Professional Documents
Culture Documents
الحمد لله .أما بعد :فهذه كلمات معدودات بين يدي الطبعة الثانية :
-1لما صدرت الطبعة الولى من هذا الكتاب في هذا الكتاب في شهر رمضان
ي عدد من كتابات العلمللاء – أجللزل الللله المبارك من هذا العام 1419وََرد َ إل ّ
مثوبتهم – ويأتي نصها .
-2موضوع هذا الكتاب هو بيان المعتقد الحق الذي أجمع عليه المسلمون مللن
الصحابة – رضي الله عنهم – فمن تبعهم بإحسان إلى يومنا هذا ,وذلللك فللي
بيان حقيقة اليمان من أنه :اعتقاد وقول وعمل ,ويزيللد بالطاعللة ,وينقللص
بالمعصية ,وبيان ما يضاده من أنواع الكفر :العتقادي القللولي ,والعملللي ,
وليللس وكفر الباء والعراض ...وشروط الحكللم بللذلك ,ومللوانعه .
هذا بغريب على طلبة العلم ,لنه من أصول العتقاد ,التي يعرفونها – بحمد
الله – كما يعرفون أبنائهم ,ولهذا كانت الخصومة في هذه الركللان الخمسللة
ونواقضها ليست من طريقهم ,كالشأن في أصول العتقاد الخرى .
-3نظرا لنفاد هذه الطبعة ,فقللد رأيللت إعللادة طبعهللا مللع زيللادات مهمللة ,ل
سلليما بعلض أقللوال السللف فلي ذم الملرجئة ,الللذين يللؤخرون العمللل علن
اليمان ,و بيان آثاره السيئة على السلم و المسلمين ,عسى الله أن يكللف
بأسهم ,و يبطل كيدهم ,و أن يرد من ضل إلى الحق بإذنه ,نورا نهتللدي بلله
إلى الحق و إلى صراط مستقيم ,آمين .
المؤلف
بكر بن عبدالله أبو زيد
20/12/1419
1
بقلــم :الشيخ العلمة بكــر بن عبدال أبو زيد درء الفتنة عن أهل السنة -الطبعة الثانية -
كتابات العلماء
بعد صدور الطبعة الولى
الحمد لله و الصلة و السلم على من ل نبي بعده وعلى آله وصحبه .
أما بعد :
فقد اطلعللت علللى هللذه الرسللالة الموسللومة بلل " درء الفتنللة عللن أهللل السللنة " مللن
مؤلفات أخينا العلمة الدكتور بكر بن عبلدالله أبلو زيلد ,فألفيتهلا رسلالة قيملة مفيلدة
2
بقلــم :الشيخ العلمة بكــر بن عبدال أبو زيد درء الفتنة عن أهل السنة -الطبعة الثانية -
جديرة بالنشر و التوزيع .جزى الله مؤلفها خيرا وضاعف مثوبته و نصر به الحللق ,إنلله
جواد كريم و صلى الله و سلم على رسول الله و على آله و صحبه .
الحمد لله وحده و الصلة و السلم على من ل نبي بعده ,و بعللد :فقللد اطلعللت علللى
الكتاب الموسوم بل " درء الفتنة عن أهل السنة " وهو مللن تللأليف معللالي الشلليخ /د .
بكر بن عبدالله أبو زيد ,فألفيته على صغر حجمه كتابا جيدا في موضوعه ,سلسا فللي
أسلوبه ,سهل في عباراته ,موثقا بالدلة الصحيحة الثابتللة مللن الكتللاب و السللنة و مللا
عليه سلف المة و أجمع عليه أئمتها .
وقد تطرق المؤلف – جزاه الله خيرا – إلى التحذير من أسباب الفتنة و الوقللوع فيهللا ,
إما عن جهل أو هوى في النفس ,وافتتان بملن سلقط فلي الفتنللة و حلاول أن يجلذب
3
بقلــم :الشيخ العلمة بكــر بن عبدال أبو زيد درء الفتنة عن أهل السنة -الطبعة الثانية -
غيره ليتردى في الهاوية التي سقط فيها ,و ذلك بتغليلف ملذاهبهم الفاسلدة بأسلاليب
براقة و أقنعة خداعة .
وقد ركز المؤلف على فرقتين ضالتين ممن سقط في الفتنللة ,وذلللك لن أكللثر ضلللل
الناس ناتج عن النخداع بهاتين الفرقتين و النجراف في مسللالكهما الملتويللة ,وهمللا :
فرقة الخوارج وفرقة المرجئة .
وقد بين المؤلف -جزاه الللله خيللرا – أن الللله هللدى جماعللة المسلللمين أهللل السللنة و
الجماعللة إلى الحلق و الوسلطية فلي ذللك ,حيلث بنللوا إيملانهم عللى خمسلة أركلان
مستقاة من الكتاب و السنة ,وهلو الحلق اللذي ل يجلوز العلدول عنله ,ول يجلوز فيله
الخلف .
وإن هذا الكتاب لعظيم النفع ,كثير الفوائد ,وجدير بالهتمللام ,وأن يحللرص عليلله كللل
مسلم ,لشتماله على مسائل مهمة ,وضوابط و أصول وقواعد عامة ,فللي اليمللان و
نواقضه ,حتى ل يقع المسلم في الفتنة ,فجزى الله المؤلف على هذا الجهللد المللبرور
– إن شاء الله تعالى – خير الجزاء وجعل ذلك في ميزان حسناته يوم لقاه ونفع الله به
السلم و المسلمين ,إنه سميع مجيب .
و الله أعلم .
فضيلة الشيخ الدكتور :بكر بن عبدالله أبو زيد عضو هيئة كبللار اللعمللاء وعضللو اللجنللة
الدائمة للبحوث العلمية و الفتاء – حفظه الله –
وبعد : السلم عليكم ورحمة الله و بركاته
فقد اطلعت على كتابكم المفيد ) :درء الفتنة عن أهل السنة ( فوجدته كتابا جيدا فللي
موضوعه ،موضحا ما عليه أهل السنة في حقيقة اليمان ومفندا آراء أهل البدعللة مللن
المللرجئة علللى اختلف فرقهللم المخالفللة للكتللاب والسللنة ومللا عليلله سلللف المللة
والمحققون من خلفها في هذا الباب المهم .فقد قمتم بواجب عظيم تشكرون عليه و
تؤجرون -إن شاء الله – وفقكم الله وزادكم علما و عمل وثباتا على الحق .
4
بقلــم :الشيخ العلمة بكــر بن عبدال أبو زيد درء الفتنة عن أهل السنة -الطبعة الثانية -
أخوكم
صالح بن فوزان بن عبدالله الفوزان
الحمد لله وحده ،والصلة والسلم على من ل نبي بعده محمد وآله وصحبه .
أما بعد :فلأداء لبعللض مللا أوجللب الللله ملن البلغ والبيللان ،والنصللح والرشللاد ،
والدعوة إلى الخير ،والتواصي به ،والدللة عليه ،وبذل السللباب لللدفع الشللرور عللن
المسلمين ،والتحذير منها ،حتى تكون أمة السلم كما أراد الله منها ،أمة متماسكة ،
مترابطة متراحمللة ،تللدين بالسلللم :اعتقللادا ،وقللول ،وعمل ,مستمسللكة بللالوحيين
الشريفين :الكتاب والسنة ،ل تتقاسمها الهواء ،ول تنفللذ إليهللا الفكللار الهدامللة ،ول
يبلغ منها العداء مبلغهم كما قال الله تعلالى }} :وملن يعتصلم بللالله فقلد هُللدي إللى
صراط مستقيم {{ ] آل عمران [ 101/وقال –سبحانه }} : -وأن هذا صراطي مستقيما
فاتبعوه ول تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلك وصاكم به لعلكللم تتقللون( ] النعللام/
. [153
5
بقلــم :الشيخ العلمة بكــر بن عبدال أبو زيد درء الفتنة عن أهل السنة -الطبعة الثانية -
رأيت لذلك تحرير هذا النصيحة :تذكيرا بفرائض الدين ،ولنقاذ المسلللمين ممللا
أخذ بعض المفتونين – الذين سقطوا في الفتنة – في إلقاء بذوره بينهم في جانبين :
في جانب الغلو والفراط في التكفير ؛ لخراج المسلمين من السلللم والخللروج
عليهم .وفي جانب الجفاء والتفريط في الرجاء ،للنحلل من ربقة السلم .
وكلهما من أسباب الفتنة والفساد بإيقاع التظالم بين العبللاد مللن وجلله ,وإماتللة
الدين من وجه آخر .
وبيان هذه النصيحة في سبعة فصول :
6
بقلــم :الشيخ العلمة بكــر بن عبدال أبو زيد درء الفتنة عن أهل السنة -الطبعة الثانية -
الفصل الول
في التحذير من الفتن
" أعاذنا الله منها "
قد حذرنا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم من المفتونين وفتونهم ،قال الللله تعللالى
}} واتقوا فتنة ل تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة {{ [النفال. ]27/
وأرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى الستعاذة بللالله مللن الفتللن ،وشللرها ،
وسوئها ،ومضلتها .
وكان من دعاء بعض السلف ) اللهم انللا نعللوذ بللك أن نرجللع علللى أعقابنللا أو أن
فَتن ( "رواه البخاري" .
نُ ْ
ً
وبين النبي صلى الله عليه وسلم أن بين يدي الساعة أياملا ينللزل فيهللا الجهللل ،
ويرفع العلم .
والحديث العظيم ،حديث حذيفة – رضي الله عنه -فللي التحللذير مللن الفتللن ،معلللوم
مشهور .
وقد بّين الله – سبحانه -فللي كتللابه أن الفتنللة تحللول دون أن يكللون الللدين كللله لللله –
سبحانه – ولهذا قال – عز شأنه }} : -وقاتلوهم حتى ل تكون فتنة ويكون الللدين كللله
لله {{ ] النفال. [ 39/
ُ
فالفتنة تناقض الدين ،وهي فتنة الشبهات ،وأسوأها فتنللة الشللرك بللالله وفتنللة
العدول عن محكم اليات وصريح السنة وصحيحها .
رج العمل عن حقيقة اليمان وتقول : خ ِ
ولما كانت هذه الفتنة ) :فتنة المرجئة ( التي ت ُ ْ
) ل كفر إل كفر الجحود والتكذيب ( بدعة ظلما وضللة عميا ،والتي حصل من آثارها :
التهوين من خصال السلم وفرائضه -شأن أسلفهم من قبل . -
ومنها :التهوين من شأن الصلة ،لسيما في هذا الزمان الذي كللثر فيلله إضللاعة
الصلوات واتباع الشهوات وطاشت فيه موجة الملحدين الذي ل يعرفللون ربهللم طرفللة
عين .
ومنها :التهوين من تحكيم شريعة الله في عباده بل ومساندة مللن يتحللاكم إلللى
الطاغوت وقد أمر الله بالكفر به .
قال ابللن القيللم – رحملله الللله تعللالى – فللي :إعلم المللوقعين " :ومللن أعظللم
الحدث تعطيل كتاب الله و سنة رسوله ,و إحداث ما خالفهما " انتهى .
لما كانت هذه الفتنة الرجائية في مقابلة فتنة الخوارج الللذين يقولللون " بتكفيللر
مرتكب الكبيرة " وهي آخية لها في الضلل ،والبتللداع ،وسللوء الثللار ل يجللوز أن يللدين
الله بأي منهما مسلم قط كان لزاما على أهل العلم و اليمان بيان بطلنهمللا ،وإظهللار
المذهب الحق الذي يجب على كل مسلم أن يدين الله به .
ذر المسلمين من هاتين الفتنتين ،ومن هؤلء المفتونين ،المتجاوزين لحدود وُنح ّ
رب العلللالمين }} ول تطيعلللوا أملللر المسلللرفين .اللللذين يفسلللدون فلللي الرض ول
يصلحون {{ ] الشعراء. [152-151/
ونحلذر المسللمين ملن هلؤلء المحروميلن المخلذولين اللذين يختلارون القلوال
الباطلة الصادة عن الصللراط المسللتقيم }} :ومللن النللاس مللن يشللتري لهللو الحللديث
ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين {{ ] لقمان . [ 6/
جْلل ُ
ب أقلوال وإن من الضلل الملبين ،والغلش للمسللمين ،والتلدليس عللى شلب َب َِتهم َ
حاء الشريعة ،ونسلبتها إللى ملذهب أهللل السلنة والجماعلة الفرق الضالة ،وكسائها بل ِ َ
7
بقلــم :الشيخ العلمة بكــر بن عبدال أبو زيد درء الفتنة عن أهل السنة -الطبعة الثانية -
نتيجة للردود الفعلال ،وجلدل المخاصلمات فل يجللوز بحلال الميلل لشليء ملن أهللواء
النواصب لمواجهة الروافض ول لشيء من أهواء القدرية لمواجهة الجبرية ،ول لشلليء
من أهواء المرجئة لمواجهة الخوارج ،أو العكس في ذلك كله ،وهكذا مللن رد الباطللل
بمثله ،والضللة بأخرى وهذه جادة الخسرين أعمال ،وقد فضح الللله المنللافقين بهللا ،
وهتك أستارهم فيها في مواضع من كتابه ،منها في صدر سورة البقرة ؛ إذ قالوا لتأييد
إفسادهم }} :إنما نحن مصلحون {{ فكذبهم الله بقوله }} أل إنهلم هللم المفسللدون
ولكن ل يشعرون {{ ] البقرة. [ 11/
دوا عما أنزل الله -تعالى -حكى الله عنهللم اعتللذارهم }} :ثلم جلاؤوك ص ّ
ولما َ
يحلفون بالله إن أردنا إل إحسانا وتوفيقا {{ ] النساء. [ 61/
فالواجب رد الباطل والهواء المضلة بالكتاب والسنة وما عليه سللف الملة ملن
الصحابة -رضي الله عنهم -فمن تبعهم بإحسان .
ول نرى مثل هذا التوجه إلى نصرة مذهب المرجئة ،وإدخللاله فللي مللذهب أهللل
السنة والجماعة ،إل من "السقوط في الفتنة" }} أل في الفتنة سقطوا {{ ] التوبللة 49/
[.
ومن أراد الله سعادته جعله يعتبر بما أصاب غيره فيسلك مسلك مللن أيللده الللله
ونصره ،ويجتنب مسلك من خذله الله وأهانه … "مجموع الفتاوى . " 35/388
8
بقلــم :الشيخ العلمة بكــر بن عبدال أبو زيد درء الفتنة عن أهل السنة -الطبعة الثانية -
الفصل الثاني
العمل بخصال السلم
والتحذير من أسباب الردة والفساد
الوصية لنفسي ولكل عبد مسلم بتقللوى الللله تعللالى فللي السللر والعلنيللة ،وأن
على كل من أتم الله عليه هذه النعمة ،فرضي بالله ربا وبمحمد صلى الله عليه وسلم
نبيا ورسول وبالسلم دينا ،أن يحمد الله – تعالى -ويثني عليه الخير كللله ،علللى هللذه
النعمة العظيمة التي هي أعظم النعم وأجلها -وما أكثر نعم اللله عللى عبيلده -واللتي
بها سمانا مسلمين وأن يقيم المسلم ما أمر الله به من خصللال السلللم ومللا افترضلله
الله عليله أملرا ونهيللا فيلأتمر بلأوامره وأعظمهلا :توحيللد اللله ،وإخلص العبلادة لللله ،
والعمل على وفق سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .وأجل أعمالها بعد التوحيد :
إقامة الصلوات الخمس وسائر أركان السلم العظيمللة ،وأوامللره الكريمللة ،وأسللباب
طاعة الله ومرضاته .
وأن ينتهللي عللن منللاهيه ،وأسللوأها الشللرك بللالله ،ومللا يتبللع ذلللك مللن البللدع
والمعاصي والضللت التي هي من أسباب سخط الله وعقابه .
ويجب على المسلمين تواصيهم بهللذه النعللم ،وبلللزوم الكتللاب والسللنة والرغبللة
فيهما والترغيب بهملا ومعرفللة الحكللام الشللرعية مللن مشللكاتهما عللى أيللدي العلمللاء
الراسخين والهداة المشهود لهم بالعلم والدين ،والدعوة إلى ذلك على بصيرة وإقامللة
المللر بللالمعروف والنهللي عللن المنكللر والصللبر علللى الذى فللي الللله ولللزوم جماعللة
المسلمين ووحدة صفهم والتراحم والتعاطف فيملا بينهلم ،والشلفقة عليهلم والنصلرة
على الحق إلى غير ذلك من معالم السلم السامية التي بها النجاح والفلح وفيها خيللر
الدنيا والخرة ،قال الله تعالى }} :يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقللاته ول تمللوتن
إل وأنتم مسلمون .واعتصموا بحبل الله جميعا ول تفرقوا واذكروا نعمللت الللله عليكللم
إذ كنتم أعداًء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوان لا ً وكنتللم علللى شللفا حفللرة مللن
النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون {{ ] آل عمران. [ 103-102/
وليحذر كل مسلم أن تزل به قدم عن السلم بعللد ثبوتهللا ،فعللن أنللس -رضللي
الله عنه -أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قللال ) :ثلث مللن كللن فيلله وجللد بهللن
حلوة اليمان :من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ،وأن يحب المللرء ل يحبلله
إل لله وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منلله ،كمللا يكللره أن يقللذف فللي
النار( ] متفق على صحته [ .
فالحذر ،الحذر من أسللباب الفتنللة والفسللاد والزيللغ والنحللراف والللردة واللحللاد
وأعظمها الفتنة في الدين ومنهلا شللق عصللا المسلللمين وتفريللق جمللاعتهم والللدعوات
المضللة والوسائل المغرضة والفكار الهدامة والتوجهللات العقديللة المضلللة والمجادلللة
هن بالباطل ،لدحض الحق ،ونشر الباحيللة وفسللاد الخلق إلللى غيللر ملا ذ ُك ِللر ممللا ي ُللو ِ
المسلمين ويضعف المد السلمي .وليتأمل كل مسلم قول الله تعالى }} :يللوم تجللد
كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سللوٍء تللود لللو أن بينهللا وبينلله أمللدا
بعيدا ويحذركم الله نفسه والله رؤوف بالعباد {{ ] آل عمران. [ 30/
فالحمدلله على نعمة السلم التي هي أعظم النعم وأصل كل خيللر ،كمللا يحللب
ربنا ويرضى .
9
بقلــم :الشيخ العلمة بكــر بن عبدال أبو زيد درء الفتنة عن أهل السنة -الطبعة الثانية -
الفصل الثالث
في بيان حقيقة اليمان
اليمان هو :الدين وهو :اعتقاد بالجنان ،وقول باللسان ،وعمل بالركان ،يزيد بالطاعة
ي الجماع المستند إلى الدلللة المتكللاثرة مللن الكتللاب حك ِ َ
وينقص بالمعصية وعلى ذلك ُ
والسنة ،عن كل من يدور عليه الجماع من الصحابة والتابعين .
قال شيخ السلم ابن تيمية – رحمه الله تعالى – في " :الفتاوى : " 7/209 :
" قال الشافعي – رحمه الله تعللالى : -وكللان الجمللاع مللن الصللحابة و التللابعين
بعدهم ,ومن أدركناهم ,يقولون :اليمان قللول و عمللل و نيللة ,و ل يجللزئ واحللد مللن
الثلث إل بالخر " انتهى .
و قال البخاري – رحمه الله تعالى " : -لقيت أكثر مللن ألللف رجللل مللن العلمللاء
بالمصار ,فما رأيت أحدا منهم يختلف في أن اليمان قول و عمل ,ويزيللد و ينقللص "
أخرجه الللكائي في " :أصول العتقاد " بسند صحيح .
ولجللة هذه المسألة وأهميتها افتتح المام مسلم -رحمه الله تعالى -صللحيحه :
بل " كتاب اليمان " وساقه المام البخاري -رحمه الله تعالى -في " :الكتاب الثاني "
من " :صحيحه" بعد " :كتاب بدء الوحي " وفي هذا تأكيد على أن حقيقة اليمان هللذه
مبناها على الوحي و أكثر أبوابه التي عقدها – رحمه الله تعلالى – للللرد علللى المللرجئة
وغيرهم من المخالفين في حقيقة اليمان ,و بعضها للرد على المرجئة خاصة كما فللي
الباب 36/منه ] انظر الفتاوى . [ 7/351
و لهميته – أيضا -أفرده الئمة بالتأليف منهللم :أبللو عبيللد ،وأحمللد بللن حنبللل ،
وابن أبي شيبة ،والطحاوي ،وابن منده ،وشيخ السلم ابللن تيميللة ،وغيرهللم -رحللم
الله الجميع . -
وعلى هذه الحقيقة لليمان بني المروزي -رحمه الله تعللالى -كتللابه " :تعظيللم
قدر الصلة " و الصلة هي أعظم العمال و أعمها و أولها و أجلها بعد التوحيد ,و هللي
شعار المسلمين ,و لهذا يعبر عنهم بها ,فيقال :اختلللف أهللل الصلللة ,واختلللف أهللل
القبلة .
ولعظم شأنها عنون أبو الحسن الشعري – رحمه الله تعالى -كتابه في العتقاد
باسم " مقالت السلميين واختلف المصلين " أي أن غير المصلللي ل ي ُعَ لد ّ فللي خلف
ول إجماع .
والمخالفة في تلك الحقيقة الشرعية لليمان :ابتللداع ،وضلللل ،وإعللراض عللن
دللة نصوص الوحي ،وخرق للجماع .
وإياك ثم إياك -أيها المسلم -أن تغتر بما فاه به بعض الناس من التهوين بواحد
من هذه السس الخمسة لحقيقة اليمان لسيما ما تلقفوه عن الجهمية وغلة المرجئة
من أن " العمل " كمالي في حقيقة اليمان ليس ركنا ً فيه وهذا إعللراض عللن المحكللم
من كتاب الله -تعالى -في نحو ستين موضعا ,مثل قول الللله -تعللالى }} : -ونللودوا
أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون {{ ] العللراف [ 43/ونحوها فللي السللنة كللثير ،
وخرق لجماع الصحابة ومن تبعهم بإحسان .
وإياك يا عبدالله من الجنللوح إلللى الغلللو فتهبللط -وأنللت ل تشللعر -فللي مزالللق
الخوارج الذين َتبّنى -في المقابل -مذهبهم بعض نابتة عصرنا .
بل إياك ثم إياك أن تجعل أيا من مسائل العقيدة السلمية " عقيدة أهل السللنة
والجماعة " مجال ً للقبللول والللرد ،والحللذف والتصللحيح ،بمللا يشللغب بلله ذو هللوى ،أو
ينتحله ذو غرض فهي -بحمد الله -حق مجمع عليلله فاحللذرهم أن يفتنللوك .ثبتنللا الللله
جميعا على السلم والسنة ،آمين .
10
بقلــم :الشيخ العلمة بكــر بن عبدال أبو زيد درء الفتنة عن أهل السنة -الطبعة الثانية -
11
بقلــم :الشيخ العلمة بكــر بن عبدال أبو زيد درء الفتنة عن أهل السنة -الطبعة الثانية -
الفصل الرابع
في بيان ضلل من ضل
في حقيقة اليمان ومسألة التكفير
كثر الخوض في بيان حقيقللة اليمللان ومسللألة التكفيللر وأخللذ مللن ل يريللد خيللرا
بالمسلمين يلقي بذورها المنحرفة بينهم من خلل وجهتين ضالتين ومذهبين باطلين :
أحدهما :في جانب الغلو والفللراط فللي نصللوص الوعيللد وهللو مللذهب الخللوارج
الذين ضلوا في بيان حقيقة اليمللان فجعلللوه بشللقيه شلليئا ً واحللدا ً ،إذا زال بعضلله زال
جميعه فأنتج هذا مذهبهم الضال " :وهو تكفير مرتكب الكبيرة " .
ومللن آثللاره :فتللح بللاب التكفيللر علللى مصللراعيه ،ممللا يصلليب المللة بالتصللدع
والنشقاق وهتك حرمات المسلم في دينه وعرضه .
وثانيهما :في جانب التقصير والجفاء والتفريط في فهم نصوص الوعللد ،والصلد ّ
عن نصوص الوعيد وهو مذهب المرجئة الذين ضلوا في بيللان حقيقللة اليمللان فجعلللوه
شيئا ً واحدا ً ل يتفاضل وأهله فيه سواء ،وهو " :التصللديق بللالقلب مجللردا ً مللن أعمللال
القلب والجوارح " وجعلوا الكفر هو " التكذيب بالقلب ،وإذا ثبت بعضه ثبللت جميعلله "
فأنتج هذا مذهبهم الضال " :وهو حصر الكفر بكفر الجحللود والتكللذيب " المسللمى " :
كفر الستحلل " .
ومن آثاره :فتح باب التخلي عن الواجبات والوقوع في المحرمات وتجسير كللل
دي إلى النسلخ من الللدين وهتللك حرمللات فاسق وقاطع طريق على الموبقات مما يؤ ّ
السلم .نعوذ بالله من الخذلن .
كما يلزم عليه عدم تكفير الكفار ،لنهم في الباطن ل يكللذبون رسللالة الرسللول
صلى الله عليه وسلم وإنما يجحدونها في الظاهر كما قال الللله تعللالى لرسللوله محمللد
صلى الله عليه وسلم }} :فإنهم ل يكذبونك ولكن الظالمين بآيلات الللله يجحلدون {{
] النعام. [ 33/
وقال -سبحانه -عن فرعون وقومه }} :وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلم لا ًَ
وعلوا ً {{ ] النحل. [ 14/
و لهذا قال إبراهيم النخعي – رحمه الللله تعللالى – " لفتنتهللم – يعنللي المللرجئة –
أخوف على هذه المة من فتنة الزارقة " .
وقال المام الزهري -رحمه الله تعالى " : -ما ابتدعت في السلللم بدعللة هللي
أضر على أهله من هذه -يعني :الرجاء – " رواه ابن بطة في " :البانة" .
و قال الوزاعي -رحمه الله تعالى " : -كان يحيللى بللن كللثير و قتللادة يقللولن :
ليس شيء من الهواء أخوف عندهم على المة من الرجاء " .
و قال شريك القاضي -رحمه الله تعالى – وذكر المللرجئة فقللال " :هللم أخبللث
قوم ,حسبك بالرفض خبثا ,و لكن المرجئة يكذبون على الله " .
وقال سفيان الثوري -رحمه الله تعلالى " : -تركلت الملرجئة السللم أرق ملن
ثوب سابري " ] الفتاوى [ 395 - 7/394 :
و عن سعيد بن جبير -رحمه الله تعالى " : -أن المللرجئة يهللود أهللل القبلللة ,و
صابئة هذه المة " ] رواه ابن بطة وغيره [
و إنما عظمت أقوال السلف في الرجاء ,لجرم آثاره ,ولوازمه الباطلللة ,و قللد
تتابع علماء السلف على كشف آثاره السيئة على السلم و المسلمين .
12
بقلــم :الشيخ العلمة بكــر بن عبدال أبو زيد درء الفتنة عن أهل السنة -الطبعة الثانية -
قال المام أحمد -رحمه الللله تعللالى – فللي الللرد علللى المللرجئة " :ويلزملله أن
يقول :هو مؤمن بإقراره ,و إن أقر بالزكاة في الجملة و لم يجد في كل مائتي درهللم
خمسة :أنه مؤمن ,فيلزمه أن يقول :إذا أقللر ثللم شللد الزنللار فللي وسللطه ,و صلللى
للصليب ,و أتى الكنائس و البيع ,و عمل الكبائر كلهللا ,إل أنلله فللي ذلللك مقللر بللالله ,
فيلزمه أن يكون عنده مؤمنا .و هذه الشياء من أشنع ما يلزمهم " انتهى .
ثم قال بعده شيخ السلم ابن تيمية -رحمه الله تعللالى " : -قلللت :هللذا الللذي
ذكره المام أحمد من أحسن ما احتج الناس به عليهم ,جمع في ذلك جمل يقول غيره
بعضها .و هذا اللزام ل محيد لهم عنه " ..انتهى ] الفتاوى [ 7/401
ثم إن هذه اللوازم السيئة على قول المرجئة التي ذكرها المام أحمللد ,بسللطها
شيخ السلم ابن تيمية -رحمه الله تعالى – في " الفتاوى . " 190-7/188 :
ثم قال المام ابللن القيللم -رحملله الللله تعللالى – فللي " :النونيللة " ناظمللا لثللار
الرجاء ولوازمه الباطلة هذه :
لمعبود تصبح كامل اليمان وكذلك الرجاء حين تقر باللل
لبيت العتيق وجد في العصيان فارم المصاحف في الحشوش و خرب الل
وتمسحن بالقس والصلبان واقتل إذا ما استطعت كل موحد
من عنده جهرا بل كتمان واشتم جميع المرسلين ومن أتوا
بل خر للصنام و الوثان وإذا رأيت حجارة فاسجد لها
من عنده بالوحي والقرآن و أقر أن رسوله حقا أتى
وزر عليك وليس بالكفران فتكون حقا مؤمنا وجميع ذا
من كل جهمي أخي شيطان هذا هو الرجاء عند غلتهم
وقال -رحمه الله تعالى – في :إعلم الموقعين :فللي بيلان تنللاقض ال َْرئ َت ِي ّللة " :
ومن العجب إخراج العمال عن مسمى اليمان ,و أنه مجرد التصللديق ,والنللاس فيلله
قْيه ,أو يصلي بل وضوء أو يلتذ بآلت الملهي جد ْ ,أو فُ َ
سي ْ ِ
م َ
سواء ,وتكفير من يقول ُ :
,ونحو ذلك " انتهى .
وكشف عن آثار الرجاء ولوازمه الباطلة الحافظ ابن حجر -رحمه الللله تعلالى –
] فتح الباري " . 11/270وانظر فيض القدير . 6/159 :و أصللله فللي شللرح المشللكاة للطيللبي " : [ 2/477 :قال
طيبي :قال بعض المحققين :وقد يتخذ من أمثال هذه الحاديث المبطلة ذريعة إلللى ال ّ
طرح التكاليف و إبطلال العمللل ,ظنللا أن تللرك الشللرك كللاف !! و هللذا يسللتلزم طللي
بساط الشريعة و إبطال الحدود ,و أن الترغيب في الطاعة و التحذير من المعصللية ل
تأثير له ,بل يقتضي النخلع عن الدين ,و النحلل عن قيد الشللريعة ,و الخللروج علن
الضبط ,والولوج في الخبط ,وترك الناس سدى مهملين ,وذلللك يفضللي إلللى خللراب
الدنيا بعد أن يفضي إلى خراب الخرى ,مع أن قوله في بعللض طللرق الحللديث " :أن
يعبدوه " يتضمن جميللع أنللواع التكللاليف الشللرعية ,وقللوله " :ول يشللركوا بلله شلليئا "
يشمل مسمى الشرك الجلي والخفي ,فل راحللة للتمسللك بلله فللي تللرك العمللل ,لن
الحاديث إذا ثبتت وجب ضم بعضها إلى بعض ,فإنها في حكم الحديث الواحد ,فيحمل
مطلقها على مقيدها ليحصل العمل بجميع ما في مضمونها .وبالله التوفيق " انتهى .
وفي كتاب " صفوة الثار و المفاهيم " في فوائد قول الله تعالى }} :إياك نعبد
و إياك نستعين {{ قال مبينا أن القول بالرجاء دسيسة يهودية وغايللة ماسللونية ] 1/187
للشيخ عبدالرحمن الدوسري -رحمه الله تعالى : [ -
" التاسع و الثمانون بعد المائة :تعليم الله لعباده الضراعة إليه بل }} إياك نعبللد
و إياك نستعين {{ إعلم صريح بوجوب الصلة بيللن اليمللان والعمللل ,وأنلله ل يسللتقيم
اليمان بالله ول تصح دعواه إل بتحقيق مقتضيات عبوديته ,التي هي العمللل بطللاعته ,
وتنفيللذ شللريعته ,وإخلص القصللد لللوجهه الكريللم ,والنشللغال بمرضللاته ,والعمللل
13
بقلــم :الشيخ العلمة بكــر بن عبدال أبو زيد درء الفتنة عن أهل السنة -الطبعة الثانية -
المتواصل لنصرة دينه ,والدفع به إلى المام بجميع القوى المطلوبة ؛ ليرتفع بدين الله
عن الصورة إلى الحقيقة ,وأن المسلم ل يجوز له الخلل بذلك ,ول لحظة واحدة .
وإن الدعوات لمجرد إيمان خال من العمل هي إفللك وخللداع وتلللبيس ,بللل هللي
من دس اليهود على أيدي الجهمية ,وفروعها من المللرجئة كالماسللونية ,وغيرهللم ,إذ
متى انفصمت الصلة بين اليمان والعمل ،فلن نستطيع أن نبني قوة روحية نقدر على
نشرها والللدفع بمللدها فللي أنحللاء المعمللورة ,بللل إذا انفصللمت الصلللة بيللن اليمللان و
العملفقد المسلم قوته الروحية ,وصار وجوده مهددا بالخطر ,الذي يزيل شخصلليته أو
يذيبها في بوتقة غيره ,لنه ل يستطيع أن ينمي قوة روحيللة يصللمد بهللا أمللام أعللدائه ,
فضل عن أن يزحف بها عليهم " انتهى .
وبالجملللة فهللذان المللذهبان :مللذهب الخللوارج ومللذهب المللرجئة ,بللاطلن ,
مردَِيان ،أّثرا ضلل ً في العتقاد ,وظلما للعباد ،وخرابا للديار ,وإشعال للفتن ,ووهللاءً ُ
ً
في المد السلمي ,وهتكا لحرماته وضرورياته ,إلى غير ذلك مللن المفاسللد والضللرار
التي يجمعها الخروج على ما دلت عليه نصوص الللوحيين الشللريفين ،والجهللل بللدلئلها
تارة ،وسوء الفهم لها تارة أخرى وتوظيفها في غير ما دلللت عليلله ,وبللتر كلم العللاِلم
تارة ,والخذ بمتشابه قوله تارة أخرى .
ضللوا
ح ُم ّ
وقد هللدى الللله ) جماعللة المسلللمين ( أهللل السللنة والجماعللة -الللذين َ
السلم ولم يشوبوه بغيره -إلى القول الحللق ,والمللذهب العللدل ,والمعتقللد الوسللط
بين الفراط والتفريط مما قامت عليه دلئل الكتاب والسنة ،ومضى عليه سلف المة
من الصحابة -رضي الله عنهم -والتابعين لهم بإحسان إلى يومنا هذا ,وقد بينه علماء
السلللم فللي كتللب العتقللاد ,وفللي ) بللاب حكللم المرتللد ( مللن كتللب فقلله الشللريعة
المطهرة ,من أن اليمان :قول باللسان ،واعتقلاد بلالقلب ,وعملل بلالجوارح ,يزيلد
بالطاعة ,وينقص بالمعصية ول يزول بها ,فجمعوا بين نصوص الوعد والوعيد ونزلوهللا
منزلتها ,وأن الكفر يكون بالعتقاد وبالقول وبالفعل وبالشك وبالترك ,وليس محصورا
بالتكذيب بالقلب كما تقوله المرجئة ,ول يلزم من زوال بعللض اليمللان زوال كللله كمللا
تقوله الخوارج .
و أختم هذا الفصل بكلم جامع لبن القيللم -رحملله الللله تعللالى – فللي كتللاب " :
الفوائد " بّين فيه آراء من ضل في معرفة حقيقة اليمان ,ثم ختملله ببيللان الحللق فللي
ذلك ,فقال -رحمه الله تعالى : -
" و أما اليمان :فأكثر الناس أو كلهم يدعونه }} و ما أكثر الناس ولللو حرصللت
بمؤمنين {{ ] يوسف [ 103/و أكثر المؤمنين إنما عنللدهم إيمللان مجمللل ,و أمللا اليمللان
المفصل بما جاء به الرسول صلى الله عليه و سلم معرفللة وعلمللا و إقللرارا و محبللة ,
ومعرفة بضده وكراهيته وبغضه ,فهذا إيمان خواص المة وخاصة الرسول ,وهو إيمان
الصديق وحزبه .
وكثير من الناس حظهم من اليمان القرار بوجود الصانع ,وأنه وحده هللو الللذي
خلق السماوات و الرض وما بينهما ,و هذا لم يكللن ينكللره عبللاد الصللنام مللن قريللش
ونحوهم .
و آخرون اليمان عندهم التكلم بالشهادتين سواء كللان معلله عمللل أو لللم يكللن ,
وسواء رافق تصديق القلب أو خالفه .
و آخرون عندهم اليمان مجرد تصديق القلب بأن الله سبحانه خللالق السللماوات
و الرض و أن محمدا عبده ورسوله ,و إن لم يقر بلسللانه ولللم يعمللل شلليئا ,بللل ولللو
سب الله ورسوله و أتى بكل عظيمللة ,وهللو يعتقللد وحدانيللة الللله ونبللوة رسللوله فهللو
مؤمن .
و آخرون عندهم اليمان هو جحد صفات الرب تعللالى مللن علللوه علللى عرشلله ,
وتكلمه بكلماته وكتبه ,وسمعه وبصره ومشيئته وقدرته و إرادته وحبلله وبغضلله ,وغيللر
14
بقلــم :الشيخ العلمة بكــر بن عبدال أبو زيد درء الفتنة عن أهل السنة -الطبعة الثانية -
ذلك مما وصف به نفسلله ,ووصللف بلله رسللوله ,فاليملان عنلدهم إنكللار حقلائق ذللك
كلهوجحده ,والوقوف ملع ملا تقتضليه آراء المتهلوكين وأفكللار المخرصللين الللذين ي َلُرد ّ
بعضهم على بعض ,وينقض بعضهم قول بعض ,الذين هم كما قال عمر بن الخطاب و
المام أحمد :مختلفون في الكتاب ,مخالفون للكتاب متفقون على مفارقة الكتاب .
و آخللرون عنللدهم اليمللان عبللادة الللله بحكللم أذواقهللم ومواجيللدهم ومللا تهللواه
نفوسهم من غير تقييد بما جاء به الرسول .
و آخرون اليمان عندهم ما وجدوا عليه آباءهم و أسلفهم بحكم التفاق كائنا مللا
كان ,بل إيمانهم مبنللي علللى مقللدمتين :إحللداهما :أن هللذا قللول أسلللفنا و آبائنللا ,و
الثانية :أن ما قالوه فهو الحق .
و آخللرون عنللدهم اليمللان مكللارم الخلق وحسللن المعاملللة وطلقللة الللوجه و
إحسان الظن بكل أحد ,وتخلية الناس وغفلتهم .
و آخرون عندهم اليمان التجرد من الدنيا و علئقها وتفريغ القلب منهللا و الزهللد
فيها ,فلإذا رأوا رجل هكلذا جعللوه ملن سلادات أهلل اليمللان و إن كلان منسلللخا ملن
اليمان علما وعمل .
و أعلى من هؤلء من جعل اليمان هو مجرد العلم وإن لم يقارنه عمل .
وكل هؤلء لم يعرفوا حقيقة اليمان ول قاموا به و ل قام بهم ,وهم أنواع :
منهم من جعل اليمان ما يضاد اليمان .
ومنهم من جعل اليمان ما ل يعتبر في اليمان .
ومنهم من جعله ما هو شرط فيه و ل يكفي في حصوله .
ومنهم من اشترط في ثبوته ما يناقضه ويضاده .
ومنهم من اشترط فيه ما ليس منه بوجه .
و اليمان وراء ذلك كله ,وهو حقيقة مركبة من معرفة ما جاء به الرسول صلللى
الله عليه و سلم علما و التصديق به عقدا و القرار به نطقا و النقياد له محبةوخضوعا
,والعمل به باطنا وظاهرا ,وتنفيذه والدعوة إليه بحسب المكان ,وكماله فللي الحللب
في الله والبغض فللي الللله ,والعطللاء لللله و المنللع لللله ,و أن يكللون الللله وحللده إلهلله
ومعبوده ,والطريق إليه :تجريد متابعة رسوله ظاهرا وباطنللا ,وتغميللض عيللن القلللب
عن اللتفات إلى سوى الله ورسوله .وبالله التوفيق " انتهى .
15
بقلــم :الشيخ العلمة بكــر بن عبدال أبو زيد درء الفتنة عن أهل السنة -الطبعة الثانية -
الفصل الخامس
الصول والضوابط في مسألة التكفير
ونظرا لما حصل من تسرب المذهبين المذكورين المخالفين لمذهب أهل السللنة
إلى عقائد بعض المعدودين من أهل السنة ،وخفاء أصلول هلذه المسلألة شلرعا ً عللى
ف بلله الحللق آخرين ؛ رأيت إيضاح ما يجب اعتباره شرعا ً فللي هللذه المسللألة ممللا ي ُعْلَر ُ
بدليله ,وبطلن ما خالفه من المذاهب المرديللة ,والتجاهللات الفكريللة الضللالة ,وأنهللا
ة شللرعا بمللا يحفللظ للسلللم حرمتلله ,وللمسلللمين محاطل ٌمسألة خطيرة ,وعظيمة ُ ,
حرمتهم ,وذلك فيما يأتي :
-1التكفير حكم شرعي ل مدخل للرأي المجرد فيه ,لنه من المسائل الشللرعية ل
حلقّ فيله لحللد ملن العقلية ,لذا صار القول فيه من خالص – حلق اللله تعلالى – ل َ
عباده ،فالكافر من كفره الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ل غير .
وكذلك الحكم بالفسق ،والحكم بالعدالة ،وعصمة الدم ،والسللعادة فللي الللدنيا
والخرة ،كل هذه ونحوها مللن المسللائل الشللرعية ,ل مللدخل للللرأي فيهللا ,وإنمللا
الحكم فيها لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ,وهي المعروفة في كتللب العتقللاد
باسم " :مسائل السماء والحكام " .
-2للحكم بالردة والكفر موجبات وأسباب هي نواقض اليمان والسلم ،من اعتقاد
ل الواضح , ,أو قول ,أو فعل ,أو شك ,أو ترك ،مما قام على اعتباره ناقضا الدلي ُ
والبرهان الساطع من الكتللاب أو السللنة ,أو الجمللاع ,فل يكفللي الللدليل الضللعيف
السند ,ول مشكل الدللة ،ول عبرة بقول أحللد كائنلا مللن كللان إذا لللم يكللن لقللوله
دليل صريح صحيح .
وقد أوضح العلمللاء – رحمهللم الللله تعللالى -هللذه السللباب فللي كتللب العتقللاد ,
وفرعوا مسائلها في " :باب حكم المرتد " من كتب الفقه .
وأ َوَْلوها عناية فائقة ,لنها من استبانة سبيل الكافرين ،والله -تعللالى -يقللول :
}} وكذلك نفصل اليات ولتستبين سبيل المجرمين {{ ] النعام. [ 55/
وفي استبانة سبيل المجرمين :تحذير للمسلم من الوقوع في شيء منها ،وهللو
ل يشعر ,وليتبين له السلم من الكفر ،والخطأ من الصواب ويكللون علللى بصلليرة
في دين الله تعالى .
وبقدر ما يحصل من الجهل بسبيل المللؤمنين ،وبسللبيل الكللافرين ،أو بأحللدهما
يحصل اللبس ويكثر الخلط .
ت وأسبابا ً فله شروط وموانع . وكما أن للحكم بالردة والكفر موجبا ٍ
فيشترط إقامة الحجة الرسالية التي تزيل الشبهة .
وخلوه من الموانع كالتأويل ,والجهل ,والخطأ ,والكراه .
وفي بعضها تفاصيل مطولة معلومة في محلها .
-3يتعين التفريق بين التكفير المطلق وهو :التكفير على وجه العموم فللي حللق
من ارتكب ناقضا من نواقض السلم ،وبين تكفيللر المعيللن ،فللإن العتقللاد ،أو
القول ،أو الفعل ،أو الشك ،أو الترك ،إذا كان كفرا فإنه يطلق القللول بتكفيللر
من فعل ذلك الفعل ،أو قال تلك المقالة وهكذا ...دون تحديللد معيللن بلله .أمللا
المعين إذا قال هذه المقالة ،أو فعل هذا الفعل الذي يكون كفللرا ,فينظللر قبللل
الحكم بكفره ,بتوفر الشروط ,وانتفاء الموانع في حقه ،فإذا توفرت الشروط
,وانتفت الموانع ،حكم بكفره وردته فيستتاب فإن تاب وإل قتل شرعا ً .
16
بقلــم :الشيخ العلمة بكــر بن عبدال أبو زيد درء الفتنة عن أهل السنة -الطبعة الثانية -
-4الحق عدم تكفير كل مخالف لهل السنة والجماعة لمخالفته ,بللل ينللزل حكملله
حسب مخالفته من كفر ،أو بدعة أو فسق أو معصية .
وهذا ما جرى عليه أهل السنة والجماعة من عدم تكفير كل من خالفهم وهو يدل على
ما لديهم بحمدالله ملن العللم واليملان والعلدل والرحملة بلالخلق ،وهلذا بخلف أهلل
فرون كل من خالفهم . الهواء ،فان كثيرا منهم يك ّ
-5كما أن "اليمللان" شللعب متعللددة ورتبهللا متفاوتللة أعلهلا قلول "ل اللله إل الللله"
وأدناها :إماطة الذى عن الطريق ،والحيللاء شللعبة مللن اليمللان ،فكللذلك "الكفللر"
الذي هو في مقابللة اليملان ،ذو شلعب متعلددة ،ورتلب متفاوتلة أشلنعها "الكفلر
المخرج من الملة" مثل :الكفر بالله ،وتكذيب ما جللاء بلله النللبي صلللى الللله عليلله
وسلم .
وهناك كفر دون كفر ،ومنه تسمية بعض المعاصي كفرا ً .
ولهذا نبه علماء التفسير ،والوجوه والنظائر في كتاب الله – تعللالى -وشللراح الحللديث
والمؤلفون في" :لغته" وفي السماء المشتركة ،والمتواطئة ،أن لفللظ "الكفللر" جللاء
في نصوص الوحيين ،على وجوه عدة " :الكفر الناقل عن الملللة" و "كفللر دون كفللر"
و"كفر النعمة" و"التبرؤ" و"الجحود" و"التغطية" على أصل معناه اللغوي .
وبناء على هذا :فانه ل يلزم من قيام شعبة من شعب الكفر بالعبللد ،أن يصللير كللافرا ً
الكفر المطلق ،الناقل عن الملة ،حتى يقللوم بلله أصللل الكفللر ،بنللاقض مللن نللواقض
السلم :العتقادية أو القولية أو العملية عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ل غير
.
كما أنه ليس كل من قام به شعبة من شعب اليمان يكون مؤمنا حتى يقللوم بلله أصللل
اليمان .
فلالواجب وضلع النصلوص فلي مواضلعها وتفسليرها حسلب الملراد منهلا ملن العلملاء
العاملين الراسخين ،وان الغلط هنا إنمللا يحصللل مللن جهللة العمللل وتفسللير النصللوص
وعلى الناصح لنفسه أن يحس بخطورة المر ودقته وأن يقللف عنللد حللده ويكللل العلللم
إلى عالمه .
-6إصدار الحكم بالتكفير ل يكون لكل أحد من آحاد الناس أو جماعاتهم وإنمللا مللرد
الصدار إلى العلماء الراسخين في العلللم الشللرعي المشللهود لهللم بلله ،وبالخيريللة
والفضل الذين أخذ الله عليهم العهد والميثاق أن يبلغوا الناس ما علملوه وأن يلبينوا
لهم ما أشكل عليهم من أمر دينهم امتثللال لقللول الللله تعللالى )وإذ أخللذ الللله ميثللاق
الذي أوتوا الكتاب لتبيننه للنللاس ول تكتمللونه( "آل عملران . "187/وقللوله سللبحانه
)إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس فللي الكتللاب
أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللعنون( "البقرة "159/وقوله سبحانه ) :فاسألوا أهللل
الذكر إن كنتم ل تعلمون( "النحل. "43/
فما أمر الله بالسؤال حتى أخذ سبحانه العهد والميثاق على العلماء بالبيان .
17
بقلــم :الشيخ العلمة بكــر بن عبدال أبو زيد درء الفتنة عن أهل السنة -الطبعة الثانية -
-7التحذير الشديد ،والنهي الكيد عن سوء الظللن بالمسلللم فضللل عللن النيللل منلله
فكيف بتكفيره والحكم بردته والتسرع فلي ذللك بل حجلة ول برهلان ملن كتلاب ول
سنة .
ولهذا جاءت نصوص الوحيين الشريفين محذرة من تكفير أحد من المسلمين وهو ليس
كذلك كما قال الله تعالى )يا أيها الللذين آمنللوا إذا ضللربتم فللي سللبيل الللله فتللبينوا ول
تقولوا لمن ألقى إليكم السلم لست مؤمنا تبتغون عََرض الحياة الدنيا فعند الله مغللانم
ن الله عليكلم فتللبينوا إن الللله كلان بملا تعلمللون خلبيرا ( كثيرة كذلك كنتم من قبل فم ّ
"النساء. "94/
وفي عموم قول الله سبحانه ) :والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنللات بغيللر مللا اكتسللبوا
فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا( "الحزاب. "58/
وقد تواترت الحاديث النبوية في النهي عن تكفير المسلم بغير حق ،منها :.
حديث أبي ذر –رضي الله عنه -أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلللم يقللول "ل يرمللي
رجل رجل بالفسوق ،ول يرميه بللالكفر ،إل ارتللدت عليلله إن لللم يكللن صللاحبه كللذلك "
متفق على صحته .
وعن ابن عمر –رضي الله عنهما –أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :أّيما رجل
قال لخيه :يا كافر فقد باء بها أحدهما " متفق على صحته .
وعن أبي ذر – رضي الله عنه – أنه سللمع رسللول الللله صلللى الللله عليلله وسلللم يقللول
"ومن دعا رجل بالكفر ،أو قال :عدو الله ،وليس كذلك ،إل حار عليلله " متفللق علللى
صحته .
وفي حديث ثابت بن الضحاك –رضي الله عنه -أن النبي صلى الله عليلله وسلللم قللال :
"ومن رمى مؤمنا بكفر فهو كقتله" رواه البخاري في صحيحه .
بناء على جميع ما تقدم فليحذر المسلم أن يخوض مع الخائضين في هذا المر الخطيلر
في المجالس الخاصة ،والمجتمعات العامللة ،وفللي الصللحف والمجلت وغيرهللا ،مللن
غير قدرة شرعية ول قواعد علمية ول أدلللة قطعيللة فهللذا تصللرف يأبللاه الللله ورسللوله
18
بقلــم :الشيخ العلمة بكــر بن عبدال أبو زيد درء الفتنة عن أهل السنة -الطبعة الثانية -
والمؤمنون ،وفاعله مأزور غير مأجور ،فالله تعالى ،يقول ):ول تقف ما ليس لك بلله
علم أن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤول ( "السراء. "36/
ويقول –سبحانه) : -قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والثللم والبغللي
بغيلر الحلق وأن تشلركوا بلالله ملا لللم ينللزل بلله سلللطانا وأن تقوللوا عللى الللله ملا ل
تعلمون ( "العراف
وبذلك يكون المسلم في مأمن مللن الثللم والتبعللة فللي الللدارين ،وتسلللم المجتمعللات
السلمية من مظاهر النحراف التي سببها الجهل والميل إلى الهوى .والله المسللتعان
.
19
بقلــم :الشيخ العلمة بكــر بن عبدال أبو زيد درء الفتنة عن أهل السنة -الطبعة الثانية -
الفصل السادس
في أنواع الكافرين وكفرهم
ل يجوز لمسلم التحاشي عن تكفير من كفرهم الللله تعللالى ورسللوله صلللى الللله عليلله
ب لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم . ما فيه من تكذي ٍ
وسلم ل ِ َ
الصنف الول :الكفار كفرا ً أصليا ً ،وهم كل من لللم يللدخل فللي ديللن الللله ) :السلللم(
الذي بعث الله به نبيه محمدا ً صلى الله عليه وسلم مللن اليهللود والنصللارى والللدهريين
والوثنين وغيرهم من أمم الكفر الذين قال الله تعللالى فيهللم )قللاتلوا الللذين ل يؤمنللون
بالله ول باليوم الخر ول يحرمون ما حرم الله ورسوله ول يدينون دين الحق من الذين
أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون( التوبة.29/
والذين قال الله فيهم )لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلثة ( المائدة.73/
والذين قال الله فيهم ):لم يكن الذين كفللروا مللن أهللل الكتللاب والمشللركين منفكيللن
حتى تأتيهم البينة ( البينة . 1/
والذين قال الله فيهم ) :إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريللدون أن يفرقللوا بيللن الللله
ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيل أولئك هم
الكافرون حقا وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا( النساء151-150/
وهؤلء الكفار كفرا ً أصليا ً ل يفللرق فللي الحكللم عليهللم بللالكفر ،سللواء كللانوا أفللرادا ً أو
ت ،أحياًء وأمواتا ً كما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة . جماعا ٍ
وهؤلء يجب على المسلمين قتالهم متى استطاعوا حتى يدخلوا في السلم أو يللدفعوا
الجزية .
الصنف الثاني :المسلم الذي يرتد بعد إسلمه بارتكللاب نلاقض ملن نلواقض السللم ،
نعوذ بالله من ذلك ،ومن أمثلة في القرآن العظيم :
كفر التكذيب :كما قال تعالى ) :والذين كذبوا بآياتنا ولقاء الخرة حبطت أعمال ُُهم هل
يجزون إل ما كانوا يعملون( العراف. 147/
ومثل كفر :المستهزئين بالله ،ورسوله ،ودينه ،الذين قال الللله فيهللم )ولئن سللألتهم
ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تسللتهزئون ل تعتللذروا قللد
كفرتم بعد إيمانكم إن نعللف عللن طائفللة منكللم نعللذب طائفللة بللأنهم كللانوا مجرميللن (
التوبة.66-65/
ومثل كفر :من سب الله ورسللوله ودينلله ،فللان السللب ينللافي التعظيللم الللواجب لللله
ولرسوله ولدينه وشرعه ،قال الله تعالى )ومللن يعظللم شللعائر الللله فإنهللا مللن تقللوى
القلوب( الحج. 32/
ومثل كفر :الباء والستكبار والمتناع عللن طاعللة الللله تعللالى كمللا قللال سللبحانه عللن
إبليس ) :أبى واستكبر وكان من الكافرين( البقرة . 34/
20
بقلــم :الشيخ العلمة بكــر بن عبدال أبو زيد درء الفتنة عن أهل السنة -الطبعة الثانية -
ومثل كفر :العراض عن دين الله تعالى كما قال سبحانه )والذين كفللروا عمللا انللذروا
معرضون( الحقاف. 3/
ومثل الكفر :بالقول كما قال تعالى )ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخلوض ونلعلب قلل
أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون .ل تعتذروا قد كفرتم بعد إيمللانكم ( التوبللة -65/
. 66
وكما قال سبحانه ) :ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلمهم (التوبة . 74/إذ قالوا
) :ليخرجن العز منها الذل ( المنافقون. 8/
ومنه قول المنافقين في غزاة تبوك ) :ما رأينا مثل قرائنللا هللؤلء -يعنللون النللبي صلللى
الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم -أرغب بطونللا ،وأكللذب ألسللنا ،وأجبللن عنللد
اللقاء ( .
ومن الكفر العملي :السحر كما قال الله تعالى ) وما كفللر سللليمان ولكللن الشللياطين
كفروا يعلمون الناس السحر( البقرة .102/
وذلك لما فيه من استخدام الشياطين والتعلق بهم ودعوى علم الغيب ودعوى مشاركة
الله في ذلك قال الله تعالى )ولقد علموا لمن اشتراه مللا للله فللي الخللرة مللن خلق (
البقرة . 102/
ولن السحر شرك وكفر أدخله العلماء المصنفون فللي ) :التوحيللد وأبللوابه( فللي أنللواع
الشرك ،للتحذير منه ،وبيان أنه من نواقض التوحيد .
ومثل الكفر :بالعتقاد والشك ،كما قال الله تعالى )إنما المؤمنون الللذين آمنللوا بللالله
ورسللوله ثللم لللم يرتللابوا وجاهللدوا بللأموالهم وأنفسللهم فللي سللبيل الللله أولئك هللم
الصادقون ( الحجرات. 15/وقال سبحانه) :إنما يستأذنك الذين ل يؤمنون بللالله واليللوم
الخر وارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون ( التوبة. 45/
وقال عَّز من قائل )ودخل جنته هو ظالم لنفسه قال ما أظلن أن تبيلد هلذه أبلدا .وملا
أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربي لجدن خيرا ً منها منقلبا .قال له صللاحبه وهللو
يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجل ( الكهف. 37-35/
فكل هؤلء قد كفرهم الله ورسوله بعد إيمانهم بأقوال وأفعللال صللدرت منهللم ولللو لللم
يعتقدوها بقلوبهم .ل كما يقول المرجئة المنحرفون ،نعوذ بالله من ذلك .
21
بقلــم :الشيخ العلمة بكــر بن عبدال أبو زيد درء الفتنة عن أهل السنة -الطبعة الثانية -
مع العلم أن الحكم بكفر المعين المتلبس بشيء من هذه النواقض المذكورة موقللوف
على توافر الشروط وانتفاء الموانع في حقه كما هو مقرر معلوم ،وتقدم .
22
بقلــم :الشيخ العلمة بكــر بن عبدال أبو زيد درء الفتنة عن أهل السنة -الطبعة الثانية -
الفصل السابع
في تذكير المة بحقوق الراعي والرعية
ومن المناسب ههنا تذكير المة جمعاء بحقوق الراعي والرعية في كل بلد إسلمي ،إذ
أن الخلل في القيام بهذه الحقوق ،ل بد أن ينتج منه آثار سيئة غير مرضية ،وأمللراض
فكرية تظهر في حياة الفرد والجماعة فأقول :
من ولى شيئا من أمور المسلمين فان أعظم ما يجب عليه أن يسوس الرعية بالكتللاب
شكاِتهما ويزيل ما يناقضلله مللن مظللاهر الشللرك والوثنيللةم ْ
والسنة وينشر التوحيد من ِ
ويحكم بين الناس بهما إقامة للعللدل بينهللم ول أحكللم ول أعللدل ول أصلللح للنللاس مللن
شريعة ربهم ،ففيها العدل والرحمة والشفاء لما في الصدور كما قال الله جل وعل )يا
أيها النللاس قللد جللاءتكم موعظللة مللن ربكللم وشللفاء لمللا فللي الصللدور وهللدى ورحمللة
للمؤمنين ( يونس. 57/
وقال سبحانه )ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون( المائدة . 50/وقال تعالى )ثللم
جعلناك على شريعة من المر فاتبعها ول تتبع أهواء الذين ل يعلمون ( الجاثية . 18/
وان تحكيم شرع الله تعالى من أعظم الواجبات قال سبحانه )فل وربك ل يؤمنون حتى
يحكموك فيما شجر بينهم ثم ل يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسللليما(
النساء. 65/
وهو أيضا من أجل أنواع العبادة قال الله تعالى )إن الحكم إل لللله أمللر أن ل تعبللدوا إل
إياه ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس ل يعلمون ( يوسف. 40/
وقال كل رسول لقومه ) :اعبدوا الله ما لكم من اله غيره(العللراف. 36/وجعللل الللله
سبحانه الحكم بغير ما أنزلله شلركا فلي عبلادته وشللركا فلي حكملله فقلال تعلالى )ول
يشرك في حكمه أحدا( الكهف. 26/
وقال عز ملن قلائل )أم لهلم شلركاء شلرعوا لهلم ملن اللدين ملا للم يلأذن بله اللله (
الشورى. 21/
وقال سبحانه )فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عمل صالحا ول يشرك بعبادة ربه أحدا(
الكهف .110/
كمللا يجللب علللى كللل وال السللعي فيمللا يصلللح رعيتلله ويللدفع المضللار عنهللم ويطهللر
مجتمعاتهم من الحكم بغيللر مللا أنللزل الللله تعللالى ومللن سللائر الموبقللات والمحرمللات
كالخمر والبغاء والربا والقمار وغيرها قال النبي صلى الللله عليلله وسلللم )مللا مللن عبللد
يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إل حرم الله عليه الجنة ( متفق
عللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللى صلللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللحته .
ومما يجب التنبه له والتحذير والحذر منه :أن على من بسط الله يللده ،أن يكللف عللن
المسلمين تلك السموم التي تقللذف بهللا بعللض القنللوات العلميللة فللي بعللض البلد !!
وعلى وجه الخصللوص ذلللك الللتركيز الخللبيث علللى تغريللب المجتمعللات المسلللمة فللي
23
بقلــم :الشيخ العلمة بكــر بن عبدال أبو زيد درء الفتنة عن أهل السنة -الطبعة الثانية -
أخلقهللم ولباسللهم وغللدوهم ورواحهللم وبخاصللة إخللراج المللرأة مللن عفتهللا وطهارتهللا
وحجابها إلى أحط دركات السفالة ،والتبذل والحيوانية في شتى وجوه )الباحية( .
وتعمل تلك القنوات جاهدة عللى التشلكيك فلي العتقلاد السللمي الحلق والعلتراض
علللى أحكللام الللله المحكمللة ،والسللخرية بللالله وآيللاته ورسللوله ،والللدعوة للباحيللة
والنسلخ من الللدين ،وتمكيللن المنللافقين بللإعلن مللا يحيللك فللي صللدورهم ومجللاهرة
المضلين بمقالت الكفر والتشكيك والردة عن الدين كل ذلللك باسللم :حريللة الفكللر !!
المنلللاظرات المحايلللدة!! معرفلللة اللللرأي الخلللر !! قلللاتلهم اللللله أنلللي يؤفكلللون .
أل فليعلم أولئك إن كان لهم عقول ويحبون لنفسهم النجاة أن من فتح ذلك الباب ،أو
أعان عليه أو رضي به فله نصيب من قول الله تعالى ) :قل أبالله وآياته ورسوله كنتللم
تستهزؤون ل تعتذروا قد كفرتم بعللد أيمللانكم ( التوبللة .66-65/وقللول الللله جللل شللأنه
)وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بهللا فل تقعللدوا
معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا ً مثلهم إن الله جامع المنافقين والكللافرين
في جهنم جميعا (النساء. 140/وقوله سبحانه )إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة فللي
الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والخرة( النور. 19/قال شيخ السلم ابن تيمية –
رحمه الله تعالى -في أثناء كلمه على هذه الية 0:وهذا ذم لمن يحب ذلك وذلك يكون
بالقلب فقط ،ويكون مع ذلك باللسللان والجللوارح ،وهللو ذم لمللن يتكلللم بالفاحشللة أو
يخبر بها محبة لوقوعها في المؤمنين :إما حسدا أو بغضا ً ،وإما محبة للفاحشللة وإرادة
لها ،وكلهما محبة للفاحشة وبغضا للذين آمنوا ،فكل من أحب فعلها ذكرها ( الفتاوى
15/332
وقال أيضا مستنبطا من أسرار التنزيل ما يعز نظيره " :فكل عمللل يتضللمن محبللة أن
تشيع الفاحشة في الذين آمنوا داخل في هذا ،بل يكون عذابه أشد فان الله قد توعد
بالعذاب على مجرد محبة أن تشيع الفاحشة بالعذاب الليم فللي الللدنيا والخللرة وهللذه
المحبة قد ل يقترن بها قول ول فعللل فكيللف إذا اقللترن بهللا قللول أو فعللل ؟ بللل علللى
النسان أن يبغض ما أبغضه الله من فعل الفاحشة والقللذف بهللا وإشللاعتها فللي الللذين
آمنوا ،ومن رضى عمل قوم حشر معهم كما حشرت امرأة لوط معهم ولم تكن تعمل
فاحشة اللواط ،فان ذلك ل يقع من المرأة لكنها لما رضيت فعلهم عمها العذاب معهم
.
كما يجب على الراعي أن يسوس رعيته بالرفق وللين ،وأن يجتهد في قضاء حوائجهم
وإيصال الخير لهم بكل طريق فقد ثبت أن النبي صلى الله عليلله وسلللم قللال ) :اللهللم
من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه ومن ولي مللن أمللر أمللتي شلليئا
فرفق بهم فارفق به ( خرجه مسلم في صحيحه .
24
بقلــم :الشيخ العلمة بكــر بن عبدال أبو زيد درء الفتنة عن أهل السنة -الطبعة الثانية -
كما يجب الهتمام بمناهج التعليم السليمة في جميع أطواره على منهج الكتاب والسنة
وما عليه صالح سلف هذه المة وإلزام الرعية بتعلللم العقيللدة السلللمية الصللافية مللن
شللوائب النحللراف وتعلللم سللائر أحكللام الللدين ،وتقويللة مناهجهللا فللي جميللع مراحللل
التعليم .
كما أنه يجدر بحكام المسلمين اليوم أن يعيدوا لبيوت الله مجدها وعزها ووظيفتها فللي
السلم ،فتقام فيها الصلوات ،وتفتللح حلقللات الللوعظ والتعليللم للعلمللاء المصلللحين ،
ليبثوا على الشلريعة بيلن المسللمين فيتلذكر الغافلل ويتعللم الجاهلل ويتعلظ العاصلي
وتتهذب النفوس وتقبل على طاعة ربها ويحصل بذلك خيللر كللثير للمللة طالمللا حرمتلله
زمنا طويل .
أما الرعية فيجب عليها السمع والطاعة لمن قادها بكتاب ربها وسنة نبيها ،ما لم يللأمر
بمعصية فانه ل تجوز طاعته في تلك المعصية ،لقول النبي صلى الللله عليلله وسلللم )ل
طاعة في معصية الله ،إنما الطاعة في المعروف ( متفق على صحته .
وقوله صلى الله عليلله وسلللم ):ل طاعللة لمخلللوق فللي معصللية الخللالق( رواه أحمللد،
والحاكم ،وغيرهما .
ويجب النصح له والدعاء له والجتهاد في جمع الكلمة معه تحت راية السلم فقد ثبللت
أن النبي صلى الللله عليلله وسلللم قللال ) :الللدين النصلليحة ( قلنللا :لمللن ؟ قلال " :لللله
ولكتابه ولرسوله ولئمة المسلمين وعامتهم " خرجه مسلم في صحيحه .
وثبت أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ) :ثلث خصال ل يغل عليهللن قلللب
مسلم :إخلص العمل لله ومناصحة ولة المر ،ولزوم الجماعة ،فان دعللوتهم تحيللط
من وراءهم ( رواة أحمد ،وغيره .
وفي بعض روايات الصحيح لوصية أمير المؤمنين عمر بن الخطاب – رضي الله عنلله –
المشهورة في الصللحيحين ،وغيرهمللا ،قللوله ) :وأحسللنوا مللؤازرة مللن يلللي أمركللم ،
وأعينوه ،وأدوا إليه المانة( .
وعلى الرعية :الصبر على الثرة وقللول كلمللة الحللق حسللب القللدرة والطاقللة ،فعللن
عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال )بايعنا رسول الله صلى الللله عليلله وسلللم علللى
السمع والطاعة في العسر واليسر ،والمنشط والمكره ،وعلى أثرة علينللا ،وعلللى أل
ننازع المر أهله ،إل أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله تعالي فيلله برهللان ،وعلللى أن
نقول بالحق أينما كنا ،ل نخاف في الله لومة لئم " متفق على صحته .
وعلى كل عبد مسلم من الرعاة والرعية :ملزمللة تقللوى الللله ،وأن يكللون مقصللدهم
العظلم هلو عبلادة اللله وحلده ،واللدعوة إليهلا ،وأن يحلافظوا عللى "رأس ملالهم "
جماعة المسلمين ،وأن ل يكون من عصيانهم وعدم تطلبيقهم لشلريعة ربهلم وتنكبهلم
الصراط المستقيم :فتنة للكافرين في الصرار على كفرهم ول ْي َد ْعُ كل ّ
ل مسلللم بللدعوة
25
بقلــم :الشيخ العلمة بكــر بن عبدال أبو زيد درء الفتنة عن أهل السنة -الطبعة الثانية -
نبي الله إبراهيم عليه السلم ومن آمن معه )ربنا ل تجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنللا
ربنا انك أنت العزيز الحكيم ( الممتحنة . 5/
أسأل الله الكريم بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يلهم المسلمين رشللدهم ويقيهللم
شر أنفسهم ويصلح حالهم أنه على كل شي قدير وبالجابة جدير .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
26