Professional Documents
Culture Documents
النجيل هو كتاب ال عز وجل الذي أنزله على عيسى بن مريم البتول عليهما السلم.
وأعظم الناس توقيًرا للنجيل هم أهل السلم.
كما أن أعظم الناس وأكثرهم توقيًرا ومحبًة لعيسى ومريم عليهما السلم هم أهل السلم.
فنحن في السلم نعتقد أن النجيل كتاب ال عز وجل المنزل على عيسى عليه السلم ،ونؤمن به ،ونذعن
ونِقّر بأنه كتاب ال سبحانه وتعالى.
كما ُنقر بنبوة عيسى عليه السلم ،وأنه كان عبًدا رسول ،وأن ال رفعه إليه سبحانه وتعالى ،وسيعود في
آخر الزمان كما أخبر النبي صلى ال عليه وسلم.
هذا بإيجاز ما يؤمن به المسلمون ـ وأنا منهم ـ حول النجيل الذي أنزله ال على عيسى عليه السلم.
وهذا النجيل العظيم ل يجوز الطعن فيه أبًدا ،ول يصح إيمان مسلٍم حتى يؤمن بكتب ال كلها ،ومنها النجيل.
فالمسلم يؤمن بالنجيل وغيره من الكتب اللهية ،إضافًة إلى إيمانه بالقرآن الكريم..
بخلف غيرنا من المم..
ظا في اليمان بكل الرسل ،وبكل الكتب.. ولهذا كان المسلم هو أسعد الناس ح ّ
ولماذا الختصار؟
لن البحث في هذا ليس مطلوًبا على الحقيقة هنا ،وإنما جاء مكمل لبحثنا الم حول القرآن ،فأردنا أن نكمل
الموضوع برسم الصورة التي بنى عليها د.موراني كلمه السابق نقله عنه..
ضا من خلل الربط بينه وبين غيره من المستشرقين.
وبعدها سنأتي على د.موراني ونحاول التعرف عليه أي ً
س دينيٍة
إهانات د.موراني المتكررة للقرآن ،وانطلقه في كلمه عنه من أس ٍ
جمَع تلميُذ نولدكه المشهورون المتخصصون في القراءات نسخًا للُقرآنِ عبارة د.موراني السابقة تقول)) :و َ
ب التراث.إذ ما بين يدينا مطبوعًا هو النص المتفق ق كت ُي َتحقيقًا علمّيًا كما ُتحّق ُ
ق النصّ القرآن ّ
بغرض تحقي ِ
عليه وليس نصًا ُمحّققًا ِبمعنى التحقيق((.
ي على منهج ص القرآن ّ
ضا)) :لو قام مجموعة من العلماء بتنفيذ هذا الَعَمِل الضخم من أجل إخراج الن ّ ويقول أي ً
ن هناك مجاٌل للجدال حول تخطئِة القرآن ُ.رّبما يترتب ص َ synopsisلما كا َ الدراسة المقارنة الجمالية للن ّ
ب آخر ,حتى ولو كان جزئي ,لليات على ذلك ترتي ٌ
ك الخ وهذه المور كلها واردة عند الدراسة المقارنة كما قد نحصل على كلمِة َنقصٍ هنا وكلمِة زيادٍة هنا َ
للنص .حدث ذلك ـ نعم ! ـ عند دراسة النصوص في النجيل.((...
فهذا الكلم الواضح الصريح الذي ل يحتاج لتأويل أو كبير تدّبٍر وتدقيق لفهمه ،يحتوي على التي:
أوًل)) :إذ ما بين يدينا مطبوعًا هو النص المتفق عليه وليس نصًا ُمحّققًا ِبمعنى التحقيق((.
ي على منهج ص القرآن ّ
ثانًيا)) :لو قام مجموعة من العلماء بتنفيذ هذا الَعَمِل الضخم من أجل إخراج الن ّ
ن هناك مجاٌل للجدال حول تخطئِة القرآن((. الدراسة المقارنة الجمالية للنصّ َ synopsisلما كا َ
ب آخر حتى ولو كان جزئي لليات ثالًثاُ)) :رّبما يترتب على ذلك ترتي ٌ
ك الخ وهذه المور كلها واردة عند الدراسة المقارنة ص هنا وكلمِة زيادٍة هنا َ كما قد نحصل على كلمِة َنق ٍ
للنص((.
رابًعا)) :حدث ذلك ـ نعم ! ـ عند دراسة النصوص في النجيل((.
ص القرآني المتفق عليه الن ليس محقًقا ،وأنه ربما ترتب على تحقيقه إعادة فهنا ُيْثبت د.موراني أن الن ّ
ص هنا وكلمة زيادة هناك. صياغة هذا النص القرآني من جديٍد؛ لننا قد نحصل على كلمِة نق ٍ
ويفطن د.موراني إلى أن القراء الكرام سيصدمهم هذا الكلم فحاول إزالة الستغراب والصدمة عنهم بقوله:
))حدث ذلك ـ نعم! ـ عند دراسة النصوص في النجيل((.
سه هنا:
والسؤال الذي يطرح نف َ
إذا كان د.موراني ينطلق من البحث العلمي المجرد ،كما يزعم ،فهل من قواعد البحث العلمي أن نثبت النتيجة
ونصل إليها قبل البحث؟
هل من قواعد البحث أن نقول :ربما أدت المقابلة والتحقيق إلى وجود نقص هنا وزيادة هناك واختلف في
الترتيب؟ نقول هذا كله ونحن لم نبدأ بعُد في البحث أو المقابلة؟
خاصة وأننا نتعامل مع المتفق عليه ،كما يعترف بذلك د.موراني نفسه.
فهل ُيعامل المتفق عليه ،وعبر أربعة عشر قرًنا من الزمان بمثل هذه المعاملة المبنية على احتمال النتيجة
قبل البحث فيه؟
فكيف سيفعل د.موراني فيما لم ُيّتَفق عليه إذن؟
فهل هذه أمانة العلم والبحث التي يزعمها د.موراني ،ويطالبنا بالسير خلفه فيها؟
فليقل لناَ :من ِمن الناس على مدار التاريخ قد توصل للنتيجة قبل بحثه؟
خاصًة وأن المستقر والمعمول به والمتفق عليه بشهادة د.موراني هو النص الموجود بين يدي المسلمين
الن..
وحتى ل يتشتت معنا القراء الكرام أقول بعبارة وجيزة:
ص كلمه الدال البحث وسيلة والنتيجة غاية ،والغاية لدى د.موراني توضع قبل الوسيلة ،وأمام القراء الكرام ن ّ
على ذلك.
بخلف الباحثين والجادين في العلم فالوسائل عندهم ل تتجاوز قدرها ول حّدها ،وتبقى عاجزًة عن طرح
النتيجة التي هي الغاية من الوسائل إل باستكمال أكثر الوسائل ،والسير ُقُدًما نحو الغاية المنشودة.
مجرد معرفة الوسائل ل يكفي في استخراج الغايات أو النتائج منها؛ ما لم نسلك هذه الوسائل ،لتؤدي بنا في
نهاية المطاف إلى النتيجة التي هي الغاية..
سا يفكر في طريقة السفر!!! ومن لم يسلك الطريق مسافًرا إلى بلدٍة معينة فلن يصلها أبًدا ،ولو ظل عمره جال ً
بخلف د.موراني فقد بلغ البلدة ،وسافر من محله الذي هو فيه إلى الغاية والنتيجة مباشرة وبل وسائل أو
ق.
ث مسب ٍ بح ٍ
يقول هذا كله رغم اعتراف بأن الموجود من القرآن الن هو المتفق عليه!!
ق هذا الذي يزعمه د.موراني بعد نسفه لكل اتفاق؟ فأي اتفا ٍ
ول أقول أين كان علماء المسلمين على مدار أربعة عشر قرًنا من الزمان ،وهم من هم ديًنا وعلًما وفطنًة
وذكاًء؛ بل أقول :وأين كان علماء النصارى الكثر علًما وحقًدا على السلم من د.موراني؟ أمثال :إبراهيم
خا عظيًما ينافح أحمد خليل الذي تحول إلى السلم ،وهو أستاذ اللهوت المعروف ،والذي صار بعد ذلك شي ً
عن القرآن الكريم ،ويكشف فساد فهم المستشرقين وغيرهم حول مسائل السلم المختلفة..
دعنا ننقل لـ د.موراني كلمة ذاك المستشرق اللماني )بلد د.موراني( رودي بارت )1143م( حين يقول) :إن
الهدف من الكتابات الستشراقية كان إقناع المسلمين بلغتهم ببطلن السلم واجتذابهم إلى الدين المسيحي(
]الدراسات العربية والسلمية في الجامعات اللمانية للمستشرق رودي بارت ص 11ترجمه إلى العربية
مصطفى ماهر ،ونشرته دار الكتاب العربي[.
ثم دعنا نرى ما هو الخط المشترك بين د.موراني وبين غيره من المستشرقين في قضية القرآن الكريم.
لنرى ما هو المنطلق الذين ينطلقون منه؟
وما هي الزاوية التي يقصدونها بالتحديد وبل )لف أو دوران(؟
نرى أن جولدزيهر اليهودي وغيره من المستشرقين يرددون في غير مناسبة دعوى أن القرآن ليس وحًيا من
عند ال ،وما هو من وجهة نظرهم العليلة إل مجموعة من ترهات محمٍد ]صلى ال عليه وسلم[ ،وأنه قد
اعتراه التحريف والتبديل بعد النبي صلى ال عليه وسلم ،وأنه لم يثبت جمعه في زمن النبي صلى ال علي
وسلم ،وأن الحروف الموجودة في أوائل السور )حم عسق( ونحو ما هي في نظرهم إل أسماء لصحاب
ف واحٍد!!النسخ التي استخدمها زيد بن ثابت ]رضي ال عنه[ في جمع المصحف في مصح ٍ
ويقول هاملوت جيب ) 1895ـ 1965م()) :ولما كان محمد يريد أن يشمل دينه الشعوب الخرى غير العربية
أدخل ذلك كله ضمن منهج القرآن((.
وقد فّند هذه الباطيل وردها كلها الستاذ أنور الجندي رحمه ال في ))المستشرقون والقرآن الكريم(( والشيخ
محمد الغزالي في ))دفاع عن العقيدة والشريعة(( وغيرهما..
والذي يهمنا هنا أن الكيان الذي تعلم فيه د.موراني وقرأ وتغذى على كتبه هو هذا الكيان السابق بالطعن في
القرآن ونفي إلهيته ومعجزته..
لكن فاق د.موراني كيانه المذكور فجاء يزعم البحث العلمي ،حتى إذا سلمنا له بالبحث العلمي المزعوم قال
ت في عصر النبوة ،وأقدم نسخ مخطوطات لنا :ل توجد نسخة واحدة من نسخ المصحف الحالي قد ُكِتَب ْ
المصاحف كتبت بعد موت النبي صلى ال عليه وسلم ،فيظن أنه بذلك يصل بنا إلى أن القرآن منقطع السناد،
وأنه لم يثبت به نقل ثابت ،وأنه ليس وحًيا!!!
كذا أراد ويريد د.موراني أن يقول ،ولكنه ل يصرح به ،ومن هنا يفصل د.موراني بين الوحي والعلم في قضيٍة
يستحيل فيها الفصل!!
فيقول) :القرآن نص( ولبد لنا أن نعامله كوثيقة ،ووثيقة مهمة ،ول شأن لنا بالوحي ،ويزعم أنه لن يكون
منصًفا لو تعامل معه على أنه وحي..
ثم ُيْتِبع ذلك بأن البحث العلمي في هذا النص القرآني ربما أدى إلى وجود زيادة ونقص واختلف ترتيب في
هذا النص القرآني الموجود بيد المسلمين الن؛ لنه في نظره ليس محقًقا بمعنى التحقيق ،وإن كان متفًقا
عليه؟!!!
ضا وتنافًرا بين لفظين متجاورين أبشع في تاريخ البشرية من فهل رأى القراء الكرام عبًثا باللفاظ ،ول تناق ً
هذه الدعوى المتهالكة؟!!
ثم لنا أن نسأل :هل تغّيَرت نظرة جولدزيهر وغيره من المستشرقين للقرآن؟ أم أن د.موراني وغيره يرددون
تلك النظرة القديمة الرامية للطعن في القرآن ولكن بأسلوب جديد؟
ح تاّم أثناء كلمه عن إدوارد سعيد فيقول د.موراني: نجد الجواب عن ذلك عند د.موراني حين يقول لنا بوضو ٍ
ن موقف المستشرقين لم يتغير في جوهره عن ))غير أنه قال كلمة حق ولم يرد بها ال الحق عندما زعم أ ّ
موقف أسلفهم ,يعني بذلك في الدرجة الولى موقف المستشرقين من النبي ومن القرآن .اّل أنه أخطأ عندما
زعم أن منهجية البحاث لم تتغير(( ]مستند .[5
ضا)) :أما الموقف المبدئي من القرآن فهو لم يتغير :الستشراق ل ينظر الى القرآن انه ويقول د.موراني أي ً
وحي وكتاب منزل بل يعتبره ) كما سبق لي أن قلت( نصا تأريخيا ومصدرا لنبوة محمد .وهذه النظرة
متواترة في الدراسات الدينية حول تأريخ النصرانية واليهودية أيضا(( ]مستند .[5
ن آخر فيقول)) :ومن جانب آخر ل أذكر سا وتزويًرا للحقيقة في مكا ٍ سر لنا د.موراني المر ويزيده تلبي ًوُيف ّ
طعنا ما أو حقدا ) الحقد ....لماذا ؟ ( او حتي تشويها مقصودا لدى Nöldekeالذي أجرى دراسات
دقيقة حول )عربية القرآن( حسب منهجية اللغويين ,أي بحث وحلل بعض اليات من ناحية اللغة وأشار الى
بعض الظواهر اللغوية والنحوية في نص القرآن ولم يتدخل في شؤؤن العقيدة ولم يطعن أو )يحارب( شيئا
من هذا الدين .بل اعتبر المواد التي درسها ,كما فعل جولدزيهر ,نصا وموضوعا للبحث فقط بدون أي
اشعار الى عقيدته هو أو الى عقيدة غيره(( ]مستند .[6
ض عن بليا جولدزيهر وطعوناته في القرآن ،والتي سبقت الشارة لبعضها ،ثم هو يلعب بعقول القراء فهو را ٍ
وُيَلّبس عليهم ويستخف بهم فيقول)) :وأشار الى بعض الظواهر اللغوية والنحوية في نص القرآن ولم يتدخل
في شؤؤن العقيدة ولم يطعن أو )يحارب( شيئا من هذا الدين((.
سا لعقيدة المسلمين ،بل هو ل يمت لعقيدتهم في نظر د.موراني بصلة ،فهو كأن لم وكأن القرآن ليس أسا ً
ل في العقيدة ،فإذا كان البحث في القرآن ليس يكن!! لن البحث في الظواهر اللغوية فيه وغير ذلك ليس تدخ ً
ل ،ول يمت لها بصلة!! ل في العقيدة كما يزعم د.موراني ،فهذا يعني أن القرآن ليس من العقيدة أص ً تدخ ً
فهذا هو البحث الحر النزيه الذي يريده د.موراني.
س دينية بحتة ،وأنه هو هو جولدزيهر وغيره من مما يؤكد للقراء الكرام أن د.موراني ينطلق من أس ٍ
الطاعنين في القرآن ل فرق بينهم سوى في آليات التناول كما أشار هو نفسه من قبل في كلمه على إدوارد
سعيد.
ويؤكد هذه الحقيقة قول د.موراني في سبب عناية المستشرقين بالقرآن)) :ان السبب ليس كما يقال :كلمة
الحق يراد بها الباطل ! بل ,القرآن يحتل المرتبة الولى والعليا باعتباره كتابا مقدسا للدين ,ومن هنا يعتبر
منطلقا أساسيا لفهم الدين ولدراسته(( ]مستند .[6
وهكذا يكتب ال عز وجل التصريح الواضح الجلي على لسان د.موراني لتشهد عليه الجيال الحالية واللحقة
طه..
بما كتبه و خ ّ
جا في العلن عن مؤتمٍر أولى محاضراته بعنوان] :اللحن في القرآن .مسائل ومن هنا لم يجد د.موراني حر ً
لغوية وتفسيرية ) ملخص([ ]مستند .[4
صّرح بأن درسات نولدكه المخربة للقرآن والطاعنة في لغته هي ))من ضا أن ُي َ
جا أي ًكما لم يجد د.موراني حر ً
العمال المعتمد عليها(( فيقول د.موراني:
))فيما يتعلق بدراسات نولدكه حول لغة القرآن ) القرآن والعربية( ,فهي دراسات لغوية وأيضا مقارنة
باللغات السامية الخرى فهي تعتبر حتى اليوم من العمال المعتمد عليها في االدراسات الحديثة .ل يقول
ن في الفرآن )عيوب لغوية( ,بل يقول أن فيه عدة ظواهر لغوية متناقضة لغويا واستعمال مفردات نولدمه ا ّ
استعمال متناقضة لغويا ليس لها مثيل عند الشعراء وفي لغتهم(( ]مستند .[3
ن في الفرآنف بعقول المسلمين والقراء كعادته فيقول)) :ل يقول نولدمه ا ّ ول ينس د.موراني هنا أن يستخ ّ
)عيوب لغوية( ,بل يقول أن فيه عدة ظواهر لغوية متناقضة لغويا واستعمال مفردات استعمال متناقضة
لغويا((.
ت عيوًبا ولكنها ))ظواهر لغوية متناقضة لغويا(( و))استعمال مفردات فلينتبه القراء الكرام!! فهي ليس ْ
استعمال متناقضة لغويا((.
ن واحٍد وعلى الرحب والسعة!! وعليكم يا قراء أن تصدقوا بالشيء ونقيضه في مكا ٍ
سَفه؟!!
ن د.موراني بعقول القراء أنها قد بلغت مثل هذا ال ّ فهل ظ ّ
ن أن سيفلت بجريمته وطعوناته في القرآن المقدس س عنه على مدار اليام الماضية؟!! فظ ّ ت النا ِ
أم غّره سكو ُ
ومن وجهِة نظٍر دينية؟!!
س دينية كماوبعد هذا الستخفاف بعقول القراء والهانة للقرآن المقدس والنطلق في طعوناته عليه من أس ٍ
حا ،فبعد هذا كله ل مانع لدى د.موراني أن يمرر تلك الجرائم والهانات بكلمٍة تخفي حا صري ً
مضى ذلك واض ً
ما مضى في ظّنه ،أو يخدع بها السّذج فيقول:
))الباجي يكتب في اجابته مشكورا :
أما أصل المسألة فنحن المسلمين على ثقة فوق التامة بصحة نقل كتابنا حرفا حرفا ،هذا أمر منتهى منذ نزل
به الروح المين ،وإلى يوم يرفع من الرض.
ك ولم أشك أبدا بما تقولون ,غير أّنه ليس موضوع الحوار(( ]مستند .[7
أقول :أنا ل أش ّ
ت منه شيًئا حتى تشك أو ل تشك؟!! فأين هذا الذي ل تشك فيه؟! وهل أبقي َ
شًرا نصرانّيا؟!
هل ُيَعّد د.موراني مب ّ
ل زلنا ُنَمّهد لموضوعنا الذي قصدنا لبيانه ،وهو إزالة شبهة د.موراني المذكورة حول القرآن الكريم ،ولكن
كان علينا كما سبق أن نتعرف أوًل على د.موراني ،وأفضل من ُيَعّرفنا به هو كلُمه الذي وقفنا عليه ،ثم علينا
ن لمبعد ذلك أن نتعّرف على هذا الكتاب الذي قَرَنه د.موراني بالقرآن الكريم ،وأراد عبًثا أن ُيسّوي بينهما ،وِإ ْ
ت من بين السطور ،وما بين السطور يهتك خبايا المستور!!
يقلها صراحًة؛ لكنها فاح ْ
ل زلنا نتعرف على د.موراني ،وجوانب شخصيته!!
وقد أثبتنا في المداخلة السابقة بما ل يدع مجال للشك ،ومن خلل كلم د.موراني انطلقه في بحثه ودراسته
س دينيٍة بحتٍة ،وأشرنا إلى تلك الهانات التي وجهها للقرآن
حول القرآن وغيره من علوم السلم من أس ٍ
الكريم ،وللدين السلمي.
كما أشرنا إلى أسلوبه الملتوي في الستخفاف بعقول القراء والتلبيس عليهم ،لتنطلي عليهم حيلته!!
وِإْذ وصلنا إلى هذا الحد :علينا الن أن نسأل :هل كان د.موراني مبشًرا نصرانّيا؟
نسأل د.موراني عن هذا المر وننتظر جوابه كعادتنا فإذا به يقول لنا:
))ومن يتساءل ويشك فيما يؤمن المسلم به أو يرفض علنية ان هذا الكتاب غير منزل ويخوض حوارا
ومجادلة من زاوية دينه وايمانه ضد )أهل القرآن( فهو ليس من المستشرقين .قد يكون )مبشرا( أو داعيا
الى فرقة من الفرق الدينية الكثيرة(( ]مستند .[6
فالمبشر عند د.موراني هو من رفض أن الكتاب )يعني القرآن( غير منزل ،وهو من خاض حواًرا ومجادلة من
زاوية دينه وإيمانه ضد أهل القرآن كما يقول ،ففي هذه الحالة:
ليس من المستشرقين
قد يكون مبشًرا
أو داعًيا إلى فرقة من الفرق الدينية الكثيرة..
هذه هي النتائج الثلثة التي ذكرها لنا د.موراني.
س دينيٍة ،كما سبق ما يدل على متابعته لسلفه في وأقول :قد سبق بيان انطلق د.موراني في بحثه من أس ٍ
الطعن في القرآن وعدم اليمان بإلهيته أصل؛ لنهم هكذا كانوا يؤمنون به ـ يعني أسلفه ـ ثم جاء د.موراني
ليقرر كما سبق في المداخلة السابقة أن موقف الستشراق من القرآن لم يتغير ،في الوقت الذي أشاد فيه
د.موراني بأمثال جولدزيهر وغيره ممن أنكر أن يكون القرآن وحًيا ،فهذا يعني لدى أقل العقول فهًما أن يكون
د.موراني متابًعا لهم حذو القذة بالقذة..
شًرا نصرانّيا حتى النخاع!!ثم يعني ذلك لدى أقل العقول ممارسًة للفهم :أن يكون د.موراني مب ّ
ولسنا في حاجة للطالة بعد كلم د.موراني السابق نقله عنه في المداخلة السابقة ،فقد قطع قوَل كلّ خطيب!!
ت على بعض الوصاف في كلم د.موراني للمبشرين أو لمن يقوم بتحريف القرآن. أقول :نعم وقف ُ
فيقول لنا في وصفه لجماعة قاموا بإصدار مصحف اسمه مصحف الفرقان ،حرفوا فيه تحريًفا عظيًما،
سا
واخترعوا سوًرا من عندهم ،وحشوه بالتنصير والنصرانية ،وسموا بعض سوره بأسماء سور القرآن تلبي ً
وتزويًرا منهم للحقيقة ،فقال د.موراني)) :هذا مثل آخر لتلك الفرق الكثيرة المنتشرة في الغرب خاصة في
أمريكا كان من المستحسن تجاهلهم تماما وعدم ذكرهم لن ذكرهم بمثابة اشهار لهم وهذا ما
يريدون......وهم شرار خلق ال
الـدكتور م .مــورانـي
مستشرق .كلية الداب .جامعة بون .ألمانيا((.
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=2683
وقال موراني في موضع آخر أثناء كلمه عن كتاب )جمع القرآن( لبعض المستشرقين ]مع ملحظة عدم
النخداع بتفريقه بين المبشرين والمستشرقين هنا[ ،حيث قال:
))الى من بصدد هذا المر :
لقد صدر هذا الكتاب عام 1989
ولم اسمع به الى يومنا هذا ) والحمد ل !(
أما المؤلف فلم اجد اسمه مذكورا في الدراسات الستشراقية حتى اليوم
ولم أعثر على اسمه مشاركا في المؤتمرات والندوات الكاديمية حتى يومنا هذا أيضا
كل ما يقلقني في هذا المر أن كل من يغمس لسانه في الحضارة السلمية
دينا كان قرآنا او حديثا تفسيرا أو أدبا أو شعرا ...الخ فهو يسمى ب)مستشرق(.
هذا أيضا من الشبهات ! هذا المؤلف قام بشيء مرفوض رفضا تاما
وينبغي أل نعالج أسلوبه بأساليب العلم أو بأساليب اليمان
لن كل ما وراء كلمه ل يدخل من باب الستشراق بل مكانه في دار النصارى المتعصبين والمبشرين .
وأرجو من الجميع أن يتفضلوا بالتفريق بين هذا وبين الستشراق مشكورين لن هذا في واد والمستشرق في
واد آخر تماما
موراني
الـدكتور م .مــورانـي
مستشرق .كلية الداب .جامعة بون .ألمانيا((
وقال في موضع آخر أثناء الكلم عن ))الختلفات اللفظية في استشهادات قرآنية ...شبهات تنصيرية((:
))الخ الكريم ش .م .
ربما كنت أنا متفاءل أكثر منكم عند معالجة المسألة المطروحة هنا .
ن هناك مسلما واعيا معتصما بدينه يتعرض لفتنة بسبب ما يزعم هؤلء أذلة وأقلة من الناس .لنني ل أظن أ ّ
السبيل الوحيد ليقاف هذه الراء الفاسدة من جانب هؤلء الضالين هو عدم ذكرهم وعدم الرد عليهم .هذا
الطريق نافع جدا في النترنيت على القل .
عندما تجيب عليهم بما هو أحسن وأصح ,بل الصحيح ,فدخلت معهم في الحوار والمجادلة .وهذا هو
بالضبط ما يريدون !
التجاهل الكامل في هذه الحالة خير من مجادلتهم .
وفقكم ال
موراني
الـدكتور م .مــورانـي
مستشرق .كلية الداب .جامعة بون .ألمانيا((.
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?p=7471#post7471
ول شك أن دعوة د.موراني لتجاهلهم هنا المراد منها أن يتجاهلهم أولوا العلم والنهى ،لُيْترك لهم المجال
الرحب الفسيح مع عامة الناس وضعفاء العلم يلبسون عليهم دينهم ويفعلون ويفعلون!!
ل أن ييسر لي ال عز وجل العودة وبهذا الذي سبق عن د.موراني أختتم لقاء اليوم مع القراء الكرام ،آم ً
القريبة لستكمال الموضوع بكافة جوانبه إن شاء ال.
خاصًة وأننا ل زلنا في بداية الطريق ،ول زلنا نمهد للكثير والكثير!!
وآسف لستعجال كشف هذه الحقيقة التي ربما طالبني بعض الفاضل بتأخيرها حيًنا؛ لكني مّمن يؤمنون
خر عمل اليوم إلى الغد((!! بالحكمة القائلة)) :ل تؤ ّ
وإلى لقاٍء قادٍم إن شاء ال تعالى..
بعد أن ُنَذّكر القراء الكرام بحصاد اليوم الخباري!!..
المستندات
لكننا نؤجل حصاد اليوم الخباري حتى يقف القراء الكرام أول على مصدرنا الذي أخذنا منه كلم د.موراني،
وأشرنا إليه عقب النقل منه بقولنا)) :مستند ،1مستند ((2إلخ..
فلبد أول من وضع هذه المستندات تحت تصرف القراء الكرام ،ليروا بأنفسهم ،ويستخرجوا منها ما لم يسبق
لنا استخراجه ،ويعينونا في هذا السبيل بالنصح والمشورة والمساعدة إن شاء ال عز وجل..
وهذه المستندات التي أذكرها للقراء الن هي مشاركات د.موراني ،أذكرها بنصها عن طريق القص واللصق
بالجهاز مباشرة ،وأضع في نهايتها رابطها على الشبكة إن شاء ال تعالى..
وآمل أن يتدبر القراء الكرام فيها ،ويخرجوا منها ما لم نخرجه فيما سبق..
وهي كالتالي:
]مستند [1
يقول د.موراني في بعض المناسبات:
))الباجي المحترم يقول :
فكل قصديه باطل ل محالة ،لن القرآن مصدره الوحي اللهي ليس غير ،فهو من عند ال لفظا ومعنى ،وما
على الرسول إل البلغ المبين.
س شيئا في
حسن ! يتبين من خلل هذا القول ان صاحبه ينطلق من ايمانه المطلق بالوحي .وليس لي أن أم ّ
هذا اليمان بل عليه أيضا أن أحترمه .فهذا هو ما أفعله دائما في الحوار العلمي مع غيري ,مع المسلم
المؤمن .
الي جانب هذا الحترام هناك شيء آخر ل بد من ذكره )بدل من مهاجمته( ,فهو :
ص ) الى جانب أنه وحي لمن يؤمن به( ن القرآن ن ّ
اّ
ن هذا النص مزّيف (
والبيات لهؤلء الشعراء أيضا نص ) ول أقول ا ّ
ن النص القرآنيفمن هنا ل نقول :القرآن جزء من الشعر المعاصر في عصر النبوة ,كما ل نقول ا ّ
) الوحي ( له تأثير على هذا الشعر .
ل شك في أن المجتمعات في جزيرة العرب تأثرت بالفكار الحنيفيين ,أي بفكرة التوحيد .
وقد بلغت هذه الحركة التأريخية ذروتها في النبوة )..... :ورضيت لكم السلم دينا ( ,كما ذكرت ذلك في
اللقاء مع هذا الملتقى المفيد من قبل .
الباجي المحترم :عندما تترك مسألة اليمان الى الجانب وتحاول اجراء الحوار وفق البحث الوضعي سترى
اننا سنصل في النهاية الى خلصة في البحث ل يشك فيها أحد :هذا يرضى بايمانه بالنص ,وذلك يرضى
برأيه العلمي المعتمد على النص أيضا .
__________________
الـدكتور م .مــورانـي
مستشرق .كلية الداب .جامعة بون .ألمانيا((.
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=3363
]مستند [2
الجمع بين السئلة
أشكر للجميع على اهتمامهم ومشاركاتهم في هذا الحوار .
قد يكون من المستحسن أن أجمع بين بعض السئلة المطروحة في اليام السابقة وذلك بسبب
التشابه بعضها بالبعض حينا وبين أهدافها حينا آخر .
كما أبرزت في مطلع هذا الحوار ليس في الستشراق المعاصر والحديث أغراض لتشويه الدين السلمي أو
زرع بذور الشكوك في قلوب المسلمين .الهدف الرئيس في البحث هو اّتباع المبدأ الساسية في جميع نواحي
الدراسات ,وهو الموضوعية في البحث .ليس هذا المبدأ وليدة العقود الماضية بل هو المنطلق عند دراسة
جميع الديان والحضارات شرقية كانت أو غربية.
نقطة الخلف بين الستشراق الغربي والمفهوم الذاتي لدى المسلمين ترجع أساسا الى مسألة الفصل بين
الدين ومتطلباته من ناحية وبين العلم ومتطلباته من ناحية أخرى .ما كان في الدين فرضا ل مجال للشك فيه
يصبح في العلم موضوع البحث ومن هنا ل يخضع للمعايير الدينية .
عندما يقترب الباحث من القرآن باعتباره وحيا وكتابا منزل يأتي بنتائج ل تخرج من نطاق المتطلبات الدينية
بل تتفق مع ما فرضت التعاليم الدينية على الباحث .
ن الستشراق عند القراءة في الكتب التي ألفت حول نبي السلم يتبين للجميع مسلما كان أو غير مسلم أ ّ
يعتبر محمدا شخصية تاريخية ونبيا معا .فالسبب لذلك ل يعود الى )ايمان( الباحث بالنبوة بل الى اقتناعه
الثابت أن محمدا قد رأى نفسه رسول وعبرت عن ذلك عدة آيات في القرآن كما عبرت عن اخلصه وعن
أبعاد ايمانه الذي ل يشك فيه أحد .فالوثيقة التأرخية التي تؤّدي بالباحث الى هذه المعرفة هي القرآن نفسه .
أو بعبارات أخرى :لقد وصلت الى نفس الحقيقة والى نفس المعرفة التي يؤمن به المسلم بعدم اعتبار
مصدري ) أي القرآن( وحيا بالضرورة أو كتابا منزل .
لقد كتب الستشراق كتبا ومقالت ودراسات حول عصر النبوة والتاريخ السلمي في مختلف فتراته غير أنني
ل أذكر كتابا رفض مؤلفه فيه النبوة .من هذه الكتب الساسية ما أصدره المستشرق النجليزي
W.Montgomery WATTفي مجلدين :محمد في مكة ومحمد في المدينة .ولخصهما في كتيب عام
1961تحت العنوان :محمد النبي والسياسي . Muhammad Prophet and Statesman
فالباحث يعترف اذا بهذه الشخصية نبيا وسياسيا ويرى في سيرته تطورا هائل مرسوما في كتب السيرة وفي
الفرآن معا .بل يرى أيضا أن هناك تطورا ملموسا حتى في اللغة من اليات المكية الولى الى ما بلغ هذا
الدين ذروته في الية:
) اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم السلم دينا (
وكذلك في خطبة حجة الوداع .
اذا يتخذ الباحث مبدأ )الموضوعية( أساسا لبحثه فيجب أن يعترف بالعظمة التأريخية وأبعادها بكل سهولة
تاركا مسألة اليمان والشعور الدينية الى الجانب .
)سيتبع(
__________________
الـدكتور م .مــورانـي
مستشرق .كلية الداب .جامعة بون .ألمانيا
http://www.tafsir.net/vb/showthread....5&page=2&pp=15
]مستند [3
فيما يتعلق بدراسات نولدكه حول لغة القرآن ) القرآن والعربية( ,فهي دراسات لغوية وأيضا مقارنة باللغات
السامية الخرى فهي تعتبر حتى اليوم من العمال المعتمد عليها في االدراسات الحديثة .ل يقول نولدمه ا ّ
ن
في الفرآن )عيوب لغوية( ,بل يقول أن فيه عدة ظواهر لغوية متناقضة لغويا واستعمال مفردات استعمال
ن كتاب القراءات للطبري بقي في حكم متناقضة لغويا ليس لها مثيل عند الشعراء وفي لغتهم .ويتأسف على أ ّ
المفقود .
__________________
الـدكتور م .مــورانـي
مستشرق .كلية الداب .جامعة بون .ألمانيا
http://www.tafsir.net/vb/showthread....5&page=3&pp=15
]مستند [4
المؤتمر ال 29للمستشرقين اللمان
يعقد المؤتمر التاسع والعشرون للمستشرقين اللمان في مدينة Halleفي ألمانيا بين 20الى 23هذا
الشهر .
ونظرا الى أن الخبار حول هذا اللقاء العلمي باللغة اللمانية في الغالب أود أن أفيدكم بعناوين بعض
المحاضرات المتعلقة بدراسات القرآنية :
-اللحن في القرآن .مسائل لغوية وتفسيرية ) ملخص( .
-حول تفسير بعض اليات القرآنية في الكتاب لسيبويه.
-أقدم مدرسة للغة العربية .
-ملحظات حول نشأة فقه اللغة وعلقته بتفسير القرآن .
-يسار نوري أزترك و)العودة الى القرآن( في تركيا .
-التفسير الدبي في مصر .
-قضية الحكم في التفسير لدي سيد القطب .
-تأريخية القرآن .مناقشات معاصرة عند الكادميين في تركيا .
http://www.dot2004.de/aktuell.php
موراني
__________________
الـدكتور م .مــورانـي
مستشرق .كلية الداب .جامعة بون .ألمانيا
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=2627
]مستند [5
)الستشراق( لدوارد سعيد
لم يكن مؤلف هذا كتاب مستشرقا ولم يدرس المواد الستشراقية ,بل )كما يقال( كان )مفكرا عربيا(
ومتخصصا في الدب النجليزي .وحكمه وموقفه من الستشراق الحديث يتركزان على بعض أعمال
الستشراقية باللغة النجليزية بغير لفط النظر الى الستشراق اللماني أو الفرنسي وحتى السباني حتى ولو
بجملة قصيرة .
ن موقف المستشرقين لم يتغير في جوهره عن غير أنه قال كلمة حق ولم يرد بها ال الحق عندما زعم أ ّ
موقف أسلفهم ,يعني بذلك في الدرجة الولى موقف المستشرقين من النبي ومن القرآن .اّل أنه أخطأ عندما
زعم أن منهجية البحاث لم تتغير .انه كان عاجزا من أن يرى أن المنهجية والقتراب من العلوم السلمية
قد تغّير كما تغيرت الوضاع بظهور المصادر الجديدة التي لم يتناولها السلف بسبب عدم وجودها في بداية
القرن 20م مثل .
أما الموقف المبدئي من القرآن فهو لم يتغير :الستشراق ل ينظر الى القرآن انه وحي وكتاب منزل بل
يعتبره ) كما سبق لي أن قلت( نصا تأريخيا ومصدرا لنبوة محمد .وهذه النظرة متواترة في الدراسات الدينية
حول تأريخ النصرانية واليهودية أيضا .اذ ل يعتبر الباحث النجيل )مثل( كتابا مقدسا في البحاث
الموضوعية اذ ان اعتبره مقدسا أو حتى وحيا فارق ميدان الموضوعية في البحث .وكيف يعتبره وحيا عندما
يجد في بداية كل كتاب فيه اسم مؤلفه الذين نشؤوا ما بين 60الي 110عام بعد نشاط عيسى ! النظرة
التأريخية شيء ونظرية الكنيسة وتعاليمها شيء آخر تماما .وهكذا المر في الدراسات حول القرآن أيضا
الذي يعتبر نصا تأريخيا .أنا شخصيا أنصح وأصّر على النصيحة لطلبي أل ينسوا أن هذا الكتاب الذي
جعلوها موضوعا لدراساتهم ليس نصا فحسب بل هو أيضا وحي لمن يؤمن به ولذلك ليس لي أن أتجاوز
ي الحترام تجاه ايمان الخر به . حدودا رسمتها الخلق كما فرضها عل ّ
عندما ننظر الى الحضارة السلمية بعد النتشار السريع والمذهل للسلم ديانة جديدة من الحجاز الى بلد
الشام والعرق ومصر خلل ما يقل عن 30سنة من التأريخ فل بد أن نعترف بالحقيقة أن لقاء الحضارات
والمجتمعات المختلفة بعضها ببعض لم يتم بغير تأثير متبادل ,فمن هنا للسلم وجوه حتى الى يومنا هذا ,أم
ل يرى المرء المتأمل آثارا فارسيا وهنديا وغيرها في الحضارة العربية ؟
لقد قلتم :
السلم مزيج ثقافي مستعار من عدة ثقافات أخرى يهودية ونصرانية ،يونانية وفارسية ,كما جاء ذلك على
لسان الستشراق .
ن الديان التوحيدية تكمن ربما كانت العبارة ) مستعار( في غير موضعها .قد يكون من المستحسن أن يقال أ ّ
فيها جميعا عناصر متشابهة وأصول تجمع بين هذه الديان ,وهي فكرة التوحيد .ل أحد يزعم حسب علمي
ن جميع العناصر والفكار الخلقية )مستعارة( من غيره . ن السلم ل ذاتية أصلية له كما ل أحد يزعم أ ّ
أّ
ومن يزعم أن السلم دينا وحضارة قد نشأ في فراغ بغير علقة بما حوله من البيئة فتجاهل الوقائع التأريخة
المسّلم بها في حضارة البشرية .
__________________
الـدكتور م .مــورانـي
مستشرق .كلية الداب .جامعة بون .ألمانيا
http://www.tafsir.net/vb/showthread....5&page=2&pp=15
]مستند [6
لكي أجيب على السؤال الذي طرحه الستاذ عبد الرحمن الشهري مشكورا ,وهو :
ل على المستشرقين (. )وهل ما كتب أعله على صواب أم أن فيه تحام ً
أقول صراحة لكن بتحفظات :
ليس صوابا ! بل هو تحامل شديد لسباب ل يذكرها ال القليل النادر ,وسأذكرها أنا
فيما بعد .
نعم ,كل من يهتم باللغات والحضارات الشرقية بدءا باللغة التركية ) العثمانية القديمة( عبر الحضارات الى
الحضارة اليابانية اهتماما علميا وعلى مستوى الكليات والجامعات
يسمى بمستشرق .أما نحن فالمقصود في هذا المجال المستشرق القائم بدراسات لجوانب الحضارة السلمية
.ولهذه العبارة جوانب سلبية بل شك غير أنني ل أتحدث ههنا بلسان رسمي الذي ل وجود له ول أدافع عن
أحد في الفئات الستشراقية المعاصرة أو الماضية ,بل أحب أن أشير الى أن هناك اختلفا ملموسا وأساسيا
عند معالجة ظواهر هذه الحضارة وهذا الدين وعند البحث فيه ,وهو يرجع الى التي :
][SIZE=6المستشرق ل ينطلق في أبحاثه من السس الثابتة في اليمان أو العقيدة ,بل هو بذاتي علماني
بالمعنى أنه ل يقوم بابحاث قرآنية على الساس أن هذا الكتاب وحي
أو بأخرى أن هذا الكتاب منزل ,بل يقول :
ان هذا الكتاب الذي يعتبره كل مسلم وحيا وكتابا منزل على البشر ,هذا الكتاب نص !
ومن يتساءل ويشك فيما يؤمن المسلم به أو يرفض علنية ان هذا الكتاب غير منزل ويخوض حوارا ومجادلة
من زاوية دينه وايمانه ضد )أهل القرآن( فهو ليس من المستشرقين .قد يكون )مبشرا( أو داعيا الى فرقة
من الفرق الدينية الكثيرة .
ومن هنا يأتي الختلف ) في نظري( بين المسلمين والمستشرقين وما أدى الى وصف المستشرقين )بطعن(
و)تشويه( و )عداوة ( و)حقد( ما الى ذلك في القاموس من المفردات والصفات السلبية ضد المستشرقين .
ولذلك ) بمنتهى اليجاز ( أرى أن الرأي المذكور أعله ليس صوابا بل ينطلق من نقطة أخرى غير انطلق
المستشرق .
يبقى السؤال المطروح :ما هو السبب لهتمام المستشرقين بالقرآن وجمعه وعلومه ؟
تقديرا
موراني
__________________
الـدكتور م .مــورانـي
مستشرق .كلية الداب .جامعة بون .ألمانيا
لقد جاء ذكر بعض المستشرقين الذين قاموا بدراسات حول القرآن وعلومه ,وهم من قدماء المستشرقين ما
عدا John Burton
الذي أخرج كتاب الناسخ والمنسوخ لبي عبيد القاسم بن سلم ) اعتمادا على المخطوط أحمد الثالث ,الرقم
143أ ( عام . 1987هذا ,فيرى بيرتون أن القرآن كان بين يدي المسلمين عند وفاة نبي السلم كما هو
بين يدينا اليوم .هذا من جانب .
ومن جانب آخر ل أذكر طعنا ما أو حقدا ) الحقد ....لماذا ؟ ( او حتي تشويها مقصودا لدى
Nöldekeالذي أجرى دراسات دقيقة حول )عربية القرآن( حسب منهجية اللغويين ,أي بحث
وحلل بعض اليات من ناحية اللغة وأشار الى بعض الظواهر اللغوية والنحوية في نص القرآن ولم يتدخل في
شؤؤن العقيدة ولم يطعن أو )يحارب( شيئا من هذا الدين .
بل اعتبر المواد التي درسها ,كما فعل جولدزيهر ,نصا وموضوعا للبحث فقط بدون أي اشعار الى عقيدته
هو أو الى عقيدة غيره .
ان السبب ليس كما يقال :كلمة الحق يراد بها الباطل ! بل ,القرآن يحتل المرتبة الولى والعليا باعتباره كتابا
مقدسا للدين ,ومن هنا يعتبر منطلقا أساسيا لفهم الدين ولدراسته .
وكذلك أيضا عند المسلمين :أليس القرآن هو البداية والنهاية لجميع أمور الناس في حياتهم اليومية
ومعاملتهم بعضهم البعض وما بعدها في ايمانهم بالخرة ؟
الفرق بين هؤلء وأولئك أن الول ل يبحث حسب معايير القواعد العقائدية الثابتة ) كما قلت سابقا ( بل
يبحث في القرآن باعتباره الوثيقة العليا نصا لهذه الحضارة التي ل يشك في عظمتها ال الضال والمضل في
الفئات والفرق الدينية السابق ذكرها !
الهتمام بالقرآن وبعلومه اذا مفروض وفهمه واجب )حسب القدرة !( والبحث فيه
من الضروريات العلمية الملحة على كل من يود التقارب الى هذا الدين علميا ) ول أقول روحيا ....وأرجو
التمييز في هذا الموضع بالذات ( .
لقد ازداد اهتمام بعض المستشرقين المعاصرين بالقرآن في العوام العشرة أو أكثر الماضية وقام بعضهم في
دراسات لغوية وتحليلية حول نص القرآن وعرضوا أبحاثا ل بأس بها حول النحو والتفسير في القرون الولى
للسلم ) المدارس النحوية في البصرة والكوفة ( ,
وقام البعض الخر بدراسات تأريخية حول روايات كتب التفسير وتحديد نشأتها تاريخيا
) وقد هاجموني أنا شخصيا فيها لرأئي المغاير لهم ....لكن هذا سيكون موضوعا آخر( ,
كما درس الخرون النص وميزات السور المكية والمدنية من ناحية اللغة فيها .
هكذا المر في حضارة النصارى :الهتمام في )انجيل( مستمر كما الهتمام بالتوراة لدى اليهود مستمر أيضا
.هنا عند النصارى وهناك عند اليهود فرقتان :احداهما يدرس الكتاب من الناحية الدينية فقط
والخرى يدرسه من الناحية العلمية التأريخية اللغوية فيترك اليمان ايمانا ويفضل
في ذلك العلم علما .
الدراسات حول النجيل تملي مكتبات ,وهي دراسات موضوعية ومتناقضة بعضها البعض حول فهم النص
وتأريخه كما هو بين يدينا اليوم .وليس في ذلك شيء من الحرج ,بل هذه دراسات تعتبر من المواد العلمية
في الدراسة في كليات الجامعات
منذ أكثر من 100عام .أما الفريق الخر فيتمسك بمفاهيم اليمان لما جاء في هذه الكتب .
وهكذا المر في دراسات المستشرقين حول القرآن وعلومه .
لتجنب سوء التفاهم بين أعضاء الكرام في هذا الملتقى وبين ما ذكرت هنا في سطور سريعة أود أن أبرز انني
ل أدافع عن أحد له نصيب في صنعة الستشراق قديما كان أو حديثا ,ال أنني أرجو وأتمنى أن يحترم المرء
الرأي الخر ويضع في عين العتبار أن هذا الخر ل يتركز على القواعد العقائدية بالضرورة عندما يدرس
الكتب المقدسة للديان عامة .
موراني
__________________
الـدكتور م .مــورانـي
مستشرق .كلية الداب .جامعة بون .ألمانيا
http://www.tafsir.org/vb/showthread....&threadid=1454
]مستند [7
الباجي يكتب في اجابته مشكورا :
أما أصل المسألة فنحن المسلمين على ثقة فوق التامة بصحة نقل كتابنا حرفا حرفا ،هذا أمر منتهى منذ نزل
به الروح المين ،وإلى يوم يرفع من الرض.
ك ولم أشك أبدا بما تقولون ,غير أّنه ليس موضوع الحوار .
أقول :أنا ل أش ّ
__________________
الـدكتور م .مــورانـي
مستشرق .كلية الداب .جامعة بون .ألمانيا
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=3333
ول يكاد د.موراني يمّل من هذه المقارنة أبًدا ،فهو يرددها في أكثر من مناسبة ،فنراه يقول في موضع آخر
ل)) :أما الموقف المبدئي من القرآن فهو لم يتغير :الستشراق ل ينظر الى القرآن انه وحي وكتاب منزل مث ً
بل يعتبره ) كما سبق لي أن قلت( نصا تأريخيا ومصدرا لنبوة محمد .وهذه النظرة متواترة في الدراسات
الدينية حول تأريخ النصرانية واليهودية أيضا(( ]مستند .[5
واختصاًرا لجدٍل طويٍل ربما يقوم به بعضهم ،وقطًعا للنقاش فسنسأل د.موراني نفسه عن رأيه في النجيل؟
لنتعرف من خلل ذلك على ما وراء مقارنته بين القرآن وبين النجيل في عبارته السابقة.
وبل شك أن مقارنة السيف بالسيف تختلف عن مقارنة السيف بالعصا!!
س حتى إشعار آخر!!مقّد ٌ
النجيل في نظر د.موراني
وماذا يريد من القرآن؟
يتحدث د.موراني عن النجيل فيقول)) :ل يعتبر الباحث النجيل )مثل( كتابا مقدسا في البحاث الموضوعية اذ
ان اعتبره مقدسا أو حتى وحيا فارق ميدان الموضوعية في البحث .وكيف يعتبره وحيا عندما يجد في بداية
كل كتاب فيه اسم مؤلفه الذين نشؤوا ما بين 60الي 110عام بعد نشاط عيسى ! النظرة التأريخية شيء
ونظرية الكنيسة وتعاليمها شيء آخر تماما((http://www.tafsir.net/vb/showthread.php? .
t=3015&page=2&pp=15
وسنقتصر من عبارة د.موراني على أمرين:
أوًل :أن مؤلفي النجيل الحالي لم ُيْدِركوا نبي ال عيسى عليه السلم ،فالسناد منقطع ،بدللة قول د.موراني:
))الذين نشؤوا ما بين 60الي 110عام بعد نشاط عيسى!((.
وُيَعّلل أحد القسيسين هذه القضية في مناظرة العلمة رحمة ال الهندي له بقوله )يعني القس()) :إن سبب
فقدان السند عندنا وقوع المصائب والفتن على المسيحيين إلى مدة ثلثمائة وثلث عشرة سنة((.
وهذه ليست بعلة على الحقيقة ،لن ما أصاب المسلمين عبر العصور هو أكبر وأعظم مما أصاب النصارى،
ومع هذا احتفظ المسلمون بأسانيدهم حتى اليوم ،مما يؤكد أن ال عز وجل اختصهم دون غيرهم بشرف
السناد ،وقد ذكر ذلك جماعة من علماء المسلمين ،كأبي عمرو بن الصلح في ))معرفة أنواع علم الحديث((
المشهور بـ ))مقدمة ابن الصلح(( ،وغيره..
ت عليهم ما أتى على النبي صلى ال عليه وسلم وأصحابه من الضطهاد والذى ،ول ما أتى فالنصارى لم يأ ِ
على المسلمين بعد النبي صلى ال عليه وسلم ،من ألوان الحروب المختلفة التي قادها التتار حيًنا والصليبيون
أحياًنا..
ومع كل هذا احتفظ المسلمون بأسانيدهم..
وقد ألمح النجيل الذي بيد النصارى الن إلى بعض ما أصاب المسلمين حين قال)) :وأما المعزي الروح
القدس الذي سيرسله الب باسمي ،فهو يعّلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم ...متى جاء المعزي ،...
فهو يشهد لي ،وتشهدون أنتم أيضًا ......لكني أقول لكم الحق :إنه خير لكم أن أنطلق ،لنه إن لم أنطلق ل
يأتيكم المعزي ،ولكن إن ذهبت أرسله إليكم ....إن لي أمورًا كثيرة أيضًا لقول لكم ،ولكن ل تستطيعون أن
تحتملوا الن ،وأما متى جاء ذاك ،روح الحق ،فهو يرشدكم إلى جميع الحق ،لنه ل يتكلم من نفسه بل كل ما
يسمع يتكلم به ،ويخبركم بأمور آتية(( ]يوحنا .[16/14 ،15/26 ،14/26
سّميه صلى ال عليه وسلم)) :المعزي(( ،وذلك فهذه البشارة الواردة في النجيل بالنبي صلى ال عليه وسلم ُت َ
لكثرة ما كان يعزي أصحابه ،من جراء ما يلحقهم من الذى والعنت الشديد.
ثم تتابعت على المسلمين أيام وليالي ،ذاقوا فيها ألواًنا عديدة من القهر والستبداد والحتللت ومحاولة قلب
الحقائق وتغيير الهوية وقطع الصلة بينهم وبين إسلمهم ..ومع كل هذا بقي السلم ،وبقيت المة المسلمة،
وبقيت السانيد والجازات حتى عصرنا هذا ..وستبقى إن شاء ال إلى ما شاء ال.
وأنا شخصّيا أتشّرف ببعض هذه السانيد..
فالعلة إذن في فقدان أسانيد النصارى ليست في المصائب ول الفتن كما يبررها القس المشار إليه ..ولو كانت
ع أسانيدها ،وهذا ما لم يحدث بحمد ال المصائب والفتن هي العلة لكانت أمتنا المسلمة أولى وآكد على ضيا ِ
تعالى..
ثم النقطاع في أسانيد النجيل بدأ مبكًرا جًدا ..في قصة بولس الذي يعتبره النصارى)) :مؤسس النصرانية((
كما يعبر القس عبد الحد داود ،لكنا نلحظ أنه لم يأخذ عن المسيح مباشرة ،وإنما ذكر قصًة حاصلها أنه كان
في قافلٍة متوجًها ناحية دمشق ،فتجلى له المسيح بعد رفعه بسنوات فمنحه منصب الرسالة ،واختلفت روايات
النجيل كالعادة هل رأت القافلة ما حدث أم لم تره؟ ولكن المهم لدينا أنه كان رجل يهودًيا معادًيا للمسيح
وأصحابه ،بل وحضر إعدام بعض أصحاب المسيح!! ومع هذا اصطفاه المسيح بالرسالة دون أصحابه
المقربين!! كما يزعم النجيل الذي بيد النصارى ،ثم يذهب بولس فيجلس ثلثة أعوام في ))العربية(( )مكان(
ثم يعود..
فمهما حاول النصارى اّدعاء العتماد على المشافهة أو الّنْقل الحي للنجيل فلن يفلحوا ِإذن أبًدا؛ لن النقطاع
حاصٌل في السانيد ،وباعتراف علمائهم أنفسهم!!
ضا أن النجيل الذي بيد النصارى الن ليس وحًيا! وإنما هو ثانيًا :ويستفاد من كلمة د.موراني السابقة أي ً
ف صاغه بشٌر ،بدللة قول د.موراني)) :وكيف يعتبره وحيا عندما يجد في بداية كل كتاب فيه اسم ب مؤّل ٌ
كتا ٌ
مؤلفه((.
ويطيب لي هنا أن أنقل النص الول من كتاب العلمة أحمد ديدات ))هل الكتاب المقدس كلم ال؟(( الذي يقول
فيه)) :يعتبر السيد و.جراهام سكروجي عضو معهد مودي للكتاب المقدس من أكبر علماء البروتستانت
التبشيرين وهو يقول في كتابه )هل الكتاب المقدس كلم الرب؟( ،تحت عنوان )كتاب من صنع البشر ولكنه
سماوي( ص ) :17نعم؛ إن الكتاب المقدس من صنع البشر ،بالرغم من أن البعض جهل منهم قد أنكروا ذلك(
)إن هذه الكتب قد مرت من خلل أذهان البشر ،وُكِتَبت بلغة البشر وبأقلمهم ،كما أنها تحمل صفات تتميز
بأنها من أسلوب البشر(( أهـ
وأما بولس فبلغ به المر مبلًغا عجًبا ،حتى وصل به الحال أن طلب رداًء تركه في كورنثوس ،فيقول لصاحبه:
))الرداء الذي تركته في تراوس عند كابرس أحضره متى جئت(( ]تيموثاوس.[21 – 4/13 (2) :
س بأعيانهم ،إما
فهذه مقدمات وخواتيم الناجيل وأنصافها دالٌة على أنه كلم بشر ،ورسائل أشخاص لنا ٍ
أصدقاء لهم ،أو أهل قريٍة بعينها ..إلخ.
ت ذلك كلمة د.موراني السابقة في هذا الصدد ،كما أكد ذلك غيره من علماء النصارى.
وقد أكد ْ
لكن حتى هذه الناجيل البشرية الموجودة بيد النصارى لم يثبت لها إسناٌد كما سبق ،بل ولم تثبت لها نسخة
خطية مكتوبة في زمن مؤلفيها ،أو تلمذتهم ،أو قريًبا من ذلك..
سخ الكثيرة التي تكلمت فيها هذه الّن َ
وقد اعترف علماء النصارى بهذا كله ،لكن اختلفوا في المدة التي ُكِتَب ْ
عنها القس سويجارت في مناظرته الشهيرة مع العلمة أحمد ديدات ،فحصرها سويجارت بقوله)) :يوجد ما
يقرب من أربعة وعشرين ألف مخطوط يدوي قديم من كلمة الرب من العهد الجديد((.
سخ فيقول)) :وأقدمها يرجع إلى ثلثمائة وخمسين عامًا بعد الميلد، لكن سويجارت يتحدث عن أقدم هذه الّن َ
والنسخة الصلية أو المنظورة ،أو المخطوط الول لكلمة الرب ل وجود لها((.
ويخالفه موريس نورن في )دائرة المعارف البريطانية( فيزيد مدة النقطاع بالنسبة لكتابة هذه النسخ فيقول:
))إن أقدم نسخة من الناجيل الرسمية الحالية كتب في القرن الخامس بعد المسيح ،أما الزمان الممتد بين
ل عن استحداثها الحواريين والقرن الخامس فلم يخلف لنا نسخة من هذه الناجيل الربعة الرسمية ،وفض ً
وقرب عهد وجودها منا ،فقد حرفت هي نفسها تحريفًا ذا بال ،خصوصًا منها إنجيل مرقس وإنجيل يوحنا((.
وبعد هذا النقطاع الطويل ،وصلت النسخ محّرفًة مختلفًة متنافرة الجزاء.
ولهذا يقول د .روبرت في كتابه ))حقيقة الكتاب المقدس(()) :ل يوجد كتاب على الطلق به من التغييرات
والخطاء والتحريفات مثل ما في الكتاب المقدس((.
ويقول دنيس نينهام في تفسيره لنجيل مرقس)) :لقد وقعت تغييرات تعذر اجتنابها ،وهذه حدثت بقصد أو
بدون قصد ،ومن بين مئات المخطوطات لنجيل مرقس ،والتي ل تزال باقية حتى اليوم ل نجد نسختان تتفقان
تمامًا ،وأما رسائل بولس فلها ستة قراءات مختلفة تمامًا(( .ويقول)) :ليس لدينا أي مخطوطات يدوية يمكن
مطابقتها مع الخرين((.
وهذا يعني أنه ل توجد أية وسيلة من وسائل التصال بين هذا النجيل الذي في يد النصارى الن ،وبين
ث النسخ الخطية!!
عيسى عليه السلم ،ل من حيث السند ،ول من حي ُ
وعليكم أيها القراء الكرام الن الربط بين قول الرهبانية اليسوعية عن النجيل)) :وما من داع إلى إعادة
النظر فيه إل إذا عثر على وثائق جديدة(( .وبين قول د.موراني عن القرآن)) :لو قام مجموعة من العلماء
ب آخر ,حتىبتنفيذ هذا الَعَمِل(( يعني)) :تحقيق القرآن(( على نسخه الخطيةُ)) :رّبما يترتب على ذلك ترتي ٌ
ك الخ (( .انتهى.
ص هنا وكلمِة زيادٍة هنا َولو كان جزئي ,لليات كما قد نحصل على كلمِة َنق ٍ
ت الّنسخ الجديدة ،وكلماجَد ِ
إذن فهو قرآن ليس نهائّيا عند د.موراني ،ولكنه قابل للتطوير والتغيير إذا ُو ِ
جَدت نسخة أخرى أضافت شيًئا آخر ،وهكذا.. ُو ِ
فقد آن للقراء الكرام أن يعرفوا الوجهة التي ينطلق منها د.موراني ،والخلفية التي يبني عليها نظرياته هذه..
وما يرمي إليه من كلمه
عنِد
ن ِ
سًدا مّ ْ
ح َ
ن َبْعِد ِإيَماِنُكْم ُكّفارًا َ
ب َلْو َيُرّدوَنُكم ّم ْ
ن َأْهِل الِكَتا ِ وصدق ال عز وجل حين قالَ)) :وّد َكِثيٌر ّم ْ
ق(( ]البقرة.[109 : حّ ن َلُهُم ال َ
ن َبْعِد َما َتَبّي َ
سِهم ّم ْ
َأنُف ِ
ن يملك حق تحقيق القرآن؟! َم ْ
وعلى سذاجة السؤال ،لكن لبد منه ليرى القرآء ما يجرهم إليه د.موراني رويًدا رويًدا..
بداية يدعو لتحقيق القرآن ،حتى ل يكون هناك مجال لتخطئة القرآن ..ويضيف إلى ذلك احتمال وجود زيادة
ونقصان واختلف ترتيب!!
فإذا انخدع به المغفلون قال لهم :قفوا فالتحقيق ليس لكم!!
ليس من حقكم أن تحققوا القرآن ،ولكنه مقصور على فئة معينة تخيلها د.موراني ،وأوكل إليها الحق في ذلك
حين قال:
))أود أن أعيد السؤال الذي طرحه مشرفو هذا الملتقي موضوعا للحوار مع الستاذ الكريم غانم قدوري وفقه
ال وهو :
ما هي أهم المصاحف المخطوطة في العالم ؟ وهل يمكن الحصول على مصوراتها للتدرب على دراسة رسمها
؟ وهل يمكن الظفر بشيء من هذه المصورات في ملتقى التفسير؟
فل شك في أن هذا الموضوع الهام لدراسة النص القرآني يتعلق من طريق مباشر بالسؤال المطروح أيضا
للحوار :
وهو :من هم الخبراء في قراءة المصاحف المخطوطة في العالم الن ؟ وكيف يمكن الستفادة من هؤلء ؟
هل يرى الستاذ المحترم فائدة في البحث النقدي المقارن للنص معتمدا فيه على ما ورد في المصاحف القديمة
مثل ما تم اكتشافها ـ على سبيل المثال ـ بالخط الحجازي من أواخر القرن الول الهجري باليمن( ,وهو أمر ل
يخفى عليكم لما قضيتم من الزمن هناك .
هل هناك معاهد خاصة لقراءة هذه المصاحف المخطوطة ومقارنتها بالمصحف المطبوع ؟الـدكتور م .
مــورانـي
مستشرق .كلية الداب .جامعة بون .ألمانيا ((.
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=3507
وهنا يطرح السؤال نفسه :هل كان د.موراني من السذاجة بحيث لم يعلم مثل هذا الجواب؟
ت لكم؟
أم أنه قصد أن يوصل رسالة تشكيك في القرآن الكريم رويًدا رويًدا كما ذكر ُ
فهو يدعو أول لتحقيق المصحف ،ثم يبحث عن الخبراء ،فكأنه يقول لكم :لبد من تحقيق المصحف؛ لنه
بزعمه السابق ليس محقًقا ،ولكن ثمة مشكلة في نظره ستقابلكم ،وهي عدم وجود الخبراء والكفاء لهذا
العمل ،وبناًء على هذا ،ونتيجًة منطقية وحتمية لما قّرره :عليكم أيها القراء الرضى بكتابكم الذي ليس محقًقا
إلى أن يمن ال عليكم بالخبراء في يوم من اليام ،وبطبيعة الحال إذا لم يكن ثمة خبراء اليوم ،فلن يكون
غًدا ..إل أن يشاء ال..
وهكذا يبقى القرآن دائًما وأبًدا في أيديكم ليس محقًقا كما يقوله لكم د.موراني..
شهادة من ألماني
يقول د .مراد هوفمان)) :إن المستشرقين حاولوا إثبات أن القرآن ليس من عند ال وفشلوا ،كما فشلوا فى
إثبات حدوث تغيير فى أى حرف أو كلمة فيه ،وقد يرفض غير المسلم محتوى القرآن ،ولكنه ل يستطيع أن
يتجاهل تأثيره الخلب على قارئه والمستمع إليه ،ويجد الباحث أن فى القرآن إشارات علمية لم تكن معلومة
فى هذا الزمان ثم ثبت صدقها مؤخرا .والقرآن هو الكتاب الوحيد فى العالم الذى يحفظه مليين البشر عن
ظهر قلب ،ولغة القرآن هى العربية التى تجمع العالم السلمى الذى يزيد على 1200مليون مسلم ،والقرآن
هو الذى حافظ على اللغة العربية بقواعدها وكلماتها ،ولذلك فهى اللغة الوحيدة فى العالم التى كتب بها القرآن
منذ أكثر من 1400عام ،ول يزال مئات المليين من عامة أهلها يستطيعون قراءته دون تأهيل بدراسات
خاصة ودون ترجمته إلى اللغة المتداولة الن عند العرب ،فلغة القرآن هى اللغة التى يتكلم ويكتب بها العرب
حتى اليوم .ولن قراءة القرآن على أسس غير صحيحة تؤدى إلى نتائج عكسية فقد جاءت السنة شارحة
ومفصلة للقرآن ،وكثيرا ما تؤدى عدم الحاطة بالحداث التى نزلت فيها آيات ،أو عدم الخذ بكامل السياق
القرآنى إلى افتقاد الصواب فى الفهم((أهـ
ن المعجزَة القرآنية ويهدمون السلم!!طُلو َ
هكذا ُيْب ِ
فهل يقدرون على مثِله؟!
كان لبد من إعادة كلم د.موراني ثانية لنرى ما سبق لنا الكلم عليه مما لم يسبق ،ولُنذّكر به القراء؛ لحاجتنا
إليه هنا..
وسنخصص هذا اللقاء للكلم على أمٍر في غاية الهمية ،ليقف القراء على خطورة الكلم المذكور ،وأثره على
السلم من ناحية ،وعلى قائله من ناحية أخرى.
ل يشك القراء الكرام ،ول يشك أحٌد أبًدا في أن الدراسة المقارنة التي يتكلم عنها د.موراني )مع اعتراضنا
على هذا الكلم أصل كما سيأتي لحًقا( ،فل يشك القراء في أنها تعني وبإيجاز شديد :مقارنة أشياء بعضها
ت وفروق!ض ،وإثبات ما بينها من تفاو ٍ
ببع ٍ
وبالنسبة لدعوى د.موراني المذكورة فهو يطالب بمقارنة نسخ المصحف لنها كما يزعم أسلفه مختلفة فيما
ص هنا وكلمة زيادة بينها ،وكما يزعم هو :ربما يترتب على ذلك ترتيب آخر ،كما قد يحصل هو على كلمة نق ٍ
هناك..
المر في نظر د.موراني إلى هنا ل يتصل بعقيدة ،ويردد دائًما ل شأن لي بمسائل اليمان.
ت ،لنه لن تكن ثمة مسائل لسلم أو إيمان بعد كلمك هذا الذي يؤدي إلى هدم الدين السلمي وأقول :صدق َ
ونسفه من أساسه وقواعده!!
الدراسة المقارنة ستؤدي في نظر د.موراني إلى وجود فروقات ،وتغيير في الترتيب ولو جزئي؛ فماذا يعني
هذا الكلم؟
حَكم
يعني بكل إيجاز أن ُيغير بشٌر في المصحف ،ويؤخر وُيَقّدم في ترتيب القرآن ،كما يعني أنه سيكون اْل َ
جح بينها حسب المعطيات التي يتوصل إليها بعقله والقاضي على هذه الفروقات التي يزعمها د.موراني فُيَر ّ
البشري!
لبد أن ُيْعَلم أن الصل في نقل القرآن على السماع ل على الّنسخ ،وسيأتي التفصيل في هذا إن شاء ال،
ولنقتصر هنا على بيان أقوال المسلمين فيمن زعم أن القرآن مقدوٌر عليه ،وكيف أنه بهذا يهدم السلم
جملة ،وأن سبيل من زعم هذا أن يزعم أن بإمكانه أن يأتي بمثل القرآن ،أو بعضه ،أو يزعم الزيادة
والنقصان فيه ،أو يزعم إعادة ترتيبه..إلخ.
فماذا لديكم يا علماء المسلمين؟ وما قولكم أعلى ال درجاتكم ،وأدام النفع بكم؟
ت على عشرات القوال لعلماء المسلمين في هذه المسألة ،وقد جمع طائفًة منها صاحب كتاب ))الفرقان وقف ُ
ت أن أقتصر على في بيان منزلة القرآن(( لمؤلفه صلح فتحي َهَلل )إصدار :مكتبة النصار ،بالقاهرة( فرأي ُ
نقل بعضها من الكتاب المذكور للتصاقه بما نحن فيه ،وحاجتنا لتعليقات المؤلف على هذه القوال] ،مع رجاء
مراعاة الملحظات المذكورة في مداخلتنا التية إن شاء ال عز وجل[.
صحاَء العرب، ل عز وجل ُف َ حيث يقول صاحب ))الفرقان(( ]والكلم له حتى آخر هذه المداخلة[ :تحّدى ا ُ
ن يأتوا بمثل القرآن فعجزوا عن ذلك. وأئمَة اللغِة َأ ْ
شَهَداَءُكْم ِم ْ
ن عوا ُ ن ِمْثِلِه َواْد ُ
سوَرٍة ِم ْ عْبِدَنا َفْأُتوا ِب ُ
عَلى َ ب ِمّما َنّزْلَنا َن ُكنُتْم ِفي َرْي ٍ كما قال سبحانه وتعالىَ} :وِإ ْ
ن{
ت لِْلَكاِفِري َ
عّد ْ
جاَرُة ُأ ِحَ س َواْل ِ
ن َتْفَعُلوا َفاّتُقوا الّناَر اّلِتي َوُقوُدَها الّنا ُ ن َلْم َتْفَعُلوا َوَل ْن َفِإ ْصاِدِقي َ
ن ُكنُتْم َل ِإ ْ
ن ا ِّ
ُدو ِ
]البقرة.[24-23:
ن{صاِدِقي َن ُكْنُتْم َ ل ِإ ْ
ن ا ِّ ن ُدو ِطْعُتْم ِم ْ
سَت َ
نا ْ عوا َم ْ سوَرٍة ِمْثِلِه َواْد ُن اْفَتَراُه ُقْل َفْأُتوا ِب ُ وقال عز وجلَ} :أْم َيُقوُلو َ
]يونس.[38:
ن الِّ ِإ ْ
ن ن ُدو ِطْعُتْم ِم ْسَت َنا ْعوا َم ْ ت َواْد ُسَوٍر ِمْثِلِه ُمْفَتَرَيا ٍ شِر ُن اْفَتَراُه ُقْل َفْأُتوا ِبَع ْوقال جّل شأنهَ} :أْم َيُقوُلو َ
ن{ ]هود.[13: صاِدِقي َُكنُتْم َ
ن هم في الفصاحة والبلغة ونبوغ اللغة. يتحّداهم سبحانه وتعالى بهذا كله فيعجزوا ،وهم َم ْ
يقول القاضي أبو بكٍر الباقلني)) :والذي يدل على أنهم كانوا عاجزين عن التيان بمثل القرآن :أنه تحّداهم
سْبى ن أحكاَمُه استباحَة دماِئهم وأمواِلِهْم َو َ ضّم َصْدقه وُنُبّوِته ،و َ جَعَلُه دللًة على ِ إليه حتى طال الّتحّدي ،و َ
حْكِمهِسهم وأهليهم وأموالهم من ُ صُلوا إلى تخليص أنف ِ ُذريتهم ،فلو كانوا يقدرون على تكذيبه لفعلوا ،وتو ّ
ف القتال ،وإكثار المراء ب هو عادتهم في لسانهم ومألوف ِمن خطابهم ،وكان ذلك يغنيهم عن َتَكّل ِ بَأْمٍر قري ٍ
والجدال ،وعن الجلء عن الوطان ،وعن تسليم الهل والذرية للسبي.
عِلَم أنهم عاجزون عنها. صل هناك معارضة منهم ُ فلّما لم تح ُ
جَأُه[
ن العدَو يقصد لدفع قول عدّوه بكل ما َقَدر عليه من المكايد ،ل سيما مع استعظامه ما َبَدَهُه ]َف َ ن ذلكَ :أ ّ ُيَبّي ُ
خْلِع آلهته ،وتسفيه رأيه في ديانته ،وتضليل آبائه ،والّتغريب عليه بما جاء به ،وإظهار أمر ن َ جيء ِم ْ باْلَم ِ
حْكِم إرادته ،والعدول عن ِإْلِفِه وعادتِه ،والنخراط في سلك التباع، ب النقياد لطاعته ،والتصّرف على ُ ج ُ ُيو ِ
شّيًعا ،وتحكيم الغير في ماله ،وتسليطه ِإّياه على جملِة أحواله، ن كان ُم َ عا ،والتشييع بعد َأ ْ ن كان متبو ً بعد َأ ْ
والدخول تحت تكاليف شاقة ،وعبادات متعبة بقوله ،وقد علم أن بعض هذه الحوال مما يدعو إلى سلب
النفوس دونه ،هذا والحمية حميتهم ،والهمم الكبيرة هممهم ،وقد بذلوا له السيف فأخطروا بنفوسهم
وأموالهم!
فكيف يجوز أن ل يتوصلوا إلى الّرّد عليه ،وإلى تكذيبه ،بأهون سعيهم ،ومألوف أمرهم ،وما يمكن تناوله من
غير أن يعرق فيه جبين ،أو ينقطع دونه وتين ،أو يشتمل به خاطر ،وهو لسانهم الذي يتخاطبون به ،مع
بلوغهم في الفصاحة النهاية التي ليس وراءها متطلع ،والرتبة التي ليس فوقها منزع ومعلوم أنهم لو
ن صدق عارضوه بما تحداهم إليه لكان فيه توهين أمره وتكذيب قوله وتفريق جمعه وتشتيت أسبابه ،وكان مِ ْ
به يرجع على أعقابه ،ويعود في مذهب أصحابه.
ن ذلك ،مع طول المدة ،ووقوع الفسحة ،وكان أمره يتزايد حاًل فحاًل ،ويعلو شيًئا فشيًئا، فلّما لم يفعلوا شيًئا ِم ْ
عِلَم ِمّما َبّيّنا َأّنهم كانوا ل يقدرون على ح في آيتِه ،والطعن بما ُيَؤّثر في دللته؛ ُ وهم على العجِز عن القد ِ
جته.حّ معارضته ،ول على توهين ُ
ضَرُبوُه َل َ
ك خْيٌر َأْم ُهَو َما َ
وقد أخبر ال تعالى عنهم أنهم قوٌم خصمون ]إشارًة إلى قوله تعالىَ} :وَقاُلوا َأَآِلَهُتَنا َ
ن{ )الزخرف [(58 :وقال} :وتنذر به قوًما لدا{ ]مريم ،[97 :وقالَ} :أَوَلْم َيَر صُمو َ خ ِ جَدًل َبْل ُهْم َقْوٌم َ ِإّل َ
ن{ ]سورة يس] [77 :ذكر الباقلني رحمه ال بعض الية صيٌم ُمِبي ٌ خ ِ
طَفٍة َفِإَذا ُهَو َ
ن ُن ْ
خَلْقَناُه ِم ْ
ن َأّنا َ
سا ُاِْلْن َ
بمعناه ،وبعضها بلفظه ،فذكرت لفظها كله كما في المصحف[.
ن قولهم} :لو ن وجوِه اعتراضهم على القرآن ،مما حكى ال عز وجل عنهم ِم ْ ضا ما كانوا يقولونه ِم ْ عِلَم أي ً
وُ
نشاء لقلنا مثل هذا إن هذا إل أساطير الولين{ ]النفال ،[31 :وقولهم} :ما هذا إل سحر مفترى وما سمعنا
جر،[6 : حْ بهذا في آبائنا الولين{ ]القصص ،[36 :وقالوا} :يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون{ ]اْل ِ
وقالوا} :أفتأتون السحر وأنتم تبصرون{ ]النبياء ،[3 :وقالوا} :أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون{
]الصافات ،[36 :وقال} :وقال الذين كفروا إن هذا إل إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون فقد جاءوا ظلما
وزورا وقالوا أساطير الولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيل{ ]الفرقان} ،[5 - 4 :وقال الظالمون إن
جر ..[91 :إلى آيات حْتتبعون إل رجل مسحورا{ ]الفرقان ،[8 :وقوله} :الذين جعلوا القرآن عضين{ ]ال ِ
ن عجزهم ،يفزعون إلى نحو هذه ن ِم ْجِبْي َ
ن في أمرهمُ ،مَتَع ّ حّيِري َكثيرة في نحو هذا ،تدل على أنهم كانوا ُمَت َ
المور من تعليل وتعذير ومدافعة بما وقع التحّدي إليه ووجد الحث عليه.
عِلَم منهم َأّنهم ناصبوه الحرب ،وجاهدوه ونابذوه ،وقطعوا الرحام ،وأخطروا بأنفسهم ،وطالبوه باليات وقد ُ
ن الوجوه.ظَهُروا عليه بوجٍه ِم َ والتيان بالملئكة وغير ذلك من المعجزات ،يريدون تعجيزه ِلَي ْ
ن يقدروا على معارضتِه القريبة السهلة عليهم ،وذلك يدحض حجته ،وُيفسد دللته ،وُيبطل فكيف يجوز َأ ْ
أمره ،فيعدلون عن ذلك إلى سائر ما صاروا إليه من المور التي ليس عليها مزيد في المنابذة والمعاداة،
ويتركون المر الخفيف؟!
هذا مما يمتنع وقوعه في العادات ،ول يجوز اتفاقه من العقلء.
وإلى هذا الموضع قد استقضى أهل العلم الكلم ،وأكثروا في هذا المعنى واحكموه ،ويمكن أن يقال :إنهم لو
كانوا قادرين على معارضته والتيان بمثل ما أتى به لم يجز أن يتفق منهم ترك المعارضة ،وهم على ما هم
عليه من الذرابة والسلقة والمعرفة بوجوه الفصاحة ،وهو يستطيل عليهم بأنهم عاجزون عن مباراته ،وأنهم
يضعفون عن مجاراته ،ويكرر فيما جاء به ِذْكر عجزهم عن مثل ما يأتي به ،وُيَقّرعهم وُيَؤّنبهم عليه ،ويدرك
آماله فيهم ،وينجح ما سعى له في تركهم المعارضة ،وهو يذكر فيما يتلوه تعظيم شأنه وتفخيم أمره حتى يتلو
قوله تعالى} :قل لئن اجتمعت النس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن ل يأتون بمثله ولو كان بعضهم
لبعض ظهيرا{ ]السراء ،[88 :وقوله} :ينزل الملئكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده أن أنذروا
جر،[87 : حْ أنه ل إله إل أنا فاتقون{ ]النحل ،[2 :وقوله} :ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم{ ]ال ِ
جر ،[9 :وقوله} :وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسئلون{ حْ
وقوله} :إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون{ ]ال ِ
]الزخرف ،[44 :وقوله} :هدى للمتقين{ ]البقرة ،[2 :وقوله} :ال نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني
تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر ال{ ]الزمر ..[23 :إلى غير ذلك من
اليات التي تتضمن تعظيم شأن القرآن ،فمنها ما يتكرر في السورة في مواضع ،ومنها ما ينفرد فيها ،وذلك
مما يدعوهم إلى المبادرة ،ويحضهم على المعارضة ،وإن لم يكن متحّدًيا إليه.
ضا؟ ولهم في ذلك مواقف معروفة وأخبار مشهورة وآثار منقولة ضهم بع ً َأَل َتَرى أنهم قد ينافر شعراؤهم بع ُ
مذكورة ،وكانوا يتنافسون على الفصاحة والخطابة والذلقة ويتبجحون بذلك ويتفاخرون بينهم؟
ن يتغافلوا عن معارضته لو كانوا قادرين عليها؟! تحداهم أو لم يتحدهم إليها؟! فلن يجوز والحال هذه َأ ْ
ولو كان هذا لقبيل مما يقدر عليه البشر لوجب في ذلك أمر آخر ،وهو أنه لو كان مقدورا للعباد لكان قد اتفق
إلى وقت مبعثه من هذا القبيل ما كان يمكنهم أن يعارضوه به ،وكانوا ل يفتقرون إلى تَكّلف وضعه ،وتعّمل
نظمه في الحال.
فلّما لم نرهم احتجوا عليه بكلم سابق ،وخطبة متقدمة ،ورسالة سالفة ،ونظم بديع ،ول عارضوه به فقالوا:
عِلَم َأّنه لم يكن إلى ذلك سبيل ،وأنه لم يوجد له نظير ،ولو ت به وأغرب منه أو هو مثله؛ ُ هذا أفصح مما جئ َ
جَد له ِمْثٌل لكان ُيْنَقُل إلينا ولعرفناه ،كما ُنِقَل إلينا أشعار أهل الجاهلية وكلم الفصحاء والحكماء من كان ُو ِ
ي إلينا كلم الكهان وأهل الرجز والسجع والقصيد وغير ذلك من أنواع بلغاتهم وصنوف العرب ،وُأّد َ
فصاحاتهم(( ]))إعجاز القرآن(( للباقلني )ص – 20/فما بعد([ انتهى.
فأصبح بدهًيا بعد ذلك:
ي؛ لّنُه يعلو ول ُيْعَلى عليه، سّلق إليه بخياٍل ذهن ّ ن ل ُيَت َ س وُتَنّزه كلماته وحروفه ومعانيه عن الّنْقِد ،وَأ ْ ن ُتَقّد َ َأ ْ
ن ،كما ل ترتفع ذات أحٍد على ذات قائله المتكّلم به ،وهو ت بشٍر ،ول يرتفع عليه كلم إنسا ٍ ول تحوزه كلما ُ
ع على الكلم في الذات. ن الكلم في الصفة فر ٌ المولى سبحانه وتعالى ،وقد سبق مراًرا أ ّ
عُلّوا كبيًرا ـ؛ كذلك ل يجوز لحٍد َأ ْ
ن ن يرفَع ذاته فوق ذات ال ـ تعالى ال عن ذلك ُ فكما أّنُه ل يجوز لحٍد َأ ْ
عا ول ح شر ً ق ،فل يص ّ شبه كلم البشر ،ول ُيحيط بإعجازه مخلو ٌ ن كلم ال ل ُي ْ يرفَع كلَمه على كلم ال؛ فِإ ّ
سا على أوهام حاَكَم المعجزة قيا ً ن ُت َن به الخطأ؛ كما ل يصح َأ ْ حْكِم وَنْقِد َمن اْقَتَر َ ن يخضَع المعصوم ل ُ ل َأ ْعق ً
سن. العقول ،وحصائد الفكار ،وثمار اَلْل ُ
ن ل َيِعي ما يخرج من رأسِه ،أو ملحٍد؛ ل ن يخضع العلى للدنى؛ إل في عقِل مجنو ٍ وبعبارٍة أخرى :ل يصح َأ ْ
ُيْؤِمن بأله الكون ،ول َيْعَتِرف بوجوده سبحانه وتعالى.
ل فاسًدا ل ن يكون عق ً ظه؛ اللهم إل َأ ْ ظِمِه وَلْف ِق وَن ْ ق على كلِم الخال ِ ك مخلو ٌ ن يستدر َ صّوُر في عقٍل أ ْ وكيف ُيَت َ
يعرف الفرق بين الِبْذرة والعذرة ،فمثله فاقٌد للهلية غير ُمْعَتبٍر به؛ ِإْذ ل عبرة بما صدر عن المجنون
والمعتوه ونحوهما.
حّداهم ش ،حين َت َ ب الّلغِة الفصيحِة وأرباُبها؛ في قري ٍ جَز عنه أصحا ُ عَجُم العصر بما َ عا ِن يأتي َأ َ وكيف يصح َأ ْ
عْلٍم؛ فعجزوا؟! ن يْأتوا بمثِل هذا القرآن أو آَثاَرٍة ِمن ِ المولى َأ ْ
ج النهاُر إلى دليل ن شيٌء .......إذا احتا َ ح في الذها ِ وكيف يص ّ
عَم إخضاع القرآن للّنْقد وِمن هنا تعلم فساد تلك الفتنة القديمة التي أثارها بعضُ الّزناِدَقِة زوًرا وبهتاًنا ،حين َز َ
خَمَد فتنَتُه وِذْكَره. خَزاه ،وَأ ْ سَأُه ال ،وَأ ْ خ َاللغوي ،وبدأ هو مشوار السقوط ،فأ ْ
ل أصي ً
ل ن بذلك أص ً جَعَل اليما َ وأما القرآن فمعجزٌة خالدةَ ،أّيَد ال عز وجل بها نبّيه صلى ال عليه وسلمَ ،و َ
ك في إعجاز القرآن وعدم ُقْدَرِة الخلق على التيان نشّ من أصول السلم التي ل يصح السلم بدونها ،فَم ْ
بمثله؛ فقد عاد على أصل إسلمه بالبطلن؛ والعياذ بال.
جٍز فقد َكَفَر. س ِبُمْع ِن لي َ ن القرآ َ ن قالِ :إ ّ ولذا قال أهل العلم قديًما وحديًثاَ :م ْ
ن مقدوٌر على مثِلِه ن القرآ َ ن قالِ :إ ّ ن الماِم أحمد بن حنبل رحمه ال تعالى َأّنُه قالَ)) :م ْ ن ذلك :ما ُنِقَل ع ِ وِم ْ
ح رحمه ال ) شَمَل اْلخَْلق(( ]))الفروع(( لبن مفل ٍ جُز َ سه ،واْلَع ْ جٌز بَنْف ِن ال َمَنَع ُقْدَرَتُهْمَ :كَفَر؛ بل هو ُمْع ِ ولك ّ
.[(6/161
ح رحمه ال: ن ُمْفِل ٍ قال اب ُ
ضِه، ب تناُق ِ طَل ُ
ص منه ]يعني احتقره أو عابه[ ،أو َ غْم ٌ ن ،أو َ ن للقرآ ِ جَد منه امتها ٌ ن َمن ُو ِ ن عقيل بأ ّ ))وجزم اب ُ
ط لحُْرَمِتِه :كّل ذلك دليٌل على كفِرِه ،فُيْقَتُل بعد ق ،أو مقدوٌر على مثِله ،أو إسقا ٌ خَتَل ٌف أو ُم ْ أو دعوى أنه مختل ٌ
التوبِة((]المصدر السابق[.
وقال القاضي عياض رحمه ال:
عَم َأّنه ليس غّيَر شيًئا منه ,أو َزاَد فيه؛ كِفْعِل الباطنّية والسماعيلّية ,أو َز َ ن ،أو حرًفا منه ،أو َ ))َمن أنكَر القرآ َ
يِ :إّنه ل صْيَمِر ّ
ي وَمْعَمٍر ال ّ طّجَزٌة؛ كقوِل هشـاٍم اْلُفو ِ جٌة ول ُمْع ِ حّي صلى ال عليه وسلم أو ليس فيه ُ جٍة للنب ّ حّ بُ
حاَلَة في ُكفِرهما بذلك القول, حكٍم؛ ول َم َ ب ول ُ ب ول عقا ٍ يدّل على ال ول حجَة فيه لرسولِه ول يدل على صوا ٍ
ي صلى ال عليه وسلم حجٌة له ,أو في خل ِ
ق ن في سائِر معجزات النب ّ ن يكو َ وكذلك ُنَكّفُرُهَما ِبِإْنَكاِرِهَما َأ ْ
ي صلى ال عليه وسلم ع والنقَل المتواتَر عن النب ّ السماوات والرض دليٌل على ال؛ لمخالفِتهم الجما َ
ح القرآن به((]))الشفا(( للقاضي عياض ).[(2/250 باحتجاجِه بهذا كّله ،وتصري ِ
وقال القاضي عياض رحمه ال:
حْرًفا منه ،أو آيًة ,أو حَدُه ,أو َ جَسّبُهما ,أو َ ف ,أو بشيٍء منه ,أو َ ن ,أو المصح ِ ف بالقرآ ِ ن َمن استخ ّ عَلْم َأ ّ»وا ْ
ت ما نفاُه أو َنَفى ما َأْثَبَتُه, خَبٍر ,أو َأْثَب َ حْكٍم أو َ ن ُ ح به فيِه؛ ِم ْ صّر َ ب بشيٍء مما ُ ب به ,أو بشيٍء منه ,أو َكّذ َ َكّذ َ
ع.ك في شيٍء ِمن ذلك :فهو كافٌر عند أهل العلم بإجما ٍ شّ عْلٍم منه بذلك ,أو َ على ِ
قال ال تعالى):وإنه لكتاب عزيز ل يأتيه الباطل ما بين يديه ول ِمن خلفه تنزيل من حكيم حميد( ]فصلت-41:
.(([42
قال القاضي عياض رحمه ال:
ن المتلّو في جميِع أقطاِر الرض ،والمكتوب في المصحف بأيدي المسلمين، ن القرآ َ جَمَع المسلمون َأ ّ ))وقد َأ ْ
حُيُه
ن َأّوِل )الحمد ل رب العالمين( إلى آخر )قل أعوذ برب الناس( أنه كلُم ال ،وَو ْ ن ِم ْجَمَعُه الّدّفَتا ِ مما َ
صًدا لذلك ،أو ص منه حرًفا قا ِ ن َنَق َ ن َم ْق ،وَأ ّ ن جميَع ما فيه ح ّ اْلُمَنّزُل على نبيه محمد صلى ال عليه وسلم ،وَأ ّ
جِمَع على خَر مكاَنُه ،أو زاَد فيه حرًفا مما لم يشتمل عليه المصحف الذي وقع الجماع عليه ،وُأ ْ فآَ َبّدَلُه بحر ٍ
ن ،عاِمًدا لكّل هذا َأّنه كافٌر. َأّنُه ليس ِمن القرآ ِ
ي:ن ُقِتَل؛ َأ ْ ف القرآ َ ن خاَل َ ن ،وَم ْ ف القرآ َ خاَل َب عائشَة رضي ال عنها بالِفْرَيِة؛ لّنه َ س ّن َ ك َقْتَل َم ْى مال ٌ ولهذا َرَأ َ
ب بما فيِه. َلّنُه َكّذ َ
ن ال تعالى لم ُيَكّلم موسى تكليًما ُيْقَتُل. ن قالِ :إ ّ ن القاسمَ :م ْ وقال اب ُ
ن مهدي. حَمن ب ُ وقاله عبُد الّر ْ
ب ،وكذلك كّل ن يتو َ عُنُقُه؛ إّل َأ ْ ب ُ ضَر ُب ال ُ :-ي ْ ن كتا ِ سَتا ِم ْن َلْي َن -فيمن قال :اْلُمَعّوَذَتا ِ حُنو ٍ سْوقال محمد بن ُ
ف منه. ب بحر ٍ ن َكّذ َ َم ْ
خْذن ال لم َيّت ِ شِهَد آخر عليه َأّنُه قالِ :إ ّ ن ال لم ُيّكلم موسى تكليًما و َ ن قالِ :إ ّ شِهَد شاِهٌد على َم ْ ن َ قال :وكذلك ِإ ْ
ب النبيّ صلى ال عليه وسلم . ل؛ لنهما ]يعني :الشاهدين[ اجتمعا على َأّنُه َكّذ َ إبراهيَم خلي ً
ف ِمن التنزيِلُ :كفٌر. حَد لحر ٍ جْ ن اْل َ ن َأ ّ
حُل التوحيد متفقو َ وقال أبو عثمان الحداد :جميع من ينت ِ
ت ،ويقوُلَ :أّما َأنا فَأْقَرُأ كذا ،فَبَلَغ ذلك إبراهيَم، س كما َقَرْأ َ وكان أبو العالية إذا َقَرَأ عندُه رجٌل لم يقل لهَ :لْي َ
ف منه فقد َكَفَر به كّله. ن َكَفَر بحر ٍ سِمَع َأّنُه َم ْفقالُ :أَراُه َ
ن فقد َكَفَر به كّله ]َأْوَرَدُه البيهقي في ))السنن الكبرى(( ) ن َكَفَر بآيٍة ِمن القرآ ِ وقال عبد ال بن مسعودَ :م ْ
.[(10/43
ب به :فقد َكَفَر به ،وَمن َكَفَر به :فقد ن َكّذ َ ب به كّله ،وَم ْ ن فقد َكّذ َ ض القرآ ِ ب ببع ِ ن َكّذ َ
ن الَفَرجَ :م ْ صَبُغ ب ُوقال َأ ْ
َكَفَر بال.
ك شاهٌد شِهَد عليه بذل َ ن ال التوراَة ،ف َ ف له بالتوراِة ،فقال الخُرَ :لَع َ صَم يهودًيا فحل َ خا َ ن َ عّم ْ
ي َ سِئَل الَقاِبس ّ وقد ُ
ت توراَة اليهوِد ،فقال أبو الحسن ]وهو القاِبسي[ :الشاهُد شِهَد آخُر َأّنه سَأَلُه عن القضيِة؛ فقالِ :إّنما َلَعْن ُ ثم َ
ن بشيٍء ِم ْ
ن سِكي َ
ق المَر بصفٍة تحتمُل التأويَل؛ ِإْذ لعّلُه ل َيَرى اليهوَد ُمَتَم ّ عّل َب القتُل ،والثاني َ ج ُ الواحد ل ُيو ِ
ق التأويُل. جَرّدا لضا َ ن على لعن التوراِة ُم َ ق الشاهدا ِ عند ال؛ لتبِديِلِهْم وتحِرْيِفِهْم ،ولو اّتَف َ
ن مجاهٍد؛ ن بها مَع اب ِ صّدري َن اْلُمَت َ شْنُبوَذ اْلُمْقِريِء أحِد أئمِة اْلُمْقِرئي َ ق فقهاُء بغداَد على استتابِة ابن َ وقد اّتَف َ
جّ
ل سِ ع عنه ،والتوبِة منه ِ عَقدوا عليه بالرجو ِ ف ،و َ س في المصح ِ ف ،مما لي َ شَواّذ ِمن الحرو ِ ِلِقَراءتِه وِإْقَراِئِه ِب َ
ن َأْفَتى ث وعشرين وثلثمائٍة وكان فيَم ْ ن ُمْقَلَة سنَة ثل ٍ يبِ س الوزيِر أبى عل ّ سه في مجل ِ شَهَد فيه بذلك على نف ِ َأ ْ
ي وغيره. عليِه بذلك أبو بكٍر اَلْبَهِر ّ
ن الصبي[: ن َلَع َك ،وقال ]يعني َم ْ عّلَم َ
ك وما َ ل ُمَعّلَم َ نا َ يَ :لَع َ
ن قال لصب ّ ب فيَم ْ ن أبى َزْيٍد بالد ِ وَأْفَتي أبو محمٍد ب ُ
ف فِإّنُه ُيْقَتُل((]السابق )-2/263 ن المصح َ ن َلَع َ ن ،قال أبو محمٍد :وأّما َم ْ ب ولم ُأِرِد القرآ َ ت سوَء الد ِ أرد ُ
[(265ـ
وقال المام القرطبي رحمه ال تعالى:
ف مصحف عثمان بالزيادة والنقصان :ل ن وخاَل َ ن في القرآ ِ ن طع َ ))باب ما جاء ِمن الحجِة في الّرّد على َم ْ
خلف بين المة ،ول بين الئمة أهل السنة؛ أن القرآن اسٌم لكلم ال تعالى الذي جاء به محمد صلى ال عليه
ب في المصاحف، ظ في الصدور ،مقروٌء باللسنة ،مكتو ٌ وسلم معجزًة له على نحو ما تقدم ،وأنه محفو ٌ
ن حروُفه وكلماُته ،فل يحتاج في تعريفه معلومٌة على الضطراِر سوُره وآياُته ،مبرأٌة ِمن الزيادِة والنقصا ِ
س ،وَرّد ما جاء ت النا َ عى زيادًة عليه أو نقصاًنا منه فقد أبطَل الجماع ،وَبَه َ ن اّد َصِرِه ِبَعّد ،فَم ِ ح ْ حّد ،ول في َ بَ
ن القرآن المنزل عليه ،وَرّد قوله تعالى} :قل لئن اجتمعت النس والجن به الرسول صلى ال عليه وسلم ِم َ
على أن يأتوا بمثل هذا القرآن ل يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا{ ]السراء ،[88:وأبطل آيَة
ب بالباطل ،ولما ُقِدَر عليه لم شي َ ك يصير القرآن مقدوًرا عليه حين ِ رسولِه صلى ال عليه وسلم؛ لّنه ِإْذ ذا َ
ب ال ،ولما ن َراّد لكتا ِ ن فيه زيادٌة ونقصا ٌ ن القرآ َ جًزا ،فالقائلِ :إ ّ ن يكون ُمْع ِ يكن حجة ول آية ،وخرج عن َأ ْ
جاء به الرسول صلى ال عليه وسلم ،وكان كمن قال :الصلوات المفروضات خمسون صلة ،وَتَزّوج تسع ِمن
النساء حلٌل ،وفرض ال أياًما مع شهر رمضان ،إلى غير ذلك مما لم يثبت في الدين ،فإذا رّد هذا الجماع؛
جب((. كان الجماع على القرآن أثبت وآَكد وَأْلَزم وَأْو َ
ونقل القرطبي كلًما مطوًل عن ابن النباري رحمه ال ،ومنه ذلك قول أبي بكٍر ابن النباري رحمه ال تعالى:
ئ) :تبت يدا أبي لهبٍ ظ القرآن ِمن التغيير والتبديل والزيادة والنقصان ،فإذا َقَرَأ قار ٌ حِف َ
ن ال عز وجل قد َ ))ِإ ّ
ب ومريته حمالة الحطب في جيدها حبل من ليف(؛ ب ما أغنى عنه ماله وما كسب سيصلى ناًرا ذات له ٍ وقد ت ّ
ظُه منه ومنع ِمن اختلطه حِف َ
حّرَفُه ،وحاول ما قد َ ب على ال جل وعلَ ،وَقّوَلُه ما لم يقل ،وَبّدَل كتاَبُه و َ فقد كذ َ
عَرى السلم ،وينسبونه حّلون به ُ خُلوا في القرآن ما ُي ِ طَئُة الطريق لهل اللحاد لُيْد ِ به ،وفي هذا الذي َأَتاُه تو ِ
س السلم ،وبثباته حَر ُ إلى قوٍم كهؤلء القوم الذين أحالوا هذا بالباطيل عليهم ،وفيه إبطال الجماع الذي به ُي ْ
حّرى المتعّبدات ،وفي قول ال تعالى} :الر كتاب أحكمت آياته{ ]هود:[1: ُتَقاُم الصلوات ،وُتَؤّدى الزكوات ،وُتَت َ
حِكَم ْ
ت ن معنى (ُأ ْسَبق إليه[ هذا النسان وخروجه إلى الكفر؛ ل ّ ث لم ُي ْحَد ٍ دللة على بدعِة]يعني :إتيانه بقوٍل ُم ْ
ن يزيدوا فيها ،أو ينقصوا منها ،أو يعارضوها بمثِلها ،وقد آياُته) ]هود :[1:منع الخلق ِمن القدرِة على َأ ْ
جًرا
ي وكان ال قوّيا عزيًزا( فقال في القرآن ُه ْ وجدنا هذا النسان زاد فيها) :وكفى ال المؤمنين القتال بعل ّ
ن كلِم ال} :قل هو{ ط ِم ْسَق َ
حَكَم عليه بالقتِل ،وَأ ْحّد و َ ضى عليه اْل َ سِمَعُه يذكرُه فيه َلْم َ ن لو َ وَذَكَر علّيا في مكا ٍ
ن القرآن فقَد كفر ف ِم َي له وكفٌر ،وَمن كفر بحر ٍ ط نف ٌ ط ما أسق َ سَقا ُ
غّيَر }أحد{ فقرَأ) :ال الواحد الصمد( ،وِإ ْ وَ
ن أهل التفسير قالوا :نزلت الية جواًبا لهل الشرك لما قالوا لرسول ال صلى طَل معنى الية؛ ل ّ به كّله ،وَأْب َ
س أم ِمن صفر؟ فقال ال جل وعّز رّدا عليهم} :قل هو ال ب أم ِمن نحا ٍ ن ذه ٍ ف لنا ربك أِم ْ ص ْ ال عليه وسلمِ :
أحد{ ]الخلص [1:ففي }هو{ دللة على موضِع الّرّد ومكان الجواب ،فإذا سقط بطل معنى الية ،ووضح
الفتراء على ال عز وجل والتكذيب لرسول ال صلى ال عليه وسلم.
خِبرونا عن القرآن الذي نقرؤه ول نعرف نحن ول َمن كان قبلنا ِمن صَرَتهَ :أ ْ ن ينتحل ُن ْ وُيَقاُل لهذا النسان وَم ْ
أسلفنا سواه :هل هو مشتمٌل على جميع القرآن ِمن أوله إلى آخره؟ صحيح اللفاظ والمعاني؟ عاٍر عن الفساد
والخلل؟ أم هو واقع على بعض القرآن والبعض الخر غائب عنا كما غاب عن أسلفنا والمتقدمين ِمن أهل
ن القرآن الذي معنا مشتمٌل على جميع القرآن ل يسقط منه شيء صحيح اللفظ والمعاني ن أجابوا بَأ ّ ملتنا؟ فِإ ْ
سهم بالكفر حين زادوا فيه) :فليس له اليوم هاهنا حميم وليس ن كل زلٍل وخلٍل؛ فقد قضوا على أنف ِ سليمها ِم ْ
خَل ُ
ط له شراب إل ِمن غسلين ِمن عين تجري ِمن تحت الجحيم( ،فأي زيادٍة في القرآن أوضح ِمن هذه؟ وكيف ُت ْ
حق به مثلها؟«]))تفسير القرطبي(( )-1/80 ن ُيْل ِ
ن َأ ْ
طٍل ِم ْ سُه ال منها؟ ومنَع كّل مفتٍر وُمْب ِ بالقرآن وقد حر َ
.[(85
ثم استطرَد ابن النباري رحمه ال في بيان فساد الزيادة المذكورة ،وبيان معنى الية ))فيما َأْنَزَل ال تبارك
حّد تعبيره. ف حرًفا منه َكَفَر(( على َ ن الذي َمن خال َ حِة في القرآ ِ وتعالى على الص ّ
ن هذا كله: فظهر ِم ْ
ن ِبِمْثِله ،بوجٍه من الوجوه. ن كل جهاته ،غيُر َمْقدوٍر على اِلْتيا ِ جٌز ِم ْ ن ُمْع ِن القرآ َ َ -أ ّ
ن في حروفه ونظمه ومعانيه ،وكافة وجوهه. طْع ِ
-وَأّنُه ُمَنّزُه عن الّنْقِد وال ّ
ض له جميًعا. ن التعّرضَ لبعضِه بنقٍد يعني التعّر َ -وَأ ّ
ف.
جٍز :فقد كفَر بل خل ٍ ن اعتقَد القدرة على مثله وأّنُه غير ُمْع ِ ن َم ِ -وَأ ّ
ول يزال الناس في انبهاٍر دائٍم بالقرآن المقّدس منذ نزوله وإلى أن يشاء ال سبحانه وتعالى.
وانظر إلى قول الديب الريب الستاذ سيد قطب رحمه ال ،حين يقول في مقدمة تفسيره لسورة ))الرعد((:
))كثيًرا ما أقف أمام النصوص القرآنية وقفة المتهيب أن أمسها بأسلوبي البشري القاصر المتحّرج أن أشوبها
بأسلوبي البشري الفاني ،ولكن ماذا أصنع ونحن في جيل ل بد أن يقدم له القرآن مع الكثير من اليضاح،
ت للترجمة عن هذا القرآن((]))في ظلل القرآن(( ) ومع هذا كله يصيبني رهبة ورعشة كلما تصّدْي ُ
.[(4/2038
وقد أشار ال عز وجل في مواضع من كتابه العزيز إلى كثيٍر من صفات القرآن الصيلة ،ودلئل إعجازه،
وبراهين عظمته ،فوصَفه سبحانه وتعالى بالمبين والحكيم والمنير والنور والمبارك ،وغيرها من الصفا ِ
ت
ل عز وجل وبّرَأُه من ك والختلف ،وغيرها من الصفات المشينة ،كما َنّزَهُه ا ُ اْلَعِلّيِة ،ونفى عنه الريب والش ّ
مشابهة أقوال الشعراء والُكّهان.
ت كتابه.، س بالّتدّبر في آيا ِ ل سبحانه وتعالى النا َ با ُ طاَل َ
وَ
وتحّدى به سبحانه وتعالى الناس كلهم ،ونفى ُقْدَرتهم على المجيء بمثله ،أو بعضه ،ولو اجتهدوا في ذلك،
وجمعوا أنصارهم وشهداءهم ،وطاَلَبُهُم ال سبحانه وتعالى بالّتدّبِر فيه ،والنظر في آياته ،متحّدًيا لهم أن
ب ،ويلفت النظار إلى متانته يجدوا فيه اختلًفا ،أو شيًئا يشينه ،وهذا مما ُيظهر محاسنه ،وينفي عنه كل عي ٍ
جّلي صفاته أمام العين فتبصرها بل عناء ،صافيًة بل َكَدٍر. وإعجازه لفًتا ،وُي َ
ى وبشرى للمؤمنين ،وحسرًة على الكافرين ،يهدي به ال أهل الطاعة ب تذكرة وهد ً كما َذَكَر عز وجل َأّنُه كتا ُ
ت به قلوبهم. ط مستقيٍم ،وُيثّب َ والستجابة إلى صرا ٍ
عــ ّ
ي سـَمــا ِ
َ
ِمن البدايِة إلى النهايِة
ي َقاَل: ن الّزْهِر ّ عْ ب َ شَعْي ٌ خَبَرَنا ُ ن َأ ْ
حّدَثَنا َأُبو اْليََما ِ روى المام البخاري رحمه في ))صحيحه(( )َ (4679
سَل ِإَليّ َأُبو َبْكٍر ي َقاَلَ :أْر َ حَ ب اْلَو ْ ن َيْكُت ُ ن ِمّم ْ عْنُه َوَكا َل َ ي ا ُّ ضَي َر ِ صاِر ّ ت اَْلْن َن َثاِب ٍن َزْيَد ْب َق َأ ّ سّبا ِ
ن ال ّ خَبَرِني اْب ُ َأ ْ
س َوِإّني حّر َيْوَم اْلَيَماَمِة ِبالّنا ِ سَت َ
ن اْلَقْتَل َقْد ا ْ عَمَر َأَتاِني َفَقاَلِ :إ ّ ن ُ عَمُر َفَقاَل َأُبو َبْكٍرِ :إ ّ عْنَدُه ُ َمْقَتَل َأْهِل اْلَيَماَمِة َو ِ
جَمَعن َت ْجَمُعوُه؛ َوِإّني َلَرى َأ ْ ن َت ْن؛ ِإّل َأ ْ ن اْلُقْرآ ِ
ب َكِثيٌر ِم ْ ن َفَيْذَه َ طِ حّر اْلَقْتُل ِباْلُقّراِء ِفي اْلَمَوا ِ سَت ِن َي ْشى َأ ْ خ ََأ ْ
عَمُرُ :هَو سّلَم؟ َفَقاَل ُ عَلْيِه َو َ ل َ صّلى ا ُّ سوُل الِّ َ شْيًئا َلْم َيْفَعْلُه َر ُ ف َأْفَعُل َ ت ِلُعَمَرَ :كْي َ ن؛ َقاَل َأُبو َبْكٍرُ :قْل ُ اْلُقْرآ َ
تـ ن َثاِب ٍ عَمُرَ ،قاَل َزْيُد ْب ُ ت اّلِذي َرَأى ُ صْدِري وََرَأْي ُ ك َ ل ِلَذِل َح ا ُّ شَر َ حّتى َ جُعِني ِفيِه َ عَمُر ُيَرا ِ خْيٌرَ ،فَلْم َيَزْل ُ ل َ َوا ِّ
سوِل ا ِّ
ل ي ِلَر ُحَ ب اْلَو ْ ت َتْكُت ُك ُكْن َ عاِقٌل وََل َنّتِهُم َ ب َ شا ّ جٌل َ ك َر ُ س َل َيَتَكّلُم ـ َ :فَقاَل َأُبو َبْكٍرِ :إّن َ جاِل ٌ عْنَدُه َ عَمُر ِ َو ُ
ي ِمّما َأَمَرِني عَل ّن َأْثَقَل َ جَباِل َما َكا َ ن اْل ِجَبٍل ِم ْل َلْو َكّلَفِني َنْقَل َ جَمْعُهَ ،فَوا ِّ ن َفا ْ
سّلَم َفَتَتّبْع اْلُقْرآ َعَلْيِه َو َل َ صّلى ا ُّ َ
خْيٌر، سّلَم؟ َفَقاَل َأُبو َبْكٍرُ :هَو َوالِّ َ عَلْيِه َو َ صّلى الُّ َ ي َ شْيًئا َلْم َيْفَعْلُه الّنِب ّن َ لِ ف َتْفَع َ
تَ :كْي َ نُ ،قْل ُ جْمِع اْلُقْرآ ِ ن َِبِه ِم ْ
جَمُعُه ن َأ ْت اْلُقْرآ َت َفَتَتّبْع ُعَمَرَ ،فُقْم ُ صْدَر َأِبي َبْكٍر َو ُ ل َلُه َ ح ا ُّشَر َ صْدِري ِلّلِذي َ ل َ ح ا ُّ شَر َحّتى َ جُعُه َ َفَلْم َأَزْل ُأَرا ِ
ي َلْمصاِر ّ خَزْيَمَة اَْلْن َ ن َمَع ُ سوَرِة الّتْوَبِة آَيَتْي ِ ن ُ ت ِم ْ جْد ُ حّتى َو َ جاِلَ ، صُدوِر الّر َ ب َو ُ س ِف َواْلُع ُ ع َواَْلْكَتا ِ ن الّرَقا ِ ِم ْ
خِرِهَماَ ،وَكاَن ْ
ت عَلْيُكْم{ ِإَلى آ ِ ص َ حِري ٌ عِنّتْم َعَلْيِه َما َ عِزيٌز َ سُكْم َ ن َأْنُف ِسوٌل ِم ْ جاَءُكْم َر ُ غْيِرِهَ} :لَقْد َ حٍد َ جْدُهَما َمَع َأ َ َأ ِ
صَة ِبْن ِ
ت حْف َ عْنَد َلُ ،ثّم ِ حّتى َتَوّفاُه ا ُّ عَمَر َ عْندَ ُلُ ،ثّم ِ حّتى َتَوّفاُه ا ُّ عْنَد َأِبي َبْكٍر َ ن ِجِمَع ِفيَها اْلُقْرآ ُ ف اّلِتي ُ ح ُصُ ال ّ
عَمَر .انتهى. ُ
شى
خ َ
س َوِإّني َأ ْ
حّر َيْوَم اْلَيَماَمِة ِبالّنا ِ
سَت َ
ن اْلَقْتَل َقْد ا ْ
يقول عمر بن الخطاب رضي ال عنه في هذا الحديثِ)) :إ ّ
جَمُعوُه((. ن َت ْ
ن؛ ِإّل َأ ْن اْلُقْرآ ِ
ب َكِثيٌر ِم ْ
ن َفَيْذَه َ
طِحّر اْلَقْتُل ِباْلُقّراِء ِفي اْلَمَوا ِ
سَت ِ
ن َي ْ
َأ ْ
وفي هذا فوائد ثلثة:
ع من إجماعات الشيخين أبي بكٍر الولى :إقرار أبي بكٍر وزيد رضي ال عنهما لقول عمر المذكور ،فهذا إجما ٌ
وعمر ،ثم موافقة باقي الصحابة لهما على فعلهما ،وعدم إنكاره؛ تدل على إجماع الصحابة الكرام رضي ال
عنهم على هذا المر.
الثانية :خشية عمر رضي ال عنه من كثرة قتل الُقّراء والتي سينتج عنه لو حصل) :أن يذهب كثيٌر من
ف من القرآن حتى هذه اللحظة التي كان الثلثة )أبو بكر ،وعمر، القرآن(؛ تعني بكل إيجاز أن لم يذهب حر ٌ
وزيد رضي ال عنهم يتباحثون في جمع القرآن( ،فحتى هذه اللحظة لم يذهب حرف من القرآن ،لكن عمر
رضي ال عنه يخشى أن يضيع كثيٌر من القرآن إذا استحّر القتل ،أو َكُثر القتل في صفوف الُقّراء في كل
معركة من معارك المسلمين ،فيرى عمر رضي ال عنه ضرورة جمع القرآن الن والقرآء متوافرون
متواجدون قبلهم أن ُيْقتلوا في معارك المسلمين ،وبهذا يضيع كثيٌر من القرآن بمقتل من يحفظه ،فلبد ِإذن من
البدء على الفور في جمع القرآن..
ف من القرآن حتى اللحظة المذكورة بإجماعهم؛ ثم َبَدَء الجمُع مباشرة ول الحمد، وإذا لم يكن قد ذهب حر ٌ
ف واحٌد من القرآن الكريم أبًدا ول الحمد.. فهذا بإيجاز يعني َأّنه لم يذهب حر ٌ
الثالثة :لكن رويًدا يا أمير المؤمنين أبا حفصٍ العظيم رضي ال عنك وعن أولدك وذريتك وأحبابك ،وحشرنا
ال معك في جنات النعيم في صحبة نبينا صلى ال عليه وسلم..
ك :لماذا تخشى ضياع القرآن بموت ي بحبّ َ
ن أنعم ال عل ّص ،ودعني أسألك لتعّلَم منك يا َم ْ رويًدا أبا حف ٍ
القراء؟
سن القراءة إل هؤلء القراء؟ فتخشى إن ُقِتلوا أن ل تجدح ِ
ت ممن ُي ْ هل لن الجزيرة العربية أو المدينة قد خل ْ
قارًئا أو كاتًبا يجيد القراءة والكتابة؟
ص سامحني على غبائي في سؤالي.. أرجوك أبا حف ٍ
حّبي للنبي صلى ال عليه وسلم وأبي بكر وعمر وسائر ص أن تسامحني ،وليشفع لي عندك ُ أرجوك أبا حف ٍ
الصحابة الكرام رضي ال عنهم.
ض؛ كل.. ص لعتر َ أنا ما سألُتك أبا حف ٍ
وما سألُتك أبا حفصٍ لجهلي بالجابة؛ كل..
ن السلم؟! وتلميذكم؟ وكيف أجهلها وأنا اب ُ
إنما سألُتكم ليعلم السامع جواب ما أريد..
يلزم من ضياع القرآن بمقتل القرآء :أن يكون القراء هم المصدر الساسي في نقل القرآن ل غير ،وقد وافق
أبو بكٍر وعمر وجميع الصحابة على هذا الذي قاله أبو حفص عمر رضي ال عنه.
حف أو الكتابة :لما َهّم ذلك صُفالقراء هم مصدر التلّقي الوحيد للقرآن ،ل غير ،ولو كان مصدر التلّقي هو ال ّ
عمر ،ول غيره من الصحابة.
ت أبا حفصٍ رضي ال عنك أنني أفهم قصدك وما ترمي إليه.. أعلم َ
عَلُم أنك ترسل رسالة لمثلي؛ كأنك تقول فيها :المصدر الوحيد في نقل القرآن هو السماع ل صَ :أ ْ
نعم أبا حف ٍ
ت تخشى من موت الحفظة الذين يحفظونه كما ُأنِْزل ،فلبد من جمع القرآن من هؤلء الكتابة ،ولذلك فأن َ
الحفظة بنفس الطريقة التي حفظوه بها عن النبي صلى ال عليه وسلم.
ولو كان العتماد في نقل القرآن على الصحف لم يكن ثمة ما يدعو للنزعاج من مقتل القرآء والحفظة.
ف خاصٍة به؟! ظا لديهم في صح ٍ ن كان القرآن محفو ً
وما يضرهم أن ُيقتل القرآء جميًعا ِإ ْ
حف(. صُفدل هذا على أن نقل القرآن وروايته على القراء )السماع( ل على الكتابة )ال ّ
سّلَم
عَلْيِه َو َل َ صّلى ا ُّل َ سوَل ا ِّ ن َر ُ ي َأ ّ
شِع ّ
جا ِ حَماٍر اْلُم َن ِ ض ْب ِعَيا ِ ث ِ ـ وفي ))صحيح مسلم(( ) (2865من حدي ِ
ل ،وفيه يقول سبحانه لنبّيه صلى ال عليه وسلمِ)) :إّنَما َبَعْثُت َ
ك طَبِتِه ..فذكر حديًثا طوي ً خْ ت َيْوٍم ِفي ُ َقاَل َذا َ
ن(( ظا َ
سُلُه اْلَماُء َتْقَرُؤُه َناِئًما وََيْق َك ِكَتاًبا َل َيْغ ِ
عَلْي َ
ت َ
ك َوَأْنَزْل ُي ِب َك َوَأْبَتِل َ
َِلْبَتِلَي َ
سلُهيقول المام النووي في ))شرح صحيح مسلم((َ)) :أّما َقْوله َتَعاَلى ]يعني في الحديث القدسي[َ) :ل َيْغ ِ
عَلى َمّر اَْلْزَمانَ .وَأّما َقْوله َتَعاَلى: طّرق ِإَلْيِه الّذَهابَ ,بْل َيْبَقى َ صُدورَ ,ل َيَت َ حُفوظ ِفي ال ّ اْلَماء( َفَمْعَناُه َ :م ْ
سرظةَ ,وِقيَل َ :تْقَرأُه ِفي ُي ْ ي الّنْوم َواْلَيَق َحاَلَت ْ
ظا َلك ِفي َ حُفو ًظان( َفَقاَل اْلُعَلَماءَ :مْعَناُه َيُكون َم ْ )َتْقَرأُه َناِئًما َوَيْق َ
سُهوَلة((. َو ُ
ن مجاهد في ))كتاب السبعة في القراءات(( ))) :(88ذكر السانيد التي نقلت إلينا القراءة عن يقول أبو بكر ب ُ
أئمة أهل كل مصر من هذه المصار
أسانيد قراءة نافع
فأما قراءة نافع بن أبي نعيم فإني قرأت بها على عبد الرحمن بن عبدوس من أول القرآن إلى خاتمته نحوا
من عشرين مرة((أهـ
ثم بدأ في سرد أسانيده إلى أئمة القراءات..
فانظر إلى قوله عن قراءة نافع فقط)) :فأما قراءة نافع بن أبي نعيم فإني قرأت بها على عبد الرحمن بن
عبدوس من أول القرآن إلى خاتمته نحًوا من عشرين مرة((.
خ واحٍد فقط نحًوا من عشرين مرة ،فما بالك ببقية فهو قد قرأ قراءة واحدة فقط من قراءات القرآن على شي ٍ
القراءات وبقية الشيوخ؟!!
وهذا يؤكد ما نكرره دائًما أن العتماد في نقل القرآن وروايته على السماع ل على الكتابة.
وانظر إلى قول أبي بكر بن مجاهد في نفس الكتاب ) (48أثناء كلمه على روايات القرآن)) :ومنها ما توهم
فيه من رواه فضيع روايته ونسى سماعه لطول عهده فإذا عرض على أهله عرفوا توهمه وردوه على من
حمله ،وربما سقطت روايته لذلك بإصراره على لزومه وتركه النصراف عنه ولعل كثيرا ممن ترك حديثه
واتهم في روايته كانت هذه علته.
وإنما ينتقد ذلك أهل العلم بالخبار والحرام والحلل والحكام
وليس انتقاد ذلك إلى من ل يعرف الحديث ول يبصر الرواية والختلف((.
فانظر كيف ُيْتَرك الراوي للقرآن إذا ))نسي سماعه((؟!
ضا ))) :(46وقد ينسى الحافظ فيضيع وانظر إلى قول أبي بكر بن مجاهد في ))كتاب السبعة في القراءات(( أي ً
السماع وتشتبه عليه الحروف فيقرأ بلحن ل يعرفه وتدعوه الشبهة إلى أن يرويه عن غيره ويبرىء نفسه
وعسى أن يكون عند الناس مصدقا فيحمل ذلك عنه وقد نسيه ووهم فيه وجسر على لزومه والصرار عليه.
أو يكون قد قرأ على من نسى وضيع العراب ودخلته الشبهة فتوهم فذلك ل يقلد القراءة ول يحتج بنقله.
ومنهم من يعرب قراءته ويبصر المعاني ويعرف اللغات ول علم له بالقراءات واختلف الناس والثار فربما
عا.
دعاه بصره بالعراب إلى أن يقرأ بحرف جائز في العربية لم يقرأ به أحد من الماضين فيكون بذلك مبتد ً
وقد رويت في كراهة ذلك وحظره أحاديث((.
ن مجاهد بإسناده:
ثم يروي لنا اب ُ
ـ عن عبد ال بن مسعود رضي ال تعالى عنه قال)) :اتبعوا ول تبتدعوا فقد كفيتم((.
ـ وعن حذيفة رضي ال تعالى عنه)) :اتقوا ال يا معشر القراء وخذوا طريق من كان قبلكم فوال لئن
استقمتم لقد سبقتم سبقا بعيدا ولئن تركتموهم يمينا وشمال لقد ضللتم ضلًل بعيًدا((.
عّلمتم((.
ـ وعن علي بن أبي طالب رضي ال عنه)) :إن رسول ال يأمركم أن تقرءوا القرآن كما ُ
ت إسناده ضعيًفا فلم أذكره.ي ،ولكني رأي ُ
ـ وعن عبد ال بن مسعود نحو أثر عل ّ
ن مجاهد)) :وقد كان أبو عمرو بن العلء وهو إمام أهل عصره في اللغة وقد رأس في القراءة ـ قال اب ُ
والتابعون أحياء وقرأ على جلة التابعين مجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة ويحيى بن يعمر وكان ل يقرأ بما لم
يتقدمه فيه أحد.
حدثني عبيد ال بن علي الهاشمي وأبو إسحق بن إسماعيل بن إسحق بن إسماعيل بن حماد بن زيد القاضي
قال :حدثنا نصر بن علي الجهضمي قال :أخبرنا الصمعي قال :سمعت أبا عمرو بن العلء يقول :لول أنه
ليس لي أن أقرأ إل بما قد ُقِرىَء به لقرأت حرف كذا كذا وحرف كذا كذا.
وحدثني عبيد ال بن علي قال :حدثنا ابن أخي الصمعي عن عمه قال :قلت لبي عمرو بن العلء }وبركنا
سمع من المشايخ الولين. عليه{ في موضع }وتركنا عليه{ في موضع أيعرف هذا؟ فقال :ما يعرف إل أن ُي ْ
قال :وقال أبو عمرو :إنما نحن فيمن مضى كبقل في أصول نخل طوال
قال أبو بكر :وفي ذلك أحاديث اقتصرت على هذه منها((.
ضا )) (51وسأختصر السانيد هنا(: ن مجاهد في ))كتاب السبعة في القراءات(( أي ً وانظر ما رواه لنا اب ُ
ـ عن محمد بن المنكدر قال)) :قراءة القرآن سنة يأخذها الخر عن الول(( قال :وسمعت أيضا بعض أشياخنا
يقول عن عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز مثل ذلك.
ـ وعامر الشعبي قال)) :القراءة سنة فاقرءوا كما قرأ أولوكم((.
ـ وعن صفوان بن عمرو وغيره قالوا :سمعنا أشياخنا يقولون)) :إن قراءة القرآن سنة يأخذها الخر عن
الول((.
عّلمتموه((. ـ وعن عروة بن الزبير قال)) :إنما قراءة القرآن سنة من السنن فاقرءوه كما ُ
ظ عن عروة بن الزبير قال)) :إنما قراءة القرآن سنة من السنن فاقرءوه كما ُأْقرئتموه((. وفي لف ٍ
ـ وعن زيد بن ثابت قال)) :قراءة القرآن سنة((.
وقال ابن الجزري)) :ثم إن العتماد في نقل القرآن على حفظ القلوب والصدور ،ل على خط اْلمصاحف
والكتب ،وهذه أشرف خصيصة من ال تعالى ِلَهِذِه المة(( ]النشر في القراءات العشر لبن الجزري .[1/6
ويقول المام ابن تيمية رحمة ال عليه)) :والعتماد فى نقل القرآن على حفظ القلوب ل على المصاحف؛ كما
ن ربى قال لي َأن قم في قريش فأنذرهم فى الحديث الصحيح عن النبي صلى ال عليه وسلم؛ أنه قالِ) :إ ّ
فقلت :أي رب إًذا يثلغوا رأسي -أي يشدخوا -فقال :إني مبتليك ومبتل بك ومنزل عليك كتابا ل يغسله الماء
تقرؤه نائما ويقظاًنا فابعث جندا أبعث مثليهم وقاتل بمن أطاعك من عصاك وَأْنفق ُأْنِفق عليك(؛ فأخبر أن
ت ُأّمِته) :أناجيلهم فى
كتابه ل يحتاج في حفظه إلى صحيفة تغسل بالماء بل يقرؤه فى كل حال ،كما جاء في َنْع ِ
صدروهم( ،بخلف أهل الكتاب الذين ل يحفظونه إل في الكتب ول يقرأونه كله إل نظًرا ل عن ظهر قلب((
]مجموع الفتاوى لبن تيمية .[13/400
وفي تفسير اللوسي)) :المرعى فيه السماع من النبي صلى ال تعالى عليه وسلم(( ]روح المعاني لللوسي
.[1/21
ضا أثناء رّده على بعضهم)) :فلن قوله :إن القرآن كان على عهد رسول ال صلى ال تعالى وقال اللوسي أي ً
ن أراد به أنه مرتب الي والسور كما هو اليوم وأنه عا ُمَؤّلًفا على ما هو عليه الن إلخ؛ إ ْ
عليه وسلم مجمو ً
سّلٌم(( ]روح المعاني
يقرأه من حفظه في الصدر من الصحاب كذلك لكنه كان مفرًقا في العسب واللخاف؛ فُم َ
.[1/25
ويقول الزرقاني في ))مناهل العرفان(()) :وقد قلنا غير مرة :إن المعول عليه وقتئٍذ كان هو الحفظ
والستظهار ،وإنما اعتمد على الكتابة كمصدر من المصادر زيادة في الحتياط ومبالغة في الدقة والحذر((
]مناهل العرفان .[1/177
ومن هنا يظهر للقراء الكرام أن الصل في رواية القرآن وتلّقيه على السماع والحفظ ،ل على الكتابة
والمصاحف..
وقد صار هذا ديدًنا لعلماء القراءات يذكرونه في فواتح كتبهم ،بعبارات شتى ،ومعًنى واحٍد.
ومن ذلك قول أبي عمرو الداني في مقدمة كتابه ))نقط المصاحف(()) :هذا كتاب علم نقط المصاحف وكيفيته
على صيغ التلوة ومذاهب القراءة((.
ويقول ابن خالويه في مقدمة كتابه ))الحجة في القراءات السبع(( ) (61في بيان منهجه في كتابه)) :فإني
تدبرت قراءة الئمة السبعة ،من أهل المصار الخمسة ،المعروفين بصحة النقل وإتقان الحفظ ،المأمونين على
تأدية الرواية واللفظ
طبقات القراء
ولنرجع إلى كتب تراجم أهل السلم ،لنرى من بينها كتًبا خاصًة في ))طبقات القراء(( ،لجماعٍة من أهل
العلم ،ولنأخذ كتاًبا من هذه الكتب لنرى ما فيه:
وهو كتاب ))غاية النهاية في طبقات القراء(( لبن الجزري رحمة ال عليه.
فماذا لديك أيها المام العظيم؟
جم له من الشيوخ يرى الناظر في كتاب ابن الجزري المذكور عنايته الفائقة ببيان من ))قرأ عليه(( المَتْر َ
والمقرئين ،كما يذكر التلميذ الذين قرأوا على هذا الشيخ صاحب الترجمة ،وبأي قراءة قرأوا؟ وكيفية
القراءة؟
ثم هو يتكلم على القراءات الصحيحة ويميزها من غيرها..
ن ذلك بياًنا شافًيا ،وذكر الجزء الذي قرأ به ،فيقول :قرأ من كذا إلى فإذا قرأ أحدهم بعض القرآن ولم ُيِتّمه َبّيـ َ
كذا..
ن الجزري رحمة ال عليه على هذا الخط حتى تنتهي تراجم كتابه التي بلغت اللف.. ويستمر اب ُ
ولنأخذ بعض هذه التراجم ،ليقف القراء الكرام بأنفسهم على عبارات ابن الجزري في تراجم كتابه )وسأختصر
جم له ،وعبارة ابن الجزري الدالة على المراد ،وما هو لصيق الصلة بما نحن فيه من التراجم على اسم المتر َ
الترجمة(.
يقول ابن الجزري رحمة ال عليه بعد مقدمة كتابه:
باب اللف
ضا محمد بن صالح ..... -1أبان بن تغلب .....أخذ القراءة عنه عر ً
-2أبان بن يزيد ...قرأ على عاصم وروى الحروف عن قتادة بن دعامة ،روى القراءة عنه بكار بن عبد ال
العودي و......
-3إبراهيم بن أحمد ......قرأ عليه عبد الباقي بن الحسن .....وقول الهذلي أن الشذائي قرأ عليه غلط
فاحش......
-4إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم ....روى القراءات لنا إجازة من كتاب الكامل .....وسماعا من الشاطبية عن
الخطيب أحمد بن إبراهيم بن سباع الفزاري بسماعه من السخاوي ،سمعها منه جماعة من الطلبة وابني
محمد في الثانية.....
-5إبراهيم بن أحمد بن إسحاق .....قرأ على أحمد بن عثمان بن بويان وأحمد بن عبد الرحمن الولي وأبي
بكر النقاش وأبي بكر بن مقسم ومحمد ابن علي بن الهيثم وبكار ومحمد بن الحسن بن الفرج النصاري وعبد
الواحد ابن عمر بن أبي هاشم ومحمد بن عبد ال بن محمد بن مرة بن أبي عمر الطوسي النقاش وعبد
الوهاب بن العباس وقرأ الحروف على أحمد بن الحسن القرماسيني عن أبي بكر الصبهاني وغيره وأبي
سليمان محمد بن عبد ال بن ذكوان وعثمان بن أحمد ابن عبد ال الدقيقي عن صاحب خلف وأبي بكر أحمد
بن جعفر بن أحمد الشعيري عن صاحب أبي حمدون وعلي بن محمد بن جعفر بن خليع الخياط ومحمد بن
بشر بن أحمد الصايغ وأبي بكر أحمد بن جعفر بن محمد الختلي وقال الهذلي إنه قرأ على الزينبي ول يصح
ذلك لنه ولد بعد وفاته بست سنين ،قرأ عليه الحسن بن علي العطار والحسن بن أبي الفضل الشرمقاني
والهوازي وأبو علي البغدادي صاحب الروضة وأبو نصر أحمد بن مسرور وأحمد بن ضروان وأبو عبد ال
محمد بن يوسف الفشيني روى عنه الحروف....
-6إبراهيم بن أحمد بن اسماعيل ...وقرأ بكل ما قرأ به الكندي عليه ثم طال عمره فكان آخر من قرأ على
الكندي وقصده الناس من القطار ،قرأ عليه الستاذ محمد بن إسرائيل القصاع ومحمد المزراب المصري
وإبراهيم البدوي والشيخ الصالح أبو محمد الدلصي وشيخ وقته محمد بن أحمد الصايغ وإبراهيم بن إسحاق
الوزيري وأبو بكر بن ناصر المبلط....
-7إبراهيم بن أحمد بن ....روى القراءة عرضا وسماعًا عن علي بن سليم ..وعن ...قرأ عليه الحسين بن
شاكر ومحمد بن عمر بن بكير وسمع منه قراءة الكسائي وقرأ عليه أيضًا أبو الحسين علي بن محمد الخبازي
وعلي بن طلحة البصري والكارزيني والقاضي أبو العلء وسمع منه الحروف علي بن محمد بن قشيش
والحسن بن علي الجوهري وأبو الفضل الخزاعي...
-10إبراهيم بن أحمد بن عبد ..أمام متقن ،قرأ على أبي المطرف ...
-13إبراهيم بن أحمد بن عبد الواحد بن عبد المؤمن ...قرأ القراءات بدمشق على ...وقرأ من أول القرآن
إلى المفلحون على ...وقرأ عليه الشاطبية وقرأ القراءات العشر على أبي حيان والسبع على ابن السراج
و....
-3300محمد بن قيماز عتيق بشر الطحان الحاج أبو عبد ال الدمشقي مقرئ ،تل السبع على المام
السخاوي إفرادًا وسمع صحيح البخاري من ابن الزبيدي وروى عن ابن باسويه ،مات سنة اثنتين وسبعمائة
عن ثلث وثمانين سنة ولم أعلمه أقرأ.
-3656نظيف بن عبد ال أبو الحسن الكسروي نزيل دمشق مولى بني كسرى الحلبي مقرئ كبير مشهور،
أخذ القراءة عرضًا عن أحمد بن محمد ....وعبد الصمد بن محمد العينوني في سنة تسعين ومائتين ولم يكمل
القرآن عليه ...
ويختم ابن الجزري كتابه بقوله)) :وهذا آخر ما يسر ال جمعه من غاية النهاية في أسماء رجال القراءات
ُأوَلي الرواية والدراية((...إلخ
صحَِف ّ
ي ن ُم ْ
ن ِم ْ
ل تأخذوا القرآ َ
حِفّيين((
صَن على اْلُم ْ
حفّيين ،ول تقرؤوا القرآ َ
صُث عن ال ّ
ـ َفَعن سليمان بن موسى َأّنه قال)) :ل تأخذوا الحدي َ
]))الجرح والتعديل(( لبن أبي حاتم ) ،(2/31و))المحدث الفاصل(( للرامُهْرمزي ).[(211
ـ ويقول السخاوي في ))فتح المغيث(( ))) :(2/262والخذ للسماء واللفاظ من أفواههم -أي العلماء بذلك،
حف من غير تدريب صُضا عمن تقدم من شيوخه وهلم جّرا -ل من بطون الكتب وال ّ الضابطين له ممن أخذه أي ً
سَلم من التبديل والتحريف....
المشايخَ :أْدَفع للّتصحيف ،وَأ ْ
وقد روينا عن سليمان بن موسى أنه قال :كان يقال :ل تأخذوا القرآن من مصحفي ول العلم من صحفي.
وقال ثور بن يزيد :ل يفتي الناس صحفي ول يقرئهم مصحفي.
ث عن النبي صلى ال عليه وسلم وقال له بشير بن كعب :إن حّدث بحدي ٍوقد استدل بعضهم بقول عمران -لما َ
حّدثك عن رسول ال صلى ال عليه وسلم وتحدثني عن الصحف؟ في الحكمة كذاُ :-أ َ
وروينا في مسند الدارمي عن الوزاعي أنه قال :ما زال هذا العلم في الرجال حتى وقع في الصحف فوقع عند
غير أهله((أهـ
ي ول العلم من
حِف ّ
صَـ ويقول الصنعاني في ))توضيح الفكار(( ))) :(2/394ويقال :ل تأخذ القرآن من ُم ْ
ي((.
حِف ّ
صُُ
ي في ذلك :قول القائل: ومما حكاه الصنعان ّ
طُنب((ف ول ُ
ت ليس له سْق ٌ سِنِده ...كالبي ِ
ن فاَته إسناُد ُم ْ
))والعلم ِإ ْ
ت ل عماد له ول سقف. شّد به البيت ،فكأنه بي ٌ طُنب حبٌل ُي َوال ّ
النتكاسة المبكرة!!
ن بعض القراء أن القصة ستقف عند طعن د.موراني أو غيره من المستشرقين في القرآن! ربما ظ ّ
كل؛ فالقصة ماضية ،والمشوار طويل؛ لنها لم تبدأ بالطعن في القرآن ،وإنما جاء الطعن في القرآن بعد
مشوار طويٍل من الطعن في السنة النبوية ،وطرق تدوينها ،وإثارة الشبهات حولها..
لكن سرعان ما قام الكفاء الكرام من المسلمين الماجد بكشف المخطط ،وإزالة الستار عن الوجه القبيح
للحضارة الغربية )إن جازت تسميتها حضارة(!!
ع طويل بين الحق والباطل ،ومدافعة وملحة مستمرة بين أهل الحق وأهل الباطل.. القصة تكمن في صرا ٍ
وفي عصرنا هذا أراد القزام أن يقفزوا على أكتاف الكبار ،فزعموا لنفسهم حضارًة!! إي وال زعموا
لنفسهم حضارة!! ثم هاهم ينادون بحوار الحضارات بدًل من صراع الحضارات!!
ن للقزام بمن يقنعهم أنهم ليسوا بعُد إل
وصدق الستاذ سيد قطب رحمة ال عليه حين كان يردد)) :أل َم ْ
القزام((!! أو نحو هذه العبارة التي لهج بها في كتابه حول )معركة السلم والرأسمالية(.
وفي حاٍل من انعدام الوزن والثقة وزلزلة عروش القيم الصيلة والمبادئ القويمة في عقول الناس بدأ الجهلة
والسذج ينخدعون بهذه الدعوى المتهالكة التي لم يقصد منها سوى إسباغ الشرعية على )الحضارة الغربية(
وكسب العتراف بها كحضارة قائمة ،بل ولها من القوة والّنّدية ما يوازيها بالحضارة العربية أو السلمية
على حّد زعم أقزامها!!
لنرجع إلى تعريف الحضارة ،وننقل فيه قول د.حسين مؤنس في أول كتابه )الحضارة دراسة في أصول
وعوامل قيامها وتطورها( وهو الكتاب الول من سلسلة )عالم المعرفة( الشهيرة ،حيث يقول د.مؤنس في
تعريف الحضارة)) :الحضارة ـ في مفهومنا العام ـ هي ثمرة كل جهد يقوم به النسان(( إلخ.
فأين الجهد الذي قام به القزام؟
ل حضارًة وعلًما؟ هل تسمى سرقة ديكارت لبعض أفكار الغزالي مث ً
أم يسمى تحريف الدين وتزوير التوراة والنجيل حضارة وعلًما؟
ل!
لشك أن شيًئا من ذلك كله ل يسمى حضارة ول علًما ،ول قيمة به في سوق العلم أص ً
ومع هذا جاء القزام ليعيدوا )حوار الحضارات بدل من صدام الحضارات( من باب )ما يتكرر يتقرر( ،ل رغبة
في الحوار ،ولكن رغبة من القزام في العتراف بحضارتهم المزعومة ،والتي تقوم على تحريف الدين
ن واحٍد!!واغتيال العلم في آ ٍ
أنا ل أرفض الحوار أبًدا؛ كل..
ولكني ضد تسمية التحريف والتزييف والسرقة حضارًة وعلًما!
ورغم ذلك كله اّتَكَأ المستشرقون على )حضارة القزام( فجادلوا عنها ،ونعتوها بصفات الجلل والبهاء،
وطعنوا في غيرها..
وامتداًدا لهذا النهج المقلوب يأتي د.موراني ليكمل مسيرة أسلفه في تزيين الحضارة الغربية العليلة ،والطعن
في ثوابت السلم الراسخة..
ومن ذلك اّدعاء أن النص المنشور من القرآن بأيدي المسلمين ليس محقًقا ،وأنه بحاجة إلى تحقيق ،ثم
احتمال أن تأتي لنا المخطوطات في نظره بزيادة أو نقصان أو تغيير في الترتيب!!
مع علم د.موراني الكيد أن الصل في نقل القرآن السماع ل الكتابة والمصاحف!!
وأقول مع علمه الكيد بذلك؛ لنه يستحيل في عقل إنسان أن ينشر د.موراني كتاًبا لبن وهب في التفسير ،ثم
هو يطلع على كتب أسلفه التي نشروها حول القرآن ،ويطلع على كثير من كتب السلم ،ويذكر القراءات في
كلمه..إلخ.
فمستحيل أن يطلع على هذا كله ثم ل يطلع على أن الصل في نقل القرآن السماع ل الكتابة في المصاحف،
خاصة وأن أئمة القراءات والتفسير هم فرسان هذه المسألة ،وقد ذكرها ابن الجزري وغيره في مقدمات
كتبهم ،فهي مما ل يخفى على من لمس هذه الكتب بيده.
فإما أن يعترف د.موراني بأنه اطلع عليها ولكنه أخفاها لمآرب خاصة وطعًنا في الدين السلمي ،أو يعترف
بأنه لم يكتب في حياته حرًفا واحًدا ،ولم يحقق كتاًبا ،ولم يدرس شيًئا ول سمع بشيٍء ،وإنما كتب له ذلك كله
بعض المستأجرين من هنا أو هناك.
فإما أن يعترف بتعّمِد الطعن والخيانة ،أو يعترف بالجهل والسرقة وتزييف الحقائق.
وسنترك له حرية الختيار!!
نعم؛ قد سبق نقل كلم ابن الجزري وهو إمام القراءات ،كما سبق نقل كلم غيره من أئمة القراءات والتفسير
ب ،أو في كلمهوغيرهما في هذا الشأن! وكتبهم مما لبد أن يطلع عليها د.موراني في تحقيقه لتفسير ابن وه ٍ
عن القراءات!!
فلم يبق إل أن يكون د.موراني قد أخفى الحقيقة التي وقف عليها هو وأسلفه طلًبا منهم جميًعا لغاية واحدة
وهي التشكيك في القرآن الكريم ،والطعن في ثوابت السلم العظيم.
ورغم هذا كله ل زال د.موراني يتكلم من فوق!! ويرفض العتراف بالحق ،ويكتب وكأنه وحده العالم بكل
شيء ،وأما غيره فلبد أن يتعلم قبل أن يتكلم ،كما نصح د.موراني للعضو )سيف الكلمة( كما هو مدّون في
تعليقات العضاء والقراء الكرام على هذا الموضوع من هذا المنتدى الكريم.
بل يرفض أن يقال عنه :إنه انسحب من الموضوع ،فضل عن هروبه ،أو عجزه عن إقامة دعواه التي ادعاها
على القرآن الكريم ،وفشله في إقامة البينة على ما قاله بهذا الخصوص!
فجاء يكتب لي في رسائله التي نشرها في التعليق على هذا الموضوعSun, 26 Jun 2005)) :
20:42:35
< مساء الخير
< :أنت تكتب الن:
< وذلك بعد التذكير إلى أنه ليس من حق د .موراني أدبًيا أن
ينسحب الن،
<
< أين كنت انسحبت ,من فضلك ؟
< لقد قلت لك رأيي في الحوار حول هذا الموضوع واقترحت أن تنشر ما أرسلت اليك من الرسائل موضحا
فيها عدم الفائدة بسبب انطلقنا من زاويتين مختلفتين((.
فليكن ما يقوله!!
فقد سئم القراء من دعاويه الفارغة التي ل تنطلي على أحٍد ،كما سئم القراء من التواء تصرفاته ،وغريب
أفاعيله.
وقد لفت هذا نظر القراء الكرام فكتب الستاذ الجليل أحمد منصور يقول:
اقتباس:
ضا يعرفه د .موراني)*( ،وكذلك القاريء المتابع .النص الذي كتبته -بهذا الشكل
ف هذا جيًدا ،وهذا أي ً
))أعر ُ
المختصر وبشكل ل يخرج عن حدود الكياسة -فيه رسالة للقاريء الكريم وأظن أنها قد وصلت.
والحق أنه في )ملتقى أهل الحديث( يختلف تماًما عنه في )ملتقى أهل التفسير( ،ومن قارن بين بعض
مشاركاته في الموقعين سيعلم هذا بجلء ،ويمكن لجميع القراء القيام بهذا المر ،في بعض المشاركات ،ولتكن
ب خاصة ،والتي يذكر في موضع أن للكتاب قصة ،ولن يذكرها على المل ،ثم هو مشاركاته حول كتاب ابن وه ٍ
يذكرها في مكان آخر ..إلى آخر ما حصل له من تناقضات وتخاليط عجيبة ،تدل حتًما على أمور:
إما الجهل الضارب في أصوله.
أو اختلف من يكتب له.
أو السرقة.
وله حرية الختيار..
لكن اختلف الشخصية بين الموقعين ُيَذّكر القراء الكرام بعقيدة بولس مؤسس النصرانية الحديثة ،حيث يقول
س َكَأّنيت الّناُمو ِ
ح َن َت ْ
ح اْلَيُهوَد َوِلّلِذي َ
ي َلْرَب َ
ت ِلْلَيُهوِد َكَيُهوِد ّ
صْر ُ في رسالته الولى إلى أهل كورنثوس َ20) :ف ِ
ت ِبلَ َناُمو ٍ
س س ُس َ -مَع َأّني َل ْ ل َناُمو ٍ س َكَأّني ِب َل َناُمو ٍ
ن ِب َ س َ21وِلّلِذي َ ت الّناُمو ِ ح َن َت ْ
ح اّلِذي َس َلْرَب َ
ت الّناُمو ِ ح َ َت ْ
صْر ُ
ت ضَعَفاَءِ .
ح ال ّ ف َلْرَب َضِعي ٍ ضَعَفاِء َك َ ت ِلل ّ صْر ُ
سِ 22 . ل َناُمو ٍ ن ِب َ
ح اّلِذي َح َ -لْرَب َ سي ِس ِلْلَم ِت َناُمو ٍح َ
ل َبْل َت ْ
ِّ
حاٍل َقْومًا] (.كورنثوس 9/20ـ .[22 عَلى ُكّل َ خّلصَ َ يٍء ُل َ ش ْ
ِلْلُكّل ُكّل َ
شاِد{ ]غافر.[29: سِبيَل الّر َ ذهب فرعون يقول لقومهَ} :ما ُأِريُكْم ِإّل َما َأَرى َوَما َأْهِديُكْم ِإّل َ
ف ،وما يتحّلى به من دعاوى فارغة ،لكنهم لم يدركوا فراغ دعوته وكانوا يرون ما لدى فرعون من بهرج زائ ٍ
بعُد ،ول استمعوا نصيحة الصادق نبي ال موسى عليه السلم حين أظهر لهم حقيقة فرعون الخاوية ،ووهاء
ن ِفي َقْوِمِه َقاَل َيا عْو ُ
دعوته وخطته الفرعونية ،فكانوا كما ذكر ال عز وجل عنهم وعن فرعونهمَ} :وَناَدى ِفْر َ
ن َهَذا اّلِذي ُهَو َمِهي ٌ
ن خْيٌر ّم ْ
ن ]َ [51أْم َأَنا َ صُرو َ ل ُتْب ِ حِتي َأَف َجِري ِمن َت ْ صَر َوَهِذِه اَلْنَهاُر َت ْ ك ِم ْ
س ِلي ُمْل ُ َقْوِم َأَلْي َ
خفّ َقْوَمُه سَت َ
ن ]َ [53فا ْ جاَء َمَعُه الَملِئَكُة ُمْقَتِرِني َ ب َأْو َ سِوَرٌة ّمن َذَه ٍ عَلْيِه َأ ْ
ي َن ]َ [52فَلْوَل ُأْلِق َ َوَل َيَكاُد ُيِبي ُ
ن{ ]الزخرف.[54 - 51: سِقي َعوُه ِإّنُهْم َكاُنوا َقْومًا َفا ِطا َُفَأ َ
سه..
سه بنف ِ
دائًما ما يقول الناس عند وقوع المتشابهات من الحداث :التاريخ ُيعيد نف َ
لكن ل زال صديق العمر يقول لي دائًما :عّلمنا التاريخ أن ل نستفيد من التاريخ!!
ق صاحبي!!وصَد َ
نرجع للمستشرق جولدزيهر ،ونمر على نولدكه وشفالي وجون جلكورايست ونختم بموراني..
ونسأل :ماذا َقّدَم لنا هؤلء؟
ل شيء سوى الخلط و))عجين الفلحة((!!
لكن كان لبد من وضع المقّدمات الطويلة لهم ،التي تساعد على ترويجهم في صفوف المسلمين ،كأصحاب
فْكر أو حَمَلة علٍم..
ب ُتكتب ،وُتطبع وُتْنشر باسم الدراسات حول السلم أو حول القرآن ،أو مشاريع مبدعة!! ولذا كان لبد من كت ٍ
لم تظهر من قبُل مثل الترتيب الزمني للقرآن الذي أبدعه )ويل( واعتمده )نولدكة( وافتخر به )موراني(!!
ولماذا؟
لتنفذ أقوالهم في صفوف المسلمين ،وُيسمع لهم ويطاع!!
وفي هذا الصدد يقول موراني في لقاء شبكة التفسير معه )بعد تعديله ونشره في موقع قدس نت()) :أّما
Weillفهو ِمّمن قام بوصف تأريخ فجر السلم وعصر النبوة وبعده لول مرٍة في تاريخ الستشراق وفقًا
لما كان لديه من النصوص العربية وأغلبها من المخطوطات.
كان هذا العمل من الخطوات الولى في القرن التاسع عشر في الطريق الطويل والشاق للتعرف على الحضارة
السلمية وعلى تاريخ الشعوب السلمية على المستوى الكاديمي في الجامعات اللمانية .أما كتابا ويل:
Historical-Critical Introduction to the Koran Mohammed the Prophet, his
Life and Teaching
ن هذا المستشرق قد اعتمد في كتابه فقد كانا وليدي عصره فل يذكران اليوم في الدراسات الستشراقية غير َأ ّ
على مصادر مثل )السيرة الحلبية( و)تأريخ الخميس( وعلى )السيرة النبوية( لبن هشام التي لم تكن مطبوعة
في ذلك الوقت اذ نشره المستشرق Wüstenfeldعام 1858بترجمة Weillإلى اللمانية.
هذا وقد قام Weillبدراسات في السور المكية وبترتيبها ترتيبًا تأريخيًا حسب نزولها ووفقًا لمضمونها .وقد
تبنى نولدكه N?ldekeهذا الترتيب وجعله أساسًا لدراساته حول تأريخ القرآن .
واليوم ل يكاد الباحث يجد ذكرًا ِلما َأّلفه Weillفي هذه الميادين ،في حين ما يزال نولدكه ُيعتَبر حتى اليوم
ب نولدكه من القرآن اقترابًا مضادًا من كبار المستشرقين المتخصصين في العلوم القرآنية .ولم يكن اقترا ُ
للوحي ,بل قام بدراسات تحليلية ومنطقية ولغوية للنص نفسه وأشار إلى ما جاء في النص القرآني من
المزايا اللغوية والخصائص .كما أشار إلى بعض الظواهر اللغوية التي ل تتماشى –برأيه -مع قواعد اللغة
المسّلم بها ؛ نظرًا لمعرفتِه باللغات السامّيِة اُلخرى )الِعبْرانية ,السيريانية ,الحبشية ،واليمنية القديِمة(.
وقد كتب في موضوع اللفاظ الُمعّربة التي دخلت لغة القرآن ،وما الذي تغّير معناه من المصطلحات المعّربة
فيه .
إلى جانب كتابه في )تأريخ القرآن( الذي أكمَله تلميذُه بعد وفاته.وهناك دراسة له لم ُتترجم بعُد إلى العربيِة
ن وبلغتِه شرحًا ي للقرآ ِ
ي )القرآن والعربية( التي يشرح فيها السلوب اللغو ّ حسب علمي إلى يوِمنا هذا ,وه َ َ
دقيقًا.
حوِل لغِة القرآن وتاريخ توثيقه فإّنه لم َيَزْل لهمّيِة الُكبْرى لدراسات نولدكه في هذا الميدان العظيم َ ونظرًا ل َ
ل بارزًا في الدراسات القرآنية في الستشراق المعاصر. حًيحتّل م َ
ن ما بأيدينا هو دائرة المعارف ن ،فلم َأجِد المصدَر المذكور إلى الن ؛ َل ّ وَأّما بحث Buhlحول تحريف القرآ ِ
السلمية الجديدة ،وليس فيها هذا.
ي جولدزيهر Goldziherالذي َدرس في لبزيج وبرلين فِإّنه اشتهر بعدة دراسا ٍ
ت َأما المستشرق المجر ّ
ت في التفسير السلمي( الذي ُترجم إلى اللغِة العربية فيما حول العلوِم السلمية ،منها كتابه المذكور )اتجاها ٌ
ت -أخطاٌء كثيرٌة تعوُد إلى عدم فهم النص ،حتى ت في عدة مناسبا ٍ بعُد َ ،أّما الترجمُة نفسها ففيها -كما سمع ُ
ن جولدزيهير لم يتحدث عن مذاهب في التفسير ,بل عن اتجاهات فكرية العنوان ل يتمشى مع المقصود ؛ َل ّ
)=. (Tendencies
ت المختلفَة حسب التيارات الفكرية والسياسيِة ق التجاها ِلوِل مرٍة في تأريخ الستشراق أبرَز هذا المستشر ُ
غير اقترا ِ
ب ث َجه في البح ِ ن ،ومنه ُ لدى المفسرين عبَر الُعصور التي عاشوا فيها ،وكان اقترابُه من القرآ ِ
نولدكه منه ،إذ هذا الخيُر تناوَل النصّ ِمن وجهِة نظِر اللغويين َ ،أّما جولدزيهير فَرّكَز في أبحاثهِ حول
ي ،واعتبره أعظَم كت ِ
ب ث على الفكاِر المرويِة في كتب القدماِء ،وَأبرَز منها تفسيَر الطبر ّ القرآن والحدي ِ
ب تفسيرًاالتفسيِر ،وَأهمها في التراث السلمى ُمشيرًا إلى أهميِة منهجيِة ُمؤلفِه ،الذي َأّلف هذا الكتا َ
ن َأَهّم المصادِر ت لتفسير آيٍة واحدٍة .فلذلك كان كتابه حول اتجاهات التفسير ِم ْ عدة روايا ٍ بالمأثوِر ،وجَمع فيه ِ
،ونقطَة النطلق لطلبة العلم في دراساتهم القرآنية(( انتهت القصة بحذافيرها كما يحكيها المستشرق
اللماني د.موراني.
سخ في أذهان الناس أنهم حملة فانظر أيها القارئ الكريم إلى تلك المقّدمات الطويلة لهؤلء جميًعا ،والتي ُتَر ّ
علم ،ورجال حضارة..
وبعد هذه المقدمات الطويلة لن يبحث أحٌد خلفهم لينظر هل رتب )ويل( القرآن ترتيًبا زمنًيا من عندياته؟ أم أنه
طِبع
سرقه من ابن شهاب الزهري المام المسلم رحمة ال عليه؟ وابن شهاب هو فارس هذا الميدان ،وقد ُ
كتابه؟!
كما لن يقارن أحٌد بعد هذه المقدمات الطويلة بين ما ذكره ابن شهاب ،وما ذكره هذا الـ )ويل( ،واعتمده الـ
)نولدكه( ،وافتخر به الـ )موراني( ،لينظر ما سرقوه من ابن شهاب الزهري كعادة المستشرقين في سرقة
سَبِته لنفسهم ،كما ينظر فيما زادوه على ابن شهاب ،وحقيقة ذلك وفائدته؟! كلم المسلمين وِن ْ
كما لن يبحث أحٌد عن غايتهم من هذه الدراسة المبنية على الترتيب الزمني للقرآن؟ هل تقوم على الستفادة
من معرفة زمن النزول في الناسخ والمنسوخ مثل كما هو عند علماء المسلمين؟ أم أن الغاية من الترتيب
الزمني للقرآن عند المستشرقين تنطلق من زاوية اعتقاد أن الترتيب الحالي للمصحف ليس توقيفّيا ،أو ليس
وحًيا ،وأنه بالمكان تغييره ولو جزئّيا على حّد عباراتهم السقيمة؟!!
صّفق لها ،في الوقت الذي كما لن يبحث أحد في دراسات نولدكه صاحبة الهمية الكبرى في نظر د.موراني الم َ
يقول نولدكه نفسه عن كتابه عن القرآن بأنه اشتمل على )حماقات صبيانية(!! ويتكلم عن الضعف وعدم
ت بعض الُكّتاب يرى أن نولدكه يتبّرأ من كتابه صاحب )الهمية التحرير في المادة ،وأشياء عديدة جعل ْ
الكبرى( في نظر د.موراني؟!!
لكن ل بأس أن تكون الحماقات الصبيانية في نظر مؤلفها نولدكه لها )أهمية كبرى( في نظر د.موراني!! لن
ج لهم إعلمهم أن العرب ل د.موراني يظن أن أحًدا من الناس لن يقرأ ،ولن ُيتابع ولن يفّتش ،على حّد ما رّو َ
يقرأون ،وكذب إعلمهم!
لقد ظن إبليس أن أحًدا من الناس لن يبحث خلف أعوانه بعد هذه المقدمات الطويلة التي رّوج بها لهم ،أو
ُأِتيحت لهم..
ت به سراياه وأتباعه!
هكذا ظن إبليس الول ،وهكذا افتخر ْ
ولبد هنا من رصد ملحظة مهمة جًدا ،وهي أنه يستحيل في عقِل القارئ قط أن يصدق أن إبليس وأعوانه قد
ق هنا أو هناك تخالف ما كتبوه!! كتبوا وفعلوا كل هذا المنشور لهم ولم تقع أعينهم على كلمة ح ّ
فلماذا أخفوها؟
ولماذا لم يظهروا الحق؟
ولماذا تتابع هؤلء على العناية بالقرآن خاصة؟
بل ومن زاوية الثبوت خاصة؟
ونحن نرى كلمهم حول مخطوطات المصحف ،أو تاريخ القرآن ،أو تدوين القرآن...إلخ.
فلماذا تتابعوا على الكلم في جهة الثبوت خاصة دون غيرها من الجهات؟
نعم؛ تكلموا عن بعض القضايا الخرى التي ل تتصل بإسناد ومخطوطات المصحف من باب إخفاء الغرض
الساسي لهم ل أكثر!
ن قائٌل :لم يروا هذه البحاث المخالفة لقوالهم ،أو أنهم جهلة لم يفهموها.. هنا ل يقول ّ
ومع هذا نقول :ل بأس أن يعترف موراني وأمثاله بجهلهم العريض فهو أخف المرين بالنسبة لهم!!
فإما الجهل ،وإما التزوير والتزييف للحقائق وقصد التشكيك للمسلمين في دينهم..
شًرا نصرانًيا يغرق في سلك المشككين للمسلمين في ل أو تكون مب ّ
وبعبارة أخرى وجيزة :إما أن تكون جاه ً
دينهم!! بكل ما يحمله ذلك من خيانٍة للبحث العلمي ولشرف ومصداقية الكلمة!!
وقد سبق إثبات الثاني بدلئله بحمد ال تعالى..
ن قائٌل :فعل المستشرقون وفعلوا لجل هذا الدين ولجل التراث!! حتى ل يقول ّ
شَبه والمواطن التي يمكنهم من خللها التشكيك في ثوابت السلم!! كل؛ بل فعلوا بحًثا عن ال ّ
كل؛ بل فعلوا ليقّدموا السلم لقوامهم من يهود ونصارى وغيرهم مشّوًها محكوًما عليه بالرفض والعدام،
ليصرفوا شعوبهم عن اليمان ،وليقفوا دون دخول شعوبهم في السلم إذا رأوه على حقيقته الطاهرة الصافية
الّنِقّية!!
وانظر إلى خياناتهم المتكررة للبحث العلمي والتراث في الوقت الذي يتشدقون فيه بحفظ التراث؟!!
ل في كتاب )المعجم المفهرس للفاظ الحديث النبوي( وكيف حذفوا منه عمًدا أحاديث الجهاد مثل؟!! فانظر مث ً
فهل هذه هي أمانة وشرف ومصداقية الكلمة التي يريدونها للقراء؟
ومن تلك الخطط البليسية التي استخدمها هؤلء :صرف النقاش إلى غير ساحته اللئقة به!! وبعبارة أخرى:
اختراع قضايا وهمية ل توجد ثم إثارة الزوابع حولها وصرف المسلمين للمحاورة فيها بعيًدا عن الهدف
الساسي لهؤلء الجواسيس!!
ف آخر سيأتي فتحه بدلئله بإذن ال تعالى ول تستغرب أيها القارئ الكريم من وصفهم بالجاسوسية ،فهذا مل ٌ
في مناسبة أخرى..
والمهم لنا هنا هو التنبيه على اختراعهم لقضايا وهمية ثم صرف النقاش إليها للتعمية على الغرض
الساسي..
ي لهذا..
وفي قضيتنا القائمة الن مع د.موراني مثال ح ّ
حيث تكلم الرجل على مخطوطات المصحف ،ووجه سهام الهانة للقرآن الكريم من هذه الزاوية ،علًما بأن
الصل في نقل القرآن السماع والحفظ ل الكتابة والمصاحف..
ق إن شاء ال تعالى.. ت لح ٍضا في وق ٍ
وقد مضى بيانه ،ويأتي ما يؤكده أي ً
لكن أراد موراني أن ينقل حلبة النقاش إلى قضية مخطوطات المصحف؛ لن المنتصر فيها مهزوم ولشك.
نعم؛ المنتصر في حلبة المخطوطات مهزوٌم؛ ولذا يريد أن ينقلنا إلى هناك ،ليصرفنا عن القضية الصل في
نقل القرآن)) :السماع والحفظ ل الكتابة والمصاحف((!!
ويستحيل في عقٍل يعي شيًئا من نور الفهم أن يصدق جهل د.موراني بهذه القضية ،في الوقت الذي حقق فيه
بعض كتب التفسير ،بما يستلزمه ذلك من الطلع على كتب التفسير والقراءات التي َكُثَر فيها الكلم عن
اعتماد السماع والحفظ في نقل القرآن بدل من الكتابة والمصاحف!!
وانظروا أيها القراء الكرام كيف أفزعه الكلم عن هذه القضية فجاء محاول التشكيك والتشويش ،فردد لنا
كلمته المشهورة) :هراء( وبذل لنا شيًئا من معهود لسانه ،ثم انصرف؟!!
شْبَهة أسلفه القائمة على قضيةألنها ستهدم له تعب السنين وسفر اليام والليالي بحًثا عن ُمَؤّكٍد ل ُ
المخطوطات؟!
شبهتهم وإلى الن؟ أم لنها ستهدم عشرات السنين منذ أن بدأت ُ
نعم يمكنك أيها القارئ المسلم الكريم أن تقول لكافة المواقع التي على الشبكة ،ولكافة المستشرقين قديًما
وحديًثا ،ممن قاموا وناموا على رعاية شبهة الدراسة المقارنة بين الصول الخطية للمصحف ،بغرض
))تحقيق القرآن((!! يمكنك أيها المسلم الكريم أن تقول لهم جميًعا)) :الصل في نقل القرآن على السماع
شْبَهة ورعايتها حتىوالحفظ ل على الكتابة والمصاحف(( ،فتهدم لهم سنين التعب والكد والبحث عن ال ّ
ت!!استفحل ْ
شْبهتهم البالية!!
ث بما يقولونه ،ول ما يفصلونه في ُ نعم تهدمها وأنت تحتسي كوًبا من الشاي ،غير مكتر ٍ
ت تعرف ما يمكنك فعله بهم بعد ذلك!! فإن أصروا على مضايقتك ،فأن َ
ن يقنعهم أنهم
ول حرج علينا حين نكرر قول الستاذ سيد قطب رحمة ال عليه حين قال)) :أل َمن للقزام ِبَم ْ
ليسوا بعُد إل القزام((!!
ت فيما سبق أن الصل في نقل القرآن على السماع والحفظ ل على الكتابة والمصاحف ،وسيأتي ما يؤيد ذكر ُ
هذا إن شاء ال تعالى وُيَؤكده..
خ خطية ومصاحف مكتوبة باليد.وقد آن للقراء الكرام أن نوقفهم على تاريخ تدوين المصحف في نس ٍ
صار من حق البحث الن أن نذهب به صوب مخطوطات المصحف ،وما حقيقة ما جرى هنالك ،وهل يا ترى
ُكِتَبت هذه النسخ الخطية بعد وفاة النبي صلى ال عليه وسلم أم في حياته؟
ت بمعرفة
سخ الخطية ،وزعم آخر أنها ُدَّوَن ْ
طا عجيًبا فزعم بعضهم انقطاع أسانيد الّن َ
خلط المستشرقون هنا خل ً
الصحابة الكرام بعد موت النبي صلى ال عليه وسلم ،وهلم جّرا من ُتّرهات المستشرقين وأباطيلهم التي ل
حصر لها.
رغم أن القضية في نظر البعض ربما لم يعد لها أهميتها من حيث البحث ،أو لم تعد الحاجة ماسة إلى بيانها
في نظر البعض؛ بعد بيان أن العتماد في نقل القرآن على السماع ل الكتابة..
ت؛ أذكر منها:
رغم ذلك :فإنها تكتسب أهمية من عدة جها ٍ
أوًل :أن الكتابة مؤكدة للحفظ ومعينة على تثبيته والعناية به ،ومذاكرته وتذّكره على الدوام ،ووجودهما مًعا
أعلى درجات الحفظ وأولها وآكدها من وجود الحفظ دون الكتابة أو الكتابة دون الحفظ.
ولذا نعلم أن حفظ القرآن ونقله يأتي في أعلى درجات الحفظ والعناية والتثّبت؛ لنه يعتمد على السماع
والحفظ في الصل ،ثم لم ُيْغِفل أهمية الكتابة وفائدتها في تذّكر المحفوظ واستذكاره.
ثانًيا :أن كثيًرا من المستشرقين قد عبثوا في هذه الجهة جًدا ،وحاولوا تشكيك المسلمين في القرآن الكريم من
طا عجيًبا ،مع تزوير الحقائق وتزييفها وإخفاء الوجه الصحيح للمسألة. خللها ،وخلطوا فيها خل ً
فكان من حقنا أن نعيد المر إلى نصابه ،وندخل البيت من بابه ،فننظر في المسألة نظرة المسلمين الصحاء،
ل نظرة المستشرقين الخبثاء ،ونقيم الدلة على كلمنا من خلل ثوابت الروايات وقواطع النصوص التي ل
تقبل الجدل ول التشكيك ..لعل ال عز وجل ينفع به أقواًما ويضر به آخرين.
لنترك الروايات الثابتة والصحيحة تتكلم بنفسها عن نفسها ،ولننقلها من أصح الكتب بعد كتاب ال عز وجل
وهو ))صحيح البخاري(( ،وسنرى التي:
عْنُه َيُقوُلَ :لّمال َ ي ا ُّضَت اْلَبَراَء َر ِ سِمْع ُق َقالَ َحا َسَن َأِبي ِإ ْ
عْشْعَبُة َحّدَثَنا ُحّدَثَنا َأُبو اْلَوِليِد َ
البخاري )َ (2831
جاَء
سّلَم َزْيًدا َف َعَلْيِه َو َ
ل َ صّلى ا ُّ ل َ سوُل ا ِّ
عا َر ُ ن{ ]النساءَ [95 :د َ ن اْلُمْؤِمِني َ
ن ِم ْ
عُدو َ سَتِوي اْلَقا ِ
ت }َل َي ْ َنَزَل ْ
ضَرِر{غْيُر ُأوِلي ال ّ ن َ ن اْلُمْؤِمِني َ
ن ِم ْعُدو َ
سَتِوي اْلَقا ِتَ} :ل َي ْضَراَرَتُه َفَنَزَل ْ
ن ُأّم َمْكُتوٍم َ شَكا اْب ُ
ف َفَكَتَبَها َو َ
ِبَكِت ٍ
]النساء.[95 :
سَتِويت }َل َي ْ ن اْلَبَراِء َقاَلَ :لّما َنَزَل ْ عْ ق َحا َ سَ ن َأِبي ِإ ْعْ سَراِئيَل َ ن ِإ ْ عْف َس َ ن ُيو ُ حّمُد ْب ُحّدَثَنا ُم َالبخاري )َ (4594
جاَءُه َوَمَعُه الّدَواُة لًنا(( َف َ عوا ُف َسّلَم)) :اْد ُ عَلْيِه وَ َ
ل َ صّلى ا ُّ ي َ ن{ ]النساءَ [95 :قاَل الّنِب ّ ن اْلُمْؤِمِني َن ِم ْ عُدو َاْلَقا ِ
ل{ ]النساء: سِبيِل ا ِّ ن ِفي َ جاِهُدو َ ن َواْلُم َن اْلُمْؤِمِني َ
ن ِم ْ عُدو َسَتِوي اْلَقا ِ ب }َل َي ْ ف َفَقاَل)) :اْكُت ْ ح َأْو اْلَكِت ُ
َوالّلْو ُ
ت َمَكاَنَهاَ} :ل ضِريٌر؛ َفَنَزَل ْل َأَنا َ سوَل ا ِّ ن ُأّم َمْكُتوٍم َفَقاَلَ :يا َر ُ سّلَم اْب ُ
عَلْيِه َو َل َ صّلى ا ُّ ي َ ف الّنِب ّ
خْل ََ (([95و َ
ل{ ]النساء.[95 : سِبيِل ا ِّ ن ِفي َ جاِهُدو َ ضَرِر َواْلُم َ غْيَر ُأوِلي ال ّ ن َ ن اْلُمْؤِمِني َ ن ِم ْعُدو َسَتِوي اْلَقا ِ َي ْ
ت} :لَن اْلَبَراِء َقاَلَ :لّما َنَزَل ْعْق َ حا َ سَ ن َأِبي ِإ ْعْ سَراِئيَل َ ن ِإ ْعْ سى َ ن ُمو َ ل ْب ُعَبْيُد ا ِّ
حّدَثَنا ُ البخاري )َ (4990
سّلَم:
عَلْيِه وَ َ
ل َ صّلى ا ُّ ي َ ل{ ]النساءَ [95 :قاَل الّنِب ّ سِبيِل ا ِّ ن ِفي َ جاِهُدو َ ن َواْلُم َ
ن اْلُمْؤِمِني َ ن ِم ْعُدو َ سَتِوي اْلَقا ِ
َي ْ
ن{ ]النساء: عُدو َ سَتِوي اْلَقا ِ
بَ} :ل َي ْ ف َوالّدَواِة ُثّم َقاَل :اْكُت ْ ف َأْو اْلَكِت ِ
ح َوالّدَواِة َواْلَكِت ِ ئ ِبالّلْو ِ ج ْع ِلي َزْيًدا َوْلَي ِ
))اْد ُ
ل َفَما َتْأمُُرِني َفِإّنيسوَل ا ِّعَمى َقاَل َيا َر ُ ن ُأّم َمْكُتوٍم اَْل ْ عْمُرو ْب ُ سّلَم َعَلْيِه َو َل َ صّلى ا ُّ ي َ ظْهِر الّنِب ّ ف َ خْل َ َ ،(([95و َ
غْيُر ُأوِليل َ سِبيِل ا ِّن ِفي َ جاِهُدو َ ن َواْلُم َن اْلُمْؤِمِني َ
ن ِم ْ عُدو َسَتِوي اْلَقا ِ ت َمَكاَنَها }َل َي ْ صِر َفَنَزَل ْ ضِريُر اْلَب َجٌل َ َر ُ
ضَرِر{ ]النساء.[95 : ال ّ
ت اْلَبَراَء
سِمْع ُ
ق َقاَل َ
حا َ
سَعن َأِبي ِإ ْن َ سْفَيا ُ
حّدَثَنا ُحّدَثَنا َوِكيٌع َ
وفي رواية المام أحمد لنفس الحديث )َ (18174
ظيًما{ ]النساءَ [95 :أَتاُه عِجًرا َ ن َأ ْ
عِدي َعَلى اْلَقا ِن َجاِهِدي َل اْلُم َ
ضَل ا ُّ
لَيُة }َوَف ّت َهِذِه ا ْ
ب َيُقوُلَ :لّما َنَزَل ْعاِز ٍ ن َْب َ
ضَرِر{ ]النساء: غْيُر ُأوِلي ال ّ
تَ } : صِر؟ َقاَلَ :فَنَزَل ْضِريُر اْلَب َل َما َتْأُمُرِني ِإّني َ سوَل ا ِّن ُأّم َمْكُتوٍم َفَقاَلَ :يا َر ُاْب ُ
ح َوالّدَواِة((.ونحوها في رواية ف َوالّدَواِة َأْو الّلْو ِ
سّلَم)) :اْئُتوِني ِباْلَكِت ِ
عَلْيِه َو َ
ل َ صّلى ا ُّ
ي َ َ [95قاَلَ :فَقاَل الّنِب ّ
ضا ).(18084 المام أحمد أي ً
س مستفادة
درو ٌ
ن ،ولكنا عمدنا هنا إلى بعض ما يؤكد أن النبي ب الوحي مشهور متواتر ل يحتاج لبيا ٍ
والحقيقة أن أمر ُكّتا ِ
حا في
حا واض ً صلى ال عليه وسلم كان يأمر بكتابة القرآن فور نزول الوحي عليه ،وقد سبق هذا صري ً
النصوص المذكورة هنا ،فما معنى هذا ،وما هي الفائدة من إيراده؟
أول :براءة النبي صلى ال عليه وسلم من نسيان بعض الوحي ،أو عدم تبليغه ُلّمِته:
أمر النبي صلى ال عليه وسلم بكتابة القرآن فور نزول الوحي عليه يقطع الطرق على هؤلء المستشرقين
الخبثاء أمثال نولدكه )الذي يشيد به موراني دائًما( وجون جلكورايست وغيرهما ممن يقولون) :إن المصحف
لم يشتمل على كافة الجزاء القرآنية( أو )أن النبي صلى ال عليه وسلم قد نسي شيًئا من القرآن لم يبلغه
أمته(..
ومع وضوح فساد هذا القول جًدا ومصادمته للنصوص القرآنية المؤكد لحفظ ال عز وجل لهذا القرآن الكريم
خاصة وللسلم عامة ،وتوصيله كامل لكافة أجيال أمة السلم؛ ومع هذا كله فقد جاءت النصوص السابقة
لتقول :هاؤم انظروا كيف كتب النبي صلى ال عليه وسلم القرآن فور نزول الوحي عليه ،فها هو يقيد الوحي
س شيًئا أو يضيع منه شيء ،أو يتسرب الشك إليه في يوٍم من اليام.. بالكتابة إلى جانب الحفظ ،حتى ل ين َ
وكأن ال عز وجل بسابق علمه قد أراد أن يقطع بهذه النصوص السابقة طريق التشكيك الستشراقي الخبيث
في القرآن الكريم من جهة نسيان النبي صلى ال عليه وسلم لبعض الوحي الذي نزل..
كل؛ هذا هو الوحي ينزل ،فيستدعي النبي صلى ال عليه وسلم كتََبة الوحي فوًرا ويأمرهم بكتابة ما نزل ،ثم
يأتي زيد بن ثابت رضي ال عنه )كما سيأتي( فيجمع القرآن من هذه الصحف التي كتبها هو أو غيره بناًء
على أمر النبي صلى ال عليه وسلم وتحت سمعه وبصره وفي حياته..
ث!!
فل مجال إذن لحاقٍد أو عاب ٍ
نبقى مع القرآن الكريم ،فنقول :رغم الضوابط الصارمة التي ذكرها أهل الحديث الشريف في قبول الوجادة
ورّدها إل أن الجماع قد قام على أن العتماد في نقل القرآن على السماع والحفظ ل الكتابة والمصاحف ،وقد
سخ القرآن الخطية التي اعتمد عليها زيٌد في جمع القرآن لم تكن سبق بيان هذا الصل ،كما رأينا هنا أن ُن َ
ت بعد عصر كاتبها أو وفاته، جَد ْ
وليدة زمن أبي بكٍر رضي ال عنه ،ول كانت وجادًة؛ يعني لم تكن صحيفًة ُو ِ
ت بأمر النبي صلى ال عليه وسلم وفي حضرته وتحت سمعه وبصره ،فأغلق ال بهذا الطريق على وإنما ُكِتَب ْ
ت بعد النبي صلى ال عليه وسلم.. خبيث يدعي انقطاع سند مخطوطات المصحف ،أو جاهٍل يزعم أنها ُكِتَب ْ
ن واحٍد ..فالحمد لك يا ال. سخ وينسخها كلها في مكا ٍثم هاهو زيٌد يتتبع هذه الّن َ
ب بأمر النبي صلى ال عليه وسلم ،وتحت سمعه ك أن القرآن الكريم قد ُكِت َ نعم؛ ثبت لنا الن وبل أدنى ش ّ
وبصره ،وبحضرته ،وفور نزول الوحي عليه صلى ال عليه وسلم ،ثم جاء زيٌد رضي ال عنه فتتّبع هذه
سخ
سخ المعروف نسبتها وصلتها ،والسابق كتابتها بحضرة النبي صلى ال عليه وسلم ،فأخذ زيٌد هذه الّن َ الّن َ
ف واحٍد ،اعتماًدا على المحفوظ والمكتوب بناًء على الضوابط المعروفة نسًبا وصلًة فجمعها في مصح ٍ
خ القرآن المكتوب في عهد النبي صلى ال عليه وسلم. سِت في َن ْ
ضَع ْ
الصارمة التي ُو ِ
ن موراني وجلكرايست!! ما بي َ
شْبَهٌة ل أساس لها!! ُ
ت أن طعونات المستشرقين في ثوابت السلم ل تتوقف عند قضية مخطوطات القرآن ،وأنها حلقة سبق وذكر ُ
في منظومة كبيرة للطعن في السلم ،وتشكيك المسلمين في دينهم من ناحية ،وتشويه السلم وتقديمه
للشعوب الغربية بصورة منفرة من ناحية أخرى ،فهي حلقة ذات حدين ،لصابة المسلمين وتشكيكهم في
دينهم ،ولحجب غير المسلمين عن الدخول في السلم.
وقد تتابع المستشرقون على الطعن في القرآن الكريم خاصة وفي السلم عامة ،ولم تتغير نظرتهم للقرآن
ت مناهجهم في تناول الطعن وتقديمه ،كما سبق وأفاد د.موراني في عبارته التي سبق
عبر العصور وإن اختلف ْ
لي أن نقلُتها عنه في بدايات موضوعنا هذا.
وكان الطار الذي اختاره موراني لوضع الطعن فيه هو إطار البحث العلمي النزيه القائم على الدراسة
المقارنة بين مخطوطات المصاحف ،وتحقيق المصحف تحقيًقا علمّيا حسب زعمه ،كما زعم أنه ربما أوصلتنا
هذه النسخ إلى زيادة ونقصان في بعضها ،أو إلى اختلف ترتيب بعض اليات ولو جزئّيا ..كذا زعم موراني،
وقد مضى نقل كلمه بنصه في أول هذه المقالت ،وفي غير مرة.
وجاء جون جلكرايست فأخذ هذا الطعن وجعله في إطاٍر آخر ،ثم أضاف إليه أشياء أخرى لم يذكرها لنا
موراني هنا ،وربما ذكرها في موضٍع آخر؛ لن غيره من المستشرقين قد ذكرها ،ول زال موراني يؤكد على
أن نظرة المستشرقين للقرآن لم تتغير!!
ف ،بل لم يدع
ف وَزّوَر َوَزّي َ
حّر َ
طا عجيًبا ،و َ
تكلم جلكرايست كلًما كثيًرا ل طائل من ورائه ،وخلط في كلمه خل ً
رزيلة علمية أو خطيئة منهجّية إل وارتكبها في كتابه هذا..
ومع هذا نقتطف من كتابه النص التي فقط:
يقول جون جلكرايست في كتابه ))جمع القرآن(( تحت عنوان-3)) :نظرة عامة حول المرحلة الولى لجمع
القرآن(()) :امكانية فقدان بعض أجزاء النص واردة في عدة أحاديث نبوية تبين بعضها أن محمدا كان هو
نفسه عرضة لنسيان بعض أجزاء القرآن :
"حدثنا موسى يعني ابن إسمعيل حدثنا حماد عن هشام بن عروة عن عروة عن عائشة رضي اللهم عنها أن
رجل قام من الليل فقرأ فرفع صوته بالقرآن فلما أصبح قال رسول ال صلى اللهم عليه وسلم يرحم ال فلنا
كائن من آية أذكرنيها الليلة كنت قد أسقطتها" )كتاب الحروف و القراءات سنن بن أبي داود رقم (3456
وضع مترجم المرجع السابق إلى النجليزية ملحظة هامشية بين فيها أن محمدا لم ينس بعض اليات تلقائيا
بل ال هو الذي أنساه إياها مقيما بذلك عبرة للمسلمين .مهما كانت الغاية و السباب فالمهم هو أن محمدا
تعرض لنسيان بعض القرآن الذي أقر أنه أوحي إليه((.
وبناًء على هذا قال جون جلكرايست)) :نفس النصوص تنفي الفرضية الحديثة القائلة بأن المصحف الحالي
هو نسخة طبق الصل للقرآن الول لم يحذف منها شيء و لم يمسسها أي تغيير .ليس هناك ما يدل على أن
النص تعرض للتحريف و كل محاولة لتأكيد ذلك )كما فعل بعض الباحثين الغربيين( يمكن ضحضها بسهولة.
بالمقابل هناك أدلة عديدة على أن القرآن كان غير مكتمل وقت تدوينه في مصحف واحد((.
فهو يشير إلى تأكيد بعض الباحثين الغربيين على تحريف القرآن ثم ينفي هذا الزعم ،ويؤكد على أنه لم
حّرف ،وبهذا ينفذ إلى قلوب القراء ،ويظن القارئ به النصاف أو النزاهة أو الحيادية فيسهل عليه بعد ذلك
ُي َ
ل ،ويطلق عبارة ل قيمة لها بأن هناك أدلة عديدة على أن أن يزيف الحقيقة ويزعم أن القرآن لم يصل كام ً
ف واحٍد!!
القرآن كان غير مكتمل وقت تدوينه في مصح ٍ
ويخبط خبط عشواء ،ويحطب والدنيا ظلم ليؤكد كلمه وفكرته هذه..
بل وصل المر به أن يجعل الواقعة المذكورة في الحديث السابق في كلمه مؤكدة لنسيان النبي صلى ال عليه
وسلم بعض الوحي!!
وقد نقله من سنن أبي داود ،على عادة المستشرقين في عدم الفهم في ترتيب المصادر ،والجهل بعلوم السلم
ومصادره..
ولنرى رأي التاريخ في هذا الخبط الموراني أو الجلكرايستي..
إذا رجعنا إلى الحديث السابق في كلم جلكرايست فسنرى أنه عند البخاري ومسلم ،وكان العزو إليهما أولى
لو كان عارًفا بمصادر المسلمين أو بطرق استخراج النصوص وتخريجها عندهم..
عْ
ن شاٌم َ خَبَرَنا ِه َ
سِهٍر َأ ْ
ن ُم ْ ي ْب ُ
عِل ّ
خَبَرَنا َ ن آدََم َأ ْ
شُر ْب ُحّدَثَنا ِب ْ
على كل حاٍل ،فالحديث رواه البخاري )َ (5042
جِد َفَقاَل:
سِن الّلْيِل ِفي اْلَم ْ
سّلَم َقاِرًئا َيْقَرُأ ِم ْ
عَلْيِه َو َ
ل َ صّلى ا ُّ ي َ سِمَع الّنِب ّ
تَ : عْنَها َقاَل ْل َي ا ُّ ضَشَة َر ِ
عاِئ َ
ن َ
عْ
َأِبيِه َ
سوَرِة َكَذا َوَكَذا((. ن ُ طُتَها ِم ْسَق ْ
ل َلَقْد َأْذَكَرِني َكَذا َوَكَذا آَيًة َأ ْ
حُمُه ا ُّ))َيْر َ
ضا ).(788 ورواه مسلم أي ً
ق بين النسيان الجائز على النبي صلى ال عليه وسلم في غير الوحي ،وبين دعوى نقصان القرآن أوًل :فر ٌ
وأنه نسيه بعضه ولم يبلغه أُّمَته!!
ي شيًئا من الوحي لكن ل ُيَقّر على
سَفالنسيان جائٌز على النبي صلى ال عليه وسلم في غير الوحي ،وربما ن ِ
هذا النسيان أبًدا ،بل كان سبحانه وتعالى يتعّهد نبيه بالتذكير دائًما ،إما عن طريق الوحي المباشر ،أو عن
ب ال عز وجل له رجل من الصحابة ص َ
ثن َ طريق نصب الدللة له على التذًّكر كما في الحديث المذكور ،حي ُ
يقرأ الية ليتذكرها النبي صلى ال عليه وسلم.
ل ،بل الحديث المذكور شْبهة ل دليل فيها على أن بعض القرآن قد ضاع ،أو أنه لم يصل كام ً ثانًيا :أن هذه ال ّ
ل غير منقوص. واضح جًدا في كمال القرآن وتمامه ،وأنه قد بّلَغه النبي صلى ال عليه وسلم ُلّمِته ،كام ً
ل لرأوا أن النبي صلى ال عليه وسلم يقول)) :لقد َأْذَكَرِني كذا ولو تدّبر المستشرقون وفكروا بعقولهم قلي ً
ن أبلغه إياها هو وغيره من ت هذه اليات للرجل الذي قرَأ بها؟ وَم ْن أين وصل ْ
وكذا آيًة أسقطُتها(( فِم ْ
الصحابة؟
أليس هو رسول ال صلى ال عليه وسلم؟!
فإذا كان النبي صلى ال عليه وسلم قد بّلغ الية لصحابه فحفظوها ووعوها ثم نساها لبعض الوقت حتى
تذكرها بقراءة القارئ فالقضية هنا محصورة في نسيان النبي صلى ال عليه وسلم للية لبعض الوقت ثم
تذّكره لها ثانية بعد سماعها من القارئ ،ول أثر لها على القرآن إطلًقا..
لماذا؟
لن النبي صلى ال عليه وسلم قد بّلَغها أصحابه ،فوصلتهم ،ووعوها وحفظوها وقرأوا بها ،ففي الوقت الذي
كان النبي صلى ال عليه وسلم ل يذكرها كانت الية محفوظة في صدور أصحابه معلومًة لديهم يقرأوا بها في
صلتهم..
ن بّلَغها
فلم تتأثر الية أصل بنسيان النبي صلى ال عليه وسلم لها لبعض الوقت؛ لن نسيانه لها جرى بعد َأ ْ
أصحابه فحفظوها ووعوها ،بدليل أنه تذكرها حين سمعها من القارئ..
ل ،ول
فلو كان نسيان النبي صلى ال عليه وسلم للية المذكورة مؤّثًرا عليها لم يكن ليقرأ بها أحٌد أص ً
ن شيًئا لم يكن كما ترى؛ ِإْذ
ليتذكرها هو ثانيًة صلى ال عليه وسلم ،ولكن وقع نسيانه لها بعد تبليغه لها ،فكَأ ْ
ل صلة لنسيانه لها لبعض الوقت من قريب أو بعيد بقضية وصولها لصحابه رضوان ال عليهم ول حفظهم
ح في ذلك. ت مراًرا قد بلغها قبل نسيانه لها ،والحديث ظاهٌر واض ٌ
لها؛ لنه كما كرر ُ
س أنه صلى ال عليه وسلم كان يبادر بإملء الوحي فور نزوله على ُكّتابِ ضحه بل أدنى لب ٍ
ويَؤّكد هذا ويو ّ
سه ،أو يبادر بالرسال لهم وأمرهم بإحضار أدوات الكتابة وكتابة ما نزل منن كانوا حضوًرا في مجل ِ
الوحي ِإ ْ
الوحي فور نزوله ،وقد سبق هذا في المداخلة السابقة هنا ،مع أدلة ذلك بوضوح..
فأنت ترى الن أنه صلى ال عليه وسلم كان يكتب الوحي فور نزوله ،ثم كان ُيَبّلغه أصحابه فور نزوله
ي شيًئا لبعض الوقت ثم تذّكَرُه ثانيًة؛ لنه قد سبق تدوينه ويقرأه عليهم فيكتبوه ،فل إشكال بعد ذلك إن نس َ
ظ في الصدور.. ظ في أدوات الكتابة كما حُِف َ
حِف َ
فور نزوله ف ُ
فاجتمع فور نزول الوحي أعلى درجات الحفظ له ،وهما حفظ الصدر وحفظ الكتابة ،وتكاتف السماع مع الكتابة
على حفظ القرآن الكريم ..فلله الحمد.
ثانًيا :قال ابن حجٍر شارح البخاري في شرحه للحديث السابقَ)) :وَقْوله ِفيِهَ) :لَقْد َأْذَكَرِني َكَذا َوَكَذا آَية( َقاَل
عَلْيِهَ ،وَكَذا
ن اْلُقْرآن َبْعد الّتْبِليغ َلِكّنُه َل ُيَقّر َ
شْيًئا ِم ْ
سى َن َيْن َ
سّلَم َأ ْ
عَلْيِه َو َ
ل َصّلى ا ّ
ي َ عَلى الّنِب ّ
جوز َجْمُهور َ :ي ُاْل ُ
ل{ ]العلى- 6 : شاَء ا ّ سى ِإل َما َ ل َتْن َ
سُنْقِرُئك َف َ
عَلْيِه َقْوله َتَعاَلىَ } :
غَ ،وَيُدّل َ
سى َما ل َيَتَعّلق ِباِلْبل ِ
ن َيْن َ
جوز َأ ْ
َي ُ
(([7أهـ
سيكه ال عز وجل ،لعّلة والستثناء في قوله تعالى} :إل ما شاء ال{ يعني :إل ما شاء ال أن ُينسيكه ،فسُيْن ِ
خْيٍر ّمْنَها َأْو ِمْثِلَها{
ت ِب َ
سَها َنْأ ِ
ن آَيٍة َأْو ُنن ِ
خ ِم ْ
سْل ،كما يقول ال عز وجل في الية الخرىَ} :ما َنن َ
النسخ مث ً
]البقرة.[106 :
ت آَيَة َكَذا سي ُ ن َوَهْل َيُقوُل َن ِ ن اْلُقْرآ ِ سَيا ِوقد َبّوب البخاري ) (5037على الحديث المذكور هنا بقولهَ)) :باب ِن ْ
ل{ ]العلى.(([7 - 6 : شاَء ا ّ سى ِإل َما َ ل َتْن َسُنْقِرُئك َف َ ل َتَعاَلىَ } : َوَكَذا؟ َوَقْوِل ا ِّ
ن َهَذا عْ جِر َ س ِللّز ْسيت آَية َكَذا َوَكَذا َلْي َ ن َقْولَ :ن ِ عْن الّنْهي َ ن حجٍر رحمه الَ)) :كَأّنُه ُيِريد َأ ّ قال شارحه اب ُ
عَلى حة َ ن َيْنِزل اْلَمْنع َواِْلَبا َ حَتِمل َأ ْ ضَية ِلَقْوِل َهَذا الّلْفظ َ ,وَي ْ سَيان اْلُمْقَت ِ سَباب الّن ْ طي َأ ْ ن َتَعا ِعْ جِر َ الّلْفظ َ ,بْل ِللّز ْ
عْ
ن شأ َ سَيان َلْم َيْن َ ن الّن ْ ك َِل ّعَلْيِه َقْول َذِل َ جَهاِد َلْم َيْمَتِنع َ ي َكاْل ِشِتَغاله ِبَأْمٍر ِديِن ّ ن ِا ْعْ سَيانه َ شَأ ِن ْن َن َ ن َ :فَم ْ حاَلَتْي ِ
َ
سَيان ِإَلى َنْفسه . سَبة الّن ْ ن ِن ْسّلَم ِم ْ عَلْيِه َو َ صّلى الّ َ ي َ ن الّنِب ّعْ ك َ ن َذِل َحَمل َما َوَرَد ِم ْ ك ُي ْ
عَلى َذِل َ ي َ ,و َ ِإْهَمال ِديِن ّ
سَيان. سَباب الّن ْ طيِه َأ ْعَلْيِه ِلَتَعا ِ
ظوًرا ِ -اْمَتَنَع َ حُن َم ْن َكا َ سّيَما ِإ ْي َ -وَل ِ شِتَغاله ِبَأْمٍر ُدْنَيِو ّ ن ِا ْعْ سَيانه َ شَأ ِن ْن َن َ َوَم ْ
صير ل{ ]العلىُ :[7 - 6 :هَو َم ِ شاَء ا ّ سى ِإل َما َ ل َتْن َسُنْقِرُئك َف َ ل َتَعاَلىَ } : َقْوله ـ ]يعني البخاري[ـَ :وَقْول ا ّ
خَبَرُه َأّنُه ل ل َأ ْنا ّ سى{ َناِفَيةَ ،وَأ ّ ن )ل( ِفي َقْولهَ} :فل َتْن َ عَلْيِه اَْلْكَثر َأ ّ خِتَيار َما َ ِمْنُه ـ ]يعني البخاري[ـ ِإَلى ِا ْ
سب ُرُءوس اليَ ،واَلّول َأْكَثر سين ِلُتَنا ِ شَباع ِفي ال ّ ن )ل( َناِهَيةَ ،وِإّنَما َوَقَع اِْل ْ سى َما َأْقَرأُه ِإّياُهَ ،وَقْد ِقيَلِ :إ ّ َيْن َ
شاَء سن َوَقَتاَدةِ} :إّل َما َ ح َن اْل َ عْ يَ ،و َ سُتْثِن َيء ِا ْش ْك َ س ُهَنا َ ك َوَلْي َ سِتْثَناء َفَقاَل اْلَفّراء ُ :هَو ِللّتَبّر ِ ف ِفي ال ْ خُتِل ََ .وا ْ
عَلْيِه ِم ْ
ن جِبْلت َ نَ ،وِقيَلِ :لَما ُ سّ سيَكُه ِلَت ُ ن ُيْن ِل َأ ْ
عّباس ِ :إّل َما َأَراَد ا ّ ن ِاْبن َ عْ ن ُتْرَفع ِتلَوته َ .و َ ضى َأ ْ ي َق َ ل{ َأ ْ ا ّ
سخُه ن َيْن َل َأ ْي :ل َتْتُرك اْلَعَمل ِبِه ِإّل َما َأَراَد ا ّ سى{ َأ ْ ل َتْن َسَنْذُكُرُه َبْعدَ ,وِقيَل اْلَمْعَنىَ} :ف َ ن َ شِرّية َلِك ْ طَباع اْلَب َ ال ّ
َفَتْتُرك اْلَعَمل ِبِه((أهـ
ن َأِبي سى ْب ُ حّدَثَنا ُمو َعَواَنَة َقاَل َ حّدَثَنا َأُبو َ عيَل َقالَ َ سَما ِن ِإ ْ سى ْب ُ حّدَثَنا ُمو َ ثالًثا :قال المام البخاري رحمه الَ :
جَل ِبِه{ َقاَلَ)) :كا َ
ن ك ِلَتْع َ
ساَن َك ِبِه ِل َحّر ْس ِفي َقْوِلِه َتَعاَلى} :ل ُت َ عّبا ٍ ن َ ن اْب ِ عْ جَبْيٍر َ ن ُسِعيُد ْب ُ حّدَثَنا َ
شَة َقاَل َ عاِئ ََ
سَ :فَأَنا عّبا ٍن َ شَفَتْيِهَ ،فَقاَل اْب ُك َ حّر ُن ِمّما ُي َشّدًةَ ،وَكا َ ن الّتْنِزيِل ِ ج ِم ْ سّلَم ُيَعاِل ُ
عَلْيِه َو َل َصّلى ا ُّ ل َ سوُل ا ِّ َر ُ
عّبا ٍ
س ن َ ت اْب َ
حّرُكُهَما َكَما َرَأْي ُ سِعيٌدَ :أَنا ُأ َحّرُكُهَماَ ،وَقاَل َ سّلَم ُي َعَلْيِه َو َ ل َ صّلى ا ُّ ل َ سوُل ا ِّ ن َر ُ حّرُكُهَما َلُكْم َكَما َكا َ ُأ َ
جْمُعُهجْمَعُه َوُقْرآَنُه{ َقاَلَ : عَلْيَنا َن َ جَل ِبِه ِإ ّ
ك ِلَتْع َ
ساَن َ
ك ِبِه ِل َ حّر ْ ل َتَعاَلى} :ل ُت َ شَفَتْيِهَ ،فَأْنَزَل ا ُّ
ك َ حّر َحّرُكُهَماَ ،ف َ ُي َ
عَلْيَنا َأ ْ
ن عَلْيَنا َبَياَنُه{ ُثّم ِإنّ َ
ن َ تُ} ،ثّم ِإ ّ ص ْ سَتِمْع َلُه َوَأْن ِ
ك َوَتْقَرَأُه }َفِإَذا َقَرْأَناُه{ َفاّتِبْع ُقْرآَنُهَ ،قاَلَ :فا ْ صْدِر َ
ك ِفي َ َل َ
صّلى جْبِريُل َقَرَأُه الّنِبيّ َ ق ِ طَل َ
سَتَمَع َفِإَذا اْن َجْبِريُل ا ْ ك ِإَذا َأَتاُه ِ سّلَم َبْعَد َذِل َ
عَلْيِه َو َ ل َ
صّلى ا ُّ ل َ سوُل ا ِّ ن َر ُ َتْقَرَأُهَ ،فَكا َ
سّلَم َكَما َقَرَأُه((. عَلْيِه َو َ ل َ ا ُّ
ضا ).(448 ورواه مسلم أي ً
جل حفظ القرآن ،فأمره ال عز وجل أن ينصت إلى جبريل، ت ترى أن النبي صلى ال عليه وسلم كان يتع ّ فأن َ
أوًل ،ووعَده بأن يحفظه ،وأن يقرَأه النبي صلى ال عليه وسلم كما سِمَعه من جبريل عليه السلم..
سَتَمَع َفِإَذا
جْبِريُل ا ْ
ك ِإَذا َأَتاُه ِ
سّلَم َبْعَد َذِل َ
عَلْيِه َو َ
ل َصّلى ا ُّ
ل َ سوُل ا ِّ ن َر ُ س المذكورَ)) :فَكا َ ففي حديث ابن عبا ٍ
سّلَم َكَما َقَرَأُه((.عَلْيِه َو َ
ل َ صّلى ا ُّ
ي َ جْبِريُل َقَرَأُه الّنِب ّ
ق ِ
طَل َ
اْن َ
ب السابق في المداخلة السابقة، فها هو يقرأه كما قرَأه جبريل تماًما ،ثم تأتي روايات حديث البراء بن عاز ٍ
ومنها:
ت:ن اْلَبَراِء َقاَلَ :لّما َنَزَل ْ
عْ ق َحا َ سَن َأِبي ِإ ْ عْسَراِئيَل َ ن ِإ ْعْ سى َ ن ُمو َ ل ْب ُ
عَبْيُد ا ِّحّدَثَنا ُ
رواية البخاري )َ (4990
سّلَم:
عَلْيِه َو َ
ل َ صّلى ا ُّ ي َ ل{ ]النساءَ [95 :قاَل الّنِب ّ سِبيِل ا ِّ ن ِفي َ جاِهُدو َ ن َواْلُم َن اْلُمْؤِمِني َن ِم ْعُدو َ سَتِوي اْلَقا ِ
}َل َي ْ
ن{ ]النساء: عُدو َسَتِوي اْلَقا ِ بَ} :ل َي ْ ف َوالّدَواِة ُثّم َقاَل :اْكُت ْ ف َأْو اْلَكِت ِ
ح َوالّدَواِة َواْلَكِت ِ ئ ِبالّلْو ِج ْع ِلي َزْيًدا َوْلَي ِ
))اْد ُ
ل َفَما َتْأمُُرِني َفِإّنيسوَل ا ِّ عَمى َقاَل َيا َر ُ ن ُأّم َمْكُتوٍم اَْل ْ عْمُرو ْب ُ سّلَم َعَلْيِه َو َل َ صّلى ا ُّ ي َ ظْهِر الّنِب ّف َ خْل َ َ ،(([95و َ
غْيُر ُأوِليل َ سِبيِل ا ِّن ِفي َ جاِهُدو َ ن َواْلُم َ ن اْلُمْؤِمِني َن ِم ْ عُدو َسَتِوي اْلَقا ِ ت َمَكاَنَها }َل َي ْ صِر َفَنَزَل ْ
ضِريُر اْلَب َ جٌل َ
َر ُ
ضَرِر{ ]النساء.[95 : ال ّ
حَكم :يقرأه النبي صلى ال عليه وسلم كما قرَأُه جبريل تماًما ،ثم يأمر النبي فانظر في هذا الترتيب الرباني الُم ْ
صلى ال عليه وسلم بكتابة الوحي على الفور ،في الوقت نفسه يقرَأُه النبي صلى ال عليه وسلم على
ي شيًئا منه ذّكَرْته قراءة أصحابه رضوان ال لما سمعوه منه من قبُل ،وما سَ أصحابه فيحفظوه ،حتى إذا ما َن ِ
دّونوه بأمره وتحت سمعه وبصره في ألواحهم..
ت به وأوليت..
فلك اللهم الحمد على ما أنعم َ
رابًعا :قال المام عبد الرزاق الصنعاني رحمه ال في ))تفسيره(( ))) :(1/55حدثنا َمْعمر عن قتادة والكلبي
سي نبّيه ما شاَء وينسخ ما شاء.في قوله} :ما ننسخ من آية أو ننسها{ قال :كان ال تعالي ِذْكره ُيْن ِ
قال َمْعمر :وقال قتادة :وأما قوله} :نأت بخير منها أو مثلها{ يقول :آيه فيها تخفيف فيها رخصة فيها أمر
فيها نهي((أهـ
وهذا المعنى مشهور في تفاسير المسلمين ..ومنه يؤخذ أن نسيان النبي صلى ال عليه وسلم لم يكن ليقع إل
سيه لنبيه صلى ال عليه وسلم فليس هو بمشيئة ال عز وجل ،وبطبيعة الحال فإن ما أراد ال عز وجل أن ُيْن ِ
من الوحي المأمور بتبليغه ،بخلف ما لو أوحاه ال عز وجل إليه ثم نساه النبي صلى ال عليه وسلم بعد
تبليغه ُلّمِته ،فهذا وحي ،ل يضره أن ينساه النبي صلى ال عليه وسلم لبعض الوقت؛ لنه قد بّلَغه ُلّمِته
فحفظوه ووعوه ودّونوه في حضرة النبي صلى ال عليه وسلم وتحت سمعه وبصره ،ثم ها هو يتذكره ثانيًة
إذا سمعهم يتلونه..
ن أبي حاتٍم في ))تفسيره(( ))) :(1057حدثنا أبو زرعة حدثنا عمرو بن حماد بن طلحة حدثنا أسباط وقال اب ُ
سّدي} :ما ننسخ من آيٍة{ :نسخها :قبضها.عن ال ّ
قال أبو محمد ـ ]وهو ابن أبي حاتٍم[ ـ :يعني بقبضها رفعها؛ مثل :الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموها البتة،
وقوله :لو كان لبن آدم واديان من مال لبتغى إليهما ثالث((أهـ
ضا 19222)) :عن مجاهد في قوله} :سنقرئك فل ولننظر في هذه النصوص في ))تفسير ابن أبي حاتٍم(( أي ً
سه مخافة أن ينسى.
تنسى{ قال :كان يتذكر القرآن في نف ِ
19223عن ابن عباس} :سنقرئك فل تنسى إل ما شاء ال{ يقول :إل ما شئت أنا فأنسيك
19224عن قتادة في قوله} :سنقرئك فل تنسى إل ما شاء ال{ قال :كان رسول ال صلى ال عليه وسلم ل
ينسى شيًئا إل ما شاء ال((أهـ
ن كثير في ))تفسيره(( ))) :(4/501وقوله تعالى} :سنقرئك{ أي يا محمد }فل تنسى{ ،وهذا إخباٌر ويقول اب ُ
من ال تعالى ووعٌد منه له بأنه سيقرئه قراءًة ل ينساها} ،إل ما شاء ال{ ،وهذا اختيار ابن جرير ،وقال
قتادة :كان رسول ال eل ينسى شيًئا إل ما شاء ال ،وقيل :المراد بقوله} :فل تنسى{ طلب وجعل معنى
الستثناء على هذا ما يقع من النسخ أي ل تنسى ما نقرئك إل ما يشاء ال رفعه فل عليك أن تتركه((أهـ
شْبهة المثارة بهذه الّرباعية المذكورة ،ومنها يظهر أن النبي صلى ال عليه وسلم وأكتفي في الجواب عن ال ّ
ن ُيْبِلَغه ُأّمَته ،كما يتضح لنا مما سبق بجلٍء ل لبس فيه أن النبي ُمَبّرٌأ تماًما من نسيان بعض الوحي قبل َأ ْ
ل غير منقوص تماًما ن القرآن قد وصلنا كام ً
س حرًفا من القرآن لم ُيْبِلغه ُأّمَته ،وأ ّصلى ال عليه وسلم لم ين َ
كما قرأُه النبي صلى ال عليه وسلم على جبريل عليه السلم..
ب العالمين.. فالحمد ل ر ّ
عودٌة إلى تدوين القرآن وترتيبه
في العهد النبوي
نعود إلى ما كّنا فيه من الكلم عن التدوين الكتابي للقرآن الكريم وترتيبه في العهد النبوي ،وبحضرة النبي
صلى ال عليه وسلم.
طا عجيًبا جًدا ،وكان على رأس هؤلء المستشرقين ث خلط أكثُر المستشرقين في هذا الموضع خل ً حي ُ
جولدزيهر ونولدكه وجون جلكرايست وموراني وغيرهم ممن لم يتمكن ِمن دراسة السلم ِمن منابعه
الصلية ،أو بطرِقه الصحيحة.
صا ،بينما ذهب جولدزيهر وجلكرايست إلى أن حتى وصل الحال بنولدكه أن يزعم أن القرآن قد وصلنا ناق ً
جِمع من الصحف والكتاف ومن صدور الرجال ،فاحتمل هنا دخول الخلل ،وضياع بعض القرآن، القرآن قد ُ
ومن هنا جاء نولدكه وموراني ليزعما ضرورة الدراسة المقارنة لنسخ المصحف بغرض تحقيق القرآن،
للوقوف على الزيادة والنقص واختلف الترتيب بين هذه النسخ.
ب من الصحف والكتاف وذهب بعض الباحثين الغربيين إلى أن القرآن قد وقع فيه التحريف؛ لنه قد ُكِت َ
وغيرها من أدوات الكتابة ،ولم ُيْكتب ـ كما زعم ـ بحضرة النبي صلى ال عليه وسلم ،حكى ذلك عنهم جون
جلكرايست في كتابه ))جمع القرآن(( ورّده وَأّكد على أن القرآن لم يقع فيه أي تحريف ،ولكنه في نظره لم
عا ،وأن جمعل ،وعلل ذلك بعلٍل شتى ،كان منها أن النبي صلى ال عليه وسلم لم يترك القرآن مجمو ً يصل كام ً
القرآن قد خضع لضوابط صارمة ورغبة صادقة قام بها الصحابة رضي ال عنهم ،ولكن فاتهم الكثير من
القرآن حسب زعمه فلم ُيَدّوُنوه!!
وعلى كل حاٍل فقد سبق رد هذه التخليطات في المداخلت السابقة ،كما سبق إثبات أن النبي صلى ال عليه
ضا طرّيا بمجرد نزول الوحي عليه صلى ال عليه وسلم، ن القرآن فور نزوله ،وأمر بكتابته غ ّ وسلم قد دّو َ
فإن لم يكن الكاتب موجوًدا بعث في طلِبه ،وأمَرُه بإحضار أدوات الكتابة ،ثم َأْمَلى عليه الوحي فكتبه في
الصحف والكتاف ،بجوار حفظه في الصدور.
ونتابع مسيرتنا في نفس الموضوع فنزيده أدلًة وأطروحات جديدًة ،مَؤّكَدًة لما سبق تقريره في ))كتابة النبي
ظا في الصدور، ت صلى ال عليه وسلم إل والقرآن محفو ً صلى ال عليه وسلم للوحي فور نزوله ،وأنه لم َيُم ْ
مكتوًبا في اللواح والكتاف وغيرها من أدوات الكتابة((.
مع الشارة للقتصار في ذلك كله على الثابت من الدلة ،وكذا اليجاز في ذلك جّدا ،بعَد ضمان السلمة ِمن
َبْتر المعاني والموضوعات.
وذلك تأكيًدا على أمرين:
ل ،عن طريق الكتابة ،وبدء تدوينه وكتابته فور نزول الوحي ،ثم تكرر عملية الول :وصول القرآن الكريم كام ً
نسخ هذا المكتوب على َمّر الجيال دون زيادة أو نقصان..
عِد ال عز وجل بحفظ القرآن قو ْ
ساخ وتطاول الزمان مع ثبات المنسوخ أكبر الدللة على تحّق ِ وفي كثرة الّن ّ
الكريم..
الثاني :التأكيد على ما سبق بيانه من أن العتماد في نقل القرآن على السماع والحفظ ل على الكتابة
والمصاحف.
والضبط على قسمين:
ضبط صدٍر ،وهو الحفظ ،وضبط كتابة ،وهو التدوين الكتابي للعلوم.
وكل الضبطين معتمٌد ومعموٌل به ،بيَد أن أعلى الحالت ما اجتمع فيه الضبطان مًعا ،وتوازيا على حف ِ
ظ
المنقول.
وهذا عينه ما تحقق في القرآن الكريم.
فقد كان ول زال العتماد فيه على الحفظ والسماع ،ل على الكتابة والمصاحف ،ومع هذا فقد كان ول زال
ف.
ح ِ
صُطا كتابًة ورسًما في ال ّ
ظا مضبو ًمكتوًبا محفو ً
ن القرآن بأمِره وحضرِته ،فَأَمَر صلى ال عليه وسلموخلصُة ذلك كله :أن النبي صلى ال عليه وسلم قد َدّو َ
ت صلى ال عليه وسلم حتى بكتابِة القرآن في حياته ،وتحت سمعه وبصره ،فور نزول الوحي مباشرًة ،ولم َيُم ْ
ظا في الصدور ،مكتوًبا في اللواح والكتاف ونحوهما من أدوات الكتابة. كان القرآن محفو ً
عَلْيِهصّلى الُّ َ ي َ ن َقاَل َلْم َيْتُرك الّنِب ّخصَ لنا البخاري العظيم هذه القضية بقوله رحمة ال عليهَ)) :باب َم ْ وقد َل ّ
ن((..ن الّدّفَتْي ِ
سّلَم ِإّل َما َبْي ََو َ
خْل ُ
ت ن ُرَفْيٍع َقاَلَ :د َعْبِد اْلَعِزيِز ْب ِ
ن َ عْ ن َ سْفَيا ُ
حّدَثَنا ُ
سِعيٍد َ
ن َ حّدَثَنا ُقَتْيَبُة ْب ُ
ثم أورَد البخاري رحمه ال )َ (5019
سّلَم
عَلْيِه َو َ
ل َ صّلى ا ُّ ي َ ك الّنِب ّ
ن َمْعِقٍلَ :أَتَر َ
شّداُد ْب ُ
عْنُهَما َفَقاَل َلُه َل َ ي ا ُّ ضَ س َر ِ عّبا ٍ ن َ عَلى اْب ِن َمْعِقٍل َ شّداُد ْب َُأَنا َو َ
ك ِإّل َما
سَأْلَناُه؟ َفَقاَل َ :ما َتَر َ
حَنِفّيِة َف َ
ن اْل َ
حّمدِ ْب ِ
عَلى ُم َخْلَنا َ
نَ ،قاَلَ :وَد َ ن الّدّفَتْي ِ
ك ِإّل َما َبْي َ
يٍء؟ َقاَلَ :ما َتَر َ ش ْن َ ِم ْ
ن.
ن الّدّفَتْي َِبْي َ
ن ُرَفْيٍع َقاَل:
عْبُد اْلَعِزيِز ْب ُ
حّدَثَنا َ
ن َ
سْفَيا ُ
حّدَثَنا ُ وفي رواية المام أحمد رحمه ال في هذا الحديث )َ (1912
سّلَم ِإّل َما
عَلْيِه َو َ
ل َصّلى ا ُّ ل َسوُل ا ِّ ك َر ُ سَ :ما َتَر َ عّبا ٍ ن َ سَ ،فَقاَل اْب ُ
عّبا ٍ ن َ عَلى اْب ِ
ن َمْعِقٍل َشّداُد ْب ُ
ت َأَنا َو َخْل ُ
َد َ
ك.
ي َفَقاَل ِمْثَل َذِل َعِل ّ
ن َحّمِد ْب ِ
عَلى ُم َخْلَنا َ
نَ ،وَد َ
حْي ِن الّلْو َ
ن َهَذْي َِبْي َ
خص لنا المعاني السابقة في روايات الباب وأحاديثه.. وهذا الحديث ُيَل ّ
حه ،وَتَتّبِع مفرداته..شْر ِ
شِم َ
جّن َت َ
ي بظهور لفظه ،وجلء معناه؛ عن كثيٍر ِم ْ ثم هو غن ّ
ن مما ل خلف
شّراح ،أو عن غيره من المور؛ فإ ّ ض ال ّ
وسواٌء كان مراد السائل عن أمر الخلفة كما ذَكَرُه بع ُ
عليه أنه صلى ال عليه وسلم ))لم يترك سوى ما بين اللوحين(( أو ))ما بين الدّفتين((.
دللُة الّتْرِتيب
ن َأّيوبَ
حَيى ْب ُ خَبَرَنا َي ْ
ق َأ ْحا َسَ ن ِإ ْحَيى ْب ُ حّدَثَنا َي ْ
يروي لنا المام أحمد رحمه ال في ))مسنده(( )َ (21097
سوِل ا ِّ
ل عْنَد َر ُن ِ حُ ت َقاَلَ :بْيَنا َن ْ ن َثاِب ٍ
ن َزْيدَ ْب َ خَبَرُه َأ ّ
سَة َأ ْ
شَما َ
ن ِ ن ْب َ
حَم ِعْبَد الّر ْ
ن َ ب َأ ّحِبي ٍن َأِبي َ حّدَثَنا َيِزيُد ْب َُ
ل؟ َقاَلِ)) :إ ّ
ن سوَل ا ِّ ك َيا َر ُ شاِم(( ِقيَل َوِلَم َذِل َ طوَبى ِلل ّ ع ِإْذ َقاَلُ )) :ن الّرَقا ِن ِم ْف اْلُقْرآ َسّلَم ُنَؤّل ُ
عَلْيِه َو َ ل َصّلى ا ُّ َ
عَلْيَها((.حَتَها َ جِن َ
طٌة َأ ْ
سَ ن َبا ِحَم ِ لِئَكَة الّر َْم َ
ت رواه ابن أبي شيبة والترمذي وابن حبان والحاكم وغيرهم. ث ثاب ٌ وهو حدي ٌ
ن ْب ِ
ن حمَ ِعْبِد الّر ْ
ن َ عْ ب َ حِبي ٍ ن َأِبي َ ن َيِزيَد ْب ِعْ ب َ ن َأّيو َ حَيى ْب َ
ن َي ْ
عْ وهو عند الترمذي ) (3954من وجٍه آخر َ
ع ...الحديث؛ ن الّرَقا ِن ِم ْ ف اْلُقْرآ َ سّلَم ُنَؤّل ُ
عَلْيِه وَ َ ل َ صّلى ا ُّ ل َسوِل ا ِّ عْنَد َر ُ
ت َقاَلُ :كّنا ِ ن َثاِب ٍن َزْيِد ْب ِ عْ سَة َشَما َ ِ
بنحوه.
ب اليمان(( )َ)) :(171وِإّنما َأَراَد وال تعالى أعلم َتْأِليف ما نزَل ِمن اليا ِ
ت شَع ِ
يقول البيهقي في كتابه )) ُ
ي صلى ال عليه و سلم((. جْمعها فيها بإشارِة الّنِب ّ
سوَرِتَها َو َ
المتفّرَقِة في ُ
ضا ،ومن ذلك: وقد استخدم العلماء التأليف بمعنى الترتيب في كلمهم وعباراتهم أي ً
قول المام مسلم رحمة ال عليه في مقدمة ))صحيحه(( أثناء كلمه عن منهجه في الصحيح وترتيب أحاديث
حُ
ن غْيِرَها َ ......فإَِذا َن ْن َ ب ِم ْن اْلُعُيو ِ
سَلُم ِم ْ
ي َأ ْ
خَباَر اّلِتي ِه َ ن ُنَقّدَم اَْل ْ
خى َأ ْ سُم اَْلّوُلَ :فِإّنا َنَتو ّ
كتابهَ)) :فَأّما اْلِق ْ
حْف ِ
ظ ف ِباْل ِ
صو ِ س ِباْلَمْو ُن َلْي َ
ض َم ْساِنيِدَها َبْع ُ خَباًرا َيَقُع ِفي َأ َ س َأْتَبْعَناَها َأ ْ
ن الّنا ِ ف ِم ْصْن ِ خَباَر َهَذا ال ّ صْيَنا َأ ْ
َتَق ّ
سوِلعنْ َر ُ خَباِر َ
ن اَْل ْ
ت ِم ْسَأْل َ
ف َما َجوِه ُنَؤّل ُ ن اْلُو ُ
حِو َما َذَكْرَنا ِم ْ ف اْلُمَقّدِم َقْبَلُهْم َ .......فَعَلى َن ْ صْن ِن َكال ّ َواِْلْتَقا ِ
سّلَم((.
عَلْيِه َو َ
ل َصّلى ا ُّ ل َ ا ِّ
يعنيُ :يَرّتب الخبار في كتابه.
ب القرآني
ِإَلِهّية الترتي ِ
وقد حكى ابن تيمية وكذا الزركشي في ))البرهان(( والسيوطي في ))التقان(( وغيرهم؛ حكوا الجماع على
أن ترتيب اليات توقيفي وليس اجتهادّيا.
ضا ،وهو الراجح المؤّيد بالدلة
واختلفوا في ترتيب السور ،والذي رجحه ابن النباري وغيره أنه توقيفي أي ً
الكثيرة.
ضا)) :وقد حكى القرطبي عن أبي بكر بن النباري في كتاب الرد أنه وقال ابن كثيٍر أي ً
ت ،وكان
ف والكلما َ
غّيَر الحرو َ
سَد نظَم اليات َو َ
خَرة كان كَمن َأْف َ خَر سورًة ُمَقّدَمة أو َقّدَم ُأخرى ُمَؤ ّقال :فمن َأ ّ
ب على هذا النحو المشهور((. مستنده اّتباع مصحف عثمان رضى ال عنه ،فإنه ُمَرّت ٌ
سِئَل ربيعة ِلَم ُقّدَمت البقرة وآل عمران وقد َنَزَل قبلهما بضع ب :سمعت سليمان بن بلل يقول ُ : ن وه ٍ ))قال اب ُ
عْلٍم ِمّمن َأّلَفُه ،وقد أجمعوا على العلم بذلك ،فهذا مما ُيْنَتَهى
ف القرآن على ِ وثمانون سورة؟ فقال ُ :قّدَمَتا وُأّل َ
سئل عنه.إليه ،ول ُي ْ
ي صلى ال عليه ف القرآن على ما كانوا يسمعونه ِمن النب ّ ت مالًكا يقول ِ :إّنما ُأّل َ قال ابن وهب :وسمع ُ
وسلم(( ]فضائل القرآن لبن كثيٍر ).[(81
ك :رواه أبو عمرو المقرئ في كتابه ))المقنع(( )مخطوطة الزهرية( ]ق/5/أ[ وهذا الخبر الخير عن مال ٍ
ف القرآن على ما كانوا يسمعون من قراءة رسول الت مالًكا يقول :إنما ُأّل َ
ب قال)) :سمع ُبإسناده عن ابن وه ٍ
صلى ال عليه وسلم((.
ث منكٌر جّدا ،وقد ضّعَفه القاضي وما َوَرَد عن عثمان رضي ال عنه يخالف هذا فل يصح ،بل هو حدي ٌ
حّدث أحمد بن محمد شاكر والعلمة اللباني والشيخ شعيب الرنؤوط وغيرهم.. الشرعي اْلُم َ
وهو حديثٌ رواه المام أحمد ) (401واللفظ له ،والترمذي ) ،(3086والبزار في ))مسنده(( )،(344
سيّ َقاَل: والحاكم في ))المستدرك(( ) ،(2/360والطبراني في ))الوسط(( ) (7638من روايِة َيِزيَد الَفاِر ِ
ي ِم ْ
ن عَمْدُتْم ِإَلى اَْلْنَفاِل َوِه َ ن َ عَلى َأ ْ حَمَلُكْم َنَ :ما َ عّفا َ ن َ ن ْب ِت ِلُعْثَما َ
عْنُهُ :قْل ُل َ ي ا ُّضَس َر ِ عّبا ٍ ن َ ))َقاَل َلَنا اْب ُ
حيِم
ن الّر ِ حَم ِ
ل الّر ْ سِم ا ِّ طًرا ِب ْ سْن َفَقَرْنُتْم َبْيَنُهَما َوَلْم َتْكُتُبوا َبْيَنُهَما َ ي ِمن اْلِمِئي َ اْلَمَثاِني َوِإَلى َبَراَءٌة َوِه َ
عَلْيِهصّلى الُّ َ ل َ سوَل ا ِّ ن َر ُ عْنُهِ :إ ّل َ ي ا ُّ ضَ ن َر ِ عْثَما ُ
ك؟ َقاَل ُ عَلى َذِل َ حَمَلُكْم َطَواِل؛ َما َ سْبِع ال ّضْعُتُموَها ِفي ال ّ َوَو َ
عو َبْع َ
ض يُء َيْد ُش ْعَلْيِه ال ّ
ن ِإَذا ُأْنِزَل َ ت اْلَعَدِدَ ،وَكا َ
سَوِر َذَوا ِ ن ال ّ عَلْيِه ِم ْن ُيْنَزُل َ عَلْيِه الّزَما ُ
ن ِمّما َيْأِتي َ سّلَم َكا ََو َ
ضُعوا َهِذِه ت َفَيُقوُلَ : لَيا ُعَلْيِه ا ْسوَرِة اّلِتي ُيْذَكُر ِفيَها َكَذا َوَكَذاَ ،وُيْنَزُل َ ضُعوا َهَذا ِفي ال ّ عْنَدُه َيُقوُلَ : ب ِ ن َيْكُت َُم ْ
سوَرِة اّلِتي ُيْذَكُر لَيَة ِفي ال ّ ضُعوا َهِذِه ا ْ لَيُة َفَيُقوُلَ : عَلْيِه ا ْسوَرِة اّلِتي ُيْذَكُر ِفيَها َكَذا َوَكَذاَ ،وُيْنَزُل َ ت ِفي ال ّ لَيا ِ اْ
شِبيًها صُتَها َ ت ِق ّنَ ،فَكاَن ْ خِر اْلُقْرآ ِ نآِ ن َأَواِئِل َما ُأْنِزَل ِباْلَمِديَنِةَ ،وَبَراَءٌة ِم ْ ت اَْلْنَفاُل ِم ِْفيَها َكَذا َوَكَذاَ ،وَكاَن ْ
ن َثّم َقَرْن ُ
ت ت َأّنَها ِمْنَهاَ ،فِم ْ ظَنْن ُ
ن َلَنا َأّنَها ِمْنَهاَ ،و َسّلَم َوَلْم ُيَبّي ْ
عَلْيِه َو َل َ صّلى ا ُّ ل َسوُل ا ِّ صِتَهاَ ،فُقِبضَ َر ُ ِبِق ّ
طَواِل((. سْبِع ال ّ ضْعُتَها ِفي ال ّ حيِمَ ،وَو َ ن الّر ِ حَم ِل الّر ْ سِم ا ِّطًرا ِب ْ سْ ب َبْيَنُهَما َ َبْيَنُهَما َوَلْم َأْكُت ْ
ق بينهما يحيى بن سعيٍد ويزيد الفارسي المذكور في السناد :رجٌل آخر غير يزيد بن ُهْرُمز المشهور ،وقد َفّر َ
ق بينهما أبو حاتٍم الرازي والترمذي والمزي وغيرهم. القطان ،وأنكر أن يكونا واحًدا ،وكذا فّر َ
ي هذا ،وذكر يحيى بن سعيٍد القطان أنه رجٌل كان يكون مع المراء ،يعني ف أبو زرعة يزيًدا الفارس ّ وقد ضّع َ
حْرَفته ،فمثل هذا لشك في نكارة تَفّرِده ،خاصةً إذا تَفّرَد صْنَعته و ِ ث ،ولم يكن الحديث َ أنه لم يكن بصاحب حدي ٍ
ف للمقطوع به ،شهرًة وتواتًرا. بحكٍم وتفصيٍل مخال ٍ
ولذا قال الشيخ القاضي الشرعي أحمد بن محمد شاكر رحمة ال عليه وهو يتكلم عن يزيٍد الفارسي هذا:
))فل يقبل منه مثل هذا الحديث ينفرد به ،وفيه تشكيك في معرفة سور القرآن الثابتة بالتواتر القطعي ،قراءة
عا وكتابة في المصاحف ،وفيه تشكيك في إثبات البسملة في أوائل السور؛ كأن عثمان كان يثبتها برأيه وسما ً
ث ل أصَل له تطبيًقا للقواعِد الصحيحِة التي ل وينفيها برأية ،وحاشاه من ذلك ،فل علينا إذا قلناِ :إّنه حدي ٌ
ث((. ن أئمِة الحدي ِ ف فيها بي َ خل َ
وقال الشيخ اللباني في ))ضعيف الترمذي(()) :ضعيف((.
وقال الشيخ شعيب الرنؤوط في تحقيقه لمسند أحمد)) :إسناده ضعيف ومتنه منكر(( ،ونقل كلم الشيخ أحمد
ضا.
شاكر السابق أي ً
ضّعَفه مثُل أبي زرعة الرازي إمام الجرح ن َمن َ وهذا هو الذي يقطع به َمن يعمل بالحديث ،أو يشم رائحته؛ ل ّ
ث قال فيه) :كان يكون مع والتعديل ،ولم تكن الرواية صنعته كما يفيد قول يحيى القطان إمام الحديث ،حي ُ
المراء(.
أضف إلى هذا كّله أنه لم يشتهر بالرواية ،ولم يذكر له المزي في ترجمته من ))تهذيب الكمال(( )(32/287
في الكتب الستة سوى هذا الحديث وهو عند أبي داود والترمذي والنسائي ،وحديًثا آخر عند الترمذي في
))الشمائل((.
ورغم هذا كله َتَفّرد برواية هذا الحديث المخالف للمتواتر عن ابن عباس ،دون سائر أصحاب ابن عباس
الثقات الثبات أمثال سعيد بن جبير وغيره من أئمة القرآن والحديث..
فأين كان هؤلء الئمة عن هذا الحديث؟
ت به سوى هذا الضعيف الذي ل ُيْعَرف بالحديث ول بالرواية؟! ولماذا لم يأ ِ
فهذا كله يؤكد ما ذكره المشايخ الكرام السابق ِذْكرهم هنا من نكارة وضعف هذا الحديث.
وهذا الكلم يجري على سنن المسلمين في البحث العلمي ،ول يجري بطبيعة الحال على سنن وطريقة موراني
في البحث والتصحيح والتضعيف ،القائمة على تصحيح كافة ما ورد مكتوًبا في صحيفة لمجرد أنه ورد مكتوًبا
وفقط ،تماًما كما لدى أصحاب الحفريات ،وستأتي الشارة لمناهجهم في ذلك بإذن ال تعالى.
ن جهل شيًئا عداه..لكن ل علينا من مخالفتهم لما يجهلونه ،ول يعرفونه ،وقديًما قيلَ :م ْ
حا!!
نعم؛ وَمن استعصى عليه أكل الموز قال :وجدُته مال ً
ف واحدٌمصح ٌ
ب واحٌد
وترتي ٌ
ل غير
دعنا نعود للوراء حيث موراني وأسلفه المستشرقين لنرسم صورتهم التي يريدونها:
ن النسخة المنشورة من المصحف بأيدي المسلمين الن ليست نسخًة محققًة، يرى موراني تبًعا لنولدكه أ ّ
ق!!
وأنها بحاجٍة إلى تحقي ٍ
كيف؟
عن طريق الدراسة المقارنة لنسخ المصحف الخطية المتداولة في العالم السلمي ،ومنها هذه المجموعة
عِثر عليها في الزهرية أو في دار الكتب أو غير ذلك من
ل ،أو تلك التي ُ
عِثر عليها في صنعاء مث ً النادرة التي ُ
نسخ المصحف الخطية حول العالم..
لكن انتبهوا يا قراء فالمر لم ينته بعُد!!
فالقصة القصيرة عند موراني ونظرائه تقول :لبد من الدراسة المقارنة للنسخ الخطية للمصحف..
هكذا تبدو قصتهم القصيرة بريئة وعفيفة المظهر!!
ظِهر ما في البطون.. لكن ثمة عبارات ُت ْ
حينما نسمع بالدراسة المقارنة يقفز إلى أذهاننا احتمالية وجود خلف ،فيؤكد موراني هذا فيحتمل أنه ربما
ص هنا أو كلمة زيادة هناك أو اختلف في اليات على حّد زعمه السابق في عبارته المذكورة وجدنا كلمة نق ٍ
في صْدر موضوعنا.
ب عن هذا السؤال بعد كل ما سبق؛ لكن ل علينا أن نعيد التذكرة ببعضلم يعد القراء الكرام بحاجة إلى جوا ٍ
المور باختصاٍر وتركيٍز:
الول :أن الصل في نقل القرآن على السماع والحفظ ل على الكتابة والمصاحف ،فالصل السماع ،وما خالف
السماع الوارد الن فل عبرة به مهما كان..
وقد سبق بيان هذا الصل بحمد ال تعالى..
ق تلك الّنسخ التي كتبها ابن مسعود وغيره من ن عثمان رضي ال عنه قد أراحنا من هذا كله ،فأحر َالثاني :أ ّ
الصحابة لنفسهم رضي ال عنهم ،حتى ل يختلف الناس في القرآن..
ي نفسها فقد خالف التاريخ المتواتر ي أو ُأَب ّ
ن زعم الن أن بإمكانه العثور على نسخة ابن مسعوٍد أو عل ّفَم ْ
المقطوع به..
نعم؛ ل ُنْنكر أن نجد بعض نسخ مكتوبة أو منسوخًة من هذه الّنسخ السابقة قبل حرقها ،لكن يبقى هذا
شْرع أبًدا؛ بل
ث ال ّ
ث الذهن فقط ،وليس ممكًنا من حي ُ الحتمال مجرد احتمال ذهني ممكن الوقوع من حي ُ
مستحيٌل في نظري..
فشّمر عن ساعديك يا موراني للبحث عن مثل هذه القطع ،واستعن بأهل الرض جميًعا ممن يوافقك المذهب،
لنقول لك في نهاية مطافك وتعبك :ما جئُتم به ل يوافق شروطنا الصارمة لنقل قرآننا الكريم فأعيدوا الَكّرة في
ج علينا بما ننكره!! حَت ّ
ث والجهل أن ُي ْ اتجاٍه آخر ..ول يلزمنا ما ليس بحجٍة عندنا ،كما وأنه ِمن العب ِ
سُينِفُقوَنَها ُ ..ثّم
ل َ ..ف َسِبيِل ا ِّعن َ صّدوا َ ن َأْمَواَلُهْم ِلَي ُن َكَفُروا ُينِفُقو َ ن اّلِذي َ
وهنا نقرأ قول ال عز وجلِ} :إ ّ
طّي ِ
ب ن ال ّ
ث ِم َخِبي َل ال َ
ن ]ِ [36لَيِميَز ا ُّ شُرو َ ح َ جَهّنَم ُي ْ
ن َكَفُروا ِإَلى َ ن َ ..واّلِذي َسَرًة ُ ..ثّم ُيْغَلُبو َ
ح ْ
عَلْيِهْم َ
ن ََتُكو ُ
ن ]ُ [37قل ّلّلِذينَ َكَفُروا سُرو َ خا ِك ُهُم ال َجَهّنَم ُأْوَلِئ َ
جَعَلُه ِفي َ جِميعًا َفَي ْ
عَلى َبْعضٍ َفَيْرُكَمُه َ ضُه َث َبْع َ
خِبي َجَعَل ال َ
َوَي ْ
ن{ ]النفال.[38 - 36: ت اَلّوِلي َ سّن ُ ت ُض ْف َوِإن َيُعوُدوا َفَقْد َم َ سَل َ
ِإن َينَتُهوا ُيْغَفْر َلُهم ّما َقْد َ
دعنا ُنَذّكر القراء الكرام بما سبقت الشارة إليه من كون الترتيب القرآني ل مجال فيه لجتهاِد بشٍر ،وإنما هو
ي بحت ،يعني أنه تم بأمر النبي صلى ال عليه وسلم ،تبًعا للوحي..توقيف ّ
وهذا سّر آخر من أسرار المعجزة القرآنية ستأتي الشارة إليه إن شاء ال تعالى..
لكن تتعّين الشارة هنا إلى تلّقي الصحابة الكرام رضي ال عنهم لهذا الترتيب التوقيفي ،ثم رضاهم وعملهم
به..
وهذا عثمان بن عفان رضي ال عنه قد نسخ المصاحف ووزعها في المسلمين ،بمشورٍة منهم ،فكان ذلك
عا منهم وممن بعدهم من المسلمين على الترتيب المتداول المتواتر بأيدي المسلمين الن..
إجما ً
وقد رفض عثمان رضي ال عنه كما سبق الّنْقل عنه أن يتصّرف في شيٍء ،وعلى حّد قوله)) :ل ُأغَّير شيًئا
من مكانه(( كما سبق قريًبا.
خ التي
سِوقد دّل إقرار الصحابة رضي ال عنهم جميًعا بهذا الترتيب النبوي للقرآن الكريم على أن اختلف الّن َ
ن مسعود ،أو ي أو اب ِ
ت باسم المصاحف لم يكن مقصوًدا ،سواٌء ُلَب ّ
عِرَف ْ
ض الصحابة لنفسهم والتي ُ
كتبها بع ُ
غيرهما.
ن لخر ،ول هي بمثل ما هي عليه الن من نآٍ ولم تكن أدوات الكتابة في حالٍة تسمح آنذاك بتغيير الترتيب ِم ْ
ل بحفظ الترتيب الذي يأمر به النبي صلى ال عليه وسلم سٍر وسهولٍة ،ولذا اكتفى أمثال ابن مسعود وُأبي مث ً ُي ْ
تبًعا للوحي ،وتركوا ما كتبوه في ألواحهم الخاصة بهم كما هو ،على ترتيب النزول ،فلما رحل هذا الجيل
ي(( أو
ت أجياٌل أخرى ،ورأوا هذا الختلف ظّنوه مقصوًدا ،ولذا تناقلوا عبارة ))مصحف عل ّ المبارك ،وجاء ْ
ي((.
))مصحف ابن مسعود(( أو ))مصحف ُأَب ّ
ي رضي ال عنهم من هذا القصد براء.. ن مسعود وُأَب ّ ي واب ُوعل ّ
حف أكثر من مرة في حياة هؤلء بالترتيب المشهور في المصحف المتداول بيد صُ ت ال ّ
خ ِ
سَكيف وقد ُن ِ
ي ول ابن مسعود ول غيرهما هذا الترتيب ،ول اعترضوا عليه؟! المسلمين ،ولم ُيْنكر عل ّ
ولو كان ترتيبهم المخالف لما في أيدي المسلمين الن مقصوًدا لعترضوا على الترتيب الحالي ،ولظهروا
رأيهم المخالف ،خاصة وهم َمن هم ِمن المانة والثقة والشجاعة في قول الحق ،ول يمنعهم من البلغ آنذاك
رهبة حاكم ظالٍم ول زيف دنيا هزيلة؛ لنه لم يكن ثمة ظلم ول رغبة في دنيا ،فما كانوا يعرفون سوى
الخرة ،وما عملوا إل لها ،فرضي ال عنهم.
عْلِمهم وما بلغهم ،ثم ثابوا بعد ذلك إلى الترتيب التوقيفي
وربما رجع الختلف عندهم في أول المر إلى حدود ِ
الذي اشتهر أمره في الناس ،ولم يعترضوا عليه.
عِلَم به الكافة ِمن الناس ،ولم يعترض عليه أحٌد منهم ،ول مّمن
وقد بعث عثمان بمصحفه إلى الفاق ،و َ
بعدهم ،فدّل ذلك كله على رضاهم جميًعا بالترتيب المشهور في الناس الن ،وهو الترتيب التوقيفي الوارد عن
ي وغيره.سخ المصاحف الخرى؛ كعل ّالنبي صلى ال عليه وسلم ،وقد رجع إليه أصحاب ُن َ
ب وغيره من أصحاب المصاحف المذكورة ما يدل على رضاهم ومباركتهم ي بن أبي طال ٍ
وقد ورَد عن عل ّ
ن عثمان رضي ال عنه لم ينسخ المصحف بترتيبه حا َأ ّ
لمصحف عثمان بترتيبه المشهور ،بل َوَرَد صري ً
ي وغيره ِمن الصحابة الكرام ،وأنه َفَعَل ذلك برأيهم ،ولم ينفرد المتداول بين المسلمين إل بمشورٍة ِمن عل ّ
بالرأي دونهم.
ص في هذا الصدد ،أقتصر منها وقد ذكر ابن أبي داود في كتابه ))المصاحف(( ،وغيره ِمن العلماء عدة نصو ٍ
ي رضي ال عنه ،والذي ل يكاد يتركه أحٌد ِمّمن تعّرض لهذه المسألة ،ومنهم فقط على الخبر المشهور عن عل ّ
غَفَلة قال:
سَوْيِد بن َ
ح عن ُ ن أبي داود بسنٍد صحي ٍ ج اب ُالسيوطي في ))التقان(( ) (772حيث يقول)) :وأخر َ
ل ِمّنا؛ قال ـ ]يعني:ف ِإّل عن َم ٍ
ي :ل تقولوا في عثمان إل خيًرا فوال ما َفَعَل الذي َفَعَل في المصاح ِ قال عل ّ
ن قراءتي خيٌر ِمن قراءتك ،وهذا يكاد ضهم يقول :إ ّ ن بع َعثمان[ـ :ما تقولون في هذه القراءة فقد بلغني َأ ّ
جَمَع الناس على مصحفٍ واحد فل تكون فرقة ول اختلف ،قلنا: ن ُي ْ
يكون كفًرا؟ قلنا :فما ترى؟ قال :أرى َأ ْ
ت((.
ِنْعَم ما رأي َ
ضا .[775 ت بالمصاحف عمل عثمان بها(( ]انظر :التقان أي ً ضا أنه قال)) :لو ُوليت لعمل ُي أي ً
وورَد عن عل ّ
فهذا ظاهٌر بلفظه ومعناه على الرضى بعمل عثمان رضي ال عنه ،والذي اشتهر بعُد باسم المصحف
العثماني ،وهو المتداول بأيدي المسلمين الن..
ي رحمه ال في ))تفسيره(( أثناء الكلم عن نسخ عثمان رضي ال عنه سر اللوس ّ ولذا قال المام اْلُمَف ّ
للمصاحف:
))وقد ارتضى ذلك أصحاب رسول ال صلى ال تعالى عليه وسلم حتى أن المرتضى كرم ال تعالى وجهه قال
على ما أخرج ابن أبي داود بسنٍد صحيح عن سويد بن غفلة عنه :ل تقولوا في عثمان إل خيًرا فوال ما فعل
ت بالمصحف الذي عمله عثمان. ل ِمّنا ،وفي روايٍة :لو ُوليت لعمل ُ
في المصاحف إل عن م ٍ
ت بمصحفهم كما صنعوا ن مسعود أنه قال لما ُأحرق مصحفه :لو ملكت كما ملكوا لصنع ُ وما ُنِقَل عن اب ِ
ب؛ كسوء معاملة عثمان معه التي يزعمها الشيعة حين أخذ المصحف منه. بمصحفي؛ كذ ٌ
ن عثمان لم يصنع شيًئا وهذا الذي ذكرناه ِمن ِفْعِل عثمان هو ما ذكرُه غير واحٍد ِمن المحققين حتى صرحوا بَأ ّ
جا
ش محت ّ
س على القراءِة بلغِة قري ٍ جَمَع النا َ
ب سوى أنه َ ص أو تغييِر ترتي ٍ
ن زيادٍة أو نق ٍجَمَعُه أبو بكٍر ِم ْفيما َ
ن نزَل بلغِتِهم((أهـ ن القرآ َ
بَأ ّ
ن اختلف الترتيب في مصاحفهم أو فدّل هذا على الرضى بترتيب المصحف المتداول بين المسلمين ،على أ ّ
ن جهة الكتابة عند نزول الوحي مباشرة ،وإلحاق ما ُيستجد
خهم التي نسخوها من المصحف إنما ورَد ِم ْ
سُِن َ
حْفظ الترتيب الخاص بالقرآن في الصدور..
من الوحي بما سبق كتابته ،على حسب أزمنة النزول ،مع ِ
سر هذا المر ومشّقته عليهم ،خاصًة مع عدم توّفر مواد خهم ونمط ترتيبها تع ّ
سِوإنما َمَنَعهم ِمن تغيير ُن َ
الكتابة ،وصعوبة القيام بهذا العمل ،وقد سبق أنهم كانوا يكتبون في الكتاف واللخاف وغيرهما من الدوات،
وهي إما أوراق النخيل ،أو قطع العظم أو الحجار الرقيقة ،أو غيرها.
ن بناًء على الترتيب الخير للمصحف ،الذي ومثل هذه الدوات المذكورة وغيرها يصعب جًدا تغييرها كل حي ٍ
تلّقاه النبي صلى ال عليه وسلم عن الوحي ،فاستغنى هؤلء بحفظ هذا الترتيب الخير ،وتركوا ما كتبوه كما
هو دون تغيير..
ن العتماد في نقل القرآن على السماع والحفظ ل على الكتابة والمصاحف.. خاصًة وأ ّ
كما دّل رضاهم بهذا الترتيب المتداول المشهور على أنهم علموا أمر النبي صلى ال عليه وسلم وإشارته به،
فلم يعارضوه..
ب على أوقات النزول أو خهم من ترتي ٍسِولو كان أمًرا اجتهادّيا تجوز مخالفته لتمسكوا أو بعضهم بما في ُن َ
غير ذلك ،لكن لم يكن شيء من ذلك بحمد ال عز وجل.
فدّل هذا كله على ما سبق تقريره أن سبب اختلف نسخهم المكتوبة يرجع إلى طريقة الكتابة أوًل بأوٍل عند
نزول اليات في الحداث والوقائع المختلفة ،وإلحاق الية بعد الخرى حسب الِعْلم بما نزل ،والطلع على
ن الوحي اللهي. آخر ما استجّد ِم ْ
هذا في الوقت الذي كانوا يحفظون فيه الترتيب الخير ليات القرآن وسوره حسبما رّتَبه النبي صلى ال عليه
وسلم تبًعا لما قرَأُه على جبريل عليه السلم قبل وفاته صلى ال عليه وسلم.
ل إعادة نسخ ما كتبوه ليوافق الترتيب التوقيفي المشهور ،لصعوبة ب مث ً
ي بن كع ٍ
ي وابن مسعود وُأَب ّ فلم َيَر عل ّ
ظ الترتيب التوقيفيذلك بالنسبة لهم ولحالتهم الجتماعية وأداوات الكتابة آنذاك ،ثم اعتماًدا منهم على حف ِ
شْهرته في الناس. والِعْلم به ،و ُ
ي الصريح في الرضى بما صنَع وما ورَد عنهم بخلف ذلك فل يصح إسناًدا أو دللًة ،وقد مضى بعض قول عل ّ
ب العالمين. عثمان ،وفيه الترتيب المشهور المتداول ،والحمد ل ر ّ
ي واحٌد ب إله ّ
كتا ٌ
نزل مفّرًقا
جَمَعُه ال عز وجل ثم َ
عا ِمن قبُل في اللوحِ المحفو ِ
ظ كما كان مجمو ً
نعود إلى الكلم عن قضية إلهية الترتيب القرآني الكريم ،فنقول:
ترتيب القرآن جزٌء من المعجزة القرآنية الكبرى بأسرارها وأبعادها العظيمة ،ولذلك فهو يحتوي على أسراٍر
ي بها علماء المسلمين في كلمهم على ))أسرار ترتيب القرآن(( أو ))مناسباب السور عِن َ
ومناسباتُ ،
واليات(( والمصنفات في الباب كثيرة بحمد ال تعالى.
ولو كان مما ُيقدر عليه ،أو يستطيعه بشٌر لجاء ترتيبه على الموضوعات ،أو على الترتيب الزمني حسبما
نزل ،أو حتى على أوائل الحروف للسور أو لليات ،إلى آخر هذه النواع المقدور عليها من الترتيبات
والفهرسات المختلفة.
لكنه نزل على أزمنٍة ،وفي ُمَدٍد مختلفة ،ثم هو يأتي مرّتًبا على صيغٍة أخرى ،لم تلتزم بالزمن ،وكان المتوقع
هنا أن يوجد ثمة تنافر بين آياته وسوره؛ لمخالفتها للوحدة الزمنية أو الموضوعية على القل..
لكن شيًئا من هذا لم يكن بحمد ال..
ي به علماء السلم في كلمهم على أسرار عِن َ
ق بديٍع جًداُ ، بل جاءت سوره وآياته متناسقة مترابطة ،في سيا ٍ
الترتيب القرآني العظيم.
حْكِمه ،والوقوف عند أمره طف قضايا إعجاز القرآن الكريم ،التي ترغم مخالفه على النزول على ُ ن َأْل َوهذه ِم ْ
ب العالمين. طر الصحيحة على إسلم النفس ل ر ّ ونهيه ،كما تدل العقول السليمة والِف َ
ِإْذ كان ِمن اْلُمَتَوّقع في ترتيب القرآن الكريم أن يكون على أزِمَنِة النزول ،أو يكون على الموضوعات ،أو ربما
ن أنواع وأجناس الترتيبات الذهنية التي اخترعها ووقف كان على أطراف اليات حسب الحروف ،أو غيره ِم ْ
عليها البشر عبر أجيال النسانية المتتابعة..
هذا ما تفرضه حدود معارف البشر ،وعقولهم الضعيفة..
ن هذا لم يكن.. لكن نلمح أن شيًئا ِم ْ
ب على الحروف البجدية لياته.. فل هو مرّت ٌ
ول هو بالذي تم ترتيبه على موضوعاته ،بحيث تكون آيات الطلق في سورة ،وآيات العقيدة في سورة..
وهكذا.
كما أنه لم ُيَرّتب َوْفق تاريخ نزول آياته ،وترتيبها الّزَمِني..
جُدواغْيِر الِّ َلَو َ
عنِد َ
ن ِ
ن ِم ْ
ن َوَلْو َكا َ
ن الُقْرآ َ
ل َيَتَدّبُرو َ
ومع هذا نجد التحّدي قائًما لكل البشر في قوله تعالىَ} :أَف َ
خِتلفًا َكِثيًرا{ ]النساء.[82 : ِفيِه ا ْ
ف أو فليس مرّتًبا على الترتيب المقدور عليه للبشر ،ولو في بعض العصور ،ثم هو يتحّدى أن يوجد فيه اختل ٌ
تنافٌر بين أجزائه..
نرجع إلى كتاب ال عز وجل ،فل نجد اختلًفا واحًدا ،ول تنافًرا بين حرفين أبًدا ،في الوقت الذي نقف على ما
ل حصر له من المصنفات والبحاث التي تتكلم عن ))تناسق اليات والسور(( أو ))أسرار الترتيب(( ،سواء
كانت مفردًة في هذا الجانب خاصة ،أو اشتملت على علوم القرآن عامة ،بما في ذلك الكلم عن هذا الجانب
العظيم من المعجزة القرآنية..
نعود فنكرر القراءة فنزداد عجًبا فوق عجب ،ول يكاد ينقضي منا العجب دهشًة وذهوًل أمام هذا العجاز
القرآني السامي..
ثم يلفت انتباهنا ثبات القرآن من عصر النبي صلى ال عليه وسلم وحتى الساعة ،بل زيادة ول نقصان ،بل
ف واحٍد..وبدون أي تغيير في حر ٍ
ثم هو يلءم عصرنا كما كان يلءم عصر النبوة وصدر السلم ،تماًما كما كان ملئًما لكافة العصور ،وسيظل
ن عليها.. ث ال الرض وَم ْ حتى َيِر َ
الحرف هو الحرف ،والية هي الية ،والسورة هي السورة منذ أن تركها النبي صلى ال عليه وسلم وحتى
عن لعجازها ،ثم يقرأها ابن عصر التصالت والحاسبات فيتأثر بها، الساعة ،يقرأها العرابي فيتأثر بها ،وُيْذ ِ
سِكينة ،واطمئنان النفس ،ثم يرى فيها الحائرون ويرى فيها غاية العجاز ،وضالته المنشودة للهداية وال ّ
أجوبتهم الشافية لكل ما يدور في خلجات أنفسهم..
ح لكافة الزمنة والمكنة والشخاص ،رغم اختلف الزمنة والمكنة والشخاص فيما بينها ،وثبات فهو صال ٌ
آياته وسوره وكلماته بل وحروفه عن التغيير أو الزيادة والنقصان..
ت يلئم مليين المتحركات عبر التاريخ. ثاب ٌ
إنه كلم ال الذي ل يوازيه كلم ،وكتاب ال الذي ل ُيدانيه كتاب..
فالنظم القرآني ترتيًبا وسياًقا وعبارًة مقصوٌد ل عز وجل ،وهو جزٌء من كلمه سبحانه وتعالى ،وهو
ي السلم صلى ال عليه وسلم. المعجزة الخالدة التي أّيد ال عز وجل بها نب ّ
جَزُه هذا..
عَ
ق آخر لما أ ْ
ولو أراد ال عز وجل أن ُيَرّتبه وينظمه على نس ٍ
نعم؛ لو أراد سبحانه وتعالى أن ينظَمه على الترتيب الزمني ما أعجَزُه هذا..
ن آخر لم يقدر عليه أهل الفصاحة والبلغة في قريش ،ولن يقدر لكنه سبحانه وتعالى قد نظمه ورّتَبه على لو ٍ
عليه غيرهم على مدار العصور..
ض لخرج عن كونه لنه وباختصار :لو كان الترتيب القرآني مقدوًرا عليه ولو في بعض العصور دون بع ٍ
معجزًة خالدًة ،ولنتقضت المعجزة..
ولذا كررنا غير مرٍة :إن الترتيب القرآني الكريم جزء أصيٌل من المعجزة القرآنية الخالدة..
ن ال عز وجل هو وحده العالم بكل ويلزم من هذا بعبارة مختصرة :ضرورة أن يكون الترتيب إلهًيا؛ ل ّ
العصور ،وبما ُيستجد من الزمنة والحوال ،وما يطرأ على البشر من التطورات ،فهو وحده العالم بما
ب معجٍز خالٍد ل تصل إليه عقول البشر في يخترعه البشر ويصلون إليه ،وهو وحده القادر على وضع ترتي ٍ
يوٍم من اليام ،ول في عصٍر من العصور..
ب واحٍد ،كما قال سبحانه عا في اللوح المحفوظ في كتا ٍ ويؤكد إلهية الترتيب القرآني الكريم ،أّنه كان مجمو ً
ن{ ]الواقعة.[78 - 77 : ب ّمْكُنو ٍن َكِريٌم ]ِ [77في ِكَتا ٍ وتعالىِ} :إّنُه َلُقْرآ ٌ
ظ{ ]البروج.[22 - 21 : حُفو ٍح ّم ْ جيٌد ]ِ [21في َلْو ٍ ن ّم ِوقوله سبحانه وتعالىَ} :بْل ُهَو ُقْرآ ٌ
ظ.
ح محفو ٍ ظ في لو ٍ ن ،محفو ٌ ب مكنو ٍ ن مجيٌد ،في كتا ٍ فهو قرآ ٌ
))والكتاب هنا كتاب في السماء؛ قاله ابن عباس(( ]تفسير القرطبي ،[17/193وقيل :هو المصحف الذي
بأيدي المسلمين ،والول أصح.
ب.عا في السماء في كتا ٍ ب يستلزم أنه كان مجمو ً ف القرآن بكونه في كتا ٍ ن وص َ ولشك أ ّ
وقد ورَد وصفه بالكتاب في أكثِر من مناسبٍة ،ومن ذلك تسمية الفاتحة بـ ))أم الكتاب((.
ن كتاًبا كان رسول ال ل القرآ َ سّمي ا ُ يقول ابن عاشور في تفسيره ))التحرير والتنوير(( ))) :(3686وََلّما َ
ن لها ن يكتبوا كّل آيٍة تنزل ِمن الوحي في الموضِع اْلُمَعّي ِ ب الوحي ِمن أصحابه َأ ْ صلى ال عليه وسلم يْأُمر ُكّتا َ
ن ال أشاَر إلى المِر بكتابِته في مواضع كثيرٍة ِمن َأّوِلَها :قولهَ} :بْل بين أخواتها ،استناًدا إلى أمٍر ِمن ال؛ ل ّ
ن َكِريٌم ]ِ [77في ِكَتا ٍ
ب ظ{ ]البروج ،[22 - 21 :وقولهِ} :إّنُه َلُقْرآ ٌ حُفو ٍ ح ّم ْجيٌد ]ِ [21في َلْو ٍ ن ّم ِ ُهَو ُقْرآ ٌ
ن{ ]الواقعة(([78 - 77 :أهـ ّمْكُنو ٍ
ب،يعني أنه سبحانه وتعالى يشير إلى نبّيه صلى ال عليه وسلم بأن القرآن كان مكتوًبا في السماِء في كتا ٍ
ب.
ضا في الرضِ في كتا ٍ ت أي ً فاكتبه أن َ
ع في السماء ،ثم شاء ال عز وجل أن ينزله مفّرًقا رأفًة ورحمًة بهذه المة حسب الوقائع ب مجمو ٍ فهو في كتا ٍ
والحداث..
ك َقاَلِ)) :إّني ن َماَه ٍ ف ْب ُ س ُ وفي هذا الصدد نذكر حديث المام البخاري رحمة ال عليه ) (4993من رواية ُيو ُ
كَ ،قاَل: ضّر َك َوَما َي ُ حَ تَ :وْي َ خْيٌر؟ َقاَل ْ ن َ ي َفَقاَلَ :أيّ اْلَكَف ِ عَراِق ّجاَءَها ِعْنَها ِإْذ َ ل َ ي ا ُّ ضَن َر ِ شَة ُأّم اْلُمْؤِمِني َ عاِئ َ عْنَد َ
ِ
تَ :وَما فَ ،قاَل ْغْيَر ُمَؤّل ٍ عَلْيِهَ ،فِإّنُه ُيْقَرُأ َن َ ف اْلُقْرآ َتِ :لَم؟ َقاَلَ :لَعّلي ُأَوّل ُ كَ ،قاَل ْ حَف ِصَن َأِريِني ُم ْ َيا ُأّم اْلُمْؤِمِني َ
ب الّنا ُ
س حّتى ِإَذا َثا َ جّنِة َوالّناِرَ ، صِل ِفيَها ِذْكُر اْل َ ن اْلُمَف ّسوَرٌة ِم ْ ت َقْبُلِ ،إّنَما َنَزَل َأّوَل َما َنَزَل ِمْنُه ُ ك َأّيُه َقَرْأ َ
ضّر ََي ُ
خْمَر َأَبًداَ ،وَلوْ َنَزَل ل ع اْل َ خْمَر َلَقاُلوا :ل َنَد ُ شَرُبوا اْل َيٍء ل َت ْ ش ْحَراُمَ ،وَلْو َنَزَل َأّوَل َ لُل َواْل َحَلِم َنَزَل اْل َ سَ ِإَلى اِْل ْ
عُةسا َبَ} :بلْ ال ّ جاِرَيٌة َأْلَع ُ سّلَم َوِإّني َل َعَلْيِه َو َ ل َ صّلى ا ُّ حّمٍد َ عَلى ُم َ ع الّزَنا َأَبًداَ ،لَقْد َنَزَل ِبَمّكَة ََتْزُنوا َلَقاُلوا :ل َنَد ُ
ت َلُهج ْخَر َعْنَدُهَ ،قاَلَ :فَأ ْ ساِء ِإّل َوَأَنا ِ سوَرُة اْلَبقََرِة َوالّن َ ت ُ عُة َأْدَهى َوَأَمّر{ ]القمرَ ،[46 :وَما َنَزَل ْ سا َ
عُدُهْم َوال ّ َمْو ِ
سَوِر((. ي ال ّ عَلْيِه آ َ
ت َ ف َفَأْمَل ْح َ صَ اْلُم ْ
ضا بجمعه.
وكما تكّفل سبحانه وتعالى بحفظه ،فقد تكّفل أي ً
جْمَعُه َوُقْرآَنُه{ ]القيامة [16 :يشمل جمعه في الصدر كما ذكر ابنُ عم النبي عَلْيَنا َ
ن َ وقوله سبحانه وتعالىِ} :إ ّ
ضا بعموم لفظه جمعه للنبي صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه وسلم :عبد ال بن عباس ،كما يشمل أي ً
ظا في الصدور. مرّتًبا ،مكتوًبا في الصحف ونحوها ،ومحفو ً
ح المام البخاري رحمة ال عليه إلى ذلك في ))كتاب التفسير(( من ))صحيحه(( ) - 8/301فتح وقد ألم َ
ضِه
ف َبْع ِ
جْمَعُه َوُقْرآَنُه{ ]القيامةَ [16 :تْأِلي َ عَلْيَنا َ ن َ سوَرُة الّنوِر(( فقالَ)) :وَقْوُلُه َتَعاَلىِ} :إ ّ الباري( في باب )) ُ
عَمْل
جِمَع ِفيِه َفا ْ
يَ :ما ُ جَمْعَناُه َوَأّلفَْناُه َفاّتِبْع ُقْرآَنُه؛ َأ ْ
ض }َفِإَذا َقَرْأَناُه َفاّتِبْع ُقْرآَنُه{ ]القيامةَ [17 :فِإَذا َ ِإَلى َبْع ٍ
ف((أهـ يَ :تْأِلي ٌ ن؛ َأ ْ شْعِرِه ُقْرآ ٌ
س ِل ِلَ ،وُيَقاُلَ :لْي َك ا ُّعّما َنَها َك َواْنَتِه َِبَما َأَمَر َ
ض ،أي جْمَعُه :تأليفه ،يعني :تأليف بعضه إلى بع ٍ ن َ سرين ،ذكروا أ ّ وقد ورَد نحو هذا عن قتادة وغيره من المف ّ
جمعه وترتيبه.
وقد روى عبد الرزاق والطبري ذلك عن قتادة ،كما ذكره ابن جرير الطبري والسيوطي وغيرهما عند تفسير
ضا.الية من تفسيراتهم ،عن قتادة أي ً
ن الذي أنزل فيه القرآن(( بالهمز ل في قوله تعالى في سورة البقرة)) :شهُر رمضا َ ولذا ُقِريَء ))القرآن(( مث ً
في أكثر القراءات وقيل بغير همٍز.
ي عن الشافعي عن إسماعيل ،قال الشافعي: جُته ما ُرِو َ حّن كثيٍر )القران( بغير َهْمٍز ،و ُ قال ابن زنجلةَ)) :قَرَأ اب ُ
ت لكان خَذ ِمن قرأ ُ ت ،ولو ُأ ِ خذ ِمن قرأ ُ ت على إسماعيل فكان يقول) :القران( اسم وليس مهموًزاَ ،وَلْم ُيْؤ َ قرأ ُ
كل ما ُقِريَء ُقْرآًنا ،ولكنه اسٌم مثل التوراة،
ي بالمصدِر، سّم َجَمْعُته؛ قرآًنا ،قالوا :ف ُ ي َأّلْفُته َو َ
ت الشيء؛ َأ ْ ن )القرآن( بالهمز؛ مصدر قرأ ُ وَقَرَأ الباقو َ
جْمَعُه َوُقْرآَنُه َفِإَذا َقَرْأَناُه{؛ أي :جمعناه }َفاّتِبْع ُقْرآَنُه{ ]القيامة[17 -16:؛ أي: عَلْيَنا َ
ن َ جُتهم قولهِ} :إ ّ حّوُ
تأليفه(( ))حجة القراءات((126 :
القرآن كلم ال عز وجل
وِإْذ قد وصلنا إلى ما وصلنا إليه آنًفا فلُنَذّكر القراء الكرام بأن القرآن كلم ال عز وجل بنظمه وكلماته
عا،
ب أو بعيٍد ،بل هو كلم ال عز وجل ،كيف كان ،مسمو ً ن قري ٍوحروفه وترتيبه ،ول مدخل فيه لبشٍر ِم ْ
ظا ،ومكتوًبا.
ومحفو ً
ت ذلك بالكتاب والسنة والجماع.
وقد ثب َ
وأما الجماع:
فقد حكاه غيُر واحٍد من السلف الصالح رضي ال عنهم ،ومن ذلك:
ك أصحاب رسول ال ، :salla1:فمن س -وكان قد أدر َ ت النا َ قال المام عمرو بن دينار رحمه الَ)) :أْدَرْك ُ
ق؛ إل القرآن فِإّنه كلم ال ق ،وما سواُه مخلو ٌ سُمُه الخال ُ ل جّل ا ْ دونهم -منذ سبعين سنة -كّلهم يقولون :ا ُ
تعالى((.
خْلق أفعال العباد" )ص ،(29/وابن بطة في "البانة" ) 8 - 2/6رقم ،(184 - 183 رواه البخاري في " َ
وغيرهما.
ن الصحابة والتابعين وأئمة المصار، ن الجوزي رحمه ال بإسناده عن أبي عبد ال بن َمْنَدَة قال)) :إ ّ وساق اب ُ
ن القرآن كلم ال غير مخلوق ،ومن قال غير ذلك َكَفَر(( "فنون ن ،إلى عصرنا هذا :أجمعوا على أ ّ قرًنا بعد قر ٍ
الفنان في عجائب علوم القرآن" لبن الجوزي )ص.(53/
ي رحمه ال: جّر ّ وقال المام محمد بن الحسين ال ُ
ق ،ووّفقوا للّرشاِد قديًما وحديًثا: غ قلوبهم عن الح ّ ن قول المسلمين الذين لم َتِز ْ ))اعلموا رحمنا ال وإياكم :أ ّ
عْلُم ال عز وجل ل يكون عْلم ال تعالى ،و ِ ن القرآن ِمن ِ ق؛ ل ّ ن القرآن كلم ال عز وجل ليس بمخلو ٍ ِإ َّ
مخلوًقا ،تعالى ال عز وجل عن ذلك.
دّل على ذلك القرآن والسنة وقول الصحابة رضي ال عنهم وقول أئمة المسلمين رحمة ال تعالى عليهم ،ل
جّري )ص.(75/ ث ،والجهميُة عند العلماء كافرٌة(( ))الشريعة(( لل ُ ي خبي ٌ ُينكر هذا إل جهم ّ
وقال المام ابن بطة الُعْكبري رحمه ال:
ن القرآن كلم ال ،ووحيه ،وتنزيله ،فيه معاني توحيده، ف َأ ّ
ك ول ِمْريٍة ول وقو ٍ ن يعلم بغير ش ّ ))ثم بعد ذلك َأ ْ
ي،ث ُتِل َ
ب ،وحي ُ
ئ ،وكيف ُكِت َ
ق ،وكيف ُقِر َ عْلِمِه ،غير مخلو ٍ ن ِعْلٌم ِم ْ
ومعرفة آياته ،وصفاته ،وأسمائه ،وهو ِ
ظ في اللوح المحفوظ وفي المصاحف وفي ألواح حِف َضُ ، جَد أو في الر ِ ي موضٍع كان ،في السماء ُو ِ وفي َأ ّ
شا ،وعلى كّل الحالت ،وفي كّل الجهات؛ فهو كلم ال غير مخلوق. جٍر منقو ً حَ
الصبيان مرسوًما ،أو في َ
ضَمَرُه في نفسه :فهو بال كافٌر ،حلل ك ،أو قال بلسانه وأ ْ ف ،أو ش ّ وَمن قال :مخلوق ،أو قال :كلم ال َوَوَق َ
ف عن تكفيره :فهو كافٌر؛ لقول ال عز وجل: ك في كفره ،وَوَق َ الدم ،بريء ِمن ال ،وال منه بريٌء ،وَمن ش ّ
ظ{ ]البروج 21:ـ .[22 حُفو ٍ
ح ّم ْ جيٌد ]ِ [21في َلْو ٍ ن ّم ِ}َبْل ُهَو ُقْرآ ٌ
ل{ ]التوبة.[6: سَمَع َكلَم ا ِّ حّتى َي ْ وقال تعالىَ } :
ل َأنَزَلُه ِإَلْيُكْم{ ]الطلق.[5: ك َأْمُر ا ِّ
وقوله تعالىَ} :ذِل َ
ن حرًفا واحًدا منه مخلوق؛ فقد َكَفَر ل محالة؛ فالي في ذلك ِمن القرآن ،والحجة عن المصطفى عَم َأ ّ
ن َز َ
فَم ْ
خفى(( "كتاب :الشرح والبانة على أصول السنة نتْ ظَهر ِمن َأ ْ حصى ،وَأ ْ ن ُت ْ صلى ال عليه وسلم أكثر ِمن َأ ْ
والديانة" لبن بطة )ص 184/ـ ،185ط :المكتبة الفيصلية بمكة(.
وقد وردت الثاُر بذلك عن الخلفاء الربعة الراشدين وغيرهم من الصحابة والتابعين وأتباعهم رضي ال
عنهم جميًعا.
أقتبس من ذلك ما رواه أحمد في "الزهد" )ص ،(35/وابنه عبد ال في "السنة"" ) 145-1/144رقم
،(118-117وعثمان بن سعيد في "الرد على الجهمية" )ص ،(78/وغيرهم :عن عمر بن الخطاب
ضُعوُه في مواضعه((.
َأّنُه قال)) :القرآن كلم ال تعالى َف َ
ت مالك بن أنس يقول :القرآن كلم ال((.
ب الّزهري)) :سمع ُ وما قاله أبو ُمصع ٍ
ذكَرُه ابن بطة في "البانة" ) 48 - 2/47رقم - 241الرد على الجهمية(.
وأختُم ذلك بما قاله فضيلة الشيخ حسن مأمون مفتي مصر سابًقا رحمه ال تعالى:
))القرآن كلم رب العالمين ،نزل به الروح المين ،على سيدنا محمد صلى ال عليه وسلم؛ لهداية الناس،
سِمَعُه الرسول من الوحي، ي متلّوَ ، وبيان الحكام التي تعّبَد ال الناس بها ،وكّلَفهم باّتباعها ،والقرآن وح ٌ
ظه ،وَتَفّهم معانيه ،والعملحْف ِ
ظُه بألفاظه وعباراته ،ووعاه ،وأبَلَغُه كما سمعه إلى أصحابه ،ودعاهم إلى ِ حِف َ
وَ
به ،فحفظوه ،وفهموا معانيه ،وعملوا بأحكامه ،وُنِقَل إلينا بطريق التواتر ،وثبت على وجه القطع ،وَرَوْوُه عن
ن{ ]الحجر(([9 :أهـ ظو َ حاِف ُ
ن َنّزْلَنا الّذْكَر َوِإّنا َلُه َل َ
حُعَد ال به رسوَلُهِ} :إّنا َن ْ
ق ما َو َ
صَد َ
ال عز وجل ،و َ
))الفتاوى السلمية من دار الفتاء المصرية(( نشر وزارة الوقاف بمصر ) 5/1606رقم .(707
)(8
سْبَعِة
ف ال ّ
حُر ِ
معنى اَل ْ
سْبَعِة
ف ال ّ
حُر ِ
وهذا يجّرنا للكلم عن َمْعنى اَل ْ
ح في المسألة ،ثم نذهب إلى أقوال العلماء لنرى الراجح منها في ذلك.
ولنبدأ بنصّ واض ٍ
حَزاٍم ن ِ حِكيِم ْب ِ
ن َ شاَم ْب َ
ت ِه َ سِمْع ُب َقاَلَ : طا ِخّ ن اْل َعَمَر ْب َ
ي ) ،(4992ومسلٌم ) (818من روايِة ُ َرَوى البخار ّ
حُرو ٍ
ف عَلى ُ ت ِلِقَراَءِتِهَ ،فِإَذا ُهَو َيْقَرُأ َ سَتَمْع ُ
سّلَمَ ،فا ْعَلْيِه َو َل َ صّلى ا ُّ ل َ سوِل ا ِّ حَياِة َر ُ ن( ِفي َ سوَرَة )اْلُفْرَقا ِ َيْقَرُأ ُ
سّلَمَ ،فَلّبْبُتُه
حّتى َ ت َ صّبْر ُصلِةَ ،فَت َ ساِوُرُه ِفي ال ّ ت ُأ َسّلَمَ ،فِكْد ُعَلْيِه َو َ ل َ صّلى ا ُّل َ سوُل ا ِّ َكِثيَرٍة َلْم ُيْقِرْئِنيَها َر ُ
ت:سّلَمَ ،فُقْل ُ عَلْيِه َو َ
ل َ صّلى ا ُّ ل َ سوُل ا ِّ ك َتْقَرُأ؟ َقاَلَ :أْقَرَأِنيَها َر ُ سِمْعُت َ
سوَرَة اّلِتي َ ك َهِذِه ال ّ ن َأْقَرَأ َتَ :م ْ ِبِرَداِئِهَ ،فُقْل ُ
سوِل ا ِّ
ل ت ِبِه َأُقوُدُه ِإَلى َر ُ طَلْق ُ
تَ ،فاْن َغْيِر َما َقَرْأ َعَلى َ سّلَم َقْد َأْقَرَأِنيَها َ عَلْيِه َو َ
ل َصّلى ا ُّ ل َ سوَل ا ِّ ن َر ُ ت َفِإ َّكَذْب َ
سوُل ا ِّ
ل ف َلْم ُتْقِرْئِنيَها؟ َفَقاَل َر ُ حُرو ٍ عَلى ُ ن( َ سوَرِة )اْلُفْرَقا ِ ت َهَذا َيْقَرُأ ِب ُ سِمْع ُتِ :إّني َ سّلَمَ ،فُقْل ُ عَلْيِه َو َ ل َ صّلى ا ُّ َ
صّلى سوُل الِّ َ سِمْعُتُه َيْقَرُأَ ،فَقاَل َر ُ عَلْيِه اْلِقَراَءةَ اّلِتي َ شاُم((َ ،فَقَرَأ َ سْلُه ،اْقَرْأ َيا ِه َ سّلَمَ)) :أْر ِ عَلْيِه َو َ ل َ صّلى ا ُّ َ
صّلى ل َ سوُل ا ِّ ت اْلِقَراَءَة اّلِتي َأْقَرَأِنيَ ،فَقاَل َر ُ عَمُر(( َفَقَرْأ ُ ت((ُ ،ثّم َقاَل)) :اْقَرْأ َيا ُ ك ُأْنِزَل ْسّلَمَ)) :كَذِل َ عَلْيِه َو َ ل َ ا ُّ
سَر ِمْنُه((أهـ فَ ،فاْقَرُءوا َما َتَي ّ حُر ٍسْبَعِة َأ ْعَلى َ ن ُأْنِزَل َ ن َهَذا اْلُقْرآ َتِ ،إ ّ ك ُأْنِزَل ْسّلَمَ)) :كَذِل َ عَلْيِه َو َ ل َ ا ُّ
ق نظرًة الن على اختلف الناس في ذلك ،مع المعنى الراجح بأدّلِته إن شاء ال عز وجل..
ولُنْل ِ
س في بيان الحرف السبعة اختلًفا عظيًما :فأوصلها بعضهم إلى خمسٍة وثلثين قوًل ،كما ُنِقَل
وقد اختلف النا ُ
هذا عن ابن حبان ،نقله ابن الجوزي في ))فنون الفنان(( ) ،(67والقرطبي في ))تفسيره(( )،(1/42
والسيوطي في ))التقان(( ) ،(1/138وغيرهم.
ي :أكثُرها
ن حجٍر في ))فتح الباري(( ) (4992إلى كلم ابن حبان؛ قال ابن حجٍر)) :وقال اْلُمْنِذِر ّوَلّما أشاَر اب ُ
غيُر مختاٍر((أهـ
ن الجوزي القوال فاختار منها أربعة عشر قوًل ،بينما اختار غيره عشرة أو سبعة أو ستًة..إلخ.
ونّقح اب ُ
ت أن أشهر وسنقتصر هنا على أشهِر القوال في المسألِة ،وبعد البحث والتمحيص ورّد الّنظير إلى نظيره :رأي ُ
ف هنا اللغات ،والقول الثاني :قول َم ْ
ن ن معه القائلين بأن المراد بالحر ِ
القوال في المسألة :قول أبي عبيد وَم ْ
ن لغٍة واحدٍة.
ظ المرادف ولو كان ِم ْ
ف السبعة في الحديث تأدية المعنى باللف ِن المراد بالحر ِ
قالِ :إ ّ
وهذا المشهور في المسألِة ،عند تحرير القوال وتمحيصها ،وما سواه فعلى نوعين:
ن قال :إن المقصود بها الخلف في الحلل والحرام؛ وهذا من أبطِل النوع الول :فإما ل عبرة به كقوِل َم ْ
ضا أحمد بن أبي عمران فيما رواه الطحاوي عنه ،وقال:الباطِل ،وسيأتي تزييف أبي عبيٍد له ،وقد َزّيَفه أي ً
وهو كما قال ،نقل ابن عبد البر في ))التمهيد(( ) (8/276ذلك عن ابن أبي عمران والطحاوي وَأّيَدهما.
ل)) :اختلف السماء من إفراد وتثنية وجمع وتذكير وعبارة الرازي في ))اللوائح(( في الوجه الول مث ً
ل وجهين..
ي وجًها واحًدا َذَكَرُه ابن الجوزي تبًعا لبن حبان مث ً
وتأنيث(( ،وهذا الذي َذَكَرُه الّراِز ّ
وهكذا أكثر الوجوه التي ذكرها البعض وجهين وثلثة ،جمعها غيرهم في وجٍه ،وهذه إحدى أسباب الختلف
سْبَعِة بين ظاهر كلم العلماء ،والتي يمكن عند التمحيص والتحرير أن نجمع بين كثيٍر
في وجوه الحرف ال ّ
منها ،ونزيل عنها إشكال وجود الخلف فيما بينها.
وبهذا يمكن الجمع بين القوال التي ظاهرها الختلف ،وطرح ما يخالف الصواب ،لتعود القوال بعد ذلك إلى
ما قّرَرُه أهل اللغة العارفين بها ،والتي بها نزل القرآن ،وهي التي بها ُيْفَهُم نصوص السلم الواردة.
ولذا سأقتصر على القولين السابقين ،وأنظر فيهما لستخلص الراجح منهما بأدّلِته إن شاء ال تعالى كالتالي:
ف في الحديث :اللغات.
ن المقصود بالحر ِ
ن معه في َأ ّ
القول الول :قول أبي عبيدة وَم ْ
ت من لغات العرب،
ولو رجعنا إلى مادة ))حرف(( من كتب اللغة ،فسنجد المراد بالحرف السبعة :سبع لغا ٍ
وإلى هذا ذهب أبو عبيد في كتاب ))الغريب(( له ).(3/159 ،2/11
ف اْلَقَرَأة من الصحابة في بعض الحروف ،وعرضهم ذلك على النبي صلى ال ن َذَكَر اختل َ فقال أبو عبيٍد بعد َأ ْ
عَمر وهشام في هذا(؛ قال أبو ف) ،وقد مضى حديث اختلف ُ عليه وسلم ،فذكر نزول القرآن على سبعة أحُر ٍ
ظ ،والمعنى واحٌد ،ولو كان الختلف في الحلِل ف ِإّنما هو في الّلْف ِ ن الختل َ ن لك َأ ّ
عبيد عقب ذلك)) :فهذا ُيَبّي ُ
ن ُيقال في شيٍء هو حراٌم :هكذا نزَل ،ثم يقول آخر في ذلك بعينهِ :إّنه حلٌل فيقول :هكذا والحرام لما جاَز َأ ْ
خَبٍر قد مضىِ :إّنه كان كذا وكذا فيقول :هكذا ن ُيقال في َ نزَل ،وكذلك المر والنهي; وكذلك الخبار ل يجوز َأ ْ
نزل ،ثم يقول الخر بخلف ذلك الخبر فيقول :هكذا نزل; وكذلك الخبر المستأنف؛ كخبر القيامة والجنة والنار،
ضا ويتناقض ،وليس يكون ضه بع ً
ب بع ُ ن ُيَكّذ ُن القرآ َعَم َأ ّف َفَقَد َز َ
ن في هذا شيًئا ِمن الختل ِ ن َتَوّهَم َأ ّ
وَم ْ
خَبٍر ول
ف فيه في حلٍل ول حراٍم ول َ خَتَل ُ
المعنى في السبعة الحرف إل على اللغات ل غيرِ ،بَمْعًنى واحٍد ل يُ ْ
غير ذلك((أهـ
صره -قد ارتضى ما ي -وهو واحد ع ْ حو ّب أبو العباس النحوي ،وقال الزهري)) :فَأبو العباس الن ْ وإلى هذا ذه َ
ب فيف -التي معناها اللغات -غير خارجٍة ِمن الذي ُكِت َ حُر ٍب إليه َأبو عبيد واستصَوبه ،قال :وهذه السبعة َأ ْ ذه َ
خَلف المتبعون ،فمن قرَأ بحرف ول ُيخالِ ُ
ف ف المسلمين التي اجتمع عليها السَلف المرضّيون وال َ مصاح ِ
خر َأو تْأخير ُمَقّدم وقد قرَأ به إماٌم من َأئمِة الُقّراء المشتهرين في
المصحف بزيادٍة َأو نقصان َأو تقديم مؤ ّ
ف شاّذ يخالف المصحف ف ِمن الحروف السبعة التي نزل القرآن بها ،وِمن قرَأ بحر ٍ اَلمصار فقد قرَأ بحر ٍ
ب ،وهذا مذهب َأهل العلم الذين هم الُقدوة ومذهب وخالف في ذلك جمهور القّراء المعروفين فهو غير مصي ٍ
ب له
الراسخين في علم القرآن قديمًا وحديثًا ،وإلى هذا َأْومَأ َأبو العباس النحوي وَأبو بكر بن اَلنباري في كتا ٍ
َأّلَفُه في اّتباع ما في المصحف المام ،ووافقه على ذلك َأبو بكر بن مجاهد ُمْقِرئ َأهل العراق وغيره من
ل تعالى يوفقنا للتباع ويجنبنا البتداع((أهـ
اَلثبات المْتِقِنين ،قال :ول يجوز عندي غير ما قالوا ،وا ّ
س َمْعَناُه أن
ب ،وَلْي َ ت الَعَر ِ
ت من ُلَغا ِ
سْبِع ُلغا ٍ
فَ : حُر ٍ
سْبَعِة أ ْ
ن على َوعبارة ))القاموس المحيط(()) :وَنَزَل الُقْرآ ُ
سْبُع
ت ال ّ ن الَمْعَنى :هِذِه الّلَغا ُ
شَرةٍ أو أْكَثَر؛ ولك ِ
ع َ
سْبَعٍة أو َ ن جاَء على َ جٍه وإ ْ سْبَعُة أْو ُ
حِد َ
ف الوا ِ
حْر ِ ن في ال َيكو َ
ن((أهـُمَتَفّرَقٌة في الُقْرآ ِ
ت(( ،وهو الوجه الرابع عشر والخير عند ابن ن على سبِع لغا ٍ
فالمراد بالحديث على هذا القولُ)) :أْنِزَل القرآ ُ
الجوزي في ))فنون الفنان(( َذَكَرُه ابن الجوزي ثم قال)) :وهذا هو القول الصحيح ،وما قبلُه ل يثُبت عند
ك ،وهذا اختياُر َثْعَلب وابن جرير((أهـسْب ِ
ال ّ
ن التعيين من اللغات على شيٍء بعينه ل يصح لنا سنده ،ول يثبت عند قال ابن الجوزي)) :والذي نراه َأ ّ
ن لغات العرب ،وكان بعض مشايخنات فصيحٍة ِم ْ
جهابذِة الّنْقِل طريقه؛ بل نقوُل :نزَل القرآن على سبِع لغا ٍ
ش في
ش ،وهي تشتمل على أصوٍل من القبائل هم أرباب الفصاحة ،وما يخرج عن لغة قري ٍ يقول :كله بلغة قري ٍ
الصل لم يخرج عن لغِتها في الختيار((أهـ
عَمر
ف لظاهر الحديث السابق؛ لن كل المختلفين هنا )وهما ُ ن أقوى الشكالت على هذا القول َأنه مخال ٌ لك ّ
ن يقولِ :إن المراد بالحرف السبعة :سبع
ش ،فل وجه هنا ِلَم ْ
وهشام رضي ال عنهما( كان يْقَرُأ بلغِة قري ٍ
لغات.
ق عثمان رضي ال عنه للمصاحف بعد نسخ المصحف ن حْر ِت قطعّيا ِم ْ
ضا :ما ثب َ
وِمّما يرد هذا القول أي ً
خا وأرسلها إلى خ منه عثمان رضي ال عنه نس ً سَالمام ،المعروف والمتداول باسم المصحف العثماني ،وقد َن َ
ن معه ِم ْ
ن ت وَم ْ
ت قطعّيا َأْمر عثمان رضي ال عنه لزيد بن ثاب ٍ ف بينها ،وقد ثب َ القطار السلمية ،دون خل ٍ
ش فإنما نزل بها القرآن) ،وقد مضى ذلك في مداخلة سابقة في َكَتَبِة المصحف العثماني أن يكتبوه بلغة قري ٍ
الموضوع عن عثمان رضي ال عنه ،ولعلي أعيده ثانية في مداخلٍة لحقٍة(.
ن قوِل عثمان رضي ال عنه َأّنه لم ُيَغّير شيًئا في القرآن من مكانه؛ ِإْذ قِد التزم
عِلَم قطعّيا )كما سبق( ِم ْ وُ
ف العثماني المعروف بالمصحف خ منه المصح َ ظ النبي صلى ال عليه وسلم ،ونس َ الوارَد المسموع ِمن لف ِ
ش نفسها..ن تكون موجودًة في لغة قري ٍ سَبْعِة المذكورة في الحديث لبد وَأ ْ
ن ذلك َأن الحرف ال ّالمامَ ،فُعِلَم ِم ْ
ب إليهِ :إ ّ
ن حين( وكت َ
حّتى ِ
يَ ) :
حين( َأ ْ
عّتى ِ
عَمر على ابن مسعود قراَءته ) َ ن َثّم َأْنَكَر ُ
وقال ابن حجر)) :وِم ْ
ئ الّناس بلغِة ُقَرْيش ول ُتْقِرئُهْم بلغة ُهَذْيل((أهـ ]وانظر :التمهيد لبن عبد البر
القرآن لم ينزل بلغِة ُهَذْيل َفَأْقِر ِ
.[8/278
وقال ابن عبد البر في ))التمهيد(( ))) :(8/280قول من قال أن القرآن نزل بلغة قريش معناه عندي :في
الغلب وال أعلم؛ لن غير لغة قريش موجودة في صحيح القراآت من تحقيق الهمزات ونحوها وقريش ل
تهمز((.
عمر بن الخطاب رضي ال عنه ،هو الموافق لعمل عثمان رضي ال عنه الذي أجمع عليه وما ذهب إليه ُ
ت عليه المة قاطبًة.
الصحابُة فيما َبْعُد ،بل أجمع ْ
ولذا قال ابن عبد البر في ))التمهيد(( ))) :(8/280وأنكر أكثر أهل العلم أن يكون معنى حديث النبي صلى ال
ت ،وقالوا :هذا ل معنى له؛ لنه لو كان ذلك لم ُيْنكر ف( :سبع لغا ٍعليه وسلمُ) :أْنِزَل القرآن على سبعة أحر ٍ
ض؛ لنه من كانت لغته شيًئا قد جبل وطبع عليه وفطر به لم ُيْنَكر عليه، القوم في أوِل المر بعضهم على بع ٍ
عَمر وهشام[ َرّد ب المذكور في هذا الباب ]وهو الحديث السابق في اختلف ُ ك عن ابن شها ٍ وفي حديث مال ٍ
حال
ت؛ لن عمر بن الخطاب قرشي عدوي وهشام بن حكيم بن حزام قرشي أسدي ،وُم َ قوِل َمن قاَل :سبع لغا ٍ
ئ رسوُل ال صلى ال عليه وسلم واحًدا منهما بغيِر ما يعرفه ِمن عمر لغَته؛ كما محال أن ُيْقِر َن ُينكر عليه ُ َأ ْ
عَمَر هذا ،وقالوا :إنما معنى ث ُُلَغِته ،والحاديث الصحاح المرفوعة كلها تدّل على نحِو ما يدل عليه حدي ُ
ظ مختلفٍة؛ نحوَ :أْقِبْل وَتَعاَل وَهُلّم ،وعلى هذا
السبعة الحرف :سبعة أوجٍه من المعاني المتفقة المتقاربة بألفا ٍ
ن أهِل العلِم((.
الكثير ِم ْ
ن معنى السبعة الحرف المذكورة وذكر ابن عبد البر بعض الروايات ثم قال)) :وهذا كله يعضد قول َمن قالِ :إ ّ
ظْر
ع وَأْن ِ
سِر ْ
جْل َوَأ ْ
عّفي الحديث :سبعة أوجٍه من الكلم المتفق معناه ،المختلف لفظه؛ نحوَ :هُلّم َوَتَعاَل َو َ
ن ما اخترناه هو خر ،ونحو ذلك ،وسنورد من الثار وأقوال علماء المصار في هذا الباب ما يتبين لك به َأ ّ َوَأ ّ
الصواب فيه إن شاء ال ،فإنه أصح من قول من قال :سبع لغات مفترقات؛ لما قدمنا ذكره ،ولما هو موجود
ع من كثرِة اللغات المفترقات فيه ،حتى لو تقصيت َلَكُثَر عددها ،وللعلماء في لغات القرآن في القرآن بإجما ٍ
ت تشهد لما قلنا((.
مؤلفا ٌ
ن عبد البر الروايات الشاهدة لذلك ،ونقل موافقة الطحاوي له فيما ذهب إليه.
وأورَد اب ُ
ف السبعِة تأدية المعنى باللفظ المرادف ولو كان ِمن لغٍة واحدٍة:
ن قال :المراد بالحر ِ
القول الثاني :قوُل َم ْ
ج عن
وهذا يؤكد أنها ليست هي ))سبع لغات(( كما سبق في القول الول؛ لن تأويلها بـ )سبع لغات( خرو ٌ
ظاهر اللفظ لغًة إلى معًنى آخر يحتاج في إثباته إلى قرينة ،ول قرينة هنا تؤّيد الخروج عن الظاهر إلى
عمر وهشام( كانا يتبعان لغًة واحدًة ،وقد َنّبه على ذلك ابنُ عبد
خَتِلَفْين هنا ) ُ
ن كل اْلُم ْ
التأويل ،كما ترى؛ ل ّ
البر وغيره..
ن عبد البر
ف :سبع قراءات .والحرف هاهنا القراءة((؛ نَقَلُه اب ُ
))قال الخليل بن أحمد :معنى قوله سبعة أحر ٍ
في ))التمهيد(( ).(8/274
ضا.
ن منظور في مادة ))حرف(( هذا المعنى عن ابن سيدة أي ً
وحكى اب ُ
ف( فأحس ُ
ن وفي ))اْلُمْغِرب في ترتيب اْلُمْعِرب(( للمطرز ))) :(1/196وأما قوله) :نَزل القرآن على سبعة أحر ٍ
ن مسعود((أهـ
ف اب ِ
القوال أنها وجوه القراءة التي اختارها الُقراء ،ومنه فلن يقرُأ بحر ِ
حْكَمة ِفي الّتَعّدد اْلَمْذُكور,شاَرة ِإَلى اْل ِ ن اْلُمْنَزل .وَِفيِه ِإ َ يِ :م ْسَر ِمْنُه(؛ َأ ْ قال ابن حجرَ)) :قْوله َ) :فاْقَرُءوا َما َتَي ّ
ن ِمنْ
ظ اْلُمَراِدف َولَْو َكا َف َتْأِدَية اْلَمْعَنى ِبالّلْف ِحُر ِ ن َقاَل :اْلُمَراد ِباَل ْ عَلى اْلَقاِرئَ ,وَهَذا ُيَقّوي َقْول َم ْ سيِر ََوَأّنُه ِللّتْي ِ
عْبد
ك ِاْبن َ عَلى َذِل َ
ت ِقَراَءتهَماَ .نّبَه َ خَتَلَف ْك َفَقدْ ِا ْ
عَمرَ ,وَمَع َذِل َ ك ُن ُقَرْيش َوَكَذِل َ سا ِ
شام ِبِل َن ُلَغة ِه َ حَدة؛ َل ُّلَغة َوا ِ
سْبَعة((. ف ال ّ حُر ِن َهَذا ُهَو اْلُمَراد ِباَْل ْن َأْكَثر َأْهل اْلِعْلم َأ ّ
عْ اْلَبّرَ ,وَنَقَل َ
صه قبل قليل في التعقيب على القول السابق ،فل داعي لعادته هنا.
وقد مضى كلم ابن عبد البر بن ّ
وقوُل ابن مسعوٍد هذا ذكره ابن حجر وغيره ُمَعّلًقا بدون إسناد ،وقد أسندُه الطبري في ))التفسير(( ،وغيره،
ح عنه.بإسناٍد صحي ٍ
ن اللفظ المرادف الداّل على المعنى مع اختلف اللفظ :ينتظم الجمع والمفرد والمذكر والمؤنث والتصريف َل ّ
والعراب وغير ذلك من الوجوه التي ذكرها جماعٌة من العلماء ،فترجع إليه عدة أقواٍل ِمن أقوال العلماء في
هذا الباب.
ل :قول ابن قتيبة ،ثم تنقيح الرازي له وزيادته عليه ،وهو الرأي الذي انتصر له
وِمّما يمكن إرجاعه له مث ً
ت أن أنقله ِمن عنده.
الزرقاني في ))المناهل(( ،وقد ذكره ابن حجر بشيٍء من التعقيب ،فأرد ُ
شَياء:سْبَعة َأ ْجوه اّلِتي َيَقع ِبَها الّتَغاُير ِفي َ عَلى اْلُو ُغْيره اْلَعَدد اْلَمْذُكور َ حَمَل ِاْبن ُقَتْيَبة َو َقال ابن حجرَ)) :وَقْد َ
ب الّراء وََرْفعَها. ص ِشِهيد{ ِبَن ْ ب َول َ ضاّر َكاِت ٌصوَرتهِ ,مْثلَ} :ول ُي َ حَرَكته َول َيُزول َمْعَناُه َول ُ اَلّولَ :ما َتَتَغّير َ
ضي. طَلب َواْلِفْعل اْلَما ِ صيَغِة ال ّسَفارَنا{ ِب ِ عْد َبْين أَ ْسَفارَنا( َو }َبا ِ الّثاِنيَ :ما َيَتَغّير ِبَتَغّيِر اْلِفْعل ِمْثلَ) :بُعَد َبْين َأ ْ
حْرف شُرَها( ِبالّراِء َوالّزاي .الّراِبعَ :ما َيَتَغّير ِبِإْبَداِل َ حُروف اْلُمْهَمَلة ِمْثلُ) :ثّم ُنْن ِ ط َبْعض اْل ُ الّثاِلثَ :ما َيَتَغّير ِبَنْق ِ
خاِمسَ :ما َيَتَغّير ِبالّتْقِديِم ضود( .اْل َ يَ) :وطَْلع َمْن ُ عِل ّ
ضود{ِ ،في ِقَراَءة َ طْلح َمْن ُ خر ِمْثلَ } : لَخَرج ا ْ ن َم ْ َقِريب ِم ْ
ن:
صّرف َوَزْين اْلَعاِبِدي َ حة ْبن ُم َ طْل َ
صِديق َو َ ق{ِ ،في ِقَراَءة َأِبي َبْكر ال ّ حّسْكَرة اْلَمْوت ِباْل َ ت َ جاَء ْخير ِمْثلَ} :و َ َوالّتْأ ِ
سُعود ن َم ْ ن ِاْب ِعْسير َ صان َكَما َتَقّدَم ِفي الّتْف ِساِدسَ :ما َيَتَغّير ِبِزَياَدٍة َأْو ُنْق َ ت( .ال ّ
ق ِباْلَمْو ِحّ سْكَرة اْل َ
ت َ جاَء ْ
)َو َ
صانَ ,وَأّما ِفي الّزَياَدةَ :فَكَما جّلى َوالّذَكر َواُْلْنَثى(َ ،هَذا ِفي الّنْق َ شى َوالّنَهار ِإَذا َت ََوَأِبي الّدْرَداءَ) :والّلْيل ِإَذا َيْغ َ
نَ ,وَرْهطك ِمْنُهْم شيَرتك اَْلْقَرِبي َ ع ِعّباسَ) :وَأْنِذْر َ ن َ حِديث ِاْب ِ ت َيَدا َأِبي َلَهب{ِ ،في َ سير }َتّب ْ َتَقّدَم ِفي َتْف ِ
سُعودن َم ْ ساِبعَ :ما َيَتَغّير ِبِإْبَداِل َكِلَمة ِبَكِلَمٍة ُتَرادفَها ِمْثل} :اْلِعْهن اْلَمْنُفوش{ِ ،في ِقَراَءة ِاْب ِ ن( .ال ّصي َخَل ِ
اْلُم ْ
ف اْلَمْنُفوش(. صو ِ جَبْيرَ) :كال ّ سِعيد ْبن ُ َو َ
ت َوَأْكَثرهْمصة ِفي اْلِقَراَءات ِإّنَما َوَقَع ْخ َ ن الّر ْسِم ْبن َثاِبت ِفي )الّدَلِئل(؛ ِلَكْو ِ سَتْبَعَدُه َقا ِ
ن ِا ْ
سن؛ َلِك ْح َ
جٌه َ َوَهَذا َو ْ
حُروف ن اْل ُ
جَد ِم ْ
جَهاَ .قاَلَ :وَأّما َما ُو ِخاِر ِ
حُروف ِبَم َ ن اْل ُ
سمَ ,وِإّنَما َكاُنوا َيْعِرُفو ََيْوَمِئٍذ ل َيْكُتب َول َيْعِرف الّر ْ
ك َتَقاُرب َمَعاِنيَهاَ ,واّتَف َ
ق سَبب ِفي َذِل َ ن ال ّشُرَها( َفِإ ّ
شُرَها( َو )ُنْن ِصوَرة ِمْثلُ) :نْن ِ خَرج اْلُمّتِفَقة ال ّ اْلُمَتَباِيَنة اْلَم ْ
ط.
خّ صوَرتَها ِفي اْل َ شاُبه ُ َت َ
ضا.
والرازي لم ُيَنّقح كلم ابن قتيبة فقط ،وإنما زاد عليه اختلف اللهجات أي ً
سْبَعة في
ث حصر الحرف ال ّ ن توهين قاسم بن ثابت لكلم ابن قتيبة وجيٌه جَّدا من حي ُ ن عن بالك َأ ّ
لكن ل َيِغّيَب ّ
الوجوه التي ذكرها ابن قتيبة؛ لّنه بإمكان غيره أن يزيد عليها أو ينقص منها ،كما زاد الرازي عليه مث ً
ل
ظ الواحِد ،وقد اعترف ابن قتيبة بهذا الختلف وكذا ابن الجزري ،لكنهما لم اختلف اللهجات في النطق باللف ِ
سْبَعِة ،في الوقت الذي اعترفا بتأثيِره على النطق باللفظ الواحد.
يعتبراه من وجوه الحرف ال ّ
بل لم يذكر ابن قتيبة غير هذا الفارق في أول ))المشكل(( كما سبق الّنْقل عنه قبل قليل ،وحصر غيره الحرف
سْبعة في اختلف اللهجات فقط.. ال ّ
ن القرآن قد نزل على ُأّمٍة ُأّمّية ل تقرأ ول تكتب ،وإنما كانت تعرف الفصاحة والبلغة نطًقا ن عنك أ ّ
ول َيِغْيَب ّ
عا ،فهي إنما تعرف مخارج الحروف ل رسمها وطريقة كتابتها ،هذا هو الصل في المة آنذاك ،ولذا فقد وسما ً
طلب النبي صلى ال عليه وسلم التخفيف مراًرا عن هذه المة اُلّمّية ،حتى أوصلها إلى سبعِة أحُرفٍ يمكن
للقارئ أن يقرأ بها ،يعني سبع وجوٍه يمكن للقارئ أن َيْقَرَأ بها..
هذا هو المتبادر الظاهر في معنى الحُرف من لغة العرب ،ثم هو الموافق لظاهر الحديث كما سبق ،وإليه ذهب
الخليل بن أحمد والطحاوي وابن عبد البر وغيرهم كما سبق.
ن تكون اختلًفا في اللهجة ،أو في التصريف ،أو العراب ،أو التذكير والتأنيث ،وغير وهذه الوجوه :يمكن َأ ْ
ظر إلى كيفية الختلف بين اللفظينث تحليل اللفظ والّن َ
ذلك من الوجوه المقبولة ِمّما َذَكَرُه العلماء من حي ُ
المقروء بهما..
ن حصر الحرف السبعة في وجوه كأّب على الول ،وأثٌر له ،وليس سابًقا عليه ،ولش ّ
فالثاني هنا مترّت ٌ
اختلفها خطٌأ عظيم؛ لّنه يعني الخلط بين الحرف السبعة نفسها ،وبين الثر المترّتب عليها ،من البحث في
وجوه اختلفها وفائدتها وكيفيتها وغير ذلك ،فهذه البواب كّلها آثاٌر مترّتبٌة على وجود الحرف السبعِة،
ت سابقٍة على وجودها..
وليست فصوًل ول ُمَقّدما ٍ
نعم وليس تفسيًرا للحرف السبعة؛ لّنه لبد في التفاسير والحدود في مثل هذا أن تكون شاملًة لكافة وجوه
سِر وبيان جوانبه؛ وهذا ما تفتقده التفسيرات آنفة الّذْكر وكثير مما يشبهها؛ لخلّوها عن تعريف الحرفاْلُمَف ّ
السبعة على الحقيقِة..
ف له حقيقًة أن تنتقَل المعركة في التفريق بين الحُرف أو التمييز بينها في موضٍع بعينه إلى مجال
س ُ
وِمّما ُيْؤ َ
ت في أثٍر من آثار
ث صار الخلف محصوًرا وعبر سنوا ٍ ث المراد منها ،بحي ُ
بيان الحرف السبعة تعريًفا من حي ُ
الحرف السبعة ،في الوقت الذي اختفى فيه البحث في تعريف الحرف السبعة إل نادًرا!!
ن يفتح
ن ال عز وجل به على العبد الضعيف كاتب هذه السطور ،وآمل َأ ْ وهذا الذي ذكرُته لك هو خلصة ما َم ّ
ال عز وجل القلوب والبصار له فتعي ما أردُته وتنصح فيه..
ن هذه الوجوه هي بمثابة المترادفات لمعًنى واحٍد ،وليست اختلًفا حقيقّيا أو اختلف تضاّد ،وإنما هي الولَ :أ ّ
ظ للتعبيِر عن َمْعًنى واحٍد ،زيادًة في البلغة والفصاحة وتقرير المعجزة القرآنية..
اختلف تنّوع في اللف ِ
الثاني :أنها وحي ،وليست من اختيار البشر ،بل هي جزٌء ِمن الوحي ،تلّقاها النبي صلى ال عليه وسلم وحًيا،
ن بعَدهم..
عّلَمها أصحاُبه صلى ال عليه وسلم ،فبّلغوها َم ْ
وَ
الرابع :ل يصح اعتقاد الزيادة في القراءة على سبعِة أوجٍه؛ لّنه لم يزد في الحديث على سبعٍة ،وما ذكروه
ن يعود إلى سبعِة أوجٍه ،أو
حِكي عن الرماني فل يصح ،فإما أ ْ ف{ زيادًة على ثلثين وجًها كما ُ
في نحو }ُأ ّ
خذ منه الوجه السبعة الموافقة للمصحف ،وُيْتَرك ما سواها. ُيْؤ َ
ن الحرف السبعة شيٌء والقراءات السبعة التي صّنفها بعض الُقّراء شيٌء آخر ،وليسا واحًدا ،وقد الخامسَ :أ ّ
َنّبه على ذلك الجماعات من أهل العلم قديًما وحديًثا ،كابن عبد البر وابن حجر وغيرهما..
ف ابن مجاهد والشاطبي وغيرهما قراءة سبعًة من الئمة ،ففهم بعضهم من ذلك أنها الحرف السبعة، وقد صّن َ
ن مجاهدأو أنه ل يصح غيرها ،وليس كذلك ،بل ربما كان في القراءات العشر ما هو أكثر شهرًة مما ذكره اب ُ
وغيره في تصنيفهم قراءات سبعة من الئمة ،وَمَرّد ذلك كله على اِلعْلم والطلع وطريقة التصنيف ،وليس
المراد لبن مجاهد ول الشاطبي ول غيرهما من أئمة القراءات توهين قراءة غير هؤلء الئمة السبعة الذين
صّنفوهم ،وإنما المراد جمع قراءات سبعة أئمة ،كما جمع غيرهم قراءات عشرة أئمة ،لكنها جميًعا سواٌء
سْبَعة التي نزل بها القرآن الكريم..
ف ال ّ
كانت لسبعٍة أو لسبعين أو لسبعمائة ل تخرج عن الحُر ِ
وبعبارٍة أخرى :الحديث يتكلم عن وجوٍه قرآنيٍة ،وابن مجاهد وأمثاله اختاروا سبعَة أئمٍة ِمّمن نقلوا هذه
الوجوه القرآنية ،فقّيدوا ما نقلوه..
ف ،كما
ل هم من َنَقَلِة الوجوه القرآن الذي نزل على سبعة أحُر ٍ فالئمة السبعة المذكورون عند ابن مجاهٍد مث ً
ي العلماء بهؤلء الئمة نظًرا
عِن َ
أن غيرهم من العشرة أو غيرهم قد شاركهم في نقل القرآن الكريم ،وِإّنما ُ
لدّقِتهم وعنايتهم وتفّرغهم لتقان الّنْقل والرواية والسماع للقرآن الكريم.
غًنى عن الرحيل للمدينة مرًة أخرى ،واستنطاق التاريخ بمزيٍد ِمّما لديه ،فقد كفى وشفى ،ولم يكن وقد ُكّنا في ِ
س لو تركناه يستريح ولو لبعض الوقتَ ،لّنا ِمن الن فصاعًدا لن نترك التاريخ ،فربما أجهدناه في علينا من بأ ٍ
كثيٍر من المور المتعّلَقِة بصدر السلم...
لكن ل مانع من المرور في الختام على أهل المدينة بعد النبي صلى ال عليه وسلم ،لننظر:
ماذا لديك أبا بكٍر الصديق
رضي ال عنك؟
وماذا لديك عثمان رضي ال عنك؟
خ عن ذلك فيقولُ :توّفي النبي صلى ال عليه وسلم ،تارًكا القرآن الكريم مكتوًبا في الدوات حّدُثنا التاري ُ
ُي َ
المتاحة للكتابة آنذاك؛ كالعظام واللخاف والجلود ،ونحوها ..وسرعان ما توّلى أبو بكٍر الصديق رضي ال
عنه ،صاحب النبي صلى ال عليه وسلم ،ورفيقه في هجرته المباركة من مكة للمدينة = سرعان ما توّلى
رضي ال عنه خلفة المسلمين ،خلًفا للنبي صلى ال عليه وسلم ،وكان عليه أن يقود المسلمين إلى َبّر المان
دائًما ،وأن يحفظهم في كل أمورهم ،خاصًة أمر دينهم الذي به حياتهم ،وعليه تقوم دنياهم وأخراهم..
ب مع المرتدين وغيرهم، لكن لم ُيْمَهل خليفة رسول ال صلى ال عليه وسلم؛ ِإْذ سرعان ما دخل في حرو ٍ
عَمر رضي ال عنه إلى أبي بكٍر يطلب جمع ع ُحّفاظ القرآن الكريم ،فهر َ ت هذه الحروب جماعًة من ُ حصد ْ
القرآن الكريم المسموع من النبي صلى ال عليه وسلم والمكتوب بحضرِته وتحت رعايته وسمعه وبصره،
ت جميعها َبْعُد ،فالحال
فالمادة متوّفرة ،والمان هنا حاصل بوجود كافة القرآن الكريم ،والَقَرَأة متوافرٌة لم َتُم ْ
س فل يجدون قارًئا حضر وقرأ على النبي صلى ال عليه صِبح النا ُ
يسمح بالجمع الن ،قبل أن يأتي يوٌم ُي ْ
وسلم ،أو كاتًبا كتب بأمر النبي صلى ال عليه وسلم وتحت سمعه وبصره..
ل ،ثم بدا للجميع التوافق بين النقل والعقل ،بين عا وعق ً
حْكم المسألة شر ً ت المشاورات لستجلء ُ هنا بدأ ْ
الوحي المنّزل وبين العقل ،فتوّكلوا على ال عز وجل وبدَأ العمل الجاد..
صدون في المعارك الواحد تلو الخر؛ لكن البقية الباقية منهم متوافرٌة بحمد ال ح َ
نعم؛ العقل يقول :القرآء ُي ْ
عز وجل ،والحضور كثرة ل حصر لهم ،فالعوامل المساعدة على تنفيذ المهمة متاحٌة الن ل غضاضة فيها،
ف واحٍد ،خشية أن يموت الجيل الشاهد لنزوله، والمان هنا قائٌم يناديَ :أن اجمعوا القرآن الن في مصح ٍ
ضا طرّيا عن النبي صلى ال عليه وسلم مباشرة، ظة الذين أخذوه غ ّ حَف َ
ويرحل ُكّتاب الوحي ،أو يهلك ال َ
ويخلف بعد ذلك جيل ل علم له بما جرى ،لم يحضر شيًئا ،ول شاهد أمًرا ول نهًيا ،فيقول القائل ،ويشّكك
ن ل حصر لها.. ضعاف ،فتنفتح على المسلمين فت ٌ صّدَقُه بعضُ ال ّ
المشكك ،وربما َ
كل أيها العقل؛ لن نفعل شيًئا لم يفعله النبي صلى ال عليه وسلم..
ترّدَد أبو بكٍر رضي ال عنه في أول المر :كيف نفعل شيًئا لم يفعله رسول ال صلى ال عليه وسلم؟!!
ثم بدا لخليفة رسول ال صلى ال عليه وسلم أن يوافق على جمع القرآن المكتوب بحضرة النبي صلى ال
ظ وصيانِة القرآن الكريم..
حْف ِ
عليه وسلم ،والمسموع منه مباشرًة ،لما في ذلك من المصلحة العظمى في ِ
صْدَر أبي بكٍر لهذا العمل ،فبدأُه..
فشرح ال عز وجل َ
ط؛ وِإّنما اشترطوا أن يقوم بذلك رجٌل من ُكّتاب الوحي اللذين لكّنه لم يبدأ ارتجاًل ،ول صار الموضوع بل ضاب ٍ
خ ما يكتبه من تلكسمعوا من النبي صلى ال عليه وسلم ،وأخذوا عنه مباشرًة ،بل وسائط ،ثم عليه أن ينس َ
ت بأمر النبي صلى ال عليه وسلم ،وتحت سمعه وبصره ،كما سبق بيان ذلك من قبُل.. سخ التي ُكِتَب ْ الّن َ
حد ُكّتاب الوحي للنبي صلى ال عليه وسلم ،فأخَذ زيٌد في فتم اختيار زيد بن ثابت الشاب اليقظ الفطن ،وهو َأ َ
حف عند صُ
ف ،ثم جمع هذه ال ّ ح ٍ
صُ سخ ما في اللخاف والكتاف وغيرها من أدوات الكتابِة في ُ سخ ،فن َ عملية الّن ْ
ت بعد وفاِته إلى أّم المؤمنين حفصة بنت عمر أبي بكٍر رضي ال عنه ،ثم انتقلت بعد وفاته إلى عمر ،ثم آل ْ
سخ منها ،فنسخها في ث إليها عثمان بن عفان رضي ال عنه ،فأخذ هذه الّن َ رضي ال عنهما ،حتى َبَع َ
مصاحف ،ثم أعادها إليها ثانيًة..
ويلحظ القارئ الكريم هنا أن عمل أبي بكٍر ثم عمل عثمان رضي ال عنهما لم يتجاوز في الحقيقة نسخ ما
كان مكتوًبا في حضرة النبي صلى ال عليه وسلم ،بأمِره وتحت سمعه وبصره.
ن أصل العلوم ولذا رأينا ابن الجوزي رحمة ال عليه يقول في كتابه ))تلبيس إبليس(( )صِ)) :(396 :إ ّ
ف وكتابِة الحديث ،فَأّما القرآن :فِإ ّ
ن ن حفظهما يصُعب َأَمَر بكتابِة المصح ِ عِلَم الشرع َأ ّ
القرآن والسنة ،فلما َ
عظام الَكتف، ب والحجارة و ِ س ِ
ب َفَأْثَبَتَها ،وكانوا يكتبونها في الُع ُ
ى بالكات ِعَت عليه آيٌة َد َرسوَل ال كان إذا نزل ْ
ن بن عفان رضي ال عنه وبقيُة خ ِمن ذلك عثما ُسَف أبو بكٍر صوًنا عليه ،ثم َن َ ن بعَدُه في المصح ِ جَمَع القرآ َ
ثم َ
شّذ منه شيٌء((أهـ ل َي ِ
ظ القرآن ِلَئ ّ
الصحابة ،وكل ذلك لحف ِ
وإلى نحو هذا أشار جماعٌة من المصنفين والمفسرين والمقرئين؛ منهم الحاكم والخطابي وأبي شامة
واللوسي وغيرهم.
ويقول البيهقي في ))شعب اليمان(( ))) :(171وتأليف القرآن على عهِد النبي صلى ال عليه وسلمُ .رّوينا
ع(. ن ِمن الّرَقا ِ ف القرآ َت َأّنُه قالُ) :كّنا عنَد رسوِل ال صلى ال عليه و سلم ُنَؤّل ُ
عن زيد بن ثاب ٍ
وِإّنما أراد ـ وال تعالى أعلم ـ تأليف ما َنَزَل ِمن اليات المتفرقة في سوَرِتها وجمعها فيها بإشارِة النبيّ صلى
ح ٍ
ف صُ
ت منها في ُ جِمَع ْ
سبَ ،ف ُ ال عليه و سلم ،ثم كانت ُمْثَبَتة في الصدور مكتوبة في الرقاع والّلخف والُع ُ
ف في مصاحف بإشارِة ح ِ صُ
جِمَع في ال ّ خ ما ُ سَعمر وغيرهما من المهاجرين والنصار ،ثم ُن ِ بإشارِة أبي بكر و ُ
عثمان بن عفان على ما رسم المصطفى صلى ال عليه وسلم.
ت فيصَنْع ُ
ت َأنا ل َ غَفَلة َأّنُه قال :قال علي بن أبي طالب :يرحم ال عثمان! لو كن ُ سَوْيد بن َ وروينا عن ُ
صَنَع عثمان. المصاحف ما َ
و قد ذكرنا في كتاب المدخل وفي آخر كتاب دلئل النبوة ما ُيَقّوي هذا الجماع ويدل على صحته((أهـ
ويلحظ في هذه المرحلة أن زيًدا وغيره من الصحابة الكرام الذين قاموا على جمع القرآن الكريم رضي ال
عنهم قد اعتمدوا على السماع والكتابة مًعا ،وجمعوا بينهما ،فاشترطوا اقتران السماع والكتابة وتلزمهما في
المجموع ،وهذا من أعلى درجات التوثيق التي يمكن الوصول إليها ،وقد أتاحها ال عز وجل لكتاِبه صيانًة له،
شريف..
وحمايًة لجنابه ال ّ
ت رضي ال عنه يفقد آيًة أثناء جمعه للقرآن زمن أبي بكٍر رضي ال عنه ،وأخرى زمن ولذا رأينا زيد بن ثاب ٍ
عثمان ،ل يجدهما أمامه في المكتوب بحضرة النبي صلى ال عليه وسلم ،لكنهما معروفتان عنده ،ل شك
فيهما؛ لنه سمعهما هو وغيره من النبي صلى ال عليه وسلم.....
خذا عنه بل واسطٍة إل َأّنُه لم يثبتهما حتى بحث عنهماسِمَعا من النبي صلى ال عليه وسلم ،وُأ ِومع أنهما ُ
ضا..
ووجدهما كتابًة أي ً
فلم يعتمد الكتابة وحدها ،ول السماع وحده ،وإن كان كل واحٍد من الكتابة أو السماع يصح العتماد عليه بل
ن الصحابة الكرام رضي ال عنهم أرادوا بلوغ النهاية في توثيق القرآن الكريم وصيانته والحفاظ غضاضة؛ لك ّ
عليه ،فالحمد ل تعالى..
ي الن أن أذكر بعض
ت إلى كثيٍر ِمن هذه المباحث فيما سبق من مداخلت هذا الموضوع ،وبقي عل ّ
شْر ُ
وقد َأ َ
الروايات الواردة في موضوع مداخلتنا هذه..
وهي باختصار كالتالي:
ي َأُبو َبْكٍر مَْقَتَل َأْهِل سَل ِإَل ّ عْنُه َقاَلَ)) :أْر َ ي الُّ َ ضَ ت َر ِ ن َثاِب ٍن َزْيَد ْب َ روى البخاري رحمه ال تعالى )َ (4986أ ّ
حّر َيْومَسَت َن اْلَقْتَل َقْد ا ْ عَمَر َأَتاِني َفَقاَلِ :إ ّ ن ُ عْنُهِ :إ ّ ل َ ي ا ُّضَ عْنَدُهَ ،قاَل َأُبو َبْكٍر َر ِ ب ِ طا ِخّن اْل َ عَمُر ْب ُاْلَيَماَمِةَ ،فِإَذا ُ
ن َوِإّني َأَرى َأ ْ
ن ن اْلُقْرآ ِ ب َكِثيٌر ِم ْ ن َفَيْذَه َ طِ حّر اْلَقْتُل ِباْلُقّراِء ِباْلَمَوا ِ سَت ِن َي ْ
شى َأ ْ خ َ
ن َوِإّني َأ ْ اْلَيَماَمِة ِبُقّراِء اْلُقْرآ ِ
عَمُرَ :هَذا َوا ِّ
ل سّلَم؟ َقاَل ُ عَلْيِه َو َل َ صّلى ا ُّ ل َ سوُل ا ِّ شْيًئا َلْم َيْفَعْلُه َر ُ
ف َتْفَعُل َ ت ِلُعَمَرَ :كْي َ نُ ،قْل ُجْمِع اْلُقْرآ ِ َتْأُمَر ِب َ
عَمُرَ ،قاَل َزْيٌدَ :قاَل َأُبو ك اّلِذي َرَأى ُ ت ِفي َذِل َ ك َوَرَأْي ُصْدِري ِلَذِل َ ل َ ح ا ُّ شَر َحّتى َ جُعِني َ عَمُر ُيَرا ِخْيٌرَ ،فَلْم َيَزْل ُ َ
سّلَم َفَتَتّبْع اْلُقْرآ َ
ن عَلْيِه َو َ ل َ صّلى ا ُّ ل َ سوِل ا ِّ ي ِلَر ُحَب اْلَو ْ ت َتْكُت ُك َوَقْد ُكْن َ عاِقٌل ل َنّتِهُم َ ب َ شا ّجٌل َ ك َر ُ َبْكٍرِ :إّن َ
تَ :كْي َ
ف نُ ،قْل ُ جْمِع اْلُقْرآ ِ ن َي ِمّما َأَمَرِني ِبِه ِم ْ عَل ّن َأْثَقَل َ جَباِل َما َكا َ ن اْل ِ
جَبٍل ِم ْ ل َلْو َكّلُفوِني َنْقَل َ جَمْعُهَ ،فَوا ِّ َفا ْ
حّتى جُعِني َ خْيٌرَ ،فَلْم َيَزْل َأُبو َبْكٍر ُيَرا ِ ل َ سّلَم؟ َقاَلُ :هَو َوا ِّ عَلْيِه َو َ ل َ صّلى ا ُّ ل َ سوُل ا ِّ شْيًئا َلْم َيْفَعْلُه َر ُ
ن َ َتْفَعُلو َ
س ِ
ب ن اْلُع ُجَمُعُه ِم ْ ن َأ ْ ت اْلُقْرآ َعنُْهَماَ ،فَتَتّبْع ُ ل َ ي ا ُّ ضَ عَمَر َر ِ صْدَر َأِبي َبْكٍر َو ُ ح َلُه َ شَر َ
صْدِري ِلّلِذي َ ل َ ح ا ُّ شَر ََ
غْيِرِه:حٍد َ جْدَها َمَع َأ َ ي َلْم َأ ِصاِر ّ سوَرِة الّتْوَبِة َمَع َأِبي خَُزْيَمَة اَْلْن َ خَر ُ تآِ جْد ُحّتى َو َ جاِلَ ، صُدوِر الّر َ ف َو ُ خا ِ َوالّل َ
حّتىعْنَد َأِبي َبْكٍر َ ف ِ ح ُ صُ ت ال ّ خاِتَمِة َبَراَءَةَ ،فَكاَن ْ حّتى َ عِنّتْم{ َ عَلْيِه َما َ عِزيٌز َ سُكْم َ ن َأْنُف ِ
سوٌل ِم ْ جاَءُكْم َر ُ }َلَقْد َ
عْنُه((أهـ ل َ ي ا ُّ ضَ عَمَر َر ِ ت ُ صَة ِبْن ِحْف َ عْنَد َ
حَياَتُهُ ،ثّم ِ عَمَر َ عْنَد ُلُ ،ثّم ِ َتَوّفاُه ا ُّ
ن َوَكانَ عْثَما َعَلى ُ ن َقِدَم َ ن اْلَيَما ِ حَذْيَفَة ْب َن ُ ك قالِ)) :إ ّ ن َماِل ٍس ْب َن َأَن َ ضا )َ (4988 - 4987أ ّ وروى البخاري أي ً
حَذْيَفُة
خِتلُفُهْم ِفي اْلِقَراَءِةَ ،فَقاَل ُ حَذْيَفَة ا ْع ُ قَ ،فَأْفَز َن َمَع َأْهِل اْلِعَرا ِ جا َ ح ِإْرِميِنَيَة َوَأْذَرِبي َ شْأِم ِفي َفْت ِ ُيَغاِزي َأْهَل ال ّ
سَلصاَرىَ ،فَأْر َ ف اْلَيُهوِد َوالّن َ خِتل َ با ْ خَتِلُفوا ِفي اْلِكَتا ِ ن َي ْك َهِذِه اُلّمَة َقْبَل َأ ْ ن! َأْدِر ْ نَ :يا َأِميَر اْلُمْؤِمِني َ ِلُعْثَما َ
صُة ِإَلىحْف َ ت ِبَها َ سَل ْكَ ،فَأْر َ ف ُثّم َنُرّدَها ِإَلْي ِ ح ِ صا ِخَها ِفي اْلَم َ سُف َنْن َح ِ صُ سِلي ِإَلْيَنا ِبال ّ ن َأْر ِ صَة َأ ْحْف َ ن ِإَلى َ عْثَما ُ ُ
خوَها سُ شاٍم َفَن َن ِه َ ث ْب ِحاِر ِ ن اْل َ ن ْب َحَم ِ عْبَد الّر ْ ص وَ َ ن اْلَعا ِ سِعيَد ْب َن الّزَبْيِر َو َ ل ْب َعْبَد ا ِّت َو َ ن َثاِب ٍ نَ ،فَأَمَر َزْيَد ْب َ عْثَما َ ُ
ن اْلُقْرآ ِ
ن يٍء ِم ْ ش ْ ت ِفي َ ن َثاِب ٍ خَتَلْفُتْم َأنُْتْم َوَزْيُد ْب ُ
ن الّثلَثِةِ :إَذا ا ْ شّيي َط اْلُقَر ِ ن ِللّرْه ِعْثَما ُ فَ ،وَقاَل ُ ح ِ صا ِ ِفي اْلَم َ
ح َ
ف صُ ن ال ّ عْثَما ُ ف َرّد ُ ح ِ صا ِ ف ِفي اْلَم َ ح َ خوا الصّ ُ سُ حّتى ِإَذا َن َ ساِنِهْمَ ،فَفَعُلوا َ ش َفِإّنَما َنَزَل ِبِل َ ن ُقَرْي ٍ سا ِ
َفاْكُتُبوُه ِبِل َ
ف َأ ْ
ن ح ٍ صَ حيَفٍة َأْو ُم ْ صِ ن ِفي ُكّل َ ن اْلُقْرآ ِ سَواُه ِم ْ خوا َوَأَمَر ِبَما ِ سُ ف ِمّما َن َ ح ٍ صَ ق ِبُم ْ سَل ِإَلى ُكّل ُأُف ٍ صَةَ ،وَأْر َ حْف َِإَلى َ
ق((.حَر َ ُي ْ
ن َزْيِد ْب ِ
ن جُة ْب ُخاِر َ خَبَرِني َ ب الزهري رحمه ال )أحد أئمة الحديث ،وراوي الحديث الذي معنا(َ :وَأ ْ شَها ٍ ن ِ َقاَل اْب ُ
صّلى سوَل الِّ َ سَمُع َر ُ ت َأ ْف َقْد ُكْن ُ ح َ صَ خَنا اْلُم ْ سْ ن َن َحي َب ِ حَزا ِ ن اَل ْ ت آَيًة ِم ْ ت َقاَلَ)) :فَقْد ُ ن َثاِب ٍ سِمَع َزْيَد ْب َ ت َ َثاِب ٍ
صَدُقوا َما جاٌل َ ن ِر َ ن اْلُمْؤِمِني َ يِ} :م ْ صاِر ّ ت اَْلْن َ ن َثاِب ٍخَزْيَمَة ْب ِجْدَناَها َمَع ُ سَناَها َفَو َ سّلَم َيْقَرُأ ِبَهاَ ،فاْلَتَم ْ عَلْيِه َو َل َ ا ُّ
ف((أهـ ح ِ صَ سوَرِتَها ِفي اْلُم ْ حْقَناَها ِفي ُ عَلْيِه{َ ،فَأْل َ ل َ عاَهُدوا ا َّ َ
خَنا
سْ
ن َن َحي َب ِ حَزا ِن اَل ْت آَيًة ِم ْ عْنُه َيُقوُلَ)) :فَقْد ُ ل َ ي ا ُّ ضَت َر ِ ن َثاِب ٍ
ن َزْيِد ْب ِعْ
ضا )َ (4049 وعند البخاري أي ً
ن َثاِب ٍ
ت خَزْيَمَة ْب ِجْدَناَها َمَع ُ سَناَها َفَو َ
سّلَم َيْقَرُأ ِبَها َفاْلَتَم ْ
عَلْيِه َو َ
ل َصّلى ا ُّ ل َسوَل ا ِّسَمُع َر ُ ت َأ ْ
ف ُكْن ُح َصَاْلُم ْ
ظُر{ ن َيْنَت ِ
حَبُه َوِمْنُهْم َم ْ
ضى َن ْ ن َق َعَلْيِه َفِمْنُهْم َم ْل َ عاَهُدوا ا َّ صَدُقوا َما َ جاٌل َ ن ِر َ
ن اْلُمْؤِمِني َ
يِ} :م ْ صاِر ّ
اَْلْن َ
ف((أهـ ح ِصَسوَرِتَها ِفي اْلُم ْ حْقَناَها ِفي ُ َفَأْل َ
ف َفَفَقْدتُ
ح ِ صا ِف ِفي اْلَم َ
ح َ صُ ت ال ّ خ ُسْ عْنُه َقاَلَ)) :ن َ ل َ ي ا ُّضَت َر ِ ن َثاِب ٍن َزْيَد ْب َ
ضا )َ (2807أ ّ وعند البخاري أي ً
ن َثاِب ٍ
ت خَزْيَمَة ْب ِ
جْدَها ِإّل َمَع ُسّلَم َيْقَرُأ ِبَها َفَلْم َأ ِ
عَلْيِه َو َ
ل َ صّلى ا ُّ ل َ سوَل ا ِّ سَمُع َر ُ ت َأ ْ
ب ُكْن ُحَزا ِسوَرِة اَل ْ
ن ُ آَيًة ِم ْ
جاٌل
ن ِر َن اْلُمْؤِمِني َ
ن َوُهَو َقْوُلُهِ} :م ْ جَلْي ِ
شَهاَدَة َر ُ شَهاَدَتُه َ سّلَم َعَلْيِه َو َ
ل َصّلى ا ُّ ل َ سوُل ا ِّ جَعَل َر ُي اّلِذي َصاِر ّاَلْن َ
عَلْيِه{((أهـ ل َعاَهُدوا ا َّ صَدُقوا َما َ
َ
ضَر ذلك
ح َ
وتدل السياقات السابقة َأّنه استقّر في المصحف العثماني جميع ما ورد في السماع كما سبق ،وقد َ
حّفاظ القرآن وَكَتَبُة الوحي ِمّمن كانوا أحياء حينئٍذ ،وطار نبُأ المصحف في المصار ،ولم سِمَع به ُ
عاَيَنُه و َ
وَ
يعترض أحٌد عليه ،ول زاد فيه أحٌد شيًئا ،فدل ذلك كله على إجماع الصحابة الكرام ،وغيرهم من المسلمين
آنذاك على صحة المصحف العثماني ،وشموله لجميع ما ُأْنِزل على النبي صلى ال عليه وسلم ،وأنه لم يفت
المصحف المكتوب شيٌء من المسموع أبًدا..
ضا ،منذ أربعة عشر قرًنا ،وإلى وقتنا هذا.. ثم أجمعت الجيال المتلحقة على هذا أي ً
ضد كّل منهما الخر ،ول ينافيه أو يعارضه، فصار المصحف المكتوب بيد المسلمين الن قريًنا للسماعُ ،يَع ّ
ظ القرآن على مّر الزمان ،مع احتفاظ السماع برئاسته وصدارته ،واحتفاظ الكتابة بأهميتها حْف ِ
يتعاونان في ِ
ومنزلتها.
وقد مضت أدلة العتماد في نقل القرآن على السماع والحفظ ل الكتابة والمصاحف..
ويؤكد ذلك رجوع زيد بن ثابت إلى البحث عن اليتين اللتان لم يجدهما أمامه في المكتوب حتى وجدهما
ت قد
سه بذلك في قوله في كّل منهما)) :كن ُ
صّرح هو نف ُ
كتابًة ،وما َدّلُه على عدم وجودهما غير السماع ،وقد َ
ت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقرأ بها((.... سمع ُ
عا لديه سلًفا ،فلم يكن يجمع أو ينسخ شيًئا جديًدا عليه يمكن أن يفوته فيفهو يجمع وينسخ ما كان مسمو ً
ظا مستقّرا في صْدِره وصدور غيره من الصحابة عا محفو ً
ت أو يشذ عليه شاّذ؛ وإنما كان ينسخ مسمو ً ذلك فائ ٌ
الكرام رضي ال عنه..
خا لمجهوٍل ،وشّتان بين هذا وذاك عند العقلء من الناس!! ف ،وليس نس ً
خ لمعلوٍم معرو ٍ
فهو نس ٌ
وهذا كله يقطع بأموٍر يقينّية على رأسها :القطع بأن القرآن قد وصلنا تاّما غير منقوص بحمد ال تعالى؛
ف ،وعلى توالي أربعة عشر قرًنا ،على تمام القرآن الذي بأيدي المسلمين ،وأنه لجماع المسلمين خلًفا بعد سل ٍ
حّرف ،ولم يدخله النقص ،أو ُتَعّكره نسخة طبق الصل لما نزل به الوحي على النبي صلى ال عليه وسلم ،لم ُي َ
الزيادة.
ن{
ظو َ
حاِف ُ
ن َنّزْلَنا الّذْكَر َوِإّنا َلُه َل َ
حُ وهذا كله مصداق تَعّهد ال بحفظه ،وإخباره بذلك في قوله تعالىِ} :إّنا َن ْ
]الحجر.[9 :
ن ُنَقّرَر هذه الحقيقة اليقينية بناًء على الية المذكورة ،فهي كافية بحمد ال وكان بإمكاننا قبل ذلك وبعده َأ ْ
تعالى في تقرير تمام القرآن وكماله ،وحفظ ال له من الزيادة والنقصان والتحريف والتغيير.
ولكنا ذكرنا الدلة المادية على حفظ القرآن وتمامه وكماله ،وحفظ ال له من الزيادة والنقصان والتحريف
ت عنها والتغيير ،وذلك من خلل النصوص الثابتة ،التي شهد بصدقها التاريخ ،وَأّكَدها واقع الّنَقَلِة ،وتحّدَث ْ
السانيد.
نعم؛ ذكرنا الدلة المادية على ذلك من خلل الروايات والوقائع؛ لّنا نكتب للمؤمنين وغيرهم..
نعم؛ نكتب للمؤمنين الصادقين الموقنين بإخبار ال عز وجل في كتابه بحفظه..
كما نكتب في عالٍم يموج بتيارات الكفر واللحاد والملل المخالفة والمعادية للسلم ،ليرى هؤلء وأولئك ما
نكتبه ،فيكون كالتذكرة للمؤمنين ،والحجة على الكافرين..
نعم؛ نكتب لتقوم الحجة على الكافرين والمستشرقين وغيرهم من الطاعنين في القرآن الكريم بهذه الّتّرهات
ضا منها ،طعًنا في الدين ،وحسًدا من عند أنفسهم ،مع التي ردد هذا المستشرق المدعو بـ ))موراني(( بع ً
سا على القّراء!! تغليفهم ذلك كله بغلف العلم والبحث ،بغرض تمرير ما يكتبونه ،وتغريًرا وتدلي ً
طا وكتابًة..
ظا ،وخ ّ
عا وحف ً
فهذه هي الدلة المادية لما جرى وكان في واقعة تدوين القرآن الكريم سما ً
ل غير منقوص ،وعلى أنه محفوظ عن وقد تضافرت جميعها والحمد ل على كمال القرآن ووصوله لنا كام ً
الزيادة والنقصان والتغيير والتحريف..
ت الدلُة على أن القرآن الذي بأيدي المسلمين الن هو نسخة طبق الصل لما نزل
وبعبارة أخرى :فقد تضافر ِ
به الوحي على النبي صلى ال عليه وسلم.