You are on page 1of 107

‫بكر بن عبد الله أبو زيد‬

‫س‬
‫ف الّنا ِ‬ ‫صِني ُ‬ ‫تَ ْ‬
‫ن الظ ّ ّ‬
‫ن وَ‬ ‫ب َي ْ َ‬
‫ن‬ ‫قي‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ي‬‫ال ْ‬
‫ِ‬
‫قال الله تعالى ‪:‬‬
‫)إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم‬
‫ما‬
‫ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو‬
‫عند‬
‫الله عظيم ( ‪.‬‬
‫] النور ‪[ 15 /‬‬
‫‪5‬‬

‫دار العاصمة‬

‫المقدمة‬
‫الحمد لله رب العييالمين ‪ :‬اللهييم إييياك‬
‫نسييتعين ‪,‬‬ ‫نعبييد ‪ ,‬وإييياك‬
‫وعليك نتوكييل ‪ ,‬وإليييك نسييعى ونحفييد ‪.‬‬
‫ونصييلي ‪ ,‬ونسييلم علييى خيياتم أنبيييائك‬
‫ورسلك ‪.‬‬
‫أما بعد ‪:‬‬
‫فأنتخب من مزدحم الحياة ‪ :‬العلماء‬
‫الهداة في مثالهم ‪ :‬العالم العامل بعلمه‬
‫فيييي خاصييية نفسيييه ‪ ,‬ونصيييحه لليييه ‪,‬‬
‫ولرسيييوله ‪ ,‬ولميييامه ‪ ,‬ولعميييوم أهيييل‬
‫السلم ‪ ,‬فما أن يذكر اسم ذلييك العييالم‬
‫إل ويرفع في العلماء العيياملين ‪ ,‬فعلمييه‬
‫وعمليييه متلزميييان أبيييدا ‪ ,‬كالشييياخص‬
‫والظل سواء ‪ ,‬والله يمن على من يشاء‬
‫‪.‬‬
‫فأنتصر له حسبة لله ‪ ,‬ل دفاعييا عيين‬
‫شخصييه فحسييب ‪ ,‬بييل وعيين حرمييات‬
‫‪6‬‬

‫علمييياء المسيييلمين ومنهيييم دعييياتهم ‪,‬‬


‫ورجال الحسييبة فيهييم ؛ إذ بييدا لقيياء مييا‬
‫يحملونه من الهدى والخير والبيان ‪:‬‬
‫اختراق‪ )):‬ظاهرة التجريح (( لعراضييهم‬
‫بالوقيعيية فيهييم‪ ,‬وفييري الجراحييين فييي‬
‫أعراضييهم ‪,‬وفييي دعييوتهم ‪,‬ولمييا صيينعه‬
‫الفتنة( من وقائع الفتراء‪,‬‬ ‫)سعادة‬
‫وإلصيياق التهيييم‪,‬وألييوان الذى‪ ,‬ورمييي‬
‫الفتيل هنا وهناك ‪ ,‬مما ل يخفي في كيل‬
‫مكان وصلته أصواتهم البغيضة ‪.‬‬
‫ولعظم الجنابة علييى العلميياء ‪ ,‬صييار‬
‫مييين المعقيييود فيييي أصيييول العتقيياد ‪:‬‬
‫)) وميين ذكرهييم بسييوء فهييو علييى غييير‬
‫سبيل (( ‪.‬‬
‫وعلى نحوه كلمات حسان لعدد ميين‬
‫علماء المة الهداة في العلم والدين‪. 1‬‬
‫ليييذلك ‪ ,‬ولميييا لهيييم عليييى العامييية‬
‫تعليم الناس‬ ‫والخاصة من فضل في‬
‫الخييير ‪ ,‬ونشيير السيينن ‪ ,‬وإماتيية الهييواء‬
‫والبدع ‪ ,‬فهم قد أوتييوا الحكميية يقضييون‬
‫بهييا ‪ ,‬ويعلمونهييا النيياس ‪ ,‬ولييم يتخلفييوا‬
‫في كهييوف )) القعييدة (( الييذين صييرفوا‬
‫وجييوههم عيين آلم أمتهييم وقييالوا))هييذا‬
‫‪7‬‬

‫مغتسييل بييارد وشييراب((‪,‬وكأنمييا عنيياهم‬


‫شوقي بقوله‪:‬‬
‫وقد يموت كثيرا ل تحسهم‬
‫كيييأنهم مييين هيييوان‬
‫الخطب ما وجدوا‬
‫بييل نزلييوا ميييدان الكفيياح ‪ ,‬وسيياحة‬
‫التبصير بالدين ‪ ,‬وهم الييذين ُينبييؤن عيين‬
‫مقيييييياس العظمييييية )) العصيييييامية ((‬
‫التاريخييية فييي أشييباحهم المغمييورة ‪ ,‬ل‬
‫العظمة )) العظامية (( الموهومة ‪ ,‬كمييا‬
‫لبعييض أصييحاب الرتييب ‪ ,‬والشييارات ‪,‬‬
‫المفرغين لنفسهم عن‬

‫قرن العلم بالعمل ‪.‬‬


‫* إن القييييم ‪ ,‬والقيييدار ‪ ,‬وآثارهيييا‬
‫الحسان ‪ ,‬الممتدة على مسارب الزميين‬
‫ل تقييوم بالجيياه ‪ ,‬والمنصييب ‪ ,‬والمييال ‪,‬‬
‫والشييهرة ‪ ,‬وكيييل المييدائح ‪ ,‬واللقيياب ‪,‬‬
‫وإنما قوامها وتقويمها بالفضل ‪ ,‬والجهاد‬
‫‪ ,‬وربط العلم بالعمل ‪ ,‬مييع نبييل نفييس ‪,‬‬
‫وأدب جييم ‪ ,‬وحسيين سييمت ‪ ,‬فهييذه ‪,‬‬
‫‪8‬‬

‫وأمثالهييا هييي الييتي تييوزن بهييا الرجييال‬


‫والعمال ‪.‬‬
‫وإلى هذا الطييراز المبييارك تشييخص‬
‫أبصار العالم ‪ ,‬ولكل نبأ مستقر ‪.‬‬
‫لهذا كلييه ‪ ,‬صييار ميين الييواجب علييى‬
‫إخييييوانهم ‪ ,‬الييييذب عيييين حرميييياتهم‬
‫وأعراضهم بكلمات تجلو صدأ ما ألصييقه‬
‫)المنشقون( بهييم ميين الييثرثرة ‪ ,‬وتكتييم‬
‫صدى صياحهم في وجه الحق ‪.‬‬
‫وإيضاح السييبيل الميين الرشييد ‪ ,‬العييدل‬
‫الوسط ‪.‬‬
‫فالن علينييا البيييان بألفيياظ مقييدودة‬
‫على قدودها بل طول ‪ ,‬ول قصر ‪ ,‬وعلينا‬
‫وعليك النصاف بل وكس ول شطط ‪.‬‬
‫فها أنييا‪ 2‬أقييول عيين هييذه الظيياهرة‬
‫)) تصنيف الناس (( في‬

‫واقعهييا‪ ,‬وطرقهييا‪ ,‬ودوافعهييا‪ ,‬وآثارهييا‪,‬‬


‫وسبل علجها‪ ,‬والقضاء عليها بما لح لي‬
‫‪:‬‬
‫* إن كشف الهواء ‪ ,‬والبدع المضلة‬
‫‪ ,‬ونقييد المقييالت المخالفيية للكتيياب ‪,‬‬
‫‪9‬‬

‫والسنة ‪ ,‬وتعرية الدعاة إليها ‪ ,‬وهجرهييم‬


‫وتحيييذير النييياس منهيييم ‪ ,‬وإقصيييائهم ‪,‬‬
‫والبراءة من فعلتهم ‪ ,‬سنة ماضييية فييي‬
‫تاريخ المسلمين في إطار أهييل السيينة ‪,‬‬
‫معتميييدين شيييرطي النقيييد ‪ :‬العليييم ‪,‬‬
‫وسلمة القصد ‪.‬‬
‫* العلييم بثبييوت البينيية الشييرعية ‪,‬‬
‫والدليية اليقينييية علييى المييدعى بييه فييي‬
‫مواجهيية أهييل الهييوى والبدعيية ‪ ,‬ودعيياة‬
‫الضللة والفتنيية ‪ ,‬وإل كييان الناقييد مميين‬
‫يقفو ما ليييس لييه بييه علييم ‪ .‬وهييذا عييين‬
‫البهت والثم ‪.‬‬
‫* ويييرون بالتفيياق أن هييذا الييواجب‬
‫ميين تمييام النصييح للييه ولرسييوله ‪- -‬‬
‫ولئميية المسييلمين ‪ ,‬وعييامتهم ‪ .‬وهييذا‬
‫شييرط القصييد لييوجه اللييه تعييالى ‪ ,‬وغل‬
‫كييان الناقييد بمنزليية ميين يقاتييل حمييية‬
‫ورييياء ‪ .‬وهييو ميين مييدرك الشييرك فييي‬
‫القصد ‪.‬‬
‫وهذا من الوضوح بمكان مكين لميين‬
‫نظر فييي نصييوص الييوحيين الشييريفين ‪,‬‬
‫وسبر الئمة الهداة في العلم والدين ‪.‬‬
‫‪10‬‬

‫وفادة التصنيف‬

‫* ول يلتبس هذا الصل السلمي‬


‫بما تييراه مييع بلييج الصييبح ‪ ,‬وفييي غسييق‬
‫الليل من ظهور ضمير أسود‪ ,‬وافييد ميين‬
‫كل فج استبعد نفوسا بضراوة ‪ ,‬أراه ‪" :‬‬
‫تصنيف الناس " وظاهرة عجيب نفوذهييا‬
‫هييي ‪ " :‬رمييز الجراحييين " أو ‪ ":‬مييرض‬
‫التشكيك وعدم الثقة " حمله فئام غلظ‬
‫ميين النيياس يعبييدون اللييه علييى حييرف ‪,‬‬
‫فألقوا جلباب الحياء ‪ ,‬وشغلوا بييه أغييرار‬
‫التبيس عليهيم المير فضيلوا ‪ ,‬وأضيلوا ‪,‬‬
‫فلبس الجميييع أثييواب الجييرح والتعييديل‪,‬‬
‫وتييييدثروا بشييييهوة التجريييييح ‪ ,‬ونسييييج‬
‫الحيياديث ‪ ,‬والتعلييق بخيييوط الوهييام ‪,‬‬
‫فبهييذه الوسييائل ركبييوا ثبييج التصيينيف‬
‫للخرييين ؛ للتشييهير ‪ ,‬والتنفييير ‪ ,‬والصييد‬
‫عن سواء السبيل ‪.‬‬
‫ومن هذا المنطلق الواهي ‪ ,‬غمسييوا‬
‫ألسنتهم في ركام من الوهييام والثييام ‪,‬‬
‫ثييم بسييطوها بإصييدار الحكييام عليهييم ‪,‬‬
‫والتشييكيك فيهييم ‪ ,‬وخدشييهم ‪ ,‬وإلصيياق‬
‫التهيييم بهيييم ‪ ,‬وطميييس محاسييينهم ‪,‬‬
‫والتشيييهير بهيييم ‪ ,‬وتيييوزيعهم أشيييتاتا‬
‫وعزين ‪:‬‬
‫‪11‬‬

‫في عقائدهم ‪ ,‬وسييلوكهم ‪ ,‬ودواخييل‬


‫أعمييالهم ‪ ,‬وخلجييات قلييوبهم ‪ ,‬وتفسييير‬
‫مقاصييييدهم ‪ ,‬ونييييياتهم ‪ ...‬كييييل ذلييييك‬
‫وأضعاف ذلك مما هنالك ميين الييويلت ‪,‬‬
‫يجري على طرفي‪ ,‬التصنيف ‪ :‬الييديني ‪,‬‬
‫واللديني ‪.‬‬
‫فترى وتسمع رمي ذاك ‪ ,‬أو هذا بأنه‬
‫‪ :‬خارجي‪ .‬معييتزلي‪ .‬أشييعري ‪ .‬طرقييي ‪.‬‬
‫إخيييواني ‪ .‬تبليغيييي ‪ .‬مقليييد متعصيييب ‪.‬‬
‫متطرف ‪ .‬متزمت ‪ .‬رجعي ‪ .‬أصولي ‪.‬‬
‫وفي السلوك ‪ :‬مداهن ‪ .‬مراء ‪ .‬ميين‬
‫علميياء السييلطان ‪ .‬ميين علميياء الوضييوء‬
‫والغسل ‪.‬‬
‫وميين طييرف ل دينييي ‪ :‬ماسييوني ‪.‬‬
‫علماني ‪ .‬شيييوعي ‪ .‬اشييتراكي ‪ .‬بعييثي ‪.‬‬
‫قومي ‪ .‬عميل ‪.‬‬
‫* وإن نقبوا في البلد ‪ ,‬وفتشوا عنييه‬
‫العباد ‪ ,‬ولييم يجييدوا عليييه أي عييثرة ‪ ,‬أو‬
‫زلة ‪ ,‬تصيدوا له العييثرات ‪ ,‬وأوجييدوا لييه‬
‫الزلت ‪ ,‬مبينة على شبه واهية ‪ ,‬وألفاظ‬
‫محتملة ‪.‬‬
‫* أما إن أفلست جهييودهم ميين كييل‬
‫هييذا رمييوه بييالخرى فقييالوا ‪ :‬متسييتر ‪.‬‬
‫محايد ‪.‬‬
‫‪12‬‬

‫إلى غييير ذلييك ميين ضييروب تطيياول‬


‫سعاة الفتنة والتفرق ‪ ,‬وتمزيييق الشييمل‬
‫والتقطع ‪.‬‬
‫* وقييد جييرت هييذه الظيياهرة إلييى‬
‫الهلكيية فييي ظيياهرة أخييرى ميين كييثرة‬
‫التسيياؤلت المتجنييية‪-‬مييع بسييمة خبيثيية‪-‬‬
‫عن فلن‪ ,‬وعلن‪ ,‬واليغال بالدخول فييي‬
‫نيته ‪ ,‬وقصده ‪ ,‬فإذا رأوا ))شيييخا(( ثنييى‬
‫ركبييتيه للييدرس‪ ,‬ولييم يجييدوا عليييه أي‬
‫ملحظ‪ ,‬دخلوا فييي نيتييه‪ ,‬وكيفييوا حيياله ‪:‬‬
‫ليبني نفسه ‪ ,‬لسان حاله يقول ‪ :‬أنا ابيين‬
‫من فاعرفوني ‪ .‬ليتقمص شخصية الكبار‬
‫‪ .‬يترصد الزعامة ‪.‬‬
‫* وإن ترفقوا ‪ ,‬وغلبهم الورع ‪ ,‬قالوا‬
‫‪ :‬محترف بالعلم ‪.‬‬
‫* وإن تيورع ))الجيراح(( عين الجييرح‬
‫بالعبارة‪ ,‬أو استنفدها‪ ,‬أو أراد ما هو أكثر‬
‫إيغييال بييالجرح ‪ ,‬سييلك طريييق الجييرح‬
‫بالشارة ‪ ,‬أو الحركة بما يكييون أخبييث ‪,‬‬
‫وأكثر إقذاعا ‪.‬‬
‫مثيييل ‪ :‬تحرييييك اليييرأس ‪ ,‬وتعوييييج‬
‫الفييم ‪ ,‬وصييرفه ‪ ,‬والتفيياته ‪ ,‬وتحميييض‬
‫الوجه ‪ ,‬وتجعيد الجبين ‪ ,‬وتكليح الييوجه ‪,‬‬
‫والتغير ‪ ,‬والتضجر ‪.‬‬
‫‪13‬‬

‫أو يسأل عنه ‪ ,‬فيشير إلى فمييه ‪ ,‬أو‬


‫لسانه معبرا عن أنه ‪ :‬كذاب ‪ ,‬أو بذيء ‪.‬‬
‫ومثل ‪ :‬تقليب اليد ‪ ,‬أو نفضها ‪.‬‬
‫إلى غير ذلك ميين أسيياليب التييوهين‬
‫بالشارة‪ ,‬أو التحريك‪.‬‬
‫أل شييلت تلييك اليمييين عنييد الحركيية‬
‫التوهين ظلما ‪.‬‬
‫وصدعت تلييك الجييبين عيين تجعيييدها‬
‫للتوهين ظلما ‪.‬‬
‫ويا ليت بنسعة ميين جلييد‪,‬تربييط بهييا‬
‫تلك الشفة عند تعويجها للتوهين ظلما‪.‬‬
‫ولله در أبي العباس النميري ‪ ,‬شيخ‬
‫السلم ابن تيمية‬

‫‪ -‬رحمه الله تعييالى ‪ -‬إذ وضييع النصييال‬


‫عليييى النصيييال فيييي كشيييف مكنونيييات‬
‫تصرفات الجراحين ظلما فقال‪: 3‬‬
‫) فميين النيياس ميين يغتيياب موافقيية‬
‫لجلسائه وأصييحابه وعشييائره مييع علمييه‬
‫أن المغتاب بريييء ممييا يقولييون أو فيييه‬
‫بعض ما يقولون لكن يرى انييه لييو أنكيير‬
‫عليهييم قطييع المجلييس واسييتثقله أهييل‬
‫المجلس ونفييروا عنييه فيييرى مييوافقتهم‬
‫‪14‬‬

‫من حسن المعاشييرة وطيييب المصيياحبة‬


‫وقد يغضبون فيغضب لغضييبهم فيخييوض‬
‫معهم ‪.‬‬
‫ومنهم من يخرج الغيبة في قييوالب‬
‫شييتى تييارة فييي قييالب ديانيية وصييلح‬
‫فيقول ‪ :‬ليس لي عادة أن أذكر أحييدا إل‬
‫ول أحييب الغيبيية ول الكييذب‬ ‫بخييير‪،‬‬
‫وإنما أخبركم بييأحواله ‪ .‬ويقييول‪ :‬واللييه‬
‫إنه مسكين أو رجل جيد ولكن فيه كيييت‬
‫وكيت ‪ .‬وربمييا يقييول ‪ :‬دعونييا منييه اللييه‬
‫يغفر لنا ولييه وإنمييا قصييدهم استنقاصييه‬
‫وهضييما لجنييابه ‪ .‬ويخرجييون الغيبيية فييي‬
‫قوالب صلح وديانة يخادعون الله بييذلك‬
‫كما يخييادعون مخلوقييا وقييد رأينييا منهييم‬
‫ألوانا كثيرة من هذا وأشباهه ‪.‬‬
‫ومنهييم ميين يرفييع غيييره رييياء فيرفييع‬
‫نفسه ‪ ,‬فيقول ‪ :‬لو دعوت‬
‫البارحة في صلتي لفلن لما بلغييي عنييه‬
‫كيت وكيت ‪ ,‬ليرفييع نفسييه ويضييعه عنييد‬
‫من يعتقده ‪ .‬أو يقول ‪ :‬فلن بليد الييذهن‬
‫قليل الفهم وقصده مييدح نفسييه وإثبييات‬
‫معرفته وأنه أفضل منه ‪.‬‬
‫ومنهم من يحمله الحسد على الغيبة‬
‫فيجمييع بييين أمرييين قييبيحين ‪ :‬الغيبيية ‪،‬‬
‫‪15‬‬

‫والحسييد ‪ .‬وإذا أثنييى علييى شييخص أزال‬


‫ذلك عنه بمييا اسييتطاع ميين تنقصييه فييي‬
‫قالب دين وصييلح ‪ ،‬أوفييي قييالب حسييد‬
‫وفجور وقدح ‪ ،‬ليسقط ذلك عنه ‪.‬‬
‫ومنهم من يخييرج الغيبيية فييي قييالب‬
‫تمسييييخر ولعييييب ليضييييحك غيييييره‬
‫باسيييييتهزائه ومحاكييييياته واستصيييييغار‬
‫المستهزأ به ‪.‬‬
‫ومنهم من يخييرج الغيبيية فييي قييالب‬
‫التعجب ‪،‬فيقول تعجبييت ميين فلن كيييف‬
‫ليفعل كيت وكيت؟ومن فلن كيف وقييع‬
‫منه كيت وكيت ‪ ,‬وكيف فعل كيت وكيت‬
‫فيخرج اسمه في معرض تعجبه ‪.‬‬
‫ومنهييم ميين يخييرج الغتمييام ‪ ,‬فيقييول‬
‫مسكين فلن ‪ ،‬غمني ما جرى له وما تم‬
‫لييه فيظيين ميين يسييمعه أنييه يغتييم لييه‬
‫ويتأسف ‪ ,‬وقلبه منطو على تشييفي بييه‬
‫ولو قدر لزاد على ما بييه ولربمييا يييذكره‬
‫عنه أعدائه ليتشفى به ‪ .‬هذا وغيره ميين‬
‫أعظم أمراض القلوب والمخادعات للييه‬
‫ولخلقه‪.‬‬
‫ومنهم من يظهيير الغيبيية فييي قييالب‬
‫غضييب وإنكييار منكيير‪ ،‬فيظهيير فييي هييذا‬
‫‪16‬‬

‫الباب أشياء من زخارف القييول وقصييده‬


‫غير ما أظهر والله المستعان ( انتهى ‪.‬‬
‫* ومن ألم المسالك ما تسرب إلييى‬
‫بعض ديييار السييلم ميين بلد الكفيير ميين‬
‫نصب مشييانق التجريييح للشييخص الييذي‬
‫يراد تحطيمه والحبيياط بمييا يلييوث وجييه‬
‫كرامته ‪.‬‬
‫ويجري ذلك بواسطة سفيه يسييافه‬
‫ج يَر‬
‫مْز َ‬
‫عيين غيييره متلعييب بييدينه قاعييد َ‬
‫الكلب النابح سافل فييي خلقييه ممسييوخ‬
‫الخاطر صفيق الييوجه مغبييون فييي أدبييه‬
‫وخلقه ودينه ‪.‬‬
‫* بل ربما سييلكوا شييأن أهييل الهييواء‬
‫كما يكشييفهم ابيين القيييم ‪ -‬رحمييه اللييه‬
‫تعالى ‪ -‬إذ يقول‪: 4‬‬
‫) وانظر سرعة المسييتجيبين لييدعاة‬
‫الرافضيييية ‪ ,‬والقرامطيييية الباطنييييية ‪,‬‬
‫والجهمييييية ‪ ,‬والمعتزليييية ‪ ,‬وإكرامهييييم‬
‫ليدعاتهم وبيذل أميوالهم وطياعتهم لهيم‬
‫من غير برهان أتييوهم بييه أو آييية أروهييم‬
‫إياهييا غييير أنهييم دعييوهم إلييى تأويييل‬
‫تسييتغربه النفييوس وتسييتطرفه العقييول‬
‫وأوهموهم أنه من وظيفة الخاصة الذين‬
‫‪17‬‬

‫ارتفعوا بييه عيين طبقيية العاميية فالصييائر‬


‫إليه معدود في الخواص مفارق للعوام ‪,‬‬

‫فلييم تيير شيييئا ميين المييذاهب الباطليية ‪,‬‬


‫والراء الفاسدة ‪ ,‬المسييتخرجة بالتأويييل‬
‫قوبيييل اليييداعي إلييييه التيييي بيييه ‪ ,‬أول‬
‫بالتكييذيب لييه ‪ ,‬والييرد عليييه ‪ ,‬بييل تييرى‬
‫المخييدوعين المغرورييين يجفلييون إليييه‬
‫إجفال ويأتون إليه أرسييال ‪ ,‬تييؤزهم إليييه‬
‫شياطينهم ونفييوهم أزا ‪ ,‬وتزعجهييم إليييه‬
‫إزعاجا فيدخلون فيه أفواجييا ‪ ,‬يتهييافتون‬
‫فيه تهافت الفراش في النييار ‪ ،‬ويثوبييون‬
‫إليه مثابيية الطييير إلييى الوكييار‪ ،‬ثييم ميين‬
‫عظييييم آفييياته‪ ,‬سيييهولة المييير عليييى‬
‫المتييأولين فييي نقييل المييدعوين عيين‬
‫مذاهبهم ‪ ,‬وقبيح اعتقادهم إليهم‪ ,‬ونسييخ‬
‫الهيييدى مييين صيييدورهم ‪ ,‬فيييإنهم ربميييا‬
‫اختييياروا لليييدعوة إلييييه رجل مشيييهورا‬
‫بالديانيية والصيييانة ‪ ,‬معروفييا بالمانيية ‪,‬‬
‫حسييين الخلق‪ ,‬جمييييل الهيئة ‪ ,‬فصييييح‬
‫اللسان ‪ ,‬صبورا على التقشف ‪ ,‬والتزهد‬
‫‪ ,‬مرتاضا لمخاطبة النيياس علييى اختلف‬
‫طبقاتهم ‪ ,‬ويتهيأ لهم مع ذلك ميين عيييب‬
‫أهل الحق والطعن عليهييم والزراء بهييم‬
‫‪18‬‬

‫مييا يظفيير بييه المفتييش عيين العيييوب ‪,‬‬


‫فيقولون للمغييرور المخييدوع ‪:‬وازن بييين‬
‫هؤلء وهؤلء‪ ,‬وحكم عقلك‪ ,‬وانظيير إلييى‬
‫نتيجة الحييق والباطييل‪ ,‬فيتهيييأ لهييم بهييذا‬
‫الخداع ما ل يتهيأ بالجيوش وما ل يطمييع‬
‫فييي الوصييول إليييه بييدون تلييك الجهيية (‬
‫انتهى ‪.‬‬
‫ق فييي أهييل‬ ‫يا‬
‫ّ ِ‬‫ي‬ ‫س‬ ‫ُ‬ ‫ف‬‫ال‬ ‫ية‬‫ي‬ ‫وقيع‬ ‫يا‬
‫ي‬ ‫وأم‬ ‫*‬
‫الفضل والدين ‪ ,‬فعلى شبه‬
‫ممن قال الله فيهم ‪:‬‬
‫} وإذا تتلى عليهييم آياتنييا بينييات تعييرف‬
‫في وجوه الذين كفييروا المنكيير يكييادون‬
‫يسطون بالذين يتلون عليهييم آياتنييا ‪{ ..‬‬
‫الية ] الحج ‪. [ 72 :‬‬
‫واسييتخفاف هييؤلء بالييدين يحملهييم‬
‫على إشاعة أشياء عن العلماء ‪ ,‬والدعاة‬
‫منهييم ‪ ,‬ورجييال الحسييبة فيهييم بقصييد‬
‫الشناعة عليهم ‪.‬‬

‫* ويشبه الجميع في قصد التشيينيع ‪:‬‬


‫أهل الهواء على اختلف فرقهم ‪ ,‬وتنوع‬
‫مشيياربهم ‪ ,‬واختلف مدارسييهم ‪ ,‬فييإن‬
‫لهييم شييهوة جامحيية بالوقيعيية فييي أهييل‬
‫السنة ‪ ,‬وعلماء المة ‪.‬‬
‫‪19‬‬

‫* وإذا كانت هذه شناعات في مقييام‬


‫التجريح ‪ ,‬فيقابلهييا عليى ألسيينة شيقية ‪:‬‬
‫مقام الطراء الكاذب ‪ ,‬برفع أناس فييوق‬
‫منزلتهم ‪ ,‬وتعديل المجروحييين ‪ ,‬والصييد‬
‫عيين فعلتهييم ‪ ,‬وإن فعييل الواحييد منهييم‬
‫فعل ‪.‬‬
‫وإذا كييانت ‪ )) :‬ظيياهرة التجريييح ((‬
‫وقيعة بغير حق ‪ ,‬فإن )) منح المتييياز ((‬
‫بغيييير حيييق ‪ ,‬يفسيييد الخلق ‪ ,‬ويجليييب‬
‫الغرور والستعلء ‪ ,‬ويغر الجياهلين بميين‬
‫يضرهم في دينهم ودنياهم ‪ .‬ولهييذا تييرى‬
‫العقلء ييييأنفون مييين هيييذه المتييييازات‬
‫السخيفة‬
‫وتأبى نفوسهم من هذه اللوثة العجمييية‬
‫الوافدة‪. 5‬‬
‫وهذه أحرف نعترضة ثم أقول ‪:‬‬
‫* وهكييذا فييي سيييل متييدفق سيييال‬
‫على ألسنة كالسييياط ‪ ,‬دأبهييا الييتربص ‪,‬‬
‫فييالتوثب علييى العييراض ‪ ,‬والتمضييمض‬
‫بييالعتراض ‪ ,‬ممييا يوسييع جييراح الميية ‪,‬‬
‫ويلغي الثقة فييي علميياء المليية ‪ ,‬ويغتييال‬
‫الفضييل بييين أفرادهييا ‪ ,‬ويقطييع أرحامهييا‬
‫تأسيسييا علييى خييييوط ميين الوهييام ‪,‬‬
‫ومنازلت بل برهان ‪ ,‬تجر إلى فتن تييدق‬
‫‪20‬‬

‫البواب ‪ ,‬وتضرب الثقة في قييوام الميية‬


‫من خيار العباد ‪.‬‬
‫فبئس المنتجع ‪ ,‬وبئست الهواية ‪ ,‬ويييا‬
‫ويحهم يوم تبلى السرائر يوم القيامة ‪.‬‬
‫********‬
‫واجب دفعها‬
‫والقسييمة كمييا تييرى ‪ :‬واحييد ظييالم‬
‫لنفسييه مييبين ‪ ,‬وآخيير مظلييوم ‪ .‬وميين‬
‫قواعييد المليية ‪ )) :‬نصيير المسييلم أخيياه‬
‫المسييلم ظالمييا أو مظلومييا (( ل علييى‬
‫مقصييد أول ميين تكلييم بهييا ‪ :‬جنييدب بيين‬
‫العنيييبر ‪ ,‬إذ أراد بهيييا حميييية الجاهليييية ‪,‬‬
‫ولكن علييى مقصييد النييبي ‪ -‬صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم ‪ -‬إذ أخذ ‪ -‬صلى اللييه عليييه‬
‫وسييلم ‪ -‬الصييورة ‪ ,‬ونقلهييا إلييى معنييى‬
‫شريف بمعنى ‪:‬‬
‫نصييرته ظالمييا ‪ ,‬بالخييذ علييى يييده ‪,‬‬
‫وإبداء النصح له ‪ ,‬وإرشاده وتخليصه من‬
‫بنيياء الحكييام علييى الظنييون والوهييام ‪,‬‬
‫وإعمييال اليقييين مكييان الظيين ‪ ,‬والبينيية‬
‫محل الوسوسة ‪ ,‬والصمت عيين القييذف‬
‫بالباطل والثم ‪ ,‬ومبدأ حسن النية ‪ ,‬بدل‬
‫سوء الظن والطوية ‪ ,‬وتحذيره من نقمة‬
‫الله وسخطه ‪.‬‬
‫‪21‬‬

‫ونصييرته مظلومييا ‪ ,‬بييردع الظييالم‬


‫عنه ‪ ,‬والنصيياف لييه منييه ‪ ,‬والييدفع عيين‬
‫عرضه وكرامتييه ‪ ,‬وتسييليته ‪ ,‬وتييذكيره ‪,‬‬
‫بميياله ميين الجيير الجزيييل ‪ ,‬والثييواب‬
‫العريض ‪ ,‬وأن الله ناصييره ‪ -‬بمشيييئته ‪-‬‬
‫ولو بعد حين ‪.‬‬
‫وهييذه النصييرة لهمييا ميين محاسيين‬
‫السلم ‪ ,‬وأبواب الجهاد ‪ ,‬وتعلن النذارة‬
‫لييذوي النفييوس الشييريرة مليية الشييقاق‬
‫والشغب أن على الدرب رجال بالمرصاد‬
‫‪ ,‬على حد قول الله تعالى ‪:‬‬
‫} فشرد بهم من خلفه لعلهم يذكرون {‬
‫] النفال ‪. [ 57 :‬‬
‫فتنقميييع نفوسيييهم وهيييم يسيييفون‬
‫المييل ‪ ,‬وينطييوي عيين السيياحة الشييقاق‬
‫والشغب ‪ ,‬وتلقييين النيياس السييؤال عيين‬
‫فلن وعلن ‪ ,‬ومييا يجييره ميين تعييب ميين‬
‫غير أرب ‪.‬‬
‫لهذا جرى القلم في عرض ما هييو كييائن‬
‫في معيييار الشييرع المطهيير ‪ ,‬عسييى أن‬
‫يكون وسيلة إنقيياذ لميين أضييناه مشييوار‬
‫التجريح‬
‫والتصيينيف ‪ ,‬فيلقييي عصييا التسيييار قبييل‬
‫الممات ‪.‬‬
‫‪22‬‬

‫وسيييلوة لمظليييوم مضيييرج برمييياح‬


‫الجراحيييين ‪ ,‬فتكشيييف الضييير ‪ ,‬وتبعيييد‬
‫السوء ‪.‬‬
‫وتحذيرا لكل عبد مسلم ‪ ,‬من سبيل‬
‫من احاطت به خطيئته ‪.‬‬
‫وعسى أن يكييون فييي هييذه الوراق‬
‫تطهييير لجماعيية المسييلمين ميين هييذه‬
‫الرواسب ‪ ,‬وأمن ميين هييذه المخيياوف ‪,‬‬
‫ونرفييع بهييا الغطيياء عيين هييذه المحنيية‬
‫الدفينة ؛ لطفاء جذوتها وكتييم حملتهييا ‪,‬‬
‫خشييية أن تعمييل عملهييا فتفييرق كلميية‬
‫المسيييلمين ‪ ,‬وتوجيييد الفيييروق بينهيييم ‪,‬‬
‫فيتخطفهم الناس ‪ ,‬ويبقى صييوت الحييق‬
‫ضئيل ‪ ,‬وحامله ضعيفا ‪.‬‬
‫ومع هذا فلن تراها سييجل للحييوادث‬
‫والواقعييييات الميييرة ‪ ,‬فهييييي كيييثيرة ‪,‬‬
‫وصاحبها حامل لمسييؤليتها } فكل أخييذنا‬
‫بذنبه{ من"الية ‪ 40 :‬العنكبوت"‪ .‬لكنهييا‬
‫أحرف جريئة في ورقييات قليليية ‪ ,‬تقييرع‬
‫جيييرس النيييذارة مييين هيييذه المكييييدة‪:‬‬
‫)تصنيف الناس( اعتداء‪ ,‬و)) تجريحهم ((‬
‫بغيييا وعييدوانا ‪ ,‬فتكشييف هييذه الظيياهرة‬
‫بجلء ‪ ,‬وتييواجه وجييوه الييذين يتعيياملون‬
‫معهييا بنصييوص واضييحة ‪ ,‬وقييوارع ميين‬
‫‪23‬‬

‫نصوص الييوحيين ظيياهرة ‪ ,‬فييإلى فاتحيية‬


‫البيان لها ‪:‬‬
‫* إن جارحة اللسان النيياطق بييالكلم‬
‫المتواطييأ عليييه ‪ ,‬أسيياس فييي الحييياة‬
‫والتعييايش دينييا ودنيييا ‪ ,‬فبكلميية التوحيييد‬
‫يدخل المرء في ملة السلم ‪ ,‬وبنقضييها‬
‫يخرج منها ‪ ,‬وبين ذلك مراحييل انتظمييت‬
‫أبيييواب الشيييريعة ‪ ,‬فليييو نظيييرت إليييى‬
‫)) الكلم (( ومييا بنييي عليييه ميين أحكييام‬
‫لوجدت من ذلك عجبييا فييي ‪ :‬الطهييارة ‪,‬‬
‫والصييلوات ‪ ,‬وسييائر أركييان السييلم ‪,‬‬
‫والجهاد ‪ ,‬و البيوع ‪ ,‬والنكيياح ‪ ,‬والطلق ‪,‬‬
‫والجنايات ‪ ,‬والحدود ‪ ,‬والقضاء ‪... ,‬‬
‫بل أفردت أبواب في الفقهيات كلها‬
‫لما تلفظ به هذه الداة ‪ )) :‬اللسان (( ‪:‬‬
‫فيييي أبيييواب ‪ :‬القيييذف ‪ ,‬واليييردة ‪,‬‬
‫واليمييييان ‪ ,‬والنييييذور ‪ ,‬والشييييهادات ‪,‬‬
‫والقرار ‪.‬‬
‫وفي اصييل الصييول ‪ )) :‬التوحيييد ((‬
‫يدور عليه البحث والتأليف ‪.‬‬
‫فكم ميين كلم أوجييب ردة فقتل‪ ,‬أو‬
‫واجب قذفا فجلدا‪ ,‬أو أوجب كفييارات أو‬
‫نزعت بسببه حقوق فردت مظييالم إلييى‬
‫أهلها ‪ .‬أو إقرار أوجييب بمفييرده حكمييا ‪,‬‬
‫‪24‬‬

‫ولذا قالوا ‪ )) :‬إقرار المييرء علييى نفسييه‬


‫أقوى البينات (( ‪.‬‬
‫وهكييذا ميين مناهييج الشييريعة المباركيية‬
‫الغراء ؛ ولهذا تكاثرت‬
‫نصوص الوحيين الشييريفين فييي تعظيييم‬
‫شييأن السييان ترغيبييا وترهيبييا ‪ ,‬وأفييرد‬
‫العلميياء فييي جمييع غفييير ميين مفرداتييه‬
‫المؤلفات ففي الييترغيب ‪ :‬الييدعوة إلييى‬
‫الليييه عليييى بصييييرة ‪ ,‬ونشييير العليييم‬
‫باليييدرس ‪ ,‬وفضيييل الصيييدق ‪ ,‬وكلمييية‬
‫الحق ‪...‬‬
‫وفييييي الييييترهيب ‪ :‬عيييين الغيبيييية ‪,‬‬
‫والنميميية ‪ ,‬والكييذب ‪ ,‬وآفييات اللسييان‬
‫الخرى ‪.‬‬
‫وقييد جمعييت فييي ذلييك )) معجييم‬
‫المنيياهي اللفظييية (( وبسييطت أصييوله‬
‫الشرعية في مقدمته ‪.‬‬
‫* وإذا علمت أن النييبي ‪-‬صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم‪ -‬قال فيما صح عنييه ‪ ":‬ميين‬
‫يضمن لي ما بين لحييه وما بين فخذيه ‪:‬‬
‫أضيييييمن ليييييه الجنييييية"‪.‬علميييييت أن‬
‫هييذه)) الضييمانة((ل تلعييق إل علييى أميير‬
‫عظيم ‪.‬‬
‫‪25‬‬

‫وهييذه بمؤداهييا )) رقابيية شييرعية ((‬


‫علييى حفييظ أعييراض المسييلمين وكييف‬
‫الذى عنهييم فييي )) العييرض ‪ ,‬والييدين ‪,‬‬
‫والنسب ‪ ,‬والمال ‪ ,‬والبدن ‪ ,‬والعقل (( ‪.‬‬
‫ولمييا جمييع اللييه شييمل المسييلمين‬
‫أعلنها النييبي ‪ - -‬فييي حجيية الييوداع ‪,‬‬
‫فقال ‪ - -‬فييي خطبتييه الجامعيية علييى‬
‫مسمع يزيييد عيين مييائة ألييف نفييس ميين‬
‫المسلمين ‪:‬‬
‫" إن دمياءكم وأميوالكم وأعراضيكم‬
‫حييرام عليكييم كحرميية يييومكم هييذا فييي‬
‫شهركم هذا في بلدكم هذا أل هل بلغييت‬
‫"‪.‬‬
‫طرق التصنيف‬
‫ش يوّ ظيياهرة التصيينيف‬ ‫وإذا علمت فُ ُ‬
‫الغلبة ‪,‬وإن إطفاءها واجب ‪ ,‬فيياعلم أن‬
‫المحييترفين لهييا سييلكوا لتنفيييذها طرقييا‬
‫منها ‪:‬‬
‫* أنك ترى الجييراح القصيياب ‪ ,‬كلمييا‬
‫ميير علييى مل ميين الييدعاة اختييار منهييم‬
‫))ذبيحا(( فرماه بقذيفة من هذه اللقاب‬
‫المرة‪,‬تمرق من فمه مروق السهم ميين‬
‫الرمية‪,‬ثم يرمييه فييي الطرييق‪ ,‬ويقيول‪:‬‬
‫‪26‬‬

‫أميطوا الذى عن الطريق‪,‬فإن ذلك ميين‬


‫شعب اليمان؟؟؟‬
‫* وترى دأبه التربص‪,‬والترصييد‪:‬عييين‬
‫لليييترقب وأذن للتجسيييس‪,‬كيييل هيييذا‬
‫للتحريش‪,‬وإشعال نار الفتيين بالصييالحين‬
‫وغيرهم ‪.‬‬
‫* وتيييرى هيييذا ))الرميييز البغييييض((‬
‫مهموميييا بمحاضيييرة اليييدعاة بسلسيييلة‬
‫طويل ذرعها‪,‬رديء متنها‪ ,‬تجر أثقال ميين‬
‫اللقييياب المنفيييرة‪ ,‬والتهيييم الفييياجرة‬
‫‪,‬ليسيييلكهم فيييي قطيييار أهيييل الهيييواء‪،‬‬
‫وضلل أهل القبلة‪ ,‬وجعلهم وقود بلبلة ‪,‬‬
‫وحطيييب اضيييطراب وبالجملييية فهيييذا‬
‫)) القطيع (( هم أسوأ )) غزاة العراض‬
‫بيييالمراض (( والعيييض بالباطيييل فيييي‬
‫غيييوارب العبييياد ‪ ,‬والتفكيييه بهيييا ‪ ,‬فهيييم‬
‫مقربييون بأصييفاد ‪ :‬الغييل ‪ ,‬والبغضيياء ‪,‬‬
‫والحسد ‪ ,‬والغيبة ‪ ,‬والنميمة ‪ ,‬والكذب ‪,‬‬
‫والبهييت ‪ ,‬والفييك ‪ ,‬والهمييز ‪ ,‬واللمييز ‪,‬‬
‫جميعها في نفاذ واحد ‪.‬‬
‫إنهم بحق ‪ )) :‬رمز الرادة السيئة ((‬
‫يرتعون فيها بشهوة جامحة ‪.‬‬
‫نعوذ بالله من حالهم ‪ ,‬ل رعوا ‪.‬‬
‫آثارها‬
‫‪27‬‬

‫* فيييا للييه كييم لهييذه ‪ )) :‬الوظيفيية‬


‫البليسييية (( ميين آثييار موجعيية للجييراح‬
‫نفسه؛ إذ سييلك غييير سييبيل المييؤمنين ‪.‬‬
‫ى‪ ,‬منبييوذ ‪ ,‬آثييم ‪ ,‬جييان علييى‬ ‫فهييو لقيي ً‬
‫نفسه ‪ ,‬وخلقه ‪ ,‬ودينه ‪ ,‬أمته ‪.‬‬
‫من كل أبواب سوء القييول قييد أخييذ‬
‫بنصيب ‪ ,‬فهو يقاسم القاذف ‪ ,‬ويقاسم ‪:‬‬
‫البهات ‪ ,‬والقتات ‪ ,‬والنمام ‪ ,‬والمغتاب ‪,‬‬
‫ويتصييدر الكييذابين الوضيياعين فييي أعييز‬
‫شييييييييييء يملكيييييييييه المسيييييييييلم ‪:‬‬
‫)) عقيدته وعرضه (( ‪.‬‬
‫قال الله تعالى ‪:‬‬
‫} واليييييذين ييييييؤذون الميييييؤمنين‬
‫والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا‬
‫بهتانا وإثما مبينا { ] الحزاب ‪. [ 58 :‬‬
‫وهييذا البهييت قييد يييوجب ‪ )) :‬ردة ((‬
‫للقائل نفسه ‪ ,‬كميا ليو قيال لمين عميل‬
‫بالسلم ‪ :‬رجعييي ‪ ,‬متخلييف ‪ ,‬كمييا تييرى‬
‫تقريييره فييي أبييواب الييردة ميين كتييب‬
‫الشريعة الحديثية والفقهية ؛ ولهذا ألييف‬
‫ابن قطلوبغا‪ ,‬رسالة باسم‪ )):‬ميين يكفيير‬
‫ولم يشعر((‪.‬‬
‫وهذا أسوأ أثر على المتفكهين بهييذه‬
‫الظاهرة فضل عن آثارها الخييرى عليييه‪:‬‬
‫‪28‬‬

‫منهيييا سيييقوط الجيييراح مييين احيييترام‬


‫الخرين‪ ,‬وتقويمه بأنه خفيف ‪ ,‬طّييياش ‪,‬‬
‫رقيق الديانة ‪ ,‬صاحب هوى‪ ,‬جييره هييواه‬
‫وقصييور نظييره عيين تمييييز الحييق ميين‬
‫الباطيييل ‪ ,‬إليييى مخاصيييمة المحيييق ‪,‬‬
‫والهجوم عليه بغير حق ‪.‬‬
‫بل وسوأة عظمى احتساب المبتلييى‬
‫هييذا السييعي بالفسيياد ‪ ,‬ميين الييدين ‪,‬‬
‫وإظهاره بلباس الشرع المتين ‪ ,‬والتلييذذ‬
‫بذكره ‪ ,‬ونشره ‪.‬‬
‫حقا لقد أتعب التاريييخ ‪ ,‬وأتعييب نفسييه ‪,‬‬
‫وآذى التاريخ ‪ ,‬وآذى نفسه ‪ ,‬فل هو قييال‬
‫خيرا فغنم ‪ ,‬ول سكت فسلم ‪.‬‬
‫فإلى قائميية الممقييوتين فييي سييجل‬
‫التاريخ غير مأسوف عليهم ‪:‬‬
‫ل يملك‬ ‫إن الشقي بالشقاء مولع‬
‫الرد له إذا أتى‬

‫* وكم أورثت هذه التهم الباطلة من‬


‫أذى للمكلوم بها من خفقة في الصييدر ‪,‬‬
‫ودمعيية فييي العييين ‪ ,‬وزفييرات تظلييم‬
‫يرتجف منهييا بييين يييدي ربييه فييي جييوف‬
‫الليييل ‪ ,‬لهجييا بكشييفها ميياد ّا ً يييديه إلييى‬
‫مغيث المظلومين ‪ ,‬كاسر الظالمين ‪.‬‬
‫‪29‬‬

‫والظييالم يغييط فييي نييومه ‪ ,‬وسييهام‬


‫المظلييومين تتقيياذفه ميين كييل جييانب ‪,‬‬
‫عسى أن تصيب منه مقتل ‪.‬‬
‫فيا لله ‪ " :‬ما أعظم الفرق بين من‬
‫نام وأعين الناس ساهرة تدعو له ‪ ,‬وبين‬
‫من نام وأعين الناس تدعو عليه‪. " 6‬‬
‫* وكييم جييرت هييذه المكيييدة ميين‬
‫قارعة في الديار ‪ ,‬بتشويه وجييه الحييق ‪,‬‬
‫والوقوف فييي سيبيله ‪ ,‬وضييرب للييدعوة‬
‫من حدثاء السنان فييي عظميياء الرجييال‬
‫باحتقارهم وازدرائهم ‪ ,‬والستخفاف بهم‬
‫وبعلييومهم ‪ ,‬وإطفيياء مييواهبهم ‪ ,‬وإثييارة‬
‫الشحناء ‪ ,‬والبغضاء بينهم ‪.‬‬
‫ثم هضم لحقوق المسلمين ‪ :‬في‬
‫دينهم ‪ ,‬وعرضهيم ‪.‬‬
‫وتحجيييم لنتشييار الييدعوة بينهييم ‪ ,‬بييل‬
‫صناعة توابيت ‪ ,‬تقبر فيها أنفاس الدعاة‬
‫ونفائس دعوتهم ؟؟‬
‫انظيير ‪ :‬كيييف يتهييافتون علييى إطفيياء‬
‫نورها ‪ ,‬فالله حسبهم ‪,‬‬

‫وهو حسيبهم ‪.‬‬


‫‪30‬‬

‫وهذا مطمع مؤكد من خطييط أعييداء‬


‫المليية لعييدائها ‪ ,‬والسييتعداء عليهييا فييي‬
‫سييَلة لكيييد المسييلمين ‪,‬‬‫ف ْ‬
‫منظييومتهم ال َ‬
‫ومنها ‪:‬‬
‫أن الكفييار تكلمييوا طعنييا فييي راوييية‬
‫السلم أبييي هريييرة‪ -‬رضييي اللييه عنييه‪-‬‬
‫دون غيييره ميين الصييحابة‪-‬رضييي اللييه‬
‫عنهم‪-‬؛ لنه أكثرهم رواية‪ ,‬فإذا استسهل‬
‫الطعن فيه‪ ,‬تبعه من دونه رواية‪.‬‬
‫لهذا فقد أطبق أهل الملة السلمية‬
‫‪ ,‬على أن الطعن في واحد من الصحابة‬
‫‪ -‬رضييييي اللييييه عنهييييم ‪ : -‬زندقيييية‬
‫مكشوفة ‪.‬‬
‫قييال أبييو زرعيية الييرازي – رحمييه اللييه‬
‫تعالى‪: - 7‬‬
‫" إذا رأيت الرجل ينتقيص أحيدا مين‬
‫اللييه‪- -‬فيياعلم‬ ‫أصحاب رسول‬
‫أنه زنديق؛ وذلييك أن رسييول اللييه‪- -‬‬
‫حييق‪ ،‬والقييرآن حيق‪ ،‬وميا جياء بيه حييق‪،‬‬
‫وإنما أدى إلينا ذلك كله الصحابة‪ ،‬وهؤلء‬
‫يريييدون أن يجرحييوا شييهودنا؛ ليبطلييوا‬
‫الكتاب والسنة‪ ،‬والجرح بهم أولى‪ ،‬وهييم‬
‫زنادقة " ‪.‬‬
‫‪31‬‬

‫وقد أجرى العلماء هذا الحكييم بميين‬


‫قييدح فييي أحييد ميين حمليية الشييرع‬
‫المطهر ‪ ،‬علماء المة العيياملين ؛ لن‬
‫القيدح‬
‫بالحامل يفضييي إلييى القييدح بمييا يحملييه‬
‫ميين رسييالة البلغ لييدين اللييه وشييرعه ؛‬
‫ولهذا أطبق العلماء – رحمهم الله تعالى‬
‫– على أن من أسييباب اللحيياد ‪ ":‬القييدح‬
‫بالعلماء "‪.‬‬
‫قال الدورقي – رحمه الله تعالى ‪:-‬‬
‫" من سمعته يذكر أحمييد بيين حنبييل‬
‫بسوء فاتهمه على السلم " ‪.‬‬
‫وقالها أحمد – رحمييه اللييه تعييالى – فييي‬
‫حق يحيى بن معييين ‪ ،‬وقيلييت فييي حييق‬
‫أبي زرعة ‪ ،‬وعكرمة – رحم الله الجميييع‬
‫‪.-‬‬
‫" قال سفيان بن وكيع ‪ :‬أحمد عندنا‬
‫محنة ‪ ،‬من عاب أحمد فهو عندنا فاسييق‬
‫"‪.‬‬
‫وقال غيره ‪ " :‬احمد محنة به يعرف‬
‫المسلم من الزنديق " ‪.‬‬
‫وقيل فيه ‪:‬‬
‫أضحى ابن حنبل محنة مأمونة‬
‫‪32‬‬

‫وبحب أحمد يعييرف‬


‫المتنسك‬
‫وإذا رأيت لحمد متنقصا‬
‫فاعلم بييأن سييتوره‬
‫ستهتك‬
‫فأهل السنة يمتحن بمحبتهم فيتميييز‬
‫أهيييل السييينة بحبهيييم ؛ وأهيييل البدعييية‬
‫ببغضهم ‪:‬‬
‫وقال الحافظ ابيين عسيياكر – رحمييه‬
‫الله تعال‪8‬ى ‪: -‬‬
‫" واعلم يييا أخييي وفقنييا اللييه وإييياك‬
‫لمرضاته ‪ ،‬وجعلنيا مميين يخشيياه ويتقيييه‬
‫حييق تقياته ‪ ،‬أن لحييوم العلميياء – رحميية‬
‫الله عليهم – مسمومة ‪ ،‬وعادة الله فييي‬
‫هتييك أسييتار منتقصيييهم معلوميية ؛ لن‬
‫الوقعييية فيهييم مرتييع وخيييم ‪ ،‬والختلف‬
‫على من اختاره الله منهم لنعييش العلييم‬
‫خلق ذميم …‪. ".‬‬
‫ومازالت ثائرة أهل الهواء ‪ ،‬توظييف‬
‫هذه المكيدة في ثلب علماء المة ‪ .‬فقد‬
‫لجوا في الحط على شيييخ السييلم ابيين‬
‫تيمية – رحمه اللييه تعييالى – لنييه عمييدة‬
‫فييي القييرون المتييأخرة لحييياء منهييج‬
‫السلف ‪.‬‬
‫‪33‬‬

‫ونشييروا فييي العييالم التشيينيع علييى‬


‫دعوة علماء السلف فييي قلييب الجزيييرة‬
‫العربييييية بييييالرجوع إلييييى الييييوحيين‬
‫الشيييريفين ‪ ،‬ونيييبزهم بشيييتى اللقييياب‬
‫للتنفير ‪.‬‬
‫وفي عصرنا الحاضر يأخذ الدور فييي‬
‫هييذه الفتنيية دورتييه فييي مسييلخ ميين‬
‫المنتسبين إلى السنة متلفعين متلفعييين‬
‫بمرط ينسبونه إلى السلفية – ظلما لهييا‬
‫– فنصبوا أنفسهم لرمي الدعاة بالتهم‬

‫الفاجرة ‪ ،‬المبنية على الحجييج الواهييية ‪،‬‬


‫واشتغلوا بضللة التصنيف ‪.‬‬
‫وهذا بلء عريض ‪ ،‬وفتنة مضييلة فييي‬
‫تقليص ظل الييدين ‪ ،‬وتشييتيت جميياعته ‪،‬‬
‫وزرع البغضيياء بينهييم ‪ ،‬وإسييقاط حملتييه‬
‫ميين أعييين الرعييية ‪ ،‬ومييا هنالييك ميين‬
‫العناد ‪ ،‬وجحد الحق تارة ‪ ،‬ورده أخرى ‪.‬‬
‫صيييدق الئمييية الهيييداة ‪ :‬إن رميييي‬
‫العلميياء بالنقييائص ‪ ،‬وتصيينيفهم البييائس‬
‫من البينات ‪ ،‬فتح باب الزندقة ‪.‬‬
‫‪34‬‬

‫* ويييا للييه كييم صييدت هييذه الفتنيية‬


‫العمييياء عيين الوقييوف فييي وجييه المييد‬
‫اللحييادي ‪ ،‬والمييد الطرقييي ‪ ،‬والعبييث‬
‫الخلقييي ‪ ،‬وإعطيياء الفرصيية لهييم فييي‬
‫استباحة أخلقيات العباد ‪ ،‬وتأجيييج سييبل‬
‫الفساد والفساد ‪.‬‬
‫إلييى آخيير مييا تجييره هييذه المكيييدة‬
‫المهينة من جنايات على الييدين ‪ ،‬وعلييى‬
‫علمائه ‪ ،‬وعلى المة ‪ ،‬وعلى ولة أمرهييا‬
‫‪.‬‬
‫وبالجملة فهي فتنة مضلة ‪ ،‬والقييائم‬
‫)) منشييق ((‬ ‫يهييا )) مفتييون (( و‬
‫عن جماعة المسلمين ‪.‬‬
‫*********‬

‫سندها‬
‫* وبعيييييد الشيييييارة إليييييى آثيييييار‬
‫)) المنشقين (( وغوائل تصيينيفهم فإنييك‬
‫لو سألت ‪ )) :‬الجراح (( عيين مسييتنده ‪،‬‬
‫وبينتييه علييى هييذا )) التصيينيف (( الييذي‬
‫يصك بع العباد صك الجندل ‪ ،‬لفلت يديه‬
‫‪ ،‬يقلب كفيه ‪ ،‬متلعثما اليوم بما بييرع بييه‬
‫‪35‬‬

‫لسانه بالمس ‪ ،‬ولوجدت نهاية مييا لييديه‬


‫من بينات هي ‪:‬‬
‫وساوس غامضة ‪ ،‬وانفعالت متوترة‬
‫‪ ،‬وحسد قاطع ‪.‬‬
‫وتوظييييف لسيييوء الظييين ‪ ،‬والظييين‬
‫أكذب الحديث ‪.‬‬
‫وبنيياء الزعيم ‪ ،‬وبئس مطييية الرجييل‬
‫زعموا ‪.‬‬
‫فالمنشق يشيد الحكام علييى هييذه‬
‫الوهام المنهارة ‪ ،‬والظنون المرجوحة ‪،‬‬
‫ومييييتى كييييانت أساسييييا تبنييييى عليييييه‬
‫الحكام‪ 9‬؟؟‬
‫ومن آحادهييا السييخيفة الييتي يييأتمرون‬
‫ويتلقون عليها للتصنيف‪:‬‬
‫* فلن يترحم على فلن ‪ ،‬وهييو ميين‬
‫الفرقة الفلنية ؟‬
‫فانظر كيف يتحرجييون رحميية اللييه ‪،‬‬
‫ويقعييون فييي أقييوام لعلهييم قييد حطييوا‬
‫رحالهم في الجنة ‪ ،‬إضافة إلى التصنيف‬
‫بالثم ‪.‬‬
‫* إنه يذكر فلنا بالدرس ‪ ،‬وينقل‬
‫والذي تحرر لي أن‬ ‫عنه ‪:‬‬
‫العلماء ل ينقلون عن أهل الهواء‬
‫‪36‬‬

‫المغلظة ‪ ،‬والبدع الكبرى – المكفرة ‪، -‬‬


‫ول عن صاحب هوى أو بدعة في‬
‫بدعته ‪ ،‬ول متظاهر ببدعة متسافه بها ‪،‬‬
‫داعية إليها ‪.‬‬
‫ومييا دون ذلييك ينقلييون عنهييم علييى‬
‫الجادة أي ‪ :‬سبيل العتبار ‪ ،‬كالشأن في‬
‫سييييياق الشييييواهد والمتابعييييات فييييي‬
‫المرويات ‪.‬‬
‫* وميين مسييتندات )) المنشييقين ((‬
‫الجراحيييين ‪ :‬تتبيييع العيييثرات ‪ ،‬وتلميييس‬
‫الزلت ‪ ،‬والهفوات ‪.‬‬
‫فيجرح بالخطأ ‪ ،‬ويتبع العالم بالزلة ‪،‬‬
‫ول تغفر له هفوة ‪.‬‬
‫وهذا منهج مرد ‪.‬‬
‫فمن ذا الذي سلم من الخطأ – غييير‬
‫أنبيييياء الليييه ورسيييله ‪ ، -‬وكيييم لبعيييض‬
‫المشاهير من العلماء ميين زلت ‪ ،‬لكنهييا‬
‫مغتفرة بجانب ما هم عليه ما هييم عليييه‬
‫من الحق والهدى والخير الكثير ‪:‬‬
‫ومين ليه‬ ‫من الذي ما ساء قيط‬
‫الحسنى فقط‬
‫ولو أخذ كل إنسان بهييذا لمييا بقييي معنييا‬
‫أحد ‪ ،‬ولصييرنا مثييل دودة القييز ‪ ،‬تطييوي‬
‫نفسها بنفسها حتى تموت ‪.‬‬
‫‪37‬‬

‫وانظيير ‪ :‬مييا ثبييت فييي )) الصييحيحين ((‬


‫عيين جييابر – رضييي اللييه عنييه – " أن‬
‫رسول الله ‪ - -‬نهى أن يطرق الرجل‬
‫أهله ليل يتخونهم أو يلتمس عثراتهم " ‪.‬‬
‫هذا وهم أهل بيييت الرجييل وخاصييته‬
‫فكيف بغيرهم ؟‬
‫وما شرع أدب الستئذان ‪ ،‬وما يتبعه‬
‫من تحسيس أهل البيت بدخول الداخل‬
‫إل للبعييد عيين الوقييوع علييى العييثرات‬
‫فكيف بتتيعها ‪.‬‬
‫* ومن طرائقهم ‪:‬‬
‫ترتيييييب سييييوء الظيييين ‪ ،‬وحمييييل‬
‫التصييرفات قييول ‪ ،‬وفعل علييى محامييل‬
‫السوء والشكوك ‪.‬‬
‫ومنييه ‪ :‬التنيياوش ميين مكييان بعيييد‬
‫لحميل الكلم عليى محاميل السيوء بعيد‬
‫بذل الهيم القياطع للترصيد ‪ ،‬واليتربص ‪،‬‬
‫والفييرح العظيييم بييأنه وجييد علييى فلن‬
‫كذا ‪ ،‬وعلى فلن كذا ‪.‬‬
‫ومييتى صييار ميين دييين اللييه ‪ :‬فييرح‬
‫المسلم بمفارقة أخيه المسلم للثام ‪.‬‬
‫أل إن هذا التصيييد ‪ ،‬داء خييبيث مييتى‬
‫ما تمكن من نفس أطفأ ما فيها من نور‬
‫اليمييان ‪ ،‬وصييير القلييب خرابييا يبابييا ‪،‬‬
‫‪38‬‬

‫يسييتقبل الهييواء والشييهوات‪ ،‬ويفرزهييا‪.‬‬


‫نعوذ بالله من الخذلن ‪.‬‬
‫وميييين هييييذا العييييرض يتييييبين أن ‪:‬‬
‫)) ظيياهرة التصيينيف (( تسييري بييدون‬
‫مقومييات مقبوليية شييرعا ‪ ،‬فهييي مبنييية‬
‫علييى دعييوى مجييردة ميين الييدليل ‪ ،‬وإذا‬
‫كانت كييذلك بطييل الدعيياء ‪ ،‬واضييمحلت‬
‫الدعوى ‪ ،‬وأصبحت غير مسموعة شرعا‬
‫‪ ،‬وآلت حال المييدعي إلييى مييدعى عليييه‬
‫تقييام الييدعوى بمييا كييذب وافييترى وفييي‬
‫الحديث أن النبي ‪ - -‬قال ‪:‬‬
‫" لييو يعطييى النيياس بييدعواهم … "‬
‫الحديث ‪.‬‬
‫دوافعها‬
‫* حينئذ يييييأتي السييييؤال ‪ :‬ميييياهي‬
‫السباب الداعية إلى شييهوة التجريييح بل‬
‫دليل ؟‬
‫والجواب ‪ :‬أن الدافع ل يخلو ‪:‬‬
‫* إمييا أن يكييون الييدافع )) عييداوة‬
‫عقدييية فييي حسييبانه (( فهييذا لربيياب‬
‫التوجهات الفكرية ‪ ،‬والعقدييية المخالفيية‬
‫للسلم الصحيح في إطار السلف ‪.‬‬
‫وهؤلء هييم الييذين ألقييوا بييذور هييذه‬
‫الظاهرة في ناشئتنا ‪.‬‬
‫‪39‬‬

‫* أو يكيييون اليييدافع مييين تليييبيس‬


‫إبليس ‪ ،‬وتلعبييه فييي بعييض العبيياد بييداء‬
‫الوسواس ‪ ،‬وكثيرا ما يكييون فييي هييؤلء‬
‫الصالحين من نفييث فيهييم أهييل الهييواء‬
‫نفثة ‪ ،‬فتمكنت ميين قلييوبهم ‪ ،‬وحسييبوها‬
‫زيادة في التوقي الورع ‪ ،‬فطاروا بها كل‬
‫مطار حتى أكلييت أوقياتهم ‪ ،‬واسييتلهمت‬
‫جهودهم ‪ ،‬وصدتهم عما هم بحاجيية إليييه‬
‫من التحصيييل ‪ ،‬والوقييوف علييى حقييائق‬
‫العلم واليمان ‪.‬‬
‫ولهييذا كييثرت أسييئلتهم عيين فلن ‪،‬‬
‫وفلن ‪ ،‬ثيييم تنزليييت بهيييم الحيييال إليييى‬
‫الوقوع فيهم ‪.‬‬
‫وكأن ابن القيم – رحمه اللييه تعييالى‬
‫– شاهد عيان لما يجييري فييي عصييرنا إذ‬
‫يقول‪: 10‬‬
‫" وميين العجييب أن النسييان يهييون‬
‫علييييه التحفيييظ والحيييتراز مييين أكيييل‬
‫الحيرام ‪ ،‬والظليم ‪ ،‬والزنيا ‪ ،‬والسيرقة ‪،‬‬
‫وشرب الخميير ‪ ،‬وميين النظيير المحييرم ‪،‬‬
‫وغير ذلك ‪.‬‬
‫ويصييعب عليييه التحفييظ ميين حركيية‬
‫لسييانه ‪ ،‬حييتى نييرى الرجييل يشييار إليييه‬
‫بالدين ‪ ،‬والزهد ‪ ،‬والعبيادة ‪ ،‬وهيو يتكليم‬
‫‪40‬‬

‫بالكلمات من سخط الله ل يلقي لها بال‬


‫‪ ،‬وينزل بالكلمة الواحدة منها أبعد ‪ ،‬بييين‬
‫المشرق والمغرب ‪.‬‬
‫وكييم تييرى ميين رجييل متييورع عيين‬
‫الفييواحش والظلييم ولسييانه يفييري فييي‬
‫أعراض الحييياء والمييوات ول يبييالي مييا‬
‫يقول (انتهى ‪.‬‬
‫* أو يكييون الييدافع ‪ )) :‬داء الحسييد‬
‫والبغي والغيرة (( وهي أشد مييا تكييون‬
‫بييين المنتسييبين إلييى الخييير والعلييم ‪،‬‬
‫فإذا رأى المغبون في حظييه ميين هبييوط‬
‫فييي قلييوب‬ ‫منزلته العتبارييية‬
‫الناس ‪ ،‬وجفولهم لهم عنه ‪ ،‬بجانب مييييا‬
‫كتب الله لحييد أقرانييه ميين نعميية – هييو‬
‫محيييروم ‪ ، -‬مييين‬ ‫منهيييييييا‬
‫القبييول فييي الرض ‪ ،‬وانتشييار الييذكر ‪،‬‬
‫والتفيياف الطلب حييوله ‪ ،‬أخييذ بتييوهين‬
‫حاله ‪ ،‬وذمه بما يشبه المدح ‪ ،‬فلن كييذا‬
‫إل أنه …‬
‫وقد يسلك – وشتان بين المسييلكين‬
‫– صيينيع المتييورعين مين المحيدثين فييي‬
‫المجروحييين كحركييات التييوهين ‪ ،‬وصيييغ‬
‫الدعاء التي تشييير إلييى المؤاخييذات ‪،‬‬
‫واللييه يعلييم أنييه ل يريييد إل التمريييض ‪،‬‬
‫‪41‬‬

‫يفعييل هييذا كمييدا ميين بيياب الضييرب‬


‫للمحظوظين بوساوس المحرومين ‪.‬‬
‫وكل هذا من عمل الشيطان ‪.‬‬
‫ومين هنيا تبتهيج النفيس بدقية نظير‬
‫النقيياد ؛ إذ صييرفوا النظيير عمييا سييبيله‬
‫كذلك من تقادح القران ‪.‬‬
‫ولهييذا تتييابعت كلمييات السييلف كمييا‬
‫روى بعضا منها ابن عبدالبر – رحمه الله‬
‫تعالى – بأسانيده في ‪ )) :‬جامعه (( عيين‬
‫ابن عباس –ر ضي الله عنهمييا – ومالييك‬
‫بيين دينييار ‪ ،‬وابيين حييازم – رحمهييم اللييه‬
‫تعالى – ومنها ‪:‬‬
‫" خييذوا العلييم حيييث وجييدتم ‪ ،‬ول‬
‫تقبلوا قول الفقهاء بعضهم على بعييض ‪،‬‬
‫فيييإنهم يتغيييايرون تغييياير اليييتيوس فيييي‬
‫الزريبة " ‪.‬‬
‫وقال أبي حازم ‪:‬‬
‫" العلميياء كييانوا فيمييا مضييى ميين‬
‫الزمان إذا لقي العالم من هو فوقه فييي‬
‫العلم كيان ذليك ييوم غنيمية ‪ ،‬وإذا لقيي‬
‫من هو مثله ذاكييره ‪ ،‬وإذا لقييي ميين هييو‬
‫دونييه لييم يييزه عليييه حييتى كييان هييذا‬
‫الزمييان ‪ ،‬فصييار الرجييل يعيييب ميين هييو‬
‫فيوقه ابتغياء أن ينقطيع منيه حيتى ييرى‬
‫‪42‬‬

‫الناس أنه ليس به حاجه إليه ‪ ،‬ول يذاكر‬


‫ميين هييو مثلييه ‪ ،‬ويزهييى علييى ميين هييو‬
‫دونه ‪ ،‬فهلك الناس " ‪.‬‬
‫وصدق النبي ‪ - -‬فيما رواه حييواري‬
‫رسول الله ‪ - -‬وابن عمته ‪ :‬الزبير بن‬
‫العييوام – رضييي اللييه عنييه – أن رسييول‬
‫الله ‪ - -‬قال ‪:‬‬
‫" دب إليكم داء المم قبلكييم ‪ :‬الحسييد ‪،‬‬
‫والبغضيياء ‪ ،‬البغضيياء هييي الحالقيية ‪ ،‬ل‬
‫أقول تحلق الشعر ‪ ،‬ولكن تحلق الدين ‪،‬‬
‫والذي نفسي بيده ل تدخلوا الجنيية حييتى‬
‫تؤمنيييوا ‪ ,‬ول تؤمنيييوا حيييتى تحيييابوا‪ ،‬أل‬
‫أنييبئكم بمييا يثبييت ذلييك لكييم ‪ :‬أفشييوا‬
‫السلم بينكم "‪.‬‬
‫* أو اليييدافع ‪ )) :‬عيييداوة دنيويييية ((‬
‫فكم أثارت من تباغض وشحناء ‪ ،‬ونكييد ‪،‬‬
‫ومكابدة ‪ ،‬فهييؤلء دائمييا فييي غصيية ميين‬
‫حييياتهم ‪ ،‬وتحييرق علييى حظييوظهم ‪ ،‬ول‬
‫ينالون شيئا ‪.‬‬

‫" وإنما أهلك الناس الدرهم والدينار‬


‫"‪.‬‬
‫واللبيب يعرف شرح ذلك ‪.‬‬
‫‪43‬‬

‫وعلى كل حال فإن الهوى هو الييذي‬


‫يحمل الفريقييين علييى هييذه الموبقييات ‪،‬‬
‫وقد يجتمع في النسان أكثر من دافع ‪.‬‬
‫وأشييدهم طوعييا للهييوى ‪ ،‬أكييثرهم‬
‫إغراقا في هييذه الييدوافع ؛ إذ إن إصييدار‬
‫أي حكم ل يخلو من واحد من مأخذين ل‬
‫ثالث لهما ‪:‬‬
‫‪ -1‬الشريعة ‪ :‬وهييي المسييتند الحييق‬
‫وموئل )) العدل (( ‪ ،‬وماذا بعد الحق‬
‫إل الضلل ‪.‬‬
‫‪ -2‬الهييوى ‪ :‬وهييو المأخييذ الييواهي‬
‫الباطييل المييذموم ‪ ،‬ول يييترتب عليييه‬
‫حق أبدا ‪.‬‬
‫والهوى – نعوذ بالله منييه – هييو أول‬
‫فتنة طرقت العالم ‪ ،‬وباتباع الهوى ضييل‬
‫إبليس ‪ ،‬وبه ضييل كييثير ميين المييم عيين‬
‫اتباع رسلهم وأنبيييائهم كمييا فييي قصييص‬
‫القرآن العظيم ؛ ولهذا حكم الله – وهييو‬
‫أعدل الحاكمين – أنه ل أحد أضييل مميين‬
‫اتبع هواه ‪ ،‬فقال سبحانه ‪:‬‬
‫} ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى‬
‫] القصص ‪[ 50 :‬‬ ‫من الله {‬
‫وقال تعالى‬
‫‪44‬‬

‫} ول تتبع الهوى فيضلك عن سييبيل‬


‫الله إن الييذين يضييلون عيين سييبيل اللييه‬
‫لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب‬
‫] ص ‪[ 66 :‬‬ ‫{‬
‫ولييذلك قيييل للمييائلين عيين سييبيل‬
‫القصد ‪ ):‬أهل الهواء ( ؛ وذلك لتبيياعهم‬
‫الهوى ‪ ،‬أو لنها تهوي بأهلها في النار ‪.‬‬
‫* وإذا كان أهييل الهييواء قييد نجحييوا‬
‫فييي نفثتهييم المحموميية هييذه ‪ ،‬ففتييح‬
‫الغييرار بهييا كييوة علييى علمييائهم ‪ ،‬فييإن‬
‫اللدينيين قييد حولوهييا إلييى بيياب مفتييوح‬
‫على مصييراعيه ‪ ،‬فييألحقوا كييل نقيصيية ‪،‬‬
‫وسخرية في كييل متييدين وعبييد صييالح ‪،‬‬
‫وأمييا العلميياء فقييد جعلييوهم )) وقييود‬
‫البلبلة وحطب الضطراب (( ‪.‬‬
‫الشتقاق بها‬
‫* وإذا كيييانت هيييذه الظييياهرة ميييع‬
‫شيييوعها ‪ ،‬وانتشييارها ‪ ،‬واهييية السييند ‪،‬‬
‫معدوميية البينيية ‪ ،‬فميين هييو الييذي تييولى‬
‫كبرها ‪ ،‬ونفييخ فييي كيرهييا ‪ ،‬وسييعى فييي‬
‫الرض فسادا بنشييرها ‪ ،‬وتحريييك الفتيين‬
‫بها ‪ ،‬والتحريش بواسطتها ؟؟؟‬
‫والجواب ‪ :‬هييم أربيياب تلييك اليدوافع‪،‬‬
‫ول تبتعييد فتبييتئس وخييل عنييك التحييذلق‬
‫‪45‬‬

‫والفجيييور‪ ،‬نعيييوذ بيييالله مييين أميييراض‬


‫القلوب ‪.‬‬
‫والنفس ل تتقطع حسرات هنا ‪ ،‬فإن‬
‫ميين فييي قلبييه نييوع هييوى وبدعيية ‪ ،‬قييد‬
‫عرفت هييذه الفعلت ميين جييادتهم الييتي‬
‫يتوارثونهيا عليى ميدى التارييخ ‪ ،‬وتيوالي‬
‫العصر ‪ ،‬وقد نبه على مكايدهم العلماء ‪،‬‬
‫وحذروا الغرار من الغترار …‬
‫لكن بلية ل لعا ً لها ‪ ،‬وفتنة وقى اللييه‬
‫شرها حين سرت في عصييرنا – ظيياهرة‬
‫الشييغب هييذه إلييى ميين شيياء اللييه ميين‬
‫المنتسبين إلى السنة ‪ ,‬ودعوى نصرتها ‪،‬‬
‫فاتخييذوا )) التصيينيف بالتجريييح (( دينييا‬
‫وديدنا ً ‪ ،‬فصاروا إلب يا ً علييى أقرانهييم ميين‬
‫أهييل السيينة ‪ ،‬وحربييا علييى رؤوسييهم ‪،‬‬
‫وعظمييييائهم ‪ ،‬يلحقييييونهم الوصيييياف‬
‫المرذولييييية ‪ ،‬و ينيييييبزونهم باللقييييياب‬
‫المستشنعة المهزولة ‪ ،‬حتى بلغت بهييم‬
‫الحييال أن فيياهوا بقييولتهم عيين إخييوانهم‬
‫في العتقاد ‪ ،‬والسنة ‪ ،‬والثر‪ ):‬هم أضر‬
‫مييييين اليهيييييود والنصيييييارى ( و ) فلن‬
‫زنديق (؟؟‬
‫وتعيياموا عيين كييل مييا يجتيياب ديييار‬
‫المسيييلمين‪ ،‬ويخيييترق آفييياقهم‪ ،‬ومييين‬
‫‪46‬‬

‫الكفر ‪ ،‬والشرك ‪ ،‬والزندقة ‪ ،‬واللحيياد ‪،‬‬


‫وفتح سبل الفساد والفسيياد ‪ ،‬ومييا يفييد‬
‫فييي كييل صييباح ومسيياء ميين مغريييات‬
‫وشهوات ‪ ،‬وأدواء وشبهات ‪ ،‬تنتج تكفييير‬
‫المة ‪ ،‬وتفسيييقها ‪ ،‬وإخراجهييا نشييأ آخيير‬
‫منسلخا من دينه وخلقه ‪.‬‬
‫وهنييا ‪ ،‬وميين هييذا )) النشييقاق ((‬
‫تشفى المخالف بواسطة‬
‫)) المنشيييقين (( ووصيييل العيييدو مييين‬
‫طريقهم ‪ ،‬وجندوهم للتفريييق مين حييث‬
‫ض عيين‬ ‫يعلمون أول يعلمون ‪ ،‬وانفض بع ٌ‬
‫العلميياء ‪ ،‬واللتفيياف حييولهم ‪ ،‬ووهنييوا‬
‫حالهم ‪ ،‬وزهدوا الناس في عملهم‪.‬‬
‫وبهيييؤلء )) المنشيييقين (( آل أمييير‬
‫طلئع الميييية ‪ ،‬وشييييبابها إلييييى أوزاع ‪،‬‬
‫وأشتات ‪ ،‬وفرق ‪ ،‬وأحزاب‪ ،‬وركض وراء‬
‫السراب‪ ،‬وضياع في المنهج ‪ ،‬والقييدوة ‪،‬‬
‫ومييا نجييا ميين غمرتهييا إل ميين صييحبه‬
‫التوفيق ‪ ،‬وعمر اليمان قلبه ‪.‬‬
‫ول حول ول قوة إل بالله ‪.‬‬
‫وهييذا)النشييقاق ( فييي صييف أهييل‬
‫السنة لول مرة– حسييبما نعلييم – يوجييد‬
‫في المنتسبين إليهم من يشاقهم‪ ،‬ويجند‬
‫نفسييه لمثييافنتهم ‪ ،‬ويتوسييد ذراع الهييم‬
‫‪47‬‬

‫لطفاء جييذوتهم‪ ،‬والوقييوف فييي طريييق‬


‫دعييوتهم‪ ،‬وإطلق العنييان للسييان يفييري‬
‫في أعراض الدعاة ويلقي فييي طريقهييم‬
‫العوائق في‪):‬عصبية طائشة (‪.‬‬
‫فلو رأيتهم – مساكين يرثييى لحييالهم‬
‫وضياعهم – وهم يتواثبييون ‪ ،‬ويقفييزون ‪،‬‬
‫والله أعلم بمييا يوعييون ‪ ،‬لدركييت فيهييم‬
‫الخفة والطيش فييي أحلم طييير ‪ .‬وهييذا‬
‫شأن مين يخفيق عليى غيير قاعيدة وليو‬
‫حاججت الواحد منهم لما رأيت عنييده إل‬
‫قطعة من الحماس يتدثر بهييا علييى غييير‬
‫بصيرة ‪ ،‬فيصل إلى عقييول السييذج ميين‬
‫بيياب هييذه الظيياهرة ‪ :‬الغيييرة ‪ .‬نصييرة‬
‫السنة ‪ .‬وحدة المة ‪ .‬وهم أول من يضع‬
‫رأس المعول لهييدمها ‪ ،‬وتمزيييق شييملها‬
‫…‬
‫لكييييين مميييييا يطمئن أن هيييييذه ‪:‬‬
‫)) وعكة (( مصيرها إلى الضمحلل و ))‬
‫لوثيية وافييدة (( تنطفييي عيين قريييب ‪،‬‬
‫وعييودة )) المنشييقين (( إلييى جماعيية‬
‫المسلمين أن تعلم ‪:‬‬
‫* أن هذا التبدد يعيش فييي أفييراد بل‬
‫أتباع ‪ ،‬وصدق الله ‪:‬‬
‫‪48‬‬

‫} وميييا للظيييالمين مييين أنصيييار {‬


‫] البقرة ‪. [ 270 :‬‬
‫ومن صالح الدعاء ‪:‬‬
‫} ربنا ل تجعلنا من القوم الظالمين {‬
‫] العراف ‪. [ 47 :‬‬
‫وقوله تعالى ‪:‬‬
‫} رب فل تجعلنيييييي فيييييي القيييييوم‬
‫الظالمين { ] المؤمنين ‪[ 94 :‬‬
‫* وأن هيييؤلء الفيييراد يسييييرون بل‬
‫قضية ‪.‬‬
‫* وأن جيولنهم ‪ :‬هيو مين فيزع وثبية‬
‫النشقاق ؛ ولهذا تلمييس فيهييم زعييارة ‪،‬‬
‫وقلة توفيق ‪.‬‬
‫فل بد ‪ 0‬بإذن الله تعالى – أن تخبييوا‬
‫هييذه اللوثيية ‪ ،‬ويتقلييص ظلهييا ‪ ،‬وتنكتييم‬
‫أنفاسها ‪ ،‬ويعود )) المنشق (( تائبييا إلييى‬
‫صف جماعة المسلمين ‪ ،‬تاليا قول اللييه‬
‫تعيييالى } ربيييي نجنيييي مييين القيييوم‬
‫الظالمين { ] القصص ‪. [ 21 :‬‬
‫تبعة فشوها‬
‫* ثم يأتي سؤال ثان ‪:‬‬
‫من الذي يحمل تبعة فشو )) ظاهرة‬
‫التصييينيف (( فالنشيييقاق عييين )) أهيييل‬
‫السنة (( ؟؟‬
‫‪49‬‬

‫يحتمل تبعتها فريقان ‪:‬‬


‫الول ‪ :‬الغيييييافلون عييييين تنفيييييس‬
‫التوجهات الفكرية‪ ،‬والعقدية‪ ،‬والمادييية ‪،‬‬
‫وزرعها في أفئدة الناشئة ‪.‬‬
‫وأصله ‪ :‬التفريييط فييي الغيييرة علييى‬
‫الحييق ‪ ،‬والميير بييالمعروف والنهييي عيين‬
‫المنكر ‪ ،‬ومييد بسيياط ‪ :‬عسييى ‪ ،‬ولعييل ‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬غياب العالم القييدوة عيين القيييام‬
‫بييدوره الجهييادي الييتربوي ‪ -‬بل تذبييذب‬
‫‪-‬كل بمييا فتييح اللييه عليييه حسييب وسييعه‬
‫وطاقته ‪.‬‬
‫لهذين الثر العظيم في تنفييس هييذه‬
‫الظاهرة ‪.‬‬
‫العمل لمواجهتها‬
‫هييذه هييي حقيقيية هييذه الظيياهرة ‪،‬‬
‫وآثارها ‪ ،‬ومستندها ‪ ،‬ودوافعها ‪ ،‬ومتولي‬
‫كبرها ‪ ،‬وأسباب فشوها ‪ ،‬وتفنيدها ‪.‬‬
‫حينئذ يأتي سؤال يفرض نفسه ‪:‬‬
‫ما العمل لمواجهتها ‪ ،‬وكييف بأسييها عيين‬
‫المسلمين ؟‬
‫فأقول ‪:‬‬
‫العمل في أصول إلى ثلث فئات ‪:‬‬
‫‪ -1‬إلييييى )) الجييييراح (( المتلبييييس‬
‫بظاهرة التصنيف ‪.‬‬
‫‪50‬‬

‫‪ -2‬إلى الذي وجه إليه التصنيف ‪.‬‬


‫‪ -3‬أصول لهما‪ ،‬ولكييل مسييلم يرييد‬
‫الله والدار الخرة‪.‬‬
‫فإلى بيانها ‪:‬‬
‫‪51‬‬

‫ف‬
‫صِني ِ‬
‫ف الت ّ ْ‬
‫حت َرِ ِ‬ ‫إ َِلى ُ‬
‫م ْ‬
‫ضعََها‬
‫مو ْ ِ‬ ‫ْ‬
‫خطوِ َ‬ ‫ل ال َ‬‫ك قَب ْ َ‬ ‫جل ِ َ‬
‫در ل ِرِ ْ‬ ‫قَ ّ‬
‫ن‬
‫عيي ْ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن ع َل َزلقييا َ‬ ‫ميي ْ‬‫ف َ‬‫َ‬
‫ِغّرةٍ َزل َ َ‬
‫جا‬
52
‫‪53‬‬

‫إلى محترف التصنيف‬

‫كانت العرب في جاهليتهييا تعيياقب‬


‫الشياعر الهجيياء بشيد لسيانه بنسيعة ‪-‬‬
‫سير من جلد مفتييول ‪ -‬أو يشييترون منييه‬
‫لسييانه بييأن يفعلييوا بييه خيييرا ً ‪ ،‬فينطلييق‬
‫لسييانه بشييكرهم ‪ ،‬فكأنمييا ربييط لسييانه‬
‫بنسعة ‪.‬‬
‫قييال عبييد يغييوث بيين الحييارث لمييا‬
‫م " ‪ :‬يوم الكلب الثاني‪: 11‬‬ ‫أسرته " تي ٌ‬
‫أقول وقد شدوا لساني بنسعة‬
‫أمعشيير تييييم‬
‫أطلقوا لسانيا‬
‫وقييد أقييرت الشييريعة هييذه العقوبيية‬
‫بالمعنى الثاني ‪ ،‬منذ أن أمر بها النييبي ‪-‬‬
‫‪ -‬في غزاة حنين ‪ ،‬يوم توزيييع الغنييائم‬
‫‪ " - -‬اقطعيييوا عنيييي‬ ‫فقيييال‬
‫لسانه"‪.‬‬
‫‪54‬‬

‫وهذه سنة الله ماضية فييي مواجهيية‬


‫من يمس الخييوة السييلمية بسييوء ميين‬
‫القول ‪.‬‬
‫ولهذا أنفذها أمير المؤمنين عمر بيين‬
‫الخطاب ‪ -‬رضي الله‬

‫عنيييه‪-‬فيييي الحطيئة‪ :‬جيييرول بييين أوس‬


‫العبسي المتوفي سنة ‪ 45‬هي‪ .‬لمييا أكييثر‬
‫من هجياء الزبرقيان بين بيدر التميميي ‪-‬‬
‫رضييي اللييه عنييه ‪ -‬فشييكاه إلييى عميير ‪-‬‬
‫رضي الله عنه ‪ -‬فسجنه عمر بالمدينة ‪،‬‬
‫فاستعطفه بأبياته المشهورة ‪ ،‬فأخرجه ‪،‬‬
‫ونهيياه عيين هجيياء النيياس ‪ ،‬فقييال ‪ :‬إذا ً‬
‫تموت عيالي جوعا ً ‪ ........‬فاشترى عمر‬
‫‪ -‬رضيييي الليييه عنيييه ‪ -‬منيييه أعيييراض‬
‫المسلمين بثلثة آلف درهم ‪.‬‬
‫فييأوقع عميير ‪ -‬رضييي اللييه عنييه ‪-‬‬
‫بالحطيئة عقوبتين ‪:‬‬
‫حبس البدان ‪ ،‬وحبس اللسان ‪.‬‬
‫ثم ترى هييذه فييي تاريييخ المسييلمين‬
‫الطويل ‪ ،‬يبذلون العطاء ‪ ،‬لقطييع ألسيينة‬
‫‪55‬‬

‫اللسيين ‪ ،‬وكييف بييذاءتهم عيين اعييراض‬


‫المسلمين ‪.‬‬
‫وإذا كانت هذه عوامييل دفييع للذى ‪،‬‬
‫وتطهير للساحة السييلمية ميين البييذاء ‪،‬‬
‫فقييد حفلييت الشييريعة بنصييوص الوعيييد‬
‫لميين ظلييم ‪ ،‬واعتييدى ‪ ،‬تنييذر بعمومهييا‬
‫محترفي التصنيف ظلما ً وعدوانا ً ‪ ،‬وظن يا ً‬
‫وبهتانا ً ‪ ،‬وتحريشا ً وإيذاًء ‪.‬‬
‫فالظالم ‪ :‬قد ظلم نفسه ‪ ،‬وخسرها‬
‫‪ ،‬متبع لهواه ‪ ،‬قد بدل الحق إلى الباطل‬
‫‪ ،‬يحيييول القيييول إليييى غييييره ‪ ،‬مفيييتر ‪،‬‬
‫كذاب ‪ ،‬حجته أبدا ً ‪ :‬الهوى ‪ ،‬متعد لحدود‬
‫الله ‪ ،‬ولهذا استحق هذا الوصف البشع ‪:‬‬
‫" الظالم " كما قال الله تعالى ‪ )) :‬ومن‬
‫يتعد حدود الله فأولئك هم الظييالمون ((‬
‫] البقرة ‪. [ 229 :‬‬
‫* ومحاصرة للظلييم وأهلييه ‪ ،‬فقييد‬
‫جيياءت النصييوص ناهييية عيين معاشييرة‬
‫الظيييالم ‪ ،‬والركيييون إلييييه ‪ ،‬وتيييوليه ‪،‬‬
‫والقعود معه ‪ )) ،‬فل تقعييد بعييد الييذكرى‬
‫مع القوم الظالمين ((‬
‫] النعام ‪ . [ 68 :‬والنهييي عيين السييكن‬
‫في مسكنه ‪ ،‬ويخيياطب بغييير الييتي هييي‬
‫أحسيين ‪ ،‬وأن السييبيل عليييه ‪ )) :‬إنمييا‬
‫‪56‬‬

‫السبيل علييى اليذين يظلمييون النياس ((‬


‫] الروم ‪. [ 42 :‬‬
‫والظالم ‪ :‬ليفلييح ‪ .‬ولييس ليه ميين‬
‫أنصيييار ‪ .‬والليييه ليحيييب الظيييالمين ول‬
‫يهييديهم ‪ .‬وليييس للظييالم ميين ولييي ول‬
‫نصير ‪ .‬ودائميا ً فييي ضييلل مييبين ‪ .‬وفييي‬
‫زيييادة خسييار وتبيياب ‪ .‬وعليييه اللعنيية ‪.‬‬
‫وللظالم سييوء العاقبيية ‪ ،‬وقطييع دابييره ‪.‬‬
‫والظيييالم وإن قيييوي فيييإن القيييوة لليييه‬
‫جميعا ً ‪ .‬ولعدوان إل على الظالمين ‪.‬‬
‫وقيييد تنيييوعت عقوبيييات الظلمييية‬
‫والظالمين في هذه الدنيا ‪:‬‬
‫بزجر من السماء ‪ .‬والخذ بالصاعقة ‪،‬‬
‫وبالطوفان ‪ .‬وتدمير بيوتهم ‪ ،‬وخوائها ‪.‬‬
‫وأخذ الظالم بعذاب بئيس ‪ ،‬وأن عقوبة‬
‫جرمه تعم ‪ .‬وحاله شديدة في غمرات‬
‫وللظالم من الوعيد‬ ‫الموت‪.‬‬
‫يوم القيامة ‪ :‬الوعيد بالنار ‪ ،‬وبويل ‪،‬‬
‫وبعذاب كبير ‪ ،‬وسيعض على يديه ‪.‬‬
‫وسيجد ماعمل حاضرا ً وليظلم ربك‬
‫أحدا ً ‪.‬‬
‫* وتجريييح النيياس وتصيينيفهم بغييير‬
‫حق ‪ ،‬شعبة من شعب الظلم ‪ ،‬فهو ميين‬
‫‪57‬‬

‫كبائر الذنوب والمعاصي ‪ ،‬فاحذر سلوك‬


‫جادةٍ يمسك منها عذاب ‪.‬‬
‫وقد ثبت من حديث ابي هريييرة ‪ -‬رضييي‬
‫الله عنه ‪ -‬عن النبي ‪ - -‬أنه قال ‪:‬‬
‫)) لتؤدن الحقوق يوم القياميية حييتى‬
‫يقاد للشاة الجلحاء من القرنيياء (( ‪.‬رواه‬
‫أحمد ‪ ،‬ومسلم ‪.‬‬
‫وعيين أبييي ذر ‪ -‬رضييي اللييه عنييه ‪-‬‬
‫قال ‪:‬‬
‫)) سييألت النييبي ‪ -‬صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم ‪ -‬أي العمل أفضييل ؟ قييال إيمييان‬
‫بييالله وجهيياد فييي سييبيله ‪ ،‬قلييت ‪ :‬فييأي‬
‫الرقيياب أفضييل ؟ قييال ‪ :‬أعلهييا ثمنييا ً ‪،‬‬
‫وأنفسييها عنييد أهلهييا ‪ ،‬قلييت ‪ :‬فييإن لييم‬
‫أفعييل ؟ قييال ‪ :‬تعييين ضييائعا ً ‪ ،‬أو تصيينع‬
‫لخرق (( ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬فإن لم أفعل ؟ قال ‪:‬‬
‫تدع الناس ميين الشيير ‪ ،‬فإنهييا صييدقة‬
‫تصدق بها على نفسك((‬
‫متفق عليه ‪.‬‬
‫وثبت عن النبي ‪ - -‬أنه قال ‪:‬‬
‫)) المسلم من سلم المسلمون ميين‬
‫لسانه ويده (( ‪.‬‬
‫وثبت أيضا ً أن النبي ‪ - -‬قال ‪:‬‬
‫‪58‬‬

‫)) لتحاسدوا ولتناجشييوا ول تباغضييوا‬


‫ول تييدابروا‪،‬ول يييبيع بعضييكم علييى بيييع‬
‫بعض وكونوا عبيياد اللييه إخوان يا ً المسييلم‬
‫أخييو المسييلم ل يظلمييه ول يحقييره ول‬
‫يخذله التقوى ههنا‪ -‬ويشير إلييى صييدره‬
‫ثلث مرات‪ -‬بحسب امرىييء ميين الشيير‬
‫أن يحقر أخاه المسلم كل المسلم على‬
‫المسلم حرام دمه وماله وعرضه (( ‪.‬‬
‫وثبت أيضا ً من حديث أبي هريييرة ‪-‬‬
‫رضي الله عنه ‪ -‬أن النبي ‪ - -‬قال ‪:‬‬
‫)) أتدرون ما المفلييس ؟ (( قييالوا ‪:‬‬
‫المفلس فينا من لدرهييم لييه ول متيياع ‪.‬‬
‫فقال ‪ )) :‬إن المفلس من أمييتي ‪ ،‬ميين‬
‫يأتي يوم القيامة بصلةٍ وصيييام ٍ وزكيياةٍ ‪،‬‬
‫ويأتي وقد شتم هذا ‪ ،‬وقذف هذا ‪ ،‬وأكل‬
‫مال هذا ‪ ،‬وسفك دم هذا ‪ ،‬وضرب هييذا‪.‬‬
‫فيعطييى هييذا ميين حسييناته وهييذا ميين‬
‫حسناته ‪ .‬فإن فنيييت حسييناته ‪ ،‬قبييل أن‬
‫يقضييى ميياعليه ‪ ،‬أخييذ ميين خطاييياهم‬
‫فطرحت عليييه ‪ .‬ثييم طييرح فييي النييار ((‬
‫رواه مسييلم‬
‫وساق الحييافظ ابيين حجيير ‪ -‬رحمييه‬
‫الله تعالى‪ -‬في "الصابة "عن أم الغادية‬
‫‪-‬رضي الله عنها‪ -‬قالت‪:‬خرجت مع رهط‬
‫‪59‬‬

‫من قومي إلى النييبي ‪ - -‬فلمييا أردت‬


‫النصراف ‪ ،‬قلت ‪ :‬يا رسول الله أوصني‬
‫‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫)) إياك ومايسوء الذن (( ‪.‬‬
‫رواه ابيين منييده ‪ ،‬والخطيييب فييي "‬
‫المؤتلف والمختلف " ‪.‬‬
‫وساق أيضا ً عيين عميير ‪ -‬رضييي اللييه‬
‫عنه ‪: -‬‬
‫)) ل يعجبنكم طنطة الرجل ‪ ،‬ولكيين‬
‫ميين أدى المانيية ‪ ،‬وكييف عيين أعييراض‬
‫الناس فهو الرجل (( ‪.‬‬
‫رواه أحمد في "الزهد "‬
‫وساق أيضا ً من محاسيين شييعر أبييي‬
‫السود الدؤلي ‪:‬‬
‫لترسلن مقالة مشهورة‬
‫لتسييييييييتطيع إذا‬
‫مضت إدراكها‬
‫لتبدين نميمة نبئتيها‬
‫وتحفظييييين ميييين‬
‫الذي أنباكهيا‬
‫والنصوص الواردة وفيها بيييان أنييواع‬
‫العقوبات على هييذا فييي الييدارين ‪ ،‬أكييثر‬
‫من أن تحصر ‪ ،‬وربما يبتلييى " الجييراح "‬
‫بمن يشينه بأسوأ ممييا رمييي بييه غيييره ‪،‬‬
‫‪60‬‬

‫مع ما يلحقه من سوء الذكر حيا ً وميتييا ً ‪،‬‬


‫فنعوذ بالله من سوء المنقلب ‪.‬‬

‫فيييا محييترف الوقيعيية فييي أعييراض‬


‫العلماء ‪ ،‬اعلييم أنييك بهييذه المشيياقة قييد‬
‫خرقييت حرميية العتقيياد الييواجب فييي‬
‫موالة علماء السلم ‪.‬‬
‫قال الطحاوي ‪ -‬رحمه اللييه تعييالى ‪-‬‬
‫في بيان معتقد أهل السنة في ذلك‪: 12‬‬
‫)) وعلماء السلف ميين السييابقين ‪،‬‬
‫ومن بعيدهم ميين التييابعين ‪ -‬أهييل الخييير‬
‫والثر ‪ ،‬أهيل الفقيه والنظير ‪ -‬لييذكرون‬
‫إل بالجميل ‪ ،‬وميين ذكرهييم بسييوء فهيييو‬
‫على غير سبيل ((‬
‫قال شارحه ‪ -‬رحمه الله تعالى ‪: -‬‬
‫" قيييال تعيييالى )) ومييين يشييياقق‬
‫الرسول من بعد ماتبين له الهييدى ويتبييع‬
‫غير سبيل المؤمنين نوله ماتولى ونصييله‬
‫جهنم وساءت مصيرا ً (( ] النساء ‪115 :‬‬
‫[‪.‬‬
‫فيجب على كييل مسييلم بعييد مييوالة‬
‫الله ‪ ،‬ورسوله ‪ ،‬موالة المييؤمنين ‪ ،‬كمييا‬
‫نطييق بييه القييرآن ‪ ،‬خصوصيا ً الييذين هييم‬
‫ورثة النبياء ‪ ،‬الذين جعلهم الله بمنزليية‬
‫‪61‬‬

‫النجوم ‪ ،‬يهتييدي بهييم فييي ظلمييات الييبر‬


‫والبحيير ‪ ،‬وقييد أجمييع المسييلمون علييى‬
‫هييدايتهم ‪ ،‬ودرايتهييم ‪ ،‬إذ كييل أميية قبييل‬
‫مبعث محمد ‪ - -‬علماؤهييا‬

‫شييرارها ‪ ،‬إل المسييلمين فيإن علميياءهم‬


‫خيارهم ‪ ،‬فإنهم خلفاء الرسول من أمته‬
‫‪ ،‬والمحيون لما مات ميين سيينته ‪ ،‬فبهييم‬
‫قييام الكتيياب ‪ ،‬وبييه قيياموا وبهييم نطييق‬
‫الكتيياب وبييه نطقييوا ‪ ،‬وكلهييم متفقييون‬
‫اتفاقا يقينيا ً على وجوب اتباع الرسول ‪-‬‬
‫‪ -‬ولكن إذا وجد لواحد منهم قييول قييد‬
‫جاء حديث صحيح بخلفه ‪ ،‬فلبد لييه فييي‬
‫تركه من عذر ‪ -‬ثم ذكرها (( انتهى ‪.‬‬
‫وإني أقول ‪ :‬إن تحرك هييؤلء الييذين‬
‫يجولييون فييي أعييراض العلميياء اليييوم‬
‫سوف يجرون ‪ -‬غدا ً ‪ -‬شيباب الميية إلييى‬
‫مرحلتهم الثانية‪ :13‬الوقيعة فييي أعييراض‬
‫الييولة ميين أهييل السيينة ‪ ،‬وقييد قيييل ‪" :‬‬
‫الحركة ولود ‪ ،‬والسييكون عياقر " ‪ .‬وهيو‬
‫أسوأ أثير يجييره المنشيقون وهييذا خييرق‬
‫آخر لجانب العتقاد الواجب فييي مييوالة‬
‫ولي أميير المسييلمين منهييم ‪ " .‬وسييوف‬
‫يحصد الزوبعة من حرك الريح " ‪.‬‬
‫‪62‬‬

‫قال الطحاوي ‪ -‬رحمه الله تعييال‪14‬ى‬


‫‪:-‬‬
‫))ول نرى الخروج على أئمتنا وولة‬
‫وإن جييياروا‪ ،‬ول نيييدعوا‬ ‫أمورنيييا‪،‬‬
‫طيياعتهم‪،‬‬ ‫ً‬
‫عليهم‪ ،‬ولننزع يدا من‬
‫ونرى طاعتهيم مييييييييييييين‬

‫طاعيية اللييه ‪ -‬عييز وجييل ‪ -‬فريضيية مييالم‬


‫يأمروا بمعصية ‪.‬‬
‫وندعو لهم بالصلح والمعافاة ‪ .‬ونتبع‬
‫السيينة والجماعيية ‪ ،‬ونتجنييب الشييذوذ ‪،‬‬
‫والخلف ‪ ،‬والفرقة (( انتهى ‪.‬‬
‫فاتق اللييه أيهييا الجييراح ‪ ،‬واعلييم أن‬
‫احترافك التجريح بالتصنيف مختييبر ينفييذ‬
‫منييه النيياس بيياليقين إلييى وصييف منييك‬
‫لدخائل نفسك ‪ ،‬وميياتحمله ميين ميييول ‪،‬‬
‫ودوافع ‪ ،‬فتقيم الشاهد عليك من فلتات‬
‫لسانك ‪ ،‬وإدانة المييرء ميين فيييه أقييوى ‪،‬‬
‫فييأحكم ‪ -‬رحمييك اللييه ‪ -‬الرقابيية علييى‬
‫اللسييان ليييوردك مييوارد الهلكيية ‪ ،‬ول‬
‫تمييش براحليية العميير ‪ -‬الييوقت ‪ -‬وأنييت‬
‫تثقلها بهذه الظيياهرة الفتاكيية " ظيياهرة‬
‫الهدم والتدمير " فتحرق فييي غمرتهييا ‪:‬‬
‫الجهيييد ‪ ،‬والنشييياط ‪ ،‬وبيييواكير الحيييياة‬
‫‪63‬‬

‫ومقتبل العمر ‪ ،‬بل وربما خاتمته ‪ ،‬أعاذنا‬


‫الله وإياك من سوء الخاتمة ‪.‬‬
‫والزم ‪ -‬عافيياك اللييه ‪ -‬تقييوى اللييه ‪،‬‬
‫ومراقبتييه ‪ ،‬والنابيية إليييه‪ ،‬واسييتغفاره ‪،‬‬
‫واحذر صنعة المفاليس هذه ‪ ،‬وتدبر هذه‬
‫الية ‪:‬‬
‫ً‬
‫)) ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسييه ثييم‬
‫يستغفر الله يجييد اللييه غفييورا ً رحيم يا ً ((‬
‫] النساء ‪. [ 40 :‬‬
‫وقييوله تعييالى ‪ )) :‬فميين تيياب ميين بعييد‬
‫ظلمه وأصلح فييإن اللييه يتييوب عليييه إن‬
‫الله غفور رحيم (( ] المائدة ‪. [ 39 :‬‬
‫فبييادر ‪ -‬ياعبييدالله ‪ -‬إلييى التوبيية ‪،‬‬
‫وأداء الحقيييوق إليييى أهلهيييا ‪ ،‬والتحليييل‬
‫منهم ‪ ،‬فقد ثبت عن نييبي الهييدى ‪- -‬‬
‫أنه قال ‪:‬‬
‫)) من كييانت عنييده مظلميية لخيييه ميين‬
‫عرضه ‪ ،‬أو ماله ‪ ،‬فليؤدها إليه ‪ ،‬قبيل أن‬
‫يييأتي يييوم القياميية ليقبييل فيييه دينييار‬
‫ولدرهيييم ‪ (( ............‬الحيييديث ‪ .‬رواه‬
‫البخاري ‪.‬‬
‫ولعلي بهذا كما قيال صخر ‪:‬‬
‫لعمري لقد نبهت من كيان نائيما ً‬
‫‪64‬‬

‫وأسييييمعت ميييين‬
‫كيانت ليه أذنان‬
‫وكييل عبييد صييالح يسييمع الخيييير ‪،‬‬
‫سماع استجابة ‪ ،‬وهذا شأن المؤمن أواهٌ‬
‫منيب ‪ ،‬ومن لحقه الدبار فأبى ‪ ،‬فإليه ‪:‬‬
‫)) إن اللييه يسييمع ميين يشيياء ومييا أنييت‬
‫بمسمٍع من في القبور ((‬
‫] فاطر ‪. [ 22 :‬‬
‫وأنشيد ابن الشجيري ‪:‬‬
‫إذا نهي السفييه جرى إلييه‬
‫وخالف والسفييييه‬
‫إلى خيلف‬
‫وهذا يعاني ‪ " :‬أزمة في الضييمير "‬
‫و " ذبحة فييي الصييدر " ‪ ،‬إذ تمكيين منييه‬
‫الداء ‪ ،‬وللميؤس أحكييام بينهييا الفقهيياء ‪،‬‬
‫نعوذ بالله من الشقاء ‪.‬‬

‫وما بقيي لمين أبيى إل الحجير عليى‬


‫لسانه لصالح الديانة ‪.‬‬
‫أما ميين كييانت وقيعتييه ظلم يا ً فيميين‬
‫عظييم شييأنه فييي المسييلمين بحييق ‪،‬‬
‫فينبغي تغليظ عقوبة الواقع ‪ ،‬إضافة إلى‬
‫الحجر علييى لسييانه ‪ ،‬ولهييذا نظييائر فييي‬
‫الشييريعة ‪ ،‬كوقييوع الظلييم فييي الشييهر‬
‫‪65‬‬

‫الربعييية الحيييرم ‪ ،‬والرفيييث والفسيييوق‬


‫والجدال في الحييج ‪ ،‬وتغليييظ الدييية فييي‬
‫النفس وفي الجراح في الشهر الحرام ‪،‬‬
‫وفي البلد الحييرام ‪ ،‬وفييي ذوي الرحييم ‪،‬‬
‫كما هو مذهب الشافعي ‪ ،‬فهذه وأمثالها‬
‫محرمات على كل مسلم في كل زمييان‬
‫ومكييان ‪ ،‬لكيين لميا عظيم الجييرم بتعييدد‬
‫جهات النتهاك ‪ ،‬عظم الثم ‪ ،‬والجزاء ‪.‬‬
‫ولمثيل هييؤلء ‪ -‬كمييا قييال عبيد اللييه بيين‬
‫المبييييارك ‪ -‬رحمييييه اللييييه تعييييالى ‪: -‬‬
‫) تقشيير العصيي ( ‪.‬‬
‫والله أعلم ‪.‬‬
‫‪-------------------------------------------‬‬
‫‪66‬‬

‫إلى ميين ُرميييي بالتصييينيف ظ ُْليييييما ً‬


67
‫‪68‬‬

‫ظْلمًا‬
‫إلى من ُرمى بالتصنيف ٌ‬

‫اتل ما أوحي إلى نبيك ‪ -‬صلى الله عليه‬


‫وسلم ‪: -‬‬
‫)) ما يقال لييك إل مييا قييد قيييل للرسييل‬
‫من قبلك إن ربك لذو مغفرة وذو عقاب‬
‫ألييم (( ] فصلت ‪.[ 43 :‬‬
‫والقرآن العظيييم قييد حييوى قصييص‬
‫مييع أممهييم‬ ‫أنبييياء اللييه ورسييله‬
‫وماينالهم من الذايييا والبليييا فييي سييبيل‬
‫ولهذا فقد وفق ميين‬ ‫الدعوة‪،‬‬
‫أفيييرد قصصيييهم وشيييرحها‪ ،‬وأحسييين‬
‫كل الحسان من ألييف باسييم ‪ " :‬دعييوة‬
‫الرسل " ‪.‬‬
‫وهذه سنة من الله ماضية لكل من‬
‫سلك سبيلهم ‪ ،‬واقتفى أثرهم ‪.‬‬
‫ألم تر سير الصحابة والتابعين وأتبيياعهم‬
‫إلييى عصييرنا‬ ‫في كل عصر ومصيير‬
‫الحزييين ‪ ،‬كيييف يقيياومهم المبطلييون ‪،‬‬
‫ويشنع عليهم المبطنون ‪.‬‬
‫وفي هذا مواقف ل تحصييى ‪ ،‬وقصييص ل‬
‫وإذا قرأت كتيياب ‪:‬‬ ‫تنسى ‪،‬‬
‫" من أخلق العلماء " رأيييت ميين ذلييك‬
‫عجبا ً ‪.‬‬
‫فكييم فيي سييرهم الشييريفة مين إميام‬
‫ضرب بل قتل ‪ ،‬وإمام‬
‫‪69‬‬

‫سجن ‪ ،‬وإميام عيزل وأهيين ‪ ،‬بيل فيهيم‬


‫من جمعت لييه هييذه كلهييا أو جلهييا ‪ ،‬بمييا‬
‫لبييس فييي حقهييم الملبسييون ‪ ،‬وأرجييف‬
‫المرجفيييييون ‪ ،‬وهيييييم منهيييييا بيييييراء ‪،‬‬
‫والمرجفون فييي قييرارة أنفسييهم عليهييا‬
‫شهداء ‪.‬‬
‫وخييذ أمثليية علييى هييذا فيميين رمييي‬
‫بشناعة وهو منها برئ ‪:‬‬
‫فرمييي جماعيية ميين فحييول العلميياء‬
‫بالتشيييع ‪ ،‬وآخييرون بالنصييب ‪ ،‬وآخييرون‬
‫بييالتجهم ‪ ،‬وغييير ذلييك ‪ ،‬وهييم ميين هييذه‬
‫النحل الفاسدة براء ‪.‬‬
‫ومنهم ‪ -‬أجزل اللييه مثييوبتهم ‪ -‬ميين‬
‫حكي ما وقع له على سبيل ما ميين اللييه‬
‫به عليييه ميين لييزوم السيينة ‪ ،‬ونصييرتها ‪،‬‬
‫والدعوة إليها ورجاء مضاعفة الجيير بمييا‬
‫يصنعه الضداد البؤساء ‪.‬‬
‫وفي حياة المام أحمد ‪ -‬رحمييه اللييه‬
‫تعييالى ‪ -‬وهييو يعيييش بييين محنيية الييدنيا‬
‫والدين ‪ ،‬عبرة للمعتبرين ‪.‬‬
‫وخذ على سبيل المثال ‪ :‬ابن العربي‬
‫المالكي المتوفى سنة ‪ 543‬هيي ‪ -‬رحمييه‬
‫الله تعالى ‪ -‬إذ يقول في فاتحة كتابه ‪:‬‬
‫" عارضة الحوذي " ‪:‬‬
‫‪70‬‬

‫)) فإن طائفة من الطلبة عرضييوا علييي‬


‫ة صادقة في صرف الهمة إلى شرح‬ ‫رغب ً‬
‫كتيياب أبييي عيسييى الترمييذي‪ ،‬فصييادف‬
‫مني تبعادا ً‬
‫عن أمثال ذي ‪ ،‬وفي علم علم الغيييوب‬
‫أني أحرص الناس على أن تكون أوقاتي‬
‫ة في باب العلم ‪ ،‬إل أني منيييت‬ ‫مستغرق ً‬
‫بحسدةٍ ليفتنون ؟ ومبتدعة ل يفهمون ‪،‬‬
‫قد قعدوا مني مزجر الكلب يبصبصون ‪،‬‬
‫والله أعلم بما يتربصون ‪:‬‬
‫)) قييل هييل تربصييون بنييا إل إحييدى‬
‫الحسنيين ونحن نتربص بكم أن يصيييبكم‬
‫الله بعذاب من عنده أو بأيدينا فتربصييوا‬
‫إنا معكم متربصون (( ] التوبة ‪. [ 52 :‬‬
‫بيد أن المتناع عن التصريح بفييوائد‬
‫المليية ‪ ،‬والتييبرع بفييوائد الرحليية لعييدم‬
‫المنصف ‪ ،‬أو مخافيية المتعسييف ‪ ،‬ليييس‬
‫من شأن العالمين ‪ ،‬أو لم يسمعن قييول‬
‫رب العالمين لنبيه الكريم ‪:‬‬
‫)) فإن يكفر بها هؤلء فقد وكلنا بهييا‬
‫قوميييييا ً ليسيييييوا بهيييييا بكيييييافرين ((‬
‫] النعام ‪ (( . [ 89 :‬انتهى ‪.‬‬
‫وحييييياة بطييييل الصييييلح الييييديني‬
‫بالمشيييرق شييييخ السيييلم ابييين تيميييية‬
‫‪71‬‬

‫المتوفى سنة ‪728‬هي ‪ -‬رحمه الله تعالى‬


‫ل أعلى للعلماء العيياملين ‪ ،‬والييدعاة‬ ‫‪ -‬مث ٌ‬
‫المصيييلحين مييين أتبييياع خييياتم النبيييياء‬
‫والمرسلين ‪- -‬‬
‫وهيييذا عصيييريه بيييالمغرب الميييام‬
‫الشاطبي المتوفى سنة ‪ 79‬هي ي ‪ -‬رحمييه‬
‫الله تعالى ‪ -‬يحكي حاله لما قام بنصييرة‬
‫فجيين عليييه الليييل والنهييار‬ ‫السيينة ‪،‬‬
‫بقالة السوء المظلمة ‪ ،‬فيقييول ‪ -‬رحمييه‬
‫الله تعالى‪: - 15‬‬
‫) فتردد النظر بين ‪ -‬أن أتبييع السيينة‬
‫على شرط مخالفة ما اعتاد الناس فلبد‬
‫ميين حصيول نحيو ممييا حصييل لمخيالفي‬
‫العوائد ‪ ،‬لسيما إذا دعي أهلها أن ماهم‬
‫عليه هو السنة ل سواها إل أن في ذلك‬
‫العبء الثقيل مافيه من الجر الجزيييل ‪-‬‬
‫وبييين أن أتبعهييم علييى شييرط مخالفيية‬
‫السنة والسييلف الصييالح ‪ ،‬فأدخييل تحييت‬
‫ترجمة الضلل عائذا ً بالله ميين ذلييك ‪ ،‬إل‬
‫أني أوافق المعتاد ‪ ،‬وأعد من المييؤالفين‬
‫‪ ،‬ل ميين المخييالفين ‪ ،‬فرأيييت أن الهلك‬
‫في اتباع السنة هو النجيياة ‪ ،‬وأن النيياس‬
‫لن يغنوا عني ميين اللييه شيييئا ً ‪ ،‬فأخييذت‬
‫في ذلك على حكييم التدريييج فييي بعييض‬
‫‪72‬‬

‫المور ‪ ،‬فقامت علي القيامة ‪ ،‬وتييواترت‬


‫علي الملمة ‪ ،‬وفوق إلي العتاب سهامه‬
‫‪ ،‬ونسبت إلي البدعة والضللة ‪ ،‬وأنزلت‬
‫منزلة أهل الغبيياوة والجهاليية ‪ ،‬وإنييي لييو‬
‫التمست لتلك المحدثات مخرجا ً لوجدت‬
‫‪ ،‬غير أن ضيق العطن ‪ ،‬والبعد عن أهييل‬
‫بي مرتقييى‬ ‫الفطن ‪ ،‬رقي‬
‫صعبًا‪،‬وضيق علي مجال ً رحبيًا‪ ،‬وهيو كل ٌ‬
‫م‬
‫يشير بظاهره إلى أن اتباع المتشابهات‪،‬‬
‫لموافقة العادات‪،‬‬

‫أوليييى مييين اتيييييباع الواضيييحات ‪ ،‬وإن‬


‫خالفت السلف الول ‪.‬‬
‫وربما ألموا في تقبيح ما وجهت إليه‬
‫تشمئز منه القلوب‬ ‫وجهتي بما‬
‫‪ ،‬أو خرجييييوا بالنسييييبة إلييييى بعييييض‬
‫الفييرق الخارجيية عيين السيينة شييهادة‬
‫ستكتب ويسألون عنها يوم القيامة ‪.‬‬
‫فتيارة ً نسبت إلى القول بأن الدعاء‬
‫فيه كما يعييزى إلييى‬ ‫لينفع ول فائدة‬
‫بعييض النيياس ‪ ،‬بسييبب أنييي لييم ألييتزم‬
‫الدعاء بهيئة الجتماع فييي أدبييار الصييلة‬
‫وسيأتي مافي ذلك‬ ‫حالة المامة ‪.‬‬
‫‪73‬‬

‫ميين المخالفيية للسينة وللسيلف الصيالح‬


‫والعلماء ‪.‬‬
‫وتيارة ً نسييبت إلييي الرفييض وبغييض‬
‫الصحابة ‪ -‬رضييي اللييه عنهييم ‪ ، -‬بسييبب‬
‫أنييي لييم ألييتزم ذكيير الخلفيياء الراشييدين‬
‫منهم فييي الخطبيية علييى الخصييوص ‪ ،‬إذ‬
‫لييم يكيين ذلييك ميين شييأن السييلف فييي‬
‫خطبهييم ‪ ،‬ول ذكييره أحييد ميين العلميياء‬
‫المعتبرين في أجزاء الخطب‪.‬‬
‫وقيييد سيييئل " أصيييبغ " عييين دعييياء‬
‫المتقدمين‪ 16‬فقال ‪:‬‬ ‫الخطيب للخلفاء‬
‫هو بدعة ول ينبغي العمل به ‪ ،‬وأحسنيييه‬
‫أن‬

‫يييدعو للمسييلمين عاميية ‪ .‬قيييل لييه ‪:‬‬


‫والمرابطييين ؟‬ ‫فييدعاؤه للغييزاة‬
‫ً‬
‫قال ‪ :‬ما أرى به بأسا عند الحاجة إليييه ‪،‬‬
‫وأما أن يكون شيئا ً يصمد له في خطبتييه‬
‫ذلك ‪.‬‬ ‫دائما ً فإني أكره‬

‫ونص أيضا ً عز الدين بن عبد السييلم‬


‫‪ :‬على أن الييدعاء للخلفيياء فييي الخطبيية‬
‫بدعة غير محبوبة ‪.‬‬
‫‪74‬‬

‫وتيييارة أضيييف إلييي القييول بجييواز‬


‫القيام على الئمة ‪ ،‬وما أضييافوه إل ميين‬
‫عدم ذكري لهم فييي الخطبيية ‪ ،‬وذكرهييم‬
‫فيها محدث لم يكن عليه من تقيدم ‪.‬‬

‫وتيييارة أحمييل علييى الييتزام الحييرج‬


‫والتنطع في الدين ‪ ،‬وإنمييا حملهييم علييى‬
‫ذلك أني الييتزمت فييي التكليييف والفيييتيا‬
‫الحمل على‬

‫مشهور المذهب الملتزم ل أتعداه ‪ ،‬وهم‬


‫يتعدونه ويفتون بما يسهل على السييائل‬
‫ويوافييق هييواه ‪ ،‬وإن كييان شيياذا ً فييي‬
‫الميذهب المليتزم أو فيي غييره ‪ .‬وأئمية‬
‫أهل العلييم علييى خلف ذلييك وللمسييألة‬
‫بسط في كتاب " الموافقات " ‪.‬‬
‫وتيارة نسبت إلي معاداة أولياء الله‬
‫أنييي عيياديت بعييض‬ ‫‪ ،‬وسبب ذلييك‬
‫الفقيراء المبتييدعين المخيالفين للسيينة ‪،‬‬
‫المنتصبين ‪ -‬بزعمهييم ‪ -‬لهداييية الخلييق ‪،‬‬
‫مين‬ ‫وتكلميت للجمهيور عليى جملية‬
‫‪75‬‬

‫أحوال هؤلء الذين نسبوا إلييى الصييوفية‬


‫ولم يتشبهوا بهم ‪.‬‬
‫وتيييارة نسييبت إلييي مخالفيية السيينة‬
‫والجماعة ‪ ،‬بناء منهم علييى أن الجماعيية‬
‫التي أميير باتباعهييا ‪ -‬وهييي الناجييية – مييا‬
‫عليه العموم ‪ ،‬ولييم يعلمييوا أن الجماعيية‬
‫ما كييان عليييه النييبي ‪ - -‬وأصييحابه و‬
‫التابعون لهم بإحسان‪.‬وسيأتي بيان ذلييك‬
‫بحول الله‪ ،‬وكذبوا علي في جميع ذلييك‪،‬‬
‫أو وهموا‪ ،‬والحمد لله على كل حال ‪.‬‬
‫فكنييت علييى حاليية تشييبه حاليية المييام‬
‫الشهير عبد الرحمن بن بطة الحافظ مع‬
‫أهل زمانه ‪ ،‬إذ حكي عن نقسييه فقييال ‪:‬‬
‫)) عجبت من حالي في سفري وحضري‬
‫مييييع القربييييين منييييي ‪ ،‬والبعييييدين ‪،‬‬
‫والعييارفين ‪ ،‬والمنكرييين ‪ ،‬فييإني وجييدت‬
‫بمكيية ‪ ،‬وخييرا سيييان ‪ ،‬وغيرهمييا ميين‬
‫الماكن أكييثر ميين لقيييت بهييا موافق يا ً أو‬
‫مخالفيا ً ‪ ،‬دعيياني إلييى متييابعته علييى مييا‬
‫يقوله ‪ ،‬وتصديق قوله والشهادة له فييإن‬
‫كنت صدقته فيما يقول وأجزت لييه ذلييك‬
‫‪ -‬كما يفعل أهييل هييذا الزمييان ‪ -‬سييماني‬
‫موافقا ً ‪.‬‬
‫‪76‬‬

‫وإن وقفت في حييرف ميين قييوله أو‬


‫في شيء من فعله ‪ -‬سماني مخالفا ً ‪.‬‬
‫وإن ذكرت في واحد منها أن الكتاب‬
‫والسييينة بخلف ذليييك وارد ‪ ،‬سيييماني‬
‫خارجيا ً ‪.‬‬
‫ً‬
‫وإن قرأت عليه حييديثا فييي التوحيييد‬
‫سماني مشبها ً ‪.‬‬
‫وإن كيييان فييييي الرؤييييية سيييماني‬
‫سالميا ً ‪.‬‬
‫وإن كان في اليمان سماني مرجئيا ً‬
‫‪.‬‬
‫وإن كييان فييي العمييال ‪ ،‬سييماني‬
‫قدريا ً ‪.‬‬
‫وإن كيييان فيييي المعرفييية سيييماني‬
‫كراميا ً ‪.‬‬
‫وإن كيييان فيييي فضيييائل أبيييي بكييير‬
‫وعمر ‪ ،‬سماني ناصبيا ً ‪.‬‬
‫وإن كان فييي فضييائل أهييل الييبيت ‪،‬‬
‫سماني رافضيا ً ‪.‬‬
‫ت عن تفسير آية أو حييديث‬ ‫وإن سك ُ‬
‫فليييم أجيييب فيهميييا إل بهميييا ‪ ،‬سيييماني‬
‫ظاهريا ً ‪.‬‬
‫وإن أجبت بغيرهما ‪ ،‬سماني باطنيا ً ‪.‬‬
‫‪77‬‬

‫وإن أجبييييت بتأويييييل ‪ ،‬سييييماني أ‬


‫شعريا ً ‪.‬‬
‫وإن جحدتهما ‪ ،‬سماني معتزليا ً ‪.‬‬
‫وإن كان في السنن مثييل القييراءة ‪،‬‬
‫سماني شافعيا ً ‪.‬‬
‫وإن كان في القنوت ‪ ،‬سماني حنفيا ً‬
‫‪.‬‬
‫وإن كان في القرآن ‪ ،‬سماني حنبليا ً‬
‫‪.‬‬
‫وإن ذكييرت رجحييان مييا ذهييب كييل‬
‫واحييد إليييه ميين الخيييار ‪-‬إذ‪-‬ليييس فييي‬
‫الحكم والحديث محاباة‪-‬قالوا‪:‬طعن فييي‬
‫تزكيتهم ‪.‬‬
‫ثم اعجييب ميين ذلييك أنهييم يسييمونني‬
‫فيما يقرؤون علي ميين أحيياديث رسييول‬
‫اللييييه ‪‬مييييا يشييييتهون ميييين هييييذه‬
‫السامي‪،‬ومهما وافقت بعضييهم عيياداني‬
‫غيييره‪،‬وإن داهنييت جميياعتهم أسييخطت‬
‫الله تبارك وتعالى‪،‬وليين يغنييوا عنييي ميين‬
‫اللييه شيييئًا‪.‬وإنييي مستمسييك بالكتيياب‬
‫والسنة‪،‬وأستغفر الله الذي ل اليه إل هيو‬
‫الغفور الرحيم‬
‫هذا تمام الحكاية فكييأنه رحمييه اللييه‬
‫تعالى تكلم علييى لسيان الجميييع‪ .‬فقلمييا‬
‫‪78‬‬

‫تجد عالما ً مشهورا ً أو فاضل ً مذكورا ً ‪ ،‬إل‬


‫وقييد ُنييبز بهييذه المييور أو بعضييها ‪ ،‬لن‬
‫الهوى قد يييداخل المخييالف ‪ ،‬بييل سييبب‬
‫الخيييروج عييين السييينة ‪ :‬الجهيييل بهيييا ‪،‬‬
‫والهوى المتبع الغالب على أهل الخلف‬
‫حمييل علييى صيياحب‬ ‫‪ ،‬فييإذا كييان كييذلك ُ‬
‫السنة ‪ ،‬أنه غير صاحبها ‪ ،‬وُرجع بالتشنيع‬
‫عليييه‬

‫والتقبيح لقوله وفعله ‪ ،‬حتى ينسب هييذه‬


‫المناسب ‪.‬‬
‫وقييد ُنقييل عيين سيييد العبيياد بعييد‬
‫الصحابة أويس القرنييي أنييه قييال ‪ " :‬إن‬
‫المر بالمعروف والنهي عن المنكيير لييم‬
‫يييييدعا للمييييؤمن صييييديقا ً ‪ ،‬نييييأمرهم‬
‫بييييالمعروف فيشييييتمون أعراضيييينا ‪،‬‬
‫ويجدون في ذلك أعوانا ً من الفاسييقين ‪،‬‬
‫حييتى ‪ -‬واللييه ‪ -‬لقييد رمييوني بالعظييائم ‪،‬‬
‫وايييم اللييه ل أدع أن أقييوم فيهييم بحقييه‬
‫" ‪ ( .‬انتهى ‪.‬‬
‫وعليه فألق سمعك للنصائح التية ‪:‬‬
‫‪ -1‬استمسك بما أنت علييه مين الحيق‬
‫المبين من أنييوار الييوحيين الشييريفين‬
‫سيييلوك جييادة السييلف الصييالحين ‪ ،‬ول‬ ‫و ُ‬
‫‪79‬‬

‫يحركك تهيج المرجفين ‪ ،‬وتباين أقوالهم‬


‫فيك عن موقعك فتضل ‪.‬‬
‫وخييذ هييذه الشييذرة عيين الحييافظ ابيين‬
‫عبدالبر ‪ -‬رحمه الله تعييالى‪ )) : - 17‬قييال‬
‫أبو عمر ‪ :‬الذين رووا عيين أبييي حنيفيية ‪،‬‬
‫ووثقييوه ‪ ،‬وأثنييوا عليييه أكييثر ميين الييذين‬
‫تكلموا فيه ‪.‬‬
‫والذين تكلموا فيييه ميين أهييل الحييديث ‪،‬‬
‫أكثر ما عابوا عليه الغراق فييي الييرأي ‪،‬‬
‫والقياس ‪ ،‬والرجاء ‪.‬‬
‫وكان يقال ‪ :‬يستدل علييى نباهيية الرجييل‬
‫من الماضين بتباين الناس فيه ‪.‬‬
‫قييالوا ‪ :‬أل تييرى إلييى علييي بيين أبييي‬
‫محييب‬ ‫طييالب ‪ ،‬أنييه هلييك فيييه فتيييان ‪ُ :‬‬
‫أفرط ‪ ،‬ومبغض أفييرط ‪ ،‬وقييد جيياء فييي‬
‫الحديث ‪ :‬أنه يهلييك فيييه رجلن ‪ :‬محييب‬
‫مفترٍ ‪.‬‬
‫مطرٍ ‪ ،‬ومبغض ُ‬ ‫ُ‬
‫وهذه صفة أهل النباهة ‪ ،‬وميين بلييغ فييي‬
‫الييدين والفضييل الغاييية واللييه أعلييم ((‬
‫انتهى ‪.‬‬
‫‪ -2‬ل تبتئس بمييا يقولييون ‪ ،‬ول تحييزن‬
‫بما يفعلون ‪ ،‬وخييذ بوصييية اللييه سييبحانه‬
‫لعبيييده ونيييبيه نيييوح ‪ -‬علييييه السيييلم ‪-‬‬
‫)) وأوحي إلييى نييوح أنييه ليين يييؤمن ميين‬
‫‪80‬‬

‫قومييك إل ميين قييد آميين فل تبييتئس بمييا‬


‫كانوا يفعلون (( ] هود ‪. [ 36 :‬‬
‫وميين بعييد أوصييى بهييا يوسييف ‪ -‬عليييه‬
‫السلم ‪ -‬أخاه ‪ )) :‬قال إني أنا أخوك فل‬
‫تبتئس بما كانوا يعملون ((] يوسف‪69 :‬‬
‫[‪.‬‬
‫‪ -3‬ول يثنييك هييذا " الرجيييياف " عيين‬
‫موقفك الحق ‪ ،‬وأنت داع إلى الله علييى‬
‫بصيييرة فالثبييات الثبييات متييوكل ً علييى‬
‫مولك ‪ -‬واللييه يتييولى الصييالحين ‪ -‬قييال‬
‫تعالى ‪ )) :‬فلعلييك تييارك بعييض مييايوحى‬
‫إليك وضائق بييه صييدرك أن يقولييوا لييول‬
‫أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك إنما أنت‬
‫نييذير واللييه علييى كييل شييئ وكيييل ((‬
‫] هود ‪. [ 12 :‬‬

‫‪ -4‬ليكن فييي سيييرتك وسييريرتك ميين‬


‫النقييياء ‪ ،‬والصيييفاء ‪ ،‬والشيييفقة عليييى‬
‫الخليييق ‪ ،‬مييا يحملييك علييى اسيييتيعاب‬
‫الخرين ‪ ،‬وكظم الغيظ ‪ ،‬والعراض عن‬
‫عرض من وقع فيك ‪ ،‬ول تشييغل نفسييك‬
‫‪81‬‬

‫بذكره ‪ ،‬واستعمل ‪ " :‬العزليية الشييعورية‬


‫"‪.‬‬
‫فهييذا غاييية فييي نبييل النفييس ‪ ،‬وصييفاء‬
‫المعدن ‪ ،‬وخلق المسلم ‪.‬‬
‫وأنت بهذا كأنما ُتسف الظالم المل ‪.‬‬
‫والمييور مرهونيية بحقائقهييا ‪ ،‬أمييا الزبييد‬
‫جيفاء ‪.‬‬
‫فيذهب ُ‬
‫‪--------------------------------------------‬‬

‫إليى كييل ميسيييييلم‬


82
‫‪83‬‬
‫سلٍم‬
‫ل ُم ْ‬
‫إَلى ُك ّ‬

‫كل من احترف‬ ‫كل مسلم ‪ .‬إلى ُ‬ ‫إلى ُ‬


‫التصنيف فتاب ‪ .‬إلى من ُرمي بالتصنيف‬
‫كل عبد مسلم شحيح بدينه‬ ‫فصبر ‪ .‬إلى ُ‬
‫‪ ،‬يخشييى اللييه ‪ ،‬والييدار الخييرة ‪ .‬إلييى‬
‫هؤلء جميعا ً مسلمين ‪ ،‬قييانتين ‪ ،‬بيياحثين‬
‫عين الحيق عليى منهياج النبيوة ‪ ،‬وأنيوار‬
‫الرسييالة ‪ -‬أسييوق التييذكير والنصيييحة ‪-‬‬
‫علما ً وعمل ً ‪ -‬بالصول التية ‪:‬‬
‫‪ -1‬الصل الشرعي ‪ :‬تحريم النيل ميين‬
‫عرض المسلم ‪.‬‬
‫وهذا أمير معلييوم ميين اليدين بالضيرورة‬
‫فييي إطييار الضييروريات الخمييس الييتي‬
‫جيياءت ميين أجلهييا الشييرائع ‪ ،‬ومنهييا ‪" :‬‬
‫ظ العرض " ‪.‬‬ ‫حف ُ‬
‫فيجب علييى كييل مسييلم قييدر اللييه حييق‬
‫قدره ‪ ،‬وعظم دينه وشييرعه ‪ ،‬أن تعظييم‬
‫في نفسه حرميية المسييلم ‪ :‬فييي دينييه ‪.‬‬
‫ودمه ‪ .‬وماله ‪ .‬ونسبه ‪ .‬وعرضه ‪.‬‬
‫‪ -2‬والصييل بنيياء حييال المسييلم علييى‬
‫السلمة ‪ ،‬والستر ‪ ،‬لن اليقييين ل يزيلييه‬
‫ل بيقين مثله ‪.‬‬‫الشك ‪ ،‬وإنما ُيزا ُ‬
‫فاحذر ‪ -‬رحمك الله ‪ -‬ظيياهرة التصيينيف‬
‫هذه ‪ ،‬واحيييذر‬
‫‪84‬‬

‫التهامات الباطليية ‪ ،‬واستسييهال الرمييي‬


‫بها هنا وهناك ‪ ،‬وانفض يدك منها ‪ ،‬يخييل‬
‫لك وجه الحق ‪ ،‬وأنت بييه قرييير العييين ‪،‬‬
‫رضي النفس ‪.‬‬
‫ج عيين هيييذين الصييلين إل‬ ‫‪ -3‬ل ُيخييير ُ‬
‫بييدليل مثييل الشييمس فييي رائعيية النهيار‬
‫على مثلها فاشهد أو دع ‪ .‬فالتزام واجب‬
‫"التييبين " للخبييار ‪ ،‬والتثبييت منهييا ‪ ،‬إذ‬
‫الصل البراءة ‪.‬‬
‫وكم من خبر ل يصح أصل ً ‪.‬‬
‫وكم من خييبر صييحيح لكيين حصييل عليييه‬
‫مييين الضيييافات ميييال يصيييح أصيييل ً ‪ ،‬أو‬
‫حرف ‪ ،‬وغير ‪ ،‬وبدل ‪ .‬وهكذا ‪.‬‬
‫وبالجملة فل ُتقييرر المؤاخييذة إل بعييد أن‬
‫حجيية ‪ ،‬ويقييوم عنييدك قييائم‬ ‫تييأذن لييك ال ُ‬
‫البرهان كقائم الظهيرة ‪.‬‬
‫وقييد أمرنييا اللييه تعييالى بييالتبُين فقييال‬
‫سبحانه ‪:‬‬
‫) يا أيها الذين ءامنوا إن جياءكم فاسيقٌ‬
‫بنبييأ ٍ فتييبينوا أن تصيييبوا قومييا ً بجهاليي ٍ‬
‫ة‬
‫فتصيييبحوا عليييى ميييافعلتم نيييادمين (‬
‫] الحجرات ‪. [6:‬‬
‫‪85‬‬

‫وقال تعالى ‪:‬‬


‫هم أمٌر ميين الميين أو الخييوف‬ ‫) وإذا جآء ُ‬
‫إلييى الرسييول‬ ‫أذاعييوا بييه ولييو ردوه‬
‫ه الييذين‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫لعلم‬ ‫يم‬
‫ي‬ ‫منه‬ ‫وإلييى أولييي الميير‬
‫ُ‬
‫منهييم ولييول فض يل اللييه‬ ‫يسييتنبطونه‬
‫م الشيطييان إل‬ ‫ه لتبعت ُُ‬ ‫ُ‬ ‫ورحمت‬ ‫عليكم‬
‫قليل ً (] النساء‪. [ 83 :‬‬
‫قال السيوطي ‪ -‬رحمه الله تعالى ‪: -‬‬
‫) نزلت الية في جماعة من المنافقين ‪،‬‬
‫أو في ضييعفاء المييؤمنين كييانوا يفعلييون‬
‫ذلك فتضعف قلوب المييؤمنين ‪ ،‬ويتييأذى‬
‫ي ‪. -)18 -‬‬ ‫النب ُ‬
‫مييتيقن فهييو‬ ‫‪ -4‬من تجاوزهما بغييير حييق ُ‬
‫حرمية الشييرع بالنيييل ظلميا ً ميين‬ ‫خييارقٌ ُ‬
‫"عرض أخيه المسييلم " وهييذا " مفتييون‬
‫"‪.‬‬
‫‪ -5‬يجب أن يكون المسلم على جييانب‬
‫مو الخلق وعلو الهمة ‪ ،‬وأن‬ ‫س ُ‬
‫كريم من ُ‬
‫ً‬
‫ل يكييون معييبرا تمييرُر عليييه الييواردات‬
‫مختيلقات ‪.‬‬ ‫وال ُ‬
‫شييغلهم الشيياغل ‪" :‬‬ ‫‪ - 6‬يوجييد أفييراد ُ‬
‫كل مطييار " يتلقييى لسييان‬ ‫تطيير الخبار ُ‬
‫عن لسان بل تثبت ول روية ‪ ،‬ثم ينشييره‬
‫بفمه ولسانه بل وعي ول تعقييل ‪ ،‬فييتراه‬
‫‪86‬‬

‫يقذف بالكلم ‪ ،‬ويطييير بييه هنييا وهنيياك ‪،‬‬


‫فاحييذر طريقتهييم ‪ ،‬وادفييع فييي وجههييا ‪،‬‬
‫واعمل على استصلح حالهم ‪.‬‬
‫ومن وقع في حبالهم فعليه سل يده من‬
‫رابطتهم هذه ‪.‬‬
‫‪ - 7‬اليتزم " النصياف الدبيي " بييأن ل‬
‫تجحد ما للنسان من‬

‫فضييل ‪ ،‬وإذا أذنييب فل تفييرح بيذنبه ‪ ،‬ول‬


‫تتخييذ الوقييائع العارضيية منهييية لحييال‬
‫الشييخص ‪ ،‬واتخاذهييا رصيييدا ً ُينفييق منييه‬
‫الجراح في الثلب ‪ ،‬والطعن ‪ .‬وأن تييدعو‬
‫لييه بالهداييية ‪ ،‬أمييا التزيييد عليييه ‪ ،‬وأمييا‬
‫البحث عن هفيواته ‪ ،‬وتصييدها ‪ ،‬فيذنوب‬
‫مضافة أخرى ‪.‬‬
‫والرسوخ في النصاف بحاجة إلييى قييدر‬
‫كبير من خلق رفيع ‪ ،‬ودين متين ‪.‬‬
‫وعليه فاحذر قلة النصاف ‪:‬‬
‫ولم تزل قلة النصاف قاطعة‬
‫بييييين الرجييييال وإن‬
‫كانوا ذوي رحم‬

‫‪ - 8‬احذر " الفتانين " دعاة " الفتنة "‬


‫هم ‪:‬‬
‫الذين يتصيدون العثرات وسيما ُ‬
‫‪87‬‬

‫جعييل الييدعاة تحييت مطييارق النقييد ‪،‬‬


‫وقييوارع التصيينيف ‪ ،‬مييوظفين لييذلك ‪:‬‬
‫الحييرص علييى تصيييد الخطييأ ‪ ،‬وحمييل‬
‫المحتملت علييى المؤاخييذات ‪ ،‬والفييرح‬
‫بالزلت والعثرات ‪ ،‬ليمسكوا بها بالحسد‬
‫والثلب ‪ ،‬واتخاذها ديدنا ً ‪.‬‬
‫وهذا ميين أعظييم التجنييي علييى أعييراض‬
‫المسلمين عاميية ‪ ،‬وعلييى الييدعاة منهييم‬
‫خاصة ‪.‬‬

‫وسيماهم أيضا ً ‪ :‬توظيييف النصييوص فييي‬


‫غير مجالها ‪ ،‬وإخراجها في غير براقعها ‪،‬‬
‫لتكييثير الجمييع ‪ ،‬والبحييث عيين النصييار ‪،‬‬
‫وتغرير الناس بذلك ‪.‬‬
‫فييإذا رأيييت هييذا القطيييع فكييبر عليهييم ‪،‬‬
‫وولهيييم ظهيييرك ‪ ،‬وإن اسيييتطعت صيييد‬
‫هجومهم وصيالهم فهو من دفع الصائل ‪.‬‬
‫‪ - 9‬اعلم أن " تصنيف العالم الداعية‬
‫ه‬
‫" ‪ -‬وهيييو مييين أهيييل السييينة ‪ -‬ورميييي ُ‬
‫بالنقائص ‪ :‬نيياقض ميين نييواقض الييدعوة‬
‫وإسييهام فييي تقييويض الييدعوة ‪ ،‬ونكييث‬
‫الثقة ‪ ،‬وصرف الناس عن الخير ‪ ،‬وبقدر‬
‫هذا الصد ‪ ،‬ينفتح السبيل للزائغين ‪.‬‬
‫فاحذر الوقوع في ذلك ‪.‬‬
‫‪88‬‬

‫ت في هيذا مبحثيا ً ميين كتياب "‬ ‫وقد عقد ُ‬


‫التعالم " أ سوقه هنا للحاجة ‪19‬إليه ‪:‬‬
‫) أسييند البخيياري فييي ‪ :‬كتيياب الشييروط‬
‫ميين صييحيحه‪ :‬قصيية الحديبييية ومسييير‬
‫النييبي ‪ -‬صييلى اللييه عليييه وسييلم ‪ -‬إليهييا‬
‫وفيها‪:20‬‬
‫وسار النبي ‪ - -‬حتى إذا كييان بالثنييية‬
‫عليهم منهييا بركييت بييه‬ ‫التي يهبط‬
‫راحلته ‪ ،‬فقال الناس ‪ :‬حل حل‪ ،‬فألحت‬

‫فقالوا ‪:‬‬
‫خلت القصواء ‪ ،‬فقال النبي ‪)) : - -‬‬
‫ماخلت القصواء وماذاك لها بخلق ولكن‬
‫حبسها حابس الفيل (( ‪.‬‬
‫الحديث‬
‫قييال الحييافظ ابيين حجيير فييي فقييه هييذا‬
‫الحديث ‪:‬‬
‫) جواز الحكم على الشيييء بمييا عييرف‬
‫من عادته ‪ ،‬وإن جاز أن يطرأ غيييره ‪،‬‬
‫فإذا وقع من شخص هفييوة ل يعهييد منييه‬
‫مثلها ‪ ،‬ل ينسب إليهييا ‪ ،‬وي ُييرد علييى ميين‬
‫نسييبه إليهييا ‪ ،‬ومعييذرة ميين نسييبه إليهييا‬
‫مميين ل يعييرف صييورة حيياله ‪ ،‬لن خل‬
‫القصواء لول خارق العادة لكان ما ظنييه‬
‫‪89‬‬

‫صييحيحا ً ‪ ،‬ولييم يعيياتبهم‬ ‫الصييحابة ‪:‬‬


‫النييبي ‪ - -‬علييى ذلييك لعييذرهم فييي‬
‫ظنهم ( اهي ‪.‬‬
‫فقد أعذر النبي ‪ - -‬غير المكلف ميين‬
‫باستصحاب الصل ‪ ،‬وميين‬ ‫الدواب‬
‫قيييييياس الوليييييى إذا رأينيييييا عالميييييا ً‬
‫عامل ً ‪ ،‬ثم وقعت منه هنة أو هفوة ‪ ،‬فهو‬
‫وعدم نسييبته إليهييا‬ ‫أولى بالعذار ‪،‬‬
‫والتشنيع عليه بها ‪ -‬استصحابا ً للصل ‪،‬‬
‫وغمر مابدر منه في بحر علمه وفضله ‪،‬‬
‫قاطع يا ً للطريييق ‪،‬‬ ‫وإل كييان المعنييف‬
‫ردءا ً للنفس اللوامة ‪ ،‬وسببا في حرمان‬
‫ً‬
‫العالم ميين علمييه ‪ ،‬وقييد ُنهينييا أن يكييون‬
‫أحدنا عونيا ً للشيييطان علييى أخيييه ‪ .‬فمييا‬
‫ألطف هذا الستدلل وأدق هذا المنزع ‪،‬‬
‫ورحم اللييه الحييافظ الكنيياني ابيين حجيير‬
‫شفوف نظييره ‪،‬‬ ‫العسقلني ‪ ،‬على‬
‫وفقه نفسه ‪ ،‬وتعليقه الحكم بمدركه ‪.‬‬
‫قال الصنعاني ‪ -‬رحمه الله تعالى‪: - 21‬‬
‫) وليس أحد ميين أفييراد العلميياء إل ولييه‬
‫نادرة ينبغييي أن تغميير فييي جنييب فضييله‬
‫وتجتنب ( اهي ‪.‬‬
‫وقال أبوهلل العسكري ‪: 22‬‬
‫‪90‬‬

‫) ول يضييع ميين العييالم الييذي بييرع فييي‬


‫علمييه ‪ :‬زليية ‪ ،‬إن كييانت علييى سييبيل‬
‫السهو والغفال ‪ ،‬فإنه لم يعر من الخطأ‬
‫إل من عصم الله جل ذكره ‪ .‬وقد قييالت‬
‫ع ُييييدت‬ ‫الحكميييياء ‪ :‬الفاضييييل ميييين‬
‫سقطاته ‪ ،‬وليتنا أدركنا بعض صييوابهم أو‬
‫يميز خطأهم ( اهي ‪.‬‬ ‫كنا ممن‬
‫وقد تتابعت كلميية العلميياء فييي العتييذار‬
‫بدر منهييم ‪ ،‬وأن مييا‬ ‫عن الئمة فيما‬
‫يبدو من العالم من هنات ل تكون مانعية‬

‫للستفادة من علمه وفضله ‪.‬‬


‫فهذا الحافظ الذهبي ‪ -‬رحمه الله تعييالى‬
‫‪ -‬يقييول فييي ترجميية كييبير المفسييرين‬
‫قتييادة بيين دعاميية السدوسييي المتييوفى‬
‫سنة ‪ 117‬هي رحميه الليه تعيالى بعيد أن‬
‫اعتذر عنه‪: 23‬‬
‫) ثم إن الكبير ميين أئميية العلييم إذا كييثر‬
‫صييوابه ‪ ،‬وعلييم تحريييه للحييق ‪ ،‬واتسييع‬
‫علمييه ‪ ،‬وظهيير ذكيياؤه ‪ ،‬وعييرف صييلحه‬
‫وورعه واتباعه يغفر له زللة ‪ ،‬ول نضييلله‬
‫ونطرحيييه وننسيييى محاسييينه ‪ ،‬نعيييم ‪:‬‬
‫‪91‬‬

‫لنقتدي به في بدعته وخطئه ونرجييو لييه‬


‫التوبة من ذلك ( اهي ‪.‬‬
‫وقال أيضا ً في دفييع العتيياب عيين المييام‬
‫محمد بيين نصيير المييروزي ‪ -‬رحمييه اللييه‬
‫تعالى ‪: -24‬‬
‫) ولو أنا كلما أخطيأ إميام فييي اجتهيياده‬
‫في آحاد المسائل خطأ مغفورا ً له ‪ ،‬قمنا‬
‫عليه ‪ ،‬وبدعناه وهجرناه لما سلم معنا ل‬
‫ابن نصر ول ابن منده ‪ ،‬ول من هو أكييبر‬
‫منهمييا ‪ ،‬واللييه هييو هييادي الخلييق إلييى‬
‫الحييق ‪ ،‬وهييو أرحييم الراحمييين ‪ ،‬فنعييوذ‬
‫بالله من الهوى والفظاظة ( اهي ‪.‬‬

‫وقال في ترجمة إمام الئمة ابن خزيميية‬


‫المتييوفى سيينة ‪ 311‬هييي ‪ -‬رحمييه اللييه‬
‫تعالى ‪:25‬‬
‫) وكتييابه ‪ :‬فييي التوحيييد ‪ .‬مجلييد كييبير ‪.‬‬
‫وقد تأول في ذلك حديث الصورة ‪.‬‬
‫فليعذر من تييأول بعييض الصييفات ‪ ،‬وأمييا‬
‫السييلف فمييا خاضييوا فييي التأويييل ‪ ،‬بييل‬
‫آمنوا وكفوا ‪ ،‬وفوضوا علم ذلك إلى الله‬
‫ورسييوله ‪ ،‬ولييو أن كييل ميين أخطييأ فييي‬
‫اجتهاده ‪ -‬مع صحة إيمانه وتييوخيه لتبيياع‬
‫الحق ‪ -‬أهدرناه وبدعناه ‪ ،‬لقل من يسلم‬
‫‪92‬‬

‫من الئمة معنا ‪ .‬رحم الله الجميييع بمنييه‬


‫وكرمه ( اهي ‪.‬‬
‫وقال في ترجمة ‪ :‬بيياني مدينيية الزهييراء‬
‫بالنييييدلس ‪ :‬الملييييك الملقيييب بييييأمير‬
‫المؤمنين عبد الرحمن بن محمد صاحب‬
‫الندلس المتوفى سنة ‪350‬هي ‪:26‬‬
‫) وإذا كييان الييرأس عييالي الهميية فييي‬
‫الجهيياد ‪ ،‬احتملييت لييه هنييات ‪ ،‬وحسييابه‬
‫على الله ‪ ،‬أما إذا أمات الجهيياد ‪ ،‬وظلييم‬
‫العبييياد ‪ ،‬وللخيييزائن أبييياد ‪ ،‬فيييإن ربيييك‬
‫لبالمرصاد ( اهي ‪.‬‬
‫وقييال فييي ترجميية ‪ :‬القفييال الشاشييي‬
‫الشافعي المتوفى سنيييية‬

‫‪ 365‬هي ‪ -‬رحمه الله تعالى‪: - 27‬‬


‫) قال أبو الحسن الصييفار ‪ :‬سييمعت أبييا‬
‫سييئل عيين تفسييير‬
‫سييهل الصييعلوكي ‪ ،‬و ُ‬
‫أبي بكر القفال ‪ ،‬فقال ‪ :‬قدسه من وجه‬
‫ودنسه من وجه ‪ ،‬أي ‪ :‬دنسه من جهة‬
‫نصره للعتزال ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬قيد مير مييوته ‪ ،‬والكميال عزيييز ‪،‬‬
‫وإنمييا يمييدح العييالم بكييثرة ميياله ميين‬
‫الفضائل ‪ ،‬فل تدفن المحاسيين لورط يةٍ ‪،‬‬
‫‪93‬‬

‫ولعلييه رجييع عنهييا ‪ .‬وقييد يغفيير لييه فييي‬


‫اسيييتفراغه الوسييع فيييي طلييب الحيييق‬
‫ولحول ول قوة إل بالله ( اهي ‪.‬‬
‫وبعد أن ذكر بعض الهفيوات لبيي حاميد‬
‫الغزالي المتوفى سنة ‪ 505‬هي ي ‪ -‬رحمييه‬
‫الله تعالى‪ -‬قال‪: 28‬‬
‫) قلت ‪ :‬الغزالييي إمييام كييبير ‪ ،‬ومييا ميين‬
‫ل يخطييئ (‬ ‫شييرط العييالم أنييه‬
‫اهي ‪.‬‬
‫وقال أيضا ً ‪:29‬‬
‫) قلييت ‪ :‬مييازال الئميية يخييالف بعضييهم‬
‫بعضا ً ‪ ،‬ويرد هذا على هذا ‪ ،‬ولسنا مميين‬
‫يذم العالم بالهوى والجهل ( اهي ‪.‬‬

‫وقال ايضا ً ‪:30‬‬


‫) فرحم الله المام أبا حامد ‪ ،‬فأين مثله‬
‫فييي علييومه وفضييائله ولكيين لنييدعي‬
‫عصمته من الغلط والخطأ ‪ .‬ولتقليد في‬
‫الصول ( اهي ‪.‬‬
‫ونبه على على حال مجاهد فقال‪: 31‬‬
‫) قلت ‪ :‬ولمجاهيد أ قيوال وغيرائب فيي‬
‫ُتستنكر ( اهي ‪.‬‬ ‫العلم والتفسير‬
‫‪94‬‬

‫وقال في ترجمة ابن عبد الحكم ‪:32‬‬


‫) قلييت ‪ :‬لييه تصييانيف كييثيرة ‪ ،‬منهييا ‪:‬‬
‫علييى الشييافعي ‪.‬‬ ‫كتاب فييي الييرد‬
‫وكتيياب أحكييام القييرآن ‪ .‬وكتيياب الييرد‬
‫علييى فقهيياء العييراق ‪ .‬ومييازال العلميياء‬
‫قديما ً وحديثا ً يرد بعضهم على بعض فييي‬
‫البحييث وفييي التواليييف ‪ ،‬وبمثييل ذلييك‬
‫يتفقه العالم ‪ ،‬وتتبرهن لييه المشييكلت ‪،‬‬
‫الفقيييه‬ ‫ولكن في زمننا قد يعاقب‬
‫إذا اعتنييى بييذلك لسييوء نيتييه ‪ ،‬ولطلبييه‬
‫للظهييور والتكييثر ‪ ،‬فيقييوم عليييه قضيياة‬
‫وأضداد ‪ ،‬نسأل الله حسييييييين‬

‫الخاتمة وإخلص العمل ( اهي ‪.‬‬


‫وفي ترجمة إسماعيل الييتيمي المتييوفى‬
‫) اخطأ ابيين‬ ‫سنة ‪ 535‬هي أنه قال‪: 33‬‬
‫خزيمة في حييديث الصييورة ‪ ،‬ول يطعيين‬
‫عليه بذلك بل ل يؤخذ عنه هذا فحسب ‪.‬‬
‫قال أبو موسى ‪ -‬المديني ‪ : -‬أشار بهييذا‬
‫إلى أنه قل إمام إل وله زلة ‪ ،‬فييإذا تييرك‬
‫لجل زلته ‪ ،‬ترك كثير من الئمة ‪ ،‬وهييذا‬
‫ل ينبغي أن يفعل ( اهي ‪.‬‬
‫‪95‬‬

‫فهذا الذهبي نفسه‪ 34‬قد تكلم رحمه الله‬


‫تعالى ‪ -‬في أن علوم أهل الجنيية تسييلب‬
‫عنهييم فييي الجنيية ول يبقييى لهييم شييعور‬
‫بشيييئ منهيييا ‪ .‬وقيييد تعقبيييه العلمييية‬
‫الشوكاني في فتيياواه المسييماة ‪ :‬الفتييح‬
‫الرباني ‪ .‬وذكر إجماع أهل السلم علييى‬
‫أن عقول أهل الجنة تزداد صفاًء وإدراكا ً‬
‫‪ -‬لييذهاب ماكييان يعييتريهم فييي الييدنيا ‪.‬‬
‫وساق النصييوص فييي ذلييك ‪ .‬منهييا قييوله‬
‫تعالى )) يليت قومي يعلمييون بمييا غفيير‬
‫مكرمين (( ‪.‬‬ ‫لي ربي وجعلني من ال ُ‬
‫وقييال شيييخه شيييخ السييلم ابيين تيمييية‬
‫النميري – رحييمه الله‬

‫تعالى ‪ ، -‬فييي جييواب لييه بإبطييال فتييوى‬


‫قضاة مصر بحبسييه وعقييوبته ميين أجييل‬
‫فتواه بشأن شد الرحل إلى القبور‪: 35‬‬
‫) إنه لو قدر أن العالم الكثير الفتيياوى ‪،‬‬
‫أفييتى فييي عييدة مسييائل بخلف سيينة‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم الثابتة‬
‫عنه ‪ ،‬وخلف ما عليه الخلفاء الراشدون‬
‫‪ :‬لم يجز منعييه ميين الفتيييا مطلق يا ً ‪ ،‬بييل‬
‫‪96‬‬

‫يبين له خطؤه فيما خالف فيه ‪ ،‬فمييازال‬


‫فييي كييل عصيير ميين أعصييار الصييحابة‬
‫والتييابعين ‪ ،‬وميين بعييدهم ميين علميياء‬
‫المسلمين من هو كذلك ‪ ( ......‬اهي ‪.‬‬
‫وهذا المام الحافظ ابن حبييان المتييوفى‬
‫سنة ‪ 354‬هي رحمه الله تعالى فاه بقوله‬
‫حكييم‬‫‪ :‬النبييوة العلييم والعمييل ‪ .‬فُهجيير و ُ‬
‫عليه بالزندقية وكتيب فييه إلييى الخليفية‬
‫فكتب بقتله ‪.‬‬
‫لكن أنصفه المحققييون ميين أهييل العلييم‬
‫فوجهييوا قييوله واسييتفادوا ميين علمييه‬
‫‪3‬‬
‫وفضله منهم ‪ :‬ابيين القيم‪ ، 36‬والييذهبي‬
‫‪ ،7‬وابييين حجييير‪ 38‬فيييي سيييواهم مييين‬
‫المحققين ‪.‬‬

‫ومما قاله الذهبي ‪:‬‬


‫) قلت ‪ :‬وهذا أيضا ً لييه محمييل حسيين ‪،‬‬
‫ولييم يييرد حصيير المبتييدأ فييي الخييبر ‪.‬‬
‫ومثله ‪ :‬الحج عرفة ‪ ،‬فمعلوم أن الرجييل‬
‫ل يصير حاج يا ً بمجييرد الوقييوف بعرفيية ‪،‬‬
‫إنما ذكر مهييم الحييج ‪ ،‬ومهييم النبييوة ‪ ،‬إذ‬
‫‪97‬‬

‫أكمل صفات النبي ‪ :‬العلم والعمييل ‪ ،‬ول‬


‫يكون أحد نبيا ً إل أن يكون عالما ً عييامل ً ‪.‬‬
‫نعم النبوة موهبة ميين اللييه تعييالى لميين‬
‫اصطفاه من أولي العلم والعمل ل حيلة‬
‫للبشيير فييي اكتسييابها أبييدا ً ‪ ،‬وبهييا يتولييد‬
‫العلم النافع والعمل الصالح ‪.‬‬
‫ول ريب أن إطلق ما نقل عن ابي حاتم‬
‫س فلسفي ( اهي ‪.‬‬ ‫‪ :‬ل يسوغ ‪ ،‬وذلك نف ٌ‬
‫وهذا العلمة أبو الوليد البيياجي المييالكي‬
‫المتوفى سنة ‪ 474‬هي رحمه الله تعالى‬
‫افترع القول بارتفيياع أمييية النييبي ‪- -‬‬
‫لقصة الحديبية فقييام عليييه أهييل عصييره‬
‫حتى حكموا بكفره ‪.‬‬
‫وقال بعضهم فيه ‪:‬‬
‫ً‬
‫عجبت ممن شرى دنيا بآخرة‬
‫وقال إن رسييول اللييه‬
‫قد كتبا‬
‫ثييم تطييامنت الفتنيية وأوضييح المحققييون‬
‫بأن واقعة الحديبيييية ل‬

‫سبيل إلى إنكارها لثبوتها لكنها ل تنفييي‬


‫النبي ‪ُ - -‬بعث في‬ ‫المية ‪ ،‬كما أن‬
‫العييييرب وهييييم أميييية أمييييية ل تكتييييب‬
‫ول تحسييب ومييع هييذا يوجييد فيهييم ميين‬
‫‪98‬‬

‫الييوحي ‪ -‬لكنهييم‬ ‫يكتييب مثييل كتيياب‬


‫علييى نييدرة ولييم ينييف هييذا أمييية أمتييه‬
‫‪ - -‬من العرب ‪ .‬حقييق ذلييك الحييافظ‬
‫الييذهبي رحمييه اللييه تعييالى فييي ترجميية‬
‫الباجي من السير ‪.39‬‬
‫ولعصييرينا ابيين حجيير القاضييي القطييري‬
‫باسيييم ‪ :‬اليييرد‬ ‫كتييياب حافيييل‬
‫الشافي الوافر على من نفى أمية سيييد‬
‫الوائل والواخر ‪.‬‬
‫وهذا عبد الملييك بيين حييبيب رحمييه اللييه‬
‫أعلم الفقييه‬ ‫تعييالى ميين‬
‫المالكي ‪ .‬عيب عليييه أشييياء ولييم ُيهجيير‬
‫رحمه الله تعالى ‪.40‬‬
‫والجييياني ‪ :‬أحمييد بيين محمييد بيين فييرج‬
‫محنييية‬ ‫اللغيييوي الشييياعر ‪ ،‬لحقتيييه‬
‫لكلمة عامييية نطييق بهييا ‪ ،‬نقلوهييا عنييه ‪،‬‬
‫بسييببها فييي زميين ‪:‬‬ ‫وكان سييجنه‬
‫الحكم بن عبد الرحمن الناصر المتييوفى‬
‫سنة ‪ 336‬هي ‪.41‬‬
‫‪99‬‬

‫وهيييؤلء الئمييية ‪ :‬ابييين الثيييير ‪ ،‬وابييين‬


‫قييييد‬ ‫خلييييدون ‪ ،‬والمقريييييزي‬
‫صييححوا النسييب الفيياطمي للعبيييديين ‪.‬‬
‫وقد صاح المحققون على القييائلين بهييذا‬
‫منهيييم ‪ :‬ابييين تيميييية ‪ ،‬وابييين القييييم ‪،‬‬
‫والييذهبي ‪ ،‬وابيين حجيير وغيرهييم فييي‬
‫القديم والحديث ‪.‬‬
‫والمؤرخ ابيين خلييدون أيضيا ً عقيب عليييه‬
‫لميييا ذكييير‬ ‫الهيتميييي بيييأنه‬
‫الحسين بن علي ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬فييي‬
‫قال ‪: 42‬‬ ‫تاريخه‬
‫) قتل بسيف جده ( ‪.‬‬
‫لكن دافييع الحييافظ ابيين حجيير عيين ابيين‬
‫الكلميية لييم‬ ‫خلييدون بييأن هييذه‬
‫توجييد فييي التاريييخ الموجييود الن ولعلييه‬
‫فييي النسييخة الييتي رجييع‬ ‫ذكرهييا‬
‫عنها ‪.‬‬
‫وقد تتابع الغلط على ابن خلييدون أيضيا ً‬
‫على العرب من‬ ‫في أنه يحط‬
‫أنهم أهل ضعن ووبر ل يصييلحون ليييملك‬
‫ول‬
‫‪100‬‬

‫سياسة ‪ ..........‬وابن خلدون كلمه هييذا‬


‫فيييي " العيييراب " ل فيييي " العيييرب "‬
‫فليعلم ‪.‬‬
‫فهذه الراء المغلوطة لم تكن سببا ً فييي‬
‫الحرمييان ميين علييوم هييؤلء الجليية بييل‬
‫مازالت منارات يهتدي بها في أيدي أهل‬
‫السييلم ‪ .‬ومييا زال العلميياء علييى هييذا‬
‫المشييرع ينبهييون عليى خطييأ الئميية ميع‬
‫السييتفادة ميين علمهييم وفضييلهم ‪ ،‬ولييو‬
‫سييلكوا مسييلك الهجيير لهييدمت أصييول‬
‫وأركان ‪ ،‬ولتقلص ظل العلم في السلم‬
‫‪ ،‬وأصبح الختلل واضحا ً للعيييان ‪ .‬واللييه‬
‫المستعان ‪.‬‬
‫وكان الشيخ طيياهر الجييزائري المتييوفى‬
‫سنة ‪ 1338‬هي رحمه اللييه تعييالى يقييول‬
‫وهو على فراش الموت ‪: 43‬‬
‫) عييدوا رجييالكم ‪ ،‬واغفييروا لهييم بعييض‬
‫زلتهم ‪ ،‬وعضوا عليهم بالنواجذ لتستفيد‬
‫المة منهييم ‪ ،‬ول ُتنفروهييم ‪ ،‬لئل يزهييدوا‬
‫في خدمتكم ( اهي ‪.‬‬
‫وينتظم ما سلف تحقيق بالغ للمام ابيين‬
‫قيم الجوزية رحمه الله تعالى ذكره فييي‬
‫مباحث الحيل من " إعلم الموقعين "‬
‫) ‪ ( 294-298 /3‬فانظره ‪.‬‬
‫‪101‬‬

‫وإنما أتيت علييى النقييول المتقدميية مييع‬


‫كثرتها‪ ،‬لعموم البلييوى علييى أهييل العلييم‬
‫من بعض الجهييال ‪ ...‬إذا حصييل لييه رأي‬
‫عيين قناعيية ودراييية فييي مسييألة فقهييية‬
‫فروعييية ‪ -‬يكييادون ُيزهقييونه ويجهييزون‬
‫عليه لتبقى الريادة الوهمية لهييم ‪ ،‬واللييه‬
‫المستعان على ما يفعلون ‪.‬‬
‫أمييا المبتدعيية فل واللييه ‪ ،‬فإنييا نخييافهم‬
‫هم ميين‬ ‫ونحذرهم ‪ ،‬ولواجب البيان ُنحييذُر ُ‬
‫بدعهم ‪ ،‬فاحذر مخالطهم ‪ ،‬والتلقي‬
‫عنهم ‪ ،‬فإن ذلك سم نيياقع " انتهييى ميين‬
‫كتاب ‪" :‬التعالم " ‪.‬‬
‫‪ -10‬قد ترى الرجل العظيم يشييار إليييه‬
‫بالعلم والدين‪ ،‬وققز القنطرة في أبواب‬
‫التوحيييد علييى أصييول السييلم والسيينة‬
‫وجييادة سييلف الميية ‪ ،‬ثييم يحصييل منييه‬
‫أو‬ ‫هفيييوة ‪ ،‬أو هفيييوات‪ ،‬أو زلييية‪،‬‬
‫زلت ‪.‬‬
‫فلتعلم هنا ‪ :‬أنييه ماكييل عييالم ول داعييية‬
‫كذلك يؤخذ بهفوته ‪ ،‬ول ُيتبع بزلته ‪ ،‬فلييو‬
‫عمل ذلييك لمييا بقييي معنييا داعييية قييط ‪،‬‬ ‫ُ‬
‫دود ٌ عليه ‪ ،‬والعصمة لنبييياء‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫وكل راد ٌ ومر ُ‬
‫الله ورسله ‪.‬‬
‫‪102‬‬

‫نعم ‪ُ :‬ينبييه علييى خطئه ‪ ،‬ول ُيجييرم بييه ‪،‬‬


‫س ميين علمييه ودعييوته ‪ ،‬ومييا‬
‫م النا ُ‬ ‫فُيحر ُ‬
‫يحصل على يديه من الخير ‪.‬‬
‫ومن جرم المخطييئ فييي خطئه الصييادر‬
‫ح‬
‫عن اجتهاد له فيه مسر ٌ‬

‫شرعا ً ‪ ،‬فهو صاحب هييوى يحمييل التبعيية‬


‫مرتين ‪:‬‬
‫تبعة التجريم ‪ ،‬وتبعة حرمان النياس مين‬
‫علمه ‪ ،‬بل عليه عدة تبعات معلومة لمن‬
‫تأملها ‪.‬‬
‫‪ - 11‬قد تييرى الرجييل العظيييم ‪ ،‬يشييار‬
‫إليه بييالعلم والييدين ‪ ،‬وقييد ينضيياف إلييى‬
‫شييهود‬‫ذلك نزاله في ساحات الجهيياد ‪ ،‬و ُ‬
‫سنابك الجياد ‪ ،‬وبارقة السيوف ‪ ،‬ويكون‬
‫له بجانب ذلك هنات وهنييات فييي توحيييد‬
‫العبادة ‪ ،‬أو توحيييد السييماء والصييفات ‪،‬‬
‫ومع هذا فترى نظييراءه ميين أهييل العلييم‬
‫واليمان ممن سلم ميين هييذه الهنييات ‪،‬‬
‫يشهدون بفضله ويقرون‬
‫بعلمييه‪ ،‬ويييدينون لفقهييه ‪ ،‬وعلييو كعبييه‪،‬‬
‫فيعتمييدون كتبييه وأقييواله‪ ،‬ول يصييرفهم‬
‫هذا عن هذا ‪ " :‬وإذا بلغ الماء ُقليتين ليم‬
‫يحمل الخبث " ‪.‬‬
‫‪103‬‬

‫ول تمنعييه السييتفادة منييه ميين البيييان‬


‫بلطف عما حصل لييه ميين عييثرات ‪ ،‬بييل‬
‫يبينونها ويسألون اللييه أن ُيقيييل عييثرته ‪،‬‬
‫وأن يغفرها بجانب فضله وفضيلته ‪.‬‬
‫وخيذ شياهدا ً فيي حيال المعاصيرة ‪ :‬إن‬
‫شداة اعتقاد السلف ‪ -‬كثر اللييه جمعهييم‬
‫دون ليلهييم ‪ ،‬ونهييارهم ‪ ،‬ويبييذلون‬ ‫‪-‬ي ُ‬
‫كيي ُ‬
‫ُوكدهم فييي تحضييير الرسييائل الجامعييية‬
‫العلم في‬ ‫لعدد من وجوه أهل‬
‫دراسييية حيييياتهم ‪ ،‬وسييييرهم ‪ ،‬وجميييع‬
‫شمائلهم ‪ ،‬وتحقيق كتبهم ‪ ،‬ونشرها بييين‬
‫الناس‪ ،‬ويرون هذا قربة بعلم ٍ ُينتيفع به‪.‬‬
‫وتتسييابق كلميية علميياء العصيير بالمييدح‬
‫والثناء ‪.‬‬
‫وبهذا تعلم أن تلك البييادرة " الملعونيية "‬
‫من تكفير الئمة ‪:‬‬
‫النووي ‪ ،‬وابن دقيق العيييد ‪ ،‬وابيين حجيير‬
‫العسييقلني ‪ -‬رحمهييم اللييه تعييالى ‪ -‬أو‬
‫الحييط ميين أقييدارهم ‪ ،‬أو أنهييم مبتدعيية‬
‫ضلل ‪ .‬كييل هييذا ميين عمييل الشيييطان ‪،‬‬
‫وباب ضللة وإضلل ‪ ،‬وفسيياد وإفسيياد ‪،‬‬
‫جييرح المشييهود‬ ‫جرح شهود الشييرع ُ‬ ‫وإذا ُ‬
‫به ‪ ،‬لكن الغرار ل يفقهون ول يتثبتييون ‪،‬‬
‫منفذ ٍ في الواقعين نصيحة زييياد‬ ‫فهل من ُ‬
‫‪104‬‬

‫فيما ساقه ابيين عبييد الييبر ‪ -‬رحمييه اللييه‬


‫تعييالى ‪ -‬بسيينده أن زيييادا ً خطييب علييى‬
‫منبر الكوفة فقال ‪:‬‬
‫مهتم يا ً‬
‫ُ‬ ‫يذه‬
‫ي‬ ‫ه‬ ‫يتي‬
‫ي‬ ‫ليل‬ ‫ت‬
‫" أيها الناس إني ب ُ ُ‬
‫بخلل ثلث رأيت أن أتقدم إليكييم فيهيين‬
‫بالنصيحة ‪:‬‬
‫رأييييت إعظيييام ذوي الشيييرف ‪ ،‬وإجلل‬
‫ذوي العلم ‪ ،‬وتوقير ذوي السنان ‪.‬‬
‫واللييه ل أوتييى برجييل رد علييى ذي علييم‬
‫ليضع بذلك منييه إل‬

‫عاقبته ‪ .......‬إلى أن قال ‪:‬‬


‫إنما الناس بأعلمهم ‪ ،‬وعلمائهم ‪ ،‬وذوي‬
‫أسنانهم " ‪.44‬‬
‫‪ - 12‬وإن سيييييألت عييييين الموقيييييف‬
‫الشييرعي ميين انشييقاق هييؤلء بظيياهرة‬
‫التجريح ‪ ،‬فأقول ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬احذر هذا النشقاق ل تقع فييي مثلييه‬
‫مييع " المنشييقين الجراحييين " المبييذرين‬
‫للييوقت والجهييد والنشيياط فييي قيييل‬
‫وقييال ‪ ،‬وكييثرة السييؤال عيين " تصيينيف‬
‫العباد "‪ ،‬وذلييك فيمييا انشييقوا فيييه‪ ،‬فهييو‬
‫‪105‬‬

‫ذنييب تلبسييوا بييه ‪ ،‬وبلييوى وقعييوا فيهييا ‪،‬‬


‫وادع لهم بالعافية‪.‬‬
‫ب ‪ -‬إذا ُبليييييت بالييييذين يييييأتون فييييي‬
‫مجالسهم هذا المنكيير " تصيينيف النيياس‬
‫بغير حق " واللهث وراءه ‪ ،‬فبييادر بإنفيياذ‬
‫أمر الله في مثل من قال الله فيهم ‪:‬‬
‫)) وإذا رأيت الذين يخوضييون فييي آياتنييا‬
‫ث‬‫فأعرض عنهم حتى يخوضوا فييي حييدي ٍ‬
‫غييره وإميا ينسيينك الشييطان فل تقعيد‬
‫]‬ ‫بعد الذكرى مع القوم الظالمين ((‬
‫النعام ‪. [ 68 :‬‬

‫وفييي هييذا القييدر كفاييية – إن شيياء اللييه‬


‫تعالى ‪ -‬وفيما كتبت في ‪ " :‬حلية طييالب‬
‫العلييييم " ‪ ،‬و " التعييييالم " ‪ ،‬و " هجيييير‬
‫المبتدع " " وحكم النتمياء " ‪ ،‬و " اليرد‬
‫على المخالف " أصول نافعة ‪.‬‬

‫والله تعالى أعلم ‪.‬‬

‫انتيهيييييى ‪.‬‬
‫‪106‬‬

‫بكييييير بن عبد الله أبو زييييييييييد‬

‫‪ 1413 / 3 / 8‬هيي‬

‫الحاشية‬
‫‪ 1‬أنظرها ‪ ) :‬ص ‪. ( 28 – 26 /‬‬
‫‪ 2‬هل يقال ‪ " :‬هاأنا " أو ‪ " :‬هاأنا ذا " فيييه بحييث‬
‫أنظره فيي " التحريير والتيدوير " ‪-586 / 1 ) :‬‬
‫‪ . ( 588‬لكن لم يظهر لي تماما ً توجيهه ‪.‬‬
‫‪ " 3‬مجموع الفتاوى " ‪. ( 238 – 237 / 28 ) :‬‬
‫‪ " 4‬الصواعق المرسلة " ‪. ( 353 / 1 ) :‬‬
‫‪ 5‬فييي رسييالتي ‪ " :‬تغريييب اللقيياب العلمييية " ‪.‬‬
‫زيادة بيان لها ‪.‬‬
‫‪ 6‬من كلم ابن القيم ‪ -‬رحمة الله تعالى ‪. -‬‬
‫‪ " 7‬فتح المغيث " ‪.(4/94) :‬‬
‫‪ " 8‬تبين كذب المفترى " ‪) :‬ص‪.(29/‬‬
‫‪ 9‬أنظر ‪ " :‬الفتاوى " ‪.(112 - 13/110 ) :‬‬
‫‪ " 01‬الداء والدواء" ‪) :‬ص‪.(187/‬‬
‫‪ " 11‬عقوبات العرب على المعاصييي " لللوسييي‬
‫– رحمه الله ‪. -‬‬
‫‪ " 21‬العقييييدة الطحاويييية ميييع شيييرحها" ‪) :‬ص‪/‬‬
‫‪.(491‬‬
‫‪ 31‬وهي نتيجة حتمييية لمنهجهييم ‪ ،‬فلهييم بييالمس‬
‫أسلف في حادثة الحرم " السوداء " عام ‪1400‬‬
‫هي ‪ ...‬اختلفت الساليب والغاية واحدة‪.‬‬
‫‪ " 41‬شرح الطاحوية " ‪) :‬ص‪.(382 - 379/‬‬
‫‪ " 51‬العتصام " ‪. ( 22 – 20 /1 ) :‬‬
‫‪ 61‬إن كان يقصييد الخلفيياء الراشييدين ‪ :‬أبييا بكيير‪،‬‬
‫وعمر‪ ،‬وعلي ‪ -‬رضي الله عنهم ‪ -‬فل‪ ،‬ومين نظير‬
‫في كلم شيييخ السييلم ابيين تيمييية ‪ -‬رحمييه اللييه‬
‫تعالى ‪ -‬في مواضع من " منهاج السيينة " رأى أن‬
‫الترضي عن الخلفاء الربعة الراشدين في خطبة‬
‫الجمعة‪ ،‬ميين حسيينات أهييل السيينة فييي مواجهيية‬
‫أهييل الهييوى والبدعيية‪ ،‬الييذين أنبتييوا فييي وسييط‬
‫المسلمين مقالت الرفض‪ ،‬والنصب‪ ،‬فصييار فييي‬
‫الترضييي عنهييم علييى منييابر المسييلمين‪ ،‬وشييهود‬
‫عامتهم وخاصتهم‪ ،‬تلقين النيياس للمعتقييد الحييق‪،‬‬
‫ومنابذة ما سواه ‪ .‬فليعلم‬
‫وأما الدعاء مطلق يا ً لييولي أميير المسييلمين منهييم‬
‫فهو من سنن الهدي ‪.‬‬
‫أنظر ‪ " :‬شرح الطحاوية " ) ‪ ( 379‬و " التأصيييل‬
‫" ‪ ( 77 -76 /1 ) :‬لراقمييه ‪ ،‬وأمييا فييي خطبيية‬
‫الجمعة ‪ ،‬وداخل الصلة ففيييه بحييث حررتييه فييي‬
‫كتاب ‪ " :‬تصحيح الدعاء " ‪.‬؟‬
‫‪ " 71‬جامع بيان العلم وفضله " ‪. ( 439 /2 ) :‬‬
‫‪ 81‬وانظر في سبيل النزول ‪ " :‬صحيح مسييلم "‪،‬‬
‫و " تفسير الطبري " ‪.‬‬
‫‪ ) 91‬ص ‪. ( 87 – 79 /‬‬
‫‪ " 02‬فتح الباري " ‪. ( 336 – 335 / 5 ) :‬‬
‫‪ 12‬سييبل السييلم ‪ :‬الجييزء الول‪ ،‬نقلييه عنييه أبييو‬
‫مييدين الشيينقيطي فييي " الصييوارم والسيينة " ‪:‬‬
‫) ص ‪. ( 12 /‬‬
‫‪ 22‬شرح ما يقع فيه التصحيف ) ص‪. ( 6 /‬‬
‫‪ " 32‬السيرة " ‪. ( 271 / 5 ) :‬‬
‫‪ " 42‬السيرة " ‪. ( 40 / 14 ) :‬‬
‫‪ " 52‬السيرة " ‪. ( 374 / 14 ) :‬‬
‫‪ " 62‬السيرة " ‪. ( 564 / 15 ) :‬‬
‫‪ " 72‬السيرة " ‪. ( 285 / 16 ) :‬‬
‫‪ " 82‬السيرة " ‪. ( 339 / 19 ) :‬‬
‫‪ " 92‬السيرة " ‪. ( 342 / 19 ) :‬‬
‫‪ " 03‬السيرة " ‪. ( 346 / 19 ) :‬‬
‫‪ " 13‬السيرة " ‪. ( 455 / 4 ) :‬‬
‫‪ " 23‬السيرة " ‪. ( 501 – 500 /12 ) :‬‬
‫‪ " 33‬السيرة " ‪. ( 88 / 20 ) :‬‬
‫‪ " 43‬أبجد العلوم " لصديق خان رحمه الله تعالى‬
‫‪. (20 - 15 / 1 ) :‬‬
‫‪ " 53‬مجموع الفتاوى " ‪. ( 311 / 27 ) :‬‬
‫‪ " 63‬مفتاح دار السعادة " ‪.‬‬
‫‪ " 73‬تذكرة الحفاظ " ‪. ( 922 / 3 ) :‬‬
‫‪ ) 83‬لسان الميزان ( ‪. ( 116 – 113 / 5 ) :‬‬
‫‪ " 93‬السيرة " ‪. ( 540 / 18 ) :‬‬
‫‪ " 04‬لسان الميزان " ‪. ( 64 / 4 ) :‬‬
‫‪ " 14‬الصلة " لبن بشكوال ‪. ( 5 / 1 ) :‬‬
‫وانظر ‪ :‬ترجميية أبيي حييان التوحييدي ففيهييا ميع‬
‫فييي ‪" :‬‬ ‫فساد معتقد ‪ ،‬أشياء ميين هييذا كمييا‬
‫لسان الميزان " ‪ . ( 41 – 38 / 7 ) :‬ونحوهييا‬
‫صيياحب " قييوت‬ ‫لبييي طييالب المكييي‬
‫القلوب " كما في ‪ " :‬الميزان " ‪، ( 655 / 3 ) :‬‬
‫‪. ( 300 / 5 ) :‬‬ ‫و " لسان "‬
‫‪ " 24‬الضوء اللمع " ‪ " ، ( 147 / 3 ) :‬العلن‬
‫بالتوبيخ " ‪ ) :‬ص ‪. ( 71 /‬‬
‫‪ " 34‬كنوز الجداد " ‪.‬‬
‫‪ " 44‬جامع بيان العلم " ‪. ( 64 / 1 ) :‬‬

‫الفهرس‬
‫المقدمييييييييييييييييية ‪....‬‬ ‫•‬
‫‪5‬‬
‫وفيييييادة التصييييينيف ‪....‬‬ ‫•‬
‫‪9‬‬
‫واجييييييب دفعهييييييا ‪....‬‬ ‫•‬
‫‪17‬‬
‫طريييييق التصيييينيف ‪....‬‬ ‫•‬
‫‪22‬‬
‫آثرهييييييييييييييييييييييا ‪....‬‬ ‫•‬
‫‪23‬‬
‫سييييييييييييييييييييندها ‪....‬‬ ‫•‬
‫‪30‬‬
‫دوافعهيييييييييييييييييييا ‪....‬‬ ‫•‬
‫‪33‬‬
‫النشييييييقاق بهييييييا ‪....‬‬ ‫•‬
‫‪42‬‬
‫تبعييييييية فشيييييييوها ‪....‬‬ ‫•‬
‫‪45‬‬
‫• إليييييى كيييييل محيييييترف‬
‫‪59‬‬ ‫التصنيف ‪....‬‬
‫• إليييى كيييل مييين رميييي‬
‫بالتصنيف ظلما ً ‪73 ....‬‬

You might also like