Professional Documents
Culture Documents
ws
تم إعداد هذا الملف آليا بواسطة المكتبة الشاملة
) (1/1
فشرح الله صدره للمر ،ووضع عنه وزره الذي أنقض
ظهره ،ويسر له ما
كان عليه عسيرا ً
ولكن هل كانت المهمة يسيرة حقا ً لقد كلن عليه عن لن
ومهية ،ويق ّ يقف الليل إل قليل ً يتدبر تلك الكللمات الل َ
بقيلها فكلمه وقلبه ،حتى إذا أصبح ،بلغها قومه ،واستقام
دى به ،ونفذ ما علمه الّله ،ليكلوز شاهدا عليهم، عليها لي ُ ْ
قت َ َ
كما أرسل الله إلى فرعون رسوًل ،فعصاه فأخذه الله أخذا
د ،وليس عبثا ً وبيلي -فالمر ج ّ
لقد حرصت المة عله تدوين ما صدر عنه ينهيه من أقواله
وأفعاله،
وحفظ الله الذاكر بتلك الجهود المضنية التي بذلتها المة،
في شتم ميادين العلم ،والتي تكاد تماثل ما بذلته من
الجهود في الجهاد والتبليغ .فكان في كل النوع!!ن من
الجهاد ،رفع ذكر محمد عنه ،وذكر قومه في العالمينا.
أفعال النبي يكل!!ا حقيقة المر أكد من أقواله أضعافا
مضافة.
وهذا ملحظ في سائر الب!ثر .فقلما ينفك البشر عن
فعل .ولكنه ل يتكللم
أل إذا بدا له ذلك.
والتقرير أكثر من ذلك كله ،فإن ما رآه النبي كبر من
أفعال الصحابة وتروكهم ،وما رآه في بيئته من المور فلم
يغيره ،ل يحمى ،والذي أنكره من ذلك قليل جدا ً
لكن ما نقل إلينا في دواوين السنة من الفعال والتقارير،
أقل من القوال أو يمساويه .وقد جمع السيوطي عامة
السنن المروية في جامعه الكبير ،فكانت الروايات الفعلية
مساويا تقريبا للروايات القولية.
ملت كما م الصوليون الفعال التي ح ّ ومع ذلوا ،فهل خدَ َ
خدموا القوال؟
إن كتب الصول الشاملة تعرضت للقوال ،من جميع
جوانبها ّلقريبًا .فبحثت في المر والنهي ،والعموم
والخصوص ،واطقيقة والمجاز ،وغيرها.
) (1/2
) (1/3
) (1/4
) (1/5
) (1/6
ي
القوال والفعال( رأيت من الضروري أن تكون بين يدَ ْ
من يطلع على هذا البحث.
وقد كان مما أخذته على نفسي في هذا البحث أن أزن
المور بما تستحقه ،فل أستقل قول للجهالة بقائله ،أو
لنه ن ُب َِز بوصف غير لئق ،ول أغتر بقول نسب إلى
الجمهور أو الكلثير ،أو إلى فلن أو فلن من المشهورين.
وقد أوردت من الفروع الفقهية أمثلة تتضح بها القواعد،
ويبلمن بها المراد .وأخذت على نفسي أل أستطرد وراء
تلك الفروع نقاشا راستدلل إل بمقدار ما تتضح به
القاعدة الصولية ويبين به المراد منها .والذي يريد دراسة
الفرع المقهى ينبغي أن يأخذه من مظانه من كتب الفقه.
وخرجت ما ورد في هذه الرسالة من اليات والحاديث+
وترجمت للعلم المستغربة نوعا ً ما ،وتركت الترجمة
للمشهورين اكتفاء بشهرتهم.
ولستم ذوي العصمة ،ول أزعم الحاطة .وإنما أدعي
وأزعم أنني بذلت
جهدا في جمع شمل نواحي هذا الموضوع الهام ،وأنني
حللت جزءا ً من تلك المشكلت ،وسلطت الضواء على
مواضع الشكال الخرى.
وليس ذلك بحولي ول بقصتي ،وإنما بفضل الله وعونه
وتي!بحيره لكل صعب،
لمست ذلك عندما رأيت تفّتح المقالت ،وتيسير الشدائد،
وتسهيل كل عسير .وأتقدم بالشكر إلى أستاذي فضيلة
الشيخ عبدالغني محمد عبدالخالق ،الذي
كان لتشجيعه وتوجيهه أثره الكبير ل خروج هذه الرسالة
عل هذا الوضع ،ولكل من أسدى في ذلك يدًا.
9والحمد لُله أول وآخرا ً
القاهرة -مدينة نصر
لوم الخميسي 17من رجب الحرام 1396هـ 15من يوليو
1976م
13
) (1/7
لمجد
-1السنة في اللغة رفي الصطلح.
-2حجية السنة إجما ً
ل ،ومنزلتها من القرآن.
-3تحرير المهمات النبوية وبيان دور الفعال في أدائها
على الوجه الكمل -4 .تعريف )الفعل( وانقسامه إلى
صريح وغير صريح.
-5الفعال النبوية في الدراسات الحديثية والصولية.
15
) (1/8
المبحث الول
السنة في اللغة وفي الصطلح
ً ً
السنة في اللغة الطريق :المسلوك حسيا كان أر معنويا )
ه، سن َن ُ ُ
.(1قال صاحب اللسان :والسنة ،وشنن الطريق و َ
نهجه .وقالت شمر :السنة في الصل سنة الطريق .وهو
طريق سنه أوائل الناس فصار مسلكا لمن بعدهم ".
وقال الله تعالى :حسنة الله في الذين خلوا من قبل ! )(2
أي 9 :سن الله في الذين نافقوا النبياء وأرجعوا بهم أن
يقتلوا أينما وجدوا" ) .(3وقال أيضا ً أفهل ينظرون إل سنة
الولين جمع فلن تجد لسنة الله تبديل ولن تجد لسنة الله
تحويل! ) ،(4أي :وإنما ينتظرون العذاب الذي نزل بالكفار
الولين .فقد أجرى الله العذاب على الكفار ،وجعل ذلك
ذب بمثله من استحقها ل يقدر أحد أن سنة فيهم ،فهو يع َ
يبذل ذلك " ْ)(.
وسواء أكانت الطريقة حميدة أو ذميمة ،فكلهما في اللغة
سنة ،يدل للنوع الول قول لبيد في معلقته ة
وهم ولكل قوم سنة وإمامها من معشرسنت لهم آبا ْ
) (1المعل!ب الحسية الواردة في اللغة لمادة )سنن(
ثلثة:
ا -السن بمعنى تحديد الشكلين ونحوها.
-2السنة بمعنى الحط .وقط ذي قي السمان من مزايا
السنة الخط في جلد الحمار )الوحشي( -3 .السنن
والسمنة بمعنى الطريق.
) (2سورة الحزاب :آية 38و (3) 62تفسير الية عن
لسان العرب.
) (4سورة فاطر :آية (5) 43تفسر هذه الية عن
القرطيى 36 0 /1 4
17
) (1/9
) (1/10
) (1/11
) (1/12
المبحث الثاني
حجية السنة إجماًل
الحتجاج بالسنة الواردة عن النبي ! ،واعتبارها أحد أصول
الشريعة السلمّية الدالة على الحكام الشرعية ،هو دأب
المسلمين قديما وحديثا ً والذين يعرضون عن اتخاذها
كذلك ،ول يعتبرونها عليهم حجة ،قوم زائغون منحرفون
عن الحق .بل قال الشوكاف! :فإن ثبوت حجيتها،
واستقللها بتشريع الحكام ،ضرورة دينية ،ول يخالف في
ذلك إل من ل حد له في دين السلم " ).(1
القرآنيون ة
وقد نبغ بين المسلمين قوم سفوا أنفسهم بالقرآنيين "،
ادعوا أن الشريعة ل
تؤخذ أل من القرآن ،وأن المسلمين ليسوا بحاجة إلى
السنة .وصنعوا من فهمهم المجرد للقرآن تركيبة شرعّية
في الطهارات والصلة والزكاة والحج وغيرها ،يعلم
المطلع عليها يقينا ً أنها محالفة لما كان عليه رسول الله-
كيرك وأصحابه .ولهؤلء القوم المعاصرين المذكورين
سلف فيمن مضى ،لم يزالوا تذرع نجومهم ،فتطمسها
شموس الحق من أئمة الهدى في كل زمان .وقد ألف
السيوطي رسالته المشهورةإ مفتاح الجنة في الحتجاج
بالسنة" للرد على من وجد من دعاة هذه الفكرة في زمانه
من الرافضة .وذكر فيه أن أصحاب هذا الرأي من الزنادقة
والرافضة ،كانوا موجودين
)) (1رشاد الفحول ص 33
21
) (1/13
بكثرة في زمن الئمة الربعة فمن بعدهم يتصدى لهم
الئمة الربعة ،وأصحابهم ،في دروسهم ومناظراتهم
وتصانيفهم " ).(1
وذكر الشاطبين ) (2طائفة شبيها حالها بحال هؤلء ،إل
أنها كانت تقبل الحديث إذا وافق القرآن .ومع ذلك فقد
قال الشاطري عنهم :ل أنهم قوم ل خلق لهم " .ول شك
أنهم أهل لهذه الحكم.
ومما تمسك به هؤلء ظواهرقرآنية ،نحو ظاهر قوله
تعالى :وما فرطنا في الكتاب من شيء!" (3وقوله:
)ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء! .(4،والجواب أن
المة الولى ليس المراد بالكتاب فيها القرآن ،بل اللوح
المحفوظ ،كما هو واضح من السياق .وكان القرآن تبيانا ً
لكل شيء بما دل عليه من الدلة الخرى ،وها السنة
والجماع والقياس.
ومما تمسكوا به أيضا أحاديث ضعيفة مردودة ،كما روي أن
النبي خط قالت:
إ ما أتاكم عني فاعرضحه على كتاب الله ،فإن رافق كتاب
الله فانه قلته ،وإن خالف كتاب الله فلم أقله أنا ،وكيف
أخالف كتاب الله وبه هداني الله؟ ! .قالي عبدالرحمن بن
مهدوي" :الزنادقة وضعوا هذا الحديث " ْ)( .وقال
غاني:أ هذا الحديث موضوع " ).(6 ص َ
ال ّ
وعنه ما روي أن النبي ينهض قال :ول تكتبوا عني شيئا إل
القرآن ،فمن كتب
عني شيئا غير القرآن فليمحهأ ) .،7وهو معارض بقوله !:
واكتبوا لبي شاهد " ! .(8،أذنه لعبدالله بن عمرو) (9قي
كتابة ما يسمعه منه !.
) (1السيوطي :مفتاح ا-أنة في الحمتجاج بالسنة ص 3؟ 4
) !2الموافقات (3) 1 8 ،17/4سورة النعام :آية (4) 38
سورة النحل :آية (5) 89الموافقات للشاطب!(61 1 8/4
المقاصد الحسنة .وانظر أيضا ً السيوطي :مفتاح ا-أنة ،ص
14
) (7ربه أحمد ومسلمة الفتح ال!بيه!.
) !8رواه البخاري يفتح البارين ط مصطفى الحلبي /1
216
(91رواه أحمد و!ّبو داود )ففح الجاري ط مصطفى
الحلبي (218/1
) (1/14
ا لحديثيون:
ونحن ولن كنا ننعى على القوم الذين تقدم ذكرهم
أسلوبهم في فهم الدين،
ل يسعنا أل أن نوجه اللوم -منصفين -إلى قسم انتسبوا
إلى الحديث الشريف انتسابا ً جعلهم يعرضون عن كتاب
الله ،ول يتدئرونه حق التدبر لستفادة الحكام منه .بل كل
اعتمادهم على السنة وحدها .ولو سألت أحد )علمائهم(
عرئي على كلم ربه ،ول عن حكم شرعي ودليله ،لما َ
التفت إليه ،بل يسارع إلى الستشهاد بالحديث والستدلل
به ،ولو كان الحكم في القرآن بئنأ واضحا ً ل لبس فيه.
ولست أعني أنهم يعتقدون وجوب تقديم السنة على
الكتاب ،ولكن الذي
أعنيه تصرفهم العملي في دراساتهم وتكليفهم وفتاواهم
ونحو ذلك .وكان الواجب الهيم إنزال السنة منزلتها
الحقيقية ،منزلة الخادم لكتاب الله ،التابع له ،الواقف
ضح ما غمض من معانيه. حيله ،يترجم عنه ،ويو ّ
وليس هناك -في ما نعلم -طائفة من المسلمين يعتقدون
تنحية القرآن عن الحتجاج به في الدين ،ول طائفة معينة
يعتقدون تقديم السنة على القرآن ،وإن نقل القول بذلك
عن قوم لم يعينوا ) .(1بل المسلمون ما بين معتقد
لمساواة القرآن للسنة في الحتجاج ،وبين معتقد لتقديمه
عليها ،وهو الراجح ،كما في الحديث المشهور من إقرار
النبي ! لمعاذ إذ قال" :أقضي بكتاب الله ،فإن لم أجد
فبسنة برسول الليه ،فإن لم أجد أجتهد رأي ول آلون ).(2
وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ،قال في كتابه
إلى شريح قاضيه على الكوفة:أ إذا أتالى!ر فاقض بما له
كتاب الله ،فإن أتاك ما ليس في كتاب الله فاقض بما سن
فيه رسول الله !" ) .(3وفي رواية :وإذا وجدت شيئا في
كتاب الله فيقضى فيه ول تلتفت إلى غيرها.
مله
) (1نجعله القاطعي في الموافقات 1 5 -8/4وح ّ
الجويئأ أرشاد الفحول ص (273
) (2بمعنى ما في سنن أب داود ) (509 /9وفي عرض
ي :أخرجه الترمذي وقالت ليس أسناد 8بمتصل، المعن ّ
ولكن قال الخطيب :دل احتجوا به بهيعأ أغنى عن طلب
السناد لها "
) (1/15
) (3هذا الثر بروايتيه ذكره الشاطري في الموافقات )
(8/4وقد انفرد به النسائي 331 /4
23
) (1/16
هذا وقد ورد عن بعض أهل العلم أنه قال :ل السنة قاضية
على الكتاب،
وليس الكتاب بقادر على الشر" ) -(1ومعناه أن السنة
تبين مجمل القرآن ،وتخصص عامه ،وتقود مطلقه -ولكن
هذا القائل عبر تعبيرا ً غير موفق ،أوجد نوعا من التصور
الفاسد لتقديم السنة على القرآن ،وفتح لعداء السلم
صغدأ، مطعنا ،إذ ادعوا أن تقييم المسلم!س للسنة تطور ُ
حتى قدموها على القرآن .وقد ذكر أن المام أحمد سمع
مثل هذا القولي ،فكان تعليقه عله ذلك أن قالي 9 :ل
أجسر أن أقوله؟ ولكون أقول :السنة تفسر القرآن وتبّينه
" ).(2
أدلة حجية السنة النبوية:
؟ -من القرن ن:
قوله تعالى :نقل أطيعوا الله والرسول ! ) .(3وقوله:
)وأطيعوا الله والرسوله لعلكم ترحمون ! ) ،(4أومن يطع
الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيمان ْ)( وهوي أمورنا باتباع
سنته ،والخذ بها ،فيلزم طاعته في ذلك ،ليتحقق امتثال
هذه اليام المذكورة وأمثالها.
مَرنا أيضا بأمور تفصيلية ،ونهانا عن غيرها، وهوت قدم َ
فيلزمنا طاعته فيها
عمل ً باليات المذكورة أعله ،وذلك هو الخذ بالسنة.
وورد في كتاب أفه تعالى أمره لنا باتباع نبيه عن ،وتعليق
فلحنا على ذلك ،وجعله مقتضى محبتنا الله،
ومقتضيألمحبة الله لنا.
فقد قال تعالى :والذين يتبعون الرسول النبي الفيش
الذي يجدونه مكتوبا ً
مه (10 /41ونقله أدفأ ) (1ذكره الشاطري في المهافقاه ّ
في مادة )السنة( من دائرة المعارف السلمية )(284 /13
غير منسوب إلى قائل محين ،و /نجده في مصدر مسند.
مات (31 26/4سورة امل ) 12نقله الشاطري في المواف ْ
عمران.33 /
) (4سورة آل عمران :آية (5) 132سورة الحزاب :آية 71
24
) (1/17
) (1/18
والتحفظ والدراسة .وهذا يبّيئ( ن تفسير قيادة للحكمة
هو الصواب ،وتكون الهية دليل على حجية السنة كما
تقدم ) -(1ومما يبزكد هذا المعنى أن الصحابة رضي ألك
عنهم كانوا )يتعلمرن السنة كما يتعلمون القرآني ففي
صحيح مسلم! :جط! ناس إلى النبى ،!-فقالوا :ابعث معنا
رجال يعلموننا القرآن والسنة" ).(3
-2من السنة:
شهد المسلمون أن محمدأ! هر رسول الله حقًا ،بدللة
المعجزات التي أجراها الله على يعيه ،وهذا يقتلهما
اليمان بعصمته من الكذب فيما يبلغنا إياه عن ربه عز
وجل ،وما جاء به من أمر الدين.
ّ
وقد صح عنه له أنه قال:أ تركت فيكم 3مرين لن تضلرا
ماتم!كتم بهما،
كتاب ألفه وسنة نبيه !.(+
أخبر أن في التمسك بالسنة ،كالكتاب (،مانع من الضللة،
وهذا يقتلهما
أنها حق ودليل صحيح على الحكام.
وقال رسول الله" :!-أل لني أوتيت القرآن ومثله معه ،أل
وإني أوتيت القرآن ومثله معه ،أل يوشك أن يقعد الرجل
حذث بحديث من حديثي ،فيقول :بيننا متكئا على أريكته ،ي ُ َ
وبينكم كتاب الله ،فما وجدتا فيه من حلل استحللناه ،كما
وجدنا فيه من حرام حرمناه .أل وإل ما حرام رسول الله
مثل ما حرم الله !.
) (1قال الشافعي رضي الله عنه ) ..ما من أفه له على
العباد من تعلم الكتاب والحكمة دليل علج ما الحكمة سنة
رسول الله وأ الرسالة حما (32فقال" :سمعت من أرضى
من ليل العلم بالقرائن يقول :الحكمة سنة رسول الله.
قالت الشافعية ة "وهذا يشبه ما قاله والله ظلم ،لنا
ة على خلقه القرآن ينكر وأثبتته الحكمة ،وذكر الله من ً
مال الحكمة ها بتعليمهم الي أب وا-لكمة .فلم يجز ألف ع ّ
هنا إل سنة رسول الله " والية الخرى التي ذكرناها أشد
وضوحا ً في الدللة على المراد .والحمد حثه على توفيقه.
) !3صحبة وسلم46/13 :
!ه! ربه مالك بلغا في المرفا )عبدالباقي( 899 /2
26
) (1/19
ت القرآن وفي رواية عند أحمد ،قال ي" :أل إفك أوتي ُ
ومثله معه ،أل إني أوتيت القرآن ومثله معه ،أل يوشك ربع
ينثني شجعانا ً هكذا بالصل ،عل أريكته ،يقول :عليكم
بالقرآن ،فما وجدتم فيه من حلل فلوس ،وما وجدتم فيه
من حرام فحرموه .أل ل يحل لكلم الحمار الهلي ،ول كل
عل!د ،إل أنم َقطة من مال ُ ذجم! ناب من السباع ،أل ولئ َ
يستغني عنها صعبها .ومن نزلت بقوم فعليهم أن
قروهم فلهما ن يعقبوهم بمثل قُروهم ،فإن لم ي َ ْ يَ ْ
قراهم ! ).(1
ومعنى قوله ! :وأل وإني أوتيت القرآن ومثله معه " أي
ت القرآن وأوتيت مثله من السنة التي /ينطق بها أوتي ْ
القرآن .وكمثال عله ذلك نؤكد أن الله آل نبيه ،تحريم
ضل بعضها في القرآن ،كالميتة والدم ولحم الخبائثُ ،
ف َ
الخنزير وبعضها بالسنة ،كما ذكر ل هذا الحديث ،كلحوم
الحمر الهلية ولحوم الشباب.
وقال" :العلم ثلثة .وما سوى ذلك فهو مضل :آية محكمة،
َأر صلة قائمة،
أر فريضة عادلة" ).(2
ل يقال! :أن هذا الحتجاج للسنة بالسنة ،فكيف يحتج بها
قبل أن يثبت أنها حجة؟
لن المراد أنه لما ثبت إخباره في هذه الحاديث وأمثالها
بكون سنته حقا ً
ومثل القرآن في لزوم اتباعها ،فإما أن يكون خبره هذا
كذبًا ،وهو مستحيلة ،لدللة المعجزة على صمته ،ولما ثبت
من عصمته عن الكذب في أمر الدين .فل يبقى أل أن
قوله هذا حق .وهو المطلوب.
-3دللة الجماع:
إن المتتبع لتصرفات الصحابة رضي الله عنهم في تعرفهم
لحكام الدين لجل العمل به ،يجد أنهم إذا وجدوا السنة
في الديني ولم يستجيزوا عملوا بها ،وجعلوها حجة ِ
مخالفتها وإغفالها وا ْ
طراحها.
) 1(1لمسند 131/4
(21رواه أبو داود بعون المعبود (92 /8وابن ماجه27 .
) (1/20
!!! !!!!!!! !!! !!!! !!!!! !!!!!!! !!!!! !!! !!!!!!!!! !!!!! !!
!!!!!! !! !!!!!!!!!! !!! !!! !!! !!!! !!!!!!!!!!!! !!!! !!!!!!
! !! !!!!!!! !!!!! !!! !!!! !!!!!!! !!! !!!!!! !!!! !!! !!!!!!
!!! !!!!!!!!!!!!! !!! !!!!!!!!! !!!!! !!!!!! !!!!!!! !!!! !!!!
!!!! !!!!!!!! (28!! !!!! !!! !!!!!! !!!!! !!!!! !!!!!)1/381
) (1/21
) (1/22
ومنه شرائع وضبط للعبادات والتفاقات وهذه بعضها
مستند إلى الوحي ،وبعضها مستند إلى الجتهاد واجتهاد
!8ه بمنزلة الوحي ،لن الله تعالى عصمه من أن يتقرر
رأيه على الخطة.
ومنه حكم مرسلة ومصالح مطلقة لم يوفرها و/
يبيهاحدودها...
والثاف! :ما ليس من باب تبليغ الرسالة ،وفيه قوله !! :
إنحا أنا شر .أل ا أمرتكم بشيء من دينهم فخذوا به! ،اذأ
أمرتكم بشيء من رأي فإنما أنا بشر" .فمنه البحث؟ ومنه
باب قوله عن :وعليكم بالدهم القرع " ) (1ومستنده
الحجر بل.
ومنه ما فعله عنه عل سبيل العادة ،وبحسب التفاق دون
القصد...
ومنه ما ذكره كما كان يذكره قومه كحديث أم زرع.
ومنه ما قصد به مصلحة جزئية يومئذ ،وليس من
الموراللزمة لجميع
المة ،وفلك مثل ما يأمر به الخليفة من تعبئة الجيوش،
وتعيين الشعار...
ومنه حكم وقضاء خاص .وإنما كان يتبع فيه البينات
واليمان " .الـ.
وهو تقسيم جيد وتحديد واضح .وسوف نفصل القول في
مثل ذلك في ما يتعلق بالفعال النبوية في ما نستقبله
من هذا البحث ِإن شاء الله.
منزلة السنة من القرآن:
يتبين مما تقدم أن في منزلة السنة في القرآن ثلثة
أقوال:
الول :أن القرآن مقيم في الرتبة عله السنة ،فل ي ُْنسخ
القرآن بالسنة .وقد
) (1أي من الخيل ،والدهم السود ،والقرب ألفي في
جمبهقه بياض دون الغرة .والحديث رواه أحمد والترمذي
والحاكم وابن ماجه عن أبي قتادة مرفوعا بلفظة خير
الخيل الدهم القرب الرقم المحجل ثلث .فإن لم يكن
ص على هذه الضفة .وهو صحيح وصحيح الجامع أ!!م فكمي ّ
الصغيها.
30
) (1/23
!!!!! !! !! !!!!!!!! !!! !!! !!!!!! !!!!!!!!!!!!!!!!!! !!! !!!
!!! !!!!!! !!! !! !!!!!!!! !!! !!!!!!!!!!! !!!!!!!!!!!! !!!!!!
!!! !! !!! !!!!! !!!!! !!! !! !!!!!! !!! !!!!! !!!! !! !!!!!! !
!!!!!!! !! !!! !!!!!!! !!!!! !!!! !!!!!!!! .8411 ! !!!! !!!!!
!!!!!!
(1/24 )
(1/25 )
(1/26 )
!!!! !!!! !! !!!!!!! !!!! !!!! !!!!!! !!!!! !!!! !!! !!!!!!!!!!
! !! !!!!! !!!! !!!!!!!!!!!!! !!!!!!!!!!! !!!!!!!!!! !! !!!!!!
!!! !!! !!!! !!!!!!!! !!! !!!!!!!!!!!!!! !!!!!! !!! !!!!!! !! !
!! !!!!! !!!!!!!!! !!!!!! !!! !!!!!!!!!!!!! !!!!! !!!!!!!!!! !
34!!! !!!!!!!! !!!! !!! !!!!!!!!!!!
(1/27 )
) (1/28
) (1/29
) (1/30
المبحث الثالث
تحديد المهمات النبوية
وبيان دور الفعال النبوية في أدائها على الوجه ا كمل
تعرضت آيات الكتاب العزيز ،بالتفصيل ،للغرض من البعثة
النبوية الشريفة .فذكرت أن الله أرسل رسوله ورحمة
للعالمين ! ) (1و )لئل يكون للناس على الله حجة بعد
الرسل ! ) ،2و ولينذر من كان حيا ويحق القول على
الكافرين ! ) (3و )ليخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات
من الظلمات إلى النوري ) (4و )ليقوم الناس
"(. بالقسط ! ْ
وفي سبيل تحقيقا هذه الهداف السامية ،أنزل الله تعالى
كتابه العظيم ،على رسوله الكريم.
تدبيران كل منهما بالغ الحكمة :أن جعل الله بين أيدي
البشر كتابا ً مشتمل ً
على ما يريد لهم أن يعلموه ،وما يريد لهم أن يعملوا به.
وأن خامل هذا الكتاب بشرا اختاره لكي يؤديه عن الله إلى
عباد الله.
ونان تدبيرا واحدة ،هدفه أنوهما تدبيران متكاملن ،يك ّ
جة،
يعلم العباد ما يريدالله منهم ،فتكون له عليهم الح ّ
فيؤمن به من شاء الله له أن يؤمن ،فتتحقتا له رحمه الله،
ويحق القول عل الكافرين ،ولتنفذ شريعة الله ل الرض
) (1سورة النبيا :،آية (3) 107سورة يس :آية (5) 70
سورة الحديد :آية 25
) (2سورة النساء :آية (4) 165سورة الطلق :آية 11
7كم
) (1/31
) (1/32
) (1/33
) (1/34
طرائق التعليم:
كشفت الدراسات التربوية عن أن تؤثر شخص ما بشخص
آخر ،في تحصيلي
أنها من المعرفة والتعلم ،واكتساب التجاهات والقيم
م بثلث طرق :الستماع للقوال، والعادات ،يمكن أن يت ٌ
والمشيدة للفعال والقتداء بها ،والممارسة من جانب
المتعلم مع التصحيح من جانب المعلم.
وإن دراسة طبيعة هذه الطرق وخصائصها ،يكشف لنا عن
مدى حاجة
البشر إلى رسول منهم ،يؤدي المهمات المذكورة إليهم.
راتبي بها حكمة الله في ذلك ،وعظيم منته التي ذكرها
في سورة آلى عمران في قوله :ولقد من الله على
المؤمنين إذ بعث فيهم رسول من نفسهم يتلو عليهم
آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة!*
أول ً طه دقة .الستماع للقول:
إن القول أساسي في عملية التعليم .وبه تنتقل الفكار
والمعلومات من ذهن
المعلم إلى ذهن المتعلم ،عن طريق حاسة السمع ،ويمكن
بيفن الواسطة نقل معلومات وافرة في برهة قصيرة.
وتمتاز هذه الطريقة ،بإمكان التحديد الدقيق للمعلومات،
وربط السباب بالمسببات ،وذكر الصيغ بدرجة العموم
والخصوص المطلوبة ،وذلك بما توفره أداة اللغة من
إمكانيات ل تكاد تقف عند حد ،يستطاع بواسطتها أداء
الفكرة على درجة عالية من الكمال ،بحسب تمكن المعد
من الفصاحة والبلغة ،ووفرة محصوله من اللفاظ
والتراكيب.
وتسمى هذه الطريقة في عالم التدريس بطريقة اللقاء
والمحاضرة.
ومن أجل الميزات المذكورة لهذه الطريقة ،جعل الله
أصل الشريعة الصيل
ماه )قرآنأ مبينأ! ،وجعله مشتملّلول يتلى وشحمه ،وس ّ
ه ،وأمر بتلوته !تدئرهعلى المساْلل الرئيسية في الشريع ّ
همه ،ووعد على فلك الجر الجزيل ،وجعل لقناعته وتف ّ
واستماعه مناس!بات دينية تتكرر بتكلرر الساعات واليم
والشهور،
41
) (1/35
) (1/36
) (1/37
) (1/38
نبي الله يكره كان القرآن " ،قال" :فهممت أن أقوم ول
أسال عن شيء حتى أموت " ).(1
لقد تمثلت في النبي !م! خصائص المنهج الرئاف! في
الحياة البشرية كما تمثلت
في حياته تفاصيل ذلك المنهج ،فالذي شاهد حياته وأفعاله
! فقد شاهد ذلك المنهج ،ومن قبس منه ،فقد قبس من
النور الذي أرسله الله لهداية الب!ثر .رمن هنا نعلم رجه
وصفه بالسراج في المة التي حددت مهماته ! ،إذ قال
الله عز وجل :فيا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا
ونذيرأ! رداعيأ إنما الله بإذنه وسراجا ً منيرأ! ).(2
إن مشاهدة الناس للمبادئ القرآنية متمثلة في الواقع
الرضي البشري،
يعطي لهم دفعات من الثقة والتصديق بذلك المنهج ،لنهم
يرونه بعيونهم متحققًا ،فُيسارعون إلى تطبيق تلك
المبادع! ،اقتده 4بمن رأوها متمثلة فيه .ولو أن القرآن
نزل مجردا ً عن رسول حامل له ممثل لما فيه ،لتعزقت
كثير من النفوس عن امتثاله ،توهما أن ذلك أمر صعب
المنال ،أو ل يمثلن تحقيقه في واقع الحيلة.
هذه ان أن الذين شاهدوه عن باعيخهم ،تأثروا به ،وتعلموا
منه على أتم ما
يمكن من أحوال هذه الطريقة.
ولكن الذين /يشاهدوه يتيسئر لهم الطلع على أفعاله
وأحواله بما نقل إليهم
عن طريق الذين شاهدوه ،ويكون هذا الطلع وسيلة
قريبة من المشاهدة ،تؤدي .إلى ثمارى قريب من ثمار
المشاهدة .فهو قدوة متجددة حيثما ذكرت سيرته وأخباره
وأحواله !.
وقد تمثلت فيه جو صورمتنوعة ،كل منها يوضح للبشر
كيف يكون الملتزم
بالمنهج الرباني في ناحية معينة من نواحي الحياة.
فالعم /يرى في محمدا الصورة السامية المثالية للعب،/
والعابد يرى فيه
) (1الحديث بأتم من هنا .رواه مسلم 26 /6وأحمد وي بو
داود (2) .سورة الحزاب :آية 45
45
) (1/39
) (1/40
) (1/41
47
) (1/42
) (1/43
) (1/44
) (1/45
المبحث الرابع
تقسيم السنن الئَبوّية
إلى قولبة وفعلّية صريحة وكير صريحة
تنقسم السنن النبوية من حيث طبيعتها قسمين رئيسيين:
ا لول :ا لقوال.
وا لها قد :ا أأ فعال-
والزركشي في البحر المحيط توقع في ذكر أقسام السنن
بالتفصيل ،فجعلها ثمانية :الول :القول ،الثاقب :الفعل،
الثالث :التقرير ،الرد بع :ما هئت به ،الخامس :الشارة،
السادس :الكتابة ،السابع :الترك ،الثامن :التنبيه على
العلة ،نقله عن أبي منصور ،والحارث المحاسبي ).(1
ونحن نرى أن الخمسة التي ذكرها بعد الفعل راجعة إلى
قسم الفعال ،وإن
كانت ذات صفات خاصة تميزها عن سائر الفعال-
وأما الثامن ،وهو التنبيه على العلة ،فهو ِإما راجع إلى
الولى ،إن كان
الدليل قولئًا ،أو إلى الفعل إن كان الدليل فعلياً-
ومن أجل ذلك فإن تقسيم المسنن إلى أقوال وأفعال هو
تقسيم حاصر .ثم الفعال تنقسم إلى أنو .3
وسوف نسير في رسالتنا هذه على هذه الطريقة .فنقسم
ه.
السنن إلى قسمين :قولية ،وفعلي ّ
) (1البحر المحيط *1260 /2
50
) (1/46
تعريف الفعل:
الفعل هو حركة البدني و النفس.
وعٌر به صاحب اللسان بأنه :وكناية عن كل عمل متعد أو
كير متعدد ".
والفعل عند المنطقين "تائ!ير من جرم مختار أو مطبوع
في جرم آخر ،فيحيله
عن بعض كيفئاته إلى كيفه أت أخرى ،كفعل السكن
والحجر ،والقاطع بهما ،فإنهما يحيلن المقطوع ،كالتفاحة
مثل ً عن حال الجتماع إلى حال الفتراق .وقد يكون
الفعل مجردًا ،كالقيام والتحرك والتفكر ،وما أشبه ذلك " )
.(1
وقال الجرجاني في التعريفات:أ الفعل هو الهيئة العارضة
للمؤثر في غير 8
بسبب التأثير ،كالهيئة الحاصلة للقاطع بسبب كونه
قاطعًا ..ومنه الفعل العلجي ،وهو ما يحتاج حدوثه إلى
تحريضا عضو كعالضرب والشتما ).(2
ثم ذكر ابن حزم أن الفعل ينقسم إلى ما يبقى أثره بعد
واق ،كما ل يبقى أثره انقضائه ،كأعلى التراث والنهار والز ّ
بعد انقضائه يفعل السابح عالماشي والمتكّلم ،ومما أشبه
ذلك ).(3
ي مرشدا ً هنا،
هذا وليس كل ما يعبر عنه بالفعل الصرف ّ
فنحو مات وعاش،
م ،هذه أفعال عند ح ً
م وز ِ
ر ً
ح ِ
واسود وابيضت ،وكان وصار ،و ُ
الصرفيين ولكنها ليست عند المناطقة والصولي!!ن
أفعال ً لن من نسبت إليه /يفعلها.
والقول هو فعل من بعض الوجود .وسيأتي بيان ذلك في
الفصل الثالث من
الباب الثاني إن شاء الله.
فعل كيره بأمره صلى الّله عليه وسلم:
لو أمر النبي ! أحد المسلملين أن يفعل شيئا ففعله،
فهل يكون ذلك فعل ً
نبويا حتى يسود /به على طريقة الستدلل بالفعال ،أم
هو قول يفهم كغيره من ا لول مر؟
) (1بتصرف عن ابن حزم :التقريب لحد المنطته ،بيروت،
دار مكاتبة الحياة ،ص 60
مقريب لحد المنطق. ) (2ص (3) 75ال ّ
) (1/47
) (1/48
) (1/49
) (1/50
) (1/51
) (1/52
وا جب ،ومحظور ،ومنذ وب ،ومكر له ،ومباح ،وقضاء ،وج د
ان ،ورخصة ،وعز يمق ،وصحة ،وفساد ،ويبين أن الحكم
الشرعي ل يكون إًل من حاكم ،هو الله وحده .ويبحث في
أحوال المحكم عليه .ومن يجري تأليفه ومن ل يجوز.
القطب الثاني :في الدلة إجمال ً الكتاب والسنة والجماع
مرة للحكام .فيبين في هذا القطب خذ وغيرها؟ وهي المث ِ
الكتاب ،وما هو منه وما ليسوا منه ،وطريق إثباته ،وما
يجوز أن يشتمل عليه من حقيقة ومجاز ،وعربية وعجمئة،
ويبحث في السنة عن أنواعها ،وطرق ثبوتها ،وصفات
رواتها .لم يبحث في الجماع وسائر ما يستدل به على
الحكلم الشرعية.
القطب الثالث :في طرق الستثمار ،وهي دللت اللفاظ
عله المعافي بمنطوقها ومفهومها واقتضائها وما يعقل
منها كالقياس.
القطب الرابع :في المستثمر وهو المجتهد ،يذكر فيه
صفات المجتهد ،والموضع الذي يجري فيه المجتهد ،دون
الذي ل مجال للجتهاد فيه ،وسائر مسائل الجتهاد
والتقليد.
ولغير الغزالي من الصول!ن ترتيبات أخرى لمسائل علم
الصولي يراعون
فيها جهات مختلفة.
وعلى كل حال فإنه لما كانت الفعال النبوية دليل ً على
الحكم الشرعي ومفيدة له ،كان موقع مباحثها ضمن
حب الغزالي في القطب مباحث الدلة .وذلك على ترت ِ
الثاني ،وهو المثمر.
والدلة :كتاب وسنة وإجماع وقياس ،ويتبعها عضد بعض
الصوليين أدلة أخرى.
والسنة أقواله النبي بئه! وأفعاله.
ولما كانت القوالي أدل على الحكام ،وهي الصل في
التبليغ والبيالط ،فإني مباحث الفعال تؤخر في باب
السنة ،غالبا ً عن مباحث القوال.
وإثبات ورود الحاديمث بنوعيها ،وهو ما يسمما باب
)الخبار( أو باب 57
) (1/53
) (1/55
المبحث الخامس
الفعال النَبوّية
في التآليف الحديثية والضولّية
مظان التعرف على الفعال النبوية:
تذكر دواوين السنة أفعال النبي يكره مبثوثة بين أحاديثه
القولية .و /يفردها
من المسندين أحد بالرواية فيما نعلم ،كما لم يفرد
القوال أحد عن الفعال.
ولما استقرت دواوين السنة المسندة ،من الصحاح
والسنن والمسانيد والموطَات والمستخرجاقرغيرها ،في
القرن الخامس تقريبا ً وبدأ عصر التجميع منها 6جمع
الشيخ ابن العاقوري ،وهو محمد بن محمد بن عبداللي )
797 -733هو أحد أساتذة الجامعة المستنصرية ببغداد،
كتابه والرصف لما روي عن النبي يا من الفعل والوصفة
اعتمد فيه ما ذكره ابن الفق في جامع الصول ،وأضاف
إليه ما ذكر يخص بعض المصادر الخرى .وهو -أعني ابن
العاقوري -أولى من اعتنى بجمع الفعال ،وإفرادها عن
القوال ،فيما يظهر-
وقد قال في مقدمته 11 :ما الفعال! فلم نر من اعتنى
بجمعها مفصلة قبل
كتابنا هذا ،وإنما تذكر في أثناء القوال " ) (1واكد لنا هندا
المعنى ،وهو إغفاله المتقدمين من المحدثين لفراد
الفعال ).(2
)1ر 1نظر3/1:
مدمة صحيح ابن جبان ) ) (2بعد أن كتبنا هذا اطلعنا على م ّ
354هو فوجدناه يذكره له اسم كتابه خمسة أقسام:
الوامر ،والنواهي ،والخبار ،والباحات ،والفعال .وانظر
=(58 /1
65
) (1/56
) (1/58
بحسب حروف كلمات اللفظ النبوي ،الول فالثاني
فالثالث ،كلمة كلمة .فاستقام له ذلك في الحاديث
القولّية الصرفة .أما "الحاديث الفعلّية ،أو التي فيها قول
وفعل ،أو سبب أو مراجعة! ) (1له أو نحو ذلك ،فلم يمكن
إدخالها في سلسلة هذا الترتيب .فاضطره ذلك إلى
إفرادها .فجمعها جميعا في قسم مستقل ،رتبه هجائيا ً
بحسب أول الصحابة رواة الحاديث .فثبت والجامع ال!به!
عنده كلى قسمين ،أولهما للقوال وثانيهما للفعال،
ثم اختصر كتابه والجامع الصغيه! من قسم القوال خاصة
من والجامع الكب!! إل أنه أدخل في الجامع الصغير في
آخر حرف الكاف منه ،ما ورد من الحاديث الفعلية،
مبدوعق روايته بلفظ شكلن يفعله.
وجاء بعده علي المتقي الهندي ،فجمع القسمة من كتاب
السيوطي مرة أخرى في ترتيب غالي .ونفى كتابة وكنز
العمال من سنن القوال والفعال( فقد رتب كتابه ل على
)الهجاء( ،وإنما على والبواب الموضوعية( كاليمان
والصلة والنكاح ونحو ذلك ،مرتبا بين عناوين تلك البواب
بحسب حروفها .وأما الحاديث يخف داخل كل باب فإنه
يذكر أوًل ما كان قولئأ ،ثم يذكر ما كان فعلّيا .فقد بقيت
الَلوال والفعال يخص كتابه منفصلة بعضها عن بعض،
ولكن داخل ا لبواب-
ول نجد كتابا ً أفردت فيه الفعال عن القوال سوى ما
ذكرنا،
وعلى هذا فالحاديث الفعلية ،التي هي موضوع بحثنا،
يرجع إليها في دواوين السنة المسندة ،أو التجميعات
كجامع الصول وغيره ،أو في كّتاب ابن العاقوري ،أو
القسم الثاني منا الجامع الكبير أو باب مكان يفعلى( في
الجامع الصغير ،أو كنز العمال .والله أعلم.
وال من مقدمة السيوطي للجامع الكلبين ،نقلها صاحب
كنز العمال ،ط الهند 9 -6/1
) (1/59
) (1/60
) (1/61
) (1/62
) (1/63
) (1/64
تمهيد
في القدوة والقتداء بالفعال النبوّية
قد ذكرنا أن النبي ! كان مكففأ بمهمات البيان ،والتعليم،
والتزكية.
فمًا".
وأنه ضوء قال:أ إنما بعثت مع َ
وقد حمل النبي ! المانة ،وإفكا المهمة على أكمل وجه
وأتمه .فاستعمل
ع الوسائل الممكنة ،لبلغ دين الّله تعالى وتمكينه في جمي ٍ
دى ه َ
الرضية ،حتى كان بحن إماما ،بل كان إمام الئمةَ ،
دى بقوله ،حتى كان فعله نموذجا حيا ً ه َ
بفعله مجد كما َ
للمسلم ،يتعلم منه الدين ،كهذا يتعلمه من أقواله !.
درجة المامة في الدين:
درجة المامة في الدين درجة عالية ،ذكر الله تعالى الذين
يعملون للوصولى
إليها بطيب الذكر ،وجعلهم ممن سيجزون الغرفة! إذ قالوا
ة )واجعلنا للمتقي إمامًا! ) .(1وامتن الله بها عل خليله
إبراهيم بقوله! :إف! جاعلئه للناس إمامًا!.
ل .يقال للطريق إمام، و )المام( في اللغة المت َّبع الدا ّ
ولرئيس القوم إمام.
وقوله تعالى :ويوم ندعو كل أناس بإمامهم ! ) (3قيل في
تفسيره :بنبّيهم وشرعهم ) ! (3والمام في الصلة ،كما
م به ،فإذا كبر فكئّبروا ،ماذا في الحديث 8 :إنما جعل ليؤت ّ
رفع قارفعوا!إ (4يرشد بفعله ،فيفعل المؤتمون به كما
يفعل.
71
) (1/65
) (1/66
) (1/67
) (1/68
) (1/69
) (1/70
) (1/71
النسخ لقول سابق وهر ل يريده ،أر نحو ذلك .فيبين ما
يفرق به رائي العلى بين ما يجوزوما ل يجوز.
من ذلك إنه بن طه عندماظن أن سعد بن عبادة مات.
وكان قد نهى عن السياحة ،وقال :فإن أفه ل يعذب بدمع
العين ،ول بحزن القلب .ولكن يعذب بهذا أو يرحم ! ).(1
وأشار إلى لسانه.
ومن ذلك أنه غضب عندما علم أن عليا يريد أن يتزوج
زوجة أخرى على فاطمة رضي الله عنهما ،ولم يؤذن في
ذلك ،ثم قال) :وإني لست أحرم حلل ً ول أحل حراما ً
ولكون والله ل تجتمع بنت رسول الله وبنت عدو الله مكانا
واحدة أبدأ" ) .(2فبين أن غضبه ليس لكون المر محرمًا،
بل هو على الحل ،وإن كان يرفضه هو.
ولم يتحلل من عمرته في حجة الود!غ ،فامتنع بعضه
الناس من التحلل،
فبي لهم أن الذي معه من الحل أنه ساق الهدي ،فل يحل
حتى ينحر.
ومن ذلك أنه كان إذا فعل فعل ً بمقتضى الرخصة والعذر،
ينبه أحيانا ً على
ذلك من ل يدري ،لئل يظن أن ذلك الفعل هو العزيمة.
ومثاله أنه ولما صلى بأصحابه بمكة قصرا ً وكان معهم في
الصلة مكيون ،قالي لهم :ويا أهل البلد صلوا "أربعا فإننا
قوم سفر" ).(3
المر الخامس :حرصه له على نقل فعاله إلى الناس
ليقتلوا بها ويتعلموا
منها أحكام الشريعة ،فكثيرا ما كان يعمل العمل في مكان
بارز ،ويستدعي التفات الناس إليه ،كما فعل في يوم
عرفة ،إذ شرب وهو يخطب الناس ،وهم ينظرون إليه )،(4
ليعلم الناس أن سنة الواقف بعرفة الفطر.
) (1رواه البخاري ومسلم وجامع الصول 1406/11
) (2رواه البخاري ومسلم ك الّرمذي وي بو داود وجامع
الصول (83/10
) (3رواه أبو داود والترمذي ،وقال :حد!يث حسن صحيح
بعون المسعود 14) (96 /4يفهم من روايات البخاري
ونيل الوطار 77 .(254 ،252
) (1/72
) (1/74
) (1/75
) (1/76
وى بين الثنيتين ،ثم يدخله وكان ابن عمرت وبيت بذي ط َ
من الثنية التي
ً ً
بأعلى مجلة .وكان إذا قدم حادا أو معتمرا ينخ ناقته إل
عند باب المسجد ،وكان يذكر أن النبي ! وكان ،يفعل
ذلل"؟(.
وأحيا ابن عمر الماكن التي صفا فيها النبي ! عند سفره
لحجة الودل!
من مكة إلى المدينة ،وحذر مواقعها بأوصاف دقيقة -وقد
أورد البخاري حديثه في ذلك بتمامه ،وهو حديث طريف
طويل فليرجع إليه ).(3
أثر اقتداء المة بأفعال نبيها في نشر دعوة السلم
والقتناع به:
لقد كان اقتداسر المة السلمية بنبيها جمد بعد عصر
الصحابة ،النابع من أحكام دينها ،وتأثرها بشخصيته
وأخلقه الكريمة ،دافعا كبيرا لها علما الستقمة على أمر
الدين على بصيرة من أمرها.
ولم تزل سيرة نبيها! تمثل لها أنبل الصفات والعمال!
والخلق .وتجسيم
المثل والمبادع! السلمية أمام أنظارها ،فتعمل بدينها
حق العمل ،اقتداء بتلك السيرة العطرة.
ولم تزل تلك السيرة تبدع في الضفة أجيال من
البطولت ! تحقق القدوة
بالنبي ! بدرجة عالية ،حتى كأنهم تسخ أخرى لتلك
الشخصية الفذة ،في صبرها وبلدها ويقينها بالله ،وفي
تواضعها وزهدها وصدقها مع الله ،ويخص معملة الناس،
مع الصدق في العلم بدين أله صايصال! منافسه إلى
البشر.
في جذب وقد كان لتلك الشخصيات العظيمة الثر البعيد ِ
الناس إنما السلم ،واقتناعهم به ،ورغبتهم في الدخول
فيه والعمل به ،ما لم تؤثره الخطب والمواعظ والقوال
البليغة .لنهم يرون بأعينهم ،ويلمسون بأيديهم ،مدى
مفاف! في حب الله ،ومقدار النفع الحاصل الخلص وال ّ
ه
بتلك الشموس المضيئ ّ
) (1/77
) (1/78
لتبيهة للناس ما نزل إليهم !"ان فهذا الستعمال أخحئ!
من الول .وهو الغلب في كلم الصولي!لن .وهر الذي
سنجري عليه ،ونخص ما خرج عنه ،من الستعمال الول ،ل
صطلحأ البيان البعد ائيل.
ما يحتاج إلى البيان وما ل يحتاج إليه:
ليس كل كلم بحاجة إلى بيانه بل إن أريد بالكلم ظاهره
وحقيقته كان
بئنأ لمن يعلم وضع القول .وذلك لقوله تعالى! :وأقيمرا
الصلة* وآتوا الزكلة! هو بين في إنجاب هاتين العبادتين.
وقوله :لشهر رمضان ألفي أنزل فيه القرآن هدى للناس
وبه ناس من الهدى والفرقان فمن شهد متكلم الشهر
فليصمه ! ) (3بين في إيجاب أصل الصوم ،لن الوقت
شهر رمضان .وكذا آية تحريم الميتة والدم ولحم الخنزير
وما أهل لغير الليه به ،هي بّينة في تحريم ما ذكر فيها )
.(3
فإن أراد المتكلم بالكلم غير ظهره فل بد من البيان .هكذا
إن أراد غير حقيقته فهو يحتاج إلى القرينة المبينة
للمراد-
فمن الولي :العام إذا أريد به الخصوص .نحو فاقتلوا
المشركين !،(4،
أريد به ما عدا النساء والصبيان والرهبان ونحلم ،فهو علج
إلى البيان.
ومن الِثافإ :نحو قوله تعالى ة!حتى يتب!!ق لكلم الخيط
ن بقوله ت ومن ب!! َ
البيض من الخيط السودي ْ)( ُ
الفجر*!-
)ا! سورة النحل :آية (2) 44سورة البقرة :آية 185
) (3قال الشافعي رضي الله عنه :البيان في الفرائض
المنصرمة في كتاب أله تعالى من َأحد هذه الوجوه،
ه البيان فيه فلم يحتل فيه مع ن الكتاب على غاي ّ منها :ما أ ّ
التنزيل إلى كيره.
ومنها :ما أّىأ الكتبي على غزة البيان في فرف ،وافترضيه
طاعة الرسول ،فبين رسول ألد
ين عن الله كيف فرضه .وعلى من فرضه ومتى يزال
بعضه ويثبت بعضه.
ومنها :ما بينه عن سنة نبيه بل نص كتاب بالرسالة :تحقيق
أحمد محمد ضاكرص .(32
) (4سورة التوبة :آية ه ) (5سورة البقرة:أ يا 84 187
) (1/79
فإن لم يكلن للكللم ظاهر 6بان كان محتمل لمور
احتمالت متسارعة فهو مجمل .والبيان له ل بد منه أيضا ً
كقوله تعالى :توني أموالهم حق معلوم للسائل
والمحروم ! ) (1لم يعرف ذلك الحق ما هو ،فل بدع من
بيانه.
ويقول الغزالي 9 :يحتاج إلى البيان كل ما يتطرق إليه
احتمال ،كالمجمل ،والمجاز ،والمنقولة بتصرف الشرع،
والعام المحتمل للخصوص ،والظاهر المحتمل للتمويل،
ونسخ الحكم بعد استقراره ،ومعنى قول )افعل( أنه للندب
أو الوجوب ،أو أنه على الفور أو على التراخي ،أو أنه
للتكرار أو المرة الواحدة ،والجملة المعطوفة إذا عقبت
باستثناح! ،وما يجري مجراه مما يتعارض فيه الحتمال،
والفعل من جملة ذلك " ) (2الـ.
وواضح أن الكلم قد يكون بثناء من وجه أو وجره ،ولكنه
محتاج إلى البيان
من وجه أو وجوه أخرى .كما في آية لشهر رمضان الذي
أنزل فيه القرآن ! ...إلى قوله تعالى ...) :فمن شهد
منكم الشهر فليصمه ! فهي بينة من حيث إيجاب أصل
الصوم ،ومن حيث إن وقته شهر رمضان .لكن تبقى
الحاجة إلى بيان الصوم أفي الليل هو أم في النار ،ومتى
يبدأ ومتى ينتهي .وأيضا إذا خفي دخول الشهر أو خروجه
بغيمة و نحوه .وكل ذلك قد بقلق في آيات أخرى أو يخص
السنة المطهرة.
الجمال في الفعل ،ووجوهه:
ح البيان به على الراجح ،قد يكون هو في الفعل وإن ص ّ
ذاته مجمل يحتاج
إلى بيان.
وقد ذكر الصوليون من أنور المجمل الفعل ،فقد يكون
الفعل دائرا بإذن احتمالين فأكثر.
ه دون وممثلون لذلك بقيام النبي جمع من الركعة الثاني ّ
جلوس :يحتمل أنه
) (1/80
ترجمه قصدا فيدل على عدم وجوبه ،ويحتمل أنه تركه
ل على ذلك .وقد بين هذا الجمالي بفعل نسيانا ً فل يد ّ
ى
آخر ،وهو أن النبي ! سجد للسهر في آخر صلته .فدل ّ
طه أن تركه كان عن نسيان.
ويمكن حصر وجوه الجمال في دللة الفعل فيما يلي:
أول ً أنه قد يدور حكمه بي الختصاص بفاعله ،كما في
ن أن يكلون عافت له وللمة .وكذا الخصائص النبوية ،وبي ّ
الختصاص بالمكان والزمان والحال التي فعل فيها وبين
سائر المكنة والزمنة والحوال.
ثانيا ً أنه قد يدور حكمه بي الوجوب والندب والباحة كما
سيأتي في الفصل التالي إن شاء الله.
ثالثا ً أنه قد يدور بين أن يكون مقصودا به التعبد
والتشريع ،ربن أن يفعل
على حد الباحة العقلية،
رابعا ً أنه حتى لو كان مقصودا به التشريع ،يدور بين أن
يكون بيانا لمجمل
معين أر ل يكون بيانا له.
خامسا ً أنه قد يحور ب!!ن الرتباط بسبب معين وبين عدم
الرتباط به ،كالخروج في صلة العيد إلى المصلى في
الصحرا!و ،هل كان لعذر ضيق المسجد فل يسند إل عند
الضيق ،أولم يكن لذلك فيسن مطلقا ً
وظائف البيان:
قام الصوليون البيان من حيث الوظيفة التي يمكنه خط
ي!ؤديها ،بعض أقسام،
ا لتقر ير ،وا لتفسير ،وا لتغيير ،وا لتبد يل ).(1
ه،
) (1يقسم الحنفية البيان إلى خمسة أقسام :هذه الربع ّ
وبيان الضرورة .ونحن /نذكر بيان الضرورة ،لنه ل يخرج
في وظيفته عن الربعة ،وإنما سمي أيان الضرورة بالنظر
إلى سببه ل!الى وظيفته فلم نتعرض لذكره.
86
) (1/81
) (1/82
) (1/83
) (1/84
) (1/85
) (1/86
المبحث الثاني
فعلي الب ََيان ال ِ
ذكرنا في المبحث السابق أحكام البيان إجمال ً ونخصص
هذا المبحث بالبيان الفعلي:
حكم البيان بالفعل:
البيان بالفعل أحدث هو ،البيان .فيمكلن استعماله حيث
أفاد المطلوب.
وواضح عقل أن النبي-له لما كان واسطة لتبليغ الشريعة
وبيانها ،فإنه يبين بالطريقة التي يختارها .فإما أن يبين
حة البيان بالقوال
المشكل بأقواله أو بأفعاله .فلما ص ّ
لكلونها!ليل على المطلوب فكذلك يصح البيان بالفعال
حيث تدل على المطلوب.
فما أفاد فيه البيان بالقوالى والفعال ،أجزأ بكل منهما"\
ي الخصلتين فعل فقد أو ما ( .ويكون ذلك واجبا ً نحئرأ ،أف َ
وجب عليه .وهذا مذهب أكر العلماء .وقد قاده عبدالجبار )
(2بان ل يختص أحدهما في كونه مصلحة بما ليس في
الخر ،وهو بمعنى ما ذكرناه أعله من اشتراط الفادة.
قلىوقد منع بعض الصولي!!ن وقوع البيان بالفعال .ئ ِ
ذلك عن أبي إسحاق
) (1راجع كتاب أبى ضامة ة المحقق من علم الصول ،ق
11ب 1(2) .لمغني 250/17
92
) (1/87
) (1/88
)3) 2
أشار ألي ذلك أبر الحسين البصري في المعتمد 338/1
وأيضا الشاطري في الموافقات 247 ،346/4
انظر :في هذه المسالة كلم أبي الحسيها البصري في
المعتمد 338/1رالقرافي :شرح تنقيح الفصوله دعا ،123
.1 24وأيضا ً تيسير التحرير 176 ،175 /3والمني 34 /3
وانظر كمثال على ذلك هذا الحديث:
عن أبي هريرة رضي إلة عنه قلل () :قيمت الصلة،
وعدلت الصفوف قيامًا ،فخرج إلينا رسول ا ضؤ لكرر
علما ولم في مصله ذي أف جنب ،فقاد" :مكانكم " ثم
رجع ف!نهتسل 3 ،طرح إلينا!رأسه يقطر ،فيبر وصلينا
معه " رواه البخاري ومسلم وغيرهما .فقد تبينت بهذا
الحديث أمور ،كما بوب له بها أصحاب كتب الحديث.
ى :باب إذا ذكر في المسجد أنه جلب يخرج فبوب له البخار ِ
كما هو ول يتيمم.
و :باب هل يخرج من المسجدي بعد الذان( لحلة.
و :باب إذا قال المام :مكانكم ثم رجع انتظروه.
وفي صحيح مسلم :باب متى يقم الناصية إلى الصلة.
ولمالك يخص الموطأ :باب إعادة الجانب الصلة وغسله.
ولبي داود :الجنب يصل بالمقوم وهو نايمه.
سائى :المام يذكر يعد لقيامه أنه على غر طهارة. وللن ّ
وقال اطافظ يخص الفتح :ويخص هذا ا-لثلث من الفوائد:
) (1/89
) (1/90
الجواب الثاني :عدم التسليم بكون الزمان الفعل أطول
في كل حال .وخاصة في الفعل ذي الهيئات والكيفيات
ل ،فإن تبيينالتي يصعب تحديدها بالقول ،كالوضوء مث ً
كيفيته بالفعل أخصرمنه بالقول .ولو ذهبنا نحدد بالقول
ما أوضحناه بالفعل لطال المر وتكرر ،وصعب على الذهن
مع ذلك ضبطه )؟( .الجواب الثالث (:ن ذلك وقع في
السنة ،ومنه شربه عن يوم عرفة وهو راكب على بعيره
ليعلم الناس أنه مفطر.
هل يشترط لعتبار الفعل بيانا ً عدم وجود قول صالح
للبيان:
اشترط ابن فورك ) ،2لصحة اعتبار الفعل بيانا أن ل يكون
هناك قول صالح
لن يكون بيانا ً ووجه ذلك عنده أن الولى هو الصل ل
البيانو ،وأن الفعل يكون بيانا بغيره ،والقول يكون بيانا
بنفسه ،فإذا وجد ما هو الصل في البيان امتنع العدول
عنه إلى غيره.
وسياقه في مبحث اختلف القول والفعل في البيان ،ما
يعلم به بطلن هذا
ا ل شهر ان.
)1
)2
جواز الفصل بين القامة والصلة.
جواز انتظار اكمومين مجيء المام قياما للضرورة-
ل يجب عل من احتلم في المسجد فاراد الخروج منه أن
يتيمم.
جواز الكللم بين القامة والصلة.
جرأة تأخير الجنب الغسل عن وقت الحدث.
فانظر هذه الفوائد كدها كيف تحصلت منا فعل
واحد،،يمثلن للحاضرين( ن يفقهوها بيسر .وكيفا آه لو
مغل ببيانها قول لحتاج إلى مجل!حا طويل أر اش ّ
مجالسي ،وربما لم تستقر في أذهانهم استقرارها بهذا
الفعل اليسير.
يقول العمدي ) (:(36 ،35/3ما القول بان البيان بالفعل
مما يفيهما إلى تأخير البيان مع إمكلون تقدمه بالقول
فغير مسلم .بل التعريف بالقول ،وذكر كل فعل بصفته
بهيئته وما يتعلق به ،أبعد عن التشبث بالذهن من الفعل
المشاهد ...وربما احتيج في ذلك إلى تكرير في أزمنة تزيد
على زمان وقوع الفعل بأزمنة كثيرة ،عل ما يشهد به
العرف والعادة .الزركلي :البحر المحيط 181 /2بن
95
) (1/91
هل يصلح العلى وحده بيانا دون اضمم قول يدل على أنه
بيان:
ً
يبتلمن مما تقدم أن الفعل يمكن أن يقع بيانا بقرينة
تدلى على أنه بيان لكذا
وكذا من القوال القرآنية( و النبوئية.
ثم قد تكون تلك القرينة قرل؟ كمارا الحديث :وصلوا كما
رأيتموف! أصلي !
و 8خذوا مناسككم " وقد تكون غير ذلك ).(1
كليفية بيان كل من الحكام الخمسة بالفعال:
تقدم لنا أن البيان بالفعل قد ينفرد عن الولى .وقد يرد
مع القول فيؤيده ويقويه ،ويقطع عنه احتمالت شتى،
ويدخل معنا هنا البيان البتدائي بالفعل فيصدق عليه ما
يصدق على بيان المجمل.
والمراد هنا أن نوضح الطرق التي بها يكون الفعل بيانا ً
للحكام الواردة في الكتاب والسنة ،بترتيب أحكامها .وقد
اعتنى بذلك الشاطري ) .(2ونحن نذكر بإيجاز ،مع العلم
أنها قواعد غالبية ،ويكفي بها البيان بالقول أحيانا ً
ا -الواجب :بيانه بالعلى .مع المداومة عليه وعدم الترك،
ول يتسامح في
الترك مطلقا ً
-2المحَرم :بيانه بالترك المطلق ،ول يتسامح فتى فعله
ألبتة ،سواء أكان
كبيرا أو صغيرًا ،وسيأتي ذلك في مبحث العصمة النبوَية،
في فصل راحتي إن شاءالله.
-3المندوب :ينقسم قسم!!ن ،بحسب حالي المبين له:
أ -فإن كان جاهل بأصل الحكم ،فالبيان له بالفعل ليقتدي
به.
ب -وإن كان المبيت له مظنة أن يعتقد أن ذلك المندوب
واجب ،كما إذا حافظ علمه والتزمه التزام الواجبات ،أو
خيف عليه أن يعتقد ذلك ،وجب( ن ) (1وسيا!ما استيفاء
الولى في ذلك في مبحث الفعل البياني من الفصل
الرابع إن شاء الله (2) .الموافقا!336 -318/3
96
) (1/92
) (1/93
يرى إّل أن حقا ً عليه أَل ينصرف ال ّ عن يمينه ث أكثر ما
رأيت رسول الله !نه!ه ينصرف عن شماله " ).(1
ما يمكن حصوله بالفعال من أنهلك البيان:
قال الجمعاني" :يحصل بالفعل جميع أنو 3البيان ".(2
أومأت البيان البتدائي :سيأق! ذكر إمكانية كون الفعل
النبوي بيانا ً ابتدائيات ،والخلف حول ذلك؟ في فصله
الفعل المجرد ،مت هذا الباب.
ثانيا ً بيان التقرير :وهذا واضح من دللة الفعالى .فإن
السنن العملية
كئيرأ ما تكون مقررة لحقائق ألفاظ الكتاب والسنة
القولية ،وظواهرها .فما فعله النبي !ك! تنفيذا ً لما في
عِلم به يقينا ً أن المراد به حقيقة اللفظ دون الكتابُ ،
ولة منمجازه .ويمكن بهذه الطريق الرد على المؤ ّ
الفلسفة والباطنية ودعاة الفاطمي!س وغيرهم من
الملحدين والمبتدعيها ،فيما لخلوه من الحكلم الشرعية.
فلو تعرفوا في تأويل القوالى لم يمكنهم ذلك في
الفعال .ومن أجل ذللت يحصل التحقق دون ريب من
كذبهم في دعاوى كثيرة ".(3
هذا وإن فائدة الفعال في هذا النوع من البيان واضحة
أيضا في قطع استبعاد الحقائق التي تتضمنها القوال !
ومن ذلك ما قصه الله علينا يخص كتابه :وأو كالذي مر عل
ن يحي هذه الّله قرية وهي خاوية على عروشها ،قالت أ ّ
مَئة عام ثم بعثه ! ...إلى أنبعد موتها فأماته الليه ِ
قالي ...! :فلماتبّين له قال أعلم أن الله على كل شيء
قديرا ) (4وفي الية التالية لها! :وإذا قال إبراهيم رث
أرفع كيف تحمي ) (1رواه متسلم 330 /5وروى مسلم
عن أقصى بمعناه.
(21الزركشي ة البحر المحيط .1253/3
) (3مثل ما ذكر في وقواعد عقائد آل محمد؟ لمحمد بن
الحسن الديلمي ،أستانبول ،مطبعة الدولة 1 938 ،صهكا
(47من فوله :قال صاحب )تاولل الشريعة(" :ال!لواث
الخمسلى طاعات الول والثاف! والناطق والساس
والمام " وقال صاحب )ت!يل الشريعة( )الصوم
) (1/94
) (1/95
) (1/96
) (1/97
) (1/98
) (1/99
) (1/100
) (1/101
) (1/102
) (1/103
) (1/104
المبحث الثالث
فعل في الَبيان
جتماع القول وال ِ
ا ْ
الكلم في هذه المسالة ينقسم قسمين ،لنه إن لجأ بعد
المجمل قول وفعل وكلهما صالح لن يكون بيانًا ،فإما أن
يكونا متطابقين ل يزيد أحدهما على الخر ،وإما أن ل
يكونا كذلك.
بمعنى صلحيتهما للبيان أن يفعل ما أمر به ،وأن يصفه به
كر أجزائه وأعداده وهيئاته .أما إذا أحال بالقول على
الفعل ،كان قال :أخذوا مناسككم " ود صلوا كما رأيتموني
أصلب " ) .(1ونحو ذلك ،فهذا القول ليس بيانا ً وإنما هو
فق للبيان على الفعل ،فُيعلم به كون الفعل بيانا قول مع ً
) .(2فإن علم بالضرورة أو بالعقل ،أن الفعل بيان ،كان
مثل هذا مؤ َ
كدأ لذلك ".(3
القسم الول :حالة التفاق.
و-أمثلته أن النبي ئمة بّين بقوله عندما أمر به الله من
الصلوات ،فباق بالقول
أنها خمس صلوات ،وصلها فعلكذلك ،لم تزفي ولم
تنقص-
ن مقادير ما أمر الله به من الزكاة المفروضة وكذلك ب!! ّ
في الذهب والفضة أنها
ربع العشر ،وأخذها كذلك.
) (1سياقه تخريج هذا الحديث بتوسع في فصل الفعل
البيان.
) (2أبو الحسين البصري :المعتمد 338/1حيث قال 9 :ن
البيان هو الفعل ،دون القول المعلق للفعل بالمب!سن.
) (3تيسير التحرير 176 /3
107
) (1/105
)(1
)(3) (2
لما الفعل ففي صحيح مسلم أن النبي له قرن فطاف
طوافيهه -طواف القدوم وطواف الزيارة يوم النحر.
وسعى سعيا واحدا ً بعد طواف القدس ثم ،و /يسع بعد
طواف الزيارة .هذا ما يؤخذ عن حديث جابر وغيره .وقد
روى النسائي عن عل أن النبا!! "قرن فطلت بالبيت
طوافين ،وسعى سعييئ ".
ربما القتل فما أخرجه أحمد من حديث ابن عمر بلفظ 5
هن قرن فيها حجته وعمرته أجزأت لهما طواف واحد".
ولم يذكر الساعي والفصح الكئبيهه وروى الترمذي وابنا
ماجه عن ابنا عمر أيضا ً أنه له قاله 5 :من أحرز بالحجر
والعمرة! جزاه طواف واحد وسعي واحد عنهما ،و /يحل
حتى يقضي حجه ويحل منهما جميعان والفتح الكبيرة.
التمهبدق .192
الشوكاني :إرشاد الفحولة ص (4) 73البحر المحيط 1 /3
8أب.
115
) (1/106
) (1/107
) (1/108
) (1/109
المبحث الرابع
ما البيان
إذا اختلف فعلن في البيان فايه َ
الصوليون لم يذكروا هذه المسألة ،وذكرها ابن دقيق
العيد في شرح العمدة )؟( وواضح أن أول المعين ورودا
يكون هو البيان ما /يدلى على أن البيان هو آخر الفعلين.
فإذا اعتبرنا الفعل الول هو البيان ،يبقى الزائد من
الفحل الثاقب فعل مجردا
ل يدل على وجوب ،بل قد يدل عل الندب أو الباحة كما
يأتي في الفعلد المجردة .وهذا إن كان الفعل الثاني
زائدا ً على الول .أما إن نقمه عنه فهو إما ناسخ للزائد
في حق الجميع ،داما تخفيف في حق النبي في خاصة.
والنسب أول كما تقدم .ول يصار إلى النسخ إل إذا تعذر
الجمع-
وقد يعلم أن الفعل المنقولة إلينا متأخر ،ويحلم أن قبله
فعل هو البيان ،لكن /ينقل إلينا أول الفعلين ،كبعض رواية
أصاغر الصحابة ومتاخري السلم مخهم هذا رووا بعض
هيئات الصلة ،أو أعمال في الصوم أو غيره من المور
المستمرة .فإن الظاهر تأخر!روياتهم ،وهي ل شك قد
سبقت ببيان ،فل تكون مروياتهم تلك بيانا ً ول يمتنع -إذا/
يحد على التغيير -الستدلل بالعلى المتاجر ،هذا على أن
الفعل المتقدم مثله ،لن الصل عدم التغير .والله( علم.
)2"6/1(1
114
) (1/110
) (1/111
المبحث الول
ما يصدرون النبي صلى انته عليه وسلم في أفعاله
يدرك النيل ! أنه مكلف بكذا وجربت أو ندبا ً وبكذا تحريما
أو كراهة ،أو
أو أنه حلل له كذا ،فيفضل أو يترك بناء على ذلك.
وربما يفعل الشيء بماء على أنه /ينزل عليه فيه شيء،
أي على أنه ليس فيه
حكم شرعه..
فينقسم هذا المبحث إلى مطلبين :لنه أما أن يفعل بناء
على التكليف ،أوان
يفعل بناءعلى عدم التكليف.
المطلب الول
أن يفعل بناءعلى التكليف
إدراكه له لكونه مكلفا بفعل ما ،يحصل من طريقين:
الول :الوحي إليه به ،بالطرق التي نصت عليها الهية
التي في آخر
سورة الشورى "وما كان لبشر أن يكلمه الليه أل وحيا أو
من وراء حجاب أو يرسل رسول فيوحي بإذنه ما يشاء إنه
علي حكيم !.
ثم قد يكودط الوحي متلؤًا ،وهو القرآن العظيم ،بأن يكون
آية أو آيات خاصة بالواقعة أر شاملة لها ،كقوله تعالى .ويا
أيها النبي قل لزوأجد إن كنتن تردن الحياة الدنيا
وزينتها ...اليتيئ ! فإدا فحصهما المر له ! بتخيير أزواجه.
117
) (1/112
) (1/113
) (1/114
) (1/115
) (1/116
) (1/117
) (1/118
184/4 (11
(+تياسير التحرير 190 /4
) (2أصول البزاوي (4) 933 -926 /3سورة الحشر :آية 2
123
) (1/119
) (1/120
125
) (1/121
) (1/122
ومنعه أبو الحسي البصري وأكد المعتزلة ،وأبو بكر الرازي
الرصاص من
الحنفية.
وكثير ممن أجاز ذلك قال إنه مع جوازه /يقع،
وتردد الشافعي ،فقيل إن ترزيه في الجواز ،وقيل في
الوقوع(1،
وقد احتج المجيزون لذلك:
ا -بقوله تعالى :أكل الطعام كان حل لبني إسرائيل إّل ما
حرم إسرائيل
عل نفسه ! ) (2أضاف التحريم إلى إسرائيل عليه السلم،
فاز على أنه كان مفوضا ً إليه ،وإّل لكان قد -فعل ما ليس
له ،ومنصب النبوة يلي ذلك.
وقد نوقش هذا الدليل ،باحتمال كون تحريمه لما حرمه
عن قياس.
ويجابه بأنه لو كان عن قياس ،عزم أن ل يكون ما حرمه
حلل قبل تحريمه
له ،بل يكون حراما ظهرت حرمته بعد اجتهاده .وهو خلف
ظاهر الية ،فإنهما نسبت التحريم إليه.
-2واحتجوا:لما روي أن النبي صل قالت يوم فتح مكة :أأ
إن الله حبس عن
مكة الفيل ،وسقط عليها رسوله والمسنين .وأنها لن
هكذا ،تحل لحد كان قبلي ،وإنما أحلت لي ساعة من نهار،
خت ََلى
وإنها لن تحل لحد بعدي ،فل ُينفر صيدها ،ول ي ُ ْ
شوكها ،ول تحل ساقطتها إل لمنشد " -..فقال العباس:
خر يا رسول الله ،فإنا ْ نجعله في قبورنا وبيوتنا!. "إل الذْ ِ
قال! :إّل الذ ِ
خر" )(3
) (1قال الشافعي في الرسالة بعدما ذكر أنا السنة قد
تأتي بما ليس له أصل في القرآن ومنهم من قال :جعل
أفه له ْ! بما افترض من طاعته وسبق في علمه من
توفيقه ليضله ،أن يسن فيما
ليس فيه نص كتاب " وهذا هر التفويض ،ثم ذكر أنه قد
قيل أيضا ً إنها صادرة عن القرآن (،و بوحي خاص (،و
بالهام ثم قال الشافعي "ولي ذلك كان فقد بين الله أنه
وه عذرًاأ فرض طاعة رسوله ،و /يمثل لحمد من خل ّ
والرسالة ص (153 -91فالتفويصر عنده
أمر محتمل وجائز.
) (2سورة آل عمران :آية (3) 93مسلم 1 29 /8وهذا
لفظه ورواه البخاري.
127
) (1/123
) (1/125
المطلب الثاني
أن يفعل بناء على عدم التكليف وهي مسألة العفو
اختلف عللي الصول في هذه المسألة المهمة على
مذهبه:
-1فمنهم من رأى أن الشريعة حاكمة على بديع أفحالط
العباد ،فل يخلو
فعل منهاتن حكم شرعيا ومامن عمل ُيفرض ،ولحركة
دعي ،إل والشريعة حاكمة عليه إفرادي وتركيبا ولس!ون ي ّ
.(1) 9وقد أحاطت الشريعة بالفعال إحاطة تامة ،فلم
يشذّ منها شيء.
وممن قال بهذا المام الشافعي ،وابن السمعافن .قال
ابن السمعاف! :أأل بد
أن يكون له تعالى في كل حادثة حكم ،إما بتحليل أو
بتحريم (2) ،وفي موضع آخر 1) :ل نعلم قطعا ً أنه ل يجوز
أن تخلو حادثة عن حكم دمه تعالما منسوب إلى شريعة
نبينا محمد!ئئ .يبينه أنه لم يرد عن السلف الماضين أنهم
أعربا واقعة عن بيان حكم فيها لله تعالى وتقدس .وقد
استرسلوا في بث الحكام استرسال وافق بانبساطها
كلى جميع الوقائع .ول يخفى على منصف أنهم ما كانوا
يفترن فتوى من تنق!سم الوقائع عنده إلى ما يعرى عن
حكم و!إلى ما ل يعرى عنه ! ) 0(3الـ.
-2ومنهم من يرى أن الشريعة جاءت باحكام معينة في
أفعال معينة،
أراد الله عّز وجل أن تكون تلك الحكام هي الديني وترك
ما سموي تلك الفعال
138
) (1/126
المعينة ،فلم يتعَرض له ،ل بأمر ول بنهي ،ول بتحليل ول
بتحريم ،بل أبقاه على ما كان عليه قبل ورود الشريعة.
وأفعال العباد على هذا قسمان :قسم فيه حكم شرعي،
سواء أكتفي واجبا ً أو مندوبا ً أو مباحا أو مكروها أو محرمًا،
وقسم آخر خارج عن نطاق الشريعة ،مغفلة من حكم
شرعي ،وهو ما يسمى بالعفو.
وقد توقف الشاطري في إثبات مرتبة العفو و /يرجح أحدا
من المذهبين.
وبعضهم يسلم ثبوت مرتبة العفو في زمن النصي كفء
ويمنعها بعده )؟(.
وربما وشع بعضهم معنى هذا المصطلح )العفو! ليشمل
فعل المخطىء والناسي والمضطر ونحو ذلك .ونحن
نقتصر على النوع الول ،إذ به يتعلق بحثنا هنا.
أدلة المذهب الولى:
يحتج للمذهب الولي بأدلة:
ا -لو /تكن أفعال المكلفين بجملتها داخلة تحت خطاب
التكليف ،لكان
بعض المكلفين خارجا عن حكم خطاب التكليف ،ولو في
وقت أو حالة ما .لكن ذلك باطل ،لنا فرضناه مكلفًا ،فل
يصح خروجه.
ويمكن إبطال هذا ،بأّنا نمنع أن يكنون العبد البالغ العاقل
مكلفا على الطلق ،وإنما هو مكتف بما كلفه الله به ،ل
بما سكت عنه فلم يكلفه به-
-2قول الله تعالما) :ونّزلنا عليك الكتاب تبيانا َ لكل شيء!.
وقوله :واليوم أكملت لكم دينكم ! ).(3
وجه الستدلل باحالة الولى :أن الكتاب تبيان لكل شيء،
وتدخلي أفعال
131
) (1/127
العباد دخوَل َ أولي ًّا .إذ إن ضبطها حسب أوامر الّله ،هو
المقصود ،الولي من نزول القرآن ! فينبغي أن يكون في
الكتاب بيان أحكامها جميعا ً
ويمكن الجواب عن هذا ،بأن المة عامة لكل ما من شانه
أن يدخل فيها قال مجاهد) :تبيانأ لكلل شيء :للحلل
والحرام " ) ،(1وهي واردة في شؤون الدين ،كالمة
الثانية -فما ليس من الدين خارج عن عمريهما .والفعل
إذا /يرد الله تعالى إنزال حكم فيه فهو خارج عن حكيم
الدين.
أدلة المذهب الثاني:
-1وردته حديثه سلمان الفارسي عن النبي ! أنه سئل عن
الجبن والسمن والفراء ،فقال" :الحلل ما أحل ألمحه في
كتابه .والحرام ما حرم الله في كتابه ،وما سكت عنه فهو
مما عفي عنه " ).(2
-2وعن أبي الجرداء عن النبي !! قال :لما أح ّ
ل الله ل
كتابه فهو حلل.
كما حرم فهو حرام .وما سكت عنه فهو عفو ،فاقبلوا من
الله عافيته ،فإن الله لم يكلن لينسى شيئا ً ) .(3ثم تل:
روما كان ربك نسيًا!.
وهذا نص في المسالة.
وقال ابن عباس :وكان أهل الجاهلية يأكلون أشيله،
ويتركون أشياء تجذرًا.
فبعث الله نبيه !ع! ،وأنزل كتابه ،وأحل حلله ،وحرم
حرامه ،فما أحلى فهو حلل ،وما حرم فهو حرام ،وما
سكت عنه فهو عفو" ) .(4وتل) :قل ل أجد في ما أوحي
إلي محرمآ َ على طاقم يطعمه ! إلى آخر الية.
-3وعن أبي ثعلبة أن النبي ينا ،قال :فإن الله حدّ حدودا ً
فل تعودوها
) (1تعسمير القرطبي 164 /10
) (2أخرجه الترمذي والحاكمة الفتح الكبير قال الترمذي )
(297/5حديث غريمه .ظهر عند ابن ماجد 1117/3
) (3ذكره الشاطري ،و /نجده قي الصول من حديث أبي
الدادا.،
) (4رواه أبو!اود 273/15
132
) (1/128
) (1/129
تنبيه:
إنه وإن كان القولي بجواز كون أحكامه ! عن اجتهاد
قياسي أو مصلحية
حقًا ،وأن أفعاله كاقواله قد تكون صادرة عن ذلك النوع
من الجتهاد ،إلها أنه يجب التنبه إلى أن إرجاع فعله صح
وقوله إلى القرآن ،وصدورهما عن فهمه له للقرآن ،هون
ولى من اعتبارهما اجتهاده مستقل ً وحيث دار الفعل بين
أن يكون دال على تشريع مستأنف ،وبيهم أن يكون تاول
للقرآن ،فاعتباره تاول للقرآن أ ولى.
والمسالة خلفية ،فقد قال الزركشي:إ إن السرخسي
نقل عن الحنفية ،أن
قوله النبي مجخ؟ أو فعله ،متى ورد موافقا ّ لما في
القرآن يجعل صلعرأ عن القرآن ،وبيانا لما فيه -قال:
والشافعية يجعلونه بيان حكم مبتدأ حتى يقوم الدليمى
على خلفه ...لما في ذلك من زيادة الفائدة! ).(1
إل أن قول الحنفية يترجح بدون النبي مجد مبعوثا ً في
الصل لبيان القرآن والعمل به.
) (1البحر المحيط 252/2ب.
134
) (1/130
البحث الثاف!
أحكام الفعال الن ًَبوية
البحث في هذه ارسالة يتفرع فرعي:
الول :أحكام الفعال التي يكلف بها النبي !ك! ،أي قبل
صدورها عنه.
الثاني :أحكام الفعال التي صدرت منه .أغني ما يحكم به
على الفعل بعد صدوره عنه عن.
فنخ!ئ! كل فرع مخهابمطلب.
المطلب الول
ما يكّلف به النبي صلى الله عليه وسلم من الفعال
ّ
النبي عنه بشر من خلق ان ،وعبد من عبادالُله ،مكّلف
كغيره من المكلفين .فهو مطالب بأفعال يفعلها ،على
وجه الحتم واللزام ،وتلك هي الواجبات .وأفعال مطلوبة
منه ل على وجه اللزام ،وتلك هي المستحبات ،ومطالب
بأن يترك حتما ً أمورا ً معينة وتلك هي المحرمات ،وأن
يترك ،ل على وجه الحتم ،أمورا ً وتلك هي المكروهات.
وجعل له ا-أيار في أمور أخرى أن يفعلها ( و ليفعلها،
وهي ما أبيح شرعا ً
ثم قد يوجه التصنيف إلى الناس عامة ،أو المؤمنين عامة،
فيدخل فيه !ن!.
وذلك كقوله تعالى) :يا!يها الناس اّتقوا ربكم الذي خلقكم
والذين من قبلكم 5س ا
) (1/131
) (1/132
) (1لعله يعني أبا زيد الدبوسي (3) .ألموا فقط ل 318 /3
) (2انظر تفسير التحرير 184 /4
137
) (1/133
) (1/134
المطلب الثاني
أحكام الفعال الصادرة
عن النببم صلى انته عليه وسلم
إذا صدر عن النبات فعل ،احتمل بحسب الصل أن يكون
فعله عل
سبيل الرجوع ،أر على سبيل الندب ،أو على سبيل
الباحة ،ول إشكال في شيء من هذه الثلثة.
ويبقى القول في مقاميها:
الول :هل يمكن أنا يكلون بعض الفعالى الصادرة عنه
ينهي محرمة ،وقد
فجلها عمدا ً أو خطا ،أن نسيانه ،أو على نحو ذلك من
ون عامة بمسالة العصمة. الطرق؟ وهي المسالة التي تغن ْ
الئاف! :هل يفعل النبي يكن ما حكمه الشراهة؟.
المقام الول
عصمة النبياء عن المحرمات
أصل البحث يقتضي أن يكون عنوان هذه المسالة وعصمة
محمد جم!ي( ،غير
أننا أثرنا بحثها نحو عنوان وعصمة النجياء( لنا النبياء
صله الله عليهم بهيعأ يخص هذه المسالة سواء.
ماثد ،لنها في ما وتبحث هذه المسعاله أصل في كتاب الع ّ
يجب للنبي-لجما،
عتضي النبوة. ،يجوز له ،ويرم عليه ،بم ّ
9س\
) (1/135
140
) (1/136
أصل العصمة الحبل ،وكل ما أمسها شيئا فقد عصمه.
قربة ،وعصام الظ! .فالعظام: وتقول العرب :عصام ال ِ
الحبل أو الحلقة التي يعلق بها الشيء فل يسقط .أما في
الصطلح ،فالعصمة :منع الله عبل!ه من السقوط في
القبيح من الذنوب والخطاء ونحو ذلك ،وهو المعنى المراد
في هذا المبحث.
هذا ،وتستعمل العصمة في حق النبي له بمعنى آخر وهو
أنه تعالى عصمه
من أن يصله إليه أذى الناس ،لجل أن يتمكن من إبلغ
دعوته .ففي الحديث أن عائشة قالت:أ كان النبي !
يحرس ،حتى نزلت هذه الية :فوالله يعصمك من الناس !
) (1فاخرج رسول الله عن رأسه من القمة ،فقال لهم :يا
أيها الناس انصرفوا فقد عصمني اللهم ).(3
وسيأتي لهذا المعنى مزيد بسط فيه وأخر مسألة العصمة.
والعصمة بهذا المعنى ،خارجة عن المعنى الصطلحي
للعصمة ،الذي
قدمنا ذكره ،كما ل يخفى.
حقيقة العصمة:
اختلف علماء الكلم وعللت الصول في حقيقة العصمة،
على أقوال ).(3
ا -قيل ة المعصوم من ليمكنه التيان بالمعصية.
وأصحاب هذا القول على طريقتين:
أ -فقيل :حقيقة العصمة أن يختص المعصوم في نفسه أو
بدنه بخاضئة لمقتضي امتناع إقدامه على المعصية.
وهذا القول في حقيقة العصمة مردود ،إذ لو كان الذنب
من المعصوم ممت!نعا ً
) (1رواه الترمذي 411 /8وقال في الشرح :قال الحافظ
وابن حجر ادناور حسن وأخرجه ابن أبي صح!اتم وابن
جرير ما-لكم ي مستدركة.
ه (3) 67انظر إرشاد الفحرلط ص ) (2سورة المائدة :آي ّ
34
؟14
) (1/137
) (1/138
) (1/139
) (1/140
)(3) (2
جعفر السحمناف! قاضي الموصل ،أت وانا يقول" :كل
ذنب ،دقة و جمل ،فإنه جائز على الرسل ،حاشية الكذب
في التبليغ فقط " .قالت" :رجاثز عليهما ن يكفروا" فال:
ة!اذا كما النبع تم رد عن !ئيء ،تم فعله ،فليس فلك دليًل
عله أن ملئه أليها قد نسخ ،لنه قد يفعله عاص!يأ دمه عز
رجل " قال ة ،وليس لصحابه أنا ينكرها عليه ذلكم 10هـ.
ه
فإنه كانت هذه الناقوس عن الباقلني نفحمه؟ فجا رواي ّ
أخرى تخالف ما يتناوله الصولييها من منصبه.
انظر اله!يى 244 ،243/1
ابن السبكي والمحير :جمع الجوامع وشرحه 93/2
والقاضي رياض ة الشفاء بتعريف حقروا المصطافى ط
القاهرة ،محمد علي ربيع 115/2
الشفاء 140/3
145
) (1/141
) (1/142
) (1/143
) (1/144
49؟
) (1/145
هـ 15
) (1/146
ونوقش هذا بأن التوبة النصوح التي يقبلها الله يرفع بها
صاحبها إلى( عظم
مما كانا عليه.(1،
ثانيًا :أدلة القائلين بإمكان صدور المخالفة عن النبي صلى
ارثه عليه وسلم -1 :استدلوا لذلك بما ورد في كتاب ألد
وسنة رسوله ! من نسبة والعصيان( و )الذنرب( و )الظلم(
إلى بعض النبياء .ومن ذلك قوله تعالى) :وعصى آدم ربه
فغوى* ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى! ) ،(2وقوله
تعالى :وليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تاخرا ).(3
وقال عن آدم وزوجه :فقال ربنا ظلمنا أنفسنال ) (4وعن
يونسي له قال :فسبحانك إني كنت من الظالميها! ْ)(
ونحر ذلك من اليات.
-2وقالوا :حدر اللهم نبتاعه من الوقوع في الشرك
والمعاصي بنحو قوله عز وجل) :ولقد أرحب إليها وإلى
الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطنا عملك ولنكونن من
ك لقد كدت تركن الحاسرين ! ) ،(6وقال! :ولرل أن ثًبتنا َ
إليهم شيئا قلبل! إذا لذقناك ضعف الحياة وضعف الممات
! ).(7
-3قالوا :فلو كان ل يتصور أن يقع منهم الذنب ،لما كان
لهذا التحذير معنى.
ً
وذكر الله في قصصيا أنبيائه ،قي مواضع كثيرة جدا ،وقوع
الذنودب منهم.
ولكن الله عز وجل ل يذكر عن نبي ذنبا إل أتبعه بذكور
تربة النبي منه ،أو تذكيره ،وتنبيهه ألي ذلوا كما في قصة
آدم من الشجرة ،وطلب نوح نجاة ابنه ،رأي مغاربة
)؟( ابن فضية :مجموع الفتا ،ى ،طبعة كلرر! وانا العلمية
283/2ونقله الشيخ عبدالجليل عيصي في ة اجتهاد
الرسول ول دعا 43دعا بعدهما.
ه2 ) (2سورة طه :آية (3) 131سورة الفتح :آي ّ
) (4سو ري العراف :أية (5) 23صررهّ النبياء :آية 87
(61سورها الزهر :أية (7) 65سورها السراء :امية ،75
76
151
) (1/147
) (1/148
ومعلوم أن ذلك كله لسكان بحق ،فل قوة ،ول وفاء فيه.
ول يجوزان ئظَ ً
ن
أن ذلك القول منه صك تخييل ،لمجرد التعليم ،لن التخييل
يؤدي إنما اعتقلت خلف الحق.
وقد نوقشمت هذه الدلة وأمثالها مناقشات طويلة ،حفلت
بها كتب التفسير،
وكتب شروح الحديث ،والتماثل ،والخصائص ،وكتب
العقائد ،وكتب الصول -وقد أخذت هذه المناقشات من
علماء طرائف الملة جهودا ً كبيرة .وقد اعتنى بها الرازي
في كتابه عن العصمة ،ورياض في الشفاء )؟( ،والعضد
في المواقف ) ،(2وغيرهم ،واستعرضوا اليات والحاديث
الدالة على إمكال! وقوع الذنوب من النبياء ،واليات
والحاديث الدالة على أنها رقعت فعل ً ثم شرعوا في
تحويلها وبيان احتمالت يمكن صرف الكلم إليها .وو َ
فقوا
في بعض ذلك ،ولكن كان كثير من تحويلهم متكفل ً بعيدا ً
يغلب عند القارىء لكتاب الله أنه لم ي َُرد أصل ً وأنه لو أريد
لما كان الكتاب والسنة بيانًا ،بل كانا يكلونان تعمية عن
الحق؟ ! ايهامه لخلفه.
رمن أمثلة ذلك ما قال الرازي ما قوله تعالى! .:وع!ما آدم
ربه فغوى!
عنه بكونه تاركا للمندوب،
ويخص إخراج آدم من الجنة بسبب معصيته قال :ليسكه
في الية أل أنه اخرج
من الجنة عند إقدامه على هذا الفعل ،أو لجل إقدامه عله
هذا الفعلي ،وذلك ل يدلي عل أن ذلك الخراج كان عل
سبيل التنكيل-
وقال في قصة قتله موسى القبطي ،وقوله :وهذا من
عمل الشيطان !،
قال :يحتمل أن المراد :عمل المقتول من عمل الشيطان.
وفيه قول مولمة :حارب إلي ظلمت نفم!ي فاغفر لي
فغفر له ! اغفر لي :أي اقبل مني هذه الطاعة.
وقال في قي ل هارودز لخيه :حال تأخذ بلحيتي ول
برأسي ! أخذ برأس
153
) (1/149
) (1/150
) (1/151
) (1/152
) (1/153
) (1/154
) (1/155
165
) (1/156
) (1/157
) (1/158
) (1/160
) (1/161
) (1/162
المقام الثاني
ً ّ
هل يفعل النبي صلى اللي عليه وسلم فعل حكمه
الكراهة؟
أما أنه !-يفعل المكروه سهوا أو غلطا أو تأول ،فل
إشكالي في إمكان ذلك ،وخصوصا على قوله من يجيز
صدور الصغائر على ذلك الوجه ،لن صغائر الذنوب من
جملة المحزمات ،وهي أشد من المكلروهات ،والمكروه ل
إثم في فعله ! أن كاد تركه أولما.
وأما أنه يفعله عمدًا .ففيه تفصيل .وذلك أن فعل المكروه
على وجهين:
الوجه الول:
أن يفعله ل بقصد بيان الجواز .وقده منع هذا النوع كثير
من الصولية.
ومن أجاز صدور الصغائر عنه ! ،يلزمه إجازة المكلروهات
صم منهع َ
من باب أولى .والذين منعوه أدخلوه يخص ما ئ ْ
النبي له بدليلين:
الول :أن المكروه منهي عنه ،وقبيح ،فكيف يحالف النبا!
كل! فيرتكب ما
نهاه الله عنه من القبيح؟ ).(1
والثاف! :أن التاسيس به مطلوب ،فل يقع منه مكروه ،إذ
لو وقع لكان التأسئي
فيه مطلوبًا ،فل يكون مكروهًا"(2
) (1ابن السبكي :انظر النقل عنه عند البناء في حاشيته
عل شرح جمع الجوامع 96/2ونقده الزركشي في البحر
عتا ببعضهم 246 /2 ،ب وانظر الشاطبي :الموافقات.
(21ابنا أبي شرف :حاشيته عله جمع الجوامع .نسخ خطية
بمكبة الوقاف بالكويت ص 175
166
) (1/163
167
) (1/164
وقد جعل منه ابن حجر استعانة النمو مجد بالغيرة في
صب الماء عليه لجل الوضوء -وصل عليه أيضا أسامة بن
زيد ) ،(1وجعل بعضهم منه القتصار في الوضوء على مرة
مرة ،أو مرتين مرتين ! وهر المكروه الذي بمعنى خلف
ن جوازه وإجزاحه .وجعل منه الولى .ركل ذلك ليبي َ
الحنفية وضرعه ! بسؤر الهرة .بالشاطبي جعل في جواز
فعل المكلروه للبيان شرطا ً هو أن ل يكن الفعل المكروه،
ول يواظب عليه ،لن ذلك يفيها إلى إيهام إباحته أر
استحبابه أو وجوبه ،فينقلب حكمه عند من ل يعلم .قال9 :
ول سيما المكروهات التي هي عرضة لن تتخذ سننًا ،وذلك
المكروهات المفتولة في المساجد ،وفي مواطن
الجتماعات السلمية والمحاضر الجمهورية" ) .(3وهو
تقييد حسن.
وقيد أيضا ً بأنه ! يقتصر على القدر الذي يحصل به البيان،
فل يتعداها
قال" :إذا ترجح بيان المكروه بالفعل ،تائهة الفعل على
أقل ما يمكن وأقربه لل( .وموضع بيان المكروه بفعله هو
أن يكون مظنة لعتقاد تحريمها ولذلك يكون
بيانه بفعله أبلغ من بيانه بالقول .وقد تقدمت الشارة
إلى هذا المعنى.
(11صحيح البارد .انظر فتح البارز 285 /1
) (2ألموا فمئات (3) 332 /3ا لمرا فقات 168 32 0 /3
) (1/165
المبحث الجاك
كليف يعّين حكم الفعل الصادر عنه به بالنسبة إليه خاصية
قدمنا في المبحث السابق أن الفعال التي تصدر عنه به
إمساك يكون واجبة
عليه ،أو مندوبة ،أر مباحة .وقد يفعل المكروه لبيان
الجواز .وأنه عل قول بعض الصوليين قد يفعل ما نهاه
الله تعالى عنه خطا ،أو نسيانًا ،أو تعمدا ً للصغائر ،ولكنه
عند جميعهم ل ُيقّر كلى ما ترتب عليه من ذلك شيء من
التشريع ،بل يصبح له لكيما تتم عصمة الشريعة.
فانحصرت( فعاله التشريعية التي أقر عليها في الواجب،
والمندوب ،والمباح ،والمكروه الذي يفعله لبيان الجواز،
ولكنه في حمقه جائز بل ربما كان راجبن .وغرضنا في
هذا المبحث الذي نحن فيه أن نتعرف الطرقة التي بها
يتعلق
لدينا حكم فعله صح ،إذ إنا ذلك المعين أساس لستفادة
الحكم من الفعل في حق المة ،كما ياقش في الفصول
التالية أن شاء الله.
المطلب الول
تعلن الواجب من أفعاله صلى الّله عليه وسلم
يدعيهما الواجب منا أفعاله مجدو بأمور:
الول :القول ،بان ينص النبي ! بالقول على أن ها فعله
واجب عليه .الثاني :أن يكون الفعل قد ورد مراد البيان
لقول ما /على الوجوب.
169
) (1/166
) (1/167
السادس :قال بعض الصولي!سن أن يكون الفعل لو لم
يكن واجبا لكان
ممنوعا ) ،(1كالركوع الثاني في صلة الكسوف ) .(2فإنه
لو زيد في الصلة ركود قصدا ً ولم يكن من أركانها ،كصلة
الظهر ،فإنها تبطل ،فلما زيد في صلة الكسوف ركوع
قصدًا ،كان ذلك الركوع واجبة ،ل يجوز الخلل به.
ومثاله أيضا ً سجود السهو ،فإنه لو لم يكن واجبا لما جاز.
قال السروي ) (3بعد ذكره هذه القاعدة ة!هكذا ذكر
)الرازي( في المحصول،
وتبعه على ذلك من بعده "أقول :بل قد سبق إلى تقرير
هو 8القاعدة القاءها عبدالجبا! ،كما في المغني )،(4
ص ذلك بالعبادات ،قال :الو أنه ! تعود فعًل لو /نجعله
وخ ّ
شرعيا لكان منهيا عنه في العبادة ،فيجب أن يعلم أنه من
شرائط تلك العبادة ،نحو ما رأي أنه !ك! ركع ركوعيهأ في
صلة الكسوف ".
وتقرير الدليل (:ن الفعل .كالختان مثل ً هو ممنوع منه
بحسب الصل،
لنه نوع من الجراح ،رقد ورد النهي عن دم الغرير بقول
النبي ! :وِإن دماءكم ود موالكلم وأعراضكم عليكم حرام ).
فل يجوز ارتكاب هذا التحريم إّل بأمر ملزم .وهو الوجوبي
فدار هذا الفعل بين الوجوب والتحريم ل غيره وحين فعله
النبي كلكم علمنا
أنه ليس محرما ً لنه !نه!ر ل يفعل المحرم ،فلم يبق أل أنه
واجب ،وهو الطلب .ومن جهة أخرى :يلزم لجراء عملية
الختان كشف العورة ،وذلك محرم ،رالمحَرم ل يحوز
"(.
ارتكابه أل لواجب ْ
) (1ذكر ذلك السيوطي ل ا ،شباب والنظائر نص ،(148
وجعله قاعدة فقهية بعنوان والواجب ل يترك لسنة ،و
بجواز ما لو /يشرع /يجز ،دليل على وجربه(.
) (3أبو شامة :المحقتاق ،1 35أبت السبكي :جمع
الجوامع 98/2أبر السين البصري :المع!تمدص 386
لن التمهيدي 372/17 (4) 134
) (5انظر تقرير المسالة والستدلل فيها في المجموع
للنووي ني فصل الح!تالط من الجزء الول171 .
) (1/168
وعندي في هذا الستدلل نظر ،فإن الفعل إذا كان
مستحبا أو مباحًا ،فقد
خرج أيضا عن المنع ،ولو كان في الصل منهيا عنه ،فإن
نقيض الحرمة رفع الحرج ،وذلك صادق على كل من
الوجوب والندب والباحة ،بل والكراهة كما تقدم .فبكل
منها يخرج الفعل عن الحظر-
وحاصله أننا نمنع وجود فعل دائر بين الوجوب والحرمة.
ومن قالي به طالبناه
بان يبين حده لنناقشه فيه.
وأيضًا؟ فإن كثيرا ً من الصور في الشريعة خارجة عن هذه
القاعدة .فمن المستحب ألت ختان النساء ،بل بختان
الرجال على قولي ،وسجود التلوة أثنل! الصلة ،لشعار
اليحيى ،ورفع اليدين على التوالي في تكلبيرات العيد ،بل
والقيام الثاني والركوع الثاني في صلة الكسوف عند
بعضهم على ما ذكره النووي في المجموع ،ونقله عن
الكثيرين( له مستحب ) ،(1وسجود السهو ليضأ عند
الشافعية ،وبعضي الرخص كالقصر والفطر للمسافر،
والفطر للمريض.
ومن المباحات أكل المضطر الميتة ،أو مال الغير ،وحلق
الشعر للمحرم المريض ،والجمع بين الصلل!ن عند العذر،
وذبح البهائم ،والصيد بالجوارح .وذكر السيوطي أيضا
النظر إلى المخطوبة ،والمكاتبة ،وقتل الحية في الصلة،
وغير ذلك مما ل يكاد يحصى.
وقد ذكر الزركون في البحر المحيط أن هذه الم!سألة
أخذت عن ابن جريج في إيجاب الختان .وأشار إلى عدم
استقامتها ،ثم قال) :وتنتقض هذه القاعدة بصور كثيرة،
منها سجود السهو ،وسجود التلوة في الصلة ،فإنه
ممنوع منه ،ولما جاز /يجب " ).(2
وقال السروي أيضًا" :وهو مناقض بصور كثيرة! ).(3
172
) (1/169
) (1/170
) (1/171
) (1/172
) 11البحر المحيط 251 /2ب !ك! مسلم وأبو داود والفتح
الكلبين ) (5سورها المائدة :أية 42
) (2أصول الجصاصعا 12100
مرة :من ا ،والساءة 29 ) (4سورة الب ّ
176
) (1/173
) (1/174
المطلب الثاني
ّ
تعيين المندوب من أفعاله صلى الله عليه وسلم
يتعين المندوب من أفعاله ي بأمور:
الول :بالقول .ومثاله أنه ! سئل عن قيمه ليومي الثنين
والخميس فقال" :تعرض العمال يوم الثن!!ن والخميس،
فأحب أن يعرض عملي وأنا دائم " )-(1
فب!!ق !ك! أنه استحدث صيام اليرم!سن لمذ!ورين .ولو
كان حرمهما واجبا لما
ذكر هذا ،بل كان يبصق وجوده.
الثاني :أن يكون الفعل بيانا لقوله دال على الندب ،أو
امتئال له.
الثالث :أن يسري بين الفعل بفعل آخر مندوب ،رالتخير
تسوية ،لنه ل يخئرب!ن ما هرمنموب وما ليس بمندوب )
.،2
الرابع :أن يكون وقوعه مع قرينة قد تقرر في الشريعة!
ها أمارة للندب،
على وزن ما قالته في الوجوب .ومثاله عندنا .أنه ! 9 :كان
يوتر على البعير" ) .(3فذلك يقتضي أن الوتر في حقهه
يكن مندوب ،وليس راجبن ،كما قاله اذنا أنه كان واجبا
عليه به خاصة .وكذا يرد به على أبو حنيفة في قوله ة!إنه
واجب عليه ! وعليناأ ).(4
)1د الترمذي ،وقال "غريب ،لنيل المطار (263 /4
) (2أبو شامة :المحقق ق 34ب ) (3متفق عليه )الفتحى
اركبيها (4) .نيل الوطار /3س 3
178
) (1/175
الخامس :أن يقع الفعل قضاء ل!دوب ) *(1كالركعت!س
بعد العصر ،صلها
النبي به بدل عن الركعتين اللتين بعد الظهر.
ويشكله على ملئه قضاء الحجة والعمرة المتطوع بهما إذا
فسدا ،فإن ذلك القضاء واجب.
وحل هذا الشكلل أن الحج والعمر 6يلزمان بالدخول
فيهما وإن كانا جمع الصل تطوعا ً فإذا فسدا بعد الدخول
فيهما كان فسادهما بعد الوجوب ،فل تنتقل القاعدة.
السادس :المراقبة على الفعل في العبادة ،مع الخلل )
(2به أحيانا لغير عذر
ول نسخ ،أو!رنه بالستقراء مما ل يكون واجبا ،يدل عل
استحبابه بخصوصه .ومثاله أن النبي يئه! كان يقرأ في
الصبح يوم الجمعة ل /تنزيل ! وأهل قه على النسالة! ...
ل ذلك على استحباب قراءتههأ في تلك الصلة .ومثلها فد ّ
الزراعة ل الجمعة ب يسبح؟ و )الغاشية! ،وفي العيوب حق
! ر!أقتربت ! .فقد أخل ببعضه ذلك ،إذ كان يقرأ أحيانا في
الجمعة بسورة )الجمعة! وسرعة )المنافقوق ! وفي
العيدبأ سبح أو )الغاشية!.
هذا بالضافة إلى أنه لم يعهد في الشريعة وجوب تخصيص
صلة معينة بقراعق محيصنة.
بخلف ما أر /تنقل مواظبته على الفعل ،بل نغل مرة
واحدة ،فل يدله ذلك على استحباب التخصيكا .ومثاله ما
ورد أن النبي مجده قرأ في المغرب ب والمرسلت !،
وررد( له قرأ فيهاب )الطور!.
السابع :أن يكون الفعل قربة من المغرب ،ويعرف أنه غير
راغب ،لنتفل!
) (1أبر شامة :المحقتاق 34ب .السمري :نهاية الدول /2
رد
) (2ابو!ثامة :المحقماق 34ب ،والزركشي :البحار
المحيط (353 /2و السروي على البيضاوي :نهاية الول
شرح منهاج الصول 63/2نقل عن المحصود للرازي.
179
) (1/176
) (1/177
المطلب الثالوث
تعيين المباح من أفعاله صلى انته عليه وسلم
يعلم أن الفعل مباح بأمور:
الول :النص عل أن ما فعده مباح له .ثم قد يكون النص
صم من لينة أو في الكتاب العظيم ،كقوله تعالى :كما قط َ
تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وأ؟(.
وقد يكون في السنة :كقوله ضم) :استاذنت ربي في أن
أستغفر لمي فلم
يأذن لي ،واستأذنته في أن أزرر قبرها فأذن لي.(3،،
الثاني :أن يكون بيانا أو امتثاله لية دالة على الباحة يل(،
كاهله ي من الغنيمة ،امتثال لقوله تعالى ة )فكلوا مما
غنمتم حلل طيبأ! يأكله من لحم الهدي امثتال لقوله
تعالى) :ف!ذا وجبت جنوبها فكلوا منها".
وهذا الوجه ذكره بعضي الصولييهة .وفي ذكر ألمتثال!
في المباح نظر ،إذ
المباح غزير مطلوب حتى يقال لفاعله إنه ممتثل.
الثالث :التسوية بينه وبين فعل معروفة إباحته.
الرابع :انتفاء دليل يدل على الوجوب أو الندب ،وذلك
لنحصار
181
) (1/178
) (1/179
) (1/180
) (1/182
) (1/183
) (1/184
حلة ،فإن /يثبت أنها حجة فليست سننا ً بل إذا ثبت طلخا ُ
تكون كأفعال غيره من الناس.
وفي الستدلل المذكور نظر من جهة أخرى ،فإن السنة
الثابتة حجّيتها بدللة الكتاب هي السنن القولية ،وهي الي
ينطبق عليها قوله تعالى :ومن يطع الرسول فقد أطاع
الله ! ) ،(1وقوله) :وما ينطق عن الهوى! ) (2ونحوهما
من اليام التي يستدل بها على حجية السنة .تدل على
صدقه !ك! في القول بوجوب طاعته فيه ،فيما المتابعة
في الفعل فل تقتضيها المعجزة.
وأما قوله تعالى :نقل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني " )(3
ونحرها من اليام ،وقوله :ولقد كان لكم في رسول الله
ع رالتاسئي صادق على طاعة أسوة حسنة! فإن التبا َ
القول قطعًا .وشمول التباع والتا!ئي للقتداء بالفعل أمر
فيه خفاء ،ولفلك فهو بحاجة إلى إثبات .وهو ما يفعله
الصوليون في باب الفعال*!! .
بتدقيق النظر في ما ورد في القرآن العظيم ،والسنن
القبلية ،بالجماع ،يتبين
أنها تدل عل حرية الفعل النبوي .ونحن نذكر ذلك
بالترتيب ،فحقول ة
أو ً
ل :الدلة القرآنية
ل من كتاب الليه تعالى على كون أفعاله النبي م ّ
است ُ ِ
محمدا حجة على
عباد الله ،بآيات ثلث:
الية الولى ة قوله تعالى :ولقد كان لكلم في رسول أدبه
أسرة حسنة لمن كان
يرجو أدلة واليوم الخر وذكر الليه كثيرأ!.
نزلت هذه الية في شان غزوة الخندق ،قي سياق لعداد
نعم الله تعالى على
189
) (1/185
) (1/186
( ما )السوة( فقد وردت في اللغة لمعنيين:
الول :ما يتسلى به الحزين عن مصابه ،والمهموم عن
مه.
ه ّ
والثاني :المماثلة ،تقول :وجعلته في مالي أسوة ،أي
ت مالي بيني وبينه نصفين ،حتى صار مثلي فيه. قسم ُ
ومنه جاءت السوة بمعنى القدوة.
وبن المعنيين صلة واضحة ،فإن المحزون يتسلى بان
يقولي لنفسه :قد أصاب فلنا مثل ما أصابني ،فعل أن
أصبر كما صبر.
ويحتمل أن السرة التي بمعنى التسثن عن المصاب ،من
)السا! ألفي بمعنى الدواء والمعالجة ،إذ إن المصيبة
كالجراح ،والسلع دواؤها.
و )السهة( في المة ،لول وهلة ،يبدوا ما محتملة
للمعنيين جميعا ً يقول القرطبي" :قوله تعالى )أسوة!
ى به ،أي يتعرى به، السوة :القدوة ،والسوة :ما ُيتام ٌ
عرى به في جميع أحواله، فيقتدى به قي جميع أفعاله ،وي ُت َ َ
قتل عمه عي َُته ) ،(1و ُ
سَرت َرَبا ِ فقد شخص وجهه !ئه! ،وك ُ ِ
ف أل صابرا ً محتسبا وشاكرا ً حمزة ،وجاع بطنه ،و /ي ُل ْ َ
راضيًا"
ولكن إن نحن جعلنا )السوة( في الية بمعنى ما يتصدر به
الحزين ،لم تكن
وةً بكل المة حجة في القتداء بأفعال النبي ! ،لن لنا أس َ
صابر.
وإن جعلناه بمعنى القدوة ،فهي حجة على المطلوب ،وهر
قبل جمهور الصوليين .وهو الصواب ،كما نبئنه بعد.
وقد أراد بعضهم على الحتجاج بهذه الية ،أنها وردت في
سر خاص هو القتداء به ! في الصبر في الحرب ،وليس
لفظ )أسوة! ل الية من ألفاظ العموم حتى يقتدى به في
غير هذا الفعل.
لقالوا :وحتى لو قلنا إنها ليست خاصة بما ذكر في
و ،فل تحوز القول السعيا ّ
ه) ،حدي السنان الربع التي تلي الثنايا ،بين ا( الرباعي ّ
الثنية والناب )اللسان(191 .
) (1/187
) (1/188
) (1/189
) (1/190
) (1/191
)(1
فيهم مواصلة ،حتى حكلمرا للدعياء بما للبنا 4منا
الحقوق ،فلو اقتصر القرآن في إبطال التبني على قوله:
روما جعل أدعيائكم( بنائكم( لشتا عل بعض النفرحما
القدام عل نكاح حليلة المتبنى مخافة لوم الخرين .لذلك
شلل الله ما كان من زواج زيد لزينب ،وحصول الكراهة
بينهما ،ووقوع الشكاية؟ حتى يتم الفراق ،وأمر رسوله !
بنجاحها ليقطع جذور هذه العالة ،فإذا أقدم غيره من
المؤمنين على مثل هذا أجاب بقوله :القد كان لكل في
رسول انه أسوهّ حسنةأ ا هـ.
ثم وجدت صاحب مسلم ٍ الثبوت وشارحه )(181 /2
يقولنه" :القول ينفي الحرج شرعا ً ل طبعا ً فإن النسان
كثيرا ما يتحرج من فعل المباح لما )يرى( فيه من
مبوع ينظمهما المداهنة .ينفر الطبع ،وفعل الرسول الم ّ
جميعَآ" وهو لتوجيه مقبول ،إل أنه يلزمه أن هذا الفعل ل
يتعين بيانا ً شرعيا ً وهو مطلوبنا ،خاصة وقد كان الها أن
القولي في هذه المسالة سابقا للفعل .رواه مسلم /9
176والبخاري أول كتاب النكاح.
196
) (1/192
) (1/193
) (1/194
) (1/195
) (1/196
) (1/197
المبحث الثاني
الشبه التي تورد
فعل النووي على حجية ال ِ
ثبت بما ذكرنا 8من الكتاب والسنة القولية والجماع ،أن
الصل في أفعاله !-أنها حجة؟ تستفاد منها الحكام في
حق المة ،بالقتداء به فيها رعب .ومنشأ حجرة الفعال
النبوية يمكن إيضاحه كما يلي:
-1لله تعالى في أفعال نبيه !!كم شرعية معينة.
-2وهو مجده عالم بتلك الحكم.
-3ويريد بفعله مطابقتها-
-4ويعلم أن الفعل مطابق للحكم.
فينتج أن فعله مطابق لحكم الله في حقه.
-5وحكم أفعالنا المماثلة لفعاله ،كحكم أفعاله.
فها هناخمسة أمور ،وما يورد من الشبه على حجية الفعل
النبرفي ،يرد
في واحلم أو أكثر من هذه المور.
فنذكر هذه المور ا-فمسة بالترتيب ،ونذكر ما قد يورد
على كل منها .فيكون الكلم على ذلك في خمسة مطالب
ة
202
) (1/198
المطلب الولي
أن لفعله صلى الّلي عليه وسلم
عند الّله تعالى حكما شرعيا
وملئه أنه !ك! بشر مكثف كسائر المكلفين ،إذ هو عبد
محبوب ،وقد نزل
عليه الوحي آمرا وناهيك.
والذي قد يورد على هذا ،أن يبالى -ليس كل فعل فيه
حكم شرعي ،وإذا
/يكلن في كل فعل حكم شرعي ،احتملت أن يكون ما
فعله ! صادرأعن العمل على مرتبة الباحة العقلية ،أي بناء
على أن ل تكلم في المسالة ،فإذا استفيد من فعله حكام
الفعل في حقنا ،نسب ذلك إلى الشرع .فكانت الستفادة
خطا .والذي نقوله في هذه الشبهة :إنها ل يمكن إيرادها
قَزث بها واجب ومندوب ،د أنما على أحكام الفعال التي ي ُت َ َ
على الفعال التي يفعلها! على درجة الباحة ،فتلك يحتمل
فيفا هذا القول .فمن قال بوجود مرتبة العفو في
الشريعة ،لزمه أن يقول إن تلك الفعال ل تدل على
الباحة الشرعية ،بل على الباحة العقلية ،أعني أن الفعل
الذي فعله !ك! يكون خاليا عن حكم شرعي.
ومن نفى مرتبة العفو أصل لم يلزمه ذلك.
وقد تقدم الكللم في مرتبة العفو.
المطلب الثاني
أنه صلى الّلي عليه وسلم
عالم بالحكم الشرعبي في حق نفسه
فقد ضمن له الله تعالى أن ل ينسى شيئا من الكتاب
الموحما إليه به ،وضمن الله ّلعالى أن عليه بيانه لرسوله
به .فالحكام الموحى بها إليه !ف! ظاهرة عنده ل تخفوا.
وهذا العنصر الهام هو أحد الدواعي التي تحدو بعل!! الملة
إلى تتبع أفعاله ! لجل القتداء بها .وقد أشار أليه جابر
بن عبدالله النصاري ،رضي الله 253
) (1/199
) (1/200
) (1/201
) (1/202
207
) (1/203
وحيث تعارضا ،فإن كان هناك قرائن تبين انه له فعل ما
فعل ،على سبيل السياسة ،فالمر واضح ،وإل امتنع أن
يكون فعله له مكروهأ( و محرمًا ،لنه يؤدي إلى أن يستقر
في الشريعة ما ليس مخها .واللهم علم.
الشبهة الرابعة :أنه جد قد يكون له عذر فيما فعل ،أي أن
يكون فعل
الفعل على سبيل الرخصة ،كأنه يكون أفطر في رمضان،
ويكون إفطاره لجل مرنهاخفى-.
س دوني ،لقلةومثاله أيضًا :أن يكون قد صلى في ملب َ
الملبس اللئقة بجلل الصلة ،فمن اقتدى به ! في ترك
الملبس الفاخرة ل الصلة ،كان ذلك خطا-
ومثاله أيضا ً مما ورد في السنن أن النبي له كان يكن
النفاق حتى ل يبقي
شيئا ً ويتقشف في معيشته .يحتمل أن يكون ذلوا للحاجات
والضرورات الواقعة في المجتمع السلمي مما ل بدّ من
الوفاء به .فإن اقتدي به في ذلك في السعة كان خطا.
ونظير ذلك في الصرار ما ورد عن أبي بن كعب أنه تال:
الصلة في الثوب الواحد سنة ،كنا نفعله مع رسول الله !
ول يعاب علينا ،فقال ابن مسعودِ :إنما كان ذلئط إذ كان
في الثياب قلة ،فيما إذ وشع الله فالصلة قي الجويين
أزكى"؟(.
ومن هنا وقع الخلف في المنيا ،ففي حليمة عائشة أخا
كانت تفركه من ثوب رسوله أدبه ! فركا فيصلي فيه ).(3
قال الشافعية والحنابلة ة ذاك دليل طهارته .وقال
الحنفية :هو نجس؟ ويجزع! فرك يابسه.
ومثاله أيضية تعامل النبي له بالدنانير الذهبية ،والدراهم
ه! ،اقراره التعامل بها ،مع ما عليها من صور الكسروي ّ
القياصرة ،ومعابد النيران .يحتمل أدت
) (1/204
) (1/206
) (1/207
) (1/208
) (1/209
) (1/210
) (1/211
تحرير محل النزلة:
ليبيا الخلف السابق ذكر 8هو ل جميع الفعال ،بل ما كان
من أفعاله عن
جبليا أو شبهة ،أو كان من خصائص ،أو اقترن به دللة
خاصا ً على أز ،المراد به التأسئي ،أو وقع بيانا لشيء من
آي الكتاب ،فالمر فيه واضح .صارما الخلف فيما وراء
ذلك وهو الفعل المجراد المبتدأ .والقوال المذكورة إنما
هي في هذا النوع ".(1
) (1سياف أن أبا شامة رأى أن الفعل الجبلي يندب لنا
ه فيه.الموافق ّ
218
) (1/212
المبحث الول
فعل الجبلي ال ِ
إن النبي محمدأ!يئ كغيره من أنبياء الله ،بيضر كسائر
البشر /،يتميز عن
سائر البشر إلها بان الله أوحى إليه برسالته ،واختاره
ليؤدي مهمة البلغ وما يتبعها مما تقدم ذكره .قال الله
تعالى :فقل إنما أنا بشر مثلكم يوحي إلمر أنما إفكهم إله
راحد! )) .(1قل سبحان ربي هل كنت إّل بشرا رسول! )
.(2
كان اختيار الله تعالما له لحمل الرسالة لم َيسشبم
انخلى!صن! من رتبة البشرية ،بل بقي واحدا من البشر،
له مثل ما لهم من الحاجات البدنية والنفسية .وذلك
مقتكما إنسانيته وبحريته ،من أجل ذلك كان قضاؤه لتلك
الحاجات أمرا دعت إليه جبلته البشرية ،وليس بمقتضى
الرسالة ،أما الذي بمقتكما الرسالة فهو الفعال
التشريعية التي يفعلها لتكون مطابقة لشرع الله تعالما.
تنبيه :إن كان الفعل مما ل تقتضيه الجبلة كالركوع
والسجود ،ورفع اليدين
في الدط! ،ونحو ذلك ،فهو خارج كن هذا المبحث ،بخلف
القيام والجلوس والضطجاع والكل والشرب.
فإذا وجد المخالف لمقتضى الجبلة في الفعل العبادي،
فهو مشروع فيها
َ
ب أو واجب ،ما ل ي ُظن أن النبي نجده سح ًقطعًا ،إما صم َ
فعله في أثناء العبادة لغرض بدني أو نحوه فيكون من
المباح.
(11سورة فصلت :آية 6
) (2سورة الي بر ان :آية 93
219
) (1/213
) (1/214
) (1/215
) (1/217
) (1/218
) (1/219
) (1/220
) (1/221
) (1/222
) (1/223
) (1/224
) (1/225
)(3) !2
)(4
العناني :حاشية على شرح جمع الجو!ع 97/2
المنصب بطحاء مكة.
قال ابن الس!بكي :مما دار بين الجبل والشرعي :جلسة
ه عندما حمل اللحم .فقيل فلك جبلي فل الستراح ً
يستحب ،وقيل شرعا وهو الصحيح .وقيل يستحب للمبدأ
وفي معناه العاجز الضعيف دون غيرهما )قراعد ابن
السبكاق .(1115
وقال ابن دقيق العيد :جلسة الستراحة قال بها الرافعي
في قوله ،وأصحاب الحديث ،وأباها مالك وي بو حنيفة
ركيرهما ،وعذرهم عن الحديث ويعني حديث مالك بن
الحريري أنه كان ِبحلس إذا رفع رأسه من السمجود قبله
ن يغهض( أنه يح!ملى على أنها بسبب الضعف للكبر ،فإدا
تؤيد هذا التمويل ،بقرينة ،مثل أن يتبين أنه فعاله !ك!
السابقة على حالة الكلبي /يكن فيها هذه الجلسة فل
باس بهذا الئا!ل .فإن قوي ذلك باستمرار عمل السلف
عله ترك الجلوس كان زيادة في الرجحان 10هـ بتصرف
مليل )إحئى م الحكام .(225/1وانظر -أبى ري 494 /1 ّ
332
) (1/226
) (1/227
) (1/228
) (1/229
) (1/230
) (1/231
)(1
)(2
قال الشيخ محمد أبو زهرة في كتابه ) 1صول الفقه ص
،:(109كثيرون على أنه -يعني إعفاء اللحية -من السنل
المتبعة ،وزكوا فلك بأن النص ! قال :عصرا الغارب،
وأعفوا اللحم" .فقالوا :إن هذا دليل على أنا إبقاء اللحية/
يكن عادة ،بل كان من قبيل الحكم الشرعي .والذين قالوا
إن من قبيل العادة قررنا أن الغني الذي هكذا بالصيما ل
يفيد اللزوم بالجماع ،وهر معلل بمنع التشبه بالنهي
والعاجم ،الذين كانوا يطيلون شواربهم ويحلقون لحاهم.
وهذا يزكي أنه منا قبيل العادة ،وذلك ما نختارها 10هـ.
ونحن نقول بن تعليله ! بمخلفة اليهود والعاجم هو الذي
يدل على كونه شرعيا ً لن نحالفتهم مقصد شرعي معتبر،
مضاء الصراط المستقيم كما في القبلة .وانظر) :اق ّ
ّ
محالفة أصحاب الجحيمي لبن ليمية ففيه البيان الشافية
حفق عليه بجامع الصول (428/5
م َ
238
) (1/232
المبحث الثالث
دنيوية
الفعل في المور ال ّ
نعطي بالمور الدنيوية ما فعله ! بقصد تحصيل نفع في
البدن أو المال ،له أو لغيره ،أو دفع ضرر كذلك ،أو دثر
تدبيرا في شأنه خاصة أو شؤون المسلمة عامة ،لغرض
التوصل ِإلى جلب نفع أو دفع ضرر.
ويشمل هذا النوع من الفعال المضرب التالية:
الضرب الول :الفعال الطبّية ،وهي ما يجريه على بدنه
خاصة ،أو أبدان
قع.غيره من الناس بقصد دفع مرضي حاضر أو متو ّ
فقد تناول النبي يكن ،أو أعطى غيره ،أطعمه وأشربة
متنوعة على سبيل
حة ،أو لدرء أمراض معينة ،طالبان البل حفظ الص ّ
وأبطالها ).(1
وكذلك تعاطى وأعطت أنواعا مختلفة من العلجي ،فقد
عط ) ،(2وكانت حجارته قي وسط رأسه،(3، أحمتجم واست َ َ
وكانت حجارته من شقيقة كانت به ).(4
ولما اشتدت به وجعه يهريق عليه من سبع قرب /تحلل
جرح باحمد ،ألقته على جرحه رماد "( .ولما ُ أوك ِي َُتفن ْ
حصير ليرقا الدم ) .(6وداوى بريقه مع تراب ).(7
239
) (1/233
) (1/234
) (1/235
) (1/236
) (1/237
وفي رواية طلحة ،قال !" :ما أظن ذلك يغني شيئًا"
فأخِبروا بذلك ،فتركت ،فأخبر رسول أله مجد بذلك ،فقال
ة فإن كان ينفعهم ذلك فليصنعوه ،فإني إنما ظننت ظنا ً
فل تؤاخذوني بالظن ،ولكن إذا حدثتكم عن أفه شيئا
فخذوا به ،فإني دن أكذب عله الله " .وفي رواية أنى:
"أنتم أعلم بدنياكم " )-(1
وشبيه به حديث ابن عباس قي قصة الخرصىل( ،وفيه:
فقال رسول الله !ك!:أ إنما أنا بشر ،فما حذثتكلم عن الله
فهرحق ،وما قلت فيه من قبلي نفي فإنما أنا بشر".
رقد إذ الستدلل بهذا الحديث ،بان المراد :أنتم أعلم
بدنياكم من أمر دينكلم ) .(3ويكلون توبيخا لهم.
وسياق الحاديث على اختلف رواياته يابي هذا التاريخ
فيبطله.
ثانيًا :حديث أم كلمة رضي الله عنها ،أن النبي ! قال ،:إنما
أنا بشر،
وإنكم تختصمون إلي ،ولعله بعضكم أن يكون أفي بحجته
من بعض ،فاقضي له على نحوها أسمع .فمن قضيت له
بحق أخيه شيئا ً فل يأخذه ،فإنما أقطع له قطعة من النار"
).،4
وفي رواية الزهري للحديث المذكور" :إ:ل أنا بشر ،وانه
يأتيني الخصم.
سمث أنه صادق، فلعله بعضكم أن يكون أبلغ من بعض ،فاح ِ
فاقضي له بذلك(ْ.(،
بذا ثبت الصل الذي ذكرناه آنفًا ،فإنه ينبني عليه أن ما
فعله ! من أمرر
الديني مما مرجعه إلى تجاربه الخاصة ،وخبرته الشخصية،
رتفكليره وتقديره في المور الدنيوية التي وضحناها ،ل
يدلى على مشروعية ذلك الفعل بالنسبة إلى المة.
) (1راجع لروايات هذا الحديث :صحيح مسلم 1835 /4
ومسند احمد 1 5 2/3
) (2ذكره القاضي رياض :الشفاء 178/2و /يعزه.
(31العناني :حاشيته على شرح جمع الجوامع 128/2
وأيضا ٌ :علي المصري :شرح الشفا (4) .البخاري 157/13
وأصله عند مسلم وأنما داود.
) 1 (5لبخا ر ى 172 /13
244
) (1/238
) (1/239
) (1/240
) (1/241
المبحث الرابع
الفعال الخارقة للعادة
بالمعجز أت والكر اماتو
أجرى الله تعالى هذا الكون عل سنن ثابتة وعوائد مطردة.
وربط الشياء بأسبابها ،وجعل علقة السببية هذه وسيلة
إلى توليدو شراء جديدة ،ذات صفات موافقة أو مخالفة
لصولها .وبها تتطور الكائنات وتحرير الموجودات ،وتتجدد
ا أحرا دي.
ومعنى اطراد السنن الكلنية ،أنه إذا أثر شيء في شيء
تحت ظروف معينة،
فينتج شيئا ً آخر ،فإنه لو أعيد تسليط المؤثر ،أو مثيل له،
على المؤثر فيه أرعلى مثيل له ،مع وجود ظروف مماثلة
تماما ً فل بدع أن تحصلي نتيجة مماثلة تماما ً لما نتج في
الحالة الولى.
ومثالها أنا لو أخذنا قضيبا من الحديد ،في درجة حرارة
فعينة ،وقسنا طوله،
ثم شيناه مئة درجة مئوية ،فإنه سيتمدد بالحرارة -فلو
قسنا الزيادة هي الطولى وأثبتناها ،ثم أخذنا قضيبا آخر،
أيضا من الحديد ،مساويا في الطول للول ،وفي نفس
درجة الحرارة ،ورفعنا ومرارته مئة درجة مئوية ،فل بد أن
يتمدد ،وأن تكون ريادته مساوية تماجما ً للزيادة في حالة
القضيب الول .فإن اختلف مقدار الزيادة بين اسدالتن،
فل بد أن عامل آخر مخالفا لما كان في الحالة الول هو
سبب الختلف ،بالي كان الحديد مختلف النوعية مثل ً
مدموهذا الطراد في سجن الكائنات ،سب من أسباب الت ّ
البشري ،وسيطرة البشر على الرض ،وذلك لن العقل
الذي أكرم الله به النسان يستطيع
) (1/243
) (1/244
) (1سورة القمر :آية (3) 49سورة النبا ان :آية 69
) (2سورة النحل :آية 81
251
) (1/245
) (1/246
) (1/247
وجود ولد دون والد ،وقلب جماد بهيمة .وممن قال بهذا
القول القشيري ) ،(1وابن السبكي ،وابن حجر
العسقلفإ) .(3ويظهر أن الباقلني يقول به في كتابه في
التفريق بين المعجزات والكرامات ) ،(3حيث يرى أن
السحرة يقدرون على كل ما يقدر عليه النبياء ،ما عدا ما
اجمع على أنهم ل يقدرون عليه ،كإخراج ناقة من صخرة،
وفلق البحر ،وآيات موسى التسع .وإنما يقدرون على نحو
الطيران في الهواء ،وموت المسحور وحده أو بغضه.
فيظهر أن قوله في خوارق الولياء مثل ذلك.
ا لدلة:
-1قول المعتزلة:
الدليل الول :احتج عبد الجبار -ونقله عن أبي هاشم
الجنائي -لنكار
خرق العادة على سبيل الكرامة ،بأن إثبات ذلك إبطاله
لدللة المعجزات على صدق النبياء -ومن أجل ذلك أنكر أن
يكون للسحر حقيقة وتأثير في قلب ا لعيان ).(4
وقد نوقشكه هذا الدين بأن الولياء ل يتحلون بها لثبات
"(،
دعوى النبؤة ْ
ولو تحدث وا بها لمنع الله تعالى لتأثيرها .ومثل ذلك
يقوله في حق السحرة من أثبت أن للسحرحقيقة"-(6
نالدليل الثاني :أن إثبات الكرامة مفسدة ،لنه ينفر ع ْ
النظر في دللة
) (1الرسالة البشيرية ص 664
) (2ابن السبكي ،والمحلي ،والبنائي :جمع ا:لوامع وشرحه
وحاشيته 420 /2
) (3ص 48
) (4المغني 226 ،205/15وفي بعض كلم عبدالجبار ما
صمد .انظريوافق فيه قول الباقلني .وقال انه الم ّ
المغني 234/15
) (5العضد :المواقف /8ههـ (6) 2الباكن! :البيان ص -95
97
254
) (1/248
) (1/249
) (1/250
) (1/251
) (1/252
) (1/253
) (1/254
واحتوى لذلك ثالثا بفعل الصحابة ،من نحو قول عمر :أيا
سارية الجبل " ) (1وقعئ! على عمر رجل أنه رأى
الشمس والقمر يقتتلن ،فقالت له :مع أيهما كنت؟ قال:
ت مع المة الممحاة ،ل تلي عمل مع القمر .قال :وكن َ
أبدًا".
واشترط الشاطري لجواز التصوف على أساس الخارق ،أن
ل يخرم ذلك التصرف حتى شرعئأ ول قاعدة دينية .فلو
حصل للمؤمن مكاشفة أن هذا المد مغصوب أو نجس ،فل
يجوز له النتقال إلى التيمم ،لن القاعدة الشرعية أن ل
ينتقل عن الوضوء إلى التيمم إذا وجد ماء محكوما ً
ة أن هذا المالك لزيد ،وقد بطهارته .ولوحصلت له مكاشف ٌ
تحصل بالحجة لعمرو ،لم يجز له أن يشهد به لزيد ).(2
والجائز عنده من ذلك نحو أن يترك أحد الجائزين ويفعل
الخر .فهو عمل
على وفق الحكام الشرعية .فموضع العمل بها يتبين،
على سبيلي التمثيل ،في ثلثة أوجه:
أحدها :أن يكون ما مباح ،كان يرى أن فلنا يقصده في
وقت كذا بخير أو
شر ،فيستعد لذلك.
والثاني :أن يكون لحاجة ،فكما أن النبي يكن ما كان يخبر
بكل ما يعلم من المغيبات ،بل بحسب الحاجة ،فكذلك
المكاشف بذلك.
والثالث :أن يكون فيه تحذير أو تبش!ير ،ليستعذ لكل
دته ،كالخبار عن ع ّ
أمر ينزل إن فعل كذا ،أو ل يكون إن فعل كذا.
ونحن نوافق الشاطري فيما نقلناه عنه هنا ،ل من حيث
كر،إن العمل بذلك مدلول للفعل النبوئي ،بل لنه كما ذَ َ
ّلصرث في حدود المباح ،والتصرف في حدود المباح ل
حرج فيه .فإن رأى رؤيا مثل ً وغلب على ظنه صدقها ،فل
حرج عليه أل يعمل بمقتضاها فيما ل يخالف الشرع.
) (1ابن كثير :البداية والنهاية 131 /7من رواية سيف !!
عمرو الواّلدي ،وفي روايتهما مقال ،عند أهل الشأن.
) (2ا لمرا فقات 266 -263 /3ود يضأ 86 -83 /4
261
) (1/255
المبحث الخامس
صة به صلى انته عليه وسلم الفعال الخا ّ
له الخصائص النبوّية،
بعض الفعال التي كان يفعلها النبي جمام ،هي مما أبيح
له خاصة من دون
سائر المؤمنل!ن ،أو وجب عليه دونهم ث وبعض ما حرام
عليه ،حرف م عليه خاصة من دونهم .وهذا النوع من
الفعال داخل فيما يسمى الخصائص النبوية.
م بين يدي القول في الستدلل بهذا النوع من ونحن نق َ
الفعال توضيحا للخصائص.
الخصائص:
ة،
صوصي ّ ً
ضه خطأ وخ ُ خ ُ
تقول العرب ت خصمه بالشيء ي ُ
ضصه واختصره :أفرده به دون حما ،وخ َصي َ
خ ً خضوصئة و ِ و َ
ئ! فلن بالمر ،وتخضع إذا انفرد به ).(1 كيره .واختص َ
فما أفرد أفه تعالما به إنسانا من الناس ،من صفة في
خُلقه ،أو من خْلقه أو ُ
حكم شرعي ،أو غفير ذلك ،فكل ذلك خصائص.
فمن الحكام الخاضعة بغير النبي مج!وو أنه أجاز لبي
برفع ة هانية بن نهار النيساري ،التضحية بعناق ،وقال له:
9تجزيء عنك ول تجزيء عنان حد
ان لسان العرب
262
) (1/256
الخصائص النبوية:
ص به النبي ! أمور كثيرة ،أفردها العجلى بالتكليف )
ما اخت ّ
(2المؤلفون في السيرة النبوية ،وفي الشمائل النبوية.
ة ص طع ة ،الخصائص النبوية:
تقسم الخصائما النبوية بحسب ما يلي:
ا -بحسب من عنه الختصاص.
-2بحسب زمن الختصاص.
.ويذكرها
)(2
رواه الشيخان وأصحاب السنن وجامع الصول (142/4
ذكر حاجي خليفة في كشف الظنون حمادة :الخصائص(
الولى التالية:
ا -يوسف بن موسى الغذامي الندلسي المعروف بابن
السري ) 663 -هو
-3جمال الدين محمد سالم بن نصر انه بن واصل الحموي
) 697 -هو ذكره صاحب ذيل كشف الظنون.
-3القطب الخيبري.
-4سراج الدين ،عمر بن علي ين الملتهب الشافعي )-
804هو
-5جلل الدين عبدالرحمن بن عمر التلقيني ) 824 -هو
-6كمال الدين ،محمد بن محمد الشامي ،إمام العاملية )-
874هو
-7رالف السيوطي كتابه المشهور بعنوان )الحصاثص
الكبرى( ،واسمه )كفاية الطالب اللبيب في خصائص
الحبيبة ذكر أنه تتبع هذه الخصائص عشرين سنة حتى
سه على اللف وذكر أنه قصد به الستيعاب ،يعني أف زاد ْ
يذكر كل ما قيل فصه أنه من الحنصائص .ولم يقصد إلى
تحقيق صحة ما يذكره .وقد نشر كّتاب السيوطي محققًا.
وقد اختصر السيوطي كّتابه وسمى المختصر )انموذج
مصره أيضًاا لشيخ
اللبيب في خصائص الحبيبة واخ ّ
عبدالوهاب الشعراء ) 972 -هو
-8أقول :وقد خص ابن حبان ) 354 -هو الحصاثص
المروية في السنن بفصل من كتابه المشهور بصحيح ابن
حبان ،كما ذكر ذلك في المقدمة263 .
) (1/257
) (1/258
) (1/259
) (1/260
) (1/261
268
) (1/262
269
) (1/263
270
) (1/264
) (1/265
) (1/266
) (1/267
) (1/268
) (1/269
كما صحة الخبر فيه مما أورده ،كثيرا ما ل يكون داَل على
الختصاص،
كإجابة الدعكاء ) ،(4فالله تعالى يستجيب لمن أعلى من
نبي وغيره.
وبعض ما ذكره من الختصاص دعوى ل سند لها )؟(.
فلو أن ما جعله من الخصائص عويرض على ميزان النقد
لما ثبت منه في
مديري أكثر من ثلث اللف أو ربعه. ت َ
وهذا في الخصائص بصفتها العامة.
أما ما التصق به ! في أحكم أفعاله ،فإن يعض فقهل!
الشافعية والمالكية
ذكروها في مؤلفاتهم في أوائل كتاب النجاح " ،(2لما كان
كثير من خصائصه مجد هي
في باب الن!ا!.
وأوله من استطرد إليها المدني صاحب الشافعي رضي
الله عنهما.
وقد ذكرها القرطي! المالكي بالتفصيل ،وحصرها في 37
خاصة ،قال :إن
منها المتفق عليه ،والمختلف فيه ) .(3وذكرها السيوطي،
فجعلها 65خاصة .يذكرها الرملي الشافعي في شرح
المنهاج فجعلها 47خاصة.
ولعله ما يصح دليله من كل ما ذكر قريب من خمس عشرة
خاصة ل أكل.
منها في الواجبات ة التهجد بالليل ،وتخيير نسائه.
ومنها قي المحرمات تحريم الزكاة عليه وعلى آله ،وتحريم
أكل الطعمة
الكريهة الرائحة ،وتحريم التبدل بازواجه.
) (1الخصائص الكبرى 1 -366 /1ك 3
) (2مثل ً أنه كلف من الحلم ما كلفه الناس باجمحهم )
(264/3ول تجب عليه الزكاة ) (3انظر مثلن من كتب
الشافعية :روضة الطال!نن للنووي .ونهاية المحتاج،
للزمني ،على المنهاج ،ط الحليه! 1357هـ 175/6ومن
كتب المالكية :حاشية الدسوقي على الشرح
الكبير -كتاب النكاح.
مسير القرطبي .212/14 ) (4ت ْ
276
) (1/270
) (1/271
) (1/272
) (1/273
) (1/274
) (1/275
من ماله صدقة ،وأنه ل يحل لحد نكاح زوجاته بعده ،وأنهن
أمهات المومني ،وعن فعل منهن معصية يضاعف لها
العذاب ضعفي ،ومن يقنت مخهن لله ورسوله فلها الجر
مرتب ،وتحريم رفع الصوت فوق صوته ،والكذب عليه عمدا
كبيرة ،ويجب القتل عله من سبه أو أجله.
هل يصل تعدية هذه الخصائص! إلى كير النبي صلى الّله
عليه وسلم :ينقل عن بعض الصوفية أنه ادعى لنقسه في
أتباعه أشياء من مثل هذا النوع
من الخصائص.
في أتباعه ومريديه كالنبي فُنقل عن بعضهم أن الويب ِ
يك!ؤ بي أصحابه؟
ولهذا يجعلونا لشيوخهم من الخصائص مثل ما هو ثابت
لرسول الله ! د ،فل يجوز عندهم نكاح امرأة الشيخ بعد
موته ،ول يجوزرفع الصوت عنده ).(1
إن ما تقدم ذكره من الجماع على عمم جواز الشتراك
فيما ثبت من خصائصه ينفي دعوى مشاركة )الولياء( في
خصائصه يكن.
ولما كانت خصائصه له ل تدل قي حقنا على المماثلة،
فلذلك يكون من
حرم على الناس لنفسه مثل ما حرم عليهم لرسول الله !
نه!يه ،قد حرم ما ليس حوامل ،وذلك ل مجوز .وكذا من
أوجب عليهم لنفسه مثل ما وجب عليهم لرسول الله !
كل! فقد أوجب ما ليس بواجب وذلك ل يجوز.
وقد ورد عن أبي بردة السلمي ،قال :أغلظ رجل لبي
بكر الصديق.
رث عنقه؟ قال :فانتهزه أبو قاله ،فقاله أبو بركة :أل أض ِ
بكر ،وقال :ما هي لحد بعد رسول الله ! ).(3
فلو كان للولد أن يكون له مشاركة في هذا النوع من
الخصائص ،لكان أول
الناس بذلك ،صديق المة أفضلها بعد نبيها وأكرم
)أوليائها( على الله.
ً
) (1محمد خليل هراس ،نقل عن والعهد الوثيقة للشيخ
محمود خطاب السبكي وغيره ل-فصائصكا الكلبرى(
للسموطى 306 /3حاشية )(2
ميقه /1
) (2رواه أحمد .وصححه أحمد شاكلة والمسند ،بتح ّ
(55
282
) (1/276
) (1/278
285
) (1/279
) (1/280
) (1/281
) (1/283
) (1/284
) (1/285
) (1/286
) (1/288
والصدقة بيانا للجودة التي في الكتاب ،لنه لو صلى
ل عله أنه بيان لقوله تعالى 1) :قيموا الصلة!، لنفسه /يد ّ
ولو تصدق بصدقة /،يدل على أنها مرافق ة بقوله تعالى:
مع الناس على أنة )وآتوا الزكاة! .وأنما وجه البيان ما ئح ِ
من المكتوبات ،لن ما يفعله في نفسه /يثبت أنه فعله
فرضا ً فل يكون فيه دللة على أنه فعله بيانًا" ).(1
وعندي أن هذا ل يكفي لحل الشكال إذ ل يمكن توقف
فهم الحكام على الجماع .بل ما أجمعوا على أنه يعلن
كعدد ركعات الصلة فهل بيان بل شك ،وما أجمعوا على
أنه ليس بيانا كالتثليث في غسله اليدين ،فليس هو بيانا ً
بل شك .وأما ما /يجمعوا فيه بنفي ول إثبات فقول أبي
يعلى يقتضي منع كونه بيانا ً مع أنه اتفق على أنه يمكن
تعليق البيان بالفعل بقول من النحل !-كما تقدم في
الطريق الولى ،والنص عله الحكم كالجماع عليه ،بل هو
أولى.
فل يزال الشكال قائما ،والقاعدة التي ذكرها الصوليون
مع قوله !:
9صّلوا كما ...وخذوا عني " ..،تقتلهما أنه بيان ،فيكون
واجبا ً ويكون الصل في ما فعله النبي ! في الصلة
والحج ،أنه للوجوب.
وهذه النتيجة مخالفة للواقع .بل إن أكل ما فعله !كل!
في هات!سن لعبادتين هو مستحدث وليس بواجب.
وسلك ابن دقيق العيد طريقا ً آخر لحل ذلك الشكال،
فقال" :ما ثبت استمرار فعل النبي صل عليه دائما ،دخل
تحت المر كما هو في قوله ! لمالك بن الحويرب :وصّلوا
كما رأيتموف! أصلي " وكان واجبًا .وبعض ذلك مقطوع به-
أي مقطوع باستمرار فعله له -وما لم يقم دليل على
ى تعلق المر باتباع الصلة عل وجوده في تلك الصلوات الت ِ
جَزم بتناول المر لها ).(2صفتها ،ل ي ُ ْ
وفي هذا المسلك ما فيه ،أتراه !ن! في الصلوات التي
صلها أثناء!فهد جماعة
مالك بن الحويرب ،ترك ما كان يواظب عليه من
المستحبات جمع القوال والفعال
) (1/289
والهيئات ،كالجهر والسرار ،وتعديد التسبيح والذكار،
والتحرك في التشهد ،وقراءة سورة بعد الفاتحة؟ يغلب
م لبن دقيق على الظن أنه ! /يتولى شيئا من ذلك ،ول يت ّ
العيد مسلكه.
ونحن رقد أخذنا على عاتقنا بحث مسائل الفعال النبوية
ل يسعنا إل أن
نعطي هذه المسألة مزيدا من الهتمام ،وخاصة في
مسائل الصلة والحج ،كنموذج لغيرها.
فنقول :إن الدين مكون من أربع حلقات:
الولى :إن لفظ )الصلة( المور بها في قوله تعالى:
)أقيموا ْ الصلة!
و )الحج( في قوله) :ولثه على الناس حج البيشهـ هما من
المجمل.
الثانية :والمر للوجوب.
الثالثة :وقوله !" :صلوا ما رأيتموني أصلي " ود خذوا عني
مناسككم "
دليل على أن أفعاله ،في الصلة والحج بيان للمجمل.
الرابعة :والبيان حكمه حكام المبين.
فتكون النتيجة :أن أفعاله عن في الصلة والحج واجبة.
ونجيب عن هذه النتيجة بجوابين :مجمل ومفصل.
أما المجمل ،فلو أنها كانت صحيحة لقتضت وجوب جميع
أفعاله صلته
ً
وحجه عن .وهو مردود يقينا وقد تقدم النقل عن ابن
دقيق العيد في الصلة بخصوصها.
وأما الحج فقد قال السبكي في قواعده ،في شان ركعتي
الطواف 9 :فأما
قوله له :أخذوا عني مناسككم " ،فل دللة له على وجوب
شيء خاص منها لن المناسك وعامة في( ) (1الواجب
والمندوب ،وإذا احُتخ! به في وجود فعل شيء
) (1في الصل المخطوط كلمة غر مقروءة ،والسياق
يقتضي ما ذكرنا.
296
) (1/290
) (1/291
) (1/292
) (1/294
) (1/295
) (1/296
ي
المبحث السابع الفعل ألمم!الي الضنفيذ ّ
ما يفعله عاقة المسلمين الملتزمين ،من الفعال التي
طلبنا الله تعالى منهم في
كتابه أو على لسان رسوله ،يفعلون تنفيذا وامتثال للوامر
والتوجيهات اللهية.
وهم حين يقولون ذلك ل يقصدون تبيين أمر خفي أو
دعوة معينة.
جهت إليه و ّ
والنبي ! لما كان واحدا من المة ،وقد ُ
التكاليف ،وهو أول المسلمين ،فهو يؤدي تلك التكاليف،
طاعة لمر ربه ،وتلبية لدعوته .فأفعاله التي يستجيب بها
للتكاليف اللهية ،هي أفعال امتثالية.
لكننا نبّين مرادنا بالفعل المتثالي هنا بما يلي:
فما فعله في امتثاًل لطلب خاص به ،كقيم الليل ،فهو من
الخصائص وقد
تقدم بحثها.
صد به من الفتثال! بيان مجمل أو ق َوما فعله امتثاًل ،و َ
مشكل ،فهو من
الفعل البياف! الذي تقدم ذكره ،وهو في إفادة الحكام
أعلى درجة من الفعل المراد به مجرد المتثال .ومن أجل
ذلك فليس مرادا ً هنا.
وما احتمل أن يكون امتثال لطلب إلهي ،أل أننا لم نعلم
ذلك الطلب ما
هو ،فليس مرادا هنا ،بل يدخل في الفعل المجّرد الذي
ياقة ذكره بعد هذا الفصل.
كل .س
) (1/297
) (1/298
المطلب الثالث
الطرق التي يمكن بها معرفة النص الممتثل
هي سمايلي:
الطريقة الولى :القول من النبي ! ،كقوله لما صلى على
ب كبير المنافقين :فإن الل خبرني فاخترت، ابن لب َ
وليزيدن على السبعين " .يشير إلى قوله تعالى :واستغفر
لهم أو ل تستغفرلهم! ...الية.
فغله،ومن هذا أن يخبر أدب الله تعالى قد أمره بفعل َ
كقوله ! :ما أمرت أن أسجد على سبعة أعظم )) 0(1أر
كه ،كقوله له في ترك قتل المخنثة :ونهيت عن بترفي تَر َ
قتل المصلين " ).(2
الطريقة الثانية :أن يفعل الفعل بعد نزولي المر مباشرة،
بحيث ل يخفى
أن فعَله امتثال لذلك المر النازل ،وخاصة إن كان سبب
النزول متعّلقأ بذلك .كآية :فإن الله يأمركم أن تؤدوا
المانات إلى( هلها! ) .(3نزلت في 3خذ النبي ! مفتاح
الكعبة من بني شيبة ،فلما نزلت أعاده إليهم وقال" :اليوم
يرم وفاء وبّر" ) .(4ومثاله أيضا آية المر للنبي ي
بتخيهيرنساثه فخيرهن ْ)(.
وشبيه بهذا أن يبيع الصحاب الراوي ذلك ،كما قالت
عائشة :كما صلى
النبي !ئه! صلة بعد أن نزلت عليه وإذا جلس نصر الله
والفتح ! إل يقول فيها :سبحانك اللهم ربنا وبحمدك،
اللهم اغفر لي " ) (6وفي بعض الرواياقه قالت
) (1متفق عليه والفتح ال!ب!!.
) (2رواه أبو داود 276 /13وانفرد به وفى سنده مجهول.
وحمسنه في وصحيح الجامع الصغير من رواية الطبراني
بلفظة نهيت عن المصلينأ.
) (3سورة النساء :آية 58
) (4سيرة ابن هشام بتحقيق مصطفي ا السقا!زميليه ط
ثانية 412/3لتفسير القرطمى (5) 356/5سورة الحزاب:
ه 28
آي ّ
) (6البخاري )إحكام الحكام لبن دقيقة 296 /1
305
) (1/299
ول القرآن " .وقد بّين ابن دقيق العيد )(1 عائلة ت 9يتأ ً
م المر؟ أما أن هذا فيما كان من فعله بعد الفتح ،إذ به يت َ
ما قبل الفتح فما فعله من ذلك يكون فعلًيا بتدائيأ.
الطريقة الثالثة :أن توجد مناسبة ومطابقة بين العلى
ونمق معين .قال أبو
الحسين البصري" :أما ما يعلم به أن فعله أو تركه امتثال
لدللة نعرفها فهو أن يكون مطابقا لبعض الدلة التي
نعرفها" ).(3
ثم قد تكون المناسبة بسنة مقبولة ،وقد تكون خفية
فيكون في قبولها نظر،
وذلك على ثلث درجات:
الدرجة الولى :أن يكون ذلك بئنأ وواضحا تمام الوضوح،
بحيث ل
يخفى ول يحتاج إلى تطلب الدليل عليه .ومثاله سجوده له
وركوعه في الصلة ،هو امتثال ليات المر بالركوع
والسجود .ومثل طوافه جمع بالبيت في حجة الود 3يوم
النحر ،هو امتثال لية )وليطؤفوا بالبيت العتيق !.
ثم قد تكون المناسبة خفية يقل التفات العم /إليها ،فإذا
نبه إلى ذلك أقر به،
ولم يشكل فيه ،فيكون من هذه الدرجة ،ومثاله ما ورد )(3
أن النبي ! لما ذبح في حجة العدل مئة ناقة ،أخذ من كل
ناقة بضعة ،فجعلت في قدر وطبخت فشرب من مرقها،
فهو تنفيذ لغية )فكلوا منهار.
الدرجة الثانية :أن يكون الفعل مترًررا ً بين أن يكون امتثال
لغية معينة أو
يكون فعل ً مبتدأ.
والتردد فيه ناشىء من صلحيته ليكون امتثال ً لتلك المة
نظرا ً لوجود التناسب ،مع إمكان أن ل يكون امتثاله لها ،بل
يكون فعلًيا بتدائيأ مجردا ً
وقد نقل السرخسي عن الحنفّية أن فعل النبي !ئهيرو أو
قوله إذا ورد موافقا لما
) (1إحكام الحكام شرح عمدة الحكام 299 /1
) (2المعتمد 386/1
) (3رواه مسلم وأبو داود والنسائي منا حديث جابر
الطويل يخص صفها حجهم الودل! وجامع
ا أأ صرح (245 /4
356
) (1/300
) (1/301
) (1/302
!!ل العلم ،إّل( ن مالكا ً يوقت مرة ول ثلثا ً قال :إنما قال
الله ة )فاغسلوا وجوهكم ! ).(1
ومثله التراويح عند الظاهرية ،المر بها مطلق من جهة
العدد ،وفي الحديث
عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت :سالم يكن النبي !
يزيد في رمضان ول في غيره على!حدى عشرة ركعة" )(3
ركز الئمة على عدم الوقوف عند هذا العدوى ،فاختار
أحمد والشافعي وأبو حنيفة ثلثا ً وعشرين لفعل عمر،
واختار مالك تسعا وثلثين كعمل أهل المدينة ،و /يقل أحد
من متقدمي عللي المة بالوقوف عندما فعله ! فيما نعلم
ما عدا بعض الظاهرية يو .قال النووي 9 :قال القاضي:
ول خلف أنه ليس في ذلك حدث ل يزاد عليه ول ينقص
منه .وإن صلة الليلة من الطاعات التي كلما زاد فيها زاد
الجر ،وإنما الخلف في فعل النبي له وما!تاره لنفسه " )
.(4
ووجه ما رآه الئمة الربعة أن المر الوارد من الله تعالى
مطلق ،يتوفى بالتهجد بأي عدد كان .وما فعله جمني ل
يزيد عن أن يكون اختارعددأ يناسبه ،ثم حافظ عليه ،لنها
هة! .فل يدل ذلك على وجوب ما اختاره من مُله !ي َ
ع َ
كان ً
العدد ،ول استحبابه .قال الشافعي :ورأيت الناس يقومون
بالمدينة بتسع وثلثة ،وبمكة بثلث وعشرين ،وليس في
شيء من ذلك ضيق " ْ)(.
الفرق بحسن حالة الفعل البيافط ودللة الفعل المتثليئ:
الفعل البياف! مقصود به البيان يانهار المراد بالمجمل،
عتنى به مزيد عناية. وذلك نوع من التعليم .فالصل أن ئ ْ
فإن كان بيان واجب ،فل يعمل فيه بالرخص والتيسيرات
التي يمكن أن تفهم على غير وجهها .ول يضاف إليه ما
هو مسعتحب وليس بواجب.
) (1المغني (2) 1 39/1مسلم 18/6والبخاري.
) (3يلمح من كلم ابن حزم انه يرى التقييد بالصور
الواردة فىف صلة الليل .انظر المحلى س42/
) (4شرح صحيح مسلم (5) 19/6ابن حجر :فتح البارز
309 253/4
) (1/303
) (1/304
المبحث الثامن
الفعل المتعدي
مد ما فعله النبي ! مما له علقة
المراد بالعلى المتع ّ
عوبات والمعاملت والقضاء بين الناس ونحو بالغي ،من الع َ
ذلك.
ً
وقد أفرده بعض الصوليين نوعا خاصا من الفعال ،منهم
أبو الحسين
ا لبصري ) ،(1وا أز ركني ) ،(2وا لشوكا في ) ،(3وغير
هم.
وهو بالنسبة إلى ومهره عن النبي ! وبالنسبة إليه خاصة،
ل يعدو أن
يكون واحدا ً من النبا الخرى؟ لنه إذا جبان أو خاص أو
بيان أو امتثال ،أو ليس كذلك يخشون من الفعل المجرد.
فحكم القتداء به ! في ذلك يعلم في موضعه من المباحث
المشار إليها.
أما بالنظر إلى الغير ،أعني الشخص الذي تعليق به الفعل،
فللفعل صور:
الول :ما يوقعه النبي جمع بشخص من العقوبة حيا ً أو
تعزيرًا( و غرامة
يدل على أن ما نسب إنما ذلك الشخص وكان سببا ً فيها
قب. هو معصية .فيفهم منه حكام الفعل الذي فعله المعا َ
ويفهم منه استحقاق من فعل ذلك الفعل لمثل تلك
العقوبة.
وليال القاضي الباقلني :أل يكون المر كذلك إل بتنبيه
منه شر على أن من
فعل مثل ذلك استحق مثل تلك العقوبة .وقال :لنه ،وإن
تقدم ذلك الفعل،
311
) (1/305
) (1/306
الصورة الثالثة :قضاؤه جم!هه بين اثنين ) (6له ثلث
جهات:
الولى :الثبات بالله ذات والشهود والقرائن .وهو من
هذه الناحية فعل كسائر الفعال ،يقتدى به فيها حسبما
تقدم.
الثانية :تقديره لثبوت الواقعة .هو مبني عله الظاهر،
رئيس يديه على أن المحكوم عليه هو في الباطن ل ،/إل
أن المحكوم له محقق ويجب على المحكوم عليه التسليم
والرضا بحكمه لمج!يع.
الثالثة :ما تكلم به على تقدير ثبوت الواقعة ،فهو شرع،
فإن ثبت لدى القضاء مثل ماثبت لديه !ن! ،تعيق الحكام
بما تكلم به.
الصورة الرابعة :لو باع أر اشترى من شخص لم يدل ذلك
على أن المال
كان موكله في الباطن إذ إن هذا تعامل على أساس
الظاهر.
) (1انظر في هذا البحث .الزركشي :البحر المحيط /20
01 249الشوكاني :الرشادي 36عبدالوهاب خلف :علم
ى ق 313 .138أصول الفقه ص 044أبو شامة :المحق ّ
) (1/307
المبحث التاسع
عله صلى الّله عليه وسلم في انتظار الوحي ما ف َ
هذا النوع جعله الزركشي والشوكاف! قس!أ مستقل من
ل النبوية .ذكر الزركشي ) (1أن النبي فيه أقسام الفعا ْ
أبهم إحرامه في الحج ،يعني أنه أحرم دون أن يعيق أنه
يقرن أو يتمتع أو ُيفرد الحج عن العمرة .ونقل عن
ب التأستي به جمعه ،فيكون إبهام ح ّ
ست َ َ
الشافعية أنه ي ُ ْ
الحرام أفضل ،تاشيًا*
والقتداء بهذا النوع ،على سبيل الستحباب ،غير مرضي.
ففي منسابة
إبهام الحرام أنه -وإن ثبت أن النبي !! أجلهم الحرام
منتظرا ً لوحي خاص -ل مساس للقتداء به في ذلك بعد
ىء الوجه ،وتبين المر. مج ِ
ولكون يدل على أن البهام مباح ل غير .إذ لو كان فاسدا ً
يفعله !ك!يم .وانتظار الوحي ل يبيح فعل ما ل يجوز.
ويتأكد الجواز بأن علما ً أحرم عند مجيئه من اليمن بمثل ما
أحرم به النبي عز وهو ل يعلم ما أحرم به النبي ،!-وشرط
القى بالنبي لمره أن يصنع كما صنع هو .فهذا إقرار يدل
على الجواز .والله أعلم.
) (1المقصودة )الصفة( حكم الفعل من وجوب أو غيره.
وقد يعبر الصوليون عنها يضأ بي )الوجه(.
) (2البحر المحيط .1 249 /2 :إرشاد الفحول ص 36
4؟3
) (1/308
جام!ئهما ان ُ
ل البر فصغل ال َال َ
ا -الفعل المجرد المعلوم الصفة.
-2الفعل المجرد المجهول الصفة.
-3ما ينسب إلى الئمة عن القول في الفعل المجرد
بنوعيه -4 .الدلة والمناقشات.
أ -مناقشة دعوى امتناع التأسئي في الفعل المجرد.
ب -قول الوقف.
خذ -قول التحريم.
د -قول الباحة.
هـ -قول الندب.
و -قال الوجوب.
زي قوله المساواة.
ح -قول المساواة في العبادات خاصة.
315
) (1/309
جّرد
الفعل الم َ
تعريف وتحديد:
مرادنا بالفعل المجرد ،ما كان من أفعاله !خم! خلفا ً لما
تقدم من النبا السابق ذكرها .نص 168وما بعدها!.
ومعنى كونه مجْردًا ،أن الفعال السابقة أقترن بكلل منها
قرينة يتبٌيئ منها حكمه بالنسبة إلينا ،فالجبلي يدل على
الباحة ،ولسنا متعهدين بفعلي مثله ،والذي غلم أنه بيان
حكمه مأخوذ من الخطاب المبل!ق ،والذي علم أنه امتثال
كذلك حكمه مأخوذ من الخطاب الممتثل ،وهكذا.
والفعل المجرد بالنظر إلى حقيقته على نوعين:
الول :ما قد يكون في الحقيقة والباطن واحدا ً من النبا
السابقة ،لكن لم
يظهر لدينا دليل نلحقه به .فقد يكون في الحقيقة خاصا
ولكن /نطلع على دليل خصوصيته ،أو يكون في حقيقته
امتثال لمر إلهي معيق ،سواء أكان في القرآن العظيم
ولم نجد ما نحكم بها ن الفعل امتثال لذلك المر ،أو كان
الفعل امتثال لوحي خاص /نخَبر به ،بل ظهر لنا الفعل
مجردات.
الثاني :أن يكون فعل فعله النبي-له ابتداء هن ذات نفسه
مطابقا لما
فرضه الليه تعالى له من إنشاء بعض الحكام ،أو من
تصرفه في حدود مرتبة العفو ،كما تقدم.
317
) (1/310
) (1/311
المبحث الول
فةص َ
الفعل المجرد المعلوم ال ّ
إذا علمنا بصدور فعل عن النبي جمة ،ولم يكن مما تقدم
من أقسم الفعال النبوية ،وتعكس عندنا بدليل أنه جمع
فعله على سبيل الوجوب أو الندب أر الباحة ،فللعلماء قي
دللته على الحكام في أفعالنا المماثلة لفعله أقواله
سبعة هي:
ا -المساواة مطلقا -40الندب.
-2المساواة في العبادات دون غيرها -50الباحة.
صح -ا لوجوب -60البحر يم.
-7الوقف.
أما المساواة -وبها يقول الجمهوري فمعناها أننا نساوي
النبي كئف! في أحكام أفعاله المجردة ،فها فعله واجبا ً
فهو علينا واجب ،وما فعله ندبا فهوعلينا مندوب ،ومافعله
مستبيحا ً له فهولنامباح-
وأما قول الوجوب فمعناه أن ما فعله النبي د ،وجب علينا
أن نفعله على
كل حال .سواء علمنا أنه ! فعله واجبة أر مندوبا أو مباحاً.
ولو جهلنا ذلك فالحكم الوجوب كذلك كما يأتي.
وأما قول الندب فمعناها له يندب لنا فعل مثل ما فعله
النبي عينه مطلقا ً
أعني سواء علمنا صفة فعله أوجهلناها .وحتى لو علمنا
أنه ! فعله وجوبا ً فإنه ل يجب علينا بل يندب.
) (1أصول البزاوي وشرح البشاري 19 925 /3س
) (1/312
ول الباحة فانه يباح لنا مثل فعله !كل!ييه ،ول يجب ول
ينضب.
وأما التحريم ،فمعنله( له ل يجوز لنا فعل مثل شيء من
أفعاله المجّردة!
وأما الوقف ،فمعناه أنا ل نحكم على فعلنا المماثل
لفعله !ن! بحكم ما.
سواء جهلناحكم فعله أوعلمناه.
منشأ الختلف:
هذه القوال النفة الذكر تتجه اتجاه!سنئيس!!ن ،ثم
يتشعبان:
التجاه الول :أن التأسئي به له في أفعاله المجردة
مطلوب شرعا ً بدللة ما
تقحم ذكره قي فصل حجية الفعال النبوية ،من اليات
والحاديث والجماع ،الدائر على مشروعية التباع
والتاسع.
والتجاه الذاتي :أن التاسئي به ييل فيها غير مطلوب
شرعا ً ووجهه أنه كان
ذا أن مانعا منع من التأسئي ت حجية الفعال النبوية ،إ َ ش ْثب َ
بالفعل المجرد ،وذلك المانع هو احتمال الخصوصية ،فكيف
ي َُتأسى به ي في أمر قد يكون من خواصه ،فنكون قد
أوجبنا ما ل يجب علينا أوأبحنا ما ل يباح لنا.
وأورد بعضهم ،أيضا ً احتمال أن يكون فعله !كل! معصية،
على قول من
يجيز صدور الصغائر عن النبياء .كما تقدم في الفصل
الثالث .قالوا :وذلك مانع من القتداء.
ثم تشعب أصحاب التجاه الول شعبتين ،بحسب
حرهم للتاصئي المطلوب شرعا ً تفس ِ
ي واجب ،ومعنى التأسئي حا! ّ
الشعبة الولى :قالوا :ال ّ
عندهم هو مساواة الفعل للفعل ،في الصورة والحكم.
وهؤلء أصحاب القولين الول والثاني) ،المسماواة
المطلقة والمقيدة(.
والشعبة الثانية :قالوا التأسيس هو المساواة في الصورة
دون الحكم .ثم للفرع هؤلءفرعين:
320
) (1/313
) (1/314
المبحث الثاني
الفعل المجهول الضيفة
يجري في الفعل المجرد المجهول الصفة ،ما يجري في
المعلم الصفة من الخلف .وترد فيه القوال المتقدمة
ل المساواة ،ففيه هنا -أعني في على السواء ،ما عدا قو َ
مجهول الصفة -تفصيل.
أما في ما عدا قول المساواة فلن العلم بصفة صدوره
عنه ! ل يؤثر في
الحكم المستفاد ،بل الحكم المستفاد في حقنا على
القول الثالث هو الوجوب مطلقا ً أعني سواء كان حكم
الفعل بالنسبة إليه !ئه!ه الوجوب أو غيره ،وعلى القول
الرابع الندب ،مطلقا ً وهكذا في سائر القوال .ولذلك
تجري القوال الخمسة في مجهول الصفة-! .
أما قول المساواة ،فإن المساواة بي حكم فعلنا وحكم
فعله ! ل يمكن تحقيقها ما لم يتعين لفعله واحد من
الحكام الثلثة.
ومن أجل تحقيق قول المساواة في الفعل المجرد
المجهول الصفة ،كان ل بدل
من حمل فعله على واحد من الحكلم الثلثة في حقه
كل ،بنوع ترجيح ظاهرتي ،مع العتراف بأنه قد يكون في
الحقيقة والباطن على حكم آخر .وبعكس العلماء أبى
حمله على شيامن الثلثة.
من أجل ذلك كان في المسألة أقوال أربعة:
القول الول :أنه يحمل على الوجوب في حقه يئهيم ،لنه
الحوط بالنسبة
إلينا ) .(1ولن فعله أكظم أجرأ ،فيكون أليق بحقه له.
) (1القاضي أبو يعله :العدد ق .1106
22يمر
) (1/315
) (1/316
) (1/318
ولكن نقول :إنما نحمل القربة المجهولة الضفة على
الندب ،لنه لما ثبت
لدينا وجوب التأسي به عن وكما سياقإ( ،وعلمناه قد فعل
هذه القربة ،فكان ل بد لنا من حملها على أحد الحالمين،
لنتمكن من التأل!ئي .ولما كان حمل القربة على الوجوب
في حقه يأتيها الوجوب في حقنا ،والصل براعة ذممنا
من ذلك ،حملناه على الندب ،لنه المتحقق بعد ثبوت
الطلب "\ (-
وكذلك القول فيما فعله يكن ،مما /يظهر فيه قصد
القربة ،يحمل على الباحة لنها المتيقنة-
تنبيه :يتضح مما تقدم عرضه في هذا المبحث والذي قبله،
أنه حيث قال
أحد من العلماء في فعل من الفعال النبوية المجردة إنه
يدل على الوجوب في حقنا ،فذلك القول له أحد متخذين.
المأخذ الول :أن يكون قائله ممن يرى أن الفعل المجرد
يدل على الوجوب
في حقنا بالقول الثالثة بقطع النظر عن حكمه بالنسبة
إليه عن.
المأخذ الثاني :أن يكون قائله من أصحاب القول الول
وهو قول المساواة،
مع كونه يعتقد في الفعل أنه صدر عن النبي عن واجبه،
إن كان معلوم الصفة أو يلحقه بالواجب إن كان مجهول
الصفة.
ول يتعين أحد هذين المأخذين بمجَرد نسبة القول
بالوجوب ألما قائل معي،
ما /تقم قرينة تبرق مقصوده.
وكذلك القول بالندب يدور بين مأخذين موازي!لن لماخذ!
قول الوجوب-
ومثله أيضا القولي بالباحة.
وأما قول الوقف فله في الفعل المعلوم الصفة ماخذ
واحد ،هو احتمال الخصوصية ،وقي المجهول الصفة
ماخذالط :الول احتمال الخصوصية والمعصية ونحوها.
والشخر :عدم تعين الحكم قي حمله جي على دول
المساواة.
) (1انظر :إرشاد الفحول للشرجماتي ص38 /
26س
) (1/319
البحث الثالث
مة من القول ب إلى الئ ّ ما يئس ُ
عْيه
قي الفعل المجّرد بنو َ
اضطربت كتب الصول في ما تنسب إلى بعض الئمة من
القول في دللة الفعل المجرد على الحكام ،حتى إننا
لنجدهم ينسبون إنما المام الواحد أقوال ً متضاربة ينقض
بعضها بعضا ً
فالمام مالك مثًل نسب إليه القول بالوجوب ،والقتل
بالندب ع والقول
ما ل باحة.
والثلثة منسوبة إلى المام الشافعي أيضا ً
وكذلك نسبت القوال الثلثة إلى الثم أحمد بن حنبل.
ولعل هذا الضطراب راجع:
أولث إلى أن ما السند إليهم ليس منصوصا لهم وإنما هو
تخريج على بعض أقوالهم في الفروع .قال المازني:
وأشار ابن بويز مقداد ِإلى أن قوله الوجوب مذهب مالك،
وقال :وجدته في موطئه يستدل بأفعال النبي سكر كما
يستدل باقوالهأ.
وسنبين أشياء من هذه تريبس إن شاء اله.
وثانيا ً ِإلى اختلفهم في مقصودهم بالوجوب أو الندب أو
الباحة ،أهو راجع إلى حكم الفعل في حقه له ،أم في
م بالتالمتي الذي يوجبونه أو يندبون حقنا .وفي مقضودهن ْ
إليه ،أهو المساواهّ في مجرد الصورة أو في "الصبورة معا
! الحكم327 .
) (1/320
) (1/321
) (1/322
-3الشافعّية:
أما المام الشافعي نفسه فقد نسب إليه الولى بالوجوب
) ،(1والقتل بالندب ) ،(2والقول بالباحة*
وأبر إسحاق الشيرأزي (+قال بالمساواة في ما ظهر
حكمه ،وبالباحة فيما/
يظهر فيه قصد القربة من مجهول الصحة ،وبالوقف في
ما ظهر فيه ذلك القصد ،ب!!ن الوجوب والندب.
والمنقول عن جمهور الشافعية أن فعله ع!ع على الندب
في حقنا ما /يدل على
غير ذلك دليل ) ،(4رقد تبّنى هذا القول أبو شامة في
كتابه والمحقق من علم الصول فيما يتعلق بأفعال
الرسولي وانتصر له ،بل بنى كتابه عليه.
وفريق من الشافعية ،وهم ابن جريج ومن معه ْ)( ،قالوا
بأن فعله !نه! في الحريات ،إذا كان مجهول الصفة ،يحمل
على الرجوع في حقه وبالتالي يكون مثله منها واجبا.
ومن الشافعية من قال بالمساواة ،منهم الصيرفي وابن
فورك .ونقل عنهما الزركشي وأبو شامة قوله الوقف )
.(6
وكثير من المتكلمين صاروا إلى الرقم ،منهم الغزالي نية
المستصفى( وأما في )المنخول( ) (7فقد أخذ بقول
المساواة ،مع حمل القربة مجهولة الصفة على الندب،
وحمل ما عدا القربة من ذلك على الباحة.
والرازي قالت بالوقف في كتابه )المحصول ،وقال
بالوجوب في كتابه )المعا.(/
) (1/323
) (1/324
-5المعتزلة:
ينسب إل طوائف من المعتزلة القولي بالوجوب )-(3
والذي عند القاضي عبدالجبار في المغني ،المساواة في
معلوم الصفة .وأما مجهولها فما!ان قربة فهو دائر بيئة
الوجوب والندب ،ويحمل على الندب ) (4وما /يكن قربة
يحمل على الباحة ْ)(.
ورأي أب الحسين البصري المساواة في معلوم الصفة .و/
يتضح لنا قوله له مجهولها.
أما ابن خلود المعتزلي) (6وقد نقل عنه التفريق في
ي بين العبادات وغيرها .فأعجب القتداء في الفعل التأس َ
العباسي لمجرد ،ومنع القتداء في غير ذلك ! والنقل
عضه في كتب الصولي!س مضطرب وغير محرر.
-6الظاهر يا:
يقول الظاهرية إن الفعالى المجردة تدل في حقنا على
الندب خاصة ،فإذا
نقل إلينا فعله ! فل وجوب-
قال ابني حزم ونقله وعن جميع أصحاب الظاهيا :وليس
دْبنا إلى أن نتأسئى بهشيء من أفعاله به واجبًا ،وإنما ن ِ
فيها فقط ...إّل ما كان بيانا أو تنفيذًا" ).(7
) (1العدة ق 105النقله ابن تيميه في المسوح حما 76
) (2العدهَ ق .139
) (3البحر المحيط للزركشي 249/2ب (.بو يحلى الحنبلي:
العدة ق .101 05
ى (5) 256 /17المصدر نفسه 271 /17 ) (4المغن ِ
) (6له ترجمة قصيرة في كاب والمنية والمل لبن
المرتضى ،نشرته دار صادر ،ص .62وزر جعله من الطبقة
العاشرة من المعتزلة ،من أقرانه بما الحسي البصري.
وهو تلميذ أبي هاشم الجبائي.
) (7الحكام ص 422
332
) (1/325
المبحث الرابع
الدّلة والمناقشات
نتعرض في هذا المبحث لدلة القوالى السبعة المتقدمة،
فنوردها؟ رنب!مق أوجه الستدلل بها ،ونذكر ما يورد
عليها.
وقد قدمنا أن القوال الثلثة الخيرة ،وهي قول الباحة،
وقولي التحريم.
وقول الوقف ،مبناها على عدم التأملي بالفعل النبوئي
المجرد بدعوى أنه محتمل للخصوصية ،والفعل الخاصين
يمتنع القتداء به.
ونحن نناقش هذه الدعوى المشتركة بي الثلثة في
مطلب ،ثم نستعرض القوال الثلثة ،واحدا ً واحدًا ،ونعقد
لكل مخها مطلبا ً
المطلب الول
في مناقشة دعوى امتناع التاسيس
لحتمال الخصوصية ونحوها
ل شك أن للنبي حد خصائص ل يشاركه فيها أحد من أمته،
وقد لقدم ذكر
ذلك.
مت المشاركة في أحكامها بين النبي عن وهناك أفعال ثب ّ
والمة كالسلم والصلة والصوم والحج وصلة الرحم ونحو
ذلك ،وكسائر الفعال البيانية ،والفعال التي هي امتثال
ه عامة للنبي !ك! والمّر .ومثلها أيضا وتنفيذ ليات معلوم ّ
ي فيها بأعيانها.
الفعال التي أمرنا بالتاس ّ
333
) (1/326
) (1/327
لقد حاول الغزالي أن يرد هذا الستدلل بقوله :أفإن قيل
التعميم أك!ثر
فلينزل عليه.
وُ /يجب التنزيل على ان ز ،وإذا اشتبهت أخته بعشر أ قلناَ :
أجنبيات فالك!ثر حلل ول يجوز الخذ به " ) 0(1الـ.
وهذا التنظير كير مستقيم ،لن المخالف يدعي ندرة
الخصوصيات ،ل مجّرد قلتها .والتنظير الصحيح ينبغي أن
يكون بما يقوله الفقهاء من أنه لو اشتبهت أخته بنسله
أهل مدينة أو قرية غير محصورات ،لم يحرم عليه الزواج
منها ).(2
ول شكل أن القاعدة والحكم للغلب ول كبرة بالنادي
قاعدة صحيحة في
باب الدلة الشرعية .ولو نحن أبطلنا كل دليل في الكتاب
والسنة لحتمال ضئيل؟ لبطلنا بذلك حجرة القسم الكبر
ليات من الشريعة ،من أخبار الحاد والقياس ،بلى وا َ
والحاديث المتواترة التي قد يتطرق احتمال إلى دلللتها.
ويقول المازني:أ وبالجملة فالظهر في هذا أننا مأمورون
بالتباع عله الجملة فإن الصحابة بلنت تدين بهذا .وإذا
طرقنا إلى مثل هذا الستدلل ما أشار إليه الواقعية من
التجهيز ،فتحنا على أنفسنا مطاعن من طعن علينا في
استدللنا بَاثارهم في إثبات القياس والعمل بخبر الواحد.
وهذا واضح)! .نما يبقى النظر في مسلكهم اتباعه !ك!رر
)كذا( هل كانوا يعتقدون الوجوب أو الندب ! ).(3
ويقول أبو شامة:أ مذهب الواقعية مستلزم للترقية له
أقوال الشا!رع وأفعاله ،ولزم من ذلك التوقف في أكثره
الحكام الشرعية ،وهو خلف ما عليه السلف وأئمة الهدى
من فقهاء المصار" ).(4
هذا وقد أحسن أبو الحطاب صياغة الردّ على من منع
جرا بان ما التاسئي لحتمال الخصوصية ،إذ يقول ة )احت ّ
يفعله يجوز أن يكون مصلحة له دوننا )5؟
) (1/328
!والجراب أنه يجوز أن يكون مصلحة لنا أيضًا ،وقد أمرنا
اتباعه ،فوجب ذلك ،لن الظن رد ن المصلحة في الفعل
دد دليل بتخصيصه ".
تعضه وإيانا ،إل أن ير ّ
وأما احتمال المعصية ونحوها فقد أجبنا عليه في الفصل
الثالث.
336
) (1/329
الطلب الثاني
قول الوقف
مبنى هذا القول على أن الفعل المجرد ل دللة له ،لن
حكمه واثر برس الختصاص والشتراك ،ولحتمال المعصية
ونحوها عند من يقول به.
جهوه في الفعل المجهول الصفة أيضا بان التأسئي وقد و ّ
به غير ممكن ،أو
ي يستدعي المساواة في صورة الفعل وحكمه، التالص ّ
فلما كان حكمه مجهول امتنع القتداء به ووجب التوقف.
فيما الستدلل باحتمال الخصوصية والمعصية فقد
أبطلنله في ما تقدم.
وأما توجيههم الوقف في الفعل المجهول الصفة فقد
تقدم مناقشتها ينا ً في مبحث الفعل المجهول الصفة.
إل أنه يتعين هنا النظر في مقصودهم بالتوقف ،والتصرف
الذي يرون أنه
ينبغي إزاء الفعل المجرد.
فأما قولهم في الفعل المجهول الصفة أنه يتوقف فيه،
فيحتمل أنهم عادوا التوقف في حكمه بالنسبة إليه ن!!.
وهذا أمُرهُ قريب.
ولكنهم قالوا بالوقف أيضا فيما ظهر حكمه ،وحينئذ فإما
أن يمنعوا القتداسو
به فيؤول إلى قول الحظر التي ذكره ،ولكنهم أعني
الواقعية :الغزالي ،والرازي ،ومن معهما -ممن ورد قول
الحظر.
و كما أن يجيزها القتداء به مع الجهل بوجهه ،وهذا أيضا
ما صوتوا ببطلنه ه
337
) (1/330
فل يبقى أل أنهم يعتبرون وجود الفعل المجرد كعدمه
بالنسبة إلينا ،وحينئذ
نرجع إلى الصل في الفعال قبل فرد الشرع ،وهو ارتفاع
الحرج عن الفعل .وليس ذلك عندهم هو الباحة لن
الباحة عندهم حكم شرعي ،وهذا ليس حئى) .(1وإنما هو
خلؤالفعل عن الحكمة ويكون الحكم في حقنا عندهم
بمعنى الباحة على قولي من يقول :الباحة حكم عقلي )
.(3
)1ر 1لمستشفى 40/2
) (2انظر!شف السرار على أصول البزاوي 922/3أو
البحر المحيط للزركشي 338 .1 251 /2
) (1/331
) (1/333
المطلب الرابع
قولي الباحة
ي في ا -هو راجع عند بعض القائلة به إلى امتناع التاس ّ
معلوم الصفة ومجهولها .وأن الواجب العودة إلى الصل
في الفعال ،وهو الباحة+
ويري عل أصحاب هذا التجاه بما تقدم في إبطال دعوى
امتناع التأسي.
-2ويرجع عند آخرين إلى أننا /يطلب منا الخالصي به يكن
في أفعاله المجردة ،بل أبيح لنا ذلك.
وجوابه بما تقدم في فصل حجّية الفعل النبوي من الدلة
القاضية بأن التسلحي مطلوب شرعا ً
-3ومبناه عند طائفة ثالثة أننا حملنا فعله يكن المجهول
الصفة في حقه ي
على الباحة ،وذلك يقتضي الباحة في حقنا ،على قول
المباراة التي.
وهذا البناء صواب في الفعل المجهولة الصفة إذا /يظهر
فيه قصد القربة .لما
إذا ظهر قصد القربة فذلك يرقى بالفعل إل الندب .ول
تصح دعوى الباحة فيه ،إذ أنها على خلف مقتضى
الظاهر-
* صف"
انتهينا من استعراض القوال التي تمنع الخالصي بالفعل
جة احتمال الخصوصية أو غيرها .وانتهينا إلى المجرد بح ّ
بطلنها جميعًا.
وبقي أن نستعرض القوال التي تقول بمشروعية
التاسئي به-له .وهي أربعة :القول بالندب ،والقول
بالوجوب ،والقول بالتساوي في العبادات خاصة؟ بالقول
بالتساوي يخصه جميع الفعال المجردة.
ونعقد لكل منها مطلبًا.
341
) (1/334
ى ق 16
) (1المحم ّ
) (2المحقق ق 342 12
) (1/335
عرفة .فهذا رنص( فعال صدرت منه يا تحتمل القربة،
وأن /يظهر لنا فاستحدث عللي المذهب متابعته رالتاسئي
به فيها .وهي في هذا الباب بمثابة الوصاف الشبهئة في
باب القياس ،إلانها مخطوطة الدرجة عما ظهر فيه قصد
القربة .فيكون الستحباب فيها أكد مما لم يظهر فيه قصد
القربة ،ويكلون الستحباب فيما رجب عليه ! أكد ،لن
مصلحته أتم بدليل تحتمه عليه.
فهذه ثلث درجات :أعلها متابعته ! في ما رجب عليه.
دب إليه ،لو فيما لم تعلم صفته، وبعدها متابعته في ما ن ِ
لكن ظهر فيه قصد
السر بل-
بالدرجة الثالثة ما احتمل القربة وإن لم تظهر.
وبعد هذه الدرجات درجة رابعة ،وهي متابعته ! في
الفعال التي يكاد
يقطع فيها بخّلوها من القربة ،كهيئة وضع أصابع اليد
اليمنى في التشهد ،فتستحب المحافظة عليها والخذ بها
ما أمكن ،تدريبا للنفس الجموح ،وتمرينا ً لها عل أخلق
صاحب الشرع ،لتعتاد ذلك ،فل تخل بعده بشيء مما فيه
قربة .فهذا ونحوه هو الذي يظهر لي أن إبداله بن عمر
رضي الله عنهما كان يلحظه ،فأخذ نفسه بالمحافظة
على جميع آثاره ! ..-فالمئصف باليمان ،من علمات صحة
إ!لمانه ومحبته لرسول الله ! التبرك بآثاره ،والتباع فيها-
وفا -وإن لم تصدر من رسول الله !ك! قربها -قربة .فنحن
نرجو بفعلها التقرب إلى الله تعالى ،لما انطوى عليه
دث ح ِ
فعلنا لها من محبته يكن التي حملتنا عليها ،ربما ي ُ ْ
ذلك من رقة القلب بتذكره ئي" .الـ.
ي
عْبدان قوله:إ أفعال النبي ! إل ّ ثم نقل أبو شامة عن ابن َ
لم تحصل منه
ب التاسيس به فيها ،نجد بركلته، قَرب ،يستح َ على وجه ال ُ
مثل أكله وشربه وعطائه ومعاشرته لنسائه ،وجميع أفعاله
المتعلقة بأمور الدنيا .يستصحب التاسيس به في جميع
ذلك 10،هـ،
343
) (1/336
) (1/337
) (1/338
) (1/339
) (1/340
) (1/341
) (1/342
) (1/343
351
) (1/344
) (1/345
) (1/346
) (1/347
من رمضان؟ يجب صومه احتياطا ً للواجب ،وإن احتمل أن
يكون حراما ً بكونه يوم العيد ) .(1وقاله مثل ذلك صاحب
تيسيير التحرير ).(2
والجواب الصحيح أن يقال :إن الحتياط الواجب هو في
وجوب أداء ما
ثبت وجوبه وشئنا في أدائه ،كمن نسي صلة من الخمس،
و /يعلم عينها ،يجب عليه أن يصلي الخمس احتياطي.
ويخص ما كان ثبوته هو الصل ،كصوم الثلثين من
رمضان ،إذ الصل إنه من رمضان وإن احتمل أن يكون من
شوالة.
أما ما /يثبت وجوبه والصل عدم وجوبه ،فل يصح إيجابه
احتياطي كصوم الثلثة من شعبان )."3
الدليل الثاني :قالوا :النبي صح ل يفعل إل حقا وصوابا ً
فاتباعه حق وصواب .وترك الحق والصواب باطله وخطأ.
م انقسامه إلى واجب ومندوب عل ِ َ
والجواب أن ما يفعله ُ
ومباح .فما فحله عله
ق إيقاعه على سبيل الندب ،وذلك هو سبيل الندب فالح ّ
الحق والصواب وكذلئا يقال في المباح-
مل الثالث :قالوا :إن الفعل أكد يخل البيان من القول، الدل ِ
فلذا أفاد المر الوجوب ،فالفعل أولى.
ويجاب عن ذلك بأنه يجوز أن يكون الفعلي في بعفن
الحوال أقوى بيانا ً
ولكن موضع ذلك هيئات التفاصيل ،فأما قوة الطلب
وتحتمه فليس الفعل موضوعا ً لذلك ،بخلف القول ،فإن
القول المر موضوع ل!يجاب ،فبطل كون الفعلي أولىأ
*(4
الخليل الراب!ع :وهو شبيه بما للقدم ،قالوا :إن النبي
ذوو أمر الصحابة عام
) (1المدي :الحكام (21 263/1دم1 26 /
) (3ابن اطاجصب والعضد :منتهي السوء وشرحه )(24 /2
) (4أبو الحسين البصري :المعتمد 0 378/1أبو الخطاب:
التمهيد 355 .1 9 1
) (1/348
) (1/349
وقد أجاب ابن حزم بأن التباع هو طاعة المر .وهو جواب
غيي مرضي.
فإن بين الطاعة والتباع فرقا ل يخفى.
والجواب الصحيح أن يقال :مماثلة الفعل تقتضي المماثلة
من جميع الوجوه،
فهي الواجبة .وليس من المماثلة والتباع أن نفعل واجبة
ما فعله ندبا أو إباحة .وبهذا أجاب عبدالجبار والمني ".(1
و /يرتض ابن الهمام هذا الجواب بالنسبة إلى الفعل
المجهول الصفة ،ورأى
أن الصواب في الجابة أن يقال :المر بالتباع غير محمول
على عمومه ،إذ ل يجب قيام وقعود وسائر الفعال
الجبلّية .وليس ثم مخصص مع!!ن ،فتعي حمله على أخض
الخصوص من معلم صفة الوجوب ،ففيه خاصة يجب التباع
)."2
وعندي أن قوله :أوليس ثم مخصص معينة مردود ،لما
لمدي تقدم في فصل الفعال الجبلية .ولذا فجواب ا َ
أصلها.
الدليل السادس :قوله تعالى :للقي كان لهم في رسول
أدلة أسوة حسنة لمن
لخر! قالوا :ل هذه الهية تحذير كان يرجو الله واليوم ا َ
من المخالفة ،لن معناها :من كان يرجو الله واليوم
الءخر فله في رسول الله أسوة حسنة .ومفهومها .أن
من /يتاسق به ! .فليس ممن يرجرالله واليوم الخر.
وهذا دال على الوجوب ،فل بد لنا من فعل مثل ما فعل،
ول يهمنا على أفي
وجه فعل.
والجواب بتسليم دللة الية على وجوب التأسيس ،ومنع
أن يكون معنى التأسي الموافقة في الصورة دون الحكم،
بل الخالصي هو الموافقة في الصورة مع التفاق أيضا
في الحكم-
الدليل السابع ت قوله تعالى! :فليحذر الذين يخالفون عن
أمره أن تصيبهبم
) (1المني :الحكام 257/1عبدالجبار :المغني ) 26 5 /17
محرير 123/3 (2تيسير ال ّ
57يم
) (1/350
) (1/351
) (1/352
) (1/353
) (1/354
) (1/355
) (1/356
) (1/357
365
) (1/358
) (1/359
) (3حديث "حكمي على الواحد حكمي على الجماعة" يكثر
الصوليين من ذكره والحتجاج366 -
) (1/360
) (1/361
) (1/362
ومنها :ما بأنه في موضع آخر ) (1من أن الشريعة
موضوعة في الصل لمصالح العباد ،واحكامها على العموم
ل على الخصوص ،إل ما ثبت فيه الخصوحمه بالدليل ،وأن
دليل الختصاص يذكر في الحكم المختص إعلما بان
الشريعة خارجة عن قانون الختصاص.
) (1المرافقات 53 -51 /3
369
) (1/363
المطلب الثامن
قول المساواة في العيادات الخاصة
قول ابن خلود المنسوب إليه قي كتب الصوليين أن
ي في العبادات واجب ،وفي العادات ل يجب بل التالص َ
ّ
ل غير محرر .ولم يطلع على ما قاله يستحب ،هو قو ٌ
بحروفه لنرد عليه.
قال القرافي :ووجه تخصيص الرجوع بالعادات قوله !:
أخذوا عني مناسككم " و )صلوا!ما رأيتموني أصلي "
وظاهر المنطوقة الوجوب ،لنه أمر ،ومفهومه أن غير
المذكور ل يجب "ان.
وواضح أن قوله مجد 9 :صلوا كما رأيتموني أصلي "
ونحوه ل تخصيص فيه
حتى يكون له مفهوم .وآية التاسئي عامة ،فيجب العمل
بها في العبادات وغيرها -والله أعلم.
فائدة مهمة نلحقها بقول المساواة:
قاله ابن تيميه:
)مسمائل الفعال لها ثلثة أصول:
أحدها :أن حكم أمته دون كحكمه في الوجوب والتحريم
وَلوابعهما ،إل أن
يأتي دليل يخالف ذلك.
م
الصل الثاني :أن نفس قوله يدل على حكمه ينته إما حك ٌ
محيو ،أو حكم
) (1شرح تتقيح الفصولص 127
370
) (1/364
) (1/365
الثالث :وقد ذكر في بقية كلمه :ما يستحب لنا ،و /يكن
بالنسبة إلى النبي
! مستحتأ .وقد مثله لها بان أحمد بن حنبلي تسري لجل
المتابعة ،واحتجت ثلثا لجل المتابعة ،وقال :ما بلغني
حديث إَل عملت به ،حتى( عطي الحجم دينارًا" فمن أصل
هذه الفعال من النبي يكن مباحة؟ وقد فعلها أحمد على
سبيل ا ل ستحباب.
ونحن قد سبق أن بئَنا الرأي في مثل هذه الفعال في
قول الندب ،فليرجع
إليه.
أما ما ذكره ابن تنمية من أن الحكم في حق النبي ينج قد
يكون معلقا بسبب
وهو منا مطلق ،فسنذكره في مبحث السبب من الفصل
الثامن.
372
) (1/366
ما ِددعغعل ا ل َ
فص ْال َ
حال
ملنل ن َ ست َ
ظ رد ِ ا في جمام ا ل ْ
ا -الوجوب.
-2الندب.
-3ا ل باحة.
-4ا لكر ا هو،
-5التحريم.
-6الحكللم الوضعية.
373
) (1/367
عالن الف َ
م َ
الحكام المسَتفادة ِ
مما تقم في الفصول السابقة من هذا الباب ،وعله أساس
القول المختار،
وهو قول المساواة في الفعل المجرد ،نلخص الحكام
التي تستفاد من أفعال النبي دون بما فيها من بحث ،في
مطالب! :
المطلب الول
الوجوب
يستفاد الوجوب من الفعل النبوي من مواضع:
أ -أن يكلون فعله صن قد صدر عنه بيانا لية دالة على
الوجوب في حقه وحفنا .ب -أن يكون امتثال لية دالة
على الوجوب كذلك.
بر -أن يكلون مجّردًا ،وقد علمنا بدللة أنه يكلف فعله
واجبة.
ويلحظ أن الواجب إما أن يكون فعل متكلمل ،يجب إيجاده
من أصله كصلة الظهر مثل ً
وإما أن يكون خارجا عن العبادة تتوقف صحته ا عليه ،وهو
مقدور للمكلف ،وهو الشرط ،فيجب من حديث إن الواجب
ل يتيم إل به ،كالوضوء للصلة .ونذكر أمثلته في بحث
الشرط ،وسيأتي.
ً
لما أن يكون جزءا ل العبادة ،وهو قسمان:
-1الركن ،ظهر جزء الماهية الذي ل تتحقق إل بوجوده،
ول يسقط عمدا
ول سهوا ً ول يجَبر ،ومثاله الركوع ،وهو ركن في الصلة،
والطواف بالبيت ،ركن في الحج.
375
) (1/368
) (1/369
) (1/370
) (1/371
) (1/372
) (1/373
) (1/374
) (1/375
383
) (1/376
) (1/377
85س
) (1/378
) (1/379
وإنما يدل على ذلك إذا عرف أنه صنع ما صنع بقصد بيان
الشرع أو المتثال له.
فإنه نْزع الثوب نزكي معتادا ل دللة فيه ،وكذا لو كسر
شيئا ً تالفا ل يحتاج
إليه.
ً
وإن /يعلم أنه قصد البيان لو المتثال فل يدل أيضا على
التحريم-
ومثاله ما ورد في الصحيح أنه النبي يكلف فرق ما جاع!!
من مال البحرين حتى
/يبق منه شيء .فقال ابن حجر :ليما الحديثما بيان أن
المام ينبغي له أن يفرق مال المصالح في مستحقيه ول
يؤخرم!را(.
ونحن ل نرى دللة الحديث على تحريم التأخير ول كراهته،
لحتماله أنه/
يقصد امتثال حكم خاص بذلك ،بل لكثرة المحتاج!سن أو
لوجود مالي غيره مخزون لديه ،ينفق منه عند الحاجة.
دمه و يؤخر بحسب المصلحة .وقد كان فللمام إذن أن يق ّ
النبي ! يحتبس بعض الموال لنوائبه.
) (1فتح البارز 517/1
87س
) (1/380
المطلب السادس
دللة الفعل النبوي على الحكام الوضعية
ما تقدم قبل هذا كله راجع إلى دللة الفعال النبوية على
الحكام التكليفية .أما دللتها على الحكام الوضعية فهي
دللة خفية ،وقلما يمكن بيافا بالفعل دون قول يوضح
ارتباط الحكم بسببه ونحوه .فأما مع القول فهو في
الشريعة كث!!ر.
فمن ذلك:
-1السببية:
مثالي بيالي السببية بالفعل دون القول أنه عن :لقاء
فتوضأت ،هوسها فسجد".
-2الشرطية ة
من بيان الشرطية بالفعل وحده ،في شرط الوجوب ،بأن
يترك الفعل في
حال ويفعل في حاله آخر ،فيعلم أن ذلك الحال شرط.
ومثال ما روي عن الزهرثمما عن أبي سلمي تال:أ تلت
لبي هريرة :على كم تجب الجمعة من رجل؟ قال :لما بلغ
أصحاب رسول الل جمع خمسين جمع بهم رسول الله به !
استدل بذلك أن شرط وجوب الجمعة وجود خمسين إجلل"
.(1
ومن أمثلته أيضا ً أن النبي ي كان يقيم الجمعة في
المدينة ،ول يقيمها في أسفاره ،فعلم بذلك أن شرط
وجوبها القامة.
) (1اجتماع الحميمين شرط وجوب الجمعة عل رواية في
مذهب احمد والمغني 88 .(328/2يلي
) (1/381
) (1/382
) (1/383
في الصلة ل" ،وحملت مهمة ابنة ابنته زينب .فكان إذا
قام رفعها وإذا ركع وضعها وهو في الصلة.
ومنه علم أيضا أن الكلم اليسرى في شان الصلة سهوا ل
يبطلها ،صنع !
ملئه إذ تكليم سهوًا ،بعد أن سلم من نقص 6كما في
حديث ذي اليدين.
ومنه علم أيضا أن السفر ل يمنع صحة الصوم ،فقد كان
قرر يصوم أحيانا ً
قي السفر ).(2
وكذلك في المنع من الوجوب .فقد أقاد النبي !ئه! يهوديا
من امرأة قتلها باحمجار) ،(3فعلم أنه ل يمنع وجوب
القصاص كون القاتل يهوديا ً ول كون القاتلة رجًل
والمقتول امرأة ،ول كون آلة القتل مثقًل غير محدد.
-4الرخصة والعزيمة:
أما الرخمه فبيانها بالفعل الذي معه قولي ،كثير ،كنيته !
ك! صوم النفل بالنهار ،والمسح على الخفين .قال مجد
للمغيرة حينما لراد أن ينزع خفيه:إ دعهما فإف! أدخلتهما
طاهرتين أأ .فمسح عليهما.
وكذلك بيانها بالفعلة الذي ل قول معه كثير ،ووجه كثرتها
هنا لنما على خلف الصل ،فكلم ذلك كافيا في بيان أنها
رخص ،ومثاله جمحه ! بين الصلت!ق في السفر ،وصلته
في ملف جالسا ً وتطوره على الدابة ،وتوجهه خليها إلى
غير القبلة ،والستثمار ،واستدرار القبلة عند قضاء الحاجة
في البنيان-
-5الصحة والفساد:
إذا فعل النبي له عبادة عل وجه ما فإنه يدله على صحة
عملها عله مثل
ذلك الوجه .ولكن ل يدله على فسادها إذا عملت كله وجه
آخر ،ما لم يكن دليل
) (1روى القصة أبو داود والترمذي والنسائية وجامع
الصولي (2) (329 /6رواه البخاري ومسلم ثابت دقيق
العيد :شرح العمدة (3) (18/2رواه الجماعة ونيل الوطار
(18/7
391
) (1/384
) (1/385
شائ!صل ا ل َع ْ
ال َ
! ل لرَلىلتر المجد
الدللة وأنواعها
-1طبيعة الدللة الفعلية.
-2وجه انسحاب حكم فعله ! على أفعال المة.
393
) (1/386
) (1/387
ومثاله الستدلل بوجوده ص إلزوج!ن في بلد على وجود
الخر فيه ،وبالولدة على السرور بها ،وبالموت على
الدفن ،وعكسه ،وعلى التعزية.
د -وأما الوضعية فبان يجعل أحذ أو طائفة من الناس،
شأ ليدل على شيء ،كالشارات الضوئية التي ترضع ش ِ
لتنبيه سائقي السيارات أو السفن أو الطائرات ،وكدللة
الخط والعقد والشارة ،على ما أريد أن تدل عليه.
وكاللفاظ المستعملة في اللغة ،وضعت لتدل على معافا
تعرف من كتب اللغة+
ثانيًا :جهة الدال:
الدال إما أن يكون لفظه ،أو فعل ً أو صفة ،أو شيثأ ما ّ
ديأ.
وغرضنا يتعلق بالدليل إذا كان فعل ً ولكن نقدم تقسيم
المنطقيين للدللة اللفظية ،ليتب!!ق حكم الدللة الفعلية
إذا قورنت بها.
"!*
الدللة اللفظية:
اللفاظ الصادرة تختلف دللتها ،فقد تكون عقلية كدللة
الكلم على متكلم ،وطبيعية ،مقرل )آه( على شدة أل،/
وعادية كدللة قولهم وكل عام وأنتم بخير على أن اليوم
عيد .ووضعية وهر الرز.
ثم الدللة الوضعية في اللفاظ تنقسم ثلثة أقسام ،لنها:
أما :دللة مطابقة ،وها دللة اللفظ عل كل معناه
الموضوع له ،كدللة )البيت( على البيت.
وأما :دللة تضمن ،وهي دللة اللفظ على بعض معناه،
كدللة )البيت(
على السقف أو الباب.
لما :دللة التزام ،ول دللة اللفظ عل خارج عن معناه لزم
له ،كدللة )السقف( على الحائط )."1
) (1وانظر لستكمال هذا البحث القت على الثممسية،
رحاشمة الجرجاني ص ،22رأيضأ السبكي والمحلي :بها
الجوامع وشرحه ،*9/1والمستص!ى :المقدمة.
396
) (1/388
) (1/389
المبحث الول
عة الدللة الفعلية
طبي َ
قد يكون للفعل دللت محتلفة ،وغرضنا يتعلق بذكر دللة
أفعال النبي ! خاصة.
وليست دللة أفعاله !نه! على الحكام في حقنا عقليه.
وقد تقدم سيضع
ذلك قي فصل حجية أفعال النبي مجد.
وليست كذلك طبيعية ،ول عادلة ،إذ ل دخل للطْبع ول
للعادة في شيء من ذلك.
غانما هي دللة وضعية ،بمعنى أن الشرع جعلها لنا علمة،
إذا رأيناها علمنا
ما الحكم في حقنا.
وأمثاله أننا إذا علمنا أنه ! ،صلى بعد الجمعة ركعتين ندبا ً
كان ذلك لنا علمة موضوعة تدلّنا على أن حكم ركعتين بعد
الجمعة في حقنا الندب.
ويقول القاضي عبدالجئار :الو كان الفعل بمجرده -يعني
من غير دللة شرعية على حجيته -يدل ،لكان القول بذلك
ح أن القول ل يدل إل بالمواضعة على أولى ،فإذا ص ّ
الوجوه التي تقدم ذكرها ،فالواجب مثل ذلك في الفعل "
) .(1والذي يدلنا على هذا الوضع في الفعال النبوية
أمران:
الول :أمر غر شرعي ،بل هو مواضعة عامة ،وذلك في
أفعال نجاعة من
(11المغني 351/17
398
) (1/390
) (1/391
) (1/392
) (1/393
دليلل( ،وقد قال أحمد رحمه الله :ل يصلى على القبر بعد
شهر ،على ما فعل بملغ إذ صلى على قبر أم سعد بعد
شهر .فجعل صلته بعد شهر دليل على المنع في ما زاد
عليه ،لن الفعل كالقول في أنه يقتيه! اليجاب ،ويخصص
بها )كذا( العموم " .وقال ابن تيميه إ "(3قال ابن عقيل:
ذكر )بعض( أصحابنا عن أحمد أنه جعل للفعل دليل ً وأخذه
من مسألة الصلة على القبر ،وأحال هو -يعني ابن عقيل-
ذلك ،وجوز أن يكون المستند استصحاب الحال .وبسط
الولى ،وسلم الدللة إذا كل الفعلي" ).(3
وهذا يعني أن ابن عقيل يرفض نظرية القاضي أبو يعلى
في نسبة القول بذلك
َ
إلى مذهب أحمد ،للحتمال الذي ذَكر ،فيما عدا حالة
واحدة ،وهي أن يكثر فعله ! على صفة معينة ،أو يخص
حال أو وقت معين ،فيفهم المنع في ما سواها .ويظهر
أن ما سلمه من القول بالمفهوم المخالف ِإذا كل الفعل
مستقيم في صرركثيرة نص الفقهاء فيها على المنع ،ول
يظهر مستند إل مفهوم المخالفة .فمن ذلك منعهم
الزيادة في الوضوء على مرات ثلث استدلل بالفعل.
وفيه حديث قبلي ،أنه ! توضح ثلثا ثلثا ً ثم قال :بهذا
الوضوء ،فمن زاد على هذا فقد أساء وظلم؟ ) .(4ول يصح
هذا الحديث.
ومن ذلك كراهية بعضهم لصلة العيد في المسجد ،واعتبار
أن السنة فعلها بالمصلى ،أخذا من الفعل.
ئانيأ -دللة الفحوى:
تتفق دللة الفحوى بالفعال كثيرًا ،ويقول مجد الدين ابن
دي:
تسمية أ الج ّ
أ قد يستفاد التنبيه من الفعل كما يستفاد من المثول،
ومثله ابن عقيل بقوله تعالى:
) (1يعني :كدليل الخطاب ،وهو مفهوم المخالفة.
) (2المسودة ص 353لن ابن قديمة :المغني (4) 140 /1
أخرجه أحمد وأبن ماجه ،والتسلي بنحوه ).(145
) (1/394
) (1/395
) (1/396
المبحث الثاني
عال المية
على أف َي َ
عل النبو ّ
ف ْ
حكم ال ِحاب ُس َ
جه أن ِ
و ْ
قدمنا أن ملئه من دللة مفهوم الموافقة -وهذا هر ما
نميل إليه.
ولكن قد اختلف تكييف الصولي!س لذلك النسحاب على
وجهي .فمنهم
من قال بان ذلك بطريق العموم ،ومنهم من قال بأنه
بطريق القياس.
أول ً القول بالعموم:
نسب الزركشي في البحر المحيط ،القول بجريان العموم
في الفعال إلى أصحاب مالك ) (1وبعض أصحاب
الشافعي.
وقال الشوكلني :الفعل ل عموم له ،فل يشمل جميع
الوقات المستقبلة.
ونسب ذلك إلى وجمهور أهل الصول على اختلف
طبقاتهم " ).(2
وقد وجه الغزالي ذلك (+بان الفعل ل يقع إل على وجه
معين ،فل يجوزان
يحمل على كل وجه يمكن أن يقع عليه.
وقد ب!!ق غيره أنه كما ل عموم للفعل بالنسبة إلى
الزمان والمكان والسباب فكذلك ل عموم له بالضافة إلى
غير فاعله من الفاعلين ،ول غفير مفعوله من
455
) (1/397
) (1/398
) (1/399
) (1/400
) (1/401
ي
عل النَبو ّف ْ
دللة مَتعلقات ال ِ
ه
ذكرنا فيما تقدم من هذا الباب أن الدللة الرئيسي َ
ه علللفعاله هي الدلل َ
أن أحكلم أفعالنا مساوية لحكم أفعاله-كيف فما وجب
عليه رجب علينا ،وما ندب له ندب لنا ،وما أبيح له أبيح لنا.
ثم بينا أن ذلك هو من مفهم الموافقة لفعله ! ،أو من
القياس بنفي
ا لفا رقم
والذي يراد بيانه في هذا الفصل ،أن فعل النبي له ل يقع
إل مع التلّبس
بأمور مختلفة ،فكما أنه وقع -1لسبب معين ،كذلك -3
يقع من فاعله -3وقد يتعدى إلى مفعول -4 ،ول بد أنه
واقع في زمان معين؟ ومكان معي -8 ،وعلى هيئة معينة،
-6وقد تستعمل فيه آلة وعناصر مادية معينة -7وقد
يقارنه أمورتقع معه -8 ،وقد يقع الفعل مرة أو مرات
معلومة أو مجهولة.
فلما قلنا إن استفادة الحكم من فعله ! تقتيله أن نفعل
مثل ما فعل،
وجوبا أو ندبا أو إباحة ،على التفصيل المتقدم بيانه ،فهل
يعني ذلك أن السوة المطلوبة شرعا ً تقتضي مماْلله فعلنا
لفعله ي يخص هذه المور؟.
لم يتعرض أحد من الصوليين الذين اطلعنا على كلمهم
لهذه المسألة بالتفصيل ،ونحن نرجو أن نتمكن بعون الله
من إيضاح فلك ،مسترشدين بتصريحات وإشارات مجملة،
وردت ل مواضع متفرقة من كلم القوم.
فنقول :أما أصل الفعل فل بد من التفاق فيه ،صال فل
تتحقق المماثلة أصل ً وذلك كصلة وصلة ،وصوم وصوم،
ول يتم الستدلل بفعل صلة على فعل صوم إل بنوع من
القياس عند الستواء في العلة-
!11ا
) (1/402
412
) (1/403
) (1/404
) (1/405
) (1/406
) (1/407
المبحث الولى.
عل
سَبمث الف َْ
السبب ما يضاف إليه الحكم ،لتعلق الحكم به من حيث إنه
معروف للحكم ،أو مؤثر في حصوله ،أو باعث على
اشتراكه .وهي القوالى الثلثة التي تنكر!يخا علة
القياس .وسواء ظهرت المناسبة في ذلك أو لم تظهر،
فكل ذلك وإضافة الحكام إليه أن يقال :وجب الجلد للزنا،
ووجبت الظهر بزوال الشمس.
فإذا فعل جمع فعل ما ،لسبب من السباب ،فإن الذي
يقتدي به فيه هر من
وجد مثل ذلك السبب في حقه ،أما من لم يوجد فليس له
أن يفعل مثل ذلك الفعل ،بدعوى القتداء والتأسي به
عبده،
فاعلة التأسي والمتابعة والقتداء ،مقيدة بحصوله سبب
الفعل ،فإذا وجد السبب وجب القتداء ،مقيدة بحصول
سبب الفعل ،فإذا وجد السبب وجب القتداء ،دال فل.
وسواء أكان الفعل المنوط بالسبب واجبا ً أو مستحبا أو
مباحًا.
ويمكن توضيح القتداء به ي عند وجود السبب بالتمثيل
بأنه ! قطع يد
) (1جمع الجوامع للسبكي ،وشرحه للمحلي .94/1وهذا
محديده.
الذي اعتمدناه في السعبب هر أحد قولي في ّ
ه .والقول الخر أن المسبب مباين وعليه يكون شامل للعل ّ
ب ماتان موصل ً دون تأثير ،والعلة ما لوصلته ،فالسب ّللعلل ّ
مع التأثير.
416
) (1/408
) (1/409
المطلب الول
أنواع الفعال من حيث تعلقها بالسباب
الفعال من حيث تعلقها بالسباب على أنو :3
الول :ما هو مرتبط بالعبادة ارتباط الجزء بالكل ،فهذا ل
يطلب له سبب،
وذلك كالركوع والسجود بالنسبة إلى الصلة ،وكغسل
الوجه أو اليدين بالنسبة إلى الوضوء ،وإنما ينظر في
سبب العبادة ككلل.
وليس كل أجزاء العبادة يجري هذا المجرى ،بل منها ما
يتبع سببا خاصا ً كالركوعات الزائدة عن الول في صلة
الكسوف ،فإنها منوطة بالكسوف .والقنوت ،فإنه مرتبط
بالوتر ،وسجود السهو ،فإنه مرتبط بالسهو في الصلة.
ها ،فسببه تلوة السجدة ،وهكذا. وكسجود التلوة في َ
الثاف! :النوافل المطلقة ،من صلة وصوم وصدقة وأذكار
مطلقة ،وغير
ذلك .فإنها ليست منوطة بسبب من السباب.
وكذلك ما يفعله به من المباحات عل الطلق ،ل يطلب لها
سبب لنها
تفعل لملئمة الطبيعة البشرية كما تقدم.
الثالث :ما هو مقيد بسبب زماف! كالصلوات الخمس،
والرواتب ،وقيام
الليل ،وبعض الصوم كصوم رمضان ،وصوم يوم عاشوراء،
ي ،كتحية المسجد،وست من شوال .أو بسبب مكان ّ
والطواف بالبيت ،والوقوف بعرفة.
ن القرافي ) (1إن الصوم ل يكون منوطا بالمكان ،أما وب ّ
ّ
الصلة فقد لثاط بالزمان وقد لتناط بالمكان ،كما تقدم
في المثلة.
) 1 (1لفر وق 418 170 /2
) (1/410
) (1/411
) (1/412
421
) (1/413
) (1/414
!23ا
) (1/415
المطلب الثالث
هل يتوقف القتداء بالفعالى النبوية على معرفة أسبابها
إن الفعال بالنسبة إلى هذا المر علىا حسام:
لن الفعل إما أن يكون مما يتوقف على سبب ،أو ل.
والول :إما أن يعلم سببه ،أو ل.
والول :إما أن يكون السبب مستمرا بعده؟ أو ل.
فهي أربعة( حسام:
-1ما ل يتوقف على سبب -2 .ما فعله لسبب معلوم
وهومستمر بعده -3 .ما فعله لسبب فزال -4 .ما جهل
سببه.
القسم الول :ما ل يكون مرتبطا بسبب أصل ً بل هو
مطلق ،كنوافل الصوم والصلة:
َ
فهذا يفعل اقتداء به يكن .ويفعل مطلقا ً كما أن المتأمئي
به مطلق .فل يجوز
ربط نوافل بأسباب لم يربط بها النبي نمو فعله .فمن
اقتدى به جل في نوافل الصلة المطلقة ل يجوز أن
يفعلها مرتبطة بأسباب من عنده .كما لو تداعى قوم
لتخصيص الثلثاء أو الرلج! على سبيل القربة بصوم أن
صلة ،أو تخصيص مكان لم يخصه به النبي له بشيء من
ذلك .ووجه ذلك أن سببية السبب الشرعي ،هي حكم
شرعي .والحكم الشرعي ل يجوز إثباته إل بدليل.
424
) (1/416
)458/2(1
) (2لرشاد الفحول صر39 ،
) (1/417
) (1/418
) (1/419
) (1/420
ى.
نعالنا .قال :فإن جبريل أتاني فأخبرني أن فيهما أذ ُ
فإذا جاء أحدكم المسجد فلينظر في نعليه ،فإن وجد
ى أرقذرأ فليمسحه ،وليصل فيهما" +فلم يصْر فيهما أس ً
خلع النعال في الصلة سنة بخلع النبي ! لنعليه ،إل أن
يكون عند وجود الذى فيهما .أما إذا زال ذلك المعنى فل،
كما يشير ِإليه الحديث.
فإن قيل :فما وجه استمرار الرمل والنطباع سنة؟ حتى
بعد أن انقضى السبب؟.
فالجواب :أن هذا نوع من الفعال غيي ما تقدم ذكره.
كذلك أن الشرع دلى
على أنه يراد لهذا الفعلي أن يكلون صفة من صفات
الصراف ،مشروعة فيه .وإيضاح ذلك ،أن أفعال الحج مثل ً
كث!ير منها اتخذت فيه أفعالي وأحوال متقدمة ،من أيام
إبراهيم عليه الصلة والسلم وأسرته ،رقعت منهم،
فاتخذت نموذجا ً وضعت على مثاله أفعال الحج !
ي بين الصفا والمروة .فاصله سعي أبو ع ِ
ولنعتبر ذلك بال! ْ
غو عند إسماعيل بينهما ،لتطلب الماء لبنها الذي تركته يض ُ
فض الذي زمزم .فعلت ذلك سبعا ،وقد هرولت في المنخ َ
ضع السعر على مثاله ذلك ،تجعل جزءا هو بطن الوادي .فز ِ
من أجزاء الحج .يقول ابن عباس مشيرا إلى هذه القصة،
كما روى عنه البخاري ،قال رسول ان عمه 9 :فذلئ!
سعي الناس بينهما" ).(1
وكذلك تضحية إبراهيم بالكبش اتخذت أساسا ً لمشروعية
الهدي .وقد أمرنا
باتخاذ مقامه مصله.
وهذه الفعال أبقيت في العبادات مستمرة دائمة ،كما
تبقى المم بعض
الثار الحسية المشاهدة ،لتدلها على عظمة أسلفها
السابق!!ن ،ولتكون ذكراها ماثلة أمام البناء ،تثيرهم نحو
التضحية والفداء ،والقتداء بسمابقيهم من المعظمين.
مفاف! فهذه آثار من الحجارة والط!!ن ،وتلك آثار من ال ّ
في طاعة ام.
) (1البخاري بشرحه فتح البارز ط اطلبي 429 259/7
) (1/421
) (1/422
) (1/423
) (1/424
) (1/425
) (1/426
هاته
وج َ عل َ المبحث الثاني ال َ
فا ِ
النبي-له بعث مبينا بقوله وفعله ،وملتزما فيهما بالمنهج
الرباني .وكان من
تمام البيان الفعلي أن النبي ! قام في حياته بأدوار
مختلفة في البيئة الجتماعية التي كان واحدا من أفرادها.
وكان في كل دور من تلك الدوار قدوة لمن يأتي بعده !
ممن يمثل ذلك الدور.
فكان النسان المسلم ،ورب أسرة ،وكان رئي!س الدولة،
ومتولي السلطات ،والمحتسب ،وقائد البيشى ،والقاضي،
والمفتي ،وكان إمام الصلة .وكان كثير من هذه الدوار
ممتزجا ً بعضه ببعض ،في شخصه كون.
والتصرف الذي كان وتصرفه كان ينتمي إلى واحد أو أكل
من هذه الجهات
من شخصه الشريف.
ً
والقتداء به !ي!ه في فعل من أفعاله يكون صحيحا إذا
كان المقتدي به مساويا ً له في الجهة التي صدر عنها ذلك
الفعل.
فالتصرفات الصادرة عنه بوصفه رئيس الدولة ،يقتدي به
فيها من كلن بعده
رئيس دولة.
وما فعله بوصفه مفتيًا ،يقتدي به فيه المفتي.
متدي به فيه المقاضي. وما فعله بوصفه قاضيًا ،ي ّ
وما فعله بوصفه إماما ً في الصلة يقتدى به فيه الئمة
مقحمة بعده ،وذلك ك ّ
435
) (1/427
) (1/428
) (1/429
) (1/430
) (1/431
) (1/432
) (1/433
) (1/434
ه
عول ب ِ ت المف ُها ُ
المبحث الثالث ج َ
الكول هنا شبيه من بعض الوجوه بما تقدم من الولى في
جهات الفاعلة ،غير
أن المجال هنا أضيق.
ومما اختلف فيه من الفعل بسبب اختلف جهات المفعول
به ،صلة النبي
عن على النجاشي عندما مات بأرض الحبشة ،فمن منع
الصلة على الغائب ،اعتذر عن هذا الحديث بأن النجاشي
لم يصل عليه ببلده أحد ).(1
ومن ذلك في باب صلة الجنازة أيضاء أنه ! قام عند صور
الرجل ووسط
المرأة .فذهب الحنابلة والشافعية إلى استحباب ذلك
لظاهر الحديث .وقالت أبو حنيفة :يقوم عند صدر الرجل
وصدر المرأة لنههما سواء ).(2
ومثله أن النبي دون أتي بصبي لم يأكل الطعام فأجلسه
في حماره ،فبال عل
ثيابه .فدعا بماء فنضحه و /يغسله ) .(3فقيل بناء عليه:
ينضح بولي الغلم والجارية ،ول يجب غسلهما .وقيل
يغسلن جميعا ً وقيل ينضحان جميعا ً وهو الصح ما /يأت
من فرق بينهما بحجة قائمة .لن الولى المساواة.
443
) (1/435
المبحث الرابع
وزماِنه
عل َمكان الف ْ
َ
يعلم مما تقدم في الفصول السابقة حكم أفعال النبي
يكن بالنسبة إلينا 4على أساس استواء الحكم بيننا وبينه
بل .ومن المعلم أن فعله يفي يقع في ظرف زماني
وميلني ،ول بد .فهل القتداء به ! يقتضي أيضا ً مساوَته
في زمان الفعل ومكلنه؟.
ولكي نوضح المقصود بهذا السؤال ،نقول أن النبي !
صلى بأصحابه الجمعة مثل في مسجده ،وفتى الوقت
المعلوم .وفهم الفقهاء أن المسجد معتبر ،وأن الوقت
معتبر كذلك ،فتفعل صلة الجمعة في المسجد في الوقت
الذي صلى فيه ،وذلك مستفاد من قضية التساوي .ومن
أجل ذلك يبحثون عن الرقام التي صلى فيها ،لتكون
القدوة على أتمها بإيقاع الصلة في مثل ذلك الوقت.
ومثل ذلك في اعتبار المكان :الوقوف خاص بعرفة،
والطواف خاص بالبيت ،وركعتا الطواف خاصتان بمقام
إبراهيم ،ونحر الهدي خاص بمكة .ومثل ذلك في الزمان ة
ألبوم خاص برمضان ،وركعتا الفجر بعد طلوعه ،وبعض
الصوم خاص بالثنين والخمسة وعاشوراء.
ومما لم يعتبر فيه المكان :الصوم ،والذكر ،وصلة النفل
المطلق ،والبيع والشراء وعقد النكاح ،وغير ذلك.
الدلة الدالة على اعتبار الزمان والمكان ،أو إلغائهما:
ا -قد يدل على اعتبار المكان أو الزمان بالقول.
ومثاله في المكان ،ما قاله !ئ! أي حجة العدل ،في عرفة
9وقفت هنا وعرفة
) (1/436
) (1/437
446
) (1/438
) (1/439
) (1/440
وترجيحه من وجوه:
فالول :ما تقدم عن القاضي عبدالجبار من أن اعتبارهما
تضييق وتحجير في أقاسي .فينبغي إلغاؤهما ليتسع
الحكم،
الثاني :أن الزمان والمكان طوفان للفعال ،ول بد لكل
فعل مهما كانه ،من
أن يقع في زمان ومكان .ول شك أن الذي يقصد أعتبلره
من ذلك هو القل ،فيجب بيانه .ويبقى الرز وهو غير
المعتبر.
الثالث ت أن يقال :إن تخصيصنا للمكانة و الزمالك بنا-
على أن النبي !
فعل فيه ،إما أن يكلون لخاصية نشأت من إيقاعه جمد
ن يفعل فيه ! العمل فيه صاما لخاصية موجودة فيه قبل أ ْ
فعله.
فيما الحتمال الول فقد تقدم إبطاله في المطلب
الخاصية بسبب الفعل-
وأما الثاف! وهو أن يكون في الظرف خاصية تقتضي
تخصيصه بالعبادة ،فل
يصح بناء الحكلم الشرعية عليه ،لوجهين:
أولهما :أن احتمال وج!لى الخاصية المذكورة معارض
باحتمال عدم وهي خاصية أصل ً وأن وقوع الفعل في ذلك
حض كتغئم السماء ونحوها ،وخاصة إذا الظرف طردني م ْ
خل من المناسبة ،كما في عقد النجاح في حوالى
والدخول فيه.
وثانيهماة أدت البناء على مجرد احتمال الخاصّية ل يصلح
ول بد من بيانه ذلك بالقول أو غيره .أما مجرد إيقاع
الفعل في الظرف فل يكفي بيانًا ،لما تقدم من أن
الظرف ضروري للفعل من حيث هو فعل.
ول تبنى الحكام الشرعية إل على علم أوين ،نا!ثيء عن
دليل.
فالقاعدة إذن عدم اعتبار المكان والزمان في التأسي ،إل
بدليل خاص يدل
على ذلك .والله أعلم.
449
) (1/441
أمثلة تطبيقية:
المثال الول :مكان نحر الهدي للمحرر .قال تعالى :أول
تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله ...فإن أحصرتم
فما استفسر من الهدي ! ونحر النبي ! وأصحابه هديهم
حيث احصروا.
ذهب أبو حنيفة إلى أن هدي المحور ينحر بالحرم ،كهدي
كير المحور .وذهب مالك والشافعي علما أنه ينحر في
مكان الحصار).(1
وعن أحمد روايتان كالمذهبين ).(2
محلها إلى البيت استدل لبي حنيفة ) (3بقوله تعالى :إثم َ
العتيق ! وبتسميته
هديا ً والهدي ما يهدى إلى البيت.
واستدل لمالك والشافعي بفعل النبي عن وأصحابه ).(4
قال القرطبي:
9ينحر حيث حل ،اقتداء بفعله عليه الصلة والسلم
بالحديبية"-
ومقتكما القاعدة التي ذكرناها ،وهو الراجح عندنا قي هذه
المسألة ،أن هذا المحور يجب نحره بالحرم ،وأما الفعل
النبوي من ذبحه خارج الحرم فهو خارج على سبب ،وهو
أنه قد حيل بينه وبن إرساله الهدي إنما الحرم .ودليل ذلك
قوله تعالى :وهم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد
محّله ! يعنيه وصلواما معكوفا لن يبلغ َ الحرام والهدي َ
ديمما(.
ه ْ
ال َ
يقول القصاص ْ)(لهذا من أدل الدليل عل أن محّله
عّله ،خلط ي عن بلوغ ِالحرم ..:فلما أخبر عن منعهم الهد َ
حل له ".
م ِ
حل ليس ب َ َذلك على أن ال ِ
) (1تفسير القرطبي (2) 379/2ابن قدامه ة المغني
(3) 358/3ابن الهمام :فتح البحر 297/2
) (4المجموع 267 /8وا نظر أيضا ً ا لشافعي :ا لم 59 /2
1
مرآلط\ /أهل 2
) 15أحكام ال ّ
450
) (1/442
) (1/443
هيَئة الفعل
المبحث الخامس َ
قد قال البلقاني في هيئة الفعل كلمة تناقلها من بعده
كالغزالي وأبو شامة والزركشي ) .(1وهي أن ما يقتدى به
من الفعال النبوية تتبع هيئته .يقولي الغزالي :أ إن قيل:
ل والنبي !( فعل ،وكان بيانًا ،يرقع في زمان ع َ
من ف َ
وميلن وعلى هيئة ،فهل يتبع الزمان والمكان والهيئة؟
قيل :أما الهيئة والكيفية فنعم ،وأما الزمان والمكان فل
مدخل له إل أن يكون لئقا به بدليل ".
و /يبينوا لنا ما الهيئة التي يشيرون إليها .ول أنها تتبع
وجوبا أو استحبابًا.
ويظهر أن المقصود بالهيئة أن يتركب الفعل من أجزاء
ذات أوضاع خاصة،
مع الخذ في العتباركيفية ترتب تلك الجزاء بموقع
بعضها من بعض.
فإن كان هذا هو المراد ،فأوضح ما يمثل به لذلك هيئة
الصلة من كونها
ن بينهما جلسة ذات قيام بعده ركوع بعلى رفع ثم سجودا ِ
إلها آخر ما يذ كر في صفة الصلة.
ولكن هذا المر ،وهو اتباع الهيئة ،هوذا الصلة واضح ل
إشكال فيه،
وذلك لن لها هيئة اجتماعية علمت من قرائن كثيرة،
وإشارات في الكتاب والسنة ،هي دليل الترتيب.
ً
أما ما لم يكن كذلك من الفعال فهل تتبع هيئته أيضا؟.
) (1انظر :المستشفى 0 5 2 /2المحقق 0 1 39البحر
المحيط 452 .1 2 5 2 /2
) (1/444
) (1/445
ة القتار بنّية
س الدلل َ
المبحث ال!اد ْ
مراهنا بالقتران أن يقع الفعل النبوي مقلرنأ أو سابقا أو
لحقا لفعل آخر
مع كون الفعليهة ليسا جزأين لفعل واحد .فإن الفعال
ؤق فعل واحدة قد تقدمت في المبحث الخاص التي تك َ
بالهيئة.
والذي يظهر لنا أن الفعل إذا اقترن بفعل آخر علم
ارتباطه به حتى يكون كالوصف له )"1؟ بدليل قولي ،فإنه
يؤخذ بذلك.
وإن لم يكن دليل قولي؟ فالولي النظر إلى ذلك حاسب
ن قاعدة الفعل قاعدة التاسئي بالفعال المجردة دو ِ
البياني ،والّله أعلم.
مثل لم أر لي:
ومن أوضح المثلة لذلك ما روى ابن مسعود :بأن
المشرك!س شغلوا رسول الله ! عن أربع صلوات يوم
فن.الخندق ،حتى ذهب من الليل ما شاء الّله ،عامر بلًل فأ َ
ثم أقام فصلى الظهر ،ثم أل آ فصلى الحصر ،ثم أقام
فصلى المغرب ،ثم أقام فصله العشاحه ).(2
فقال المالكية والحنفية والحنابلة :يجب الترتيب بين
الفوائد ،حتى لو قدم العصر عل الظهر مثل فإنه يعيد
العصر.
وقال الشادنعية :ل يجب ذلك بل هو مستحب.
) (1انظر الموافقات الشاطبى 38 -35 /3
) (2حديث ابن مسعود رواها الترمذي والنسائي وجامع
الصول (141 /6
) (1/446
استدل الولون بالفعل الئبوئمما ،مع قوله نجيهكله:
لصلوا كما رأيتموني أصلي أأ فادخلوا في دللة الفعل
الدللة القتراضية ،وحملوها كلى الوجوب .رقد تقدم أن
الصواب من حديث" :صلوا كما رد يتموف! أصلي " ل يصلح
دليل للتمييز بي واجبات الصلة ومستحباتها ،بل تبقى
أفعال الصلة من هذه الناحية في حكم العلى المجرد-
وبئّنا أن الفعل المجرد بذا /يتقدم دللة عله أنه ! فعله
على سبيلي الوجوب فل يكون واجبًا .ولم تقم قرينة على
أنه ! رتب بين الفوائد على سبيل الوجوب ،فل يبقى إل
أنه فعل ذلك استحبابه.
فهذه طريق من طرق الستدلل على كون مذهب
الشافعية قي مسالة الترتيب بي الصلوات المقضية أرجح،
والله أعلم.
مثال آخر:
حديث ابن عمر :صليت مع النبي له سجدتين قبل الظهر
وسجدتين بعدها ،وسجدتين بعد الجمعة ،وسجدتن بعد
المغرب ،وسجدتين بعد العشاء .فأما المغرب والعشاء
ى بيته -وحدثتني حفصة أنه !بهحييه كان يصل ركعتين فف ِ
بعدما يطلع الفجر" ).(1
وروي نحوه عن عائشة ).(2
فقد تضمن هذا الحديث من متعلقات الفعل ثلثة أشياء:
ا -العدد ،وسيأق! يخص مطلب خاص إن شاء الّله.
-2والمكان ،وقد تقدم أدت الفعل ل يدل عل اعتباره في
التأسي إل بقرينة.
ت على أن فعل دل بهذا الحدي َ
وقد قال ابن حجر :اسئ ِ
النوافل الليلية في البيوت أفضل منه في المسجد ،بخلف
رواتب النهار .قالت :وفي الستدللي بهذا الحديث لذلك
نظر ،والظاهر أدي ذلك /يقع عن عمد.
) (1رواه البخاري )(50 /3
) (2رواية عائشة عند مسلم لنيل الولد 455 (16 /3
) (1/447
) (1/448
المبحث السابع
صر المادّيةت والعنا ِ
الدوا ُ
إن النبي ! إذا استعان في إيجاد الفعل بأدوات معينة فذلك
غالبا للمصلحة
التي تحصل بتلك الدوات ،فالتأستي بفعله ل يقتل
الستعانة أصل بأذى وات مماثلة ،وذلك كالعصا أو القول
مرة التي كان يضعها فيسجد عليها، في الخطبة ،وكالخ ْ
واستلمه الركن بالمحجر ،واستناده إلى الجذع عندما كان
يخطب ،قبل أن يصنع له المنبر .فل يجب ذلك ول يستحب،
وإنما يدل ذلك على الجواز.
ص!نما قلنا في ما سبق ،يستحب اتخاذ المنبر ،لما ورد من
القرن السمو باتخاذه،
ولنه جعل من شعائر المسجد .وأجمعت المة عليه.
وكما قلنا في الدوات ،كذلك يقوله في جنس المواد
المستعملة ،إنما تختار بحسب المصلحة ،فلذا بني !
مسجده من يد وسعف النخيلة ،وفرشه بالرمل أو الحصباء،
وكان منبره ثلث درجات ،ومصنوعة من أهل الغابة ،فل
يدلي ذلوا على أكل من الباحة؟ ما ل يعلم أنا تخصيصه
ذلك الجنس لغرض شرعي ،فيكون بخصوصه مستحبًا .وأما
ما سوى ذلك فينظر يخص ما يحقق المصلحة عله وجه
أتهم ،فيكون أولى من غيره ،كبناء المسجد الن بالسمنت
المسلح والرخام ونحوها .وتستخدم فيه مكّبرات الصوت،
والنارة الكهربائية؟ والسجاجيد ،وغير ذلك .والله أعلم.
457
) (1/449
المجد الثامن
العد د والمقدار
ً
يتضمن البحث في عدد الفعل ومقداره أمورا ،نعقد لكل
منها مطلبا ً
المطلب الول
الفعل الواحد ،إن كان يمكن عمله بقدر طويل أر قصير،
فهل يعتبر طول
الفعل وقصره في التأيمئي؟.
نقل أبو الحسين المصرفي ) (1عن القاضي عبدالجبار أنه
ل اعتبار بطول العلى وقصره جمع التاسئي .ومقصوده
أنه لما ثبت وجوب التاسئي في أصلى الفعل فإن ذلك ل
يستلزم وجوب التاسئي في طول الفعل وقصره ،و /يمنع
أن يقتدي بطول الفعل وقصره على وجه الستحباب.
ثم قال أبو الحسن البصري :لقائل أن يقرلى :يجب اعتبار
ذلك -يعني طول
الفعل وقصره -بحسب المكان ،إذا علم دخولهما في
الغراض ! يعني إذا علم أن طول الفعل أو قصره مقصود.
فل شك إذا علم أن القدر مقصود ،أنه يقتدى به ،ولكن هل
يجب لمجرد علمنا أنه مقصود ،أول يجب أل إذا علمنا أنه
عن قصد فعله على وجه الوجوب .3
والفرق بين المرين أن المقصود الول مجرد التعّبد،
والمقصود الثاني :التعهد
على وجه الوجوب.
) 1 (1لمعتمد )(374 /1
458
) (1/450
) (1/451
) (1/452
الطلب الثاني
الكثرة والقلة في مرات وجود الفعل
ويدخل في هو 8المسالة أن يفعل النبي ! الفعل دائماً،
أو مرات كثيرة ،أو قليلة.
فقد قال ابن أمير الحاج :أل يخل بالتايمئي أن يكون فعل
الغير متكررا أرض
ل" ).(1
والصواب أن في المسالة تفصيل ً
فإن علم للفعل سبب ارتبط به ،فكثر العلى أو قل تبعا
لكثرة مجرد السبب
أو قلته ،فالمر راضح( ن القتداء به يكون بفعله عند ورود
سعاة على الزكاة كل عام ،و)قامته السبب .كلرساله ! ال ً
الجمعات والعياد منحهما ،وصيام رمضان ،ورجم الزاني،
وقطع السارق.
وأما ما سوى ذلك فهر عل قسمي:
القسام الول:
ً
( ن يعمل به ! دائما أو كثيرا ) .(2فيقتضي ذلك في حقنا
الكثار من ذلك الفعل ،وخاصة إن كانت صل الفعل امتثال
للوأمر اللهية ،كاجمثار من نوافل الصلة ،والصوم،
والصدقات ،وأجمثار من الجهود .فهذا النوع عمل للقتداء،
يستحب الكثار .من الفعل كما أكد النبي ! منه.
) (1التقرير والتحبير على التحرير 353/2
ى بحث.) (2أشار الشاطبي الىن شراء من ذلك في سيا ّ
انظر :الموافقات 56/3وما بعدها461 .
) (1/453
القسم الثاني ة
أن يقع العمل به قليل ً شهر نوعان:
النوع الول :ما علم سبب قلته .فيعلم حكمه بذلك ،وله
أمثلة:
المثال الول :صلته قيام رمضان بالمسجد ،فإنه فعلها،
ثم تركها خشية أن تفرض فدل ذلك على مشروعية فعلها
بالمسجد لزوال السبب ،ول باس بالكثار منها فيه ،بل
السنة المحافظة عليها في المساجد بدليل فعل الصحابة
والتامين .المثال الثاني :صلة الضحى ،قالت عائشة :كما
رأيت رسول الله !
يصلي سبحة الضحك ،داني لسئحها ،وإن كان ليدع العمل
وهو يحب أن يعمل به خشية أن يعمل به الناس فيفرض
عليهم " -فقد تبّين سبب القلة .فل مانع بالنسبة إلينا من
المثار منها بل والدوام عليها ) .(1وقد كانت عائشة تداوم
شر لي أبواي ما تركتها" ).(2
عليها وتقول :الو ن ِ
النوع الثاني :أن ل يعلم للقلة سبب .فالذي يقتضيه
التأسيس والقتداء
عدم الكثار منه ،بل تقليله بحاسب ذلك .ولهذا النرع(
مثل-
المثال الول :قيامه ي لزيد بن حارثة ،(+فلم يكن ي!!
يقوم لكل قادم،
بل /ينقل عنه إل هذه المرة ،وأمرهم بالقيام لسعد بن
معاذ ) ،(4فل يصح اتخذ القيام -بناء على ذلك -سنة.
المثال الثاني :تقبيل بعض الناس يده !ك!ه ،قد وقع ذلك
مرات معدودة إن صحت الروايات بذلك ْ)( ،ولم يكن ذلك
دأب الصحابة معه ئمة .فل ينبغي أدت
) (1انظر تيسير التحرير 0255 /1الموافقات 65 /3
) (2رواه مالك )جمامع الصول (77 /7
) (3رواه الترمذي (4) 523/7سيرة ابن هشام 24 5 /2
ى /8مبيل بعض اليهود يديه ورجليه )الترمذ ِ ) (5منها أول ً ل ّ ّ
580وقال :حمسن صحيح وأحمد 23.9 /4وابن ماجه 1 /2
(1 22
ثانيا ً تقبيل ابن عمر يده ! ) 1حمد 70 /2وأبوداود 307/7
وابن ماجه 463 (1221 /2
) (1/454
) (1/455
) (1/456
) (1/457
) (1/459
) (1/460
) (1/462
) (1/463
وهذا القول من أبي شامة مبني أيضا على مذهبه في أن
الفعل المجرد يمل على الستحباب في حقنا متهما لو
بلن قد فعله النبي له على سبيل الوجوب.
أما على القول الذي صار إليه الجمهور في الفعل المجرد،
وهو الذي اخترناه
فإن المر يختلف.
ونحن نفصل القول في ذلك ،فنقول وبابه التوفيق ،إن
المجتهد يسير في استفادة الحكم عن الفعل النبوي،
الخطوات التالية بالترتيب:
الخطوة الولى :أن ينظر :هل الفعل من جملة الفعال
الجبلية ونحوها .فإن
كان كذلك ،فل يستفاد في حقنا منه أكثر من الباحة .وإل:
فالخطوة الثانية :أن يبحث هل هناك ما يمنع تعدية حكم
الفعل إلى المة،
كان يوجد ما يدل على كون الفعل خاصا به له فإن وجد
ذلك وقف عنده .والي :فالخطوة الثالثة :هل يرد ما يدل
على كون الفعل بيانا لخطاب عام ،أو
تنفيذا وامتثال لحكم عام ،فيعلم بذلك .وهو ما ذكره
الغزالي .والي:
فالخطوة الرابعة :أن يعتقد أن الفعل المجرد ،فليبحث هل
يرد ما يدلى على
حكم الفعل في حقه ! ،من وجوب أو ندب أو إباحة ،فيكون
المبهم في حقنا مساويا للحكام في حقه !ي! بناء على
قتل المساواة ،وهو قول الجمهور -وسواء أكان الفعل
في العبادات أو غيرها من الداء والمعاملت والعقوبات
وغزير ذلك .وقد تقدم بيان طرق معرفة الحكم في
حمقه !-
فإن لم يكن الفعل معلوم الحكم:
فالخطوة أن مسة :أن يعتقد أن الفعل من المجهول
الصفة ،فلينظر هل هو
مما يظهر فيه قصد القربة .فإن كان كذلك حمله على
الستحباب في حقه له ،وبالتالي يدل على الستحباب في
حقنا بناء على قاعدة المساواة+
والخطوة السادسة :إن لم لظهر للمجتهد أن النبي ! قصيد
القربة ،فليحمل الفعل على الباحة في حقه !س! ،فيدل
على السبعة ني حقنا أيضًا.
472
) (1/464
بالخطوة السابعة :إن تبين الحكم في حق المة ،فلينظر
المجتهد ،هل رقع الفعل لسبب معين ،فإن وجد ما يدل
على ذلك ،وكان السبب باقيًا ،علم ارتباطه السبب في
حقنا أيضا ً دان كان السبب زائل ً فل .وإن جهل السبب
فلتأ!ئي مستحب.
الخطوة الثامنة :لينظر المجتهد بعد ذلك بأي وصف أرقع
النحى!! ذلك الفعل ،أمن جهة المامة العامة ،أم من جملة
إمامة الصلة ،أم من جهة القضاء .أم غير ذلك من الجهات
التي تقدم ذكرها .فبهذا يعلم المجتهد من يلزمه حكم
الفعل ،من سائر المسلمين .فإن /تتعين جهة ما ،فالصل
العمم.
فهذا مسلك بيئة يتبعه المجتهد في استفادة الحكم من
الفعل النبوئي .وهناك
زوايا ومنعطفات أخرى في هذا الطريق ،تعلم مما تقدم
بيانه .والله الموفق-
473
) (1/465
المبحث الثاني
العتراضات التي تورد على الحتجاج بالفعال
عقد ابن عقيل الحنبلي ) (1في ذلك فصل ممتعا ً فذكر
فيه ثمانية اعتراضات
تتوجه على الستدلل بالفعل .ونحن نذكرها بالجاز ملخصة
من كلمه مع مزيد توضيح:
ل ل يقول به .ومثاله العتراض الول :أن يبين أن المستد ّ
أن يستدل الحنفي في قتل المسلم بالكافر بان النبي ييل
قتل مسلما بكافر وقاله :وأنا أحق من وفى بذمته " ).(2
ول الشافعي أو الحنبلي :هذا ل تقول به ،فإن الذي فيق ِ
قتله به كان رسول ً ول يقتل مسلم بالرسول عند أبو
حنيفة!
قال ابن عقيل ت وقد تكفف بعض أصحاب أبي حنيفة
الجواب عن ذلك،
ً
فقال :لما قتل المسلم بالرسول كان ذلك دال على قتل
ي من طريق الولى ،فنسخ قتل المسلم المسلم بالذم ّ
بالرسول ،وبقي العمى على مقتضاه الول.
العتراض الثاني :المنازعة في مقتضى الفعل .ومثاله أن
يستدعى الشافعي سر الحنبلي على وجوب الطمأنينة في
الركوع والسجود بفعله أمه .فيقول المخالف :فعله ل
يقتضي الوجوب .والجواب عنه من ثلثة أوجه:
الول :أن يقول ة فعله عنى يقتسما الوجوب ،وإن لم
تسلم دللت عليه.
الثاني :أن يقول :هذا بيان لمجمل واجب في القرآن،
فيدلر على كونه واجبًا.
) (1انظر كتابه )الواضح( ق 157ب وما بعدها.
ً
) 12الحديث نقله في بدائع الصنائع 337/6معزواا إى
محمد بن الحسن بيممناده474 .
) (1/466
) (1/467
477
) (1/469
) (1/470
) (1/471
) (1/472
) (1/473
) (1/474
) (1/475
) (1/477
تكييف الصحابة للفعل النبوي ة
تقدم أن الفعل النبوي جزئي واقع في الخارج ،ل عموم
له ،وليس له صيغة لفظية ،وإن كان ل بد للراوي من صيغة
يعبر بها عن ذلك الفعل.
وإن الصحابة إذ يعبرون عن تلك الفعال بذلك ،إنما
)يصّنفون( تلك الفعال ،بتفهم الفعل إلى مجموعة
الجزئيات التي ينتمي إليها هذا )العنصر( الجديد ،وهو
الفعل الحادث الذي يخبرون عنه ،واللفظ الذي يختار 8
الصحابي للتعبيرعن تلك المجموعة له فيه عند الفقهاء
قي تبني الحكم الشرفي الذي يستنبط من الفعل.
وكمثال على ذلك نشير إلى الخلف الذي نشا من قول
لعب هريرة :فإن رجل
أفطر يخص رمضان؟ فأمره النبي مججحم بالكفارة! .فإن
استعماله هذه الصيغة )( فطرة دعت بعض الفقهاء،
كالمالكية ،إلى أن يقولوا :كل فطر في رمضان يوجب
كفارة .وغيرهم ،والشافعية ،أبوا ذلك ،وقالوا :من
المعلوم أن ذلك الرجل لم يفطر بكل أنها المفطرات،
وإنما بمفطر واحد ،هو الجماع ،كما بّين في بعض
الروايات الخرى .فيكون هو السبب الموجب للكفارة ،ل
غيره ).(1
فهذا مثال يدل على المقصود ،وإن لم يكن المعبر عنه ب
) 1فتح من فعل
النبي مج!ير.
وواضح أن الطريقة التي سلكها الشافعية يخص هذا
المثال هي الطريقة الصحيحة لن الفعل ل عموم له.
ومثال آخر :قاله ابن عباس :إن رفع الصوت )بالذكهه
حيهم ينصرف النادى
من المكتوبة كان على عهد رسول الله كم وقال" :كنت
أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته " ) .(2وهذا يحتكما رفع
الصوت بعد الصلة بكل ذكر ولكن الرواية الخرى للحديث
صوت بالتكبير .يقول فيها :وكنت أعرف ص رفع ال ّتخ ّ
انقضت صلة النبي !كل!ه بالتكبير! ).(3
486
) (1/478
هذا وقد استعرض الصوليون ألفاظًاا ستعملها الصحابة
في التعبير عن الفعال العبرية ،وحاولوا تحديد دللتها،
ونحن نذكرها تتميما لبحثنا ،في مسائل :المسألة الولى:
عل( والمراد )الفعل الصرفية المثبت ،المعبر به لفظ ) َ
ف َ
عن فعل نبوشي )،(1
كقول ابن عباس :فصلى رسول أله ! الظهر والعصر
غيى خوف ول سفر" ) جميعا ً والمغرب والعشاء جميعا ً من ْ
.(2
فهذا اللفظ مطلق عن ذكر الزمان.
يحتمل أنه جمع بحق العصرين في وقت الظهر ،أرضا
وقت العصر ،أو إَلى الظهر في آخر وقتها والعصر في
أول وقتها ،وهر ما يسمى الجمع الصوري-
ول يصح حمله على العموم ،لن اللفظ يدل علىا له فعله
مرة واحدة ،رقد وقعت بل شك في أحد المواعيد الثلثة.
فحمله أبو الشعثاء راويه عن ابن عباس على الجمع
الصربي .د أليه ذهب القرطبي المالكي ،والجويني
ى من الحنفية .ويؤدجمهم أن الجمع الشافعي ،رالطحار ِ
الصوري ل يخرج عن دللة الية فإن الصلة كانت على
المؤمنين كتابا موقوتأ! قال ابن حجر 9 :يقضي حمله على
الجمع الصربي أن طرق الحديث كلها ليسكه فيها تعرض
لوقت الجمع ،فإما أن تحملي عله مطلقها ،فيلزم إخراج
الصلة عن رقتها المحدود بغير عذر ،وإما أن تحمل على
صفة مخصوصة ل تستلزم الخرل! .والجمع الصوري
أصلى .والله أعلم " )3؟.
(11انظر الزر!ثي :البحر المحيط ،160 /2والشوكاف!:
)رثاد الفحول فيه ،135أبو الحسين البصري :المعتمد /1
،205تيسير التحرير ،248 ،247/1اليدي :الحدى م
369/2
) (2رواه مسلم 215 /5وأبو داود والترمذي والنسائي.
عح 24 /2
) 1 (3لف ّ
487
) (1/479
وبعض العلماء ،من غير هؤلء ،قالوا :إن ابن عباس شاهد
الفعل ،وعرف
أنه وقع في واحد من المواعيد الثلثة ،فعثر بما يدل
بظاهره على عدم التفريق بينها ،وذلك يقتضي أنه جمعه
جمع إما في وقت الظهر ،أو في وقت العصر .ول يريد
الجمع الصوري ،إذ لو كان كذلئه لما أغفل ذكره .ولنه
عّلل بما يقتضي ظاهره عدم التقييد بالجمع الصوري؟
وهو أنه مثل :ما أراد!ك!هه إلى ذلك؟ فقاله" .أراد أن ل
يحرج أمته أأ .فعمل برفع الحرج؟ ول يزول الحرج بالجمع
الصربي ،بل بكل صور الجمع .والله أعلم .فلهذه القرينة
منا الحكم في الصور الثلث ليشمل كل زمن الصلتيها. عف ْ
فإن لم يكن ثم قرينة ،فل يصح تعميم حكم الفعل المثبت
المطلق في أقسامه أول وجهه .بل يحمل على أولى
الصور بالحكم ،ونترقفل في الصرر الخرى .وإن تساوت
توقفنا فيه .وقد قال الشوكاني:أ الفعل المثبت إذا كان
له جهات فليس بعام في أقسامه ،لنه يقع على صفة
واحدة ،فإن عرفت تعّين وكاال كان مجمل يتوقف فيه ".
ففما نحمله على أولى الصور ،ما ورد أنه ! :لصٌلى قي
الكلعبة! فإن عبارة الصحابة يحتمل أنه عليه الصلة
والسلم صلى الفرض أو صّلى امل ،واللفظ مطلق،
فيحمل على الولى بذلك ،وهو النفل ،لما كان قد عهد
التخفيف فيه .فل يدل على جواز صلة الفرض داخل
الكعبة ،بل يتوقف نفى ذلك.(1،
ومثله أنه يكن:إ جمع في السفر" فالسفر إما طويل وإما
قصير .فل تكون
عبارة الصحال! عامة للجمع فيهما ،فالطويل داخل في
مفهوم اللفظ .والقصير مشكوك فيه ،فيتوقف فيه.
ة الفعال المثبتة التي ذكرناها في هذا ويستثنى من جمل ْ
هذه المسألة أن يرد
ه.
الفعل مقترنا مكان ،فنعقد لها المسمألة الثاني َ
تنبيه :الفعال )أمهه و أنهى( و )قضى( ونحوها ،ألفاظ قد
يعبتر بها الصحابة عما صدر عن النبي يكن ،كقولهم
قفتى( هى( عن بيع الغرر ،و ) َ )ض َ
(11انظر ابن الجمعاني :القواطع ق 49
488
) (1/480
) (1/481
) (1/482
وأشار إلى ذلك أيضا ً صاحب تيسير التحرير ،فإنه قال :إدا
إفافى ة وكان يفعله التكرار أكثرية ل كلية.
وعندي أن إفادة وكان يفعل كل للمرة الواحدة ،حق ،ولكن
في بعض المواقع
دون بعض .فإنا قد ذكرنا أن المضارع المجرد من )كان! قد
يدلل على المرهف إنا كان الفعل مستمرا إنما زمن
التكلم ،فإذا دخلت عليه )كان( أفادت ذلك الستمرار يخص
الزمن الماضي إلى لحظة معينة من الماضي -ومثاله أن
تقول والخطيب يتكلم الن عل المنايا فإذا أردت نقل ذلك
إلى الماضي مع استمرار الفعل إنما وقت معين ،تقوله
مثل ً ودخلت المسجد وكان الخطيب يتكلم ".
فهذا استعمال آخر غير الستعمال الول ،ولكل منهما
موضعه ،ول يتوارد الشتعمالن على موضع واحد.
وعلمة هذا النوعي ن يذكره مر كالدخول ما المثال
السابق ،ويكلفه الفعل سابقا له مستمرا إليه .فما عدا هذا
النوع تكون دللته على التكرار كلية ل أكثرية فقل-
فهذا توضيح لما في كلم ابن دقيق العيد من الجمالي.
ومن هذا يتبين أيضا أن بعض المؤلفة )؟( في الحدي!ث
النبوئي مجطئودا حيث ينقلون الحديث الفعلي بعبارة
)كافا رسول أدبه يخ!يم يفعل كدا أو يقول كدار من أصل
عل رسول الله ي كذا( ،لما بين العبارتيها ليس فيه إل ) َ
ف َ
من الفرق في المعنى ،وقد علم أن من شرط الرواية
بمعنى التساوي بيها اللفظين في معنييهما.
) (1انظر مثل كتاب بصفة صلة النبي وأ ط 7ص 126
الحديث ة كانه أحيانا يرجع صوته كما فعل يوم فتح مكة،
مود :بنها العمال بالنيات ،ص "77كانه ص " :76وكان ي َ
إذا مرض رفع أبو بكر صوته بالتكنرحتى يسمع من خلفه،
رليسى شيء من ذلك في الصول،
إنما فيها )رجع() ،قالت )رفعت بدون كان.
491
) (1/483
-2المواظبة والمواد:
ومعنا 8عدم تمثل الترك .فهو أخض من التكرار .فإن
تكرار الشيء هو فعله
مرتين أو ثلثا أو أكثر ،وهو واضح في مكان يفعلى( .أما
دعاه في هذا التركيب، الدوام الذي ل يتخيله ترك ،فقد ا ّ
كان يفعله بعض الحنابلة ،ونسبه ابن تيميه ) (1إلى أبو
يعلى وأبو الخطاب الحنبليبن .واستدل به أبو يعلى على
الوجوب ،قال في حديث عبدأدّنه بن زيد في استيعاب
مسح ألر( سي) :هذا إخبار عن دوام فعله ،وإنما يداوم
على الواجب " ويعني بالدوام ما /يتركه ولو مرة.
رقد تقدم أنه ل يعلى يقول بالوجوب في الفعل المجرد،
وتقدم الرد عليه.
وتقدم أيضا ذكر أن الدوام على الفعل المجّرد ل يدل على
وجوبه.
ولكن الذي نريد هنا بيانه أن سكان يفعله ل تدل عل
الدوام ،وإنما تدل
عل التكرار والعادة الماضية .ومن أجل ذلك ول تصلح هذه
العبارة من الصحابة في رواية فعل نبوشي دليًل على
وجوب الفعل ،حته! عند من يقوله إده المواظبة دليل
الوجوب.
ودليلنا على( ن )كان يفعله ل تدل على الدوام ،أنها تدلى
يخص الماضي على ما
يدل عليه )يفعل( في الحاضر ،وقولنا يزيد يجري الضيفة
ل يدل على أن قراه للضيف ل يتخلف البتة ،بل يدل عل أن
عادته وأغلب أحواله أن يجري الضيف .فكذلك وكان يجري
الضيف( ،تدل على مثل ذلك في الماضي .والله أعلم.
-3العموم:
وقد ادعى الكثيرون أنه كانا يفعلها تدل أيضا ً على العموم
في أقسام الفعل وأوجهه وهي مسالة مهمة في فهم
ة الرويهب بهذه الصيغة .وهي كثير من الحاديث الفعلي ّ
غير مسالة دللة هذا التركيبة على المواظبة .فإن
المواظبة تعني تكرار
) (1الجودة في أصول الفقه ص 115
492
) (1/484
) (1/485
) (1/486
) (1/487
) (1/488
) (1/489
) (1/491
) (1/492