You are on page 1of 119

‫خصائص‬

‫الئمــة‬

‫الشريف‬
‫الرضي‬

‫‪1‬‬
[1]

2
‫خصائص الئمة عليهم السلم‬

‫]‪[2‬‬

‫" بمناسبة مرور ألف عام على وفاة الشريف الرضي "‬

‫]‪[3‬‬

‫خصائص الئمة عليهم السلم خصائص أمير المؤمنين‬


‫عليه السلم تأليف الشريف الرضي أبي الحسن‬
‫محمد بن الحسين بن موسى الموسوي البغدادي‬
‫‪ 406 - 359‬تحقيق وتعليق‪ :‬الدكتور محمد هادي‬
‫الميني‬

‫]‪[4‬‬

‫مجمع البحوث السلمية الستانة الرضوية المقدسة‬


‫مشهد ‪ -‬ايران ص‪ ،‬ب‪ 3663 :‬الكتاب‪ :‬خصائص‬
‫الئمة عليهم السلم )خصائص امير المؤمنين‬
‫عليه السلم( المؤلف‪ :‬الشريف الرضي تحقيق‪:‬‬
‫الدكتور محمد هادي الميني العدد‪ 5000 :‬نسخة‬
‫ه‪ .‬الناشر‪ :‬مجمع‬
‫التاريخ‪ :‬ربيع الثاني ‪‍ 1406‬‬
‫البحوث السلمية المور الفنية مؤسسة طبع‬
‫ونشر الستانة الرضوية المقدسة الطبع‬
‫والتجليد‪ :‬حقوق الطبع محفوظة‬

‫]‪[5‬‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم إلهي‪ ...‬بقدرتك علي تب‬


‫علي‪ ...‬وبحلمك عني اعف عني‪ ...‬وبعلمك بي‬
‫ارفق بي‪ ...‬إلهي‪ ...‬ل تجعلني لغير جودك‬
‫متعرضا‪ ...‬ول تصيرني للفتن غرضا‪ ...‬وكن لي‬
‫على العداء ناصرا‪ ...‬وعلى المخازي والعيوب‬
‫ساترا‪ ...‬وعن المعاصي عاصما‪ ...‬إلهي‪ ...‬إعطني‬
‫بصيرة في دينك‪ ...‬وفهما في حكمك‪ ...‬وفقها‬

‫‪3‬‬
‫في علمك‪ ...‬وكفلين من رحمتك‪ ...‬إلهي‪ ...‬تقبل‬
‫مني وأعل ذكري‪ ،‬وارفع درجتي‪ ،‬وحط وزري‪...‬‬
‫ول تذكرني بخطيئتي‪ ...‬واجعل ثواب مجلسي‪،‬‬
‫وثواب منطقي‪ ،‬وثواب دعائي‪ ،‬رضاك والجنة‪...‬‬

‫]‪[6‬‬

‫قوبلت وصححت على نسخة السيد الفقيه المام ضياء‬


‫الدين أبي الرضا فضل الله بن علي بن عبيد الله‬
‫الحسني الراوندي الكاشاني المتوفى ‪‍ 570‬‬
‫ه‬

‫]‪[7‬‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلة والسلم‬


‫على رسول الله وآله امناء الله منذ إنطلقة‬
‫الشرارة الولى‪ ،‬للثورة الشعبية السلمية في‬
‫ه‪.‬‬
‫ه‪ .‬ش‪ ،‬الموافق سنة ‪‍ 1399‬‬ ‫ايران عام ‪‍ 1357‬‬
‫ق‪ ،‬بقيادة الزعيم الديني المقدام‪ ،‬المام‬
‫الخميني بارك الله في ثورته وعمره طلب من‬
‫المسؤولين كافة‪ ،‬والقائمين بشؤون الدولة‪ ،‬أن‬
‫يجعلوا رسالة السلم الخالدة نصب أعينهم‪،‬‬
‫ويسيروا على هديه وهداه في الجوانب كافة‪،‬‬
‫ويعاملوا الشعب ويأخذوا القضايا والحداث‬
‫والقوانين حسب ما يقتضيه التشريع السلمي‪،‬‬
‫وتتطلبه قوانينه وانظمته التي جاء بها المشرع‬
‫العظم ‪ -‬صلى الله عليه وآله وسلم ‪ -‬الذي بعث‬
‫رحمة للعالمين‪ ..‬لن الثورة المظفرة هذه‬
‫انبثقت من صميم الواقع السلمي الذي مهد‬
‫للشعب اليراني المسلم طريق التحرر‬
‫والنطلق‪ ،‬ودفعه إلى اليقظة والوثبة‪ ،‬والثورة‬
‫على الطغاة‪ ،‬والظالمين والمستبدين‪ ،‬العاملين‬
‫للحواجز السياسية الدخيلة‪ ،‬للحيلولة بين‬
‫الشعوب‪ ،‬ورسالة السلم‪ .‬ولما كانت الثورة‬
‫السلمية المظفرة في ايران مدينة بكاملها‬
‫للسلم وجاءت النتفاضة الشعبية لهذا الغرض‪،‬‬

‫‪4‬‬
‫فل بد من العمل في إعادة الجوانب كافة إلى‬
‫مهيع الحق‪ ،‬والصراط المستقيم‪ ،‬وإنقاذها من‬
‫مخالب التيارات الدخيلة‪ ،‬سيما الجانب الفكري‬
‫والعلمي‪ ،‬الذى تلعب بهما العهد المقبور‬
‫واتخذهما ذريعة لمأربه الشيطانية‪ ،‬ووسيلة في‬
‫خدمة سياسة أسياده التوسعية‬

‫]‪[8‬‬

‫لذلك أصبح الشعب بمعزل عن عقيدته‪ ،‬ودينه‪،‬‬


‫وشخصيته‪ ،‬وتفكيره الصحيح‪ ،‬ونهجه القويم الذي‬
‫خطه من قبل الرسول العظم صلى الله عليه‬
‫وآله‪ ،‬ومن بعده الئمة الهداة المهديون عليهم‬
‫السلم‪ ،‬ومن ثم فقهاء الطائفة وأعلمها‪ .‬وفي‬
‫خلل فترة قصيرة من الزمن‪ ،‬تمكنت الجمهورية‬
‫السلمية في زحفها المقدس من إقامة مجاميع‬
‫وندوات‪ ،‬وجامعات تخدم الشخصية السلمية‪،‬‬
‫وتساند الحضارة الفكرية والعلمية وعلى الخص‬
‫في العواصم‪ ،‬والحوزات الدراسية في عرض‬
‫البلد وطولها‪ .‬ولما كانت مدينة " مشهد "‬
‫المقدسة البطلة‪ ،‬على جانب هام من الناحية‬
‫الفكرية والجتماعية‪ ،‬وموقعها الخطير بين سائر‬
‫اللوية اليرانية لذلك وجهت القيادة عنايتها‪،‬‬
‫ورعايتها لهذا البلد الطيب الذي يخرج نباته بإذن‬
‫ربه فأقامت فيه إلى جوار مرقد المام أبي‬
‫الحسن الرضا عليه آلف التحيات والبركات‬
‫جامعة للعلوم السلمية على نسق حديث‬
‫للتدريس والدراسة إلى جانب إقامة مجمع "‬
‫للبحوث السلمية " للتأليف والتحقيق والنشر‪،‬‬
‫وقد زاول عمله النشاطي منذ عام بحول الله‬
‫وقوته‪ ،‬مكلل بالنجاح والسداد والموفقية برعاية‬
‫سادن الروضة الرضوية المباركة فضيلة العلمة‬
‫الجليل سماحة الشيخ عباس الطبسى بارك الله‬
‫تعالى في عمره وأخذ بعضده‪ .‬هذا وفي الوقت‬
‫الذي تقدم المجمع إلى ميدان النشر والطبع‪،‬‬
‫إرتأى المجلس العلى لدارة " مجمع البحوث‬

‫‪5‬‬
‫السلمية " تدشين سلسلة مطبوعاته بكتاب "‬
‫خصائص الئمة عليهم السلم " لبي الحسن‬
‫الشريف الرضي‪ ...‬رضي الله عنه‪ ،‬وذلك بمناسبة‬
‫الذكرى اللفية لوفاته التي تجتاز البلد خلل‬
‫الشهور هذه‪ ،‬وتتأهب بعض القطار الشقيقة‬
‫لقامة مهرجانات ومؤتمرات علمية لها أمثال‬
‫الهند‪ ،‬والپاكستان‪ ،‬وسوريا‪ ،‬وكذا الجمهورية‬
‫السلمية اليرانية والكتاب هذا‪ ،‬أثر قيم وجهد‬
‫حيوي‪ ،‬ستقرأ تفاصيله في المقدمة‪ ،‬وقد تصدى‬
‫إلى تحقيقه وإخراج أسانيد أحاديثه‪ ،‬ومصادره‬
‫الستاذ الدكتور الشيخ محمد هادي‬

‫]‪[9‬‬

‫الميني نجل الفقيه المؤرخ والحجة الثبت شيخنا‬


‫العلمة الميني طيب الله ثراه‪ ،‬مؤلف كتاب "‬
‫الغدير " والواقع إنه أعاد للكتاب إصالته العلمية‪،‬‬
‫وقيمته التاريخية‪ .‬إن مديرة " مجمع البحوث‬
‫السلمية " في الوقت الذي تتقدم بشكرها‬
‫الجزيل لسدنة الروضة المقدسة ترجو العلي‬
‫القدير التوفيق والتسديد في هذا الصعيد الفكري‬
‫ومواصلته لتقدم إلى المكتبة السلمية وأبناء‬
‫القرآن المتعة العلمية الحية‪ ،‬والبحوث التي‬
‫تساند الثورة السلمية المظفرة في زحفها‬
‫المقدس ومن الله التوفيق‪ .‬مجمع البحوث‬
‫السلمية الستانة الرضوية المقدسة مشهد ‪-‬‬
‫ه‪ .‬ق آبان‬
‫ايران ص‪ ،‬ب‪ 3663 :‬صفر ‪‍ 1406‬‬
‫ه‪ .‬ش‬ ‫‪‍ 1364‬‬

‫] ‪[ 11‬‬

‫المقدمة ل مشاحة في أن كتاب " خصائص الئمة "‬


‫كان الباعث والحافز للسيد رضي الدين ذي‬
‫الحسبين‪ ..‬رضي الله عنه‪ ،‬في جمع وتأليف كتابه‬
‫المقدس " نهج البلغة " وإن لم يكمل كتابه‬

‫‪6‬‬
‫الول‪ ،‬ولم يخرج منه غير خصائص أمير المؤمنين‬
‫عليه السلم‪ ،‬إل أن التوفيق بكامله كان حليفه‬
‫في تأليف كتابه الثاني " نهج البلغة " والواقع‬
‫ان كتاب " الخصائص " يعتبر بابا لتأليفه الخر‬
‫كما صرح في مقدمة " النهج " فقال‪ - :‬كنت في‬
‫عنفوان السن وغضاضة الغصن‪ ،‬إبتدأت بتأليف‬
‫كتاب في " خصائص الئمة " يشتمل على‬
‫محاسن أخبارهم‪ ،‬وجواهر كلمهم‪ ،‬حداني عليه‬
‫غرض ذكرته في صدر الكتاب‪ ،‬وجعلته امام‬
‫الكتاب‪ ،‬وفرغت من الخصائص التي تخص أمير‬
‫المؤمنين عليا ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬وعاقت عن إتمام‬
‫بقية الكتاب محاجزات اليام‪ ،‬ومماطلت الزمان‬
‫وكنت قد بوبت ما خرج من ذلك أبوابا‪ ،‬وفصلته‬
‫فصول‪ ،‬فجاء في آخرها فصل يتضمن محاسن ما‬
‫نقل عنه عليه السلم‪ ،‬من الكلم القصير في‬
‫المواعظ‪ ،‬والحكم‪ ،‬والمثال‪ ،‬والداب‪ ،‬دون‬
‫الخطب الطويلة‪ ،‬والكتب المبسوطة‪ ،‬فاستحسن‬
‫جماعة من الصدقاء ما اشتمل عليه الفصل‬
‫المقدم ذكره‪ ،‬معجبين ببدائعه ومتعجبين من‬
‫نواصعه ‪ .-‬ان هذا الكلم من الشريف العلم‪ ..‬إن‬
‫دل على شئ فإنما يدل على انه كان يعرض‬
‫ويقرأ كتاباته على تلميذه‪ ،‬والذين يحضرون‬
‫مدرسته " دار العلم "‬

‫] ‪[ 12‬‬

‫في بغداد للخذ من موارد علمه الخصب والتي يتطلع‬


‫إليها كل لبيب‪ ،‬وذي عقل‪ ،‬وطالب علم وأدب في‬
‫اللحظات كافة‪ ..‬فلما ألقى عليهم الفصل‬
‫المتضمن لمحاسن ما نقل عنه عليه السلم‪،‬‬
‫تقدموا إليه بطلب كريم مما جعله ينصرف عن‬
‫إتمام كتابه " الخصائص " ويتحول إلى وضع‬
‫خطط وأسس تأليفه القيم " نهج البلغة " فقال‬
‫بعد كلمه السالف بهذا الصدد‪ " :‬وسألوني عند‬
‫ذلك أن ابتدئ بتأليف كتاب يحتوي على مختار‬
‫كلم أمير المؤمنين ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬في جميع‬

‫‪7‬‬
‫فنونه‪ ،‬ومتشعبات غصونه‪ ،‬من خطب وكتب‪،‬‬
‫ومواعظ وآداب‪ ،‬علما ان ذلك يتضمن من عجائب‬
‫البلغة وغرائب الفصاحة‪ ،‬وجواهر العربية‪،‬‬
‫وثواقب الكلم الدينية والدنيوية‪ ،‬مما ل يوجد‬
‫مجتمعا في كلم‪ ،‬ول مجموع الطراف في كتاب‬
‫"‪ .‬ومن هنا نجد الرضي العليم يتحول بكامل‬
‫حيويته الدبية وشخصيته العلمية الفذة‪ ،‬إلى جمع‬
‫كلم مشرع الفصاحة وموردها‪ ،‬ومنشأ البلغة‬
‫ومولدها‪ ،‬المام أمير المؤمنين ‪ -‬عليه السلم ‪-‬‬
‫ويضع كتابه " الخصائص " جانبا ويندفع إلى‬
‫التنقيب عن كلم المام عليه السلم‪ ،‬وجمعه من‬
‫بطون المراجع والمصادر النادرة‪ ،‬ومن ثم‬
‫تصنيفه وتقسيمه إلى ثلثة أبواب‪ :‬الخطب‬
‫والوامر‪ ..‬الكتب والرسائل‪ ..‬الحكم والمواعظ‪..‬‬
‫واجمع بتوفيق الله تعالى على البتداء بإختيار‬
‫محاسن الخطب‪ ،‬ثم محاسن الكتب‪ ،‬ثم محاسن‬
‫الحكم والدب‪ ،‬مفردا لكل صنف من ذلك بابا‬
‫ومفصل فيه أوراقا‪ .‬وهكذا يتحول السيد‬
‫الرضي‪ ...‬من كتاب " خصائص الئمة " إلى تأليف‬
‫كتاب " نهج البلغة " الذي بلغ من السمو‬
‫والرفعة والخلود‪ ،‬ما لم يبلغه كتاب غير القرآن‬
‫الكريم‪.‬‬

‫] ‪[ 13‬‬

‫كتاب خصائص الئمة لقد سبق القول أن لم يخرج من‬


‫هذا الكتاب غير الفصل الخاص بالمام أمير‬
‫المؤمنين عليه السلم‪ ...‬وهو كبقية تصانيفه‬
‫رضي الله عنه‪ ..‬ضم بين دفتيه العلم الكثير‪،‬‬
‫والدب الجم‪ ،‬والحيوية الفكرية‪ ،‬وتداوله العلماء‬
‫والمؤلفون على إمتداد التاريخ‪ ،‬ونقلوه‬
‫واستنسخوه واكثروا من نسخه‪ ،‬وحافظوا عليه‬
‫إلى يومنا هذا‪ .‬اما الدافع إلى تأليف كتاب "‬
‫الخصائص " فقد ذكر ذلك في مقدمة الكتاب‬
‫فقال‪ - :‬كنت حفظ الله عليك دينك‪ ،‬وقوى في‬
‫ولء العترة الطاهرة يقينك‪ ،‬سألتني أن أصنف‬

‫‪8‬‬
‫لك كتابا يشتمل على خصائص أخبار الئمة الثنى‬
‫عشر صلوات الله عليهم‪ ،‬وبركاته‪ ،‬وحنانه‪،‬‬
‫وتحياته‪ ،‬على ترتيب أيامهم‪ ،‬وتدريج طبقاتهم‬
‫ذاكرا اوقات مواليدهم‪ ،‬ومدد أعمارهم‪ ...‬ثم‬
‫يقول بعد كلم طويل‪ " :‬فعاقني عن إجابتك الى‬
‫ملتمسك ما ل يزال يعوق من نوائب الزمان‪،‬‬
‫ومعارضات اليام إلى أن أنهضني ذلك اتفاق‬
‫إتفق لي‪ ،‬فاستثار حميتي‪ ،‬وقوى نيتي‪،‬‬
‫واستخرج نشاطي‪ ،‬وقدح زنادي‪ ،‬وذلك ان بعض‬
‫الرؤساء ممن غرضه القدح في صفاتي‪ ،‬والغمز‬
‫لقناتي‪ ،‬والتغطية على مناقبي والدللة على‬
‫مثلبة إن كانت لي‪ ...‬لقيني وأنا متوجه عشية‬
‫عرفة من سنة ثلث وثمانين وثلثمائة )‪(383‬‬
‫هجرية إلى مشهد مولنا أبي الحسن موسى بن‬
‫جعفر‪ ،‬وأبي جعفر محمد بن علي بن موسى‬
‫عليهما السلم للتعريف هناك‪ ،‬فسألني عن‬
‫متوجهي فذكرت له إلى أين قصدي ؟ فقال لي‪:‬‬
‫متى كان ذلك يعني ان جمهور الموسويين‬
‫جارون على منهاج واحد في القول بالوقف‪،‬‬
‫والبرائة ممن قال بالقطع‪ ،‬وهو عارف بان‬
‫المامة مذهبي‪ ،‬وعليها عقدي ومعتقدي‪ ،‬وإنما‬
‫أراد التنكيت لي والطعن على ديني‪ ،‬فأجبته في‬
‫الحال بما اقتضاه كلمه‪ ،‬واستدعاه خطابه‪،‬‬
‫وعدت وقد قوي عزمي‪ ،‬على عمل هذا الكتاب‬
‫إعلنا لمذهبي‪ ،‬وكشفا عن مغيبي‪ ،‬وردا على‬
‫العدو الذي يتطلب عيبي‪ ،‬ويروم ذمي‪ ،‬وقصبى‪،‬‬
‫وأنا بعون الله مبتدى بما ذكرت على الترتيب‬
‫الذي شرطت‪ ،‬والله‬

‫] ‪[ 14‬‬

‫المنقذ من الضلل‪ ،‬والهادي إلى سبيل الرشاد ‪" .-‬‬


‫فشرع بتأليف كتاب " الخصائص " عام ‪383‬‬
‫هجري‪ ،‬وبعد الفراغ من خصائص أمير المؤمنين‬
‫عليه السلم‪ ،‬شرع في تأليف كتاب " نهج البلغة‬
‫" ومن ثم لم يمهله الجل المحتوم‪ ،‬ولم يسمح‬

‫‪9‬‬
‫له بالعودة إلى كتابه " الخصائص " والرجوع إليه‬
‫وإتمامه‪ ،‬فتوفي سنة ‪ 406‬هجرية‪ .‬نقل العلماء‬
‫عن هذا الكتاب واستفادوا منه‪ ،‬واستشهدوا‬
‫بنصوصه‪ ،‬وكانت منه عده نسخ خطية في مكتبات‬
‫ايران والعراق والهند‪ ..‬وطبع في النجف‬
‫الشرف سنة ‪ 1368‬هجرية في ‪ 100‬ص‪ ،‬واعيد‬
‫طبعه مرات عديدة غير أن الكتاب جاء مشحونا‬
‫بالغلط والتصحيف والتحريف‪ ،‬ولم ينل من‬
‫المؤسف كله الحظ من التصحيح والتحقيق‬
‫والتعليق‪ ،‬والمقابلة ومراجعة نصوصه‪ ،‬وتعيين‬
‫مصادره وأسانيده فقد طبع كما وجد‪ ،‬والمطبوع‬
‫نسخة المرحوم العلمة الجليل السيد عبد الرزاق‬
‫بن السيد محمد الموسوي المقرم المتوفى‬
‫‪ 1391‬وقد كتبها عام ‪ 1349‬هجري من نسخة‬
‫مكتبة الفقيه الشيخ هادي بن الشيخ عباس آل‬
‫كاشف الغطاء المتوفى ‪ ،1360‬وتاريخ كتابتها‬
‫سنة ‪ 1300‬هجرية‪ .‬والغريب أن دور النشر أعادت‬
‫طبع الكتاب على ما هو عليه من التصحيف‬
‫والتحريف والغلط‪ ،‬ولم تصحح منه حتى الغلط‬
‫الملئية والكتابية‪ .‬لقد شاءت اليام أن أجعل‬
‫الكتاب في قائمة الكتب التي نويت تحقيقها‪،‬‬
‫وتصحيحها‪ ،‬وإخراجها بصورة صحيحة بحول الله‬
‫وقوته‪ ...‬منذ أمد بعيد حسبما يقتضيه‪ ،‬ويتطلبه‬
‫الوقت والتوفيق‪ ...‬بيد ان الذكرى اللفية على‬
‫وفاة الشريف الرضي كرم الله وجهه‪ ..‬دفعتني‬
‫إلى تحقيقه وجعله في الرعيل الول من تلكم‬
‫الكتب‪ ،‬فتقدمت إلى تحقيقه‪ ،‬وإخراجه مع تزاحم‬
‫أعمالي الفكرية‪ ،‬وتراكم شؤوني في حقلي‬
‫البحث والتأليف‪ .‬عملي في تحقيق الكتاب‪ :‬اما‬
‫منهجي في تحقيق الكتاب‪ ،‬فقد فتشت عن نسخ‬
‫الكتاب وقلبت‬

‫] ‪[ 15‬‬

‫فهارس خزائن الكتب‪ ،‬إلى أن وقفت على أقدم نسخة‬


‫مخطوطة منه كتبت في القرن السادس‬

‫‪10‬‬
‫الهجري‪ ،‬وهي من مخطوطات إحدى مكتبات‬
‫الهند وتوجد مصورتها بالميكرو فيلم في مكتبة‬
‫العلمة السيد عبد العزيز الطباطبائي في مدينة‬
‫‪ -‬قم ‪ -‬فتفضل بها علي مشكورا‪ ،‬وتقع في ‪40‬‬
‫ورقة كتبت على عمودين ‪ x 21 30‬في كل‬
‫صفحة ‪ 25‬سطر طوله ‪ 8‬سنتيم وعليها خطوط‬
‫وتملكات عتيقة مؤرخة‪ ،‬وهي مصححة من قبل‬
‫المام الفقيه السيد ضياء الدين أبي الرضا فضل‬
‫الله بن علي بن عبيد الله الحسني الراوندي‬
‫الكاشاني المتوفى ‪ 570‬هجري‪ .‬بالضافة إلى‬
‫الزيادات الحاصلة فيها‪ ،‬وقد جعلتها في الخير‬
‫وألحقتها بآخر الكتاب‪ .‬ففي الصفحة الولى من‬
‫النسخة جاء ما لفظه‪ - :‬قرأ الخصائص علي‪...‬‬
‫وجيه الدين فخر العلماء أبو علي عبد الله بن‬
‫الحسين بن أبي القاسم دامت نعمتهما‪ ،‬ورويتها‬
‫له عن شيخي أبي الفتح إسماعيل بن الفضل بن‬
‫أحمد بن الخشيد السراج‪ ،‬عن أبي المظفر عبد‬
‫الله بن شبيب عن أبي الفضل الخزاعي‪ ،‬عن‬
‫الرضي رضي الله عنه‪ ،‬وكتبه فضل الله بن علي‬
‫الحسني إبن الرضا الراوندي في ذي القعدة من‬
‫سنة خمس وخمسين وخمسمائة )‪ (555‬حامدا‬
‫لله تعالى مصليا على ‪ .-‬وجاء في آخرها‪ - :‬تمت‬
‫كتابة كتاب خصائص الئمة عليهم السلم‪ ،‬وفرغ‬
‫من كتبه العبد المذنب الراجي إلى غفران الله‬
‫وعفوه عبد الجبار بن الحسين بن أبي العم الحاج‬
‫الفراهاني‪ ،‬الساكن لقرية خومجان عمرها الله‬
‫يوم الربعاء الرابع من شوال سنة ثلث وخمسين‬
‫وخمسمائه‪ .‬مئة غفر الله له ولوالديه ولجميع‬
‫المؤمنين والمؤمنات‪ ،‬إنه الغفور الرحيم ‪.-‬‬

‫] ‪[ 16‬‬

‫الصفحة الولى من نسخة الفقيه الراوندي‬

‫] ‪[ 17‬‬

‫‪11‬‬
‫أول الكتاب من نسخة المام الراوندي‬

‫] ‪[ 18‬‬

‫آخر النسخة المذكورة‬

‫] ‪[ 19‬‬

‫وجاء في موضع آخر من الكتاب‪ - :‬إنتهت الزيادة‪..‬‬


‫بحمد الله ومنه وصلواته على نبيه محمد وآله‬
‫أجمعين‪ .‬وفرغ من كتبه العبد المذنب عبد الجبار‬
‫بن الحسين بن أبي العم الحاجي الفراهاني يوم‬
‫الربعاء التاسع عشر من جمادى الولى من سنة‬
‫ثلث وخمسين وخمسمائة )‪ (553‬في خدمة‬
‫مولنا المير الجل السيد ضياء الدين تاج السلم‬
‫أبي الرضا فضل الله بن علي بن عبيد الله‬
‫الحسني أدام الله ظله‪ ،‬وقد آوى إلى قرية‬
‫جوسقان راوند متفرجا حامدا لله ومصليا على‬
‫النبي وآله اجمعين والسلم ‪ .-‬وجاء في هامش‬
‫الصفحة الخيرة‪ - :‬وقع الفراغ من سماع هذا‬
‫الكتاب بقراءة من قرأه على السيد الجل المام‬
‫ضياء الدين تاج السلم حرس الله‪ ..‬وقت الزوال‬
‫في يوم الخميس من شهر جمادي‪ ..‬سنة أربع‬
‫وخمسين وخمسمائة حامدا لله ومصليا على نبيه‬
‫محمد وآله اجمعين ‪ .-‬لقد حققت النسخة‬
‫وأعلمت مصادر الموضاعات‪ ،‬والحاديث الواردة‬
‫فيها‪ ،‬بصورة كاملة إلى جانب ذكر أسانيد الخبار‬
‫والروايات‪ ،‬بالضافة إلى مقابلة نصوص النسخة‬
‫مع سائر المراجع والمصادر التي وردت فيها‬
‫تلكم النصوص‪ .‬وختاما شكرى المتواصل لعضاء‬
‫‪ -‬مجمع البحوث السلمية ‪ -‬متمنيا لهم التوفيق‬
‫والنجاح في إخراجهم الكتاب بهذا الشكل‬
‫النيق‪ ..‬كما أرجوا الله تعالى بعملي هذا بعد أن‬
‫حققت أصل الكتاب وضبطت نصوصه ويسرته‬
‫للنتفاع به‪ ..‬أن يجعله مقرونا بالقبول‪ ،‬وأن ينفع‬

‫‪12‬‬
‫به انه نعم النصير‪ ..‬وأكرم مسؤول‪ ..‬أبو علي‬
‫محمد هادي الميني عفا الله عنه وعن والديه‬
‫ه‪ .‬ق‬
‫محرم ‪‍ 1406‬‬

‫] ‪[ 20‬‬

‫الشريف الرضي )‪ (1‬أبو الحسن محمد بن ابي أحمد‬


‫الطاهر " ذي المنقبتين " الحسين بن موسى‬
‫البرش بن محمد العرج بن موسى " المعروف‬
‫بأبي سبحة " بن ابراهيم )الصغر( بن المام‬
‫موسى بن جعفر عليهم السلم‪ .‬وأمه فاطمة‬
‫بنت أبي محمد الحسين الناصر الصغير بن أبي‬
‫الحسين أحمد )‪ (2‬ابن محمد الناصر الكبير‬
‫الطروش )‪ (3‬بن علي بن الحسن بن علي‬
‫الصغر ابن عمر الشرف بن المام زين العابدين‬
‫عليهم السلم‪ .‬كانت أسرة الشريف من طرف‬
‫البوين بهاليل مساعير‪ ،‬فيهم من دوخ الملوك‪،‬‬
‫ونابغ في العلم والدب‪ ،‬وشاعر مجيد‪ ،‬ولبيه‬
‫الطاهر ذي المنقبتين احمد المقام الرفيع في‬
‫الدولة مع اباء وشهامة )‪ (4‬وقد قلد النقابة‬
‫خمس مرات )‪ ،(5‬و‬

‫‪ - 1‬هذه الترجمة كانت بقلم المرحوم السيد عبد‬


‫الرزاق المقرم‪ ..‬وقد اجريت عليها زيادات‬
‫هامة‪ - 2 .‬سماه ابن الثير ج ‪ 8‬ص ‪ 26‬حوادث‬
‫سنة ‪ 301‬الحسن‪ - 3 .‬عند ابن الثير السبب في‬
‫صممه ضربة بالسيف على رأسه في حرب‬
‫محمد بن زيد‪ - 4 .‬يشهد لذلك ما في معجم‬
‫الدباء ج ‪ 2‬ص ‪ 110‬ط ‪ 2‬ان أحمد بن ابراهيم‬
‫الضبي الوزير توفى سنة ‪ 399‬في بروجرد‬
‫وأوصى ان يدفن بمشهد الحسين عليه السلم‪،‬‬
‫وكتب إبنه إلى أبي بكر الخوارزمي شيخ الحنفية‬
‫في بغداد ان يبتاع له تربة في المشهد‬
‫الحسيني فذكر أبو بكر للشريف الطاهر أبي‬
‫أحمد )والد الرضي والمرتضى( فقال‪ :‬هذا رجل‬

‫‪13‬‬
‫قد التجأ إلى جوار جدي ول اخذ على تربته ثمنا‪،‬‬
‫ثم اخرج تابوته الى )براثا( وخرج معه الشريف‬
‫أبو أحمد والشراف والفقهاء‪ ،‬وصلى عليه‬
‫الشريف أبو أحمد‪ ،‬واصحب معه خمسين رجل‬
‫من خاصته حتى أوصلوه الى كربلء ودفن هناك‪.‬‬
‫‪ - 5‬شرح النهج الحديدي ج ‪ 1‬ص ‪(*) .10‬‬

‫] ‪[ 21‬‬

‫تولى النظر في المظالم‪ ،‬والحج بالناس مرارا )‪،(1‬‬


‫وان جللة قدره أهلته للسفارة بين معز الدولة‪،‬‬
‫والتراك‪ ،‬وبين بهاء الدولة‪ ،‬وصمصام الدولة‪ ،‬كما‬
‫توسط للصلح بين بهاء الدولة‪ ،‬ومهذب الدولة )‬
‫‪ .(2‬وكان رسول من معز الدولة إلى عضد الدولة‬
‫في رد غلم أسره عنده )‪ (3‬ووسيطا في الصلح‬
‫بين معز الدولة‪ ،‬وبين أبي تغلب بن حمدان )‪(4‬‬
‫إلى أمثال هذه القضايا التي لم يعهد بها إل لذي‬
‫كرامة سامية بين الجماهير‪ ،‬واحترام ذاتي غير‬
‫مستعار‪ .‬وأما عم الشريف الرضي‪ ،‬وهو أبو عبد‬
‫الله أحمد بن موسى البرش‪ ،‬فلم يكن خامل‬
‫الذكر وضيع الشأن‪ ،‬يعرفنا خروجه إلى واسط‬
‫لستقبال بهاء الدولة‪ ،‬وكان من الطالبيين الذين‬
‫أسهموا بالفخار والكرامة‪ ،‬فإنه ل يستقبل‬
‫الملوك إل من يعرفه الملوك‪ ،‬ويقدرون موقفه‬
‫ومنزلته‪ .‬ومن أسرة والدته‪ :‬أبو علي الشاعر‬
‫المجيد الذي أشخصه الرشيد من الحجاز‪ ،‬وحبسه‬
‫في بغداد وافلت من حبسه واختفى فيها )‪.(5‬‬
‫ومحمد بن القاسم الصوفي الزاهد الفقيه الذي‬
‫ظهر ايام المعتصم في )الطالقان( وقبض عليه‬
‫ابن طاهر وانفذه الى بغداد فسجن ثم فر فاخذ‬
‫وقتل صبرا )‪ .(6‬والناصر الطروش صاحب‬
‫الديلم )‪ .(7‬والناصر الصغير الحسن بن أحمد بن‬

‫‪ - 1‬وفيات العيان ج ‪ 2‬ص ‪ 107‬ط ايران‪ - 2 .‬ذيل‬


‫تجارب المم ص ‪ 268‬حوادث سنة ‪- 3 .835‬‬

‫‪14‬‬
‫المنتظم لبن الجوزي ج ‪ 7‬ص ‪ 83‬حوادث سنة‬
‫‪ - 4 .366‬ابن الثير ج ‪ 8‬ص ‪ - 5 .208‬شاعر‬
‫مغمور لم اجد له ترجمة في المعاجم‪ - 6 .‬أبو‬
‫جعفر محمد بن علي بن عمر الحسيني العلوي‬
‫الطالبي المقتول بعد ‪ 219‬وكان يلقب‬
‫بالصوفي لدمانه لبس ثياب من الصوف البيض‪،‬‬
‫وهو فقيه عالم زاهد قال المسعودي‪ :‬وقد انقاد‬
‫الى امامته خلق كثير‪ .‬مقاتل الطالبيين ‪.577 /‬‬
‫البداية والنهاية ‪ .282 / 10‬العلم ‪- 7 .225 / 7‬‬
‫الحسن بن علي بن الحسن بن علي العلوي‬
‫الطروش‪ ..‬اعيان الشيعة ‪ .170 / 21‬تاريخ‬
‫الطبري ‪(*) .149 / 10‬‬

‫] ‪[ 22‬‬

‫الناصر الكبير أبي محمد الحسن بن علي الحسيني‬


‫المقتول بآمل سنة ‪ 304‬والنقيب ببغداد صاحب‬
‫الناصريات في الفقه المطبوع مع عدة كتب في‬
‫مجموع عرف )بجامع الفقه( )‪ .(1‬وكانت والدة‬
‫الشريف الرضي فاطمة من النساء البرزة‬
‫الرزان‪ ،‬أرضعته مع درها اماني النقابة والخلفة‪،‬‬
‫وقصت عليه مآثر ابائها المصاليت البهاليل‪،‬‬
‫وانفحته بالمال الذي احتوت عليه من آبائها‪،‬‬
‫وفي رثائها يقول الشريف ولدها‪ :‬آباؤك الغر‬
‫الذين تفجرت * بهم ينابيع من النعماء من ناصر‬
‫للحق أو داع إلى * سبل الهدى أو كاشف الظلماء‬
‫نزلوا بعرعرة السنام من العلى * وعلوا على‬
‫الثباج والمطاء )‪ (2‬كانت فاطمة والدة الشريف‬
‫الرضي‪ ،‬ابنة أخت زوجة معز الدولة أميرة البلط‪،‬‬
‫وابنة خالة بختيار بن عز الدولة‪ ،‬وهذه المصاهرة‬
‫عقدت على حساب وتدبير‪ ،‬ومن أسبابها تجليل‬
‫مقام الناصر الكبير الطروش الجد العلى لوالدة‬
‫الشريف الرضي‪ ،‬وربما كان أبو أحمد والد‬
‫الشريف زوجها يعمل السعاة الذين يسرون بانباء‬
‫العاصمة الى والي الهواز معز الدولة ويعرفونه‬
‫ضعف الخلفة‪ ،‬ويستثيرون همته لمتلكها‬

‫‪15‬‬
‫ولجللة والدة سيدنا الشريف وكبر شأنها الف‬
‫شيخنا المفيد )‪ (3‬كتاب احكام النساء )‪ (4‬لها‬
‫فانه قال في أوله‪ :‬فاني عرفت من آثار السيدة‬
‫الجليلة الفاضلة ادام الله عزها جميع الحكام‬
‫التي تعم المكلفين من النساء‪ ،‬وتخص النساء‬
‫منهن على التمييز لهن‪ ،‬ليكون ملخصا في كتاب‬
‫يعتمد‬

‫‪ - 1‬الذريعة ‪ - 2 .370 / 20‬ديوان الشريف الرضي ‪/ 1‬‬


‫‪ - 3 .20‬الشيخ الكبر أبو عبد الله محمد بن‬
‫محمد بن محمد بن نعمان البغدادي المتوفى‬
‫ه‪ - 4 .‬الكتاب مرتب على ابواب أوله‪:‬‬
‫‪‍ 413‬‬
‫الحمد لله الذي هدى العباد الى معرفته ويسر‬
‫لهم سبيل‪ ..‬كانت منه نسخة عتيقة في مكتبة‬
‫المرحوم الشيخ عبد الحسين بن القاسم بن‬
‫صالح بن القاسم الحلى المتوفى ‪ .1377‬وكان‬
‫من شيوخ الدب ومشاهير الفقهاء وله تأليف‪.‬‬
‫الذريعة ‪ .302 / 1‬معجم رجال الفكر والدب ‪/‬‬
‫‪(*) .137‬‬

‫] ‪[ 23‬‬

‫للدين‪ ،‬ويرجع إليه فيما يثمر به العلم واليقين‪،‬‬


‫واخبرتني برغبتها ادام الله توفيقها في ذلك الخ‬
‫)‪ .(1‬وعلى كل فالشريف الرضي كان بحاشيتي‬
‫نسبه قابضا على عضادتي المامة فهو ابن‬
‫المامين زين العابدين علي بن الحسين‪ ،‬وابي‬
‫ابراهيم موسى بن جعفر الكاظم عليهم السلم‪،‬‬
‫ومن ناحية العمام ولخوال يكرع بكؤوس الفخار‬
‫ويتزمل مطارف العل وقد أثر هذا النسب الوضاح‬
‫في شعره وتمشى في أدبه فيقول‪ :‬ما عذر من‬
‫ضربت به أعراقه * حتى بلغن إلى النبي محمد‬
‫أن ل يمد إلى المكارم باعه * وينال منقطع العل‬
‫والسؤدد )‪ (2‬ومن يقرأ شعر الشريف الرضي‬
‫بتأمل يعرف نفسيته وطموحه الى الخلفة‬

‫‪16‬‬
‫واولويته بها وتباهيهه بخيمه‪ ،‬وتمجده بآبائه‬
‫الكارم‪ ،‬وشعره ميادين حروب‪ ،‬وغمرات اجال‪،‬‬
‫وشعور ملتهب‪ ،‬ونفس جائشة تتلمض للوثبة‬
‫والنطلق والتحرر كل ذلك للغلل التى ارهق‬
‫بها رهطه النجاد والسجون التي اوصدت عليهم‪،‬‬
‫والدماء السواجم التي اراقتها سيوف الظلم‬
‫والعدوان والتمادي وهذا هو الذي أودع فيه روحا‬
‫متحمسة وثابة ماثلة بين عيني المتصفح لديوانه‪.‬‬
‫ول غرابة في ذلك بعد ان انحدر السيد الشريف‬
‫من أصلب الشرف العلوي‪ ،‬ودرت عليه اخلف‬
‫المجد الهاشمي‪ ،‬وبزغ في ظلل اسرة الزعامة‬
‫والعظمة‪ ،‬ودرج في احضان المامة فكان لهذا‬
‫أثر بليغ في ترفعه وشممه ومحاولته وعواطفه‬
‫وميوله‪ ،‬حتى اوجب لنفسه الكفاية في تسنم‬
‫اريكة الخلفة‪ ،‬فيقول مخاطبا الخليفة العباسي‬
‫القادر بالله‪ :‬عطفا أمير المؤمنين فإننا * عن‬
‫دوحة العلياء ل نتفرق ما بيننا يوم الفخار تفاوت‬
‫* أبدا كلنا في المعالي معرق‬

‫‪ - 1‬مستدرك الوسائل ‪ - 2 .516 / 3‬ديوان الشريف‬


‫الرضي ‪(*) .273 / 1‬‬

‫] ‪[ 24‬‬

‫إل الخلفة ميزتك فانني * انا عاطل منها وانت مطوق‬


‫)‪ (1‬فلم ينكر عليه الخليفة ول استظهر بطيب‬
‫مغرسه‪ ،‬نعم رد عليه بقوله‪) :‬على الرغم أنف‬
‫الشريف( )‪ (2‬ان نفس الشريف أبية صعبة‬
‫المراس ذات اتجهات واسعة في السياسة‪ ،‬وكان‬
‫المراء ورجال الدولة يقدمونه على اخيه " علم‬
‫الهدى " لما يجدون فيه من الباء والعزة‬
‫والترفع‪ ،‬وعدم قبول الصلت‪ .‬ولكنه بالرغم من‬
‫ذلك كان خاضعا لحكم عضد الدولة الشائن مع‬
‫عمه وأبيه المعتقل لهما في القلعة من فارس )‬
‫‪ .(3‬وكان اعتقاله حين دخول عضد الدولة إلى‬

‫‪17‬‬
‫بغداد سنة ‪ 367‬فبقي معتقل فيها إلى سنة ‪376‬‬
‫أي بعد وفاة عضد الدولة بأربع سنين فانه توفى‬
‫سنة ‪ 372‬عندما دخلها شرف الدولة‪ ،‬وللشريف‬
‫الرضي المولود سنة ‪ 359‬يوم اعتقال أبيه ثمان‬
‫سنين‪ ،‬واطلق سراحه وهو ابن ست عشرة سنة‬
‫)‪ .(4‬ولما دخل شرف الدولة بغداد فاتحا سنة‬
‫‪ ،375‬انعقدت صلته مع الطاهر ابي أحمد‪ ،‬والد‬
‫الشريف الرضي وأقره على النقابة وادنا قربه‪،‬‬
‫وهنا نرى الشريف الرضي في هذا الدور قلق‬
‫الفكر لعدم توثق صلته بالقادر بالله العباسي‬
‫ولم يحصل على محاولته وربما عضته نكبة في‬
‫حياته السياسية‪ ،‬فيثور ملتهبا وينبه اولياء المور‬
‫باهتضامه ويتوعدهم باللتجاء إلى من يرعى حقه‬
‫ويحفظ حرمته فيقول من مقطوعة له‪ :‬ألبس‬
‫الذل في ديار العادي * وبمصر الخليفة العلوي‬
‫وعليها استشاط القادر‪ ،‬وصرفه عن النقابة‪.‬‬

‫‪ - 1‬ديوان الشريف الرضي ‪ - 2 .544 / 2‬شرح النهج‬


‫لبن ابي الحديد ‪ - 3 .11 / 1‬تجارب المم ‪/ 2‬‬
‫ج‪ - 4 .‬الشريف‬
‫‪ 399‬حوادث سنة ‪ 369‬ه ‍‬
‫الرضي ‪ 156 /‬و ‪(*) .157‬‬

‫] ‪[ 25‬‬

‫وظائفه في الدولة في سنة ‪ 388‬قلده بهاء الدولة‬


‫خلفته في بغداد وخلع عليه خلعا فاخرة‪ ،‬وفيها‬
‫وله نقابة العلويين‪ ،‬واما ولية المظالم فكانت‬
‫وظيفة تخص الملوك والخلفاء فانهم يجلسون‬
‫يوما خاصا في السنة‪ ،‬يؤذن فيه لرباب المظالم‬
‫برفع ظلماتهم مباشرة سواء نظر فيها القضاة‬
‫أم ل‪ ،‬وقد يقوم مقامهم نائب خاص ينظر في‬
‫المظالم ويشترط فيه كونه من بيت شرف ومنعة‬
‫وطهارة وعفاف وفقه واسع بجميع الحكام‬
‫الشرعية‪ ،‬ففي سنة ‪ 388‬قام الشريف الرضي‬
‫بهذه الوظيفة بالنيابة عن بهاء الدولة‪ .‬وفي سنة‬

‫‪18‬‬
‫‪ 397‬بعث بهاء الملك من البصرة إلى بغداد‬
‫مرسوما‪ ،‬بتولية الشريف امارة الحج‪ ،‬وكان‬
‫الشريف ممارسا لها منذ صباه تولها في أغلب‬
‫أعوام عمره نائبا عن أبيه ومستقل )‪ .(1‬القابه‬
‫ان من العادات القديمة المنتشرة بين جميع‬
‫المم والشعوب أيا كان شكل حكومتها منح‬
‫اللقاب لزعماء الدولة‪ ،‬وظالما تزلف بها رجال‬
‫الحكم لرعاياهم ليصطنعوهم بها‪ ،‬وقد استكان‬
‫ذووا اللقاب لولئك الذين منحوهم بها ما يخول‬
‫لهم حق الرفعة على من كان عاطل منها‪ .‬وعلى‬
‫هذا جرت الحكومات السلمية في تقدير‬
‫عظمائها باسداء ألقاب إليهم‪ ،‬وكان الشريف‬
‫الرضي ممن يحمل أسمى اللقاب التي يرمز بها‬
‫إلى مقامه الفخم‪ ،‬فقد لقبه بهاء الدولة في‬
‫سنة ‪) 388‬بالشريف الجليل( في واسط‪ ،‬وسيره‬
‫إلى بغداد في موكب ملوكي وفي سنة ‪ 498‬صدر‬
‫مرسوم من واسط بتلقيبه )بذي المنقبتين(‬
‫وفيها لقبه بهاء الدولة )بالرضي ذي الحسبين(‬
‫وفي سنة ‪ 401‬أمر الملك قوام الدين ان تكون‬
‫المكاتبة مع الشريف بعنوان )الشريف‬

‫‪ - 1‬الغدير ‪ .204 / 4‬البداية والنهاية ‪(*) .335 / 11‬‬

‫] ‪[ 26‬‬

‫الجل( مضافا إلى مخاطبته بالكنية )‪ .(1‬علمه لقد كان‬


‫الشريف مجيدا في العلم إلى الغاية كاجادته في‬
‫الشعر غير انه لم يكثر منه كاكثاره في الشعر‪،‬‬
‫فلذلك لم يشتهر به‪ ،‬وإن كتابه " حقايق التأويل‬
‫" اكبر آية على اتقانه للفنون العلمية الدينية‬
‫ومبادئها ووقوفه على اسرارها‪ ،‬ولعل السبب‬
‫الوحيد في قلة تأليف الشريف اشتغاله بشطر‬
‫كبير من عمره بامارة الحج‪ ،‬والنظر في‬
‫المظالم‪ ،‬ومقتضيات النقابة‪ ،‬وهذه الحوال ل‬
‫تتفق مع التأليف والبحث‪ ،‬اضف إلى ذلك شغل‬

‫‪19‬‬
‫الوقت بالنظم في العياد والمواسم السنوية‬
‫وما يتفق في العام الواحد من مراث وتهان‬
‫ومعاتبات‪ .‬ومع هذا فانا نعرف من شهادة ابن‬
‫جني‪ ،‬والسيرافي‪ ،‬بأنه متوقد الذكاء جيد الحفظ‬
‫سريع النتقال ولما تتم له العشرون سنة حضر‬
‫عند ابن السيرافي النحوي‪ ،‬وله دون العشرة‬
‫فقال له يوما‪ :‬إذا قلنا رأيت عمر فما علمة‬
‫النصب في عمر ؟ فقال الشريف على البديهة‪:‬‬
‫علمة النصب بغض علي‪ ،‬فتعجب ابن السيرافي‬
‫ومن حضر من سرعة انتقاله وهو بهذا السن )‬
‫‪ .(2‬ومحاوراته مع أخيه المرتضى تشهد بفقاهة‬
‫الشريف ومعرفته بطرق الستدلل والجتهاد‪،‬‬
‫قال الشهيد الول )‪ (3‬في " الذكرى " )‪،(4‬‬
‫والشهيد الثاني )‪ (5‬في‬

‫‪ - 1‬الغدير ‪ - 2 .204 / 4‬وفيات العيان ‪ 107 / 1‬ط‬


‫حجر ايران‪ - 3 .‬شمس الملة والدين المام‬
‫الشيخ محمد بن جمال الدين مكي بن محمد بن‬
‫حامد بن أحمد العاملي النبطي الجزيني‬
‫المستشهد سنة ‪ 786‬وهو اول من اشتهر بهذا‬
‫اللقب‪ .‬شهداء الفضيلة ‪ - 4 .80 - 97 /‬ذكرى‬
‫الشيعة في احكام الشريعة‪ .‬في الفقه خرج منه‬
‫كتاب الطهارة والصلة بعد مقدمة فيها سبع‬
‫اشارات في المباحث الصولية‪ .‬وللفقهاء عليه‬
‫حواش وشروح وقد طبع الكتاب في ايران عام‬
‫‪ 1271‬حجر‪ .‬الذريعة ‪ 86 / 6‬و ‪- 5 40 / 10‬‬
‫الشيخ المام شرف السلم زين الدين بن‬
‫المام نور الدين علي بن احمد بن محمد بن‬
‫جمال الدين بن تقي الدين بن صالح الجبعي‬
‫العاملي المستشهد ‪ 965‬والمعروف لدى فقهاء‬
‫المامية )*(‬

‫] ‪[ 27‬‬

‫‪20‬‬
‫)روض الجنان( )‪ (1‬سأل الرضي‪ ،‬أخاه المرتضى‪،‬‬
‫فقال‪ :‬ان الجماع واقع على ان من صلى صلة‬
‫ل يعلم احكامها فهي غير مجزية فأجاب‬
‫المرتضى‪ :‬بجواز تغيير الحكم الشرعي بسبب‬
‫الجهل‪ .‬فهذه المناظرة تدل بأن له قوة في‬
‫الستدلل وملكة راسخة في الستنتاج‪ .‬دار العلم‬
‫اتخذ الشريف الرضي لتلمذته مدرسة سماها "‬
‫دار العلم " وارصد لها مخزنا فيه ما يحتاجه‬
‫الطلب‪ ،‬وذكر شاهدا له ان الوزير المهلبي لما‬
‫بلغه ولدة ولد للشريف ارسل إليه الف دينار‬
‫فردها‪ ،‬فبعث إليه الوزير ان هذا للقابلة فارجعها‬
‫ثانيا يعلمه‪ :‬أنا أهل بيت لم تكن قوابلنا غريبة‪،‬‬
‫وانما هي من عجائزنا ول يأخذن اجرة ول يقبلن‬
‫صلة‪ ،‬فاعلمه الوزير برغبته في تفريقه على‬
‫ملزميه من طلب العلم‪ ،‬فقال الشريف‪ :‬لمن‬
‫رجع المال انهم حضور يسمعون كلمك‪ ،‬فقام‬
‫أحدهم وأخذ دينارا وقطع منه قطعة ورد الباقي‪،‬‬
‫وأخبر الشريف بانه احتاج ليلة إلى دهن السراج‬
‫ولم يكن الخازن حاضرا وقد اقترض هذا المقدار‬
‫فأمر السيد أعلى الله مقامه‪ ،‬أن يتخذ للخزانة‬
‫مفاتيح بعدد التلميذ ول ينتظر الخازن )‪ .(2‬وفي‬
‫هذه الدار كان الشريف يلقي على التلميذ‬
‫افاداته ودروسه يوميا متتابعة ل يشغله عن ذلك‬
‫وظائف الدولة من النقابة وغيرها‪ ،‬ولم يتعلل‬
‫بزيارة زائر أو مدح خليفة أو قصيدة في حميم‬
‫فان هذا كله نقض لهمم الطلب وفت في‬
‫عزيمتهم‪.‬‬

‫بالشهيد الثاني‪ .‬له تصانيف كثيرة وديوان شعر‪ .‬شهداء‬


‫الفضيلة ‪ - 1 .164 - 132 /‬روض الجنان في‬
‫شرح ارشاد الذهان‪ ..‬كتاب في الفقه خرج منه‬
‫موضوع الطهارة والصلة اوله‪ :‬الحمد لله‬
‫المتفضل بشرح معالم شريعته لرشاد النام‬
‫المتطول بارسال الرسل‪ ..‬طبع في ايران سنة‬

‫‪21‬‬
‫‪ .1307‬الذريعة ‪ - 2 .275 / 11‬روضات الجنات ‪6‬‬
‫‪ .194 /‬عمدة الطالب ‪(*) .199 /‬‬

‫] ‪[ 28‬‬

‫على ان دار العلم لم تكن مدرسة فقط بل هي مكتبة‬


‫ايضا فيها من امهات الكتب ما يحتاج إليه القاطن‬
‫في المدرسة وغيره‪ ،‬فهي كبيت الحكمة‬
‫المؤسس للرشيد‪ ،‬والمكتبة الحديثة التي انشأها‬
‫وزير شرف الدولة البويهي ابو نصر سابور بن‬
‫ازدشير سنة ‪ 381‬وكان أبو أحمد عبد السلم بن‬
‫الحسين البصري خازن )دار العلم( ولعبد السلم‬
‫هذا مجمع علمي خاص ببغداد ينعقد يوم الجمعة‬
‫من كل اسبوع‪ .‬اساتذته قرأ الشريف على جماعة‬
‫كثيرة منهم‪ - 1 :‬أبو بكر محمد بن موسى‬
‫الخوارزمي قرأ عليه " مختصر الطحاوي " في‬
‫الفقه )‪ - 2 .(1‬أبو الحسن علي بن عيسى‬
‫الربعي البغدادي النحوي المتوفى ‪ 420‬قرأ عليه‬
‫النحو )‪ - 3 .(2‬أبو الفتح عثمان بن جني‬
‫الموصلي مات ‪ 392‬قرأ عليه " مختصر الجرمي‬
‫"‪ ،‬وقطعة من " ايضاح " ابي علي الفارسي‪ ،‬و "‬
‫العروض " لبي اسحاق الزجاج‪ ،‬و " القوافي "‬
‫للخفش )‪ - 4 .(3‬ابن السيرافي النحوي ابو‬
‫سعيد الحسن بن عبد الله بن المرزبان المتوفى‬
‫‪ 368‬قرأ عليه النحو قبل ان تتم له العشرة )‪.(4‬‬
‫‪ - 5‬ابن نباتة ابو يحيى عبد الرحيم بن محمد‬
‫المتوفى ‪ 394‬صاحب " الخطب " )‪.(5‬‬

‫‪ - 1‬المجازات النبوية ‪ .92 /‬فصلنا القول عن شيوخه‬


‫في كتابنا )الشريف الرضي(‪ - 2 .‬المجازات‬
‫النبوية ‪ - 3 .250 /‬حقائق التأويل ‪ 85 /‬و ‪.86‬‬
‫الغدير ‪ - 4 .184 / 4‬الغدير ‪- 5 .183 / 4‬‬
‫المجازات النبوية ‪(*) .233 /‬‬

‫‪22‬‬
‫] ‪[ 29‬‬

‫‪ - 6‬قاضي القضاة أبو الحسن عبد الجبار بن أحمد‬


‫الشافعي المعتزلي‪ ،‬قرأ عليه كتابه " شرح‬
‫الصول الخمس "‪ ،‬وكتابه " العمدة " في اصول‬
‫الفقه )‪ - 7 .(1‬أبو حفص عمر بن ابراهيم‬
‫الكناني‪ ،‬صاحب ابن مجاهد قرأ عليه " القراءات‬
‫" بروايات كثيرة )‪ - 8 .(2‬أبو إسحاق ابراهيم بن‬
‫احمد بن محمد الطبري الفقيه المالكي قرأ عليه‬
‫" القرآن المجيد " وهو شاب )‪ - 9 .(3‬شيخ المة‬
‫وفقيه الطائفة ومتكلمهم الشيخ المفيد محمد‬
‫بن محمد بن النعمان البغدادي المتوفى ‪.413‬‬
‫وكان السبب في ملزمته مع أخيه علم الهدى له‬
‫ما يحدث عنه المؤرخون وهو‪ :‬عن فخار بن معد‬
‫الموسوي‪ ،‬قال‪ :‬رأى الشيخ المفيد أبو عبد الله‬
‫محمد بن محمد بن النعمان الفقيه المامي في‬
‫منامه كأن فاطمة بنت رسول الله صلى الله‬
‫عليه وآله‪ ،‬دخلت عليه وهو في مسجده بالكرخ‬
‫ومعها ولداها الحسن والحسين عليهما السلم‬
‫صغيرين‪ ،‬وقالت له‪ :‬علمهما الفقه فانتبه متعجبا‬
‫من ذلك‪ ،‬فلما تعالى النهار في صبيحة تلك الليلة‬
‫التي رأى فيها الرؤيا‪ ،‬دخلت عليه المسجد‬
‫فاطمة بنت الناصر وحولها جواريها‪ ،‬وبين يديها‬
‫ابناها محمد الرضي‪ ،‬وعلي المرتضى صغيرين‬
‫فقام إليها وسلم عليها‪ ،‬فقالت‪ :‬أيها الشيخ‬
‫هذان ولداي قد أحضرتهما اليك لتعلمهما الفقه‪،‬‬
‫فبكى أبو عبد الله وقص عليها المنام وتولى‬
‫تعليمهما‪ ،‬وأنعم الله عليهما‪ ،‬وفتح لهما من‬
‫أبواب العلوم والفضائل ما اشتهر عنهما في‬
‫آفاق الدنيا‪ ،‬وهو باق ما بقي الدهر )‪ .(4‬ول‬
‫غرابة في ذلك بعد ان كانت والدتهما من أشراف‬
‫النساء‪ ،‬وسليلة آبائها‬

‫‪ - 1‬الغدير ‪ .184 / 4‬المجازات النبوية ‪- 2 .233 /‬‬


‫المجازات النبوية ‪ .155 /‬الغدير ‪- 3 .185 / 4‬‬
‫الغدير ‪ .185 / 4‬المنتظم ‪ - 4 .223 / 7‬الدرجات‬

‫‪23‬‬
‫الرفيعة ‪ .466 /‬شرح ابن ابي الحديد ‪.13 / 1‬‬
‫الغدير ‪ .184 / 4‬دار السلم ‪(*) .417 / 1‬‬

‫] ‪[ 30‬‬

‫علماء ادباء وملوك‪ ،‬ولجلها صنف الشيخ المفيد رسالة‬


‫في احكام النساء‪ ،‬وكان مجيؤها إلى المفيد‬
‫بولديها أيام اعتقال أبيهما‪ ،‬وعمهما بالقلعة من‬
‫فارس‪ ،‬وهما صغيران حينئذ‪ ،‬وللرضي ثمان‬
‫سنين‪ - 10 .‬وكان ممن يروي عنهم أبو محمد‬
‫هاون بن موسى التلعكبري المتوفى ‪ 385‬وذكر‬
‫في )خصائص أمير المؤمنين عليه السلم( عنه‬
‫حديث امير المؤمنين مع كميل بن زياد وهو‬
‫طويل )‪ .(1‬ولسنا في حاجة إلى تعداد تلميذه‬
‫بعد أن عرفنا مدرسته )دار العلم( تحتوي على‬
‫عدد كثير ممن يقطن هذه الدار للفادة منه‬
‫والستضاءة بانوار علومه و تحقيقاته‪ .‬نعم‪ :‬هنا‬
‫شئ لبد من التنبيه عليه‪ ،‬وهو ان صاحب "‬
‫روضات الجنات )‪ " (2‬ذكر رواية الشيخ الطوسي‬
‫عن الشريف الرضي‪ ،‬وقد عرفنا الميرزا النوري‬
‫ان السيد الرضي توفى سنة ‪ 406‬وقدوم الشيخ‬
‫الطوسي إلى العراق سنة ‪ 408‬فيكون ورود‬
‫الشيخ الطوسي إلى العراق بعد وفاة السيد‬
‫الرضي بأربع سنين فلم يدركه حتى يروي عنه‪،‬‬
‫واحتمال مسافرة الشريف إلى طوس واجتماعه‬
‫بالشيخ الطوسي هنا بعيد‪ ،‬اذلم يذكره أحد من‬
‫أرباب التراجم ول نبه عليه المؤرخون مع ان‬
‫الشريف في اكثر ايام سنيه كان مشغول بامر‬
‫النقابة وولية المظالم وامارة الحج )‪.(3‬‬

‫‪ - 1‬وذكر شيخنا الحجة العلمة الميني كرم الله وجهه‬


‫شيوخا آخرين للسيد الرضي غير من ذكرناهم‬
‫وهم‪ :‬ابو علي الحسن بن احمد الفارسي‬
‫النحوي المتوفى ‪ 377‬وله منه اجازة يروي عنه‬
‫في كتابه المجازات النبوية‪ .‬أبو عبد الله محمد‬

‫‪24‬‬
‫بن عمران بن موسى المرزباني الخراساني‬
‫المتوفى ‪ .378 / 384‬ابو القاسم عيسى بن‬
‫علي بن عيسى بن داود بن الجراح‪ ...‬شيخه في‬
‫الحديث كما في المجازات النبوية ‪ .153 /‬ابو‬
‫محمد عبد الله بن محمد السدي الكفاني‪- 2 .‬‬
‫روضات الجنات ‪ - 3 .190 / 6‬مستدرك الوسائل‬
‫‪(*) .510 / 3‬‬

‫] ‪[ 31‬‬

‫آثاره للشريف الرضي مؤلفات كثيرة مفعمة بالتحقيق‬


‫والبحث مع قصر المدة التي تمكن فيها من ذلك‬
‫النتاج‪ ،‬فان عمره كله ‪ 47‬سنة قضى اكثره في‬
‫مزاولة وظائف الدولة والقاء دروسه ومحاضراته‬
‫في مدرسته )دار العلم( وقرضه الشعر‪،‬‬
‫ومحاولته السياسية ومجاملته مع الخلفاء‬
‫والملوك‪ ،‬فما بقى إل النزر من ايامه خصوصا‬
‫بعد اخراج سني الطفولة من تلك القائمة فهاهنا‬
‫تعرف ان انتاج الشريف لتلك المؤلفات القيمة‬
‫اعجاز‪ ،‬وهذا ما وصل الينا من مؤلفاته‪ " - 1 :‬نهج‬
‫البلغة " جمع فيه ما اختاره من خطب أمير‬
‫المؤمنين )ع(‪ ،‬وحكمه‪ ،‬ورسائله‪ ،‬وأشار إليه في‬
‫المجازات النبوية ص ‪ 40‬طبعة مصر )‪" - 2 .(1‬‬
‫تلخيص البيان عن مجاز القرآن " قال ابن خلكان‬
‫فيه‪ :‬انه نادر في بابه‪ ،‬وأشار إليه الشريف في‬
‫المجازات النبوية ص ‪ 20‬ط مصر وطبع في بغداد‬
‫سنة ‪ " - 3 .1328‬المجازات النبوية " من انفس‬
‫المؤلفات في هذا الشأن طبع أول سنة ‪1428‬‬
‫ببغداد وثانيا سنة ‪ 1356‬في مصر‪ " - 4 .‬حقائق‬
‫التأويل في متشابه التنزيل "‪ :‬وهو تفسيره ذكره‬
‫في كتابه ‪ -‬المجازات النبوية ‪ -‬وعبر عنه تارة‬
‫بحقائق التأويل‪ ،‬واخرى بالكتاب الكبير في‬
‫متشابه القرآن‪ .‬وعبر عنه النجاشي بحقائق‬
‫التنزيل‪ ،‬وصاحب عمدة الطالب بكتاب المتشابه‬
‫في القرآن‪ " - 5 .‬الزيادات في شعر ابي تمام "‪.‬‬
‫‪ " - 6‬اخبار قضاة بغداد "‪ " - 7 .‬تعليق خلف‬

‫‪25‬‬
‫الفقهاء "‪ " - 8 .‬تعليق على اليضاح " لبي علي‬
‫الفارسي‪.‬‬

‫‪ - 1‬لقد توالت عليه الشروح منذ عهد قريب من عصر‬


‫المترجم له بما يربو على السبعين شرحا تجده‬
‫في الغدير ‪(*) .193 - 186 / 4‬‬

‫] ‪[ 32‬‬

‫‪ - 9‬ما دار بينه وبين الصابي من الرسائل والشعر‪10 .‬‬


‫‪ " -‬المختار من شعر أبي إسحاق الصابي "‪- 11 .‬‬
‫" المختار من شعر ابن الحجاج " سماه‪ " :‬الحسن‬
‫من شعر الحسين "‪ - 12 .‬رسائله ثلث مجلدات‬
‫ذكر في )الدرجات الرفيعة( بعضها ونشرت مجلة‬
‫العرفان بعضها‪ " - 13 .‬سيرة والده الطاهر أبي‬
‫احمد " ألفه سنة ‪ " - 14 .379‬معاني القرآن "‪.‬‬
‫وهو كتابه الثالث في القرآن‪ " - 15 .‬الزيادات "‬
‫في شعر ابن الحجاج المذكور‪ " - 16 .‬انشراح‬
‫الصدر " في مختارات من الشعر‪ " - 17 .‬طيف‬
‫الخيال "‪ - 18 .‬ديوان شعر يقع في مجلدين طبع‬
‫في مصر ولبنان‪ " 19 .‬خصائص الئمة " ‪-‬‬
‫خصائص امير المؤمنين عليه السلم‪ ،‬وهو الكتاب‬
‫الذي بين يديك‪ .‬وقد ذكرت هذه الكتب في "‬
‫رجال النجاشي " ‪ 283 /‬و " روضات الجنات " ‪/ 6‬‬
‫‪ .194‬و " الغدير " ‪ .198 / 4‬و " كشف الظنون "‬
‫‪ 523 / 1‬ومصادر ترجمة الشريف الرضي‪ .‬وفاة‬
‫الشريف توفي الشريف الرضي بكرة يوم الحد‬
‫سادس المحرم سنة ‪ 406‬ببغداد‪ ،‬وعمره ‪ 47‬سنة‬
‫وولدته كانت سنة ‪ 359‬ببغداد‪ ،‬ودفن في دار‬
‫بالكرخ بخط مسجد النباريين )‪ (1‬وحضره الوزير‬
‫فخر الملك أبو غالب‪ ،‬وجميع الشراف والقضاة‪،‬‬
‫والشهود‪ ،‬والعيان‪ ،‬وصلى عليه الوزير فخر‬
‫الملك في الدار مع جماعة أمهم أبو عبد الله بن‬
‫المهلوس العلوي‪ ،‬ثم دخل الناس أفواجا فصلوا‬
‫عليه‪،‬‬

‫‪26‬‬
‫‪ - 1‬ينسب إليهم لكثرة من سكنه منهم‪(*) .‬‬

‫] ‪[ 33‬‬

‫وركب فخر الملك في آخر النهار فعزى المرتضى‬


‫والزمه إلى داره ففعل لنه من جزعه عليه لم‬
‫يستطع النظر إلى تابوته ومضى إلى مشهد‬
‫موسى بن جعفر عليه السلم )‪ .(1‬واستغرب‬
‫العلمة النوري عدم صلة الشيخ المفيد عليه‪،‬‬
‫وهو شيخ الطائفة وعلم المة‪ ،‬قال‪ :‬إل ان يكون‬
‫ذاهبا إلى زيارة الحسين )ع( لنها أيام عاشوراء‪،‬‬
‫ثم نقل الشريف إلى كربلء ودفن عند أبيه‬
‫الطاهر ابي احمد‪ ،‬نص عليه السيد الداودي في "‬
‫عمدة الطالب " ص ‪ ،200‬والسيد علي خان في‬
‫الدرجات الرفيعة بترجمة الرضي‪ ،‬والشيخ الجليل‬
‫الشيخ يوسف البحراني في " لؤلؤة البحرين ص‬
‫‪ ،197‬والسيد بحر العلوم في " رجاله " بترجمة‬
‫السيد المرتضى قال‪ :‬الظاهر أن قبر السيد علم‬
‫الهدى‪ ،‬وقبر أبيه وأخيه في المحل المعروف‬
‫بابراهيم المجاب الذي هو جد المرتضى‪ ،‬وابن‬
‫المام موسى بن جعفر عليه السلم‪ ،‬وذكر‬
‫العلمة الحجة المتتبع السيد حسن الصدر‬
‫الكاظمي في رسالته " نزهة أهل الحرمين "‬
‫حاكيا عن مشجرة النسابة العبيد جمال الدين‬
‫أحمد بن المهنا‪ ،‬أن قبر إبراهيم المجاب‪ ،‬خلف‬
‫قبر الحسين عليه السلم بستة اذرع‪ .‬ويظهر من‬
‫التاريخ ان قبره كان في القرون الوسطى‬
‫مشهورا معروفا في الحائر الحسيني المقدس‬
‫وهذا قريب إلى العتبار لن بنى ابراهيم المجاب‬
‫قطنوا كربلء وجاوروا المام السبط عليه السلم‬
‫فاتخذ بنوه تربته مدفنا لهم وكان من قطن‬
‫منهم بغداد والبصرة ونقلوا إلى كربلء بعد‬
‫موتهم‪ ،‬وكانت تولية تلك التربة المقدسة بيدهم‬
‫وما كان يدفن فيها أي أحد إل باجازة منهم )‪(2‬‬

‫‪27‬‬
‫‪ - 1‬الغدير ‪ .210 / 4‬المنتظم ‪ - 2 .283 / 7‬مصادر‬
‫ترجمة الشريف الرضي‪(*) .‬‬

‫] ‪[ 34‬‬

‫أبو الرضا الراوندي ضياء الدين السيد فضل الله بن‬


‫علي بن عبيد الله بن محمد بن عبد الله بن محمد‬
‫بن أبي الفضل عبيد الله بن الحسن بن علي بن‬
‫محمد بن محمد بن الحسن بن جعفر بن ابراهيم‬
‫بن جعفر بن الحسن المثنى إبن المام الحسن‬
‫بن علي بن أبي طالب عليهم السلم‪ .‬كان علمة‬
‫زمانه‪ ،‬وعميد أقرانه جمع إلى علو النسب كمال‬
‫الفضل والحسب‪ ،‬وكان استاذ أئمة عصره‪،‬‬
‫ورئيس علماء دهره‪ ،‬وهو من أساتيذ ابن شهر‬
‫اشوب‪ ،‬والشيخ محمد بن الحسن الطوسي والد‬
‫الخواجه نصير الدين الطوسي‪ ،‬ومن تلميذ الشيخ‬
‫أبي علي ابن شيخ الطائفة الطوسي‪ .‬روى عن‬
‫الشيخ العلمة أبي علي الفضل بن الحسن‬
‫الطبرسي‪ .‬وأبي علي الحداد‪ .‬والشيخ أبي جعفر‬
‫النيسابوري‪ .‬وأبي الفتح بن أبي الفضل‬
‫الخشيدي‪ ،‬وخلق آخرين من الشيعة والسنة كما‬
‫روى عنه أكثر أهل عصره‪ ،‬وله تصانيف و وشروح‬
‫في مختلف المواضيع والبحوث‪ .‬قال أبو سعيد‬
‫السمعاني الشافعي في كتابه )النساب(‪ :‬اني‬
‫لما وصلت إلى كاشان قصدت زيارة السيد أبي‬
‫الرضا ضياء الدين فلما انتهيت إلى داره‪ ،‬وقفت‬
‫على الباب هنيهة أنتظر خروجه فرأيت مكتوبا‬
‫على طراز الباب هذه الية المشعرة بطهارته‬
‫وتقواه‪) :‬إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل‬
‫البيت ويطهركم تطهيرا( فلما إجتمعت به رأيت‬
‫منه فوق ما كنت أسمعه عنه‪ ،‬وسمعت‬

‫] ‪[ 35‬‬

‫‪28‬‬
‫منه جملة من الحاديث‪ ،‬وكتبت عنه مقاطيع من‬
‫شعره‪ ،‬ومن جملة أشعاره التي كتبها لي بخطه‬
‫الشريف هذه البيات‪ :‬هل لك يا مغرور من زاجر‬
‫* أو حاجز عن جهلك الغامر امس تقضى وغد لم‬
‫يجئ * واليوم يمضي لمحة الباصر فذلك العمر‬
‫كذا ينقضي * ما أشبه الماضي بالغابر ترجم له‬
‫في‪ :‬أعيان الشيعة ‪ .296 / 42‬أمل المل ‪/ 2‬‬
‫‪ .217‬النساب ‪ /‬ورقة ‪ .181‬تنقيح المقال ‪/ 2‬‬
‫‪ .13‬الدرجات الرفيعة ‪ .506 /‬روضات الجنات ‪/ 5‬‬
‫‪ .365‬تأسيس الشيعة ‪ .181 /‬ريحانة الدب ‪.9 / 4‬‬
‫فوائد الرضوية ‪ .354 /‬الكنى واللقاب ‪.435 / 2‬‬
‫مجالس المؤمنين ‪ .526 / 1‬مستدرك الوسائل‬
‫‪ .493 / 3‬منتهى المقال ‪ .242 /‬هدية الحباب ‪/‬‬
‫‪ .190‬جامع الرواة ‪ .9 / 2‬راهنماي دانشوران ‪/ 1‬‬
‫‪ 373‬هدية العارفين ‪ .821 / 1‬الغدير ‪.186 / 4‬‬
‫الثقات العيون ‪ .217 /‬الذريعة ‪ 9‬ق ‪.352 / 2‬‬
‫رياض العلماء ‪.364 / 4‬‬

‫] ‪[ 36‬‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم كنت ‪ -‬حفظ الله عليك دينك‪،‬‬


‫وقوى في ولء العترة الطاهرة يقينك ‪ -‬سألتني‬
‫أن أصنف لك كتابا يشتمل على خصائص أخبار‬
‫الئمة " الثنى عشر صلوات الله عليهم‪ ،‬وبركاته‪،‬‬
‫وحنانه‪ ،‬وتحياته " على ترتيب ايامهم وتدريج‬
‫طبقاتهم‪ ،‬ذاكرا أوقات مواليدهم‪ ،‬ومدد‬
‫أعمارهم‪ ،‬وتواريخ وفاتهم‪ ،‬ومواضع قبورهم‪،‬‬
‫وأسامي أمهاتهم‪ ،‬ومختصرا من فضل زياراتهم‪،‬‬
‫ثم موردا طرفا من جوابات المسائل التي سئلوا‬
‫عنها‪ ،‬واستخرجت أقاويلهم فيها‪ ،‬ولمعا من‬
‫أسرار أحاديثهم‪ ،‬وظواهر وبواطن أعلمهم‪،‬‬
‫ونبذا من الحتجاج في النص عليهم‪ ،‬وحقيقة‬
‫البرهان في الشارة إليهم‪ ،‬موضحا من ذلك ما‬
‫يزيد به الولي المخلص إخلصا في موالتهم‪،‬‬
‫وصفاء عقد في محبتهم‪ ،‬ويصدع عن عين‬
‫عدوهم العمى‪ ،‬ويكشف عن قلبه الغمى‪ ،‬حتى‬

‫‪29‬‬
‫يستشف أنوارهم فيسعوا إليها‪ ،‬ويستوضح‬
‫أعلمهم فيتتبعها‪ ،‬ويقتفيها سالكا في جميع ذلك‬
‫طريق الختصار‪ ،‬ومائل عن جانب الكثار‪ ،‬لن‬
‫مناقب موالينا الطاهرين صلوات الله عليهم‬
‫أجمعين‪ ،‬ل تحصى بالعدد‪ ،‬ول تقف عند حد‪ ،‬ول‬
‫يجري بها إلى أمد‪ ،‬فإني أعتقد أن جميع أعداد‬
‫هؤلء الغرر الذين هم قواعد السلم‪ ،‬ومصابيح‬
‫الظلم‪ ،‬والذين خفض الله الخلق عن منازلهم‪،‬‬
‫وقصر اللسن واليدي عن تناولهم‪ ،‬وميز بين‬
‫العالم وبينهم‪ ،‬وأماط )‪ (1‬العيب والعار عنهم‪،‬‬
‫بين مغموس القلب في الجهالة‪،‬‬

‫‪ - 1‬أماط‪ :‬أذهب‪ ،‬أزال‪(*) .‬‬

‫] ‪[ 37‬‬

‫ومطروف العين بالضللة‪ ،‬ل يفيق من سكرة الهوى‪،‬‬


‫فيتبين الطريقة المثلى‪ ،‬وبين عالم بفضلهم‪،‬‬
‫خابر بطيب فرعهم‪ ،‬وأصلهم‪ ،‬يكتم معرفته‬
‫معاندة‪ ،‬ويغالط نفسه مكايدة‪ ،‬ترجيبا )‪ (1‬لغرس‬
‫قد غرسه‪ ،‬وتوطيدا لبناء قد أسسه‪ ،‬وتنفيقا قد‬
‫قامت له‪ ،‬وائتجارا )‪ (2‬لجماعة قد إلتفت عليه‪.‬‬
‫وكل ذلك طلبا لحطام هذه الدنيا‪ ،‬الوبيل مرتعها‪،‬‬
‫الممر مشربها‪ ،‬المنغص نعيمها‪ ،‬وسرورها‪،‬‬
‫المظلم ضياؤها ونورها‪ ،‬الصائرة بأهلها إلى‬
‫أخشن المصارع‪ ،‬بعد ألين المضاجع‪ ،‬والناقلة لهم‬
‫إلى أفزع المنازل‪ ،‬بعد أمن المعاقل‪ ،‬على قرب‬
‫من المعاد‪ ،‬وعدم من الزاد‪ ،‬ثم تتقلب بهم إلى‬
‫حيث " تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا‪،‬‬
‫وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا‬
‫بعيدا " )‪ .(3‬فعاقنى عن إجابتك ‪ -‬إلى ملتمسك ‪-‬‬
‫مال يزال يعوق من نوائب الزمان‪ ،‬ومعارضات‬
‫اليام إلى ان أنهضني إلى ذلك اتفا اتفق لي‬
‫فاستثار حميتي‪ ،‬وقوى نيتي‪ ،‬واستخرج نشاطي‬
‫وقدح زنادي‪ ،‬وذلك أن بعض الرؤساء ‪ -‬ممن‬

‫‪30‬‬
‫غرضه القدح في صفاتي‪ ،‬والغمز لقناتي‪،‬‬
‫والتغطية على مناقبي‪ ،‬والدللة على مثلبة ‪ -‬إن‬
‫كانت لي ‪ -‬لقيني‪ ،‬وأنا متوجه عشية عرفة من‬
‫سنة ثلث وثمانين هجرية‪ ،‬إلى مشهد مولنا أبي‬
‫الحسن موسى بن جعفر‪ ،‬وأبي جعفر محمد بن‬
‫علي بن موسى عليهما السلم‪ ،‬للتعريف هناك‪،‬‬
‫فسألني عن متوجهي فذكرت له إلى أين‬
‫مقصدي‪ ،‬فقال لي‪ :‬متى كان ذلك ؟ يعني ان‬
‫جمهور الموسويين جارون على منهاج واحد في‬
‫القول بالوقف‪ ،‬والبرائة ممن قال بالقطع‪ ،‬وهو‬
‫عارف بان المامة مذهبي‪ ،‬وعليها عقدي‬
‫ومعتقدي‪ ،‬وإنما أراد التنكيت لي‪ ،‬والطعن على‬
‫ديني‪ ،‬فأجبته في الحال بما إقتضاه كلمه‪،‬‬
‫واستدعاه خطابه‪ ،‬وعدت وقد قوى عزمي‪ ،‬على‬
‫عمل هذا الكتاب إعلنا‬

‫‪ - 1‬الترجيب‪ :‬يدل على دعم شئ بشئ وتقويته‪.‬‬


‫المقاييس ‪ - 2 .495 / 2‬في الصل‪ :‬اتجرارا‪.‬‬
‫وفي المطبوعة‪ :‬استجرارا‪ .‬والصواب ما اثبتناه‪.‬‬
‫‪ - 3‬سورة آل عمران ‪(*) .30 /‬‬

‫] ‪[ 38‬‬

‫لمذهبي‪ ،‬وكشفا عن مغيبي‪ ،‬وردا على العدو الذي‬


‫يتطلب عيبي‪ ،‬ويروم ذمي وقصبي‪ ،‬وأنا بعون‬
‫الله مبتدئ بما ذكرته على الترتيب الذي شرطته‪،‬‬
‫والله المنقذ من الضلل‪ ،‬والهادي إلى سبيل‬
‫الرشاد‪ .‬وهو تعالى حسبنا ونعم الوكيل‪ ،‬نعم‬
‫المولى ونعم النصير‪.‬‬

‫] ‪[ 39‬‬

‫خصائص مولنا أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي‬


‫طالب عليه السلم ولد عليه السلم بمكة في‬
‫البيت الحرام لثلث عشرة ليلة خلت من رجب‪،‬‬

‫‪31‬‬
‫بعد عام الفيل بثلثين سنة‪ ،‬وامه فاطمة بنت‬
‫أسد بن هاشم بن عبد مناف‪ ،‬وهو اول هاشمي‬
‫في السلم‪ ،‬ولده هاشمي مرتين ول نعلم مولود‬
‫ولد في الكعبة غيره )‪ .(1‬وقبض عليه السلم‬
‫قتيل بالكوفة‪ ،‬ليلة الجمعة لتسع ليال بقين من‬
‫شهر رمضان‪ ،‬سنة أربعين من الهجرة‪ ،‬وله يومئذ‬
‫ثلث وستون سنة على الرواية الصحيحة‪ ،‬وكان‬
‫بقاؤه مع رسول الله صلى الله عليه وآله ثلثا‬
‫وثلثين سنة‪ ،‬وكونه بعده حجة الله في أرضه‬
‫ثلثين سنة‪ ،‬ونقش خاتمه ‪ -‬وهو عقيق أحمر ‪-‬‬
‫الله الملك وعلي عبده‪ ،‬ويقال‪ :‬الملك لله )‪.(2‬‬
‫واختلف الناس في موضع قبره‪ ،‬فقال قوم في‬
‫رحبة القضاء‪ ،‬وقال قوم‪ :‬في دار المارة‪ ،‬وقال‬
‫قوم‪ :‬حمل إلى المدينة‪ ،‬والصحيح الذي ل شك‬
‫فيه‪ ،‬ول لبس عليه انه عليه السلم بالغري )‪(3‬‬
‫من نجف الكوفة‪ ،‬ومما يدل على ذلك أن الصادق‬
‫جعفر بن محمد عليهما السلم‪ ،‬زاره في هذا‬
‫الموضع لما أشخصه المنصور إليه‪.‬‬

‫‪ - 1‬الغدير ‪ - 22 / 6‬ولدة علي عليه السلم في الكعبة‬


‫‪ - 2 .-‬مناقب ابن شهر اشوب ‪- 3 .301 / 3‬‬
‫أعلم الورى ‪ .202 /‬الرشاد ‪ .19 /‬فرحة الغري‬
‫في تعيين قبر امير المؤمنين عليه السلم في‬
‫النجف‪(*) .‬‬

‫] ‪[ 40‬‬

‫فضل زيارته عليه السلم روي عن الصادق عليه‬


‫السلم عن آبائه عن رسول الله صلى الله عليه‬
‫وآله إنه قال‪ :‬من زار عليا بعد وفاته فله الجنة )‬
‫‪ .(1‬وقال الصادق عليه السلم‪ :‬إن أبواب السماء‬
‫لتفتح عند دعاء الزائر لمير المؤمنين عليه‬
‫السلم‪ .‬وقال عليه السلم‪ :‬من ترك زيارة امير‬
‫المؤمنين عليه السلم لم ينظر الله تعالى إليه‪،‬‬
‫أل تزورون من تزوره الملئكة والنبيون عليهم‬

‫‪32‬‬
‫السلم‪ ،‬إن امير المؤمنين عليه السلم أفضل‬
‫من كل الئمة‪ ،‬وله مثل ثواب أعمالهم‪ ،‬وعلى‬
‫قدر أعمالهم فضلوا )‪.(2‬‬

‫‪ - 1‬كامل الزيارات ‪ - 2 .38 /‬المصدر السابق بسنده‬


‫عن محمد بن يعقوب‪ ،‬عن محمد بن يحيى‬
‫العطار‪ ،‬عن حمدان بن سليمان النيشابوري‪ ،‬عن‬
‫عبد الله بن محمد اليماني‪ ،‬عن منيع بن الحجاج‪،‬‬
‫عن يونس عن أبي وهب البصري عن أبي عبد‬
‫الله الصادق‪(*) .‬‬

‫] ‪[ 41‬‬

‫طرف من الحتجاج للنص عليه‪ ،‬عليه السلم مما يدل‬


‫على ذلك أن الشيعة جماعة كثيرة ل يحصرهم‬
‫العدد‪ ،‬ول يشتمل عليهم بلد‪ ،‬وقد طبقوا البلدان‪،‬‬
‫وملؤا القطار‪ ،‬وساروا شرقا وغربا وانتشروا‬
‫برا وبحرا‪ ،‬على اختلف أوطانهم‪ ،‬وتباعد ديارهم‪،‬‬
‫وتفاوت هممهم‪ ،‬وأهوائهم‪ ،‬وتباين أقاويلهم‬
‫وآرائهم‪ ،‬وانتفاء السباب الموجبة للشك‪،‬‬
‫والوقوف في خبرهم‪ ،‬وفيهم مع ذلك عدد كثير‪،‬‬
‫وجم غفير‪ ،‬من أهل بيت النبي عليه السلم‪،‬‬
‫وذريه وأصحابه ومواليه‪ ،‬ينقلون نقل متصل‬
‫متواترا ان النبي صلى الله عليه وآله‪ ،‬قد‬
‫إستخلف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‬
‫السلم‪ ،‬على امته بعد وفاته‪ ،‬ونص عليه‪ ،‬وفرض‬
‫طاعته في أمر الدين كله‪ ،‬وأن النبي صلى الله‬
‫عليه وآله وسلم‪ ،‬فعل ذلك ظاهرا مكشوفا‪،‬‬
‫فوجب قبول هذا الخبر علما ويقينا‪ .‬فإن قال‬
‫قائل‪ :‬إنهم إنما كثروا الن‪ ،‬وان اولهم كان‬
‫قليل‪ ،‬وسلفهم كان يسيرا مغمورا‪ ،‬قيل له‪ :‬ما‬
‫الفضل بينك وبين من احتج عليك بمثله من‬
‫الملحدين‪ ،‬وسائر المخالفين ؟ فقال‪ :‬إن آيات‬
‫النبي صلى الله عليه وآله وسلم‪ ،‬ل تصح لن عدد‬

‫‪33‬‬
‫المسلمين الناقلين لها كان قليل في الول‪،‬‬
‫وإنما كثر الن فل تجد بينهما فصل‪.‬‬

‫] ‪[ 42‬‬

‫فصل فيما روي من الشعار في نص النبي على أمير‬


‫المؤمنين عليهما السلم والصلة في يوم الغدير‬
‫فمن ذلك ما رواه نقلة الثار أن حسان بن ثابت‬
‫النصاري )‪ (1‬إستأذن النبي عليه السلم‪ ،‬يوم‬
‫الغدير بعد فراغه من المقام أن يقول شعرا في‬
‫ذلك‪ ،‬فأذن له فأنشأ يقول‪ :‬يناديهم يوم الغدير‬
‫نبيهم * بخم وأسمع بالرسول مناديا فقال‪ :‬فمن‬
‫مولكم ووليكم * فقالوا‪ :‬ولم يبدوا هناك التعاديا‬
‫‪ -‬آلهك مولنا‪ ،‬وانت ولينا * ولم تر منا في‬
‫المقالة عاصيا فقال له‪ :‬قم يا علي فإنني *‬
‫رضيتك من بعدي إماما وهاديا فمن كنت موله‬
‫فهذا وليه * فكونوا له أنصار صدق مواليا هناك‬
‫دعا اللهم وال وليه * وكن للذي عادى عليا معاديا‬
‫فقال له النبي صلى الله عليه وآله‪ :‬ل تزال يا‬
‫حسان مؤيدا بروح القدس ما نصرتنا بلسانك )‬
‫‪ .(2‬واتفق حملة الخبار على نقل شعر قيس بن‬
‫عبادة )‪ (3‬وهو ينشده بين يدي‬

‫‪ - 1‬ابو الوليد حسان بن ثابت بن المنذر المتوفى ‪/ 54‬‬


‫‪ 55‬عاش ستين سنة في الجاهلية وستين في‬
‫السلم‪ - 2 .‬الغدير ‪ - 3 .34 - 39 / 2‬سيد‬
‫الخزرج قيس بن سعد بن عبادة بن دليم‬
‫النصاري مات في آخر خلفة معاوية وقيل سنة‬
‫‪(*) .60 / 59‬‬

‫] ‪[ 43‬‬

‫أمير المؤمنين عليه السلم‪ ،‬بعد رجوعه من البصرة‬


‫في قصيدته التي أولها‪ :‬قلت لما بغى العدو علينا‬
‫* حسبنا ربنا ونعم الوكيل حسبنا ربنا الذي فتح *‬

‫‪34‬‬
‫البصرة بالمس والحديث طويل إلى أن بلغ فيها‬
‫إلى قوله‪ :‬وعلي إماما وإمام * لسوانا أتى به‬
‫التنزيل يوم قال النبي من كنت موله * فهذا‬
‫موله خطب جليل إنما قاله النبي على المة *‬
‫حتم ما فيه قال وقيل )‪ (1‬وهذان الشاعران )‪(2‬‬
‫صحابيان شهدا بالمامة لمير المؤمنين عليه‬
‫السلم شهادة من حضر هذا المشهد‪ ،‬وعرف‬
‫المصدر والمورد‪ .‬ثم هذا الكميت بن زيد السدي‬
‫)‪ (3‬وهو غير مشكوك في فصاحته‪ ،‬ومعرفته‬
‫بالعربية يقول‪ :‬ويوم الدوح دوح غدير خم * أبان‬
‫له الولية لو اطيعا ولكن الرجال تبايعوها * فلم‬
‫أر مثلها خطرا منيعا )‪ (4‬وهذا السيد بن محمد‬
‫بن الحميري )‪ (5‬وليس بدون في الفصاحة‪ ،‬ول‬
‫بمتأخر في البلغة يقول من قصيدة‪ :‬قالوا له لو‬
‫شئت أعلمتنا * إلى من الغاية والمفزع فقام في‬
‫خم النبي الذي * كان بما قيل له يصدع فقال‬
‫مأمورا وفي كفه * كفه علي لهم تلمع من كنت‬
‫موله فهذا له * مولى فلم يرضوا ولم يقنعوا‬

‫‪ - 1‬الغدير ‪ - 2 .67 / 2‬حسان بن ثابت‪ ،‬وقيس بن سعد‬


‫بن عبادة‪ - 3 .‬ابو المستهل الكميت بن زيد بن‬
‫خنيس السدي المقتول ‪ 126‬من كبار شعراء‬
‫العربية‪ - 4 ،‬ديوان الهاشميات ‪ - 5 .18 /‬ابو‬
‫هاشم اسماعيل بن محمد بن يزيد بن وداع‬
‫الحميري الملقب بالسيد والمتوفي ‪(*) .173‬‬

‫] ‪[ 44‬‬

‫وعلى ذكر هذه البيات فإني مورد حديثا طريفا سمعته‬


‫في معناه وهو متعلق بها‪ ...‬حكى أن زيد )‪ (1‬بن‬
‫موسى بن جعفر بن محمد عليهم السلم‪ ،‬رأى‬
‫رسول الله صلى الله عليه وآله في المنام كأنه‬
‫جالس مع أمير المؤمنين عليه السلم‪ ،‬في موضع‬
‫عال شبيه بالمسناة‪ ،‬وعليها مراق‪ ،‬فإذا منشد‬
‫ينشد قصيدة السيد بن محمد الحميري هذه‪،‬‬

‫‪35‬‬
‫واولها‪ :‬لم عمرو باللوى مربع * طامسة أعلمه‬
‫بلقع )‪(2‬‬

‫‪ - 1‬هذه الحكاية عن زيد غير معروفة بين أهل الثر‪،‬‬


‫والمعروف ما ذكره المجلسي في البحار باب‬
‫مدائح الصادق عليه السلم المجلد ‪ 328 / 47‬بما‬
‫لفظه‪ :‬وجدت في تأليفات بعض أصحابنا أنه‬
‫روي بإسناده عن سهل بن ذبيان قال‪ :‬دخلت‬
‫على المام علي بن موسى الرضا عليهم‬
‫السلم في بعض اليام قبل أن يدخل أحد من‬
‫الناس فقال لي‪ :‬مرحبا بك يا ابن ذبيان‪ ،‬الساعة‬
‫أراد رسولنا أن يأتيك لتحضر عندنا‪ .‬فقلت‪ :‬لماذا‬
‫يا ابن رسول الله ؟ فقال‪ :‬لمنام رأيته البارحة‬
‫وقد أزعجني وأقلقني‪ ،‬فقلت‪ :‬خيرا يكون إن‬
‫شاء الله تعالى‪ ،‬فقال يا ابن ذبيان‪ :‬رأيت كأني‬
‫نصب لي سلم فيه مائة مرقاة‪ ،‬فصعدت إلى‬
‫أعله‪ :‬فقلت يا مولي‪ :‬اهنيك بطول العمر‪،‬‬
‫وربما تعيش مائة سنة لكل مرقاة سنة‪ ،‬فقال‬
‫عليه السلم‪ :‬ما شاء الله كان‪ .‬ثم قال‪ :‬فلما‬
‫صعدت رأيت كأني دخلت في قبة خضراء‪ ،‬يرى‬
‫ظاهرها من باطنها‪ ،‬وباطنها من ظاهرها‪،‬‬
‫ورأيت جدي رسول الله صلى الله عليه وآله‬
‫وسلم جالسا فيها‪ ،‬وإلى يمينه وشماله غلمان‬
‫حسنان‪ ،‬يشرق النور من وجههما‪ ،‬ورأيت إمراة‬
‫بهية الخلقة‪ ،‬وبين يديه شخصا بهي الخلقة‬
‫جالسا عنده‪ ،‬ورأيت رجل واقفا وهو يقرأ‪ :‬لم‬
‫عمرو باللوى مربع‪ ..‬فلما رآني النبي صلى الله‬
‫عليه وآله وسلم‪ ،‬قال‪ :‬مرحبا بك يا ولدي يا‬
‫علي بن موسى الرضا‪ ،‬سلم على أبيك وأمك‬
‫فاطمة‪ ،‬وعلى أبويك الحسن‪ ،‬والحسين عليهم‬
‫السلم‪ ،‬فسلمت‪ ،‬قال‪ :‬وسلم على شاعرنا‬
‫ومادحنا السيد إسماعيل الحميري‪ ،‬فسلمت‬
‫وجلست‪ ،‬فقال له النبي صلى الله عليه وآله‬
‫وسلم‪ :‬عد إلى ما كنا فيه‪ ،‬فلما أنشده لم‬
‫عمرو‪ ..‬الخ بكى النبي صلى الله عليه وآله‬

‫‪36‬‬
‫وسلم‪ ،‬ولما قال‪ :‬ووجهه كالشمس إذ تطلع‪...‬‬
‫بكى النبي ومن معه‪ ،‬ولما بلغ إلى قوله‪ :‬قالوا‬
‫له لو شئت أعلمتنا‪ ..‬قال‪ :‬وأشار بيده إلى علي‬
‫وقال‪ :‬آلهي أنت الشاهد اني قد أعلمتهم أن‬
‫الغاية والمفزع علي بن أبي طالب‪ .‬ولما فرغ‬
‫من القصيدة إلتفت النبي صلى الله عليه وآله‬
‫وسلم إلي‪ ،‬وقال‪ :‬يا علي بن موسى إحفظ هذه‬
‫القصيدة‪ ،‬ومر شيعتنا بحفظها‪ ،‬واعلمهم أن من‬
‫حفظها وأدمن قراءتها ضمنت له على الله‬
‫الجنة‪ ،‬قال الرضا عليه السلم‪ :‬ولم يزل يكررها‬
‫حتى حفظتها منه‪ ،‬والقصيدة هذه ثم ذكرها‬
‫برمتها‪ .‬هذا المنام جاء بكامله في كتاب مجالس‬
‫المؤمنين ‪ .502 / 2‬منتهى المقال ‪ .142 /‬تنقيح‬
‫المقال ‪ .142 / 1‬أعيان الشيعة ‪.170 / 13‬‬
‫الغدير ‪ .222 / 2‬أخبار السيد الحميري ‪- 2 .35 /‬‬
‫الغدير ‪ .219 / 2‬اخبار السيد الحميري ‪.31 /‬‬
‫الغاني ‪ .240 / 7‬وقد شرح هذه العينية جمع‬
‫من اعلم الطائفة كما خمسها جمع من العلماء‬
‫والدباء‪(*) .‬‬

‫] ‪[ 45‬‬

‫حتى إنتهى إلى قوله‪ :‬قالوا له لو شئت أعلمتنا * إلى‬


‫من الغاية والمفزع قال‪ :‬فنظر رسول الله إلى‬
‫أمير المؤمنين صلوات الله عليهما‪ ،‬وتبسم ثم‬
‫قال‪ :‬أولم أعلمهم ؟ أولم أعلمهم ؟ أولم‬
‫أعلمهم ؟ ثلثا‪ ،‬ثم قال لزيد‪ :‬إنك تعيش بعدد كل‬
‫مرقاة رقيتها سنة واحدة‪ ،‬قال‪ :‬فعددت المراقي‬
‫فكانت نيفا وتسعين مرقاة‪ ،‬فعاش زيد نيفا‬
‫وتسعين سنة‪ .‬وهو الملقب بزيد النار‪ ،‬وانما‬
‫سمي بذلك لنه لما غلب على البصرة أحرق نفرا‬
‫من أهلها‪ ،‬وأسواقا كثيرة منها )‪ .(1‬وما اشد‬
‫إستحساني لجواب كان بعض المتقدمين من‬
‫الشيعة يجيب به من سأله عن قعود أمير‬
‫المؤمنين عليه السلم‪ ،‬وتركه طلب المر‪ ،‬ودعاء‬
‫الناس إلى نفسه‪ ،‬وهو أنه كان يقول‪ :‬أمير‬

‫‪37‬‬
‫المؤمنين عليه السلم كان في هذا المر فريضة‪،‬‬
‫من فرائض الله تعالى أداها نبي الله صلى الله‬
‫عليه وآله إلى قومه‪ ،‬مثل الصلة‪ ،‬والصوم‪،‬‬
‫والزكاة‪ ،‬والحج‪ ،‬وليس على الفرائض أن تدعوهم‬
‫إلى أنفسها‪ ،‬وتحثهم على طلبها‪ ،‬وإنما عليهم‬
‫أن يجيبوها‪ ،‬ويسارعوا إليها‪ ،‬وكان أمير المؤمنين‬
‫عليه السلم في هذا المر أعذر من هارون لن‬
‫موسى عليه السلم لما ذهب إلى الميقات‪ ،‬قال‬
‫لهارون‪ " :‬اخلفني في قومي واصلح ول تتبع‬
‫سبيل المفسدين " )‪ .(2‬فجعله رقيبا عليهم‬
‫وزعيما لهم‪ ،‬وأن نبي الله تعالى صلى الله عليه‬
‫وآله نصب عليا عليه السلم لهذه المة علما‪،‬‬
‫ودعاهم إليه وحضهم عليه‪ ،‬فعلي عليه السلم‬
‫في عذر من لزوم بيته‪ ،‬وإرخاء ستره‪ ،‬والناس‬
‫في حرج حتى يخرجوه من مكمنه‪ ،‬ويستثيروه‬
‫من مربضه‪ ،‬ويضعوه في الموضع الذي وضعه‬
‫فيه رسول الله صلى الله عليه وآله‪.‬‬

‫‪ - 1‬تنقيح المقال ‪ .471 / 1‬مقاتل الطالبيين ‪.534 /‬‬


‫جمهرة انساب العرب ‪ .64 /‬العلم ‪2 .102 / 3‬‬
‫‪ -‬سورة العراف ‪(*) .142 /‬‬

‫] ‪[ 46‬‬

‫ومن أعلمه ودلئله عليه السلم على الختصار منها‪،‬‬


‫والقتصار على بعضها‪ ،‬فلو أني نشرت ما طويت‬
‫منها لرماني الناس بيد واحدة عن قوس واحدة‪،‬‬
‫وكذلك أنا في أخبار سائر الئمة عليهم السلم‪.‬‬
‫روي إن أمير المؤمنين عليا ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬كان‬
‫جالسا في المسجد إذ دخل عليه رجلن فاختصما‬
‫إليه‪ ،‬وكان أحدهما من الخوارج‪ ،‬فتوجه الحكم‬
‫إلى الخارجي فحكم عليه أمير المؤمنين عليه‬
‫السلم‪ ،‬فقال له الخارجي‪ :‬والله ما حكمت‬
‫بالسوية ول عدلت في القضية‪ ،‬وما قضيتك عند‬
‫الله تعالى بمرضية‪ ،‬فقال له أمير المؤمنين عليه‬

‫‪38‬‬
‫السلم وأومأ إليه إخسأ عدو الله‪ ،‬فاستحال كلبا‬
‫أسود‪ ،‬فقال من حضره‪ :‬فوالله لقد رأينا ثيابه‬
‫تطاير عنه في الهواء‪ ،‬وجعل يبصبص لمير‬
‫المؤمنين عليه السلم‪ ،‬ودمعت عيناه في وجهه‪،‬‬
‫ورأينا أمير المؤمنين عليه السلم وقد رق فلحظ‬
‫السماء‪ ،‬وحرك شفتيه بكلم‪ ،‬لم نسمعه فوالله‬
‫لقد رأيناه وقد عاد إلى حال النسانية‪ ،‬وتراجعت‬
‫ثيابه من الهواء‪ ،‬حتى سقطت على كتفيه‪،‬‬
‫فرأيناه وقد خرج من المسجد‪ ،‬وان رجليه‬
‫لتضطربان‪ .‬فبهتنا ننظر إلى أمير المؤمنين عليه‬
‫السلم‪ ،‬فقال لنا‪ :‬ما لكم تنظرون وتعجبون ؟‬
‫فقلنا يا أمير المؤمنين‪ :‬كيف ل نتعجب وقد‬
‫صنعت ما صنعت‪ .‬فقال‪ :‬أما تعلمون أن آصف بن‬
‫برخيا‪ ،‬وصي سليمان بن داود عليهما السلم قد‬
‫صنع ما هو قريب من هذا المر فقص الله جل‬
‫أسمه قصته حيث‬

‫] ‪[ 47‬‬

‫يقول‪) :‬أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين‪.‬‬


‫قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم‬
‫من مقامك وإني عليه لقوي‪ ،‬أمين‪ .‬قال الذي‬
‫عنده علم من الكتاب أنا اتيك به قبل أن يرتد‬
‫إليك طرفك‪ .‬فلما رآه مستقرا عنده قال هذا من‬
‫فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر( إلى آخر الية‬
‫)‪ .(1‬فايما أكرم على الله نبيكم أم سليمان‬
‫عليهما السلم ؟ فقالوا‪ :‬بل نبينا عليه السلم‬
‫أكرم يا أمير المؤمنين قال‪ :‬فوصي نبيكم أكرم‬
‫من وصي سليمان وإنما كان عند وصي سليمان‬
‫عليهما السلم من إسم الله العظم حرف واحد‪،‬‬
‫فسأل الله جل إسمه فخسف له الرض ما بينه‬
‫وبين سرير بلقيس فتناوله في أقل من طرف‬
‫العين‪ ،‬وعندنا من إسم الله العظم إثنان‬
‫وسبعون حرفا‪ ،‬وحرف عند الله تعالى إستأثر به‬
‫دون خلقه‪ .‬فقالوا له يا أمير المؤمنين‪ :‬فإذا كان‬
‫هذا عندك فما حاجتك إلى النصار في قتال‬

‫‪39‬‬
‫معاوية وغيره‪ ،‬واستنفارك الناس إلى حربه ثانية‬
‫؟ فقال‪) :‬بل عباد مكرمون ل يسبقونه بالقول‬
‫وهم بأمره يعملون( )‪ (2‬إنما أدعو هؤلء القوم‬
‫إلى قتاله لثبوت الحجة‪ ،‬وكمال المحنة‪ ،‬ولو أذن‬
‫لي في إهلكه لما تأخر‪ ،‬لكن الله تعالى يمتحن‬
‫خلقه بما شاء‪ ،‬قالوا فنهضنا من حوله ونحن‬
‫نعظم ما أتى به عليه السلم )‪ .(3‬الحميري عن‬
‫أحمد بن محمد‪ ،‬عن جعفر بن محمد بن عبيد الله‪،‬‬
‫عن عبد الله بن ميمون‪ ،‬عن جعفر بن محمد‪ ،‬عن‬
‫أبيه عن آبائه عليهم السلم‪ ،‬قال مر أمير‬
‫المؤمنين عليه السلم في ناس من أصحابه‬
‫بكربلء فلما مر بها إغرورقت عيناه بالبكاء‪ ،‬ثم‬
‫قال‪ :‬هذا مناخ ركابهم‪ ،‬وهذا ملقى رحالهم‪،‬‬
‫وهاهنا تهراق دماؤهم‪ ،‬طوبى لك من تربة عليها‬
‫تهراق دماء الحبة )‪.(4‬‬

‫‪ - 1‬سورة النمل ‪ - 2 .39 /‬سورة النبياء ‪- 3 .27 /‬‬


‫البحار ‪ .436 - 429 / 35‬باب في أنه عليه‬
‫السلم عنده علم الكتاب‪ .‬سفينة البحار ‪.23 / 1‬‬
‫تفسير الصافي ‪ - 4 .67 / 4‬وقعة صفين ‪.142 /‬‬
‫)*(‬

‫] ‪[ 48‬‬

‫وباسناد عن الصبغ بن نباته‪ ،‬عن عبد الله بن عباس‪،‬‬


‫قال‪ :‬كان رجل على عهد عمر بن الخطاب وله‬
‫فلء )‪ (1‬بناحية اذربيجان قد إستصعبت عليه‬
‫فمنعت جانبها‪ ،‬فشكى إليه ما قدنا له وانه كان‬
‫معاشه منها‪ ،‬فقال له‪ :‬إذهب فاستغث بالله‬
‫عزوجل‪ ،‬فقال الرجل‪ :‬ما زال أدعوا وأبتهل إليه‬
‫وكلما قربت منها حملت علي‪ ،‬قال‪ :‬فكتب له‬
‫رقعة فيها من عمر أمير المؤمنين إلى مردة‬
‫الجن والشياطين أن يذللوا هذه المواشي له‪،‬‬
‫قال‪ :‬فأخذ الرجل الرقعة ومضى فاغتممت لذلك‬
‫غما شديدا‪ ،‬فلقيت أمير المؤمنين عليا عليه‬

‫‪40‬‬
‫السلم فأخبرته بما كان‪ ،‬فقال‪ :‬والذي فلق‬
‫الحبة‪ ،‬وبرأ النسمة ليعودن بالخيبة‪ ،‬فهدأ ما بي‪،‬‬
‫وطالت علي سنتي‪ ،‬وجعلت أرقب كل من جاء‬
‫من أهل الجبال‪ ،‬فإذا أنا بالرجل قد وافي وفي‬
‫جبهته شجة )‪ (2‬تكاد اليد تدخل فيها‪ ،‬فلما رأيته‬
‫بادرت إليه فقلت له‪ :‬ما وراءك ؟ فقال‪ :‬اني‬
‫صرت إلى الموضع ورميت بالرقعة فحمل علي‬
‫عداد منها فهالني أمرها فلم تكن لي قوة بها‪،‬‬
‫فجلست فرمحتني احدها في وجهي فقلت‪:‬‬
‫أللهم إكفنيها‪ ..‬فكلها يشتد علي‪ ،‬ويريد قتلي‪،‬‬
‫فانصرفت عني‪ ،‬فسقطت فجاء أخ لي فحملني‪،‬‬
‫ولست أعقل‪ ،‬فلم أزل أتعالج حتى صلحت‪ ،‬وهذا‬
‫الثر في وجهي فجئت لعلمه يعني عمر‪ .‬فقلت‬
‫له‪ :‬صر إليه فاعلمه فلما صار إليه وعنده نفر‬
‫فأخبره بما كان فزبره‪ ،‬وقال له‪ :‬كذبت لم تذهب‬
‫بكتابي‪ ،‬قال‪ :‬فحلف الرجل بالله الذي ل إله ال‬
‫هو‪ ،‬وحق صاحب هذا القبر لقد فعل ما أمره به‬
‫من حمل الكتاب‪ .‬وأعلمه أنه قد ناله منها ما‬
‫يرى‪ ،‬قال‪ :‬فزبره وأخرجه عنه‪ .‬فمضيت معه إلى‬
‫أمير المؤمنين عليه السلم‪ ،‬فتبسم ثم قال‪ :‬ألم‬
‫أقل لك ؟ ثم أقبل على الرجل فقال له‪ :‬إذا‬
‫انصرفت فصر إلى الموضع الذي هي فيه وقل‪:‬‬
‫اللهم أني أتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة‪ ،‬وأهل‬
‫بيته الذين إخترتهم على علم على العالمين‪،‬‬
‫أللهم فذلل لي‬

‫‪ - 1‬الفل‪ :‬المهر‪ ،‬والفرس ‪ -‬وفي بعض الروايات‪ :‬وله‬


‫مواش‪ - 2 .‬الشجة‪ :‬وهي الكسر في الرأس‬
‫خاصة‪(*) .‬‬

‫] ‪[ 49‬‬

‫صعوبتها‪ ،‬وحزانتها‪ ،‬واكفني شرها‪ ،‬فانك الكافي‪،‬‬


‫المعافي‪ ،‬والغالب القاهر‪ .‬فانصرف الرجل‬
‫راجعا‪ ،‬فلما كان من قابل قدم الرجل ومعه جملة‬

‫‪41‬‬
‫قد حملها من أثمانها إلى أمير المؤمنين عليه‬
‫السلم‪ ،‬فصار إليه وأنا معه‪ ،‬فقال‪ :‬تخبرني أو‬
‫أخبرك ؟ فقال الرجل بل‪ :‬تخبرني يا أمير‬
‫المؤمنين‪ ،‬قال‪ :‬كأنك صرت إليها‪ ،‬فجاءتك‪،‬‬
‫ولذت بك خاضعة ذليلة‪ ،‬فأخذت بنواصيها واحدا‬
‫بعد آخر فقال الرجل‪ :‬صدقت يا أمير المؤمنين‪،‬‬
‫كأنك كنت معي‪ ،‬فهذا كان‪ ،‬فتفضل بقبول ما‬
‫جئتك به‪ .‬فقال‪ :‬امض راشدا بارك الله لك فيه‪.‬‬
‫وبلغ الخبر عمر فغمه ذلك حتى تبين الغم في‬
‫وجهه‪ ،‬وانصرف الرجل وكان يحج كل سنة وقد‬
‫أنمى الله ماله‪ .‬قال‪ ،‬وقال أمير المؤمنين عليه‬
‫السلم‪ :‬كل من إستصعب عليه شئ من ماله أو‬
‫أهله أو ولد أو أمر فرعون من الفراعنة‪ ،‬فليبتهل‬
‫بهذا الدعاء فإنه يكفى مما يخاف إن شاء الله‬
‫تعالى‪ ،‬وبه القوة )‪ .(1‬وروي بإسناد أن أمير‬
‫المؤمنين عليه السلم كان جالسا في مجلسه‬
‫والناس مجتمعون عليه بالمدينة‪ ،‬بعد وفاة رسول‬
‫الله صلى الله عليه وآله‪ ،‬حتى وافى رجل من‬
‫العرب فسلم عليه‪ ،‬وقال‪ :‬أنا رجل لي على‬
‫رسول الله صلى الله عليه وآله وعد‪ ،‬وقد سألت‬
‫عن قاضي دينه‪ ،‬ومنجز وعده‪ ،‬بعد وفاته‬
‫فأرشدت إليك‪ .‬فهل المر كما قيل لي ؟ فقال‬
‫أمير المؤمنين‪ :‬نعم أنا منجز وعده‪ ،‬وقاضي دينه‬
‫من بعده‪ ،‬فما الذي وعدك به ؟ قال‪ :‬مائة ناقة‬
‫حمراء‪ ،‬وقال لي‪ :‬إذا أنا قبضت فأت قاضي‬
‫ديني‪ ،‬وخليفتي من بعدي‪ ،‬فانه يدفعها إليك وما‬
‫كذب صلى الله عليه وآله‪ .‬فإن يكن ما ادعيته‬
‫حقا فعجل علي بها ‪ -‬ولم يكن النبي صلى الله‬
‫عليه وآله خلفها ول بعضها ‪ -‬فأطرق أمير‬
‫المؤمنين عليه السلم مليا‪ ،‬ثم قال يا حسن‪ :‬قم‬
‫فنهض إليه فقال له‪ :‬إذهب فخذ قضيب رسول‬
‫الله صلى الله عليه وآله الفلني‪ ،‬وصر إلى‬
‫البقيع فأقرع به الصخرة الفلنية ثلث قرعات‪،‬‬
‫وانظر ما يخرج منها‬

‫‪42‬‬
‫‪ - 1‬مهج الدعوات ‪(*) .104 /‬‬

‫] ‪[ 50‬‬

‫فادفعه إلى هذا الرجل‪ ،‬وقل له يكتم ما رأى‪ .‬فصار‬


‫الحسن ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬إلى الموضع‪ ،‬والقضيب‬
‫معه‪ ،‬ففعل ما أمره‪ ،‬فطلع من الصخرة رأس‬
‫ناقة بزمامها‪ ،‬فجذبه الحسن ‪ -‬عليه السلم ‪-‬‬
‫فظهرت الناقة‪ ،‬ثم ما زال يتبعها ناقة ثم ناقة‬
‫حتى إنقطع القطار على مائة‪ ،‬ثم إنضمت‬
‫الصخرة فدفع النوق إلى الرجل‪ ،‬وأمره بالكتمان‬
‫لما رأى‪ .‬فقال العرابي‪ :‬صدق رسول الله صلى‬
‫الله عليه وآله‪ ،‬وصدق أبوك عليه السلم‪ ،‬هو‬
‫قاضي دينه‪ ،‬ومنجز وعده‪ ،‬والمام من بعده‪،‬‬
‫رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد‬
‫مجيد )‪ .(1‬وروي أن أمير المؤمنين عليه السلم‬
‫لما أقبل من صفين‪ ،‬مر في زهاء سبعين رجل‬
‫بأرض ليس فيها ماء‪ ،‬فقالوا له‪ :‬يا أمير المؤمنين‬
‫ليس هاهنا ماء‪ ،‬ونحن نخاف العطش‪ ،‬قالوا‪:‬‬
‫فمررنا براهب في ذلك الموضع فسألناه هل‬
‫بقربك ماء فقال‪ :‬ما من ماء دون الفرات‪ ،‬فقلنا‬
‫يا أمير المؤمنين العطش وليس قربنا ماء‪،‬‬
‫فقال‪ :‬إن الله تعالى سيسقيكم‪ ،‬فقام يمشي‬
‫حتى وقف في مكان ودعا بمساح‪ ،‬وأمر بذلك‬
‫المكان‪ ،‬فكنس‪ ،‬فأجلى عن صخرة‪ ،‬فلما انجلى‬
‫عنها‪ ،‬قال‪ :‬إقلبوها مرمناها بكل مرام فلم‬
‫نستطعها فلما أعيتنا دنا منها فأخذ بجانبها فدحا‬
‫)‪ (2‬بها فكأنها كرة‪ ،‬فرمى بها‪ ،‬فانجلت عن ماء‬
‫لم ير أشد بياضا‪ ،‬ول أصفى‪ ،‬ول أعذب منه‪،‬‬
‫فتنادى الناس الماء‪ ،‬فاغترفوا‪ ،‬وسقوا‪ ،‬وشربوا‪،‬‬
‫وجملوا‪ ،‬ثم أخذ عليه السلم الصخرة فردها‬
‫مكانها‪ ،‬ثم تحمل الناس فسار غير بعيد‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫أيكم يعرف مكان هذه العين ؟ فقالوا‪ :‬كلنا يعرف‬
‫مكانها‪ ،‬قال‪ :‬فانطلقوا حتى تنظروا‪ .‬فانطلق‬
‫من شاء الله منا فدرنا حتى أعيينا فلم نقدر على‬
‫شئ فأتينا الراهب‬

‫‪43‬‬
‫‪ - 1‬حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لمير‬
‫المؤمنين عليه السلم‪ :‬أنت قاضي ديني‪ ،‬ومنجز‬
‫عدتي‪ .‬مما أجمعت الئمة على صحته وتوثيقه‬
‫وقد جاءت بأسانيد شتى صحيحة‪ ،‬مسند أحمد بن‬
‫حنبل ‪ ،111 / 1‬بسنده عن علي عليه السلم‪.‬‬
‫الرياض النضرة ‪ .168 / 2‬حلية الولياء ‪/ 10‬‬
‫‪ .211‬كنز العمال ‪ .403 / 6‬مجمع الزوائد ‪/ 9‬‬
‫‪ ،113‬عن جابر بن عبد الله‪ .‬فضائل الخمسة ‪/ 3‬‬
‫‪ - 2 .57‬دحا‪ :‬دفع‪ .‬رمى‪(*) .‬‬

‫] ‪[ 51‬‬

‫فقلنا له ويحك ألست زعمت أنه ليس قبلك ماء‪ ،‬ولقد‬


‫إستثرنا هاهنا ماء‪ ،‬فشربنا واحتملنا‪ ،‬قال‪ :‬فوالله‬
‫ما استثارها إل نبي أو وصي نبي‪ ،‬قلنا‪ :‬فإن فينا‬
‫وصي نبينا عليه السلم‪ ،‬قال‪ :‬فانطلقوا إليه‬
‫فقولوا له‪ :‬ماذا قال له النبي حين حضره‬
‫الموت ؟ قال‪ :‬فأتيناه فقلنا له إن هذا الراهب‬
‫قال‪ :‬كذا‪ ،‬وكذا‪ ،‬قال‪ :‬فقولوا له إن خبرناك‬
‫لتنزلن ولتسلمن‪ ،‬فقلنا له فقال‪ :‬نعم فأتينا أمير‬
‫المؤمنين فقلنا قد حلف ليسلمن‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فانطلقوا فاخبروه أن آخر ما قال النبي‪ ،‬الصلة‪،‬‬
‫الصلة‪ ،‬إن النبي ‪ -‬صلى الله عليه وآله ‪ -‬كان‬
‫واضعا رأسه في حجري فلم يزل يقول‪ :‬الصلة‪،‬‬
‫الصلة‪ ،‬حتى قبض‪ .‬قال فقلنا له ذلك فأسلم )‬
‫‪ .(1‬وفي ذلك يقول السيد بن محمد الحميري من‬
‫قصيدته البائية المعروفة بالمذهبة‪ :‬ولقد سرى‬
‫فيما يسير بليلة * بعد العشاء مغامرا )‪ (2‬في‬
‫موكب حتى أتى متبتل في قائم * ألقى قواعده‬
‫بقاع مجدب )‪ (3‬فدنا فصاح به فأشرف ماثل *‬
‫كالنسر فوق شظية من مرقب )‪ (4‬هل قرب‬
‫قائمك الذي بوأته )‪ * (5‬ماء يصاب فقال‪ :‬ما من‬
‫مشرب إل بغاية فرسخين ومن لنا * بالماء بين‬
‫نقاوقي سبسب )‪ (6‬فثنى العنة نحو وعث )‪(7‬‬
‫فاجتلى * بيضاء تبرق كاللجين المذهب قال‪:‬‬

‫‪44‬‬
‫إقلبوها إنكم إن تفعلوا * ترووا ول تروون إن لم‬
‫تقلب‬

‫‪ - 1‬مجمع الزوائد ‪ 293 / 9‬عن أبي رافع‪ .‬الرشاد ‪/‬‬


‫‪ .176‬أعلم الورى ‪ - 2 .176 /‬في اكثر الروايات‬
‫هكذا‪) :‬بعد العشاء بكربل في موكب(‪- 3 .‬‬
‫المتبتل‪ :‬الراهب‪ .‬القائم‪ :‬الصومعة‪ .‬القاعدة‪:‬‬
‫الساس‪ .‬الجدار‪ .‬الجدب‪ :‬ضد الخصب‪- 4 .‬‬
‫الماثل‪ :‬المنتصب‪ ،‬وشبه الراهب بالنسر لطول‬
‫عمره‪ .‬والشظية‪ :‬قطعة من الجبل‪ .‬المرقب‪:‬‬
‫المكان العالي‪ - 5 .‬بوأ‪ :‬أقام‪ ،‬حل‪ - 6 .‬النقى‪:‬‬
‫قطعة من الرمل‪ ،‬تنقاد محدوبة‪ .‬والقى‪:‬‬
‫الصحراء الواسعة‪ .‬والسبسب القفرة‪- 7 .‬‬
‫الوعث‪ :‬الرمل الذي ل يسلك فيه‪(*) .‬‬

‫] ‪[ 52‬‬

‫فاعصو صبوا في قلعها فتمنعت * منهم تمنع صعبة لم‬


‫تركب )‪ (1‬حتى إذا أعيتهم أهوى لها * كفو متى‬
‫ترد المغالب تغلب فكأنها كرة بكف حزور )‪* (2‬‬
‫عبل الذراع دحابها في ملعب فسقاهم من تحتها‬
‫متسلسل * عذبا يزيد على اللذ العذب حتى إذا‬
‫شربوا جميعا ردها * ومضى فخلت مكانها لم‬
‫يقرب ذاك ابن فاطمة الوصي ومن يقل * في‬
‫فضله وفعاله ل يكذب يعني فاطمة بنت أسد امه‬
‫رضي الله عنها‪ .‬وفي هذه القصيدة يذكر رد‬
‫الشمس على أمير المؤمنين عليه السلم‪ ،‬وسيرد‬
‫ذكره فيما بعد بمشية الله‪ ،‬وذلك قوله‪ :‬ردت عليه‬
‫الشمس لما فاته * وقت الصلة وقد دنت‬
‫للمغرب حتى تبلج نورها في وقتها * للعصر ثم‬
‫هوت هوي الكوكب وعليه قد حبست ببابل مرة *‬
‫اخرى وما حبست لخلق معرب إل لحمد أوله‬
‫ولحبسها * ولردها تأويل أمر معجب )‪ (3‬وحدث‬
‫أبو نعيم الفضل بن دكين‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا محمد بن‬
‫سليمان الصبهاني‪ ،‬قال‪ :‬حدثني يونس‪ ،‬عن أم‬

‫‪45‬‬
‫حكيم بنت عمرو )‪ (4‬قالت‪ :‬خرجت‪ ،‬وأنا أشتهي‬
‫أن أسمع كلم علي بن أبي طالب عليه السلم‪،‬‬
‫فدنوت منه وفي الناس رقة‪ ،‬وهو يخطب على‬
‫المنبر‪ ،‬حتى سمعت كلمه‪ ،‬فقال رجل‪ :‬يا أمير‬
‫المؤمنين إستغفر لخالد بن عرفطة‪ ،‬فإنه قد‬
‫مات بأرض تيماء )‪ (5‬فلم يرد عليه‪ ،‬فقال‪ :‬الثانية‬

‫‪ - 1‬إعصوصب إجتمع‪ ،‬وتعاضد‪ - 2 .‬الحزور‪ :‬الغلم‬


‫المترعرع‪ - 3 .‬أعلم الورى ‪ .177 /‬والقصيدة‬
‫‪ 112‬بيتا شرحها السيد المرتضى علم الهدى‬
‫وطبع بمصر عام ‪ 1313‬وأول القصيدة قوله‪:‬‬
‫هل وقفت على المكان المعشب * بين الطويلع‬
‫فاللوى من كبكب ‪ - 4‬ام حكيم بنت عمرو بن‬
‫سفيان الخولية‪ ...‬كانت من أصحاب أمير‬
‫المؤمنين عليه السلم‪ .‬جامع الرواة ‪.455 / 2‬‬
‫تنقيح المقال ‪ .70 / 3‬رجال الطوسي ‪- 5 .66 /‬‬
‫تيماء‪ :‬بليد في أطراف الشام‪ ،‬بين الشام ووادي‬
‫القرى على طريق حاج الشام ودمشق‪(*) .‬‬

‫] ‪[ 53‬‬

‫فلم يرد عليه‪ ،‬ثم قال‪ :‬الثالثة‪ ،‬فالتفت إليه فقال‪ :‬أيها‬
‫الناعي خالد بن عرفطة كذبت‪ ،‬والله ما مات‪ ،‬ول‬
‫يموت حتى يدخل من هذا الباب‪ ،‬يحمل راية‬
‫ضللة‪ ،‬قالت‪ :‬فرأيت خالد بن عرفطة )‪ (1‬يحمل‬
‫راية معاوية حتى نزل نخيلة وأدخلها من باب‬
‫الفيل )‪ .(2‬وبإسناد عن الصبغ بن نباتة‪ ،‬قال‪:‬‬
‫كنت مع أمير المؤمنين عليه السلم بصفين‬
‫فبايعه تسعة وتسعون رجل ثم قال‪ :‬أين تمام‬
‫المائة ؟ فقد عهد إلي رسول الله صلى الله عليه‬
‫وآله إنه يبايعني في هذا اليوم مائة رجل‪ ،‬فقال‬
‫فجاء رجل عليه قباء صوف متقلد سيفين‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫هلم يدك ابايعك فقال‪ :‬على ما تبايعني ؟ قال‪:‬‬
‫على بذل مهجة نفسي دونك‪ ،‬قال‪ :‬ومن أنت ؟‬

‫‪46‬‬
‫قال‪ :‬اويس القرني فبايعه‪ ،‬فلم يزل يقاتل بين‬
‫يديه حتى قتل فوجد في الرجالة مقتول )‪.(3‬‬

‫‪ - 1‬خالد بن عرفطة بن أبرهة بن سنان الليثي توفي‬


‫بالكوفة سنة ‪ 61 / 60‬إستخلفه سعد بن أبي‬
‫وقاص على الكوفة من قبل معاوية‪ .‬أسد الغابة‬
‫‪ .87 / 2‬الصابة ‪ .409 / 1‬الستيعاب ‪2 .413 / 1‬‬
‫‪ -‬أعلم الورى ‪ 175 /‬وفيه‪ :‬وهذا الخبر‬
‫مستفيض في أهل العلم بالثار من أهل‬
‫الكوفة‪ - 3 .‬سفينة البحار ‪ .53 / 1‬رجال‬
‫الطوسي ‪ .35 /‬اعلم الورى ‪ .170 /‬تأسيس‬
‫الشيعة ‪ .357 /‬جامع الرواة ‪(*) .110 / 1‬‬

‫] ‪[ 54‬‬

‫خبر ميثم التمار رضي الله عنه وبإسناد مرفوع إلى‬


‫إبن ميثم التمار‪ ،‬قال‪ :‬سمعت أبي يقول‪ :‬دعاني‬
‫أمير المؤمنين ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬يوما فقال لي يا‬
‫ميثم كيف أنت إذا دعاك دعي بني امية عبيد الله‬
‫بن زياد إلى البرائة مني ؟ قلت‪ :‬إذا والله أصبر‪،‬‬
‫وذاك في الله قليل‪ ،‬قال‪ :‬يا ميثم إذا تكون معي‬
‫في درجتي‪ .‬وكان ميثم يمر بعريف )‪ (1‬قومه‬
‫فيقول‪ :‬يا فلن كأني بك قد دعاك دعي بني امية‬
‫وابن دعيها فيطلبني منك‪ ،‬فتقول هو بمكة‪،‬‬
‫فيقول‪ :‬ل أدري ما تقول‪ ،‬ول بدلك أن تأتي به‪.‬‬
‫فتخرج إلى القادسية فتقيم بها أياما‪ ،‬فإذا‬
‫قدمت عليك ذهبت بي إليه حتى يقتلني على باب‬
‫دار عمرو بن حريث )‪ ،(2‬فإذا كان اليوم الثالث‬
‫إبتدر من منخري دم عبيط‪ .‬قال‪ :‬وكان ميثم يمر‬
‫في السبخة بنخلة فيضرب بيده عليها‪ ،‬ويقول‪ :‬يا‬
‫نخلة ما غذيت إل لي‪ ،‬وكان يقول لعمرو بن‬
‫حريث‪ :‬إذا جاورتك فأحسن جواري‪ ،‬فكان عمرو‬
‫يرى أنه يشتري عنده دارا أو ضيعة له بجنب‬
‫ضيعته فكان عمرو يقول‪ :‬سأفعل‪ ،‬فأرسل‬
‫الطاغية عبيد الله بن زياد إلى غريف ميثم يطلبه‬

‫‪47‬‬
‫منه فأخبره أنه بمكة فقال له‪ :‬إن لم تأتني به‬
‫لقتلنك فأجله أجل وخرج العريف إلى القادسية‬

‫‪ - 1‬العريف‪ :‬العالم بالشئ‪ .‬من يعرف أصحابه‪ .‬القيم‬


‫بأمر القوم‪ - 2 .‬أبو سعيد عمرو بن حريث بن‬
‫عمرو بن عثمان المخزومي القرشي مات‬
‫بالكوفة سنة ‪ .85‬ولي إمرة الكوفة لزياد ثم‬
‫لبنه عبيد الله‪ .‬الصابة ت ‪ .5810‬أسد الغابة ‪/ 4‬‬
‫‪ .97‬الكامل في التاريخ ‪(*) .249 / 2‬‬

‫] ‪[ 55‬‬

‫ينتظر ميثما‪ ،‬فلما قدم ميثم أخذ بيده فأتى به عبيد‬


‫الله بن زياد‪ ،‬فلما أدخله عليه‪ ،‬قال له‪ :‬ميثم‪،‬‬
‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬إبرأ من أبي تراب‪ .‬قال‪ :‬ل‬
‫أعرف أبا تراب قال‪ :‬إبرأ من علي بن أبي طالب‬
‫قال‪ :‬فان لم أفعل ؟ قال‪ :‬إذا والله أقتلك‪ .‬قال‪:‬‬
‫أما انه قد كان يقال لي إنك ستقتلني‪ ،‬وتصلبني‬
‫على باب عمرو بن حريث‪ ،‬فإذا كان اليوم الثالث‬
‫إبتدر من منخري دم عبيط‪ .‬قال‪ :‬فأمر بصلبه‬
‫على باب عمرو بن حريث‪ ،‬فقال للناس‪ :‬سلوني‪،‬‬
‫سلوني ‪ -‬وهو مصلوب ‪ -‬قبل أن أموت‪ ،‬فوالله‬
‫لحدثنكم ببعض ما يكون من الفتنء فلما سأله‬
‫الناس وحدثهم أتاه رسول من إبن زياد ‪ -‬لعنه‬
‫الله ‪ -‬فألجمه بلجام من شريط‪ ،‬فهو أول من‬
‫ألجم بلجام وهو مصلوب‪ ،‬ثم أنفذ إليه من وجأ‬
‫جوفه حتى مات فكانت هذه من دلئل أمير‬
‫المؤمنين عليه السلم )‪ .(1‬وبإسناد عن‬
‫إسماعيل بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب‬
‫عن أبيه عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب‬
‫عليه السلم‪ ،‬قال‪ :‬أوصاني رسول الله صلى الله‬
‫عليه وآله‪ ،‬فقال يا علي‪ :‬إذا أنا مت فاغسلني‬
‫من بئري مرتين بسبع قرب فإذا فرغت من‬
‫مهادي فضع سمعك على فمي‪ ،‬ثم اعقل ما‬
‫أقول لك‪ ،‬قال‪ :‬ففعلت ما أمرني به صلى الله‬

‫‪48‬‬
‫عليه وآله فحدثني بما هو كائن إلى يوم القيامة‬
‫)‪ .(2‬وبإسناد أن أمير المؤمنين عليه السلم‪ ،‬كان‬
‫يقول‪ :‬ما من رجل من قريش جرت عليه‬
‫المواسي إل وقد نزلت فيه آية أو إثنتان تقوده‬
‫إلى الجنة‪ ،‬أو تسوقه إلى نار‪ ،‬وما من آية نزلت‬
‫في بر أو بحر أو في سهل أو جبل إل وقد‬
‫عرفت حين نزلت‪ ،‬فيم انزلت‪ ،‬ولو ثنيت لي‬
‫وسادة لحكمت بين أهل التوراة بتوراتهم‪ ،‬وبين‬
‫أهل النجيل بإنجيلهم‪ ،‬وبين أهل الزبور‬
‫بزبورهم‪ ،‬وبين أهل القرآن بقرآنهم )‪.(3‬‬

‫‪ - 1‬الرشاد ‪ .171 /‬أعلم الورى ‪ .172 /‬سفينة البحار‬


‫‪ .523 / 2‬غزوات أمير المؤمنين )ع( ‪- 2 .46 /‬‬
‫البحار ‪ .514 / 22‬بصائر الدرجات ‪ .81 /‬رسالة‬
‫في تغسيل النبي صلى الله عليه وآله بسبع‬
‫قرب للشيخ عبد الله بن الحاج صالح بن جمعة‬
‫ه‪ - 3 .‬من الحاديث‬
‫اسماهيجي المتوفى ‪‍ 1135‬‬
‫الثابتة أن أمير المؤمنين عليه السلم أعلم‬
‫الصحابة على الطلق‪ .‬كنز العمال ‪.228 / 1‬‬
‫طبقات ابن سعد ‪ 2‬ق ‪ .101 / 2‬تهذيب التهذيب‬
‫‪ .337 / 7‬الغدير ‪ .95 / 3‬كفاية الطالب ‪207 /‬‬
‫حلية الولياء ‪ .67 / 1‬الستيعاب ‪(*) .463 / 2‬‬

‫] ‪[ 56‬‬

‫خبر رد الشمس وإن كان من الخبار المشهورة روى‬


‫محمد بن الحسين بن سعيد‪ ،‬عن أحمد بن عبد‬
‫الله‪ ،‬عن الحسين ابن المختار‪ ،‬عن أبي بصير عن‬
‫عبد الواحد ابن المختار النصاري‪ ،‬عن أبي‬
‫المقدام الثقفي‪ ،‬قال لي جويرية بن مسهر )‪:(1‬‬
‫قطعنا مع أمير المؤمنين عليه السلم جسر‬
‫الصراة )‪ ،(2‬في وقت العصر‪ ،‬فقال‪ :‬إن هذه‬
‫أرض معذبة ل ينبغي لنبي ول وصي أن يصلي‬
‫فيها‪ ،‬فمن أراد منكم أن يصلي فليصل‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فتفرق الناس يصلون يمنة ويسرة‪ ،‬وقلت أنا‬

‫‪49‬‬
‫لقلدن هذا الرجل ديني‪ ،‬ول اصلي حتى يصلي‪.‬‬
‫قال‪ :‬فسرنا وجعلت الشمس تستقل‪ ،‬قال‪:‬‬
‫وجعل يدخلني من ذلك أمر عظيم‪ ،‬حتى وجبت‬
‫الشمس وقطعت الرض‪ .‬قال‪ ،‬فقال يا جويرية‪:‬‬
‫أذن فقلت تقول لي أذن وقد غابت الشمس ؟‬
‫قال‪ :‬فأذنت‪ ،‬ثم قال لي‪ :‬أقم فأقمت‪ ،‬فلما‬
‫قلت‪ :‬قد قامت الصلة‪ ،‬رأيت شفتيه تتحركان‪،‬‬
‫وسمعت كلما كأنه كلم العبرانية‪ ،‬قال‪ :‬فرجعت‬
‫الشمس حتى صارت في مثل وقتها في العصر‪،‬‬
‫فصلى فلما انصرف هوت إلى مكانها واشتبكت‬
‫النجوم )‪.(3‬‬

‫‪ - 1‬جويرية بن مسهر العبدي الكوفي‪ ...‬من أصحاب‬


‫علي عليه السلم‪ ،‬وكان المام يحبه حبا شديدا‬
‫قال له يوما‪ :‬يا جويرية ليقتلنك العتل الزنيم‪،‬‬
‫وليقطعن يدك ورجلك ثم إنه ليصلبنك‪ ،‬ثم مضى‬
‫دهر حتى ولي زياد بن أبيه في أيام معاوية‬
‫فقطع يده ورجله ثم صلبه‪ .‬تنقيح المقال ‪/ 1‬‬
‫‪ .238‬رجال الطوسي ‪ .37 /‬رجال إبن داود ‪/‬‬
‫‪ .67‬أعيان الشيعة ‪ - 2 .195 / 17‬معجم البلدان‬
‫‪ - 3 .399 / 3‬تنقيح المقال ‪(*) .239 / 1‬‬

‫] ‪[ 57‬‬

‫وفي حديث آخر‪ :‬عن جويرية بن مسهرا أنه قال‪ :‬فلما‬


‫إنقضت صلتنا سمعت الشمس وهي تنحط ولها‬
‫صرير كصرير رحى البزر‪ ،‬حتى غابت وأنارت‬
‫النجوم‪ ،‬قال‪ :‬فقلت‪ :‬أنا أشهد أنك وصي رسول‬
‫الله صلى الله عليه وآله وسلم‪ ،‬فقال يا جويرية‪:‬‬
‫أما سمعت الله يقول‪) :‬فسبح باسم ربك‬
‫العظيم( ؟ فقلت بلى‪ ،‬فقال‪ :‬اني سألت ربي‬
‫باسمه العظيم‪ ،‬فردها علي )‪ .(1‬حدثني أبو‬
‫محمد‪ ،‬هارون بن موسى بن أحمد المعروف‬
‫بالتلعكبري‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا أبو الحسن‪ ،‬محمد بن‬
‫أحمد بن عبيد الله بن أحمد بن عيسى بن‬

‫‪50‬‬
‫المنصور‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا أبو موسى‪ ،‬عيسى بن أحمد‬
‫بن عيسى بن المنصور‪ ،‬قال‪ :‬حدثني أبو محمد‪،‬‬
‫الحسن بن علي‪ ،‬عن أبيه علي بن محمد‪ ،‬عن أبيه‬
‫محمد بن علي‪ ،‬عن أبيه علي بن موسى‪ ،‬عن أبيه‬
‫موسى بن جعفر‪ ،‬عن أبيه جعفر بن محمد‪ ،‬عن‬
‫أبيه محمد بن علي‪ ،‬عن أبيه علي بن الحسين‪،‬‬
‫عن إبيه الحسين بن علي‪ ،‬عليهم السلم‬
‫والصلة‪ ،‬قال‪ :‬حدثني قنبر مولى علي بن أبي‬
‫طالب عليه السلم‪ ،‬قال‪ :‬كنت مع أمير المؤمنين‬
‫عليه السلم على شاطئ الفرات‪ ،‬فنزع قميصه‪،‬‬
‫ونزل إلى الماء فجاءت موجة‪ ،‬فأخذت القميص‪.‬‬
‫فخرج أمير المؤمنين عليه السلم فلم يجد‬
‫القميص فاغتم لذلك‪ ،‬فإذا بهاتف يهتف‪ ،‬يا أبا‬
‫الحسن انظر عن يمينك وخذ ما ترى‪ ،‬فإذا منديل‬
‫عن يمينه‪ ،‬وفيه قميص مطوي‪ ،‬فأخذه ولبسه‬
‫فسقط من جيبه رقعة فيها مكتوب‪ :‬بسم الله‬
‫الرحمن الرحيم‪ ،‬هدية من الله العزيز الحكيم إلى‬
‫علي بن أبي طالب‪ ،‬هذا قميص هارون بن‬
‫عمران‪ ،‬كذلك وأورثناها قوما آخرين )‪.(2‬‬

‫‪ - 1‬جامع الرواة ‪ .169 / 1‬سفينة البحار ‪.57 / 1‬‬


‫وحديث رد الشمس لمير المؤمنين عليه السلم‬
‫من القضايا الثابتة أخرجه جمع من الحفاظ‬
‫الثبات بأسانيد جمة صحح جمع من مهرة الفن‬
‫بعضها‪ ،‬وحكم آخرون بحسن آخر‪ ،‬وشدد جمع‬
‫منهم النكير على من غمز فيه وضعفه‪ ،‬وأفردها‬
‫بالتأليف وجمعوا فيه طرقها وأسانيدها‪ .‬الغدير‬
‫‪ - 2 .126 - 141 / 3‬البحار ‪ 122 / 42‬الطبعة‬
‫الجديدة‪ .‬تنقيح المقال ‪ - 29 / 2‬باب القاف‪.‬‬
‫جامع الرواة ‪(*) .24 / 2‬‬

‫] ‪[ 58‬‬

‫وبإسناد مرفوع إلى عمرو بن المنهال‪ ،‬قال‪ :‬بينا نحن‬


‫ذات يوم جلوسا مع أمير المؤمنين ‪ -‬عليه السلم‬

‫‪51‬‬
‫‪ -‬في رحبة القصر‪ ،‬إذ زلزلت الرض فضربها أمير‬
‫المؤمنين بيده وقال لها‪ :‬ما لك فوالله لو كنت‬
‫هي لنبأتني أخبارك‪ ،‬وإني الذى تحدثه الرض‬
‫بأخبارها أو رجل مني )‪ .(1‬وبإسناد مرفوع إلى‬
‫الصبغ بن نباتة‪ ،‬قال‪ :‬جاء رجل إلى أمير‬
‫المؤمنين عليه السلم‪ ،‬فقال يا أمير المؤمنين‬
‫قد زاد الفرات‪ ،‬والساعة نغرق‪ ،‬قال‪ :‬لن تغرقوا‪،‬‬
‫ثم جاءه آخر فقال يا أمير المؤمنين‪ :‬قد فاض‬
‫الفرات والساعة نغرق‪ ،‬فقال‪ :‬لن تغرقوا‪ ،‬ثم‬
‫دعا ببغلة رسول الله صلى الله عليه وآله فركبها‬
‫وأخذ بيده قضيبا ثم سار حتى إنتهى إلى شاطي‬
‫الفرات‪ ،‬فنزل فضرب الفرات ضربة فنقص‬
‫خمسة اذرع‪ ،‬وقال‪ .‬بعضهم‪ :‬عشرة أشبار )‪.(2‬‬
‫فقال الصبغ سمعت عليا عليه السلم يومئذ‬
‫يقول‪ :‬لو ضربت الفرات ضربة ومشيت ما بقي‬
‫فيه قطرة‪ .‬وبإسناد مرفوع قال‪ ،‬قال إبن الكواء‬
‫لمير المؤمنين‪ :‬أين كنت حيث ذكر الله تعالى‬
‫نبيه وأبا بكر فقال‪) :‬ثاني اثنين إذ هما في الغار‬
‫إذ يقول لصاحبه ل تحزن إن الله معنا( )‪ (3‬؟‬
‫فقال أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬ويلك يا ابن‬
‫الكواء كنت على فراش رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ ،‬وقد طرح علي ريطته )‪ (4‬فأقبلت‬
‫قريش مع كل رجل منهم هراوة فيها شوكها‪،‬‬
‫فلم يبصروا رسول الله حيث خرج‪ ،‬فأقبلوا علي‬
‫يضربونني بما في أيديهم حتى تنفط )‪ (5‬جسدي‬
‫وصار مثل البيض‪ ،‬ثم انطلقوا بي يريدون قتلي‪،‬‬
‫فقال بعضهم‪ :‬ل تقتلوه الليلة ولكن أخروه‬
‫واطلبوا‬

‫‪ - 1‬سفينة البحار ‪ 555 / 1‬وفيه‪ :‬أنها كانت على عهد‬


‫أبي بكر‪ - 2 .‬الرشاد ‪ 348 / 1‬ألباب الثالث‬
‫فصل ‪ 77‬وفيه‪ :‬رواه نقلة الثار واشتهر في‬
‫أهل الكوفة لستفاضته بينهم‪ - 3 .‬سورة‬
‫التوبة ‪ - 4 .40 /‬الريطة‪ :‬كل ثوب يشبه‬

‫‪52‬‬
‫الملحفة‪ - 5 .‬تنفط الجسم‪ .‬قرح أو تجمع فيه‬
‫بين الجلد واللحم ماء بسبب العمل‪(*) .‬‬

‫] ‪[ 59‬‬

‫محمدا‪ ،‬قال‪ :‬فأوثقوني بالحديد وجعلوني في بيت‬


‫واستوثقوا مني‪ ،‬ومن الباب بقفل فبينا أنا كذلك‬
‫إذ سمعت صوتا من جانب البيت يقول‪ :‬يا علي‬
‫فسكن الوجع الذي كنت أجده‪ ،‬وذهب الورم الذي‬
‫كان في جسدي‪ ،‬ثم سمعت صوتا آخر يقول‪ :‬يا‬
‫علي فإذا الحديد الذي في رجلي قد تقطع‪ ،‬ثم‬
‫سمعت صوتا آخر يقول‪ :‬يا علي‪ ،‬فإذا الباب قد‬
‫تساقط ما عليه‪ ،‬وفتح فقمت وخرجت‪ ،‬وقد كانوا‬
‫جاؤا بعجوز كمهاء )‪ (1‬ل تبصر ول تنام تحرس‬
‫الباب فخرجت عليها فإذا هي ل تعقل من النوم‬
‫)‪ .(2‬وبإسناد عن أبان بن تغلب‪ ،‬عن أبي عبد‬
‫الله‪ ،‬جعفر بن محمد عليه السلم‪ ،‬قال‪ :‬لما قبض‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬خاصم أمير‬
‫المؤمنين عليه السلم بعض الصحابة في حق له‬
‫ذهب به‪ ،‬وجرى بينهما فيه كلم فقال له أمير‬
‫المؤمنين عليه السلم‪ :‬بمن ترضى ليكون بيني‬
‫وبينك حكما ؟ قال‪ :‬إختر‪ .‬قال‪ :‬أترضى برسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم بيني وبينك ؟ قال‪:‬‬
‫وأين رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وقد‬
‫دفناه ؟ قال‪ :‬ألست تعرفه إن رأيته ؟ قال‪ :‬نعم‪.‬‬
‫فانطلق به إلى مسجد قباء فإذا هما برسول الله‬
‫صلى الله عليه وآله‪ ،‬فاختصما إليه فقضى لمير‬
‫المؤمنين عليه السلم‪ ،‬فرجع الرجل مصفرا‬
‫لونه‪ ،‬فلقى بعض أصحابه وقال‪ :‬مالك ؟ فأخبره‬
‫الخبر‪ ،‬فقال‪ :‬أما عرفت سحر بني هاشم )‪.(3‬‬

‫‪ - 1‬كمه‪ :‬عمى أو صار أعشى‪ ،‬وبصره إعترته ظلمة‪2 .‬‬


‫‪ -‬البحار ‪ .43 / 36‬الرشاد ومبيت علي عليه‬
‫السلم على فراش النبي صلى الله عليه وآله‬
‫وسلم‪ ،‬من القضايا الثابتة المتسالم عليها لدى‬

‫‪53‬‬
‫الفريقين‪ .‬اسد الغابة ‪ .25 / 4‬نور البصار ‪.77 /‬‬
‫كنوز الحقائق ‪ .31 /‬مستدرك الصحيحين ‪.4 / 3‬‬
‫مسند أحمد ‪ .348 / 1‬مجمع الزوائد ‪.119 / 9‬‬
‫فضائل الخمسة ‪ - 3 .345 / 2‬سفينة البحار ‪/ 1‬‬
‫‪(*) .605‬‬

‫] ‪[ 60‬‬

‫ومن أعلمه عليه السلم عند قتال الخوارج بالنهروان‬


‫وبإسناد مرفوع إلى جندب بن عبد الله البجلي‪،‬‬
‫قال‪ :‬دخلني يوم النهروان شك‪ ،‬فاعتزلت‪ ،‬وذلك‬
‫أني رأيت القوم أصحاب البرانس‪ ،‬وراياتهم‬
‫المصاحف حتى هممت أن أتحول إليهم فبينا أنا‬
‫مقيم متحير إذ أقبل أمير المؤمنين عليه السلم‪،‬‬
‫حتى جلس إلي‪ ،‬فبينا نحن كذلك إذ جاء فارس‬
‫يركض فقال يا أمير المؤمنين‪ :‬ما يقعدك وقد‬
‫عبر القوم ؟ قال‪ :‬أنت رأيتهم ؟ قال‪ :‬نعم‪ .‬قال‪:‬‬
‫والله ما عبروا ول يعبرون أبدا فقلت في‬
‫نفسي‪ :‬ألله أكبر كفى بالمرء شاهدا على نفسه‪،‬‬
‫والله لئن كانوا عبروا لقاتلنه قتال ل ألوى فيه‬
‫جهدا‪ ،‬ولئن لم يعبروا لقاتلن أهل النهروان‬
‫قتال يعلم الله به أني غضبت له‪ .‬ثم لم ألبث أن‬
‫جاء فارس آخر يركض ويلمع بسوطه‪ ،‬فلما‬
‫إنتهى إليه قال‪ :‬يا أمير المؤمنين‪ ،‬ما جئت حتى‬
‫عبروا كلهم‪ ،‬وهذه نواصي خيلهم قد أقبلت‪.‬‬
‫فقال أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬صدق الله‬
‫ورسوله‪ ،‬وكذبت ما عبروا ولن يعبروا‪ ،‬ثم نادى‬
‫في الخيل فركبوا وركب أصحابه وسار نحوهم‪.‬‬
‫وسرت ويدي على قائم سيفي‪ ،‬وأنا أقول‪ :‬أول‬
‫ما أرى فارسا قد طلع منهم أعلو عليا بالسيف‬
‫للذي دخلني من الغيظ عليه‪ .‬فلما انتهى إلى‬
‫النهر إذا القوم كلهم وراء النهر لم يعبر منهم‬
‫أحد‪ ،‬فالتفت إلي ثم وضع يده على صدري‪ ،‬ثم‬
‫قال‪ :‬يا جندب أشككت ؟ كيف رأيت ؟ قلت يا‬
‫أمير المؤمنين‪ :‬أعوذ بالله من الشك‪ ،‬وأعوذ بالله‬
‫من سخط الله‪ ،‬وسخط رسوله‪ ،‬و سخط أمير‬

‫‪54‬‬
‫المؤمنين‪ ،‬قال‪ :‬يا جندب ما أعمل إل بعلم الله‬
‫وعلم رسوله‪ ،‬فأصابت‬

‫] ‪[ 61‬‬

‫جندبا يومئذ إثنتا عشرة ضربة مما ضربه الخوارج )‪.(1‬‬


‫وفي حديث آخر قال‪ :‬لما قتل أمير المؤمنين‬
‫عليه السلم أهل النهروان قال لصحابه‪ :‬اطلبوا‬
‫إلي رجل مخدج اليد‪ ،‬وعلى جانب يده الصحيحة‬
‫ثدي كثدي المرأة إذا مد إمتد‪ ،‬وإذا ترك تقلص‪،‬‬
‫عليه شعرات صهب‪ ،‬وهو صاحب رايتهم يوم‬
‫القيامة‪ ،‬يوردهم النار و بئس الورد المورود‪،‬‬
‫فطلبوه فلم يجدوه فقالوا‪ :‬لم نجده‪ .‬فقال‪:‬‬
‫والذي فلق الحبة‪ ،‬وبرأ النسمة‪ ،‬ونصب الكعبة‪ ،‬ما‬
‫كذبت ول كذبت‪ ،‬وأني لعلى بينة من ربي‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فلما لم يجدوه‪ .‬قام والعرق ينحدر عن جبهته‪،‬‬
‫حتى أتى وهدة من الرض فيها نحو من ثلثين‬
‫قتيل‪ ،‬فقال‪ :‬ارفعوا إلي هؤلء فجعلنا نرفعهم‬
‫حتى رأينا الرجل الذي هذه صفته تحتهم‪،‬‬
‫فاستخرجناه‪ ،‬فوضع أمير المؤمنين رجله على‬
‫ثديه الذي هو كثدي المرأة ثم عركه بالرض ثم‬
‫أخذه بيده وأخذ بيده الخرى يد الرجل الصحيحة‪،‬‬
‫ومدها حتى استويا‪ ،‬ثم التفت إلى رجل جاء إليه‬
‫وهو شاك فقال‪ :‬وهذه لك آية‪ .‬ثم قال‪ :‬إن‬
‫الجانب الخر الذي ليس فيه يد ليس فيه ثدي‬
‫فشقوا عنه جانب قميصه‪ ،‬فإذا له مكان اليد شئ‬
‫مثل غلظ البهام وإذا ليس في ذلك الجانب ثدي‪،‬‬
‫فقال للرجل الشاك‪ :‬وهذه لك آية اخرى )‪.(2‬‬
‫وبإسناده عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر‬
‫عليهما السلم‪ ،‬قال‪ :‬لما قدم عبد الله بن عامر‬
‫بن كريز )‪ (3‬المدينة لقى طلحة والزبير‪ ،‬فقال‬
‫لهما بايعتما علي بن أبي طالب عليه السلم ؟‬
‫فقال‪ :‬أما والله ل يزال ينتظر بها الحبالى من‬
‫بني هاشم‪ ،‬ومتى تصير اليكما‪ ،‬أما والله على‬
‫ذلك ما جئت حتى ضربت على‬

‫‪55‬‬
‫‪ - 1‬الرشاد ‪ ،318 /‬بصورة مفصلة‪ .‬سفينة البحار ‪/ 1‬‬
‫‪ .182‬مجمع الزوائد ‪ 241 / 6‬بسنده عن جندب‬
‫وقال‪ :‬رواه الطبراني‪ - 2 .‬أعلم الورى ‪.171 /‬‬
‫كفاية الطالب ‪ .177 /‬خصائص النسائي ‪.138 /‬‬
‫تاريخ بغداد ‪ .159 / 1‬مجمع الزوائد ‪- 3 .234 / 6‬‬
‫عامر بن كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس‬
‫بن عبد مناف‪ ..‬أسلم يوم الفتح وكان من‬
‫الموالين إلى بني أمية وبقى إلى خلفة عثمان‪.‬‬
‫)*(‬

‫] ‪[ 62‬‬

‫أيدي أربعة آلف من أهل البصرة كلهم يطلبون بدم‬


‫عثمان فدونكما فاستقيل أمركما‪ .‬فأتيا عليا عليه‬
‫السلم فقال له إئذن لنا في العمرة‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫والله إنكما تريدان العمرة وما تريدان نكثا ول‬
‫فراقا لمتكما وعليكما بذلك أشد ما أخذ الله على‬
‫النبيين من ميثاق ؟ قال‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬انطلقا فقد‬
‫أذنت لكما‪ ،‬قال‪ :‬فمشيا ساعة‪ ،‬ثم قال‪ :‬ردوهما‬
‫فأخذ عليهما مثل ذلك‪ ،‬ثم قال‪ :‬إنطلقا فاني قد‬
‫أذنت لكما‪ ،‬فانطلقا حتى أتيا الباب‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫ردوهما الثالثة‪ ،‬ثم قال‪ :‬والله إنكما تريدان‬
‫العمرة وما تريدان نكث بيعتكما‪ ،‬ول فراق‬
‫امتكما‪ ،‬وعليكما بذلك أشد ما أخذ الله على‬
‫النبيين من ميثاق‪ ،‬والله عليكما لذلك راع كفيل‪،‬‬
‫قال‪ :‬اللهم نعم قال‪ :‬أللهم اشهد‪ ،‬اذهبا وانطلقا‪،‬‬
‫والله ل أراكما إل في فئة تقاتلني )‪ .(1‬وعنه‬
‫عليه السلم‪ ،‬قال خطب أمير المومنين عليه‬
‫السلم‪ :‬فقال‪ :‬سلوني قبل أن تفقدوني فو الله‬
‫ل تسألونني عن فتنة يضل فيها مائة ويهتدي‬
‫فيها مائة إل أخبرتكم بسائقها وناعقها إلى يوم‬
‫القيامة حتى فرغ من خطبته )‪ .(2‬قال‪ :‬فوثب‬
‫إليه بعض الحاضرين فقال‪ :‬يا أمير المؤمنين‬
‫أخبرني كم شعرة في لحيتي ؟ فقال‪ :‬أما أنه قد‬
‫أعلمني خليلي رسول الله صلى الله عليه وآله‬
‫إنك تسألني عن هذا‪ ،‬فوالله ما في رأسك شعرة‬

‫‪56‬‬
‫إل وتحتها ملك يلعنك ول في جسدك شعرة إل‬
‫وفيها شيطان يهزك‪ ،‬وإن في بيتك لسخل يقتل‬
‫الحسين ابن رسول الله‪ ،‬قال أبو جعفر عليه‬
‫السلم‪ :‬وعمر بن سعد لعنه الله يومئذ يحبو )‪.(3‬‬

‫‪ - 1‬أعيان الشيعة ‪ 448 / 1‬الطبعة الكبيرة‪ .‬غزوات‬


‫أمير المؤمنين ‪ .54 /‬أعلم الورى ‪- 2 .169 /‬‬
‫الغدير ‪ 193 / 6‬و ‪ 194‬وج ‪ 107 / 7‬و ‪- 3 .108‬‬
‫الرشاد ‪ 331 / 1‬بسنده عن زكريا بن يحيى‬
‫القطان‪ ،‬عن فضل بن الزبير عن أبي الحكم‬
‫قال‪ :‬سمعت مشيختنا وعلماءنا يقولون ‪-‬‬
‫الحديث ‪ -‬أعلم الورى ‪ .186 /‬البحار ‪.256 / 44‬‬
‫شرح ابن أبي الحديد ‪ 253 / 1‬نقل عن كتاب‬
‫الغارات لبي هلل الثقفي‪ .‬كامل الزيارات ‪/‬‬
‫‪(*) .74‬‬

‫] ‪[ 63‬‬

‫ومن دلئله عليه السلم عند موته وبإسناد مرفوع إلى‬


‫الحسن بن أبي الحسن البصري قال‪ :‬سهر علي‬
‫عليه السلم في الليلة التي ضرب في صبيحتها‪،‬‬
‫فقال‪ :‬أني مقتول لو قد أصبحت فجاء مؤذنه‬
‫بالصلة فمشى قليل فقالت إبنته زينب يا أمير‬
‫المؤمنين مر جعدة )‪ (1‬يصلي بالناس فقال‪ :‬ل‬
‫مفر من الجل ثم خرج )‪ .(2‬وفي حديث آخر‬
‫قال‪ :‬جعل عليه السلم يعاود مضجعه فل ينام‪،‬‬
‫ثم يعاود النظر في السماء‪ ،‬ويقول‪ :‬والله ما‬
‫كذبت ول كذبت‪ ،‬وإنها لليلة التي وعدت‪ .‬فلما‬
‫طلع الفجر شد إزاره وهو يقول‪ :‬اشدد حيازيمك‬
‫للموت * فإن الموت لقيكا ول تجزع من الموت *‬
‫وإن حل بواديكا وخرج عليه السلم‪ .‬فلما ضربه‬
‫ابن ملجم ‪ -‬لعنه الله ‪ -‬قال‪ :‬فزت ورب الكعبة‪...‬‬
‫وكان من أمره ما كان صلوات الله عليه )‪.(3‬‬

‫‪57‬‬
‫‪ - 1‬جعدة بن هبيرة إبن اخت أمير المؤمنين وامه ام‬
‫هاني بنت أبي طالب وكان فقيها فارسا شجاعا‬
‫ذا لسان وعارضة قوية‪ - 2 .‬سفينة البحار ‪/ 1‬‬
‫‪ 157‬وفيه‪ :‬قالت ام كلثوم يا أمير المؤمنين مر‬
‫جعدة يصلي بالناس قال‪ :‬نعم مروا جعدة‬
‫فليصل‪ .‬روضة الواعظين ‪ - 3 .135 /‬الصواعق‬
‫المحرقة ‪ .80 /‬روضة الواعظين ‪ .136 /‬نظم‬
‫درر السمطين ‪ .137 /‬فضائل الخمسة ‪.66 / 3‬‬
‫)*(‬

‫] ‪[ 64‬‬

‫وروى عن جعفر بن محمد عليه السلم‪ ،‬انه لما غسل‬


‫أمير المؤمنين عليه السلم‪ ،‬نودوا من جانب‬
‫البيت إن أخذتم مقدم السرير كفيتم مؤخره‪،‬‬
‫وإن أخذتم مؤخره كفيتم مقدمه‪ .‬وأشار عليه‬
‫السلم إلى أن الملئكة قالت ذلك )‪ .(1‬وأنا الن‬
‫مورد بمشية الله‪ ،‬بعد ذكر الدلئل والعلم‪،‬‬
‫خواص أخباره عليه السلم‪ ،‬وفصول من كلمه‪،‬‬
‫ومواعظه‪ ،‬وحكمه‪ ،‬ويسيرا من قضاياه العجيبة‪،‬‬
‫وأجوبته عن المسائل الغريبة على الشرط في‬
‫الختصار والقتصار غير ذاكر شيئا من خطبه‬
‫الطوال‪ ،‬وكتبه إلى ولة العمال‪ ،‬ول شرح‬
‫سيرته في خلفته‪ ،‬وذكر الحداث والحروب في‬
‫أيامه‪ ،‬وفضائله التي إشترك الناس في روايتها‬
‫وهي أظهر من إن يشار إليها‪ ،‬لن جميع ذلك‬
‫قائم بذاته‪ ،‬ومشهور في مواضعه‪ .‬حدثني هارون‬
‫بن موسى‪ ،‬قال‪ :‬حدثني محمد بن يعقوب‪ ،‬عن‬
‫الحسين بن محمد بن يحيى‪ ،‬عن الوليد بن أبان‪،‬‬
‫عن محمد بن عبد الله بن مسكان عن أبيه‪ ،‬قال‪:‬‬
‫قال أبو عبد الله عليه السلم‪ ،‬إن فاطمة بنت‬
‫أسد جاءت إلى أبي طالب عليه السلم تبشره‬
‫بمولد النبي صلى الله عليه وآله‪ ،‬فقال لها أبو‬
‫طالب‪ :‬إصبري سبتا إنك بمثله إل النبوة )‪.(2‬‬
‫قال‪ :‬والسبت ثلثون سنة‪ ،‬وكان بين مولد النبي‪،‬‬
‫وأمير المؤمنين عليهما السلم ثلثون سنة‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫حدثني هارون بن موسى‪ ،‬قال‪ :‬حدثني محمد بن‬
‫يعقوب‪ ،‬عن علي بن محمد بن عبد الله‪ ،‬عن‬
‫السياري عن محمد بن جمهور عن بعض أصحابنا‬
‫عن أبي عبد الله عليه السلم قال‪ :‬إن فاطمة‬
‫بنت أسد عليها السلم ‪ -‬ام أمير المؤمنين ‪ -‬عليه‬
‫السلم ‪ -‬كانت أول إمراة هاجرت إلى رسول الله‬
‫‪ -‬صلى الله عليه ‪ -‬من مكة‬

‫‪ - 1‬روضة الواعظين ‪ - 2 .136 /‬اصول الكافي ‪/ 1‬‬


‫‪ .452‬روضة الواعظين ‪ .81 /‬فاطمة بنت أسد ‪-‬‬
‫خ ‪ .-‬البحار ‪(*) .6 / 35‬‬

‫] ‪[ 65‬‬

‫إلى المدينة على قدميها‪ ،‬وكانت من أبر الناس عند‬


‫رسول الله صلى الله عليه وآله فسمعت رسول‬
‫الله صلى الله عليه وآله يقول‪ :‬ان الناس‬
‫يحشرون يوم القيامة عراة كما ولدوا‪ ،‬فقالت‪:‬‬
‫واسوأتاه‪ .‬فقال لها رسول الله صلى الله عليه‬
‫وآله فأني أسأل الله أن يبعثك كاسية‪ .‬وسمعته‬
‫يذكر ضغطة القبر‪ ،‬فقالت‪ :‬واضعفاه‪ ،‬فقال لها‬
‫رسول الله صلى الله عليه‪ :‬فإني أسأل الله أن‬
‫يكفيك ذلك‪ .‬وقالت لرسول الله‪ ،‬صلى الله عليه‪،‬‬
‫يوما‪ :‬إني أريد أن أعتق جاريتي هذه فقال لها‪:‬‬
‫إن فعلت أعتق الله بكل عضو منها عضوا منك‬
‫من النار‪ ،‬فلما مرضت أوصت إلى رسول الله‬
‫صلى الله عليه وآله‪ ،‬وأعتقت الجارية المقدم‬
‫ذكرها‪ .‬واعتقل لسانها فجعلت تومى إلى رسول‬
‫الله ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬إيماء فقبل عليه السلم‬
‫وصيتها‪ .‬فبينا هو ‪ -‬صلى الله عليه ‪ -‬ذات يوم‬
‫قاعدا إذ أتاه أمير المؤمنين عليه السلم وهو‬
‫يبكي فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله‪:‬‬
‫ما يبكيك ؟ قال إن امي فاطمة قد قضت فقال‬
‫رسول الله ‪ -‬صلى الله عليه وآله ‪ -‬وأمي والله‪.‬‬
‫وقام صلى الله عليه وآله مسرعا‪ ،‬حتى دخل‬

‫‪59‬‬
‫فنظر إليها‪ ،‬وبكى‪ ،‬ثم أمر النساء أن يغسلنها‪.‬‬
‫وقال عليه السلم‪ :‬إذا فرغتن فل تحدثن شيئا‬
‫حتى تعلمنني‪ ،‬فلما فرغن أعلمنه ذلك فأعطاهن‬
‫أحد قميصيه‪ ،‬وهو الذي يلى جسده وأمرهن أن‬
‫يكفنها فيه‪ ،‬وقال للمسلمين‪ :‬إذا رأيتموني قد‬
‫فعلت شيئا لم أفعله قبل ذلك فاسألوني لم‬
‫فعلته ؟ فلما فرغن من تغسيلها‪ ،‬وتكفينها دخل‬
‫‪ -‬صلى الله عليه وآله ‪ -‬فحمل جنازتها حتى‬
‫أوردها قبرها ثم وضعها‪ ،‬ودخل القبر فاضطجع‬
‫فيه‪ ،‬ثم قام فأخذها على يديه حتى وضعها في‬
‫القبر ثم انكب عليها طويل يناجيها‪ ،‬ويقول لها‬
‫إبنك إبنك‪ .‬ثم خرج وسوى عليها التراب‪ ،‬ثم انكب‬
‫على قبرها فسمعوه يقول‪ :‬ل اله ال الله اللهم‬
‫اني أستودعها إياك‪ ،‬ثم إنصرف‪ .‬فقال‬
‫المسلمون يارسول الله إنا رأيناك فعلت أشياء‬
‫لم تفعلها قبل اليوم‪ ،‬فقال‪ :‬اليوم فقدت أبا‬
‫طالب‪ ،‬إن كانت ليكون عندها الشئ فتؤثرني به‬
‫على‬

‫] ‪[ 66‬‬

‫نفسها‪ ،‬وولدها‪ ،‬وإني ذكرت القيامة وأن الناس‬


‫يحشرون عراة‪ ،‬فقالت‪ :‬واسوأتاه فضمنت لها أن‬
‫يبعثها الله كاسية‪ ،‬وذكرت ضغطة القبر‪ ،‬فقالت‪:‬‬
‫واضعفاه فضمنت لها أن يكفيها الله ذلك‪،‬‬
‫فكفنتها بقميصي‪ ،‬واضطجعت في قبرها لذلك‪،‬‬
‫وانكببت عليها فلقنتها ما تسأل عنه‪ ،‬فانها‬
‫سئلت عن ربها فقالت‪ :‬وسئلت عن رسولها‬
‫فأجابت‪ ،‬وسئلت عن وليها وإمامها فأرتج عليها‬
‫فقلت لها‪ :‬إبنك إبنك )‪ .(1‬وروي أن رسول الله ‪-‬‬
‫صلى الله عليه وآله ‪ -‬لما أجمع على المضي إلى‬
‫تبوك ناجى أمير المؤمنين ‪ -‬عليه السلم ‪-‬‬
‫فأطال فقال أبو بكر لعمر‪ :‬لقد أطال مناجاته‬
‫لبن عمه‪ ،‬فقال النبي ‪ -‬صلى الله عليه وآله‬
‫وسلم ‪ -‬ما أنا ناجيته‪ ،‬ولكن الله ناجاه‪ ،‬وفي ذلك‬
‫يقول حسان‪ :‬ويوم الثنية عند الوداع * وأجمع‬

‫‪60‬‬
‫نحو تبوك المضيا تنحى يودعه خاليا * وقد وقف‬
‫المسلمون المطيا فقالوا يناجيه دون النام * بل‬
‫الله أدناه منه نجيا علي فم أحمد يوحى إليه *‬
‫كلما بليغا ووحيا خفيا )‪(2‬‬

‫‪ - 1‬تنقيح المقال ‪ .81 / 3‬اصول الكافي ‪.453 / 1‬‬


‫دعائم السلم ‪ .361 / 2‬مسند الرسول ‪/ 1‬‬
‫‪ - 2 .250‬حلية الولياء ‪ .195 / 7‬كفاية الطالب ‪/‬‬
‫‪ .282‬خصائص النسائي ‪(*) .81 /‬‬

‫] ‪[ 67‬‬

‫في تسميته عليه السلم بأمير المؤمنين في حياة‬


‫رسول الله صلى الله عليه وآله وبإسناد مرفوع‬
‫إلى جندب‪ ،‬عن أمير المؤمنين ‪ -‬صلوات الله‬
‫وسلمه عليه ‪ -‬قال‪ :‬دخلت على رسول الله ‪-‬‬
‫صلى الله عليه وآله وسلم ‪ -‬وعنده أناس قبل أن‬
‫تحتجب النساء فأشار بيده أن اجلس بيني‪ ،‬وبين‬
‫عائشة‪ ،‬فقالت‪ :‬تنح كذا‪ ،‬فقال رسول الله صلى‬
‫الله عليه وآله وسلم‪ :‬ماذا تريدين من أمير‬
‫المؤمنين عليه الصلة والسلم )‪ .(1‬وبإسناد‬
‫مرفوع إلى بريدة السلمي أن رسول الله صلى‬
‫الله عليه وآله وسلم أمر أصحابه أن يسلموا على‬
‫علي عليه الصلة والسلم بإمرة المؤمنين‪ ،‬فقال‬
‫عمر بن الخطاب‪ :‬يارسول الله أمن الله أم من‬
‫رسول الله ؟ فقال صلى الله عليه وآله‪ :‬بل من‬
‫الله ومن رسوله )‪.(2‬‬

‫‪ - 1‬الغدير ‪ .270 / 1‬سفينة البحار ‪ .29 / 1‬البحار ‪/ 37‬‬


‫‪ - 2 .302‬البحار ‪ .304 / 37‬المناقب لبن‬
‫شهراشوب ‪(*) .52 / 3‬‬

‫] ‪[ 68‬‬

‫‪61‬‬
‫* في ذكره أسماء آبائه عليه السلم التي ل يكاد‬
‫يعرفها أكثر الناس روي أن أمير المؤمنين عليه‬
‫السلم‪ ،‬خطب الناس‪ ،‬فقال‪ :‬أيها الناس من‬
‫عرف نسبي وإل فأنا أعرفة نسبي‪ ،‬فقام إليه‬
‫إبن الكواء‪ ،‬فقال‪ :‬أنت علي بن أبي طالب بن‬
‫عبد المطلب بن هاشم‪ ،‬حتى بلغ إلى قصي بن‬
‫كلب قال‪ :‬أو تعرف لي نسبا غير هذا ؟ فقال‪:‬‬
‫ل‪ ،‬فقال‪ :‬إن أبي سماني زيدا باسم قصي فأنا‬
‫زيد بن عبد مناف بن عامر بن عمرو بن المغيرة‬
‫بن زيد بن كلب‪ ،‬وإسم أبي طالب عبد مناف‬
‫وإسم عبد المطلب عامر‪ ،‬قال الشاعر فيه‪:‬‬
‫قامت تبكيه على قبره * من لي من بعدك يا‬
‫عامر تركتني في الدار ذا غربة * قد ذل من ليس‬
‫له ناصر وإسم هاشم عمرو‪ ،‬وفيه يقول الشاعر‪:‬‬
‫عمرو العلى هشم الثريد لقومه * ورجال مكة‬
‫مسنتون عجاف )‪ (1‬وإسم عبد مناف المغيرة‪،‬‬
‫قال الشاعر فيه وفي إخوانه‪ :‬إن المغيرات‬
‫وأبناءهم * من غير أحياء وأموات يعني عبد مناف‬
‫واخوته وسماهم كلهم المغيرات لن فيهم‬
‫المغيرة‪ ،‬ومثل هذا كثير في كلم العرب‪ .‬وإسم‬
‫قصى زيد قال الشاعر )‪:(2‬‬

‫‪ - 1‬البيت لعبد الله بن الزبعري بن قيس السهمي‬


‫القرشي شاعر قريش في الجاهلية مات نحو‬
‫ه كان شديدا على المسلمين‪ .‬الطبقات‬ ‫‪‍ 15‬‬
‫الكبرى ‪ .76 / 1‬الشعر والشعراء ‪- 2 .132 /‬‬
‫البيت من شعر حذافة بن غانم العدوي‪...‬‬
‫الطبقات الكبرى ‪(*) .71 / 1‬‬

‫] ‪[ 69‬‬

‫قصي أبوكم كان يدعى مجمعا * به جمع الله القبائل‬


‫من فهر وأنتم بنو زيد وزيد أبوكم * به زيدت‬
‫البطحاء فخرا على فخر )‪(1‬‬

‫‪62‬‬
‫‪ - 1‬الكامل في التاريخ ‪ .6 / 2‬الطبري ‪ .179 / 2‬ثمار‬
‫القلوب ‪ .89 /‬نهاية الرب ‪ .33 / 16‬تاريخ‬
‫اليعقوبي ‪(*) .201 / 1‬‬

‫] ‪[ 70‬‬

‫قطعة من الخبار المروية في إيجاب ولء أمير‬


‫المؤمنين عليه السلم والصلة‪ ،‬وشئ من أخبار‬
‫زهده في الدنيا وما يجرى هذا المجرى من‬
‫خواص أخباره عليه السلم ما يروى بإسناد عن‬
‫سهل بن كهيل عن أبيه في قول الله عزوجل‪:‬‬
‫)ووصينا النسان بوالديه إحسانا( )‪ (1‬قال‪ :‬أحد‬
‫الوالدين علي بن أبي طالب عليه السلم )‪.(2‬‬
‫وقال أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليهما‬
‫السلم‪ ،‬قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه‪:‬‬
‫لتعطفن علينا الدنيا بعد شماسها عطف‬
‫الضروس على ولدها ثم قرأ‪) :‬ونريد أن نمن‬
‫على الذين استضعفوا في الرض ونجعلهم أئمة‬
‫ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الرض( الية )‬
‫‪ .(3‬ذكروا ان ضرار بن ضمرة الضبابي )‪ (4‬دخل‬
‫على معاوية بن أبي سفيان وهو‬

‫‪ - 1‬سورة الحقاف ‪ - 2 .15 /‬المناقب لبن شهراشوب‬


‫‪ .105 / 3‬في السند سهل كهيل‪ ،‬وأظنه تصحيف‬
‫والصحيح سهل بن حنيف وهو من الذين أنكروا‬
‫على أبي بكر غصبه الخلفة وكان أمير المؤمنين‬
‫)ع( يحبه شديدا‪ ،‬وحنيف بن ريال من الصحابة‬
‫شهد احدا وما بعدها من المشاهد وقتل يوم‬
‫مؤتة‪ - 3 .‬سورة القصص ‪ .5 /‬شرح ابن أبي‬
‫الحديد ‪ .29 / 19‬شرح ابن ميثم ‪- 4 .349 / 5‬‬
‫ضرار بن ضمرة الضبابي‪ ...‬من خلص أصحاب‬
‫علي عليه السلم فصيح المقال طلق اللسان‪.‬‬
‫)*(‬

‫‪63‬‬
‫] ‪[ 71‬‬

‫بالموسم‪ ،‬فقال له‪ :‬صف عليا قال‪ :‬أو تعفني ؟ قال‪:‬‬


‫لبد أن تصفه لي‪ ،‬قال‪ :‬كان والله أمير المؤمنين‬
‫عليه السلم طويل المدى‪ ،‬شديد القوى‪ ،‬كثير‬
‫الفكرة‪ ،‬غزير العبرة‪ ،‬يقول فصل‪ ،‬ويحكم عدل‪،‬‬
‫يتفجر العلم من جوانبه‪ ،‬وتنطلق الحكمة من‬
‫نواحيه‪ ،‬يستوحش من الدنيا وزهرتها‪ ،‬ويأنس‬
‫بالليل ووحشته‪ ،‬وكان فينا كأحدنا يجيبنا إذا‬
‫دعوناه ويعطينا إذا سألناه‪ ،‬ونحن والله مع قربه‬
‫ل نكلمه لهيبته‪ ،‬ولندنو منه تعظيما له‪ ،‬فإن‬
‫تبسم فعن غير أشر ول اختيال‪ ،‬وإن نطق فعن‬
‫الحكمة وفصل الخطاب‪ ،‬يعظم أهل الدين ويحب‬
‫المساكين‪ ،‬ول يطمع الغني في باطله‪ ،‬ول يوئس‬
‫الضعيف من حقه‪ ،‬فأشهد لقد رأيته في بعض‬
‫مواقفه‪ ،‬وقد أرخى الليل سدوله وهو قائم في‬
‫محرابه قابض على لحيته‪ ،‬يتململ تملل السليم‪،‬‬
‫ويبكي بكاء الحزين‪ ،‬ويقول‪ :‬يادنيا‪ ،‬يادنيا‪ ،‬إليك‬
‫عني أبي تعرضت ؟ أم لي تشوقت ؟ ل حان‬
‫حينك‪ ،‬هيهات‪ ،‬غري غيري‪ ،‬ل حاجة لي فيك‪ ،‬قد‬
‫طلقتك ثلثا ل رجعة فيها‪ ،‬فعيشك قصير‪،‬‬
‫وخطرك يسير‪ ،‬وأملك حقير‪ ،‬آه من قلة الزاد‬
‫وطول المجاز‪ ،‬وبعد السفر وعظيم المورد‪ .‬قال‪:‬‬
‫فوكفت دموع معاوية ما يملكها‪ ،‬وهو يقول‪:‬‬
‫هكذا كان علي عليه السلم‪ ،‬فكيف حزنك عليه يا‬
‫ضرار ؟ قال‪ :‬حزني عليه والله حزن من ذبح‬
‫واحدها في حجرها فل ترقأ دمعتها ول تسكن‬
‫حرارتها )‪ .(1‬وبإسناد مرفوع إلى عبد الله بن‬
‫العباس رحمه الله قال‪ :‬نزلت هذه الية في أمير‬
‫المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلم‪) :‬إن‬
‫الذين آمنو وعملوا الصالحات سيجعل لهم‬
‫الرحمن ودا( ‪ 2‬قال‪ :‬محبة في قلوب المؤمنين )‬
‫‪.(3‬‬

‫‪ - 1‬مناقب ابن شهراشوب ‪ .103 / 2‬حلية الولياء ‪/ 1‬‬


‫‪ .84‬الستيعاب ‪ .463 / 2‬الرياض النضرة ‪/ 2‬‬

‫‪64‬‬
‫‪ - 2 .212‬سورة مريم ‪ - 3 .96 /‬الغدير ‪.55 / 2‬‬
‫الرياض النضرة ‪ .207 / 2‬الصواعق المحرقة ‪/‬‬
‫‪ .102‬نور البصار ‪ .101 /‬فضائل الخمسة ‪/ 1‬‬
‫‪ .323‬مجمع الزوائد ‪ 125 / 9‬وقال‪ :‬رواه‬
‫الطبراني في الوسط‪(*) .‬‬

‫] ‪[ 72‬‬

‫حدثني هارون بن موسى‪ ،‬قال‪ :‬حدثني أحمد بن محمد‬


‫بن عمار العجلي الكوفي‪ ،‬قال‪ :‬حدثني عيسى‬
‫الضرير عن أبي الحسن عن أبيه‪ ،‬قال‪ ،‬قال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وآله‪ :‬حين دفع‬
‫الوصية إلى علي‪ ،‬يا علي أعد لهذا جوابا غدا بين‬
‫يدي ذي العرش‪ ،‬فإني محاجك يوم القيامة بكتاب‬
‫الله‪ ،‬حلله وحرامه و محكمه ومتشابهه على ما‬
‫أنزل الله‪ ،‬وعلى تبليغه من أمرتك بتبليغه‪ ،‬وعلى‬
‫فرائض الله كما أنزلت وعلى أحكامه كلها من‬
‫المر بالمعروف والنهي عن المنكر‪ ،‬والتحاض‬
‫عليه وإحيائه مع إقامة حدود الله كلها‪ ،‬وطاعته‬
‫في المور بأسرها‪ ،‬وإقام الصلة لوقاتها‪ ،‬وإيتاء‬
‫الزكاة أهلها‪ ،‬والحج إلى بيت الله‪ ،‬والجهاد في‬
‫سبيله‪ ،‬فما أنت صانع يا علي ؟ قال‪ :‬فقلت بأبي‬
‫وأمي إني أرجو بكرامة الله تعالى‪ ،‬ومنزلتك عنده‬
‫ونعمته عليك‪ ،‬أن يعينني ربي عزوجل‪ ،‬ويثبتني‬
‫فل ألقاك بين يدي الله مقصرا ول متوانيا ول‬
‫مفرطا ول أمعر‪ ،‬وجهك وقاؤه وجهي ووجوه‬
‫آبائي وأمهاتي‪ .‬بل تجدني بأبي وامي مشمرا‬
‫لوصيتك إن شاء الله‪ ،‬وعلى طريقك ما دمت حيا‬
‫حتى أقدم عليك‪ ،‬ثم الول فالول من ولدي غير‬
‫مقصرين ول مفرطين‪ ،‬ثم أغمي عليه صلوات‬
‫الله عليه وآله‪ ،‬قال‪ :‬فانكببت على صدره ووجهه‪،‬‬
‫وأنا أقول واوحشتاه بعدك بأبي أنت وأمي‬
‫ووحشة إبنتك وإبنيك‪ ،‬واطول غماه بعدك يا‬
‫حبيبي‪ ،‬إنقطعت عن منزلي أخبار السماء‪،‬‬
‫وفقدت بعدك جبرئيل فل أحس به‪ ،‬ثم أفاق‬
‫صلى الله عليه وآله‪ .‬حدثني هارون بن موسى‪،‬‬

‫‪65‬‬
‫قال‪ :‬حدثني أحمد بن محمد بن عمار‪ ،‬قال‪:‬‬
‫حدثني أبو موسى الضرير البجلي‪ ،‬عن أبي‬
‫الحسن عليه السلم‪ ،‬قال‪ :‬سألت أبي فقلت له‬
‫ما كان بعد إفاقته صلى الله عليه ؟ قال‪ :‬دخل‬
‫عليه النساء يبكين‪ ،‬وارتفعت الصوات وضج‬
‫الناس بالباب المهاجرون والنصار‪ .‬قال علي‬
‫عليه السلم‪ :‬فبينا أنا كذلك إذ نودي أين علي ؟‬
‫فأقبلت حتى دخلت إليه‪ ،‬فانكببت عليه‪ ،‬فقال‬
‫لي‪ :‬يا أخي فهمك الله وسددك‪ ،‬ووفقك‬

‫] ‪[ 73‬‬

‫وارشدك‪ ،‬واعانك وغفر ذنبك‪ ،‬ورفع ذكرك‪ ،‬ثم قال‪ :‬يا‬


‫أخي إن القوم سيشغلهم عني ما يريدون من‬
‫عرض الدنيا‪ ،‬وهم عليه قادرون‪ ،‬فل يشغلك عني‬
‫ما شغلهم‪ ،‬فإنما مثلك في المة مثل الكعبة‬
‫نصبها الله علما‪ ،‬وإنما تؤتى من كل فج عميق‪،‬‬
‫وناد سحيق‪ ،‬وإنما أنت العلم علم الهدى‪ ،‬ونور‬
‫الدين‪ ،‬وهو نور الله‪ ،‬يا أخي والذي بعثني بالحق‬
‫لقد قدمت إليهم بالوعيد‪ ،‬ولقد اخبرت رجل رجل‬
‫بما افترض الله عليهم من حقك‪ ،‬وألزمهم من‬
‫طاعتك فكل أجاب إليك وسلم المر إليك‪ ،‬وإني‬
‫لعرف خلف قولهم‪ .‬فإذا قبضت‪ ،‬وفرغت من‬
‫جميع ما وصيتك به‪ ،‬وغيبتني في قبري فالزم‬
‫بيتك‪ ،‬واجمع القرآن على تأليفه‪ ،‬والفرائض‬
‫والحكام على تنزيله‪ ،‬ثم امض ذلك على عزائمه‬
‫وعلى ما أمرتك به‪ ،‬وعليك بالصبر على ما ينزل‬
‫بك منهم حتى تقدم علي‪ .‬قال عيسى‪ :‬فسألته‬
‫وقلت‪ :‬جعلت فداك قد أكثر الناس قولهم في أن‬
‫النبي عليه السلم‪ ،‬أمر أبا بكر بالصلة ثم أمر‬
‫عمر‪ ،‬فأطرق عني طويل‪ ،‬ثم قال‪ :‬ليس كما ذكر‬
‫الناس ولكنك يا عيسى كثير البحث عن المور ل‬
‫ترضى إل بكشفها‪ ،‬فقلت‪ :‬بأبي أنت وامي‪ ،‬من‬
‫أسأل عما أنتفع به في ديني‪ ،‬وتهتدي به نفسي‬
‫مخافة أن أضل غيرك ؟ وهل أجد أحدا يكشف لي‬
‫المشكلت مثلك ؟ فقال‪ :‬إن النبي صلى الله‬

‫‪66‬‬
‫عليه وآله لما ثقل في مرضه دعا عليا عليه‬
‫السلم‪ ،‬فوضع رأسه في حجره واغمي عليه‪،‬‬
‫وحضرت الصلة فأذن بها فخرجت عائشة‬
‫فقالت‪ :‬يا عمر اخرج فصل بالناس‪ ،‬فقال لها‪:‬‬
‫أبوك أولى بها مني‪ ،‬فقالت‪ :‬صدقت‪ ،‬ولكنه رجل‬
‫لين‪ ،‬وأكره أن يواثبه القوم‪ ،‬فصل أنت‪ ،‬فقال‬
‫لها‪ :‬بل يصلي هو‪ ،‬وأنا أكفيه إن وثب واثب‪ ،‬أو‬
‫تحرك متحرك‪ ،‬مع أن رسول الله مغمى عليه‪ ،‬ول‬
‫أراه يفيق منها‪ ،‬والرجل مشغول به‪ ،‬ل يقدر أن‬
‫يفارقه ‪ -‬يعني عليا عليه السلم ‪ -‬فبادروا‬
‫بالصلة قبل أن يفيق فإنه إن أفاق خفت أن‬
‫يأمر عليا بالصلة‪ ،‬وقد سمعت مناجاته له منذ‬
‫الليلة‪ ،‬وفي آخر كلمه يقول لعلي عليه السلم‪:‬‬
‫الصلة‪ ،‬الصلة‪.‬‬

‫] ‪[ 74‬‬

‫قال‪ :‬فخرج أبو بكر يصلي بالناس‪ ،‬فظنوا أنه بأمر‬


‫رسول الله صلى الله عليه وآله‪ ،‬فلم يكبر حتى‬
‫أفاق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم‪،‬‬
‫فقال‪ :‬أدعو لي عمي ‪ -‬يعني العباس‪ ،‬رضي الله‬
‫عنه ‪ -‬فدعى له فحمله وعلي عليه السلم‪ ،‬حتى‬
‫أخرجاه فصلى بالناس وإنه لقاعد‪ ،‬ثم حمل‬
‫فوضع على المنبر بعد ذلك فاجتمع لذلك جميع‬
‫أهل المدينة من المهاجرين والنصار حتى برزت‬
‫العواتق من خدورها‪ ،‬فبين باك وصائح‪،‬‬
‫ومسترجع‪ ،‬وواجم‪ ،‬والنبي عليه السلم يخطب‬
‫ساعة‪ ،‬ويسكت ساعة‪ ،‬فكان فيما ذكر من خطبته‬
‫أن قال‪ :‬يا معشر المهاجرين والنصار‪ ،‬ومن‬
‫حضر في يومي هذا‪ ،‬وفي ساعتي هذه من‬
‫النس والجن ليبلغ شاهدكم غائبكم‪ ،‬أل إني قد‬
‫خلفت فيكم كتاب الله فيه النور والهدى‪ ،‬والبيان‬
‫لما فرض الله تبارك وتعالى من شئ حجة الله‬
‫عليكم وحجتي وحجة وليي‪ .‬وخلفت فيكم العلم‬
‫الكبر‪ ،‬علم الدين‪ ،‬ونور الهدى‪ ،‬وضياءه وهو‬
‫علي بن أبي طالب‪ ،‬أل وهو حبل الله فاعتصموا‬

‫‪67‬‬
‫بحبل الله جميعا ول تفرقوا‪ ،‬واذكروا نعمة الله‬
‫عليكم إذ كنتم أعداء فالف بين قلوبكم فاصبحتم‬
‫بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار‬
‫فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم‬
‫تهتدون( )‪ .(1‬أيها الناس هذا علي من أحبه‬
‫وتوله اليوم‪ ،‬وبعد اليوم‪ ،‬فقد أوفى بما عاهد‬
‫عليه الله‪ ،‬ومن عاداه وأبغضه اليوم‪ ،‬وبعد اليوم‬
‫جاء يوم القيامة أصم وأعمى‪ ،‬ل حجة له عند‬
‫الله‪ .‬أيها الناس ل تأتوني غدا بالدنيا تزفونها‬
‫زفا‪ ،‬ويأتي أهل بيتي شعثا غبرا مقهورين‬
‫مظلومين تسيل دماؤهم‪ ،‬إياكم واتباع الضللة‬
‫والشورى للجهالة‪ ،‬أل وإن هذا المر له أصحاب‬
‫قد سماهم الله عزوجل لي وعرفنيهم وأبلغتكم‬
‫ما أرسلت به اليكم ولكني أراكم قوما تجهلون )‬
‫‪.(2‬‬

‫‪ - 1‬سورة آل عمران ‪ - 2 .103 /‬سورة الحقاف ‪.23 /‬‬


‫)*(‬

‫] ‪[ 75‬‬

‫ل ترجعوا بعدي كفارا مرتدين تتاولون الكتاب على غير‬


‫معرفة‪ ،‬وتبتدعون السنة بالهواء‪ ،‬وكل سنة‬
‫وحديث وكلم خالف القرآن فهو زور وباطل‪.‬‬
‫القرآن إمام هاد‪ ،‬وله قائد يهدى به‪ ،‬ويدعو إليه‪،‬‬
‫بالحكمة والموعظة الحسنة‪ ،‬وهو علي بن أبي‬
‫طالب‪ ،‬وهو ولي المر بعدي‪ ،‬ووارث علمي‪،‬‬
‫وحكمتي‪ ،‬و سري‪ ،‬وعلنيتي‪ ،‬وما ورثه النبيون‬
‫قبلي‪ ،‬وأنا وارث ومورث فل تكذبنكم أنفسكم‪.‬‬
‫أيها الناس الله الله في أهل بيتي‪ ،‬وأنهم أركان‬
‫الدين‪ ،‬ومصابيح الظلم‪ ،‬ومعادن العلم‪ .‬علي‬
‫أخي‪ ،‬ووزيري‪ ،‬وأميني والقائم من بعدي بأمر‬
‫الله‪ ،‬والموفي بذمتي‪ ،‬ومحيي سنتي‪ ،‬وهو أول‬
‫الناس إيمانا بي‪ ،‬وآخرهم بي عهدا عند الموت‪،‬‬
‫وأولهم لقاء إلي يوم القيامة‪ ،‬فليبلغ شاهدكم‬

‫‪68‬‬
‫غائبكم‪ .‬أيها الناس من كانت له تبعة فها أناذا‪،‬‬
‫ومن كانت له عدة أو دين فليأت علي بن أبي‬
‫طالب‪ ،‬فأنه ضامن له كله حتى ل يبقى لحد‬
‫قبلي تبعة )‪ * * * .(1‬وحكي أن معاوية بن أبي‬
‫سفيان سأل عبد الله بن العباس رحمة الله‬
‫عليه‪ ،‬عن أمير المؤمنين علي عليه السلم فقال‬
‫إبن عباس‪ :‬هيهات‪ ،‬عقم النساء أن يأتين بمثله‪،‬‬
‫والله ما رأيت رئيسا مجربا يوزن به‪ ،‬ولقد رأيته‬
‫في بعض أيام صفين‪ ،‬وعلى رأسه عمامة بيضاء‬
‫تبرق وقد أرخى طرفيها على صدره وظهره‪،‬‬
‫وكانما عيناه سراجا كسليط‪ ،‬وهو يقف على‬
‫كتيبة كتيبة حتى انتهى إلي وأنا في كنف من‬
‫القوم وهو يقول‪ :‬معاشر المسلمين إستشعروا‬
‫الخشية‪ ،‬وتجلببوا بالسكينة‪ ،‬وعضوا على النواجذ‬
‫)‪ (2‬فإنه أنبى للسيوف عن الهام )‪ (3‬واكملوا‬
‫اللمة )‪ (4‬وقلقلوا السيوف في أغمادها‬

‫‪ - 1‬البحار ‪ .284 - 482 / 22‬الطرف ‪- 2 .34 - 29 /‬‬


‫النواجذ‪ :‬جمع ناجذ وهو أقصى الضراس‪- 3 .‬‬
‫ألهام‪ :‬جمع هامة وهى الرأس‪ - 4 .‬أللمة‪:‬‬
‫الدرع‪(*) .‬‬

‫] ‪[ 76‬‬

‫قبل سلها‪ ،‬والحضوا لخزر )‪ (1‬واطعنوا لشزر )‪(2‬‬


‫ونافحوا بالظبا )‪ (3‬وصلوا السيوف بالخطى‪،‬‬
‫واعلموا أنكم بعين الله‪ ،‬ومع ابن عم رسول الله‬
‫صلى الله عليه وآله‪ ،‬فعاودوا الكرة‪ ،‬واستحيوا‬
‫من الفر‪ ،‬فانه عار من العقاب‪ ،‬ونار يوم‬
‫الحساب‪ ،‬وطيبوا عن أنفسكم نفسا‪ ،‬وامشوا إلى‬
‫الموت مشيا سجحا )‪ ،(4‬وعليكم بهذا السواد‬
‫العظم‪ ،‬والرواق المطنب‪ ،‬فاضربوا ثبجه )‪(5‬‬
‫فان الشيطان كامن في كسره‪ ،‬قد قدم للوثبة‬
‫يدا‪ ،‬وأخر للنكوص رجل‪ ،‬فصمدا صمدا حتى‬
‫ينجلي لكم عمود الحق‪ ،‬وأنتم العلون والله‬

‫‪69‬‬
‫معكم ولن يتركم أعمالكم )‪ (6‬وأنشأ يقول‪ :‬إذا‬
‫المشكلت تصدين لي * كشفت غوامضها بالنظر‬
‫وإن برقت في مخيل الظنون * عمياء ل تجتليها‬
‫الفكر مقنعة بغيوب المور * وضعت عليها حسام‬
‫العبر معي اصمع كظبى المرهفات * افري به‬
‫عن بنات الستر لسان كشقشقة الرحبي * أو‬
‫كالحسام اليماني الذكر ولكنني مدره الصغرين *‬
‫أقيس بما قد مضى ما غبر ولست بامعة في‬
‫الرجال اسا * ئل هذا وذا ما الخبر )الصغران‬
‫القلب واللسان( ثم غاب عني عليه السلم‪ ،‬ثم‬
‫رأيته قد أقبل وسيفه ينطف دما وهو يقرأ‪:‬‬
‫)قاتلوا أئمة الكفر إنهم ل أيمان لهم لعلهم‬
‫ينتهون( )‪ .(7‬وباسناد مرفوع إلى العمش عن‬
‫عطية قال‪ :‬لما خرج عمر بن الخطاب‬

‫‪ - 1‬الخزر‪ :‬النظر وهو علمة الغضب‪ - 2 .‬الشزر‪:‬‬


‫الجوانب يمينا وشمال‪ - 3 .‬نافحوا‪ :‬كافحوا‬
‫وضاربوا‪ ،‬الظبا‪ :‬السيف‪ - 4 .‬السجح‪ :‬السهل‪5 .‬‬
‫‪ -‬الثبج‪ :‬الوسط‪ - 6 .‬سورة محمد ‪- 7 .35 /‬‬
‫سورة التوبة ‪ .12 /‬الغدير ‪ .194 / 6‬شرح إبن‬
‫أبي الحديد ‪ .168 / 5‬مجمع المثال ‪.358 / 2‬‬
‫شرح إبن ميثم ‪(*) .178 / 2‬‬

‫] ‪[ 77‬‬

‫إلى الشام وكان العباس بن عبد المطلب معه يسايره‪،‬‬


‫فكان من يستقبله ينزل فيبدأ بالعباس فيسلم‬
‫عليه يقدر الناس إنه هو الخليفة لجماله وبهائه‪،‬‬
‫وهيبته‪ ،‬فقال عمر‪ :‬لعلك تقدر إنك أحق بهذا‬
‫المر مني ؟ فقال له العباس بن عبد المطلب‪:‬‬
‫أحق به مني ومنك من خلفناه بالمدينة‪ ،‬فقال‬
‫عمر‪ :‬ومن ذاك ؟ قال‪ :‬من ضربنا بسيفه حتى‬
‫قادنا إلى السلم )يعني أمير المؤمنين عليا عليه‬
‫السلم( )‪ .(1‬حدثني أبو محمد هارون بن موسى‪،‬‬
‫قال‪ :‬حدثني أبو الحسن محمد بن أحمد بن عبيد‬

‫‪70‬‬
‫الله بن أحمد بن عيسى بن المنصور‪ ،‬قال‪:‬‬
‫حدثني أبو موسى عيسى بن أحمد بن عيسى بن‬
‫المنصور‪ ،‬قال‪ :‬حدثني الحسن بن علي بن محمد‬
‫ابن علي بن موسى بن جعفر عليهم السلم‪،‬‬
‫قال‪ :‬حدثني أبي علي قال‪ :‬حدثني أبي محمد‬
‫قال‪ :‬حدثني أبي علي‪ ،‬قال‪ :‬حدثني أبي موسى‪،‬‬
‫قال‪ :‬حدثني أبي جعفر‪ ،‬قال‪ :‬حدثني أبي محمد‪،‬‬
‫قال‪ :‬حدثني أبي علي‪ ،‬قال‪ :‬حدثني أبي الحسين‬
‫بن علي‪ ،‬عن أبيه أمير المؤمنين عليهم السلم‪،‬‬
‫والصلة‪ ،‬قال‪ ،‬قال رسول الله صلى الله عليه‬
‫وآله‪ :‬يا علي مثلكم في الناس مثل سفينة نوح‪،‬‬
‫من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق‪ ،‬فمن أحبكم‬
‫يا علي نجا‪ ،‬ومن أبغضكم ورفض محبتكم هوى‬
‫في النار‪ .‬ومثلكم يا علي مثل بيت الله الحرام‪،‬‬
‫من دخله كان آمنا فمن أحبكم و والكم كان آمنا‬
‫من عذاب النار‪ ،‬ومن أبغضكم ألقي في النار يا‬
‫علي )ولله على الناس حج البيت من استطاع‬
‫إليه سبيل( )‪ (2‬ومن كان له عذر فله عذره‪ ،‬ومن‬
‫كان فقيرا فله عذره‪ ،‬ومن كان مريضا فله عذره‪،‬‬
‫وان الله ل يعذر غنيا‪ ،‬ول فقيرا‪ ،‬ول مريضا‪ ،‬ول‬
‫صحيحا‪ ،‬ول أعمى‪ ،‬ول بصيرا في تفريطه في‬
‫موالتكم ومحبتكم )‪.(3‬‬

‫‪ - 1‬فضائل الخمسة ‪ 83 / 2‬و ‪ - 2 .87‬سورة آل عمران‬


‫‪ - 3 .97 /‬مستدرك الصحيحين ‪ .343 / 2‬ذخائر‬
‫العقبى ‪ .20 /‬وقد تواترت أحاديث بهذا الشأن‬
‫بألفاظ شتى‪ ،‬وتعابير مختلفة‪ .‬وأسانيد كثيرة‬
‫تجدها في كتاب فضائل الخمسة ‪ 83 / 2‬و ‪ 87‬و‬
‫‪ 64‬و ‪(*) .66‬‬

‫] ‪[ 78‬‬

‫وبهذا السناد عن أبي محمد مرفوعا إلى الحسن بن‬


‫علي عليهما السلم‪ ،‬قال‪ :‬حدثني أمير المؤمنين‬
‫عليه السلم‪ ،‬قال‪ :‬دعاني رسول الله صلى الله‬

‫‪71‬‬
‫عليه وآله‪ ،‬ودعا الناس في مرضه‪ ،‬فقال‪ :‬من‬
‫يقضي عني ديني وعداتي ويخلفني في أهلي‬
‫وامتي من بعدي ؟ فكف الناس عنه‪ ،‬وانتدبت له‪،‬‬
‫فضمنت ذلك‪ ،‬فدعا لي بناقته العضباء‪ ،‬وبفرسه‬
‫المرتجز‪ ،‬وببغلته‪ ،‬وحماره‪ ،‬وسيفه‪ ،‬وذي الفقار‪،‬‬
‫وبدرعه ذات الفضول‪ ،‬وجميع ما كان يحتاج إليه‬
‫في الحرب‪ ،‬ففقد عصابة كان يشد بها بطنه في‬
‫الحرب‪ ،‬فأمرهم أن يطلبوها ودفع ذلك إلي ثم‬
‫قال‪ :‬يا علي اقبضه في حياتي لئل ينازعك فيه‬
‫أحد بعدي‪ ،‬ثم أمرني فحولته إلى منزلي )‪.(1‬‬
‫وذكر ان بعض عمال أمير المؤمنين عليه السلم‬
‫أنفذ إليه في عرض ما أنفذ من حياته مال الفئ‬
‫قطفا غلظا‪ ،‬وكان عليه السلم يفرق كل شئ‬
‫يحمل إليه من مال الفئ لوقته ول يؤخره‪،‬‬
‫وكانت هذه القطف قد جائته مساء‪ ،‬فأمر بعدها‬
‫و وضعها في الرحبة ليفرقها من الغد‪ ،‬فلما‬
‫أصبح عدها فنقصت واحدة فسأل عنها فقيل له‪:‬‬
‫أن الحسن بن علي عليهما السلم‪ ،‬إستعارها في‬
‫ليلته على أن يردها اليوم‪ ،‬فهرول عليه السلم‬
‫مغضبا إلى منزل الحسن بن علي عليهما السلم‬
‫وهو يهمهم وكان من عادته أن يستأذن على‬
‫منزله إذا جاء‪ .‬فهجم بغير إذن فوجد القطيفة‬
‫في منزله فأخذ بطرفها يجرها وهو يقول‪ :‬النار‬
‫يا أبا محمد‪ ،‬النار النار يا أبا محمد‪ ،‬النار حتى‬
‫خرج بها )‪ .(2‬وذكروا أن بعض العمال أيضا حمل‬
‫إليه في جملة الجباية‪ ،‬حبات من اللؤلؤ فسلمها‬
‫إلى بلل وهو خازنه على بيت المال‪ ،‬إلى أن‬
‫ينضاف إليها غيرها‪،‬‬

‫‪ - 1‬بحار النوار ‪ 456 / 22‬بصورة مفصلة‪ .‬علل‬


‫الشرائع ‪ - 2 .168 / 1 /‬هذا الحديث والذي يليه‬
‫غير صحيح‪ ،‬وأنه من الموضوعات ومن دسائس‬
‫المنحرفين عن أهل البيت عليهم السلم لن‬
‫المامية تعتقد أن الئمة صلوات الله عليهم‬
‫فوق مستوى البشر‪ ،‬وأنهم منزهون عن كل ما‬

‫‪72‬‬
‫يزري بذلك المقام الطافح بالعظمة القدسية‪،‬‬
‫وعلى هذا الساس فما نقرأه في الحديثين‬
‫ينافي تلك العظمة اللهية ويصادم ما تقتضيه‬
‫حقائقهم المقدسة‪ ،‬والغريب أن الشريف‬
‫الرضي سجل الخبرين من دون تعقيب‪(*) .‬‬

‫] ‪[ 79‬‬

‫ويفرقها فدخل يوما إلى منزله فوجد في أذن إحدى‬


‫بناته الصاغر حبة من تلك الحبات‪ ،‬فلما رآها‬
‫إتهمها بالسرقة فقبض على يدها‪ ،‬وقال‪ :‬والله‬
‫لئن وجب عليك حد لقيمن فيك‪ ،‬فقالت يا أمير‬
‫المؤمنين‪ .‬إن بلل أعارنيها ليفرحني بها إلى أن‬
‫تفرق مع أخواتها‪ ،‬فجذبها إلى بلل جذبا عنيفا‬
‫وهو مغضب‪ ،‬فسأله عن صدق قولها فقال‪ :‬هو‬
‫كما ذكرت يا أمير المؤمنين‪ ،‬فقال‪ :‬والله ل وليت‬
‫لي عمار أبدا وخلى يد الجارية‪ .‬والصحيح‪ ،‬أن‬
‫صاحب هذه القصة‪ ،‬كان إبن أبي رافع وهو الذي‬
‫كان على بيت ماله )‪ .(1‬وقال عليه السلم يوما‬
‫على منبر الكوفة‪ :‬من يشتري مني سيفي هذا‪،‬‬
‫ولو ان لي قوت ليلة ما بعته‪ ،‬وغلة صدقته‬
‫تشتمل حينئذ على أربعين ألف دينار في كل سنة‬
‫)‪ .(2‬وأعطته عليه السلم الخادم في بعض‬
‫الليالي قطيفة فانكر دفأها‪ ،‬فقال‪ :‬ما هذه ؟‬
‫فقال الخادم‪ :‬هذه من قطف الصدقة فألقاها‪،‬‬
‫قال عليه السلم‪ :‬اصردتمونا بقية ليلتنا )‪.(3‬‬
‫وقال عليه السلم في يوم وهو يخطب‪ :‬معاشر‬
‫الناس إني تقلدت أمركم هذا‪ ،‬فوالله ما حليت‬
‫منه بقليل ول كثير‪ ،‬إل قارورة من دهن طيب‬
‫أهداها إلي دهقان من بعض النواحي )‪ .(4‬قال‪:‬‬
‫ودهقان بالضم فاستفيدت منه عليه السلم‪.‬‬
‫ولما قبض عليه السلم خطب الناس الحسن بن‬
‫علي عليهما السلم فقال‪:‬‬

‫‪73‬‬
‫‪ - 1‬كيف يتفق هذا الخبر الموضوع مع ثناء أهل البيت‬
‫عليهم السلم على بلل بن رباح‪ ،‬وانه يشفع‬
‫لمؤمني الحبشة وقد إتفق علماؤنا العلم على‬
‫إطرائه وتوثيقه ورسوخ قوة اليمان فيه‪- 2 .‬‬
‫مناقب ابن شهر اشوب ‪ .72 / 2‬نقل عن‬
‫البلذري‪ ،‬وفضائل أحمد‪ - 3 .‬انساب الشراف‬
‫‪ 117 / 2‬ومناقب ابن شهر آشوب ‪- 4 .108 / 2‬‬
‫حلية الولياء ‪ 81 / 1‬بسنده عن ابي عمرو بن‬
‫العلء‪ .‬وج ‪ .53 / 9‬كنز العمال ‪(*) .401 / 6‬‬

‫] ‪[ 80‬‬

‫لقد فارقكم أمس رجل ما سبقه الولون‪ ،‬ول يدركه‬


‫الخرون في حلم ول علم‪ ،‬وما ترك من صفراء‬
‫ول بيضاء‪ ،‬ول دينارا‪ ،‬ول درهما‪ ،‬ول عبدا‪ ،‬ول‬
‫أمة‪ ،‬ال سبعمائة درهم فضلت من عطائه أراد أن‬
‫يبتاع بها خادما لهله‪ ،‬وكان رسول الله صلى الله‬
‫عليه وآله وسلم يعطيه الراية فل يرجع حتى‬
‫يفتح الله عليه )‪ .(1‬وروي عن مولى لبني الشتر‬
‫النخعي قال‪ :‬رأيت أمير المؤمنين عليا عليه‬
‫السلم‪ ،‬وأنا غلم وقد أتى السوق بالكوفة‬
‫فقال‪ :‬لبعض باعة الثياب أتعرفني ؟ قال‪ :‬نعم‬
‫أنت أمير المؤمنين‪ ،‬فتجاوزه وسأل آخر فأجاب‬
‫بمثل ذلك إلى أن سأل واحدا فقال‪ :‬ما أعرفك‬
‫فاشترى منه قميصا فلبسه ثم قال‪) :‬الحمد لله‬
‫الذي كسا علي بن أبي طالب(‪ ،‬وإنما ابتاع عليه‬
‫السلم ممن ل يعرفه خوفا من المحاباة في‬
‫إرخاص ما ابتاعه )‪.(2‬‬

‫‪ - 1‬جمهرة خطب العرب ‪ .7 / 2‬المامة والسياسة ‪/ 1‬‬


‫‪ .127‬العقد الفريد ‪ .6 / 2‬تاريخ الطبري ‪.91 / 6‬‬
‫‪ - 2‬مناقب ابن شهر اشوب ‪(*) .169 / 2‬‬

‫] ‪[ 81‬‬

‫‪74‬‬
‫المنتخب من قضاياه عليه السلم‪ ،‬وجوابات المسائل‬
‫التي سئل عنها بإسناد مرفوع إلى أبي عبد الله‬
‫جعفر بن محمد الصادق عليهما السلم‪ ،‬أن ثورا‬
‫قتل حمارا‪ ،‬على عهد النبي ‪ -‬صلى الله عليه‬
‫وآله وسلم ‪ -‬فرفع ذلك إليه وهو في اناس من‬
‫أصحابه فيهم أبو بكر‪ ،‬وعمر‪ ،‬فقال يا أبا بكر‪،‬‬
‫إقض بينهم‪ .‬فقال‪ :‬يا رسول الله بهيمة قتلت‬
‫بهيمة‪ ،‬ما عليها شئ‪ .‬فقال‪ :‬يا عمر‪ ،‬إقض بينهم‪.‬‬
‫فقال‪ :‬مثل قول أبي بكر‪ .‬فقال‪ :‬يا علي إقض‬
‫بينهم‪ .‬فقال‪ :‬نعم يارسول الله‪ ،‬إن كان الثور‬
‫دخل على الحمار في مستراحه ضمن أصحاب‬
‫الثور‪ ،‬وإن كان الحمار دخل على الثور في‬
‫مستراحه فل ضمان عليهم )‪ .(1‬قال‪ :‬فرفع‬
‫رسول الله صلى الله عليه وآله يده إلى السماء‬
‫وقال‪ :‬الحمد لله الذي جعل مني من يقضي‬
‫بقضاء النبيينى )‪ .(2‬وعنه ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬قال‪:‬‬
‫قضى أمير المؤمنين ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬بقضية ما‬
‫قضى بها أحد كان قبله‪ ،‬وكانت أول قضية قضى‬
‫بها بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم‪،‬‬
‫وذلك أنه لما قبض رسول الله صلى الله عليه‬
‫وآله وسلم‪ ،‬وأفضى المر إلى أبي بكر‪ ،‬أتى‬
‫برجل قد شرب الخمر‪ ،‬فقال له أبو بكر‪ :‬أشربت‬
‫الخمر ؟ قال‪ :‬نعم قال ولم شربتها ؟ وهي‬
‫محرمة‪ ،‬قال‪ :‬اني أسلمت‪ ،‬ومنزلي بين ظهراني‬
‫قوم‬

‫‪ - 1‬مناقب إبن شهرآشوب ‪ - 2 .169 / 2‬مناقب إبن‬


‫شهراشوب ‪ 354 / 2‬بسنده إلى مصعب بن‬
‫سلم بلفظ آخر‪ .‬نور البصار ‪ .71 /‬الصواعق‬
‫المحرقة ‪ .73 /‬فضائل الخمسة ‪(*) .303 / 2‬‬

‫] ‪[ 82‬‬

‫يشربون الخمر ويستحلونها‪ ،‬ولم أعلم أنها حرام‪،‬‬


‫فأجتنبها‪ .‬قال‪ :‬فالتفت أبو بكر إلى عمر فقال‪:‬‬

‫‪75‬‬
‫ما تقول يا أبا حفص في أمر هذا الرجل ؟ فقال‪:‬‬
‫معضلة وأبو حسن لها‪ .‬فقال أبو بكر‪ :‬يا غلم ادع‬
‫عليا‪ ،‬فقال عمر‪ :‬بل يؤتى الحكم في بيته‪ ،‬فأتوه‬
‫وعنده سلمان‪ ،‬فأخبروه بقصة الرجل واقتص‬
‫عليه الرجل قصته‪ ،‬فقال علي عليه السلم‪ :‬لبي‬
‫بكر‪ :‬ابعث معه من يدور به على مجالس‬
‫المهاجرين والنصار‪ ،‬فمن كان تل عليه آية‬
‫التحريم فليشهد عليه‪ ،‬وإن لم يكن أحد تل عليه‬
‫آية التحريم فل شئ عليه‪ .‬قال‪ :‬ففعل أبو بكر‬
‫بالرجل ما قاله عليه السلم‪ ،‬فلم يشهد عليه أحد‬
‫فخلى سبيله‪ ،‬فقال سلمان لعلي عليه السلم‪:‬‬
‫لقد أرشدتهم‪ ،‬فقال عليه السلم‪ :‬إنما أردت أن‬
‫أجدد تأكيد هذه الية في وفيهم‪) :‬افمن يهدى‬
‫إلى الحق احق أن يتبع ام من ل يهدي إل ان‬
‫يهدى فمالكم كيف تحكمون( )‪ .(1‬أبو أيوب‬
‫المدني‪ ،‬عن محمد بن أبي عمير‪ ،‬عن عمر بن‬
‫يزيد‪ ،‬عن أبي المعلى‪ ،‬عن أبي عبد الله عليه‬
‫السلم‪ ،‬قال‪ :‬أتى عمر بإمراة قد تعلقت برجل‬
‫من النصار‪ ،‬وكانت تهواه ولم تقدر له على‬
‫حيلة‪ ،‬فذهبت فأخذت بيضة فأخرجت منها‬
‫الصفرة وصبت البياض على ثيابها وبين فخذيها‪،‬‬
‫ثم جاءت إلى عمر فقالت يا أمير المؤمنين‪ :‬إن‬
‫هذا الرجل أخذني في موضع كذا ففضحني‪،‬‬
‫قال‪ :‬فهم عمر أن يعاقب النصاري‪ ،‬وعلي عليه‬
‫السلم ‪ -‬جالس‪ ،‬فجعل النصاري يحلف ويقول‪:‬‬
‫يا أمير المؤمنين تثبت في أمري‪ .‬فلما أكثر من‬
‫هذا القول‪ ،‬قال عمر‪ :‬يا أبا الحسن ما ترى فنظر‬
‫علي عليه السلم إلى بياض على ثوب المرأة‬
‫وبين فخذيها فاتهمها أن تكون إحتالت لذلك‪.‬‬
‫فقال‪ :‬آتوني بماء حار قد اغلي غليا شديدا‪،‬‬
‫ففعلوا فلما أتي بالماء أمرهم فصبوه على‬
‫موضع البياض فاشتوى ذلك البياض فأخذه عليه‬
‫السلم‪ ،‬فألقاه إلى‬

‫‪76‬‬
‫‪ - 1‬سورة يونس ‪ .35 /‬إبن شهراشوب ‪.356 / 2‬‬
‫الرشاد ‪(*) .190 / 1‬‬

‫] ‪[ 83‬‬

‫فيه فلما عرف الطعم ألقاه من فيه‪ ،‬ثم أقبل على‬


‫المرأة فسألها حتى أقرت بذلك‪ ،‬ودفع الله عن‬
‫النصاري عقوبة عمر بأمير المؤمنين علي بن‬
‫أبي طالب عليه السلم )‪ .(1‬وبإسناد مرفوع إلى‬
‫عاصم بن ضمرة السلولي‪ ،‬قال‪ :‬سمعت غلما‬
‫بالمدينة على عهد عمر بن الخطاب‪ ،‬وهو يقول‪:‬‬
‫يا أحكم الحاكمين أحكم بيني‪ ،‬وبين امي‪ ،‬فقال‬
‫له عمر‪ :‬يا غلم لم تدعو على أمك ؟ فقال‪ :‬يا‬
‫أمير المؤمنين إنها حملتني في بطنها تسعا‪،‬‬
‫وأرضعتني حولين فلما ترعرعت‪ ،‬وعرفت الخير‬
‫من الشر ويميني من شمالي طردتني وانتفت‬
‫مني وزعمت أنها ل تعرفني‪ .‬فقال عمر أين‬
‫تكون المرأة ؟ قال‪ :‬في سقيفة بني فلن‪ .‬فقال‬
‫عمر علي بأم الغلم‪ ،‬قال‪ :‬فأتوا بها مع أربعة‬
‫إخوة لها في قسامة يشهدون لها انها ل تعرف‬
‫الصبي‪ ،‬وان هذا الغلم غلم مدع ظلوم غشوم‪،‬‬
‫يريد أن يفضحها في عشيرتها و أن هذه الجارية‬
‫من قريش‪ ،‬لم تتزوج قط‪ ،‬وأنها بخاتم ربها‪،‬‬
‫فقال عمر‪ :‬يا غلم ما تقول ؟ فقال‪ :‬يا أمير‬
‫المؤمنين‪ ،‬هذه والله امي‪ ،‬حملتني تسعا‪،‬‬
‫وأرضعتني حولين‪ ،‬فلما ترعرعت‪ ،‬وعرفت الخير‬
‫والشر ويميني من شمالي‪ ،‬طردتني وانتفت‬
‫مني و زعمت أنها ل تعرفني‪ .‬فقال عمر‪ :‬يا هذه‬
‫ما يقول الغلم ؟ قالت يا أمير المؤمنين و الذي‬
‫احتجب بالنور ول عين تراه وحق محمد وما ولد‪،‬‬
‫ما أعرفه ول أدري اي الناس هو‪ ،‬وإنه غلم مدع‬
‫يريد أن يفضحني في عشيرتي‪ ،‬وأنا جارية من‬
‫قريش لم أتزوج قط‪ ،‬واني بخاتم ربي‪ .‬فقال‬
‫عمر‪ :‬ألك شهود ؟ فقالت‪ :‬نعم هؤلء‪ ،‬فتقدم‬
‫القسامة فشهدوا أن هذا الغلم مدع يريد أن‬
‫يفضحها في عشيرتها‪ ،‬وأن هذه جارية من‬

‫‪77‬‬
‫قريش لم تتزوج قط‪ ،‬وأنها بخاتم ربها‪ ،‬فقال‬
‫عمر‪ :‬خذوا بيد الغلم فانطلقوا به إلى السجن‬
‫حتى نسأل عن الشهود‪ ،‬فإن عدلت شهادتهم‬
‫جلدته حد المفتري‪ ،‬فأخذ بيد الغلم لينطلق به‬
‫الي السجن‪ ،‬فتلقاهم أمير المؤمنين علي بن‬
‫أبي طالب عليه السلم‪ ،‬في‬

‫‪ - 1‬الغدير ‪ .126 / 6‬ابن شهراشوب ‪ .367 / 2‬الرشاد‬


‫‪(*) .210 / 1‬‬

‫] ‪[ 84‬‬

‫بعض الطريق‪ ،‬فنادى الغلم‪ :‬يا ابن عم رسول الله اني‬


‫غلم مظلوم‪ ،‬وأعاد عليه الكلم الذي كلم به‬
‫عمر‪ ،‬ثم قال‪ :‬وهذا عمر قد أمر بي إلى الحبس‪.‬‬
‫فقال علي عليه السلم‪ :‬ردوه فلما ردوه قال‬
‫لهم عمر‪ :‬أمرت به إلى السجن فرددتموه إلي‪،‬‬
‫فقالوا يا أمير المؤمنين‪ :‬أمرنا علي بن أبي‬
‫طالب برده إليك‪ ،‬و سمعناك تقول ل تعصوا لعلي‬
‫أمرا‪ ،‬فبيناهم كذلك إذ أقبل أمير المؤمنين عليه‬
‫السلم‪ ،‬فقال‪ :‬علي بام الغلم فأتوا بها‪ ،‬فقال‬
‫عليه السلم‪ :‬يا غلم ما تقول ؟ فأعاد عليه‬
‫الكلم‪ ،‬فقال عليه السلم لعمر‪ :‬أتأذن لي في أن‬
‫اقضي بينهما ؟ فقال عمر‪ :‬يا سبحان الله وكيف‬
‫ل‪ ،‬وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله‬
‫وسلم يقول‪ :‬أعلمكم علي بن أبي طالب عليه‬
‫السلم )‪ .(1‬فقال عليه السلم للمرأة‪ :‬يا هذه‬
‫ألك شهود ؟ قالت‪ :‬نعم فتقدم القسامة فشهدوا‬
‫بالشهادة الولى‪ ،‬فقال أمير المؤمنين عليه‬
‫السلم‪ :‬والله لقضين بينكم اليوم بقضية هي‬
‫مرضاة الرب من فوق عرشه‪ ،‬علمنيها رسول‬
‫الله صلى الله عليه و آله‪ ،‬ثم قال لها‪ :‬ألك ولي ؟‬
‫فقالت‪ :‬نعم هؤلء إخوتي‪ ،‬فقال لخوتها‪ :‬أمري‬
‫فيكم وفيها جائز ؟ قالوا‪ :‬نعم يا ابن عم رسول‬
‫الله‪ ،‬أمركم فينا وفى اختنا جائز‪ ،‬فقال أمير‬

‫‪78‬‬
‫المؤمنين عليه السلم‪ :‬اشهد الله واشهد أمير‬
‫المؤمنين )يعني عمر( وأشهد من حضر من‬
‫المسلمين أني قد زوجت هذه المرأة من هذا‬
‫الغلم على أربع مائة درهم‪ ،‬والمهر من مالي‪ .‬يا‬
‫قنبر علي بالدارهم‪ ،‬فأتاه قنبر بها‪ ،‬فصبها في‬
‫يد الغلم‪ ،‬ثم قال‪ :‬خذها فصبها في حجر إمرأتك‪،‬‬
‫ول تأتنا ال وبك أثر العرس )يعنى الغسل(‪ ،‬فقام‬
‫الغلم فصب الدراهم في حجر المرأة ثم تلببها‬
‫فقال لها‪ :‬قومي فنادت المرأة‪ ،‬النار النار‪ ،‬يا‬
‫ابن عم رسول الله‪ ،‬تريد أن تزوجني من ولدي‬
‫هذا‪ ،‬والله ولدي زوجني إخوتي هجينا فولدت منه‬
‫هذا الغلم‪ ،‬فلما ترعرع وشب أمروني أن أنتفي‬
‫منه‪ ،‬وأطرده و‬

‫‪ 1 -‬قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم‪ :‬أعلم‬


‫أمتي من بعدي علي بن أبي طالب‪ .‬الغدير ‪/ 3‬‬
‫‪ .96‬كنز العمال ‪ .153 / 6‬مناقب الخوارزمي ‪/‬‬
‫‪ .49‬مقتل الخوارزمي ‪(*) .43 / 1‬‬

‫] ‪[ 85‬‬

‫هذا والله إبني‪ ،‬وفؤادي يتحرق أسفا على ولدي‪ ،‬قال‪:‬‬


‫ثم أخذت بيد الغلم وانطلقت ونادى عمر‪:‬‬
‫واعمراه لول علي لهلك عمر )‪ * * * .(1‬وبإسناد‬
‫مرفوع قال‪ :‬بينا رجلن جالسان في دهر عمر بن‬
‫الخطاب إذ مر بهما رجل مقيد‪ ،‬وكان عبدا‪ ،‬فقال‬
‫أحدهما‪ :‬إن لم يكن في قيده كذا وكذا فامرأته‬
‫طالق ثلثا‪ ،‬فقال الخر إن كان فيه كما قلت‬
‫فامرأته طالق ثلثا‪ ،‬قال‪ :‬فذهبا إلى مولى العبد‬
‫فقال‪ :‬إنا قد حلفنا على كذا وكذا فحل قيد‬
‫غلمك حتى نزنه‪ ،‬فقال مولى الغلم‪ :‬إمرأته‬
‫طالق إن حللت قيد غلمي‪ ،‬قال فارتفعوا إلى‬
‫عمر فقصوا عليه القصة‪ ،‬فقال موله أحق به‬
‫إذهبوا فاعتزلوا نساءكم‪ ،‬فقالوا إذهبوا بنا إلى‬
‫علي بن أبي طالب عليه السلم‪ ،‬لعله أن يكون‬

‫‪79‬‬
‫عنده في هذا شئ فأتوه عليه السلم فقصوا‬
‫عليه القصة‪ ،‬فقال ما أهون هذا ثم دعا بجفنة‬
‫وأمر بقيد الغلم فشد فيه خيط وأدخل رجليه‬
‫والقيد في الجفنة‪ ،‬ثم صب الماء عليه حتى‬
‫إمتلت ثم قال‪ :‬ارفعوا القيد فرفع القيد حتى‬
‫أخرج من الماء ثم دعا بزبر الحديد فأرسلها في‬
‫الماء حتى تراجع الماء إلى موضعه حين كان‬
‫القيد فيه ثم قال‪ :‬زنوا هذا الحديد فإنه وزنه )‬
‫‪ .(2‬وروي ان أمير المؤمنين عليه السلم‪ ،‬كان‬
‫إذا قطع اليد قطع أربع أصابع و ترك الكف‪،‬‬
‫والراحة‪ ،‬والبهام‪ ،‬وإذا أراد قطع الرجل قطعها‬
‫من الكعب وترك العقب‪ ،‬فقيل له‪ :‬لم هذا يا أمير‬
‫المؤمنين ؟ قال‪ :‬اني لكره أن تدركه التوبة‬
‫فيحتج علي عند الله إني لم أدع له من كرائم‬
‫بدنه ما يركع به ويسجد )‪.(3‬‬

‫‪ - 1‬هذا الحديث واضرابه من القضايا التي اجمعت‬


‫العامة والخاصة على صحته‪ ،‬وجاء في كتب‬
‫الفريقين مما يثبت جهل عمر وقصوره في‬
‫العلم إلى جانب اعترافه وتصريحه بفضل سيدنا‬
‫امير المؤمنين عليه السلم‪ .‬الغدير ‪.104 / 6‬‬
‫مناقب ابن شهراشوب ‪ .361 / 2‬البحار ‪487 / 9‬‬
‫الطبعة القديمة‪ - 2 .‬الغدير ‪.323 - 38 / 6‬‬
‫قضاوتهاى امير المؤمنين )ع( ‪ - 3 .59 /‬المصدر‬
‫السابق‪(*) .‬‬

‫] ‪[ 86‬‬

‫وروي عن أبي عبد الله عليه السلم أنه قال‪ :‬ادعى‬


‫على عهد أمير المؤمنين عليه السلم رجلن كل‬
‫واحد على صاحبه أنه مملوكه‪ ،‬ولم يكن لهما‬
‫بينة‪ ،‬فبنى لهما بيتا وجعل كوتين قريبة إحداهما‬
‫من الخرى‪ ،‬وأدخلهما البيت وأخرج رأسيهما من‬
‫الكوتين‪ ،‬وقال لقنبر‪ :‬قم عليهما بالسيف فإذا‬
‫قلت لك إضرب عنق المملوك فافزعهما ول‬

‫‪80‬‬
‫تضربن أحدا منهما‪ ،‬ثم قال له‪ :‬إضرب عنق‬
‫المملوك فهز قنبر السيف فأدخل أحدهما رأسه‬
‫وبقى رأس الخر خارجا من الكوة فدفع الذي‬
‫أدخل رأسه إلى صاحبه‪ ،‬وقال له‪ :‬إذهب فانه‬
‫مملوكك )‪ .(1‬وعنه عليه السلم قال‪ :‬كان صبيان‬
‫في زمن علي عليه السلم يلعبون بأحجار لهم‪،‬‬
‫فرمى أحدهم بحجره فأصاب رباعية صاحبه‪،‬‬
‫فرفع ذلك إلى أمير المؤمنين عليه السلم‪،‬‬
‫فأقام الرامي البينة أنه قال‪ :‬حذار حذار‪ ،‬فدرأ‬
‫عنه القصاص ثم قال عليه السلم‪ :‬قد أعذر من‬
‫حذر )‪ .(2‬وفي خبر مرفوع قال‪ ،‬لما رفع أمير‬
‫المؤمنين عليه السلم يده من غسل رسول الله‬
‫صلى الله عليه وآله أتته أنباء السقيفة‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫ما قالت النصار ؟ قالوا قالت‪ :‬منا أمير ومنكم‬
‫أمير‪ ،‬قال عليه السلم‪ :‬فهل احتججتم عليهم بأن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وآله وصى بأن يحسن‬
‫إلى محسنهم‪ ،‬ويتجاوز عن مسيئهم‪ ،‬قالوا‪ :‬وما‬
‫في هذا من حجة عليهم ؟ فقال عليه السلم‪ :‬لو‬
‫كانت المارة فيهم لم تكن الوصية بهم‪ ،‬ثم قال‬
‫عليه السلم‪ :‬فماذا قالت قريش ؟ قالوا‪ :‬احتجت‬
‫بأنها شجرة الرسول صلى الله عليه وآله‪ ،‬فقال‬
‫عليه السلم‪ :‬إحتجوا بالشجرة وأضاعوا الثمرة )‬
‫‪.(3‬‬

‫‪ - 1‬نفس المصدر‪ - 2 .‬شرح محمد عبده ‪- 3 .164 / 3‬‬


‫شرح ابن ميثم البحراني ‪ .184 / 2‬شرح ابن ابي‬
‫الحديد ‪(*) .3 / 6‬‬

‫] ‪[ 87‬‬

‫من جوابات المسائل التي سئل عليه السلم عنها‬


‫بإسناد مرفوع إلى الصبغ بن نباته قال‪ :‬أتى إبن‬
‫الكواء أمير المؤمنين عليه السلم‪ ،‬وكان معنتا‬
‫في المسائل فقال له‪ :‬يا أمير المؤمنين خبرني‬
‫عن الله عزوجل‪ ،‬هل كلم أحدا من ولد آدم قبل‬

‫‪81‬‬
‫موسى ؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلم قد‬
‫كلم الله جميع خلقه برهم وفاجرهم‪ ،‬وردوا عليه‬
‫الجواب‪ ،‬قال‪ :‬فثقل ذلك على إبن الكواء ولم‬
‫يعرفه فقال‪ :‬وكيف كان ذلك ؟ فقال‪ :‬أوما تقرأ‬
‫كتاب الله تعالى إذ يقول لنبيه عليه السلم‪:‬‬
‫)وإذا أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم‬
‫وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى(‬
‫)‪ (1‬فقد أسمعهم كلمه وردوا عليه الجواب كما‬
‫تسمع في قول الله يا ابن الكواء‪ ،‬قالوا بلى‪،‬‬
‫وقال لهم‪) :‬إني أنا الله ل إله ال أنا وأنا الرحمن‬
‫الرحيم( فأقروا له بالطاعة والربوبية‪ ،‬وميز‬
‫الرسل والنبياء والوصياء‪ ،‬وأمر الخلق بطاعتهم‬
‫فأقروا بذلك في الميثاق و أشهدهم على‬
‫أنفسهم‪ ،‬وأشهد الملئكة عليهم أن تقولوا يوم‬
‫القيامة إنا كنا عن هذه غافلين )‪ .(2‬قال السيد‬
‫الرضي أبو الحسن‪ :‬ولهذه الية تأويل ليس هذا‬
‫الموضع كشف جليته وبيان حقيقته‪ .‬وسأله عليه‬
‫السلم رجل من اليهود‪ ،‬فقال‪ :‬أين كان الله‬
‫تعالى من قبل أن‬

‫‪ - 1‬سورة العراف ‪ - 2 .172 /‬مجمع البيان ‪.497 / 1‬‬


‫تفسير الدر المنثور ‪ .142 / 3‬تفسير الطبري‬
‫‪(*) .114 / 9‬‬

‫] ‪[ 88‬‬

‫يخلق السماوات والرض ؟ فقال عليه السلم‪ :‬أين‬


‫سؤال عن مكان‪ ،‬وكان الله ول مكان‪ .‬فقطعه‬
‫في أوجز كلمة )‪.(1‬‬

‫‪ - 1‬شرح محمد عبده ‪(*) .160 / 1‬‬

‫] ‪[ 89‬‬

‫‪82‬‬
‫ومن مسائل سأله عنها إبن الكواء فقال‪ :‬كم بين‬
‫المشرق والمغرب ؟ قال عليه السلم‪ :‬مسيره‬
‫يوم مطرد للشمس‪ .‬وهذا أخصر كلم يكون‬
‫وأبلغه‪ .‬وبإسناد مرفوع قال‪ :‬إجتمع نفر من‬
‫الصحابة على باب عثمان بن عفان فقال كعب‬
‫الحبار‪ :‬والله لوددت أن أعلم أصحاب محمد‬
‫عندي الساعة فأسأله عن أشياء ما أعلم أحد‬
‫على وجه الرض يعرفها ما خل رجل أو رجلين إن‬
‫كانا‪ ،‬قال‪ :‬فبينا نحن كذلك إذ طلع علي بن أبي‬
‫طالب عليه السلم‪ ،‬قال‪ :‬فتبسم القوم‪ .‬قال‪:‬‬
‫فكأن عليا عليه السلم دخله من ذلك بعض‬
‫الغضاضة‪ ،‬فقال لهم‪ :‬لشئ ما تبسمتم ؟ فقالوا‪:‬‬
‫لغير ريبة ول بأس يا أبا الحسن إل أن كعبا تمنى‬
‫امنية فعجبنا من سرعة إجابة الله له في أمنيته‪،‬‬
‫فقال عليه السلم لهم‪ :‬وما ذاك ؟ قالوا‪ :‬تمنى‬
‫أن يكون عنده أعلم أصحاب محمد عليه السلم‬
‫ليسأله عن أشياء زعم أنه ل يعرف أحدا على‬
‫وجه الرض يعرفها‪ ،‬قال فجلس عليه السلم‪ ،‬ثم‬
‫قال‪ :‬هات يا كعب مسائلك‪ .‬فقال‪ :‬يا أبا الحسن‬
‫أخبرني عن أول شجرة اهتزت على وجه‬
‫الرض ؟ فقال عليه السلم‪ :‬في قولنا أو في‬
‫قولكم ؟ فقال‪ :‬بل أخبرنا عن قولنا وقولكم‪،‬‬
‫فقال عليه السلم‪ :‬تزعم يا كعب أنت وأصحابك‬
‫إنها الشجرة التي شق منها السفينة قال كعب‪:‬‬
‫كذلك نقول فقال عليه السلم‪ :‬كذبتم يا كعب‬
‫ولكنها النخلة التي أهبطها الله تعالى مع آدم‬
‫عليه السلم من الجنة‪ ،‬فاستظل بظلها وأكل من‬
‫ثمرها‪.‬‬

‫] ‪[ 90‬‬

‫هات يا كعب‪ :‬فقال يا أبا الحسن أخبرني عن أول عين‬


‫جرت على وجه الرض‪ ،‬فقال عليه السلم‪ :‬في‬
‫قولنا أو في قولكم ؟ فقال كعب‪ :‬أخبرني عن‬
‫المرين جميعا‪ ،‬فقال عليه السلم‪ :‬تزعم أنت‬
‫وأصحابك أنها العين التي عليه صخرة بيت‬

‫‪83‬‬
‫المقدس‪ ،‬قال كعب‪ :‬كذلك نقول‪ ،‬قال‪ :‬كذبتم يا‬
‫كعب ولكنها عين الحيوان وهي التي شرب منها‬
‫الخضر فبقى في الدنيا‪ .‬قال عليه السلم هات يا‬
‫كعب‪ :‬قال أخبرني يا أبا الحسن عن شئ من‬
‫الجنة في الرض فقال عليه السلم‪ :‬في قولنا‬
‫أو في قولكم‪ ،‬فقال‪ :‬عن المرين جميعا‪ ،‬فقال‬
‫عليه السلم‪ :‬تزعم أنت وأصحابك انه حجر أنزله‬
‫الله من الجنة أبيض فاسود من ذنوب العباد‪ ،‬قال‬
‫كذلك نقول‪ ،‬قال‪ :‬كذبتم يا كعب ولكن الله أهبط‬
‫البيت من لؤلؤة بيضاء‪ ،‬جوفاء من السماء إلى‬
‫الرض فلما كان الطوفان رفع الله البيت وبقى‬
‫أساسه‪ .‬هات يا كعب‪ ،‬قال‪ :‬أخبرني يا أبا الحسن‬
‫عمن ل أب له‪ ،‬وعمن ل عشيرة له‪ ،‬وعمن ل قبلة‬
‫له‪ ،‬قال‪ :‬اما من ل أب له فعيسى عليه السلم‪،‬‬
‫وأما ل عشيرة له فآدم عليه السلم‪ ،‬واما من ل‬
‫قبلة له فهو البيت الحرام‪ ،‬هو قبلة ول قبلة لها‪.‬‬
‫هات يا كعب فقال‪ :‬أخبرني يا أبا الحسن عن‬
‫ثلثة أشياء لم ترتكض في رحم ولم تخرج من‬
‫بدن‪ ،‬فقال عليه السلم له‪ :‬هي عصا موسى‬
‫عليه السلم‪ ،‬و ناقة ثمود وكبش إبراهيم‪ .‬ثم‬
‫قال هات يا كعب‪ ،‬فقال‪ :‬يا أبا الحسن بقيت‬
‫خصلة فإن أنت أخبرتني بها فأنت أنت‪ ،‬قال‬
‫هلمها يا كعب قال‪ :‬قبر سار بصاحبه‪ ،‬قال‪ :‬ذلك‬
‫يونس بن متى إذ سجنه الله في بطن الحوت )‬
‫‪ .(1‬وبإسناد مرفوع إلى أبي جعفر محمد بن علي‬
‫الباقر عليهما السلم‪ ،‬قال‪ :‬قدم أسقف نجران‬
‫على عمر بن الخطاب فقال يا أمير المؤمنين‪ :‬إن‬
‫أرضنا باردة‬

‫‪ - 1‬سفينة البحار ‪ 482 / 2‬نقل عن تفسير علي بن‬


‫ابراهيم القمي‪ .‬فضا وتهاى أمير المؤمنين ‪/‬‬
‫‪(*) .250‬‬

‫] ‪[ 91‬‬

‫‪84‬‬
‫سديدة المؤونة ل تحمل الجيش‪ ،‬وأنا ضامن لخراج‬
‫أرضي أحمله إليك في كل عام كمل‪ ،‬فكان يقدم‬
‫هو بالمال بنفسه‪ ،‬ومعه أعوان له حتى يوفيه‬
‫بيت المال‪ ،‬ويكتب له عمر البرائة‪ .‬قال‪ :‬فقدم‬
‫السقف ذات عام‪ ،‬وكان شيخا جميل فدعاه عمر‬
‫إلى الله‪ ،‬وإلى دين رسول الله صلى الله عليه‬
‫وآله‪ ،‬وأنشأ يذكر فضل السلم وما يصير إليه‬
‫المسلمون من النعيم والكرامة‪ ،‬فقال له‬
‫السقف‪ :‬يا عمر أنتم تقرؤن في كتابكم أن لله‬
‫جنة عرضها كعرض السماء والرض‪ ،‬فأين تكون‬
‫النار ؟ قال‪ :‬فسكت عمر‪ ،‬ونكس رأسه‪ ،‬فقال‬
‫أمير المؤمنين عليه السلم‪ ،‬و كان حاضرا‪ :‬أجب‬
‫هذا النصراني‪ .‬فقال له عمر‪ :‬بل أجبه أنت‪،‬‬
‫فقال عليه السلم‪ ،‬له‪ :‬يا أسقف نجران أنا‬
‫أجيبك أرأيت إذا جاء النهار أين يكون الليل‪ ،‬وإذا‬
‫جاء الليل أين يكون النهار ؟ فقال السقف‪ :‬ما‬
‫كنت أرى أن أحدا يجيبني عن هذه المسألة‪ .‬ثم‬
‫قال‪ :‬من هذا الفتى يا عمر ؟ قال عمر‪ :‬هذا علي‬
‫بن أبي طالب ختن رسول الله صلى الله عليه‬
‫وآله وإبن عمه‪ ،‬وأول مؤمن معه‪ ،‬هذا أبو الحسن‬
‫والحسين عليهما السلم‪ .‬قال السقف‪ :‬أخبرني‬
‫يا عمر عن بقعة في الرض طلعت فيها الشمس‬
‫ساعة‪ ،‬ولم تطلع فيها قبلها ول بعدها ؟ قال له‬
‫عمر‪ :‬سل الفتى فقال أمير المؤمنين‪ :‬أنا اجيبك‪،‬‬
‫هو البحر حيث انفلق لبني اسرائيل فوقعت‬
‫الشمس فيه ولم تقع فيه قبله ول بعده‪ ،‬قال‬
‫السقف‪ :‬صدقت يافتى‪ .‬ثم قال السقف‪ :‬يا‬
‫عمر أخبرني عن شئ في أيدي أهل الدنيا شبيه‬
‫بثمار أهل الجنة ؟ فقال‪ :‬سل الفتى‪ .‬فقال عليه‬
‫السلم أنا أجيبك‪ :‬هو القرآن يجتمع أهل الدنيا‬
‫عليه فيأخذون منه حاجتهم‪ ،‬ول ينتقص منه شئ‬
‫وكذلك ثمار الجنة‪ .‬قال السقف‪ :‬صدقت يافتى‪.‬‬
‫ثم قال السقف يا عمر‪ :‬أخبرني هل للسماوات‬
‫من أبواب ؟ فقال له عمر‪ :‬سل الفتى‪ .‬فقال‬
‫عليه السلم‪ :‬نعم يا أسقف‪ ،‬لها أبواب فقال‪:‬‬
‫يافتى‪ ،‬هل‬

‫‪85‬‬
‫] ‪[ 92‬‬

‫لتلك البواب من أقفال ؟ فقال عليه السلم‪ :‬نعم يا‬


‫أسقف‪ ،‬أقفالها الشرك بالله قال السقف‪:‬‬
‫صدقت يافتى‪ .‬فما مفتاح تلك القفال ؟ فقال‬
‫عليه السلم‪ :‬شهادة ان ل إله إل الله‪ ،‬ل يحجبها‬
‫شئ دون العرش فقال‪ :‬صدقت يافتى‪ .‬ثم قال‬
‫السقف يا عمر‪ :‬أخبرني عن أول دم وقع على‬
‫وجه الرض اي دم كان ؟ فقال‪ :‬سل الفتى‪:‬‬
‫فقال عليه السلم‪ :‬أنا أجيبك‪ ،‬يا أسقف نجران‪،‬‬
‫أما نحن فل نقول كما تقولون أنه دم ابن آدم‬
‫الذى قتله اخوه ليس هو كما قلتم‪ ،‬ولكن أول دم‬
‫وقع على وجه الرض مشيمة حواء حين ولدت‬
‫قابيل بن آدم‪ ،‬قال السقف صدقت يافتى‪ .‬ثم‬
‫قال السقف‪ :‬بقيت مسألة واحدة أخبرني أنت يا‬
‫عمر أين الله تعالى ؟ قال‪ :‬فغضب عمر‪ ،‬فقال‬
‫أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬أنا اجيبك وسل عما‬
‫شئت‪ ،‬كنا عند رسول الله صلى الله عليه وآله‬
‫ذات يوم‪ ،‬أتاه ملك فسلم فقال له رسول الله‬
‫صلى الله عليه وآله‪ :‬من أين ارسلت ؟ قال‪ :‬من‬
‫سبع سموات من عند ربي‪ ،‬ثم أتاه ملك آخر‬
‫فسلم فقال له رسول الله‪ :‬من أين ارسلت ؟‬
‫فقال‪ :‬من سبع أرضين من عند ربي‪ ،‬ثم أتاه‬
‫ملك آخر فسلم فقال له رسول الله‪ :‬من أين‬
‫ارسلت ؟ قال‪ :‬من مشرق الشمس من عند ربي‪،‬‬
‫ثم أتاه ملك آخر فقال له رسول الله‪ :‬من أين‬
‫ارسلت ؟ فقال‪ :‬من مغرب الشمس من عند‬
‫ربي‪ ،‬فالله هاهنا‪ ،‬و هاهنا‪ ،‬وهاهنا‪ ،‬في السماء‬
‫إله‪ ،‬وفي الرض إله‪ ،‬وهو الحكيم العليم‪ .‬قال أبو‬
‫جعفر‪ :‬معناه من ملكوت ربي في كل مكان‪ ،‬ول‬
‫يعزب عن علمه شئ تبارك وتعالى )‪.(1‬‬

‫‪ - 1‬الغدير ‪ .242 / 6‬زين الفتى في شرح سورة هل‬


‫أتى )خ(‪ .‬قضاوتهاى امير المؤمنين )ع( ‪.282 /‬‬
‫)*(‬

‫‪86‬‬
‫] ‪[ 93‬‬

‫ومن جملة كلمه عليه السلم للشامي لما سأله أكان‬


‫مسيره إلى الشام بقضاء من الله وقدره‪ ،‬بعد‬
‫كلم طويل هذا مختاره‪ :‬إن الله سبحانه أمر‬
‫عباده تخييرا‪ ،‬ونهاهم تحذيرا‪ ،‬فكلف يسيرا‪ ،‬ولم‬
‫يكلف عسيرا‪ ،‬وأعطى على القليل كثيرا ولم‬
‫يعص مغلوبا‪ ،‬ولم يطع مكرها‪ ،‬ولم يرسل النبياء‬
‫لعبا‪ ،‬ولم ينزل الكتاب للعباد عبثا‪ ،‬ول خلق‬
‫السموات والرض و ما بينهما باطل )ذلك ظن‬
‫الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار( )‪.(1‬‬

‫‪ - 1‬الرشاد ‪ .120 /‬شرح إبن ميثم البحراني ‪.278 / 5‬‬


‫)*(‬

‫] ‪[ 94‬‬

‫ومن كلمه عليه السلم القصير في فنون البلغة‪،‬‬


‫والمواعظ والزهد‪ ،‬والمثال ولو لم يكن في هذا‬
‫الكتاب سوى ما أوردناه من هذا الفصل لكفى به‬
‫فائدة‪ .‬قال عليه السلم‪ :‬خذ الحكمه أنى أتتك‬
‫فإن الحكمة تكون في صدر المنافق‪ ،‬فتلجلج في‬
‫صدره حتى تخرج فتسكن إلى صواحبها في صدر‬
‫المؤمن )‪ .(1‬وقال عليه السلم‪ :‬الهيبة خيبة‪،‬‬
‫والفرصة تمر مر السحاب‪ ،‬والحكمة ضالة المؤمن‬
‫فخذ الحكمة ولو من أهل النفاق )‪ .(2‬وقال عليه‬
‫السلم‪ :‬اوصيكم بخمس لو ضربتم إليها آباط‬
‫البل كانت لذلك أهل‪ ،‬ل يرجون أحد منكم ال‬
‫ربه‪ .‬ول يخافن إل ذنبه‪ .‬ول يستحيين أحد إذا‬
‫سئل عما ل يعلم أن يقول ل أعلم‪ .‬ول يستحيين‬
‫أحد إذا لم يعلم الشئ أن يتعلمه‪ .‬وعليكم بالصبر‬
‫فإن الصبر من اليمان كالرأس من الجسد‪ ،‬ول‬
‫خير في جسد ل رأس معه‪ ،‬ول في إيمان ل صبر‬
‫معه )‪ .(2‬وقال الصمعي‪ :‬أتى رجل أمير‬

‫‪87‬‬
‫المؤمنين عليه السلم‪ ،‬فأفرط في الثناء عليه‪،‬‬
‫فقال ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬وكان له متهما‪ :‬أنا دون ما‬
‫تقول‪ ،‬وفوق ما في نفسك )‪.(3‬‬

‫‪ - 1‬شرح إبن ميثم ‪ .281 / 5‬ابن أبي الحديد ‪.229 / 18‬‬


‫‪ - 2‬المصدر السابق‪ - 3 .‬الرشاد ‪ .157 /‬شرح‪،‬‬
‫إبن ميثم ‪ .282 / 5‬إبن أبي الحديد ‪.232 / 18‬‬
‫)*(‬

‫] ‪[ 95‬‬

‫وقال عليه السلم‪ :‬قيمة كل امرئ ما يحسنه‪ .‬قال‬


‫السيد الرضي أبو الحسن رضي الله عنه‪ :‬وهذه‬
‫الكلمة ل قيمة لها ول كلم يوزن بها )‪ .(1‬وقال‬
‫عليه السلم‪ :‬السيف أبقى عددا وأكثر ولدا )‪.(2‬‬
‫وقال عليه السلم‪ :‬من ترك قول " ل أدري "‬
‫اصيبت مقالته )‪ .(3‬وقال عليه السلم‪ :‬رأي‬
‫الشيخ أحب إلي من جلد الغلم‪ .‬ويروى من‬
‫مشهد الغلم )‪ .(4‬وقال عليه السلم‪ :‬وقد سمع‬
‫رجل من الحرورية يتهجد بصوت حزين‪ .‬نوم على‬
‫يقين خير من صلة في شك )‪ .(5‬وقال عليه‬
‫السلم‪ :‬إعقلوا الخبر إذا سمعتموه عقل رعاية‪،‬‬
‫ل عقل رواية‪ ،‬فإن رواة العلم كثير ورعاته قليل‬
‫)‪ (6‬وقال عليه السلم‪ ،‬وقد سمع رجل يقول‪ :‬إنا‬
‫لله وإنا إليه راجعون‪ :‬يا هذا إن قولنا‪ :‬إنا لله‬
‫إقرار منا بالملك‪ .‬وقولنا إليه راجعون إقرار منا‬
‫بالهلك ‪ .7‬وكان ابن عباس رضي الله عنه يقول‪:‬‬
‫ما انتفعت بكلم أحد بعد رسول الله ‪ -‬صلى الله‬
‫عليه وآله ‪ -‬كانتفاعي بكلم كتبه إلي أمير‬
‫المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلم وهو‪:‬‬
‫اما بعد‪ ،‬فإن المرء قد يسره درك ما لم يكن‬
‫ليفوته‪ ،‬ويسوؤه فوت ما لم يكن ليدركه‪ ،‬فليكن‬
‫سرورك بما نلت من آخرتك‪ ،‬وليكن أسفك على‬
‫ما‬

‫‪88‬‬
‫‪ - 1‬نفس المصدر‪ - 2 .‬شرح إبن أبي الحديد ‪.235 / 18‬‬
‫إبن ميثم البحراني ‪ - 3 .283 / 5‬المصدر‬
‫السابق‪ - 4 .‬إبن ابي الحديد ‪ .237 / 18‬إبن ميثم‬
‫البحراني ‪ - 5 .284 / 5‬شرح إبن ميثم ‪.289 / 5‬‬
‫مجمع المثال ‪ - 6 .455 / 2‬إبن ميثم البحراني‬
‫‪ - 7 .290 / 5‬نفس المصدر‪(*) .‬‬

‫] ‪[ 96‬‬

‫فاتك منها وما نلت من دنياك‪ ،‬فل تكثر به فرحا‪ ،‬وما‬


‫فاتك منها فل تأس عليه جزعا‪ ،‬وليكن همك فيما‬
‫بعد الموت )‪ .(1‬وكان عليه السلم يقول إذا‬
‫اطري في وجهه‪ :‬أللهم اجعلنا خيرا مما يظنون‪،‬‬
‫واغفر لنا ما ل يعلمون )‪ .(2‬وقال عليه السلم‪:‬‬
‫ل يستقيم قضاء الحوائج إل بثلث‪ ،‬باستصغارها‬
‫لتعظم‪ ،‬وباستكتامها لتنسى‪ ،‬وبتعجيلها لتهنأ )‬
‫‪ .(3‬وقال عليه السلم‪ :‬يأتي على الناس زمان ل‬
‫يقرب فيه إل الماحل‪ ،‬ول يظرف فيه إل الفاجر‪،‬‬
‫ول يضعف فيه إل المنصف‪ ،‬يعدون الصدقة غرما‪،‬‬
‫وصلة الرحم منا‪ ،‬والعبادة إستطالة على الناس‪،‬‬
‫فعند ذلك يكون السلطان بمشورة الماء‪ ،‬وإمارة‬
‫الصبيان )‪ .(4‬وقال عليه السلم‪ ،‬وقد شوهد عليه‬
‫ازار مرقوع فقيل له في ذلك فقال‪ :‬يخشع له‬
‫القلب‪ ،‬وتذل به النفس‪ ،‬ويقتدي به المؤمنون )‬
‫‪ .(5‬وكان عليه السلم يقول‪ :‬إنما أخشى عليكم‬
‫من بعدي إتباع الهوى‪ ،‬وطول المل‪ ،‬فان طول‬
‫المل ينسي الخرة‪ ،‬واتباع الهوى يصد عن الحق‪،‬‬
‫أل وان الدنيا قد إرتحلت مدبرة‪ ،‬والخرة قد‬
‫جاءت مقبلة‪ ،‬ولكل واحدة منهما بنون‪ ،‬فكونوا‬
‫من أبناء الخرة ول تكونوا من أبناء الدنيا‪ ،‬فإن‬
‫اليوم عمل ول حساب‪ ،‬وغدا حساب ول عمل‪،‬‬
‫واليوم المضمار‪ ،‬وغدا السباق‪ ،‬والسبقة الجنة‪،‬‬
‫والغاية النار )‪ .(6‬وقال عليه السلم‪ :‬ان الدنيا‬
‫والخرة عدوان متفاوتان‪ ،‬وسبيلن مختلفان‪،‬‬

‫‪89‬‬
‫‪ - 1‬شرح إبن ميثم ‪ .215 / 5‬دستور معالم الحكم ‪.96 /‬‬
‫‪ - 2‬المصدر السابق ‪ - 3 .290 / 5‬نفس المصدر‪.‬‬
‫‪ - 4‬إبن ميثم البحراني ‪ - 5 .291 / 5‬إبن مثيم ‪5‬‬
‫‪ - 6 .292 /‬شرح إبن ميثم ‪ .40 / 2‬إبن أبي‬
‫الحديد ‪(*) .91 / 2‬‬

‫] ‪[ 97‬‬

‫فمن أحب الدنيا وتولها أبغض الخرة وعاداها‪ ،‬وهما‬


‫بمنزلة المشرق والمغرب‪ ،‬وماش بينهما كلما‬
‫قرب من واحد بعد عن الخر‪ ،‬وهما بعد ضرتان )‬
‫‪ .(1‬وعن نوف البكالى‪ ،‬قال‪ :‬رأيت أمير المؤمنين‬
‫‪ -‬عليه السلم ‪ -‬ذات ليلة وقد خرج من فراشه‬
‫فنظر إلى النجوم‪ ،‬ثم قال‪ :‬يا نوف‪ ،‬أراقد أنت أم‬
‫رامق ؟ قلت‪ :‬بل رامق يا أمير المؤمنين‪ ،‬قال يا‬
‫نوف‪ :‬طوبى للزاهدين في الدنيا الراغبين في‬
‫الخرة‪ ،‬اولئك قوم اتخذوا الرض بساطا‪ ،‬وترابها‬
‫فراشا‪ ،‬وماءها طيبا‪ ،‬والقرآن شعارا‪ ،‬والدعاء‬
‫دثارا ثم قرضوا الدنيا قرضا على منهاج المسيح‬
‫عليه السلم‪ .‬يا نوف إن داود عليه السلم‪ ،‬قام‬
‫في مثل هذه الساعة من الليل‪ ،‬فقال إنها ساعة‬
‫ل يدعو فيها عبد ال استجيب له ال ان يكون‬
‫عشارا‪ ،‬أو عريفا‪ ،‬أو شرطيا‪ ،‬أو صاحب عرطبة‬
‫)وهى الطنبور( أو صاحب كوبة )وهي الطبل( )‬
‫‪ .(2‬وقال عليه السلم‪ :‬إن الله فرض عليكم‬
‫فرائض فل تضيعوها‪ ،‬وحد لكم حدودا قل‬
‫تعتدوها‪ ،‬ونهاكم عن أشياء فل تنتهكوها‪ ،‬وسكت‬
‫لكم عن أشياء و لم يدعها نسيانا فل تتكلفوها‪،‬‬
‫رحمة من ربكم رحمكم بها فاقبلوها )‪ .(3‬وقال‬
‫عليه السلم‪ :‬ل يترك الناس شيئا من دينهم‪،‬‬
‫لستصلح دنياهم إل فتح الله عليهم ما هو اضر‬
‫منه )‪ .(4‬وقال عليه السلم‪ :‬رب عالم قد قتله‬
‫جهله‪ ،‬ومعه علمه ل ينفعه )‪ .(5‬وقال عليه‬
‫السلم‪ :‬أعجب ما في هذا النسان قلبه‪ ،‬وله‬
‫مواد من الحكمة وأضداد من خلفها‪ ،‬فإن سنح له‬
‫الرجاء أذله الطمع‪ ،‬وإن هاج به الطمع أهلكه‬

‫‪90‬‬
‫الحرص‪ ،‬وإن ملكه اليأس قتله السف‪ ،‬وإن‬
‫عرض له الغضب إشتد به الغيظ‬

‫‪ - 1‬إبن ميثم البحراني ‪ - 2 .292 / 5‬شرح إبن ميثم ‪/ 5‬‬


‫‪ .293‬إبن أبي الحديد ‪ - 3 .265 / 18‬إبن ميثم‬
‫البحراني ‪ .294 / 5‬إبن أبي الحديد ‪4 .267 / 18‬‬
‫‪ -‬المصدر السابق ‪ - 5 .295 / 5‬نفس المصدر‪.‬‬
‫إبن أبي الحديد ‪(*) .269 / 18‬‬

‫] ‪[ 98‬‬

‫وإن أسعده الرضا نسي التحفظ‪ ،‬وإن غاله الخوف‬


‫شغله الحذر‪ ،‬وإن اتسع له‪ ،‬المر استلبته الغرة‪،‬‬
‫وإن أصابته مصيبة فضحه الجزع‪ ،‬وإن أفاد مال‬
‫أطغاه الغنى‪ ،‬وإن عضته الفاقة شغله البلء‪ ،‬وإن‬
‫جهده الجوع قعد به الضعف‪ ،‬وإن أفرط به الشبع‬
‫كظته البطنة‪ ،‬فكل تقصير به مضر‪ ،‬وكل إفراط‬
‫له مفسد )‪ .(1‬وقال عليه السلم‪ :‬نحن النمرقة‬
‫الوسطى بها يلحق التالي‪ ،‬وإليها يرجع الغالي )‬
‫‪ .(2‬ومن كلم له عليه السلم‪ :‬تجهزوا رحمكم‬
‫الله فقد نودي فيكم بالرحيل‪ ،‬واقلوا العرجة‬
‫على الدنيا‪ ،‬وانقلبوا بصالح ما بحضرتكم من‬
‫الزاد‪ ،‬فإن أمامكم عقبة كؤدا‪ ،‬ومنازل هائلة‬
‫مخوفة‪ ،‬ل بد من الممر عليها‪ ،‬والوقوف عندها‪،‬‬
‫فإما برحمة من الله نجوتم من فظاظتها )‪(3‬‬
‫وشدة مختبرها‪ ،‬وكراهة منظرها‪ ،‬وإما بهلكة‬
‫ليس بعدها نجاة‪ ،‬فيالها حسرة على كل ذي غفلة‬
‫أن يكون عمره عليه حجة‪ .‬وكان عليه السلم‬
‫يقول‪ :‬الوفاء توأم الصدق‪ ،‬ول نعلم نجاة ول جنة‬
‫أوقى منه‪ ،‬وما يغدر من يعلم كيف المرجع في‬
‫الذهاب عنه‪ ،‬ولقد أصبحنا في زمان اتخذ أكثر‬
‫أهله الشر كيسا‪ ،‬ونسبهم أهل الجهل إلى حس‬
‫الحيلة‪ ،‬ما لهم ‪ -‬قاتلهم الله ‪ -‬قد يرى الحول‬
‫القلب وجه الحيلة ودونها مانع من الله ونهيه‪،‬‬
‫فيدعها من بعد قدرة وينتهز فرصتها من ل‬

‫‪91‬‬
‫جريحة في الدين )‪ .(4‬وقال عليه السلم‪ :‬الناس‬
‫في الدنيا عاملن‪ ،‬عامل في الدنيا للدنيا قد‬
‫شغلته دنياه عن آخرته‪ ،‬يخشى على من يخلف‬
‫الفقر‪ ،‬ويأمنه على نفسه فيفني عمره في‬
‫منفعة غيره‪ ،‬وآخر عمل في الدنيا لما بعدها‪،‬‬
‫فجاءه‪ ،‬الذى له من الدنيا بغير عمل‪ ،‬فأصبح ملكا‬
‫عند الله ل يسأل شيئا يمنعه )‪.(5‬‬

‫‪ - 1‬شرح إبن ميثم ‪ .295 / 5‬الرشاد ‪ .159 /‬دستور‬


‫معالم الحكم ‪ - 2 .129 /‬شرح إبن أبي الحديد‬
‫‪ .273 / 18‬إبن ميثم ‪ - 3 .297 / 5‬في اكثر‬
‫الشروح هكذا‪ :‬وطئتها‪ - 4 .‬شرح إبن ميثم‬
‫البحراني ‪ - 5 .104 / 2‬المصدر السابق ‪.380 / 5‬‬
‫)*(‬

‫] ‪[ 99‬‬

‫وقال عليه السلم‪ :‬شتان بين عملين‪ ،‬عمل تذهب لذته‬


‫وتبقى تبعته‪ ،‬و عمل تذهب مؤنته ويبقى أجره )‬
‫‪ .(1‬وتحدث ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬يوما بحديث عن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وآله ‪ -‬فنظر القوم‬
‫بعضهم إلى بعض‪ ،‬فقال عليه السلم‪ :‬ما زلت مذ‬
‫قبض رسول الله صلى الله عليه وآله مظلوما‪،‬‬
‫وقد بلغني مع ذلك أنكم تقولون إني أكذب عليه‪،‬‬
‫ويلكم أتروني اكذب ؟ فعلى من أكذب ؟ أعلى‬
‫الله ؟ فأنا أول من آمن به‪ ،‬أم على رسول الله ؟‬
‫وأنا أول من صدقه‪ .‬ولكن لهجة غبتم عنها‪ ،‬ولم‬
‫تكونوا من أهلها‪ ،‬وعلم عجزتم عن حمله ولم‬
‫تكونوا من أهله‪ ،‬إذ كيل بغير ثمن لو كان له وعاء‬
‫)ولتعلمن نبأه بعد حين( )‪ .(2‬أراد أن النبي صلى‬
‫الله عليه وآله‪ ،‬كان يخيله ويسر إليه‪ .‬وشيع علي‬
‫عليه السلم جنازة‪ ،‬فسمع رجل يضحك‪ ،‬فقال‬
‫عليه السلم‪ :‬كأن الموت فيها على غيرنا كتب‪،‬‬
‫وكأن الحق فيها على غيرنا وجب‪ ،‬وكأن الذي‬
‫نرى من الموات سفر‪ ،‬عما قليل إلينا راجعون‪،‬‬

‫‪92‬‬
‫نبؤهم أجداثهم‪ ،‬ونأكل تراثهم قد نسينا كل‬
‫واعظة‪ ،‬ورمينا بكل جائحة )‪ .(3‬وقال عليه‬
‫السلم‪ :‬طوبى لمن ذل في نفسه‪ ،‬وطاب كسبه‪،‬‬
‫وصلحت سريرته‪ ،‬وحسنت خليقته‪ ،‬وأنفق الفضل‬
‫من ماله‪ ،‬وأمسك الفضل من لسانه‪ ،‬وعزل عن‬
‫الناس شره‪ ،‬ووسعته السنة‪ ،‬ولم ينسب إلى‬
‫بدعة‪ .‬قال السيد الرضي أبو الحسن رضي الله‬
‫عنه‪ ،‬وهذا الكلم من الناس من يرويه عن النبي‬
‫صلى الله عليه وآله‪ ،‬وكذلك الذي قبله )‪ .(4‬وقال‬
‫عليه السلم‪ :‬من أراد عزا بل عشيرة‪ ،‬وهيبة من‬
‫غير سلطان‪ ،‬وغنى‬

‫‪ - 1‬شرح إبن ميثم ‪ - 2 .306 / 5‬سورة ص ‪ .88 /‬شرح‬


‫إبن ميثم ‪ - 3 .192 / 2‬إبن ميثم البحراني ‪/ 5‬‬
‫‪ .306‬إبن أبي الحديد ‪ - 4 .311 / 18‬المصدر‬
‫السابق‪(*) .‬‬

‫] ‪[ 100‬‬

‫من غير مال‪ ،‬وطاعة من غير بذل‪ ،‬فليتحول من ذل‬


‫معصية الله إلى عز طاعة الله فإنه يجد ذلك كله‬
‫)‪ .(1‬وقال عليه السلم‪ ،:‬وقد فرغ من حرب‬
‫الجمل‪ :‬معاشر الناس إن النساء نواقص اليمان‪،‬‬
‫نواقص العقول‪ ،‬نواقص الحظوظ‪ ،‬فأما نقصان‬
‫إيمانهن فقعودهن عن الصلة والصيام في أيام‬
‫حيضهن‪ .‬وأما نقصان عقولهن فل شهادة لهن‬
‫إل في الدين‪ ،‬وشهادة إمرأتين برجل‪ .‬وأما‬
‫نقصان حظوظهن فمواريثهن على النصاف من‬
‫مواريث الرجال )‪ .(2‬وقال عليه السلم‪ :‬إتقو‬
‫شرار النساء‪ ،‬وكونوا من خيارهن على حذر‪ ،‬و ل‬
‫تطيعوهن في المعروف حتى ل يطمعن في‬
‫المنكر )‪ .(3‬وقال عليه السلم‪ :‬غيرة المرأة كفر‪،‬‬
‫وغيرة الرجل إيمان )‪ .(4‬وقال عليه السلم‪:‬‬
‫لنسبن السلم نسبة لم ينسبها أحد قبلي‪،‬‬
‫السلم هو التسليم‪ ،‬والتسليم هو اليقين‪،‬‬

‫‪93‬‬
‫واليقين هو التصديق‪ ،‬والتصديق هو القرار‪،‬‬
‫والقرار هو الداء‪ ،‬والداء هو العمل )‪ .(5‬وقال‬
‫عليه السلم‪ :‬قد يكون الرجل مسلما ول يكون‬
‫مؤمنا‪ ،‬ول يكون مؤمنا حتى يكون مسلما‪،‬‬
‫واليمان إقرار باللسان‪ ،‬وعقد بالقلب‪ ،‬وعمل‬
‫بالجوارح‪ ،‬ول يتم المعروف إل بثلث‪ ،‬تعجيله‪،‬‬
‫وتصغيره‪ ،‬وتستيره‪ ،‬فإذا عجلته هنأته‪ ،‬وإذا‬
‫صغرته عظمته‪ ،‬وإذا سترته تممته )‪ .(6‬وقال‬
‫عليه السلم‪ :‬عجبت للبخيل الذي استعجل الفقر‬
‫الذي منه هرب‪ ،‬و فاته الغنى الذي إياه طلب‪،‬‬
‫فيعيش في الدنيا عيش الفقراء‪ ،‬ويحاسب‬

‫‪ - 1‬شرح إبن ميثم ‪ - 2 .304 / 5‬إبن ميثم البحراني ‪/ 2‬‬


‫‪ - 3 .223‬المصدر السابق‪ - 4 .‬شرح إبن ميثم‬
‫‪ - 5 .308 / 5‬نفس المجلد والصفحة‪ - 6 .‬شرح‬
‫إبن أبي الحديد ‪ .51 / 19‬شرح محمد عبده ‪/ 3‬‬
‫‪(*) .203‬‬

‫] ‪[ 101‬‬

‫في الخرة حساب الغنياء‪ .‬وعجبت للمتكبر الذي كان‬


‫بالمس نطفة وهو غدا جيفة‪ .‬وعجبت لمن شك‬
‫في الله وهو يرى خلق الله‪ .‬وعجبت لمن نسي‬
‫الموت وهو يرى من يموت‪ .‬وعجبت لمن أنكر‬
‫النشأة الخرى وهو يرى النشأة الولى‪ .‬وعجبت‬
‫لعامر دار الفناء وتارك دار البقاء )‪ .(1‬وقال عليه‬
‫السلم‪ :‬من قصر في العمل ابتلى بالهم‪ ،‬ول‬
‫حاجة لله فيمن ليس لله في نفسه وماله نصيب‬
‫)‪ .(2‬وقال عليه السلم‪ :‬لسلمان الفارسي رحمة‬
‫الله عليه‪ ،‬إن مثل الدنيا مثل الحية لين مسها‬
‫قاتل سمها‪ ،‬فاعرض عما يعجبك فيها لقلة ما‬
‫يصحبك منها‪ ،‬فإن المرء العاقل كلما صار فيها‬
‫إلى سرور أشخصته منها إلى مكروه‪ ،‬ودع عنك‬
‫همومها إن أيقنت بفراقها )‪ .(3‬وقال عليه‬
‫السلم‪ :‬توقوا البرد في أوله‪ ،‬وتلقوه في آخره‪،‬‬

‫‪94‬‬
‫فانه يفعل بالبدان كفعله في الشجار أوله‬
‫يحرق وآخره يورق )‪ .(4‬وقال عليه السلم‪ :‬عظم‬
‫الخالق عندك‪ ،‬يصغر المخلوق في عينك )‪.(5‬‬
‫وقال عليه السلم‪ :‬ثلث خصال مرجعها على‬
‫الناس في كتاب الله‪ ،‬لبغي‪ ،‬والنكث‪ ،‬والمكر‪،‬‬
‫قال الله تعالى‪) :‬يا أيها الناس إنما بغيكم على‬
‫نفسكم( )‪ (6‬وقال تعالى‪) :‬فمن نكث فإنما ينكث‬
‫على نفسه( )‪ (7‬وقال تعالى‪ :‬ول يحيق المكر‬
‫السيئ إل بأهله( )‪.(8‬‬

‫‪ - 1‬شرح إبن ميثم ‪ - 2 .309 / 5‬إبن ميثم البحراني ‪/ 5‬‬


‫‪ - 3 .310‬دستور معالم الحكم ‪ .37 /‬شرح إبن‬
‫ميثم ‪ - 4 .218 / 5‬شرح إبن ميثم ‪- 5 .311 / 5‬‬
‫نفس المصدر‪ - 6 .‬سورة يونس ‪ - 7 .23 /‬سورة‬
‫الفتح ‪ - 8 .10 /‬سورة الفاطر ‪(*) .43 /‬‬

‫] ‪[ 102‬‬

‫وقال عليه السلم‪ ،‬وقد رجع من صفين‪ ،‬فأشرف على‬


‫القبور بظاهر الكوفة فقال‪ :‬يا أهل القبور يا‬
‫أهل التربة‪ ،‬يا أهل الغربة‪ ،‬يا أهل الوحدة‪ ،‬يا أهل‬
‫الوحشة‪ ،‬أما الدور فقد سكنت‪ ،‬وأما الزواج فقد‬
‫نكحت‪ ،‬وأما الموال فقد قسمت‪ ،‬هذا خبر ما‬
‫عندنا فما خبر ما عندكم ؟ ثم التفت إلى أصحابه‬
‫فقال‪ :‬أما لو أذن لهم في الكلم لخبروكم‪ :‬أن‬
‫خير الزاد التقوى )‪ .(1‬وقال عليه السلم‪ :‬إن‬
‫الدنيا دار صدق لمن صدقها‪ ،‬ودار عافية لمن‬
‫فهم عنها‪ ،‬ودار غنى لمن تزود منها‪ ،‬ودار‬
‫موعظة لمن إتعظ بها‪ ،‬مسجد أحباء الله‪ ،‬و‬
‫مصلى ملئكة الله‪ ،‬ومهبط وحي الله‪ ،‬ومتجر‬
‫أولياء الله‪ ،‬إكتسوا فيها الرحمة‪ ،‬و ربحوا فيها‬
‫الجنة‪ ،‬فمن ذا يذمها وقد آذنت ببينها‪ ،‬ونادت‬
‫بفراقها‪ ،‬ونعت نفسها وأهلها‪ ،‬فمثلت لهم‬
‫ببلئها‪ ،‬وشوقتهم بسرورها إلى السرور‪ ،‬وراحت‬
‫بعافية‪ ،‬و ابتكرت بفجيعة‪ ،‬ترغيبا وترهيبا‬

‫‪95‬‬
‫وتخويفا وتحذيرا‪ ،‬فذمها رجال غداة الندامة‪ ،‬و‬
‫حمدها آخرون يوم القيامة‪ ،‬ذكرتهم الدنيا فذكروا‬
‫وحذرتهم فصدقوا‪ ،‬ووعظتهم فاتعظوا‪ .‬فيا أيها‬
‫الذام للدنيا المغتر بغرورها‪ ،‬بم تذمها ؟ أنت‬
‫المتجرم عليها أم هي المتجرمة عليك ؟ متى‬
‫استهوتك ؟ أم متى غرتك ؟ أبمصارع آبائك من‬
‫البلى ؟ أم بمضاجع أمهاتك تحت الثرى ؟ كم‬
‫عللت بكفيك ؟ وكم مرضت بيديك ؟ تبغى لهم‬
‫الشفاء‪ ،‬وتستوصف لهم الطباء‪ ،‬لم ينفع أحدهم‬
‫إشفاقك‪ ،‬ولم تسعف فيه بطلبتك‪ ،‬قد مثلت لك‬
‫به الدنيا نفسك وبمصرعه مصرعك )‪ .(2‬وقال‬
‫عليه السلم‪ :‬المال والبنون حرث الدنيا‪ ،‬والعمل‬
‫الصالح حرث الخرة وقد يجمعهما لقوام )‪.(3‬‬

‫‪ - 1‬ابن ميثم الكبير ‪ .312 / 5‬ابن ابي الحديد ‪/ 18‬‬


‫‪ - 2 .322‬إبن أبي الحديد ‪ .235 / 18‬ابن ميثم ‪5‬‬
‫‪ - 3 .313 /‬شرح ابن ميثم ‪ .3 / 2‬شرح ابن ابي‬
‫الحديد ‪(*) .312 / 1‬‬

‫] ‪[ 103‬‬

‫وقال عليه السلم‪ :‬من لهج قلبه بحب الدنيا التاط‬


‫منها بثلث‪ ،‬هم ل يغبه‪ ،‬وأمل ل يدركه‪ ،‬ورجاء ل‬
‫يناله )‪ .(1‬وقال عليه السلم‪ :‬إن لله ملكا ينادي‬
‫في كل يوم‪ ،‬لدوا للموت‪ ،‬واجمعوا للفناء‪ ،‬وابنوا‬
‫للخراب )‪ .(2‬وقال عليه السلم‪ :‬الدنيا دار ممر‬
‫إلى دار مقر‪ ،‬والناس فيها رجلن‪ ،‬رجل باع‬
‫نفسه فأوبقها‪ ،‬ورجل إبتاع نفسه فأعتقها )‪.(3‬‬
‫وقال عليه السلم‪ :‬ل يكون الصديق صديقا حتى‬
‫يحفظ أخاه في ثلث‪ ،‬في نكبته‪ ،‬وغيبته‪ ،‬ووفاته‬
‫)‪ .(4‬وقال عليه السلم‪ :‬من أعطى أربعا لم‬
‫يحرم أربعا‪ ،‬من أعطي الدعاء لم يحرم الجابة‪.‬‬
‫ومن اعطي التوبة لم يحرم القبول‪ .‬ومن أعطي‬
‫الستغفار لم يحرم المغفرة‪ .‬ومن اعطي الشكر‬
‫لم يحرم الزيادة‪ .‬وتصديق ذلك في القرآن قال‬

‫‪96‬‬
‫الله تعالى في الدعاء‪) :‬ادعوني أستجب لكم( )‪(5‬‬
‫وقال ‪ -‬تعالى ‪ -‬في الستغفار‪) :‬ومن يعمل سوءا‬
‫أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا‬
‫رحيما( )‪ (6‬و قال تعالى في الشكر‪) :‬لن شكرتم‬
‫لزيدنكم( )‪ (7‬وقال تعالى في التوبة‪) :‬إنما‬
‫التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة‪ ،‬ثم‬
‫يتوبون من قريب فاولئك يتوب الله عليهم( )‪.(8‬‬
‫وقال عليه السلم‪ :‬الصلة قربان كل تقي‪،‬‬
‫والحج جهاد كل ضعيف‪ ،‬و لكل شئ زكاة‪ ،‬وزكاة‬
‫البدن الصيام‪ ،‬وجهاد المرأة حسن التبعل )‪.(9‬‬

‫‪ - 1‬شرح ابن ابى الحديد ‪ .52 / 19‬ابن ميثم ‪.356 / 5‬‬


‫‪ - 2‬شرح ابن مثيم ‪ .316 / 5‬شرح محمد عبده ‪3‬‬
‫‪ - 3 .183 /‬ابن ابي الحديد ‪ .329 / 18‬ابن ميثم‬
‫البحراني ‪ - 4 .316 / 5‬شرح ابن ميثم ‪.316 / 5‬‬
‫ابن ابي الحديد ‪ - 5 .330 / 18‬سورة غافر ‪.60 /‬‬
‫‪ - 6‬سورة النساء ‪ - 7 .110 /‬سورة ابراهيم ‪.7 /‬‬
‫‪ - 8‬سورة النساء ‪ - 9 .17 /‬شرح ابن ابي الحديد‬
‫‪ .332 / 18‬ابن ميثم البحراني ‪(*) .317 / 5‬‬

‫] ‪[ 104‬‬

‫وقال عليه السلم‪ :‬إستنزلوا الرزق بالصدقة‪ .‬ومن‬


‫أيقن بالخلف جاد بالعطية )‪ .(1‬وقال عليه‬
‫السلم‪ :‬تنزل المعونة على قدر المؤونة )‪.(2‬‬
‫وقال عليه السلم‪ :‬التقدير نصف العيش‪ ،‬وما‬
‫عال إمرء اقتصد )‪ .(3‬وقال عليه السلم‪ :‬قلة‬
‫العيال أحد اليسارين )‪ .(4‬وقال عليه السلم‪:‬‬
‫التودد نصف العقل )‪ .(5‬وقال عليه السلم‪ :‬الهم‬
‫نصف الهرم )‪ .(6‬وقال عليه السلم‪ :‬ينزل الصبر‬
‫على قدر المصيبة‪ ،‬ومن ضرب على فخذه عند‬
‫المصيبة حبط أجره )‪ .(7‬وقال عليه السلم‪ :‬كم‬
‫من صائم ليس له من صيامه إل الظمأ‪ ،‬وكم من‬
‫قائم ليس له من قيامه إل العناء‪ ،‬حبذا نوم‬
‫الكياس وإفطارهم‪ ،‬عيبوا الحمقى بصيامهم‬

‫‪97‬‬
‫وقيامهم‪ ،‬والله لنوم على يقين أفضل من عبادة‬
‫أهل الرض من المغترين )‪ .(8‬وقال عليه‬
‫السلم‪ :‬ل تأكلوا الربا في معاملتكم فوالذي‬
‫فلق الحبة‪ ،‬وبرأ النسمة للربا أخفى في هذه‬
‫المة من دبيب النمل على صفاة سوداء في ليلة‬
‫ظلماء )‪ .(9‬قال السيد الرضي رضي الله عنه‪،‬‬
‫وهذا الكلم يروى أيضا للنبي‬

‫‪ - 1‬شرح ابن ميثم البحراني ‪ .318 / 5‬شرح محمد‬


‫عبده ‪ - 2 .185 / 3‬إبن أبي الحديد ‪.337 / 18‬‬
‫ابن ميثم ‪ - 3 .318 / 5‬شرح ابن ميثم البحراني‬
‫‪ .319 / 5‬ابن ابي الحديد ‪ - 4 .338 / 18‬شرح‬
‫ابن أبي الحديد ‪ .339 / 18‬ابن ميثم ‪5 .319 / 5‬‬
‫‪ -‬شرح ابن ميثم ‪ .319 / 5‬ابن أبي الحديد ‪/ 18‬‬
‫‪ - 6 .340‬ابن أبي الحديد ‪ .341 / 18‬شرح عبده‬
‫‪ - 7 .185 / 3‬ابن ميثم البحراني ‪ .319 / 5‬إبن‬
‫أبي الحديد ‪ - 8 .342 / 18‬ابن أبي الحديد ‪/ 18‬‬
‫‪ .344‬ابن ميثم البحراني ‪ - 9 .320 / 5‬المصدر‬
‫السابق ‪(*) .368 / 3‬‬

‫] ‪[ 105‬‬

‫عليه السلم‪ ،‬ول عجب أن يتداخل الكلمان‪ ،‬ويتشابه‬


‫الطريقان‪ ،‬إذ كانا عليهما السلم يمضيان في‬
‫اسلوب ويغرفان من قليب‪ .‬وقال عليه السلم‪:‬‬
‫سوسوا إيمانكم بالصدقة‪ ،‬وحصنوا أموالكم‬
‫بالزكاة‪ ،‬وادفعوا البلء بالدعاء‪ .‬ومن كلمه عليه‬
‫السلم‪ ،‬لكميل بن زياد النخعي على التمام‪:‬‬
‫حدثني هارون بن موسى‪ ،‬قال حدثني أبو علي‬
‫محمد بن همام السكافي‪ ،‬قال‪ :‬حدثني أبو عبد‬
‫الله جعفر بن محمد الحسني‪ ،‬قال‪ :‬حدثني محمد‬
‫بن علي ابن خلف‪ ،‬قال‪ :‬حدثني عيسى بن‬
‫الحسين بن عيسى بن زيد العلوي عن إسحاق‬
‫ابن إبراهيم الكوفي‪ ،‬عن الكلبي‪ ،‬عن أبي صالح‬
‫عن كميل بن زياد النخعي‪ ،‬قال‪ :‬أخذ بيدي أمير‬

‫‪98‬‬
‫المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلم‬
‫فأخرجني إلى الجبان‪ ،‬فلما أصحر تنفس الصعداء‬
‫ثم قال‪ :‬يا كميل بن زياد‪ ،‬إن هذه القلوب أوعية‬
‫فخيرها أوعاها‪ ،‬فاحفظ عني ما أقول لك‪ ،‬الناس‬
‫ثلثة‪ ،‬فعالم رباني‪ ،‬ومتعلم على سبيل نجاة‪،‬‬
‫وهمج رعاع أتباع كل ناعق‪ ،‬يميلون مع كل ريح‪،‬‬
‫لم يستضيئوا بنور العلم‪ ،‬ولم يلجؤوا إلى ركن‬
‫وثيق‪ .‬يا كميل بن زياد‪ ،‬العلم خير من المال‪،‬‬
‫العلم يحرسك وأنت تحرس المال‪ ،‬والمال تنقصه‬
‫النفقة‪ ،‬والعلم يزكو على النفاق‪ .‬يا كميل بن‬
‫زياد‪ ،‬معرفة العلم دين يدان به‪ ،‬يكسب النسان‬
‫الطاعة في حياته‪ ،‬وجميل الحدوثة بعد وفاته‪،‬‬
‫والعلم حاكم‪ ،‬والمال محكوم عليه‪ .‬يا كميل بن‬
‫زياد‪ ،‬هلك خزان الموال وهم أحياء‪ ،‬والعلماء‬
‫باقون ما بقي الدهر‪ ،‬اعيانهم مفقودة‪ ،‬وأمثالهم‬
‫في القلوب موجودة‪ ،‬ها إن هاهنا لعلما جما‬
‫)وأشار إلى صدره( لو أصبت له حملة‪ .‬بلى أصيب‬
‫لقنا غير مأمون عليه مستعمل آلة الدين للدنيا‬
‫ومستظهرا بنعم الله على عباده‪ ،‬وبحججه على‬
‫أوليائه‪ ،‬أو منقادا لحملة الحق‪ ،‬ل بصيرة له في‬
‫إغيائه‪ ،‬ينقدح الشك في قلبه لول عارض من‬
‫شبهة‬

‫] ‪[ 106‬‬

‫أل لذا ول ذاك‪ ،‬أو منهوما باللذة سلس القياد للشهوة‪،‬‬


‫أو مغرما بالجمع و الدخار‪ ،‬ليسا من رعاة الدين‬
‫في شئ أقرب شبها بهما النعام السائمة كذلك‬
‫يموت العلم بموت حامليه‪ .‬اللهم بلى‪ ،‬ل تخلو‬
‫الرض من قائم لله بحجة إما ظاهرا مشهودا أو‬
‫خافيا مغمورا لئل تبطل حجج الله وبيناته‪ ،‬وكم‬
‫ذا‪ ،‬وأين أولئك‪ ،‬أولئك والله القلون عددا‪،‬‬
‫والعظمون قدرا بهم يحفظ الله حججه‪ ،‬وبيناته‬
‫حتى يودعوها نظرائهم‪ ،‬ويزرعوها في قلوب‬
‫أشباههم‪ ،‬هجم بهم العلم على حقيقة البصيرة‪،‬‬
‫وباشروا روح اليقين‪ ،‬واستلنوا ما استوعر‬

‫‪99‬‬
‫المترفون‪ ،‬وأنسوا ما استوحش منه الجاهلون‪ ،‬و‬
‫صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحل‬
‫العلى‪ ،‬أولئك خلفاء الله في أرضه والدعاة إلى‬
‫دينه‪ .‬آه آه شوقا إلى رؤيتهم‪ ،‬إنصرف إذا شئت )‬
‫‪ .(1‬وقال عليه السلم‪ :‬المرء مخبوء تحت لسانه‬
‫)‪ .(2‬وقال عليه السلم‪ :‬هلك إمرؤ لم يعرف‬
‫قدره )‪ .(3‬وقال عليه السلم‪ :‬لكل إمرئ عاقبة‬
‫حلوة أو مرة )‪ .(4‬وقال عليه السلم‪ :‬لكل مقبل‬
‫إدبار‪ ،‬وما أدبر كأن لم يكن )‪ .(5‬وقال عليه‬
‫السلم‪ :‬أكثر العطايا فتنة وما كلها محمودا في‬
‫العاقبة )‪ .(6‬وقال عليه السلم‪ :‬الصبر لعطاء‬
‫الحق مر‪ ،‬وما كل له بمطيق )‪ .(7‬وقال عليه‬
‫السلم‪ :‬ل يعدم الصبور الظفر‪ ،‬وإن طال به‬
‫الزمان )‪.(8‬‬

‫‪ - 1‬شرح ابن ميثم البحراني ‪ .321 / 5‬محمد عبده ‪/ 3‬‬


‫‪ .186‬شرح ابن أبي الحديد ‪ - 2 .346 / 18‬ابن‬
‫ميثم ‪ .327 / 5‬إبن أبي الحديد ‪- 3 .353 / 18‬‬
‫إبن أبي الحديد المعتزلي ‪ .355 / 18‬شرح ابن‬
‫ميثم البحراني ‪ - 4 .327 / 5‬شرح ابن ميثم ‪/ 5‬‬
‫‪ .332‬شرح ابن أبي الحديد ‪ - 5 .361 / 18‬ابن‬
‫أبي الحديد ‪ .363 / 18‬إبن ميثم البحراني ‪/ 5‬‬
‫‪ - 6 .332‬دستور معالم الحكم ‪ - 7 .119 /‬ابن‬
‫ميثم ‪ - 8 .225 / 5‬شرح ابن ابي الحديد ‪/ 18‬‬
‫‪ .366‬شرح ابن ميثم ‪ -‬الكبير ‪(*) .332 / 5 -‬‬

‫] ‪[ 107‬‬

‫وقال عليه السلم‪ :‬الراضي بفعل قوم كالداخل فيه‬


‫معهم )‪ .(1‬وقال عليه السلم‪ :‬على كل داخل‬
‫في باطل إثمان‪ ،‬إثم العمل به‪ ،‬وإثم الرضا به )‬
‫‪ .(2‬وقال عليه السلم‪ :‬ما اختلفت دعوتان إل‬
‫كانت إحداهما ضللة )‪ .(3‬وقال عليه السلم‪ :‬ما‬
‫شككت في الحق منذ أريته )‪ .(4‬وقال عليه‬
‫السلم‪ :‬ما كذبت ول كذبت ول ضللت ول ضل بي‬

‫‪100‬‬
‫)‪ .(5‬وقال عليه السلم‪ :‬للظالم البادي غدا بكفه‬
‫عضة )‪ .(6‬وقال عليه السلم‪ :‬الرحيل وشيك )‪.(7‬‬
‫وقال عليه السلم‪ :‬من وثق بماء لم يظمأ )‪.(8‬‬
‫وقال عليه السلم‪ :‬من أبدى صفحته للحق هلك )‬
‫‪ .(9‬وقال عليه السلم‪ :‬استعصموا بالذمم في‬
‫أوتادها )‪ .(1‬وقال عليه السلم‪ :‬عليكم بطاعة‬
‫من ل تعذرون بجهالته )‪ .(11‬وقال عليه السلم‪:‬‬
‫قد بصرتم إن أبصرتم‪ ،‬وقد هديتم إن أهتديتم )‬
‫‪.1 (2‬‬

‫‪ - 1‬إبن ميثم البحراني ‪ .332 / 5‬إبن أبي الحديد ‪/ 18‬‬


‫‪ - 2 .362‬إبن أبي الحديد ‪ .362 / 18‬شرح ابن‬
‫ميثم ‪ - 3 .332 / 5‬شرح ابن مثيم البحراني ‪/ 5‬‬
‫‪ .340‬ابن أبي الحديد ‪ - 4 .367 / 18‬إبن أبي‬
‫الحديد ‪ .374 / 18‬ابن ميثم الحبراني ‪.340 / 5‬‬
‫‪ - 5‬شرح ابن ميثم ‪ .340 / 5‬شرح ابن أبي‬
‫الحديد ‪ - 6 .368 / 18‬ابن ميثم البحراني ‪/ 5‬‬
‫‪ .341‬ابن أبي الحديد ‪ - 7 .369 / 18‬إبن أبي‬
‫الحديد المعتزلي ‪ .370 / 18‬شرح ابن ميثم ‪/ 5‬‬
‫‪ - 8 .341‬ابن ميثم البحراني ‪ .270 / 1‬إبن أبي‬
‫الحديد ‪ 207 / 1‬في آخر خطبته عليه السلم‬
‫برقم ‪ - 9 .4‬شرح إبن أبي الحديد ‪.371 / 18‬‬
‫شرح عبده ‪ - 10 .195 / 3‬إبن أبي الحديد ‪/ 18‬‬
‫‪ .372‬ابن ميثم البحراني ‪ 333 / 5‬وفيه‪:‬‬
‫اعتصموا‪ - 11 .‬شرح ابن ميثم ‪ .333 / 5‬شرح‬
‫ابن أبي الحديد ‪ - 12 .373 / 18‬ابن أبي الحديد‬
‫‪ .376 / 18‬ابن ميثم البحراني ‪(*) .333 / 5‬‬

‫] ‪[ 108‬‬

‫ومن كلمه عليه السلم في آخر عمره لما ضربه إبن‬


‫ملجم لعنه الله وصيتي لكم أل تشركوا بالله‬
‫شيئا‪ ،‬ومحمد صلى الله عليه وآله فل تضيعوا‬
‫سنته‪ ،‬أقيموا هذين العمودين‪ ،‬وخلكم ذم‪ ،‬أنا‬
‫بالمس صاحبكم‪ ،‬واليوم عبرة لكم‪ ،‬وغدا‬

‫‪101‬‬
‫مفارقكم‪ ،‬وإن أبق فأنا ولي دمي‪ ،‬وإن أفن‬
‫فالفناء ميعادي‪ ،‬وإن أعف فالعفو لي قربة‪ ،‬وهو‬
‫لكم حسنة )فاعفوا أل تحبون أن يغفر الله لكم(‬
‫)‪ .(1‬وقال عليه السلم‪ :‬عاتب أخاك بالحسان‬
‫إليه‪ ،‬واردد شره بالنعام عليه )‪ .(2‬وقال عليه‬
‫السلم‪ :‬من وضع نفسه موضع التهمة فل يلومن‬
‫من أساء به الظن )‪ .(3‬وقال عليه السلم‪ :‬من‬
‫ملك إستأثر )‪ .(4‬وقال عليه السلم‪ :‬من إستبد‬
‫برأيه هلك )‪ .(5‬وقال عليه السلم‪ :‬من كتم سره‬
‫كانت الخيرة بيده )‪ .(6‬وقال عليه السلم‪ :‬الفقر‬
‫الموت الكبر )‪.(7‬‬

‫‪ - 1‬شرح محمد عبده ‪ .24 / 2‬شرح ابن ميثم البحراني‬


‫‪) .403 / 4‬سورة النور ‪ - 2 .(22 /‬شرح إبن أبي‬
‫الحديد ‪ .160 / 18‬ابن ميثم ‪ - 3 .333 / 5‬إبن‬
‫ميثم البحراني ‪ .334 / 5‬ابن أبي الحديد ‪/ 18‬‬
‫‪ - 4 .380‬شرح ابن أبي الحديد ‪ .381 / 18‬شرح‬
‫ابن ميثم ‪ - 5 .334 / 5‬ابن ميثم البحراني ‪/ 5‬‬
‫‪ .334‬ابن أبي الحديد ‪ - 6 .382 / 18‬شرح ابن‬
‫أبي الحديد ‪ .384 / 18‬شرح ابن ميثم ‪.334 / 5‬‬
‫‪ - 7‬ابن ميثم البحراني ‪ .335 / 5‬إبن أبي الحديد‬
‫‪(*) .386 / 18‬‬

‫] ‪[ 109‬‬

‫وقال عليه السلم‪ :‬من قضى حق من ل يقضي حقه‬


‫فقد عبده )‪ .(1‬وقال عليه السلم‪ :‬ل طاعة‬
‫لمخلوق في معصية الخالق )‪ .(2‬ومن كلمه له‬
‫عليه السلم‪ ،‬يعظ به بعض أصحابه‪ :‬ل تكن ممن‬
‫يرجوا الخرة بغير عمل‪ .‬ويرجي التوبة بطول‬
‫المل‪ .‬يقول في الدنيا بقول الزاهدين‪ .‬ويعمل‬
‫فيها بعمل الراغبين‪ .‬إن أعطي منها لم يشبع‪ ،‬و‬
‫إن منع منها لم يقنع‪ .‬يعجز عن شكر ما أوتي‪.‬‬
‫ويعجبه الزيادة فيما بقي‪ ،‬ينهى و ل ينتهي‪.‬‬
‫ويأمر بما ل يأتي‪ .‬يحب الصالحين وليس منهم‪.‬‬

‫‪102‬‬
‫ويبغض المذنبين وهو أحدهم‪ .‬يكره الموت لكثرة‬
‫ذنوبه‪ .‬ويقيم على ما يكره الموت له‪ .‬تغلبه‬
‫نفسه على ما يظن ول يغلبها على ما يستيقن‪.‬‬
‫يخاف على غيره بأدنى من ذنبه‪ ،‬ويرجوا لنفسه‬
‫بأكثر من عمله‪ .‬النوم مع الغنياء أحب إليه من‬
‫الذكر مع الفقراء )‪ .(3‬ومن كلم له عليه السلم‪:‬‬
‫قد قطعوا رحمي‪ ،‬واضاعوا أيامي‪ ،‬ودفعوا حقي‪،‬‬
‫وصغروا عظيم منزلتي‪ ،‬واجمعوا على منازعتي‪،‬‬
‫ليعاب المرء بتأخير حقه إنما يعاب من أخذ ما‬
‫ليس له )‪ .(4‬وقال عليه السلم‪ :‬الفرص تمر مر‬
‫السحاب )‪ .(5‬وقال عليه السلم‪ :‬العجاب يمنع‬
‫من الزدياد )‪ .(6‬وقال عليه السلم‪ :‬المر قريب‪،‬‬
‫والصطحاب قليل )‪ .(7‬وقال عليه السلم‪ :‬أضاء‬
‫الصبح لذي عينين )‪.(8‬‬

‫‪ - 1‬شرح ابن أبي الحديد ‪ .388 / 18‬شرح محمد عبده‬


‫‪ .192 / 3‬شرح ابن ميثم البحراني ‪- 2 .335 / 5‬‬
‫ابن ميثم البحراني ‪ 335 / 5‬رقم ‪ .151‬ابن أبي‬
‫الحديد ‪ 389 / 18‬رقم ‪ - 3 .167‬شرح محمد‬
‫عبده ‪ .189 / 3‬شرح ابن ميثم ‪ 328 / 5‬رقم‬
‫‪ .137‬ابن أبي الحديد ‪ 356 / 18‬رقم ‪- 4 .146‬‬
‫شرح ابن أبي الحديد ‪ .390 / 18‬ابن ميثم‬
‫البحراني ‪ - 5 .335 / 5‬ابن ميثم ‪ .248 / 5‬ابن‬
‫أبي الحديد ‪ .131 / 18‬محمد عبده ‪- 6 .155 / 3‬‬
‫شرح ابن أبي الحديد ‪ .391 / 18‬شرح إبن ميثم‬
‫‪ - 7 335 / 5‬ابن ميثم البحراني ‪ .336 / 5‬ابن‬
‫أبي الحديد ‪ - 8 .391 / 18‬شرح ابن أبي الحديد‬
‫‪ .395 / 18‬شرح ميثم بن علي بن ميثم‬
‫البحراني ‪(*) 336 / 5‬‬

‫] ‪[ 110‬‬

‫وقال عليه السلم‪ :‬ترك الذنب أهون من طلب التوبة )‬


‫‪ .(1‬وقال عليه السلم‪ :‬كم من أكلة منعت أكلت‬
‫)‪ .(2‬وقال عليه السلم‪ :‬الناس أعداء ما جهلوا )‬

‫‪103‬‬
‫‪ .(3‬وقال عليه السلم‪ :‬من إستقبل وجوه الراء‬
‫عرف مواقع الخطأ )‪ .(4‬وقال عليه السلم‪ :‬من‬
‫أحد سنان الغضب لله قوي على قتل أشداء‬
‫الباطل )‪ .(5‬وقال عليه السلم‪ :‬إذا هبت أمرا‬
‫فقع فيه‪ ،‬فان شدة توقيه أعظم مما يخاف منه )‬
‫‪ .(6‬وقال عليه السلم‪ :‬آلة الرئاسة سعة الصدر )‬
‫‪ .(7‬وقال عليه السلم‪ :‬ازجر المسئ بثواب‬
‫المحسن )‪ .(8‬وقال عليه السلم‪ :‬احصد الشر من‬
‫صدر غيرك بقلعه من صدرك )‪ .(9‬وقال عليه‬
‫السلم‪ :‬اللجاجة تسل الرأي )‪ .(10‬وقال عليه‬
‫السلم‪ :‬الطمع رق مؤبد )‪ .(11‬وقال عليه‬
‫السلم‪ :‬ثمرة التفريط الندامة )‪.(12‬‬

‫‪ - 1‬ابن ميثم ‪ .336 / 5‬ابن أيي الحديد ‪- 2 .396 / 18‬‬


‫شرح ابن أبي الحديد ‪ .397 / 18‬شرح ابن ميثم‬
‫‪ .336 / 5‬شرح محمد عبده ‪ - 3 .193 / 3‬شرح‬
‫ابن ميثم البحراني ‪ .336 / 5‬ابن أبي الحديد‬
‫‪ 403 / 18‬رقم ‪ - 4 .174‬شرح ابن أبي الحديد‬
‫‪ .404 / 18‬ابن ميثم ‪ .337 / 5‬شرح محمد عبده‬
‫‪ - 5 .193 / 3‬ابن ميثم البحراني ‪ .337 / 5‬ابن‬
‫أبي الحديد ‪ - 6 .405 / 18‬شرح ابن أبي الحديد‬
‫‪ .406 / 18‬شرح ميثم بن علي بن ميثم ‪/ 5‬‬
‫‪ - 7 .337‬إبن ميثم البحراني ‪ .338 / 5‬إبن أبي‬
‫الحديد ‪ - 8 .407 / 18‬شرح عبده ‪ .194 / 3‬ابن‬
‫أبي الحديد ‪ .410 / 18‬شرح ابن ميثم ‪.338 / 5‬‬
‫‪ - 9‬ابن أبي الحديد ‪ .411 / 18‬شرح عبده ‪/ 3‬‬
‫‪ .194‬ابن ميثم البحراني ‪ - 10 .338 / 5‬شرح‬
‫ابن ميتم بن علي بن ميثم ‪ .339 / 5‬شرح ابن‬
‫أبي الحديد ‪ - 11 .412 / 18‬ابن أبي الحديد ‪/ 18‬‬
‫‪ .413‬ابن ميثم البحراني ‪ - 12 .339 / 5‬شرح‬
‫ابن ميثم ‪ .339 / 5‬محمد عبده ‪ .194 / 3‬شرح‬
‫ابن أبي الحديد ‪(*) .414 / 18‬‬

‫] ‪[ 111‬‬

‫‪104‬‬
‫وقال عليه السلم‪ :‬من لم ينجه الصبر أهلكه الجزع )‬
‫‪ .(1‬وقال عليه السلم‪ :‬عليكم بالصبر فيه يأخذ‬
‫الحازم‪ ،‬وإليه يرجع الجازع ‪ .2‬وقال عليه السلم‪:‬‬
‫في شأن الخلفة‪ ،‬واعجبا أتكون الخلفة‬
‫بالصحابة‪ ،‬و ل تكون بالصحابة والقرابة‪ .‬ويروى‬
‫والقرابة والنص‪ .‬ويروى له عليه السلم شعر في‬
‫هذا المعنى وهو‪ :‬فإن كنت بالشورى ملكت‬
‫أمورهم * فكيف بهذا والمشيرون غيب وإن كنت‬
‫بالقربى حججت خصيمهم * فغيرك أولى بالنبي‬
‫وأقرب )‪ (3‬ولقد أوضح عليه السلم بهذا القول‬
‫نهج المحجة‪ ،‬وأخذ على خصومه بمضائق الحجة‪.‬‬
‫سئل أبو جعفر الخواص الكوفي )وكان هذا رجل‬
‫من الصالحين ويجمع مع ذلك التقدم في العلم‬
‫بمتشابه القرآن وغوامض ما فيه وسائر معانيه(‬
‫عما جاء في الخبر أنه من أحسن عبادة الله في‬
‫شيبته‪ ..‬ألقى الله الحكمة عند سنه‪ .‬فقال‪ :‬كذا‬
‫قال الله عزوجل‪) :‬فلما بلغ أشده واستوى آتيناه‬
‫حكما و علما( )‪ (4‬ثم قال تعالى‪) :‬وكذلك نجزي‬
‫المحسنين( )‪ (5‬وعدا عليه حقا‪ .‬أل ترى أن عليا‬
‫أمير المؤمنين عليه السلم‪ ،‬آمن صغيرا فلم‬
‫يلبث أن صار ناطقا حكيما فقال عليه السلم‪:‬‬
‫رحم الله امرا سمع حكما فوعى‪ ،‬وأخذ بحجزة‬
‫هاد فنجى‪ ،‬قدم خالصا وعمل صالحا‪ ،‬واكتسب‬
‫مذخورا‪ ،‬واجتنب محذورا‪ ،‬رمى غرضا‪ ،‬وأحرز‬
‫عوضا‪ ،‬خاف ذنبه وراقب ربه‪ ،‬وجعل الصبر مطية‬
‫نجاته‪ ،‬والتقوى عدة وفاته اغتنم المهل‪ ،‬وبادر‬
‫الجل‪ ،‬واقطع المل‪ ،‬وتزود من العمل‪ .‬ثم قال‬
‫ابو جعفر‪ :‬فهل رأيت كلما أوجزا ووعظا أبلغ‬
‫من هذا ؟ وكيف‬

‫‪ - 1‬ابن أبي الحديد ‪ .415 / 18‬ابن ميثم البحراني ‪/ 15‬‬


‫‪ - 2 .341‬ابن ميثم ‪ .341 / 5‬ابن أبي الحديد‬
‫المعتزلي ‪ - 3 .322 / 18‬شرح ابن أبي الحديد‬
‫‪ .416 / 18‬شرح محمد عبده ‪ .195 / 3‬شرح ابن‬

‫‪105‬‬
‫ميثم ‪ - 4 .341 / 5‬سورة يوسف ‪- 5 .22 /‬‬
‫سورة القصص ‪(*) .14 /‬‬

‫] ‪[ 112‬‬

‫ل يكون كذلك‪ ،‬وهو خطيب قريش ولقمانها عليه‬


‫السلم‪ .‬وقال عليه السلم‪ :‬تخففوا تلحقوا )‪.(1‬‬
‫قال الشريف الرضي أبو الحسن رضي الله عنه‪:‬‬
‫ما أقل هذه الكلمة‪ ،‬وأكثر نفعها‪ ،‬وأعظم قدرها‪،‬‬
‫وأبعد غورها‪ ،‬وأسطع نورها‪ .‬وبعد هذه الكلمة‬
‫قوله عليه السلم‪ :‬فخلفكم الساعة تحدوكم‬
‫وإنما ينتظر بأولكم آخركم‪ .‬وقال عليه السلم‪ :‬ل‬
‫خير في الصمت عن الحكم كما أنه ل خير في‬
‫القول بالجهل )‪ .(2‬وقال عليه السلم‪ :‬يا ابن‬
‫آدم ما كسبت فوق قوتك فانت فيه خازن لغيرك‬
‫)‪ (3‬وقال عليه السلم‪ :‬ان للقلوب شهوة واقبال‬
‫وادبارا فأتوها من قبل شهوتها و إقبالها‪ ،‬فإن‬
‫القلب إذا أكره عمى )‪ .(4‬وقال عليه السلم‪:‬‬
‫الناس نيام فإذا ماتوا انبتهوا )‪ .(5‬وقالوا‪ :‬كان‬
‫عليه السلم يقول‪ :‬متى أشفي غيظي إذا‬
‫غضبت ؟ أحين أعجز عن النتقام ؟ فيقال لي‪:‬‬
‫لو صبرت‪ .‬أم حين أقدر عليه ؟ فيقال لي لو‬
‫عفوت‪ .‬ويروى لو غفرت )‪ .(6‬وعن الشعبي‪ ،‬أن‬
‫أمير المؤمنين عليه السلم‪ ،‬مر بقذر على مزبلة‬
‫فقال‪ :‬هذا ما بخل به الباخلون‪ .‬وفي خبر آخر‬
‫أنه عليه السلم قال‪ :‬هذا ما كنتم تتنافسون‬
‫عليه بالمس )‪.(7‬‬

‫‪ - 1‬شرح ابن أبي الحديد ‪ 301 / 1‬من خطبة له عليه‬


‫السلم برقم ‪ .21‬شرح عبده ‪ .54 / 1‬شرح إبن‬
‫ميثم البحراني ‪ - 2 .330 / 1‬شرح ميثم بن علي‬
‫بن ميثم البحراني ‪ .340 / 5‬شرح ابن أبي‬
‫الحديد ‪ - 3 .9 / 19‬ابن أبي الحديد ‪ .10 / 19‬ابن‬
‫ميثم البحراني ‪ .343 / 5‬محمد عبده ‪4 .196 / 3‬‬
‫‪ -‬شرح محمد عبده ‪ .197 / 3‬ابن أبي الحديد‬

‫‪106‬‬
‫‪ .11 / 19‬ابى ميثم ‪ - 5 .344 / 5‬دستور معالم‬
‫الحكم ‪ - 6 .97 /‬شرح ابن أبي الحديد ‪.12 / 29‬‬
‫ابن ميثم البحراني ‪ - 7 .344 / 5‬ابن ميثم‬
‫البحراني ‪ .344 / 5‬ابن أبي الحديد ‪.13 / 19‬‬
‫شرح عبده ‪(*) .197 / 3‬‬

‫] ‪[ 113‬‬

‫قال الشريف الرضي أبو الحسن رضي الله عنه‪ ،‬وكل‬


‫واحد من القولين حكمة واضحة العبرة‪ ،‬ولمعة‬
‫شادخة الغرة‪ .‬وقال عليه السلم‪ :‬لم يذهب من‬
‫مالك ما وعظك )‪ .(1‬قال الرضي أبو الحسن‬
‫رضي الله عنه‪ ،‬وأقول سبحان الله ! ما أقصر‬
‫هذه الكلمة من كلمة وأطول شأوها في مضمار‬
‫الحكمة ! وقال عليه السلم‪ :‬إن القلوب تمل‬
‫فابتغوا لها طرائف الحكمة )‪ .(2‬ومن كلم له‬
‫عليه السلم‪ ،‬في قوم من أصحابه كانوا يتسللون‬
‫إلى معاوية‪ :‬فكفى لهم غيا وكفى بذلك منهم‬
‫شافيا‪ ،‬فرارهم من الهدى والحق‪ ،‬و إيضاعهم‬
‫إلى العمى والجهل‪ ،‬وإنما هم أهل دنيا مقبلون‬
‫عليها‪ ،‬قد علموا أن الناس في الحق أسوة‬
‫فهربوا إلى الثرة فبعدا لهم وسحقا )‪ .(3‬وقال‬
‫عليه السلم ‪ -‬لما سمع قول الخوارج‪ :‬ل حكم إل‬
‫لله ‪ :-‬كلمة حق يراد بها باطل )‪ .(4‬قال الشريف‬
‫أبو الحسن رضي الله عنه‪ ،‬وهذه أبلغ عبارة عن‬
‫أمر الخوارج لما جمعوا حسن العتزاء والشعار‪،‬‬
‫وقبح البطان والضمار‪ .‬وقال عليه السلم‪ ،‬في‬
‫صفة العامة‪ :‬الغوغاء هم الذين إذا اجتمعوا‬
‫ضروا‪ ،‬و إذا تفرقوا نفعوا‪ ،‬فقيل له عليه‬
‫السلم‪ :‬قد علمنا مضرة إجتماعهم فما منفعة‬
‫افتراقهم ؟ قال عليه السلم‪ :‬يرجع أصحاب‬
‫المهن إلى مهنهم‪ ،‬فينتفع الناس بهم كرجوع‬
‫البناء إلى بنائه‪ ،‬والحائك إلى منسجه‪ ،‬والخباز‬
‫إلى مخبزه )‪ .(5‬ويروى أنه عليه السلم‪ ،‬أتي‬
‫بجان ومعه غوغاء‪ ،‬فقال عليه السلم‪ :‬ل‬

‫‪107‬‬
‫‪ - 1‬شرح ابن أبي الحديد ‪ .15 / 19‬شرح ابن ميثم ‪/ 5‬‬
‫‪ - 2 .345‬شرح عبده ‪ .197 / 3‬شرح ابن ميثم‬
‫البحراني ‪ .344 / 5‬ابن أبي الحديد ‪- 3 .16 / 19‬‬
‫شرح ابن ميثم البحراني ‪ 225 / 5‬وفيه‪ :‬من‬
‫كتاب له عليه السلم إلى سهل بن حنيف‬
‫النصاري و هو عامله على المدينة في بعض من‬
‫أهلها لحقوا بمعاوية‪ .‬شرح ابن أبي الحديد ‪/ 18‬‬
‫‪ - 4 .52‬ابن أبي الحديد ‪ .17 / 19‬ابن ميثم ‪/ 5‬‬
‫‪ - 5 .345‬شرح إبن ميثم البحراني ‪.345 / 5‬‬
‫شرح ابن أبي الحديد ‪(*) .18 / 19‬‬

‫] ‪[ 114‬‬

‫مرحبا بوجوه ل ترى إل عند كل سوأة )‪ .(1‬وجاءه عليه‬


‫السلم رجل من مراد وهو في المسجد‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫احترس يا امير المؤمنين فإن هاهنا قوما من‬
‫مراد يريدون اغتيالك‪ ،‬فقال عليه السلم‪ :‬إن مع‬
‫كل إنسان ملكين يحفظانه‪ ،‬فإذا جاء القدر خليا‬
‫بينه وبينه‪ ،‬وأن الجل جنة حصينة )‪ .(2‬ومن‬
‫خطبة له عليه السلم‪ :‬أل وإن الخطايا خيل‬
‫شمس حمل عليها راكبها‪ ،‬وخلعت لجمها‬
‫فقحمت بهم في النار‪ ،‬أل وإن التقوى مطايا‬
‫ذلل حمل عليها أهلها‪ ،‬وأعطوا أزمتها‪ ،‬فأوردتهم‬
‫الجنة )‪ .(2‬ومن جملة هذه الخطبة‪ ،‬أيضا قوله‬
‫عليه السلم‪ :‬حق وباطل‪ ،‬ولكل أهل‪ ،‬فلئن أمر‬
‫الباطل لقديما فعل‪ ،‬ولئن قل الحق لربما فعل‪،‬‬
‫ولقلما أدبر شئ فأقبل )‪ .(3‬قالوا‪ :‬ولما قال‬
‫طلحة‪ ،‬والزبير له عليه السلم‪ :‬نبايعك على إنا‬
‫شركائك في هذا المر‪ ،‬فقال عليه السلم‪ :‬ل‬
‫ولكنكما شريكان في القوة والستعانة‪ ،‬وعونان‬
‫على العجز والود )‪ .(4‬ومن كلم له عليه السلم‬
‫في مدح الكوفة‪ :‬ويحك يا كوفة‪ ،‬ما أطيبك !‬
‫وأطيب ريحك ! وأخبث كثيرا من أهلك ! الخارج‬
‫منك بذنب‪ .‬والداخل فيك برحمة‪ ،‬أما ل تذهب‬
‫الدنيا حتى يحن إليك كل مؤمن ويخرج عنك كل‬
‫كافر‪ ،‬أما ل تذهب الدنيا حتى تكوني من النهرين‬

‫‪108‬‬
‫إلى النهرين حتى أن الرجل ليركب البغلة‬
‫السفواء )‪ (5‬يريد الجمعة ول يدركها )‪.(6‬‬

‫‪ - 1‬ابن أبي الحديد ‪ .20 / 19‬ابن ميثم البحراني ‪/ 5‬‬


‫‪ .345‬محمد عبده ‪ - 2 .198 / 3‬شرح ابن أبي‬
‫الحديد ‪ .21 / 19‬شرح ابن ميثم ‪ -‬الكبير ‪/ 5 -‬‬
‫‪ - 3 .346‬من خطبة له عليه السلم لما بويع‬
‫بالمدينة‪ .‬شرح عبده ‪ .42 / 1‬شرح ابن ميثم‬
‫البحراني ‪ - 4 .296 / 1‬شرح ابن أبي الحديد‬
‫‪ .22 / 19‬شرح ابن ميثم ‪ - 5 .346 / 5‬السوفاء‪:‬‬
‫السريعة السير‪ .‬ريح سفواء سريعة المر‪،‬‬
‫هوجاء‪ - 6 .‬سفينة البحار ‪(*) .498 / 2‬‬

‫] ‪[ 115‬‬

‫وقال عليه السلم‪ :‬المسالمة حبيب العيوب )‪ .(1‬وقال‬


‫عليه السلم‪ :‬الناس بزمانهم أشبه منهم بآبائهم‬
‫)‪ .(2‬وقال عليه السلم‪ :‬ايها الناس إتقوا الله‬
‫الذي إن قلتم سمع‪ ،‬وإن أضمرتم علم‪ ،‬وبادروا‬
‫الموت الذي إن هربتم أدرككم‪ ،‬وإن أقمتم‬
‫أخذكم‪ ،‬وإن نسيتموه ذكركم )‪ .(3‬وقال عليه‬
‫السلم‪ :‬ل يزهدك في المعروف من ل يشكره‬
‫لك‪ ،‬فقد يشكرك عليه من لم يستمتع بشئ منه )‬
‫‪ .(4‬وقال عليه السلم‪ :‬يا ابن آدم ل تحمل هم‬
‫يومك الذي لم يأتك على يومك الذي أنت فيه‪،‬‬
‫فان يكن بقى من أجلك يأت الله فيه برزقك )‪.(5‬‬
‫وقال عليه السلم‪ :‬كل وعاء يضيق بما جعل فيه‪،‬‬
‫إل وعاء العلم فانه يتسع )‪ .(6‬وقال عليه‬
‫السلم‪ :‬أول عوض الحليم من حلمه أن الناس‬
‫أنصاره على الجاهل )‪ .(7‬وقال عليه السلم‪:‬‬
‫أفضل رداء يرتدي به الحلم‪ ،‬فإن لم تكن حليما‬
‫فتحلم‪ ،‬فإنه قل من تشبه بقوم إل أوشك أن‬
‫يكون منهم )‪.(8‬‬

‫‪109‬‬
‫‪ - 1‬شرح محمد عبده ‪ .105 / 3‬شرح ابن أبي الحديد‬
‫‪ - 2 .97 / 18‬الغرر والحكم ‪ - 3 .115 / 2‬شرح‬
‫ابن الحديد ‪ .23 / 19‬شرح ابن ميثم البحراني‬
‫‪ - 4 .346 / 5‬ابن ابي الحديد المعتزلي ‪.24 / 19‬‬
‫ابن ميثم البحراني ‪ - 5 .347 / 5‬شرح محمد‬
‫عبده ‪ .217 / 3‬شرح ابن ميثم ‪ -‬الكبير ‪/ 5 -‬‬
‫‪ .379‬شرح ابن أبي الحديد ‪ - 6 .155 / 19‬شرح‬
‫ابن ابي الحديد ‪ .25 / 19‬شرح ابن ميثم ‪/ 5‬‬
‫‪ - 7 .347‬ابن أبي الحديد ‪ .26 / 19‬ابن ميثم‬
‫البحراني ‪ - 8 .348 / 5‬شرح ابن أبي الحديد‬
‫‪ .27 / 19‬شرح ابن ميثم ‪(*) .348 / 5‬‬

‫] ‪[ 116‬‬

‫ومن جملة وصيته لبنه المام أبي محمد الحسن بن‬


‫علي عليهما السلم والصلة يا بني إني لما‬
‫رأيتني قد بلغت سنا‪ ،‬ورأيتني أزداد وهنا‪ ،‬أردت‬
‫بوصيتي إياك خصال منهن‪ :‬إني خفت أن يعجل‬
‫بي أجلي قبل أن أفضي إليك بما في نفسي وأن‬
‫انقص في رأيي كما نقصت في جسمي‪ ،‬أو‬
‫يسبقني إليك بعض غلبات الهوى‪ ،‬وفتن الدنيا‪،‬‬
‫فتكون كالصعب النفور فإن قلب الحدث كالرض‬
‫الخالية ما القي فيها من شئ قبلته‪ ،‬فبادرتك‬
‫بالدب قبل أن يقسو قلبك‪ ،‬ويشتغل لبك‬
‫لتستقبل بجد رأيك ما قد كفاك أهل التجارب‬
‫بغيبة وتجربة‪ ،‬فتكون قد كفيت مؤونة الطلب‪،‬‬
‫وعوفيت من علج التجربة فأتاك من ذلك ما قد‬
‫كنا نأتيه‪ ،‬واستبان لك ما أظلم علينا فيه‪ .‬ومنها‪:‬‬
‫واعلم أن أمامك طريقا ذا مشقة‪ ،‬بعيدا‪ ،‬وهول‬
‫شديدا‪ ،‬وأنك ل غنى بك عن حسن الرتياد‪ ،‬وقدر‬
‫بلغك من الزاد مع خفة الظهر‪ ،‬فل تحملن على‬
‫ظهرك فوق طاقتك‪ ،‬فيكون ثقله وبال عليك‪،‬‬
‫وإذا وجدت من أهل الحاجة من يحمل لك ذلك‬
‫فيوافيك به حيث تحتاج إليه تغتنمه‪ ،‬واغتنم ما‬
‫أقرضت من استقرضك في حال غناك‪ .‬واعلم يا‬
‫بني أن أمامك عقبة كؤودا‪ ،‬مهبطها على جنة أو‬

‫‪110‬‬
‫على نار‪ ،‬فارتد لنفسك قبل نزولك فليس بعد‬
‫الموت مستعتب ول إلى الدنيا منصرف‪.‬‬

‫] ‪[ 117‬‬

‫واعلم يا بني أنك خلقت للخرة ل إلى الدنيا‪ ،‬وللفناء‬


‫ل للبقاء‪ ،‬وأنك لفي منزل قلعة‪ ،‬ودار بلغة‪،‬‬
‫وطريق من الخرة‪ ،‬وأنك طريد الموت الذي ل‬
‫ينجو منه هاربه ول يفوته طالبه‪ ،‬وإياك أن توجف‬
‫بك مطايا الطمع فتوردك مناهل الهلكة‪ ،‬وإن‬
‫استطعت أل تكون بينك وبين الله تعالى ذو نعمة‬
‫فافعل‪ .‬ومنها‪ :‬ظلم الضعيف أفحش الظلم‪،‬‬
‫وربما كان الداء دواء‪ ،‬والدواء داء‪ ،‬وربما نصح‬
‫غير الناصح‪ ،‬وغش المستنصح‪ .‬وإياك والتكال‬
‫على المنى‪ ،‬فإنها بضائع النوكى‪ .‬والعقل حفظ‬
‫التجارب‪ .‬وخير ما جربت ما وعظك‪ .‬بادر الفرصة‬
‫قبل أن تكون غصة‪ .‬من الفساد إضاعة الزاد‪ .‬ل‬
‫خير في معين مهين‪ .‬سيأتيك ما قدر لك‪ .‬ل‬
‫تتخذن عدو صديقك صديقا فتعادي صديقك‪.‬‬
‫إمحض أخاك النصيحة حسنة كانت أو قبيحة‪ .‬وإن‬
‫أردت قطيعة أخاك فاستبق له من نفسك بقية‬
‫ترجع إليها‪ .‬ل يكونن أخوك على قطيعتك أقوى‬
‫منك على صلته‪ ،‬و ل يكونن على الساءة أقوى‬
‫منك على الحسان‪ .‬ل يكبرن عليك ظلم من‬
‫ظلمك فإنه يسعى في مضرتك ونفعك وليس‬
‫جزاء من سرك أن تسوئه‪ .‬والرزق رزقان‪ ،‬رزق‬
‫تطلبه‪ ،‬ورزق يطلبك‪ ،‬فإن أنت لم تأته أتاك‪ .‬ما‬
‫أقبح الخضوع عند الحاجة‪ ،‬والجفاء عند الغنى‪.‬‬
‫إنما لك من دنياك ما أصلحت به مثواك‪ .‬إستدل‬
‫على ما لم يكن بما قد كان فإن المور أشباه‪ .‬ل‬
‫تكونن ممن ل تنفعه العظة إل إذا أبلغت في‬
‫ألمه‪ ،‬فإن العاقل يتعظ بالقليل وإن البهائم ل‬
‫تنتفع إل بالضرب الليم‪ .‬من ترك القصد جار‪.‬‬
‫ومن تعدى الحق ضاق مذهبه ومن اقتصر على‬
‫قدره كان أبقى له‪ .‬وربما أخطأ البصير قصده‬
‫وأصاب العمى رشده‪ .‬قطيعة الجاهل تعدل صلة‬

‫‪111‬‬
‫العاقل‪ .‬إذا تغير السلطان تغير الزمان‪ .‬نعم طارد‬
‫الهم اليقين‪ .‬ومنها‪ :‬يا بني وإياك ومشاورة‬
‫النساء‪ ،‬فإن رأيهن إلى أفن‪ ،‬وعزمهن إلى وهن‪،‬‬
‫و‬

‫] ‪[ 118‬‬

‫اقصر عليهن حجبهن فهو خير لهن‪ .‬وليس خروجهن‬


‫بأشد من الدخول من ل يوثق به عليهن‪ ،‬وإن‬
‫استطعت ال يعرفن غيرك فافعل‪ .‬ول تملك‬
‫المرأة من أمرها ما يجاوز نفسها‪ ،‬فإن ذلك أنعم‬
‫لبالها‪ ،‬فإن المرأة ريحانة وليست بقهرمانة‪ ،‬ول‬
‫تعطها حتى تشفع لغيرها‪ .‬وإياك والتغاير في‬
‫غير موضع غيرة فإن ذلك يدعو الصحيحة إلى‬
‫السقم‪ .‬وأول هذه الوصية قوله عليه السلم‪ :‬من‬
‫الوالد الفاني‪ ،‬المقر للزمان‪ ،‬المدبر العمر‪،‬‬
‫المستسلم للدهر‪ ،‬الذام للدنيا‪ ،‬الساكن مساكن‬
‫الموتى‪ ،‬الظاعن عنها غدا‪ ،‬إلى الولد المؤمل ما‬
‫ل يدرك السالك‪ ،‬سبيل من قد هلك‪ ،‬غرض‬
‫السقام‪ ،‬ورهينة اليام‪ ،‬ورمية المصائب‪ ،‬وعبد‬
‫الدنيا‪ ،‬وتاجر الغرور‪ ،‬وغريم المنايا‪ ،‬وأسير‬
‫الموت‪ ،‬وحليف الهموم‪ ،‬وقرين الحزان‪ ،‬ونصب‬
‫الفات‪ ،‬وصريع الشهوات‪ ،‬وخليفة الموات )‪.(1‬‬
‫ومن كلم له عليه السلم في صفة الدنيا ما‬
‫أصف من دار أولها عناء وآخرها فناء‪ ،‬في حللها‬
‫حساب وفي حرامها عقاب‪ ،‬من استغنى فيها‬
‫فتن‪ ،‬ومن افتقر فيها حزن‪ ،‬ومن ساعاها فاتته‪،‬‬
‫ومن قعد عنها واتته‪ ،‬ومن أبصر بها بصرته‪ ،‬ومن‬
‫أبصر إليها أعمته )‪ .(2‬ومن كلم له عليه السلم‬
‫من حاسب نفسه ربح‪ .‬ومن غفل عنها خسر‪.‬‬
‫ومن خاف أمن‪ .‬ومن اعتبر‬

‫‪ - 1‬شرح ابن أبي الحديد ‪ .9 / 16‬شرح ابن ميثم‬


‫البحراني ‪ -‬كبير ‪ .2 / 5 -‬شرح محمد عبده ‪/ 3‬‬
‫‪ .42‬هذه الوصية على طولها موجودة في جميع‬

‫‪112‬‬
‫شروح كتاب )نهج البلغة( وقد تصدى لشرحها‬
‫على حدة جمع من العلم والعلماء‪ - 2 .‬شرح‬
‫محمد عبده ‪ 127 / 1‬مطبعة الستقامة‪ .‬شرح‬
‫ابن ميثم ‪(*) .227 / 2‬‬

‫] ‪[ 119‬‬

‫أبصر‪ ،‬ومن أبصر فهم‪ ،‬ومن فهم علم‪ .‬وصديق الجاهل‬


‫في تعب )‪ .(1‬قال الشريف الرضي ذو الحسبين‬
‫أبو الحسن رضي الله عنه‪ ،‬ولو لم يكن في هذه‬
‫الفقرة المذكورة إل هذه الكلمة الخيرة‪ ،‬لكفى‬
‫بها لمعة ثاقبة‪ ،‬وحكمة بالغة‪ ،‬ول عجب أن تفيض‬
‫الحكمة من ينبوعها‪ ،‬وتزهر البلغة في ربيعها *‬
‫* * * * * قال الكاتب‪ :‬تمت كتابة كتاب خصائص‬
‫الئمة عليهم السلم وفرغ من كتبه العبد المذنب‬
‫الراجي إلى غفران الله وعفوه عبد الجبار بن‬
‫الحسين بن أبي العم الحاج الفزاهاني الساكن‬
‫بقرية خونجان )‪ (2‬عمرها الله يوم الربعاء الرابع‬
‫من شوال سنة ثلث وخمسين وخمس عائة )‬
‫‪ (553‬غفر الله له ولوالديه ولجميع المؤمنين‬
‫والمسلمات إنه الغفور الرحيم‪.‬‬

‫‪ - 1‬شرح ابن ميثم البحراني ‪ .348 / 5‬شرح محمد‬


‫عبده ‪ .199 / 3‬شرح ابن أبي الحديد ‪2 .28 / 19‬‬
‫‪ -‬خونجان‪ :‬قرية من قرى اصفهان‪ ،‬قديمة‬
‫ومتداعية‪ ،‬ينسب الحيا جمع من اعلم الفكر‬
‫والدب والنسبة إليها الخونجاني ‪ -‬معجم البلدان‬
‫‪(*) .407 / 2‬‬

‫] ‪[ 121‬‬

‫الزيادات في آخر النسخة المخطوطة وجدت بعض‬


‫الصحائف بخط الكتاب نفسه‪ ،‬وهي تتعلق بكتاب‬
‫)خصائص أمير المؤمنين عليه السلم( وكأن‬
‫الكاتب وقف على نسخة مخطوطة أخرى جاءت‬

‫‪113‬‬
‫فيها هذه الزيادات فكتبها وجعلها في آخر‬
‫الكتاب‪ ،‬وقد اثبتناها أيضا هنا وهي‪:‬‬

‫] ‪[ 122‬‬

‫منها الرعية )‪ (1‬وليكن في خاصة ما تخلص لله به‬


‫دينك‪ ،‬إقامة فرائضه التي هي له خاصة‪ ،‬فأعط‬
‫الله من بدنك في ليلك ونهارك‪ ،‬ووف ما تقربت‬
‫به إلى الله من ذلك‪ ،‬كامل غير مثلوم ول منقوص‬
‫بالغا من بدنك ما بلغ‪ ،‬وإذا قمت في صلتك‬
‫للناس فل تكونن منفرا ول مضيعا‪ ،‬فإن في‬
‫الناس من به العلة وله الحاجة‪ ،‬قد سألت رسول‬
‫الله صلى الله عليه وآله حين وجهني إلى اليمن‬
‫كيف اصلي بهم فقال‪ :‬صل بهم كصلة أضعفهم‪،‬‬
‫وكن بالمؤمنين رحيما‪ .‬وأما بعد هذا‪ ،‬فل تطولن‬
‫إحتجابك من رعيتك‪ ،‬فإن إحتجاب الولة عن‬
‫الرعية‪ ،‬شعبة من الضيق‪ ،‬وقلة علم بالمور‪.‬‬
‫والحتجاب منهم يقطع عنهم علم ما احتجبوا‬
‫دونه‪ ،‬فيصغر عندهم الكبير‪ ،‬ويعظم الصغير‬
‫ويقبح الحسن‪ ،‬و يحسن القبيح‪ ،‬ويشاب الحق‬
‫بالباطل‪ ،‬إنما الوالي بشر ل يعرف ما تواري عنه‬
‫الناس به من المور‪ ،‬وليست على الحق سمات‬
‫تعرف بها ضروب الصدق من الكذب‪ ،‬وإنما أنت‬
‫أحد رجلين‪ ،‬إما امرؤ سخت نفسك بالبذل في‬
‫الحق ففيم إحتجابك من واجب حق تعطيه‪ ،‬أو‬
‫فعل كريم تسديه‪ ،‬أو مبتلى بالمنع‪ ،‬فما أسرع‬
‫كف الناس عن مسألتك إذا أيسوا من بذلك‪ ،‬مع‬
‫أن أكثر حاجات الناس إليك مال مؤونة فيه عليك‬
‫من شكاة مظلمة‪ ،‬أو طلب إنصاف في معاملة‪.‬‬

‫‪ - 1‬من عهد له عليه السلم‪ ،‬كتبه للشتر النخعي‪ ،‬لما‬


‫وله مصر والموجود منه في المخطوطة هذا‬
‫القسم فحسب‪(*) .‬‬

‫‪114‬‬
‫] ‪[ 123‬‬

‫ثم أن للوالي خاصة وبطانة فيهم إستئثار وتطاول‪،‬‬


‫وقلة إنصاف في معاملة فاحسم مادة أولئك‬
‫بقطع أسباب تلك الحوال‪ ،‬ول تقطعن لحد من‬
‫حاشيتك وخاصتك قطيعة‪ ،‬ول يطمعن منك في‬
‫اعتقاد عقدة تضر بمن يليها من الناس في شرب‬
‫أو عمل مشترك يحملون مؤونته على غيرهم‪،‬‬
‫فيكون مهنأ ذلك لهم دونك‪ ،‬وعيبه عليك في‬
‫الدنيا والخرة‪ .‬وألزم الحق من لزمه من القريب‬
‫والبعيد‪ ،‬وكن في ذلك صابرا محتسبا‪ ،‬واقعا ذلك‬
‫من قرابتك وخاصتك حيث وقع‪ ،‬وابتغ عاقبته بما‬
‫يثقل عليك منه فإن مغبة ذلك محمودة‪ .‬وإن‬
‫ظنت الرعية بك حيفا فأصحر لهم بعذرك‪ ،‬واعدل‬
‫عنهم ظنونهم بإصحارك‪ ،‬فان في ذلك إعذارا‬
‫تبلغ فيه حاجتك من تقويمهم على الحق‪ .‬ول‬
‫تدفعن صلحا دعاك إليه عدوك لله فيه رضى‪ ،‬فإن‬
‫في الصلح دعة لجنودك وراحة من همومك‪ ،‬وأمنا‬
‫لبلدك‪ .‬وليكن الحذر كل الحذر من عدوك بعد‬
‫صلحه فإن العدو ربما قارب ليتغفل فخذ بالحزم‪،‬‬
‫واتهم في ذلك حسن الظن‪ ،‬وإن عقدت بينك‬
‫وبين عدوك عقدة‪ ،‬أو ألبسته منك ذمة فحط‬
‫عهدك بالوفاء‪ ،‬وارع ذمتك بالمانة‪ ،‬واجعل‬
‫نفسك جنة دون ما أعطيت فإنه ليس من فرائض‬
‫الله شئ في الناس أشد عليه اجتماعا مع تفريق‬
‫أهوائهم‪ ،‬وتشتيت آرائهم‪ ،‬من تعظيم الوفاء‬
‫بالعهود‪ ،‬وقد لزم ذلك المشركون فيما بينهم‬
‫دون المسلمين لما استوبلوا من عواقب الغدر‪،‬‬
‫ول تغدرن بذمتك ول تخيسن بعهدك‪ ،‬ول تختلن‬
‫عدوك فإنه ل يجترئ على الله إل جاهل شقي‪،‬‬
‫قد جعل الله عهده وذمته أمنا أفضاه بين العباد‬
‫برحمته‪ ،‬وحريما يسكنون إلى منعه‪ ،‬ويستفيضون‬
‫إلى جواره‪ ،‬ول إدغال ول مدالسة ول خداع فيه‪،‬‬
‫ول تعقد عقدا تجوز فيه العلل‪ ،‬ول تعولن على‬
‫لحن القول بعد التأكيد والتوثقة‪ ،‬ول يدعونك‬
‫ضيق أمر لزمك فيه‪* * * ..‬‬

‫‪115‬‬
‫] ‪[ 124‬‬

‫والعين بالوكاء‪ ،‬فإذا أطلق الوكاء لم ينضبط الوعاء‪.‬‬


‫وهذا القول في الشهر الظهر من كلم النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وقد رواه قوم لمير‬
‫المؤمنين عليه السلم‪ ،‬وذكر ذلك المبرد في‬
‫كتاب المقتضب‪ ،‬في باب اللفظ بالحروف‪ ،‬وقد‬
‫تكلمنا على هذه الستعارة في كتابنا الموسوم‬
‫به )المجازات والثار النبوية( )‪ .(1‬وقال عليه‬
‫السلم في كلم له‪ :‬ووليهم وال‪ ،‬فأقام‬
‫واستقام‪ ،‬حتى ضرب الدين بجرانه )‪ .(2‬وقال‬
‫عليه السلم‪ :‬يأتي على الناس زمان عضوض‪،‬‬
‫يعض الموسر فيه على ما في يديه‪ ،‬ولم يؤمر‬
‫بذلك‪ ،‬قال الله سبحانه‪) :‬ول تنسؤا الفضل‬
‫بينكم( )‪ (3‬تنهد فيه الشرار‪ ،‬وتستذل الخيار‪،‬‬
‫ويبايع المضطرون‪ ،‬وقد نهى رسول الله صلى‬
‫عليه وآله وسلم عن بيع المضطرين )‪ .(4‬وقال‬
‫عليه السلم‪ :‬يهلك في رجلن‪ ،‬محب مفرط‬
‫وباهت مفتر‪ .‬وهذا مثل قوله‪ :‬يهلك في محب‬
‫غال‪ ،‬ومبغض قال )‪ .(5‬وسئل عليه السلم عن‬
‫التوحيد‪ ،‬والعدل‪ ،‬فقال‪ :‬إن التوحيد أن ل‬
‫تتوهمه‪ ،‬والعدل أن ل تتهمه )‪ .(6‬وقال‪ :‬ل خير‬
‫في الصمت عن الحكم‪ ،‬كما أنه ل خير في القول‬
‫بالجهل )‪.(7‬‬

‫‪ - 1‬المجازات النبوية ‪ -‬أو ‪ -‬مجازات الثار النبوية‪ ،‬من‬


‫تأليف السيد الرضي طبع في ايران والعراق‬
‫والقاهرة‪ ،‬وقد أختصره الشيخ ابراهيم‬
‫الكفعمي‪ ،‬الذريعة ‪ 358 / 1‬وج ‪- 2 .351 / 19‬‬
‫شرح محمد عبده ‪ .263 / 3‬شرح ابن ميثم ‪/ 5‬‬
‫‪ .463‬ابن أبي الحديد‪ - 3 .218 / 2 .‬سورة‬
‫البقرة ‪ - 4 .237 /‬شرح ابن أبي الحديد ‪/ 20‬‬
‫‪ .119‬ابن ميثم البحراني ‪ .563 / 5‬شرح عبده‬
‫‪ - 5 .264 / 3‬شرح عبده ‪ .264 / 3‬شرح ابن أبي‬
‫الحديد‪ .220 / 2 .‬شرح ابن ميثم ‪- 6 .464 / 5‬‬

‫‪116‬‬
‫شرح ابن ميثم البحراني ‪ .464 / 5‬شرح محمد‬
‫عبده ‪ .264 / 3‬إبن أبي الحديد ‪ - 7 .227 /‬ابن‬
‫أبي الحديد ‪ .9 / 19‬شرح عبده ‪ .265 / 3‬شرح‬
‫ابن ميثم ‪(*) .265 / 5‬‬

‫] ‪[ 125‬‬

‫وقال في دعاء استسقى به‪ :‬اللهم اسقنا ذلل السحاب‬


‫دون صعابها )‪ .(1‬وهذا من كلم العجيب‬
‫الفصاحة‪ ،‬وذلك أنه ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬شبه السحاب‬
‫ذوات الرعود‪ ،‬والبوارق‪ ،‬والرياح‪ ،‬والصواعق‬
‫بالبل الصعاب التي تقص بركبانها‪ ،‬وشبه‬
‫السحاب خالية من تلك الروائع بالبل الذلل التي‬
‫تحتلب طيعة‪ ،‬وتقتعد مسمحة‪ .‬وقيل له عليه‬
‫السلم‪ ،‬لو غيرت شيبك يا أمير المؤمنين ؟‬
‫فقال‪ :‬الخضاب زينة‪ ،‬ونحن قوم في مصيبة‬
‫)يريد مصيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم( )‬
‫‪ .(2‬وقال عليه السلم‪ :‬القناعة مال ل ينفد )‪.(3‬‬
‫وقد روى بعضهم هذا الكلم عن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ .‬وقال عليه السلم لزياد بن أبيه وقد‬
‫استخلفه لعبد الله بن العباس على فارس‬
‫وأعمالها في كلم طويل‪ ،‬كان بينهما‪ ،‬نهاه فيه‬
‫عن تقديم الخراج‪ :‬استعمل العدل‪ ،‬واحذر‬
‫العسف‪ ،‬والحيف فان العسف يعود بالجلء‪،‬‬
‫والحيف يدعو إلى السيف )‪ .(4‬وقال‪ :‬أشد‬
‫الذنوب ما استخف به صاحبه )‪ .(5‬وقال‪ :‬ما أخذ‬
‫الله على أهل الجهل أن يتعلموا‪ ،‬حتى أخذ على‬
‫أهل العلم أن يعلموا )‪ .(6‬وقال‪ :‬شر الخوان من‬
‫تكلف له )‪.(7‬‬

‫‪ - 1‬شرح ابن ميثم ‪ .465 / 5‬ابن أبي الحديد ‪.229 / 20‬‬


‫محمد عبده ‪ - 2 .265 / 3‬شرح ابن أبي الحديد‬
‫‪ .230 / 20‬ابن ميثم البحراني ‪- 3 .466 / 5‬‬
‫شرح ميثم بن علي بن ميثم ‪ .466 / 5‬ابن أبى‬
‫الحديد ‪ - 4 .244 / 20‬ابن أبي الحديد ‪.245 / 20‬‬

‫‪117‬‬
‫شرح محمد عبده ‪ .266 / 3‬إبن ميثم البحراني ‪5‬‬
‫‪ - 5 .466 /‬شرح ابن ميثم ‪ .467 / 5‬إبن أبي‬
‫الحديد المعتزلي ‪ .246 / 20‬شرح عبده ‪/ 3‬‬
‫‪ - 6 .266‬ابن أبي الحديد ‪ .247 / 20‬شرح محمد‬
‫عبده ‪ 266 / 3‬ط مطبعة الستقامة‪ .‬شرح ميثم‬
‫بن على بن ميثم ‪ - 7 .467 / 5‬ابن ميثم‬
‫البحراني ‪ .467 / 5‬شرح ابن ابى الحديد ‪/ 20‬‬
‫‪ .249‬محمد عبده ‪(*) .266 / 3‬‬

‫] ‪[ 126‬‬

‫وقال‪ :‬إذا احتشم المؤمن أخاه فقد فارقه )‪ .(1‬إنتهت‬


‫الزيادة بحمد الله ومنه وصلواته على نبيه محمد‬
‫وآله أجمعين وفرغ من كتبه العبد المذنب عبد‬
‫الجبار بن الحسين بن أبي العم الحاجي‬
‫الفراهاني يوم الربعاء ‪ - 6‬ابن أبي الحديد ‪/ 20‬‬
‫‪ .247‬شرح محمد عبده ‪ 266 / 3‬ط مطبعة‬
‫الستقامة‪ .‬شرح ميثم بن على بن ميثم ‪/ 5‬‬
‫‪ - 7 .467‬ابن ميثم البحراني ‪ .467 / 5‬شرح ابن‬
‫ابى الحديد ‪ .249 / 20‬محمد عبده ‪(*) .266 / 3‬‬

‫] ‪[ 126‬‬

‫وقال‪ :‬إذا احتشم المؤمن أخاه فقد فارقه )‪ .(1‬إنتهت‬


‫الزيادة بحمد الله ومنه وصلواته على نبيه محمد‬
‫وآله أجمعين وفرغ من كتبه العبد المذنب عبد‬
‫الجبار بن الحسين بن أبي العم الحاجي‬
‫الفراهاني يوم الربعاء التاسع عشر من جمادي‬
‫الولى من سنة ثلث وخمسين وخمسمائة في‬
‫خدمة مولنا المير الجل السيد ضياء الدين تاج‬
‫السلم أبي الرضا فضل الله بن علي ابن عبيد‬
‫الله الحسني أدام الله ظله وقد آوى إلى قرية‬
‫جوسقان راوند متفرجا‪ .‬من نسخته بخطه حامدا‬
‫لله ومصليا على النبي وآله أجمعين والسلم‪.‬‬

‫‪118‬‬
‫‪ - 1‬شرح محمد عبده ‪ .266 / 3‬شرح ابن أبي الحديد‬
‫‪ .251 / 20‬شرح ابن ميثم البحراني ‪.486 / 5‬‬
‫)*(‬

‫‪119‬‬

You might also like