You are on page 1of 40

‫واستدار الزمان‬

‫واستدار‬
‫الزمان‬
‫)التاريخ الهجري(‬

‫بدر بن نادر المشاري‬

‫‪1‬‬
‫واستدار الزمان‬

‫إهداء‪...‬‬
‫المعتزين بتاريخ أمتهم المجيد‪..‬‬ ‫إلى‬
‫من يبتغون درب أسلفهم الرشيد‪..‬‬ ‫إلى‬
‫من ُأعجبوا بثقافة الغرب فأّرخوا‬ ‫إلى‬
‫بتاريخهم‪..‬‬
‫أمة السلم أهدي هذه الكلمات‪..‬‬ ‫إلى‬
‫وأقول تنّبهي‪..‬‬

‫ن‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ُ‬ ‫ق‬‫ِ‬ ‫ط‬ ‫ين‬
‫َ‬ ‫ما‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫}‬
‫وى{‬ ‫ْ‬
‫ال َ َ‬
‫ه‬
‫محمد رسولنا ‪ ‬لينطق عن الهوى؛بل هو نبي معصوم كل‬
‫كلمة منه دين‪،‬وكل جملة منه سنة؛ فالجد منهجه‪ ،‬والحق‬
‫مقصده‪ ،‬والصلح أمنيته‪ ،‬هو الذي أوتي جوامع الكلم‪ ،‬بأبي‬

‫‪2‬‬
‫واستدار الزمان‬

‫ل‬ ‫ه ل ََقوْ ٌ‬
‫ل فَ ْ‬
‫ص ٌ‬ ‫سا من قبسات النبوة ‪‬إ ِن ّ ُ‬ ‫هو وأمي ‪‬فتأمل قب ً‬
‫ما هُوَ ِبال ْهَْز ِ‬
‫ل‪] ( (13-14‬الطارق‪[14 ،13 :‬‬ ‫وَ َ‬
‫صّلى الل ُّ‬
‫ه‬ ‫ي‬ ‫ب‬‫ن‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫ْ‬
‫نأِ َ َ َ‬
‫ة‬ ‫ر‬ ‫ك‬ ‫ب‬ ‫بي‬ ‫َ‬
‫َ ِّ ّ َ‬ ‫َ‬ ‫عَ ْ‬
‫د‬
‫ق ِ‬ ‫ن َ‬‫ما َ‬
‫ن الّز َ‬
‫ل‪ ":‬إ ِ ّ‬ ‫م َقا َ‬ ‫سل ّ َ‬‫ع َل َي ْهِ وَ َ‬
‫ه‬‫ق الل ّ ُ‬ ‫خل َ َ‬ ‫م َ‬ ‫و َ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫داَر ك َ َ‬
‫هي ْئ َت ِ ِ‬ ‫ست َ َ‬‫ا ْ‬
‫َ‬
‫ة اث َْنا‬ ‫ن‬
‫ّ َ ُ‬ ‫س‬ ‫ال‬ ‫ض‪.‬‬ ‫واْل ْ َ‬
‫ر‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬ ‫م َ‬
‫س َ‬ ‫ال ّ‬
‫م؛‬ ‫َ‬ ‫شَر َ‬ ‫ع َ‬
‫حُر ٌ‬ ‫ة ُ‬ ‫ع ٌ‬‫ها أْرب َ َ‬ ‫من ْ َ‬ ‫هًرا ِ‬ ‫ش ْ‬ ‫َ‬
‫و ُ‬
‫ذو‬ ‫َ‬ ‫ة‪،‬‬‫ِ‬ ‫َ‬ ‫د‬ ‫ع‬‫ْ‬ ‫ق‬‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ذو ال‬ ‫ت ُ‬ ‫وال َِيا ٌ‬ ‫مت َ َ‬
‫ث ُ‬ ‫َثل ٌ‬
‫ضَر‬
‫م َ‬
‫ب ُ‬‫ج ُ‬ ‫وَر َ‬
‫َ‬ ‫م‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ر‬
‫ّ‬ ‫ح‬‫َ‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫وا‬ ‫َ‬ ‫ة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ج‬
‫ّ‬ ‫ح‬
‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ال‬
‫ن"‬
‫عَبا َ‬
‫ش ْ‬‫و َ‬ ‫َ‬ ‫دى‬ ‫َ‬ ‫ما‬ ‫َ‬ ‫ج‬
‫ُ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ب‬ ‫ذي‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ال‬
‫رواه البخاري‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫واستدار الزمان‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬

‫الحمد لله وحده والصلة والسلم على من ل نبي‬


‫بعده ؛ ؛ ؛‬

‫إذن لمحمد ‪‬‬

‫ففي شهر ربيع الول من العام الثالث عشر من البعثة‬


‫وصل النبي ‪ ‬إلى المدينة مهاجًرا من مكة البلد الول للوحي‬
‫وأحب البلد إلى الله ورسوله‪ ،‬خرج من مكة مهاجًرا بإذن ربه‬
‫بعد أن أقام بمكة ثلث عشرة سنة يبّلغ رسالة ربه ويدعو إليه‬
‫على بصيرة فلم يجد من أكثر قريش وأكابرهم سوى الرفض‬
‫لدعوته والعراض عنها واليذاء الشديد له ‪ ‬ومن آمن به حتى‬
‫آل المر بهم إلى التخطيط و المكر والخداع لقتله ‪ ‬حيث‬
‫أجمع كبراؤهم في دار الندوة وتشاوروا ماذا يفعلون برسول‬
‫الله ‪ ‬حين رأوا أصحابه يهاجرون إلى المدينة وأنه لبد أن‬
‫يلحق بهم ويجد النصرة والعون من النصار الذين بايعوه على‬
‫أن يمنعوه مما يمنعون منه أبناءهم ونساءهم وحينئذ تكون له‬
‫الدولة على قريش فقال عدو الله أبو جهل‪ :‬الرأي أن نأخذ من‬
‫ما ثم‬
‫دا ثم يعطى كل واحد سيًفا صار ً‬
‫كل قبيلة فتى شاّبا جل ً‬
‫يعمدوا إلى محمد فيضربوه ضربة رجل واحد فيقتلوه ونستريح‬
‫منه فيتفرق دمه في القبائل فل يستطيع بنو عبد مناف )أي‪:‬‬
‫عشيرة النبي )‪ ‬أن يحاربوا قومهم جميًعا فيرضون بالدية‬

‫‪4‬‬
‫واستدار الزمان‬

‫فنعطيهم إياها مكًرا برسول الله ‪ ،‬ولكن ويمكرون ويمكر الله‬


‫ك أ َْو‬‫ن ك ََفُروا ْ ل ِي ُث ْب ُِتو َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ك ال ّ ِ‬
‫مك ُُر ب ِ َ‬ ‫بهم كما قال تعالى‪ :‬وَإ ِذ ْ ي َ ْ‬
‫ن‪‬‬
‫ري َ‬ ‫خي ُْر ال ْ َ‬
‫ماك ِ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ه َوالل ّ ُ‬‫مك ُُر الل ّ ُ‬ ‫مك ُُرو َ‬
‫ن وَي َ ْ‬ ‫جو َ‬
‫ك وَي َ ْ‬ ‫ك أ َوْ ي ُ ْ‬
‫خر ِ ُ‬ ‫ي َْقت ُُلو َ‬
‫]النفال‪[30 :‬‬

‫دا ‪ ‬بما أراد المشركون وأذن له بالهجرة‪.‬‬


‫فأعلم الله نبيه محم ً‬
‫ومن ذلك الحين كلما استدار الزمان و استقبل المسلمون‬
‫دا تذكروا أج ّ‬
‫ل مناسبة عظيمة في‬ ‫ما إسلمّيا هجرّيا جدي ً‬
‫عا ً‬
‫السلم وهي هجرة النبي ‪ ‬من مكة إلى المدينة الذي بها‬
‫ون دولة إسلمية في بلد إسلمي مستقل يحكمه‬
‫ك ّ‬
‫المسلمون‪.‬‬

‫الهجرة هجرتان‬

‫هذه قصة الهجرة وهذا الزمان استدار و يستدير‪،‬‬


‫والهجرة هجرتان‪ :‬الولى هجرة قلبية إلى الله بعبادته وحده‬
‫ل شريك له وإلى رسوله ‪ ‬باتباعه وفعل ما أمر به وترك‬

‫ما ن ََهى الل ّ ُ‬


‫ه‬ ‫جَر َ‬
‫ن هَ َ‬
‫م ْ‬
‫جُر َ‬ ‫ما نهى عنه كما قال ‪َ" :‬وال ْ ُ‬
‫مَها ِ‬
‫ه" رواه البخاري‪ ،‬وهذه الهجرة ملزمة للمسلم طوال حياته ل‬ ‫ع َن ْ ُ‬
‫ل‪ :‬ك ُّنا ِ‬ ‫ي َقا َ‬ ‫ْ‬ ‫يتركها أبدا؛ لقوله ‪ ":‬ع َن أ َ‬
‫عن ْد َ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬‫ج‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ٍ‬ ‫د‬‫ْ‬ ‫ن‬‫ِ‬ ‫ه‬ ‫بي‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬
‫جَرةَ‬ ‫ذاك َْرَنا ال ْهِ ْ‬
‫ض عَي ْن َي ْهِ فَت َ َ‬ ‫م َ‬ ‫ريرِهِ وَقَد ْ غ َ ّ‬ ‫ة وَهُوَ ع ََلى َ‬
‫س ِ‬ ‫مَعاوِي َ َ‬ ‫ُ‬
‫ل لَ ْ‬
‫م ت َن َْقط ِعْ‬ ‫مّنا ي َُقو ُ‬ ‫ت‪َ ،‬وال َْقائ ِ ُ‬
‫ل ِ‬ ‫ل ان َْقط َعَ ْ‬
‫مّنا ي َُقو ُ‬ ‫َوال َْقائ ِ ُ‬
‫ل ِ‬

‫‪5‬‬
‫واستدار الزمان‬

‫خب َْرَناهُ وَ َ‬ ‫َ‬


‫ن قَِلي َ‬
‫ل الّرد ّ‬ ‫كا َ‬ ‫م ِفيهِ فَأ ْ‬ ‫ما ك ُن ْت ُ ْ‬ ‫ة فََقا َ‬
‫ل‪َ :‬‬ ‫مَعاوِي َ ُ‬‫ه ُ‬ ‫َفا ْ‬
‫ست َن ْب َ َ‬
‫ل‬
‫سو ِ‬ ‫ذاك َْرَنا ِ‬
‫عن ْد َ َر ُ‬ ‫ل‪ :‬ت َ َ‬ ‫سل ّ َ‬
‫م فََقا َ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ي َ‬ ‫ع ََلى الن ّب ِ ّ‬
‫حّتى‬ ‫ل‪َ :‬ل ت َن َْقط ِعُ ال ْهِ ْ‬
‫جَرة ُ َ‬ ‫م فََقا َ‬ ‫سل ّ َ‬
‫ه ع َل َي ْهِ وَ َ‬
‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫الل ّهِ َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬‫س ِ‬‫م ُ‬ ‫ش ْ‬‫حّتى ت َط ْل ُعَ ال ّ‬ ‫ة وََل ت َن َْقط ِعُ الت ّوْب َ ُ‬
‫ة َ‬ ‫ت َن َْقط ِعَ الت ّوْب َ ُ‬
‫مغْرِب َِها" رواه أحمد‪.‬‬
‫َ‬
‫والهجرة الثانية هجرة بدنية وهي تتضمن الهجرة القلبية‬
‫و هي الهجرة من بلد الشرك إلى بلد السلم‪ ،‬و تجب عند‬
‫الحاجة إليها إذا لم يستطع المسلم إظهار دينه في بلد الكفر‬
‫َ‬
‫ما ك َِثيًرا‬ ‫مَراغَ ً‬ ‫ض ُ‬‫جد ْ ِفي الْر ِ‬ ‫ل الل ّهِ ي َ ِ‬ ‫سِبي ِ‬
‫جْر ِفي َ‬ ‫من ي َُها ِ‬ ‫‪ ‬وَ َ‬
‫سول ِهِ ث ُ ّ‬
‫م‬ ‫جًرا إ َِلى الل ّهِ وََر ُ‬
‫مَها ِ‬ ‫من ب َي ْت ِهِ ُ‬ ‫ج ِ‬
‫خُر ْ‬‫من ي َ ْ‬ ‫ة وَ َ‬‫سعَ ً‬ ‫وَ َ‬
‫َ‬
‫ه غَُفوًرا‬ ‫ن الل ّ ُ‬ ‫على الل ّهِ وَ َ‬
‫كا َ‬ ‫جُرهُ َ‬ ‫ت فََقد ْ وَقَعَ أ ْ‬ ‫موْ ُ‬‫ه ال ْ َ‬‫ي ُد ْرِك ْ ُ‬
‫] النساء‪. [100 :‬‬ ‫ما‪‬‬
‫حي ً‬
‫ّر ِ‬

‫إًذا يا كل مسلم‪:‬‬
‫جر من المعتقدات الباطلة والشرك بالله ‪،‬‬
‫ها ِ‬ ‫‪‬‬

‫إلى تصحيح ذلك بالتوحيد الخالص الذي لتشوبه‬


‫شائبة‪.‬‬
‫جر من ظلمة العصيان إلى نور الطاعة‬
‫ها ِ‬ ‫‪‬‬

‫واليمان‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫واستدار الزمان‬

‫جر من كثرة القبال على اللذات والشهوات‪،‬‬


‫ها ِ‬ ‫‪‬‬

‫إلى الخوف من مقام الرب ونهي النفس عن‬


‫الهوى‪.‬‬
‫جر من الجهل والقسوة‪ ،‬إلى العلم ونور‬
‫ها ِ‬ ‫‪‬‬

‫البصيرة والرحمة‪.‬‬
‫جر من الفوضوية والشتات في الوقات‪ ،‬إلى‬
‫ها ِ‬ ‫‪‬‬

‫التنظيم والترتيب والحرص على سائر اللحظات‬


‫في طاعة رب الرض والسموات‪.‬‬
‫جر من إفلت الجوارح والعضاء لتفعل‬
‫ها ِ‬ ‫‪‬‬

‫ماتشاء‪ ،‬إلى ضبطها وحفظها عن الحرام وتحصينها‬


‫ن‬ ‫عل ْ ٌ‬
‫م إِ ّ‬ ‫ك ب ِهِ ِ‬‫س لَ َ‬
‫ما ل َي ْ َ‬
‫ف َ‬ ‫بما أمر به الله‪.‬وَل َ ت َْق ُ‬
‫ؤول ً‪‬‬‫س ُ‬
‫م ْ‬ ‫ه َ‬‫ن عَن ْ ُ‬‫كا َ‬ ‫ل ُأولئ ِ َ‬
‫ك َ‬ ‫صَر َوال ُْف َ‬
‫ؤاد َ ك ُ ّ‬ ‫معَ َوال ْب َ َ‬
‫س ْ‬
‫ال ّ‬
‫] السراء‪[36:‬‬
‫"باختصار"‬
‫جر عن كل مانهى الله عنه ويبغضه‪ ،‬إلى كل‬
‫ها ِ‬ ‫‪‬‬

‫ما أمر الله به ويرضاه‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫واستدار الزمان‬

‫فرقت بين الحق والباطل‬

‫من المعلوم أنه في بداية السلم لم يكن التاريخ‬


‫السنوي معمول ً به حتى كانت خلفة عمر بن الخطاب في‬
‫السنة الثالثة أو الرابعة من خلفته أي سنة ست عشرة أو‬
‫سبع عشرة من الهجرة‪ ،‬ومناسبته أن الصحابي الجليل أبا‬
‫موسى الشعري‪ ‬كتب إلى عمر بن الخطاب ‪ ‬أنه يأتينا‬
‫منك كتب ليس لها تاريخ فجمع عمر ‪ ‬الصحابة رضي الله‬
‫عنهم فاستشارهم فيقال إن بعضهم قال‪ :‬أّرخوا كما تؤرخ‬
‫الفرس بملوكها كلما هلك ملك‪ ،‬أّرخوا بولية من بعده‪ .‬فكره‬
‫الصحابة ذلك فقال بعضهم‪ :‬أّرخوا بتاريخ الروم فكرهوا ذلك‪.‬‬
‫فقال بعضهم‪ :‬أّرخوا من مولد النبي‪ ،‬وقال آخرون‪ :‬من‬
‫مبعثه‪ ،‬وقال آخرون‪ :‬من مهاجره فقال عمر ‪ :‬الهجرة‬
‫فرقت بين الحق والباطل فأّرخوا بها فأّرخوا من الهجرة‬
‫واتفقوا على ذلك‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫واستدار الزمان‬

‫نبدأ بالمحرم‬

‫تشاور عمر ‪ ‬مع الصحابة رضي الله عنهم من أي‬


‫شهر يكون ابتداء السنة فقال بعضهم‪ :‬من شهر رمضان؛‬
‫لنه الشهر الذي أنزل فيه القرآن‪ ،‬وقال بعضهم‪ :‬من ربيع‬
‫الول؛ لنه الشهر الذي قدم فيه النبي ‪ ‬المدينة مهاجًرا‪،‬‬
‫واختار عمر وعثمان وعلي أن يكون من المحرم؛ لنه شهر‬
‫حرام يلي شهر ذي الحجة الذي يؤدي المسلمون فيه حجهم‬
‫الذي به تمام دينهم والذي كانت فيه بيعة النصار للنبي‪‬‬
‫والعزيمة على الهجرة؛ فبدأ بالسنة السلمية الهجرية من‬
‫شَر‬ ‫عند َ الل ّهِ اث َْنا عَ َ‬
‫شُهورِ ِ‬ ‫عد ّةَ ال ّ‬
‫ن ِ‬ ‫الشهر المحرم الحرام ‪ ‬إ ِ ّ‬
‫من َْها أ َْرب َعَ ٌ‬
‫ة‬ ‫ض ِ‬ ‫َ‬
‫ماَوات َوالْر َ‬ ‫س َ‬ ‫خل َقَ ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ب الل ّهِ ي َوْ َ‬‫شهًْرا ِفي ك َِتا ِ‬ ‫َ‬
‫ك الدين ال َْقيم فَل َ تظ ْل ِموا ْ فيه َ‬
‫م ‪ ] ‬التوبة‪[36 :‬‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫ن أنُف َ‬
‫ِ ِ ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ ُ‬ ‫ّ ُ‬ ‫م ذ َل ِ َ‬
‫حُر ٌ‬ ‫ُ‬
‫‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫واستدار الزمان‬

‫أمة متبوعة‬

‫استعمر ت النصارى بعض البلد وأرغمت أهلها أن‬


‫يتناسوا تاريخهم السلمي الهجري فأّرخوا بالتاريخ الميلدي‪،‬‬
‫وبعد أن أزال الله عنهم هذا الكابوس المستعمر وظلمه‬
‫وتجبره لم يعد هناك عذر بالبقاء على التاريخ الميلدي الذي‬
‫ل يمت إلى ديننا بصلة‪.‬‬
‫والمة السلمية يجب أن تجعل لنفسها وجوًدا وكياًنا‬
‫مستقلْين مستمدْين من روح الدين السلمي‪ ،‬وأن تكون‬
‫متميزة عن غيرها؛ في كل ما ينبغي أن تتميز به من الخلق‬
‫والداب والمعاملت وغيرها لتبقى أمة بارزة مرموقة ل تابعة‬
‫دا أعمى ل يجّر إليها‬
‫لغيرها هاوية في تقليد من سواها تقلي ً‬
‫نفًعا ول يدفع عنها ضرًرا‪ ،‬وإنما يظهر بمظهر الضعف‬
‫والتبعية وينسيها ما كان عليه أسلفها‪ ،‬ولن يصلح آخر هذه‬
‫المة إل بما صلح به أولها‪.‬‬
‫َ‬
‫] النساء‪[139 :‬‬ ‫ميًعا‪‬‬ ‫ن العِّزةَ ل ِل ّهِ َ‬
‫ج ِ‬ ‫م ال ْعِّزة َ فَإ ِ ّ‬
‫عند َهُ ُ‬ ‫‪ ‬أي َب ْت َُغو َ‬
‫ن ِ‬

‫‪10‬‬
‫واستدار الزمان‬

‫شهور العام‬

‫من نعم الله وتيسيره أن جعل الحساب الشرعي‬


‫العربي مبنّيا على شهور هللية لها علمة حسية يفهمها‬
‫الخاص والعام‪ ،‬وهي رؤية الهلل في المغرب بعد غروب‬
‫الشمس‪ ،‬فمتى ُرئي الهلل فقد دخل الشهر المستقبل‬
‫وانتهى الشهر الماضي‪ ،‬وبذلك نعرف أن ابتداء التوقيت‬
‫اليومي من غروب الشمس ل من زوالها؛ لن أول الشهر‬
‫يدخل بغروب الشمس وأول الشهر هو أول الوقت وهذه‬
‫الشهور الهللية هي مواقيت للناس كلهم بدون تخصيص كما‬
‫س‬ ‫نا‬
‫ّ‬ ‫لل‬
‫ِ‬ ‫ت‬
‫ُ‬ ‫قي‬
‫ِ‬ ‫وا‬
‫َ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ْ‬
‫ل‬ ‫ُ‬ ‫ق‬ ‫ِ‬ ‫ة‬‫ك ع َن الهِل ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫سأ َ ُ‬
‫لو‬ ‫قال تعالى‪  :‬ي َ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪]‬البقرة‪[189 :‬‬

‫‪11‬‬
‫واستدار الزمان‬

‫الشهور الوهمية‬

‫إن غير الشهور الهللية هي شهور وهمية بنيت على‬


‫غير المشروع والمعقول والمحسوس من الشهر الفرنجية‬
‫ما‪ ،‬وبعضها‬
‫المختلفة حتى أصبح بعضها ثمانية وعشرين يو ً‬
‫دا وثلثين والبعض بين ذلك‪ ،‬ول يعلم لهذا الختلف سبب‬
‫واح ً‬
‫حقيقي معقول؛ فهي شهور وهميــة اصطلحيــة غير‬
‫ما وحديًثا ‪ -‬وعلى رأسهم‬
‫منضبطة كره أهل العلم قدي ً‬
‫صحابة رسول الله‪ ‬ورضي عنهم‪ -‬التأريخ بما عند أولئك‬
‫العجم والروم والقبط‪.‬‬
‫ما‬
‫وقد سئل المام أحمد‪ -‬رحمه الله‪ : -‬إن للفرس أيا ً‬
‫وشهوًرا يسمونها بأسماء ل تعرف‪ ،‬فكره ذلك أشد الكراهة‪،‬‬
‫وُيروى عن مجاهد أنه كان يكره أن يقال‪ :‬أذار ماه وغير‬
‫أحمد ومجاهد كثير من العلماء‪.‬‬
‫بل طلب أكثر من مرة من المؤرخين بها إعادة النظر‬
‫في الشهور الفرنجية وتغييرها وقوبلت بالرفض والمعارضة‬
‫من قبل الحبار والرهبان ونحن أحق منهم بالتمسك بتاريخنا‬
‫السلمي الهجري‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫واستدار الزمان‬

‫ل تهنئة ول عيد‬

‫دا بتغيير هذا التاريخ السلمي الهجري على‬


‫لن نرضى أب ً‬
‫أن ل نجعل فيه ما لم يكن من ديننا وشرعنا بشيء فنحن‬
‫أمة متعبدة ل نشّرع شيئا ً من العبادات والمواسم الدينية إل‬
‫ما كان ثابًتا بأمر ربنا أو بفعل وقول وإقرار نبينا محمد ‪ ‬أو‬
‫عمله الخلفاء الراشدون والصحابة المهديون‪ ،‬فإن الخلق‬
‫إنما أمروا أن يعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء‪ ،‬فمن تعّبد‬
‫الله بما لم يشرعه الله ول رسوله؛ فعمله مردود عليه؛‬
‫لقول رسول الهدى‪ ":‬من عمل عمل ً ليس عليه أمرنا فهو‬
‫رد"‪ ،‬ومن ذلك التهنئة والحتفال وإقامة العياد لدخول عام‬
‫ما‬‫أو انقضائه‪ ،‬فهذه العمال ليست من السنة في شيء ‪ ‬وَ َ‬
‫ن‬ ‫ه َفانت َُهوا َوات ُّقوا الل ّ َ‬
‫ه إِ ّ‬ ‫ما ن ََهاك ُ ْ‬
‫م عَن ْ ُ‬ ‫ل فَ ُ‬
‫خ ُ‬
‫ذوهُ وَ َ‬ ‫سو ُ‬ ‫آَتاك ُ ُ‬
‫م الّر ُ‬
‫ديد ُ ال ْعَِقا ِ‬
‫ب‪] ‬سورة الحشر ‪. [7 :‬‬ ‫الل ّ َ‬
‫ه َ‬
‫ش ِ‬
‫فكل عمل ليس له أصل في الشرع ولم يقم عليه دليل‬
‫من السنة؛ فهو ابتداع المضلين‪ ،‬وهو من السبل المتفرقة‬
‫طي‬ ‫ن هَ َ‬ ‫َ‬
‫صَرا ِ‬
‫ذا ِ‬ ‫التي تتفرق بمن اتبعها عن سبيل الله ‪ ‬وَأ ّ‬
‫ه‬
‫سِبيل ِ ِ‬
‫عن َ‬‫م َ‬‫ل فَت ََفّرقَ ب ِك ُ ْ‬ ‫ما َفات ّب ُِعوهُ وَل َ ت َت ّب ُِعوا ْ ال ّ‬
‫سب ُ َ‬ ‫ست َِقي ً‬
‫م ْ‬
‫ُ‬
‫ن‪] ‬النعام‪.[153 :‬‬ ‫كم ب ِهِ ل َعَل ّك ُ ْ‬
‫م ت َت ُّقو َ‬ ‫صا ُ‬ ‫ذ َل ِك ُ ْ‬
‫م وَ ّ‬

‫‪13‬‬
‫واستدار الزمان‬

‫الواجب علينا‬

‫يجب علينا أن نعلم أنه ليست الغبطة بكثرة الشهور‬


‫والسنين وإنما الغبطة بما أمضاه العبد منها في طاعة‬
‫موله‪ ،‬فكثرة السنين خير لمن أمضاها في طاعة الله‪ ،‬وشر‬
‫على من أمضاها في معصية الله‪ ،‬وخيركم من طال عمره‬
‫وحسن عمله‪ ،‬وشركم من طال عمره وساء عمله؛ فعلينا‬
‫أن نستقبل أيامنا وشهورنا وأعوامنا بطاعة ربنا ومحاسبة‬
‫أنفسنا وإصلح ما فسد من أعمالنا ومراقبة من وّلنا الله‬
‫تعالى عليه من الهل والزوجات والولد بنين وبنات وأقارب‬
‫ومن له حق علينا‪ ،‬وأن نتذكر أن لله في تعاقب الشهور‬
‫والعوام وتوالي الليالي واليام حكمة بالغة فإن الله جعل‬
‫الليل والنهار خزائن للعمال ومراحل للجال يعمرها الناس‬
‫بما يعملون من خير وشر حتى ينتهوا إلى آخر أجلهم قال‬
‫ق‬ ‫ه ي َب ْد َأ ُ ال ْ َ‬
‫خل ْ َ‬ ‫حّقا إ ِن ّ ُ‬‫ميًعا وَعْد َ الل ّهِ َ‬‫ج ِ‬ ‫م َ‬ ‫جعُك ُ ْ‬
‫مْر ِ‬ ‫الله تعالى‪ :‬إ ِل َي ْهِ َ‬
‫ط‬‫س ِ‬ ‫ت ِبال ِْق ْ‬ ‫حا ِ‬ ‫مُلوا ْ ال ّ‬
‫صال ِ َ‬ ‫مُنوا ْ وَعَ ِ‬
‫نآ َ‬ ‫جزِيَ ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫ثُ ّ‬
‫م ي ُِعيد ُه ُ ل ِي َ ْ‬
‫كاُنوا ْ‬ ‫َ‬
‫ما َ‬
‫م بِ َ‬‫ب أِلي ٌ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫ميم ٍ وَعَ َ‬‫ح ِ‬
‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫ب ّ‬
‫شَرا ٌ‬ ‫ن ك ََفُروا ْ ل َهُ ْ‬
‫م َ‬ ‫َوال ّ ِ‬
‫ذي َ‬
‫مَر ُنوًرا وَقَد َّرهُ‬ ‫ضَياء َوال َْق َ‬‫س ِ‬ ‫م َ‬ ‫ش ْ‬ ‫جعَ َ‬
‫ل ال ّ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ‪ ،‬هُوَ ال ّ ِ‬ ‫ي َك ُْفُرو َ‬
‫ك إ ِل ّ‬‫ذ َل ِ َ‬ ‫خل َقَ الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ما َ‬
‫ب َ‬ ‫سا َ‬ ‫ن َوال ْ ِ‬
‫ح َ‬ ‫سِني َ‬‫موا ْ عَد َد َ ال ّ‬‫ل ل ِت َعْل َ ُ‬
‫مَنازِ َ‬‫َ‬
‫الل ّي ْ ِ‬
‫ل‬ ‫ف‬‫خت ِل َ ِ‬
‫ن ِفي ا ْ‬‫مون‪ ،‬إ ِ ّ‬ ‫ت ل َِقوْم ٍ ي َعْل َ ُ‬
‫ل الَيا ِ‬ ‫ص ُ‬ ‫حقّ ي َُف ّ‬ ‫ِبال ْ َ‬

‫‪14‬‬
‫واستدار الزمان‬

‫ت َوال َْرض لَيا ٍ ّ‬ ‫خل َقَ الل ّ ُ‬


‫ت لَقوْم ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ماَوا ِ‬
‫س َ‬
‫ه ِفي ال ّ‬ ‫ما َ‬
‫َوالن َّهارِ وَ َ‬
‫ن‪] ‬يونس‪[6- 4 :‬‬ ‫ي َت ُّقو َ‬
‫ومن رحمته بعباده أن جعل لهم ليل ً ونهاًرا وجعل لكل‬
‫منهما آيتين‪ :‬آية النهار وهي الشمس‪ ،‬وآية الليل وهي‬
‫القمر‪،‬جعل الليل ليسكنوا فيه‪ ،‬والنهار مبصًرا؛ ليبتغوا فيه‬
‫فضل ً من الله ويطلبوا فيه معايشهم‪ ،‬وجعل كل نهار يتجدد‬
‫بمنزلة الحياة الجديدة يستجد فيه العبد قوته ويستقبل‬
‫مى الله النوم بالليل وفاة‪ ،‬واليقظة بالنهار‬
‫عمله‪ ،‬ولذلك س ّ‬
‫ما‬
‫م َ‬ ‫ل وَي َعْل َ ُ‬‫كم ِبالل ّي ْ ِ‬ ‫ذي ي َت َوَّفا ُ‬ ‫بعًثا فقال تعالى‪  :‬وَهُوَ ال ّ ِ‬
‫َ‬
‫م إ ِل َي ْ ِ‬
‫ه‬ ‫مى ث ُ ّ‬ ‫س ّ‬‫م َ‬ ‫ل ّ‬ ‫ج ٌ‬ ‫ضى أ َ‬ ‫م ِفيهِ ل ِي ُْق َ‬ ‫م ي َب ْعَث ُك ُ ْ‬
‫حُتم ِبالن َّهارِ ث ُ ّ‬
‫جَر ْ‬
‫َ‬
‫مُلو َ‬
‫ن‪] ‬النعام‪ ، [60:‬ومن‬ ‫م ت َعْ َ‬ ‫ما ُ‬
‫كنت ُ ْ‬ ‫م ي ُن َب ّئ ُ ُ‬
‫كم ب ِ َ‬ ‫جعُك ُ ْ‬
‫م ثُ ّ‬ ‫مْر ِ‬
‫َ‬
‫حكمته ورحمته أن جعل الشمس والقمر حسباًنا ففي‬
‫الشمس معرفة الفصول وفي القمر حسبان الشهور ‪ ،‬حتى‬
‫جعل السنة اثنا عشر شهًرا من يوم خلق السموات والرض‬
‫وهذا عدد أشهر العام السلمي الهجري‪ .‬منها أربعة حرم‪.‬‬

‫الشهر الحرم‬
‫َ‬
‫م ‪] ‬التوبة‪،[36:‬‬
‫حُر ٌ‬
‫ة ُ‬ ‫وهي أربعة؛ لقوله تعالى‪ِ  :‬‬
‫من َْها أْرب َعَ ٌ‬
‫ثلثة منها متوالية وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم‬
‫والرابع فيها مفرد وهو رجب بين جمادى وشعبان‪ ،‬والسنة‬

‫‪15‬‬
‫واستدار الزمان‬

‫فيها اثنا عشر شهرا‪ ،‬ويستدير الزمان بها‪ ،‬عَ َ‬


‫ن‬‫ن أِبي ب َك َْرةَ عَ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬
‫داَر ك َهَي ْئ َت ِ ِ‬
‫ه‬ ‫ست َ َ‬‫ن قَدِ ا ْ‬ ‫ما َ‬ ‫ن الّز َ‬ ‫ل إِ ّ‬ ‫م َقا َ‬ ‫سل ّ َ‬
‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ي َ‬ ‫الن ّب ِ ّ‬
‫َ‬
‫من َْها‬ ‫شهًْرا ِ‬ ‫شَر َ‬ ‫ة اث َْنا عَ َ‬ ‫سن َ ُ‬‫ض‪ .‬ال ّ‬ ‫ت َواْلْر َ‬ ‫وا ِ‬ ‫م َ‬‫س َ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫خل َقَ الل ّ ُ‬
‫م َ‬ ‫ي َوْ َ‬
‫ة‪،‬‬
‫ج ِ‬‫ح ّ‬ ‫ذو ال ْ ِ‬‫ة‪ ،‬وَ ُ‬ ‫ت‪ُ :‬ذو ال َْقعْد َ ِ‬ ‫وال َِيا ٌ‬
‫مت َ َ‬ ‫ث ُ‬ ‫م؛ ث ََل ٌ‬ ‫حُر ٌ‬‫ة ُ‬‫أ َْرب َعَ ٌ‬
‫رواه البخاري‪.‬‬ ‫ن"‬ ‫ماَدى وَ َ‬
‫شعَْبا َ‬ ‫ج َ‬
‫ن ُ‬ ‫ضَر ال ّ ِ‬
‫ذي ب َي ْ َ‬ ‫م َ‬
‫ب ُ‬
‫ج ُ‬
‫م‪ ،‬وََر َ‬
‫حّر ُ‬ ‫َوال ْ ُ‬
‫م َ‬

‫أشهر الحج‬

‫ج أَ ْ‬
‫شهٌُر‬ ‫هي المعلومات كما قال الله تعالى‪ :‬ال ْ َ‬
‫ح ّ‬
‫سوقَ وَل َ‬ ‫ث وَل َ فُ ُ‬‫ج فَل َ َرفَ َ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫ح ّ‬ ‫من فََر َ‬
‫ض ِفيهِ ّ‬ ‫ت فَ َ‬ ‫معُْلو َ‬
‫ما ٌ‬ ‫ّ‬
‫ه وَت ََزوُّدوا ْ فَإ ِ ّ‬
‫ن‬ ‫ه الل ّ ُ‬
‫م ُ‬‫خي ْرٍ ي َعْل َ ْ‬
‫ن َ‬
‫م ْ‬ ‫ما ت َْفعَُلوا ْ ِ‬
‫ج وَ َ‬
‫ح ّ‬ ‫ل ِفي ال ْ َ‬ ‫دا َ‬‫ج َ‬‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ب‪] ‬البقرة‪،[197 :‬‬ ‫ن َيا أوِْلي الل َْبا ِ‬ ‫وى َوات ُّقو ِ‬ ‫خي َْر الّزادِ الت ّْق َ‬ ‫َ‬
‫وهي شوال‪ ،‬وذو القعدة‪ ،‬وعشر من ذي الحجة‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫واستدار الزمان‬

‫أيام وأحكام‬

‫‪17‬‬
‫واستدار الزمان‬

‫أيام فاضلة‬

‫يوم عاشوراء‪:‬‬

‫ن صيامه لفعل‬ ‫س ّ‬ ‫هو اليوم العاشر من الشهر المحرم‪ ،‬وي ُ َ‬


‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ع اب ْ َ‬‫م َ‬‫س ِ‬
‫ه َ‬‫زيدَ أن ّ ُ‬ ‫ن أِبي ي َ ِ‬ ‫د الل ّ ِ‬
‫ه بْ ِ‬ ‫عب َي ْ ِ‬
‫ن ُ‬ ‫النبي ‪َ "،‬‬
‫ع ْ‬
‫عل َي ْ ِ‬
‫ه‬ ‫ه َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سو َ‬ ‫ت َر ُ‬‫م ُ‬ ‫عل ِ ْ‬
‫ما َ‬ ‫قو ُ‬
‫ل‪َ :‬‬ ‫س يَ ُ‬
‫عّبا ٍ‬
‫َ‬
‫ه إ ِّل‬
‫ر ِ‬ ‫غي ْ ِ‬‫عَلى َ‬‫ه َ‬‫ضل َ ُ‬ ‫غي َ‬
‫ف ْ‬ ‫وم ٍ ي َب ْت َ ِ‬
‫م يَ ْ‬‫صَيا َ‬
‫حّرى ِ‬ ‫م ي َت َ َ‬ ‫سل ّ َ‬
‫و َ‬ ‫َ‬
‫ل رو َ‬ ‫َ‬
‫و‬‫حأ ْ‬ ‫ن َ‬
‫قا َ َ ْ ٌ‬ ‫ضا َ‬‫م َ‬
‫و َر َ‬ ‫شوَراءَ أ ْ‬ ‫عا ُ‬‫وم ِ َ‬
‫م ل ِي َ ْ‬‫و َ‬ ‫ذا ال ْي َ ْ‬ ‫ه َ‬
‫َ‬
‫عا للسنة‬
‫ولمخالفة اليهود واتبا ً‬ ‫]رواه أحمد[‬ ‫ن"‬
‫ضا َ‬
‫م َ‬
‫هُر َر َ‬ ‫َ‬
‫ش ْ‬
‫ما بعده وهو اليوم‬ ‫ما قبله وهو اليوم التاسع‪ ،‬أو يو ً‬ ‫صم يو ً‬ ‫ُ‬
‫صّلى الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ل الل ّهِ َ‬ ‫سو ُ‬‫ل َر ُ‬ ‫ل‪َ :‬قا َ‬‫س َقا َ‬ ‫ن عَّبا ٍ‬ ‫ن اب ْ ِ‬‫الحادي عشر عَ ِ‬
‫خال ُِفوا ِفيهِ ال ْي َُهو َ‬
‫د‪.‬‬ ‫شوَراَء وَ َ‬ ‫عا ُ‬ ‫م َ‬ ‫موا ي َوْ َ‬ ‫صو ُ‬ ‫م ‪ُ ":‬‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ع َل َي ْهِ وَ َ‬
‫َ‬
‫ما "]رواه أحمد[‪.‬‬ ‫ما أوْ ب َعْد َهُ ي َوْ ً‬ ‫موا قَب ْل َ ُ‬
‫ه ي َوْ ً‬ ‫صو ُ‬ ‫ُ‬

‫العشر الولى من شهر ذي الحجة‪:‬‬

‫والتي أقسم الله بها في القرآن بقوله‪َ  :‬وال َْف ْ‬


‫جرِ ‪،‬‬
‫ن فيها الكثار من العمال‬ ‫س ّ‬
‫ر‪] ‬الفجر‪ [1،2 :‬وي ُ َ‬
‫ش ٍ‬ ‫وَل ََيا ٍ‬
‫ل عَ ْ‬
‫الصالحة؛ بل العمل الصالح فيها أحب إلى الله من غيرها‬
‫ل الل ّه صّلى الل ّه ع َل َيه وسل ّم‪ ":‬ما م َ‬
‫ل‬‫م ُ‬ ‫ن أّيام ٍ ال ْعَ َ‬‫َ ِ ْ‬ ‫ْ ِ َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ َ‬ ‫سو ُ‬ ‫ل َر ُ‬ ‫َقا َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫ن هَذ ِهِ الّيام ِ ي َعِْني أّيا َ‬
‫م ْ‬‫ل ِ‬ ‫ب إ َِلى الل ّهِ ع َّز وَ َ‬
‫ج ّ‬ ‫ح ّ‬
‫ح ِفيَها أ َ‬ ‫صال ِ ُ‬‫ال ّ‬

‫‪18‬‬
‫واستدار الزمان‬

‫ه؟‬ ‫ل الل ّ ِ‬‫سِبي ِ‬‫جَهاد ُ ِفي َ‬ ‫ل الل ّهِ َول ال ْ ِ‬‫سو َ‬‫ل‪َ :‬قاُلوا َيا َر ُ‬‫شرِ َقا َ‬‫ال ْعَ ْ‬
‫مال ِهِ ث ُ ّ‬
‫م‬ ‫سهِ وَ َ‬‫ج ب ِن َْف ِ‬ ‫جًل َ‬
‫خَر َ‬ ‫ل الل ّهِ ِإل َر ُ‬
‫سِبي ِ‬
‫جَهاد ُ ِفي َ‬ ‫ل‪َ :‬ول ال ْ ِ‬
‫َقا َ‬
‫يٍء " ]رواه أحمد[‪ .‬فليكن لك حظ من الذكر‬
‫ش ْ‬ ‫ن ذ َل ِ َ‬
‫ك بِ َ‬ ‫م ْ‬
‫جعْ ِ‬ ‫لَ ْ‬
‫م ي َْر ِ‬
‫والتهليل والتسبيح وسائر الصالحات‪ ،‬ويكفي أن فيها أعظم‬
‫يوم طلعت عليه الشمس أل وهو يوم عرفة‪ ،‬وهو اليوم‬
‫ن لغير الحاج صيامه؛ لقول‬ ‫س ّ‬ ‫التاسع من شهر ذي الحجة ‪،‬وي ُ َ‬
‫النبي ‪ " :‬عَن أ َ‬
‫سل ّ َ‬
‫م‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ي َ‬ ‫ن الن ّب ِ ّ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫ة‬ ‫َ‬ ‫د‬ ‫تا‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫بي‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬
‫ة؟ َقا َ َ‬ ‫م عََرفَ َ‬ ‫ل ل َه رج ٌ َ َ‬
‫عن ْد َ‬ ‫ب ِ‬ ‫س ُ‬ ‫حت َ ِ‬ ‫ل‪ :‬أ ْ‬ ‫صَيا َ‬‫ت ِ‬ ‫ل‪ :‬أَرأي ْ َ‬ ‫ل‪َ :‬قا َ ُ َ ُ‬ ‫َقا َ‬
‫َ‬
‫ل الل ّهِ‬ ‫سو َ‬ ‫ل‪َ :‬يا َر ُ‬ ‫ة‪َ .‬قا َ‬ ‫ة َوال َْباقِي َ َ‬ ‫ضي َ َ‬
‫ما ِ‬ ‫ة ال ْ َ‬ ‫سن َ َ‬ ‫الل ّهِ أ ْ‬
‫ن ي ُك َّفَر ال ّ‬
‫َ‬ ‫شوراَء؟ َقا َ َ‬ ‫َ َ‬
‫ن ي ُك َّفَر‬‫عن ْد َ الل ّهِ أ ْ‬ ‫ب ِ‬ ‫س ُ‬ ‫حت َ ِ‬ ‫ل‪ :‬أ ْ‬ ‫عا ُ َ‬ ‫م َ‬
‫صوْ َ‬
‫ت َ‬ ‫أَرأي ْ َ‬
‫ة" ]رواه أحمد[‪.‬‬
‫سن َ َ‬
‫ال ّ‬
‫وللحاج البتهال والتضرع والدعاء وخير ما قال‪ :‬ل إله إل‬
‫الله وحده ل شريك له‪ ،‬له الملك وله الحمد وهو على كل‬
‫شئ قدير ‪.‬‬

‫شهر رمضان‪:‬‬

‫هو أفضل شهور العام كلها لماله من المزايا والفضل‪،‬‬


‫ي الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ض َ‬ ‫ة َر ِ‬ ‫ش َ‬‫عائ ِ َ‬
‫و يكفي أن فيه ليالي العشر المباركة‪ .‬عن َ‬
‫جت َهِد ُ‬ ‫سل ّ َ‬
‫م "ي َ ْ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬
‫صّلى الل ّ ُ‬
‫ل الل ّهِ َ‬ ‫سو ُ‬‫ن َر ُ‬‫كا َ‬ ‫ع َن َْها قالت‪َ :‬‬
‫جت َهِد ُ ِفي غَي ْرِهِ " ]رواه مسلم[‪ .‬وفيها‬ ‫ما َل ي َ ْ‬‫خرِ َ‬‫شرِ ال ََوا ِ‬
‫ِفي ال ْعَ ْ‬

‫‪19‬‬
‫واستدار الزمان‬

‫أعظم ليلة وهي ليلة القدر ‪ ،‬التي هي أعظم ليلة في العام‬


‫كله تكون في العشر الخيرة من رمضان أخفاها الله لحكمة‬
‫أرادها وحتى يجتهد العباد في قيامها‪ ،‬هي ليلة واحدة خير‬
‫ما‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ر‬ ‫د‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ة‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫في‬ ‫ه‬ ‫نا‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ز‬ ‫أن‬‫من ألف شهر‪ ،‬قال تعالى‪ :‬إنا َ‬
‫ِ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫خير م َ‬ ‫أَ‬
‫شهْرٍ ‪ ،‬ت َن َّز ُ‬
‫ل‬ ‫ف َ‬ ‫ن أل ْ ِ‬‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬‫ْ‬ ‫د‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ة‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫ْ‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ر‬‫ْ‬ ‫د‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ة‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫ْ‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫ما‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫را‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫د‬
‫ة والروح فيها بإذ ْن ربهم من ك ُ ّ َ‬
‫حّتى‬
‫ي َ‬
‫م هِ َ‬
‫سل ٌ‬
‫مرٍ ‪َ ،‬‬
‫لأ ْ‬ ‫ملئ ِك َ ُ َ ّ ُ ِ َ ِ ِ ِ َ ّ ِ ّ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ر‪] ‬القدر‪1 :‬ـ ‪.[5‬‬ ‫مط ْل َِع ال َْف ْ‬
‫ج ِ‬ ‫َ‬

‫‪20‬‬
‫واستدار الزمان‬

‫هذه أعيادنا‬

‫ليس للمسلمين عيد سوى عيدين‪ :‬عيد الضحى وعيد‬


‫الفطر‪ ،‬فعيد الفطر هو اليوم الول من شوال‪ ،‬وعيد الضحى‬
‫هو اليوم العاشر من ذي الحجة‪ ،‬ويحرم على المسلم‬
‫ل‪َ :‬قا َ‬
‫ل‬ ‫خد ْرِيّ َقا َ‬‫سِعيدٍ ال ْ ُ‬ ‫صيامهما؛ لقول النبي ‪ ‬عَ َ‬
‫ن أِبي َ‬ ‫ْ‬
‫د ]رواه‬‫عي ٍ‬‫م ِ‬ ‫و َ‬
‫م يَ ْ‬‫و َ‬‫ص ْ‬ ‫م‪":‬ل َ‬ ‫سل ّ َ‬
‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬
‫صّلى الل ّ ُ‬
‫ل الل ّهِ َ‬
‫سو ُ‬
‫َر ُ‬
‫ن‬
‫ة بْ ِ‬‫ن عُْقب َ َ‬ ‫سن لك فيها الكل والشرب والذكر وعَ ْ‬ ‫أحمد[‪ .‬وي ُ َ‬
‫َ‬
‫م‬‫و َ‬
‫ن يَ ْ‬ ‫ل‪ ":‬إ ِ ّ‬ ‫سل ّ َ‬
‫م َقا َ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ل الل ّهِ َ‬
‫سو َ‬ ‫ن َر ُ‬‫مرٍ أ ّ‬ ‫عا ِ‬ ‫َ‬
‫ل‬‫ه َ‬ ‫عيدَُنا أ َ ْ‬‫ق ِ‬ ‫ري‬
‫ِ ِ‬ ‫ش‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫م‬‫َ‬ ‫يا‬
‫ّ‬
‫ة ويوم الن ّحر وأ َ‬
‫ْ ِ َ‬ ‫ف َ َ َ ْ َ‬ ‫عَر َ‬‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ب" ]سنن النسائي[‪.‬‬ ‫شْر ٍ‬ ‫و ُ‬ ‫ل َ‬ ‫م أك ْ ٍ‬ ‫ي أّيا ُ‬‫ه َ‬
‫و ِ‬ ‫سلم ِ َ‬ ‫ال ِ ْ‬

‫‪21‬‬
‫واستدار الزمان‬

‫صيام ست من شوال‬

‫ن فيها الصيام‬
‫س ّ‬
‫وهي ستة أيام من شهر شوال‪ ،‬وي ُ َ‬
‫باتباع رمضان لمن أتمه ويجوز الصيام في أوله وفي أوسطه‬
‫وفي آخره متتابعة أو متفرقة بعد القضاء لمن كان عليه‬
‫قضاء من رمضان ويصبح صائمها بعد رمضان كأنما صام‬
‫صّلى‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الدهر كله‪ ،‬عَ َ‬
‫ل الل ّهِ َ‬ ‫سو َ‬ ‫ي‪‬أ ّ‬
‫ن َر ُ‬ ‫صارِ ّ‬
‫ب الن ْ َ‬
‫ن أِبي أّيو َ‬ ‫ْ‬
‫َ‬
‫سّتا‬
‫ه ِ‬ ‫ع ُ‬
‫م أت ْب َ َ‬ ‫ن ثُ ّ‬
‫ضا َ‬‫م َ‬‫م َر َ‬ ‫صا َ‬
‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫ل‪َ ":‬‬ ‫م َقا َ‬‫سل ّ َ‬
‫ه ع َل َي ْهِ وَ َ‬
‫الل ّ ُ‬
‫ر " ]رواه مسلم[‪.‬‬
‫ه ِ‬ ‫ن كَ ِ‬
‫صَيام ِ الدّ ْ‬ ‫ل َ‬
‫كا َ‬ ‫وا ٍ‬ ‫ن َ‬
‫ش ّ‬ ‫م ْ‬
‫ِ‬

‫‪22‬‬
‫واستدار الزمان‬

‫يوم الجمعة‬

‫هو يوم يتكرر كل أسبوع مرة فيه من الخصائص‬


‫ن أ َِبي‬‫والفضائل الشيء الكثير‪ ،‬ومنها أن فيه ساعة إجابة‪ ،‬ع َ ْ‬
‫َ‬
‫م‬‫و َ‬ ‫سل ّ َ‬
‫م "ذَك ََر ي َ ْ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬
‫صّلى الل ّ ُ‬
‫ل الل ّهِ َ‬
‫سو َ‬ ‫هَُري َْرة َ ‪ ‬أ ّ‬
‫ن َر ُ‬
‫م‬‫سل ِ ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫عب ْدٌ ُ‬ ‫ها َ‬ ‫ق َ‬‫ف ُ‬ ‫وا ِ‬‫ة ل يُ َ‬ ‫ع ٌ‬‫سا َ‬ ‫ه َ‬ ‫في ِ‬ ‫ل‪ِ :‬‬ ‫قا َ‬ ‫ف َ‬ ‫ة َ‬ ‫ع ِ‬‫م َ‬ ‫ج ُ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ه‬
‫طا ُ‬ ‫ع َ‬ ‫شي ًْئا ِإل أ َ ْ‬ ‫عاَلى َ‬ ‫ه تَ َ‬‫ل الل ّ َ‬ ‫سأ َ ُ‬ ‫صّلي ي َ ْ‬ ‫م يُ َ‬ ‫قائ ِ ٌ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬‫َ‬
‫ها" ]رواه البخاري[‪ ،‬وهو خير يوم‬ ‫قل ّل ُ َ‬‫ه يُ َ‬ ‫د ِ‬‫شاَر ب ِي َ ِ‬ ‫وأ َ َ‬‫إ ِّياهُ َ‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫طلعت عليه الشمس وأشرق عليه النهار‪ ،‬عَ َ‬
‫ن أِبي هَُري َْرةَ أ ّ‬ ‫ْ‬
‫عل َي ْ ِ‬
‫ه‬ ‫ت َ‬ ‫ع ْ‬‫وم ٍ طَل َ َ‬ ‫خي ُْر ي َ ْ‬‫ل‪َ ":‬‬ ‫م َقا َ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ي َ‬ ‫الن ّب ِ ّ‬
‫ل‬‫خ َ‬ ‫ه أ ُدْ ِ‬ ‫في ِ‬ ‫و ِ‬‫م‪َ ،‬‬ ‫ق آدَ ُ‬ ‫خل ِ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫في ِ‬ ‫ة ِ‬ ‫ع ِ‬‫م َ‬‫ج ُ‬‫م ال ْ ُ‬ ‫و ُ‬ ‫س يَ ْ‬‫م ُ‬ ‫ش ْ‬ ‫ال ّ‬
‫في‬ ‫ة إ ِل ّ ِ‬ ‫ع ُ‬ ‫سا َ‬ ‫م ال ّ‬ ‫قو ُ‬ ‫ول ت َ ُ‬ ‫ها‪َ ،‬‬ ‫من ْ َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ر َ‬ ‫خ ِ‬‫ه أُ ْ‬ ‫في ِ‬ ‫و ِ‬ ‫ة‪َ ،‬‬ ‫جن ّ َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫]رواه مسلم[‪.‬‬ ‫ة"‬
‫ع ِ‬
‫م َ‬ ‫وم ِ ال ْ ُ‬
‫ج ُ‬ ‫يَ ْ‬
‫وفضائل هذا اليوم كثيرة ذكر ابن القيم رحمه الله في‬
‫ث وثلثين ميزة وفضل ً لهذا‬
‫زاد المعاد أكثر من مائة وثل ٍ‬
‫اليوم العظيم؛ فحري بالمسلم الكثار من العمال الصالحة‬
‫فيه‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫واستدار الزمان‬

‫اليام البيض‬

‫هي أيام ثلثة‪ :‬اليوم الثالث عشر‪ ،‬والرابع عشر‪،‬‬


‫ن عَب ْدِ‬
‫عا‪ ،‬ع َ ْ‬‫ن صيامها نافلة وتطو ً‬ ‫س ّ‬ ‫والخامس عشر‪ ،‬وي ُ َ‬
‫ن‬
‫كا َ‬ ‫ل‪َ ":‬‬ ‫ن أ َِبيهِ َقا َ‬ ‫ي عَ ْ‬ ‫ن ال َْقي ْ ِ‬
‫س ّ‬ ‫مل ْ َ‬
‫حا َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ن قََتاد َةَ ب ْ ِ‬
‫ك بْ ِ‬‫مل ِ ِ‬‫ال ْ َ‬
‫ض‬ ‫بي‬ ‫صَيام ل ََياِلي ال ْ‬ ‫ب‬ ‫نا‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫ل الل ّه صّلى الل ّه عل َيه وسل ّم يأ ْ‬ ‫سو ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ ْ ِ َ َ َ َ ُ‬
‫ُ‬ ‫ِ َ‬ ‫َر ُ‬
‫ي‬
‫ل‪ :‬هِ َ‬ ‫ة‪ ،‬وََقا َ‬ ‫شَر َ‬ ‫س عَ ْ‬ ‫م َ‬ ‫خ ْ‬‫ة‪ ،‬وَ َ‬ ‫شَر َ‬ ‫ة‪ ،‬وَأ َْرب َعَ عَ ْ‬ ‫شَر َ‬‫ث عَ ْ‬ ‫َثل َ‬
‫]رواه أحمد[‪.‬‬ ‫ر"‬ ‫كَ َ‬
‫صوْم ِ الد ّهْ ِ‬

‫أيام التشريق‬

‫أيام مًنى وهي ثلثة أيام بعد يوم النحر والتي قال الله‬
‫َ‬
‫ت ‪] ‬البقرة‪ [203 :‬أخرج‬
‫دوَدا ٍ‬
‫معْ ُ‬ ‫عنها‪َ :‬واذ ْك ُُروا ْ الل ّ َ‬
‫ه ِفي أّيام ٍ ّ‬
‫المام مسلم في صحيحة من حديث كبيشة الهذلي أن النبي‬
‫‪‬قال‪ ":‬أيام منى أيام أكل وشرب وذكر لله‪ "‬وفي بعض‬
‫الروايات أن النبي ‪ ‬بعث في أيام مًنى منادًيا ينادي ل‬
‫تصوموا هذه اليام فإنها أيام أكل وشرب وذكر لله ‪."‬‬

‫يومان تعرض فيهما العمال‬


‫َ‬ ‫عَ َ‬
‫سل ّ َ‬
‫م‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ل الل ّهِ َ‬
‫سو َ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫ن أِبي هَُري َْرةَ ‪‬أ ّ‬ ‫ْ‬
‫كان أ َ‬
‫ل‪ :‬فََقا َ‬
‫ل‬ ‫ه َقا َ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫ل فَِقي َ‬‫س َقا َ‬
‫َ‬ ‫مي‬
‫ِ‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬‫وا‬
‫ِ َ‬‫ن‬ ‫ْ‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫ث‬ ‫ل‬
‫ِ‬ ‫ا‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫صو‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ما‬
‫َ‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ث‬‫ْ‬ ‫ك‬ ‫َ َ‬

‫‪24‬‬
‫واستدار الزمان‬

‫ن‬ ‫س‪ ،‬أ َوْ ك ُ ّ‬


‫ل ي َوْم ِ اث ْن َي ْ ِ‬ ‫مي ٍ‬ ‫خ ِ‬‫ن وَ َ‬ ‫ض كُ ّ‬
‫ل اث ْن َي ْ ِ‬ ‫ل ت ُعَْر ُ‬ ‫ما َ‬ ‫إ ّ َ‬
‫ن الع ْ َ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫ل مسل ِم أ َ‬
‫ن‬ ‫ْ‬
‫َ ِ‬ ‫ي‬ ‫ر‬‫ج‬‫ِ‬ ‫ها‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ت‬‫م‬‫ُ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫إل‬
‫ٍ ِ‬‫ن‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ؤ‬‫م‬‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫ُ‬ ‫ك‬‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ه ل ِك ُ ّ ُ ْ ٍ ْ‬
‫و‬ ‫فُر الل ّ ُ‬‫س فَي َغْ ِ‬ ‫مي ٍ‬ ‫خ ِ‬‫وَ َ‬
‫ما" ]رواه أحمد[‪.‬‬ ‫خْرهُ َ‬ ‫ل أَ ّ‬ ‫فَي َُقو ُ‬

‫نفس في الشتاء ونفس في الصيف‬

‫يمر في كل عام فصل الشتاء وفصل الصيف‪ ،‬وفيهما‬


‫آيتان عظيمتان شدة البرد و شدة الحر ‪ ،‬من تأملهما تذكر‬
‫زمهرير جهنم وحرها يوم استأذنت النار ربها فأذن لها‬
‫معَ أ ََبا هَُري َْرةَ‬‫س ِ‬ ‫ه َ‬
‫ة بن عَبد الرحم َ‬
‫ن أن ّ ُ‬‫م َ ْ ُ ْ ِ ّ ْ َ ِ‬ ‫سل َ َ‬‫بنفسين‪ :‬عن أبي َ‬
‫ه عَل َي ْ ِ‬
‫ه‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ل الل ّهِ َ‬
‫سو ُ‬ ‫ل‪َ :‬قا َ‬
‫ل َر ُ‬ ‫ه ي َُقو ُ‬ ‫ي الل ّ ُ‬
‫ه ع َن ْ ُ‬ ‫ض َ‬
‫َر ِ‬
‫ضا‬‫ضي ب َعْ ً‬ ‫ب أ َك َ َ‬
‫ل ب َعْ ِ‬ ‫ت َر ّ‬ ‫ت الّناُر إ َِلى َرب َّها فََقال َ ْ‬ ‫شت َك َ ِ‬ ‫م‪ ":‬ا ْ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫وَ َ‬
‫شد ّ‬‫ف فَأ َ َ‬‫صي ْ ِ‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫في‬ ‫ِ‬ ‫س‬
‫ٍ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫ِ‬ ‫ء‬ ‫تا‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫ش‬ ‫ال‬ ‫في‬ ‫ِ‬ ‫س‬
‫ٍ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ن‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ي‬‫س‬‫َ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ب‬
‫َ ِ‬‫ها‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ذ‬‫فَأ َ‬

‫ر" ]رواه‬ ‫ري‬ ‫ه‬ ‫م‬ ‫ز‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫دو‬ ‫ج‬ ‫ت‬ ‫ما‬ ‫د‬ ‫ش‬ ‫َ‬ ‫ما تجدون من ال ْحر وأ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ ّ َ‬ ‫َ َ ِ ُ َ ِ َ‬
‫البخاري[‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫واستدار الزمان‬

‫بدع وضللت‬

‫إن الله يداول اليام بين الناس ليعلم الذين آمنوا من‬
‫وا كبيًرا وصدق الله‬ ‫غيرهم ممن ظلموا أنفسهم وعتوا عت ّ‬
‫ن‬ ‫ه ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫م الل ّ ُ‬
‫س وَل ِي َعْل َ َ‬‫ن الّنا ِ‬‫داوِل َُها ب َي ْ َ‬
‫م نُ َ‬‫ك الّيا ُ‬‫يوم قال‪ :‬وَت ِل ْ َ‬
‫ن‪] ‬آل عمران‪:‬‬ ‫مي َ‬ ‫ظال ِ ِ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫ه ل َ يُ ِ‬
‫ح ّ‬ ‫داء َوالل ّ ُ‬ ‫شهَ َ‬ ‫م ُ‬‫منك ُ ْ‬ ‫مُنوا ْ وَي َت ّ ِ‬
‫خذ َ ِ‬ ‫آ َ‬
‫‪ ،[140‬وممن ظلموا أنفسهم الذين وقعوا وأوقعوا في البدع‬
‫والمخالفات في أيام وشهور ومواسم هي من عند أنفسهم‪،‬‬
‫صّلى الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ل الل ّهِ َ‬ ‫سو ُ‬‫صّلى ل ََنا َر ُ‬‫ل‪َ :‬‬ ‫ة َقا َ‬ ‫سارِي َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ض بْ ِ‬‫ن العِْرَبا ِ‬ ‫فعَ ْ‬
‫ة‬ ‫عظ َ ً‬
‫ة ب َِليغَ ً‬ ‫ل عَل َي َْنا فَوَعَظ ََنا َ‬
‫موْ ِ‬ ‫م أ َقْب َ َ‬ ‫م ‪":‬ال َْف ْ‬
‫جَر ث ُ ّ‬ ‫سل ّ َ‬
‫ع َل َي ْهِ وَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ل‬‫سو َ‬ ‫ب قُل َْنا أوْ َقاُلوا َيا َر ُ‬‫من َْها ال ُْقُلو ُ‬ ‫ت ِ‬ ‫جل َ ْ‬ ‫ت ل ََها اْلع ْي ُ ُ‬
‫ن‪ ،‬وَوَ ِ‬ ‫ذ ََرفَ ْ‬
‫ل‪ُ :‬‬ ‫الل ّه ك َأ َن هذه موعظ َة مودع فَأ َ‬
‫وى الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫ق‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ْ ِ َ‬ ‫ت‬‫ب‬ ‫م‬‫ُ‬ ‫ك‬‫صي‬
‫ِ‬ ‫أو‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قا‬ ‫نا‬
‫َ‬ ‫ص‬
‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫و‬ ‫ّ َ ِ ِ َ ْ ِ ُ ُ َ ّ ٍ‬ ‫ِ‬
‫من ْك ُ ْ‬
‫م‬ ‫ش ِ‬
‫ن ي َعِ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ه َ‬ ‫شّيا‪ ،‬فَإ ِن ّ ُ‬
‫حب َ ِ‬
‫دا َ‬‫ن عَب ْ ً‬ ‫ن َ‬
‫كا َ‬ ‫طاع َةِ وَإ ِ ْ‬‫مع َوال ّ‬
‫س ْ ِ‬‫َوال ّ‬
‫خل ََفاِء‬
‫سن ّةِ ال ْ ُ‬‫سن ِّتي وَ ُ‬ ‫خت َِلًفا ك َِثيًرا فَعَل َي ْك ُ ْ‬
‫م بِ ُ‬ ‫دي ا ْ‬‫ي ََرى ب َعْ ِ‬
‫ت‬‫حد ََثا ِ‬
‫م ْ‬ ‫ذ‪ ،‬وَإ ِّياك ُ ْ‬
‫م وَ ُ‬ ‫ج ِ‬ ‫ضوا عَل َي َْها ِبالن ّ َ‬
‫وا ِ‬ ‫ن وَعَ ّ‬ ‫مهْد ِّيي َ‬‫ن ال ْ َ‬‫دي َ‬ ‫ش ِ‬
‫الّرا ِ‬
‫ضَلل َ ٌ‬ ‫ُ‬
‫ة" ]رواه أحمد[‪،‬‬ ‫ل ب ِد ْعَةٍ َ‬‫ن كُ ّ‬ ‫ة وَإ ِ ّ‬‫حد َث َةٍ ب ِد ْع َ ٌ‬
‫م ْ‬‫ل ُ‬ ‫ن كُ ّ‬ ‫اْل ُ‬
‫مورِ فَإ ِ ّ‬
‫ومن تلك البدع‪:‬‬

‫المولد النبوي‪:‬‬

‫ففي الليلة الثانية عشر من شهر ربيع الول يجتمع‬


‫المبتدعة في المساجد والبيوت بقصد الصلة على النبي‪‬‬

‫‪26‬‬
‫واستدار الزمان‬

‫بصلوات محدثة ويقرؤون مدائح للنبي ‪ ‬تخرج إلى حد ّ الغلو‬


‫بحجة عيد مولد النبي ‪ ،‬وهذا العمل بدعي ل أصل له في‬
‫السلم‪ ،‬والسبب لنهم فعلوه من عند أنفسهم ولم يأمر به‬
‫رسول الله ‪ ‬ولم يفعله أحد صحابته ول الخلفاء الراشدون‬
‫ول المسلمون في القرون الثلثة المفضلة ول التابعون لهم‬
‫بإحسان ولو كان خيًرا لسبقونا إليه‪ ،‬والصواب أن محبته‬
‫وتعظيمه تكون في متابعته وطاعته واتباع أمره وإحياء سنته‬
‫ظاهًرا وباطًنا‪ ،‬ونشر ما بعث به ومن أجله والجهاد على ذلك‬
‫بالقلب واليد واللسان‪.‬‬

‫يوم عاشوراء‪:‬‬

‫وقد جعله )الرافضة(‪ :‬يوم مأتم وحزن حيث إن الحسين بن‬


‫علي ـ رضي الله عنهما ـ قتل فيه فخالفوا السنة في هذا اليوم‬
‫وأحدثوا البدعة وفعل المحرمات من الندب والنياحة وضرب‬
‫‪ ‬ويجعلون ذلك‬
‫أجسامهم إظهاًرا للجزع على قتل الحسين‬
‫يتكرر في كل عام‪ ،‬ول شك أن قتل الحسين مصيبة نزلت‬
‫بالمسلمين ولكن المصائب ل تقابل بالجزع والبدع والنياحة‬
‫مّنا‬ ‫واللطم فهذه من أمور الجاهلية لقول الرسول‪ " : ‬ل َي ْ َ‬
‫س ِ‬
‫ة‪.‬‬ ‫وى ال ْ َ‬
‫جاه ِل ِي ّ ِ‬ ‫عا ب ِد َع ْ َ‬
‫ب وَد َ َ‬ ‫شقّ ال ْ ُ‬
‫جُيو َ‬ ‫دود َ وَ َ‬ ‫ب ال ْ ُ‬
‫خ ُ‬ ‫ضَر َ‬
‫ن َ‬
‫م ْ‬
‫َ‬
‫وإنما تقابل المصائب بالصبر والحتساب والرضا بقضاء‬
‫الله وقدره ول يجعل لها ذكرى تتكرر كل عام وقد قتل في عهد‬

‫‪27‬‬
‫واستدار الزمان‬

‫رسول الله ‪ ‬وزمنه عدد كثير من خيار الصحابة فما كان من‬
‫النبي ‪ ‬ول من الصحابة إل الصبر والحتساب‪.‬‬

‫و كذلك )النواصب( المتعصبون جعلوا يوم عاشوراء‬


‫موسم فرح على الحسين وأهل بيت النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ ،‬ومن الجّهال الذين قابلوا الفاسد بالفاسد ‪ ،‬فوضعوا‬
‫الثار في شعائر الفرح والسرور يوم عاشوراء ؛ كالكتحال‪،‬‬
‫والختضاب ‪ ،‬وتوسيع النفقات على العيال ‪ ،‬ونحو ذلك مما‬
‫ُيفعل في العياد والمواسم ‪ ،‬فصار هؤلء يتخذون يوم‬
‫عاشوراء موسما ً كمواسم العياد والفراح ‪.‬‬

‫وكل الفريقين أحدث في الدين ماليس منه‪.‬‬

‫شهر صفر‪:‬‬

‫لقد كان يعتقد أهل الجاهلية في هذا الشهر أنه شهر‬


‫شؤم يمتنعون فيه من مزاولة العمال المباحة التي كانوا‬
‫يزاولونها في غيره فأبطل ذلك النبي‪ ‬بقوله‪ ":‬ل ع َد َْوى َول‬
‫صَفَر " ]رواه البخاري[‪ ،‬وهذا تشاؤم وتطير‬
‫ة َول َ‬
‫م َ‬
‫ها َ‬
‫ط ِي ََرةَ َول َ‬
‫وهو نفي لما كان يعتقده أهل الجاهلية من أن المراض‬
‫دي بطبعها من غير اعتقاد بتقدير الله لذلك‪ ،‬وقوله ول‬
‫ت ُعْ ِ‬
‫هامة )الهامة ‪ :‬البومة( ومعناه نفي ما كان يعتقده أهل‬
‫الجاهلية فيها بأنها إذا وقعت على بيت أحدهم يتشاءم‪،‬‬

‫‪28‬‬
‫واستدار الزمان‬

‫دا من أهل داري فيعتقد أنه‬


‫ويقول نعت إلي نفسي أو أح ً‬
‫ما بهذا الطائر ‪.‬‬
‫سيموت هو أو بعض أهله تشاؤ ً‬
‫وكان أهل الجاهلية يتشاءمون بشهر صفر ويقولون‪ :‬إنه‬
‫شهر شؤم فأبطل النبي ‪ ‬ذلك وبّين أنه ل تأثير له إنما هو‬
‫كسائر الوقات واليام‪ ،‬ومن الناس إلى اليوم من يتشاءم‬
‫بصفر أو ببعض أيامه‪ ،‬كيوم الربعاء أو يوم السبت فل يتزوج‬
‫في هذه اليام ظّنا منه أن المتزوج ل يوّفق‪ ،‬وهذا اعتقاد‬
‫وظن باطل‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫واستدار الزمان‬

‫شهر رجب‪:‬‬

‫وفيه إحياء ذكرى السراء والمعراج بالحتفالت وأنواع‬


‫العبادات فتخصص ليلة السابع والعشرين فيه بالذكر والعبادة‬
‫والدعية ظّنا منهم أن هذه هي ليلة السراء وهذه بدعة ل‬
‫أصل لها‪ ،‬والسراء والمعراج حق لكن لم يقم دليل على‬
‫تحديد ليله ول على شهره وحتى لو حددت وعرفت فمن‬
‫الذي أذن لهؤلء القوم إحياءها ‪‬آلل ّه أ َذن ل َك ُ َ‬
‫م عََلى الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫مأ ْ‬‫ْ‬ ‫ُ ِ َ‬
‫ن‪] ‬يونس‪.[59 :‬‬
‫ت َْفت َُرو َ‬
‫قال شيخ السلم ــــ رحمه الله ـــ‪" :‬وقد أحدث الناس‬
‫في هذا الشهر عبادات لم يشرعها الله ول رسوله من ذلك‬
‫تعظيم أول خميس منه وليلة أول جمعة منه فإن تعظيم هذا‬
‫اليوم وتلك الليلة من رجب إنما حدث في السلم بعد المائة‬
‫الرابعة‪ ،‬والحديث المروي في ذلك كذب باتفاق العلماء ول‬
‫يجوز تعظيم هذا اليوم؛ لنه مثل غيره من اليام"‬
‫وقال الحافظ بن رجب‪" :‬فأما الصلة فلم يصح في‬
‫شهر رجب صلة مخصوصة تختص به"‪.‬‬
‫نعم شهر رجب من الشهر الحرم‪ ،‬لكن ل ينبغي لحد‬
‫أن يشّرع فيه ول في غيره إل ما شّرعه الله والذي ثبت لنا‬
‫ن‬ ‫ل َ‬ ‫ك َقا َ‬ ‫دعاء النبي ‪ ‬كما في الحديث‪ ،‬ع َن أ َ‬
‫كا َ‬ ‫مال ِ ٍ‬‫ن َ‬ ‫ْ‬
‫ِ ِ‬‫ب‬ ‫س‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ْ‬
‫م َبارِ ْ‬
‫ك‬ ‫ل‪ ":‬الل ّهُ ّ‬ ‫ب َقا َ‬ ‫ج ٌ‬
‫ل َر َ‬ ‫خ َ‬ ‫سل ّ َ‬
‫م إ َِذا د َ َ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬
‫صّلى الل ّ ُ‬
‫ي َ‬
‫الن ّب ِ ّ‬

‫‪30‬‬
‫واستدار الزمان‬

‫ل ل َي ْل َ ُ‬
‫ة‬ ‫ن ي َُقو ُ‬ ‫كا َ‬‫ن وَ َ‬‫ضا َ‬
‫م َ‬ ‫ك ل ََنا ِفي َر َ‬ ‫ن وََبارِ ْ‬ ‫شعَْبا َ‬‫ب وَ َ‬ ‫ج ٍ‬ ‫ل ََنا ِفي َر َ‬
‫مَها أ َْزهَُر"‪.‬‬
‫معَةِ غَّراُء وَي َوْ ُ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ج ُ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬‫مث ْل َُها ِ‬‫ة إ ِّل ُرفِعَ ِ‬ ‫ث قَوْ ٌ‬
‫م ب ِد ْعَ ً‬ ‫حد َ َ‬
‫ما أ ْ‬ ‫‪َ "‬‬ ‫ي‪:‬‬ ‫ل الن ّب ِ ّ‬ ‫َقا َ‬
‫ة" ]رواه أحمد[‪.‬‬
‫ث ب ِد ْعَ ٍ‬
‫دا ِ‬
‫ح َ‬
‫ن إِ ْ‬
‫م ْ‬
‫خي ٌْر ِ‬
‫سن ّةٍ َ‬ ‫س ٌ‬
‫ك بِ ُ‬ ‫سن ّةِ فَت َ َ‬
‫م ّ‬ ‫ال ّ‬

‫شهر شعبان‪:‬‬

‫في كل عام من ليلة النصف من شعبان يّروج بعض‬


‫الجّهال ومن يغتر بهم من العوام احتفالت بهذه الليلة‬
‫در‬
‫ويخصونها بأنواع من الذكر والصلة؛ لنهم يزعمون أنها تق ّ‬
‫فيها الجال والرزاق وما يجري في العام ويظنون أنها هي‬
‫كيم ٍ‪] ‬الدخان‪[4:‬‬
‫المعنية بقوله تعالى‪ :‬فيها يْفرقُ ك ُ ّ َ‬
‫ح ِ‬
‫مرٍ َ‬
‫لأ ْ‬ ‫ِ َ ُ َ‬
‫ويخصون اليوم الخامس عشر من شهر شعبان بالصيام‬
‫ويستدلون بحديث روي في هذا‪ ،‬وهذا كله من البدع‬
‫المحدثة؛ لنه لم يثبت تخصيص ليلة النصف من شعبان بذكر‬
‫ول قيام ول تخصيص ليومها بصيام‪ ،‬وما لم يثبت فيه دليل‬
‫فهو بدعة في الدين ومخالف لعمل المسلمين المتمسكين‬
‫بالسنة التاركين للبدعة قال بعض العلماء المحققين في هذه‬
‫الليلة ومنهم أبو بكر محمد بن الوليد الطرطوشي في كتاب‬
‫الحوادث والبدع‪ ،‬وروى ابن وضاح عن زيد بن أسلم قال‪):‬ما‬
‫دا من مشيختنا ول فقهائنا يلتفتون إلى النصف من‬
‫أدركنا أح ً‬
‫شعبان ول يرون لها فضل ً على سواها(‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫واستدار الزمان‬

‫وقال ابن رجب في كتابه لطائف المعارف‪" :‬وأنكر ذلك‬


‫أي تخصيص ليلة النصف من شعبان أكثر علماء الحجاز‬
‫منهم عطاء‪ ،‬وابن أبي مليكه‪ ،‬ونقله عبدالرحمن بن زيد بن‬
‫أسلم عن فقهاء أهل المدينة‪ ،‬وهو قول أصحاب مالك‬
‫ضا‪ :‬قيام ليلة النصف‬
‫وغيرهم وقالوا‪ :‬ذلك كله بدعة وقال أي ً‬
‫من شعبان لم يثبت فيها شيء عن النبي‪ ‬ول عن أصحابه"‬
‫وقال الحافظ العراقي‪" :‬حديث صلة ليلة النصف من‬
‫شعبان باطل" وأخرجه ابن الجوزي في الموضوعات‪.‬‬
‫وأما صيام يوم النصف من شعبان فلم يثبت بخصوصه‬
‫حديث عن النبي ‪ ‬والحديث الوارد فيها ضعيف كما قال‬
‫ابن رجب وغيره‪ ،‬والضعيف ل تقوم به الحجة‪ ،‬وأما زعمهم‬
‫أنها الليلة التي تقدر فيها أعمال السنة )أي ليلة القدر( وأنها‬
‫َ‬
‫المعنية بقوله تعالى‪ :‬إ ِّنا أنَزل َْناهُ ِفي ل َي ْل َةٍ ّ‬
‫مَباَرك َةٍ إ ِّنا ك ُّنا‬
‫كيم‪] ‬الدخان‪ ،[4-3 :‬فهو زعم‬ ‫منذرين‪ ،‬فيها يْفرقُ ك ُ ّ َ‬
‫ح ِ‬ ‫مرٍ َ‬
‫لأ ْ‬ ‫ُ ِ ِ َ ِ َ ُ َ‬
‫باطل‬
‫قال ابن كثير ومن قال إنها ليلة النصف من شعبان كما‬
‫روي عن عكرمة فقد أبعد النجعة فإن نص القرآن أنها في‬
‫رمضان ثم قال عن الحديث المروي في ليلة النصف من‬
‫شعبان وهو أن النبي ‪ ‬قال‪ ":‬تقطع الجال من شعبان إلى‬
‫شعبان حتى أن الرجل لينكح ويولد له وقد أخرج اسمه في‬

‫‪32‬‬
‫واستدار الزمان‬

‫الموتى" وقال هو حديث مرسل مثله ل يعارض النصوص؛‬


‫لذا على المسلم أن ليحدث في دين الله ماليس فيه وندعو‬
‫ن"‪.‬‬ ‫ب وَ َ‬
‫شعَْبا َ‬ ‫ك ل ََنا ِفي َر َ‬
‫ج ٍ‬ ‫الله كما دعا رسولنا ‪":‬الل ّهُ ّ‬
‫م َبارِ ْ‬

‫شهر شوال‪:‬‬

‫لقد كان أهل الجاهلية في هذا الشهر ل يتزوجون فيه‬


‫وقد أبطل النبي ‪ ‬هذا العتقاد فتزوج عائشة رضي الله‬
‫عنها في شوال‪ ،‬وتزوج أم سلمة رضي الله عنها في شوال‪.‬‬
‫ل الل ّهِ‬ ‫سو ُ‬ ‫جِني َر ُ‬
‫ت‪ :‬ت ََزوّ َ‬ ‫ة رضي الله عنها َقال َ ْ‬ ‫ش َ‬‫عائ ِ َ‬‫ن َ‬ ‫عَ ْ‬
‫َ‬
‫ل‪ ،‬فَأ ّ‬
‫ي‬ ‫وا ٍ‬
‫ش ّ‬‫ل‪ ،‬وَب ََنى ِبي ِفي َ‬ ‫وا ٍ‬‫ش ّ‬‫م ِفي َ‬ ‫سل ّ َ‬
‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬
‫صّلى الل ّ ُ‬
‫َ‬
‫ح َ‬ ‫كا َ‬
‫عن ْد َهُ‬‫ظى ِ‬ ‫نأ ْ‬‫م َ َ‬ ‫سل ّ َ‬‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬
‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ل الل ّهِ َ‬ ‫سو ِ‬ ‫ساِء َر ُ‬
‫نِ َ‬
‫مّني" ]رواه مسلم[‪.‬‬
‫ِ‬
‫قال ابن كثير رحمه الله‪":‬وفي دخوله ‪ ‬بعائشة رضي الله‬
‫عنها في شوال رد ّ لما يتوهمه بعض الناس من كراهية‬
‫الدخول بين العيدين خشية المفارقة بين الزوجين وهذا ليس‬
‫بشيء"‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫واستدار الزمان‬

‫‪34‬‬
‫واستدار الزمان‬

‫ٍة‬‫ُق‬
‫َو‬
‫ّ‬‫ِب‬
‫َب‬ ‫ِك‬
‫َتا‬ ‫ِذ ا‬
‫ْل‬ ‫ُخ‬

‫قرأت وعرفت وقامت عليك الحجة ففرقت بين الحق‬


‫والباطل فأعلم أن الحق أبلج والشر لجلج‪ ،‬وخذ الكتاب بقوة‬
‫لننا نريد قوة في الحق ل ضعًفا فيه؛ لن الضعيف مسحوق‬
‫مخذول يؤتى السلم من قبله‪ ،‬والقوي المين التقي قوي‬
‫ن‬
‫م ِ‬
‫خي َْر َ‬
‫ن َ‬
‫العزيمة والصرامة في الحق هو المؤمن الحق ‪‬إ ِ ّ‬
‫ْ‬
‫ن‪] ‬القصص‪[26 :‬‬ ‫ت ال َْقوِيّ ال َ ِ‬
‫مي ُ‬ ‫جْر َ‬
‫ست َأ َ‬
‫ا ْ‬
‫و الضعيف يغلبه الوهم وينتصر عليه الظن ول يدرك المجد‪.‬‬
‫ل يدرك المجــــد إل سيــــــد فطن‬
‫لما يشق على‬
‫السادات فّعا ُ‬
‫ل‬
‫ول خامل جهلت كفاه مابذلت‬
‫ول جبان بغير السيف‬
‫سأ ّ ُ‬
‫ل‬
‫لول المشقة ساد النـــــاس كلهم‬
‫الجود يفقُر والقدام‬
‫قّتا ُ‬
‫ل‬

‫‪35‬‬
‫واستدار الزمان‬

‫وقفة‬

‫إذا زارك يوم جديد فقل له‪ :‬مرحًبا بضيف كريم ثم‬
‫أحسن ضيافته بفريضة تقضى‪ ،‬وسنة تؤدى‪ ،‬وقرآن يتلى‪،‬‬
‫وتوبة تتجدد‪ ،‬ول تكدره بالذنوب فإنه لن يعود‪.‬‬
‫وتذكر قول صاحب القول المحمود في الحديث‬
‫صّلى الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ل الل ّهِ َ‬
‫سو ُ‬‫ل َر ُ‬ ‫ل‪َ :‬قا َ‬‫ن أ َِبي هَُري َْرةَ‪َ ‬قا َ‬
‫المسنود ع َ ْ‬
‫ن‬
‫كو َ‬‫ن فَت َ ُ‬
‫ما ُ‬
‫ب الّز َ‬‫حّتى ي َت ََقاَر َ‬
‫ة َ‬‫ساع َ ُ‬ ‫م‪َ ":‬ل ت َُقو ُ‬
‫م ال ّ‬ ‫سل ّ َ‬
‫ع َل َي ْهِ وَ َ‬
‫ة‬
‫معَ ُ‬
‫ج ُ‬‫ن ال ْ ُ‬
‫كو َ‬ ‫ة‪ ،‬وَت َ ُ‬
‫معَ ِ‬
‫ج ُ‬‫كال ْ ُ‬
‫شهُْر َ‬‫ن ال ّ‬‫كو َ‬‫ر‪ ،‬وَي َ ُ‬ ‫شهْ ِ‬‫كال ّ‬ ‫ة َ‬‫سن َ ُ‬
‫ال ّ‬
‫ق‬
‫حت َِرا ِ‬‫كا ْ‬‫ة َ‬‫ساعَ ُ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫كو َ‬‫ة‪ ،‬وَت َ ُ‬
‫ساعَ ِ‬ ‫م َ‬
‫كال ّ‬ ‫ن ال ْي َوْ ُ‬
‫كو َ‬ ‫م‪ ،‬وَي َ ُ‬ ‫َ ْ‬
‫كالي َوْ ِ‬
‫سعََفةِ " ]رواه أحمد[‪.‬‬
‫ال ّ‬

‫‪36‬‬
‫واستدار الزمان‬

‫لفته‬

‫ولم تحترم فيمـا أتيت‬ ‫وا‬


‫قطعت شهور العمر له ً‬
‫المحـــــــــــّرما‬ ‫وغفلـــــــة‬
‫ما‬
‫ول صمت شهر الصوم صو ً‬ ‫فل رجًبا وافيت فيه‬
‫متمما‬ ‫بحقـــــــــــه‬
‫ما ول كنـــــت‬
‫مضى كنت قوا ً‬ ‫ول في ليالي عشر ذي‬
‫محرما‬ ‫الحجة الذي‬
‫وتبكي عليها حســــــــــرة‬ ‫فهل لك أن تمحو الذنوب‬
‫وتنــــــــدما ً‬ ‫ب ِعَْبـــــرة‬
‫لعلك أن تمحو بهـــــــا ما‬ ‫وتستقبل العام الجديد‬
‫تقدما‬ ‫بتوبــــــــــة‬

‫اللهم اجعل عامنا هذا وما بعده أعوام أمن وطمأنينة ـ ـ أعوام‬
‫ما تسبغ بها علينا نعمك وترزقنا‬
‫علم نافع وعمل صالح ـ ـ أعوا ً‬
‫ما تصلح بها أحوالنا وتيسر به أمورنا وتجنبنا فيها‬
‫شكرها ـ ـ أعوا ً‬
‫الفتن ما ظهر منها وما بطن"‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫واستدار الزمان‬

‫))فتاوى((‬

‫العمل بالتاريخ الميلدي‬

‫السؤال‪:‬‬
‫هل العمل بالتاريخ الميلدي فيه تشبه بالنصارى‪ ،‬أم‬
‫الولى العمل بالتاريخ الهجري ؟‬
‫الجواب‪:‬‬
‫لقد اقتصر المسلمون على تأريخهم الذي اتفقوا عليه من عهد‬
‫عمر بن الخطاب الذي وضع لهم هذا التأريخ الهجري‪ ،‬حيث اختار‬
‫مبدأه من هجرة النبي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬وعمل عليه‬
‫المسلمون في كتبهم وسيرهم مع معرفتهم بتأريخ من قبلهم‪ ،‬ولم‬
‫يزالوا كذلك حتى استولى النصارى على كثير من بلد السلم‪،‬‬
‫واستعمروهم واضطروهم إلى تعلم التأريخ الميلدي ‪ ،‬وأنسوهم‬
‫التأريخ الهجري إل ما شاء الله‪ ،‬فنقول‪ :‬إن في العمل بالتأريخ‬
‫الهجري تذكًرا لوقائع السلم وأحوال المسلمين في سابق الدهر‪،‬‬
‫ثم هو أوضح وأبين حيث يعتمد على الهلة التي ترى عياًنا ويحصل‬
‫بمشاهدتها معرفة دخول السنة وخروجها‪ ،‬دون إعواز إلى حساب‬
‫وكتابة‪ ،‬فننصح المسلمين أن يقتصروا على تأريخهم الذي كان عليه‬
‫سلفهم‪ ،‬وأن يعرضوا عن تأريخ النصارى الذي ل يتحقق صحته‪ ،‬إنما‬
‫هو مبني على نقل أهل الكتاب وهم غير متيقنين‪ ،‬حيث لم يثبتوا‬
‫ذلك بالنقل الصحيح‪ .‬ومتى احتيج إلى معرفة السنة الشمسية‪ ،‬فإن‬
‫هناك التأريخ الشمسي الهجري وهو يعتمد الحساب‪ ،‬ويسير على‬

‫‪38‬‬
‫واستدار الزمان‬

‫سير البروج الثني عشر التي ذكرها الله تعالى مجمل ً كما في قوله‬
‫ساب وعلماء‬
‫ح ّ‬
‫جا ‪ ‬وعرفها ال ُ‬
‫ماءِ ب ُُرو ً‬ ‫جعَل َْنا ِفي ال ّ‬
‫س َ‬ ‫تعالى‪ :‬وَل ََقد ْ َ‬
‫الفلك بالمشاهدة‪ ،‬ففي معرفتها ما يكفي عن الحتياج إلى تأريخ‬
‫النصارى‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬

‫من فتاوى فضيلة الشيخ‪:‬عبدال بن عبدالرحمن الجبرين‬

‫ها بهم‬
‫يعتبر تشب ً‬
‫السؤال ‪:‬‬
‫هل التأريخ بالتاريخ الميلدي يعتبر من موالة الكفار ؟‪.‬‬
‫الجواب‪:‬‬
‫الحمد لله ل يعتبر موالة ‪ ،‬لكن يعتبر تشبًها بهم ‪.‬‬
‫والصحابة رضي الله عنهم كان التاريخ الميلدي موجودا ً في‬
‫عصرهم ‪ ،‬ولم يستعملوه‪ ،‬بل عدلوا عنه إلى التاريخ الهجري ‪.‬‬
‫وضعوا التاريخ الهجري ولم يستعملوا التاريخ الميلدي مع أنه‬
‫دا في عهدهم ‪ ،‬هذا دليل على أن المسلمين يجب أن‬
‫كان موجو ً‬
‫يستقلوا عن عادات الكفار وتقاليد الكفار‪ ،‬لسيما وأن التاريخ‬
‫الميلدي رمز على دينهم‪ ،‬لنه يرمز إلى تعظيم ميلد المسيح‬
‫والحتفال به على رأس السنة ‪ ،‬وهذه بدعة ابتدعها النصارى ‪،‬‬
‫فنحن ل نشاركهم ول نشجعهم على هذا الشيء ‪ .‬وإذا أّرخنا‬
‫بتاريخهم فمعناه أننا نتشبه بهم ‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫واستدار الزمان‬

‫وعندنا والحمد لله التاريخ الهجري الذي وضعه لنا أمير‬


‫المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه الخليفة الراشد بحضرة‬
‫المهاجرين والنصار ‪ ،‬هذا يغنينا ‪ .‬انتهى‬

‫فضيلة الشيخ‪ :‬صالح الفوزان في كتاب المنتقى ‪. 1/257‬‬

‫‪40‬‬

You might also like