You are on page 1of 48

‫سلسلة ال والنسان‬

[1]
‫الله … وكفى‬
GOD & NOTHING ELSE
BY H.H. POPE SHENOUDA III

6th reprnt ‫الطبعة السادسة‬


April 1991 1991 ‫ابريل‬
CAIRO ‫القاهرة‬
‫قداسة البابا شنودة الثالث‬

‫مقدمة‬
‫باسم الب والبن والروح القدس‬
‫الله الواحد آمين‬
‫هذا الكتاب الذى بين يديك ‪ ،‬هو ثمرة خمس محاضرات ألقيت فى الكاتدرائية الكبرى بدير النبا‬
‫رويس ‪ ،‬وهى ‪:‬‬
‫فى ‪14/10/1977‬‬ ‫‪ -1‬معك ل أريد شيئا من العالم ……………………………‬
‫فى ‪21/12/1979‬‬ ‫‪ -2‬مركز ال فى حياتك …………………………………‪.‬‬
‫فى ‪1981/ 14/3‬‬ ‫‪ -3‬الكتفاء بال ………………………………………‪...‬‬
‫فى ‪3/1981 /27‬‬ ‫‪ -4‬أنت… وال …………………………………………‬
‫فى ‪7/8/1981‬‬ ‫‪ -5‬ال… هدفك الوحيد …………………………………‪..‬‬

‫وقد تم دمجها معًا ‪ ،‬لتقدم إليك فى هذا الكتاب ‪ ،‬الذى هو حلقة من كتاب كبير باسم ]ال والنسان[‪.‬‬
‫نرجو أن يوفقنا الرب فى نشر باقيه بصلواتكم …‬
‫شنوده الثالث‬

‫ت‬‫الفهرس‬
‫صفحة‬
‫‪7‬‬ ‫ما هىعلقتك بال………………………………‬
‫‪31‬‬ ‫نصيبى هو الرب………………………………‪...‬‬
‫‪45‬‬ ‫ض……………………‪..‬‬‫معكل أريدشيئًاعلى الر‬
‫‪63‬‬ ‫نقط الضعف والبدائل……………………………‪..‬‬
‫‪74‬‬ ‫التدرج…………………………………………‬
‫أود أن أحدثكمعن موضوعحيوى ‪ ،‬هو مركز ال فىحياة كل منا… هل‬
‫توجدعلقة بيننا وبين ال؟ وماطبيعة هذه العلقة؟ وماعمقها ‪ ،‬وما مداها؟‬
‫وهل هىعلقة رسمية؟ أم تدخل فيها العاطفة والحب؟ وما مركزعلقتنا بال‬
‫إذا ما قورنت بباقىعلقاتنا الخرى؟‬
‫ل أن نبين أهمية علقتنا بالله…‬ ‫وينبغى أو ً‬
‫ض ‪ ،‬قدل يهمك أن تكون‬‫وهناك مليين من الناس ‪ ،‬فى كافة أنحاء الر‬
‫بينك و بين أحد منهمعلقةخاصة‪ .‬أما ال فهو الكائن الوحيد الذىل بد أن‬
‫تكون هناكعلقة بينك وبينه‪ .‬ولهذه العلقة ميزات تنفرد بها…‬
‫فعلقتك بالله ‪،‬هى العلقة الوحيدة الثابتة‬
‫والدائمة‪.‬‬
‫كل من تقابله من البشر ‪ ،‬ليست لك بهعلقة دائمة‪ .‬فما أسهل أن تفترق‬
‫ض‪ -‬فى وقت ما ‪ ،‬ويكون لكطريق فى الحياةغيرطريقه ‪،‬‬ ‫عنه‪-‬على الر‬
‫وتشعر أنها مجردعلقةعابرة‪ .‬كذلك فإن الناس الذين تختلط بهم ‪،‬غالبًا ما‬
‫تكونعلقتك بهم محددة فى مجال معين ل تتعداه ‪ ،‬قد تنتهى بانتهائه‪ .‬أما ال‬
‫فعلقتك بهشاملة ‪ ،‬ودائمة‪ .‬وهى ليست قاصرةعلىحياتك الرضية…‬
‫ا ‪ ،‬وفى الحياة‬ ‫شمل أبديتك أيض ً‬ ‫علقتك بالله ‪ ،‬ت‬
‫الخرى‪.‬‬
‫إنهاعلقة تبدأ هنا ‪ ،‬وتستمرعبر الخلود‪ .‬فإلىجوار أن ال هو الذى‬
‫خلقك وأوجدك ويرعاك ‪ ،‬فإن فى يده أيضًا تحديد مصيرك فى البدية وعلقتك‬
‫به هناك‪ .‬ولشك أن هذا يختلفطبعًاعنعلقاتك بالبشر وبباقى الكائنات‬
‫الخرى‪.‬حتى البشر أو الملئكة الذينستكون لكعلقة بهم فى البدية ‪،‬‬
‫فعلقتك بهم ايضا داخلة فىصميمعلقتك بال‪.‬‬
‫صعلقتك بال ‪ ،‬واعرفحقيقتها…عمليًا…‬ ‫لذلك إفح‬
‫ض اسئلة تفصيلية ‪:‬‬ ‫هنا ‪ ،‬ونضع أمامك بع‬
‫‪ -‬هلعرفت ال ؟ أم لم تعرفه بعد ؟ وإن كنت تظن أنك تعرفه ‪ ،‬فماطبيعة‬ ‫‪1‬‬
‫هذه المعرفة وماعمقها ؟ وماذا يكون ال بالنسبة إليك ؟‬
‫‪ -‬هل ال له وجود واضح فيحياتك ؟ وما نوع العلقة التي تربطك بال ؟‬ ‫‪2‬‬
‫‪ -‬هل له الولوية في كل أهتماماتك ومشغولياتك ومحبتك ؟‬ ‫‪3‬‬
‫‪ -‬هل ال ليس فقط هو الول فيحياتك ‪ ،‬إنما هو الكل ؟ أم هل يوجدشيء‬ ‫‪4‬‬
‫ص في كل‬‫أخر فيحياتك إليجوار ال له أهمية ‪ .‬ما هو ؟ وهل أنا تجاهد للتخل‬
‫ما ينافس ال في قلبك ‪ ،‬ليبقى ال وحده ؟‬
‫أنها درجات في العلقة بال ‪ .‬ما موضعك بينها ؟‬
‫هنا وارجوا ان تأذن لي ‪ ،‬بأن أتناول هذه السئلة واحدًا فواحدًا ‪ ،‬ونناقشها‬
‫معًا ‪:‬‬
‫هل‬ ‫‪-1‬‬
‫ف الله ؟ وما عمقهذه المعرفة ؟‬‫تعر‬
‫وقد يبدو السؤالغريبًا ‪ .‬فكل إنسان يظن أنه يعرف ال ‪ ،‬وربما يقصد‬
‫معرفته أنه يوجد إله ‪ .‬ونحنل نقصد مطلقًا هذه المعرفة العقلية السطحية ‪.‬‬
‫فالشيطان أيضًا يعرف أنه يوجد إله ‪ .‬وقد قال القديس يعقوب الرسول" أنت‬
‫تؤمن أن ال واحد ‪.‬حسنًا تفعل ‪ .‬والشياطين أيضًا يؤمنون ويقشعرون" }يع‬
‫{ ‪ ،‬ويقصد مجرد اليمان العقلي ‪ ،‬الميت ‪ ،‬الذي بل ثمر ‪ ،‬وبلحياة في ال‬ ‫‪9:2‬‬
‫…‬
‫وبعد الوجوديين يعرفون ان هناك إلهًا في السماء ‪ .‬ويتهكمون في هذه‬
‫ض نتمتع بها"…‍ ‍!‬ ‫المعرفة قائلين" فليبق ال في السماء ‪ ،‬ويترك لنا الر‬
‫أو كإنسان يعرف أن هناك كهرباء ‪ ،‬دون أن يعرف ما هى هذه الكهرباء وكيف‬
‫تعمل ‪ ،‬ودون أن يستخدمها فيحياته أستخدامًا لهعمقه ومجالته الواسعة ‪...‬‬
‫ف اللههذه المعرفة العقلية‬ ‫ت تعر‬ ‫فهل أن‬
‫سطحية وكفى ؟ !‬‫ال‬
‫وهل معرفتكل ‪ ،‬ومصدرها الكتب ‪ ،‬أو مجردسماع العظات والتعليم ؟ دون‬
‫أى معرفة أختبارية فيحياتك ‪ ،‬في داخل قلبك ؟ هل تسمععن ال ‪ ،‬كما تسمع‬
‫عنشعوب بعيدة ‪ ،‬لم تراها ‪ ،‬لم تختلط بها ولم تعاشرها ؟ ‍! هل تعرف ال‬
‫الذي يوجد فقط في الكنيسة ! فإذا ماخرجت من الكنيسة ‪،‬ل تعرفه ول تلتقي‬
‫؟ ‍! هل هو مجرد الله الموجود في معاهد اللهوت وفي كتب العقيدة ؟ !‬
‫به ‍‬
‫أسوأ ما في المعرفة العقلية ‪ ،‬أن تكون معرفة بل‬
‫علقة !‬
‫لذلك ‪ ،‬فهيل يمكن أن تكفي… أنها تشير إلي ال من بعيد ‪ ،‬ولكن يبقى‬
‫أن تقترب إلي ال ‪ ،‬وتعرفهعنطريق الخلطة والمعاشرة والحياة معه ‪ .‬وهكذا‬
‫تعرف ال الذي يسكن فيك ‪ ،‬وليس مجرد ال الذي في الكتب ‪ .‬فهل تشعر‬
‫بوجود ال فيك ومعك ؟ أم أنك تحيا المأساه التيعاشها أوغسطينوس في‬
‫فلسفته ‪ ،‬قبل أن يعرف ال معرفةحقيقية ‪ .‬وقدسجل هذه المأساة في‬
‫أعترافاته ‪،‬حينما قال للرب" كنت معي ‪ .‬ولكنني من فرطشقوتي ‪ ،‬لم أكن‬
‫معك"… كان ال معه ‪ ،‬وهو ل يحسه ‪ ،‬ول يشعر به !‬
‫وهنا ننتقل إلي السؤال الثانى من اسئلتنا ‪:‬‬
‫هل الله له وجودعملى واضح فىحياتك ؟‬ ‫‪-2‬‬
‫هل ال بالنسبة إليك هو مجرد فكرة ؟ أم له كيانحقيقى تشعر به ‪ ،‬وله‬
‫وجودعملى فىحياتك ؟ ما مدى إحساسك بال ووجوده وفاعليته فيك ؟ من‬
‫يكون ال بالنسبة إليك ؟… إنسؤال المسيح لتلميذه ‪ ،‬مازال قائمًا أمامنا ‪:‬‬
‫"من تظنون إنى أنا ؟ "‪ .‬ماهو الله فى‬
‫مفهومك ؟‬
‫وما نوع العلقة التى تربطه بك ؟ هل هى مجردعلقة الطلب منجانبك ‪،‬‬
‫والعطاء منجانبه ؟ هل ال هو مجرد )الصراف( الذى يقدم لك المال ؟… أم‬
‫هو الممون الذى يعطيك ما يلزمك من تموين ؟ أم هو مجرد المعين الذى يقدم‬
‫لك المعونة لراحتك ؟ فإن كان ل يقدم هذه المعونة ‪ ،‬أعنى إن كنتل تشعر‬
‫بهذه المعونة ‪ ،‬فلعلقة… ! هل مجرد المنقذ الذى يحل مشاكلك ؟ فإن بدا أنه‬
‫ل يحلها ‪ ،‬فلعلقة… !‬
‫سبة إليك مجرد وسيلة ؟ أمهوغاية ؟‬‫هل الله بالن‬
‫هل هو مجرد وسيلة لتحقيق رغباتك ‪ ،‬ولتكوين ذاتك ؟ مجرد وسيلة‬
‫للخذ؟‬
‫وهل توجدعلقة تربطك بال ‪،‬خارج مجالت الخذ منه ؟ هل كلما تجلس إلى‬
‫ال أو كلما تتحدث إليه ‪ ،‬إنما يكون ذلك بقصد أن تطلب منهشيئًا ؟! أم أنت‬
‫على العكس ‪ ،‬تريد أن تقدم لهشيئًا ؟ تريد أن تعطيه قلبك ‪ ،‬وأن تعطيهحبك ‪،‬‬
‫وأن تعطيه وقتك‪ .‬وتقول له فى كل ذلك" من يدك أعطيناك"…‬
‫وإن أحببت أن تأخذ من ال ‪ :‬فهل ما تريد أن تأخذه هو المتعة به ومحبته‪،‬‬
‫أمعطاياه المادية وخيراته…؟…حقًا إن ال يجول يصنعخيرًا… ولكن ‪:‬‬
‫ب الله أمخيراته ؟ ذاته أمعطاياه ؟‬ ‫ت تح‬ ‫هل أن‬
‫هل أنت تفرح بالربحينما يعطيكشيئا ‪ ،‬ول تفرححينما ل تحس بعطائه؟‬
‫إذا فأنت تفرح بالعطية ‪ ،‬وليس بال معطيها ! العطية هى هدفك ‪ ،‬وليس ال !‬
‫متى تحب ال حينما يعطى ‪ ،‬وحينما ل يعطى ؟ آسف لهذا التعبير… أقصد‬
‫متى تحب ال حينما يعطى ‪ ،‬وحينما تظن أو ل تشعر أنه يعطى… فإن ال‬
‫بطبيعته ‪ ،‬دائما يعطى ‪،‬سواء أحسست أنت ذلك أو لم تحس…‬
‫صدقونى يا إخوتى ‪ ،‬لو أننا آمنا تماما بأن ال يعطى باستمرار ‪ ،‬ما كانت‬
‫الحياة كلها تكفى لشكره… ! إننا نعرف فقطعطاياه الظاهرة لنا‪ .‬فماذاعن‬
‫عطاياه الخفية ؟ ذلكلن ال إن كان قد أمرنا أن نعطى فى الخفاء ‪ ،‬فهو أيضًا‬
‫يعطى فى الخفاء… وأن بحثناعنعطاياه الخفية ‪ ،‬لوجدناها فوق ما ندرك ‪،‬‬
‫وفوق ما نتصور…‬
‫ومع ذلك ‪ ،‬لنترك موضوع العطاءحاليًا ‪ ،‬فعلقتنا بال ينبغى أل تبنىعلى‬
‫العطاء‪.‬‬
‫ما هىعلقتك بال إذن ‪،‬خارج داءرة إحتياجك إليه ؟‬
‫ف؟‬ ‫هلعلقتك به ‪،‬هى علقةخو‬
‫هل أنت تسير مع ال ‪ ،‬وتحاول أن تطيع وصاياه ‪،‬خوفًا منه… هل أنت‬
‫مجردخائف منعقوبته ومن دينونته ‪،‬خائف من اليوم الذى تقف فيه أمامه‬
‫ص الفكار‬‫ويحاسبك ‪ ،‬هل أنتخائف من رقابة العليك ‪ ،‬هذا الذى يفح‬
‫والنيات ‪ ،‬ويروى ما فى داخل القلب ‪ ،‬وما فى أعماق النفس ‪ ،‬وليسشىء‬
‫مستورًاعنه ؟‬
‫ل يخاف منعقوبة ال إل المخطىء‪ .‬فهل أنتل تزال فى هذه المرحلة ‪،‬‬
‫لم تتب بعد ولم تصطلح مع ال ؟ وأن كان الكتاب قد قال" بدء الحكمة مخافة‬
‫ال" ‪ ،‬فهل أنت مازلت فى بداية الطريق ‪ ،‬ولم تصل بعد إلى" المحبة التى‬
‫تطرح الخوف إلىخارج" كما قال الرسول )‪ 1‬يو ‪.( 18:4‬‬
‫هلعلقتك بالله ‪،‬هىعلقتك به كحاكم ؟‬
‫هو بالنسبة إليك مجردسيد ‪ ،‬وأنت مجردعبد‪ .‬وال هوحاكم يحكمك ‪،‬‬
‫يصدر لك أوامر ونواهى ‪ ،‬تسمى الوصايا ‪ ،‬وأنت مجبر أن تطيعه ‪ ،‬فهو القوى‬
‫الجبار الذى ل منقذ من يده ‪،‬سواء اقتنعت بوصاياه أو لم تقتنع؟!‬
‫أن كنت هكذا ‪ ،‬فأنتل تزال تعيش فىعبودية الناموس ‪ ،‬ولم تصل إلى‬
‫حياة النعمة بعد… ولم تصل إلى النقاوةالتى تحب بها وصايا ال ‪ ،‬ول تجدها‬
‫ثقيلة… بل تقول مع داود" وصية الرب مضيئة تنير العينين" )مز ‪، ( 19‬‬
‫( ‪"،‬كلماتحلوة فىحلقى ‪ ،‬أحلى من العسل‬ ‫" أحببت وصاياكجدًا" )مز ‪119‬‬
‫(‪ .‬وأيضا هل أنت قد وصلت إلى الشعور بأبوة ال‬ ‫والشهد فى فمى" )مز ‪119‬‬
‫لك ‪،‬على القل كلما تصلى وتقول"يا أبانا…" ؟‬
‫ت الختبار ؟‬‫ماهى علقتك بالله ؟هلهى تح‬
‫هل أنت لم تصل بعد إلى درجة الثقة بال وبمحبته ومواعيده ‪ ،‬فما تزال‬
‫تختبر ؟ تجربه فى هذا الموضوع أو ذاك ‪ ،‬وترى كيفسيتصرف معك ؟ وهل‬
‫سيستجيب لك أمل يستجيب ‪ ،‬وتحددعلقتك به هلهذا الساس ! فتحبه ‪ ،‬أو‬
‫تغضب منه ‪ ،‬أو تقاطعه وتقاطع كنيسته وكتابه ‪ ،‬وتبدأ تشك فى ما تعرفه من‬
‫صفات… ؟!‬
‫أنت تعرف أن ال محبة ‪ ،‬هل تثق بذلك ‪ ،‬وهل تؤمن أن كل أعماله من‬
‫نحوك مملوءةحبًا ‪ ،‬مهما كانظاهرها ؟ ثم ماعلقتك أنت بهذه المحبة ؟ هل‬
‫يملك الحب نحو ال ونحو الناس ‪ ،‬فتشعر أن ال يعمل معك‪.‬‬
‫ال أيضًا هو الحق‪ .‬فماعلقتك بالحق ؟ إن كنت بعيدًاعن الحق ‪ ،‬فأنت بعيد‬
‫عن ال‪.‬‬
‫أعود إلىسؤالى مرة أخرى ‪ :‬ماعلقتك بال؟‬
‫ب والحياة‬‫شرة والح‬‫هلهلقتك بالله ‪ ،‬فيها الع‬
‫فيه ؟‬
‫هل تستطيع أن تقولعن ال ‪ ،‬كما فىسفر النشيد"حبيبى لى ‪ ،‬وأنا له"‬
‫(‪ .‬أنا أعرف أنك مؤمن بال ‪،‬على اعتبار أنه الخالق ‪ ،‬والسيد ‪،‬‬ ‫)نش ‪3:6‬‬
‫والراعى ‪ ،‬والمدبر ‪ ،‬والديان ‪ ،‬وتنظر إليه هكذا‪ .‬ولكن هل تنظر إليه أيضًا‬
‫كمحب للبشر ‪ ،‬وحبيب لنفسك بالذات ؟ هل وصلتعلقتك بال إلى مستوى‬
‫الحب ؟‬
‫هل محبتك لله ‪،‬جعلته الول فىحياتك ‪،‬‬
‫والواحيد ؟‬
‫هل تقولل فى مناجاتك ‪:‬حينماعرفتك يا رب ‪ ،‬وذقت محبتك ‪ ،‬تضاءلت‬
‫أمامى كل العواطف الخرى ‪ ،‬وكل المحبات وجدتهاخفيفة وسطحية‪ .‬أماحبك‬
‫فهو الوحيد الذى يصل إلى العمق‪.‬‬
‫وهل محبتكل جعلتك تحب أن تجلس معه ‪ ،‬وتحدثه ‪ ،‬وأصبحتصلتك‬
‫كلهاحبًا ‪ ،‬متأججة بعواطفك نحو ال‪ .‬وبالمثل كل الوسائط الروحية الخرى‬
‫امتلت منحرارة هذا الحب اإلهى ‪ ،‬ولم تعد مجرد ممارسات روحية ‪ ،‬إنما هى‬
‫تعبيرعما فى قلبك منعاطفة نحو ال… إن كنت هكذا فطوباك‪ .‬وإن لم تكن‬
‫هكذا ‪ ،‬فاستيقظ لنفسك ‪ ،‬لءل يوبخك قول الرب" هذا الشعب يعبدنى بشفتيه ‪،‬‬
‫أما قلبه فمبتعدعنى بعيدًا"‪) .‬أش ‪.( 13:29‬‬
‫ب‪.‬‬‫إن اللهل يريد فى علقته بكسوىهذا الح‬
‫انه لم يطلبسوى هذا" يا إبنى أعطنى قلبك…" والسيد المسيح لما رأى‬
‫بطرس الرسول بعد القيامة ‪ ،‬لم يقل له لماذا أنكرت ‪ ،‬أو كيفضعفت ؟ أو ماذا‬
‫ل واحدًا‬
‫كنت تقصد بالسب واللعن وعبارة ل أعرف الرجل !… إنماسألهسؤا ً‬
‫(‪ .‬فلما أجاب بطرس" أنت تعلم يا رب كل‬ ‫لغير هو" أتحبنى ؟" )يو ‪15:21‬‬
‫شىء ‪ ،‬أنت تعلم إنى أحبك" ‪،‬حينئذ قال له الرب" إرعغنمى… إرعخرافى‬
‫"‪ .‬إنهل يريدسوى هذا الحب‪.‬‬
‫ب واحد ؟‬‫ب كثيرة ‪ ،‬أم تدري‬ ‫تداري‬
‫أتذكر بهذه المناسبة أنه وصلنىسؤال ‪ ،‬يقول فيهصاحيه ‪ :‬كلما أقرأ‬
‫الكتاب المقدس ‪ ،‬تتكشف لى فضيلة معينة ‪ ،‬فأحاول أن أدرب نفسىعليها‪ .‬ثم‬
‫أقرأ مرة أخرى ‪ ،‬فتتكشف لى فضيلة ثانية ‪ ،‬ثم ثالثة… إلىغير انتهاء‪ .‬وأنا‬
‫أحاول أن أدرب نفسىعلى كل هذه الفضائل العديدة… ولكنى فىحيرةشديدة‬
‫من كثرتها‪ .‬فانصحنى بماذا أبدأ ؟ وماذا يمكننى أن أؤجله ‪ ،‬لننى من كثرة‬
‫التداريب أنسى بعضها أو أنسىغالبيتها…!‬
‫والحقيقة إن محبة ال تشمل كل الفضائل…‬
‫سان على محبة الله ‪ ،‬يجد داخلها‬ ‫ب الن‬ ‫أن تدري‬
‫كلشىء‪.‬‬
‫إنها التدريب الوحيد الشامل ‪ ،‬الذى إن أتقنته ‪،‬ل تحتاج معه إلى تداريب‬
‫روحية أخرى ‪،‬على أن تكون محبةحقيقيةعميقة ‪ ،‬وبفهم… محبة يتعلق‬
‫فيها القلب بال ‪ ،‬وينسى كلشىء ماعداه‪ ،‬ويفصلهعلى كل رغبة وكلشهوة‬
‫ان كل إنسان قد يقول" أنا أحب ال"‪ .‬وربما نسألهسوألنا السابق ‪:‬‬
‫حسن أن تحب ال‪ .‬ولكن هل ال فى قلبك هو الول ‪ ،‬وهو الوحيد ؟ هل محبة‬
‫ال تشبع هذا القلب ‪ ،‬فل يحتاج إلىحب آخر إلىجوار ال ؟ واضح أنها لو‬
‫كانت محبةحقيقية ‪ ،‬يشعر فيها النسان بالكتفاء‪.‬‬
‫ب من كل‬‫إن المحبة الحقيقية لله ‪ ،‬تحرر القل‬
‫شئ‪.‬‬
‫محبتنال ‪ ،‬لهاعمقها‪ .‬وأن وصلت إلىعمق القلب ‪ ،‬تطفو كل المحبات‬
‫الخرىعلى السطح ‪ ،‬وتملك محبة ال كل القلب‪ .‬وكل محبةل تنبع من محبة‬
‫ال ‪ ،‬تخرجخارجًا ‪ ،‬ويصير ال هو الكل‪ .‬وبمحبة ال يتحرر النسان…‬
‫يتحرر من كلشهوة ‪ ،‬ومن كل رعبة ‪،‬ضد الله‪.‬‬
‫ل من أن‬
‫ان كلشهوة يتعلق بها النسان ‪ ،‬تربطه بها ‪ ،‬وتشده إليها‪ .‬وبد ً‬
‫يمسك هو بها ‪ ،‬تسمك هى به‪ .‬وكما يملكها تملكه‪ .‬وبهذا يفقدجزءًا منحريته‬
‫الحقيقية الداخلية ‪ ،‬فيما هو مربوط بهذه الشهوة…‬
‫وكيف ينحل النسان من رباطات الشهوات والرغبات ؟‬
‫ينحل منها‪ .‬بمحبة أقوى ‪ ،‬تستطيع إن دخلت القلب ‪ ،‬أن تحل محل كل محبة‬
‫أخرى ‪ ،‬وتطردها إذ هى أعمق منها‪ .‬ول توجد محبة أقوى من محبة ال‬
‫الحقيقية‪ .‬إنها تحرر النسان من كل رغباته ‪ ،‬فينحل من الكل ‪ ،‬ليرتبط بهذه‬
‫المحبة الواحدة…‬
‫س متعة‪.‬‬‫ويرى أن كل ماهوخارج الله ‪ ،‬لي‬
‫يصير ال هوشهوة النفس ‪ ،‬ولشهوةغيره‪ .‬لذلك قال أحد القديسينعن‬
‫التوبة إنها إحللحب محلحب ‪ ،‬ال مكانحب العالم والجسد المادة… فهل‬
‫وصلت محبة ال فى قلبك إلى هذا المستوى ؟ وهلحررتك من أغلل الرغبات‪.‬‬
‫حتى فى البدية ‪ :‬النعيم البدىهو الله ‪..‬‬
‫ل يوجد نعيم أبدىسوى ال‪ .‬وكل نعيمغير ال ‪ ،‬ليس هو نعيمًا‬
‫حقيقيًا… إن المتعة الدائمة الكاملة بال ‪ ،‬هى مالم ترهعين ‪ ،‬ولم تسمع به‬
‫أذن… هذا هو الملكوت الحقيقى ‪ ،‬أن نحيا مع ال ‪ ،‬وفى ال ‪ ،‬إلى البد ‪ ،‬بل‬
‫عائق…‬
‫سان من الرغبات ‪ ،‬وأيض ً ا من‬‫محبة الله تحرر الن‬
‫ف‪:‬‬‫الخو‬
‫ونقصد بعبارة" من الرغبات" انهلتسيطرعليه أية رغبة وتستعبده‪.‬‬
‫وكما قال القديس بولس الرسول" كل الشياء تحل لى ‪ ،‬ولكن ل يتسلطعلى‬
‫(‪.‬جميل هو مثل ذلك العصفور‪،‬الذى يجد مكانًا فيهحب‬ ‫منهاشئ" )‪ 1‬كو ‪12:6‬‬
‫كثير‪ ،‬فيلتقط منه واحدة أو أكثر ‪ ،‬ويطير ‪ ،‬دون أن يتعلق بهذا المكان‪ .‬ول‬
‫يختزن‪ ،‬ول يلتصق بهذه الحبوب…‬
‫والذى يحب ال ل يخاف‪ .‬فالخوف متعلق أيضًا بالرغبات‪ .‬ان النسان‬
‫يخاف ان كانت هناك رغبة يخشىعدم الوصول اليها‪ ،‬أو هى معه ويخشى‬
‫ضياعها‪ .‬أما الذىحررته محبة ال‪ ،‬فمن أىشئ يخاف ؟ وعلى أىشئ يخاف‬
‫ل‪:‬‬‫؟لشئ‪ .‬لكنه يشدو مع القديس أغسطينوس قائ ً‬
‫ت فى‬‫س‬ ‫س‬ ‫ت على قمة العالم‪،‬حينما أح‬ ‫س‬ ‫]جل‬
‫فشيئ ًا [‪.‬‬ ‫ا ول أخا‬ ‫نفسى أنىل أشتهىشيئ ً‬
‫حينئذ يمتلئ قلبه قوة‪ ،‬ويقول مع بولس الرسول" منسيفصلناعن محبة‬
‫المسيح ‪ :‬أشدة أمضيق أم اضطهاد‪ ،‬أمجوع أمعرى‪ ،‬أمخطر أمسيف ؟…‬
‫‪.( 35:8،37‬‬ ‫ولكننا فى هذهجميعها يعظه انتصارنا بالذى أحبنا…" )رو‬
‫ان أولد ال أحرار من الداخل‪.‬حررتهم محبة ال‪ ،‬التى دخلت إلى قلوبهم‪،‬‬
‫ومنحتهم النقاوة والتجرد‪ ،‬ومنحتهم القوة والشجاعة‪ .‬وقطعت من قلوبهم كل‬
‫رباطات الرغبات‪ ،‬فتحرروا‪.‬صارو كل منهمحرًا‪ ،‬أكثر منشعاع الشمس‪،‬‬
‫وأكثرمن نسيم الهواء…‬
‫سبة إليك ؟‬ ‫سألك أحد إذن ‪ :‬ماهو الله بالن‬ ‫أي‬
‫ولعلك تقول ‪ :‬هو الحبيب الذى"شماله تحت رأسى‪،‬ويمينه تعانقنى"‬
‫( هو العشرة التىليمكننى الستغناءعنها‪ ،‬لن بها أوجد وأحيا‬ ‫)نش ‪6:2‬‬
‫وأتحرك… هو ليس فكرة‪ ،‬ولكنه كيان يسرى فى روحى وفى دمى وفى فكرى‪.‬‬
‫هو بالنسبة لى كلشئ‪.‬‬
‫نعم أنت يارب العامل فى‪ ،‬وأنا ل أعمل‪ .‬أنت المحرك لى وأنت الموجه‪ .‬أنت‬
‫تعمل معى‪ ،‬وتعمل بى‪ ،‬وتعمل فى… ربمال أدركك‪ ،‬ولكنى أحسك‪ ،‬بإدراك‬
‫روحى فى داخلى‪،‬ل يستطيع لسانى أن يعبرعنه‪ .‬أنا أعرفك‪ .‬ولكن ألفاظ اللغة‬
‫أضعفت من أن تشرح هذه المعرفة‪.‬‬
‫تخارجي ‪ ،‬ولكنك في داخلي ‪.‬‬ ‫ت يا رب لس‬ ‫أن‬
‫عندما أذكرك ‪ ،‬لست فقط أرفع نظري إلي فوق ‪ ،‬فأنت لست فقط فوق في‬
‫السماء إنما أنت في داخلي ‪ ،‬ولست أفتشعنك في الخارج… وصدق ذلك‬
‫الديب الذي قال" أغمضتعيني ‪ ،‬ولكني أراك"‪ .‬فأنت فوق الحواس ‪ ،‬وأنا‬
‫ل ‪ ،‬لكي أجدك… أما إن أنشغلعقلي بالحواس ‪،‬‬ ‫ص من هذه الحواس قلي ً‬‫أتخل‬
‫بالنظر والسمع واللمس… فقط تعطلنيعنك ‪ .‬ليتني يا رب أنسى الكل ‪ ،‬وتبقى‬
‫أنت وحدك ‪ ،‬تشبعحياتي ‪.‬‬
‫ت إلي‬ ‫شكلة أبينا أدمهى الضافات التي دخل‬ ‫إن م‬
‫قلبه وإلي فكره ‪ ،‬إليجوار ربه ‪..‬‬
‫كان ال في البدء ‪ ،‬هو كلشيء فيحياة أدم ‪.‬‬
‫أما فيخطئته ‪ ،‬فقط دخلت إلي قلبه أشياء أخرى ‪.‬‬
‫‪ ،‬وأغراه بأن يصير هو وحواء إلهين مثل ال )تك‬ ‫ب التألة‬ ‫ح‬ ‫وقدم له‬
‫‪. ( 5:3‬‬
‫ليأكل… وأراه الثمرةشهية للنظر ‪ ،‬وجيدة‬ ‫شجرة وثمرة‬ ‫وقدم له‬
‫للكل ‪ ،‬وبهجة للعيون ‪ .‬وهكذا أدخل إليحياتهشيئًاجديدًا ‪ ،‬هو متعة‬
‫الحواس ‪ ،‬وشهوة الجسد بالكل ‪.‬‬
‫الخلصة أنه قدم له أشياءجديدة تغزو قلبه ‪ ،‬وتستقر فيه إليجوار ال ‪،‬‬
‫أو تأخذ أهمية أكثر من ال ‪ ،‬يضحي بال من أجلها…! وهكذا لم يعد ال هو‬
‫الكل بالنسبة إلي أدم ‪ ،‬بل وجد له في القلب ما ينافسه… !‬
‫ا من مجموعة !‬ ‫صار الله بالنسبة إليه ‪ ،‬واحد ً‬
‫لم يعد ال يمتلك كل المحبة داخل القلب ‪ ،‬إذا دخلت إلي القلب أيضًا ومحبة‬
‫المعرفة ‪ ،‬ومحبة التألة ‪ ،‬ومحبة الكل‪ ،‬وشهوة الحواس ‪.‬‬
‫وباختصار ‪ ،‬دخلت } الذات { لتنافس ال في المركز وفي الهمية… وبتوالي‬
‫اليام والجيال ‪ ،‬دخلت إلي قلوب البشر أمور أخرى ‪،‬علىحساب مركز ال في‬
‫القلب ‪ .‬وكلما كثرت محبة هذه المور ‪ ،‬قلت محبة النسانل…‬
‫وكيف يكون العلج إذن ؟ إنه بلشك يكون في ترك كل هذه المور الدخيلة‬
‫ستعد أن تترك… من أجل الله ؟‬ ‫تم‬ ‫فهل أن‬
‫أن الشاب الغني لم يستطع أن يترك أمواله الكثيرة‪ ،‬لذلك ترك الرب ومضى‬
‫حزينًا…! وأبوانا الولن آدم وحواء‪ ،‬لم يستطيعا أن يتركا إغراء المعرفة‬
‫واللوهية‪ ،‬ففقداصورتهما اللهية… فهل تتعلم من هذا درسًا فى الترك ؟‬
‫إن لم تستطع أن تترك كلشئ من أجله‪ ،‬فهل يمكنك أن تبدأ بأن تترك‬
‫العشور والبكور للرب ؟ وهل يمكنك أن تترك النشغال يومًا فى السبوع لكى‬
‫ض الملذ التى تشغل قلبك ‪ ،‬ليصير‬ ‫تتفرغ فيه للرب ؟ وهل يمكن أن تترك بع‬
‫ض ألوان الطعام‪،‬‬ ‫القلبصافيًال ؟سهلعليك أن تفعل هذا‪ .‬وسهل أن تترك بع‬
‫لتعطى روحك فى الصوم فرصة ترتفع فيها فوق المادة والجسد‪ ،‬لتتصل بال…‬
‫المهم أن تكون مستعدًا ‪ ،‬لن تترك من أجل الشيئًا‪.‬‬
‫ت لله الولوية فى قلبك‪ ،‬يمكنك أن تترك‬‫إن كان‬
‫لجله‪.‬‬
‫يمكنك أن تستغنىعن أىشئ‪،‬سيصغر فى قلبك إلىجوار ال وسيفقد‬
‫قيمته… وستعلم تمامًا أنكل بد فى يوم ما أن تترك كلشئ‪ ،‬بل تترك العالم‬
‫كله‪،‬حين تفارقه‪ .‬فالفضل لك أن تتخلىعن أىشئ بإرادتك‪ ،‬قبل أن تتخلى‬
‫عن الكل بغير إرادتك… وهذا هو الدرس الذى تعلمه القديس أنطونيوسحينما‬
‫نظر إلىجثة أبيه وهو ميت…‬
‫إن الشئالذى تتركهلجل ال‪ ،‬إنما تبرهن بتركهعلى أن محبتكل أكثر من‬
‫محبتك لهذا الشئ‪ .‬فإن تركت كلشئ وتبعت ال‪ ،‬إنما تبرهن أيضًاعلى أن‬
‫محبتكل‪ ،‬هى أعظم من كلشئ‪ ،‬وتغطىعلى كلشئ‪ .‬وماذا أيضًا ؟‬
‫إن أهم ما تتركهلجل الله‪،‬هو ] ذاتك [ ‪.‬‬
‫كثير من الناس يركزونحول ذواتهم‪ .‬الذات بالنسبة إليهم هى كلشئ‪،‬‬
‫هى مركز التفكير‪ ،‬وهى محور التفكير‪ .‬وإذا باهتمام النسان ينصب كليةعل‬
‫ذاته ‪ :‬ما هىحالتى الن ؟ وماذا أريد أن أكون ؟ وكيف أكون ؟ ومتى…؟ وما‬
‫هى العوائق التى أمامى ؟ وكيف أنتصر؟ وكيف أنال‪ ،‬وأغلب‪ ،‬واتفوق…؟‬
‫وكيف أكون نفسى‪ ،‬وكيف أنميها… مركزى‪،‬علمى‪،‬سمعتى‪ ،‬ماليتى‪ ،‬متعى‪،‬‬
‫لذاتى‪،‬حريتى‪ ،‬كرامتى… مع تفاصيلل تنتهى‪.‬‬
‫س الله‬ ‫وتصبح الذاتصاحبة المركز الول‪ ،‬ولي‬
‫‪000‬‬
‫بلخلل تفكير النسان فى ذاته‪ ،‬وانشغاله بها‪ ،‬قد ينسى ال… أو ل يعطى‬
‫ال وقتًا ول اهتمامًا‪ ،‬لن الهتمام كله مركز فى ذاته‪ .‬بل ما أسهل أن يخالف‬
‫ال ويكسر وصاياه‪ ،‬ليبنى ذاته ويسعدها بالطريقة التى يفهمها…!‬
‫ت مشكلة )الوجوديين(سوى الذات ؟‬ ‫ماذا كان‬
‫الوجودى يريد أن يشعر بوجوده‪ ،‬ويتمتع بهذا الوجود‪،‬حسب اتجاهاته‬
‫الخاصة‪ ،‬بالستغراق فى ملذ العالم‪ ،‬وبالحرية الكاملة التىل يقف أمامها‬
‫عائق من قانون أو تقليد أو وصية الهية…! وفى هذا يرى أن ال يحد من‬
‫ض ال من أجل الذات ‪ ،‬لكى تتمتع ذاته بهذا‬‫استباحة هذه الحرية‪ ،‬فيرف‬
‫الوجود‪ ،‬متعة ينطبقعليها قول الرب" من وجد نفسه يضيعها" )مت‬
‫‪.( 39:10‬‬
‫وشعار الوجودى هو ‪ :‬من الخير أن ال ل يوجد‪ ،‬لكى أوجد أنا‪ ،‬وأتمتع‬
‫بالوجود…!‬
‫وهكذا نرى أن الذات‪ ،‬قدضيعت العلقة مع ال‪.‬‬
‫أن مثال الوجوديين هو من أسوأ المثلة‪ .‬وقد يشبههم البيقوريون الذين‬
‫غايتهم هى اللذة ‪ ،‬وشعارهم‪ :‬لنأكل ونشرب‪ ،‬لنناغدًا نموت‪ ،‬أى لنمتع ذواتنا‬
‫بما تشتهيه‪ ،‬قبل أن نموت‪ .‬ومثلهم كل الذينسلكوا فىشهوات الجسد…‬
‫على أنهناك أمثلة أخرى ‪ ،‬منجهة الذات‬
‫وسيطرتها ‪:‬‬
‫ص‬‫هيرودس الملك‪ ،‬الذىعاصر ميلد المسيح‪ ،‬لم يفرح بالرب وبالخل‬
‫التى‪ ،‬وانما فكر فى ذاته‪ ،‬كيف يكون هناك ملك لليهودغيره‪ .‬وقادته )الذات(‬
‫الى أن يإمر بقتل كل أطفال بيت لحم ‪ ،‬ليخلو الجوله… بعيدًاعن ملكوت ال!!‬
‫وهكذا لم يفرح بميلد الرب‪ ،‬كما فرح به الرعاة والمجوس‪ ،‬الذين لم تكن الذات‬
‫تعوقهمعن ال !‬
‫وهيرودس الملك‪ ،‬الذى قتل القديس يعقوب الرسول‪ ،‬والذىسجن‬
‫بطرس… هذا لماجلسعلىعرشه‪ ،‬منتفخًا بحلته اللهوتيه‪ ،‬يكلم الشعب‪.‬‬
‫وهم يمدحونه قائلين" هذاصوت إله‪،‬لصوت إنسان"… هيرودس هذا‪ ،‬إذ‬
‫اهتم بمجد ذاته‪ ،‬ولم يعط مجدًال… أضاع نفسه‪ ،‬إذضربه ملك الرب‪ ،‬فصار‬
‫‪.( 23 -21:12‬‬ ‫يأكله الدود ومات )أع‬
‫بيلطس أيضًا‪ ،‬إهتم بذاته‪ ،‬ولم يهتم بالمسيح‪ .‬ومع تصريحه بأنه" لتوجد‬
‫فيهعلة تستوجب الموت"‪ ،‬إل أنهحرصًاعلى مركزه‪ ،‬لئل يغضبعليه قيصر‬
‫بسبب إتهامات اليهود‪،‬سلم البار للموت وهوحاكم بإطلقه…! ولم يكتف بهذا‪،‬‬
‫بلحاول أن يبرر ذاته أيضًا‪ ،‬فغسل يده وهو يقول"أنا برئ من دم هذا البار"!‬
‫ط الملوك‬ ‫سق‬ ‫ت الذات‪ ،‬أن ت‬ ‫وهكذا استطاع‬
‫والولة‪ ،‬وتهلكهم!‬
‫ت رؤساء الكهنة ومعلمى‬‫ا أسقط‬ ‫والذات أيض ً‬
‫ب‪:‬‬‫شع‬‫ال‬
‫أولئك الذين أسلموا المسيح للموتحسدًا‪ ،‬إذخافواعلى مراكزهم منشعبيته‪،‬‬
‫ض"أنظروا إنكمل تنفعونشيئًا‪ .‬هوذا العالم قد ذهب‬‫وقالوا بعضهم لبع‬
‫‪.( 19:12‬‬ ‫وراءه")يو‬
‫ومن أجل الذات التى أتعبها الحسد‪ ،‬بعدواعن ال تمامًا‪ ،‬وهم رجال دين‪،‬‬
‫ل ليهوذا لكى يخون معلمه‪ ،‬وأتوا بشهود زور لم تتفق أقوالهم‪،‬‬ ‫فدفعوا ما ً‬
‫ولفقوا للسيد تهمًا هم يعرفون زيفها‪ .‬ودفعوا رشوة للجند‪ ،‬ليقولوا إن تلميذه‬
‫سرقوا الجسد ونحن نيام! كل ذلك فعلوه‪ ،‬وفقدوا الرب بسببه‪،‬حفظًاعلى الذات‬
‫وعلى الرئاسة والشهرة!!‬
‫ص والفداء‪،‬‬‫أما ملكوت ال فلم يفكروا فيه‪ .‬وكذلك النبوات الخاصة بالخل‬
‫ما اهتموا بها‪ .‬وتعليم الشعب وقيادته إلى اليمان‪ ،‬أمر تجاهلوهتمامًا! كل ما‬
‫كان يشغلهم‪ ،‬هو ذاتهم‪ ،‬كيف تكبر أمام الناس‪ ،‬ولو بتحطيم هذا المنافس‪،‬‬
‫ولوكان المسيا‪.‬‬
‫ت كلهؤلء المعمدان‪ ،‬الذى انطلق من الذات‬‫يبك‬
‫‪000‬‬
‫ل ‪ :‬يأتى‬
‫ص منه‪ ،‬ويوجهه إلى المسيح‪ ،‬قائ ً‬‫كان كل اهتمام يوجه إليه‪ ،‬يتخل‬
‫بعدى من هو أقدم منى‪ ،‬من هو أقوى منى‪ ،‬الذى لست أنا مستحقًا أن أنحنى‬
‫وأحلسيورحذائه…‬
‫وقال أيضًا ‪ :‬من له العروس فهو العريس… أناصديق العريس‪ ،‬أنظر من‬
‫‪.( 29:3،30‬‬ ‫ص )يو‬ ‫بعيد وأفرح‪ .‬ينبغىأن ذاك يزيد‪ ،‬وإنى أنا أنق‬
‫كانت كل المجادتحيط بيوحنا المعمدان‪ ،‬لكنه لم يسمح أن تدخل إلى قلبه‪.‬‬
‫لم تكن ذاته هى التى تشغله‪ ،‬بل كان يشغله الرب وحده‪ ،‬الذىجاء هو ليعد‬
‫الطريق قدامه‪ ،‬لذلك كان المعمدان يخفى ذاته‪ ،‬ويقولعن السيد" الذى من‬
‫فوق‪ ،‬هو فوق الجميع"…‬
‫سد‪ .‬والحسد يضيع‬ ‫محبة الذات تقود إلى الح‬
‫المحبة ‪000‬‬
‫المحبة ل تحسد‪ .‬وحينما يحسد النسان‪ ،‬يتمركزحول نفسه‪ ،‬ويفقد محبته‬
‫نحو من يحسده‪ .‬وإذا فقد المحبة‪ ،‬فقد ال‪،‬لن ال محبة… بالحسد‪ ،‬أخوة‬
‫يوسف باعوا أخاهم كعبد‪ ،‬وخدعوا أباهم‪ .‬ولم يضعوا ال أمامهم‪ .‬كل ذلك لنهم‬
‫أحبوا ذواتهم‪ ،‬ولم يقبلوا أن يكون يوسف أفصل منهم فىشئ…‬
‫إحترس من أن تنزع المحبة من قلبك بحسد‪ ،‬أو بغضب‪ ،‬لئل تفقد ال‪ ،‬الذى‬
‫ل يحل فى قلبخال من المحبة‪ .‬وإن كنتل تستطيع أن تحب أخاك الذى تراه‪،‬‬
‫فكيفستحب ال الذىل تراه؟! )‪ 1‬يو ‪.( 20:4‬‬
‫الذات تريد أن تكبر‪ ،‬كما تريد أن تلتذ وتتمتع…‬
‫والذات فى محبتها أن تكبر‪ ،‬تضيع الله من قلبها‬
‫‪000‬‬
‫ولعل أبرز مثال لذلك هوسقطة الشيطان‪ ،‬الذى قال فى قلبه" أصعد إلى‬
‫السموات‪ ،‬أرفع كرسى فوق كواكب ال… أصعد فوق مرتفعات السحاب‪ .‬أصير‬
‫(‪ .‬فكانت النتيجة أنه انحدر إلى الهاوية… لقد أرادت‬ ‫‪13:14،14‬‬ ‫مثل العلى)أش‬
‫ذاته أن تكبر‪ ،‬إلىحد أنها نافست ال نفسه فىجلله اللهى!‬
‫ومن الذينضيعهم كبر الذات‪ ،‬بناة برج بابل ‪000‬‬
‫أرادت ذاتهم أن تكبر‪ ،‬بحيث ترتفععن مستوى الذين يعيشونعلى‬
‫ض‪ .‬وهكذا قال هؤلء" هلم نبنلنفسنا مدينة‪ ،‬وبرجًا رأسه فى السماء‪،‬‬‫الر‬
‫(‪ .‬فكانت النتيجة أن ال بلبل ألسنتهم‬ ‫ونصنعلنفسنا إسمًا…" )تك ‪4:11‬‬
‫وشتتهم‪ .‬وهكذا كل من أراد أن يرفع ذاته‪ ،‬يوضع إلى أسفل‪ ،‬ويفقد ال‪.‬‬
‫أما الذى يضع أمامهعظمة الغير المحدودة‪ ،‬فإن ذاته تصغر فىعينيه‬
‫ويرى أنها مجرد تراب ورماد‪ .‬فتنسحق ذاته‪ ،‬وفى انسحاقها يرفعها ال‪ ،‬اليه‪..‬‬
‫سين‬ ‫ت القدي‬ ‫ب أنحرب الذاتهذه‪،‬حارب‬ ‫والعجي‬
‫‪000‬‬
‫آباؤنا الرسل الثناعشر‪،‬حاربتهم الذات أيضًا ! وفكروا من يجلسعن‬
‫يمين الرب وعن يساره‪ ،‬ومن يكون الول فيهم؟! والرب الذى يعرف أن الذات‬
‫تبعد النسانعن ال‪ ،‬قال لهم ‪:‬ل يكن فيكم هذا الفكر‪ .‬من أراد فيكم أن يكون‬
‫ل‪،‬حينما انحنى وغسل أرجلهم‪.‬‬ ‫ل‪ ،‬فليكن آخر الكل وعبدًا للكل‪ .‬وأعطاهم مثا ً‬
‫أو ً‬
‫ولماظهرت ذاتهم فى فرحهم بإخراج الشياطين‪ ،‬وقالوا"حتى الشياطين‬
‫تخضع لنا بإسمك" قال لهم الرب"ل تفرحوا بهذا"‪ .‬تكتب أسماؤهم فى‬
‫ملكوت ال‪.‬‬
‫ت نبي ً ا عظيما ً‬‫ت الرسل‪،‬حارب‬‫أن الذات كماحارب‬
‫كيونان ‪000‬‬
‫ض‪ .‬لذلك لما أمره ال‬‫كانت تهمه ذاته‪ ،‬ويهمه أن كلمتهل تنزل إلى الر‬
‫أن ينادىعلى نينوى بالهلك‪ ،‬وهو يعرف أنهغفورسيرحم‪ ،‬هرب من وجه‬
‫ال وخالفه‪ .‬وهكذا اصطدم بال من أجل ذاته…!‬
‫ولماخرج من بطن الحوت‪ ،‬ونادىعلى نينوى‪ ،‬فتابت ورحمها ال وغفر‬
‫ص العظيم‪ ،‬إنما كان مركزًاحول كرامته‪،‬حول ذاته‪،‬‬‫لها‪ ،‬لم يفرح بهذا الخل‬
‫حول كلمته التى قالها ولم تنفذ‪ .‬وجلسحزينًا‪.‬حتى أن ال قال له" هل اغتظت‬
‫بالصواب؟" فقال" إغتظتحتى الموت"‪ .‬وبهذا كانت مشيئة يونانضد‬
‫مشيئته‪ .‬وكانتعواطفهعكسعواطف ال‪ .‬وكل ذلك بسبب تمركزهحول ذاته!‬
‫ولول أن ال بحثعن هذا النبى‪ ،‬وأصلحه وصالحه‪ ،‬لضاع هو أيضًا…!‬
‫كذلك أيوب الصديق الرجل الكامل‪،‬حاربته ذاته‬
‫‪000‬‬
‫ل ومستقيمًا‪ ،‬ومشكلته أنه كان يعرفعن ذاته أنه كامل‬
‫ل كام ً‬
‫كان رج ً‬
‫ومستقيم‪،‬حتى أنه قال"كامل أنا‪ ،‬ل أبالى""إن تبررت بحكمعلى فمى‪ .‬وإن‬
‫(‪ .‬لذلك قيلعن أيوب"إنه كان بارًا فى‬ ‫‪21:9،20‬‬ ‫ل يستذنبنى" )أى‬
‫كنت كام ً‬
‫(‪ .‬وبسبب هذاعاتب العتابًاشديدًاجدًا‪ ،‬قال له فيه"‬ ‫عينى نفسه" )أى ‪1:32‬‬
‫لتستذنبنى‪ .‬فهمنى لماذا تخاصمنى؟ أحسنعندك أن تظلم؟" )أى ‪.( 2:10،3‬‬
‫أما أصحابه فكانشديدًاعليهم أيضًا‪.‬‬
‫وظل هكذا فى التجربة‪،‬حتى ناقشه ال‪ ،‬وحرره من ذاته ‪ ،‬فاتضع أخيرًا‬
‫وقال للرب" ها أناحقير‪ ،‬فبماذا أجاوبك؟ وضعت يدىعلى فمى…" )أى‬
‫(‪"،‬قد نطقت بما لم أفهم‪ ،‬بعجائب فوقى لم أعرفها… أسألك‬ ‫‪40:40‬‬
‫ض )ذاتى( وأندم فى التراب والرماد" )أى ‪ .( 6-3:42‬ولما‬ ‫فتعلمنى… لذلك أرف‬
‫وصل أيوب إلى هذا التراب والرماد"رفع الرب وجه أيوب‪ ،‬ورد الربسبى‬
‫‪.( 29:32،10‬‬ ‫أيوب" )‬
‫سان منها ‪ ،‬أو‬‫ب أن يتجرد الن‬‫إنها الذات‪ ،‬يج‬
‫يجرده الله ‪000‬‬
‫وفى قصة أيوبجرده ال من كلشئ‪ ،‬من كل ما كانسببًا فىعظمته‬
‫وفى افتخاره‪.‬جرده من المال والغنى‪ ،‬ومن الولد‪ ،‬ومن الصحة‪ .‬ومن احترام‬
‫الناس له…جرده من كلمة"أنا"‪ ،‬ومن اعتزازه بفهمه وحكمته‪،‬حتى وضع‬
‫يدهعلى فمه وسكت… ثم ندم فى التراب والرماد‪ .‬وقال للرب" أناحقير فبماذا‬
‫أجاوبك؟!"‪ .‬وحينئذ رفعتعنه التجربه‪.‬‬
‫ت إلى أىحد تبدوخطورة الذات؟!‬ ‫أرأي‬
‫حينما يثق النسان بذاته‪ ،‬بذكائه وتفكيره وقدراته‪ .‬وربما يعتمدعلى هذه‬
‫(‪ .‬وربما بسبب‬ ‫الذات‪ ،‬وربما يفتخر بذاته وأعماله كما افتخر أيوب )أى ‪29‬‬
‫الثقة بالذات‪ ،‬يعتمد النسانعلى فهمه ول يستشيرو بينما يقول الكتاب‬
‫" توجدطريق تبدو للنسان مستقيمه‪ ،‬وعاقبتهاطرق الموت" )أم ‪.( 12:14‬‬
‫ب؟!‬ ‫إهتمام أبينا يعقوب بذاته‪ ،‬كمجرعليه من تع‬
‫لكى يأخذ بكورية أخيه منه‪ ،‬ويحل محله‪ ،‬كم لجأ إلى الطرق البشرية‪،‬‬
‫ض لغضب أخيه‪ ،‬وخاف وهرب…‬ ‫وإلى الكذب والخداع‪ ،‬وتعر‬
‫إن الذات إذا أرادت ان تحقق رغباتها‪ ،‬ما أكثر أن تلجأ إلى التحايل ووتفقد‬
‫طابعها الروحى‪ ،‬مبتعدةعن ال‪ .‬وكثيرًا ما تصير الذات هدفًا‪.‬‬
‫ويصبح الله مجرد وسيلة‪ ،‬لتحقيقهذه الذات‬
‫وأهدافها!‬
‫فل يكون ال هو الهدف‪ ،‬الذى يضحى النسان بذاته من أجله‪ ،‬بلعلى‬
‫العكس تصبح الذات هى الهدف‪ ،‬وال هو الوسيله التى تبنى هذه الذات!!‬
‫حتى أن كل الصلوات تصبح مركزة فىطلبات الذات‪،‬سواء وافقت مشيئة‬
‫ال أم لم توافق…! وفى هذه الحالة تختفىصلوات التسابيح والتماجيد الخاصة‬
‫بال وحده‪ ،‬ويختفىعنصر الحب والمناجاة فيها…‬
‫ل فى التخلىعن الذات‬ ‫سيح أعطانا مثا ً‬ ‫سيد الم‬ ‫إن ال‬
‫‪000‬‬
‫ففى تجسده‪ ،‬نرى هذه العبارة العجيبة‪ ،‬إنه"أخلى ذاته"‪ .‬وإلى أىحد‬
‫أخلها؟ إلىحد إنه"أخذصورة العبد"… وماذا أيضًا؟ وأطاعحتى موت‬
‫الصليب" )فى ‪.( 9-7:2‬‬
‫وعلى الصليب‪ ،‬قدم هذه الذات أيضًا ذبيحة محرقةلرضاء ال الب وايفاء‬
‫ص البشرية التىحمل‬‫عدله اللهى‪ .‬وقدمها أيضًا ذبيحةخطية لكى يخل‬
‫خطاياها‪ ،‬ومن أجلها"أحصىبين أثمة"‪.‬‬
‫ض‪ ،‬قال للب"لتكنل مشيئتى‪ ،‬بل‬‫وفىخلل فترة تجسدهعلى الر‬
‫مشيئتك" مقدمًا ذاته بالكليةعلى مذبح الطاعة‪.‬‬
‫إخلء الذات تعلمه بولس الرسول من السيد الرب‪.‬حينما قال"لحيال أنا‬
‫بل المسيح يحيا فى" )غل ‪.( 20:2‬‬
‫س "ل أنا"‬ ‫س بول‬ ‫ستطيع أن يقول مع القدي‬ ‫من ي‬
‫‪000‬‬
‫لذلك ليتنا نعيد النظر فىعلقتنا بال وتقييمها‪ .‬ونحاول أن يكون ال‬
‫بالنسبة إلينا هو الكل‪ .‬له كلعواطفنا‪ ،‬وكل قلبنا وحبنا‪ ،‬تتركز فيه كل آمالنا‪،‬‬
‫ونفضلهعلى كلشئ‪ ،‬ونجد لذتنا فيه‪ .‬فنتغنى مع أرمياء النبى ونقول" نصيبى‬
‫‪.( 24:31‬‬ ‫هو الرب‪ ،‬قالت نفسى‪ .‬من أجل ذلك أرجوه" )مر‬
‫ت نفسى"‪.‬‬‫"نصيبىهو الرب قال‬
‫كلنا نحب هذه العبارة الجميلة‪ ،‬ونحفظها ونرددها‪ .‬ولكن من منا ينفذها‬
‫ويحياها ؟ ومن منا يتخذها مبدأ روحيًا يغنيهعن وصايا كثيرة‪.‬‬
‫هل تقبل أن يكون الرب هو نصيبك من هذه الحياة كلها ؟‬
‫هناك من يرى أن نصيبه فى الحياة هو البيت والسرة والزوجة والولد‪،‬‬
‫ونصيبه هو المركز‪ ،‬المال والشهرة والوظيفة والسلطة…‬
‫ول مانع من أن يضاف ال إلى كل هذا…!‬
‫(‪ ،‬ويكتفى به‪ ،‬ول يعوزه‬ ‫ولكن أن يكون ال وحده هو نصيبه )مز ‪5:16‬‬
‫لعلى كل أحد أن يقوله‪ ،‬وليس‬
‫(… فهذا أمر ليسسه ً‬ ‫معهشئ )مز ‪1:23‬‬
‫لعلى كل أحد أن يحياه…‬
‫سه ً‬
‫ومع ذلك فقد أعطانا ال أمثلة له فى كتابه المقدس‪.‬‬
‫ل لهذا‪ ،‬فى كهنة العهد القديم ‪:‬‬ ‫أعطانا الرب مثا ً‬
‫وليس الكهنة فقط‪ ،‬إنما كلسبطلوى‪ ،‬الذى كان يتفرغ لخدمة الرب‪ .‬لقد‬
‫وزعت النصبةعلى كل السباط‪ .‬ولكن"لم يكن للوى قسم ول نصيب مع‬
‫أخوته‪ .‬الرب هو نصيبه‪ ،‬كما كلمه الرب" تث ‪.( 9:10‬‬
‫لذلكصار إسمهم )الكليروس( أى النصيب‪ ،‬لن الرب هو نصيبهم‪ ،‬وهم‬
‫أيضًا نصيب الرب‪ .‬وكان الرب يكفيهم‪ ،‬فلم يعوزهمشئ‪ .‬وصارتحياتهم نصيبًا‬
‫ض‪ ،‬ول أملك‪ ،‬ولعمل آخرسوىعمل الرب…‬ ‫للرب‪ ،‬ل تشغلهم أر‬
‫إن لم تكن من‬ ‫نصيبك الرب؟‬ ‫ت كذلك؟ ‪000‬‬ ‫فهل أن‬
‫المكرسين للرب‪ ،‬فعلى القل إختبرعلقتك بال فىضوء المثلة التية‪:‬‬
‫ا للرب‪ ،‬فهل يوم‬ ‫إن لم تكنحياتك نصيب ً‬ ‫‪-1‬‬
‫ت نصيبه؟‬‫سب‬‫ال‬
‫إن كنتل تعطى الحياة كلها للرب‪ ،‬فهل تعطيه هذا اليوم الواحد من كل‬
‫ل من العمالل تعمل‬ ‫أسبوع؟ هل تقدس يوم الرب‪ ،‬يومًا للرب كل أسبوع‪،‬عم ً‬
‫(‪ .‬هل تخصصه للصلة والتأمل والقراءة‬ ‫فيهحسب وصية الرب )تث ‪14:5‬‬
‫الروحية‪ ،‬وخدمة الرب‪ ،‬والتمتع به؟ أم أن لك اهتمامات أخرى تشغلك؟‬
‫إن كنت ل تقدم هذا اليوم الواحد للرب‪ ،‬فهذا اعترافضمنى أن الرب ليس‬
‫هو نصيبك بالتمام… لو كان نصيبك‪،‬لستطعت بطريقة ما أن توجد له وقتًا‪،‬‬
‫وأن تتحكم فى مشغولياتك‪ ،‬ويكون يوم الرب للرب…‬
‫ب الرب فيك‪،،‬هو الصلة‬‫إختبار آخر لنصي‬ ‫‪-2‬‬
‫‪000‬‬
‫إن كنتل تواظبعلى الصلة‪ ،‬فذلك لن الرب ليس هو نصيبك‪ ،‬ليس هو‬
‫الذى يشبعك ويمل قلبك!‬
‫لهذاحينما تقف للصلة‪ ،‬تجدعشرات الفكار تقف أمامك‪ ،‬وتجدها كلها‬
‫مهمةجدًا‪ ،‬وتعجبك‪ .‬فتفكر متى تنتهى من الصلة‪ ،‬لكى تتفرغ لهذه المور التى‬
‫قد تعتبرها للسف أهم من الصلة!… لو كانت هذه المسائل مجرد محاربات‬
‫من العدو‪ ،‬لكنت تتضايق منها‪ ،‬وتستمر فى الصلة التى تجد فيها لذلك‪ .‬أما إن‬
‫كانت هذه المور تشدك‪ ،‬وبعنف‪،‬غتسرع فىصلتك وتنهيها‪ ،‬بسبب هذه‬
‫الهتمامات… فهذا دليلعلى أن ال لم يصر نصيبك بعد…‬
‫أما الذى يكون الرب نصيبه‪ ،‬فإن وقف للصلة‪،‬ل يحب أن يتركها‪ ،‬بل هى‬
‫تشمل كيانه كله‪ ،‬وتستوعبه‪ .‬وكل الهتمامات الخرى‪ ،‬ينساها‪ .‬وان تذكرها‪،‬‬
‫تبدو تفاهات أمامه‪،‬ل تستحق أن تشغل قلبه‪ ،‬أو أن تشغل فكره…‬
‫وهنا ننتقل إلى نقطة ثالتة‪ ،‬فى أختبار نصيب الرب‪:‬‬
‫‪-‬الذى يكون الرب نصيبه‪ ،‬يجد متعة فى الله ولذة‬ ‫‪3‬‬
‫‪000‬‬
‫إنه يفرح بالرب‪ ،‬ويجد متعه فى الجلوس معه‪ ،‬ولذة فى محادثته‪ ،‬ويقول‬
‫مع داود النبى"باسمك أرفع يدى‪ ،‬فتشبع نفسى كما منشحم ودسم" )مز‬
‫‪.( 62‬‬
‫صل وقتًا أكثر‪ ،‬وأن يدخله فى‬‫وفرح النسان بال‪ ،‬يدفعه إلى أن يخص‬
‫العمق‪،‬عمق قلبه‪ ،‬وعمقحبه‪ ،‬وعمق تفكيره واهتماماته…‬
‫ض قد يجدون فرحًا بأمور العالم‪ ،‬ولذة فيها‪ ،‬بمستوىل يتوافر‬‫على أن البع‬
‫فىعلقتهم بال‪ .‬وهذا يدلعلى أنهم لم يتخذوا الرب نصيبًا لهم…‬
‫إن كان المر هكذا‪ ،‬فلنسأل‪ :‬ما هىعلقتك بال؟ هذا إن كانت لكعلقة به‬
‫ل… وأين ال منك؟ مامدى وجوده فيك؟‬
‫فع ً‬
‫شحياتك؟ أمهو فىصميم‬‫هلهو علىهام‬
‫حياتك؟‬
‫أم هوحياتك كلها؟ ماذا تراه يكون بالنسبة إليك؟‬
‫هل هو أمل من آمالك الكثيرة؟ أم هو كل آمالك؟‬
‫هل هوجزء من مشغولياتك؟ أم هو كل ما يشغلك؟‬
‫هل ال بالنسبة أليك نظرية قرأتها فى الكتب؟ أو هو مجرد تعليم تعلمته فى‬
‫الكنيسة؟ أم أنه يمثل كيانًاعمليًا فىحياتك؟‬
‫ا مع نفسك‪ ،‬ول تخدع ذاتك ‪000‬‬ ‫كنصريح ً‬
‫ض قد يصلى‪ ،‬والعلىجانبحياته‪ ،‬وليس فى العمق‪ .‬وقد‬‫أقول هذا‪ ،‬لن البع‬
‫يصوم هذا النسان‪ ،‬ويتناول‪ ،‬ويمارس كل الوسائط الروحية‪ ،‬ومع ذلك ل يزال‬
‫العلىجانبحياته…!‬
‫فمتى يصير ال الحياة كلها؟ ومتى نقول مع بولس الرسول‪:‬‬
‫سيح" )فى ‪(21:1‬‬ ‫"لى الحياةهى الم‬
‫ضحياتهم هى السرة والمركز والمال والزواج والولد‪ ،‬ومتع‬‫البع‬
‫الرفاهية‪ ،‬فإن لم يكن له كل هذا‪ ،‬يقالعنه إنه لم يدخل الدنيا بعد‪ ،‬ولم يتمتع‬
‫بالحياة‪ ،‬ومازالعلى الهامش‪ .‬يقولونعنه بالعامية"فلن ده مشعايش"‪.‬‬
‫أما الذى يقول " لى الحياةهى المسيح" فإنه‬
‫ستطيع أن يقول بعدها "والموتهو ربح" ‪000‬‬‫ي‬
‫يستطيع أن يقول" لى اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح‪ ،‬فذاك أفضل‬
‫(‪ .‬بل يستطيع أن يقول أيضًا" منسيفصلناعن محبة‬ ‫جدًا" )فى ‪23:1‬‬
‫المسيح؟! أشدة أمضيق أم اضطهاد‪ ،‬أمجوع أمعرى‪ ،‬أمخطر أمسيف؟…‬
‫‪.( 35:8،37‬‬ ‫ولكننا فى هذهجميعها يعظم انتصارنا بالذى أحبنا" ) رو‬
‫ستطيع أن تختبر به مدى‬ ‫‪-‬هناك اختبار آخر ت‬ ‫‪4‬‬
‫‪ ،‬وذلك فىضوء الوصية التى تقول ‪:‬‬ ‫علقتك بالله‬
‫ب الرب إلهك من كل قلبك ‪) " 000‬تث ‪.( 5:6‬‬‫"تح‬
‫قد تحب ال من قلبك‪ ،‬هذاجائز‪ .‬ولكن هل أنت تحبه من كل قلبك؟ أى هل‬
‫تعطى القلب كله له‪ ،‬والحب كله له؟ من منكم استطاع أن ينفذ هذه الوصية؟‬
‫ض‪،‬‬‫من الذى كل مشاعره وعواطفه مركزة فى ال؟ هو نصيبهعلى الر‬
‫وهو نصيبه أيضًا فى البدية‪ .‬وه\و الذى يملحياته وفكره وقلبه…‬
‫ان كان ال قد ملكعلى كل قلبك‪ ،‬فإن العالم كله يصبح بالنسبة إليك وكأنه‬
‫"صفيحة زبالة"‪ ،‬كومة من القمامةل قيمة لها… وتنظر إلى كل متع العالم‪،‬‬
‫ض‬‫كما نظر إليهاسليمان الحكيم من قبل‪ ،‬فقال"باطل الباطيل‪ ،‬الكل باطل وقب‬
‫(… المال‪ ،‬الجاه‪ ،‬السلطان‪ ،‬اللقاب‪ ،‬الشهرة… الكل‬ ‫‪2:1،14‬‬ ‫الريح" )جا‬
‫باطل… الجمال‪ ،‬المظهر‪ ،‬العظمة‪ ،‬المتعة‪ ،‬البيت‪ ،‬الولد… الكل باطل…‬
‫ويصبح ال هو الكل‪ ،‬ولشئ إلىجواره‪.‬‬
‫صعلقتك بال جيدًا‪:‬‬‫إهدأ إذن إلى نفسك‪ ،‬وافح‬
‫ما موقعك‪ ،‬وما موضعك‪،‬علىخريطة الله ‪ 000‬؟!‬
‫ما هو مركز ال فىحياتك وفىشعورك؟ قل لنفسك‪ :‬هل ال يشبعنى‬
‫الشباع كله‪ ،‬بحيث يمكننى أن أكتفى به‪ ،‬وأكونسعيدًا فى اكتفائى‪ ،‬ل أشعر‬
‫بشئ ينقصنى؟ هل أنا فرح القلب بالرب‪،‬سعيد أنى وجدته؟ أغنى له فى كل يوم‬
‫أغنيةجديدة… هل إسم الرب محبوب فى فمى؟‬
‫هل الربهو أحلمى بالليل‪ ،‬وآمالى فى النهار؟‬
‫هل هوعاطفتى الملتهبة؟ هل هوسببخفقات قلبى؟ هل هوحياتى؟هل‬
‫هو بدل ذاتى بالنسبة لى؟ ما مركزه بالضبط فى داخلى؟‬
‫أنت محتاج بين الحين وىلخر أن تراجع نفسك‪ ،‬وترى أين أنتسائر‪،‬‬
‫وهل لك هدف‪ ،‬وهل هدفك هو ال؟ وهل هو نصيبكحقًا الذى ارتضيت به؟‬
‫وهل هو كذلكعلى الدوام؟ أم بين الحين والحين‪ ،‬تبرز إحدى الرغبات لكى‬
‫تأخذ مكان ال فى قلبك‪ ،‬وتصير هى نصيبك فى الحياة‪ ،‬ولو فى فترة معينة‪..‬؟!‬
‫سبة إليه‪:‬‬ ‫أنظر إلى داود‪ ،‬لترى ماذا كان الله بالن‬
‫(‪ .‬ويقول"الرب‬ ‫إنه يقول" قوتى وتسبحتى هو الرب" )مز ‪118‬‬
‫(‪ .‬الرب إذن هو قوته وتسبحته وراعيه‪ .‬وماذا‬ ‫راعى‪،‬فل يعوزنىشئ" )مز ‪23‬‬
‫أيضًا؟ يقول"إلهنا ملجأنا وقوتنا‪ ،‬ومعيننا فىشدائدنا التى أصابتناجدًا" )مز‬
‫(‪ .‬ويتابع الكلم فإذا ال حصنه‪ ،‬وترسه‪ ،‬ومجنه‪ ،‬وهو ربه وإلهه‪ ،‬بل أنه‬ ‫‪45‬‬
‫يذوق الرب‪ ،‬وينظر ما أطيبه… ال بالنسبة إليه هو كلشئ‪.‬‬
‫وكل الذين اتخذوه نصيبهم‪ ،‬يجدونه لهم كلشئ‪.‬‬
‫إنهمل يقاتلون‪ .‬فالكتاب يقول لهم"الرب يقاتلعنكم وأنتم تصمتون"‬
‫‪.( 14:14‬‬ ‫)خر‬
‫وهم ل يتكلمون من أنفسهم‪ ،‬بل روح أبيهم هو الذى يتكلم فيهم )مت‬
‫(‪ .‬هو يعطيهم فمًا وحكمة‪ ،‬ل يستطيعجميع معانديهم أن يقاوموها )لو‬ ‫‪20:10‬‬
‫(‪ ،‬وهوالذى يظلل‬ ‫(‪ .‬هو الذى يقودهم فى موكب نصرته )‪ 2‬كو ‪14:2‬‬ ‫‪15:21‬‬
‫عليهم بجناحيه‪ .‬هو الب‪ ،‬وهو الحبيب‪ ،‬وهو الصديق‪ ،‬وهو الرفيق فى‬
‫الطريق…‬
‫ب الوحيد‪ ،‬المضمون فىحبه وإخلصه‬‫هو القل‬
‫‪000‬‬
‫قدل نضمنعواطف ومشاعر كل من نخالطهم من الناس‪ ،‬ول نضمن‬
‫إخلصهم فى كل الظروف‪ ،‬ول ثباتهم فى محبتهم‪ ،‬فقد يتركون محبتهم الولى‪.‬‬
‫أما ال فهو الوحيد المضمون‪ ،‬الذين إن كنا نحنغير أمناء من نحوه‪،‬يبقى‬
‫(… إن نسيت الم رضيعها‪ ،‬فهول ينسانا‪ ،‬هذا الذى قد‬ ‫هو أمينًا )‪ 2‬تى ‪13:2‬‬
‫نقشناعلى كفه‪ ،‬وحتىجميعشعور رؤسنا محصاةعنده‪،‬ل تسقط واحدة منها‬
‫بدون إذنه… كيف ل نحب إلهًا مثل هذا‪ ،‬ليس لهشبيه بين )اللهة(…؟!‬
‫هل اللههو مصدر الخيرات‪ ،‬أمهو الخير؟‬
‫المبتدىء فى الحياة الروحية وفى العلقة مع ال‪ ،‬قد ينظر إلى العلى‬
‫ل مصدر كل الخيرات‪ .‬ولكن الذىصار‬
‫اعتبار أنه مصدر الخير‪ ،‬وهو كذلك فع ً‬
‫ال نصيبه‪ ،‬يرى أن ال هو الخير ذاته‪ ،‬وهو الخير الوحيد… إنه ل يبحثعن‬
‫النعيمخارجه‪ ،‬أو كمكافأة منه‪ ،‬إنما يرى أن ال هوالنعيم الحقيقى الذى نتمتع‬
‫به‪.‬‬
‫ت البدية نعيما ً‬‫س‬‫إنه كلشئ فى البدية‪ .‬ولي‬
‫سواه‪.‬‬
‫إنه هوشجرة الحياة التى نتغذى بها‪ ،‬وهو المن المخفى‪ ،‬هوخبز الحياة‪،‬‬
‫هو ماء الحياة الذى كل من يشرب منه‪،‬ل يعطش إلى البد‪ .‬هو الحياة ذاتها‪،‬‬
‫من يثبت فى الحياة‪ .‬وهو الحق‪ ،‬من يعرفه يعرف الحق‪ ،‬والحق يحرره‪ .‬هو‬
‫النور الحقيقى الذى ينير لكل إنسان‪ ،‬وهو الحكمة‪ ،‬وهو المتعة الحقيقية‪.‬‬
‫إن السوفل يمنحناشيئًا معينًا يسعدنا فى البدية‪ ،‬إنما هو نفسه الذى‬
‫يسعدنا‪ .‬وكل من يقترب منه‪ ،‬يقترب من السعادة‪ ،‬ومن يذوقه يذوق السعادة‬
‫والحب…‬
‫أترانا‪،‬حتى فى البدية‪،‬سننشغل بشئغير ال‪ ،‬أو يسعدناشئغير ال؟!‬
‫حاشا‪ ،‬فال الذى اخترناه نصيبنا هنا‪،‬سيكون هو نصيبنا ايضًا هناك…‬
‫ف تكون متعتنا الدائمة به‪ ،‬فهذاسر‬ ‫أما كي‬
‫الملكوت ‪000‬‬
‫ض‬‫هذا هو" ما لم يخطرعلى قلب بشر"‪،‬لن كل ما نتمتع بهعلى الر‬
‫فىصلتنا بال ومذاقتنا له‪،‬سوف ل يقاس مطلقًا بالمجد العتيد أن يستعلن فينا‪،‬‬
‫حينما نعرفه المعرفة الحقيقية وننمو كلحين فى معرفته‪ ،‬فقد قال البن للب‬
‫"هذه هى الحياة البدية‪ ،‬أن يعرفوك…" )يو ‪.( 3:17‬‬
‫إن كان اللههكذاهو نصيبك‪ ،‬فل يمكن أن تخطىء‬
‫‪000‬‬
‫إن كان ال مالئًا كل قلبك وفكرك‪ ،‬وإن كان هو كلحبك وكل هدفك‪ ،‬فكيف‬
‫يمكن إذن أن تخطىء؟!… أمرغير معقول‪،‬لن الخطيئة هى أنحرافعن‬
‫محبة ال‪ ،‬إلى محبة أخرىضده‪ .‬ولكن إن كان هو نصيبك‪ ،‬وهو كل هدفك‬
‫وآمالك‪ ،‬وهو كل اشتياقات قلبك‪ ،‬إذنل تستطيعحينئذ أن تخطىء‪ ،‬والشريرل‬
‫يمسك‪ .‬بهذا أولد ال ظاهرون )‪ 1‬يو ‪.( 9:3،10‬‬
‫ل إطلقًا ليةخطية‪ .‬وهنا لست محتاجًا إلى‬ ‫إن محبتكل‪ ،‬ل تعطى مجا ً‬
‫تداريب كثيرةعلى وصاياعديدة‪ .‬تكفيك محبته‪ ،‬فهى تدريبك الوحيد‪.‬‬
‫س والنعمة ‪000‬‬ ‫وهنا يظهر الفرق بين النامو‬
‫الذى مازال تحت الناموس‪ ،‬يجاهد بكل قوة لكى ينفذ الوصية‪ .‬أما إن دخل‬
‫فى نطاق الحب اللهى‪ ،‬وصار ال نصيبه‪،‬حينئذ يحرره الحب منعبودية‬
‫الناموس‪ .‬فيفعل كلخير منخلل محبتهل‪ .‬ومنخلل محبة ال‪ ،‬يحب‬
‫الفضيلة ايضًا‪ ،‬ويحب الوصية‪ ،‬ول تصير وصايا ال ثقيلةعليه‪ ،‬ول تحتاج منه‬
‫إلى مجهود…‬
‫إن النعمة لم تلغ الوصية‪ ،‬ولم تلغ الناموس‪ .‬ولكن كل الوصايا قد دخلت فى‬
‫دائرة الحب‪ ،‬وأصبح تنفيذها فى مجال التعبيرعن هذا الحب‪ ،‬ولم تعد أوامر‬
‫ونواهى‪ .‬فالرب يقول"من يحبنى‪ ،‬يحفظ وصاياى"‪.‬شئطبيعى من نتائج‬
‫الحب‪.‬‬
‫وهكذا إنصار الله نصيبك‪،‬ل تعرج بين الفرقتين‬
‫‪000‬‬
‫ل تكن مع ال فى يوم‪ ،‬وبعيدًاعنه فى يوم آخر‪ .‬فالقلب الثابت فى الحب‪،‬ل‬
‫يتزعزع‪ ،‬ول ينحرف‪ ،‬ول يتحولعن هدفه اللهى‪ .‬ولذلك يقول لنا الرب‬
‫(‪"،‬إثبتوا فى‪ ،‬وأنا فيكم‪ ،‬كما يثبت الغصن فى‬ ‫"إثبتوا فى محبتى" )يو ‪9:15‬‬
‫الكرمة‪ ،‬ويأتى بثمر" )يو ‪.( 15‬‬
‫ت فى الكرمة ‪000‬‬‫ت تشبههذا الغصن الثاب‬‫فهل إن‬
‫هذا الغصن الذى تسرىعصارة الكرمة فىعروقه وتعطيهحياة‪ ،‬وبهذا‬
‫الثبات يشابه الكرمة فى كلشئ‪ ،‬ويعطى ثمر الكرمة ذاتها…‬
‫هذا الغصنصارت الكرمة نصيبه‪ ،‬إن انفصلعنها‪ ،‬إنفصل تمامًاعن‬
‫الحياة‪ ،‬وجف ومات وألقى إلى الحريق‪ .‬أما فى ثباته فى الكرمة‪ ،‬فإنه ينتعش‬
‫ويحيا‪ ،‬وينمو أيضًا‪ .‬وهكذا قال الرب"أنا الكرمةوأنتم الغصان" )يو ‪.( 5:15‬‬
‫وبهذا إن كان الله نصيبك ‪ ،‬فإنه يكون داخلك ‪000‬‬
‫مثلعصارة الكرمة التى تكون داخل الغصن‪ .‬ومثلما قال الرسول"أما‬
‫(‪ .‬وإن كان ال فيك‪،‬‬ ‫تعلمون أنكم هيكل ال‪ ،‬وروح الساكن فيكم" )‪ 1‬كو ‪6:3‬‬
‫فلست تبحثعنهخارجًا… إن قيل لكم إنه هنا أو هناك‪ ،‬فل تصدقوا )مت ‪.( 24‬‬
‫إنه داخلكم"أنا فيهم" )يو ‪.( 23:17‬‬
‫يا من اتخذت ال نصيبًا‪ ،‬هل تحس بوجوده فيك؟‬
‫س‪ ،‬أىحامل الله؟‬ ‫ت ثيئوفور‬ ‫هل أن‬
‫هكذا تلقب القديس أغناطيوس النطاكى‪ ،‬وهكذا كل مؤمنحقيقى يسكن ال‬
‫فى قلبه‪،‬ويشعر بسكنى ال فيه‪،‬حيثما أقام وحيثما ذهب… إنهحامل ال‪.‬‬
‫ليتك تصلى إذن‪ ،‬وتقول للرب ‪ :‬فلتكن أنت ياربى هو نصيبى الوحيد‪ ،‬ول‬
‫نصيب لىغيرك‪.‬خذ كل ماعندى‪ ،‬واعطنى ذاتك‪ ،‬أعطنى فضل معرفتك‪.‬‬
‫لستأريد أن أطلب منكطلبات كثيرة‪ ،‬فأنا أريدك أنت وحدك‪ .‬أريد أن يفقد كل‬
‫شئ قيمته فى نظرى‪ ،‬وتبقى أنت القيمة الوحيدة التى أهتم بها‪ .‬فأحبك أنت الله‬
‫الساكن فى قلبى‪ ،‬وليس مجرد ال الذى أقرأعنه فى الكتب…‬
‫ً‬
‫سين الذين اتخذوا نصيب ا لهم‪:‬‬ ‫أمثلة من القدي‬
‫بطرس الرسول فى قوله"تركنا كلشئ وتبعناك" )مت ‪ ،( 27:19‬معبرًا‬ ‫‪-1‬‬
‫عنحالة الرسل كلهم‪ ،‬الذين تركوا أهلهم وبيوتهم وعملهم‪ ،‬وساروا وراء‬
‫الرب‪ ،‬الذىصار نصيبهم…‬
‫ب‪ -‬بولس الرسولصار ايضًا واحدًا من هؤلء‪ ،‬فىعبارته الجميلة"خسرت‬
‫كل الشياء‪ ،‬وأنا أحسبها نفاية‪ ،‬لكى أربح المسيح‪ ،‬وأوجد فيه" )فى ‪ .( 8:3‬كل‬
‫شئ فقد قيمته إلىجوار الرب فى نظر بولس‪ ،‬لذلك قال" ماكان لى ربحًا‪ ،‬فهذا‬
‫قدحسبته من أجل المسيحخسارة‪ .‬بل إنى أحسب كلشئ أيضًاخسارة‪ ،‬من‬
‫أجل فضل معرفة المسيح ربى" )فى ‪.( 7:3‬‬
‫ج‪ -‬وهذا ما يقوله المزمور لكل نفسصارتعروسًا للرب" إسمعى يا إبنتى‬
‫وانظرى وأميلى أذنك‪ ،‬وأنسىشعبك وبيت أبيك‪ ،‬فإن الرب قد اشتهىحسنك‬
‫‪.( 10:45‬‬ ‫وله تسجدين" )مز‬
‫د‪ -‬وكانت أمنا رفقة‪ ،‬التى تركت بلدها واهلها‪ ،‬وسافرت مع ألعازر الدمشقى‪،‬‬
‫لتحيا مع اسحق‪ ،‬رمزًا للنفس البشرية التى تترك كلشئ لتحيا مع المسيح‪،‬‬
‫كنصيب لها…‬
‫هنا ونتذكرعبارةجميلة قالها داود النبى وهى‪:‬‬
‫‪.( 25:73‬‬ ‫ض" )مز‬‫ا على الر‬ ‫"معكل أريدشيئ ً‬
‫ب الله بعمق‪ ،‬يصل إلى درجة الكتفاء‬‫الذى يح‬
‫بالله ‪000‬‬
‫ال يمل قلبه وفكره وكل أحساسه ومشاعره‪ ،‬ويشبعه‪ ،‬فيشعر بالكتفاء‪،‬‬
‫(… ويشعر أنه ل يستطيع أن‬ ‫ويقول مع داود" فل يعوزنىشئ" )مز ‪1:23‬‬
‫يضيفشيئًا فى قلبه إلىجوار ال‪ .‬فيعيشسعيدًا مع ال‪ ،‬ويقول له فىحب‬
‫ض"‪.‬‬ ‫"معكل أريدشيئًاعلى الر‬
‫بهذا المثالعاش آباؤنا القديسون‪ ،‬وقد أشبع ال حياتهم‪.‬‬
‫ولنأخذ داود النبى كمثال‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫كان ملكًا‪ ،‬بكل ما يحيط الملك منسلطة وعظمة فى ذلك الزمان‪ .‬وكان قائدًا‬
‫للجيش‪ ،‬وقاضيًا للشعب‪ ،‬ورب أسرة كبيرة‪ .‬وكان محترمًا من الكل‪ ،‬ومسيحاً‬
‫للرب‪ .‬ويبدو أنه ما كان ينقصهشئ منخيرات الدنيا ومتعها… ومع ذلك ما‬
‫كانشئ من هذا يشبع قلبهحقًا‪ ،‬بل يلقى بكل هذا وراءظهره ويقول‪:‬‬
‫"واحدةطلبت من الرب وإياها ألتمس…" ما هى هذه الواحدة التى تنقصك‬
‫إيها الملك العظيم مسيح الرب؟ يقول"واحدةطلبت من الرب وإياها ألتمس‪ ،‬أن‬
‫(… هناك فى هذا‬ ‫أسكن فى بيت الرب… وأتفرس فى هيكله" )مز ‪4:27‬‬
‫الموضع المقدس‪ ،‬كان يطلب الرب ويقول‪:‬‬
‫ب‬‫س‪.‬ل تحج‬‫ت وجهك‪ ،‬ولوجهك يارب ألتم‬ ‫"طلب‬
‫‪.( 8:27،9‬‬ ‫وجهك عنى" )مز‬
‫أهذهطلبتك الوحيدة؟ وماذاعن الملك والجيش والقضاء والسرة والغنى؟‬
‫ض"يا ال أنت إلهى إليك أبكر‪،‬عطشت‬‫كل يارب‪ ،‬معك ل أريدشيئًاعلى الر‬
‫("إلتصقت نفسى بك"‪"،‬باسمك أرفع يدى‪ ،‬فتشبع‬ ‫نفسى إليك" )مز ‪1:63‬‬
‫نفسى كما منشحم ودسم"‪"،‬رحمتك أفضل من الحياة‪.‬شفتاى تسبحانك"‪،‬‬
‫"كنت أذكركعلى فراشى‪،‬وفى أوقات السحار كنت أرتل لك" )مز ‪.( 63‬‬
‫إنه الحب الذى يمل القلب‪ ،‬يقول فيه‪:‬‬
‫"محبوبهو إسمك يارب‪ ،‬فهوطول النهار‬
‫تلوتى" )مز ‪.( 119‬‬
‫وماذاعن مشغولياتك يا داود؟ إنها ل تشغلنىعنك يارب‪".‬سبع مرات فى‬
‫(‪"،‬فى نصف الليل نهضت‬ ‫النهارسبحتكعلى أحكامعدلك")مز ‪119‬‬
‫لشكرك"‪"،‬سبقتعيناى وقت السحرلتلو فىجميع أقوالك"‪"،‬كلماتحلوة‬
‫فىحلقى‪،‬أحلى من العسل والشهد فى فمى" )مز ‪.( 119‬‬
‫ب الله‪ ،‬يصغر كلشئ فى عينيه‬ ‫ا إن الذى يح‬ ‫حق ً‬
‫‪000‬‬
‫إن داود ل يغريه قصره ولعرشه‪ ،‬بل يقول الرب" مساكنك محبوبة أيها‬
‫الرب إله القوات‪ .‬تشتاق وتذوب نفسى للدخول إلى ديار الرب…طوبى لكل‬
‫(‪"،‬فرحت بالقائلين لى إلى‬ ‫السكان فى بيتك‪ ،‬يباركونك إلى البد")مز ‪1:84،4‬‬
‫(‪"،‬إخترت لنفسى أن أطرحعلىعتبة بيت‬ ‫بيت الرب نذهب")مز ‪1:122‬‬
‫‪.( 10:84‬‬ ‫الرب" لماذا؟"لنيومًاصالحًا فى دياركخير من آلف" )مز‬
‫ض"… إن هذه العبارة هى اختبارحقيقى‬‫حقًا"معك ل أريدشيئًاعلى الر‬
‫ل آخر‪:‬‬
‫للقلب ومدىعلقته بالرب‪ .‬لنأخذ مثا ً‬
‫ت دعوته ‪000‬‬‫أبونا إبراهيم‪ ،‬بهذا الختبار كان‬
‫لما دعاه ال‪ ،‬قال له"إذهب من أرضك ومنعشيرتك ومن بيت أبيك‪ ،‬إلى‬
‫(‪ .‬وترك إبراهيم وطنه وعشيرته وبيت أبيه‪،‬‬ ‫ض التى أريك" )تك ‪1:12‬‬‫الر‬
‫ض"‪ .‬وخرج وراء الرب‪،‬وهو‬ ‫وقال للرب فى قلبه"معك ل أريدشيئًاعلى الر‬
‫(‪،‬يكفيه أنه كان ذاهبًا‬ ‫كما يقول الرسول"ل يعلم إلى أين يذهب" )عب ‪8:11‬‬
‫وراء الرب ‪.‬‬
‫ب إليه ‪،‬ماهو وأينهو‪،‬‬‫لم يهتم بالمكان الذى يذه‬
‫ب معه‪.‬‬‫إنما كان تفكيره فى الرب الذى يذه‬
‫‪.( 31:11‬‬ ‫ض الوقت فىحاران )تك‬‫لماصحبه تارح أبوه‪ ،‬تعطل بسببه بع‬
‫ولماصحبه لوط إبن أخيه‪،‬حدثت مخاصمة بين رعاة هذا وذاك‪ .‬ولما فارقه‬
‫ض فى المنطقة بدأت البركة تتضاعفعلى ابرآم‪.‬‬ ‫واختار أخصب أر‬
‫ض مصر" )تك‬ ‫كيف تعيش يا إبرآم‪ ،‬وقد أخذ لوط أرضًا"كجنةال كأر‬
‫ض‪.‬‬‫(‪ .‬وترك لك القفر؟ يقول إبرآم‪ :‬أنا مع ال‪،‬ل أريدشيئًاعلى الر‬ ‫‪11:13‬‬
‫ل باركه الرب‪ ،‬وقال له" إرفععينيك وانظر…‬ ‫يكفينى الرب ونعمته‪ .‬وفع ً‬
‫(‪ .‬وعاش ابرآم‬ ‫‪14:13،17‬‬ ‫ض التى أنت ترى‪ ،‬لك أعطيها…" )تك‬ ‫جميع الر‬
‫غريبًا‪،‬عقيمًا‪ ،‬ولكن مع الربغربته كانت تتمثل فىحياة الخيمة‪ ،‬وعلقته‬
‫بالرب كانت تتمثل فى المذبح الذى يبنيه فى كل موضع‪.‬‬
‫ص لوطًا من السبى )تك‬‫وهذا الرجل الغريب‪ ،‬المكتفى بالرب‪ ،‬هوالذىخل‬
‫(‪،‬واستقبله ملكسادوم‪ ،‬وملكساليم‪ ،‬ملكىصادق الذى باركه )تك‬ ‫‪14‬‬
‫‪.( 18:14‬‬
‫ض" إهتز‬‫ولكن هلحدث فى وقت ما‪ ،‬أن مبدأ"معك ل أريدشيئًاعلى الر‬
‫ل ؟ نعم‪،‬حدث أنه اشتهى أن يكون له إبن…‬
‫فى قلب أبينا إبرآم ولو قلي ً‬
‫ولما اشتهى أن يكون له إبن ‪،‬وقع فى تجارب‬
‫‪000‬‬
‫(‪ .‬وحتى لما ولد له إسحق من‬ ‫(‪ ،‬وتجربة قطورة ) ‪25‬‬ ‫تجربة هاجر )تك ‪16‬‬
‫سارة‪ ،‬أتته تجربة أخرى‪ ،‬إذ اختبره ال فيه‪ ،‬وقال له"يا إبراهيم…خذ إبنك‬
‫وحيدك الذى تحبه‪ ،‬إسحق… وأصعده هناك محرقةعلى أحد الجبال الذى أقول‬
‫(‪ .‬واذا بإبراهيم الذىعاش بمبدأ"معك ل أريدشيئًاعلى‬ ‫لك" )تك ‪2:22‬‬
‫ض"‪ ،‬إبراهيم الذى يحب ال الحب كله‪ ،‬أخذ إسحق إبنه‪ ،‬وبكرصباحًاجدًا‬‫الر‬
‫وأخذ معه الحطب والسكين‪ .‬وربط إبنه فوق الحطب‪ ،‬ورفع السكين ليقدمه‬
‫ذبيحة… لذلك بارك ال هذا النسان الذى أحبه أكثر من إبنه الوحيد‪ ،‬وبنسله‬
‫ض‪.‬‬ ‫تباركتجميع قبائل الر‬
‫ا فى الله‪ ،‬أكثر مما فى‬ ‫ب إبرآم مركز ً‬ ‫كان قل‬
‫إسحق ‪000‬‬
‫قال السيد المسيح"…ومن أحب إبنًا أو إبنة أكثر منى‪ ،‬فل يستحقنى"‬
‫(‪،‬ونفذ أبونا إبراهيم هذه الوصية قبل أن يقولها المسيح بأجيال‬ ‫‪37:10‬‬ ‫)مت‬
‫طويلة…‬
‫كان ال بالنسبة اليه أكثر من العشيرة والوطن والهل والبن الوحيد…‬
‫إنها فضيلة للنسان أن يحب أهله‪ ،‬ولكنهم ل يكونونشركاء ال فى قلبه‪.‬‬
‫داخل محبة الله‪ ،‬نعم‪ .‬ولكن إلىجوارها‪،‬ل ‪000‬‬
‫النسان الروحى يحبجميع الناس كجزء من محبتهل‪ .‬ولكنه ل يحب أحدًا‪،‬‬
‫يشارك ال فىحبه‪ ،‬أو ينافس ال فىحبه‪ ،‬أو يجلس فى القلب إلىجوار ال!‬
‫سهشئ‬ ‫ب‪ ،‬ول يناف‬ ‫سه أحد فى الح‬ ‫اللهل يناف‬
‫‪000‬‬
‫ولذلك فالمحبة الحقيقية نحو ال يلزمها التجرد‪ .‬وفى هذا قال الكتاب"ل‬
‫تحبوا العالم ول الشياء التى فى العالم‪ .‬إن أحب أحد العالم‪ ،‬فليست فيه محبة‬
‫(‪ .‬وقيل أيضًا"محبة‬ ‫‪15:2،17‬‬ ‫الب… والعالميمضىوشهوته معه")‪ 1‬يو‬
‫(‪ ،‬ل يستطيع أحد أن يعبد ربين أو يخدمسيدين‪ .‬إما‬ ‫العالمعداوةل" )يع ‪4:4‬‬
‫ال‪ ،‬وإما العالم… وقد قال الكتاب فى ذلك‪:‬‬
‫"أيةشركة للنور مع الظلمة" )‪ 2‬كو ‪.( 14:6‬‬
‫ض مع ال‬ ‫ال هو النور الحقيقى‪ .‬وكل ما هوخارج ال ظلمة‪ .‬كل ما يتعار‬
‫ومحبتهظلمة‪ .‬ونحن قد دعينا أن نكون أبناء النور‪،‬ل نشترك فى أعمال‬
‫الظلمة…‬
‫والظلمة متفاوته فى درجاتها‪ ،‬أبشعها الخطية‪.‬على أن التفاهات أيضًا‬
‫والماديات‪ ،‬إن كانت تبعدناعن ال فهىظلمة أيضَا‪ ،‬ليس لنا أن ندخلها إلى‬
‫قلوبنا‪.‬‬
‫ض‪ .‬نحارب كلشهوه وكل‬ ‫ويبقى ال وحده‪ ،‬ومعهل نريدشيئًاعلى الر‬
‫فكر فيهما تعطيل لمحبة ال‪ .‬ويبقى ال وحده‪ ،‬كما تقولون فى الترتيلة‪:‬‬
‫ليس لى رأى ول فكر ولشهوة أخرىسوى أن أتبعك‬
‫لهذا فأولد الله‪ ،‬قد يملكون المال‪ ،‬ولكنهل يملكهم‬
‫‪000‬‬
‫(‪"،‬لن هيئة هذا‬ ‫قد يستعملون العالم‪ ،‬وكأنهم ل يستعملونه)‪ 1‬كو ‪31:7‬‬
‫العالم تزول"‪ .‬فل يوضع العالم إلىجوار ال‪.‬‬
‫ط‪ ،‬ثم إمرأته‬‫مثال آخر نذكرههنا‪،‬هو لو‬ ‫‪-2‬‬
‫‪000‬‬
‫لوط لم يصل إلى التجرد الذى يحب فيه الرب من كل القلب‪ ،‬والذى يقول‬
‫ض المشبعة‪ ،‬ولم يختر‬ ‫فيه"معكل أريدشيئًا من العالم"‪ .‬لذلك إختار الر‬
‫المكان الذى يستطيع فيه أن يحيا مع ال! فماذا كانت النتيجة؟ كانت أنهسبى‬
‫(‪ ،‬وفقد كل أملكه‪ .‬تم أنقذه إبرآم‪ .‬وأيضًا لوط لم يتعلم درسًا‪ ،‬وكان‬ ‫)تك ‪14‬‬
‫البار يعذب نفسه يومًا فيومًا بمناظرالشرار‪.‬وأخيرًا فقد كلشئ فىحرق‬
‫سادوم‪.‬‬
‫وهناظهرت توبة لوط ورجوعه إلى ال‪ .‬فلما دعاه الملكان أن يخرج من‬
‫(‪ ،‬لم يقل أملكى وأغنامى ومالى وأنسبائى‪،‬‬ ‫المدينة ويهرب إلى الجبل )تك ‪19‬‬
‫إنما رضخ أخيرًا وقال للرب"معك ل أريدشيئًا من العالم"‪.‬وخرج منسادوم‬
‫صفر اليدينل يملكشيئًا‪ ،‬يكفيه الرب الذىسيبدأ معه منجديد‪ ،‬منلشئ‪...‬‬
‫أما زوجة لوط‪،‬التى لم تدخل إلى قلبهاعبارة"معك ل أريدشيئًا من العالم"‬
‫فقد نظرت إلى الوراء‪ ،‬إلى العالم الذى تعلق به قلبها‪ ،‬فصارتعمود ملح…‬
‫صارت درسًا لكل من يضع إلىجوار الشهوة أخرى يتعلق بها…‬

‫سيح ورسله ‪000‬‬‫‪-‬من المثلة الجميلة‪ :‬تلميذ الم‬ ‫‪4‬‬


‫سمعان وأندراوس اللذان"تركاشباكهما وتبعاه" )مر ‪ .( 18:1‬ويوحنا‬
‫ويعقوب إبنا زبدى‪ ،‬اللذان" تركا أباهما زبدى فى السفينة مع الخرى وذهبا‬
‫(‪ .‬ومتى الذى ترك مكان الجباية‪ ،‬ولم يحفل‬ ‫وراءه" )مر ‪20:1‬‬
‫بمسئولياته‪.‬والباقون الذين تركوا بيوتهم وزوجاتهم‪ .‬وقلب كل منهم يردد‬
‫ض"‪ .‬وبولس الرسول‪ ،‬الذى ترك مركزه‬ ‫عبارة"معكل أريدشيئًاعلى الر‬
‫ل‪":‬خسرت كل الشياء وأنا‬‫الكبير وسلطته‪ ،‬وتحمل اللم لجل المسيح قائ ً‬
‫أحسبها نفاية لكى أربح المسيح"‪ ،‬هكذا أيضًا كانت تربطه بالربعبارة"معك‬
‫ض"‪.‬‬‫ل أريدشيئًاعلى الر‬
‫كلهم‪ ،‬بعد أن تركوا كلشئ‪ ،‬لم يندموا علىشئ‬
‫‪000‬‬
‫شعور كل منهم ‪ :‬كيف أريدشيئًا من العالم‪ ،‬بعد أن أشرقعلى قلبى هذا‬
‫النور العظيم‪ ،‬وبعد أن تعرفتعلى الرب‪ ،‬الذى هو أسمى من كلشئ‪ ،‬الذى‬
‫وهبته قلبى‪ ،‬فصرت أنا كلى له‪ ،‬وصار هو لى‪.‬‬
‫‪ -‬مثال آخر‪،‬هو الرهبان‪ ،‬وتاجر الجواهر ‪000‬‬ ‫‪5‬‬
‫الرهبان الذينعاشواحياة التجرد الكامل‪،‬حياة النسك والزهد‪ ،‬ل يملكون‬
‫شيئًا‪ ،‬بل قد نذروا الفقر الختيارى‪ ،‬وارتفعوا فوق مستوى البيت والولد‪،‬‬
‫وفوق مستوى المادة‪ ،‬وجالوا فى البرارى والقفار‪ ،‬معتازين‬
‫هؤلء منعظم محبتهم للملك المسيح‪ ،‬قالوا له"معك ل نريدشيئًا من‬
‫العالم"…‬
‫منهم أمراء تركوا الملك‪ ،‬مثل الميرين مكسيموس ودماديوس‪ .‬وأصحاب‬
‫مناصب كبيرة تركوا مناصبهم‪ ،‬مثل النبا أرسانيوس معلم أولد الملوك‪.‬‬
‫وأغنياء تركواغناهم مثل العظيم النبا أنطونيوس‪ .‬ومتزوجون تركوا زوجاتهم‬
‫مثل النبا آمون والنبا بولس البسيط…كلهم قالوا للرب"معك ل نريدشيئًا‬
‫ض"…‬‫على الر‬
‫لعل هذا يذكرنا بمثل التاجر الذى قالعنه السيد المسيح" يشبه ملكوت‬
‫السموات إنسانًا تاجرًاللئحسنة‪ .‬فلما وجد لؤلؤةواحدة كثيرة الثمن‪ ،‬مضى‬
‫(‪ .‬هذه اللؤلؤة الكثيرة الثمن‪،‬‬ ‫‪45:13،46‬‬ ‫وباع كل ما كان له واشتراها" )مت‬
‫هى الحياة مع ال‪،‬وعشرته والتمتع به‪ ،‬التى من أجلها يبيع النسان الحكيم كل‬
‫ض…‬‫ما يكون له‪ ،‬ويقول للرب يكفينى أنت‪ ،‬معك ل أريدشيئًاعلى الر‬
‫ما أجمل المبدأ الرهبانى‪ :‬النحلل من الكل ‪،‬‬
‫ط بالواحد‪.‬‬‫للرتبا‬
‫أى أن القلب ينحل من كلشئ‪ ،‬ومن كل أحد‪ ،‬لكى يرتبط بالواحد الذى هو‬
‫ال‪ .‬وهذا الواحد‪ ،‬هو الذى يشبعه ويمل كل كيانه‪ ،‬ويكونسببسعادته‬
‫وفرحه‪ .‬هكذاعاش الباء‪ ،‬بفكر منشغل بال وحده…‬
‫‪ -‬مثال مريم ومرثا ‪000‬‬ ‫‪6‬‬
‫زارهما السيد المسيح فى بيتهما‪ .‬فانشغلتعنه مرثا بشئون الضيافة‪ ،‬وهى‬
‫تظن أنه تفعلخيرًا من أجله‪ .‬أما مريم فجلستعند قدميه‪ ،‬تتأمله وتستمع إليه‪،‬‬
‫ض"‪.‬‬ ‫مركزة كلعواطفها فيه‪ ،‬ولسانحالها يقول" معك ل أريدشيئًاعلى الر‬
‫وقدطوبها السيد المسيح بقولهعنها إنها اختارت النصيب الصالح‪ .‬أما مرثا‬
‫فقال لها الرب‪:‬أنت تهتمين وتضطربينلجل أمور كثيرة‪ ،‬والحاجة إلى واحد‬
‫(‪ .‬لعل مرثا ينطبقعليها قول ذلك الديب الروحى ‪:‬‬ ‫‪41:10‬‬ ‫)لو‬
‫"قضيتعمرك تخدم بيت الرب‪ ،‬فمتى تخدم رب البيت"حتى الخدمةل‬
‫يجوز أن تشغلناعنعشرتنا بالرب‪ ،‬كماسنشرح فىصفحات مقبلة إنشاء‬
‫ال‪ .‬أما الن فننقل إلى مثل آخر هو‪:‬‬
‫‪ -‬موسى النبى‪ ،‬بين القصر والبرية ‪000‬‬ ‫‪7‬‬
‫موسى النبى كان يعيش فى قصر ملكى‪ ،‬وكان معتبرًا أحد المراء‪ ،‬إبن إبنة‬
‫فرعون‪ ،‬وكان يحيط به الغنى والجاه والسلطان‪ .‬ولكن كل ذلك لم يدخل إلى‬
‫قلبه‪ ،‬بل كان قلبه متعلقًا بملكوت ال‪ .‬لذلك وضع فى قلبه أن يعيش للرب‬
‫ويقول له"معك ل أريدشيئًا من العالم""حاسبًاعار المسيحغنى أعظم من‬
‫ل بالحرى أن يذل معشعب ال‪،‬على أن يكون له تمتع‬
‫خزائن مصر""منفص ً‬
‫(‪ .‬وهكذاعاش مع ال كراعىغنم فى البرية‪،‬‬ ‫‪25:11،26‬‬ ‫وقتى بالخطية" )عب‬
‫وكتائه مع الشعب فىسيناء‪ ،‬تاركًا متع الحياة فى قصر فرعون‪ ،‬فمع ال ما‬
‫ض… لذلك استحق أن يكون كليم ال‪ ،‬وأمينًا‬ ‫كان موسى يريدشيئًاعلى الر‬
‫(‪"،‬فمًا إلى فم وعيانًا يتكلم ال معه‪ ،‬وشبه الرب‬ ‫على كل بيته )عد ‪7:12‬‬
‫يعين"‪ .‬هكذاصارتعلقته مع ال…‬
‫ض‪ ،‬لهذاصار له ال نفسه‪،‬‬ ‫ولنه مع ال لم يكن يريدشيئًاعلى الر‬
‫يتحدث معه أربعين يومًاعلى الجبل‪ ،‬ويصيره وسيطًا بينه وبينشعبه‪ ،‬ويقبل‬
‫شفاعته فيهم‪ ،‬بل يجعله ينير معهعلىجبلطابور فى التجلى‪.‬‬
‫‪ -‬مثال آخر نتعلمه من أخطاءسليمان ورجوعه ‪000‬‬ ‫‪8‬‬
‫ل ملكيًا أكثر من‬
‫كانسليمان ملكًاعظيمًاجدًا‪ ،‬أعطاه الربعظمة وجل ً‬
‫جميع الذين كانوا فبله فى أورشليم‪ ،‬ومنحهحكمة‪ .‬ولكنسليمانعلى الرغم‬
‫ض"‪ ،‬بل إنهعلىعكس‬ ‫منحكمته لم يقل للرب" معك ل أريدشيئًاعلى الر‬
‫ذلك قال"بنيت لنغسى بيوتًا‪،‬غرست لنفسى كرومًا‪،‬عملت لنفسىجنات‬
‫وفراديس…عملت لنفسى برك مياة… قنيتعبيدًا وجوارى…جمعت لنفسى‬
‫أيضًا فضة وذهبًا وخصوصيات الملوك والبلدان‪ ،‬واتخذت لنفسى مغنيين‬
‫ومغنيلت‪ ،‬وتنعمات بنى البشرسيدة وسيدات… ومهما اشتهتهعيناى‪ ،‬لم‬
‫‪.( 4:2،10‬‬ ‫أمسكهعنهما" )جا‬
‫وفرحسليمان بكل تعبه هذا‪ ،‬الذى لم يكن مصدره ال‪ ،‬ول محبته وعشرته‪.‬‬
‫صسليمان تحيطهعلمة استفهام‬ ‫وفى كل ذلك أخطأ‪،‬حتى أصبح موضوعخل‬
‫ل‪ ،‬وذكرتنا قصته‬
‫كبيرة…! وماذاعن كل تعبه؟ لقدصار كل هذا التعب باط ً‬
‫بلوط فىسادوم‪.‬‬
‫ض‬‫حصاد السنين كلها‪ ،‬الذى أضاعه لوط فى نارسادوم‪ :‬السعى وراء الر‬
‫المشبعة‪ ،‬ولو أدى ذلك إلى ترك مذبح إبراهيم وعشرته‪ ،‬الكد والكفاح من أجل‬
‫الثروة‪،‬إحتمال البيئة الفاسدةوعثراتها والتزاوج مع الشرار… كل ذلكحرقته‬
‫النار‪ ،‬وخرج منه لوط بلشئ… تمامًا مثل كل تعبسليمان‪ ،‬الذىختمه بعبارة‬
‫ض الريح‪ ،‬ول منفعة تحت الشمس"…حقًا إن العلقة مع ال‬ ‫" الكل باطل وقب‬
‫هى الثابتة والخالدة‪ ،‬وهى النافعة فى هذا العالم وفى العالم الخر‪ .‬وماذا ينتفع‬
‫النسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟!‬
‫شرى نضعه لعبارة "معكل أريد‬ ‫‪ -‬إن أعظم مثال ب‬ ‫‪9‬‬
‫شهداء ‪000‬‬‫مثال آبائنا ال‬ ‫ض"هو‬‫ا على الر‬ ‫شيئ ً‬
‫ض‪ ،‬وإنما أكثر من الحياة‬ ‫الذين أحبو ال‪ ،‬ليس فقط أكثر من كل متع الر‬
‫ذاتها‪ ،‬فقدمواحياتهم من أجله‪ ،‬واثقين بأن هذه الحياة لها امتداد معه هناك فى‬
‫البدية‪ .‬وهكذا تركوا الدنيا كلها بكل ما فيها‪ ،‬ومعه لم يريدواشيئًاعلى‬
‫ض‪ ،‬ولحتى أن يعيشوا فيها…‬‫الر‬
‫إن الذى يحب ال‪ ،‬ويكتفى به‪ ،‬يكون مستعدًا أن يترك أىشئ من أجله‪ ،‬أو‬
‫كلشئ من أجله…‬
‫‪ -‬والذى يترك من أجل الرب‪ ،‬يعوضه الرب أضعافا ً‬ ‫‪10‬‬
‫‪000‬‬
‫هوذا الرب يقول"كل من ترك بيوتًا ‪ ،‬أو أخوة أو أخوات‪ ،‬أو أبًا أو أمًا‪ ،‬أو‬
‫ل‪ ،‬من أجل إسمى‪ ،‬يأخذ مئةضعف‪ ،‬ويرث الحياة‬ ‫إمرأة أو أولدًا‪ ،‬أوحقو ً‬
‫(‪ .‬هذا منجهة الجزاء‪.‬على أن الذين يتركونشيئًا من‬ ‫‪29:19‬‬ ‫البدية" )مت‬
‫أجل الرب‪ ،‬إنما يتركونه ليس من أجل الجزاء‪ ،‬إنما من أجل محبتهم للرب التى‬
‫ملكت كل قلوبهم‪ ،‬بحيث زهدوا كلشئ‪ ،‬وقالوا للرب‪ :‬معك ل نريدشيئًاعلى‬
‫ض‪.‬‬‫الر‬
‫ط ‪ ،‬إنما‬‫ب فق‬‫ت فى مجال الح‬‫‪-‬هذه العبارة ليس‬ ‫‪11‬‬
‫المعونة أيضا ً ‪000‬‬
‫بهذه العبارة استطاع يعقوب الضعيف الخائف‪ ،‬أن يتقابل مع أخيهعيسو‬
‫(‪ .‬أما يعقوب فلم يكن‬ ‫القوى العنيف‪ ،‬الذى كان معه أربع مئة رجل )تك ‪6:32‬‬
‫معه مثل هذا الجيش‪ ،‬وليسغير نسائه وأولده وعبيده وإمائه‪ .‬ولكن كانت له‬
‫هذه الصلة" نجنى من يد أخى‪ ،‬من يدعيسو‪ ،‬لنىخائف منه… وأنت قلت‬
‫(‪ .‬أنا أعتمد‬ ‫‪11:32،12‬‬ ‫لى‪ :‬إنى أحسن إليك‪ ،‬وأجعل نسلك كرمل البحر" )تك‬
‫ض‪.‬‬ ‫على قوتك أنت يارب‪ ،‬ومعكل أريدشيئًاعلى الر‬
‫سان الروحى يرى أن اللههو راعيه وحاميه‬ ‫الن‬
‫وحافظه‪:‬‬
‫إن أحاطت به مشكلة‪ ،‬يحيلها إلى ال‪ ،‬فال هو الذى يحل مشاكله‪ ،‬وليس‬
‫هو‪ .‬يقول للرب ‪ :‬من أنا‪ ،‬وما هى قوتى‪ ،‬وما هو فهمىحتى أحل مشاكلى؟ أنت‬
‫يارب تعرف مشاكلى أكثر منى‪ ،‬تعرف الخفيات والظاهرات‪ ،‬المشاكل الواضحة‬
‫لى‪ ،‬والمشاكل المستترةعنى‪ ،‬والمشاكل المقبلة فى الطريق‪.‬‬
‫بحكمتك يارب تستطيع أن تحل كل مشكلة‪ .‬وبمحبتك تريد‪ ،‬لنى أثق تماماً‬
‫صعلى ذاتى‪ .‬أنا‬ ‫صعلى أكثر مما أحر‬ ‫أنك تحبنى أكثر مما أحب نفسى‪ ،‬وتحر‬
‫(‪ .‬لذلك أترك كلشئ فى‬ ‫طفل أمامك"وحافظ الطفال هو الرب" )مز ‪6:116‬‬
‫يديك‪ ،‬واستريح باليمان‪ ،‬واثقًا أنهعندكحلول كثيرة‪ ،‬وواثقًا بأنه"إن لم يبن‬
‫لسهر‬
‫ل تعب البناءون‪ .‬وإن لم يحرس الرب المدينة‪ ،‬فباط ً‬
‫الرب البيت‪ ،‬فباط ً‬
‫‪.( 1:127‬‬ ‫الحراس" )مز‬
‫مادمت ياربى ترى تعبى‪ ،‬فهذا يكفينى‪ .‬أنت ياضابط الكل‪ ،‬الذى تحفظ العدل‬
‫ض‪ ،‬وأنت مريح التعابى‪ ،‬تحمل أوجاعنا وآلمنا‪ .‬لست أشغل نفسى‬ ‫على الر‬
‫ض"‪.‬‬ ‫مطلقًا بمشاكلى‪،‬إنما أتركها فى يديك"ومعك ل أريدشيئًاعلى الر‬
‫الذى يلتقى بالله‪،‬ل يحتاج لقوةخارجية‪ .‬قوته‬
‫هى الله ‪000‬‬
‫لذلك فهو يقول مع المرتل"قوتى وتسبحتى هو الرب‪ ،‬وقدصار لى‬
‫(‪ .‬قوته هى الرب نفسه‪.‬ل أسلحة العالم‪ ،‬ول‬ ‫‪14:118‬‬ ‫خلصًا لىخلصًا" )مز‬
‫المعونة البشرية" فالتكالعلى الربخير من التكالعلى البشر")مز ‪.( 118‬‬
‫ولهذا يقول المرتل أيضًا"إلهنا ملجأنا وقوتنا‪ ،‬ومعيننا فىشدائدنا التى‬
‫أصابتناجدًا… الرب إله القوات معنا‪ .‬ناصرنا هو إله يعقوب" )مز ‪.( 1:46،7‬‬
‫هذا الذى يرى أن قوته هى ال نفسه‪،‬ل يتكلعلى ذاته‪،‬على مواهبه وذكائه‬
‫وامكانياته‪ ،‬ول يتكلعلى ذراع بشرى‪،‬أوعلىحيل بشرية‪،‬إنما يكفيه ال‬
‫وحده‪،‬يحارب به‪،‬وينتصرببه‪،‬ويقوده الرب فى موكب نصرته‪.‬‬
‫ل يفكر كيف يتكلم‪،‬فال هو الذى يتكلمعلى فمه"لستم أنتم المتكلمين‪،‬بل‬
‫(‪ .‬ولستم أنتم الذين تدافعونعن‬ ‫روح أبيكم الذى يتكلم فيكم" )مت ‪20:10‬‬
‫ص الرب‪ .‬الرب يقاتلعنكم وأنتم تصمتون"‬‫أنفسكم‪ ،‬بل"قفوا وانظرواخل‬
‫ص لكم‪ .‬والذى يكتفى بال‪،‬ل‬‫(‪ .‬الرب هو قوة لكم‪ .‬وهوخل‬ ‫‪13:14،14‬‬ ‫)خر‬
‫ض"‪.‬‬ ‫تعوزه قوة أخرى‪ .‬بل يقول للرب"معكل أريدشيئًاعلى الر‬
‫‪ -‬وبهذا المبدأ تقدم داود الصبى لمحاربةجليات‬ ‫‪12‬‬
‫الجبار ‪000‬‬
‫شاول الملك قدم لداود السلحة والملبس الحربية‪،‬ولكنه تركها ولم‬
‫ل"أنت تأتى إلى بسيف وبرمح وبترس‪ ،‬وأنا‬
‫يستعملها‪ .‬وتقدم إلىجليات قائ ً‬
‫(‪ .‬نعم يارب‪ ،‬أنال أملك‬ ‫أتى إليك باسم رب الجنود" )‪ 1‬صم ‪45:17‬‬
‫ض…وحارب‬ ‫أسلحةمثله‪،‬ولكن معى إسمك وقوتك‪ .‬ومعك ل أريدشئعلى الر‬
‫داود بهذه القوة اللهية التى أغنتهعن كل أسلحة الحرب‪،‬لن الحرب للرب )‬
‫(‪ .‬وهو الغالب فى الحروب‪.‬‬ ‫‪47:17‬‬ ‫‪ 1‬صم‬
‫‪ -‬وخدعون فىهذا المر‪ ،‬علمه الرب درسا ً ‪000‬‬ ‫‪13‬‬
‫ألفًا لكى يقاتلجيش المديانيين‪ ،‬ولكن الرب رأى هذا العدد‬ ‫لقدجمع ‪32‬‬
‫كثيرًا‪ ،‬لئل الشعب إذا انتصر‪ ،‬يظن أنه بقوته وعدده قد انتصر وليس بالرب‬
‫ص العدد وينقيهحتى وصل إلى ثلثمائة‬ ‫(‪ .‬وهكذاظل الرب ينق‬ ‫ض ‪2:7‬‬‫)ق‬
‫فقط‪،‬حارب بهاجدعون وغلب‪،‬لكى يعرف أن القوة هى من ال‪ ،‬ومادام ال‬
‫ض‪،‬ل‬‫معه‪،‬فل يحتاج إلى قوةجيش لكل ينتصر‪،‬إنما معهل يريدشيئًاعلى الر‬
‫يعد قوة بشرية إلىجوار ال‪.‬‬
‫شرية ‪000‬‬‫ا‪،‬ل نحتاج إلىحكمة ب‬ ‫‪ -‬ومع الله أيض ً‬ ‫‪14‬‬
‫كثيرًا ما يعتمد الحكماءعلىحكمتهم وفهمهم‪،‬وليسعلى ال الذى يقول‬
‫(‪ .‬لذلك إنسرت مع ال‪،‬فل تبحثعن ذكائك‬ ‫"وعلى فهمكل تعتمد" )أم ‪5:3‬‬
‫أوحكمتك‪،‬لن ال"إختارجهال العالم‪،‬ليخزى بهم الحكماء‪ .‬واختارضعفاء‬
‫العالم ليخزى بهم القوياء…لكىل يفتخر كل ذىجسد أمامه)‪ 1‬كو ‪(29 -27:1‬‬
‫ض"‪ ،‬قال قبل ذلك‬‫إن داود النبى قال"ومعكل أريدشيئًاعلى الر‬
‫مباشرة‪،‬فى نفس المزمور"وأنا بليد ول أعرف‪.‬صرت كبهيمعندك‪،‬ولكنى معك‬
‫فى كلحين‪ .‬أمسكت بيدى اليمنى‪ .‬برأيك تهدينى‪.‬وبعد إلى مجد تأخذنى‪".‬‬
‫(‪ .‬ليسحكمتى هى التى تهدينى إليك‪،‬إنماأنت تمسك‬ ‫‪22:73،24‬‬ ‫)مز‬
‫بيدى‪،‬وبرأيك تهدينى‪ .‬ومعك ل أريدشيئًا…‬
‫س الرسول فى كرازته‪ ،‬كان مثا ًل أيضا ً ‪000‬‬ ‫‪ -‬مرق‬ ‫‪15‬‬
‫جاء يكرز فى مصر‪،‬بل أية معونة بشرية‪،‬وبل أية إمكانيات‪ .‬لم تكن له‬
‫فيها كنائس‪،‬ول مؤمنون‪،‬ول أية إمكانيات مادية‪ .‬وعلى العكس كانت هناك‬
‫عوائق من الديانات الراسخة‪،‬ومن الفلسفات القوية‪،‬ومن السلطة الرومانية…‬
‫ولكن مار مرقس الذى دخل السكندارية ماشيًا‪،‬وبحذاء مقطوع‪،‬قال للرب فى‬
‫ض"… وقد كان‪ .‬وبمعونة الرب وحده‪،‬تمم‬ ‫كرازته"معكل أريدشيئًاعلى الر‬
‫هذا الرسولخدمته‪،‬وكرز بالكلمة‪،‬وأوجدلشعبًا…‬
‫شر فىخدمتهم ‪000‬‬‫ا الرسل الثنا ع‬ ‫‪ -‬وكذلك أيض ً‬ ‫‪16‬‬
‫أرسلهم الرب بل كيس ول مزود‪،‬بل ذهب ول فضة ول نحاس فى‬
‫(‪ .‬ومع ذلك لم يعوزهمشئ‪ .‬لكى يستطيع كل رسولمنهم أن‬ ‫مناطقهم)مت ‪10‬‬
‫ض"‪.‬‬ ‫يقول للرب"معك ل أريدشيئًاعلى الر‬
‫وعند باب الجميل‪،‬لم يكن مع بطرسشئ يعطيه للمتسول العرج‪ .‬ولكنه‬
‫قال له‪ :‬الذى لى إياك إعطيه‪:‬باسم يسوع الناصرى قم وامش )أع ‪…( 6:3‬‬
‫وهكذا كان بسم الب و البن و الروح القدس الرب كافيًا‪،‬ومعهل يريد الرسول‬
‫ض‪.‬‬‫شيئًاعلى الر‬
‫‪000‬‬ ‫‪-‬حتى الذاتل نريدها أيض ًا‬ ‫‪17‬‬
‫فى الخدمة‪،‬يكفيك الرب‪،‬لست تحتاج إلى ذهب ول فضة‪،‬ولست تحتاج إلى‬
‫حكمة بشرية‪،‬يكفيك الرب الذى يعطيك فمًا وحكمة… وحتى ذاتك أيضًا لست‬
‫تحتاج‪ .‬فقد قال الرب"من أراد أن يتبعنى‪،‬فلينكر ذاته" )مر ‪.( 34:8‬‬
‫بل قال أيضًا"من أضاع نفسه من أجلى‪،‬يجدها" )مت ‪.( 39:10‬‬
‫إذا قف أمام ال مجردًا من كلشئ‪،‬تكفيك نعمته‪.‬قل له فى إيمان وثقة"معكل‬
‫ض" ‪"،‬إننى معك فى كلحين"‪.‬‬ ‫أريدشئعلى الر‬
‫ولكن هل أنتحقًا ل تريدسوى ال‪،‬أم لك أشياء أخرى تريدها؟… أن كان‬
‫لك ما تريده إلىجوار ال‪،‬فهذا يمثلخطورة فىحياتك‪ .‬فما هى ؟…‬
‫أنت تريد أن تكونسعيدًا فىحياتك‪ .‬وللسعادة أسباب‪ .‬فهل ال هوسبب‬
‫ل من ال ‪0‬‬
‫سعادتك وهو مصدرها؟ أم أن هناك أسبابًا أخرى تسعدك بد ً‬
‫ط‬ ‫سعدك‪،‬هى نق‬ ‫هذه المصادر الخرى التى ت‬
‫ف علىهذه‬‫شيطان إذا تعر‬‫ف فيك‪،‬وال‬‫الضع‬
‫المصادر‪،‬يحاول أن يتعبك‪.‬‬
‫أن القلب الزاهد فى أمور العالم الحاضر‪،‬هوحصنل ينال‪ .‬ل يستطيع‬
‫ل إليه‪،‬ينفذ منه‪ .‬ولكن الشيطان يرقبك ويرى ماذا‬
‫الشيطان أن يجد مدخ ً‬
‫ضعليك‬‫تحب‪،‬وماذا تشتهى‪،‬وماذا يسعدك؟ لكى يمسكك منه‪ .‬بل هو أحيانًا يعر‬
‫أمورًا‪ ،‬فإذا استجبت لها‪ ،‬تكون قد استجبت له‪،‬فيتخذها لمحاربتك‪.‬‬
‫ضعلى أبوينا الولين‪ ،‬أن يكونا مثل العارفين الخير‬‫فى الجنهعر‬
‫والشر وفوجدت الفكرة هوى فى قلبيهما‪،‬وكانت نقطةضعف أسقطهما بها‬
‫الشيطان‪.‬‬
‫سيح‬‫سعد الم‬‫ف ماذا ي‬‫وعلى الجبل ‪،‬حاول أن يعر‬
‫‪! 000‬‬
‫كان السيد يقضى أوقاتًا مقدسة مع الب‪،‬فىشركة روحية‪ .‬فأراد الشيطان أن‬
‫يعرف‪ :‬هل يوجدشئ إلىجوار الب يسعد السيد المسيح‪،‬فيغريه‪،‬أو يجذبه‬
‫ضعليه تجربة الخبز‪ :‬ما رأيك أن تحول الحجارةخبزًا ‪،‬‬‫منه…! وهكذاعر‬
‫فتأكل أنت‪ ،‬وتطعم الناس‪،‬وتكسبشعبيةعنطريق‪،‬وتؤدى رسالتك بهذه‬
‫ض المسيح الفكرة‪،‬لن لهطريقاً روحيًا ‪ ،‬يريد‬‫الطريقة كمصلح إجتماعى؟! ورف‬
‫به أن يطعم الناس بكل كلمة تخرج من فم ال‪،‬لنه قدجاءلشباع أرواحهم التى‬
‫ل تحيا بهذا الخبز… وهكذا فشلت التجربة الولى‪.‬‬
‫فجربه الشيطان بالمناظر الروحية‪،‬بأن يلقى نفسه من فوق‪،‬وتحمله‬
‫الملئكه‪،‬ويرى الناس فيؤمنون! ثمجربه بالملك‪،‬يصير لهسلطانعلى هذه‬
‫الممالك‪،‬وينشر الخير بالقوانين الرضية… وفشلت هاتان التجربتان أيضًا‪،‬لن‬
‫ص ما قد هلك‪،‬وذلك بالصليب‪.‬‬ ‫المسيح رفضهما‪،‬إذ قدجاء ليخل‬
‫ولم يجد الشيطانشهوة فى هذا القلب القدوس النقى‪ .‬لم يجد نقطةضعف‬
‫واحدة يستخدمها‪ .‬وكما قال الرب"رئيس هذا العالم يأتى‪،‬وليس له فىشئ"‪.‬‬
‫ض ومجدها‪،‬ول المناظر المبهرة‬‫إنه قلب زاهد‪،‬لم تستهوه ممالك الر‬
‫ض ول أهدافجانبية‪،‬غير الملكوت‪...‬‬‫للناس‪،‬وتحويل الحجارة إلىخبز‪.‬ل أعرا‬
‫سان‬ ‫سعد الن‬ ‫اي‬ ‫لعبة الشيطانهى أن يجدشيئ ً‬
‫غير الله ‪000‬‬
‫أما النفس الزاهدة التى قوى ال مغاليق أبوابها‪،‬وجعل تخومها فىسلم‪ ،‬فهى‬
‫هذه التى ل يعوزهاشئ يستطيع العالم أن يقدمه‪،‬بل هى مكتفية بال‪.‬‬
‫فهل توجد فى قلبك أيةشهوة أو رغبة‪،‬يمكن للشيطان أن يشدك بها؟‬
‫شيطان مستعد أن يقدم رغبات ‪،‬حتى‬ ‫إن ال‬
‫للناسك ‪000‬‬
‫حتى للرهبان‪،‬الذين هجروا العالم وكل ما فيه‪،‬وزهدوا كلشئ‪،‬وماتواعن‬
‫العالم‪،‬ونذروا الفقر‪،‬وصلى الديرعليهمصلة الموات… هؤلء أيضال ييأس‬
‫الشيطان منهم‪،‬بل يقدم لهم أيضًا رغبات ورغبات…وآمال‪،‬وأشياء يحاول أن‬
‫يتعلق بها القلب…! يضع أشياء فى القلب إلىجوار ال…‬

‫سان من دائرة الكتفاء بالله‬‫يريد أن يخرج الن‬


‫‪000‬‬
‫فإذا ما الرغبات دخلت وملكت‪،‬تبتدئسعادة النسان تهتز‪،‬ويبدأسلمه‬
‫يضيع… ويتحول الهدفعنده‪ .‬بعدما كان هدفه هو ال‪ ،‬تصير له أهداف‬
‫كثيرة‪،‬ويتوه فى العالميات‪،‬ويبعدعن ال…‬
‫ويصبح الله بالنسبة إليه مجرد وسيله لتحقيق‬
‫أهدافه ‪000‬‬
‫إن أراد ال فهو ل يريده لذاته‪،‬وإنما ليحقق له أهدافًا فى قلبه يحبها‪ .‬وإن‬
‫صلى‪،‬فل يصلى اشتياقًال وحبًا‪،‬وإنما يصلى لكى يطلب من ال هذه الرغبات‬
‫التى يحبها‪.‬ول يصبح ال مركز الحب فى قلبه‪،‬إنما مجرد وسيلة…!‬
‫ص‪،‬إكتشف فيهم الشيطان رغبات معينة‪،‬أو‬‫ض أمثله لشخا‬‫ولنضرب بع‬
‫وضع هو فيهم هذه الرغبات‪،‬وأصبحت نقطضعفسقطوا بها‪،‬ولنبدأ بالشرار‬
‫ل…‬
‫أو ً‬
‫آخاب الملك ‪ ،‬وشهوة التملك ‪000‬‬ ‫‪-1‬‬
‫أراد الشيطان أن يضرب آخاب الملكضربة تعرضه لغضب ال وتقضى‬
‫ضعليه أن يأخذحقل نابوت اليزرعيلى ويضمه إلى أملكه‪ .‬وأعجب‬ ‫عليه‪،‬فعر‬
‫آخاب بالفكرة‪ .‬فسيطرتعلى قلبه وعلى فكره‪،‬وأفقدتهسعادته وسلمه‪،‬ولم يعد‬
‫ض نابوت‪،‬وتدخلت إيزابل… وكان ما كان من‬ ‫يستريح إل إذا أخذ الحقل‪ .‬ورف‬
‫قتل نابوت‪ ،‬ووراثة آخاب له‪،‬وتعرضه لنقمة ال‪.‬وهلك آخاب‪ .‬كانت فى قلبه‬
‫شهوة‪،‬تمثل نقطةضعف‪،‬يدخلمنها الشيطان…‬
‫أما القلب المرتفع فوق مستوى الرغبات‪،‬الذىنصيبه هو الرب‪،‬والرب‬
‫وحده‪،‬فهذا ل يقدر الشيطانعليه‪،‬إذل يجد فيهشهوة يلعب بها لعبة المنح‬
‫والمنع…‬
‫إنما يقدرعلى القلب‪،‬الذى تخرجهشهواتهعن ال‪.‬‬
‫تهذههى مشكلة يهوذا السخريوطى‬ ‫كان‬ ‫‪-2‬‬
‫أيضا ً ‪000‬‬
‫كان تلميذًا للسيد المسيح‪،‬واحدًا من الثنىعشر‪،‬يعيش مع‬
‫الرب‪،‬ويرىمعجزاته‪،‬ويسمعتعليمه… ولكن السيد لم يكن له كلشئ‪.‬كانت‬
‫ليهوذا رغبات إلىجوار الرب وضعها فى قلبه‪.‬كان يحب المال الذى يوضع فى‬
‫الصندوق الذى معه‪.‬لم يعد الرب هو الكل بالنسبة إليه‪،‬كما كان بالنسبة إلى‬
‫الحدعشر الباقين‪.‬وإذ لم يستطع يهوذا أن يخدمسيدين‪،‬ضحى بالرب وهلك…‬
‫شكلة‬ ‫تهذههى الم‬ ‫س السلوب‪ ،‬كان‬ ‫وبنف‬ ‫‪-3‬‬
‫سيح ‪000‬‬‫اليهود مع الم‬
‫كانوا ينتظرون المسيا‪،‬أى المسيح‪ .‬ولكنهم ما كانوا يحبونه لذاته ويركزون‬
‫فيهعواطفهم‪،‬إنما كانوا يريدونه كمجرد وسيلة لتخليصهم من الحكم‬
‫الجنبى‪،‬منسطوة الرومان‪،‬وليؤسس لهم إمبراطورية تعيدحكم داود‬
‫وسليمان…‬
‫كانت هناك فى قلوبهم رغبةغير الرب‪،‬رغبة فى العمق‪.‬وما كان الرب فى‬
‫قلوبهمسوىشئجانبى لتحقيق هذه الرغبة التى هى الساس‪ .‬ولذلكحينما‬
‫دخل المسيح إلى أورشليم فى يوم أحد الشعانين‪،‬ونادوا به ملكًا‪،‬لم ينادوا به‬
‫كذلكحبًا له‪،‬إنماحبًا لنفسهم"ولمملكة داود التيه"‪ .‬الذات كانت هى‬
‫ص من العداء‪،‬كل ذلك كان هو‬ ‫الساس‪،‬والمملكة والحكم والخل‬
‫الساس‪،‬وليس المسيح… ولهذا‪،‬فإنه لما أعلن المسيح أن مملكته هى مملكة‬
‫روحية‪،‬ليست من هذا العالم‪،‬انفضواعنه ودبروا لقتله فى نفس السبوع!‬
‫وأنت‪،‬هل الرب بالنسبة إليك هدف أم وسيلة؟‬
‫ت تكمن فى الكتفاء بالله‬ ‫عظمة القديسين كان‬
‫‪000‬‬
‫كان اللههوهدفهم‪،‬وهدفهم الوحيد‪،‬وقد ركزوا‬
‫كلعواطفهم فيه‪ .‬ولم تكن لهم رغبات إلىجواره‬
‫ستخدمها‪.‬‬‫في‬‫طضع‬‫تمثل نق‬
‫كان ال هو هدفهم‪،‬وهدفهم الوحيد‪،‬وقد ركزوا كلعواطفهم فيه‪ .‬ولم تكن‬
‫لهم رغبات إلىجواره تمثل نقطضعف يستخدمها الشيطان لسقاطهم‪ .‬لذلك‬
‫سهلعليهم أن يتركوا كلشئ من أجله‪،‬بكل رضى وفرح‪.‬‬
‫ل من ال…!‬ ‫لم تكن لهم أهداف إلىجوار ال‪،‬أو بد ً‬
‫إن الشرار لهم نقاطضعف‪ ،‬من رغبات تحاربهم‪،‬كما ذكرنا أمثله من أخاب‬
‫الملك‪،‬ويهوذا السخريوطى‪،‬واليهودصالبى المسيح‪ .‬ولكن ماذاعن أولد ال؟‬
‫شيطان ببدائل ‪ ،‬تبدو فى‬ ‫هؤلء يحاربهم ال‬
‫ظاهرها مقدسة‪:‬‬
‫ولنذكر الخدمةهنا كمثال ‪000‬‬
‫إنسان يتعرفعلى ال‪،‬ويسلك فىطرقه‪،‬فيشتاق أن يخدم… والشيطان ل‬
‫يمنعه مطلقًا من الخدمة‪،‬إذ أنه بذلك يكشفحيلته‪،‬فيرفضهاالمؤمن ويقول له‬
‫"أذهبعنى ياشيطا‬
‫ويغرقه فىخدمات كثيرة‪،‬حتى ما يجد وقتا ً‬
‫للصلة ‪000‬‬
‫تصبح الخدمةن"… إنماعلى العكس يقول له الشيطان"إخدم‪،‬وأنا معك"…‬
‫كلشئ فى نظره‪،‬يعطيها كل وقته وكلجهده وكل قلبه‪،‬حتى ما يجد وقتًا يتمتع‬
‫فيه بال… تسأله أينصلتك؟ أين تأملتك؟ أين قراءاتك الروحية؟ أين‬
‫الساعات المقدسة التى تنسكب فيها أمام ال‪،‬فىحب وخشوع‪،‬تفتح له‬
‫قلبك‪،‬وتعطيه منحبك وتتمتع بحبه…؟!‬
‫يقول لك أعذرنى‪،‬أنا مشغول… تحضير‬
‫الدروس‪،‬والفتقاد‪،‬والنادى‪،‬والحفلتوالرحلت‪،‬والصور‬
‫والجوائز‪،‬والندوات‪،‬والمور الماليةوالدارية الخاصة بالخدمة‪،‬والمكتبة‬
‫ووسائل اليضاح… من أين أجد وقتًا لكل هذا‪،‬وكيف أجد وقتًا للصلة؟ وإن‬
‫وجدت‪،‬سيسرح فكرى أثناءصلتى فى كل هذا…!‬
‫ط‬‫سان بالخدمة‪،‬بكل نشا‬ ‫سن أن يهتم الن‬ ‫ح‬
‫ا أن تصير الخدمة بدي ًل لله‬ ‫سن ً‬‫سح‬ ‫وأمانة‪ .‬ولكن لي‬
‫‪000‬‬
‫إنها وسيله روحية يعبر بهاعن محبتهل‪،‬ويجذب بها الخرين إلى محبة‬
‫ال‪.‬ولكن ل يجوز مطلقًا أن تبعده الخدمةعن ال‪.‬ل يجوز أن تتحول الخدمة‬
‫من وسيلة إلى هدف‪ .‬وليسصالحًا للخدام أو للمخدومين أن تجف روحياتهم‬
‫فى مجال الخدمة‪،‬عنطريق العمل المستمر الذىل يجد وقتًا للصلة والتأمل‪.‬‬
‫مرثا كانت تخدم الرب‪،‬خدمة أبعدتهاعن الجلوسعند قدميه والستمتاع‬
‫إليه‪،‬فقال لها الرب"أنت تهتمين وتضطربين لجل أمور كثيرة‪،‬والحاجةإلى‬
‫واحد"‪ .‬والبن الكبير كان يخدم أباه"سنوات هذاعددها"ولكن فى مشغوليته‬
‫لم يسمح له بعلقات محبة ومودة مع الب‪،‬فكلمه بأسلوبغير لئق )لو‬
‫‪.( 30 -28:15‬‬
‫سان داخل الخدمة‬‫ب أن تكثر أخطاء الن‬‫وما أعج‬
‫‪000‬‬
‫ليس فقط‪،‬أن المشغولية فى الخدمة تبعدهعن الصلة المباشرة بال فى الصلة‬
‫والتأمل والحب‪،‬وإنما ربما باسم"الغيرة المقدسة" يبدأ الخادمحربًاضد كل ما‬
‫ل يروقه فى الخدمة‪،‬وربما يعتبر زملءه زوانًا ينبغى اقتلعه منحقل الخدمة‪.‬‬
‫وهكذا يشتم ويتشاجر ويعلوصوته‪ ،‬ويدينغيره‪ ،‬ويتهم الخرين فى قسوة‬
‫ل مدافعًاعن الحق! وقد يقارن بين‬
‫وفىغيرحب… ويرى نفسه فى كل ذلك بط ً‬
‫البر الذى فيه‪،‬والخطأ الذى فىغيره‪،‬كما فعل الفريسى مع العشار‪.‬‬
‫كل ذلك داخل الخدمة وداخل الكنيسة… وتبحث أثناء ذلكعنعلقة الخادم‬
‫بال‪،‬فل تجدها‪.‬لقد فقدسلمه الداخلى‪،‬وفقدعشرته مع ال‪،‬وفقد الحب‪ .‬وفيما‬
‫يحاول أن يقتلع ما يظنه زوانًا‪،‬صار هو مثل الزوان…!وصارت الخدمة هدفا‬
‫ل من ال‪،‬وفيها فقد نقاوة قلبه‪،‬والكتاب يقول"طوبى لنقياء القلب‪ ،‬لنهم‬
‫ً‪،‬بد ً‬
‫يعاينون ال" )مت ‪.( 8:5‬‬
‫الخدمة الحقيقية الروحية توصل إلى الله ‪،‬‬
‫ًل عنه ‪000‬‬ ‫ت بدي‬‫وليس‬
‫لهذا إن وجدت الخدمة قد أبعدتكعنصلواتك وتأملتك وخلوتك وعشرتك مع‬
‫ال‪،‬أو إن وجدتها قد أثرتعلى نقاوة قلبك‪،‬أو أفقدتك وداعتك وتواضعك‪،‬‬
‫إعرف أنها قد انحرفتعن الطريق‪،‬أو أنه استقلت بذاتهاعن ال وصارت هدفًا‬
‫ل منه…! واحترس منها‪،‬وحاول أن تصحح مسارك…‬
‫بد ً‬
‫س‪،‬‬‫سك ‪ ،‬كما كان يفعل أرسانيو‬ ‫س إلى نف‬ ‫إجل‬
‫ص نفسك ‪000‬‬‫وافح‬
‫ص نفسه باستمرار‪،‬ليعلم أين هوسائر‪ .‬كذلك أنت‬‫كان هذا القديس العظيم يفح‬
‫ص ذاتك‪،‬ما هىعلقتك مع ال‪،‬وهل هو هدفك‬ ‫أيضًا‪،‬إهدأ إلى نفسك وافح‬
‫ص كل الوسائط الروحية التى تسلك فيها‪ :‬هل هى تقربك إلى‬‫الحقيقى؟ وافح‬
‫ال؟ أم أنت تسلك فيها بطريقة روتينيةسطحية بعيدةعن محبة ال؟ وهل‬
‫ض هذه الوسائطصارت هدفًا فى ذاتها‪،‬أو انحرفت فى الطريق؟!‬‫بع‬
‫وكما تحدثناعن الخدمة ‪ ،‬نتحدث عن الصلة‬
‫والتأمل ‪000‬‬
‫قد تقف لتصلى‪ .‬ول يمنعك الشيطان من الصلة‪،‬بل يراقبك أثناءها ليعطلكعنها‬
‫بطريقة تناسب ذكاءه وحيله‪ .‬فينتهز فرصة ورود تأمل روحىجميل لك أثناء‬
‫الصلة‪،‬ويقول لك"ما أجمل هذا التأمل‪.‬لشك أنهسيفيد الكثيرين إنسمعوه‬
‫منك"‪ .‬فإن أعجبتك الفكرة‪ ،‬يكون قد أنحدر بك من النشغال بالناس‪ .‬وهنا يتقدم‬
‫خطوة أخرى‪،‬فيقول لك"كيف تضمن أن تحتفظ فى ذاكرتك بهذا التأمل الجميل‬
‫إلى نهاية الصلة‪.‬خذ ورقة واكتبهحتى ل تنساه‪.‬‬
‫س ‪ ،‬ومن‬ ‫وبهذا يكون قد أحدرك من الله إلى النا‬
‫الصلة إلى الخدمة‬
‫ويعطلصلتك بطريقة تقبلها ‪!000‬‬
‫فتتركصلتك‪ ،‬وتجلس لتكتب تأملتك! وقد تتكرر العملية أكثر من مرة!‬
‫وتصبح التأملت بالنسبه إليك‪،‬ليست تعبيرًاعن مشاعرك نحو ال وعمق‬
‫عواطفك منجهته‪،‬إنما تصبح وسيلهلجل الخرين‪،‬ويقف ال جانبًا…‬
‫شيطان قدغير تقييم المور فى‬ ‫ويكون ال‬
‫نظرك !‬
‫يكون قد أقنعك بأن تعطى الخدمة قيمة أكثر من الصلة‪ .‬ويكون قد نقلك إلى‬
‫الهتمام بالناس أكثر من محبة ال ويكون قدحطم قيمة الخشوع فى الصلة‬
‫والتركيز فيها‪،‬وجعلك تتركها لتجلس وتكتب‪ .‬وهكذا يشغلكعن ال بطريقة‬
‫ما…! وشيئًا فشيئًا يغير تقييم الصلة تمامًا فى نظرك…‬
‫وربما يحاربك محاربة من نوع آخر فى تأملتك‪ ،‬ويجعلها مجالً للكبرياء‬
‫ل منخدمة الخرين ومنفعتهم‪ .‬وذلك بأن تقولهال بروح‬ ‫والمجد الباطل‪،‬بد ً‬
‫الخدمة‪،‬إنما بروح التباهى والفتخار‪ .‬وإذا بالصلة والتأمل‪ ،‬قد استخدمها العدو‬
‫لضررك‪،‬ولبعادكعن ال‪،‬وإذا بالخدمة قد أعطاها مفهومًا آخر‪.‬‬
‫وقد يعطى العمل فى فكرك قيمة أكثر من‬
‫الصلة !‬
‫يلهيك فى أى نشاط يسميه"الخدمة"‪،‬وقد يكونخاليًا من أى نفع روحى‪.‬‬
‫وبسبب هذا العمل يبعدكعن الصلة‪،‬أو يقول لك إن العملصلة! أماصلواتك‬
‫فلتكن فى أى وقت‪ ،‬وفى أى وضع… وأنتسائر فى الطريق‪ ،‬أو وأنتجالس‪،‬‬
‫أو وأنت تتكلم مع الناس‪،‬بدون الصلة الخاشعة المركزة التى تشعر فيها فع ً‬
‫ل‬
‫أنك واقف أمام ال…‬
‫ط‬‫إنها محاربات من العدو ‪،‬حتى فى الوسائ‬
‫الروحية ‪000‬‬
‫أما أنت ياحبيب ال‪،‬فلتكن متيقظًا‪ .‬وليكن ال أمامك فى كلحين‪ .‬وليكن لك‬
‫الفراز الذى تفهم بهحيل العدو‪ .‬فتحتفظ بال فى فلبكعلى الدوام‪،‬وليكن هو‬
‫هدفك وقمة إهتمامك‪.‬‬
‫س ثوب‬‫س من الخطايا المحببة ‪ ،‬التى تلب‬‫واحتر‬
‫الفضيلة ‪،‬‬
‫والتى تأتيك فى ثياب الحملن‪،‬غير كاشفةعنحقيقتها…‬
‫ا لك ‪ ،‬وتقدم نحوهخطوةخطوة‬ ‫إجعل اللههدف ً‬
‫‪000‬‬
‫طبيعى أنكل تستطيع أنك تبدأحياتك الروحية بالكمال‪ ،‬وأن يكون ال هو الكل‬
‫بالنسبة إليك‪ .‬ولكن إبدأ بأن تعرف ال‪،‬على أن تنمو فى هذه المعرفة‪ .‬وأن‬
‫تحب ال‪ ،‬وتنمو فى هذا الحب‪ .‬وتعطى ال من قلبك‪ ،‬وتنمو فى العطاء وتفتح‬
‫داخلكل ليسكن فيه‪ ،‬وتوسع مكانسكناه‪.‬‬
‫ض ما تحبه‬‫سك أن تترك باستمرار بع‬ ‫درب نف‬
‫لجل الله ‪000‬‬
‫ل‪:‬‬
‫إلى أن يأتى الوقت الذى تستطيع فيه أن تترك كلشئ لجله‪.‬خذ الصوم مث ً‬
‫هل هو مجرد تركطعامشهىلجل ال؟ كل‪ ،‬وإنماهذا الصوم هو تمهيدلن‬
‫تترك كل ما تشتهيه من أجل الرب‪ .‬إنه فترة روحية‪،‬تقوى فيها الروحعلى‬
‫الجسد‪،‬لتقترب إلى ال‪ ،‬ةيزداد إقترابها يومًا بعد يوم‪.‬‬
‫وكلما تقل محبتك للعالميات‪،‬تزداد محبتكل‪ .‬المهم أنكل تقفعندخطوة‬
‫معينة‪ ،‬إنما تقدم باستمرار‪.‬‬
‫كن كالبذرة ‪ ،‬التى تصيرشجرة ‪ ،‬ثم تنمو وتنمو‬
‫‪000‬‬
‫ض‪ ،‬وينام‬‫قال السيد الرب"هكذا ملكوت ال‪ :‬كأن إنسانًا يلقى البذارعلى الر‬
‫ض من ذاتها‬ ‫ل ونهارًا‪ ،‬والبذار يطلع وينمو وهو ل يعلم كيف‪ ،‬لن الر‬
‫ويقوم لي ً‬
‫ل ثم قمحًا ملن فى السنبل")مر ‪.( 28 -26:4‬‬ ‫ل نباتًا‪،‬ثمسنب ً‬‫تأتى بثمر‪،‬أو ً‬
‫هكذاطبيعة النمو‪ :‬بذرة‪،‬عشب‪،‬نبات‪،‬سنبل‪،‬ثمر…‬
‫ض‪ ،‬فإنها ل تتوقفعن النمو‪ .‬وإنصارت‬‫هات أية بذرة‪،‬والقها فى الر‬
‫شجرة‪ ،‬تظل الشجرة كل يوم تنمو‪ ،‬بل كلساعة وكل لحظة‪ .‬النمو هوطبيعة‬
‫فيها‪،‬سواء لحظت أنت هذا يوميًا أو لم تلحظ‪.‬طبيعى أنك إذاغبت فترةعنها‪،‬‬
‫وأتيتستجد النمو واضحًا… والشجرة ل تمل من الصعود‪ ،‬ول تتوقف‪.‬‬
‫كن أنت مثل هذه الشجرة‪ ،‬التى تطلع دائمًا إلى فوق‪ ،‬وتمتد يمينًا ويسارًا‪.‬‬
‫ض‪ ،‬إلى كيان ينمو ويعلو‬‫ض‪،‬إلى نبات فوق الر‬‫وتتدرج من بذرة تحت الر‬
‫ويكبر‪،‬وكمثالحبة الخردل التى تشبه بها الملكوت…‬
‫ص وقتًال‪،‬واجعل هذا‬ ‫هكذا أنتخذ درسًا من الشجرة التى تنمو‪.‬خص‬
‫الوقت يزيد هذا الحب يومًا بعد يوم‪ ،‬وتظهر هذه الزيادة واضحة فىحياتك‬
‫وعلقتك بال‪.‬‬
‫ت‬‫ستطع أن تنمو ‪ ،‬وتوقف‬‫إن لم ت‬ ‫ولكن إحذر ‪000‬‬
‫‪000‬‬
‫س ‪ ،‬من أن ترجع إلى الوراء‬‫س كل الحترا‬‫إحتر‬
‫‪000‬‬
‫وحينئذ يقول لك الرب"عندىعليك‪،‬أنك تركت محبتك الولى" )رؤ ‪.( 4:2‬‬
‫ل من أن تزداد‪،‬تتوقف‪،‬ثم تفتر أو‬‫إنها مأساةحقًا‪،‬أن محبة النسانل‪ ،‬بد ً‬
‫تبرد‪،‬ويرجع إلى الوراء‪ ،‬ويشتهى يومًا من اليام السابقة‪ ،‬أيامحرارة الروح‪،‬‬
‫ل"يا ليتنى كما فى الشهور السالفة‪ ،‬وكاليام التى‬
‫فل يجدها‪ .‬ويصرخ قائ ً‬
‫حفظنى ال فيها‪،‬حين أضاءسراجهعلى رأسى‪ ،‬وبنورهسلكت فى الظلمة"‬
‫‪.( 2:29،3‬‬ ‫)أى‬
‫إن كنت ترجع إلى الوراء‪ ،‬فمتى تصل أيها الخ؟ ومتى تصلين أيتها الخت؟‬
‫والمشوار أمام كل منكماطويل‪،‬والهدف ما يزال بعيدًا‪.‬‬
‫لقدعرفت ال‪ .‬هذاحسنجدًا‪ .‬ليتك تنمو فى المعرفة‪.‬‬
‫سأل ‪ :‬ماحدودهذا النمو ؟‬ ‫لكن لعلك ت‬
‫أنشئت الصراحة‪،‬لحدود…‬
‫أنت اصطلحت مع ال بالتوبة‪،‬وكونت معهعلقة فى النقاوة‪،‬وسرت فىطريقه‬
‫بالمحبة‪،‬عاشرته وصادقته وأحببته‪ .‬وماذا بعد؟ يقول الرسول‪":‬ليحل المسيح‬
‫باليمان فى قلوبكم‪ .‬وأنتم متأصلون متأسسون فى المحبة‪،‬حتى تستطيعوا أن‬
‫ض والطول والعمق والعلو‪ ،‬وتعرفوا‬‫تدركوا معجميع القديسين‪ ،‬ما هو العر‬
‫محبة المسيح الفائقة المعرفة‪،‬لكى تمتلئوا إلى كل ملء ال" )أف ‪.( 19:3‬‬
‫ما أعجبها‬ ‫" لكى تمتلئوا إلى كل ملء الله" ‪000‬‬
‫عبارة !‬
‫ض إلى‬ ‫ل‪،‬ل أعرف… كلماحاولت أن أعو‬ ‫إننى أقف أمام هذه العبارة مذهو ً‬
‫أعماقها‪ ،‬أجدها أعمق من فهمى ومن إدراكى… !حقًا من منا يستطيع أن‬
‫يدرك"كل ملء ال"…؟ ومن منا يستطيع أن يقترب من هذا الملء…؟ أو‬
‫على القل ملء المحبة‪ ،‬التى تربط النسان بال…؟‬
‫أنتقل بكم إلىعبارة أخرى أخف‪ ،‬هى قول الرسول ‪:‬‬
‫ف ‪000 (18:5‬‬ ‫" إمتلئوا بالروح " )أ‬
‫ليس فقط أن تكون لكعلقة بالروح‪ ،‬أوخضوع وطاعة للروح‪ ،‬أو أن يحل‬
‫عليك الروح‪ ،‬بل أن تمتلئ بالروح… ل يخلوجزء منك من ملء الروح‪،‬ل‬
‫قلبك‪ ،‬ول فكرك‪ ،‬ولحواسك… الروح يمل كل ما فيك‪ .‬ما أعظمها درجة…!‬
‫فهل وصلت إلى المتلء بالروح؟ هل فرغت ذاتك من كلشئ آخر‪ ،‬لكى‬
‫يمل الروح كل ما فيك‪ ،‬فتحيا بالروح‪،‬وبالروح تميت أعمال الجسد)رو ‪( 13:8‬؟‬
‫أنظر إلى قول القديس يوحنا الرسول فىسفر الرؤيا"كنت فى الروح‪،‬فى‬
‫(‪ .‬ولنه كان فى الروح‪ ،‬رأى السماء مفتوحة‪،‬ورأى‬ ‫يوم الرب")رؤ ‪10:1‬‬
‫عرش ال‪،‬ورأى السيد المسيح ووجهه كالشمس فى قوتها… كل ذلك‪،‬لنه كان‬
‫فى الروح… إذن ما معنىعبارة"المتلء بالروح"؟ وكيف يصل النسان‬
‫اليها ؟‬
‫ف‪.‬سر نحوها ‪000‬‬‫إن لم تصل إليها ‪،‬ل تق‬
‫إعرف أنك إن كنتسائرًا نحو هدف معين‪،‬وقطعت نصف الطريق إليه أو ثلثة‬
‫أرباعه‪ .‬فأنت لم تصل بعد إلىغايتك‪ ،‬فيجب أن تكمل مسيرتك نحو هدفك‪ ،‬بكل‬
‫أمانة‪ .‬يعز بك قول المرتل فى المزمور الكبير"طوباهم الذين بلعيب‪،‬فى‬
‫‪.( 1:119‬‬ ‫الطريق" )مز‬
‫باستمرار كن ماشيًا فى الطريق‪،‬متقدمًا فيه‪ ،‬ولوخطوةخطوة‪ .‬تقترب إليه‬
‫اليوم أكثر من أمس‪ ،‬وباكر أكثر من اليوم‪ ،‬وبعد باكر أكثر من باكر‪ .‬وقل مع‬
‫الرسول‪:‬‬
‫ل ‪ ،‬لكنى أسعى‬ ‫ً‬ ‫ت أوصرت كام‬‫س إنى قد نل‬‫" لي‬
‫لعلى أدرك"‬
‫ويشرح ذلك بقوله"إيها الخوة‪ ،‬أنا لست أحسب نفسى أنى قد أدركت‪ .‬ولكنى‬
‫أفعلشيئًا واحدًا‪ ،‬إذ أنا أنسى ما وراء‪ ،‬وأمتد إلى ما هو قدام‪ .‬أسعى نحو‬
‫(‪.‬سر مع القديس بولس إيها الحبيب‪ ،‬وامتد معه‬ ‫ض…" )فى ‪14 -12:3‬‬‫الغر‬
‫إلى قدام…‬
‫كل يوم يمرعليك ‪ ،‬فليقربك إلى الله بالكثر ‪000‬‬
‫فى نموك الروحى‪ ،‬وفىعلقتك بال‪،‬إجعل كل يوم يمرعليك‪ ،‬يزيدك معرفة‬
‫بال‪ ،‬ويزيدكحبًا له‪ ،‬والتصاقًا به‪ ،‬وثباتًا فيه‪ .‬ويزيدكخدمة له وبناء لملكوته‪.‬‬
‫وفيما أنت تقترب كل يوم إلى ال‪،‬إحترس من المعطلت التى تقابلك فى‬
‫الطريق‪.‬‬
‫ف الجانبية ‪ ،‬التى تعوقك عن‬‫س من الهدا‬‫إحتر‬
‫الله ‪000‬‬
‫ال هو هدفك الوحيد‪،‬وليس لك هدف آخرغيره‪ .‬ولكن العدو إذ يريد أن يعطلك‪،‬‬
‫يقدم لك‪ -‬فى مسيرتك الروحية‪ -‬أهداافًا أخرىجانبية‪ ،‬ربما تبدوسليمة أمامك‪.‬‬
‫ولكن القصد منها تعطيلكعن التركيز فى ال ومحبته… فاحترس منها‪.‬‬
‫صدقنى‪ ،‬إن ملئكة ال فى السماء أو وهى"مرسلة للخدمةلجل العتيدين‬
‫(‪ ،‬هذه الملئكة تعجبجدًا‪ ،‬إذ تجدنا متمسكين‬ ‫ص" )عب ‪14:1‬‬‫أن يرثو الخل‬
‫بأمور تافهة‪،‬جاعلين منها أهدافًا تعطل مسيرتنا نحو ال!‬
‫حقًا‪ ،‬إن كل رغبةغير ال‪ ،‬هى رغبة تافهة‪ ،‬ول يمكن أن تشبع القلب‬
‫إشباعًاحقيقيًا‪ .‬وكما قال القديس أوغسطينوس‪ ،‬مناجيًا ال فى اعترافاته‪:‬‬
‫"ستظل قلوبنا قلقة ‪ ،‬إلى أن تجد راحتها فيك "‬
‫ل من المتداد إلى قدام‪ ،‬فى الطريق إليه‪ ،‬قد توقفناعند‬
‫إن ال إن رآنا بد ً‬
‫ض الهداف الجانبية‪ ،‬فشغلتناعنه‪،‬ووهبناها من الوقت والجهد والصحة‬ ‫بع‬
‫والعاطفة والهتمام‪ ،‬ما كان يجب أن نقدمه إليه هو‪ ،‬الهدف الحقيقى وحده…‬
‫فإنه يقول لنا نفس العبارة التى قالها قديمًا للشعب التائه فى البرية‪:‬‬
‫ث ‪(6:1‬‬ ‫ا فىهذا الجبل " )ت‬ ‫" كفاكم قعود ً‬
‫إمتد إذن إلى قدام‪ .‬ول تسمحلىشئ أن يعطلك فى الطريق‪ .‬كل محبة‬
‫ل من محبة ال فى قلبك‪ ،‬وكل رغبة‬
‫تشغلكعن محبة ال‪ ،‬أو تحاول أن تحل بد ً‬
‫أوشهوة تسبب لك فتورًا فى روحياتك‪ ،‬إقلعها والقهاعنك… واحتفظ بال‬
‫وحده فى قلبك‪،‬ل ينافسهشئ‪ ،‬ول ينافسه أحد…‬
‫وليكن الرب معك ‪ ،‬يقويك وينميك ‪،‬‬
‫ويقودخطواتك إليه ‪.‬‬

‫آمين‬

You might also like