Professional Documents
Culture Documents
يعتبر العام 1905م عاما ثوريا في تاريخ العالم .فالحداث فيه تترى وتسير سراعا ،والتاريخ يقفز ،ففي هذه السنة
نمت روسيا وأصبحت اليابان دولة عظمى ،وكان كل شيء ينذر بوشك اندلع الحرب العالمية الولى.
وفي هذه السنة الحاسمة كان أينشتاين كثيرا ما يفكر في ماهية وكنه الكون ،وفي نفس السنة أيضا قام بخطوات من
شأنها أن تقلب وجهة نظرنا الكونية رأسا على عقب .ففيها وضع نظرياته الثلث ،نظرية الكم والنظرية البراونية
ونظريته النسبية الخاصة التي كان لها الدور الكبير في الخذ بمسيرة العلم والعالم بأسره إلى خطوة متقدمة وقفز
به إلى العالي.
سنعطي الن نبذة مبسطة عن النظرية النسبية الخاصة ونتناول مفاهيمها وما تنص عليه من فرضيات ولكن قبل
أن نقوم بذلك سنورد أول بعض المثلة التي قد تساعد على تقريب المفهوم النسبي.
—————————————————————–
من بين العديد من المقالت اللتي تشرح النظرية النسبية Theory of relativityاعجبني هذا المقال في طريقة
عرضه وترتيب افكاره وامثلته الرائعة! :wacko:
يمين أم يسار؟
أنظر إلى الشكل المقابل إلى أي جهة من الطريق يقع المنزل إلى
اليمين أم إلى اليسار؟
لول وهلة تبدو الجابة محيرة ومستحيلة! ولكن إذا نظرت إلى
الشخص ) أ ( يبدو المنزل على يمين الطريق ،وبالنسبة للشخص
)ب( فإن المنزل يقع على يسار الطريق.
فوق أم تحت؟
كثيرا ما نستخدم الكلمات فوق و تحت والتي اختلف مفهومها مع
مرور الزمن وتطور العلم .ففي الحقبة التاريخية التي كان يعتقد فيها
بأن الرض مسطحة كان التجاه الرأسي فوق هو نفسه عند كل
النقاط على سطح الرض ،أي أن هناك اتجاه علوي )فوق( مطلق
واتجاه سفلي مطلق ،ولكن بعد ثبوت فكرة كروية الرض أصبح مفهوم التجاه العلوي
)فوق( والتجاه السفلي )تحت( يختلف من مكان إلى أخر من سطح الرض .فالتجاه
الرأسي للشخص المقيم في نصف الكرة الشمالي يعاكس تماما التجاه الرأسي للشخص
المناظر له في نصف الكرة الجنوبي .بهذا اختل مفهوم الفوق المطلق والتحت المطلق
فليس هناك اتجاه رأسي وحيد في الكون بل هو يختلف من مكان لخر ،ولكي نتحدث عن
التجاه الصحيح يجب الخذ في العتبار المكان الذي ينسب إليه هذا التجاه.
ليل أم نهار؟
الساعة الن العاشرة مساء…كلمة ليس لها معنى ول مفهوم بدون أن نحدد إذا كانت
العاشرة مساء في مكة أم في طوكيو ،فالليل في مكة يوافقه النهار في طوكيو والعكس
صحيح فليس هناك ليل مطلق أو نهار مطلق بل هو زمن نسبي يختلف من مكان لخر
على سطح الرض.
وجميع الحالت التي تناقشها المثلة السابقة تعد صحيحة ،أي أن المنزل في المثال الول يقع مرة على يمين
الطريق ومرة على يساره وهذا صحيح .التجاه الرأسي متعاكس تماما في المثال الثاني بالنسبة لشخص في شمال
الكرة الرضية والخر في جنوبها وكل التجاهين صحيحا .الشخص الذي في طوكيو يرى أن الوقت لديه نهارا
والخر في مكة مصر وبشدة على أن الوقت لديه ليل في نفس اللحظة ،وهذا الختلف في قياس الزمن أو تحديد
التجاهات ل يعود إلى الخطأ في القياسات بين الشخصين أو الخلل في آلت الرصد المستخدمة ،فكل منهما
صحيح ولكن بالنسبة له أي أن جميع الظواهر يكون فيها المرجع هو الشخص أو الجهاز الراصد وليس هناك
مرجع كوني مميز وثابت ولهذا أطلق عليها النظرية النسبية.
1
وهناك الكثير من المور المسلم بها في حياتنا والتي نعتبرها مطلقة تصبح في عالم أينشتاين نسبية…فمثل
المتر العياري طوله مترا وهذا أمر مسلم به ولكن من وجهة نظر أينشتاين والنسبية التي ترى أنه ل وجود لشيء
مطلق ل طول ول زمن ول كتل ترى أن المتر العياري طوله مترا )100سم( بالنسبة للشخص الذي يحمله ولكنه
بالنسبة لشخص آخر يتحرك بسرعة كبيرة يكون طوله 70سم أو أقل من ذلك كلما زادت سرعته .وكذلك الدقيقة)
60ثانية( التي يقيسها شخص بساعته قد يقيسها آخر على أنها 100ثانية أو أكثر تبعا للسرعة التي يتحرك بها .إن
المر ل يقف عند هذا الحد في النظرية النسبية بل انعكس على مفهومنا للماضي والحاضر والمستقبل فمثل نعلم
أشعة الشمس تصلنا خلل ثمانية دقائق وبهذا يكون بعد الشمس عنا هو ثمان دقائق ضوئية ،وكمثال آخر فإن
أقرب نجم للمجموعة الشمسية يبعد عنها أربعة سنوات ضوئية والنجوم البعيد في مجرتنا تبعد عنا آلف السنوات
الضوئية ،وبما أن الضوء هو الوسيلة الوحيدة التي نعلم من خللها حدوث حدث ما في الكون وهو أسرع وسيلة
لنقل المعلومات بين النجوم والمجرات ،فحدث ما على الشمس نعلم به على الرض بعد ثمان دقائق من وقوعه.
وانفجار أقرب نجم من المجموعة الشمسية يصلنا خبره بعد أربعة سنوات لن الضوء القادم منها سيصل الرض
بعد أربعة سنوات ،وكذلك النجوم التي نراها في الليل قد ل تكون موجودة الن ولكننا نرى الضوء الذي صدر
عنها منذ سنوات أو آلف السنوات حسب بعدها عنا ،ولهذا فإن انفجار نجم ما قد يكون ماضي بالنسبة لشخص في
هذا الكون ويكون حاضرا لشخص آخر في مكان آخر وقد يكون مستقبل بالنسبة لشخص ثالث في مكان ثالث،
وهذا بسبب تباطؤ الزمن حسب سرعة كل شخص بالنسبة للحدث ومكانه.
لنلقي النظر وبشكل سريع على مسيرة العلم ووضعه قبل ظهور النظرية النسبية والعجز الذي
أصاب الكثير من العلماء في تفسير الظواهر ونتائج التجارب التي تحصلوا عليها.
الثير المزعوم
عندما نكون في سيارة تسير بنا بسرعة ثابتة في الطريق فإنه يخي‹ل إلينا أننا في حالة سكون بل حراك ،والطريقة
المثلى لمعرفة إذا كنا نتحرك أو ساكنين هي المقارنة بأشياء ثابتة كأن ننظر من خلل نافذة السيارة ونشاهد
الشجار وأعمدة الهاتف والرصيف لندرك بالمقارنة أن سيارتنا تتحرك بالنسبة لها .وعندما تمر بنا سيارة أخرى
قادمة من التجاه المعاكس فإننا للوهلة الولى سنظن أننا نقف والسيارة القادمة هي المتحركة ،وإذا مرت بنا
وتجاوزتنا مبتعدة عنا وبعكس اتجاهنا فإننا نقدر سرعتها بشكل خاطئ و يخيل إلينا أنها تسير بسرعة خاطفة بينما
هي في الواقع تسير بمعدل سرعة سيارتنا .أما إذا كانت السيارة تسير في نفس التجاه الذي نسير فيه وموازية لنا
فإننا سنظن أن السيارتين واقفتين! وفي هذه الحالة ل سبيل إلى تمييز حركة السيارة من سكونها إل بالخروج منها
والنظر من بعيد من على رصيف ثابت.
إذا الحكم على جسم ما بأنه متحرك أو ساكن وبشكل قاطع يحتاج إلى مرجع ثابت للملحظة وبدون المرجع
الثابت ل يمكن معرفة الحركة من السكون.
وإذا تركنا السيارات وجئنا إلى الكون…فالمعروف انه في حالة حركة ككل وكأجزاء ،فمثل تدور الرض حول
محورها بسرعة ألف ميل في الساعة ،وحول الشمس بسرعة عشرين ميل في الثانية ،وتتحرك الشمس ضمن
مجموعتها الشمسية بسرعة ثلثة عشر ميل في الثانية ،والمجموعة الشمسية تتحرك داخل درب التبانة بسرعة
مائتي ميل في الثانية ،ومجرة درب التبانة تتحرك نحو مجرات أخرى ل يعلمها إل ا بسرعة مائة ميل في
الثانية….الخ .فالكون كله في حالة حركة دائمة ومستمرة )وكل في فلك يسبحون(.
وقد واجه العلماء حيال هذه الحركات المعقدة مشكلة البحث عن الحركة الحقيقية ،فحاولوا الخروج منها بافتراض
أن هناك مادة ثابتة تمل الفضاء يطلق عليها الثير etherبحيث ينسب إليه جميع الحركات ويعد كمرجع كوني
ثابت .وإن كل جسم متحرك فهو متحرك بالنسبة للثير وسرعته مقاسة بالنسبة للثير ،حتى سرعة الضوء هي
سرعته بالنسبة للثير .وبرهنوا على وجود الثير بالطبيعة الموجية للضوء قائلين أن الضوء ل بد له من وسط
ينتشر فيه مثله مثل الصوت الذي ينتشر في الهواء وينعدم في الفراغ ،ومثله مثل موجات البحر التي تنتشر في
الماء وهكذا بما أن الضوء يصلنا من النجوم البعيدة فإنه لبد من وجود وسط يمتد ويمل الكون ينتقل الضوء
خلله وأطلقوا عليه الثير .وقد أعطى العلماء خصائص للثير بما يناسب تجاربهم ،فأصبح للثير الكثير من
الخصائص فمثل:
وهكذا ازدادت خصائص الثير مع كل تجربة ل تتفق نتائجها العملية مع المتوقع منه.
__________________________________________________________________
2
تجربة مايكلسون و مورلي
في العام 1881م أجرى العالمان مايكلسون و مورلي تجربة حاسمة الغرض منها إثبات وجود الثير وذلك عن
طريق قياس تأثير حركة الرض خلل الثير على سرعة الضوء وحساب سرعة الضوء في وضعين مختلفين:
الوضع الول :أن تكون سرعة الضوء ففي نفس اتجاه سرعة الرض في مدارها حول الشمس.
الوضع الثاني :أن تكون سرعة الضوء عمودية على سرعة الرض في مدارها حول الشمس..
فكرة التجربة
تتلخص فكرة التجربة في أن الرض تتحرك خلل
الثير بسرعة vعشرين ميل في الثانية فهي بذلك
تحدث تيارا في الثير بهذه السرعة ،فلو أن شعاعا
من الضوء سقط على الرض في اتجاه التيار فإنه
لبد أن تزداد سرعته بمقدار عشرين ميل .أما إذا
سقط في اتجاه مضاد للتيار فإن سرعته سوف
تنقص بمقدر العشرين ميل ،فإذا كانت سرعة
الضوء cالمعروفة هي 186284ميل في الثانية،
فإن السرعة المحسوبة في الحالة الولى ستكون 186304=20+186284 :ميل في الثانية .وتكون في الحالة
الثانية 186264=20-186284 :ميل في الثانية .وذلك وفقا لقانون إضافة السرعات لنيوتن .c±v
أما إذا سقط الشعاع عمودي على حركة الرض فإن سرعة الضوء المحسوبة تساوي ½).(c2 -v2
وبعد عدة متاعب قام مايكلسون و مورلي بتنفيذ التجربة بدقة مستخدمين جهازا عبارة عن طاولة بها مرايا
ومصدرا ضوئيا وشاشة لرصد الشعاع الضوئي ،لن نخوض في تركيب الجهاز أو تفاصيل التجربة ولكن سنهتم
للنتيجة المدهشة التي توصلت إليها ،حيث كانت النتيجة غير متوقعة على الطلق لم تسجل نتائج التجربة أي
فرق في سرعة الضوء في الحالتين الولى والثانية! وأعيدت التجربة في مناطق مختلفة على سطح الرض وفي
فصول مختلفة من السنة وكانت النتيجة واحدة وهي أن سرعة الضوء ثابتة
ل تتغير ول تختلف نتيجة لختلف التجاهين.
هذه النتيجة السلبية كانت بمثابة الصدمة للعلماء ،فهي تشكك في صحة نظرياتهم التي قامت على مبدأ وجود
الثير فما كان منهم إل أن تمسكوا بفرضيتهم القائلة بوجود الوسط الكوني الثابت )الثير( على الرغم من النتائج
العملية التي أبطلت هذا ،وهذه الصدمة جعلتهم يقولون تارة أن الثير ل بد وأنه يسير مع الرض وتارة يقولون
أن الجسام تنكمش في اتجاه حركتها خلل الثير وغيرها من العتقادات رافضين بذلك فكرة فشل وانعدام
فرضية الثير وكل ما بني عليها خلل تلك السنوات.
الجدير بالذكر أنه بالرغم من فشل فرضية وجود ما يسمى بالثير وأن ليس هناك أي مرجع كوني ثابت تنسب إليه
الحركات وأن سرعة الضوء تعد ثابتة ل تتغير فإن جميع النتائج والقوانين الكلسيكية التي قامت على هذه
الفرضية مازالت تحافظ على صحتها ولكن في حالت خاصة سنذكرها لحقا ،وذلك لنها قامت بناء على
التجارب وما يتوصل إليه من تلك التجارب يسخر لها الثير ويعطى الخصائص لكي يتفق معها.
3
النسبية في المكان
أما أينشتاين فكان له رأي آخر ،كان يرى أن فرضية الثير خرافة ل وجود لها وأنه ل يوجد وسط ثابت ول
مرجع ثابت في الكون بل أن جميع أجزاؤه في حالة حركة مستمرة .وبالتالي ل يمكن القطع بأن جسما ما يتحرك
والخر ثابت وإنما كل ما يقال أن الجسم الول يعتبر متحركا بسرعة قدرها كذا ..بالنسبة للجسم الثاني .كل ما
هناك حركة نسبية أما الحركة الحقيقة فل وجود لها ،كما أن السكون الحقيقي ل وجود له أيضا.
لقد رفض أينشتاين فكرة المكان المطلق واعتبر المكان مقدارا متغيرا ونسبيا ،واعتبر إمكانية تحديد مكان أي
جسم بدون اعتبار للزمن أمرا مستحيل ،أي أنه يلزم أن نقول أن الجسم موجود في المكان كذا…في الوقت كذا..
لنه في حركة دائمة .فالمكان والزمان هما مفهومان غير منفصلن في الحركة ،فماذا تقول النسبية في المفهوم
الثاني”الزمان”؟
النسبية في الزمان
من وجهة نظر النسبية فإن الزمان ما هو إل تعبيرا عن انتقالت رمزية في المكان!!
فالزمن المعروف بالساعة واليوم والشهر ما هو إل مصطلحات لوضاع مختلفة في المكان ،مثل:
الساعة ..هي دورة الرض 15درجة حول نفسها.
اليوم ..دورة الرض دورة كاملة حول نفسها.
السنة ..حركة الرض ودورتها دورة كاملة حول الشمس… .وهكذا ،ولكن ماذا عن الساعة واليوم والسنة على
كوكب عطارد أو كوكب بلوتو؟ ل شك أن ذلك سيكون مختلفا بالنسبة لمقاييسنا ،فالسنة على كوكب عطارد ثلثة
أشهر من الوقت الذي نقيسه على الرض! بينما السنة على كوكب بلوتو أكبر من ذلك بكثير وتقدر 248سنة من
سنوات الرض .المر إلى هذا الحد معقول ولكن ماذا عن المجرات الخرى؟ كيف يقدر اليوم والسنة فيها؟ وهل
يمكن استخدام الزمنة الرضية كمقياس للزمن على أرجاء هذا الكون الفسيح؟
ويشرح أينشتاين هذه النقطة من نظريته وهي من أعمق تطبيقات النسبية وأكثرها غموضا فيقول:
إن متكلما من نيويورك يمكن أن يخاطب عبر الهاتف متكلما آخر في لندن ويكون الول يتحدث في ساعة
الغروب بينما الخر في منصف الليل ومع ذلك يمكن لنا أن نجزم بتزامن الحدثين أي أن الحدث )المكالمة
الهاتفية( أجريت في نفس الوقت وحدوثها في نفس اللحظة والسبب أن الحدثين يحدثان معا على أرض واحدة
خاضعة لتقويم واحد هو التقويم الشمسي ومن الممكن استنباط فروق التوقيت ورد هذه النية )الحدوث في آن
واحد( إلى مرجعها وهو النظام الواحد.
وهذا ما يعرف بمتصل المكان -الزمان .space-time continuum
أما القول بأنه من الممكن أن يحدث على الرض وعلى نجم الجبار أو الشعرى اليمانية مثل أحداث متوافقة في آن
واحد فهو أمر مستحيل لنها أنظمة مختلفة ل اتصال بينها والتصال الوحيد هو الضوء الذي يأخذ آلف السنين
لينتقل من واحد من هذه النظمة إلى الخر… ونحن حينما نرى أحد هذه النجوم و يخيل إلينا أننا نراه “الن”
نحن في الحقيقة نراه عن طريق الضوء الذي ارتحل عنه منذ ألوف السنين ليصلنا ،ونحن في الواقع نرى ماضيه
و يخيل إلينا أننا نرى حاضره وقد يكون في الحاضر قد انفجر واختفى وارتحل بعيدا خارج نطاق رؤيتنا وما نراه
في الواقع إشارة إلى ماضي لم يعد له وجود إطلقا
وبهذا يكون قد شرح لنا أعمق ما في نظريته وما يسميه “نسبية الوقت الواحد” وكيف أن النسان ل يستطيع أن
يطلق كلمة الن على الكون وإنما يمكن أن يطلقها فقط على نظامه الزمني لن كل مرجع له زمنه الخاص.
4
فإنك ستحتاج إلى ثلثة أبعاد هي الطول والعرض والرتفاع .لنفسر هذا بطريقة أكثر وضوحا :لنفرض أنك
احتجت لزراعة منطقة معينة فإنك ستحدد المساحة المزروعة ببعدين هما الطول والعرض ،ولكنك عندما تقوم
بإنشاء مبنى فإنك ستفكر في البعد الثالث وهو الرتفاع .هذه هي البعاد الثلثة التي تمثل على المحاور )(x,y,z
وكانت هذه المحاور الساسية المستخدمة في الحسابات الهندسية حتى مطلع القرن العشرين حيث رأى أينشتاين
أن هذه البعاد غير كافية ول بد من إضافة بعدا رابعا وهو الزمن فنقول أننا على خط طول كذا ..وخط عرض
كذا ..على ارتفاع كذا ..في الوقت كذا..
أينشتاين هو العالم الوحيد الذي فكر في البعد الرابع وقال أن الكون الذي نعيشه ذو أربعة أبعاد وهي الطول
والعرض والرتفاع والمكان والزمان وأدخل الزمن في جميع حساباته واعتبره متغيرا ،واعتبر المكان والزمان
مترابطين ومتصلين كمتصل واحد .space-time continuum
أصبحنا الن أقرب إلى إلى مبادئ النظرية النسبية التي يمكن القول بأن قصة الوصول إليها بدأت عندما وضع
ماكسويل أسس النظرية الكهرومغناطيسية وبناء على هذه السس أبدى أينشتاين رأيه في تجربة مايكلسون و
مورلي محاول إعطاء تفسيرا للنتائج التي حققتها التجربة ،ومن هنا نشأت النظرية النسبية الخاصة التي فتحت
البواب لعصر جديد سمي بالعصر الذري وهو الذي نعيشه الن ،وفسرت العديد من الظواهر الطبيعية في الكون
وشكلت قاعدة صلبة راسخة متماسكة حتى يومنا هذا لزالت التجارب المختلفة التي يجريها العلماء تثبت صحة
هذه النظرية.
ويجب أن نوضح أن النظرية النسبية الخاصة تتعامل مع الجسام المتحركة بسرعة منتظمة )بدون تسارع(،
وتعالج حركة الجسام ذات السرعات العالية التي تقترب سرعتها إلى سرعة الضوء .وبعد عقد من الزمان قدم
أينشتاين نظريته النسبية العامة التي تعالج حركة الجسام المتسارعة بالنسبة لبعضها البعض وهي تشمل حركة
كافة مكونات الكون من نجوم ومجرات لنها تتحرك في مسارات دائرية أي أن لها عجلة تغير من اتجاه مسارها
ولهذا فإنها أعم وأشمل من الخاصة.
والن يمكننا الشروع في استعراض المبادئ التي قامت عليها النظرية النسبية الخاصة وهي:
ل وجود للحركة المطلقة ول مجموعة المحاور الثابتة التي ترجع إليها جميع الحركات.
إن جميع القوانين الفيزيائية يجب أن تكون هي بعينها وشكلها في أي من المناطق )النظمة( المتحركة مع
بعضها البعض بسرعة ثابتة.
ينتشر الضوء في جميع التجاهات وبسرعة ثابتة ل تتغير مع حركة المصدر الضوئي أو المشاهد ومقدارها
ثابت سواء كانت المنطقة )النظام( ساكنة أو متحركة ،وهي سقف السرعات في الكون أي أنها أعلى سرعة
معروفة ول وجود لجسيم يتحرك بسرعة الضوء.
وانطلقا من المبدأ الول نجد أن أينشتاين أنكر وجود الثير كوسط لنقل الموجات الضوئية .وفي المبدأ الثاني
يكمن الفرق بين نسبية نيوتن ونسبية أينشتاين ،حيث أن الولى )نسبية نيوتن( اقتصرت على عدم تغير قوانين
الميكانيكا فقط ،أما نسبية أينشتاين فتشمل على عدم تغير القوانين الفيزيائية كلها ميكانيكية كانت أو
كهرومغناطيسية منها معادلت ماكسويل حيث تظهر سرعة الضوء ثابتة وإن تغير الزمان والمكان .أما المبدأ
الثالث فيشرح نتائج تجربة مايكلسون و مورلي وأثبت أن سرعة الضوء ثابتة.
نتائج مذهلة
توصلت النظرية النسبية بمبادئها الجديدة إلى نتائج جريئة ،ومن أهم هذه النتائج ما يلي:
5
أننا إذا تصورنا ساعة ملصقة بجسم متحرك بسرعة هائلة ،فإن عقارب هذه الساعة لبد أن تسير بسرعة مختلفة
عن سرعة عقارب ساعة أخرى ملصقة بجسم ساكن كالجدار مثل… وبالمثل فإن مسطرة متحركة لبد أن يتغير
طولها تبعا لسرعتها المتحركة بها .وعلى وجه الدقة فإن الساعة الملصقة بجسم متحرك تتأخر في الوقت كلما
ازدادت سرعة الجسم حتى تتوقف عقاربها تماما عن الدوران إذا بلغت سرعة الجسم سرعة الضوء والشخص
المتحرك مع الساعة ل يدرك هذه التغيرات وإنما يدركها الشخص الذي يلحظها من مكان ساكن .وبالمثل تنكمش
المسطرة في اتجاه حركتها كلما زادت هذه الحركة حتى يتحول طولها إلى الصفر حينما تبلغ سرعة الضوء
بالنسبة للشخص الساكن.
ولكثير من التوضيح نفرض أن مسافرا يبلغ من العمر عشرين عاما أستقل مركبة فضائية تسير بسرعة %99من
سرعة الضوء بالنسبة لشخص على الرض له نفس العمر ،سنجد أن ساعة الرجل الفضائي تتباطأ بالنسبة للرجل
الرضي والوقت الذي يحسبه المسافر يكون أقل من الوقت الذي يحسبه الرجل على الرض ،وحقيقة فإن
الفعاليات الحيوية كضربات القلب والتنفس…الخ تكون ساعات بيولوجية وبالتالي فإن هذه الفعاليات تسير ببطء
لدى المسافر في المركبة الفضائية وهو لن يلحظ أي تغير في سرعة دقات قلبه أو تنفسه ولكن الذي يلحظ ذلك هو
الرجل على الرض حين مراقبته بتلسكوب مثل .وبعد مرور سبعين سنة حسب تقدير وقياس الرجل على
الرض أي بعد ما أصبح عمره تسعون عاما ،يعود الرجل الفضائي وعمره ثلثون عاما فقط! وهذا ما يعرف
بالتأخر الزمني .وكذلك الحال في طول المركبة الفضائية ،سيقيسها الرجل على الرض أقصر مما هي عليه أو
كما يقيسها المسافر الذي على متنها وهذا ما يعرف بانكماش أو تقلص الطول.
6
الزمن الذي يقيسه المراقب O
كما يتضح من الشكل ،تكون بداية انطلق الومضة في مكان ،وانعكاسها في مكان ،وعودتها إلى الرض في
من مكان آخر وهذا ما يرصده المراقب Oنتيجة لحركة القطار .أي أن القطار يكون قد قطع مسافة قدرها
بداية الحدث إلى نهايته .وكما هو واضح تقطع الومضة الضوئية مسافة أكبر مما تقطعه في الحالة الولى ،وبما
أن سرعة الضوء ثابتة )وفقا للفرضية الثالثة( ،إذا فإن الزمن الذي يقيسه المراقب Oيكون أطول من الزمن الذي
يقيسه المراقب ‘.O
وتعطى العلقة بين الزمنين المقاسين في هذين النظامين المختلفين باستخدام تحويلت لورنتز-أينشتاين:
يلحظ أن:
سرعة الضوء هي أعلى سرعة معروفة وليس هناك جسم يسير بسرعة الضوء أي أن v < cدائما وهذا
الذي يقيسه المراقب ‘ Oأقصر من يعني أن الكمية تحت الجذر تكون موجبة وأقل من الواحد ،إذا فإن الزمن
الزمن الذي يقيسه المراقب .O
عندما تكون > > v
أي يتساوى الزمنين المقاسين من قبل المراقبين ،وتؤول معادلت التحويلت النسبية إلى المعادلت الكلسيكية،
وهذا يعني أن المعادلت الكلسيكية هي حالة خاصة من التحويلت النسبية عندما تكون السرعة صغيرة جدا.
_____________________________________________________________________
_
7
في حين تكون قياسات المراقب الرضي Oالذي تتحرك المركبة الفضائية بالنسبة له بسرعة vمختلفة تماما
ويرى طول أقصر Lمن الطول الصلي.
وبما أن الكمية تحت الجذر موجبة وأقل من الواحد لن ،v < cإذا فإن الطول Lالذي يقيسه المراقب Oيكون
أقصر من الطول ' Lالذي يقيسه المراقب '.O
تجدر الشارة إلى أن النسبية والعلم بشكل عام لم يتوقف عند المثلة الخيالية والفتراضات والمعادلت الجبرية،
وإنما استطاع أن يقدم لنا دليل بل أدلة ملموسة تثبت صحة النظرية النسبية حيث استطاع إيفز في العام 1936م
أن يثبت أن ذرة اليدروجين المشع المنطلقة بسرعة عالية تطلق أشعة ترددها أقل من تردد الذرات الساكنة أو
بشكل آخر أن الزمن فيها أبطأ ،فتردد الموجة هو عدد الذبذبات التي تحدثها في الزمن وحين نقول إن ترددها أقل
فكأنما نقول أن الزمن فيها يسير بشكل أبطأ.
ومن أشهر الظواهر الحقيقية التي تثبت صحة النسبية ظاهرة انحلل الميزونات .Meson decayالميزونات
هي جسيمات أولية غير مستقرة تتكون في طبقات الجو العليا نتيجة لمتصاص الغلف الجوي للشعة الكونية
القادمة من الفضاء الخارجي وتصل إلى سطح البحر بصورة غزيرة .هذه الجسيمات غير المستقرة تتحول إلى
فإن المسافة التي ستقطعها قبل أن بعد تكونها ،وسرعتها إلكترونات بعد فترة زمنية قدرها
تنحل تساوي:
هذه المسافة قصيرة جدا بالنسبة لسمك الغلف الجوي ،ووفقا لهذه النتيجة نتوقع أنها تنحل قبل أن تصلنا إلى
سطح الرض ولكن المراصد الرضية تؤكد غير ذلك وترصد وجود عدد كبير من الميزونات على سطح البحر!
فكيف تفسر هذه الظاهرة؟
النسبية لديها الحل….هذه القياسات من السرعة والزمن والمسافة ،هي قياسات المراقب ‘ Oالمتحرك مع
8
الميزون ،ولكن ماذا عن قياسات المراقب Oالثابت على الرض؟
من ظاهرة التأخير الزمني نجد أن عمر الميزون كما يقيسه المراقب على الرض يعطى بـ:
وهذه هي المسافة التي يقيسها المراقب على الرض ،وبهذا فإن هذه الجسيمات تستطيع الوصول إلى الرض
بالرغم من قصر عمرها وهذا هو تفسير تواجدها على سطح البحر.
عرفنا أن الكتلة هي مقدار ما في الجسم من مادة ،وعرفنا أيضا أنها كمية ثابتة ل تتأثر بحركة الجسم أو سكونه،
ولكن أينشتاين الذي أثبت نسبية الزمان وأثبت نسبية المكان استطاع أيضا أن يثبت نسبية الكتلة واعتبرها متغيرة
تتأثر بحركة الجسم ،فكلما ازدادت سرعة الجسم كلما ازدادت كتلته .حيث العلقة بين كتلة الجسم وسرعته تعطى
بالمعادلة:
9
المعادلة التي مكنت العلماء من الجابة على السؤال الملح وهو من أين تأتي الشمس بطاقتها التي ل تنضب؟…
المعادلة التي فتحت الباب لبحاث الفضاء وأصبح السفر في صواريخ هائلة تنطلق بسرعة خارقة وتخرج من
جاذبية الرض ممكنا نتيجة اختراع صنوف جديدة من الوقود الذري…
E = mc2
تنص هذه المعادلة على أن مقدارا ضئيل جدا من الكتلة يعطي طاقة هائلة ،فالطاقة الناتجة من كتلة معينة تساوي
حاصل ضرب هذه الكتلة في مربع سرعة الضوء مما ينتج عنها كمية كبيرة من الطاقة ،وهذا هو سر طاقة
النجوم وعمرها الطويل .فهي تخسر كمية قليلة جدا من مادتها لتعطي طاقة تمد بها الكون بأكمله .ومن هذه
المعادلة أيضا أصبح من من الممكن حساب ومعرفة كمية المادة اللزمة لنسف دولة وإفناء شعب بجرامات قليلة
فقط من اليورانيوم والماء الثقيل والكوبالت.
وأخيرا يجب القول أن النظرية النسبية ل تتعارض مع المفاهيم والقوانين الكلسيكية وإنما تعمقها ،ولهذا فإنه
يجب تحديد الظروف التي يمكن فيها تطبيق المفاهيم النسبية أو المفاهيم الكلسيكية….
نتصور شخصا في قطار يسير بسرعة عادية ،وقرر أن يصحح الزمن حسب النظرية النسبية خوفا من أن تكون
ساعته متأخرة عن ساعة المحطة ،إننا سنضحك من هذا الشخص لن التصحيح المطلوب ل يعد جزءا متناهي في
الصغر من الثانية ،أقل بكثير من هزة واحدة من القطار على ساعته .أما الكيميائي الذي يشك فيما إذا كانت كمية
الماء الذي يسخنها تبقى ثابتة الكتلة… يحتاج إلى من يفحص عقله ،ولكن الفيزيائي الذي ل يأخذ في عين العتبار
تغير الكتلة في التحول النووي سيطرد من عمله لعدم كفاءته!
لم يتغير أي قانون من قوانين الفيزياء التي اكتشفها العلماء قبل النظرية النسبية ولكن حدود صحة هذه القوانين
أصبحت الن واضحة.
لم يتوصل أينشتاين لهذه النظرية بأبعادها المعروفة لنا الن عن طريق إجراء التجارب وتقصي النتائج ،وإنما
توصل إليها بعد طرح أسئلة لنفسه حول ثبات الكون والتفكير العميق والتأمل وربما الخيال! نعم استخدم أينشتاين
خياله كثيرا للتوصل إلى حقائق علمية واقعية .ويذكر أنه في يوم من اليام كان يجلس في الهواء الطلق على ربوة
يتأمل حركة السحب التي كانت تغطي السماء و يتساءل عن سر إتقان هذا الكون والقوى الخفية التي تديره فتخيل
أنه على منطاد يطير به بسرعة هائلة منتقل إلى الفضاء الخارجي ويسبح به بين الكواكب والنجوم ،وما أن انتهى
من رحلته عاد إلينا أينشتاين وقد لمعت في رأسه فكرة النظرية النسبية الخاصة التي قدمت إلينا مفاهيم غريبة غير
مصدقة ومعقدة متحديا بذلك مفاهيم العلماء السابقين ويقول لهم عندما سألوه كيف يمكن تصديق هذا؟ رد قائل
هذا ما فعله أينشتاين…فكر و وضع النظريات وحلل النتائج في عقله وخرج للناس بمفاهيم جديدة لم يستطع أحد
أن ينفيها ول أن يبطلها ول أن يصدقها ،وكان العلماء بحاجة إلى أدلة وبراهين للقتناع بهذه النظرية فأقاموا
التجارب المتعددة ليجاد هفوات ونقاط ضعف لتلك المبادئ ولكن ما إن قامت تجربة حتى كانت نتائجها تثبت
صحة النظرية النسبية ،وهناك الكثير من الظواهر الفيزيائية التي عجزت عن تفسيرها القوانين الفيزيائية
الكلسيكية وحيرت العلماء الذين لم يكن أمامهم إل تطبيق النظرية النسبية ليجدوها تفسر تلك الظواهر ،كما أنها
تنبأت بظواهر أخرى أثبتت صحتها مع تطور العلم وتقدم الزمن.
10
سرعة الضوء فإن النظرية النسبية تتفوق تفوقا ل مثيل له وتعد الفضل والصلح في هذه الحالة .ول بد أن
النظريات التي ستعقبها ستكون أعم منها وستنجح في النقاط التي قد تخفق فيها نظرية النسبية ،ولن تسود هذه
النظرية حقبة طويلة المد كسابقاتها من النظريات ،لن العلم يقفز من عصر لخر وسيأتي يوم تزول فيه النسبية
فالعلم ل يعرف نظرية نهائية فجميع نظرياته موقوتة بعصورها ،مرهونة بأوقاتها ،وهذا من أهم عوامل تقدمه.
المصدرhttp://www.makphys.com :
11