬
‫ومريم‪ ،‬ووصائف الجنة يزرنها وهي مشركة![‪ .‬ثم تمضي أحداث القصة حتى‬
‫تسلم بتأثير هذه المنامات‪ ،‬فتبدأ زيارات الحسن العسكري لها في‬
‫الحلم‪.‬‬
‫ثم تذكر قصة وقوعها في أسر المسلمين‪ ،‬واختيارها لسم "نرجس"‬
‫إخفاًء لحقيقتها‪ ،‬ثم طلبها من مالكها أل يبعها إل لمن ترضاه وهو الذي‬
‫يحمل المواصفات التي أوحي إليه بها في المنام‪ ،‬ثم تلتقي بعد ذلك‬
‫بالحسن ول تجد غراب في لقائه لنها تعرفه وتتصل به قبل ذلك من خلل‬

‫‪485‬‬
‫الرؤى والحلم‪ ،‬فيزف لها البشرى بولد يملك الدنيا شرًقا وغرًبا ويمل‬
‫الرض قس ً‬
‫طا وعدل ً ]انظر‪ :‬ابن بابويه‪ /‬إكمال الدين‪ :‬ص ‪) 400-395‬باب ما روي في‬
‫نرجس أم القائم(‪.[.‬‬
‫أما حملها بالمهدي فأغرب وأعجب‪ ،‬إذ لم يظهر عليها أثر الحمل مع أن‬
‫حكيمة بنت محمد ]حكيمة بنت محمد بن علي بن موسى بن جعفر الصادق‪ – [.‬كما‬
‫يقولون – حاولت التثبت من حملها فوثبت إليها – كما تزعم رواياتهم –‬
‫فقلبتها ظهًرا لبطن فلم تر فيها أثًرا للحمل‪ ،‬وعادت إلى الحسن وأخبرته‪،‬‬
‫لكنه أكد لها وجود الحمل وقال لها‪" :‬إذا كان وقت الفجر يظهر لك‬
‫الحبل" ]إكمال الدين‪ :‬ص ‪ .[.404‬والغرب من ذلك أن أم الولد نفسها حتى‬
‫ليلة ولدتها لم تعلم بأمر حملها حتى قالت لحكيمة‪" :‬يا مولتي ما أرى بي‬
‫شيًئا من هذا" ]إكمال الدين‪ :‬ص ‪.[.404‬‬
‫ويبدو أن نفي ظهور أثر الحمل عليها هي حيلة أو محاولة للتخلص مما‬
‫ثبت حتى لدى الشيعة من قيام جعفر )أخي الحسن العسكري( بحبس‬
‫نساء الحسن وإمائه – بعد وفاة الحسن – لستبرائهن حتى ثبت للقضاي‬
‫والسلطان براءة أرحامهن من الحمل‪ ،‬وتم بعد ذلك قسمة ميراث‬
‫الحسن ]انظر‪ :‬الغيبة للطوسي‪ :‬ص ‪.[.74‬‬
‫وهذه الرواية التي تنفي تبين أمارات الحمل حتى لم الوليد تثبت في‬
‫آخرها ما ينقض هذا الزعم وهو أن المولود كان يتكلم وهو في بطن أمه‬
‫حتى قالت حكيمة‪" :‬فأجابني الجنين من بطنها يقرأ مثل ما أقرأ وسلم‬
‫علي" ]إكمال الدين‪ :‬ص ‪ ،[.404‬وكذلك يروي الطوسي عن حكيمة نفسها أنها‬
‫قالت حينما استدعاها الحسن إلى بيته للشراف على ولدة المهدي من‬
‫جاريته فقالت‪" :‬جعلت فداك يا سيدي الخلف ممن هو؟ قال‪ :‬من سوسن‬
‫– تقول – فأدرت نظري فيهن فلم أر جارية عليها أثر غير سوسن‪"..‬‬
‫]الغيبة‪ :‬ص ‪ [.141‬فهي في هذه الرواية تدرك حملها بمجرد النظر إليها‪،‬‬
‫وفي رواية ابن بابويه تقلبها ظهًرا لبط فل تجد أثًرا‪ ،‬وهي هنا تسميها‬
‫سوسن‪ ،‬وهناك تسميها نرجس‪ ،‬كما تسمى في بعض رواياتهم بأسماء‬
‫أخرى ]تسمى ريحانة‪ ،‬وصقيل‪) .‬إكمال الدين‪ :‬ص ‪ .[.(408‬وكل يضع كما يشاء‪،‬‬
‫وكتب الثني عشرية تستوعب الجميع‪.‬‬
‫وحينما ولد "سقط‪ ..‬من بطن أمه جائًيا على ركبتيه‪ ،‬رافًعا سبابتيه إلى‬
‫السماء ثم عطس فقال‪ :‬الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد‬
‫وآله‪ ،‬زعمت الظلمة أن حجة الله داحضة‪ ،‬لو أذن لنا في الكلم لزال‬
‫الشك" ]إكمال الدين‪ :‬ص ‪ ،406‬وانظر‪ :‬الغيبة للطوسي‪ :‬ص ‪.[.147‬‬
‫دا لله وهو يتشهد‪ ،‬ويدعو بقوله‪:‬‬‫وفي رواية أخرى أنه سقط ساج ً‬
‫"اللهم أنجز لي ما وعدتني‪] "..‬إكمال الدين‪ :‬ص ‪ .[.405-404‬ثم عرج بهذا‬
‫المولود إلى السماء بواسطة طيور خضر‪ ،‬وحينما تبكي الم نرجس خوًفا‬

‫‪486‬‬
‫على ولدها يجيبها الحسن بقوله‪" :‬سيعاد إليك كما رد موسى إلى أمه"‬
‫]إكمال الدين‪ :‬ص ‪.[.405‬‬
‫ما لسنة الله في خلقه‪ ،‬وخارج عن النواميس‬ ‫أما نموه فهو مخالف تما ً‬
‫الطبيعية التي يخضع لها الكائن الحي بأمر الله‪ ،‬يصور ذلك الخبر المروي‬
‫ما‬‫على لسان حكيمة بنت محمد‪ ،‬حيث تقول‪" :‬لما كان بعد أربعين يو ً‬
‫]يعني من مولده‪ [.‬دخلت على أبي محمد عليه السلم فإذا مولنا الصاحب‬
‫يمشي في الدار فلم أر وجًها أحسن من وجهه‪ ،‬ول لغة أفصح من لغته‪،‬‬
‫فقال أبو محمد عليه السلم‪ :‬هذا المولود الكريم على الله عز وجل‪،‬‬
‫ما‪ ،‬فتبسم وقال‪ :‬يا‬ ‫فقلت‪ :‬سيدي أرى من أمره ما أرى وله أربعون يو ً‬
‫عمتي أما علمت أنا معاشر الئمة ننشأ في اليوم ما ينشأ غيرنا في‬
‫السنة" ]الغيبة للطوسي‪ :‬ص ‪.[.144‬‬
‫وفي رواية القمي "إن الصبي منا إذا كان أتى عليه شهر كان كمن أتى‬
‫عليه سنة‪ ،‬وإن الصبي منا يتكلم في بطن أمه ويقرأ القرآن‪ ،‬ويعبد ربه‬
‫عز وجل عند الرضاع‪ ،‬تطيعه ]كذا في الصل المنقول عنه ولعله "تطعمه"‪[.‬‬
‫حا ومساًء" ]إكمال الدين‪ :‬ص ‪.[.405‬‬‫الملئكة وتنزل إليه صبا ً‬
‫ولكن هذا المولود الذي يحمل كل هذه الظواهر الخارقة ل يعلم به أحد‬
‫ول يرى له أثر‪ ،‬فما فائدة إجراء هذه الخوارق إذن؟‬
‫ثم ما لبث أن غاب ولم يعلم بأمره ول غيبته أحد إل "حكيمة" والتي‬
‫تقول – كما تنسب إليها الرواية ‪ :-‬إن الحسن أمرها أل تفشي هذا الخبر‬
‫في أمر هذا المولود حتى ترى اختلف شيعته بعد وفاته‪ ،‬حيث قال –‬
‫الحسن ‪" :-‬فإذا غيب الله شخصي وتوفاني ورأيت شيعتي قد اختلفوا‬
‫فأخبري الثقات منهم فإن ولي الله يغيبه الله عن خلقه ويحجبه عن عباده‬
‫فل يراه أحد حتى يقدم له جبرائيل عليه السلم فرسه ليقضي الله أمًرا‬
‫كان مفعو ً‬
‫ل" ]الغيبة للطوسي‪ :‬ص ‪.[.142‬‬
‫فمسألة المهدي وغيبته تسربت إلى الشيعة عن طريق حكيمة كما‬
‫تقوله رواية شيخ الطائفة وما أدري كيف يقبل الشيعة قول امرأة واحدة‬
‫غير معصومة في أصل المذهب‪ ،‬وهم الذين يردون إجماع المة بأسرها‬
‫إذا لم يكن المعصوم فيهم ولو في مسألة فرعية؟!‬
‫وتلحظ أن إمامهم يأمر بحجب أمر المهدي وغيبته إل عن الثقات من‬
‫شيعته‪ ،‬مع أن من لم يعرف المام – عندهم – فإنما يعرف ويعبد غير الله‬
‫]أصول الكافي‪ ،[.1/181 :‬وإن مات على هذه الحالة مات ميتة كفر ونفاق‬
‫]أصول الكافي‪.[.1/184 :‬‬
‫أما وقت غيبة المهدي فإن روايات الشيعة تتضارب في تحديده‪ .‬فيروي‬
‫الطوسي أن حكيمة قالت‪ .." :‬فلما كان بعد ثلث )من مولده( اشتقت‬
‫إلى ولي الله فصرت إليهم فبدأت بالحجرة التي كانت سوسن فيها‪ ،‬فلم‬
‫أر أثًرا ول سمعت ذكًرا‪ ،‬فكرهت أن أسأل فدخلت على أبي محمد عليه‬
‫‪487‬‬
‫السلم فاستحيت أن أبدأ بالسؤال فبدأني فقال‪ :‬هو يا عمة في كنف الله‬
‫وحرزه وستره وغيه حتى يأذن الله له" ]الغيبة للطوسي‪ :‬ص ‪.[.142‬‬
‫وفي رواية ثانية أن حكيمة فقدته بعد سبعة أيام‬
‫]الغيبة للطوسي‪ :‬ص‬
‫ما يمشي في الدار ثم‬ ‫‪ ،[.142‬وفي رواية ثالثة‪ :‬أنها رأته بعد أربعين يو ً‬
‫فقدته بعد ذلك ]الغيبة للطوسي‪ :‬ص ‪ ،[.144‬وفي رواية أخرى أن حكيمة‬
‫ما‪ ،‬وقبل وفاته بأيام‬‫كانت تختلف إلى دار العسكري‪ ،‬تزوره كل أربعين يو ً‬
‫قلئل – كان عمر المهدي آنذاك خمس سنوات على الكثر ]لن مولده كما‬
‫تقول رواياتهم في سنة ‪ 255‬أو ‪ ،256‬ووفاة العسكري سنة ‪‍260‬ه‪ -[.‬زارت دار‬
‫العسكري كعادتها‪ ،‬تقول‪‍ :‬ف "رأيته رجل ً فلم أعرفه‪ ،‬فقلت لبن أخي عليه‬
‫السلم‪ :‬من هذا الذي تأمرني أن أجلس بين يديه؟ فقال لي‪ :‬هذا ابن‬
‫نرجس‪ ،‬هذا خليفتي من بعدي وعن قليل تفقدوني فاسمعي له وأطيعي"‬
‫]إكمال الدين‪ :‬ص ‪.[.406-405‬‬
‫وهكذا غاب المهدي ولم يعلم بأمره أحد سوى حكيمة التي أودعت‬
‫خبره ثقات الشيعة – كما تقول رواياتهم ‪.-‬‬
‫أما مكان الغيبة فإنه كان موضع السرية والكتمان‪ ،‬ولما تناهى إلى‬
‫شيعته خبر الغيبة المزعومة حاولوا التعرف على مكانه إل أن الباب الذي‬
‫يدعي الصلة به رفض البوح بشيء من ذلك وأخرج "توقيًعا" سرًيا ينسبه‬
‫للمهدي يقول فيه‪ .." :‬إن عرفوا المكان دلوا عليه" ]أصول الكافي‪[.1/333 :‬‬
‫فهذا النص يشير إلى أنه في مكان معين‪ ،‬وفي مخبأ سري ل يعرفه إل‬
‫الباب‪ ،‬وأن سب كتمان مكان غيبته عن شيعته هو خوفه من إخبارهم‬
‫للغير بمكانه‪.‬‬
‫ولكن دلت بعض روايات الكافي على البلد الذي يختفي فيه‪ ،‬حيث‬
‫قالت‪" :‬لبد لصاحب هذا المر من غيبة‪ ،‬ولبد له في غيبته من عزلة‪،‬‬
‫ونعم المنزل طيبة" ]أصول الكافي‪ ،1/340 :‬الغيبة للنعماني‪ :‬ص ‪ ،125‬بحار النوار‪:‬‬
‫‪.[.52/153‬‬
‫]انظر‪:‬‬‫فهي تشير إلى أنه يختبئ بالمدينة المنورة‪ ،‬لن طيبة من أسمائها‬
‫معجم ما استعجم‪ ،[.2/900 :‬ولما قال أحدهم للحسن العسكري‪ :‬إن حدث بك‬
‫حدث فأين أسأل عنه؟ قال‪ :‬بالمدينة ]أصول الكافي‪ ،1/328 :‬وقال المازندراني‬
‫في شرح الكافي‪ :‬يحتمل أن يراد بالمدية سر من رأى )شرح جامع‪ (6/208 :‬وهذا‬
‫الحتمال قد ل يرد في الرواية التي قبلها‪.[.‬‬
‫بينما يروي الطوسي في الغيبة أنه مقيم بجبل يدعى رضوى‪ ،‬حيث‬
‫يقول في روايته‪ .." :‬عن عبد العلى مولى آل سام قال‪ :‬خرجت مع أبي‬
‫عبد الله عليه السلم فلما نزلنا الروحاء ]الروحاء‪ :‬بفتح أوله‪ :‬ممدود‪ :‬قرية جامعة‬
‫ل‪) .‬معجم ما استعجب‪ [.(1/681 :‬نظر إلى‬ ‫لمزينة‪ ،‬بينما وبين المدينة أحد وأربعون مي ً‬
‫جبلها مطل ً عليها‪ ،‬فقال لي‪ :‬ترى هذا الجبل؟ هذا جبل يدعى رضوى‬
‫]رضوى‪ :‬وهو جبل بالمدينة فيه أشجار ومياه كثيرة‪ ،‬وهو الجبل الذي يزعم الكيسانية أن‬

‫‪488‬‬
‫محمد بن الحنفية به مقيم حي يرزق )معجم البلدان‪ [.(3/51 :‬من جبال فارس أحبنا‬
‫فنقله الله إلينا‪ ،‬أما إن فيه كل شجرة مطعم‪ ،‬ونعم أمان للخائف مرتين‪،‬‬
‫أما إن لصاحب هذا المر فيه غيبتين واحدة قصيرة والخرى طويلة"‬
‫]الغيبة‪ :‬ص ‪.[.103‬‬
‫وتذكر روايات أخرى أنه يختفي في بعض وديان مكة‪ ،‬فقد جاء في‬
‫تفسير العياشي وغيره أن أبا جعفر قال‪" :‬يكون لصاحب هذا المر غيبة‬
‫في بعض هذه الشعاب – ثم أومأ بيده إلى ناحية ذي طوى ]ذي طوى‪ :‬بفتح‬
‫أوله‪ ،‬مقصور منون‪ ،‬على وزن فعل‪ :‬واد بمكة‪) .‬انظر‪ :‬معجم ما استعجم‪".. -[.(2/896 :‬‬
‫]تفسير العياشي‪ ،2/56 :‬البرهان‪ ،82-2/81 :‬بحار النوار‪.[.52/341 :‬‬
‫غير أن أحاديثهم في الدعية والزيارة لمقامات الئمة تلوح إلى أنه‬
‫مقيم بسرداب سامراء ]قال ياقوت‪ :‬سامراء بلد على دجلة فوق بغداد بثلثين‬
‫خا يقال لها‪ :‬سر من رأى فخففها الناس وقالوا‪ :‬سامراء وفيها السرداب المعروف‬
‫فرس ً‬
‫في جامعها الذي تزعم الشيعة أن مهديهم يخر منه )معجم البلدان ‪ ،[.(3/173‬ولذلك‬
‫كا جانب الباب‬ ‫جاء فيها "ثم ائت سرداب الغيبة وقف بين البابين‪ ،‬ماس ً‬
‫بيدك‪ ،‬ثم تنحنح كالمستأذن‪ ،‬وسم وانزل‪ ،‬وعليك السكينة والوقار‪ ،‬وصل‬
‫ركعتين في عرضة السرداب وقل‪ ..:‬اللهم طال النتظار وشمت بنا‬
‫الفجار‪ ،‬وصعب علينا النتصار‪ ،‬اللهم أرنا وجه وليك الميمون‪ ،‬في حياتنا‬
‫وبعد المنون‪ ،‬اللهم إني أدين لك بالرجعة‪ ،‬بين يدي صاحب هذه البقعة‪،‬‬
‫الغوث الغوث الغوث يا صاحب الزمان‪ ،‬قطعت في وصلتك الخلف‪،‬‬
‫وهجرت لزيارتك الوطان‪ ،‬وأخفيت أمري على أهل البلدان لتكون شفيًعا‬
‫را لك" ]علي بن‬ ‫عند ربك وربي‪ ..‬يا مولي يا ابن الحسن بن علي جئتك زائ ً‬
‫طاووس‪ /‬مصباح الزائر‪ :‬ص ‪ ،229‬محمد المشهدي‪ /‬المزار الكبير‪ :‬ص ‪ ،216‬المجلسي‪/‬‬
‫بحار النوار‪ ،102-102/102 :‬الشيرازي‪ /‬كلمة المهدي‪ :‬ص ‪.[.472-471‬‬
‫وتشير بعض أخبارهم إلى أن معه في غيبته ثلثين من أوليائه يؤنسونه‬
‫في وحدته "وما بثلثين من وحشة" ]أصول الكافي‪.[.1/340 :‬‬
‫وتخصيص السرداب بتلك ادعية والمناجاة والستئذان عند الدخول‪..‬‬
‫يدل على أن واضعي تلك الروايات يوهمون أتباعهم بوجوده في‬
‫السرداب‪ ،‬ولهذا قال ابن خلكان‪" :‬والشيعة ينتظرون خروجه في آخر‬
‫الزمان من السرداب بسر من رأى" ]وفيات العيان‪ .[.4/176 :‬وذكر ابن‬
‫الثير أنهم يعتقدون أن المنتظر بسرداب سامراء ]الكامل‪.[.5/373 :‬‬
‫ورغم ذلك فإن بعض الشيعة المعاصرين ينفي ما هو واقع ويقول‪" :‬لم‬
‫يرد خبر ول وجد في كتاب من كتب الشيعة أن المهدي غاب في‬
‫السرداب‪ ..‬ول أنه عند ظهوره يخرج منه‪ ،‬بل يكون خروجه بمكة ويبايع‬
‫بين الركن والمقام" ]محسن المين‪ /‬البرهان على وجود صاحب الزمان‪ :‬ص ‪.[.102‬‬
‫ولكن عمل الشيعة يخالف ذلك‪ ،‬ويتفق مع ما جاء في كتب الزيارة‬
‫عندهم‪ .‬فقد ظل الشيعة – كما يقول الشيعي أمير علي – إلى أواخر‬

‫‪489‬‬
‫القرن الرابع عشر الميلدي الذي صنف فيه ابن خلدون تاريخه الكبير‬
‫يجتمعون في كل ليلة بعد صلة المغرب بباب سرداب سامراء فيهتفون‬
‫باسمه ويدعونه للخروج حتى تشتبك النجوم ثم ينفضون إلى بيوتهم بعد‬
‫طول النتظار وهم يشعرون بخيبة المل والحزن ]أمير علي‪ /‬روح السلم‪:‬‬
‫‪ ،1/210‬وانظر‪ :‬مقدمة ابن خلدون‪ ،532 -2/531 :‬وانظر‪ :‬ابن القيم‪ /‬المنار المنيف‪ :‬ص‬
‫‪.[.152‬‬
‫وكان هذا النتظار مثار سخرية الساخرين حتى قيل‪:‬‬
‫كلمتموه بجهلكم ما آنا‬ ‫ما آن للسرداب أن يلد الذي‬
‫]انظر‪:‬‬ ‫ثلثتم العنقاء والغيلنا‬ ‫فعلى عقولكم العفاء فإنكم‬
‫الصواعق المحرقة‪ :‬ص ‪ ،168‬المنار المنيف‪ :‬ص ‪.[.152‬‬
‫وقال ابن القيم‪" :‬ولقد أصبح هؤلء عاًرا على بني آدم‪ ،‬وضحكة يسخر‬
‫منهم كل عاقل" ]المنار المنيف‪ :‬ص ‪ .[.153-152‬ولهذا جاء في أدعيتهم ما‬
‫يشعر بأنهم صاروا بهذا العتقاد موضع السخرية والشماتة فيدعو أحدهم‬
‫يا الغائب ‪" :-‬طال النتظار وشمت بنا الفجار‪] "..‬مضى تخريج‬ ‫ويقول – مناج ً‬
‫هذا النص ص‪.[.848:‬‬
‫وقد جاء في بعض أدعية الزيارات عندهم ما ينبئ عن حيرتهم في‬
‫مكانه الذي يختفي فيه‪ ،‬فهم يهتفون به ويقولون‪ .." :‬ليت شعري أي‬
‫استقر بك النوى‪ ،‬بل أي أرض تقلك أو ثرى‪ ،‬أبرضوى أم غيرها‪ ،‬أم ذي‬
‫طوى‪] "..‬بحار النوار‪.[.102/108 :‬‬
‫هذا وتذكر روايات أخرى لهم أنه ليس له مكان ثابت بل هو يعيش بين‬
‫الناس "يشهد الموسم فيراهم ول يرونه" ]أصول الكافي‪ ،338-1/337 :‬الغيبة‬
‫للنعماني‪ :‬ص ‪.[.116‬‬
‫وهكذا تختلف أخبارهم في تحديد مكانه‪ ،‬وكل زمرة تذهب في هذا‬
‫مذهًبا على اختلف الفصائل الشيعية أو على اختلف الحوال والزمنة‪ ،‬أو‬
‫حتى تستمر لعبة التلبيس والتزوير‪.‬‬
‫ومن الطبيعي أن تختلف مادام غائبهم ل وجود له‪.‬‬
‫ضا قد‬
‫وإذا كان مكانه موضع السرية في بعض أخبارهم‪ ،‬فإن اسمه أي ً‬
‫حجب عن شيعته‪ ،‬فقد جاء في "توقيعات" المنتظر التي تصدر عن‬
‫"بابه"‪" :‬إن دللتم على السم أذاعوه‪] "..‬أصول الكافي‪.[.1/333 :‬‬
‫فهذا النص يشير إلى أنه مجهول السم‪ ،‬كما هو مجهول المكان‬
‫والولدة والنشأة‪ ..‬ولكن ورد في كتب الشيعة أن اسمه محمد‪ ،‬غير أن‬
‫روايات الشيعة كانت تحرم تسميته باسمه حيث جاء فيها‪" :‬ول يحل لكم‬
‫ذكره باسمه" ]أصول الكافي‪ ،1/333 :‬الرشاد‪ :‬ص ‪ ،394‬إكمال الدين‪ :‬ص ‪ [.608‬بل‬
‫اعتبرت من يسميه باسمه في عداد الكافرين‪ ،‬وقالت‪" :‬صاحب هذا المر‬

‫‪490‬‬
‫ل يسميه باسمه إل كافر" ]أصول الكافي‪ ،1/333 :‬إكمال الدين‪ :‬ص ‪،[.607‬‬
‫ولذلك تلحظ حين يرد ذكره في رواياتهم يكتب اسمه بالحروف المقطعة‬
‫هكذا‪ :‬م ح م د ]انظر – مثل ً – أصول لكافي‪ .[.1/329 :‬ولما قالوا‪ :‬كيف نذكره؟‬
‫قال الحسن العسكري‪" :‬قولوا‪ :‬الحجة من آل محمد صلوات الله عليه‬
‫وسلمه" ]أصول الكافي‪ ،1/33 :‬الرشاد‪ :‬ص ‪.[.394‬‬
‫وكانت الدوائر الشيعية القديمة ل تذكره فيما بينها إل بالرمز الذي ل‬
‫يعرفه سواهم كالغريم‪ .‬ولهذا قال المفيد عن إطلق هذا اللقب عليه‪:‬‬
‫ما بينها‪ ،‬ويكون خطابها عليه السلم –‬ ‫"هذا رمز كانت الشيعة تعرفه قدي ً‬
‫كذا – للتقية" ]الرشاد‪ :‬ص ‪ .[.400‬ورموزهم التي يطلقونها عليه كثيرة مثل‪:‬‬
‫"القائم والخلف‪ ،‬والسيد‪ ،‬والناحية المقدسة‪ ،‬والصاحب‪ ،‬وصاحب الزمان‪،‬‬
‫وصاحب العصر ]انظر‪ :‬حصائل الفكر‪ :‬ص ‪ ،[.35‬وصاحب المر وغيرها" ]انظر‪:‬‬
‫أصول الكافي‪ ،1/333:‬ويرى بعض شيوخهم أن النهي عن التصريح بالسم خاص بزمن‬
‫الخوف والتقية )انظر‪ :‬المازندراني‪ /‬شرح جامع‪.[.(217-6/216 :‬‬
‫وعملية الكتمان تلك تنبئ عن تنظيم سري داخل الدولة السلمية‪،‬‬
‫يتخذ أتباعه لغة الرمز والشارة للتفاهم فيما بينهم‪ ،‬وهي من جانب آخر‬
‫محاولة للتستر على الكذب‪ ،‬وإخفاء الحقيقة‪ ،‬ثم هي تنقض مايدعونه أن‬
‫مهديهم قد ذكر باسمه‪ ،‬ووصفه من قبل ]انظر‪ :‬أصول الكافي‪ ،‬باب ما نص الله‬
‫عز وجل ورسوله على الئمة واحًدا واحًدا‪ 1/286 :‬وما بعدها‪.[.‬‬
‫أما مدة الغيبة‪ :‬فإن مخترعي هذه الفكرة كانوا يمنون أتباعهم بقصر‬
‫المدة‪ ،‬وسرعة العودة لغائبهم‪ ،‬حتى أكدوا في رواياتهم بأنها ل تعدو ست‬
‫سنين في أقصى الحوال‪ ،‬فقد جاء في الكافي عن علي بن أبي طالب –‬
‫كما يفترون – أنه قال عن منتظرهم‪" :‬تكون له غيبة وحيرة يضل فيها‬
‫أقوام ويهتدي فيها آخرون" ]أصول الكافي‪.[.1/338 :‬‬
‫ولما سئل كم تكون الحيرة والغيبة‪ ،‬قال‪" :‬ستة أيام أو ستة أشهر‪ ،‬أو‬
‫ست سنين‪] "..‬أصول الكافي‪.[.1/338 :‬‬
‫ويبدو أن هذا النص قد وضع في اليام الولى لنشوء فكرة الغيبة‪،‬‬
‫لتسكين النفوس الثائرة وتهدئة القلوب الحائرة التي أفاقت على الحقيقة‬
‫المرة حينما مات المام بل عقب‪ ،‬وانجلت الخدعة وتبينت الحقيقة‪،‬‬
‫فربطت حينئذ دعوى الغيبة بهذا الوعد القريب لتكون أقرب للتصديق‬
‫وأسهل‪ ،‬وليضمنوا الكسب الحاضر للمال الجاهز الذي ينتظر ظهور المام‬
‫ليدفع إليه باسم حق آل البيت‪ ،..‬وفي البداء والتقية متسع للتأويل‪،‬‬
‫والرجوع عن الكلم‪ ..‬في المستقبل‪ ..‬وهذا ما وقع بالنسبة لموقف‬
‫شيوخهم المتأخرين من هذا النص‪ ،‬حيث قال بعضهم‪ :‬يحتمل أن يكون‬
‫المراد أن الغيبة والحيرة في ذلك القدر من الزمان أمر محتوم ويجري‬
‫فيهما البداء بعد ذلك ]المازندراني‪ /‬شرح جامع )على الكافي(‪ ،[.6/237 :‬ومنهم‬
‫من حاول التخلص بغير هذا ]حيث قال بعضهم‪ :‬يحتمل أن المقصود تحديد مدة‬
‫الحيرة بهذه الفترة ل الغيبة )نفس الموضع من المصدر السابق( مع أن الحيرة والشك قد‬

‫‪491‬‬
‫صاحبتهم في أمر الغيبة كما يظهر ذلك لك من الكتب التي ألفت في هذه المسألة‪ ،‬وأن‬
‫السبب في تأليفها يعود لعنصر الشك في الغيبة الذي سيطر على أذهان الكثير منهم‪.‬‬
‫)انظر – مثل ً ‪ :-‬إكمال الدين‪ /‬لبن بابويه‪ :‬ص ‪ ،[.(2‬ولكن لم يجرؤ أحد منهم على‬
‫الطعن في مسألة الغيبة ذاتها‪.‬‬
‫كما جاء عندهم توقيت ظهور هذا المر في السبعين من الغيبة‪ ،‬ثم غير‬
‫إلى مائة وأربعين‪ ،‬ثم أخر إلى غير أمد معين ]انظر‪ :‬أصول الكافي )مع شرحه‬
‫للمازندراني(‪ ،6/314 :‬وانظر‪ :‬الغيبة للطوسي‪ :‬ص ‪ ،263‬والغيبة للنعماني‪ :‬ص ‪،[.197‬‬
‫ونسبوا للئمة استطلع وقت خروج الغائب من الحروف المقطعة في‬
‫أوائل السور ]انظر‪ :‬تفسير العياشي‪ ،2/2 :‬البرهان‪ ،2/3 :‬بحار النوار‪-62/106 :‬‬
‫‪.[.109‬‬
‫ويظهر من رواياتهم أن الرموز التي تدير دفة التشيع كانت تمني أتباعها‬
‫بقرب الفرج والظهور للغائب المستور‪ ،‬حتى كان من الشيعة من يتوقع‬
‫خروج الغائب بين لحظة وأخرى‪ ،‬فقد جاء في أخبارهم أن منهم من ترك‬
‫البيع والشراء والعمل بانتظار الغائب واشتكوا من هذه الحالة حتى قال‬
‫بعضهم‪" :‬لقد تركنا أسواقنا انتظاًرا لهذا المر حتى ليوشك الرجل منا أن‬
‫يسأل في يده" ]انظر‪ :‬روضة الكافي‪ ،8/80 :‬عن مفتاح الكتب الربعة‪.[.3/331 :‬‬
‫ولكن الهدف من هذه الوعود هو ما أشرنا إليه من محاولتهم إمرار‬
‫"لعبتهم" وإزالة شك التباع وحيرتهم‪ ،‬وهذا ديدنهم في تعليل الشيعة‬
‫بالماني‪ ،‬وتخديرهم بالوعود حتى اعترفوا في أخبارهم‪" :‬إن الشيعة تربى‬
‫بالماني منذ مائتي سنة" ]أصول الكافي‪ ،1/369 :‬الغيبة للنعماني‪ :‬ص ‪ ،198‬الغيبة‬
‫للطوسي‪ :‬ص ‪ ،208-207‬بحار النوار‪ .52/102 :‬والخبر مروي عن علي الرضا‪.[.‬‬
‫وسبب ذلك أنه لو قيل لهم‪" :‬إن هذا المر ل يكون إل مائتي سنة أو‬
‫ثلثمائة سنة لقست القلوب‪ ،‬ولرجعت عامة الناس عن السلم )يعني‬
‫فا لقلوب الناس وتقريًبا‬ ‫مذهبهم(‪ ،‬ولكن قالوا‪ :‬ما أسرعه وما أقربه تأل ً‬
‫للفرج" ]أصول الكافي‪ ،1/369 :‬الغيبة للنعماني‪ :‬ص ‪ ،198‬الغيبة للطوسي‪ :‬ص ‪-207‬‬
‫‪ ،208‬بحار النوار‪.[.52/102 :‬‬
‫واختلفت رواياتهم التي وضعت لمعالجة مشكلة تحديد فترة الغيبة في‬
‫طريقة معالجتها‪ ،‬فهي تارة أمر بالتسليم وتقول‪" :‬إذا حدثناكم بحديث‬
‫فجاء على خلف ما حدثناكم به فقولوا‪ :‬صدق الله‪ ،‬وإذا حدثناكم بحديث‬
‫فجاء على خلف ما حدثناكم به فقولوا‪ :‬صدق الله‪ ،‬تؤجروا مرتين" ]أصول‬
‫الكافي‪ ،1/369 :‬الغيبة للنعماني‪ :‬ص ‪ ،198‬بحار النوار‪.[.52/118 :‬‬
‫وهي تارة تعزو سبب إخلف الوعد للظهور الذي حددته الئمة بإفشاء‬
‫الشيعة لسره‪ ،‬ولذلك حينما قال بعضهم‪" :‬ما لهذا المر أمد ينتهي إليه‬
‫ويريح أبداننا؟ قال )إمامهم(‪ :‬بلى‪ ،‬ولكنكم أذعتم فأخره الله" ]الغيبة‬
‫للنعماني‪ :‬ص ‪ ،194‬الغيبة للطوسي‪ :‬ص ‪ ،263‬بحار النوار‪ .[.52/117 :‬وتقول‬
‫رواياتهم‪" :‬إن الله تبارك وتعالى قد كان وّقت هذا المر‪ ..‬إلى أربعين‬
‫ومائة‪ ،‬فحدثناكم" فأذعتم الحديث‪ ،‬فكشفتم قناع الستر ]في بعض النسخ‬

‫‪492‬‬
‫تا عندنا ]أصول الكافي‪ ،1/368 :‬الغيبة‬
‫قناع السر‪ [.‬ولم يجعل الله له بعد ذلك وق ً‬
‫للنعماني‪ :‬ص ‪ ،197‬الغيبة للطوسي‪ :‬ص ‪ ،263‬بحار النوار‪.[.52/117 :‬‬
‫وهي تارة تعزو ذلك لقتل الحسين‪ .‬يقول أبو عبد الله ]من المعلوم أن‬
‫جعفًرا مات قبل نشوء فكرة الغيبة‪ ،‬ولكنهم ينسبون لجميع الئمة أخباًرا في وقوع الغيبة‪[.‬‬
‫‪" :‬إن الله تبارك وتعالى قد كان وقت هذا المر في السبعين ]قال شارح‬
‫الكافي‪ :‬في السبعين من الغيبة على الظاهر )المازندراني‪ /‬شرح جامع‪ [.(6/314 :‬فلما‬
‫أن قتل الحسين صلوات الله عليه اشتد غضب الله تعالى على أهل‬
‫الرض‪ ،‬فأخره‪] "..‬أصول الكافي‪ ،1/368 :‬الغيبة للنعماني‪ :‬ص ‪ ،197‬الغيبة للطوسي‪:‬‬
‫ص ‪ ،263‬بحار النوار‪.[.52/117 :‬‬
‫وهم ينظمون ذلك كله في عقيدة البداء‪ ،‬ولذلك قال المازندراني‪:‬‬
‫"توقيت ظهور هذا المر‪ ..‬توقيت بدائي فلذلك جرى فيه البداء" ]شرح‬
‫جامع‪ ،6/314 :‬وراجع الغيبة للطوسي‪ :‬ص ‪.[.264-263‬‬
‫وهي حيًنا تنفض اليد من أخبار التوقيت كلها وتقول‪" :‬كذب الوقاتون‪،‬‬
‫وهلك المستعجلون‪ ،‬ونجا المسلمون" ]أصول الكافي‪ ،1/368 :‬الغيبة للطوسي‪:‬‬
‫ص ‪ ،262‬الغيبة للنعماني‪ :‬ص ‪ ،198‬بحار النوار‪" ،[.104-52/103 :‬كذب الوقاتون‪،‬‬
‫إنا أهل بيت ل نوقت" ]أصول الكافي‪ ،1/368 :‬الغيبة للنعماني‪ :‬ص ‪" [.198‬ما‬
‫وقتنا فيما مضى ول نوقت فيما يستقبل" ]الغيبة للطوسي‪ :‬ص ‪ ،262‬بحار‬
‫النوار‪" ،[.52/103 :‬من وقت لك من الناس شيًئا فل تهابن أن تكذبه فلسنا‬
‫تا" ]الغيبة للنعماني‪ :‬ص ‪ ،195‬الغيبة للطوسي‪ :‬ص ‪ ،262‬بحار النوار‪:‬‬
‫نوقت لحد وق ً‬
‫‪" [.52/104‬أبى الله إل أن يخالف وقت الموقتين" ]أصول الكافي‪،1/368 :‬‬
‫وانظر‪ :‬الغيبة للنعمان‪ :‬ص ‪.[.198‬‬
‫وهكذا تتضارب أخبارهم وتتناقض‪ ،‬لن الوضع يتم حسب الظروف‬
‫والمناسبات‪.‬‬
‫أما سبب غيبته‪ :‬فقد جاء في الكافي عن زرارة قال‪" :‬سمعت أبا عبد‬
‫الله يقول‪ :‬إن للقائم عليه السلم غيبة قبل أن يقوم‪ ،‬قلت‪ :‬ولم؟ قال‪:‬‬
‫إنه يخاف – وأومأ بيده إلى بطنه – يعني القتل" ]أصول الكافي‪ ،1/338 :‬الغيبة‬
‫للنعماني‪ :‬ص ‪ ،118‬إكمال الدين‪ :‬ص ‪.[.449‬‬
‫]انظر‪ :‬أصول الكافي ‪،1/337‬‬ ‫وجاءت عندهم روايات عدة في هذا المعنى‬
‫‪ ،340‬الغيبة للنعماني‪ :‬ص ‪ ،118‬إكمال الدين‪ :‬ص ‪ .[.449‬وأكد ذلك شيخ الطائفة‬
‫الطوسي بقوله‪" :‬ل علة تمنع من ظهوره إل خوفه على نفسه من القتل‪،‬‬
‫لنه لو كان غير ذلك لما ساغ له الستتار وكان يتحمل المشاق والذى‪،‬‬
‫فإن منازل الئمة وكذلك النبياء عليهم السلم إنما تعظم لتحملهم‬
‫المشاق العظيمة في ذات الله تعالى" ]الغيبة لطلوسي‪ ،‬فصل في ذكر العلة‬
‫المانعة لصاحب المر من الظهور‪ :‬ص ‪.[.199‬‬
‫ولكن هذا التعليل للغيبة الذي يؤكده شيخ الطائفة ل يتصور في حق‬
‫الئمة – على ما يعتقد الشيعة – لن الئمة "يعلمون متى يموتون‪ ،‬ول‬
‫‪493‬‬
‫يموتون إل باختيار منهم"‪ .‬كما أثبت ذلك الكليني في الكافي في روايات‬
‫عديدة‪ ،‬وبوب لها بهذا اللفظ المذكور ]أصول الكافي‪ .[.1/258 :‬وأثبت ذلك‬
‫المجلسي في بحار النوار وبوب له بلفظ‪" :‬أنهم عليهم السلم يعلمون‬
‫متى يموتون وأنه ل يقع ذلك إل باختيارهم" ]بحار النوار‪ .[.27/285 :‬فكيف‬
‫يخرجون من هذا التناقض؟! ]وقد رجعت إلى شرح الكافي للمازندراني لطلع على‬
‫ما يقوله في روايات الكافي التي تعلل غيبته بخوفه من القتل‪ ..‬فوجدته مر عليها ولم‬
‫يتعقبها بشيء‪.[.‬‬
‫كما أن الئمة – على حد ما يعتقد الشيعة – "يعلمون ما كان وما يكون‬
‫ول يخفى عليهم الشيء" ]أصول الكافي‪ ،[.1/260 :‬كما قرر ذلك الكليني في‬
‫باب يحمل العنوان المذكور‪.‬‬
‫فبوسعهم أن يحترزوا من الخطر بما ل يخطر على بال أحد‪.‬‬
‫ثم لماذا لم يقتل واحد من أولئك النواب الربعة الذين يدعون الصلة‬
‫بالمام مباشرة وهم ليسوا كالمام ل يموتون إل باختيار منهم؟!‬
‫كذلك قد توفر المن التام للمام في أثناء قيام بعض الدول الشيعية‬
‫فلماذا لم يخرج إليهم‪ ،‬ويأنسوا بطلعته‪ ،‬ويستفيدوا من علمه‪ ،‬وسلحه‪،‬‬
‫وقوته‪ ..‬وإذا مازالت الدولة رجع إلى مكمنه؟ ولذلك قال أحمد الكسروي‬
‫– الشيعي الصل ‪" :-‬إذا كان منتظرهم قد اختفى لخوفه على نفسه فلم‬
‫لم يظهر عندما استولى آل بويه الشيعيون على بغداد‪ ،‬وصيروا خلفاء بني‬
‫العباس طوع أمرهم؟‬
‫فلم لم يظهر عندما قام الشاه إسماعيل الصفوي وأجرى من دماء‬
‫السنيين أنهاًرا؟‬
‫فلم لم يظهر عندما كان كريمخان الزندي وهو من أكبر سلطين إيران‬
‫يضرب على السكة اسم إمامكم )صاحب الزمان( ويعد نفسه وكيل ً عنه؟‬
‫وبعد‪ ،‬فلم ل يظهر اليوم وقد كمل عدد الشيعيين ستين مليوًنا وأكثرهم‬
‫من منتظريه؟" ]التشيع والشيعة‪ :‬ص ‪.[.42‬‬
‫وكذلك اليوم – من بعد الكسروي – قامت دولة اليات فلم ل يخرج‬
‫إليهم ول سيما وهم يجأرون بالدعوات‪ ،‬والستغاثة لخروجه منذ مئات‬
‫السنين‪.‬‬
‫كما وضعت روايات تعلل الغيبة بامتحان قلوب الشيعة واختبارهم‪ ،‬وقد‬
‫يكون هذا التعليل الذي تحمله تلك الروايات محاولة منهم لمعالجة ظاهرة‬
‫الشك الذي تسلل إلى قلوب الشيعة‪ ،‬حيث لم تجد هذه المسألة طريقها‬
‫إلى عقول كثير منهم حتى اضطرهم ذلك إلى نبذ عقيدة التشيع ورفضها‪.‬‬
‫كما مل الشيعة النتظار للغائب الموعود حتى قال قائلهم‪" :‬قد طال‬
‫دا‪] "..‬الغيبة للنعماني‪ :‬ص ‪[.120‬‬
‫هذا المر علينا حتى ضاقت قلوبنا ومتنا كم ً‬

‫‪494‬‬
‫وأطل عليهم شبخ الشك الرهيب وقد شهد بذلك ابن بابويه القمي حيث‬
‫ي من‬
‫قال‪" :‬رجعت إلى نيسابور‪ ،‬وأقمت فيها فوجدت أكثر المختلفين عل ّ‬
‫الشيعة قد حيرتهم الغيبة‪ ،‬ودخلت عليهم في أمر القائم عليه السلم‬
‫الشبهة" ]إكمال الدين‪ :‬ص ‪.[.2‬‬
‫وقد صورت رواياتهم – التي وضعت لمعاجلة هذا المر كما يظهر –‬
‫حيرتهم في أمر الغائب‪ ،‬وطول غيبته وانقطاع أخباره‪ ،‬جاء في الكافي‬
‫"عن زرارة قال‪ :‬سمعت أبا عبد الله يقول‪ :‬إن للغلم غيبة قبل أن يقوم‪..‬‬
‫وهو المنتظر وهو الذي يشك في ولدته‪ ،‬منهم من يقول‪ :‬مات أبوه بل‬
‫خلف‪ ،‬ومنهم من يقول‪ :‬حمل‪ ،‬ومنهم من يقول‪ :‬إنه ولد قبل موت أبيه‬
‫بسنتين وهو المنتظر‪ ،‬غير أن الله عز وجل يحب أن يمتحن الشيعة‪ ،‬فعند‬
‫ذلك يرتاب المبطلون" ]أصول الكافي‪ ..[.1/337 :‬فعللوا هذا الختلف بأنه‬
‫امتحان للشيعة‪.‬‬
‫وقد نقلت لنا كتب الفرق أن هذا ما حدث لهم بعد موت الحسن‬
‫العسكري – كما سبق – فكأن هذه الرواية وأمثالها اخترعت لمواجهة‬
‫ما‪.‬‬
‫نزعة الحيرة والشك التي داهمتهم بعد موت إمامهم عقي ً‬
‫وقد أكثروا من الروايات التي تجري هذا المجرى‪ ،‬وتصور واقعهم أبلغ‬
‫تصوير‪.‬‬
‫فقد جاء في الكافي‪" :‬ل والله ل يكون ما تمدون إليه أعينكم حتى‬
‫تغربلوا‪ ،‬ل والله ل يكون ما تمدون إليه أعينكم حتى تمحصوا‪ ،‬ل والله ل‬
‫يكون ما تمدون إليه أعينكم حتى تميزوا‪ ،‬ل والله ل يكون ما تمدون إليه‬
‫أعينكم إل بعد إياس‪ ،‬ل والله ل يكون ما تمدون إليه أعينكم حتى يشقى‬
‫من يشقى ويسعد من يسعد" ]أصول الكافي‪.[.1/370 :‬‬
‫فهم يدعون أن ما حل بهم بسبب دعوى الغيبة إنما هو من أجل‬
‫التمحيص والبتلء‪ ،‬وأنه إذا تم ذلك رجع القائم‪ ،‬ونسبوا إلى جعفر‬
‫الصادق‪ :‬أنه دخل عليه بعض أصحابه وهو يبكي كالثكلى‪ ،‬لنه نظر – كما‬
‫يقولون – في كتاب الجفر المشتمل على علم البليا والمنايا‪ ،‬وعلم ما‬
‫كان وما يكون إلى يوم القيامة فقال‪" :‬تأملت فيه مولد قائمنا عليه‬
‫السلم‪ ،‬وغيبته وإبطاءه وطول عمى وبلوى المؤمنين من بعده في ذلك‬
‫الزمان‪ ،‬وتولد الشكوك في قلوب الشيعة من طول غيبته وارتداد أكثرهم‬
‫عن دينه‪] "..‬الغيبة للطوسي‪ :‬ص ‪.[.106-105‬‬
‫فهذه الرواية المنسوبة إلى جعفر تتحدث عن درة كثير من الشيعة‬
‫بسبب دعوى الغيبة التي طال أمدها‪ ،‬وهي قد وضعت – كغيره – بعدما‬
‫حل بهم هذا المر لحضهم على البقاء في نطاق التشيع‪ ،‬وذلك بدعوى أن‬
‫هذا أمر أخبرت به الئمة وهو من أمارات رجعة المام المفقود‪.‬‬
‫وقد شهد شيخهم النعماني وهو من شيوخ القرن الثالث‪ ،‬وممن عايش‬
‫واقع الشيعة في الفترة المبكرة لدعوى الغيبة‪ ،‬فشهادته في ذلك في‬
‫‪495‬‬
‫غاية الهمية‪ ،‬شهد بشك جميع الشيعة في أمر الغيبة – إل القليل – يقول‪:‬‬
‫"فإنا رأينا طوائف من العصابة المنسوبة إلى التشيع‪ ،‬المنتمية إلى نبينا‬
‫محمد وآله صلى الله عليهم ممن يقول بالمامة‪ ..‬قد تفرقت كلمتها‪،‬‬
‫وتشعبت مذاهبها‪ ،‬واستهانت بفرائض الله عز وجل‪ ،‬وخفت إلى محارم‬
‫وا‪ ،‬وانخفض بعضهم تقصيًرا‪ ،‬وشكوا جميًعا‬ ‫الله تعالى فطال بعضهم غل ً‬
‫إلى القليل في إمام زمانهم وولي أمرهم وحجة ربهم‪ ..‬للمحنة الواقعة‬
‫بهذه الغيبة" ]الغيبة للنعماني‪ :‬ص ‪.[.11‬‬
‫ضا‪ ،‬ويبرأ منه ويشهد عليه بالكفر‪ ،‬كما تصور‬ ‫وقد أخذ بعضهم يلعن بع ً‬
‫ذلك رواية النعماني التي تقول‪" :‬ل يكون المر الذي ينتظر حتى يبرأ‬
‫بعضكم من بعض ويتفل بعضكم في وجوه بعض‪ ،‬فيشهد بعضكم على‬
‫ضا" ]الغيبة للنعماني‪ :‬ص ‪ ،138-137‬بحار النوار‪:‬‬
‫بعض بالكفر ويلعن بعضكم بع ً‬
‫‪ [.115-52/114‬وجعلت الرواية هذه الظاهرة الخطيرة خيًرا‪ ،‬لنها مؤذنة‬
‫بخروج القائم فقالت‪" :‬الخير كله في ذلك الزمان‪ ،‬يقوم قائمنا ويدفع ذلك‬
‫كله" ]الغيبة للنعماني‪ :‬ص ‪ ،138‬بحار النوار‪ :‬ص ‪.[.115‬‬
‫فيبدو من خلل هذه النصوص أن محدثي الشيعة عملوا على مواجهة‬
‫هذه النكسة بوضع هذه الروايات على أهل البيت وجعلوها تشير إلى ما‬
‫يلحق الشيعة من التمحيص والبتلء والردة عند وقوع الغيبة وذلك من‬
‫أجل إغرائهم بالبقاء داخل نطاق التشيع المامي‪.‬‬
‫ورغم هذه العترافات والشهادات فإن فكرة الغيبة التي اضطرت‬
‫المامية للقول بها قد أحدثت هزة عنيفة زلزلت كيان التشيع المامي‬
‫وكادت أن تؤدي إلى سقوطه بذهاب أتباعه‪ ..‬رغم ذلك فإنهم يقولون في‬
‫رواياتهم‪" :‬لو علم الله أنهم يرتابون ما خيب حجته طرفة عين" ]أصول‬
‫الكافي‪ ،1/333 :‬الغيبة للنعماني‪ :‬ص ‪ [.107‬فأي ريبة أشد من شك الجميع إل‬
‫القليل‪ ،‬ومن التفرق والتلعن؟!‪.‬‬
‫ويلحظ كثرة التكذيب للغيبة من لدن الشيعة‪ ،‬ول سيما في مراحل‬
‫نشأتها‪ ،‬ولعل السبب يعود إلى وضوح كذبها لمن عاصرها وعايش‬
‫ظروفها‪ ،‬ولذلك فقد نشط مؤسسو هذه الفكرة لسد الثغرات التي تهب‬
‫عليهم منها رياح الشك‪ ،‬وتسديد الفجوات التي تتضح منها صورة الكذب‪،‬‬
‫فعالجوا مشكلة التكذيب والتلعن والتفرق بوضع روايات على أهل البيت‬
‫تنبئ بحدوثها وتبشر بالخير عند وقوعها لنها مؤذنة بعودة القائم )ولكنها‬
‫وقعت ولم يخرج القائم(‪ ،‬حاولوا معالجة ما ترامى إلى أسماع الشيعة‬
‫من تكذيب أسرة الحسن لهذه الدعوات بوضع روايات تقول‪" :‬إن للقائم‬
‫غيبة ويجحده أهله" وحينما سأل زرارة – الموضوع عليه الخبر ]لنه مات‬
‫قبل نشوء فكرة الغيبة‪ – [.‬عن سبب ذلك قال أبو جعفر – فيما تزعم الرواية‬
‫‪" :-‬يخاف‪ ،‬وأومأ بيده إلى بطنه" ]الغيبة للنعماني‪ :‬ص ‪.[.118‬‬

‫‪496‬‬
‫ومن الفجوات كذلك أنه ل أحد من أسرة الحسن ول غيرهم‪ ،‬يعلم‬
‫ما منا‪،‬‬
‫بولدته ول بمنشئه فوضعوا روايات تقول‪" :‬يبعث الله لهذا المر غل ً‬
‫خفي الولدة والمنشأ" ]أصول الكافي‪ ،342-1/341 :‬الغيبة للنعماني‪ :‬ص ‪.[.112‬‬
‫ومن تتبع رواياتهم بهذه الطريقة وجد العجب‪.‬‬
‫كما قاموا من جهة أخرى بوضع روايات تجعل من انتظار الفرج بخروج‬
‫القائم من أفضل العمال وأعظمها وذلك – فيما يظهر – لطرد الملل من‬
‫طول النتظار‪ ،‬وإزالة السى الناتج عن شدة الترقب‪ ،‬والشعور بالحرمان‬
‫من صحبة القائم المام‪ .‬جاء في الكافي‪" :‬أقرب ما يكون العباد من الله‬
‫جل ذكره وأرضى ما يكون عنهم إذا افتقدوا حجة الله جل وعز ولم يظهر‬
‫لهم ولم يعلموا مكانه وهم في ذلك يعلمون أنه لم تبطل حجة الله جل‬
‫ء" ]أصول الكافي‪:‬‬
‫حا ومسا ً‬
‫ذكره ول ميثاقه‪ ،‬فعندها فتوقعوا الفرج صبا ً‬
‫‪ ،1/333‬بحار النوار‪.[.52/145 :‬‬
‫فجعلوا الغيبة أمارة على ظهور الفرج مع أنه قد مضى اليوم على‬
‫الغيبة أكثر من ألف ومائة سنة‪ ،‬ولم يقع شيء من هذه الوعود‪ ،‬فما تأثير‬
‫ذلك على من يقرأ أمثال هذه الماني من الشيعة؟! أل يزداد الشك‬
‫ويضعف اليقين‪ ،‬وقد يبحث عن مذهب آخر سوى السلم‪ ،‬لنه قيل له –‬
‫زوًرا وبهتاًنا – إن هذا المهدي الموعود متفق عليه بين السنة والشيعة‪.‬‬
‫ولهم روايات كثيرة في عقيدة النتظار‪ ،‬وقد ذكر المجلسي منها )‪(77‬‬
‫رواية في باب عقده بعنوان "باب فضل انتظار الفرج‪ ،‬ومدح الشيعة في‬
‫زمن الغيبة وما ينبغي فعله في ذلك الزمان" ]بحار النوار‪،150-52/122 :‬‬
‫وانظر‪ :‬إكمال الدين‪ :‬ص ‪ 603‬وما بعدها‪ [.‬حتى نسبوا إلى رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم أنه قال‪" :‬أفضل أعمال أمتي انتظار فرج الله عز وجل" ]بحار‬
‫النوار‪ [.52/122 :‬يعنون به خروج منتظرهم‪.‬‬
‫وجعلوا النتظار أحب العمال إلى الله ]بحار النوار‪[.52/122 :‬‬
‫و"المنتظرون لظهوره أفضل أهل كل زمان" ]بحار النوار‪،[.52/122 :‬‬
‫وزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عنهم لصحابه‪" :‬سيأتي‬
‫قوم من بعدكم الرجل الواحد منهم له أجر خمسين منكم‪ ،‬قالوا‪ :‬يا‬
‫رسول الله نحن كنا معك ببدر وأحد وحنين ونزل فينا القرآن‪ .‬فقال‪ :‬إنكم‬
‫لو تحملوا ما حملوا لم تصبروا صبرهم" ]بحار النوار‪ .[.52/130 :‬وغاب عن‬
‫واضع الرواية من زلة الصحابة عند الرافضة‪.‬‬
‫وجاءت عندهم روايات تطفئ ذلك التطلع لخروجه وتقول "من عرف‬
‫هذا المر ثم مات قبل أن يقوم القائم عليه السلم كان له مثل أجر من‬
‫قتل معه" ]بحار النوار‪.[.52/131 :‬‬
‫وبجانب هذا الترغيب فهناك التهديد والوعيد بالكفر والخلود في النار‬
‫لمن أنكر غيبة القائم حتى جعلوا إنكارها كالكفر برسالة محمد صلى الله‬
‫دوا ذلك مثل كفر إبليس‪.‬‬‫عليه وسلم ‪ ،‬بل ع ّ‬
‫‪497‬‬
‫روى صدوقهم بسنده المزعوم "عن ابن أبي يعفور قال‪ :‬قال أبو عبد‬
‫الله عليه السلم‪ :‬من أقر بالئمة من آبائي وولدي‪ ،‬وجحد المهدي من‬
‫دا صلى الله عليه وسلم‪.‬‬ ‫ولدي كان كمن أقر بجميع النبياء وجحد محم ً‬
‫فقلت‪ :‬يا سيدي ومن المهدي من ولدك؟ قال‪ :‬الخامس من ولد السابع‪،‬‬
‫يغيب عنهم شخصه ول يحل لهم تسميته" ]إكمال الدين‪ :‬ص ‪ ،[.388‬وافتروا‬
‫على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال‪" :‬من أنكر القائم من‬
‫ولدي فقد أنكرني" ]إكمال الدين‪ :‬ص ‪ ،390‬لطف الله الصافي‪ /‬منتخب الثر‪ :‬ص‬
‫‪.[.492‬‬
‫وقال صدوقهم‪" :‬مثل من أنكر القائم عليه السلم في غيبته مثل‬
‫إبليس في امتناعه في السجود لدم" ]إكمال الدين‪ :‬ص ‪.[.13‬‬
‫ومسألة الغيبة صارت بفعل شيوخ الشيعة مصدر حقد‪ ،‬ضد الصحابة‬
‫ي‬
‫ومن تبعهم بإحسان‪ ،‬حتى قال شيخهم الجزائري‪" :‬إني كلما أشكلت عل ّ‬
‫مسألة أوجبت على نفسي لعنهم‪ ،‬لنهم سبب في استتار الحجة" ]شرح‬
‫الصحيفة السجادية‪ :‬ص ‪.[.37‬‬
‫فتلحظ أنهم يحاولون توجيه السخط والحقد الكامن في نفوس الشيع‬
‫من مرارة النتظار‪ ،‬ولوعة العتقاد بأن "المام الغائب مقموع مقهور‬
‫مزاحم في حقه قد غلب قهًرا" ]إكمال الدين‪ :‬ص ‪.[.12‬‬
‫وأنه بسبب غيبته – كما يزعمون – "جرى على شيعته من أعداء الله ما‬
‫جرى من سفك الدماء ونهب الموال‪] "..‬إكمال الدين‪ :‬ص ‪.[.12‬‬
‫فيوجهون هذا الحقد الناتج من هذا الشعور إلى سب ولعن لخير جيل‬
‫عرفته البشرية‪ ..‬ومن اقتفى أثرهم‪.‬‬

‫الستدلل على وقوع الغيبة‬


‫عني المامية عناية شديدة بالبرهنة على صحة عقيدتهم في غيبة‬
‫المهدي‪ ..‬وقد اتجهوا إلى كتاب الله سبحانه يبحثون فيه عن سند‬
‫لعقيدتهم‪ ،‬فلما لم يجدوا فيه ما يريدون استنجدوا كعادتهم بالتأويل‬
‫الباطني المتسم بالتكلف الشديد والشطط البالغ وأولوا عدة آيات من‬
‫كتاب الله بهذا المنهج‪.‬‬
‫جاء في أصل أصول التفسير عندهم )تفسير القمي( في قوله سبحانه‪:‬‬
‫جّلى{ ]الليل‪ ،‬آية‪ .[.2 :‬قال‪ :‬النهار هو القائم عليه السلم‬ ‫ذا ت َ َ‬‫ر إِ َ‬‫ها ِ‬
‫والن ّ َ‬ ‫} َ‬
‫منا أهل البيت ]تفسير القمي‪..[.2/425 :‬‬
‫ن‬ ‫ق ْ َ َ‬‫وجاء في أصح كتبهم الربعة في قوله سبحانه‪ُ } :‬‬
‫م إِ ْ‬
‫ل أَرأي ْت ُ ْ‬
‫ن{ ]الملك‪ ،‬آية‪ ،[.30 :‬قال‪:‬‬ ‫عي ٍ‬‫م ِ‬
‫ماء ّ‬
‫كم ب ِ َ‬ ‫من ي َأ ِْتي ُ‬ ‫وًرا َ‬
‫ف َ‬ ‫غ ْ‬‫م َ‬ ‫ؤك ُ ْ‬‫ما ُ‬‫ح َ‬ ‫صب َ َ‬
‫َ‬
‫أ ْ‬
‫إذا غاب عنكم إمامكم فمن يأتيكم بإمام جديد ]أصول الكافي‪ ،1/339 :‬وانظر‪:‬‬

‫‪498‬‬
‫تفسير العياشي‪ ،2/76 :‬إكمال الدين‪ :‬ص ‪ ،339‬البرهان‪ .[.2/102 :‬وفي تفسير‬
‫س‬ ‫سول ِ ِ َ‬
‫ه إ ِلى الّنا ِ‬ ‫وَر ُ‬ ‫ن الل ّ ِ‬
‫ه َ‬ ‫م َ‬
‫ن ّ‬ ‫وأ َ َ‬
‫ذا ٌ‬ ‫العياشي في قوله سبحانه‪َ } :‬‬
‫َ‬ ‫م ال ْ َ‬
‫ر{ ]التوبة‪ ،‬آية‪ .[.3 :‬قال‪" :‬خروج القائم وأذان دعوته إلى‬ ‫ج الك ْب َ ِ‬
‫ح ّ‬ ‫و َ‬
‫يَ ْ‬
‫نفسه" ]تفسير العياشي‪ ،2/76 :‬البرهان‪.[.2/102 :‬‬
‫والمثلة في مثل هذا اللون من التأويل كثيرة حتى ألفوا في هذا كتًبا‬
‫مستقلة مثل "ما نزل من القرآن في صاحب الزمان" ]للرافضي عبد العزيز‬
‫الجلودي )انظر‪ :‬الذريعة ‪ ،[.(19/30‬و"المحجة فيما نزل في القائم الحجة"‬
‫]لشيخهم هاشم البحراني‪ ،[.‬وقد نشر الخير في طبعة حديثة ]نشر سنة )‬
‫‪‍1403‬ه( عن مؤسسة الوفاء‪ ،‬بيروت‪ [.‬قام على تحقيقها بعض الروافض‬
‫المعاصرين ]يدعى محمد منير الميلني‪ ،‬وقد أرجع نصوص الكتاب إلى مجموعة من‬
‫كتبهم المعتمدة عندهم‪ ،[.‬وقد أول فيه مؤلفه أكثر من )‪ (120‬آية من كتاب‬
‫الله بمهديهم المنتظر في تأويلت هي من فضائحهم التي ل تستر‪ ،‬ولكن‬
‫المحقق لم يقتنع بهذا العدد فأضاف إليه تأويل اثنتي عشرة آية أخرى من‬
‫كتاب الله ووضعها في آخر الكتاب تحت عنوان "مستدرك المحجة"‪.‬‬
‫والنظر الموضوعي المنصف يرى في هذه التأويلت الباطنية التي يراد‬
‫دا وأنها تحريف لكتاب الله ل‬ ‫وا شدي ً‬
‫الحتجاج بها لمسألة غيبة مهديهم غل ً‬
‫استدلل به‪ ،‬وهي تدل دللة ظاهرة على فساد الفكرة التي يحاول‬
‫تقريرها من أصلها‪.‬‬
‫ويلتمس المامية من الغيبة التي وقعت لبعض النبياء دليل ً على صحة‬
‫وقوع غيبة مهديهم؛ فيحتجون – مثل ً – بغيبة "موسى بن عمران عليه‬
‫السلم من وطنه وهربه من فرعون ورهطه كما نطق به القرآن"‪ ،‬وغيبة‬
‫يوسف عليه السلم‪ ،‬واستتار خبره عن أبيه – كما جاءت به سورة في‬
‫القرآن – إلى أن كشف الله أمره وظهر خبره وجمع بينه وبين أبيه‬
‫وإخوته‪ ،‬وقصة يونس بن متى نبي الله عليه السلم مع قومه وفراره‬
‫منهم حين تطاول خلفهم له‪ ،‬واستخفافهم بحقوقه‪ ،‬وغيبته عنهم وعن كل‬
‫أحد حتى لم يعلم أحد من الخلق مستقره‪ ،‬وستره الله تعالى وأمسك‬
‫عليه رمقه بضرب من المصلحة‪ ،‬إلى أن انقضت تلك المدة ورده الله‬
‫تعالى إلى قومه‪ ،‬وجمع بينهم وبينه ]الغيبة للطوسي‪ :‬ص ‪.[.77‬‬
‫وكذلك استتار نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في الغار‪ ،‬وقد احتج بها‬
‫فا للقيام بالمر وتحمل‬ ‫الطوسي على من قال‪" :‬إذا كان )إمامكم( مكل ً‬
‫أعباء المامة كيف يغاب؟" ]انظر‪ :‬الغيبة للطوسي‪ :‬ص ‪ [.13‬فيجيبه الطوسي‬
‫بقوله‪" :‬أليس النبي صلى الله عليه وسلم قد اختفى في الشعب ثلث‬
‫سنين لم يصل إليه أحد واختفى في الغار ثلثة أيام" ]الغيبة للطوسي‪ :‬ص‬
‫‪.[.13‬‬
‫والواقع أن هذه المقارنات التي يقوم بها المامية لقناع أتباعهم‬
‫والمتشككين في أمر الغيبة ل تجدي في نزع فتيل الشك المشتعل في‬

‫‪499‬‬
‫أفئدة القوم كلما تأملوا أمر الغيبة بعين عقولهم‪ ،‬رغم أنهم يعولون على‬
‫هذه المقارنات كثيًرا‪ ،‬حتى إن ابن بابويه ألف في شأنه كتاًبا لقناع كبير‬
‫شيوخهم الذي داخله الشك في أمر الغيبة ولقناع الحافين به من الشيعة‬
‫الذين داهمهم الريب والحيرة في شأنها كما أشار إلى ذلك في كتابه‬
‫]انظر‪ :‬إكمال الدين‪ :‬ص ‪.[.4-2‬‬
‫أقول‪ :‬إن هذه المقارنات غير مجدية في إثبات فكرة غيبة إمامهم‬
‫لسباب كثيرة‪ ،‬منها أن غيبة موسى ويوسف ويونس ومحمد ]أما غيبة‬
‫الشعب فليست بغيبة‪ ،‬بل حصار ومقاطعة فل تدخل في موضوعنا‪ [.‬عليهم السلم قد‬
‫أخبر الله سبحانه بها في كتابه بنص واضح صريح ل لبس فيه ول غموض‪،‬‬
‫أما غيبة مهديهم فتنتهي رواياته إلى حكيمة إن صحت النسبة إليها‪ ،‬ثم‬
‫أخبار البواب الربعة المطعون في شهادتهم‪ ،‬لنهم يجرون المصلحة‬
‫إليهم‪ ،‬حيث المال المتدفق‪.‬‬
‫ولهذا ادعى كثيرون هذه البابية‪ ،‬كذلك غيبة النبياء معروفة لدى قومهم‬
‫لنهم عاشوا بينهم‪ ،‬وعرفوا‪ ،‬أما غائبهم فلم يعرفه أحد ولم ير له أثر‪،‬‬
‫وكان أهله أنفسهم ينكرون وجوده‪ .‬كما شهد ثقات المؤرخين أن الحسن‬
‫العسكري لم يعقب – كما سيأتي ‪.-‬‬
‫ثم إن غيبة هؤلء النبياء محدودة الزمان والمكان‪ ،‬ما لبثوا أن عادوا‬
‫إلى قومهم وأهلهم‪.‬‬
‫أما منتظرهم فقد مضت القرون ولم يعرف له أثر ولم يعلم له مكان‪.‬‬
‫كذلك رسل الله الذين غابوا قد أقاموا الحجة على قومهم‪ ،‬وبلغوا‬
‫رسالت الله في جيلهم‪ ،‬أما غائبهم فقد مرت الجيال ولم نسمع منه‬
‫شيًئا‪.‬‬
‫يضاف إلى ذلك أن الغيبة للنبياء كانت طبيعية في جملتها‪ ،‬فغيبة‬
‫يوسف هي مفارقة لبيه وظهوره عند قوم آخرين‪ ،‬كما يسافر المرء من‬
‫بلد إلى بلد‪ .‬وهي موقوته بزمن محدود‪ ،‬وهي حوادث استثنائية حتى‬
‫بالنسبة للنبياء عليهم السلم‪ ،‬فإنهم جم غفير‪ ،‬ولم ينقل أن هذا حدث‬
‫لغير المذكورين‪.‬‬
‫أما احتجاج الثني عشرية باختفاء النبي صلى الله عليه وسلم في الغار‬
‫"فإن هذا الستدلل واقع في غير موقعه‪ ،‬لن استتار النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم لم يكن لخفاء دعوى النبوة‪ ،‬بل كانت من جنس التورية في‬
‫الحرب‪ ،‬حتى ل يسد الكفار عليه الطريق‪ ،‬ثم هذا الختفاء كان ثلث أيام‪،‬‬
‫فقياس ذلك على غيبة مهديهم في غاية الحماقة‪ ،‬فرق واضح بين الختفاء‬
‫الذي كان مقدمة عاجلة لظهور الدين وبين الختفاء المتطاول الذي لزمه‬
‫الخذلن وترك الدعوة وانتشار الطغيان" ]مختصر التحفة‪ :‬ص ‪.[.119‬‬
‫دفاعهم عن طول أمد الغيبة‪:‬‬

‫‪500‬‬
‫إن مما يعرف به كذب دعوى الشيعة وجود إمامها‪ ،‬هو استبعاد بقائه‬
‫حًيا طول هذه المدة التي تجاوزت الن ألف ومائة سنة‪ .‬فإن تعمير واحد‬
‫من المسلمين هذه المدة هو – كما يقول شيخ السلم ابن تيمية – أمر‬
‫يعرف كذبه بالعادة المطردة في أمة محمد‪ ،‬فل يعرف أحد ولد في زمن‬
‫السلم عاش مائة وعشرين سنة فضل ً عن هذا العمر‪ ،‬وقد ثبت في‬
‫الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في آخر عمره "أريأتكم‬
‫ليلتكم هذه‪ ،‬فإن على رأس مائة سنة منها ل يبقى على وجه الرض ممن‬
‫هو اليوم عليها أحد" ]منهاج السنة‪ ،2/65 :‬وانظر الحديث في‪ :‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب‬
‫العلم‪ ،‬باب السمر في العلم‪ ،1/37 :‬ومسند أحمد‪ .[.131 ،2/121 :‬فمن كان في‬
‫ذاك الوقت له سنة ونحوها لم يعش أكثر من مائة سنة قطًعا‪ ،‬وإذا كانت‬
‫العمار في ذلك العصر ل تتجاوز هذا الحد فما بعده من العصار أولى‬
‫بذلك في العادة الغالبة العامة‪ ...‬ثم أعمار هذه المة ما بين الستين إلى‬
‫السبعين‪ ،‬وقليل ممن يجوز ذلك ]منهاج السنة‪.2/165 :‬‬
‫وانظر الحديث في سنن الترمذي‪ ،‬كتاب الزهد‪ ،‬باب ما جاء في فناء أعمال هذه المة‬
‫ما بين الستين إلى السبعين‪ ،(2331) 4/566 :‬وكتاب الدعوات‪ ،‬باب في دعاء النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم‪ ،(3550) 5/553 :‬وقال الترمذي‪ :‬هذا حديث حسن غريب ل يعرف إل من‬
‫ضا من طريق أخرى عن‬ ‫هذا الوجه‪ ،‬قال ابن حجر‪ :‬وهو عجيب منه فقد رواه في الزهد أي ً‬
‫أبي هريرة )فيض القدير‪ .(2/11 :‬ورواه ابن ماجه في كتاب الزهد‪ ،‬باب المل والجل‪:‬‬
‫‪ .(4236) 2/1415‬ورواه ابن حبان )انظر‪ :‬فيض القدير‪ ،(2/11 :‬والحاكم )المستدرك‪:‬‬
‫‪ ،(2/427‬والخطيب )تاريخ بغداد‪ ،(12/48 ،6/397 :‬وأورده السيوطي في الجامع ورمز له‬
‫بالحسن )الجامع الصغير ص ‪ ،(48‬وقال ابن حجر في الفتح‪ :‬سنده حسن )انظر‪ :‬فيض‬
‫القدير‪ ،(2/11 :‬وقال الحاكم‪ :‬صحيح على شرط مسلم‪ ،‬ووافقه الذهبي )المستدرك‬
‫‪ ،(2/427‬وتعقب ذلك اللباني وقال‪ :‬الصواب أنه حسن لذاته وصحيح لغيره‪ .‬سلسلة‬
‫الحاديث الصحيحة‪ ،(757) 2/397 :‬وانظر‪ :‬صحيح الجامع )لللباني( ‪[.(1084) 1/354‬‬
‫كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح ]منهاج السنة‪.[.2/165 :‬‬
‫هذا العتراض يأخذ بخناق المامية‪ ،‬ويجتث جذور اعتقادهم من‬
‫أساسه‪ ..‬وقد حاول شيوخ الشيعة دفعه بإجراء مقارنات بين مهديهم‬
‫وبعض النبياء عليهم السلم الذي زادت أعمارهم عن المعدل الطبيعي‬
‫المألوف للبشر‪ ،‬فالمهدي عندهم شبيه بنوح عليه السلم الذي لبث في‬
‫ما ]انظر‪ :‬الغيبة للطوسي‪ :‬ص ‪.[.79‬‬
‫قومه ألف سنة إل خمسين عا ً‬
‫وأسندوا هذه المقارنة إلى بعض آل البيت لتحظى بالقبول عند أتباعهم‪،‬‬
‫فروى ابن بابويه – بسنده – أن علي بن الحسين قال‪" :‬في القائم سنة‬
‫من نوح عليه السلم وهو طول العمر" ]إكمال الدين‪ :‬ص ‪ .[.488‬وكذلك‬
‫يقولون إن بقاء مهديهم هو كبقاء عيسى بن مريم عليه السلم ]عقائد‬
‫المامية‪ :‬ص ‪ .[.108‬والخضر وإلياس‪ ،‬ويعقدون المقارنة حتى بإبليس‬
‫]الحائري‪ /‬إلزام الناصب‪ .[.1/283 :‬ويسندون جملة من هذه المقارنات إلى‬
‫بعض آل البيت لتكسب صفة القطع عن أتباعهم؛ لنها من قول المعصوم‬
‫]انظر هذه الروايات في‪ :‬أصول الكافي‪ ،337-1/336 :‬الغيبة للنعماني‪ :‬ص ‪ 108‬وما‬
‫بعدها‪ ،‬إكمال الدين‪ :‬ص ‪ 134‬وما بعدها‪ ،‬إلزام الناصب‪ ،[.1/285 :‬وكذلك يحتجون‬
‫بأخبار المعمرين من البشر ]انظر‪ :‬الغيبة للطوسي‪ :‬ص ‪ 79‬وما بعدها‪ ،[.‬وفاتهم‬
‫‪501‬‬
‫ما‬
‫أن يعقدوا المقارنة مع جبرائيل وملك الموت‪ ،‬والملئكة عمو ً‬
‫وبالسماوات والرض‪.‬‬
‫وهذا الدفاع قد أبطله الشيعة أنفسهم؛ لنهم يقولون بأن مهديهم هو‬
‫الحاكم الشرعي للمة منذ أحد عشر قرًنا أو يزيد‪ ،‬وهو القيم على القرآن‬
‫ول يحتج بالقرآن إل به‪ ،‬ول هداة للبشر إل بواسطته‪ ..‬وهو الذي معه‬
‫القرآن الكامل ومصحف فاطمة والجفر والجامعة‪ ،‬وما يحتاجه الناس في‬
‫دينهم ودنياهم‪ ،‬فمهديهم مسؤول عن المة‪ ،‬ومعه وسائل هدايتهم‬
‫وسعادتها في الدنيا والخرة‪.‬‬
‫أما غيره ممن يعقدون المقارنة به فيختلفون عنه اختلًفا كثيًرا‪ ،‬فإن‬
‫ما يدعوهم‬ ‫حا عليه السلم قد لبث في قومه ألف سنة إل خمسين عا ً‬ ‫نو ً‬
‫ك إ ِل ّ‬
‫م َ‬ ‫من َ‬ ‫ه َلن ي ُ ْ‬ ‫َ‬
‫و ِ‬
‫ق ْ‬ ‫ن ِ‬
‫م َ‬
‫ؤ ِ‬ ‫إلى الله سبحانه حتى أوحى الله إليه }أن ّ ُ‬
‫ن{ ]هود‪ ،‬آية‪ [.36 :‬ولم يكن غائًبا في سردابه أو في مخبئه ل‬ ‫م َ‬ ‫من َ‬
‫قدْ آ َ‬ ‫َ‬
‫يعلم مستقره ومكانه‪ ،‬يرى الناس في ضللهم وكفرهم ويتوارى عن‬
‫النظار فل يرونه مع تعاقب الجيال وكر القرون‪ .‬على أن عمر المهدي –‬
‫الن – قد زاد عن هذه المدة‪.‬‬
‫وكذلك عيسى عليه السلم قد بلغ رسالة ربه‪ ،‬وأقام الحجة وأدى‬
‫المانة قبل رفعه إلى السماء فلم يكن يضير أتباعه أن يغيب عنهم بخلف‬
‫منتظرهم الذي غاب منذ طفولته وترك شيعته يختلفون في وجوده‬
‫وبابيته‪ ،‬وتعميهم التقية عن معرفة حقيقة مذهبه‪ ،‬ويختلفون ويتنازعون‬
‫ضا‪.‬‬
‫ضا ويلعن بعضهم بع ً‬
‫حتى يكفر بعضهم بع ً‬
‫أما الخضر وإلياس فإن الذي عليه المحققون من أهل العلم أنهما قد‬
‫ماتا ]انظر‪ :‬المنتقى ص ‪ ،26‬ويرى ابن حزم أن القول بحياة إلياس والخضر‪ ..‬فكرة‬
‫مأخوذة عن اليهودية‪ ،‬فاليهود هم الذين قالوا بحياة إلياس وحياة فنحاس بن العازار ابن‬
‫هارون عليه السلم‪ ،‬وسار في سبيلهما بعض الصوفية فادعى أنه يلقى إلياس في الفلوات‬
‫)الفصل‪ ،(5/37 :‬وكذلك قال الصوفية بحياة الخضر‪ ،‬ولهم حكايات في الجتماع به والخذ‬
‫عنه )انظر‪ :‬ابن عربي‪ /‬الفتوحات المكية‪ ،1/241 :‬ابن عطاء الله السكندري‪ /‬لطائف‬
‫المنن‪ :‬ص ‪ ،53-52‬وطبقات الشعراني‪ ،2/5 ،1/97 :‬وانظر‪ :‬الفصل‪ ،38-5/37 :‬ابن حجر‪/‬‬
‫جا عن‬
‫تهذيب التهذيب‪ ،7/477 :‬وقد اعتبر ابن حزم دعاوى الصوفية الخذ عن الخضر خرو ً‬
‫عقيدة ختم النبوة )انظر‪ :‬الفصل‪.(5/38 :‬‬
‫ودعوى بقاء الخضر إلى اليوم مخالف للدليل‪ ،‬وما عليه أهل التحقيق‪ ،‬انظر في ذلك‪:‬‬
‫منهاج السنة‪ ،1/28 :‬ابن القيم‪ /‬المنار المنيف‪ :‬ص ‪ ،76-67‬وانظر عن الخضر‪ :‬ابن كثير‪/‬‬
‫البداية والنهاية‪ ،337-1/325 :‬ابن حجر‪ /‬فتح الباري‪ 312-6/309 :‬الصابة‪.335-2/286 :‬‬
‫ولبن حجر رسالة في تحقيق أمر الخضر‪ ،‬قال في خاتمتها‪ :‬والذي تميل إليه النفس من‬
‫حيث الدلة القوية خلف ما يعتقده العوام من استمرار حياته )الزهر النضر في نبأ الخضر‪،‬‬
‫ضمن مجموعة الرسائل المنيرية‪ ،[.(2/234 :‬وعلى تقدير حياتها فل تسلم لهما‬
‫المقارنة‪ ،‬لنهما ليسا بمكلفين في هداية هذه المة وقيادتها بخلف‬
‫إمامهم الذي هو مسؤول – في اعتقادهم – عن المسلمين جميًعا في كل‬
‫أمورهم‪.‬‬

‫‪502‬‬
‫أما إبليس فالخبر في بقائه ورد به القرآن بخلف مهديهم الذي أنكره‬
‫حتى أهله وطوائف من شيعته‪ ،‬ثم إن إبليس يمارس مهمته في إضلل‬
‫الخلق عن سبيل الله‪ ،‬ول شك أن ضلل الشيعة باتباع هذا "المعدوم" من‬
‫أعماله‪ ،‬أما منتظرهم فليس له أثر ول خبر‪ .‬كما أن إبليس ليس من‬
‫جنس الناس‪ ..‬فل تسلم لهم المقارنة في كل الحوال‪.‬‬
‫أما بقية المعمرين من البشر فإنهم مهما بلغوا من العمر فل يصلوا إلى‬
‫بعض ما يدعونه في غائبهم‪ ،‬وكل المثلة التي ضربها شيوخهم في القرن‬
‫الرابع ليس لها قيمة اليوم لتجاوز عمر منتظرهم أضعافها‪ ،‬كما أن هؤلء‬
‫ليس لهم مهمة غائبهم ومسؤولياته‪.‬‬
‫ويحاول بعض المعاصرين من شيوخهم أن يستنجد بلغة العلم الحديث‬
‫في التدليل على إمكانية بقاء منتظرهم‪ ،‬فيقول المظفر‪" :‬وطول الحياة‬
‫أكثر من العمل الطبيعي أو الذي يتخيل أنه العمر الطبيعي ل يمنع منها‬
‫الطب ول يحيلها‪ ،‬غير أن الطب بعد لم يتوصل إلى ما يمكنه من تعميرة‬
‫حياة النسان وإذا عجز عنه الطب فإن الله قادر على كل شيء" ]عقائد‬
‫المامية‪ :‬ص ‪.[.108‬‬
‫ويقول محمد حسين آل كاشف الغطا‪" :‬بأن أكابر فلسفة الغرب قالوا‬
‫بإمكان الخلود في الدنيا للنسان" ]أصل الشيعة‪ :‬ص ‪ .[.70‬ثم قال‪" :‬قال‬
‫بعض كبار علماء أوروبا‪ :‬لول سيف ابن ملجم ]هذه مقالة شيعية اعتزالية مبنية‬
‫على مذهب المعتزلة الذين يقولون بأن القاتل قد قطع على المقتول أجله‪ ،‬وهي مقالة‬
‫مخالفة لما ثبت في الكتاب والسنة بأن كل من مات فقد استكمل أجله )انظر‪ :‬مجموع‬
‫فتاوى شيخ السلم ‪ ،8/516‬شرح الطحاوية‪ [.‬لكان علي بن أبي طالب من‬
‫الخالدين‪ ،‬لنه قد جمع جميع صفات الكمال والعتدال" ]أصل الشيعة‪ :‬ص‬
‫‪.[.70‬‬
‫هذا ما تقوله – نظريات بعض الكفار – إن صدق هؤلء في نقلهم –‬
‫خل ْدَ‬‫ك ال ْ ُ‬ ‫قب ْل ِ َ‬
‫من َ‬ ‫ر ّ‬‫ش ٍ‬‫عل َْنا ل ِب َ َ‬
‫ج َ‬
‫ما َ‬ ‫و َ‬‫ولكن الله سبحانه يقول لنبيه‪َ } :‬‬
‫س‬
‫ف ٍ‬ ‫ل نَ ْ‬‫ن{ ]النبياء‪ ،‬آية‪ ،[.34 :‬ويقول‪} :‬ك ُ ّ‬ ‫دو َ‬‫خال ِ ُ‬‫م ال ْ َ‬‫ه ُ‬
‫ف ُ‬‫ت َ‬ ‫م ّ‬ ‫فِإن ّ‬ ‫أَ َ‬
‫ت{ ]آل عمران‪ ،‬آية‪ ،185 :‬النبياء‪ ،‬آية‪ ،35 :‬العنكبوت‪ ،‬آية‪،[.57 :‬‬ ‫و ِ‬ ‫ة ال ْ َ‬
‫م ْ‬ ‫ذآئ ِ َ‬
‫ق ُ‬ ‫َ‬
‫ن{‬‫قي َ‬ ‫سُبو ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن بِ َ‬‫ح ُ‬
‫ما ن َ ْ‬‫و َ‬‫ت َ‬ ‫و َ‬‫م ْ‬‫م ال ْ َ‬
‫قدّْرَنا ب َي ْن َك ُ ُ‬
‫ن َ‬ ‫ح ُ‬ ‫ويقول سبحانه‪} :‬ن َ ْ‬
‫]الواقعة‪ ،‬آية‪ .[.60 :‬وهو سبحانه أعلم بمن خلق‪ ،‬وأصدق القائلين‪ ،‬فل عبرة‬
‫بعد ذلك بقول كافر يحاول أن يتشبث بالبقاء في هذه الحياة ولو بالوهام‪.‬‬
‫ولعلي الرضا – كما تنقل كتب الشيعة – كلمة صادقة قالها في الرد‬
‫على الفرق الشيعية الكثيرة التي تقول بحياة بعض آل البيت ول تصدق‬
‫بموتهم وتدعي أنها غيبة وسيرجعون‪ ،‬وهي من أقوى الردود على الثني‬
‫عشرية من كلمهم أنفسهم‪ ،‬فقد جاء في رجال الكشي أن علًيا الرضا‬
‫ما وقفوا على أبيك ويزعمون أنه لم يمت‪ ،‬قال‪" :‬كذبوا‬
‫قيل له‪ :‬إن قو ً‬
‫وهم كفار بما أنزل الله عز وجل على محمد صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ولو‬

‫‪503‬‬
‫كان الله يمد في أجل أحد لمد ّ الله في أجل رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم" ]رجال الكشي‪ :‬ص ‪.[.458‬‬
‫ولكنهم يخالفون قول إمامهم ويزعمون أن الله مد ّ في عمره لحاجة‬
‫البشر إليه؛ بل لحاجة الكون وكل شيء في الحياة إليه؛ إذ لوله – كما‬
‫يفترون – لساخت الرض‪ ،‬وماجت بأهلها ]انظر‪ :‬أصول الكافي‪.[.1/179 :‬‬

‫المهدي بعد عودته المزعومة‬


‫أ ق شريعة مهديهم المنتظر‪:‬‬
‫يشير ابن بابويه في العتقادات التي تسمى دين المامية إلى أن‬
‫المهدي إذا رجع من غيبته ينسخ شريعة السلم فيما يتعلق بأحكام‬
‫الميراث‪ ،‬فيذكر عن الصادق أنه يقول‪" :‬إن الله آخى بين الرواح في‬
‫الظلة قبل أن يخلق البدان بألفي عام‪ ،‬فلو قد قام قائمنا أهل البيت‬
‫أورث الخ الذي آخى بينهما في الظلة ولم يرث الخ من الولدة"‬
‫]العتقادات‪ :‬ص ‪.[.83‬‬
‫لعل هذه الرواية تكشف عما يختلج في نفوس أرباب تلك العصابة من‬
‫رغبة في إحلل العلقة الحزبية والتنظيمية بين أفرادها محل القرابة‬
‫والولدة في الميراث‪ ،‬ونهب أموال الناس باسم هذه العلقة والخوة! وما‬
‫تحلم به عند قيام دولتها الموعودة من تطبيق هذه التطلعات والتي أرادت‬
‫إعطائها صيغة مقبولة بنسبها لل البيت‪.‬‬
‫كما تفصح هذه الرواية عن موقف واضعي هذه الروايات من تطبيق‬
‫الشريعة السلمية ورغبتهم في تعطيلها‪ ..‬ثم هي تعكس مضموًنا إلحادًيا‬
‫يسعى لهدم الشريعة‪ ،‬والخروج على عقيدة ختم النبوة‪.‬‬
‫وهذه الدعوى فضل ً عن أنها خروج عن شريعة السلم فهي مخالفة‬
‫لمنطق العقل‪ ،‬فالتوارث منوط بالعلقة الظاهرة من الولدة والقرابة‪ ،‬أما‬
‫سا لقسمة‬ ‫المؤاخاة الزلية المزعومة فل يدركها البشر‪ ،‬فكيف تكون أسا ً‬
‫الميراث؟‪.‬‬
‫وكذلك يغير منتظرهم شريعة السلم فيما يتعلق بأخذ الجزيرة من أهل‬
‫الكتاب‪ ،‬وتنص رواياتهم أن منتظرهم بهذا المنهج يخالف هدي رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم فتقول‪" :‬ول يقبل صاحب هذا المر الجزية كما‬
‫قبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم" ]بحار النوار‪ .[.52/349 :‬ويكفي هذا‬
‫العتراف في تأكيد خروجه عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫دا‪ ..‬فهل أراد واضع هذه الروايات أن يهون من شأن‬ ‫وتبديله لها عم ً‬
‫التشريع السلمي في نفوس التباع ويغري بالخروج عليه؟!‬

‫‪504‬‬
‫بل إن الحكم والقضاء في دولة المنتظر يقام على غير شريعة‬
‫المصطفى صلى الله عليه وسلم‪ .‬جاء في الكافي وغيره‪ ،‬قال أبو عبد‬
‫الله‪" :‬إذا قام قائم آل محمد حكم بحكم داود وسليمان ول يسأل بينة"‬
‫]أصول الكافي‪ ،[.1/397 :‬وفي لفظ آخر‪" :‬إذا قام قائم آل محمد حكم بين‬
‫الناس بحكم داود عليه السلم ول يحتاج إلى بينة" ]المفيد‪ /‬الرشاد‪ :‬ص ‪،413‬‬
‫الطبرسي‪ /‬أعلم الورى‪ :‬ص ‪.[.433‬‬
‫صا بعنوان‪:‬‬
‫وقد تبنى ثقة إسلمهم الكليني هذه العقيدة وبوب لها باًبا خا ً‬
‫"باب في الئمة عليهم السلم أنهم إذا ظهر أمرهم حكموا بحكم داود‬
‫وآل داود ول يسألون البينة" ]أصول الكافي‪ .[.1/397 :‬ول يخفى ما في هذا‬
‫التجاه من عنصر يهودي‪ .‬ولهذا علق بعضهم على هذا العنوان بقوله‪" :‬أي‬
‫ينسخون الدين المحمدي ويرجعون إلى دين اليهود" ]محب الدين الخطيب‪/‬‬
‫في تعليقه على المنتقى‪ :‬ص ‪) 302‬هامش ‪.[.(4‬‬
‫وانظر كيف يحلم واضعو هذه الروايات – الذين لبسوا ثوب التشيع زوًرا‬
‫وبهتاًنا – بدولة تحكم بغير شريعة السلم‪.‬‬
‫ضا يحكم بحكم آدم مرة‪ ،‬ومرة بحكم‬ ‫وتشير بعض رواياتهم إلى أنه أي ً‬
‫داود‪ ،‬ومرة بقضاء إبراهيم‪ .‬ولكن يعارضه في هذا التجاه للحكم بغير‬
‫شريعة السلم بعض أتباعه‪ ،‬إل أنه يواجه هذه المعارضة بشدة حيث يأمر‬
‫بهم فتضرب أعناقهم ]انظر‪ :‬بحار النوار‪.[.52/389 :‬‬
‫وتقدم رواياتهم بعض أحكامه وأقضيته فتقول‪ :‬إنه يحكم بثلث لم يحكم‬
‫بها أحد قبله؛ يقتل الشيخ الزاني‪ ،‬ويقتل مانع الزكاة‪ ،‬ويورث الخ أخاه‬
‫في الظلة ]ابن بابويه‪ /‬الخصال‪ :‬ص ‪ ،169‬بحار النوار‪ ،52/359 :‬الكاظمي‪ /‬بشارة‬
‫السلم‪ :‬ص ‪ ،[.275‬وأنه يقتل من بلغ العشرين ولم يتفقه في الدين‬
‫]الطبرسي‪ /‬أعلم الورى‪ :‬ص ‪ ،431‬بحار النوار‪ ..[.52/152 :‬إلخ‪.‬‬
‫وتقوم دولة المنتظر على الحكم لهل كل دين بكتابهم‪ ،‬مع أن السلم‬
‫لم يجز لحد أن يحكم بغير شريعة القرآن باتفاق المسلمين ]انظر‪ :‬ابن‬
‫تيمية‪ /‬منهاج السنة النبوية‪ ،3/127 :‬المنتقى‪ :‬ص ‪.[.343‬‬
‫جاء في أخبارهم "إذا قام القائم قسم بالسوية‪ ،‬وعدل في الرعية‪،‬‬
‫واستخرج التوراة وسائر كتب الله تعالى من غار بأنطاكية‪ ،‬حتى يحكم‬
‫بين أهل التوراة بالتوراة‪ ،‬وبين أهل النجيل بالنجيل‪ ،‬وبين أهل الزبور‬
‫بالزبور‪ ،‬وبين أهل القرآن بالقرآن" ]الغيبة للنعماني‪ :‬ص ‪ ،157‬وانظر‪ :‬بحار‬
‫النوار‪.[.52/351 :‬‬
‫وهذا القانون الذي يطمح إلى تطبيقه واضعو هذه الروايات ويعدون‬
‫بتنفيذه على يد المنتظر هو شبيه – إلى حد كبير – بفكرة الديانة العالمية‬
‫سا على إنكار‬‫التي ترفع شعارها الماسونية‪ ..‬وهي فكرة إلحادية تقوم أسا ً‬
‫الديان السماوية تحت دعوى حرية الفكر والعقيدة‪.‬‬

‫‪505‬‬
‫وفي حومة هذه الفكار التي تسعى لنسخ شريعة القرآن وابتداع أحكام‬
‫جديدة لم يأذن بها الله‪ ،‬والرجوع إلى حكم داود ل شريعة محمد صلى‬
‫الله عليه وسلم‪ ..‬وتطبيق شرائع الديان ل حكم القرآن – نلتقي بعد ذلك‬
‫بفكرة مسمومة تعد نتيجة لهذه المقدمات والتغييرات التي سبقتها‪،‬‬
‫وفحوى هذه الفكرة هو إلغاء المهدي الحكم بالقرآن وإحلل كتاب آخر‬
‫محله‪ ،‬وهذا ما تشير إليه رواية النعماني عن أبي بصير قال‪ :‬قال أبو‬
‫جعفر رضي الله عنه‪" :‬يقوم القائم بأمر جديد‪ ،‬وكتاب جديد‪ ،‬وقضاء‬
‫جديد" ]الغيبة للنعماني‪ :‬ص ‪ ،154‬بحار النوار‪ ،52/354 :‬إلزام الناصب‪،[.2/283 :‬‬
‫"لكأني أنظر إليه بين الركن والمقام يبايع الناس على كتاب جديد" ]الغيبة‬
‫للنعماني‪ :‬ص ‪ ،176‬بحار النوار‪.[.52/135 :‬‬
‫وتصف روايات أخرى عندهم ما يقوم به منتظرهم من محاولة لصرف‬
‫الناس عن القرآن بدعوى أنه محرف وإخراج كتاب آخر مخالف له‪،‬‬
‫وسعيه لتضليل الناس بدعوى أن كتابه هو الكتاب الكامل الذي أنزل على‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ .‬وقيام "العجم" بالسعي لنشره بين‬
‫الناس‪ ،‬وتعليمهم إياه‪ ،‬ومواجهتهم صعوبة بالغة لتغيير ما في أفئدة الناس‬
‫وأذهانهم من كتاب الله ]وقد مضى نقل نص ذلك بحروفه ص‪.[.(258-257) :‬‬
‫هذه هي الروايات التي كانت موضع التداول السري ]ولذلك نرى شيخهم‬
‫النعماني يصدر روايات الغيبة بما روي عندهم في صون سر آل محمد عمن ليس من‬
‫أهله‪ ،‬كما أشار إلى ذلك في بداية كتابه )انظر‪ :‬الغيبة ص ‪ [.(17‬في إبان قوة الدولة‬
‫السلمية عن حكومة المهدي بعد رجعته‪ ،‬وقد يقول من لم يسلم بأمر‬
‫منتظرهم إنه خيالت ل حقيقة لها‪ ،‬لن القائم المنتظر ل وجود له‪ ،‬فل‬
‫تحقق لهذه الدولة الموعودة‪ ..‬فالحديث عنها قد يكون حديًثا خيالًيا‪.‬‬
‫وهذا حق؛ لكن القيمة الواقعية لهذه الروايات أنها تفصح عن مكنون‬
‫نفوس واضعيها‪ ،‬وأهدافها ضد شريعة السلم‪ ،‬فهي "إسقاطات" نفسية‬
‫تنطوي على مدلولت خطيرة تحدد رغبات واضعي تلك الخبار وتطلعاتهم‬
‫إلى نوعية الحكم الذي ينشدونه‪ ،‬وهي أحلم قد تكشف عن خطط تلك‬
‫العناصر التي اندست في صفوف الدولة السلمية مكتسبة مسوح التشيع‬
‫لتغيير شريعة القرآن‪ ،‬وإن منازعتهم لحكم ولة المسلمين تحت ستار )ل‬
‫حكم إل للئمة( يرمي إلى إزالة الحكومة السلمية لقامة دولة أخرى في‬
‫مكانها تحكم بحكم القائم الموعود‪.‬‬
‫ب ق سيرة القائم المنتظر‪:‬‬
‫أما سيرته فتحمل سمات من شريعته الجديدة‪ ،‬حيث يتولى مضايقة‬
‫المسلمين في مقدساتهم ومساجدهم‪ ،‬فيقوم بعملية هدم وتخريب في‬
‫الحرمين الشريفين‪ ،‬حيث تنص أخبارهم "أن القائم يهدم المسجد الحرام‬
‫حتى يرده إلى أساسه‪ ،‬ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى‬
‫أساسه‪ ،‬ويرد البيت إلى موضعه وإقامته على أساسه" ]الطوسي‪ /‬الغيبة ص‬
‫‪ ،282‬بحار النوار‪.[.52/338 :‬‬
‫‪506‬‬
‫كذلك يتجه إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه ويبدأ –‬
‫كما تقول أخبارهم – "بكسر الحائط الذي على القبر‪ ...‬ثم يخرجهما‬
‫)يعني صاحبي رسول الله( غضين رطبين فيلعنهما ويتبرأ منهما ويصلبهما‬
‫ثم ينزلهما ويحّرقهما ثم يذريهما في الريح" ]بحار النوار‪ .[.52/386 :‬وفي‬
‫رواية أخرى "أول ما يبدأ به القائم‪ ..‬يخرج هذين رطبين غضين فيحّرقهما‬
‫ويذريهما في الريح‪ ،‬ويكسر المسجد" ]بحار النوار‪.[.52/386 :‬‬
‫ونسبوا إلى الله – سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون – أنه قال لنبيه‬
‫– حينما أسرى به ‪" :-‬وهذا القائم‪ ...‬هو الذي يشفي قلوب شيعتك من‬
‫الظالمين والجاحدين والكافرين‪ ،‬فيخرج اللت والعزى )يعنون خليفتي‬
‫رسول الله( طريين فيحرقهما" ]ابن بابويه‪ /‬عيون أخبار الرضا‪ ،1/58 :‬بحار النوار‪:‬‬
‫‪.[.52/379‬‬
‫وتشير بعض رواياتهم إلى أن هذا العمل يثير المسلمين‪ ،‬حيث تقول‪:‬‬
‫"‪ ..‬ثم يحدث حدًثا فإذا فعل ذلك قالت قريش‪ :‬اخرجوا بنا إلى هذا‬
‫الطاغية‪ ،‬فوالله لو كان محمدًيا ما فعل‪ ،‬ولو كان علوًيا ما فعل‪ ،‬ولو كان‬
‫فاطمًيا ما فعل‪] "..‬تفسير العياشي‪ ،2/58 :‬بحار النوار‪.[.52/342 :‬‬
‫قال شيخهم وفخرهم‬
‫]لن من ألقابه عندهم "فخر المة" كما تجد ذلك في صدور‬
‫كتبه‪ [.‬المجلسي‪" :‬لعل المراد بإحداث الحدث إحراق الشيخين الملعونين‬
‫فلذا يسمونه عليه السلم بالطاغية" ]بحار النوار‪.[.52/346 :‬‬
‫ول يخفى أن هذه "الوعود" بصنائع المنتظر التي تطفح بها رواياتهم‬
‫إنما تنم عن دخائل نفوسهم وما تكنه صدورهم من مناوأة لدين السلم‬
‫وسعي في الكيد له حتى يتمنوا أن تتاح لهم فرصة لهدم الحرمين‪ ،‬ونبش‬
‫القبرين الطاهرين‪ ،‬وحينما يحسون بعجزهم عن تحقيق ذلك لقوة الدولة‬
‫السلمية آنذاك يعزون أنفسهم ويعللونها‪ ،‬ويشفون غيظ قلوبهم على‬
‫السلم ورواده الذين فتحوا ديارهم‪ ،‬وأزالوا ملكهم‪ ،‬ونشروا السلم‬
‫بينهم‪ ..‬بهذه الحلم والمال‪ ..‬فهي تكشف في الحقيقة ماذا يتمنون‬
‫تحقيقه لو واتتهم فرصة الحكم والتسلط‪.‬‬
‫ولذلك فإن المعاصرين منهم يتمنون فتح مكة والمدينة‪ ،‬كما جاء على‬
‫ألسنة آياتهم‪ ،‬ليحققوا أحلمهم التي أفصحت عنها أخبارهم – كما سيأتي‬
‫]في باب الشيعة المعاصرين وصلتهم بأسلفهم‪ -[.‬ويمكرون ويمكر الله والله خير‬
‫الماكرين‪.‬‬
‫ولم يكتف منتظرهم بهذا؛ بل إنه يقوم بقتل عام شامل للجنس العربي‬
‫واستئصال وجوده‪ ،‬ولذلك فإن أخبارهم تعد العرب بملحمة على يد‬
‫غائبهم – إذا رجع – ل تبقي ول تذر على رجل أو امرأة ول صغير ول كبير‬
‫دا‪ .‬فيروي النعماني‪ .." :‬عن الحارث‬ ‫بل تأخذهم جميًعا فل تغادر منهم أح ً‬
‫بن المغيرة وذريح المحاربي قال‪ :‬قال أبو عبد الله عليه السلم‪ :‬ما بقي‬
‫بيننا وبين العرب إل الذبح" ]الغيبة للنعماني‪ :‬ص ‪ ،155‬بحار النوار‪.[.52/349 :‬‬

‫‪507‬‬
‫وكأن روايتهم هذه ل تفرق بين من يتشيع وغيره‪ :‬لكن تؤكد أخبارهم‬
‫أنه لن يتشيع أحد من العرب للقائم‪ ،‬ولهذا تحذر منهم فتقول‪" :‬اتق‬
‫العرب فإن لهم خبر سوء أما إنه لم يخرج مع القائم منهم واحد" ]الغيبة‬
‫للطوسي‪ :‬ص ‪ ،284‬بحار النوار‪.[.52/333 :‬‬
‫ولكن في الشيعة من العرب كثير غير أن أخبارهم تقول بأنهم‬
‫سيمحصون فل يبقى منهم إل النزر اليسير ]انظر‪ :‬الغيبة للنعماني‪ :‬ص ‪،137‬‬
‫بحار النوار‪.[.52/114 :‬‬
‫وتقول رواياتهم بأن القائم "يبهرج سبعين قبيلة من قبائل العرب" ]بهرج‬
‫الدماء‪ :‬أهدرها‪ ،‬وفي الطبعة الخرى للبحار يهرج‪ ،‬ومعنى الهرج‪ :‬الفتنة والختلط والقتل‬
‫)انظر‪ :‬بحار النوار‪ ،52/333 :‬هامش ‪.[.(1‬‬
‫ويخصون قبيلة رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ :‬قريش التي منها‬
‫صفوة أصحابه بالذكر التفصيلي لعمليات القتل التي يجريها عليها القائم‪،‬‬
‫ففي الرشاد للمفيد "عن عبد الله بن المغيرة عن أبي عبد الله عليه‬
‫السلم قال‪ :‬إذا قام القائم من آل محمد عليه السلم أقام خمسمائة من‬
‫قريش فضرب أعناقهم‪ ،‬ثم أقام خمسمائة فضرب أعناقهم‪ ،‬ثم خمسمائة‬
‫أخرى حتى يفعل ذلك ست مرات‪ .‬قلت‪ :‬ويبلغ عدد هؤلء هذا؟ قال‪ :‬نعم‬
‫منهم ومن مواليهم" ]الرشاد‪ :‬ص ‪ ،411‬بحار النوار‪.[.52/338 :‬‬
‫ول يخفى أن تخصيص العرب بالقتل يدل على تغلغل التجاه الشعوبي‬
‫لدى واضعي هذه الروايات‪ ..‬وهي تبين مدى العداوة للجنس العربي لدى‬
‫مؤسسي "الرفض" والرغبة في التشفي منهم بقتلهم‪ ،‬وذلك – في حقيقة‬
‫المر – ل يعود لجنسيتهم بل للدين الذي يحملونه‪.‬‬
‫ول تنسى رواياتهم أن تخص البيت النبوي الطاهر ببائقة من بوائق‬
‫منتظرهم حيث يزعمون أن أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق حبيبة‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم تبعث من قبرها قبل يوم القيامة ]وذلك‬
‫حسب عقيدتهم في الرجعة التي سنتحدث عنها بعد هذا المبحث إن شاء الله‪ ،[.‬وذلك‬
‫دا في عهد رسول الله صلى الله عليه‬ ‫لنها ارتكبت – كما يفترون – ح ً‬
‫وسلم‪ ،‬ولكن رسول الله لم يقم عليها الحد – كما يزعمون ‪.-‬‬
‫وهو الذي يقول‪" :‬وأيم الله لو أن فاطمة ابنة محمد سرقت لقطعت‬
‫يدها" ]جزء من حديث رواه البخاري‪ ،‬كتاب النبياء‪ ،4/151 :‬كتاب فضائل الصحاب‪ ،‬باب‬
‫ذكر أسامة بن زيد‪ ،4/214 :‬كتاب الحدود‪ ،‬باب كراهية الشفاعة في الحد‪ ،8/16 :‬ومسلم‪،‬‬
‫كتاب الحدود‪ ،‬باب قطع يد السارق‪ ،(1688) 2/1315 :‬وأبو داود‪ ،‬كتاب الحدود‪ ،‬باب في‬
‫الحد يشفع فيه‪ ،(4373) 4/537 :‬والترمذي‪ ،‬كتاب الحدود‪ ،‬باب ما جاء في كراهية أن‬
‫يشفع في الحدود‪ ،(1430) 38-4/37 :‬والنسائي‪ ،‬كتاب قطع السارق‪ ،‬باب ذكر‬
‫المخزومية التي سرقت ‪ ،8/72‬وابن ماجه‪ ،‬كتاب الحدود‪ ،‬باب الشفاعة والحدود‪2/851 :‬‬
‫)‪ (2547‬والدارمي‪ ،‬كتاب الحدود‪ ،‬باب الشفاعة في الحدود دون السلطان‪،1/569 :‬‬
‫خذْ ُ‬
‫كم‬ ‫ول ت َأ ْ ُ‬‫وغيرهم[‪ ،‬وقد أخذته الرحمة بها‪ ،‬مع أن الله سبحانه يقول‪َ } :‬‬
‫ه{ ]النور‪ ،‬آية‪ [.2 :‬فلم‬ ‫ن ِبالل ّ ِ‬
‫مُنو َ‬ ‫م تُ ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫كنت ُ ْ‬ ‫ن الل ّ ِ‬
‫ه ِإن ُ‬ ‫في ِدي ِ‬
‫ة ِ‬ ‫ما َرأ ْ َ‬
‫ف ٌ‬ ‫ه َ‬
‫بِ ِ‬

‫‪508‬‬
‫يقم عليها الحد ولكن قائمهم يتولى تنفيذ ما عجز أفضل الخليقة عن‬
‫تنفيذه وذلك في عصر الرجعة المزعوم ]ونص السطورة )المنسوبة لبي جعفر(‬
‫يقول‪ :‬أما لو قام قائمنا لقد رّدت إليه الحميراء )تصغير حمراء وهو لقب لعائشة رضي الله‬
‫عنها( حتى يجلدها الحد‪ ،‬وحتى ينتقم لبنة محمد فاطمة عليها السلم منها‪.‬‬
‫د؟ قال‪ :‬لفريتها على أم إبراهيم صلى الله عليه‬
‫قلت‪ :‬جعلت فداك ولم يجلدها الح ّ‬
‫وسلم‪.‬‬
‫دا‬
‫قلت‪ :‬فكيف أخره الله للقائم عليه السلم؟ فقال له‪ :‬إن الله تبارك وتعالى بعث محم ً‬
‫صلى الله عليه وسلم رحمة‪ ،‬وبعث القائم عليه السلم نقمة )علل الشرائع‪ :‬ص ‪-579‬‬
‫‪ ،580‬بحار النوار‪ .(315 ،52/314 :‬ثم علق على ذلك شيخهم المعاصر بنص يبين الفرية‬
‫المزعومة وأن عائشة قالت – كما يفترون ‪" :-‬إن إبراهيم ليس منك وإنه ابن فلن‬
‫القبطي" وأن الرسول صلى الله عليه وسلم كلف علًيا برجمها ولكن علًيا اكتشف براءتها‪.‬‬
‫)بحار النوار‪ – 52/315 :‬الهامش ‪ – [.(-‬كما يفترون ‪.-‬‬
‫وهذا يعني أن القائم أكمل من خاتم النبيين‪ ،‬وأقدر على تحقيق دين‬
‫الله ممن أرسل قدوة للعالمين‪.‬‬
‫وهو ما صرحت به أخبارهم حيث روى شيخهم ابن بابويه‪ .." :‬عن أبي‬
‫ذي‬ ‫و ال ّ ِ‬ ‫ه َ‬‫بصير قال‪ :‬قال أبو عبد الله عليه السلم في قوله عز وجل‪ُ } :‬‬
‫َ‬
‫ول َ ْ‬
‫و‬ ‫ه َ‬ ‫ن ك ُل ّ ِ‬ ‫عَلى ال ّ‬
‫دي ِ‬ ‫هَرهُ َ‬ ‫ْ‬
‫ق ل ِي ُظ ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫ح ّ‬ ‫وِدي ِ‬
‫دى َ‬ ‫ه َ‬‫ه ِبال ْ ُ‬
‫سول َ ُ‬‫ل َر ُ‬ ‫س َ‬‫أْر َ‬
‫ن{ ]التوبة‪ ،‬آية‪.[.33 :‬‬ ‫كو َ‬ ‫ر ُ‬‫ش ِ‬‫م ْ‬‫رهَ ال ْ ُ‬‫كَ ِ‬
‫فقال‪ :‬والله ما نزل تأويلها بعد ول ينزل تأويلها حتى يخرج القائم عليه‬
‫السلم‪] "..‬إكمال الدين‪ :‬ص ‪ ،628‬بحار النوار‪ [.52/324 :‬أي أن القائم سيحقق‬
‫ما عجز عنه النبياء‪.‬‬
‫وهذا ما صرح به بعض شيوخهم الكبار عندهم ]وهو "الخميني"‪ – [.‬في هذا‬
‫العصر – واستنكره العالم السلمي – كما سيأتي – ]في باب‪ :‬الشيعة‬
‫المعاصرون وصلتهم بأسلفهم‪.[.‬‬
‫ذلك أنهم يزعمون أن ما عند القائم أضعاف ما عند النبياء من العلم‪،‬‬
‫حتى جاء في بحار النوار وغيره "عن أبان عن أبي عبد الله قال‪ :‬العلم‬
‫سبعة وعشرون حرًفا فجميع ما جاءت به الرسل حرفان‪ ،‬فلم يعرف‬
‫الناس حتى اليوم غير الحرفين‪ ،‬فإذا قام قائمنا أخرج الخمسة والعشرين‬
‫حرًفا فبثها في الناس‪ ،‬وضم إليها الحرفين حتى يبثها سبعة وعشرين‬
‫حر ً‬
‫فا" ]بحار النوار‪ ،52/336 :‬وهي مروية في الخرائج للراوندي كما أشار إلى ذلك‬
‫المجلسي )نفس الموضع من المصدر السابق(‪.[.‬‬
‫وعملية الجتياح الدموي الرهيب التي تحلم بها الشيعة الثنا عشرية‬
‫على يد مهديهم تكاد تتناول كل الفئات والجناس البشرية باستثناء‬
‫فا‪ ..‬يجرد السيف على‬ ‫طائفتهم‪ ،‬حيث يخرج قائمهم "موتوًرا غضبان أس ً‬
‫عاتقه" ]بحار النوار‪ [.52/361 :‬ويبدأ القتل‪ ،‬فيحصد أهل السنة الذين تلقبهم‬
‫أخبار الشيعة – أحياًنا – بالمرجئة ]قال شيخهم الطريحي‪" :‬وسماهم مرجئة لنهم‬
‫زعموا أن الله تعالى أخر نصب المام‪ ،‬ليكون نصبه باختيار المة بعد النبي صلى الله عليه‬

‫‪509‬‬
‫وسلم" )مجمع البحرين‪ ،178-1/177 :‬وانظر‪ :‬مرآة العقول‪ [.(4/371 :‬حتى قال‬
‫دا إذا قام قائمنا" ]الغيبة‬
‫إمامهم‪" :‬ويح هذه المرجئة‪ ،‬إلى من يلجؤون غ ً‬
‫للنعماني‪ :‬ص ‪ ،190‬بحار النوار‪ [.52/357 :‬ولم يستثن من ذلك إل من تاب‪ ،‬أي‬
‫دخل بمذهبهم فقال‪" :‬من تاب تاب الله عليه‪ ،‬ومن أسر نفاًقا فل يبعد‬
‫الله غيره‪ ،‬ومن أظهر شيًئا أحرق الله دمه‪ .‬ثم قال‪ :‬يذبحهم والذي نفسي‬
‫بيده كما يذبح القصاب شاته – وأومأ بيده إلى حلقه –" ]بحار النوار‪:‬‬
‫‪ ،52/357‬الغيبة للنعماني‪ :‬ص ‪.[.191-190‬‬
‫وتسميهم أحياًنا بالنواصب وتقول‪" :‬فإذا قام القائم عرضوا كل ناصب‬
‫عليه فإن أقر بالسلم وهي الولية وإل ضربت عنقه أو أقر بالجزية فأداها‬
‫كما يؤدي أهل الذمة" ]تفسير فرات‪ :‬ص ‪ ،100‬بحار النوار‪ ،52/373 :‬وقوله‪" :‬أو‬
‫أقر بالجزية"‪ ،‬يناقض رواياتهم التي تقول بأنه ل يقبل الجزية كما سبق ذكر بعضها في بيان‬
‫"شرعته"‪.[.‬‬
‫لكن بعض رواياتهم تقول بأن الجزية ل تقبل منهم كما تقبل من أهل‬
‫الذمة‪ ،‬فقد سئل إمامهم عن وضع أهل الذمة في دولة القائم فقال‪:‬‬
‫"يسالمهم كما سالمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ويؤدون الجزية‬
‫عن يد وهم صاغرون" ]بحار النوار‪ .[.52/376 :‬أما غيرهم من المخالفين‬
‫للرافضة فقال فيه‪" :‬ما لمن خالفنا في دولتنا من نصيب‪ ،‬إن الله قد أحل‬
‫لنا دماءهم عند قيام قائمنا" ]بحار النوار‪ .[.52/376 :‬حتى إن قائمنا يتتبع‬
‫الشيعة الزيدية غير الغلة‪ ،‬فيقتلهم‪ .‬تقول أخبارهم‪" :‬إذا قام القائم عليه‬
‫السلم سار إلى الكوفة فيخرج منها بضعة عشر آلف أنفس – كذا –‬
‫يدعون البترية ]البترية‪ :‬هم أصحاب الحسن بن صالح بن حي‪ ،‬وأصحاب كثير النوى‪،‬‬
‫وكان كثير يلقب بالبتر‪ ،‬وقد يسمون "الصالحية" نسبة للحسن بن صالح‪ ،‬ومن مذهبهم –‬
‫كما يقول الشعري – أنهم ينكرون رجعة الموات قبل يوم القيامة‪ ،‬ول يرون لعلي إمامة‬
‫إل حين بويع‪ ،‬وهي فرقة من الزيدية‪) .‬انظر‪ :‬مقالت السلميين‪ ،1/144 :‬الملل والنحل‪:‬‬
‫‪ ،1/161‬الخطط‪ [.(2/352 :‬عليهم السلح فيقولون له‪ :‬ارجع من حيث جئت‬
‫فل حاجة لنا في بني فاطمة فيضع فيهم السيف حتى يأتي على آخرهم"‬
‫]الرشاد‪ :‬ص ‪ ،412-411‬بحار النوار‪ ..[.(52/338 :‬بل إنه يقتل من ل ذنب له‪.‬‬
‫تقول رواياتهم‪" :‬إذا خرج القائم قتل ذراري قتلة الحسين بفعل آبائها"‬
‫]علل الشرائع‪ :‬ص ‪ ،229‬عيون أخبار الرضا‪ ،1/273 :‬بحار النوار‪ .[.52/313 :‬وهكذا‬
‫دا" ]بحار النوار‪[.52/231 :‬‬
‫فإن قائمهم "ليس شأنه إل القتل ل يستبقي أح ً‬
‫دا" ]بحار النوار‪ ،52/349 :‬وفي لفظ‪" :‬ول يستنيب أح ً‬
‫دا" أي يتولى‬ ‫"ول يستتيب أح ً‬
‫ذلك بنفسه )انظر‪ :‬نفس الموضع من المصدر السابق(‪.[.‬‬
‫وتصور بعض رواياتهم مبلغ ما يصل إليه من سفك دماء الناس )من غير‬
‫طائفته( حتى تقول‪" :‬لو يعلم الناس ما يصنع القائم إذا خرج لحب‬
‫أكثرهم أل يروه مما يقتل من الناس‪ ..‬حتى يقول كثير من الناس‪ :‬ليس‬
‫هذا من آل محمد‪ ،‬لو كان من آل محمد لرحم" ]الغيبة للنعماني‪ :‬ص ‪ ،154‬بحار‬
‫النوار‪.[.52/354 :‬‬

‫‪510‬‬
‫وهذا قول يدين القائم بالخروج عن سنن الرحمة والعدل التي عرف بها‬
‫أهل البيت‪ .‬بل إنه خرج عن سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وهذا‬
‫ما يصرحون به؛ فقد سئل الباقر – على حد زعمهم – أيسير القائم بسيرة‬
‫محمد؟ فقال‪" :‬هيهات! إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سار في‬
‫أمته باللين وكان يتألف الناس‪ ،‬والقائم أمر أن يسير بالقتل وأل يستتيب‬
‫دا‪ ،‬فويل لمن ناوأه" ]الغيبة للنعماني‪ :‬ص ‪ ،153‬بحار النوار‪.[.52/353 :‬‬
‫أح ً‬
‫فالشيعة تزعم أنه أمر بسيرة تخالف سيرة رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ ،‬وقد أجمع المسلمون أن كل ما خالف سيرته صلى الله عليه‬
‫وسلم؟ فهو ليس من السلم‪ ،‬فهل بعث برسالة غير رسالة السلم؟!‬
‫وكيف يؤمر بخلف سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فهل هو‬
‫نبي أوحي إليه من جديد؟ ول نبي بعد خاتم النبياء‪ ،‬ول وحي بعد وفاته‪،‬‬
‫وكل من ادعى خلف ذلك فهو مفتر دجال؛ لمعارضته للنصوص القطعية‬
‫وإجماع المة على ختم الوحي والنبوة بوفاة سيد المرسلين صلى الله‬
‫عليه وسلم‪.‬‬
‫ولكن هذه الروايات تصور ما في قلوب واضعيها من حقد على الناس‬
‫ما قريًبا‬
‫ولسيما أمة السلم التي تخالفهم في نهجهم‪ ،‬وأنهم يتمنون يو ً‬
‫آتًيا يحققون فيه هذه "الحلم" التي تكشف حقيقتها هذه الروايات‬
‫ويترجمها واقع الشيعة في العهد الصفوي وفي دولة اليات القائمة‪ ،‬وفي‬
‫منظماتهم في لبنان – كما سيأتي – ]في باب أثر الشيعة في العالم السلمي‪.[.‬‬
‫ومعلوم أن أمير المؤمنين علًيا الذي يزعمون التشيع له لم يكفر‬
‫مخالفيه‪ ،‬ولم يقاتل إل من بغى عليه‪ ،‬فقائمهم الذي يفعل هذه الفاعيل‬
‫ومن تبعه في نهجه‪ ،‬ليس من شيعة علي‪ ،‬وقد اعترفوا في رواياتهم أن‬
‫قائمهم ل يأخذ بسيرة علي‪ ،‬فقد سئل الصادق – كما يزعمون – "أيسير‬
‫القائم بخلف سيرة علي؟ فقال‪ :‬نعم‪ ،‬وذاك أن علًيا سار بالمن والكف‬
‫لعلمه أن شيعته سيظهر عليهم من بعده‪ ،‬أما القائم فيسير بالسيف‬
‫دا" ]الغيبة‬
‫والسبي‪ ،‬لنه يعلم أن شيعته لن يظهر عليهم من بعده أب ً‬
‫للنعماني‪ :‬ص ‪ ،153‬بحار النوار‪.[.52/353 :‬‬
‫وقال صادقهم يخاطب بعض الشيعة‪" :‬كيف أنت إذا رأيت أصحاب‬
‫القائم قد ضربوا فساطيطهم في مسجد الكوفة‪ ،‬ثم أخرج المثال الجديد‪،‬‬
‫على العرب شديد‪.‬‬
‫ذبح‪ ،‬قال‪ :‬قلت بأي‬ ‫قال )الراوي(‪ :‬قلت‪ :‬جعلت فداك ما هو؟ قال‪ :‬ال ّ‬
‫شيء يسير فيهم؛ بما سار علي بن أبي طالب في أهل السواد؟ قال‪ :‬ل‪،‬‬
‫إن علًيا سار بما في الجفر البيض‪ ،‬وهو الكف‪ ،‬وهو يعلم أنه سيظهر على‬
‫شيعته من بعده‪ ،‬وأن القائم يسير بما في الجفر الحمر وهو الذبح‪ ،‬وهو‬
‫يعلم أنه ل يظهر على شيعته" ]بحار النوار‪ ،52/318 :‬وهذه الرواية في بصائر‬
‫الدرجات كما أشار إلى ذلك المجلسي )نفس الموضع من المصدر السابق(‪.[.‬‬

‫‪511‬‬
‫وهكذا "يقوم المزعوم بأمر جديد‪ ،‬وكتاب جديد‪ ،‬وسنة جديدة‪ ،‬وقضاء‬
‫جديد" ]بحار النوار‪.[.52/231 :‬‬
‫وهذا كاف في إيضاح أن ما تحلم به الشيعة ليس له أصل في كتاب‬
‫الله وسنة نبيه‪ ،‬بل هي بدعة جديدة يخرج بها قائمهم‪.‬‬
‫وبينما الناس في عصر القائم يعيشون بين الدماء والشلء‪ ،‬وفي خوف‬
‫ورعب من قائم الشيعة الذي كان بعثه نقمة عليهم‪ ،‬كما أن بعث محمد‬
‫صلى الله عليه وسلم رحمة ]روى الكليني في الكافي‪" :‬إن الله بعث محم ً‬
‫دا صلى‬
‫الله عليه وسلم رحمة ويبعث القائم نقمة"‪) .‬بحار النوار‪ ،52/376 :‬حيث عزاه إلى‬
‫الكافي‪ ،‬كتاب الروضة‪ :‬ص ‪ ،[.(233‬فإن عسكر القائم وأصحابه يعيشون في‬
‫حياة أخرى حافلة بألوان النعيم وأنواع المسرات‪ ،‬فهو يأمرهم في‬
‫فا‪ ،‬فيقول أصحابه‪ :‬إنه يريد‬ ‫ما ول شراًبا ول عل ً‬
‫ميسرهم أل يحملوا "طعا ً‬
‫أن يقتلنا يقتل دوابنا من الجوع والعطش ]وهذا يدل على شكهم في أمر القائم‬
‫فكيف يكونون من أصحابه؟!‪ [.‬فيسير ويسيرون معه؛ فأول منزل ينزله يضرب‬
‫الحجر فينبع منه طعام وشراب وعلف فيأكلون ويشربون ودوابهم حتى‬
‫ينزلوا النجف من ظهر الكوفة" ]الغيبة للنعماني‪ :‬ص ‪ ،[.158‬وهكذا "ل ينزل‬
‫منزل ً إل انبعث منه عيون‪ ،‬فمن كان جائًعا شبع ومن كان ظمآن روي"‬
‫]الغيبة للنعماني‪ :‬ص ‪ ،[.158‬وإنه إذا قام اجتمعت إليه أموال الدنيا من بطن‬
‫الرض وظهرها‪ ،‬فيعطي أصحابه ما لم يعطه أحد كان قبله‪ ،‬ويتضاعف‬
‫الرزق على يديه فيرزق في الشهر رزقين ويعطي في السنة عطاءين‬
‫دا من الشيعة ل يجد لديناره ودرهمه‬ ‫]الغيبة للنعماني‪ :‬ص ‪ ،[.158‬حتى إن أح ً‬
‫موضًعا يصرفه فيه ]الغيبة للنعماني‪ :‬ص ‪.[.76‬‬
‫وهذه روايات تصور التطلعات والماني التي كانت تفيض بها قلوب‬
‫الشيعة انتظاًرا لهذا الغد المأمول‪ ،‬ويصور النزعة المادية التي يشتركون‬
‫فيها مع اليهود! وهو حلم النظام الشيوعي في العالم حسب رأي‬
‫ماركس‪.‬‬
‫أما عن جند القائم وأصحابه الذين يشاركونه في مجازره‪ ،‬ويرفلون في‬
‫نعيمه ويتبوءون جنته فهذا ما سيتبين في الفقرة التالية‪.‬‬
‫ج ق جند القائم‪:‬‬
‫‍‬
‫تشير بعض رواياتهم إلى أن جند القائم من الموالي والعجم ويبلغ‬
‫حا من عنده عبارة عن‬ ‫فا‪ ،‬وأنه يمنحهم القائم سل ً‬ ‫عددهم اثني عشر أل ً‬
‫سيف وبيضة ذات وجهين‪ ،‬ثم يقول لهم‪" :‬من لم يكن عليه مثل ما عليكم‬
‫فاقتلوه" ]بحار النوار‪ .[.52/377 :‬وتذكر رواية للنعماني أن "أصحاب القائم‬
‫ثلثمائة وثلثة عشر رجل ً أولد العجم" ]الغيبة للنعماني‪ :‬ص ‪.[.214‬‬
‫بينما تقول رواية في البحارك "إذا قام قائم آل محمد استخرج من‬
‫ل‪ ،‬خمسة وعشرين من قوم موسى الذين‬ ‫ظهر الكعبة سبعة وعشرين رج ً‬
‫يقضون بالحق وبه يعدلون‪ ،‬وسبعة من أصحاب الكف‪ ،‬ويوشع وصي‬
‫‪512‬‬
‫موسى‪ ،‬ومؤمن آل فرعون‪ ،‬وسلمان الفارسي‪ ،‬وأبا دجانة النصاري‬
‫ومالك الشتر" ]هكذا ورد النص في بحار النوار‪ ،52/346 :‬ولم تتعقبه لجنة التصحيح‬
‫صل زاد العدد إلى )‪ ،(37‬وفي تفسير‬‫بشيء‪ ،‬مع أنه ذكر أن مجموع العدد )‪ (27‬ولما ف ّ‬
‫العياشي‪ ،1/32 :‬قال‪" :‬وخمسة عشر من قوم موسى" فيتوافق بهذا مع المجموع الكلي )‬
‫‪ ،(27‬أما في تفسير البرهان ‪ 2/41‬فقد زاد واًوا لتلتئم العبارة فقال‪" :‬سبعة وعشرين‬
‫رجل ً وخمسة وعشرين من قوم موسى‪ ..‬إلخ" وواضح أن الواو مقحمة‪.[.‬‬
‫وواضح في هذا النص تغلغل العنصر اليهودي في المجموعة التي‬
‫وضعت دين التشيع‪.‬‬
‫كما يظهر أن التشيع استوعب مجموعة من العنصر المختلفة‪ ،‬كل يصنع‬
‫ما يشاء له هواه‪ ،‬وما تملي عليه عنصريته‪ ..‬فالعجم يضعون روايات في‬
‫صالحهم‪ ،‬واليهود كذلك‪ ..‬وهكذا‪ ،‬وموسوعات الثني عشرية استوعبت‬
‫الجميع بل تمييز‪.‬‬
‫دا‬
‫دا واح ً‬
‫وجاء في بعض أخبارهم البيان التفصيلي لسماء جنده واح ً‬
‫وموطن كل جندي أو قبيلته أو حرفته في رواية طويلة‪ .‬منها قوله‪" :‬ومن‬
‫أهل الشام رجلين يقال لهما إبراهيم بن الصباح‪ ،‬ويوسف بن جريا"‬
‫)صريا( ]هكذا وردت في الصل‪ ،‬فيما يبدو أنه اهتمام من المحقق المعاصر في الثبيت‬
‫من السم بإثباته في الصل حسب ما جاء في اختلف النسختين‪.[.‬‬
‫فيوسف عطار من أهل دمشق‪ ،‬وإبراهيم قصاب من قرية صويقان‬
‫"ومضى في ذكرهم على هذا النسق حتى ذكر )‪ (313‬رجل ً ليبلغ بهم عدة‬
‫ضا على دلئل المامة ص‬‫أهل بدر" ]انظر‪ :‬البحراني‪ /‬الحجة‪ :‬ص ‪ ،46‬وأحال المحقق أي ً‬
‫‪.[.314‬‬
‫كما يقول‪" :‬ونسي موقفهم المخزي من أهل بدر وسائر الصحابة"‪.‬‬
‫ول تملك نفسك وأنت تقرأ تلك السماء من ابتسامة تغالبك‪ ،‬وأنت تلمح‬
‫بوضوح التكلف في الكذب‪ ،‬والمحاولت الغبية لستره‪ ،‬ول ينقضي العجب‬
‫من تلك الجرأة على الكذب‪ ،‬وخفة العقل‪ ،‬والغرب كيف ل يستحي شيعة‬
‫هذا العصر من إخراج هذا "العار" للناس‪ ،‬وطبعه وتحقيقه ؟!‪ ،‬أو أن الله‬
‫سبحانه أراد أن يكشف أمرهم ويفضح زيفهم‪.‬‬
‫الشيعة وغيبة مهديهم‪:‬‬
‫في ظل الغيبة التي دانت بها الشيعة‪ ،‬وعاشت في حكمها منذ أكثر من‬
‫ألف ومائة سنة أوقف شيوخ الشيعة – بحكم نيابتهم عن المنتظر –‬
‫ما لم يأذن بها‬
‫العمل بجملة من أحكام الدين‪ ،‬كما استحدثوا عقائد وأحكا ً‬
‫الله سبحانه‪ .‬لقد أوقف الشيعة بسبب الغيبة للمنتظر إقامة صلة‬
‫الجمعة‪ ،‬كما منعوا إقامة إمام للمسلمين وقالوا‪" :‬الجمعة والحكومة‬
‫لمام المسلمين" ]مفتاح الكرامة‪ /‬كتاب الصلة‪ [.2/69 :‬والمام هو هذا‬
‫المنتظر‪.‬‬

‫‪513‬‬
‫ولهذا فإن معظم الشيعة إلى اليوم ل يصلون الجمعة ]يقول كاظم الكفائي‬
‫– وهو من شيوخهم المعاصرين ‪" :-‬في العراق الن‪ :‬الشيعة ل يصلون الجمعة إل الشيخ‬
‫الخالصي في المسجد الصفوي في الصحن الكاظمي )كتب هذا القول بخطه للدكتور علي‬
‫السالوس‪ ،‬ونشره الخير في كتابه فقه الشيعة ص ‪ ،(264‬وفي الكويت ل يقيم الجمعة إل‬
‫الشيخ إبراهيم جمال الدين مرجع الخباريين هناك" )انظر‪ :‬السالوس فقه الشيعة ص‬
‫‪.(203‬‬
‫وحينما سأل بعض أفراد الشيعة كبير شيوخهم وهو محسن الحكيم عن دليلهم في‬
‫شرطية وجوب المام لصلة الجمعة‪ ،‬كان جوابه بأن ل يسأل هذا السؤال‪ ،‬كما أن بعض‬
‫شيوخهم يقول بوجوب صلة الجمعة ول يقيمها )انظر‪ :‬محمد عبد الرضا السدي‪ /‬نص‬
‫الكتاب ومتواتر الخبار عن وجوب الجمعة في جميع العصار‪ :‬ص ‪ ،[.(28 ،24/27‬حتى‬
‫قال بعض المتأخرين‪" :‬إن الشيعة من زمان الئمة كانوا تاركين للجمعة"‬
‫]البهباني في تعليقه على المدارك‪ ،‬كما نقل ذلك عنه شيخهم الخالصي في كتابه الجمعة‪:‬‬
‫ص ‪.[.131‬‬
‫كما أن الشيعة ل ترى بيعة شرعية إل للقائم المنتظر‪ ،‬ولذلك فإنهم‬
‫يجددون البيعة له كل يوم‪ ،‬ففي دعاء لهم يسمونه "دعاء العهد" وفيه‪:‬‬
‫دا أو‬‫"اللهم إني أجدد له في صبيحة يومي هذا‪ ،‬وما عشت من أيامي عه ً‬
‫دا" ]عباس القمي‪ /‬مفتاح‬
‫دا أو بيعة له في عنقي ل أحول عنها ول أزول أب ً‬
‫عق ً‬
‫الجنان‪ :‬ص ‪.[.538‬‬
‫وفي دعاء يومي آخر للغائب المنتظر يتضمن القرار له بالبيعة فيقول‪:‬‬
‫"اللهم هذه بيعة له في عنقي إلى يوم القيامة" ]عباس القمي‪ /‬مفتاح الجنان‪:‬‬
‫ص ‪.[.538‬‬
‫قال المجلسي‪ .." :‬ويصفق بيده اليمنى على اليسرى كتصفيق البيعة"‬
‫]بحار النوار‪ ،102/111 :‬وانظر‪ :‬مفتاح الجنان‪ :‬ص ‪.[.539-538‬‬
‫كذلك منع الشيعة الجهاد مع ولي أمر المسلمين‪ ،‬لنه ل جهاد إل مع‬
‫المام‪ ،‬فقد جاء في الكافي وغيره عن أبي عبد الله قال‪" :‬القتال مع غير‬
‫المام المفترض طاعته حرام مثل الميتة والدم ولحم الخنزير" ]فروع‬
‫الكافي‪ ،1/334 :‬تهذيب الحكام‪ ،2/45 :‬وسائل الشيعة‪.[.11/32 :‬‬
‫ه إلى اليوم هو‬
‫والمام المفترض الطاعة على المسلمين منذ سنة ‪‍ 260‬‬
‫ه هم بقية الئمة‬
‫منتظرهم الغائب في السرداب‪ .‬وما قبل سنة ‪‍ 260‬‬
‫الثني عشر‪ ،‬فالجهاد مع أبي بكر وعمر وعثمان وبقية خلفاء المسلمين‬
‫إلى اليوم هو حرام كحرمة الميتة والدم‪.‬‬
‫وجنود السلم الذين يرابطون على الثغور‪ ،‬ويجاهدون في سبيل الله‪،‬‬
‫دا والذين فتحوا بلد الفرس وغيرها!‬
‫وا في الرض ول فسا ً‬ ‫ول يريدون عل ً‬
‫ما هم في اعتقاد الشيعة إل قتلة‪ ،‬الويل لهم‪ ،‬يتعجلون مصيرهم‪ .‬روى‬
‫شيخهم الطوسي في التهذيب‪ .." :‬عن عبد الله بن سنان قال‪ :‬قلت لبي‬
‫عبد الله عليه السلم‪ :‬جعلت فداك ما تقول في هؤلء الذين يقتلون في‬
‫هذه الثغور؟ قال‪ :‬فقال‪ :‬الويل يتعجلون قتلة في الدنيا‪ ،‬وقتلة في الخرة‪،‬‬

‫‪514‬‬
‫]التهذيب‪ ،2/42 :‬وسائل‬ ‫والله ما الشهيد إل شيعتنا ولو ماتوا على فرشهم"‬
‫الشيعة‪.[.11/21 :‬‬
‫فأنت ترى أن الشيعة ترى أن جهاد المسلمين على مرور التاريخ جهاد‬
‫باطل ل أجر فيه ول ثواب‪ ،‬حتى يصفون المجاهدين المسلمين "بالقتلة"‬
‫ويجردونهم من السماء التي شرفهم الله بها "كالمجاهد" و"الشهيد"‪.‬‬
‫فهل يشك عاقل متجرد من الهوى والتعصب أن واضع هذا المبدأ عدو‬
‫موتور‪ ،‬وزنديق حاقد‪ ..‬يتربص بالمة الدوائر ويبغي فيها الفشل‪ ،‬ول يريد‬
‫لها أن تبقى مجاهدة في سبيل الله‪ ،‬رافعة راية الله‪ ،‬ليحتفظ بدينه‬
‫ودياره‪ ،‬وقد بلغ به التآمر لشاعة هذا المبدأ أن نسبه لجعفر الصادق‬
‫وغيره من أهل البيت حتى يجد الرواج بين التباع الجهلة من جانب‪ ،‬وحتى‬
‫يسيء لهل بيت رسول الله من جانب آخر‪.‬‬
‫ضا بمنع إقامة حدود الله سبحانه في دولة‬
‫كذلك صرح الشيعة أي ً‬
‫السلم بسبب غيبة إمامهم‪ ،‬لن أمر الحدود موكول – كما يقولون – إلى‬
‫المام المنصوص عليه‪ ،‬ولم ينص الله سبحانه – بزعمهم – إل على اثني‬
‫ما آخرهم قد غاب منذ منتصف القرن الثالث تقريًبا ولبد من‬ ‫عشر إما ً‬
‫انتظار عودته‪ ،‬حتى يقيم الحدود‪ ،‬إل أنه بحكم التفويض الذي أجراه‬
‫لشيوخ الشيعة بعد قرابة سبعين سنة من غيبته يحق للشيخ الشيعي‬
‫فقط من دون سائر قضاة المسلمين أن يتولى إقامة الحدود‪ ،‬وإذا لم‬
‫يوجد في قطر من أقطار السلم أحد من شيوخهم فل يجوز إقامة‬
‫الحدود‪ ،‬لنه ل يتولها إل المنتظر أو نائبه من مراجع الشيعة وآياتهم‪.‬‬
‫روى شيخهم ابن بابويه وغيره‪ .." :‬عن حفص بن غياث قال‪ :‬سألت أبا‬
‫عبد الله عليه السلم‪ :‬من يقيم الحدود‪ :‬السلطان أو القاضي؟ فقال‪:‬‬
‫إقامة الحدود من إليه الحكم" ]ابن بابويه‪ /‬من ل يحضره الفقيه‪ ،4/51 :‬تهذيب‬
‫الحكام‪ ،10/155 :‬وسائل الشيعة‪ – [.18/338 :‬كذا ‪.-‬‬
‫وقال المفيد‪" :‬فأما إقامة الحدود فهو إلى سلطان السلم المنصوب‬
‫من قبل الله‪ ،‬وهم أئمة الهدى من آل محمد عليهم السلم‪ ،‬ومن نصبوه‬
‫لذلك من المراء والحكام‪ ،‬وقد فوضوا النظر فيه إلى فقهاء شيعتهم مع‬
‫المكان" ]المقنعة‪ :‬ص ‪ ،130‬وسائل الشيعة‪.[.18/338 :‬‬
‫وتحذر روايات الشيعة من الرجوع إلى محاكم المسلمين وقضاتهم‬
‫حتى تقول‪" :‬من تحاكم إليهم في حق أو باطل فإنما تحاكم إلى طاغوت‪،‬‬
‫وما يحكم له فإنما يأخذ سحًتا‪ ،‬وإن كان حقه ثابًتا‪ ،‬لنه أخذه بحكم‬
‫الطاغوت" ]فروع الكافي‪ ،7/412 :‬التهذيب‪ ،6/218 :‬وسائل الشيعة‪.[.18/4 :‬‬
‫هذه جملة من شرائع السلم حرمتها الشيعة بسبب غيبة مهديهم‪،‬‬
‫وأوقفت العمل بها حتى خروجه من غيبته‪.‬‬

‫‪515‬‬
‫ما في فترة اختفاء هذا المنتظر لم يأذن‬ ‫كما أنهم شرعوا لنفسهم أحكا ً‬
‫بها الله سبحانه‪ ،‬ومن ذلك‪ :‬مسألة التقية والتي هي في السلم رخصة‬
‫ما في فترة الغيبة ل يجوز‬ ‫ما ودائ ً‬
‫ضا لز ً‬‫عارضة عند الضرورة جعلوها فر ً‬
‫دا‪ ،‬لنه لم يولد كما يؤكد‬
‫الخروج عنها حتى يعود المنتظر الذي لن يعود أب ً‬
‫ذلك المؤرخون‪ ،‬وأهل العلم بالنساب‪ ،‬وفرق كثيرة من الشيعة نفسها‪،‬‬
‫ومن ترك التقية قبل عودة المنتظر كان كمن ترك الصلة ]انظر‪ :‬فصل‬
‫التقية‪.[.‬‬
‫كذلك جعلوا الستشهاد في سبيل الله يحصل بمجرد اعتناق التشيع‪،‬‬
‫وانتظار عودة الغائب‪ ،‬ل في الجهاد في سبيل الله‪ ،‬فالشيعي شهيد ولو‬
‫مات على فراشه‪.‬‬
‫دا‪،‬‬
‫قال إمامهم‪" :‬إذا مات منكم ميت قبل أن يخرج قائمنا كان شهي ً‬
‫ومن أدرك قائمنا فقتل معه‪ ،‬كان له أجر شهيدين‪] "..‬بحار النوار‪،52/123 :‬‬
‫وهو مروي في أمالي الطوسي )انظر‪ :‬المصدر السابق‪.[.(123-52/122 :‬‬
‫وعقد شيخهم البحراني في المعالم الزلفى باًبا بعنوان‪" :‬الباب ‪ 59‬في‬
‫أن شيعة آل محمد شهداء وإن ماتوا على فرشهم" ]المعالم الزلفى في بيان‬
‫أحوال النشأة الولى والخرى‪ :‬ص ‪ [.101‬وأورد فيه جملة من أخبارهم‪.‬‬
‫ثم زادت مبالغاتهم – كالعادة – إلى أكثر من هذا القدر حتى روى ابن‬
‫بابويه بسنده إلى علي بن الحسين قال‪" :‬من ثبت على موالتنا في غيبة‬
‫قائمنا أعطاه الله عز وجل أجر ألف شهيد من شهداء بدر وأحد" ]إكمال‬
‫الدين‪ :‬ص ‪ ،315‬بحار النوار‪.[.52/125 :‬‬
‫ومن أحكامهم فرضية البيعة للغائب المنتظر‪ ،‬حتى شرع عندهم تجديد‬
‫البيعة مرات وكرات عبر الدعية في الزيارات لمشاهد الئمة – كما مر ‪،-‬‬
‫را ]هذه‬‫لن "من أصبح من هذه المة ل إمام له من الله جل وعز ظاه ً‬
‫الكلمة تؤكد أن إمامهم المختفي ليس بإمام‪ ،‬لنه ليس بظاهر‪ [.‬عادل ً أصبح ضال ً‬
‫ها‪ ،‬وإن مات على هذه الحال مات ميتة كفر ونفاق" ]أصول الكافي‪:‬‬ ‫تائ ً‬
‫‪.[.1/375‬‬
‫أما المبدأ الكبر الذي اخترعوه في ظل الغيبة فهو مبدأ نيابة الفقيه‬
‫الشيعي عن الغائب المنتظر‪.‬‬
‫وقد استحل الفقيه الشيعي باسم النيابة أموًرا كثيرة‪.‬‬
‫واختلف شيوخ الشيعة في حدود النيابة بين مقل ومستكثر‪ ،‬حتى بلغت‬
‫النيابة الحد القصى لوظائف المام الغائب وهو رئاسة الدولة‪ ،‬والستفتاء‬
‫على تشكيل الحكومة في دولة "اليات" الحاضرة‪ ،‬وهم الذين ل يؤمنون‬
‫إل بالمام المنصوص عليه‪ ..‬ولخطورة عقيدة النيابة‪ ،‬ولنها – في اعتقادي‬
‫– تمثل الخروج المقنع للمهدي‪ ،‬على يد مجموعة كبيرة من شيوخهم كل‬
‫يزعم أحقيته في النيابة سنخصها بالحديث التالي‪.‬‬

‫‪516‬‬
‫النيابة عن المنتظر‪:‬‬
‫أرسيت دعائم فكرة الغيبة لولد للحسن العسكري – كما سلف – وكان‬
‫لبد من وجود وكيل مفوض يتولى شئون التباع في أثناء فترة الحتجاب‪،‬‬
‫ويكون الواسطة والباب للغائب في السرداب‪ ،‬أو في جبال رضوى‪ ،‬أو‬
‫وديان مكة‪.‬‬
‫فكان أول زعيم تولى شئون الشيعة – كما كشفت ذلك أوراق الثني‬
‫عشرية – هي امرأة‪ ..‬وما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة كما قال النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم ]البخاري‪ ،‬كتاب المغازي‪ ،‬باب كتاب النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم إلى كسرى وقيصر‪ ،5/136 :‬وكتاب الفتن‪ ،8/97 :‬والترمذي‪ ،‬كتاب الفتن‪-4/527 :‬‬
‫‪ ،(2262) 528‬والنسائي‪ /‬باب النهي عن استعمال النساء في الحكم‪ ،8/227 :‬وأحمد‪:‬‬
‫‪ ،[.51 ،5/43‬إذ بعد وفاة الحسن العسكري‪ ،‬وإشاعة وجود الولد المختفي‪،‬‬
‫وبقاء الشيعة بدون إمام ظاهر‪ ،‬بدأ الشيعة يتساءلون إلى من يرجعون؟‬
‫ه( أي بعد وفاة الحسن العسكري بسنتين‪ ،،‬توجه بعض‬ ‫ففي سنة )‪‍ 262‬‬
‫الشيعة ]وهو كما تقول الرواية‪ :‬أحمد بن إبراهيم‪ ،‬وانظر‪ :‬رجال الحلي‪ :‬ص ‪ [.16‬إلى‬
‫بيت الحسن العسكري وسأل – كما تقول الرواية – خديجة بنت محمد بن‬
‫علي الرضا عن ولد الحسن العسكري المزعوم‪ ،‬فسمته له ]يلحظ أنهم‬
‫يحرمون تسميته حتى قالوا‪ :‬من سماه باسمه فهو كافر – كما سلف ‪ ،[.-‬يقول راوي‬
‫الخبر‪" :‬قلت لها‪ :‬فأين الولد؟ قالت‪ :‬مستور‪ ،‬فقلت‪ :‬إلى من تفزع‬
‫الشيعة؟ قالت‪ :‬إلى الجدة أم أبي محمد عليه السلم" ]الغيبة للطوسي‪ :‬ص‬
‫‪.[.138‬‬
‫ويبدو أن رجال الشيعة أرادوا أن تبقى النيابة عن الغائب في بيت‬
‫الحسن العسكري‪ ،‬فأشاعوا بين أتباعهم في بداية المر أن أم الحسن‬
‫العسكري هي الوكيلة عن المنتظر‪ ،‬فهي الرئيسة العامة للمسلمين‬
‫)بالنيابة(‪ .‬ويظهر أن هذا "التعيين" كان القصد منه إيجاد الجو المناسب‬
‫لنمو هذه الفكرة بين التباع لن أم الحسن هي الوصية للحسن بعد وفاته‬
‫كما تذكر أخبار الشيعة‪ ،‬فكان من الطبيعي أن تتولى عن ابنه‪ ،‬إل أن‬
‫محاربة بيت الحسن العسكري لفكرة الولد – كما سيأتي – قد وجه رجال‬
‫الشيعة إلى اختيار رجل من خارج أهل البيت‪ ،‬ولهذا جاء في الغيبة‬
‫للطوسي "ولد الخلف المهدي صلوات الله عليه سنة ست وخمسين‬
‫ومائتين‪ ،‬ووكيله عثمان بن سعيد‪ ،‬فلما مات عثمان بن سعيد‪ ،‬أوصى إلى‬
‫أبي جعفر محمد بن عثمان‪ ،‬وأوصى أبو جعفر إلى أبي القاسم الحسين‬
‫بن روح‪ ،‬وأوصى أبو القاسم إلى أبي الحسن علي بن محمد السمري‪"..‬‬
‫]الغيبة للطوسي‪ :‬ص ‪.[.242-241‬‬
‫فهؤلء النواب الربعة‪ ،‬ويزاحمهم على مسألة النيابة آخرون‪ ،‬هم من‬
‫خارج بيت الحسن‪ ،‬وتمثل نيابتهم صلة شخصية مباشرة بالمهدي‬
‫المنتظر‪ .‬ولذلك تسمى فترة نيابتهم في عرف الشيعة بالغيبة الصغرى‪.‬‬

‫‪517‬‬
‫وهؤلء النواب الربعة لهم ما للمام من حق الطاعة‪ ،‬وثقة الرواية‪ ،‬جاء‬
‫في الغيبة للطوسي أن الحسن العسكري قال‪" :‬هذا إمامكم من بعدي‬
‫)وأشار إلى ابنه( وخليفتي عليكم‪ ،‬أطيعوه‪ ،‬ول تتفرقوا من بعدي فتهلكوا‬
‫في أديانكم‪ ،‬أل وإنكم ل ترونه من بعد يومكم هذا حتى يتم له عمر‬
‫فاقبلوا من عثمان )الباب الول( ما يقوله‪ ،‬وانتهوا إلى أمره فهو خليفة‬
‫إمامكم والمر إليه ]الغيبة للطوسي‪ :‬ص ‪ ،[.217‬فما قاله لكم فعّني يقوله‪ ،‬ما‬
‫أدى إليكم فعني يؤديه" ]الغيبة للطوسي‪ :‬ص ‪.[.15‬‬
‫وهكذا أصبح للباب حق النيابة عن المام والمر إليه‪ ،‬لقوله صفة‬
‫القداسة والعصمة‪ ،‬لنه ينطق عن المام‪ ،‬ويؤدي عنه‪ ،‬ولذلك فإن من‬
‫خالف هؤلء البواب حلت به اللعنة‪ ،‬واستحق النار‪ .‬كما جاء في التواقيع‬
‫التي خرجت من المتنظر في حق من خالف هؤلء البواب ]انظر‪ :‬الغيبة‬
‫للطوسي‪ :‬ص ‪.[.244‬‬
‫إذن مسألة النيابة لهؤلء الربعة تخولهم التشريع‪ ،‬لنهم ينطقون عن‬
‫المعصوم‪ ،‬وللمعصوم حق تخصيص‪ ،‬أو تقييد‪ ،‬أو نسخ نصوص الشريعة –‬
‫كما مر – ولذلك كان للتوقيعات الصادرة منهم نفس المنزلة التي لكلم‬
‫المام أو أقوى كما سلف ]انظر‪ :‬ص)‪.[.(338‬‬
‫وكذلك تخولهم إصدار صكوك الغفران أو الحرمان‪ ،‬وأخذ أموال الوقف‬
‫والزكاة والخمس باسم المام‪ .‬ولكن هذه النيابة انتهت إذ "لما حضرت‬
‫السمري الوفاة سئل أن يوصي فقال‪ :‬لله أمر هو بالغه‪ .‬فالغيبة التامة‬
‫هي التي وقعت بعد السمري" ]الغيبة للطوسي‪ :‬ص ‪.[.242-241‬‬
‫وقد يكون من أهداف موافقة القواعد الشيعية لغلق السمري للبابية‬
‫وإشاعة ذلك بين التباع هو المحافظة على فكرة غيبة المهدي من‬
‫افتضاح حقيقتها وانكشاف أمرها؛ حيث كثر الراغبون فيها من شيوخ‬
‫الشيعة ول سيما في عهد سلفه أبي القاسم بن روح‪ ،‬وعظم النزاع بينهم‬
‫ووصل المر إلى التلعن والتكفير والتبري‪ ،‬كما يلحظ ذلك في التوقيعات‬
‫التي خرجت على يد البواب منسوبة للمنتظر ]انظر‪ :‬الغيبة للطوسي‪ :‬ص‬
‫‪ ،244‬وما بعدها‪.[.‬‬
‫فأغلق السمري حكاية البابية‪.‬‬
‫ما‪،‬‬
‫وهنا حصل تطور آخر في مسألة النيابة‪ ،‬وفي المذهب الشيعي عمو ً‬
‫قا للشيوخ‪ ،‬فقد أصدرت الدوائر الثنا عشرية‬ ‫قا مطل ً‬
‫حيث جعلت النيابة ح ً‬
‫"توقيًعا" منسوًبا للمنتظر الموهوم‪ .‬وخرج بعد إعلن انتهاء البابية على يد‬
‫السمري‪ .‬يقول التوقيع‪" :‬أما الوقائع الحادثة فارجعوا فيها إلى رواة‬
‫حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله" ]الكافي – مع شرحه مرآة العقول ‪:-‬‬
‫‪ ،4/55‬إكمال الدين‪ :‬ص ‪ ،451‬الغيبة للطوسي‪ :‬ص ‪ ،177‬الحتجاج للطبرسي‪ :‬ص ‪،163‬‬
‫وسائل الشيعة‪ ،18/101 :‬محمد مكي العاملي‪ /‬الدرة الطاهرة‪ :‬ص ‪ [.47‬فأعلن‬

‫‪518‬‬
‫انقطاع الصلة المباشرة بالمهدي وفوض أمر النيابة عن المنتظر إلى رواة‬
‫حديثهم وواضعي أخبارهم‪.‬‬
‫ولقد حقق هذا العلن مجموعة من الهداف‪ ،‬فقد أصبحت دعوى‬
‫البابية غير مقصورة على واحد‪ ،‬والذي قد تكشف حقيقة أمره بسهولة‪،‬‬
‫وبمجرد مراقبة مجموعة له‪ ،‬ولذلك يلحظ كثرة الشك والتكذيب في‬
‫فترات الغيبة الولى‪.‬‬
‫كما أن ذلك خفف التنافس على البابية التي كان لها آثارها‪ ،‬فبقيت‬
‫مشاعة بين شيوخ الشيعة‪ ،‬وأطلق على انقطاع البابية الخاصة وتحولها‬
‫إلى نيابة عامة »الغيبة الكبرى« فصار للمام غيبتان صغرى وكبرى رغم‬
‫أن لهم روايات ل تتحدث إل عن غيبة واحدة ]جاءت عندهم روايات صنعت –‬
‫فيما يبدو – في الفترة الولى من موت الحسن العسكري تحكي غيبة البن المزعوم‬
‫للحسن العسكري‪ ،‬يقول بعضها‪" :‬إن بلغكم عن صاحبكم غيبة فل تنكروها" )أصول‬
‫الكافي‪.(1/340 :‬‬
‫فكأن هذه الرواية تلقي فكرة الغيبة على التباع بدون تأكيد لتتحسس ردة الفعل‬
‫وتحسب لها حسابها‪ ،‬وهي تذكر بأن له غيبة واحدة‪.‬‬
‫وتؤكد بعض رواياتهم بأنه بعد هذه الغيبة سيظهر‪ .‬جاء في الكافي » عن أم هاني قالت‪:‬‬
‫م‬‫س ُ‬ ‫فل أ ُ ْ‬
‫ق ِ‬ ‫سألت أبا جعفر محمد بن علي عليهما السلم عن قول الله تعالى‪َ } :‬‬
‫وا ِ ْ‬ ‫س‪ ،‬ال ْ َ‬ ‫ِبال ْ ُ‬
‫س{ ]التكوير‪ :‬آية‪ [16،17 :‬قالت‪ :‬فقال‪ :‬إمام يخنس سنة ستين‬ ‫ر الك ُن ّ ِ‬ ‫ج َ‬ ‫خن ّ ِ‬
‫ومائتين ثم يظهر‪ ،‬فما بعد غيبته إل الظهور"‪) .‬أصول الكافي‪.(1/341 :‬‬
‫فإعلن السمري البابية قد يراد منه إشعارهم بقرب الظهور‪ ..‬ولكن مرت اليام‬
‫والسنون ولم يظهر‪.[.‬‬
‫ولكن وضعت روايات تناسب هذا الوضع وتتحدث عن غيبتين‪ ،‬يقول‬
‫بعضها‪" :‬قال أبو عبد الله عليه السلم‪ :‬للقائم غيبتان أحدهما قصيرة‬
‫والخرى طويلة‪ ،‬الولى ل يعلم بمكانه إل خاصة شيعته‪ ،‬والخرى ل يعلم‬
‫إل خاصة مواليه في دينه" ]الغيبة للنعماني‪ :‬ص ‪.[.113‬‬
‫فأنت ترى أن هذه الرواية أثبتت له غيبتين الولى يتصل به خاصة‬
‫شيعته‪ ،‬وهذا قد يكون إشارة إلى السفراء الذين تناوبوا على دعوى‬
‫البابية‪ ،‬والخرى يتصل به خاصة مواليه‪ ،‬وقد أشارت رواية في الكافي‬
‫إلى أن عددهم ثلثون ]انظر‪ :‬أصول الكافي‪ ،[.1/340 :‬فلم تنف رواياتهم‬
‫الصلة المباشرة بالمنتظر في الحالتين‪ ،‬رغم أن السمري حينما حل‬
‫وظيفة البابية أصدر توقيًعا على لسان المنتظر يقول فيه‪" :‬من ادعى‬
‫المشاهدة للمنتظر فهو كاذب" ]مضى ذكره بنصه ص)‪.[.(340‬‬
‫وإن شيوخهم يقولون بأنه وقعت في الغيبة الكبرى المحرومية العظمى‬
‫من المام‪ .‬يقول شيخهم النعماني بعد ذكره لخبارهم في الغيبتين‪" :‬هذه‬
‫الحاديث التي يذكر فيها أن للقائم غيبتين أحاديث قد صحت عندنا‪ ..‬فأما‬
‫الغيبة الولى فهي الغيبة التي كانت السفراء فيها بين المام عليه السلم‬
‫وبين الخلق منصوبين ظاهرين موجودي الشخاص والعيان يخرج على‬

‫‪519‬‬
‫أيديهم الشفاء من العلم وعويص الحكمة والجوبة ]تقدم في فصل السنة ذكر‬
‫نماذج من هذه الجوبة الصادرة عن المام المزعوم‪ ،‬وقد تبين لنا ما فيها من جهل‬
‫وسطحية‪ ،‬ولول ضيق المجال وخشية الخروج عن المقصود لعرضناها بأكملها ودرسناها‬
‫دراسة نقدية فاحصة‪ ،‬وأرجو أن ييسر الله سبحانه دراسة مستقلة لمسألة الغيبة يراعى‬
‫فيها هذا الجانب‪ [.‬عن كل ما كان يسأل عنه من المعضلت والمشكلت‬
‫وهي الغيبة القصيرة التي انقضت أيامها وتصرمت مدتها‪.‬‬
‫]الغيبة‬ ‫والغيبة الثانية هي التي ارتفع فيها أشخاص السفراء والوسائط"‬
‫للنعماني‪ :‬ص ‪.[.115‬‬
‫ولكن شيوخ الشيعة يدعون في فترة الغيبة الثانية النيابة عن المام‬
‫المنتظر ويستندون في ذلك على التوقيع الذي أظهره السمري عن‬
‫منتظرهم‪ ،‬والذي يحيلهم إلى رواة حديثهم في كل الحوادث الواقعة‬
‫الجديدة‪.‬‬
‫فيلحظ أنه لم يحلهم على الكتاب والسنة‪ ،‬وإنما أرجعهم إلى الشيوخ‪.‬‬
‫وقد تبوأ شيوخ الشيعة بذلك منصب البابية عن الغائب واستمدوا‬
‫القداسة بين التباع بفضل هذه النيابة عن المام الذي أضفوا عليه تلك‬
‫الصفات الخارقة‪ ،‬والفضائل الكاملة‪ ..‬ولذلك يطلقون على شيوخهم‬
‫الذين وصلوا إلى منصب "النيابة عن المام" اسم "المراجع وآيات الله"‬
‫فهم مظاهر للمام المعصوم‪ ،‬ولذلك يقرر أحد شيوخهم المعاصرين بأن‬
‫الراد على النائب كالراد على الله تعالى وهو على حد الشرك بالله وذلك‬
‫بمقتضى عقيدة النيابة‪.‬‬
‫يقول شيخهم المظفر‪" :‬عقيدتنا في المجتهد الجامع للشرائط‪ ،‬أنه نائب‬
‫للمام عليه السلم في حال غيبته‪ ،‬وهو الحاكم والرئيس الملطق‪ ،‬له ما‬
‫للمام في الفصل في القضايا والحكومة بين الناس‪ ،‬والراد عليه راد على‬
‫المام‪ ،‬والراد على المام راد على الله تعالى‪ ،‬وهو على حد الشرك بالله‬
‫كما جاء في الحديث عن صادق آل البيت – عليهم السلم ‪ .-‬فليس‬
‫المجتهد الجامع للشرائط مرجًعا في الفتيا فقط‪ ،‬بل له الولية العامة‪،‬‬
‫فيرجع إليه في الحكم والفصل والقضايا‪ ،‬وذلك من مختصاته ل يجوز لحد‬
‫أن يتولها دونه إل بإذنه‪ ،‬كما ل تجوز إقامة الحدود والتعزيرات إل بأمره‬
‫وحكمه‪ .‬ويرجع إليه في الموال التي هي من حقوق المام ومختصاته‪.‬‬
‫وهذه المنزلة أو الرئاسة أعطاها المام عليه السلم للمجتهد الجامع‬
‫للشرائط ليكون نائًبا عنه في حال الغيبة ولذلك يسمى )نائب المام("‬
‫]عقائد المامية‪ :‬ص ‪.[.57‬‬
‫سا‪ ،‬وتعلقوا بهذا‬
‫فأنت ترى أن شيوخ الشيعة تخلوا عن آل البيت رأ ً‬
‫المعدوم‪ ،‬ووضعوا أنفسهم مكان المام من أهل البيت باسم هذا‬
‫المعدوم‪ ،‬وهذه غنيمة كبيرة‪ ،‬لذلك ما إن اتفقوا عليها بعد إخفاق فكرة‬
‫البابية المباشرة‪ ،‬حتى اختفت الخلفات على منصب البابية‪ ،‬ورجعت فرق‬

‫‪520‬‬
‫شيعية كثيرة‪ ،‬ودانت بهذه الفكرة‪ ،‬لنها تجعل من كل واحد من تلك‬
‫عا" "وجابًيا‬
‫قا مطا ً‬
‫ما مطل ً‬
‫ما" "ومهدًيا" "وحاك ً‬
‫الرموز الشيعية "إما ً‬
‫للموال" ول يقاسمهم في ذلك أحد من أهل البيت‪ ،‬ول يفضحهم ويكشف‬
‫أوراقهم رجل من أهل البيت‪.‬‬
‫ويبدو من التوقيع المنسوب للمنتظر أنه يجعل لشيوخ الشيعة حق‬
‫النيابة في الفتوى حول المسائل الجديدة‪ ،‬إذ هو يقول‪ :‬فأما المسائل‬
‫الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا – كما سلف – ول يخلوهم النيابة‬
‫العامة‪ ،‬ولكن الشيوخ توسعوا في مفهوم النيابة حتى وصلت إلى قمة‬
‫غلوها في هذا العصر على يد الخميني ]انظر‪ :‬فصل "دولة اليات" من الباب‬
‫الرابع‪.[.‬‬
‫كما نلحظ شيًئا من هذا في تقرير شيخهم المظفر لعقيدتهم في هذا‬
‫الشأن‪ ،‬وكما تراه في دولتهم الحاضرة‪.‬‬
‫وقد كان لهؤلء الشيوخ دعاوى عريضة حول الصلة بالمهدي بعد غيبته‬
‫الكبرى – كما سلف – ]ص ‪ 340‬وما بعدها‪.[.‬‬
‫نقد عقيدة الغيبة والمهدية عند الثني عشرية‪:‬‬
‫إن فرق المسلمين تخالف الثني عشرية في خلق المهدي ووجوده‬
‫فكيف ببلوغه‪ ،‬فكيف برشده‪ ،‬فكيف بإمامته‪ ،‬فكيف بعصمته‪ ،‬فكيف‬
‫بمهديته؟! والشيعة ل يقدرون ببرهان واضح على إثبات واحدة من هذه‬
‫المور ]أبو المحاسن الواسطي‪ /‬المناظرة بين أهل السنة والرافضة‪ ،‬الورقة )‪– [.(59‬‬
‫كما سلف أثناء استعراضنا لعقيدتهم وأدلتهم ‪.-‬‬
‫فأهل السنة يقررون بمقتضى النصوص الشرعية‪ ،‬والحقائق التاريخية‪..‬‬
‫والدلئل العقلية أن مسألة غيبة المهدي عند الثني عشرية ل تعدو أن‬
‫ما من الوهام‪ ،‬إذ "ليس له عين ول أثر‪ ،‬ول يعرف له حس ول‬ ‫تكون وه ً‬
‫خبر‪ ،‬لم ينتفع به أحد ل في الدنيا ول في الدين‪ ،‬بل حصل باعتقاد وجوده‬
‫من الشر والفساد ما ل يحصيه إل رب العباد" ]منهاج السنة‪.[.4/213 :‬‬
‫وقد ذكر أهل العلم بالنساب والتواريخ أن الحسن بن علي العسكري‬
‫لم يكن له نسل ول عقب ]انظر‪ :‬منهاج السنة‪.[.2/164 :‬‬
‫ثم إنهم يقولون‪ :‬إن المهدي دخل السرداب بعد موت أبيه‪ ،‬وعمره‬
‫سنتان أو ثلث أو خمس على اختلف رواياتهم‪ ،‬وأصبح من ذلك الوقت‬
‫هو المام على المسلمين رغم طفولته واختفائه‪ ،‬مع أن الواجب في حكم‬
‫الله الثابت بنص القرآن والسنة والجماع أن يكون هذا اليتيم – على‬
‫فرض وجوده – عند من يستحق حضانته من قرابته‪ ،‬وأن يكون ماله عند‬
‫من يحفظه حتى يؤنس منه الرشد‪ ،‬فكيف يكون من يستحق الحجر عليه‬
‫ما ل يكون أحد مؤمًنا إل‬
‫ما لجميع المسلمين معصو ً‬ ‫في بدنه وماله إما ً‬
‫دا مع‬‫ما أو مفقو ً‬
‫باليمان به؟! ]منهاج السنة‪" .[.2/164 :‬فكيف إذا كان معدو ً‬

‫‪521‬‬
‫طول هذه الغيبة؟! والمرأة إذا غاب وليها‪ ،‬زوجها الحاكم أو الولي الحاضر‬
‫لئل تضيع مصلحة المرأة بغيبة الولي الموجود‪ ،‬فكيف تضيع مصلحة المة‬
‫مع هذا المام المفقود على طول الدهور" ]منهاج السنة‪ ،1/30 :‬المنتقى‪ :‬ص‬
‫‪ ،31‬رسالة رأس الحسين‪ :‬ص ‪.[.6‬‬
‫وبغض النظر عن موقف أهل السنة من مهدي الثني عشرية وغيبته‪..‬‬
‫فإن المتأمل لنصوص المهدية والغيبة في كتب الثني عشرية المعتمدة‪،‬‬
‫يلحظ ملحظة جديرة بالهتمام وهي أن هذه الدعوى لم تلق قبول ً لدى‬
‫الشيعة أنفسهم إل في العصور المتأخرة نسبًيا‪ ،‬وذلك حين جدت الدعاية‬
‫الشيعية في ترويج هذه العقدية‪ ،‬وألغت فكرة البابية التي انكشف‬
‫بواسطتها أمر الغيبة‪ ،‬ولذلك فإن شيخهم النعماني وهو من معاصري‬
‫الغيبة الصغرى يقرر أن جميع الشيعة في شك من أمر الغيبة إل قليل ً‬
‫منهم‪.‬‬
‫ذلك أن أمارات الشك واضحة بّينة لهم‪ ،‬حيث إن الحسن العسكري –‬
‫كما يعترفون – توفي ولم ير له أثر‪ ،‬ولم يعرف له ولد ظاهر فاقتسم‬
‫أخوه جعفر وأمه ما ظهر من ميراثه ]انظر‪ :‬ص)‪.[.(828‬‬
‫وقد ورد في الكافي – أصح كتب الحديث عندهم – وغيره عن أحمد بن‬
‫عبد الله بن خاقان ]كان أميًرا على الضياع والخراج بقم في خلفة المعتمد على الله‬
‫أحمد بن المتوكل‪) .‬انظر‪ :‬أصول الكافي‪ ،1/503 :‬إكمال الدين ص ‪ [.(39‬قال‪ ...:‬لما‬
‫مات الحسن العسكري سنة ستين ومائتين ضجت سر من رأى ضجة‬
‫واحدة مات ابن الرضا‪ ،‬وبعث السلطان إلى داره من يفتشها ويفتش‬
‫حجرها وختم على جميع ما فيها‪ ،‬وطلبوا أثر ولده‪ ،‬وجاءوا بنساء يعرفن‬
‫الحمل‪ ،‬فدخلن إلى جواريه ينظرن إليهن فذكر بعضهن أن هناك جارية بها‬
‫حمل‪ ،‬فوضعت تلك الجارية في حجرة ووكل بها بعض النسوة‪ ،‬ثم أخذوا‬
‫بعد ذلك في تهيئته‪ ...‬فلما فرغوا من ذلك بعث السلطان إلى أبي عيسى‬
‫بن المتوكل للصلة عليه‪ ،‬فلما دنا أبو عيسى منه كشف عن وجهه‬
‫فعرضه على بني هاشم من العلوية والعباسية والقواد والكتاب‪ ...‬ثم قال‪:‬‬
‫هذا الحسن بن علي بن محمد الرضا‪ ،‬مات حتف أنفه على فراشه‪،‬‬
‫حضره من حضره من خدم أمير المؤمنين وثقاته‪ ..‬ثم صلى عليه‪ ..‬وبعد‬
‫دفنه أخذ السلطان والناس في طلب ولده وكثر التفتيش في المنازل‬
‫والدور‪ ،‬وتوقفوا عن قسمة ميراثه‪ ،‬ولم يزل الذين وكلوا بحفظ الجارية‬
‫التي وهم عليها الحمل ملزمين لها حتى تبين بطلن الحمل‪ ،‬فلما بطل‬
‫الحمل عنهن قسم ميراثه بين أمه وأخيه جعفر ]أصول الكافي‪ ،1/505 :‬إكمال‬
‫الدين‪ :‬ص ‪.[.42-41‬‬
‫فأنت تلحظ أن الثني عشرية ساقوا هذه الرواية للدللة عن بطلن‬
‫قول من قال من الشيعة بالوقف على الحسن العسكري في إنكار وفاته‪،‬‬
‫ولكن تبين من خللها بطلن دعوى الولد‪ ،‬لن أسرة الحسن‪ ،‬ونقابة أهل‬
‫البيت‪ ،‬والسلطان حققوا علنًيا في حقيقة المر وذلك لبطال ما يزعمه‬
‫‪522‬‬
‫الشيعة في هذا المجال‪ ،‬ولهذا قرر القمي والنوبختي وغيرهما بأن الشيعة‬
‫افترقوا – بعد وفاة الحسن العسكري – إلى فرق عديدة أنكر أكثرها‬
‫وجود الولد أصل ً ]المقالت والفرق‪ :‬ص ‪ ،116-102‬فرق الشيعة‪ :‬ص ‪ [.112-96‬حتى‬
‫قال بعضهم‪ :‬إنا قد طلبنا الولد بكل وجه فلم نجده‪ ،‬ولو جاز لنا دعوى أن‬
‫دا خفًيا لجاز مثل هذه الدعوى في كل ميت من غير خلف‪،‬‬ ‫للحسن ول ً‬
‫ولجاز أن يقال في النبي صلى الله عليه وسلم أنه خلف ابًنا نبًيا رسو ً‬
‫ل‪،‬‬
‫لن مجيء الخبر بوفاة الحسن بل عقب كمجيء الخبر بأن النبي صلى‬
‫دا من صلبه‪ ،‬فالولد قد بطل ل محالة‬ ‫الله عليه وسلم لم يخلف ول ً‬
‫]المقالت والفرق‪ :‬ص ‪ ،115-114‬فرق الشيعة‪ :‬ص ‪.[.104-103‬‬
‫دا بشيوخ الشيعة إلى وضع‬‫وهذا الواقع – في نظري – هو الذي ح ً‬
‫روايات تجعل من لوزام منتظرهم اختفاء حمله‪ ،‬وولدته‪ ،‬والشك فيه‪..‬‬
‫كمحاولة من شيوخهم لتجاوز هذه المرحلة التي كاد أن ينكشف فيها أمر‬
‫التشيع‪.‬‬
‫حا‬
‫فا صري ً‬
‫وعلوة على إنكار جل الشيعة لذلك‪ ،‬فإن لهل البيت موق ً‬
‫ما في هذا المر‪ .‬وهو من البراهين الواضحة على بطلن هذه‬‫حاس ً‬
‫ه أن رجل ً‬ ‫الدعوى‪ ،‬حيث جاء في تاريخ الطبري في حوادث سنة ‪‍ 302‬‬
‫ادعى – في زمن الخليفة المقتدر – أنه محمد بن الحسن بن علي بن‬
‫موسى بن جعفر‪ ،‬فأمر الخليفة بإحضار مشايخ آل أبي طالب وعلى‬
‫رأسهم نقيب الطالبيين أحمد بن عبد الصمد المعروف بان طومار‪.‬‬
‫فقال له ابن طومار‪ :‬لم يعقب الحسن‪ .‬وقد ضج بنو هاشم من دعوى‬
‫هذا المدعي وقالوا‪ :‬يجب أن يشهر هذا بين الناس‪ ،‬ويعاقب أشد عقوبة‪.‬‬
‫فحمل على جمل وشهر يوم التروية ويوم عرفة‪ ،‬ثم حبس في حبس‬
‫المصريين بالجانب الغربي ]تاريخ الطبري‪ ،27-13/26 :‬المطبعة الحسينية ط‪:‬‬
‫الولى‪ ،‬أو ج‪ ‍11‬ص ‪ 50-49‬من طبعة دار المعارف‪ ،‬تحقيق‪ :‬أبو الفضل إبراهيم‪.[.‬‬
‫وهذه الشهادة من بني هاشم‪ ،‬وعلى رأسهم نقيب الطالبيين مهمة لنها‬
‫من نقيب العلويين الذي كان عظيم العناية بتسجيل أسماء مواليد هذه‬
‫السرة في سجل رسمي ]محب الدين الخطيب في تعليقه على المنتقى‪ :‬ص‬
‫‪ ،[.173‬ولقدم فترتها الزمنية حيث إنها واقع في زمن الغيبة الصغرى التي‬
‫كثر فيها ادعاء هذا الولد وادعاء بابيته من العديد من الرموز الشيعية‪.‬‬
‫وعلوة على شهادة نقيب الطالبيين وبني هاشم‪ ،‬فإن أقرب الناس إلى‬
‫الحسن العسكري وهو أخوه جعفر يؤكد أن أخاه مات ول نسل له ول‬
‫عقب ]انظر‪ :‬الصواعق المحرقة‪ :‬ص ‪.[.168‬‬
‫والشيعة يعترفون بذلك‪ ،‬بل ينقلون أنه حبس جواري أخيه وحلئله حتى‬
‫ثبت له براءتهن من الحمل ]انظر‪ :‬الغيبة للطوسي‪ :‬ص ‪ ،[.75‬وأنه شنع على‬
‫من ادعى ذلك وأبلغ دولة الخلفة السلمية ]سفينة البحار‪ :‬ص ‪ [.162‬بتآمره‪،‬‬
‫ولكن الطوسي يقول‪ :‬إن هذا النكار من جعفر "ليس بشبهة يعتمد على‬

‫‪523‬‬
‫مثلها أحد من المحصلين لتفاق الكل على أن جعفًرا لم يكن له عصمة‬
‫كعصمة النبياء فيمتنع عليه لذلك إنكار حق ودعوى باطل‪ ،‬والغلط غير‬
‫ممتنع منه" ]الغيبة‪ :‬ص ‪.[.75‬‬
‫فالطوسي ل يقبل النكار من جعفر‪ ،‬لنه غير معصوم‪ ،‬ولكن الطوسي‬
‫ومعه طائفة الثني عشرية يقبلون دعوى عثمان بن سعيد في إثبات الولد‬
‫ضا؟!‪.‬‬
‫ودعوى بابيته وهو غير معصوم‪ ،‬أليس هذا تناق ً‬
‫كيف يكذب جعفر وهو أخو الحسن العسكري ومن سللة أهل البيت‪،‬‬
‫وعميد السرة بعد وفاة الحسن‪ ،‬ويصدق رجل أجنبي عن أهل البيت‪ ،‬وهو‬
‫متهم في دعواه‪ ،‬لنه يجر المصلحة لنفسه من المال والجاه باسم البابية‪،‬‬
‫ومن هذا شأنه أل يشك في قوله وترد شهادته؟!‬
‫ولموقف جعفر المتميز ضد محاولت الرموز الشيعية اختراع ولد لخيه‪،‬‬
‫عا بأمره‪ ،‬حتى لقبوه "بجعفر الكذاب" ]انظر‪ :‬ابن بابويه‪/‬‬
‫ضاق الشيعة ذر ً‬
‫إكمال الدين‪ :‬ص ‪ ،312‬سفينة البحار‪ ،1/162 :‬أصول الكافي‪) 1/504 :‬هامش ‪ ،(2‬مقتبس‬
‫الثر‪ ،14/314 :‬قالوا‪ :‬إنه يلقب جعفر بن محمد بالصادق في مقابل جعفر هذا الذي‬
‫يلقبونه بالكاذب أو الكذاب )مقتبس الثر‪ (14/314 :‬فقد يكون شيوع إطلق لقب‬
‫»الصادق« على جعفر‪ ،‬وتمييزه بذلك بين آبائه وأقرانه مصدره الشيعة‪ ،‬نكاية بحفيدة‬
‫جعفر‪ [.‬ووضعوا روايات نسبوها لوائل أهل البيت تتنبأ بالغيب فتتحدث بما‬
‫سيقع من جعفر‪ ،‬وتندد به‪.‬‬
‫فنسبوا للسجاد أنه قال‪" :‬كأني بجعفر الكذاب قد حمل طاغية زمانه‪،‬‬
‫على تفتيش أمر ولي الله المغيب في حفظ الله جهل ً منه بولدته‪،‬‬
‫صا على قتله إن ظفر به طمًعا في ميراث أبيه حتى يأخذه بغير‬ ‫وحر ً‬
‫حقه" ]إكمال الدين‪ :‬ص ‪ ،312‬سفينة البحار‪.[.1/162 :‬‬
‫نلحظ في هذه الرواية أنهم اتهموا جعفًرا بأنه أنكر ولدته طمًعا في‬
‫الميراث‪ ،‬على حد المثل القائل‪ :‬رمتني بدائها وانسلت‪ ،‬ذلك أن صانعي‬
‫صا على الموال –‬ ‫هذه الروايات هم الذين ادعوا الولد وقالوا ببابيته حر ً‬
‫كما سلف – كذلك فإن الرواية تتناقض حينما تقول بأن جعفًرا يجهل‬
‫ولدته‪ ،‬ثم تقول بأنه يحرص على قتله‪ ،‬فإذا كان يجهل أنه ولد له ولد‬
‫فكيف يحرص على قتل مجهول وجوده؟! ثم انظر كيف يدافعون عن‬
‫عثمان بن سعيد‪ ،‬ويتهمون جعفًرا وهم يدعون التشيع للل‪.‬‬
‫وليس جعفر هو وحده من أسرة الرضا الذي ينكر هذه الدعوى‪ .‬بل‬
‫يظهر من روايات الشيعة أن النكار كان من بيت الولد المزعوم ومن بني‬
‫عمه‪ ،‬يدل على ذلك ما جاء في كتب الشيعة "عن إسحاق بن يعقوب‬
‫]لحظ السماء يهودية‪ [.‬قال‪ :‬سألت محمد بن عثمان العمري ]الباب الثاني‬
‫لمهدي الثني عشرية‪ [.‬أن يوصل لي كتاًبا قد سألت فيه مسائل أشكلت‬
‫علي‪ ،‬فورد التوقيع بخط مولنا صاحب الزمان ]وما يدريهم أنه خط صاحب‬
‫الزمان – على فرض وجوده – والخطوط تتشابه‪ ،‬والرجل الذي خرجت على يده "الرقعة"‬
‫غير معصوم‪ ،‬ومشكوك في أمره لنه يجر المصلحة لنفسه‪ ،‬وناقل هذا التوقيع عن محمد‬

‫‪524‬‬
‫بن عثمان أحد السماء اليهودية‪ [.‬صلى الله عليه‪ :‬أما ما سألت عنه أرشدك‬
‫الله من أمر المنكرين لي من أهل بيتنا وبني عمنا‪ .‬فاعلم أنه ليس بين‬
‫الله عز وجل وبين أحد قرابة‪ ،‬ومن أنكرني فليس مني وسبيله سبيل ابن‬
‫نوح‪ ،‬وأما سبيل عمي جعفر وولده فسبيل أخوة يوسف‪] "..‬إكمال الدين‪ :‬ص‬
‫ه‪ ،‬سفينة‬
‫ه‪ ،‬وص ‪ 470-469‬ط‪ :‬بيروت ‪‍ 1401‬‬
‫‪ ،451‬الحتجاج‪ 2/283 :‬ط‪ :‬النجف ‪‍ 1386‬‬
‫البحار‪ ،1/163 :‬مقتبس الثر‪.[.14/316 :‬‬
‫فيدل هذا على أن إنكار وجود الولد صدر من أهل بيته وعمومته‪،‬‬
‫والدعوى جاءت من الخارج‪ ..‬فأيهما أقرب للتصديق؛ أيكذب أشراف أهل‬
‫البيت‪ ،‬ويصدق سمان ل يعرف له شأن في دين ول علم ول نسب ول‬
‫مقام ول أصل؟!‪.‬‬
‫وقد يقال بأن أهل بيته وعمومته يتسترون عليه صيانة له‪ ،‬لكن التوقيع‬
‫الصادر عن المنتظر المزعوم يدل على أن النكار حقيقي لنه يحكم‬
‫عليهم بأنهم كابن نوح في الكفر‪ ،‬إذ ليس بين الله وبين أحد قرابة‪ ،‬مع أن‬
‫مذهبهم قائم على أن قرابة أئمتهم من الرسول صلى الله عليه وسلم‬
‫هي التي خولتهم تلك المكانة‪..‬‬
‫كذلك حملتهم على جعفر ووصفه "بالكذاب" ورميه بكل عيب ونقيصة‬
‫]انظر‪ :‬مراجع هذه المسألة في ص)‪ (903‬هامش رقم )‪ [.(1‬يدل على أن النكار‬
‫من أسرة الحسن حقيقي‪ ،‬ولذلك صنع أصحاب هذه الدعوة تلك الروايات‬
‫التي تهاجم جعفًرا‪ ،‬وأهل بيت المنتظر وبني عمه وتندد بإنكارهم وتفيض‬
‫بالحقد عليهم‪ .‬وقد كان لموقفهم أثره في ذلك الوقت‪ ،‬حيث شك جميع‬
‫الشيعة في هذه الدعوى إل القليل‪ ،‬كما شهد بذلك شيخهم النعماني‬
‫وغيره‪.‬‬
‫وعلوة على ذلك كله فإن الحسن العسكري نفسه المنسوب له هذا‬
‫الولد قد نفى ذلك وأنكره حيث أسند وصيته في مرضه الذي توفي فيه‬
‫إلى والدته‪ ،‬وأوكل لها النظر في أوقافه وصدقاته وأشهد على ذلك وجوه‬
‫الدولة وشهود القضاء‪ ،‬كما يروي ذلك الكليني في الكافي ]أصول الكافي‪:‬‬
‫‪ ،[.1/505‬وابن بابويه في إكمال الدين ]إكمال الدين‪ :‬ص ‪ [.42‬وغيرهما ]انظر‪:‬‬
‫الغيبة للطوسي‪ :‬ص ‪ ،[.75‬ولو كان له ولد هو إمام المسلمين‪ ،‬يحمل تلك‬
‫الوصاف الكاملة والخارقة لما وسعه إل توكيله‪ ،‬فمن هو وكيل ورئيس‬
‫على المة‪ ،‬ومن هو أمان للكون والناس ل يعجزه مع غيبته أن يقوم‬
‫ما لم يفعل دل على أنه ل ولد‬ ‫بأعباء النظر على أوقاف أبيه وصدقاته‪ ..‬فل ّ‬
‫له أص ً‬
‫ل‪.‬‬
‫وليس ينال من هذه الشهادة العملية للحسن العسكري قول الطوسي‪:‬‬
‫دا إلى إخفاء ولدة ابنه وستًرا له عن سلطان‬
‫إن الحسن فعل ذلك قص ً‬
‫الوقت ]الغيبة‪ :‬ص ‪ ،[.75‬لن هذا القول دعوى بل برهان‪.‬‬
‫وبهذا يثبت بطلن وجوده‪ ،‬وبطلن ما ترتب على ذلك‪.‬‬

‫‪525‬‬
‫فهذه شهادة أهل السنة‪ ،‬وأكثر فرق الشيعة‪ ،‬ونقابة آل أبي طالب‪،‬‬
‫وأسرة آل أبي طالب وأخيه جعفر‪ ،‬والحسن العسكري‪ ،‬وكل هذه‬
‫الشهادات والبينات تنفي دعوى الولد‪ ،‬وهي ترد دعوى الجانب البعداء‬
‫في نواياهم مم ادعى البابية والمشاهدة‪ .‬فكيف إذا أضيف إلى ذلك‬
‫استبعاد بقائه – على فرض وجوده – مئات السنين ولو مد ّ الله في عمر‬
‫أحد من خلقه لحاجة الناس إليه لمد في عمر رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم كما قال أبو الحسن الرضا‪ ،‬وهو مع طول هذه المدة ل يعرف أحد‬
‫مكانه‪ ،‬ول يعلم مستقره ومقامه‪ ،‬ول يأتي بخبره من يوثق بقوله‪.‬‬
‫وكل من اتفق له الستتار عن ظالم لخوف منه على نفسه أو لغير ذلك‬
‫من الغراض يكون مدة استتاره قريبة‪ ،‬ول يخفى على الكل‪.‬‬
‫وكيف يغيب المسؤول الول عن المة هذه الغيبة الطويلة؟ أليس هذا‬
‫حا جلًيا على أن حكاية الغيبة أسطورة من الساطير التي‬ ‫كله دليل ً واض ً‬
‫صنعها المرتزقة والزنادقة والحاقدون؟!‪.‬‬
‫ويبدو أن هذه المقالة كان الدافع وراءها مادًيا وسياسًيا‪ ،‬فالرغبة في‬
‫الستئثار بالموال‪ ،‬ومحاولة الطاحة بدولة الخلفة كانا هدفين أساسيين‬
‫في اختراع هذه الفكرة‪ ،‬والدليل على ذلك أن لغة المال تسود توجيهات‬
‫الفرق الشيعية‪ ،‬وهي مصدر نزاعهم واختلفهم‪ ،‬كما حفظت نصوص ذلك‬
‫كتب الثني عشرية – كما مر ‪.-‬‬
‫كذلك فإن قضية "المامة والخلفة" هي حديث هذه الخليا الشيعية‬
‫وهم في فلكها يسيرون‪ ..‬وابتداع فكرة المام الخفي يخلصهم من أهل‬
‫البيت‪ ،‬ويجعل الزعامة في أيديهم‪.‬‬
‫ولم يتكلفوا شيًئا من عناء التفكير والبحث والتأمل للوصول إلى هذه‬
‫الغاية‪ ،‬إذ إنهم وجدوا هذه الفكرة في الديانة المجوسية‪ ،‬ذلك أن‬
‫"المجوس" تدعي أن لهم منتظًرا حًيا باقًيا مهدًيا‪ – ..‬كما مر ‪.-‬‬

‫الفصل الخامس‬
‫الرجعة‬
‫الرجعة من أصول المذهب الشيعي‪ ،‬فمن رواياتهم "ليس منا من لم‬
‫يؤمن بكرتنا" ]مضى تخريجه في كتب الشيعة ص‪ .[.(46) :‬وقال ابن بابويه في‬
‫العتقادات‪" :‬واعتقادنا في الرجعة أنها حق" ]العتقادات‪ :‬ص ‪ .[.90‬وقال‬
‫المفيد‪" :‬واتفقت المامية على وجوب رجعة كثير من الموات" ]أوائل‬
‫المقالت‪ :‬ص ‪.[.51‬‬
‫وقال الطبرسي والحر العاملي وغيرهما من شيوخ الشيعة‪ :‬بأنها‬
‫موضوع "إجماع الشيعة المامية ]الطبرسي‪ /‬مجمع البيان‪ ،5/252 :‬الحر العاملي‪/‬‬

‫‪526‬‬
‫اليقاظ من الهجعة‪ :‬ص ‪ ،33‬الحويزي‪ /‬نور الثقلين‪ ،4/101 :‬المجلسي‪ /‬بحار النوار‪:‬‬
‫‪) 53/123‬وقد ذكر المجلسي أنهم أجمعوا على القول بها في جميع العصار(‪ ،[.‬وأنها‬
‫من ضروريات مذهبهم" ]اليقاظ من الهجعة‪ :‬ص ‪ ،[.60‬وأنهم "مأمورون‬
‫بالقرار بالرجعة واعتقادها وتجديد العتراف بها في الدعية والزيارات‬
‫ويوم الجمعة وكل وقت كالقرار بالتوحيد والنبوة والمامة والقيامة"‬
‫]اليقاظ من الهجعة‪ :‬ص ‪.[.64‬‬
‫]القاموس‪ ،3/28 :‬مجمع‬ ‫ومعنى الرجعة‪ :‬الرجوع إلى الدنيا بعد الموت‬
‫البحرين‪.[.4/334 :‬‬
‫ويشير ابن الثير‪ :‬أن هذا مذهب قوم من العرب في الجاهلية معروف‬
‫عندهم ]النهاية‪.[.3/202 :‬‬
‫وقد ذهبت فرق شيعية كثيرة إلى القول برجوع أئمتهم إلى هذه الحياة‪،‬‬
‫ومنهم من يقر بموتهم ثم رجعتهم‪ ،‬ومنهم من ينكر موتهم ويقول بأنهم‬
‫غابوا وسيرجعون – كما مر في مبحث الغيبة – وكان أول من قال‬
‫بالرجعة ابن سبأ‪ ،‬إل أنه قال بأنه غاب وسيرجع ولم يصدق بموته‪.‬‬
‫وكانت عقيدة الرجعة خاصة برجعة المام عند السبئية‪ ،‬والكيسانية‬
‫وغيرها‪ ،‬ولكنها صارت عند الثني عشرية عامة للمام وكثير من الناس‪.‬‬
‫ويشير اللوسي إلى أن تحول مفهوم الرجعة عند الشيعة من رجعة‬
‫المام فقط إلى ذلك المعنى العام كان في القرن الثالث ]روح المعاني‪:‬‬
‫‪ ،20/27‬وانظر‪ :‬أحمد أمين‪ /‬ضحى السلم‪.[.3/237 :‬‬
‫وقد اشتهرت بعض الفرق الشيعية باسم "الرجعية" لقولهم بالرجعة‬
‫]وقد ذكرها كفرقة بهذا السم ابن الجوزي في تلبيس إبليس‪ :‬ص ‪ ،22‬والقرطبي في‬
‫"بيان الفرق" الورقة ‪ 3‬أ )مخطوط(‪ ،‬وصاحب الرسالة الفرقية المشهور بعالم محمد‬
‫أفندي‪ :‬ص ‪) 2‬مخطوط غير مرقم الصفحات(‪ ،‬والسلخي في شرح‪ ..‬الثنتين والسبعين‬
‫فرقة‪ /‬الورقة ‪13‬ب )مخطوط(‪ [.‬واهتمامهم بها‪.‬‬
‫أما المفهوم العام لمبدأ الرجعة عن الثني عشرية فهو يشمل ثلثة‬
‫أصناف‪:‬‬
‫الول‪ :‬الئمة الثني عشر‪ ،‬حيث يخرج المهدي من مخبئه‪ ،‬ويرجع من‬
‫غيبته‪ ،‬وباقي الئمة يحيون بعد موتهم ويرجعون لهذه الدنيا‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬ولة المسلمين الذين اغتصبوا الخلفة – في نظرهم – من‬
‫أصحابها الشرعيين )الئمة الثني عشر( فيبعث خلفاء المسلمين وفي‬
‫مقدمتهم أبو بكر وعمر وعثمان‪ ..‬من قبورهم ويرجعون لهذه الدنيا – كما‬
‫يحلم الشيعة – للقتصاص منهم بأخذهم الخلفة من أهلها فتجري عليهم‬
‫عمليات التعذيب والقتل والصلب‪.‬‬
‫ضا‪ ،‬وهم‬
‫الثالث‪ :‬عامة الناس‪ ،‬ويخص منهم‪ :‬من محض اليمان مح ً‬
‫ما‪ ،‬لن اليمان خاص بالشيعة‪ ،‬كما تتفق على ذلك رواياتهم‬
‫الشيعة عمو ً‬

‫‪527‬‬
‫وأقوال شيوخهم – كما سلف ]انظر‪ :‬ص)‪ – [.(573-572‬ومن محض الكفر‬
‫ضا‪ ،‬وهم كل الناس ما عدا المستضعفين ]المستضعفون‪ :‬مصطلح عند‬
‫مح ً‬
‫الشيعة يرد في مصادرهم على ألسنة شيوخهم القدامى والمعاصرين‪ ،‬وهم كما يقول‬
‫المجلسي‪ :‬ضعفاء العقول مثل النساء العاجزات والبله وأمثالهم‪ ،‬ومن لم يتم عليه الحجة‬
‫ممن يموت في زمن الفترة‪ ،‬أو كان في موضع لم يأت غليه خبر الحجة فهم المرجون‬
‫لمر الله‪ ،‬إما يعذبهم وإما يتوب عليهم‪ ،‬فيرجى لهم النجاة من النار )بحار النوار‪،8/363 :‬‬
‫والعتقادات للمجلسي‪ :‬ص ‪.[.(100‬‬
‫ولهذا قالوا في تعريف الجرعة‪ :‬إنها "رجعة كثير من الموات إلى الدنيا‬
‫قبل يوم القيامة ]المفيد‪ /‬أوائل المقالت‪ :‬ص ‪ [.51‬وعودتهم إلى الحياة بعد‬
‫الموت" ]الحر العاملي‪ /‬اليقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة‪ [.‬في صورهم‬
‫التي كانوا عليها ]أوائل المقالت‪ :‬ص ‪.[.95‬‬
‫والراجعون إلى الدنيا هم‪" :‬النبي الخاتم‪ ،‬وسائر النبياء‪ ،‬والئمة‬
‫المعصومون‪ ،‬ومن محض في السلم‪ ،‬ومن محض في الكفر‪ ،‬دون‬
‫الطبقة الجاهلية المعبر عنها بالمستضعفين" ]جواد تارا‪ /‬دائرة المعارف العلوية‪:‬‬
‫‪.[.1/253‬‬
‫أو بعبارة شيخهم المفيد‪" :‬من علت درجته في اليمان‪ ،‬ومن بلغ الغاية‬
‫في الفساد‪ ،‬كلهم يرجعون بعد موتهم" ]أوائل المقالت‪ :‬ص ‪ .[.95‬وكذا من‬
‫ضا فيرجع ويقتص من قاتله ]كريم بن‬ ‫كان له قصاص وإن لم يكن ماح ً‬
‫إبراهيم‪ /‬الفطرة السليمة‪ :‬ص ‪.[.383‬‬
‫وزمن الرجعة العامة هو كما يذكر شيخهم المفيد وغيره "عند قيام‬
‫مهدي آل محمد عليهم السلم" ]انظر‪ :‬أوائل المقالت‪ :‬ص ‪ ،95‬الحر العاملي‪/‬‬
‫اليقاظ من الهجعة‪ :‬ص ‪ [.58‬ورجوعه من غيبته‪ ،‬ولكن بعض شيوخهم يقول‪:‬‬
‫إن الرجعة العامة غير مرتبطة بأمر ظهور المهدي‪ .‬ذلك أن الرجعة – كما‬
‫يقول – "غير الظهور‪ ،‬لن المام عليه السلم حي غائب وسيظهر إن شاء‬
‫الله ولم يسلب الملك فيرجع إليه‪ ،‬فمبدأ الرجعة من رجوع الحسين إلى‬
‫الدنيا" ]كريم بن إبراهيم‪ /‬الفطرة السليمة‪ :‬ص ‪.[.383‬‬
‫وهذا قد يتفق مع رواياتهم التي تقول "أول من تنشق الرض عنه‬
‫ويرجع إلى الدنيا‪ ،‬الحسين بن علي عليه السلم" ]بحار النوار‪.[.53/39 :‬‬
‫وقد ذكرت بعض رواياتهم أن الرجعة تبدأ بعد هدم الحجرة النبوية‬
‫وإخراج الجسدين الطاهرين للخليفتين الراشدين – كما يحلم القوم –‬
‫حيث جاء في أخبارهم أن منتظرهم يقول‪" :‬وأجيء إلى يثرب‪ ،‬فأهدم‬
‫الحجرة‪ ،‬وأخرج من بها وهما طرّيان‪ ،‬فآمر بهما تجاه البقيع وآمر‬
‫بخشبتين يصلبان عليهما فتورقان من تحتهما‪ ،‬فيفتتن الناس بهما أشد ّ من‬
‫الولى‪ ،‬فينادي منادي الفتنة من السماء‪ :‬يا سماء انبذي‪ ،‬ويا أرض خذي‬
‫فيومئذ ل يبقى على وجه الرض إل مؤمن )أي إل شيعي( ثم يكون بعد‬
‫ذلك الكرة والرجعة" ]بحار النوار‪.[.105-53/104 :‬‬

‫‪528‬‬
‫]انظر‪ :‬اليقاظ‬ ‫والغرض من الرجعة هو انتقام الئمة والشيعة من أعدائهم‬
‫من الهجعة‪ :‬ص ‪ [.58‬وهم سائر المسلمين من غير الشيعة ما عدا‬
‫ما من كثرة القتل‬ ‫المستضعفين‪ ،‬ولذلك فإن سيوف الشيعة تقطر د ً‬
‫للمسلمين حتى قال أبو عبد الله‪" :‬كأني بحمران بن أعين وميسر بن عبد‬
‫العزيز يخبطان الناس بأسيافهما بين الصفا والمروة" ]بحار النوار‪،53/40 :‬‬
‫وعزاه إلى الختصاص للمفيد‪ ،‬ولم أجده في الطبعة التي بين يدي‪.[.‬‬
‫ول شك بأن تحديد موضع القتل العام بالمسجد الحرام يدل دللة أكيدة‬
‫أن المقصود بالقتل هم المسلمون‪ ،‬وأن هذا ما تحلم به المامية‪ ..‬وهذا‬
‫الخبر وأمثاله يعطينا – بغض النظر عن العنصر الخرافي فيه – صورة‬
‫لتفكير تلك الزمر الشيعية التي وضعت تلك الروايات‪ ،‬وأهدافها‬
‫ومخططاتها‪ ،‬فهي "إسقاطات" لرغبات مكبوتة‪ ،‬ونوازع مقهورة لفرقة‬
‫تتربص بالمة الدوائر‪.‬‬
‫كما أن هذه الخبار السرية ]لن الرجعة كانت سًرا من السرار كما سيأتي‪ [.‬قد‬
‫توضح لنا بعض ما جرى في التاريخ من قيام القرامطة بقتل حجاج بيت‬
‫الله داخل الحرم ]انظر خبر ذلك في حوادث سنة ‪‍ 317‬‬
‫ه‪ ،‬في المنتظم لبن الجوزي‪:‬‬
‫‪ 6/222‬وما بعدها‪ ،‬والبداية والنهاية لبن كثير‪ ،11/160 :‬وتاريخ ابن خلدون )العبر( ‪:‬‬
‫دا‬
‫‪ ،[.3/191‬وأنها كانت تتخذ من مثل هذه الخبار المنسوبة لل البيت سن ً‬
‫لها لدفع تلك العناصر التخريبية للقيام بدورها الدموي‪.‬‬
‫كما أنها تكشف لنا فحوى الماني التي يعلنها شيعة هذا العصر‬
‫ويصرحون فيها بتحرقهم وتلهفهم لفتح مكة والمدينة وكأنها بأيدي كفار‬
‫]سيأتي نص كلمهم في باب الشيعة المعاصرين‪.[.‬‬
‫كذلك يتحقق في الرجعة حساب الناس على يد الحسين‪ :‬يقول أبو عبد‬
‫الله‪" :‬إن الذي يلي حساب الناس قبل يوم القيامة الحسين بن علي عليه‬
‫السلم‪ ،‬فأما يوم القيامة فإنما هو بعث إلى الجنة وبعث إلى النار" ]بحار‬
‫النوار‪ ،‬باب الرجعة‪.[.53/43 :‬‬
‫وفي الرجعة يتحول صفوة الخلق وهم أنبياء الله ورسله إلى جند لعلي‬
‫كما يقول هؤلء الفاكون حيث قالوا‪" :‬لم يبعث الله نبًيا ول رسول ً إل رد‬
‫جميعهم إلى الدنيا حتى يقاتلوا بين يدي علي بن أبي طالب أمير‬
‫المؤمنين" ]بحار النوار‪.[.53/41 :‬‬
‫كما يحلم الشيعة بأن حياتهم في الرجعة ستكون في نعيم ل يخطر‬
‫على البال حتى "يكون أكلهم وشربهم من الجنة ]بحار النوار‪ ،[.53/116 :‬ول‬
‫يسألون الله حاجة من حوائج الدنيا والخرة إلى وتقضى لهم" ]بحار النوار‪:‬‬
‫‪.[.53/116‬‬
‫ويخير الشيعي وهو في قبره بين الرجعة أو القامة في القبر‪ .‬ويقال‬
‫له‪ » :‬يا هذا إنه قد ظهر صاحبك فإن تشأ أن تلحق به فالحق‪ ،‬وإن تشأ‬

‫‪529‬‬
‫]الغيبة للطوسي‪ :‬ص ‪ ،276‬بحار النوار‪:‬‬ ‫أن تقيم في كرامة ربك فأقم «‬
‫‪.[.53/92‬‬
‫وتنتهي الرجعة بالنسبة للشيعة بالقتل لمن مات من قبل‪ ،‬وبالموت‬
‫لمن قتل‪ ،‬وهذه النهاية إحدى أغراض الرجعة فهم يقولون في أخبارهم‪:‬‬
‫"ليس أحد من المؤمنين قتل إل سيرجع حتى يموت‪ ،‬ول أحد من‬
‫المؤمنين مات إل سيرجع حتى يقتل" ]تفسير القمي‪ ،2/131 :‬البرهان‪،3/211 :‬‬
‫تفسير الصافي‪ ،4/76 :‬بحار النوار‪ ،53/40 :‬وانظر‪ :‬ص ‪ 137 ،77 ،53 ،41 ،39‬من‬
‫نفس الجزء‪ ،‬وانظر‪ :‬رجال الكشي‪ :‬ص ‪.[.408-407‬‬
‫هذا وكانت عقيدة الرجعة سًرا من أسرار المذهب الشيعي‪ ،‬ولذلك قال‬
‫أبو الحسين الخياط – أحد شيوخ المعتزلة ]كان حًيا قبل سنة ‪‍ 300‬‬
‫ه )انظر‪:‬‬
‫معجم المؤلفين‪" :- [.(5/223 :‬بأنهم قد تواصلوا بكتمانها وأل يذكروها في‬
‫مجالسهم ول في كتبهم إل فيما قد أسروه من الكتب ولم يظهروه"‬
‫]النتصار‪ :‬ص ‪.[.97‬‬
‫وقد وجدت في كتب الثني عشرية ما أشار إليه الخياط من التواصي‬
‫بكتمان أمر الرجعة‪ ،‬حيث روت بعض كتب الشيعة عن أبي جعفر قال‪" :‬ل‬
‫تقولوا الجبت والطاغوت ]قال المجلسي‪ :‬أي ل تسموا الملعونين بهذين السمين‪ ،‬أو‬
‫ل تتعرضوا لهما بوجه‪) .‬بحار النوار‪ ،(53/40 :‬وهو يشير بهذا إلى خليفتي رسول الله‬
‫وصهريه وحبيبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما‪ ،[.‬ول تقولوا الرجعة‪ ،‬فإن قالوا‬
‫لكم فإنكم قد كنتم تقولون ذلك فقولوا‪ :‬أما اليوم فل نقول" ]بحار النوار‪:‬‬
‫‪.[.53/39‬‬
‫وفي رواية أخرى ينسبونها للصادق‪" :‬ل تقولوا الجبت والطاغوت‬
‫وتقولوا الرجعة‪ ،‬فإن قالوا‪ :‬قد كنتم تقولون؟ قولوا‪ :‬الن ل نقول‪ ،‬وهذا‬
‫من باب التقية التي تعبد الله بها عباده في زمن الوصياء" ]بحار النوار‪:‬‬
‫‪.[.116-53/115‬‬
‫هذه تعميمات سرية‪ ،‬تتبادلها الخليا الشيعية‪ ،‬وحتى تعطيها صفة القطع‬
‫والقوة‪ ،‬أسندتها لبعض علماء آل البيت‪ ،‬للتعزيز بالحداث والعاجم وسائر‬
‫التباع من الجهال‪.‬‬
‫استدللهم على الرجعة‪:‬‬
‫اتجه شيوخ الشيعة إلى كتاب الله سبحانه ليأخذوا منه الدليل على‬
‫ثبوت الرجعة التي ينفردون بالقول بها عن سائر المسلمين‪ ..‬ولما لم‬
‫يجدوا بغيتهم تعلقوا كعادتهم بالتأويل الباطني‪ ،‬وركبوا متن الشطط‪،‬‬
‫وتعسفوا أيما تعسف في هذا السبيل‪ ،‬حتى أصبح استدللهم حجة عليهم‪،‬‬
‫ودليل ً على زيف معتقدهم‪ ،‬وبرهاًنا على بطلن مذهبهم‪.‬‬
‫وحتى تتبين هذه الحقيقة نستعرض أقوى أدلتهم وأشهرها – حسب‬
‫نظرهم ‪.-‬‬

‫‪530‬‬
‫يرى شيخ المفسرين عندهم أن من أعظم الدلة على الرجعة قوله‬
‫ن{ ]النبياء‪،‬‬
‫هل َك َْنا َ َ‬
‫ة أَ ْ‬ ‫عَلى َ‬
‫عو َ‬‫ج ُ‬
‫م ل ي َْر ِ‬
‫ه ْ‬
‫ها أن ّ ُ‬ ‫قْري َ ٍ‬ ‫م َ‬
‫حَرا ٌ‬
‫و َ‬
‫سبحانه‪َ } :‬‬
‫آية‪[.95 :‬؛ حيث يقول ما نصه‪" :‬هذه الية من أعظم الدلة على الرجعة؛‬
‫دا من أهل السلم ل ينكر أن الناس كلهم يرجعون يوم القيامة من‬ ‫لن أح ً‬
‫هلك ومن لم يهلك" ]تفسير القمي‪ ،2/76 :‬وقد ُوضع عنوان في أعلى الصفحة لهذا‬
‫الدليل المزعوم على الرجعة يقول‪" :‬أعظم آية دالة على الرجعة" )بحار النوار(‪.[.‬‬
‫مع أن الية حجة عليهم‪ ،‬فهي تدل على نفي الرجعة إلى الدنيا؛ إذ‬
‫معناها كما صرح به ابن عباس وأبو جعفر الباقر وقتادة وغير واحد‪ :‬حرام‬
‫على أهل كل قرية أهلكوا بذنوبهم أنهم يرجعون إلى الدنيا قبل يوم‬
‫َ‬
‫وا ك َ ْ‬
‫م‬ ‫م ي ََر ْ‬‫القيامة ]انظر‪ :‬تفسير ابن كثير‪ ،[.3/205 :‬وهذا كقوله سبحانه‪} :‬أل َ ْ‬
‫َ‬ ‫أَ ْ‬
‫ن{ ]يس‪ ،‬آية‪،[.31 :‬‬ ‫عو َ‬ ‫ج ُ‬‫م ل َ ي َْر ِ‬‫ه ْ‬ ‫ِ‬ ‫م إ ِل َي ْ‬
‫ه ْ‬‫ن أن ّ ُ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫قُرو ِ‬ ‫م ْ‬ ‫هم ّ‬ ‫قب ْل َ ُ‬
‫هل َك َْنا َ‬
‫ن{ ]يس‪،‬‬ ‫عو َ‬ ‫ج ُ‬
‫م ي َْر ِ‬‫ه ْ‬ ‫ول إ َِلى أ َ ْ‬
‫هل ِ ِ‬ ‫ة َ‬‫صي َ ً‬‫و ِ‬‫ن تَ ْ‬
‫عو َ‬‫طي ُ‬‫ست َ ِ‬‫فل ي َ ْ‬ ‫وقوله‪َ } :‬‬
‫آية‪ ،[.50 :‬وزيادة "ل" هنا لتأكيد معنى النفي من "حرام"‪ ،‬وهذا من‬
‫أساليب التنزيل البديعة البالغة النهاية في الدقة‪ .‬وسر الخبار بعدم‬
‫الرجوع مع وضوحه‪ ،‬هو الصدع بما يزعجهم ويؤسفهم ويلوعهم من‬
‫الهلك المؤبد‪ ،‬وفوات أمنيتهم الكبرى وهي حياتهم الدنيا ]تفسير القاسمي‪:‬‬
‫‪.[.11/293‬‬
‫وإذا كان المقصود إثبات الرجعة فهي رجعة للناس ليوم القيامة بل‬
‫ريب ]من المفسرين من يذهب لهذا ويرى أن الية لتقرير اليمان بالبعث‪ ،‬وهي تتمة‬
‫ن{ ]النبياء‪ ،‬آية‪ [93 :‬فتكون "ل"‬
‫عو َ‬ ‫ل إ ِل َي َْنا َرا ِ‬
‫ج ُ‬ ‫وتقرير لما قبلها وهو قوله تعالى‪} :‬ك ُ ّ‬
‫فيها على بابها‪ ،‬وهي مع "حرام" من قبيل نفي النفي‪ ،‬فيدل على الثبات‪.‬‬
‫والمعنى‪ :‬وحرام على القرية المهلكة عدم رجوعها إلى الخرة‪ ،‬بل واجب رجعها للجزاء‪،‬‬
‫فيكون الغرض إبطال قول من ينكر البعث‪) .‬انظر‪ :‬تفسير القاسمي‪ ،[.(11/293 :‬أي‬
‫ممتنع البتة عدم رجوعهم إلينا للجزاء ]فتح القدير‪.[.3/426 :‬‬
‫وتخصيص امتناع رجوعهم بالذكر مع شمول المتناع لعدم رجوع الكل‬
‫ن{؛ لنهم المنكرون‬ ‫عو َ‬ ‫ل إ ِل َي َْنا َرا ِ‬
‫ج ُ‬ ‫حسبما نطق به قوله تعالى‪} :‬ك ُ ّ‬
‫للبعث والرجوع دون غيرهم ]روح المعاني‪.[.17/91 :‬‬
‫ومن أشهر اليات التي يستدل بها المامية على الرجعة – كما يقول‬
‫من ك ُ ّ‬
‫ل‬ ‫ح ُ‬
‫شُر ِ‬ ‫م نَ ْ‬
‫و َ‬
‫وي َ ْ‬
‫اللوسي ]روح المعاني‪ – [.20/26 :‬قوله تعالى‪َ } :‬‬
‫ُ‬
‫من ي ُك َذّ ُ‬
‫ب ِبآَيات َِنا{ ]النمل‪ ،‬آية‪ .[.83 :‬والية كما يقول‬ ‫م ّ‬
‫جا ّ‬
‫و ً‬ ‫ة َ‬
‫ف ْ‬ ‫م ٍ‬
‫أ ّ‬
‫المفسرون في يوم الجزاء والحساب‪ ،‬يوم يقوم الناس لرب العالمين‬
‫]انظر‪ :‬تفسير الطبري‪ ،20/17 :‬تفسير البغوي‪ ،3/430 :‬ابن الجوزي‪ /‬زاد المسير‪:‬‬
‫‪ ،6/194‬القرطبي‪ /‬الجامع لحكام القرآن‪ ،13/238 :‬البحر المحيط لبي حيان‪،7/98 :‬‬
‫تفسير ابن كثير‪ ،3/393 :‬الشوكاني‪ /‬فتح القدير‪ 154-4/153 :‬وغيرها‪ ،[.‬إل أن هؤلء‬
‫يجعلونها في عقيدتهم في الرجعة‪ ،‬ولذا قال شيخهم شبر بأنها فسرت‬
‫في أخبارهم في الرجعة ]تفسير شبر‪ :‬ص ‪.[.369‬‬

‫‪531‬‬
‫وقال الطبرسي‪" :‬استدل بهذه الية على صحة الرجعة من ذهب إلى‬
‫ذلك من المامية بأن قال‪ :‬إن دخول "من" في الكلم يوجب التبعيض‬
‫فدل بذلك على أنه يحشر قوم دون قوم وليس ذلك صفة يوم القيامة‬
‫َ‬
‫دا{‬
‫ح ً‬
‫مأ َ‬‫ه ْ‬
‫من ْ ُ‬
‫غاِدْر ِ‬
‫م نُ َ‬‫فل َ ْ‬
‫م َ‬
‫ه ْ‬ ‫ح َ‬
‫شْرَنا ُ‬ ‫و َ‬
‫الذي يقول فيه سبحانه‪َ } :‬‬
‫]الكهف‪ ،‬آية‪] "[.47 :‬تفسير الطبرسي‪.[.252-5/251 :‬‬
‫أما كون "من )الولى( للتبعيض فهذا شائع"‬
‫]انظر‪ :‬البحر المحيط لبي حيان‪:‬‬
‫‪ ،7/98‬روح المعاني لللوسي‪[.20/26 :‬؛ لن كل أمة منقسمة إلى مصدق‬
‫ومكذب‪ ،‬أي ويوم يجمع من كل أمة من أمم النبياء‪ ،‬أو من أهل كل قرن‬
‫من القرون جماعة كثيرة مكذبة بآياتنا ]روح المعاني‪ ،20/26 :‬وانظر في معنى‬
‫الية المصادر السابقة في هامش رقم )‪ (5‬من الصفحة السابقة‪ [.‬وهذا ل يدل على‬
‫مسألة الرجعة إلى الدنيا بعد الموت بحال من الحوال‪ ،‬ولكن الشيعة‬
‫تتعلق بكل آيات اليوم الخر المتضمنة لرجوع الناس لربهم لتجعلها في‬
‫عقيدتهم في الرجعة كما هو دأبها‪.‬‬
‫وتخصيص المكذبين بهذا الحشر ل يدل على ما يزعمون؛ لن هذا حشر‬
‫للمكذبين للتوبيخ والعذاب‪ ،‬بعد الحشر الكلي الشامل لكافة الخلق ]انظر‪:‬‬
‫فتح القدي‪ ،4/154 :‬روح المعاني‪ ،[.20/26 :‬أما »من« الثانية فهي بيانية جيء‬
‫جا" ]روح المعاني‪ ،[.20/26 :‬ولهذا فإن بعض مفسري الشيعة‬ ‫بها لبيان "فو ً‬
‫المعاصرين أدرك ضلل قومه في هذا التأويل فقال في تفسير الية‪:‬‬
‫ما كخاتم من حديد‪ ،‬والمعنى‪ :‬أن في‬ ‫»من« هنا بيانية وليست للتبعيض تما ً‬
‫المم مصدقين ومكذبين بآيات الله وبيناته‪ ،‬وهو يحشر للحساب والجزاء‬
‫جميع المكذبين بل استثناء‪ ،‬وخصهم بالحشر مع أنه يعم الجميع؛ لنه‬
‫تعالى قصد التهديد والوعيد ]محمد جواد مغنية‪ /‬التفسير المبين‪ :‬ص ‪.[.441‬‬
‫ما‬
‫ن َ‬‫سا ُ‬ ‫لن َ‬ ‫لا ِ‬ ‫ومن اليات التي يتأولونها في الرجعة قوله تعالى‪ُ } :‬‬
‫قت ِ َ‬
‫ه{ ]عبس‪ ،‬آية‪ [.17 :‬اليات؛ حيث جاء في تفسير القمي } ُ‬
‫قت ِ َ‬
‫ل‬ ‫أ َك ْ َ‬
‫فَر ُ‬
‫ه{ قال‪ :‬هو أمير المؤمنين‪ ،‬قال‪ :‬ما أكفره أي ماذا‬ ‫ما أ َك ْ َ‬
‫فَر ُ‬ ‫ن َ‬
‫سا ُ‬‫لن َ‬‫ا ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫فأ ْ‬‫ه َ‬ ‫َ‬
‫ه{‬ ‫شَر ُ‬‫شاء أن َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ه‪ ،‬ث ُ ّ‬
‫م إِ َ‬ ‫قب ََر ُ‬ ‫مات َ ُ‬
‫مأ َ‬‫فعل وأذنب حتى قتلوه‪} "..‬ث ُ ّ‬
‫َ‬
‫ه{ ]عبس‪،‬‬ ‫مَر ُ‬
‫ما أ َ‬ ‫ض َ‬ ‫ق ِ‬ ‫ما ي َ ْ‬‫كل ل َ ّ‬ ‫]عبس‪ ،‬آية‪ [.22 ،21 :‬قال‪ :‬في الرجعة } َ‬
‫آية‪ ،[.23 :‬أي لم يقض أمير المؤمنين ما قد أمره‪ ،‬وسيرجع حتى يقضي ما‬
‫أمره" ]تفسير القمي‪.[.2/405 :‬‬
‫فيلحظ هنا عدة أمور‪:‬‬
‫ن‬
‫سا ُ‬
‫لن َ‬
‫لا ِ‬ ‫‪ 1‬س أّول شيخهم القمي "النسان" في قوله سبحانه‪ُ } :‬‬
‫قت ِ َ‬
‫ه{ بعلي بن أبي طالب – مع أن الية تدل بنصها وسياقها على‬ ‫ما أ َك ْ َ‬
‫فَر ُ‬ ‫َ‬
‫أن المراد "بالنسان" هنا الكافر‪ ،‬ولهذا قال السلف في تفسيرها‪" :‬لعن‬
‫النسان الكافر ما أكفره" ]تفسير الطبري‪.[.30/54 :‬‬
‫فهل وضع مثل هذا التأويل للساءة لمير المؤمنين من طرف خفي‪ ،‬أو‬
‫أنه أثر من آثار طائفة الكاملية ]الكاملية‪ :‬هم الذين كفروا علًيا – رضي الله عنه –‬

‫‪532‬‬
‫لنه ترك منازعة الصحابة ومنعهم من مبايعة أبي بكر‪ ،‬وكفروا سائر الصحابة؛ لنها لم‬
‫تسلم المامة لعلي‪ ،‬وقد وردت عند الناشئ الكبر باسم الكميلية‪ .‬وقال بأنهم أصحاب‬
‫كميل بن زياد‪ ،‬وحكى مذهبهم على ما ذكر‪ ،‬وقد وردت عند الشعري‪ ،‬والبغدادي‬
‫والشهرستاني الكاملية‪ .‬وقال الشعري‪ :‬أنهم أتباع أبي كامل )مسائل المامة‪ :‬ص ‪،45‬‬
‫المقالت والفرق‪ :‬ص ‪ ،14‬مقالت السلميين‪ ،1/89 :‬الفرق بين الفرق‪ :‬ص ‪ ،54‬الملل‬
‫والنحل‪ [.(1/174 :‬من الشيعة التي تذهب إلى تكفير أمير المؤمنين وبقية‬
‫الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين‪ ،‬وتلقفته الثنا عشرية وغيرت فيه أو‬
‫أن مخترع هذا النص أعجمي جاهل بلغة القرآن وإنما كتب ما أمله عليه‬
‫تعصبه وزندقته؟!‬
‫على أية حال فهذا التأويل يدل على مدى إفلس أصحاب هذا العتقاد‬
‫في العثور على ما يدل على مبدئهم‪.‬‬
‫ه{ وهي نص صريح في‬ ‫شاء َأن َ‬
‫شَر ُ‬ ‫ذا َ‬ ‫‪ 2‬س أّول قول سبحانه‪} :‬ث ُ ّ‬
‫م إِ َ‬
‫البعث والنشور أوله بالرجعة‪ ،‬وهذا فضل ً عن أنه تحريف لمعاني القرآن‪،‬‬
‫فإنه يصرف من يصدق بهذه الروايات عن اليمان باليوم الخر إلى هذه‬
‫العقيدة المبتدعة‪ ،‬ولهذا يلحظ أن طوائف من غلة الشيعة أنكرت‬
‫اليمان باليوم الخر وقالت بالتناسخ ]انظر‪ :‬الفرق بين الفرق‪ :‬ص ‪ ،272‬وانظر‪:‬‬
‫فلهوزن‪ /‬الخوارج والشيعة‪ :‬ص ‪) 248‬ترجمة عبد الرحمن بدوي(‪ ،‬وعبد الرحمن الوكيل‪/‬‬
‫البهائية‪ :‬ص ‪) 45‬الهامش(‪.[.‬‬
‫ويلحظ أن الثني عشرية قد عمدت إلى كل نص في اليوم الخر‬
‫فجعلته في الرجعة‪ ،‬وقد مر بنا أن هذا قد أصبح قاعدة عامة عندهم‬
‫]انظر‪ :‬ص)‪.[.(183‬‬
‫‪ 3‬س جعلت هذه الروايات الغرض من الرجعة أن علًيا لم يقض ما أمره‬
‫الله به‪.‬‬
‫وهذا بهتان كبير في حق أمير المؤمنين وأنه قد تخلى عن أوامر الله‬
‫سبحانه‪ ،‬ليقضيها في الرجعة‪ ،‬فهل أرادوا بهذا تشبيهه بالمشركين الذين‬
‫ابتعدوا عن شرع الله سبحانه فغذا عاينوا العذاب تمنوا الرجعة‪ ..‬فكم‬
‫أساء هؤلء إلى أهل البيت‪.‬‬
‫ة‬‫ق ُ‬‫ذآئ ِ َ‬
‫س َ‬
‫ف ٍ‬ ‫ومن اليات التي جعلوها في الرجعة قوله تعالى‪} :‬ك ُ ّ‬
‫ل نَ ْ‬
‫ت{ ]آل عمران‪ ،‬آية‪[.185 :‬؛ حيث قال في تأويلها‪" :‬لم يذق الموت من‬ ‫و ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫م ْ‬
‫قتل‪ ،‬ولبد أن يرجع حتى يذوق الموت" ]تفسير العياشي‪ ،1/210 :‬بحار النوار‪:‬‬
‫‪.[.53/71‬‬
‫فهذه الرواية تجعل الرجعة لجميع الناس حتى يتحقق لكل أحد منهم‬
‫موت وقتل – كما يعتقدون – بينما هم قالوا بأن الرجعة خاصة بمن محض‬
‫اليمان‪ ،‬ومحض الكفر – كما سلف – كما أن هذا التأويل يحمل جهل ً بلغة‬
‫العرب التي نزل بها القرآن؛ حيث عد ّ القتل ونحوه ليس من قبيل الموت‬
‫الذي تنص عليه الية وهذا مبلغ علمهم‪.‬‬

‫‪533‬‬
‫ويتعلق الشيعة بآيات كثيرة يؤولونها بمثل هذا التأويل الباطني‪ ،‬وتسابق‬
‫شيوخهم كعادتهم في الكثار من هذه التأويلت‪ ،‬والتي أسندوها للل حتى‬
‫تكتسب الرواج عند التباع‪ ..‬فقد بلغ – مثل ً – عدد اليات التي أولوها‬
‫بالرجعة حسب ما جمعه شيخهم الحر العاملي )‪ (72‬آية ]انظر‪ :‬الحر‬
‫العاملي‪ /‬اليقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة‪ :‬ص ‪ ،[.98-72‬وصل فيها التأويل‬
‫الباطني المتعسف الغاية القصوى ]وإليك أمثلة من أدلته – بالضافة لما مضى – ل‬
‫تحتاج إلى تعليق‪ ،‬وتدل على مبلغ إفلسهم‪ ،‬وأنهم يخبطون خبط عشواء‪ .‬قال الحر‬
‫العاملي‪" :‬الباب الثالث في جملة من اليات القرآنية الدالة على صحة الرجعة" ومن‬
‫ل{ ]سبأ‪ ،‬آية‪[10 :‬‬ ‫ض ً‬ ‫ف ْ‬ ‫مّنا َ‬
‫وودَ ِ‬ ‫دا ُ‬‫قدْ آت َي َْنا َ‬ ‫ول َ َ‬‫اليات التي استدل بها قوله تعالى‪َ } :‬‬
‫ض{ ]الروم‪ ،‬آية‪[9 :‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫في الْر ِ‬ ‫سيُروا ِ‬ ‫م يَ ِ‬ ‫ول ْ‬ ‫انظر‪ :‬المصدر السابق ص ‪ ،92‬وقوله‪} :‬أ َ‬
‫ه{ ]غافر‪ ،‬آية‪ [81 :‬السابق ص ‪ ،93‬وقوله‪:‬‬ ‫ريك ُ ْ‬
‫م آَيات ِ ِ‬ ‫وي ُ ِ‬ ‫السابق ص ‪ ،93‬وقوله‪َ } :‬‬
‫ها{ ]الحقاف‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ه كْر ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫عت ْ ُ‬
‫ض َ‬ ‫و َ‬‫و َ‬
‫ها َ‬ ‫ه كْر ً‬ ‫م ُ‬ ‫هأ ّ‬ ‫ملت ْ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ساًنا َ‬ ‫ح َ‬ ‫ه إِ ْ‬‫وال ِدَي ْ ِ‬
‫ن بِ َ‬
‫سا َ‬
‫لن َ‬
‫صي َْنا ا ِ‬
‫و ّ‬
‫و َ‬
‫} َ‬
‫ن{ ]الذاريات‪،‬‬‫ُ َ‬‫دو‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫تو‬ ‫ما‬
‫ْ َ َ ُ‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ق‬‫ُ‬ ‫ز‬
‫ِ ْ‬‫ر‬ ‫ماء‬ ‫س‬
‫ّ َ‬ ‫ال‬ ‫في‬ ‫َ ِ‬‫و‬ ‫}‬ ‫وقوله‪:‬‬ ‫‪،‬‬ ‫‪94‬‬ ‫ص‬ ‫السابق‬ ‫[‪،‬‬ ‫‪15‬‬ ‫آية‪:‬‬
‫آية‪ [22 :‬السابق ص ‪ ،95‬هذا مبلغ استدللهم وغاية احتجاجهم‪ ،‬فجمعوا بين بدعة الرجعة‬
‫وتحريف آيات القرآن‪ ،[.‬مع أن العاملي لم يذكر كل ما عندهم‪ ،‬وقد اعتذر عن‬
‫ذلك – في نهاية استدلله باليات التي ذكرها – بعدم حضور الكتب عنده‬
‫]انظر‪ :‬اليقاظ من الهجعة‪ :‬ص ‪.[.98‬‬
‫كما يستدل الشيعة ببعض ما أخبر الله به سبحانه من معجزات النبياء‬
‫كإحياء الموتى لعيسى عليه السلم‪ ،‬أو بما أخبر الله به سبحانه في كتابه‬
‫َ‬
‫من‬‫جوا ْ ِ‬ ‫خَر ُ‬
‫ن َ‬‫ذي َ‬ ‫م ت ََر إ َِلى ال ّ ِ‬‫من إحياء الموتى كقوله سبحانه‪} :‬أل َ ْ‬
‫موُتوا ْ ث ُ ّ‬
‫م‬ ‫ه ُ‬‫م الل ّ ُ‬ ‫ل لَ ُ‬
‫ه ُ‬ ‫قا َ‬ ‫ف َ‬‫ت َ‬ ‫و ِ‬ ‫حذََر ال ْ َ‬
‫م ْ‬ ‫م أ ُُلو ٌ‬
‫ف َ‬ ‫ه ْ‬
‫و ُ‬
‫م َ‬‫ه ْ‬‫ر ِ‬‫َِدَيا ِ‬
‫م{ ]البقرة‪ ،‬آية‪] [.243:‬انظر‪ :‬بحار النوار‪ ،53/129 :‬اليقاظ من الهجعة‪ :‬ص‬ ‫ه ْ‬‫حَيا ُ‬ ‫أ ْ‬
‫‪.[.131‬‬
‫وكأنهم بهذا النهج يستدلون على قدرة الله سبحانه التي ليست هي‬
‫موضع الخلف؛ ذلك أنه ل أحد ينكر ما وقع مما ورد به الخبر الثابت‬
‫القطعي المتواتر‪ ،‬ولكن الذي ينكر هو دعوى الرجعة إلى الدنيا بعد‬
‫الموت للحساب والجزاء قبل يوم الحساب والجزاء‪ ،‬هذا هو المنكر‬
‫العظم الذي ليس عليه دليل‪ ،‬والذي أريد به إضعاف جانب اليوم الخر‬
‫في النفوس‪ ،‬وإل فمعجزات النبياء وآيات الله في خلقه ليست محل‬
‫خلف‪.‬‬
‫ويأخذ الشذوذ في الستدلل على صحة الرجعة مداه الكبر حينما‬
‫يقررون أن أوضح دليل على صحتها‪ ،‬وأظهر برهان على ثبوتها هو أنه ل‬
‫قائل بها من غير الشيعة المامية ]اليقاظ من الهجعة‪ :‬ص ‪[.3‬؛ حيث "لم يقل‬
‫بصحتها أحد من العامة )وهم ما سوى الشيعة المامية( وكل ما كان‬
‫كذلك فهو حق" ]اليقاظ من الهجعة‪ :‬ص ‪[.69‬؛ لن الئمة قالوا في حق‬
‫العامة‪" :‬والله ما هم على شيء مما أنتم عليه‪ ،‬ول أنتم على شيء مما‬
‫هم عليه فخالفوهم فما هم من الحنيفية على شيء" ]اليقاظ من الهجعة‪ :‬ص‬
‫‪!!![.70‬‬

‫‪534‬‬
‫ولهذا أشار الطبرسي وغيره بأن المعول في ثبوتها إجماع المامية‬
‫عليها ]مجمع البيان‪ ،5/252 :‬وانظر‪ :‬نور الثقلين‪ ،4/101 :‬بحار النوار‪.[.53/127 :‬‬
‫ويلحظ على هذا الستدلل ما يلي‪:‬‬
‫أن الجماع غير حجة عند الشيعة – كما سلف – فكيف يجعلونه عمدة‬
‫دون عدم وجود مخالف من الشيعة‬‫ثبوت عقيدة الرجعة ؟! لكن لعلهم يع ّ‬
‫في أمر الجرعة دليل ً على دخول المعصوم مع المجمعين فيكون الجماع‬
‫حجة بهذا العتبار‪ ،‬لن حجة الجماع عندهم إنما هو بكشفه عن قول‬
‫المعصوم‪.‬‬
‫لكن الشيعة الزيدية ينقلون روايات عن أئمة أهل البيت تبين براءتهم‬
‫من عقيدة الرجعة وتعارض روايات المامية‪ ،‬ولذلك فإن الزيدية الحقة‬
‫دا‪ ،‬وقد ردوها في كتبهم على وجه‬ ‫ينكرون هذه الدعوى إنكاًرا شدي ً‬
‫مستوفى ]اللوسي‪ /‬روح المعاني‪ ،20/27 :‬وانظر‪ :‬أحمد صبحي‪ /‬الزيدية‪ :‬ص ‪،[.77‬‬
‫فكيف يجزم المامية بنسبة الرجعة إلى الئمة والنقل عنهم مختلف بين‬
‫فرق الشيعة نفسها ؟! بل إن من المامية من أنكر الرجعة وأول أخبارهم‬
‫برجوع دولة الشيعة كما نقل ذلك شيوخ الشيعة ]انظر‪ :‬مجمع البيان‪،5/252 :‬‬
‫بحار النوار‪ ،[.53/127 :‬فأين بعد هذا إجماع الشيعة‪ ،‬وأين صدق النقل عن‬
‫الئمة؟!‬
‫ثم إن الصحابة بما فيهم أمير المؤمنين علي لم يؤثر عنهم شيء في‬
‫خرافة الرجعة‪ ،‬كما اتفقت على ذلك مصادر أهل السنة والشيعة الزيدية‪،‬‬
‫ولو وجد شيء من ذلك لعرف واشتهر‪.‬‬
‫وإنما نسبت خرافة الرجعة في ذلك العصر إلى ابن سبأ‪ ،‬كما تقر بذلك‬
‫كتب الشيعة‪ ،‬وابن سبأ أحد الكذابين الملعونين على ألسنة الئمة‪ ،‬كما‬
‫تروي كتب الثني عشرية وغيرها‪.‬‬
‫أما من بعد عصر الصابة فقد تحمل وزر روايتها جابر الجعفي وهو متهم‬
‫في كتب الشيعة فضل ً عن كتب أهل السنة – كما سلف ]انظر‪ :‬ص)‪-375‬‬
‫‪.- [.(378‬‬
‫نقد مقالة الرجعة‪:‬‬
‫فكرة الرجعة إلى الدنيا بعد الموت مخالفة صريحة لنص القرآن‪،‬‬
‫ب‬‫ل َر ّ‬ ‫قا َ‬ ‫وباطلة بدللة آيات عديدة من كتاب الله سبحانه‪ ،‬قال تعالى‪َ } :‬‬
‫و‬
‫ه َ‬ ‫ة ُ‬ ‫م ٌ‬‫ها ك َل ِ َ‬ ‫كل إ ِن ّ َ‬ ‫ت َ‬ ‫ما ت ََرك ْ ُ‬ ‫في َ‬ ‫حا ِ‬ ‫صال ِ ً‬‫ل َ‬ ‫م ُ‬‫ع َ‬‫عّلي أ َ ْ‬ ‫ن ‪ ،‬لَ َ‬‫عو ِ‬ ‫ج ُ‬ ‫اْر ِ‬
‫ن{ ]المؤمنون‪ ،‬آية‪-99 :‬‬ ‫عُثو َ‬ ‫وم ِ ي ُب ْ َ‬ ‫َ‬
‫خ إ ِلى ي َ ْ‬ ‫هم ب َْرَز ٌ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫وَرائ ِ ِ‬
‫من َ‬ ‫و ِ‬
‫ها َ‬ ‫قائ ِل َ‬
‫ن{‬ ‫عُثو َ‬ ‫وم ِ ي ُب ْ َ‬ ‫خ إ َِلى ي َ ْ‬‫هم ب َْرَز ٌ‬ ‫وَرائ ِ ِ‬ ‫من َ‬ ‫و ِ‬
‫‪ .[.100‬فقوله سبحانه‪َ } :‬‬
‫قا ]مختصر التحفة‪ :‬ص ‪.[.201‬‬ ‫صريح في نفي الرجعة مطل ً‬
‫َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م أَ ْ‬ ‫َ‬
‫م‬‫ه ْ‬ ‫ن أن ّ ُ‬ ‫قُرو ِ‬ ‫م ْ‬ ‫هم ّ‬ ‫قب ْل َ ُ‬‫هل َك َْنا َ‬ ‫وا ك َ ْ‬ ‫م ي ََر ْ‬‫وقال سبحانه‪} :‬أل َ ْ‬
‫م‬ ‫إل َيهم ل َ يرجعون{ ]يس‪ ،‬آية‪ .[.31 :‬وقال سبحانه‪َ } :‬‬
‫و َ‬‫س يَ ْ‬ ‫ر الّنا َ‬ ‫ذ ِ‬ ‫وأن ِ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ِ ُ َ‬ ‫ِ ْ ِ ْ‬
‫‪535‬‬
‫َ‬ ‫موا ْ َرب َّنا أ َ ّ‬ ‫ي َأ ِْتي‬
‫ب‬‫ري ٍ‬ ‫ق ِ‬ ‫ل َ‬ ‫ج ٍ‬ ‫خْرَنا إ َِلى أ َ‬ ‫ن ظَل َ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ل ال ّ ِ‬ ‫قو ُ‬ ‫في َ ُ‬ ‫ب َ‬ ‫ذا ُ‬ ‫ع َ‬‫م ال ْ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ِ‬
‫ما‬ ‫ل َ‬ ‫قب ْ ُ‬ ‫من َ‬ ‫مُتم ّ‬ ‫س ْ‬ ‫ق َ‬ ‫كوُنوا ْ أ َ ْ‬ ‫م تَ ُ‬ ‫ول َ ْ‬
‫ك ون َت ّبع الرس َ َ‬
‫لأ َ‬ ‫ّ ُ‬ ‫وت َ َ َ ِ ِ‬ ‫ع َ‬
‫ب دَ ْ‬ ‫ج ْ‬ ‫نّ ِ‬
‫ل{ ]إبراهيم‪ ،‬آية‪.[.44 :‬‬ ‫وا ٍ‬ ‫من َز َ‬ ‫كم ّ‬ ‫لَ ُ‬
‫د‬
‫عن َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ؤو ِ‬ ‫سو ُر ُ‬ ‫ن َناك ِ ُ‬ ‫مو َ‬ ‫ر ُ‬ ‫ج ِ‬ ‫م ْ‬ ‫و ت ََرى إ ِِذ ال ْ ُ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫وقال تعالى‪َ } :‬‬
‫ن{‬ ‫م ْ‬ ‫عَنا َ‬ ‫َ‬
‫قُنو َ‬ ‫مو ِ‬ ‫حا إ ِّنا ُ‬ ‫صال ِ ً‬ ‫ل َ‬ ‫ع َ‬ ‫عَنا ن َ ْ‬ ‫ج ْ‬ ‫فاْر ِ‬ ‫م ْ‬ ‫س ِ‬ ‫و َ‬ ‫صْرَنا َ‬ ‫م َرب َّنا أب ْ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫َرب ّ ِ‬
‫]السجدة‪ ،‬آية‪.[.12 :‬‬
‫قاُلوا ْ َيا ل َي ْت ََنا ن َُر ّ‬
‫د‬ ‫ف َ‬ ‫ر َ‬ ‫عَلى الّنا ِ‬ ‫فوا ْ َ‬ ‫ق ُ‬ ‫و ِ‬ ‫ى إ ِذْ ُ‬ ‫و ت ََر َ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫وقال تعالى‪َ } :‬‬
‫ما‬
‫هم ّ‬ ‫دا ل َ ُ‬ ‫ل بَ َ‬ ‫ن ‪ ،‬بَ ْ‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬‫م ْ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫كو َ‬ ‫ون َ ُ‬ ‫ت َرب َّنا َ‬ ‫ب ِبآَيا ِ‬ ‫ول َ ن ُك َذّ َ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫ه ْ‬ ‫وإ ِن ّ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫عن ْ ُ‬ ‫ْ‬
‫هوا َ‬ ‫ما ن ُ ُ‬ ‫ْ‬
‫دوا ل ِ َ‬ ‫عا ُ‬ ‫َ‬
‫دوا ل َ‬ ‫ْ‬ ‫و ُر ّ‬ ‫َ‬
‫ول ْ‬ ‫ل َ‬ ‫َ‬
‫من قب ْ ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫خفو َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫كاُنوا ي ُ ْ‬ ‫َ‬
‫ن{ ]النعام‪ ،‬آية‪.[.28-27 :‬‬ ‫كاِذُبو َ‬ ‫لَ َ‬
‫فهؤلء جميًعا يسألون الرجوع عند الموت‪ ،‬وعند العرض على الجبار‬
‫جل عله‪ ،‬وعند رؤية النار فل يجابون‪ ،‬لما سبق في قضائه أنهم إليها ل‬
‫يرجعون ولذلك عد ّ أهل العلم القول بالرجعة إلى الدنيا بعد الموت من‬
‫أشد مراحل الغلو في بدعة التشيع‪.‬‬
‫قال ابن حجر‪ :‬التشيع محبة علي وتقديمه على الصحابة‪ ،‬فمن قدمه‬
‫على أبي بكر وعمر فهو غال في تشيعه ويطلع عليه رافضي‪ ،‬وإل‬
‫فشيعي‪ ،‬فإن انضاف إلى ذلك السب أو التصريح بالبغض فغال في‬
‫الرفض‪ ،‬وإن اعتقد الرجعة إلى الدنيا فأشد في الغلو ]هدي الساري مقدمة‬
‫فتح الباري‪ :‬ص ‪.[.459‬‬
‫وقد جاء في مسند أحمد أن عاصم بن ضمرة )وكان من أصحاب علي‬
‫رضي الله عنه( قال للحسن بن علي‪ :‬إن الشيعة يزعمون أن علًيا يرجع‪.‬‬
‫قال الحسن‪ :‬كذب أولئك الكذابون‪ ،‬لو علمنا ذاك ما تزوج نساؤه‪ ،‬ول‬
‫قسمنا ميراثه ]مسند أحمد‪ 2/312 :‬رقم)‪ ،(1265‬وقال أحمد شاكر‪ :‬إسناده صحيح‪،‬‬
‫وانظر‪ :‬طبقات ابن سعد‪.[.3/39 :‬‬
‫والقول بالرجعة بعد الموت إلى الدنيا لمجازاة المسيئين وإثابة‬
‫ن‬
‫و َ‬
‫ف ْ‬‫و ّ‬‫ما ت ُ َ‬‫وإ ِن ّ َ‬
‫المحسنين ينافي طبيعة هذه الدنيا وأنها ليست دار جزاء } َ‬
‫د‬
‫ق ْ‬‫ف َ‬ ‫ة َ‬ ‫جن ّ َ‬‫ل ال ْ َ‬ ‫وأ ُدْ ِ‬
‫خ َ‬ ‫ر َ‬
‫ن الّنا ِ‬
‫ع ِ‬‫ح َ‬ ‫ز َ‬‫ح ِ‬
‫من ُز ْ‬ ‫ف َ‬‫ة َ‬ ‫م ِ‬‫قَيا َ‬‫م ال ْ ِ‬
‫و َ‬ ‫جوَرك ُ ْ‬
‫م يَ ْ‬ ‫أ ُ‬
‫ُ‬
‫ر{ ]آل عمران‪ ،‬آية‪.[.185 :‬‬ ‫ع ال ْ ُ‬
‫غُرو ِ‬ ‫حَياةُ الدّن َْيا إ ِل ّ َ‬
‫مَتا ُ‬ ‫وما ال ْ َ‬ ‫فاَز َ‬‫َ‬
‫كما أنه يضعف جانب اليمان بيوم البعث والجزاء‪ ،‬ويبدوا أن هذا من‬
‫أهداف واضع هذا المبدأ ]وقد ذكر بعضهم أن ابن سبأ قال بالرجعة وإبطال الخرة‬
‫)السكسكي‪ /‬البرهان‪ :‬ص ‪.[.(50‬‬
‫وقد تمثل هذا عملًيا في تأويلت الثني عشرية ليات اليوم الخر‬
‫بالرجعة‪ ،‬وفي تأثير هذه التأويلت‪ ،‬وهذا المذهب على بعض الفرق‬
‫المنتسبة للتشيع‪ ،‬وإنكارها لليوم الخر‪ ،‬واعتقادها بالتناسخ الذي ربما‬
‫تكون عقيدة الرجعة هي البوابة إليه‪ ،‬كما أن تأويلتهم تدعو له‪.‬‬

‫‪536‬‬
‫ويرى بعض الباحثين أن عقيدة الرجعة تسربت عن طريق المؤثرات‬
‫اليهودية والمسيحية ]انظر‪ :‬جولد سيهر‪ /‬العقيدة والشريعة‪ :‬ص ‪ ،215‬أحمد أمين‪/‬‬
‫فجر السلم‪ :‬ص ‪ ،270‬محمد عمارة‪ /‬الخلفة‪ :‬ص ‪ ،[.159‬ودخلت التشيع بتأثير‬
‫اتباع تلك الديانات‪ .‬وقد استنتج شيخهم الصادقي )من شيوخهم‬
‫المعاصرين( أن مبدأ الرجعة عند قومه يرجع في أصله إلى ما ورد في‬
‫كتب اليهود ]ونقل بعض نصوص اليهود في ذلك‪ ،‬وأرجعها إلى كتاب دانيال‪[.13-12/1 :‬‬
‫واعتبر ذلك بشارة للشيعة ]انظر‪ :‬رسول السلم في الكتب السماوية‪ :‬ص ‪-239‬‬
‫‪.[.241‬‬
‫وقد كان لبن سبأ اليهودي – كما تنقل ذلك كتب الشيعة‪ ،‬والسنة على‬
‫السواء – دور التأسيس لمبدأ الرجعة‪ ،‬إل أنها رجعة خاصة بعلي‪ ،‬كما أنه‬
‫ينفي وقوع الموت عليه أصل ً كحال الثني عشرية مع مهديهم الذي‬
‫يزعمون وجوده‪.‬‬
‫لكن يبدو أن الذي تحمل كبر نشره‪ ،‬وتعميم مفهومه وتأويل آيات من‬
‫القرآن فيه هو جابر الجعفي حتى امتدحته روايات الشيعة بفقهه في أمر‬
‫الرجعة؛ حيث جاء في تفسير القمي أن أبا جعفر قال‪" :‬رحم الله جابًرا‬
‫عل َي ْ َ‬
‫ك‬ ‫ض َ‬ ‫ذي َ‬
‫فَر َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬
‫بلغ فقهه أنه كان يعرف تأويل هذه الية }إ ِ ّ‬
‫د{ ]القصص‪ ،‬آية‪ ،85 :‬قال ابن كثير في تفسير الية‪:‬‬ ‫عا ٍ‬ ‫ك إ َِلى َ‬
‫م َ‬ ‫ن ل ََرادّ َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫قْرآ َ‬
‫يقول تعالى آمًرا رسوله صلوات الله وسلمه عليه ببلغ الرسالة‪ ،‬وتلوة القرآن على‬
‫الناس‪ ،‬ومخبًرا بأنه سيرده إلى معاد وهو يوم القيامة فيسأله عما استرعاه من أعباء‬
‫ن{ أي‪ :‬افترض عليك أداءه إلى الناس )تفسير ابن‬ ‫ك ال ْ ُ‬
‫قْرآ َ‬ ‫عل َي ْ َ‬
‫ض َ‬ ‫النبوة‪ ،‬ومعنى } َ‬
‫فَر َ‬
‫كثير ‪ ،(3/419‬كما فسر "المعاد" بأقوال أخرى ترجع – كما يقول ابن كثير – إلى قول من‬
‫فسر ذلك بيوم القيامة )تفسير ابن كثير‪ (3/420 :‬وانظر في معنى الية‪ :‬تفسير الطبري‪:‬‬
‫‪ ،126-20/123‬تفسير البغوي‪ ،459-3/458 :‬زاد المسير‪ [.251-6/249 :‬يعني‬
‫الرجعة" ]تفسير القمي‪.[.2/147 :‬‬
‫وعقيدة الرجعة عند المامية هي – كما قال السويدي رحمه الله –‬
‫خلف ما علم من الدين بالضرورة من أنه ل حشر قبل يوم القيامة‪ ،‬وأن‬
‫ما إنما توعده بيوم القيامة ]ولكن الشيعة‬
‫الله تعالى كلما توعد كافًرا أو ظال ً‬
‫تتوعد كل ما سوى الشيعة بالرجعة‪ ،[.‬كما أنها خلف اليات والحاديث المتواترة‬
‫المصرحة بأنه ل رجوع إلى الدنيا قبل يوم القيامة ]السويدي‪ /‬نقض عقائد‬
‫الشيعة‪ :‬ص ‪) 1‬مخطوط(‪.[.‬‬
‫ولكن شيوخ المامية يصرون على القول بها‪ ،‬ويعتبرون شذوذهم عن‬
‫ل ل َهم َ‬
‫م{‪.‬‬ ‫مَلى ل َ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫و َ ُ ْ َ‬
‫وأ ْ‬ ‫س ّ‬
‫ن َ‬ ‫شي ْ َ‬
‫طا ُ‬ ‫المة فيها دليل صحتها‪} ..‬ال ّ‬

‫الفصل السادس‬
‫الظهور‬

‫‪537‬‬
‫أي ظهور الئمة بعد موتهم لبعض الناس ثم عودتهم لقبورهم‪ ،‬وهذه‬
‫العقيدة غير رجعة الئمة‪ ،‬وقد بوب لها المجلسي بعنوان "باب أنهم‬
‫يظهرون بعد موتهم‪ ،‬ويظهر منهم الغرائب" ]بحار النوار‪ ،304-27/303 :‬بصائر‬
‫الدرجات‪ :‬ص ‪ ..[.78‬فالئمة يظهرون بعد موتهم‪ ،‬ويراهم بعض الناس‪ ،‬وهذا‬
‫الظهور غير مرتبط بوقت معين كالرجعة بل هو خاضع لرادة الئمة‪ ،‬حتى‬
‫نسبوا لمير المؤمنين أنه قال‪" :‬يموت من مات منا وليس بميت"‪ .‬وتذكر‬
‫أساطيرهم أن أبا الحسن الرضا كان يقابل أباه بعد موته‪ ،‬ويتلقى وصاياه‬
‫وأقواله ]بحار النوار‪ ،27/303 :‬بصائر الدرجات‪ :‬ص ‪.[.78‬‬
‫ويزعم بعض الشيعة أنه دخل على أبي عبد الله فقال له )أي أبو عبد‬
‫الله( ‪ :‬تشتهي أن ترى أبا جعفر )بعد موته(؟ قال‪" :‬قلت‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬قم‬
‫فادخل البيت‪ ،‬فدخلت فإذا هو أبو جعفر" ]بحار النوار‪ ،27/303 :‬بصائر‬
‫الدرجات‪ :‬ص ‪ ،[.78‬ويزعم آخر بأنه دخل على أبي الحسن فقال له‪ :‬أتحب‬
‫أن ترى أبا عبد الله؟ يقول‪ :‬فقلت‪ :‬وددت والله‪ ،‬فقال‪ :‬قم وادخل ذلك‬
‫البيت‪ ،‬فدخلت البيت فإذا أبو عبد الله عليه السلم قاعد ]بحار النوار‪:‬‬
‫‪ ،27/303‬بصائر الدرجات‪ :‬ص ‪.[.78‬‬
‫"وقال أبو عبد الله – كما يفترون ‪ :-‬أتى قوم من الشيعة الحسن بن‬
‫علي عليه السلم بعد قتل أمير المؤمنين عليه السلم فسألوه فقال‪:‬‬
‫تعرفون أمير المؤمنين إذا رأيتموه؟ قالوا‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬فارفعوا الستر‪،‬‬
‫فعرفوه ]كذا في الصل‪ ،‬وقد تكون "فرفعوه"‪ [.‬فإذا هم بأمير المؤمنين عليه‬
‫السلم ل ينكرونه" ]بحار النوار‪ ،27/303 :‬بصائر الدرجات‪ :‬ص ‪ .[.78‬بل وتمتد‬
‫ضا أن الموات من الولين يظهرون لهم‪ ،‬جاء في‬ ‫عقيدتهم هذه لتدعي أي ً‬
‫من أخبره!! عن عباية‬ ‫بصائر الدرجات "‪ ..‬عن عثمان بن عيسى ع ّ‬
‫السدي قال‪ :‬دخلت على أمير المؤمنين عليه السلم وعنده رجل رث‬
‫الهيئة‪ ،‬وأمير المؤمنين عليه السلم مقبل عليه يكلمه‪ ،‬فلما قام الرجل‬
‫قلت‪ :‬أي أمير المؤمنين‪ ،‬من هذا الذي أشغلك عنا؟ قال‪ :‬هذا وصي‬
‫موسى عليه السلم" ]بصائر الدرجات‪ :‬ص ‪ ،81‬بحار النوار‪.[.27/305 :‬‬
‫وتزعم رواياتهم أن علًيا كان يذهب إلى مقبرة اليهود وأنه خاطب أهل‬
‫القبور "فأجابوه من جوف القبور‪ :‬لبيك لبيك مطاع‪ ،‬فقال‪ :‬كيف ترون‬
‫العذاب؟ فقالوا‪ :‬بعصياننا لك كهارون‪ ،‬فنحن ومن عصاك في العذاب‪"..‬‬
‫]كنز الفوائد‪ :‬ص ‪ ،82‬بحار النوار‪.[.27/306 :‬‬
‫كما تدعي رواياتهم بأن رسول الله ظهر بعد موته ليأمر أبا بكر بطاعة‬
‫علي ]انظر‪ :‬بحار النوار‪ ،304 /27 :‬بصائر الدرجات‪ :‬ص ‪ .[.78‬وأن أبا بكر وعمر‬
‫يظهران للئمة في كل موسم حتى يرمونهما بالحجارة أثناء رم الجمار‬
‫]انظر‪ :‬بحار النوار‪ ،306-27/305 :‬بصائر الدرجات‪ :‬ص ‪ ،[.82‬ولهذا قام محمد‬
‫الباقر – كما يفترون عليه – برمي خمسة أحجار في غير موضع الجمار‬
‫ولما قيل له في ذلك قال‪" :‬إذا كان كل موسم أخرجا الفاسقين الغاصبين‬
‫]هكذا في المصدر المنقول عنه‪ ،‬وفي نسخة أخرى – كما أشار في الهامش – أخرجا‬

‫‪538‬‬
‫الفاسقان الغاصبان‪) .‬انظر‪ :‬بحار النوار‪ ،27/305 :‬تعليقه رقم )‪ ،[.(6‬ثم يفرق بينهما‬
‫ههنا ل يراهما إل إمام عدل‪ ،‬فرميت الول اثنتين والخر ثلثة‪ ،‬لن الخر‬
‫أخبث من الول" ]بحار النوار‪ ،306-27/305 :‬بصائر الدرجات‪ :‬ص ‪.[.82‬‬
‫هذه بعض أخبارهم في هذه "المقالة"‪ .‬وقد ذكر المجلسي بأنه "أورد‬
‫أكثر أخبار هذا الباب في باب البرزخ‪ ،‬وباب كفر الثلثة‪ ،‬وباب كفر‬
‫معاوية‪ ،‬وأبواب معجزات أمير المؤمنين وسائل الئمة عليهم السلم"‬
‫]بحار النوار‪ [.27/307 :‬فأخبارهم في شأن هذه الخرافة متكاثرة‪ ،‬وقد ذكر‬
‫المجلسي أن هذا الظهور قد يكون في أجسادهم الصلية‪ ،‬ثم قال‪:‬‬
‫"واليمام الجمالي في تلك المور كاف للمتدين المسلم لما ورد عنهم‪،‬‬
‫ورد علم تفاصيلها إليهم صلوات الله عليهم" ]بحار النوار‪.[.27/307 :‬‬
‫نقد هذه المقالة‪:‬‬
‫هذه المقالة لم أر من تعرض لها من ضمن معتقدات الشيعة‪ ..‬مع أنها‬
‫من مقالتهم التي استفاضت أخبارها عندهم‪ ،‬وهي مقالة يكفي عرضها‬
‫لبيان فسادها‪ ،‬فهي ل تتفق بأي حال مع النقل الصحيح ول مع العقل‬
‫الصريح ول الفطر السليمة‪ ،‬وهي تقدح في المذهب الشيعي‪ ،‬وتلحقه في‬
‫المذاهب الخرافية التي تعشعش في أذهان جملة من البشر‪ .‬وهي مقالة‬
‫من ضمن مقالت عديدة في هذا المذهب‪ ،‬تعتبر من البراهين على‬
‫بطلنه‪ ،‬مثلها في ذلك مثل عقيدة الغيبة والرجعة والبداء‪ ..‬إلخ‪.‬‬
‫وكثرة أخبارهم عندهم دليل واقعي حاسم على استفاضة الكذب‬
‫عندهم‪ ،‬وأنه ل عبرة ول صحة لرواياتهم ولو كثرت ما دامت تكثر في تأييد‬
‫المقالت الخرافية التي يكذبها الواقع‪ ،‬والتي لو حدث شيء منها‬
‫لستفاض نقله بين المسلمين‪ ،‬ولم تنفرد بنقله شرذمة من الروافض‪.‬‬
‫ورجعة الموات قبل يوم القيامة باطلة بالنقل وإجماع المسلمين – كما‬
‫سلف – وهذه الخرافات تعتبر من فضائحهم وعوراتهم التي هي قائمة‬
‫في مذهبهم‪ ،‬ولعلها من حكمة الباري سبحانه؛ إذ ما من قوم أرادوا أن‬
‫ينسبوا لله ديًنا ما أنزله إل وفضحهم على رؤوس الشهاد‪ ،‬كما أثبتت ذلك‬
‫الوقائع واليام‪.‬‬

‫الفصل السابع‬
‫البداء‬
‫من أصول الثني عشرية القول البداء على الله سبحانه وتعالى حتى‬
‫بالغوا في أمره‪ ،‬فقالوا‪" :‬ما عبد الله بشيء مثل البداء" ]أصول الكافي‪،‬‬
‫كتاب التوحيد‪ ،‬باب البداء‪ ،1/146 :‬ابن بابويه‪ /‬التوحيد‪ ،‬باب البداء‪ :‬ص ‪ ،332‬بحار النوار‪،‬‬
‫كتاب التوحيد‪ ،‬باب البداء‪ [.4/107 :‬و"ما عظم الله عز وجل بمثل البداء" ]أصول‬
‫الكافي‪ ،1/146 :‬التوحيد لبن بابويه ص ‪ ،333‬بحار النوار‪" ،[.4/107 :‬ولو علم الناس‬
‫‪539‬‬
‫]أصول الكافي‪:‬‬ ‫ما في القول بالبداء من الجر ما افتروا من الكلم فيه"‬
‫‪ ،1/148‬التوحيد لبن بابويه‪ :‬ص ‪ ،334‬بحار النوار‪ » ،[.4/108 :‬وما بعث الله نبًيا‬
‫قط إل بتحريم الخمر وأن يقر لله بالبداء" ]أصول الكافي‪ ،1/148 :‬التوحيد لبن‬
‫بابويه‪ :‬ص ‪ ،334‬بحار النوار‪.[.4/108 :‬‬
‫قب‬‫ويبدو أن الذي أرسى أسس هذا المعتقد عند الثني عشرّية هو المل ّ‬
‫ه( حيث وضع‬ ‫عندهم بثقة السلم وهو شيخهم الكليني )ت ‪ 328‬أو ‪‍ 329‬‬
‫هذا المعتقد في قسم الصول من الكافي‪ ،‬وجعله ضمن كتاب التوحيد‪،‬‬
‫صص له باًبا بعنوان "باب البداء" وذكر فيه سّتة عشر حديًثا من‬
‫وخ ّ‬
‫الحاديث المنسوبة للئمة‪.‬‬
‫ه(‪ ،‬وسجل ذلك ضمن عقائد طائفته‪،‬‬ ‫وجاء من بعده ابن بابويه )ت ‪‍ 381‬‬
‫صا بعنوان "باب البداء" وذلك في كتاب "العتقادات"‬‫وعقد له باًبا خا ً‬
‫الذي يسمى دين المامية ]العتقادات‪ :‬ص ‪ .[.89‬ومثل ذلك فعل في كتابه‬
‫"التوحيد" ]التوحيد‪ :‬ص ‪.[.331‬‬
‫وب له في‬ ‫ه( بأمر البداء وب ّ‬
‫م شيخهم المجلسي )ت ‪‍ 1111‬‬ ‫وقد اهت ّ‬
‫بحاره بعنوان "باب الّنسخ والبداء"‪ ،‬وذكر )‪ (70‬حديًثا من أحاديثهم عن‬
‫الئمة ]بحار النوار‪.[.129-4/92 :‬‬
‫وكذلك جاءت هذه المقالة ضمن كتب العقيدة عند المعاصرين ]انظر –‬
‫مثل ً ‪ :-‬المظفر‪ /‬عقائد المامية‪ ،69 :‬الزنجاني‪ /‬عقائد المامية الثني عشرية‪.[.1/34 :‬‬
‫فا كما في‬
‫وألف شيوخهم في شأنها مؤلفات مستقلة بلغت )‪ (25‬مصن ً‬
‫الذريعة ]انظر‪ :‬الذريعة إلى تصانيف الشيعة‪.[.57-3/53 :‬‬
‫ولعل القارئ المسلم يعجب من أمر هذه العقيدة‪ ،‬التي ل يعرفها‬
‫المسلمون‪ ،‬وليس له ذكر في كتاب الله سبحانه‪ ،‬وسنة نبيه صلى الله‬
‫عليه وسلم مع أنها من أعظم ما عبد الله به‪ ،‬ومن أصول رسالت‬
‫الرسل‪ ،‬وفيها من الجر ما لو علم به المسلم لصبحت تجري على لسانه‬
‫ما كشهادة التوحيد )كما يزعمون(‪.‬‬
‫دائ ً‬
‫إذا رجعت إلى اللغة العربية لتعرف معنى البداء تجد أن القاموس‬
‫يقول‪ :‬بدا بدًوا وبدًوا وبداءة‪ :‬ظهر‪ .‬وبدا له في المر بدًوا وبداء وبداة‪:‬‬
‫نشأ له فيه رأي ]القاموس المحيط‪ ،‬مادة‪ :‬بدو )‪ .[.(4/302‬فالبداء في اللغة –‬
‫كما ترى – له معنيان‪:‬‬
‫الول‪ :‬الظهور بعد الخفاء‪ .‬تقول‪ :‬بدا سور المدينة أي‪ :‬ظهر‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬نشأة الراي الجديد‪ .‬قال الفراء‪ :‬بدا لي بداء أي‪ :‬ظهر لي رأي‬
‫آخر‪ ،‬وقال الجوهري‪ :‬بدا له في المر بداء أي‪ :‬نشأ له فيه رأي ]الصحاح )‬
‫‪ ،(6/2278‬ولسان العرب )‪ ،(14/66‬وانظر هذا المعنى في كتب الشيعة مثل‪ :‬مجمع‬
‫البحرين للطريحي‪.[.1/45 :‬‬

‫‪540‬‬
‫دوا ْ‬ ‫وِإن ت ُب ْ ُ‬ ‫وكل المعنيين وردا في القرآن‪ ،‬فمن الول قوله تعالى‪َ } :‬‬
‫ف سك ُ َ‬ ‫َ‬
‫ه{ ]البقرة‪ ،‬آية‪.[.284 :‬‬ ‫ه الل ّ ُ‬
‫كم ب ِ ِ‬ ‫سب ْ ُ‬
‫حا ِ‬‫فوهُ ي ُ َ‬ ‫خ ُ‬‫و تُ ْ‬‫مأ ْ‬ ‫في أن ُ ِ ْ‬ ‫ما ِ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫جن ُن ّ ُ‬‫س ُ‬ ‫ت لي َ ْ‬ ‫وا الَيا ِ‬ ‫ما َرأ ُ‬‫د َ‬ ‫ع ِ‬
‫من ب َ ْ‬ ‫هم ّ‬ ‫دا ل ُ‬‫م بَ َ‬‫ومن الثاني قوله‪} :‬ث ّ‬
‫ن{ ]يوسف‪ ،‬آية‪.[.35 :‬‬ ‫حي ٍ‬‫حّتى ِ‬
‫َ‬
‫وواضح أن البداء بمعنييه يستلزم سبق الجهل وحدوث العلم وكلهما‬
‫محال على الله سبحانه‪ .‬ونسبته إلى الله سبحانه من أعظم الكفر‪،‬‬
‫فكيف تجعل الشيعة الثنا عشرية هذا من أعظم العبادات‪ ،‬وتدعي أنه ما‬
‫عظم الله عز وجل بمثل البداء؟! سبحانك هذا بهتان عظيم‪.‬‬
‫وهذا المعنى المنكر يوجد في كتب اليهود‪ ،‬فقد جاء في التوراة التي‬
‫حرفها اليهود وفق ما شاءت أهواؤهم نصوص صريحة تتضمن نسبة معنى‬
‫البداء إلى الله سبحانه ]جاء في التوراة‪" :‬فرأى الرب أنه كثر سوء الناس على‬
‫الرض‪ .‬فندم الرب خلقه النسان على الرض وتنكد بقلبه‪ ،‬وقال الرب‪ :‬لمحون النسان‬
‫الذي خلقته عن وجه الرض‪) "..‬سفر التكوين‪ ،‬الفصل السادس‪ ،‬فقرة‪ (5 :‬ومثل هذا‬
‫المعنى الباطل وما أشبه يتكرر في توراتهم )انظر‪ :‬سفر الخروج‪ ،‬الفصل‪ 32 :‬فقرة‪،12 :‬‬
‫‪ ،14‬وسفر قضاة‪ ،‬الفصل الثاني‪ ،‬فقرة‪ ،18 :‬وسفر صموئيل الول‪ ،‬الفصل الخامس‬
‫عشرة فقرة‪ ،34 ،10 :‬وسفر صموئيل الثاني‪ ،‬الفصل‪ ،24 :‬فقرة‪ ،16 :‬وسفر أخبار اليام‬
‫الول‪ ،‬الفصل‪ ،21 :‬فقرة‪ ،1 :‬وسفر أرميا‪ ،‬الفصل‪ ،42 :‬فقرة‪ ،10 :‬وسفر عاموس‪،‬‬
‫الفصل‪ ،7 :‬فقرة‪ ،3 :‬وسفر يونان‪ ،‬الفصل‪ ،3 :‬فقرة‪ 10 :‬وغيرها(‪.‬‬
‫هذا ما جاء في توراة اليهود‪ ،‬مع أنهم ينكرون النسخ‪ ،‬لنه بزعمهم يستلزم البداء )انظر‪:‬‬
‫مسائل المامة‪ :‬ص ‪ ،75‬مناهل العرفان‪ ،(2/78 :‬فانظر إلى تناقضهم وردهم للحق‬
‫وقبولهم بالباطل‪.[.‬‬
‫ويبدو أن ابن سبأ اليهودي قد حاول إشاعة هذه المقالة‪ ،‬التي ارتضعها‬
‫من »توراته« في المجتمع السلمي الذي حاول التأثير فيه باسم التشيع‬
‫وتحت مظلة الدعوة إلى ولية علي‪ ،‬ذلك أن فرق السبيئة "كلهم يقولون‬
‫بالبداء وأن الله تبدو له البداوات" ]الملطي‪ /‬التنبيه والرد‪ :‬ص ‪.[.19‬‬
‫ثم انتقل هذه المقالة إلى فرقة "الكيسانية" أو "المختارية" أتباع‬
‫المختار بن أبي عبيد الثقفي وهي الفرقة التي اشتهرت بالقول "بالبداء"‬
‫والهتمام به‪ ،‬والتزامه عقيدة‪.‬‬
‫ويذكر أصحاب المقالت أن السبب الذي جوزت لجله الكيسانية البداء‬
‫شا قوًيا لقتال المختار‬ ‫على الله تعالى هو‪ :‬أن مصعب بن الزبير أرسل جي ً‬
‫وأتباعه فبعث المختار إلى قتالهم أحمد بن شميط مع ثلثة آلف من‬
‫المقاتلة وقال لهم‪ :‬أوحي إلي أن الظفر يكون لكم‪ ،‬فهزم ابن شميط‬
‫ه(‪ [.‬فيمن كان معه فعادوا إليه‬ ‫]وهو من قواد المختار‪ ،‬وقتل سنة )‪‍ 67‬‬
‫فقالوا‪ :‬أين الظفر الذي قد وعدتنا؟ فقال المختار‪ :‬هكذا كان قد وعدني‬
‫ت‬‫وي ُث ْب ِ ُ‬ ‫ما ي َ َ‬
‫شاء َ‬ ‫حو الل ّ ُ‬
‫ه َ‬ ‫م ُ‬‫ثم بدا فإنه سبحانه وتعالى قد قال‪} :‬ي َ ْ‬
‫ُ‬
‫ب{ ]الرعد‪ ،‬آية‪] [.39 :‬السفراييني‪ /‬التبصير في الدين‪ :‬ص ‪،20‬‬ ‫م ال ْك َِتا ِ‬
‫عندَهُ أ ّ‬
‫و ِ‬
‫َ‬
‫وانظر‪ :‬البغدادي‪ /‬الفرق بين الفرق‪ :‬ص ‪.[.52-50‬‬

‫‪541‬‬
‫فالسبب كما ترى أن المختار كان يدعي علم الغيب وما يحدث‬
‫بالمستقبل‪ ،‬فكان إذا وقع خلف ما أخبر به قال‪ :‬قد بدا لربكم‪.‬‬
‫وتجد هذا المعنى في أخبار الثني عشرية‪ ،‬فإنهم قد أشاعوا بين‬
‫أتباعهم أن أئمتهم "يعلمون ما كان وما يكون ول يخفى عليهم الشيء"‬
‫]أصول الكافي‪ ،‬باب أن الئمة يعلمون علم ما كان وما يكون وأنه ل يخفى عليهم الشيء‪:‬‬
‫‪ .[.1/260‬فإذا نسبوا إلى الئمة أخباًرا لم تقع قالوا‪ :‬هذا من باب البداء‪.‬‬
‫جاء في البحار في باب البداء "عن أبي حمزة الثمالي قال‪ :‬قال أبو‬
‫جعفر وأبو عبد الله عليهما السلم‪ :‬يا أبا حمزة إن حدثناك بأمر أنه يجيء‬
‫من هاهنا فجاء من هاهنا‪ ،‬فإن الله يصنع ما يشاء‪ ،‬وإن حدثناك اليوم‬
‫دا بخلفه فإن الله يمحو ما يشاء ويثبت" ]بحار النوار‪:‬‬ ‫بحديث وحدثناك غ ً‬
‫‪ ،4/119‬تفسير العياشي‪ ،2/217 :‬البرهان‪.[.2/299 :‬‬
‫دولة‬‫ن المر سيعود إليهم‪ ،‬وال ّ‬‫شيعة يمنون أتباعهم بأ ّ‬ ‫وكان شيوخ ال ّ‬
‫ددوا ذلك بسبعين سنة في رواية نسبوها لبي‬ ‫ستكون لهم‪ ،‬حتى إّنهم ح ّ‬
‫قق شيء من تلك الوعود اشتكى‬ ‫سبعون ولم يتح ّ‬ ‫ما مضت ال ّ‬ ‫جعفر‪ ،‬فل ّ‬
‫سسو المذهب الخروج من هذا المأزق بالقول‬ ‫التباع من ذلك‪ ،‬فحاول مؤ ّ‬
‫بأّنه قد بدا لله سبحانه ما اقتضى تغيير هذا الوعد ]انظر‪ :‬تفسير العياشي‪:‬‬
‫طوسي‪ :‬ص ‪ ،263‬بحار النوار‪.[.4/214 :‬‬ ‫‪ ،2/218‬الغيبة لل ّ‬

‫دث بأخبار تنسبها‬


‫صادق تتح ّ‬ ‫شيعة في حياة جعفر ال ّ‬ ‫وكانت روايات ال ّ‬
‫ن المامة ستكون بعد موته لبنه إسماعيل‪ ،‬ولكن وقع ما لم يكن‬ ‫لجعفر أ ّ‬
‫ظهر لهم‪،‬‬‫بالحسبان‪ ،‬إذ مات إسماعيل قبل موت أبيه فكانت قاصمة ال ّ‬
‫شيعي‪ ،‬وهو خروج‬ ‫وحدث أكبر انشقاق باق إلى اليوم في المذهب ال ّ‬
‫طائفة كبيرة منهم ثبتت على القول بإمامة إسماعيل وهم السماعيلّية‪،‬‬
‫رغم أّنهم فزعوا إلى عقيدة البداء لمعالجة هذه المعضلة فنسبوا روايات‬
‫لجعفر تقول‪" :‬ما بدا لله بداء كما بدا له في إسماعيل ابني‪ ..‬إذ اخترمه‬
‫قبلي ليعلم بذلك أّنه ليس بإمام بعدي" ]الّتوحيد لبن بابويه‪ :‬ص ‪ ،336‬وانظر‬
‫مثل هذا المعنى في أصول الكافي ‪.[.1/327‬‬
‫واستجاب لهذا الّتأويل طائفة الثني عشرّية الذين قالوا بإمامة موسى‬
‫دون إسماعيل‪.‬‬
‫ومؤسسو التشيع يدعون في الئمة أنهم يعلمون الحوادث الماضية‬
‫والمستقبلة والجال والرزاق‪ ..‬إلخ‪ .‬ولكن التباع وسائر الناس ل يرون‬
‫فيهم شيًئا من هذه الدعاوى‪ ،‬والئمة ل يخبرون الناس بشيء من ذلك‪،‬‬
‫لنهم ل يملكون ذلك أصل ً ول يدعونه في أنفسهم فلم يجد مؤسسو‬
‫التشيع تعليل ً يبررون به هذا العجز إل عقيدة البداء فنقلوا عنهم أنهم ل‬
‫يخبرون عن الغيب مخافة أن يبدو له تعالى فيغيره ]زعموا – مثل ً – أن علي‬
‫بن الحسين قال‪ :‬لول البداء لحدثتكم بما يكون إلى يوم القيامة‪) .‬تفسير العياشي‪:‬‬
‫‪ ،2/215‬بحار النوار‪.[.(4/118 :‬‬

‫‪542‬‬
‫وزعموا أن الئمة يعطون علم "الجال والرزاق والبليا والعراض‬
‫والمراض ويشترط )لهم( فيه البداء" ]تفسير القمي‪ ،2/290 :‬بحار النوار‪:‬‬
‫‪ .[.4/101‬وهذه حيلة أخرى منهم ليستروا بها كذبهم إذا أخبروا خلف‬
‫الواقع‪.‬‬
‫وقد أمر الشيعة بمقتضى هذه العقيدة بالتسليم بالتناقض والختلف‬
‫والكذب‪ ،‬ففي رواية طويلة في تفسير القمي تخبر عن نهاية دولة بني‬
‫العباس‪ ،‬قال فيها إمامهم‪" :‬إذا حدثناكم بشيء فكان كما نقول فقولوا‪:‬‬
‫صدق الله ورسوله‪ ،‬وإن كان بخلف ذلك فقولوا‪ :‬صدق الله ورسوله‬
‫تؤجروا مرتين‪] "..‬تفسير القمي‪ ،311-1/310 :‬بحار النوار‪.[.4/99 :‬‬
‫وقد كان لعقيدة البداء في إبان نشأتها أثرها في ظهور بوادر الشك‬
‫لدى العقلء من أتباع المذهب‪ ،‬وقد اكتشف بعضهم حقيقة اللعبة‪ ،‬فتخلى‬
‫ل‪ ،‬وقد حفظت لنا بعض كتب الفرق قصة أحد‬ ‫عن المذهب المامي أص ً‬
‫هؤلء وهو سليمان بن جرير الذي تنسب إليه فرقة السليمانية من‬
‫الزيدية‪ ،‬فقال – كما تنقل ذلك كتب الفرق عند الشيعة نفسها ‪" :-‬إن أئمة‬
‫الرافضة وضعوا لشيعتهم مقالتين‪ ،‬ل يظهرون معهما من أئمتهم على‬
‫دا وهما القول بالبداء وإجازة التقية" ]المقالت والفرق للقمي‪ :‬ص ‪،78‬‬
‫كذب أب ً‬
‫فرق الشيعة للنوبختي‪ :‬ص ‪.[.64‬‬
‫ثم كشف – من خلل حياته في المجتمع الشيعي‪ ،‬ومخالطته لهم –‬
‫كيف يتخذون من عقيدة البداء وسيلة للتستر على كذبهم في دعوى علم‬
‫ما أحّلوا أنفسهم من شيعتهم مح ّ‬
‫ل‬ ‫متهم ل ّ‬ ‫ن أئ ّ‬
‫الئمة للغيب فقال‪" :‬إ ّ‬
‫النبياء من رعّيتها في العلم فيما كان ويكون‪ ،‬والخبار بما يكون في غد‪،‬‬
‫دا وفي غابر الّيام كذا وكذا‪ ،‬فإن جاء ذلك‬ ‫وقالوا لشيعتهم إّنه سيكون غ ً‬
‫ن هذا يكون فنحن نعلم‬ ‫شيء على ما قالوه‪ ،‬قالوا لهم‪ :‬ألم نعّلمكم أ ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ل مثل تلك‬‫ل ما علمته النبياء‪ ،‬وبيننا وبين الله عّز وج ّ‬ ‫من قبل الله عّز وج ّ‬
‫السباب التي علمت بها النبياء عن الله ما علمت‪ ،‬وإن لم يكن ذلك‬
‫شيء الذي قالوا إّنه يكون على ما قالوه‪ ،‬قالوا لشيعتهم‪ :‬بدا لله في‬ ‫ال ّ‬
‫فَرق للقمي‪ :‬ص ‪ ،78‬فرق ال ّ‬
‫شيعة للّنوبختي‪ :‬ص ‪-64‬‬ ‫ونه" ]المقالت وال ِ‬‫ذلك فلم يك ّ‬
‫خرين للّرازي‪ :‬ص ‪،249‬‬ ‫دمين والمتأ ّ‬
‫صل أفكار المتق ّ‬
‫‪ ،65‬وانظر في هذا المعنى‪ :‬مح ّ‬
‫ن ذلك من أولئك الّزنادقة‬
‫ّ ّ‬‫أ‬ ‫ق‬ ‫والح‬ ‫البيت‪،‬‬ ‫أهل‬ ‫بعض‬ ‫إلى‬ ‫وسليمان بن جرير ينسب الخداع‬
‫المنتسبين إلى أهل البيت لكل أموال الّناس بالباطل والّتآمر والّتخريب‪.[.‬‬
‫ضا كيف يخدعون أتباعهم بمقتضى عقيدة التقية‪ ،‬فتأثر بقوله‬ ‫ثم شرح أي ً‬
‫طائفة من الشيعة واتبعوه ]انظر‪ :‬المقالت والفرق‪ :‬ص ‪ ،78‬فرق الشيعة‪ :‬ص‬
‫‪.[.65‬‬
‫فأنت ترى بعد هذا العرض أنه لو سقطت عقدية البداء لنتقض دين‬
‫الثني عشرية من أصله‪ ،‬لن أخبارهم ووعودهم التي لم يتحقق منها‬
‫شيء تنفي عنهم صفة المامة‪.‬‬

‫‪543‬‬
‫وهذا سر مغالة شيوخهم بأمر البداء‪ ،‬ودفاعهم عنه‪ ،‬وجعله من أعظم‬
‫العبادات‪.‬‬
‫لكن مقالة البداء ارتدت عليهم بأوخم العواقب وهي إضافة سبب جديد‬
‫لكفرهم وردتهم ]انظر‪ :‬الغزالي‪ /‬المستصفى‪ [.1/110 :‬لنهم بهذا المعتقد نزهوا‬
‫المخلوق وهو المام عن الخلف في الوعد‪ ،‬والختلف في القول‪ ،‬والتغير‬
‫في الرأي‪ ،‬ونشأة رأي جديد‪ ،‬ونسبوا ذلك إلى عالم الغيب والشهادة‪.‬‬
‫وا كبيًرا ]الوشيعة‪ :‬ص ‪.[.182‬‬
‫تعالى الله عما يقول الظالمون عل ً‬
‫فنزهوا المخلوق دون الخالق‪ ،‬لن غلوهم في المام – فيما يظهر – لم‬
‫يجعل للحق جل شأنه في قلوبهم وقاًرا‪ ،‬فتاهوا في بيداء هذا الضلل‬
‫والكفر واللحاد‪.‬‬
‫صا من وصمة هذا العار‪ ،‬ومهرًبا‬
‫ولقد حاول شيوخ الشيعة أن يجدوا مخل ً‬
‫من التكفير‪.‬‬
‫فالنصير الطوسي الذي يلقبه المجلسي بالمحقق )المتوفى سنة‬
‫ه( أنكر وجود البداء كعقيدة للثني عشرية وقال عن طائفته‪" :‬إنهم‬ ‫‪‍ 672‬‬
‫ل يقولون بالبداء‪ ،‬وإنما القول بالبداء ما كان إل في رواية رووها عن‬
‫جعفر الصادق أنه جعل إسماعيل القائم مقامه‪ ،‬فظهر من إسماعيل ما‬
‫لم يرتضه منه‪ ،‬فجعل القائم موسى فسئل عن ذلك فقال‪ :‬بدا لله في‬
‫ما ول‬‫أمر إسماعيل‪ ،‬وهذه رواية‪ ،‬وعندهم أن خبر الواحد ل يوجب عل ً‬
‫ل" ]الطوسي‪ /‬تلخيص المحصل‪ :‬ص ‪.[.250‬‬ ‫عم ً‬
‫ولكن هذا – كما ترى – مخالف للواقع؛ إذ إن البداء من عقائدهم‬
‫المقررة‪ ،‬ورواياتهم وأخبارهم فيه كثيرة‪ ،‬ولذلك قال المجلسي بأن هذا‬
‫الجواب عجيب من الطوسي‪ ،‬وعزا ذلك » لعدم إحاطته بالخبار" ]بحار‬
‫النوار‪.[.4/123 :‬‬
‫وصنف من الشيعة يقر بالبداء كعقيدة ويحاول أن يجد له تأويل ً مقبو ً‬
‫ل‪.‬‬
‫فابن بابويه القمي يوجه "أحاديثهم" في البداء توجيًها »تبدو« عليه‬
‫ملمح الضطراب‪ ،‬فهو في البداية يقول‪" :‬ليس البداء كما يظنه جهال‬
‫الناس بأنه بداء ندامة تعالى الله عن ذلك‪ ،‬ولكن يجب علينا أن نقر لله‬
‫عز وجل بأن له البداء معناه أن له أن يبدأ بشيء من خلقه فيخلقه قبل‬
‫شيء ثم يعدم ذلك الشيء ويبدأ بخلق غيره" ]التوحيد‪ :‬ص ‪.[.335‬‬
‫ما لنه تكلم عن البدء ل‬‫فأنت ترى أن حديثه هنا خارج الموضوع تما ً‬
‫البداء ول يخالف مسلم في هذا المر الذي يقوله‪ ،‬ولو كان هذا مقصودهم‬
‫جا لتناقض رواياتهم‪،‬‬
‫بالبداء لما أنكره عليهم أحد‪ ،‬ولما وجدوا فيه مخر ً‬
‫وتخلف وعودهم‪.‬‬

‫‪544‬‬
‫ن{ ]السجدة‪ ،‬آية‪ [.7 :‬وهو‬ ‫طي ٍ‬ ‫من ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫سا ِ‬
‫لن َ‬ ‫قا ِ‬ ‫وب َدَأ َ َ‬
‫خل ْ َ‬ ‫فالله سبحانه‪َ } :‬‬
‫شاء‬‫ما ي َ َ‬ ‫خل ُ ُ‬
‫ق َ‬ ‫ك يَ ْ‬‫وَرب ّ َ‬
‫ه{ ]يونس‪ ،‬آية‪َ } ،[.4 :‬‬ ‫عيدُ ُ‬ ‫ق ثُ ّ‬
‫م يُ ِ‬ ‫}ي َب ْدَأ ُ ال ْ َ‬
‫خل ْ َ‬
‫خَتاُر{ ]القصص‪ ،‬آية‪ [.68 :‬وليس هذا من البداء‪.‬‬ ‫وي َ ْ‬‫َ‬
‫ولكنه رجع وفسر البداء بالنسخ‪ ،‬فقال بعد الكلم السابق مباشرة‪" :‬أو‬
‫يأمر بأمر ثم ينهى عن مثله‪ ،‬أو ينهى عن شيء ثم يأمر بمثل ما نهى عنه‪،‬‬
‫وذلك مثل نسخ الشرايع‪ ،‬وتحويل القبلة‪ ،‬وعدة المتوفى عنها زوجها"‬
‫]التوحيد‪ :‬ص ‪.[.335‬‬
‫وهذا جهل أو تجاهل؛ إذ ل بداء في النسخ‪ ،‬والحكم كان مؤقًتا في علم‬
‫الله‪ ،‬وأجل الحكم‪ ،‬وانتهاء الحكم عند حلول الجل معلوم لله قبل الحكم‪.‬‬
‫نعم بدا لنا ذلك من الله بعد نزول الناسخ‪ ،‬والبداء لنا في علمنا ل لله‬
‫]الوشيعة‪ :‬ص ‪.[.183‬‬
‫"من أجل ذلك تنزه الله سبحانه عن أن يوصف بالبداء؛ لن البداء ينافي‬
‫إحاطة علم الله بكل شيء‪ ،‬ولم يتنزه عن النسخ؛ لن النسخ ل يعدو أن‬
‫يكون بياًنا لمدة الحكم الول على نحو ما سبق في علم الله تعالى‪ ،‬وإن‬
‫كان رفعه لهذا الحكم بداء بالنسبة لنا" ]مصطفى زيد‪ /‬النسخ في القرآن‪:‬‬
‫‪" .[.1/20‬فإن الله سبحانه قدر في علمه الزلي لكل حكم ميقاًتا وزماًنا‬
‫ما فإذا انتهى زمانه حل محله حكم آخر بأمره ونهيه سبحانه‪ ،‬فليس‬ ‫معلو ً‬
‫فيه تغيير في علمه الزلي" ]محمد أبو زهرة‪ /‬المام الصادق‪ :‬ص ‪ .[.241‬قال‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫خ من آي َ‬
‫ها{‬‫مث ْل ِ َ‬
‫و ِ‬
‫ها أ ْ‬
‫من ْ َ‬
‫ر ّ‬
‫خي ْ ٍ‬
‫ت بِ َ‬
‫ها ن َأ ِ‬
‫س َ‬
‫و ُنن ِ‬
‫ةأ ْ‬‫س ْ ِ ْ َ ٍ‬
‫ما َنن َ‬
‫تعالى‪َ } :‬‬
‫]البقرة‪ ،‬آية‪.[.106 :‬‬
‫وقد شنع عبد القاهر البغدادي على الشيعة؛ حيث "جعلت النسخ من‬
‫قبيل البداء فزعمت أنه إذا أمر سبحانه بشيء ثم نسخه فإنما نسخه لنه‬
‫بدا له منه" ]الملل والنحل‪ :‬ص ‪.[.52‬‬
‫وقد تمادت الشيعة في هذا الغي‪ ،‬وساق صاحب البحار بعض الروايات‬
‫المنسوخة واعتبرها من قبيل البداء ]بحار النوار‪ ،[.84-93/83 :‬مع أنه ل صلة‬
‫للنسخ بالبداء ]راجع أي ً‬
‫ضا في التفريق بين النسخ والبداء والرد على أوهام الرافضة‬
‫واليهود في عدم التفريق بينهما‪ :‬الناسخ والمنسوخ لبي جعفر النحاس‪ :‬ص ‪ ،44‬المعتمد‬
‫في أصول الفقه لبي الحسين البصري‪ ،369-1/368 :‬اليضاح لناسخ القرآن ومنسوخه‬
‫لمكي القيسي‪ :‬ص ‪ ،99-98‬الحكام في أصول الحكام لبن حزم‪ ،69-4/68 :‬المدي‪/‬‬
‫الحكام في أصول الحكام‪ ،112-3/109 :‬دراسات الحكام والنسخ في القرآن‪ /‬محمد‬
‫حمزة‪ :‬ص ‪.[.59‬‬
‫ثم إن ابن بابويه عاد في نهاية توجيهه لعقيدة البداء إلى القول بأن‬
‫البداء "إنما هو ظهور أمر‪ ،‬يقول العرب‪ :‬بدا لي شخص في طريقي أي‪:‬‬
‫ما ل َ ْ‬
‫م يَ ُ‬
‫كوُنوا‬ ‫ن الل ّ ِ‬
‫ه َ‬ ‫م َ‬ ‫دا ل َ ُ‬
‫هم ّ‬ ‫وب َ َ‬
‫ظهر‪ .‬قال الله عز وجل‪َ } :‬‬
‫ن{ ]الزمر‪ ،‬آية‪ [.47 :‬أي‪ :‬ظهر لهم‪ ،‬ومتى ظهر لله تعالى ذكره‬ ‫سُبو َ‬
‫حت َ ِ‬
‫يَ ْ‬
‫من عبد صلة لرحمه زاد في عمره‪ .‬ومتى ظهر له منه قطيعة لرحمه‬
‫نقص من عمره" ]التوحيد‪ :‬ص ‪.[.336‬‬
‫‪545‬‬
‫فهذا عودة منه لتقرير ذلك المنكر في معتقدهم في البداء‪ ،‬بعد تلون‬
‫وتقلب‪.‬‬
‫وزيادة عمر من وصل رحمه ليست من باب البداء‪ ،‬وظهور ما لم يكن‬
‫في علم الله‪ ،‬بل صلة الرحم سبب لطول العمر‪ ،‬والله قدر الجل وسببه‬
‫فهو سبحانه "قدر أن هذا يصل رحمه فيعيش بهذا السبب إلى هذه الغاية‪،‬‬
‫ولول ذلك السبب لم يصل إلى هذه الغاية‪ ،‬ولكن قدر هذا السبب وقضاه‪،‬‬
‫وكذلك قدر أن هذا يقطع رحمه فيعيش إلى كذا" ]شرح الطحاوية‪ :‬ص ‪.[.92‬‬
‫قا أسلم من‬‫ولكن شيخ الطائفة الطوسي يسلك في تأويل البداء طري ً‬
‫طريق ابن بابويه‪ ،‬حيث يقول‪" :‬قوله‪ :‬بدا لله فيه معناه بدا من الله فيه‪،‬‬
‫وهكذا القول في جميع ما يروي من أنه بدا لله في إسماعيل معناه أنه‬
‫بدا من الله‪ ،‬فإن الناس كانوا يظنون في إسماعيل بن جعفر أنه المام‬
‫بعد أبيه‪ ،‬فلما مات علموا بطلن ذلك" ]الغيبة للطوسي‪ :‬ص ‪.[.55‬‬
‫هذا اعتذار الطوسي‪ ،‬ول شك بأن البداء إذا كان للخلق بأن يقع لهم ما‬
‫لم يحتسبوا‪ ،‬فليس فيه ما يمس العقيدة السلمية‪.‬‬
‫وقد تابع الطوسي في العتذار نفسه أحد مراجع الشيعة في هذا‬
‫العصر وهو محمد حسين آل كاشف الغطا فقال‪" :‬البداء وإن كان في‬
‫جوهر معناه هو ظهور الشيء بعد خفائه‪ ،‬ولكن ليس المراد به هنا ظهور‬
‫الشيء لله جل شأنه وأي ذي حريجة ومسكة يقول بهذه المضلة‪ ،‬بل‬
‫المراد ظهور الشيء من الله لمن يشاء من خلقه بعد إخفائه عنهم‪،‬‬
‫وقولنا‪) :‬بدا لله( أي بدا حكم الله أو شأن الله" ]الدين والسلم‪ :‬ص ‪.[.173‬‬
‫ولكن المطلع على رواياتهم ل يرى أنها تتفق مع هذا التأويل‪ ،‬إذ تدل‬
‫على نسبة البداء إلى الله ل إلى الخلق‪ ،‬ولذلك اعتذر أئمتهم عن الخبار‬
‫بالمغيبات خشية البداء‪ ..‬ونسبوا إلى نبي الله لوط أنه كان يستحث‬
‫الملئكة لنزال العقوبة بقومه خشية أن يبدو لله‪ ،‬ويقول‪" :‬تأخذونهم‬
‫الساعة فإني أخاف أن يبدو لربي فيهم‪ .‬فقالوا‪ :‬يا لوط إن موعدهم‬
‫الصبح أليس الصبح بقريب" ]فروع الكافي‪ .[.5/546 :‬فهل مثل هذا‬
‫"اللحاد" يقبل التأويل؟!‪.‬‬
‫وجاء في الكافي "‪ ..‬عن أبي هاشم الجعفري قال‪ :‬كنت عند أبي‬
‫الحسن عليه السلم بعد مضي ابنه أبو جعفر وإني لفكر في نفسي أريد‬
‫أن أقول كأنهما أعني‪ :‬أبا جعفر وأبا محمد في هذا الوقت كابي الحسن‬
‫موسى وإسماعيل ابني جعفر بن محمد عليهم السلم‪ ،‬وإن قصتهما‬
‫كقصتهما‪ ،‬إذ كان أبو محمد المرجي بعد أبي جعفر عليه السلم‪ ،‬فأقبل‬
‫علي أبو الحسن قبل أن أنطق فقال‪ :‬نعم يا أبا هاسم بدا لله في أبي‬
‫محمد بعد أبي جعفر عليه السلم ما لم يكن يعرف له‪ ،‬كما بدا له في‬
‫موسى بعد مضي إسماعيل ما كشف به عن حاله وهو كما حدثتك نفسك‬
‫وإن كره المبطلون" ]أصول الكافي‪.[.1/327 :‬‬

‫‪546‬‬
‫فانظر إلى قوله "بدا لله‪ ..‬ما يكن يعرف له‪ "..‬تجد أنهم ينسبون‬
‫"البداء" إلى الله صراحة‪ ،‬فهؤلء القوم ل يرجون لله وقاًرا‪ ،‬وقد اتخذوا‬
‫من عقيدة البداء وسيلة لبقاء فرصة الختيار في أهل البيت‪ ،‬والرجوع‬
‫عن الختيار بدون تثريب عليهم من أتباعهم‪ ..‬ولم يراعوا في هذه الحيلة‬
‫حق الله جل شأنه‪ ،‬لن واضعي هذه النصوص قد فرغت نفوسهم من‬
‫خوف الله ورجائه‪ .‬ثم إن التأويل للبداء بظهور المر للناس من الله ل‬
‫يسوغ كل هذه المغالة في البداء وجعله من أعظم الطاعات وأصول‬
‫العتقادات‪ ،‬كما أن لفظ البداء يحمل معنى باطل ً في لغة العرب التي‬
‫نزل بها القرآن‪ ،‬فكيف يعد أصل في الدين وهو بهذه المثابة‪ ،‬ويلتمس له‬
‫ج؟!‬
‫تأويل ومخر ٌ‬
‫استدللهم على البداء‪:‬‬
‫وبعد أن استقرت مسألة البداء عندهم كعقيدة بمقتضى روايات الكليني‬
‫وأضرابه‪ ،‬حاول شيخ الشيعة – كعادتهم – البحث في كتاب الله عن سند‬
‫لدعواهم‪.‬‬
‫وكأنه لم يكفهم أن نسبوا هذه الفرية إلى الله‪ ،‬حتى زعموا أن كتاب‬
‫وي ُث ْب ِ ُ‬
‫ت‬ ‫ما ي َ َ‬
‫شاء َ‬ ‫حو الل ّ ُ‬
‫ه َ‬ ‫م ُ‬
‫الله أثبت فريتهم‪ ،‬فتعلقوا بقوله سبحانه‪} :‬ي َ ْ‬
‫ُ‬
‫م ال ْك َِتا ِ‬
‫ب{ ]الرعد‪ ،‬آية‪.[.39 :‬‬ ‫عندَهُ أ ّ‬
‫و ِ‬
‫َ‬
‫ويلحظ أن أول من استدل بهذه الية على فرية البداء هو المختار بن‬
‫أبي عبيد ]انظر‪ :‬ص)‪ [.(940‬وتابعه شيوخ الشيعة‪ ،‬ووضعوا روايات في ذلك‬
‫أسندوها لبعض علماء آل البيت لتحظى بالقبول ]انظر‪ :‬أصل الكافي‪،1/146 :‬‬
‫التوحيد لبن بابويه‪ :‬ص ‪ 333‬وما بعدها‪.[.‬‬
‫واستدللهم بهذه الية على أن المحو والثبات بداء شطط في‬
‫الستدلل‪ ،‬وتعسف بالغ‪ ،‬ذلك أن المحو والثبات بعلمه وقدرته وإرادته‪،‬‬
‫من غير أن يكون له بداء في شيء‪ ،‬وكيف يتوهم له البداء وعنده أم‬
‫ها‬
‫م َ‬ ‫َ‬
‫عل ُ‬ ‫ب ل َ يَ ْ‬ ‫غي ْ ِ‬‫ح ال ْ َ‬ ‫فات ِ ُ‬ ‫م َ‬ ‫عندَهُ َ‬ ‫و ِ‬ ‫الكتاب‪ ،‬وله في الزل العلم المحيط } َ‬
‫ة إ ِل ّ‬ ‫ق ٍ‬‫وَر َ‬ ‫من َ‬ ‫ط ِ‬ ‫ق ُ‬ ‫س ُ‬ ‫ما ت َ ْ‬ ‫و َ‬ ‫ر َ‬ ‫ح ِ‬ ‫وال ْب َ ْ‬ ‫في ال ْب َّر َ‬ ‫ما ِ‬ ‫م َ‬ ‫عل َ ُ‬‫وي َ ْ‬
‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫إ ِل ّ ُ‬
‫َ‬
‫في‬ ‫س إ ِل ّ ِ‬ ‫ول َ َياب ِ ٍ‬ ‫ب َ‬ ‫ول َ َرطْ ٍ‬ ‫ض َ‬ ‫ت الْر ِ‬ ‫ما ِ‬ ‫في ظُل ُ َ‬ ‫ة ِ‬
‫حب ّ ٍ‬‫ول َ َ‬ ‫ها َ‬ ‫م َ‬ ‫عل َ ُ‬‫يَ ْ‬
‫ْ‬
‫فُروا َل ت َأِتيَنا‬ ‫ن كَ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ل ال ّ ِ‬ ‫قا َ‬ ‫و َ‬ ‫ن{ ]النعام‪ ،‬آية‪َ ..} ،[.59 :‬‬ ‫مِبي ٍ‬ ‫ب ّ‬ ‫ك َِتا ٍ‬
‫عال ِم ِ ال ْ َ‬ ‫ْ‬
‫ه‬
‫عن ْ ُ‬‫ب َ‬ ‫عُز ُ‬ ‫ب ل يَ ْ‬ ‫غي ْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫وَرّبي ل َت َأت ِي َن ّك ُ ْ‬ ‫ل ب ََلى َ‬ ‫ق ْ‬ ‫ة ُ‬ ‫ع ُ‬‫سا َ‬ ‫ال ّ‬
‫من ذَل ِ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫قا ُ‬ ‫مث ْ َ‬
‫ك‬ ‫غُر ِ‬ ‫ص َ‬ ‫ول أ ْ‬ ‫ض َ‬ ‫في الْر ِ‬ ‫ول ِ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ما َ‬
‫س َ‬‫في ال ّ‬ ‫ة ِ‬ ‫ل ذَّر ٍ‬ ‫ِ‬
‫ن{ ]سبأ‪ ،‬آية‪.[.3 :‬‬ ‫ول أك ْب َُر ِإل ِ‬ ‫َ‬
‫مِبي ٍ‬ ‫ب ّ‬ ‫في ك َِتا ٍ‬ ‫َ‬
‫وأمثالها من اليات‪ ،‬وتوهم البداء لله تكذيب لكل هذه اليات ]وانظر في‬
‫ضا‪ :‬المستصفى للغزالي‪ ،1/110 :‬مختصر الصواعق‪ ،1/110 :‬الحكام‬
‫الرد عليهم أي ً‬
‫للمدي‪.[.3/111 :‬‬
‫وقد اختلف المفسرون في المراد بالذي يمحو ويثبت على ثمانية أقوال )ابن الجوزي‪/‬‬
‫زاد المسير‪ (338-4/337 :‬فمنهم من قال‪ :‬يمحو الله ما يشاء من الشرائع وينسخه‪،‬‬

‫‪547‬‬
‫ويثبت ما يشاء فل ينسخه‪ ،‬قال شارح الطحاوية‪ :‬والسياق أدل على هذا الوجه )شرح‬
‫الطحاوية ص ‪.(94‬‬
‫قال ابن جرير الطبري‪" :‬وأولى القوال التي ذكرت في تأويل الية‪ ..‬أن الله تعالى ذكره‬
‫توعد المشركين الذين سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم اليات بالعقوبة‪ ،‬وتهددهم‬
‫كان ل ِرسول َأن يأ ْت ِي بآية إل ّ بإذْن الل ّه ل ِك ُ ّ َ‬
‫ب{‬‫ل ك َِتا ٌ‬
‫ج ٍ‬
‫لأ َ‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ َ ٍ ِ ِِ ِ‬ ‫َ‬ ‫ما َ َ َ ُ ٍ‬‫و َ‬
‫بها‪ ،‬وقال لهم‪َ } :‬‬
‫ً‬
‫]الرعد‪ ،‬آية‪ .[38 :‬يعلمهم بذلك أن لقضائه فيهم أجل مثبًتا في كتاب هم مؤخرون إلى‬
‫وقت ذلك الجل‪ ،‬ثم قال لهم‪ :‬فإذا جاء ذلك الجل يجيء الله بمن شاء ممن قد دنا أجله‪،‬‬
‫وانقطع رزقه‪ ..‬فيقض ذلك في خلقه‪ ،‬فذلك محوه‪ ،‬ويثبت ما شاء ممن بقي أجله ورزقه‪..‬‬
‫فيتركه على ما هو عليه فل يمحوه" )تفسير الطبري‪.(13/170 :‬‬
‫ورجح بعضهم عموم المحو والثبات في جميع الشياء )انظر‪ :‬فتح القدير‪.(3/88 :‬‬
‫واعترض ابن جزي على من قال بالعموم في تأويل الية بقوله‪" :‬وهذا ترده القاعدة‬
‫المتقررة أن القضاء ل يبدل وأن علم الله ل يتغير" )التسهيل ‪.(2/136‬‬
‫ولكن قال الشوكاني‪ :‬بأن القول بالعموم ل ينافي ذلك "لن المحو والثبات هو من‬
‫جملة ما قضاه الله وقدره" )فتح القدير‪.(3/88 :‬‬
‫ورجح القاسمي أن المراد‪ :‬اليات )التي تسمى المعجزات( )انظر‪ :‬تفسير القاسمي‪:‬‬
‫‪.(373-13/372‬‬
‫ضا في تأويل الية‪ :‬تفسير البغوي‪ ،23-3/22 :‬تفسير ابن كثير‪،561-2/559 :‬‬
‫وانظر أي ً‬
‫تفسير اللوسي‪ ،172-169 /13 :‬السعدي‪ /‬تيسير الكريم الرحمن‪.117-4/116 :‬‬
‫هذه أقوال مفسري المسلمين في تأويل الية‪ ،‬لم يقل أحد منهم بمثل شناعة‬
‫الرافضة‪.[.‬‬
‫وقد بين الله تعالى في آخر الية أن كل ما يكون منه من محو وإثبات‬
‫وتغيير‪ ،‬واقع بمشيئته ومسطور عنده في أم الكتاب ]عبد الرزاق عفيفي‪ /‬في‬
‫تعليقه على الحكام للمدي‪) 3/111 :‬الهامش(‪.[.‬‬
‫روايات في كتب الثني عشرية تنقض عقيدة البداء‪:‬‬
‫إن نقض الخصم كلمه بنفسه‪ ،‬من أبلغ النقض‪ ،‬لنه يقضي على نفسه‬
‫بسلحه‪ ،‬وإن ظهور تناقضه من أوضح أمارات بطلن معتقده‪ ،‬وأنت تجد‬
‫في كتب الثني عشرية روايات عن الئمة ترمي من قال بالبداء بالخزي‪،‬‬
‫وتناقض ما سلف من روايات‪.‬‬
‫وهذه الروايات قد تكون روايات وثيقة الصلة بعلماء آل البيت لنها تعبر‬
‫عن المعنى الحق وهو ما يليق بأولئك الصفوة‪ ،‬وقد تكون من آثار الشيعة‬
‫المعتدلة بقيت آثارها في كتب الثني عشرية‪ ،‬ول يبعد أن تكون هذه‬
‫الروايات ستاًرا وضعه أولئك الزنادقة على عقيدتهم في البداء‪.‬‬
‫وعلى أية حال فإن إثبات مثل هذه الروايات تبين مدى تناقض هذه‬
‫الطائفة في رواياتها‪ ،‬وأن دينها قائم على الخذ بالجانب الشاذ‪ ،‬والمخالف‬
‫للجماعة من أخبارهم‪ ،‬لن ما خالف الجماعة ففيه الرشاد كما هو قانون‬
‫سا‪.‬‬
‫أولئك الزنادقة‪ ،‬الذي يخرج من أخذ به عن الدين رأ ً‬

‫‪548‬‬
‫جاء في كتاب الّتوحيد لبن بابويه‪ .." :‬عن منصور بن حازم قال‪ :‬سألت‬
‫سلم – هل يكون اليوم شيء لم يكن في علم الله‬ ‫أبا عبد الله – عليه ال ّ‬
‫تعالى بالمس؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬من قال هذا فأخزاه الله‪ ،‬قلت‪ :‬أرأيت ما كان‬
‫وما هو كائن إلى يوم القيامة أليس في علم الله؟ قال‪ :‬بلى‪ ،‬قبل أن‬
‫يخلق الخلق" ]الّتوحيد‪ :‬ص ‪ ،334‬أصول الكافي‪ 1/148 :‬رقم )‪ ،(10‬وانظر قريًبا من‬
‫هذا المعنى رواية أخرى في الكافي‪) 1/148 :‬رقم ‪.[.(9‬‬
‫ول شك بأن عقيدة البداء بمقتضى معناها الّلغوي‪ ،‬وبموجب روايات‬
‫الثني عشرّية‪ ،‬وحسب تأويل بعض شيوخهم تقتضي أن يكون في علم‬
‫الله اليوم ما لم يكن في المس‪.‬‬
‫وحسب الثني عشرية عاًرا وفضيحة أن تنسب إلى الحق جل شأنه‬
‫هذه العقيدة‪ ،‬على حين تبرئ أئمتها منها‪ ،‬فإذا وقع الخلف في قول المام‬
‫نسبت ذلك إلى الله ل إلى المام‪.‬‬
‫وإذا رجعت إلى معتقدهم في توحيد اللوهية والربوبية‪ ،‬والسماء‬
‫والصفات‪ ،‬وجدت أن المام قد حل محل الرب سبحانه في قلوبهم‬
‫وعقولهم‪ ،‬بتأثير ذلك الركام المظلم من الخبار‪ ..‬فعقيدة البداء أثر‬
‫لغلوهم في المام‪.‬‬

‫الفصل الثامن‬
‫الطينة‬
‫هذه العقيدة من مقالتهم السرية‪ ،‬وعقائدهم التي يتواصون بكتمانها‬
‫حتى من عامتهم‪ ،‬لنه لو اطلع العامي الشيعي على هذه العقيدة "تعمد‬
‫أفعال الكبار لحصول اللذة الدنيوية‪ ،‬ولعلمه بأن وبالها الخروي إنما هو‬
‫على غيره" ]انظر‪ :‬النوار النعمنية‪.[.1/295 :‬‬
‫دمين‬ ‫وكانت هذه المقالة موضع إنكار من بعض عقلء ال ّ‬
‫شيعة المتق ّ‬
‫كالمرتضى وابن إدريس‪ ،‬لّنها في نظرهم وإن تسللت أخبارها في كتب‬
‫دها"‬
‫سّنة والجماع فوجب ر ّ‬ ‫الشيعة إل "أّنها أخبار آحاد مخالفة للكتاب وال ّ‬
‫]النوار الّنعمانّية‪.[.1/293 :‬‬
‫لكن هذه الخبار تكاثرت على مر الزمن حتى قال شيخهم نعمة الله‬
‫ن أصحابنا قد رووا هذه الخبار بالسانيد‬ ‫ه(‪" :‬إ ّ‬
‫الجزائري )ت ‪‍ 1112‬‬
‫المتكّثرة في الصول وغيرها‪ ،‬فلم يبق مجال في إنكارها‪ ،‬والحكم عليها‬
‫بأّنها أخبار آحاد‪ ،‬بل صارت أخباًرا مستفيضة‪ ،‬بل متواترة" ]النوار الّنعمانّية‪:‬‬
‫‪ ،[.1/293‬قال هذا في الرد على من أنكرها من شيوخهم السابقين‪.‬‬

‫‪549‬‬
‫والذي تولى كبر إرساء هذه العقيدة – فيما يظهر – هو شيخهم الكليني‬
‫من ذلك سبعة‬‫وب لها بعنوان "باب طينة المؤمن والكافر"‪ ،‬وض ّ‬ ‫الذي ب ّ‬
‫أحاديث في أمر ال ّ‬
‫طينة ]أصول الكافي‪.[.6-2 /2 :‬‬
‫جل منها شيخهم‬‫م ما زالت تكثر هذه الخبار من بعد الكليني حتى س ّ‬ ‫ث ّ‬
‫المجلسي سبعة وسّتين حديًثا في باب عقده بعنوان "باب ال ّ‬
‫طينة‬
‫والميثاق" ]بحار النوار‪.[.276-5/225 :‬‬
‫وكأن القارئ يتطلع إلى معرفة تفاصيل هذه المقالة التي تجعل‬
‫الشيعي يعتقد بأن كل بائقة يرتكبها فذنبها على أهل السنة‪ ،‬وكل عمر‬
‫صالح يعمله أهل السنة فثوابه للشيعة‪ ،‬ولذلك فإن شيوخ الشيعة يكتمون‬
‫ذلك عن عوامهم حتى ل يفسدوا عليهم البلد والعباد‪.‬‬
‫هذه العقيدة أوسع تفصيل لها هو رواية ابن بابويه في علل ال ّ‬
‫شرائع‬
‫شرائع‪ :‬ص ‪-606‬‬ ‫حيث استغرقت عنده خمس صفحات وختم بها كتابه ]علل ال ّ‬
‫ن هذا كمسك الختام فقال‪" :‬إّنه‬ ‫‪ ،[.610‬ورأى بعض شيوخهم المعاصرين أ ّ‬
‫شرائع" ]بحار النوار )الهامش(‪:‬‬ ‫شريف كتاب علل ال ّ‬
‫ختم بهذا الحديث ال ّ‬
‫‪.[.5/233‬‬
‫سّني خلق من‬ ‫صة وال ّ‬ ‫شيعي خلق من طينة خا ّ‬ ‫ن ال ّ‬
‫وملخص ذلك يقول بأ ّ‬
‫شيعي من‬ ‫طينة أخرى‪ ،‬وجرى المزج بين الطينتين بوجه معين‪ ،‬فما في ال ّ‬
‫ي من صلح‬ ‫سن ّ ّ‬
‫ي‪ ،‬وما في ال ّ‬ ‫ص وجرائم هو من تأّثره بطينة ال ّ‬
‫سن ّ ّ‬ ‫معا ٍ‬
‫ن سّيئات‬‫شيعي‪ ،‬فإذا كان يوم القيامة فإ ّ‬ ‫وأمانة هو بسبب تأّثره بطينة ال ّ‬
‫سّنة ُتعطى‬ ‫سّنة‪ ،‬وحسنات أهل ال ّ‬ ‫شيعة ُتوضع على أهل ال ّ‬ ‫وموبقات ال ّ‬
‫لل ّ‬
‫شيعة‪.‬‬
‫وعلى هذا المعنى تدور أكثر من سّتين رواية من رواياتهم‪.‬‬
‫ويمكن أن يستنبط سبب القول بهذه العقيدة من السئلة التي وجهت‬
‫للئمة‪ ،‬والشكاوى التي رفعت إليهم‪ ،‬فالشيعة يشكون من انغماس‬
‫قومهم بالموبقات والكبائر‪ ،‬ومن سوء معاملة بعضهم لبعض‪ ،‬ومن الهم‬
‫والقلق الذي يجدونه ول يعرفون سببه‪.‬‬
‫ولكن يعزو إمامهم ذلك كله لتأثر طينة الشيعي بطينة السني في‬
‫الخلقة الولى‪.‬‬
‫ولنستمع إلى بعض هذه السئلة المثيرة التي تكشف واقع المجتمع‬
‫الشيعي المغلق‪:‬‬
‫روى ابن بابويه بسنده‪" :‬عن أبي إسحاق الّليثي قال‪ :‬قلت لبي جعفر‬
‫سلم ‪ :-‬يا بن رسول الله‪ ،‬أخبرني عن‬
‫محمد بن علي الباقر – عليه ال ّ‬
‫المؤمن المستبصر ]يعني الّرافضي‪ [.‬إذا بلغ في المعرفة وكمل هل يزني؟‬
‫م ل‪ ،‬قلت‪ :‬فيشرب الخمر؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬قلت‪ :‬فيأتي بكبيرة من هذه‬ ‫قال‪ :‬الّله ّ‬
‫الكبائر أو فاحشة من هذه الفواحش؟ قال‪ :‬ل‪ ،..‬قلت‪ :‬يا ابن رسول الله‪،‬‬
‫‪550‬‬
‫سبيل‪،‬‬ ‫طريق‪ ،‬ويخيف ال ّ‬ ‫إّني أجد من شيعتكم من يشرب الخمر‪ ،‬ويقطع ال ّ‬
‫صيام‪،‬‬ ‫صلة وال ّ‬‫ويزني‪ ،‬ويلوط‪ ،‬ويأكل الّربا‪ ،‬ويرتكب الفواحش ويتهاون بال ّ‬
‫م ذاك؟ فقال‪ :‬يا‬‫والّزكاة‪ ،‬ويقطع الّرحم‪ ،‬ويأتي الكبائر‪ ،‬فكيف هذا ول ِ َ‬
‫إبراهيم‪ ،‬هل يختلج في صدرك شيء غير هذا؟ قلت‪ :‬نعم يا ابن رسول‬
‫الله أخرى أعظم من ذلك‪ ،‬فقال‪ :‬وما هو يا أبا إسحاق؟ قال‪ :‬فقلت‪ :‬يا‬
‫ابن رسول الله‪ ،‬وأجد من أعدائكم ومناصبيكم ]يشير إلى أهل السنة‪ [.‬من‬
‫يكثر من الصلة والصيام ويخرج الزكاة ويتابع بين الحج والعمرة‪ ،‬ويحرص‬
‫على الجهاد‪ ،‬ويأثر – كذا – على البر‪ ،‬وعلى صلة الرحام‪ ،‬ويقضي حقوق‬
‫إخوانه‪ ،‬ويواسيهم من ماله‪ ،‬ويتجنب شرب الخمر والزنا‪ ،‬واللواط وسائر‬
‫سره لي يا ابن رسول الله وبرهنه‬ ‫م ذاك؟ ف ّ‬ ‫الفواحش‪ ،‬فما ذاك؟ ول ِ َ‬
‫وبينه‪ ،‬فقد والله كثر فكري وأسهر ليلي‪ ،‬وضاق ذرعي" ]علل الشرائع‪ :‬ص‬
‫‪ ،607-606‬بحار النوار‪.[.229-5/228 :‬‬
‫هذا واحد من السئلة والشكاوى التي تكشف انزعاج الشيعة من‬
‫واقعهم المليء بالمعاصي والموبقات بالمقارنة بواقع سلف هذه المة‪،‬‬
‫وأئمة أهل السنة ومعظم عامتهم من تقى وأمانة وصلح‪ ،‬وقد أجيب‬
‫السائل بمقتضى عقدية الطينة وهي أن المعاصي الموجودة عند الشيعة‬
‫هي بسبب طينة أهل السنة‪ ،‬والعمال الصالحة التي تسود المجتمع‬
‫السني بسبب طينة الشيعي‪.‬‬
‫ويأتي سائل آخر يدعى إسحاق القمي فيقول لبي جعفر الباقر‪:‬‬
‫"جعلت فداك أرى المؤمن الموحد الذي يقول بقولي‪ ،‬ويدين الله‬
‫بوليتكم‪ ،‬وليس بيني وبينه خلف‪ ،‬يشرب السكر‪ ،‬ويزني‪ ،‬ويلوط‪ ،‬وآتيه‬
‫في حاجة واحدة فأصيبه معبس الوجه‪ ،‬كالح اللون‪ ،‬ثقيل ً في حاجتي‪،‬‬
‫بطيًئا فيها‪ ،‬وقد أرى الناصب المخالف لما أنا عليه‪ ،‬ويعرفني بذلك ]أي‬
‫يعرف أنه رافضي‪ ،[.‬فآتيه في حاجة‪ ،‬فأصيبه طلق الوجه‪ ،‬حسن البشر‪،‬‬
‫حا بها‪ ،‬يحب قضاءها‪ ،‬كثير الصلة‪ ،‬كثير الصوم‪،‬‬ ‫عا في حاجتي‪ ،‬فر ً‬ ‫متسر ً‬
‫دع فيؤدي المانة" ]علل الشرائع‪-489 :‬‬
‫كثير الصدقة‪ ،‬يؤدي الزكاة‪ ،‬وُيستو َ‬
‫‪ ،490‬بحار النوار‪.[.247-5/246 :‬‬
‫جفاء‬‫فهذا السائل يزيد عن سابقه بشكواه من سوء معاملة أصحابه‪ ،‬و َ‬
‫طبعهم‪ ،‬وقلة وفائهم‪ ،‬على حين يجد أهل السنة وهم خصومه أحسن له‬
‫من أصحابه وأقضى للحاجة‪ ،‬وأفضل في الخلق والمعاملة والعبادة‪.‬‬
‫وقريب من ذلك ما شكاه بعض الشيعة إلى أبي عبد الله فقال‪" :‬أرى‬
‫الرجل من أصحابنا ممن يقول بقولنا خبيث اللسان‪ ،‬خبيث الخلطة‪ ،‬قليل‬
‫دا‪ ،‬وأرى الرجل من المخالفين علينا‬ ‫ما شدي ً‬
‫الوفاء بالميعاد فيغمني غ ً‬
‫حسن السمت‪ ،‬حسن الهدي ]الهدي‪ :‬الطريقة‪ ،‬السيرة )بحار النوار‪،[.(5/251 :‬‬
‫ما" ]البرقي‪ /‬المحاسن‪ :‬ص ‪ ،138-137‬بحار النوار‪.[.5/251 :‬‬ ‫وفًيا بالميعاد فأغتم غ ً‬

‫‪551‬‬
‫ويأتي سائل رابع يشكو ما يجده من قلق وهم ل يعرف له تفسيًرا‪.‬‬
‫تقول روايتهم‪" :‬عن أبي بصير قال‪ :‬دخلت على أبي عبد الله‪ ،‬ومعي رجل‬
‫من أصحابنا فقلت له‪ :‬جعلت فداك يا ابن رسول الله‪ ،‬إني لغتم وأحزن‬
‫با‪] "..‬بحار النوار‪ ،5/242 :‬وعزاه إلى علل الشرائع‪:‬‬
‫من غير أن أعرف لذلك سب ً‬
‫ص ‪.[.42‬‬
‫ويبدو أن مصدر القلق تلك العقيدة غير الواضحة والمستقرة التي تأخذ‬
‫بها الروافض‪ ،‬ولكن "إمامه" يفسر هذا القلق بمقتضى عقيدة الطينة‪.‬‬
‫هذه السئلة والشكاوى وغيرها كثير ]تجدها في أبواب الطينة في الكافي‬
‫والبحار‪ ،‬وسيأتي »نماذج« أخرى في باب أثر الشيعة في العالم السلمي‪ [.‬توضح‬
‫طبيعة التركيبة الشيعية في نفسيتها‪ ،‬وعلقاتها‪ ،‬وخلقها‪ ،‬ومعاملتها‬
‫ودينها‪..‬‬
‫وقد احتال شيوخ الشيعة لمواجهة هذا الحساس الذي ينتاب بعض‬
‫الصادقين من الشيعة‪ ،‬إزاء هذه الظواهر المقلقة والمخيفة فكانت‬
‫محاولة الخروج من إلحاح هذه التساؤلت والشكاوى بقولهم بهذه‬
‫العقيدة‪.‬‬
‫ولنستمع إلى بعض الجوبة على تلك الشكاوى ]والجواب المذكور هو على‬
‫السؤال الذي قالوا إنه سأله إسحاق القمي‪ ،‬وقد مضى نصه‪ :‬ص)‪ ،(958‬وباقي الجوبة‬
‫نكتفي بما مضى من إحالت عليها‪ ،‬خشية الطالة والتكرار‪ ،‬لنها ترجع في النهاية إلى‬
‫معنى واحد ونتيجة واحدة غالًبا‪ .[.‬يقول )إمامهم(‪" :‬يا إسحاق )راوي الخبر(‬
‫ليس تدرون من أين أوتيتم؟ قلت‪ :‬ل والله‪ ،‬جعلت فداك إل أن تخبرني‪،‬‬
‫دا بالوحدانية ابتدأ‬
‫فقال‪ :‬يا إسحاق‪ ،‬إن الله – عز وجل – لما كان متفر ً‬
‫الشياء ل من شيء‪ ،‬فأجرى الماء العذب على أرض طيبة طاهرة سبعة‬
‫أيام مع لياليها‪ ،‬ثم نضب ]أي نشح ماؤه ونشف‪) .‬بحار النوار‪ /5/230 :‬هامش ‪[.(3‬‬
‫الماء عنها فقبض قبضة من صفاوة ذلك الطين وهي طينتنا أهل البيت‪،‬‬
‫فلو أن طينة شيعتنا تركت كما تركت طينتنا لما زنى أحد منهم‪ ،‬وسرق‪،‬‬
‫ول لط‪ ،‬ول شرب المسكر ول اكتسب شيًئا مما ذكرت‪ ،‬ولكن الله – عز‬
‫وجل – أجرى الماء المالح على أرض ملعونة من حمأ مسنون ]الحمأ‪ :‬الطين‬
‫السود والمتغير‪ ،‬والمسنون‪ :‬المنتن‪) .‬بحار النوار‪ ،5/247 :‬هامش ‪ ،[.(2‬وهي طينة‬
‫خبال ]الخبال‪ :‬الفساد‪ ،‬النقصان‪) ،‬بحار النوار‪ ،5/247 :‬هامش رقم ‪ ،[.(3‬وهي طينة‬
‫أعدائنا‪ ،‬فلو أن الله – عز وجل – ترك طينتهم كما أخذها لم تروها في‬
‫خلق الدميين‪ ،‬ولم يقّروا بالشهادتين‪ ،‬ولم يصوموا ولم يصلوا‪ ،‬ولم يزكوا‪،‬‬
‫دا منهم بحسن خلق‪ ،‬ولكن الله – تبارك‬ ‫ولم يحجوا البيت‪ ،‬ولم تروا أح ً‬
‫وتعالى – جمع الطينتين – طينتكم وطينتهم – فخلطهما وعركهما عرك‬
‫الديم‪ ،‬ومزجهما بالماءين فما رأيت من أخيك من شر لفظ‪ ،‬أو زنا‪ ،‬أو‬
‫شيء مما ذكرت من شرب مسكر أو غيره‪ ،‬ليس من جوهريته وليس من‬
‫إيمانه‪ ،‬إنما هو بمسحة الناصب اجترح هذه السيئات التي ذكرت‪ ،‬وما‬
‫رأيت من الناصب من حسن وجه وحسن خلق‪ ،‬أو صوم‪ ،‬أو صلة‪ ،‬أو حج‬

‫‪552‬‬
‫بيت‪ ،‬أو صدقة‪ ،‬أو معروف فليس من جوهريته‪ ،‬إنما تلك الفاعيل من‬
‫مسحة اليمان اكتسبها وهو اكتساب مسحة اليمان‪.‬‬
‫ه؟ قال لي‪ :‬يا إسحاق‬ ‫قلت‪ :‬جعلت فداك فإذا كان يوم القيامة فَ َ‬
‫م ْ‬
‫أيجمع الله الخير والشر في موضع واحد؟ إذا كان يوم القيامة نزع الله –‬
‫دها إلى شيعتنا‪ ،‬ونزع مسحة الّناصب‬ ‫ل – مسحة اليمان منهم فر ّ‬ ‫عّز وج ّ‬
‫ل شيء إلى‬ ‫دها على أعدائنا‪ ،‬وعاد ك ّ‬ ‫سّيئات فر ّ‬
‫بجميع ما اكتسبوا من ال ّ‬
‫عنصره الّول‪.‬‬
‫قلت‪ :‬جعلت فداك ُتؤخذ حسناتهم فترد ّ إلينا‪ ،‬وُتؤخذ سّيئاتنا فترد ّ إليهم؟‬
‫شرائع‪ :‬ص ‪ ،491-490‬بحار النوار‪:‬‬ ‫قال‪ :‬إي والله الذي ل إله إل هو ]علل ال ّ‬
‫‪.[.248-5/247‬‬
‫مي في أّولها‬ ‫هذه عقيدة الطينة عندهم‪ ،‬وقد جاء في سياق رواية الق ّ‬
‫ما مكنوًنا من خزائن الله‬ ‫قوله‪" :‬خذ إليك بياًنا شافًيا فيما سألت‪ ،‬وعل ً‬
‫شرائع‪ :‬ص ‪ ،607‬بحار النوار‪.[.5/229 :‬‬ ‫ره" ]علل ال ّ‬
‫وس ّ‬
‫من غرر‬ ‫وجاء في خاتمتها‪" :‬خذها إليك يا أبا إسحاق‪ ،‬فوالله إّنه ل َ ِ‬
‫أحاديثنا‪ ،‬وباطن سرايرنا‪ ،‬ومكنون خزائننا‪ ،‬وانصرف ول تطلع على سّرنا‬
‫دا إل مؤمًنا مستبصًرا‪ ،‬فإّنك إن أذعت سّرنا بليت في نفسك ومالك‬ ‫أح ً‬
‫شرائع‪ :‬ص ‪ ،610‬بحار النوار‪.[.5/233 :‬‬‫وأهلك وولدك" ]علل ال ّ‬
‫فهي – كما ترى – عقيدة سرية في إّبان قوة الدولة السلمية‪ ،‬يؤ ّ‬
‫كد‬
‫على سريتها في بدايتها ونهايتها‪ ،‬فهل خطر ببال مخترع هذه العقيدة أنها‬
‫ستقع في أيدي أهل السنة‪ ،‬ويعلنونها أمام المل كإحدى الفضائح‪..‬؟‬
‫نقد هذه العقيدة‪:‬‬
‫شيعي كما ترى في‬ ‫ل‪ :‬إن هذه الّروايات ناقضت نفسها بنفسها‪ ،‬فال ّ‬ ‫أو ً‬
‫شكاوى والسئلة هو أغرق في الجريمة‪ ،‬وأكثر إيغال ً في‬ ‫عرض ال ّ‬
‫ن‬
‫م ْ‬
‫قا وديًنا‪ ،‬فكيف يكون َ‬ ‫المعاصي والموبقات‪ ،‬وأسوأ معاملة‪ ،‬وأردأ خل ً‬
‫هذه حاله أفضل طينة‪ ،‬وأطهر خلقة؟‬
‫ثانًيا‪ :‬قد خلق الله سبحانه الّناس جميًعا على فطرة السلم‪ ،‬قال‬
‫فطََر الّنا َ‬
‫س‬ ‫ه ال ِّتي َ‬ ‫فطَْرةَ الل ّ ِ‬ ‫فا ِ‬‫حِني ً‬‫ن َ‬ ‫دي ِ‬‫ك ِلل ّ‬‫ه َ‬‫ج َ‬‫و ْ‬
‫م َ‬ ‫ق ْ‬‫فأ َ ِ‬ ‫تعالى‪َ } :‬‬
‫م{ ]الّروم‪ ،‬آية‪.[.30:‬‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫قي ّ ُ‬ ‫دي ُ‬
‫ك ال ّ‬ ‫ق الل ّ ِ‬
‫ه ذَل ِ َ‬ ‫ل لِ َ ْ‬
‫خل ِ‬ ‫دي َ‬‫ها ل ت َب ْ ِ‬‫عل َي ْ َ‬
‫َ‬
‫شيعة‪.‬‬‫ذت به أساطير ال ّ‬ ‫ما ش ّ‬ ‫والّتفريق بينهما م ّ‬
‫ن‬
‫طينة مذهبها في أفعال العباد؛ ل ّ‬‫شيعة في أخبار ال ّ‬ ‫ثالًثا‪ :‬ناقضت ال ّ‬
‫مقتضى هذه الخبار أن يكون العبد مجبوًرا على فعله وليس له اختيار له؛‬
‫ن العبد يخلق فعله كمذهب‬ ‫ن مذهبهم أ ّ‬ ‫طينة‪ .‬مع أ ّ‬‫إذ أفعاله بمقتضى ال ّ‬
‫المعتزلة ]انظر‪ :‬ص)‪ ،(638‬وما بعدها‪.[.‬‬

‫‪553‬‬
‫رابًعا‪ :‬تقرر أخبار طينتهم » أن موبقات الشيعة وأوزارها يتحملها أهل‬
‫السنة‪ ،‬وحسنات المسلمين جميًعا تعطى للشيعة‪ ،‬وهذا مخالف للعدل‬
‫الّرباني ول يتفق مع العقل الصريح ول الفطرة السليمة‪ ،‬فضل ً عن‬
‫وْزَر‬‫زَرةٌ ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫زُر َ‬
‫ول ت َ ِ‬ ‫نصوص الشرع وأصول السلم‪ ،‬قال تعالى‪َ } :‬‬
‫خَرى{ ]النعام‪ ،‬آية‪ ،164 :‬فاطر‪ ،‬آية‪ ،18:‬والّزمر‪ ،‬آية‪ ،[.7:‬وقال – عز وجل ‪:-‬‬ ‫أُ ْ‬
‫ن{ ]الطور‪ :‬آية‪ .[.21 :‬وقال – عز وجل ‪:-‬‬ ‫هي ٌ‬ ‫ب َر ِ‬ ‫س َ‬ ‫ما ك َ َ‬ ‫ئ بِ َ‬‫ر ٍ‬ ‫م ِ‬ ‫لا ْ‬‫}ك ُ ّ‬
‫طور‪ :‬آية‪ ،[.21:‬وقال – تعالى ‪:-‬‬ ‫ة{ ]ال ّ‬ ‫هين َ ٌ‬ ‫ت َر ِ‬ ‫ما ك َ َ‬
‫سب َ ْ‬ ‫س بِ َ‬‫ف ٍ‬ ‫ل نَ ْ‬‫}ك ُ ّ‬
‫ل ذَّر ٍ‬
‫ة‬ ‫قا َ‬‫مث ْ َ‬ ‫ل ِ‬‫م ْ‬ ‫ع َ‬‫من ي َ ْ‬ ‫و َ‬
‫خي ًْرا ي ََرهُ ‪َ ،‬‬ ‫ة َ‬ ‫ل ذَّر ٍ‬ ‫قا َ‬ ‫مث ْ َ‬
‫ل ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ع َ‬
‫من ي َ ْ‬ ‫ف َ‬‫} َ‬
‫جَزى ك ُ ّ‬
‫ل‬ ‫م تُ ْ‬‫و َ‬‫ه{ ]الزلزلة‪ ،‬اليتان‪ ،[.8 ،7 :‬وقوله – سبحانه ‪} :-‬ال ْي َ ْ‬ ‫شّرا ي ََر ُ‬ ‫َ‬
‫م{ ]غافر‪ ،‬آية‪ [.17 :‬وغيرها كثير‪.‬‬ ‫م ال ْي َ ْ‬
‫و َ‬ ‫ت ل ظُل ْ َ‬ ‫سب َ ْ‬ ‫ما ك َ َ‬ ‫س بِ َ‬‫ف ٍ‬ ‫نَ ْ‬
‫وهذه المقالة ظاهرة البطلن‪ ،‬يكفي مجرد تصورها لمعرفة فسادها‪،‬‬
‫وهي من فضائح المذهب الثني عشري وعوراته‪.‬‬
‫ول يستحي الشيعة إلى اليوم من التجاهر بهذه العقيدة وإعلنها‪ ،‬فتجد‬
‫أخبار هذه »الفرية« في بحار النوار ]النوار الّنعمانّية‪ ،1/287 :‬تعليقه رقم)‪،[.(1‬‬
‫والنوار الّنعمانّية ]بحار النوار‪ ،5/233 :‬هامش )‪ ،[.(3‬يعلق عليها المحقق‬
‫الشيعي بما يؤكد رضاه عن هذه الساطير واعتقادها‪.‬‬
‫وإذا لم تستح فاصنع ما شئت‪.‬‬

‫‪554‬‬
‫الجزء الثالث‬
‫الباب الرابع‬
‫الشيعة المعاصرون وصلتهم بأسلفهم‬
‫ويشتمل علي أربعة فصول‪:‬‬
‫الفصل الول‪ :‬الصلة في مصادر التلقي‪.‬‬
‫الفص الثاني‪ :‬صلتهم بالفرق القديمة‪.‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬الصلة العقدية بين القدامى والمعاصرين‪.‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬دولة اليات‪.‬‬

‫الباب الرابع‬
‫الشعية المعاصرون وصلتهم بأسلفهم‬
‫تمهيد‪:‬‬
‫سأتناول بمشيئة الله فسسي هسسذا البسساب بيسسان مسسذهب المعاصسسرين مسسن الثنسسي‬
‫عشرية‪ ،‬ولذلك ل تجد فيه إل كلم هؤلء المعاصرين‪ ،‬اللهسسم إل مسسا جساء عرضسا ً‬
‫في مناقشة بعض القوال‪ ،‬وأعنسسي بالمعاصسسرين‪ ،‬مسسن عسساش فسسي المسسائة سسسنة‬
‫الخيرة من زمننا‪.‬‬
‫وسأوضح مدى موافقتهم ورضاهم عن مصادرهم القديمة التي ورد فيها تلك‬
‫الطامات التي مّر ذكر جملة منها‪.‬‬
‫ونوع علقتهم بالفرق الشسسيعية القديمسسة‪ ،‬وهسسل هسسي علقسسة رضسسى وقبسسول أو‬
‫رفض وإنكار؟‬
‫ثم أوضح جملة من آرائهم العقدية؛ ليتبين مسسن خللهسسا هسسل حسسدث تغيسسر فسسي‬
‫المذهب الثني عشري في هذا العصر‪.‬‬
‫ثم يكون الحديث بعد هذا عن "دولة اليات" وحقيقة التشيع من خللها‪.‬‬

‫الفصل الول‬
‫الصلة في مصادر التلقي‬

‫إن وحسسدة مصسسادر التلقسسي هسسي العامسسل الول والخيسسر فسسي اتفسساق العتقسساد‬
‫والوجهة عند أية طائفة من الطوائف‪ ..‬وهي التي تصل اللحقين بالسابقين‪.‬‬
‫والشسسعية المعاصسسرون قسسد اعتمسسدوا فسسي التلقسسي علسسى أصسسولهم القديمسسة‬
‫المجموعة في الكتب الربعة الولسسى‪ ،‬وهسسي‪ :‬الكسسافي‪ ،‬والتهسسذيب‪ ،‬والستبصسسار‪،‬‬
‫ومن ل يحضره الفقيه‪ .‬كما قرر ذلك طائفة من شيوخهم كآغا بزرك الطهراني‬
‫في الذريعة ]الذريعة‪ ،[.17/245 :‬ومحسن المين في أعيان الشيعة ]أعيسسان الشسسيعة‪:‬‬
‫‪ ،[.1/280‬وغيرهما ]انظر‪ :‬مقدمة سفينة البحار‪.[.‬‬
‫قال شسسيخهم وآيتهسسم فسسي هسسذا العصسسر عبسسد الحسسسين الموسسسوي عسسن كتبهسسم‬
‫الربعة‪" :‬وهي‪ :‬الكسسافي والتهسسذيب والستبصسسار ومسسن ل يحضسسره الفقيسسه‪ ،‬وهسسي‬
‫متسسواترة‪ ،‬ومضسسامينها مقطسسوع بصسسحتها‪ ،‬والكسسافي أقسسدمها وأحسسسنها وأتقنهسسا"‬
‫]المرجعات‪ :‬ص ‪) 311‬المراجعة ‪.[.(110‬‬
‫فبعد هذا هل يختلف المعاصرون عن طبقسسة الكلينسسي وأمثالهسسا مسسن الغسسابرين‬
‫مِعين واحد ومصدر واحد؟‬ ‫وهم يرجعون إلى َ‬

‫‪555‬‬
‫بالطبيعي لن يختلفوا‪ ،‬ول سيما في الصول الساسية‪ ،‬لكن المر لم يقتصسسر‬
‫على هذا الحد‪.‬‬
‫بل عد ّ شيوخهم المعاصرون ما جمعسسه متسسأخروهم فسسي القسسرن الثسساني عشسسر‬
‫والثالث عشر والسستي كسسان آخرهسسا مسسا جمعسسه شسسيخهم النسسوري المتسسوفى سسسنة )‬
‫ه( فسسي مسسستدرك الوسسسائل – عسسدوها مصسسادر للتلقسسي سسسموها "الكتسسب‬ ‫‪‍ 1320‬‬
‫الربعة المتأخرة"‪ ،‬وبغض النظر عسسن اعتمسسادهم لروايسسات سسسجلت فسسي القسسرن‬
‫الرابع عشر عن الئمة في العصر الول‪.‬‬
‫وما يقال في ذلك‪ ،‬فإن تلك الكتب – ما عدا مستدرك الوسسائل – قسد ألفست‬
‫وجمعت إبان الحكم الصفوي‪ ،‬لذلك حوت من الغلو والبلء مسا لسم يخطسسر ببسال‬
‫الشيعة السابقين كما ترى في البحار للمجلسي‪ ،‬وأصبحت – مع ذلسسك – عمسسدة‬
‫عند شيعة هذا العصر‪ ،‬وهذا يعني بطبيعة الحال تطورا ً خطيرا ً عند المعاصسسرين‬
‫ينقلهم إلي دركات من الضلل والتطرف‪.‬‬
‫وليس ذلسسك فحسسب‪ ،‬بسل إن المعاصسرين اعتمسدوا عشسرات المصسسادر السستي‬
‫وصلتهم منسوبة لسابقيهم واعتبروها في المنزلسسة والحتجسساج كسسالكتب الربعسسة‬
‫الولى‪ .‬كما تجد ذلك فسسي مقسسدمات تلسسك المصسسادر‪ ،‬وهسسذا منهسسم متابعسسة لشسسيخ‬
‫الدولة الصفوية المجلسي الذي عدها في "بحاره" بهذه المنزلة‪.‬‬
‫وليس هذا فقط‪ ،‬بل إن بعض المصادر السماعيلية قد أصسسبحت عمسسدة عنسسد‬
‫المعاصرين من الثني عشرية مثل كتاب "دعائم السلم" للقاضي النعمان بسسن‬
‫ه( وهو إسماعيلي كما تؤكد ذلسسك بعسسض‬ ‫محمد بن منصور‪ ،‬المتوفى سنة )‪‍ 363‬‬
‫مصادر الثني عشرية نفسها ]قال الشيعي الثنا عشري ابن شهراشوب )‪‍ 588‬‬
‫ه(‪ :‬القاضسسي‬
‫النعمان بن محمد ليس بإمامي )معالم العلمساء ص ‪ .(139‬وأنست تلحسظ أن الثنسي عشسرية ‪ -‬كمسا‬
‫سلف ‪ -‬تعتبر من ينكر إماما ً من الئمة كمسسن جحسسد كمسسن جحسسد نبسسوة أحسسد النبيسساء‪ ،‬أي‪ :‬أنسسه كسسافر‪،‬‬
‫والسماعيلي ينكسسر إمامسسة كسسل الئمسسة بعسسد جعفسسر الصسسادق‪ ..‬ومسسع ذلسسك تتلقسسى الثنسسا عشسسرية عسسن‬
‫السسسماعيلية‪ ،‬ومعنسسى ذلسسك أنهسسا تتلقسسى دينهسسا مسسن كفسسار‪ .[.‬ومع ذلك فإن كبسسار شسسيوخهم‬
‫المعاصرين يرجعون إليه ]مثل الخميني في كتابه "الحكومسسة السسسلمية" انظسسر‪ :‬ص ‪ 67‬مسسن‬
‫الحكومة‪.[.‬‬
‫ويشير بعض علماء الثني عشرية المعاصرون إلى وحدة الصل في التلقي‬
‫بين السماعيلية والثني عشرية فيقول‪" :‬وإذا لم يكن الفاطميون على‬
‫المذهب الثني عشري فإن هذا المذهب قد اشتد أزره ووجد منطلقا ً في‬
‫عهدهم فقد عظم نفوذه ونشط دعاته‪ ...‬ذلك أن الثني عشرية والسماعيلية‬
‫وإن اختلفوا من جهات‪ ،‬فإنهم يلتقون في هذه الشعائر بخاصة في تدريس‬
‫علوم آل البيت والتفقة بها وحمل الناس عليها ]محمد جواد مغنية‪ /‬الشيعة في‬
‫الميزان‪ :‬ص ‪.[.163‬‬
‫وقسد جساء فسي دائرة المعسارف عسن انفتساح الثنسي عشسرية علسى الغلة هسذا‬
‫القول‪" :‬على أن الحدود لم تقفل تمامسا ً أمسسام الغلة‪ ،‬يسسدل علسسى ذلسسك التقسسدير‬
‫الذي دام طويل ً للكتاب الكبر للسماعيلية وهو كتاب "دعائم السسسلم" " ]دائرة‬
‫المعارف السلمية‪.[.14/72 :‬‬
‫ً‬
‫ومن يطالع بعض الكتب السماعيلية يرى وفاقا في جملة من الروايسات بيسن‬
‫الطائفين ]من المثلسة لسذلك أنسه يسرد حسسديثهم "مسسن لسم يسؤمن برجعتنسسا فليسس منسا" فسي كتسب‬
‫السماعيلية‪ .‬انظر‪ :‬ص ‪ 49‬من مسائل مجموعة ضمن كتاب "أربعسسة كتسسب إسسسماعيلية"‪ ،‬كمسسا جسساء‬
‫ذلك في كتب الثني عشرية‪ :‬ص ‪.[.46‬‬

‫‪556‬‬
‫وهذا كله يعني أن هذه الطائفة في العصر الحاضر قد وضعت نفسها في‬
‫بحر مظلم عميق تتقلب بها أمواجه‪ ،‬حينما ارتضت أن تضع معظم ما وصلها‬
‫من كتب السابقين مصادر معتمدة لها‪.‬‬
‫وقد قسسامت فسسي هسسذا العصسسر حركسسة نشسسطة لبعسسث السستراث العشسسبي القسسديم‬
‫وتعريف الناس به وترويجه بينهم‪ .‬وهذا التراث مليء بسسالطعن فسسي كتسساب اللسسه‬
‫وسنة رسوله صلى الله عليه وسسلم‪ ،‬ومليسء بساللعن والتفكيسر والتخليسد بالنسار‬
‫لرجال الصدر الول للسسسلم‪ ،‬وفسسي مقسسدمتهم الخلفسساء الثلثسسة‪ ،‬وبعسسض أمهسسات‬
‫المؤمنين ومن معهم المهاجرين والنصار ممن رضسسي اللسسه عنهسسم ورضسسوا عنسسه‬
‫بنص القرآن‪.‬‬
‫وحركة النشر هذه قام بها علماء من أشهر مجتهدي الشيعة في هذا العصسسر‬
‫وعلى كثير من هذه الكتب تصحيحاتهم‪ ،‬وتعليقاتهم وتقريضاتهم‪ ،‬ومسسع هسسذا لسسم‬
‫نر اعتراضا ً ول انتقادا ً من أحد منهم لما في هذه الكتب من كفر وإلحاد‪ ،‬أليسسس‬
‫في ذلك إقرارا ً من هؤلء لما فيها؟‬
‫وقد توجه د‪ .‬علي السالوس إلي أحد علماء الشيعة المعاصرين وسسسأله عسسن‬
‫رأيهم فيما اشتمل عليه أصسسول الكسسافي مسسن روايسسات طافحسسة بسسالغلو فأجسسابه –‬
‫كتابة بخطه ‪:-‬‬
‫"أما الروايات التي ذكرها شسسيخنا الكلينسسي فسسي كتابسسة الكسسافي فهسسي موثوقسسة‬
‫الصدور عنسسدنا‪ ..‬ومسسا ورد فسسي الكسسافي أن الئمسسة يعلمسسون جميسسع العلسسوم السستي‬
‫خرجسست إلسسى الملئكسسة والنبيسساء والرسسسل‪ ،‬وأنهسسم إذا شسساء أن يعلمسسوا علمسسوا‪،‬‬
‫ويعلمون متى يموتون ول يموتون إل باختيار منهم‪ ،‬ويعلمون علم مسسا كسسان ومسسا‬
‫يكون ول يخفى عليهم الشيء‪ ،‬لشك أنهم أوليسساء اللسسه وعبسساده السسذين أخلصسسوا‬
‫في الطاعة‪ ،‬ثم ذكر قول ً عن أئمتهم وهو‪" :‬قولوا فينسسا مسسا شسسئتم ونزهونسسا عسسن‬
‫الربوبية" ]حديث لكاظم الكفائي نشرة علي السالوسي بخط الكفائي‪) .‬انظر‪ :‬فقة الشيعة‪ :‬ص‬
‫‪.[.(265‬‬
‫وهذا ل يحتاج إلى تعليق إذ أقسسر وصسسف أئمتسسه بمسسا ل ينبغسسي إل للخسسالق جسسل‬
‫شأنه‪ ،‬وليس هذا هو رأي الكفائي وحده في مضامين أصول الكافي المتضسسمنة‬
‫للغلو في الئمة‪ ،‬بل للخنيزي الذي ألف كتابا ً يدعو فيه إلى وحسسدة أهسسل السسسنة‬
‫والمامية جواب عن هذه المسائل ل يخالف جسسواب الكفسسائي فسسي حقيقتسسه ]أبسسو‬
‫الحسن الخنيزي‪ /‬الدعوة السلمية‪ ،[.28-1/27 :‬مع أنه يقرر ذلك فسسي كتسساب قسسد وضسسع‬
‫بأسلوب التقية؛ لنه منشور للدعوة للوحدة المزعومة بينهم وبين أهسل السسنة‪،‬‬
‫والتي هي في حقيقتها تبشير بالرفض في صفوف أهل السنة‪.‬‬
‫وكذلك أجاب شيخهم الخر لطف الله الصافي علسسى محسسب السسدين الخطيسسب‬
‫الذي عرض في خطوطه العريضة بعض عناوين أبواب أبواب الكافي الطافحسسة‬
‫بالغلو ]انظر الخطوط العريضة‪ :‬ص ‪ ،[.29‬فقال الصافي‪ :‬بأن البسسواب المعنونسسة فسسي‬
‫الكافي ليست إل عناوين لبعض ما ورثوا عن جدهم رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم ]مع محب الدين في خطوطه العريضة‪ :‬ص ‪.[.149‬‬
‫بل إن تلك المصنفات التي حوت ذلك الغلو هي موضع الفخر والتبسساهي عنسسد‬
‫المعاصرين‪.‬‬
‫استمع لحد آياتهم يتحدث عما تركه أئمته من آثار تدل بزعمه على إمسسامتهم‬
‫يقول‪" :‬إن لهم آثارا ً تدل على تلك المامة المقصودة‪ ،‬ول أريسسد أن أدلسسك علسسى‬
‫مجاميع عديدة رويت عنهم وألفت فسسي عصسسورهم أو مسسا قاربهسسا‪ ..‬أمثسسال تحسسف‬

‫‪557‬‬
‫العقول‪ ،‬وبصائر الدرجات‪ ،‬والخرائج والجرائح‪ ،‬واحتجساج الطبرسسسي‪ ،‬والخصسال‬
‫والتوحيد للصدوق‪ ..‬إلى ما يكثر تعداده‪ .‬بل إنما أريد أن أدلسسك علسسى أثسسر واحسسد‬
‫جامع‪ ،‬وفيه القدح المعلى لكل إمام‪ ،‬أل وهو أصول الكافي لثقة السلم محمد‬
‫بن يعقوب الكليني‪ ،‬وقد أّلف هذا الكتاب النفيس في عشرين عاما ً وأثبت فيسسه‬
‫لكل إمام في كتبه وأبوابه من الحاديث ما ينبيك على أن ذلك الفسسرات السسسائغ‬
‫يمتسسد مسسن ينبسسوع الفيسسض اللهسسي‪ ،‬وإن النسساس فارغسسة الحقسسائب عسسن مثسسل تلسسك‬
‫النفائس" ]الشيعة والمامة‪ /‬لمحمد رضا المظفر‪ :‬ص ‪.[.101‬‬
‫ثم مضى يعظم من أمر أصول الكافي حسستى طلسسب مسسن القسسارىء أن يراجسسع‬
‫أبوابه ليعرف الحقيقة ]مع محب الدين الخطيب في خطوطه العريضة‪ :‬ص ‪.[.102‬‬
‫وقد ثبتت الحقيقة – فيما مر من فصول – أن هذا الكافي قد جمع من الغلسسو‬
‫والكفر ما ل يخطر بالبال‪ ،‬ويكفي النظر في أبوابه فضل ً عن مراجعة أخباره‪.‬‬

‫الفصل الثاني‬
‫صلتهم بالفرق القديمة‬

‫ما صلة هؤلء بالفرق الشسسيعية القديمسسة السستي يسسرد ذكرهسسا فسسي كتسسب الفسسرق‬
‫والمقالت؟‬
‫لقد لحظت أن شيوخ الشيعة المعاصرين و"آياتها" إذا تحدثوا عسسن طسسائفتهم‬
‫ورجالها ودولها نسبوا لها كل الفسسرق والسسدول والرجسسال المنتميسسن للتشسسيع‪ ،‬وإن‬
‫كانوا من السماعيلية والباطنيسسة‪ ،‬أو مسسن الزنادقسسة الدهريسسة‪ ،‬أو مسسن المجسسسمة‬
‫الغلة‪.‬‬
‫فهم إذا تحدثوا – مثل ً ‪ -‬عن دول الشيعة ذكروا الدولسسة الفاطميسسة فسسي صسسدر‬
‫دولهم مع أنها غير اثني عشرية ]انظر‪ :‬الشيعة في الميزان‪ ،‬مبحث دول الشيعة‪ :‬ص ‪127‬‬
‫وما بعدها‪ ،‬وانظر‪ :‬أعيان الشيعة‪ ،45-1/44 :‬وانظر‪ :‬دول الشيعة‪ /‬لمحمد جواد مغنية‪.[.‬‬
‫وإذا جاء ذكر رجالهم رأيت منهم كسسثيرا ً مسسن رؤوس الضسسلل والزندقسسة ممسسن‬
‫تنسب إليهم فرق خاصة ليست من الثني عشرية‪ ،‬بل تحمل النسبة لسمائهم‬
‫بأعيانها‪.‬‬
‫لهذا ترى – على سسسبيل المثسسال – شسسيخ الشسسيعة محسسسن الميسسن يقسسول عسسن‬
‫الهشامية أتباع هشسسام بسسن الحكسسم‪ ،‬واليونسسسية أتبسساع يسسونس بسسن عبسسد الرحمسسن‬
‫القمي‪ ،‬والشيطانية أتباع محمد بن النعمان شيطان الطاق وغيرهم‪" :‬أنهم عند‬
‫الشيعة المامية كلهم ثقات صحيحو العقيدة فكلهم إمامية واثنا عشرية" ]أعيسسان‬
‫الشيعة ‪.[.1/21‬‬
‫بل الخطر من ذلك أننسا نجسد الثنسي عشسرية تحساول أن تحتضسن كسل فرقسة‬
‫تنتسب إلى التشيع‪ ،‬وإن كانت من فرق الكفر باعتراف كتب الشسسيعة القديمسسة‬
‫نفسها‪.‬‬
‫فتلحظ ‪ -‬مثل ً – أنهم يضفون صفة الشرعية على بعض الغلة الكفرة باتفسساق‬
‫المسلمين كالنصيرية‪.‬‬
‫وقد كتب أحد علماء الثني عشرية المعاصرين وهو المدعو حسن الشيرازي‬
‫رسالة سماها )العلويون شيعة أهل البيت( ‪ -‬والعلويون لقسسب للنصسسيرة ‪ -‬وذكسسر‬
‫في رسالته هسذه أنسه التقسى بالنصسيريين فسي سسوريا ولبنسان‪ ،‬وذلسك بسأمر مسن‬
‫مرجعهم الديني محمد الشيرازي وقال‪ :‬بأنه وجدهم كما يظن مسسن شسسيعة أهسسل‬

‫‪558‬‬
‫البيت الذين يتمتعون بصفاء الخلص وبراءة اللتزام بالحق‪ ،‬وينتمون إلى علي‬
‫بن أبي طسسالب بالوليسسة‪ ،‬وبعضسسهم ينتمسسي إليسسه بالوليسسة والنسسسب‪ ...‬وقسسال بسسأن‬
‫العلويين والشيعة كلمتسان مترادفتسان مثسسل كلمسستي الماميسة والجعفريسسة ]حسسسن‬
‫الشيرازي‪ /‬العلويون شيعة أهل البيت‪ :‬ص ‪.[.3-2‬‬
‫هذا ولم ينكر على هذا الشيرازي أحد من شيوخ الثني عشرية‪ ،‬مسسع أنسسه قسسد‬
‫عرف واشتهر عن النصيرية الكفر والزندقه ]انظر‪ :‬مجمسسوع فتسساوى شسسيخ السسسلم ابسسن‬
‫تيمية‪ 35/145 :‬وما بعدها‪ ،[.‬بل إن كتب الشيعة القديمسسة تكفسسر النصسسيرية وتعتبرهسسا‬
‫فرقة خارجة عن السلم ]انظر ذلك في بحار النوار‪.[.25/285 :‬‬
‫والمعاصرون يرونها من الجعفرية وإن تسمت بغير هذا السم‪ .‬وذهب بعسسض‬
‫كبار مراجع الشيعة في هذا العصر إلسسى أنسسه ل يوجسسد اليسسوم علسسى ظهسسر الرض‬
‫فرقة من الفرق الغالية مع وجود النصيرية والدروز والغاخانية وغيرهسسا‪ ،‬فكسسأنه‬
‫يحكم علية بعدم الغلو‪.‬‬
‫يقول محمد حسين آل كاشف الغطا‪:‬‬
‫"إن جميع الفرق الغالية قد بادت ول يوجسسد منهسسا اليسسوم نافسسخ ضسسرمة" ]أصسسل‬
‫الشيعة وأصولها ص ‪ ،38‬وانظر‪ :‬دعوة التقريب‪ :‬ص ‪.[.75‬‬
‫وقسسد علسسق د‪ .‬سسسليمان دنيسسا –رحمسسة اللسسه ‪-‬علسسى ذلسسك بقسسوله‪" :‬فيمسسا يكسسون‬
‫الغاخانية‪ ،‬أليسوا قائلين بالحلول؟! أم ليسوا مع قولهم بالحلول ملحسسدة؟! أم‬
‫ليسوا منتسبين إلى الشسسيعة‪ ،‬ثسسم أليسسسوا علسسى رقعسسة الرض اليسسوم ]بيسسن السسسنة‬
‫والشيعة‪ :‬ص ‪.[.37‬‬
‫والواقسسع أن أسسسماء الكسسثير مسسن الفسسرق الشسسيعية قسسد اختفسسى وبقيسست آراؤهسسا‬
‫وعقائدها في كتب الثني عشرية‪.‬‬
‫والمعاصرون اليوم حينما يقررون أن الكتسب الثمانيسسة ومسسا فسي منزلتهسسا هسي‬
‫مصادرهم في التلقي‪ ،‬إنما هم بهذا يرتضون كسسل آراء وعقسسائد الفسسرق الشسسيعية‬
‫السستي وجسسدت علسسي مسسدار التاريسسخ‪ ..‬ذلسسك أن هسسذه المسسدونات هسسي النهسسر السسذي‬
‫انسكبت فيسسه كسسل الجسسداول والروافسسد الشسسيعية الخسسرى‪ ،‬وهسسذه حقيقسسة واقعسسة‬
‫شواهدها كثيرة؛ حيث نلحظ أنه ما من عقيدة من عقسسائد تلسسك الفسسرق إل ولهسسا‬
‫شاهد ودليل في كتب الثني عشرية‪.‬‬
‫فأنت تلحظ أن عقيدة البداء اعتبرها أصحاب الفرق من عقائد الغلة ]انظسسسر‪:‬‬
‫الشهرستاني‪ /‬الملل والنحل‪ [.1/173 :‬ونسبوها للمختارية ]المختارية‪ :‬أتباع المختار بسسن أبسسي‬
‫عبيد الثقفي‪ ،‬ومن مذهبه أنه يقول بالبداء على الله تعالى )الملل والنحل‪ .(148-1/147 :‬وانظسسر‪:‬‬
‫التعريف بالكيسسسانية‪ ،[.‬ومع ذلك ‪ -‬كمسا مسر ‪ -‬قسد ورد فسي صسحيحهم الكسافي سستة‬
‫عشر حديثا ً في البدء‪ ،‬وفي البحسسار فسسي بسساب البسسدء والنسسسخ أكسسثر مسسن سسسبعين‬
‫حديثًا‪ ،‬وصار البداء من عقائد الثني عشرية‪ ،‬وإن حساول شسيوخهم أن يلتمسسوا‬
‫مخلصا ً لينجو من تكفير المسلمين لهم لقولهم بهذه العقيدة الضالة‪.‬‬
‫ومثل ذلك عقيدة الرجعة اعتبروها من عقائد الغلة‪.‬‬
‫وقد ذكرت كتسسب السسسنة‪ ،‬واعسسترفت الكتسسب الثنسسي عشسسرية أن الرجعسسة مسسن‬
‫أصول عقيدة ابن سبأ‪ ،‬ومع ذلك هي مسسن أصسسول عقسسائد الثنسسي عشسسرية ]انظسسر‪:‬‬
‫فصل الرجعة‪.[.‬‬
‫وعقيدة "تأليه الئمة" هي من عقائد الفرق الغالية كالسسسبئية وغيرهسسا‪ ،‬وتجسسد‬
‫عند الثني عشرية في الكافي والبحار‪ ،‬وفسسي كتسسب التفسسسير بالمسسأثور كتفسسسير‬

‫‪559‬‬
‫القمي والعياشي‪ ،‬وكتب الرجل كرجال الكشي نصوصا ً كثيرة تؤله الئمة ‪ -‬كما‬
‫مر نقل بعضه ‪.-‬‬
‫ً‬
‫ومسألة تفضيل الئمة على النباء كان مذهبا لغلة الروافض‪ ،‬كما قسسرر ذلسسك‬
‫ه(‪ ،‬وشسسيخ‬ ‫ه(‪ ،‬والقاضسسي عيسساض )‪‍ 544‬‬ ‫المسسام عبسسد القسساهر البغسسدادي )ت ‪‍ 429‬‬
‫ه(‪ ،‬فورثت هذه العقيدة طائفة الثني عشرية ]انظر‪:‬‬ ‫السلم ابن تيمية )ت ‪‍ 728‬‬
‫ص)‪ (614‬من هذه الرسالة‪.[.‬‬
‫وبسط هذا الموضوع يحتاج لبحث مستقل‪ ،‬وإن دراسة آراء الفسسرق الشسسيعية‬
‫القديمة ومقارنتها بما جساء فسي كتسسب الثنسسي عشسرية ومسسدوناتهم لهسسي دراسسسة‬
‫جديدة تكشف الصلت بين هذه الطائفة والفرق القديمة‪.‬‬
‫لقد تسللت آراء الفرق الشيعية الغالية إلى كتب الثني عشرية علسسى شسسكل‬
‫روايات منسوبة للئمة وارتضى ذلك المعاصرون‪.‬‬
‫وكان السبب وراء حدوث هذا "التسرب" هو شيوخ الشسسيعة أنفسسسهم السسذين‬
‫حملهم التعصب على قبول رواية الشيعي أًيا كان مذهبه والعراض عسسن روايسسة‬
‫ما يسمونهم بالعامة وهم "أهل السسسنة"‪ .‬وقسسد اعسسترف شسسيخهم الطوسسسي بسسأن‬
‫معظم رجالهم في الحديث من أصحاب المذهب الفاسدة‪ ،‬ومع ذلسسك قسسال بسسأن‬
‫كتبهم معتمدة‪ .‬ومن يراجع تراجم رجالهم يلحسسظ ذلسسك‪ ..‬حيسسث فيهسسم السسواقفي‪،‬‬
‫والفطحي ]انظر‪ :‬فصل السنة‪ ..[.‬وغيرهما‪.‬‬
‫وقد أقر بعض مفكري الشيعة في العصر الحاضر بأن الفكسسر الثنسسي عشسسري‬
‫قد استوعب آراء وعقائد الفرق الشيعة القديمة‪ ،‬حيسسث قسسال‪" :‬ولكسسن يجسسب أن‬
‫نشير قبل أن نضع القلم بأن ما مر بنا من أفكار الشيعة مما كان خاصا ً بفرقسسة‬
‫بعينها لم يلبث أن دخل كله في التشيع الثني عشسسري ودعسسم بالحجسسج العقليسسة‬
‫وبالنصوص‪ .‬والتشيع الحالي إنما هو زبدة الحركات الشيعية كلها من عمار إلى‬
‫حجر بن عدي إلى المختار وكيسان إلى محمسسد بسسن الحنفيسسة وأبسسي هاشسسم إلسسى‬
‫بيان ابن سمعان‪ ،‬والغلة الكوفيين إلى الغلة من أنصار عبد اللسسه بسسن الحسسارث‬
‫إلى الزيسديين والسسماعيليين‪ ،‬ثسم الماميسة السستي صسادرت اثنسا عشسرية‪ ،‬وقسام‬
‫بعملية المزج متكلمسو الشسيعة ومصسنوفها" ]مصسسطفى الشسسيبي‪ /‬الصسسلة بيسسن التصسسوف‬
‫والتشيع‪ :‬ص ‪.[.235‬‬
‫إذن التشيع الحالي قد استوعب خلصة التجاهات الشيعية بكل ما فيهسسا مسسن‬
‫غلو وتطرف‪ .‬حتي رأينا النزعة السبئية بكل غلوهسا فسي علسي تطسل علينسا مسن‬
‫خلل رويات الثني عشرية‪ ،‬يدرك هذا من راجع مجسسرد عنسساوين أبسسواب الكسسافي‬
‫والبحار‪.‬‬
‫كما أن التجاه الباطني واضسسح فسسي كتسسب الثنسسي عشسسرية مسسن خلل تسسأويلهم‬
‫ليات القرآن وأركان السلم وما قالوه في التقية والكتمسسان‪ ..‬فأصسسبحت الثنسسا‬
‫عشرية هي المصب الخير لكل الروافد الشيعية بكل مسسا فيهسسا مسسن شسسطحات‪،‬‬
‫ويجد كل صاحب غلو وتطرف بغيته وما يؤيد مذهبه في كتب هذه الطائفة‪.‬‬
‫ولقد صدر إقرار خطير‪ ،‬وبيان مثير من أكبر شيخ من شسسيوخهم المعاصسسرين‬
‫فسسي علسسم الرجسسال يتضسسمن العسستراف بتغيسسر المسسذهب وتطسسوره‪ ،‬وأن مسسا عليسسه‬
‫وا وتطرًفسا عنسد قسسدماء‬ ‫المسسذهب الثنسسا عشسسري فسسي العصسسر الحاضسسر يعتسسبر غلس ً‬
‫الشسسيعة‪ ،‬وأن شسسيعة العصسسر الحاضسسر يعتقسسدون عقسسائد يرونهسسا مسسن ضسسرورات‬
‫المذهب وأركانه‪ ،‬وهي عند قدماء السيعة من الغلو والكفر‪.‬‬

‫‪560‬‬
‫يقول هذا الشيخ وهو عبد الله الممقاني ]عبد الله بسسن محمسسد حسسسن الممقسساني‪ ،‬مسسن‬
‫ه(‪ .‬ومسسن كتبسسه‪" :‬تنقيسسح‬
‫ه( وتسسوفي بهسسا سسسنة ) ‪‍ 1351‬‬
‫كبار شيوخ الشيعة‪ ،‬ولد بسسالنجف سسسنة )‪‍ 1290‬‬
‫المقال في عالم الرجال" في ثلثة مجلدات‪) .‬معجم المؤلفين‪ [.(6/116 :‬في معرض دفسساعه‬
‫عن المفضل بن عمرو الجعفي فيما رمسسي بسسه مسسن قبسسل بعسسض علمسساء الشسسيعة‬
‫القدماء‪ ،‬يقول‪" :‬إنا قد بينا غير مرة أن رمسسي القسسدماء الرجسسل بسسالغلو ل يعتمسسد‬
‫عليه ول يركن إليه لوضوح كون القول بأدنكى مراتب فضائلهم )يعنسسي الئمسسة(‬
‫غلوا ً عند القدماء‪ ،‬وكون ما نعده اليوم من ضروريات مذهب التشيع غلسسوا ً عنسسد‬
‫وا‪ ،‬مسسع أنسسه اليسسوم مسسن‬
‫هؤلء‪ ،‬وكفاك في ذلك عد ّ الصدوق نفي السهو عنهم غل ً‬
‫ضروريات المذهب‪ ،‬وكذلك إثبات قدرتهم على العلم بما يأتي )أي علم الغيب(‬
‫بتوسط جبرائيل والنبي غلسسوا ً عنسسدهم ومسسن ضسسروريات المسسذهب اليسسوم" ]تنقيسسح‬
‫المقال‪ ،3/240 :‬وانظر‪ :‬ص)‪ (374–373‬من هذه الرسالة‪.[.‬‬
‫من هذا النص يتبين أن شيعة العصسسر الحاضسسر لسسم يكتفسسوا بمتابعسسة سسسابقيهم‬
‫حتى زادوا عليهم في الغلو والتطرف حتى أن شيوخ الشيعة في القرن الرابسسع‬
‫كالصدوق وغيره يرون أن من يعتقد أن الئمة ل يسهون‪ ،‬أو أن الئمة يعلمسسون‬
‫ما يأتي أو حسب عبارة الكليني‪ :‬يعلمون ما كان وما يكسسون‪ ،‬ول يخفسسى عليهسسم‬
‫الشيء‪ .‬من يعتقد هذه العقائد وأمثالها هو في نظسسر كبسسار شسسيوخ الشسسيعة فسسي‬
‫ذلك العصر من الغلة الذين ل تقابل رواياتهم عن الئمة‪ ،‬ولكسسن المسذهب تغيسسر‬
‫وأصبح ذلك اليوم من ضرورات مذهب التشيع‪ ،‬كما يعترف الممقسساني‪ ،‬ومعنسسى‬
‫هذا أن الشيعة المتقدمين يعتبرون ‪ -‬بناء على ذلك – المعاصرين من الغلة ول‬
‫يثقون بأقوالهم‪.‬‬
‫ولحظ أن الحكم بغلو أصحاب هذه العقائد صدر من قبسسل شسسيوخ الشسسيعة ل‬
‫من قبل علماء السنة‪ ،‬ثم إن هذا رأيهم في القسسرن الرابسسع بعسسدما تغيسسر التشسسيع‬
‫وتطور‪ ،‬فكيف يكون موقف الشيعة الول الذين كسسان تشسسيعهم هسسو فسسي تقسسديم‬
‫علي على عثمان فقط؟!‬
‫ولعل هذه الظواهر هي التي دعت الشيخ محب السسدين الخطيسسب يحكسسم بسسأن‬
‫مدلول الدين عند الشيعة يتطور‪ ،‬وأشار في هذا إلسسى كلم الممقسساني السسسالف‬
‫الذكر‪ ،‬ثم قال‪" :‬هذا تقريسسر علمسسي فسسي أكسسبر وأحسسدث كتسساب لهسسم فسسي الجسسرح‬
‫والتعديل يعترفون فيه بأن مذهبهم الن غير مذهبهم قديمًا‪ ،‬فمسسا كسسانوا يعسسدونه‬
‫قديما ً من الغلو وينبذونه وينبذون أهله بسبب ذلك صسسار الن ‪ -‬أي الغلسسو – مسسن‬
‫ضروريات المذهب‪ ،‬فمذهبهم اليوم غير مذهبهم قبل الصفويين‪ ،‬ومذهبهم قبل‬
‫الصفويين غير مسسذهبهم قبسسل ابسسن المطهسسر‪ .‬ومسسذهبهم قبسسل ابسسن المطهسسر غيسسر‬
‫مسسذهبهم قبسل آل بسويه‪ ،‬ومسذهبهم قبسل آل بسويه غيسسر مسسذهبهم قبسل الشسسيطان‬
‫الطاق‪ ،‬ومذهبهم قبل شيطان الطاق غير مذهبهم في حيسساة الحسسسن والحسسسي‬
‫وعلي بن الحسين" ]هامش المنتقى‪ :‬ص ‪.[.193‬‬

‫الفصل الثالث‬
‫الصلة العقدية بين القدامى والمعاصرين‬
‫ومادامت وحدة المصدر في التلقي موجودة‪ ،‬فهل نحتاج للحديث عن الصسسلة‬
‫العقدية بين القدامى والمعاصرين‪ ،‬ول سيما أن تلك المصسسدر قسسد اسسستوعبت –‬
‫كما بينا – معظم ما تناقلته كتب الفرق والمقالت مسسن آراء غلة الشسسيعة‪ ،‬ومسسا‬
‫؟‍!‬
‫لم تنقله ‍‬

‫‪561‬‬
‫فهل هناك من داع لدراسة هذه الصلة العقدية؟‬
‫الواقع أن هناك حاجة‪ ..‬ذلسك أن المعاصسسرين قسد أكسثروا مسسن طبسع الكتيبسات‬
‫والرسائل‪ ،‬وبعث الدعاة للعالم السلمي‪ ..‬لبيان أن مسسذهب الشسسيعة ل يختلسسف‬
‫عن مذهب أهل السسنة‪ ..‬وأن هسذه الطائفسة مظلومسة مفسترى عليهسا مسن قبسل‬
‫الخصوم والعداء‪ ،‬فنسب إليها عقسسائد وأقسسول هسسي بسسريئة منهسسا‪ ..‬ونشسسط دعسساة‬
‫منهم للدعوة للتقريب بيسسن أهسسل السسسنة والشسسيعة‪ ،‬ورفعسست شسسعارات الواحسسدة‬
‫السلمية‪ ..‬وأقيمت مراكز وألفت كتب‪ ،‬وتخصص دعاة لهذا الغرض‪..‬‬
‫وقيل بسسأن المعاصسسرين قسسد تخلسسوا عسسن ذلسسك التطسسرف والغلسسو المعهسسود عنسسد‬
‫سابقيهم‪.‬‬
‫وأنه قد آن الوان لن تلتقي السنة والشيعة على كلمة سسسواء فكيسسد العسسداء‬
‫كبير ووضع العالم السلمي خطير‪.‬‬
‫ثم ما أكثر ما يقول بعض شيعة العصر الحاضر حينما تقول لهم بسسأن عنسسدكم‬
‫حديث يقول بكذا‪ ،‬أو أن شيخكم فلن يقول بكذا‪ ..‬فيقولون‪ :‬ليس كسسل مسسا ورد‬
‫في كتبنا نرتضيه‪.‬‬
‫أو ما يقول بسه الشسسيخ فلن هسسو المسسؤول عسن قسوله ول حجسة إل فسي كلم‬
‫المعصوم‪.‬‬
‫ً‬
‫أو يقولون بأن أهل السنة يقولون مثل ذلك‪ ،‬وكسسثيرا مسسا يفسسترون ويتجسساوزون‬
‫ويتحايلون في هذا بشكل عجيب‪ ،‬ولهسسذا دعسست الحاجسسة لبيسسان رأي المعاصسسرين‬
‫في القضايا الساسية والخطيرة التي تفصسل بينهسسم وبيسسن الجماعسسة‪ ،‬أو تحسسول‬
‫بينهم وبين السلم‪.‬‬
‫وهناك أقلم شيعية كثيرة قد وظفت للكتابة للعالم السلمي‪ ،‬والرد على مسسا‬
‫يثار حول الشيعة‪ ،‬وأعطتهم عقيدة التقية حرية القول وإطلق الحكام بل تسسأثم‬
‫بينما هناك كتب خاصة ل تنشر في العالم السسسلمي ]مثسسل كتسساب "فصسسل الخطسساب"‬
‫للمجوسي النوري الطبرسي‪ ،‬وبعض أجزاء بحار النوار‪ ،‬وكتاب "نبوة أبي طالب" تأليف الرافضسسي‬
‫مزمل حسين المثيمي الغديري‪ ،‬الحوزة العلمية "قم" وغيرها‪.[.‬‬
‫أو بعبارة أخرى أن هناك وجها ً ظاهرا ً للثنسسي عشسسرية تقسسدمه وسسسائل العلم‬
‫الشيعية المختلفة للترويج للمذهب ونشره في العالم السلمي‪ ،‬ووجه باطن ل‬
‫يظهسسر إل فسسي الحسسوزات العلميسسة وفسسي المجتمعسسات الشسسيعية‪ ،‬وفسسي أمهسسات‬
‫مصادرهم كالكافي وتفسير القمي‪.‬‬
‫دق ذلك السلوب "الدعائي" أو الوجه المعلن‪ ..‬وتأثر بسسذلك‬ ‫دق من ص ّ‬ ‫وقد ص ّ‬
‫من تأثر‪ ..‬ووجد التشيع طريقه إلى قلوب أعداد غير قليلسسة مسسن شسسباب العسسالم‬
‫السلمي‪ ،‬والمنتسبين للحركات السلمية‪ ،‬الذين أرق عيسسونهم الواقسع المفجسع‬
‫للعالم السلمي‪ ،‬فطفقوا يبحثون عن طريق ومخلسسص‪ ..‬وكسسانت صسسورة العسسدو‬
‫الظاهر أمامهم بكل غطرسته وكيسسده قسسد حجبسست عنهسسم العسسدو الكسسامن بينهسسم‪،‬‬
‫والمتستر بإسلمهم فصدقوا ما يقال‪ ..‬وتعجلوا الخطى‪ ..‬وظنوا أن كل ما يقال‬
‫من خلف بين السنة والشيعة هي ضجة مفتعلة‪ ،‬ل رصيد لها من الواقع ]انظسسسر‪:‬‬
‫السنة والشيعة ضجة مفتعلة‪.[.‬‬
‫ولذلك لبد من استماع لما يقوله شيوخ الشيعة المعاصسسرون فسسي عقسسائدهم‬
‫الخطرة التي تفصل بينهم وبين المسسسلمين‪ ،‬وسسسأختار مسسن هسسذه الراء مسسا فيسسه‬
‫دعوى جديدة أو تغيير‪ ،‬أو زيسسادة تطسور وغلسو عمسا مضسى ذكسره عسن سسابقيهم‬
‫لتتضح مدى صلة السابقين باللحقين وذلك من خلل المباحث التالية‪:‬‬

‫‪562‬‬
‫المبحث الول‬
‫عقيدة المعاصرين في كتاب الله‬
‫ونتحدث عن ذلك في مجالين‪:‬‬
‫المجال الول‪:‬‬
‫ما امتلت به كتسسب الشسيعة مسن أسساطير تقسول بسأن فسي كتسساب اللسه نقصسا ً‬
‫وتحريفًا‪.‬‬
‫وما تفوه به بعض زنادقتهم من القول بهذا مما عرضنا له فيما سبق‪ ..‬فمسساذا‬
‫يقول شيعة العصر الحاضر عن هذه القضية التي تحول بينهسسم وبيسسن السسسلم‪..‬‬
‫وهم يسطون في الدعوة للتقارب مسسع أهسسل السسسنة‪ ..‬ويرفعسسون شسسعار الوحسسدة‬
‫السلمية؟!‬
‫المجال الثاني‪:‬‬
‫ماذا يقول شيعة العصر الحاضر عن ذلك التأويل الباطني لكتب اللسسه والسسذي‬
‫هو تحريف لمعناه وإلحاد في آياته‪ ..‬والذي يجعل من كتاب الله كتابا ً آخسسر غيسسر‬
‫ما في أيدي المسلمين مما عرضنا صورة له فيما سلف‪.‬‬
‫المجال الول‪:‬‬
‫نستطلع فيما يلي آراء المعاصرين في "فرية التحريف" السستي شسساع الحسسديث‬
‫عنها في كتب لشيعة‪ .‬فمإذا نجد؟‬
‫نجد وجوها ً أربعة مختلفة‪:‬‬
‫الوجه الول‪ :‬إنكار وجودها في كتبهم أص ً‬
‫ل‪.‬‬
‫الوجه الثاني‪ :‬العتراف بوجودها ومحاولة تبريره‪.‬‬
‫الوجه الثالث‪ :‬المجاهرة‪ ،‬والحتجاج علي هذا الفتراء‪.‬‬
‫الوجه الرابع‪ :‬التظاهر بإنكار هذه الفريسسة‪ ،‬ومحاولسسة إثباتهسسا بطسسرق مسساكرة‬
‫خفية‪.‬‬

‫الوجه الول‪ :‬إنكار وجودها في كتبهم أص ً‬


‫ل‪:‬‬
‫ل‪ ،‬ومسن هسؤلء عبسد‬ ‫لقد اتجسه صسنف مسن شسيوخهم إلسى إنكسار وجودهسا أصس ً‬
‫الحسين الميني النجفي في كتابه الغدير‪ ،‬وذلك حينمسسا رد علسسى ابسسن حسسزم مسسا‬
‫نسبه إلى الشسسيعة مسن القسسول بهسذه المقالسة‪ ،‬فقسسال هسسذا النجفسسي‪" :‬ليست هسسذا‬
‫المجترئ أشار إلى مصدر فريته من كتسساب للشسسيعة موثقسسة بسسه‪ ،‬أو حكايسسة عسسن‬
‫عالم من علمائهم تقيم له الجامعة وزنًا‪ ،‬بل نتنازل معسه إلسى قسول جاهسسل مسسن‬
‫جهالهم‪ ،‬أو قروي من بسطائهم أو ثرثار‪ ،‬كمثل هذا الرجل يرمسسي القسسول علسسى‬
‫عواهنه‪ ،‬وهذه فرق الشيعة فسسي مقسسدمتهم الماميسسة مجمعسسة علسسى أن مسسا بيسسن‬
‫الدفتين هو ذلك الكتاب ل ريب فيه" ]الغدير‪ ،95–3/94 :‬وبمثل هذا النكار قسسال شسسيخهم‬
‫الخر‪ :‬لطف الله الصافي في كتابه "مع الخطيب في خطوطه العريضة"‪ :‬ص ‪.[.71‬‬
‫ويقول عبد الحسسين شسرف السدين الموسسوي‪" :‬نسسب إلسى الشسسيعة القسسول‬
‫بالتحريف بإسقاط كلمات وآيات فأقول‪ :‬نعوذ بالله من هسسذا القسسول ونسسبرأ إلسسى‬
‫الله من هذا الجهل‪ .‬وكل مسن نسسب هسذا السرأي إلينسا جاهسل بمسذهبنا أو مفستر‬
‫علينا‪ ،‬فإن القرآن الحكيم متواتر من طرقنا بجميع آيساته وكلمساته ]أجوبسسة مسسسائل‬
‫جار الله‪ :‬ص ‪.[.29-28‬‬

‫‪563‬‬
‫كما نفى لطف الله الصافي أن يكون كتاب فصل الخطسساب قسسد ألسسف لثبسسات‬
‫هذه الفرية‪ ،‬وقال بأن القصد من تأليفه محاربتها ]مع الخطيب في خطوطه العريضة‪:‬‬
‫ص ‪ ،[.66-64‬كما نهض بعضهم للدفاع عسسن الكلينسسي السسذي هسسو أحسسد أعمسسدة هسسذا‬
‫الكفر ]يقول صاحب عقيدة الشيعة في دفاعه عسسن الكلينسسي‪" :‬النقسسص ل يسسدعيه أحسسد مسسن علمسساء‬
‫المامية حتى ثقة السلم المام الكليني رضي الله عنه )!( فإنه يعتقد بنزاهة القرآن وصيانته عسسن‬
‫النقص والزيادة‪ ،‬ومع ذلك فقد تهجم الشيخ أبو زهرة وتحامل علية وأكثر من الطعن فيه‪) .‬عقيسسدة‬
‫الشيعة ص ‪ ،(162‬وقال‪" :‬أن الكليني ل يقول بنقص القرآن‪ ،‬فكيف يجوز لمسسسلم أن ينسسسب إليسسه‬
‫هذا القول‪ ،‬وكيف جاز للشيخ أبو زهرة أن ينسبه إليه دون تورع‪ ،‬وكيسسف جسساز لسسه أن يهسساجمه بتلسسك‬
‫المهاجمة القاسية؟"‪.‬‬
‫وأقول‪ :‬إن الصل في نسبة ذلك إلي الكليني هم شيوخ الشيعة‪ ،‬وكتابه الكافي شاهد علي ذلك‬
‫وهو عار عليه‪ .‬وعلى الشيعة أبد الدهر‪ ،‬ولو وقع الكافي في أيسسدي أئمسسة السسسلم لكسان لهسسم حكسسم‬
‫على الثني عشرية غير هذا الحكم‪ ،‬وقد اعتمد أبو زهرة – رحمة الله – على ما قاله الكاشاني في‬
‫تفسير الصافي حينما نسب ذلك إلى الكليني )تفسير الصافي ‪ /1‬المقدمة السادسة ص ‪.(52‬‬
‫والكاشاني هذا من أعمدة المذهب الثني عشري‪ ،‬فهو صاحب الوافي الجسسامع لكتبهسسم الربعسسة‪،‬‬
‫والذي يعدونه من المصادر المعتمدة عندهم‪ ،‬كما نسب ذلسسك أيض سا ً إلسسي الكلينسسي خاتمسسة شسسيوخهم‬
‫ومحدثيهم النوري في كتابه‪ :‬فصل الخطاب )انظر‪ :‬فصل الخطاب ص ‪ (31-30‬وغيرهما – كما مسسر‬
‫‪.-‬‬
‫فهل يظن هؤلء أن هذا يخفى على أهل السنة‪ ،‬وكيف يدافعون عن مثسسل الكلينسسي السسذي سسسطر‬
‫هذا الكفر‪ ،‬ويقعون في صحابة رسول الله الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه؟![‪.‬‬
‫النقد‪:‬‬
‫إن إنكار ما هو واقع ل يجدي شيئا ً في الدفاع‪ ،‬وسسسيؤول مسسن جسسانب الشسسيعة‬
‫ومن جانب المطلعين على كتبهم من أهل السنة بأنه تقية‪ ..‬فالمسألة اليوم لم‬
‫تعد تقبل مثل هذا السلوب في الرد‪ ،‬فقد فضسسحتهم مطلبسسع النجسسف وطهسسران‪،‬‬
‫وقد كشف المستور‪ ،‬وأبان المخفي شيخهم الطبرسي فيمسسا جمعسسه فسسي كتسسابه‬
‫"فصل الخطاب" فل ينفع مثل هذا الموقف‪.‬‬
‫وهسسذا المسسسلك فسسي النكسسار يسسسلكونه فسسي كسسل مسسسألة ينفسسردون بهسسا عسسن‬
‫المسلمين‪ ،‬كما نبه على ذلك شيخهم الطوسي فسسي الستبصسسار فسسي أكسسثر مسسن‬
‫موضع بأن مسسا كسسان موضسسع إجمسساع مسسن أهسسل السسسنة تجسسري فيسسه التقيسسة ]انظسسر‪:‬‬
‫الستبصار‪ ،[.4/155 :‬وبهذا المبدأ هدموا كل الروايات السستي تتفسسق مسسع المسسسلمين‬
‫وتعبر عن مذهب البيت وعاشوا مسسع المسسسلمين بالخسسداع والسستزوير‪ ،‬يوافقسسونهم‬
‫في الظاهر ويخالفونهم في الباطن‪.‬‬
‫ولكن هسسذه التقيسسة سسسرعان مسسا تنكشسسف فسسي السسوقت الحاضسسر‪ ،‬إذ إن كتبهسسم‬
‫أصبحت بمتناول الكثيرين‪.‬‬
‫فالنجفي الذي طلب ‪ -‬في رده علسسى ابسسن حسسزم – أن يثبسست دعسسواه بكلم أي‬
‫فرد من أفراد الشيعة هل يجهل مسسا جسساء فسسي الكسسافي والبحسسار‪ ،‬ومسسا صسسرح بسسه‬
‫شيوخهم في هذا الضلل مما مضى ذكره‪ ..‬وهل يتصور أن هسسذا القسسول ينخسسدع‬
‫به أحد في حوزته كتاب من كتبهم التي سارت على هذا الكفر؟‪.‬‬
‫ومن العجيب أنه وهو ينكر وجود تلك المقالة في كتبهسسم فسسي الجسسزء الثسسالث‬
‫من كتابه نراه في الجزء التاسع من الكتاب نفسه يصرح هو بهذا الكفر‪ ،‬حيسسث‬
‫قال وهو ‪ -‬يتحدث عن بيعة المهاجرين والنصار لصديق هذه المسسة تلسسك البيعسسة‬
‫العظيمة التي جمعت المة – وأحبطت مؤامرات أعدائها ‪ -‬قال‪ .." :‬بيعة عمسست‬
‫شسسؤمها السسسلم وزرعسست فسسي قلسسوب أهلهسسا الثسسام‪ ..‬وحرفسست القسسرآن وبسسدلت‬
‫الحكام" ]الغدير‪.[.9/388 :‬‬

‫‪564‬‬
‫بل أورد آية مفتراة في نفس الكتاب ]ونص هذه الية المزعومة‪) :‬اليسسوم أكملسست لكسسم‬
‫دينكم بإمامته فمن لم يأتم به وممن كان من ولدي)؟!( من صلبه إلى يوم القيامة فأولئك حبطسست‬
‫أعمالهم وفي النار هم خالدون إن إبليس أخرج أدم "عليه السلم" من الجنة مع كونه صسسفوة اللسسه‬
‫بالحسد فل تحسدوا فتحبط أعمالكم وتزل أقدامكم(‪) .‬المصدر السابق‪.(216-1/214 :‬‬
‫وهي واضحة الفتراء في ركاكة لفظها‪ ،‬ومعناها‪ ،‬ومع ذلك يزعم هذا الرافضسسي أن رسسسول اللسسه‬
‫صلى الله عليه وسلم قال‪ :‬أنها نزلت في علي‪ ،‬وحاول أن يموه ويخدع القراء فنسب هذا الفسستراء‬
‫لمحمد بن جرير الطبري السني‪ ،‬وهو محمد بن جرير الطبري الرافضسسي إن صسسحت النسسسبة إليسسه‪..‬‬
‫فالرجل افترى على الله وكتابه ورسوله وأئمة المسلمين‪ ...[.‬وهكذا يثبت الرجل ما نفسساه‪.‬‬
‫وهذا السلوب‪ :‬الثبات مرة والنكار مرة أخرى‪ ،‬والظهور أمسسام النسساس بسسأقوال‬
‫مختلفة ونصوص متناقضة مسلك لهم مطرد في أحديثهم وفي كلم شسسيوخهم‪،‬‬
‫وقد ورد في أخبارهم بيان للسبب في هسذا "النهسج" وهسو عسدم وقسوف العامسة‬
‫)أهل السنة( على حقيقة مذهبم فل يتعرضسون لسه بشسيء ]انظسسر‪ :‬أصسسول الكسسافي‪:‬‬
‫‪ ،1/65‬وبحار النوار‪.[.2/236 :‬‬
‫أما أسلوب عبد الحسين في نفيسه لهسذا السسطورة ففيسه شسيء مسن المكسر‬
‫والمراوغة قد ل ينتبه له إل من اعتاد على أساليبهم وحيلهم‪ ..‬تأمل قوله‪" :‬فإن‬
‫القرآن الحكيم متواتر مسسن طرقنسسا بجميسسع آيسساته وكلمسساته" مسساذا يعنسسي بسسالقرآن‬
‫المتواتر من طرقهم؟ هل هسسو القسسرآن السسذي بيسسن أيسسدنا أو القسسرآن الغسسائب مسسع‬
‫المنتظر كما يدعون؟!‬
‫إن تخصيصه بأنه متواتر من طريقهسسم يلمسسس منسسه الشسسارة للمعنسسى الخيسسر؛‬
‫ذلك أن القرآن العظيم كان من أسباب حفظه تلك العناية السستي بسسذلها عظيمسسا‬
‫السلم أبو بكر وعمر‪ ،‬وأتمها أخوهما ذو النورين عثمان بسسن عفسان فسي جمعسسه‬
‫وإ ِن ّققا ل َق ُ‬
‫ه‬ ‫ن ن َّزل ْن َققا القذّك َْر َ‬
‫حق ُ‬
‫قا لوعده عز وجسسل‪} :‬إ ِّنا ن َ ْ‬ ‫وتوحيد رسمه‪ ..‬تحقي ً‬
‫ن{ ]الحجر‪ ،‬آية‪.[.9 :‬‬
‫ظو َ‬ ‫ف ُ‬ ‫لَ َ‬
‫حا ِ‬
‫ومعتقد الشيعة في الخلفاء الثلثة معروفة‪ ،‬فهذا القرآن إًذا غير متسسواتر مسسن‬
‫طرقهم‪.‬‬
‫أما المحاولة الغبية من لطف الله الصافي وأغا بزرك الطهراني في التسسستر‬
‫على فضيحة الشيعة الثني عشرية الكبرى‪ ،‬والعار الذي ل يسسستر‪ :‬وهسسو "كتسساب‬
‫فصل الخطاب" فهي محاولة يائسسسة‪ ،‬ل سسسيما وأن هسسذا الكتسساب قسسد خسرج مسسن‬
‫الدوائر الشيعية ووصل إلى أيدي السنة‪ ،‬بل قسسد وصسسل إلسسى أعسسداء المسسسلمين‬
‫ليستفيدوا منه في الكيد لهذا المة ودينها ]وقد صسسرح بهسسذا بعسسض الشسسيعة وهسسو‪ :‬محمسسد‬
‫مهدي الصفهاني في كتابه أحسن الوديعة‪ :‬ص ‪.[.90‬‬
‫وقد نص في مقدمته على غرضه‪ ،‬وأقام الحجج المزعومة على مراده ‪ -‬كما‬
‫سيأتي ‪.-‬‬
‫فهل يمكن التستر عليه وقد جمع كل أساطيرهم‪ ،‬وأقسسوال شسسيوخهم بعسسد أن‬
‫كانت متفرقة؟‪.‬‬

‫الوجه الثاني‪ :‬العتراف بوجودها ومحاولة تبريره‪:‬‬


‫وقد أتخذ هذا العتراف صورا ً متعددة‪ ،‬فصنف منهم يعترف بأن عندهم بعض‬
‫الروايات في تحريف القرآن ولكنه يقول‪ :‬إنهسسا "ضسسعيفة شسساذة وأخبسسار آحسساد ل‬
‫تفيد علما ً ول عمل ً ‪ ،‬فإما أن تسسؤول بنحسسو مسسن العتبسسار أو يضسسرب بهسسا الجسسدار"‬
‫]محمد حسين آل كاشف الغطاء‪ /‬أصل الشيعة‪ :‬ص ‪.[.64-63‬‬

‫‪565‬‬
‫وصنف يقول بأنها ثابتة‪ ،‬ولكن "المراد فسسي كسسثير مسسن رويسسات التحريسسف مسسن‬
‫قولهم عليه السلم‪ :‬كذا نزل هو التفسير بحسسسب التنزيسسل فسسي مقابسسل البطسسن‬
‫والتأويل" ]الطبطبائي‪ /‬الميزان في تفسير القرآن‪.[.108 /12 :‬‬
‫وصنف ثالث يقول بأن القسسرآن السسذي بيسسن أيسسدينا ليسسس فيسسه تحريسسف‪ ،‬ولكنسسه‬
‫ناقص قد سقط منه ما يختص بوليسسة علسسي "وكسسان الولسسى أن يعنسسون المبحسسث‬
‫تنقيص – كذا – الوحي أو يصرح بنزول وحي آخر وعدمه حتي ل يتمكن الكفسسار‬
‫من التمويه على ضعفاء العقول بأن في كتاب السلم تحريفا ً باعتراف طائفسسة‬
‫من المسلمين" ]أغابزرك الطهراني‪ /‬الذريعة‪.!!![.314-3/313 :‬‬
‫وصنف رابع يقول‪ :‬نحن معاشر الشيعة نعتقد بأن هذا القرآن الذي بين أيدينا‬
‫الجامع بين الدفتين )كذا يعني المجموع( هو الذي أنزله الله تعسسالى علسسى قلسسب‬
‫خاتم النبياء صلى الله عليه وسلم من غير أن يدخله شيء بالنقص أو بالزيادة‪،‬‬
‫ه‬‫وإ ِّنا ل َ ُ‬
‫ن ن َّزل َْنا الذّك َْر َ‬
‫ح ُ‬‫كيف وقد كفل ‪ -‬كذا – الشارع بنفسه تعالى‪} :‬إ ِّنا ن َ ْ‬
‫ن{ ]الحجر ‪ .[9‬على أننا معاشر الشيعة )الثني عشسسرية( نعسسترف بسسأن‬ ‫ف ُ‬
‫ظو َ‬ ‫لَ َ‬
‫حا ِ‬
‫هناك قرآن كتبه المام علي رضي الله عنسسه بيسده الشسريفة‪ ،‬بعسد أن فسرغ مسن‬
‫كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتنفيذ وصاياه‪ ،‬فجسساء بسسه إلسسي المسسسجد‬
‫فنبذه الفارق عمر بن الخطسساب قسسائل ً للمسسسلمين‪ :‬حسسسبنا كتسساب اللسسه وعنسسدكم‬
‫القرآن‪ ،‬فرده المام إلى بيته ولم يزل كل إمام يحتفظ عليه كوديعة إلهية إلسسى‬
‫ظا عند المام المهدي القسسائم عجسسل اللسسه تعسسالى فرجنسسا بظهسسوره‬ ‫أن ظل محفو ً‬
‫]الخراساني‪ /‬السلم على ضوء التشيع‪ :‬ص ‪.[.204‬‬
‫واتجسساه خسسامس يقسسول‪" :‬وقسسع بعسسض علمائنسسا المتقسسدمين بالشسستباه فقسسالوا‬
‫بالتحريف ولهم عذرهم‪ ،‬كما لهم اجتهادهم‪ ،‬وإن أخطأوا بالرأي‪ ،‬غير أنسسا حينمسسا‬
‫فحصنا ذلك ثبت لنا عدم التحريف فقلنا بسسه وأجمعنسسا عليسسة" ]الشسسيعة والسسسنة فسسي‬
‫الميزان‪ ،‬محاكمة بقلم س خ‪ ،‬نشر نادي الخاقاني ص ‪.[.49-48‬‬
‫وفريق سادس يقول بأن هذه الفرية‪ ،‬إنما ذهب إليها من ل تمييز عنسسده بيسسن‬
‫صحيح الخبسسار وسسسقيمها مسسن الشسسيعة وهسسم الخبسساريون‪ ،‬أمسسا الصسسوليون فهسسم‬
‫ينكرون هذا الباطل ]انظر‪ :‬الطبطبائي‪ /‬في تعليقه على النوار النعمانية‪.[.2/359 :‬‬
‫النقد‪:‬‬
‫نبدأ في مناقشة الراء السابقة علي حسب ترتيب عرضها‪:‬‬
‫ل‪ :‬إن القول بأن تلك "الساطير" هي في مقياس الشيعة روايسسات ضسسعيفة‬ ‫أو ً‬
‫شاذة يرد عليه ما ردده طائفة من شيوخهم مسسن القسسول باستفاضسستها وتواترهسسا‬
‫كالمفيد والكاشاني‪ ،‬ونعمسسة اللسسه الجسسزائري وغيرهسسم‪ ،‬بسسل إن المجلسسسي جعسسل‬
‫أخبارها كأخبار المامة فسسي الكسسثرة والستفاضسسة – كمسسا سسسلف ‪ ،-‬كمسسا أن هسسذه‬
‫المقالة قد أصبحت مذهبا ً لطائفة من كبار شيوخهم‪.‬‬
‫ومع ذلك فإن هذا الحكم من كبير علماء الشيعة على تلك الروايات بالشذوذ‬
‫مع كثرتها التي اعترف بها شيوخهم تدل على شيوع الكذب فسسي هسسذا المسسذهب‬
‫بشكل كبير‪ ،‬وهذا الحكسسم المعلسسن – إن كسسان بصسسدق – ينبغسسي أن يكسسون دافعسا ً‬
‫ذت بها عن المسسسلمين ‪ ،‬كمسسا ينبغسسي‬ ‫للحكم على عقائد الشيعة الخرى التي ش ّ‬
‫أن يكون منطلقا ً لنقد رواياتهم وجرح رجالهم ‪ ،‬فمن روى تلك الروايات وجعلها‬
‫مذهبه ل ينبغي أن يوثق به كالكليني وإبراهيم القمي الذين كان لهمسسا النصسسيب‬
‫الكبر في تأسيس هذا الكفر في مذهب الشيعة وإشاعته بينهم ]ولكن صاحب هذا‬
‫القول – الذي نناقشه – وهو محمد حسين آل كاشف الغطاء يعظم بعسض ملحسدي الشسيعة‪ ،‬السذين‬
‫يجاهرون بهذا الكفسسر فيقسسول عسسن النسسوري الطبرسسسي صسساحب فصسسل الخطسساب‪" :‬حجسسة اللسسه علسسى‬

‫‪566‬‬
‫العالمين‪ ،‬معجب الملئكة بتقواه‪ ،‬من لو تجلى الله لخلقسسه لقسال‪ :‬هسسذا نسوري‪ ،‬مولنسسا ثقسة السسلم‬
‫حسين النوري" )محمسسد آل كاشسسف الغطسساء‪ /‬مقدمسسة كشسسف السسستار لحسسسين النسسوري الطبرسسسي‪،‬‬
‫مطبعة مؤيد العلمسساء الجديسسدة بقسسم ‪ .(1318‬وهسسذا المديسسح جسساء بعسسد اقسستراف النسسوري الطبرسسسي‬
‫لجريمته‪.[.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬أما القول بأن المقصود بروأيسسات الشسسيعة فسسي هسسذا هسسو تحريسسف بعسسض‬
‫النصوص التي نزلت لتفسير آيات القرآن فهذا تأكيد للسسسطورة وليسسس دفاع سا ً‬
‫عنها؛ ذلك أن من حسّرف ورد ّ وأسسسقط النصسسوص النازلسسة مسسن عنسسد اللسسه والسستي‬
‫تفسر القرآن وتبينة‪ ،‬هو لرد وتحريف اليات أقرب‪ ،‬ومن لم يكسسن بسسأمين علسسى‬
‫المعنى كيف يؤتمن على اللفظ؟ ثم إذا فقدت المعاني ما قيمسسة اللفسساظ؟ ثسسم‬
‫كيف يكون تفسير الصحابة هو تحريسسف نظسسر هسسذه الفئة‪ ،‬و"تحريفسسات" القمسسي‬
‫والكليني والمجلسي لمعاني القرآن هي التفسير‪ ،‬والتي ل يشك مسسن لسسه أدنسسى‬
‫صلة بلغة العرب أنها إلحسساد فسسي آيسسات اللسسه وتحريسسف لهسسا‪ ،‬وإذا فقسسدت معسساني‬
‫القرآن وغابت مع المنتظسسر فكيسسف تهتسسدي المسسة بآيسساته أم تبقسسى المسسة ضسسائعة‬
‫تائهة؟!‬
‫ثم إنك ترى أن "النموذج" الذي أخرجسسوه لنسسا علسسى أنسسه مسسن معسساني القسسرآن‬
‫الوارد عن المة يكفي مجرد تأمله لمعرفسسة كذبسسة فكيسسف يجعسسل هسسو "التفسسسير‬
‫اللهي" الذي رده الصحابة كما يفترون؟!‬
‫علسسى أن هسسذا "التسسأول لنصسسوص السسسطورة" ل يتلءم مسسع كسسثير مسسن تلسسك‬
‫الروايات؛ إذ إن في رواياتهم "المفتراة" التصريح بأن النص القرآني قسسد شسسابه‬
‫– بزعمهم – تغيير في ألفاظه وكلماته ]مثل ما يفترونه أن عليا ً قال‪ :‬وأما مسا حسرف مسسن‬
‫كتاب فقوله‪" :‬كنتم خير )أئمة( أخرجست للنساس" فحرفست إلسى خيسر أمسة‪ ،‬ومنهسم الزنساة واللطسة‬
‫والسراق وقطاع الطريق والظلمة وشراب الخمر والمضيعون لفرائض الله والعدوان عسسن حسسدوده‬
‫أفترى الله تعالى مدح من هذه صفته )يعني واضح هذه الرواية – لعنه الله – صحابة رسسول اللسه‬
‫صلى الله عليه وسلم؛ لن القرآن العظيم أثنى عليهم‪ ،‬ودين الشيعة يقوم علي سبهم فطعنوا في‬
‫كتاب الله لهذا السبب‪.‬‬
‫ومنه قوله تعالى‪) :‬أن تكون أمة هي أربى من )أئمسسة( فجعلوهسسا أمسسة‪ ...‬وقسسوله تعسسالى‪) :‬وكسسذلك‬
‫طا )بين الرسول وبين الناس( فحرفوها وجعلوها أمسسة‪ .‬ومثلسسه فسسي سسسورة عسسم‬ ‫جعلناكم )أئمة( وس ً‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫"ويقول الكافر يسسا ليتنسي كنست )ترابيسا( فحرفوهسا وقسسالوا ترابسا وذلسسك أن الرسسول كسسان يكسسثر مسن‬
‫مخاطبتي بأبي تراب‪ ،‬ومثل هذا كثير‪.‬‬
‫)بحار النوار‪.(28-93/26 :‬‬
‫فهل هذا الرواية وأمثالها تتفق مع تأويلهم لها بأنها من قبيل التفسير؟[ فهذا التأويسسل ليسسس‬
‫بمخرج سليم من هذا العار والكفر‪ ..‬والموقف الحق هو ردها ورد مرويات مسسن‬
‫اعتقدها لنه ليس من أهل القبلة‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬أما القول بأن القرآن ناقص وليس بمحرف فهذا كسسسابقه ليسسس بسسدفاع‬
‫ولكنه تأكيد لساطيرهم وطعن في كتاب الله بما يشسسبه السسدفاع فكيسسف تهتسسدي‬
‫المة بقرآن ناقص‪ ،‬ومن قدر واستطاع على إسقاط قسم منه هسسو قسسادر علسسى‬
‫تحريف ما بقي‪ ..‬ولكن الشيء من معدنه ل يستغرب فصاحب هسسذا القسسول هسسو‬
‫أغا بزرك الطهراني وهو تلميذ النسسوري صسساحب "فصسسل الخطسساب فسسي تحريسسف‬
‫كتاب رب الرباب"‪.‬‬
‫ولذلك ترى هذا الطهراني يحاول خداع المسسسلمين بزعمسسه أن مؤلسسف فصسسل‬
‫الخطاب شافهه أنه أراد الدفاع عن القرآن وإنما أخطسسأ فسسي العنسسوان ]ذكسسر ذلسسك‬
‫كتابه أعلم الشيعة‪ ،‬الجزء الول‪ ،‬من القسم الثاني‪ :‬ص ‪ [.550‬فهو يحاول أن يتسسستر علسسى‬
‫معتقده الباطل بأساليب من المكر والمراوغة‪ ،‬وهاهو ينكشف بهذا الدفاع فهو‬
‫يصرح بأن للقرآن بقية‪ ،‬وأن للوحي اللهي تكملة‪ ،‬وأن الولسسى أن ي َُعنسسون بسسدل‬
‫‪567‬‬
‫التحريف بعنوان "نقص القرآن أو نزول وحي إلهي آخسر"‪ ،‬ويزعسم أن فسي هسذا‬
‫دفاعا ً عن القرآن أمام العداء؟ وهذا هو مبلغ دفسساعه عسسن القسسرآن والسسسلم –‬
‫سبحانك هذا بهتان عظيم س‪.‬‬
‫رابعًا‪ :‬أما ما قاله المصنف الرابع بوجود قرآن عند منتظرهم‪ ..‬فهذا يعني أن‬
‫َ‬
‫م{ ]المسسائدة ‪ [3‬ثسسم مسسا‬ ‫ت ل َك ُ ْ‬
‫م ِدين َك ُ ْ‬ ‫مل ْ ُ‬
‫م أك ْ َ‬ ‫الدين لم يكمل‪ ،‬والله يقول }ال ْي َ ْ‬
‫و َ‬
‫فائدة العبادة من كتسساب غسسائب مسسع منتظسسر مضسسى عسسل احتجسسابه – المزعسسوم –‬
‫قرون‪ ،‬فإن كان لبد منه فما حكم الشيعة على ما مضى من القرون بما فيهسسم‬
‫أسلفهم من الشيعة هل هم على ضلل‪ ..‬وإن كسسانت المسسة تهتسسدي بسسدونه فمسسا‬
‫قيمة كل هذه الدعاوى؟!‬
‫الحقيقة أن كل هذه "الترهات" لقناع أتباعهم بما عليه الرافضة مسسن شسسذوذ‬
‫ل شاهد لها من كتاب الله‪ ،‬فحالوا التلبيس على التباع والتغرير بهم بأن دليلهسسا‬
‫يوجد في القرآن الخر‪ ،‬أو الكامل‪ ،‬أو المفسر الغائب مع المنتظر‪.‬‬
‫ثم إن مسألة وجود قرآن آخر‪ ،‬ومسألة الطعن في كتسساب اللسسه سسسبحانه همسسا‬
‫في كتب الشيعة الساسية مسألة واحدة ل تنفصل إحداهما عن الخسسرى‪ ،‬فهسسم‬
‫يزعمون أن عليا ً جمع القرآن بتمامه وجاء به إلى الصحابة فردوه وألفوا قرآنسسا ً‬
‫حذفوا منه ما يتصل بولية علي‪ ..‬وبقي القسسرآن المزعسسوم يتسسوارثه المسسة حسستى‬
‫وصل إلى المنتظر؟‬
‫فهذا الرافضي ومن على منهجه أراد الخداع والتلبيس‪ ،‬فتراه يتدرج بالقسسارئ‬
‫المسلم لقناعه بهذه الفرية بإطلعه علي أحد وجوهها‪.‬‬
‫خامسًا‪ :‬أما الفئة الخامسة الذين يقولون بأن القول بسسالتحريف رأي خسساطئ‪،‬‬
‫وضلل سابق كنا نذهب إليه ثم تبين لنا الحق فعدلنا عنه‪ .‬فسسإنه ليسسسر المسسسلم‬
‫أن يرجعوا عن هذا الملف الفاسد‪ ..‬ولكن هذا القول قد يكون للتقية أثر فيسسه‪..‬‬
‫ذلك أن أصحاب هذه المقالة والكتب التي حوت هذا الكفسسر‪ ،‬هسسي محسسل تقسسدير‬
‫عند هؤلء‪ ،‬وصدق الموقف فسي هسذه المسسألة يقتضسي السبراءة مسن معتقسسديها‬
‫وكتبهم كالكليني وكتابة الكافي‪ ،‬والقمي وتفسيره وغيرهما ممن ذهب إلى هذا‬
‫الكفر‪ ،‬فكيف يكونون إلى اليسسوم موضسسع القسدوة‪ ،‬ومحسسل الثقسسة‪ ،‬تعتمسسد كتسسابهم‬
‫كمصادر في تلقي العقيدة والشريعة‪ ،‬ويوثق بأقوالهم ويقتدى بأفعالهم؟!‬
‫ثم إن القول بأن الثنسسي عشسسرية أجمعهسسم رجعسسوا عسسن هسسذا منقسسوض بصسسنيع‬
‫عالمهم المعاصر حسين النوري الطبرسي في كتابه "فصل الخطسساب"‪ ،‬والسسذي‬
‫ألفه لثبات هذه الفرية ‪ -‬كما سلف ‪.-‬‬
‫وهو منقوض أيضا ً بكتاب تحريف القرآن لسيدهم علي تقسسي بسسن السسسيد أبسسي‬
‫ه( وهسسو بالرديسسة‬ ‫الحسن النقوي اللكنهسسوي – المعاصسسر –المولسسود سسسنة )‪‍ 1323‬‬
‫]الذريعة إلي تصانيف الشيعة‪ [.3/394 :‬وغيرهما من مؤلفاتهم في هسسذا الضسسلل‪ ،‬وهسسو‬
‫معارض أيضا ً بما قدمناه عن أغا بزرك الطهرانسسي والمينسسي النجفسسي وغيرهمسسا‪.‬‬
‫م يقسسال‬ ‫فل تزال فئة منهم يتيهون في هذا الضلل ويضربون فيه بسهم‪ ..‬ثسسم ل ِس َ‬
‫م‬‫في أمر أجمع عليه المسلمون وهو سلمة كتاب الله سبحانه وحفظ الله له ل ِ َ‬
‫يقال إن من خالف فيه له عذره واجتهاده‪ ،‬وهل هي مسألة اجتهادية‪ ،‬وهل فيها‬
‫عذر وتأويل سائغ‪..‬؟‬
‫سادسًا‪ :‬أما ما ذهبت إليه الطائفة الخيرة من أن هذه المقالسسة لسسم يقسسال بسسة‬
‫كل الثنسسي عشسسرية وإنمسسا هسسي مقالسسة لفرقسسة منهسسم وهسسم الخبسساريون السسذين ل‬
‫يميزون بين صحيح الحديث وسقيمه‪ ..‬فهذا قول قاله أيضا ً بعض شيوخ الشيعة‬

‫‪568‬‬
‫القدامى وهو الشريف المرتضى‪ ،‬حيث قال‪" :‬من خالف في ذلك من الماميسسة‬
‫ل يعتد بخلفهم‪ ،‬فإن الخلف في ذلك مضاف إلى قسسوم مسسن أصسسحاب الحسسديث‬
‫)من الشيعة( نقلوا أخبارا ً ضعيفة وظنوا صسسحتها ل يرجسسع بمثلهسسا عسسن المعلسسوم‬
‫المقطوع على صحته" ]نقل ذلك عنه‪ :‬الطوسي فسسي التبيسسان‪ ،1/3 :‬والطبرسسسي فسسي مجمسسع‬
‫البيان‪.[.1/15 :‬‬
‫كما أن القول بأن هذه الفرية خاصة بالخباريين قالها وأكدها مرجسسع الشسسيعة‬
‫ه(‪.‬‬‫الكبر في عصره جعفر النجفي المتوفى سنة )‪‍ 1227‬‬
‫ولكنه وهو من الصسسوليين يسسذهب فسسي روايسسات التحريسسف السسواردة فسسي كتسسب‬
‫الشيعة مذهبا ً ل يقل خطورة عن رأي إخوانه الخباريين‪ ،‬حيث قال بعد أن ذكر‬
‫أن تلك الفرية هي رأي للخباريين وهو باطل بدلله العقل والنقل وما علم من‬
‫الدين بالضرورة‪ ،‬قال‪" :‬فل بد من تنزيسسل تلسسك الخبسسار‪ ،‬إمسسا علسسى النقسسص مسسن‬
‫الكلمات المخلوقة ]لنهم يعتقدون – كما سلف – أن القرآن مخلسسوق علسسى نفسسس منهسسج أهسسل‬
‫العتزال‪ [.‬قبل النزول إلى سماء السدنيا‪ ،‬أو بعسسد النسسزول إليهسسا قبسل النسزول إلسسى‬
‫الرض‪ ،‬أو على أن نقص المعنى في تفسيره‪ ،‬والذي يقسسوى فسسي نظسسر القاصسسر‬
‫التنزيل على أن النقص بعد النزول إلى الرض‪ ،‬فيكون القرآن قسسسمين‪ :‬قسسسم‬
‫قرأه النبي صلى الله عليه وسلم علسسى النسساس وكتبسسوه وظهسسر بينهسسم وقسسام بسسه‬
‫العجاز‪ ،‬وقسم أخفاه ولم يظهر عليه أحسسد سسسوى أميسسر المسسؤمنين رضسسي اللسسه‬
‫عنه‪ ،‬ثم منه إلى باقي الئمة الطاهرين‪ ،‬وهو الن محفوظ عند صاحب الزمسسان‬
‫جعلت فداه" ]كشف الغطاء‪ :‬ص ‪.[.299‬‬
‫لم يجرؤ صاحب كشف الغطاء – كمسا تسرى ‪ -‬أن يكسذب تلسك السساطير كمسا‬
‫فعل المرتضى‪ ،‬بل تاه في بيداء من التكلفات والتمحلت حسستى وقسسع فسسي شسسر‬
‫مما فر منه‪ ،‬أو كاد‪.‬‬
‫ً‬
‫لقد زعم أن النبي صلى الله عليه وسلم كتم قسما مسسن القسسرآن أنزلسسه اللسسه‬
‫عليه‪ ،‬ولم يبلغ به أحدا ً من أمته سوى علسسي‪ ،‬وأن عليسا ً أخفسساه عنسسد أبنسسائه وهسسو‬
‫اليوم عند المنتظر فماذا بعد هذا الفتراء ؟!‬
‫الوجه الثالث‪ :‬المجاهرة بهذا الكفر والستدلل به‪:‬‬
‫والذي تولى كبر هذا البلء المدعو حسين النوري الطبرسي المتوفى سسسنة )‬
‫ه(‪ ،‬الذي ألف كتابه "فصل الخطاب" لثبات هذه السطورة‪.‬‬ ‫‪‍ 1320‬‬
‫ولربما الول مرة في التاريخ يحدث هذا الجمع "لساطير" الشيعة المتفرقسسة‬
‫وأقوال شيوخها‪ ،‬واليات المفتراة التي يزعمونها في كتاب واحد يطبع وينشر‪..‬‬
‫ليصبح فضيحة لهسسم أبسسد السسدهر‪ ..‬ولسسو كسسان للمسسسلمين قسسوة وسسسلطان لعقسسدت‬
‫المحاكم لهذا الكتاب وصاحبه وحكم في ضوئه على دخول الثني عشسسرية فسسي‬
‫السلم أو خروجهسسا منسسه‪ ،‬وارتسساح المسسسلمين مسسن شسسر أولئك المرتزقسسة السسذين‬
‫ينتشرون في العالم السلمي لنشر التشيع‪ ..‬وأفاق من غّرر به شيوخ الشسسيعة‬
‫من أولئك التباع الجهلة‪ ..‬الذين ل يدركون مسسن التشسسيع إل أنسسه حسسب آل السسبيت‬
‫الذي سيدخلهم الجنة بغير حساب!‬
‫ولقد قام الستاذ إحسان إلهي ظهير بنشر قسم كبير من الكتاب فسسي كتسسابه‬
‫الشيعة والقرآن‪ ..‬مع ذكر أدلة هذا المفتري وشبهه‪ ،‬ومع أن ذلسسك يعسسد كشسسافا ً‬
‫لحقيقة الثني عشرية في هذا العصر‪ ،‬إل أن الستاذ إحسسسان قسسد اكتفسسى بنقسسل‬
‫النصوص دون تعليق أو نقد‪ ..‬وهذا من الخطورة بمكان‪ ،‬ول سسسيما أن المؤلسسف‬
‫قسسد ذكسسر اثنسستي عشسسرة شسسبهة لثبسسات فريتسسه‪ ،‬وهسسي وإن كسسانت أشسسبه بخيسسوط‬

‫‪569‬‬
‫العنكبوت إل أن فيها ما قد يخفى على بعض من ل علقة له بسسالعلم الشسسرعي‪،‬‬
‫فكسسان مسسن السسواجب أن تكشسسف ترهسساته وأن تسسدك شسسبهاته‪ .‬ويسسؤتى عليهسسا مسسن‬
‫القواعد‪ .‬وفيما يلي عرض موجز لمحتويات هذا الكتاب باعتبسسار أن مسسؤلفه مسسن‬
‫المعاصرين ]وقد سبقت الشارة إلى الكتاب في أثناء الحسسديث عسسن كتسسب الشسسيعة السستي قسسالت‬
‫بهذه السطورة‪ :‬ص ‪ ،233‬وفي هذا الموضسسع ننسساقش شسسبهات الكتسساب ومحتويسساته‪ ..[.‬مع نقده‬
‫وكشف شبهاته وأغاليطه ‪ -‬بحول الله ‪.-‬‬
‫بناء على أن كتاب إحسان قد سار بها في كسل مكسان فسي العسالم السسلمي‬
‫ولم تحظ منه بنقد ول رد على أسسساس أن المسسر أوضسسح مسسن أن يسسبين‪ ،‬ومجسسرد‬
‫عرض هذه الفرية كاف في بيان بطلنهسا‪ ..‬وأقسول‪ :‬إن هسسذا حسق باعتبسسار أصسل‬
‫الفرية ومنطلقها‪ ،‬ولكن الشبه التي أثارها لبد من أبطالها وكشف ضللها‪.‬‬
‫لقد قام المؤلسسف بكشسسف الغطسساء عسسن عقيسسدة الشسسيعة الثنسسي عشسسرية فسسي‬
‫تحريف القرآن وجمع ما تفسسرق مسسن أخبسسارهم فيهسسا‪ ،‬ونقسسل تصسسريحات شسسيخهم‬
‫بتواترها‪ ،‬وأنها تزيسسد علسسى ألفسسي حسسديث‪ ،‬واتهسسم صسسحابة رسسسول اللسسه بتحريفسسه‬
‫والتواطؤ على ذلك ولسسم يسسستثن مسسن ذلسسك سسسوى أميسسر المسسؤمنين علسسي‪ ،‬وهسسذا‬
‫الستثناء صوري‪ ،‬إذ إن لزم قوله تواطؤ الجميع‪ ،‬لن القسسرآن السسذي عنسسد علسسي‬
‫والسالم من التحريف بزعمهم لم يظهره علي ول إبان خلفته‪..‬‬
‫دم – من كتبهم – )‪ (1062‬رواية معظمها تقول في آيات من كتاب الله‬ ‫ثم ق ّ‬
‫أنها خطأ ويذكر تصويبها من كتبهم السسسطورية‪ ،‬فيسسرد مسسا أجمعسست عليسسه المسسة‬
‫ويرتضي ما قاله حثالة من الفاكين‪.‬‬
‫كما لم يجبن عن ذكر بعض "سور" بكاملها تتناقلها السسدوائر الشسسيعية وليسسس‬
‫لها ذكر في المصحف‪ ،‬وعلمة الكذب والفتراء واضحة بّينة في نصسسها ومعناهسسا‬
‫ل يخفى إل على أعجمي جاهل ول يرّوجها إل زنديق مغّرض‪.‬‬
‫كما رد على من أنكر التحريف من طائفته وبّين أن إنكار القدامى كان تقيسسة‬
‫وأن من أنكر أخبار التحريف يلزمه رد أخبار المامة لما بينهما من تلزم‪.‬‬
‫ه( ومسسا إن‬ ‫وهذا الكتاب الذي حوى هذا الكفر قد طبع في إيران سنة )‪‍ 1298‬‬
‫خرج حتى انزعج كثير من الشسسيعة لظهسسوره‪ ،‬وقسسد وصسسف أحسسد شسسيوخهم ذلسسك‬
‫فقال‪" :‬فل تدخل مجلسا ً في الحوزة العلميسسة إل وتسسسمع الضسسجة والعجسسة ضسسد‬
‫ذلك الكتاب ومؤلفه وناشره يسلقونه بألسنة حداد" ]المرعشي‪ /‬المعارف الجلية‪ :‬ص‬
‫‪.[.21‬‬
‫ويرى الستاذ محب الدين الخطيب أن سبب الضجة أنهسسم يريسسدون أن يبقسسى‬
‫التشكيك في صحة القرآن محصورا ً بيسسن خاصسستهم ومتفرق سا ً فسسي مئات الكتسسب‬
‫المعتبرة عندهم‪ ،‬وأن ل يجمع ذلك كله في كتساب واحسد تطبسع منسه ألسوف مسن‬
‫النسخ ويطلع عليه خصومهم فيكسسون حجسسة عليهسسم ماثلسسة أمسام أنظسسار الجميسسع‪،‬‬
‫ويقول‪ :‬ولما أبدى عقلؤهم هذه الملحظات خالفهم فيهسسا مسسؤلفه‪ ،‬وأل ّسسف كتابسا ً‬
‫آخر سماه )رد بعض الشبهات عن فصل الخطاب في إثبات تحريف كتسساب رب‬
‫الرباب( ]الخطوط العريضة‪ :‬ص ‪.[.11‬‬
‫وإذا كان غلة الشيعة يحاولون التستر علي هذه الفضيحة في معظم الحيان‬
‫بحكم عقيدة التقيسسة السستي أصسسبحت لهسسم حصسسنا ً وملذًا‪ ،‬وأن تلسسك الضسسجة السستي‬
‫حدثت قد شارك فيها من يسذهب إلسى هسذا الكفسر ويسرى وجسوب التسستر عليسه‬
‫صيانة لسمعة قومه‪ ،‬ووقاية لدينهم من فضيحة تزلسسزل كيسسانهم‪ ،‬وتمنسسع انتشسسار‬
‫عقيدتهم‪ ،‬فإنني ل أجزم كالستاذ محب الدين في تعميم هذا الحكسسم علسسى كسسل‬

‫‪570‬‬
‫الشيعة‪ ،‬بل إن هناك فئة من الشيعة ل تزال تنكر هذا الكفسسر وتتسسبرأ منسسه‪ ،‬وقسسد‬
‫كتبوا ردودا ً على كتاب فصل الخطاب من هذا المنطلق – فيما يظهر – مثل ما‬
‫كتبه شيخهم وآيتهسم محمسد حسسين المرعشسي فسي كتسابه الموسسوم ‍ب"رسسالة‬
‫حفظ الكتاب الشريف من شبهة القول بالتحريف" وهسسو رد علسسى كتسساب فصسسل‬
‫الخطاب ]ل يزال هذا الكتاب مخطوطا ً )انظر‪ :‬المعارف الجلية‪ :‬ص ‪.[.(21‬‬
‫كما أنني ألحظ من خلل كتاب فصل الخطاب أنه يرد علسسى المنكريسسن لهسسذا‬
‫الفرية من قومه‪ ،‬ويجادلهم في هذا المسسر‪ ،‬ومسسن يقسسرأ الكتسساب يسسرى أنسسه ألسسف‬
‫لقناع من خالف هذا الكفر من الشيعة ]انظر‪ :‬فصل الخطاب‪ :‬ص ‪ 360‬وما بعدها‪.[.‬‬
‫ثم أن ما كتبه صاحب فصل الخطاب بعنوان "رد بعض الشسسبهات عسسن فصسسل‬
‫الخطاب‪ "..‬كما يقول محب – رحمه الله – ليس – فيما يبدو – للسسرد علسسى مسسن‬
‫قال‪ :‬إن هذه القضية ينبغي أن تكون سرية بينهم؛ ذلك أن ما يشير إليسسه محسسب‬
‫صورته الظاهرة كالتي‪:‬‬
‫لما ظهر كتاب "فصل الخطاب" قسسام بسسالرد عليسسه شسسيخهم محمسسود بسسن أبسسي‬
‫القاسم الشهير بالمعرب الطهراني بكتاب سسسماه "كشسسف الرتيسساب فسسي عسسدم‬
‫تحريف الكتاب" وقد نقل لنا صاحب الذريعة أول رد لصاحب كشسسف الرتيسساب‪،‬‬
‫وهو يفيد إنكار التحريف ل السدعوة إلسى التسسستر عليهسا‪ .‬قسال صساحب الذريعسسة‪:‬‬
‫"وأول شبهات" ]ل حظ أنه يسميها شبهات؛ لن صساحب الذريعسة علسى مسذهب صساحب فصسل‬
‫الخطاب في هذا الكفر‪ ،‬فهو يسمي أدلة كشف الرتياب شبهات إمعاًنا في الكفسسر‪ ،‬كيسسف وصسساحب‬
‫فصل الخطاب هو شيخ لصاحب الذريعة وقد أعظم الثناء عليه وغل في مديحه فسسي ترجمتسسه السستي‬
‫كتبها عنه‪" [.‬كشف الرتياب" هو أنه إذا ثبت تحريف القسسرآن فلليهسسود أن يقولسسوا‪:‬‬
‫إذا ً ل فرق بين كتابنا وكتابكم في عدم العتبار" ]انظر‪ :‬أغا بسسزرك الطهرانسسي‪ /‬الذريعسسة‬
‫إلى تصانيف الشيعة‪ 18/9 :‬حرف الكاف‪ 10/12 ،‬حرف الراء‪.[.‬‬
‫فكتب الطبرسي ردا ً عليه – وهو ما يشير إليه محب فيما يبسسدو – فسسي كتسساب‬
‫سماه "الرد على كشف الرتياب" ]انظسسر‪ :‬المصسسدر السسسابق‪ [.10/211 :‬قال صسساحب‬
‫الذريعة‪" :‬وكان يوصي كل من عنده فصل الخطاب أن يضم إليه هذه الرسسسالة‬
‫التي هي في دفع الشبهات التي أوردها الشيخ محمود عليه وهسسي فارسسسية لسسم‬
‫تطبع بعد"‪.‬‬
‫وكان جواب الطبرسي في رده على دليل صسساحب كشسسف الرتيسساب محاولسسة‬
‫منه للتراجع‪ ،‬وبرهانا ً على التناقض‪ ،‬حيث قال‪" :‬هذه مغالطسسة لفظيسسة حيسسث إن‬
‫المراد بالتحريف‪ ...‬غير ما حملت عليسسه ظساهرا ً للفسظ‪ ،‬أعنسسي التغييسر والتبسسديل‬
‫والزيادة والتنقيص وغيرها المحقق والثابت جميعها فسي كتسب اليهسود وغيرهسم‪،‬‬
‫بل المراد من التحريف خصوص التنقيص فقط في غيسسر آيسسات الحكسسام جزم سًا‪،‬‬
‫وأما الزيادة فالجماع المحقق الثابت من جميع فرق المسلمين والتفاق العسسام‬
‫من كل منتحل للسلم على عدم زيادة كلم واحد في القسسرآن المجمسسوع فيمسسا‬
‫بين هاتين الدفتين ولو بمقدار أقصر آية يصدق عليسه كلم فصسيح‪ ،‬بسل الجمساع‬
‫والتفاق من جميع أهل القبلة على عدم زيادة كلمة واحدة في جميسسع القسسرآن‪،‬‬
‫بحيث ل نعرف مكانها‪ ،‬فأين التنقيص الجمالي المسسراد لنسسا عمسسا حملسست ظسساهر‬
‫اللفظ وهل هذا إل مغالطة لفظية؟" ]الذريعة‪.[.10/221 :‬‬
‫هذا جزء مما دار في الرسالتين‪ ،‬نقله لنسسا صسساحب الذريعسسة وهسسو يكشسسف أن‬
‫الحوار كان في مسألة وقوع التحريف من عدمه‪ ،‬ل فسسي وجسسوب التسسستر علسسى‬
‫هذه الفرية‪ ،‬وهو ل ينفي أن يوجد اتجاه ٌ عند الشيعة يرى ضرورة التستر صيانة‬
‫لحرمة المذهب‪..‬‬
‫‪571‬‬
‫ولكنه ينفي تعميم الحكم بهذا على الجميع‪.‬‬
‫هذا وفي كلم صاحب الذريعة الذي لخصه‪ ،‬من الرسسسالة الفارسسسية لصسساحب‬
‫فصل الخطاب ونقلناه مع صياغته التي يبدو علها أثر العجمسسة تخليسسط وتنسساقض‬
‫وتقية وضح دليلها في أثناء كلمه كما هسسي عسسادة هسسؤلء الروافسض فسسي الغسسالب‬
‫]لحظ مثل ً أنه نفى الزيادة مطلقا ً ثم عاد بعد ذلك وقال‪" :‬بل الجماع والتفسساق علسسى عسسدم زيسسادة‬
‫كلمة واحدة في جميع القرآن بحيث ل نعرف مكانها" انظر إلى قوله‪" :‬ل نعرف مكانها" فهو يشير‬
‫بهذه الجملة من طرف خفي إلى ما يذهب إليه صاحب هذا الخطاب ويوافقه هو علي هذا المذهب‬
‫من افترائهم بالقول بالزيادة في كلم الله‪.‬‬
‫قال صاحب فصل الخطاب وهو يذكر صور التغيير في القرآن الذي أوحاه إليسسه شسسيطانه ودفعسسه‬
‫ن‬
‫ع ِ‬‫ك َ‬ ‫سأ َُلون َ َ‬
‫إليه حقده على السلم وأهله‪" :‬السابعة زيادة كلمة كزيادة عن في قوله تعالى‪} :‬ي َ ْ‬
‫ل{" )فصل الخطسساب‪ :‬ص ‪ ،(25‬كمسسا أن قسسوله بالنقيصسسة ل يخرجسسه عسسن تكسسذيب قسسول اللسسه‬ ‫ا َ‬
‫لن َ‬
‫فا ِ‬
‫ن{‪.[.‬‬ ‫ف ُ‬
‫ظو َ‬ ‫ه لَ َ‬
‫حا ِ‬ ‫وإ ِّنا ل َ ُ‬
‫ن ن َّزل َْنا الذّك َْر َ‬
‫ح ُ‬
‫تعالى‪} :‬إ ِّنا ن َ ْ‬
‫وهذا الكتاب رتبه مؤلفه – عليه من الله مسسا يسسستحق – علسسى ثلث مقسسدمات‬
‫وبابين‪.‬‬
‫ففي المقدمة الولى نقسسل مجموعسسة مسسن أخبسسارهم السستي تتحسسدث عسسن جمسسع‬
‫القرآن – حسب تصور هسؤلء الزنادقسة – كروايسة ثقسة دينهسم الستي تقسول‪" :‬مسا‬
‫ادعى أحد من الناس أنه جمسسع القسسرآن كلسسه‪ ،‬كمسسا أنسسزل إل كسسذاب‪ ،‬ومسسا جمعسسه‬
‫وحفظه كما أنزل الله إل علي بن أبي طالب والئمة من بعده"‪.‬‬
‫وهذا مبني على مذهب الشيعة فسي القسول بعصسمة رجسل واحسد وهسو علسي‪،‬‬
‫وضلل المة بأجمعها‪ ،‬وهو من آثار البيئة الفارسسسية السستي تحيسسط ملوكهسسا بهالسسة‬
‫من التقديس‪.‬‬
‫وما أسخف عقل ً يرد ما أجمع عليه الصحابة كلهم‪ ،‬ويدعي أن ل ثقسسة إل بقسسل‬
‫واحد منهم‪ ،‬مع أن هذه الدعوى ل وجود لهسسا غل فسسي خيسسالت هسسؤلء الزنادقسسة‪،‬‬
‫فلم يعرف علي والمة إل هذا القرآن‪.‬‬
‫ثم يواصل نقله عن "قرآن علي" الذي لم ُينقص منه حسسرف كمسسا يزعمسسون‪..‬‬
‫فينقل مجموعة من رواياتهم ينتهي القارئ لهسسا إلسسى أن العقسسل الشسسيعي‪ ..‬مسسن‬
‫أسرع العقسسول إلسسى تصسسديق الخرافسسة‪ ،‬فهسسو يسسؤمن بكتسساب ل وجسسود لسسه إل فسسي‬
‫أساطيرهم ويكفر بقرآن أجمعت علية المة‪ ..‬بما فيهم الئمة‪.‬‬
‫ي للقسسرآن وعرضسسه علسسى الصسسحابة ورد‬ ‫تتحدث هذه الساطير عسسن جمسسع علس ّ‬
‫الصحابة له‪..‬‬
‫فيورد من هذه الروايات خبر الشيعي السسذي التقسسى بمنتظرهسسم – والسسذي لسسم‬
‫يولد أصل ً – وفيه يقول له المنتظر‪" :‬لما انتقل سيد البشر محمد بن عبسسد اللسسه‬
‫صلى الله عليه وسلم وآله من دار الفناء وفعل صنما ً ]يعنون بهما صسسديق هسسذه المسسة‬
‫وفار وقها‪ ،‬ومن أقاما السلم بعد رسول الله‪ [.‬قريش ما فعل من نصسسب الخلفسسة جمسسع‬
‫أمير المؤمنين رضي الله عنه القرآن كله ووضعه في إزار وأتى به إليهسسم وهسسم‬
‫في المسجد‪ ،‬فقال لهم‪ :‬هذا كتاب الله سبحانه أمرني رسول اللسسه صسسلى اللسسه‬
‫عليه وسلم أن أعرضه عليكم لقيام الحجة عليكم يسسوم العسسرض بيسسن يسسدي اللسسه‬
‫تعالى‪ ،‬فقال له فرعون هذه المسسة ونمرودهسسا ]يعنسسي الفسساروق عمسسر رضسسي اللسسه عنسسه‬
‫وأرضاه‪ ،‬والذي فتح بلد فارس‪ ،‬ونشسر السسلم فيهسا‪ ،‬فكسان جسزاؤه عنسد هسؤلء الحاقسدين السسب‬
‫والتكفير‪ :[.‬لسنا محتاجين إلى قرآنك‪ ،‬فقال له‪ :‬أخبرني حبيبي محمد صلى اللسسه‬
‫عليسسه وآلسسه بقولسسك هسسذا وإنمسسا أردت بسسذلك إلقسساء الحجسسة عليكسسم‪ ،‬فرجسسع أميسسر‬
‫المؤمنين إلى منزله‪ ..‬فنادى ابن أبي قحافة بالمسسسلمين وقسسال لهسسم‪ :‬كسسل مسسن‬
‫عنده قرآن من آية أو سورة فليأت بها‪ ،‬فجاءه أبو عبيدة بن الجسسراح‪ ،‬وعثمسسان‪،‬‬
‫‪572‬‬
‫وسعيد بن أبي وقسساص‪ ،‬ومعاويسسة بسسن أبسسي سسسفيان‪ ،‬وعبسسد الرحمسسن بسسن عسسوف‪،‬‬
‫وطلحسسة بسسن عبيسسد اللسسه‪ ،‬وأبسسو سسسعيد الخسسدري‪ ،‬وحسسسان بسسن ثسسابت‪ ،‬وجماعسسات‬
‫المسلمين وجمعوا هذا القرآن وأسقطوا ما كان فيه من المثالب التي صسسدرت‬
‫عنهم بعد وفاة سيد المرسلين صسسلى اللسسه عليسسه وآلسسه‪ ،‬فلسسذا تسسرى اليسسات غيسسر‬
‫مرتبطة‪ ،‬والقرآن الذي جمعه أمير المؤمنين بخطه محفوظ عند صسساحب المسسر‬
‫عجل الله فرجه وفيه كل شيء حتى أرش الخدش‪ .‬وأما هسذا القسرآن فل شسك‬
‫ول شبهة في صحته‪ ،‬وأنه من كلم الله سبحانه‪ ،‬هكذا صدر عن صاحب المسسر"‬
‫]فصل الخطاب‪ :‬ص ‪.[.10-9‬‬
‫وهذا النص نقلناه رغم طوله‪ ،‬لن معظم حكاياتهم تدور علسسى مسسا جسساء فيسسه‪.‬‬
‫فالمسألة أصل ً نابعة من حقد هذه "الفئة" على صحابة رسول الله صسسلى اللسسه‬
‫عليه وسلم‪ ،‬وبغضها للدين الذي يحملونه‪.‬‬
‫فأنت ترى أن الحديث عن مثالب الصحابة وأن من جمع القرآن – بزعمهم –‬
‫قد أسقطها فأباح هؤلء بالسر المكنون وكشفوا المستور‪ ،‬ومسسا تخفسسي قلسسوبهم‬
‫أعظم‪.‬‬
‫ثم إذا رفض الصسسحابة القسسرآن – كمسسا يزعمسسون – فلسسم يحجسسب عسسن الجيسسال‬
‫والقرون التي بعدهم؟ وإذا قامت الحجة على الصحابة فإنها لم تقم علسسى مسسن‬
‫ي الحجة وهو في قوة سلطانه إبان خلفته؟‬ ‫بعدهم‪ ..‬وكيف لم ُيقم عل ّ‬
‫إن أساطيرهم تنقض نفسها بنفسها‪ .‬وإذا امتنسسع الصسسحابة عسسن قبسسوله – كمسسا‬
‫يزعمون – أليس في المة من يقبلسسه عسسبر مراحسسل القسسرون كلهسسا‪ ،‬وفيهسسم مسسن‬
‫صحب الئمة‪ ،‬والتقي بالمنتظر‪ ..‬وقامت للشيعة دول وسلطان؟ فلماذا يحجب‬
‫عنهم ويظل مع الغسسائب فسسي سسسرادبه؟ أل يؤكسسد هسسذا لكسسل عاقسسل خرافسسة هسسذه‬
‫الدعوى بغض النظر عن جميع الدلة الخسسرى‪ ،‬بسسل إن صسساحب فصسسل الخطسساب‬
‫ينقل في هذه المقدمة أخبارا ً تقسسول إن عليسا ً امتنسسع عسسن تسسسليم القسسرآن السسذي‬
‫جمعه للصحابة حينما طلبوا منه ذلك‪ ،‬واحتج بأنه ل يمسسسه إل المطهسسرون‪ ،‬وأن‬
‫المطهرين هم الئمة الثني عشر ]فصل الخطاب‪ :‬ص ‪.[.7‬‬
‫ي كمسسا يفسسترون – هسسو السسذي رفسسض إبلغ القسسرآن‪،‬‬ ‫وهذه قاصمة الظهر‪ ..‬فعلس ّ‬
‫وادعى أنه خاص به وبولده‪ ..‬وهذا ل يقول بسسه أحسسد مسسن المسسسلمين فضسل ً عسسن‬
‫أمير المؤمنين‪ ،‬فهو كلم المقصود به الساءة إلى أهسل السبيت والطعسن فيهسم‪،‬‬
‫ي‪.‬‬‫ولذلك ذهبت بعض فرق الشيعة كالكاملية إلى تفكير أمير المؤمنين عل ّ‬
‫وهذه الثار التي جمعتها كتب الثني عشرية تؤدي إلى هذا المسسذهب‪ ،‬فهسسؤلء‬
‫يشايعون الشيطان ول يشايعون أمير المؤمنين‪ ،‬ومن ينزه أمير المسسؤمنين مسسن‬
‫هذه الباطيل وأمثالها هم شيعته وأنصاره على الحقيقة‪.‬‬
‫أما المقدمة الثانية عنده فتتضمن صسسور التحريسسف السستي يزعسسم وقوعهسسا فسسي‬
‫كتاب الله سبحانه أو امتناعها‪ ،‬فعسسرض مجموعسسة مسسن الصسسور السستي أوحاهسسا لسسه‬
‫شيطانه‪ :‬في السورة‪ ،‬والية‪ ،‬والكلمة‪ ،‬والحرف‪.‬‬
‫وقرر "أن زيادة السورة وتبديلها بأخرى أمر ممتنع ]فصل الخطاب‪ :‬ص ‪[.24‬؛ لن‬
‫عب قدَنا َ ْ‬
‫ة‬
‫سققوَر ٍ‬ ‫ف قأُتوا ْ ب ِ ُ‬ ‫عَلى َ ْ ِ‬ ‫ما ن َّزل َْنا َ‬
‫م ّ‬
‫ب ّ‬
‫في َري ْ ٍ‬ ‫م ِ‬ ‫وِإن ُ‬
‫كنت ُ ْ‬ ‫الله يقول‪َ } :‬‬
‫ه{ ]البقرة ‪ [23‬فهو يقول بأن القرآن الذي بين أيدي المسلمين ل زيادة‬ ‫مث ْل ِ ِ‬‫من ّ‬
‫ّ‬
‫فيه أصل؛ لن البشر عاجزون عن التيان بسورة من مثله‪ ..‬ولكنسسه ينقسسض هسسذا‬ ‫ً‬
‫حينما يزعم أن "نقصان السورة جائز كسورة الولية" ]فصل الخطاب‪ :‬ص ‪.[.24‬‬

‫‪573‬‬
‫فهو بهذا يزعم أن في كتاب الله نقصًا‪ ،‬ويمثل لذلك بسورة الولية‪ ،‬ول شسسك‬
‫أن هذه الدعوى تتضمن زيادة سورة على كتاب الله‪ ،‬وهو قد قرر امتناعها‪ ..‬ثم‬
‫إن هذه السورة المفتراة يشهد نصها على كذبها‪ ..‬وقد كشف ذلك بعض شيوخ‬
‫الشيعة أنفسهم ]وهو شيخهم‪ :‬محمد جسسواد البلغسسي فسسي تفسسسيره آلء الرحمسسن ص ‪.[.25-24‬‬
‫وهي عبارة عن نص ملفق‪ ،‬وتركيب متهافت‪ ،‬ومعنى ساقط يتضسسح مسسن خللسسه‬
‫أن واضعه أعجمي جاهل – كما سيأتي ‪.-‬‬
‫ويقول‪ :‬إن زيسسادة آيسسة علسسى القسسرآن‪ ،‬أو تبسسديل آيسسة بسسأخرى هسسو أيضسا ً منتسسف‬
‫بالجماع‪ ،‬ثم يناقض ذلك بزعمه أن نقصان الية غيسسر ممتنسسع ]فصسسل الخطسساب‪ :‬ص‬
‫‪.[.24‬‬
‫أما زيادة كلمة في القرآن فيرى على ضوء أسساطيرهم أنهسا ممكنسة‪ ،‬ويمثسل‬
‫ل{‬ ‫فقا ِ‬
‫عقن ا َ‬
‫لن َ‬ ‫ك َ ِ‬ ‫سأ َُلون َ َ‬
‫لذلك بقسسوله‪ :‬كزيسسادة "عسسن" فسسي قسسوله تعسسالى‪} :‬ي َ ْ‬
‫]النفال ‪ .[1‬فهو يفتري أن القرآن زيادة كلمة "عن"‪ ،‬وغرض الرافضسسة فسسي هسسذا‬
‫الزعم أن النفال كانت خاصة لرسسول اللسسه صسسلى اللسسه عليسسه وسسلم‪ ،‬ثسم هسي‬
‫للئمة الثني عشر المعصومين من بعده‪ ،‬والصحابة إنما كانوا يسألون الرسول‬
‫أن يعطيهم منها على سبيل الصدقة ولم يكن سؤالها عن حكمها‪ ،‬وهذا ل يتأتى‬
‫للرافضة إل بحذف كلمة "عن"‪.‬‬
‫ي" في مواضسسع‪ ،‬أي أن‬ ‫ثم يقول‪ :‬نقصانها – أي الكلمة – وهو كثير ‍ك "في عل ّ‬
‫اسم علي ورد بزعمهم في القسسرآن‪ ،‬وحسسذفه الصسسحابة‪ ،‬وهسسذه دعسسوى لسسسكات‬
‫أتباعهم الذين داهمهم الشك في مذهبهم الذي ل شاهد له من كتاب الله‪ ،‬وهذا‬
‫أحد الساليب القريبة التي دفعت الرافضة للقول بهذه الفرية‪ ..‬وأمسسا السسسباب‬
‫البعيدة وجذور هذه المقالة فهي هدم التشيع أصل ً وإبعاد الشسيعة عسن السسلم‬
‫كليًا‪.‬‬
‫ثم بعد ذلك يذكر من الصور للتغير المزعوم في كتاب اللسسه تبسسديل الكلمسسات‬
‫ويقرر علي هدي من خرافاتهم وقوعه فيقول ‪ " :‬كتبسسديل آل محمسسد بعسسد قسسوله‬
‫م{ ]آل عمسسران ‪ .[23‬بسسآل‬ ‫هي َ‬ ‫وآ َ‬
‫ل إ ِب َْرا ِ‬ ‫حا َ‬
‫وُنو ً‬ ‫م َ‬
‫فى آدَ َ‬‫صطَ َ‬
‫ها ْ‬ ‫ن الل ّ َ‬‫تعالى‪} :‬إ ِ ّ‬
‫عمران" وواضح غرض الشيعة من ذلك فهي تبحث بأي وسيلة عما يثبسست ذكسسر‬
‫أئمتهم في كتاب الله؛ إذ كيف يذكر آل عمران ول يذكر أئمتهم‪..‬؟‬
‫ثم يتحدث عن الحرف فيرى بمقتضسسى أسسساطيرهم أن زيسسادته ونقصسسانه أمسسر‬
‫ممكن وواقع‪ ،‬فيقسسول‪" :‬نقصسسان الحسسرف كنقصسسان "همسسزة" مسسن قسسوله تعسسالى‪:‬‬
‫ت‬ ‫ة{ ]آل عمران ‪ ،[110‬و"يا" في قوله تعسسالى‪َ} :‬يا ل َي ْت َن ِققي ُ‬ ‫ُ‬ ‫} ُ‬
‫كن ق ُ‬ ‫م ٍ‬ ‫خي َْر أ ّ‬
‫م َ‬ ‫كنت ُ ْ‬
‫ت َُراًبا{ ]النبأ ‪."[40‬‬
‫والهدف من خلل هذا الفتراء مكشسسوف‪ ،‬فأمسسة محمسسد فسسي قسساموس هسسؤلء‬
‫القوم الذين أكل الحقد قلوبهم عليها؛ لنها فتحت ديارهم وأسقطت عروشهم‪،‬‬
‫ونشرت السلم بينهم‪ ،‬هذه المة في اعتقادهم ملعونة ضالة ظالمة‪ ..‬ويؤلمهم‬
‫أن يثني الله سبحانه عليها‪ ،‬فحاولوا أن يجعلوا الثناء خاصا ً بالثني عشسسر السسذين‬
‫ل‪ ..‬فقالوا‪ :‬إنها ليست المة‪ ،‬بل الئمة‪.‬‬ ‫لم يولد آخرهم أص ً‬
‫وكذلك أرادوا من افترائهم بزيادة الياء في قوله "ترابًا" أرادوا ترابيا ً والهدف‬
‫النسبة إلى علي الذي كان يلقب بأبي تراب‪ ،‬وأن الكافر يقول‪ :‬يسسا ليتنسسي كنسست‬
‫م ل يتمنسسى أن يكسسون مسسن شسيعة محمسسد‪،‬‬ ‫ترابيا ً أي‪ :‬من شيعة علي‪ ،‬وما أدري ل ِ َ‬
‫ي أفضل من محمد؟!‬ ‫وهل عل ّ‬

‫‪574‬‬
‫إلى آخر هذيانه‪ ..‬الذي عاد على الشيعة بأسوأ العواقب‪ ..‬وأورثها العسسار إلسسى‬
‫البد‪.‬‬
‫المقدمة الثالثة‪ :‬وعقدها لذكر أقول شيوخ طائفته في تغيير القسسرآن وعسسدمه‬
‫فقال‪" :‬اعلم أن لهسسم فسسي ذلسسك أقسسوال ً مشسسهورها اثنسسان‪ :‬الول‪ :‬وقسسوع التغييسسر‬
‫والنقصسسان فيسسه" ثسسم ذكسسر مسسن قسسال بسسه مسسن شسسيوخهم كسسالقمي فسسي تفسسسيره‪،‬‬
‫والكليني في الكسسافي وهمسسا كمسسا قسسال ممسسن غل وأكسسثرا مسسن الروايسسة فسسي هسسذا‬
‫المذهب‪ ،‬ومثل المجلسي في مسسرآة العقسسول‪ ،‬والصسسفار فسسي بصسسائر السسدرجات‪،‬‬
‫والنعماني في الغيبة‪ ،‬والعياشي وفرات الكوفي في تفسيرهما‪ ،‬ومفيسسدهم فسسي‬
‫المسائل السروية‪ ،‬ومحدثهم البحراني في الدرر النجفية‪.‬‬
‫وأخذ على هذا المنسسوال يعسسدد مسسن مشسساهير علمسساء مسسذهبه ممسسن قسسال بهسسذه‬
‫السطورة مع تفخيمهم باللقاب‪ ،‬أو نعت بعضهم بأنه "ممن لم يعسسثر لسسه علسسى‬
‫ة إلسسى الكفسسر‪ ..‬فسسذكر‬ ‫زلة"‪ ،‬مع أنه يكفيه مقالته هذه إغراق سا ً فسسي الضسسلل وزل س ً‬
‫أسماء شيوخهم وكتبهم في هذا الكفر واستشهد ببعض كلماتهم السستي كشسسفت‬
‫حقيقة التشيع في عصوره المتأخرة؛ كنقله لقول شيخهم أبي الحسن الشريف‬
‫صاحب مرآة النوار‪ ،‬والذي ذكر فيسسه أن هسسذه المقالسسة مسسن ضسسروريات مسسذهب‬
‫التشيع ]انظر‪ :‬فصل الخطاب‪ :‬ص ‪.[.32‬‬
‫ثم قال‪" :‬الثاني‪ :‬عدم وقع التغيير والنقصان فيسسه‪ ،‬وأن جميسسع مسسا نسسزل علسسى‬
‫رسول الله صلى الله عليه وآله هو الموجود بأيدي النسساس فيمسسا بيسسن السسدفتين‪،‬‬
‫وإليه ذهب الصدوق في عقائده‪ ،‬والسيد المرتضى‪ ،‬وشيخ الطائفة فسسي التبيسسان‬
‫ولم يعرف من القدماء موافق لهم إل ما حكسساه المفيسسد عسسن جماعسسة مسسن أهسسل‬
‫المامة والظاهر أنه أراد منها الصدوق وأتباعه" ]فصل الخطاب‪ :‬ص ‪.[.33‬‬
‫وأنت تلحظ – كما أسلفنا – أنه يريد أن يجعل هذه المقالة هسسي الصسسل فسسي‬
‫التشيع‪ ..‬وإل فإن قدماء شيوخ الذهب كانوا بعيدين عن هذا الكفر‪ ..‬وقد مضسسى‬
‫الحديث عن الصل في الفتراء وبدايته‪.‬‬
‫ثم ذكر بعض كلمات المنكرين وناقش إنكارهم لبعض ما جاء في كتبهم مسسن‬
‫القول بهذه الفرية ليصل إلى أن النكار ليس على حقيقتسسه‪ ،‬بسسل هسسو مسسن بسساب‬
‫الخداع لهل السنة ]فصل الخطاب‪ :‬ص ‪ 33‬وما بعدها‪.[.‬‬
‫وفسسي البسساب الول‪ :‬عسسرض مسسا يسسسميه ‍ب"الدلسسة السستي اسسستدلوا بهسسا‪ ،‬ويمكسسن‬
‫الستدلل بها على وقوع التغيير والنقصان في القرآن"‪.‬‬
‫فذكر اثنتي عشرة شبهة بعدد أئمته‪..‬‬
‫الشبهة الولى‪:‬‬
‫قال الملحد‪" :‬الدليل الول‪ :‬أن اليهود والنصارى غيروا وحرفسسوا كتسساب نسسبيهم‬
‫بعده‪ ،‬فهذه المة أيضا ً لبد وأن يغيروا القرآن بعد نبينا صسسلى اللسسه عليسسه وآلسسه؛‬
‫لن كل ما وقع في بني إسرائيل لبد وأن يقع في هذه المة على ما أخسسبر بسسه‬
‫الصادق المصدوق صلوات الله عليه" ]فصل الخطاب‪ :‬ص ‪.[.36‬‬
‫والجواب عن هذه الشبهة من وجوه‪:‬‬
‫• الوجه الول‪:‬‬
‫سلمنا أن كل ما وقع في بني إسرائيل سيقع في أمة محمد صلى الله عليسسه‬
‫وسلم‪ ،‬لكننا نقول‪ :‬يخرج من هذا العموم ما دل الليل علسسى خروجسسه‪ ،‬وتحريسسف‬
‫وإ ِّنا ل َ ُ‬
‫ه‬ ‫ن ن َّزل َْنا الذّك َْر َ‬‫ح ُ‬‫القرآن مستثنى من هذا العموم بنص القرآن‪} :‬إ ِّنا ن َ ْ‬
‫ن{ ]الحجر ‪ .[9‬وهل هناك أقوى من أن يخص عموم حديث بنسسص مسسن‬ ‫ف ُ‬
‫ظو َ‬ ‫لَ َ‬
‫حا ِ‬

‫‪575‬‬
‫القرآن‪ ..‬فأين عقول هسؤلء القسوم؟ ولهسذا قسال البساقلني‪" :‬أول جهلكسم أنكسسم‬
‫دل مع ردكم لما هو أقوى منه" ]نكسست‬ ‫قطعتم بخبر واحد على أن القرآن غ ُّير وب ُ ّ‬
‫النتصار‪ :‬ص ‪.[.104‬‬
‫ثم إن الله سبحانه قد استحفظ أهل الكتاب التوراة واستودعهم إياها فخانوا‬
‫المانة‪ ،‬ولم يحفظوها‪ ،‬بل ضيعوها عمدًا‪.‬‬
‫والقرآن الكريم لم يكل الله حفظه إلى أحد حتى يمكنسسه تضسسييعه‪ ،‬بسسل تسسولى‬
‫ن ن َّزل ْن َققا‬‫ح ُ‬ ‫حفظه جل وعل بنفسه الكريمة المقدسة كما أوضحة بقوله‪} :‬إ ِّنا ن َ ْ‬
‫ه ال َْباطِ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ف ُ‬
‫ول‬ ‫ه َ‬ ‫ن َيققدَي ْ ِ‬ ‫من ب َي ْ ِ‬
‫ل ِ‬ ‫ن{‪ ،‬وقوله‪} :‬ل ي َأِتي ِ‬ ‫ظو َ‬ ‫ه لَ َ‬
‫حا ِ‬ ‫وإ ِّنا ل َ ُ‬‫الذّك َْر َ‬
‫ه{ ]فصلت ‪ [42‬إلى غير ذلك من اليات ]انظسسر‪ :‬الشسسنقيطي‪ /‬أضسسواء البيسسان‪:‬‬ ‫ف ِ‬ ‫خل ْ ِ‬
‫ن َ‬‫م ْ‬
‫ِ‬
‫‪.[.101-2/100‬‬
‫وذلك لن القرآن العظيم هو آخر الكتسسب‪ ،‬فل كتسساب بعسسده‪ ،‬والرسسسول صسسلى‬
‫الله عليه وسلم هو آخر الرسل فل نبي بعسسده‪ ،‬وبمسسوته انقطسسع السسوحي‪ ..‬فمسسن‬
‫رحمة الله بعباده أن حفظ كتابه ليبقي هداية للمة ونورا ً إلى يوم القيامة‪.‬‬
‫• الوجه الثاني‪:‬‬
‫أن زعمه أن كل ما وقع في بني إسرائيل لبد أن يقع فسسي هسسذه المسسة‪ ،‬هسسذه‬
‫المقدمة غير مسّلمة له على الطلق‪ ،‬فالنتيجة السستي اعتمسسدها بنسساًء علسسى هسسذه‬
‫المقدمة‪ ،‬نتيجة كاذبة؛ لنها مبنية على مقدمة ليست مسلمة له علسسى إطلقهسسا‬
‫بدليل أن بني إسرائيل قتلوا أنبيسساءهم ولسسم يتحقسسق ذلسسك فسسي هسسذه المسسة‪ ،‬وإن‬
‫حاول فئة من المنافقين ذلك‪ ،‬وبنو إسرائيل عبدوا العجل ولم يحصل من المة‬
‫نظيره‪ ،‬فتلك المقدمة ليست على إطلقها‪ ،‬وتحريف القسسرآن أولسسى ممسسا ذكرنسسا‬
‫لستثنائه من هذا العموم بالنص كما بينا‪ ،‬وإن حاول فئات من المنافقين السسذين‬
‫تستروا بالتشيع ذلك‪.‬‬
‫كذلك أمتنا تختلف عن بني إسرائيل؛ حيث ل تزال طائفة ظاهرة علي الحسسق‬
‫ل يضرهم من خالفهم‪ ،‬ول من خذلهم حتى تقوم الساعة‪ ،‬ولهذا ل يسسسلط اللسسه‬
‫عليهم عدوا ً من غيرهم فيجتاحهم‪ ،‬كما ثبت هذا وهذا فسسي الحسساديث الصسسحيحة‬
‫عن النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬حيث أخبر أنه ل تزال طائفة من أمته ظاهرة‬
‫على الحق ل يضرهم من خالفهم إلى يوم القيامة‪ ،‬وأخسسبر أنسسه سسسأل ربسسه أن ل‬
‫يسلط عليهم عدوا ً من غيرهم فأعطاه ذلك‪ ،‬وسأله أن ل يهلكهسسم بسسسنة عامسسة‬
‫فأعطاه ذلك وسأله أن ل يجعل بأسهم بينهسسم شسسديدا ً فمنعسسه ذلسسك ]رواه مسسسلم‪،‬‬
‫كتسساب الفتسسن وأشسسراط السسساعة‪ ،‬بسساب هلك هسسذه المسسة بعضسسهم ببعسسض‪) 3/2216 :‬ح ‪،(2890‬‬
‫والترمزي‪ ،‬كتاب الفتن‪ ،‬باب ما جاء في سؤال النبي صلى الله عليه وسلم ثلًثا في أمته‪–4/471 :‬‬
‫‪) ،472‬ح ‪،2175‬س ‪ ،(2176‬وابن مسساجه فسسي كتسساب الفتسسن‪ ،‬بسساب مسسا يكسسون مسسن الفتسسن‪) 2/303 :‬ح‬
‫‪ ،(3951‬وأحمد‪.[.6/396 ،243 ،240 ،5/108 ،156 ،3/146 ،181 ،1/175 :‬‬
‫خل ْسسف فيهسسم حسستى ل تقسسوم بسسالحق منهسسم طائفسسة ظسساهرة‬ ‫ومسسن قبلنسسا كسسان ال ُ‬
‫منصورة ولهذا كان العدو يسلط عليهم فيجتاحهم كما سلط على بني إسسسرائيل‬
‫وخرب بيت المقدس مرتين ولم يبق لهم ملك ]مناهج السنة‪.[.3/242 :‬‬
‫* الوجه الثالث‪:‬‬
‫لو سلمنا جدل ً أن القرآن لم يخرج من ذلسسك العمسسوم بسسالنص المسسذكور‪ ،‬فسسإن‬
‫التحريف هو ما تقوم به الشيعة من تحريف للمعنى‪ ،‬ومحاولة لتحريف اللفسسظ‪،‬‬
‫وما قدمناه عنهم هو الدليل‪ ،‬لكنهسسم لسسم يحققسسوا أهسسدافهم؛ لن اللسسه هسسو السسذي‬
‫تكفل بحفظه بنص الية السابقة ]في هذا الموضوع أملسسى علسسي د‪ .‬محمسسد رشسساد سسسالم –‬
‫رحمه الله – فقال‪" :‬وجه الشبه بين فعل المستين أن مسن أمسة محمسد مسن حساول تحريسف القسرآن‬

‫‪576‬‬
‫بالفعل مثل الشيعة الرافضة‪ ،‬أو تأويله تأويل ً باطل ً متعسفا ً كالجهمية‪ ..‬لكن النتيجسسة مختلفسسة؛ فقسسد‬
‫تم التحريف بالفعل في أمة بني إسرائيل الذين كتموا التوراة وأخفوها‪ ،‬وأظهروا التوراة المحرفة‪،‬‬
‫وكذلك فعل النصارى في إنجيلهم‪ ،‬أما أمة محمد فقد تكفل الله سبحانه بحفظ كتابهم القرآن"‪.[.‬‬
‫الشبهة الثانية‪:‬‬
‫قال الملحد‪" :‬الدليل الثاني أن كيفية جمسسع القسسرآن وتسسأليفه مسسستلزمة عسسادة‬
‫لوقوع التغيير والتحريف فيه‪ ،‬وقد أشار إلى ذلك العلمة المجلسسسي فسسي مسسرآة‬
‫العقول‪ ،‬حيث قال‪ :‬والعقل يحكسسم بسسأنه إذا كسسان القسسرآن متفرق سا ً منتشسسرا ً عنسسد‬
‫الناس وتصدى غير المعصوم لجمعه يمتنع أن يكون جمعه كامل ً موافقا ً للواقع"‬
‫]فصل الخطاب‪ :‬ص ‪.[.97‬‬
‫والجواب‪ :‬إن هذه الشبهة مبنية على العقلية المامية التي تحتم علسسى جميسسع‬
‫المة إذا أجمعت الخطأ‪ ،‬وتجعل رأي واحد منها )ليس بنبي( هو الصسسواب‪ ،‬كمسسا‬
‫يلحظ ذلسسك فسسي قسسوله‪" :‬وتصسسدى غيسسر المعصسسوم لجمعسسه"‪ .‬وهسسو رأي منقسسوض‬
‫وباطل كما أسلفنا في الحديث عن العصمة‪ ،‬وما بني على باطل فهو باطل‪.‬‬
‫ت‬‫وصياغته لهذه الشسبهة تسدل علسى أن كسثيرا ً مسن شسيوخ الماميسة قسوم ب ُْهس ٌ‬
‫يكذبون بالحقائق الواضحات ويصسسدقون بالكسساذيب والخرافسسات‪ .‬فجمسسع القسسرآن‬
‫طا وإتقانسًا‪ ،‬فكتبسسة السوحي يكتبسون‪ ،‬والحفظسة‬ ‫جاء على أدق الطرق وأوثقها ضب ً‬
‫يحفظون‪ ،‬والمة بأكملها تردد آيات القرآن فسسي صسسلواتها وحلقاتهسسا‪ ،‬كلمسسا نسسزل‬
‫شيء من القرآن هبوا لحفظه وكتابته وتعلمه والعمل به‪ ،‬فالممتنع هو أن يسسزاد‬
‫في القرآن حسرف أو ينقسص منسه حسرف آخسر‪ ،‬ولسذا أجمعست المسة علسى ذلسك‬
‫والجماع معصوم‪.‬‬
‫كم عقولنا؛ ما جاءت هذه الدعوى إل من طائفة الثني عشرية من بيسسن‬ ‫فلنح ّ‬
‫ي هسسو الكامسسل فسسي نظرهسسا‬ ‫فرق الشيعة كلها‪ ،‬وهي تتحدث عن قرآن جمعه عل ّ‬
‫وترفض ما أجمع عليه المسلمون‪ ..‬فأيهما نصدق أبالقرآن أم بكتاب غسسائب لسسم‬
‫ير ولم يعرف‪ ،‬معلق خروجه على منتظر موهوم‪ ..‬تولى جمعسسه – بسساعترافهم –‬
‫فرد واحد‪..‬؟‬
‫أخرج لنا الشيعة منه آيات يستحيل أن تكسسون مسسن كلم رب العسسزة جسسل عله‬
‫لسقوطها عن أداء النسان العادي‪ ،‬فكيف بكلم رب العالمين المعجسسز؟ ورأينسسا‬
‫من تنسب الشيعة إليه هذا الكتاب المزعوم يتعبد ويقسسرأ بسسالقرآن السسذي بأيسسدي‬
‫المسلمين‪ ،‬والشيعة تفتري عليه بأن ذلك منه تقية‪ .‬فهل تجوز التقية في مثسسل‬
‫؟! إنها مقالة تنطسسق الشسسواهد‬ ‫هذا الذي يترتب عليه ضياع الدين وضلل الجيال ‍‬
‫بكذبها‪ ،‬وهي من تقدير اللسسه سسسبحانه لينكشسسف أمسسر هسسذه الطائفسسة للمسسسلمين‬
‫جميعًا‪ ،‬بعدما عاشت بينهم بالتقية قرونا ً متطاولة‪.‬‬
‫ثم إن من العلوم أن جمع المة للقرآن في زمسسن الصسسديق وأميسسر المسسؤمنين‬
‫ي علسسى رأس الكتبسسة‬ ‫عثمان قد تم بإجماع الصحابة‪ ،‬وكسسان أميسسر المسسؤمنين عل س ّ‬
‫وأغلب القراءات المتداولة ترجع بالسند المتواتر إليه باعتراف الشسسيعة نفسسسها‬
‫كما سلف نقل ذلك عنهم ]انظسسر‪ :‬ص ‪ 267 – 266‬مسسن هسسذه الرسسسالة‪ ،[.‬وليسسس فسسي‬
‫الطرق إلى علي ما يخالف قرآن المة‪ ،‬وقد أثنى أمير المؤمنين على الصديق‪،‬‬
‫وعلى ذي النورين فيما قاما به من أمر المصحف ]انظر‪ :‬ص ‪ 265 – 236‬مسسن هسسذه‬
‫الرسالة‪ [.‬فهل تنكر ضوء الشمس ليسسس دونهسسا سسسحاب وتصسسدق أسسساطير نقلهسسا‬
‫شرذمة من أعداء المة والدين؟! ومن أضل ممن يسسدعو أتبسساعه للعسسراض عسسن‬
‫كتاب الله وانتظار كتاب موهوم مفترى عند إمام مخترع أو هارب في سسسردابه‬
‫منذ أكثر من ألف عسسام‪ ..‬وكيسسف تقسسوم الحجسسة علسسى العبسساد بمثسسل هسسذا الكتسساب‬
‫‪577‬‬
‫الموهوم‪ ..‬والشيعة ل علم لها بهسسذا المصسسحف ول صسسلة لهسسا بسسه‪ ،‬إن يتبعسسون إل‬
‫الظن وإن هم إل يخرصون‪.‬‬
‫الشبهة الثالثة‪:‬‬
‫قال الملحد‪" :‬إن أكثر العامة وجماعة من الخاصة ذكروا فسي أقسسام اليسات‬
‫المنسوخة ما نسسسخت تلوتهسسا دون حكمهسسا‪ ،‬ومسسا نسسسخت تلوتهسسا وحكمهسسا معسا ً‬
‫وذكروا للقسمين أمثلة ورووا أخباًرا ظاهرة بل صريحة في وجود بعض اليسسات‬
‫والكلمات التي ليس لها في القرآن المتداول أثر ول عيسسن وأنسسه كسسان منسسه فسسي‬
‫عصر النبي صلى الله عليه وآله يتلونه الصحاب وحملوها على أحسسد القسسسمين‬
‫من غير أن تكون فيها دللة وإشارة على ذلك‪ ،‬وحيث إن نسخ التلوة غير واقع‬
‫عنسدنا‪ ،‬فهسذه اليسات والكلمسات لبسد وأن تكسسون ممسا سسقط أو سسقطوها مسن‬
‫الكتاب جهل ً أو عمدًا‪ ،‬ل بإذن من الله ورسوله وهو المطلسسوب" ]فصسسل الخطسساب‪:‬‬
‫ص ‪ .[.106‬هسسذه الشسسبهة تتكسسرر علسسى ألسسسنة المعاصسسرين مسسن الشسسيعة كسسثًيرا‪،‬‬
‫ويحاولون أن ينفذوا من خللها إلى فكر القارئ للتأثير عليه بإيهسسامه أن اليسسات‬
‫المنسوخة تلوة الواردة من طرق السنة هي كأخبار التحريف عند الشسسيعة‪ ،‬فل‬
‫تكاد تقرأ كتابسا ً مسسن كتسسب هسسذه الطائفسسة‪ ،‬ويسسأتي الحسسديث عسسن هسسذه الفريسسة إل‬
‫وتجدهم يبررون ما شاع من أساطير في كتبهم بالخبسسار المنسسسوخة عنسسد أهسسل‬
‫السنة ]مثل عبد الحسين الموسسسوي فسسي أجوبسسة مسسسائل جسسار اللسسه‪ ،‬ومحسسسن الميسسن فسسي كتسسابه‬
‫الشيعة بين الحقائق والوهام‪ ،‬وعبد الحسين الرشتي في "كشف الشتباه" والخنيزي في "الدعوة‬
‫إلى وحدة أهل السنة والمامية" وغيرهم‪.[.‬‬
‫ول شك أن حجتهم داحضة؛ ذلك أن النسسسخ مسسن اللسسه سسسبحانه‪ ،‬قسسال تعسسالى‪:‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫خ من آي َ‬
‫ها{ ]البقرة ‪ .[106‬أما‬ ‫مث ْل ِ َ‬
‫و ِ‬
‫ها أ ْ‬
‫من ْ َ‬
‫ر ّ‬‫خي ْ ٍ‬
‫ت بِ َ‬‫ها ن َأ ِ‬
‫س َ‬
‫و ُنن ِ‬
‫ةأ ْ‬‫س ْ ِ ْ َ ٍ‬
‫ما َنن َ‬
‫} َ‬
‫التحريف فمن فعسسل البشسسر‪ ،‬وشسستان بيسسن هسسذا وذاك‪ ،‬ولسسذلك وجسسد مسسن شسسيوخ‬
‫الشيعة الكثير ممن يذهب إلى هذا المذهب الباطل بمقتضى دللة أساطيرهم‪،‬‬
‫ولم يوجد أحد من علماء السنة يقول بهذه الفرية‪ ،‬فالنسخ شيء آخر غيرها‪.‬‬
‫بل إن هذه السطورة ل مكان لها أصل ً عند المسلمين‪ ،‬ولذلك نجد الحسسديث‬
‫عن النحراف فيما يتصل بالقرآن عند أهل السنة في مسألة خلق القسسرآن ومسسا‬
‫شابه ذلك من القوال الباطلة التي وجدت في محيسسط السسسنة العسسام‪ ،‬أمسسا تلسسك‬
‫القضية فغير واردة أصل ً عندهم‪ ،‬فكيسسف يجعسل النسسخ كسسالقول بسالتحريف؟ إن‬
‫ذلك إل ضلل مبين وكيد متعمد‪ ..‬لن غاية ما تدل عليه تلك الثار أن ذلك كسسان‬
‫قرآنا ً ثم رفع في حياة الرسول والوحي ينزل‪ ،‬ولهذا وضسسعت فسسي بسساب النسسسخ‬
‫من مباحث علوم القرآن عند أهل السنة‪ ،‬ولم يكن يخطسسر ببسسال أحسسد منهسسم أن‬
‫ذلك يدل على تحريف المنّزل‪ ،‬بخلف أخبار هذه السطورة عند الثني عشرية‬
‫التي تنسب التحريف إلى صحابة رسول الله السسذين رضسسي اللسسه عنهسسم ورضسسوا‬
‫عنسسه لنهسسا تصسسدق خسسبر شسسرذمة مسسن الفسساكين وتكسسذب بالضسسرورات والخبسسار‬
‫المتواترات وشهادة الله ورسوله لهم‪.‬‬
‫والصحابة عند أهل السنة هم أتقى وأخشى لله من يفعلسسوا شسسيًئا مسسن ذلسسك‪،‬‬
‫ولو فرضنا جدل ً أنهم حاولوا فعل هذا لم يمكنهم الله سبحانه وتعسسالى وإل لسسزم‬
‫الخلف في قوله وهو محال‪ .‬بل يستحيل أن يقع منه شيء من ذلسسك ولسسو علسسى‬
‫سبيل السهو؛ لن الله هو الذي وعد بحفظه‪.‬‬
‫ونسخ التلوة يقر به الروافض أنفسسسهم‪ ،‬وإن أنكسسره هسسذا النسسوري الطبرسسسي‬
‫لتأييد مذهبه الباطل ونسب النكار للشيعة كلها‪ ،‬فسإن صسدق فسسي هسسذه النسسسبة‬

‫‪578‬‬
‫فهو ينصرف إلى بعض المعاصرين من طائفته‪ ،‬وهذا يعني أنهم أكثر غلسسوا ً مسسن‬
‫ه( في هسسذه المسسسألة‬ ‫السابقين في ذلك‪ ،‬فقد قرر شيخهم الطبرسي )ت ‪‍ 548‬‬
‫ثبوت نسخ التلوة‪ ،‬حيث قال في مجمع البيان‪" :‬ومنها ما يرتفسع اللفسظ ويثبست‬
‫الحكسسم كآيسسة الرجسسم" ]مجمسسع البيسسان‪ .[.1/180 :‬والطبرسسسي قسسد أنكسسر التحريسسف‪،‬‬
‫ويستشهد شيوخ الشيعة بإنكاره على براءة مذهبهم من هسسذا العسسار‪ ،‬ولسسم يقسسل‬
‫أحد بأن إثباته لنسخ التلوة قول بالتحريف‪.‬‬
‫ه( في تفسيره التبيان‪ ،‬حيسسث قسسال‪" :‬ل‬ ‫ومن قبله شيخهم الطوسي )ت ‪‍ 460‬‬
‫يخلو النسخ في القسسرآن الكريسسم مسسن أقسسسام ثلثسسة‪ :‬أحسسدهم نسسسخ حكمسسه دون‬
‫لفظه‪...‬‬
‫والثاني ما نسخ لفظسسه دون حكمسسه كآيسسة الرجسسم‪ ،‬فسسإن وجسسوب الرجسسم علسسى‬
‫المحصنة ل خلف فيه‪ ،‬والية التي كانت متضمنة لسسه منسسسوخة بل خلف وهسسي‬
‫قوله‪" :‬والشيخ والشيخة إذا زنيا" ]التبيان‪.[.1/13 :‬‬
‫وقال في موضع آخر‪" :‬وقد أنكر قوم جواز نسخ القرآن‪ ،‬وفيما ذكرناه دليسسل‬
‫علسسى بطلن قسسولهم‪ ،‬وجسساءت أخبسسار متضسسافرة بسسأنه كسسانت أشسسياء فسسي القسسرآن‬
‫نسخت تلوتها" ]التبيان‪.[.1/394 :‬‬
‫ه( وهسسو ممسسن ينكسسرون هسسذه‬ ‫ومن قبلهما شيخ الشيعة "المرتضسسى" )ت ‪‍ 436‬‬
‫الفريسسة وهسسو السسذي اسسستثناه ابسسن حسسزم مسسن جمهسسور الماميسسة القسسائلين بهسسذه‬
‫السطورة‪.‬‬
‫والشيعة المعاصرون يستدلون بإنكاره على براءة مسسذهب الشسسيعة مسسن هسسذا‬
‫الكفر‪ ،‬وهو يقر بنسخ التلوة‪ ،‬ففي كتابه الذريعة قال‪" :‬فصل فسسي جسسواز نسسسخ‬
‫الحكم دون التلوة‪ ،‬ونسخ التلوة دونه" ثسسم تكلسسم عسسن ذلسسك ]الذريعسسة إلسسى أصسسول‬
‫الشيعة‪ :‬ص ‪.[.429– 428‬‬
‫إذن القرار بنسخ التلوة أمر مشسسترك بيسسن الفريقيسسن وهسسو شسسيء أخسسر غيسسر‬
‫التحريف‪.‬‬
‫ومن المكر والكيد الذي ل يكاد يخلو منه كتسساب شسسيعي معاصسسر نسساقش هسسذه‬
‫القضسسية التظسساهر بإنكسسار الشسسيعة لهسسذه الفريسسة والسسستدلل بإنكسسار المرتضسسى‬
‫والطبرسي وغيرهما‪ ،‬ثم يحاولون نسسسبة هسسذه الفريسسة إلسسى أهسسل السسسنة‪ ،‬لنهسسم‬
‫قالوا بنسخ التلوة‪ ..‬مع أن الطبرسي والمرتضى يقولن بذلك‪ ،‬ولكن ذلك مكر‬
‫مقصود لتحقيق هدف ل يجرؤون على إظهاره وهو اعتقادهم هذا الكفر‪.‬‬
‫الشبهة الرابعة‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫قال الملحد‪" :‬الدليل الرابع أنه كان لمير المؤمنين قرآنا مخصوص سا – كسسذا –‬
‫مخالف الموجود في الترتيب‪ ،‬وفيه زيسسادة ليسسست مسسن الحسساديث القدسسسية‪ ،‬ول‬
‫من التفسير والتأويل"‪.‬‬
‫وأقول‪ :‬لو كان لميسسر المسسؤمنين مصسسحف لخرجسسه للمسسسلمين‪ ،‬ولسسم يسسسعه‬
‫كتمانه‪ ،‬وإذا لم يستطع ذلك في خلفة من سبقه – علسسى حسسد تفكيركسسم – فسسإنه‬
‫يستطيع إخراجه إبان خلفته‪ ..‬وكتمسسان ذلسسك كفسسر وضسسلل‪ ..‬فمسسن ألصسسق ذلسسك‬
‫بأمير المؤمنين فهو ليس من شيعته‪ ،‬بل من عدوه؛ لنه يدعي أنه كتسسم إظهسسار‬
‫الحق وبيانه خوفا ً وجبنًا‪ ،‬وهو أسسسد اللسسه وأسسسد رسسسوله‪ ..‬وكتمسسان أصسسل السسدين‬
‫وأساسه خروج عن السلم‪.‬‬
‫ي إخراجه لخرجه الحسن إبان خلفته‪ ،‬ولكن الذي يشسسهد‬ ‫ولو لم يستطيع عل ّ‬
‫به الجميع حتى الروافض أن عليا ً لم يقرأ في صلته‪ ،‬ويحكم في خلفته إل بهذا‬

‫‪579‬‬
‫القرآن‪ ،‬وكذلك سائر علماء أهسسل السسبيت – كمسسا مسسر ]ص ‪ 265‬ومسسا بعسسدها‪ –[.‬وهسسذا‬
‫يبطل كل دعاوى الروافض الذين أقض مضاجعهم وأرق عيونهم وفض جمعهسسم‬
‫وشتت أمرهم خلو كتاب السلم العظيم مما يثبت شذوذهم فادعوا قرآنا ً غائبا ً‬
‫لما لم يجدوا في كتاب المسلمين ضسسالتهم‪ ،‬كمسسا ادعسسوا إمام سا ً غائب سا ً لمسسا مسسات‬
‫إمامهم من غير عقب‪.‬‬
‫وإذا كان لمير المؤمنين مصحف فهو أمر طبيعي ل يدل على ما يذهب إليسسه‬
‫هذا المجوسي‪ ،‬فهو كبعض الصسسحابة السسذين اتخسسذوا لنفسسسهم مصسساحف خاصسسة‬
‫كتبوها لهم ولكنها ل تصل إلى مستوى المصحف المام الذي يكتبه كتبة الوحي‬
‫بإشراف رسول الهدى صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫ي كما يسسدعون مصسسحف يخسسالف المصسسحف المسسام‪ ،‬فمسسا يخسسالف‬ ‫وإذا كان لعل ّ‬
‫المصسسحف السسذي أجمسسع عليسسه المسسسلمين ل اعتسسداد بسسه‪ ،‬لن الجمسساع معصسسوم‬
‫والعبرة بما أجمع عليه أهسسل السسسلم‪ ،‬مسسع أن أميسسر المسسؤمنين كسسان علسسى رأس‬
‫المجمعين والجامعين وثناؤه على أبسسي بكسر وعثمسسان فسسي ذلسسك مشسسهور – كمسسا‬
‫قدمنا ‪.-‬‬
‫قال الباقلني‪" :‬فإن قالوا‪ :‬فإنما لم يغير ذلك ولسسم ينكسسره لجسل التقيسسة قيسل‬
‫لهم‪ :‬ومن كان أقوى منه جانبا ً وهو في بني هاشم مسسع عظسسم قسسدره وشسسجاعته‬
‫وامتناع جانبه‪ .‬هذا غاية المتناع والباطل" ]نكت النتصار‪ :‬ص ‪.[.108‬‬
‫ي تنقسسض مسسا‬ ‫ثم أشار إلى تناقض الروافض‪ ،‬حيث إن مقسسالتهم هسسذه فسسي علس ّ‬
‫يزعمونه من شجاعته وصدعه بالحق‪ ،‬وعدم سكوته عن باطل‪.‬‬
‫وذكر بأن واقع أمير المؤمنين في خلفته ينفي مجرد تصسور التقيسة فسي هسذا‬
‫الباب "فأي تقية بعد أن شهر سيفه وقاتل بصسسفين ونصسسب الحسسرب بينسسة وبيسسن‬
‫مخالفيه فيما هو دون تغيير القرآن وتحريفه‪ ،‬هذا مما يعلم بطلنه ويقطع علسى‬
‫استحالته" ]نكت النتصار‪ :‬ص ‪.[.108‬‬
‫الشبهة الخامسة‪:‬‬
‫قال الملحد‪ :‬الخامس أنه كان لعبد الله بن مسسسعود مصسسحف معتسسبر فيسسه مسسا‬
‫ليس في القرآن الموجود"‪ .‬ثم ذكر نماذج مما جاء في مصحف ابسسن مسسسعود –‬
‫كما تزعم رواياتهم – ومما ذكره "وكفى الله المسسؤمنين القتسسال بعلسسي بسسن أبسسي‬
‫طالب ورفعنا لك ذكرك بعلي صهرك" ]فصل الخطاب‪ :‬ص ‪.[.136‬‬
‫أقول‪ :‬ل خلف أن بعض الصحابة كانت لهم مصاحف خاصة بهم يكتبون فيها‬
‫ما يسمعون من النبي صلى الله عليه وسلم من القسسرآن‪ ..‬وهسسذا ل يطعسسن فسسي‬
‫المصسسحف المسسام‪ ،‬ول يسسدل علسسى مسسا يسسذهب إليسسة هسسؤلء الطغسسام؛ لن العمسسدة‬
‫والصل هو ما أجمع عليه المسلمون ول عبرة بما انفرد به أحدهم‪.‬‬
‫وأنت تلحظ أنه جعل مصحف ابن مسعود هو المعتبر والهسسدف واضسسح؛ لنسسه‬
‫ورد فيه – كما يزعم – ذكر علي‪ ..‬ولكن ما استشهد به من نماذج يدل على أن‬
‫ك‬‫عَنا ل َ ق َ‬ ‫وَر َ‬
‫ف ْ‬ ‫ما ينسبونه لبن مسعود أو لمصحفه هو من افتراءاتهم‪ ،‬فقوله‪َ } :‬‬
‫ك{ هذه الية من سورة "النشراح" وهي مكية بكل آياتها كما هو معلوم‪،‬‬ ‫ِذك َْر َ‬
‫والزيادة التي زادوها وهي قولهم‪) :‬وجعلنا عليا ً صسسهرك( كشسسفت كسسذبهم؛ ذلسسك‬
‫أن صهره الوحيد في مكسسة هسسو العسساص بسسن الربيسسع المسسوي‪ ،‬فهسسم وضسسعوا ولسسم‬
‫يحسنوا الوضع لجهلهم بالتاريخ‪ ..‬فهل يكتب ابن مسعود ما يخالف الواقسسع ومسسا‬
‫سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم؟!‪.‬‬

‫‪580‬‬
‫وكذلك الشاهد الخر "وكفى الله المؤمنين القتال بعلي" فهو مخسسالف لنسسص‬
‫القرآن وللواقع‪ ،‬فالله سبحانه أخبر بمن كفى عباده المؤمنين‪ ،‬وذلك في قسسوله‬
‫سبحانه‪} :‬إذْ جاءَت ْك ُم جُنود َ َ‬
‫هققا{‬ ‫و َ‬‫م ت ََر ْ‬ ‫دا ل ّق ْ‬‫جن ُققو ً‬‫و ُ‬ ‫حا َ‬ ‫ري ً‬
‫م ِ‬‫ه ْ‬ ‫سل َْنا َ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫فأْر َ‬ ‫ٌ‬ ‫ْ ُ‬ ‫ِ َ‬
‫]الحزاب ‪.[9‬‬
‫ن‬
‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬‫مق ْ‬ ‫ه ال ْ ُ‬‫فى الل ّق ُ‬ ‫وك َ َ‬
‫ولذلك قال السلف فسسي تأويسسل قسسوله سسسبحانه‪َ } :‬‬
‫ل{ ]الحزاب ‪ [25‬أي‪ :‬بجنود من الملئكة‪ ،‬والرياح التي بعثها عليها ]تفسسسير‬ ‫ال ْ ِ‬
‫قَتا َ‬
‫الطبري‪ ،21/148 :‬فتح القدير‪.[.4/272 :‬‬
‫أما مخالفة الواقع فإن عليا ً لم يكن كافيا ً من دون المؤمنين‪ ،‬ولو لم يكن مع‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم إل علي لما أقام دينه‪ ،‬وهذا علي لم يغن عن‬
‫نفسه ومعه أكثر جيوش الرض‪ ..‬في حربه مع معاوية ]انظر‪ :‬منهاج السنة‪.[.4/56 :‬‬
‫ولسسذا قسسال البسساقلني‪" :‬فأمسسا ادعسساؤهم أن ابسسن مسسسعود قسسرأ‪" :‬وكفسسى اللسسه‬
‫المؤمنين القتال بعلي" وما أشبه ذلك من الحاديث فإنه إفك وزور ول يصح‪"..‬‬
‫]نكت النتصار‪ :‬ص ‪ ،107‬وانظر‪ :‬روح المعاني‪.[.21/175 :‬‬
‫وقال ابن حزم‪" :‬وأما قولهم ]يعني النصارى؛ لنهم يعترضسسون علسسي أمسسة السسسلم بشسسبه‬
‫هؤلء الروافض‪ :[.‬إن مصحف عبد الله بن مسعود رضي الله عنسسه خلف مصسسحفنا‬
‫فباطل وكذب وإفك‪ ،‬مصحف عبد الله بسسن مسسسعود إنمسسا فيسسه قراءتسسه بل شسسك‪،‬‬
‫وقراءته هي قراءة عاصم المشهورة عند جميع أهل السلم‪ ،‬في شرق الرض‬
‫وغربها" ]الفصل‪.[.2/212 :‬‬
‫الشبهة السادسة‪:‬‬
‫قسسال الملحسسد‪" :‬السسدليل السسسادس أن الموجسسود غيسسر مشسستمل لتمسسام مسسا فسسي‬
‫ي المعتبر عندنا"‪.‬‬ ‫مصحف أب ّ‬
‫ي معتسسبر عنسسدهم دون‬ ‫انظر مبلغ تعنسست وتعصسسب هسسذا الملحسسد‪ ،‬فمصسسحف أبس ّ‬
‫مصحف المة!!‬
‫ي دون مصسسحف المسسة؟‍! ل‬ ‫وما الدليل على اعتبار وصحة ما في مصسسحف أبس ّ‬
‫دليل لديهم إل رغبة هؤلء المجوس في الطعن في كتاب الله وأّنى لهم ذلسسك‪..‬‬
‫فل مصحف إل هذا القرآن وكلماتهم عادت عليهم بأسوأ العواقب‪..‬‬
‫ي بن كعب وعائشة وسالم مولى حذيفسسة مصسساحف‬ ‫وإذا كان لبن مسعود وأب ّ‬
‫كما جاءت به الخبار في كتب السنة والشيعة‪ ..‬فهذه المصسساحف الخاصسسة هسسي‬
‫عمل فردي من بعض الصحابة ولم يكن هدفهم كتابة مصحف تلتزم بسسه المسسة‪،‬‬
‫لهذا كانت هذه المصاحف الخاصسسة غيسسر حجسسة علسسى المسسة‪ ،‬فمسسا عسسدا مصسسحف‬
‫عثمان ل يقطع عليه‪ ،‬وإنما يجري مجرى الحاد ]البرهان‪.[.1/222 :‬‬
‫وإذا نقل منه ما يخالف المصحف المام فهذا طبيعي‪ ،‬لن الواحد منهم كسسان‬
‫يكتب لنفسه‪ ،‬ولذلك قد يكتبون تفسيرا ً لبعض اليات في نفس المصحف وهسسم‬
‫آمنون من اللبس‪ ،‬لنهم إنما يكتبون لنفسهم‪.‬‬
‫قال ابن الجزري‪" :‬ربما كانوا يدخلون التفسير في القسسراءات إيضسساحا ً وبيانسًا‪،‬‬
‫لنهم محققون لما تلقوه عن النبي صلى الله عليه وسلم قرآنا فهم آمنسسوا مسسن‬
‫اللتباس‪ ،‬وربما كسسان بعضسسهم يكتبسسه معسسه" ]ابسسن الجسسزري‪ /‬النشسسر‪ ،1/32 :‬السسسيوطي‪/‬‬
‫التقان‪.[.1/77 :‬‬
‫وربما كتبوا ما نسخت تلوته "ولذلك نص كثير من العلماء على أن الحسسروف‬
‫ي وابسسن مسسسعود وغيرهمسسا ممسسا يخسسالف هسسذه المصسساحف‬ ‫السستي وردت عسسن أب س ّ‬

‫‪581‬‬
‫]ابسسن‬ ‫منسوخة‪ ...‬ول شك أن القرآن نسخ منه وغ ُّير فيه فسسي العرضسسة الخيسسرة"‬
‫الجزري‪ /‬النشر‪.[.1/32 :‬‬
‫ذلك أنهم يكتبون لنفسهم ل للمة‪ ،‬كما ل ننسى ما يضعه الروافض في هسسذا‬
‫الباب‪ ،‬وينسبونه لهذا المصاحف ]ولهسسذا ذكسسر أهسسل العلسسم أن مسسن أنسسواع القسسراءات مسسا هسسو‬
‫موضوع‪) .‬انظر‪ :‬التقسسان‪ .[.(1/77 :‬أما القرآن فقسسد قسسام بسسه الحفظسسة مسسن الصسسحابة‪،‬‬
‫وجمعوا ما في الصحف التي كتبها كتاب الوحي بإشراف النبي صلى الله عليسسه‬
‫وسلم على حسب ما استقر في العرضة الخيرة من جبريل على النسسبي صسسلى‬
‫الله عليه وسلم على ما هو عليه الن مسسن غيسسر زيسسادة ول نقصسسان "ولسسذلك لسسم‬
‫يختلف عليهم اثنان حتى إن علي بن أبي طالب لم ينكر حرفا ً ول غيره" ]النشر‪:‬‬
‫‪.[.1/33‬‬
‫الشبهة السابعة‪:‬‬
‫ً‬
‫قال الملحد‪" :‬السابع أن عثمان لما جمع القرآن ثانيا أسقط بعسسض الكلمسسات‬
‫واليات‪] "..‬فصل الخطاب‪ :‬ص ‪.[.150‬‬
‫ثم يحاول أن يقيم الدليل على هذه الدعوى بأن "العلسسم بمطابقسسة مسسا جمعسسه‬
‫لتمسسام المنسسزل‪ ..‬متوقسسف علسسى‪ ..‬عدالسسة الناسسسخين أو الكسساتبين أو صسسدقهم أو‬
‫العرض علي الصحيح التمام‪] "..‬فصل الخطاب‪ :‬ص ‪ [.154‬وهذا في نظره ل يثبت‪.‬‬
‫فأنت تلحظ أنه بنى دعسسواه علسسى عقيسسدة الرافضسسة فسسي الصسسحابة المخالفسسة‬
‫للكتاب والسنة وإجمساع المسة ومسا تسواترت بسه الحسداث والوقسائع ]انظسسر‪ :‬نقسسض‬
‫عقيدتهم في الصحابة‪ :‬ص)‪ (752‬وما بعدها‪.[.‬‬
‫كما اعتبر الوهم الذي تدعيه الشيعة من وجود مصحف جمعه علسسي وتسسوارثه‬
‫الئمة هو الصل في تصديق المصحف المام‪ ..‬وكل ذلك غير مسّلم له‪ ،‬كمسسا ل‬
‫يسّلم له احتجاجه بذلك "الغثيان" من القوال والروايات التي نقلها مسسن كتبهسسم‬
‫لثبات هذه المقالة‪.‬‬
‫ومن المعلوم أن "القرآن كله كتب في عهد النسسبي صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم‪،‬‬
‫فلم يأمر أبو بكر إل بكتابة ما كان مكتوبًا‪ ،‬ولذلك توقف عن كتابة الية من آخر‬
‫سورة براءة حتى وجدها مكتوبة‪ ،‬مع أنه كان يستحضرها هسسو ومسسن ذكسسر معسسه"‬
‫]فتسسح البسساري‪[.13-9/12 :‬؛ لنهسسم كسسانوا يعتمسسدون فسسي جمسسع القسسرآن علسسى الحفسسظ‬
‫والكتابة معًا؛ ولم يعتمدوا على الحفظ وحده؛ حيث إن "قصدهم أن ينقلوا مسسن‬
‫عين المكتوب بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم‪ ..‬ل من مجرد حفظهم" ]أبو‬
‫شامة‪ /‬المرشد الوجيز‪ :‬ص ‪ ،57‬وانظر التقان للسيوطي‪ :‬ص ‪.[.58‬‬
‫ُ‬
‫وقد أعلم الله تعالى في القرآن بأنه مجموع في الصحف في قسسوله‪} :‬ي َت ْلققو‬
‫ة{ ]البينة‪ ...[2 ،‬الية‪ ،‬فكان القسسرآن مكتوبسا ً فسسي الصسسحف لكسسن‬ ‫مطَ ّ‬
‫هَر ً‬ ‫فا ّ‬‫ح ً‬
‫ص ُ‬
‫ُ‬
‫كانت مفرقة فجمعها أبو بكر في مكان واحد‪ ،‬ثم كانت بعده محفوظة إلسسى أن‬
‫أمر عثمان بالنسخ منها عدة مصسساحف وأرسسسل بهسسا إلسسى المصسسار ]فتسسح البسساري ‪:‬‬
‫‪.[.9/13‬‬
‫قال شيخ السلم ابن تيمية يلخص عملية جمع القرآن‪" :‬لما كان العام السسذي‬
‫قبض فيه النبي صلى الله عليه وسلم عارضه جبريل بالقرآن مرتين‪ ،‬والعرضسسة‬
‫الخيرة هي قراءة زيد بن ثابت وغيره‪ ،‬وهي التي أمر الخلفسساء الراشسسدون أبسسو‬
‫بكر وعمر وعثمان وعلي بكتابتها فسسي المصسساحف‪ ،‬وكتبهسسا أبسسو بكسسر وعمسسر فسسي‬
‫خلفة أبي بكر في صحف أمر زيد بن ثابت بكتابتها‪ ،‬ثم أمر عثمان فسي خلفتسه‬

‫‪582‬‬
‫بكتابتها في المصاحف‪ ،‬وإرسالها إلى المصار‪ ،‬وجمع الناس عليها باتفسساق مسسن‬
‫ي وغيره" ]مجموعة فتاوى شيخ السلم‪.[.13/395 :‬‬ ‫الصحابة عل ّ‬
‫ً‬
‫خطئ أبا بكر وعثمان قد خطسأ عليسا‪ ،‬وجميسع الصسحابة؛ لن الحقيقسة‬ ‫ّ‬ ‫فالذي ي ُ َ‬
‫التي يتفق عليها المسلمون أن أميسسر المسسؤمنين عثمسسان جمسسع القسسرآن بموافقسسة‬
‫الصحابة جميعا ً ]انظر‪ :‬المرشد الوجيز لبي شامة‪ :‬ص ‪.[.53‬‬
‫ولو حدث هذا الذي تقوله الشيعة لما جاز لحسسد السسسكوت علسسى تغييسسر أصسسل‬
‫السلم وأساسه‪ ،‬ولضل الجميع بسبب ذلك بمسسا فيهسسم علسسي رضسسي اللسسه عنسسه‪،‬‬
‫والبراهين المتفق عليها والتي ل يختلسف فيهسا اثنسان أن الصسحابة رضسوان اللسه‬
‫عليهم لم يسكتوا على ما هو أقل من ذلك‪.‬‬
‫لقد قاتلوا من منع الزكاة‪ ،‬وقاتل علي – رضي الله عنه – معاوية علسسى أقسسل‬
‫من هذا المر العظيم والشأن الخطير‪ ،‬ولو حصل الذي تقوله الرافضسسة لتنسساقله‬
‫أعداد السلم الذين يتربصون بأمة السسلم السسدوائر‪ ،‬ولسسم تنفسسرد بنقلسسه طائفسسة‬
‫الروافض‪.‬‬
‫وهذه الطائفة التي نقلت هسسذا الكفسسر قسسد نقلسست مسسا يثبسست خلفسسه‪ ،‬روى ابسسن‬
‫طاوس وهو من كبار شيوخ الشسسيعة أن "عثمسسان جمسسع المصسسحف بسسرأي مولنسسا‬
‫علي ابن أبي طالب" ]تاريخ القرآن للزنجاني ص ‪ [.67‬وهذا ينقض ما افتراه الشسسيعة‬
‫عبر القرون؛ لنه يتفق مع إجماع المة‪ ،‬وهو اعتراف منهم وإقسسرار‪ ..‬واعسستراف‬
‫المخالف أشد وقعا ً في النفس من اعتراف الموافق‪.‬‬
‫ولم يملك صاحب فصل الخطاب – وهو الحريص على إثبسسات هسسذه الفريسسة –‬
‫حيال هذا النص إل أن يقول‪" :‬إنه من الغرابة بمكسان" ]فصسسل الخطسساب‪ :‬ص ‪.[.153‬‬
‫وليس بغريب إل عند هذا الملحد ومن يشايعه‪.‬‬
‫وقد أخرجه ابن أبسسي داود بسسسند صسسحيح – كمسسا قسسال ابسسن حجسسر – عسسن أميسسر‬
‫المؤمنين علي رضي الله عنه قال‪" :‬ل تقولوا في عثمان إل خيسسرا ً فسسوا للسسه مسسا‬
‫فعل ما فعل في المصاحف إل عن مل منا" ]فتح الباري‪ ،9/18 :‬وانظر‪ :‬ابسسن أبسسي داود‪/‬‬
‫كتاب المصاحف‪ :‬ص ‪ ،19‬أبو شامة‪ /‬المرشد الوجيز‪ :‬ص ‪.[.53‬‬
‫وبعد هذا كله فإن "النموذج" الذي يخرجه لنا هسسؤلء "الكذبسسة" ويزعمسسون أن‬
‫عثمان أسقطه‪ ،‬هو أكبر شاهد على حقيقة قولهم‪..‬‬
‫فقد جاء صاحب فصل الخطاب بأربع روايات عن أربعة من كتبهسسم تقسسول إن‬
‫علي بن موسى الرضا قال‪" :‬ل والله ل يرى في النار منكم اثنان أبدًا‪ ،‬ل واللسسه‬
‫ول واحدًا‪ .‬قال‪ :‬قلت‪ :‬أصلحك الله‪ ،‬أين هذا من كتاب الله تعالى؟ قال‪ :‬هو في‬
‫الرحمن وهو في قوله تبارك وتعالى‪ :‬ل يسئل عن ذنبسسه منكسسم إنسسس ول جسسان‪،‬‬
‫قال‪ :‬قلت‪ :‬ليس فيها منكم؟ قال‪ :‬بلى‪ ،‬والله إنه لمثبت فيها وإن أول من غّيسسر‬
‫ذلك لبن أروى" ]فصل الخطاب‪ :‬ص ‪.[.157‬‬
‫والروايات الثلث الخر ل تخرج عن هذا المعنى‪ ،‬ويعنون بابن أروى عثمان‪.‬‬
‫فهذا "المثال" الذي تقدمه كتب الروافض كشاهد لما أسقطه عثمان يكشف‬
‫الحقيقة المخبأة‪ ..‬فوقت تنزل القرآن ل يوجد شيعة‪ ،‬ول مرجئة ول غيرهما من‬
‫الفرق‪.‬‬
‫والية كمسا ل يسدعون تثسبيت أن الشسسيعي ل يسسأل عسن ذنبسسه‪ ..‬وهسسذه دعسوى‬
‫خطيرة ل يسندها دليل‪ ،‬بل هي مناقضة لنصوص التنزيل‪ ،‬وما علم من السلم‬
‫بالضرورة‪ ..‬ولها آثارها الخطيرة من التحلل من التكسساليف الشسسرعية‪ ..‬والجسسرأة‬
‫على اقتراف المعاصي والموبقات‪.‬‬

‫‪583‬‬
‫وإمامهم يقسم على شيعته أنه لن يدخل النار منهم واحد‪ ..‬أطلع الغيسسب‪ ،‬أم‬
‫اتخذ عند الله عهدًا؟!‬
‫س قَنا الن ّققاُر إ ِل ّ‬ ‫م ّ‬ ‫وهم بهذه الدعوى أكثر غلوا ً من يهود‪ ،‬الذين قالوا‪َ} :‬لن ت َ َ‬
‫عنقدَ الل ّق ِ‬
‫ه‬ ‫م ِ‬ ‫خقذْت ُ ْ‬ ‫ل أ َت ّ َ‬
‫ق ْ‬ ‫ة{‪ ،‬ورد الله عليهم بقسسوله سسسبحانه‪ُ } :‬‬ ‫دودَ ً‬ ‫ع ُ‬‫م ْ‬‫ما ّ‬ ‫أّيا ً‬
‫َ‬
‫َ‬
‫ن‪،‬‬ ‫مققو َ‬ ‫عل َ ُ‬
‫مققا ل َ ت َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫عل َققى الّلق ِ‬ ‫ن َ‬ ‫قوُلقو َ‬
‫م تَ ُ‬‫هقدَهُ أ ْ‬ ‫ع ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ف الل ّ ُ‬ ‫خل ِ َ‬ ‫فَلن ي ُ ْ‬ ‫دا َ‬ ‫ه ً‬ ‫ع ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ه َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ر‬ ‫ب الن ّققا ِ‬ ‫حا ُ‬ ‫صق َ‬ ‫ولق قئ ِك أ ْ‬ ‫فأ ْ‬ ‫طيق قئ َت ُ ُ‬
‫خ ِ‬
‫ه َ‬‫ت بِ ِ‬ ‫حاط ْ‬ ‫وأ َ‬ ‫ة َ‬ ‫سي ّئ َ ً‬‫ب َ‬ ‫س َ‬ ‫من ك َ‬ ‫ب َلى َ‬
‫ن{ ]البقرة‪.[81 ،80 ،‬‬ ‫دو َ‬ ‫خال ِ ُ‬ ‫ها َ‬ ‫في َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ُ‬
‫وهي تكشف كذب هسسذه السسدعاوى كلهسسا‪ ..‬وأن الغسسرض مسسن دعسسوى التحريسسف‬
‫تحقيق شذوذ ل سند له من كتاب أو سنة صسسحيحة‪ .‬ثسسم هسسي تكشسسف أن واضسسع‬
‫ن أنها‬ ‫هذه الرواية زنديق جاهل بمعاني كتاب الله‪ ،‬فالية في المجرمين وهو ظ ّ‬
‫في الصالحين فأولها في شيعته‪ ..‬وحاول أن يؤكد ذلسسك بزيسسادة قسسوله‪" :‬منكسسم"‬
‫وعلل ذلك بأنة لو لم يضسسع هسسذه الزيسسادة لسسسقط العقسساب عسسن الخلسسق‪ ،‬وهسسو ل‬
‫ول‬ ‫يسقط إل عن شيعته – كما يفسستري – مسسع أن اليسسة هسسي كقسسوله سسسبحانه‪َ } :‬‬
‫ن{ ]القصص‪.[78 ،‬‬ ‫مو َ‬‫ر ُ‬ ‫ج ِ‬ ‫م ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫عن ذُُنوب ِ ِ‬ ‫ل َ‬ ‫سأ َ ُ‬ ‫يُ ْ‬
‫فهي في أهل الجرائم والذنوب‪.‬‬
‫ولهذا قال ابن عباس في تفسيرها‪ :‬ل يسألهم هسسل عملتسسم كسسذا وكسسذا؟؛ لنسسه‬
‫أعلسسم بسسذلك منهسسم‪ .‬وقسسال مجاهسسد‪ :‬ل يسسسأل الملئكسسة عسسن المجسسرم‪ ،‬يعرفسسون‬
‫بسيماهم ]تفسير الطبري‪ ،143 – 27/142 :‬تفسير ابن كثير ‪.[.4/294‬‬
‫ونختم القول بما قاله الجاحظ في دحض شبهتهم حول جمع أميسسر المسسؤمنين‬
‫عثمان رضي الله عنه‪ .‬قال الجاحظ‪:‬‬
‫"والذي يخطئ عثمان في ذلك فقد خطأ عليا ً وعبد الرحمن وسعدًا‪ ،‬والزبيسسر‬
‫وطلحة وعلية الصحابة‪.‬‬
‫ولو لم يكن ذلك رأي علي لغّيره‪ ،‬ولو لم يمكنه التغييسسر لقسسال فيسسه‪ ،‬ولسسو لسسم‬
‫يمكنه في زمن عثمان لمكنه في زمن نفسه‪ ،‬وكان ل أقل مسسن إظهسسار الحجسسة‬
‫إن لم يملك تحويل المة‪ ،‬وكان ل أقل من التجربة إن لم يكن من الّنجاح علسى‬
‫ثقة‪ ،‬بل لم يكن لعثمان في ذلسسك مسسا لسسم يكسسن لجميسسع الصسسحابة‪ ،‬وأهسسل القسسدم‬
‫والقدوة‪ ،‬ومع أن الوجه فيما صنعوا واضسسح‪ ،‬بسسل ل نجسسد لمسسا صسسنعوا وجهسا ً غيسسر‬
‫الصابة والحتياط‪ ،‬والشفاق والنظر للعواقب‪ ،‬وحسم طعن الطاعن‪.‬‬
‫ولو لم يكن ما صنعوا لله تعالى فيه رضا ً لما اجتمع عليه أول المة وآخرهسسا‪،‬‬
‫وإن أمسسرا ً اجتمعسست عليسسه المعتزلسسة والشسسيعة‪ ،‬والخسسوارج والمسسرجئة‪ ،‬لظسساهر‬
‫الصواب‪ ،‬واضح البرهان‪ ،‬على اختلف أهوائهم‪.‬‬
‫فإن قال قائل‪ :‬هذه الروافض بأسرها تأبى ذلك وتنكره‪ ،‬وطعسسن فيسسه‪ ،‬وتسسرى‬
‫تغييره‪.‬‬
‫قلنا‪ :‬إن الروافض ليست منا بسبيل‪ ،‬لن من كان أذانسسه غيسسر أذاننسسا‪ ،‬وصسسلته‬
‫غير صلتنا‪ ،‬وطلقه غير طلقنا‪ ،‬وعتقه غير عتقنا‪ ،‬وحجته غير حجتنسسا‪ ،‬وفقهسساؤه‬
‫غيسر فقهائنسا‪ ،‬وإمسامه غيسر إمامنسا‪ ،‬وقراءتسه غيسر قراءتنسا‪ ،‬وحللسه غيسر حللنسا‪،‬‬
‫وحرامه غير حرامنا‪ ،‬فل نحن منه ول هو منسسا ]رسسسائل الجسساحظ‪ ،‬رسسسالة حجسسج النبسسوة‪:‬‬
‫‪.[.234–3/233‬‬
‫الشبهة الثامنة‪:‬‬
‫قال الملحد‪" :‬الثامن في أخبار كثيرة دالة صريحا ً على وقوع النقصان زيسسادة‬
‫على ما مر رواها المخالفون" ]فصل الخطاب‪ :‬ص ‪.[.162‬‬

‫‪584‬‬
‫ثم ذكر ما جاء عن طريق أهل السنة من أخبار نسخ التلوة‪.‬‬
‫ول مستمسك له في ذلك كما أسلفنا؛ لن النسخ من الله سبحانه والتحريف‬
‫من البشر‪ ..‬ولذلك جاء الحديث عنها في كتب أهل السنة في باب النسسسخ‪ ..‬ول‬
‫نعيد هنا ما قلناه سابقًا‪ ..‬وهو يعيد الدلة ويكررها بصور مختلفسسة ليصسل بالدلسسة‬
‫إلى عدد أئمته الثني عشر‪.‬‬
‫وقد أورد في هذا الموضع سورة مفتراة قال بأنه وجدها في كتسساب دبسسستان‬
‫مذاهب ]بالغة اليرانية لمؤلفه محسن فاني الكشميري‪ ،‬وهو مطبوع في إيران طبعات متعسسددة‪،‬‬
‫ونقل عنه هذه السورة المكذوبسسة علسسى اللسسه المستشسسرق نولسسدكه فسسي كتسسابه "تاريسسخ المصسساحف"‪:‬‬
‫‪ ،2/102‬ونشسسرتها الجريسدة السسسيوية الفرنسسسية سسنة ‪1842‬م )ص ‪) (439–431‬انظسر‪ :‬الخطسسوط‬
‫العريضة ص ‪ [.(13‬ولم يجدها فسي غيسره مسن كتسسب الشسيعة‪ ،‬وقسسال‪ :‬لعلهسسا سسسورة‬
‫"الولية" التي أشار إليهسسا بعسسض شسسيوخ الشسسيعة‪ ،‬ثسسم أورد نصسسها بتمسسامه ]فصسسل‬
‫الخطاب‪ :‬ص ‪ [.180‬وهي عبارات ركيكة‪ ،‬وألفاظ ساقطة‪ ،‬ومعان متهافتة‪ ،‬وسياق‬
‫مفكك‪ ،‬وجمل ينبو بعضها عن بعض‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫فهسسي عبسسارة عسسن كلمسسات ملفقسسة تلفيقسسا رديئا مسسن بعسسض ألفسساظ القسسرآن‪،‬‬
‫وموضوعها هو المر الذي أقلق الشسسيعة وهسسو خلسسو كتسساب اللسسه مسسن شسسذوذهم‪،‬‬
‫ولذلك فهي تذكر مسألة الوصسسية لعلسسي بالمامسسة‪ ،‬وتكفيسسر الصسسحابة لعصسسيانهم‬
‫الوصي‪ .‬تقول كلماتها"‬
‫"يا أيها الذين آمنوا بالنورين أنزلناهما يتلوان عليكم آياتي‪ .‬إن السسذين يوفسسون‬
‫ورسوله في آيات لهم جنات نعيم‪ .‬والسذين كفسسروا مسسن بعسسد مسسا آمنسسوا بنقضسسهم‬
‫ميثاقهم ومسسا عاهسسدهم الرسسسول عليسسه يقسسذفون فسسي الجحيسسم‪ .‬ظلمسسوا أنفسسسهم‬
‫وعصسسوا الوصسسي الرسسسول يسسسقون مسسن حميسسم‪ .‬إن اللسسه السسذي نسسور السسسموات‬
‫والرض بما شاء واصطفى من الملئكة وجعل من المسسؤمنين أولئك فسسي خلقسسه‬
‫يفعل الله ما يشاء‪ ...‬إن عليا ً من المتقين وإنا لنسسوفيه حقسسه يسسوم السسدين‪ ..‬فسسإنه‬
‫وذريته الصابرون‪ ،‬وإن عدوهم إمام المجرمين‪ ...‬يا أيها الرسول قد جعلنسسا لسسك‬
‫في أعناق الذين آمنوا عهدا ً فخذه وكن من الشاكرين بسسأن علي سا ً قانت سا ً بالليسسل ‪.‬‬
‫يحذر الخرة ويرجسسو ثسسواب ربسسه قسسل هسسل يسسستوي السسذين ظلمسسوا وهسسم بعسسذابي‬
‫يعلمسسون‪ .‬سسسيجعل الغلل فسسي أعنسساقهم وهسسم علسسى أعمسسالهم ينسسدمون" ]فصسسل‬
‫الخطاب‪ :‬ص ‪ [.181–180‬إلخ‪.‬‬
‫هذه بعض كلماتها وهي ل تحتاج إلى نقد‪.‬‬
‫فهسسي مسسن هسسذر الكلم وسسسقط المتسساع‪ ،‬تلفيسسق مهلهسسل مضسسطرب المعسساني‬
‫واللفاظ‪ ،‬وإن أقل الدباء ليأبى نسبتها إليه فضل ً عن أن تكون من كتسساب اللسسه‬
‫الذي أعجز أرباب البيان وفرسان الفصاحة‪.‬‬
‫وقسسد نقسسد هسسذه "السسسورة المخترعسسة" الشسسيخ يوسسسف السسدجوي فسسي كتسسابه‪:‬‬
‫"الجواب المنيف في الرد على مدعي التحريف فسسي القسسرآن الشسسريف" ]انظسسر‪:‬‬
‫الجواب المنيف‪ :‬ص ‪ 174‬وما بعدها‪.[.‬‬
‫وقد ردها – أيضا ً – وبّين زيفها أحد شيوخ الشيعة وهو البلغسسي فسسي تفسسسيره‬
‫آلء الرحمن ]انظر‪ :‬آلء الرحمن‪ :‬ص ‪.[.25-24‬‬
‫وبطلنها أوضح من أن يبّين‪ ،‬فل حاجة إلسسى نقسسل مسسا قسساله‪ ،‬فسسأنت تلحسسظ أن‬
‫المر ظاهر من مجرد النظر في ألفاظها‪ ،‬انظر إلى قوله – مثل ً ‪" :-‬واصسسطفى‬
‫من الملئكة‪ ،‬وجعل من المؤمنين أولئك في خلقه" تجد أنها من وضع أعجمسسي‬
‫ل يستطيع أن ينبئ عما يريد‪.‬‬
‫فماذا اصطفى من الملئكة؟ لم يكمل المعنى‪.‬‬
‫‪585‬‬
‫ولعله يريد اصطفي من الملئكة رسل ً إلسسى الوصسسياء‪ ،‬فلسسم يسسستطيع إكمسسال‬
‫الجملة‪.‬‬
‫وماذا جعل من المؤمنين؟‬
‫وما معنى أولئك في خلقه؟‬
‫وأنت ترى أنه ما رام أحد محاكاة القرآن إل وابتله الله بالعي‪ ،‬وفضحه على‬
‫رؤوس الشهاد‪.‬‬
‫الشبهة التاسعة‪:‬‬
‫قال الملحد‪" :‬إنه تعالى ذكر أسامي أوصيائه وشسسمائلهم فسسي كتبسسه المباركسسة‬
‫السالفة‪ ،‬فل بد أن يذكرها في كتاب المهيمن عليها" ]فصل الخطاب‪ :‬ص ‪.[.184‬‬
‫وكونها لم توجد فهذا دليل تحريفه بزعمه‪ ،‬ثم سسساق مجموعسسة مسسن روايسساتهم‬
‫تذكر بأن أئمتهم الثني عشر قسسد جسساء ذكرهسسم فسسي الكتسسب السسسماوية السسسابقة‬
‫]فصل الخطاب‪ :‬ص ‪.[.204–184‬‬
‫وأقول‪ :‬إن هذه الدعوى مبنية على أن أسماء الئمة الثني عشر قسسد ذكسسرت‬
‫في كتب النبياء السابقة‪ ..‬فهي دعوى باطلة بنيت علسسى باطسسل‪ ،‬وخرافسسة ع ُل ّسسق‬
‫ثبوتها على خرافة أخرى‪ ،‬فمن يسّلم بذكرهم في الكتب السماوية حتى يسسسلم‬
‫بذكرهم في القرآن! "وهذه كتب النبياء التي أخسسرج النسساس مسسا فيهسسا مسسن ذكسسر‬
‫ي – فضسل ً عسسن سسسائر‬ ‫النبي صلى الله عليه وسلم ليس في شيء منها ذكر علس ّ‬
‫ي‬‫أئمتهم – وهؤلء الذين أسلموا من أهل الكتاب لم يذكر أحد منهم أنه ذكر عل ّ‬
‫عندهم" ]منهاج السنة‪.[.4/46 :‬‬
‫لقسسد جسساءت البشسسارة فسسي الكتسسب السسسابقة بخسساتم المرسسسلين‪ .‬قسسال تعسسالى‪:‬‬
‫م‬ ‫مك ُْتوب ًققا ِ‬ ‫ي ال ّ ِ‬ ‫ُ‬ ‫سو َ‬ ‫}ال ّ ِ‬
‫ه ْ‬‫عن قدَ ُ‬ ‫ه َ‬‫دون َ ُ‬ ‫جق ُ‬ ‫ذي ي َ ِ‬ ‫م ّ‬ ‫ي ال ّ‬ ‫ل الن ّب ِ ّ‬ ‫ن الّر ُ‬ ‫عو َ‬ ‫ن ي َت ّب ِ ُ‬ ‫ذي َ‬
‫ل{ ]العراف‪.[157 ،‬‬ ‫جي ِ‬ ‫وال ِن ْ ِ‬ ‫ة َ‬ ‫وَرا ِ‬ ‫في الت ّ ْ‬ ‫ِ‬
‫د‬
‫مق ٌ‬ ‫ح ّ‬ ‫م َ‬‫وجاء ذكر الصحابة والثناء عليهم في التوراة والنجيل‪ ،‬قال تعسسالى‪ّ } :‬‬
‫م‬ ‫عل َققى ال ْك ُ ّ‬ ‫ل الل ّه وال ّذين مع َ‬ ‫سو ُ‬
‫هق ْ‬ ‫م ت ََرا ُ‬ ‫هق ْ‬ ‫مققاءُ ب َي ْن َ ُ‬‫ح َ‬ ‫ر ُر َ‬ ‫فققا ِ‬ ‫داءُ َ‬‫شق ّ‬ ‫هأ ِ‬ ‫ِ َ ِ َ َ َ ُ‬ ‫ّر ُ‬
‫هم‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ن َ‬ ‫ُرك ّ ً‬
‫ه ِ‬ ‫جققو ِ‬ ‫و ُ‬‫فققي ُ‬ ‫م ِ‬‫ه ْ‬ ‫ما ُ‬ ‫سي َ‬ ‫واًنا ِ‬ ‫ض َ‬ ‫ر ْ‬ ‫و ِ‬‫ه َ‬ ‫ن الل ِ‬ ‫م َ‬ ‫ضل ّ‬ ‫ف ْ‬ ‫غو َ‬ ‫دا ي َب ْت َ ُ‬ ‫ج ً‬
‫س ّ‬ ‫عا ُ‬
‫ع‬ ‫كققَزْر ٍ‬ ‫ل َ‬ ‫جي ِ‬ ‫لن ِ‬ ‫في ا ِ‬ ‫م ِ‬ ‫مث َل ُ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫و َ‬‫ة َ‬ ‫وَرا ِ‬ ‫في الت ّ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫مث َل ُ ُ‬‫ك َ‬ ‫جوِد ذَل ِ َ‬ ‫س ُ‬ ‫ر ال ّ‬ ‫ِ‬ ‫ن أ َث َ‬ ‫م ْ‬ ‫ّ‬
‫ه{ ]الفتح‪.[29 ،‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫أَ ْ‬
‫ج شطأ ُ‬ ‫خَر َ‬
‫وقد عز على هذه الزمسسرة أن يسذكر رسسسول الهسدى صسسلى اللسسه عليسسه وسسلم‬
‫وصحابته ول يسسذكر أئمتهسسم‪ ،‬والصسسحابة عنسسدهم أهسسل ردة‪ ،‬وأئمتهسسم أفضسسل مسسن‬
‫النبياء والرسل‪ ..‬فكيسسف يقولسسون لتبسساعهم؟ لقسسد اخسسترعوا روايسسات تقسسول بسسأن‬
‫م لم يذكروا في كتسساب اللسسه؟ هسسذا‬ ‫الئمة قد ذكروا في الكتب السماوية ولكن ل ِ َ‬
‫ما لم يجدوا له جواًبا إل القول بالتحريف الذي ارتد عليهم بأسوأ العواقب‪.‬‬
‫الدليل العاشر‪:‬‬
‫قال فيه‪" :‬ل إشكال ول اختلف بين أهل السلم في تطرق اختلفات كسسثيرة‬
‫وتغيسسرات غيسسر محصسسورة فسسي كلمسسات القسسرآن وحروفسسه بالزيسسادة والنقصسسان‬
‫واستقرار آراء المخالفين على اختيار سبعة من القراء منهم أو عشرة على مسسا‬
‫بينهم من الختلف‪ ..‬واعتنائهم بتوجيه قراءاتهم وإرجاعهسسا إلسسى الرسسسول‪ ،‬كمسسا‬
‫زعموا فيكون القرآن في نفسسسه وعنسسد نزولسسه مبنيسا ً علسسى الختلف وموضسسوعا ً‬
‫على المغايرة‪ ،‬وحيث إن القرآن ل تغير فيه ول اختلف فتكون هسسذه القسسراءات‬
‫هي قراءة بغير ما أنزل الله"‪.‬‬

‫‪586‬‬
‫وأورد جملة من أخبارهم تقول‪ :‬بأن "القرآن واحد نزل من عنسسد واحسسد وإنمسسا‬
‫الختلف من الرواة"‪.‬‬
‫وطعن على الرواة السبعة وقال بعدم الحتجاج بقراءتهم‪ ..‬لن "أول طبقات‬
‫القراء هم الذين استبدوا الراء ولم يبايعوا إمام زمانهم أمير المسسؤمنين" ]فصسسل‬
‫الخطاب‪ :‬ص ‪.[.210‬‬
‫يحاول هذا الملحد أن يتمسك بمسسا ورد مسسن القسسراءات لثبسسات فريسسة طسسائفته‬
‫وأسسسطورتهم‪ ،‬ول مستمسسسك لسسه بسسه‪ ،‬ذلسسك أن اختلف القسسراءات ل يسسؤدي إلسسى‬
‫شيء من ذلك كما افترى‪ ،‬لن ذلسسك كسان يمكسسن لسو أن كسل واحسد مسن القسسراء‬
‫المختلفين في قراءة بعض اليسسات كسسان يقسسرأ مسسن عنسسد نفسسسه مسسا يسسراه‪ ،‬لكسسن‬
‫الحاديث صريحة الدللة في أن كل واحد منهم قسسد أخسسذ قراءتسسه مسسن الرسسسول‬
‫صلى الله عليه وسلم وهي مخالفة لقسسراءة صسساحبه‪ ،‬وأن النسسبي أقسسر كل ً منهسسم‬
‫وأخبر بأنها هكذا أنزلت ]انظر‪ :‬صحيح البخسساري – مسسع الفتسسح ‪ [.9/22 :-‬فبان أن الجميسسع‬
‫نازل من عند الله‪ ،‬والفرق بين ذلك وأسطورة الشيعة فرق واضح جلي‪.‬‬
‫وقد اختلط على هذا الفاك المر في مسألة القراءات والقرآن فظن التلزم‬
‫بينهما‪ ،‬وهو جهل واضح؛ فالقرآن متواتر بإجماع المسلمين يتناقله الجيال عسسن‬
‫الجيال حتى يبلغوا به النبي صلى الله عليه وسلم بينما القراءات فيها المتواتر‬
‫والحاد والشاذ‪ ،‬ومنها المدرج ]هو ما زيد في القسسراءات علسسي وجسسه التفسسسير )التقسسان‪ :‬ص‬
‫‪ [.(77‬والموضوع‪.‬‬
‫ولسسم يقسسل أحسسد أن القسسرآن أخسسذ عسسن السسسبعة أو العشسسرة؛ إذ إن القسسراءات‬
‫"مذهب من مذاهب النطق في القرآن يذهب به إمام من المسسة القسسراء مسسذهبا ً‬
‫يخالف غيره"‪.‬‬
‫قال الزركشي‪" :‬واعلم أن القرآن والقراءات حقيقتسسان متغايرتسسان‪ ،‬فسسالقرآن‬
‫هسسو السسوحي المنسسزل علسسى محمسسد صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم للبيسسان والعجسساز‪،‬‬
‫والقراءات اختلف الوحي المذكور في كتابه الحسسروف أو كيفيتهسسا مسسن تخفيسسف‬
‫وتثقيل وغيرهما" ]البرهان‪.[.1/318 :‬‬
‫والقراءات غير الحرف السبعة ]وهذا ل نسسزاع فيسسه بيسسن أهسسل العلسم‪ ،‬وإنمسسا يظسسن أنهمسسا‬
‫شيء واحد بعض الجهلة‪ ،‬لن أول من جمع القراءات السبع أبو بكسسر بسسن مجاهسسد فسسي أثنسساء المسسائة‬
‫الرابعة‪.‬‬
‫)انظر‪ :‬المرشد الوجيز لبي شامة ص ‪ ،146‬مجموع فتاوى شيخ السلم ابسسن تيميسسة‪،13/390 :‬‬
‫النشسسر لبسسن الجسسزري‪ [.(1/24 :‬السستي أنكرهسسا هسسذا الرافضسسي – وخلسسط بينهسسا وبيسسن‬
‫القراءات السبع – مع أن الحديث في الحرف السسبعة ثسابت عسن النسبي صسلى‬
‫الله عليه وسلم ]والحديث بهذا المعنى أخرجه البخاري‪ ،‬في كتاب فضائل القسسرآن‪ ،‬بسساب أنسسزل‬
‫على سبعة أحرف‪ :‬ج‪) ‍9‬من البخاري مع شرحه فتح الباري( ص ‪ 23‬ح ‪ ،4992‬ومسلم كتاب صسسلة‬
‫المسسافرين‪ ،‬بساب بيسان أن القسرآن علسى سسبعة أحسرف وبيسان معنساه )ح ‪ ،(818‬وأبسو داود‪ ،‬كتساب‬
‫الصلة‪ ،‬باب أنزل القرآن على سبعة أحرف‪) 2/158 :‬ح ‪.[.(1475‬‬
‫وقد جاءت الرواية بنزول القرآن على سبعة أحرف في كتب الشيعة نفسسسها‬
‫وب القمي لها في كتابه الخصسسال ]الخصسسال "نسسزل القسسرآن‬ ‫في جملة أحاديث حتى ب ّ‬
‫على سبعة أحرف"‪ :‬ص ‪.[.358‬‬
‫والمتأمل لسانيد تلك القراءات يرى أن جملة منها متصلة بمن ترى الشسسيعة‬
‫ي‪ ،‬وجعفسسر وغيرهمسسا‪ .‬وقسسد مسسر بنسسا نقسسل اعسستراف‬
‫إمامتهم كأمير المسسؤمنين علس ّ‬
‫الشيعة بذلك ]ص ‪.[.267 – 266‬‬
‫الشبهة الحادية عشرة‪:‬‬

‫‪587‬‬
‫قال الملحد‪" :‬الدليل الحادي عشر‪ :‬في ذكر الخبار المعتسسبرة الصسسريحة فسسي‬
‫وقوع السقط ودخول النقصان في الموجود من القسسرآن‪ ،‬وأنسسه أقسسل ممسسا نسسزل‬
‫إعجازا ً على قلب سيد النس والجان‪ ،‬وهي متفرقة في الكتسسب المعتسبرة الستي‬
‫عليها المعول عند الصحاب"‪ ،‬وذكر أخبارا ً كثيرة من كتب طائفته في ذلك‪.‬‬
‫وهذه الروايات الكثيرة التي استشهد بها ل تدل علسسى تحريسسف القسرآن السذي‬
‫أجمعت عليه المة‪ ،‬وتكفل اللسسه بحفظسسه وقسسامت القسسرائن والسسبراهين القطعيسسة‬
‫على سلمته؛ إنما تشهد على كذب هذه الروايات وسقوط تلك الحاديث‪ ،‬التي‬
‫ينسسسبونها للئمسسة وأنسسه ل ثقسسة برواياتهسسا بعسسد هسسذا‪ ،‬وأن كتبهسسم هسسي المحرفسسة‬
‫المفتراة‪ ..‬وقد انكشف أمرها بهذه الفرية‪ ..‬وبانت حقيقتها بهذه السطورة‪.‬‬
‫ودللة أخباره على مطلوبه إنما يلزم بها أهل ملته‪ ،‬أما أمة السلم فل‪.‬‬
‫وقد شهد شاهد مسسن أهلهسسا بسسأن أخبسسارهم فسسي هسسذا البسساب إنمسسا رواهسسا الغلة‬
‫والكذابون والمطعون في دينهم ممن ل تحل الرواية عنهم‪ ،‬والذي شسسهد بسسذلك‬
‫شيخهم البلغي في آلء الرحمن‪ ،‬حيث قال‪" :‬هذا وإن المحدث المعاصسسر جهسسد‬
‫في كتاب فصل الخطاب في جميع ]كذا في الصسسل‪ ،‬ولعلهسسا "جمسسع"‪ [.‬الروايات السستي‬
‫استدل بها على النقيصة"‪.‬‬
‫وفي جملة ما أورده من الروايات ما ل يتيسر احتمال صدقها‪ ،‬ومنهسسا مسسا هسسو‬
‫مختلف باختلف يؤول به إلى التنافي والتعارض‪ ..‬هذا مع أن القسم الوافر من‬
‫الروايات ترجع أسانيده إلى بضعة أنفار‪ ،‬وقد وصف علماء الرجال كل ً منهم إما‬
‫بأنه ضعيف الحديث فاسد المذهب مجفو الرواية‪ ،‬وإما بأنه مضسسطرب الحسسديث‬
‫والمذهب يعرف حديثه وينكر ويسسروي عسسن الضسسعفاء‪ ،‬وإمسسا بسسأنه كسسذب متهسسم ل‬
‫أستحل أن أروي من تفسيره حديثا ً واحدًا‪ ،‬وأنه معروف بالوقف وأشسسد النسساس‬
‫عداوة للرضا عليه السلم‪ ،‬وإما بأنه كان غالبا ً كذابًا‪ ،‬وإما بأنه ضعيف ل يلتفسست‬
‫إليه ول يعول عليه ومن الكذابين‪ ،‬وإما بأنه فاسد الرواية يرمى بالغلو‪.‬‬
‫ومن الواضح أن أمثال هسسؤلء ل تجسسدي كسسثرتهم شسسيئا ً ]البلغسسي‪ /‬آلء الرحمسسن‪ :‬ص‬
‫‪.[.26‬‬
‫كذلك يذكر مرجع الشيعة في زمنه ميرزا مهدي الشيرازي بأن أخبارهم فسسي‬
‫ذلك شاذة ضعيفة في إسنادها‪ ،‬متناقضة في متونها؛ حيث قسسال‪" :‬وأمسسا مسسا ورد‬
‫في الخبار السستي ظاهرهسسا وقسسوع التحريسسف فسسي بعسسض الي فل يثبسست بهسسا ذلسسك‬
‫)حيث( إنها شاذة ضعيفة السانيد‪ ،‬فإن كثيرا ً منها عن السياري ]جسساء فسسي ترجمتسسه‬
‫عندهم‪ :‬أحمد بن محمد بن سيار‪ ،‬أبو عبد الله الكاتب البصري‪ ،‬يعرف بالسياري‪ ،‬ضعيف الحسسديث‪،‬‬
‫مجفو الرواية‪ ،‬كثير المراسيل‪.‬‬
‫)الفهرست للطوسي‪ :‬ص ‪ ،51‬رجال النجاشي‪ :‬ص ‪ ،62‬رجال الحلي‪ :‬ص ‪ ،(203‬قال ابن حجر‪:‬‬
‫"كان في أواخر المائة الثالثة"‪) .‬لسان الميزان‪ [.(1/252 :‬الذي ضعفه علماء الرجسسل كمسسا‬
‫في الفهرست لشيخ الطائفة‪ ،‬والخلصة للعلمة‪ ،‬والرجل للنجاشي أنه "ضعيف‬
‫الحديث فاسد المذهب مجفو الرواية" ]المعارف الجليلة‪ :‬ص ‪.[.18‬‬
‫ثم بّين تناقض متنها بقوله‪" :‬معارضة بعضها مع البعض من وجهيسسن أحسسدهما‪:‬‬
‫تعارضها في تعيين الساقط‪ ..‬وثانيهما‪ :‬ما ورد فسسي روايسسات مسسن سسسقوط اسسسم‬
‫علي في مواضع كثيرة‪ ،‬مع أن بعض الروايات تدل على أن الله تعالى لم يسم‬
‫عليا ً في القرآن" ]المعارف الجليلة‪ :‬ص ‪.[.18‬‬
‫هذا قول البلغي والشيرازي في رجالهم وأسانيدهم‪.‬‬
‫ولسسنا بحاجسة إلسى حكسم الروافسض‪ ،‬ولكسن نسذكرها لبيسان تنساقض أقسوالهم‪،‬‬
‫وشعورهم بتفاهة قولهم وسقوطه‪ ،‬ومحاولتهم التستر علسسى مسسذهبهم‪ ،‬أو نفسسي‬
‫‪588‬‬
‫هذا الكفر والعار الذي ألحقه بالطائفة شيوخهم الوائل‪ ،‬بوضسسعهم هسسذا اللحسساد‬
‫والكفر في أصولهم أمثال الكليني وإبراهيم القمي‪ ،‬والمجلسي وأضربهم‪.‬‬
‫ونأخذ أقوالهم في الحكم على أسانيدهم لهذا السبب‪.‬‬
‫الشبهة الثانية عشر‪:‬‬
‫قال الملحد‪" :‬الدليل الثاني عشر الخبار السسواردة فسسي المسسوارد المخصوصسسة‬
‫من القرآن الدالة على تغييسسر بعسسض الكلمسسات واليسسات والسسسور بإحسسدى الصسسور‬
‫المتقدمة وهي كثيرة جدا ً )يعني حسب أساطيرهم(‪ ،‬حتى قال السيد نعمة الله‬
‫الجزائري في بعض مؤلفاته كما حكي عنه‪ :‬أن الخبسسار الدالسسة علسي ذلسسك تزيسسد‬
‫على ألفي حديث وادعى استفاضتها جماعة كالمفيد والمحقق الداماد والعلمسسة‬
‫المجلسي وغيرهم‪ ،‬بل الشيخ أيضا ً صرح في التبيان بكثرتها‪ ،‬بل ادعى تواترهسسا‬
‫جماعة ونحن نذكر ما يصدق دعواهم" ]فصل الخطاب‪ :‬ص ‪.[.252-251‬‬
‫ثم أخذ في ذكر ما جاء في أخبارهم مما يزعمون أنه هو القرآن السالم مسسن‬
‫التحريف‪ ،‬فذكر )‪ (1062‬مثسسال ً علسسى ترتيسسب سسسور القسسرآن‪ ،‬وعلسسى مسسدى مسسائة‬
‫صسسفحة‪ ،‬وسسسأذكر شسسيًئا منهسسا لتتسسبين حقيقسسة الهسسداف المتوخسساة مسسن هسسذه‬
‫الفتراءات‪ .‬وقبل ذلك أقول‪ :‬إن كثيرة أخبارهم في هسسذا البسساب إنمسسا يلسسزم بهسسا‬
‫أهل دينه‪ ،‬أما أمة السلم فل‪ ..‬وهذه الكسسثرة السستي يحكيهسسا تسسدل علسسى أن ديسسن‬
‫الشيعة سداه ولحمته الكذب‪ ،‬والكيد للسسسلم بمحاربسسة ركنسسه العظيسسم‪ ،‬وأصسسله‬
‫الذي يقوم عليه هو القرآن‪.‬‬
‫وهذا الملحد يحكي كثرة هذا الباطسسل عنسسدهم واستفاضسسته‪ ،‬وآخسسرون يسسدعون‬
‫ندرته وشذوذه‪ ،‬والكسسل مسسن شسسيوخهم المعتسسبرين عنسسدهم‪ ..‬أليسسس هسسذا عنسسوان‬
‫تاقض هذا المذهب وأصحابه؟!‬
‫وهذه الدعوى يعدها دليل ً على إثبات مراده‪ ،‬وهي عنوان كفره‪ ،‬ووصمة عسسار‬
‫يلطخ بها قومه إلى البد‪ ،‬وإذا لم تسسستح فاصسسنع مسسا شسسئت‪ ،‬وليسسس بعسسد الكفسسر‬
‫ذنب‪.‬‬
‫وهو بهذه الدعوى يريد أن يصرف قومه عن كتاب الله‪ ،‬لن كتابهم المزعوم‬
‫ل زال مع غائبهم الموهوم رهين العزلة الدائمة‪ ،‬والغيبة البديسسة‪ ،‬لنسسه لسسم يولسسد‬
‫أص ً‬
‫ل‪.‬‬
‫أما المثلة التي ساقها فهي محاولة يائسة لوضع سسسند لعقسسائدهم فسسي كتسساب‬
‫الله‪ ،‬وإقناع أتباعهم والحائرين من بني قسسومهم السسذين حيرهسسم وزلسسزل بنيسسانهم‬
‫خلو أصل السلم العظيم من أمر ولية الثني عشر‪ ،‬وهي عندهم السسدين كلسسه‪،‬‬
‫فمما قال هذا الملحد‪:‬‬
‫‪1‬س سورة البقرة‪ ..." :‬عن جابر الجعفي عن أبي عبد الله في قول الله عسسز‬
‫وجل‪) :‬وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله )في علي( قالوا نؤمن بما أنزل علينسا(‬
‫]فصل الخطاب‪ :‬ص ‪.[.254‬‬
‫فأنت ترى أنهم أقحموا "في علي" على اليسسة الكريمسسة‪ ،‬ولسسم يفطسسن هسسؤلء‬
‫الزنادقة أن الية في بنسسي إسسسرائيل‪ ،‬وأن مسسا زادوه يكسساد يلفظسسه السسسياق‪ ،‬وأن‬
‫لفظ الية يكذبهم؛ فقولهم‪" :‬بما أنزل علينا" نص صسسريح فسسي أنهسسا ليسسست فسسي‬
‫هذه المة‪ .‬ولكن هؤلء إما أنهم زنادقة أعاجم ل يفقهون معنى اليات‪ ،‬وإما أن‬
‫هذا أمر مقصود لضلل الشيعة والخروج بهم إلى طريق الكفر واللحاد‪..‬‬
‫‪ 2‬س سورة النعام‪ :‬روى الكليني عن أبي عبد اللسسه‪" :‬إن السذين فسارقوا أميسر‬
‫المؤمنين وصاروا أحزابًا" ]فصسسل الخطسساب‪ :‬ص ‪ ..[.262‬يحاولون بسذلك تغييسر قسسوله‬

‫‪589‬‬
‫فققي‬ ‫م ِ‬‫هق ْ‬‫من ْ ُ‬‫ت ِ‬ ‫عا ل ّ ْ‬
‫سق َ‬ ‫وك َققاُنوا ْ ِ‬
‫شقي َ ً‬ ‫م َ‬ ‫قققوا ْ ِدين َ ُ‬
‫هق ْ‬ ‫فّر ُ‬‫ن َ‬ ‫ذي َ‬‫ن ال ّ ِ‬
‫سسسبحانه‪} :‬إ ِ ّ‬
‫ء{ ]النعام‪.[159 ،‬‬ ‫ي ٍ‬‫ش ْ‬ ‫َ‬
‫ولم يعرف هؤلء الملحدون كيف يضعون؛ إذ إن اليسسة مكيسسة‪ ،‬ولسسم يكسسن ثمسسة‬
‫أمير للمؤمنين في حياة النبي صلى الله عليسسه وسسسلم‪ ،‬والجميسسع أتبسساع لرسسسول‬
‫الله ل أتباع لعلي حتى يفارقوه‪.‬‬
‫‪ 3‬س سورة براءة‪ :‬قال الملحسسد‪" :‬روى الكلينسسي والعياشسسي عسسن أبسسي الحسسسن‬
‫ي‬‫الرضا أن الحسين بن الجهم قال له‪ :‬إنهم يحتجسسون علينسسا بقسسول اللسسه‪َ} :‬ثان ِ َ‬
‫ر{ قال‪ :‬وما لهم في ذلك‪ ،‬لقد قال الله‪) :‬فأنزل اللسسه‬ ‫في ال ْ َ‬
‫غا ِ‬ ‫ما ِ‬‫ه َ‬‫ن إ ِذْ ُ‬‫اث ْن َي ْ ِ‬
‫سكينته على رسوله(‪ ..‬وما ذكر فيها بخير قال‪ :‬قلت له‪ :‬وهكذا قراءتها؟ قسسال‪:‬‬
‫هكذا قراءتهسا‪ ،‬وعسن أبسي جعفسر مثلسه‪ ،‬أل تسرى أن السسكينة إنمسا نزلست علسى‬
‫رسوله وجعل كلمة السذين كفسسروا السسفلى‪ ،‬وهسسو الكلم السذي تكلسسم بسسه عستيق‬
‫)يعني أبا بكر("‪ .‬قال الملحد‪" :‬والية تسسدل علسسى عسسدم إيمسسان الصسساحب" ]فصسسل‬
‫الخطاب‪ :‬ص ‪.[.266‬‬
‫ه‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫فأنَز َ‬ ‫فترى هؤلء الزنادقة حاولوا تحريف قوله سبحانه‪َ } :‬‬
‫كين َت َ ُ‬
‫سق ِ‬‫ه َ‬ ‫ل الل ق ُ‬
‫ه{ ]التوبة‪.[40 ،‬‬ ‫عل َي ْ ِ‬ ‫َ‬
‫بحذفهم "عليه" وزيادتهم )على رسسسوله(‪ ،‬وهسسدف الرافضسسة تكفيسسر أبسسي بكسسر‬
‫بتحريف النص الذي هو أعظم مناقب الصديق رضي الله عنه‪ ،‬وغاب عن هؤلء‬
‫العاجم أن هذا التغيير ل يؤدي الغرض الذي يذهبون إليه ]قال ابن كسسثير فسسي قسسوله‪:‬‬
‫ه{ أي على رسول الله صلى اللسسه عليسسه وسسسلم وهسسو أشسسهر القسسولين‬‫عل َي ْ ِ‬
‫ه َ‬
‫كين َت َ ُ‬
‫س ِ‬
‫ه َ‬ ‫فَأنَز َ‬
‫ل الل ّ ُ‬ ‫} َ‬
‫)تفسير ابن كثير‪ ،(2/384 :‬وقيل‪ :‬على أبي بكر وهو قول علي بن أبي طالب وابن عباس‪ ،‬وحبيب‬
‫بن ثابت )زاد المسير‪.[.(3/41 :‬‬
‫فأنت تسسرى أن "تحريفسساتهم" وأسسساطيرهم‪ ،‬تسسسير فسسي فلسسك الوليسسة وتكفيسسر‬
‫الصحابة‪.‬‬
‫وعلى هذا المنوال تجري غالب أساطير هذا الملحد التي ذكرها‪.‬‬
‫وبعد أن عرض هذا الملحد شبهاته الثني عشر ]بإمكان القارئ الرجوع للتوسع فسسي‬
‫الرد على أباطيل الروافض في هذا الباب إلى "النتصار" للبسساقلني )يوجسسد الجسسزء الول منسسه فسسي‬
‫‪ 304‬ورقة بمعهد المخطوطات العربية بالقاهرة( أو إلى "نكت النتصسار لنقسل القسرآن" تحقيسق د‪.‬‬
‫محمد زغلول‪ .‬فشبهات هذا الرافضي ليست جديدة؛ إذ قسال بهسسا أسسلفه مسسن الزندقسسة‪ ،‬ورد عليهسسا‬
‫علماء المسلمين‪ ،‬ويبدو لي أن هذا الرافضي أخذ هذه الشبهات مما كتبه بعسسض علمسساء المسسسلمين‬
‫بدون ردودهم ليضل قومة سواء السبيل‪) .‬قارن شبهاته بما جاء فسسي نكسست النتصسسار للبسساقلني(‪،[.‬‬
‫حاول أن يرد على الجناح الخر مسسن الشسسيعة السسذي أبسسى أن يوافسسق علسسى هسسذه‬
‫السطورة‪ ،‬لوضوح فسادها‪ ،‬وعقد الباب الخر لكتسسابه فسسي هسسذا الشسسأن‪ ،‬حيسسث‬
‫عرض أدلتهم وحاول الجابة عليها‪.‬‬
‫وسأذكر فيما يلسسي حجسسج المنكريسسن لهسسذه الفريسسة مسسن الشسسيعة‪ ،‬وأشسسير إلسسى‬
‫إجابات هذا الملحد عليها‪ ،‬وأناقشه فيما يقول‪.‬‬
‫والحقيقة أن هذا الباب الذي عقده أبطل به افتراءاته؛ لنسسه لسسم يسسستطيع أن‬
‫يجيب على أدلة قومه المنكرين لكفره – كما سترى –‪:‬‬
‫قال الملحد‪" :‬الباب الثاني في ذكر أدلة القائلين بعدم تطرق التغيير مطلقسسا ً‬
‫في كتاب الله تعالى‪ ،‬وأن الموجود هو تمام ما أنسسزل علسسى رسسسول اللسسه صسسلى‬
‫الله عليه وسلم‪ ..‬وهي أمور عديدة‪:‬‬
‫ن{ ]الحجسسر‪،‬‬
‫ظو َ‬‫ف ُ‬ ‫ه لَ َ‬
‫حققا ِ‬ ‫وإ ِّنا ل َق ُ‬
‫ن ن َّزل َْنا الذّك َْر َ‬
‫ح ُ‬
‫الول‪ :‬قوله تعالى‪} :‬إ ِّنا ن َ ْ‬
‫‪:[9‬‬

‫‪590‬‬
‫قال الملحد‪" :‬واعترض بأن المراد الحفظ من تطرق شبه المعانسسدين؛ حيسسث‬
‫ل يوجد فيه بحمد الله مدخل إلى القدح فيه" ]فصل الخطاب‪ :‬ص ‪.[.360‬‬
‫فانظر إلى هذا العتراض البله من هذا الملحد؛ حيث عد ّ قولهم "بالتحريف"‬
‫ليس من شبه المعاندين فل يدخل في عموم الحفظ!‪.‬‬
‫إن الحفظ أقرب معانيه‪ :‬الحفسسظ مسسن التغييسسر والتبسسديل‪ ،‬واليسسة ظسساهرة فسسي‬
‫العموم وإن كره الكافرون‪.‬‬
‫وقال‪" :‬واعترض أيضًا‪ :‬بأن الضمير في قوله‪" :‬لسسه" راجسسع النسسبي صسسلى اللسسه‬
‫عليه وسلم ل إلى القرآن فل شاهد عليه" ]فصل الخطاب‪ :‬ص ‪.[.360‬‬
‫ومن الواضح الجلي أن الضمير يعود إلى السسذكر‪ ،‬والضسسمير فسسي لغسسة العسسرب‬
‫يعود إلى أقرب مذكور‪" ،‬فهو واضح من السياق" ]تفسير ابن كثير‪ [.2/592 :‬ثم هل‬
‫يحفظ الله رسوله ويضيع كتابه؟!‪ ،‬فما لهؤلء القوم ل يكادون يفقهون حديثًا‪.‬‬
‫وقال الملحد‪" :‬لو سلم شموله للحفظ من التغييسسر ]أي‪ :‬ولسسم يقتصسسر علسسى مجسسرد‬
‫الحفظ من تطرق شبه المعاندين كما يفهم المر هسسؤلء الملحسسدة‪ [.‬أيضا ً فإنمسسا هسسو القسسرآن‬
‫في الجملة‪ ،‬ل لكل فرد‪ ،‬فإن ذلك واقع‪ ،‬ربمسسا مسسزق كمسسا صسسنع الوليسسد وغيسسره"‬
‫]فصل الخطاب‪ :‬ص ‪.[.360‬‬
‫وهذا اعتراض جاهل زعم أن احتراق نسخة من القرآن هو تغييسسر لسسه‪ ،‬ولهسسذا‬
‫رد على هذا بعض شيوخهم المنكرين لهذا الكفر‪ ،‬فقسسال‪" :‬هسسذا كلم لسسم يصسسدر‬
‫عن روية‪ ،‬فإن المراد من حيث هو؛ أعني ما أرسل به محمسسد صسسلى اللسسه عليسسه‬
‫وسلم‪ ،‬ل ما رسم فيه مسسن النسسسخ‪ ،‬فسسإن جميعهسسا يسسؤول إلسسى التلسسف وهسسو فسسي‬
‫الصدور‪ ،‬والصحف محفوظة‪ ،‬حتى لو فرض – ونعسسوذ بسسالله – تلسسف كسسل نسسسخة‬
‫ا" ]وهذا قاله محسن الكاظمي في شرح الوافيسسة‪،‬‬ ‫على وجه الرض‪ ..‬لكان أيضا ً محفوظ ً‬
‫ونقلة عند صاحب فصل الخطاب ص ‪.[.360‬‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ه‬
‫ن ي َدَي ْ ِ‬
‫من ب َي ْ ِ‬ ‫ل ِ‬ ‫ه الَباطِ ُ‬ ‫زيٌز‪ ،‬ل ي َأِتي ِ‬‫ع ِ‬
‫ب َ‬ ‫ه ل َك َِتا ٌ‬
‫وإ ِن ّ ُ‬
‫الثاني‪ :‬قوله تعالى‪َ } :‬‬
‫د{ ]فصلت‪.[42 ،‬‬ ‫مي ٍ‬‫ح ِ‬‫كيم ٍ َ‬ ‫ح ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫زي ٌ‬
‫ل ّ‬ ‫ه َتن ِ‬ ‫خل ْ ِ‬
‫ف ِ‬ ‫ن َ‬
‫م ْ‬
‫ول ِ‬ ‫َ‬
‫وقد تلجلج الملحد واضطرب فسسي الجابسسة عسسن اليسسة‪ ،‬فهسسو تسسارة يقسسول‪" :‬إن‬
‫الحذف والتغيير وإن كان باطل ً لكن ليس المسراد مسسن اليسة" ]فصسسل الخطسساب‪ :‬ص‬
‫‪.[.362‬‬
‫أما لماذا ل يكون مرادا مع أن التغيير فيه هو من أبطل الباطل‪ ،‬فسسإن شسسهوة‬ ‫ً‬
‫التعصب عند هذا الملحد تقول‪" :‬ظاهرهسا )يعنسسي اليسة( أن ل يجسسوز أن يحصسل‬
‫فيه ما يستلزم بطلنه من تناقض أحكامه أو كذب في إخباراته وقصصه" ]فصسسل‬
‫الخطاب‪ :‬ص ‪.[.362‬‬
‫فانظر إلى هذا التأويل الذي يدل علسى عقليسسة سسقيمة‪ ،‬أو زندقسسة مقنعسة‪ ،‬أو‬
‫كلهم معًا‪ ،‬فإن القرآن لو وقع فيه – معاذ الله – مسسا يسسراه الملحسسد مسسن التغييسسر‬
‫لوقع فيه التناقض في أحكامه والكذب في أخباره‪.‬‬
‫ثم قال‪" :‬وأما ثانيا ً ]ما مضى هو الوجه الول عنده‪ [.‬فلنه منقوض بمنسوج التلوة‬
‫والحكم أو التلوة فقط" ]فصل الخطاب‪ :‬ص ‪.[.362‬‬
‫وهذه عودة على حجته التي نقضناها‪ ..‬وكأنه بهسسذا يكسسذب رب العسسالمين لنسسه‬
‫يزعم أن النسخ من الباطل وقد وقع في كتاب الله‪ ،‬فانظر ما أعظم جرمه؟!‬
‫والنسخ حق لنه جاء من عند الحق‪ ،‬وقسسد أقسسر بسسه حسستى شسسيوخ هسسذا الملحسسد‬
‫المتقدمين كالمرتضى والطبرسي ]انظر‪ :‬ص)‪ (1020‬من هسسذه الرسسسالة‪ ،[.‬فكأن هسسذا‬
‫ومن يشايعه من المعاصرين قد ركبوا طوًرا من الغلو لم يخطر ببال أسلفهم‪.‬‬

‫‪591‬‬
‫ثم قال الملحسسد‪" :‬فيكفسسي فسسي انتفسساء الباطسسل عنسسه انتفسسائه مسسن ذلسسك الفسسرد‬
‫المحفوظ عند أهل البيت" ]فصل الخطاب‪ :‬ص ‪.[.363‬‬
‫فتعجب من نظرة هؤلء الروافسسض‪ ،‬كيسسف يؤولسسون آيسسات حفسسظ اللسسه لكتسسابه‪،‬‬
‫بكتابهم الموهوم‪ ،‬مع غائبهم المزعوم‪ ،‬والذي لم تعرف المة عنهما شيئًا‪ ،‬ولسسم‬
‫تر لهما أثًرا‪.‬‬
‫ً‬
‫ثم ماذا يجدي حفظه عند منتظرهم‪ ،‬وهل يغني ذلك شيئا للناس؟ وإل لغنى‬
‫عدم تغيره عند الله‪ ..‬ول شك أن الله سبحانه حفظ القرآن بعسسد نزولسسه ليبقسسى‬
‫للمسة دسستورا ً ومنهسج حيساة إلسى أن تقسوم السساعة‪ ،‬ول معنسى ول حكمسة مسن‬
‫الحفظ إل هذا‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬الخبار الكثيرة الواردة – عندهم – في بيان ثواب سور القرآن ]فصسسل‬
‫الخطاب‪ :‬ص ‪.[.363‬‬
‫قال الصدوق‪" :‬وما روي من ثواب قراءة كل سورة من القرآن‪ ،‬وثواب مسسن‬
‫ختم القرآن كله‪ ،‬وجواز قراءة سسورتين فسي ركعسة نافلسة‪ ،‬والنهسي عسن قسراءة‬
‫سورتين في ركعة فريضة )هذا حسسب روايسساتهم( تصسسديق لمسا قلنساه فسسي أمسسر‬
‫القرآن‪ ،‬وأن مبلغه ما في أيدي النسساس‪ ،‬وكسسل مسسا روي مسسن النهسسي عسسن قسسراءة‬
‫القرآن كله في ليلة واحدة‪ ،‬وأنه ل يجوز أن يختسم القسرآن فسي أقسل مسن ثلثسة‬
‫أيام تصديق لما قلناه" ]العتقادات‪ :‬ص ‪ ،102‬فصل الخطاب‪.363 :‬‬
‫وقد حاول الجابة عن ذلك فقال بأن المر بقراءة القرآن وختمه‪ ...‬إلسسخ ل يعنسسي عسسدم تحريفسسه‪،‬‬
‫واحتج على هذه الدعوى بمقتضى أصولهم المنكرة‪ .‬وهو باطل بني على باطل‪ ،‬فقال بسأنه كسالحث‬
‫على التمسك باتباع المام‪ ..‬وعدم القدرة على ذلك لعدم تمكنه لظهسسار مسسا أودع عنسسده لخسسوف أو‬
‫تقية‪) .‬فصل الخطاب‪ :‬ص ‪.(363‬‬
‫وهذا مبني علسسى مسذهب الروافسض فسسي الغيبسسة والتقيسسة ووليسسة المسسام‪ ،‬وقسد تقسدم بطلن ذلسسك‬
‫ومخالفته للنقسسل والعقسسل ومسسا علسسم بالضسسرورة والتسسواتر‪ ،‬وإثسسارة هسسذا الموضسسوع أصسل ً مبنسسي علسسى‬
‫شذوذهم الذي لم يجدوا له شاهدا ً في كتاب الله‪.[.‬‬
‫الرابع‪ :‬الخبار المتواترة عن النسسبي صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم والئمسسة بعسسرض‬
‫أخبارهم عليه والعرض على المحرف ل وجسسه لسسه‪ ،‬وعلسسى المنسسزل المحفسسوظ ل‬
‫يستطاع ]فصل الخطاب‪ :‬ص ‪.364‬‬
‫وهذا الوجه كشف تناقض الشيعة بشكل كبير‪ ،‬وقد استغلق المر على صسساحب فصسسل الخطسساب‬
‫فاضطر إلى الجابة علسسى هسسذا السسوجه بسسالعتراف ببعسسض الحسسق‪ ،‬حيسسث قسسال‪" :‬هسسو قرينسسة علسسى أن‬
‫الساقط لم يضر بالموجود وتمامه من المنسسزل للعجسساز‪ ،‬فل مسسانع مسسن العسسرض عليسسه مضسسافا ً إلسسى‬
‫اختصاص ذلك بآيات الحكام لعدم دخول نقسسص علسسى الخلفسساء مسسن جهتهسسا"‪) .‬فصسسل الخطسساب‪ :‬ص‬
‫‪.(364‬‬
‫وهذه الجابسسة ل تكفسسي فسسي إزالسسة التنسساقض بيسسن نصوصسسهم السستي تسسأمر بسسالعرض علسسى القسسرآن‪،‬‬
‫ونصوصهم التي تقول بالتحريف ودعوى تخصيص ذلك بآيسسات الحكسسام ل دليسسل عليسسه‪ ،‬لن أخبسسارهم‬
‫في وجوب عرض جميع رواياتهم على القرآن عامة شاملة لم تخصص ذلك في آيات الحكام‪.[.‬‬
‫الخامس‪ :‬من الدلة التي استدل بها الجناح المناهض لخرافسسة التحريسسف عنسد‬
‫أصحابهم – بأنه قد ورد عندهم‪ ..‬متسسواترا ً – المسسر بالتمسسسك بالكتسساب والعسسترة‪،‬‬
‫وهذا يدل على أنه موجود في كل عصر‪ ،‬لنه ل يجوز أن تؤمر المسسة بالتمسسسك‬
‫بما ل تقدر على التمسك به ]انظر‪ :‬الطوسي‪ /‬التبيان‪ ،1/3 :‬فصل الخطاب‪ :‬ص ‪.364‬‬
‫وقد رد الملحد هذا الدليل بمقتضى خرافات الشيعة‪ ،‬حيث جاء المر عندهم بالتمسسسك بسسالعترة‪،‬‬
‫ومع ذلك غاب المام منذ قرون‪ ،‬فالكتاب كذلك‪ ،‬وقسد رد علسى ذلسك أحسد شسيوخهم )وهسو محسسن‬
‫كاظمي في شرح الوافية( فقال‪" :‬إن التمسك بهم‪ ..‬ممكن مع الغيبة )يعني غيبة منتظرهم( للعلم‬
‫بهم وبطريقتهم‪ ،‬وهذا بخلف التمسك بالكتاب فإنه إنما يتحقسسق بالخسسذ بسسه‪ ،‬ول يمكسسن إل بسسالطلع‬
‫عليه" )انظر‪ :‬فصل الخطاب ص ‪.(365‬‬

‫‪592‬‬
‫ولم يرتض الملحد هذا الجواب فقال‪" :‬إن العلم بجميع طريقة المام في الغيب لسسم يسسدعه أحسسد‬
‫من العلم" ثم ذكر كلما ً مفاده أنه يكفي العلم ببعض طريقة المام‪ ،‬وكذلك يكفسسي العلسسم ببعسسض‬
‫القرآن السالم من التحريف‪) .‬فصل الخطاب‪ :‬ص ‪.(365‬‬
‫وهكذا فإن المذهب يهدم بعضه بعضًا‪.[.‬‬
‫السادس‪ :‬أنه لو سقط منه شيء لم تبق ثقة في الرجوع إليه ]وهنسسا انكشسسف –‬
‫أيضا ً – هذا الملحسسد فسسي جسسوابه عسسن هسسذا السسدليل فقسسال‪ :‬إن هسسذا ل يقسسدح "لحتمسسال كسسون الظسساهر‬
‫المصروف عن ظاهر من الظواهر الغير المتعلقة – كذلك – بالحكام الشرعية العملية السستي أمرنسسا‬
‫بالرجوع فيما إلى ظاهر الكتاب" )فصل الخطاب‪ :‬ص ‪.(365‬‬
‫كأنه يشير إلى أن رجوعهم إلى القرآن إنما هو فقط في آيسسات الحكسسام أو أنهسسم يرجعسسون إلسسى‬
‫تأويلتهم الباطنية ليات القرآن إل في آيات الحكام فيرجعون إلي الظواهر‪ ..‬ثم قسسال‪" :‬إن إرشسساد‬
‫الئمة إلى التمسك بها )يعني آيات الحكام( وتقريرهم الصحاب عليه وتمسكهم بها في غير واحسسد‬
‫من الموارد كاشف عن عدم سقوط ما يوجب الجمال – كسسذا – فسسي الموجسسود مسسن آيسسات الحكسسام‬
‫وغير مناف للسقوط في غيرها" )السابق ص ‪.(365‬‬
‫فهو هنا يجعل أخباره وأساطيره هي الحاكمة على القسسرآن‪ ،‬فيقبسسل حكمهسسا بسسالرجوع إلسسى آيسسات‬
‫الحكام‪ ،‬ويفسر المر برواياتها بالتمسك بالكتاب بذلك‪.‬‬
‫والحقيقة أن صورة التناقض عندهم واضحة‪ ،‬فالمر بالتمسك بالكتاب عام يشمل آيات الحكسسام‬
‫وغيرها‪ ،‬وأساطير التحريسسف عامسسة كسسذلك‪ ..‬والتنسساقض دليسسل سسسقوط أخبسسارهم وأنهسسم ليسسسوا علسسى‬
‫شيء‪.[.‬‬
‫السابع‪ :‬أن سقوط شيء منه مع شدة هذا الضبط والهتمام خارج عن مجسساري‬
‫العادات‪ .‬قال السيد شسارح الوافيسسة ]محسسسن بسسن السسسيد العرجسسي الحسسسيني الكسساظمي‬
‫ه‪ ،‬له كتاب "شرح الوافية" أو "المحصول" أشار صاحب الذريعة إلى أنسسه رأى‬
‫المتوفى سنة ‪‍ 1227‬‬
‫عسسدة نسسسخ منسسه عنسسد بعسسض شسسيوخهم‪) .‬الذريعسسة‪ [.(20/151 :‬فيه‪ :‬أن طول المدة أدعسسى‬
‫لضبط ما تمد إليه العناق‪ ،‬ول يرو إل لداع‪ ،‬وأنى يخفى مثله وهسسو صسسلى عليسسه‬
‫وآله إذا تغشاه الوحي ثقل حتى إذا كان راكبا ً ارتدت قوائم الدابة‪ ،‬فإذا تسسسرى‬
‫عنه تل عليهم ما نزل عليه فليكن كخطيب مصقع أو كشاعر مغلق ينشد البيت‬
‫بعد البيت‪ ،‬ويلقي الكلم بعد الكلم في مظان الحكمة‪ ،‬ومحل الحاجة خصوصا ً‬
‫إذا كان لوروده شاهد معلوم وعلمة بينة وهو صلى الله عليه وآله إنمسسا يسسأتيهم‬
‫بالوعسسد والوعيسسد‪ ،‬والسسترغيب والتهديسسد‪ ،‬والتكسساليف الحادثسسة‪ ،‬وأقاصسسيص المسسم‬
‫السافلة‪ ،‬والقاويل الغريبة‪ ،‬وهناك أمم من الناس يتطلعون لما برز منسسه رغبسسة‬
‫أو رهبة‪ ،‬وقد كلفهم بتلقيه وتلوته‪ ،‬وحفظه والنظر في معانيه‪ ،‬ووعسسدهم علسسى‬
‫ذلك الجنات‪ ..‬وجعل تلوته من أعظم أنسواع العبسادات‪ ..‬ولهسذا كسان منهسم مسن‬
‫يقطع الليل بتلوته‪ .‬علسسى أنسسه لسسم يقنسسع بهسسذا كلسسه حسستى وكسسل لكتسسابته وحفظسسه‬
‫وحراسته أربعة عشر ]كتاب النبي صلى الله عليه وسلم عديدون أحصى أسماءهم عسسدد مسسن‬
‫العلماء‪ ،‬وقد ذكر منهم أبو شامة نحوا ً من خمسسسة وعشسسرون اسسسمًا‪) .‬انظسسر‪ :‬المرشسسد السسوجيز ص‬
‫‪ .(46‬وذكر منهم ابن القيم سبعة عشر صاحبيًا‪) .‬زاد المعاد ‪.(1/117‬‬
‫ولعل من أكثرهم استيعابا ً الحافظ العراقي‪ ،‬إذ ذكر اثنين وأربعين كاتبا لرسول اللسسه صسسلى اللسسه‬
‫ً‬
‫عليه وسلم‪) .‬انظر‪ :‬السستراتيب الداريسسة للكتسساني‪ ،(1/116 :‬وعسسدهم البرهسسان الحلسسبي فسسي حواشسسي‬
‫الشفا فأوصلهم إلى ثلثة وأربعين )المصدر السابق‪ ،1/117 :‬وانظر‪ :‬الصسسباغ‪ /‬لمحسسات فسسي علسسوم‬
‫القرآن‪ :‬ص ‪ [.(67‬يعرضون عليه‪ ،‬ويدرسونه لديه‪ ،‬لنه معجز النبوة ومأخذ الحكام‬
‫ومأخذ الحكام الشرعية‪ ،‬ومرجع المة‪ ،‬وشاهد الئمسسة‪ ،‬حسستى إن جماعسسة منهسسم‬
‫كعبد الله بن مسعود‪ ،‬وأبي بن كعب ختموه عليه عدة ختمات‪.‬‬
‫وما زال يفشو أمره وينتشر ضياؤه‪ ،‬ويعلو سسسناؤه يومسا ً فيومسا ً وعامسا ً فعامسا ً‬
‫وقرنا ً فقرنا ً حتى صار من أعظم المتواترات ظهورًا‪ ،‬ومن هنسسا تعسسرف س سّر مسسا‬
‫قال سيدنا المرتضى فيما حكى عنه شسسيخنا أبسسو علسسي فسسي المجمسسع أن‪ :‬العلسسم‬

‫‪593‬‬
‫بصحة نقل القرآن كالعلم بالبلدان‪ ،‬والحوادث الكبار‪ ،‬والوقسسايع العظسسام‪) ...‬ثسسم‬
‫نقل ما سبق أن نقلنا عن الشريف المرتضى( ]ص‪.[.(293–292):‬‬
‫وقال‪ :‬إن القرآن المجيد ليس بذلك الكثير الذي ل يمكن جمعه ول بالمبثوث‬
‫الذي ل يضم نشره؛ وإنمسسا هسسو بمنزلسسة ديسسوان شسسعر لعظيسسم مسسن الشسسعراء قسسد‬
‫اشسستمل علسسى نفسسائس الشسسعر وطسسرف الحكمسسة وشسسوارد المثسسال‪ ،‬ولسسه حملسسة‬
‫وحفاظ‪ ،‬وناس يتناشدونه في مجامعهم‪ ،‬ويكتبونه في دفاترهم بحيث إذا ذهسسب‬
‫عليهسسم بيسست منسسه فض سل ً عسسن قصسسيدة أو مقطوعسسة افتقسسدوه‪ ...‬ونسسادى منسسادي‬
‫السلطان في حملته وحفاظه والذين يتناشدونه ويكتبونه أن ائتونا بما عنسسدكم‪..‬‬
‫أتراه يشذ عليه بعد هذا شيء؟‬
‫ل مما ضربنا‪ ،‬وحملتسسه وكتسسابه وحفظتسسه أكسسثر ممسسا قلنسساه‪،‬‬ ‫والكتاب العزيز أج ّ‬
‫وتوجه الرغبات إليه أشد‪ ،‬وله قراء كثيرون وحفسساظ‪ .‬وجمعيسسه فسسي أيسسام النسسبي‬
‫صلى الله عليه وسلم وآله – فضل ً عما بعده – جماعة حتى قال القرطبي‪ :‬قسسد‬
‫قتل يوم اليمامة سبعون من القراء‪ ،‬وقتل في عهد النبي صلى الله عليسسه وآلسسه‬
‫في بئر معونة مثل ذلك‪ ،‬وروى البخاري عن قتادة قال‪ :‬سألت أنس بن مالسسك‪:‬‬
‫من جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله؟ فقسسال‪ :‬أربعسسة مسسن‬
‫ي بن كعب‪ ،‬ومعاذ بن جبل‪ ،‬وزيد بن ثابت‪ ،‬وأبو زيد‪ ،‬قلسست‪ :‬مسسن أبسسو‬ ‫النصار‪ :‬أب ّ‬
‫زيد؟ قال‪ :‬أحد عمومتي‪.‬‬
‫هذا كله مضافا ً إلى شسسدة اعتنسساء اللسسه جسسل ذكسسره بشسسأنه وصسسدق وعسسد اللسسه‬
‫بحفظه وإظهار هذا الدين الذي هو من أعظم أركانه‪ ،‬حسستى جعسسل أشسسد النسساس‬
‫إباء لظهوره‪ ،‬وأقلهم احتفال ً بمكانه من السعادة في حفظه وصيانته كما حفسسظ‬
‫بيضة السلم مع تهالكهم في استئصال ذريته ]انظر‪ :‬فصل الخطاب‪ :‬ص ‪.[.367–365‬‬
‫وتوفر الدواعي على نشره للمسلمين والكفار والمنافقين للتحدي والعجسساز‬
‫واشتماله على أمهات الحكام‪ ،‬والقراءة في المصحف والعلم بما فيه والتعلسسم‬
‫والتعليم لنفسهم ولولدهم‪ ،‬وللختم في شهر رمضان‪ ،‬وفسسي كسسل شسسهر مسسرة‪،‬‬
‫وفي كل سبعة أيام أو ثلث أو ليلسة كلسه‪ ،‬أو قسراءة شسيء منسه فسي كسل ليلسة‪،‬‬
‫والحفظ وشسسرف الحمسسل والنظسسر فيسسه والتفكسسر فسسي معسسانيه‪ ،‬وأمثسساله‪ ،‬ووعسسده‬
‫ووعيده‪ ..‬إلى غير ذلسسك ممسسا ل تحصسسى )يعنسسي مسسن دواعسسي حفظسسه( مسسع كسسثرة‬
‫المسلمين وغلبتهم حتى في غزوة تبوك كان عسكر السلم ثلثين ألف سًا‪ ،‬وفسسي‬
‫حجة الوداع اجتمع سبعون ألفا ً ]انظر‪ :‬فصل الخطاب‪ :‬ص ‪.[.367‬‬
‫وقد ضاق ذرعا ً صاحب فصل الخطاب وهو ينقل هذه الكلمسسات عسسن شسسيوخه‬
‫المنكرين لهذه الفرية وعقب عليها بقوله‪" :‬انتهى ما أوردنا نقله مسسن الكلمسسات‬
‫التي تشبه بكلم من ل عهد له بمباحث المامة‪ ،‬وحال أصحاب النبي صلى الله‬
‫عليه وآله في الضللة والغواية في حياته وبعد وفاته" ]فصل الخطاب‪ :‬ص ‪.[.367‬‬
‫ولجملة من شيوخهم كلمات من هذا القبيل في دحسسض هسسذه الفريسسة لظهسسور‬
‫فسادها‪ ،‬ولذلك قال اللوسي بعدما ذكسسر إنكسسار الطبرسسسي لهسسذا الكفسسر‪" :‬وهسسو‬
‫كلم دعاه إليه ظهور فساد مذهب أصحابه حتى للطفال‪ ،‬والحمد لله علسسى أن‬
‫ظهر الحق وكفى الله المؤمنين القتال" ]روح المعاني‪.[.1/24 :‬‬
‫وبعد‪ ،‬فهذا الكتاب الذي كتبه صاحبه وصوبه سهما ً إلى كتسساب اللسسه سسسبحانه‪،‬‬
‫لم يضر كتاب الله شيئًا‪ ،‬بل ارتد إلى طائفته وعاد عليها بأسسسوأ العسسواقب‪ ،‬فقسسد‬
‫أصبح فضيحة الشيعة الكبرى‪ ،‬وكان من أعظم الدلة والسسبراهين علسسى سسسقوط‬

‫‪594‬‬
‫أخبارهم وتهافت رواياتها‪ ،‬وأنه ل عبرة بتواترهسسا واستفاضسستها‪ ،‬ولهسسذا قسسال أحسسد‬
‫شيوخ الشيعة المعاصرين‪:‬‬
‫"ما أجاد في تأليفه‪ ،‬ول وافق الصواب في جمعه‪ ،‬وليته لم يسسؤلفه‪ ،‬وإن ألفسسه‬
‫لم ينشره‪ ،‬وقد صار ضرره أكثر من نفعه‪ ،‬بل ل نفسسع يتصسسور مسسن نشسسره‪ ،‬فسإنه‬
‫جهز السلح للعدو وهيأه‪."..‬‬
‫ثم قال‪" :‬ويقال‪ :‬إن بعض أعداد الدين وخصماء المذهب حرضه على تسسأليف‬
‫ذلك الكتاب وهو – رحمه الله – لم يشسسعر بسسذلك الغسسرض الفاسسسد‪ ،‬وليسسس هسسذا‬
‫الحدس أو النقل ببعيد" ]الطبطبائي‪ /‬النوار النعمانية‪) 2/364 :‬الهامش(‪.[.‬‬
‫هكذا يتمنون أن تكون هذه المسألة مستورة ل مفضوحة‪ ،‬وأن تبقى رواياتها‬
‫متفرقة ل مجموعة‪ ،‬لنه قد صار ضرره عليهم أكثر مسسن نفعسسه‪ ،‬بسل ل نفسسع مسسن‬
‫نشره‪ ،‬وليبق سري التداول بينهم‪ .‬فهل هذا يدلنا على أن لديهم كتبا ً ل تحظسسى‬
‫بالنشر‪ ،‬لن معلوماتها مثيرة للعالم السسسلمي‪ ،‬وآثارهسسا خطيسسرة فبقيسست رهينسسة‬
‫التداول بينهم؟ إن هذا ليس ببعيد ]بل قسسد يكسسون واقعسًا‪ ،‬حسستى أنسسك تسسرى أن بعسسض أجسسزاء‬
‫البحار قد منع طبعها‪ ،‬بأمر من "حوزاتهم"‪.[.‬‬
‫الوجه الرابقع‪ :‬التظقاهر بإنكقار هقذه الفريقة مقع محاولقة إثباتهققا‬
‫بطرق ماكرة خفية‪:‬‬
‫درج بعض شيوخهم المعاصرين على التظسساهر بإنكسسار هسسذه الفريسسة‪ ،‬والسسدفاع‬
‫عن كتاب الله سبحانه‪ ..‬لكنك تلحظ المنكر في فلتات لسسسانه‪ ،‬وتسسرى الباطسسل‬
‫يحاول دسه في الخفاء هنا وهناك‪ ..‬ومن أخبث من سلك هذا الطريق شسسيخهم‬
‫الخوئي ]أبسسو القاسسسم الموسسمي الخسوئي‪ ،‬مرجسسع الشسسيعة الحسسالي فسي العسراق وبعسض القطسار‬
‫الخسسرى‪ [.‬في تفسيره "البيسان"؛ فهسو يقسرر‪" :‬أن المشسهور بيسن علمساء الشسيعة‬
‫ومحققيهم‪ ،‬بل المتسالم عليه بينهم هو القول بعدم التحريف" ]البيان‪ :‬ص ‪.[.226‬‬
‫ولكنه يقطع بصحة جملة من روايات التحريسسف فيقسسول‪" :‬إن كسسثرة الروايسسات‬
‫تورث القطع بصدور بعضها عسسن المعصسسومين‪ ،‬ول أقسسل مسسن الطمئنسسان بسسذلك‪،‬‬
‫وفيسها مسا روي بطسريسق معتبر" ]البيان‪ :‬ص ‪.[.222‬‬
‫وبتتبع رواياتهم وأساطيرهم بهذا الخصوص ويعتبر رواياتهم التي تتحدث عسسن‬
‫مصحف لعلي فيه زيادات ليست في كتاب الله القرآن وقد ذكرت فيها أسسسماء‬
‫الئمة‪ ،‬وأساطيرهم التي تقول بنقص القسسرآن‪ ،‬كسسل ذلسسك يعتسسبره ثابت سا ً عنسسدهم‪،‬‬
‫ولكنه يرى أنه من قبيل التفسير الذي نسسزل مسسن عنسسد اللسسه وأن تلسسك الزيسسادات‬
‫كانت تفسيرا ً بعنوان التأويل وما يؤول إليه الكلم‪ ،‬أو بعنوان التنزيسسل مسسن اللسسه‬
‫شرحا ً للمراد ]البيان‪ :‬ص ‪ 223‬وما بعدها‪.[.‬‬
‫أما أساطيرهم التي دلت على التحريف بعنوانه )على حسب تعبيره( وبلغسست‬
‫عندهم باعترافه عشرين رواية وهسسو يعنسسي بسسذلك أسسساطيرهم السستي تقسسول بسسأن‬
‫الصحابة حرفوا القرآن وبدلوه‪ ،‬حيسسث استشسسهد لسسذلك بقسسوله‪ :‬مسسا عسسن الكسسافي‬
‫والصدوق بإسنادهما عن علي بن سويد قال‪ :‬كتبسست إلسسى أبسسي الحسسسن كتاب سا ً –‬
‫إلى أن ذكر جوابه بتمامه وفيه قوله عليه السسسلم ‪ :-‬اؤتمنسسوا علسسى كتسساب اللسسه‬
‫فحرفوه وبدلوه‪.‬‬
‫وكان موقفه من هذه الساطير هو قبولهسسا‪ ،‬ولكنسسه يقسسول بأنهسسا ل تسسدل علسسى‬
‫تحريف ألفاظ القرآن "فهي ظسساهرة الدللسسة علسسى أن المسسراد بسسالتحريف حمسسل‬
‫اليات على غير معانيها‪ ..‬ولول هذا التحريف لم تسسزل حقسسوق العسسترة محفوظسسة‬

‫‪595‬‬
‫وحرمة النبي منهم مرعية‪ ،‬ولما انتهى المر إلسسى مسسا انتهسسى إليسسه مسسن اهتضسسام‬
‫حقوقهم وإيذاء النبي صلى الله عليه وسلم فيهم ]البيان‪ :‬ص ‪.[.229‬‬
‫فهو يزعم بأن المة وفي طليعتهم الصحابة حملسسوا آيسسات القسسرآن علسسى غيسسر‬
‫معانيها الحقيقية‪ ،‬أما تحريفات الكليني والقمي والعياشي ليسسات القسسرآن فهسسي‬
‫التفسير الحقيقي عنده لكتاب الله‪ ،‬فإذا كان هذا مبلغ علم أكبر مراجع الشيعة‬
‫اليوم‪ ،‬وغاية دفاعه عن كتاب الله‪ ،‬فإن أمر الشيعة اليوم في غاية الخطورة‪.‬‬
‫وهو ل ينسى وهو يضع هذه "السموم" هنا وهنسساك أن يحسساول إطفسساء غضسسب‬
‫القارئ ولسيما حينما يجد أن تأويله عند مسسن عسسرف نصوصسسهم وخسسبر أخبسسارهم‬
‫بعيد التصديق فيقول‪" :‬وإذا لم يتم هذا الحمل فل بد من طرح هذه الروايسسات"‬
‫]البيان‪ :‬ص ‪.[.231–230‬‬
‫ويقول عن أساطير نقسص القسسرآن عنسسدهم‪ :‬أكسسثر هسسذه الروايسسات بسسل كثيرهسسا‬
‫ضعيفة السند‪ ..‬ثم نقل عن بعض علمسسائهم قسسوله‪" :‬إن نقصسسان الكتسساب ممسسا ل‬
‫أصل له وإل لشتهر وتواتر نظًرا إلى العادة في الحوادث العظيمسسة وهسسذا منهسسا‬
‫بل أعظمها" ]البيان‪ :‬ص ‪.[.233‬‬
‫ثم يقول عن أساطيرهم التي دلت – كما يقول – علي وقسسوع التحريسسف فسسي‬
‫القرآن بالزيادة النقصان‪ :‬وإن المة بعد النسسبي صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم غيسسرت‬
‫بعض الكلمات وجعلت مكانها كلمات أخرى‪ ،‬وذكر لذلك أمثلة‪ ،‬ومما أورده "ما‬
‫عن العياشي عن هشام بن سالم قال‪ :‬سألت أبا عبد الله رضي الله عنه قوله‬
‫ن{ قال‪:‬‬ ‫مَرا َ‬
‫ع ْ‬
‫ل ِ‬‫وآ َ‬
‫م َ‬‫هي َ‬ ‫وآ َ‬
‫ل إ ِب َْرا ِ‬ ‫حا َ‬‫وُنو ً‬
‫م َ‬‫فى آدَ َ‬ ‫صطَ َ‬ ‫ها ْ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫تعالى‪} :‬إ ِ ّ‬
‫ما مكسسان اسسم‪ ،‬أي أنهسم‬ ‫هو آل إبراهيم وآل محمد على العالمين فوضسسعوا اسس ً‬
‫غيروا فجعلوا مكان آل محمد آل عمران"‪.‬‬
‫وكان جوابه عن ذلك أنها مخالفة للكتسساب والسسسنة وإجمسساع المسسسلمين علسسى‬
‫عدم الزيادة في القرآن ول حرفا ً واحدا ً حتى من القائلين بسسالتحريف ]البيسسان‪ :‬ص‬
‫‪.[.233–232‬‬
‫لحظ مبلغ الخداع؛ فهو بهذا التعقيب على الزمسسرة الخيسسرة مسسن أسسساطيرهم‬
‫يوهم القارئ أن ما سبق عرضه من أنسسواع أسسساطيرهم ليسسس بطلنهسسا موضسسوع‬
‫اتفاق بين المسلمين‪ ..‬وهو يجعل من يرمي كتسساب اللسسه سسسبحانه بهسسذه الفريسسة‬
‫ممن يعد قوله ضمن إجماع المسلمين‪.‬‬
‫إن هذه المحاولة من شيخ الشسيعة هسي مجسرد غطساء جميسل خسادع لتحقيسق‬
‫هدف خبيث‪ ،‬فهسي مسؤامرة الهسدف منهسسا المسساس بكتسساب اللسسه بطسرق خفيسة‬
‫ماكرة‪ ،‬ولذلك لم يثر كتابه فصل الخطاب‪ ،‬بسسل اعتسسبر البعسسض منهسسم ذلسسك مسسن‬
‫قبيل الدفاع عن القرآن‪ ،‬ولقد لحظسست أنسسه يحسساول أن يثبسست "أسسسطورته" مسسن‬
‫طرق أهل السنة بأسلوب غريب ماكر‪ ،‬حيث قال – وهسسو يتظسساهر بالسسدفاع عسسن‬
‫كتاب الله ‪ :-‬إن القول بنسخ التلوة هو بعينه القول بالتحريف‪ ،‬وعليه فاشسستهار‬
‫القول بوقوع النسخ في التلوة عند علماء أهل السنة يسسستلزم – فسسي زعمسسه –‬
‫اشتهار القول بالتحريف ]البيان‪ :‬ص ‪.[.201‬‬
‫وقال‪" :‬إن اللتزام بصحة هذه الروايات )يعني‪ :‬روايات نسسسخ التلوة( السستزام‬
‫بوقوع التحريسسف فسسي القسسرآن" ]البيسسان‪ :‬ص ‪ .[.201‬وقسسال‪" :‬فيمكسسن أن يسسدعي أن‬
‫القول بالتحريف هو مذهب أكثر علماء أهل السنة لنهسسم يقولسسون بجسسواز نسسسخ‬
‫التلوة" ]البيان‪ :‬ص ‪.[.206‬‬

‫‪596‬‬
‫وهذا الكيد الذي سطره شيخ الشيعة في العصر الحاضر ليسسس جديسسدًا‪ ،‬فقسسد‬
‫ردده بعض الملحدة من قبل‪ ،‬ورد عليهم أهل السنة ]انظر‪ :‬الباقلني‪ /‬نكت النتصار‪:‬‬
‫ص ‪ ،103‬حيث دحض هذه الشبهة‪.[.‬‬
‫ي بيسسن النسسسخ والتحريسسف ل يخفسسى إل علسسى‬ ‫والمر واضح بي ّسسن‪ ،‬والفسسرق جل س ّ‬
‫مغرض صاحب هوى – كما أسلفنا – ذلك أن التحريف من صنع البشر‪ ،‬وقد ذم‬
‫ه‪] {..‬النساء ‪ ،46‬المسسائدة‬ ‫ع ِ‬
‫ض ِ‬‫وا ِ‬
‫م َ‬
‫عن ّ‬ ‫ن ال ْك َل ِ َ‬
‫م َ‬ ‫فو َ‬‫حّر ُ‬‫الله فاعله‪ ،‬قال تعالى‪} :‬ي ُ َ‬
‫‪.[13‬‬
‫ها‬ ‫َ‬ ‫سق ْ‬
‫سق َ‬ ‫و ُنن ِ‬
‫ةأ ْ‬‫ن آي َق ٍ‬
‫مق ْ‬
‫خ ِ‬ ‫ما َنن َ‬
‫والنسخ من الله سبحانه‪ .‬قال عز وجل‪َ } :‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫هقا{ ]البقسسرة ‪ .[106‬وهسسو ل يسسستلزم مسسس كتسساب اللسسه‬ ‫مث ْل ِ َ‬
‫و ِ‬
‫ها أ ْ‬ ‫من ْ َ‬
‫ر ّ‬
‫خي ْ ٍ‬
‫ت بِ َ‬
‫ن َأ ِ‬
‫سبحانه بأي حال‪ ،‬وعلماء الشيعة القدامى الذين ينكرون هذه الفرية يقرون به‬
‫كالطبرسي في مجمع البيان والمرتضى في الذريعة وغيرهما – كما سلف ‪.-‬‬
‫وتسرى أنسه يخسادع فسي القسول حينمسا يقسرر‪" :‬أن القسول بعسدم التحريسف هسو‬
‫المشهور بل المتسالم عليه بيسسن علمسساء الشسسيعة ومحققيهسسم" ]البيسسان‪ :‬ص ‪.[.200‬‬
‫ويستدل على ذلك بما قاله الطبرسي في مجمع البيان في إنكسسار هسسذه الفريسسة‬
‫]انظر‪ :‬ص)‪ (1020‬من هذا الكتاب‪ ،[.‬مع أن الطبرسي قرر بعسسد هسسذا بصسسفحات نسسسخ‬
‫التلوة واستدل له‪ ،‬في حين أن الخوئي يرى أن نسسسخ التلوة قسسول بسسالتحريف‪،‬‬
‫أليس هذا تناقضًا؟!‬
‫بل تراه يقول بأن القول بعدم التحريف هو قول علماء الشسسيعة ومحققيهسسم‪،‬‬
‫فسسي حيسسن أن مسسذهب جملسسة مسسن أسسساطين شسسيوخهم المجسساهرة بهسسذا الكفسسر‬
‫كالكليني‪ ،‬والقمي‪ ،‬والطبرسي صاحب الحتجاج وغيرهم من رؤوس هذا الكفر‬
‫]انظر‪ :‬ص)‪ (247‬ومسسا بعسسدها‪ [.‬وهم يعدون عنسسدهم مسسن كبسسار شسسيوخهم ومحققيهسسم‪،‬‬
‫أليس هذا خداعًا؟!‬
‫بل المر أشد من هذا‪ ،‬ذلك أن شيخهم إبراهيم القمسسي قسسد أكسسثر مسسن أخبسسار‬
‫هذه السطورة في تفسيره‪ ،‬وكان هذا معتقده مع آخرين مسسن شسسيوخهم‪ .‬قسسال‬
‫الكاشاني‪" :‬وأما اعتقاد مشايخنا في ذلك فالظاهر من ثقة السلم محمسسد بسسن‬
‫يعقوب الكليني أنه كان يعتقد التحريف والنقصان في القرآن‪ ..‬وكذلك أسسستاذه‬
‫علي بن إبراهيم القمي‪ ،‬فإن تفسيره مملو منه وله غلو فيه"‪ .‬ثم ذكر بقية من‬
‫سار في اللحاد من شيوخهم ]تفسير الصافي‪ ،‬المقدمة السادسة‪.[.1/52 :‬‬
‫فأنت ترى أنه يعترف بأن تفسير القمي مملو من هذا الكفر‪ .‬ومع ذلسسك فسإن‬
‫هذا الخوئي الذي يتظاهر بالنكار يذهب إلى صحة تفسسسير هسسذا القمسسي‪ ،‬ويقسسرر‬
‫أن روايسسات تفسسسيره كلهسسا ثابتسسة وصسسادرة مسسن المعصسسومين‪ ،‬لنهسسا انتهسست إليسسه‬
‫بواسطة المشايخ الثقات – كما يزعم – من الشسسيعة ]معجسسم رجسسال الحسسديث‪،1/63 :‬‬
‫ط‪ :‬الولى بالنجف ‪1398‬هسس‪ ،‬أو ص ‪ 49‬ط‪ :‬الثالثسة‪ :‬بيسروت ‪1403‬هسسس‪ ،‬وقسسد نقسسل ذلسك بنصسه فسسي‬
‫المقدمة‪.[.‬‬
‫فتبين من خلل ذلك أن الخوئي صاحب البيان هو في غسسايته كصسساحب فصسسل‬
‫الخطسساب‪ ،‬إل أن الخيسسر اسسستخدم الطريقسسة المكشسسوفة‪ ،‬والول سسسلك مسسسلك‬
‫المكر والحتيال‪.‬‬
‫المجال الثاني‪) :‬اتجاه المعاصرين في تأويل كتاب اللسسه(‪ :‬هسسل تخلسسص شسسيعة‬
‫العصر الحاضر من لوثة ذلك التجاه المغسسرق فسسي التأويسسل البسساطني السسذي درج‬
‫عليه شسسيوخهم القسسدامى فسسي تأويسسل كتسساب اللسسه كسسالقمي والكلينسسي والعياشسسي‬
‫والكاشاني والبحراني وأضرابهم‪ ..‬أو هم على آثارهم يهرعون؟‬

‫‪597‬‬
‫إن المتتبع لما يكتبه شيعة العصسسر الحاضسسر فسسي تفسسسير كتسساب اللسسه يجسسد أن‬
‫العقلية الشيعية المعاصرة ل تزال فسسي الغسسالب تعيسسش أسسسيرة لتلسسك التسسأويلت‬
‫التي وضعها علماؤهم السابقون والتي عرضنا لهسسا فيمسسا مضسسى‪ ..‬وآيسسة ذلسسك أن‬
‫تلك التفاسير الباطنية تأخذ المكانة الولى عنسسدهم فسسي الوثاقسسة والعتمسساد‪ ،‬ول‬
‫أدل على هذا من توثيق أكبر مراجع الشيعة في العصسسر الحاضسسر وهسسو الخسسوئي‬
‫لسانيد وروايات القمي في تفسسسيره ]انظسسر‪ :‬ص ‪ ..[.18‬وتفسسسير القمسسي قسسد بلسسغ‬
‫الغاية في التأويل الباطني وأربى على النهاية‪.‬‬
‫وكسسذلك الطبطبسسائي وهسسو مسسن كبسسار شسسيوخهم المعاصسسرين يقسسرر أن تفسسسير‬
‫العياشي محل ثقة الشيعة واعتمادهم‪ ..‬إلى عصرنا هذا ]انظسسر‪ :‬مسسا سسسبق نقلسسه عسسن‬
‫الطبطبائي في المقدمة‪ ،[.‬وتفسير العياشي على خطى القمي في المنهج البسساطني‬
‫الغالي الذي يكفر الصحابة‪ ،‬ويفسر كل آيات القرآن بالئمة وأعسسدائهم‪ ،‬ويسسدس‬
‫أساطير التحريف في تفسيره‪.‬‬
‫وهكذا سائر التفاسير ذات التجاه الغالي تحظى بتوثيق الشيعة واعتمادهم‪..‬‬
‫كتفسير البرهان‪ ،‬وتفسسير الصسافي‪ ،‬ومسرآة النسوار وغيرهسا ]انظسسر‪ :‬مقسسدمات هسسذا‬
‫التفاسير‪.[.‬‬
‫فماذا بقي بعد هذا؟‬
‫أما اتجاه المعاصرين في تأويل كتاب الله‪ ،‬فقد أخذ وجهيسسن مختلفيسسن‪ :‬وجسسه‬
‫غال متطرف‪ ،‬ووجه معتدل متوسط‪ ،‬إذا ما قسناه بالتجاه الغالي‪ :‬فقد ظهرت‬
‫ملمح التطرف والغلو في تأويل كثير من آيات القرآن بعقائدهم التي شذوا بها‬
‫عن أمة السلم‪ ،‬فهذا أحد علمسسائهم المعاصسسرين ويسسدعا "علسسي محمسسد دخيسسل"‬
‫يتحدث عن غيبة مهديهم المنتظر – وهسسو كمسا يقسسول بعسض كتساب الشسيعة مسسن‬
‫أشهر الكتاب الماميسة السذين عسالجوا الغيبسة ]عبسسد اللسسه الفيسساض‪ /‬تاريسسخ الماميسسة‪ :‬ص‬
‫‪ –[.162‬فيعقسد فصسل ً بعنسوان‪" :‬المهسدي فسي القسرآن الكريسم" ويسورد فسي هسذا‬
‫الفصل خمسين آية من القرآن كلها يزعم تأويلها بالمهدي ويتوصسل بسذلك إلسى‬
‫أن موضوع المهدي ل يختلف عسسن ضسسروريات السسلم الخسسرى‪ ،‬وإنكساره إنكسسار‬
‫لضرورة من ضروريات السسدين ]علسسي دخيسسل‪ /‬المسسام المهسسدي )عبسسد اللسسه الفيسساض‪ /‬تاريسسخ‬
‫المامية‪ :‬ص ‪.[.(162‬‬
‫بل بلغت تأويلت شيوخهم المتأخرين ليات القرآن بالمهدي إلى )‪ (120‬آيسسة‬
‫]انظر‪ :‬هاشم البحراني‪ /‬المحجة فيما نزل في القائم بالحجة‪ [.‬ولم يقنع بعسسض المعاصسسرين‬
‫كا لهم ليبلغ بها إلى ) ‪ ( 132‬آيسسة ]انظسسر‪ :‬محمسسد منيسسر الميلنسسي‪/‬‬ ‫بذلك فوضع مستدر ً‬
‫مستدرك الحجة‪.[.‬‬
‫ه( – يفسر‬ ‫ونجد شيخهم المعاصر – محمد رضا الطبيسي النجفي )ت ‪‍ 1365‬‬
‫)‪ (76‬آية مسسن كتسساب اللسسه بعقيسسدة الرجعسسة عنسسدهم ]انظسسر ذلسسك فسسي كتسسابه "الشسسيعة‬
‫والراجعسسة" مطبعسسة الداب‪ /‬النجسسف ‪‍1385‬ه‪ ،[.‬وهسسذا شسسطط لسسم يبلسسغ مسسداه شسسيوخهم‬
‫القدامى‪ .‬حيث بدأ التأويل بمسألة الرجعة في آية واحدة عنسسد ابسسن سسسبأ ]انظسسر‪:‬‬
‫تاريخ الطبري‪ .[.4/340 :‬ثم لم يزل المر يزيد‪ ،‬ففسر شيوخهم القسسدامى بالرجعسسة‬
‫عشرين آية ونيفا ً ]انظر‪ :‬جواد تارا‪ /‬دائرة المعارف العلوية‪ :‬ص ‪.[.256‬‬
‫وفي القرن الثسساني عشسسر تطسسور المسسر إلسسى تأويسسل )‪ (64‬آيسسة بتلسسك العقيسسدة‬
‫الباطلة على يد شيخهم الحر العالمي ]انظر‪ :‬الحر العاملي‪ /‬اليقاظ من الهجعة بالبرهان‬
‫على الرجعة‪ :‬ص ‪ ،[.98–72‬ثم كانت نهاية الشطط على يسسد هسسذا الطبيسسسي وغيسسره‬
‫من شيوخهم المعاصرين‪.‬‬

‫‪598‬‬
‫وقد يستمر طريق التأويل إلي أرقسسام أخسسرى‪ .‬وفسسي تفسسسير الميسسزان للمسسام‬
‫العظم عندهم محمد حسين الطبطبائي كسسثير مسسن التفسسسيرات الباطنيسسة السستي‬
‫يختارها من كتب التفسير القديمة عندهم‪ .‬يذكرها تحت عنوان "بحث روائي"‪..‬‬
‫ومن المثلة التي نقلها مقًرا لهسسا مسسا ذكسسره عسسن تفسسسيرهم البرهسسان فسسي قسسوله‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ط{‬ ‫م قَرأةَ ل ُققو ٍ‬
‫وا ِ ْ‬
‫ح َ‬
‫م قَرأةَ ن ُققو ٍ‬ ‫ف قُروا ا ِ ْ‬‫ن كَ َ‬‫ذي َ‬ ‫مث َل ً ل ّل ّق ِ‬ ‫ب الل ّ ُ‬
‫ه َ‬ ‫ضَر َ‬ ‫سبحانه‪َ } :‬‬
‫]التحريسسم ‪ .[10‬قال‪" :‬الية مثسسل ضسسربه اللسسه لعائشسسة وحفصسسة أن تظاهرتسسا علسسى‬
‫رسول الله وأفشتا سره" ]الطبطبائي‪ /‬الميزان‪.[.19/346 :‬‬
‫فانظر كيف يحرف معاني القرآن‪ ،‬ويكفر أمهات المؤمنين بذلك‪.‬‬
‫ك{ ]الرحمن ‪ [27‬نقل مسسا يروونسسه عسن‬ ‫ه َرب ّ َ‬‫ج ُ‬‫و ْ‬
‫قى َ‬ ‫وي َب ْ َ‬
‫وعند قوله سبحانه‪َ } :‬‬
‫)الصادق( أنه قال‪" :‬نحن وجه اللسسه" ]الميسسزان‪ .[.19/103 :‬وهكسسذا يلتقسسي التأويسسل‬
‫الباطني الغابر بالحاضر‪ ..‬صورة واحدة ووجه واحد‪.‬‬
‫والمثلة كثيرة‪.‬‬
‫ولكن هناك وجه معاصر معتدل‪ ،‬ومظاهر اعتسسداله تكمسسن فسسي ثلث ظسسواهر‪،‬‬
‫الولى‪ :‬اختفاء ذلك الغلو بتفسير كثير من آيات القرآن بالمامة ومسسا يسدور فسي‬
‫فلكها‪ ..‬والثانية‪ :‬تطهره مسن ملمسح أسسطورة التحريسف وأخبارهسا وآثارهسا فسي‬
‫تفسيره‪ ،‬والثالثة‪ :‬التنزه عن ذلك التكفير الصسسريح الواضسسح لخيسسر جيسسل عرفتسسه‬
‫البشرية‪ ..‬جيل الصحابة رضوان الله عليهم‪.‬‬
‫ومن أمثلة هذا التجاه تفسير الكاشف لمحمد جواد مغنية‪ ،‬والتفسير المبين‬
‫ضا‪.‬‬
‫له أي ً‬
‫ققَراء‬‫ف َ‬ ‫ْ‬
‫فسسأنت تلحسسظ ثنسساءه علسسى الصسسحابة فسسي تفسسسير قسسوله تعسسالى‪} :‬ل ِل ُ‬
‫خرجوا من ديارهم َ‬ ‫ُ‬
‫م{ ]الحشر ‪ [8‬الية‪.‬‬ ‫ه ْ‬‫وال ِ ِ‬
‫م َ‬ ‫وأ ْ‬‫ِ ِ ِ ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫نأ ْ ِ ُ‬ ‫ن ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫ري َ‬
‫ج ِ‬
‫ها ِ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫م َ‬
‫حيسسث قسسال‪" :‬ل لشسسيء إل لوقسسوفهم مسسع الحسسق‪ ،‬وإعلء كلمسسة السسسلم‬
‫ن‬
‫صققُرو َ‬ ‫وَين ُ‬ ‫واًنا َ‬ ‫ضقق َ‬ ‫ر ْ‬ ‫و ِ‬‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ضل ً ّ‬ ‫ف ْ‬ ‫ن َ‬ ‫غو َ‬ ‫وتضحيتهم في سبيله }ي َب ْت َ ُ‬
‫ل‪ ،‬وبهسسؤلء‬ ‫ن{ إيماًنسسا وقسسول ً وعم ً‬ ‫صققاِد ُ‬ ‫ول َئ ِ َ‬ ‫الل ّه ورسول َ ُ‬
‫قو َ‬ ‫م ال ّ‬ ‫هق ُ‬ ‫ك ُ‬ ‫هأ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ ُ‬
‫المهاجرين وأمثالهم من النصار استقام السلم وانتشر في شرق الرض‬
‫وغربها‪ ،‬ول بدع فإن قائدهم محمد صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ولن تكون المة‬
‫مققن‬ ‫ن ِ‬ ‫مققا َ‬ ‫لي َ‬ ‫وا ِ‬ ‫داَر َ‬ ‫ؤوا القق ّ‬ ‫و ُ‬‫ن ت ََبقق ّ‬ ‫ذي َ‬ ‫واّلقق ِ‬ ‫فاسسسدة وقائدهسسا صسسالحا ً } َ‬
‫م{‪ ،‬المراد بالذين‪ :‬النصسسار‪ ،‬وتبسسوءوا‪ :‬سسسكنوا‪ ،‬والسسدار‪ :‬دار الهجسسرة‬ ‫ه ْ‬‫قب ْل ِ ِ‬ ‫َ‬
‫وهي المدينة‪ ،‬واليمان مفعول لفعل محذوف أي‪ :‬وأخلصوا اليمسسان‪ ،‬وقسسد‬
‫ن‬ ‫دو َ‬
‫جق ُ‬ ‫ول ي َ ِ‬ ‫م َ‬ ‫هق ْ‬ ‫َ‬
‫جَر إ ِل َي ْ ِ‬ ‫هققا َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن َ‬ ‫حّبو َ‬ ‫أثنى الله على النصار بأنهم‪} :‬ي ُ ِ‬
‫ُ‬
‫ن‬ ‫و َ‬
‫كا َ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫عَلى أن ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ؤث ُِرو َ‬ ‫وي ُ ْ‬ ‫ما أوُتوا َ‬ ‫م ّ‬‫ة ّ‬ ‫ج ً‬‫حا َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ر ِ‬
‫دو ِ‬ ‫ص ُ‬ ‫في ُ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫ن{‪.‬‬ ‫حو َ‬ ‫فل ِ ُ‬‫م ْ‬ ‫م ال ْ ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫ك ُ‬ ‫ول َئ ِ َ‬‫فأ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫س ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫ح نَ ْ‬ ‫ش ّ‬ ‫من ُيوقَ ُ‬ ‫و َ‬ ‫ة َ‬ ‫ص ٌ‬‫صا َ‬ ‫خ َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫بِ ِ‬
‫م{ جسساء فسسي التفاسسسير‪ :‬أن المسسراد بالسسذين‬ ‫ه ْ‬‫د ِ‬ ‫عق ِ‬ ‫من ب َ ْ‬ ‫ؤوا ِ‬ ‫جا ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ّ‬
‫وال ِ‬ ‫} َ‬
‫جاءوا من بعد الصحابة التابعون لهم بإحسسان أخسذا بقرينسة السسياق‪ ،‬ومسع هسذا‬
‫فإن الثناء يعم ويشمل كل من سار بسيرة الصحابة إلى يوم القيامسسة" ]التفسسسير‬
‫المبين‪ :‬ص ‪ ،631‬وقارن هذا التفسير المتناسب مع سياق اليات ومفهوماتها بما سسسجله البحرانسسي‬
‫من روايات عن أئمته في تفسير هذه الية‪) .‬انظر‪ :‬البرهان‪.[.(319–4/316 :‬‬
‫فإذا قرأت هذا الكلم ل تعرف أن قائله من الروافض الذي يكفسسرون صسسحابة‬
‫رسول الله ويشتمونهم‪ ...‬وقد مر بنا أن له كلما ً في الطعن في بعض صسسحابة‬
‫رسول الله‪ ..‬ولكنه لم يصرح بالتكفير كغيره من شيعته‪.‬‬

‫‪599‬‬
‫ن{‪ .‬قسسال‪:‬‬ ‫ظو َ‬ ‫ف ُ‬ ‫حققا ِ‬‫ه لَ َ‬ ‫وإ ِّنا ل َ ق ُ‬
‫ن ن َّزل َْنا الذّك َْر َ‬
‫ح ُ‬
‫وعند قوله سبحانه‪} :‬إ ِّنا ن َ ْ‬
‫"المراد بالذكر هنا القرآن الكريم‪ ،‬وضمير "له" يعود إليه‪ ،‬والمعنسسى أن القسسرآن‬
‫موجود فعل ً بين الدفتين‪ ،‬المألوف لدى كل الناس‪ ،‬وهو بالذات الذي نزل علسى‬
‫محمد صلى اللسسه عليسسه وسسسلم بل تقليسسم وتطعيسسم‪ ،‬علسسى العكسسس مسسن الكتسساب‬
‫المعروف بالتوراة‪ ،‬فإنه غير الذي جاء به موسى عليه السلم‪ ،‬وكسسذلك الكتسساب‬
‫المعروف بالنجيل فهو غير الذي جاء به عيسى عليه السلم" ]التفسير المبين‪ :‬ص‬
‫‪.[.286‬‬
‫في حين أن الرجل لم يدع التأويل لبعسسض اليسسات بمقتضسسى أصسسول عقيسسدته‪،‬‬
‫لكنسسه لسسم يجسساهر بسسالغلو فسسي التأويسسل كسسالخرين مسسن طسسائفته‪ ،‬فنجسسده مثل ً فسسي‬
‫َ‬
‫م{ ]المسسائدة‬ ‫م ِدين َك ُق ْ‬‫ت ل َك ُ ْ‬ ‫مل ْ ُ‬‫م أك ْ َ‬‫و َ‬ ‫تفسيره الكاشف يوؤل قوله سبحانه‪} :‬ال ْي َ ْ‬
‫‪ [3‬بقوله‪" :‬معنى الية أن الله سبحانه أكمل الدين مع هسسذا اليسسوم بسسالنص علسسى‬
‫علي بالخلفة"‪.‬‬
‫هذا التجاه المعتدل إنمسسا هسسو ثمسسرة اعتمسساده علسسى جمسسع الجوامسسع لشسسيخهم‬
‫الطبرسي‪ ،‬كما ألملسسح إلسسى ذلسسك فسي المقدمسسة‪ ..‬والطبرسسسي قسد اعتمسد فسسي‬
‫الغالب على مرويات أهل السنة وتفاسيرهم‪ ،‬كما أشار شيخ السلم ابن تيمية‬
‫]انظر‪ :‬منهاج السنة‪.[.3/246 :‬‬
‫فإذن هناك وجهان للتجاه الشيعي فسسي تأويسسل القسسرآن‪ :‬اتجسساه غسسال‪ ،‬واتجسساه‬
‫معتدل‪ .‬كما كان لهم في القرون الماضية كتب تفسسسير باطنيسسة غالبسسة كتفسسسير‬
‫القمي والعياشي والكاشاني والبحراني وغيرهسسم‪ ،‬وكتسسب تفسسسير معتدلسسة مثسسل‬
‫تفسير التبيان للطوسي‪ ،‬ومجمع البيان‪ ،‬وجمع الجوامع للطبرسي‪..‬‬
‫وقد جاء في أخبارهم بالمر لهم بظهورهم بوجهين مختلفيسسن حسستى ل يعسسرف‬
‫الناس حقيقة مذهبهم‪ .‬وقال إمامهم‪" :‬إن هذا خير لنا ولكم‪ ،‬ولو اجتمعتم على‬
‫أمر واحد لصدقكم الناس علينا )أي لعرف الناس المذهب( ولكان أقسسل لبقائنسسا‬
‫وبقائكم" ]أصول الكافي‪.[.1/65 :‬‬
‫وأنت إذا قارنت بين المنهجين وجدت التجاه الغالي المتطرف يستقي مادته‬
‫من روايات الشيعة وأخبارهم‪ ،‬أما التجاه المعتسسدل فتلحسسظ أنسسه قسسد فتسسح قلبسسه‬
‫وعقله لروايات أهسسل السسسنة وآثسسارهم فسسي التفسسسير‪ ،‬فتخلسسص مسسن لوثسسة الغلسسو‬
‫والتطرف‪ ،‬إما تقية أو اقتناعًا‪ ،‬لكنك ل تجد تفسيرا ً شيعيا ً اعتمد على روايسساتهم‬
‫فقط يخلو من الطريقة الباطنية في التفسير‪.‬‬
‫فأي الطريقين هو الذي يمثل مذهب الشيعة؟!‬
‫لقد ذكرت فيما سلف محاولة بعض شيوخ الشيعة قطسسع الطريسسق علسسى هسسذا‬
‫التجاه المعتدل بحمله على التقية ]انظر‪ :‬ص)‪ (198‬من هذه الرسالة‪.[.‬‬
‫وقد صرح شيخهم المجلسي بأن اعتمادهم على مرويات أهل السنة إنما هو‬
‫للحتجاج عليهم‪ ،‬وعقد لذلك بابا ً بعنوان " البسساب الثسامن والعشسسرون مسا ترويسه‬
‫العامة )يعنسسي أهسسل السسسنة( مسسن أخبسسار الرسسسول صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم وأن‬
‫الصسسحيح مسسن ذلسسك عنسسدهم )يعنسسي شسسيعته( والنهسسي عسسن الرجسسوع إلسسى أخبسسار‬
‫المخالفين" ]بحار النوار‪ [.2/214 :‬ثم استثنى من ذلك مقام الحتجاج عليهم لنشر‬
‫التشيع‪.‬‬
‫بل إن مرجع الشيعة في العراق "الخوئي" يعتبر مسسا جسساء عسسن الصسسحابة فسسي‬
‫تفسير القرآن هو معنى التحريف الذي جاء به روايسساتهم ]انظسسر‪ :‬حملسسة لسسساطيرهم‬

‫‪600‬‬
‫التي تقول بتحريف الصحابة لكتاب الله "على أن المراد حمل اليات على غير معانيها" )البيان ص‬
‫‪.[.(229‬‬
‫وحين أشسسار محسسب السسدين الخطيسسب إلسسى أن القسسرآن السسذي ينبغسسي أن يكسسون‬
‫الجامع لنا ولهم على التقارب نحو الوحدة‪ ،‬قد قامت أصول الدين عندهم علسسى‬
‫تأويل آياته وصرف معانيها إلى غير ما فهمه منها الصحابة عن النبي صلى اللسسه‬
‫عليه وسلم وإلى غير ما فهمه منها أئمة السسلم عسن الجيسل السذي نسزل عليسه‬
‫القرآن ]الخطوط العريضة‪ :‬ص ‪.[.10‬‬
‫رد ّ عليه أحد شيوخ الشيعة بقوله‪" :‬إن الشسسيعة تسسرى مسسن الكيسسد للسسسلم أن‬
‫يأخذوا‪ ..‬تفسيرهم للقرآن عمن تقصسسدهم وتعنيهسسم بالسسذات أمثسسال أبسسي هريسسرة‬
‫وسسسمرة بسسن جنسسدب‪ ..‬وأنسسس بسسن مالسسك ممسسن أتقنسسوا صسسناعة التلفيسسق والسسدس‬
‫والكذب والفتراء" ]عبد الواحد النصاري‪ /‬أضواء على خطوط محب الدين‪ :‬ص ‪.[.65‬‬
‫فهذا الجواب ينسبه المؤلسسف للشسسيعة‪ ..‬فسسإذا كسسانت الشسسيعة تعتقسسد أن تلقسسي‬
‫الدين عن طريق الصحابة هو من الكيد للسلم فلهم دينهسسم ولنسسا ديننسسا‪ ..‬إذ إن‬
‫قولهم هذا يؤدي إلى رفض السلم كلية‪.‬‬
‫أليسسس هسسذا يعنسسي أن ذلسسك الطريسسق المعتسسدل والسسوجه الخسسر هسسو مسسن بسساب‬
‫التقية‪..‬؟!‬
‫إن بعض أصحاب ذلك التجاه المعتدل وهو شيخهم محمد جواد مغنية ل يقسسر‬
‫بوجود اتجاه باطني في التفسير عندهم‪ .‬ويقول بأن الثني عشرية أبعد النسساس‬
‫من هذه البدع والضللت‪ ،‬وأن كتبهسسم تشسسهد بسسذلك وهسسي فسسي متنسساول كسسل يسسد‬
‫]تفسسسير الكاشسسف‪ ،[.7/104 :‬وكذلك شيخهم الخسسر محسسسن الميسسن يقسسر بوجودهسسا‪،‬‬
‫ولكنه يقول بأنها روايات شاذة ]انظسسر‪ :‬الشسسيعة بيسسن الحقسسائق والوهسسام‪ :‬ص ‪.[.420–419‬‬
‫ومثل ذلك يقول الخنيزي‪ ،‬مع إنكاره لبعض ما هو واقع في كتبهم مسسن روايسسات‬
‫]انظر‪ :‬الدعوة السلمية إلى وحدة أهل السنة والمامية‪.[.202–1/178 :‬‬
‫وهذا النكار لما هو واقع وموجود أمارة التقية‪ ،‬والمسسر ليسسس مجسسرد روايسسات‬
‫شاذة – كما يزعمون – بل تفاسير كاملة تخصصت في التأويسسل البسساطني يسسأتي‬
‫في طليعتهسسا تفسسسير القمسسي الموثسسق مسسن كبسسار شسسيوخهم‪ ،‬وأبسسواب كاملسسة فسسي‬
‫الكافي أصح كتاب عنسدهم فسي الحسديث‪ ،‬وفسسي البحسار وغيرهمسسا‪ ،‬أبسسواب تضسم‬
‫عشرات الحاديث كلها تفسير اليات تفسيرا ً باطنيسًا‪ ،‬فلسسم هسسذه "الجسسرأة" فسسي‬
‫إنكار الحقائق الواضحات‪ ،‬وهل يظنون أنهم يخدمون دينهم بهذه الوسيلة؟!‬
‫كما أن هذا النكار منقوض بصنيع من شيوخهم المعاصرين السسذين ل يزالسسون‬
‫يهذون في هذا الضلل‪.‬‬
‫بل إن شيوخهم وآيتهم عبد الحسين شسسرف السسدين الموسسسوي يسسرى أن تلسسك‬
‫التأويلت الباطنية لليات والواردة في حق الئمسسة هسسي مسسسلمة عنسسدهم بحكسسم‬
‫الضرورة ]وذلك حينما قال الشيخ موسى جار الله بأن "في كتب الشيعة أبواب في آيات وسسسور‬
‫نزلت في الئمة والشيعة‪ ،‬وفي آيات وسور نزلت فسسي كفسسر أبسسي بكسسر وعمسسر‪ ،‬وكفسسر مسسن اتبعهمسسا‪،‬‬
‫واليات تزيد على المئة‪ ،‬بل فيها سور مستقلة‪ ..‬يذكر ذلك أكبر إمام للشيعة في أقداس كتبها في‬
‫أصول الكافي"‪) .‬الوشيعة‪ :‬ص ‪ ،27‬وانظر‪ :‬ص ‪.(65‬‬
‫فأجاب شيخهم عبد الحسين على ذلك بقوله‪ :‬أمسسا مسسا نسسزل فسسي فضسسل الئمسسة مسسن أهسسل السسبيت‬
‫وشيعتهم فمسّلم بحكم الضرورة من علم التفسير المأثور من السنن‪ ،‬وبحكم ما ثبت فسسي السسسنة‬
‫المقدسة من أسباب النزول‪.‬‬
‫وأما نزول شيء من القرآن في كفر فلن وفلن‪ ،‬فإنه مما نبرأ إلى اللسسه منسسه‪ ،‬والبلء فيسسه إنمسسا‬
‫جاء من بعض غلة المفوضة وربما كان في كتبهم فرآه هذا الرجل فرمى السسبريء بحجسسر المسسسيء‬
‫شأن الجهال بحقائق الحوال‪) .‬أجوبة مسائل جار الله‪ :‬ص ‪.(67‬‬

‫‪601‬‬
‫فأنت تلحظ أن هذه "الية" عندهم قد اعتبر ما جاء فسسي الكسسافي مسسن تسسأويلت للقسسرآن بالمسسام‬
‫والمامة مسلم بحكم الضرورة‪ ،‬لكنه استعمل التقية‪ ،‬حينما نفى تسسأويلهم ليسسات الكفسسر والكسسافرين‬
‫بأبي بكر وعمر‪ ،‬وزعم أن ذلك ل يوجد في الكافي‪.‬‬
‫وهذه "تقية" بل ريب‪ ،‬لنه أنكر وجود ذلك في الكافي وهو موجود ويتمثل في عشرات الرويات‬
‫تفسير آيات الكفر والكفار بالشيخين رضي الله عنهما‪) .‬انظر‪ :‬أصول الكافي‪ ،‬باب فيه نكت ونتف‬
‫من التنزيل في الولية‪.(1/412 :‬‬
‫لكن هذا الرجل يريد أن يخدع الناس وينكر ما هو واقع ويلصسسق ذلسسك بالفوضسسة والسستي لسسم يقسسل‬
‫الكاتبون عنها أن هذا مسلكها واعتقادها )انظسسر فسسي بيسسان عقيسسدة الفوضسسة شسسرح عقسسائد الصسسدوق‬
‫للمفيد‪ :‬ص ‪ (258‬ثم إن هذه الفرقة اندرست ول توجسسد هسسي ول كتبهسسا كمسسا يقسسوله مرجسسع الشسسيعة‬
‫محمد حسين آل كاشف الغطا )انظر‪ :‬أصل الشيعة‪ :‬ص ‪.[.(38‬‬
‫إذن الصورة في مجال التأويل متشابهة بين الوائل والواخسسر‪ ،‬والجديسسد عنسسد‬
‫المعاصرين أنهم ارتضوا ما كتبه أسلفهم‪ ،‬حتى المتأخرون منهسسم فقسسد اعتسسبروا‬
‫ما كتبه المجلسي وغيره مسن المتسأخرين مراجسع معتمسدة فسي الروايسة فاتسسع‬
‫بذلك نطاق التأويل عندهم وازداد بفضسل جهسود شسيوخ الدولسة الصسفوية السذي‬
‫أربوا على النهاية في هذا‪.‬‬
‫لكن بعض المعاصرين كتب بعض التفاسير المعتدلة كما فعل بعض شيوخهم‬
‫القسدمين‪ ..‬وأنكسر وجسود التسأويلت المتطرفسة عنسدهم‪ ..‬وإذا كسان النكسار فسي‬
‫القديم قد يصدق‪ ،‬فإنه اليوم بعد ظهور حركة الطبع ل يجدي ول يفيسسد‪ ،‬ويحمسسل‬
‫على التقية ل محالة‪.‬‬
‫أما ظهورهم بوجهين مختلفين فهذا أمر قد قرر فسسي مسسذهبهم حسستى ل يقسسف‬
‫الناس على حقيقتهم ]انظر‪ :‬أصول الكافي‪ .1/65 :‬ومضى نصه ص‪.[.(1060) :‬‬
‫السنة عند المعاصرين‪:‬‬
‫إن الشيعة المعاصرين لم يتغيسسر شسسيء مسسن مسسواقفهم حسسول المسسسائل السستي‬
‫تحدثنا عنها في مبحث السنة‪ ،‬فل يزالون يعتبرون أقسسوال أئمتهسسم الثنسسي عشسسر‬
‫كأقوال الله ورسوله‪.‬‬
‫يقسول شسيخهم الخمينسي‪" :‬إن تعساليم الئمسة كتعساليم القسرآن يجسب تنفيسذها‬
‫واتباعها" ]الحكومة السلمية‪ :‬ص ‪.[.13‬‬
‫ويقول محمد جواد مغنية‪" :‬قول المعصوم وأمسسره تمام سا ً كالتنزيسسل مسسن اللسسه‬
‫حى{ ]النجسسسم‬ ‫ي ُيققو َ‬‫ح ٌ‬‫و ْ‬‫و إ ِل ّ َ‬
‫ه َ‬
‫ن ُ‬
‫وى‪ ،‬إ ِ ْ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫ه َ‬ ‫ع ِ‬
‫ق َ‬
‫ما ي َن ْطِ ُ‬
‫و َ‬
‫العزيز العليم‪َ } :‬‬
‫‪] "[4 ،3‬محمد جواد مغنية‪ /‬الخميني والدولة السلمية‪ :‬ص ‪.[.59‬‬
‫فكأنهم بهذا قد اعتبروا هؤلء الئمة بما فيهم الغسائب السذي لسم يوجسد أصس ً‬
‫ل‪،‬‬
‫والحسن العسكري الذي عده ابسسن الجسسوزي مسسن الضسسعفاء فسسي الموضسسوعات‪..‬‬
‫اعتبروا هؤلء كأنبياء الله ورسله‪ ..‬وهذا مبني على دعوى عصسسمتهم السستي تسسبين‬
‫لنا زيفها وبطلنها فيما مضى‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أما دعواهم أن الرسول كتم جزءا من الشيعة وأودعها علي سا فهسسذا ل يكفسسون‬
‫عن التصريح به في كتبهم "الدعائية" كما سجل ذلك شيخهم محمد حسسسين آل‬
‫كاشف الغطا في كتابه "أصل الشيعة وأصولها" ]انظسسر‪ :‬أصسسل الشسسيعة وأصسسولها‪ :‬ص‬
‫‪ ،77‬ونقلت نص ذلك ص )‪.[.(146‬‬
‫أما تلك الكتب الوهمية كالجفر والجامعة والسستي تتحسسدث عنهسسا كتسسب الروايسسة‬
‫عندهم‪ ..‬فلما نعى الشيخ موسى جار الله على الشسسيعة المعاصسسرين تصسسديقهم‬
‫بمثل هذه الوهام‪ .‬أجابه أحد مراجع الشيعة المعاصرين وهو محسسسن الميسسن –‬
‫بل حياء – بقوله‪" :‬إن ضاعت صحيفة الفرائض والجفر والجامعة وما ذكر معهسسا‬

‫‪602‬‬
‫عنده وعند أمثاله )يعني موسى جسسار اللسسه( فلسسم تضسسع عنسسد أهلهسسا"‬
‫]الشسسيعة بيسسن‬
‫الحقائق والوهام‪ :‬ص ‪.[.254‬‬
‫بل إن من شيوخهم الكبار عنسسدهم فسسي هسسذا العصسسر مسسن يتبسساهى بسسذكر تلسسك‬
‫الكنوز الوهمية‪ ،‬والسماء التي ل مسمى لها ويذهب يعدد هسسذه "الكتسسب" بكسسل‬
‫خفة عقل‪.‬‬
‫ويفتخر بكثرة هذه الوهام التي ل حقيقة لهسا‪ ..‬وإذا سسئل أيسن هسذه "الكتسب‬
‫المزعومة" أجاب بأنها المنتظر‪ ..‬ولول خشية الطالة لنقلنسسا كلمهسسم فسسي ذلسسك‬
‫]انظر‪ :‬محمد آصف المحسني‪ /‬صراط الحسسق‪ ،3/347 :‬محسسسن الميسسن‪ /‬أعيسسان الشسسيعة‪–1/154 :‬‬
‫‪.[.184‬‬
‫ومنتظر الشيعة الذي تزعم غيبته وحيسساته منسسذ مئات السسسنين حسستى أصسسبحت‬
‫هذه الدعوى عار عليها وفضيحة لها تزداد على مر السنين‪.‬‬
‫هذا المنتظر الذي لم يولد أصل ً نسب له بعض الفاكين "رقاعًا" صدرت عنه‬
‫مضى الحديث عنها ]انظر‪ :‬ص )‪.[.(332‬‬
‫وكان يظن بشيعة العصر الحاضر‪ ،‬ول سسسيما وهسسم يرفعسسون شسسعار التقريسسب‪،‬‬
‫ودعوة الوحدة مع أهل السنة أنهم قسسد ارتفعسسوا بمسسذهبهم قسسومهم عسسن ترهسسات‬
‫الماضي لكن لم يحصل شيء من ذلك واعتبروا هذه الرقاع من "السنة التي ل‬
‫يأتيها الباطل" ]الخنيزي‪ /‬الدعوة السلمية‪.[.2/112 :‬‬
‫وأدهى من ذلك أن هسسذا المنتظسسر يزعمسسون أنسسه علسسى صسسلة مباشسسرة ببعسسض‬
‫شيوخهم حتى الن‪ ،‬وهذا يعنسسي اسسستمرار حكايسسة التوقيعسسات‪ ،‬وخسسروج الفتسساوى‬
‫المعصومة والنصوص التي هي كالوحي اللهي – كما يزعمون ‪.-‬‬
‫قال شيخهم محمد تقي المدرسي‪" :‬ل نستبعد ‪ -‬بسسل هسسو كسسائن فعل ً – وجسسود‬
‫علقات سرية بين المام ]يعني إمامهم الغائب الذي ل حقيقة له إل في خيال الشيعة‪) [.‬ع(‬
‫وبين مراجع الشيعة‪ ،‬وهذا هو السر العظيم" ]الفكسسر السسسلمي مواجهسسة حضسسارية‪ :‬ص‬
‫‪.[.305‬‬
‫ومع اعتماد على هذه الوهام‪ ،‬وقبولهم لمرويات الكسذابين‪ ،‬فسإنهم ل يزالسون‬
‫في غيهم يعمهون في إعراضهم‪ ،‬عن سنة المصطفى صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم‬
‫التي نقلها أصحابه – رضي الله عنهسم – بل حجسة وبرهسسان إل دعسوى أنهسسم ردوا‬
‫إمامة علسسي المنصوصسسة بزعمهسسم حسستى قسال أحسسد مراجعهسسم وآيساتهم فسسي هسسذا‬
‫العصر‪" :‬إن ما يرونه مثل أبسسي هريسسرة وسسسمرة بسسن جنسسدب وعمسسر بسسن العسساص‬
‫ونظائرهم ليس لهم عند المامية مقدار بعوضسسة" ]محمسسد حسسسين آل كاشسسف الغطسسا‪/‬‬
‫أصل الشيعة وأصولها‪ :‬ص ‪.[.79‬‬
‫بل صرح بعض معاصريهم أن الشيعة ترى أن قبول رواية صحابة رسول الله‬
‫من الكيد للسلم ]انظر‪ :‬ص)‪.[.(1061‬‬
‫ولذا قسسال بعسسض معاصسسريهم‪" :‬إن الشسسيعة ل تعسسول علسسى تلسسك السسسانيد )أي‬
‫أسانيد أهل السنة(‪ ،‬بل ل تعتبرها ول تعرج في مقام الستدلل عليها فل تبسسالي‬
‫بها وافقت مذهبها أو خالفته" ]عبد الله السبيتي‪ /‬تحت راية الحق‪ :‬ص ‪.[.146‬‬
‫وقسال‪" :‬إن لسدى الشسيعة أحساديث أخرجوهسا مسن طرقهسم المعتسبرة عنسدهم‬
‫ودونوها في كتب لهم مخصوصة وهي كافية وافيه لفروع الدين وأصوله‪ ،‬عليهسسا‬
‫مدار علمهم وعملهم‪ ،‬وهي ل سواها الحجة عندهم" ]عبد اللسسه السسسبيتي‪ /‬تحسست رايسسة‬
‫الحق‪ :‬ص ‪.[.162‬‬

‫‪603‬‬
‫ولن هذا هو حقيقة موقفهم مسسن السسسنة النبويسسة‪ ..‬فسسإن لهسسم نشسساطا ً واسسسعا ً‬
‫لمحاربسسة السسسنة والتشسسكيك فيهسسا‪ ..‬ولكبسسار شسسيوخهم حملت مسسسعورة ضسسد‬
‫المكثرين من الرواية من صحابة رسول الله صلى الله عليسسه وسسسلم كمسسا صسسنع‬
‫آيتهم العظمى عبد الحسين الموسوي في كتابه )أبو هريرة( وغيره‪ ،‬ولهم سب‬
‫وتجريح لكبار محدثي المة‪ ،‬ولمهات كتب المسلمين ما ل يوجد مثله في كتب‬
‫طائفة من طوائف الكفر‪ ،‬كما تجد ذلك فسسي كتسساب الغسسدير لشسسيخهم المينسسي‪..‬‬
‫والمجال ل يتسع لنقل شواهد من هذا الغثاء‪.‬‬
‫الجماع عند المعاصرين‪:‬‬
‫ل جديد في حديثهم في ذلك حتى نثبته‪ ،‬اللهم إل محاولة صياغة مذهبهم في‬
‫"الجماع" بأسلوب خادع قد يغتر به من ل علم لسسه بحقيقسسة مقسسالتهم‪ ..‬يقسسول –‬
‫مثل ً ‪ :-‬محمد جواد مغنية‪ :‬إجماع الصحابة بأن تتفق كلمة الصحاب جميعا ً على‬
‫حكم شرعي‪ ،‬وقد أوجب السنة والشيعة الخذ بهذا الجماع واعتباره أصل ً مسسن‬
‫أصول الشريعة‪ ،‬ثم يذكر أن الشيعة قسالوا بحجتسسه لوجسسود المسسام مسسع الصسسحابة‬
‫]الشيعة في الميزان‪ :‬ص ‪.[.321‬‬
‫انظر إلى هذا التحايل رغم أن مؤدى قسسوله أن الشسسيعة تسسرى أن الحجسسة فسسي‬
‫قول المعصوم ل فسسي الجمسساع نفسسسه‪ ،‬لكنسسه اسسستعمل هسسذا السسسلوب الملتسسوي‬
‫للخداع والتغرير ]انظر ما سللف عسسن عقيسسدته فسسي "الجمسساع" ص)‪ (403‬ومسسا بعسسدها‪ ،[.‬وقد‬
‫انخدع بذلك البعض ]مثل الشيخ محمد الغزالي الذي نقل كلم مغنية هذا واحتج به فسسي أنسسه ل‬
‫فرق في أصول الحكام بين السنة والشيعة )انظر‪ :‬ليس من السلم‪ :‬ص ‪.[.(80–79‬‬
‫اعتقادهم في أصول الدين‪:‬‬
‫ففي مقام توحيد الربوبية وإفراد اللسسه جسسل شسسأنه بأفعسساله فسسإن للمعاصسسرين‬
‫كلمات في إعطاء الئمة ما للرب جل شأنه بأفعاله مما لم يؤثر عسسن أسسسلفهم‬
‫من الثني عشرية‪.‬‬
‫فهذا أحد شيوخهم ويدعى عبسسد الحسسسين العسساملي قسسالوا‪ :‬إنسسه كسسان آيسسة مسسن‬
‫آياتهم التي ينسبونها ‪ -‬زورا ً – إلى الله سبحانه‪ .‬يقسسول هسسذا العسساملي فسسي مسسدح‬
‫أمير المؤمنين علي – برأه الله مما يفترون ‪:-‬‬
‫وعنسوان قدرتسسه الساميسسسة‬ ‫أبسا حسسن أنست عيسسن اللسه‬
‫فهل عنسدك تعسزب مسن خافيسة‬ ‫وأنست المحيسط يعسلم الغسسيوب‬
‫وعلسة إيجسادهسا البساقسيسسة‬ ‫وأنست مسدير رحسى الكسائنسات‬
‫وإن شسسسئت تفسسسسح بالنساصيسسسة‬ ‫لسك المسر إن شسئت تنجسي غدا ً‬
‫]ديون الحسين‪ /‬الجسسزء الول مسسن القسسسم‬
‫الثاني الخاص في الدب العربي‪ :‬ص ‪[.48‬‬
‫انظر كيف جعل مخلوًقا من مخلوقات اللسسه هسسو اللسسه بعينسسه‪ ،‬والمتصسسف بمسسا‬
‫للرب من تدبير وإحياء وإماتة‪ ..‬فهو مدبر أمر الكائنسسات وعلسسة إيجادهسسا ومظهسسر‬
‫القدرة اللهية‪ ..‬وهو المحيط بعلم الغيب‪ ،‬بل هو مالك يوم السدين‪ ،‬إذ لسه المسر‬
‫في ذلك اليوم‪ ،‬ونجاة العباد‪ ،‬وهلكهم بمشيئته ]بسسل صسسرح شسساعرهم الخسسر بسسأن علي سا ً‬
‫تجمعت فيه كل صفات الله‪ ،‬حيث قال‪ :‬جميع صفات الرب فيسسه تجمعسست‪ ..‬ومسسا اجتمعسست إل لسسسر‬
‫وحكمة‪.‬‬
‫)انظر‪ :‬الحائري‪ /‬مقتبس الثر‪.[.(1/246 :‬‬
‫وهذا ثمرة مرة )طبيعية( لروايات الكليني والقمي والمجلسي‪ ..‬الستي سسلف‬
‫عرض أمثلة من موادها التي تتجه إلى هذا التجاه‪.‬‬

‫‪604‬‬
‫واثنا عشرية اليوم تمثل في رواياتها‪ ،‬وبلسان طائفسسة مسسن شسسيوخها السسسبئية‬
‫وغيرها من الفرق التي تؤله عليًا‪ ،‬والتي كنا نظن أنها بادت وانقرضت‪ ،‬فإذا بها‬
‫تعيش في أحضان الثني عشرية حتى يقسسال بسسأن السسسبئية هسسي السسسم القسسدام‬
‫والثنا عشرية هي السم الحدث لحقيقة واحدة‪ ..‬وتلك الكلمات لم تصدر عسسن‬
‫عامي من عوامهم‪ ،‬أو كاتب صغير من كتابهم‪ ،‬بل صدرت مسسن آيسسة مسسن آيسساتهم‬
‫يرجع لقوله اللف‪.‬‬
‫وتجد أن محمد حسيين آل كاشف الغطا أحد كبسسار مراجسسع الشسسيعة وآيسساتهم‪،‬‬
‫ومن ينادي بالتقريب بين أهل السنة والشيعة يقول في مدح أئمته‪:‬‬
‫أمسلك فعرشسه ميقساتهسا‬ ‫يا كعبسة الله إن حجت لهسا الس‬
‫أشياء بل ذرئت بهسا ذراتهسا‬ ‫أنتم مشيئته التي خلقت بهسا الس‬
‫ما لم تقله في المسيح غلتهسا‬ ‫أنا في الورى قال لكم إن لم أقل‬
‫ه(‪[.‬‬
‫]ديوان شعراء الحسين‪ /‬جمع محمد باقر النجفي‪ :‬ص ‪) 12‬ط‪ :‬طهران ‪‍ 1374‬‬
‫لقد جعل أئمته هم الكعبة التي تحج إليها الملئكة‪ ،‬وجعل عرش الرحمن هسسو‬
‫ميقاتها‪ ،‬وجعلهم هم مشيئة الله وقدرته التي خلقت بهسسا الشسسياء‪ .‬وقطسسع علسسى‬
‫نفسه عهدا ً أن يقول في أئمته ما لم تقله غلة النصرانية فسسي المسسسيح‪ ،‬ولعلسسه‬
‫بهذه الوصاف قد وصل إلى ما أراد‪.‬‬
‫هذا ما يقوله كبير مراجع الشيعة في هذا العصر‪ ،‬ومن يمثلهم في مسسؤتمرات‬
‫ومن يعتبر عند بعض أهل السنة الذين لم يطلعسسوا علسسى حقيقتسسه مسسن معتسسدلي‬
‫الشيعة ولهذا قدموه إماما ً لهم في مؤتمر القدس الول ]انظر‪ :‬في مسسؤتمر القسسدس‬
‫الول مجلة الزهر‪ ،‬المجلد ‪،25/506‬س ‪،638‬س ‪ ،979‬المسلمين‪ ،‬المجلسد السسادس ص ‪ .45‬وانظسر‪:‬‬
‫تعليق محمد رشيد رضا في المنار على تقديم محمد حسين آل كاشف الغطا إماما ً لهم في الصلة‬
‫فسسي مجلسسة المنسسار‪ :‬المجلسسد ‪ 29‬ص ‪ ،[.628‬لن لسسه وجهيسسن وقسسولين والتقيسسة ل تنتهسسي‬
‫أسرارها وأساليبها عندهم‪.‬‬
‫ولو ذهبت أسجل ما وجدته لهم في هذا التجسساه لطسسال بنسسا المقسسام‬
‫]لمسسن أراد‬
‫المزيد من المثلة والشواهد ينظر‪ :‬الحائري‪ /‬مقتبس الثر‪ ،1/153 :‬س ‪ ،248–245‬محسسسن الميسسن‪/‬‬
‫أعيان الشيعة‪ ،5/219 :‬وديون الحسين لمجموعة من شيوخ الروافسسض فسسي مواضسسع كسسثيرة‪ ،‬وعبسسد‬
‫الحسين الميني‪ /‬الغدير‪ 67–7/34 :‬وغيرها‪ ..[.‬وأقول‪ :‬إن المادة الشعرية الكبيرة التي‬
‫تركها شعراء الشيعة وأدباؤها فيها من هذا "الغلسسو" مسسا ل يخطسسر علسسى البسسال‪..‬‬
‫ويبدو أن لهيب العاطفة وجذوة الحماس يغطي سلطان التقية فتظهر الحقيقسسة‬
‫عارية بل خداع أو تزوير‪ ..‬ولهذا فإن هذا الموضوع يستحق دراسة خاصة‪.‬‬
‫وفي مقام توحيد اللوهية فإن مزارات الشيعة ومشاهدها اليوم قد أصسسبحت‬
‫من أكبر مظاهر الشرك بالله تعالى‪ ،‬ول أمل في تغيير هذا المنكر عندهم‪ ،‬لنه‬
‫مؤيد بتلك الروايات المنسوبة زورا ً لهل البيت‪ ،‬عكس المسسر عنسسد أهسسل السسسنة‬
‫والذي هو انحرف في واقعهم تنكره أصولهم‪ ،‬وقد رأى هذا الشرك كل من زار‬
‫تلك المشاهد‪.‬‬
‫يقول الشيخ موسى جار الله بعد زيسسارة لسسه ليسسران والعسسراق اسسستمرت عسدة‬
‫أشهر بأنه رأى المشاهد والقبور عندهم معبودة ]الوشيعة‪ :‬المقدمة ص )ط(‪.[.‬‬
‫ويقول الشيخ أبو الحسن الندوي بعد زيارة له إلسسى إيسسران عسسن مشسسهد علسسي‬
‫الرضا‪" :‬فإذا دخل غريب في مشهد سيدنا علي الرضا لم يشعر إل وأنسه داخسل‬
‫الحرم فهو غسساص بالحجيسسج مسسدوي بالبكسساء والضسسجيج‪ ،‬عسسامر بالرجسسل والنسسساء‪،‬‬
‫مزخوف بأفخر الزخارف والزينات‪ ،‬قسسد تسسدفقت إليسسه ثسسروة الثريسساء‪ ،‬وتبرعسسات‬

‫‪605‬‬
‫الفقراء" ]أبو الحسن الندوي‪ /‬من نهر كإبل إلى نهر اليرموك‪ :‬ص ‪ ،93‬مجلة العتصام‪ ،‬السسسنة )‬
‫‪ ،(41‬العدد )‪.[.(3‬‬
‫وقد ذكر صاحب التحفة الثني عشرية بأنهم ل يزالون يغلون في قبور الئمة‬
‫ويطوفون حولها‪ ،‬بل ويصلون إليها مستدبرين القبلة‪ ،‬إلى غير ذلك مسسن المسسور‬
‫التي يستقل لديها فعل المشركين مع أصنامهم ]انظر‪ :‬مختصر التحفة الثني عشسسرية‪:‬‬
‫ص ‪ .[.300‬ثم قال‪ :‬إن حصل لك ريب مسسن ذلسسك فسساذهب إلسسى بعسسض مشسساهدهم‬
‫لترى الحقيقة بعينك ]مختصر التحفة الثني عشرية‪ :‬ص ‪.[.300‬‬
‫وتجد شيخهم المعاصسر محمسد المظفسر فسي كتسابه السذي ألفسه لبيسان عقسائد‬
‫دا أنكسسر عليسسه‬‫طائفته وسماه "عقائد المامية" والذي ارتضاه شيعته فلم نر أح س ً‬
‫شيًئا مما جاء فيه‪ ،‬وقد صاغه بأسلوب يغلب عليه طابع الدعايسسة للتشسسيع‪ ،‬ومسسع‬
‫ذلك تجده لم يحجم عن التأكد على عقيدة الرافضة في قبور الئمسسة فسسذكر أن‬
‫ممسا امتسازت بسه طسائفته واختصست بسه فسي أضسرحة أئمتهسم "تشسيدها وإقامسة‬
‫العمارات الضخمة عليها‪ ،‬ولجلها يضحون بكل غال ورخيص عن إيمسسان وطيسسب‬
‫نفس" ]محمد رضا المظفر‪ /‬عقائد المامية‪ :‬ص ‪.[.133‬‬
‫ثم صرح بأن سبب ذلك ما زعمه من "وصايا" الئمسسة وحثهسسم شسسيعتهم علسسى‬
‫الزيارة‪ ،‬وترغيبهم فيما لها من الثسسواب الجزيسسل عنسسد اللسسه تعسسالى‪ ..‬وباعتبسسار أن‬
‫هاتيك القبور – كما يزعم ‪ -‬من خير المواقع لستجابة الدعاء ]لسسو كسسانت مسسن خيسسر‬
‫المواقع وفيها كل ذلك الفضل السسذي يتحسسدثون عنسسه لسسورد ذكسسر ذلسسك فسسي الكتسساب الكريسسم والسسسنة‬
‫المطهرة‪ ،‬ولصبحت من المور المعلومة المشهورة‪ ،‬ولما خفيت على المة‪ ،‬واختص بنقلهسسا حثالسسة‬
‫من الكذابين المعروفين بالفتراء على أهل البيت‪ ،..‬ولو كان شيء مما قالوه حق سا ً لمسسا ورد النهسسي‬
‫الصريح المؤكد بالنهي عن اتخاذ القبور مساجد‪ ،[.‬والنقطاع إلى اللسسه تعسسالى ]محمسسد رضسسا‬
‫المظفر‪ /‬عقائد المامية‪ :‬ص ‪.[.133‬‬
‫ثم ذكسسر آداب ومناسسسك الزيسسارة عنسسدهم بل حيسساء ول خسسوف مسسن إعلن هسسذه‬
‫المظاهر الوثنية ]محمد رضا المظفر‪ /‬عقائد المامية‪ :‬ص ‪.[.139–135‬‬
‫وما فتئ ثلة شيوخهم المعاصرين يجاهرون – بل وجل أو خجل – بأن كسسربلء‬
‫أفضل من الكعبة المشرفة‪ ،‬فهسسذا كسسبير مراجسسع الشسسيعة ومسسن يسستزعم السسدعوة‬
‫للتقريب بين السنة والشيعة يدعي أن كربلء أفضل مسن الكعبسة السبيت الحسرم‬
‫الذي جعله الله قياما ً للناس ومثابة وأمًنا وبارك فيه بنص التنزيل اللهي‪.‬‬
‫فيترنم مرجع الشيعة محمد حسين آل كاشف الغطسساء مخالفسا ً لنسص القسرآن‬
‫وإجماع المسلمين يترنم بهذا البيت الوثني وهو قوله‪:‬‬
‫لكربلء بان علو الرتبة‬ ‫ومن حديث كربلء والكعبة‬
‫وهو يرى أن هذا من ضسسرورات مسسذهبهم فيقسسول بسسأن كسسربلء "أشسسرف بقسساع‬
‫الرض بالضرورة" ]محمد حسين آل كاشف الغطاء‪ /‬الرض والتربة الحسسسينية‪ :‬ص ‪.[.56–55‬‬
‫لنه قد شهدت بذلك آثارهم وأخبارهم – كما يقرر ‪.-‬‬
‫ً‬
‫وهذه الشهادة التي يعتمدها يجب أن تنجعسسل برهسسان ودليل علسسى كسسذب هسسذه‬
‫الخبار‪ ،‬ومسروق مسسن وضسعها عسن السدين‪ ،‬وخسسروج مسن صسسدق بهسا عسن إجمساع‬
‫س‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫ع ِللّنققا ِ‬ ‫ضقق َ‬‫و ِ‬‫ت ُ‬ ‫ل ب َي ْ ٍ‬ ‫نأ ّ‬ ‫المسلمين‪ ..‬وأين كربلء من قول الله تعالى‪} :‬إ ِ ّ‬
‫م‬ ‫هيقق َ‬ ‫م إ ِب َْرا ِ‬‫قققا ُ‬‫م َ‬
‫ت ّ‬ ‫ت ب َّيقَنا ٌ‬ ‫ه آَيا ٌ‬ ‫في ِ‬ ‫ن‪ِ ،‬‬ ‫عال َ ِ‬
‫مي َ‬ ‫دى ل ّل ْ َ‬ ‫ه ً‬
‫و ُ‬ ‫كا َ‬ ‫مَباَر ً‬ ‫ة ُ‬ ‫ذي ب ِب َك ّ َ‬ ‫ل َل ّ ِ‬
‫ع إ ِل َْيقق ِ‬
‫ه‬ ‫طا َ‬‫سققت َ َ‬ ‫نا ْ‬ ‫مقق ِ‬ ‫ت َ‬ ‫ج ال ْب َي ْ ِ‬ ‫ح ّ‬‫س ِ‬ ‫على الّنا ِ‬
‫ه َ َ‬ ‫ول ِل ّ ِ‬‫مًنا َ‬ ‫نآ ِ‬ ‫كا َ‬ ‫ه َ‬‫خل َ ُ‬ ‫من دَ َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫ن{ ]آل عمران ‪.[97–96‬‬ ‫مي َ‬ ‫َ‬
‫عال ِ‬ ‫ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫ع ِ‬‫ي َ‬‫ن الله غن ِ ّ‬ ‫من كفَر فإ ِ ّ‬ ‫و َ‬‫سِبيل َ‬ ‫َ‬
‫فهل بعد هذا يبقى قول لقائل‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫}أ َ َ‬
‫ها{ ]محمد ‪.[24‬‬ ‫فال ُ َ‬ ‫ق َ‬‫بأ ْ‬ ‫قُلو ٍ‬ ‫عَلى ُ‬ ‫م َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫قْرآ َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫فل ي َت َدَب ُّرو َ‬
‫‪606‬‬
‫هذا وأقوال شيوخهم المعاصرين في هذا المعنى كثيرة ]كقول آيتهم ميرزا حسين‬
‫الحائري‪" :‬كربلء تلك التربية الطيبة الطاهرة‪ ،‬والرض المقدسة التي قال في حقها رب السموات‬
‫والرضين )انظر كيف يفترون الكذب على رب العالمين( مخاطبا ً للكعبة حينما افتخرت على سائر‬
‫البقاع‪ :‬قري واستقري لول أرض كربلء وما ضمته لما خلقتك‪ ،‬ثم يقول هسسذا "الرافضسسي"‪ :‬وكسسذلك‬
‫أصبحت هذه البقعة المباركة بعدما صارت مدفنا ً للمام رضي الله عنه مزارا ً للمسلمين )!( وكعبسة‬
‫للموحدين )!( ومطافا ً للملوك والسلطين ومسجدا ً للمصلين )الحائري‪ /‬أحكام الشيعة‪.(1/32 :‬‬
‫ويقول د‪ /‬عبد الجواد آل طعمة في كتاب لسه يسسسمى تاريسخ كسسربلء بسأن نصوصسهم قسد اعتسبرت‬
‫كربلء أفضل بقاع الرض فهي تعتبر عند الشيعة أرض الله المختارة المقدسة المباركة‪ ،‬وهي فسسي‬
‫مقاييسهم حرم الله وحرم رسوله وقبة السلم‪ ،‬وفي تربتها الشفاء‪ ،‬وأن هسسذه المزايسسا لسسم تجتمسسع‬
‫لي بقعة حتى الكعبة‪) .‬تاريخ كربلء‪ :‬ص ‪ ،116–115‬والكتاب موثق مسسن عسسدد مسسن آيسساتهم‪ ،‬انظسسر‪:‬‬
‫مقدمات الكتاب(‪.‬‬
‫ويقول آيتهم العظمى محمد الشيرازي بأننا "نقبسسل أضسسرحتهم كمسسا نقبسسل الحجسر السسود‪ ،‬وكمسا‬
‫نقبل جلد القرآن الكريم"‪) .‬مقالة الشيعة‪ /‬المرجع الديني عندهم محمد الشيرازي‪ :‬ص ‪.[.(8‬‬
‫وإذا كانت كتب الشيعة القديمة تقرر بأن الله قد تاب على النبياء بتوسسسلهم‬
‫بالئمة ]انظر‪ :‬ص)‪ (445‬من هذا الكتاب‪ ،[.‬فإن هذا المعنى المتناهي في الغلو والذي‬
‫يتضمن تفضيل الئمة على النبياء ]وهو مذهب غلة الروافض كما يقوله القاضسسي عيسساض‪،‬‬
‫والبغدادي‪ ،‬وشيخ السلم ابن تيمية‪ ،‬ونقل الشيخ محمد بن عبسسد الوهسساب الجمسساع علسسى كفسسر مسسن‬
‫ذهب إلى ذلك انظر‪ :‬ص)‪ (614‬من هذه الرسالة‪ .[.‬والمتناهي في السسسذاجة والغفلسسة؛ إذ‬
‫يفترض وجود هؤلء الئمة في حياة النبياء السابقين‪ ،‬والموغل في الدعوة إلى‬
‫الشرك بالله سبحانه وعبادة غيره جل شسسأنه‪ ..‬فسسإن هسسذا المعنسسى السسذي يحمسسل‬
‫هذه "البليا" وغيرها يقرره بعض كبار شيوخهم ويوصي ابنسسه بالعمسسل بمقتضسساه‬
‫فيقول آيتهم وحجتهم عبد الله الممقساني‪" :‬وعليسسك بنسسي بالتوسسسل بسالنبي وآلسه‬
‫صلى الله عليهم أجمعين‪ ،‬فإني قد استقصيت الخبار فوجدت أنه ما تسساب اللسسه‬
‫على نبي من أنبيائه من الزلة ]لحسسظ اعسسترافهم بسسزلت النبيسساء مسسع أنهسسم يسسدعون العصسسمة‬
‫المطلقة في الئمة![ إل بالتوسل بهم ]مرآة الرشاد‪ :‬ص ‪.[.104‬‬
‫واذا كانت مصادرهم القديمة تجعل زيارة قبر الحسين أفضل من الحسسج إلسسى‬
‫بيسست اللسسه سسسبحانه‪ ،‬فسسإن هسسذا المعنسسى الخطيسسر يتكسسرر علسسى ألسسسنة شسسيوخهم‬
‫المعاصرين‪ ،‬ويدعون إلسسى هسسذا‪ ،‬لن فيسسه – كمسسا يخسسدعون أتبسساعهم – " الثسسواب‬
‫الجزيل عند الله باعتبار أنها من أفضل الطاعات والقربات‪] "..‬عقسسائد الماميسسة‪ :‬ص‬
‫‪.[.133‬‬
‫ولهذا يوصي آيتهم عبد الله الممقاني ابنه بزيارة الحسين في كل يوم يقول‪:‬‬
‫"وعليك بني بزيارته )يعني قبر الحسين( في كل يوم من البعد مرة‪ ،‬والمضي‬
‫إليه في كل شهر مرة‪ ،‬وإن كنت في بلدة بعيدة ففي السنة مرة" ]مرآة الرشاد‪:‬‬
‫ص ‪.[.114–105‬‬
‫لحظ أن هذا الشيخ لم يوص ابنه بالصلة‪ ..‬بل أوصاه بالتجاه إلى القبر‬
‫حيث ترفع للشرك رايات‪ ،‬لن ذلك عندهم من أفضل القربات‪ ..‬وهذه شرعة‬
‫المشركين‪.‬‬
‫وقد علق البن ]محيي الدين الممقاني‪ [.‬على هذه الوصية بقوله‪" :‬قد ورد أن‬
‫من زاره – عارفا ً بحقه – كتب الله له ثواب ألف حجة وألف عمرة"‪.‬‬
‫إلي أن قال‪" :‬وكأنما زار الله )!!(‪ .‬وحق على الله أل يعذبه بالنار‪ ،‬أل وإن‬
‫الجابة تحت قبته والشفاء في تربيه‪] "..‬مرآة الرشاد‪ :‬ص ‪) 110‬الحاشية(‪ [.‬ومن زار‬
‫قبر الحسين عليه السلم ليله النصف من شعبان وليلة الفطر‪ ،‬وليله عرفة في‬

‫‪607‬‬
‫سنة واحدة كتب الله له ألف حجة مبرورة‪ ،‬وألف عمرة متقبلة‪ ،‬وقضيت له‬
‫ألف حاجة من حوائج الدنيا والخرة ]مرآة الرشاد‪ :‬ص ‪) 113‬الحاشية(‪" [.‬ومن أتاه‬
‫يوم عرفة عارفا ً بحقه كتب الله له ألف حجة‪ ،‬وألف عمرة متقبلت‪ ،‬وألف‬
‫غزوة مع نبي مرسل أو إمام عادل" ]مرآة الرشاد‪ :‬ص ‪) 113‬الحاشية(‪.[.‬‬
‫وهكذا تتفق كتب الشيعة قديمها وجديدها على هذا العتقاد الوثني وينسبون‬
‫هذا لئمة أهل البيت بل وللسلم‪ ،‬ول يعلم المسلمون كلهم بهذا المر‪ ،‬بل‬
‫ينفرد بنقله الروافض دون غيرهم‪ ..‬ول شك أنهم بشذوذهم هذا يعلنون كذبهم‪،‬‬
‫ويفضحون مذهبهم‪ ..‬ولقد كان لهذه "النصوص" أثرها الخطير في دنيا الشيعة‪،‬‬
‫حيث أحيت عقيدة المشركين في مزارات الشيعة ومشاهدها فأصبحت‬
‫المشاهد معمورة والمساجد مهجورة‪ ،‬وعلماؤهم يؤيدون هذا المنكر ويسعون‬
‫لتثبيته واستمراره‪.‬‬
‫بل قد جاءت روايات لهم صريحة في التحذير من هذا المنكر الذي يفعلونه‪.‬‬
‫ولكن مراجعهم تتستر على مثل هذه النصوص ول تود أن تظهر لولئك‬
‫التباع الغرار‪ ،‬بل إنها تنكر وجودها عندهم إمعانا ً في حجب هذا "النور" عن‬
‫شيعتهم وأتباعهم‪.‬‬
‫يقول مجتهد الشيعة الكبر – كما يصفونه – محسن المين في كتابه‬
‫"الحصون المنيعة" وهو يدافع عن اتخاذ الشيعة للقبور مساجد‪ ..‬يقول في رده‬
‫للنصوص الواردة في أمهات كتب المسلمين في النهي عن اتخاذ القبور‬
‫مساجد والبناء عليها بأن ذلك مما انفرد أهل السنة بنقلة وهو معارض بما‬
‫زعمه متواترا ً من طرق أهل البيت ]محسن المين‪ /‬الحصون المنيعة‪ :‬ص ‪.[.27‬‬
‫أقول‪ :‬إن هذا النهي قد جاء أيضا ً من طرق الشيعة بروايات كثيرة أخرجها‬
‫الحر العالمي في وسائل الشيعة وغيره – كما مر ]انظر ما نقلته عن كتبهم المعتمدة‬
‫في ذلك‪ :‬ص ‪ – [.481‬فإما أن كان هذا المدعو بالمين غير أمين وأراد التكتم على‬
‫حقيقة موجودة في كتبهم‪ ،‬أو هو جاهل بما في مدوناتهم‪ ..‬مع أنه آية من‬
‫آياتهم المنسوبة زوارا ً إلى الله سبحانه‪.‬‬
‫وفي باب السماء والصفات‪ :‬يقرر شيوخهم المعاصرين مذهب المتأخرين‬
‫عند الشيعة وهو التعطيل‪ ،‬ويقتفون أثر المعتزلة في ذلك حذو القذة بالقذة‬
‫فيقولون – مثل – بخلق القرآن ]انظر‪ :‬محسن المين‪ /‬أعيان الشيعة‪ ،1/461 :‬الميني‬
‫النجفي‪ /‬الغدير‪ ،[.3/139 :‬وينكرون رؤية المؤمنين لربهم في الخرة ]انظر‪ :‬محسن‬
‫المين‪ /‬أعيان الشيعة‪ ،1/463 :‬عقائد المامية‪ :‬ص ‪ ،[.59‬وينكرون صفاته سبحانه ]انظر‪:‬‬
‫الغدير‪ [.3/139 :‬الثابتة له بالكتاب والسنة‪ ،‬ويصفون الله سبحانه بالسلوب بقول‬
‫شيخهم المظفر في كتابه عقائد المامية تحت عنوان عقيدتنا في الله‪.." :‬‬
‫ليس هو بجسم ول صورة‪ ،‬وليس جوهرا ً ول عرضًا‪ ،‬وليس له ثقل أو خفة‪ ،‬ول‬
‫حركة أو سكون‪ ،‬ول مكان ول زمان‪ ،‬ول يشار إليه" ]عقائد المامية‪ :‬ص ‪.[.59‬‬
‫وأنت ترى أنهم في وصفهم له سبحانه بهذه الصفات السلبية المحضة قد‬
‫نفوا الوجود الحق له تعالى‪ ،‬ول جديد عندهم في ذلك‪ ،‬فهذه كلمات رددها‬
‫الجهمية من قبلهم وهم على آثارهم يهرعون‪ ،‬ومن هنا يخطئ من يظن أن‬
‫الجهمية المعطلة قد توارت عن الوجود واندثرت‪.‬‬

‫‪608‬‬
‫وهم يكفرون من يخالفهم في تعطيلهم‪ .‬يقول المظفر‪" :‬ومن قال‪ ..‬إنه‬
‫ينزل إلى السماء الدنيا‪ ،‬أو إنه يظهر إلى أهل الجنة كالقمر‪ ،‬أو نحو ذلك فإنه‬
‫بمنزلة الكافر به‪ ..‬وكذلك يلحق بالكافر من قال‪ :‬إنه يتراءى لخلقه يوم‬
‫القيامة" ]عقائد المامية‪ :‬ص ‪.[.60–59‬‬
‫ويزعمون أن العقل دلهم على هذا التعطيل ]عقائد المامية‪ :‬ص ‪.[.60‬‬
‫وهل كان العقل مصدرا ً للتلقي في أمر غيبي‪ ،‬وهل يوافق العقل السوي‬
‫على وصف الله سبحانه بهذه الصفات السلبية التي ليس عليها دليل‪ ،‬ويرد ما‬
‫نزل به الوحي؟‬
‫ثم ما حصيلة الفكار والفلسفات التي تحدثت عن هذه المسألة بمعزل عن‬
‫الوحي اللهي؟ إنها لم تخلف سووي ركام من التناقضات‪ ،‬وعبث كعبث‬
‫الطفال‪ ،‬وعادت على أصحابها بالحيرة والقلق‪.‬‬
‫وما نهاية من جعل العقل دليله وقائده من المتكلمين في التاريخ السلمي؟‬
‫أليست هي الحيرة والضياع‪ .‬وقد وجد من جرب الطرق الكلمية والمناهج‬
‫ل‪ ،‬وأن أقرب الطرق طريقة القرآن‪،‬‬ ‫الفلسفية أنها ل تروي غليل ً ول تشفي علي ً‬
‫ولكنهم حين أعراضوا عنها كان سعيهم في ضلل ]انظر‪ :‬أمثلة من حيرتهم‪ ،‬وثمرة‬
‫تجربتهم في‪ :‬مجموع فتاوى شيخ السلم‪ ،11–5/10 :‬ابن أبي العز‪ /‬شرح الطحاوية‪ :‬ص ‪–169‬‬
‫‪ ،172‬مل علي القاري‪ /‬في الفقه الكبر‪ :‬ص ‪ ،[.12-10‬وأضاعوا الجهد والوقت‪ ،‬وأشغلوا‬
‫المة‪ ،‬وصرفوها عن وظائفها الواجبة‪.‬‬
‫ومنهج أهل السنة في السماء والصفات منهج عظيم للتزامه بالكتاب‬
‫والسنة‪ ،‬وحفظه لوقت المسلم وجهده وطاقته وعقله من أن يبددها في‬
‫البحث عما لم يكلف به‪ ،‬ول سبيل للوصول إلى معرفة كيفيته‪.‬‬
‫بقي أن نضيف اتجاها ً آخر لمعاصريهم في عقيدتهم في التوحيد وهو اقتفاء‬
‫أثر الصوفية الذين يذهبون إلى القول بأن التوحيد مراتب أدناها مرتبة عندهم‬
‫هو مدلول كلمة السلم العظيمة‪" :‬ل إله إل الله" فشرعوا من الدين ما لم‬
‫يأذن به الله‪ ،‬ووصلوا عن طريق هذه المراتب إلى الكفر البواح‪ ،‬والقول‬
‫بالتحاد‪ ،‬وأن المخلوق عين الخالق؛ فخرجوا بذلك عن العقل والنقل‪ ،‬والدين‪،‬‬
‫وفاقوا النصارى في شركهم الذين قالوا بحلول الله في عيسى؛ لن النصارى‬
‫قالوا بحلول خاص وهؤلء قالوا بالحلول العام‪.‬‬
‫ولكن شيوخ الشيعة الذين ينقلون لهذه الطائفة على مر العصور وكر‬
‫الدهور حثالة المذاهب المبتدعة‪ ،‬وزبالة الفكار البشرية الساقطة‪ ،‬وغثاء‬
‫النفوس المعقدة‪ ..‬أخذوا بهذا التجاه الصوفي المريب‪ ،‬ونقلوه إلى قومهم‪ ،‬بل‬
‫عدوه هو عقيدتهم المعتمدة‪.‬‬
‫يقول شيخهم وآيتهم إبراهيم الزنجاني‬
‫]وقد وصفه شيخهم الخوئي في تقريظه‬
‫للكتاب بأنه "ركن السلم‪ ،‬عماد العلماء‪ [."..‬في كتاب عقائد المامية الثني عشرية‬
‫]والكتاب موثق من كبار شيوخهم وآياتهم كالخوئي‪ ،‬وحسن الموسوي‪ [.‬تحت عنوان "عقيدة‬
‫الشيعة في التوحيد"‪" :‬إن مراتب التوحيد أربع‪ ..‬توحيد العوام وتوحيد الخواص‪،‬‬
‫وتوحيد خاص الخاص‪ ،‬وتوحيد أخص الخواص‪ ،‬والول مدلول كلمة ل إله إل‬
‫الله" ]عقائد المامية الثني عشرية‪ :‬ص ‪.[.24‬‬
‫‪609‬‬
‫ويذكر بأن شيعته تمتاز عن المسلمين جميعا ً بعقيدة توحيد خاص الخاص‪،‬‬
‫وتوحيد أخص الخواص ]عقائد المامية الثني عشرية‪ :‬ص ‪.[.24‬‬
‫ويقول بأن المقام ل يتسع لشرح وتفاصيل هذه المراتب‪ ،‬لكنه يقول بأنهم‬
‫أخذوها عن أمير المؤمنين علي في قوله‪" :‬أول الدين معرفته وكمال معرفته‬
‫التصديق به‪ ،‬وكمال التصديق به توحيده‪ ،‬وكمال توحيده‪ ..‬نفي الصفات عنه‪..‬‬
‫فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه‪ ،‬ومن قرنه فقد ثناه‪ ،‬ومن ثناه فقد جزأه‪،‬‬
‫ومن جزأه فقد جهله‪ ،‬ومن جهله فقد أشار إليه‪ ،‬ومن أشار إليه فقد حده‪،‬‬
‫ومن حده فقد عده‪] "..‬عقائد المامية الثني عشرية‪ :‬ص ‪.[.24‬‬
‫وهذا النص الذي ينسبه – زوارا ً وافتراًء – إلى أمير المؤمنين علي يتضمن‬
‫تعطيل الله سبحانه من صفاته الثابتة بالكتاب والسنة‪ .‬والعتقاد بأن نفي‬
‫الصفات هو كمال التوحيد‪ ،‬هو اعتقاد الجهمية الذين جعلوا من أصولهم‬
‫"التوحيد" وضمنوه نفي الصفات‪ ،‬وكان مؤدى قولهم ونهاية أمرهم‪ ،‬تعطيل‬
‫الذات؛ لن نفي الصفات يؤدي إلى نفي الذات‪ ،‬لن ذات مجردة عن الصفات‪،‬‬
‫ل يتصور لها وجود في الخارج‪.‬‬
‫]انظر‪:‬‬‫ولن مذهب الجهمية في تعطيل الصفات مؤد لمذهب الحلول والتحاد‬
‫شرح الطحاوية‪ :‬ص ‪ [.16‬صار – فيما يظهر – هو عمدته‪ ،‬في ما ذهب إليه من‬
‫القول بالتوحيد الخاص وخاص الخاص‪.‬‬
‫وحسبك أن تعرف مبلغ ضللهم في اعتبارهم التوحيد الذي جاءت به الرسل‬
‫ونزلت به الكتب‪ ،‬وأمر الله به الولين والخرين هو في المرتبة الدنيا من‬
‫مراتب توحيدهم‪ ،‬وهم عندهم مقام يليق بالعوام ويناسب حالهم‪ ،‬وهل عندهم‬
‫بذلك من علم فيخرجوه لنا؟ ]انظر‪ :‬شرح الطحاوية‪ :‬ص ‪.[.16‬‬
‫وهذا كلم الله المنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وهذا سنة‬
‫الرسول صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وهذا كلم خير القرون بعد الرسول صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ .‬هل جاء هذا التقسيم عن أحد منهم؟ إن يتبعون في ذلك إل أقوال‬
‫شيوخهم وزنادقتهم‪ ،‬وما لهم بذلك من علم إل اتباع الظن وما تهوى النفس‬
‫وما تمليه عليهم شياطين النس والجن‪.‬‬
‫وحسبك أيضا ً أن تدرك أن مبلسسغ أمرهسسم فسسي سسسلوك هسسذه المقامسسات والسستي‬
‫باعترافهم ليست من مدلول معنى ل إلسسه إل اللسسه هسسو الوصسسول بالسسسالك إلسسى‬
‫مقام اللحاد وهو ما يسمى بالحلول أو التحاد ]ذكر شيخ السلم أن مبدأ حسدوث قسول‬
‫التحادية وأمثاله في أمة محمد صلى الله عليه وسلم هو زمن حدوث دولة التتار‪) .‬مجموع فتسساوى‬
‫شيخ السلم‪.[.(2/171 :‬‬

‫المامة‪:‬‬
‫المامة بإقرار المعاصرين كالنبوة ]محمد حسين آل كاشف الغطسسا‪ /‬أصسسل الشسسيعة‪ :‬ص‬
‫‪ ،58‬خليل ياسين‪ /‬المام علي‪ :‬ص ‪ ،327‬باقر القرشسسي‪ /‬الرسسسول العظسسم مسسع خلفسسائه‪ :‬ص ‪،[.18‬‬
‫واستمرار للنبوة ]المظفسسر‪ /‬عقسسائد الماميسسة‪ :‬ص ‪ ،[.94‬أو "تنصيب من اللسسه كسسالنبوة"‬
‫]السماوي‪ /‬المامة‪.[.1/65 :‬‬

‫‪610‬‬
‫وهي من أركان السلم عندهم‪ .‬قال كاشسسف الغطسسا‪" :‬إن الشسسيعة زادوا فسسي‬
‫أركان السلم ركنا ً آخر وهسسو المامسسة" ]أصسسل الشسسيعة‪ :‬ص ‪ ،58‬وهسسذا اعسستراف منسسه أن‬
‫المامة زيادة من الشيعة على أركان السلم‪ …[.‬إلخ‪.‬‬
‫ول أجد عندهم تغييرا ً لشيء من غلوهم الذي جاء الحديث عنسسه فيمسسا سسسبق‪،‬‬
‫لكن ثمة دعسسوى جديسسدة فسسي كتبهسسم السستي تكتسسب للعسسالم السسسلمي حسسول ثلث‬
‫مسسسائل‪ :‬الولسسى تفكيرهسسم لمنكسسر المامسسة‪ ،‬والثانيسسة حكمهسسم علسسى حكومسسات‬
‫المسلمين بأنها حكومات كافرة‪ ،‬والثالثة تكفيرهم للصحابة‪.‬‬
‫المسققألة الولققى‪ :‬موقققف المعاصققرين مققن تكفيققر أصققولهم‬
‫للمسلمين‪:‬‬
‫تجد في هذه المسألة موقفين للمعاصرين قسسد يظسسن مسسن ليسسس علسسى درايسسة‬
‫بأصولهم أنهما مختلفان‪:‬‬
‫الموقف الول‪ :‬يقول بأن منكر المامة ل يخرج عن السلم‪ ،‬وينكر على من‬
‫يقول بأن الشيعة يكفرون غيرهم‪.‬‬
‫والموقف الثاني‪ :‬يجاهر بالتكفير بدون تقية ول مواربة‪.‬‬
‫أما بالنسبة للموقف الول فيقول محسن المين ‪ -‬في الرد على موسى جار‬
‫الله الذي قال‪" :‬إن كتب الشيعة صرحت أن كل الفرق كافرة وأهلها نواصسسب"‬
‫]الوشيعة ص ‪ ،105‬وقد مر إثبات ذلك من كتب الشيعة ص)‪ - [.(745‬قسسال محسسسن الميسسن‪:‬‬
‫سبحانك اللهم هذا بهتان عظيم‪ ،‬ل يعتقد أحد من الشيعة بذلك‪ ،‬بل هي متفقسسة‬
‫على أن السلم هو ما عليه جميع فرق المسلمين مسسن القسسرار بالشسسهادتين إل‬
‫من أنكر ضرورًيا من ضسسروريات السسدين كوجسسوب الصسسلة وحرمسسة الخمسسر وغيسسر‬
‫ذلك‪ ،‬وعمدة الخلف بين المسلمين هسسو فسسي أمسسر الخلفسسة‪ ،‬وهسسي ليسسست مسسن‬
‫ضروريات السسدين بالبديهسسة؛ لن ضسسروري السسدين مسسا يكسسون ضسسرورًيا عنسسد جميسسع‬
‫المسلمين وهي ليست كذلك ]محسسسن الميسسن‪ /‬الشسسيعة بيسسن الحقسسائق والوهسسام‪ :‬ص ‪،176‬‬
‫أعيان الشيعة‪.[.1/457 :‬‬
‫ويقول محمد حسين آل كاشف الغطا‪" :‬ومن لم يؤمن بالمامة فهسسو مسسسلم‪،‬‬
‫ومؤمن بالمعنى العم‪ ،‬تترتب عليه جميع أحكام السلم من حرمة دمسسه ومسساله‬
‫وعرضه‪ ،‬ووجوب حفظه‪ ،‬وحرمة غيبته ]إذن لماذا تسبون الصسسحابة رضسسوان اللسسه عليهسسم‬
‫وهم بإقراركم ل يخالفون إل بالمامة؟[ وغير ذلك‪ ،‬ل أنه بعدم العتقاد بالمامسسة يخسسرج‬
‫من كونه مسلما ً ‪ -‬معاذ الله ‪ -‬نعم يظهر أثر التدين بالمامة في منازل القسسرب‪،‬‬
‫والكرامة يوم القيامة ]أصل الشيعة‪ :‬ص ‪.[.59-58‬‬
‫وبمثل هذا الرأي قال آخرون من شيعة هذا العصر ]انظر‪ :‬عبد الحسين الموسوي‪/‬‬
‫أجوبسسة مسسسائل جسسار اللسسه‪ :‬ص ‪ ،39‬محمسسد حسسسين الزيسسن العسساملي‪ /‬الشسسيعة فسسي التاريسسخ‪ :‬ص ‪،32‬‬
‫الخنيزي‪ /‬الدعوة السلمية‪ ،2/260 :‬محمد جواد مغنية‪ /‬الشيعة في الميزان‪ :‬ص ‪ ،269‬لطف اللسسه‬
‫الصافي‪ /‬مع محب الدين في خطوطه العريضة‪ :‬ص ‪.[.95‬‬
‫أما فيما يتعلق بالموقف الثاني‪ ،‬فإنه ل يزال "طغام" مسسن شسسيوخهم وآيسساتهم‬
‫يهذون فسسي هسسذا الضسسلل‪ ،‬ويصسسرحون بتكفيسسر المسسسلمين مثسسل‪ :‬شسسيخهم علسسي‬
‫اليزدي الحائري ]والذي وصفوه بأنه "شيخ الفقهاء والمجتهسسدين‪ ،‬وحجسسة السسسلم والمسسسلمين‪،‬‬
‫وآية الله الكبرى في العالمين" والسلم منه بريء‪ ،‬ومسسن كتبسسه إلسسزام الناصسسب فسسي إثبسسات الحجسسة‬
‫الغائب‪ ،‬فأهل السنة وكل المسلمين الذين يخسسالفونه فسسي مهسسديهم المعسسدوم هسسم جميعسا ً فسسي رأيسسه‬
‫ه(‪ ،[.‬وشيخهم عبد الحسين المرشستي ]وهسسو السسذي يحكسسم‬ ‫نواصب‪ ،‬وقد هلك سنة )‪‍ 1333‬‬
‫على المة جميعا ً بالكفر ما عدا طائفته‪ ،‬ويرى أن سبب كفر المة هو أبو بكسسر وعمسسر ويقسسول‪" :‬إن‬
‫أبا بكر وعمر هما السببان لضلل هذه المة إلى يسسوم القيامسسة" )كشسسف الشسستباه ص ‪ .(98‬فسسانظر‬
‫كيف يعيش هؤلء الشيوخ أسارى لفكر زنادقة القرون البائدة‪ ،‬وهذا القول الذي يجاهر به الرشتي‬

‫‪611‬‬
‫يكتبه للرد على بعض أهل السنة وهو الشيخ موسى جار الله‪ ،‬ومعنى ذلسسك أن للتقيسسة ظلل ً وأثسسرًا‪،‬‬
‫وأن ما خفي كان أعظم‪ ،[.‬وشيخهم عبد الهادي الفضلي ]والذي يقرر أن المامة ركن مسسن‬
‫أركان الدين )التربية الدينية ص ‪ (63‬أي فمنكر إمامتهم منكر لركن الدين فهو في عداد الكسسافرين‪،‬‬
‫وهو يفتري هذا المنكر مع أنه يعيش في وسط أهسسل السسسنة‪ ،‬ويأكسسل مسسن خيراتهسسم‪ ،‬بعسسد أن عسساش‬
‫طريدا ً منبوذا ً من بلده‪) .‬فهو عراقي الصل يعيش في السعودية‪ ،‬ويعمل في بعض جامعاتها(‪.[.‬‬
‫وقد يسسسلك بعسسض هسسؤلء الشسسيوخ المسسسلكين جميعسًا‪ ،‬أي يخسسرج تسسارة بسسوجه‬
‫التكفير‪ ،‬وحينا ً بالوجه الخر حسب المناسسسبات والحسسوال‪ ،‬وفسسي التقيسسة متسسسع‪،‬‬
‫وهو هؤلء محمد رضا المظفر الذي يشير في كتابه "عقسسائد الماميسسة" إلسسى أن‬
‫المسلم عندهم هو من يشهد الشهادتين أيا ً كان مذهبه ]عقائد المامية‪ :‬ص ‪.[.155‬‬
‫ولكنسسه فسسي كتسسابه "السسسقيفة" يحكسسم بسسردة المسسسلمين بسسأجمعهم بعسسد وفسساة‬
‫الرسول صلى الله عليه وسلم يقول‪" :‬مات النبي صلى الله عليه وسلم ولبسسد‬
‫أن يكون المسلمون كلهم ‪ -‬ل أدري الن ‪ -‬قد انقبلوا علسى أعقسسابهم" ]السسسقيفة‪:‬‬
‫ص ‪.[.19‬‬
‫فانظر كيف يحكم على الصحابة والقرابة والمة جميعسا ً بسسالردة‪ ،‬ويشسسك فسسي‬
‫إيمان واحد منهم‪ ..‬ولم يلغ غلو أحد من الشسسيعة السسسابقين ذلسسك إل مسسا ينسسسب‬
‫إلى طائفة "الكاملية" الذين يكفرون عليا ً لتخليه عن المطالبة بحقسسه‪ ،‬ويكفسسون‬
‫الصحابة لعدم مبايعتهم لعلي‪ ،‬لكن هذه الطائفة ل وجود لها اليوم بهذا السسسم‪،‬‬
‫وكان يظن أنه ل قائل بمذهبها في هذا الزمن‪ .‬ثم ما لبث هذا الظن أن توارى‪،‬‬
‫فها هي تعيش في أحضان الثنسسي عشسسرية فسسي هسسذا العصسسر‪ ،‬ويجسساهر بمسسذهبها‬
‫بعض الشيوخ الكبار عندهم‪.‬‬
‫والمذهب الثنا عشري مؤهل لخراج كسسثير مسسن فسسرق الغلسسو‪ ،‬بمسسدوناته السستي‬
‫جمعت من الشذوذ فأوعت‪.‬‬
‫وهذا الموقف من شيخهم المظفر له أمثاله عند شيوخهم المعاصرين ]انظر ‪-‬‬
‫ل‪ :‬عبد الحسين الموسوي‪ ،‬حيث يزعم أن الشيعة ل تكفر المسلمين في عدة مسن كتبسه )انظسر‪:‬‬ ‫مث ً‬
‫ه‪ ،‬وكتابه أجوبسسة مسسسائل جسسار اللسسه‪:‬‬
‫رسالته إلى المجمع العلمي العربي بدمشق ط‪ :‬النجف ‪‍ 1387‬‬
‫ص ‪ ،39‬وغيرها من كتبه( ولكنه يكفر أبا هريرة الصحابي الجليل‪ ،‬راوية السلم‪ ،‬بل إنه يكفسسر كسسل‬
‫من لم يؤمن بأئمته الثني عشر‪ ،‬لنه يزعم أن "وليتهم من أصسسول السسدين" )الفصسسول المهمسسة ص‬
‫‪ (32‬وأن الخبار التي وردت بإيمان مطلق الموحدين تخصص بولية الثني عشر‪ ،‬لنهم بساب حطسة‬
‫ل يغفسسر إل لمسسن دخلهسسا )المصسسدر السسسابق‪ :‬ص ‪ .(32‬ويقسسرر أن مسسن تسسأول أو أخطسسأ فيهسسا ل يعسسذر‬
‫بإجماعهم )المصدر السابق‪ :‬ص ‪.[.(45‬‬
‫هذان موقفان في الظسساهر مختلفسسان‪ ،‬وهمسسا فسسي الحقيقسسة متفقسسان‪ ،‬فالسسذين‬
‫يحكمون بإسلم المة ل يختلفون عمسن يحكسم بكفرهسا‪ ،‬أمسا كيسف ذلسك فإليسك‬
‫البيان‪ :‬إنهم يقولون‪ :‬إننا نحكم بإسلم الناس في ظساهر المسر فقسط‪ ،‬أمسا فسي‬
‫الباطن فهم كافرون وهم مخلدون في النار بإجماع الطائفة‪.‬‬
‫وقد صرح بهذه "الحقيقة" شيوخهم القدامى‪ ،‬والمعاصرون‪ ،‬وتجد إذا تسسأملت‬
‫في كلم القائلين بأنهم ل يكفرون المسلمين إشارات إلى هذا المهذب يسسدركها‬
‫من عرف عقيدتهم في هذا المر‪ ،‬وطريقتهم في التقية‪.‬‬
‫وممن صرح بسسذلك مسسن شسسيوخهم السسسابقين زيسسن السسدين بسسن علسسي العسساملي‬
‫ه( حيث يقول‪" :‬إن القائلين‬ ‫المقلب عندهم بالشهيد الثاني )المتوفى سنة ‪‍ 966‬‬
‫بإسلم أهل الخلف )يعني أهل السسسنة وسسسائر المسسسلمين مسسن غيسسر طسسائفتهم(‬
‫يريسدون‪ ..‬صسحة جريسان أكسثر أحكسام المسسلمين عليهسم فسي الظساهر‪ ،‬ل أنهسم‬
‫مسلمون في نفس المر‪ ،‬ولذا نقلوا الجماع علسسى دخسسولهم النسسار" ]انظسسر‪ :‬بحسسار‬
‫النوار‪.[.8/368 :‬‬

‫‪612‬‬
‫ويقول‪" :‬كأن الحكمة في ذلك ]يعني الحكم بإسسسلمهم ظسساهرًا‪ [.‬هو التخفيسسف عسسن‬
‫المؤمن ]يعني طائفته‪ ،‬لنهم يرون أن وصسسف اليمسسان خسساص بهسسم‪ [.‬لمسيس الحاجة إلسسى‬
‫مخالطتهم في أكثر الزمنة والمكنة" ]انظر‪ :‬بحار النوار‪.[.8/368 :‬‬
‫ويقول شيخهم المجلسي‪" :‬ويظهر من بعض الخبار بل كثير منهسسا أنهسسم فسسي‬
‫السدنيا أيضسا ً فسي حكسسم الكفسسار‪ ،‬لكسسن لمسسا علسم اللسسه أن أئمسسة الجسسور وأتبسساعهم‬
‫يسسستولون علسسى الشسسيعة وهسسم يبتلسسون بمعاشسسرتهم‪ ..‬أجسسرى اللسسه عليهسسم حكسسم‬
‫السلم توسعة‪ ،‬فإذا ظهر القائم يجري عليهسسم حكسسم سسسائر الكفسسار فسسي جميسسع‬
‫المور‪ ،‬وفي الخرة يدخلون النار ماكثين فيها أبدا ً مسسع الكفسسار‪ ،‬وبسسه يجمسسع بيسسن‬
‫الخبار كما أشار إليه المفيد والشهيد الثاني" ]بحار النوار‪.[.370-8/369 :‬‬
‫أمسسا أقسسوال المعاصسسرين فيقسسول آيتهسسم العظمسسى شسسهاب السسدين الحسسسيني‬
‫المرعشي النجفي‪" :‬أصول دين السلم على قسمين‪:‬‬
‫قسم يترتب عليه جريان حكم المسلم وهسسو الشسسهادة بالوحدانيسسة والشسسهادة‬
‫بالرسالة‪.‬‬
‫وقسم‪ :‬يتوقف عليه النجاة في الخرة‪ ،‬والتخلسسص مسسن عسسذاب اللسسه‪ ،‬والفسسوز‬
‫برضوانه‪ ،‬والدخول في الجنة‪ ،‬فيحرم دخولها على من لسسم يعسسترف بسسه ويسسساق‬
‫إلى النار في زمرة الكافرين ويسمى هذا القسم بأصول اليمان"‪.‬‬
‫ثم ذكر أن من هذا القسم "العتقسساد بالمامسسة‪ ،‬والعسستراف بالمسسام"‪ ،‬وقسسال‪:‬‬
‫"إن الدليل على ذلك هو ارتداد جماعة من الصسسحابة بعسسد ارتحسسال النسسبي صسسلى‬
‫الله عليه وسلم إلى الكفر‪ ،‬ومن المعلوم أنه لم يصدر بعد ارتحسسال النسسبي مسسن‬
‫الصحابة ما يصلح أن يكون موجبا ً للرتداد إلى الكفر‪ ،‬ولم يعدلوا عن الشسسهادة‬
‫بالوحدانية والنبوة غير أنهم أنكروا المامة" ]شهاب الدين النجفسسي‪ /‬مسسن تعليقسساته علسسى‬
‫كتاب إحقاق الحق للتستري‪.[.295-2/294 :‬‬
‫وبعسسد هسسذا البيسسان تتجلسسى سسسحابة التقيسسة‪ ،‬ويتضسسح أن حكسسم بعسسض شسسيوخهم‬
‫المعاصرين علسى مخسسالفيهم بالسسلم إنمسسا يعنسسون بسسه "السسلم الظسساهر" كمسسا‬
‫اصطلحوا عليه‪ ،‬وأنت إذا تأملت كلمهم أدركت مغزاهم؛ فسسانظر إلسسى قسسول آل‬
‫كاشف الغطاء تجده أشار إلسسى هسسذا المسسذهب بقسسوله‪" :‬نعسسم يظهسسر أثسسر التسسدين‬
‫بالمامة في منازل القرب والكرامة يوم القيامة"‪ ،‬ومع ذلك فقسسد اعتسسد بكلمسسه‬
‫بعض المنتسبين لهل السنة" ]فتحي عبد العزيسسز‪ /‬الخمينسسي الحسسل السسسلمي والبسسديل‪ :‬ص‬
‫‪.[.59-58‬‬
‫أما محسن المين فإنه رمز له المذهب الباطل فسسي عسسدة جمسسل مسسن كلمسسه‬
‫كقوله‪" :‬السلم هو ما عليه جماعة الناس من الفرق كلها"‪ ،‬فل شسك بسأن مسن‬
‫الفرق ما هو خسسارج عسسن السسسلم بالتفسساق‪ ،‬ولكسسن يريسسد هنسسا مصسسطلح السسسلم‬
‫عندهم‪.‬‬
‫ً‬
‫وكقوله‪" :‬إل من أنكر ضروريا من ضروريات الدين كوجسسوب الصسسلة وحرمسسة‬
‫الخمر"‪.‬‬
‫فالمامة عندهم أعظم من وجسوب الصسلة وحرمسسة الخمسر ‪ -‬كمسا تقسدم ‪ -‬بل‬
‫خلف بينهم‪ ،‬فنبه بالدنى على العلى تقية‪.‬‬
‫أما قوله‪" :‬وعمدة الخلف بين المسلمين هو في أمسر الخلفسة وهسي ليسست‬
‫من ضروريات الدين‪ "..‬فهذا فيسه "تقيسة" قسد ل يتنبسه لهسا مسن لسم يتعامسل مسع‬
‫"أساليبهم" ولهذا فات هذا على البعض ]الزعبي‪ /‬ل سنة ول شيعة‪ :‬ص ‪.[.84‬‬

‫‪613‬‬
‫فهو هنا يعني الخلفة عنسد المسسلمين ل مسسسألة المامسة عنسدهم‪ ،‬ولسسذا عسبر‬
‫بالخلفة‪.‬‬
‫ً‬
‫وعندهم أنهما متغايران تماما‪ ،‬قال أحد شيوخهم المعاصرين‪" :‬المامة تعنسسي‬
‫رئاسة دين‪ ،‬والخلفة رئاسة دولة‪ ،‬كما فهم من النصوص السسواردة" ]محمسسد علسسي‬
‫الحسني‪ /‬فسسي ظلل التشسسيع‪ :‬ص ‪ [.38‬ولذلك قالوا‪ :‬إن إمامسسة علسسي بسسدأت بعسسد وفسساة‬
‫الرسول صلى الله عليه وسلم ]المفيسسد‪ /‬الرشسساد‪ :‬ص ‪ ،12‬ومضسسى نسسص ذلسسك‪ :‬ص)‪،[.(41‬‬
‫وأن الصسسحابة فسسي خلفتهسسم "فصسسلوا السسدين عسسن الدولسسة" ]انظسسر‪ :‬الصسسادقي‪ /‬علسسي‬
‫والحاكمون‪ :‬ص ‪.[.83‬‬
‫المسألة الثانية‪ :‬موقفهم من الحكومات السلمية‪:‬‬
‫لما قال الشيخ موسسسى جسسار اللسسه‪" :‬إن الشسسيعة تعتسسبر الحكومسسات السسلمية‬
‫وقضاتها طواغيت" ]الوشيعة‪ :‬ص ‪ ،105‬ومضى إثبات ذلك من كتب الشيعة‪ :‬ص)‪.[.(738‬‬
‫أجابه أحد آيسات الشسسيعة بقسسوله‪" :‬الطسسواغيت مسسن الحكومسسات وقضسساتها عنسسد‬
‫الشيعة إنما هم الظالمون الغاشمون المستحلون من آل محمد مسسا حسسرم اللسسه‬
‫ورسوله‪ ..‬أما غيرهم من حكومسسات السسلم فسإن مسسن مسسذهب الشسسيعة وجسسوب‬
‫مؤازرتهم في أمر يتوقسسف عليسسه عسسز السسسلم ومنعتسسه‪ ،‬وحمايسسة ثغسسوره وحفسسظ‬
‫بيضته‪ ،‬ول يجوز عندهم شق عصا المسلمين وتفريق جمسساعتهم بمخسسالفته‪ ،‬بسسل‬
‫يجب أن تعامسسل سسسلطانها القسسائم بأمورهسسا والحسسامي لثغورهسسا معاملسسة الخلفسساء‬
‫بالحق" ]أجوبة مسائل جار الله‪ :‬ص ‪.[.39-38‬‬
‫وبمثل هذا "السلوب" قال آخرون من شيوخهم ]انظر ‪ -‬مثل ً ‪ :-‬لطف الله الصافي‪/‬‬
‫مع محب الدين الخطيب في خطوطه العريضة‪ :‬ص ‪.[.90-89‬‬
‫فهل هذا القول يعتبر خروجا ً من شيعة هذا العصر عن أصسسل مسسذهبهم السسذي‬
‫مضى الحسديث عنسسه فسي هسذه المسسألة؟ أو أن فسي المسر تقيسة ومسداراة‪ ،‬لن‬
‫ي وموجه لهل السنة وما يكون كذلك تجري فيه التقية؟‬ ‫الخطاب مع سن ّ‬
‫وللجواب على ذلك أقول‪ :‬ل يزال جمع من شيوخهم المعاصرين يصسسرح بسسأن‬
‫مذهبهم ل يعترف إل بحكومة الثني عشر‪ ،‬ول يذكرون في ذلك خلفا ً بينهم‪.‬‬
‫يقول شيخهم محمد جواد مغنية‪ :‬إن شروط المامسسة "لسسم تتسسوافر فسسي واحسسد‬
‫ممن تولى الخلفة غير المام علي وولده الحسن بخاصة من جاء بعدهما ‪ -‬كذا‬
‫‪ -‬فمن الطبيعي إذن ‪ -‬كمسسا يقسسول ‪ -‬أن ل يعسسترفوا بإمامسسة أي حساكم غيسسر علسسي‬
‫وأبنائه‪ ،‬وأن ينظروا إليسسه نظرهسسم إلسسى مسسن غضسسب أهسسل السسبيت حقهسسم اللهسسي‬
‫ودفعهم عن مقامهم ومراتبهم التي رتبهم اللسسه فيهسسا‪ ،‬وكسسان الحسساكم يسسرى فسسي‬
‫الشيعة العدو الللدود والحزب المعارض لحكمه‪.‬‬
‫ثم قال‪" :‬فمبدأ التشيع ل ينفصل بحال عن معارضة الحاكم إذا لم تتوفر فيه‬
‫الشروط وهي‪ :‬النص‪ :‬والحكمة‪ ،‬والفضسسلية‪ ..‬ومسسن هنسسا كسسانوا يمثلسسون الحسسزب‬
‫المعارض دينا ً وإيمانًا" ]الشيعة والحاكمون‪ :‬ص ‪.[.24‬‬
‫فأنت ترى أنه ينسب إلى عموم الشيعة رفض أي حكومة غير حكومة الئمسسة‬
‫المنصوص عليهم بزعمهسم‪ ،‬ولسذلك يحكمسون بهسذا الحكسم حستى علسى الخلفسة‬
‫الراشدة وخلفة النبوة‪ .‬يقول شيخهم الصادقي ]وهو ممثل الحوزة العلمية في النجف‬
‫كما يقسسول عسسن نفسسسه‪" :[.‬الخلفاء الثلثة شسسركاء فسسي التسسآمر علسسى السسسلم" ]علسسي‬
‫والحاكمون‪ :‬ص ‪ ،78‬وانظر‪ :‬ص ‪ [.83‬ويقول شيخهم الخسسر‪" :‬تلعبسست اليسسادي الثيمسسة‬
‫بالسلم والمسلمين من الحكام والحاكمين منذ وفاة النبي الكريم محمد صلى‬
‫الله عليه وآله وسلم" ]محمد علي الحسني‪ /‬في ظلل التشيع‪ :‬ص ‪.[.558‬‬

‫‪614‬‬
‫كما أنهم يرون أن حكم المة السلمية بيد الغائب المنتظر‪ ،‬وكل مسسن تسسولى‬
‫الحكم سواه فهو غاصب‪ ،‬ويستثنى بعضهم ولية الفقيسه الشسيعي‪ ،‬لن لسسه حسق‬
‫النيابسسة‪ ،‬يقسسول شسسيخهم عبسسد الهسسادي الفضسسلي‪" :‬إن دولسسة المنتظسسر هسسي دولسسة‬
‫السلم" ]في انتظار المام‪ :‬ص ‪ .[.57‬ول يوجد دولة للسسسلم غيرهسسا‪ ،‬لسسذلك يقسسول‪:‬‬
‫"إن علينا أن نعيش في فترة الغيبة مترقبين لليوم الموعود الذي يبدؤه المسسام‬
‫المنتظر عليه السلم بالقضاء على الكفر" ]في انتظار المام‪ :‬ص ‪.[.67‬‬
‫ولكن ل يعني انتظارهم لعودة مهديهم موادعة الحكومات السلمية‪.‬‬
‫فهو يقول‪" :‬إن الذي يفاد من الروايات في هذا المجسسال هسسو أن المسسراد مسسن‬
‫النتظار هو‪ :‬وجوب التمهيد والتوطئة بظهور المام المنتظر" ]فسسي انتظسسار المسسام‪:‬‬
‫ص ‪ .[.69‬ثم يشرح معنى التوطئة بقوله‪" :‬إن التسسوطئة لظهسسور المسسام المنتظسسر‬
‫تكون بالعمل السياسي عن طريسسق إثسسارة السسوعي السياسسسي‪ ،‬والقيسسام بسسالثورة‬
‫المسلحة" ]في انتظار المام‪ :‬ص ‪.[.70‬‬
‫فأنت ترى من خلل هذه "القوال" رفضهم لي حكومة إسسسلمية إل حكومسسة‬
‫شيعية‪ ،‬والمر بتهيئة الناس لقبول ثوراتهم عن طريق نشر معتقداتهم بمختلف‬
‫الوسائل وهو ما يسميه الفضلي "بالوعي السياسي"‪.‬‬
‫وغير خفي أن هذا المنهج الذي صار إليه شيوخ الثني عشرية غير متفق مسسع‬
‫ل‪ ،‬ولذلك جاء في الغيبة للنعماني‪" :‬عسسن‬ ‫خط الثني عشرية التي كانت عليه أو ً‬
‫أبي الجاورد‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم‪ ،‬قال‪ :‬قلت له عليه السسسلم‪ :‬أوصسسني‪،‬‬
‫فقال‪ :‬أوصيك بتقوى الله‪ ،‬وأن تلزم بيتك‪ ،‬وإياك والخوارج منا‪ ،‬فسسإنهم ليسسسوى‬
‫على شيء ول إلى شيء‪] "..‬الغيبة للنعماني‪ :‬ص ‪ .129‬وبحار النوار‪.[.52/136 :‬‬
‫قسسال المجلسسسي‪" :‬والخسسوارج منسسا أي مثسسل زيسسد وبنسسي الحسسسن" ]بحسسار النسسوار‪:‬‬
‫‪ .[.52/136‬فروايتهم تمنع الخروج ولو كان عن طريق أهل السسبيت‪ ،‬فكيسسف ممسسن‬
‫عداهم من شيوخ الشيعة؟ وأمرهم أبو عبد الله ‪ -‬حسب روايسساتهم ‪ -‬بعسسد غيبسسة‬
‫مهديهم بالكف عن إثارة الفتن فقالوا‪" :‬كونوا أحلس بيوتكم فإن الفتنسسة علسسى‬
‫من أثارها" ]الغيبة‪ :‬ص ‪.[.131‬‬
‫وقال الباقر‪" :‬اسسسكنوا مسسا سسسكنت السسسموات والرض‪ ،‬أي ول تخرجسسوا علسسى‬
‫أحد" ]الغيبة‪ :‬ص ‪.[.134‬‬
‫ً‬
‫وعقد شيخهم النعماني بابا في هذا الشأن بعنوان "باب ما روي فيما أمر بسسه‬
‫الشيعة من الصبر والكف والنتظار في حال الغيبة وترك الستعجال بأمر اللسسه‬
‫وتدبيره" ]الغيبة‪ :‬ص ‪.[.129‬‬
‫ثم ساق مجموعسسة مسسن روايسساتهم فسسي ذلسسك‪ ،‬وعقسسب عليهسسا بقسسوله‪" :‬انظسسروا‬
‫رحمكم الله إلى هذا التأديب من الئمة عليهم السلم إلى أمرهم ورسمهم في‬
‫الصبر والكف‪ ،‬والنتظار للفرج‪ ،‬وذكرهم هلك المستعجلين‪] "..‬الغيبة‪ :‬ص ‪.[.134‬‬
‫هذا ما يقرر شيوخ الثني عشرية في القرن الثالث‪ ..‬فإمسسا أن المعاصسسرين ل‬
‫يعرفون مذهبهم‪ ،‬وإما أنهم ل يهتمون بأمر "النتظار" لعلمهم أن ذلك المنتظسسر‬
‫لن يخرج‪ ،‬لنه لم يوجد‪ ،‬ولذلك دعوا إلى الثورة وتأسيس الدولة‪.‬‬
‫هذا ما يقوله ويجسساهر بسسه الشسسيوخ المعاصسسرين‪ ،‬فسسزادوا علسسى حكمهسسم بكفسسر‬
‫الحكومات السلمية‪ ،‬إلى الدعوة إلى الخروج عليها‪ ،‬قبل خروج منتظرهم‪.‬‬
‫بل إن شسسيخهم الخمينسسي يقسسرر بسأنه ل يجسسوز البسسدء فسسي الجهسساد حسستى يخسسرج‬
‫المنتظر ]تحرير الوسيلة‪.[.1/482 :‬‬

‫‪615‬‬
‫]انظر‪ :‬فصل دولة اليسسات ص‬ ‫ولكنه يخالف ذلك بتصدير ثورته بالقوة ‪ -‬كما سيأتي‬
‫‪ -[.1172‬لن مذهبهم يتغير حسب الحوال والظروف فهو تسابع لهسسواء الشسسيوخ‪،‬‬
‫والتأويلت عندهم باب واسع‪ ..‬بل ل حدود لها ول قيود‪..‬‬
‫ومن منطلق هذا العتقاد يرون أن حكم الكفار للسسديار السسسلمية أولسسى مسسن‬
‫حكم المسلمين‪ ،‬وقد نقل الشيخ رشيد رضا أن الرافضي )أبسسو بكسسر العطسساس(‬
‫قال‪" :‬إنه يفضل أن يكسون النكليسز حكامسا ً فسي الراضسي المقدسسة علسى ابسن‬
‫سعود" ]المنار ‪ -‬المجلد )‪ (9‬ص)‪.[.(605‬‬
‫وقد كشسسف لنسسا آيتهسسم حسسسين الخراسسساني أن كسسل شسسيعي يتمنسسى فتسسح مكسسة‬
‫والمدنيسسة‪ ،‬وإزالسسة الحكسسم الوهسسابي ‪ -‬كمسسا يسسسميه ‪ -‬عنهسسا‪ .‬وقسسال‪" :‬إن طسسوائف‬
‫الشيعة يترقبون من حين وآخر أن يوما ً قريبا ً آت يفتح الله لهسسم تلسسك الراضسسي‬
‫المقدسة لمرة أخرى ‪ -‬كذا ‪ -‬ليدخلوها آمنين مطمئنيسسن فيطوفسسوا بسسبيت ربهسسم‪،‬‬
‫ويؤدوا مناسكهم‪ ،‬ويزوروا قبور سادتهم ومشايخهم‪ ..‬ول يكسسون هنسساك سسسلطان‬
‫جائر يتجاوز عليهم بهتك أعراضسسهم‪ ،‬وذهسساب حرمسسة إسسسلمهم‪ ،‬وسسسفك دمسسائهم‬
‫المحقونة‪ ،‬ونهب أموالهم المحترمسسة ظلمسا ً وعسسدونًا‪ ،‬حقسسق اللسسه تعسسالى آمالنسسا"‬
‫]السلم على ضوء التشيع‪ :‬ص ‪.[.133-132‬‬
‫هكذا يتمنى هذا الرافضي فتح الديار المقدسة‪ ،‬وكأنها بيد كفسسار‪ ،‬ويعلسسل هسسذا‬
‫التمني بأنه يريد الحج والزيارة‪ ،‬وكأنه وطائفته قد منعوا من ذلك‪ ،‬والواقسسع أنسسه‬
‫يريد إقامة الشرك وهدم التوحيد في الحرمين الطاهرين‪.‬‬
‫فإذا كان هذا ا يجسساهر بسسه شسسيوخهم‪ ،‬وذاك مسسا اسسستقرت عليسسه أصسسولهم فمسسا‬
‫حقيقة قول عبد الحسين وأضرابه؟‬
‫الواقع أن قوله ل يختلف عن قول من استشسسهدنا بكلمسسه مسسن شسسيوخهم‪ ،‬إل‬
‫أنه صاغ كلمه بأسلوب التورية‪ ،‬وبطريقسسة تخسسدع مسسن ل يعسسرف أسسساليبهم فسسي‬
‫التقية؛ فهو يقول‪" :‬إن الطواغيت من الحكومات وقضاتها عند الشيعة إنما هسسم‬
‫الظالمون لل محمد"‪ .‬وهو في هذا لم يخرج عن مذهبه‪ ،‬فهم يعدون كسسل مسسن‬
‫تولى الحكم من المسلمين غير أميسسر المسسؤمنين علسسى والحسسسن هسسو ظسسالم لل‬
‫محمد‪ ،‬لن منصب المامة مختص بهم‪ ،‬وحق من حقوقهم ل يشركون فيه أحد‪.‬‬
‫ومن يتوله من غيرهم فهم ظالم لهم‪ ،‬ولسسذلك قسسال ابسسن بسسابويه‪" :‬فمسسن ادعسسى‬
‫المامة وهو غير إمام فهو الظالم الملعون" ]العتقسسادات‪ :‬ص ‪ .[.112‬ولهذا يعسسدون‬
‫أبا بكر ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬أول ظالم لهم‪.‬‬
‫وفسسي قسوله‪" :‬وإن الشسيعة تسرى وجسوب مسؤازرتهم ‪ -‬أي الحكسام ‪ -‬فسي أمسر‬
‫يتوقف عليه عز السلم"‪ .‬فهو في هذا أيضا ً لم يخسسرج عسسن طريقسسة الروافسسض‪،‬‬
‫ومراده بس"عز السلم" انتصار مسسذهب طسسائفته‪ ،‬أي أن السسدخول فسسي حكومسسات‬
‫المسلمين للطاحة بها‪ ،‬أو التمكين للشسسيعة مسسن القيسسام بمسسذهبهم‪ ،‬أو اسسستغلل‬
‫مواردها لتمويل نشاطهم واجب‪ ..‬ولهذا ترى شيخهم الخمينسسي يؤيسسد مسسا صسسنعه‬
‫النصير الطوسي من دخوله في العمل وزيرا ً لهولكو بقصد هسسدم دول الخلفسسة‬
‫السلمية‪ ،‬وإظهار مذهب الشيعة فيقول‪:‬‬
‫"إن من باب التقية الجائزة دخول الشيعي في ركب السلطين‪ ،‬إذا كان في‬
‫دخوله الشكلي نصر للسلم والمسلمين مثل دخسسول نصسسير السسدين الطوسسسي"‬
‫]الحكومة السلمية‪ :‬ص ‪.[.142‬‬
‫فمذهب القوم ‪ -‬كما ترى ‪ -‬لم يزدد إل غلوا ً وتطرفًا‪.‬‬

‫‪616‬‬
‫المسألة الثالثة‪ :‬موققف المعاصقرين مقن الصقحابة رضقوان اللقه‬
‫عليهم‪:‬‬
‫هل تغير شيء في مذهب هذه الطائفة في أمر الصحابة عمسسا عرضسسناه مسسن‬
‫قبسسل فسسي ضسسوء أصسسولهم – ولسسسيما ‪ -‬بعسسد قيسسام دعسسوات التقسسارب والوحسسدة‪..‬‬
‫وتكسالب العسدو الكسافر علسى المسة مسن كسل حسدب وصسوب‪ ..‬ومضسي القسرون‬
‫المتطاولسسة ولسسم تعسسرف المسسة أشسسرف ول أعظسسم ول أفضسسل مسسن ذلسسك الجيسسل‬
‫القرآني الفريد جيل الصحابة رضوان الله عليهم؟‬
‫فهل تفتحت عقول الشيعة وقلسسوبهم علسسى الحقيقسسة‪ ،‬وعرفسست خطسسورة تلسسك‬
‫السطورة التي تتناقلها كتبهم القديمة من حكايسسة ردة الصسسحابة‪ ،‬ومسسن افتعسسال‬
‫ذلك الصراع المكسسذوب بيسسن الل والصسسحاب؟! أمسسا آن لهسسا أن تسسؤمن بالتنزيسسل‬
‫اللهي‪ ،‬والسنة المطهرة‪ ،‬وإجماع المة‪ ،‬وما علم من الدين والتاريخ بالضرورة‬
‫وتوازن بالعقل بين الخذ بذلك‪ ،‬أو الغترار بنقل حثالة مسسن الكسسذابين اسسستفاض‬
‫ذمهم وتكذيبهم‪ ..‬فهل يقبل عقل سليم تصديق شرذمة من الكذابين‪ ،‬وتكسسذيب‬
‫الصحابة أجمعين الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه؟!‬
‫إن تلك الصسسفحات السسسوداء السستي تتضسسمن الطعسسن واللعسسن والتكفيسسر لولئك‬
‫الصحب العظام وهم الذين تلقوا هذا الدين‪ ،‬ونقلوه لنا‪ ،‬هي في الحقيقة طعن‬
‫في دين السلم ورسول السلم‪ ..‬وإن على الصادقين المخلصين من الشسسيعة‬
‫وهم يريدون التقارب مع المسلمين أن يعلنوا براءتهم من تلك القوال الشسساذة‬
‫الملحدة التي تتناول خيار صحابة رسول الله باللعن والتكفير ويسسبينوا لقسسوامهم‬
‫أول ً وللمسلمين عامسسة أن تلسسك الروايسسات والقسسوال هسسي آراء لبعسسض الطسسوائف‬
‫المنحرفة الضالة القديمة يبوؤن بإثمها وإثم من اتبعهم فيهسسا إلسسى يسسوم القيامسسة‬
‫حتى يزيلوا تلك النفرة التي سكنت في قلوب أهل السسسنة منسسذ أقسسدم العصسسور‬
‫إلى الن‪.‬‬
‫وإن أجدى طريق لزالتها هسو بيسان أنهسم ل يعتقسدون صسحة تلسك الراء الستي‬
‫يستوحش منها المؤمنون في كل بقاع الرض‪ ،‬فأي مؤمن صادق اليمان يعلسسم‬
‫ديق هذه المة السسذي لسسو وزن إيمسسانه بإيمسسان‬ ‫أن فرقة من الفرق تدين بلعن ص ّ‬
‫فرِ في السلم فريه أحسسد‪ ،‬ثسسم بعسسد ذلسسك‬ ‫المة لرجح بهم‪ ،‬أو فاروقها الذي لم ي َ ْ‬
‫يقبل على دراسة مذهبها‪ ،‬إل إذا أوتي قدرة فكرية خاصة‪.‬‬
‫وأي مؤمن يثق بآراء هذه الطائفة إذا كسسان يعلسسم أنهسسا تسسدين بهسسذا اللعسسن! إن‬
‫إزالة هذه الدران والبليا هي من أركان التقارب وأسسه‪ ،‬وإن عليهم أن يعلنوا‬
‫هذه الزالة والتغيير ]انظر‪ :‬محمد أبو زهرة‪ /‬المام الصادق‪ :‬ص ‪ ،[.12‬إذا كانوا صسسادقين‬
‫في رغبتهم في التآلف مع المسلمين‪ ،‬وليسسس المسسر مسسؤامرة لنشسسر معتقسسداهم‬
‫في ديار السنة‪.‬‬
‫فماذا يقول شيعة العصر الحاضر في هسسذه المسسسألة؟ لقسسد خسسرج مسسن شسسيعة‬
‫العصر الحاضر رجل يدعى "أحمد الكسروي" قال عنسسه السسستاذ محمسسود الملح‬
‫بأنه‪" :‬لم يظهر في عالم الشيعة ]يعني بالشيعة والشيعي‪ :‬الرافضة والرافضي‪ ،‬ل مطلسسق‬
‫شيعي‪ ،‬وإل فل يصح هذا الطلق‪ [.‬أحد في عياره منذ ظهور اسسسم شسسيعي علسسى وجسسه‬
‫الرض" ]محمود الملح‪ /‬الوجيز على السسوجيز )ضسسمن مجمسسوع السسسنة( ص ‪ .[.278‬وقد عمسل‬
‫أستاذا ً في جامعة طهران‪ ،‬كما تولى عدة مناصسب قضسائية ]انظسسر عسسن الكسسسروي‪:‬‬
‫يحيى ذكاء‪ ،‬مقدمسسة "كارونسسد كسسسروي" أي مقسالت الكسسسروي‪ ،‬ومقدمسة كتسساب التشسيع والشسيعة‪،‬‬
‫ومعجم المؤلفين‪.[.2/53 :‬‬

‫‪617‬‬
‫وقد اكتشف الكسروي بطلن مذهب الشسسيعة حسسول الصسسحابة‪ ،‬وتخلسسص مسسن‬
‫تلك الساطير التي وضسسعتها تلسسك الزمسسرة الحاقسسدة حسسول الصسسحابة وارتسسدادهم‬
‫لمخالفتهم النص على إمامة علي ‪ -‬كما يزعمون ‪ -‬وبين ضلل طائفته في هسسذا‬
‫المذهب فقال‪" :‬وأما ما قالوا عن ارتداد المسلمين بعد موت النبي صسسلى اللسسه‬
‫عليه وسلم إل ثلثة أو أربعة منهم فاجتراء منهم على الكذب والبهتان‪ ،‬فلقسسائل‬
‫أن يقول‪ :‬كيف ارتدوا وهو كانوا أصحاب النبي‪ ،‬آمنسسوا بسسه حيسسن كسسذبه الخسسرون‬
‫ودافعون عنه‪ ،‬واحتملوا الذى في سبيله ثم ناصروه في حروبه ولم يرغبوا عنه‬
‫بأنفسهم‪ .‬ثم أي نفع لهم في خلفسسة أبسسي بكسسر ليرتسسدوا عسسن دينهسسم لجلسسه فسسأي‬
‫ل‪ :‬أكذب رجل أو رجليسسن مسسن ذوي الغسسراض الفاسسسدة‪ ،‬أو‬ ‫المرين أسهل احتما ً‬
‫ارتداد بضع مئات من خلص المسلمين؟ فأجيبونا إن كسسان لكسسم جسسواب" ]التشسسيع‬
‫والشيعة‪ :‬ص ‪ ،66‬وقد مر ذكره‪ ،‬وأعدناه هنا لهميته ومناسبته‪.[.‬‬
‫وقد كان لهذا التجاه عند الكسروي أثره في التفاف بعسسض المثقفيسسن حسسوله‬
‫وإقبال الشباب عليه فأحاط به اللف منهم‪ ،‬وقاموا بنصسسرته وبسسث آرائه ونشسسر‬
‫كتبه‪.‬‬
‫إل أن خصومه من الروافض عسساجلوه بالقتسسل قبسسل انتشسسار دعسسوته وظهورهسسا‬
‫]انظر ما مر من مصادر ترجمته‪.‬‬
‫وقد حثني بعض الخوان بأن له اتجاها ً إلحاديًا‪ ،‬ولم يتوفر لي أدلة على ذلك‪ ،‬وقد يكون هذا مسسن‬
‫دعاية بعض الروافض ضده‪ ..‬والرجل يحاكم بمقتضى ما خلفه من نصوص‪ ،‬ولو أر في كتسسابه السسذي‬
‫اطلعت عليه مظهرا ً من هذه المظاهر‪ ..‬ولم تقع لسي رسسائله ومقسالته لتعسسرف علسى ذلسسك‪ ..‬وقسد‬
‫تقدم ثناء الستاذ الملح عليه‪.‬‬
‫ولم أنقل عنه هنا إل ما هو حق‪ .‬وقد لقت دعوته تلك رواجا في المجتمعات الشيعية‪.[.‬‬
‫ً‬
‫وقد ظهرت كتابات لبعض المعاصسسرين مسسن الشسسيعة ممسسن يتظسساهر بالسسدعوة‬
‫للتقارب وهي موضوعة للدفاع عن معتقد التشسسيع والدعايسسة للشسسيعة‪ ،‬وموجهسسة‬
‫لبلد السنة‪.‬‬
‫وقد تضمنت القول بأن الشيعة ل تسب فضل ً عسسن أن تكفسسر الخلفسساء الثلثسسة‬
‫وأنها تقدر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫فالخنيزي في كتابه الدعوة السلمية إلى وحدة أهل السنة والمامية يقسسول‪:‬‬
‫"بأن المامية ‪ -‬في هذا العصر ‪ -‬ل تمس كرامة الخلفسساء البتسسة فهسسذه كتابسساتهم‪،‬‬
‫وهذه كتبهم تنفي علنا ً السب عن الخلفاء وتثني عليهم" ]الدعوة السلمية‪-1/256 :‬‬
‫‪.[.257‬‬
‫وقال الخنيزي‪ :‬وممن صرح بنفي السب محمد باقر أحد مشاهير المجتهدين‬
‫في كربلء في منظموته المطبوعة في بمبي قال‪:‬‬
‫عثمان والسذي تولسى أول ً‬ ‫ب عمرا ً كل ول‬
‫سس ّ‬‫فل ن َ ُ‬
‫حكم به قضى المام الصادق‬ ‫ومن تولى سبهم ففاسسق‬
‫ثم قال‪:‬‬
‫ونحن أيم الله ل نسب ]الدعوة السلمية‪.[.1/8 :‬‬ ‫ب‬‫وعندنا فل يحل الس ّ‬
‫ولذلك فإن الخنيزي يقلب عمر بسسن الخطساب أميسر المسسؤمنين ويترضسى عنسسه‬
‫]الدعوة السسسلمية‪ .[.1/9 :‬ويطلق على عائشسسة وحفصسسة أمهسسات المسسؤمنين‪ ..‬وكسسذا‬
‫يلقب أبا بكر بأمير المؤمنين ]الدعوة السلمية‪.[.1/13 :‬‬
‫ويقول‪" :‬إن جعفر الصادق يقول مفتخرًا‪ :‬ولدني أبو بكر مرتيسسن‪ ،‬لن أمسسه أم‬
‫فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر وأمها بنت عبد الرحمن بن أبسسي بكسسر‪،‬‬

‫‪618‬‬
‫فهي بكرية أما ً وأبًا"‪ .‬ويقول‪ :‬إن من قضسساء جعفسسر الصسسادق "فسسسق مسسن سسسب‬
‫الخلفاء الثلثة" ]الدعوة السلمية‪.[.1/74 :‬‬
‫ويرى الشيعي أحمد مغنية أن الشيعة تثني على عمر بن الخطسساب وتترضسسى‬
‫عنه‪ ،‬وأن القول بأن الشسسيعة تنسسال مسسن عمسر هسسو مسن أحسسط أنسسواع السدس‪ ،‬ثسم‬
‫يكشف السسبب فسسي وجسسود مثسل هسسذه الشساعة عنهسسم فيقسسول‪" :‬إن المفرقيسسن‬
‫وجدوا في اتفاق السمين‪ :‬عمر بن الخطاب الخليفة العظيسسم‪ ،‬عمسسر بسسن سسسعد‬
‫قاتل الحسين ميسسدانا ً واسسسعا ً يتسسسابق فيسسه فسسي تشسسويه الحقيقسسة والسدس علسى‬
‫الشيعة بأحط أنواع الدس‪ ..‬وكان طبيعيا ً أن يكون لعنة اللعنات عمر بن سسسعد‪،‬‬
‫ن من المسسسلمين ل يلعسسن عمسسر‬ ‫م ْ‬
‫لنه بطل الجريمة وقائد المجرمين الجبناء‪ ،‬و َ‬
‫بن سعد قاتل ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!‬
‫إن أولئك الثمين المفرقين استغلوا كلمة )عمر( وقالوا‪ :‬إن الشيعة تنال من‬
‫خليفة النبي عمر بن الخطاب ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬وإني فسسي السسوقت السسذي أثسسور‬
‫فيه على الدساسين التجار أصحاب الغابات والمصالح الرخيصسسة ل أنكسسر وجسسود‬
‫أفراد بالمس من سواد الشيعة وبسطائها ل يفرقون بين هذين السمين‪ ،‬بل ل‬
‫ا" ]أحمد مغنية‪ :‬المام جعفر‬ ‫يعرفون أن في دنيا التاريخ السلمي عمرين تقيا ً وشقي ً‬
‫الصادق‪ :‬ص ‪.[.114-113‬‬
‫فهو يرى أن وجود هذا التشابه في السماء‪ ،‬واستغلل المفرقين من العداء‬
‫لذلك‪ ،‬ووجود بعض عوام الشيعة في الماضي الذين ل يفرقون بيسسن العمريسن‪..‬‬
‫كل ذلك ساعد على نسبة سب عمر إلى الشيعة‪ ..‬أما كتب الشسسيعة‪ ،‬وشسيوخها‬
‫فهي بريئة من هذه التهمة‪ ..‬لنها ترى فيه الخليفة النقي العظيم خليفة رسسسول‬
‫الله‪.‬‬
‫وهذا أحد روافض العراق قد لجأ إلى مصر لنشر التشيع وأنشسسأ جمعيسسة لهسسذا‬
‫الغرض سمها "جمعية أهل البيت" وسمى نفسه ‍ب"إمام التشسسيع فسسي جمهوريسسة‬
‫مصر العربية" ]انظر‪ :‬كتيبه‪ :‬مع المام علي في نهجه‪ :‬ص ‪ .[.64‬على الرغم بأنه ل يوجد‬
‫في مصر شيعة بعد جهود العظيم صلح الدين اليوبي‪ ..‬وقسسد أصسسدر فسسي مصسسر‬
‫كتابا ً بعنوان "تقدير المامية للصحابة" وفي هذه الكتيب نفى أن تكون الشسسيعة‬
‫ترمي الشيخين ومن بايعيهما بلعن أو تفكير" ]تقدير المامية للصحابة‪ :‬ص ‪.[.36‬‬
‫فسسرت سسسلمان‬ ‫وقال‪ :‬بأن الشيعة لو كفرتهما لكفرت عليًا‪ ،‬لنه بابيعهمسسا‪ ،‬ولك ّ‬
‫وعمارا ً لنهما بايعوهما؛ بل إن سلمان تولى على المدائن لعمسسر فكيسسف يتصسسور‬
‫منه أن يلي لعمر لو كان يرى كفره ]تقدير المامية للصحابة‪ :‬ص ‪[.39-37‬؟‍! ثم قسسال‪:‬‬
‫بأن الشيعة تؤمن بالقرآن وقد جاء فيسسه الثنسساء علسسى الصسسحاب واسسستدل باليسسة‬
‫المائة من سورة التوبة‪ ،‬والية التاسعة والعشرين من سورة الفتسسح‪ ،‬ثسسم أردف‬
‫ذلك ببعض ما جاء في نهج البلغة والصحيفة السجادية من الثناء عليهسسم ]تقسسدير‬
‫المامية للصحابة‪ :‬ص ‪ 43-39‬من ط‪ :‬القاهرة‪.[.‬‬
‫ونقل بعد هذا أقوال بعض شيوخهم المعاصرين في مدح الصسسحابة‪ ،‬واسسستدل‬
‫بقول باقر الصدر‪" :‬إن الصحابة بوصفهم الطليعسسة المؤمنسسة والمسسستنيرة كسسانوا‬
‫أفضل وأصلح بذرة لنشوء أمة رسالية‪ ،‬حتى إن تاريخ النسان لسسم يشسسهد جيل ً‬
‫عقائديا ً أروع وأنبل وأطهر من الجيل الذي أنشأ الرسول القائد" ]تقسسدير الماميسسة‬
‫للصحابة‪ :‬ص ‪ ،46-43‬وأرجع كلم الصدر إلى كتابه‪ :‬التشيع ظاهرة طبيعية ص ‪.[.80‬‬
‫ثم ختم حسسديثه عسسن هسسذه المسسسألة بقسسوله‪" :‬إن مسسن ينسسسب إليهسسم ذلسسك )أي‬
‫الصحابة( فهو إما أن يكسون خصسما ً سسيء النيسسة‪ ،‬وإمسسا لسم يطلسع علسى مسسذهب‬

‫‪619‬‬
‫الشيعة إل من خلل كتب خصومها‪ ،‬ولم يتمكن من الطلع على كتب أصسسحاب‬
‫المذهب نفسه" ]تقدير المامية للصحابة‪ :‬ص ‪.[.47-46‬‬
‫وفي تفسير الكاشف لرئيس المحكمسسة الجعفريسسة فسسي بيسسروت محمسسد جسسواد‬
‫مغنية يقول‪ :‬إن الشيعة ل ينالون من الصسسحابة‪ ،‬ويسسستدل بقسسوة زيسسن العابسسدين‬
‫علي بن الحسين في الصحيفة السجادية من دعاء لسسه فسسي الصسسلة علسسى أتبسساع‬
‫الرسل وهو‪" :‬اللهم وأصحاب محمد خاصة الذين أحسنوا الصحبة والسسذين أبلسسو‬
‫البلء الحسن في نصسسره‪ ..‬وفسسارقوا الزواج والولد فسسي إظهسسار كلمتسسه وقسساتلوا‬
‫الباء والبناء في تثبيت نبوته‪] "..‬الصحيفة السجادية‪ :‬ص ‪.[.44-43‬‬
‫ثم قال جواد‪ :‬هذه المناجسساة جسساءت فسسي الصسسحيفة السسسجادية السستي تعظمهسسا‬
‫الشيعة وتقدس كل حرف منها ]قال ابسسن تيميسسة عسسن صسسحيفتهم السستي ينسسسبونها لعلسسي بسسن‬
‫الحسن‪ ،‬ويقدسون كل حرف فيها ‪ -‬على حد تعبيره‪ ،‬وكأنها وحي سماوي ‪ -‬قسسال‪ :‬إن أكثرهسسا كسسذب‬
‫على علي بن الحسين )منهاج السنة‪ .[.(3/209 :‬وهي رد مفحم لمسسن قسسال‪ :‬إن الشسسيعة‬
‫ينالون من مقام الصحابة ]تفسير الكاشف‪.[.10/515 :‬‬
‫وبمثل هذه القوال قال آخرون من شيعة العصر الحاضسسر ]مثسسل حسسسين يوسسسف‬
‫مكي العاملي الذي قال‪" :‬ل نسوغ لحد أن يسبهما )يعني الشيخين( ول أن يتحامل على مقامهما‪،‬‬
‫ول أفتينا لحد بجواز سبهما‪ ،‬فلهما عندنا من المقام ما يقتضي الجلل والحترام‪ ،‬وإننا نحرص كسسل‬
‫الحرص على تدعيم قواعد المودة واللفة بين المسلمين"‪) .‬عقيدة الشيعة في المام الصادق‪ :‬ص‬
‫‪ /19‬بيروت‪ ،‬دار الندلس ط‪ :‬الولى ‪‍1382‬ه‪ ،‬وانظر‪ :‬ص ‪ 30‬من المصدر السابق(‪.[.‬‬
‫النقد‪:‬‬
‫هل تغير موقف الشيعة المعاصرين نحو الصحابة؟‬
‫هل حقيقة ما يقول هؤلء أو تقية ومصانعة؟‬
‫إننا نقول للخنيزي وأحمد مغنيسسة‪ ،‬والرفسساعي‪ ،‬ومحمسسد جسسواد مغنيسسة وغيرهسسم‬
‫ممن يقول إننا نقدر الصحابة‪ ،‬ول ننقصهم ونترضسى عنهسم‪ :‬تلسك كلمسات طيبسة‬
‫تنزل على قلوبنا بردا ً وسلمًا‪ ،‬ومرحبا ً بهذه السروح الكريمسة الجامعسة الموحسدة‬
‫بين المسلمين‪.‬‬
‫وإننا لنفتسسح صسسدورنا لكسسل كلمسسة توفسسق ول تفسسرق‪ ..‬ونستبشسسر بكسسل محاولسسة‬
‫صادقة لرفع تلك الدران والصفحات السوداء التي تمسسس صسسحابة رسسسول اللسسه‬
‫صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫ولكن أل يعلم الخنيزي وغيره أن المكتبة الشيعية المعاصرة قد أخرجت كتبا ً‬
‫مليئة بالسسب والطعسن والتكفيسر لخيسار صسحابة رسسول اللسه صسلى اللسه عليسه‬
‫وسلم‪ ،‬فلم القول بأن شسسيعة العصسسر الحاضسسر ل يسسسبون‪ ،‬وأن سسسب الشسسيخين‬
‫عندهم فسق؟‬
‫فهذا أحد آيات الشيعة ويدعى "حسين الخراساني" يقول في كتابه "السلم‬
‫على ضوء التشيع" والذي أهداه إلى مكتبة دار التقريسسب بالقساهرة‪ ،‬وجسساء علسسى‬
‫غلفه بأنه قد نشر باللغات الثلثة العربيسسة والفارسسسية والنجليزيسسة‪ ،‬وحسساز علسى‬
‫رضى وزارة المعارف اليرانيسسة‪ ،‬يقسسول فسسي هسذا الكتسساب‪ :‬تجسسويز الشسسيعة لعسسن‬
‫الشيخين أبي بكر وعمر وأتباعهما‪ ،‬فإنما فعلوا ذلك أسوة لرسسسول اللسسه صسسلى‬
‫الله عليسسه وسسسلم واقتفسساء الثسسره" ]السسسلم علسسى ضسسوء التشسسيع‪ :‬ص ‪) 88‬الهسسامش(‪،.[.‬‬
‫"فإنهم ول شك ‪ -‬كما يفتري ‪ -‬قد أصبحوا مطرودين من حضرة النبسسوي ‪ -‬كسسذا‪-‬‬
‫وملعونين من الله تعالى بواسطة سفيره صلى الله عليه وسسسلم" ]السسسلم علسسى‬
‫ضوء التشيع‪ :‬ص ‪.[.88‬‬

‫‪620‬‬
‫فانظر كيف يعلن أحد آياتهم ل واحد من عوامهم‪ ،‬أن اتجاه الشيعة هو اللعن‬
‫والتكفير لعظيمي هذه المة وأفضسسل الخلسسق بعسسد النسسبيين‪ ،‬ومسسن أمسسر الرسسسول‬
‫صلى الله عليه وسلم أمته بالقتداء بهمسسا‪ ،‬وأنهسسم يسسرون لعنهمسسا شسسريعة ودينسًا‪،‬‬
‫فكيف ينكر أولئك وجود السب‪ ،‬مع اللعن والتكفير الصسسريح والسسذي يجسساهر بسسه‪،‬‬
‫ويطبع باللغات المختلفة؟‬
‫وقد وقع بيدي كتاب من كتب الدعية عندهم باللغة الردية موثسسق مسسن سسستة‬
‫من شيوخ الشيعة‪ ،‬وصف كل منهم بأنه "آية عظمى" منهم الخسسوئي والخمينسسي‬
‫وشريعتمداري‪ ..‬وفي هذا الكتاب الموثق من هؤلء اليات دعاء بالعربية بحدود‬
‫صسسفحتين يتضسسمن لعسسن أبسسي بكسسر وعمسسر رضسسي اللسسه عنهمسسا وابنتيهمسسا أمهسسات‬
‫المؤمنين وحفصة رضي الله عنهما‪ ،‬ومما جاء في هذا الدعاء‪:‬‬
‫"اللهم العن صسسنمي قريسسش وجبتيهسسا‪ ،‬وطاغوتيهسسا‪ ،‬وإفكيهسسا‪ ،‬وابنتيهمسسا السسذين‬
‫خالفا أمرك وأنكرا وحيك وجحدا إنعامك وعصيا رسسسولك‪ ،‬وقلبسسا دينسسك‪ ،‬وحرف سا ً‬
‫كتابك‪ ،‬وأحبا أعدائك‪ ،‬وجحدا آلئك ‪ -‬كذا ‪ -‬وعطل أحكامك‪ ،‬وألحدا في آياتسسك‪"..‬‬
‫]منصور حسسين‪ /‬تحفسة العسسوام مقبسسول‪ :‬ص ‪ ،424-423‬وانظسره بتمسامه فسسي ملحسسق الوثسائق مسن‬
‫رسالتي "فكرة التقريب"‪.[.‬‬
‫هكذا يوجه هؤلء اليات كل شيعي على وجه الرض‪ ،‬لن يسسدعو بهسسذا السسدعاء‬
‫ويتعبد الله بهذا اللعن ليزرعوا الحقد والكراهية فسي نفسوس أتبساعهم ضسد خيسر‬
‫القرون ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين‪ ..‬وليضعوا العقبات والعراقيل فسسي‬
‫وجسسه كسسل تسسآلف وتقسسارب‪ ..‬وحسستى يضسسمنوا أن بسساطلهم ل ينكشسسف‪ ،‬يخسسدعون‬
‫ويخادعون بقولهم‪ :‬إننا ل نسب‪ ..‬وهيا إلى التقارب والتعاون‪.‬‬
‫إذن الشيعة لم تترك السب واللعن‪ ،‬ول يسسزال طائفسسة مسسن شسسيوخهم يهسسذون‬
‫بهذا الضلل‪ ،‬وعوامهم على أثرهم يهرعون يشتمون ويكفرون‪.‬‬
‫وقد كشف لنا الشيخ موسسسى جسسار اللسسه حينمسسا زار ديسسار الشسسيعة فسسي إيسسران‬
‫والعراق وحضر مجالسها‪ ،‬ومحافلهسسا وحلقسسات درسسسها فسسي السسبيوت والمسسساجد‬
‫والمدارس فاطلع على ما يدور في واقع الشسيعة مسن تكفيسر لمسن رضسي اللسه‬
‫عنهم ورضوا عنه حتى قال‪:‬‬
‫"كسسان أول شسسيء سسسمعته وأنكرتسسه هسسو لعسسن الصسسديق والفسساروق‪ ،‬وأمهسسات‬
‫المؤمنين‪ :‬السيدة عائشة والسسسيدة حفصسسة‪ ،‬ولعسسن العصسسر الول كافسسة‪ ،‬وكنسست‬
‫أسمع هذا في كل خطبة وفي كل حفلة ومجلس في البدايسسة والنهايسسة‪ ،‬وأقسسراه‬
‫في ديابيج الكتب والرسائل وفي أدعية الزيارات كلهسسا‪ ،‬حسستى فسسي السسسقية مسسا‬
‫كان يسقي ساق إل ويعلن‪ ،‬وما كان يشرب شارب إل ويعلن‪ .‬وأول كسسل حركسسة‬
‫وكل عمل هو الصلة على محمد وآل محمد‪ ،‬واللعسن علسى الصسديق والفساروق‬
‫عثمان الذين غصبوا حق علي ‪ -‬بزعمهم ‪ -‬وظلموه‪ ،‬حتى أصبح السسسب واللعسسن‬
‫عندهم أعرف معروف يلتسذ بسسه الخطيسب‪ ،‬ويفسرح عنسسده السسامع‪ ،‬وترتساح إليسسه‬
‫الجماعة" ]موسى جار الله‪ /‬الوشيعة‪ :‬ص ‪.[.27‬‬
‫وهذا الواقع المظلم الذي تجري ألسنة أهله بساللعن والتكفيسر والسسسب ليسس‬
‫بغريب على من يرتضع منذ طفولته كره أصحابه رسول اللسسه صسسلى اللسسه عليسسه‬
‫وسلم ويلقن من صغره أن ما يقع له من مصائب هسو بسسسببهم‪ ،‬وتجسسرى أمسامه‬
‫في كل عام "التمثيليات" التي تصور ما جرى على أهل البيت من ظلسسم ‪ -‬كمسسا‬
‫يزعمون ‪ -‬من قبل الصحابة أو بسسببهم‪ ،‬وقسد أشسار صساحب الوشسيعة إلسى مسا‬
‫شاهده من أعمالهم في ذلك‪ .‬وقسسال بسسأن كسسل هسسذه التمثيليسسات واللعسساب فيهسسا‬

‫‪621‬‬
‫إغراء وعداوة وبغضاء ]موسى جسسار اللسسه‪ /‬الوشسسيعة‪ :‬ص ‪ ،[.26‬بل هسسي مدرسسسة لسسزرع‬
‫الحقد والكراهية ضد خير القرون وأتباعهم‪.‬‬
‫وهسسذا ليسسس مسسن أفعسسال عسسوامهم‪ ،‬بسسل شسسيوخهم وآيسساتهم يغرونهسسم بسسذلك‬
‫ويدفعونهم إليه بمختلف الوسائل‪ ،‬فقسسد قسسدم إلسسى آيتهسسم ومرجعهسسم محمسسد آل‬
‫كاشف الغطاء السؤال التالي‪:‬‬
‫"مسسا يقسسول مولنسسا حجسسة السسسلم‪ ..‬فسسي المسسواكب المشسسجية السستي اعتسساد‬
‫الجعفريون اتخاذها في العشر من المحرم تمسسثيل ً لفاجعسسة ألطسسف وإعلمسا ً لمسسا‬
‫انتهك فيها من حرمة الرسول صلى اللسسه عليسسه وسسسلم فسسي عسسترته المجاهسسدين‬
‫بالتمثيل للشهداء وجهادهم‪ ،‬وماجرى عليهم‪ ،‬وما جرى على الطفال من القتل‬
‫والقسوة‪ ،‬وبسسإعلنهم الحسسزن لسسذلك بسسأنواعه مسسن نسسدب‪ ،‬ونسسداء وعويسسل‪ ،‬وبكسساء‪،‬‬
‫وضرب بالكف على الصسسدور‪ ،‬وبالسلسسل علسى الظهسسور‪ ،‬فهسل هسذه العمسال‬
‫مباحة في الشرع أم ل أفتونا مأجورين"؟‬
‫فأجاب آيتهم على ذلك بقوله‪:‬‬
‫م‬ ‫ّ‬
‫عظق ْ‬ ‫مققن ي ُ َ‬
‫و َ‬ ‫َ‬
‫"بسم الله الرحمسسن الرحيسسم‪ ،‬قسسال سسسبحانه وتعسسالى‪} :‬ذَل ِك َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ل‬
‫جق ٍ‬ ‫ع إ ِلققى أ َ‬ ‫ف ُ‬‫من َققا ِ‬
‫هققا َ‬
‫في َ‬ ‫ب‪ ،‬ل َك ُق ْ‬
‫م ِ‬ ‫قل ُققو ِ‬
‫وى ال ْ ُ‬ ‫من ت َ ْ‬
‫ق َ‬ ‫ها ِ‬
‫فإ ِن ّ َ‬ ‫عائ َِر الل ّ ِ‬
‫ه َ‬ ‫َ‬
‫ش َ‬
‫مى{ ]الحسسج ‪،32‬سس ‪ ،[33‬ول ريب أن تلك المسسواكب المحزنسسة‪ ،‬وتمثيسسل هاتيسسك‬ ‫س ّ‬
‫م َ‬ ‫ّ‬
‫الفاجعة المشجية من أعظم شعائر الفرقة الجعفرية‪] "..‬اليات البينات‪ :‬ص ‪.[.5‬‬
‫فهو يعد هذه "البدعة الخطيرة في دينهم" والتي هي من أعظم الباطل‪ ،‬من‬
‫شعائر الله‪ ،‬فإذا كان هذا رأي مرجعهم فما بالك بمن دونه مع أنسه يجسري فيهسا‬
‫تعذيب للنفس وقتلها وتكفير للمسلمين من الصحابة والتابعين‪ ،‬والنياحة ولطم‬
‫الخسسدود‪ ،..‬والشسسرك بسسدعاء المخلسسوق‪ ..‬إلسسخ ممسسا يعلسسم بطلنسسه مسسن السسسلم‬
‫بالضرورة‪ ،‬ومع ذلك يتفاخر شيخهم محسن المين أنه أقام مجلسا ً للعزاء فسسي‬
‫دمشق ‪ -‬كما يزعم ‪ -‬حضره عدد كبير‪" ،‬وختم بسساللطم المهيسسج المسسؤثر" ]رسسسالة‬
‫التنزيه لعمال الشبيه‪ :‬ص ‪.[.30‬‬
‫وهذه العمال التي تجري منهم في المحرم من كسسل عسام ل موضسسوع لهسسا إل‬
‫سب الصحابة‪ ،‬وإعلن الشرك بالله؛ حيث تسمع أصواتهم تسسردد "يسسا حسسسين يسسا‬
‫حسين" وتصب اللعنات على العصر الول‪ ،‬ولسيما الخلفاء الثلثة رضوان الله‬
‫عليهم‪ ،‬فتزرع في نفوسهم أحقادا ً ل حدود لها‪ ،‬ولذلك تسسرى المعاصسسرين منهسسم‬
‫يكتبون عن الصراع المزعوم بيسسن الل والصسسحاب وكسسأنه واقسسع السسساعة‪ ،‬كسسأنه‬
‫خطر محيط بالمة يهدد وجودها‪.‬‬
‫هذا ول تزال مظاهر الطعن والتكفير للصحابة موجودة ومستمرة عبر روافد‬
‫أخرى‪ ،‬وشيوخهم يمدونهم بهذا الغي ويدفعونهم إليه‪ ،‬ول يقصرون‪ ،‬فمسسن هسسذه‬
‫المظاهر الموجودة‪ ،‬والروافد الجارية التي ل تنبت إل أشجار الحنظل‪ ،‬ول تزرع‬
‫إل الفرقة والحقد والبغضاء والتي لم تتوقف حتى هذه الساعة ما يلي‪:‬‬
‫ل‪ :‬ل تزال تقوم حركة نشطة لبعث التراث الرافضي القسسديم ونشسسره بيسسن‬ ‫أو ً‬
‫الناس وترويجسسه بينهسسم‪ ،‬وهسسذا السستراث مليسسء بسساللعن والتكفيسسر والتخليسسد بالنسسار‬
‫للمهاجرين والنصار الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه‪ ،‬وفي مقسسدمته الخلفسساء‬
‫الثلثة وبقية العشرة المبشرين بالجنة ما عدا أمير المسسؤمنين عليسا ً ]فسسي حيسسن أن‬
‫أمير المؤمنين يناله من ذلك أمور كثيرة بشكل غير مباشر كما يظهر ذلك في نصوصهم‪.[.‬‬
‫فكيف يقال أن شيعة هذا العصر ل يسبون وهم قسسد ألبسسسوا تلسسك الصسسفحات‬
‫السوداء المظلمة ثيابا ً جديدة ونشروها بين أتباعهم بل نقد ول اعتراض؟‬

‫‪622‬‬
‫ثانيًا‪ :‬ول يزال أيضا ً هناك مجموعة كبيرة من شيوخهم المعاصرين قد تفرغوا‬
‫م لهم فيما يكتبون وينشرون إل سسسب رجسسال الصسسدر الول‬ ‫لهذا "الباطل" فل ه ّ‬
‫م للشيعة في هذا العصر إل هذا‪.‬‬ ‫وتجريحهم وكأنه ل ه ّ‬
‫وقد تخصصت كتب عندهم لهذا تفوق ماجاء في كتبهم القديمة فسسي البسسذاءة‬
‫وسوء المقال‪ ،‬مثل كتسساب الغسسدير ‪ -‬لشسسيخهم المعاصسسر عبسسد الحسسسين المينسسي‬
‫النجفي‪ -‬المليء بالدس والكذب والطعن فيمن رضي الله عنهم ورضسسوا عنسسه‪..‬‬
‫وعليه تفريظات عدد من آياتهم‪.‬‬
‫وكانت حملته ضد صحابة رسسسول اللسسه ول سسسيما الخليفسسة الراشسسد عمسسر بسسن‬
‫الخطاب رضي الله عنه محل رضى أعسسداء المسسة‪ ،‬كمسسا تجسسد ذلسسك ‪ -‬مثل ً ‪ -‬فسسي‬
‫كلمسات بسولس سسلمة الشساعر النصسراني السذي اسستكتبه هسذا الرافضسي فسي‬
‫مقدمة الجزء السابع من الكتاب‪ ،‬فكتب كلمات يظهر فيها رضسساه وغبطتسسه بمسسا‬
‫قام به هذا "الفاك" ضد المة ودينها‪ ،‬وإشادته بحملته المسسسعورة ضسسد فسساروق‬
‫هذه المة وعظيمها الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي اللسسه عنسسه وأرضسساه‬
‫والتي كانت فتوحاته وجهاده ونشره للسلم شجى وغصسسة فسسي حلسسوق العسسداء‬
‫إلى اليوم ]صدر الرافضي الجزء السابع من كتابه بتقريظ هذا النصراني فكتب له النصراني بعد‬
‫ذلك يقول‪" :‬وقد شرفتموني بإدراج رسالتي في المقدمة وقد اطلعسست علسسى هسسذا السسسفر النفيسسس‬
‫فحسبت أن للئ البحار قد اجتمعت في غديركم‪ .‬ولقد لفت نظري على الخص ما ذكرتموه بشأن‬
‫الخليفة الثاني‪ ،‬فلله دركم مسسا أقسسوى حجتكسسم" )الغسسدير‪/7 :‬ح( وقسسد ابتهسسج هسسذا الرافسسض الرافضسسي‬
‫المغفل‪ ،‬أو الزنديق المرتدي ثوب السلم بثناء هذا الكافر فبسسادله الثنسساء وقسسال عسسن رسسسالته تلسسك‪:‬‬
‫"أتانا من بحاثة المسيحيين القاضي الحر والشسساعر النسسبي السسستاذ بسسولس سسسلمة‪ ...‬الخالسسد السسذكر‬
‫فشكرا ً له ثم شكرًا" )الغدير‪ :‬ج ‪/7‬ص ح(‪ .‬لحظ هذا الرافضي السسذي يرمسسي الصسسحابة بكسسل مذمسسة‬
‫ونقيصة‪ ..‬وهو يمتدح الكفار ويتقرب إليهم‪ ..‬وهذه عادة الروافض من قديم الزمان‪.[.‬‬
‫ومثل كتاب )أبو هريرة( لشيخهم عبد الحسين شرف الدين الموسوي السسذي‬
‫اتهم فيه أبا هريرة ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬رواية السلم بالكذب والنفاق فسسي حيسسن‬
‫تجده يدافع عن الكذابين الوضاعين أمثسسال جسسابر الجعفسسي ]انظسسر‪ :‬المراجعسسات‪ :‬ص‬
‫‪ .[.75‬وغيره ]كسسدفاعه عسسن هشسسام بسسن الحكسسم‪ ،‬انظسسر‪ :‬المراجعسسات‪ :‬ص ‪ ،312‬س ‪ .[.313‬ومثل‬
‫كتاب السقيفة لشيخهم محمد رضا المظفر الذي صور فيه الصسسحابة عصسسابة ل‬
‫هدف لها إل التآمر على السلم حتى قال‪ :‬ممات النبي صلى الله عليه وسلم‪،‬‬
‫ولبسسد أن يكسسون المسسسلمون كلهسسم )ل أدري الن( قسسد انقلبسسوا علسسى أعقسسابهم‬
‫]السقيفة‪ :‬ص ‪ ،19‬ونسب خيار الصحابة إلى التآمر على علي رضي الله عنسسه‪ .‬انظسسر‪ :‬ص ‪ 85‬مسسن‬
‫السقيفة‪.[.‬‬
‫وغيرها كثير ]مثل كتاب "النص والجتهاد" لشسسيخهم عبسسد الحسسسين شسسرف السسدين الموسسسوي‬
‫الذي أراد أن يعتذر عن الصحابة لمخالفتهم ‪ -‬بزعمه ‪ -‬النص على علي فاعتذر عنهم اعتذارا ً ماكرا ً‬
‫خبيثًا‪ ،‬حيث زعم أنهم يدينون بمبدأ فصل الدين عن الدولة‪ ،‬ولذلك لسسم يأخسسذوا بسسالنص وهسسذه فريسسة‬
‫مكشوفة يكشفها ثناء الله عليهم ورسسسوله‪ ،‬وورعهسسم وزهسسدهم وجهسسادهم‪ ،..‬ومثسسل كتسساب‪" :‬المسسام‬
‫الصادق والمذاهب الربعة" لسد حيسسدر السسذي يهسساجم فيسسه خلفسساء المسسسلمين‪ ،‬ويفسستري علسسى أئمسسة‬
‫المسلمين كالمام أحمد وغيره افتراءات لتأييد مذهب الرافضسة‪ ،‬ويتحسدث عسن المحسن المزعومسة‬
‫لل البيت‪ .‬ومثل كتاب "علي ومناوئوه" للدكتور نوري جعفر والذي يفتعل وجسسود صسسراع بيسسن علسسي‬
‫والصحابة‪ ،‬ويقول إنه كالصراع بين النبي وكفار قريش‪ ،‬يقول‪" :‬وإذا كان النصر قد كتاب للنبي في‬
‫نزاعه مع مناوئيه لعتصامهم بالوثان‪ ،‬فإن النصر لم يكن في متناول المسسام لتقمسسص منسساوئيه رداء‬
‫السلم" )علي ومناوئوه ص ‪.(12‬‬
‫فالتفكير كما ترى لم يتغير عن زنادقة الماضي‪ ،‬وإن كان الكسساتب يحمسسل شسسهادة علميسسة‪ ..‬ومسسن‬
‫غرائب "إصداراتهم" كتاب "الرسول العظم مع خلفائه" لشيخهم مهدي القرشي‪ ،‬والذي صور فيه‬
‫حسب خياله‪ ،‬ومعتقده ما يجري يوم القيامة لبي بكر وعمر والصحابة‪ ،‬وكان يضسسع محسساورات مسسن‬
‫عنده يزعم أنها ستجري بين الرسول وصحابته يحاسبهم فيها على تركهم بيعة علي‪.[.‬‬

‫‪623‬‬
‫ثالثًا‪ :‬تلك الدعية التي يرددها الشيعة كل يسوم وهسي ل تكساد تخلسو مسن لعسن‬
‫خيار هذه المة وروادها وأحباء رسسول اللسه صسسلى اللسسه عليسسه وسسلم وأصسهاره‬
‫وبعض زوجاته أمهات المؤمنين‪ ..‬ول تختلف كتب الدعيسسة المؤلفسسة حسسديثا ً عمسسا‬
‫تراه في كتبهم القديمة‪ ،‬كما نجد في كتاب "مفاتيح الجنان" لشيخهم المعاصسسر‬
‫عباس القمي‪ ،‬و"ضياء الصالحين" لشيخهم محمد الجوهري وغيرهما‪.‬‬
‫وبعد هذا كله فهل يبقى لنكار هسسؤلء المنكريسسن تفسسسير إل التقيسسة والكسسذب؟‬
‫فالخنيزي الذي يقول إن الشسسيعة ل تسسسب‪ ،‬هسسل يتجاهسسل مسسا سسسطره شسسيوخهم‬
‫القدامى والمعاصرون في ذلك؟! بل إن الخنيزي نفسه ارتكب جريمسسة السسسب‬
‫فهو يطعن في الصديق رضي الله عنه ]الدعوة السسسلمية‪ ،[.1/12 :‬ويزعم بسسأن مسسا‬
‫ورد عندهم في الكافي من سب للصسسحابة وتكفيرهسسم يوجسسد مثلسسه فسسي صسسحيح‬
‫البخاري ]السسدعوة السسسلمية‪ .[.14-1/5 :‬وهي دعوى ل حقيقسسة لهسسا‪ ..‬إل البحسسث عسسن‬
‫مسوغ لمذهبهم في الصحابة‪ ،‬ولو كان في صحيح البخاري مثل مما يوجسسد فسسي‬
‫الكافي لكان في السنة من هو كالشيعة يطعن ويكفر‪ ،‬ولكن الرجل يريد إثبات‬
‫معتقده الباطل بأي وسيلة‪.‬‬
‫أما الستاذ أحمد مغنية الذي يرى أن الشيعة إنما تلعن عمر بن سعد ل عمر‬
‫بن الخطاب وإنما وقع الوهم في التشابه في السماء فهل خفي عليه أن عمسر‬
‫بن الخطاب قد تعرض للعن والتكفير في كتب الشيعة المعتمدة وعلسسى رأسسسها‬
‫الكافي والبحار‪ ،‬وتفسير القمي والعياشي وغيرهما؟ كما سلف نقل ذلك ]انظر‪:‬‬
‫ص)‪ (723‬وما بعدها‪ .[.‬فل حاجة لعادته‪.‬‬
‫ً‬
‫وهل غاب عنسسه أن شسسيعة العصسسر الحاضسسر أيضسا ل يزالسسون علسسى هسسذا النهسسج‬
‫يتخبطون كما رأينا مسسن صسساحب "الغسسدير" و"السسسقيفة" و"السسسلم علسسى ضسسوء‬
‫التشيع"‪ ..‬وغيرهم‪.‬‬
‫بل إن من يلهج بالدعوة للوحدة السسسلمية منهسسم ل يسسزال فسسي هسسذا الضسسلل‬
‫يهذي ويفتري؛ فهسسذا آيتهسسم محمسسد الخالصسسي مسسن كبسسار مراجسسع الروافسسض فسسي‬
‫العراق وممن يتزعم الدعوة إلى الوحدة السلمية بين السنة والشيعة يشسسكك‬
‫في إيمان أبي بكر وعمسسر رضسسي اللسسه عنهمسسا فيقسسول‪" :‬وإن قسسالوا‪ :‬إن أبسسا بكسسر‬
‫وعمر من أهل بيعة الرضوان الذين نص على الرضى عنهم القرآن فسسي قسسوله‪:‬‬
‫ة{ ]الفتح ‪.[18‬‬ ‫جَر ِ‬‫ش َ‬‫ت ال ّ‬ ‫ح َ‬ ‫عون َ َ‬
‫ك تَ ْ‬ ‫ن إ ِذْ ي َُباي ِ ُ‬
‫مِني َ‬
‫ؤ ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫ع ِ‬‫ه َ‬ ‫ي الل ّ ُ‬ ‫ض َ‬ ‫قدْ َر ِ‬‫}ل َ َ‬
‫قلنا‪ :‬لو أنه قال‪ :‬لقد رضي عن الذين يبايعونك تحت الشجرة لكان في اليسسة‬
‫ن‬‫عق ِ‬‫ه َ‬ ‫ي الل ّق ُ‬
‫ضق َ‬ ‫قدْ َر ِ‬‫دللة على الرضى عن كل من بايع ولكن لمسسا قسسال‪} :‬ل َ َ‬
‫ك{ فل دللة فيها إل على الرضى عمن محض اليمان"‬ ‫عون َ َ‬
‫ن إ ِذْ ي َُباي ِ ُ‬
‫مِني َ‬ ‫م ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫]الخالصي‪ /‬إيحاء الشريعة في مذهب الشيعة‪.[.64-1/63 :‬‬
‫ومعنى هذا أن أبا بكر وعمر لم يمحضا اليمان فلم يشملهما رضى الله فسسي‬
‫زعم هذا الرافضي‪ ،‬وهل هناك فهم أسقم من هذا الفهم السسذي يجعسسل وصسسفهم‬
‫باليمان دليل ً على خروج خيارهم من اليمان؟‬
‫ولهذا الخالصي أمثسساله مسسن روافسسض العصسسر الحاضسسر ]انظسسر مثل ً ‪ -‬شسسهاب السسدين‬
‫النجفي‪ /‬تعليقاته على إحقاق الحق للتستري‪2/291 :‬وغيرها من المواضع‪.[.‬‬
‫فهل خفي ذلسسك علسسى أحمسسد مغنيسسة أو أراد خسسداع أهسسل السسسنة؟! اللسسه أعلسسم‬
‫بالحقيقة‪ ..‬والتقية بلية الشيعة ومصيبتها‪.‬‬
‫أما الرفاعي الذي يقول بسسأن الشسسيعة تقسسدر الصسسحابة‪ ..‬وأن مسسن نسسسب إلسسى‬
‫الشيعة خلف ذلك فهو خصم سيء النية‪ ..‬فهل يخفى عليه أن الذي نسب إلى‬

‫‪624‬‬
‫الشيعة هذا المذهب هو كتبهم‪ ..‬والذي سجل عليهسسم هسسذا العسسار هسسو مشسايخهم‬
‫أمثال الكليني والقمي والعياشي والمجلسي‪ ،‬وليس خصما ً سيء النية أو جاهل ً‬
‫بما في كتبهم؟!‬
‫والرفاعي نفسه قد رجع في كتيبه السسذي سسسماه "تقسسدير الماميسسة للصسسحابة"‬
‫إلى البحار ]انظر‪ :‬ص ‪ ،15‬س ‪ ،17‬س ‪ .[.19‬للمجلسي‪ ،‬والذي حوى مسسن السسسب واللعسسن‬
‫والتكفير ما تقشعر منه جلود المؤمنين؛ حستى إنسه عقسد بابسا ً بعنسوان بساب كفسر‬
‫الثلثة ]بحسسار النسسوار‪ ،252-2/208 :‬الطبعسسة الحجريسسة‪) [.‬أي الخلفاء قبل علسسي( فكيسسف‬
‫يقول بأن الشيعة تقدر الصحابة؟ وإذا كان يؤمن بمبدأ تقدير الصحابة فعليه أن‬
‫ينشر ذلك في الوسسسط الشسسيعي ل فسسي القسساهرة‪ ،‬وأن يجاهسسد مسسن أجسسل إقنسساع‬
‫إخوانه المامية حتى يغيروا هذا البلء الذي عم وطم في كتبهم أو يعرضوا عنها‬
‫ويعلنوا فسادها‪ ،‬أما نفي ما هو واقع فل يجدي في الدفاع لنه سيؤول من قبل‬
‫الشيعة والمطلعين على كتبهم من غير الشيعة بأنه تقية‪.‬‬
‫وهذا الرفاعي السسذي يكتسسب فسسي القسساهرة بيسسن أهسسل السسسنة "تقسدير الماميسسة‬
‫للصحابة" ويتجاهل ما جاء في كتبهم قديمها وحديثها‪ ،‬ومسسا يجسسري فسسي واقعهسسم‬
‫من عوامهم وشيوخهم‪ ..‬هو نفسه يسب خيار صسسحابة رسسسول اللسسه صسسلى اللسسه‬
‫عليه وسلم؛ فهو من الذين يقولون ما ل يفعلون‪ ،‬كما هو من الذين ينكرون مسسا‬
‫يعرفون‪ ..‬فيتهسم فساروق هسذه المسة بالتسآمر وأنسه أول مسن قسال بالرجعسة مسن‬
‫المسلمين ]انظر تعليقه على كتيب التشيع‪ /‬لمحمد باقر الصدر‪ :‬ص ‪ .[.31-30‬كما يسب أبا‬
‫بكر وعمر وأبا عبيدة رضوان الله عليهم ]انظر تعليقه على كسستيب التشسسيع‪ /‬لمحمسسد بسساقر‬
‫الصدر‪ :‬ص ‪.[.46‬‬
‫والغريب أنه يستدل بما جاء فسسي رسسسالة محمسسد بسساقر الصسسدر والسستي سسسماها‬
‫"التشيع ظسساهرة طبيعيسسة فسسي إطسار السدعوة السسلمية" مسسع أن هسسذه الرسسسالة‬
‫محاولة يائسة وعاجزة لثبات أصالة مسسذهب الرافضسسة‪ ..‬وأن الصسسحابة رضسسوان‬
‫الله عليهم ليسسسوا بأهسسل لحمسسل الرسسسالة وتبليسسغ الشسسريعة ‪ -‬كمسسا يفسستري ‪ -‬وأن‬
‫الجدير بحملها والمبلغ لها هو علي‪ ..‬وهسذا مسع مسا فيسه مسن النيسل مسن صسحابة‬
‫رسول الله فهي دعوى جاهلية غبية‪ ،‬أو حاقدة مغرضة تحاول النيل من السسسنة‬
‫المطهرة‪ ،‬وتواتر هذا الدين‪.‬‬
‫فهي تزعم أن نقل الواحد أوثق من نقسل المجمسسوع‪ ..‬وهسسذا "إفسراز" لعقيسسدة‬
‫عصمة الئمة‪ ،‬وتكفير الصاحبة‪ ..‬والثناء المزعوم على الصحابة الذي نقلسسه مسسن‬
‫رسالة الصدر قد قاله الصدر من باب تخدير القارئ حتى يتقبل ما يفتريه علسسى‬
‫استدلله ويبطله‪ ،‬فالصدر يقول‪" :‬وبالرغم من أن الصسسحابة بوصسسفهم الطليعسسة‬
‫المؤمنة كانوا أفضل وأصلح بذرة لنشوء أمة رسالية‪ ..‬بالرغم من ذلك نجد من‬
‫الضروري التسليم بوجود اتجاه واسسسع منسسذ كسسان النسسبي حي سا ً يميسسل إلسسى تقسسديم‬
‫الجتهاد في تقدير المصلحة واستنتاجها من الظروف على التعبد بحرفية النص‬
‫الديني‪ ،‬وقد تحمسسل الرسسسول صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم المسسرارة فسسي كسسثير مسسن‬
‫الحالت بسبب هذا التجاه‪] "..‬التشيع‪ :‬ص ‪.[.80‬‬
‫فهل ترى في هذا النص مدحًا؟ إنسه يزعسم أن الصسحابة رضسوان اللسه عليهسم‬
‫يجتهدون مع وجود النص؛ بل يرفضون أوامر رسول الله‪ ،‬ويتبعون مصسسالحهم‪..‬‬
‫فهل هسسذا تقسسدير للصسسحابة؟! إن مسسن المعسسروف إنسسه ل اجتهسساد مسسع النسسص‪ ،‬وأن‬
‫َ‬
‫ه‬
‫ر ِ‬‫مق ِ‬
‫نأ ْ‬ ‫عق ْ‬
‫ن َ‬ ‫فو َ‬ ‫خال ِ ُ‬‫ن يُ َ‬ ‫ر ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫حذ َ ِ‬‫فل ْي َ ْ‬
‫مخالفة أمر رسول الله جرم عظيم‪َ } :‬‬
‫م{ ]النور ‪..[63‬‬ ‫َ‬ ‫ع َ‬ ‫فت ْن َ ٌ َ‬ ‫َ‬
‫ب أِلي ٌ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫م َ‬
‫ه ْ‬
‫صيب َ ُ‬
‫و يُ ِ‬
‫ةأ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬
‫صيب َ ُ‬
‫أن ت ُ ِ‬

‫‪625‬‬
‫وكل هذه الدعاوى من هذا الرافضي لتأييد فريتسسه وهسسي دعسسوى النسسص علسسى‬
‫علي وأن الصحابة أعرضوا عن العمل بها لمصلحة راعوها‪ ،‬فسسأي مصسسلحة لهسسم‬
‫في بيعة أبي بكر؟!‬
‫ول يستدل الرفاعي من رسالة الصسدر فحسسب؛ بسل ينشسر باطلهسسا‪ ،‬ويتحفسه‬
‫بتقريظه وتأييده‪ ،‬ويقول في كسستيب آخسسر‪ :‬إن الماميسسة يقسسدرون الصسسحابة‪ ،‬فسسأي‬
‫تقدير هذا؟! إل إن كان يريسسد أن تقسسدير الماميسسة للصسسحابة هسسو السسسب واللعسسن‬
‫والتكفير‪.‬‬
‫فما أجرأ هؤلء على الكذب!!‬
‫وأما محمد جواد مغنية الذي يقول بسسأن الشسسيعة ل تنسسال مسسن مقسسام الصسسحابة‬
‫ويستدل بقول علي بن الحسين‪.‬‬
‫فأقول‪ :‬إنكم لم تقتفوا أثر المام علي بن الحسين‪..‬؛ لن ما جاء فسسي كتبكسسم‬
‫قديمها وحديثها‪ ،‬وما يحدث في واقعكم دليل على مفارقتكم لنهجه‪..‬؛ لنه كسسان‬
‫باعترافكم‪ ،‬وبنقلكم عنه‪ ،‬كان يترضى عن الصحابة‪ ..‬رضسسي اللسسه عسسن الجميسسع‪،‬‬
‫فأنتم ليس بإمامكم اقتدتم‪ ،‬ول بقولكم صدقتم والتزمتم‪ ..‬ومغنية السسذي يكتسسب‬
‫هذا الكلم‪ ..‬هو الذي يقسول فسي كتسابه "فسي ظلل نهسج البلغسة" عسن الخليفسة‬
‫الراشد ذي النورين صاحب الجود والحياء‪ ،‬وصهر النبي صلى الله عليسسه وسسسلم‬
‫في ابنتيه‪ ،‬ومجهسسز جيسسش العسسسرة‪ ،‬وصسساحب الهجرتيسسن والمبشسسر بالجنسسة مسسن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ .‬يقول هذا الرافضي فيه‪ ":‬إن عثمان انحرف‬
‫عسسن سسسنة الرسسسول وخسسالف شسسريعة السسسلم‪ ،‬واسسستأثر هسسو وذووه بسسأموال‬
‫المسلمين فامتلكوا القصور والمزارع والرياش والخيول والعبيد والمسساء‪ ،‬ومسسن‬
‫حولهم مليين الجياع والمعدمين" ]مغنيسسة‪ /‬فسسي ظلل نهسسج البلغسسة‪ .[.2/264 :‬ويقسسول‪:‬‬
‫"وكان الزبير وطلحة وعائشة وراء مسا حسدث لعثمسان وعليهسم تقسع التبعسة فسي‬
‫دمه‪] "..‬مغنية‪ /‬في ظلل نهج البلغة‪ .[.293-1/292 :‬ويتهم عمر رضي الله عنسه وأهسل‬
‫الشورى الذين فوض لهم عمر اختيار خليفسسة مسسن بعسسده يتهسسم الجميسسع بالخيانسسة‬
‫والتآمر ]مغنية‪ /‬في ظلل نهج البلغة‪.[.3-2/2 :‬‬
‫فأي احترام لمقام الصحابة وهذا الكلم الحاقد يوجه لخيارهم !!‬
‫وأي إيذاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم أشد من هذا اليذاء الذي يوجه‬
‫له بسب بعض زوجاته‪ ،‬وأصهاره‪ ،‬وخيار أصحابه‪.‬‬
‫وبعد كهذا كله‪ ..‬فكيف نفسر هذا التنسساقض مسسن هسسؤلء الراوفسسض؟ هسسل هسسذا‬
‫تقية؟ والتقيسسة عنسسدهم تسسسعة أعشسسار السسدين ول ديسسن لمسسن ل تقيسسة لسسه‪ ،‬أو هسسي‬
‫مؤامرة للدعاية للشيعة والتشيع؟‬
‫وقبل أن أرفع القلم فسسي هسسذا الموضسسوع أحسساول أن أكشسسف بعسسض الحقسسائق‬
‫المهمة والسرار الخفية في حقيقة ثنائهم علسسى الصسسحابة والسستي قسسد ل يهتسسدي‬
‫إليها من لم يدمن المطالعة في كتبهم ويتأمل في أساليبهم ومصطلحاتهم‪.‬‬
‫حقيقة ثناء الروافض على الصحابة‪:‬‬
‫إن هؤلء الروافض ‪ -‬كما يزعمسسون ‪ -‬أنهسسم يوالسسون أهسسل السسبيت ويعنسسون بهسسم‬
‫أئمتهم الثني عشر ويتناولون البقية ول سيما مسسن خسسرج منهسسم لطلسسب المامسسة‬
‫بالسب والتجريح بل التكفير والتخليد بالنسسار‪ .‬فكسسذلك يزعمسسون ‪ -‬أحيان سا ً ‪ -‬أنهسسم‬
‫يوالون الصحابة ويريدون بهم الثلثة أو الربعة أو السبعة الذين لم يرتسسدوا كمسسا‬
‫تصور ذلك أساطيرهم‪.‬‬

‫‪626‬‬
‫والذي ل يعرف هذه الحقيقة قد ينخدع بكلمهم في هذا الباب ول يتصسسور أن‬
‫للصحابة عندهم تفسيرا ً معينًا‪.‬‬
‫وهناك تفسير آخر لهم فسسي الصسحابة جساء بيسانه فسي بعسسض روايسساتهم‪ ،‬تقسسول‬
‫رواياتهم بعد ثناء على الصحابة وأمر بسسالرجوع لقسسوالهم وإجمسساعهم‪ :‬فقيسسل‪ :‬يسسا‬
‫رسول الله‪ ،‬ومن أصحابك؟ قسسال‪ :‬أهسسل بيسستي ]انظسسر‪ :‬ص)‪ .[.(762‬فهسسم يفسسسرون‬
‫الصحابة بأهل البيت‪.‬‬
‫ثم هناك مسلك ثالث يسسسلكونه فسي الثنسساء علسى الصسسحابة وهسسو حملسه علسى‬
‫التقية‪ ،‬وقد أشار إليه شسسيخهم الطوسسسي‪ ،‬حيسسث قسسال بعسسد أن سسسب عائشسسة أم‬
‫المؤمنين رضي الله عنها‪" :‬فإن قيل‪ :‬أليس قد روي عن أبي جعفر محمسسد بسسن‬
‫علي الباقر أن سائل ً سأله عن عائشة وعن مسيرها في تلك الحرب‪ ،‬فاستغفر‬
‫لها وقال له )الراوي(‪ :‬تستغفر لها وتتولها؟ فقال‪ :‬نعسم‪ ،‬أمسسا علمسست مسا كسانت‬
‫تقول‪ :‬يا ليتني كنت شجرة‪ ،‬ليتني كنسست مسسدرة" قسسال الطوسسسي‪" :‬ل حجسسة فسسي‬
‫ذلك على مذاهبنا لنا نجيز عليه صسسلوات اللسسه عليسسه التوريسسة‪ ،‬ويجسسوز أن يكسسون‬
‫السائل من أهل العداوة واتقاه بهسسذا القسسول وروى فيسسه توريسسة يخرجسسه مسسن أن‬
‫يكون كذبًا‪ ،‬وبعد‪ ،‬فإنه علق توبتها بتمنيها أن تكون شجرة ومسسدرة وقسسد بينسسا أن‬
‫ذلك ل يكون توبة وهو عليه السلم بهسسذا أعلسسم" ]الطوسسسي‪ /‬السسستفياء فسسي المامسسة‪،‬‬
‫الورقة ‪) 288‬النسخة المخطوطة(‪.[.‬‬
‫إن على الذين يقولون بتقدير الشيعة للصحابة أن يعلنوا خطأ هذه المسسسالك‬
‫وعدم صسسحتها‪ ،‬وأن يعسسترفوا ببطلن تلسسك الروايسسات السسسوداء‪ ،‬وأن يصسسدقوا ول‬
‫م يسسذهبون للسسرد علسسى أهسسل السسسنة إذا‬ ‫يتناقضوا‪ ،‬حتى يقبل منهم موقفهم‪ ،‬ثم ل ِ َ‬
‫قسسالوا‪ :‬إن مسسذهب الشسسيعة الطعسسن فسسي الصسسحابة وتكفيرهسسم ول يسسردون علسسى‬
‫أنفسهم وعلى كتبهم وعلى مشايخهم المعاصرين الذين ل يزالسون يهسذون فسي‬
‫هذا الضلل؟‬
‫وأي فسسائدة اليسسوم فسسي اللعسسن والسسسب والتكفيسسر السسذي ملوا بسسه كتبهسسم‪،‬‬
‫وأسواقهم‪ ،‬ومزاراتهم‪ ،‬وقد انقضى العصر الول بكسسل مسسا فيسسه؟! ل هسسدف فسسي‬
‫الحقيقة إل الطعن في القرآن والسنة والدين بعامة‪ ،‬وإل إثسسارة الفتنسسة وتفرقسسة‬
‫المة‪.‬‬
‫ومسساذا يبقسسى مسسن أمجادنسسا وتاريخنسسا إذا كسسان أولئك السسسادة القسسادة التقيسساء‬
‫الصفياء الوفيسساء السرواد السسذين نشسروا السسلم وأقساموا دولتسسه‪ ،‬وفتحسسوا البلد‬
‫ل‪ ،‬إذا كسسان هسسؤلء السسرواد‬ ‫وأرشدوا العباد‪ ،‬وبنوا حضارة لم تعرف لها السسدنيا مسسثي ً‬
‫الوائل لكل معالم الخيسسر والعسسدل والفضسسائل يسسستحقون اللعسسن مسسن أحفسسادهم‪،‬‬
‫وتشويه تاريخهم‪ ،‬وهم الذين أثنى الله عليهم ورسوله‪ ،‬وسجل التاريخ الصسسادق‬
‫مفاخرهم بمسداد مسسن نسور‪ .‬فمسن السذي يسسستحق الثنسساء والمديسح وأيسن أمجادنسا‬
‫وتاريخنا إذا كان أولئك كذلك؟!‬

‫العصمة‪:‬‬
‫الجديد في هذه المسألة عند المعاصسسرين هسو أخسذهم بسرأي المتسسأخرين مسن‬
‫الشيعة في دعوى العصمة المطلقة للئمة‪ ،‬والذي يمثل نهاية الغلسسو والشسسطط‬
‫حيث إن هؤلء يزعمون أن الئمة ل يسهون ول ينسون‪.‬‬
‫وهذا المذهب كان في نظر الشيعة في القسسرن الرابسسع بمثسسل التجسساه الغسسالي‬
‫المتطرف حتى اعتبر شيخهم ابن بابويه القمي ‪ -‬صاحب من ل يحضره الفقيسسه‬

‫‪627‬‬
‫أحد أصولهم الربعة المعتمدة ‪ -‬اعتبر علمة الغلو في التشيع هسسو نفسسي السسسهو‬
‫عن الئمة‪ .‬وقال‪" :‬إن الغلة والمفوضة لعنهم الله ينكسسرون سسسهو النسسبي صسسلى‬
‫الله عليه وسلم‪] "..‬ابن بابويه‪ /‬من ل يحضره الفقيه‪.[.1/234 :‬‬
‫ومن ينكر سهو الئمة أغرق في الغلو والتطرف‪.‬‬
‫وأقر شيخهم المجلسي "بدللة كثير من الخبار واليات علسسى صسسدور السسسهو‬
‫منهم" ]بحسسار النسسوار‪ .[.25/351 :‬ولكن متسسأخريهم لسسم يبسسالوا بسسذلك وأطبقسسوا علسسى‬
‫مخالفته باعتقاد أن الئمة ل يسهون‪ ،‬ولهذا رأى المجلسسسي أن هسسذه "المسسسألة‬
‫في غايسسة الشسسكال" ]بحسسار النسسوار‪ ،[.25/351 :‬لن أصسسحابه أطبقسسوا علسى مخالفسسة‬
‫أخبارهم الكثيرة ]بحار النوار‪.[.25/351 :‬‬
‫وقد سار المعاصرون على خطى المتأخرين مخالفين لخبار الشيعة نفسسسها‪،‬‬
‫وما قاله كبار شيوخهم‪ ،‬فهذا شيخ الشيعة المعاصر ومن يلقب عندهم بسس"اليسسة‬
‫العظمى" )عبد اللسسه الممقسساني( يؤكسسد أن نفسسي السسسهو عسسن الئمسسة أصسسبح مسسن‬
‫ضرورات المذهب الشيعي" ]الممقاني‪ /‬تنقيح المقال‪ .[.3/240 :‬وهو ل ينكسسر أن مسسن‬
‫شيوخهم السابقين من يعتبر ذلك غلسسوًا‪ ،‬لكنسسه يقسسول‪" :‬إن مسسا يعتسسبر غلسسوا ً فسسي‬
‫الماضي أصبح اليوم من ضرورات المذهب" ]الممقاني‪ /‬تنقيح المقال‪.[.3/240 :‬‬
‫وهذه المقالة‪ :‬أن الئمة ل يسهون ‪ -‬يتكرر التأكيد عليها في أقوال شسسيوخهم‬
‫المعاصرين؛ فالمظفر يعتبرها من عقائد المامية الثابتة‪ ،‬ول يسسذكر أدنسسى خلف‬
‫بينهم في ذلك ]عقائد المامية‪ :‬ص ‪ ،[.95‬والخنيزي وهو يكتسسب كتسسابه فسسي "السسدعوة‬
‫السلمية إلى وحدة أهل السنة والمامية" يؤكد على هذه المقالة ول يتقي في‬
‫ذلك ]الخنيزي‪ /‬الدعوة السلمية‪ ،[.1/92 :‬والخميني في كتابه "الحكومسسة السسسلمية"‬
‫ينفي مجرد تصور السهو في أئمته ]الحكومة السلمية‪ :‬ص ‪.[.91‬‬
‫وإذا كانت دعوى عصمة الئمة تعني الرتفاع بالئمة إلسسى مقسسام رسسسول اللسسه‬
‫و‬
‫هقق َ‬
‫ن ُ‬ ‫وى‪ ،‬إ ِ ْ‬
‫ه َ‬‫ن ال ْ َ‬‫ع ِ‬‫ق َ‬‫ما ي َن ْطِ ُ‬
‫و َ‬
‫صلى الله عليه وسلم في القول والفعل‪َ } :‬‬
‫حى{ ]النجسسم ‪ .[4-3‬فسسإن دعسسوى أن الئمسسة ل يسسسهون أول يتصسسور‬ ‫ي ُيو َ‬
‫ح ٌ‬ ‫إ ِل ّ َ‬
‫و ْ‬
‫فيهم السهو هو تأليه لهم‪.‬‬
‫ولهذا قال شيخهم ابن بابويه‪ :‬إن الله سبحانه أسسسهى نسسبيه "ليعلسسم أنسسه بشسسر‬
‫مخلوق فل يتخذ ربا ً معبودا ً دونه" ]من ل يحضره الفقيه‪.[.1/234 :‬‬
‫وكان ابن بابويه وغيره من شيعة القرن الرابع يعتبرون الرد لهسسذه الروايسسات‬
‫)روايات سهو النبي صلى الله عليه وسلم في صلته( يفضي إلى إبطال السسدين‬
‫والشريعة‪ .‬يقول ابن بوبايه‪" :‬ولو جاز أن ترد الخبار الواردة فسسي هسسذا المعنسسى‬
‫لجاز أن ترد جميع الخبار‪ ،‬وفسسي ردهسسا إبطسال السسدين والشسسريعة‪ ،‬وأنسسا احتسسسب‬
‫الجر في تصنيف كتاب منفرد في إثبات سهو النبي صلى الله عليه وآله والسسرد‬
‫على منكريه إن شاء الله تعالى" ]بحار النوار‪.[.17/111 :‬‬
‫ولكن الزمرة المتأخرة والمعاصرة لم تبال بما قاله ابن بابويه‪ ،‬كما لسسم تبسسال‬
‫في قوله برد أسطورتهم في التحريف‪ ،‬ولسم تسراع أي قسول يخسالف مسا تواضسع‬
‫عليه شيوخ الدولة الصفوية‪.‬‬
‫لقد عد الشيعة المعاصرون على لسسسان شسسيخهم "الممقسساني" نفسسس السسسهو‬
‫عن الئمة من ضرورات المذهب الشيعي ‪ -‬كما مر ‪.-‬‬
‫وقد قرر شيخهم محسن المين أن منكر ما هسسو ضسسروري فسسي التشسسيع كسسافر‬
‫عندهم ]محسن المين‪ /‬كشف الرتياب‪ ،‬المقدمة الثانية‪ ،‬وهسسو أيض سا ً مقسسرر عنسسدهم فسسي‪ :‬مهسسذب‬
‫الحكام‪.[.393-1/388 :‬‬

‫‪628‬‬
‫ومعنى هذا أن متأخريهم يكفرون متقدميهم لنكارهم ما هسسو مسسن ضسسروريات‬
‫مذهب التشيع‪ ،‬ومتقدموهم يلعنون متأخريهم لخذهم بمسسذهب الغلة المفوضسسة‬
‫الملعونين على لسان الئمة‪.‬‬
‫وليس ذلك فحسب؛ بل إننا نجد فسسي الكتابسسات الموجهسسة لسسديار السسسنة ]وهسسي‬
‫كتابات محمد جواد مغنية التي نرى فيها التحرر من بعض غلو الشيعة وتعصباتهم‪ ..‬وهي تنشر فسسي‬
‫ديار السنة فاحتمال التقية فيها وارد‪ [.‬القول بأن العتقاد بأن الئمة يسهون هو مذهب‬
‫جميع الشيعة ]محمد جواد مغنية‪ /‬الشيعة في الميزان‪ :‬ص ‪ ،[.273-272‬ونرى في كتابات‬
‫شيعية معاصرة أخرى نقل إجماع الشيعة على نفي السسسهو عنهسسم ]محمسسد آصسسف‬
‫المحسني‪ /‬صراط الحق‪ ..[.3/121 :‬وأن ذلك من ضرورات مذهب التشسسيع ]كمسسا سسسبق‬
‫نقله عن الممقاني في تنقيح المقال‪.[.‬‬
‫فمن نصدق‪ ،‬ومن هو الذي يعبر عن مذهب الشيعة؟‬
‫وهكذا يكفر بعضهم بعضا ً وينقض بعضهم بعضًا‪ ،‬وكل يزعم أن ما يقسسوله هسسو‬
‫مذهب الطائفة‪.‬‬

‫الرجعة‪:‬‬
‫الجديد في مذهب المعاصرين في هذه المسألة ظهور فئة من شيوخهم‪ ،‬ول‬
‫سيما ممن يتظاهر منهم بالدعوة للوحدة والتقريب بينهم وبين السسسنة يسسرى أن‬
‫الرجعة خرافة ل حقيقة لها‪ .‬ويقول‪" :‬فسالحق السذي عليسسه المحققسون هسو أن ل‬
‫رجعة سوى ظهور المام الثاني عشر" ]الخنيسسزي‪ /‬السسدعوة السسسلمية إلسسى وحسسدة أهسسل‬
‫السنة والمامية‪ .[.2/94 :‬يعني مهديهم المنتظر‪.‬‬
‫وصنف آخر ل ينكرها ولكسسن يسسرى أن مسسسألة الرجعسسة وإن وردت فسسي بعسسض‬
‫أخبارهم إل أنها ليست من أصول مذهبهم ول من الضسسرورات عنسسدهم‪ ،‬ول مسسن‬
‫معتقداتهم‪ ،‬بل وليست بذات بال عندهم‪ .‬يقول هاشسم الحسسيني‪" :‬إن الرجعسة‬
‫ليست من معتقدات المامية ول من الضرورات عندهم" ]هاشم الحسسسيني‪ /‬الشسسعية‬
‫بين الشاعرة والمعتزلة‪ :‬ص ‪.[.237‬‬
‫ويقول محمد حسين آل كاشف الغطاء‪" :‬وليس التدين بالرجعة فسسي مسسذهب‬
‫التشيع بلزم ول إنكارها بضار‪ ،‬وإن كانت ضرورية عندهم" ]أصل الشيعة‪ :‬ص ‪.[.35‬‬
‫وقال‪" :‬وليس لها )يعني الرجعة( عندي من الهتمام قدر صغير أو كسسبير" ]أصسسل‬
‫الشيعة‪ :‬ص ‪.[.36‬‬
‫ولعل القارئ يدرك التناقض في هسسذا الكلم‪ ،‬ولعلسسه تنسساقض مقصسسود كأمسسارة‬
‫على التقية كعادتهم في التلعب بالكلم‪ ،‬إذ كيف تكون ضرورية عندهم مسسع أن‬
‫اعتقادها ليس بلزم‪ ،‬وإنكارها ليس بضار وليس لها اهتمام عنسده مسع أن منكسر‬
‫الضروري كافر كما يقرره شيوخهم ]انظسسر‪ :‬السسسبزواري‪ /‬مهسسذب الحكسسام‪ ،1/388 :‬ومسسا‬
‫بعدها‪ ،‬محسن المين‪ /‬كشف الرتياب المقدمة الثانية‪.[.‬‬
‫وقريب من ذلك صنع شيخهم محمد رضا المظفسسر حينمسسا قسسال‪" :‬إن الرجعسسة‬
‫ليست من الصول التي يجب العتقاد بها والنظر فيها‪] "..‬عقائد المامية‪ :‬ص ‪[.113‬‬
‫مع أنه يقول‪" :‬إن الرجعة من المور الضسسرورية فيمسسا جسساء عسسن آل السسبيت مسسن‬
‫الخبار المتواترة" ]عقائد المامية‪ :‬ص ‪.[.113‬‬
‫هذا ما يقوله طائفة المعاصرين في أمر الرجعة‪ ،‬صنف ينكرهسسا‪ ،‬وأخسسر يهسسون‬
‫من شأنها‪ ،‬وثالث يتردد أو يتناقض في بيان مذهبهم فيها‪ ،‬وكسسل يزعسسم بسسأن مسسا‬
‫يقوله هو مذهب الشيعة فمسسن نأخسسذ بقسسوله؟ وكلهسسم مسسن كبسسار شسسيوخ الشسسيعة‬

‫‪629‬‬
‫الثني عشرية‪ ،‬وفي عصر واحد ومع هذا تسسرى الختلف والتبسساين فسسي أقسسوالهم‬
‫هل هذا من آثار التقيسة عنسدهم لن أمسسر الرجعسسة اعتبرهسا بعسسض علمسساء السسنة‬
‫علمسسة علسسى الغلسسو فسسي الرفسسض؟ ولهسسذا قسسال شسسيخهم المظفسسر‪" :‬إن العتقسساد‬
‫بالرجعة من أكبر ما تنبز به الشيعة المامية ويشنع به عليهم" ]عقائد الماميسسة‪ :‬ص‬
‫‪.[.110‬‬
‫وما هكذا شأنه تجري فيه التقية عندهم‪.‬‬
‫والكتابات التي نقلت منها تلك القوال المتناقضة هسسي كتسسب شسسيعية موجهسسة‬
‫لهل السنة كما يبدو من مقدماتها ومنهجها وأسلوبها في الحديث عسسن العقسسائد‬
‫الشيعية بينما نجد كتبا ً أخرى معاصرة لشسيوخ آخريسن ل تسزال تغسالي فسي أمسر‬
‫الرجعة وتعتبر منكرها خارجا ً عن رتبة المؤمنين‪.‬‬
‫قالوا‪:‬‬
‫"تضافرت الخبار )يعني أخبارهم( ليس منا مسن لسم يسؤمن برجعتنسا" ]إبراهيسسم‬
‫الزنجاني‪ /‬عقائد الثني عشرية‪ :‬ص ‪) 240‬ط‪ :‬الولى(‪ ،‬وانظر‪ :‬عبد الله شبر‪ /‬حسسق اليقيسسن‪.[.2/3 :‬‬
‫وقالوا‪" :‬إن ثبوت الرجعة مما اجتمعت عليه الشسسيعة الحقسسة والفرقسسة المحقسسة‪،‬‬
‫بل هي من ضروريات مذهبهم" ]عقائد الثني عشرية‪ :‬ص ‪ ،239‬ط‪ :‬الولسسى‪ ،‬حسسق اليقيسسن‪:‬‬
‫‪" .[.2/3‬ومنكرها خارج من رتبة المؤمنين‪ ،‬فإنهسسا مسسن ضسسرورات مسسذهب الئمسسة‬
‫الطاهرين" ]عقائد الثني عشرية‪ :‬ص ‪.[.241‬‬
‫وقال الزنجاني في كتابه عقائد الثني عشرية‪" :‬إن اعتقادي‪ ..‬واعتقاد علماء‬
‫الثني عشرية قدس الله أسرارهم من أن الله تعالى يعيسسد عنسسد ظهسسور المسسام‬
‫الثاني جماعة من الشيعة إلى الدنيا ليفسسوزوا بثسسواب نصسسرته ومشسساهدة دولتسسه‪،‬‬
‫ويعيد جماعة من الظلمة والغاصبين والظالمين لحق آل محمد عليهسسم السسسلم‬
‫لينتقم منهم" ]عقائد الثني عشرية‪ :‬ص ‪.[.239‬‬
‫"‪ ...‬وظني أن من يشك في أمثالها فهو شاك في أئمسسة السسدين" ]عقسسائد الثنسسي‬
‫عشرية‪ :‬ص ‪.[.240‬‬
‫وبعد‪ ،‬فكيف نفسر هسسذا التنسساقض؟ هسسل هسسم قسسد اختلفسست آراؤهسسم فسسي هسسذه‬
‫المسألة على حقيقة‪ ،‬أم وهم استحلوا بعقدية التقية كل شيء‪..‬؟‪.‬‬
‫وإذا أخذنا كل شي على ظاهره نقول‪ :‬إن هنسساك فئة قسسد تحسسررت مسسن ربقسسة‬
‫التقليد‪ ،‬وخرجت على أساطيرهم رغم دعوى التسسواتر والستفاضسسة ولكسسن هسسذه‬
‫الفئة يخنق صوتها ويمحى أثرها باسم العقيدة الخطيرة وهي التقية ولسسن يسسؤثر‬
‫في هذه الطائفة مصلح ما دامت هذه العقيدة من أصولها‪ ..‬وسسسيكون مسسذهبهم‬
‫مذهب الغلة ل المعتدلين وقول الشيوخ‪ ،‬ل روايات الئمة‪.‬‬
‫هذا ول تزال الصور السطورية التي تحكيهسسا أخبسارهم عمسا يجسري فسسي تلسسك‬
‫الرجعة تتردد في كلماتهم‪ ..‬وهي بغض النظسسر عسسن الجسسانب الخرافسسي فيهسسا‪ ،‬إل‬
‫أنها تمثل مشاعر مكبوتة ورغبات خفية وأحقادا ً مبيتة ضد هذه المة‪.‬‬
‫إن ذلك الشيعي ليستمتع بتلك الصور الخيالية للمجازر المرتقبة والتي ينتظر‬
‫حصولها في الرجعة المزعومة غاية الستمتاع‪ ،‬ولذلك يهتم في أدعيته اليوميسسة‬
‫بالتوجه بالدعاء‪ ،‬لن يشارك في هذه العودة التي يجرى فيها النتقام الموعسسود‬
‫]كما في الدعاء الذي يسمونه دعاء العهد وفيه‪" :‬اللهم إن حال بيني وبينه الموت الذي جعلته على‬
‫عبادك حتما ً مقضيا ً فأخرجني من قسسبري مسؤتزرا ً كفنسي شساهرا ً سسيفي مجسسردا ً قنساتي ملبيسا ً دعسوة‬
‫الداعي في الحاضر والبادي"‪ .‬انظر‪ :‬الزنجاني‪ /‬عقائد المامية الثني عشرية‪ :‬ص ‪ 236‬ط‪ :‬الولى‪،‬‬
‫وجعل هذا الدعاء من أدلة ثبوت الرجعة عندهم‪.[.‬‬

‫‪630‬‬
‫فلم يتغير شعور المعاصرين في هذه القضية على الرغم مسسن تغيسسر الزمسسان‪،‬‬
‫وكر القرون‪ ..‬واستمع إلى أحد آياتهم يجيب عمسسا يجسسري ‪ -‬بزعمهسسم ‪ -‬لخليفسستي‬
‫رسول الله وحبيبيه وصهريه ‪ -‬أبي بكر وعمر ‪ -‬رضي الله عنهمسسا فسسي رجعتهسسم‬
‫المزعومة‪.‬‬
‫يقول‪" :‬وأما مسألة نبش قبر صسساحبي رسسسول اللسسه وإخراجهمسسا حييسسن وهمسسا‬
‫طريسسان وصسسلبهما علسسى خشسسبة وإحراقهمسسا‪ ،‬لن جميسسع مسسا ارتكبسسه البشسسر مسسن‬
‫المظالم والجنايات والثام من آدم إلى يوم القيامة منهمسسا فأوزارهمسسا عليهمسسا‪،‬‬
‫فمسألة عويصة جدًا‪ ،‬وليس عندي شسسيء يرفسسع هسسذا الشسسكال‪ ،‬وقسسد صسسح عسسن‬
‫أئمتنا أن حديثنا صعب مستصعب" ]الرشتي‪ /‬كشف الشتباه‪ :‬ص ‪.[.131‬‬
‫هل يخطر بالبال أن هذه الخرافة تجد طريقها إلى رجل علم عندهم بلغ فسسي‬
‫مقاييسهم مرحلسسة "اليسسة العظمسسى" ول يتجسسرأ علسسى تكسسذيب هسسذه السسسطورة‪،‬‬
‫ويعتبرها من المور العويصة المشكلة‪ ،‬ول يجد ملجأ يلجأ إليه إل خرافة أخسسرى‬
‫وهي أن دينهم صعب مستصعب؟!‬
‫ل شك أن هذا السسدين الصسسعب المستصسسعب ليسسس هسسو السسسلم‪ ..‬لنسسه خلف‬
‫الفطرة‪ ،‬ل تقبله العقول لشذوذه ومخالفته للصول‪.‬‬
‫فننتهي من هذا إلى أن خرافة الرجعة وما يجسسري فيهسسا ل تسسزال تتغلغسسل فسسي‬
‫عقول هذه الطائفة‪.‬‬

‫التقية‪:‬‬
‫هل يوجد تغير في مذهب المعاصرين يختلف عن السسسابقين فنسسسجله هنسسا أو‬
‫لم يتغير مذهب المعاصرين‪ ،‬عما ذكرنسساه عسسن سسسلفهم‪ ،‬وعمسسا جساء فسسي كتبهسسم‬
‫المعتمدة في أمر التقية؟‬
‫لقد قال بعض شيوخهم المعاصرين‪ :‬إن المر قسد تغيسر‪ ..‬وأنسه ل تقيسة اليسوم‬
‫عند الشيعة‪ ..‬لن الشيعة إنما التزمت بالتقية بسبب الظلسسم الواقسسع عليهسسا فسسي‬
‫العصور البائدة‪ ،‬أما وقد ارتفسسع الظلسسم اليسسوم فل تقيسسة ول كسسذب ول نفسساق‪ ،‬بسسل‬
‫صدق وصراحة ووضوح‪.‬‬
‫يقول شيخهم محمد جواد مغنية‪" :‬إن التقيسسة كسانت عنسد الشسيعة حيسسث كسان‬
‫العهد البائد عهد الضغط والطغيان‪ ،‬أما اليوم حيث ل تعرض للظلم فسسي الجهسسر‬
‫بالتشيع فقد أصبحت التقية في خبر كان" ]مغنية‪ /‬الشيعة فسسي الميسسزان‪ :‬ص ‪،52‬س ‪،345‬‬
‫أهل البيت‪ :‬ص ‪.[.67 ،66‬‬
‫ويقول‪" :‬قال لي بعض أسسستاذة الفلسسسفة فسسي مصسسر‪ :‬أنتسسم الشسسيعة تقولسسون‬
‫بالتقية‪..‬‬
‫فقلت له‪ :‬لعن الله من أحوجنا إليها‪ ،‬اذهب الن أنى شسسئت مسسن بلد الشسسيعة‬
‫فل تجد للتقية عينا ً ول أثرًا‪ ،‬ولو كانت دينا ً ومذهبا ً في كل حال لحسسافظوا عليهسسا‬
‫محافظتهم على تعاليم الدين ومبادئ الشريعة" ]الشيعة في الميزان‪ :‬ص ‪.[.25‬‬
‫وكسسذلك يقسسول مجموعسسة مسسن أعلمهسسم المعاصسسرين ممسسن يوصسسفون عنسسدهم‬
‫"بالمراجع واليات" بأن التقية عند الشيعة ل تسسستعمل إل فسسي حسسال الضسسرورة‪،‬‬
‫وذلك عند الخوف على النفس‪ ،‬أوالمال‪ ،‬أو العرض‪ ،‬ول تختسسص الشسسيعة بهسسذا‪..‬‬
‫وإنما تميز الشيعة بهذا العتقاد لكثرة وقوع الظلم عليهم ]انظر‪ :‬أقوالهم في ذلسسك‪:‬‬
‫محمد حسين كاشف الغطا‪ /‬أصل الشيعة ص ‪ ،153-150‬عبد الحسين الموسوي‪ /‬أجوبة ومسسسائل‬
‫جار الله ص ‪ ،70-68‬عبد الحسين الرشتي‪ /‬كشف الشتباه ص ‪ ،130‬محسن المين‪ /‬الشسسيعة بيسسن‬

‫‪631‬‬
‫الحقائق والوهام ص ‪ ،158‬وما بعدها‪ ،‬القزويني‪ /‬الشيعة في عقائدهم وأحكامهم ص ‪ ،346‬هاشسسم‬
‫الحسيني‪ /‬دراسات في الحديث والمحدثين ص ‪ 326‬وما بعدها‪ ،‬وغيرها‪.[.‬‬
‫فهل ما يقوله هؤلء حقيقة‪ ،‬أو أن المر تقية على التقيسسة‪ ،‬وتسسستر علسسى هسسذا‬
‫المعتقد مسسادام أمرهسسم قسسد افتضسسح‪ ،‬ومسسذهبهم قسسد انكشسسف أمسسام المسسسلمين؟‬
‫فلنتعرف على حقيقة المر‪ ،‬وجلية الخبر‪..‬‬
‫ً‬
‫إننا لو قلنا معهم بأن التقية عندهم قد ارتفعت كلي سا‪ ،‬ولسسم يعسسد للشسسيعة سسسر‬
‫تكتمه‪ ،‬ول معتقد تتقيه بل تجاهر بكل ما عندها أمام المسلمين بكسسل الصسسراحة‬
‫والوضوح‪ ..‬فإن أثر التقية لم ينته‪ ،‬وإعمال شيوخهم للتقيسسة فسسي نصوصسسهم لسسم‬
‫يتوقف‪ ،‬وهذا هو الخطر الكبر والسسداء العظسسم والسذي قسد ل يعرفسه مسسن ليسس‬
‫على صلة بكتبهم الساسية‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫إن الخطورة تتمثل في أن مبدأ التقية عندهم قد عطسسل تعطيل تامسا إمكانيسسة‬
‫استفادة الشيعة مما في كتبهم المعتمدة من نصوص توافق ما عند المسلمين‪،‬‬
‫وتخالف ما شذوا به مسسن عقسائد وآراء‪ ..‬ذلسك أنسه مسسا مسن رأي ‪ -‬فسي الغسالب ‪-‬‬
‫شذوا به عن المسلمين إل وتجد عندهم بعض الروايات التي تنقضه من أصسسله‪،‬‬
‫ولكن الشيخ الشيعي يتعامل مع تلك الروايات التي تنقض شذوذهم وتوافق ما‬
‫عند المسلمين وتخالف ما درج عليه قومه بأنها إنما خرجت من المسسام مخسسرج‬
‫التقية‪ ..‬ول يختلف في تطبيق هذا المنهج شيوخهم المعاصسسرون عسسن شسسيوخهم‬
‫القدامى‪..‬‬
‫ولذلك تجد أن من قواعدهم الصسسولية ‪ -‬والسستي كمسسا قررتهسسا كتبهسسم القديمسسة‬
‫]انظر‪ :‬ص ‪ 411‬وما بعدها‪ .[.‬قررتا كتبهم الحديثة ]انظر‪ :‬تعارض الدلة‪ /‬تقرير لبحاث محمد‬
‫باقر الصدر‪ /‬نشرها محمود الهاشمي ص ‪ ،3‬وانظر أيضًا‪ :‬مجلة رسالة السلم السستي تصسسدرها كليسسة‬
‫ه بحسث وظيفسة المجتهسد عنسد‬ ‫أصول السدين ببغسداد‪ ،‬العسدد )‪ (4-3‬السسنة الخامسسة‪ ،‬شسوال ‪‍ 1391‬‬
‫تعارض الدلة‪ ،‬داود العطار‪ ،‬مدرس التفسير وعلوم القرآن فسسي الكليسسة ص ‪) 133‬والكليسسة شسسيعية‪،‬‬
‫ومجلتها تعتمد في أبحاثها على كتب الشيعة(‪ [.‬أيضًا‪ -‬المر بالخذ بما خالف العامسسة ‪ -‬أي‬
‫أهل السنة‪ -‬وذلك عند اختلف الحسساديث فسي كتبهسسم بحجسسة أن الحساديث السستي‬
‫توافق ما عند أهل السنة محمولة على التقية‪.‬‬
‫وإذا لوحظ أن أحاديثهم متناقضة ومتضادة ويوجسسد فيهسسا فسسي مختلسسف أبسسواب‬
‫العقائد والحكام ما يوافسسق مسسا عنسسد المسسسلمين أدركنسسا خطسسورة معتقسسد التقيسسة‬
‫عندهم وآثاره السسسيئة فسسي إبقسساء الخلف بيسسن المسسسلمين‪ ..‬وتنسساقض أحسساديثهم‬
‫ليست دعوى ندعيها‪ ،‬بل حقيقة يقررها شيوخهم حتى اعترف الطوسي بسسأنه ل‬
‫يكاد يوجد عندهم حديث إل وفي مقابله ما يضاده ]انظر‪ :‬الطوسسسي‪ /‬تهسسذيب الحكسام‪:‬‬
‫‪ ،1/2‬وقد مضى بنصه‪.[.‬‬
‫وهذا ما يعترف به الطوسي صاحب كتسسابين مسسن أصسسولهم الربعسسة المعتمسسدة‬
‫في الحديث‪ ،‬وصاحب كتابين من كتبهم الربعة المعتمدة في الرجال‪.‬‬
‫ولم يجد الطوسي ما ينقذه وشيعته من التناقض في رواياتهم إل القول فسسي‬
‫كل ما يوافق جمهور المسلمين ويخالف شذوذهم‪ ،‬بسسأن ذلسسك ورد علسسى سسسبيل‬
‫التقية‪ ،‬ويتمثل هذا في عشرات المثلة في كتابي التهذيب‪ ،‬والستبصسسار ]انظسسر‪:‬‬
‫الستبصار‪ 66 ،65 ،64 ،63 ،62 ،61 ،1/60 :‬إلخ‪.[.‬‬
‫فكانت عقيدة التقية حيلة لرد السنن الثابتسسة‪ ،‬ومنفسسذا ً للغلسسو‪ ،‬ووسسسيلة لبقسساء‬
‫الفرقة والخلف‪ ،‬فكيف يقال‪ :‬إن التقية ارتفعت اليسسوم وشسسيوخ الشسسيعة كلهسسم‬
‫يعلمون بموجبها في رد النصوص ]إن جمع نصوصهم المتفرقسسة فسسي كتبهسسم والسستي تخسسالف‬
‫شذوذهم والتي ردوها بحجة التقية‪ ..‬إن القيام بهذا عمسسل نسسافع فسسي هسسذا العصسسر‪ ..‬وقسسد بسسدأ بعسسض‬

‫‪632‬‬
‫علماء الهند وباكستان هذا "المشروع" انظر مث ً‬
‫ل‪ :‬منسساقب الخلفسساء الربعسسة فسسي مؤلفسسات الشسسيعة‪/‬‬
‫للشيخ عبد الستار التونسوي‪ ،‬ولعل أول من بدأ ذلك شاه عبد العزيسز السدهلوي فسي كتسابه التحفسة‬
‫الثني عشرية‪[.‬؟!‬
‫وكما كان معتقد التقية سدا ً منيعا ً حال دون اسسستفادة الشسسيعة مسسن الروايسسات‬
‫التي رووها في كتبهم عن الئمة والتي توافق ما عند المسسة‪ ..‬كسسذلك فسسإن مبسسدأ‬
‫التقية منع تأثير كل صوت عاقل معتدل ينشأ بينهم‪ ،‬وحرمهم من النتفاع به‪.‬‬
‫ولعل من وضع هذه العقيسسدة أراد لهسسذه الطائفسسة أن تبقسسى هكسسذا لتستعصسسي‬
‫على الصسسلح وتمتنسسع عسسن الهدايسسة‪ ..‬وهسسذا ليسسس مجسسرد كلم نظسسري ل يسسسنده‬
‫الواقع‪ ..‬بل إن واقع الشيعة يشسسهد بسسذلك‪ ..‬فمثل ً مسسن أعظسسم مصسسائب الشسسيعة‬
‫وبلياها‪ :‬أساطير نقص القرآن وتحريفه والتي سرت في مسذهبهم وفشست فسي‬
‫كبتهسسسم‪ ..‬وحينمسسسا تصسسسدى لسسذلك شسسسيخهم المرتضسسسى وابسسسن بسسسابويه القمسسسي‪،‬‬
‫والطبرسي‪ ..‬ونفوا عن مذهب الشيعة هسسذه المقالسسة‪ ..‬حمسسل ذلسسك طائفسسة مسسن‬
‫متأخري شيوخهم كنعمة الله الجزائري‪ ،‬والنوري الطبرسي‪ -‬حملسوا ذلسسك علسسى‬
‫التقية ]انظر‪ :‬ص)‪ (279‬من هذه الرسالة‪.[.‬‬
‫فكيف يقال‪ :‬إن التقية انتهت في مذهب الشيعة‪ ..‬وهي تستخدم في كسسل آن‬
‫لزهاق الحق وإبطاله؟! ولما قام شيخهم الطوسي بتفسير كتاب الله‪ ..‬وحاول‬
‫التخلص من تلسسك النزعسسة الباطنيسسة المغرقسسة فسسي التأويسسل‪ ..‬والمألوفسسة عنسسدهم‬
‫ورغب الستفادة من آثار السلف في تفسير القسسرآن‪ ..‬حمسسل شسسيوخهم صسسنيعه‬
‫هذا على التقية ]انظر‪ :‬ص)‪ (199-198‬من هذه الرسالة‪.[.‬‬
‫فأنت تلحظ أن هذه العقيدة قد أصبحت معول ً هداما ً يستخدمه غلة الشيعة‬
‫لبقاء هذه الطائفة في دائرة الغلو والبعد بها عن جماعة المسلمين أو السلم‬
‫كله‪ ..‬فكيف يقال إن عهد التقية قسد انتهسى وآثارهسا السسسامة تسسري فسي كيسان‬
‫المذهب‪ ،‬وتعمل فيه هدما ً وتخريبًا؟!‬
‫وإذا كان اليوم حيث ساد الكفر والضعف أمر المسلمين قسسد ارتفعسست التقيسسة‬
‫عند الشيعة فيه كما كان يقول شيعة هذا الزمن‪ ..‬فما هو العصسسر السسذي لزمتسسه‬
‫فيه الشيعة مبدأ التقية؟‬
‫إنهم يعتبرون عهد الخلفاء الثلثة وعصر السلم الذهبي هو عهد تقية وكأنهم‬
‫يقولون بأن وضع المسلمين في وقتنا هذا أفضل من وضعهم في عهد الخلفسسة‬
‫الراشسدة ولهسسذا قسرر المفيسسد بسأن عليسا ً كسسان يعيسش فسسي عهسد الخلفساء الثلثسة‬
‫مستعمل ً للتقية والمداراة‪ ،‬ويشّبه حاله بحال رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫وهو يعيش بين ظهراني المشركين قبل الهجرة ]وقد مضى نقل النسسص فسسي ذلسسك عسسن‬
‫مفيسسدهم ص‪ ..[.44-43 :‬فيعتسسبر الصسسحابة رضسسوان اللسسه عليهسسم فسسي عهسسد الخلفسسة‬
‫الراشسدة كالمشسسركين السذين عاصسسرهم الرسسسول صسسلوات اللسسه وسسلمه عليسسه‬
‫وعلقة علي معهم كعلقة رسول الله مع المشركين!!‬
‫فالوقت الذي يضعف فيه أمر المسلمين هو وقت عز الشيعة وتخلصسسها مسسن‬
‫التقية‪ ..‬لن لهم دينا ً غير دين الصحابة‪ ..‬الذي تلقوه عن نبيهم‪.‬‬
‫والقرن الذي شهد لسه الرسسول بالخيريسة‪ ،‬والجيسل السذين رضسي اللسه عنهسم‬
‫ورضوا عنه هو عهد تقية‪ ،‬وجيل كفر في قواميس هذه الزمرة الحاقسسدة‪ ..‬السستي‬
‫أضسسلت قومهسسا سسسواء السسسبيل‪ ..‬ولمسسا احتسسارت هسسذه "الزمسسر" المتسسواطئة علسسى‬
‫الضلل في عهد الخلفة الفعلي لمير المؤمنين علي رضسسي اللسسه عنسسه‪ ،‬لن لسسه‬
‫أقوال ً وأعمال ً تخالف ما قالوه لتباعهم‪ ،‬اعتبروا عهد علسسي ‪ -‬أيضسا ً ‪ -‬عهسسد تقيسسة‬
‫لنه ل مخسسرج لهسسم إل ذلسسك‪ ..‬يقسسول شسسيخهم نعمسسة اللسسه الجسسزائري الموصسسوف‬
‫‪633‬‬
‫عندهم بس"السيد السند والركن المعتمد"‪ :‬ولما جلس أميسسر المسسؤمنين ]أي جلسسس‬
‫على كرسي الخلفة‪ [.‬رضي الله عنه لم يتمكن من إظهار ذلسسك القسسرآن ]هسسو القسسرآن‬
‫الغائب مع مهديهم المنتظر ‪ -‬كما يفترون ‪ -‬راجع ص ‪ 257‬وما بعدها و ‪ [.874‬وإخفاء هسسذا لمسسا‬
‫فيه من إظهار الشيعة على مسسن سسبقه كمسسا لسم يقسدر علسسى النهسي عسن صسلة‬
‫الضحى‪ ،‬وكما لم يقدر على إجراء متعة النساء‪ ،‬كما لم يقدر على عزل شسسريح‬
‫عن القضاء ومعاوية عن المارة ]نعمة الله الجزائري‪ /‬النوار النعمانية‪.[.2/362 :‬‬
‫هكذا يصسسرفون "الوقسسائع" السستي تثبسست مسسذهب علسسي الحقيقسسي عسسن مسسدلولها‬
‫بدعوى التقية‪ ..‬فأي ضرورة لستعمال التقيسسة حينئذ‪ ،‬ولسسسيما أن المسسر يتعلسسق‬
‫بأصسسل هسسذا السسدين وهسسو القسسرآن‪ ..‬وأي حاجسسة للتقيسسة فسسي عهسسد عسسز السسسلم‬
‫والمسلمين‪ ..‬فكيف يقال بعد هذا إن عهد التقيسسة انقضسسى وديسسن الشسسيعة قسسائم‬
‫عليهسسا وشسسيوخ الشسسيعة يوجهسسون سسسفينة التشسسيع إلسسى بحسسر الهلك تحسست علسسم‬
‫"التقية" ‍‬
‫؟‬
‫ثم إن المتأمل لنصوصهم ل يجد أن التقية يلجأ إليها عند الضسسرورة‪ ،‬بسسل إنهسسا‬
‫قد استغلت للكذب والخداع وتحليل الحرام وتحريم الحلل‪ ،‬حسستى إن روايسساتهم‬
‫تقول بأن الئمة كانت تستعملها في مجلس ل يوجد به من يتقونه‪ ،‬وليس هناك‬
‫أدنى مسوغ لها‪ ،‬كم سلف ذكر شواهد ذلك ]انظر‪ :‬فصل التقية من هذه الرسالة‪805 :‬‬
‫وما بعدها‪.[.‬‬
‫وإذا كانت التقية ل تزال تعمل عملها في المذهب الشيعي‪ ،‬وإنهسسا اسسستعملت‬
‫كما تقرر رواياتهم‪ -‬في غير ضرورة‪ ،‬بل تمارس عن حب ورغبسسة ل عسسن خسسوف‬
‫ورهبة‪ ،‬وتستعمل في جو شيعي خالص‪ ..‬ويفسر القرآن على غير وجهه باسسسم‬
‫التقيسسة حسستى إن إمسسامهم فسسسر آيسسة مسسن كتسساب اللسسه فسسي مجلسسس واحسسد بثلثسسة‬
‫تفسيرات مختلفة متباينة‪ ..‬واعتبر ذلك من قبيسل التقيسسة كمسسا سسسلف ]انظسسر‪ :‬ص)‬
‫‪ (815‬من هذه الرسالة‪ .[.‬مع أنه ل يتصور عاقل أن يتقي فسسي تفسسسير القسسرآن فسسي‬
‫عهد عز السلم والمسلمين! فإذن التقية لم تسسستعمل فسسي مجسسال الضسسرورة‪..‬‬
‫ولم ينته أثرها في مذهبهم‪.‬‬
‫وقد أكد شيخهم المعاصسسر محمسسد صسسادق روحسساني والملقسسب عنسسدهم ب"اليسسة‬
‫العظمى" بأن للتقية في دين الشيعة مجالت غير مجال الضرورة‪ ،‬وذلك حينما‬
‫قسم التقية عندهم إلى أربعة أقسام‪:‬‬
‫التقية الخوفية‪ ،‬والتقية الكراهية‪ ،‬والتقية الكتمانية‪ ،‬والتقية المداراتية ]محمسسد‬
‫صادق روحاني‪ /‬رسالة في التقية )ضمن كتاب المر بالعروف والنهسسي عسسن المنكسسر لسسه أيضسسا(‪ :‬ص‬
‫‪.[.149-148‬‬
‫فهؤلء الذين يقولون إن الشيعة ل تعمل بالتقية إل عند الضرورة إنما ينطبق‬
‫كلمهم على تقية الخوف والكراه‪ ،‬ل تقية الكتمان والمداراة‪ ..‬وهذا يسدل علسى‬
‫أن التقية ل تزال تستخدم عند الشيعة‪ ،‬لن مجالها أوسع مسسن مجسسال الضسسرورة‬
‫والخوف‪ ..‬فاستحلوا باسم تقية الكتمان والمداراة الكسسذب والخسسداع والسستزوير‪..‬‬
‫كما سيأتي شواهد من ذلك في أعمال المعاصرين‪.‬‬
‫ومع ذلك كله فإن في كتب الشيعة المعتمدة نصوصا ً ثابتسسة عنسسدهم تؤكسسد أن‬
‫التقية ل يجوز رفعها بحال من الحوال حتى يرجع مهديهم المنتظسسر مسسن غيبتسسه‬
‫وتاركها في زمن الغيبة كتارك الصلة؛ بل مسسن تركهسسا عنسسدهم فقسسد فسسارق ديسسن‬
‫المامية!!‬

‫‪634‬‬
‫فكيف يقول مغنية‪ :‬إن زمن التقية قد انتهسسى‪ ،‬فهسسل يجهسسل حقيقسسة مسسذهبه أو‬
‫ماذا؟‬
‫وقد تناقلت كتبهم المعتمسسدة روايتهسسم السستي تقسسول‪" :‬فمسن تسرك التقيسسة قبسل‬
‫خروج قائمنا فليس منا" ]الطبرسي‪ /‬أعلم الورى‪ :‬ص ‪ ،408‬ابسسن بسابويه‪ /‬إكمسسال السسدين‪ :‬ص‬
‫‪ ،210‬الحر العاملي‪ /‬وسائل الشيعة‪ ،466-11/465 :‬وانظر‪ :‬أصول الكافي‪.[.1/217 :‬‬
‫وقرر شيخهم وآيتهم في هذا العصر محمد باقر الصدر أن أخبارهم فسسي هسسذا‬
‫الشأن هي "من الكثرة إلى حد الستفاضة بسسل التسسواتر" ]تاريسسخ الغيبسسة الكسسبرى‪ :‬ص‬
‫‪ [.353‬وعلل المر بالتقية إلى خروج القائم بقوله‪ :‬لن تركها يسسؤدي "إلسسى بطسسء‬
‫وجود العدد الكافي مسسن المخلصسسين الممحصسسين‪ ،‬السسذين يشسسكل وجسسودهم أحسسد‬
‫الشرائط الساسية للظهور" ]تاريخ الغيبة الكبرى‪ :‬ص ‪ [.354-353‬للمهدي عندهم‪.‬‬
‫ورواياتهم تجعل التقية تسعة أعشار السدين عنسدهم‪ ،‬وتنفسي اليمسان عمسن ل‬
‫تقية له ]انظر‪ :‬ص)‪ (807‬من هذه الرسالة‪ .[..‬ول تستثني وقتا ً دون وقت‪.‬‬
‫إذن هل يجهل مغنية وغيره من شسسيوخ الشسسيعة هسسذه الحقسسائق فسسي مسسذهبهم‬
‫حتى يقولوا‪ :‬انتهى عهد التقية‪ ،‬وإن التقية ليست بدين لهم؟! أعتقد أن القسسارئ‬
‫لنصوصهم والتي عرضنا شيئا ً منها ينتهي إلى الحكم السسذي انتهسسى إليسسه السسستاذ‬
‫محمود الملح ]السسستاذ محمسسود الملح عسسالم عراقسسي معاصسسر تصسسدى لمسسؤامرات الشسسيعة فسسي‬
‫العراق لنشر التشيع باسم الوحدة السلمية وذلسسك عسسبر صسسفحات جريسسدة السسسجل‪ ،‬وعسسبر رسسسائل‬
‫أصدرها في هذا الشأن‪ ،‬من كتبه "الوحدة السلمية بين الخذ والرد"‪ [.‬حينما قسسال‪ :‬إن قسسول‬
‫مغنية‪ :‬انتهى عهد التقية اليوم عند الشيعة إنمسسا هسسو تقيسسة علسسى التقيسسة ]مجمسسوع‬
‫السنة‪.[.1/111 :‬‬
‫وفي كتاب الوافي الجامع لكتبهم الربعة المعتمدة في الحديث ما يشير إلى‬
‫أن ما يقوله مغنية وغيره من المدافعين عن التشيع حول ارتفاع التقية إنما هو‬
‫جزء من أعمال التقية وتكاليفها وهو أمر مطلوب من كل رافضي حسستى يمكسسن‬
‫أن يستفيدوا من عقيدة التقية‪ .‬يقول الوافي‪ :‬عن حسسان بسن أبسسي علسي قسال‪:‬‬
‫سمعت أبا عبد الله يقول‪:‬‬
‫ل تذكروا سرنا بخلف علنيتنا‪ ،‬ول علنيتنا بخلف سسسرنا‪ ،‬حسسسبكم أن تقولسسوا‬
‫ما نقول وتصمتوا عما نصمت‪ ..‬إلخ‪.‬‬
‫قال صاحب الوافي في شرح هذا النص‪" :‬يعني ل تظهروا للنسساس مسسا نكتمسسه‬
‫عنهم‪ ،‬ول تقولوا لهم إن سرنا غير موافسسق لعلنيتنسسا‪ ،‬وإنسسا نكتسسم عنهسسم غيسسر مسسا‬
‫نظهر لهم‪ ،‬ونظهر غير ما نكتم‪ ،‬فإن ذلك مفوت لمصلحة التقية التي بها بقاؤنا‬
‫وبقاء أمرنا؛ بل كونوا على ما نحن عليه‪ ،‬قائلين ما نقول‪ ،‬صامتين عما نصمت‪،‬‬
‫موافقين لنا غير مخالفين عن أمرنسسا" ]الفيسسض الكاشسساني‪ /‬السسوافي‪ ،‬كتسساب الحجسسة‪ ،‬بسساب‬
‫النوادر‪ ،‬المجلد الول‪.[.2/60 :‬‬
‫فكأنه يقول بأسلوب مغنية‪ :‬ل تقولوا للناس إن عهد التقية باق‪ ،‬وإن ظاهرنسسا‬
‫يخالف باطننا‪ ،‬فإن ذلك يلغي فائدة التقية‪.‬‬
‫وهل ينتظر من مغنية وهو يتحدث ‪ -‬كما يقول ‪ -‬لساتذة الفلسفة فسسي مصسسر‬
‫‪ -‬هل ينتظر منه أن يقول‪ :‬إن التقية باقية‪ ..‬وإننا نتعامل معكم بموجبها‪ ..‬إن ما‬
‫قاله ينسجم مع مذهبه الذي يوجب التكتم على التقية ذاتها‪.‬‬
‫ومن يقرأ في المكتبسة الشسيعية المعاصسرة ويتأمسل ويقسارن يسرى أن العمسل‬
‫بالتقية لم يتوقف‪.‬‬

‫‪635‬‬
‫وقد رأينا فيما سلف كيف أنهم ينفون عن مذهبهم ما هو من أصوله كمسألة‬
‫الرجعة‪ ،‬وينكرون وجود نصوص توجد في العشرات من كتبهم‪ ..‬كما أنكسسر عبسسد‬
‫الحسين النجفي وجود قول أو نسسص لهسسم فسسي نقسسص القسسرآن أو تحريفسسه ‪ -‬كمسسا‬
‫سلف ‪ -‬بل إن الشيخ الواحد يتناقض في أقسسواله‪ ،‬لنسسه يتحسسدث بمسسوجب التقيسسة‬
‫حسب المقام‪ ،‬وحسب من يتحدث إليه‪ ..‬فهسسذا مغنيسسة ‪ -‬نفسسسه ‪ -‬والسسذي يقسسول‬
‫بارتفاع التقية يقول‪ :‬إن الشيعة ل ينالون من مقام الصحابة وذلك في تفسيره‬
‫الكاشف‪ ،‬ثم في كتابه "فسسي ظلل نهسسج البلغسسة" يتنسساول كبسسار الصسسحابة بالنقسسد‬
‫والتجريح‪ ..‬كما مضى ]انظر‪ :‬ص)‪ (1109‬من هذه الرسالة‪.[.‬‬
‫ويقول‪ :‬إن المامة ليست أصسل ً مسن أصسسول ديسسن السسلم‪ ،‬وإنمسا هسسي أصسل‬
‫لمذهب التشيع فمنكرها مسلم إذا اعتقد بالتوحيد والنبوة والمعاد ولكنسسه ليسسس‬
‫ا‪ ..‬يقول هذا في كتابه "مسسع الشسسيعة الماميسسة" ]مسسع الشسسيعة الماميسسة‪ :‬ص ‪268‬‬ ‫شيعي ً‬
‫)ضمن كتاب الشيعة في الميزان(‪ .[.‬ولكنه يقول في كتابه الخسسر "الشسسيعة والتشسسيع"‬
‫في عيد لهم يسمونه "عيد الغدير" ]وتنسج الشيعة حول هذا العيسسد أسسساطير كسسثيرة تسسدول‬
‫حول النص على علي بالمامة‪ ،‬وانظسسر فسسي مناقشسسة ذلسسك‪ :‬ابسسن تيميسسة‪ /‬منهسساج السسسنة‪،87-4/84 :‬‬
‫المنتقى‪ :‬ص ‪.[.466‬‬
‫يقول‪" :‬إن احتفالنسسا بهسسذا اليسسوم هسسو احتفسسال بسسالقرآن الكريسسم‪ ،‬وسسسنة النسسبي‬
‫العظيم بالذات‪ ،‬احتفال بالسلم ويوم السلم‪ ..‬إن النهي عن يوم الغدير تعبير‬
‫ثان عن النهي بالخذ بالكتاب والسنة وتعاليم السلم ومبادئه" ]الشسسيعة والتشسسيع‪:‬‬
‫ص ‪) 258‬ضمن كتاب الشيعة في الميزان(‪ ..[.‬ثم استشهد بما قسساله شسسيخهم المعاصسسر‬
‫عبد الله العليلي وهو‪" :‬أن عيد الغدير جزء من السلم‪ ،‬فمن أنكره فقد أنكسسر‬
‫السلم بالذات" ]الشيعة والتشيع )الهامش( ص ‪ ،258‬وقد قال العليلي هذا الكلم في خطبة‬
‫أذاعتها محطة الذاعة اللبنانية في ‪ 18‬ذي الحجة سنة ‪‍1380‬ه )الشيعة والتشيع ص ‪.[.(258‬‬
‫وبالمقارنة بين النصين تتضح الحقيقة؛ فهو فسسي النسسص الول يقسسول‪ :‬إن مسسن‬
‫أنكر المامة فهو مسلم‪ ،‬وفي النص الخر يحكم على منكر عيد الغسسدير والسسذي‬
‫هو بدعة من بدع الشيعة ما أنزل الله به من سسسلطان‪ ،‬يحكسسم علسسى أن منكسسره‬
‫منكر للسلم بالذات‪ ..‬فهل من وجسسه لتأويسسل هسسذا التنسساقض الواضسسح إل التقيسسة‬
‫التي تغلغلت في أعماقهم‪.‬‬
‫ولكن أي القولين هو الحقيقة والذي يمثل مذهب الشيعة‪ ..‬إن النسسص الخيسسر‬
‫بل شك هو الذي يتفق مع ما جاء في مصادرهم القديمة‪ ..‬ولعل ما قاله فيه هو‬
‫حقيقة مذهبه‪ ،‬وقد انكشف في ظل الحمسساس وفسسورة العاطفسسة السستي صسساحبت‬
‫الحتفال بالعيد المزعوم‪.‬‬
‫ولقد أخرجت المكتبة الشيعية "المعاصرة" كتبا ً للدعوة للتشيع ونشسسره بيسسن‬
‫أهل السنة‪ ..‬ولعل المطلع على هذه الكتب يدرك أن واضعها أحسد رجليسن‪ ،‬إمسا‬
‫زنديق ملحد هدفه إضلل عباد الله بالكذب والخداع‪ ،‬أو رافضي جاهل اسسستحل‬
‫باسم التقية كل شيء‪.‬‬
‫لكن العقد العام الذي ينتظمها‪ ،‬والصل الذي تنتمي له هو التقية‪ ،‬ولذلك لسسم‬
‫نر انتقادا ً لها في الوسط الشيعي كله على الرغم مسسن ظهسسور عنصسسر "الكسسذب‬
‫فيها"‪.‬‬
‫ومن أبرز المثلة على ذلك كتاب يسمى "المراجعات" وضعه آيتهم العظمى‬
‫عبد الحسين شرف الدين الموسوي‪.‬‬

‫‪636‬‬
‫ولقد اهتم دعاة "الرفض" بهذا الكتاب‪ ،‬وجعلسسوه وسسسيلة مسسن أهسسم وسسسائلهم‬
‫التي يخدعون بها الناس‪ ،‬أو بعبارة أدق يخدعون به أتباعهم وشيعتهم‪ ،‬لن أهل‬
‫السنة ول سيما أهل العلم فيهم ل يعلمون شيئا ً عن هذا الكتسساب ول غيسسره مسسن‬
‫عشرات الكتب التي تخرجها مطابع الروافض‪ ..‬اللهم إل من له عنايسة واهتمسسام‬
‫خاص بمذهب الشيعة‪.‬‬
‫ولقد زاد كلفهم بهذا الكتاب وعنايتهم بترويجه ونشره حتى طبع هذا الكتسساب‬
‫أكثر من مائة مرة كمسسا زعسسم ذلسك بعسسض الروافسض ]أحمسسد مغنيسسة‪ /‬الخمينسسي أقسسواله‬
‫وأفعاله‪ :‬ص ‪ ..[.45‬وقد تكون فتنة هذا الكتاب بين التباع الغرار مثل فتنسسة كتسساب‬
‫ابن المطهر الحلي الذي كشف باطله شيخ السلم فسسي منهسساج السسسنة‪ ..‬ولعسسل‬
‫الله يهيء السسسباب لتعقسسب هسسذه "الكذوبسسة" وفضسسحها فسسي دراسسسة مسسستقلة‪..‬‬
‫وسأشير هنا بإيجاز إلى بعض ما فيه‪:‬‬
‫الكتاب عبارة عن مراسلت بين شسسيخ الزهسسر سسسليم البشسسري وهسسو ‪ -‬بزعسسم‬
‫الرافضي ‪ -‬يمثل أهل السنة ويستدل لمذهبها‪ ..‬وبين عبسسد الحسسسين وهسسو يمثسسل‬
‫الشيعة ويستدل لمذهبها‪ ..‬وانتهت هذه المراسلت بإقرار شسسيخ الزهسسر بصسسحة‬
‫مذهب الروافض وبطلن مذهب أهل السنة‪ ..‬والكتاب بل شك مكيدة رافضسسية‪،‬‬
‫ومؤامرة مصنوعة لترويج مذهب الرفض‪.‬‬
‫والذي يعرف مذهب الرافضة عسسن كثسسب ويتعامسسل مسسع كتبهسسا ل يسسستنكر هسسذا‬
‫السلوب‪ ،‬إذ ل جديد فيها‪ ..‬فهو أسلوب قديم درج عليسسه الروافسسض‪ ..‬فقسسد كسسان‬
‫من دأبهم وضع بعض المؤلفات المشتملة على مطاعن فسسي الصسسحابة‪ ،‬وبطلن‬
‫مذهب أهل السنة‪ ،‬وغيرها مما يؤيد مذهبهم‪ ..‬ونسبة ذلك لبعض مشاهير أهسسل‬
‫السنة‪.‬‬
‫وقد عقد الشوكاني في كتسسابه "الفسسوائد المجموعسسة" مبحث سا ً بعنسسوان "النسسسخ‬
‫الموضوعة" وبعد عرضه لها ذكر أن أكثرها من وضسسع الرافضسسة وهسسي موجسسودة‬
‫عند أتباعهم ]الفوائد المجموعة‪ :‬ص ‪.[.425‬‬
‫كما أشار اصحب التحفة الثني عشرية لهذا السلوب ومثسسل لسسه بكتسساب سسسر‬
‫العالمين‪ ،‬وقال إنهم نسبوه إلى المام أبسسو حامسسد الغزالسسي وشسسحنوه بالهسسذيان‪،‬‬
‫وذكروا في خطبته عن لسسسان المسسام وصسسيته بكتمسسان هسسذا السسسر وحفسسظ هسسذه‬
‫المانة‪.‬‬
‫"وما ذكر في هذا الكتاب فيه عقيدتي؛ ومسسا ذكسسر فسسي غيسسره فهسسو للمداهنسسة"‬
‫]مختصر التحفة الثني عشرية‪ :‬ص ‪ ،33‬وانظر‪ :‬السويدي‪ /‬نقض عقائد الشيعة‪ :‬ص ‪.[.25‬‬
‫وقد رأيتهم في بعض مؤلفاتهم المعاصسسرة يرجعسسون لهسسذا الكتسساب ويحتجسسون‬
‫ببعض ما فيه على أهل السنة ]انظر مثل ً ‪ -‬مصادر كتاب "كشف الشسستباه" للرافضسسي عبسسد‬
‫الحسين الرشتي والمطبوع في المطبعة العسكرية بطهران في ‪‍1368‬ه‪.[.‬‬
‫ه‪ ،‬وفسسي القسساهرة سسسنة‬ ‫وقد طبع هذا الكتاب عدة طبعات ]طبع في بومباي سنة ‪‍ 1314‬‬
‫ه‪ ،‬وفي طهران‪ ،‬بغير تاريخ‪) .‬انظر‪ :‬عبد الرحمن بدوي‪ /‬مؤلفات الغزالي ص‬
‫ه‪ ،‬وسنة ‪‍ 1327‬‬
‫‪‍ 1324‬‬
‫‪.[.(225‬‬
‫وقد ذكر د‪ .‬عبد الرحمن بدوي‪ :‬أن ثلثة من المستشرقين ذهبوا إلسسى القسسول‬
‫بأن الكتاب منحول )جولد تسسسيهر‪ ،‬بويسسج‪ ،‬ومكدونلسسد( ]مؤلفسسات الغزالسسي‪ :‬ص ‪،[.271‬‬
‫ويذهب عبد الرحمن بسسدوي إلسسى هسسذا السسرأي ويقطسسع بسسه ويحتسسج لسسذلك فيقسسول‪:‬‬
‫"والمر الذي يقطع بأن الكتاب ليس للغزالي هو ما ورد في ص ‪ 82‬من قسسوله‪:‬‬
‫"أنشدني المعري لنفسه وأنا شاب في صحبته يوسف بن علي شسسيخ السسسلم"‬

‫‪637‬‬
‫ه(‪ ،‬فكيسسف‬‫ه( بينمسسا ولسسد الغزالسسي سسسنة )‪‍ 450‬‬‫فسسإن المعسسري تسسوفي سسسنة )‪‍ 448‬‬
‫ينشده لنفسه" ]مؤلفات الغزالي‪ :‬ص ‪ ،271‬والغريب أني رأيت الذهبي ‪ -‬رحمسه اللسه ‪ -‬ينسسب‬
‫هذا الكتاب إلى أبي حامد الغزالي )ميزان العتدال‪ ،(1/500 :‬فقد يكون هذا المر قسسد فسسات علسسى‬
‫قد فألف الروافض كتابا ً يحمسل اسسم ذلسك‬‫المام الذهبي‪ ،‬أو يكون للغزالي كتاب بهذا العنوان قد فُ ِ‬
‫الكتاب المفقود ونسبوه للغزالي‪![.‬؟‬
‫والغرض من فتح صفحة الماضي هنا هو الشارة إلسسى أن كتسساب المراجعسسات‬
‫هو حلقة مسن حلقسات‪ ،‬ومسؤامرة مسن سلسسلة مسؤامرات ضساربة جسذورها فسي‬
‫أعماق الزمن مرد على فعلها الروافسسض‪ ..‬حسستى ل يفقسسدوا أتبسساعهم‪ ،‬ولينشسسروا‬
‫"الفتنة" والرفض بين المسلمين‪.‬‬
‫وأرجح القول إلى كتاب "المراجعات" للشارة على سبيل اليجاز إلى بعسسض‬
‫المارات التي تؤكد وضعه‪:‬‬
‫ل‪ :‬مما يقطع بوضعه أن أسلوب الرسائل المسجلة في كتسساب المراجعسسات‬ ‫أو ً‬
‫والتي تمثسسل شخصسسيتين مختلفسستين فكسسرا ً وثقافسسة وعلمسا ً ووضسسعا ً اجتماعيسا ً هسسو‬
‫أسلوب واحد ل تغاير فيه ول تمايز مما يقطع بأن واضعها هو شخص واحد وهو‬
‫عبد الحسين‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬أن شيخ الزهر وهو في ذلك الوقت شيخ الزهر بالعلم والمكانة ل فسسي‬
‫المنصب والوظيفة ظهسسر فسسي هسسذه الرسسسائل بصسسورة تلميسسذ صسسغير‪ ،‬أو طسسالب‬
‫مبتدئ‪ ،‬وظيفته التسليم لكل ما يقوله هذا الرافضي؛ بل والثناء والتعظيم لكسسل‬
‫حرف يسطره‪ ،‬حتى ولو كان جواب الشيعي هو تفسير باطني ل تربطه بآيسسات‬
‫القرآن أدنى رابطة ]انظر تأويلته الباطنية لكتاب الله في "مراجعاته" ص‪ ،[.73-62 :‬يدرك‬
‫ضلله صغار أهل العلم عند أهل السنة؛ بل قد ينكره عوامهم‪ ،‬أو توثيق لحديث‬
‫موضوع‪ ،‬أو تأكيد على خرافة من الخرافات‪.‬‬
‫لقد نقل هذا الرافضي إقرار شيخ الزهر بصحة وتواتر أحاديث هي عند أهسسل‬
‫الحديث ضعيفة؛ بل موضوعة‪ ،‬ول يجهل ضسسعفها‪ ،‬أو وضسسعها صسسغار المتعلميسسن‪،‬‬
‫فضل ً عن شيخ الزهسسر وفسسي ذلسسك السسوقت بالسسذات السسذي ل يصسسل إلسسى منصسسب‬
‫المشيخة إل من ارتوى من معين العلم وتضلع في علوم السلم ]انظسسر مسسا نسسسبه‬
‫إليسسه مسسن ذلسسك ‪ -‬مثل ً ‪ -‬فسسي ص ‪ 60-55‬مسسن المراجعسسات‪ ،‬وانظسسر البينسسات فسسي السسرد علسسى أباطيسسل‬
‫المراجعات‪ :‬ص ‪ 45‬وما بعدها‪.[.‬‬
‫وليس ذلك فحسب؛ بل إن هذا الرافضي صور شسسيخ الزهسسر بصسسورة العسساجز‬
‫عن معرفة مواضع أحاديث في كتب أهل السسسنة ل فسسي كتسسب الشسسيعة‪ ،‬فنجسسده‬
‫يطلب من هذا الرافضي أن يذكرها له ]انظر‪ -‬مثل ً ‪ :-‬المراجعات‪ :‬ص ‪.[.237‬‬
‫فهل يجهل شيخ الزهر مثل ذلك‪ ،‬وهل يعجسسز عسسن البحسسث ولسسديه المكتبسسات‪،‬‬
‫وهل يضطر إلى تكليف هذا الرافضي ولديه علماء الزهر وطلبسسه‪ ،‬ومسستى صسسار‬
‫الرافضي أمينا ً في نقل الحديث عند محدثي السنة؟!!‬
‫ثالثًا‪ :‬ولقد جاء نشر الرافضي للكتاب خاليا ً من أي توثيق‪ ،‬فلسسم يسسرد فيسسه مسسا‬
‫يثبت صحة تلك الرسائل بأي وسيلة من وسائل التوثيق كأن يثبت صورا ً لبعض‬
‫الرسائل المتبادلسسة والسستي بلغسست ‪ -‬حسسسب مسسدعاه ‪ 112 -‬رسسسالة نصسسيب شسسيخ‬
‫الزهر منها ‪ 56‬رسالة‪.‬‬
‫م لم يثبت ولسسو رسسسالة واحسسدة تشسسهد لقسسوله‪..‬‬ ‫وهذه الرسائل كانت خطية فل ِ َ‬
‫ولسيما في رسائل حملت أمرا ً في غاية الخطورة وهو تحول شيخ الزهر مسسن‬
‫مذهب أهل السنة إلى مذهب الرافضة‪ ..‬وانتقاله من الحق إلى الباطل‪ ،‬وعجز‬

‫‪638‬‬
‫الرافضي عن إقامة هذا الدليل برهان بطلن دعواه‪ ،‬وكذب نسبه تلك الرسائل‬
‫إلى الشيخ سليم‪ ..‬بل انتفاء الموضوع من أساسه‪.‬‬
‫ولقد جاءت هذه الدعوى‪ ،‬من هذا الرافضسسي فقسسط‪ ،‬ولسسم يصسسدر مسسن الشسسيخ‬
‫سليم أي شيء يدل على ذلك‪ ،‬ولم يوجد لما يدعيه هذا الرافضسسي مسسن نسسسبته‬
‫إلى الرفض أي أثر في حياته‪.‬‬
‫بل إن هذا الرافضي لم يتجرأ على إخراج هذا "الكتاب" إل بعد عشرين سنة‬
‫من وفاة البشري ]توفي البشري سنة ‪‍1335‬ه )انظر ترجمته في العلم‪ ،[.(3/180 :‬وأمام‬
‫عجزه عن إقامة الدليل على دعواه‪ ..‬اضسسطر الرافضسسي أن يفضسسح نفسسسه فسسي‬
‫مقدمته لنه ل سبيل له لن يصنع رسائل تحاكي أسلوب البشري‪ ،‬ول أن ينشر‬
‫صورة لرسالة من تلك الرسائل بخط البشري فسساعترف بوضسسع هسسذه الرسسسائل‬
‫فقال‪" :‬وأنا ل أدعي أن هذه الصحف تقتصر على النصوص التي تسسألفت يسسومئذ‬
‫بيننا‪ ،‬ول أن شيئا ً من ألفاظ هذه المراجعسسات خطسسه غيسسر قلمسسي" ]انظسسر‪ :‬مقدمسسة‬
‫المراجعات‪ :‬ص ‪ .[.27‬فإذا كان لم يخط هذه المراجعات غير قلمه فلم يبهت شسسيخ‬
‫الزهر بهذا "المنكر"؟‬
‫ثم إنه أضاف إلى ذلك فضيحة أخرى بقوله‪" :‬إنه زاد فسسي هسسذه الرسسسائل مسسا‬
‫يقتضيه المقام والنصح والرشاد" ]مقدمة المراجعات‪ :‬ص ‪ ،[.27‬وهذا اعسستراف آخسسر‬
‫بأنه نسب إلى شيخ الزهر ما لم يقله‪ ،‬ولكن سوغ هذا الكذب بأنه مما يقتضيه‬
‫"النصح" وهذا عند أصحاب التقية مشروع‪.‬‬
‫ومادام القوم كذبوا على رسول الله صلى الله عليه وسسسلم وصسسحابته وأهسسل‬
‫بيته فهل يستكثر منهم بعد ذلك أن يكذبوا على الخرين‪..‬؟!‬
‫هذه صورة من صور التقية‪ ،‬ومثال بارز من أمثلتها في هذا العصر‪.‬‬
‫والمثلة في هذا الباب كثيرة‪ ..‬وصنوف الكذب باسم التقية متنوعة ومختلفة‬
‫تحتاج لبحث مستقل ]ومن المثلة ‪ -‬أيضا ً ‪ -‬كتاب يسمى‪" :‬لماذا اخترت مذهب الشيعة" وهسسو‬
‫يتضمن قصة مخترعة ومؤامرة مصنوعة تحكسي أن عالمسا ً مسن كبسسار علمساء السسنة يسسدعى "محمسد‬
‫مرعي النطاكي" قد ترك مسسذهب السسسنة وأخسسذ بمسسذهب الروافسسض بعسسد أن تسسبين لسسه بطلن الول‪،‬‬
‫والكتاب مليء بالدس والكذب والفتراء كما هي عادة الروافض بحكم عقيدة "التقية" عندهم‪.‬‬
‫وهل يغتر من تضلع بعلوم الشريعة بعقيدة الرفض فيؤمن بخرافتهم في انتظسسار الغسسائب والسسذي‬
‫يرتقبون خروجه من أحد عشر قرنًا‪ ،‬أو بأسطورة الرجعة الستي ينتقمسون فيهسا مسن أحبساب رسسول‬
‫الله وأصهاره وبعض زوجاته أمهات المؤمنين أو بفرية البداء‪ ..‬إلخ‪.‬‬
‫ل يغتر أحد بمثسل هسسذا المسسذهب‪ ،‬ولهسذا حكسسى بعسسض السسلف أنهسم إنمسسا يخشسون البدعسسة علسى‬
‫العجمي أو الحدث‪ ..‬أما من ارتوى من معين العلم الشرعي فل ينخدع بأكاذيب الروافض‪) .‬انظر‪:‬‬
‫مقدمة الرسالة ص‪ (6:‬ولهذا قال أهل العلم بأن شيوخ الرافضسسة أحسسد الرجليسسن‪ :‬إمسسا جاهسسل‪ ،‬وإمسسا‬
‫زنديق )انظر‪ :‬منهاج السنة‪.(4/77 :‬‬
‫وهذا "الباطني" المدعو بالنطاكي يدعي بأنه نزيل حلب ويشسسغل قاضسسي القضسساة علسسى مسسذهب‬
‫أهل السنة‪ ،‬مع أنه ل يعرفه من رجال العلم في حلب أحد‪ ..‬كما أجابني غير واحد مسسن أهسسل العلسسم‬
‫فيها منهم الشيخ عبد الفتاح أبو غدة وغيره‪.[.‬‬
‫وهذا السلوب في الوضع له خطورته‪ ..‬وقسسد امتهنسسه الروافسسض‪ ،‬وأصسسبح مسسن‬
‫أعمال التقية عندهم‪ ،‬ولهذا ذكر السويدي أنه على هذه الطريقسسة نسسسبت كتسسب‬
‫كثيرة ول يعرفها إل من كان عارفا ً بمذاق كلم أهل السنة ]السسسويدي‪ /‬نقسسض عقسسائد‬
‫الشيعة‪ :‬ص ‪) 25‬مخطوط(‪.[.‬‬
‫وقد أجرى الله سبحانه الله على لسسسان بعسسض الروافسسض فسسأنطقهم بكشسسف‬
‫هذه الحقيقة فاعترف أحد أساطينهم المعاصرين عند الحديث عن كتاب سسسليم‬
‫بن قيس بأن هذا الكتاب وجملة أخرى من كتبهم موضسسوعة )أي مكذوبسسة علسسى‬
‫من نسبت إليه( لغرض صسسحيح ]الشسسعراني‪ /‬تعليقسسات علميسسة )علسسى الكسسافي مسسع شسسرحه‬

‫‪639‬‬
‫للمازراني( ‪ .[.374-2/373‬فأنهم يستجيزون لنفسهم هذا "الوضع" مسسادام الغسسرض‬
‫صحيحا ً عندهم‪.‬‬
‫ول نسترسل في دراسة ذلك ]وهذا الباب يستحق دراسة خاصسسة لخطسسورته مسسن جسسانب‪،‬‬
‫ولهميته في كشف حقيقة مذهبهم من جانب آخر‪ [.‬لضيق المجال‪ ،‬ولن هذا الباب خاص‬
‫بالمعاصرين‪.‬‬
‫شيوخ الشيعة يعملون بالتقية مع أتباعهم‪:‬‬
‫والشيعة التي تزعم على لسان بعض علمائها ارتفاع التقية ل تسسزال تمسسارس‬
‫التقية‪ ،‬ل مع أهل السسنة فحسسب كمسسا بينسسا‪ ،‬بسل مسسا أتباعهسسا‪ ..‬فسإن مسسن شسيوخ‬
‫المعاصرين من يعمل بالتقية )بإظهاره خلف ما يبطن( مع أتباعه من الشيعة‪.‬‬
‫وهذه ليست دعوى ندعيها‪ ،‬بل حقيقة ثابتة باعترافهم‪ ..‬لقد أحجم ثلثسسة مسسن‬
‫كبار علماء الشيعة عن إعلن مسألة فرعية فقهية في دينهم خوفا ً من العوام‪..‬‬
‫وكانوا يفتون بخطئها‪ ،‬ويقولون بخلفها سرا ً ولخواصسسهم فقسسط ]مسسع أنهسسم مسسافتئوا‬
‫يتبجحون بفتح باب الجتهاد عندهم‪ ..‬وإذا كان هذا موقفهم في مسألة فرعية فكيسسف يرجسسى منهسسم‬
‫إعادة النظر في أصولهم التي شذوا بها عن أمة السلم؟![‪.‬‬
‫ومن الطريف أن الذي كشف هذه الحقيقة هو من يقول بارتفاع التقية وهسسو‬
‫شيخهم محمد جواد مغنيسسة‪ ،‬حيسسث قسسال‪" :‬أحسسدث القسسول بنجاسسسة أهسسل الكتسساب‬
‫مشكلة اجتماعية للشيعة‪ ،‬وأوقعهم في ضيق وشدة وبخاصسسة إذا سسسافروا إلسسى‬
‫بلد مسيحي كالغرب‪ ،‬أو كان فيه مسيحيون كلبنان‪ ..‬وقد عاصرت ثلثة مراجسسع‬
‫كبار من أهل الفتيا والتقليد‪ :‬الول‪ :‬كان في النجف الشرف وهو الشيخ محمد‬
‫رضا آل يس‪ ،‬والثاني‪ :‬في قم وهسو السسيد صسدر السدين الصسدر‪ .‬والثسالث‪ :‬فسي‬
‫لبنان وهو السيد محسن المين‪ ،‬وقد أفتوا جميعا ً بالطهارة‪ ،‬وأسروا بسسذلك إلسسى‬
‫من يثقون به‪ ،‬ولم يعلنوا خوفا ً من المهوشين‪ ،‬على أن يس كان أجرأ الجميسسع‪،‬‬
‫وأنا على يقين بأن كثيرا ً من فقهاء اليوم والمسسس يقولسسون بالطهسسارة‪ ،‬ولكنهسسم‬
‫يخشون أهل الجهل‪ ،‬والله أحق أن يخشوه" ]مغنية‪ /‬فقه المام جعفر الصادق‪ :‬ص ‪-31‬‬
‫‪.[.33‬‬
‫ويذكر مغنية في تفسيره "الكاشف" إن إمامهم الكسسبر السسيد الخسسوئي أسسّر‬
‫برأيه لمن يثق به ]مغنية‪ /‬الكاشف‪.[.6/18 :‬‬
‫وكذلك يقول الرافضي "كاظم الكفائي" بأن إمامهم "الغطا" أفتى بالطهسسارة‬
‫لخاصته‪ ،‬لن عقول العامة ل تحتمله ]نقل ذلك د‪ .‬علسسي السسسالوس )انظسسر‪ :‬فقسسه الماميسسة‬
‫ص ‪ -81‬الهامش(‪.[.‬‬
‫وقد علق على ذلك د‪ .‬علي السسسالوس فقسسال‪ :‬وهكسسذا يضسسيع العلسم‪ ،‬ويفسسترى‬
‫على السلم‪ ،‬لن أناسا ً ائتمنوا علسسى العلسسم فض سّيعوه وزّيفسسوه‪ ،‬لنهسسم يخشسسون‬
‫الناس ول يخشون الله ]علي السالوس‪ /‬فقه المامية‪ :‬ص ‪) 81‬الهامش(‪.[.‬‬
‫وأقسسول‪ :‬إن مسسن أسسسباب مراعسساة )أو تقيسسة( علمسساء الشسسيعة لجهسسال الشسسيعة‬
‫وعوامهم هو أن هؤلء هم مصدر رزقهم الذي يسلبونه منهم باسم الخمس‪.‬‬
‫وإذا كان هذا موقف خمسة من كبار مراجع الشيعة في العصر الحاضسسر إزاء‬
‫مسألة فرعية يجزمون بخطئها‪ ،‬فكيف يرجى أن يستجيبوا لتعديل أصولهم؟!‬
‫ومن هذه الحقائق يتبين أن الشيعة ل يتركون تقيتهم‪ ..‬ول يتخلون عنها حسستى‬
‫يقوم القائم كما تؤكده نصوصهم وأفعالهم‪.‬‬
‫وإن كان استعمال "التقية" عندهم يخف ويشتد بحسب الظروف والحوال‪..‬‬
‫أعني أنه كلما كانت للشيعة دولة وقوة كان التزامها بالتقية أضعف‪ ،‬ونجسسد هسسذا‬

‫‪640‬‬
‫واضحا ً في مقارنة بين ما كتبه شيوخ الدولة الصفوية‪ ،‬مثل‪ :‬كتابسسات المجلسسسي‬
‫في بحار النوار‪ ،‬ونعمة الله الجسسزائري فسسي النسسوار النعمانيسسة‪ ،‬والكاشسساني فسسي‬
‫تفسير الصافي‪ ،‬والبحرانسسي فسسي تفسسسير البرهسسان وغيرهسسم‪ ،‬بحيسسث تجسسد منهسسم‬
‫الجرأة على إعلن كثير من الفكار التي كسسانت موضسسع السسسرية عنسسد الشسسيعة‪..‬‬
‫بالمقارنة إلى سابقيهم إبان قوة الدولة السلمية‪ ،‬حيث نجسسد فسسي الغسالب فسي‬
‫نهاية كل نص من نصوصهم المر بحفظ السر وكتمان المبدأ ]انظسسر – مثل ً ‪ :-‬نسسص‬
‫عقيدة الطينة ص)‪ (961-960‬من هذه الرسالة‪ .[.‬حتى إن مسألة الوليسسة كسسانت موضسسع‬
‫السرية عندهم في بادئ المر ]انظر‪ :‬ص)‪ (658‬من هذه الرسالة‪..[.‬‬
‫وبعد‪ ،‬هذه جملة من آراء المعاصرين وعقائدهم تبين نهجهم العقدي في هذا‬
‫العصر‪ ..‬وما لم يكن فيه جديد أو دعوى جديدة عما مضى لسسم أتعسسرض لسسه‪ ،‬لن‬
‫الصلة مادامت قائمة ووثيقة في أصول التلقي فل أمل في تغيير إلى الفضل‪.‬‬
‫وبهذا يتبين أن المعاصرين هم أخطر من سابقين؛ لنهم ورثوا كل ما صسسنعته‬
‫القسرون مسسن السدس والستزوير‪ ،‬واعتسبروا تلسك مصسسادر معتمسدة‪ ..‬ووفسسرت لهسم‬
‫"الطباعة الحديثة" انتشار الكتسسب عنهسسم‪ ..‬وكسسان ضسسعف المسسسلمين سسسببا ً فسسي‬
‫زيادة نشاطهم‪ ،‬وكان فشو الجهل وضعف السنة عامل ً من عوامل التسسأثر بهسسم‪،‬‬
‫وتأثير ضللهم‪.‬‬

‫الفصل الرابع‬
‫دولة اليات‬
‫وبعد أن تبين صلة الشيعة المعاصرين بقدمائهم‪ ،‬وأن الرتبسساط قسسائم ووثيسسق‬
‫بينم‪ ،‬بل إن ما كان يعد غلوا ً عند الماضين أصبح ضروريا ً عند المعاصرين‪ ،‬فهل‬
‫ثمة حاجة بعد ذلك للوقوف عند دولتهم؟ أليس المر قد اتضح لكل ذي عينين؟‬
‫إن سسسبب تخصسسيص دولتهسسم الحاضسسرة بالدارسسسة والتقسسويم‪ ،‬يعسسود إلسسى أمريسسن‬
‫أساسيين‪:‬‬
‫الول‪:‬‬
‫أنها طرحت بلسان زعيمها‪ ،‬ونص دستورها فكرة جديدة في محيسسط التشسسيع‬
‫الثني عشري‪ ،‬أثارت جدل ً بين شيوخ الشسسيعة بيسسن مؤيسسد ومعسسارض‪ ،‬تلسسك هسسي‬
‫فكرة نقل وظائف المهسسدي وصسسلحياته بعسسد طسسول غيبتسسه‪ ،‬وتسسأخر خروجسسه إلسسى‬
‫الفقيه الشسسيعي بالكامسسل كمسسا سسسيأتي تفصسسيله والحسسديث عسسن آثسساره‪ ،‬حيسسث إن‬
‫الخميني استولى تماما ً على وظائف مهديهم المنتظر بعد قيام دولته‪.‬‬
‫السبب الثاني‪:‬‬
‫بأنه قيل إن هذه الدولة هي التي تمثل السلم في هذا العصر‪ ،‬وشيوخها هم‬
‫المراجسسع للمسسسلمين‪ ،‬ومؤسسسسها مسسن المجسسددين‪ ،‬وراجسسع هسسذا علسسى بعسسض‬
‫المسلمين‪ ،‬وقيل بعد قيام دولتهم بأنه قسسد عسساد "المسسذهب الشسسيعي إلسسى نقسسائه‬
‫الصيل ولء لله ورسوله صلى الله عليه وسلم وحبا ً لل بيته حبسا ً صسادقا ً لسوجه‬
‫الله ل يفقد صاحبه احترام غيرهم من المسلمين وخصوصا ً صحابة رسول اللسسه‬
‫صلى الله عليه وسلم" ]مجلة البلغ‪ ،‬العدد )‪ 9 ،(512‬ذي القعدة ‪1399‬هس‪.[.‬‬
‫وزعمت بعض الصحف "أن ردود الفعل التي أحدثتها )حركسسة الخمينسسي( كسسان‬
‫مبعثها أن حركة الخميني حركة إسلمية مائة في المسسائة" ]مجلسسة العتصسسام‪ ،‬العسسدد‬
‫الخسسامس‪ ،‬السسسنة الثانيسسة والربعسسون‪ ،‬ربيسسع أول ‪1399‬هسسس‪ ..[.‬ورشسسحت مجلسسة المعرفسسة‬

‫‪641‬‬
‫]انظسسر‪ :‬مجلسسة المعرفسسة‬ ‫التونسية الخميني لنيل جائزة الملك فيصل لخدمة السلم‬
‫التونسية ‪ ،‬العدد )‪ ، (9‬السنة الخامسة ‪ ،‬ذي الحجة ‪1399‬هس‪.[.‬‬
‫ومضت على هذا النهج مجلت أخرى كالرائد ]انظر‪ :‬الرائد اللمانية‪ ،‬العدد )‪ (34‬ذي‬
‫الحجسسسة ‪1398‬هسسسس‪ ،‬ص ‪ ،[.26-25‬والسسدعوة ]انظسسسر‪ :‬السسسدعوة المصسسسرية‪ ،‬العسسسدد )‪ (30‬فسسسي‬
‫‪1/12/1398‬هسسس‪ ،‬ص ‪ ،[.8‬والرسسسالة ]انظسسر‪ :‬الرسسسالة اللبنانيسسة‪ ،‬العسسدد )‪ ،(31‬جمسسادى الثانيسسة‬
‫‪1399‬هس‪ ،[.‬والمان ]انظر‪ :‬المان اللبنانية‪ ،‬العدد )‪ 9 ،(31‬شوال ‪1399‬هس‪ [.‬وغيرها‪ .‬وهذه‬
‫المجلت كلها منتسبة لهل السنة‪.‬‬
‫وقد كتب بعض المنتمين لهل السنة كتابات عن الخميني وثورته‪ ،‬يشسسيد بهسسا‬
‫ويعدها المثال الصادق للحكومة السلمية ]مثل‪" :‬الخمينسسي الحسسل السسسلمي والبسسديل"‪،‬‬
‫تأليف فتحي عبد العزيز‪ ،‬ونشرته دار المختار السلمي‪ ،‬و"مع ثورة إيران" وهو البحث الثالث مسسن‬
‫البحوث التي يصدرها المركز السلمي في آخن‪ ،‬وكتاب‪" :‬نحو ثورة إسلمية" لمحمد عنبر‪.[.‬‬
‫وأصدرت بعض الحركات السلمية بيانات تثني وتؤيد المنهسسج الخمينسسي حسستى‬
‫جاء في بيان التنظيم السدولي للخسوان المسسلمين وصسف حكسم الخمينسي بسأنه‬
‫"الحكم السلمي الوحيد في العالم" ]انظسسر‪ :‬الشسسيعة والسسسنة ضسسجة مفتعلسسة‪ ،‬وهسسو مسسن‬
‫سلسلة الكتب التي تصدرها دار المختار السلمي‪ :‬ص ‪.[.52‬‬
‫فكسسانت فتنسسة مدلهمسسة ل تسسزال آثارهسسا باقيسسة‪ ،‬وإن أفسساق البعسسض‪ ،‬وتسسبينت لسسه‬
‫الحقيقة‪ ،‬إل أن منهم من ل يسسزال يعسسد مسسا يثسسار عسسن شسسيعة الخمينسسي إنمسسا هسسي‬
‫"ضجة مفتعلة" ]انظر‪ :‬الشيعة والسنة ضجة مفتعلة‪ ،‬وهو من سلسلة الكتب التي تصدرها دار‬
‫المختار السلمي‪ :‬ص ‪.[.52‬‬
‫وقد استغل الشسسيعة هسسذا الجسسو بالدعايسسة لمسسذهبهم ونشسسره‪ ،‬وسسساهمت هسسذه‬
‫الحملة العلمية الدعائية فسسي الصسسحف السسسلمية علسسى إخفسساء الحقيقسسة أمسسام‬
‫شباب المسلمين‪ ،‬لنها هي ل تعرف شيئا ً من الخلف بيسسن الشسسيعة والسسسنة إل‬
‫ي أم أبو بكر‪ ،‬وتلسسك أمسسة خلسست‪ ،‬وليسسس‬ ‫أنه خلف حول من يستحق الولية‪ :‬عل ّ‬
‫هذا الخلف بأمر ذي بال اليوم‪.‬‬
‫ً‬
‫فكان هذا الوضع مجال ً خصبا لنشر الفتنة والرفض‪ ..‬ومن هنا فسسإنه لبسسد مسسن‬
‫بيان الحقيقة ونشرها بين الناس‪.‬‬
‫ولبد من نقد دعوى الجديد والتجديد‪ ،‬وحكاية التغيير وتقويمها‪ ،‬ولعل دراسسسة‬
‫فكر مؤسسها‪ ،‬ومسسواد دسسستورها‪ ،‬هسسي السستي يمكسسن علسسى ضسسوئها إصسسدار حكسسم‬
‫موضوعي محايد فسسي أمرهسسا ]وقسسد كتبسست عسسن مسسسألة الخمينسسي والتقريسسب فسسي رسسسالتي‬
‫للماجستير‪ ،‬وفي هذه الدراسة أكمل الموضوع بكشف جوانب جديدة‪ ،‬لعلهسسا لسسم تطسسرق مسسن قبسسل‬
‫فيما نشر من كتب حول الخميني‪.[.‬‬

‫فكر مؤسسها‬
‫من خلل الرجوع إلى ما كتبه الخميني في كشف السرار ]وهو باللغة الفارسية‪،‬‬
‫وتم تعريب أجزاء من الكتاب من قبل أحد أبناء هذه اللغة‪ ،‬وقد أرسل لي صورة من هذه الترجمة‬
‫أحد أساتذة الجامعة السلمية جزاه الله خيرًا‪ ،[.‬وتحرير الوسيلة‪ ،‬والحكومة السسسلمية‪،‬‬
‫ومصباح المامة والولية‪ ،‬ورسائل التعدد والترجيح والتقية‪ ،‬ودروس في الجهاد‬
‫والرفض‪ ،‬وسر الصلة‪ ..‬وغيرها‪.‬‬
‫يتبين أن له مجموعة من التجاهات‪ ،‬لعل أهمها ما يلي‪:‬‬
‫أو ً‬
‫ل‪ :‬التجاه الوثني‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬التجاه الصوفي الغالي‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬دعوى النبوة‪.‬‬
‫‪642‬‬
‫رابعًا‪ :‬الغلو في الرفض‪.‬‬
‫خامسًا‪ :‬عموم ولية الفقيه )أو النيابة الكاملة عن المنتظر(‪.‬‬
‫ل‪ :‬التجاه الوثني ]لم أجد أحدا ً كتب عن هذا التجسساه عنسسد الخمينسسي رغسسم خطسسورته‬ ‫أو ً‬
‫الكبرى‪:[.‬‬
‫في كتابه كشسسف السسسرار ظهسسر الخمينسسي داعيسا ً للشسسرك ومسسدافعا ً عسن ملسسة‬
‫المشركين حيث يقول تحسست عنسسوان‪" :‬أليسسس مسسن الشسسرك طلسسب الحاجسسة مسسن‬
‫الموتى"‪:‬‬
‫"يمكن أن يقال إن التوسل إلسسى المسسوتى وطلسسب الحاجسسة منهسسم شسسرك؛ لن‬
‫النبي والمام ليس إل جمادين فل يتوقع منهما النفع والضرر‪.‬‬
‫والجواب‪ :‬إن الشرك هو طلب الحاجة من غيسر اللسه‪ ،‬مسع العتقساد بسأن هسذا‬
‫الغير هو إله ورب‪ ،‬وأما إذا طلب الحاجة من الغير من غير هذا العتقسساد فسسذلك‬
‫ليس بشرك‪ ،‬ول فرق في هذا المعنى بين الحي والميت‪ ،‬ولهذا لسسو طلسسب أحسسد‬
‫حاجته من الحجر والمدر ل يكون شركًا‪ ،‬مع أنه قد فعل باط ً‬
‫ل‪.‬‬
‫ومن ناحية أخرى نحسسن نسسستمد مسسن أرواح النبيسساء المقدسسسة والئمسسة السسذين‬
‫أعطاهم الله قدرة‪.‬‬
‫لقد ثبت بالبراهين القطعية والدلة العقلية المحكمة حياة الروح بعد الموت‪،‬‬
‫والحاطة الكاملة للرواح على هذا العالم" ]كشف السرار‪ :‬ص ‪ .[.30‬ثم ذكر أقوال ً‬
‫للفلسفة في إثبات ادعائه‪.‬‬
‫فقد اشتمل هذا النص على ما يلي‪:‬‬
‫أ‪ -‬اعتقاده أن دعاء الحجار والصنام والضرحة من دون الله ل يكون شركا‪ً،‬‬
‫إل إذا اعتقد الداعي أنها هي الله والرب‪.‬‬
‫وهذا باطل من القول وزور؛ لن هذه هو الشرك الكبر بعينه‪ ،‬والسسذي أرسسسل‬
‫الله الرسسسل‪ ،‬وأنسسزل الكتسسب لبطسساله‪ ،‬وهسسو شسسرك المشسسركين السسذين جاهسسدهم‬
‫الرسول صلى الله عليه وسسلم‪ ،‬ذلسسك أنسسه غيسسر خساف أن المشسركين مسسا كسسانوا‬
‫ما‬ ‫يعتقدون في "أصنامهم" أنها الرب بل كانوا يقولون كما قال اللسسه عنهسسم‪َ } :‬‬
‫فققى{ ]الزمسسسر ‪ .[3‬وقسسال سسسبحانه‪:‬‬ ‫ه ُزل ْ َ‬ ‫قّرُبوَنققا إ َِلققى الّلقق ِ‬ ‫م ِإل ل ِي ُ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫عُبققدُ ُ‬ ‫نَ ْ‬
‫ء‬‫ؤل ِ‬ ‫هققق ُ‬ ‫ن َ‬ ‫قوُلو َ‬ ‫وي َ ُ‬ ‫م َ‬‫ه ْ‬ ‫ع ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫ول َ َين َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ضّر ُ‬ ‫ما ل َ ي َ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫دو ِ‬ ‫من ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫دو َ‬ ‫عب ُ ُ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫} َ‬
‫ول َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ّ‬ ‫ش َ‬
‫ت َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫سق َ‬ ‫فقي ال ّ‬ ‫م ِ‬ ‫علق ُ‬ ‫ما ل ي َ ْ‬ ‫ه بِ َ‬ ‫ن الل َ‬ ‫ل أت ُن َب ُّئو َ‬ ‫ق ْ‬ ‫عندَ الل ِ‬ ‫ؤَنا ِ‬ ‫عا ُ‬ ‫ف َ‬ ‫ُ‬
‫ن{ ]يونس ‪.[18‬‬ ‫كو َ‬ ‫ر ُ‬ ‫ما ي ُ ْ‬ ‫عاَلى َ‬ ‫َ‬
‫ش ِ‬ ‫ع ّ‬ ‫وت َ َ‬ ‫ه َ‬ ‫حان َ ُ‬ ‫سب ْ َ‬ ‫ض ُ‬ ‫في الْر ِ‬ ‫ِ‬
‫ن‪،‬‬ ‫مققو َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫عل ُ‬ ‫م تَ ْ‬ ‫هققا ِإن كنت ُق ْ‬ ‫في َ‬ ‫مققن ِ‬ ‫و َ‬ ‫ض َ‬ ‫ن الْر ُ‬ ‫مق ِ‬ ‫وقسسال سسسبحانه ‪} :‬قققل ل َ‬
‫ع‬‫سقب ْ ِ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫وا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫سق َ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫مققن ّر ّ‬ ‫ل َ‬ ‫قق ْ‬ ‫ن‪ُ ،‬‬ ‫ّ‬
‫فل َ ت َقذَكُرو َ‬ ‫ل أَ َ‬ ‫قق ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫ن ل ِل ّق ِ‬ ‫قوُلو َ‬ ‫سي َ ُ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫د‬ ‫ق‬ ‫ي‬‫ب‬ ‫قن‬ ‫ق‬ ‫م‬ ‫ل‬‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ق‬ ‫ن‪،‬‬ ‫قو‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ْ‬
‫ل‬ ‫ُ‬
‫ق‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ن‬ ‫لو‬ ‫ُ‬ ‫قو‬‫ُ‬ ‫ي‬ ‫س‬ ‫م‪،‬‬ ‫ظي‬ ‫ع‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ش‬ ‫ر‬‫ع‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ب‬
‫ِ َ ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ّ‬ ‫َ ِ ِ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ِ ِ‬ ‫َ ْ ِ‬ ‫و َ ّ‬ ‫ر‬ ‫َ‬
‫ن‪،‬‬ ‫مققو َ‬ ‫عل ُ‬ ‫َ‬ ‫م تَ ْ‬ ‫ُ‬
‫ه ِإن كنت ُق ْ‬ ‫علي ْق ِ‬ ‫َ‬ ‫جققاُر َ‬ ‫ول ي ُ َ‬ ‫جي قُر َ‬ ‫و يُ ِ‬ ‫هق َ‬ ‫و ُ‬ ‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬ ‫شق ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ُ‬
‫ت كق ّ‬ ‫ملكققو ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن{ ]المؤمنون ‪..[89-84‬‬ ‫َ‬ ‫ل َ‬ ‫ق ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫سي َ ُ‬
‫حُرو َ‬ ‫س َ‬‫فأّنى ت ُ ْ‬ ‫ن ل ِل ِ‬ ‫قولو َ‬ ‫َ‬
‫فثبت بهذا أن مشركي العرب كانوا مقرين بأن الله وحده خالق كسسل شسسيء‪،‬‬
‫وكانوا مع هذا مشركين‪ ،‬وكان شركهم من هذا الشرك الذي يدعو إليه خميني‪.‬‬
‫ب‪ -‬اعتقاده أن المة الموات لهم قسسدرة علسسى النفسسع والضسسر‪ .‬ويقسسول بسسأنهم‬
‫يستمدون منهم ذلك‪ .‬وهذا من الشسسرك الكسسبر بل ريسسب‪ ،‬فسسالموات ل يملكسسون‬
‫لنفسهم ضرا ً ول نفعًا‪ ..‬وهل يوجد فسسرق بيسسن هسسذا وشسسرك مشسسركي قريسسش‪..‬‬
‫وغيرهم من مشكري المم الذي كان غالب شركهم من هذه الباب ]انظر‪ :‬شسسرح‬
‫الطحاوية‪ :‬ص ‪.[.20‬‬

‫‪643‬‬
‫إن الفرق أن هؤلء يسمون شركهم إسلما ً ويرون أنه من دين محمسسد صسسلى‬
‫الله عليه وسلم كما ترى في دفاع هذا الرجل وغيره‪.‬‬
‫جس‪ -‬دعواه الحاطة الكاملسة للرواح علسى هسذا العسالم‪ ،‬ثسم خساص فسي ركسام‬
‫الفلسفة لثبات مدعاه‪.‬‬
‫حيط ًققا{ ]النسسساء‬ ‫م ِ‬‫ء ّ‬
‫ي ٍ‬ ‫ل َ‬
‫شق ْ‬ ‫ن الل ّ ُ‬
‫ه ب ِك ُ ّ‬ ‫و َ‬
‫كا َ‬ ‫الحاطة بهذا العالم لله وحده } َ‬
‫‪ ،[126‬والروح مخلوقة مدّبرة‪ ،‬وهي بعد مفارقتها للجسسسد فسسي نعيسسم أو عسسذاب‪،‬‬
‫وليسسس لهسسا مسسن أمسسر الحاطسسة بالعسسالم نصسسيب‪ ،‬ولكسسن الشسسيء مسسن معسسدنه ل‬
‫يستغرب‪ ،‬فمن يجمع بين إلحاد الفلسفة وغلسو الرافضسة ل يخسرج منسه إل هسذا‬
‫وأشنع‪.‬‬
‫اعتقاده تأثير الكواكب واليام على حركة النسان‪:‬‬
‫ل يزال فكر الخميني أسير أوهام الشرك والمشركين‪ ،‬فهسسو يزعسسم أن هنسساك‬
‫أياما ً منحوسة من كل شهر يجب أن يتوقف الشيعي فيها عسسن كسسل عمسسل‪ ،‬وأن‬
‫لنتقال القمر إلى بعسسض البسسراج تسسأثيرا ً سسسلبيا ً علسسى عمسسل النسسسان‪ ،‬فليتوقسسف‬
‫الشيعي عن القيام بمشروع معين حتى يتجاوز القمر ذلك البرج المعين‪.‬‬
‫ولشك بأن من يعتقد في اليام والكواكب تأثيرا ً في جلب سعادة‪ ،‬أو إحداث‬
‫ضرر أو منعه فهو مشرك كافر‪ ،‬وهو اعتقاد الصابئة في الكواكب‪.‬‬
‫ومما يشهد لتجاه خميني هذا ما جاء في تحرير الوسيلة؛ حيث يقول‪" :‬يكره‬
‫إيقاعه )يعني الزواج( والقمر في برج العقرب‪ ،‬وفي محاق الشسسهر‪ ،‬وفسسي أحسسد‬
‫اليام المنحوسة في كل شهر وهي سسسبعة‪ :‬يسسوم ‪ ،3‬ويسسوم ‪ ،5‬ويسسوم ‪ ،13‬ويسسوم‬
‫‪ ،16‬ويسسوم ‪ ،21‬ويسسوم ‪ ،24‬ويسسوم ‪) 25‬وذلسسك مسسن كسسل شسسهر(" ]تحريسسر الوسسسيلة‪:‬‬
‫‪.[.2/238‬‬
‫هذا معتقد الخمينسسي‪ ،‬فيصسسدق فيسسه ومسسن تبعسسه قسسول صسساحب التحفسسة الثنسسي‬
‫عشرية‪" :‬إن الصابئين كانوا يحترزون عن أيام يكون القمر بها في العقسسرب‪ ،‬أو‬
‫الطسسرف‪ ،‬أو المحسساق‪ ،‬وكسسذلك الرافضسسة‪ ..‬وكسسانت الصسسابئة يعتقسسدون أن جميسسع‬
‫الكواكب فاعلة مختارة‪ ،‬وأنها هي المسسدبر للعسسالم السسسفلي‪ ،‬وكسسذلك الرافضسسة"‬
‫]مختصر التحفة‪ :‬ص ‪ ،299‬وراجع‪ :‬باب ما جسساء فسسي التنجيسسم مسسن كتسساب التوحيسسد مسسع شسسرحه فتسسح‬
‫المجيد ص ‪.[.365‬‬
‫حقيقة الشرك عند الخميني‪:‬‬
‫وإذا كانت وثنية المشركين ليست عنده بشرك‪ ..‬فما هسسو المسسر السسذي يكسسون‬
‫شركا ً في نظره؟‬
‫يقسسول‪" :‬توجسسد نصسسوص كسسثيرة تصسسف كسسل نظسسام غيسسر إسسسلمي بسسأنه شسسرك‪،‬‬
‫والحاكم أو السلطة فيه طاغوت‪ ،‬ونحن مسؤولون عن إزالة آثسسار الشسسرك مسسن‬
‫مجتمعنا المسلم‪ ،‬ونبعدها تماما ً عن حياتنا" ]الحكومسسة السسسلمية‪ :‬ص ‪ ،34-33‬وانظسسر‪:‬‬
‫اعتقادهم في توحيد اللوهية ص)‪ (425‬وما بعدها من هذه الرسالة‪.[.‬‬
‫فأنت ترى أن مفهوم الشرك عنده هسو أن يتسسولى علسى بلد المسسسلمين أحسد‬
‫من أهل السنة فحاكمها حينئذ مشرك‪ ،‬وأهلها مشركون‪ ،‬فدين هؤلء "الوليسسة"‬
‫ل التوحيد‪ ،‬ولذلك فإن الشرك قد ضرب بجرانه في أقطارهم‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬الغلو في التصوف )أو القول بالحلول والتحاد( ‪:‬‬
‫وتتمثل "صسورة التصسسوف عنسده" فسي أوضسح مظاهرهسا فسي كتسابه "مصسباح‬
‫الهداية إلى الخلفة والولية" ثم كتابه الخسر "سسر الصسلة"‪ ..‬وفيمسا يلسي بيسان‬
‫لبعض اتجاهاته الصوفية الغالية‪:‬‬

‫‪644‬‬
‫أ‪ -‬قوله بالحلول الخاص‪:‬‬
‫يقول عن أمير المؤمنين علي‪" :‬خليفتسسه )يعنسسي خليفسسة الرسسسول صسسلى اللسسه‬
‫عليه وسلم( القائم مقامه في الملك والملكوت‪ ،‬المتحد بحقيقته فسسي حضسسرت‬
‫الجبروت واللهسسوت‪ ،‬أصسسل شسسجرة طسسوبى‪ ،‬وحقيقسسة سسسدرة المنتهسسى‪ ،‬الرفيسسق‬
‫العلى في مقام أو أدنى‪ ،‬معلم الروحسسانيين‪ ،‬ومؤيسسد النبيسساء والمرسسسلين علسسي‬
‫أمير المؤمنين" ]مصباح الهداية‪ :‬ص ‪.[.1‬‬
‫فانظر إلى قوله‪" :‬المتحد‪ ..‬باللهوت" تجده كقول النصارى باتحسساد اللهسسوت‬
‫بالناسوت‪ ،‬ومن قبل زعمت غلة الشسسيعة أن اللسسه حس ّ‬
‫ل فسسي علسسي ]انظسسر القسسول‬
‫بالحلول عند عدد من فرق غلة الشيعة في‪ :‬مقالت السلميين‪ ،86-1/83 :‬وأشسسار الشهرسسستاني‬
‫إلى أن غلة الشيعة كلهم متفقسسون علسسى القسسول بسسالحلول )الملسسل والنحسسل‪ [.(1/175 :‬ول تزال‬
‫مثل هذه الفكار الغالية واللحادية تعشعش في أذهان هؤلء الشيوخ كما ترى‪.‬‬
‫ومن منطلق دعوى حلول الرب بعلي ‪ -‬كما يفتري ‪ -‬ينسسسب الخمينسسي لميسسر‬
‫المؤمنين علي أنه يقول‪" :‬كنت مسسن النبيسساء باطنيسا ً ومسسع رسسسول اللسسه ظسساهرًا"‬
‫]مصباح الهداية‪ :‬ص ‪.[.142‬‬
‫ويعلق عليسسه فيقسسول‪" :‬فسسإنه عليسسه السسسلم صسساحب الوليسسة المطلقسسة الكليسسة‬
‫والولية باطن الخلفة‪ ..‬فهو عليه السلم بمقام وليتسسه الكليسسة قسسائم علسسى كسسل‬
‫نفسس بمسا كسسبت‪ ،‬ومسع كسل الشسياء معّيسة قّيوميسة ظلّيسة إلهيسة ظسل المعيسة‬
‫القيومية الحقة اللهية‪ ،‬إل أن الولية لما كانت في النبياء أكثر خصهم بالسسذكر"‬
‫]مصباح الهداية‪ :‬ص ‪.[.142‬‬
‫فأنت ترى أن الخميني يعلق على تلك الكلمة الموغلة في الغلسسو والمنوسسسبة‬
‫زورا ً لمير المؤمنين‪ ،‬بما هو أشد منها غلوا ً وتطرفًا؛ فهو عنده ليس قائما ً على‬
‫النبياء فحسب‪ ،‬بل على كل نفس ويختار الية المختصة بسسالله سسسبحانه ليصسسف‬
‫ت{‬ ‫سققب َ ْ‬ ‫ما ك َ َ‬ ‫س بِ َ‬ ‫ف ٍ‬ ‫ل نَ ْ‬ ‫عَلى ك ُ ّ‬ ‫م َ‬ ‫قآئ ِ ٌ‬‫و َ‬ ‫ه َ‬
‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ف َ‬‫بها المخلوق‪ .‬قال تعالى‪} :‬أ َ َ‬
‫]الرعد ‪.[33‬‬
‫أي أنه سبحانه‪" :‬حفيظ عليم رقيب على كسسل نفسسس منفوسسسة" قسسال تعسسالى‪:‬‬
‫في َ ْ‬
‫ل‬‫مقق ٍ‬ ‫ع َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫مُلو َ‬ ‫ول َ ت َ ْ‬
‫ع َ‬ ‫ن َ‬ ‫قْرآ ٍ‬ ‫من ُ‬ ‫ه ِ‬ ‫ما ت َت ُْلو ِ‬
‫من ْ ُ‬ ‫و َ‬‫ن َ‬ ‫شأ ٍ‬ ‫ن ِ‬‫كو ُ‬ ‫ما ت َ ُ‬‫و َ‬‫} َ‬
‫ه{ ]يسسونس ‪] .[61‬تفسسسير ابسسن كسسثير‪:‬‬ ‫فيق ِ‬‫ن ِ‬ ‫ضققو َ‬ ‫في ُ‬ ‫دا إ ِذْ ت ُ ِ‬
‫هو ً‬ ‫م ُ‬
‫شق ُ‬ ‫عل َي ْك ُق ْ‬‫إ ِل ّ ك ُّنا َ‬
‫‪.[.2/556‬‬
‫وقد تبينت الحقيقة لكل ذي عينين‪ ،‬فماذا بعد القول بأن عليا ً هو القائم على‬
‫كل نفس غلوًا‪ ،‬إذ هو تأليه صريح؟!‬
‫ء‬
‫قققا ِ‬‫عل ّك ُققم ب ِل ِ َ‬ ‫ت لَ َ‬‫ل الي َققا ِ‬ ‫صق ُ‬ ‫مقَر ي ُ َ‬ ‫َ‬
‫ف ّ‬ ‫وقال في قوله عسسز وجسسل‪} :‬ي ُدَب ُّر ال ْ‬
‫ن{ ]الرعد ‪ [2‬قال‪" :‬أي ربكم الذي هو المسسام" ]مصسسباح الهدايسسة‪ :‬ص‬ ‫قُنو َ‬ ‫م ُتو ِ‬ ‫َرب ّك ُ ْ‬
‫‪.[.145‬‬
‫ب‪ -‬قوله بالحلول والتحاد الكلي‪:‬‬
‫ي إلى‬ ‫وتجاوز الخميني مرحلة القول بالحلول الجزئي‪ ،‬أو الحلول الخاص بعل ّ‬
‫القول بالحلول العام‪ ..‬فهو يقول ‪ -‬بعد أن تحدث عن التوحيد ومقامسساته حسسب‬
‫تصوره ‪" :-‬النتيجة لكل المقامات والتوحيدات عدم رؤية فعل وصفة حسستى مسسن‬
‫الله تعالى‪ ،‬ونفى الكثرة بالكلية‪ ،‬وشهود الوحسسدة الصسسرفة‪] "..‬مصسسباح الهدايسسة‪ :‬ص‬
‫‪.[.134‬‬

‫‪645‬‬
‫ويبدو أن قوله‪" :‬عدم رؤية فعل وصفة حتى مسسن اللسسه تعسسالى" للتأكيسسد علسسى‬
‫مذهب التحادية‪ ،‬لن رؤية فعل متميسسز‪ ،‬وإثبسسات صسسفة معنيسسة للسسه يعنسسي إثبسسات‬
‫الغيرية والتثنية وهذا شرك عندهم‪.‬‬
‫ثم ينقل عن أحد أئمته أنه قال‪" :‬لنا مع الله حالت هو هو ونحن نحسسن‪ ،‬وهسسو‬
‫نحن‪ ،‬ونحن هو" ]مصباح الهداية‪ :‬ص ‪.[.114‬‬
‫ً‬
‫ثم يعلق على ذلك بقسسوله‪" :‬وكلمسسات أهسسل المعرفسسة خصوصسا الشسسيخ الكسسبير‬
‫محي الدين مشحونة بأمثال ذلك مثل قوله‪ :‬الحق خلق‪ ،‬والخلسسق حسسق‪ ،‬والحسسق‬
‫حق‪ ،‬والخلق خلق"‪.‬‬
‫وقال في نصوصه‪" :‬إن الحق المنزه هو الحق المشبه" ]في الصل المنقول عنسسه‬
‫"المشيئة" وهو تصحيف واضح‪ ..[.‬ثم نقل جملة من كلمات ابن عربي ]مصسسباح الهدايسسة‪:‬‬
‫ص ‪ ..[.114‬وقال‪" :‬ل ظهور ول وجسسود إل لسسه تبسسارك وتعسسالى والعسسالم خيسسال فسسي‬
‫خيال عند الحرار" ]مصباح الهداية‪ :‬ص ‪.[.123‬‬
‫وقال‪" :‬وإذا نظف دار التحقسسق مسسن غبسسار الكسسثرة‪ ،‬وطسسوى الحجسسب النورانيسسة‬
‫والظلمانية ونال مقسسام التوحيسسد السسذاتي‪ ،‬والفنسساء الكلسسي تحصسسل لسسه السسستعاذة‬
‫الحقيقية‪."..‬‬
‫د{ رجسسوع العبسسد إلسسى الحسسق بالفنسساء الكلسسي‬ ‫عب ُق ُ‬ ‫ثسسم قسسال‪ :‬وقسسوله‪} :‬إ ِي ّققا َ‬
‫ك نَ ْ‬
‫المطلق" ]سر الصلة‪ :‬ص ‪.[.178‬‬
‫ثم تراه كثيرا ً ما يستدل على مسسذهبه فسسي وحسسدة الوجسسوع بقسسول ابسسن عربسسي‬
‫والذي يصسسفه بالشسسيخ الكسسبير ]انظسسر ‪ -‬مثل ً ‪ :-‬ص ‪ ،84‬س ‪ ،94‬س ‪ 112‬مسسن مصسسباح الهدايسسة‪،[.‬‬
‫والقونوي‪ ،‬ويصفه بس"خليفة الشيخ الكبير محيي الدين" ]انظر‪ :‬ص ‪ 110‬مسسن مصسسباح‬
‫الهداية‪.[.‬‬
‫وهكذا تبين أن الخميني قد أخذ منهج أهل الحلول والتحاد‪.‬‬

‫ثالثًا‪ :‬دعوى النبوة‪:‬‬


‫أفرزت لوثات التصوف‪ ،‬وخيالت الفلسفة عنده دعوى غريبة‪ ،‬وكفرا ً صريحًا‪،‬‬
‫حيث رسم للسالك أسفارا ً أربعة‪:‬‬
‫ي والخفسسى‪ ..‬ويصسسدر‬ ‫ينتهي السفر الول إلى مقام الفناء "وفيه السسسر الخف س ّ‬
‫عنه الشطح‪ ،‬فيحكم بكفره‪ ،‬فإن تداركته العناية اللهيسسة‪ ..‬فيقسسر بالعبوديسسة بعسسد‬
‫الظهور بالربوبية" ]مصباح الهداية‪ :‬ص ‪ [.148‬كما يقول‪.‬‬
‫وينتهي السفر الثاني عنده إلى أن "تصير وليته تامسسة‪ ،‬وتفنسسى ذاتسسه وصسسفاته‬
‫وأفعاله في ذات الحق وصفاته وأفعاله‪ ،‬وفيه يحصل الفناء عسسن الفنائيسسة أيض سا ً‬
‫الذي هو مقام الخفى‪ ،‬وتتم دائرة الولية" ]مصباح الهداية‪ :‬ص ‪.[.149-148‬‬
‫أما في السسسفر الثسسالث فسسإنه "يحصسسل لسسه الصسسحو التسسام ويبقسسى بإبقسساء اللسسه‪،‬‬
‫ويسافر في عوالم الجبروت والملكوت والناسوت‪ ،‬ويحصل له حظ من النبوة‪،‬‬
‫وليست له نبوة التشريع‪ ،‬وحينئذ ينتهي السفر الثالث ويأخذ في السفر الرابسسع"‬
‫]مصباح الهداية‪ :‬ص ‪.[.149‬‬
‫ً‬
‫وبالسفر الرابع "يكون نبيا بنبوة التشريع" ]مصباح الهداية‪ :‬ص ‪.[.149‬‬
‫فمراحل السفر عنده‪ :‬الفناء‪ ،‬والوليسسة وفيهسسا الفنسساء عسسن الفنسساء‪ ،‬والنبسسوة بل‬
‫تشسسريع‪ ،‬ثسسم النبسسوة الكاملسسة‪ ،‬وهسسي تتضسسمن أن النبسسوة مكتسسسبة عسسن طريسسق‬
‫"رياضات" ومجاهدات أهل التصسسوف‪ .‬وهسسي دعسسوى ترتسسد إلسسى أصسسول فلسسسفية‬
‫صوفية قديمة‪ ،‬ولذا قال القاضي عياض‪" :‬ونكفر‪ ...‬من ادعى النبوة لنفسه‪ ،‬أو‬

‫‪646‬‬
‫جوز اكتسابها والبلوغ بصفاء القلسسب إلسسى مرتبتهسسا كالفلسسسفة وغلة الصسسوفية"‬
‫]الشفاء‪.[.1071-2/1070 :‬‬
‫فهذه المقالة كفر صريح‪ ،‬وإلحاد مكشسسوف‪ ،‬كفسسر بسسالنبوة وبالنبيسساء‪ ،‬وخسسروج‬
‫عن دين السلم‪ ،‬ويبدو أنه يدعي لنفسه سلوك هسسذه "المقامسسات"‪ ..‬وقسسد ذكسسر‬
‫في كتابه الحكومة السلمية "أن الفقيسسه الرافضسسي بمنزلسسة موسسسى وعيسسسى"‬
‫]الحكومة السلمية‪ :‬ص ‪.[.95‬‬
‫وينبغي أن ل يغيب عن البال أن مقام المامة عندهم أعلى من مقسسام النبسسوة‬
‫‪ -‬كما سبق ذكره ]انظر‪ :‬ص)‪ -[.(565‬وسيأتي ذكسسر ذلسسك أيضسا ً مسسن كلم الخمينسسي‬
‫نفسه‪ ،‬ومع ذلك فإن الخمينسسي ل يسسدعى فسسي إيسسران إل "بالمسسام" أي بالوصسسف‬
‫الذي فوق وصف النبوة عندهم ]مصطلح المام عند الشيعة يختلف تماما ً في مفهومه عنسسد‬
‫أهل السنة‪ ،‬ولذلك ل يلفت استعمال الشيعة له أنظار أهل السنة‪.[.‬‬
‫ولهذا قال مرتضى كتبي ]مرتضى كتبي‪ :‬أستاذ العلوم الجتماعية فسسي جامعسسة طهسسران‪،[.‬‬
‫وجان ليون ]جان ليون فاندورن‪ :‬صسسحافي فرنسسسي‪" :[.‬بالنسبة للغالبيسسة العظمسسى مسسن‬
‫الشعب اليراني لم يعد روح الله الخميني آية الله‪ ،‬إنما المام‪ ،‬وهو لقب نسسادًرا‬
‫ما أعطي في تاريخ الشيعة" ]المجتمع والدين عند المام الخميني‪ ،‬وقسسد نشسسر هسسذا البحسسث‬
‫في‪" :‬اللوموند الفرنسية" ثم طبع في كتاب باسم "إيران" ص ‪.[.216‬‬
‫وقد أكد هذا المعنى أحد المسئولين اليرانيين ويدعى فخسسر السسدين الحجسسازي‬
‫حين قال‪" :‬إن الخميني أعظم من النسسبي موسسسى وهسسارون" فنسسال بهسسذا القسسول‬
‫رضى الخميني فعينه نائبا ً عن طهران‪ ،‬ورئيسا ً لمؤسسة المستضسسعفين أعظسسم‬
‫مؤسسة مالية في البلد" ]موسى الموسوي‪ /‬الثورة البائسة‪ :‬ص ‪.[.147‬‬
‫ونجد محمد جواد مغنية يلمح إلى شيء من تفضيل الخميني علسسى نسسبي اللسسه‬
‫موسى عليه السلم حين قال‪" :‬وقال السيد المعلم )يعني الخميني( ص) ‪(111‬‬
‫من الحكومة السلمية‪" :‬لماذا الخوف؟ فليكن حبسا ً أو نفيا ً أو قتل ً فإن أوليسساء‬
‫الله يشرون أنفسهم ابتغاء مرضاة الله"‪.‬‬
‫ثم علق على ذلك مغنية بقوله ‪ ":‬وليست هسسذه الكلمسسات مجسسرد سسسورة مسسن‬
‫سورات الغضب كما فعل موسى )ع( حين ألقى اللواح ‪ -‬التوراة ‪ -‬وأخذ برأس‬
‫أخيه يجره‪ ،‬بل تنبني أيضسا ً علسسى العلسسم والمنطسسق الصسسارم دون أن تلفحسسه نسسار‬
‫العاطفة" ]الخميني والدولة السلمية‪ :‬ص ‪.[.107‬‬
‫هذا نص مغنية بحروفه‪ ،‬وهو يفيد ‪ -‬كما يظهر ‪ -‬أن الخميني أكمسسل مسسن نسسبي‬
‫اللسسه موسسسى عليسسه الصسسلة والسسسلم‪ ،‬وأن فعسسل الخمينسسي مبنسسي علسسى العلسسم‬
‫والمنطق‪ ،‬وموسى على الغضب والعاطفة‪.‬‬
‫وموسى عليه السلم أكرم وأعظم من أن يقارن بصفوة الصسسالحين‪ ،‬فكيسسف‬
‫يفضل عليه الخميني‪ ،‬أو يذكر معسسه فسسي مقارنسسة؟! ولكنسسه منطسسق الغلة السسذين‬
‫فرغت قلوبهم من تسسوقير أنبيسساء اللسه ورسسسله‪ ،‬لن غلسوهم فسي أئمتهسم ونسسواب‬
‫الئمة قد استفرغ من نفوسهم عظمة الرسالة والرسل‪.‬‬
‫ويقال‪ :‬إن الخميني أدخل اسمه في أذان الصلة وقدمه على الشهادتين‪.‬‬
‫يقول د‪ .‬موسى الموسوي ]وهو حفيد شيخهم أبسسي الحسسسن الموسسسوي الصسسبهاني‪ ،‬وهسسو‬
‫أستاذ يحمل الدكتوراه من جامعة طهران‪ ،‬وجامعة باريس‪ ،‬وعمل في عسسدة جامعسسات كأسسستاذ فسسي‬
‫القتصاد والفلسفة‪" [.‬أدخل الخميني اسمه في أذان الصلوات‪ ،‬وقدم اسسسمه علسسى‬
‫اسم النبي الكريم‪ ،‬فأذان الصسلوات فسي إيسران بعسد اسسستلم الخمينسي للحكسسم‪،‬‬
‫وفي كل جوامعها كما يلي‪" :‬الله أكبر‪ ،‬الله أكبر )خميني رهبر( أي أن الخميني‬

‫‪647‬‬
‫هو القائد‪ ،‬ثم أشهد أن محمدا ً رسول الله"‬
‫]الثورة البائسة‪ :‬ص ‪ ،163-162‬وانظر‪ :‬عبد‬
‫الجبار العمر‪ /‬الخميني بين الدين والدولة‪ :‬ص ‪) ..[.6‬بل لم تذكر شهادة أن ل إله إل الله‬
‫أصل ً وقد كون هذا سهوا ً من المؤلف(‪.‬‬
‫وإذا كان شيخهم ابسن بسابويه فسي القسرن الرابسع يسرى أن قسول الشسيعة فسي‬
‫الذان‪" :‬أشهد أن عليا ً ولي الله‪ ..‬هسسو مسسن وضسسع المفوضسسة" ]المفوضسسة‪ :‬مسسن غلة‬
‫الشيعة‪ ،‬زعموا أن الله خلق محمدا ً ثم فوض له خلق العالم وتدبيره‪ ،‬ثم فوض محمد تدبير العسسالم‬
‫إلى علي فهو المدبر الثاني‪.‬‬
‫)انظر عن المفوضة‪ :‬مقالت السسسلميين للشسسعري‪ ،1/88 :‬الفسسرق بيسسن الفسسرق للبغسسدادي‪ :‬ص‬
‫‪ ،251‬اعتقادات فرق المسلمين والمشركين للسرازي‪ :‬ص ‪ ،90‬الخطسط للمقريسزي‪ ،2/351 :‬ومسن‬
‫كتب الشيعة‪ :‬انظر المفيسسد‪ /‬تصسسحيح العتقسساد‪ :‬ص ‪ ،65-64‬المجلسسسين‪ /‬بحسسار النسسوار‪[.(25/345 :‬‬
‫لعنهم الله تعالى ]انظر‪ :‬من ل يحضره الفقيه‪.[.189-1/188 :‬‬
‫عرفت انفصال المعاصرين عن الغابرين‪ ،‬وأن المعاصرين قد امحت الفوارق‬
‫بينهم وبين الغلة‪ ،‬ولم يعد لديهم حدود يتوقفسسون عنسسدها فسسي السسسير بمسسذهبهم‬
‫قدما ً نحو الغلو والزندقة‪.‬‬

‫رابعًا‪ :‬الغلو في الرفض‪:‬‬


‫بالنسبة لتجاه الخميني في التشيع فإنه يأخسسذ بالمسسذهب الغسسالي والمتطسسرف‬
‫وهو مذهب غلة الروافض ]ومن شغفه باسم الرافضة يسمي أحد كتبه "دروس في الجهسساد‬
‫والرفض"‪ .[.‬ومما يدل على ذلك أنه يعتمد مقالة غلتهم في تفضيل الئمسسة علسسى‬
‫أنبياء الله ورسله؛ فيقول‪:‬‬
‫"إن مسسن ضسسرورات مسسذهبنا أن لئمتنسسا مقامسا ً ل يبلغسسه ملسسك مقسسرب ول نسسبي‬
‫مرسل‪ ..‬وقد ورد عنهم )ع( أن لنا مع الله حالت ل يسعها ملك مقرب ول نبي‬
‫مرسل" ]الحكومة السلمية‪ :‬ص ‪.[.52‬‬
‫وهذا هو مذهب غلة الرافضة كما يقرر ذلك عبد القاهر البغدادي ]انظر‪ :‬أصول‬
‫الدين‪ :‬ص ‪ ،[.298‬والقاضي عياض ]الشفاء‪ .[.2/290 :‬وشيخ السلم ابن تيمية ]منهاج‬
‫السنة‪.[.1/177 :‬‬
‫وترى الخميني ينسب هذا المذهب لكل المعاصرين‪ ،‬وأن هذا من الضرورات‬
‫عندهم؛ فالمعاصرون هم ‪ -‬بناء على ذلك ‪ -‬من غلة الروافض فسسي حكسسم أئمسسة‬
‫السلم‪.‬‬
‫وليس ذلك فحسب‪ ،‬بل عقيسسدة الخمينسسي فسسي أئمتسسه هسسي عقيسسدة الغلة فسسي‬
‫حكم كبار شيوخ الشيعة في القرن الرابع؛ يدل على ذلك أنه يذهب إلى القول‬
‫بأن أئمته "ل يتصور فيهم السهو والغفلة" ]الحكومة السلمية‪ :‬ص ‪.[.91‬‬
‫وهذا في نظر شيخهم ابن بابويه الملقب برئيس المحدثين هو مسسذهب الغلة‬
‫والمفوضة في الئمة‪ ،‬والذين هم في نظر ابن بابويه وغيسسره يسسستحقون اللعسسن‬
‫حيث قال‪" :‬إن الغلة والمفوضة ‪ -‬لعنهم الله ينكسسرون سسسهو النسسبي صسسلى اللسسه‬
‫عليه وسلم‪] "..‬من ل يحضره الفقيه‪.[.1/234 :‬‬
‫ونقل عن شيخه محمد بن الحسن بن الوليد أنه كسسان يعسسد نفسسي السسسهو عسسن‬
‫النبي والمام من الغلو ]من ل يحضره الفقيه‪ .[.1/234 :‬وفي كتابه العتقادات حكسسم‬
‫على هؤلء الغلة والمفوضة بقوله‪" :‬اعتقادنا في الغلة والمفوضسسة أنهسسم كفسسار‬
‫بالله جل اسمه‪ ،‬وأنهم شسسر مسسن اليهسسود والنصسسارى والمجسسوس" ]العتقسسادات‪ :‬ص‬
‫‪.[.109‬‬

‫‪648‬‬
‫هذا والخميني في بقيسسة عقسسائده ل يختلسسف عسسن عقسسائد الثنسسي عشسسرية السستي‬
‫تحدثت عنها صفحات هذا البحث‪.‬‬
‫وذلك في تكفيره لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ]حتى إنه يقسسرر فسسي‬
‫كتابه تحرير الوسيلة مشروعية التبري من أعداء الئمة في الصسسلة ‪ -‬وأعسسداء الئمسسة فسسي قسساموس‬
‫الشيعة هم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم إل ثلثة أو سبعة ‪) -‬تحرير الوسسسيلة‪(1/169 :‬‬
‫وهو في كتابه‪ :‬كشف السرار يصرح بتكفير الشيخين )انظر‪ :‬كشف السرار‪ :‬ص ‪ 112‬وما بعسسدها(‬
‫وانظر‪ :‬النسسدوي‪ /‬صسسورتان متضسادتان‪ :‬ص ‪ ،58-57‬محمسسد منظسسور النعمسساني‪ /‬الثسسورة اليرانيسة فسسي‬
‫ميزان السلم‪ :‬ص ‪ 48‬وما بعدها‪ [.‬ولهل السنة عمومًا‪ ،‬حتى ينعتهم بالنواصسسب ‪ -‬مسسا‬
‫عدا من يسمونهم بالمستضعفين ]تقدم تعريف هذا المصطلح عنسسدهم ص‪ -[.(913) :‬بسل‬
‫هو يأخذ بالرأي المتطرف من آراء قسسومه فسسي ذلسسك‪ ،‬وهسسو معسساملتهم كسسالحربي‬
‫حيث قال‪" :‬والقوى إلحاق الناصب بأهسسل الحسسرب فسسي إباحسسة مسسا اغتنسسم منهسسم‬
‫وتعلق الخمس به‪ ،‬بسسل الظسساهر جسسواز أخسسذ مسساله أينمسسا وجسسد‪ ،‬وبسسأي نحسسو كسسان‪،‬‬
‫ووجوب إخراج خمسه" ]تحرير الوسيلة‪ ،1/352 :‬وانظر‪ :‬وجاء دور المجوس‪ :‬ص ‪.[.186‬‬
‫وهو يريد بالناصب أهل السنة وما يحلسسق بهسسم ‪ -‬فسسي نظرهسسم ‪ -‬مسسن الشسسيعة‬
‫الزيدية ما عسدا الجاروديسة ‪ -‬كمسا مسر ‪ -‬ل الخسوارج فقسط والسذين هسم يسسمون‬
‫بالنواصب عند أهل السنة لجماعهم على تكفير أميسسر المسسؤمنين علسسي‪ ،‬ولسسذلك‬
‫ل‪" :‬وأمسسا النواصسسب والخسسوارج‬ ‫يذكر الخوارج كقسم آخر مع النواصب فيقول مث ً‬
‫لعنهم الله تعالى فهما نجسان‪] "..‬تحرير الوسيلة‪ :‬ص ‪.[.1/118‬‬
‫وفي عقيدتهم في القرآن يلمح الخميني إلسسى تصسسديقه بخرافسسة وجسسود قسسرآن‬
‫لعلي عرضه على الصحابة فرفضوه‪ ،‬وأنه متضمن لزيادات ليست فسسي القسسرآن‬
‫فيقول‪" :‬ولعل القرآن الذي جمعه )يعني علي سًا( وأراد تبليغسسه علسسى النسساس بعسسد‬
‫رسول الله ]هكذا في النص بدون ذكر الصلة عليه ‪ -‬صلى الله عليسسه وسسسلم ‪ [.-‬هو القسسرآن‬
‫الكريم مسسع جميسسع الخصوصسسيات الدخيلسسة فسسي فهمسسه المضسسبوطة عنسسده بتعليسسم‬
‫رسسسول اللسسه" ]رسسسالة فسسي التعسسادل والترجيسسح‪ :‬ص ‪) 26‬ضسسمن الجسسزء الثسساني مسسن الرسسسائل‬
‫للخميني(‪.[.‬‬
‫وهو يترحم علسسى المجوسسسي الملحسسد صسساحب فصسسل الخطسساب‪ ،‬ويتلقسسى عسسن‬
‫كتابه‪ :‬مستدرك الوسائل ويحتج به ]انظسسر‪ :‬الحكومسسة السسسلمية‪ :‬ص ‪ ،[.77‬كما يتلقسسى‬
‫من أصولهم التي حوت هذا الكفر‪ ،‬كالكافي للكليني ]انظر‪ :‬الحكومة السسسلمية‪،62 :‬‬
‫‪ .[.94 ،63‬والحتجاج للطبرسي ]انظر‪ :‬الحكومة السلمية‪ :‬ص ‪ [.77‬وغيرهما‪.‬‬
‫هذا وقد ذكر الندوي في ترجمته لبعض نصوص كشسسف السسسرار مسسا يتضسسمن‬
‫مجسساهرة الخمينسسي بهسسذا الكفسسر ]انظسسر‪ :‬صسسورتان متضسسادتان‪ :‬ص ‪ .[.58‬وفسسي النسسص‬
‫المترجم الذي بين يدي من كشف السسسرار يجيسسب الخمينسسي علسسى مسسن يقسسول‪:‬‬
‫لماذا لم يذكر الئمة في القرآن بقوله‪:‬‬
‫"إن الذين لم يكسسن ارتبسساطهم بالسسسلم والقسسرآن إل لجسسل الرئاسسسة والسسدنيا‪،‬‬
‫وكانوا يجعلون القرآن وسيلة لمقاصدهم الفاسدة‪ ،‬كان من الممكن أن يحرفوا‬
‫هذا الكتاب السماوي في حالة ذكر اسم المام في القرآن وأن يمسسسحوا هسسذه‬
‫اليات منه وأن يلصقوا وصمة العار هذه على حياة المسسسلمين" ]كشسسف السسسرار‪:‬‬
‫ص ‪ ..[.114‬فهو هنا لم يصرح بوقوع التحريف إل بالتمليح‪ ،‬ولكنه يزعسسم صسسراحة‬
‫أنه بإمكان أحد من الناس تحريف كتاب الله‪ ،‬وفي هذا تكذيب لقسسوله سسسبحانه‪:‬‬
‫ن{ ]الحجر ‪..[9‬‬ ‫ف ُ‬
‫ظو َ‬ ‫ه لَ َ‬
‫حا ِ‬ ‫وإ ِّنا ل َ ُ‬
‫ن ن َّزل َْنا الذّك َْر َ‬
‫ح ُ‬‫}إ ِّنا ن َ ْ‬

‫‪649‬‬
‫وانظر إلى هذه العقلية المتعصبة والمغلقة‪ ،‬والتي تزعم أن الله سبحانه لسسم‬
‫يذكر في كتابه ما هو ‪ -‬حسب اعتقادهم ‪ -‬أصل الدين وأساسسسه المسستين خشسسية‬
‫تحريف الصحابة له‪.‬‬
‫وكذلك يقول الخمينسسي بخرافسسة الغيبسسة ويزعسسم رجعتسسه‪ ،‬بسسل يقسسول‪ :‬لقسسد جسساء‬
‫النبياء جميعا ً من أجل إرساء قواعد العدالة في العالم لكنهم لم ينجحسسوا حسستى‬
‫النبي محمد خاتم النبياء الذي جاء لصلح البشرية‪ ..‬لسسم ينجسسح فسسي ذلسسك‪ ،‬وإن‬
‫الشخص الذي سينجح في ذلك هو المهسسدي المنتظسسر" ]مسسن خطسساب ألقسساه الخمينسسي‬
‫بمناسبة ذكرى مولد المام المهدي ‪ -‬كما يعتقدون ‪ -‬في الخامس عشر من شهر شعبان ‪1400‬هس‪،‬‬
‫وأذيع في راديو طهران‪) .‬الرأي العام الكويتية بتاريخ ‪ 17‬شعبان ‪1400‬هس‪ ،‬وانظر‪ :‬مجلسسة المجتمسسع‬
‫الكويتية‪ ،‬العدد )‪ (488‬في ‪8/7/1980‬م‪ ،‬وانظر‪ :‬أحمسسد الفغسساني‪ /‬سسسراب فسسي إيسسران‪ :‬ص ‪42-41‬‬
‫ونهج الخميني‪ :‬ص ‪.[.(47-45‬‬
‫وقد استنكر المسلمون ذلك وأصدرت رابطة العالم السلمي بياًنا تنكر هذه‬
‫المقالة وتوضح أنها تحوي مناقضة صريح للسلم وما جسساء بسسه القسسرآن والسسسنة‬
‫النبويسسة المطهسسرة‪ ،‬ومسسا أجمعسست عليسسه المسسة ]انظسسر‪ :‬السسستنكار فسسي جديسسدة المدينسسة‬
‫)السعودية( ‪ 4‬رمضان ‪1400‬هس‪ ،‬وجريدة أخبار العالم السلمي بتاريخ ‪ 9‬رمضان ‪1400‬هس‪ .[.‬كما‬
‫جرى النكار من جهات عديدة ]فقد أصدر علماء المغسسرب بيانسا ً فسسي ذلسسك نشسسر فسسي مجلسسة‬
‫)دعوى الحق( العدد الرابع‪ ،‬الصادر في‪ :‬شعبان ‪ -‬رمضان ‪1400‬هس‪ ،‬انظر‪ :‬نهج الخميني‪ :‬ص ‪.[.49‬‬
‫وقد نشرت مجلة الجماعسسة السسسلمية بباكسسستان خطسساب الخمينسسي‪ ،‬وعلقسست‬
‫عليه بقولها‪" :‬هذا نفي للسلم‪ ،‬وتاريخ السلم‪ ،‬وأمر ل يحتمله حتى الصدقاء"‬
‫ه‪ ،‬انظسسر‪ :‬نهسسج خمينسسي فسسي ميسسزان الفكسسر‬
‫]وذلسسك فسسي عسسددها الصسسادر فسسي ‪ 29‬ذي الحجسسة ‪‍ 1404‬‬
‫السلمي‪ :‬ص ‪ .[.52‬وهو في تصريحه هذا لم يخرج عسسن طبيعسسة مسسذهبه المفرطسسة‬
‫في الغلو‪ ،‬فهو يرى أن الئمة )والمهدي منهسسم( أفضسسل مسسن النبيسساء‪ ،‬ويسسرى أن‬
‫صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتدوا بعد وفاة الرسسسول صسسلى اللسسه‬
‫عليه وسلم بسبب بيعة أبي بكر دون علي‪ ،‬وجوهر الرسالة عنسسدهم هسسو إمامسسة‬
‫علي‪ ،‬ولهسسذا قسسال‪" :‬يعتسسبر الرسسسول لسسول تعيينسسه الخليفسسة مسسن بعسسده غيسسر مبلسسغ‬
‫للرسالة" فمن هنا قال‪ :‬إن الرسول صلى الله عليه وسسسلم لسسم ينجسسح لنسسه لسسم‬
‫يتول علي الخلفة بعده مباشرة!‬
‫وقد أصدر الخميني بيانسا ً يجيسسب فيسسه علسسى المنكريسسن‪ ،‬وليسسس فسسي جسسوابه إل‬
‫التأكيد على هذا المنكر‪ ،‬حيث قال‪" :‬ونقول بأن النبيسساء لسسم يوفقسسوا فسسي تنفيسسذ‬
‫مقاصدهم‪ ،‬وأن اللسسه سسسيبعث فسسي آخسسر الزمسسان شخصسا ً يقسسوم بتنفيسسذ مسسسائل‬
‫النبياء"‪ ،‬ثم ينكر على المنكرين بسسأنهم يسسسعون لتفريسسق المسسسلمين" ]الخمينسسي‪/‬‬
‫مسألة المهسسدي المنتظسسر مسسع رسسسالة أخسسرى ص ‪ ،22‬مركسسز العلم العسسالم للثسسورة السسسلمية فسسي‬
‫إيران‪.[.‬‬
‫ويقول خميني إن "تعاليم الئمة كتعاليم القرآن" ]الحكومية السسسلمية‪ :‬ص ‪،[.113‬‬
‫بل هو يعمل حتى بحكايات الرقاع ويعطيها نفسسس القدسسسية السستي توليهسسا المسسة‬
‫لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ]وقد استدل بها على مذهبه في عموم‬
‫ولية الفقيه )انظر‪ :‬الحكومة السلمية ص ‪ [.(77-76‬إلى آخر قائمة العقسسائد السستي تقسسول‬
‫بها الثنا عشرية‪ ،‬ويتابعهم فيها خميني‪ ،‬وقد يأخذ بأشدها تطرفسسا ً ممسسا ل حاجسسة‬
‫إلى تفصيله واستقصائه‪ .‬إذ الغرض بيان أنه لم يكسن كمسا يتسوهم أصسحاب تلسك‬
‫النظرة السطحية الساذجة‪ ..‬لكن رأيت بعضهم يقول‪ :‬بأن الخمينسسي قسسد تخلسسى‬
‫عن بعض عقيدته في التقية ]انظر‪ :‬أحمد جلي‪ /‬دراسة عن الفرق‪ :‬ص ‪ ،[.155-154‬وأنسسه‬
‫قد أمر أتباعه بالصلة مع أهل السنة مما يعد اعتدال ً في صورته الظاهرة‪.‬‬

‫‪650‬‬
‫والجواب عن ذلك يوجد في رسالته في التعادل والترجيح‪ ،‬وفي رسالته فسسي‬
‫التقية‪ ،‬وحسبك أن تعلم من هذا إيمانه بأن أصل دينهم يقوم على مخالفة أهل‬
‫السنة‪ ،‬وأن هذا الصل هو من المرجحات عنسسده فسسي حالسسة اختلف الروايسسات‪..‬‬
‫فهو يقول‪" :‬إن أخبارهم المرة بالخذ بخلف العامة‪ ..‬كقوله‪" :‬ما خالف العامة‬
‫ففيه الرشاد"‪ ..‬وقوله‪" :‬دعوا ما وافق القوم فإن الرشد في خلفهم" هي مسسن‬
‫أصول الترجيح‪ ،‬وليس الترجيح بهسسا بمحسسض التعبسسد‪ ،‬بسسل "لكسسون المخالفسسة لهسسم‬
‫طريقا ً إلى الواقع‪ ،‬والرشد في مخالفتهم" ]انظر‪ :‬رسالة التعادل والترجيح‪ :‬ص ‪.[.71‬‬
‫ثم عقد مبحثا ً بعنوان "فسسي الخبسار السواردة بمخالفسسة العامسسة" ]رسسسالة التعسسادل‬
‫والترجيح‪ :‬ص ‪ .[.80‬وذكر أن أخبارهم في هذا الباب نوعان‪ :‬الول يأمر بالخذ بمسسا‬
‫خسسالف العامسسة فسسي حالسسة تعسسارض الروايسسات عسسن الئمسسة‪ ،‬والنسسوع الثسساني يسسأمر‬
‫بالمخالفة مطلقًا‪.‬‬
‫فذكر من النوع الول خمس روايات‪:‬‬
‫قال‪" :‬عن الحسن بن الجهم قال‪ :‬قلت للعبد الصسسالح ]يعنسسي المسسام‪ ...[.‬يسسروى‬
‫عن أبي عبد الله عليه السلم شيء ويروى عنه خلفه فبأيهما نأخذ؟ فقال‪ :‬خذ‬
‫بما خالف القوم وما وافق القوم فاجتبنه" ]رسالة التعادل والترجيح‪ :‬ص ‪.[.80‬‬
‫والروايات الباقية ل تخرج عن هذا المعنى‪ ،‬وفي بعضهما المر بالعرض على‬
‫كتب الحديث عند أهسل السسنة فيقسول‪" :‬فاعرضسوهما علسى أخبسار العامسة فمسا‬
‫وافق أخبارهم فذروه وما خالف أخبارهم فخذوه" ]رسالة التعسسادل والترجيسسح‪ :‬ص ‪-80‬‬
‫‪.[.81‬‬
‫وعقب الخميني على هذا النوع من الخبار بقسسوله‪" :‬ول يخفسسى وضسسوح دللسسة‬
‫هذه الخبار على أن مخالفة العامة مرجحة في الخبرين المتعارضين مع اعتبار‬
‫سند بعضهما‪ ،‬بل صحة بضعها على الظاهر واشتهار مضسسمونها بيسسن الصسسحاب‪،‬‬
‫بل هذا المرجع هسسو المتسسداول العسسام الشسسايع فسسي جميسسع أبسسواب الفقسسه وألسسسنة‬
‫الفقهاء" ]رسالة التعادل والترجيح‪ :‬ص ‪.[.82‬‬
‫فأنت ترى خميني يؤكد على رفض أي خبر عندهم يوافق أهل السنة وكسسأنهم‬
‫من اليهود والنصارى المنهي عنه التشبه بهم‪ ،‬ولكن في كتبهم مسسا يصسسرح أنهسسم‬
‫أكفر من اليهود والنصارى ]انظر‪ :‬ص)‪ (715-714‬من هذه الرسالة‪.[.‬‬
‫ً‬
‫أما النوع الثاني‪ :‬وهو أخبارهم التي تأمرهم بمخالفة أهل السنة مطلقا وذلك‬
‫بالبحث عن أعمال أهل السنة وأقوالهم وعقائدهم لمخالفتهسسا‪ ،‬فسسذكر مسسن هسسذا‬
‫النوع خمس روايات‪.‬‬
‫الرواية الولى‪ :‬وهي التي تأمر الشسسيعي بسسسؤال مفسستي البلسسد للعمسسل بخلف‬
‫فتواه‪ ،‬حيث يقول‪" :‬ائت فقيه البلد فاستفته من أمرك فإذا أفتاك بشيء فخسسذ‬
‫بخلفه‪ ،‬فإن الحق فيه" ]رسالة التعادل والترجيح‪ :‬ص ‪.[.82‬‬
‫وهذه الرواية وما أشببها من هذا النوع أثارات إشسسكال ً عنسسد الشسسيعة وهسسو أن‬
‫في أخبار أهل السنة – ول سيما في الفقه ‪ -‬ما هو موافق لخبار الشسسيعة فسسإذا‬
‫عمل بهذه الروايات بإطلق‪ ،‬فقد يترتب على ذلك الخروج من المذهبين رأسًا‪،‬‬
‫ولذلك عقب الخميني علسسى كسسل روايسسة مسسن هسسذه الروايسسات بمسسا يحسساول بسسه أن‬
‫يتخلص به من هذا الشكال‪ ،‬فعقب على الرواية السابقة بقوله‪:‬‬
‫"موردها صورة الضطرار وعدم طريق إلى الواقع فأرشده إلى طريق يرجع‬
‫إليه لدى سسسد الطسسرق‪ ،‬ول يسسستفاد منهسسا جسسواز رد الخسسبر مسسن طريقنسسا إذا كسسان‬
‫موافقا ً لهم" ]رسالة التعادل والترجيح‪ :‬ص ‪.[.82‬‬

‫‪651‬‬
‫ثم قال‪" :‬وقوله‪ ..‬ما أنتم والله على شيء مما هم فيه‪ ،‬ول هسسم علسسى شسسيء‬
‫مما أنتم فيه فخالفوهم فما هم من الحنيفية على شيء‪.‬‬
‫فالظاهر منها المخالفة في عقائدهم وفي أمسسر المامسسة ومسسا يرتبسسط بهسسا‪ ،‬ول‬
‫تسسدلن علسسى رد الخسسبر الموافسسق لهسسم" ]رسسسالة التعسسادل والترجيسسح‪ :‬ص ‪) .[.83‬يعنسسي‬
‫الموافق للمة(‪.‬‬
‫فترى الخميني يعد مخالفة أهسسل السسسنة مسسن أصسسول الترجيسسح عنسسدهم‪ ،‬فسسأين‬
‫الذين يمدون أيديهم للتقارب معه؟ وأين الذين يزعمون أنه تخلى عن تقيته مع‬
‫أهل السنة؟!‬
‫أما أمره لطائفته بالصلة مع أهل السنة فهو جزء من عمله بالتقية‪ ،‬وهو مسسا‬
‫فصل القول فيه في رسالته في التقيسسة‪ ،‬ولكسسن جملسسة مسسن أهسسل السسسنة السسذين‬
‫يأخذون المور بظواهرها ول معرفة لهم بخفايا المذهب الشيعي يشيدون بهذه‬
‫الخطورة‪ ،‬ويعدونها من مناقب الخميني‪ ،‬ومساعيه في جمع المسلمين" ]انظسسر‪:‬‬
‫ما كتبه في ذلك الشيخ محمد المجذوب في جريدة المدينة المنورة العدد )‪،(4808‬سس ‪ 1‬ربيسسع الول‬
‫‪1400‬هس‪.[.‬‬
‫مع أنسه عقسد فسسي رسسسالته فسي التقيسة مبحثسا ً خاصسا ً فسي ذلسسك بعنسوان "فسسي‬
‫الروايات الدالة على صسسحة الصسسلة مسسع العامسسة"‪ ..‬وقسسال فيسسه‪" :‬إنسسه قسسد وردت‬
‫روايات خاصة تدل على صحة الصلة مسسع النساس والسسترغيب فسي الحضسسور فسي‬
‫مساجدهم والقتداء بهم والعتداد بها كصحيحة حماد بن عثمان عسسن أبسسي عبسسد‬
‫الله أنه قال‪" :‬من صلى معهم في الصف الول كان كمن صسسلى خلسسف رسسسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم في الصف الول"‪.‬‬
‫وعقب عليه الخميني بقوله‪" :‬ول ريب أن الصلة معه ‪ -‬يعني مع رسول اللسسه‬
‫صلى الله عليه وسسلم‪ -‬صسحيحة ذات فضسيلة جمسة فسذلك الصسلة معهسم حسال‬
‫التقية" ]رسالة في التقية‪ :‬ص ‪) 108‬ضمن الجزء الثاني من الرسائل(‪.[.‬‬
‫ثم قال‪" :‬وموثقة سماعه قال‪ :‬سألته عن مناكحتهم والصلة خلفهم؟ فقسسال‪:‬‬
‫هذا أمر شديد لن تستطيعوا ذلك‪ ،‬قد أنكح رسول الله صلى اللسسه عليسسه وسسسلم‬
‫وصلى علي وراءهم" ]رسالة في التقية‪ :‬ص ‪) 198‬ضمن الجزء الثاني من الرسائل(‪.[.‬‬
‫ثم أشار إلى أن هذا النوع من التقيسسة ليسسس مرتبطسا ً بالضسسرورة‪ ،‬وهسسو خسساص‬
‫بمعاملة أهل السنة‪ ،‬لنه يرى أن التقيسسة تكسسون اضسسطرارية فسسي حسسال الخسسوف‪،‬‬
‫وتكون للمداراة وهي حينئذ من أفضل العمال عندهم‪ ..‬والحالسسة الولسسى المسسر‬
‫فيها واضح‪ ،‬لكن الحالة الثانية يبينها بقوله‪" :‬وأمسسا التقيسسة المداراتيسسة المرغسسوب‬
‫فيهسسا – كسسذا ‪ -‬ممسسا تكسسون العبسسادة معهسسا أحسسب العبسسادات وأفضسسلها‪ ،‬فالظسساهر‬
‫اختصاصها بالتقية عن العامة‪ ،‬كما هو مصب الرويات علسسى كثرتهسسا" ]رسسسالة فسسي‬
‫التقية‪.[.200 :‬‬
‫فالتقية مع أهل السنة من أفضل العمال‪ ،‬وهي مشسروعة بسإطلق عنسدهم‪..‬‬
‫ثم يشير بعد ذلك إلى نوع ثالث من أنواع التقية عندهم وهو الكتمسسان المقابسسل‬
‫للذاعة كما يقول‪" :‬فتكون على حد تعبيره بمعنى التحفظ عن إفشاء المسسذهب‬
‫وعن إفشاء سر أهل البيت" ]رسالة في التقية‪ :‬ص ‪.[.184‬‬
‫فهل بعد هذا يقال‪ :‬بأن الخميني قد تخلى عن التقية والمخادعة؟‬
‫لكن من قال ذلك خفي عليه أن التقيسسة عنسسدهم أنسسواع‪ ،‬وأن التقيسسة مسسع أهسسل‬
‫السنة من أفضل العمال عندهم‪ ،‬وليست مشروطة بالضرورة‪.‬‬

‫‪652‬‬
‫وأخيرا ً حسبك أن تعرف أنه يعد عصر الخلفاء الراشدين عصر تقيسسة فيقسسول‪:‬‬
‫"إن من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى زمان خلفة أمير المسسؤمنين‬
‫ومن بعده إلى زمن الغيبة كان الئمة وشيعتهم مبتلين بالتقية أكثر مسسن مسسائتي‬
‫سنة" ]رسالة في التقية‪ :‬ص ‪.[.296‬‬
‫فتبين أن خميني من غلة الروافض؛ بسل هسسو يأخسسذ مسسن آرائهسسم مسسا هسسو أكسسثر‬
‫شذوذًا‪ ،‬ويتعمد مخالفة أهل السنة‪ ،‬وإن خرج عن ذلك فهو تقية‪.‬‬

‫خامسًا‪ :‬قوله بعموم ولية الفقيه‪:‬‬


‫تعتقسسد الثنسسا عشسسرية أن الوليسسة العامسسة علسسى المسسلمين منوطسسة بأشسسخاص‬
‫معينين بأسمائهم وعسسددهم‪ ،‬قسسد اختسسارهم اللسسه كمسسا يختسسار أنبيسساءه ]انظسسر‪ :‬فصسسل‬
‫المامسسة‪ ..[.‬وهسسؤلء الئمسسة أمرهسسم كسسأمر اللسسه‪ ،‬وعصسسمتهم كعصسسمة رسسسل اللسسه‪،‬‬
‫وفضلهم فوق فضل أنبياء الله‪.‬‬
‫ه( ولسذا‬ ‫ولكن آخر هؤلء الئمة ‪ -‬حسسب اعتقسادهم ‪ -‬غسائب منسذ سسنة )‪‍ 260‬‬
‫فإن الثني عشرية تحسسرم أن يلسسي أحسسد منصسسبه فسسي الخلفسسة حسستى يخسسرج مسسن‬
‫مخبئه‪ ،‬حتى تقول‪" :‬كل راية ترفع قبل أن يقوم القائم فصسساحبها طسساغوت وإن‬
‫كان يدعو إلى الحق" ]مضى تخريجه من كتب الشيعة ص)‪.[.(738‬‬
‫وعلسسى هسسذا مضسسى شسسيعة القسسرون الماضسسية‪ ..‬وقسسد اسسستطاعوا أن يأخسسذوا‬
‫"مرسوما ً إماميًا" وتوقيعا ً من الغائب ‪ -‬على حد زعمهم ‪ -‬يسمح لشسسيوخهم أن‬
‫يتولوا بعض الصلحيات الخاصة به‪ ،‬ل كل الصلحيات وهذا التوقيع يقسسول‪" :‬أمسسا‬
‫الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا‪] "..‬مضسسى تخريجسسه مسسن كتسسب الشسسيعة‬
‫ص)‪.[.(894‬‬
‫وواضسسح مسسن خلل هسسذا "النسسص" أنسسه يسسأمرهم بسسالرجوع فسسي معرفسسة أحكسسام‬
‫الحوادث الواقعة والجديدة إلى شيوخهم‪.‬‬
‫ولذلك استقر السسرأي عنسسد الشسسيعة علسسى أن وليسسة فقهسسائهم خاصسسة بمسسسائل‬
‫الفتاء وأمثالها‪ ،‬كما ينص عليه "توقيع المنتظر"‪ .‬أما الولية العامة التي تشسسمل‬
‫السياسة وإقامة الدولة‪ ،‬فهي من خصائص الغسسائب وهسسي موقوفسسة حسستى يرجسسع‬
‫من غيبته‪ ،‬ولذلك عاش أتباع هذا المذهب وهم ينظرون إلى خلفسساء المسسسلمين‬
‫على أنهم غاصسسبون مسستبدون‪ ،‬ويتحسسسرون لنهسسم قسد اسسستولوا علسى سسلطان‬
‫إمامهم‪ ،‬ويسسدعون اللسه فسي كسسل لحظسة أن يعجسل بفرجسه حسستى يقيسسم دولتهسسم‪،‬‬
‫ويتعاملون مع الحكومسات القائمسة بمقتضسى عقيسدة التقيسة‪ ،‬لكسن غيبسة الحجسة‬
‫طالت‪ ،‬وتوالت قرون قاربت الثنسي عشسر دون أن يظهسر‪ ،‬والشسيعة محرمسون‬
‫من دولة شرعية حسب اعتقادهم‪ ،‬فبدأت فكرة القول بنقسسل وظسسائف المهسسدي‬
‫للفقيه تداعب أفكار المتأخرين منهم‪.‬‬
‫وقد أشار الخميني إلى أن شيوخهم النراقي ]أحمسسد بسسن محمسسد بسسن مهسسدي النراقسسي‬
‫ه( والنسسائيني ]حسسسين بسسن عبسسد الرحمسسن النجفسسي‬‫الكاشسساني )‪‍1245-1185‬ه(‪) [.‬ت ‪‍ 1245‬‬
‫ه( قد ذهبا إلى أن للفقيه جميع ما للمام مسسن‬ ‫النائيني )‪‍1355-1273‬ه(‪) [.‬ت ‪‍ 1355‬‬
‫الوظائف والعمال في مجال الحكسسم والدارة والسياسسسة ]الحكومسسة السسسلمية‪ :‬ص‬
‫‪.[.74‬‬
‫ولم يذكر الخميني أحدا ً من شيوخهم نادى بهذه الفكرة قبل هؤلء‪ ،‬ولو وجسسد‬
‫لذكره‪ ،‬لنه يبحث عما يبرر مذهبه‪.‬‬

‫‪653‬‬
‫فإذن عقيدة عموم ولية الفقيسه لسم توجسد عنسد الثنسي عشسرية قبسل القسرن‬
‫الثالث عشر‪.‬‬
‫وقد التقط الخميني هسسذا الخيسسط السسذي وضسسعه مسسن قبلسسه‪ ،‬وراح ينسسادي بهسسذه‬
‫الفكرة‪ ،‬وضرورة إقامة دولة برئاسة نسسائب المسسام لتطسسبيق المسسذهب الشسسيعي‪،‬‬
‫فهو يقول‪" :‬واليوم ‪ -‬في عهد الغيبة ‪ -‬ل يوجسسد نسسص علسسى شسسخص معيسسن يسسدير‬
‫شؤون الدولة‪ ،‬فما هو السسرأي؟ هسسل تسسترك أحكسسام السسسلم معطلسسة؟ أم نرغسسب‬
‫بأنفسنا عن السلم؟ أم نقول‪ :‬إن السلم جاء ليحكم الناي قرنين من الزمسسان‬
‫فحسب ليهملهم بعد ذلك؟ أو نقول‪ :‬إن السلم قد أهمل أمور تنظيم الدولسسة؟‬
‫ونحن نعلم أن عدم وجود الحكومة يعني ضياع ثغور السسسلم وانتهاكهسسا‪ ،‬ويعنسسي‬
‫تخاذلنا عن أرضنا‪ ،‬هل يسمح بذلك فسي ديننسسا؟ أليسست الحكومسة ضسسرورة مسسن‬
‫ضرورات الحياة؟" ]الحكومة السلمية‪ :‬ص ‪.[.48‬‬
‫ويقول في موضع آخر‪" :‬قد مر على الغيبة الكبرى لمامنا المهدي أكسسثر مسسن‬
‫ألف عسسام‪ ،‬وقسسد تمسسر ألسسوف السسسنين قبسسل أن تقتضسسي المصسسلحة قسسدوم المسسام‬
‫المنتظر في طول هذه المدة المديدة‪ ،‬هل تبقى أحكام السلم معطلة؟ يعمل‬
‫الناي من خللها ما يشاؤون؟ أل يلزم من ذلك الهسسرج والمسسرج؛ القسسوانين السستي‬
‫صدع بها نبي السلم صلى الله عليه وسلم وجهد في نشرها‪ ،‬وبيانها وتنفيسسذها‬
‫طيلة ثلثة وعشرين عامًا‪ ،‬هل كان كل ذلك لمدة محدودة؟ هل حدد الله عمسسر‬
‫ل؟ الذهاب إلى هذا الرأي أسوأ في نظري من العتقاد‬ ‫الشريعة بمائتي عام مث ً‬
‫بأن السلم منسوخ" ]الحكومة السلمية‪ :‬ص ‪.[.26‬‬
‫ثم يقول‪" :‬إذن فإن كل مسسن يتظسساهر بسسالرأي القسسائل بعسسدم ضسسرورة تشسسكيل‬
‫الحكمة السلمية فهو ينكر ضرورة تنفيذ أحكام السلم‪ ،‬ويسسدعو إلسسى تعطيلهسسا‬
‫وتجميدها‪ ،‬وهو ينكر بالتالي شمول وخلود السسدين السسسلمي الحنيسسف" ]الحكومسسة‬
‫السلمية‪ :‬ص ‪.[.27-26‬‬
‫فخميني يرى لهذه المسسبرارات السستي ذكرهسسا خسسروج الفقيسسه الشسسيعي وأتبسساعه‬
‫للستيلء على الحكم في بلد السلم نيابة عن المهدي‪ ،‬وهسسو يخسسرج بهسسذا عسسن‬
‫مقررات دينهم ويخالف وصايا أئمته الكثيرة في ضرورة انتظسسار الغسسائب وعسسدم‬
‫التعجيل بالخروج ]انظر‪ :‬ص ‪ 1090-1089‬من هذه الرسالة‪.[.‬‬
‫حتى قال أحد آياتهم ومراجعهم في هسسذا العصسسر‪" :‬وقسسد تسسوافرت عنهسسم ) ع(‬
‫حرمة الخروج على أعدائهم وسلطين عصرهم" ]محمسسد الحسسسيني البغسسدادي النجفسسي‬
‫)يلقب بالية العظمى‪ ،‬والمرجع الديني العلسسى( فسسي كتسسابه "وجسسوب النهضسسة لحفسسظ البيضسسة"‪ :‬ص‬
‫‪ ،[.93‬ذلك أن منصب المامة ل يصلح عندهم إل للمنصوص عليه مسن عنسسد اللسسه‬
‫ول يعني رضاهم بهذه الحكومات‪.‬‬
‫وهذه المبررات التي ساقها الخميني لبيان ضسسرورة إقامسسة الدولسسة الشسسيعية‪،‬‬
‫ونيابة الفقيه عن المهدي في رئاستها كان ينبغي أن توجه جهة أخسسرى لسسو كسسان‬
‫لشيوخ الشيعة صدق في القول ونصح لتباعهم‪ ،‬هذه الوجهة هي نقد المسسذهب‬
‫من أصله الذي قام على خرافة الغيبة وانتظار الغائب‪ ،‬والذي انتهسسى بهسسم إلسسى‬
‫هذه النهاية‪.‬‬
‫وعلى كل فهذه شهادة مهمة وخطيرة مسسن هسسذه الحجسسة واليسسة علسسى فسسساد‬
‫مذهب الرافضة من أصله‪ ،‬وأن إجماع طائفته كل القرون الماضسسية كسسان علسسى‬
‫ضللة‪ ،‬وأن رأيهم في النص على إمسسام معيسسن‪ ،‬والسسذي نسسازعوا مسسن أجلسسه أهسسل‬
‫السنة طويل ً وكفروهم أمر فاسد أثبسست التاريسسخ والواقسسع فسسساده بوضسسوح تسسام‪،‬‬

‫‪654‬‬
‫وهاهم يضطرون للخروج عليه بقسسوله‪" :‬بعمسسوم وليسسة الفقيسسه" بعسسد أن تطسساول‬
‫عليهم الدهر‪ ،‬ويئسوا من خروج من يسمونه "صاحب الزمان"‪ ،‬فاستولوا حينئذ‬
‫على صسسلحياته كلهسسا‪ ،‬وأفسسرغ الخمينسسي كسسل مهسسامه ووظسسائفه لنفسسسه‪ ،‬ولبعسسض‬
‫الفقهاء من بني جنسه ودينه‪ ،‬لنه يرى ضرورة تولي مهام منصب الغسسائب فسسي‬
‫رئاسسسة الدولسسة‪ .‬ومسسن أجسسل إقنسساع طسسائفته بهسسذا المبسسدأ ألسسف كتسسابه "الحكومسسة‬
‫السلمية" أو "ولية الفقيه"‪.‬‬
‫وهو ل يوافق على ولية كسسل أجسسد أمسسور الدولسسة ؛ بسسل يخصسسص ذلسسك بفقهسساء‬
‫الشيعة‪ ،‬ويحصر الحكم والسلطان بهم‪ ،‬حيث يقول ‪ ":‬وبالرغم من عدم وجسسود‬
‫نص على شخص من ينوب عن المام )ع( حسسال غيبتسسه‪،‬إل أن خصسسائص الحسساكم‬
‫الشرعي‪ ..‬موجودة في معظم فقهائنا في هذا العصر‪ ،‬فإذا أجمعوا أمرهم كان‬
‫في ميسورهم إيجاد وتكوين حكومة عادلة منقطعة النظيسسر" ]الحكومسسة السسسلمية‪:‬‬
‫ص ‪.[.49-48‬‬
‫وأقول‪ :‬إذا كانت حكومة اليات والفقهاء ل مثيل لها في العدل ‪ -‬كما يقول ‪-‬‬
‫فيما حاجتهم بخروج المنتظر إذًا؟‬
‫وهو يرى أن ولية الفقيه الشيعي كولية رسول الله صلى الله عليسسه وسسسلم‪،‬‬
‫يقول‪" :‬فالله جعل الرسول وليا ً للمؤمنين جميعًا‪ ..‬ومن بعسسده كسسان المسسام )ع(‬
‫ا‪ ،‬ومعنى وليتهما أن أوامرهما الشرعية نافذة في الجميع" ]الحكومة السلمية‪:‬‬ ‫ولي ً‬
‫ص ‪.[.51‬‬
‫ثم يقول‪" :‬نفس هذه الولية والحاكمية موجودة لدى الفقيه‪ ،‬بفارق واحد هو‬
‫أن ولية الفقيه على الفقهاء الخرين ل تكون حيث يستطيع عزلهم أو نصسسبهم‪،‬‬
‫لن الفقهاء في الولية متساوون من ناحية الهلية" ]الحكومة السلمية‪ :‬ص ‪.[.51‬‬
‫فنظرية الخميني ‪ -‬كما ترى ‪ -‬ترتكز على أصلين‪:‬‬
‫الول‪ :‬القول بالولية العامة للفقيه‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬أنه ل يلي رئاسة الدولة إل الفقيه الشيعي‪.‬‬
‫وهذا خروج عن دعوى تعيين الئمة‪ ،‬وحصسسرهم بسساثني عشسسر‪ ،‬لن الفقهسساء ل‬
‫يحصرون بعدد معيسسن‪ ،‬وغيسسر منصسسوص علسسى أعيسسانهم فيعنسسي هسسذا أنهسسم عسسادوا‬
‫لمفهوم المامة حسب مذهب أهل السنة ‪ -‬إلى حد مسسا ]أقسسول‪ :‬إلسسى حسسد مسسا؛ لنهسسم‬
‫خرجوا من حصر المامة بالشخص إلى حصرها بالنوع وهسسو الفقيسسه الشسسيعي‪ -[.‬وأقروا بضسسلل‬
‫أسلفهم وفساد مذهبهم بمقتضى هذا القول‪.‬‬
‫لكنهم يعدون هذا المبدأ )ولية الفقيه( نيابة عن المهدي حتى يرجع‪ ،‬فهم لسسم‬
‫يتخلوا عن أصل مذهبهم‪ ،‬ولهذا أصبح هذا التجاه ‪ -‬في نظري ‪ -‬ل يختلسسف عسسن‬
‫مذهب البابية‪ ،‬لنه يزعم أن الفقيه الشيعي هسسو السسذي يمثسسل المهسسدي‪ ،‬كمسسا أن‬
‫الباب يزعم ذلك‪ ،‬ولعل الفارق أن الخميني يعد كل فقهائهم أبوابًا‪.‬‬
‫وإن شئت قل‪ :‬إن الخمينسسي أخسسرج "المهسسدي المنتظسسر" عنسسد الروافسسض‪ ،‬لن‬
‫صلحياته ووظائفه أناطها بالفقيه؛ بل إنه بهذا المبدأ لم يخسسرج "مهسسديًا" واحسسدا ً‬
‫بل أخرج العشرات‪ ،‬لن كثيرا ً من شيوخهم وآياتهم لهم الحقية بهسسذا المنصسسب‬
‫فهو يقول‪" :‬إن معظم فقهائنسسا فسسي هسسذا العصسسر تتسسوفر فيهسسم الخصسسائص السستي‬
‫تؤهلهم للنيابة عن المام المعصوم" ]الحكومة السلمية‪ :‬ص ‪.[.113‬‬
‫وبمقتضى هذه النيابة يكون أمرهم كأمر الرسول حيسسث يقسسول‪" :‬هسسم الحجسسة‬
‫على الناس كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم حجة الله عليهم‪ ،‬وكل مسسن‬

‫‪655‬‬
‫]الحكومة السسسلمية‪ :‬ص‬ ‫يتخلف عن طاعتهم‪ ،‬فإن الله يؤاخذه ويحاسبه على ذلك"‬
‫‪.[.80‬‬
‫ويقول‪" :‬وعلى كل فقد فسوض إليهسم )يعنسي إلسى شسيوخ الروافسض( النبيساء‬
‫جميع ما فوض إليهم‪ ،‬وائتمنوهم علسى مسا اؤتمنسوا عليسه" ]الحكومسسة السسسلمية‪ :‬ص‬
‫‪.[.80‬‬
‫بل أشار إلى أن دولة الفقيه الشيعي كدولة مهديهم الموعودة‪ ،‬وقسسال‪" :‬كسسل‬
‫ما يفقدنا ]يريد أن يقسسول‪ :‬كسسل مسسا نفقسسده‪ [.‬هو عصا موسسى‪ ،‬وسسيف علسي بسن أبسسي‬
‫طالب" ]وهذه من مواريث المهدي عن النبياء والئمسسة )انظسسر‪ :‬أصسسول الكسسافي‪) [.(1/231 :‬ع(‬
‫وعزيمتهما الجبارة‪ ،‬وإذا عزمنا على إقامة حكم إسسلمي سنحصسل علسى عصسا‬
‫موسى‪ ،‬وسيف علي بن أبي طالب" ]الحكومة السلمية‪ :‬ص ‪.[.135‬‬
‫والجمع بين عصا موسى‪ ،‬وسيف علي بن أبي طالب كناية ‪ -‬فيما يبدو لسسي ‪-‬‬
‫عن تعاون اليهود مع الشيعة في دولة اليسات‪ ،‬وهسذا مسا وقسع بعضسه فسي دولسة‬
‫الخميني‪ ،‬كما فسسي فضسسائح صسسفقات السسسلحة‪ ،‬والتعسساون السسسري بينهمسسا السسذي‬
‫تناقلته وكالت النبياء واشتهر أمره‪.‬‬
‫والخميني يقرر أن تشكيل الحكومة الشيعية لسسم يقسسع مسسن شسسيعته الماضسسيين‬
‫حيث يقول‪" :‬في السابق لم نعمل ولم ننهسسض سسسوية لتشسسكيل حكومسسة تحطسسم‬
‫الخائنين المفسسدين" ]الحكومسسة السسسلمية‪ :‬ص ‪ [.40‬ويقسسول‪" :‬ولسم تسسسنح الفرصسة‬
‫لئمتنا للخذ بزمام المور‪ ،‬وكانوا بانتظارها حتى آخر لحظة من الحيسساة‪ ،‬فعلسسى‬
‫الفقهاء العدول أن يتحينسسوا هسسم الفسسرص وينتهزوهسسا مسسن أجسسل تنظيسسم وتشسسكيل‬
‫حكومة‪] "...‬الحكومة السلمية‪ :‬ص ‪.[.54‬‬
‫وقسسد قسامت حكومسسات شسسيعية‪ ،‬ولكنهسسا ليسسست محكومسسة مسسن قبسل "اليسسات"‬
‫و"نواب المعصوم"‪ ،‬ولذا عدوا حكومتهم أول دولة إسلمية )يعني شيعية(‪.‬‬
‫قال بعض الروافض‪" :‬إن الخميني أسس الجمهورية السلمية العظمى فسسي‬
‫إيران‪ ..‬لول مرة في تاريخ السلم وحقق حلم النبياء والرسول العظم صلى‬
‫اللسه عليسه وسسلم والئمسة المعصسومين عليهسم السسلم" ]أحمسسد الفهسسري )ويلقبسسونه‬
‫بالعلمة( في تقديمه لكتاب سر الصلة للخميني‪ :‬ص ‪.[.10‬‬
‫ويرى آيتهم "الطالقاني" أن حكومة الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفسسائه‬
‫ل تصل إلى مقام دولتهسسم‪ ،‬وأنهسسا تمهيسسد لقيامهسسا‪ ،‬حيسسث يقسسول‪" :‬إننسسا نعتقسسد أن‬
‫الجمهورية السلمية هي المؤهلة للحيسساة فسسي هسسذا الزمسسان‪ ،‬ولسسم تكسسن مؤهلسسة‬
‫للحياة في فجسسر السسلم‪ ..‬إن التحسسولت الجتماعيسسة والسياسسسية السستي شسسهدها‬
‫العالم منذ الرسول والخلفاء الراشدين وحتى اليسسوم هسسي السستي تسسوفر السسساس‬
‫الموضوعي لقيام الجمهورية السلمية" ]نشسسرت ذلسسك جريسسدة السسسفير اللبنانيسسة بتاريسسخ‬
‫‪31/3/1979‬م وقد نقل ذلك‪ :‬محمسسد جسواد مغنيسة‪ ،‬واعتسبره فهمسا ً جديسسدا ً للجمهوريسسة السسلمية ل‬
‫يقوله إل من عاش السلم بقلبه وعقله ‍)!( )انظر‪ :‬الخميني والدولة السلمية‪ :‬ص ‪.[.(113‬‬
‫فسسأنت تسسرى أن طبيعسسة النظسسرة الشسسيعية دائم سا ً تجنسسح إلسسى الغلسسو‪ ،‬وتقسسديس‬
‫الشسسخاص‪ ،‬والتطسسرف فسسي العتقسسادات‪ ..‬كمسسا تسسرى فسسي نظسسرة طالقساني إلسسى‬
‫جمهورية خميني‪ ،‬بل ادعى بعضسسهم أن خمينسسي قسسد بشسسر بسسه أئمتهسسم مسسن قبسل‬
‫]محمد جواد مغنية‪ /‬الخميني والدولة السلمية‪ :‬ص ‪.[.39-38‬‬
‫هذا وقد مضى ما ترويه الشيعة عن سيرة مهسسديهم بعسسد عسسودته مسسن غيبتسسه ‪-‬‬
‫م له ول عمل إل القتل والنتقام‪ ،‬حتى يقولون‪ :‬إنسسه‬ ‫حسب اعتقادهم ‪ -‬وأنه ل ه ّ‬
‫بعث "بالجفر الحمر" وبالذبح‪ ،‬وإنه يخص العرب بمجازره‪ ..‬إلسسخ ]انظسسر‪ :‬ص ‪875‬‬

‫‪656‬‬
‫وما بعدها‪ [.‬ونجد اليوم هذه السيرة المزعومة قد بدت ملحمها في دولة اليات‪،‬‬
‫حيث بدأ الخميني وأعوانه مشروع دولة المهدي بمجازرهم الرهيبة فسسي داخسسل‬
‫إيران وخارجها‪.‬‬
‫والحقيقة أن واضعي روايات القتل العام الموعود بعد خروج الغائب المفقود‬
‫يدركون أن مسألة الغيبة والمهدية ل تعدو أن تكون وهما ً من الوهسسام‪ ،‬ولكنهسسم‬
‫يعبرون عما تكنه صدورهم‪ ،‬وتجيسسش بسسه نفوسسسهم مسسن أحقسساد‪ ،‬وكسسذلك معظسسم‬
‫شيوخ الشيعة غالبهم زنادقة يعرفون أن المهدي خرافة‪ ،‬ولذلك فهم إذا واتتهم‬
‫فرصة لتحقيق أمانيهم في قتل المسلمين اهتبلوها‪ ،‬ولسسم ينتظسسروا فيهسسا خسسروج‬
‫مهديهم‪ ،‬لنهم يعرفون أنه لن يخرج أبدًا؛ لنه لم يوجد أص ً‬
‫ل!‬
‫ول أدل على ذلك من أن الخميني نفسه يقرر في كتابه تحرير الوسيلة أنه ل‬
‫يجوز بسبب غيبة مهديهم البدء في الجهاد فيقول‪" :‬في عصر غيبسسة ولسسي المسسر‬
‫وسلطان العصر عجل الله فرجه الشريف يقوم نوابه وهسسم الفقهسساء الجسسامعون‬
‫لشرائط الفتوى والقضاء مقامه في إجراء السياسات وسسسائر مسسا للمسسام عليسسه‬
‫السلم إل البدأة بالجهاد" ]تحرير الوسيلة‪.[.1/284 :‬‬
‫ولكنه حينما أقام دولته قرر في دستورها‪" :‬أن جيش الجمهورية السسسلمية‪..‬‬
‫ل يحتملن فقط مسؤولية حفظ وحراسسسة الحسسدود‪ ،‬وإنمسسا يتكفلن أيضسا ً بحمسسل‬
‫رسالة عقائدية أي الجهاد في سبيل اللسسه‪ ،‬والنضسسال مسسن أجسسل توسسسيع حاكميسسة‬
‫قسسانون اللسسه فسسي كافسسة أرجسساء العسسالم" ]الدسسستور لجمهوريسسة إيسسران السسسلمية‪ :‬ص ‪،16‬‬
‫منشورات مؤسسة الشهيد‪ ،‬وانظر‪ :‬الطبعة الخسسرى مسسن الدسسستور‪ ،‬السستي أصسسدرتها وزارة الرشسساد‬
‫اليرانية‪ :‬ص ‪.[.10‬‬
‫فأنت ترى التناقض واضحًا‪ ،‬فهو في تحرير الوسيلة يجعل الجهاد من وظائف‬
‫المهدي‪ ،‬وفي دستور دولتهم بعد قيامهسسا يجعسسل الجهسساد منوط سا ً بجيشسسها‪ ،‬ومسسن‬
‫وظائف الفقيه‪ ،‬وذلك بمقتضى مذهبه الجديد فسسي وليسسة الفقيسسه‪ ،‬والسستي نقلسست‬
‫فيها صلحيات المهدي كلها للشيخ الشيعي‪ .‬وقد نص أيضا ً على ذلك دسستورهم‬
‫فقال‪" :‬وفي زمن غيبة المام عجل الله تعالى فرجه تعتبر ولية المسسر وإمامسسة‬
‫المة في جمهورية إيران السلمية بيد الفقيه‪] "..‬دسسستور الجمهوريسسة السسسلمية فسسي‬
‫إيران‪ :‬ص ‪ ،18‬ط‪ :‬وزارة الرشاد‪.[.‬‬
‫ولذلك بعد قيام دولتهم أول ما بدأوا به قتال الشسسعوب السسسلمية بجنسسودهم‪،‬‬
‫وبالمنظمات التابعة لهم في الولء في بعض أقطار المسلمين‪.‬‬
‫ومع ذلك يزعم الخميني أحيانسا ً أن هسسذا يسسدخل فسسي نطسساق السسدفاع‪ ،‬والتأويسسل‬
‫ليس له حدود فيقول‪" :‬إننسسا ل نريسسد أن نرفسسع السسسلح ونهسساجم أحسسدًا‪ ،‬فسسالعراق‬
‫يهاجمنا منذ مدة‪ ،‬بينما نحن ل نهاجمه‪ ،‬وإنما ندافع فقط‪ ،‬فالدفاع أمسسر واجسسب"‬
‫]خطاب الخميني حول مسألة تحرير القدس والمهدي المنتظر‪ :‬ص ‪.[.10-9‬‬
‫ولكنه يقرر أنه يريد أن يصدر ثورته حيث يقول‪" :‬إننسسا نريسسد أن نصسسدر ثورتنسسا‬
‫السلمية إلسى كافسة البلد السسلمية" ]خطسساب الخمينسسي حسسول مسسسألة تحريسسر القسسدس‬
‫والمهدي المنتظر‪ :‬ص ‪ .[.10‬وهو ل يريد التصدير السلمي فحسب؛ بسسل يريسسد فسسرض‬
‫مذهبه على المسلمين بالقوة‪ ،‬وقد أشار إلى ذلك قبسسل قيسسام دولتسسه‪ ،‬وقسسرر أن‬
‫سبيل ذلك هو إقامة دولسسة شسسيعية تتسسولى هسسذا المسسر فيقسسول‪" :‬ونحسسن ل نملسسك‬
‫الوسيلة إلى توحيد المة السلمية ]يعني على مسسذهب الروافسسض‪ ،[.‬وتحرير أراضسسيها‬
‫من يد المستعمرين وإسقاط الحكومات العميلة لهم‪ ،‬إل أن نسعى إلسسى إقامسسة‬
‫حكومتنا السلمية‪ ،‬وهذه بدورها سوف تتكلل أعمالها بالنجاح يوم تتمكسسن مسسن‬

‫‪657‬‬
‫تحطيم رؤوس الخيانة‪ ،‬وتسسدمر الوثسسان والصسسنام البشسسرية السستي تنشسسر الظلسسم‬
‫والفساد في الرض" ]الحكومة السلمية‪ :‬ص ‪.[.35‬‬
‫وهؤلء الروافض ل ينتقدون الحكومسسات لهسسذه السسسباب السستي يسذكرها‪ ،‬إذ لسسو‬
‫كانت الحكومة أفضل حكومة على وجه الرض لما نالت إل سسخطهم ومقتهسم‪،‬‬
‫إل أن تكون على مذهب الرفض‪ ،‬وحسبك في هذا نظرتهم إلى خلفسسة الخلفسساء‬
‫الثلثة الراشدين ‪ -‬رضوان الله عليهم ‪.-‬‬
‫ول تزال مهمة المهدي الموعودة فسسي قتسسل المسسسلمين‪ ،‬تظهسسر علسسى ألسسسنة‬
‫حجتهم وآياتهم‪ ،‬وأنه سيبدأها خميني لنه ينوب عن مهديهم فسسي كسسل وظسسائفه‪.‬‬
‫وقد كشف بعض شيوخهم عن ذلك؛ لنهم كما يقول إمسسامهم‪" :‬مبتلسسون بسسالنزق‬
‫وقلة الكتمان" ]أصول الكافي‪.[.1/222 :‬‬
‫ففي احتفال رسمي وجماهيري أقيم في عبسسادان فسسي ‪17/3/1979‬م تأييسسدا ً‬
‫لقامة الجمهورية السسسلمية‪ ،‬ألقسسى د‪ .‬محمسسد مهسسدي صسسادقي خطبسسة فسسي هسسذا‬
‫الحتفال سجلت باللغتين العربية والفارسية‪ ،‬ووصفتها الذاعة بأنها مهمة وممسسا‬
‫جاء في هذه الخطبة‪:‬‬
‫"أصرح يا إخواني المسلمين في مشارق الرض ومغاربها أن مكسسة المكرمسسة‬
‫حرم الله المن يحتلها شرذمة أشد من اليهود‪ "..‬وذكر قبل ذلك بأنه حين تثبت‬
‫ثورته سينتقلون "إلى القسسدس وإلسسى مكسسة المكرمسسة‪ ،‬وإلسسى أفغانسسستان‪ ،‬وإلسسى‬
‫مختلف البلد" ]أذيعت هذه الخطبة من صوت الثورة السلمية من عبادان السسساعة ‪ 12‬ظهسسرا ً‬
‫من يوم ‪17/3/1979‬م‪ ،‬انظر‪ :‬وجاء دور المجوس‪ :‬ص ‪.[.347-344‬‬
‫فتراهم يعتبرون الوضع في مكة‪ ،‬كوضع القدس السسذي يحتلسسه اليهسسود‪ ،‬ووضسسع‬
‫أفغانستان التي يحتلها الشيوعيون‪ ..‬على حيسسن تجسسدهم يتعسساطفون مسسع الحكسسم‬
‫النصيري الكافر في سوريا ول يمسونهم بنقد‪.‬‬
‫وقد نشرت مجلة الشهيد ‪ -‬لسان علماء الشيعة فسسي قسسم ‪ -‬فسسي العسسدد )‪(46‬‬
‫الصادر بتاريخ ‪ 16‬شوال ‪1400‬هس صورة تمثل الكعبسة المشسرفة‪ ،‬وإلسى جانبهسا‬
‫صور تمثل المسجد القصى المبارك وبينهما )يد قابضة علسى البندقيسسة( وتحتهسا‬
‫تعليق نصه‪" :‬سنحرر القبلسستين" ]انظسسر‪ :‬مجلسسة الشسسهيد‪ ،‬العسسدد المسسذكور‪ ،‬وانظسسر‪ :‬جريسسدة‬
‫المدينة السعودية الصادرة في ‪ 27‬ذي القعدة ‪1400‬هس‪ ،‬وانظر ما كتبه الشسسيخ محمسسد عبسسد القسسادر‬
‫آزاد‪ /‬رئيس مجلس علماء باكستان عما شاهده في أثناء زيارته ليران‪ ،‬حتى يقسسول بسسأنه رأى علسسى‬
‫جدران فندق هيلتون في طهسسران‪ ،‬والسسذي يقيمسسون فيسسه شسسعارات مكتوب ًسسا عليهسسا‪" :‬سسسنحرر الكعبسسة‬
‫والقدس وفلسطين من أيدي الكفار"‪) :‬انظر‪ :‬الفتنة الخمينية للشيخ محمد آزاد‪ :‬ص ‪.[.(9‬‬

‫معارضة بعض شيوخ الشيعة لمذهب الخميني في ولية الفقيه‪:‬‬


‫أثار مذهب الخميني ‪ -‬في نقلسسه لوظسسائف مهسسديهم بالكامسسل للفقيسسه‪ ،‬وحصسسر‬
‫الولية به ‪ -‬ثائرة جملة من شسسيوخ الشسسيعة‪ ،‬ونشسسب صسسراع حسساد بيسسن الخمينسسي‬
‫وأحد مراجعهم الكبار عندهم وهو "شريعتمداري" ]انظر‪ :‬عبد الجبار العمسسر‪ /‬الخمينسسي‬
‫بين الدين والدولة‪ ،‬مبحث الخميني وشريعتمداري ص ‪ 144‬وما بعدها‪ [.‬كما أعلن طائفة مسسن‬
‫شيوخهم معارضتهم لهذا المذهب ]انظر‪ :‬الخميني بين الدين والدولة ص ‪.[.154-153‬‬
‫وقد تعجب شسسيخهم محمسسد جسسواد مغنيسسة أن يسسذهب الخمينسسي هسسذا المسسذهب‪،‬‬
‫ويساوي في الصلحيات بين المعصوم والفقهاء فقال‪:‬‬
‫"قول المعصوم ]الئمة عندهم معصومون كرسول الله صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم‪ [.‬وأمره‬
‫و إ ِل ّ‬
‫هق َ‬
‫ن ُ‬
‫وى‪ ،‬إ ِ ْ‬‫هق َ‬‫ن ال ْ َ‬
‫ع ِ‬‫ق َ‬
‫ما ي َن ْطِ ُ‬ ‫تماما ً كالتنزيل من الله العزيز العليم } َ‬
‫و َ‬
‫حى{ ]النجم ‪ .[3‬ومعنى هذا أن للمعصوم حق الطاعسسة والوليسسة علسسى‬ ‫ي ُيو َ‬
‫ح ٌ‬ ‫و ْ‬
‫َ‬
‫‪658‬‬
‫الراشد والقاصر والعالم والجاهل‪ ،‬وأن السلطة الروحية والزمنية ‪ -‬مع وجسسوده‬
‫‪ -‬تنحصر به وحده ل شريك له‪ ،‬وإل كانت الولية عليه وليست له‪ ،‬علم سا ً بسسأنه ل‬
‫أحد فوق المعصوم عن الخطأ والخطيئة إل من له الخلق والمر جل وعز‪..‬‬
‫أبعد هسسذا يقسسال‪ :‬إذا غسساب المعصسسوم انتقلسست وليتسسه بالكامسسل إلسسى الفقيسسه؟"‬
‫]الخميني والدولة السلمية‪ :‬ص ‪.[.59‬‬
‫فهذا في نظره غاية الغلو‪ ،‬إذ كيف يجعل حكم الفقيه كحكسم المعصسوم؟ ثسم‬
‫يوضح ذلك بقوله‪" :‬حكم المعصوم منزه عسسن الشسسك والشسسهبات؛ لنسسه دليسسل ل‬
‫مدلول‪ ،‬وواقعي ل ظاهري‪ ..‬أما الفقيسسه فحكمسسه مسسدلول يعتمسسد علسسى الظسساهر‪،‬‬
‫وليس هذا فقط‪ ،‬بسل هسو عرضسة للنسسيان وغلبسة الزهسو والغسرور‪ ،‬والعواطسف‬
‫الشخصسسية‪ ،‬والتسسأثير المحيسسط والسسبيئة‪ ،‬وتعييسسر الظسسروف القتصسسادية والمكانسسة‬
‫الجتماعية‪ ،‬وقد عاينت وعانيت الكثير من الحكام الجسسائرة‪ ،‬ول يتسسسع المجسسال‬
‫للشواهد والمثال سوى أني عرفت فقيها ً بالزهد والتقوى قبل الرياسة‪ ،‬وبعدها‬
‫تحدث الناس عن ميله مع الولد والصهار" ]الخميني والدولة السلمية‪ :‬ص ‪.[.60-59‬‬
‫وهذه شهادة منه على قومه من فئة الشيوخ‪ ،‬وأنسسه مسسا إن تتسساح لهسسم فرصسسة‬
‫رئاسة حتى تزول الصورة التي يتظاهرن بها من الزهد والتعبد‪ ،‬وهؤلء الشيوخ‬
‫الذين هذا وصفهم‪ ،‬يرى الخميني أنهم هم الولة على المة‪.‬‬
‫وأصحاب هذا التجاه المعارض لخط الخميني يرون‪" :‬أن ولية الفقيه أضعف‬
‫وأضيق من ولية المعصوم" ]الخميني والدولة السلمية‪ :‬ص ‪ ،[.61‬فهي ل تتعسسدى مسسا‬
‫ثبت في أخبارهم ‪ -‬كما يقولون ‪ -‬من "ولية الفتسسوى والقضسساء وعلسسى الوقسساف‬
‫العامة‪ ،‬وأموال الغائب وإرث من ل وراث له" ]الخميني والدولة السلمية‪ :‬ص ‪.[.60‬‬
‫وقد استدل مغنيسسة علسسى هسسذا المسسذهب بجملسسة مسسن أقسسوال شسسيوخهم الكبسسار‬
‫عندهم‪ ،‬ونقض ما ساقه الخميني من أدلة لثبات مذهبه‪ ،‬وبين أنها ل تدل علسسى‬
‫ما يريد من القول بعموم الولية‪ .‬ول مجسسال لسسستعراض ذلسسك‪ ،‬ول فسسائدة منسسه‪،‬‬
‫لكن الفائدة هنا أن الخميني يحكم على مذهب طائفته بمقتضى قولهم بقصسسور‬
‫ولية الفقيه عن الحكم والولية‪ ،‬بأن هسسذا يعطسسل أحكسسام السسسلم‪ ،‬وأنسسه بمثابسسة‬
‫القول بنسخ الدين‪ ،‬لكن الخميني ل ترتقي أدلته في تأييد مذهبه إلسسى مسسا يريسسد‬
‫فتبقى أحكامه على مذهب طائفته صادقة‪ ،‬وأنه مبني علسسى مسسا يخسسالف أصسسول‬
‫الشرع‪ ،‬ومنطق العقل وطبيعة الشياء‪.‬‬
‫والتجاه المخالف للخميني يرجع أمر الولية إلسسى عمسسوم النسساس‪ ،‬ول يخصسسها‬
‫بشيوخ الشيعة‪ ،‬بل يبقى هؤلء الشيوخ في وضعهم الذي وضعوا فيسسه ووليتهسسم‬
‫الخاصة حتى يخرج الغائب فيتولى أمور الدين والدينا‪ .‬وهسسذه بلغسسة هسسذا العصسسر‬
‫فصل الدين عن الدولة‪ ،‬فصار المذهب دائرا ً بين غلو في الفقيه‪ ،‬أو دعوة إلسسى‬
‫فصل الدين عن الدولة‪ ،‬وهكسسذا كسسل مسسذهب باطسسل لبسسد أن يخسسرج أمثسسال هسسذه‬
‫التناقضات‪.‬‬
‫وكل الرأيين استقرا علسسى بطلن المسسذهب فسسي دعسسوى النسسص والتعييسسن؛ لن‬
‫كليهما لم يحدد الرئيس بشخص معيسسن‪ ،‬إل التعييسسن الشسسكلي للغسسائب المفقسسود‬
‫والذي لن يعود؛ لنه ل حقيقة له في الوجود‪.‬‬

‫دستور دولة اليات‪:‬‬


‫أعلنت الجمهورية السلمية في إيران دسسستورها‪ ،‬فسسي كتسساب أصسسدرته وزارة‬
‫الرشاد السلمي ونشر في طبعتسسه الولسسى عسسام ‪1406‬هسسس‪ ،‬وكسسانت مسسواد هسسذا‬

‫‪659‬‬
‫]طبعسسسة‬ ‫الدستور قد نشرت من قبل في مجلة الشهيد اليرانية في إصدار خاص‬
‫مؤسسة الشهيد‪ ،‬قم سنة ‪1979‬م‪.[.‬‬
‫وهذا عرض لبعض مواد الدستور ليتبين هل هو يمثل الدستور لدولة إسلمية‬
‫‪ -‬كما يزعمون ‪ -‬أو ل؟‬
‫يقرر الدستور في "الصل الثاني عشر"‪ :‬أن المذهب الجعفسسري ديسسن للدولسسة‬
‫يقول‪" :‬الدين الرسمي ليران هو السلم‪ ،‬والمذهب الجعفري الثنسسي عشسسري‪،‬‬
‫وهذا الصل يبقى إلى البد غير قابسسل للتغييسسر" ]الدسسستور‪ :‬ص ‪ ،[.20‬وكسسذلك ينسسص‬
‫الدستور على فكرة الثني عشرية في المامة‪ ،‬بحيث يربط مذهب خميني في‬
‫ولية الفقيه بقضية المامة فيقول‪" :‬إن ولية الفقيسسه اعتمسسادا ً )يعنسسي معتمسسدة(‬
‫على استمرار ولية المر والمامة" ]الدستور‪ :‬ص ‪.[.9‬‬
‫فسستراهم يعلنونهسسا طائفيسسة متعصسسبة فسسي دسسستورهم وهسسم يسسسمون أنفسسسهم‬
‫"بالجمهورية السلمية"‪ ،‬ولعل قولهم هذا يوحي أن مذهبهم ل يدخل في اسسسم‬
‫السلم‪ ،‬بل لبد من النص عليه مع السسلم كسسدين آخسسر مشسسارك لسسه‪ ،‬مسسع أنسسك‬
‫تراهم كثيرا ً ما يدعون بأن مذهبهم ل يختلسسف عسسن المسسذاهب السسسلمية إل فسسي‬
‫الفروع‪ ،‬وإذا كان المر في تصورهم كذلك فلماذا ينص على المذهب الجعفري‬
‫بذاته في دستورهم؟‬
‫ثم لماذا تكون هذه المادة غيسر قابلسة للتغييسر إلسى البسد؟ أطلعسوا الغيسب أم‬
‫اتخذوا عند الرحمن عهدًا‪ ،‬ولماذا ل يفتحون عقولهم وقلوبهم لرؤية الحق الذي‬
‫عند أهل السنة‪ ،‬ويتخلصون من داء التعصب المقيسست‪ ،‬فيجسسب أن تسسسمى هسسذه‬
‫الدولة بموجب هذه المادة "الجمهوريسسة الجعفريسسة" ذلسسك أن الدولسسة السسسلمية‬
‫تقوم على أسسساس السسسلم ل المسسذهب‪ ،‬وحيسسن يتبنسسى الخليفسسة شسسيئا ً مسسن هسسذا‬
‫المذهب أو ذاك‪ ،‬فإنما يتبناه بناء على قوة الدليل‪ ،‬وليس بنسساء علسسى الوراثسسة أو‬
‫التعصب‪ ،‬ولكنهم برهنوا بهذه المادة على متسسابعتهم لمسسا قسساله بعسسض شسسيوخهم‬
‫وهو أن الثني عشرية دين ل مذهب ]انظر‪ :‬ص ‪ 729‬هامش )‪.[.(4‬‬
‫وجاء في بعض مواد الصل الثاني من الدستور ما يضع أخبسارهم عسن الئمسة‬
‫موضع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فيستبدلون الذي هو أدنى بالذي‬
‫هو خير حيث يقول‪:‬‬
‫"يقوم نظام الجمهورية السلمية على أسسساس الجتهسساد المسسستمر مسسن قبسسل‬
‫الفقهاء جامعي الشرائط على أسساس الكتسساب وسسسنة المعصسسومين سسسلم اللسسه‬
‫عليهم أجمعين" ]الدستور‪ :‬ص ‪.[.16-15‬‬
‫فليس في هذه المادة اعتراف بسنة النبي صلى اللسسه عليسسه وسسسلم‪ ،‬لنهسسم ل‬
‫يؤمنون بها‪ ،‬بل يأخذون بسنة المعصومين السسذين يعسسدونهم أفضسسل مسسن النبيسساء‬
‫والمرسلين‪.‬‬
‫فهل يبقى للدستور صفته السلمية وهو يلغي سنة رسسسول اللسسه صسسلى اللسسه‬
‫عليه وسلم من حسابه؟‬
‫وهم سيأخذون بمقتضى هذه المسادة بمسا جساء فسي أصسول الكسافي‪ ،‬والبحسار‬
‫للمجلسي وغيرهما بكل ما فيها من كفر وضلل‪ ،‬لن هسذه هسي المصسادر الستي‬
‫نقلت لهم سنة المعصومين‪.‬‬
‫وترى في بعسسض مسسواد الدسسستور النعسسرة الفارسسسية‪ ،‬واللوثسسة القوميسسة‪ ،‬يقسسول‬
‫الصل الخامس عشر من الدستور‪:‬‬

‫‪660‬‬
‫"اللغة والكتابة الرسسسمية والعامسسة هسسي الفارسسسية لشسسعب إيسسران‪ ،‬فيجسسب أن‬
‫تكون الوثائق والمراسلت والمتون الرسمية والكتب الدراسية بهذه اللغة"‪.‬‬
‫فترى أن هذه المادة موضوعة على أسسساس القوميسسة اليرانيسسة‪ ،‬لن للسسسلم‬
‫لغة واحدة هي العربية ل باعتبارها لغة العرب‪ ،‬بل باعتبارها لغة القرآن والسنة‬
‫ولغة دولة الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين‪.‬‬
‫ويقرر الصل السسسادس مسسن الدسسستور‪ :‬بسسأن مرجعهسسم رأي المسسة )ل الكتسساب‬
‫والسنة( فيقول‪" :‬يجب أن تدار شئون البلد في جمهور إيران السسسلمية علسسى‬
‫رأي المة‪] "..‬الدستور‪ :‬ص ‪.[.18‬‬
‫ولشك أن دولة الخلفة في السلم تدار شئونها بهدي من الكتسساب والسسسنة‪،‬‬
‫وليس الرأي العام هو أساس الحكم في السلم‪ ،‬إنما هو أساس فسسي النظمسسة‬
‫الوضعية‪.‬‬
‫ويوضح هذا المبدأ أكثر ما جاء في الصل التاسع والخمسسسين عنسسدهم والسسذي‬
‫يقسسول‪" :‬ممارسسسة السسسلطة التشسسريعية قسسد تتسسم أحيان سا ً عسسن طريسسق السسستفتاء‬
‫الشسسعبي العسسام وذلسسك فسسي القضسسايا القتصسسادية‪ ،‬والسياسسسية‪ ،‬والجتماعيسسة‪،‬‬
‫والثقافية الهامة‪ ،‬ويجري هذا الستفتاء العام بنسساء علسسى طلسسب أكسسثر مسسن ثلسسثي‬
‫مجموع أعضاء المجلس" ]الدستور‪ :‬ص ‪.[.46‬‬
‫ول غرابة أن يلجأوا إلى استفتاء الناس في شئونهم بعد أن حرمسسوا أنفسسسهم‬
‫من المصدر الثاني في التشريع وهسسو "السسسنة المطهسسرة"‪ .‬ولقسسد اقسسترح عليهسسم‬
‫شيخهم يوسف البحراني صاحب الحدائق أن يبحثوا لهم عسسن مسسذهب غيسسر هسسذا‬
‫المذهب لعدم وفائه بما يريدون ]انظر‪ :‬نص كلمه بحروفه وتمامه‪ :‬ص)‪.[.(388‬‬
‫هذا بعض ما جاء في دستورهم حسب الطبعة الخيرة منه عام ‪1406‬هس ]مما‬
‫يجدر تسجيله هنا هو أنه نشر الدستور فسسي جريسسدة السسسفير اللبنانيسسة مترجمسا ً بقلسسم محمسسد صسسادق‬
‫الحسيني بصورة مغايرة للنشر الرسمي الخير للدستور‪ ،‬والتغيير الذي جرى قد يكسسون للتقيسسة أثسسر‬
‫فيه‪ ،‬وذلك من أجل صيانة سمعة المذهب من النقد‪.‬‬
‫وقد قام حزب التحرير ‪ -‬وهو كما يظهر من الحزاب المتعاطفة مع ثورة إيسسران والمواليسسة لهسسا‪،‬‬
‫بل الذي يرى فيها الحكم السلمي المنشود ‪ -‬بدراسة مواد الدستور‪ ،‬كما نشسسرته جريسسدة السسسفير‬
‫بعد أن سأل السفارة اليرانية في بيسسروت عسسن مسسدى اعتمسسادهم لمسسا نشسسر فأفسسادوه بسسأن الترجمسسة‬
‫المنشورة في السفير "ترجمة دقيقة وأمينة"‪ ..‬وقد تبين له بعد الدراسة ‪ -‬كما نشر ذلك في كتيب‬
‫صغير ‪ -‬أن الدستور ل صلة له بالسلم إل بالسم‪ ،‬حتى ذكر أنه جاء في "الفصل الثسسامن المتعلسسق‬
‫بالسلطة القضائية" في مواده رقم ‪،131‬س ‪،132‬س ‪،135‬س ‪ 136‬مسسا يسسدل علسسى أن القسسانون المسسدني‬
‫الوضعي‪ ..‬هو الذي سيوضع في المحسساكم )انظسسر‪ :‬نسسص نقسسض مشسسروع الدسسستور اليرانسسي‪ ،‬والسسذي‬
‫نشره حزب التحريسر ص ‪ (48‬وانتهسسى الحسسزب مسن نظسره فسسي الدسستور إلسى أنسسه "ليسس دسستورا ً‬
‫إسلميًا‪ ،‬ولم يأخذ أحكامه من كتاب الله وسنة رسوله‪ ،‬ويتبين أن واضعه يتميسسز بعقليسسة غربيسسة‪ ،‬ول‬
‫يتمتع بعقلية إسلمية" )المصدر السابق‪ :‬ص ‪ (52‬وقال بأنه "إذا وضع هذا الدسستور موضسع التنفيسسذ‬
‫فإنه ل يجعل الدولة دولة إسلمية" وقال بأنه يجب أن يكون الدستور منبثقا ً من العقيدة السلمية‪،‬‬
‫ومأخوذة كل مواده من كتاب الله وسنة رسوله )المصدر السابق(‪.‬‬
‫هذا حكم حزب التحرير مع أنه موال للحكومة اليرانية‪ ،‬وفسسي اتجسساهه شسسبه بالتجسساه الرافضسسي‪،‬‬
‫لنه يرجئ تطبيق بعض أحكام السلم حتى تقوم دولة الخلفة‪ ،‬كما يرجئ الشسسيعة تطسسبيق أحكسسام‬
‫مذهبهم حتى يعود الغائب‪ ..‬ومع ذلك فإنه يحكم على دستورهم بهذا الحكسسم‪ .‬ولسسول ضسسيق المجسسال‬
‫لعرضت أوجه نقدهم للدسسستور‪ ،‬وقسسد أرسسسل هسسذا النقسسد إلسسى خمينسسي‪ ،‬مشسسفوعا ً بدسسستور إسسسلمي‬
‫مقترح‪ ،‬ويبدو أن الشيعة استفادوا من ذلك في تغيير بعض المواد التي تثير النقد لدسسستورهم‪ ،‬كمسسا‬
‫يتبين ذلك في نشرته الخيرة‪ ،‬ومع ذلك لسم يسسلم مسن ضسلل كمسا تسبين أثنساء النقسد )وانظسر فسي‬
‫التعريف بحزب التحرير‪ :‬كتاب الجماعة السلمية في ضوء الكتاب والسنة‪ /‬تسسأليف سسسليم الهللسسي‪،‬‬
‫وزياد الدبيج ص‪ 137:‬وما بعدها(‪.[.‬‬

‫‪661‬‬
‫وقسسد تسسبين أنسسه ل يمثسسل دسسستور دولسسة إسسسلمية‪ ،‬وإنمسسا يمثسسل دولسسة فارسسسية‪،‬‬
‫عنصرية‪ ،‬ورافضية جعفرية‪ ،‬ول يأخذ أحكامه من الكتاب والسنة‪ ،‬وإنمسسا يرتبسسط‬
‫بروايات الكليني وأضرابه والتي يسمونها سنة المعصومين‪.‬‬

‫الباب الخامس‬
‫أثرهم في العالم السلمي والحكم عليهم‬
‫ويشمل على‪:‬‬
‫الفصل الول‪ :‬أثرهم في العالم السلمي‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الحكم عليهم‪.‬‬

‫الفصل الول‬
‫أثرهم في العام السلمي‬
‫أثسسر الشسسيعة فسسي العسسالم السسسلمي فسسي مراحسسل التاريسسخ المختلفسسة وحقبسسه‬
‫المتطاولة‪ ..‬موضسسوع واسسسع كسسبير‪ ،‬بسسل موضسسوعات متعسسددة‪ ،‬وجسسوانب مختلفسسة‬
‫تقتضسسي رسسسائل عديسسدة‪ ،‬وتسسستدعي جهسسودا ً كسسبيرة‪ ..‬وإن مراجعسسة الحسسداث‬
‫التاريخية ‪ -‬مثل ً ‪ -‬التي جرت في العراق في القرن الرابع والخامس وما بعسسدها‬
‫والتي كان للشيعة فيهسسا دور وأثسسر لموضسسوع واسسسع‪ ،‬فيكسسف بدراسسسة ذلسسك فسسي‬
‫العالم السلمي‪ ،‬وإن رصد حركات الشيعة المتزايدة في الواقع المعاصسسر فسسي‬
‫مختلف أصقاع العالم السلمي وما تحدثه من آثار ليحتاج إلى دراسات ميدانية‬
‫وصلت واسعة‪ ،‬ورحلت متعددة‪.‬‬
‫وشيء من ذلك ل يمكن تحقيقه في رسالة بل في فصسسل مسسن رسسسالة‪ ،‬هسسي‬
‫معنية بالساس‪ ،‬بدراسة أصولهم ونقدها‪.‬‬
‫لهذه السباب سنكتفي في هذا الفصل بالشسسارة الدالسسة‪ ،‬واللمحسسة المعسسبرة‪،‬‬
‫والكلمة الموجزة‪ ،‬ونكتفي بالجزء عن الكل‪ ،‬وبالمثال الواحد مثل ً في بلد واحد‬
‫وزمن واحد عن الستقصاء وبالتفصيل‪.‬‬
‫ولعلي أحاول أن أبرز بعض آثارهم وفق مجالت محددة حتى ل يتشسسعب بنسسا‬
‫الحديث وهي المجالت التالية‪:‬‬
‫‪-1‬المجال العقدي والفكري‪.‬‬
‫‪ -2‬السياسي‪.‬‬
‫‪ -3‬الجتماعي‪.‬‬
‫‪ -4‬القتصادي‪.‬‬
‫وهذا مجرد تقسيم لتوضيح هذه الثار‪ ،‬وإل فإنها مترابطة ومتصلة الحلقات‪.‬‬
‫ذلك أن شؤم البدعة خطير على المة‪ ،‬يؤثر في جميع جسسوانب حياتهسسا‪ ،‬ومسسن‬
‫يدرس تاريخ هذه المة‪ ،‬والتجاهات البدعية السستي ظهسسرت يجسسد أثرهسسا السسسلبي‬
‫على الدولة السلمية كلها‪ .‬استمع ‪ -‬مثل ً ‪ -‬لما يقوله شسسيخ السسسلم ابسسن تيميسسة‬
‫عن أسباب سقوط الدولة الموية يقول ‪ -‬رحمه الله ‪:-‬‬
‫"إن دولة بني أمية كان انقراضها بسبب هذا الجعد المعطل" ]يعنسسي الجعسسد بسسن‬
‫درهم أول من أحدث مقالة التعطيل لسماء اللسه وصسسفاته‪ .‬انظسسر‪ :‬ص)‪ (546‬مسسن هسذه الرسسالة‪[.‬‬
‫وغيره من السباب ]مجموع فتاوى شيخ السلم‪ .[.13/182 :‬وقال‪" :‬وهذا الجعد إليسسه‬
‫ينسب مروان بن محمد الجعدي آخر خلفاء بني أمية‪ ،‬وكسسان شسسؤمه عسساد عليسسه‬
‫حتى زالت الدولة‪ ،‬فإنه إذا ظهرت البدع التي تخالف دين الرسسسول صسسلى اللسسه‬

‫‪662‬‬
‫]مجمسسوع فتسساوى شسسيخ‬‫عليه وسلم انتقم الله ممسسن خسسالف الرسسسل‪ ،‬وانتصسسر لهسسم"‬
‫السلم‪.[.13/177 :‬‬
‫وهذا التفسسسير السسسلمي لحسسداث التاريسسخ يخسسالف مسسا درج عليسسه جملسسة مسسن‬
‫المؤرخين الذين ل يفسرون أحداث التاريخ إل بأسسسبابه ماديسسة بحتسسة‪ ،‬وهسسو مسسن‬
‫العمل الذي ل يفقهه إل أهل اليمان‪.‬‬

‫المجال العقدي والفكري‬


‫وهو موضوع واسع كبير‪ ،‬نشير فيما يلي إلى بعض معالمه‪:‬‬
‫إحداث الشرك في أمة محمد صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫لقد كان لعقيدتهم في المامة والمام الثسسر الواضسسح فسسي إحسسداث "الشسسرك"‬
‫و"الشركيات في العالم السلمي"‪ ،‬بل قرر طائفة من أهسسل العلسسم أن الشسسيعة‬
‫هم أول من أحدث الشرك وعبادة القبور في المة المحمدية‪ .‬فقد تحسسول غلسسو‬
‫الشيعة في أئمتها إلى غلو في قبورهسسا‪ ،‬ووضسسعوا روايسسات لمسسساندة مسسسيرتهم‬
‫الوثنية‪.‬‬
‫قال شيخ السلم ابسسن تيميسسة‪" :‬وأول مسسن وضسسع هسسذه الحسساديث فسسي السسسفر‬
‫لزيارة المشاهد التي علسسى القبسسور أهسسل البسسدع مسسن الروافسسض ونحسسوهم السسذين‬
‫يعطلون المساجد ويعظمون المشاهد التي يشسسرك فيهسسا ويكسسذب فيهسسا ويبتسسدع‬
‫فيها دين لم ينزل الله به سلطانًا‪ ،‬فإن الكتاب والسنة إنما فيهما ذكر المساجد‬
‫دون المشاهد" ]انظر‪ :‬الرد على الخنائي‪ :‬ص ‪.[.47‬‬
‫ً‬
‫واليوم أصبحت مشاهد الشيعة ومزاراتها موطنا للشسسرك‪ ،‬وعبسسادة غيسسر اللسسه‬
‫سبحانه‪ ..‬وتحدث الكثير ممسسن زار ديسسار الشسسيعة عسسن هسسذه المظسساهر الشسسوكية‬
‫]انظر‪ :‬ص)‪ (1072-1071‬من هذه الرسالة‪ ،[.‬وقد سرى هسسذا "البلء" إلسسى بعسسض ديسسار‬
‫السنة‪ .‬والرافضة هم الصل فيه‪ ،‬وكتبهم تشهد له وتؤيده‪.‬‬
‫ول حاجة بنا إلى استعراض أسماء المشاهد وأماكنها‪ ،‬وصور مسسا يجسسري فيهسسا‬
‫لشهرة ذلك وذيوعه‪.‬‬
‫الصد عن دين الله‪:‬‬
‫كان التجاه الرافضي ‪ -‬بكسسل شسسذوذه وضسسللته السستي مسّر ذكرهسسا ‪ -‬ول يسسزال‬
‫مصحوبا ً بدعاية كبيرة من شيوخ الروافض الذين يبحثسسون عسسن تكسسثير سسسوادهم‬
‫بأي وسيلة‪.‬‬
‫وكانت هذه الدعاية مرتكزة على "أكذوبة كبرى" أتقن الشيعة "اللعب فيهسسا"‬
‫وخداع أتباعهم‪ ،‬والجهلة مسسن أتبسساع المسسسلمين بهسسا‪ ..‬هسسذه الكذوبسسة تقسسول بسسأن‬
‫شذوذ الشيعة هذا مؤيد بروايات عند أهل السنة‪ ..‬ولذلك يكثر قسسولهم‪ :‬ل خلف‬
‫بين السنة والشيعة من هذا المنطلق‪.‬‬
‫وما أكثر ما نقرأ في كتبهم مثل هذا التجسساه فسسي السسستدلل والحتجسساج مسسن‬
‫طريق من يسمونهم بالعامة ]ل يخلو ‪ -‬غالبا ً – كتاب مسسن كتبهسسم المتسسأخرة والمعاصسسرة مسسن‬
‫هذا السلوب‪ ،‬ومن أشسدها غلسوا ً وأعظمهسا كسذبا ً كتساب "غايسة المسرام" وهسو كلسه قسائم علسى هسذا‬
‫المسلك‪ ،‬وهو بكذبه الجلي الواضح عار على الشيعة إلى البد ‪ ،‬ومع ذلك يعده أحد مراجعهسسم فسسي‬
‫هذا العصر موضع الفخر )محسن العاملي‪ /‬الشيعة‪ :‬ص ‪ ،124‬وانظر‪ :‬ملحق الوثائق والنصوص من‬
‫رسالة فكرة التقريب(‪.[.‬‬
‫وهذه "الكذوبة" قد انخدع بها من أزاغ الله قلبه فظن أن دين السلم ليس‬
‫إل ما يقوله أولئك المبتدعون ورأوا ذلك فاسدا ً في العقل فخرجوا من السلم‬
‫إلى مهاوي اللحاد والزندقة‪.‬‬
‫‪663‬‬
‫ولهذا كان غلتهم طاعنين في دين السلم بالكلية باليسسد واللسسسان كالخرميسسة‬
‫]الخرمية‪ :‬فرقتان‪ :‬فرقة منهم كانوا قبل دولة السلم وهم أتبسساع مسسزدك البسساحي دعساة الشسستراك‬
‫في الموال والبضاع‪ ،‬الذين أفسسسدوا بلد الفسسرس فقضسسى عليهسسم أنسسو شسسروان الملسسك الساسسساني‬
‫الملقب بالعادل والذي توفي قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫والفرقة الثانية من الخرمية ظهروا في دولة السلم كالبابكية أتبسساع بابسسك الخرمسسي السسذي ظهسسر‬
‫بناحية أذربيجان‪ ،‬وكثر أتباعه‪ ،‬وكان يستحل المحرمات كلها وهزم كثيرا ً مسن عسساكر بنسي العبساس‬
‫في مدة عشرين سنة إلى أن أسر مع أخيه إسحاق وصسالب "بسسسر مسسن رأى" فسسي أيسسام المعتصسسم‬
‫ه(‪.‬‬
‫سنة )‪‍ 223‬‬
‫ول شسسك فسسي أن الخرميسسة السسذين ظهسسروا فسسي السسسلم هسسم امتسسداد للديانسسة الفارسسسية القديمسسة‬
‫"المزدكية" الولى‪ ،‬وهم الذين زادوا في انحراف التشيع‪ ،‬ولسسذلك قسسال النوبخسستي الشسسيعي‪ :‬ومنهسسم‬
‫كان بدء الغلو في القول حتى قسسالوا‪ :‬إن الئمسسة آلهسسة وإنهسسم أنبيسساء وإنهسسم رسسسل‪ ،‬وقسسالوا بالتناسسسخ‬
‫وإبطال القيامة‪) ،‬انظر‪ :‬النوبختي‪ /‬فسسرق الشسسيعة ص ‪ ،36‬ابسسن النسسديم‪ /‬الفهرسسست‪ :‬ص ‪،344-342‬‬
‫السفراييني‪ /‬التبصير فسسي السسدين‪ :‬ص ‪ ،80-79‬الملطسسي‪ /‬التنسسبيه والسسرد‪ :‬ص ‪ ،22‬الغزالسسي‪ /‬فضسسائح‬
‫الباطنية‪ :‬ص ‪ 14‬ومسسا بعسسدها(‪ [.‬أتباع بابك الخرمسسي‪ ،‬وقرامطسسة ]القرامطسسة‪ :‬إحسسدى فسسرق‬
‫السماعيلية التي سبق التعريف بها ص‪ .97 :‬وهم يسمون بالقرامطة نسسسبة إلسسى رجسسل يقسسال لسسه‪:‬‬
‫حمدان قرمط كان أحد دعاتهم في بدايسسة أمرهسسم )فضسسائح الباطنيسسة‪ :‬ص ‪ [.(12‬البحرين أتبسساع‬
‫أبي سعيد الجنابي وغيرهم ]انظر‪ :‬منهاج السنة‪.[.1/114 :‬‬
‫ولشك في أن إظهار بدعة الرفض على أنها السلم هو مسسن أعظسسم أسسسباب‬
‫الصد عن سبيل الله‪ ،‬إذ كيف يقبل عاقل خرافة الغيبسة والرجعسسة والطعسن فسي‬
‫الصحابة والتأويلت الباطنية؟!‬
‫ول يبعد اليوم أن إقامة دولة اليات في إيران وسيلة لهذا الغسسرض لمواجهسسة‬
‫تطلعات المسلمين لعودة الخلفسسة ووحسسدة المسسة‪ ،‬وللحسسد مسسن انتشسسار مظسساهر‬
‫الصحوة السلمية في العالم‪ ..‬فإن إقامة دولة تشوه السلم‪ ،‬وتعطسسي صسسورة‬
‫مخالفة لتطلعات المسلمين وآمالهم من شأنه أن يحبط المال ويطفسسئ وقسسدة‬
‫التطلعات وشعلة الحماس في شباب المسلمين‪.‬‬
‫ي بمعرفة هذه التجاهات البدعية‪ ..‬على يد ثلسة ممسن‬ ‫والمستعمر الكافر معن ّ‬
‫يسمون "بالمستشسسرقين" والسسذين يعمسسل معظمهسسم كمستشسسارين فسسي وزارات‬
‫الخارجيسسة‪ ،‬وبالتسسالي فسسإن سياسسسات السسدول الكسسبرى تتخسسذ منهجهسسا مسسن تقسسارير‬
‫المستشرقين المبنية على دراسة تاريخية وطائفية لمة السسسلم‪ ..‬والمسسستعمر‬
‫الكافر لم ينس تاريخه معنا‪ ،‬كما شسسهدت بسسذلك مواقفسسة وأقسسوال بعسسض قسسادته‪،‬‬
‫وكما كشف ذلك بعض الوربيين الذين دخلوا في السلم كالستاذ محمسسد أسسسد‬
‫في كتابه "السلم على مفترق الطرق" ]وقد تحدث عن ذلك في فصسسل بعنسسوان "شسسبح‬
‫الحروب الصليبية" وقال‪" :‬إن الحروب الصليبية هي التي عينت فسسي المقسسام الول والمقسسام الهسسم‬
‫موقف أوربة من السلم لبضعة قرن تتلو" )السلم علسسى مفسسترق الطسسرق‪ :‬ص ‪ .(55‬وقسسال‪" :‬لقسسد‬
‫استفادت أوربا أكثر مما استفاد العالم السلمي منها‪ ،‬ولكنها لم تعسسترف بهسسذا الجميسسل وذلسسك بسسأن‬
‫تنقص من بغضائها للسلم‪ ،‬بل كان المر على العكس‪ ،‬فإن تلك البغضاء قد نمت مع تقدم الزمسسن‬
‫ثم استحالت عادة‪ ،‬ولقد كانت هذه البغضاء تغمر الشعور الشعبي كلما ذكرت كلمة مسسسلم‪ .‬ولقسسد‬
‫دخلت في المثال السسائرة عنسدهم حستى نزلست فسسي قلسسب كسسل أوربسي رجل ً أو امسسرأة"‪) .‬المصسسدر‬
‫السابق‪ :‬ص ‪.(60-59‬‬
‫ويقول بأن هذه المشاعر العدائية ظلت حية بعسسد جميسسع أدوار التبسسادل الثقسسافي واسسستمرت فسسي‬
‫تطور رغم أن الشعور الديني الذي كان سبب هذا العداء قد أخلسسى مكسسانه‪ .‬ويقسسول بسسأن هسسذا ليسسس‬
‫بغريب إذ إنه من المقرر في علم النفس أن النسان قد يفقد جميع العتقادات الدينية فسسي تلقنهسسا‬
‫في أثناء طفولته‪ ،‬بينما تظل عنسسده بعسسض الخرافسسات الخاصسسة تتحسسدى كسسل تعليسسل عقلسسي )المصسسدر‬
‫السابق‪ :‬ص ‪.(61-60‬‬
‫وأقول‪ :‬إن مقسسررات علسسم النفسسس هسسذه إنمسسا تنطبسسق علسسى أديسسان أوروبسسا ل ديسسن الفطسسرة ديسسن‬
‫السلم‪.[.‬‬

‫‪664‬‬
‫وسواء كان قيام دولة اليات‪ ،‬أو تصاعد المد الشيعي فسسي العسسالم السسسلمي‬
‫مقصودا ً للعدو الكافر أو غير مقصود فإنه بل شك له آثاره في الصد عن سبيل‬
‫الله‪ ،‬وظهور الزندقة المقنعة التي ينخدع بها المسلمون‪ ،‬وهذا هو الداء الكسسبر‪،‬‬
‫وهذا ما يتضح بالمسألة التالية‪:‬‬

‫ظهور فرق الزندقة واللحاد‪:‬‬


‫يذكر شسسيخ السسسلم ‪ -‬رحمسسه اللسسه ‪ -‬أن مبسسدأ ضسسلل السسسماعيلية والنصسسيرية‬
‫وغيرهم من الزنادقة الملحدة المنافقين تصديق الرافضسسة فسسي أكسساذيبهم السستي‬
‫يذكرونها في تفسير القرآن والحديث ]منهاج السنة‪.[.4/3 :‬‬
‫وكان أئمسة العبيسديين إنمسا يقيمسسون مبسسدأ دعسواهم بالكساذيب السستي اختلقتهسا‬
‫الرافضة ليستجيب لهم بذلك الشيعة الضلل‪ ،‬ثم ينقلون الرجل من القدح فسسي‬
‫الصحابة إلى القدح في علي ثم في اللهية كما رتبه لهسسم صسساحب البلغ الكسسبر‬
‫والناموس العظم‪ ،‬ولهذا كان الرفض أعظم باب ودهليسسز إلسسى الكفسسر واللحسساد‬
‫]منهاج السنة‪.[.4/3 :‬‬
‫"فالرافضة هسم البساب لهسؤلء الملحسدين منهسم يسدخلون إلسى سسائر أصسناف‬
‫اللحاد في أسماء الله‪ ،‬وآيات كتابه المبين‪ ،‬كما قرر ذلك روؤس الملحدة مسسن‬
‫القرامطة والباطنية وغيرهم من المنافقين" ]منهاج السنة‪.[.1/3 :‬‬
‫وقد تسسبين ‪ -‬فيمسسا مضسسى ‪ -‬كيسسف أن روايسسات الثنسسي عشسسرية وأحاديثهسسا السستي‬
‫يزعمسسون تلقيهسسا عسسن آل السسبيت هسي المنسساخ الملئم‪ ،‬والتربسة الصسالحة لظهسسور‬
‫الفكار الغالية وخروج الفرق الملحدة‪ ،‬لنها جمعت "حثالة" آراء وأقوال الفرق‬
‫الشيعية الشاذة بمختلف اتجاهاتها‪ ،‬والتي فرقت المة وأفسسدت عليهسا أمرهسا‪،‬‬
‫والتي وصلتنا أقوالها بواسطة كتب الفرق والمقالت‪ ،‬ثم وجدنا روايسسات الثنسسي‬
‫عشرية تشهد لهذه التجاهات وتؤيدها ]انظر‪ :‬ص)‪ (980-979‬من هذه الرسالة‪.[.‬‬
‫ومن هنا انبثق من الثني عشرية فرق كثيرة اشتهر غلوها وكفرها كالشيخية‬
‫والكشفية والبابية وغيرها‪ .‬وقد قال صاحب المنتقى بسسأن "الرفسسض مسسأوى شسسر‬
‫الطوائف‪] "..‬انظر‪ :‬المنتقى‪ :‬ص ‪.[.77‬‬
‫ثم ذكر جملة من فرق الزندقة واللحاد الذين يعيشون تحت مظلة الرفسسض‪،‬‬
‫ولذا قال الغزالي‪" :‬إن مذهب الباطنية ظاهره الرفض‪ ،‬وباطنه الكفر المحض"‬
‫]فضائح الباطنية‪ :‬ص ‪.[.37‬‬
‫فهم كفرة يتظاهرون بالتشسسيع‪ ..‬ويبسسدو أن هسسؤلء يشسسكلون السسسواد العظسسم‬
‫منهم حتى ذكر شيخ السلم ابن تيمية أن "كثيرا ً مسسن أئمسة الرافضسة وعسسامتهم‬
‫زنادقة وملحدة ليس لهم غرض في العلم ول في الدين" ]منهاج السنة‪.[.4/70 :‬‬
‫فجو التشيع مناخ خصب لمختلف النحل والهسسواء‪ ،‬وقسسد سسسجل محسسب السسدين‬
‫الخطيب أن التشيع كان عامل ً من عوامل انتشار الشيوعية والبهائية في إيران‬
‫]الخطوط العريضة‪ :‬ص ‪.[.45-44‬‬
‫محاولة إضلل المسلمين في سنة نبيهم‪:‬‬
‫ومن آثارهم الفكرية أن طائفسسة منهسسم اندسسسوا فسسي رجسسال الحسسديث وحسساولوا‬
‫إدخال بعض الروايات التي تخدم التشيع‪ ..‬حتى ُوجدت مادة من هذه اللون في‬
‫معاجم أهل السنة ودواوين الحسسديث عنسسدهم‪ ،‬لكسسن تنبسسه لسسذلك رجسسال الحسسديث‬
‫فبينوا الحق وكشفوا الكيد الرافضي‪ ،‬وقد بين الشيخ السويدي هذا الثسسر السسذي‬
‫تركه هؤلء الروافض حينما قال‪" :‬إن بعسسض علمسسائهم اشسستغلوا بعلسسم الحسسديث‪،‬‬

‫‪665‬‬
‫وسمعوا الحاديث من ثقات المحدثين وحفظوا أسانيد أهسسل السسسنة الصسسحيحة‪،‬‬
‫وتحلوا في الظاهر بحلي التقوى والورع بحيث كانوا يعسسدون مسسن محسسدثي أهسسل‬
‫السنة‪ ،‬فكانوا يروون الحاديث صحاحا ً وحسانًا‪ ،‬ثم أدرجسسوا فسسي تلسسك الحسساديث‬
‫موضوعات مطابقة لمذهبهم‪ ،‬وقد ضل بذلك كثير من خواص أهل السنة‪ ،‬فضل ً‬
‫عن العوام ولكسسن قيسسض اللسسه ‪ -‬بفضسسله ‪ -‬أئمسسة الحسسديث فسسأدركوا الموضسسوعات‬
‫فنصوا على وضعها فتبين حالها حينئذ والحمد لله على ذلك‪.‬‬
‫وقد أقرت طائفة منهم بالوضع بعسسدما انكشسسف حسسالهم‪ ،‬ثسسم قسسال السسسويدي‪:‬‬
‫"وتلك الحاديث الموضوعة إلى الن موجسسودة فسسي المعسساجم والمصسسنفات وقسسد‬
‫تمسك بها أكثر التفضيلية ]التفضيلية أو المفضسلة هسم السسذين يفضسلون عليسا ً علسى أبسسي بكسر‬
‫وعمر من الزيدية وغيرهم‪) .‬انظر‪ :‬التسعينية لبسسن تيميسسة‪ :‬ص ‪ .[.(40‬والمتشيعة" ]السسسويدي‪/‬‬
‫نقض عقائد الشيعة )مخطوط غير مرقم الصسفحات‪ ،‬وبالعسد ينظسر ص ‪ ،26-25‬وانظسر‪ :‬اللوسسي‪/‬‬
‫السيوف المشرقة‪ :‬ص ‪) 50‬مخطوط(‪ ،‬ومختصر التحفة‪ :‬ص ‪.[.32‬‬
‫ويقول اللوسي بسسأن ممسسن يسسستخدم هسسذه الوسسسيلة جسسابر الجعفسسي ]السسسيوف‬
‫المشرقة‪ :‬ص ‪ ،[.50‬وذكر ابن القيم أن الحافظ أبا يعلى قسال فسي كتسابه الرشساد‪:‬‬
‫وضعت الرافضة من فضائل علي رضي الله عنه وأهل البيت نحو ثلثمائة ألسسف‬
‫حديث‪ ،‬وعقب على ذلك ابن القيم بقوله‪ :‬ول نستبعد هذا؛ فإنك لسسو تتبعسست مسسا‬
‫عندهم من ذلك لوجدت المر كما قال ]المنار المنيف‪ :‬ص ‪.[.116‬‬
‫دخولهم في مذهب أهل السنة ‪ -‬في الظاهر ‪ -‬للضلل‪:‬‬
‫ومن الثار الفكرية التي تركها الكيد الرافضي هو ما وقع بسبب قيام طائفسسة‬
‫من شيوخهم بالدخول في مسسذهب أهسسل السسسنة فسسي الظسساهر وتلقبسسوا بسسالحنفي‬
‫والشافعي زيادة في الضلل‪ ،‬وألفوا مصنفات تؤيد المذهب الرافضي ]ولهم في‬
‫ذلك مسالك مختلفة كشفها صساحب التحفسسة الثنسي عشسرية‪ :‬فهسم قسد يؤلفسون كتابسا ً فسسي فضسسائل‬
‫الخلفاء الربعة‪ ،‬فإذا جاءوا لذكر فضائل علي ضسمنوه مسا يؤيسد مسذهب الرفسض مسن دعسوة النسص‪،‬‬
‫والقدح في الصحابة )انظر‪ :‬تفصيل ذلك في التحفة الثني عشرية‪ /‬الورقة‪ 46 :‬مخطوط(‪.‬‬
‫ويؤلفون كتابا ً في فقه بعسسض المسساذهب ينشسسرونها فسسي الوسسساط السستي ل تعتنسسق هسسذا المسسذهب‪،‬‬
‫ويضمنون هذا المهذب شسسناعات عظيمسسة مثسسل‪ :‬الخسسذ بالقيسساس مسسع رد الحسساديث‪ ،‬أو إقسسرار بعسسض‬
‫الفواحش‪ ،‬ويشير صاحب التحفة فسسي هسسذا الصسسدد إلسسى كتسساب ألفسسوه ونسسسبوه للمسسام مالسسك وهسسو‪:‬‬
‫"المختصر" وضعوا فيه على المام جواز اللواط بالبعيد‪) .‬انظر‪ :‬تفصيل ذلك في المصدر السسسابق‪/‬‬
‫الورقة ‪ 45‬ب(‪.‬‬
‫وقد يؤلفون كتبا ً يزعمون فيها أنهم كانوا على مذهب أهل السنة ثم تسسبين لهسسم بطلنسسه فرجعسسوا‬
‫)مثل كتابهم "لماذا اخترت مذهب الشيعة" والذي نسسسبوه لمسسن أسسسموه مرعسسي النطسساكي(‪ .‬ولهسسم‬
‫مسالك بسطها يحتاج لمؤلف مستقل‪.[.‬‬
‫كما قام بعض شيوخهم المتسترين بالنتسسساب للسسسنة بابتسسداع بعسسض الفكسسار‬
‫المشابهة للفكر الشيعي وطرحها في الوسط السلمي‪ ..‬ويرى الشسسيخ محمسسد‬
‫أبو زهرة بأن الطوفي نجم السدين )المتسوفى سسنة ‪716‬هسس( قسد تعمسد الترويسج‬
‫للمذهب الشيعي بهذه الوسيلة فسسي بحثسسه عسسن المصسسلحة السسذي قسسرر فيسسه بسسأن‬
‫المصلحة تقدم على النص؛ لن هذا مسلك شيعي حيث عند الشيعة أن للمسسام‬
‫أن يخصص أو ينسخ النص بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫فالطوفي قد أتى بالفكرة كلها‪ ،‬وإن لم يذكر كلمة المام وأبسسدلها بالمصسسلحة‬
‫ليروج القول وينشر الفكرة‪ ،‬ثم يقرر أبو زهرة بسسأن الطسسوفي فسسي تهسسوينه فسسي‬
‫شأن النص ونشر فكرة نسخه أو تخصيصه بالمصالح المرسسسلة قسسد أراد تهسسوين‬
‫القدسية التي تعطيها الجماعة السلمية لنصسسوص الشسسارع ]انظسسر‪ :‬ابسسن حنبسسل‪ :‬ص‬
‫‪ ،326‬وقد ترجم أبو زهرة للطوفي‪ ،‬وأثبت أنه من الشيعة )المصدر السابق‪ :‬ص ‪ .(325-324‬وقسسد‬
‫اعتمد أبو زهرة في حكمه على الطوفي بما جاء عنه في طبقات الحنابلة لبي يعلى‪.[.‬‬
‫‪666‬‬
‫بل إن الروافض استغلوا التشابه في أسسسماء بعسسض أعلمهسسم مسسع أعلم أهسسل‬
‫السنة وقاموا بدس فكري رخيص يضلل البسساحثين عسسن الحسسق‪ ..‬حيسسث ينظسسرون‬
‫في أسماء المعتبرين عند أهل السنة فمن وجدوه موافقا ً لحد منهم في السم‬
‫واللقب لسندوا حديث رواية ذلك الشيعي أو قوله إليه‪.‬‬
‫ومن ذلك محمد بن جرير الطبري المام السني المشسسهور صسساحب التفسسسير‬
‫والتاريخ‪ ،‬فإنه يوافقه في هذا السم محمد بسن جريسسر بسسن رسسستم الطسسبري مسن‬
‫شيوخهم ]وله مصنفات في مذهب الرفض مثل‪ :‬المسترشد في المامسسة‪ ،‬ونسسور المعجسسزات فسسي‬
‫مناقب الئمة الثني عشر )انظر في ترجمته‪ :‬جامع الرواة‪ ،83-2/82 :‬بحار النوار‪ ،1/177 :‬تنقيح‬
‫المقال‪ ،2/91 :‬وانظسسر‪ :‬ابسسن حجسسر‪ /‬لسسسان الميسسزان‪ ،[.(5/103 :‬وكلهما في بغسسداد‪ ،‬وفسسي‬
‫عصر واحد‪ ،‬بل كسسانت وفاتهمسسا فسسي سسسنة واحسسدة‪ ،‬وهسسي سسسنة )‪310‬هسسس(‪ .‬وقسسد‬
‫استغل الروافض هذا التشابه فنسبوا للمام ابن جرير بعسسض مسسا يؤيسسد مسسذهبهم‬
‫مثل‪ :‬كتاب المسترشد في المامة ]انظسسر‪ :‬ابسسن النسسديم‪ /‬الفهرسسست‪ :‬ص ‪ [.335‬مع أنسسه‬
‫لهذا الرافضي ]انظر‪ :‬طبقسات أعلم الشسسيعة فسسي المسسائة الرابعسسة‪ :‬ص ‪ ،252‬ابسسن شهراشسسوب‪/‬‬
‫معالم العلماء‪ :‬ص ‪ ،[.106‬وهم إلى اليوم يسندون بعض الخبار التي تؤيسسد مسسذهبهم‬
‫إلى ابن جرير الطبري المام ]انظر‪ :‬الميني النجفي‪ /‬الغدير‪.[.216-1/214 :‬‬
‫ولقد ألحق صنيع الروافض هذا ‪ -‬أيضا ً ‪ -‬الذى بالمام الطبري في حياته وقسد‬
‫أشار ابن كثير إلى أن بعسسض العسسوام اتهمسسه بسسالرفض‪ ،‬ومسسن الجهلسسة مسسن رمسساه‬
‫باللحاد ]انظر‪ :‬البداية والنهاية‪ .[.11/146 :‬وقد نسب إليه كتاب عن حديث غدير خم‬
‫يقع في مجلدين‪ ،‬ونسب إليه القول بجواز المسح على القسسدمين فسسي الوضسسوء‬
‫]انظر‪ :‬البداية والنهاية‪.[.11/146 :‬‬
‫ويبدو أن هذه المحاولة من الروافض قد انكشف أمرها لبعض علمسساء السسسنة‬
‫من قديم‪ ،‬فقد قسسال ابسسن كسسثير‪ :‬ومسسن العلمسساء مسسن يزعسسم أن ابسسن جريسسر اثنسسان‬
‫أحدهما شيعي وإليه ينسب ذلك‪ ،‬وينزهون أبا جعفسر مسسن هسسذه الصسسفات ]انظسسر‪:‬‬
‫البداية والنهاية‪.[.11/146 :‬‬
‫وهذا القول الذي نسبه ابن كثير لبعض أهل العلم هو عين الحقيقة كما تسسبين‬
‫ذلك من خلل كتسسب السستراجم‪ ،‬ومسسن خلل آثارهمسسا‪ ،‬وأيسسن السسثرى مسسن الثريسسا‪..‬؟‬
‫فالفرق بين آثار الرجلين ل يقاس ]انظر أيضسا ً فسي التفرقسة بيسن الرجليسن مجلسة المجمسع‬
‫العلمسسي العراقسسي‪ ،‬المجلسسد التاسسسع‪ :‬ص ‪ ،[.345‬وعقيدة المام ابسسن جريسسر ل تلتقسسي مسسع‬
‫الرفض بوجه ]انظر ‪ -‬مثل ً ‪ -‬جزء في العتقاد لبن جرير الطبري‪ :‬ص ‪ ،[.7-6‬فهو أحد أئمسسة‬
‫السلم علما ً وعمل ً بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫وهناك رافضي آخر يدعى بأبي جعفر الطبري ]وهو أبو جعفر محمد بن أبي القاسسسم‬
‫بن علي الطبري‪ ،‬من علماء المامية في القرن السادس )انظر‪ :‬طبقات أعلم الشيعة )في القرن‬
‫السادس( ص ‪ ،[.(278 ،242‬وهو غير الول‪ ،‬وإن كان الستاذ فؤاد سزكين قد خلط‬
‫بينهما ]فنسب كتاب بشارة المصطفى للول )ابن رستم( في حين أنه للخير )ابن أبسي القاسسم(‬
‫)انظر‪ :‬تاريخ السستراث‪ [.(260 :‬رغم أنه يفصسسلهما عسسن بعسسض أكسسثر مسسن قرنيسسن‪ .‬وقسسد‬
‫نشسسرت ‪ -‬لهسسذا الرافضسسي الخيسسر ‪ -‬جريسسدة المدينسسة المنسسورة حكايسسة موضسسوعة‬
‫بعنوان‪" :‬عقد الزهراء" وما كانت لتأخذ طريقها للنشر لول اسسستغلل الروافسسض‬
‫للتشابه في السماء ]جريدة المدينة‪ /‬عدد )‪ (4621‬الثلثاء ‪ 24‬رجب ‪‍ 1399‬‬
‫ه‪ ،‬ص‪ ،7 :‬اختيسسار‬
‫محمد سالم محمد‪ ،‬نقل ً عن كتاب بشارة المصطفى‪ ،‬وكتاب "بشارة المصسسطفى" هسسذا قسسد تنسساهى‬
‫في الغلو‪ ،‬ففيه تأويل الجبت والطاغوت بأبي بكر وعمر )ص ‪ ،(238‬وفيه قوله بأن مسسن شسسك فسسي‬
‫تقديم علي وتفضيله ووجوب طاعته‪ ،‬ووليته محكوم بكفره وإن أظهر السلم )ص ‪.[.(51‬‬

‫‪667‬‬
‫ومثل ابن جرير آخرون ]كابن قتيبة؛ فإنهما رجلن‪ :‬أحسسدهما عبسسد اللسسه بسسن قتيبسسة رافضسسي‬
‫غال‪ ،‬وعبد الله بن مسلم بن قتيبة من ثقات أهل السنة‪ ،‬وقد صنف كتابا ً سماه بالمعسسارف فصسسنف‬
‫ذلك الرافضي كتابا ً وسماه بالمعارف قصدا ً للضلل‪ .‬انظر‪ :‬مختصر التحفة الثني عشسسرية ص ‪،32‬‬
‫مختصر الصواقع ص ‪) 51‬مخطوط(‪ ،‬والسويدي‪ /‬نقض عقائد الشيعة‪ :‬ص ‪) 25‬مخطوط(‪.‬‬
‫وقد احتار الباحثون في نسبة كتاب المامة والسياسة إلى ابن قتيبة السني لما فيه من أباطيل‪،‬‬
‫وحاول بعضهم التعرف على المؤلف فلسسم يفلسسح حسستى قسسال‪" :‬لقسسد حسساولت كسسثيرا ً أن أتعسسرف علسسى‬
‫شخصية المؤلسسف الحقيقسسي لكتسساب المامسسة والسياسسسة ولكنسسي لسسم أعسسثر علسسى شسسيء" )عبسسد اللسسه‬
‫عسيلن‪ /‬المامة والسياسة‪ :‬ص ‪.(20‬‬
‫بل قد طرح افتراض أن يكون المؤلف من أتباع المام مالسسك )المصسسدر السسسابق ص‪ (20 :‬رغسسم‬
‫أن الكتاب فيه المسحة الرافضية جلية واضحة‪ ،‬حيث الطعن في الصحابة ودعسسوى أن علي سا ً رفسسض‬
‫بيعة أبي بكر لنه ‪ -‬كما يزعم ‪ -‬أحق بالمر‪ ،‬وقد ساق د‪ .‬عبد الله عسيلن أمثلة لذلك مسسن الكتسساب‬
‫المذكور )المصدر السابق‪ :‬ص ‪ ،(19 ،18 ،17‬وغاب عنه وعن الكثيرين الدسائس الرافضية‪ ،‬وأن‬
‫ابن قتيبة رجلن‪ ،‬وكتاب المامة والسياسة هو لذلك الرافضي‪ ،‬بسسل لسسم أر مسسن نبسسه علسسى ذلسسك مسسع‬
‫أهميته‪ ،[.‬والمقام ل يحتمل البسط‪ ،‬فإن هذا المر يستحق دراسة خاصة‪.‬‬
‫نشر الرفض في العالم السلمي‪:‬‬
‫مما يبين مدى الثر الرافضي في نشر عقائدهم في أوسسساط المسسسلمين مسسا‬
‫سجل في نصوصهم القديمة من أنه لم يقبل فكرتهم إل أهل مدينة واحدة هي‬
‫الكوفة‪.‬‬
‫قال أبو عبد الله‪" :‬إن الله عرض وليتنا على أهل المصار فلم يقبلها إل أهل‬
‫الكوفة" ]بحار النوار‪ ،100/259 ،60/209 :‬وعزاه إلى بصائر الدرجات‪.[.‬‬
‫فالتشيع لم يجد موطنا ً فسسي بلد السسسلم إل فسسي الكوفسسة لبعسسدها عسسن العلسسم‬
‫وأهله ]انظر‪ :‬مقدمة الرسالة‪ :‬ص ‪ .[.6‬وهذا من آثار ابسن سسبأ‪ ،‬فقسد كسان لسه نشساط‬
‫مبكر في الكوفة‪ ،‬وما غادرها حسستى تسسرك فيهسسا خليسسة تعمسسل علسسى نهجسسه ]انظسسر‪:‬‬
‫سليمان العودة‪ /‬عبد الله بن سبأ‪ :‬ص ‪.[.49‬‬
‫ه( التغير الذي‬ ‫وقد لحظ شيخ الكوفة وعالمها أبو إسحاق السبيعي )ت ‪‍ 127‬‬
‫طرأ على هذه البلدة‪ ،‬فقد غادر الكوفة وهم علسسى السسسنة‪ ،‬ل يشسسك أحسسد منهسسم‬
‫في فضل أبي بكر وعمر وتقديمهما‪ ،‬ولكنه حينما عاد إليها وجسسد فيهسسا مسسا ينكسسر‬
‫من القول "بالرفض" ]انظر‪ :‬ص )‪.[.(54‬‬
‫ثم ما لبسسث أن سسسرى داء الرفسسض إلسسى العسسالم السسسلمي حسستى يسسذكر بعسسض‬
‫الباحثين بأن الشيعة يشكلون عشرة في المائة من مجمسسوع المسسسلمين اليسسوم‬
‫]روم لندو‪ /‬السلم والعرب‪ :‬ص ‪.[.95‬‬
‫ودعاة التشيع فسسي العصسسر يشسسكون خليسسا سسسرية نشسسطة تسسسرح فسسي العسسالم‬
‫السلمي لنشر الرفض بموجب خطة مدروسسة‪ ،‬وتمسسوين مسالي مسن الحسسوزات‬
‫العلمية التي تستمد رصيدها المالي من عرق وجهد أولئك التباع الغرار السسذين‬
‫خدرت أفكارهم‪ ،‬وشحنت عواطفهم بتلك الدعوى الجميلسسة الخادعسسة "حسسب آل‬
‫البيت" والتي ليس لشيوخ الشيعة نصيب منهسسا إل السسسم والسسدعوى‪ ،‬فاسسستولوا‬
‫على الموال الكبيرة باسم خمس المام‪ ،‬وهذه الخليا السسسرية تتخسسذ شسسعارات‬
‫أشبه مسسا تكسسون بشسسعارات الماسسسونية فهسسي تسسارة ترفسسع شسسعار "التقريسسب بيسسن‬
‫المذاهب السلمية" ]انظسسر‪ :‬فكسسرة التقريسسب ص ‪ [.511‬وأخرى باسسسم "جمعيسسة أهسسل‬
‫البيت" ]انظر‪ :‬فكرة التقريب ص ‪.[.514‬‬
‫وبعد قيام دولة اليات في إيران تحولت السسسفارات للحكومسسة اليرانيسسة إلسسى‬
‫مراكز للدعوة إلى الرفض‪ ،‬واستغلوا المراكز السسسلمية‪ ،‬والمسسساجد ول سسسيما‬
‫في أيام الجمع للدعوة للتجاه الرافضي‪.‬‬

‫‪668‬‬
‫وقد نشرت مجلة المجتمع تحقيقا ً عما يجري من نشسساط رافضسسي فسسي أوربسسا‬
‫قالت فيه‪" :‬تحولت السفارات والقنصليات اليرانية في أوربا إلى مراكز لنشسسر‬
‫عقيدتهم في أوساط المسلمين )ل الكفسار( المقيميسسن فسي أوربسا‪ ،‬وتؤكسسد ذلسك‬
‫عشسسرات بسسل مئات وآلف الكتيبسسات والمنشسسورات الخاصسسة بسسالفكر الشسسيعي‪،‬‬
‫وتوزيع هذه الكتيبات على المسلمين الوربيين في أماكن تجمعهم وخاصة عنسسد‬
‫أبواب المساجد‪ ،‬أو فسسي البريسسد‪ ،‬أو مسسن خلل وسسسائل أخسسرى‪ ..‬وحسستى المراكسسز‬
‫الثقافية والمكتبات تبدو وكأنها أقيمت من أجل نشر دعوة التشيع دعوة التشيع‬
‫اليراني بين القلية المسلمة في أوربا‪ ،‬فبالضافة إلى ما تحتويه هذه المكتبات‬
‫من كتب ونشرات حول الثورة اليرانية ومنهجها العقسسائدي‪ ..‬نجسسد أن القسسائمين‬
‫على هسسذه المكتبسسات ينظمسسون دروسسا ً ونسسدوات تتعلسسق فسسي معظمهسسا بالقضسسية‬
‫العقدية‪.‬‬
‫ثم أشارت المجلة إلى أسماء بعض المكتبات في أوربا والسستي تقسسوم بتنظيسسم‬
‫محاضرات عقدية في فكسسر الثسسورة اليرانيسسة أيسسام الخميسسس والسسسبت مسسن كسسل‬
‫أسبوع‪ ،‬وتوزع خلل ذلك المجلت والكتيبات والتسجيلت الصوتية‪ ..‬ويدعا إلسسى‬
‫حضور هذه المحاضرات المسلمون كوسيلة من وسائل نشسسر المنهسسج الشسسيعي‬
‫على الطريقة اليرانية‪.‬‬
‫كما بدأت المراكز اليرانية بدفع بعض الشباب السسذين غسسررت بهسسم وجعلتهسسم‬
‫عملء للمنهجيسسة اليرانيسسة إلسسى بعسسض مسسساجد المسسسلمين للتصسسال بالمصسسلين‬
‫وخاصة أيام الجمع‪ ،‬حيث يتواجد عدد كبير من المسلمين فسسي صسسلة الجمعسسة‪..‬‬
‫وأشسسارت المجلسسة إلسسى أن هسسذه التصسسالت غالبسا ً مسسن تسسؤدي إلسسى وقسسوع بعسسض‬
‫المصادمات والفتن داخل المسجد‪ ،‬وقدمت لذلك بعسسض المثلسسة‪ ،‬كمسسا أشسسارت‬
‫إلى أن هذه النشاطات اليرانية بما تحدثه من فتن سيكون لها آثارهسسا السسسلبية‬
‫علسسى المسسسلمين ]انظسسر‪ :‬مجلسسة المجتمسسع‪ ،‬العسسدد‪ ،760 :‬السسسنة السسسابعة عشسسرة ‪ 15‬رجسسب‬
‫‪‍1406‬ه‪.[.‬‬
‫ونشاط "الروافض" متعدد الوجوه‪ ،‬متنوع الوسائل ل يراعى فيه مبدأ كحسسال‬
‫أهل السنة‪ ،‬لن الروافض يرون في "التقية" تسعة أعشار الدين‪ .‬وقسسد اعسسترف‬
‫بعض علمائهم المعاصرين من حيث ل يدري أن التقية عندهم هي ‪ -‬كمسسا يقسسول‬
‫بالحرف الواحد ‪" -‬الغاية تبرر الواسطة" ]محمد جواد مغنية‪ /‬الشسسيعة فسسي الميسسزان‪ :‬ص‬
‫‪ [.49‬يعنسسي فسسي سسسبيل الغايسسة السستي تنشسسدها اسسستخدم أي وسسسيلة‪ ،‬أي هسسي‬
‫"الميكافيلية" ]أسلوب في المعاملت يتسم بالخداع والمراوغة والغدر والنانية مبنى على مبدأ‬
‫"الغاية تبرر الواسطة" وهو ينسب إلى المفكسسر اليطسسالي )نيكسسول ماكيسسافلي ‪1527-1469‬م( رائد‬
‫هذا المبدأ‪ ،‬والذي سجله في كتابه "الميسسر" وقسسدمه لحسسد ملسسوك "أوربسسا" فسسي القسسرون الوسسسطى‪.‬‬
‫)انظر‪ :‬أحمد عطية‪ /‬القاموس السياسي‪ :‬ص ‪ [.(1106-1105‬التي اعتمسسدها السسذين ل ديسسن‬
‫لهم في تحقيق أهدافهم‪ ..‬أما في السلم فإن الغاية ل تسسبرر ول تبيسسح الوسسسيلة‬
‫المحرمة‪.‬‬
‫ولذلك فإن وسائل الروافسسض لنشسسر مسسذهبهم قسسد اكتسسست بسسألوان مسسن الخسسداع‬
‫والتغرير راح ضحيتها جملة مسسن القبسسائل المسسسلمة والفسسراد المسسسلمين‪ ..‬فقسسد‬
‫دفعوا مجموعة من شسسيوخ القبسسائل إلسسى اعتنسساق الرفسسض عسن طريسسق إغرائهسسم‬
‫بالمتعة ]في سنة ‪‍ 1326‬‬
‫ه كشف الشيخ العلمة محمد كامسسل الرافعسسي فسسي رسسسالة أرسسسلها مسسن‬
‫بغداد لصديقه الشيخ رشيد رضا‪ ،‬ونشرتها مجلة المنار فسسي المجلسسد السسسادس عشسسر‪ ،‬كشسسف أثنسساء‬
‫سياحته في تلك الديار ما يقوم به علماء الشيعة من دعوة العراب إلسسى التشسسيع واسسستعانتهم فسسي‬
‫ذلك بإحلل متعة النكاح لمشايخ قبائلهم الذين يرغبون الستمتاع بكثير من النساء في كل وقت‪.‬‬

‫‪669‬‬
‫وقد نشرت الرسالة في مجلة المنار ولم يفصح عن اسم كاتبها في أول المر‪ ،‬ثسسم بي ّسسن الشسسيخ‬
‫رشيد فيما بعد اسم كاتب الرسالة‪ ،‬حيث أشار إلى ذلك فسسي المجلسسد )‪ ،(29‬وقسسال بأننسسا لسسم ننشسسر‬
‫اسم الكاتب حينذاك لئل تؤذيه الحكومة الحميدية كما هو معلوم مسسن حالهسسا )انظسسر‪ :‬مجلسسة المنسسار‪،‬‬
‫المجلد )‪ ،(29‬وانظر أيضًا‪ :‬المجلد‪ :‬الثاني ص ‪.[.(687‬‬
‫دم الحيدري في "عنسسوان المجسسد" بيانسا ً خطيسسرا ً بالقبسسائل السسسنية السستي‬ ‫وقد ق ّ‬
‫ترفضت بجهود الروافض وخداعهم فقال‪" :‬وأما العشسسائر العظسسام فسسي العسسراق‬
‫الذين ترفضوا من قريب فكثيرون‪ ،‬منهسسم ربيعسسة‪ ..‬ترفضسسوا منسسذ سسسبعين سسسنة‪،‬‬
‫وتميم وهي عشيرة عظيمة ترفضوا في نواحي العراق منذ ستين سسسنة بسسسبب‬
‫تردد شياطين الرافضة إليهم‪ .‬والخزاعل ترفضوا منذ أكثر مسسن مسسائة وخمسسسين‬
‫سنة وهي عشيرة عظيمة من بني خزاعة فحرفت وسميت خزاعل‪ ..‬وعشسسيرة‬
‫زبيد وهي كثيرة القبائل وقد ترفضسست منسسذ سسستين سسسنة بسستردد الرافضسسة إليهسسم‬
‫وعدم العلماء عندهم‪.‬‬
‫ومن العشائر المترفضة بنو عمير وهم بطن من تميم‪ ،‬والخسسزرج وهسسم بطسسن‬
‫من بني مزيقيا من الزد‪ ،‬وشمرطوكه وهي كثيرة‪ ،‬والدوار‪ ،‬والدفافعة‪.‬‬
‫ومن المترفضة عشائر العمارة آل محمد وهسسي لكثرتهسسا ل تحصسسى وترفضسسوا‬
‫من قريب‪ ،‬وعشيرة بني لم وهي كثيرة العدد‪ ،‬وعشائر الديوانية‪ ،‬وهسسم خمسسس‬
‫عشائر‪ :‬آل أقسرع‪ ،‬آل بسدير‪ ،‬وعفسسج‪ ،‬والجبسسور‪ ،‬وجليحسة‪ ،‬والقسرع سست عشسرة‬
‫ضسسا كسسثيرة‬ ‫قبيلة‪ ،‬وكل قبيلة كثيرة العدد‪ ،‬وآل بدير ثلث عشسسرة قبيلسسة وهسسي أي ً‬
‫العدد‪ ،‬وعفج ثمسساني قبسسائل كسسثيرة العسسدد‪ ،‬وجليحسسة أربسسع قبسسائل كسسثيرة العسسداد‪،‬‬
‫والجبور كذلك‪ .‬ومن عشائر العراق العظيمة المترفضسسة منسسذ مسسائة سسسنة فأقسسل‬
‫عشيرة كعب وهي عشيرة عظمية ذات بطسسون كسسثيرة‪] "..‬عنسسوان المجسسد فسسي بيسسان‬
‫أحوال بغداد والبصرة ونجد‪ :‬ص ‪.[.118-112‬‬
‫وهكذا مضى الحيدري على هذا المنوال يذكر قبائل أهل السنة التي اعتنقت‬
‫الرفض في غفلة من أهل السسسنة‪ ،‬ولنهسسم انخسسدعوا بأقاويسسل الروافسسض‪ :‬دعونسسا‬
‫نلتق ونتعاون‪ ،‬وهيا إلى الوحدة والتقسارب‪ ،‬والمسذهب الشسيعي ل يعسدو الخلف‬
‫بينه وبين أهل السنة الخلف بيسسن المسذاهب السسنية نفسسسها‪ ،‬فهيسأ أهسل السسسنة‬
‫بسكوتهم الرضية لشيوخ الرافضة لنشر مذهبهم‪ ،‬وإل لو أعلن الحق وب ُّين لمسسا‬
‫انخدع بالرفض أحد‪.‬‬
‫وهم ل يزالون إلى اليوم ينشرون معتقدهم على كل المستويات‪.‬‬
‫ولهسسم اهتمامسسات بالتصسسال ببعسسض رؤسسساء السسدول السسذين يتوسسسمون فيهسسم‬
‫الستجابة لمذهبهم‪ ،‬كما فعل قديما ً ابن المطهر الحلي مع خدا ]خسسدا )بالفارسسسية(‬
‫الله‪ .‬وبنده‪ :‬عبد‪ .‬أي عبد الله‪.‬‬
‫وخدا بنده هو الثامن من ملوك اليلخانية‪ ،‬والسسسادس مسسن ذريسسة جنكيسسز خسسان واسسسمه الحقيقسسي‬
‫الجايتو بن أرغون بن أبغا بن هولكو‪ .‬قال ابن كثير‪" :‬أقام سنة على السنة‪ ،‬ثم تحول إلسسى الرفسسض‬
‫وأقام شعائره في بلده"‪) .‬البداية والنهاية‪ (14/77 :‬ذلك أنه كسسان حسسديث عهسسد بسسدين السسسلم‪ ،‬ول‬
‫معرفة لسه بالعقيسسدة السسسلمية‪ ،‬وتاريسسخ السسسلم‪ ،‬فسسالتقى بسسابن المطهسسر الحلسسي فزيسسن لسسه مسسذهب‬
‫الرافضة الباطل‪ ،‬فدخل فيه جميع عشائره وقبائله وأتباعه‪.‬‬
‫وقد صنف ابن المطهر تصانيف كثيرة كنهج الحق‪ ،‬ومنهاج الكرامسسة وغيرهمسسا لسسدعوة السسسلطان‬
‫المذكور‪ ،‬وإغرائه بالتمسك بالمذهب الرافضي‪.‬‬
‫قال ابن كثير‪" :‬وقد جرت في أيامه فتن كبار‪ ،‬ومصائب عظام فسسأراح اللسسه منسسه البلد والعبسساد"‪.‬‬
‫وقصم عمره وهو ابن ست وثلثين سنة‪ .‬وبعدما توفي السلطان المذكور تاب انه في سسسنة ‪‍ 710‬‬
‫ه‬
‫من الرفض ورجع عن هذه العقيدة الخبيئة بإرشاد أهل السنة‪ ،‬وأبعد الروافض‪ ،‬فهرب الحلسسي إلسسى‬
‫الحلة وسائر علمائهم )انظر‪ :‬التحفة الثني عشرية‪ /‬الورقة ‪" 43‬مخطوط" وتعليقات محب السسدين‬
‫الخطيب على المنتقسسى ص ‪ [.(19-18‬بنده‪ ،‬وقد كسسان لسسذلك آثسساره المعروفسسة تاريخيسًا‪،‬‬

‫‪670‬‬
‫وكما فعلسسوا حسسديثا ً مسسع الزعيسسم الليسسبي‪ ،‬حيسسث بسسدت مسسن الخيسسر بسسوادر التجسساه‬
‫الرافضي في الرأي والولء‪.‬‬
‫كمسسا قسساموا بشسسراء بعسسض أصسسحاب القلم والعقسسول الخاويسسة مسسن اليمسسان‬
‫واستكتبوها للدعاية للتشيع والتقديم لكتب الشيعة ]كمسا تسرى ذلسك فسي بعسض كتبهسم‬
‫التي ترسل للعالم السلمي للدعاية للتشيع‪ ،‬ويستكتب فيهسسا أمثسسال هسسؤلء كمسسا فسسي كتسساب "أصسسل‬
‫الشيعة"‪ ،‬و"عقائد المامية" وغيرهما‪.[.‬‬
‫ويقومسسون بانتقسساء الذكيسساء مسسن الطلب والطالبسسات فسسي العسسالم السسسلمي‬
‫ويعطونهم منحا ً دراسية في قم ليغسلوا أدمغتهم ويربوهم علسسى الرفسسض حسستى‬
‫يعودا لبلدانهم ناشرين للرفض داعين له‪.‬‬
‫يقول شيخ الزهر‪" :‬النباء التي تصلني من كافة أنحاء العالم السسسلمي تسدل‬
‫علسسى أن هسسذه الحركسسة اليرانيسسة الخومينيسسة الن تنشسسر العنسسف‪ ،‬وتحسساول أن‬
‫تستقطب الشباب بسسوجه خسساص فسسي كسسثير مسسن البلسسدان السسسلمية بسسالغراءات‬
‫المتعددة المالية والدراسية فسسي إيسسران وغيسسر ذلسسك مسسن السسسبل بقصسسد إحسداث‬
‫الفرقة باستقطاب هؤلء الشباب‪ ،‬ودفعهم إلى إثارة الخلفات في بلدهم وبين‬
‫شعوبهم‪ ..‬وأعتقد أنه على الشعوب السلمية أن تكون حذرة فيما تسسساق إليسسه‬
‫بواسطة الخمينية أو غيرها‪ ،‬فهي حركة مسسن الحركسسات الموفسسدة لتفسستيت المسسة‬
‫السلمية وبث الصراع والخلف فيما بينها" ]أخبسسار اليسسوم‪ ،‬العسسدد‪ (2160) :‬السسسنة ‪،42‬‬
‫السبت ‪ 11‬رجب ‪‍1406‬ه‪.[.‬‬
‫ظهور اتجاه رافضي عند بعض الكتاب المنتسبين للسنة‪:‬‬
‫وظهر في كتابات بعض المفكرين من المنتسبين لهل السسسنة "لوثسسات" مسسن‬
‫الفكسسر الرافضسسي‪ ،‬وبسسرزت كتابسسات لهسسؤلء متسسأثرة بالشسسبهات السستي يثيرهسسا‬
‫"الروافض" في أمر المامة والصحابة‪ ،‬والمطالع لما يكتبه ثلسسة مسسن المفكريسسن‬
‫والدباء حول تاريخ صد السسسلم‪ ،‬أو "نشسسأة الفكسسر الفلسسسفي فسسي السسسلم" أو‬
‫"مسائل المامة والخلفة" يدرك مدى تأثير الكيد الرافضي في تحوير الحقائق‬
‫أمام هؤلء‪.‬‬
‫وأنا ل أشك أن هناك من هذا الصنف "زمرة" مرتزقة قد أغراها بريق المسسال‬
‫ودفعها "متاع الغرور" لتقول ما قالت‪ ،‬ولتكتب ما سطرت‪ ،‬والروافض يدفعون‬
‫المال "للرموز المشهورة" حتى يكتبسسوا للنسساس مسسا يتفسسق والمسسذهب الرافضسسي‬
‫ومن قديم قال بعض السلف‪ :‬لو أردت أن يملؤوا داري ورقا ً وأكذب على علي‬
‫لفعلوا والله ل كذبت عليه أبدا ً ]وهسو الشسعبي‪ .‬انظسر‪ :‬السسنة للمسام عبسد اللسه بسن أحمسد‪:‬‬
‫‪.[.2/549‬‬
‫فكيف اليوم وقد كثر المال في أيديهم‪ ،‬وقلت المانسسة فسسي نفسسوس الكسسثيرين‬
‫وغرتهم الدنيا وغرهم بالله الغرور ]علسسى حسسد المثسسل القسسائل‪" :‬كسسل إنسساء بمسسا فيسسه ينضسسح"‬
‫والقائل‪" :‬رمتني بدائها وانسلت" يتهم رئيس المحكمة الجعفرية ببيروت محمد جواد مغنية الستاذ‬
‫محمد حسين هيكل بأنه قد حذف في الطبعة الثانية لكتابه‪" :‬حياة محمد" نصا ً من نصسسوص مقابسسل‬
‫‪ 500‬جنيه‪ .‬كل ذلك لن هيكل حذف نصا ً موضوعا ً تبين له ضعفه فتسسدراكه فسسي طبعسسة تاليسسة فسسأول‬
‫هذا الرافضي بمقتضى صنيع قومه وما يفعلون‪ ،‬فانظر وتعجب )انظر‪ :‬محمد جواد مغنيسسة‪ /‬الشسسيعة‬
‫في الميزان‪ :‬ص ‪" 18‬الهامش"(‪.[.‬‬
‫وإذا أردت مثال ً على هذا التأثر الفكري بالمنهج الرافضي فإليك ذلك‪ :‬هذا د‪.‬‬
‫علي سامي النشار صاحب كتاب "شهداء السلم في عصر النبوة" يكتب كتابا ً‬
‫باسم "نشأة الفكر الفلسفي في السلم" ويضع فيه ما تقر به عيون الروافض‬
‫فيكفر فيه بعض صحابة رسول اللسسه صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم فيقسسول مثل ً عسسن‬

‫‪671‬‬
‫معاوية رضي الله عنه‪" :‬ومهما قيل في معاوية‪ ،‬ومهما حسساول علمسساء المسسذهب‬
‫السلفي المتأخر‪ ،‬وبعض أهل السنة من وضعه في نسق صسسحابة رسسسول اللسسه‪،‬‬
‫فإن الرجل لم يؤمن أبدا ً بالسلم‪ ،‬ولقد كان يطلق نفثاته علسسى السسسلم كسسثيرا ً‬
‫ولكنه لم يستطع أكثر من هذا" ]نشأة الفكر الفلسفي‪.[.2/19 :‬‬
‫فانظر إلى عظيسم افسترائه‪ ..‬وهسل يعهسد مثسل هسذا القسول إل مسن الروافسض‬
‫وأشباههم‪ ..‬وكيف يتفوه مسلم بهذه المقالة في صحابي جاهد مع رسول اللسسه‬
‫صلى الله عليه وسلم حيث شهد معه غزوة حنين ]انظر‪ :‬مجموع فتاوى شيخ السلم‪:‬‬
‫‪ ،[.4/458‬وكان أمينا ً عنده يكتب له الوحي‪ ،‬وكان متوليا ً على المسلمين أربعيسسن‬
‫سسسنة نائب سا ً ومسسستقل ً يقيسسم معهسسم شسسعائر السسسلم ]مجمسسوع فتسساوى شسسيخ السسسلم‪:‬‬
‫‪[.4/472‬؟‪.‬‬
‫ثم هو يفتري على أهل السنة حين يزعم أن القول بصحبة معاويسسة هسسو قسسول‬
‫للبعض من أهل السنة‪ ،‬وكأن الكثرية على مذهبه‪ ،‬وهذا كذب واختلق كمسلك‬
‫الروافض في الكذب‪ ،‬فإن إيمان معاوية رضي الله عنه ثسسابت بالنقسسل المتسسواتر‬
‫وإجماع أهل العلم على ذلك ]مجموع فتاوى شيخ السلم‪.[.4/477 :‬‬
‫وقال أيضا ً عن أبيه )أبو سفيان بن حرب(‪" :‬ولقد كان أبو سسسفيان زنسسديقا أي‬
‫ً‬
‫ممن يؤمنسسون بالمجوسسسية الفارسسسية" ]نشسسأة الفكسسر الفلسسسفي‪ ،[.2/31 :‬مسسع أن أبسسا‬
‫سفيان قد استعمله النبي صلى الله عليه وسلم نائبسا ً لسسه‪ ،‬وتسسوفي النسسبي صسسلى‬
‫الله عليه وسلم وأبو سفيان عسسامله فسسي نجسسران‪ ،‬فكيسسف يكسسون زنسسديقا ً والنسسبي‬
‫صلى الله عليسسه وسسسلم يسسأتمنه علسسى أحسسوال المسسسلمين فسسي العلسسم والعمسسل؟!‬
‫]مجموع فتاوى شيخ السلم‪.[.35/66 ،4/454 :‬‬
‫ويوافق أهل الرفض في قولهم بأن قلة من الصحابة كانوا يرون الحق لعلي‪،‬‬
‫س قلسسة مسسن خلسسص الصسسحابة أن المسسر‬ ‫وأن المر قد نزع منه‪ ..‬يقول‪" :‬وقد أح ّ‬
‫نزع من علي للمرة الثالثة‪ ،‬وأنه إذا كان المر قد سسسلب منسسه أول ً لكسسي يعطسسى‬
‫للصاحب الول‪ ،‬ثم يأخذ منه ثانيا ً لكي يعطى للصاحب الثاني فقد أخذ منه ثالثا ً‬
‫لكي يعطى لشيخ متهاوٍ متهالسسك ل يحسسسن المسسر ول يقيسسم العسسدل يسسترك المسسر‬
‫لبقايا قريش الضالة" ]نشأة الفكسسر الفلسسسفي فسسي السسسلم‪ .[.1/228 :‬وهو يقصد بهسسذا‬
‫الخليفة الراشسسد ذي النسسورين عثمسان بسسن عفسسان رضسسي اللسسه عنسسه‪ ،‬السسذي اتفسسق‬
‫الصحابة على خلفته‪ ..‬فكأنه يزري بهم جميعا ً بهذه الفرية‪.‬‬
‫ويقول عن الرافضة التي تتسمى بالثني عشرية والتي قالت كسسل مسسا مضسسى‬
‫من كفر وشنيعة‪ ،‬واستفاض ذمهم ومقتهم في كلم أئمسة السسلم‪ .‬يقسول‪" :‬إن‬
‫الفكار الفلسفية للشيعة الثني عشرية هي في مجموعها إسلمية بحتة" ]نشأة‬
‫الفكر الفلسفي في السلم‪.[.1/13 :‬‬
‫فانظر إلى هذه المفارقات الغريبة وتعجب ]حسسدثني د‪ .‬محمسسد رشسساد سسسالم ‪ -‬رحمسسه‬
‫الله ‪ -‬أنه طرأ على حياة الرجل بسبب‪ :‬علقة مصاهرة مع زوجسسة كسسافرة مشسسبوهة‪ ،‬وسسسفر لوربسسا‬
‫بإلزام عبد الناصر‪ ،‬ووضع مالي سيء ما كان له أثره على فكره ونهجه‪ ،‬ول يستكثر مثل هذا علسسى‬
‫من ينال من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم‪.[.‬‬
‫ويقول ‪ -‬وكأنه المتحدث أحد الروافض ‪ -‬بأن شسسيعة علسسي السسذين أحبسسوه عسسن‬
‫يقين وإيمان‪ ،‬وساروا في ركب المام وهم على إيمان مطلق بأنه الثر البسساقي‬
‫لحقيقسة السسلم الكسبرى‪ ،‬وبجسانب هسذا "العثمانيسة" و"المويسة" السذين كرهسوا‬
‫السلم أشد الكراهية‪ ،‬وامتلت صدورهم بالحقد الدفين نحو رسول اللسسه وآلسسه‬
‫وأصحابه ]نشأة الفكر الفلسفي في السلم‪.[.229-228/:1 :‬‬

‫‪672‬‬
‫وبعد‪ ،‬فهذا مثال واحد أكتفي بسسه‪ ،‬لن هسسذه المسسسألة تسسستحق دراسسسة نقديسسة‬
‫مستقلة‪.‬‬

‫تشويه تاريخ المسلمين‪:‬‬


‫للرافضة كتابات في التاريخ تعمدوا الساءة فيها لتاريخ المة السسسلمية كمسسا‬
‫في روايات وأخبار الكلبي ]محمد بن السائب بن بشبر الكلبي‪ ،‬قال ابن حبان‪ :‬كسسان الكلسسبي‬
‫سبئيا ً من أولئك الذين يقولون‪ :‬إن عليا ً لم يمت وإنه راجع إلى الدنيا‪ ،‬توفي سسسنة )‪‍ 146‬‬
‫ه( )ميسسزان‬
‫العتسسدال‪ ،3/558 :‬وانظسسر‪ :‬ابسسن أبسسي حسساتم‪ /‬الجسسرح والتعسسديل‪ ،271-7/270 :‬تهسسذيب التهسسذيب‪:‬‬
‫‪ ،[.(9/178‬وأبي مخنف ]لوط بن يحيسى بسن سسعيد بسن مخنسف الزدي )أبسو مخنسف( مسن أهسل‬
‫ه(‪ ،‬لسسه تصسسانيف كسسثيرة‬
‫الكوفة‪ ،‬قال ابن عدي‪ :‬شيعي محترق صاحب أخبسسارهم‪ ،‬تسسوفي سسسنة )‪‍ 157‬‬
‫منها‪" :‬الردة"‪ ،‬و"الجمل"‪ ،‬و"صفين" وغيرها‪.‬‬
‫)انظر‪ :‬ميزان العتدال‪ ،420-3/419 :‬العلم للرزكلي ‪ ،[.(111-6/110‬ونصر بن مزاحسسم‬
‫المنقري ]نصر بن مزاحم بن سيار المنقري الكوفي‪ ،‬قال السذهبي‪ :‬رافضسسي جلسد تركسسوه‪ ،‬تسسوفي‬
‫ه‪ ،‬ومن كتبه‪ :‬وقعة صفين‪ ،‬وهو مطبوع‪ ،‬والجمل‪ ،‬ومقتل الحسين‪.‬‬ ‫سنة ‪‍ 212‬‬
‫)انظسسر‪ :‬ميسسزان العتسسدال‪ ،4/253 :‬العقيلسسي‪ /‬الضسسعفاء الكسسبير ‪ ،4/30‬ابسسن أبسسي حسساتم‪ /‬الجسسرح‬
‫والتعسسديل‪ ،8/468 :‬لسسسان الميسسزان‪ ،6/157 :‬العلم‪ ،[.(8/350 :‬والسستي توجسسد حسستى عنسسد‬
‫الطبري في تاريخه‪ ،‬لكن الطبري يسسذكرها مسسسندة لهسسؤلء فيعسسرف أهسسل العلسسم‬
‫حالها ]انظر‪ :‬روايات الكلبي فسسي تاريسسخ الطسسبري‪،1/355 :‬س ‪،2/237‬س ‪،238‬س ‪،272‬س ‪،370‬س ‪،465‬‬
‫‪.364 ،349 ،6/103 ،5/449 ،368 ،4/108 ،425 ،286 ،274 ،3/168‬‬
‫وروايات أبي مخنف وهي كثيرة جدا ً في أكثر من ‪ 300‬موضع‪ .‬وقال المستشرق بل ‪ A.Bel‬فسسي‬
‫دائرة المعارف السلمية‪ :1/399 :‬صنف )يعني أبا مخنف( ‪ 32‬رسسسالة فسسي التاريسسخ‪ ،‬عسسن حسسوادث‬
‫مختلفة وقعت فسسي إبسسان القسسرن الول للهجسرة‪ ،‬وقسد حفسظ لنسا الطسسبر معظمهسا فسسي تسساريخه‪ ،‬أمسا‬
‫المصنفات التي وصلت إلينسسا منسسسوبة إليسسه فهسسي مسسن وضسسع المتسسأخرين‪) .‬انظسسر‪ :‬العلم‪-6/111 :‬‬
‫الهامش(‪.‬‬
‫وروايات نصر بن مزاحم‪) .487 ،485 ،465 ،4/458 :‬انظر‪ :‬فهارس الطبري التي وضعها أبو‬
‫الفضل إبراهيم في ج‪ ‍10‬من التاريخ(‪.[.‬‬
‫وكما في كتابات المسعودي في مروج الذهب‪ ،‬واليعقوبي في تسساريخه‪ ..‬وقسسد‬
‫أشسسار السسستاذ محسسب السسدين الخطيسسب فسسي حاشسسية العواصسسم إلسسى أن التسسدوين‬
‫التسساريخي إنمسسا بسسدأ بعسسد الدولسسة المويسسة‪ ،‬وكسسان للصسسابع الباطنيسسة والشسسعوبية‬
‫المتلفعة بسسرداء التشسسيع دور فسسي طمسسس معسسالم الخيسسر فيسسه وتسسسويد صسسفحاته‬
‫الناصعة ]انظر‪ :‬العواصم من القواصم )الحاشية( ص‪.[.177:‬‬
‫ويظهر هذا الكيد لمن تدبر كتسساب العواصسسم مسن القواصسم لبسن العربسسي مسسع‬
‫الحاشية الممتازة التي وضعها عليه العلمة محب الدين الخطيب‪.‬‬
‫ود شيوخ الروافض آلف الصفحات بسب أفضل قرن عرفته البشرية‪،‬‬ ‫لقد س ّ‬
‫وصرفوا أوقاتهم وجهودهم لتشويه تاريخ المسلمين‪.‬‬
‫وكانت هذه المادة "الرافضية" الكبيرة والتي تجدها فسسي كتسسب التاريسسخ السستي‬
‫وضعها الروافسسض‪ ،‬أو شسساركوا فسسي بعسسض أخبارهسسا‪ ،‬وتراهسسا فسسي كتسسب الحسسديث‬
‫عندهم كالكافي‪ ،‬والبحار‪ ،‬وفي ما كتب شسسيوخهم فسسي القسسديم كإحقسساق الحسسق‪،‬‬
‫وفي الحديث ككتاب الغدير‪.‬‬
‫هذه المادة السوداء المظلمة الكريهة الشائهة هي المرجسسع لمسسا كتبسسه أعسسداء‬
‫المسلمين من المستشرقين وغيرهم‪.‬‬
‫وجاء ذلك الجيل المهزوم روحيًا‪ ،‬والذي يرى في الغرب قدوته وامثولته مسسن‬
‫المستغربين فتلقف مسسا كتبتسسه القلم الستشسسراقية وجعلهسسا مصسسدره ومنهلسسه‪..‬‬
‫وتبنى أفكارهم ونشر شبهاتهم في ديار المسلمين‪.‬‬

‫‪673‬‬
‫وكان لذلك أثره الخطير في أفكار المسلمين وثقافاتهم‪ ،‬وكسسان الرفسسض هسسو‬
‫الصل في هذا الشر كله‪.‬‬
‫وإن دراسة آراء المستشرقين وصلتها بالشسسيعة لهسسي موضسسوع هسسام يسسستحق‬
‫الدراسة والتتبع‪ ..‬ول يمكسسن بحسسال أن نخسسوض غمسساره فسسي هسسذا البحسسث لضسسيق‬
‫المجال‪ ،‬وحسبنا أن نشير إليه وننبه عليه‪.‬‬
‫لقد بدأت استفادة العدو الكافر من شبهات الروافض وأكاذيبهم ومفتريسساتهم‬
‫على السلم والمسلمين منذ وقت ليس بالقريب‪.‬‬
‫ه( كسسان النصسسارى يتخسسذون مسسن فريسسة‬ ‫ففي عصر المسسام ابسسن حسسزم )ت ‪‍ 456‬‬
‫الروافض حول كتاب الله سبحانه حجسسة لهسسم فسسي مجادلسسة أهسسل السسسلم‪ ،‬وقسسد‬
‫أجاب ابن حزم عن ذلك بكل حزم فأبسسان أنسسه ل عسسبرة بسسأقوال هسسذه الفئة‪ ،‬لن‬
‫الروافض ليسوا من المسلمين ]انظر‪ :‬ص)‪ (1256‬من هذه الرسالة‪.[.‬‬
‫أثرهم في الدب العربي‪:‬‬
‫لم يسلم الدب ودولة الشعر والنثر مسسن تسسأثير أهسسل التشسسيع فيسسه‪ ،‬وقسسد تسسرك‬
‫التشيع بصماته "السوداء" على الدب العربي‪ ..‬وقد اسسستغل "شسسعراء" الشسسيعة‬
‫وخطباؤها ما يسمى بمحسسن آل السسبيت فسسي إثسسارة عواطسسف النسساس واستجاشسسة‬
‫مشاعرهم وإلهاب العواطف والنفوس‪ ،‬وتحريكها ضد المة ودينها‪.‬‬
‫وتلمس في بعض ما وصلنا من "أدب" بعض التجاهات العقدية عند الشيعة‪،‬‬
‫وتلمح المبالغة في تصوير ما جرى على أهل البيت من محسسن‪ ،‬واسسستغلل ذلسسك‬
‫في نشر التشيع‪ ،‬والطعن في الصحابة رضوان الله عليه‪.‬‬
‫وقد أجهد رواد التشيع أنفسهم في نشر الخرافسسات والسسساطير عسسن أئمتهسسم‬
‫في ثوب قصصي مثير‪ ،‬أو في خطبة أو فسسي شسسعر مبسسالغ فسسي الغلسسو فسسي مسسدح‬
‫الئمة‪.‬‬
‫ولقد تأثرت عقائد العامة وتصسوراتهم‪ ،‬حستى أثسسر ذلسك علسى عقيسسدة التوحيسسد‬
‫عندهم فاتخذوا من الئمة أربابا ً من دون الله‪.‬‬
‫يقول الستاذ محمد سيد كيلني‪:‬‬
‫"فترى أن التشيع قد أخرج لونا ً من الدب كان سببا في الهبوط بالمسسسلمين‬
‫ً‬
‫إلى هوة سحيقة من التأخر والنحطاط‪ ،‬وقد أفلح الوهابيون في القضسساء علسسى‬
‫كثير من هذه الخرافات في داخل بلدهم‪ ،‬أما فسسي القطسسار السسسلمية الخسسرى‬
‫فالحال باقية كما هسسي عليسسه حستى بيسن طبقسسة المتعلميسسن" ]أثسسر التشسسيع فسسي الدب‬
‫العربي‪ /‬محمد سيد كيلني‪ :‬ص ‪ ،43‬دار الكتاب العربي بمصر‪.[.‬‬
‫ويكفي هذا مطالعة القصيدة المشهورة والمعتمدة عنسسدهم وهسسي "القصسسيدة‬
‫الزرية" ]وتسمى القصيدة الهائية لشيخهم محمد كاظم الزري المتوفى سنة ‪‍ 1211‬‬
‫ه )الذريعة‪:‬‬
‫‪ ،(17/135‬وللستاذ محمود الملح نقد لهذه القصيدة سماه "الرزية في القصيدة الزرية" ذكر أنسسه‬
‫قدم لها شيخهم محمد رضا المظفر‪ ،‬وقال ‪ -‬نقل ً عن المظفر ‪ :-‬إن شيخهم صاحب الجواهر )وهسسو‬
‫ه‪ ،‬والجواهر هو شرح "شرائع السسسلم" مسسن‬ ‫محمد بن حسن بن باقر النجفي المتوفى سنة ‪‍ 1266‬‬
‫كتبهم المعتمدة في الفقه‪ .‬انظر‪ :‬محمد جواد مغنية‪ /‬مقدمته لس "شرائع السسسلم"( كسسان يتمنسسى أن‬
‫تكتب في ديوان أعماله "القصيدة الزرية" مكان كتابه "جواهر الكلم" ثم ذكر بعسسض أبياتهسسا وهسسي‬
‫تعج بالكفر الصريح‪ ،‬كقوله عن علي‪:‬‬
‫ففي عين كل شيء تراها‬ ‫وهو الية في المحيط في الكون‬
‫وقوله‪:‬‬
‫أنت مولى بقائها وفناها‬ ‫كل ما في القضاء من كائنات‬
‫)انظر‪ :‬الرزية في القصيدة الزرية‪ :‬ص ‪.[.(35-33‬‬

‫‪674‬‬
‫كما اتخذوا من حرفة الدب وسيلة للنيل من المة بالساءة لسمعة خلفائها‪،‬‬
‫وتشويه صورة المجتمع المسلم‪ ،‬حيث نجد تضخيم الجانب الهزلي والمنحسسرف‬
‫والضال في المجتمع‪ ،‬بل تصوير المجتمع وخليفته بصورة هابطة كما فعلوا مسسع‬
‫الخليفة هارون الرشيد وأخباره مع أبي نواس‪ ،‬وهو الخليفسسة السسذي يغسسزو عام سا ً‬
‫ويحج عامًا‪ ،‬كما وجسدوا فسي الدب متنفسسا ً لهسم‪ ،‬حيسث ترتفسع التقيسة فسي جسو‬
‫العاطفة والخيال‪ ..‬فيصبوا أحقادهم وكرههم للخليفة والمة في قصسسة أو شسسعر‬
‫أو مثل أو خطبة‪ ..‬ويكفي كمثسسال علسسى ذلسسك كلسسه الطلع علسسى كتسساب الغسساني‬
‫للرافضي أبي الفرج الصفهاني‪.‬‬

‫المجال السياسي‬
‫الشسسيعة ‪ -‬كمسسا تؤكسسد أصسسولهم ‪ -‬ل يؤمنسسون بشسسرعية أي دولسسة فسسي العسسالم‬
‫السسسلمي‪ ،‬ويسسرون أن الخليفسسة علسسى العسسالم السسسلمي طسساغوت‪ ،‬ودولتسسه غيسسر‬
‫شرعية‪ ،‬ول يستثنون من ذلك إل خلفسة أميسر المسؤمنين علسي بسن أبسي طسالب‬
‫وخلفة الحسن )وقد مضى أنهم يقولسون في رواياتهم‪ :‬كل راية ترفع قبل قيام‬
‫القائم فصاحبها طاغوت( ]انظر‪ :‬ص)‪.[.(738‬‬
‫ولهذا وجد العدو المتربص بالمسسة المسسسلمة ضسسالته المنشسسودة فسسي الشسسيعة‪،‬‬
‫وحقق الكثير من أغراضسسه بواسسسطتها‪ ،‬لوجسسود هسسذه العقيسسدة السستي مسسن ثمارهسسا‬
‫فقسسدان السسولء والطاعسسة‪ ،‬وإضسسمار العسسداء والكراهيسسة للميسسر والمسسأمورين مسسن‬
‫المسلمين‪.‬‬
‫ً‬
‫ولذا كسسانت الزمسسر الرافضسسية أداة مطيعسسة بيسسد العسسدو‪ ،‬ومركبسا ذلسسول ً سسسخره‬
‫للوصول إلى مآربه‪.‬‬
‫وكسسانت عقيسسدة التقيسسة تيسسسر للعناصسسر الشسسيعية إحكسسام الخطسسط‪ ،‬وترتيسسب‬
‫المؤامرات‪ ،‬فهم أشبه ما يكونون بخلية سرية ماسونية تلبسس للمسة المسسلمة‬
‫رداء السلم‪ ،‬وترتدي ثوب المسسودة والطاعسسة لمسسام المسسسلمين فسسي الظسساهر‪،‬‬
‫وتعمل علسى الكيسد لسه وللمسة فسي البساطن‪ ،‬فقسد قسالوا‪" :‬خسالطوهم بالبرانيسة‬
‫وظاهروهم بالجوانية إذا كانت المرة صسسبيانية" ]أصسسول الكسسافي‪ ،2/220 :‬و"البرانيسسة"‬
‫هي العلنية‪ ،‬و"الجوانية" هي السر والباطني‪) .‬هامش الكافي‪.[.(221-2/220 :‬‬
‫ولقد كان الشيعة في مختلف فترات التاريخ موضع اسسستغلل مسسن الملحسسدين‬
‫يسخرونهم في خدمة أغراضهم وتنفيذ مخططاتهم‪ ،‬وقد انضم رؤوس الزنادقة‬
‫إلى ركب التشيع حتى يمكنهم السسستفادة مسسن أولئك الرعسساع‪ ،‬ولسسذا ذكسسر شسسيخ‬
‫السلم "أن أكسسثر معتنقسسي التشسسيع ل يعتقسسدون ديسسن السسسلم‪ ،‬إنمسا يتظسساهرون‬
‫بالتشيع لقلة عقل الشيعة وجهلهم ليتوسلوا بهسسم إلسسى أغراضسسهم" ]انظسسر‪ :‬منهسساج‬
‫السنة‪.[.2/48 :‬‬
‫وقد شهدت الوقائع والحسداث أن التشسيع كسان مسأوى لكسل مسن يريسد الكيسد‬
‫للسلم وأهله‪.‬‬
‫لقد وجدت طوائف من الفرس السسذين قضسسى المسسسلمون علسسى دولتهسسم فسسي‬
‫سبع نسين في التشيع ضالتهم المنشسسودة‪ ،‬كسسذلك وجسسد يهسسود الفرصسسة سسسانحة‬
‫لتحقيق أهدافهم عن طريق التشيع‪.‬‬
‫وإلى اليوم يتستر بالتشيع أعداء السلم والمتآمرين على أهله‪ ..‬وقسسد بسسرزت‬
‫أثناء الخلف بين الفصائل الشيعية المنبثقة من الثني عشرية "اعترافات" مسسن‬
‫القوم أنفسهم تصدق هذا القول‪ ..‬فقد نقل أحد الباحثين الشسسيعة بسسأن السسسفير‬

‫‪675‬‬
‫]انظسسر‪:‬‬ ‫الروسي في إيران ‪ -‬كنياز دكوركي كان يحضر دروس شيخهم الرشسستي‬
‫ترجمته في العلم للزركلي‪ ،6/67 :‬وانظر‪ :‬أحسن الوديعة‪ [.1/72 :‬صاحب الكشفية إحدى‬
‫فرق الثني عشرية ‪ -‬كما مر ]انظر‪ :‬ص)‪ (112‬من هذه الرسالة‪ -[.‬والسستي يلقيهسسا فسسي‬
‫كربلء باسم مستعار هو "الشيخ عيسسسى اللنكرانسسي" وقسسد كشسسفت ذلسسك مجلسسة‬
‫الشرق السستي أصسسدرتها وزارة الخارجيسسة الروسسسية )السسسوفياتية( لسسسنة ‪-1924‬‬
‫‪1925‬م ]انظر‪ :‬آل طعمة‪ /‬مدينة الحسين‪ :‬ص ‪.[.53‬‬
‫كم كان الجنرال النكليزي المتقاعسسد جعيفسسر عليخسسان )ويبسسدو أنسسه اتخسسذ هسسذا‬
‫السسسم للتمسسويه( كسسان يتزيسسا بسسالزي الشسسيعي ويحضسسر هسسو الخسسر دروس كسساظم‬
‫الرشتي ]آل طعمة‪ /‬مدينة الحسين‪ :‬ص ‪.[.53‬‬
‫ويعلل الباحث الشيعي هذه الظاهرة بأن العداء "كانوا على علم مسبق بأن‬
‫سكان هذين القطرين ‪ -‬العراق وإيران ‪ -‬مسسن المحسسبين لهسسل السسبيت فجسساءوهم‬
‫من الناحية العقائديسسة ]آل طعمسسة‪ /‬مدينسسة الحسسسين‪ :‬ص ‪ ..[.53‬فأشسساعوا بينهسسم ‪ -‬كمسسا‬
‫يقول ‪ -‬من خلل المذهب الكشفي الغلو في الئمسسة وجعلهسسم شسسركاء للسسه فسسي‬
‫خلقه ورزقه‪ ..‬ونفي العقاب عن كل مرتكتب معصية صغيرة كانت أو كبيرة ]آل‬
‫طعمة‪ /‬مدينة الحسين‪ :‬ص ‪.[.54‬‬
‫ثم يقول‪" :‬وهكذا وجد السسستعمار فسسي هسسذه السسديار العربيسسة المسسسلمة أرضسا ً‬
‫خصبة لغرس شجرة العقيدة الحنظلية" ]انظر‪ :‬آل طعمة‪ /‬مدينة الحسين‪ :‬ص ‪.[.54‬‬
‫وأقول‪ :‬ومن قبل كان للتجاه الصفوي دوره الخطير فسسي بسسذر أصسسول الغلسسو‬
‫على يد ثلة من شيوخ السوء أمثال المجلسي والجزائري والكاشاني وغيرهم‪.‬‬
‫وهذا العدو الذي لبس ثوب التشيع زروًا‪ ،‬واندس في صفوف الشيعة قد يجد‬
‫المكانسسة الرفيعسسة بينهسسم‪ ،‬كيسسف وعقيسسدتهم فسسي الجمسساع تجعسسل لقسسول الفئة‬
‫المجهولة‪ ،‬ورأي الشخص المجهول الحقية على غيره علسسى احتمسسال أن يكسسون‬
‫هذا المجهول هو المهدي ]وهو ل يعدم حينئذ شيئا ً من شهواته التي كان يمارسها قبل دخوله‬
‫في التجاه الشيعي‪ ،‬فالشهوات الجنسية تتحقسسق لسسه عسسن طريسسق المتعسسة وعاريسسة الفسسرج واللسسواط‬
‫بالنساء المقررة في شرعتهم‪.‬‬
‫والتكاليف الشريعة قد تخف بجمع الصلوات‪ ..‬وقد تسقط بحب آل البيت‪.‬‬
‫والجهاد معطل حتى يخرج المنتظر فل خوف على النفس ‪ ،‬وإن وصل إلى مرحلة الية والحجسسة‬
‫والمرجعية فالذهب الرنان يبذل تحت قديمه باسم الخمس‪.‬‬
‫و"البابوية" أو التقديس والتعظيم يناله باسم النيابة عن المنتظر‪.‬‬
‫فماذا يضيره حينئذ أن يندس في صفوفهم‪ ،‬ويعمسسل لقسسومه بيسسن ظرانيهسسم متسسسترا ً بسسزي رجسسال‬
‫الدين المتوشحين بالسواد عندهم‪ ،‬وقد ينتسب إلى العترة ليجد الحظوة‪.[.‬‬
‫هذا ومن يتتبع أحداث التاريخ وملحمه يرى أن معول مدعي التشيع كان من‬
‫أخطر المعاول التي أتت على الدولة السسسلمية مسسن أطرافهسسا‪ ،‬ذلسسك أنهسسم مسسع‬
‫المسلمين في الظاهر‪ ،‬وهم من أعظم العداء لهم في الباطن‪ ،‬حتى قال شيخ‬
‫السلم ابن تيمية‪" :‬إن أصل كل فتنة وبلية هسسم الشسسيعة‪ ،‬ومسسن انضسسوى إليهسسم‪،‬‬
‫وكثير من السيوف التي سلت في السلم إنما كان من جهتهم‪ ،‬وبهسسم تسسسترت‬
‫الزنادقة" ]منهاج السنة‪.[.3/243 :‬‬
‫ولنهم يرون أن المسلمين أكفر من اليهود والنصارى ]انظسسر‪ :‬ص ‪ 715-714‬مسسن‬
‫هذه الرسالة‪ ،[.‬فهم يوالون أعداء الدين الذين يعرف كل أحد معاداتهم من اليهود‬
‫والنصارى والمشركين‪ ،‬ويعادون أولياء الله الذين هم خيار أهل الدين وسسسادات‬
‫المتقين ]منهاج السنة‪.[.4/110 :‬‬
‫وقال شيخ السلم‪" :‬فقسسد رأينسسا ورأى المسسسلمون أنسسه إذا ابتلسسي المسسسلمون‬
‫بعدو كافر كانوا معه على المسلمين" ]منهاج السنة‪.[.3/38 :‬‬
‫‪676‬‬
‫فقد شهد الناس أنه لما دخل هولكوا ملك الكفار الترك الشام سنة ‪658‬هسسس‬
‫كانت الرافضة الذين كانوا بالشام من أعظم الناس أنصارا ً وأعوانا ً على إقامسسة‬
‫ملكه وتنفيذ أمره في زوال ملك المسلمين‪ ،‬وهكذا يعرف الناس عامة وخاصة‬
‫ما كان بالعراق لما قسسدم هولكسسو إلسسى العسسراق وسسسفك فيهسسا مسسن السسدماء مسسا ل‬
‫يحصيه إل الله‪ ،‬فكان وزير الخليفة ابن العلقمي والرافضسسة هسسم بطسسانته السسذين‬
‫عاونوه على ذلك بأنواع كثيرة باطنة وظاهرة يطول وصفها ]وسيأتي تفصسسيل بعسسض‬
‫أحداثها في آخر هذا المبحث‪.[.‬‬
‫وقبل ذلك كانت إعانتهم لجد هولكو هو جنكيسسز خسسان‪ ،‬فسسإن الرافضسسة أعسسانته‬
‫على المسلمين‪.‬‬
‫وقد رآهم المسلمون بسواحل الشام وغيرها إذا اقتتل المسلمون والنصارى‬
‫هواهم مع النصارى يناصرونهم بحسب المكسسان‪ ،‬ويكرهسسون فتسسح مسسدائنهم كمسسا‬
‫كرهوا فتح عكا وغيرها‪ ،‬ويختارون إدالتهم على المسلمين حتى إنهم لما انكسر‬
‫المسلمون سنة غازان ]هو أخو خدابنده‪ ،‬من أحفاد جنكيز خان ملك الترك الكفار المسسسمون‬
‫بالتتار‪ ،‬أما الواقعة التي يشير إليها شيخ السلم فانظر تفاصيل أحداثها فسسي البدايسسة والنهايسسة لبسسن‬
‫كثير‪ .[.14/6 :‬سنة تسع وتسعين وخمسمائة‪ ،‬وخلت الشم من جيش المسسسلمين‬
‫عاثوا في البلد‪ ،‬وسعوا في أنواع من الفساد من القتل وأخسسذ المسسوال‪ ،‬وحمسسل‬
‫رايسسة الصسسليب‪ ،‬وتفضسسيل النصسسارى علسسى المسسسلمين وحمسسل السسسبي والمسسوال‬
‫والسلح من المسلمين إلى النصارى بقبرص وغيرها‪ ،‬فهسسذا وأمثسساله قسسد عسساينه‬
‫الناس‪ ،‬وتواتر عند من لم يعسساينه ]منهسساج السسسنة‪ ،3/244 :‬وانظسسر‪ :‬ص ‪39-38‬مسسن نفسسس‬
‫الجزء‪ ،‬وانظر‪ :‬ج ‪ 4‬ص ‪ ،111-110‬والمنتقى‪ :‬ص ‪ ،332-329‬وتعليقات محب الدين الخطيب فسسي‬
‫هذا الموضوع‪.[.‬‬
‫وقال‪" :‬وكذلك كانوا من أعظم السباب فسسي اسسستيلء النصسسارى قسسديما ً علسسى‬
‫بيت المقدس حتى استنقذه المسلمون منهم" ]منهج السنة‪.[.4/110 :‬‬
‫والحديث فسي هسذا البساب ممتسد‪ ،‬وقسد حفلست كتسب التاريسخ بتصسوير أحسداثه‬
‫المريرة‪.‬‬
‫وإذا كان هذا تأثير الشيعة الذين يعيشون داخل الدولة السلمية‪ ،‬فسسإن تسسأثير‬
‫دول الشيعة التي قامت أشد‪ ،‬ولهذا قال شيخ السلم عن دولة بني بسسويه ]وقسسد‬
‫ظهرت في العراق وقسم من إيران سنة ‪ ،334‬وانقرضت سنة ‪437‬هس‪ ،‬والثنا عشرية تعسسدها مسسن‬
‫دولها‪) .‬انظر‪ :‬الشسسيعة فسسي التاريسسخ ص ‪ ،98‬والشسسيعة فسسي الميسسزان‪ :‬ص ‪ [.(148-138‬بأن هذه‬
‫الدولة قد انتظمسست أصسسناف المسسذاهب المذمومسسة‪ :‬قسسوم منهسسم زنادقسسة‪ ،‬وفيهسسم‬
‫قرامطة كثيرة ومتفلسفة‪ ،‬ومعتزلة‪ ،‬ورافضة‪.‬‬
‫وقد حصل لهل السلم والسنة في أيامهم من الوهن مسسا لسسم يعسسرف‪ ،‬حسستى‬
‫استولى النصسسارى علسسى ثغسسور السسلم‪ ،‬وانتشسسرت القرامطسسة فسسي أرض مصسسر‬
‫والمغرب والمشرق وغير ذلك‪ ،‬وجرت حوادث كثيرة ]مجسسوع فتسساوى شسسيخ السسسلم‪:‬‬
‫‪.[.4/22‬‬
‫وقال عن دولة خدا بنده ]انظر‪ :‬ص ‪ 1203‬هامش )‪ (1‬من هذه الرسالة‪" :[.‬وانظر مسسا‬
‫حصل لهم في دولة السلطان خدا بنده الذي صنف له هسسذا الكتسساب ]يعنسسي كتسساب‬
‫"منهاج الكرامة" الذي وضعه ابن المطهر الحلي ورد عليه شيخ السلم في منهاج السنة‪ [.‬كيسسف‬
‫ظهر فيهم من الشر الذي لو دام وقوي أبطلوا به عامسسة شسسرائع السسسلم لكسسن‬
‫يريدون أن يطفئوا نسسور اللسسه بسسأفواههم ويسسأبى اللسسه إل أن يتسسم نسسوره ولسسو كسسره‬
‫الكافرون" ]منهاج السنة‪ ،[.3/244 :‬وكذلك كان المر أشد في الدولة الصفوية من‬
‫بعد شيخ السلم‪.‬‬
‫‪677‬‬
‫وإلى اليوم يجري الثر الرافضي في أرض المسلمين فسادا ً من دولة اليات‬
‫في إيران‪ ،‬ومن منظماتهم في لبنان ]انظر‪ :‬أمل والمخيمات الفلسطينية للسسدكتور محمسسد‬
‫الغريب‪ ،[.‬وفي خلياهم في دول الخليج وغيرها‪.‬‬
‫ويذكر إحسان إلهي ظهير أن انفصسسال باكسسستان الشسسرقية كسسان وراءه الكيسسد‬
‫الرافضي‪ ،‬حيث قال‪" :‬وها هي باكستان الشرقية ذهبت ضحية بخيانة أحد أبناء‬
‫"قزلباش" الشيعة يحيى خان في أيدي الهندوس" ]الشيعة والسنة‪ :‬ص ‪.[.11‬‬
‫وقد عارض شيوخ الشيعة فسسي باكسسستان تطسسبيق الشسسريعة السسسلمية ]انظسسر‪:‬‬
‫مظالم الشيعة‪ :‬ص ‪ ،10-9‬وقد قال زعيم الشيعة مفسستي جعفسسر حسسسين فسسي مسسؤتمر صسسحفي بسسأن‬
‫الشيعة يرفضون تطبيق الحدود السلمية لنها ستكون على مذهب أهسسل السسسنة‪) .‬البنسساء الكويتيسسة‬
‫فسسي ‪1/5/1979‬م(‪[.‬؛ لنهسسا تحسسد مسسن شسسهواتهم السستي يمارسسسونها باسسسم المتعسسة‪،‬‬
‫وتعاقبهم على جرائمهم التي يستسهلون ارتكابها بحجسسة أن حسسب علسسي ل تضسسر‬
‫معه سيئة‪.‬‬
‫وبعد‪ ..‬هذه إشارات لقضايا كبيرة‪ ،‬شرحها ودراستها يحتاج لمؤلفات‪.‬‬
‫وحسبي أن أختار مثالين منها للوقوف عندها قليل ً لخذ العبرة‪:‬‬
‫الول‪ :‬يتصل بتأثير الشيعة داخل الدولة السلمية‪ ،‬وسأتوقف عند حادثة ابن‬
‫العلقمي وتآمره لسقاط الدولة السلمية‪.‬‬
‫والثسساني‪ :‬فسسي تسسأثير دول الشسسيعة علسسى المسسسلمين‪ ،‬وسسسأتوقف عنسسد الدولسسة‬
‫الصفوية‪.‬‬
‫مؤامرة ابن العلقمي الرافضي‪:‬‬
‫وملخص الحادثة أن ابن العلقمي كان وزيرا ً للخليفسسة العباسسسي المستعصسسم‪،‬‬
‫وكان الخليفة على مذهب أهل السنة‪ ،‬كما كان أبوه وجده‪ ،‬ولكن كان فيه ليسسن‬
‫وعدم تيقظ‪ ،‬فكان هذا الوزير الرافضسسي يخطسسط للقضسساء علسسى دولسسة الخلفسسة‪،‬‬
‫وإبادة أهل السنة‪ ،‬وإقامة دولة على مذهب الرافضة‪ ،‬فاستغل منصسسبه‪ ،‬وغفلسسة‬
‫الخليفة لتنفيذ مؤامراته ضد دولة الخلفة‪ ،‬وكانت خيوط مسسؤامراته تتمثسسل فسسي‬
‫ثلث مراحل‪:‬‬
‫المرحلة الولى‪ :‬إضعاف الجيش‪ ،‬ومضايقة النسساس‪ ..‬حيسسث سسسعى فسسي قطسسع‬
‫أرزاق عسكر المسلمين‪ ،‬وضعفتهم‪:‬‬
‫قال ابسسن كسسثير‪" :‬وكسسان السسوزير ابسسن العلقمسسي يجتهسسد فسسي صسسرف الجيسسوش‪،‬‬
‫وإسقاط اسمهم من الديوان‪ ،‬فكانت العساكر في أخر أيسسام المستنصسسر قريب سا ً‬
‫من مائة ألف مقاتل‪ ..‬فلسسم يسسزل يجتهسسد فسسي تقليلهسسم‪ ،‬إلسسى أن لسسم يبسسق سسسوى‬
‫عشرة آلف" ]البداية والنهاية‪.[.13/202 :‬‬
‫المرحلة الثانية‪ :‬مكاتبة التتار‪ :‬يقول ابن كسسثير‪" :‬ثسسم كسساتب التتسسار‪ ،‬وأطمعهسسم‬
‫في أخذ البلد‪ ،‬وسهل عليهم ذلك‪ ،‬وحكى لهم حقيقة الحال وكشف لهم ضعف‬
‫ا لرجال" ]البداية والنهاية‪.[.13/202 :‬‬
‫المرحلة الثالثة‪ :‬النهي عن قتال التتار وتثبيط الخليفة والناس‪:‬‬
‫فقد نهى العامة عن قتالهم ]منهاج السسسنة‪ [.3/38 :‬وأوهم الخليفسسة وحاشسسيته أن‬
‫ملك التتار يريد مصالحتهم‪ ،‬وأشار على الخليفة بالخروج إليه والمثول بين يديه‬
‫لتقع المصالحة على أن يكون نصف خراج العراق لهم‪ ،‬ونصفه للخليفة‪ ،‬فخسسرج‬
‫الخليفة إليه في سبعمائة راكب من القضاة والفقهاء والمسسراء والعيسسان‪ ..‬فتسسم‬
‫بهذه الحيلة قتل الخليفة ومعن معه من قواد المة وطلئعها بدون أي جهد من‬
‫التتر‪ .‬وقد أشار أولئك المل من الرافضة وغيرهم على المنافقين علسسى هولكسسو‬

‫‪678‬‬
‫أن ل يصسسالح الخليفسسة‪ ،‬وقسسال السسوزير ابسسن العلقمسسي‪ :‬مسستى وقسسع الصسسلح علسسى‬
‫المناصفة ل يستمر هذا إل عاما ً أو عامين‪ ،‬ثم يعود المر إلى ما كان عليه قبسسل‬
‫ذلك‪ ،‬وحسنوا له قتل الخليفة‪ ،‬ويقال إن الذي أشار بقتله الوزير ابن العلقمسسي‪،‬‬
‫ونصير الدين الطوسي ]وكان النصير عند هولكسسوا قسسد استصسسحبه فسسي خسسدمته لمسسا فتسسح قلع‬
‫اللموت‪ ،‬وانتزعها من أيدي السماعيلية )ابن كثير‪ /‬البداية والنهاية‪.[.( (13/201) :‬‬
‫ثم مسسالوا علسسى البلسسد فقتلسسوا جميسسع مسسن قسسدروا عليسسه مسسن الرجسسال والنسسساء‬
‫والولدان والمشايخ والكهول والشبان‪ ،‬ولم ينج منهم أحد سوى أهل الذمة مسسن‬
‫اليهود والنصارى‪ ،‬ومن التجأ إليهسسم‪ ،‬وإلسسى دار السسوزير ابسسن العلقمسسي الرافضسسي‬
‫]البداية والنهاية‪.[.202-13/201 :‬‬
‫وقد قتلوا من المسلمين ما يقال إنه بضعة عشر ألف ألف إنسان أو أكثر أو‬
‫أقل‪ ،‬ولم ير في السلم ملحمة مثسل ملحمسة السترك الكفسار المسسمين بسالتتر‪،‬‬
‫وقتلوا الهاشميين‪ ،‬وسبوا نساءهم من العباسيين وغير العباسسسيين‪ ،‬فهسسل يكسسون‬
‫مواليا ً لل رسول الله صلى الله عليسه وسسلم مسن يسسلط الكفسار علسى قتلهسم‬
‫وسبيهم وعلى سائر المسلمين ]منهاج السنة‪.[.3/38 :‬؟‬
‫وقتسسل الخطبسساء والئمسسة‪ ،‬وحملسسة القسسرآن‪ ،‬وتعطلسست المسسساجد والجماعسسات‬
‫والجمعات مدة شهور ببغداد ]البداية والنهاية‪.[.13/203 :‬‬
‫وكسسان هسسدف ابسسن العلقمسسي "أن يزيسسل السسسنة بالكليسسة وأن يظهسسر البدعسسة‬
‫الرافضة‪ ،‬وأن يعطل المساجد والمدارس‪ ،‬وأن يبنسسي للرافضسسة مدرسسسة هائلسسة‬
‫ينشرون بهذا مذهبهم فلم يقدره الله على ذلك‪ ،‬بسسل أزال نعمتسسه عنسسه وقصسسف‬
‫عمره بعد شعور يسيرة من هذه الحادثة‪ ،‬وأتبعه بولده" ]البداية والنهايسسة‪-13/202 :‬‬
‫‪.[.203‬‬
‫فتأمل هذه الحادثة الكبرى والخيانة العظمى‪ ،‬واعتبر بطيبة بعض أهل السنة‬
‫إلى حد الغفلة بتقريب أعدى أعسسدائهم‪ ،‬وعظيسسم حقسسد هسسؤلء الروافسسض وغلهسسم‬
‫على أهل السنة‪ ،‬فهذا الرافضي كان وزيرا ً للمستعصم أربع عشرة سسسنة‪ ،‬وقسسد‬
‫حصل له من التعظيم والوجاهة ما لم يحصل لغيره من الوزراء‪ ،‬فلم يجسسد هسسذا‬
‫التسامح والتقدير في إزالة الحقد والغل الذي يحمله لهل السنة‪ ،‬وقسسد كشسسف‬
‫متأخروا الرافضة القناع عن قلوبهم‪ ،‬وباحوا بالسر المكنون فعدوا جريمسسة ابسسن‬
‫العلقمي والنصير الطوسي في قتل المسسسلمين مسسن عظيسسم مناقبهمسسا عنسسدهم‪.‬‬
‫فقال الخميني في الشادة بما حققه نصير الطوسي‪ .." :‬ويشعر الناس )يعنسسي‬
‫شيعته( بالخسارة‪ ..‬بفقدان الخواجة نصير الدين الطوسي وأضرابه ممسسن قسسدم‬
‫خدمات جليلة للسلم" ]الحكومة السلمية‪ :‬ص ‪.[.128‬‬
‫والخدمات التي يعني هنا هي ما كشفها الخوانساري من قبله في قسسوله فسسي‬
‫ترجمة النصير الطوسي‪" :‬ومن جملة أمره المشهور المعروف المنقول حكايسسة‬
‫استيزاره للسلطان المحتشسسم‪ ..‬هولكسسو خسسان‪ ..‬ومجيئه فسسي مسسوكب السسسلطان‬
‫المؤيد مع كمال الستعداد إلى دار السلم بغداد لرشاد العبسساد وإصسسلح البلد‪..‬‬
‫بإبادة ملك بني العباس‪ ،‬وإيقاع القتل العسام مسسن أتبساع أولئك الطغسام‪ ،‬إلسسى أن‬
‫أسال من دمائهم القذار كأمثال النهار‪ ،‬فانهار بها في ماء دجلة‪ ،‬ومنها إلى نار‬
‫جهنم دار البوار" ]روضات الجنات‪ ،301-6/300 :‬وانظر أيضا ً في ثناء الروافض علسسى النصسسير‬
‫الطوسي النوري الطبرسي‪ /‬مستدرك الوسائل‪ ،3/483 :‬القمي‪ /‬الكنى واللقاب‪.[.1/356 :‬‬
‫فهم يعدون تدبيره ليقاع القتل العام بالمسلمين‪ ،‬مسسن أعظسسم منسساقبه‪ ،‬وهسذا‬
‫القتل هو الطريق عندهم لرشاد العباد وإصلح البلد‪ ،‬ويرون مصير المسسسلمين‬

‫‪679‬‬
‫الذي استشهدوا في هذه "الكارثة" إلى النسسار‪ ،‬ومعنسسى هسسذا أن هولكسسو السسوثني‬
‫وهو الذي يصفه بالمؤيد‪ ،‬وجنده هم عنسسدهم مسسن أصسسحاب الجنسسة؛ لنهسسم شسسفوا‬
‫غيظ هؤلء الروافض من المسلمين‪ ،‬فانظر إلى عظيم هذا الحقد!! حتى صسسار‬
‫قتل المسلمين من أغلى أمانيهم‪ ..‬وصار الكفار عندهم أقسسرب إليهسسم مسسن أمسسة‬
‫السلم‪.‬‬
‫هذه قصة ابن العلقمي أوردتها معظم كتب التاريخ ]وانظر أيضا فسسي قصسسة تسسآمره‪:‬‬
‫ً‬
‫ابن شاكر الكتبي‪ /‬فوات الوفيات‪ ،2/313 :‬الذهبي‪ /‬العسسبر‪ ،5/225 :‬السسسبكي‪ /‬طبقسسات الشسسافعية‪:‬‬
‫‪ 263-8/262‬وغيرها‪ ،[.‬وأقرتها كتب الرافضة‪ ،‬وأشادت بها‪ ..‬ومع ذلسسك فقسسد حسساول‬
‫الراوفض المعاصرين توهين القصة والطعن في ثبوتها‪ ،‬وحجته أن الذين ذكروا‬
‫الحادثة غير معاصرين للواقعة‪ ،‬وحينما جاء على من ذكر الحادثة من معاصريها‬
‫مثل‪ :‬أبي شامة شسسهاب السسدين عبسسد الرحمسسن بسسن إسسسماعيل )ت ‪665‬هسس( كسسان‬
‫جوابه عن ذلك بأنه وإن عاصر الحادثة معاصرة زمانية‪ ،‬لكنه مسسن دمشسسق فلسسم‬
‫تتوفر فيه المعاصرة المكانية ]انظسر‪ :‬محمسد الشسيخ السساعدي‪ /‬مؤيسد السدين بسن العلقمسي‬
‫وأسرار سقوط الدولة العباسية‪ ،‬وقد ساعدت جامعة بغداد على نشر الكتاب‪.[.‬‬
‫وهي محاولة لرد ما استفاض أمسسره عنسسد المسسؤرخين‪ ،‬كمحسساولتهم فسسي إنكسسار‬
‫وجود ابن سبأ‪ ،‬وقد بحثت في كتب التاريسسخ فوجسسدت شسسهادة هامسسة لحسسد كبسسار‬
‫المؤرخين تتوفر فيسسه ثلث صسسفات‪ :‬الولسسى‪ :‬أن الشسسيعة يعسسدونه مسسن رجسسالهم‪،‬‬
‫والثانية‪ :‬أنه من بغداد‪ ،‬والثالثة‪ :‬أنه متوفى سنة ‪674‬هس‪.‬‬
‫فهو شيعي بغدادي معاصر للحادثة؛ ذلك هسسو المسسام الفقيسه علسي بسن أنجسسب‬
‫المعروف بابن الساعي الذي شهد بجريمة ابن العلقمي فقال‪ ..." :‬وفي أيسسامه‬
‫)يعني المستعصم( استولت التتسسار علسسى بغسسداد‪ ،‬وقتلسسوا الخليفسسة‪ ،‬وبسسه انقضسست‬
‫الدولة العباسية من أرض العسسراق‪ ،‬وسسسببه أن وزيسسر الخليفسسة مؤيسسد السسدين ابسسن‬
‫العلقمي كان رافضيًا‪ ..‬ثم ساق القصة ]مختصر أخبار الخلفاء‪ :‬ص ‪ ..[.137-136‬وابسسن‬
‫الساعي هذا ذكره محسن المين من رجسسال الشسسيعة فقسسال‪" :‬علسسي بسسن أنجسسب‬
‫البغدادي المعروف بابن الساعي لسسه أخبسسار الخلفسساء ت ‪674‬هسسس" ]أعيسسان الشسسيعة‪:‬‬
‫‪.[.1/305‬‬
‫ويكفي دللة على صلة الروافض بنكبة المسلمين وتمني حصول أمثالها هسسذا‬
‫التشسسسفي السسسذي صسسسدر علسسسى ألسسسسنة شسسسيوخهم المتسسسأخرين والمعاصسسسرين‬
‫كالخوانساري‪ ،‬والخميني وأمثالهما‪.‬‬

‫]اسستمر ملسسك الدولسة الصسسفوية مسن سسنة ‪1905‬إلسى سسسنة ‪1148‬هسس‬ ‫الدولة الصفوية‬
‫)مغنية‪ /‬الشيعة في الميزان‪ :‬ص ‪:[.(182‬‬
‫في الدولة الصفوية‪ ،‬والتي أسسها الشاه إسماعيل الصسسفوي فسسرض التشسسيع‬
‫الثني عشري على اليرانيين قسرًا‪ ،‬وجعل المسسذهب الرسسسمي ليسسران‪ ..‬وكسسان‬
‫إسماعيل قاسيا ً متعطشا ً للسسدماء إلسسى حسسد ل يكسساد يصسسدق ]علسسي السسوردي‪ /‬لمحسسات‬
‫اجتماعية من تاريخ العراق الحديث‪ :‬ص ‪ ،[.56‬ويشيع عن نفسه أنه معصوم وليس بينسسه‬
‫وبين المهدي فاصل‪ ،‬وأنه ل يتحرك إل بمقتضى أوامر الئمة الثني عشر ]كامسسل‬
‫مصطفى الشيبي‪ /‬الفكر الشيعي والنزعات الصوفية حتى مطلع القرن الثاني عشسسر الهجسسري‪ :‬ص‬
‫‪.[.413‬‬
‫ولقد تقلد سيفه وأعمله في أهسل السسسنة‪ ،‬وكسان يتخسسذ سسسب الخلفساء الثلثسسة‬
‫وسيلة لمتحان اليرانيين‪ ،‬فمن يسمع السب منهم يجب عليسسه أن يهتسسف قسسائ ً‬
‫ل‪:‬‬
‫"بيش باد كم باد"‪ ..‬هذه العبارة تعني في اللغة الذربيجانية أن السسسامع يوافسسق‬
‫‪680‬‬
‫على السب ويطلب المزيد منه‪ ،‬أما إذا امتنع السامع عن النطق بهسسذه العبسسارة‬
‫ل‪ ،‬وقد أمر الشسساه أن يعلسسن السسسب فسسي الشسسوارع‪ ،‬والسسسواق‬ ‫قطعت رقبته حا ً‬
‫وعلى المنابر منذرا ً المعاندين بقطع رقابهم ]كامل مصسسطفى الشسسيبي‪ /‬الفكسسر الشسسيعي‬
‫والنزعات الصوفية حتى مطلع القرن الثاني عشسسر الهجسسري‪ :‬ص ‪ ،[.58‬وكان إذا فتسسح مدينسسة‬
‫أرغم أهلها على اعتناق الرفض فورا ً بقوة السلح‪.‬‬
‫ويروى عنه أنه عندما فتح تبريز فسسي بدايسسة أمسسره وأراد فسسرض التشسسيع علسسى‬
‫أهلها بالقوة‪ ،‬أشار عليه بعض شيوخهم أن يتريث‪ ،‬لن ثلثي سكان المدنية مسسن‬
‫أهل السنة‪ ،‬وأنهم ل يصبرون على سسسب الخلفسساء الثلثسسة علسسى المنسسابر‪ ،‬ولكنسسه‬
‫أجابهم‪" :‬إذا وجدت من النساس كلمسة اعستراض شسهرت سسيفي بعسون اللسه فل‬
‫ا" ]كامل مصطفى الشيبي‪ /‬الفكر الشيعي والنزعات الصوفية حتى مطلع‬ ‫أبقي منهم أحدا ً حي ً‬
‫القرن الثاني عشر الهجري‪ :‬ص ‪ ،58‬وانظر‪ :‬تاريخ الصفويين‪ :‬ص ‪.[.55‬‬
‫ومن ناحية أخرى اتخذ مسألة قتل الحسين وسيلة للتأثير النفسي‪ ،‬بالضسسافة‬
‫إلى أسلوب التهديد والرهاب فأمر بتنظيم الحتفال بذكر مقتل الحسسسين علسسى‬
‫النحو الذي يتبع الن عندهم ]الشيبي‪ /‬الفكسسر الشسسيعي‪ :‬ص ‪ .[.415‬وأضاف إليسسه فيمسسا‬
‫يقال مجالس التعزية‪.‬‬
‫وهي التي يسمونها الن "الشبيه" ويجرى فيها تمثيل مقتل الحسين‪ ..‬فكسسان‬
‫لهذا أثره على أولئك العاجم حتى رأى بعضهم أنه من أهل العوامل فسسي نشسسر‬
‫التشيع في إيران‪ ،‬لن ما فيه من مظاهر الحزن والبكاء وما يصاحبه مسسن كسسثرة‬
‫العلم ودق الطبول وغيرهما يؤدي إلى تغلغل في العقيدة في أعمساق النفسس‬
‫والضرب على أوتارها الكامنة" ]الوردي‪ /‬لمحات اجتماعية‪ :‬ص ‪.[.59‬‬
‫ولقد آزر شيوخ الروافض سلطين الصفويين في الخذ بالتشيع إلسسى مراحسسل‬
‫من الغلو وفرض ذلك على مسلمي إيران بقوة الحديد والنار‪.‬‬
‫وكان من أبرز هؤلء الشيوخ شيخهم علي الكركي ]علسسي بسسن هلل الكركسسي‪ ،‬هلسسك‬
‫سنة )‪948‬هس(‪ ،[.‬الذي يلقبه الشيعة بالمحقق الثاني الذي قربه الشاه طهماسسسب‪،‬‬
‫ابن الشاه إسماعيل وجعله المر المطاع في الدولة‪ ،‬فاسسستحدث هسسذا الكركسسي‬
‫بدعا ً جديدة في التشيع‪ ،‬فكان منها‪" :‬التربة التي يسجد عليها الشيعة الن فسسي‬
‫صلواتهم‪ .‬وقد ألف فيها رسالة سنة )‪933‬هس( ]الفكسسر الشسسيعي‪ :‬ص ‪ 416‬عسسن ترجمتسسه‬
‫في روضات الجنات ص ‪ ،[.404‬كما ألف رسسسالة فسسي تجسسويز السسسجود للعبسسد ]لمحسسات‬
‫اجتماعية‪ :‬ص ‪ ،[.63‬وذلك مسايرة للسلطان إسسماعيل الصسفوي السذي كسان يغلسو‬
‫فيه أصحابه حتى إنهم يعبدونه ويسجدون له ]ولذا قال الحيدري بأن إسماعيل خرج عن‬
‫جادة الرفض‪ ،‬وادعى الربوبية‪ ،‬وكان يسجد له عسكره )عنوان المجد‪ :‬ص ‪.[.(117-116‬‬
‫وكانت بدعه الكثيرة في المذهب الشيعي داعية للمصنفين من غيسسر الشسسيعة‬
‫إلى تلقيبه بمخترع الشيعة ]النسسواقض‪ /‬الورقسسة‪98 :‬ب‪ .[.‬وقد ألف رسسسالة فسسي لعسسن‬
‫الشسسيخين ‪ -‬رضسسي اللسسه عنهمسسا ‪ -‬سسسماها "نفحسسات اللهسسوت فسسي لعسسن الجبسست‬
‫والطاغوت" ]الفكر الشيعي‪ :‬ص ‪.[.416‬‬
‫ويقال‪ :‬إنه هو الذي شرع السب في المساجد أيام الجمسسع ]الفكسسر الشسسيعي‪ :‬ص‬
‫‪.[.416‬‬
‫كذلك كان من شيوخ الدولة الصفوية المجلسي‪ ،‬والذي شارك السسسلطة فسي‬
‫التأثير على المسلمين في إيران حتى يقال بأن كتابه "حق اليقين" كسسان سسسببا ً‬
‫في تشيع سبعين ألف سني من اليرانيين" ]دونلد سن‪ /‬عقيدة الشيعة‪ :‬ص ‪.[.302‬‬

‫‪681‬‬
‫والقرب أن هذا من مبالغات الشيعة‪ ،‬فإن الرفض في إيران لم يجسسد مكسسانه‬
‫إل بالقوة والرهاب‪ ،‬ل بالفكر والقناع‪.‬‬
‫ثسسم نشسسأ الجيسسل اللحسسق فسسي جسسو المسسآتم الحسسسينية السسسنوية السستي طورهسسا‬
‫الصفويون ليمتلئ الناشئ بتأثيرها حقدا ً وغيظا ً حتى ل يكاد يستمع بسبب ذلسسك‬
‫إلى حجة أو برهان‪.‬‬
‫وكان لكتاب المجلسي "بحار النوار" أثسسره فسسي إشسساعة الغلسسو بيسسن الشسسيعة‪،‬‬
‫حيث "جاء قراء التعزية‪ ،‬وخطباء المنابر فصاروا يأخذون منه ما يروق لهم وبذا‬
‫ملؤوا أذهان العامة بالغلو والخرافة"‪.‬‬
‫وقد كان هذا الكتاب من أوائل المؤلفات التي طبعت على نطاق واسسسع فسسي‬
‫العهد القاجاري‪ ،‬وقد وردت منه إلى العراق نسخ كسسثيرة ممسسا أدى إلسسى انتشسسار‬
‫معلوماته الغثة في أوساط الشعب العراقي على منسسوال مسسا حسدث فسسي إيسسران‬
‫]لمحات اجتماعية‪ :‬ص ‪.[.78-77‬‬
‫كذلك ل ينسى الجانب الخسسر مسسن آثسر الدولسسة الصسفوية‪ ،‬وذلسك فسي حروبهسا‬
‫لدولة الخلفة السلمية‪ ،‬وتعاونهسا مسسع العسداء مسسن البرتغسسال ثسم النجليسسز ضسد‬
‫المسسسلمين‪ ،‬وتشسسجيعها لبنسساء الكنسسائس ودخسسول المبشسسرين والقسسسس‪ ،‬مسسع‬
‫محاربتهم للسنة وأهلها ]انظر تفاصيل ذلك في‪ :‬تاريخ الصفويين ص ‪ 93‬وما بعسسدها‪ ،‬وانظسسر‪:‬‬
‫حاضر المعالم السلمي للدكتور جميل المصري‪ :‬ص ‪.[.117‬‬
‫هذه بعض أثار دولهم وأفرادهم في هذا المجال‪..‬‬
‫ومن كلمات شيخ السلم ابن تيمية )الخالدة( والمهمة فسسي هسسذا الموضسسوع‪،‬‬
‫والتي إذا طبقتها على الواقع‪ ،‬وإذا اسسستقرأت مسسن خللهسسا وقسسائع التاريسسخ رأيسست‬
‫صدقها كالشمس قوله ‪ -‬رحمه الله ‪:-‬‬
‫"فلينظر كل عاقل فيما يحدث في زمانه‪ ،‬وما يقسسرب مسسن زمسسانه مسسن الفتسسن‬
‫والشرور والفسسساد فسسي السسسلم‪ ،‬فسسإنه يجسسد معظسسم ذلسسك مسسن قبسسل الرافضسسة‪،‬‬
‫وتجدهم من أعظم الناس فتنا ً وشرًا‪ ،‬وأنهم ل يقعدون عما يمكنهم مسسن الفتسسن‬
‫والشرور وإيقاع الفساد بين المة" ]منهاج السنة‪.[.3/243 :‬‬
‫ونحسسن قسسد علمنسسا بالمعاينسسة والتسسواتر أن الفتسسن والشسسرور العظيمسسة السستي ل‬
‫تشابهها فتن‪ ،‬إنما تخرج عنهم ]منهاج السنة‪.[.3/245 :‬‬

‫المجال الجتماعي‬
‫وهو باب واسع سأشير لبعض معالمه‪.‬‬
‫ل‪ :‬علقتهم مع المسلمين‪:‬‬ ‫أو ً‬
‫الشيعة يعيشون مع المسلمين‪ ،‬ويحملون الهوية السسسلمية‪ ،‬ول يوجسسد تمييسسز‬
‫لهم عن غيرهم‪ ،‬والصل في علقة المسلمين الحب والمودة والتكافل واليثار‪.‬‬
‫والسلم أرسى دعائم الود بين المسلم وأخيه‪ ،‬وقدم جيل الصسسحابة رضسسوان‬
‫الله عليهم أعظم صور المحبة والوفاء امتثال ً لهسسدي القسسرآن والسسسنة‪ ،‬ول شسسك‬
‫في أن صورة التلحم تلك كانت هدفا ً من أهداف العدو المتربص بالمة‪.‬‬
‫وكانت مؤامراته في تقويض البناء المتماسك كثيرة‪ ..‬ولقد اندس هسسؤلء فسسي‬
‫التشيع وأعملوا من خلله الهدم والتخريب لهذا الساس المسستين فسسي المجتمسسع‬
‫السلمي‪.‬‬
‫ولهذا كان من الشائع والمستفيض أن علقة الشيعي مسسع غيسسره مبنيسسة علسسى‬
‫حب اليذاء بأي وسيلة‪ ،‬واتخاذ ذلك قربة عند الله‪.‬‬

‫‪682‬‬
‫وإن إضمار العداء والكره من صفاتهم‪.‬‬
‫وإن عدم الوفاء ومراعاة الحقوق من طبيعتهم‪.‬‬
‫وإن الغدر والخيانة والمكر والخديعة مسسن أعمسسالهم المعروفسسة عنهسسم‪ ،‬والسستي‬
‫تصل إلى حد القتل‪.‬‬
‫قال شيخ السلم‪" :‬وأما الرافضي فل يعاشر أحدا ً إل اسسستعمل معسسه النفسساق؛‬
‫فإن دينه الذي في قلبه دين فاسد يحمله على الكذب والخيانة‪ ،‬وغسسش النسساس‪،‬‬
‫وإرادة السوء بهم‪ ،‬فهو ل يألوهم خبال ً ول يترك شرا ً يقدر عليسسه إل فعلسسه بهسسم‪،‬‬
‫وهو ممقوت عند من ل يعرفه‪ ،‬وإن لم يعرف أنسسه رافضسسي تظهسسر علسسى وجهسسه‬
‫سيما النفاق وفي لحن القول‪ ،‬ولهذا تجده ينافق ضعفاء النسساس ومسسن ل حاجسسة‬
‫به إليه لما في قلبه من النفاق الذي يضعف قلبه‪] "..‬منهاج السنة‪.[.3/260 :‬‬
‫دم العلمة الشوكاني مشاهدات شخصية من خلل معايشته للرافضسسة‬ ‫وقد ق ّ‬
‫ً‬
‫في اليمن‪ ،‬وكشف من خلل ذلك أمورا عجيبة وأكد أنه "ل أمانة لرافضي قسسط‬
‫على من يخالفه في مذهبه ويدين بغير الرفسسض‪ ،‬بسسل يسسستحل مسساله ودمسسه عنسسد‬
‫أدنى فرصة تلوح له‪ ،‬لنه عنده مباح الدم والمال‪ ،‬وكل ما يظهسره مسن المسودة‬
‫فهو تقية يذهب أثره بمجرد إمكان الفرصة" ]طلب العلم‪ :‬ص ‪.[.71-70‬‬
‫وبّين حقيقة ذلك بالتجربة العملية مع هذه الطائفسة فقسال‪" :‬وقسسد جربنسا هسذا‬
‫تجريبا ً كثيرا ً فلم نجد رافضيا ً يخلص المودة لغير رافضي‪ ،‬وإن آثسسره بجميسسع مسسا‬
‫يملكه‪ ،‬وكان له بمنزلة الخول‪ ،‬وتودد إليه بكل ممكن‪ ،‬ولم نجد في مذهب من‬
‫المذاهب المبتدعة ول غيرها ما نجده عند هؤلء من العداوة لمسسن خسسالفهم‪ ،‬ثسسم‬
‫لم نجد عند أحد ما نجد عندهم من التجري على شتم العراض المحترمة‪ ،‬فإنه‬
‫يلعن أقبح اللعن‪ ،‬ويسب أفظع السب كل من تجري بينه وبينسسه أدنسسى خصسسومة‬
‫وأحقر جدال‪ ،‬وأقل اختلف‪ ،‬ولعل سبب هذا والله أعلم أنهم لمسسا تج سّرؤا علسسى‬
‫سب السلف الصالح هان عليهم سب من عداهم‪ ،‬ول جسسرم‪ ،‬فكسسل شسسديد ذنسسب‬
‫يهون ما دونه" ]طلب العلم‪ :‬ص ‪.[.71‬‬
‫وقد أشار الشوكاني ‪ -‬رحمسه اللسه ‪ -‬إلسى أنهسم ل يتورعسون مسن اقستراف أي‬
‫جريمة في المجتمع السلمي‪ ،‬ول يتنزهون عسسن فعسسل أي محسسرم‪ ،‬فقسسال‪ :‬وقسسد‬
‫جربنا وجرب من قبلنا فلم يجدوا رجل ً رافضيا ً يتنزه عن محرمات السسدين كائنسسا ً‬
‫من كان ول تغتر بالظواهر؛ فإن الرجسسل قسسد يسسترك المعصسسية فسسي المل ويكسسون‬
‫أعف الناس عنها في الظاهر‪ ،‬وهو إذا أمكنته فرصة انتهزها انتهاز من ل يخاف‬
‫نارا ً ول يرجو جنة‪.‬‬
‫ثم استشهد على ذلك ببعض مشاهداته الشخصية فقسال‪" :‬وقسسد رأيسست منهسسم‬
‫من كان مؤذنا ً ملزما ً للجماعات فانكشف سارقًا‪ ،‬وآخسر كسان يسؤم النساس فسي‬
‫بعض مساجد صنعاء‪ ،‬وله سمت حسن وهدي عجيب وملزمسسة للطاعسسة‪ ،‬وكنسست‬
‫أكثر التعجب منه كيف يكسسون مثلسسه رافضسسيا ً ثسسم سسسمعت بعسسد ذلسسك عنسسه بسسأمور‬
‫تقشعر لها الجلود وترجف منها القلوب"‪ ،‬ثم ذكر رجل ً ثالثا ً كان به رفض يسسسير‬
‫ثم تطور به الرفض حتى ألف في مثالب جماعة من الصحابة‪ .‬قال الشسسوكاني‪:‬‬
‫"وكنت أعرف عنه في مبادئ أمسسره صسسلبة وعفسسة‪ ،‬فقلسست‪ :‬إذا كسسان ولبسسد مسسن‬
‫رافضي عفيف فهذا‪ ،‬ثم سسسمعت عنسسه بفسسواقر‪ ،‬نسسسأل اللسسه السسستر والسسسلمة"‬
‫]طلب العلم‪ :‬ص ‪.[.73‬‬
‫ثسسم قسسال ‪ -‬رحمسسه اللسسه ‪" :-‬وأمسسا وثسسوب هسسذه الطائفسسة علسسى أمسسوال اليتسسامى‬
‫والمستضعفين ومن يقدرون على ظلمه كائنا ً من كسسان فل يحتسساج إلسسى برهسسان‪،‬‬

‫‪683‬‬
‫بل يكفى مدعيه إحالة منكره على السستقرار والتتبسع فسإنه سسيظفر عنسد ذلسك‬
‫بصحة ما ذكرناه" ]طلب العلم‪ :‬ص ‪.[.74‬‬
‫هسسذه "مشسساهدات" مهمسسة سسسجلها الشسسوكاني‪ ،‬وبي ّسسن كيسسف يفعسسل "الرفسسض"‬
‫بصاحبه وأثر ذلك في علقته مسسع المسسلمين‪ ،‬لنسسه يقيسسم مسسع هسسذه "الفئة" مسسن‬
‫الرافضة في اليمسسن والسستي خرجسست مسسن نطسساق الزيديسسة إلسسى الرفسسض كمسا هسسو‬
‫معروف عن الجارودية" ]الزيدية الجاروديسسة‪ :‬هسسي وإن تسسسمت بالزيديسسة فهسسي رافضسسة تكفسسر‬
‫صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ .‬ولسذلك فسإن شسيخ الماميسة "المفيسد" فسي كتسابه "أوائل‬
‫المقالت" أخرج الزيدية من دائرة التشيع واستثنى منهم "الجاروديسسة" لنهسسم علسسى مسسذهبه‪ .‬انظسسر‪:‬‬
‫ص)‪ (42‬من هذه الرسالة‪.[.‬‬
‫هذه "الشهادة" من الشوكاني قد يقول قائل‪ :‬إنها مسسن خصسسم للرافضسسة‪ ،‬فل‬
‫تؤخذ عليهم‪ ..‬والحقيقة أن أهل السنة أعدل وأنصسسف وأتقسسى مسسن الوقسسوع فسسي‬
‫ظلم هذه الطوائف والكذب عليها‪ ،‬كما أثبتت ذلسسك الوقسسائع "بسسل هسسم للرافضسسة‬
‫خير وأعدل من بعض الرافضة لبعض‪ ،‬وهذا ما يعترفون هم به ويقولسسون‪ :‬أنتسسم‬
‫تتصفوننا ما ل ينصف بعضنا بعضًا" ]منهاج السنة‪.[.3/39 :‬‬
‫وقسسد وقفسست علسسى نسسص مهسسم فسسي الكسسافي للكلينسسي يشسسهد لكلم الشسسوكاني‬
‫ويعترف بصدق ما قاله‪ ،‬والعتراف سيد الدلسسة‪ ..‬ويسسبّين طبيعسسة الرافضسسي فسسي‬
‫علقاته مع الناس‪.‬‬
‫جاء في الكافي أن أحد الشيعة ويسمى عبد الله بن كيسسسان قسسال لمسسامهم‪:‬‬
‫"إني‪ ..‬نشأت في أرض فارس‪ ،‬وإنني أخالط الناس في التجسسارات وغيسسر ذلسسك‪،‬‬
‫فأخالط الرجسسل فسسأرى لسسه حسسسن السسسمت ]هيئة أهسسل الخيسسر‪ /‬هسسامش الكسسافي‪،[.2/4 :‬‬
‫وحسن الخلق‪ ،‬وكثرة أمانة‪ ،‬ثم أفتشه فسسأتبينه مسسن عسسدواتكم )يعنسسي مسسن أهسسل‬
‫السنة( وأخالط الرجل فأرى منه سوء الخلق وقلة أمانة وزعارة ]الزعسسارة‪ :‬سسسوء‬
‫الخلق‪ ،‬وفي بضع النسخ )للكافي( الدعارة‪ :‬وهو الفساد والفسوق والخبث‪ [.‬ثم أفتشه فأتبينه‬
‫عن وليتكم" ]أصول الكافي‪ ،2/4 :‬تفسير نور الثقلين‪.[.4/47 :‬‬
‫فهسذه الروايسة تعسسترف لهسسل السسسنة بحسسن الخلسق‪ ،‬وكسثرة المانسسة وحسسن‬
‫السمت‪ ،‬بينما تصف الرافضة بضد هذه الوصاف‪.‬‬
‫وفي خبر أخر في الكافي أن رجل ً شسسكا لمسسامه مسسا يجسسده فسسي أصسسحابه مسسن‬
‫دة والطيش" وأنه يغتم لذلك غما ً شسسديدًا‪ ،‬بينمسسا يسسرى‬ ‫الرافضة من "النزق والح ّ‬
‫من خالفهم من أهل السنة حسن السمت‪ ،‬قال إمامهم‪ :‬ل تقل حسن السمت‪،‬‬
‫فإن السمت سمت الطريق ]من المعلوم في اللغة أن السمت يطلق على الوقسسار والهيئة‪،‬‬
‫كمسسا يطلسسق علسسى الطريسسق‪ .‬قسسال فسسي المصسسباح‪ :‬السسسمت الطريسسق‪ ،‬والقصسسد‪ ،‬والسسسكينة والوقسسار‬
‫فققي‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬
‫ما ُ‬‫سققي َ‬
‫والهيئة‪ ،[.‬ولكن قل‪ :‬حسن السيما؛ فإن الله عز وجل يقسسول‪ِ } :‬‬
‫َ‬
‫جوِد{ ]الفتح ‪ [29‬قال‪ :‬قلت‪ :‬فأراه حسن السيما ولسسه‬ ‫س ُ‬ ‫ن أث َ ِ‬
‫ر ال ّ‬ ‫م ْ‬
‫هم ّ‬
‫ه ِ‬
‫جو ِ‬
‫و ُ‬
‫ُ‬
‫وقار فأغتم ذلك ]أصول الكافي‪ ،2/11 :‬وقد كان جواب إمامهم على هذه الشكاوى بالعتراف‬
‫بها وتعليلها بطبيعة الطينة التي خلق منها كل فريق‪.‬‬
‫وهو يؤكد المر ول ينفيه‪ .‬وانظر ما سبق في عقيدتهم في الطينة‪ :‬ص)‪ (956‬وما بعدها‪.[.‬‬
‫وهذا شيعي ثالث يقال له عبد الله بن أبي يعفور ل ينقضي عجبسسه مسسن ذلسسك‬
‫البون الواسع بين أخلق أهل السسسنة وبيسسن خلسسق شسسيعته‪ ..‬ويرفسسع ذلسسك لمسسامه‬
‫فيقول‪" :‬إني أخالط الناس فيكثر عجبي من أقسسوام ل يتولسسونكم ويتولسون فلنسا ً‬
‫وفلنا ً ]المراد بفلن وفلن أبي بكر وعمر كما قساله شسراح الكسافي‪ ،‬وهسذا إشسارة لهسل السسنة‪[.‬‬
‫لهم أمانة وصسدق ووفساء‪ ،‬وأقسوام يتولسونكم )يعنسي الرافضسة( ليسس لهسم تلسك‬
‫ي‬‫المانة ول الوفاء والصسسدق‪ ،‬قسسال‪ :‬فاسسستوى أبسسو عبسسد اللسسه جالسسا ً فأقبسسل علس ّ‬
‫‪684‬‬
‫كالغضبان‪ ،‬ثم قال‪ :‬ل دين لمن دان الله بولية إمسسام جسسائر ليسسس مسسن اللسسه‪ ،‬ول‬
‫عتب على من دان بولية إمام عادل مسسن اللسسه‪ .‬قلسست‪ :‬ل ديسسن لولئك ول عتسسب‬
‫على هؤلء‪ .‬قال‪ :‬نعم" ]أصول الكافي‪.[.1/375 :‬‬
‫وهذا الجواب الذي ينفي العتب والذم عنهم‪ ،‬وان اقترفوا الموبقات هو الذي‬
‫أدى بهم إلى هذا الدرك الهابط من التعامل والتساهل في ارتكسساب المنكسسرات‪،‬‬
‫لن الدين عندهم "ولية المام" وحب علي حسنة ل يضر معها سسسيئة‪ ،‬ومسسا لسسم‬
‫يصلح هذا الساس فستبقى هذه "الخصيصة فيهم"‪.‬‬
‫ومن الملحظ أن كتبهم تقرر مبدأ الغيلسسة‪ ،‬وتصسسفية الخصسسوم بهسذا السسلوب‬
‫وتشترط أن يأمن الشيعي الضرر عليه‪.‬‬
‫تقول كتب الشيعة‪ :‬عن داود بن فرقد قال‪ :‬قلت لبي عبد الله عليه السلم‪:‬‬
‫ما تقول في قتل الناصب؟ فقال‪" :‬حلل الدم‪ ،‬ولكن أتقسسي عليسسك فسسإن قسسدرت‬
‫ا‪ ،‬أو تغرقه في ماء لكيل يشهد به عليك فافعل" ]ابن بسسابويه‪/‬‬ ‫أن تقلب عليه حائط ً‬
‫علسسل الشسسرائع‪ :‬ص ‪ ،200‬الحسسر العسساملي‪ /‬وسسسائل الشسسيعة‪ ،18/463 :‬المجلسسسي‪ /‬بحسسار النسسوار‪:‬‬
‫‪.[.27/231‬‬
‫وفسسي رجسسال الكشسسي يحكسسي أحسسد الشسسيعة لمسسامه كيسسف اسسستطاع أن يقتسسل‬
‫مجموعة من مخالفيه فيقول‪" :‬منهم من كنت أصعد سطحه بسّلم حتى أقتلسسه‪،‬‬
‫ي قتلته‪ ،‬ومنهم من كنت أصحبه‬ ‫ومنهم من دعوته بالليل على بابه فإذا خرج عل ّ‬
‫في الطريق فإذا خل لي قتلته" ]رجال الكشي‪ :‬ص ‪ .[.343-342‬وذكر أنه قتل بهسسذه‬
‫ا‪ ،‬لنه يزعم أنهم يتبرأون من علي ]رجسسال الكشسسي‪ :‬ص‬ ‫الطريقة ثلثة عشر مسلم ً‬
‫‪.[.343-342‬‬
‫ي بسسن يقطيسسن‬
‫ويقول شيخهم نعمة الله الجزائري أنسسه فسي إخبسسارهم "أن علس ّ‬
‫]وقد وصفه الجزائري بأنه من خواص الشيعة )النوار النعمانية‪ (2/308 :‬وقد ذكر الطبري أنه قتل‬
‫على الزندقة )انظر‪ :‬ص)‪ (579‬مسسن هسسذه الرسسسالة(‪ [.‬وهو وزير الرشسسيد قسسد اجتمسسع فسسي‬
‫حبسه جماعسة مسن المخسالفين‪ ،‬فسأمر غلمسانه وهسدموا أسسقف المحبسس علسى‬
‫المحبوسين فمسساتوا كلهسسم وكسسانوا خمسسسمائة رجسسل تقريبسًا‪ ،‬فسسأراد الخلص مسسن‬
‫تبعات دمائهم‪ ،‬فأرسل إلى المام مولنا الكاظم )ع( فكتسسب إليسسه جسسواب كتسسابه‬
‫ي قبل قتلهم لما كان عليك شيء مسسن دمسسائهم‪ .‬وحيسسث‬ ‫بأنك لو كنت تقدمت إل ّ‬
‫ي فكفر عن كل رجل قتلسست منهسسم بسستيس‪ ،‬والسستيس ]السستيس مسسن‬ ‫إنك لم تتقدم إل ّ‬
‫المعز‪ [.‬خير منه" ]النوار النعمانية‪.[.2/308 :‬‬
‫فانظر كيف يعيشون وسسسط المسسسلمين وهسسم يتحينسسون أدنسسى فرصسسة للقتسسل‪.‬‬
‫وهذه اعترافاتهم تشهد بآثارهم السوداء‪ ..‬وإمامه هنا يقره على قتل خمسمائة‬
‫مسلم لمجرد أنهم ليسوا بروافض‪ ،‬ويسسأمره بسسالتكفير بسستيس‪ ،‬لنسسه لسم يسسستأذنه‬
‫قبل ذلك‪ ..‬فالشيعي إذا استأذن إمامه أو نائبه وهو الفقيسسه فليفعسسل كمسسا يريسسد‪،‬‬
‫وإن لم يستأذن فالمر ل يعدو ذبح تيس‪.‬‬
‫وقد علق شيخهم الجزائري على دية التيس بقوله‪" :‬فانظر إلسسى هسسذه الديسسة‬
‫الجزيلة التي ل تعادل دية أخيهم الصغر وهو كلب الصسسيد‪ ،‬فسسإن ديتسسه عشسسرون‬
‫درهمًا‪ ،‬ول دية أخيهم الكبر وهو اليهودي أو المجوسي‪ ،‬فإنهما ثمانمأة – كسسذا ‪-‬‬
‫درهم‪ ،‬وحالهم في الخرة أخس وأنجس" ]النوار النعمانية‪.[.2/308 :‬‬
‫وهذا قول من الشناعة بمكان‪ ،‬ول يحتاج إلى تعليق فهو ينطق بنفسسسه علسسى‬
‫حقدهم على أهل السنة‪ ،‬وأنهم أكفر عندهم من المجوس‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬الفتن الداخلية‪:‬‬

‫‪685‬‬
‫وهي فتنتهم التي يثيرونها بسبب سبهم للصحابة عبر مآتمهم السنوية‪ ،‬فمنسسذ‬
‫أن اخترع البوبهيون إقامة المآتم بذكرى مقتل الحسسين وذلسسك فسي بغسداد فسي‬
‫القرن الرابع الهجري‪ ،‬والشيعة تثير في هذه الذكرى السنوية فتنا ً ل حدود لها‪..‬‬
‫وينشب صراع عنيف بين السنة والشسسيعة بسسسبب تجسسرؤ الروافسسض علسسى شسستم‬
‫الصحابة رضوان الله عليهم‪ ،‬وقد بدأت فتنة في سنة ‪338‬هس‪ ،‬وذلسسك لول فسسي‬
‫تاريخ بغداد ]عبد الرزاق الحصان‪ /‬المهدي والمهدويسسة‪ :‬ص ‪ ،[.74‬ثم توالت الفتسسن بينهمسسا‬
‫بعد ذلك ]انظر ‪ -‬مثل ً ‪ -‬حوادث سنة ‪،445 ،444 ،443 ،439 ،425 ،422 ،421 ،408 ،406‬‬
‫‪ ...510 ،486 ،482 ،481 ،478 ،447‬إلخ في البداية والنهاية وغيرها من كتب التاريخ‪ ،[.‬وقتل‬
‫فيها خلق كثير من المسلمين‪ ،‬ول تزال لهذه البدعة آثارها في العالم السلمي‬
‫الذي يوجد فيه شيعة‪.‬‬
‫فكم أزهقت من أرواح‪ ،‬وكم زرعت من أحقاد‪ ،‬وكم أحدثت من فرقة وفتسسن‬
‫ومحن ومع ذلك كله فإنه شيخ الشيعة اليسسوم الخمينسسي يسسذكي أوار هسسذه الفتنسسة‬
‫ويقسسول‪" :‬فسسي تلفزيسسون إيسسران بسسالحرف الواحسسد"‪" :‬إن شسسعار الفرقسسة الناجيسسة‬
‫وعلمتهم الخاصة من أول السلم إلى يومنا هذا إقامة المآتم" ]نقسسل ذلسسك العسسالم‬
‫السني اليراني محمد ضيائي في مجلة "المجتمع" العدد ) ‪ ،(589‬السنة الثالثة عشرة‪ ،‬في ‪ 18‬ذي‬
‫الحجة ‪1402‬هس‪.[.‬‬
‫ويقول‪" :‬إن البكاء على سيد الشهداء )ع( وإقامسسة المجسسالس الحسسسينية هسسي‬
‫ا" ]جريدة "الطلعات" العدد )‪ (15901‬فسسي‬ ‫التي حفظت السلم عن أربعة عشر قرن ً‬
‫تاريخ ‪16/8/1399‬هس )عن كتاب إقناع اللئم على إقامة المآتم صفحة الغلف(‪.[.‬‬
‫وقد مضى قول بعض شسسيوخهم‪ :‬إن إقامسسة المسسآتم مسسن تعظيسسم شسسعائر اللسسه‬
‫]انظر‪ :‬ص)‪.[.(1102‬‬
‫والحسين رضي الله عنه أكرمه الله تعالى بالشسسهادة فسسي ذلسسك اليسسوم‪ ..‬ولسسه‬
‫أسوة حسنة بمن سبقه من الشهداء‪ ..‬وقتله مصيبة عظيمة‪ ،‬والله سبحانه قسسد‬
‫شرع السترجاع عنسد المصسسيبة ]مجمسسوع فتسساوى شسسيخ السسسلم‪ ..[.4/511 :‬وليسس مسا‬
‫تفعله الرافضة من السلم في شسسيء‪ ،‬إنمسسا غسسرض المخسسترعين لهسسذه البدعسسة‪،‬‬
‫والمشجعين عليها‪ ،‬هو إشغال أمة السلم في نفسها حتى ل تتفرغ لنشر ديسسن‬
‫الله في الرض‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬الباحية‪:‬‬
‫ومسسن آثسسارهم فسسي المجسسال الجتمسساعي‪ ،‬تلسسك الباحيسسة السستي يسسدعون إليهسسا‪،‬‬
‫ويسهلون أسبابها ويمارسونها وسط المجتمع السلمي باسم عارية الفرج ]جاء‬
‫في كتبهم‪" :‬عن الحسن العطار قال‪ :‬سالت أبا عبد الله عليسسه السسسلم عسسن عاريسسة الفسسرج قسسال‪ :‬ل‬
‫بأس‪) .‬وسائل الشيعة‪ ،537-7/536 :‬تهذيب الحكام للطوسسسي‪ ،2/185 :‬والستبصسسار ‪،[.(3/141‬‬
‫أو التي يسمونها بالمتعة والتي يقارفون باسمها الزنا‪ ،‬لن متعتهم تعني التفاق‬
‫السري ]قال الطوسي‪ :‬يجوز أن يتمتع بها من غير إذن أبيها وبل شسسهود‪ ،‬ول إعلن‪) .‬النهايسسة‪ :‬ص‬
‫‪ .[.(490‬على فعل الفاحشة مع أي امرأة تتفق لهم ولو كسسانت مسسن المومسسسات‬
‫]قال الطوسي‪ :‬ل بأس أن يتمتع الرجل بالفاجرة )النهاية‪ :‬ص ‪ ،(490‬وقال الخميني‪ :‬يجسسوز التمتسسع‬
‫بالزانية‪) .‬تحرير الوسيلة‪ ،(2/292 :‬وجاء في أخبارهم "عن إسحاق بن جرير قال‪ :‬قلت لبسسي عبسسد‬
‫الله عليه السلم‪ :‬إن عندنا بالكوفة امرأة معروفة بالفجور أيحسل أن أتزوجهسسا متعسة؟ قسال‪ :‬فقسال‪:‬‬
‫رفعت راية؟ قلت‪ :‬ل لو رفعت راية أخذها السلطان‪ ،‬قال‪ :‬نعم تزوجها متعة‪ ،‬قال‪ :‬ثم أصسسغى إلسسى‬
‫بعض مواليه فأسر إليه شيئًا‪ ،‬فلقيت موله فقلت له‪ :‬ما قال لك؟ فقال‪ :‬إنما قال لي‪ :‬ولسسو رفعسست‬
‫راية ما كان عليه في تزويجها شيء إنما يخرجها من حرام إلسسى حلل )وسسسائل الشسسيعة‪،14/455 :‬‬
‫تهذيب الحكام‪ ،[.(2/249 :‬أو من ذوات الزواج ]جاء في أخبارهم‪ :‬عن محمد بسسن عبسسد اللسسه‬
‫الشعري قال‪ :‬قلت للرضاع‪ :‬الرجل يتزوج بالمرأة فيقسسع فسسي قلبسسه لهسا زوجسًا‪ ،‬فقسال‪ :‬ومسسا عليسسه‪..‬‬

‫‪686‬‬
‫)وسائل الشيعة‪ ،14/457 :‬عن تهذيب الحكام‪ ،(2/187 :‬وقيسسل لسسه )أي جعفسسر كمسسا يزعمسسون( إن‬
‫فلنا ً تزوج امرأة متعة‪ ،‬فقيل له إن لها زوجًا‪ ،‬فسألها‪ ،‬فقال أبو عبد الله )ع(‪ :‬ولم سألها؟ )الموضع‬
‫نفسه من المصدرين السابقين(‪ ،‬ولذا قال شيخهم الطوسي‪" :‬وليس على الرجسسل أن يسسسألها هسسل‬
‫لها زوج أم ل" )النهاية‪ :‬ص ‪ ،[.(490‬ولذلك قالوا‪ :‬ممكن أن يتفسسق معهسا علسى يسوم أو‬
‫مرة أو مرتين ]انظر‪ :‬النهاية للطوسي‪ :‬ص ‪ ،491‬الخميني‪ /‬تحرير الوسيلة‪ ،2/290 :‬وجاء فسسي‬
‫أخبارهم عن خلف بن حماد‪ ،‬قال‪ :‬أرسلت إلى أبي الحسن )ع( كم أدنى أجل المتعة؟ هل يجوز أن‬
‫يتمتع الرجل بشرط مرة واحدة؟ فقال‪ :‬نعم‪) .‬فروع الكافي‪ ،2/46 :‬وسائل الشسسيعة‪،[.(14/479 :‬‬
‫وقد صرح بعضهم للشيخ محمسسد نصسسيف بسسأنه يجسسري عنسسدهم اسسستعمال المتعسسة‬
‫الدورية بحيلة وضعها شيوخهم ]المتعة الدورية أن يستمتع جماعسسة بسسامرأة واحسسدة ويقسسرروا‬
‫الدورة والنوبة لكل منهم )انظر‪ :‬مختصر التحفة الثني عشرية ص ‪ (227‬وانظسسر مسسا ذكسسره الشسسيخ‬
‫العاني عن شيوع استعمالها في بعض مدارس مدراس النجف )الذريعة لزالة شسسبه كتسساب الشسسيعة‬
‫ص ‪ (46-45‬وقد استطاع الشيخ محمد نصيف رحمه الله أن يكتشسسف إقسسرار شسسيوخ الشسسيعة بسسأمر‬
‫المتعة الدورية في حوار له مع شيخهم أحمد سرحان‪ ،‬حيث قال نصسيف للشسيعي‪ :‬إن أهسل السسنة‬
‫ثبت عندهم نسخ المتعة‪ ،‬ولم يثبت عند الشيعة ذلك‪ ،‬لكني لسم أعسسرف دليلكسم علسى جسسواز المتعسسة‬
‫الدورية‪ ،‬فأجاب الشيعي بأن المتمتع بالمرأة يعقد عليها بعد نهاية متعتسسه منهسسا عقسسد زواج دائم ثسسم‬
‫يطلقها قبل الدخول فتصبح ل عسدة عليهسا‪ ،‬فيتمتسع بهسا آخسر ويفعسل كسالول‪ ..‬فتسدور المسرأة علسى‬
‫مجموعة من الرجال بهذه الطريقة بل عدة‪) .‬انظر‪ :‬مجلة الفتح العدد ‪ ،845‬الصادر في رجب سنة‬
‫‪1366‬هس(‪.[.‬‬
‫ولذا قال اللوسسسي‪" :‬مسسن نظسر إلسى أحسوال الرافضسسة فسي المتعسة فسي هسذا‬
‫الزمان ل يحتاج في حكمه عليهم بالزنا إلى برهان‪ ،‬فإن المرأة الواحسسدة تزنسسي‬
‫بعشرين رجل ً في يوم وليلة‪ ،‬وتقسسول إنهسسا متمتعسسة‪ ،‬وقسسد هيئت عنسسدهم أسسسواق‬
‫عديدة للمتعة توقف فيهسسا النسسساء ولهسسن قسسوادون يسسأتون بالرجسسال إلسسى النسسساء‬
‫وبالنساء إلى الرجسسال فيختسسارون مسسا يرضسسسون ويعيسسسنون أجسسرة الزنسسا ويأخسسذون‬
‫بأيديهن إلى لعنة الله تعالى وغضبه‪] "..‬كشف غياهب الجهالت‪ /‬الورقة ‪) 3‬مخطوط(‪.[.‬‬
‫ثم ذكر رحمه الله بعسسض تفاصسسيل وحكايسسات مسسا يجسسري هنالسسك ]كشسسف غيسساهب‬
‫الجهالت‪ /‬الورقة ‪) 3‬مخطوط(‪.[.‬‬
‫ً‬
‫وهذه الفاحشة يدفعون إليها النساء والرجال دفع سا بالتهديسسد والسسترغيب فهسسم‬
‫يعدونها من أفضل أعمالهم ]جاءت عندهم أخبار كثيرة في اعتبارها أعظم عبادة‪ ،‬حتى قالوا‬
‫في حديثهم الموضوع على رسول الله صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم‪ :‬مسسن تمتسسع مسسرة فسسدرجته كدرجسسة‬
‫الحسين‪ ،‬ومن تمتع مرتين فدرجته كدرجة الحسن‪ ،‬ومن تمتع ثلث مسسرات فسسدرجته كدرجسسة علسسي‪،‬‬
‫ومن تمتع أربع مرات فدرجته كدرجتي )تفسير منهج صادقين‪ :‬ص ‪.(356‬‬
‫بل لم يدعوا بابا ً من أبواب الغراء بالفاحشة إل وفتحوه‪ ،‬ومن يقرأ أخبارهم في ذلك يجزم بسسأن‬
‫واضعيها من الباحيين الذين يريدون أن يتمتعوا بنساء المسسسلمين‪ ،‬وممسسا قسسالوه‪ :‬إذا تزوجهسسا متعسسة‬
‫"لم يكلمها كلمة إل كتب الله لها بها حسنة‪ ،‬ولم يمد يسده إليهسا إل كتسب اللسه لسه حسسنة ‪ -‬إلسى أن‬
‫يقول ‪ :-‬فإذا اغتسل غفر الله له‪ ..‬بعدد الشعر" )وسائل الشيعة‪ ،14/442 :‬من ل يحضره الفقيسسه‪:‬‬
‫‪.(2/151‬‬
‫وزعموا أن امرأة كانت ترد الخطاب لنها ل رغبة لها في السزواج ولكنهسا أرسسلت لبسن عسم لهسا‬
‫لتتزوجه متعة رغبة في عصيان عمر كما تقول الرواية‪ ...‬فهي تفضل الزنا على شرعة الزواج‪.‬‬
‫)انظر‪ :‬أخبارهم في فضل المتعة المزعوم في وسائل الشيعة‪ ،‬باب استحباب المتعة‪14/442 :‬‬
‫وما بعدها(‪.[.‬‬
‫والذي يتنزه عنها فالويل له يوم القيامة ]من رواياتهم في ذلك أن من خرج من الدنيا‬
‫ولم يتمتع جاء يوم القيامة وهو أجدع "يعني مقطوع النسسف والذن" )تفسسسير منهسسج الصسسادقين‪ :‬ص‬
‫‪.[.(356‬‬
‫كذلك يبيح شيوخهم اللواط بالنسسساء حسستى قسسال شسسيخهم الخمينسسي "والقسسوى‬
‫والظهر جواز وطئ الزوجة مع الدبر" ]تحرير الوسيلة‪ .[.2/241 :‬فأين هذا الهبسسوط‬

‫‪687‬‬
‫]الشسسباه‬‫من قول ابن نجيسسم‪" :‬اسسستحلل اللواطسسة بزوجتسسه كفسسر عنسسد الجمهسسور"‬
‫والنظائر‪ :‬ص ‪.[.191‬‬
‫فهذه الصور بمجموعها ل تبعد عن إباحية الخرمية مسسن أتبسساع مسسزدك وبابسسك‪،‬‬
‫وقد ل تقل عن "إباحية أوربا"‪.‬‬
‫وقد استغلوا هذه الفوضى الخلقية في إغسسراء طلب المتعسسة الرخيصسسة فسسي‬
‫اعتناق مذهبهم كما سلف ]انظر‪ :‬ص ‪.[.1201‬‬
‫بل جاء في أخبارهم ما يبيح الزنا الصريح إذا كان بأجرة "عسسن عبسسد الرحمسسن‬
‫ابن كثير عن أبي عبد اللسه قسال‪ :‬جساءت امسرأة إلسى عمسر فقسالت‪ :‬إنسي زنيست‬
‫فطهرني فأمر بها أن ترجم فأخبر بذلك أمير المؤمنين )ع( فقال‪ :‬كيف زنيسست؟‬
‫قسسالت‪ :‬مسسررت بالباديسسة فأصسسابني عطسسش شسسديد فاسسستقيت أعرابي سا ً فسسأبى أن‬
‫يسقيني إل أن أمكنه من نفسي‪ ،‬فلما أجهسسدني العطسسش وخفسست علسسى نفسسسي‬
‫ب الكعبسسة" ]فسسروع‬ ‫سقاني فأمكنته من نفسي فقال أمير المسسؤمنين‪" :‬تزويسسج ور ّ‬
‫الكافي‪ ،2/48 :‬وسائل الشيعة‪.[.472-14/471 :‬‬
‫وهم ل يخصون إباحيتهم ببني قومهم‪ ،‬بل يوصي إمامهم بسسأن يعسسرض التمتسسع‬
‫على نساء أهل السنة ]انظر‪ :‬وسائل الشسسيعة‪ ،14/452 :‬وفسسروع الكسسافي‪ ،[.2/44 :‬ونساء‬
‫اليهود والنصارى ]انظر‪ :‬وسائل الشيعة‪ ، 14/452 :‬تهسسذيب الحكسسام‪ ،2/188 :‬مسسن ل يحضسسره‬
‫الفقيه‪.[.2/148 :‬‬
‫فإباحيتهم شاملة ل تذر مجتمعا ً أتت عليه إل أفسدته‪ ..‬فهم "زنسساة" يعيشسسون‬
‫بين المسلمين‪ ،‬ويحملون اسم السلم‪ ،‬ويسعون فسسي الرض فسسسادا ً وأقسسوالهم‬
‫تشهد على آثارهم‪.‬‬

‫المجال القتصادي‬
‫لقد كان للتشيع أثره في المجال القتصادي في حيساة المسسلمين فسي صسور‬
‫عديسسدة‪ ،‬ومسسن ذلسسك‪ :‬قسسامت الرمسسوز الشسسيعية فسسي قسسديم الزمسسان بأخسسذ أمسسوال‬
‫المسلمين بدعوى خادعة ما أنزل الله بهسسا مسسن سسسلطان وهسسو حسسق آل السسبيت‪..‬‬
‫حيث توظف هذه الموال في تحقيق رغباتها وتستغلها للتآمر ضد المة والكيسسد‬
‫لها‪.‬‬
‫استمع لهذا القرار الخطير‪:‬‬
‫قالت كتب الشيعة‪" :‬مات أبو الحسن )ع( وليس مسن قسوامه أحسد إل وعنسده‬
‫المال الكثير‪ ،‬فكان ذلك سبب وقوفهم وجحودهم موته‪ ،‬وكان عند زياد القنسدي‬
‫سبعون ألف دينار‪ ،‬وعند علسسي بسسن أبسسي حمسسزة ثلثسسون ألسسف دينسسار‪ ،‬وكسسان أحسسد‬
‫القوام عثمان بسسن عيسسسى وكسسان يكسسون بمصسسر وكسسان عنسسده مسسال كسسثير وسسست‬
‫جواري‪ .‬قال‪ :‬فبعث إليه أبو الحسسسن الرضسسا عليسسه السسسلم فيهسسن وفسسي المسسال‪.‬‬
‫فكتب إليه‪ :‬أن أباك لم يمت‪ ،‬فكتب إليه‪ :‬إن أبي قد مات وقد اقتسمنا ميراثسسه‬
‫وقد صحت الخبار بموته‪ .‬فكتب إليه‪ :‬إن لم يكسسن أبسسوك مسسات فليسسس لسسك مسسن‬
‫ذلك شيء‪ ،‬وإن كان مات فلم يأمرني بدفع شيء إليك‪ ،‬وقد أعتقسست الجسسواري‬
‫وتزوجتهن" ]المامة‪ /‬علي بن الحسين بن بابويه )والد الصدوق( ص ‪ ،75‬وانظر‪ :‬رجال الكشي‪:‬‬
‫ص ‪ 493‬رقم ‪ ،946‬وص ‪ 598‬رقم ‪ ،1120‬بحار النوار‪ ،48/253 :‬الطوسي‪ /‬الغيبة‪ :‬ص ‪.[.43‬‬
‫هذا النص مأخوذ من كتب الثني عشسسرية‪ ،‬ونسسدع الجسسانب السسذي وضسسعوا مسسن‬
‫أجله النص وهو الستدلل على بطلن الوقف بمسسا قسساله إمسسامهم الرضسسا ونأخسسذ‬
‫منه ما يكشف لنا عما يسسدور فسسي الخفسساء مسسن التكسسالب وراء جمسسع المسسال‪ ،‬وأن‬

‫‪688‬‬
‫أولئك الذين راحوا يجوبون المصار كل يدعو لمام من الئمة إنما كان غرضهم‬
‫الستئثار بأكبر قدر من المال‪.‬‬
‫فكانوا يحققون من وراء تلك الدعوات المزعومة للئمة المال السسوفير السسذي‬
‫تتداوله تلك العناصر السرية فيما بينها‪.‬‬
‫والمتأمل للحركات الشيعية الكثيرة التي ظهرت فسي تاريسخ المسة المسسلمة‬
‫وكانت من أقوى العوامل التي شغلت المة عن أعدائها‪ ،‬وصرفت جهودها عسسن‬
‫بناء الدولة السلمية الكبرى‪ ،‬المتأمل لهذه الحركات وكثرتهسسا وقوتهسسا ل ينبغسسي‬
‫أن يفوته أن المسسادة الممولسسة لهسسذه الحركسسات هسسي مسسا أخسسذ مسسن أولئك التبسساع‬
‫الغرار باسم آل البيت وحقهم من الخمس‪.‬‬
‫بل إن الحركات الشيعية في العالم السلمي إلى اليوم إنما تمول مسسن هسسذا‬
‫المورد‪ ،‬وآيات الشيعة يعتبرون من كبار الرأسماليين في العالم‪ ،‬ومنصب اليسسة‬
‫والمرجع منصب تهفو إليه القلسسوب وتتطلسسع لسسه النظسسار‪ ،‬لنسسه مصسسب القنسساطير‬
‫المقنطرة من الذهب والفضة‪.‬‬
‫وهذا الجانب التمويلي هو الذي غذى ويغذي دور النشسسر السستي تقسسذف سسسنويا ً‬
‫بمئات النشرات والكتب والمراجع المليئة بما هو ضد المة ودينها‪.‬‬
‫وهذا المال المتدفق على اليات والمراجع من أولئك التباع المخسسدوعين هسسو‬
‫الذي جعل أمر الشيعة يكبر وخطرهم يعظم‪ ،‬وأصبح هسسؤلء اليسسات أو المراجسسع‬
‫يوجهون فتاواهم على رغبات رجل الشارع‪ ،‬بل ويكتمون الحقيقة مجسساراة لهسسم‬
‫]انظر‪ :‬ص ‪ 1036-1035‬من هذه الرسالة‪.[.‬‬
‫وقد اهتم "شيوخ" التشيع بالقضية المالية التي يسلبونها باسم الخمس وأولوها‬
‫عناية غير عادية‪ ،‬واعتبروا من يستحل منعهم درهما ً منهسسا فسسي عسسداد الكسسافرين‬
‫]حيث قالوا‪" :‬ومن منع منه درهما ً أو أقل كان مندرجا ً في الظالمين لهم )أي لهل البيت بزعمهم(‬
‫والغاصبين لحقهم‪ ،‬بل من كان مستحل ً لذلك كان من الكافرين‪ ،‬ففي الخبر عسسن أبسسي بصسسير قسسال‪:‬‬
‫قلت لبي جعفر عليه السلم‪ :‬ما أيسر ما يدخل به العبد النار؟ قال )ع(‪ :‬من أكل مسسن مسسال اليسستيم‬
‫درهما ً ونحن اليتيم‪) ..‬اليزدي‪ /‬العروة الوثقى وبهامشها تعليقات مراجعهم في هذا العصر ‪.(2/366‬‬
‫قال د‪ .‬علي السالوس في السخرية بهذا المبدأ‪" :‬إن مسسسلمي اليسسوم إن أردوا أل يحكسسم عليهسسم‬
‫الجعفرية بسسالكفر‪ ،‬فعليهسسم أن يجعلسسوا خمسسس مكاسسسبهم ورؤوس أمسسوالهم ويبعثسسوا بسسه إلسسى علمسساء‬
‫الجعفرية"‪ .‬علي السالوس‪ /‬أثر المامة في الفقه الجعفري ص ‪) 394‬الهامش(‪.[.‬‬
‫والمطالع لكتب الفقه السلمي ل يجد فيها كتابا ً مستقل ً بعنسسوان "الخمسسس"‬
‫وإنما يلحظ الحديث عن خمس الغنائم في كتسساب الجهسساد‪ ،‬وفسسي كتسساب الزكسساة‬
‫يوجد حديث عن خمس الركاز والمعدن‪.‬‬
‫ولكن المر مختلف عند هؤلء‪ ،‬فالخمس له كتاب مستقل‪ ،‬حيث أوجبوا على‬
‫أتبسساعهم "فيمسسا يفضسسل عسسن مؤنسسة السسسنل مسسن أربسساح التجسسارات‪ ،‬ومسسن سسسائر‬
‫التكسبات من الصسسناعات‪ ،‬والزراعسسات‪ ،‬واليجسسارات‪ ،‬حسستى الخياطسسة‪ ،‬والكتابسسة‪،‬‬
‫والنجارة‪ ،‬والصيد‪ ،‬وحيازة المباحات‪ ،‬وأجسسرة العبسسادات السسستيجارية مسسن الحسسج‬
‫والصوم والصلة ‪ -‬كذا ‪ -‬والزيسارات وتعليسسم الطفسسال وغيسسر ذلسسك مسسن العمسسال‬
‫التي لها أجرة ]العسسروة السسوثقى‪ ،[.2/389 :‬وقسسالوا‪ :‬بسسل الحسسوط ثبسسوته فسسي مطلسسق‬
‫الفائدة‪ ،‬وإن لم تحصل بالكتساب كالهبة والهدية‪ ،‬والجسائزة‪ ،‬والمسال الموصسى‬
‫به ونحوها ]العروة الوثقى‪ ..[.2/389 :‬كما جعلوا الحوط إخراج خمس رأس المسسال‬
‫وكذا فسسي اللت المحتسساج إليهسسا فسسي كسسسبه مثسسل‪ :‬آلت النجسسارة للنجسسار‪ ،‬وآلت‬
‫النساجة للنساج‪ ،‬وآلت الزراعسسة للسسزراع‪ ،‬وهكسسذا فسسالحوط خمسسسها أيضسا ً أول ً‬
‫]العروة الوثقى‪ .[.395-2/394 :‬حتى قالوا‪" :‬لو زاد ما اشتراه وادخسسره للمؤنسسة مسسن‬

‫‪689‬‬
‫مثل الحنطة والشعير ونحوها مما يصرف عينه فيها يجسسب إخسسراج خمسسسه عنسسد‬
‫تمام الحول‪ ..‬ولسسو اسسستغنى عسسن الفسسرش والوانسسي واللبسسسة والعبسسد والفسسرس‬
‫والكتب وما كان مبناه على بقاء عينه فالحوط إخراج الخمس‪] "..‬العروة الوثقى‪:‬‬
‫‪.[.396-2/395‬‬
‫وهذا المال المتدفق يصرف لمن؟‬
‫قالوا بأنه في زمن الغيبة يدفع للفقيه الشيعي ]انظسسر‪ :‬علسسي كاشسسف الغطسسا‪ /‬النسسور‬
‫الساطع "وجوب دفع الخمس للفقيه زمن الغيبة"‪.[.1/439 :‬‬
‫فمخرجو الخمسس الن يعطسونه فقهساءهم‪ ،‬فقسد قسرر شسيخوهم أن الخمسس‬
‫يقسم "ستة أسهم‪ :‬سهم لله‪ ،‬وسسسهم للنسسبي صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم‪ ،‬وسسسهم‬
‫للمام‪ ،‬وهذه الثلثة الن لصاحب الزمان" ]العسسروة السسوثقى‪ ،2/403 :‬هديسسة العبسساد‪ :‬ص‬
‫‪) .[.178‬مهديهم المنتظر( وهو غائب ولن يرجع من غيبتسسه لنسسه لسسم يولسسد أص س ً‬
‫ل‪.‬‬
‫فاستحق نصيبه حينئذ الفقيه الشيعي‪ ،‬حيث قسسالوا بسسأن "النصسسف مسسن الخمسسس‬
‫الذي للمام )ع( أمره في زمان الغيبة راجسسع إلسسى نسسائبه وهسسو المجتهسسد الجسسامع‬
‫للشرائط" ]العروة الوثقى‪ ،2/405 :‬هدية العباد‪ :‬ص ‪.[.179‬‬
‫والثلثة السهم الخرى "لليتسسام والمسسساكين وأبنسساء السسسبيل" ]العسسروة السسوثقى‪:‬‬
‫‪ ،2/403‬هدية العباد‪ :‬ص ‪ [.179‬قالوا‪ :‬بشرط اليمان ]العروة الوثقى‪ ،2/403 :‬هدية العبسساد‪:‬‬
‫ص ‪ [.179‬في هؤلء‪ ،‬أي‪ :‬بشرط أن يكونوا روافض لن اسم اليمان مختص بهم‬
‫كما يفترون‪ .‬وهذا النصف الخر الذي قرروا صرفه لهؤلء الصناف الثلثة قالوا‬
‫فيه‪" :‬الحوط فيه أيضا ً الدفع إلى المجتهد" ]العروة الوثقى‪ ،2/405 :‬هديسسة العبسساد‪ :‬ص‬
‫‪.[.179‬‬
‫فأصبحت النتيجة أنه يصرف لشيوخهم الروافض لينفقوا منه علسسى أنفسسسهم‪،‬‬
‫وعلى الصناف الثلثة المذكورة‪ ،‬جاء في كتاب النور الساطع‪" :‬أن الفقيه يأخذ‬
‫نصف الخمس لنفسه‪ ،‬ويقسم النصف الخر منه على قدر الكفاية‪ ،‬فسسإن فضسسل‬
‫كان له‪ ،‬وإن أعوز أتمه من نصيبه" ]النور الساطع‪.[.1/439 :‬‬
‫قال الدكتور علي السالوس‪" :‬ومن واقع الجعفرية في هذا اليام نجد أن من‬
‫أراد أن يحج يقوم كل ممتلكاته جميعا ً ثم يدفع خمس قيمتها إلى الفقهاء الذين‬
‫أفتوا بوجوب هذا الخمس وعدم قبول حج من لم يدفع‪ ،‬واستحل هؤلء الفقهاء‬
‫أموال الناس بالباطل" ]أثر المامة في الفقه الجعفري‪ :‬ص ‪.[.391‬‬
‫قلت‪ :‬ولعل هسسذا هسسو أحسد العوامسسل فسسي حسرص حكومسسة اليسات علسى زيسسادة‬
‫حصتهم من عدد الحجاج في كل عام‪.‬‬
‫هذا العتقاد في الخمس هو أثر من آثسسار عقيسسدة المسسام عنسسدهم‪ ،‬وأن المسسال‬
‫كله للمام والذي وضعه زنادقة العصور القديمة واستمر العمل به إلى اليسسوم‪..‬‬
‫مع أن مسألة الخمس بدعة ابتدعها هؤلء لم تكن على عهد النسسبي صسسلى اللسسه‬
‫عليه وسلم ول خلفائه الراشدين حتى أمير المؤمنين علي الذي يدعون التشيع‬
‫له‪.‬‬
‫قال شيخ السلم ابن تيمية‪" :‬وأما ما تقوله الرافضة من أن خمس مكاسب‬
‫المسلمين يؤخذ منهم‪ ،‬ويصرف إلى من يرونه هو نائب المام المعصوم أو إلى‬
‫غيره‪ ،‬فهذا قسسول لسسم يقلسسه أحسسد مسسن الصسسحابة ل علسسي ول غيسسره‪ ،‬ول أحسسد مسسن‬
‫التابعين لهم بإحسان‪ ،‬ول أحد من القرابة ل بني هاشم ول غيرهم‪.‬‬
‫وكل من نقل هذا عن علي أو علماء أهل بيته كالحسن والحسين وعلسسي بسسن‬
‫الحسين وأبي جعفر الباقر وجعفر بن محمد فقد كذب عليهم‪ ،‬فسسإن هسسذا خلف‬

‫‪690‬‬
‫المتواتر من سيرة علي رضي اللسسه عنسسه‪ ،‬فسسإنه قسسد تسسولى الخلفسسة أربسسع سسسنين‬
‫وبعض أخرى‪ ،‬ولم يأخذ من المسلمين من أموالهم شيئًا‪ ،‬بل لم يكن في وليته‬
‫قط خمس مقسوم‪.‬‬
‫وأما المسلمون فما خمس ل هو ول غيره أموالهم‪ ،‬وأما الكفار فمتى غنمت‬
‫منهم أموال خمست بالكتاب والسنة‪ ،‬ولكن فسسي عهسسده لسسم يتفسسرغ المسسسلمون‬
‫لقتال الكفار بسبب ما وقع بينهم من الفتنة والختلف‪.‬‬
‫وكذلك من المعلوم بالضرورة أن النبي صلى اللسسه عليسسه وسسسلم لسسم يخمسسس‬
‫أموال المسلمين‪ ،‬ول طلب أحدا ً قسسط مسسن المسسسلمين بخمسسس مسساله‪] "..‬منهسساج‬
‫السنة‪.[.3/154 :‬‬
‫وهذه الموال التي يأخذها شيوخ الشيعة باسسسم فريضسسة إسسسلمية وحسسق مسسن‬
‫حقوق آل البيت‪ ،‬وهي تتدفق اليوم عليهم كالسيل من كل قطر‪ ،‬هي من أكسسبر‬
‫العوامل على بقاء خرافة الثني عشرية إلى اليوم‪ ،‬وإليهسسا يعسسزى هسسذا النشسساط‬
‫في حماس شيوخهم في الدفاع عن مذهبهم‪ ،‬لنهم يرون فيمن يمس مذهبهم‪،‬‬
‫أنه يحاول قطع هذه الموال التي تجري عليهم‪.‬‬
‫ولهذا قال د‪ .‬علي السالوس‪" :‬وأعتقد أنه لول هذه الموال لما ظسسل الخلف‬
‫قائما ً بين الجعفرية وسائر المة السلمية إلى هذا الحسسد‪ ،‬فكسسثير مسسن فقهسسائهم‬
‫يحرصون على إذكاء هذا الخلف حرصسسهم علسسى هسسذه المسسوال" ]أثسسر المامسسة‪ :‬ص‬
‫‪.[.408‬‬
‫ومن آثارهم الظاهرة أيضًا‪ :‬أنهم في البلدان السستي يتواجسسدون فيهسسا يحسساولون‬
‫السسسيطرة علسسى معظسسم العمسسال التجاريسسة والشسسركات ومسسواد التمسسوين‪ ،‬حسستى‬
‫يتحكموا بأقوات الناس وضرورياتهم‪ ،‬والواقع أكبر شاهد ]انظر في ذلك‪" :‬وجسساء دور‬
‫المجوس" ص ‪ 312‬وما بعدها‪.[.‬‬
‫هذا ومن الصور الخرى الظاهرة في تأثير الشيعة على اقتصاد المة أن تلك‬
‫الزمر الشيعية كانت تشكل خليا مخربة لقتصسساد الدولسسة السسسلمية وشسسعوبها‪،‬‬
‫ذلك أن مال المسلمين عندهم ل حرمة له‪ ،‬يجوز أخذه ول شبهة في ذلك‪.‬‬
‫بل إن أحاديثهم تأمرهم بذلك كما جاء في أخبارهم "خذ مال الناصسسب حيثمسسا‬
‫وجدته وادفع إلينا الخمس" ]الطوسي‪ /‬تهذيب الحكام‪ ،1/384 :‬ابن إدريسسس‪ /‬السسسرائر‪ :‬ص‬
‫‪ ،484‬الحر العاملي‪ /‬وسائل الشيعة‪.[.6/340 :‬‬
‫وقال أبو عبد الله ‪ -‬كما يفترون ‪" :-‬مال الناصسسب وكسسل شسسيء يملكسسه حلل"‬
‫]الطوسي‪ /‬تهذيب الحكام‪ ،2/48 :‬الحر العاملي‪ /‬وسائل الشيعة‪.[.11/60 :‬‬
‫وشيوخهم توسعوا في معنى "الناصبي" ليشمل ما عدا الجعفريسسة ]وقسسد نصسسوا‬
‫في أخبارهم على أن النصب هسو تقسديم أبسي بكسر وعمسر علسى علسي‪) .‬انظسر‪ :‬السسرائر‪ :‬ص ‪،471‬‬
‫وسائل الشيعة‪ ،342-6/341 :‬بشارة المصطفى‪ :‬ص ‪ ،51‬وراجع أيض سًا‪ :‬المحاسسسن النفسسسانية فسسي‬
‫أجوبة المسائل الخراسانية‪ ،‬المسألة السادسة‪ :‬ص ‪ 138‬وما بعدها(‪.[.‬‬
‫وجسساء فسسي كتسسب الفقسسه عنسسدهم "إذا أغسسار المسسسلمون علسسى الكفسسار فأخسسذوا‬
‫أموالهم فالحوط بل القوى إخراج خمسها من حيث كونها غنيمة ولو في زمن‬
‫الغيبة وكذا إذا أخذوا بالسرقة والغيلسسة" ]اليسسزدي‪ /‬العسسروة السسوثقى )وبهامشسسه تعليقسسات‬
‫مراجع الشيعة في العصر الحاضر( ‪ ،[.368-2/367‬و"لو أخذوا منهسسم بالربسسا أو بالسسدعوى‬
‫بالباطلة فالقوى إلحاقه بالفوائد المكتسبة فيعتبر فيه الزيادة من مؤنة السسسنة‬
‫ا" ]اليزدي‪ /‬العروة الوثقى‪ :‬ص ‪ ،368‬وانظر أيضسسًا‪:‬‬ ‫وإن كان الحوط إخراج خمسه مطلق ً‬
‫)شريعتمداري(‪ /‬هداية العباد‪ :‬ص ‪.[.168‬‬

‫‪691‬‬
‫وقد مر بنا مفهوم الكافر عند الثني عشرية وأنه يشمل معظسسم المسسسلمين‪،‬‬
‫بل جميعهم ما عدا طائفتهم ]انظر‪ :‬ص ‪ 714‬وما بعسسدها‪ ،[.‬وهذا يعنسي أنهسم يسبيحون‬
‫الستيلء على أموال المسلمين بالغارة‪ ،‬والسسسرقة‪ ،‬والغيلسسة‪ ،‬ويسسستحلون أخسسذ‬
‫أموالهم عن طريق الربا والدعاوى الباطلسسة‪ ،‬وهسسذا تسترجمه الحسسداث التاريخيسسة‬
‫التي جرت منهم‪ ..‬كما يصدقه واقع دولة اليات اليسسوم فسسي "اللصوصسسية" السستي‬
‫يمارسونها في الخليج وتهديدهم لحريسسة الملحسسة فيسسه‪ ،‬واسسستيلئهم علسسى بعسسض‬
‫البواخر المارة بمياه الخليج‪ ..‬واعتبارها غنائم وهي ملك للمسلمين‪.‬‬
‫هذه آثارهم وسلبياتهم فهل لهم شيء من اليجابيات في تاريخ هذه المة؟‬
‫إن الجابسسة العليمسسة الدقيقسسة تقتضسسي تقصسسي أحسسوالهم‪ ،‬ودراسسسة سسسيرهم‪،‬‬
‫ومعرفة تفاصيل تاريخهم‪ ..‬وقد كفانا علماء السلم مؤنة ذلك‪ ،‬فشهدوا بأنه "ل‬
‫يوجد في أئمة الفقه الذين يرجع إليهم رافضي‪ ،‬ول في الملسسوك السسذين نصسسروا‬
‫السلم وأقاموه وجاهدوا عدوه من هسسو رافضسسي‪ ،‬ول فسسي السسوزراء السسذين لهسسم‬
‫سيرة محمودة مسسن هسسو رافضسسي‪ ،‬وأكسسثر مسسا نجسسد الرافضسسي إمسسا فسسي الزنادقسسة‬
‫المنافقين الملحدين‪ ،‬وإما في جهال ليس لهم علم بالمنقولت ول بالمعقولت‪،‬‬
‫قد نشأوا بالبوادي والجبال‪ ،‬وتحيزوا عن المسلمين فلم يجالسسسوا أهسسل العمسسل‬
‫والدين‪ ،‬وإما في ذوي الهواء ممن قد حصل له بذلك رياسة ومال‪ ،‬أو له نسب‬
‫يتعصب له كفعل أهل الجاهلية‪ ،‬وأما من هسسو عنسسد المسسسلمين مسسن أهسسل العلسسم‬
‫والدين فليس في هؤلء رافضي" ]منهاج السنة‪.[.1/223 :‬‬
‫ولكن لهم مصنفات في التفسير والحديث والفقه‪ ،‬إل يعتبر ذلك منهم إضافة‬
‫أثر حميد للفكر السلمي؟ وأقول‪ :‬إن المتأمل لهذه المدونات يرى أن الصسسالح‬
‫في هذه المصنفات هو مما أخسسذوه عسسن أهسسل السسسنة "فمسسن صسسنف منهسسم فسسي‬
‫تفسير القرآن فمن تفاسير أهل السسسنة يأخسسذ" ]منهسساج السسسنة‪ .[.3/246 :‬وإذا نقسسل‬
‫من قومه أتى بظلمات بعضها فسسوق بعسسض كمسسا فسسي تفسسسير القمسسي والبرهسسان‬
‫وغيرهما‪.‬‬
‫"وأما في الحديث فهم من أبعد الناس عن معرفته ل إسناده ول متنسسه‪ ..‬وأي‬
‫كتاب وجدوا فيه ما يوافق هواهم نقلوه من غير معرفة بالحديث" ]منهسساج السسسنة‪:‬‬
‫‪.[.3/246‬‬
‫وأما في الفقه فهم من أبعد الناس عن الفقه‪ ،‬وما فسسي كتبهسسم مسسن "إفسسادة"‬
‫فهي ليس من شيوخهم؛ إذ هم عيال على أهل السسسنة فسسي هسسذا الجسسانب‪ ،‬وقسسد‬
‫كشف شيخ السلم ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬كيف يسرقون "المادة العلميسسة" مسسن فقهسساء‬
‫المسسسلمين فقسسال‪" :‬وإذا صسسنف واحسسد منهسسم كتابسا ً فسسي الخلف وأصسسول الفقسسه‬
‫كالموسوي وغيره؛ فإذا كانت المسألة فيها نزاع بين العلمسساء أخسسذوا حجسسة مسسن‬
‫يوافقهم‪ ،‬واحتجوا مما احتسسج بسسه أولئك‪ ،‬وأجسسابوا عمسسا يعارضسسهم بمسسا يجيسسب بسسه‬
‫أولئك‪ ،‬فيظسسن الجاهسسل أن هسسذا قسسد صسسنف كتاب سا ً عظيم سا ً فسسي الخلف والفقسسه‬
‫والصول‪ ،‬ول يسدري الجاهسل أن عسامته اسستعارة مسن كلم علمساء أهسل السسنة‬
‫الذين يكفرونهم ويعادونهم‪ ،‬وما انفردوا به فل يساوي مداده‪ ،‬فإن المسسداد ينفسسع‬
‫ول يضر‪ ،‬وهذا يضر ول ينفع" ]منهاج السنة‪.[.3/246 :‬‬

‫الفصل الثاني‬
‫الحكم عليهم‬
‫ويشتمل على‪:‬‬
‫‪692‬‬
‫المبحث الول‪ :‬حكم بعض أهل العلم عليهم بأنهم مبتدعة ل‬
‫كفار‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬القول بتكفيرهم‪.‬‬

‫المبحث الول‬
‫الحكم عليهم بأنهم مبتدعة وليسوا بكفرة‬
‫قال المام النووي ]يحيى بن شرف بن حسسسن بسسن حسسسين النسسووي‪ .‬قسسال ابسسن كسسثير‪ :‬شسسيخ‬
‫المذهب )يعني الشافعي( وكبير الفقهاء في زمانه‪ ،‬توفي سنة ‪676‬هس‪) .‬البدايسسة والنهايسسة‪-3/278 :‬‬
‫‪" :[.(279‬إن المسسذهب الصسسحيح المختسسار السسذي قسساله الكسسثرون والمحققسسون أن‬
‫الخوارج ل يكفرون كسائر أهل البدع" ]شرح النووي على صحيح مسلم‪.[.2/50 :‬‬
‫وقد فهم الشيخ مل علي القاري ]ستأتي ترجمته‪ [.‬من هسذا النسسص أن النسسووي ل‬
‫يرى تكفير الروافض لدخولهم في "أهل البدع" ولكنسسه أشسسار إلسسى أن الرافضسسة‬
‫يتطور مذهبها ويتغيسسر‪ ،‬وأن متسسأخري الرافضسسة ليسسسوا كسسسابقيهم‪ ،‬وأن رافضسسة‬
‫زمانه غير الرافضة الذين تحدث عنهم النووي وغيسسره مسسن أهسسل العلسسم‪ .‬فعقسسب‬
‫على كلم النووي هذا وقال‪:‬‬
‫"قلت‪ :‬وهذا في غير حق الرافضة الخارجة في زماننسا فسإنهم يعتقسسدون كفسر‬
‫أكثر الصحابة فضل ً عن سائر أهسسل السسسنة والجماعسسة‪ ،‬فهسسم كفسسرة بالجمسساع بل‬
‫نزاع" ]مرقاة المفاتيح‪.[.9/137 :‬‬
‫وأقول‪ :‬إن الدليل على أن المامية في عصر النووي ل يكفرون الصسسحابة‪ ،‬أو‬
‫أن المام ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬لم يعرف ذلك عنهم وهذا القرب لوجود روايات تكفسسر‬
‫الصحابة في أصول الرافضة الموضوعة من قَِبل النووي‪ ،‬الدليل علسسى ذلسسك أن‬
‫النسسووي يسسذكر فسسي شسسرح مسسسلم أن الماميسسة ل يكفسسرون الصسسحابة‪ ،‬ويسسرى أن‬
‫التكفير إنما هو عند غلة الشيعة ]انظر‪ :‬النووي‪ /‬شرح مسلم‪.[.15/173 :‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫القول بكفرهم‬
‫وقد ذهب إلسسى هسسذا كبسسار أئمسسة السسسلم كالمسسام مالسسك‪ ،‬وأحمسسد‪ ،‬والبخسساري‪،‬‬
‫وغيرهم‪.‬‬
‫وفيما يلي نصوص فتساوى أئمسة السسلم وعلمسائه فسي الروافسض المسسمون‬
‫بالثني عشرية والجعفرية ]انظر‪ :‬ص ‪ 109 ،107 ،103‬من هذه الرسالة‪.[.‬‬
‫وفي مقالتهم التي اشتهروا بها‪ ،‬وثبتت في مدوناتهم الساسية‪.‬‬
‫وأبدأ بذكر فتوى المام مالك‪ ،‬ثم المام أحمد‪ ،‬ثم المام البخسساري‪ ،‬ثسسم أذكسسر‬
‫بعد ذلك فتاوى الئمة الباقين حسب تاريخ وفياتهم‪ ..‬وقد اخترت فتسساوى الئمسسة‬
‫الكبار‪ ،‬أو من عاش مع الروافض في بلد واحد‪ ،‬أو كتب عنهسسم ودرس مسسذهبهم‬
‫من علماء المسلمين‪.‬‬
‫المام مالك‪:‬‬
‫روى الخلل عن أبي بكر المروذي قسسال‪ :‬سسسمعت أبسسا عبسسد اللسسه يقسسول‪ :‬قسسال‬
‫المام مالك‪ :‬الذي يشتم ]وقسسد ثبسست فيمسسا مضسسى ص ‪ 716‬ومسسا بعسسدها‪ ،‬أنهسسم يسسرون اللعسسن‬
‫للصحابة دينا ً وشرعة ويصرحون بتكفيرهم إل ما يتجاوز أصابع اليد‪ [.‬أصحاب النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم ليس لهم اسم ‪ -‬أو قال ‪ :-‬نصيب في السلم ]الخلل‪ /‬السسسنة‪،2/557 :‬‬
‫قال محقق الرسالة‪ :‬إسناده صحيح‪.[.‬‬

‫‪693‬‬
‫ه‬‫عق ُ‬‫م َ‬‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّق ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّق ِ‬ ‫سو ُ‬ ‫مدٌ ّر ُ‬ ‫ح ّ‬‫م َ‬ ‫وقال ابن كثير ‪ -‬عند قوله سبحانه ‪ّ } :-‬‬
‫ض قًل‬ ‫عَلى ال ْك ُ ّ‬ ‫َ‬
‫ف ْ‬ ‫ن َ‬ ‫غققو َ‬ ‫دا ي َب ْت َ ُ‬ ‫ج ً‬ ‫سق ّ‬ ‫عققا ُ‬ ‫م ُرك ّ ً‬ ‫ه ْ‬ ‫م ت ََرا ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫ماءُ ب َي ْن َ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ر ُر َ‬
‫ِ‬ ‫فا‬ ‫داءُ َ‬ ‫ش ّ‬ ‫أ ِ‬
‫ك‬ ‫جوِد ذَل ِق َ‬ ‫سق ُ‬ ‫ر ال ّ‬ ‫ِ‬ ‫ن أ َث َق‬ ‫مق ْ‬ ‫هم ّ‬ ‫ِ‬ ‫ه‬‫جققو ِ‬ ‫و ُ‬ ‫فققي ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ما ُ‬ ‫سققي َ‬ ‫واًنا ِ‬ ‫ضق َ‬ ‫ر ْ‬ ‫ِ‬ ‫و‬
‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ّ‬
‫ه‬ ‫ر‬ ‫ز‬ ‫فققآ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫أ‬‫ْ‬ ‫ط‬ ‫شقق‬ ‫َ‬ ‫ج‬ ‫ر‬ ‫خ‬‫ْ‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ع‬ ‫ر‬ ‫ز‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫جي‬ ‫لن‬ ‫ا‬ ‫في‬ ‫ِ‬ ‫م‬ ‫ه‬‫ُ‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫ث‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ة‬ ‫را‬ ‫و‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫في‬ ‫ِ‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ُ‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ث‬‫م‬
‫َ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ْ ٍ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ْ َ ِ َ َ ُ ْ‬ ‫َ ُ ْ‬
‫م الكفاَر‪{..‬‬‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫غيظ ب ِ ِ‬ ‫ع ل ِي َ ِ‬ ‫ب الّزّرا َ‬ ‫ج ُ‬ ‫ع ِ‬‫ه يُ ْ‬ ‫ق ِ‬
‫سو ِ‬ ‫على ُ‬ ‫وى َ‬ ‫ست َ َ‬ ‫غلظ فا ْ‬ ‫ست َ ْ‬‫فا ْ‬
‫]الفتح ‪ [29‬قال‪" :‬ومن هذه الية انتزع المام مالك رحمة الله عليسسه وفسسي روايسسة‬
‫عنه بتكفير الروافض السسذي يبغضسسون الصسسحابة رضسسي اللسسه عنهسسم‪ ،‬قسال‪ :‬لنهسسم‬
‫يغيظونهم ومن غاظ الصحابة رضي الله عنهم فهسسو كسسافر لهسسذه اليسسة‪ ،‬ووافقسسه‬
‫طائفة من العلماء رضي الله عنهم على ذلك" ]تفسير ابن كثير‪ ،4/219 :‬وانظسسر‪ :‬روح‬
‫المعاني لللوسي‪ ،26/116 :‬وانظر أيضا ً في استنباط وجه تكفيرهم من الية‪ :‬الصسسارم المسسسلول‪:‬‬
‫ص ‪.[.579‬‬
‫قال القرطبي‪" :‬لقد أحسن مالك في مقالته وأصاب في تأويله‪ ،‬فمنت نقص‬
‫واحدا ً منهم‪ ،‬أو طعن عليه في روايته ]وقد مضى قول مرجع الشيعة في هسسذا العصسسر أن‬
‫روايات الصحابة كأبي هريرة وعمرو بن العاص وسمرة بن جندب ل تساوي عنسسدهم جنسساح بعوضسسة‬
‫)انظسسر‪ :‬ص ‪ [.(343‬فقد رد ّ علسسى اللسسه رب العسالمين‪ ،‬وأبطسسل شسرائع المسسلمين"‬
‫]تفسير القرطبي‪.[.16/297 :‬‬
‫المام أحمد‪:‬‬
‫رويت عنه روايات عديدة في تكفيرهم‪..‬‬
‫روى الخلل عن أبي بكر المروذي قال‪ :‬سألت أبا عبد اللسسه عمسسن يشسستم أبسسا‬
‫بكر وعمر وعائشة؟ قال‪ :‬ما أراه على السسسلم ]الخلل‪ /‬السسسنة‪ 2/557 :‬قسسال محقسسق‬
‫الرسالة‪" :‬إسناده صحيح" وانظر‪ :‬شرح السنة لبن بطة‪ :‬ص ‪ ،161‬الصارم المسلول‪ :‬ص ‪.[.571‬‬
‫وقال الخلل‪ :‬أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد قال‪ :‬سسسمعت أبسسا عبسسد اللسسه‬
‫قال‪ :‬من شتم أخاف عليه الكفر مثل الروافسسض‪ ،‬ثسسم قسسال‪ :‬مسسن شسستم أصسسحاب‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم ل نأمن أن يكون قد مرق عن الدين ]الخلل‪ /‬السسسسنة‪:‬‬
‫‪ 2/558‬قال محقق الرسالة‪" :‬إسناده صحيح"‪.[.‬‬
‫وقال‪ :‬أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قسسال‪ :‬سسسألت أبسسي عسسن رجسسل شسستم‬
‫رجل ً من أصحاب النبي صسلى اللسه عليسه وسسلم فقسال‪ :‬مسا أراه علسى السسلم‬
‫]الخلل‪ /‬السنة‪ ،2/558 :‬وانظر‪ :‬مناقب المام أحمد لبن الجوزي‪ :‬ص ‪.[.214‬‬
‫وجاء في كتاب السنة للمام أحمد قوله عن الرافضة‪" :‬هسسم السسذين يتسسبرؤون‬
‫من أصحاب محمسد صسلى اللسه عليسه وسسلم ويسسبونهم‪ ،‬ويتنقصسسون ويكفسسرون‬
‫الئمسسة إل أربعسسة‪ :‬علسسي‪ ،‬وعمسسار‪ ،‬والمقسسداد‪ ،‬وسسسلمان‪ ،‬وليسسست الرافضسسة مسسن‬
‫السلم في شيء" ]السنة للمام أحمد‪ :‬ص ‪ ،82‬تصحيح الشيخ إسماعيل النصاري‪.[.‬‬
‫والثنا عشرية تكفر الصحابة إل قليل ً ل يتجاوز عدد أصابع اليسسد وتلعنهسسم فسسي‬
‫دعواتها وزياراتها‪ ،‬ومشاهدها‪ ،‬وأمهات كتبها‪ ..‬وتكفسسر أتبسساعهم إلسسى يسسوم السسدين‬
‫]انظر‪ :‬ص)‪ (716‬وما بعدها من هذه الرسالة‪.[.‬‬
‫قال ابن عبد القوي‪" :‬وكان المام أحمد يكفر من تسسبرأ منهسسم )أي الصسسحابة(‬
‫ومسسن سسسب عائشسسة أم المسسؤمنين ورماهسسا ممسسا بّرأهسسا اللسسه منسسه وكسسان يقسسرأ‪:‬‬
‫ن{ ]اليسسة رقسسم )‪(17‬‬ ‫مق ْ‬ ‫دا ِإن ُ‬ ‫عظُك ُم الل ّه َأن ت َعودوا ل ِمث ْل ِ َ‬
‫مِني َ‬
‫ؤ ِ‬ ‫كنُتم ّ‬ ‫ه أب َ ً‬
‫ِ ِ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫}ي َ ِ‬
‫من سورة النور‪ ،‬والنص من كتاب ما يذهب إليه المام أحمد‪ /‬للمام أبي محمد رزق اللسه بسن عبسد‬
‫القوي التميمي‪ ،‬المتوفى سنة )‪480‬هس( الورقة ‪.[.21‬‬
‫ولكسسن ذكسسر شسسيخ السسسلم ابسسن تيميسسة فسسي مجمسسوع الفتسساوى أن فسسي تكفيسسر‬
‫الروافض نزاعا ً عن أحمد وغيره ]الفتاوى‪.[.3/352 :‬‬
‫‪694‬‬
‫وما مضى من نصوص عن المام أحمد صريحة في قوله بتكفيرهم‪ ،‬وقد نبسسه‬
‫شيخ السلم ابن تيمية إلى وجه من لم يكفر الروافسسض فسسي سسسبهم للصسسحابة‪،‬‬
‫وبه يزول التعارض المتوهم في نصوص أحمد‪ ..‬فقال‪:‬‬
‫"وأما من سبهم سبا ً ل يقدح في عدالتهم ول في دينهم مثل وصسسف بعضسسهم‬
‫بالبخل أو الجبن‪ ،‬أو قلة العلم‪ ،‬أو عدم الزهد ونحو ذلك فهذا هو الذي يسسستحق‬
‫التأديب والتعزير‪ ،‬ول نحكم بكفره بمجرد ذلك‪ ،‬وعلى هذا يحمسسل كلم مسسن لسسم‬
‫يكفرهم من أهل العلم" ]الصارم المسلول‪ :‬ص ‪ ،586‬وانظر‪ :‬ص ‪ 571‬في تسسوجيه القاضسسي‬
‫أبي يعلى لرواية عدم التكفير‪.[.‬‬
‫يعني‪ :‬فمن سبهم سبا ً يقدح في عسسدالتهم ودينهسسم فيحكسسم بكفسسره عنسسد أهسسل‬
‫العلم‪ .‬فكيف الحال إذن بمن يحكم بردتهم؟‬
‫البخاري )ت ‪256‬هق(‪:‬‬
‫قال ‪ -‬رحمه الله ‪ :-‬ما أبالي صليت خلف الجهمي والرافض‪ ،‬أم صليت خلف‬
‫اليهسسود والنصسسارى‪ ،‬ول يسسسلم عليهسسم ول يعسسادون ول ينسساكحون ول يشسسهدون ول‬
‫تؤكل ذبائحهم ]المام البخاري‪ /‬خلق أفعال العباد‪ :‬ص ‪.[.125‬‬
‫عبد الله بن إدريس ]عبد الله بن إدريس بسسن زيسسد بسسن عبسسد الرحمسسن الودي‪ :‬قسسال أبسسو‬
‫حاتم‪ :‬هو حجة يحتج بها‪ ،‬وهو إمام من أئمة المسلمين‪ ،‬وقال أحمد‪ :‬كان نسيجا وحسسده‪ ،‬وقسسال ابسسن‬
‫سعد‪ :‬كان ثقة مأمونا ً كثير الحديث‪ ،‬حجة‪ ،‬صاحب سسسنة وجماعسسة‪ ،‬تسسوفي سسسنة )‪192‬هسسس(‪) .‬تهسسذيب‬
‫التهذيب‪ ،145-5/144 :‬الجرح والتعسسديل لبسسن أبسسي حسساتم‪ (9-5/8 :‬وهسسو مسسن أعيسسان أئمسسة الكوفسسة‬
‫)الصارم المسلول‪ :‬ص ‪ .(570‬والكوفة مطلع الرفسسض هسسو أدرى بهسسم وبمسسذاهبهم‪ ،‬لن أهسسل السسبيت‬
‫أدرى بما فيه‪:[.‬‬
‫قسسال‪" :‬ليسسس لرافضسسي شسسفعة إل لمسسسلم" ]الصسسارم المسسسلول‪ :‬ص ‪ ،570‬السسسيف‬
‫المسلول على من سب الرسول‪ /‬علي بن عبد الكافي السبكي‪ ،‬الورقة ‪71‬أ )مخطوط(‪.[.‬‬
‫عبد الرحمن بن مهدي ]المام الحافظ العلم عبد الرحمن بن مهسسدي بسسن حسسسان بسسن‬
‫عبد الرحمن العنبري‪ ،‬البصري‪) ،‬ت ‪198‬هس( )تهذيب التهذيب‪:[.(281-6/279 :‬‬
‫قال البخاري‪ :‬قال عبد الرحمن بن مهدي‪ :‬همسسا ملتسسان‪ :‬الجهميسسة والرافضسسية‬
‫]خلق أفعال العباد للبخاري‪ :‬ص ‪ ،125‬وانظر‪ :‬مجموع فتاوى شيخ السلم ابن تيمية‪.[.35/415 :‬‬
‫الفريابي ]محمد بن يوسف الفريابي‪ ،‬روى عنه البخاري )‪ (26‬حديثًا‪ ،‬وكان من أفضل أهسسل‬
‫زمانه‪ ،‬توفي سنة )‪212‬هس(‪) .‬تهذيب التهذيب‪:[.(9/535 :‬‬
‫روى الخلل‪ ،‬قال‪ :‬أخبرني حرب بن إسماعيل الكرماني‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا موسسسى‬
‫بن هارون بن زياد قال‪ :‬سمعت الفرياني ورجل يسأله عمن شتم أبا بكر‪ :‬قال‪:‬‬
‫كافر‪ ،‬قال‪ :‬فيصلي عليه؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬وسألته كيف يصنع به وهسسو يقسسول‪ :‬ل إلسسه إل‬
‫الله؟ قال‪ :‬ل تمسوه بأيديكم ارفعوه بالخشب حتى تواروه فسسي حفرتسسه ]الخلل‪/‬‬
‫السنة‪ ،2/566 :‬قال محقق الكتساب‪" :‬فسي إسسناده موسسى بسن هسارون بسن زيساد لسم أتوصسل إلسى‬
‫معرفته"‪ .‬وقد نسبه شيخ السلم ابن تيميسسة فسسي الصسسارم المسسسلوم ص ‪ 570‬إلسسى الفريسسابي علسسى‬
‫سبيل الجزم‪.[.‬‬
‫أحمد بن يونس ]أحمد بن يونس هو‪ :‬ابن عبد الله‪ ،‬ينسب إلى جده‪ ،‬وهو إمام مسسن أئمسسة‬
‫السنة‪ ،‬ومن أهل الكوفة منبت الرفض فهو أخبر بالروافض ومذاهبهم أيضًا‪ ،‬قسسال أحمسسد بسسن حنبسسل‬
‫لرجل‪ :‬اخرج إلى أحمد بن يونس فإنه شيخ السلم‪ ،‬وقد أخرج له أصحاب الكتب الستة‪ ،‬وقال أبو‬
‫حاتم‪ :‬كان ثقة متقنًا‪ ،‬وقال النسائي‪ :‬كان ثقسسة‪ ،‬وقسسال ابسسن سسسعد‪ :‬كسسان ثقسسة صسسدوقا ً صسساحب سسسنة‬
‫ي شسسيئا ً مسسن‬
‫وجماعة‪ ،‬وذكر ابن حجر أن ابن يونس قال‪ :‬أتيت حماد بن زيد فسسسألته أن يملسسي عل س ّ‬
‫فضائل عثمان رضي الله عنه‪ ،‬فقال‪ :‬من أنت؟ قلت‪ :‬من أهل الكوفة‪ ،‬فقال‪ :‬كوفي يطلب فضائل‬
‫عثمان‪ ،‬والله ل أمليتها عليك إل وأنا قائم وأنت جالس‪ .‬وقد توفي سنة )‪227‬هس( )تهذيب التهسسذيب‪:‬‬
‫‪ ،1/50‬تقريب التهذيب‪.[.(1/29 :‬‬

‫‪695‬‬
‫قال‪ :‬لو أن يهوديا ً ذبح شاة‪ ،‬وذبح رافضي لكلت ذبيحسسة اليهسسودي‪ ،‬ولسسم آكسسل‬
‫ذبيحة الرافضي؛ لنه مرتد عن السلم ]الصارم المسسسلول ص ‪ ،570‬ومثسسل هسسذا المعنسسى‬
‫قاله أبو بكر بن هانئ )الموضع نفسه من المصدر السابق(‪ ،‬وانظسسر‪ :‬السسسيف المسسسلول علسسى مسسن‬
‫سب الرسول‪ /‬علي بن عبد الكافي السبكي‪ :‬الورقة ‪71‬أ )مخطوط(‪.[.‬‬
‫أبو زرعة الرازي ]عبد الله بن عبد الكريم بسسن يزيسسد بسسن فسسروخ المخزومسسي بسسالولء أبسسو‬
‫زرعة الرازي من حفاظ الحديث وكبار الئمة‪ ،‬كان يحفظ مائة ألف حسسديث‪ ،‬ويقسسال‪ :‬كسسل حسسديث ل‬
‫يعرفه أبو زرعة ليس له أصل‪ .‬توفي سنة ‪264‬هس‪:[.‬‬
‫قال‪ :‬إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا ً من أصحاب رسول اللسه صسلى اللسه عليسه‬
‫وسلم فاعلم أنه زنسديق‪ ،‬لن مسؤدى قسوله إلسى إبطسال القسرآن والسسنة ]انظسسر‪:‬‬
‫الكفاية ص ‪ ،49‬ومضى نصه بتمامه ص)‪.[.(767‬‬
‫ابن قتيبة ]أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبسسة السسدينوري‪ ،‬صسساحب المصسسنفات البديعسسة‪،‬‬
‫المحتوية على علوم جمة نافعة كما يقول ابن كثير‪ .‬توفي سنة )‪276‬هسسس( )انظسسر‪ :‬وفيسسات العيسسان‪:‬‬
‫‪ ،44-3/42‬تاريخ بغداد‪ ،171-10/170 :‬البداية والنهاية‪:[.(11/48 :‬‬
‫قال‪ :‬بأن غلو الرافضة في حب علي المتمثل فسسي تقسسديمه علسسى مسسن قسسدمه‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم وصسسحابته عليسسه‪ ،‬وادعسسائهم لسسه شسسركة النسسبي‬
‫صلى الله عليه وسلم في نبوته‪ ،‬وعلم الغيب للئمة مسسن ولسسده وتلسسك القاويسسل‬
‫والمور السرية قد جمعت إلى الكذب والكفر إفراط الجهسسل والغبسساوة ]الختلف‬
‫في اللفظ والرد على الجهمية والمشبهة‪ :‬ص ‪ ،47‬مطبعة السعادة بمصر ‪1349‬هس‪.[.‬‬
‫عبد القادر البغدادي ]عبد القاهر بن طاهر بن محمد البغدادي‪ ،‬التميمي السسسفراييني‪،‬‬
‫أبو منصور‪ ،‬كان يلقب "صدر السلم" في عصسسره‪ ،‬ويسسدرس فسسي سسسبعة عشسسر فنسًا‪ ،‬تسسوفي سسسنة )‬
‫‪429‬هس( )انظر‪ :‬السبكي‪ /‬طبقات الشافعية‪ ،145-5/136 :‬القفطي‪ /‬إنباه السسرواة‪،2/185 :‬سس ‪،186‬‬
‫السيوطي‪ /‬بغية الوعاة‪:[.(2/105 :‬‬
‫يقول‪" :‬وأما أهسسل الهسسواء الجاروديسسة الهاشسسمية والجهميسسة‪ ،‬والماميسسة السسذين‬
‫أكفروا خيار الصحسابة‪ ..‬فإنسا نكفرهم‪ ،‬ول تجوز الصلة عليهم عنسسدنا ول الصسسلة‬
‫خلفهم" ]الفرق بين الفرق‪ :‬ص ‪.[.357‬‬
‫وقال‪" :‬وتكفير هؤلء واجب في إجازتهم على الله البسسداء‪ ،‬وقسسولهم بسسأنه قسسد‬
‫يريد شيئا ً ثم يبدو له‪ ،‬وقد زعموا أنه إذا أمر بشيء ثم نسخه‪ ،‬فإنما نسخه لنه‬
‫بدا له فيه‪..‬‬
‫ومسسا رأينسسا ول سسسمعنا بنسسوع مسسن الكفسسر إل وجسسدنا شسسعبة منسسه فسسي مسسذهب‬
‫الراوافض‪] "..‬الملل والنحل‪ :‬ص ‪ ،53-52‬تحقيق ألبير نصري نادر‪.[.‬‬
‫القاضي أبو يعلى ]محمد بن الحسين بن محمد بن خلف بسسن الفسسراء أبسسو يعلسسى‪ ،‬عسسالم‬
‫عصره في الصول والفروع‪ ،‬توفي سنة )‪458‬هس(‪.‬‬
‫)انظر‪ :‬طبقات الحنابلة‪:[.(230-2/193 :‬‬
‫ن كفسسر الصسسحابة‪ ،‬أو فسسسهم بمعنسسى‬ ‫قسسال‪ :‬وأمسسا الرافضسسة فسسالحكم فيهسسم‪ ..‬إ ْ‬
‫يستوجب به النار فهو كافر ]المعتمد‪ :‬ص ‪.[.267‬‬
‫والروافض كما تبين بعد انتشار أصولهم يكفرون أكثر الصحابة‪.‬‬
‫ابن حزم‪:‬‬
‫قال‪ :‬وأما قولهم )يعني النصارى( في دعسسوى الروافسسض تبسسديل القسسرآن فسسإن‬
‫الروافض ليسوا من المسلمين ]يعنسسي فل حاجسسة فسسي كلمهسسم علسسى المسسسلمين‪ ،‬ول علسسى‬
‫كتابهم‪ ،[.‬إنما هي فرقة حدث أولها بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسسسلم‬
‫بخمس وعشرين سنة‪ .‬وهي طائفة تجري مجرى اليهود والنصارى فسسي الكسسذب‬
‫والكفر ]الفصل‪.[.2/213 :‬‬

‫‪696‬‬
‫]واستثنى ثلثة منهم‬‫وقال‪" :‬ومن قول المامية قديما ً وحديثا ً أن القرآن مبدل‪"..‬‬
‫‪ -‬كما مر ‪.[.-‬‬
‫ً‬
‫ثم قال‪ :‬القول بأن بين اللوحين تبديل كفر صريح وتكذيب لرسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم" ]الفصل‪.[.5/40 :‬‬
‫وقال‪" :‬ول خلف بيسسن أحسد مسن الفسرق المنتميسسة إلسى المسسلمين مسن أهسل‬
‫السنة‪ ،‬والمعتزلسة والخسوارج‪ ،‬والمسسرجئة والزيديسسة فسي وجسوب الخسذ بمسسا فسي‬
‫القرآن وأنه المتلو عندنا‪ ..‬وإنما خالف في ذلك قسسوم مسسن غلة الروافسسض وهسسم‬
‫كفار بذلك مشركون عند جميسع أهسل السسلم وليسس كلمنسا مسع هسؤلء‪ ،‬وإنمسا‬
‫كلمنا مع أهل ملتنا" ]الحكام في أصول الحكام‪.[.1/96 :‬‬
‫وقال‪" :‬واعلموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكتم مسسن الشسسريعة‬
‫كلمة فما فوقها‪ ،‬ول أطلع أخسسص النسساس بسسه مسسن ابنسسة أو ابسسن عسسم أو زوجسسة أو‬
‫صاحب على شيء من الشريعة كتمه عسسن الحمسسر والسسسود ورعسساة الغنسسم‪ ،‬ول‬
‫كان عنده عليه السلم سر ول رمز ول باطن غير ما دعا الناس كلهم إليه‪ ،‬فلسسو‬
‫كتمهم شيئا ً لما بلغ كما أمر‪ ،‬ومن قال هذا فهو كافر‪] "..‬الفصل‪ ،275-2/274 :‬وهذا‬
‫العتقاد الذي يكفر ابن حزم معتقده قد أصبح اليوم من أصول الثني عشرية‪ ،‬ويؤكد علسسى القسسول‬
‫به شيوخهم المعاصرون‪ ،‬والغابرون‪.‬‬
‫)انظر‪ :‬ص)‪ (315‬من هذه الرسالة(‪.[.‬‬
‫السفراييني ]أبو المظفر شهفور بن طاهر بن محمد بن السسسفراييني‪ ،‬المسسام الصسسولي‬
‫الفقيه المفسر‪ ،‬له تصانيف منها‪" :‬التفسير الكبير" و"التبصير في الدين" توفي عام ‪417‬هس‪.‬‬
‫)انظر‪ :‬طبقات الشافعية‪ ،5/11 :‬العلم‪:[.(3/260 :‬‬
‫نقل جملة من عقائدهم كتكفير الصحابة‪ ،‬وقولهم‪ :‬إن القسسرآن قسسد غي ّسسر عمسسا‬
‫كان‪ ،‬ووقع فيها الزيادة والنقصسسان‪ ،‬وانتظسسارهم لمهسسدي يخسسرج إليهسسم ويعلمهسسم‬
‫الشريعة‪ ..‬وقال‪ :‬بأن جميع الفرق المامية التي ذكرناها متفقون على هذا‪ ،‬ثسسم‬
‫حكم عليهم بقوله‪:‬‬
‫"وليسوا في الحال على شيء من الدين‪ ،‬ول مزيد على هذا النوع من الكفر‬
‫إذ ل بقاء فيه على شيء من الدين" ]التبصير في الدين‪ :‬ص ‪.[.25-24‬‬
‫أبو حامد الغزالي ]محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الطوسي الغزالي‪ ،‬قسسال ابسسن كسسثير‪:‬‬
‫كان من أذكياء العالم في كل ما يتكلم فيه‪ ،‬وله مصنفات منتشرة فسسي فنسسون متعسسددة‪ .‬مسسن كتبسسه‪:‬‬
‫فضائح الباطنية‪ ،‬توفي سنة )‪505‬هس(‪.‬‬
‫)انظر‪ :‬البداية والنهاية‪ ،174-12/173 :‬مرآة الجنان‪:[.(192-3/177 :‬‬
‫قال‪" :‬ولجل قصور فهم الروافض ]من درس مذهب الرافضة في البداء عرف أنسسه ليسسس‬
‫بقصور فهم‪ ،‬ولكنه نهج متعمد ساقهم إليه غلوهم في الئمة‪ ،‬وهذا القول من الغزالسسي يشسسبه كلم‬
‫المدي )في الحكام‪ (3/109 :‬حيث قال‪ :‬إن الرافضة خفي عليها الفرق بين النسسسخ والبسسداء‪ ،‬وقسسد‬
‫علق على ذلك الشيخ عبد الرزاق عفيفي فقال‪:‬‬
‫"من تبين حال الرافضة ووقف علسسى فسساد دخيلتهسم‪ ،‬وزنسسدقتهم بإبطسال الكفسر وإظهسار السسسلم‪،‬‬
‫وأنهم ورثوا مبادئهم عن اليهود‪ ،‬ونهجوا في الكيد للسلم منهجهم عسسرف أن مسا قسالوه مسن السزور‬
‫والبهتان )يعني في أمر البداء( إنمسا كسسان عسن قصسسد سسيء وحسسسد للحسق وأهلسه وعصسسبة ممقسوته‬
‫دفعتهم إلى الدس والخداع وإعمال معاول الهدم سرا ً وعلنا ً للشرائع ودولها القائمة عليها"‪.‬‬
‫)الحكام في أصول الحكام‪ - 110-3/109 :‬الهامش(‪ [.‬عنه ارتكبوا البداء‪ ،‬ونقلسسوا عسسن‬
‫علي رضي الله عنه أنه كان ل يخبر عن الغيب مخافسسة أن يبسدو لسسه تعسالى فيسسه‬
‫فيغيره ]وهذه الرواية موجودة عن المجلسسسي فسسي البحسسار‪ ،‬وعزاهسسا إلسسى "قسسرب السسسناد" )بحسسار‬
‫النوار‪ ،(4/97 :‬وفي خبر آخر نسبوا هذا القول إلى علسسي بسسن الحسسسين )انظسسر‪ :‬تفسسسير العياشسسي‪:‬‬
‫‪ ،2/215‬بحار النوار‪ ،4/118 :‬البرهان‪ ،2/299 :‬تفسير الصافي‪ ،[.(3/75 :‬وحكوا عن جعفسسر‬
‫بن محمد أنه قال‪ :‬ما بدا لله في شيء كما بدا له في إسماعيل أي فسسي أمسسره‬
‫‪697‬‬
‫بذبحه ]انظسسر‪ :‬هسسذه الروايسسة فسسي كتسساب التوحيسسد لبسسن بسسابويه ص ‪ ...[.336‬وهذا هو الكفسسر‬
‫الصريح‪ ،‬ونسبة الله تعالى إلى الجهسسل والتغيسسر‪ ،‬ويسسدل علسسى اسسستحالته مسسا دل‬
‫على أنه محيط بكل شيء علمًا" ]المستصفى‪.[.1/110 :‬‬
‫ويقول الغزالي‪ :‬فلو صرح مصرح بكفر أبي بكر وعمر ‪ -‬رضي اللسسه عنهمسسا ‪-‬‬
‫فقد خالف الجماع وخرقه‪ ،‬ورد ما جسساء فسسي حقهسسم مسسن الوعسسد بالجنسسة والثنسساء‬
‫عليهم والحكم بصحة دينهم وثبات يقينهم وتقدمهم على سائر الخلق في أخبار‬
‫كثيرة‪ ..‬ثم قال‪" :‬فقائل ذلسسك إن بلغتسه الخبسار واعتقسد مسع ذلسك كفرهسسم فهسسو‬
‫كافر‪ ..‬بتكذيبه رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فمن كذبه بكلمة من أقسساويله‬
‫فهو كافر بالجماع" ]فضائح الباطنية‪ :‬ص ‪.[.149‬‬
‫القاضي عياض ]عياض بن موسى بن عياض بن عمسسرون اليحصسسبي عسسالم المغسسرب‪ ،‬وإمسسام‬
‫أهل الحديث في وقته‪ ،‬توفي سنة ) ‪544‬هس(‪.‬‬
‫)انظسسر‪ :‬وفيسسات العيسسان‪ ،3/483 :‬والعسسبر للسسذهبي‪ ،2/467 :‬الضسسبي‪ /‬بغيسسة الملتمسسس ص ‪،437‬‬
‫النباهي‪ /‬تاريخ قضاة الندلس‪ :‬ص ‪:[.(101‬‬
‫قال رحمه الله‪" :‬نقطع بتكفير غلة الرافضة في قولهم إن الئمسسة أفضسسل مسسن‬
‫النبياء" ]انظر‪ (614) :‬من هذه الرسالة‪ ،‬والشيعة المعاصرون يعدون هذا الكفسسر مسسن ضسسرورات‬
‫مذهبم ومنكر الضروري كافر عندهم )انظر‪ :‬ص ‪ (1116‬من هذه الرسالة(‪.‬‬
‫يقول شيخهم الممقاني‪" :‬ومن ضروريات مذهبنا أن الئمة عليهسسم السسسلم أفضسسل مسسن أنبيسساء بنسسي‬
‫إسرائيل كما نطقت بذلك النصوص المتواترة‪ ..‬ول شبهة عند كل ممارس لخبار أهل البيت عليهم‬
‫السلم )يعني أئمته الثني عشر( أنه كان يصدر من الئمة عليهم السلم خسسوارق للعسسادة نظيسسر مسسا‬
‫كان يصدر من النبياء بل أزيد‪ ،‬وأن النبياء والسلف انفتحت لهم باب أو بابان من العلم‪ ،‬وانفتحسست‬
‫للئمة عليهم السلم بسبب العبادة والطاعة التي تذر العبد مثل اللسسه إذا قسسال لشسسيء كسسن فيكسسون‬
‫جميع البواب" )تنقيح المثال‪.(3/232 :‬‬
‫فانظر كيف فضلهم في البداية على النبياء‪ ،‬وانتهى إلى أنهم مثل اللسسه تعسسالى اللسسه عمسسا يقسسول‬
‫الظالمون علوا ً كبيرًا‪ ..‬فماذا بعد هذا من زندقة وإلحاد؟‪.[.‬‬
‫وكذلك يحكم بكفر من قال‪ :‬بمشاركة علي فسسي الرسسسالة للنسسبي صسسلى اللسسه‬
‫عليه وسلم وبعده‪ ،‬وأن كل إمام يقول مقام النبي صلى الله عليسسه وسسسلم فسسي‬
‫النبوة والحجة‪ ،‬وأشار بأن هذا مذهب أكثر الرافضة ]ونجد ذلك عند الثني عشرية في‬
‫زعمهم أن المامة أرفع درجة من النبوة‪ .‬انظر‪ :‬ص)‪ (656‬وأن الئمة حجة على النسساس كالرسسسل‪.‬‬
‫انظر‪) :‬ص ‪ [.(623‬وكذلك من ادعى منهم أنه يوحى إليه وإن لم يدع النبسسوة ]وهسسذا‬
‫ما يقول به الروافض‪ .‬انظر‪ :‬ص ‪ 310‬وما بعدها‪.[.‬‬
‫وقال‪ :‬وكذلك نكفر "من أنكر القرآن أو حرفا ً منه‪ ،‬أو غيسسر شسسيئا ً منسسه‪ ،‬أو زاد‬
‫فيه كفعل الباطنية أو السماعيلية" ]هنسسا ملحظسسة مهمسسة وهسسي أن بعسسض الئمسسة ينسسسبون‬
‫القول بتغيير القرآن إلى السماعيلية‪ ،‬في حين أنسسه مسن أقسسوال الثنسي عشسرية‪ ،‬والسسسماعيلية لسم‬
‫تخض في القرآن بهذا القول‪ ،‬وإنما سلكت التأويل الباطني‪.[.‬‬
‫السمعاني ]المام الحافظ المحسسدث أبسو سسعد عبسسد الكريسم بسسن محمسد بسسن منصسور التميمسي‬
‫السمعاني‪ ،‬مصنف النساب وغيره‪ ،‬رحل وسمع الكثير حتى كتب عن أربعسسة آلف شسسيخ‪ ،‬قسسال ابسسن‬
‫كثير‪ :‬وذكر له ابن خلكان مصنفات عديدة منها كتابه الذي جمسسع فيسسه ألسسف حسسديث عسسن مسسائة شسسيخ‬
‫وتكلم عليها إسنادا ً ومتنا ً وهو مفيد جدًا‪ ،‬توفي سنة )‪562‬هس(‪.‬‬
‫)وفيات العيان‪ ،3/209 :‬البداية والنهاية‪) [.(12/175 :‬ت ‪562‬هق(‪:‬‬
‫قال رحمه الله‪" :‬واجتمعت المة على تكفير المامية‪ ،‬لنهم يعتقدون تضليل‬
‫الصحابة‪ ،‬وينكرون إجماعهم وينسبون إلى ما يليق بهم" ]قوله‪" :‬إلى مسسا يليسق بهسسم"‬
‫كذا في الصل‪ ،‬وإذا كان الضمير يعود إلى الرافضة‪ ،‬فالعبارة مستقيمة أي ينسسسبون الصسسحابة إلسسى‬
‫ضلل يليق بالرافضة أنفسهم‪ ،‬إما إذا كان الضمير يعود إلى الصحابة‪ ،‬ففي العبارة تصحيف‪ ،‬ولعسسل‬
‫صحتها "إلى ما ل يليق بهم"‪] [.‬النساب‪.[.6/341 :‬‬

‫‪698‬‬
‫الرازي ]محمد بن عمر بن الحسين المعروف بالفخر الرازي‪ ،‬مفسر متكلسسم فقيسسه أصسسولي‪،‬‬
‫من تصانيفه‪ :‬التفسير الكبير‪ ،‬والمحصسسول‪ ،‬وغيرهمسسا‪ ،‬سسسب لسسه نسسوع تشسسيع‪ ،‬تسسوفي سسسنة )‪606‬هسسس(‬
‫)لسسسان الميسسزان‪ ،4/426 :‬السسسيوطي‪ /‬طبقسسات المفسسسرين‪ :‬ص ‪ ،115‬عيسسون النبسساء‪ :‬ص ‪-414‬‬
‫‪:[.(427‬‬
‫يذكر الرازي أن أصحابه من الشاعرة يكفرون الروافض من ثلثة وجوه‪:‬‬
‫أولها‪ :‬أنهم كفروا سادات المسلمين‪ ،‬وكل من كفر مسلما ً فهو كسسافر لقسسوله‬
‫عليه السلم‪" :‬من قال لخيه‪ :‬يا كافر فقد باء بها أحدهما" ]سيأتي تخريجه‪ [.‬فإذن‬
‫يجب تكفيرهم‪.‬‬
‫وثانيها‪ :‬أنهم كفروا قوما ً نص الرسول عليسسه السسسلم بالثنسساء عليهسسم وتعظيسسم‬
‫شأنهم‪ ،‬فيكون تكفيرهم تكذيبا ً للرسول عليه السلم‪.‬‬
‫وثالثها‪ :‬إجماع المة على تكفير من كفر سادات الصحابة ]الرازي‪ /‬نهاية العقسسول‪،‬‬
‫الورقة ‪) 212‬مخطوط(‪.[.‬‬
‫ابن تيمية‪:‬‬
‫قال رحمه الله‪ :‬من زعم أن القرآن نقص منه آيات وكتمست‪ ،‬أو زعسم أن لسه‬
‫تأويلت باطنة تسقط العمال المشروعة‪ ،‬فل خلف في كفرهم‪.‬‬
‫ومن زعم أن الصحابة ارتدوا بعد رسول الله عليه الصسسلة والسسسلم إل نفسسرا ً‬
‫قليل ً ل يبلغون بضعة عشر نفسًا‪ ،‬أو إنهم فسقوا عسسامتهم‪ ،‬فهسسذا ل ريسسب أيض سا ً‬
‫في كفره؛ لنه مكذب لما نصه القرآن في غير موضع من الرضى عنهم والثناء‬
‫عليهم‪.‬‬
‫بل من يشكك في كفر مثسسل هسسذا؟ فسسإن كفسسره متعيسسن‪ ،‬فسسإن مضسسمون هسسذه‬
‫المقالسة أن نقلسة الكتساب والسسنة كفسار أو فسساق‪ ،‬وأن هسذه اليسة الستي هسي‪:‬‬
‫س{ ]آل عمران ‪ [110‬وخيرها هسسو القسسرن الول‪،‬‬ ‫ت ِللّنا ِ‬
‫ج ْ‬
‫ر َ‬‫خ ِ‬‫ة أُ ْ‬
‫م ٍ‬
‫ُ‬
‫خي َْر أ ّ‬
‫م َ‬ ‫} ُ‬
‫كنت ُ ْ‬
‫كان عامتهم كفارًا‪ ،‬أو فساقًا‪ ،‬ومضمونها أن هذه المة شر المم‪ ،‬وأن سسسابقي‬
‫هذه المة هم شرارها وكفر هذه مما يعلم بالضطرار من دين السلم ]الصسسسارم‬
‫المسلول‪ :‬ص ‪.[.587-586‬‬
‫وقال شيخ السلم‪" :‬إنهم شر مسسن عامسسة أهسسل الهسسواء‪ ،‬وأحسسق بالقتسسال مسسن‬
‫الخوارج" ]مجموع فتاوى شيخ السلم‪.[.28/482 :‬‬
‫وأنهم كفروا بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم بما ل يحصيه إل الله‪،‬‬
‫فتارة يكذبون بالنصوص الثابتة عنه‪ ،‬وتارة يكذبون بمعاني التنزيل‪.‬‬
‫فإن الله قسسد ذكسسر فسسي كتسسابه مسسن الثنسساء علسسى الصسسحابة‪ ،‬والرضسسوان عليهسسم‬
‫والستغفار لهم ما هم كافرون بحقيقته‪ ،‬وذكسسر فسسي كتسسابه مسسن المسسر بالجمعسسة‬
‫والمر بالجهاد وبطاعة أولي المر ما هم خارجون عنه‪.‬‬
‫وذكر في كتابه من موالة المؤمنين وموادتهم والصسسلح بينهسسم مسسا هسسم عنسسه‬
‫خارجون‪.‬‬
‫وذكر في كتابه من النهي عن موالة الكفار وموادتهم ما هو خارجون عنه‪.‬‬
‫وذكر في كتابه مسسن تحريسسم دمسساء المسسسلمين وأمسسوالهم وأعراضسسهم وتحريسسم‬
‫الغيبة والهمز واللمز ما هو أعظم الناس استحلل ً له‪.‬‬
‫وذكر في كتابه من المر بالجماعة والئتلف‪ ،‬والنهي عسسن الفرقسسة والختلف‬
‫ما هم أبعد الناس عنه‪.‬‬
‫وذكر في كتابه من طاعة رسول الله صلى الله عليه وسسسلم ومحبتسسه واتبسساع‬
‫حكمه ما هم خارجون عنه وذكر في كتابه من حقوق أزواجه ما هم براء منه‪.‬‬

‫‪699‬‬
‫وذكر في كتابه من توحيده وإخلص الملك له وعبادته وحده ل شريك لسسه مسسا‬
‫هم خارجون عنه‪ ،‬فسسإنهم مشسسركون لنهسسم أشسسد النسساس تعظيمسا ً للمقسسابر السستي‬
‫اتخذت أوثانا ً من دون الله‪.‬‬
‫وقد ذكر في كتابه من أسمائه وصفاته ما هم كافرون به‪.‬‬
‫وذكر في كتابه أنه على كل شيء قدير وأنه خالق كسسل شسسيء وأنسسه مسسا شسساء‬
‫الله ل قوة إل بالله ما هم كافرون به‪.‬‬
‫ثم قال شيخ السلم‪ :‬ومن اعتقد من المنتسبين إلى العلم أو غيره أن قتسسال‬
‫هؤلء بمنزلة قتال البغاة الخارجين عن المام بتأويل سائغ‪ ..‬فهسسو غسسالط جاهسسل‬
‫بحقيقة شريعة السلم‪ ..‬لن هسسؤلء خسسارجون عسسن نفسسس شسسريعة رسسسول اللسسه‬
‫صلى الله عليه وسلم وسنته شرا ً من خروج الحرورية‪ ،‬وليس لهم تأويل سسسائغ‬
‫]انظر‪ :‬الفتاوى ‪ ،[.485-28/484‬فإن التأويسل السسائغ هسو الجسائز السذي يقسر صساحبه‬
‫عليه إذا لم يكن فيه جسسواب كتأويسسل العلمسساء المتنسسازعين فسسي مسسوارد الجتهسساد‪.‬‬
‫وهؤلء ليس لهم ذلك بالكتاب والسنة والجماع‪ ،‬ولكسسن لهسسم تأويسسل مسسن جنسسس‬
‫تأويسسل اليهسسود والنصسسارى‪ ،‬وتسسأويلهم شسسر تسسأويلت أهسسل الهسسواء ]انظسسر‪ :‬الفتسساوى‬
‫‪.[.28/486‬‬
‫ولكن شيخ السلم وهو يكفر أصحاب هذه المقالت‪ ،‬إل أن تكفيسسره للمعيسسن‬
‫مشروط عنده بقيام الحجة وبلوغ الرسالة‪ ،‬ولذلك أفتى في الرافضة الذين تم‬
‫القبض عليهم بالفتوى التالية‪:‬‬
‫فتوى شيخ السلم في الرافضة بعد الستيلء عليهم‪:‬‬
‫يقول ‪ -‬رحمه الله ‪" :-‬وقد علم أنه كان بساحل الشام جبل كسبير فيسه ألسوف‬
‫من الرافضة يسفكون دمسساء النسساس ويأخسسذون أمسسوالهم‪ ،‬وقتلسسوا خلقسا ً عظيمسًا‪،‬‬
‫وأخذوا أموالهم‪ ،‬ولما انكسر المسلمون سنة غسسازان ]انظسسر ص‪ (1216) :‬مسسن هسسذه‬
‫الرسالة‪ [.‬أخذوا الخيل والسلح والسارى وبسساعوهم للكفسسار والنصسسارى بقسسبرص‪،‬‬
‫وأخذوا من مر بهم من الجند وكانوا أضّر على المسسسلمين مسسن جميسسع العسسداء‪،‬‬
‫وحمسسل بعضسسهم أمرائهسسم رايسسة النصسسارى‪ ،‬وقسسالوا لسسه‪ :‬أيمسسا خيسسر المسسسلمون أو‬
‫النصارى؟ فقال‪ :‬بل النصارى‪ ،‬فقالوا له‪ :‬مع من تحشر يوم القيامة؟ فقال‪ :‬مع‬
‫النصارى‪ ،‬وسلموا إليهم بعض بلد المسلمين‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ومع هذا فلما استشار أهل ولة المر في غزوهم وكتبت جوابا مبسوطا فسسي‬
‫غزوهم ]لعله من جسساء فسسي الفتسساوى‪ ..[.28/398 :‬وذهبنا إلى نسساحيتهم‪ ،‬وحضسسر عنسسدي‬
‫جماعة منهم وجري بيني وبينهم مناظرات ومفاوضات يطول وصفها‪ ،‬فلما فتح‬
‫المسلمون بلدهم‪ ،‬وتمكن المسلمون منهم نهيتهسسم عسن قلتهسسم‪ ،‬وعسسن سسسبيهم‪،‬‬
‫وأنزلناهم في بلد المسلمين متفرقين لئل يجتمعوا" ]منهاج السنة‪.[.3/39 :‬‬
‫وهذه الفتوى من إمام أهل السنة في وقته تبين أن أهل السنة يتبعون الحق‬
‫من ربهم الذي جاء به الرسول‪ ،‬ول يكفرون كل من خالفهم فيه؛ بل هسسم أعلسسم‬
‫بالحق وأرحم بالخلق بخلف أهل الهسسواء السسذين يبتسسدعون رأي سا ً ويكفسسرون مسسن‬
‫خالفهم فيه ]منهاج السنة‪.[.3/39 :‬‬
‫ابن كثير ]المام المحدث المفتي البارع ‪ -‬كما قال الذهبي ‪ -‬أبو الفداء إسماعيل بن عمسسر بسسن‬
‫كثير‪ ،‬قال الشوكاني‪ :‬له تصانيف مفيدة منها‪ :‬التفسير‪ ،‬من أحسن التفاسير إن لسسم يكسسن أحسسسنها‪،‬‬
‫توفي سنة )‪774‬هس(‪.‬‬
‫)ابن حجر‪ /‬الدرر الكامنة‪ ،374-1/373 :‬الشوكاني‪ /‬البدر الطالع )‪:[.( (1/153‬‬
‫ساق ابن كثير بعض الحسساديث الثابتسسة فسسي السسسنة‪ ،‬والمتضسسمنة نفسسي دعسسوى‬
‫النص والوصية التي تدعيها الرافضة لعلي‪ ،‬ثم عقب عليها بقوله‪:‬‬
‫‪700‬‬
‫"ولو كان المر كما زعموا لما رد ذلك أحد من الصسسحابة فسسإنهم كسسانوا أطسسوع‬
‫لله ولرسوله في حياته وبعد وفاته‪ ،‬من أن يفتاتوا عليه فيقدموا غير من قدمه‪،‬‬
‫ويؤخروا من قدمه بنصه‪ ،‬حاشا وكل‪ ،‬ومن ظن بالصسسحابة رضسسوان اللسسه عليهسسم‬
‫ذلك فقد نسبهم بأجمعهم إلى الفجور‪ ،‬والتواطؤ علسسى معانسسدة الرسسسول صسسلى‬
‫الله عليه وسلم‪ ،‬ومضادتهم في حكمه ونصه‪ ،‬ومن وصل من النسساس إلسسى هسسذا‬
‫المقام فقد خلع ربقة السلم‪ ،‬وكفر بإجمسساع الئمسسة العلم‪ ،‬وكسسان إراقسسة دمسسه‬
‫أحل من إراقة المدام" ]البداية والنهاية‪.[.5/252 :‬‬
‫ومن الثابت عن الرافضة ‪ -‬كما مر ‪ -‬أنها تدعي أن الرسول صلى اللسسه عليسسه‬
‫وسلم نص على علي‪ ،‬وأن الصحابة ردوا النص‪ ،‬وارتدوا بسبب ذلسسك‪ ،‬وهسسذا مسسا‬
‫يقوله المعاصرون وأسلفهم من الروافسسض ]انظسسر‪ :‬ص)‪ (716‬و ص)‪ (1099‬مسسن هسسذه‬
‫الرسالة‪.[.‬‬
‫أبو حامد محمد المقدسي ]محمد بن خليل بن يوسف الرملي المقدسسسي‪ ،‬مسسن فقهسساء‬
‫الشافعية‪ ،‬توفي سنة )‪888‬هس(‪.‬‬
‫)انظر‪ :‬السخاوي‪ /‬الضوء اللمع‪ ،7/234 :‬الشوكاني‪ /‬البدر الطالع‪:[.(2/169 :‬‬
‫قال ‪ -‬بعد حسسديثه عسسن فسسرق الشسسيعة وعقسسائدهم ‪" :-‬ل يخفسسى علسسى كسسل ذي‬
‫بصيرة وفهم من المسلمين أن أكثر ما قدمناه في الباب قبله من عقسسائد هسسذه‬
‫الطائفة الرافضة على اختلف أصنافها كفسسر صسسريح‪ ،‬وعنسساد‪ ،‬مسسع جهسسل قبيسسح ل‬
‫يتوقف الواقف عليه من تكفيرهم والحكم عليهم بسسالمروق مسسن ديسسن السسسلم"‬
‫]رسالة في الرد على الرافضة‪ :‬ص ‪.[.200‬‬
‫أبو المحاسن يوسف الواسطي ]يوسف الجمسسال أبسسو المحاسسسن الواسسسطي مسسن‬
‫علماء القرن التاسع‪) .‬انظر‪ :‬السخاوي‪ /‬الضوء اللمع‪:[.(339-10/338 :‬‬
‫وقد ذكر جملة من مكفراتهم‪ ،‬فمنها قوله‪:‬‬
‫"إنهم يكفرون بتكفيرهم لصحابة سول الله صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم الثسسابت‬
‫س{‬ ‫داءَ َ َ‬ ‫كوُنوا ْ ُ‬ ‫تعديلهم وتزكيتهم في القرآن بقوله تعالى‪} :‬ل ّت َ ُ‬
‫على الّنا ِ‬ ‫ه َ‬
‫ش َ‬
‫فِإن‬‫]البقسسرة ‪ [143‬وبشهادة الله تعسسالى لهسسم أنهسسم ل يكفسسرون بقسسوله تعسسالى‪َ } :‬‬
‫ن{ ]النعام ‪.[89‬‬ ‫ري َ‬
‫ف ِ‬
‫كا ِ‬ ‫سوا ْ ب ِ َ‬
‫ها ب ِ َ‬ ‫ما ل ّي ْ ُ‬
‫و ً‬
‫ق ْ‬ ‫وك ّل َْنا ب ِ َ‬
‫ها َ‬ ‫ف َ‬
‫قد ْ َ‬ ‫ء َ‬ ‫هق ُ‬
‫ؤل ِ‬ ‫ها َ‬ ‫ي َك ْ ُ‬
‫فْر ب ِ َ‬
‫ويكفرون باستغنائهم عن حج بيت الله الحرام بزيارة قبر الحسسسين لزعمهسسم‬
‫أنها تغفر الذنوب وتسميتهم لها بالحج الكسسبر‪ ،‬ومسسن ذلسسك أنهسسم يكفسسرون بسسترك‬
‫جهاد الكفار والغزو لهم الذي يزعمون أنه ل يجوز إل مع المام المعصسسوم وهسسو‬
‫غائب" ]المناظرة بين أهل السنة والرافضة‪ /‬الورقة ‪) 66‬مخطوط(‪.[.‬‬
‫"وأنهم يكفرون بإعابتهم السنن المتواتر فعلهسسا عسسن النسسبي صسسلى اللسسه عليسسه‬
‫وسلم من الجماعة والضحى والوتر والرواتسسب قبسسل المكتوبسسات مسسن الصسسلوات‬
‫الخمس وبعسسدها‪ ،‬وغيسسر ذلسسك مسسن السسسنن المؤكسسدات" ]المنسساظرة بيسسن أهسسل السسسنة‬
‫والرافضة‪ /‬الورقة ‪) 67‬مخطوط(‪.[.‬‬
‫علي بن سلطان بن محمد القاري ]علي بن سلطان بن محمد الهسسروي المعسسروف‬
‫بالقاري الحنفي‪ ،‬أحد صدور العلم‪ ،‬ألف التآليف الكثيرة النافعة منها‪ :‬شرحه المشكاة وهو أكبرهسسا‪،‬‬
‫وشرح الشفاء‪ ،‬والنخبة وغيرها‪ .‬توفي سنة )‪1014‬هس(‪.‬‬
‫)انظر‪ :‬خلصة الثر‪ ،186-3/185 :‬البدر الطالع‪:[.(446-1/445 :‬‬
‫قال‪" :‬وأما من سب أحدا ً من الصحابة فهسسو فاسسسق ومبتسسدع بالجمسساع إل إذا‬
‫اعتقد أنه مباح كما عليه بعض الشيعة وأصحابهم‪ ،‬أو يترتب عليه ثواب كما هسسو‬
‫دأب كلمهم أو اعتقد كفسسر الصسسحابة وأهسسل السسسنة فسسإنه كسسافر بالجمسساع" ]شسسم‬
‫العوارض في ذم الروافض‪ /‬الورقة ‪ 6‬أ )مخطوط([‪.‬‬
‫‪701‬‬
‫ثم ساق مجموعة من الدلة من الكتاب والسنة تتضمن الثناء على الصسسحابة‬
‫رضوان الله عليهم‪ ،‬واستنبط منها كفر الرافضة في مذهبها في الصحابة" ]شسسم‬
‫العوارض في ذم الروافض‪ /‬الورقة ‪.[254-252‬‬
‫ثم ذكر بأن من مكفرات الرافضة ما يدعونه في كتاب الله من نقص وتغيير‪،‬‬
‫وعرض بعض أقوالهم في ذلك ]شم العوارض في ذم الروافض‪ /‬الورقة ‪ 259‬أ[‪.‬‬
‫محمد بن عبد الوهاب ]محمد بن عبد الوهاب بن سسسليمان بسسن أحمسسد التميمسسي النجسسدي‪،‬‬
‫المام المجدد للسلم في الجزيرة العربية في القرن الثاني عشر من الهجرة‪ ،‬كسسانت دعسسوته إلسسى‬
‫التوحيد الخالص ونبذ البدع هي الشعلة الولى لليقظة الحديثة في العالم السسسلمي كلسسه‪ ،‬تسسأثر بهسسا‬
‫رجال الصلح في الهند‪ ،‬ومصر والعراق والشام وغيرها‪ .‬توفي ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬سنة )‪1206‬هس(‪.‬‬
‫)انظر‪ :‬عبد العزيز بن باز‪ /‬الشيخ محمسد بسن عبسد الوهساب دعسوته وسسيرته‪ /‬وسسليمان النسدوي‪/‬‬
‫محمد بن عبد الوهاب مصلح مظلوم ومفترى عليه‪ ،‬وبهجة الثري‪ /‬محمسد بسن عبسد الوهساب داعيسة‬
‫التوحيد والتجديد في العصر الحديث وغيرها‪ .‬وانظر‪ :‬أحمد أميسسن‪ /‬زعمسساء الصسسلح‪ :‬ص ‪ ،10‬مجلسسة‬
‫الزهراء‪:[.(98-3/82 :‬‬
‫حكم المام محمد بن عبد الوهاب على جملة من عقائد الثني عشرية بأنهسسا‬
‫كفر‪ ،‬ومن ذلك قال ‪ -‬رحمه اللسه ‪ -‬بعسد أن عسرض عقيسدة الثنسي عشسرية فسي‬
‫سب الصحابة ولعنهم‪ ،‬وما قاله الله ورسوله في الثناء عليهم ‪ -‬قال‪:‬‬
‫"فإذا عرفسست أن آيسات القسسرآن تكسساثرت فسسي فضسسلهم‪ ،‬والحساديث المتسسواترة‬
‫بمجموعهسسا ناصسسة علسسى كمسسالهم؛ فمسسن اعتقسسد فسسسقهم أو فسسسق مجمسسوعهم‪،‬‬
‫وارتدادهم وارتداد معظمهم عن الدين‪ ،‬أو اعتقد حقية سبهم وإباحته‪ ،‬أو سبهم‬
‫مع اعتقاد حقيسسة سسسبهم‪ ،‬أو حليتسسه فقسسد كفسسر بسسالله تعسسالى ورسسسوله‪ ...‬والجهسسل‬
‫بالتواتر القاطع ليس بعذر‪ ،‬وتأويله وصرفه من غير دليل معتبر غير مفيد‪ ،‬كمن‬
‫أنكر فرضية الصلوات الخمس جهل ً لفرضيتها‪ ،‬فإنه بهسسذا الجهسسل يصسسير كسسافرًا‪،‬‬
‫وكذا لو أولها على غير المعنى الذي نعرفه فقد كفسسر‪ ،‬لن العلسسم الحاصسسل مسسن‬
‫نصوص القرآن والحاديث الدالة على فضلهم قطعي‪.‬‬
‫ومن خص بعضهم بالسب فسسإن كسسان ممسسن تسسواتر النقسسل فسسي فضسسله وكمسساله‬
‫كالخلفاء فإن اعتقد حقية سبه أو إباحته فقد كفر لتكذيبه مسسا ثبسست قطعيسا ً عسسن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم ومكذبه كافر‪ ،‬وإن سبه من غير اعتقاد حقية‬
‫سبه أو إباحته فقد تفسق؛ لن سباب المسلم فسوق‪ ،‬وقد حكسسم بعسسض فيمسسن‬
‫سب الشيخين بالكفر مطلقًا‪.‬‬
‫وإن كان ممن لم يتواتر النقل في فضله وكماله‪ ،‬فالظسساهر أن سسسابه فاسسسق‬
‫إل أن يسبه من حيث صحبته لرسول الله صسسلى اللسسه عليسسه وسسسلم‪ ،‬فسسإن ذلسسك‬
‫كفر‪.‬‬
‫وغالب هؤلء الرافضة الذين يسبون الصحابة يعتقسسدون حقيسسة سسسبهم أو إبسساحته‬
‫بل وجسوبه‪ ،‬لنهسم يتسقربون بذلك إلى الله تعسالى ويرون ذلسسك مسسن أجسسل أمسسور‬
‫دينهم" ]رسالة في الرد على الرافضة‪ :‬ص ‪] .[.19-18‬بل تجاوزوا أمر السب إلسسى التكفيسسر‪ ،‬بسسل‬
‫قالوا بأن من اعتقد في أبي بكر وعمر السلم فل ينظر الله إليه ول يكلمه وله عذاب أليم )انظر‪:‬‬
‫ص ‪ 724‬من هذه الرسالة(‪.‬‬
‫فشناعاتهم في أمر الصحابة تزيد وتغلو على مر اليام حتى استقرت اليوم على الغلو السسذي مسسا‬
‫بعده شيء‪.[.‬‬
‫ثم قال ‪ -‬رحمه الله ‪" :-‬وما صح عسسن العلمسساء مسسن أنسسه ل يكفسسر أهسسل القبلسسة‬
‫فمحمول على من لم يكسسن بسسدعته مكفسسرة‪ ..‬ول شسسك أن تكسسذيب رسسسول اللسسه‬
‫صلى الله عليه وسلم فيما ثبت عنه قطعا ً كفر‪ ،‬والجهسسل فسسي مثسسل ذلسسك ليسسس‬
‫بعذر" ]رسالة في الرد على الرافضة‪ :‬ص ‪.[.20‬‬

‫‪702‬‬
‫وقال – رحمه الله – بعد عرض ما جاء في كتبهم من دعواهم نقسسص القسسرآن‬
‫وتغييره‪" :‬يلزم من هذا تكفير الصحابة حتى علي‪ ،‬حيث رضوا بذلك‪ ...‬وتكذيب‬
‫ن‬ ‫زيق ٌ‬ ‫خل ْ ِ‬ ‫ه ال َْباطِ ُ‬ ‫ْ‬
‫مق ْ‬ ‫ل ّ‬ ‫ه َتن ِ‬
‫فق ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ول ِ‬ ‫ه َ‬‫ن ي َدَي ْ ِ‬‫من ب َي ْ ِ‬ ‫ل ِ‬ ‫قوله تعالى‪} :‬ل ي َأِتي ِ‬
‫وإ ِّنققا َلقق ُ‬
‫ه‬ ‫ن ن َّزل َْنققا الققذّك َْر َ‬
‫حقق ُ‬
‫د{ ]فصسسسلت ‪ [42‬وقسسوله‪} :‬إ ِّنققا ن َ ْ‬ ‫ميقق ٍ‬
‫ح ِ‬‫كيققم ٍ َ‬‫ح ِ‬ ‫َ‬
‫ن{ ]الحجر ‪ .[9‬ومن اعتقد عدم صحة حفظه من السقاط‪ ،‬واعتقد ما‬ ‫ُ‬
‫فظو َ‬ ‫حا ِ‬‫لَ َ‬
‫ليس منه أنه فقد كفر" ]رسالة في الرد على الرفضة‪ :‬ص ‪.[.15-14‬‬
‫وقال الشسسيخ ‪ -‬رحمسسه اللسسه ‪ -‬فيمسسن اتخسسذ بينسسه وبيسسن اللسسه وسسسائط‪ ...‬كحسسال‬
‫الرافضة في أئمتهسسا‪" :‬ومسسن جعسسل بينسسه وبيسسن اللسسه وسسسائط يسدعوهم ويسسسألهم‬
‫ا" ]رسالة نواقض السسسلم‪ :‬ص ‪) 283‬ضسسمن الجسسامع‬ ‫الشفاعة‪ ،‬ويتوكل عليهم كفر إجماع ً‬
‫الفريد ط‪ :‬الجميح(‪.[.‬‬
‫وكذلك قال بأن من فضل الئمة على النبيسساء كفسسر بالجمسساع كمسسا نقلسسه غيسسر‬
‫واحد من أهل العلم ]رسسسالة فسسي السسرد علسسى الرافضسسة‪ :‬ص ‪ ،29‬وانظسسر‪ :‬ص ‪ 614‬مسسن هسسذا‬
‫الكتاب‪.[.‬‬
‫شاه عبد العزيز الدهلوي ]عبد العزيز بن أحمد )ولسسي اللسسه( بسسن عبسسد الرحيسسم العمسسري‬
‫الفاروقي الملقب سراج الهند‪ ،‬قال محب الدين الخطيب‪" :‬كسسان كسسبير علمسساء الهنسسد فسسي عصسسره ‪،‬‬
‫وكان رحمه الله مطلعا ً على كتب الشيعة مبحرا ً فيها"‪ .‬توفي سنة )‪1239‬هس(‪.‬‬
‫)انظر‪ :‬العلم‪ ،4/138 :‬مقدمسة مختصسر التحفسة الثنسي عشسرية لمحسب السدين الخطيسب‪ /‬ص‪:‬‬
‫يب(‪:[.‬‬
‫قال ‪ -‬بعد دراسسسة مستفيضسسة لمسسذهب الثنسسي عشسسرية مسسن خلل مصسسادرهم‬
‫المعتمدة قال‪" :‬ومن استكشف عقائدهم الخبيثسسة ومسسا انطسسووا عليسسه؛ علسسم أن‬
‫ليس لهم في السلم نصيب وتحقق كفرهم لديه" ]مختصر التحفة الثني عشرية‪ :‬ص‬
‫‪.[.300‬‬
‫محمد بن علي الشوكاني ]المام محمد بن علي بسسن محمسسد بسسن عبسسد اللسسه الشسسوكاني‪،‬‬
‫علمة اليمن‪ ،‬صاحب فتح القسسدير‪ ،‬ونيسسل الوطسسار وغيرهمسسا مسسن المؤلفسسات النافعسسة‪ .‬تسسوفي سسسنة )‬
‫‪1250‬هس(‪.‬‬
‫)انظر في ترجمته‪ :‬البدر الطالع‪:[.(225-2/214 :‬‬
‫قال‪ :‬إن أصل دعوة الروافض كياد الدين‪ ،‬ومخالفة شريعة المسلمين‪.‬‬
‫والعجب كل العجب من علماء السلم‪ ،‬وسلطين الدين‪ ،‬كيف تركوهم علسسى‬
‫هذا المنكر البالغ في القبح إلى غايته ونهايته‪ ،‬فإن هؤلء المخذولين لمسسا أرادوا‬
‫رد هذه الشريعة المطهرة ومخالفتها طعنوا في أعراض الحاملين لها‪ ،‬السسذين ل‬
‫طريق لنا إليها إل من طريقهم‪ ،‬واستزلوا أهل العقول الضسسعيفة بهسسذه الذريعسسة‬
‫الملعونة‪ ،‬والوسيلة الشيطانية‪ ،‬فهسسم يظهسسرون السسسب واللعسسن لخيسسر الخليقسسة‪،‬‬
‫ويضمرون العناد للشريعة‪ ،‬ورفع أحكامها عن العباد‪.‬‬
‫وليس في الكبائر أشنع من هذه الوسيلة إل ما توسلوا بهسسا إليسسه‪ ،‬فسسإنه أقبسسح‬
‫منها‪ ،‬لنه عناد لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم ولشريعته‪.‬‬
‫فكان حاصل ما هم فيه من ذلك أربع كبائر كل واحدة منها كفر بواح‪:‬‬
‫الولى‪ :‬العناد لله عز وجل‪.‬‬
‫والثانية‪ :‬العناد لرسول صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫والثالثة‪ :‬العناد لشريعتهم المطهرة ومحاولة إبطالها‪.‬‬
‫والرابعسسة‪ :‬تكفيسسر الصسسحابة رضسسي اللسسه عنهسسم‪ ،‬الموصسسوفين فسسي كتسساب اللسسه‬
‫سبحانه بأنهم أشداء على الكفار‪ ،‬وأن الله تعالى يغيسسظ بهسسم الكفسسار‪ ،‬وأنسسه قسسد‬
‫رضي عنهم‪ ،‬مع أنه قد ثبت في هذه الشسسريعة المطهسرة أن مسسن كفسر مسسلما ً‬

‫‪703‬‬
‫كفر كما في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليسسه‬
‫وسلم قال‪" :‬إذا قال الرجل لخيه‪ :‬يا كفر‪ ،‬فقققد بققاء بهمققا أحققدهما‪،‬‬
‫فإن كان كما قال وإل رجعت عليه" ]الحديث بنحوه فسسي صسسحيح البخسساري‪ ،‬كتسساب‬
‫الدب‪ ،‬باب من كفر أخاه من غير تأويل فهو كما قال‪ :‬ج‪ ،‍7/97‬ومسلم‪ ،‬كتاب اليمسسان‪ ،‬بسساب بيسسان‬
‫حال إيمان من قال لخيه المسلم‪ :‬يسسا كسافر‪ ،1/79 :‬وأبسي داود كتسساب السسنة‪ ،‬بساب زيسادة اليمسان‬
‫ونقصانه‪) 5/64 :‬ح ‪ (4687‬والترمذي كتاب اليمان‪ ،‬باب ما جاء فيمن رمى أخسساه بكفسسر‪) 5/22 :‬ح‬
‫‪ ،(2637‬ومالك في الموطأ‪ ،‬كتاب الكلم‪ ،‬باب ما يكره من الكلم‪ :‬ص ‪ ،984‬وأحمسسد‪،2/18 :‬سس ‪،23‬‬
‫‪ ،47 ،44‬والطيالسي‪ :‬ص ‪) 252‬ح ‪.{.(1842‬‬
‫وبهذا يتبين أن كل رافضي خبيث يصير كافرا ً بتكفيره لصحابي واحد‪ ،‬فكيسسف‬
‫بمن كفر كل الصحابة‪ ،‬واستثنى أفرادا ً يسيرة تغطية لما هسسو فيسسه مسسن الضسسلل‬
‫على الطغام الذين ل يعلقون الحجج؟! ]الشسسوكاني‪ /‬نسسثر الجسسوهر علسسى حسسديث أبسسي ذر‪،‬‬
‫الورقة‪) 16-15 :‬مخطوط(‪.[.‬‬
‫شيوخ وعلماء الدولة العثمانية‪:‬‬
‫نقل زين العابدين بسسن يوسسسف السسسكوبي فسسي رسسسالة كتبهسسا أيسسام السسسلطان‬
‫العثماني محمد خان بن السسلطان إبراهيسم خسان أن علمساء الدولسة المتسأخرين‬
‫جميعا ً أفتوا بكفرهم ]السكوبي‪ /‬الرد على الشيعة‪ :‬الورقة ‪5‬ب‪.[.‬‬
‫علماء ما وراء النهر ]ما وراء النهر‪ :‬يراد نهر جيحون بخراسان‪ ،‬فما كسسان فسسي شسسرقيه‬
‫يقال له بلد الهياطلة‪ ،‬وفي السلم سموه ما رواء النهر‪ ،‬وما كان في غربيه فهو خراسسسان ووليسسة‬
‫خوارزم‪) .‬معجم البلدان‪:[.(5/45 :‬‬
‫قال اللوسي ‪ -‬صاحب التفسير ‪" :-‬ذهب معظسسم علمسساء مسسا وراء النهسسر إلسسى‬
‫كفر الثني عشرية وحكموا بإباحة دمائهم وأموالهم وفروج نسائهم‪ ،‬حيث إنهسسم‬
‫يسبون الصحابة رضي الله عنهم ل سيما الشيخين وهمسسا السسسمع والبصسسر منسسه‬
‫عليه الصلة والسلم‪ ،‬وينكرون خلفة الصديق‪ ،‬ويقذفون عائشسسة أم المسسؤمنين‬
‫رضي الله عنها مما برأها الله تعالى منسسه‪ ،‬ويفضسسلون بأسسسرهم عليسا ً كسسرم اللسسه‬
‫وجه‪ ..‬على غير أولي العزم مسسن المرسسسلين‪ ،‬ومنهسسم مسسن يفضسسله عليسسه أيضسًا‪..‬‬
‫ويجحدون سلمة القرآن العظيم من الزيادة والنقسسص" ]نهسسج السسسلمة‪ :‬ص ‪ ،29‬س ‪30‬‬
‫)مخطوط(‪.[.‬‬
‫هذه بعض فتاوى أئمة المسلمين وعلمائهم في هذه المسألة‪.‬‬
‫وأكتفي بهذا القدر‪ ،‬وفسسي الكتسسب الفقهيسسة أقسسوال كسسثيرة فسسي تكفيرهسسم‪ ،‬يمكسسن‬
‫الرجوع إليها بيسر ولذا ل داعي لذكرها ]انظر ‪ -‬مثل ً ‪ -‬العقود الدرية فسسي تنقيسسح الفتسساوى‬
‫الحامدية لبن عابدين‪ ،‬وقد ساق فيها فتوى الشيخ نوح الحنفي‪ ،‬حيث كفرهم لوجسسوه كسسثيرة‪ ،‬وهسسي‬
‫فتوى طويلة )انظر‪ :‬العقود الدرية‪ :‬ص ‪ .(92‬وكذلك ذكر ما قاله أبسسو السسسعود المفسسسر ونقسسل فيسسه‬
‫إجماع علمائهم على تكفيرهم )المصدر السابق‪ :‬ص ‪.(93‬‬
‫وفي الفتاوى البزازية للشيخ محمد بن شهاب المعروف بابن البزاز المتوفى سنة )‪827‬هسسس( قسسال‪:‬‬
‫يجب إكفار الكيسانية في إجازتهم البداء علسسى اللسسه تعسسالى‪ ،‬وإكفسسار الروافسسض فسسي قسسولهم برجعسسة‬
‫الموات‪ ..‬إلخ‪) .‬الفتاوى البزازية المطبوعة على هامش الفتاوى الهندية‪.(6/318 :‬‬
‫وفي الشباه والنظائر لبن نجيم قال‪ :‬سب الشيخين ولعنهما كفر‪) .‬الشباه والنظائر ص ‪.(190‬‬
‫وانظر‪ :‬نواقض الروافض لمخدوم الشيرازي حيث ساق أقوال أصحاب المذاهب الربعة في تكفير‬
‫الرافضة‪ /‬الورقة‪187 :‬أ وما بعدها‪ ،‬وتكفير الشيعة‪ ،‬لمطهر بن عبد الرحمن بن إسماعيل‪ /‬الورقسسة‪:‬‬
‫‪.[.51‬‬
‫ويلحظ هنا عدة أمور‪:‬‬
‫أو ً‬
‫ل‪ :‬إن هسسذا حكمهسسم ‪ -‬رحمسسة اللسسه عليهسسم ‪ -‬قبسسل انتشسسار كتسسب الروافسسض‪،‬‬
‫ومجاهرتهم بعقائدهم بمثل ما هسسو واقسسع اليسسوم‪ ..‬ولهسسذا تضسسمنت صسسفحات هسسذا‬
‫البحث عقائد للثني عشسسرية كسسان ينسسسبها علمسساء السسسلم للقرامطسسة الباطنيسسة‬

‫‪704‬‬
‫كمسألة نقص القرآن وتحريفه‪ ،‬والذي استفاض أمرها في كتبهم‪ ،‬وكذلك جملة‬
‫مما جاء في اعتقادهم في أصول الدين‪ ،‬وهناك عقائد لم تكن معروفة كعقيسسدة‬
‫الطينة ونحوها‪..‬‬
‫ومعنى هذا أن حكمهم اليوم عليهم أشد‪.‬‬
‫ثانيا ً أن الرافضة المتأخرين والمعاصرين جمعوا أخس المذاهب وأخطرها‪..‬‬
‫جمعوا مقالة القدرية في نفي القدر‪ ،‬والجهمية فسي نفسسي الصسفات‪ ،‬وقسسولهم‬
‫إن القرآن مخلوق‪ ،‬والصوفية ‪ -‬عنسسد جملسسة مسسن رؤسسساء مسسذهبهم ‪ -‬فسسي ضسسللة‬
‫الوحدة والتحسساد‪ ،‬والسسسبيئة فسسي تسسأليه علسسي‪ ،‬والخسسوارج والوعيديسسة فسسي تكفيسسر‬
‫المسلمين‪ ،‬والمرجئة في قولهم‪ :‬إن حب علي حسنة ل يضر معها سسسيئة‪ ..‬بسسل‬
‫ساروا في سبيل أهل الشرك في تعظيم القبور‪ ،‬والطواف حولها‪ ،‬بل ويصسسلون‬
‫إليها مستدبرين القبلة‪ ،‬إلى غير ذلسسك ممسسا هسسو عيسسن مسسذهب المشسسركين ]انظسسر‬
‫تفصيل ذلك كله وإثبات أن الثني عشرية تقول بهذه المذاهب‪ ،‬الباب الثاني مسسن هسسذه الرسسسالة‪ ،‬و‬
‫ص‪ (1069) :‬وما بعدها‪.[.‬‬
‫فهل يبقى بعد ذلك شك فسي أن هسذه الطائفسسة ارتضست لنفسسسها مسسذهبا ً غيسسر‬
‫مذهب المسلمين؟! فهم إن شهدوا الشهادتين إل أنهم نقضسسوا بنسسواقض كسسثيرة‬
‫كما ترى‪.‬‬
‫لكن مما يجب مراعاته حسب منهج أهل السنة في التكفير "أن هذه القوال‬
‫التي يقولونها والتي يعلم أنها مخالفة لما جاء الرسول صلى اللسسه عليسسه وسسسلم‬
‫هي كفر‪ ،‬وكذلك أفعالهم التي هي مسسن جنسسس أفعسسال الكفسسار بالمسسسلمين هسسي‬
‫أيضا ً كفر‪ ..‬لكن تكفير الواحد المعين من أهل القبلة والحكم بتخليده في النسسار‬
‫موقوف على ثبوت شروط التكفير‪ ،‬وانتفاء موانعه؛ فإنا نطلق القول بنصسسوص‬
‫الوعد والوعيد والتكفير والتفسيق ول يحكسسم للمعيسسن بسسدخوله فسسي ذلسسك العسسام‬
‫حتى يقوم فيه المقتضي الذي ل معارض له‪ ،‬ولهذا ل يكفر العلماء من اسسستحل‬
‫شيئا ً من المحرمات لقرب عهده بالسلم أو لنشسسأته بباديسسة بعيسسدة‪ ،‬فسسإن حكسسم‬
‫الكفر ل يكون إل بعد بلوغ الرسالة‪ ،‬ومن هسسؤلء مسسن ل يكسسون بلغتسسه النصسسوص‬
‫المخالفة لما يراه‪ ،‬ول يعلم أن الرسول بعث بذلك‪ ،‬فيطلق أن هذا القول كفر‪،‬‬
‫ويكفر من قامت عليه الحجة السستي يكفسسر تاركهسسا دون غيسسره" ]الفتسساوى‪-28/500 :‬‬
‫‪ ،501‬وانظر لتفصيل هذه المسألة‪ :‬الفتاوى‪ 12/466 :‬وما بعدها‪ 23/345 ،‬وما بعدها‪.[.‬‬

‫الخاتمة‬
‫الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات‪ ،‬والصلة والسلم على مسسن ختسسم اللسسه‬
‫به النبوات‪ ،‬وعلى آله وصحبه الذين كان ولؤهم وتشيعهم لمحمد بن عبسسد اللسسه‬
‫صلى الله عليه وسلم وللحق الذي جاء به‪ ،‬وكانوا بنعمة الله إخوانسا ً فسسي جميسسع‬
‫الوقات‪.‬‬
‫لقد أمضيت أكثر من أربسسع سسسنوات أقلسسب النظسسر فسسي مسسسائل هسسذا البحسسث‪،‬‬
‫وأجمع مادته العلمية من مصسسادر الشسسيعة المعتمسسدة وغيرهسسا وأرتبهسسا وأصسسوغها‬
‫وأدرسها وأنقذها‪ ،‬وكم هي معاناة أن تقرأ وتستمع لقوم أشقاهم الله فأضسسلهم‬
‫وأعمى أبصارهم فصاروا يتبعون إماما ً معدومًا‪ ،‬ويقولون بكتاب موهوم‪ ،‬وجعفر‬
‫مزعوم‪ ،‬وأساطير أخرى‪ ،‬وتقدح أخبارهم في كتاب أنزله الله وحفظسسه‪ ،‬وأجمسسع‬
‫عليه المسلمون عبر القرون‪ ،‬وفي سنة عن المصطفى صلى الله عليه وسسسلم‬
‫جمعتها المة‪ ،‬وبذلت الجهود في حفظهسسا‪ ،‬وينبسسذون إجمسساع السسسلف‪ ،‬ويأخسسذون‬

‫‪705‬‬
‫بقول طائفة مجهولة تحسبا ً أن يكون المهدي خسرج مسن مخسسبئه متنكسسرا ً وأدلسسى‬
‫بصوته معهم‪.‬‬
‫ويكفرون صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم السسذين رضسسي اللسسه عنهسسم‬
‫ورضسسوا عنسسه‪ ،‬وجاهسسدوا فسسي سسسبيله‪ ،‬ونشسسروا كلمسسة اللسسه فسسي الرض تصسسديقا ً‬
‫لمفتريات نسبها بعض الزنادقة لهل البيت‪.‬‬
‫فحمدا ً لله سبحانه على نعمة العقل‪ ،‬واليمان واليقين‪.‬‬
‫وفي نهاية هذا البحث لبد من وقفة نستجمع فيها بعض حصاده ونعرض فسسي‬
‫تركيز جوانب من معالمه في النقاط التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬أن المعنى اللغوي للتشيع هو النصسسرة والمتابعسسة‪ ،‬وهسسذا المعنسسى ل يتسسوفر‬
‫في مدعي التشيع اليوم‪ ،‬ومن قبل اليوم في الغالب‪ ،‬فهم الرافضة كم سماهم‬
‫السلف‪ ،‬أو المنتسبون للتشيع‪ ،‬وليسوا شيعة على الحقيقة‪.‬‬
‫‪ -2‬لفظ التشيع لم يرد في القرآن غالبا ً إل على سبيل السسذم‪ .‬ولسسم يسسأت فسسي‬
‫السنة ذكر لهذه الفرقة على وجه التخصيص إل في روايسسات ضسسعيفة جسساء فيهسسا‬
‫ذكر الرافضة على سبيل الذم أيضًا‪.‬‬
‫‪ -3‬إن الشيعة أطوار‪ ،‬وفرق‪ ،‬ودرجات ما بين إغراق في الغلو واقتصاد فيسسه‪،‬‬
‫ولذا كان للغلو في التشيع مفهوم عند السلف يختلف عمن بعدهم‪ ،‬بل تبين أن‬
‫جملة من عقائد شيعة هذا العصر هي من الغلو في التشيع عنسسد أسسسلفهم مسسن‬
‫شيعة القرن الرابع‪ ،‬فكيف بالشيعة الولى‪.‬‬
‫وتعريسسف الشسسيعة إذن مرتبسسط بسسأطوار نشسسأتهم‪ ،‬ومراحسسل التطسسور العقسسدي‬
‫دم عليسا ً علسسى عثمسسان‪ ..‬ولكسسن‬ ‫عندهم‪ ،‬ولذا كان الشيعي فيما مضى هو من يقس ّ‬
‫بعد اعتماد شيوخ الشيعة كتب الكليني والقمي والمجلسسسي وأضسسرابهم مصسسادر‬
‫في التلقي شاع الغلو في الشيعة‪ ،‬واسسستقر مركبهسسا علسسى التطسسرف والشسسطط‬
‫حتى رأينا أكبر مراجعهم في هذا العصر "الخوئي" يوثق روايات إبراهيم القمي‬
‫في تفسيره مع ما فيه من كفر‪.‬‬
‫ويكفي أن يطلع كل متشكك فسسي أمسسر الشسسيعة ‪ -‬اليسسوم ‪ -‬علسسى هسسذا الكتسساب‬
‫الموثق عندهم ليرى أن شيعة اليوم ارتضت لنفسها دينا ً غير السلم‪.‬‬
‫‪ -4‬إن المنتسبين للتشيع قسسد أخسسذوا مسسن مسسذاهب الفسسرس والسسروم واليونسسان‬
‫والنصارى واليهود وغيرهم أمورا ً مزجوها بالتشيع مصسسداقا ً لمسسا أخسسبر بسسه النسسبي‬
‫صلى الله عليه وسلم من اتباع بعض هذه المة سنن من كان قبلهم‪.‬‬
‫وقد بدأت محاولة إدخال بعض هذه الصول إلى المجتمعات السسسلمية علسسى‬
‫يد )ابن سبأ( وأتباعه‪ ،‬فلم يجد لهسسا مكانسا ً فسسي أمصسسار المسسسلمين‪ ،‬إل عنسسد فئة‬
‫قليلة بالكوفة‪ ..‬إل أن ما جرى من أحداث على بعض أهل السسبيت كمقتسسل علسسي‬
‫والحسين سهل لهم مهمة إشاعتها في العالم السلمي تحت ستار التشيع‪.‬‬
‫‪ -5‬افترقت الشيعة إلى فرق كسسثيرة حسستى ذكسسر بعضسسهم أنهسسا بلغسست ثلثمسسائة‬
‫فرقة‪ ،‬وقد انحصرت اليوم في ثلثة اتجاهات‪ :‬السسسماعيلية‪ ،‬والزيديسسة‪ ،‬والثنسسي‬
‫عشرية وهي أكبرها وأكثرها عددًا‪.‬‬
‫ولقد لحظت مسألة جديرة بالهتمام والتتبع في بحث مستقل وهسسي أنسسه مسسا‬
‫من رأي وجد لفرقة شيعية ظهرت في التاريخ في مختلف مراحله إل وتجد مسسا‬
‫يشهد لسسه فسي الغسالب فسي مصسادر الثنسسي عشسرية اليسوم حسستى آراء ابسن سسبأ‬
‫والمختار ابن أبي عبيد‪ ،‬وبيان بسسن سسسمعان‪ ،‬والمغيسسرة بسسن سسسعيد وغيرهسسم مسسن‬
‫رؤوس الغلة‪.‬‬

‫‪706‬‬
‫‪ -6‬الثنسسا عشسسرية تلقسسب بالرافضسسة‪ ،‬والجعفريسسة‪ ،‬والماميسسة‪ ،‬وكسسانوا يسسسمون‬
‫بالقطعية والموسوية‪ ،‬وذهب جمع إلى أن مصطلح الشسسيعة إذا أطلسسق اليسسوم ل‬
‫ينصرف إل إليهم‪ .‬وانبثق من الثني عشرية فرق كثيرة‪ :‬كالشيخية‪ ،‬والكشسسفية‪،‬‬
‫والبابية‪ ،‬وغيرها‪.‬‬
‫‪ -7‬سار الشيعة للستدلل على شذوذهم في كل اتجاه‪.‬‬
‫فمرة يزعمون أن ما يدل علسى مسسذهبهم مسسن آيسات فسسي القسسرآن قسسد حسسذفها‬
‫الصحابة‪.‬‬
‫وتارة يلجؤون إلى تأويلت باطنية ما أنزل الله بها من سلطان‪.‬‬
‫وحينا ً يزعمون نزل كتب إلهية على الئمة للدللة على مذهبهم‪.‬‬
‫وأحيانا ً يتعلقون بروايات من طرق أهل السنة وهي إما كذب‪ ،‬أو ل تدل على‬
‫ما يزعمون‪ ،‬ولهم وسائل ماكرة في هذا التجاه ل تدري اليهود بعشرها‪.‬‬
‫وهذا كله إنما يدل على عجز هذه الطائفة عن إثبات مذهبها بأصول شرعية‪.‬‬
‫‪ -8‬الشيعة منذ سنة )‪260‬هس( وهي ل تتبع إل معدوما ً ل وجود له‪ ،‬فهم شسسيعة‬
‫مشايخهم ل شيعة أهل السسبيت‪ ،‬أو هسسم أتبسساع الشسسياطين السسذين يتشسسكلون لهسسم‬
‫بصورة المام الغائب‪ ،‬كما استفاضت أحاديثهم بلقاء هذا المعدوم‪.‬‬
‫ولقد اجتمع شمل فرق الشيعة بالقول بهذا المعسسدوم لنسسه يخلصسسهم مسسن آل‬
‫البيت الذين كان منهم علماء وأتقياء بررة فضحوا أمسسر هسسؤلء المرتزقسسة السسذين‬
‫يأكلون أموال الناس بالباطل باسم آل البيت‪ ،‬ويبتدعون فسسي ديسسن اللسسه مسسا لسسم‬
‫ينزل به سسسلطانًا‪ ..‬وينسسسبونه للل‪ ..‬وبالتشسسيع لهسسذا المعسسدوم صسسارت السسسلطة‬
‫والمال والوجاهة للشيوخ ل للل‪.‬‬
‫‪ -9‬قالت الشيعة‪ :‬إن القرآن ليس بحجة إل بقيم وهو أحد الئمة الثني عشر‬
‫حتى إنها قالت‪ :‬إن المام هو القرآن الناطق‪ ،‬وكتاب الله هو القرآن الصسسامت‪،‬‬
‫وزعمت أن علم القرآن كله عند هذا القيم ل يشركه فيه أحد‪ ،‬فهو تفسيره بل‬
‫هو القرآن نفسه‪ ،‬ولسسذا لسسه حسسق تخصسسيص عسسام القسسرآن وتقييسسد مطلقسسه وبيسسان‬
‫مجمله ونسخ ما شاء منه‪ ..‬بل قد فوض المام في أمر الدين كله‪.‬‬
‫وزعمت أن لكل آيسسة معنسى باطنيسًا‪ ،‬ثسم قسالت‪ :‬لكسل آيسة سسسبعة بطسون‪ ،‬ثسم‬
‫طاشت تقديراتهم فقالت‪ :‬إن لكل آية سبعين بطنًا‪.‬‬
‫وادعت أن كتاب الله الذي أنزله الله ليهدي هذه المة إلى السستي هسسي أقسسوم‪،‬‬
‫فسسي كسسل جسسوانب حياتهسسا إنمسسا نسسزل فسسي الئمسسة الثنسسي عشسسر‪ ،‬وفسسي أعسسدائهم‪،‬‬
‫وأعداؤهم ‪ -‬في زعمهم ‪ -‬الصحابة رضوان الله عليهم‪.‬‬
‫ولذا فسرت آيات التوحيد والسلم وأركان اليمان‪ ،‬والحلل والحرام بالئمسسة‬
‫الثني عشر‪.‬‬
‫وفسرت الشرك والكفر‪ ،‬والفحشاء والمنكر‪ ،‬والبغي بالصحابة‪ ،‬ومن اتبعهسسم‬
‫من المؤمنين‪.‬‬
‫وتبين أن أصل هذه التأويلت يرجع للمغيسسرة بسسن سسسعيد وجسسابر الجعفسسي‪ ،‬ثسسم‬
‫سار على نهجهما غلة الروافض بعدهما فزادوا وبالغوا فسسي هسسذه حسستى وصسسلوا‬
‫إلى مرحلة لم تخطر ببال السابقين‪ ،‬وشيوخ هذا العصر يعدون هذه المسسدونات‬
‫التي حوت هذا "الغثاء" من أوثق مصادرهم‪.‬‬
‫‪ -10‬فرية "التحريف" ابتدأ القول بها الروافض فسسي القسسرن الثسساني‪ ،‬ونسسسبت‬
‫إلى هشام بن الحكم‪ ،‬وشيطان الطاق‪ ،‬وكان من أسسسبابها أنهسسم لسسم يجسسدوا مسسا‬

‫‪707‬‬
‫يقنعون به أتباعهم على مسسا يسسدعون‪ ،‬وذلسسك لخلسسو كتسساب اللسسه مسسن النسسص علسسى‬
‫أئمتهم وعقائدهم‪.‬‬
‫ولكن ما إن جاء القرن الرابع حتى رمتهم المة عن قوس واحسسدة وكفروهسسم‬
‫لسقوطهم في هذه الهاوية الشنيعة‪ ،‬فأعلن كبيرهم )ابن بابويه( براءة الشسسيعة‬
‫من هذه العقيدة‪ ،‬وأن من نسب إليهم ذلك فهو كسساذب‪ ،‬وتبعسسه ابسسن المرتضسسى‪،‬‬
‫والطوسي ثم الطبرسي‪.‬‬
‫ولذا فإن بعض أهل العلم ينسسسب هسسذه العقيسسدة إلسسى الباطنيسسة فسسي حيسسن أن‬
‫الباطنية لم تخص بهذه المقالة‪ ،‬والذي تولى كبرها وأكثر من الوضسسع فيهسسا هسسم‬
‫الثنا عشرية‪.‬‬
‫وقد سجلت هذه المقالة في أول كتاب ظهر لهم وهسسو السسذي يسسسمونه أبجسسد‬
‫الشيعة‪ ،‬وهو كتاب سليم بن قيس‪ ،‬والذي كشسسف بعسسض شسسيوخهم عسسن أمسسره‪،‬‬
‫وأنه موضوع‪ ،‬ومؤلفه مجهول‪.‬‬
‫‪ -11‬وفي السنة المطهرة كانت لهم أصول منكرة كقولهم‪ :‬إن المام يسسوحى‬
‫إليه‪ ،‬بل يأتيه خلق أعظم من جبريل الذي يسأتي رسسسول اللسه صسلى اللسه عليسه‬
‫وسلم‪ ،‬ومن سمع حديثا ً من أحد من الئمسسة لسسه أن يقسسول فيسسه‪ :‬قسسال اللسسه‪ ،‬لن‬
‫قولهم كقول الله‪ ،‬وطاعتهم طاعة الله‪.‬‬
‫وفيهم روح القدس التي بها "عرفوا ما تحت العرش إلسسى مسسا تحسست السسثرى"‪،‬‬
‫وبها يرون ما غاب عنهم في أقطار الرض‪ ،‬ومسسا فسسي عنسسان السسسماء‪ ،‬ويسسذهبون‬
‫إلى عرش الرحمن كل جمعة ليأخذوا من العلم ما شاؤوا‪.‬‬
‫وقالوا‪ :‬إن الله سبحانه يناجي عليا ً والئمة‪.‬‬
‫وهذا كله يسمى عندهم "العلم الحادث"‪ ،‬أمسسا العلسسم المزبسسور والسسذي ورثسسوه‬
‫عسسن الرسسسول فهسسي كتسسب وهميسسة كسسثيرة كالجامعسسة‪ ،‬والجعفسسر‪ ،‬وكتسساب علسسي‪،‬‬
‫والعبيطة‪ ،‬و"ديوان الشيعة" وغيرها‪.‬‬
‫وقسسالوا بسسأن عليسا ً اسسستمر يتلقسسى هسسذه العلسسوم والسسسرار والكتسسب فسسي حيسساة‬
‫الرسول صلى الله عليه وسلم‪ ،‬بل وبعد موته‪ ،‬من دون الصحابة أجمعين‪ ،‬فهسسو‬
‫الباب الوحيد لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ومن ادعسسى سسسماعا ً مسسن‬
‫غيره فقد أشرك‪.‬‬
‫واستمر الوحي اللهسسي عنسسدهم عسسن طريسسق الئمسسة لسسم ينقطسسع حسستى سسسنة )‬
‫‪260‬هس( وبعد ذلك استمر أيضسا ً قرابسسة أربسسع وسسسبعين سسسنة عسسن طريسسق نسسواب‬
‫المهدي‪ ،‬ثم بعد ذلك عن طريق الشيوخ الذين لهم صلة سرية بمهديهم‪ ،‬ولذلك‬
‫فإن شيوخهم يضعون بدعا ً جديدة حتى إن شيخ الدولة الصفوية علسسي الكركسسي‬
‫وضع مبدأ جواز السجود للمخلوق‪ ،‬ووضع لهم أيضا ً مبدأ السجود على التربة‪.‬‬
‫وشيخهم الخميني نقل عمليا ً وظائف المهدي كلها إليه وإلى دولته‪.‬‬
‫ولهم كتب جمعت هذا "الغثاء" واسسستقلوا بهسسا عسسن المسسسلمين وهسسي مصسسادر‬
‫أربعسسة‪ :‬الكسسافي‪ ،‬والتهسسذيب‪ ،‬والستبصسسار‪ ،‬ومسسن ل يحضسسره الفقيسسه‪ .‬ألحسسق بهسسا‬
‫المتأخرون أربعة أخرى هي‪ :‬الوافي‪ ،‬والبحار‪ ،‬والوسائل‪ ،‬ومسسستدرك الوسسسائل‪،‬‬
‫ثم أضافوا إليها عددا ً من كتب شيوخهم جعلوها في العتبار كالمصادر الربعة‪.‬‬
‫وكانوا يقبلون كل ما جاء في كتسسب أخبسسارهم‪ .‬حسستى جسساء شسسيخ السسسلم ابسسن‬
‫تيمية ورد على ابن المطهر الحلي ونعى على الشيعة جهلهسسم بالروايسسة‪ ،‬فوضسسع‬
‫ابن المطهر طريقة تقسيم أحاديثهم إلى صحيح وحسن وموثق وضعيف‪ ،‬وكسسان‬
‫الدافع لذلك هو اتقاء تعيير العامة لهم كما تبين ذلك أثناء النزاع الذي وقع بيسسن‬

‫‪708‬‬
‫الشسسيعة بسسسبب اختلفهسسم فسسي هسسذه المسسسألة حسستى انقسسسموا إلسسى أصسسوليين‬
‫وأخباريين‪ .‬وهذه نتيجة مهمة توصل إليها هذا البحث‪.‬‬
‫وقد اعترف أحد شيوخهم بأنهم إذا طبقوا علم الجرح والتعديل كأهل السسسنة‬
‫لم يبق من أحاديثهم شيء فليبحثوا عن مذهب آخر‪.‬‬
‫ورجسسال أحسساديثهم فيهسسم أسسسماء ل مسسسمى لهسسا‪ ،‬وأكسسثرهم ينتحسسل المسسذاهب‬
‫الفاسدة في نظر الثني عشرية نفسها‪ ،‬فهم في عداد الكفرة ولكنهسسم يقبلسسون‬
‫أخبارهم لنهم شيعة‪ ،‬أما أهل السنة والزيدية‪ ،‬وأهل البيت ما عدا الثني عشسسر‬
‫فهم يردون رواياتهم حتى رفضوا روايات زيد بن علي‪ .‬لكن المامي الذي على‬
‫مذهبهم يقبل قوله مهما كان حتى قال بعض شيوخهم‪" :‬بسسأن القسسدح فسسي ديسسن‬
‫الرجل ل يؤثر في صحة حديثه"‪.‬‬
‫والرافضة تقيم كل عقائدها ومبادئها على روايات من وضع هسسؤلء الفسساكين‪،‬‬
‫نسبوها للئمة‪ ،‬والئمة منها براء‪ ،‬إذ منهم مسسن هسسو خليفسسة راشسد يجسسب طسساعته‬
‫كالخلفاء قبله وهو علسسي‪ ،‬ومنهسسم مسسن هسسو مسسن أئمسسة العلسسم والسسدين كعلسسي بسسن‬
‫الحسين وأبي جعفر الباقر‪ ،‬وجعفر الصادق‪ ،‬ويجب لهم ما يجسسب لمثسسالهم مسسن‬
‫أئمة العلم والدين‪ ،‬ومنهم دون ذلك‪ ،‬ومنهم من ضعفه بعسسض أهسسل العلسسم وهسسو‬
‫الحسن العسكري‪ ،‬ومنهم معدوم ول وجود له وهو إمامهم المزعوم منذ سنة )‬
‫‪260‬هس( وكل ما ينسبونه لهم من غلو هو من اختراع زنادقة القرون البائدة‪.‬‬
‫‪ -12‬ول حجة عندهم بالجماع‪ ،‬ولسسو نسسسب لمسسامهم المعسسدوم بواسسسطة أحسسد‬
‫أبوابه قول‪ ،‬وخالفته المة كلها لكانت الحجة في قوله ل فسسي قسسول المسسة‪ ،‬بسسل‬
‫مخالفة المة أصل مقسرر فسي مسسذهبهم‪ ،‬حسستى قسالوا‪ :‬إن مسا خسالف المسة فيسسه‬
‫الرشاد‪ ،‬بل لو أطبقت الشيعة على قول‪ ،‬وخالفه فئة مجهولة منتسسسبة للتشسسيع‬
‫لكسسانت الحجسسة فسسي قسسول الطائفسسة المجهولسسة تحسسسبا ً منهسسم أن يكسسون مهسسديهم‬
‫المنتظر قد خرج متنكرا ً وشارك في الرأي مع تلك الطائفسسة‪ ،‬فكسسأن هسسذا يعنسسي‬
‫أن مذهبهم يتسع على مدى الزمان‪ ،‬لن يضع فيه شسسياطين النسسس والجسسن مسسا‬
‫يشاؤون ما دامت هذه الطائفة وضعت لنفسها هذا المبدأ‪.‬‬
‫‪ -13‬وفي اعتقادهم في أصول الدين ظهر أنهم جهميسسة فسسي نفسسي الصسسفات‪،‬‬
‫وقدرية في نفي القدر‪ ،‬ومرجئة في قولهم بسسأن اليمسسان معرفسسة المسسام وحبسسه‪،‬‬
‫ووعيديه بالنسبة لغيرهم‪ ،‬حيث يكفرون ما عدا طائفتهم‪.‬‬
‫كما تبين أنهسسم يشسسركون بسسالله سسسبحانه فسسي ربسسوبيته وألسسوهيته فسسي مسسسائل‬
‫عديدة‪.‬‬
‫وفي اعتقادهم بالكتب والرسل كان من أقوالهم فيها أن الئمة نزلت عليهسسم‬
‫كتسسب إلهيسسة‪ ،‬وعنسسدهم كتسسب النبيسساء يقرؤونهسسا ويحكمسسون بهسسا‪ ،‬ولهسسم معجسسزات‬
‫كالرسل‪ ،‬بل هم أفضل من الرسل وبهم تقوم الحجة على العباد‪.‬‬
‫وفي اليمان باليوم الخر قالوا‪ :‬إن الخرة للمسسام‪ ،‬وأن الجنسسة مهسسر فاطمسسة‪،‬‬
‫وأن الئمة يأكلون من الجنة فسسي السسدنيا‪ ،‬وأن حسسساب الخلسسق إلسسى الئمسسة يسسوم‬
‫القيامة‪.‬‬
‫وأن هناك جنة ونار يصسسير إليهسسا المسسوات غيسسر الجنسسة والنسسار السستي يسسؤمن بهسسا‬
‫المسلمون‪ ،‬وأن لقم بابا ً إلى الجنة وأهل قم ل يحشرون كسائر الناس‪.‬‬
‫‪ -14‬ولهم عقائد أخرى تفردوا بها أيضا ً عسسن المسسسلمين وهسسي إمامسسة الثنسسي‬
‫عشسسر وعصسسمتهم‪ ،‬والتقيسسة‪ ،‬والمهديسسة‪ ،‬والغيبسسة‪ ،‬والرجعسسة‪ ،‬والظهسسور‪ ،‬والطينسسة‬
‫والبداء‪.‬‬

‫‪709‬‬
‫فإمامسسة المسسسلمين خاصسسة بسسالثني عشسسر عنسسدهم‪ ،‬وكسسل مسسن يتسسولى علسسى‬
‫المسلمين من غيرهم فهو طاغوت ل ينظر الله إليه ول يكلمه يوم القيامة ولسسه‬
‫عذاب أليم ومن بايعه أو رضي ببيعته فهو كذلك‪.‬‬
‫وهؤلء الثنسسا عشسسر ل يسسسهون ول ينسسسون ول يخطئون منسسذ ولدتهسسم وطيلسسة‬
‫عمرهم‪.‬‬
‫ولما كانت أقوال الئمة وأفعالهم تخالف القسسول بعصسسمتهم اخسسترعوا للتسسستر‬
‫على مزاعمهم تلك عقيدة البداء والتقية‪ ،‬فأعمال الئمسسة الموافقسسة للمسسسلمين‬
‫يحملونها على التقية‪ ،‬وأخبارهم المخالفة للواقع يحملونها على البداء‪.‬‬
‫ولما حددت الشيعة الئمة بأشخاص معينين صدمت بانقطاع سلسسسلة الئمسسة‬
‫المزعومين بموت الحسن العسكري عقيمًا‪ ،‬ولذلك اخترعوا بعسسد طسسول تخبسسط‬
‫أن له ولدا ً اختفى وهو طفل‪ ،‬فهو المام على المسلمين إلسسى اليسسوم وسسسيظهر‬
‫إليهم‪.‬‬
‫ثم ما لبث شيوخهم أن استولوا على صلحياته بواسطة النواب والوكلء‪ ،‬ثسسم‬
‫جعلوها ‪ -‬تدريجيا ً ‪ -‬مشاعة بين شيوخهم‪ ،‬فأصبحوا هم الحسساكمين بسسأمرهم فسسي‬
‫شان الرعاع من الشيعة الذين يخدعونهم بقولهم‪ :‬أنتم أتبسساع أهسسل السسبيت وهسسو‬
‫في الحقيقة أتباع المعدوم‪ ،‬أو أتباع الشيطان‪.‬‬
‫وفي عقيدة الرجعة يحلمون بالعودة للدنيا بعد الموت هم وأعداؤهم ‪ -‬السذين‬
‫هم أهل السنة من الصسسحابة‪ ،‬ومسسن اتبعهسسم بإحسسسان ‪ -‬فيجسسري انتقسسام الشسسيعة‬
‫منهم‪.‬‬
‫ً‬
‫وفي عقيدة الظهور يخرج الئمة من قبورهم لبعض النسساس أحيانسا قبسسل يسسوم‬
‫القيامة‪ ،‬وفي غير الرجعة المزعومة‪ ،‬وهذه عقيدة جديدة سجلها المجلسي في‬
‫بحاره في باب مستقل‪.‬‬
‫وأما عقيدة الطينة فهي عقدية سرية عندهم‪ ،‬تقول بأن حسنات أهل السسسنة‬
‫هي للشيعة‪ ،‬وموبقات الشيعة هي على أهل السنة‪ ،‬ويفسرون على ضوئها مسسا‬
‫يضج به مجتمعهم منذ القديم من ظلم ومعاص ومنكرات‪.‬‬
‫‪ -15‬إن الشيعة المعاصسرين يلتقسسون مسسع الغسابرين فسسي مصسسادر التلقسي‪ ،‬بسل‬
‫ويأخذون بما افتراه شيوخ الدولة الصفوية ووضعوه من مسسدونات مليئة بسسالكفر‬
‫واللحاد‪ ،‬وقد سهلت المطابع إشاعة هسسذه الظلمسسات بينهسسم فركبسسوا مسسن الغلسسو‬
‫مركبا ً صعبًا‪.‬‬
‫ولكنهم يخسسدعون أهسسل السسسنة فيزعسسم بعضسسهم أنهسسم ل يسسسبون الصسسحابة ول‬
‫يقولون بالرجعة‪ ،‬وقد بينت صفحات هذه الرسالة حقيقة هذه الدعاوى‪.‬‬
‫وقد زعموا أن التقية انتهى العمل بها مع أن نصوصسسهم تسسأمرهم بالعمسسل بهسسا‬
‫إلى أن يخرج مهديهم‪ ،‬وأقوالهم وأفعالهم تسسبين اسسستمرار العمسسل بهسسا‪ ،‬فقسسولهم‬
‫هذا إنما هو "تقية على التقية"‪.‬‬
‫ولعله ل يوجد طائفة علسسى وجسسه الرض جعلسست الكسسذب دينسًا‪ ،‬بسسل هسسو تسسسعة‬
‫أعشار الدين كهذه الطائفة‪.‬‬
‫‪ -16‬وفي أثرهم في العالم السلمي تبين أن لهم آثارهم الفكريسسة الخطيسسرة‬
‫في إحداث الشرك في أمة محمد صلى الله عليه وسلم‪ ،‬والصد عن دين اللسسه‪،‬‬
‫وظهور فرق الزندقسة واللحسساد‪ ،‬ومحاولسسة إضسلل المسسلمين فسي سسنة نسسبيهم‪،‬‬
‫والتأثير السلبي في الدب والتاريخ‪ ،‬وعلى بعض المفكريسن المنتسسبين للسسنة‪،‬‬
‫ولهم وسائل في الضلل ظاهرة وخفية‪.‬‬

‫‪710‬‬
‫كمسسا أن لهسسم أثسسرا ً فسسي المجسسال الجتمسساعي فسسي إثسسارة الفتسسن الداخليسسة بيسسن‬
‫المسلمين‪ ،‬وفي العتداء والغتيالت للقيادات السلمية‪ ،‬ولعمسسوم المسسسلمين‪،‬‬
‫إذا حانت لهم فرصة في ذلك‪ ،‬وفي إشاعة الفاحشة ونشر الباحية عن طريسسق‬
‫ما يسمونه بالمتعة الدورية وغيرها‪.‬‬
‫وفي المجال القتصادي كان أثرهم واضحا ً في أخذ أموال المسلمين بسسالقوة‬
‫أو الخديعة‪ ،‬وفي تدمير اقتصاد المة بأي وسيلة‪ ،‬وكان ما يأخسسذونه مسسن أمسسوال‬
‫باسم آل البيت من أهم أسباب رغبة شيوخ الشيعة في بقاء شذوذهم وخلفهم‬
‫مع المسلمين‪.‬‬
‫وقد تبين أنهم كفرة ليسوا من السلم في شيء بسبب شسسركهم وتكفيرهسسم‬
‫للصحابة‪ ،‬وطعنهم في كتاب الله وغيرها من عقائد الكفر عندهم‪.‬‬
‫ول أغرب وأعجب من بقاء طائفة تعد بالمليين أسسسيرة لهسسذه الخرافسسات‪ ،‬ول‬
‫يفسر ذلك إل أن شيوخ الشيعة يحجبون الحقيقة عسسن أتبسساعهم بوسسسائل كسسثيرة‬
‫من الخداع‪ ،‬لعل من أبرزها دعواهم أن ما عنسسدهم مؤيسسد بمسسا جسساء عسن طريسسق‬
‫أهل السنة‪ ،‬وأن دينهم يقوم على أساس محبة آل البيت وأتباعهم‪.‬‬
‫وفي ظل هذه الدعوى يؤججون مشاعر العامة وعواطفهم بذكر اضطهاد آل‬
‫البيت‪ ،‬وتصوير الظلم الذين لحقهم من الصسسحابة ‪ -‬بزعمهسسم ويربسسون صسسغارهم‬
‫على ذلك‪.‬‬
‫ومسسن ذلسسك تمسسثيلهم لمأسسساة كسسربلء وهسسو المعسسروف الن باسسسم "الشسسبيه"‬
‫وإقامتهم لمجسسالس التعزيسسة‪ ،‬بكسسل مسسا فيهسسا مسسن مظسساهر الحسسزن والبكسساء‪ ،‬ومسسا‬
‫يصاحبها من كثرة العلم ودق الطبول وسرد الحكايات والقاصيص عن الظلم‬
‫المزعوم‪ ،‬وهذا يؤدي إلى شلل العقل والتقبل العمى للمعتقسسد ول سسسيما عنسسد‬
‫العاجم والعوام‪.‬‬
‫وإن أعظم وسيلة لمعالجة وضع الشيعة هو بيان السنة للمسسسلمين فسسي كسسل‬
‫مكان وبمختلف الوسائل‪ ،‬وبيان حقيقسسة الشسسيعة ومخالفتهسسا لصسسول السسسلمي‬
‫بدون تقليل أو تهويل‪.‬‬
‫وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين‪ ،‬والحمد لله رب العالمين‪،،‬‬

‫‪711‬‬
‫فهرس الموضوعات‬
‫الموضققققققققققققققققققققققققققققققققققققققققققققققققققققققققققققققققققققققوع‬
‫الصفحة‬
‫المقدمة ‪5........................................................................‬‬
‫التمهيد ‪34........................................................................‬‬
‫تعريف الشيعة ‪35..............................................................‬‬
‫لفظ الشيعة في القرآن ومعناه ‪38.........................................‬‬
‫لفظ الشيعة في السنة ومعناه ‪42..........................................‬‬
‫لفظ الشيعة ومعناه في كتب الحديث عند الشيعة ‪44...................‬‬
‫لفظ الشيعة في التاريخ ‪45...................................................‬‬
‫تعريف الشيعة في كتب الثني عشرية ‪48.................................‬‬
‫تعريف الشيعة في كتب السماعيلية ‪58...................................‬‬
‫تعريف الشيعة في المصادر الخرى ‪59....................................‬‬
‫التعريف المختار للشيعة‪64...................................................‬‬
‫نشأة الشيعة وجذورها التاريخية‪70..........................................‬‬
‫رأي الشيعة في نشأة التشيع‪70.............................................‬‬
‫آراء غير الشيعة في نشأة التشيع‪84........................................‬‬
‫الرأي المختار ‪95...............................................................‬‬
‫أصل التشيع )أو أثر الفلسفات القديمة في المذهب الشيعي( ‪100. .‬‬
‫القول بالصل اليهودي ‪100...................................................‬‬
‫القول بالصل الفارسي ‪102.................................................‬‬
‫القول بأن التشيع مباءة للعقائد السيوية القديمة ‪106..................‬‬
‫الرأي المختار ‪108.............................................................‬‬
‫فرق الشيعة ‪110...............................................................‬‬
‫ألقاب الشيعة المامية الثني عشرية ‪122.................................‬‬
‫الشيعة ‪122.....................................................................‬‬
‫المامية ‪123.....................................................................‬‬
‫الثنا عشرية ‪127...............................................................‬‬
‫القطعية‪130.....................................................................‬‬
‫أصحاب النتظار ‪130..........................................................‬‬
‫الرافضة‪131.....................................................................‬‬
‫الجعفرية ‪134...................................................................‬‬
‫الخاصة ‪135.....................................................................‬‬
‫فرق الثني عشرية ‪136.......................................................‬‬
‫الباب الول‪ :‬اعتقادهم في مصادر السلم‪:‬‬
‫الفصل الول‪ :‬اعتقادهم في القرآن الكريم ‪153......................‬‬
‫المبحث الول‪ :‬اعتقادهم في حجية القرآن ‪155......................‬‬
‫المسألة الولى‪ :‬اعتقادهم أن القرآن ليس بحجة إل بقيم ‪155........‬‬
‫المسألة الثانية‪ :‬اعتقادهم بأن الئمة اختصوا بمعرفة القرآن ل يشركهم فيسسه‬
‫أحد‪162..............................................................................‬‬

‫‪712‬‬
‫المسسألة الثالثسة‪ :‬اعتقسادهم بسأن قسول المسام ينسسخ القسرآن ويقيسد مطلقسه‬
‫ويخصص عامه ‪176...............................................................‬‬
‫اعتقادهم في تأويل القرآن ‪183.............................................‬‬
‫اعتقادهم بأن للقرآن معاني باطنة تخالف الظاهر ‪183.................‬‬
‫قولهم بأن جل القرآن نزل فيهم وفي اعدائهم ‪191.....................‬‬
‫أصل هذه التأويلت وجذورها وامثلة لها ‪203..............................‬‬
‫ملحظات مهمة على معتقدهم في تأويل القرآن ‪232..................‬‬
‫صا أو تغييًرا؟…………‪245...‬‬ ‫هل الشيعة تقول بأن في كتاب الله نق ً‬
‫بداية هذه الفرية عند الرافضة من خلل ما كشفته مصادر أهل السنة ‪250‬‬
‫شيوع مقالة التحريف بين الرافضة كما أفادته مصادر السنة ‪254....‬‬
‫ما تقوله مصادر الشيعة في هذه الفرية ‪267.............................‬‬
‫بداية الفتراء كما يؤخذ من كتب الشيعة ‪270.............................‬‬
‫فشو هذه الفرية وانتشارها في كتب الشيعة ‪276.......................‬‬
‫مضامين روايات التحريف في كتب الشيعة ‪288.........................‬‬
‫هل لدى الشيعة مصحف يتداولونه؟ ‪312..................................‬‬
‫مصحف علي ‪319..............................................................‬‬
‫حجم أخبار هذه السطورة في كتب الشيعة ووزنها عندهم ‪328......‬‬
‫هل الشيعة جميعا تعتقد بصحة أخبار هذه السطورة ‪335..............‬‬
‫هل انكار بعض شيوخ الشيعة لهذه السطورة من قبيل التقية ‪341. .‬‬
‫ابن بابويه وانكاره لما ينسب لطائفته ‪346................................‬‬
‫الطوسي وانكاره لهذه الفرية ‪353..........................................‬‬
‫الشريف المرتضى وانكاره لسطورتهم ‪358..............................‬‬
‫الطبرسي وانكاره لهذه السطورة ‪360....................................‬‬
‫نتائج الموضوع ‪366............................................................‬‬
‫اعتقادهم في السنة المطهرة ‪373..........................................‬‬
‫قول المام كقول الله ورسوله في زعمهم ‪374.........................‬‬
‫علم المام يتحقق_عندهم_بطريقة اللهام والوحي ‪377................‬‬
‫خزن العلم وايداع الشيعة عند الئمة ‪383.................................‬‬
‫حكايات الرقاع ‪384............................................................‬‬
‫عقيدته في مرويات الصحابة ‪404...........................................‬‬
‫بداية تدوين الحديث عندهم ‪416............................................‬‬
‫الكتب الرئيسية والساسية في نظرهم ‪427..............................‬‬
‫ملحوظات مهمة عل كتبهم الثمانية المعتمدة ‪428.......................‬‬
‫مدى صحة روايات المدونات ‪431...........................................‬‬
‫رجال أسانيدهم ‪454...........................................................‬‬
‫اقسام الحديث عندهم وصلة ابن تيمية بوضعهم لهذا التقسيم ‪465. .‬‬
‫تقويم حال الئمة الذين تدعي فيهم الشيعة كل هذه الدعاوى ‪475...‬‬
‫عقيدتهم في الجماع ‪487....................................................‬‬
‫قولهم بأن الحجة في قول إمامهم ل في الجماع ‪488..................‬‬
‫اعتقادهم أن ما خالف المة فيه الرشاد ‪497.............................‬‬
‫الجانب النقدي لهذه المقالة ‪503............................................‬‬

‫‪713‬‬
‫المجلد الثاني‬
‫عقيدتهم في أصول الدين ‪.....................................................‬‬
‫عقيدهم في توحيد اللوهية ‪517.............................................‬‬
‫نصوص التوحيد جعلوها في ولية الئمة ‪519..............................‬‬
‫الولية أصل قبول العمال عندهم ‪531.....................................‬‬
‫اعتقادهم أن الئمة هم الواسطة بين الله والخلق ‪536.................‬‬
‫قولهم ل هداية للناس إل بالئمة ‪539.......................................‬‬
‫قولهم أنه ليقبل الدعاء إل بأسمائهم ‪540.................................‬‬
‫الستغلثة بالئمة ‪545..........................................................‬‬
‫قولهم ان الحج الى المشاهد اعظم من الحج الى بيت الله ‪550.....‬‬
‫زيارة كربلء يوم عرفة افضل من سائر اليام ‪558......................‬‬
‫زيارة قبر الحسين أفضل العمال ‪561.....................................‬‬
‫قولهم ان كربلء أفضل من الكعبة ‪561....................................‬‬
‫زوار الحسين تأتيهم الملئكة ويناجيهم الله ‪565..........................‬‬
‫مناسك المشاهد ‪566..........................................................‬‬
‫الطواف بها ‪567................................................................‬‬
‫الصلة عند الضريح ‪569.......................................................‬‬
‫النكباب على القبر ‪571.......................................................‬‬
‫اتخاذ القبور قبلة كبيت الله ‪574.............................................‬‬
‫الجانب النقدي لمسألة المشاهد عند الشيعة ‪580.......................‬‬
‫قولهم ان المام يحرم ما يشاءويحل ما يشاء ‪587.......................‬‬
‫قولهمان تراب قبر الحسين شفاء من كل داء‪594.......................‬‬
‫دعاؤهم بالطلسم والركوز واستغاثهم بالمجهول‪600...................‬‬
‫ااستخارتهم بما يشبه أزلم الجاهلية ‪604..................................‬‬
‫عقيدتهم في توحيد الربوبية ‪615............................................‬‬
‫قولهم ان الرب هو المام ‪618...............................................‬‬
‫قولهم ان الدنيا والخرة كلها للمام يتصرف بها كيف يشاء‪621.......‬‬
‫اسناد الحوادث الكونية الى الئمة ‪623.....................................‬‬
‫الجزء اللهي الذي حل في الئمة ‪628.....................................‬‬
‫قولهم بتأثير اليام والليالي بالنفع والضر‪632.............................‬‬
‫عقيدتهم في اسماء الله وصفاته ‪639......................................‬‬
‫الغلو في الثبات التجسيم ‪640..............................................‬‬
‫التعطيل عندهم ‪649...........................................................‬‬
‫قولهم بأن القرآن مخلوق‪657...............................................‬‬
‫الرؤية ‪668.......................................................................‬‬
‫نزول الرب جل شأنه ‪671....................................................‬‬
‫وصفهم الئمة بأسماء الله وصفاته ‪677....................................‬‬
‫دعوى التحريف لتأييد مذهبهم في التعطيل‪687..........................‬‬
‫اعتقادهم في اليمان وأركانه ‪691..........................................‬‬
‫قولهم في اليمان والوعد والوعيد ‪692....................................‬‬

‫‪714‬‬
‫مفهوم اليمان عندهم ‪692...................................................‬‬
‫الشهادة الثالثة ‪694............................................................‬‬
‫القول بالرجاء ‪696............................................................‬‬
‫قولهم في الوعد ‪699..........................................................‬‬
‫قولهم في الوعيد ‪702........................................................‬‬
‫قولهم في أركان اليمان ‪705................................................‬‬
‫اليمان بالملئكة ‪705..........................................................‬‬
‫اليمان بالكتب ‪710............................................................‬‬
‫دعواهم تنزل كتب الهية على الئمة ‪710..................................‬‬
‫مصحف فاطمة‪713............................................................‬‬
‫كتاب انزل على الرسول قبل موته ‪721...................................‬‬
‫لوح فاطمة ‪724................................................................‬‬
‫دعواهم نزول اثني عشر صحيفة من السماء تتضمن صفات الئمة‪726‬‬
‫صورة لحد الكتب المزعومة ‪729...........................................‬‬
‫دعواهم ان جميع الكتب السماوية عند الئمة ‪734.......................‬‬
‫اليمان بالرسل ‪743...........................................................‬‬
‫تفضيلهم الئمة على الرسل ‪744............................................‬‬
‫معجزات المام ‪753...........................................................‬‬
‫اليمان باليوم الخر ‪764......................................................‬‬
‫اليمان بالقدر ‪774.............................................................‬‬
‫أصولهم ومعتقداتهم الخرى التي تفردوا بها‬
‫المسامسة ‪791....................................................................‬‬
‫مفهوم المامة عند الشيعة ومنشؤه ‪792..................................‬‬
‫منزلة المامة عندهم ‪793....................................................‬‬
‫سرية هذا المبدأ ‪797..........................................................‬‬
‫حصر الئمة بعدد معين ‪800..................................................‬‬
‫استدللهم على مسألة المامة ‪818.........................................‬‬
‫الستدلل بالمور المتفق عليها لبطال دعوى النص على الئمة ‪854‬‬
‫حكمهم فيمن أنكر إمامة أحد الثني عشر ‪866...........................‬‬
‫تكفيرهم الصحابة ‪868.........................................................‬‬
‫تكفيرهم أهل البيت ‪891......................................................‬‬
‫تكفيرهم خلفاء المسلمين وحكوماتهم ‪896...............................‬‬
‫حكمهم على المصار السلمية بأنها دار كفر ‪898.......................‬‬
‫عدهم قضاة اامسلمين طواغيت وحكام جور ‪902.......................‬‬
‫اعتبارهم ائمة المذاهب الربعة وائمة المسلمين كملل اهل الشرك‪905‬‬
‫لعنهم وتكفيرهم للفرق السلمية كلها ما عدا طائفتهم ‪907...........‬‬
‫لعنهم وتكفيرهم للئمة كلها ‪911............................................‬‬
‫الفئة التي تستثنيها الشيعة من عموم اللعن والتكفير ‪914.............‬‬
‫نقد هذا التجاه ‪915............................................................‬‬
‫عصمة المام ‪941..............................................................‬‬
‫تعريف العصمة ‪941...........................................................‬‬

‫‪715‬‬
‫نشأة هذه العقيدة وتطورها ‪944............................................‬‬
‫استدللهم على عصمة أئمتهم ومناقشته ‪951............................‬‬
‫نقد عام لمبدأ عصمة الئمة ‪962............................................‬‬
‫التقيسة ‪977......................................................................‬‬
‫تعريفها‪977......................................................................‬‬
‫التقية في الصل عندهم هي مع المسلمين ‪978.........................‬‬
‫مغالتهم في أمر التقية ‪979..................................................‬‬
‫سبب غلوهم في التقية ‪984..................................................‬‬
‫امثلة من التقية عندهم ‪990..................................................‬‬
‫استدللهم على التقية ومناقشته ‪993......................................‬‬
‫المهدية والغيبة ‪999............................................................‬‬
‫المهدية والغيبة عند فرق الشيعة ‪1000....................................‬‬
‫نشأة فكرة الغيبة عند الشيعة الثني عشرية وتطورها‪1004...........‬‬
‫الخطوط العامة لقصة المهدية والغيبة عند الثني عشرية ‪1020......‬‬
‫الستدلل على وقوع الغيبة ‪1047..........................................‬‬
‫دفاعهم عن طول امد الغيبة ‪1052.........................................‬‬
‫المهدي بعد عودته المزعومة ‪1059........................................‬‬
‫شريعته التي يحكم بها ‪1059.................................................‬‬
‫سيرته بين الناس ‪1063.......................................................‬‬
‫جنده عددهم وجنسهم ‪1075.................................................‬‬
‫الشيعة وغيبة مهديهم ‪1077..................................................‬‬
‫النيابة عن المنتظر ‪1083.....................................................‬‬
‫نقد عقيدة الغيبة والمهدية عند الثني عشرية ‪1091....................‬‬
‫الرجسعسة‪1103...................................................................‬‬
‫معناها ‪1104.....................................................................‬‬
‫زمنها ‪1106......................................................................‬‬
‫الغرض منها ‪1107.............................................................‬‬
‫استدللهم على الرجعة ومناقشته ‪1110...................................‬‬
‫نقد مقالة الرجعة ‪1121.......................................................‬‬
‫الظهور ‪1127...................................................................‬‬
‫البسداء‪1133......................................................................‬‬
‫معنى البداء وبيان أنه من أصولهم‪1134...................................‬‬
‫اصل معتقد البداء وجذوره ‪1136............................................‬‬
‫سبب قول الشيعة بالبداء ‪1136.............................................‬‬
‫محاولت شيوخ الشيعة الدفاع عن هذه العقيدة ‪1141.................‬‬
‫استدللهم على البداء ومناقشته‪1147......................................‬‬
‫روايات في كتب الثني عشرية تنقض معتقد البداء ‪1149..............‬‬
‫عقيدة الطينة ‪1155............................................................‬‬

‫‪716‬‬
‫المجلد الثالث‬
‫الشيعة المعاصرون وصلتهم بأسلفهم‬
‫الصلة على مصادر التلقي ‪1175............................................‬‬
‫الفرق الشيعية القديمة‪1173.................................................‬‬
‫الصلة العقيدية بين القدامى والمعاصرين ‪1193.........................‬‬
‫موقف المعاصرين من فرية التحريف ‪1196..............................‬‬
‫انكارهم وجود فرية التحريف عندهم ‪1198................................‬‬
‫العتراف ومحاولة الترير ‪1203..............................................‬‬
‫المجاهرة بهذا الكفر والستدلل عليه ‪1212..............................‬‬
‫التظاهر بانكار هذه الفرية مع محاولة اثباتها بطرق ماكرة خفية‪1269‬‬
‫اتجاه المعاصرين في تأويل كتاب الله ‪1274..............................‬‬
‫السنة عند المعاصرين ‪1286.................................................‬‬
‫الجماع عند المعاصرين ‪1289...............................................‬‬
‫اعتقادهم في اصول الدين ‪1290............................................‬‬
‫المامة عندهم ‪1305..........................................................‬‬
‫موقف المعاصرين من تكفير أصولهم للمسلمين ‪1305................‬‬
‫موقفهم من الحكومات السلمية ‪1312...................................‬‬
‫اعتقاد المعاصرين في الصحابة ‪1319......................................‬‬
‫العصمة عند المعاصرين ‪1343...............................................‬‬
‫الرجعة عند المعاصرين ‪1347...............................................‬‬
‫التقية عند المعاصرين ‪1352.................................................‬‬
‫دولة اليات ‪1377..............................................................‬‬
‫سبب تخصيص دولتهم الحاضرة بالدراسة والتقويم ‪1377..............‬‬
‫فكر مؤسسها ‪1380...........................................................‬‬
‫التجاه الوثني ‪1380...........................................................‬‬
‫الغلو في التصوف ‪1385......................................................‬‬
‫دعوى النبوة ‪1389.............................................................‬‬
‫الغلو في الرفض ‪1394.......................................................‬‬
‫قوله بعموم ولية الفقيه ‪1405..............................................‬‬
‫معارضة بعض شيوخهم لمذهب الخميني في ولية الفقيه ‪1418......‬‬
‫دستور دولة اليات ‪1421.....................................................‬‬
‫أثرهم في العالم السلمي والحكم عليهم ‪1431........................‬‬
‫في المجال العقدي والفكري ‪1434........................................‬‬
‫احداث الشرك في امة محمد ‪1434........................................‬‬
‫الصد عن دين الله ‪1435......................................................‬‬
‫ظهور فرق الزندقة واللحاد ‪1438..........................................‬‬
‫محاولة اضلل المسلمين في سنة نبيهم ‪1440...........................‬‬
‫دخولهم في مذهب أهل السنة للضلل ‪1441............................‬‬
‫نشر الرفض في العالم السلمي ‪1446...................................‬‬
‫تأثر بعض الكتاب المنتسبين لسنة بالتجاه الرافضي ‪1453............‬‬

‫‪717‬‬
‫تشويه تاريخ المسلمين ‪1457................................................‬‬
‫اثرهم في الدب العربي ‪1459..............................................‬‬
‫في المجال السياسي ‪1462..................................................‬‬
‫مؤامرة ابن العلقمي ‪1469...................................................‬‬
‫الدولة الصفوية ‪1475.........................................................‬‬
‫في المجال الجتماعي ‪1480................................................‬‬
‫علقتهم مع المسلمين ‪1480.................................................‬‬
‫الفتن الداخلية ‪1487...........................................................‬‬
‫الباحية ‪1489...................................................................‬‬
‫في المجال القتصادي ‪1494.................................................‬‬
‫الحكم عليهم ‪1505............................................................‬‬
‫الخاتمة ‪1541...................................................................‬‬
‫الفهارس ‪1555.................................................................‬‬
‫فهرس العلم والمترجم لهم ‪1557........................................‬‬
‫فهرس الفرق والديان المعرف بها في الحاشية ‪1571.................‬‬
‫دليل المراجع ‪1563............................................................‬‬
‫فهرس الموضوعات ‪1643...................................................‬‬

‫‪718‬‬

You might also like