Professional Documents
Culture Documents
[1]
الله … وكفى
GOD & NOTHING ELSE
BY H.H. POPE SHENOUDA III
مقدمة
باسم الب والبن والروح القدس
الله الواحد آمين
هذا الكتاب الذى بين يديك ،هو ثمرة خمس محاضرات ألقيت فى الكاتدرائية الكبرى بدير النبا
رويس ،وهى :
فى 14/10/1977 -1معك ل أريد شيئا من العالم ……………………………
فى 21/12/1979 -2مركز ال فى حياتك ………………………………….
فى 1981/ 14/3 -3الكتفاء بال ………………………………………...
فى 3/1981 /27 -4أنت… وال …………………………………………
فى 7/8/1981 -5ال… هدفك الوحيد …………………………………..
وقد تم دمجها معًا ،لتقدم إليك فى هذا الكتاب ،الذى هو حلقة من كتاب كبير باسم ]ال والنسان[.
نرجو أن يوفقنا الرب فى نشر باقيه بصلواتكم …
شنوده الثالث
تالفهرس
صفحة
7 ما هىعلقتك بال………………………………
31 نصيبى هو الرب………………………………...
45 ض……………………..معكل أريدشيئًاعلى الر
63 نقط الضعف والبدائل……………………………..
74 التدرج…………………………………………
أود أن أحدثكمعن موضوعحيوى ،هو مركز ال فىحياة كل منا… هل
توجدعلقة بيننا وبين ال؟ وماطبيعة هذه العلقة؟ وماعمقها ،وما مداها؟
وهل هىعلقة رسمية؟ أم تدخل فيها العاطفة والحب؟ وما مركزعلقتنا بال
إذا ما قورنت بباقىعلقاتنا الخرى؟
ل أن نبين أهمية علقتنا بالله… وينبغى أو ً
ض ،قدل يهمك أن تكونوهناك مليين من الناس ،فى كافة أنحاء الر
بينك و بين أحد منهمعلقةخاصة .أما ال فهو الكائن الوحيد الذىل بد أن
تكون هناكعلقة بينك وبينه .ولهذه العلقة ميزات تنفرد بها…
فعلقتك بالله ،هى العلقة الوحيدة الثابتة
والدائمة.
كل من تقابله من البشر ،ليست لك بهعلقة دائمة .فما أسهل أن تفترق
ض -فى وقت ما ،ويكون لكطريق فى الحياةغيرطريقه ، عنه-على الر
وتشعر أنها مجردعلقةعابرة .كذلك فإن الناس الذين تختلط بهم ،غالبًا ما
تكونعلقتك بهم محددة فى مجال معين ل تتعداه ،قد تنتهى بانتهائه .أما ال
فعلقتك بهشاملة ،ودائمة .وهى ليست قاصرةعلىحياتك الرضية…
ا ،وفى الحياة شمل أبديتك أيض ً علقتك بالله ،ت
الخرى.
إنهاعلقة تبدأ هنا ،وتستمرعبر الخلود .فإلىجوار أن ال هو الذى
خلقك وأوجدك ويرعاك ،فإن فى يده أيضًا تحديد مصيرك فى البدية وعلقتك
به هناك .ولشك أن هذا يختلفطبعًاعنعلقاتك بالبشر وبباقى الكائنات
الخرى.حتى البشر أو الملئكة الذينستكون لكعلقة بهم فى البدية ،
فعلقتك بهم ايضا داخلة فىصميمعلقتك بال.
صعلقتك بال ،واعرفحقيقتها…عمليًا… لذلك إفح
ض اسئلة تفصيلية : هنا ،ونضع أمامك بع
-هلعرفت ال ؟ أم لم تعرفه بعد ؟ وإن كنت تظن أنك تعرفه ،فماطبيعة 1
هذه المعرفة وماعمقها ؟ وماذا يكون ال بالنسبة إليك ؟
-هل ال له وجود واضح فيحياتك ؟ وما نوع العلقة التي تربطك بال ؟ 2
-هل له الولوية في كل أهتماماتك ومشغولياتك ومحبتك ؟ 3
-هل ال ليس فقط هو الول فيحياتك ،إنما هو الكل ؟ أم هل يوجدشيء 4
ص في كلأخر فيحياتك إليجوار ال له أهمية .ما هو ؟ وهل أنا تجاهد للتخل
ما ينافس ال في قلبك ،ليبقى ال وحده ؟
أنها درجات في العلقة بال .ما موضعك بينها ؟
هنا وارجوا ان تأذن لي ،بأن أتناول هذه السئلة واحدًا فواحدًا ،ونناقشها
معًا :
هل -1
ف الله ؟ وما عمقهذه المعرفة ؟تعر
وقد يبدو السؤالغريبًا .فكل إنسان يظن أنه يعرف ال ،وربما يقصد
معرفته أنه يوجد إله .ونحنل نقصد مطلقًا هذه المعرفة العقلية السطحية .
فالشيطان أيضًا يعرف أنه يوجد إله .وقد قال القديس يعقوب الرسول" أنت
تؤمن أن ال واحد .حسنًا تفعل .والشياطين أيضًا يؤمنون ويقشعرون" }يع
{ ،ويقصد مجرد اليمان العقلي ،الميت ،الذي بل ثمر ،وبلحياة في ال 9:2
…
وبعد الوجوديين يعرفون ان هناك إلهًا في السماء .ويتهكمون في هذه
ض نتمتع بها"… ! المعرفة قائلين" فليبق ال في السماء ،ويترك لنا الر
أو كإنسان يعرف أن هناك كهرباء ،دون أن يعرف ما هى هذه الكهرباء وكيف
تعمل ،ودون أن يستخدمها فيحياته أستخدامًا لهعمقه ومجالته الواسعة ...
ف اللههذه المعرفة العقلية ت تعر فهل أن
سطحية وكفى ؟ !ال
وهل معرفتكل ،ومصدرها الكتب ،أو مجردسماع العظات والتعليم ؟ دون
أى معرفة أختبارية فيحياتك ،في داخل قلبك ؟ هل تسمععن ال ،كما تسمع
عنشعوب بعيدة ،لم تراها ،لم تختلط بها ولم تعاشرها ؟ ! هل تعرف ال
الذي يوجد فقط في الكنيسة ! فإذا ماخرجت من الكنيسة ،ل تعرفه ول تلتقي
؟ ! هل هو مجرد الله الموجود في معاهد اللهوت وفي كتب العقيدة ؟ !
به
أسوأ ما في المعرفة العقلية ،أن تكون معرفة بل
علقة !
لذلك ،فهيل يمكن أن تكفي… أنها تشير إلي ال من بعيد ،ولكن يبقى
أن تقترب إلي ال ،وتعرفهعنطريق الخلطة والمعاشرة والحياة معه .وهكذا
تعرف ال الذي يسكن فيك ،وليس مجرد ال الذي في الكتب .فهل تشعر
بوجود ال فيك ومعك ؟ أم أنك تحيا المأساه التيعاشها أوغسطينوس في
فلسفته ،قبل أن يعرف ال معرفةحقيقية .وقدسجل هذه المأساة في
أعترافاته ،حينما قال للرب" كنت معي .ولكنني من فرطشقوتي ،لم أكن
معك"… كان ال معه ،وهو ل يحسه ،ول يشعر به !
وهنا ننتقل إلي السؤال الثانى من اسئلتنا :
هل الله له وجودعملى واضح فىحياتك ؟ -2
هل ال بالنسبة إليك هو مجرد فكرة ؟ أم له كيانحقيقى تشعر به ،وله
وجودعملى فىحياتك ؟ ما مدى إحساسك بال ووجوده وفاعليته فيك ؟ من
يكون ال بالنسبة إليك ؟… إنسؤال المسيح لتلميذه ،مازال قائمًا أمامنا :
"من تظنون إنى أنا ؟ " .ماهو الله فى
مفهومك ؟
وما نوع العلقة التى تربطه بك ؟ هل هى مجردعلقة الطلب منجانبك ،
والعطاء منجانبه ؟ هل ال هو مجرد )الصراف( الذى يقدم لك المال ؟… أم
هو الممون الذى يعطيك ما يلزمك من تموين ؟ أم هو مجرد المعين الذى يقدم
لك المعونة لراحتك ؟ فإن كان ل يقدم هذه المعونة ،أعنى إن كنتل تشعر
بهذه المعونة ،فلعلقة… ! هل مجرد المنقذ الذى يحل مشاكلك ؟ فإن بدا أنه
ل يحلها ،فلعلقة… !
سبة إليك مجرد وسيلة ؟ أمهوغاية ؟هل الله بالن
هل هو مجرد وسيلة لتحقيق رغباتك ،ولتكوين ذاتك ؟ مجرد وسيلة
للخذ؟
وهل توجدعلقة تربطك بال ،خارج مجالت الخذ منه ؟ هل كلما تجلس إلى
ال أو كلما تتحدث إليه ،إنما يكون ذلك بقصد أن تطلب منهشيئًا ؟! أم أنت
على العكس ،تريد أن تقدم لهشيئًا ؟ تريد أن تعطيه قلبك ،وأن تعطيهحبك ،
وأن تعطيه وقتك .وتقول له فى كل ذلك" من يدك أعطيناك"…
وإن أحببت أن تأخذ من ال :فهل ما تريد أن تأخذه هو المتعة به ومحبته،
أمعطاياه المادية وخيراته…؟…حقًا إن ال يجول يصنعخيرًا… ولكن :
ب الله أمخيراته ؟ ذاته أمعطاياه ؟ ت تح هل أن
هل أنت تفرح بالربحينما يعطيكشيئا ،ول تفرححينما ل تحس بعطائه؟
إذا فأنت تفرح بالعطية ،وليس بال معطيها ! العطية هى هدفك ،وليس ال !
متى تحب ال حينما يعطى ،وحينما ل يعطى ؟ آسف لهذا التعبير… أقصد
متى تحب ال حينما يعطى ،وحينما تظن أو ل تشعر أنه يعطى… فإن ال
بطبيعته ،دائما يعطى ،سواء أحسست أنت ذلك أو لم تحس…
صدقونى يا إخوتى ،لو أننا آمنا تماما بأن ال يعطى باستمرار ،ما كانت
الحياة كلها تكفى لشكره… ! إننا نعرف فقطعطاياه الظاهرة لنا .فماذاعن
عطاياه الخفية ؟ ذلكلن ال إن كان قد أمرنا أن نعطى فى الخفاء ،فهو أيضًا
يعطى فى الخفاء… وأن بحثناعنعطاياه الخفية ،لوجدناها فوق ما ندرك ،
وفوق ما نتصور…
ومع ذلك ،لنترك موضوع العطاءحاليًا ،فعلقتنا بال ينبغى أل تبنىعلى
العطاء.
ما هىعلقتك بال إذن ،خارج داءرة إحتياجك إليه ؟
ف؟ هلعلقتك به ،هى علقةخو
هل أنت تسير مع ال ،وتحاول أن تطيع وصاياه ،خوفًا منه… هل أنت
مجردخائف منعقوبته ومن دينونته ،خائف من اليوم الذى تقف فيه أمامه
ص الفكارويحاسبك ،هل أنتخائف من رقابة العليك ،هذا الذى يفح
والنيات ،ويروى ما فى داخل القلب ،وما فى أعماق النفس ،وليسشىء
مستورًاعنه ؟
ل يخاف منعقوبة ال إل المخطىء .فهل أنتل تزال فى هذه المرحلة ،
لم تتب بعد ولم تصطلح مع ال ؟ وأن كان الكتاب قد قال" بدء الحكمة مخافة
ال" ،فهل أنت مازلت فى بداية الطريق ،ولم تصل بعد إلى" المحبة التى
تطرح الخوف إلىخارج" كما قال الرسول ) 1يو .( 18:4
هلعلقتك بالله ،هىعلقتك به كحاكم ؟
هو بالنسبة إليك مجردسيد ،وأنت مجردعبد .وال هوحاكم يحكمك ،
يصدر لك أوامر ونواهى ،تسمى الوصايا ،وأنت مجبر أن تطيعه ،فهو القوى
الجبار الذى ل منقذ من يده ،سواء اقتنعت بوصاياه أو لم تقتنع؟!
أن كنت هكذا ،فأنتل تزال تعيش فىعبودية الناموس ،ولم تصل إلى
حياة النعمة بعد… ولم تصل إلى النقاوةالتى تحب بها وصايا ال ،ول تجدها
ثقيلة… بل تقول مع داود" وصية الرب مضيئة تنير العينين" )مز ، ( 19
( "،كلماتحلوة فىحلقى ،أحلى من العسل " أحببت وصاياكجدًا" )مز 119
( .وأيضا هل أنت قد وصلت إلى الشعور بأبوة ال والشهد فى فمى" )مز 119
لك ،على القل كلما تصلى وتقول"يا أبانا…" ؟
ت الختبار ؟ماهى علقتك بالله ؟هلهى تح
هل أنت لم تصل بعد إلى درجة الثقة بال وبمحبته ومواعيده ،فما تزال
تختبر ؟ تجربه فى هذا الموضوع أو ذاك ،وترى كيفسيتصرف معك ؟ وهل
سيستجيب لك أمل يستجيب ،وتحددعلقتك به هلهذا الساس ! فتحبه ،أو
تغضب منه ،أو تقاطعه وتقاطع كنيسته وكتابه ،وتبدأ تشك فى ما تعرفه من
صفات… ؟!
أنت تعرف أن ال محبة ،هل تثق بذلك ،وهل تؤمن أن كل أعماله من
نحوك مملوءةحبًا ،مهما كانظاهرها ؟ ثم ماعلقتك أنت بهذه المحبة ؟ هل
يملك الحب نحو ال ونحو الناس ،فتشعر أن ال يعمل معك.
ال أيضًا هو الحق .فماعلقتك بالحق ؟ إن كنت بعيدًاعن الحق ،فأنت بعيد
عن ال.
أعود إلىسؤالى مرة أخرى :ماعلقتك بال؟
ب والحياةشرة والحهلهلقتك بالله ،فيها الع
فيه ؟
هل تستطيع أن تقولعن ال ،كما فىسفر النشيد"حبيبى لى ،وأنا له"
( .أنا أعرف أنك مؤمن بال ،على اعتبار أنه الخالق ،والسيد ، )نش 3:6
والراعى ،والمدبر ،والديان ،وتنظر إليه هكذا .ولكن هل تنظر إليه أيضًا
كمحب للبشر ،وحبيب لنفسك بالذات ؟ هل وصلتعلقتك بال إلى مستوى
الحب ؟
هل محبتك لله ،جعلته الول فىحياتك ،
والواحيد ؟
هل تقولل فى مناجاتك :حينماعرفتك يا رب ،وذقت محبتك ،تضاءلت
أمامى كل العواطف الخرى ،وكل المحبات وجدتهاخفيفة وسطحية .أماحبك
فهو الوحيد الذى يصل إلى العمق.
وهل محبتكل جعلتك تحب أن تجلس معه ،وتحدثه ،وأصبحتصلتك
كلهاحبًا ،متأججة بعواطفك نحو ال .وبالمثل كل الوسائط الروحية الخرى
امتلت منحرارة هذا الحب اإلهى ،ولم تعد مجرد ممارسات روحية ،إنما هى
تعبيرعما فى قلبك منعاطفة نحو ال… إن كنت هكذا فطوباك .وإن لم تكن
هكذا ،فاستيقظ لنفسك ،لءل يوبخك قول الرب" هذا الشعب يعبدنى بشفتيه ،
أما قلبه فمبتعدعنى بعيدًا") .أش .( 13:29
ب.إن اللهل يريد فى علقته بكسوىهذا الح
انه لم يطلبسوى هذا" يا إبنى أعطنى قلبك…" والسيد المسيح لما رأى
بطرس الرسول بعد القيامة ،لم يقل له لماذا أنكرت ،أو كيفضعفت ؟ أو ماذا
ل واحدًا
كنت تقصد بالسب واللعن وعبارة ل أعرف الرجل !… إنماسألهسؤا ً
( .فلما أجاب بطرس" أنت تعلم يا رب كل لغير هو" أتحبنى ؟" )يو 15:21
شىء ،أنت تعلم إنى أحبك" ،حينئذ قال له الرب" إرعغنمى… إرعخرافى
" .إنهل يريدسوى هذا الحب.
ب واحد ؟ب كثيرة ،أم تدري تداري
أتذكر بهذه المناسبة أنه وصلنىسؤال ،يقول فيهصاحيه :كلما أقرأ
الكتاب المقدس ،تتكشف لى فضيلة معينة ،فأحاول أن أدرب نفسىعليها .ثم
أقرأ مرة أخرى ،فتتكشف لى فضيلة ثانية ،ثم ثالثة… إلىغير انتهاء .وأنا
أحاول أن أدرب نفسىعلى كل هذه الفضائل العديدة… ولكنى فىحيرةشديدة
من كثرتها .فانصحنى بماذا أبدأ ؟ وماذا يمكننى أن أؤجله ،لننى من كثرة
التداريب أنسى بعضها أو أنسىغالبيتها…!
والحقيقة إن محبة ال تشمل كل الفضائل…
سان على محبة الله ،يجد داخلها ب الن أن تدري
كلشىء.
إنها التدريب الوحيد الشامل ،الذى إن أتقنته ،ل تحتاج معه إلى تداريب
روحية أخرى ،على أن تكون محبةحقيقيةعميقة ،وبفهم… محبة يتعلق
فيها القلب بال ،وينسى كلشىء ماعداه ،ويفصلهعلى كل رغبة وكلشهوة
ان كل إنسان قد يقول" أنا أحب ال" .وربما نسألهسوألنا السابق :
حسن أن تحب ال .ولكن هل ال فى قلبك هو الول ،وهو الوحيد ؟ هل محبة
ال تشبع هذا القلب ،فل يحتاج إلىحب آخر إلىجوار ال ؟ واضح أنها لو
كانت محبةحقيقية ،يشعر فيها النسان بالكتفاء.
ب من كلإن المحبة الحقيقية لله ،تحرر القل
شئ.
محبتنال ،لهاعمقها .وأن وصلت إلىعمق القلب ،تطفو كل المحبات
الخرىعلى السطح ،وتملك محبة ال كل القلب .وكل محبةل تنبع من محبة
ال ،تخرجخارجًا ،ويصير ال هو الكل .وبمحبة ال يتحرر النسان…
يتحرر من كلشهوة ،ومن كل رعبة ،ضد الله.
ل من أن
ان كلشهوة يتعلق بها النسان ،تربطه بها ،وتشده إليها .وبد ً
يمسك هو بها ،تسمك هى به .وكما يملكها تملكه .وبهذا يفقدجزءًا منحريته
الحقيقية الداخلية ،فيما هو مربوط بهذه الشهوة…
وكيف ينحل النسان من رباطات الشهوات والرغبات ؟
ينحل منها .بمحبة أقوى ،تستطيع إن دخلت القلب ،أن تحل محل كل محبة
أخرى ،وتطردها إذ هى أعمق منها .ول توجد محبة أقوى من محبة ال
الحقيقية .إنها تحرر النسان من كل رغباته ،فينحل من الكل ،ليرتبط بهذه
المحبة الواحدة…
س متعة.ويرى أن كل ماهوخارج الله ،لي
يصير ال هوشهوة النفس ،ولشهوةغيره .لذلك قال أحد القديسينعن
التوبة إنها إحللحب محلحب ،ال مكانحب العالم والجسد المادة… فهل
وصلت محبة ال فى قلبك إلى هذا المستوى ؟ وهلحررتك من أغلل الرغبات.
حتى فى البدية :النعيم البدىهو الله ..
ل يوجد نعيم أبدىسوى ال .وكل نعيمغير ال ،ليس هو نعيمًا
حقيقيًا… إن المتعة الدائمة الكاملة بال ،هى مالم ترهعين ،ولم تسمع به
أذن… هذا هو الملكوت الحقيقى ،أن نحيا مع ال ،وفى ال ،إلى البد ،بل
عائق…
سان من الرغبات ،وأيض ً ا منمحبة الله تحرر الن
ف:الخو
ونقصد بعبارة" من الرغبات" انهلتسيطرعليه أية رغبة وتستعبده.
وكما قال القديس بولس الرسول" كل الشياء تحل لى ،ولكن ل يتسلطعلى
(.جميل هو مثل ذلك العصفور،الذى يجد مكانًا فيهحب منهاشئ" ) 1كو 12:6
كثير ،فيلتقط منه واحدة أو أكثر ،ويطير ،دون أن يتعلق بهذا المكان .ول
يختزن ،ول يلتصق بهذه الحبوب…
والذى يحب ال ل يخاف .فالخوف متعلق أيضًا بالرغبات .ان النسان
يخاف ان كانت هناك رغبة يخشىعدم الوصول اليها ،أو هى معه ويخشى
ضياعها .أما الذىحررته محبة ال ،فمن أىشئ يخاف ؟ وعلى أىشئ يخاف
ل:؟لشئ .لكنه يشدو مع القديس أغسطينوس قائ ً
ت فىس س ت على قمة العالم،حينما أح س ]جل
فشيئ ًا [. ا ول أخا نفسى أنىل أشتهىشيئ ً
حينئذ يمتلئ قلبه قوة ،ويقول مع بولس الرسول" منسيفصلناعن محبة
المسيح :أشدة أمضيق أم اضطهاد ،أمجوع أمعرى ،أمخطر أمسيف ؟…
.( 35:8،37 ولكننا فى هذهجميعها يعظه انتصارنا بالذى أحبنا…" )رو
ان أولد ال أحرار من الداخل.حررتهم محبة ال ،التى دخلت إلى قلوبهم،
ومنحتهم النقاوة والتجرد ،ومنحتهم القوة والشجاعة .وقطعت من قلوبهم كل
رباطات الرغبات ،فتحرروا.صارو كل منهمحرًا ،أكثر منشعاع الشمس،
وأكثرمن نسيم الهواء…
سبة إليك ؟ سألك أحد إذن :ماهو الله بالن أي
ولعلك تقول :هو الحبيب الذى"شماله تحت رأسى،ويمينه تعانقنى"
( هو العشرة التىليمكننى الستغناءعنها ،لن بها أوجد وأحيا )نش 6:2
وأتحرك… هو ليس فكرة ،ولكنه كيان يسرى فى روحى وفى دمى وفى فكرى.
هو بالنسبة لى كلشئ.
نعم أنت يارب العامل فى ،وأنا ل أعمل .أنت المحرك لى وأنت الموجه .أنت
تعمل معى ،وتعمل بى ،وتعمل فى… ربمال أدركك ،ولكنى أحسك ،بإدراك
روحى فى داخلى،ل يستطيع لسانى أن يعبرعنه .أنا أعرفك .ولكن ألفاظ اللغة
أضعفت من أن تشرح هذه المعرفة.
تخارجي ،ولكنك في داخلي . ت يا رب لس أن
عندما أذكرك ،لست فقط أرفع نظري إلي فوق ،فأنت لست فقط فوق في
السماء إنما أنت في داخلي ،ولست أفتشعنك في الخارج… وصدق ذلك
الديب الذي قال" أغمضتعيني ،ولكني أراك" .فأنت فوق الحواس ،وأنا
ل ،لكي أجدك… أما إن أنشغلعقلي بالحواس ، ص من هذه الحواس قلي ًأتخل
بالنظر والسمع واللمس… فقط تعطلنيعنك .ليتني يا رب أنسى الكل ،وتبقى
أنت وحدك ،تشبعحياتي .
ت إلي شكلة أبينا أدمهى الضافات التي دخل إن م
قلبه وإلي فكره ،إليجوار ربه ..
كان ال في البدء ،هو كلشيء فيحياة أدم .
أما فيخطئته ،فقط دخلت إلي قلبه أشياء أخرى .
،وأغراه بأن يصير هو وحواء إلهين مثل ال )تك ب التألة ح وقدم له
. ( 5:3
ليأكل… وأراه الثمرةشهية للنظر ،وجيدة شجرة وثمرة وقدم له
للكل ،وبهجة للعيون .وهكذا أدخل إليحياتهشيئًاجديدًا ،هو متعة
الحواس ،وشهوة الجسد بالكل .
الخلصة أنه قدم له أشياءجديدة تغزو قلبه ،وتستقر فيه إليجوار ال ،
أو تأخذ أهمية أكثر من ال ،يضحي بال من أجلها…! وهكذا لم يعد ال هو
الكل بالنسبة إلي أدم ،بل وجد له في القلب ما ينافسه… !
ا من مجموعة ! صار الله بالنسبة إليه ،واحد ً
لم يعد ال يمتلك كل المحبة داخل القلب ،إذا دخلت إلي القلب أيضًا ومحبة
المعرفة ،ومحبة التألة ،ومحبة الكل ،وشهوة الحواس .
وباختصار ،دخلت } الذات { لتنافس ال في المركز وفي الهمية… وبتوالي
اليام والجيال ،دخلت إلي قلوب البشر أمور أخرى ،علىحساب مركز ال في
القلب .وكلما كثرت محبة هذه المور ،قلت محبة النسانل…
وكيف يكون العلج إذن ؟ إنه بلشك يكون في ترك كل هذه المور الدخيلة
ستعد أن تترك… من أجل الله ؟ تم فهل أن
أن الشاب الغني لم يستطع أن يترك أمواله الكثيرة ،لذلك ترك الرب ومضى
حزينًا…! وأبوانا الولن آدم وحواء ،لم يستطيعا أن يتركا إغراء المعرفة
واللوهية ،ففقداصورتهما اللهية… فهل تتعلم من هذا درسًا فى الترك ؟
إن لم تستطع أن تترك كلشئ من أجله ،فهل يمكنك أن تبدأ بأن تترك
العشور والبكور للرب ؟ وهل يمكنك أن تترك النشغال يومًا فى السبوع لكى
ض الملذ التى تشغل قلبك ،ليصير تتفرغ فيه للرب ؟ وهل يمكن أن تترك بع
ض ألوان الطعام، القلبصافيًال ؟سهلعليك أن تفعل هذا .وسهل أن تترك بع
لتعطى روحك فى الصوم فرصة ترتفع فيها فوق المادة والجسد ،لتتصل بال…
المهم أن تكون مستعدًا ،لن تترك من أجل الشيئًا.
ت لله الولوية فى قلبك ،يمكنك أن تتركإن كان
لجله.
يمكنك أن تستغنىعن أىشئ،سيصغر فى قلبك إلىجوار ال وسيفقد
قيمته… وستعلم تمامًا أنكل بد فى يوم ما أن تترك كلشئ ،بل تترك العالم
كله،حين تفارقه .فالفضل لك أن تتخلىعن أىشئ بإرادتك ،قبل أن تتخلى
عن الكل بغير إرادتك… وهذا هو الدرس الذى تعلمه القديس أنطونيوسحينما
نظر إلىجثة أبيه وهو ميت…
إن الشئالذى تتركهلجل ال ،إنما تبرهن بتركهعلى أن محبتكل أكثر من
محبتك لهذا الشئ .فإن تركت كلشئ وتبعت ال ،إنما تبرهن أيضًاعلى أن
محبتكل ،هى أعظم من كلشئ ،وتغطىعلى كلشئ .وماذا أيضًا ؟
إن أهم ما تتركهلجل الله،هو ] ذاتك [ .
كثير من الناس يركزونحول ذواتهم .الذات بالنسبة إليهم هى كلشئ،
هى مركز التفكير ،وهى محور التفكير .وإذا باهتمام النسان ينصب كليةعل
ذاته :ما هىحالتى الن ؟ وماذا أريد أن أكون ؟ وكيف أكون ؟ ومتى…؟ وما
هى العوائق التى أمامى ؟ وكيف أنتصر؟ وكيف أنال ،وأغلب ،واتفوق…؟
وكيف أكون نفسى ،وكيف أنميها… مركزى،علمى،سمعتى ،ماليتى ،متعى،
لذاتى،حريتى ،كرامتى… مع تفاصيلل تنتهى.
س الله وتصبح الذاتصاحبة المركز الول ،ولي
000
بلخلل تفكير النسان فى ذاته ،وانشغاله بها ،قد ينسى ال… أو ل يعطى
ال وقتًا ول اهتمامًا ،لن الهتمام كله مركز فى ذاته .بل ما أسهل أن يخالف
ال ويكسر وصاياه ،ليبنى ذاته ويسعدها بالطريقة التى يفهمها…!
ت مشكلة )الوجوديين(سوى الذات ؟ ماذا كان
الوجودى يريد أن يشعر بوجوده ،ويتمتع بهذا الوجود،حسب اتجاهاته
الخاصة ،بالستغراق فى ملذ العالم ،وبالحرية الكاملة التىل يقف أمامها
عائق من قانون أو تقليد أو وصية الهية…! وفى هذا يرى أن ال يحد من
ض ال من أجل الذات ،لكى تتمتع ذاته بهذااستباحة هذه الحرية ،فيرف
الوجود ،متعة ينطبقعليها قول الرب" من وجد نفسه يضيعها" )مت
.( 39:10
وشعار الوجودى هو :من الخير أن ال ل يوجد ،لكى أوجد أنا ،وأتمتع
بالوجود…!
وهكذا نرى أن الذات ،قدضيعت العلقة مع ال.
أن مثال الوجوديين هو من أسوأ المثلة .وقد يشبههم البيقوريون الذين
غايتهم هى اللذة ،وشعارهم :لنأكل ونشرب ،لنناغدًا نموت ،أى لنمتع ذواتنا
بما تشتهيه ،قبل أن نموت .ومثلهم كل الذينسلكوا فىشهوات الجسد…
على أنهناك أمثلة أخرى ،منجهة الذات
وسيطرتها :
صهيرودس الملك ،الذىعاصر ميلد المسيح ،لم يفرح بالرب وبالخل
التى ،وانما فكر فى ذاته ،كيف يكون هناك ملك لليهودغيره .وقادته )الذات(
الى أن يإمر بقتل كل أطفال بيت لحم ،ليخلو الجوله… بعيدًاعن ملكوت ال!!
وهكذا لم يفرح بميلد الرب ،كما فرح به الرعاة والمجوس ،الذين لم تكن الذات
تعوقهمعن ال !
وهيرودس الملك ،الذى قتل القديس يعقوب الرسول ،والذىسجن
بطرس… هذا لماجلسعلىعرشه ،منتفخًا بحلته اللهوتيه ،يكلم الشعب.
وهم يمدحونه قائلين" هذاصوت إله،لصوت إنسان"… هيرودس هذا ،إذ
اهتم بمجد ذاته ،ولم يعط مجدًال… أضاع نفسه ،إذضربه ملك الرب ،فصار
.( 23 -21:12 يأكله الدود ومات )أع
بيلطس أيضًا ،إهتم بذاته ،ولم يهتم بالمسيح .ومع تصريحه بأنه" لتوجد
فيهعلة تستوجب الموت" ،إل أنهحرصًاعلى مركزه ،لئل يغضبعليه قيصر
بسبب إتهامات اليهود،سلم البار للموت وهوحاكم بإطلقه…! ولم يكتف بهذا،
بلحاول أن يبرر ذاته أيضًا ،فغسل يده وهو يقول"أنا برئ من دم هذا البار"!
ط الملوك سق ت الذات ،أن ت وهكذا استطاع
والولة ،وتهلكهم!
ت رؤساء الكهنة ومعلمىا أسقط والذات أيض ً
ب:شعال
أولئك الذين أسلموا المسيح للموتحسدًا ،إذخافواعلى مراكزهم منشعبيته،
ض"أنظروا إنكمل تنفعونشيئًا .هوذا العالم قد ذهبوقالوا بعضهم لبع
.( 19:12 وراءه")يو
ومن أجل الذات التى أتعبها الحسد ،بعدواعن ال تمامًا ،وهم رجال دين،
ل ليهوذا لكى يخون معلمه ،وأتوا بشهود زور لم تتفق أقوالهم، فدفعوا ما ً
ولفقوا للسيد تهمًا هم يعرفون زيفها .ودفعوا رشوة للجند ،ليقولوا إن تلميذه
سرقوا الجسد ونحن نيام! كل ذلك فعلوه ،وفقدوا الرب بسببه،حفظًاعلى الذات
وعلى الرئاسة والشهرة!!
ص والفداء،أما ملكوت ال فلم يفكروا فيه .وكذلك النبوات الخاصة بالخل
ما اهتموا بها .وتعليم الشعب وقيادته إلى اليمان ،أمر تجاهلوهتمامًا! كل ما
كان يشغلهم ،هو ذاتهم ،كيف تكبر أمام الناس ،ولو بتحطيم هذا المنافس،
ولوكان المسيا.
ت كلهؤلء المعمدان ،الذى انطلق من الذاتيبك
000
ل :يأتى
ص منه ،ويوجهه إلى المسيح ،قائ ًكان كل اهتمام يوجه إليه ،يتخل
بعدى من هو أقدم منى ،من هو أقوى منى ،الذى لست أنا مستحقًا أن أنحنى
وأحلسيورحذائه…
وقال أيضًا :من له العروس فهو العريس… أناصديق العريس ،أنظر من
.( 29:3،30 ص )يو بعيد وأفرح .ينبغىأن ذاك يزيد ،وإنى أنا أنق
كانت كل المجادتحيط بيوحنا المعمدان ،لكنه لم يسمح أن تدخل إلى قلبه.
لم تكن ذاته هى التى تشغله ،بل كان يشغله الرب وحده ،الذىجاء هو ليعد
الطريق قدامه ،لذلك كان المعمدان يخفى ذاته ،ويقولعن السيد" الذى من
فوق ،هو فوق الجميع"…
سد .والحسد يضيع محبة الذات تقود إلى الح
المحبة 000
المحبة ل تحسد .وحينما يحسد النسان ،يتمركزحول نفسه ،ويفقد محبته
نحو من يحسده .وإذا فقد المحبة ،فقد ال،لن ال محبة… بالحسد ،أخوة
يوسف باعوا أخاهم كعبد ،وخدعوا أباهم .ولم يضعوا ال أمامهم .كل ذلك لنهم
أحبوا ذواتهم ،ولم يقبلوا أن يكون يوسف أفصل منهم فىشئ…
إحترس من أن تنزع المحبة من قلبك بحسد ،أو بغضب ،لئل تفقد ال ،الذى
ل يحل فى قلبخال من المحبة .وإن كنتل تستطيع أن تحب أخاك الذى تراه،
فكيفستحب ال الذىل تراه؟! ) 1يو .( 20:4
الذات تريد أن تكبر ،كما تريد أن تلتذ وتتمتع…
والذات فى محبتها أن تكبر ،تضيع الله من قلبها
000
ولعل أبرز مثال لذلك هوسقطة الشيطان ،الذى قال فى قلبه" أصعد إلى
السموات ،أرفع كرسى فوق كواكب ال… أصعد فوق مرتفعات السحاب .أصير
( .فكانت النتيجة أنه انحدر إلى الهاوية… لقد أرادت 13:14،14 مثل العلى)أش
ذاته أن تكبر ،إلىحد أنها نافست ال نفسه فىجلله اللهى!
ومن الذينضيعهم كبر الذات ،بناة برج بابل 000
أرادت ذاتهم أن تكبر ،بحيث ترتفععن مستوى الذين يعيشونعلى
ض .وهكذا قال هؤلء" هلم نبنلنفسنا مدينة ،وبرجًا رأسه فى السماء،الر
( .فكانت النتيجة أن ال بلبل ألسنتهم ونصنعلنفسنا إسمًا…" )تك 4:11
وشتتهم .وهكذا كل من أراد أن يرفع ذاته ،يوضع إلى أسفل ،ويفقد ال.
أما الذى يضع أمامهعظمة الغير المحدودة ،فإن ذاته تصغر فىعينيه
ويرى أنها مجرد تراب ورماد .فتنسحق ذاته ،وفى انسحاقها يرفعها ال ،اليه..
سين ت القدي ب أنحرب الذاتهذه،حارب والعجي
000
آباؤنا الرسل الثناعشر،حاربتهم الذات أيضًا ! وفكروا من يجلسعن
يمين الرب وعن يساره ،ومن يكون الول فيهم؟! والرب الذى يعرف أن الذات
تبعد النسانعن ال ،قال لهم :ل يكن فيكم هذا الفكر .من أراد فيكم أن يكون
ل،حينما انحنى وغسل أرجلهم. ل ،فليكن آخر الكل وعبدًا للكل .وأعطاهم مثا ً
أو ً
ولماظهرت ذاتهم فى فرحهم بإخراج الشياطين ،وقالوا"حتى الشياطين
تخضع لنا بإسمك" قال لهم الرب"ل تفرحوا بهذا" .تكتب أسماؤهم فى
ملكوت ال.
ت نبي ً ا عظيما ًت الرسل،حاربأن الذات كماحارب
كيونان 000
ض .لذلك لما أمره الكانت تهمه ذاته ،ويهمه أن كلمتهل تنزل إلى الر
أن ينادىعلى نينوى بالهلك ،وهو يعرف أنهغفورسيرحم ،هرب من وجه
ال وخالفه .وهكذا اصطدم بال من أجل ذاته…!
ولماخرج من بطن الحوت ،ونادىعلى نينوى ،فتابت ورحمها ال وغفر
ص العظيم ،إنما كان مركزًاحول كرامته،حول ذاته،لها ،لم يفرح بهذا الخل
حول كلمته التى قالها ولم تنفذ .وجلسحزينًا.حتى أن ال قال له" هل اغتظت
بالصواب؟" فقال" إغتظتحتى الموت" .وبهذا كانت مشيئة يونانضد
مشيئته .وكانتعواطفهعكسعواطف ال .وكل ذلك بسبب تمركزهحول ذاته!
ولول أن ال بحثعن هذا النبى ،وأصلحه وصالحه ،لضاع هو أيضًا…!
كذلك أيوب الصديق الرجل الكامل،حاربته ذاته
000
ل ومستقيمًا ،ومشكلته أنه كان يعرفعن ذاته أنه كامل
ل كام ً
كان رج ً
ومستقيم،حتى أنه قال"كامل أنا ،ل أبالى""إن تبررت بحكمعلى فمى .وإن
( .لذلك قيلعن أيوب"إنه كان بارًا فى 21:9،20 ل يستذنبنى" )أى
كنت كام ً
( .وبسبب هذاعاتب العتابًاشديدًاجدًا ،قال له فيه" عينى نفسه" )أى 1:32
لتستذنبنى .فهمنى لماذا تخاصمنى؟ أحسنعندك أن تظلم؟" )أى .( 2:10،3
أما أصحابه فكانشديدًاعليهم أيضًا.
وظل هكذا فى التجربة،حتى ناقشه ال ،وحرره من ذاته ،فاتضع أخيرًا
وقال للرب" ها أناحقير ،فبماذا أجاوبك؟ وضعت يدىعلى فمى…" )أى
("،قد نطقت بما لم أفهم ،بعجائب فوقى لم أعرفها… أسألك 40:40
ض )ذاتى( وأندم فى التراب والرماد" )أى .( 6-3:42ولما فتعلمنى… لذلك أرف
وصل أيوب إلى هذا التراب والرماد"رفع الرب وجه أيوب ،ورد الربسبى
.( 29:32،10 أيوب" )
سان منها ،أوب أن يتجرد النإنها الذات ،يج
يجرده الله 000
وفى قصة أيوبجرده ال من كلشئ ،من كل ما كانسببًا فىعظمته
وفى افتخاره.جرده من المال والغنى ،ومن الولد ،ومن الصحة .ومن احترام
الناس له…جرده من كلمة"أنا" ،ومن اعتزازه بفهمه وحكمته،حتى وضع
يدهعلى فمه وسكت… ثم ندم فى التراب والرماد .وقال للرب" أناحقير فبماذا
أجاوبك؟!" .وحينئذ رفعتعنه التجربه.
ت إلى أىحد تبدوخطورة الذات؟! أرأي
حينما يثق النسان بذاته ،بذكائه وتفكيره وقدراته .وربما يعتمدعلى هذه
( .وربما بسبب الذات ،وربما يفتخر بذاته وأعماله كما افتخر أيوب )أى 29
الثقة بالذات ،يعتمد النسانعلى فهمه ول يستشيرو بينما يقول الكتاب
" توجدطريق تبدو للنسان مستقيمه ،وعاقبتهاطرق الموت" )أم .( 12:14
ب؟! إهتمام أبينا يعقوب بذاته ،كمجرعليه من تع
لكى يأخذ بكورية أخيه منه ،ويحل محله ،كم لجأ إلى الطرق البشرية،
ض لغضب أخيه ،وخاف وهرب… وإلى الكذب والخداع ،وتعر
إن الذات إذا أرادت ان تحقق رغباتها ،ما أكثر أن تلجأ إلى التحايل ووتفقد
طابعها الروحى ،مبتعدةعن ال .وكثيرًا ما تصير الذات هدفًا.
ويصبح الله مجرد وسيلة ،لتحقيقهذه الذات
وأهدافها!
فل يكون ال هو الهدف ،الذى يضحى النسان بذاته من أجله ،بلعلى
العكس تصبح الذات هى الهدف ،وال هو الوسيله التى تبنى هذه الذات!!
حتى أن كل الصلوات تصبح مركزة فىطلبات الذات،سواء وافقت مشيئة
ال أم لم توافق…! وفى هذه الحالة تختفىصلوات التسابيح والتماجيد الخاصة
بال وحده ،ويختفىعنصر الحب والمناجاة فيها…
ل فى التخلىعن الذات سيح أعطانا مثا ً سيد الم إن ال
000
ففى تجسده ،نرى هذه العبارة العجيبة ،إنه"أخلى ذاته" .وإلى أىحد
أخلها؟ إلىحد إنه"أخذصورة العبد"… وماذا أيضًا؟ وأطاعحتى موت
الصليب" )فى .( 9-7:2
وعلى الصليب ،قدم هذه الذات أيضًا ذبيحة محرقةلرضاء ال الب وايفاء
ص البشرية التىحملعدله اللهى .وقدمها أيضًا ذبيحةخطية لكى يخل
خطاياها ،ومن أجلها"أحصىبين أثمة".
ض ،قال للب"لتكنل مشيئتى ،بلوفىخلل فترة تجسدهعلى الر
مشيئتك" مقدمًا ذاته بالكليةعلى مذبح الطاعة.
إخلء الذات تعلمه بولس الرسول من السيد الرب.حينما قال"لحيال أنا
بل المسيح يحيا فى" )غل .( 20:2
س "ل أنا" س بول ستطيع أن يقول مع القدي من ي
000
لذلك ليتنا نعيد النظر فىعلقتنا بال وتقييمها .ونحاول أن يكون ال
بالنسبة إلينا هو الكل .له كلعواطفنا ،وكل قلبنا وحبنا ،تتركز فيه كل آمالنا،
ونفضلهعلى كلشئ ،ونجد لذتنا فيه .فنتغنى مع أرمياء النبى ونقول" نصيبى
.( 24:31 هو الرب ،قالت نفسى .من أجل ذلك أرجوه" )مر
ت نفسى"."نصيبىهو الرب قال
كلنا نحب هذه العبارة الجميلة ،ونحفظها ونرددها .ولكن من منا ينفذها
ويحياها ؟ ومن منا يتخذها مبدأ روحيًا يغنيهعن وصايا كثيرة.
هل تقبل أن يكون الرب هو نصيبك من هذه الحياة كلها ؟
هناك من يرى أن نصيبه فى الحياة هو البيت والسرة والزوجة والولد،
ونصيبه هو المركز ،المال والشهرة والوظيفة والسلطة…
ول مانع من أن يضاف ال إلى كل هذا…!
( ،ويكتفى به ،ول يعوزه ولكن أن يكون ال وحده هو نصيبه )مز 5:16
لعلى كل أحد أن يقوله ،وليس
(… فهذا أمر ليسسه ً معهشئ )مز 1:23
لعلى كل أحد أن يحياه…
سه ً
ومع ذلك فقد أعطانا ال أمثلة له فى كتابه المقدس.
ل لهذا ،فى كهنة العهد القديم : أعطانا الرب مثا ً
وليس الكهنة فقط ،إنما كلسبطلوى ،الذى كان يتفرغ لخدمة الرب .لقد
وزعت النصبةعلى كل السباط .ولكن"لم يكن للوى قسم ول نصيب مع
أخوته .الرب هو نصيبه ،كما كلمه الرب" تث .( 9:10
لذلكصار إسمهم )الكليروس( أى النصيب ،لن الرب هو نصيبهم ،وهم
أيضًا نصيب الرب .وكان الرب يكفيهم ،فلم يعوزهمشئ .وصارتحياتهم نصيبًا
ض ،ول أملك ،ولعمل آخرسوىعمل الرب… للرب ،ل تشغلهم أر
إن لم تكن من نصيبك الرب؟ ت كذلك؟ 000 فهل أن
المكرسين للرب ،فعلى القل إختبرعلقتك بال فىضوء المثلة التية:
ا للرب ،فهل يوم إن لم تكنحياتك نصيب ً -1
ت نصيبه؟سبال
إن كنتل تعطى الحياة كلها للرب ،فهل تعطيه هذا اليوم الواحد من كل
ل من العمالل تعمل أسبوع؟ هل تقدس يوم الرب ،يومًا للرب كل أسبوع،عم ً
( .هل تخصصه للصلة والتأمل والقراءة فيهحسب وصية الرب )تث 14:5
الروحية ،وخدمة الرب ،والتمتع به؟ أم أن لك اهتمامات أخرى تشغلك؟
إن كنت ل تقدم هذا اليوم الواحد للرب ،فهذا اعترافضمنى أن الرب ليس
هو نصيبك بالتمام… لو كان نصيبك،لستطعت بطريقة ما أن توجد له وقتًا،
وأن تتحكم فى مشغولياتك ،ويكون يوم الرب للرب…
ب الرب فيك،،هو الصلةإختبار آخر لنصي -2
000
إن كنتل تواظبعلى الصلة ،فذلك لن الرب ليس هو نصيبك ،ليس هو
الذى يشبعك ويمل قلبك!
لهذاحينما تقف للصلة ،تجدعشرات الفكار تقف أمامك ،وتجدها كلها
مهمةجدًا ،وتعجبك .فتفكر متى تنتهى من الصلة ،لكى تتفرغ لهذه المور التى
قد تعتبرها للسف أهم من الصلة!… لو كانت هذه المسائل مجرد محاربات
من العدو ،لكنت تتضايق منها ،وتستمر فى الصلة التى تجد فيها لذلك .أما إن
كانت هذه المور تشدك ،وبعنف،غتسرع فىصلتك وتنهيها ،بسبب هذه
الهتمامات… فهذا دليلعلى أن ال لم يصر نصيبك بعد…
أما الذى يكون الرب نصيبه ،فإن وقف للصلة،ل يحب أن يتركها ،بل هى
تشمل كيانه كله ،وتستوعبه .وكل الهتمامات الخرى ،ينساها .وان تذكرها،
تبدو تفاهات أمامه،ل تستحق أن تشغل قلبه ،أو أن تشغل فكره…
وهنا ننتقل إلى نقطة ثالتة ،فى أختبار نصيب الرب:
-الذى يكون الرب نصيبه ،يجد متعة فى الله ولذة 3
000
إنه يفرح بالرب ،ويجد متعه فى الجلوس معه ،ولذة فى محادثته ،ويقول
مع داود النبى"باسمك أرفع يدى ،فتشبع نفسى كما منشحم ودسم" )مز
.( 62
صل وقتًا أكثر ،وأن يدخله فىوفرح النسان بال ،يدفعه إلى أن يخص
العمق،عمق قلبه ،وعمقحبه ،وعمق تفكيره واهتماماته…
ض قد يجدون فرحًا بأمور العالم ،ولذة فيها ،بمستوىل يتوافرعلى أن البع
فىعلقتهم بال .وهذا يدلعلى أنهم لم يتخذوا الرب نصيبًا لهم…
إن كان المر هكذا ،فلنسأل :ما هىعلقتك بال؟ هذا إن كانت لكعلقة به
ل… وأين ال منك؟ مامدى وجوده فيك؟
فع ً
شحياتك؟ أمهو فىصميمهلهو علىهام
حياتك؟
أم هوحياتك كلها؟ ماذا تراه يكون بالنسبة إليك؟
هل هو أمل من آمالك الكثيرة؟ أم هو كل آمالك؟
هل هوجزء من مشغولياتك؟ أم هو كل ما يشغلك؟
هل ال بالنسبة أليك نظرية قرأتها فى الكتب؟ أو هو مجرد تعليم تعلمته فى
الكنيسة؟ أم أنه يمثل كيانًاعمليًا فىحياتك؟
ا مع نفسك ،ول تخدع ذاتك 000 كنصريح ً
ض قد يصلى ،والعلىجانبحياته ،وليس فى العمق .وقدأقول هذا ،لن البع
يصوم هذا النسان ،ويتناول ،ويمارس كل الوسائط الروحية ،ومع ذلك ل يزال
العلىجانبحياته…!
فمتى يصير ال الحياة كلها؟ ومتى نقول مع بولس الرسول:
سيح" )فى (21:1 "لى الحياةهى الم
ضحياتهم هى السرة والمركز والمال والزواج والولد ،ومتعالبع
الرفاهية ،فإن لم يكن له كل هذا ،يقالعنه إنه لم يدخل الدنيا بعد ،ولم يتمتع
بالحياة ،ومازالعلى الهامش .يقولونعنه بالعامية"فلن ده مشعايش".
أما الذى يقول " لى الحياةهى المسيح" فإنه
ستطيع أن يقول بعدها "والموتهو ربح" 000ي
يستطيع أن يقول" لى اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح ،فذاك أفضل
( .بل يستطيع أن يقول أيضًا" منسيفصلناعن محبة جدًا" )فى 23:1
المسيح؟! أشدة أمضيق أم اضطهاد ،أمجوع أمعرى ،أمخطر أمسيف؟…
.( 35:8،37 ولكننا فى هذهجميعها يعظم انتصارنا بالذى أحبنا" ) رو
ستطيع أن تختبر به مدى -هناك اختبار آخر ت 4
،وذلك فىضوء الوصية التى تقول : علقتك بالله
ب الرب إلهك من كل قلبك ) " 000تث .( 5:6"تح
قد تحب ال من قلبك ،هذاجائز .ولكن هل أنت تحبه من كل قلبك؟ أى هل
تعطى القلب كله له ،والحب كله له؟ من منكم استطاع أن ينفذ هذه الوصية؟
ض،من الذى كل مشاعره وعواطفه مركزة فى ال؟ هو نصيبهعلى الر
وهو نصيبه أيضًا فى البدية .وه\و الذى يملحياته وفكره وقلبه…
ان كان ال قد ملكعلى كل قلبك ،فإن العالم كله يصبح بالنسبة إليك وكأنه
"صفيحة زبالة" ،كومة من القمامةل قيمة لها… وتنظر إلى كل متع العالم،
ضكما نظر إليهاسليمان الحكيم من قبل ،فقال"باطل الباطيل ،الكل باطل وقب
(… المال ،الجاه ،السلطان ،اللقاب ،الشهرة… الكل 2:1،14 الريح" )جا
باطل… الجمال ،المظهر ،العظمة ،المتعة ،البيت ،الولد… الكل باطل…
ويصبح ال هو الكل ،ولشئ إلىجواره.
صعلقتك بال جيدًا:إهدأ إذن إلى نفسك ،وافح
ما موقعك ،وما موضعك،علىخريطة الله 000؟!
ما هو مركز ال فىحياتك وفىشعورك؟ قل لنفسك :هل ال يشبعنى
الشباع كله ،بحيث يمكننى أن أكتفى به ،وأكونسعيدًا فى اكتفائى ،ل أشعر
بشئ ينقصنى؟ هل أنا فرح القلب بالرب،سعيد أنى وجدته؟ أغنى له فى كل يوم
أغنيةجديدة… هل إسم الرب محبوب فى فمى؟
هل الربهو أحلمى بالليل ،وآمالى فى النهار؟
هل هوعاطفتى الملتهبة؟ هل هوسببخفقات قلبى؟ هل هوحياتى؟هل
هو بدل ذاتى بالنسبة لى؟ ما مركزه بالضبط فى داخلى؟
أنت محتاج بين الحين وىلخر أن تراجع نفسك ،وترى أين أنتسائر،
وهل لك هدف ،وهل هدفك هو ال؟ وهل هو نصيبكحقًا الذى ارتضيت به؟
وهل هو كذلكعلى الدوام؟ أم بين الحين والحين ،تبرز إحدى الرغبات لكى
تأخذ مكان ال فى قلبك ،وتصير هى نصيبك فى الحياة ،ولو فى فترة معينة..؟!
سبة إليه: أنظر إلى داود ،لترى ماذا كان الله بالن
( .ويقول"الرب إنه يقول" قوتى وتسبحتى هو الرب" )مز 118
( .الرب إذن هو قوته وتسبحته وراعيه .وماذا راعى،فل يعوزنىشئ" )مز 23
أيضًا؟ يقول"إلهنا ملجأنا وقوتنا ،ومعيننا فىشدائدنا التى أصابتناجدًا" )مز
( .ويتابع الكلم فإذا ال حصنه ،وترسه ،ومجنه ،وهو ربه وإلهه ،بل أنه 45
يذوق الرب ،وينظر ما أطيبه… ال بالنسبة إليه هو كلشئ.
وكل الذين اتخذوه نصيبهم ،يجدونه لهم كلشئ.
إنهمل يقاتلون .فالكتاب يقول لهم"الرب يقاتلعنكم وأنتم تصمتون"
.( 14:14 )خر
وهم ل يتكلمون من أنفسهم ،بل روح أبيهم هو الذى يتكلم فيهم )مت
( .هو يعطيهم فمًا وحكمة ،ل يستطيعجميع معانديهم أن يقاوموها )لو 20:10
( ،وهوالذى يظلل ( .هو الذى يقودهم فى موكب نصرته ) 2كو 14:2 15:21
عليهم بجناحيه .هو الب ،وهو الحبيب ،وهو الصديق ،وهو الرفيق فى
الطريق…
ب الوحيد ،المضمون فىحبه وإخلصههو القل
000
قدل نضمنعواطف ومشاعر كل من نخالطهم من الناس ،ول نضمن
إخلصهم فى كل الظروف ،ول ثباتهم فى محبتهم ،فقد يتركون محبتهم الولى.
أما ال فهو الوحيد المضمون ،الذين إن كنا نحنغير أمناء من نحوه،يبقى
(… إن نسيت الم رضيعها ،فهول ينسانا ،هذا الذى قد هو أمينًا ) 2تى 13:2
نقشناعلى كفه ،وحتىجميعشعور رؤسنا محصاةعنده،ل تسقط واحدة منها
بدون إذنه… كيف ل نحب إلهًا مثل هذا ،ليس لهشبيه بين )اللهة(…؟!
هل اللههو مصدر الخيرات ،أمهو الخير؟
المبتدىء فى الحياة الروحية وفى العلقة مع ال ،قد ينظر إلى العلى
ل مصدر كل الخيرات .ولكن الذىصار
اعتبار أنه مصدر الخير ،وهو كذلك فع ً
ال نصيبه ،يرى أن ال هو الخير ذاته ،وهو الخير الوحيد… إنه ل يبحثعن
النعيمخارجه ،أو كمكافأة منه ،إنما يرى أن ال هوالنعيم الحقيقى الذى نتمتع
به.
ت البدية نعيما ًسإنه كلشئ فى البدية .ولي
سواه.
إنه هوشجرة الحياة التى نتغذى بها ،وهو المن المخفى ،هوخبز الحياة،
هو ماء الحياة الذى كل من يشرب منه،ل يعطش إلى البد .هو الحياة ذاتها،
من يثبت فى الحياة .وهو الحق ،من يعرفه يعرف الحق ،والحق يحرره .هو
النور الحقيقى الذى ينير لكل إنسان ،وهو الحكمة ،وهو المتعة الحقيقية.
إن السوفل يمنحناشيئًا معينًا يسعدنا فى البدية ،إنما هو نفسه الذى
يسعدنا .وكل من يقترب منه ،يقترب من السعادة ،ومن يذوقه يذوق السعادة
والحب…
أترانا،حتى فى البدية،سننشغل بشئغير ال ،أو يسعدناشئغير ال؟!
حاشا ،فال الذى اخترناه نصيبنا هنا،سيكون هو نصيبنا ايضًا هناك…
ف تكون متعتنا الدائمة به ،فهذاسر أما كي
الملكوت 000
ضهذا هو" ما لم يخطرعلى قلب بشر"،لن كل ما نتمتع بهعلى الر
فىصلتنا بال ومذاقتنا له،سوف ل يقاس مطلقًا بالمجد العتيد أن يستعلن فينا،
حينما نعرفه المعرفة الحقيقية وننمو كلحين فى معرفته ،فقد قال البن للب
"هذه هى الحياة البدية ،أن يعرفوك…" )يو .( 3:17
إن كان اللههكذاهو نصيبك ،فل يمكن أن تخطىء
000
إن كان ال مالئًا كل قلبك وفكرك ،وإن كان هو كلحبك وكل هدفك ،فكيف
يمكن إذن أن تخطىء؟!… أمرغير معقول،لن الخطيئة هى أنحرافعن
محبة ال ،إلى محبة أخرىضده .ولكن إن كان هو نصيبك ،وهو كل هدفك
وآمالك ،وهو كل اشتياقات قلبك ،إذنل تستطيعحينئذ أن تخطىء ،والشريرل
يمسك .بهذا أولد ال ظاهرون ) 1يو .( 9:3،10
ل إطلقًا ليةخطية .وهنا لست محتاجًا إلى إن محبتكل ،ل تعطى مجا ً
تداريب كثيرةعلى وصاياعديدة .تكفيك محبته ،فهى تدريبك الوحيد.
س والنعمة 000 وهنا يظهر الفرق بين النامو
الذى مازال تحت الناموس ،يجاهد بكل قوة لكى ينفذ الوصية .أما إن دخل
فى نطاق الحب اللهى ،وصار ال نصيبه،حينئذ يحرره الحب منعبودية
الناموس .فيفعل كلخير منخلل محبتهل .ومنخلل محبة ال ،يحب
الفضيلة ايضًا ،ويحب الوصية ،ول تصير وصايا ال ثقيلةعليه ،ول تحتاج منه
إلى مجهود…
إن النعمة لم تلغ الوصية ،ولم تلغ الناموس .ولكن كل الوصايا قد دخلت فى
دائرة الحب ،وأصبح تنفيذها فى مجال التعبيرعن هذا الحب ،ولم تعد أوامر
ونواهى .فالرب يقول"من يحبنى ،يحفظ وصاياى".شئطبيعى من نتائج
الحب.
وهكذا إنصار الله نصيبك،ل تعرج بين الفرقتين
000
ل تكن مع ال فى يوم ،وبعيدًاعنه فى يوم آخر .فالقلب الثابت فى الحب،ل
يتزعزع ،ول ينحرف ،ول يتحولعن هدفه اللهى .ولذلك يقول لنا الرب
("،إثبتوا فى ،وأنا فيكم ،كما يثبت الغصن فى "إثبتوا فى محبتى" )يو 9:15
الكرمة ،ويأتى بثمر" )يو .( 15
ت فى الكرمة 000ت تشبههذا الغصن الثابفهل إن
هذا الغصن الذى تسرىعصارة الكرمة فىعروقه وتعطيهحياة ،وبهذا
الثبات يشابه الكرمة فى كلشئ ،ويعطى ثمر الكرمة ذاتها…
هذا الغصنصارت الكرمة نصيبه ،إن انفصلعنها ،إنفصل تمامًاعن
الحياة ،وجف ومات وألقى إلى الحريق .أما فى ثباته فى الكرمة ،فإنه ينتعش
ويحيا ،وينمو أيضًا .وهكذا قال الرب"أنا الكرمةوأنتم الغصان" )يو .( 5:15
وبهذا إن كان الله نصيبك ،فإنه يكون داخلك 000
مثلعصارة الكرمة التى تكون داخل الغصن .ومثلما قال الرسول"أما
( .وإن كان ال فيك، تعلمون أنكم هيكل ال ،وروح الساكن فيكم" ) 1كو 6:3
فلست تبحثعنهخارجًا… إن قيل لكم إنه هنا أو هناك ،فل تصدقوا )مت .( 24
إنه داخلكم"أنا فيهم" )يو .( 23:17
يا من اتخذت ال نصيبًا ،هل تحس بوجوده فيك؟
س ،أىحامل الله؟ ت ثيئوفور هل أن
هكذا تلقب القديس أغناطيوس النطاكى ،وهكذا كل مؤمنحقيقى يسكن ال
فى قلبه،ويشعر بسكنى ال فيه،حيثما أقام وحيثما ذهب… إنهحامل ال.
ليتك تصلى إذن ،وتقول للرب :فلتكن أنت ياربى هو نصيبى الوحيد ،ول
نصيب لىغيرك.خذ كل ماعندى ،واعطنى ذاتك ،أعطنى فضل معرفتك.
لستأريد أن أطلب منكطلبات كثيرة ،فأنا أريدك أنت وحدك .أريد أن يفقد كل
شئ قيمته فى نظرى ،وتبقى أنت القيمة الوحيدة التى أهتم بها .فأحبك أنت الله
الساكن فى قلبى ،وليس مجرد ال الذى أقرأعنه فى الكتب…
ً
سين الذين اتخذوا نصيب ا لهم: أمثلة من القدي
بطرس الرسول فى قوله"تركنا كلشئ وتبعناك" )مت ،( 27:19معبرًا -1
عنحالة الرسل كلهم ،الذين تركوا أهلهم وبيوتهم وعملهم ،وساروا وراء
الرب ،الذىصار نصيبهم…
ب -بولس الرسولصار ايضًا واحدًا من هؤلء ،فىعبارته الجميلة"خسرت
كل الشياء ،وأنا أحسبها نفاية ،لكى أربح المسيح ،وأوجد فيه" )فى .( 8:3كل
شئ فقد قيمته إلىجوار الرب فى نظر بولس ،لذلك قال" ماكان لى ربحًا ،فهذا
قدحسبته من أجل المسيحخسارة .بل إنى أحسب كلشئ أيضًاخسارة ،من
أجل فضل معرفة المسيح ربى" )فى .( 7:3
ج -وهذا ما يقوله المزمور لكل نفسصارتعروسًا للرب" إسمعى يا إبنتى
وانظرى وأميلى أذنك ،وأنسىشعبك وبيت أبيك ،فإن الرب قد اشتهىحسنك
.( 10:45 وله تسجدين" )مز
د -وكانت أمنا رفقة ،التى تركت بلدها واهلها ،وسافرت مع ألعازر الدمشقى،
لتحيا مع اسحق ،رمزًا للنفس البشرية التى تترك كلشئ لتحيا مع المسيح،
كنصيب لها…
هنا ونتذكرعبارةجميلة قالها داود النبى وهى:
.( 25:73 ض" )مزا على الر "معكل أريدشيئ ً
ب الله بعمق ،يصل إلى درجة الكتفاءالذى يح
بالله 000
ال يمل قلبه وفكره وكل أحساسه ومشاعره ،ويشبعه ،فيشعر بالكتفاء،
(… ويشعر أنه ل يستطيع أن ويقول مع داود" فل يعوزنىشئ" )مز 1:23
يضيفشيئًا فى قلبه إلىجوار ال .فيعيشسعيدًا مع ال ،ويقول له فىحب
ض". "معكل أريدشيئًاعلى الر
بهذا المثالعاش آباؤنا القديسون ،وقد أشبع ال حياتهم.
ولنأخذ داود النبى كمثال: -1
كان ملكًا ،بكل ما يحيط الملك منسلطة وعظمة فى ذلك الزمان .وكان قائدًا
للجيش ،وقاضيًا للشعب ،ورب أسرة كبيرة .وكان محترمًا من الكل ،ومسيحاً
للرب .ويبدو أنه ما كان ينقصهشئ منخيرات الدنيا ومتعها… ومع ذلك ما
كانشئ من هذا يشبع قلبهحقًا ،بل يلقى بكل هذا وراءظهره ويقول:
"واحدةطلبت من الرب وإياها ألتمس…" ما هى هذه الواحدة التى تنقصك
إيها الملك العظيم مسيح الرب؟ يقول"واحدةطلبت من الرب وإياها ألتمس ،أن
(… هناك فى هذا أسكن فى بيت الرب… وأتفرس فى هيكله" )مز 4:27
الموضع المقدس ،كان يطلب الرب ويقول:
بس.ل تحجت وجهك ،ولوجهك يارب ألتم "طلب
.( 8:27،9 وجهك عنى" )مز
أهذهطلبتك الوحيدة؟ وماذاعن الملك والجيش والقضاء والسرة والغنى؟
ض"يا ال أنت إلهى إليك أبكر،عطشتكل يارب ،معك ل أريدشيئًاعلى الر
("إلتصقت نفسى بك""،باسمك أرفع يدى ،فتشبع نفسى إليك" )مز 1:63
نفسى كما منشحم ودسم""،رحمتك أفضل من الحياة.شفتاى تسبحانك"،
"كنت أذكركعلى فراشى،وفى أوقات السحار كنت أرتل لك" )مز .( 63
إنه الحب الذى يمل القلب ،يقول فيه:
"محبوبهو إسمك يارب ،فهوطول النهار
تلوتى" )مز .( 119
وماذاعن مشغولياتك يا داود؟ إنها ل تشغلنىعنك يارب".سبع مرات فى
("،فى نصف الليل نهضت النهارسبحتكعلى أحكامعدلك")مز 119
لشكرك""،سبقتعيناى وقت السحرلتلو فىجميع أقوالك""،كلماتحلوة
فىحلقى،أحلى من العسل والشهد فى فمى" )مز .( 119
ب الله ،يصغر كلشئ فى عينيه ا إن الذى يح حق ً
000
إن داود ل يغريه قصره ولعرشه ،بل يقول الرب" مساكنك محبوبة أيها
الرب إله القوات .تشتاق وتذوب نفسى للدخول إلى ديار الرب…طوبى لكل
("،فرحت بالقائلين لى إلى السكان فى بيتك ،يباركونك إلى البد")مز 1:84،4
("،إخترت لنفسى أن أطرحعلىعتبة بيت بيت الرب نذهب")مز 1:122
.( 10:84 الرب" لماذا؟"لنيومًاصالحًا فى دياركخير من آلف" )مز
ض"… إن هذه العبارة هى اختبارحقيقىحقًا"معك ل أريدشيئًاعلى الر
ل آخر:
للقلب ومدىعلقته بالرب .لنأخذ مثا ً
ت دعوته 000أبونا إبراهيم ،بهذا الختبار كان
لما دعاه ال ،قال له"إذهب من أرضك ومنعشيرتك ومن بيت أبيك ،إلى
( .وترك إبراهيم وطنه وعشيرته وبيت أبيه، ض التى أريك" )تك 1:12الر
ض" .وخرج وراء الرب،وهو وقال للرب فى قلبه"معك ل أريدشيئًاعلى الر
(،يكفيه أنه كان ذاهبًا كما يقول الرسول"ل يعلم إلى أين يذهب" )عب 8:11
وراء الرب .
ب إليه ،ماهو وأينهو،لم يهتم بالمكان الذى يذه
ب معه.إنما كان تفكيره فى الرب الذى يذه
.( 31:11 ض الوقت فىحاران )تكلماصحبه تارح أبوه ،تعطل بسببه بع
ولماصحبه لوط إبن أخيه،حدثت مخاصمة بين رعاة هذا وذاك .ولما فارقه
ض فى المنطقة بدأت البركة تتضاعفعلى ابرآم. واختار أخصب أر
ض مصر" )تك كيف تعيش يا إبرآم ،وقد أخذ لوط أرضًا"كجنةال كأر
ض.( .وترك لك القفر؟ يقول إبرآم :أنا مع ال،ل أريدشيئًاعلى الر 11:13
ل باركه الرب ،وقال له" إرفععينيك وانظر… يكفينى الرب ونعمته .وفع ً
( .وعاش ابرآم 14:13،17 ض التى أنت ترى ،لك أعطيها…" )تك جميع الر
غريبًا،عقيمًا ،ولكن مع الربغربته كانت تتمثل فىحياة الخيمة ،وعلقته
بالرب كانت تتمثل فى المذبح الذى يبنيه فى كل موضع.
ص لوطًا من السبى )تكوهذا الرجل الغريب ،المكتفى بالرب ،هوالذىخل
(،واستقبله ملكسادوم ،وملكساليم ،ملكىصادق الذى باركه )تك 14
.( 18:14
ض" إهتزولكن هلحدث فى وقت ما ،أن مبدأ"معك ل أريدشيئًاعلى الر
ل ؟ نعم،حدث أنه اشتهى أن يكون له إبن…
فى قلب أبينا إبرآم ولو قلي ً
ولما اشتهى أن يكون له إبن ،وقع فى تجارب
000
( .وحتى لما ولد له إسحق من ( ،وتجربة قطورة ) 25 تجربة هاجر )تك 16
سارة ،أتته تجربة أخرى ،إذ اختبره ال فيه ،وقال له"يا إبراهيم…خذ إبنك
وحيدك الذى تحبه ،إسحق… وأصعده هناك محرقةعلى أحد الجبال الذى أقول
( .واذا بإبراهيم الذىعاش بمبدأ"معك ل أريدشيئًاعلى لك" )تك 2:22
ض" ،إبراهيم الذى يحب ال الحب كله ،أخذ إسحق إبنه ،وبكرصباحًاجدًاالر
وأخذ معه الحطب والسكين .وربط إبنه فوق الحطب ،ورفع السكين ليقدمه
ذبيحة… لذلك بارك ال هذا النسان الذى أحبه أكثر من إبنه الوحيد ،وبنسله
ض. تباركتجميع قبائل الر
ا فى الله ،أكثر مما فى ب إبرآم مركز ً كان قل
إسحق 000
قال السيد المسيح"…ومن أحب إبنًا أو إبنة أكثر منى ،فل يستحقنى"
(،ونفذ أبونا إبراهيم هذه الوصية قبل أن يقولها المسيح بأجيال 37:10 )مت
طويلة…
كان ال بالنسبة اليه أكثر من العشيرة والوطن والهل والبن الوحيد…
إنها فضيلة للنسان أن يحب أهله ،ولكنهم ل يكونونشركاء ال فى قلبه.
داخل محبة الله ،نعم .ولكن إلىجوارها،ل 000
النسان الروحى يحبجميع الناس كجزء من محبتهل .ولكنه ل يحب أحدًا،
يشارك ال فىحبه ،أو ينافس ال فىحبه ،أو يجلس فى القلب إلىجوار ال!
سهشئ ب ،ول يناف سه أحد فى الح اللهل يناف
000
ولذلك فالمحبة الحقيقية نحو ال يلزمها التجرد .وفى هذا قال الكتاب"ل
تحبوا العالم ول الشياء التى فى العالم .إن أحب أحد العالم ،فليست فيه محبة
( .وقيل أيضًا"محبة 15:2،17 الب… والعالميمضىوشهوته معه") 1يو
( ،ل يستطيع أحد أن يعبد ربين أو يخدمسيدين .إما العالمعداوةل" )يع 4:4
ال ،وإما العالم… وقد قال الكتاب فى ذلك:
"أيةشركة للنور مع الظلمة" ) 2كو .( 14:6
ض مع ال ال هو النور الحقيقى .وكل ما هوخارج ال ظلمة .كل ما يتعار
ومحبتهظلمة .ونحن قد دعينا أن نكون أبناء النور،ل نشترك فى أعمال
الظلمة…
والظلمة متفاوته فى درجاتها ،أبشعها الخطية.على أن التفاهات أيضًا
والماديات ،إن كانت تبعدناعن ال فهىظلمة أيضَا ،ليس لنا أن ندخلها إلى
قلوبنا.
ض .نحارب كلشهوه وكل ويبقى ال وحده ،ومعهل نريدشيئًاعلى الر
فكر فيهما تعطيل لمحبة ال .ويبقى ال وحده ،كما تقولون فى الترتيلة:
ليس لى رأى ول فكر ولشهوة أخرىسوى أن أتبعك
لهذا فأولد الله ،قد يملكون المال ،ولكنهل يملكهم
000
("،لن هيئة هذا قد يستعملون العالم ،وكأنهم ل يستعملونه) 1كو 31:7
العالم تزول" .فل يوضع العالم إلىجوار ال.
ط ،ثم إمرأتهمثال آخر نذكرههنا،هو لو -2
000
لوط لم يصل إلى التجرد الذى يحب فيه الرب من كل القلب ،والذى يقول
ض المشبعة ،ولم يختر فيه"معكل أريدشيئًا من العالم" .لذلك إختار الر
المكان الذى يستطيع فيه أن يحيا مع ال! فماذا كانت النتيجة؟ كانت أنهسبى
( ،وفقد كل أملكه .تم أنقذه إبرآم .وأيضًا لوط لم يتعلم درسًا ،وكان )تك 14
البار يعذب نفسه يومًا فيومًا بمناظرالشرار.وأخيرًا فقد كلشئ فىحرق
سادوم.
وهناظهرت توبة لوط ورجوعه إلى ال .فلما دعاه الملكان أن يخرج من
( ،لم يقل أملكى وأغنامى ومالى وأنسبائى، المدينة ويهرب إلى الجبل )تك 19
إنما رضخ أخيرًا وقال للرب"معك ل أريدشيئًا من العالم".وخرج منسادوم
صفر اليدينل يملكشيئًا ،يكفيه الرب الذىسيبدأ معه منجديد ،منلشئ...
أما زوجة لوط،التى لم تدخل إلى قلبهاعبارة"معك ل أريدشيئًا من العالم"
فقد نظرت إلى الوراء ،إلى العالم الذى تعلق به قلبها ،فصارتعمود ملح…
صارت درسًا لكل من يضع إلىجوار الشهوة أخرى يتعلق بها…
آمين