You are on page 1of 23

‫ةة ةةةةة ةةة ةةةةةة ةةةة ةةةةةة ةةةةةةة ةةةةةةة‬

‫)ةةةة ةةة ةةةةةةةة ةةة ةةةة ةةةةةةة ةةةةةةة ةةة‬


‫ةةةةةةةة(‬

‫الكتاب ‪ :‬ليلة النصف من شعبان‬


‫المؤلف ‪ :‬فضيلة الستاذ المام السيد محمد زكي إبراهيم‬
‫رائد العشيرة المحمدية في مصر المحمية‬
‫خّرج أحاديثها ‪ :‬محيي الدين حسين يوسف‬ ‫عَّلق عليها و َ‬
‫السنوي‬
‫تلميذ المؤلف ومن خريجي الزهر‬
‫الطبعة السابعة‬

‫ليلة النصف من شعبان‬

‫لفضيلة الستاذ المام السيد‬


‫محمد زكي إبراهيم‬
‫رائد العشيرة المحمدية‬
‫رحمه الله تعالى رحمة واسعة‬

‫عَّلق عليها و َ‬
‫خّرج أحاديثها‬
‫محيي الدين حسين يوسف السنوي‬
‫تلميذ المؤلف ومن خريجي الزهر‬
‫الطبعة السابعة‬

‫) ‪(1/1‬‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬


‫مقدمة بين يدي هذه الرسالة‬
‫الحمد لله رب العالمين ‪ ،‬والصلة والسلم على أشرف النبياء والمرسلين ‪،‬‬
‫سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ‪.‬‬
‫ما بعد ‪:‬‬ ‫أ ّ‬
‫أول ً ‪:‬‬
‫دنا وشيخنا بقية السلف الصالح المام محمد زكي إبراهيم رحمه الله‬ ‫ن سي ّ َ‬ ‫فإ ّ‬
‫ث فيها على‬ ‫ً‬
‫تعالى كان ُيحيي ليلة النصف من شعبان إحياًء شرعي ّا ‪ ،‬فيح ّ‬
‫الذكر والدعاء وقراءة القرآن والتهجد والتسبيح ‪ ،‬وكان رحمه الله يوصي فيها‬
‫بالتوبة والستغفار ومحاسبة النفس وصلة الحاجة وصلة التسابيح ‪.‬‬
‫سّنة والجماع ‪ ،‬وهي‬ ‫وهذه العبادات كلها لها أدلتها الشرعية من الكتاب وال ّ‬
‫معَّين تؤدى فيه ( ‪ ،‬فأداؤها في أي‬ ‫عبادات مطلقة ) أي غير مقيدة بزمن ُ‬
‫سّنة نبوية ‪ ،‬فإذا أ ُّديت في وقت مبارك له فضل وشرف كان ذلك أرجى‬ ‫وقت ُ‬
‫للجابة والقبول ‪ ،‬وكان جمعا ً بين فضيلتين في وقت واحد ‪.‬‬
‫وكان شيخنا رحمه الله يجمع الّناس في ليلة النصف من شعبان ) بين‬
‫م‬‫منون عليه ‪ ،‬ث ُ ّ‬‫المغرب والعشاء ( فيعظهم وي ُذ َك ُّرهم ويدعو الله بهم ‪ ،‬ويؤ ّ‬
‫من شاء أحيا ليلته معتكفا ً في المسجد‪ ،‬ومن شاء أحياها في بيته ‪.‬‬
‫والّناس في زماننا هذا أحوج ما يكونون إلى اجتماعات الخير ومواسم‬
‫الرحمات ‪ ،‬والتعرض لنفحات الله في أيامه ‪ ،‬فقد كثرت المفاسد وأهدرت‬
‫الوقات في غير الطاعات )ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي‬
‫م كان النسان في‬ ‫الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون ( ‪ ،‬فمن ث َ ّ‬
‫حاجة إلى لحظات يرجع فيها إلى الله ويؤوب ‪ ،‬ويتوب إليه سبحانه وينيب ؛‬
‫فالجتماع في ليلة النصف وفي غيرها من الوقات المباركات أصبح ضرورة ل‬
‫بد منها ‪.‬‬
‫ن من السس‬ ‫والفقيه النبيه الذي يمعن نظره الثاقب وبصيرته النّيرة يجد ُ أ ّ‬
‫العظيمة التي قام عليها السلم ‪ :‬الجتماع على الخير ‪ ،‬فمن هنا كانت صلة‬
‫حَلق الذكر‪ ،‬والعلم ‪،‬‬ ‫الجمعة ‪ ،‬والجماعة ‪ ،‬والعيدين‪ ،‬وإجابة الدعوة ‪ ،‬و ِ‬
‫والقرآن ‪ ...‬إلخ ‪.‬‬
‫ثانيًا‪:‬‬
‫دقين والمتنطعين ‪ ،‬ممن وقفوا‬ ‫وقد ظهر اليوم طغام من المتفيهقين والمتش ّ‬
‫على أبواب الله ليصدوا عباده عن سبيله ‪ ،‬وأّنى لهم ؟! ‪ ،‬بضاعتهم ‪ :‬التبديع‬
‫والتكفير والتفسيق ‪ ،‬وربحهم ‪ :‬التفريق والتشتيت والتمزيق ‪ ،‬فل ربح البيع ‪،‬‬
‫ما فشا هؤلء في الّناس كـ ) جرثومة ( خبيثة ‪ ،‬و‬ ‫ول راجت التجارة ‪ ..‬ل ّ‬
‫ب أطباء العلل ‪ ،‬فاستأصلوا‬ ‫) فيروس ( قاتل ‪ ،‬ينخر في عظام المة ‪ ،‬هَ ّ‬
‫شأفة ما ظهر من المراض وانتشر ‪ ،‬وعالجوا الدفين من الوبئة وما استتر ‪،‬‬
‫حد ّ الدلة الشرعية ‪ ،‬والحجج الواضحة القوّية ‪ ،‬والبراهين الساطعة‬ ‫وذلك ب َ‬
‫الجلّية ‪.‬‬
‫من أجل ذلك كتب شيخنا رحمه الله تعالى هذه الرسالة المفيدة ) ليلة‬
‫النصف من شعبان في ميزان النصاف العلمي ( على طريقته رحمه الله في‬
‫ذكر خلصة المسائل العلمية ‪ ،‬ومواطن الحجج والدلة الشرعية ‪ ،‬بأسلوب‬
‫جمع بين حسن التبويب والترتيب ‪ ،‬وسهولة العبارة وتوضيح المقصود ؛‬
‫ليستفيد الخاص والعام والمجتهد والمقتصد ‪ ،‬في غير فضل كلم ‪ ،‬ول تكثير‬
‫أوراق ‪.‬‬
‫ً‬
‫وقد لقت هذه الرسالة قبول ‪ ،‬وطبعت عدة مرات ) مستقلة أو ملحقة‬
‫بغيرها ( ‪ ،‬وقد تميزت هذه الطبعة بأنها روجعت على الطبعات السابقات‬
‫وعلى أصل مخطوط بخط شيخنا رحمه الله ‪ ،‬فجاءت ‪ -‬والحمد لله ‪ -‬طبعة‬
‫متكاملة ‪ ،‬فيها زيادات مفيدة ‪ ،‬وقد بذلت جهدي في التعليق عليها ‪ ،‬وتخريج‬
‫أحاديثها ‪ ،‬وعزوها إلى أقرب مصادرها ‪ ،‬بحسب ما توفر لي من مصادر ما‬
‫استطعت ‪ ،‬وما توفيقي إل بالله ‪.‬‬

‫) ‪(1/2‬‬

‫ثالثًا‪:‬‬
‫ولشيخنا رحمه الله ) غير هذه الرسالة ( في تلك القضايا ) الخلفية ( عدة‬
‫ن‬ ‫ح ّ‬
‫ل مشكلها ‪ ،‬وبي ّ َ‬ ‫كتب ورسائل ‪ ،‬ومقالت ومباحث ‪ ،‬أوضح مبهمها ‪ ،‬و َ‬
‫مواضع الخلف فيها ‪ ،‬ووجه الحق بدليله ‪ ،‬حّتى صارت كتاباته كلها ‪ -‬والحمد‬
‫لله ‪ -‬مرجعا ً ومرشدا ً لهل الحقّ والصواب ‪.‬‬
‫ومن تلك الكتب والرسائل ‪:‬‬
‫‪ - 1‬الفهام والفحام ‪ ،‬أو قضايا الوسيلة والقبور ‪.‬‬
‫‪ - 2‬وظيفة الحديث الضعيف في السلم ‪.‬‬
‫‪ - 3‬قضية المام المهدي بين الرفض والقبول ‪.‬‬
‫‪ - 4‬الزيارة النبوية ومشروعية شد الرحال ‪.‬‬
‫‪ - 5‬الفروع الخلفية ومشروعية العمل بأحد الوجهين فيها بل تعصب ‪.‬‬
‫‪ - 6‬المشروع والممنوع ‪.‬‬
‫‪ - 7‬أهل القبلة كلهم موحدون ‪.‬‬
‫وغير ذلك كثير ؛ فقد نافت مؤلفاته عن المائة ‪ ،‬غير ما له من المقالت‬
‫والبحاث والخطب والدروس ‪.‬‬
‫ل كتاب من هذه الكتب عالج قضية مهمة اختلف الّناس حولها بين مؤيد‬ ‫وك ّ‬
‫ل بدلوه ‪ ،‬فوجب الرجوع إلى الله ورسوله )فإن تنازعتم‬ ‫ومعارض ‪ ،‬وأدلى ك ّ‬
‫في شيء فردوه إلى الله والرسول( ‪.‬‬
‫رابعًا‪:‬‬
‫ل جهدا ً‬‫رحم الله تعالى شيخنا المام محمد زكي إبراهيم رحمة واسعة ‪ ،‬لم يأ ُ‬
‫أن يجاهد في الله بقلمه ولسانه ‪ ،‬ونفسه ‪ ،‬وماله ‪ ،‬وقد ترك لنا هذا التراث‬
‫دد التصوف السلمي ‪ ،‬ووضع منهجا ً واضحا ً للعمل‬ ‫العلمي الكبير ‪ ،‬وج ّ‬
‫السلمي ‪ ،‬وكأّني بلسان حاله يقول ما قاله الشيخ المير العمراني‬
‫الصعيدي ‪:‬‬
‫ن يدري‬ ‫م ْ‬ ‫ن َ‬‫در ولكن أي َ‬ ‫ت الّنظم كال ّ‬ ‫م ُ‬ ‫ن َظ َ ْ‬
‫ل ما يمكن بقول السّر والجهر‬ ‫ت بك ُ ّ‬
‫وعظ ُ‬
‫ن له أمري‬ ‫م ْ‬ ‫فلم يصغوا إلى قولي فحسبي َ‬
‫ت بكاتم ٍ علما ً ولم أخزنه في صدري‬ ‫ولس ُ‬
‫ر‬ ‫ه في الن ّ ْ‬
‫ش ِ‬ ‫جو الل َ‬ ‫ً‬
‫سخا وأر ُ‬ ‫فقد سطرُته ن َ ْ‬
‫نشر الله علوم شيخنا ‪ ،‬ونفع بها ‪.‬‬

‫) ‪(1/3‬‬

‫خامسًا‪:‬‬
‫ة وتمهيدا ً بين‬
‫وهذه نظرة إجمالية في قضية ) ليلة النصف من شعبان ( تقدم ً‬
‫يدي رسالة شيخنا الجامعة الممتعة ‪ ،‬فأقول ‪:‬‬
‫أفرد كثير من العلماء ) في العصور المختلفة ( رسائل وأجزاء حديثية في‬
‫بيان فضل ليلة النصف من شعبان ‪ ،‬والرد على منكري إحيائها ‪ ،‬فمن هذه‬
‫التآليف ‪:‬‬
‫‪ (1‬فضل النصف من شعبان لفقيه الحرم المكي محمد ابن إسماعيل بن أبي‬
‫الصيف اليمني الشافعي )ت ‪ 609‬هـ( ‪ ،‬ويقال لكتابه ‪ ) :‬فضائل شعبان ( ‪.‬‬
‫‪ (2‬ما جاء في شهر شعبان للحافظ أبي الخطاب ابن دحية الندلسي )‪633‬‬
‫هـ( ‪.‬‬
‫‪ (3‬ليلة النصف من شعبان وفضلها للحافظ أبي عبد الله محمد بن سعيد‬
‫الد ّب َْيثي )ت ‪ 637‬هـ( ‪.‬‬
‫‪ (4‬تحلية الشبعان فيما روي في ليلة النصف من شعبان للحافظ شمس‬
‫الدين محمد بن طولون الصالحي الدمشقي )ت ‪ 953‬هـ( ‪.‬‬
‫‪ (5‬اليضاح والبيان لما جاء في ليلة النصف من شعبان للشيخ العلمة ابن‬
‫حجر الهيتمي الفقيه الشافعي )ت ‪ 975‬هـ( ‪.‬‬
‫‪ (6‬مواهب الكريم المّنان في الكلم على أوائل سورة الدخان وفضائل ليلة‬
‫النصف من شعبان للشيخ الفقيه نجم الدين محمد بن أحمد الغيطي‬
‫الشافعي )ت ‪ 981‬هـ( ‪.‬‬
‫‪ (7‬الكشف والبيان عن فضائل ليلة النصف من شعبان للشيخ سالم‬
‫السنهوري المالكي ) من علماء القرن العاشر الهجري ( ‪.‬‬
‫‪ (8‬رسالة في فضل ليلة النصف من شهر شعبان للشيخ العلمة محمد‬
‫حسنين مخلوف العدوي الزهري المالكي )ت ‪ 1355‬هـ( ‪.‬‬
‫دث الشيخ عبد الله‬ ‫‪ (9‬حسن البيان في ليلة النصف من شعبان للعلمة المح ّ‬
‫صديق الغماري )ت ‪ 1413‬هـ( ‪.‬‬ ‫بن ال ّ‬
‫‪ (10‬منحة الرحيم الرحمن في بعض ما ورد في ليلة النصف من شعبان‬
‫للشيخ محمود إبراهيم آل محمود البحريني ‪.‬‬
‫ف في‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ن أل َ‬ ‫وليس المقصود هنا استيعاب جميع ما أ ُل ّ َ‬
‫م ْ‬
‫ن َ‬
‫ف في هذا الباب ‪ ،‬فإ ّ‬
‫ن ذكرت ‪ -‬كثيرون ‪ ،‬منهم ‪ :‬شيخ السلم الجهوري المالكي‬ ‫م ْ‬
‫هذا الباب ‪ -‬غير َ‬
‫‪ ،‬والشيخ أبو الحسن الصديقي ‪ ،‬والشيخ محمد حبيب الله الشنقيطي ‪،‬‬
‫والشيخ محمد الحافظ التجاني ‪ ،‬والشيخ عمران الشاذلي السيوطي ‪ ،‬وللخ‬
‫الشيخ أبي الفضل محمد حبيب الله الّرباني رسالة ) إقامة البرهان ( طبعت‬
‫مع رسالة شيخنا في الطبعة السادسة ‪.‬‬

‫) ‪(1/4‬‬

‫وجاء كتاب شيخنا ) ليلة النصف من شعبان في ميزان النصاف العلمي‬


‫ماه‬‫وسماحة السلم ( فكان د ُّرة التاج ‪ ،‬وواسطة العقد ‪ ،‬ومشكاته ‪ ..‬وقد س ّ‬
‫شيخنا رحمه الله في بعض طبعاته ) القول الفصل حول ليلة النصف من‬
‫شعبان ( ‪.‬‬
‫سادسًا‪:‬‬
‫ونستطيع أن نجمل اعتراض المخالفين ‪ ،‬ونرد عليهم فيما يلي ‪:‬‬
‫‪ (1‬أنكروا فضل ليلة النصف من شعبان ‪ ،‬وقالوا ‪ :‬لم يصح في فضلها‬
‫حديث ‪ ،‬وليس لهم حجة في ذلك ول مستند إل قولة القاضي أبي بكر محمد‬
‫بن عبد الله ابن العربي المالكي رحمه الله ‪ ) :‬ليس في ليلة النصف من‬
‫صديق الغماري ‪) :‬‬ ‫شعبان حديث يساوي سماعه ( ‪ .‬قال الشيخ عبدالله ابن ال ّ‬
‫في هذا غلو وإفراط ( ‪.‬‬
‫وقال المباركفوري في تحفة الحوذي )‪ (367/3‬بعد أن ساق أحاديث ليلة‬
‫جة على من زعم أّنه لم‬ ‫النصف من شعبان ‪ ) :‬فهذه الحاديث بمجموعها ح ّ‬
‫يثبت في فضيلة ليلة النصف من شعبان شيء ( ‪.‬‬
‫وأورد اللوسي في تفسيره روح المعاني )‪ (111/5‬كلم القاضي أبي بكر ابن‬
‫العربي ثم قال ‪ ) :‬ول يخلو من مجازفة ( ‪.‬‬
‫ت ‪ :‬قد ورد في فضل ليلة النصف من شعبان وفي إحيائها بالعبادة أحاديث‬ ‫قل ُ‬
‫ً‬
‫صحاح وحسان وضعاف يشد ّ بعضها بعضا ‪ ،‬وتدفع قول كل جاحد ومعاند‬
‫) كما سترى في هذه الرسالة ( ‪.‬‬
‫بل قال الشيخ ابن تيمية رحمه الله في كتابه اقتضاء الصراط المستقيم )ص‬
‫‪) : (302‬وليلة النصف من شعبان قد روي في فضلها من الحاديث المرفوعة‬
‫والثار ما يقتضي أّنها مفضلة‪ ،‬وإن من السلف من كان يخصها بالصلة فيها ‪،‬‬
‫وصوم شهر شعبان قد جاءت فيه أحاديث صحيحة ( ‪.‬‬
‫م قال بعد كلم ‪ ) :‬لكن الذي عليه كثير من أهل العلم أو أكثرهم من‬ ‫ثُ ّ‬
‫أصحابنا وغيرهم على تفضيلها ‪ ،‬وعليه يدل نص أحمد ‪ ،‬لتعدد الحاديث‬
‫الواردة فيها ‪ ،‬وما يصدق ذلك من آثار السلف ‪ ،‬وقد روي بعض فضائلها في‬
‫ضعَ فيها أشياء أخر ( ‪.‬‬
‫المسانيد والسنن ‪ ،‬وإن كان قد وُ ِ‬

‫) ‪(1/5‬‬

‫وقال الشيخ ابن تيمية أيضا ً في مجموع الفتاوى )‪ ) : (131/23‬إذا صلى‬


‫صة كما كان يفعل طوائف من‬ ‫النسان ليلة النصف وحده أو في جماعة خا ّ‬
‫السلف فهو حسن ( ‪.‬‬
‫ما ليلة النصف فقد روي في فضلها أحاديث وآثار‬ ‫وقال فيه )‪ ) : (132/23‬وأ ّ‬
‫ونقل عن طائفة من السلف أّنهم كانوا يصلون فيها ‪ ،‬فصلة الرجل فيها‬
‫جة ‪ ،‬فل ينكر مثل هذا ( ‪.‬‬ ‫وحده قد تقدمه فيه سلف وله فيه ح ّ‬
‫فهذه أقوال ابن تيمية رحمه الله ‪ ،‬ولكن كما قيل عن إخواننا ‪ -‬غفر الله لنا‬
‫ولهم ‪ -‬فهم تيميون فيما لم يتبع فيه ابن تيمية المام أحمد ‪ ،‬ووهابيون فيما‬
‫لم يتبع فيه ابن عبد الوهاب ابن تيمية ‪ ..‬وألبانيون ‪ ،‬وبازيون ‪ ...‬وهكذا ‪.‬‬
‫ن الشيخ اللباني رحمه الله قد صحح حديث‬ ‫وأزيدك ‪ -‬أيها القارىء الكريم ‪ -‬أ ّ‬
‫فضل ليلة النصف بمجموع طرقه في صحيحته )‪ ، (1144‬وفي صحيح ابن‬
‫سّنة ( لبن أبي عاصم )‪، 509‬‬ ‫ماجه )‪ ، (233/1‬وفي تعليقه على كتاب ) ال ّ‬
‫‪. (512 ، 511 ، 510‬‬
‫سّنة ( المنسوب لعبد الله بن المام أحمد )‪ - (273/1‬بإسناد‬ ‫وفي كتاب ) ال ّ‬
‫صحيح ‪ -‬عن عّباد بن العوام قال ‪ ) :‬قدم علينا شريك فسألناه عن الحديث ‪:‬‬
‫ن قوما ً ينكرون هذه الحاديث ‪،‬‬ ‫ن الله ينزل ليلة النصف من شعبان ‪ ،‬قلنا ‪ :‬إ ّ‬ ‫إ ّ‬
‫ن الذين جاءوا بهذه‬ ‫قال ‪ :‬فما يقولون ؟ قلنا ‪ :‬يطعنون فيها ‪ ،‬قال ‪ :‬إ ّ‬
‫ن الصلوات خمس‪ ،‬وبحج البيت ‪،‬‬ ‫الحاديث هم الذين جاءوا بالقرآن ‪ ،‬وبأ ّ‬
‫وبصوم رمضان ‪ ،‬فما نعرف الله إل بهذه الحاديث ( ‪.‬‬
‫‪ (2‬أنكروا إحياء هذه الليلة بالعبادة والجتماع لها ‪ ،‬والدليل العام وحده ينقض‬
‫سّنة نبوية‬ ‫سنة ( ُ‬‫ما ذهبوا إليه ويهدمه ‪ ،‬فإحياء الليل عموما ً ) أيّ ليلة من ال ّ‬
‫ثابتة ‪ ،‬قال تعالى ‪ ) :‬يا أيها المزمل قم الليل إل قليل نصفه أو انقص منه‬
‫قه صلى الله عليه وآله‬ ‫قليل أو زد عليه ورتل القرآن ترتيل( ‪ ،‬فهي في ح ّ‬
‫سّنة ‪ ،‬كما ذكر العلماء ‪ ،‬والحاديث في ذلك‬ ‫وسلم فرض ‪ ،‬وفي حق أمته ُ‬
‫كثيرة ثابتة ‪.‬‬

‫) ‪(1/6‬‬

‫ما أنواع العبادات من استغفار ودعاء وقراءة قرآن والصلوات النوافل ‪ ...‬إلخ‬ ‫أ ّ‬
‫‪ ،‬فأدلتها أشهر من أن أسردها في هذه التقدمة ‪ ،‬وكل ذلك مطلق ) غير مقيد‬
‫سّنة ‪ ،‬في ليلة النصف وغيرها ‪.‬‬ ‫بوقت ( فمن أتى به في أي وقت فقد أتى بال ّ‬
‫سّنة بالدليل العام ‪ ،‬فقد‬
‫ن صيامه ُ‬‫‪ (3‬وأنكروا صيام نهار نصف شعبان ‪ ،‬مع أ ّ‬
‫ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صيام شعبان كله ‪ ،‬وصيام أكثر‬
‫ن يوم النصف داخل في هذا ‪ ،‬كما ثبت عنه صلى الله عليه‬ ‫شعبان ‪ ،‬ول شك أ ّ‬
‫وآله وسلم ‪ ،‬من حديث أبي ذر رضي الله عنه وغيره ‪ ،‬أمره بصيام الثلثة‬
‫أيام البيض من كل شهر ‪ ،‬وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر ‪،‬‬
‫ونصف شعبان داخل فيها أيضا ً ‪.‬‬
‫ن قال المعترض ‪ :‬فما الحاجة إلى تخصيص ليلة النصف إذا كانت تدخل‬ ‫فإ ْ‬
‫فيما سبق؟!‪.‬‬
‫ت ‪ :‬بل لليلة النصف من شعبان مزيد فضل واهتمام واختصاص ‪ ،‬وهذه‬ ‫قل ُ‬
‫ة‬
‫الدلة التفصيلية توضحه وتبينه وتؤكده ‪ ،‬وذكرنا للدليل العام إنما هو حج ٌ‬
‫وإلزام للمخالف ‪.‬‬
‫وانظر إلى فقه الئمة فيما أورده النجم الغيطي في ) فضل ليلة النصف (‬
‫)ص ‪ (106 ، 105‬مما يرويه أبو حاتم الرازي بسنده عن عبد العزيز بن أبي‬
‫داود )‪ (1‬قال ‪ :‬نظر عطاء إلى جماعة في المسجد الحرام ليلة النصف من‬
‫ن الله ‪ -‬عّز‬‫شعبان ‪ ،‬فقال ‪ :‬ما هذه الجماعة ؟ ‪ ،‬قالوا ‪ :‬هذا النميري يزعم أ ّ‬
‫وجل ‪ -‬ينزل هذه الليلة إلى سماء الدنيا ‪ ،‬فيقول ‪ :‬هل من داع فأستجيب له ؟‬
‫هل من سائل فأعطيه ؟ هل من مستغفر فأغفر له ؟ ‪.‬‬
‫فقال عطاء ‪ :‬زيادة على الّناس ‪ :‬هذا في كل ليلة في السنة كلها ‪.‬‬
‫قال الحافظ أبو موسى المديني ‪ :‬وقول عطاء هذا صحيح ‪ ،‬غير أن تخصيص‬
‫دم ‪،‬‬‫ما في تكثير الرحمة كما تق ّ‬ ‫ذكر النزول في هذه الليلة يقتضي تأكيدا ً ‪ ،‬إ ّ‬
‫ن الله ينزل فيها لغروب‬ ‫أو زيادة زمانه ‪ ،‬يعني كما في الحديث المتقدم ) إ ّ‬
‫الشمس ( بخلف بقية الليالي ‪ ،‬فحين يبقى ثلث الليل الخر ‪ .‬اهـ‬

‫) ‪(1/7‬‬

‫وفي ) فيض القدير شرح الجامع الصغير ( للمناوي )‪ ) : (317/2‬قال الزين‬


‫ن الله تعالى ينزل كل ليلة أّنه ذكر مع‬ ‫العراقي ‪ :‬مزية ليلة نصف شعبان مع أ ّ‬
‫النزول وصفا ً آخر لم يذكر في نزول كل ليلة وهو قوله ‪ ) :‬فيغفر لكثر من‬
‫ن النزول في كل ليلة‬ ‫عدد شعر غنم كلب ( ‪ ،‬وليس ذا في نزول كل ليلة ‪ ،‬ول ّ‬
‫ص شعر غنم كلب لّنه لم‬ ‫مؤقت بشرط الليل أو ثلثه وفيها من الغروب ‪ ،‬وخ ّ‬
‫يكن في العرب أكثر غنما ً منهم ( ‪.‬‬
‫ن آية المر بالصلة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم نزلت‬ ‫وقد قيل ‪ :‬إ ّ‬
‫في شهر شعبان ‪ ،‬نقله العلمة الشهاب القسطلني في كتابه ) مسالك‬
‫الحنفا إلى مشارع الصلة على النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم (‬
‫)‪.(2‬‬
‫سابعًا‪:‬‬
‫ن أمة السلم في هذا الزمان في أشد الحاجة أن تتجاوز أزمات الخلفات‬ ‫إ ّ‬
‫الفرعية ‪ ،‬خصوصا ً وإن كثيرا ً من تلك المسائل ‪ -‬إن لم تكن جميعها ‪ -‬مسائل‬
‫ة ‪ ،‬وظهر وجه الحق فيها ‪ ،‬أو هي ‪ -‬على القل‬ ‫مكررة ‪ ،‬قد ُقتلت بحثا ً ودراس ً‬
‫ل فريق فيها ما أداه إليه اجتهاده بدليله ‪ ،‬فل يبغي أحد ٌ‬ ‫‪ -‬مسائل اجتهادية لك ّ‬
‫على أحد ٍ بالتفسيق والتبديع والتكفير ‪ ...‬إلخ ‪ ،‬وقد اتسع صدر سلف المة‬
‫الصالح لما هو أكثر أهمية من هذه المسائل ‪ ،‬ونعوذ بالله من الهوى وحب‬
‫الظهور والتعالم ‪.‬‬
‫ن المة السلمية بحاجة إلى أن تضمد جراحها ‪ ،‬لتقف قوّية عزيزة في‬ ‫إ ّ‬
‫وجوه تلك المم التي تكالبت عليها من كل حدب ‪ ،‬فعن ثوبان مولى رسول‬
‫الله صلى الله عليه وآله وسلم ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬قال ‪ :‬قال رسول الله‬
‫صلى الله عليه وآله وسلم ‪ ):‬يوشك المم أن تداعى عليكم كما تداعى الكلة‬
‫إلى قصعتها ( ‪ ،‬فقال قائل ‪ :‬ومن قلة نحن يومئذ ؟ قال ‪ ) :‬بل أنتم يومئذ‬
‫ن الله من صدور عدوكم المهابة‬ ‫كثير ‪ ،‬ولكنكم غثاء كغثاء السيل ‪ ،‬ولينزع ّ‬
‫منكم ‪ ،‬وليقذفن الله في قلوبكم الوهن ( فقال قائل ‪ :‬يا رسول الله ! وما‬
‫ب الدنيا وكراهية الموت ( )‪.(3‬‬
‫الوهن ؟ قال ‪ ) :‬ح ّ‬

‫) ‪(1/8‬‬

‫ثامنًا‪:‬‬
‫ب‬ ‫ً‬
‫فإلى المسلمين جميعا ‪ :‬في ليلة النصف من شعبان المكرم ‪ :‬اتجهوا بقل ٍ‬
‫واحد ‪ ،‬وجسد واحد ‪ ،‬ولسان واحد إلى قبلة واحدة ‪ ،‬ورب واحد ‪ ..‬واذكروا‬
‫غربة السلم في أهله ‪ ..‬اذكروا ) بيت المقدس ( أولى القبلتين ‪ ،‬وثالث‬
‫الحرمين ‪ ،‬ومسرى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ‪ ،‬وما يفعله ) به وبأهله (‬
‫اليهود من دمار وتخريب وتغيير لمعالمه ‪..‬‬
‫أي َّها المسلمون ‪ :‬اذكروا تلك القليات المسلمة التي يقوم أعداء السلم‬
‫بإبادتها وتدميرها‪ ،‬بغية القضاء على السلم وأهله ‪..‬‬
‫في البوسنة والهرسك ‪ ،‬وفي كوسوفا ‪ ،‬وفي ألبانيا ‪ ،‬وفي داغستان ‪ ،‬وفي‬
‫الشيشان ‪ ،‬وفي بورما ‪ ،‬وفي كشمير ‪ ،‬وفي غيرها مليين من المسلمين ‪،‬‬
‫من أطفال وشباب وشيوخ ونساء ‪ ،‬قتلتهم العنصرية ‪ ،‬وشردتهم الحقاد على‬
‫المسلمين ‪.‬‬
‫إّنه ل تكاد توجد بقعة في العالم إل وفيها أقلية مسلمة تسام العذاب‬
‫والهوان ‪ ..‬هذه المجازر الجماعية التي حصدت الشيوخ والنساء والطفال ‪..‬‬
‫وهذه البادة الشاملة التي لم تبق ولم تذر ‪ ..‬وهذا التشريد والعزل والطرد‬
‫والتنصير ‪ ..‬إلخ ‪ .‬فأين الحضارة التي يزعمون؟!‪ ،‬وأين حقوق النسان ؟! ‪،‬‬
‫وأين الحب والتسامح ‪ ..‬؟! وأين ‪ ..‬وأين ؟! ‪.‬‬
‫ل ما يقدمه المسلم اليوم أن يحافظ على وحدة السلم ‪ ،‬وأن يقبض‬ ‫ن أق ّ‬‫إ ّ‬
‫على دينه ‪ ،‬وأن يعين المسلمين ما استطاع فإن لم يجد فبقلبه ولسانه وإن‬
‫بالدعاء ‪.‬‬
‫ي العظيم ‪ ،‬وصلى الله على سيدنا محمد‬ ‫هذا ‪ ،‬ول حول ول قوة إل بالله العل ّ‬
‫وآله وصحبه وسلم ‪.‬‬

‫) ‪(1/9‬‬

‫ليلة النصف من شعبان‬


‫الدلة الحاسمة على مشروعية إحيائها‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الحمد لله رب العالمين ‪ ،‬والصلة والسلم على أشرف النبياء والمرسلين ‪،‬‬
‫سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ‪.‬‬
‫ما بعد ‪:‬‬
‫أ ّ‬
‫ً‬
‫استجابة لرغبات كريمة وجهت إلينا نعيد نشر هذا البحث أمل في أن نكشف‬
‫ما يشغل الجمهور الن من أمر إحياء ليلة النصف من شعبان وما‬ ‫وجه الحق ع ّ‬
‫يدور على اللسن الن بشأنها بين المشروعية والممنوعية ‪.‬‬
‫وبرغم أّنه كان قد سبق لنا في هذا المجال كلم ‪ ،‬إل أننا نعود إليه باختصار‬
‫وتركيز ‪ ،‬استجابة لهذه الرغبات المباركة ‪ ،‬وإحقاقا ً لما نؤمن به من ح ّ‬
‫ق‬
‫نعتقده ‪ ،‬ول نعادي من يعتقد سواه ‪.‬‬
‫بين يدي مشكلة ليلة النصف ‪:‬‬
‫ّ‬
‫قد نأذن لنسان ما ‪ ،‬أن يتهمنا بالخطأ ) فكل ابن آدم خطاء ( ‪ ،‬والخطأ في‬
‫محاولة بلوغ الصواب نوعٌ من الصواب نفسه ‪ ،‬ولكننا ل نأذن لنسان ما أن‬
‫يتهمنا في ديننا ‪ ،‬ول في عقيدتنا ‪ ،‬فدون ذلك أهوال !! ‪.‬‬
‫وبمقدار ما ل نحب أن نحمل الّناس كرها ً على رأينا ‪ ،‬نأبى أن يحملنا أحد ٌ‬
‫ل وجهة هو موليها ‪ ،‬وطالب الصواب مصيب وإن أخطأ ‪.‬‬ ‫كرها ً على رأيه ‪ ،‬ولك ّ‬
‫ول يزال إخواننا ) المتوهبة ( المغرمون بالحملة على ) إحياء ليلة النصف من‬
‫ضون فيه إلى الّناس اعتكافهم‬ ‫شعبان ( يترقبون هذا الموسم بشغف ‪ ،‬ي ُب َغّ ُ‬
‫بالمساجد ‪ ،‬وابتهالهم إلى الله تعالى ‪ ،‬كأن لم يبق مما يغضب الله شيء قط‬
‫‪ ،‬إل أن يلجأ إلى بابه تعالى مسلم في ليلة النصف من شعبان ‪ ،‬على أي وجه‬
‫كان ! ‪.‬‬
‫ما تموج به‬ ‫هم الله ‪ -‬ع ّ‬‫صَر ُ‬‫ن من أعجب العجب أن يعمى هؤلء الخوة ‪ -‬ب ّ‬ ‫وإ ّ‬
‫حياتنا من موبقات مدمرة ‪ ،‬وما يتلطم فيها من كبائر فّتاكة ‪ ،‬فل تحس منهم‬
‫من أحد ‪ ،‬أو تسمع لهم ركزا نحو هذا التخريب المفزع المتفق عليه !‪.‬‬
‫فإذا وقع نظرهم على مقبل على الله ‪ ،‬تلقفوه كالزبانية ‪ ،‬ليجردوه من‬
‫الّروحانية ‪ ،‬أو ليفتنوه في عقيدته ‪ ،‬فما لم يستجب لهم ‪ ،‬حكموا عليه‬
‫بالعدام المالي ! وأخرجوه من دين الله بتهمة الشرك أو الكفر الملفقة ‪،‬‬
‫سّنة‬
‫ووقفوا يعضون أصابعهم من الندم ‪ ،‬على أنهم لم يسحلوه ‪ ،‬باسم ال ُ‬
‫والتوحيد ! ‪.‬‬
‫ً‬
‫ل إنسان بما عنده ‪ ،‬ول يبخس أحدا شيئه الذي اقتنع به ‪ ،‬ما‬ ‫ن العلم يعذر ك ّ‬ ‫إ ّ‬
‫دام يعتصم بدليله ‪ ،‬وفضيلة العلم ‪ :‬الدب والتواضع وعفة اللسان والقلم‬
‫والتفكير والترفع عن دعوى الختصاص بالصواب أو احتكاره ‪.‬‬

‫) ‪(1/10‬‬

‫ن حياتنا مملوءة بالمتفق على كفاحه ‪ ،‬وهو أولى بالجهد من‬ ‫يا إخواننا ‪ :‬إ ّ‬
‫المختلف عليه الذي يصرفنا عن الهم إلى التافه فنضل ونخزى ‪.‬‬
‫هذه قضية يؤمن بها حّتى أهل المريخ ‪ ،‬ولكنها لم تصل بعد إلى خصوم ليلة‬
‫سّنة ! ‪.‬‬‫النصف من شعبان ‪ ،‬وهواة تمزيق المة باسم التوحيد أو اسم ال ّ‬
‫أول ً ‪ :‬تمهيد ‪:‬‬
‫أصبح من معتاد الّناس أن يستقبلوا شهر شعبان بالمعركة التقليدية المكررة‬
‫بين القائلين باستحباب إحياء ليلة النصف ‪ ،‬والقائلين بالمنع في صلف‬
‫وخشونة وجمود ‪.‬‬
‫ن‬
‫ونحن هنا نعيد نشر هذا البحث العلمي المنصف ‪ ،‬على يقين مسبق بأ ّ‬
‫خصوم هذه الليلة لن يزيدهم هذا الحق إل عنتا ً وتشنجا ً وانطلقا ً في‬
‫السباب ‪ ،‬بغير علم ول هدىً ول كتاب منير ‪ .‬وإنما هو التغالي والتعالي ‪،‬‬
‫وسرطان حب المخالفة ‪ ،‬ودعوى النفراد بالصواب‪ ،‬والوصاية على دين الله‬
‫ن‪،‬‬‫مِتي ٌ‬
‫ن َ‬‫دي َ‬
‫ن هذا ال ّ‬
‫دين متين رفيق ) إ ّ‬ ‫)والله يعلم المفسد من المصلح( ‪ ،‬وال ّ‬
‫ت ل أرضا ً قطع ول ظهرا أبقى ( )‪ (4‬كأن لم يبق‬
‫ً‬ ‫من ْب َ ّ‬
‫ن ال ُ‬
‫ل فيه برفق ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫فأوِْغ ْ‬
‫من البدع إل إحياء ليلة النصف ‪ ،‬رغم ما ثبت في فضلها من الحاديث والثار‬
‫التي سنذكر بعضها إن شاء الله ‪.‬‬
‫ثانيا ً ‪ :‬من فضل ليلة النصف ‪:‬‬
‫ي كرم الله وجهه قال ‪:‬‬ ‫‪ - 1‬روى الدارقطني وابن شاهين وابن ماجه عن عل ّ‬
‫ة الّنصف من‬ ‫قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ‪ ) :‬إذا كانت ليل ُ‬
‫ل فيَها لغُُروب‬‫ه تعالى ينز ُ‬ ‫شعبان ‪ ،‬فقوموا لي ْل ََها وصوموا نَهاَرها ‪ ،‬فإ ّ‬
‫ن الل َ‬
‫َ‬
‫ق‬
‫ست َْرزِ ٌ‬
‫م ْ‬ ‫فرٍ فأغْ ِ‬
‫فَر له ! أل ُ‬ ‫ست َغْ ِ‬‫م ْ‬
‫ن ُ‬ ‫ل ‪ :‬أل َ ِ‬
‫م ْ‬ ‫دنيا ‪ ،‬فيقو ُ‬ ‫ماء ال ّ‬
‫س َ‬‫شمس إلى َ‬ ‫ال ّ‬
‫ه ! أل كذا ! أل كذا ! حّتى ي َط ْل ُعَ الفجر ( )‪.(5‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫مب ْت ًَلى فأ َ‬
‫عافِي َ ُ‬ ‫ه ! ‪ ،‬أل َ ُ‬
‫فَأْرُزقَ ُ‬

‫) ‪(1/11‬‬

‫‪ - 2‬وروى الطبراني ‪ ،‬عن معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه قال ‪ :‬قال‬
‫ه عََلى عبادِهِ ليلة الّنصف‬ ‫رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ‪ ) :‬ي َط ّل ِعُ الل ُ‬
‫ن ( )‪. (6‬‬ ‫ح ٍ‬
‫شا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ك أو ُ‬ ‫شر ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫فُر لجميع خلقه ‪ ،‬إل ل ُ‬ ‫من شعبان ‪ ،‬في َغْ ِ‬
‫فس ( )‪.(7‬‬ ‫وفي رواية ) وقاتل ن َ ْ‬
‫قلنا ‪ :‬ولو لم يكن في فضلها غير هذا الحديث الصحيح الثابت لكفى في‬
‫العناية بشأنها وأنها ليست ككل الليالي ‪ ،‬كما يقوله بعض خلق الله ‪ ،‬وهل كل‬
‫الليالي وردت فيها أحاديث؟! ‪.‬‬
‫‪ - 3‬وروى الترمذي في ) النوادر ( ‪ ،‬والطبراني ‪ ،‬وابن شاهين ) بسند حسن (‬
‫من حديث عائشة رضي الله عنها قالت ‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه‬
‫ل يط ّل ِعُ على‬ ‫ج ّ‬‫ه عّز و َ‬ ‫ن الل َ‬ ‫ة الّنصف من شعبان ‪ :‬إ ّ‬ ‫وآله وسلم ‪ ) :‬هذه ل َي ْل َ ُ‬
‫م‬
‫ح ُ‬‫ن ‪ ،‬وي َْر َ‬‫فري َ‬ ‫ست َغْ ِ‬
‫م ْ‬‫فُر لل ُ‬ ‫ف من شعبان في َغْ ِ‬ ‫ص ِ‬ ‫عباده في ل َي ْل َةِ الن ّ ْ‬
‫م ( )‪.(8‬‬ ‫ما هُ ْ‬ ‫قد ِ ك َ‬ ‫ل الح ْ‬ ‫خُر أهْ َ‬ ‫ن ‪ ،‬ويؤ ّ‬ ‫مي َ‬ ‫ح ِ‬
‫ست َْر ِ‬
‫م ْ‬ ‫ل ِل ْ ُ‬
‫وحسبنا هنا هذه الحاديث الحسنة المعتمدة عند أهل العلم حّتى في‬
‫ه ) الفضائل ( ‪.‬‬ ‫) الحكام ( ب َل ْ َ‬
‫وحول هذا المعنى تدور عدة أحاديث أخرى تحبب في إحياء هذه الليلة ‪،‬‬
‫وتجعل قبول الدعاء فيها أرجى والتعبد أفضل ‪ ،‬وتقطع دعوى القائلين بأّنها‬
‫ليلة ككل الليالي ‪ ،‬والمسلمون جميعا ً على اتفاق على الخذ بالحديث الحسن‬
‫‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬توجيه معاني بعض أحاديث ليلة النصف ‪:‬‬ ‫ً‬
‫‪ - 1‬أخرج البيهقي في كتاب ) الدعوات الكبير ( عن عائشة رضي الله عنها‬
‫ن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قام يصلي ليلة النصف من شعبان ‪،‬‬ ‫أ ّ‬
‫ع‬ ‫َ‬
‫ك من بني آدم ‪ ،‬وفيها ت ُْرف ُ‬ ‫ب كل مولود ٍ وهال ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫وقال ‪ ) :‬في هذه الليلة ي ُكت َ ُ‬
‫أعمالهم ‪ ،‬وتنزل أرزاقهم ( )‪.(9‬‬

‫) ‪(1/12‬‬

‫ن الكتابة هنا معناها نزول المر من اللوح المحفوظ إلى‬ ‫ونحن نفهم ‪ :‬أ ّ‬
‫م كشف ‪ ،‬كان كأّنه‬ ‫ً‬
‫ما كان المر مستورا ث ُ ّ‬ ‫الملئكة الموكلين بتنفيذه ‪ ،‬ول ّ‬
‫بالنسبة لنا قد كتب في هذه الليلة ‪ ،‬وعلى هذا المعنى وما هو منه ‪ ،‬نحمل‬
‫ألفاظ ) الكتابة والنسخ ( التي تدور في أحاديث فضل هذه الليلة ‪ ،‬فتكون‬
‫ليلة النصف كالتمهيد والتقديم أو العداد لليلة القدر ‪ ،‬وعليه يحمل رأي‬
‫عكرمة وغيره توفيقا ً بين ليلة النصف وليلة القدر ‪.‬‬
‫‪ - 2‬ومن دليل ذلك ما روى ابن أبي الدنيا عن عطاء قال ‪ ) :‬إذا كان ل َي ْل َ ُ‬
‫ة‬
‫ن في هذه‬ ‫ك الموت صحيفة ‪ ،‬فيقال ‪ :‬اقِْبض َ‬
‫م ْ‬ ‫مل َ ِ‬
‫ف من شعبان د ُفِعَ إلى َ‬ ‫ص ِ‬‫الن ّ ْ‬
‫ن‬
‫ج ‪ ،‬ويبني الب ُن َْيان ‪ ،‬وإ ّ‬ ‫ح الزوا َ‬‫س ‪ ،‬وي َن ْك ِ ُ‬‫س الغَِرا َ‬‫ن العبد لي َغْرِ ُ‬ ‫الصحيفة ‪ ،‬فإ ّ‬
‫خ في ديوان الموتى()‪.(10‬‬ ‫س َ‬
‫ه قد ن ُ ِ‬ ‫م ُ‬
‫س َ‬
‫ا ْ‬
‫م الّنص ‪ :‬أن هذه الصحيفة قد نسخت من اللوح المحفوظ لينفذها‬ ‫ومفهو ُ‬
‫الموكلون بها ‪ ،‬وعليه يفهم أيضا ً ما أخرجه الدينوري في ) المجالسة ( عن‬
‫راشد بن سعد )‪ ، (11‬وقد أخرج ابن مردويه وابن عساكر عن عائشة نحوه )‬
‫‪.(12‬‬
‫‪ - 3‬وقد أخرج الخطيب في ) التاريخ ( من طريق عامر بن سياف اليمامي ‪،‬‬
‫عن عائشة رضي الله عنها ‪ ،‬من حديث طويل ‪ ،‬قال صلى الله عليه وآله‬
‫ب أجل َُها في‬ ‫ت في سنة إل ك ُت ِ َ‬ ‫س تمو ُ‬ ‫ف ٌ‬ ‫وسلم فيه ‪َ ) :‬يا عائشة ! إّنه ليس ن َ ْ‬
‫ب أجلي وأنا في عبادة رّبي وعمل صالح ( )‪.(13‬‬ ‫ب أن ي ُك ْت َ َ‬‫ح ّ‬ ‫شعبان ‪ ،‬وأ ُ ِ‬
‫وقد رواه أبو يعلى )‪ (14‬بنحو ذلك ‪.‬‬
‫‪ - 4‬وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء بن يسار ‪ ،‬قال ‪ ) :‬لم يكن رسول الله‬
‫صلى الله عليه وآله وسلم في شهر أكثر منه صياما ً في شعبان ‪ ،‬وذلك أّنه‬
‫ينسخ فيه آجال من ينسخ في السنة ( )‪.(15‬‬

‫) ‪(1/13‬‬

‫‪ - 5‬وأخرج الخطيب في ) رواة مالك ( عن عائشة رضي الله عنها قالت ‪:‬‬
‫ي صلى الله عليه وآله وسلم يقول ‪ ) :‬يفتح الله الخير في أربع‬ ‫ت النب ّ‬‫سمع ُ‬
‫ليال ‪ :‬ليلة الضحى ‪ ،‬والفطر ‪ ،‬وليلة نصف شعبان ينسخ فيها الجال والرزاق‬
‫‪ ،‬ويكتب الحاج ‪ ،‬وفي ليلة عرفة إلى الذان()‪.(16‬‬
‫‪ - 6‬وأخرج الديلمي وابن زنجويه عن أبي هريرة رضي الله عنه ‪ ،‬عن النبي‬
‫صلى الله عليه وآله وسلم قال ‪ ) :‬تقطع الجال من شعبان إلى شعبان حّتى‬
‫ه في الموَتى ( )‪.(17‬‬‫م ُ‬
‫ج اس ُ‬ ‫ح وُيول َد ُ له ‪ ،‬وقد َ‬
‫خَر َ‬ ‫ن الرجل لينك ِ ُ‬ ‫أ ّ‬
‫وروى نحوه ابن جرير والبيهقي في الشعب ‪.‬‬
‫ومثل هذا كله ل يقال بالرأي كما هو معلوم عند العلماء ‪ ،‬وهذه الحاديث وإن‬
‫كان في بعضها ضعف أو لين ‪ ،‬فهي مجبورة ومعتضدة بتعدد طرقها‬
‫وشواهدها ‪ ،‬وهكذا تأخذ رتبة ) الحسن ( على القل فيؤخذ بها فيما هو أخطر‬
‫من موضوعنا هذا ‪ ،‬وقد وجهناها هنا على ما نرجح ‪ ،‬ول نخالف توجيه غيرنا‬
‫فل موجب للجدل ‪ ،‬والمر فرعي اجتهادي ‪ ،‬ل يجوز أن يتفرق عليه‬
‫المسلمون ‪.‬‬
‫رابعا ً ‪ :‬حول الحديث الضعيف ‪:‬‬
‫ن ضعف أحاديث فضل هذه الليلة والعمل بها غير‬ ‫وعلى فرض جدلي أ ّ‬
‫ن الحديث‬ ‫مجبور ‪ ،‬فقد جاءت في ) باب الفضائل ( ‪ ،‬والمة كلها على أ ّ‬
‫الضعيف يؤخذ به في الفضائل ونحوها بل تثريب ‪ ،‬فكيف إذا جبر الضعيف‬
‫بالمتابعات والشواهد وتعدد طرق الرواية ‪.‬‬
‫والعمل بالضعيف هنا نقله النووي ‪ ،‬وذهب إليه ابن الصلح ‪ ،‬وهو ما جاء عن‬
‫السلف كالثوري ‪ ،‬وابن عيينة ‪ ،‬وابن حنبل ‪ ،‬وابن المبارك ‪ ،‬وابن مهدي ‪،‬‬
‫وب له ابن عدي في ) الكامل ( ‪ ،‬والخطيب في ) الكفاية ( ‪...‬‬ ‫وابن معين ‪ ،‬وب ّ‬
‫إلخ )‪.(18‬‬
‫ن الحديث الضعيف في مفهومنا العلمي حديث تحققت فيه بعض‬ ‫وذلك أ ّ‬
‫حة ‪،‬‬‫شروط الصحة‪ ،‬وإن تخلفت شروط أخرى فيه ‪ ،‬فهو غير مجرد من الص ّ‬
‫وهذا هو الفرق العلمي الكبير بينه وبين الحديث الموضوع !! وإن جهل ذلك‬
‫بعض خلق الله ‪.‬‬

‫) ‪(1/14‬‬

‫خامسا ً ‪ :‬فضل الدعاء في هذه الليلة ‪:‬‬


‫‪ - 1‬روى البيهقي ‪ ،‬في حديث طويل ‪ ،‬عن عائشة رضي الله عنها قالت ‪ :‬قال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ‪ ) :‬أتاني جبريل ‪ -‬عليه السلم ‪-‬‬
‫فقال ‪ :‬هذه الليلة ليلة النصف من شعبان ‪ ،‬ولله فيها عتقاء من الّنار بعدد‬
‫شعور غنم بني كلب ‪ ،‬ل ينظر الله فيها إلى مشرك ‪ ،‬ول إلى مشاحن ‪ ،‬ول‬
‫سبل ‪ ،‬ول إلى عاق لوالديه ‪ ،‬ول إلى مدمن‬ ‫م ْ‬‫إلى قاطع رحم ‪ ،‬ول إلى ُ‬
‫خمر ‪. ( ...‬‬
‫قالت ‪ :‬فسجد ليل طويل ‪ ، ... ،‬وسمعته يقول في سجوده ‪ ) :‬أعوذ ُ بعفوك‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ل وجهك ‪ ،‬ل‬ ‫من عقابك ‪ ،‬وأعوذ برضاك من سخطك ‪ ،‬وأعوذ بك منك ‪ ،‬ج ّ‬
‫أحصي ثناًء عليك ‪ ،‬أنت كما أثنيت على نفسك ( ‪.‬‬
‫ت ‪ :‬نعم ‪،‬‬ ‫ن ؟ ( فقل ُ‬ ‫مت ِهِ ّ‬ ‫ّ‬
‫ما أصبح ذكرتهن له ‪ ،‬فقال ‪ ) :‬يا عائشة ت َعَل ْ‬ ‫قالت ‪ :‬فل ّ‬
‫ن ‪ ،‬وأمرني أن‬ ‫ه‬ ‫ني‬
‫َ َ ِ ُ ّ‬‫م‬ ‫ّ‬ ‫ل‬‫ع‬ ‫‪:‬‬ ‫السلم‬ ‫عليه‬ ‫جبريل‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫فإ‬ ‫‪،‬‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فقال ‪ ) :‬ت َ َ ِ ِ ّ َ َ ِ ِ ّ‬
‫ه‬ ‫مي‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫و‬ ‫ن‬ ‫ه‬‫مي‬ ‫ل‬ ‫ع‬
‫سجود ( )‪.(19‬‬ ‫ُ‬
‫ن في ال ّ‬ ‫أَرد ّد ُهُ ّ‬
‫ه إلى التعبد فيها ‪ ،‬وإلى‬ ‫ف بفضل هذه الليلة ‪ ،‬وتوجي ٌ‬ ‫وفي هذا الحديث اعترا ٌ‬
‫اختيار جيد الدعاء معها ‪ ،‬فليست إذن ككل الليالي ) كما يقولون !! ( ‪ ،‬وهل‬
‫كل الليالي فيها مثل هذا القول والمناظرة والترغيب المتلحق الذي يوشك‬
‫أن يكون أمرا ً ملزما ً ؟!‪.‬‬
‫ن هذا الحديث ‪ -‬كغيره ‪ -‬معتضد بحديث آخر للبيهقي أيضا ً عن عائشة‬ ‫مإ ّ‬ ‫‪ - 2‬ثُ ّ‬
‫رضي الله عنها ‪ ،‬قالت ‪ :‬كانت ليلة النصف من شعبان ليلتي ‪ ،‬وكان رسول‬
‫ما كان في جوف الليل‬ ‫الله صلى الله عليه وآله وسلم عندي ‪ ،‬فل ّ‬
‫ت إلى حجرتي ‪ ،‬فإذا أنا به‬ ‫فقدته ‪ ، ... ،‬فطلبته في حجر نسائه ‪ ،‬فانصرف ُ‬
‫كالثوب الساقط ‪ ،‬وهو يقول في سجوده ‪ ) :‬سجد لك خيالي وسوادي ‪ ،‬وآمن‬
‫جا لكل‬ ‫ت بها على نفسي ‪ ،‬يا عظيم ي ُْر َ‬ ‫بك فؤادي ‪ ،‬فهذه يدي وما جني ُ‬
‫ق‬
‫عظيم ‪ ،‬يا عظيم اغفر لي الذنب العظيم ‪ ،‬سجد وجهي للذي خلقه ‪ ،‬وش ّ‬
‫سمعه وبصره ( ‪.‬‬
‫وفي رواية ) فتبارك الله أحسن الخالقين ( ‪.‬‬

‫) ‪(1/15‬‬

‫ك من سخطك ‪ ،‬وأعوذ ُ‬ ‫م عاد ساجدا ً فقال ‪ ) :‬أعوذ ُ برضا َ‬ ‫م رفع رأسه ‪ ،‬ث ُ ّ‬ ‫ثُ ّ‬
‫ل كما‬ ‫بعفوك من عقابك ‪ ،‬وأعوذ ُ بك منك ‪ :‬أنت كما أثنيت على نفسك ‪ ،‬أقو ُ‬
‫جد َ له (‬ ‫س َ‬‫فُر وجهي في التراب لسيدي ‪ ،‬وحق لسيدي أن ي ُ ْ‬ ‫قال أخي داود ‪ :‬أ ُعَ ّ‬
‫‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫م ارزقني قلبا تقيا ‪ ،‬من الشرك نقيا ‪ ،‬ل جافيا ول‬ ‫ّ‬
‫م رفع رأسه فقال ‪ ) :‬اللهُ ّ‬ ‫ثُ ّ‬
‫م انصرف )‪.(20‬‬ ‫ً‬
‫شقيا ( ث ُ ّ‬
‫‪ - 3‬قلنا ‪ :‬فلم يعد للمعترض وجه للعتراض على إحياء هذه الليلة بالتعبد‬
‫والدعاء ‪ ،‬إن اتقى الله وترك التعصب التقليدي الكريه ‪ ،‬ودعوى احتكار‬
‫الصواب أو النفراد بالعلم أو خدمة السّنة من دون المة ‪ ،‬أو التحكم فيما‬
‫ح عندهم منها ‪.‬‬‫اختار المسلمون لنفسهم من نوافل العبادات بما ص ّ‬
‫‪ - 4‬وهذه الحاديث التي أوردناها على اختلف المفاهيم والمضامين والمراتب‬
‫ضها بعضا ً ‪ ،‬فلم يبق شك في صحة محصلها ‪ ،‬وهو فضل ليلة‬ ‫العلمية ‪ ،‬يشد ّ بع ُ‬
‫النصف ‪ ،‬وفضل الهتمام بإحيائها ‪ ،‬وبهذا أخذ أكثر السلف ممن ل يتهمهم‬
‫الّناس في علم ول عمل ‪ ،‬وهذا ملحظ علمي له وزنه الكبير فتأمله ‪.‬‬
‫سادسا ً ‪ :‬الركعات الست وقراءة يس ‪:‬‬
‫ما ما تعوده الّناس من صلة ست ركعات أحيانا ً بين المغرب والعشاء ‪ ،‬فقد‬ ‫أ ّ‬
‫وردت عدة أحاديث ثابتة في سنية هذه الركعات الست ‪ ،‬فإذا توسل العبد‬
‫إلى الله بهن في رجاء جلب المنافع ودفع المضار ‪ ،‬فهو متوسل إليه تعالى‬
‫بعمل صالح ل اعتراض عليه ‪ ،‬كما أنها تكون في الوقت نفسه نوعا ً من صلة‬
‫الحاجة المتفق على صحتها بين جميع أهل القبلة ‪ ،‬وهي في الصل تسمى بـ‬
‫) صلة الّوابين ( ‪.‬‬
‫مار ابن ياسر رضي الله‬ ‫‪ - 1‬وقد أخرج الطبراني في معاجمه الثلثة عن ع ّ‬
‫عنه قال ‪) :‬رأيت حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي بعد‬
‫ن صّلى بعد المغرب ست ركعات غفرت له‬ ‫م ْ‬
‫المغرب ست ركعات ‪ ،‬وقال ‪َ :‬‬
‫ذنوبه ‪ ،‬وإن كانت مثل زبد البحر ( )‪.(21‬‬

‫) ‪(1/16‬‬

‫‪ - 2‬وكذلك توسل الّناس إلى الله بسورة ) يس( في هذه الليلة وغيرها ابتغاء‬
‫غفران الذنوب وتفريج الكروب ‪ ،‬ونحو ذلك ‪ ،‬فهو توسل إلى الله تعالى بكتابه‬
‫وكلمه ‪ ،‬وبصفة مقدسة من صفاته ‪ ،‬وسورة مجيدة فيها ترغيب وتحبيب أكيد‬
‫‪ ،‬فل اعتراض ول ملمة ) راجع ما كتبناه عن فضل يس في ) المسلم ( ‪،‬‬
‫وفي كتابنا ) السكات بركات القرآن على الحياء والموات ( ( ‪.‬‬
‫ن خالفه أخطأ وعصى ‪،‬‬ ‫م ْ‬
‫ن ذلك شرع ٌ أكيد ‪َ ،‬‬ ‫قد أ ّ‬‫والمهم في المر أل ي ُعْت َ َ‬
‫وإنما هي فضائل مباحة لمن يشاء ‪ ،‬بتوفيق الله ‪ ،‬والموفقون قليل ‪.‬‬
‫سابعا ً ‪ :‬صوم نهار النصف ‪:‬‬
‫ي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال ‪ ) :‬إذا‬ ‫‪ - 1‬روى ابن ماجه عن عل ّ‬
‫ه تعالى‬ ‫ن الل َ‬ ‫َ‬
‫ة الّنصف من شعبان ‪ ،‬فقوموا لي ْلَها وصوموا نَهاَرها ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫كانت ليل ُ‬
‫فَر‬ ‫فرٍ فأ َغ ِْ‬ ‫غ‬ ‫ت‬ ‫س‬ ‫م‬ ‫ن‬
‫ِ ْ ُ ْ َْ ِ‬‫م‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫أ‬ ‫‪:‬‬ ‫ُ‬
‫ل‬ ‫فيقو‬ ‫‪،‬‬ ‫دنيا‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ماء‬ ‫س‬
‫َ َ‬ ‫إلى‬ ‫شمس‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫روب‬
‫ل فيَها ُ ُ‬
‫غ‬ ‫ل‬ ‫ينز ُ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ه ! أل كذا ! أل كذا ! حّتى ي َط ْل ُ َ‬
‫ع‬ ‫عافِي َ ُ‬ ‫مب ْت ًَلى فأ َ‬‫ه ! ‪ ،‬أل َ ُ‬‫ست َْرزِقٌ فَأْرُزقَ ُ‬
‫م ْ‬ ‫له ! أل ُ‬
‫الفجر ( )‪.(22‬‬
‫ي‬
‫ي ‪ ،‬فبأ ّ‬ ‫وقد قدمنا هذا الحديث من رواية الدارقطني وابن شاهين عن عل ّ‬
‫حقّ نمنع الّناس من ذلك ؟! ‪ ،‬وهذه كلها فضائل يؤخذ فيها بالضعيف غير‬
‫المجبور بالمرة ‪ ،‬فكيف بالحديث ) الحسن ( الذي نأخذ به في العبادات‬
‫والمعاملت ‪ ،‬وكيف بما يرتقي من ) الضعيف ( إلى مقام ) الحسن ( ؟! ‪.‬‬
‫‪ - 2‬نحن نقلد من أجاز ‪ ،‬وهم يقلدون من منع ‪ ،‬ولكل من الجانبين دلي ٌ‬
‫ل‬
‫يطمئن إليه ‪ ،‬فهل من النصاف العلمي أن يبيحوا لنفسهم تقليد من شاءوا ‪،‬‬
‫ويمنعوننا من تقليد من نشاء ‪ ) ،‬وسنذكر أسماء من أجاز ومن منع فيما بعد (‬
‫‪.‬‬
‫ن‪:‬‬ ‫ثامنا ‪ :‬الدعاء المشهور اللهم يا ذا الم ّ‬ ‫ً‬
‫ما الدعاء المشهور ‪ ،‬فقد أخرج ابن أبي شيبة في المصنف )‪، (68/6‬‬ ‫‪-1‬أ ّ‬
‫وابن أبي الدنيا في الدعاء عن ابن مسعود رضي الله عنه ‪ ،‬وورد كذلك عن‬
‫ابن عمر رضي الله عنهما قال ‪:‬‬

‫) ‪(1/17‬‬

‫ن‬‫ما دعا قط عبد ٌ بهذه الدعوات إل وسع الله عليه في معيشته ‪ ) :‬يا ذا الم ّ‬
‫فل يمن عليه‪ ،‬يا ذا الجلل والكرام ‪ ،‬يا ذا الطول والنعام ‪ ،‬ل إله إل أنت ‪،‬‬
‫ظهر اللجئين ‪ ،‬وجار المستجيرين ‪ ،‬ومأمن الخائفين ‪ ،‬إن كنت كتبتني عندك‬
‫في أم الكتاب شقي ّا ً ‪ ،‬فامح عّني اسم الشقاء ‪ ،‬وأثبتني عندك سعيدا ً ‪ ،‬موفقا ً‬
‫ي في‬ ‫م الكتاب محروما ً أو مقترا ً عل ّ‬ ‫للخير ‪ ) ،‬وإن كنت كتبتني عندك في أ ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫سر رزقي ‪ ،‬وأثبتني عندك سعيدا ‪ ،‬موفقا للخير ( ‪،‬‬ ‫الرزق فامح حرماني ‪ ،‬وي ّ‬
‫فإّنك تقول في كتابك الذي أنزلت ) يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم‬
‫الكتاب( ( )‪.(23‬‬
‫ً‬
‫‪ - 2‬وأخرجه ابن جرير وابن المنذر والطبراني عن ابن مسعود أيضا بلفظ ‪:‬‬
‫) اللهم إن كنت كتبتني في السعداء فأثبتني في السعداء ‪ ،‬وإن كنت كتبتني‬
‫في الشقياء فامحني من الشقياء وأثبتني في السعداء ‪ ،‬فإّنك تمحو ما تشاء‬
‫دث السيد مرتضى‬ ‫وتثبت وعندك أم الكتاب ( )‪ .(24‬ونقله المام اللغوي المح ّ‬
‫الزبيدي في شرح الحياء بسنده عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه‬
‫وأقّره ‪.‬‬
‫ن الداعي به يوسع عليه في‬ ‫‪ - 3‬نقول ‪ :‬ومثل هذا الدعاء مع الخبار بأ ّ‬
‫رزقه ‪ ..‬إلخ ‪ ،‬ل يكون أبدا ً إل بتوقيف نبوي ‪ ،‬فليس من شأن صحابي ول غيره‬
‫صة أن‬ ‫أن يخبر بجزاء عمل غيبي ] فيكون بذلك له حكم المرفوع [ ‪ ،‬وبخا ّ‬
‫ي ‪ ،‬والوحي مخصوص به ‪ ،‬ل ينزل إل عليه‬ ‫النبي صلى الله عليه وآله وسلم ح ّ‬
‫؟! وآداب الصحابة ل تأذن لهم بأن يقدموا بين يدي الله ورسوله ‪.‬‬
‫كما أن بعض المراجع )‪ (25‬تسند بعض ألفاظ هذا الدعاء إلى عمر بن‬
‫الخطاب رضي الله عنه )‪ ،(26‬فيكون معنى هذا أّنه دعاء كان معروفا ً‬
‫للصحابة متداول ً بينهم ‪ ،‬ولم ينكره منهم أحد ‪ ،‬والله تعالى ل يشترط في‬
‫استجابته للدعاء أن يكون نبوي ّا ً ‪.‬‬

‫) ‪(1/18‬‬

‫ما بقية الدعاء من عند قولهم ‪ ) :‬إلهي بالتجلي العظم ( إلى نهايته ؛‬ ‫‪-4‬أ ّ‬
‫فقد زاده الشيخ ) ماء العينين الشنقيطي ( وذكره في كتابه ) نعت البدايات (‬
‫ة نبوية مقررة ‪.‬‬
‫سن ّ ٌ‬
‫‪ ،‬ول بأس به ‪ ،‬فالجتهاد في الدعاء ُ‬
‫وعلى الداعي أن يتجاوز عن العبارة التي أثارت الخلف منه ‪ ،‬وهي قوله في‬
‫وصف ليلة النصف ) التي يفرق فيها كل أمر حكيم ويبرم ( ‪ ،‬والراجح أنها‬
‫مدسوسة عليه ‪ ،‬أو أّنه سار فيها على الرأي غير المشهور ؛ إذ النص القرآني‬
‫على أن هذا الفرق يتم في ليلة القدر ‪.‬‬
‫والتعبير بالمضارع في ) يفرق ( يدل على الستمرار ‪ ،‬وفيه الرد على من‬
‫ن ليلة القدر كانت مرة واحدة ل تتكرر ‪ ،‬فل داعي للهتمام بها أيضا ً‬ ‫قال ‪ :‬إ ّ‬
‫) عندهم ( !! ‪ ،‬ونعوذ بالله من تجلط الفكر ‪ ،‬ولزوجة الذهن وضيق الفق‬
‫العلمي ‪.‬‬
‫تاسعا ً ‪ :‬الكلم على ليلة الفرق والبرام ‪:‬‬
‫مل‬ ‫ن ليلة الفرق هي ليلة النصف ‪ ،‬وإليه مال ال ُ‬‫وقد اختار عكرمة وطائفة أ ّ‬
‫علي القاري والمام القرطبي ‪ ،‬لما أخرجه ابن جرير والبيهقي والدينوري‬
‫ن الجال والقضية تقطع في هذه الليلة ‪.‬‬ ‫والمام البغوي بإسنادهم ‪ ،‬أ ّ‬
‫وقد حاول الزمخشري والكرماني وأبو الضحى التوفيق بين هذه النصوص‬
‫فقالوا ‪ :‬إن ابتداء التقدير يكون في ليلة النصف ‪ ،‬ويكون النزال )‪ (27‬في‬
‫ليلة القدر ‪ ،‬وهذا القول ينسب أيضا ً إلى ابن عّباس ‪ ،‬ول نحب أن نذهب إلى‬
‫ن ليلة )الفرق( هي ليلة ) القدر ( ‪ ،‬وحسبنا من ليلة‬ ‫هذا لصراحة القرآن في أ ّ‬
‫النصف البركة وقبول الدعاء !! ورفع العمال ‪ ،‬والتجليات المقدسة ‪ ،‬وما‬
‫بشرت به الحاديث الشريفة ‪.‬‬

‫) ‪(1/19‬‬

‫عاشرا ً ‪ :‬مسألة المحو والثبات ‪:‬‬


‫‪ - 1‬والخلف في معنى المحو والثبات ) وأم الكتاب واللوح المحفوظ ( ‪،‬‬
‫ل هذا لم تجمع المة على جانب‬ ‫وهل هو محو القدار أو محو الشرائع ؟! ك ّ‬
‫واحد فيه ‪ ،‬فهو أمٌر اجتهادي محتمل لكل ذلك ‪.‬‬
‫وعندما يدخل الحتمال ‪ ،‬فإّنه يسعنا ما وسع غيرنا ‪ ،‬وهنا يكون لترجيحنا‬
‫توجيه المحو إلى القدار ) ومنها الشرائع ( اعتبار الحجية والعلم المنهجي‬
‫القاطع الجامع ‪ ،‬والشمول المناسب لمفهوم الية ‪.‬‬
‫‪ - 2‬ذلك لّنه ما من عبد يطلب من الله مطلبا ً من الخير ‪ ،‬إل كان معناه‬
‫وحقيقته الواقعية هي رجاء الله في أن يمحو عنه مقابله من الشر ‪ ،‬فطالب‬
‫سر يسأل الله أن يمحو عنه عسره ‪ ،‬وطالب الصحة يسأل الله أن يمحو‬ ‫الي ُ ْ‬
‫عنه ضعفه ‪ ،‬وطالب الطاعة يسأل الله أن يمحو عنه المعصية ‪.‬‬
‫وهكذا مطالب الثبات في ناحية هي مطالب المحو بالتبعية في الناحية‬
‫الخرى ‪،‬وحسبك في هذا أن تتدبر بعمق قوله تعالى ‪ ) :‬إن الحسنات يذهبن‬
‫السيئات ( ‪ ،‬وقوله تعالى ‪) :‬فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات( ‪ ،‬وقوله‬
‫تعالى ‪) :‬ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة( )‪.(28‬‬
‫سَئل عما يفعل ‪،‬وهو على كل شيء قدير ‪ ،‬وقد‬ ‫والله يفعل ما يشاء ‪ ،‬ول ي ُ ْ‬
‫ذكر سبحانه وتعالى ‪ :‬أّنه ) يبدل ( السيئات حسنات بغاية الوضوح‬
‫والصراحة ‪ ،‬وفي الحديث الثابت قوله صلى الله عليه وآله وسلم ‪ ) :‬أ َت ِْبع‬
‫السيئة الحسنة تمحها ( ‪ ،‬وأكدت الية ) إن الحسنات يذهبن السيئات ( على‬
‫ما سبق في علم الله ‪ ،‬فلم يعد ل ِّلجاجة هنا مكان ‪.‬‬
‫ً‬
‫والذي يراجع أدعية القرآن والسّنة ل يجدها تعدو أن تكون طلبا للخير‬
‫واستعاذة من الشر ‪ ،‬فالداعي يسأل الله المحو من ديوان السوء والثبات‬
‫في ديوان السعود ‪ ،‬فالمسألة كلها دائرة في فلك المحو والثبات الملحوظ ‪،‬‬
‫وإن لم يعلن به في القول الملفوظ ‪ ،‬وإل لم يكن هناك معنى لقوله تعالى ‪) :‬‬
‫ادعوني أستجب لكم ( ‪ ،‬وقوله صلى الله عليه وآله وسلم ‪ ) :‬الدعاء مخ‬
‫العبادة ( )‪ ، (29‬أو قوله ‪ ) :‬الدعاء هو العبادة ( )‪، (30‬‬
‫وقوله تعالى ‪ ) :‬أجيب دعوة الداع إذا دعان ( ‪.‬‬

‫) ‪(1/20‬‬
‫‪ - 3‬والكلم في مسألة القضاء المبرم والقضاء المعلق تؤيدنا ‪ ،‬وترغيب‬
‫ي معّين ‪ ،‬يؤيد‬‫ل ما ‪ ،‬لجزاٍء ما ‪ ،‬أو عطاٍء ربان ّ‬ ‫ل ما ‪ ،‬أو عم ٍ‬
‫المصطفى في قو ٍ‬
‫قضية المحو والثبات ‪ ،‬فقوله صلىالله عليه وآله وسلم ‪ :‬من فعل كذا كان له‬
‫كذا ‪ ،‬ومن أراد أن يكون كذا وكذا فليفعل كذا وكذا ‪.‬‬
‫ل لما يريد ‪ ،‬تعالى عن‬ ‫معنى ذلك ‪ :‬أن الله تعالى غالب على أمره ‪ ،‬وأّنه فعا ٌ‬
‫ل قيد ‪ ،‬حّتى عن قيد الطلق نفسه ‪.‬‬ ‫ك ّ‬
‫م بالحث على ملزمة الدعاء ‪ ،‬رجاء استبدال حال‬ ‫والحديث الشريف مفع ٌ‬
‫بحال ‪ ،‬وقد نقل كبار مفسري القرآن هذا الوجه عن أكثرية السلف ‪ ،‬فإّنه‬
‫فّر من قدر الله‬ ‫الوجه المناسب لمعقولية الشياء‪ ،‬وفي حديث الترمذي ‪ ) :‬ن َ ِ‬
‫إلى قدر الله ( أي من إثباته إلى محوه ‪ ،‬سواء كان على المعنى الحقيقي أو‬
‫المجازي ‪ ،‬وإل وقعنا في عقيدة ) الجبر ( التي ل تجعل للدعاء ول للعمل أثرا ً‬
‫فيما سبق به القضاء ‪،‬وعندئذٍ يكون أمر الله ورسوله بالدعاء والعمل نوعا ً من‬
‫العبث ) وأستغفُر الله ( ‪ ،‬وهذا ما وقع ويقع فيه المعترضون على دعاء ) ليلة‬
‫النصف ( ‪.‬‬
‫‪ - 4‬وعلى هذا ينكشف أن الزوبعة المفتعلة حول ليلة النصف وما حولها‬
‫زوبعة مذهبية مغرضة ‪ ،‬وليس في جانبها دليل قاطع ‪ ،‬اللهم إل الهوى ‪ ،‬وحب‬
‫الظهور بالمخالفة وادعاء العلم بتجهيل خلق الله ‪ ،‬وادعاء الوصاية على دين‬
‫الله ‪ ،‬بل على الله !! فلو أنهم حاربوا في هذه الليلة السهر في البارات‬
‫والملهي ‪ ،‬والسينمات ‪ ،‬وعلب الليل ‪ ،‬والكباريهات ‪ ،‬والمسارح ‪ ،‬والنشغال‬
‫بمغاضب الله وموجبات سخطه ‪ ،‬لكان ذلك من المفهوم والمقبول ‪ ،‬ولكنهم‬
‫داعين عن الدعاء ‪ ،‬ورد الطائعين عن الطاعة ‪،‬‬ ‫في شغل عن ذلك بدفع ال ّ‬
‫وتشكيك العابدين في كل عبادة !! بإشاعة عقيدة ) الجبر ( ‪ ،‬وأّنه ل فائدة‬
‫ن ما سبق في علم الله ل يتغير ‪.‬‬ ‫في الدعاء ‪ ،‬ل ّ‬

‫) ‪(1/21‬‬

‫ما أنهم يعمون عن هذه المناكر الموبقة ‪ ،‬ويتجهون تلقاء رّواد المساجد‬
‫‪-5‬أ ّ‬
‫دونهم عن السبيل ‪ ،‬ويحسبون أنهم مهتدون ‪ ،‬فذلك ما ل يقبله علم ول‬ ‫يص ّ‬
‫إيمان ول خلق ‪ ،‬ول عقل عاقل ‪.‬‬
‫فأحيوا عباد الله ليلتكم بما يوفقكم الله إليه من الطاعات على أنها من نوافل‬
‫ن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء )‬‫الخير ‪ ،‬وادعوا الله لنفسكم ومخالفيكم فإ ّ‬
‫ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا ( ‪.‬‬

‫حادي عشر ‪ :‬السلف وليلة النصف ‪:‬‬


‫يقول ابن رجب في ) لطائف المعارف ( )ص ‪ ) : (263‬وليلة النصف من‬
‫شعبان كان الّتابعون ‪ -‬كذا ‪ -‬من أهل الشام كخالد بن معدان ‪ ،‬ومكحول ‪،‬‬
‫ولقمان بن عامر وغيرهم يعظمونها ‪ ،‬ويجتهدون فيها في العبادة ‪ ،‬وعنهم أخذ‬
‫الّناس فضلها وتعظيمها ‪. ( ...‬‬
‫إلى أن قال ‪ ) :‬ووافقهم على تعظيمها طائفة من عُّباد أهل البصرة‬
‫وغيرهم ‪. ( ...‬‬
‫م نقل عن علماء أهل الشام رضي‬ ‫م ذكر أسماء العلماء الذين خالفوهم ‪ ،‬ث ُ ّ‬ ‫ثُ ّ‬
‫الله عنهم أنهم فريقان ‪:‬‬
‫ن يلبسون أحسن الثياب‬ ‫م ْ‬
‫ة ‪ ،‬منهم َ‬ ‫أول ً ‪ :‬فريق استحب إحياءها جماع ً‬
‫ويتبخرون ويقومون في المسجد ليلتهم تلك ‪ ،‬ووافقهم ) إسحاق بن راهويه (‬
‫‪ ،‬وقال ‪ :‬ليس ذلك ببدعة ) كما نقله حرب الكرماني في المسائل ( ‪ ،‬وناهيك‬
‫ى وعلما ً بالسّنة الشريفة ‪.‬‬
‫بابن راهويه شيخ المام البخاري تق ً‬
‫ثانيا ً ‪ :‬فريق أجاز إحياءها في المنازل ‪ ،‬وكرهوا إحياءها في المساجد ‪ ،‬وهو‬
‫قول الوزاعي إمام أهل الشام وفقيههم وعالمهم الكبر ) واختاره ابن‬
‫رجب ( ‪.‬‬
‫ً‬
‫وفي إحدى الروايتين عن أحمد أّنه استحب إحياء هذه الليلة ] تخريجا على‬
‫إحياء ليلتي العيد [ لفعل عبد الرحمن ابن السود بن يزيد ) من التابعين ( ‪،‬‬
‫وطائفة من أعيان فقهاء أهل الشام ‪ ) .‬انتهى باختصار ( ‪ ،‬وناهيك بأحمد‬
‫وبالتابعين فقها ً وعلما ً وورعا ً ‪.‬‬

‫) ‪(1/22‬‬

‫ن السلف اهتموا بإحياء هذه الليلة باتفاق ‪ ،‬وإنما اختلفوا في‬‫ل هذا أ ّ‬‫فثبت بك ّ‬
‫سلم به ‪ ،‬وبهذا‬‫ّ‬ ‫م َ‬ ‫ْ‬
‫صورة الحياء وموضعه ‪ ،‬وهو اختلف فرعي على الصل ال ُ‬
‫تنقطع حجة القائل بأنها ليلة كالليالي ‪ ،‬أو أن إحياءها غير وارد ‪ ،‬وكيف يكون‬
‫ذلك كذلك وفيها كل هذا الجتهاد العلمي العريض ؟! الذي يشد بعضه بكل‬
‫قوة ! ‪.‬‬
‫م جاء‬‫ح الخبر عن هؤلء الئمة المتفق على علمهم وتقواهم ‪ ،‬ث ُ ّ‬ ‫ثُ ّ‬
‫م إّنه إذا ص ّ‬
‫خبر مخالف له ‪ ،‬عن ) عويلمة ( هذا الزمان ومتعالميه من المقلدة‬
‫والمتعصبة ‪ ،‬وطلب الشهرة والدنيا ‪ ،‬فأي فريق نتبع ؟! ‪ ...‬بعض الحياء أيها‬
‫الّناس !! ‪.‬‬

‫ثاني عشر ‪ :‬بدعية صلة الرغائب ‪:‬‬


‫ما ما يسمى صلة الرغائب فل نقول بها ‪ ،‬وقد قال المام النووي في‬ ‫أ ّ‬
‫المجموع ‪ ) :‬الصلة المعروفة بصلة الرغائب ‪ ،‬وهي اثنتا عشرة ركعة ‪،‬‬
‫ُتصّلى بين المغرب والعشاء ليلة أول جمعة من رجب ‪ ،‬وصلة ليلة النصف‬
‫من شعبان مائة ركعة ‪ ،‬هاتان الصلتان بدعتان منكرتان قبيحتان ‪ ،‬ول يغتر‬
‫بذكرهما في كتاب ) قوت القلوب ( و ) إحياء علوم الدين ( ‪ ،‬ول بالحديث‬
‫ن كل ذلك باطل ( ‪ .‬اهـ‬ ‫المذكور فيها فإ ّ‬
‫وبنحو ذلك قال المام المقدسي وابن رجب ؛ ففي أحاديث هاتين الصلتين‬
‫انقطاع ‪ ،‬وفيها مجاهيل ‪ ،‬وهي موضوعة ) مكذوبة ( ‪ ،‬وذكرها في ) القوت (‬
‫و ) الحياء ( كان من قبيل حسن الظن بها وعدم العلم بأّنها مكذوبة ‪.‬‬
‫فإحياء ليلة النصف يكون بالدعية النبوية المأثورة ونحوها من أدعية الصحابة‬
‫والتابعين والولياء الصالحين ‪ ،‬وبصلة الليل المعتادة ‪،‬وقراءة القرآن ‪،‬‬
‫م بأوراد وأحزاب‬ ‫والذكار الشرعية الواردة على اختلف مراتبها وأسلوبها ‪ ،‬ث ُ ّ‬
‫أهل الله رضي الله عنهم أجمعين ‪ ،‬وبما يهم الداعي ‪.‬‬
‫سن َي َْين ‪ ،‬وأمر هذه الليلة كله‬ ‫ومن شاء تصدق بما استطاع ‪ ،‬فجمع بين ال ْ ُ‬
‫ح ْ‬
‫اختيار ‪ ،‬فمن شاء فعل كما فعل السلف ‪ ،‬فأحياها منفردا ً أو في جماعة ‪،‬‬
‫ن يد الله معها ‪ ،‬ومن شاء ترك ‪ ،‬بل بغي ول عدوان ‪ ،‬ول‬ ‫والجماعة أفضل فإ ّ‬
‫إساءة ول بذاءة ) والعياذ بالله ( ‪.‬‬

‫) ‪(1/23‬‬
‫ثالث عشر ‪ :‬تحويل القبلة وليلة النصف‬
‫ن في نهارها‬‫ّ‬ ‫أ‬ ‫‪،‬‬ ‫معنى‬ ‫ذات‬ ‫تاريخية‬ ‫ن مما يضفي على هذه الليلة قداسة‬ ‫وإ ّ‬
‫ول الله القبلة‪ ،‬من بيت المقدس إلى البيت العتيق )‪ ، (31‬استجابة لرغبة‬ ‫ح ّ‬
‫رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ‪ ،‬حين أكثر اليهود اللغط بسبب اتجاهه‬
‫صلى الله عليه وآله وسلم إلى بيت المقدس شأن أبيه إبراهيم عليه السلم ‪،‬‬
‫فكان صلى الله عليه وآله وسلم يقلب وجهه في السماء يطلب من الله أن‬
‫يوليه قبلة يرضاها ‪ ،‬قطعا ً للجاجة اليهود ‪.‬‬
‫فبينما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي في مسجده صلة‬
‫الظهر مستقبل ً المسجد القصى بالشام ‪ ،‬إذ نزل قوله تعالى ‪) :‬قد نرى تقلب‬
‫وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام‬
‫وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره( اليات‪ ،‬وكان رسول الله صلى الله‬
‫عليه وآله وسلم قد صلى الركعتين الوليين من الظهر فاتجه في الركعتين‬
‫الخريين إلى المسجد الحرام )‪.(32‬‬
‫] وروى الحافظ أبو بكر ابن مردويه عن نويلة بنت مسلم قالت ‪ :‬صلينا‬
‫الظهر أو العصر في مسجد بني حارثة فاستقبلنا مسجد إيلياء ) أي بيت‬
‫المقدس ( فصلينا ركعتين ‪ ،‬ثم جاء من يحدثنا أن رسول الله صلى الله عليه‬
‫وآله وسلم قد استقبل البيت الحرام فتحول النساء مكان الرجال ‪ ،‬والرجال‬
‫مكان النساء ‪ ،‬فصلينا السجدتين الباقيتين ونحن مستقبلون البيت الحرام ‪،‬‬
‫فحدثني رجل من بني حارثة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال ‪:‬‬
‫ل يؤمنون بالغيب ( [ )‪.(33‬‬ ‫) أولئك رجا ٌ‬

‫) ‪(1/24‬‬

‫ولذلك سمي ) مسجد القبلتين ( بهذا السم ‪ ،‬يزوره من زار مدينة رسول‬
‫الله صلى الله عليه وآله وسلم فيما يزور هناك من آثار هي في سبيل الهدم‬
‫البطىء )‪.(34‬‬
‫وبهذا يصح التوفيق بين الروايات في أحاديث تحويل القبلة من بيت المقدس‬
‫إلى البيت العتيق ‪ ،‬وهل كانت في جزء من صلة ‪ ،‬أو في صلة كاملة ‪ ،‬وهل‬
‫كانت صلة الظهر أو العصر ؟ وكلها فرعيات على الصل الثابت وهو التحويل‬
‫‪.‬‬
‫وهنا قال السفهاء من الّناس من اليهود والمشركين ‪ :‬ما ولهم عن قبلتهم‬
‫التي كانوا عليها ) ما ولهم عن قبلتهم التي كانوا عليها ( ‪ ،‬وكان الجواب‬
‫الحاسم من السماء ‪ ) :‬قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط‬
‫مستقيم ( ‪.‬‬
‫ولم يكن هذا الحدث الكبير ليجري بالصدفة ) فليس في علم الله صدفة ! (‬
‫ل ما في علمه سبحانه موقوت بوقته ‪ ،‬مرهون بحكمته ‪ ،‬محوط‬ ‫وإنما ك ّ‬
‫ن‬
‫بسّره ‪ ،‬فدل على ما لهذه الليلة المباركة من منزلة وقدسية وفضل ‪ ،‬وإ ْ‬
‫أنكره المنكرون وقلدهم ) العويلمة ( والببغاوات المتعالمة ‪ ،‬بل تمحيص ول‬
‫إنصاف ‪ ،‬ولكنه داء المخالفة والتعالم ‪.‬‬
‫ربنا اغفر لنا ذنوبنا ‪ ،‬وإسرافنا في أمرنا ‪ ،‬وثبت أقدامنا ‪ ،‬وانصرنا على القوم‬
‫الكافرين‪..‬‬
‫ب العالمين ‪.‬‬
‫والحمد لله ر ّ‬
‫م بتوفيق الله ما أردنا كتابته عن ) ليلة النصف من شعبان ( ‪ ،‬ول ندعي‬ ‫ت ّ‬
‫العصمة من الخطأ ‪ ،‬ونستغفر الله ونتوب إليه ‪.‬‬
‫* تمت )الطبعة السابعة ( ‪ ،‬وكان الفراغ من صفها ومراجعتها ومقابلة أصولها‬
‫فى يوم الثنين ‪ 9‬من شهر شعبان ‪1421‬هـ ‪ ،‬الموافق ‪ 2000/11/6‬م ‪.‬‬
‫دم لها المفتقر إلى الله ‪ :‬محيي الدين حسين‬ ‫اعتنى بها وعّلق عليها وق ّ‬
‫يوسف السنوي تلميذ المام الرائد ومن خريجي الزهر الشريف ‪ ،‬والله‬
‫الموفق ‪.‬‬

‫) ‪(1/25‬‬

‫ختم السترحام‪:‬‬
‫من دعاء المام الرائد في ليلة نصف شعبان‬
‫بعد أن دعا فضيلة المام الرائد رحمه الله بالوارد عن النبي صلى الله عليه‬
‫م بالوارد عن السلف الصالح رضي‬ ‫وآله وسلم في هذه الليلة الشريفة ‪ ،‬ث ُ ّ‬
‫جلت آلت التسجيل التي كانت منتشرة في أيدي رواد المسجد‬ ‫الله عنهم ‪ ،‬س ّ‬
‫هذا الدعاء الذي دعا به شيخنا المام الرائد فبكى وبكى معه كل من كان‬
‫منا ً عليه مبتهل ً معه ‪ ،‬مشاركا ً بكل‬ ‫بالمسجد في هذه الليلة المباركة مؤ ّ‬
‫عواطفه ووجدانه فيه ؛ وهذا هو نص الدعاء المؤّثر ‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‪.‬‬ ‫حِني ُ‬‫ن َوال ْ َ‬ ‫ن ‪ ،‬وَك َث َُر الِني ُ‬ ‫جِبي ُ‬ ‫مّنا ال ْ َ‬ ‫ن ‪ ،‬وَعَرِقَ ِ‬ ‫قي ُ‬ ‫مَنا إَذا أَتاَنا اْلي ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫م اْر َ‬ ‫الل ّهُ ّ‬
‫ب‬‫ري ُ‬ ‫ق ِ‬ ‫خّلى عَّنا ال ْ َ‬ ‫ب ‪ ،‬وَت َ َ‬ ‫حِبي ُ‬ ‫كى عََليَنا ال ْ َ‬ ‫ب ‪ ،‬وَب َ َ‬ ‫مّنا الط ِّبي ُ‬ ‫س ِ‬ ‫مَنا إَذا يئ ِ َ‬ ‫ح ْ‬ ‫م اْر َ‬ ‫الل ّهُ ّ‬
‫ب‪.‬‬ ‫حي ُ‬ ‫ج َوالن ّ ِ‬ ‫شي ُ‬ ‫فعَ الن ّ ِ‬ ‫ب‪َ ،‬واْرت َ َ‬ ‫ري ُ‬‫ِ‬ ‫َوال ْغَ‬
‫ت‪،‬‬ ‫عا ُ‬ ‫ت الّروْ َ‬ ‫ق ِ‬ ‫ت ‪ ،‬وَأ َط ْب َ َ‬ ‫سَرا ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ت ال ْ َ‬ ‫وال َ ِ‬ ‫ت ‪ ،‬وَت َ َ‬ ‫سك ََرا ُ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫شت َد ّ ِ‬ ‫مَنا إَذا ا ْ‬ ‫ح ْ‬ ‫م اْر َ‬ ‫الل ّهُ ّ‬
‫ت‪.‬‬ ‫قد َْرا ُ‬ ‫قوى َوال ْ ُ‬ ‫ت ال ْ ُ‬ ‫ت ‪ ،‬وَت َعَط ّل َ ِ‬ ‫ت ال ْعَوَْرا ُ‬ ‫ف ِ‬ ‫ش َ‬ ‫ت ‪ ،‬وَت َك َ ّ‬ ‫ت ال ْعَب ََرا ُ‬ ‫ض ِ‬ ‫وََفا َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ل‬
‫ق للهْ ِ‬ ‫فَرا ِ‬ ‫ة ال ِ‬ ‫جيعَ ُ‬ ‫ت فَ ِ‬ ‫ّ‬
‫ق ‪ ،‬وَت َأكد َ ْ‬ ‫ن َرا ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ق ‪ ،‬وَِقي َ‬ ‫ت الت ََرا ِ‬ ‫مَنا إَذا ب َلغَ ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫م اْر َ‬ ‫الل ّهُ ّ‬
‫ق‪.‬‬ ‫من َوا ٍ‬ ‫س ِ‬ ‫ضاُء فََلي َ‬ ‫ق َ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ق ‪ ،‬وَقَد ْ ُ‬ ‫َوالّرَفا ِ‬
‫ديا ً‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ساقُ ‪ ،‬وََداعا أب َ ِ‬ ‫م َ‬ ‫مئ ِذٍ ال َ‬ ‫َ‬
‫ق ‪ ،‬إلى َرب ّك يوْ َ‬ ‫ملَنا عَلى العَْنا ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫مَنا إَذا ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫م اْر َ‬ ‫الل ّهُ ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫جَباه ُ َوالعَْناقُ ‪.‬‬ ‫ه ال ْ ِ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫من ت َذ َ ّ‬ ‫ق ‪ ،‬إَلى َ‬ ‫ق ‪َ ،‬والقْل َم ِ َوالوَْرا ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫س َ‬
‫دورِ َوال ْ‬ ‫لل ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫ل‬‫ض الهْ ُ‬ ‫ف ّ‬ ‫ب ‪َ ،‬وان َ‬ ‫وا ِ‬ ‫قُبورِ الب ْ َ‬ ‫ن ال ُ‬ ‫م َ‬ ‫ت ِ‬ ‫ق ْ‬ ‫ُ‬
‫ب ‪ ،‬وَغل َ‬ ‫مَنا إَذا ُووِريَنا الت َّرا ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫م اْر َ‬ ‫الل ّهُ ّ‬
‫ب‪.‬‬ ‫سا ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ل ال ْ ِ‬ ‫حد َة ُ وَهَوْ ُ‬ ‫ة َوال ْوَ ْ‬ ‫ش ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ب ‪َ ،‬فإَذا ال ْوَ ْ‬ ‫حَبا ُ‬ ‫َوال َ ْ‬
‫ك ال ْك َ ِ‬
‫ريم ِ‬ ‫ك ب َِرب ّ َ‬ ‫ما غَّر َ‬ ‫ل‪َ :‬‬ ‫م ‪ ،‬وَِقي َ‬ ‫سي ُ‬ ‫قط َعَ الن ّ ِ‬ ‫م ‪َ ،‬وان َ‬ ‫مَنا إَذا َفاَرقََنا الن ِّعي ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫م اْر َ‬ ‫الل ّهُ ّ‬
‫‪.‬‬

‫) ‪(1/26‬‬

‫ُ‬
‫ل وَل َ‬‫ما ٌ‬ ‫جاه ٌ وَل َ َ‬ ‫فع ْ َ‬ ‫م ين َ‬ ‫ل ‪ ،‬وَل َ ْ‬ ‫قا ُ‬‫م َ‬ ‫خان ََنا ال ْ َ‬
‫ل ‪ ،‬وَ َ‬ ‫س َ‬
‫ؤا ِ‬ ‫مَنا لل ّ‬ ‫مَنا إَذا أقِ ْ‬ ‫ح ْ‬ ‫م اْر َ‬ ‫الل ّهُ ّ‬
‫ل‪.‬‬ ‫مت ََعا ِ‬ ‫ل ال ْك َِبيرِ ال ْ ُ‬ ‫س إل ّ فَ ْ‬
‫ض ُ‬ ‫ل ‪ ،‬فََلي َ‬ ‫حا ُ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫حا َ‬ ‫ل ‪ ،‬وَقَد ْ َ‬ ‫عيا ٌ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫مَنا ‪.‬‬‫س ُ‬ ‫مَنا وَوَ ْ‬‫س ُ‬ ‫حاط ب َِنا قَ ْ‬ ‫مَنا ‪ ،‬وَأ َ‬ ‫س ُ‬ ‫س َر ْ‬ ‫مَنا ‪ ،‬وَد ُرِ َ‬ ‫س ُ‬ ‫يا ْ‬ ‫س َ‬ ‫مَنا إَذا ن ُ ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫م اْر َ‬ ‫اللهُ ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫من قُوّةٍ وَل َ‬ ‫ما لَنا ِ‬ ‫م يذ ْكْرَنا َذاك ٌِر ‪ ،‬وَ َ‬ ‫ُ‬ ‫م يُزْرَنا َزائ ٌِر ‪ ،‬وَل ْ‬ ‫ملَنا فَل ْ‬ ‫مَنا إَذا أهْ ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫م اْر َ‬ ‫الل ّهُ ّ‬
‫َ‬
‫سات ِرِ ‪.‬‬ ‫قادِرِ ‪ ،‬ال َْغافِرِ ال ّ‬ ‫قاهِرِ ال ْ َ‬ ‫ل إل ّ ِفي ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫صٌر ‪ ،‬فَل َ أ َ‬ ‫َنا ِ‬
‫فعْ ِفيَنا‬ ‫ش ّ‬‫فا ‪ ،‬وَ َ‬ ‫فا وَغ َ َ‬ ‫ج َ‬ ‫َ‬
‫ن إَذا وَعَد َ وَّفى ‪َ ،‬وإَذا أوْعَد َ ع َ َ‬
‫فا وَ َ‬ ‫ن هَ َ‬ ‫م ْ‬‫م َ‬ ‫ح ْ‬ ‫فا ‪ ،‬اْر َ‬ ‫م ْ‬ ‫يا َ‬
‫فى ‪.‬‬ ‫ْ‬
‫فا وَوََفا ‪ ،‬وَِباللهِ اكت َ َ‬ ‫ص َ‬ ‫من َ‬ ‫م ّ‬ ‫جعَلَنا ِ‬‫ْ‬ ‫فى ‪َ ،‬وا ْ‬ ‫َ‬
‫صط َ‬ ‫م ْ‬ ‫ْ‬
‫ب ال ُ‬ ‫حِبي َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ن )ثلثًا( ‪.‬‬ ‫َ‬
‫مي َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م الّرا ِ‬ ‫ح َ‬‫يا أْر َ‬
‫ل َوالك َْرام ِ ‪.‬‬‫جل َ ِ‬‫ض ‪ ،‬يا َذا ال ْ َ‬
‫ِ‬ ‫ت َوال َْر‬ ‫وا ِ‬‫م َ‬
‫س َ‬
‫ديعَ ال ّ‬
‫م ‪ ،‬يا ب َ ِ‬ ‫ي يا َقيو ُ‬
‫ح ّ‬‫يا َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ن‪.‬‬
‫دي ِ‬
‫مت ِهِ إلى يوْم ِ ال ّ‬ ‫حِبه وَأ ّ‬‫ص ْ‬‫مدٍ وآل ِهِ وَ َ‬‫ح ّ‬
‫م َ‬ ‫سيدَِنا ُ‬ ‫ْ‬
‫م وَب َا ِرِك عَلى َ‬ ‫سل ْ‬‫صل وَ َ‬‫ّ‬ ‫م َ‬‫الل ّهُ ّ‬
‫***‬

‫) ‪(1/27‬‬

‫هوامش المقدمة والكتاب‪:‬‬


‫)‪ (1‬كذا ورد في ) مواهب الكريم المّنان ( للغيطي )ص ‪ ، (105‬والصواب ‪:‬‬
‫ابن أبي رّواد ‪ ،‬والله أعلم ‪.‬‬
‫)‪ (2‬انظر ) مسالك الحنفا ( للقسطلني )ص ‪ (51‬طبعة المجمع الثقافي ‪-‬‬
‫أبو ظبي ‪.‬‬
‫)‪ (3‬رواه أحمد في المسند )‪ ، (278/5‬وفي الزهد )‪ ، (134/1‬وأبو داود )‬
‫‪. (111/4‬‬
‫)‪ (4‬رواه البيهقي )‪ (18/3،19‬عن جابر وعبد الله بن عمرو ‪ ،‬ورواه أيضا‬
‫ضّعف ‪ ،‬لكن معناه صحيح ورد في عدة أحاديث أخرى ‪ ،‬وانظر‬ ‫البزار عنهما و ُ‬
‫كنز العمال )‪.(5379 ، 5378 ، 5377‬‬
‫ت ‪ :‬الذي أجهد دابته حّتى أعيت ‪.‬‬ ‫من ْب َ ّ‬
‫وال ُ‬
‫)‪ (5‬رواه عبد الرزاق في المصنف )‪ ، (7923‬وابن ماجه في سننه )‪(444/1‬‬
‫واللفظ له ‪ ،‬والبيهقي في شعب اليمان )‪ ، (379/3‬وفي فضائل الوقات )‬
‫‪ (24‬وغيرهم ‪ .‬قال الحافظ العراقي في تخريج أحاديث الحياء )‪: (203/1‬‬
‫) إسناده ضعيف ( ‪ .‬وأورد الحافظ ابن رجب الحنبلي نحوه في لطائف‬
‫ي ‪ .‬وفي‬ ‫المعارف )ص ‪ (143‬من رواية نوف البكالي ) ابن فضالة ( عن عل ّ‬
‫ى فأعافيه ( ‪.‬‬ ‫بعض روايات الحديث ‪ ) :‬أل من مسترزق فأرزقه ‪ ،‬أل من مبتل ً‬
‫مصباح الزجاجة )‪. (10/2‬‬
‫)‪ (6‬رواه الطبراني في المعجم الكبير )‪ ، (108/20‬وفي الوسط )‪، (36/7‬‬
‫قال الهيثمي في المجمع )‪ ) : (65/8‬ورجالهما ثقات ( ‪ ،‬ورواه ابن حبان في‬
‫صحيحه )‪ 481/12‬بترتيب ابن بلبان( ‪ ،‬وابن أبي عاصم في السنة )‪، (512‬‬
‫والدارقطني في النزول )‪ ، (77‬والبيهقي في شعب اليمان )‪، (382/3‬‬
‫وغيرهم ‪.‬وهذا الحديث صحيح ثابت ‪ ،‬روي عن عدد من الصحابة ‪ ،‬وهو‬
‫بمفرده حجة في فضل ليلة النصف من شعبان ‪.‬‬
‫)‪ (7‬رواية ) وقاتل نفس ( عند أحمد في مسنده )‪ (176/2‬من حديث عبد‬
‫الله بن عمرو ‪ .‬وفي بعض الروايات ) إل العاق ( ‪ ) ،‬أو مشرك بالله ( ‪ ) ،‬إل‬
‫كافرا ً ( ‪ ) ،‬إل زانية بفرجها أو مشرك ( ‪ .‬انظر هذه الروايات وغيرها في‬
‫) شعب اليمان ( للبيهقي )‪ (387 - 378/3‬وغيره ‪.‬‬
‫)‪ (8‬رواه البيهقي في شعب اليمان )‪ (383/3‬وقال ‪ ) :‬هذا مرسل جيد ‪،‬‬
‫ويحتمل أن يكون العلء أخذه من مكحول ( ‪.‬‬
‫سّنة )‪ ، (511‬والطبراني في الكبير )‪، (224/22‬‬ ‫وأخرج ابن أبي عاصم في ال ُ‬
‫والدارقطني في الرؤية ) ورقة ‪ ، (59‬وابن قانع في معجم الصحابة )‪(160/1‬‬
‫‪ ،‬والبيهقي في الشعب )‪ (382 - 381/1‬وغيرهم عن أبي ثعلبة الخشني‬
‫رضي الله عنه ‪ ،‬عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال ‪ ) :‬إذا كان ليلة‬
‫طلع الله إلى خلقه فيغفر للمؤمنين ‪ ،‬ويملي للكافرين ‪،‬‬ ‫النصف من شعبان ا ّ‬
‫عوه ( ‪.‬‬
‫ويدع أهل الحقد بحقدهم حّتى ي َد َ ُ‬
‫)‪ (9‬رواه البيهقي في فضائل الوقات )‪.(27 ، 26‬‬
‫) ‪(1/28‬‬

‫)‪ (10‬وأورده عبد الرزاق في المصنف )‪ (316/4‬عن عطاء بن يسار بلفظ ‪) :‬‬
‫تنسخ في النصف من شعبان الجال حّتى أن الرجل يخرج مسافرا ً وقد نسخ‬
‫من الحياء إلى الموات ‪ ،‬ويتزوج وقد نسخ من الحياء إلى الموات ( ‪.‬‬
‫)‪ (11‬يقصد ُ شيخنا رحمه الله ما أخرجه الدينوري في المجالسة )‪(303/3‬‬
‫ه‬
‫ن الل َ‬‫ن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال ‪ ) :‬إ ّ‬ ‫عن راشد بن سعد ‪ ،‬أ ّ‬
‫تبارك وتعالى ي َط ّل ِعُ إلى عباده ليلة النصف من شعبان ‪ ،‬فيغفر لخلقه كلهم ؛‬
‫ّ‬
‫ك الموت‬ ‫مل َ ِ‬
‫ه تبارك وتعالى إلى َ‬
‫ن ‪ ،‬وفيها يوحي الل ُ‬‫ح َ‬ ‫م َ‬
‫شا ِ‬ ‫ك وال ُ‬ ‫إل المشر َ‬
‫ضها في تلك السنة ( ‪ ،‬وهو من مرسل راشد بن سعد‬ ‫س يريد ُ قب َ‬‫ف ٍ‬‫ل نَ ْ‬‫لقبض ك ّ‬
‫‪ ،‬وهو ثقة ‪.‬‬
‫)‪ (12‬أخرج ابن مردويه وابن عساكر عن عائشة رضي الله عنها قالت ‪ ) :‬لم‬
‫يكن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في شهر أكثر صياما ً منه في‬
‫شعبان لّنه ينسخ فيه أرواح الحياء في الموات حّتى أن الرجل يتزوج وقد‬
‫رفع اسمه فيمن يموت ‪ ،‬وأن الرجل ليحج وقد رفع اسمه فيمن يموت ( ‪،‬‬
‫وهو في حكم المرفوع ‪.‬‬
‫)‪ (13‬رواه الخطيب في تاريخ بغداد )‪. (437/4‬‬
‫)‪ (14‬مسند أبي يعلى )‪. (312/8‬‬
‫)‪ (15‬أورده في الدر المنثور )‪ ، (401/7‬وعزاه لبن أبي شيبة ‪.‬‬

‫) ‪(1/29‬‬

‫)‪ (16‬كذا عزاه السيوطي في الدر المنثور )‪ ، (402/7‬وأورده صاحب لسان‬


‫الميزان )‪ (249/1‬بلفظ ‪ ) :‬ينسخ الله في أربع ليال الجال والرزاق ‪ :‬في‬
‫ليلة النصف من شعبان ‪ ،‬والضحى ‪ ،‬والفطر ‪ ،‬وليلة عرفة ( وعزاه للخطيب‬
‫في الرواة ‪ ،‬والدارقطني في غرائب مالك ‪ .‬وروى عبد الرزاق في المصنف )‬
‫‪ ، (7927‬والبيهقي في شعب اليمان )‪ ، (3713‬وفي فضائل الوقات )‪(149‬‬
‫ن الدعاء‬ ‫عن ابن عمر رضي الله عنهما موقوفا ً قال ‪ ) :‬خمس ليال ل يرد ّ فيه ّ‬
‫‪ :‬ليلة الجمعة ‪ ،‬وأول ليلة من رجب ‪ ،‬وليلة النصف من شعبان ‪ ،‬وليلتا العيد (‬
‫‪ .‬وله حكم الرفع ‪ ،‬فمثل ذلك ل يقوله ابن عمر برأيه ‪ ،‬ونحوه عند الديلمي‬
‫في الفردوس )‪ (196/2‬عن أبي أمامة مرفوعا ً ‪ .‬وقال الشافعي في الم )‬
‫ن الدعاء يستجاب في خمس ليال ‪ :‬في‬ ‫‪ ) : (231/1‬وبلغنا أّنه كان يقال ‪ :‬إ ّ‬
‫ليلة الجمعة ‪ ،‬وليلة الضحى ‪ ،‬وليلة الفطر ‪ ،‬وأول ليلة من رجب ‪ ،‬وليلة‬
‫النصف من شعبان ( ‪.‬‬
‫)‪ (17‬رواه الديلمي في الفردوس )‪ ، (2410‬وابن جرير الطبري في تفسيره‬
‫)‪ ، (109/25‬والبيهقي في الشعب )‪ ، (386/3‬والخلل في المجالس العشرة‬
‫)‪ ، (5‬وعزاه السيوطي في الدر المنثور )‪ (401/7‬إلى الديلمي وابن زنجويه ‪.‬‬
‫)‪ (18‬راجع تفصيل ذلك في رسالة ) وظيفة الحديث الضعيف ( لشيخنا المام‬
‫الرائد رحمه الله تعالى ‪ ،‬وهي مطبوعة ‪ .‬وانظر أيضا ً رسالة ) المنهل اللطيف‬
‫في أحكام الحديث الضعيف ( للسيد علوي ابن عّباس المالكي رحمه الله ‪.‬‬
‫)‪ (19‬رواه البيهقي في شعب اليمان )‪. (385 - 383/3‬‬
‫)‪ (20‬رواه البيهقي في شعب اليمان )‪. (385/3‬‬
‫)‪ (21‬رواه الطبراني في معاجمه الثلثة ‪ :‬الكبير ‪ ،‬والوسط )‪، (454/1‬‬
‫والصغير )‪ ، (127/2‬وقال ‪ :‬ل يروى عن عمار إل بهذا السناد ‪ ،‬تفرد به صالح‬
‫بن قطن ‪ .‬قال الهيثمي في مجمع الزوائد ) ‪ ) : (23/2‬ولم أجد من‬
‫ترجمه ( ‪.‬‬

‫) ‪(1/30‬‬

‫وفي صحيح ابن خزيمة )‪ ، (207/2‬والترمذي )‪ ، (298/2‬وابن ماجه )‬


‫‪ ، (369/1‬وأبي يعلى )‪ (413/10‬عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ‪ :‬قال‬
‫ن صّلى بعد المغرب ست ركعات‬ ‫م ْ‬
‫رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ‪َ ) :‬‬
‫ن بسوء عدلن له بعبادة ثنتي عشرة سنة ( ‪ .‬قال أبو‬ ‫لم يتكلم فيما بينه ّ‬
‫عيسى ‪ :‬وقد روي عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال ‪:‬‬
‫ن صّلى بعد المغرب عشرين ركعة بنى الله له بيتا ً في الجّنة ( ‪ .‬قال أبو‬ ‫م ْ‬
‫) َ‬
‫عيسى ‪ :‬حديث أبي هريرة حديث غريب ل نعرفه إل من حديث زيد بن‬
‫الحباب عن عمر بن أبي خثعم ‪ ،‬قال ‪ :‬وسمعت محمد بن إسماعيل يقول ‪:‬‬
‫عمر بن عبد الله ابن أبي خثعم منكر الحديث وضعفه جدا ً ‪ .‬وثبت عن حذيفة‬
‫رضي الله عنه قال ‪ ) :‬أتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فصليت معه‬
‫المغرب إلى العشاء ( أورده الحافظ الدمياطي في المتجر الرابح )ص ‪(119‬‬
‫وقال ‪ ) :‬رواه النسائي بإسناد صحيح ( ‪.‬‬
‫)‪ (22‬تقدم تخريجه )ص ‪. (34‬‬
‫)‪ (23‬رواه ابن أبي شيبة في المصنف )‪ ، (68/6‬وابن أبي الدنيا في الدعاء ‪،‬‬
‫وأورده السيوطي في الدر المنثور )‪ ، (661/4‬واللوسي في روح المعاني )‬
‫‪. (169/13‬‬
‫وأخرج ابن جرير الطبري في تفسيره )‪ ، (167/13‬وأبو نعيم في الحلية )‬
‫ما يكثر أن يدعو بهؤلء‬ ‫‪ (103/4‬عن شقيق بن أبي وائل قال ‪ :‬كان م ّ‬
‫ن كنت كتبتنا‬ ‫ن كنت كتبتنا أشقياء فامحنا واكتبنا سعداء ‪ ،‬وإ ْ‬ ‫مإ ْ‬‫الدعوات ‪ :‬الله ّ‬
‫م الكتاب ‪.‬‬‫سعداء فأثبتنا فإّنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أ ّ‬
‫)‪ (24‬أورده السيوطي في الدر المنثور )‪ (664/4‬وعزاه لبن جرير وابن‬
‫المنذر والطبراني ‪.‬‬
‫)‪ (25‬في النسخة المخطوطة ) كما أن القرطبي أسند نحو هذا الدعاء إلى‬
‫عمر بن الخطاب رضي الله عنه من طريق أبي عثمان النهدي ( ‪.‬‬
‫)‪ (26‬قال شيخنا رحمه الله ‪ ) :‬ذكر القرطبي ذلك عند شرحه لقوله تعالى ‪:‬‬
‫ن عمر كان يدعو بهذه الدعوات باكيا ً‬ ‫) يمحو الله ما يشاء ويثبت ( ‪ ،‬وقرر أ ّ‬
‫يطوف بالبيت ( ‪.‬‬

‫) ‪(1/31‬‬

‫ت ‪ :‬وهو ما أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره )‪ (168/13‬عن عمر بن‬ ‫قل ُ‬
‫م إن كنت‬ ‫الخطاب رضي الله عنه أّنه قال وهو يطوف بالبيت ويبكي ‪ ) :‬الله ّ‬
‫ي شقاوة أو ذنبا ً فامحه فإّنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أ ّ‬
‫م الكتاب‬ ‫كتبت عل ّ‬
‫فاجعله سعادة ومغفرة ( ‪ .‬وعزاه السيوطي في الدر المنثور )‪ (662/4‬إلى‬
‫عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر ‪ ،‬وأورده ابن كثير في تفسيره )‪(520/2‬‬
‫‪.‬‬
‫وأخرج البيهقي في شعب اليمان )‪ ، (488/7‬والديلمي في فردوس الخبار )‬
‫‪ (252/3‬عن عمر رضي الله عنه أّنه ذكر خطبة للنبي صلى الله عليه وآله‬
‫وسلم جاء فيها ‪ ) :‬استعينوا بالله على أعمالكم فإّنه يمحو ما يشاء ويثبت‬
‫م الكتاب ( ‪.‬‬ ‫وعنده أ ّ‬
‫)‪ (27‬في النسخة المخطوطة ‪ ) :‬النتهاء ( بدل ) النزال ( ‪.‬‬
‫مل هذه الحاديث النبوية الشريفة ‪:‬‬ ‫)‪ (28‬وتأ ّ‬
‫‪ -‬أخرج أبو نعيم في الحلية )‪ ، (145/6‬والديلمي في الفردوس )‪، (262/5‬‬
‫ي كرم الله وجهه ‪ ،‬أّنه سأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم‬ ‫عن عل ّ‬
‫عن هذه الية ) يمحو الله ما يشاء ويثبت( فقال له ‪ :‬لقرن عينيك بتفسيرها‬
‫ن عين أمتي بعدي بتفسيرها ‪ :‬الصدقة على وجهها ‪ ،‬وبر الوالدين ‪،‬‬ ‫ولقر ّ‬
‫واصطناع المعروف يحول الشقاء سعادة ‪ ،‬ويزيد في العمر ‪ ،‬ويقي مصارع‬
‫السوء ‪.‬‬
‫‪ -‬أخرج الحاكم في المستدرك )‪ (380/2‬وصححه ووافقه الذهبي ‪ ،‬عن عبد‬
‫الله بن عباس رضي الله عنهما قال ‪ :‬ل ينفع الحذر من القدر ‪ ،‬ولكن الله‬
‫يمحو بالدعاء ما يشاء من القدر ‪.‬‬
‫‪ -‬وروى أحمد في مسنده )‪ (277/5‬وابن ماجه )‪ (35/1‬وغيرهما عن ثوبان‬
‫ن‬
‫رضي الله عنه قال ‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ‪ ) :‬إ ّ‬
‫الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه ‪ ،‬ول يرد القدر إل الدعاء ‪ ،‬ول يزيد في‬
‫العمر إل البر ( ‪.‬‬
‫‪ -‬وروى البخاري )‪ ، (1961‬ومسلم )‪ (2557‬عن أنس بن مالك رضي الله‬
‫عنه قال ‪ :‬سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول ‪ ) :‬من سّره‬
‫أن يبسط له في أثره فليصل رحمه ( ‪.‬‬

‫) ‪(1/32‬‬

‫)‪ (29‬رواه الترمذي )‪ (3371‬وقال ‪ :‬غريب من هذا الوجه ل نعرفه إل من‬


‫حديث ابن لهيعة ‪.‬‬
‫)‪ (30‬رواه الترمذي )‪ ، (3372 ، 3247‬وابن حبان )‪ (2396‬وصححه ‪.‬‬
‫)‪ (31‬القول بأن تحويل القبلة كان في ليلة النصف من شعبان هو قول محمد‬
‫بن حبيب ‪ ،‬وطائفة من السلف ‪ ،‬وهو الذي رجحه النووي في الروضة وأقره ‪،‬‬
‫وذكر الطبري في تاريخه )‪ (180/2‬أّنه قول الجمهور العظم ‪.‬‬
‫ن المر بتحويل القبلة نزل والنبي صلى الله عليه وآله وسلم‬ ‫)‪ (32‬القول بأ ّ‬
‫يصلي فاستدار رواه ابن سعد عن محمد بن عبد الله بن جحش ‪ ،‬ورواه‬
‫البزار وابن جرير عن أنس ‪ .‬الدر المنثور )‪. (151 ، 150/1‬‬
‫)‪ (33‬انظره وغيره في تفسير ابن كثير )‪. (340/1‬‬
‫)‪ (34‬راجع رسالة ) صرخة في الله ولله إلى السادة الماثل ( لشيخنا المام‬
‫الرائد رحمه الله‪ ،‬فقد دافع فيها عن الثار النبوية بالدليل والبرهان ‪.‬‬
‫***‬

‫) ‪(1/33‬‬
‫الفهرست‬
‫مقدمة بين يدي الرسالة ‪............................‬‬
‫ليلة النصف من شعبان ‪ ،‬الدلة الحاسمة على مشروعية‬
‫إحيائها‪...................................................‬‬
‫بين يدي مشكلة ليلة النصف ‪......................‬‬
‫أول ً ‪ :‬تمهيد ‪........................................‬‬
‫ثانيا ً ‪ :‬من فضل ليلة النصف ‪......................‬‬
‫ثالثا ً ‪ :‬توجيه معاني بعض أحاديث ليلة النصف ‪..‬‬
‫رابعا ً ‪ :‬حول الحديث الضعيف ‪....................‬‬
‫خامسا ً ‪ :‬فضل الدعاء في هذه الليلة ‪..............‬‬
‫سادسا ً ‪ :‬الركعات الست وقراءة يس ‪.............‬‬
‫الموضوع‬
‫سابعا ً ‪ :‬صوم نهار النصف ‪.........................‬‬
‫ن ‪.............‬‬‫ثامنا ً ‪ :‬الدعاء المشهور اللهم يا ذا الم ّ‬
‫تاسعا ً ‪ :‬الكلم على ليلة الفرق والبرام ‪..........‬‬
‫عاشرا ً ‪ :‬مسألة المحو والثبات ‪......................‬‬
‫حادي عشر ‪ :‬السلف وليلة النصف ‪..............‬‬
‫ثاني عشر ‪ :‬بدعية صلة الرغائب ‪................‬‬
‫ثالث عشر ‪ :‬تحويل القبلة وليلة النصف ‪..........‬‬
‫ختم السترحام ‪ :‬من دعاء المام الرائد في ليلة النصف من‬
‫شعبان‪.................................‬‬
‫***‬

‫) ‪(1/34‬‬

You might also like