You are on page 1of 60

‫الكتاب ‪ :‬النعمة ‪0‬‬

‫المؤلف ‪ :‬قداسة البابا المعظم النبا شنوده الثالث ‪0‬‬


‫الناشر ‪ :‬الكلية الكليريكية للقباط الرثوذكسى ‪0‬‬
‫الطبعة ‪ :‬الولى مايو ‪ 1997‬م ‪0‬‬
‫المطبعة ‪ :‬النبا رويس الوفست – العباسية – القاهرة ‪0‬‬
‫رقم اليداع بدار الكتب ‪0 1997 / 5262 :‬‬
‫‪I.S.B.N 977 – 5345 – 39 – 1‬‬
‫لما تطرف البعض فى مفهوم النعمة بحيث أغفلوا الجهاد والعمل‬
‫البشرى تماما ً ‪ ،‬لذلك شعر بالحرج فى الحديث عن النعمة كثير من‬
‫الوعاظ والكتاب القباط ‪0‬‬
‫ولهذا وجدنا من اللزم أن نوضح هذا الموضوع ‪0‬‬
‫بحيث ل يخشى أحد من وعاظنا من الحديث عن النعمة ‪0‬‬
‫وهكذا ألقينا كثيرا ً من العظات عن النعمة فى الكاتدرائية الكبرى فى‬
‫سنة ‪ 1975‬وهى مسجلة صوتيا ً وأيضا ً القينا محاضرات عن النعمة‬
‫فى مادة اللهوت المقارن لطلبة الكليريكية وهى أيضا ً مسجلة‬
‫صوتيا ً ‪0‬‬
‫وكنا قد نشرنا فصل ً عن )الجهاد والنعمة ( فى كتابنا عن ] الخلص‬
‫فى المفهوم الرثوذكسى [ الذى صدر سنة ‪ 1967‬م ) منذ ثلثين‬
‫عاما ً ( وأعيدت طبعته عدة مرات ‪0‬‬
‫والنعمة موضوع قديم كان مجال ً للحوار اللهوتى بين القديس أوغسطينوس‬
‫والبيلجيين ‪ ،‬أصدر فيه عدة مقالت ‪0‬‬
‫وقد جمعت مقالته ضمن مجلد كبير صدر فى مجموعة كتابات الباء‬
‫) عن آباء نيقية وما بعد نيقية ( تحت عنوان ‪:‬‬
‫‪st . Augustine : Anti Pelgianism‬‬

‫منها مقالة عن النعمة ‪ ،‬وأخرى عن حرية الرادة ‪ 00‬إلخ ‪0‬‬


‫وفى هذا الكتاب نقدم تسعة أبواب ‪:‬‬
‫نتحدث فيها عن ‪ :‬ما هى النعمة ؟ وما عملها ؟ وما مستويات هذا‬
‫العمل ؟ وأنواع النعمة ‪ ،‬وبخاصة الحافظة والمعطية ‪ 0‬وكيف أن‬
‫النعمة للكل ‪ ،‬وأحيانا ً تاتينا دون أن نطلب ‪ 0‬كما تحدثنا عن نعمة‬
‫الدعوة ‪ 0‬وتعرضنا لمدى تجاوب النسان مع عمل النعمة بالقبول أو‬
‫الرفض ‪ 0‬ثم تحدثنا عن تخلى النعمة ‪ 0‬وختمنا الموضوع بالباب‬
‫التاسع عن ) الناموس والنعمة ( ‪0‬‬
‫والكتاب بين يديك أيها القارئ العزيز بابوابه التسعة ‪0‬‬
‫حتى جعل عبارة النعمة فى مقدمة رسائله ‪ ،‬وفى خاتمة الرسائل‬
‫أيضا ً ‪ 0‬كما ذكر القديس بولس الرسول النعمة العاملة معه والنعمة‬
‫المعطاة له ‪ ] 00‬أنظر الباب الول ص ‪ ( 11 ، 10‬والباب التاسع ص‬
‫‪0 [ 90 ، 89‬‬
‫ً‬
‫والكنيسة دائما تذكر النعمة فى البركة التى تختم بها اجتماعاتها ‪0‬‬
‫فتقول " محبة الله الب ‪ ،‬ونعمة ربنا يسوع المسيح ‪ ،‬وشركة‬
‫وموهبة الروح القدس ‪ ،‬تكون مع جميعكم " ‪ 0‬مقتبسة ما ذكره‬
‫القديس بولس الرسول فى ) ‪2‬كو ‪00 ( 14 : 13‬‬
‫ونذكر كلمة النعمة أيضا ً فى القداس اللهى فى أكثر من موضع ‪،‬‬
‫وبخاصة فى مقدمة القداس الغريغورى فى لحن ) إى آغابى ‪( 00‬‬
‫ونحن دائما نبدأ خطاباتنا بعبارة نعمة وسلم وقد وردت أيضا ً عبارة النعمة فى‬
‫صلوات الجبية ‪:‬‬
‫كما نقول للرب فى تحليل الساعة الثالثة نشكرك لنك أقمتنا للصلة‬
‫فى هذه الساعة المقدسة ‪ ،‬التى فيه أفضت نعمة روحك القدوس‬
‫بغنى على تلميذك خواصك القديسين إلى أن نقول " أرسل علينا‬
‫نعمة روحك القدوس ‪ ،‬وطهرنا من كل دنس الجسد والروح " وفى‬
‫إنجيل باكر ‪ ،‬نرتل ما ورد فى إنجيل يوحنا " لن الناموس بموسى‬
‫أعطى ‪ ،‬أما النعمة والحق فيسوع المسيح صارا ً " !! ومن ملئه نحن‬
‫جميعنا أخذنا ‪ ،‬ونعمة فوق نعمة " ) يو ‪( 17 ، 16 : 1‬‬
‫ويعوزنا الوقت إن تحدثنا عن كل ما ورد عن النعمة فى طقوس‬
‫كنيستنا ‪00‬‬
‫فليكن هذا الكتاب مجرد مقدمة للحديث عن النعمة ‪0‬‬
‫نمجد فيه عمل النعمة ‪ ،‬ونحذر من التطرف فى الحديث عن ذلك ‪0‬‬
‫لن العمل الروحى ل يكون إل بمشاركة إرادة النسان مع عمل‬
‫النعمة فيه ‪ ،‬أو عمل النعمة من أجله ‪00‬‬
‫وليس عمل النعمة مدعاة للتكاسل والتهاون ‪0‬‬
‫ختاما ً أترككم إلى نعمة الله تحفظكم وتعينكم ‪ 00‬وتعلمكم كيف‬
‫تتجاوبون معها وتشتركون معها فى العمل ‪00‬‬

‫البابا شنوده‬ ‫أبريل ‪1997‬‬


‫الثالث‬
‫النعمة هى معونة إلهية ‪ ،‬هى عطية مجانية يهبها الله للنسان ‪،‬‬
‫يسند بها إرادته الضيعفة وطبيعته المائلة ‪ ،‬واحتياجه الدائم ‪0‬‬
‫كل ما ينعم به الله على النسان هو عمل النعمة ‪0‬‬
‫وقد تكررت عبارة النعمة كثيرا ً فى رسائل القديس بولس الرسول ‪ :‬فى بدايتها‬
‫أو نهايتها أو فى كلتيهما ‪00‬‬
‫فيبدأ رسالته الولى إلى كورنثوس بعبارة " نعمة لكم وسلم من‬
‫الله أبينا والرب يسوع المسيح معكم " ) ‪1‬كو ‪ ( 23 : 16‬وينهيها‬
‫بعبارة " نعمة الرب يسوع المسيح معكم ( " ) ‪1‬كو ‪ ( 23 : 16‬وبنفس‬
‫عبارته يبدأ رسالته الثانية ) ‪2‬كو ‪ ( 2 : 1‬وينهيها بعبارة "" نعمة ربنا‬
‫يسوع المسيح ‪ ،‬ومحبة الله ‪ ،‬وشركة الروح القدس مع جميعكم " )‬
‫‪2‬كو ‪ ( 14 : 13‬ويبدأ رسالته إلى غلطية بعبارة " نعمة لكم وسلم ‪،‬‬
‫من الله الب ‪ ،‬ومن ربنا يسوع المسيح " ) غل ‪ ( 3 : 1‬وينهيها‬
‫بعبارة " نعمة ربنا يسوع المسيح مع روحكم أيها الخوة ‪ ،‬أمين "‬
‫) غل ‪ ) ( 18 : 6‬وبنفس البداية ابتدأ رسالته إلى أفسس ‪ 0‬وأنهاها‬
‫بعبارة " النعمة مع جميع الذين يحبون ربنا يسوع المسيح ‪ ،‬فى عدم‬
‫فساد ‪ 0‬آمين " ) أف ‪( 24 : 6‬‬
‫وهكذا مع باقى الرسائل ‪ 0‬مما يدل على أهمية النعمة ‪0‬‬
‫‪‬‬
‫النعمة عملت لجل البشرية قبل وجودهم ‪ 0‬بالنعمة خلقهم الله ‪ 0‬لنه أنعم على‬
‫غير الموجود بنعمة الوجود ‪0‬‬
‫فمن فيض نعمته صرنا موجودين ‪ 0‬إنها النعمة الخالقة ‪0‬‬
‫‪‬‬
‫ومن عمل النعمة أيضا ً رعاية الله النسان ‪ 0‬لنه لو تخلت نعمة الله‬
‫عن الكون لحظة واحدة ‪ ،‬لهلك فيها الكون ‪ 0‬إن الله ممسك بالكون ‪،‬‬
‫حافظا ً له ‪ ،‬كضابط للكل ‪ ،‬بنعمته الحافظة ‪0‬‬
‫‪‬‬
‫وكما تظهر نعمة الله فى الخلق وفى الحفظ ‪ ،‬تظهر فى الدعوة وهناك أشخاص‬
‫دعتهم نعمة الله ‪ ،‬قبل أن يولدوا ‪0‬‬
‫مثل بولس الرسول الذى قال " لما سر الله الذى أفرزنى من بطن‬
‫أمى ودعانى بنعمته ‪ ) " 0‬غل ‪ ( 15 : 1‬ومثل أرمياء النبى الذى قال‬
‫له الرب " قبلما صورتك فى البطن عرفتك ‪ ،‬وقبلما خرجت من‬
‫الرحم قدستك ‪ ،‬جعلتك نبيا ً للشعوب " ) أر ‪ ( 5 : 1‬ومثل يوحنا الذى‬
‫كان " من بطن أمه ممتلئا ً من الروح القدس " ) لو ‪ ( 15 : 1‬ومثل‬
‫كثيرين آخرين ‪0‬‬
‫هؤلء الذى سبق فرفهم ‪ ،‬وسبق فعينهم " ) رو ‪ ( 29 : 8‬مثل‬
‫يعقوب أبى الباء الذى اختاره الرب قبل مولده " ) رو ‪ ( 9‬وقد قال‬
‫الرب يسوع لتلميذه "" لستم أنتم الذين اخترتمونى ‪ ،‬بل أنا الذى‬
‫اخترتكم ‪ ) " 00‬يو ‪( 16 : 15‬‬
‫‪‬‬
‫إذن الدعوة هى عمل من أعمال النعمة ‪0‬‬
‫غير أن الدعوة إلى الخدمة هى لشخاص معينين من الرب ‪ 0‬أما‬
‫الدعوة إلى الخلص فهى لجميع الناس ‪0‬‬
‫لهذا فإننا فى قططعة ) ارحمنا يا الله ثم ارحمنا ( فى آخر صلوات‬
‫الساعات نقول عن الرب " الداعى الكل إلى الخلص من أجل‬
‫الموعد بالخيرات المنتظرة " إنه الله الذى يريد أن الجميع يخلصون ‪،‬‬
‫وإلى معرفة الحق يقبلون " ) ‪1‬تى ‪( 4 : 2‬‬
‫إن الله يدعو كل أحد لكى يخلص ‪ 0‬جاء ليخلص العالم كله يحمل‬
‫خطايانا العالم كله ) يو ‪ " ( 19 : 1‬جاء يطلب ما قد هلك " ) لو ‪: 19‬‬
‫‪ ( 10‬فالنعمة إذن تعمل فى الكل ومع الكل ‪ ،‬لجل خلصهم ‪0‬‬

‫ل يمكن أن يوجد إنسان واحد على الرض كلها ‪-‬بل إستثناء ‪-‬لم تعمل‬
‫فيه النعمة لجل خلصه ‪0‬إن الله ‪ ،‬عندما خرج ليلقى بذاره ‪ ،‬ألقاه‬
‫فى كل موضع ‪ ،‬حتى الرض المحجرة ‪ ،‬والرض اللملوءة بالشواك ‪،‬‬
‫قد وصلتها بذاره ‪ 0‬إن النعمة لم تنس أحدا ً ‪ 0‬مبدأ تكافؤ الفرص‬
‫توافر بالنسبة إلى جميع الناس ) مت ‪0 ( 9 - 3 : 13‬‬
‫‪‬‬
‫النعمة دعت لونجينوس الجندى الذى طعن المسيح بالحربة ‪0‬‬
‫فآمن بالرب وقال " حقا ً ‪ ،‬كان هذا ابن الله " وآمن وانتهى أمره‬
‫بأن صار شهيدا ً ‪ ،‬وتهيد له الكنيسة فى يومين ‪0‬‬
‫النعمة دعت شاول الطرسوسى الذى كان مضهدا ً لكنيسة الله‬
‫بافراط ‪ ،‬وظلت تنخسه بمناخس كان صعبا ً عليه أن يقاومها ‪ ،‬وأخيرا ً‬
‫استجاب لدعوة الرب وآمن واعتمد ‪ ،‬وصار رسول ً ) أع ‪( 9‬‬
‫‪‬‬
‫النعمة دعت اللص على الصليب وفتحت له باب الفردوس ) لو ‪( 43 : 23‬‬
‫بل إن النعمة دعت اللصين كليهما إلى الخلص بنفس التأثير ‪،‬‬
‫وبنفس المعجزات التى حدثت ‪ 00‬ولكن واحدا ً منهما استجاب لعمل‬
‫النعمة ‪ ،‬بينما الثانى لم يستجب ‪ ،‬ورفض الستماع إلى زميله ) لو‬
‫‪( 42 -39 : 23‬‬
‫‪‬‬

‫النعمة ل تترك أحدا ً فى الوجود دون أن تعمل فيييه ‪ 0‬غييير أن الميير يتوقييف علييى‬
‫مدى استجابة النسان ‪0‬‬
‫النعمة واقفة على الباب تقرع ‪ 0‬غير أن هناك من يفتح لها فتدخل )‬
‫رؤ ‪ ( 20 : 3‬والبعض قد ل يشاء أن يفتح ‪ 0‬وبكامل إرادته يضيع‬
‫الفرصة ‪ ،‬ول يستفيد من عمل النعمة معه ‍!‬
‫النعمة تذهب إلى مكان الجباية ‪ ،‬لتدعو متى العشار ‪0‬‬
‫بل تدخل النعمة إلى بيت زكا رئيس العشارين ‪ 0‬وتقول له لما استجاب ‪ ‬اليييوم‬
‫حصل خلص لهذا البيت " ) لو ‪( 9 : 19‬‬
‫بل إن النعمة عملت حتى مع يهوذا السخريوطى ! لذلك ندم وأرجع‬
‫المال إلى رؤساء الكهنة والشيوخ ‪ ،‬وقال " أخطأت إذ أسلمت دما ً‬
‫بريئا ً " ) مت ‪ ( 4 ، 3 : 27‬ولكنه للسف لم يكمل الطريق إلى‬
‫التوبة ‪ ،‬بل استسلم إلى اليأس ‪ 0‬واليأس ل يتفق مع عمل النعمة ‪0‬‬
‫فمضى وقتل نفسه ‪0‬‬
‫‪‬‬
‫ليست النعمة قاصرة فى عملها على الببرار ‪ 0‬ببل إنهبا تعمبل أيضبا ً‬
‫فى الخطاة وغير المؤمنين ‪ ،‬لهدايتهم ‪0‬‬
‫فلو ل عمل النعمة فى الخطاة ‪ ،‬ما تابوا ‪ 0‬لن الخاطئ يصرخ إلى‬
‫الله قائل ً " توبتى فأتوب " ) أر ‪ ( 18 : 31‬فتمسك النعمة برغبته‬
‫وتساعده على التوبة ‪0‬‬
‫كذلك لول عمل النعمة فى غير المؤمنين ‪ ،‬ما آمنوا ‪ 0‬لنه " ل‬
‫يستطيع أحد أن يقول إن المسيح رب ‪ ،‬إل بالروح القدس " ) ‪1‬كو‬
‫‪( 3 : 12‬‬
‫ً‬
‫نعمة اله تهتم بالكل ‪ ،‬ليس بالبرار فقط بل بالشرار أيضا ‪0‬‬
‫"إنه يشرق شمسه على الشرار والصالحين ‪ ،‬ويمطر على البرار‬
‫والظالمين ‪ 0‬وكان يمنح الخير حتى للملحدين الذين ينكرون وجوده‬
‫‪ 0‬ومنهم الشيوعيون الذين تهكموا وجدفوا على الله تبارك إسمه‬
‫على مدى عشرات السنوات ‪ ،‬وكذلك الوجوديون !!‬
‫ماذا أقول أيضا ً ؟ هل أجرؤ أن أقول إن الشيطان كذلك لم نتتركه نعمة الله علييى‬
‫الرغم من شروره التى ل تعد ‍!!‬

‫يكفى أنه ل يزال يتمتع بنعمة البقاء حتى الن ! وبنعمة الحرية‬
‫أيضا ً ! فل يزال يعمل ‪ 0‬وله قوة أسد يزأر ) ‪1‬بط ‪ ( 8 : 5‬كل هذا‬
‫على الرغم من أنه يستخدم البقاء والحرية والقوة فى محاربة‬
‫ملكوت الله !! ما أعجب هذا ‪00‬‬
‫وفى قصة أيوب الصديق ‪ :‬نرى نعمة الله تسمح أن يقف الشيطان‬
‫مع أولد الله أمام الله ‪ 00‬وأن يتحدث مع الله ‪ ،‬ويطلب طلبات ضد‬
‫أيوب البار ‪ ،‬ويستجيب الله لطلباته ‪ ،‬ويسمح له أن يجرب ذلك‬
‫القديس !‬
‫ولكن الشيطان خائن لنعمة الله التى استبقته حتى الن ‪0‬‬

‫‪‬‬
‫ولعلنى أقول أيضا ً أن نعمة الله لم يحرم منها يهوذا ‪0‬‬
‫لص ) مت ‪( 10‬‬‫بل اختاره الرب تلميذا ً ضمن الثنى عشر رسو ً‬
‫وأخذ مثلهم القوة التى يصنع بها العجائب ) مت ‪ ( 10‬وغسل الرب‬
‫رجليه م ‪ Q Ё ለက ‬‬
‫‪橢橢좃좃 Ё 洡ꋡ    椚‬‬
‫‪ĉ‬‬
‫‪‬‬
‫‪]ΒΒΒΒӞӞӞµ‬‬
‫‪।।।।।”က । 紖‬‬
‫‪ǔက  က  က  က  ಬ    ‬‬
‫‪   类  籽  籽  籽  籽  9 籽‬‬
‫‪ 籽 绪 胞 粡 uӞ‬‬
‫‪99      粡  ߀9 ‬ذه‬
‫قائل ً إذهبوا إلى العالم أجمع ‪ ،‬وأكرزوا بالنجيل للخليقة كلها " ) مر ‪( 15 : 16‬‬
‫وقال لهم إذهبوا وتلمذوا جميع المببم ‪ ،‬وعمببدوهم ‪ 00‬وعلمببوهم أن‬
‫يحفظوا جميع ما أوصيتكم به " ) مت ‪0 ( 19 : 28‬‬

‫النعمة عملت فى فيلكس الوالى الذى وقف أمامه بولس أسيرا ً‬


‫وكان لما تكلم بولس عنالبر والدينونة والتعفف ارتعد فيلكس الوالى‬
‫" ) أع ‪ ( 5 : 24‬ولماذا ارتعب وهو الوالى ومن يقف أمامه هو أسيره‬
‫؟! ل شك أن ذلك كان من عمل النعمة فيه ‪0‬‬
‫غير أن فيلكس لم يستفد من عمل النعمة وقال للقديس بولس‬
‫اذهب الن ‪ 0‬ومتى حصل لى وقت استدعيك " وللسف لم يحصل له‬
‫وقت ‪ ،‬وفاتته الفرصة !!‬
‫كذلك قد عملت النعمة غى أغريباس الملك ‪ ،‬فقال لسيره بولس‬
‫بقليل تقنعنى أن أصير مسيحيا ً ) أع ‪ ( 28 : 26‬وللسف لم يكمل‬
‫أغريباس مسيرته مع النعمة !!‬
‫وعملت النعمة فى اليهود فى يوم الخمسين ‪ ،‬حينما سمعوا كلمة القديس‬
‫بطرس الرسول ‪ 0‬فنخسوا فى قلوبهم ‪ ،‬وقالوا ماذا نفعل أيها‬
‫الرجال الخوة ) أع ‪ " ( 37 : 2‬واعتمدوا وانضم فى ذلك اليوم نحو‬
‫ثلثة آلف " ) أع ‪00 ( 41 : 2‬‬
‫‪‬‬
‫وعملت النعمة فى فرعون أكثر من مرة ‪00‬‬
‫فقال لهما صليا لجلى " ) خر ‪ ( 28 : 8‬وقال لهما مرة أخرى‬
‫"أخطأت هذه المرة ‪ 0‬الرب هو البار وأنا وشعبى الشرار ‪ 0‬صليا إلى‬
‫إلى الرب ‪ 0‬وكفى حدوث رعود الله والبرد ‪ ) " 00‬خر ‪( 28 ، 27 : 9‬‬
‫‪ 00‬كانت نعمة الله تحرك قلبه بالخوف والعتراف بالخطية ‪ 0‬ولكنه‬
‫حينما كانت ترتفع الضربة عنه ‪ ،‬كان يرجع إلى قساوته مرة أخرى‬
‫إنه تأثر بالنعمة تأثرا ً وقتيا ً ‪ ،‬ثم غلبته قساوته ‪0‬‬
‫‪‬‬
‫لذلك يقول الرسول ‪:‬‬
‫" إن سمعتم صوته ‪ ،‬فل تقسوا قلوبكم " ) عب ‪0 ( 2 : 3‬‬
‫إن صوت الله ‪ ،‬هو عمله فيكم بنعمته ‪ 0‬لذلك ل تكن فيكم قساوة‬
‫القلب مثل فرعون ‪ ،‬وكما فعل الشعب المتمرد فى البرية ‪ ،‬بعد‬
‫استجابتهم لعمل النعمة فيهم ‪ ،‬وكما يفعل رافضوا عمل النعمة فى‬
‫كل زمان ‪0‬‬
‫ول تقبلوا النعمة إلى حين ‪ ،‬ثم ترفضوها فيما بعد ‪0‬‬
‫كما فعل ديماس الذى كان مساعدا ً لبولس الرسول فى عمل الكرازة‬
‫‪ 0‬ثم عاد فتركه " إذ أحب العالم الحاضر " ) ‪2‬تى ‪ ( 10 : 4‬وكما فعل‬
‫كثيرون قال عنهم الرسول " كنت إذكرهم لكم مرارا ً ‪ 0‬والن‬
‫أذكرهم أيضا ً باكيا ً وهم أعداء صليب المسيح ‪ ،‬الذين نهايتهم الهلك‬
‫‪ ) " 00‬فى ‪ ( 19 ، 18 : 3‬وكما فعل أهل غلطية الغبياء ‪ ،‬الذين‬
‫بدأوا بالروح وكملوا بالجسد ) غل ‪( 3 : 3‬‬
‫‪‬‬
‫النعمة دعت أصهار لوط للخلص من الهلك ‪ ،‬فلم يسببتجيبوا ‪ ،‬وكببان‬
‫لوط " كمازح فى أعين أصهاره " ) تك ‪0 ( 14 : 19‬‬
‫والنعمة قادت إمرأة لوط إلى خارج سادوم ‪ ،‬وكان الملك ممسكا ً بيدها ‪ ،‬ولكنها‬
‫قاومت النعمة ونظرت إلى الوراء ‪0‬‬
‫وهكذا هلكت المسكينة ‪ ،‬ولم تستفد من عمل النعمة ) تك ‪( 26 : 19‬‬
‫‪0‬‬
‫لذلك علينا أن نستجيب للنعمة ‪ ،‬ونشترك معها ‪ ،‬ونقبل عملها فينا ‪،‬‬
‫ول نغلق قلوبنا ‪ ،‬ول نقسيها ‪00‬‬

‫‪‬‬

‫لن النعمة على الرغم من عملها فى النسببان ‪ ،‬تببتركه لحريتببه إنهببا‬


‫تشجعه ولكن ل ترغمه ‪ 0‬نعمة المعونة ل تلغى نعمة الحرية ‪0‬‬
‫النعمة ل ترغم النسان على فعل الخير ‪ ،‬لنه لو فقد حريته ‪ ،‬يفقد‬
‫صورته اللهية ‪ 0‬ولم يستحق المكافأة‪ ،‬لنه لم يفعل الخير بإرادته‬
‫‪00‬‬
‫النعمة إذن تشغل قلبك بمحبة الخير ‪ ،‬وتقوى إرادتك على فعله ‪،‬‬
‫وتحتك عليه ‪ ،‬لكنها ل ترغمك ‪0‬‬
‫‪‬‬
‫إن الله يريدك أن تصل إليه ‪ ،‬بكل رضى قلبك ‪0‬‬
‫لذلك كان قبولك للرب ‪ ،‬أمرا ً هاما فى الحياة الروحية ‪0‬‬
‫إن الخطوة الولى فى طريق الخلص ‪ ،‬يقول الكتاب " وأما الذين‬
‫قبلوه ‪ ،‬فأعطاهم سلطانا ً أن يصيروا أولد الله " ) يو ‪0 ( 12 : 1‬‬
‫إن قبولك يدل على استجابتك لعمل النعمة ‪ 00‬هؤلء الذين قبلوه ‪،‬‬
‫إنما قبلوا اليمان به أيضا ً ‪:‬‬
‫قبلوا عمل النعمة فى أسرار الكنيسة المقدسة ‪0‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫قبلوا عمل النعمة فى المعمودية ‪ ،‬فاعتمدوا جميعا حالما آمنوا ‪ ،‬كما‬
‫حدث فى يوم الخمسين ) أع ‪ ( 38 : 2‬وكما حدث مع الخصى‬
‫الحبشى ) أع ‪ ، ( 38 : 8‬ومع كرنيلوس قائد المئة ) أع ‪، 47 : 10‬‬
‫‪ ( 48‬وكما حدث مع سجان فيلبى ) أع ‪ ( 33 : 16‬ومع ليديا بائعة‬
‫الرجوان ) أع ‪ ( 15 : 16‬ومع كل الذين آمنوا ‪0‬‬
‫وكذلك قبلوا عمل النعمة ‪ 0‬فى قبول سر المسحة المقدسة ) ‪1‬يو ‪2‬‬
‫‪ ( 27 ، 20 :‬وعمل الروح القدس فيهم ‪ 00‬وقبلوا أيضا ً سر‬
‫الفخارستيا ‪ ،‬وسر الكهنوت وعمل النعمة فيه ‪ ،‬وسر التوبة وباقى‬
‫السرار ‪0‬‬
‫‪‬‬
‫ً‬
‫إن النعمة تعمل فى أسرار الكنيسة ‪ ،‬وتعمل أيضا فى قيادة حياتك‬
‫كلها ‪0‬‬
‫وأنت بحريتك ‪ 0‬من حقك أن تقبل أن ترفض ‪ 0‬وبقبولك عمل النعمة تخلص ‪،‬‬
‫وكما قال القديس أوغسطينوس ‪ " :‬إن الله الذى خلقك بدونك ‪ ،‬ل يشاء أن‬
‫يخلصك بدونك " ‪0‬‬
‫‪‬‬
‫كثيرون رفضوا عمل النعمة ‪ ،‬بل رفضوا ‪ ،‬بل رفضوا ربنا يسوع‬
‫المسيح نفسه ‪ ،‬الذى قيل " ‪ 00‬وأما النعمة والحق فبيسوع المسيح‬
‫صارا ً " ) يو ‪ ( 17 : 1‬هذا الذى قيل عنه " إلى خاصته ‪ ،‬وخاصته لم‬
‫تقبله " ) يو ‪ ( 11 : 1‬وفيما لم تقبله ‪ ،‬لم تقبل نعمته أيضا ً ‪00‬‬
‫وكان هذا فى العهد القديم أيضا ً ‪ ،‬إذ قال الرب أبهتى أيتها‬
‫السماوات من هذا ‪ 0‬وأقشعرى وتحيرى جدا ً أيتها الرض ‪ 00‬لن‬
‫شعبى عمل شرين ‪ :‬تركونى أنا ينبوع المياه الحية ‪ ،‬لينقروا‬
‫لنفسهم آبارا ً ‪ ،‬آبارا ً مشققة ل تضبط ماء " ) أر ‪00 ( 13 ، 12 : 2‬‬
‫ما هذه الينابيع سوى عمل النعمة فيهم ‪00‬‬
‫‪‬‬
‫إن النعمة تساعد إرادة النسان ‪ ،‬دون أن تلغى إرادته ‪00‬‬
‫لسنا مثل الوجوديين ‪ ،‬الذين يدعون أن أن وجود الله يلغى وجدودهم‬
‫‪ 0‬فإرادتنا ما تزال قائمة ‪ ،‬تقويها النعمة ‪ ،‬وحريتنا كاملة ‪ ،‬وتقرير‬
‫مصائرنا هو فى أيدينا ‪ 00‬أما النعمة فهى مجرد مرشده قائده ‪،‬‬
‫مساعدة ‪ 0‬لنا أن تستجيب لها أو ل نستجيب ‪00‬‬
‫وهكذا قال الرب لورشليم ‪ ،‬كم مرة أردت ‪ 00‬ولم تريدوا " ) مت‬
‫‪ ( 37 : 23‬كذلك نرى فى مثل البن الضال ) لو ‪ ( 15‬أنه بكامل‬
‫إرادته خرج من بيت أبيه ‪ 0‬وبكامل إرادته ‪0‬‬
‫حقا ً إن النعمة ساعدته على الرجوع ولكن بإرادته ‪0‬‬
‫ولكن سعى النعمة لخلصنا ‪ ،‬ليس معناه أن نتكاسل ‪ ،‬أو أن نترك‬
‫الله واقفا ً خارج الباب يقرع دون أن نفتح له ‪ 00‬لن هذا قد يعرضنا‬
‫إلى فترات تتخلى فيها النعمة عنان وربما تتركنا إلى حين ‪ ،‬كقصة‬
‫عروس النشيد التى لم تفتح لحبيها ‪ ،‬وإذا بها تقول " حبيبى تحول‬
‫وعبر ‪ 0‬نفسى خرجت حينما أدبر ‪ 0‬طلبته فما وجدته ‪ ،‬دعوته فما‬
‫أجابنى ‪ ) 00‬نش ‪( 6 : 5‬‬
‫عندما خلق الله النسان ‪ ،‬خلقه فى حالة فائقة للطبيعة ‪ 0‬ولكنه‬
‫فقد هذا السمو ‪ ،‬حينما سقط فى الخطية ‪ 0‬فقد ما كان عليه من بر‬
‫وبساطة وقداسة ‪ 0‬وأصبحت طبيعته ضعيفة ‪ ،‬قابلة للميل‬
‫وللسقوط ‪0‬‬
‫هذا من ناحية ‪ 0‬ومن ناحية أخرى ‪ ،‬فإن الشيطان الذى يحارب‬
‫النسان له طبيعة أقوى ‪ ،‬لنه كان ملكا ً ‪ ،‬له طبيعة الملئكة "‬
‫المقتدرين عنه للرب " أنقصته قليل ً عن الملئكة " ) مز ‪( 8‬‬
‫والشيطان عندما فقد بسقوطه طهارته ‪ ،‬لم يفقد طبيعته ‪ 0‬فل‬
‫تزال له الطبيعة الملئكية القوية ‪ 0‬وعنه قال القديس بطرس‬
‫الرسول ‪ " :‬أبليس خصمكم كاسد يزأر ‪ ،‬يجول ملتسما ً من يبتلعه هو‬
‫" ) ‪1‬بط ‪0 ( 8 : 5‬‬
‫قيل أيضا ً عن الخطية إنها " طرحت كثيرين جرحى ‪ ،‬وكل قتلها أقوياء " ) أم ‪: 7‬‬
‫‪( 26‬‬
‫فإن كان عدونا الشيطان بهذا العنف ‪ ،‬وإن كانت الخطية بهذه القوة‬
‫‪ ،‬فإن النسان بطبيعته الضيعفة ‪ ،‬ل يقوى كثيرا ً على الحروب‬
‫العنيفة التى يشنها العدو عليه ‪ 0‬فكان لبد له من قوة تسنده ‪ ،‬وهى‬
‫النعمة كما قال الرسول ‪:‬‬
‫ً‬
‫" حيث كثرت الخطية ‪ ،‬ازدادت النعمة جدا "( ) رو ‪0 ( 20 : 5‬‬
‫أى أنه كلما ازدادت الخطية فى حروبها وعنفها ‪ ،‬هكذا تزداد النعمة‬
‫لحماية النسان وإنقاذه فى الحروب الروحية ‪0‬‬
‫‪‬‬
‫ولذلك كانت النعمة ضرورية حتمية للنسان ‪0‬‬
‫ضرورة ارتضتها الرحمة اللهية المشفقة على النسان ‪0‬‬
‫وأيضا ً هى ضرورة اقتضاها العدل اللهى ‪ ،‬ليقيم توزانا ً بين مقاومة‬
‫النسان والحروب التى يتعرض لها ‪ 0‬بحيث ل تكون الحروب التى‬
‫ضده أقوى من قدرته على الصعود لها ‪00‬‬
‫وبهذا فإن النعمة تحاول أن ترد النسان إلى رتبته الولى ‪ ،‬بأن‬
‫تمنحه القوة الت ستند ضعف طبيعته ‪ ،‬محافظة منها على أبديته ‪0‬‬

‫‪‬‬
‫ً‬
‫ولكن لماذا لم يجعل الله هذه القوة جزءا من بيعتنببا ‪ ،‬بببدل ً احتياجتنببا‬
‫إلى قوة من خارجنا تسندنا ؟‬
‫أقول إنه قد منحنا هذه القوة حينما خلقنا ‪ 0‬ولكنه وضع إلى جوارها‬
‫حرية الرادة ‪ 0‬ونحن بحرية إرادتنا فقدنا تلك القوة بسقوطنا فجدد‬
‫الله طبيعتنا ‪ ،‬وفى نفس الوقت ترك لنا حرية الرادة ‪0‬‬
‫إن الله لم يرد أن يجعلنا مسيرين نحو الخير والبر ‪ ،‬وإل ما كان لنا‬
‫أجر إن فعلنا الخير ‪ 0‬إنما منحنا الختيار على أن تسند النعمة ضعفنا‬
‫‪00‬‬
‫وأيضا جعل النعمة قوة من الخارج ‪ ،‬لكى تظهر نية النسان فى‬
‫طلب النعمة ‪ ،‬واشترك النسان بإرادته مع عمل النعمة ‪ ،‬وتمسكه بها‬
‫‪ ،‬وشكره على ما تعمله النعمة معه ‪0‬‬

‫بطريق كثيرة ‪ ،‬يمكن أن تصل النعمة إليك ‪0‬‬


‫‪‬تصل إليك النعمة عن الطريق الصلة ‪0‬‬
‫المفروض فيك أن تطلب هذه النعمة ‪ 0‬ترفع قلبك إلى الله وتقول‬
‫له ‪ :‬اعنى يارب نعمة فى هذا العمل ‪ ،‬لنك أنت القائل " بدونى ل‬
‫تقدرون أن تعملوا شيئا ً " ) يو ‪ ( 5 : 15‬اعطنى يارب نعمة لكى‬
‫أنتصر فى حروبى ‪ 0‬فهوذا الكتاب يقول " الحرب للرب " ) ‪1‬صم ‪17‬‬
‫‪ ( 47 :‬والخلص يارب هو من عندك ‪ " 0‬وليس لديك مانع أن تخلص‬
‫بالكثير أو بالقليل ) ‪1‬صم ‪00 ( 6 : 14‬‬
‫صل أيضا ً وقل ‪ :‬اعطنى يارب نعمة تقوينى ‪ 0‬لننى أصلى دائما مع‬
‫المرتل وأقول " قوتى وتسبحتى هو الرب ‪ 0‬وقد صار لى خلصا ً‬
‫) مز ‪ ( 14 : 118‬اعطنى يارب نعمة تطهرنى انضح على بزوفاك‬
‫فأطهر ) مز ‪ " ( 50‬اغسلنى كثيرا ً من إثمى ‪ ،‬ومن خطيئتى طهرنى‬
‫" ) مز ‪ " ( 50‬توبنى فأتوب " ) أر ‪0 ( 18 : 31‬‬
‫اعطنى يارب نعمة تجعلنى أحبك أكثر من من كببل شببئ ‪ ،‬وأكببثر مببن‬
‫كل أحد ‪00‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬على أن النعمة إن لم تصل إلى النسان بصلته ‪ ،‬فقد تأتيه بصلة القديسين ‪ ،‬أو‬
‫بصلوات الكنيسة ‪0‬‬
‫أنت لست وحدك فى جهادك ‪ ،‬إنما هناك قديسون كثيرون يصلون‬
‫من أجلك ‪ 00‬سواء من القديسين الحياء أو الذين رحلوا عن عالمنا‬
‫الفانى ‪ 00‬ولعلنى أذكر كمثال صموئيل النبى الذى قال " حاشا لى‬
‫أن أخطئ إلى الرب ‪ ،‬فأكف عن الصلة من أجلكم " ) ‪1‬صم ‪23 : 12‬‬
‫( وكذلك قول القديس بولس الرسول " ) ذكرى إياكم دائما فى‬
‫أدعيتى ‪ ،‬مقدما ً الطلبة لجل جميعكم " ) فى ‪ ( 4 ، 3 : 1‬كذلك‬
‫الكنيسة تصلى باستمرار لجلك فى كل احتياجات حياتك وتلب لك‬
‫النعمة فى البركة التى تختم بها كل إجتماع ‪ ،‬بقول الب الكاهن "‬
‫محبة الله الب ونعمة إبنه الوحيد ‪ ،‬وشركة وموهبة الروح القدس‬
‫تكون مع جميعكم " ) ‪2‬كو ‪ ( 14 : 13‬ول ننس النعمة التى تأتينا عن‬
‫طريق شفاعة الملئكة وصلواتهم ‪0‬‬
‫‪‬‬
‫النعمة تصل إلينا أيضا ً فى كل سر من أسرار الكنيسة ‪:‬‬
‫فكل سر من أسرار الكنيسة سمى سرا ً لنه يحوى نعمة سرية ينالها‬
‫النسان عن طريق الصلة وعمل الكهنوت ‪0‬‬
‫ففى المعمودية مثل ً ينال نعمة غفران الخطايا ‪ ،‬نعمة البنوة لله‬
‫وللكنيسة ‪ ،‬وغير ذلك من النعم السرية التى ل يراها ‪ ،‬ولكنها توهب‬
‫له ‪ 0‬فالتبرير الذى يناله ‪ ،‬يقول عنه الكتاب " متبررين مجانا ً بالنعمة‬
‫) رو ‪0 ( 24 : 3‬‬
‫وفى سر الميرون ) المسحة المقدسة ( ينال نعمة أخرى هى سكنى‬
‫الروح القدس فيه ‪ 0‬وعن ذلك قال الرسول " أما تعلمون أنكم هيكل‬
‫الله ‪ ،‬وروح الله يسكن فيكم " ) ‪1‬كو ‪ ( 16 : 3‬وطبعا ً سكنى الروح‬
‫فينا هو نعمة سرية ل نراها ‪ ،‬وهى أيضا ً نعمة مجانا ً ‪0‬‬
‫وفى سر التوبة ينال النسان نعمة المغفرة ‪0‬‬
‫وفى سر الفخارستيا ينال المتناول نعمة الثبات فى الرب حسب‬
‫وعده ) يو ‪( 56 : 6‬‬
‫وفى سر الكهنوت ‪ ،‬ينال الكاهن الجديد نعمة أخرى سلطان الحل‬
‫والربط ‪ ،‬وممارسة السرار الكنيسة ‪0‬‬
‫وهكذا فى باقى السرار ‪ ،‬ينال ممارسها نعمة خاصة ‪00‬‬

‫‪‬‬
‫لذلك نحن أيضا ً نعمد الطفال ‪ ،‬ليس فقط من أجل خلصهم ) مر ‪ ( 16 : 16‬إنما‬
‫أيضا ً لكى نفتح أمامهم الباب ليقبلوا النعم التى فى السرار الكنسييية‬
‫‪0‬‬
‫لماذا نحرم الطفال من نعمة البنوة ‪ ،‬ومن النعم الخاصة بكل سر‬
‫من السرار المقدسة ؟! لماذا ننتظر عليهم إلى يكبروا ‪ ،‬ويقضوا كل‬
‫تلك الفترة محرومين من كل تلك النعم ‪ ،‬بينما كلها نعم مجانية ؟!‬
‫نقول أيضا ً إن الذى يحرم نفسه من بعض السرار المقدسة المتاحة‬
‫له ‪-‬كالعتراف والتناول ‪‬‬
‫إنما يحرم نفسه من نعمة توهب فى كل سر ‪000‬‬
‫‪‬‬
‫النعمة توهب أيضا ً للنسييان ‪ -‬ميين غييير السييرار ‪ ،‬وميين غييير أن يطلييب ‪ -‬كمجييرد‬
‫عطية من الله محبة الله وعنايته ‪0‬‬
‫الله الذى قيل عنه " من أجل صراخ المساكين وتنهد البائسين الن‬
‫أقوم ‪ ‬يقوم الرب ‪ ‬أصنع الخلص علنية " ) مز ‪ ( 5 :12‬وكما‬
‫قال الرب لموسى النبى " قد رأيت مذلة شعبى الذى فى مصر‬
‫وسمعت صراخهم بسبب مسخريهم ‪ 0‬إنى علمت أوجاعهم ‪ ، ،‬فنزلت‬
‫لنقذهم ‪ ) ( 00‬خر ‪0 ( 8 ، 7 : 3‬‬
‫مجرد أن الرب رأى مذلة الشعب ‪ ،‬وأنه سمع تنهد البائسين حتى‬
‫دون أن يطلب هؤلء أو أولئك ‪ ،‬يقوم الرب ليخلص ولينقذ ‪ 00‬هناك‬
‫أمثلة أخرى كثيرة فى الكتاب فيها النعمة توهب دون طلب ‪:‬‬
‫مثال ذلك أنقاذ أسحق ‪ ،‬والسكين مرفوعة عليه ‪:‬‬
‫ل اسحق طلب انقاذه ‪ ،‬ول ابراهيم طلب نجلة ابنه من يده ولكنه‬
‫النعمة اللهية تدخلت ‪ 0‬وإذا بابراهيم يسمع ذلك الصوت المملوء‬
‫حنوا ًً ‪ :‬ل تمد يدك إلى الغلم ‪ ،‬ول تفعل به شيئا ‪ ) " 00‬تك ‪: 22‬‬
‫‪ ( 12‬إن نعمة الله هى التى افتقدت اسحق فى تلك اللحظة‬
‫الحرجة ‪ ،‬وأنقذته ‪ ،‬دون طلب ‪00‬‬

‫‪‬‬
‫وأنت كذلك ‪ ،‬فى وقت ما ‪ ،‬دون جهد منك ‪ ،‬تزورك النعمة ‪:‬‬
‫تجد قلبك ملتهبا ً نحو الله ‪ ،‬ومشتاقا ً إلى الحياة ‪ 0‬وكأنك تسمع صوت‬
‫الله فى داخلك يدعوك إليه ‪ 00‬إنها زيارة من النعمة ‪0‬‬
‫أو فى وقت ما ‪ ،‬تجد عندك مقاومة للخطية أو كراهية لها لم تكن‬
‫عندك من قبل ‪ ،‬وليست بمجهود منك ‪ 00‬بل هبة من النعمة ‪ 0‬وعلى‬
‫رأى القديس باسيليوس الكبير الذى سأله أحدهم عن رأيه فى‬
‫الشخص الذى كان ينوى أن يرتكب خية ولم يرتكبها ؟ فقال‬
‫القديس ‪ :‬ل شك أنه أعين من النعمة ‪0‬‬
‫‪‬‬
‫ومن الجائز أيضا ً أن تأتيك النعمة ‪ ،‬من أجل رضى الوالدين أو ميين أجييل مسيياكين‬
‫قد أنقذتهم او فقراء اشفقت عليهم ‪0‬‬
‫بسبب بركة الوالدين تأتى النعمة ‪ ،‬لن المر باكرام الوالدين هو أول‬
‫وصية بوعد ) أف ‪ ( 2 : 6‬فمن أجل إكرامهما يهبك الله نعمة لن‬
‫حبهما لك يعمل كشفاعة فيك ‪00‬‬
‫كذلك يقول الكتاب " من يرحم الفقير ‪ ،‬يقرض الرب ‪ 0‬وعن معروفه‬
‫يجازيه " ) أم ‪ ( 17 : 19‬وكيف يجازيه ؟ ل شك بعمل النعمة فيه ‪0‬‬
‫وهكذا فى مثل وكيل الظلم ‪ ،‬يقول الرب " إصنعوا لكم أصدقاء بمال‬
‫الظلم " ) لو ‪ ( 9 : 16‬هؤلء الفقراء الذين أحسنت إليهم بهذا المال‬
‫الذى كنت قدظلمتهم قبل بعدم إعطائهم إياه ‪ ،‬يصيرون بإحسانك‬
‫إليهم أصدقاء لك يشفعون فيك فيرسل إليك الرب نعمته ‪ 00‬بل‬
‫النعمة أيضا ً تأتيك بسبب أى عمل خير قد فعلته ‪ 0‬وربما تكون قد‬
‫نسيته ‪ ،‬ولكن الله لم ينسه ‪ 0‬الله الذى ل ينسى حتى كأس الماء‬
‫البارد ) مت ‪0 ( 42 : 10‬‬
‫‪‬‬
‫وقد تأتيك النعمة بسبب تواضعك ‪0‬‬
‫وفى ذلك يقول الكتاب إن " الله يقاوم المستكبرين ‪ 0‬أما‬
‫المتواضعون فيعطيهم نعمة " ) يع ‪1 ) ( 6 : 4‬بط ‪ ( 5 : 5‬عجيبة هذه‬
‫الية التى اقتبسها أكثر من رسول ‪ 00‬على أن اللله قد يعطى نعمة‬
‫بسبب فضيلة أخرى ‪ 00‬حتى دون أن تطلب ‪0‬‬

‫ومما يدل على أن النعمة يعطيها الله أحيانا ً ‪ ،‬دون طلب من المنعم عليه ‪ ،‬أن الله‬
‫يمنح النعمة حتى للجمادات والعجمادات ‪0‬‬
‫لقد فكرت مرة كيف استطاع يوسف الصديق أن يخزن خلل السبع‬
‫سنوات السمان قمحا ً يكفى للسبع سنوات العجاف ؟! ورأيت فى‬
‫ذلك عجبا ً من أعمال النعمة فقلت فى نفسى ‪:‬‬
‫كيف أمكن للقمح المخزون أن يستمر فى المخازن سبع سيينوات أو أكييثر دون أن‬
‫يسوس ؟! أليس هذا عمل ً من أعمال النعمة ‪0‬‬
‫إنها النعمة التى حفظت القمح من السوس ‪ ،‬كما حفظت أجساد‬
‫الثلثة فتية فى أتون النار دون أن تحترق ‪ ،‬بل حفظت ملبسهم‬
‫أيضا ً ) دا ‪ ( 3‬وكما تحفظ أجساد بعض القديسين دون أن يدركهما‬
‫فساد ‪ ،‬فتظل بعد الموت سليمة لمئات السنين أو أكثر ‪00‬‬

‫‪‬‬
‫إنها النعمة التى افتقدت الرض ‪ ،‬وباركت إلى العام السادس ‪0‬‬
‫فإذا بغلة العام السادس تكفى لثلث سنوات كما قال الرب إنه يأمر‬
‫ببركته للناس فيها ) ل ‪ ( 21 : 25‬تماما ً حسب وعده أيضا ً للنسان‬
‫البار " مباركة تكون ثمرة أرضك ‪ 00‬مباركة تكون سلتك ومعجنك "‬
‫) تث ‪ ( 5 ، 4 : 28‬إنها نفس النعمة التى باركت كوز الزيت وكور‬
‫الدقيق فى بيت أرملة صرفة صيدا ‪ ،‬فلم يفرغا طول مدة المجاعة‬
‫أيام إيليا النبى ) ‪ 1‬مل ‪( 16 : 17‬‬
‫‪‬‬
‫وهكذا كثير من العامة يسمون الخبز نعمة ‪0‬‬
‫بل يسمون أيضا ً كل خير مادى يأتى للنسان إنه نعمة من الله ‪ 0‬إنها‬
‫نعمة الله التى تفتقد حتى العصافير الصغيرة يعطيها طعامها وهى‬
‫ل تزرع ول تحصد ول تجمع إلى مخازن ) مت ‪ ( 26 : 6‬وواحد منها ل‬
‫يسق بدون أبيكم ) مت ‪ " ( 29 : 10‬وليس واحد منها منسيا ً أمام الله‬
‫) لو ‪ ( 6 : 12‬ولذلك دون أن تطلب ‪0‬‬
‫نعمة الرب تهتم حتى بالدودة التى تسعى تحت حجر ‪00‬‬
‫‪‬‬
‫ونعمة الرب تهتم بالفراشات وزنابق الحقل ‪ 0‬حتى أنه ول سليمان فى كل مجده‬
‫كان يلبس كواحدة منها ) مت ‪( 29 : 6‬‬
‫النعمة تجول فى كل مكان تصنع خيرا ً ‪ ،‬توزع العطايا والمواهب‬
‫وتمنح المعونات ‪ 0‬ل تحرم أحدا ًً من افتقادها له ‪00‬‬
‫ل يوجد إنسان فى الدنيا لم يأخذ نصيبه منها ‪ 0‬تعامل الكل بمبدأ‬
‫تكافؤ الفرص " ‪ ،‬فل يستطيع أحدا ً ‪ ،‬يشكو قائل ً إنه قد حرم منها‬

‫‪‬‬
‫ومن أروع المثلة على اهتمام النعمة بالكل ‪ :‬مثل الزارع ) مت ‪( 13‬‬
‫لقد خرج ليزرع ‪ ،‬فألقى بذاره فى كل مكان ‪ 0‬نقرأ ببساطة أن بعض‬
‫البذار وقعت على الطريق ‪ ،‬والبعض على أرض محجرة والبعض‬
‫وسط الشوك ‪ ،‬والبعض فى أرض جيدة ‪ 0‬ومن جهة النعمة نرى‬
‫معنى عميقا ً ‪ ،‬نسأل فيه ‪ :‬أنت يارب كنت تعلم أن هذه الرض‬
‫محجرة ل تنبت نباتا ً ‪ ،‬ول مجال لبذار فيها ‪ 0‬فلماذا ألقيت عليها‬
‫بذارا ً ؟‬
‫يقول الرب ‪ :‬حتى الرض المحجرة ‪ ،‬ل أحرمها من نعمتى ‍!‬
‫لبد للرض الحجرة أن تأخذ فرصتها ‪ ،‬مثل الرض الجيدة تماما ً ‪0‬‬
‫وكذلك الرض المملوءة شوكا ً ‪ ،‬لبد أن تزورها نعمتى ‪ ،‬ولو يظهر‬
‫نباتا ً قليل ً ثم يختنق ‪ ! 00‬وحتى الرض الجيدة ‪ ،‬ألقى بذارى على كل‬
‫أنواعها ودرجاتها ‪ :‬ما ينبت ثلثين ‪ ،‬وما ينبت ستين ‪ ،‬وما ينبت مائة‬
‫‪00‬‬
‫إننى ألقى بذارى فى كل موضع ‪ ،‬حتى لو أكله الطير ‪ 0‬أعطى كل إنسان فيضا ً‬
‫من نعمتى ‪ ،‬وأترك الباقى لحريته ‪00‬‬
‫‪‬‬
‫ً‬
‫فى اختيار التلميذ ‪ :‬نجد أن النعمة أيضا لم تقتصر على المثالين‬
‫مثل يوحنا الحبيب ‪ 0‬إنما أعطت فرصة لنسان شكاك مثل توما ‪،‬‬
‫ولخر مندفع مثل بطرس ‪ 0‬أعطت الفرصة لجهال العالم وضعفاء‬
‫العالم ‪ ،‬وأيضا ً للذدرى وغير الموجود ) ‪1‬كو ‪ ( 28 ، 27‬وكذلك‬
‫لشخص مثا شاول الطرسوسى الذى قال عن نفسه " أنا الذى كنت‬
‫قبل ً مجدفا ً ومضطهدا ً ومفتريا ً ‪1 ) " 00‬تى ‪ ( 13 : 1‬بل أكثر من هذا‬
‫كله ‪ ،‬زارت النعمة إنسانا ً خائنا ً مثل يهوذا ‪ ،‬وأجاسته فى صحبة‬
‫الرسل الول ‍!‬
‫‪‬‬
‫ومن جهة النبوة زارت النعمة إنسانا ً خائنا ً ومحبة للمال ‪ ،‬هو بلعام ‪0‬‬
‫فتنبأ نبوءات صادقة عن المسيح ) عد ‪ ( 24 - 22‬كذلك زارت النعمة‬
‫شاول الملك ) الذى رفضه الرب فيما بعد ( فتنبأ هو أيضا ً حتى تعجب‬
‫؟! " ) ‪1‬صم ‪( 11 : 10‬‬ ‫الناس قائلين " أشاول أيضا ً بين النبياء ‍‬

‫‪‬‬
‫ومن جهة الرعاية ‪ ،‬أتت النعمة أيضا ً إلى ديماس ‪0‬‬
‫فصار من تلميذ بولس الرسول ومن خير معاونيه ) كو ‪ ( 14 : 4‬ول‬
‫شك أن كثيرين آمنوا على يديه ‪ 00‬أما كونه فيما بعد ترك الخدمة أو‬
‫ترك اليمان ‪ ،‬وأحب العالم الحاضر ) ‪2‬تى ‪ ( 9 : 4‬فإن هذا ل يمنع‬
‫من أنه قد أخذ نصيبه من النعمة ‪00‬‬
‫ل يستطيع ديماس أن يقول " تركتنى النعمة ‪ ،‬أو لم تفتقدنى " ! كل‬
‫لقد أخذ نصيبه منها ‪ ،‬وكان نصيبا ً وافرا ً ‪0‬‬

‫ولكن نعمة فى عملها ‪ ،‬ل تلغى حرية النسان ‪00‬‬


‫‪‬‬
‫أيضا ً نعمة الكهنوت زارت أريوس ونسطور وأوطاخى ‪ ،‬وغيرهم من الذين فيما‬
‫بعد فى بدع وهرطقات ‪0‬‬
‫إنه مبدأ تكافؤ الفرص " الذى أعطت به النعمة النبوة لبلعام وشاول‬
‫‪ 0‬ودعت إلى التلمذة ديماس ‪ ،‬وإلى الخدمة نيقولوس ) أع ‪) ( 5 : 6‬‬
‫رؤ ‪ ( 15 : 2‬حتى ل يحتج أحد بأنه لم يأخذ نصيبا ً من الخدمة ‪0‬‬

‫ونقصد بها الدعوة إلى الخدمة أو إلى الكهنوت ‪ 0‬هذه التى قيل عنها‬
‫‪:‬‬
‫" ل يأخذ أحد هذه الوظيفة ) أو الكرامة ( بنفسه ‪ ،‬بل المدعو من الله كما هارون‬
‫) عب ‪( 4 : 5‬‬
‫ليس النسان هو الذى يدعو ‪ ،‬أو يقحم نفسه فى هذه الخدمة ‪ ،‬بل‬
‫الدعوة تأتيه من الله ‪ ،‬بعمل النعمة ‪ 0‬لهذا قال السيد المسيح‬
‫لتلميذه " لستم أنتم الذين اخترتمونى ‪ ،‬بل أنا الذى أخترتكم " ) يو‬
‫‪ ( 16 : 15‬وأقمتكم لتذهبوا وتأتوا بثمر ويدوم ثمركم " وقال أيضا ً ‪:‬‬
‫" أنا أخترتكم من العالم " ) يو ‪( 29 : 15‬‬
‫الدعوة إذن عمل من أعمال النعمة ‪ 0‬لذلك يقول الكتاب ‪:‬‬
‫" الذين سبق فعرفهم ‪ ،‬سبق فعينهم ‪ 00‬وهؤلء دعاهم أيضا ً ) رو ‪( 29 ، 28 : 8‬‬
‫إذن النعمة دعت هؤلء ‪ ،‬بناء على علم الله السابق بما سيكونون‬
‫عليه بكامل إرادتهم فى حياتهم المقبلة ‪ 0‬كما حدث مع يعقوب‬
‫وعيسو ‪ " 0‬لنهما وهما لم يولدوا بعد ‪ ،‬ول فعل خيرا ً أو شرا ً ‪00‬‬
‫قيل لها ) لرفقة ( ‪ :‬إن الكبير يستعبد للصغير ) رو ‪( 12 ، 11 : 9‬‬
‫) تك ‪( 23 : 25‬‬

‫‪‬‬
‫وهكذا فإن أعجب نوع من الدعوة ‪ ،‬الذين دعاهم الله من بطون أمهاتهم !‬
‫مثل ما دعا يوحنا المعمدان من بطن أمه ‪ ،‬ومله من الروح القدس ‪،‬‬
‫لكى يتقدم أمامه بروح إيليا وقوته ) لو ‪ ( 16 ، 15 : 1‬ليكون الملك‬
‫الذى يهيئ الطريق قدامه ) مر ‪ ) ( 2 : 1‬مل ‪( 1 : 3‬‬
‫ومثلما دعا شمشون ونذره لنفسه قبل أن يولد ) قض ‪( 5 : 13‬‬
‫وفيما بعد صار روح الرب يحركه ) قض ‪( 25 : 13‬‬
‫ومن أجمل هذه المثلة ‪ ،‬قول الرب لرمياء ‪:‬‬
‫" قبلما صورتك فى البطن عرفتك ‪ 0‬وقبلما خرجت من الرحم قدستك ‪ 0‬جعلتك‬
‫نبيا ً للشعوب " ) أر ‪( 5 : 1‬‬
‫حقا ً ‪ ،‬ماذا كانت إرادة أرميا قبل أن يولد ؟ أو ماذا كانت قوته أو‬
‫اتجاهاته ! وحتى بعد ولدته ‪ 0‬هذا الذى قال " ل أعرف أن أتكلم‬
‫لنى ولد " ) أر ‪ ( 6 : 1‬ولكنها إرادة الله ‪ ،‬ونعمته التى اختارت ‪00‬‬
‫‪‬‬
‫إنها النعمة التى دعت أشخاصا ً معينين ‪ ،‬بناء على إرادة الله الصالحة‬
‫وحكمته ‪ 0‬وفى ذلك قال بولس الرسول ‪:‬‬
‫لما سر الله الذى أفرزنى من بطن أمى ‪ ،‬ودعانى بنعمته ‪ ،‬أن يعلن ابنه ‪ ،‬لبشر‬
‫به بين المم ‪ ،‬للوقت لم أستشر لحما ً ول دما ً ) غل ‪( 16 ، 15 : 1‬‬
‫جميلة هذه العبارة " دعانى بنعمته " وعميقة فى تعبيرها عن هذا‬
‫القديس ‪ 0‬حقا ً إن شاول الطرسوسى الذى كان يضطهد الكنيسة‬
‫بعمق ‪ ،‬ويسطو على الكنائس ويدخل البيوت ويجر رجال ً ونساء ‪،‬‬
‫ويدخلهم إلى السجن " ) أع ‪ 0 ( 3 : 8‬هل كان يظن هذا النسان أنه‬
‫سوف يصير رسول ً للمسيح ومبشرا ً به بين المم ؟! كان ذلك‬
‫مستحيل ً ‪ 0‬ولكن النعمة افتقدته فى طريق دمشق ‪ 0‬وقال له الرب‬
‫" صعب عليك أن ترفس مناخس " ) أع ‪ 00 ( 5 : 9‬ولم تكن تلك‬
‫المناخس إل عمل النعمة فيه ‪00‬‬
‫‪‬‬
‫لعل العض يقول ‪ :‬وما ذنبى أن الله لم يدعنى ؟!‬
‫نقول له ‪ :‬ل ذنب لك ‪ ،‬إل لو كانت شخصيتك ل صلحية لها للعمل‬
‫بسبب نقائص أو أخطاء ‪ 00‬أو قد أعد لك طريقا ً آخر ‪ 00‬وعلى‬
‫العموم ليست الدعوة إلى الخدمة ‪ ،‬سوى إلى صليب تحمله ‪ ،‬وإلى‬
‫مسئولية ‪ ،‬وإلى تعب وجهد وعرق ودموع وفيها " كل واحد سيأخذ‬
‫أجرته بحسب تعبه " ) ‪1‬كو ‪( 8 : 3‬‬
‫وقد ل تكون رسول ً ول نبيا ً ‪ ،‬ولكن " أجر نبى تأخذ " ) مت ‪ ( 41 : 10‬فل تتضايق‬
‫إذن إن لم تكن نبيا ً !‬
‫إن الله ل يهمه نوعية العمل الذى تعمله ‪ ،‬بقدر ما يهمه نوعية القلب‬
‫الذى يعمل ‪ ،‬وأسلوبه فى العمل وعمقه ‪0‬‬
‫ً‬
‫اسطفانوس الشماس ‪ ،‬لم يكن رسول ً ول اسقفا ‪ ،‬بل مجرد شماس‬
‫ومع ذلك كان لعملع عمق كبير ‪ ،‬ورأى الناس وجهه وكأنه وجه ملك‬
‫) أع ‪ ( 15 : 6‬واستحق أن يرى السماء مفتوحة ) أع ‪( 56 : 7‬‬

‫فإن كانت الخدمة نعمة ‪ ،‬فماذا نقول إذن عن الذين يدعون‬


‫فيرفضون !!‬
‫أو على القل تصلهم الدعوة فيعتذرون عنها بأسباب كثيرة ‪ 00‬أو‬
‫ترفضها زوجاتهم أو آباؤهم وأمهاتهم ‪ 00‬أو يحتجون بأ ‪ ،‬الدعوة‬
‫ليست واضحة ‪ ،‬وأنه تلزمهم أدلة وبراهين وإثباتات !!‬
‫إن رفض الدعوة أو إهمالها أو العتذار عنها ‪ ،‬أمر خطير ينبغى أن‬
‫يعمل له النسان ألف حساب ‪ 0‬والذى يرفض الكهنوت من أجل سبب‬
‫عالمى ‪ ،‬إنما يرفض أن يكون وكيل ً لله ) ‪1‬كو ‪ ( 1 : 4‬وخادما ً لمذبحه‬
‫ووسيطا ً للسرار اللهية ‪ ،‬وشفيعا ً بين الله والناس ‪0‬‬
‫‪‬‬
‫الدعوة نعمة تقدم للناس ‪ 0‬هناك من يقبلها ‪ 0‬وهناك من يرفضها ‪00‬‬
‫لقد سبق للرب أن دعا أشخاصا ً " فابتدأ الجميع برأى واحد يستغفون‬
‫‪ 0‬فقال الول إنى أشتريت حقل ً ‪ ،‬وأنا مضطر أن أخرج وأنظره ‪0‬‬
‫أسالك أن تعفينى ‪ 0‬وقال آخر إنى أشتريت خمسة أزواج بقر ‪ ،‬وأنا‬
‫ماض لمتحنها ‪ 0‬أسالك أن تعفينى ‪ 0‬وقال آخر إنى تزوجت بإمرأة ‪0‬‬
‫ل أقدر أن أجئ " ) لو ‪ ( 20 -18 : 14‬وكان كل أولئك رموزا ً لرفض‬
‫الدعوة اللهية ‪00‬‬
‫وكذلك الشاب الغنى ‪ ،‬الذى أوضح له الرب الطريق " فمضى حزينا ً ‪،‬‬
‫لنه كان ذا أموال كثيرة " ) مت ‪0 ( 22 : 19‬‬
‫كل أولئك قابلوا نعمة الدعوة بالرفض ‪ 0‬ولم يرغمهم الرب على‬
‫القبول ‪0‬‬

‫‪‬‬
‫ما نقوله عن الذين يرفضون الكهنوت ‪ ،‬نقوله أيضا ً فى مجال الرهبنة ‪0‬‬
‫تحرك النعمة قلب إنسان للزهد فى العالم والتفرغ لله ‪ ،‬فليلتهب‬
‫قلبه للبدء فى هذا الطريق الملئكى ‪ ،‬فتقوم قائمة أسرته كما لو‬
‫كان قد هلك أو سيهلك! كما لو كانت الرهبنة تهمة أو عارا ً ‪!! 00‬‬
‫ولماذا ؟! أليست نعمة أن يسكن فى بيت الرب ‪ ،‬ويستمع إلى قول‬
‫المزمور " طوبى لكل السكان فى بيتك ‪ 0‬يبارمونك إلى البد " ) مز‬
‫‪ 00 ( 4 : 84‬أو قوله أيضا ً " واحدة طلبت من الرب وإياها ألتمس ‪:‬‬
‫أن‬
‫أسكن فى بيت الرب كل أيام حياتى ‪ 0‬لكى أنظر نعيم الرب ‪،‬‬
‫وأتفرس فى هيكله المقدس ) مز ‪( 4 : 27‬‬

‫‪‬‬
‫ً‬
‫النعمة تعرض على البعض ‪ ،‬فل يرون أنها نعمة ‪ 0‬ويظنون أن حياتهم بعيدا عن‬
‫هذه النعمة هى أفضل !!‬
‫ينطبق على هؤلء قول المثل الشعبى " ده مش وش نعمة ! ويدخل‬
‫فى هذا المجال أيضا ً كل الذين عمل التكريس لخدمة الرب ‪ 0‬بعكس‬
‫هؤلء شاول الرسوسى الذى لما أتته النعمة قال " للوقت لم‬
‫استشر لحما ً ول دما ً ‪ ،‬ول صعدت إلى أورشليم ‪ ،‬إلى الرسل الذين‬
‫كانوا قبلى " ) غل ‪( 17 : 1‬‬
‫‪‬‬
‫وعكس هؤلء أيضا ً قديسون آخرون قبلوا الدعوة ‪:‬‬
‫متى العشار ‪ ،‬الذى دعى وهو فى مكان الجباية ‪ ،‬فقام وترك كل‬
‫شئ وتبع الرب ) مت ‪ ( 9 : 9‬وبطرس وإندراوس ‪ ،‬لما دعاهم الرب ‪،‬‬
‫تركا السفينة والشباك وسارا وراءه ليصيرا من صيادى الناس ) مت‬
‫‪ ( 20 - 18 : 4‬وكذلك فعل يعقوب ويوحنا أخوه ) مت ‪( 22 ، 21 : 4‬‬
‫وبالمثل فعلت المرأة السامرية التى تركت جرتها ومضت تبشر به‬
‫) يو ‪ ( 28 : 4‬ومن قبل ترك موسى قصر فرعون حاسبا ً عار المسيح‬
‫غنى أعظم من خزائن مصر " ) عب ‪ ( 26 : 11‬وبالمثل فعل أبونا‬
‫ابراهيم ‪ ،‬لما ترك أهله وعشيرته وبلده ‪ ،‬ومضى وراء الله ‪ ،‬وهو ل‬
‫يعلم إلى أين يذهب ) عب ‪0 ( 8 : 11‬‬
‫كل أولئك استجابوا للدعوة وأطاعوا ‪ ،‬وضحوا من أجلها ‪0‬‬
‫‪‬‬
‫فإن لم تدعوا أنتم دعوة كبيرة كهؤلء ‪ 0‬فعل القل دعيتم لكى‬
‫تكونوا هياكل لله ومسكنا ً لروحه القدوس ) ‪1‬كو ‪ ( 16 : 3‬ليعمل الله‬
‫فيكم وبكم ‪ 00‬فمن منكم يجرؤ أن يرفض تلك الدعوة اللهية ؟! ليت‬
‫كل إنسان يصلى بدموع أن ينال هذه الدعوة ‪ ،‬وأن يراه الله مستحقا ً‬
‫لها ‪ 0‬ول يكون كالذى تمر به الدعوة اللهية ‪ ،‬فل يراها ول يشعر بها‬
‫‪ 0‬كما قيل إن النور أضاء فى الظلمة ‪ ،‬والظلمة لم تدركه " ) يو ‪: 1‬‬
‫‪00 ( 5‬‬
‫‪‬‬
‫نضرب مثل ً غير هؤلء وهو ‪:‬‬
‫هناك أشخاص يلقون بأنفسهم فى طريق الرب ‪ ،‬فيدعوهم بنعمته ‪:‬‬
‫هم الذين يبدأون ‪ 0‬ثم يدعوهم الله حينما يرى أمانتهم ‪ ،‬أو بعد ان‬
‫يعدهم إعدادا ً صالحا ً للخدمة ‪ 0‬مثل موسى المير الذى ألقى بنفسه‬
‫فى طريق الخدمة ‪ 0‬ولكنه ارتكب أخطاء فى البداية ‪ 0‬فأخذه الله‬
‫وأعده فى البرية ‪ ،‬ثم أرسله ) خر ‪ ( 3 ، 2‬وفى يوم من اليام ‪ ،‬أتاه‬
‫صوت الله من العليقة " أنا إله أبيك ابراهيم وإله اسحق ‪ ،‬وإله‬
‫يعقوب ‪ 00‬إنى رأت مذلة شعبى الذى فى مصر ‪ 00‬فالن هلم‬
‫فأرسلك إلى فرعون ‪ ) " 00‬خر ‪0 ( 10-3 : 3‬‬
‫‪‬‬
‫اشعياء النبى مثل من أعجب المثلة فى الدعوة ‪0‬‬
‫سمع صوت الرب قائل ً " من أرسل ؟ ومن يذهب من أجلنا ؟ ‪00‬‬
‫) أش ‪ ( 8 : 6‬فقدم اشعياء نفسه وقال " هأنذا فأرسلنى " ‪00‬‬
‫من منكم ‪ -‬كاشعياء ‪ -‬يلقى نفسه أمام الرب قائل ً ‪ :‬هأنذا‬
‫فارسلنى ؟‬
‫إن الدعوة نعمة من الله ‪ 0‬هناك من يسعى إليها ‪ 0‬وهناك من تأتيه‬
‫النعمة دون سعى منه ‪ ،‬فيقبلها ‪ 0‬وهناك من تأتيه فيرفضها ‪0‬‬
‫وهناك أشخاص يعقدون المور ‪ 0‬وكلما تأتيهم النعمة يشكون ‪00‬‬
‫ويتساءلون أحقا هذه دعوة ؟! ول يميزون صوت الله ‪00‬‬
‫نشكر الله الذى دعانا جميعا ً بنعمته ‪ ،‬لكى نكون ابناء الله ‪ ،‬أمة‬
‫مقدسة وكهوتا ً مقدسة ‪ ،‬مبنيين كحجارة حية ‪ ،‬بيتا ً روحيا ً ‪ 00‬جنسا ً‬
‫مختارا ً وكهنوتا ً ملوكيا ً ) ‪1‬بط ‪( 9 ، 5 : 2‬‬
‫نحن ل نستطيع أن نحمى أنفسنا أو نحفظ أنفسنا ‪ ،‬من أى خطر أو‬
‫من أى شر ‪ 0‬الله هو الذى يحافظ علينا ‪ 0‬لهذا نصلى قائلين ‪:‬‬
‫ل تدخلنا فى تجربة ‪ ،‬لكن نجنا من الشرير ) مت ‪( 13 : 6‬‬
‫لو كنا نحن نستطيع أن ننجى أنفسنا ‪ ،‬ما كنا نطلب من الله فى كل‬
‫يوم أن ينجينا من الشرير ‪ 0‬ونقول فى تحليل صلة الغروب يوميا ً ‪:‬‬
‫" نجنا من حيل المضاد ‪ ،‬وابطل سائر فخاخه المنصوبة لنا " ‪00‬‬
‫وأيضا ً نلب فى صلة النوم قائلين ‪ :‬تفضل يارب أن تحفظنا فى هذا‬
‫بغير خطية ‪00‬‬
‫‪‬‬
‫الحفظ الذى نطلبه من نعمة الله ‪ ،‬هو حفظ من التجارب والضيقات ‪ ،‬وحفظ من‬
‫السقوط فى الخططية ‪ ،‬وحفظ من مكايد الشيطان والناس الشرار ‪0‬‬
‫حقا ً إننا ل نحمى أنفسنا ‪ ،‬وإنما الله هو الذى يحمينا ‪ 0‬وما أكثر‬
‫المزامير التى تغنى بها داود النبى فى هذا المعنى ‪00‬‬
‫إننا كثيرا ً ما نعتمد على عقولنا وعلى قوتنا لتحفظنا ‪ ،‬أو قد نعتمد‬
‫على الناس وحيلهم أو على سلطانهم ‪ ،‬ونترك العتماد على نعمة‬
‫الله الحافظة ‪ 0‬ويقف أمامنا قول المرتل فى المزمور ‪:‬‬
‫" إن لم يبن الرب البيت ‪ ،‬فباطل ً هو تعب البناءون "‬
‫وإن لم يحرس الرب المدينة ‪ ،‬فباطل ً سهر الحارس " ) مز ‪( 1 : 127‬‬
‫ويقول فى مزمور آخر ‪ " :‬التكال على الرب ‪ ،‬خير من التكال على‬
‫البشر ‪ 0‬الرجاء بالرب ‪ ،‬خير من الرجاء بالرؤساء " ) مز ‪، 8 : 118‬‬
‫‪(9‬‬
‫‪‬‬
‫كان يعقوب أو الباء هاربا ً من بطش عيسو أخيه ‪ 0‬ثم افتقدته فى‬
‫الطريق نعمة الله الحافظة ‪ 0‬وقال له الرب ‪:‬‬
‫" ها أنا معك ‪ ،‬وأحفظك حيثما تذهب ‪ ،‬وأردك إلى هذه الرض " ) تث ‪( 15 : 28‬‬
‫ووفى الله بوعده ‪ 0‬وكان الحفظ اللهى مع يعقوب طوال رحلته‬
‫فى ذلك الهروب حتى أعاده سالما ً إلى بيت أبيه ‪ 0‬حفظه من لبان‬
‫الذى جرى وراءه فى هروبه وفتش أمتعته ‪ ،‬وحذر الله لبان من جهة‬
‫يعقوب ) تك ‪ ( 29 ، 24 : 31‬وحفظه الله من أهل شكيم ‪ ،‬فلم‬
‫ينتقموا منه ) تك ‪ ( 31 ، 30 : 34‬وحفظه الرب من عيسو أخيه فلم‬
‫يؤذه بشئ ) تك ‪ ( 33‬على الرغم من أن يعقوب كان خائفا ً منه جدا ً )‬
‫تك ‪( 11 : 32‬‬
‫‪‬‬
‫حقا ً ‪ ،‬لو ل نعمة الله الحافظة ‪ ،‬لهلكنا جميعا ً ‪0‬‬
‫ما أكثر الخطار التى تقوم علينا ‪ ،‬ونتعرض لها فى عنفها ‪ 0‬ولكننا‬
‫فى هذه جميعها يعظم انتصارنا بالذى أحبنا " ) رو ‪ ( 37 : 8‬ونصلى‬
‫قائلين فى المزمور " لو ل أن الرب كان معنا ‪-‬حين قام الناس‬
‫علينا ‪ ،‬لبتلعونا ونحن أحياء عند سخط غضبهم علينا ‪ 00‬نجت أنفسنا‬
‫مثل العصفور من فخ الصيادين ‪ 0‬الفخ أنكسر ونحن نجونا عوننا من‬
‫عند الرب الذى صنع السماء والرض " ) مز ‪( 124‬‬
‫؟! أكان يستطيع أن يكسر‬ ‫يقينا ‪ ،‬ماذا كان يستيع هذا العصفور المسكين أن يفعل ‍‬
‫فخ الصيادين بنفسه ؟! محال ‪00‬‬
‫ومع ذلك فهو يصلى وقول " الفخ أنكسر ‪ ،‬ونحن نجونا " وتسأله‬
‫كيف أنكسر ؟! فيجيب ‪ :‬إنها نعمة الله الحافظة ‪ 0‬النعمة التى نفتقد‬
‫الضعفاء ‪ 0‬والتى تغنى بها داود فقال جميع عظامى تقول ‪ :‬يارب ‪،‬‬
‫من مثلك ؟! المنقذ المسكين ممن هو أقوى منه ‪ ،‬والفقير والبائس‬
‫من سالبه " ) مز ‪00 ( 10 : 35‬‬
‫‪‬‬
‫ويقول نفس المعنى فى مزمور آخر ‪:‬‬
‫كثيرة هى أحزان الصديقين ‪ ،‬ومن جميعها ينجيهم الرب ) مز ‪( 19 : 34‬‬
‫ويقول بعدها مباشرة " يحفظ جميع عظامهم ‪ ،‬وواحدة منها ل‬
‫تنكسر " ) مز ‪ ( 10 : 34‬نعم ‪ ،‬غنها النعمة الحافظة ‪ 00‬وفيها يعدنا‬
‫الرب فى المزمور فيقول " ل تخش من خوف الليل ‪ ،‬ول من يطير‬
‫بالنهار ‪ 0‬يسقط عن يسارك ألوف ‪ ،‬وعن يمينك ربوات ‪ ،‬وأما أنت‬
‫فل يقتربون إليك ‪ 00‬لتصيبك الشرور ‪ ،‬ول تدنو ضربة من مسكنك ‪0‬‬
‫لنه يوصى ملئكته بك ليحفظوك فى سائر طرقك ‪ 0‬على ايديهم‬
‫يحملونك ‪ ،‬لئل تعثر بحجر رجلك " ) مز ‪ ( 91‬حقا ً إنها النعمة‬
‫الحافظة ‪00‬‬
‫‪‬‬
‫والنعمة الحافظة لها مزمور خاص ‪ ،‬تكثر فيه عبارة ) يحفظك( فيقول ‪:‬‬
‫" الرب يحفظك ‪ 0‬الرب يظلل على يدك اليمنى ‪ ،‬فل تضربك‬
‫الشمس بالنهار ‪ ،‬ول القمر بالليل ‪ 0‬الرب يحفظك من كل سوء ‪0‬‬
‫الرب يحفظ نفسك ‪ 0‬الرب يحفظ دخولك وخروجك ‪ ،‬من الن وإلى‬
‫الدهر ‪ ،‬هللويا " ) مز ‪0 ( 121‬‬
‫هذه هى النعمة الحافظة التى تتولك فى كل أمورك ‪ ،‬وفى كل‬
‫تحركاتك ‪ ،‬فى دخولك وخروجك ‪ ،‬وتحفظ نفسك ‪0000‬‬
‫‪‬‬
‫الرب هو سور خلصنا ‪ ،‬يرعانا ويحفظنا من كل سوء يحفظنا كلما‬
‫أراد العداء إسقاطنا ‪ 0‬وفى ذلك يقول المرتل ‪:‬‬
‫" دفعت لسقط ‪ ،‬والرب عضدنى " ) مز ‪0 ( 13 : 118‬‬
‫هى النعمة الحافظة ‪ ،‬التى تحفظنا من السقوط ‪0‬‬
‫لغن وجدت نفسك قائما ً ولم تسقط ‪ ،‬فل تفتخر كأنك أقوى من‬
‫السقوط ‪ 0‬فالكتاب يقول عن الخطية ‪ " :‬طرحت كثيرين جرحى ‪،‬‬
‫وكل قتلها أقوياء " ) أم ‪ ( 26 : 7‬إنما هى النعمة الحافظة ‪ ،‬التى‬
‫حفظتك من السقوط فلم تسق ‪ 0‬ولو أن النعمة تخلت عنك ولو‬
‫لحظة لشابهت الساقطين فى الجب ‪ 0‬هوذا المرتل يقول ‪:‬‬
‫" فى الطريق التى أسلك أخفوا ً لى فخا ً ‪ 0‬تأملت عن اليمين‬
‫وأبصرت ‪ ،‬فلم يكن من يعرفنى ‪ 0‬ضاع المهرب منى ‪ ،‬وليس من‬
‫يسأل عن نفسى ‪ 0‬فصرخت إليك يارب بن وقلت أنت هو رجائى‬
‫وحظى فى أرض الحياء ‪ 00‬نجنى من الذين يضطهدونى ‪ ،‬فإنهم قد‬
‫أعتزوا أكثر منى ‪ ) " 00‬مز ‪( 6- 3 : 142‬‬
‫‪‬‬
‫إن النعمة الله الحافظة لنا ‪ ،‬يمكن أن تحول حياتنا كلها إلى شكر ‪0‬‬
‫فنتغنى بعمل النعمة معنا ‪ ،‬فى كل ما نتعرض له من مشاكل ‪0‬‬
‫ونقول " باركى يا نفسى الرب ‪ ،‬ول تنس كل حسناته " ) مز ‪: 103‬‬
‫‪ ( 2‬ونقول مع المرتل "" سبحى الرب يا أورشليم سبحى إلهك يا‬
‫صهيون ‪ 0‬لنه قوى مغاليق أبوابك ‪ ،‬وبارك بنيك فيك ‪ 0‬الذى جعل‬
‫تخومك فى سلم ‪ ،‬ويملك من شحم الحنطة " ) مز ‪( 14 - 12 : 147‬‬
‫‪0‬‬

‫‪‬‬
‫ونعمة الله الحافظة تجعلنا نعيش فى اطمئنان وإيمان ‪ ،‬واثقين بعمل النعمة من‬
‫أجلنا ‪ ،‬فى حفظنا ‪0‬‬
‫فى هذه الثقة بعمل النعمة الحافظة نقول للرب " إن سرت فى‬
‫وادى ظل الموت ‪ ،‬ل أخاف شرأ ً لنك أنت معى ‪ 0‬عصاك وعكازك‬
‫هما يعزياننى " ) مز ‪ 0 ( 4 : 23‬أيضا ً نقول أنا مطمئن " ) مز ‪3 : 27‬‬
‫( ‪ 00‬ولماذا هذا الطمئنان وعدم الخوف ؟ سببه الثقة بالنعمة‬
‫الحافظة ‪ 0‬فأنا واثق من قبل بعمل النعمة الحافظة معى ‪ 0‬لنه "‬
‫عندما اقترب إلى الشرار ليأكلوا لحمى ‪ ،‬مضايقى وأعدائى عثروا‬
‫وسقطوا " ) مز ‪( 2 : 27‬‬
‫هذه النعمة الحافظة ‪ ،‬هى التى حفظت دانيال فى جب السود ‪0‬‬
‫وتغنى دانيال بهذا فقال " إلهى أرسل ملكه ‪ ،‬فسد أفواه السود‬
‫) دا ‪ ( 21 : 6‬أكان دانيال يستطيع أن ينقذ نفسه من بطش السود‬
‫به فى الجب ؟! كل ‪ ،‬طبعا ً ‪ 0‬ولكنها النعمة الحافظة ‪00‬‬
‫‪‬‬
‫ونفس الوضع بالنسبة إلى الثلثة فتية فى أتون النار ‪0‬‬
‫وبالنسبة إلى الفتى داود أمام جليات الجبار ‪0‬‬
‫النعمة التى حفظت الثلثة فتية ‪ " ،‬فلم تكن للنار قوة على‬
‫أجسامهم ‪ ،‬وشعرة من رؤوسهم لم تحترق " ) دا ‪ ( 27 : 3‬وخرجوا‬
‫من النار أحياء على الرغم من أن نبوخذ نصر كان قد " أمر أن يحموا‬
‫التون سبعة أضعاف أكثر مما كان معتادا ً أن يحمى " ) دا ‪( 19 : 3‬‬
‫ولكنها النعمة الحافظة هى أنقذتهم ‪0‬‬
‫وهكذا النعمة الحافظة حفظت داود من بطش جليات الجبار الذى لما‬
‫رأه " احتقره ‪ ،‬لنه كان غلما ً وأشقر جميل المنظر " ) ‪1‬صم ‪: 17‬‬
‫‪ ( 42‬فماذا تستطيع حصاة فى مقلع ذلك الغلم أن تفعل ؟! إنها‬
‫النعمة الحافظة ‪00‬‬
‫‪‬‬
‫النفس البشرية مهما كانت ضعيفة ‪ ،‬تشعرها النعمة الحافظة‬
‫بالطمئنان ‪ 0‬فينظر إليه الملئكة وينشدون ‪:‬‬
‫من هذه الطالعة من البرية مستندة على حبيبها ) تش ‪( 5 : 8‬‬
‫طالعة من برية العالم ‪ ،‬مستندة على النعمة الحافظة التى تحيط بها‬
‫الرب الذى تحبه ‪ 0‬لنها بذاتها ل تستطيع شيئا ً ) يو ‪ ( 5 : 15‬ولكنها‬
‫فى كل حياتها تستند على الحفظ اللهى الذى تقدمه النعمة ‪ 00‬إنها‬
‫ل تدعى القوة ‪ 0‬بل تقف أمام الله كالطفال ‪00‬‬
‫‪‬‬
‫يقول الوحى اللهى ‪:‬‬
‫" حافظ الطفال هو الرب " ) مز ‪( 6 : 116‬‬
‫حافظ المتضعين والبسطاء ‪ ،‬الذين ل يعتمدون على ذراعهم‬
‫البشرى ‪ ،‬وإنما على نعمة الله الحافظة ‪ 0‬كالطفل الذى حينما يسير‬
‫فى ميدان عام مزدحم ‪ ،‬لبد أن يمسك بيد أبيه ‪ 0‬وكالشعب أيام‬
‫موسى النبى ‪ ،‬ما كان قادرا ً أن يقف أمام فرعون ومركباته‬
‫وفرسانه ‪ 0‬بل اعتمد على نعمة الرب ‪ ،‬حسب قول موسى النبى ‪:‬‬
‫" الرب يقاتل عنكم ‪ ،‬وأنتم تصمتون " ) خر ‪( 14 : 14‬‬
‫فما معنى عبارة " الرب يقاتل عنكم " ؟ معناه أن نعمة الرب سوف‬
‫تحفظكم ‪ 0‬هى التى تشق البحر أمامكم ‪ ،‬وتجعل المياه مثل سور‬
‫عن يمينكم ويساركم إلى أن تعبروا بسلم " ) خر ‪0 ( 22 : 14‬‬
‫انتم ل تستطيعون أن تحافظوا على أنفسكم فى وسط البحر‬
‫ومركبات فرعون خلفكم ‪ 0‬إنما نعمة الله هى التى تحفظكم سالمين‬
‫‪0‬‬
‫فل يقوى عليكم فرعون ‪ ،‬ول يقوى عليكم البحر الحمر ‪00‬‬
‫‪‬‬
‫نعمة الله هى التى حفظت الشهداء أثناء محاكماتهم وأثناء تعذيتهم ‪0‬‬
‫حفظتهم من كل الغراءات التى تعرضوا لها ‪ ،‬ومن كل‬
‫التهديداتالتى هددوهم بها ‪ ،‬وحفظتهم أثناء احتمالهم لللم‬
‫والعذابات ‪ 0‬كما حفظتهم من الشكوك وأفكار العدو ‪ 00‬وظل حفظ‬
‫النعمة لهم حتى أكملواا جهادهم بسلم ‪ 00‬حفظتهم النعمة من‬
‫الخوف ‪ ،‬ومن تأثير العذاب على معنوياتهم ‪000‬‬

‫‪‬‬
‫ونعمة أيضا ً هى التى حفظت آباءنا المتوحدين فى البرارى والقفار وفى شقوق‬
‫الجبال ‪0‬‬
‫عاشوا فى البرية فى وحدة موحشة ‪ ،‬فحفظتهم النعمة من الضجر‬
‫والقلق ‪ ،‬ومن الخوف ‪ ،‬من الوحخوش الضارية ‪ ،‬ومن الحيات‬
‫والعقارب والثعابين ودبيب الرض وكل المؤذيات ‪ 0‬وحفظتهم من‬
‫حر الصيثف وبرد الشتاء وكل تقلبات الطبيعة ‪ 0‬كما حفظتهم أيضا ً‬
‫من خدعات الشياطين وحيلهم وحروبهم ومناظرهم المفزعة ‪ 0‬ل‬
‫شك أنها النعمة الحافظةى التى لولها ما استطاع أولئك القديسون‬
‫أن يصمدوا عشرات السنوات فى حياة الوحدة ‪ 0‬وبخاصة الباء‬
‫السواح الذين كانوا يقضون عمرهم ل يرون وجه إنسان ‪00‬‬
‫‪‬‬
‫وهى النعمة الحافظة التى حفظت من قال عنهم الرب ‪:‬‬
‫وإن شربوا سما مميتا ً ل يضرهم ) مر ‪0 ( 18 : 16‬‬
‫كما كما حدث مع القديس الشهيد مارجرجس ‪ ،‬الذى كلفوا ساحرا ً أن‬
‫يجهز له سما ً مميتا ً وأمروه بشربه ‪ ،‬فرشم عليه علمة الصليب ‪،‬‬
‫وشربه ودون أن يضره بشئ ‪ 0‬فآمن الساحر الذى جهز له السم ‪0‬‬
‫إنها النعمة الحافظة التى حفظته وقتذاك ‪0‬‬
‫أتقول ‪ 0‬ولكن ليس الجميع يحدث لهم هذا ‪ 00‬أقول لك ‪ :‬ليس بسبب نقص من‬
‫جهة عمل النعمة ‪ ،‬ولكن بسبب نقص فى إيمانهم أو بسبب تدبير إلهى من جهة‬
‫حياتهم أو رحيلهم ‪0‬‬
‫‪‬‬
‫اسأل نفسك ‪ :‬هل عندك إيمان بعمل النعمة فيك وبحفظك لك ؟ لو‬
‫كان لك هذا اليمان ‪ ،‬لرأيت عجبا ً فى حياتك ‪ 00‬ومع ذلك ‪ ،‬إن لم‬
‫يكن لك اليمان ‪ ،‬فعلى القل ‪ :‬لتكن لك الذاكرة ‪ 00‬حاول أن تتذكر‬
‫كم عمل الرب معك فى الماضى ‪ ،‬وكم افتقدتك النعمة الحافظة‬
‫فأنقذتك تذكر عمل الرب بنعمته ‪ ،‬ول تنس كل أحساناته ‪0‬‬
‫‪‬‬
‫ليس فقط فى المور المعجزية ‪ ،‬والفائقة للطبيعة ‪ ،‬بل حتى فى‬
‫أمور الحياة اليومية وكيف ترى حفظ النعمة لك ‪00‬‬
‫وهنا أتذكر قول داود النبى عن النعمة الحافظة ‪:‬‬
‫ضع يارب حافظا ً لفمى ‪ ،‬وبابا ً حصينا ً لشفتى " ) مز ‪( 3 : 141‬‬
‫فإن مر عليك وقت لم تخطئ فيه بشفتيك ‪ ،‬اعرف أن النعمة‬
‫الحافظة قد حفظت باب شفتيك حسب قول المزمور ‪00‬‬
‫‪‬‬
‫أشخاص كثيرون يشكرون على حفظ النعمة لهم فى المور التى‬
‫يعرفونها فقط ‪ 0‬أقصد الحفظ اللهى الواضح ‪0‬‬
‫لكن النعمة تحفظ كثيرين من تجارب ل يعرفونها ‪ 0‬منعتها النعمة قبل وصولها‬
‫إليهم ‪0‬‬
‫وضع الله حدا للناس الشرار ومنعهم من اليذاء ‪0‬‬ ‫ً‬
‫وضع حدا ً للشيطان فى تجاربه ‪ 0‬كما قال له أيوب الصديق " ولكن ل‬
‫تمس نفسه ) أى ‪( 6 : 20‬‬
‫ً‬
‫إن أيوب حينما قال " ليكن إسم مباركا " كان يقصد التجارب الخاصة‬
‫بالملك والبنين ‪ 0‬ولكن هل كان يشكر على حفظ الله لنفسه ‪،‬‬
‫ومنع الشيطان من أن يقترب إلى قلبه وفكره وروحه ‪0‬‬
‫كل الخيرات التى تحيط بالنسان هى عطية النعمة ‪ 0‬لذلك فإن الذى‬
‫يحيا فى رغد من العيش ‪ ،‬يقول عنه عامة الناس " فلن عايش فى‬
‫نعمة " ‪0‬‬
‫إنها النعمة التى تعطى البركة فى كل ما يمكله النسان ‪ ،‬فيزيد‬
‫جدا ً ‪ ،‬ويتسع ‪ ،‬كما قال الرب فى وعوده لمن يطيع وصاياه ‪:‬‬
‫" مباركا ً تكون سلتك ومعجنك " ) تث ‪( 5 : 28‬‬
‫" مباركة تكون ثمرة بطنك وثمرة أرضك وثمرة بهائمك ‪ :‬نتاج بقرك‬
‫وإناث غنمك " ) تث ‪ ( 4 : 28‬يأمر لك الرب بالبركة فى خزائنك وكل‬
‫ما تمتد إليه يدك " " يفتح لك الرب كنزه الصالح ‪ 0‬ليعططى مطر‬
‫أرضك فى حينه ‪ ) " 00‬تث ‪0 ( 12 ، 8 : 28‬‬
‫وليس هذا فقط فى الخيرات المادية ‪ ،‬بل يقول الكتاب ‪:‬‬
‫كل عطية صالحة ‪ ،‬وكل موهبة تامة ‪ ،‬هى من فوق ‪ ،‬نازلة من عند أبى النوار " )‬
‫يع ‪0 ( 17 : 1‬‬
‫‪‬‬
‫إن مباركة ما عندك ‪ ،‬هى من النعمة التى تعطى ‪ ،‬فل يعوزك معها‬
‫شئ " )مز ‪ ( 1 : 23‬النعمة التى تعطى بركة للخمس خبزات‬
‫والسمكتين ‪ ،‬فتكفى لطعام خمسة آلف رجل ما عدا النساء‬
‫والطفال ‪ ،‬ويفضل عنهم الكثير ) ‪0 ( 21- 17 : 14‬‬
‫إنها النعمة المعطية التى تنزل المن والسلوى من السماء ‪ ،‬فتغطى الرض ) خر‬
‫‪( 13 : 16‬‬
‫وقال موسى النبى عن ذلك المن " هو الخبز الذى أعطاكم الرب‬
‫لتأكلوا " ) خر ‪( 15 : 16‬‬
‫النعمة أيضا ً فجرت لهم ماء من الصخرة ) مز ‪( 20 : 78‬‬
‫إنها النعمة التى تفتح كوى السماوات ‪ ،‬فتفيض بركة حتى ل توصع "‬
‫) مل ‪( 10 : 3‬‬

‫‪‬‬
‫ً‬
‫نعمة الرب تعطى بسخاء ‪ ،‬وتبارك القليل فيصير كثيرا ‪0‬‬
‫هى التى باركت كوار الدقيق وكوز الزيت فى بيت أرملة صرفة صيدا ً‬
‫‪ ،‬فى عهد إيليا النبى ‪ 0‬فلم يفرغ كوار الدقيق ‪ ،‬ولم ينقص كوز‬
‫الزيت طول فترة المجاعة ) ‪1‬مل ‪0 ( 15 ، 14 : 17‬‬
‫‪‬‬
‫إنها النعمة التى عاش بها تلميذ السيد المسيح ‪0‬‬
‫فخرجوا إلى الخدمة ‪ ،‬بل ذهب ول فضة ول نحاس فى مناطقهم ‪،‬‬
‫ول مزود للطريق " ) مت ‪ ( 10 ، 9 : 10‬ولم يعوزها شئ ) لو ‪: 22‬‬
‫‪ ( 35‬كانت نعمة الله هى التى ترعاهم فى طريق خدمتهم ‪ ،‬وتسد‬
‫كل اختياجاتهم ‪ " :‬كفقراء ‪ ،‬ونحن نغنى كثيرين ! كأن ل شئ لنا ‪،‬‬
‫ونحن نملك كل شئ " ) ‪2‬كو ‪ ( 10 : 6‬بل ما أجمل قول الرب‬
‫للقديس بولس الرسول ‪:‬‬
‫" تكفيك نعمتى ‪2 ) " 00‬كو ‪( 9 : 12‬‬
‫إلى هذا الحد ‪ ،‬تكون النعمة كافية ‪ ،‬فى المرض ‪ ،‬فى الضعف فى‬
‫الفقر والعوز ‪ 0‬ل يحتاج النسان إلى شئ آخر ‪ ،‬مادامت النعمة تعمل‬
‫فيه ‪ ،‬وتعمل من أجله ‪00‬‬
‫‪‬‬
‫ً‬
‫النعمة خرج بها أبونا ابراهيم من أرضه فقيرا ‪ 0‬وعاش بعد ذلك‬
‫كأغنى أغنياء الرض ‪ 00‬وخرج بها موسى النبى هاربا ً من أرض مصر‬
‫‪ ،‬وهو ل يملك أى شئ ‪ 0‬ثم عاد ليصير " إلها لفرعون " ) خر ‪( 1 : 7‬‬
‫وخرج بها يوسف الصديق ‪ ،‬وهو عبد للسماعيليين ثم عبد لفوطيفار‬
‫‪ 00‬وتولته النعمة حتى صار " أبا ً لفرعون ‪ ،‬وسيدا ً لكل بيته ‪،‬‬
‫ومتسلطا ً على كل أرض مصر " ) تك ‪( 8 : 45‬‬
‫أعطته العناية اللهية نعمة فى أعين الكل ‪0‬‬
‫أعطاه الرب نعمة فى عينى فوطيفار ‪ ،‬فوكله على بيته ‪ ،‬ودغع إلى‬
‫يده كل ما كان له ) تك ‪ ( 4 : 39‬ولما ألقى فى السجن " بسط الله‬
‫إليه لطفا ً ‪ 0‬وجعل له نعمة فى عينى رئيس السجن " ) تك ‪: 39‬‬
‫‪ ( 21‬فدفع إليه جميع السرى ‪ 0‬ولم يكن رئيس بيت السجن ينظر‬
‫شيئا ً البتة مما فى يده " ) تك ‪ ( 23 : 39‬ثم اعطاه الرب نعمة فى‬
‫عينى فرعون ‪ ،‬فجعله الثانى فى المملكة ‪ 0‬وخلع خاتمه من يده‬
‫وجعله فى يد يوسف " ‪ 0‬وقال له بدونك ل يرفع إنسان يده ول رجله‬
‫فى كل أرض مصر " ) تك ‪( 44 ، 42 : 41‬‬
‫‪‬‬
‫نعمة الرب عملت أيضا ً مع يعقوب أبى الباء ‪:‬‬
‫فقال للرب ‪ -‬عرفانا ً بنعته ‪ -‬صغيرا ً أنا عن جميع ألطافكوجميع‬
‫المانة التى صنعت إلى عبدك ‪ 0‬فإنى بعصاى عبرت هذا الردن ‪،‬‬
‫والن قد صرت جيشين " ) خر ‪ ( 10 : 32‬وأعطاه الرب نعمة فى‬
‫عينى أخيه عيسو‪-‬وهو خائف منه ‪ -‬فركض عيسو للقائه وعانقه ‪،‬‬
‫ووقععلى عنقه وقبله ‪ ،‬وبكيا " ) تك ‪( 10 ، 4 : 33‬‬
‫‪‬‬
‫دائما‪ -‬فى لغة الكتاب المقدس ‪ -‬يعتبر عن رضى شخص على آخر ‪ ،‬بكلمة " وجد‬
‫نعمة فى عينيه " ‪0‬‬
‫كما قال الكتاب عن دانيال النبى " وأعطى الله دانيال نعمة ورحمة‬
‫عند رئيس الخصيان " ) دا ‪ ( 9 : 1‬وكما قال أبونا يعقوب لعيسو أخيه‬
‫" إن وجدت نعمة فى عينيك ‪ ،‬تأخذ هديتى من يدى ‪ ) 00‬تك ‪: 33‬‬
‫‪ ( 10‬وكما قال لبنه يوسف " إن كنت قد وجدت نعمة فى عينيك ‪00‬‬
‫أصنع معى معروفا ً وأمانة ‪ :‬ل تدفئى فى مصر ‪ ،‬بل أضططجع مع‬
‫آبائى " ) تك ‪ ( 30 ، 29 : 47‬وكما قال جدعون لملك الرب " إن‬
‫كنت قد وجدت نعمة فى عينيك ‪ ،‬فاصنع لى علمة ) قض ‪( 17 : 6‬‬
‫وقيل عن الكلق " إن أخذ رجل إمرأة وتزوج بها فإن لم تجد نعمة‬
‫فى عينيه ‪ 00‬وكتب لها كتاب طلق ‪ ) " 00‬تث ‪( 1 : 34‬‬
‫‪‬‬
‫النعمة أيضا ً تعطى كلمة للمبشرين والوعاظ ‪0‬‬
‫كما قيل فى المزمور " انسكبت النعمة على شفتيك " ) مز ‪( 2 : 45‬‬
‫وقيل عن السيد الرب وهو يتكلم فى المجمع ويشرح ما ورد عنه فى‬
‫سفر أشعياء النبى كان الجميع يشهدون له ‪ ،‬ويتعجبون من كلمات‬
‫الخارجة من فمه " ) لو ‪ ( 22 : 4‬وهكذا كان بولس الرسول يطلب‬
‫أن تعطيه النعمة ما يتكلم بها ‪ 0‬فقال فى رسالته إلى أفسس "‬
‫مصلين بكل صلة وطلبة ‪ 00‬لجلى لكى يعطى لى كلم عند افتتاح‬
‫فمى ‪ ،‬لعلم جهارا ً بسر النجيل " ) أف ‪( 19 ، 18 : 6‬‬
‫‪‬‬
‫النعمة أيضا ً تعطى قوة ‪:‬‬
‫كما قال القديس بولس الرسول لتلميذه تيوثاوس " فتقو أنت يا‬
‫ابنى بالنعمة التى فى المسيح يسوع " ) ‪2‬تى ‪ 2‬ك ‪ ( 1‬وقال عن‬
‫فاعلية النعمة فى خدمته " ولكن بنعمة الله أنا ما أنا ‪ 0‬ونعمته‬
‫المعطاة لى لم تكن باطلة ‪ ،‬بل أنا تعبت أكثر من جميعهم ‪ 0‬ولكن ل‬
‫أنا ‪ ،‬بل نعمة الله التى معى " ) ‪1‬كو ‪ ( 10 : 15‬وقيل عن خدمة‬
‫أبولس فى أخانية "" فلما جاء ساعد كثيرا ً بالنعمة الذين كانوا قد‬
‫آمنوا " ) أع ‪( 27 : 18‬‬
‫وقيل عن النعمة فى تبشير الرسل بالقيامة " وبقوة عظيمة كان‬
‫الرسل يؤدون الشهادة بقيامة الرب يسوع ‪ 0‬ونعمة عظيمة كانت‬
‫على جميعهم " ) أع ‪ ( 33 : 4‬إن القوة العظيمة فى شهادتهم ‪،‬‬
‫كانت بسبب النعمة العظيمة التى عليهم ‪0‬‬
‫ل شك أن الوعظ يحدث تأثيره ‪ ،‬بسبب عمل النعمة فى كلماته ‪0‬‬
‫‪‬‬
‫النعمة قوة خفية تعطى للنسان ‪0‬‬
‫تحرك فيه محبة الله ‪ ،‬تحرك فيه الرغبة فى التوبة ‪ 00‬تعطيه مشاعر‬
‫مقدسة ‪ 00‬وتعطيه قوة على السير فى طريق الله ‪ ،‬وقوة على‬
‫الصمود أمام حروب العدو واغراءاته ‪00‬‬
‫‪‬‬
‫النعمة هى التى تعطى المواهب ‪ 0‬وتعطى للمتواضعين ‪0‬‬
‫فالمواهب هى هبة من الله ‪ ،‬هى عطية من نعمته ‪ 0‬لذلك ل يجوز أن‬
‫يفتخر إنسان بمواهبه ‪ ،‬لنها ليست منه بل موهوبة له ‪ 0‬الله أنعم‬
‫عليه بها ‪ ،‬إذن هى من عمل النعمة ‪0‬‬
‫ولذلك فالمواهب وكل عمل النعمة ‪ ،‬إنما يتمتع بها المتواضعون كما‬
‫يقول الكتاب " تسربلوا بالتواضع ‪ 0‬لن الله يقاوم المستكبرين أما‬
‫المتواضعون فيعطيهم نعمة " ) ‪1‬بط ‪ ( 5 : 5‬تكرر نفس الكلم فى‬
‫رسالة معلمنا يعقوب الرسول ) يع ‪( 6 : 4‬‬
‫فالمتكبر إذ يستخدم نعمة الله للفتخار وتمجيد ذاته ‪ ،‬تفارقه النعمة‬
‫لنه لل يستخدمها لضرورة روحيا ً ‪ 0‬وهكذا ورد أيضا ً فى العهد‬
‫القديم ‪ ،‬فى سفر المثال يعططى نعمة للمتواضعين " ) أم ‪: 3‬‬
‫‪( 34‬‬
‫‪‬‬

‫ليتنا – فى حيانتا جميعا ً – نختبر عمل النعمة ‪0‬‬


‫كثير من الناس لم يختبروا النعمة بعد !! لقد جربوا قوتهم البشرية ‪،‬‬
‫وجربوا القدرات والمهارات والحيل البشرية ‪ 0‬وجربوا المعونة التى‬
‫تأتيهم من الناس ‪ 0‬ولكنهم للسف لم يختبروا نعمة الله ولم‬
‫يسلموها حياتهم لتعمل فيها ‪00‬‬
‫وكلما يقع أحد منهم فى إشكال ‪ ،‬يحاول أن يصل إلى الحل ‪ ،‬إما‬
‫بعقله البشرى ‪ ،‬أو عن طريق الناس ‪ 0‬دون أن يسكب نفسه أمام‬
‫الله طالبا ً تدخل نعمته ‪0‬‬
‫هناك إذن من يعتمد على أصحابه أو على ذاته ‪ 0‬وهناك نوع من‬
‫الناس يفتح السماوات بصلته ‪ 0‬وكل واحد من هذين له منهج فى‬
‫الحياة يختلف عن الخر ‪00‬‬
‫‪‬‬
‫ولعل واحدا ً يسأل ‪ :‬أنا لم أر هذه النعمة التى تعطى !‬
‫أنت لم ترها ‪ ،‬لنك لم تختبرها ‪ 00‬ولم تختبرها لنك لم تطلبها لنك‬
‫ل تشعر حتى الن بقيمتها فى حياتك من كل ناحية ‪ 00‬لذلك حاول‬
‫أن تصر على الخذ من الله وحده ‪ 00‬قل له ‪:‬‬
‫يارب ‪ ،‬أنا ل آخذ إل منك أنت ‪0‬‬
‫لن أطلب من العالم ‪ ،‬ول من الناس ول من قدراته وذكائى !‬
‫سأطلب منك أنت ‪ ،‬وسوف آخذ لنك أنت القائل ‪ :‬اسألوا تعططوا ‪،‬‬
‫اطلبوا تجدوا ‪ ،‬اقرعوا يفتح لكم " ) مت ‪ ( 7 : 7‬لماذا تاهت عنى‬
‫هذه الوعود اللهية ولم أختبرها ؟! لماذا لم أجرب الصلة التى آخذ‬
‫بها من عطايا النعمة اللهية ما أريده ؟! هوذا الرب يقول لنا ما سبق‬
‫أن قاله لتلميذه " إلى الن لم تطلبوا شيئا ً باسمى ‪ 0‬اطلبوا تأخذوا‬
‫ليكون فرحكم كامل ً ) يو ‪0 ( 24 : 16‬‬
‫‪‬‬
‫الصلة إذن تفتح لنا أبواب النعمة ‪0‬‬
‫العيب إذن فينا ‪ ،‬لننا لم نطرق بعد أبواب النعمة ‪ 0‬فلحاول أن‬
‫نطرق بابها لنأخذ ‪00‬‬
‫فى بعض الحيان تعمل النعمة لجلنا دون أن نطلب ‪ 0‬ولكن عندما‬
‫يأتينا الخير ‪ ،‬قد ل ننسبه إلى النعمة ‪ ،‬إنما لمصادر أخرى أما إذا كنا‬
‫نطلب ‪ ،‬وتأتينا الستجابة ‪ ،‬فحينئذ سنفرح بالرب ونشكر وتتعمق‬
‫علقتنا به كأب يعطينا ما نطلبه ‪0‬‬

‫هناك نعمة ظاهرة ونعمة خفية ‪00‬‬


‫النعمة الظاهرة هى التى نراها ونحسها فى حياتنا ‪ ،‬ونلمس يد الله‬
‫فى حياتنا وكيف أعانتنا وقتنا ‪0‬‬
‫أما النعمة الخفية فهى التى تعيننا دون أن ندرى ‪ ،‬أو تبعد عنا شرا ً‬
‫قبل مجيئه إلينا ‪ ،‬ونحن ل نعلم من أمره شيئا ً ‪0‬‬
‫أو قد نعرف هذه النعمة الخفية ‪ ،‬ولكن ل نراها ‪00‬‬
‫ومن أمثلة هذه النعمة الخفية ‪ ،‬النعمة التى تعمل فى اسرار‬
‫الكنيسة وتهبنا ما ل نراه ‪ :‬كالبنوة والتبرير والمغفرة ‪ ،‬والسلطان‬
‫فى سر الكهنوت ‪ ،‬وسكنى الروح فينا فى سر المسحة المقدسة‬
‫) الميرون ( ‪0‬‬
‫‪‬‬
‫هناك نعمة تعطى لنا بغير استحقاق منا ‪ ،‬ونعمة تعطى كمكافأة ‪00‬‬
‫من أمثلة الولى نعمة الوجود ‪ ،‬النعمة التى نلناها حينما خلقنا الله ‪،‬‬
‫يضاف إليها نعمةأن نكون على صورة الله ومثاله () تك ‪، 26 : 1‬‬
‫‪ ( 27‬وأيضا ً النعم الخاصة بالمواهب الطبيعية كأن يعطى اله لنسان‬
‫نعمة الذكاء أو الجمال أو الفن أو الحكمة والتدبير ‪0‬‬

‫‪‬‬
‫أما النعمة التى يعطيها الله كمكأفاة فمثالها ما وهبه الله ليوب‬
‫الصديق مكأفاة على صبره واحتماله ) أى ‪ ( 42‬وما وهبه لسليمان‬
‫مكافأة له على أنه طلب الحكمة فقط ‪ ،‬ولم يطلب لنفسه غنى ‪ ،‬ول‬
‫طلب أنفس اعدائه ) ‪1‬مل ‪( 13 – 11 : 3‬‬
‫‪‬‬
‫هناك أنواع أخرى من جهة عمل النعمة ‪ 0‬نعمة تعمل فينا من الداخل ‪ 00‬ونعمة‬
‫تعمل خارجنا من أجلنا ‪ :‬تعمل فى الوساط المحيطة بنا ‪ ،‬وضد القوات‬
‫المحاربة لنا ‪00‬‬
‫نعمة تعمل من أجلنا روحياتنا ‪ ،‬تقودنا للتوبة ‪ ،‬أو ترفعنا فى درجات‬
‫اللهية ‪ 0‬ونعمة تهب المعجزات واليات والقوات والعجائب ‪0‬‬
‫وهكذا توجد نعمة تعطى ما هو فى حدود الطبيعة البشرية ونعمة‬
‫تعطى ما هو فوق الطبيعة ‪0‬‬
‫‪‬‬
‫توجد نعمة تبدأ العمل فينا ‪ 0‬ونعمة حينما نبدأ نحن ‪ ،‬تشترك فى العمل معنا ‪0‬‬
‫النعمة التى تبدأ ‪ ،‬هى التى تغرس فكرا ً معينا ً فى أذهاننا شعورا ً‬
‫معينا ً فى قلوبنا ‪ ،‬ليس مصدره من ذاتنا ‪ ،‬إنما هو هبة من الله ‪0‬‬
‫ومن أنواع النعمة التى تبدأ بالعمل ‪ ،‬نعمة الدعوة ‪00‬‬
‫كالنعمة التى دعت شاول الطرسوسى دون أن يطلب أو يفكر ‪0‬‬
‫والمناخس التى كانت تنخسه دون أن يستجيب لها أول ً ) أع ‪– 1 : 9‬‬
‫‪ ( 6‬والنعمة التى دعت بطرس وأندراوس وهما يصيدان السمك ) مت‬
‫‪ ( 19 ، 18 : 4‬كذلك إنسان إسمه لوى أو متى ‪ ،‬كان جالسا ً فى‬
‫مكان الجباية ‪ 0‬لم يقل الكتاب إنه كان يصلى ‪ ،‬أو فى حالة روحية‬
‫إنما كان فى وسط المال والخزائن والظلم ‪ 0‬وبدأت معه النعمة‬
‫بعبارة " إتبعنى " ) مت ‪( 9 : 9‬‬
‫‪‬‬
‫النوع الثانى هو حالة إنسان يبدأ وتعينه النعمة ‪0‬‬
‫يريد والنعمة تعطيه قوة ‪ 0‬تنضم إليه النعمة ‪ ،‬وتشاركه وتسنده‬
‫تعمل معه ‪0‬‬
‫ً‬
‫يبدأ النسان ثم يصرخ للرب قائل ‪ :‬اعنى فلست قادرا وحدى أن‬
‫أعمل شيئا ً ‪ 0‬ويقول له الرب ‪ :‬ل تخف ‪ ،‬أنا معك ‪ 0‬ويمسك بيده‬
‫ويقوده فى الطريق ‪ 00‬يبدأ بأن يلقى شباكه فى البحر ‪ ،‬ولو يسهر‬
‫الليل كله دون أن يصطاد شيئا ً ‪ 0‬ثم تفتقده النعمة ‪ ،‬وترشده أن‬
‫يلقى شباكه فى العمق ) لو ‪( 6 -4 : 5‬‬
‫‪‬‬
‫المهم أن يشترك النسان فى العمل مع النعمة ‪0‬‬
‫سواء بدأ هو ‪ ،‬ثم أعانته النعمة واشتركت معه ‪ 0‬أو بدأت النعمة‬
‫معه ‪ ،‬واشترك هو فى العمل معها ‪00‬‬
‫نقول هذا ‪ ،‬لنه ل يمكن أن يكون الكسل هو مقدمة لمعونة الله ‪ 0‬ل‬
‫الكسل ول النوم ول التهاون ول التواكل ‪ 0‬بل العمل مع الله بكل‬
‫جهد ‪ 00‬أو بكل ما تمنحه النعمة من القوة ‪00‬‬
‫ابدأ إذن بأية بداية ‪ ،‬مهما كانت ضعيفة أو ناقصة أو ضئيلة ‪ 0‬وثق أن‬
‫النعمة ستفتقدك وتقويك وتعمل نعك ‪ 0‬ول تقل ‪ :‬سأنتظر ل أبدا ً‬
‫إلى أن تأتى النعمة وتعمل ‪ 0‬إن بدايتك هى إشارة إلى النعمة أن‬
‫تأتى ‪00‬‬
‫‪‬‬
‫ومع ذلك فكثيرا ً ما تبدأ النعمة ‪ ،‬حتى مع الذين ل يستجيبون ‪ 0‬مثل‬
‫قول عروس النشيد صوت حبيبى ‪ 0‬هوذا آت ‪ ،‬ظافرا ً على جبال‬
‫وقافزا ً على التلل " ) نش ‪ ( 8 : 2‬ومثل قولها أيضا ً " صوت حبيبى‬
‫قارعا ً ‪ :‬افتحى لى يا أختى ‪ ،‬يا حبيبتى ‪ ،‬يا حمامتى ‪ ،‬يا كاملتى ‪0‬‬
‫لن رأسى قد امتل من الطل ‪ ،‬وقصص من ندى الليل " ) نش ‪: 5‬‬
‫‪ ( 2‬وكقوله أيضا ً " هأنذا واقف على الباب وأقرع إن سمع أحد‬
‫صوتى وفتح الباب ‪ ،‬أدخل إليه وأتعشى معه وهو معى " ) رؤ ‪20 : 3‬‬
‫(‪0‬‬
‫‪‬‬
‫إن ميدان عمل النعمة شامل ‪ ،‬وله أمثلة كثيرة ‪:‬‬
‫منها قول القديس بولس الرسول " ايس أننا كفاه من أنفسنا أن‬
‫نفتكر شيئا ً كأنه من أنفسنا ‪ ،‬بل كفايتنا من الله ‪2 ) " 000‬كو ‪: 3‬‬
‫‪ ( 5‬إذن حتى الفكر الطيب ‪ ،‬يقول عنه الرسول أن مرجعه هو الله‬
‫وكذلك الكفاءة على العمل ‪ 0‬فنحن ل نملك هذه الكفاءة ‪ ،‬بل هى‬
‫من نعمة الله علينا ‪ 00‬يقول الرسول أيضا ً ‪:‬‬
‫"لن الله هو العامل فيكم ‪ ،‬أن تريدوا وأن تعملوا ‪ ،‬من أجل المسرة " ) فى ‪: 2‬‬
‫‪( 13‬‬
‫ً‬
‫إذن فالرادة الصالحة هى من عنده ‪ 0‬وعملنا أيضا مرجعه إليه ‪ ،‬فهو‬
‫العامل فينا ‪0‬‬
‫بل إن الرسول يعتبر أن كل شئ حسن فينا ‪ ،‬قد أخذنا من الله أنعم‬
‫به علينا ‪ 0‬فيقول " أى شئ لك ‪ ،‬لم تأخذه ؟! وإن كنت قد أخذت‬
‫فلماذا تفتخر كأنك لم تأخذ ؟! " ) ‪1‬كو ‪ ( 7 : 4‬لذلك فشعور النسان‬
‫أن الخير الذى فيه يرجع إلى بشريته أو إلى ذاته هو شعور يؤدى إلى‬
‫المجد الباططل والفتخار البشرى ! وهذا ترد عليه الية القائلة " كل‬
‫عطية صالحة ‪ ،‬وكل موهبة تامة ‪ ،‬هى من فوق نازلة من عند أبى‬
‫النوار " ) يع ‪( 17 : 1‬‬
‫‪‬‬
‫نستنتج من هذا ‪ :‬أن كل عمل صالح ‪ ،‬نعمله ‪ ،‬إنما مصدره عمل‬
‫النعمة فينا ‪ ،‬أو على القل اشتركنا مع عمل النعمة ‪0‬‬
‫ً‬
‫يؤيد هذا قول الرب " بدونى ل تقدرون أن تعملوا شيئا " ) يو ‪5 : 15‬‬
‫( وقوله أيضا ً " كما أن الغصن ل يقدر أن يأتى بثمر من ذاته ‪ ،‬إن لم‬
‫يثبت فى الكرمة ‪ ،‬كذلك أنتم أيضا ً إن لم تثبتوا فى " ) يو ‪( 4 : 15‬‬
‫وهذا حق ‪ 0‬لن عصارة الكرمة تجرى فى عروق الغصن وتعطيه حياة‬
‫‪ ،‬وتعطيه قدرة على الثمار ‪ 0‬وهو من ذاته بدون الثبات فى الكرمة‬
‫‪ -‬ل يستطيع شيئا ً ‪ ،‬بل يجف ‪00‬‬

‫‪‬‬
‫النعمة تعمل فى البشر ‪ ،‬ولكن هناك وزنات متفارته ‪:‬‬
‫هناك من أعطى وزنة واحدة ‪ ،‬ومن أعطى إثنين ‪ ،‬ومن أعطى خمسا ً‬
‫) مت ‪ " ( 14 : 25‬كل واحد على قدر طاقته " ‪ 0‬إذن المواهب‬
‫تتنوع ‪ ،‬وليست واحدة فى عددها ‪ 0‬وإنما " كما قسم الله لكل واحد‬
‫مقدارا ً من اليمان " ) رو ‪ ( 3 : 12‬ولذلك " لنا مواهب مختلفة‬
‫بحسب النعمة المعطاة لنا " ) رو ‪( 6 : 12‬‬
‫عطايا النعمة ليست واحدة للجميع ‪ 0‬لن الرب " أعطى البعض أن يكونوا‬
‫رسل ً ‪ ،‬والعض أنبياء ‪ ،‬والبعض مبشرين ‪ ،‬والبعض رعاة ومعلمين "‬
‫) أف ‪ ( 11 : 4‬وهكذا أيضا ً من جهة المواهب " أنواع مواهب موجودة‬
‫‪ ،‬ولكن الروح واحد" ) ‪1‬كو ‪ ( 4 : 14‬فإنه لواحد يعطى بالروح كلم‬
‫حكمة ‪ ،‬ولخر كلم علم بحسب الروح الواحد ‪ 0‬ولخر مواهب شفاء‬
‫بالروح الواحد ولخر عمل قوات ‪ ،‬ولخر نبوة ‪ 00‬هذه كلها يعملها‬
‫الروح الواحد بعينه ‪ ،‬قاسما ً لكل واحد بمفرده كما يشاء " ) ‪1‬كو ‪: 14‬‬
‫‪( 11 - 8‬‬
‫‪‬‬
‫وبهذا يختلف مقياس كل إنسان ‪ ،‬وتختلف قامته الروحية ‪00‬‬
‫والمفروض فى كل إنسان أن يصل إلى ملء قامته ‪0‬‬
‫سواء كانت هذه القامة صغيررة أم كبيرة ‪ 0‬وكمثال لذلك ‪ :‬لنفرض‬
‫أن أمامنا أنواعا ً من الوانى متفاوتة فى حجمها وسعتها ‪ ،‬وهى‬
‫جميعا ً ممتلئة تمثل البشر الذين قيل لهم " امتلئوا بالروح " ) أف‬
‫‪ ( 18 : 5‬فالكل تساعده النعمة على المتلء ‪ ،‬مع تفاوت الوزنات ‪0‬‬
‫الكل يمتلئ حسب ططاقته ‪ ،‬وحسب قامته ‪ ،‬وحسبما قسم الله لكل‬
‫واحد نصيبا ً من اليمان ‪00‬‬
‫كلنا أعضاء فى جسد واحد ) ‪1‬كو ‪ ( 12 : 12‬ولكن ليس كل إنسان‬
‫رأسا ً ‪ ،‬ول الكل عينا ً ‪ ،‬ول الكل ذراعا ً ‪ 0‬يتنوعون جميعهم حسب‬
‫تدخل النعمة ‪ ،‬وحسب ما تعطيه من مواهب ومن قدرات ‪ 0‬ولكن‬
‫المفروض أن يمتلئوا ‪ ،‬كل منهم حسب طاقته ‪0‬‬
‫ولنعلم أن صاحب الوزنتين الذى ربح وزنتين ‪ ،‬نال نفس الكافأة‬
‫والبركة مثل صاحب الخمس وزنات الذى ربح خمس وزناات ) مت ‪25‬‬
‫‪( 23 - 20 :‬‬
‫‪‬‬
‫لهذا فيما نتكلم عن النعمة اللهية ‪ ،‬ينبغى أن نذكر إلى جوارها الرادة البشرية ‪0‬‬
‫والرادة البشرية تقوم بأعمال هى حرة فيها ‪ 0‬فإن اتحدت إرادة‬
‫النسان مع عمل النعمة فيه ‪ ،‬تكون نتيجتها الخير فيما يعمل ‪ 0‬أما‬
‫إذا أنحرفت إرادته وانفصلت عن قصد النعمة فيه ‪ 0‬فما أسهل أن‬
‫يضيع ويهلك ‪0‬‬
‫‪‬‬
‫لذلك فإن عبارة ) كلمة بالنعمة ( التى يقولها البعض ‪ ،‬ليست عبارة دقيقة ‪0‬‬
‫لو كان كل شئ بالنعمة ‪ ،‬ما أخطأ أحد ‪ ،‬وما هلك أحد ‪ 0‬هذا من‬
‫جهة ‪ ،‬ومن جهة أخرى يكون النسان مسلوب الرادة تسيره النعمة‬
‫كما تشاء !! وهذا خلف الواقع ‪ ،‬وخلف الرادة اللهية التى تركت‬
‫للنسان الحرية فيما يعمل ‪00‬‬
‫إن اتحاد النسان مع عمل النعمة فيه ‪ ،‬هو اتحاد اختيارى‬
‫ولذلك يبعد أن أعطى الله للشعب الوصايا فى سفر التثنية ‪ ،‬قال‬
‫له ‪ :‬أنظر ‪ ،‬قد جعلت اليوم قدامك الحياة والموت ‪ ،‬والبركة واللعنة‬
‫فختر الحياة لكى تحيا أنت ونسلك ‪ ،‬إذ تحب الرب إلهك وتسمع‬
‫لصوته وتلتصق به " ) تث ‪( 20 ، 19 : 30‬‬
‫لو كانت النعمة تعمل كل شئ ‪ ،‬ما كان هناك لزوم ليوم الدينونة ‪0‬‬
‫وإنما المحاسبة تدل على حرية الختيار ‪ ،‬وعلى أن النعمة لم ترغم‬
‫أحدا ً على سلوك معين ‪ 0‬ربما تدفعه إلى الخير ‪ 0‬ومع ذلك تبقى‬
‫إرادته حرة ‪ ،‬مثلما حدث مع لوط وأسرته ‪ 0‬دفعهم الملكان إلى‬
‫خارج سدوم لنقاذهما ‪ 0‬وعلى الرغم من هذا ‪ ،‬لغن إمرأة لوط‬
‫اختلت لنفسها الهلك فهلكت ‪ ،‬وصارت عمود ملح " ) تك ‪( 26 : 19‬‬
‫النعمة إذن تعمل ‪ 0‬ولكن يتوقف عملها على مدى استجابة النسان أو رفضه لها‬
‫‪00‬‬

‫النعمة تعمل على ثلثة مستويات ‪ :‬المستوى المادى ‪ ،‬والمستوى‬


‫القيادى ‪ ،‬والحالت الخاصة ‪ 00‬فمن جهة المستوى المادى ‪ :‬كل‬
‫إنسان ينال نعمة تساعده على الخلص ‪0‬‬
‫فمادام الرب قد قال " بدونى ل تقدرون أن تفعلوا شيئا ً " ) يو ‪: 15‬‬
‫‪ ( 5‬إذن لبد أن نعمته تعمل فينا لكى نعمل ‪ 00‬تعمل فى الكل بل‬
‫استنثاء ‪ 0‬كل إنسان تزوره النعمة ‪ ،‬وتعينه النعمة ‪ 0‬ولكن ل ترغمه‬
‫‪0‬‬
‫مادام الله يريد أن الجميع يخصلون وإلى معرفة الحق يقبلون " ‪1‬تى‬
‫‪ ( 4 : 2‬إذن لبد أن يعطى الجميع ما يساعدهم على الخلص وعلى‬
‫المعرفة ‪ ،‬بمبدأ تكافؤ الفرص ‪ 0‬وإل فما ذنب الذين ل ينالون معونة‬
‫من النعمة ؟!‬
‫أما الذين فى المستوى القيادى ‪ ،‬فإنهم ينالون قوة مضاعفة من النعمة ‪0‬‬
‫نعمة لجل نفوسهم ‪ ،‬ونعمة لجل عملهم القيادى ‪ 0‬ويزداد قدر هذه‬
‫النعمة بقدر ثقل المسئولية الملقاة علىعاتقهم ‪0‬‬
‫فالنعمة المعطاة لموسى النبى فى رعاية مئات اللف من الناس ‪،‬‬
‫وفى التعامل مع شعب معاند مقاوم ) رو ‪ ، ( 21 : 10‬هى طبعا ً غير‬
‫النعمة المعطاة لحد الكهنة فى قرية هادئة ‪ 0‬والنعمة التى أعطيت‬
‫ليونان النبى ليقود بها إلى التوبة إثنتى عشرة ربوة من الناس فى‬
‫نينوى ) يون ‪ ( 11 : 4‬أى ‪ 120‬الفا ً ‪ ،‬غير النعمة التى تعطى لواعظ‬
‫عادى ‪ 0‬وبازياد النعمة ‪ ،‬ل يكون هناك مجال للفتخار بالجهد‬
‫الشخصى ‪ 0‬لكى يكون فضل القوة لله وليس لنا ) ‪2‬كو ‪0 ( 7 : 4‬‬
‫‪‬‬
‫وكلما كانت تزداد صعوبة العمل القيادى أو خطورته ‪ ،‬كان الله ينعم الله على‬
‫القادة بالمواهب والمعجزات ‪0‬‬
‫ً‬
‫كما كان يحدث فى العصر الرسولى مثل ‪ ،‬حيث كان إنتشار‬
‫المسيحية فى أرجاء المبراوية الرومانية الوثنية ‪ ،‬ووسط عداوة‬
‫اليهود ‪ 00‬كل ذلك كان يلزمه آيات وقوات وعجائب ‪ ،‬كما كان يلزمه‬
‫التكلم بألسنة وترجمتها ‪ ،‬وبخاصة فى تبشير شعوب تتكلم بلغات‬
‫غريبة ‪ 0‬هكذا عملت النعمة بقوة عظيمة فى العصر الرسولى ‪0‬‬
‫ولول ذلك ما انتشرت المسيحية إنتشارا ً واسعا ً جدا ً فى مدى زمنى‬
‫قصير !‬
‫‪‬‬
‫أما عن الحالت الخاصة ‪ :‬فهناك حالت يزداد فيها عمل النعمة ‪،‬‬
‫وحالت تتخلى فيها النعمة تخليا ً جزئيا ً أو كليا ً ‪0‬‬
‫يزداد عمل النعمة فى حالين ‪ :‬أحدهما إنتشار كلمة الله وحاجة‬
‫الخدمة إلى قوة ‪ ،‬سواء بالنسبة إلى بعض الخدام أو الكارزين أو‬
‫الرعاة كما كان يحدث مع القديس بولس الرسول مثل ً " الذى قال "‬
‫ولكن بنعمة الله أنا ما أنا ‪ 0‬ونعمته المعطاة لى لم تكن باطلة ‪ 0‬بل‬
‫أنا تعبت أكثر من جميعهم ‪ 0‬ولكن ل أنا بل نعمة الله التى تعمل‬
‫معى " ) ‪1‬كو ‪( 10 : 15‬‬
‫‪‬‬
‫أو قد يزداد عمل النعمة بالنسبة إلى الكنيسة كلها أو فرع من فروع‬
‫أنشطتها ‪ 0‬أما بالنسبة إلى الكنيسة ‪ ،‬فكلما حدث فى عصر الباء‬
‫الرسل ‪ 0‬كما قيل عنهم " وبقوة عظيمة كان الرسل يؤدون‬
‫الشهادة بقيامة الرب يسوع ‪ 0‬ونعمة عظيمة كانت على جميعهم "‬
‫) أع ‪ ( 33 : 4‬أما عن عمل النعمة بقوة فى فرع من فروع الكنيسة‬
‫أو أنشطتها ‪ ،‬فمثاله عمل النعمة مع الرهبنة فى القرن الرابع وفى‬
‫القرن الخامس أيضا ً من جهة انتشار الرهبنة وقوتها ‪ ،‬وعدد‬
‫المتوحدين والسواح والعموديين ‪ ،‬والتاب القلوب بحب الوحدة‬
‫والنسك ‪ 0‬وكثرة الذين انتفعوا من قدوة الرهبان ‪ ،‬ومن راروهم‬
‫وكتبوا عنهم ‪00‬‬
‫كذلك عمل النعمة قبل ذلك مع مدرسة السكندرية اللهوتية ‪ 0‬وكيف‬
‫صار إزدهار عظيم فيها وفى علمانها العظام الذين تركوا للمسيحية‬
‫تراثا ً تفتخر به الجيال ‪ ،‬حتى أن الكنيسة القبطية درجت خلل فترة‬
‫طويلة على اختيار بطاركتها من أساتذة ومديرى مدرسة السكندرية‬
‫‪00‬‬
‫" الله يريد أن الجميع يخلصون ‪ ،‬وإلى معرفة الحق يقبلون " ) ‪1‬تى‬
‫‪ ( 4 : 2‬هكذا قال الرسول ‪ 0‬ولكن هل خلص الجميع ؟! وإن لم يخص‬
‫الكل ‪ ،‬فلماذا ؟‬
‫مشيئة الله فى أن يخلص الجميع ‪ ،‬معها القوة المنفذة وهى النعمة‬
‫‪ 0‬ومعها أيضا ً حرية مشيئة النسان ‪0‬‬
‫فالله يريد أن الجميع يخلصون ‪ ،‬ولكن بإرادتهم ‪ ،‬بقبولهم ورضاهم ‪0‬‬
‫ول يرغمون على الخلص إرغاما ً ‪! 00‬‬
‫‪‬‬
‫قد أعطانا الرب على الصليب خلصا ً مجانيا ‪ ،‬كما قال الكتاب ‪:‬‬
‫ً‬
‫متبررين مجانا ً بنعمته ‪ ،‬بالفداء الذى بيسوع المسيح ‪ ،‬الذى قدمه‬
‫الله كفارة باليمان بدمه " ) رو ‪ ( 25 ، 24 : 3‬وهكذا قال أيضا ً "‬
‫لنكم بالنعمة مخلصون ‪ ،‬باليمان ‪ 0‬وذلك ليس منكم ‪ 0‬هو عطية‬
‫الله " ) أف ‪( 8 : 2‬‬
‫ومع ذلك ‪ ،‬فكثيرون لم ينالوا هذا الخلص المجانى !!‬
‫نعمة الله قدمته لهم ‪ ،‬ولكنهم رفضوه ‪ ،‬بإرادتهم !!‬
‫‪‬‬
‫هنا نرى عدم تجاوب الرادة البشرية مع نعمة الله التى تقدم خلصا ً‬
‫مجانيا ً ‪0‬هوذا المخلص قد جاء إلى خاصته ‪ 0‬وخاصته لم تقبله ! ) يو‬
‫‪ " ( 11 : 1‬النور أضاء فى الظلمة ‪ ،‬والظلمة لم تدركه " ) يو ‪( 5 : 1‬‬
‫فلماذا ؟ لن قلوبهم كان لها اتجاه آخر ‪ ،‬اتجاه مضاد ‪ 0‬وهكذا يقول‬
‫الكتاب " النور قد جاء إلى العالم ‪ 0‬وأحب الناس الظلمة أكثر من‬
‫النور ‪ ،‬لن أعمالهم كانت شريرة " ) يو ‪ ( 19 : 3‬إن النعمة تحمل‬
‫إليك الخلص ‪0‬ولكن عليك أن تقبله ‪0‬‬
‫وكما قال أحد القديسين عن حياة البر " إن الفضيلة تريدك أن‬
‫تريدها ل غير " فإن أردت سوف تعمل فيك ‪ ،‬وتكمل العمل كله ‪00‬‬

‫إن بدأ النسان ‪ ،‬تشترك العمل معه ‪ ،‬تعينه وتقويه ‪ ،‬وترشده طوال‬
‫الطريق ‪ 00‬وإن لم يبدأ تحثه ‪ ،‬ولكنها ل ترغمه ‪ 0‬تثير فى قلبه‬
‫اشتياقا ً إلى الله وإلى عمل الخير ‪ 0‬ولكن تبقى إرادته حرة تماما ً‬
‫فى أن تستجيب لعمل النعمة أو ل تستجيب ‪00‬‬
‫ما أعظم عمل النعمة وما أقواه ‪ 0‬ولكن النعمة ل تلغىالحرية البشرية‬
‫‪0‬‬
‫‪‬‬
‫حقا ً إننا أدوات فى يد الله ‪ 0‬ولكننا أدوات عاقلة حرة مريدة ‪00‬‬
‫علينا أن نسلم إرادتنا إلى يديه الطوبانتين ‪ ،‬عن اختيار ‪ ،‬وفى حب ‪،‬‬
‫وباقتناع ‪ ،‬لكى يتمم بنا مشيئنته الصالحة ‪ 0‬لسنا آلت جامدة ‪ ،‬وإنما‬
‫كائنات حية ‪ 0‬تعمل النعمة مع مشاعرنا ومع أفكارنا وحواسنا‬
‫وأحاسيسنا ‪ 0‬هى تحرك اختيارنا ‪ 0‬ولكن بإرداتنا تحريكها لنا‬
‫فنشترك معها أو ل نشترك‬
‫‪‬‬

‫لو كانت النعمة تعمل وحدها كل شئ ‪ ،‬فما ذنب الخطاة ؟‬

‫هل نقول إن النعمة لم تعمل فيهم ! فإن هذا ل يتفق مع العدل‬


‫اللهى فى مبدأ تكافؤ الفرص ‍!‬
‫أم نقول إن النعمة لم تعمل فيهم بقوة ! أو إنها لم تقدر ! حاشا‬
‫وإنما عملت فيهم ‪ ،‬ولكنهم رفضوا ‪ ،‬فلم ترغمهم ‪ 0‬فسقطوا ‪0‬‬
‫إن الله لم يأخذمن الخاة موقفا ً سلبيا ً ‪ ،‬وإنما هم الذين أخذوا من‬
‫نعمته موقفا ً سلبيا ً ‪0‬‬
‫‪‬‬

‫إننا ل نستطيع أن نقول إن النعمة ل تعمل إل فى المختارين !‬


‫كل فالنعمة تعمل فى الكل ‪ 0‬ولكن المختارين صاروا مختارين ‪،‬‬
‫لنهم قبلوا عمل النعمة فيهم ‪ ،‬واشتركوا معها فى العمل ‪ 0‬ولم‬
‫يقاوموا مشيئة الله ‪ 0‬بل قدموا إرادتهم فى تسليم كامل لعمل‬
‫نعمته ‪00‬‬
‫إن الذين سقطوا ‪ ،‬هم الذين لم يقبلوا عمل النعمة ‪ 0‬لم يستجيبوا‬
‫لها ‪ 0‬لم يشتركوا معها فى العمل ‪ 0‬بل ربما قاوموه ‪00‬‬

‫‪‬‬
‫إن النعمة تعمل فى الساقطين لكى يتوبوا ‪ ،‬إن استجابوا ‪00‬‬
‫أما إن رفضوا ‪ ،‬فسوف يستمرون فى سقوطهم ‪ ،‬ل بسبب رفض‬
‫النعمة لهم ‪ ،‬إنما بسبب قساوة قلوبهم التى ترفض عمل الله فيهم‬
‫‪ 00‬ولذلك يقول القديس بولس الرسول أكثر من مرة " إن سمعتم‬
‫صوته فل تقسوا قلوبكم " ) عب ‪0 ( 15 ، 7 : 3‬‬
‫نعم ‪ ،‬إن النعمة تعمل فى الساقطين ‪ 0‬ولول عملها ما تاب أحد ‪0‬‬
‫سواء افتقدت هؤلء الساقطين أو هم تضرعوا فاستجيبوا ‪ ،‬ونالوا‬
‫قوة افتقدت هؤلء الساقطين أو هم تضرعوا فاستجيبوا ‪ ،‬ونالوا‬
‫قوة على التوبة ‪ 0‬وفى ذلك يقول ماراسحق " من يظن أن هناك بابا ً‬
‫آخر للتوبة ‪ ‬غير الصلة ‪ ‬فهو مخدوع من الشياطين " ‪0‬‬
‫‪‬‬
‫النعمة تعمل فى الساقطين فى مجالت متعددة ‪:‬‬
‫تعمل فى العقل لكى تقوده إلى الستنارة والمعرفة ‪ ،‬وتنقذه من‬
‫خطايا الجهل ‪ 0‬وتعمل فى الرادة والعزيمة ‪ ،‬فتقويها وتبعد عنها‬
‫التردد والضعف ‪ 0‬بل تعمل النعمة أيضا ً فى إبعاد حروب شيانية‬
‫كثيرة عن هؤلء الخطاة ‪ ،‬أو تخفيف الحروب عنهم ‪ 00‬ولكن للسف‬
‫ما أكثر الخطاة الذين أحبوا الظلمة أكثر من النور ‪00‬‬
‫‪‬‬
‫النعمة عملت حتى فى يهوذا الخائن !!‬
‫ما أكثر التنبيهات والنذارات التى وصلته من نعمة البن الوحيد ‪0‬‬
‫وما أشد العقوبة التى تحدث عنها ليحذره قائل ً " ويل لذلك الرجل‬
‫الذى يسلم به ابن النسان ‪ 0‬كان خيرا ً لذلك الرجل لو لم يولد ) مت‬
‫‪0 ( 24 : 26‬‬
‫ونتيجة لعمل النعمة ‪ :‬ندم يهوذا ‪ 0‬ورد الثلثين من الفضة إلى‬
‫رؤساء الكهنة والشيوخ قائل ً ‪ :‬قد أخطأت إذ أسلمت دما ً بريئا ً ) مت‬
‫‪ ( 4 ، 3 : 27‬ولكن مشكلة يهوذا أنه لم يكمل مع النعمة ‪ ،‬بل يئس‬
‫وقتل نفسه ‪ 00‬أوقعه الشيطان فى اليأس ‪ ،‬ولما يئس أجهز عليه‬
‫‪00‬‬
‫فمن جهة عمل النعمة والعمل البشرى ‪ ،‬ننصح بعدم التطرف ‪0‬‬
‫البعض من حماسهم لهمية النعمة ‪ ،‬أنكروا العمل البشرى !!‬
‫وركزوا على النعمة قائلين ) كله بالنعمة ( ! وجعلوا موقف النسان‬
‫سلبيا ً ‪ ،‬كما لو كانوا يشجعون على الكسل ‪ ،‬متحدثين عن العمل بكل‬
‫تحقير !‬
‫ومن غير المعقول أن ننكر أهمية العمل ‪ ،‬لنه دليل على تجاوب‬
‫النسان مع عمل النعمة واشتراكه معها ‪ 0‬كما قال القديس بولس‬
‫عن عمله هو وزميله أبلوس " نحن عاملن مع الله " " وكل واحد‬
‫سيأخذ أجرته بحسب تعبه " ) ‪1‬كو ‪ ( 8 ، 9 : 3‬وبرهن بهذا على‬
‫الشركة مع الله فى العمل ‪00‬‬
‫‪‬‬
‫والبعض من حماسة للعمل ‪ ،‬يتناسى أو يتجاهل عمل النعمة !!‬
‫وكثير من هؤلء ل يتحدثون عن النعمة ! ول يستخدمون هذه الكلمة‬
‫فى عظاتهم أو فى كتبهم ‪ 0‬وأمثال هؤلء يوبخهم القديس بولس‬
‫الرسول بقوله " سقطتم من النعمة " ) غل ‪0 ( 4 : 4‬‬
‫فما أكثر حديث القديس بولس عن النعمة ‪ ،‬وما أكثر استعماله لهذه‬
‫الكلمة فى رسائله ‪:‬‬
‫سواء فى بدء رسائله أو فى ختامها ‪ ،‬او فى حديثه عن النعمة‬
‫المعطاة له ) رو ‪ ) ( 3 : 12‬غل ‪ ( 9 : 2‬والنعمة التى معه ) ‪1‬كو ‪: 15‬‬
‫‪ ( 10‬أو النعمة التى وهبت له من الله ) رو ‪ ( 15 : 15‬ويقول "‬
‫لستم تحت الناموس بل تحت النعمة " ) رو ‪ ( 14 : 6‬ويقول لتلميذه‬
‫تيموثاوس " فتقو أنت يا ابنى بالنعمة " ) ‪2‬تى ‪ ( 1 : 2‬ويقول له "‬
‫النعمة التى أعطيت لنا " ) ‪2‬تى ‪ ( 9 : 1‬ويتحدث عن "اختيار النعمة "‬
‫) رو ‪ ( 5 : 11‬وعن عرش النعمة " ) عب ‪ ( 16 : 4‬وعن روح النعمة "‬
‫) عب ‪ ( 29 : 10‬وعن ازدياد النعمة ) رو ‪ ( 20 : 5‬وكثرتها ) رو ‪1 : 6‬‬
‫( وعن الرجاء بالنعمة ) ‪2‬تس ‪( 16 : 2‬‬
‫‪‬‬
‫الوضع السليم بين التطرفين هو أن نعطى النعمة حقها ونعطى العمل البشرى‬
‫حقه ‪0‬‬
‫النعمة هى صاحب العمل الكبر ‪ 0‬ولكن ل نغفل العمل البشرى فى‬
‫تجاوبه مع النعمة واشتراكه معها ‪ 0‬فكثيرون هلكوا بسبب تكاسلهم ‪،‬‬
‫أو بسبب رفضهم لعمل النعمة ‪ 0‬أولئك الذين ينطبق عليهم قول‬
‫ً‬
‫الرب " كم مرة أردت ‪ 00‬ولم تريدوا ‪ 0‬هوذا بيتكم يترك لكم خرابا "‬
‫) مت ‪( 28 ، 7 : 23‬‬
‫‪‬‬
‫ً‬
‫والبعض يخطئ فى فهم قول الرسول " ليس الغارس شيئا ‪ ،‬ول الساقى ‪ 0‬بل‬
‫الله الذى ينمى " ) ‪1‬كو ‪( 7 : 3‬‬
‫وطبعا ً الله ينمى ما قد غرس وسقى ‪ 0‬إنما قال هذا لكى ل يهتم‬
‫أحد بالعمل البشرى أكثر من عمل الله بنعمته ‪ ! 00‬وبالمثل عبارة "‬
‫ليس لمن يشاء ‪ ،‬ول لمن يسعى ‪ ،‬بل الله الذى يرحم " ) رو ‪: 9‬‬
‫‪( 16‬‬
‫وواضح أن الله يرحم من يشاء ومن يسعى ‪ 0‬والرسول نفسه يقول‬
‫اسعى لعلى أدرك الذى لجله أدركنى أيضا ً المسيح ‪ 00‬اسعى نحو‬
‫الغرض " ) فى ‪ ( 14 ، 12 : 3‬إنما المهم هو التركيز على عمل الله‬
‫لجلنا وليس على مجرد مشيئتنا وسعينا ‪00‬‬

‫‪‬‬
‫والبعض يفهم خطأ قول المزمور " إن لم يبن الرب البيت ‪ ،‬فباطل ً تعب البناءون‬
‫‪ 0‬إن لم يحرس الرب المدينة ‪ ،‬فباطل ً سهر الحارس " ) مز ‪( 127‬‬
‫كما لو كان يعنى إننا ل نبنى ول نحرس !! طبعا ً علينا أن نعمل ذلك‬
‫‪ 0‬فالرب قال " طوبى لولئك العبيد الذين إذا جاء سيدهم ‪ ،‬يجهدهم‬
‫ساهرين ) لو ‪ ( 37 : 12‬وضرب لنا مثل ً بنحميا وهو يتعب هو ورجاله‬
‫فى البناء وفى الحراسة ) نح ‪ ( 17 ، 16 : 4‬إنما على الرغم من كل‬
‫ذلك الجهد ‪ ،‬كان العتماد الكامل على الله ‪ ،‬الذى يحمى البناء‬
‫والحراس ‪0‬‬
‫حقا ً إن الله هو الذى يبنى البيت ‪ 0‬ولكن واجبك أنت أن تكون حجرا ً‬
‫حيا ً فى يد الله يبنى به ) ‪1‬بط ‪ ( 5 : 2‬وأن تشترك مع الله فى البناء‬
‫‪00‬‬
‫وحقا إن الله هو الذى يحرس المدينة ‪ 0‬ولكن فيما يحرسك الله ‪،‬‬ ‫ً‬
‫عليك أن تكون أمينا ً ‪ ،‬فل تخونه وتسمح بدخول الغرباء الغرباءإلى‬
‫مدينته المقدسة ‪0‬‬
‫نتكلم بنفس المنطق عن جيش يشوع الذى كان يحارب عماليق ‪،‬‬
‫ويدا موسى مرفوعتين فى الصلة ) خر ‪( 13 - 8 : 17‬‬
‫وتم النصر بصلة موسى وجيش يشوع ‪ 0‬وهكذا اشتركت النعمة التى‬
‫تنصر ‪ ،‬وتستجيب الصلة ‪ 0‬مع الجيش الذى كان يحارب ‪ ،‬نعمة الرب‬
‫كانت تعمل ‪ 0‬وكانت هى العامل الاسى فى النصر ‪ 0‬ولكن عمل‬
‫النعمة لم يكن يعنى أن يتكاسل يشوع فى الحرب أو ل يحارب !!‬
‫كذلك انتصار داود على جليات كان بعمل النعمة ‪0‬‬
‫كما قال داود " الحرب للرب ‪ ،‬وهو يدفعكم فى يدى " ) ‪1‬صم ‪: 17‬‬
‫‪ ( 47 - 45‬وعلى الرغم من ذلك تقدم داود الصفوف ‪ ،‬ومقلعه فى‬
‫يده ‪ ،‬وضرب ‪ ،‬وانتصر ‪00‬‬
‫النعمة تعمل ‪ ،‬ومعها الستجابة البشرية التى تشترك مع النعمة فى‬
‫العمل ‪0‬‬
‫‪‬‬
‫البعض يركز فقطط على اليمان بعمل النعمة ‪ ،‬ويقول " آمن فقط " ‍و أقول‬
‫هنا إن اليمان نفسه هو عمل ‪ ،‬و هو يحتاج غلي نعمة‪ ...‬و العمل‬
‫أيضا ً يحتاج كذلك غلي نعمة ‪ .‬و لكن النعمة وحدها ل تشجع عل‬
‫الكسل ‪ .‬و من أهمية العمل ايضا ً أن يبعد النسان عن السلبيات التي‬
‫تعطل نعمة الله الي تعمل لجله ‪.‬‬
‫‪‬‬

‫في مثل الوزنات ‪ ،‬و بخ الرب صاحب الوزنة الذي لم يعمل ‪.‬‬
‫و بخه قائل ً له أيها العبد الشرير و الكسلن " ثم قال " والعبد‬
‫البطال أطرحوه إلى الظلمة إلى الظلمة الخارجية ‪ ،‬هناك يكون‬
‫البكاء وصرير السنان " ) مت ‪( 30 ، 26 : 24‬‬

‫"ب"‬

‫كم زارت النعمة بيوتا ً كثيرة ‪ ،‬ووجدت أبوابها مغلقة ‍!!‬


‫وكم قرعت النعمة على البواب ‪ 0‬ولكن البواب لم تفتح لها !!‬
‫فماذا كانت النتيجة ؟ قالت العروس " حبيبى تحول وعبر ‪ 00‬نفس‬
‫خرجت عندما أدبر ‪ 0‬لبته فما وجدته ‪ 0‬دعوته فما أجابنى ) نشض ‪: 5‬‬
‫‪ ( 6‬لم ترحب النفس بزيارة النعمة ‪ ،‬فضاعت الفرصة منها ‪0‬‬
‫وفى مرة أخرى ‪ ،‬إحدى مدن السامرة أغلقت بابها فى وجه الرب ‪0‬‬
‫فقدت الفرصة فى هذه المرة ) لو ‪ ( 53 ، 52 : 9‬ولكن الرب عاد‬
‫فافتقد السامرة ودخلها فى مرة أخرى ‪ ،‬ونالت نعمة اليمان به ) يو‬
‫‪ ( 42 : 4‬حقا ً إن النعمة ل تيأس من خلص الخطاة ‪ 0‬قد يرفضون‬
‫فتتابعهم ‪00‬‬

‫كم من أناس زراتهم النعمة ‪ ،‬فلم يشعروا بها ‪ 0‬أو شعروا وأهملوا !!‬
‫النور أضاء فى الظلمة ‪ ،‬والظلمة لم تدركه ) يو ‪ ( 5 : 1‬أو أن الناس‬
‫" أحبوا الظلمة أكثر من النور " ) يو ‪ " ( 19 : 3‬إلى خاصته جاء ‪،‬‬
‫وخاصته لم تقبله " ) يو ‪( 11 : 1‬‬
‫أنت بل عذر أيها النسان ‪ 0‬فالنعمة تأتيك ‪00‬‬
‫ولكن المر يتوقف عليك ‪ 0‬تدرك مجيئها أو ل تدرك ‪ 0‬تقبلها أو ل‬
‫تقبل ‪ 0‬تفتح لها قلبك أو ل تفتح أو ل تعمل ‪ 0‬إن أمرك فى يدك ‪0‬‬
‫لك الحق أن ترفض ‪ 0‬ولكنك قد تندم ‪ ،‬وتقول " حبيبى تحول وعبر ‪0‬‬
‫نفسى خرجت عندما أدبر "‬
‫‪‬‬
‫النعمة افتقدت اللص على الصليب فى آخر ساعات حياته ‪0‬‬
‫فقبلها ‪ ،‬وفتح قلبه لها ‪ ،‬وآمن واعترف بإيمانه ‪ 0‬وصرخ قائل ً "‬
‫أذكرنى يارب متى جئت فى ملكوتك " ) لو ‪ ( 42 : 23‬بعكس زميله‬
‫الذى كان معلقا ً معه ‪ 0‬وظل يجدف حتى هلك ‪ 00‬ولم يتسجب‬
‫كزميله الذى تأثر بما كان يحدث ‪! 00‬‬
‫النعمة انتشلت أناسا ً كانوا كجمرات مشتعلة فى النار ) زك ‪( 2 : 3‬‬
‫افتقدتهم النعمة ‪ 0‬قد كادوا أن يحترقوا ‪ ،‬ولكن النعمة أنتشلتهم فى‬
‫آخر فرصة ‪ 0‬عملت من أجلهم بقوة ‪ 0‬وما كانوا يعملون لجل‬
‫أنفسهم ‪0‬‬
‫‪‬‬
‫النعمة افتقدت شاول الطرسوسى ‪ ،‬وما كان هو يطلب النعمة !‬
‫قال له الرب " صعب عليك أن ترفس مناخس " ) أع ‪ 0 ( 5 : 9‬وماذا‬
‫كانت تلك المناخس سوسوى النعمة التى كانت ‪0‬تنخسه فيقاومها ‪0‬‬
‫بعكس اليهود يوم الخمسين الذين نخسوا فى قلوبهم ‪ ) ،‬أع ‪: 2‬‬
‫‪ ( 37‬فاستجابوا وقالوا للرسل " ماذا نصنع أيها الرجال الخوة ؟"‬
‫وتعمدوا على أن شاول لم يعد يقاوم أكثر ‪ ،‬بل قال للرب فيما بعد‬
‫نفس العبارة " ماذا تريد يارب أن أفعل ؟" ) أع ‪0 ( 6 : 9‬‬
‫عمل من النعمة ‪ ،‬أن تنخس القلوب ‪ ،‬فتتأثر ‪0‬‬
‫حتى إن رفست هذه المناخس زمنا ً ‪ ،‬تعود فتستجيب ‪00‬‬
‫قد تأتى النعمة لنسان يطلبها مثل كرنيلوس قائد المئة ) أع ‪: 2‬‬
‫‪ ( 10‬وقد تأتى لنسان ل يطلبها شاول الطرسوسى ‪ 0‬وتعمل فى‬
‫كل منهما لخلص نفسه ‪0‬‬

‫‪‬‬
‫ولكن النعمة ‪ -‬كما قلنا ل ترغم أحدا ً على عمل الخير ‪0‬‬
‫النعمة لم ترغم الناس أيام نوح على الدخول إلى الفلك ليخلصوا ‪00‬‬
‫ولم ترغم أهل سادوم على الخروج من المدينة قبل حرقها ‪ 00‬ولم‬
‫ترغم يونان على الطاعة ‪ 0‬ولم ترغم يهوذا على أن يكون أمينا ً‬
‫لمعلمه وسيده ‪00‬‬
‫لم تمنع الشرار من فعل الشر ‪ 0‬ولم ترغم أحدا ً على فعل الخير ‪0‬‬
‫بل إن كثيرين نالوا نعمة بوفرة وسقطوا ‪ ،‬وبععضهم هلكوا !!‬

‫‪‬أسوا مثل هو الشيطان ‪ ،‬الذى نال فى خلقه نعمة جبارة وهلك !‬


‫قال عنه الكتاب إنه " الكاروب المنبسط المظلل " بل قال له " أنت‬
‫خاتم الكمال ‪ 0‬ملن حكمة وكامل الجمال " " أنت كامل فى طرقك‬
‫من يوم خلقت " ) حز ‪ ( 15 -13 : 28‬وكان قويا ً وصف بأنه " قاهر‬
‫المم " ‪ 0‬ولما سقط قال له الوحى اللهى " الذين يرونك ‪،‬‬
‫يتطلعون إليك ‪ 00‬أهذا هو الرجل الذى زلزل الرض وزعزع‬
‫الممالك ؟! ) أش ‪( 16 ، 12 : 1‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ومع ذلك هلك هذا الذى نال قدرا كبيرا من النعمة ‪ ،‬فيما وهب من‬
‫جمال وكمال وقوة وحمة ‪ 0‬لن إرادته أنحرفت ‪ ،‬وأسقطته كبرياؤه‬
‫‪00‬‬
‫‪‬مثل آخر هو شاول الملك ‪:‬‬
‫كان أول من مسح ملكا ً بالزيت المقدس ‪ ،‬وحل عليه روح الرب فتيا ً ‪،‬‬
‫حتى قيل " أشاول أيضا ً بين النبياء ؟! " كان الرب قد " أعطاه قلبا ً‬
‫آخر " ) ‪1‬صم ‪ (  9 : 10‬ولكن شاول سلك فى استقلل عن‬
‫الله ‪ 0‬ولم يستخدم النعمة التى وهبت له استخداما ً سليما ً ‪ 0‬فكانت‬
‫النتيجة أن الرب قد رفضه ‪ " 0‬وفارق روح الرب شاول ‪ ،‬وبغته روح‬
‫ردئ من قبل الرب " ) ‪1‬صم ‪0 ( 14 : 1 : 16‬‬
‫‪‬‬

‫‪‬مثل ثالث هو شمشون ‪:‬‬


‫أختاره الرب قبل أن يولد ‪ ،‬ليكون نذيرا ً للرب ومخلصا ً للشعب من‬
‫أعدائه ‪ 0‬وحل عليه روح الرب وكان يحركه ) قض ‪ 0 ( 13‬ومنحه قوة‬
‫مذهلة ‪ 0‬كل هذا كان من عمل النعمة فيه ‪ 0‬لكنه لم يسلم نفسه‬
‫لعمل النعمة ‪ ،‬بل سلمها لمرأة أحبها ‪ ،‬فخانته وسلمته إلى أيدى‬
‫أعدائه فأذلوه ‪ 0‬ولكن النعمة عادت وافتقدته مرة أخرى فى آخر‬
‫حياته ) قض ‪ ( 16‬وكتبه بولس الرسول ضمن رجال اليمان )عب ‪11‬‬
‫‪0 ( 32 :‬‬
‫‪ ‬مثل رابع هو سليمان الحكيم ‪:‬‬
‫وهبته نعمة الله حكمة لم توهب لحد من قبل ‪ ،‬حكمة من فوق ‪0‬‬
‫ومعها غنى وكرامة ‪ 0‬فلم يكن مثله ملك من كل الموك فى أيامه )‬
‫‪1‬مل ‪ ( 13 ، 12 : 3‬وأيضا ً أعاه الله " فهما ً كثيرا ً ‪ ،‬وروحية قلب‬
‫كالرمل الذى على شاطئ البحر ) ‪1‬مل ‪ ( 29 : 4‬وتراءى له الله‬
‫مرتين ) ‪1‬مل ‪ ( 2 : 9‬وكانت الفضة فى أورشليم فى أيامه مثل‬
‫الحجارة من الكثرة ) ‪1‬مل ‪0 ( 27 : 10‬‬
‫فماذا كان موقف سليمان من كل هذه النعمة التى أحات به ؟ ‪00‬‬
‫يقول الكتاب " وكان فى زمان شيخوخة سليمان ‪ ،‬أن نساءه أملن‬
‫قلبه وراء آلهة أخرى ‪ 0‬ولم يكن قلبه كامل ً مع الرب إلهه كقلب داود‬
‫أبيه ‪ 0‬فذهب سليمان وراء عشتاروت ألهة الصيدونيين ‪ ،‬وملكوم‬
‫رجس العمونيين ‪ ،‬وعمل سليمان الشر فىعينى الرب ‪1 ) " 00‬مل‬
‫‪ (   4 : 11‬فعلقبه الله ‪ 0‬وكما قال عنه من قبل لداود أبيه " إن‬
‫تعوج ‪ ،‬أؤدبه بقضيب الناس وبضربات بنى آدم ‪ 0‬ولكن حتى رحمتى‬
‫ل أنزعها منه كما نزعتها من شاول ‪2 ) " 00‬صم ‪0 ( 15 ، 14‬‬
‫وهكذا افتقدته النعمة فى أواخر أيامه ‪ 0‬فتاب وشعر بأن العالم كله‬
‫بال وقبض اريح ‪ ،‬كما كتب فى سفر الجامعة ) جا ‪ ) ( 2 : 1‬جا ‪: 2‬‬
‫‪0 ( 11‬‬
‫‪‬‬
‫‪‬مثال خامس ‪ :‬الذين أخذوا موقفا ً مضادا ً من عمل الروح فيهم ‪:‬‬
‫الين كان لهم حرارة من الروح فأطفأوها ‪ 0‬بينما الكتاب يقول " ل‬
‫تفئوا الروح " ‪1‬تس ‪ ( 19 : 5‬وبخاياهم " أحزنوا الروح " ) أف ‪( 3 :4‬‬
‫وكاليهود الذين قال لهم لبقديس اسطانوس الشماس " أنتم دائما ً‬
‫تقاومون الروح القدس ‪ 0‬كما كان آباؤكم كذلك أنتم " ) أع ‪( 51 : 7‬‬
‫أما الذين يجدفون على الروح القدس ول تكون لهم مغفرة ) مر ‪: 3‬‬
‫‪ ( 29‬فهم الذين يرفضون نعمة الروح وعمله فيهم رفضا ً كامل ً مدى‬
‫الحياة ‪00‬‬
‫‪‬‬
‫لهذا ل نستطيع أن نقول إن النعمة هىكل شئ ‪ ،‬ونغفل الرادة‬
‫البشرية ‍!!‬
‫كالذين يقولون " كله بالنعمة " كما لو كان النسان مسلوب الرادة !‬
‫أو كان موقفه سلبيا ً تماما ً ‪ 0‬فالنعمة عملت فى كثيرين ‪ ،‬ثم هلكوا‬
‫نتيجة لنحرافهم بإرادتهم منفصلين عن عمل النعمة ‪ 0‬مثل ديماس‬
‫الذى ساعدته النعمة أن يكون أحد العاملين مع القديس بولس‬
‫الرسول ) كو ‪( 14 : 4‬‬
‫ثم تركه إذ أحب العلم الحاضر ) ‪2‬تى ‪0 ( 10 : 4‬‬
‫‪‬‬
‫لو كانت النعمة تعمل كل شئ ‪ ،‬ما سقط أحد ‪ ،‬وما هلك أحد ‪0‬‬
‫ولو كانت النعمة تعمل كل شئ ‪ ،‬ما كان هناك سبب لكافأة البرار ‪، ،‬‬
‫لنهم لم يعلموا شيئا ً ‪ 00‬إذن لبد أن نضع فى عمل البر اتحاد‬
‫الرادة البشرية مع عمل النعمة والشتراك مع النعمة فى العمل ‪00‬‬
‫لن البعض ل يستجيبون للنعمة ‪0‬‬

‫السيد المسيح عمل معجزات عجيبة جدا ً لم يعملها أحد من قبل‬


‫وبسبب هذه المعجزات عملت النعمة فى البعض فآمنوا ‪ 0‬ولكن‬
‫البعض لم يستجيبوا لعمل النعمة ‪ 0‬ولم يكتفوا بأنهم لم يؤمنوا ‪ ،‬بل‬
‫بالكثر قاوموا ‪00‬‬
‫‪‬مثال ذلك منح البصر للمولود أعمى ‪ 0‬عملت النعمة فيه فآمن‬
‫ودافع عن السيد المسيح ‪ 0‬بينما لم يستجب الفريسيون‬
‫للنعمةالتىعملت فى المعجزة ‪ 0‬وقالوا مجدفين على السيد " هذا‬
‫النسان ليس من الله ‪ ،‬لنه ل يحفظ السبت " " نحن نعلم أن هذا‬
‫النسان خاطئ ) يو ‪0 ( 24 ، 16 : 9‬‬
‫‪‬ونفس الوضع بالنسبة إلى إقامة لعازر من الموت ‪ 00‬كانت للنعمة‬
‫تعمل وهكذا يقول الكتاب " فكثيرون من اليهود الذين جاءوا إلى‬
‫مريم ونظروا ما فعل يسوع آمنوا " ومع عظة المعجزة ‪ ،‬لم يستجب‬
‫رؤساء اليهود لعمل النعمة ‪ 0‬بل يقول الكتاب فجمع رؤساء الكهنة‬
‫والفريسين مجمعا ً ‪ 0‬وقالوا ماذا نصنع ‪ ،‬فإن هذا النسان يعمل آيات‬
‫كثيرة ‪ 0‬إن تركناه هكذا ‪ ،‬يؤمن الجميع به ‪ " 00‬ومن ذلك اليوم‬
‫تشاورا ليقتلوه ‪ )´ 00‬يو ‪0 ( 53 - 45 : 11‬‬
‫كان الحسد الذى فى قلوبهم يمنع عمل النعمة فيهم ‪0‬‬
‫‪‬‬
‫‪‬مثال آخر ‪ ،‬وهو ظهور العذراء بنور عظيم على قباب كنيستها فى‬
‫حى الزيتون بالقاهرة سنة ‪ ، 1968‬وحدوث معجزات كثيرة ‪0‬‬
‫استجاب البعض فآمنوا ‪ ،‬ومجدوا الله ‪ 00‬والبعض ظلوا يبحثون‬
‫الظهور علميا ً ‪ 0‬وبعض آخر قبلوا النعمة فترة ‪ ،‬ثم عادوا وفتروا ‪0‬‬
‫ولم يتركوا عمل النعمة يستمر فى قلوبهم ‪0‬‬
‫‪‬‬
‫ما أعجب قول أبينا ابراهيم لغنى لعازر حينما لب ذهاب لعازر لكى‬
‫يبشر أقاربه ‪ ،‬فل يكون لهم نفس مصيره فى العذاب حينئذ قال له‬
‫أبونا ابراهيم ‪:‬‬
‫" ول إن قام واحد من الموات يصدقونه " ) لو ‪( 31 : 16‬‬
‫هؤلء بل شك عندهم عوائق فى قلوبهم وأذهانهم ‪ ،‬تمنع أى عمل‬
‫للنعمة فيهم ‪ 00‬وإن بدأت تعمل ‪ ،‬ل يستجيبون لعملها !‬
‫‪‬‬
‫أثناء صلب السيد المسيح " حجاب الهيكل انشق إلى إثنين ‪00‬‬
‫والرض تزلزلت ‪ ،‬والصخور تشققت ‪ ،‬والقبور تفتحت وقام كثير من‬
‫أجساد القديسين " ) مت ‪ ( 52 ، 51 : 27‬فآمن اللص اليمين ) لو ‪23‬‬
‫‪ ( 42 :‬كذلك فإن " قائد المائة والذين كانوا معه يحرسون يسوع ‪،‬‬
‫لما رأوا الزلزلة وما كان ‪ ،‬خافوا جدا ً وقالوا ‪ :‬حقا ً كان هذا إن إبن‬
‫الله " ) مت ‪0 ( 54 : 27‬‬
‫أما رؤساء الكهنة والفريسيون فلم يتأثروا ولم يؤمنوا ‪ 0‬بل على‬
‫العكس من هذا ذهبوا إلى بيلطس وقالوا له " يا سيد ‪ ،‬قد تذكرنا أن‬
‫ذلك المضل قال وهو بعد حى إنى بعد بعد ثلثة أقوم ‪ 0‬فمر بضبط‬
‫القبر إلى اليوم الثالث لئل يأتى تلميذه ليل ً ويسرقوه ‪ ،‬ويقولوا‬
‫للشعب إنه قام من الموات ‪ 0‬فتكون الضللة الخيرة أشر من‬
‫الولى " ) مت ‪     62 : 27‬وهكذا وصفوه بأنه مضل ‪ ،‬وأن‬
‫عمله السابق كا ضللة ‪ ،‬على الرغم من المعجزات التى حدثت أثناء‬
‫صلبه ‪ ،‬التى بسببها آمن قائد المائة والذين معه !! لم يكن لديهم‬
‫استعداد داخلى لعمل النعمة فيهم ‪0‬‬
‫كان حقدهم على الرب ‪ ،‬وخوفهم من معجزاته ‪ ،‬وخوفهم من ضياع مراكزهم ‪،‬‬
‫يمنعهم من قبول عمل النعمة فيهم ‪ ،‬مهما حدث من معجزات !!‬
‫إنهم مثل واضح للقلب القاسى الرافض لعمل النعمة فيه ‪00‬‬

‫‪‬‬
‫هذه النعمة التى تعمل فى الكل ‪ ،‬أل يأتى وقت تتخلى فيه عن‬
‫العمل فى البعض تخليا ً جزئيا ً أو كليا ً ؟! مثلما حدث لشاول الملك‬
‫الذى قال عنه الرب‪ " :‬وأنا قد رفضته " ) ‪1‬صم ‪( 1 : 16‬‬
‫فمتى تتخلى النعمة ؟ ولماذا ؟‬

‫ومتى يتخلى النسان عن النعمة ؟‬


‫وما معنى قول الكتاب عن الرب إنه " قسى قلب فرعون ؟‬
‫إنها فترات من التخلى الجزئى للنعمة ‪ ،‬تعلمنا فيها دروسا ً روحية نافعة لنا ‪0‬‬
‫تعلمنا أل نتهاون حينما تزورنا النعمة ‪ ،‬بل نستجيب لنا لئل تتركنا‬
‫فنندم ‪0‬‬
‫وتعلمنا التضاع والشعور بضعفنا ‪ ،‬حينما تتخلى عنا فنسقط ‪0‬‬
‫فندرك أن قيامنا السابق لم يكن بقوتنا الذاتية ‪ ،‬إنما بعمل النعمة‬
‫فينا ‪0‬‬
‫تعلمنا أيضا الشفقة على الساقطين ‪ ،‬لننا كلنا تحت الللم ) يع ‪: 5‬‬ ‫ً‬
‫‪ ( 17‬وكلنا عرضة للسقو إن تخلت النعمة عنا ولم تعن ضعفنا ‪0‬‬
‫وفى ذلك يقول الرسول ‪:‬‬
‫" أيها الخوة ‪ ،‬إن إنسيق إنسان فأخذ فى زلة ‪ ،‬فأصلحوا أنتم‬
‫الروحايين مثل هذا بروح الوداعة ‪ 0‬ناظرا ً إلى نفسك لئل تجرب أنت‬
‫أيضا ً " ) غل ‪0 ( 1 : 6‬‬
‫والتخلى يعلمنا أيضا ً الصلة بلجاجة ‪ ،‬لكى يعود الرب إلينا ‪ ،‬ويشرق‬
‫بوجهه علينا فنخلص ‪ 00‬كما يعلمنا الصبر ‪ ،‬وانتظار الرب ‪00‬‬
‫وهذا التخلى يعلمنا أيضا ً حياة الحرص والتدقيق ‪ ،‬حتى إذا قمنا من‬
‫سقطتنا ‪ ،‬نكون احتراسا ً فيما بعد‬
‫على أن تخلى النعمة ‪ ،‬هو تخل مؤقت ‪ ،‬لننا ل نحتمل إطلقا ً بعد‬
‫الرب عنا ‪ ،‬لذلك قال للنفس البشرية ‪:‬‬
‫"لحيظة تركتك ‪ ،‬وبمراحم عظيمة سأجمعك " ) أش ‪( 7 : 54‬‬
‫يقول ) لحيظة ( أى جزء من لحظة ‪ ،‬لننا ل نحتمل تخلى النعمة‬
‫ترقبنا أثناء تخليها لكى يكون هذا التخلى لفائدتنا ‪0‬‬
‫‪‬‬
‫النعمة إذن قد تتخلى أحيانا عن النسان لجل منفعته ‪ 0‬فيسقط‬
‫ويستفيد من سقوطه ‪ 0‬كما يحدث مع الذين يقعون فى الكبرياء أو‬
‫المجد الباطل ‪0‬‬
‫وذلك كما قال الكتاب " قبل الكسر الكبرياء ‪ 0‬وقبل السقوط تشامخ‬
‫الروح " ) أم ‪ ( 18 : 16‬هؤلء الذين يتكبرون بسبب مواهب لهم ‪ ،‬أو‬
‫تفوق أو نجاح ‪ ،‬ظانين أن هذا بسبب قوتهم وليس بسبب النعمة‬
‫العاملة معهم ‪ 00‬يسمح الله أن تتخلى نعمته عنهم فيسقطون ‪0‬‬
‫فحينئذ يشعرون بضعفهم فيتضعون ‪ 0‬وإن كانوا فى تشامخهم قد‬
‫أدانوا غيرهم أو احتقروه ‪ ،‬فإنهم فى سقطتهم ل يدينون فيما بعد ‪،‬‬
‫بل يعطفون على الساقطين لنهم جربوا السقوط ‪ 0‬وهكذا إ‬
‫يتضعون فى سقوطهم ‪ ،‬تعود إليهم النعمة مرة أخرى ‪0‬‬
‫وتكون النعمة هى التى عملت فيهم وقادتهم إلى التضاع ‪0‬‬

‫وهكذا نرى أن تخلى النعمة هنا ‪ ،‬كان تخليا جزئيا ً ‪ 0‬كالم التى تعمل‬
‫إبنها المشى ‪ 0‬فتقوده ثم تتخلى عنه قليل ً فيقع ويجاهد ليقوم ‪0‬‬
‫وهكذا تشيتد عظامه ‪ 0‬ولو أن الم حملت فلها باستمرار ‪ ،‬لصيب‬
‫بلين العظام ‪ 00‬فيكون التخلى بنوع من السياسة والتدبير لتعليم‬
‫الطفل كيف يمشى ‪00‬وبالمثل الب الذى يعلم إبنه العوم ‪ :‬يحمله‬
‫على يديه فى الماء ‪ ،‬ثم يتركه ورقبه ‪ ،‬لكى يحرك يديه وقدميه‬
‫ويتعلم السباحة ‪ 0‬فإن رآه فى خطر ‪ ،‬ويعود إليه ‪00‬‬
‫ومثال مشابه ‪ :‬النسر حين يعلم صغاره الطيران ‪00‬‬
‫‪‬‬
‫النعمة إذن تتخلى جزئيا ً ‪ ،‬لفائدة وليس للهاك ‪ 0‬تتخلى بسبب‬
‫الكبرياء أو بسبب التدريب ‪ 0‬أما إن هلك إنسان ‪ :‬فإن ذلك يكون‬
‫بسبب رفضه هو النعمة ‪ ،‬وليس بسبب رفض النعمة له ‪00‬‬
‫‪‬‬
‫وقد تتخلى النعمة حينا ً عن المتراخين فى روحياتهم بإهمال ول‬
‫مبالة ‪ 0‬حتى إذا سقطوا بسبب تهاونهم ‪ ،‬ويصرخون إلى الله‬
‫ويطلبونه بكل قلوبهم ‪ 00‬فتعود إليهم حرارتهم ‪ ،‬وتعود إليهم‬
‫النعمة ‪ 0‬ويطلبونه بكل قلوبهم ‪ 00‬فتعود إليهم حرارتهم ‪ ،‬وتعود‬
‫إليهم النعمة ‪0‬‬
‫ومن أمثلة ذلك عذراء النشيد ‪:‬‬
‫قرع الرب على بابها قائل ً " افتحى لى يا أختى ‪ ،‬يا حبيبتى ول‬
‫كاملتى ‪ 0‬فإن رأسى قد أمتل بالطل ‪ ،‬وقصص من ندى الليل "‬
‫ولكنها لم تفتح له وتكاسلت وقدمت عذرا ً وتبريرا ً لتكاسلها ‪ 0‬فما‬
‫الذى حدث بعد ذلك ؟ قالت " حبيبى تحول وعبر طلبته فما وجدته‬
‫دعوته فما أجابنى " ) نش ‪ (  2 : 5‬هنا التخلى واضح كنتيجة‬
‫للتكاسل ‪ 0‬ولكن هذا التخلى الجزئى ألهب مشاعر هذه العروس ‪،‬‬
‫فخرجت تطلب حبيبها وهى مريضة حبا ً ‪0‬‬
‫‪‬‬
‫وقد تتخلى النعمة بسبب رفض النسان لها واستمراره فى الخطأ أو الخطيئة أو‬
‫فى الفساد ‪0‬‬
‫وعن مثل هؤلء ‪ ،‬قال القديس بولس الرسول " وكما لم يستحسنوا‬
‫أن يبقوا الله فى معرفتهم ‪ ،‬أسلمهم الله إلى ذهن مرفوض ليفعلوا‬
‫ما ل يليق " ) رو ‪ ( 28 : 1‬فما معنى كلمة " ذهن مرفوض هنا ؟‬
‫معناها ذهن مرفوض من النعمة ‪ ،‬ترفض النعمة أن تعمل فيه ‪0‬‬
‫وهذه حالة أصعب بكثر جدا ً من حالة التخلى ‪ 00‬قد تكون لونا من‬
‫التخلى العام ‪0‬‬
‫‪‬‬
‫تتخلى النعمة أيضا ً بسبب قساوة القلب ‪0‬‬
‫القلب القاسى الذى ل يستجيب لصوت الله ‪ ،‬ويصر على عدم‬
‫الشتراك مع النعمة فى العمل ‪ 0‬هذه الحالة التى حذر الرسول منها‬
‫يقوله " إن سمعتم صوته ‪ ،‬فل تقسوا قلوبكم ‪ ) " 00‬عب ‪15 ، 7 : 3‬‬
‫(‬
‫قال هذا عن الشعب الذى أسخط الرب فى البرية ‪ 0‬فمنعه الرب من‬
‫دخول أرض الموعد ‪ ،‬هؤلء الذين سقطت جثثهم فى القفر ‪ ،‬ولم‬
‫يدخلهم الرب إلى راحته ) عب ‪( 18 ، 17 : 3‬‬
‫وما دمنا قد وصلنا إلى نقة قساوة القلب هذه ‪ ،‬فلنضع أمامنا مثال ً‬
‫مشهورا ً ‪ ،‬وهو قساوة قلب فرعون ‪ :‬فلنبحث هذا المر لنعرف‬
‫معنى عبارة ‪:‬‬
‫" قسى الله قلب فرعون " ) خر ‪0 ( 3 : 7‬‬

‫كان قلب فرعون قاسيا ً من ذاته ‪ ،‬مقاوما ً لكل عمل النعمة ‪00‬‬
‫كان قاسيا ً فى تعامله مع الناس وفى تعامله مع الله ‪0‬‬
‫كان قاسيا ً بطبعه ‪ ،‬وليس الله الذى قساه ‪0‬‬
‫كان قاسيا ً على الشعب فى أعمال السخرة ‪ 0‬ولما طلبوا منه‬
‫الرفيق بهم ‪ ،‬أزاد نيره عليهم ثقل ً ‪ ،‬وقال لهم " متكاسلون أنتم‬
‫متكاسلون " ) خر ‪( 17 : 5‬‬
‫وقسى قلبه فلم يسمع لصوت الرب ‪ ،‬ولم يستفد من كل العجائب‬
‫التى أجراها الرب على يد موسى النبى ‪ 0‬ومع ذلك لم يتركه الرب‬
‫‪00‬‬
‫‪‬‬
‫كانت النعمة تعمل فى قلبه ‪ ،‬فيعرف بخطئه ‪ 0‬ويطلب المغفرة ‪،‬‬
‫ويعد بأن يسلك حسنًاص ‪ 0‬ثم يرجع قلبه إلى قسوته فل يفى بما‬
‫وعد به ‪00‬‬
‫فى ضربة الضفادع ‪ ،‬دعا فرعون موسى وهارون وقال ‪ :‬صليا إلى‬
‫الرب ليرفع الضفادع عنى وعن شعبى ‪ ،‬فالق الشعب ليذبحوا للرب‬
‫" ) خز ‪ ( 8 : 8‬إن ططلبه للصلة هو من عمل النعمة فيه ‪ 0‬وليمانه‬
‫بأن الرب قادر على رفع ضربة الضفادع عنه ‪ ،‬هو أيضا ً من عمل‬
‫النعمة ‪ 0‬واستجابة الرب لطلبه هو أيضا ً من عمل النعمة فيه ‪0‬‬
‫وإيمانه بأن الرب قادر على رفع ضربة الضفادع عنه ‪ ،‬هو أيضا ً من‬
‫عمل النعمة ‪ 0‬واستجابة الرب لطلبه هو أيضا ً من عمل النعمة وبعد‬
‫ذلك يقول الكتاب " فلما فرعون أنه قد حصد على الفرج ‪ ،‬أغلظ‬
‫قلبه ولم يسمع لهما " ) خر ‪( 15 : 8‬‬
‫وبعد ضربة الذبان قال فرعون " أنا أطلقكم ‪ 00‬صليا لجلى " ولما‬
‫رفع الرب الضربة " أغلظ فرعون قلبه هذه المرة أيضا ً فلم يطلق‬
‫الشعب " ) خر ‪ ( 32 ، 28 : 8‬فلماذا حدث كل هذا ؟ هل لن الرب‬
‫؟ كل ‪0‬‬ ‫قسى قلبه ‍‬
‫بل كانت هناك شهوة فى قلب فرعون ‪ ،‬فى الحتفاظ بهذه‬
‫العشرات من آلف العبيد لتخدمه بالسخرة فى أعمال ملكه ‪ 0‬وهذه‬
‫الشهوة قست قلبه ‪0‬‬
‫فكلما كانت يفكر فى طاعة الرب ‪ ،‬وفى الخوف من ضربات الرب‬
‫وانذارته ‪ ،‬كانت شهوته فى الحتفاظ بالعبيد تقف حائل ً بينه وبين‬
‫التوبة ‪ ،‬وتقسى قلبه ‪ 00‬إذ كيف يمكنه التخلى عن كل هؤلء ؟ لذلك‬
‫لم يستجب للرب على صوت موسى وهارون ‪ 0‬وتكررت القصة مرارا ً‬
‫‪ :‬يعترف بخطئه ‪ ،‬ويعد ول يفى ‪00‬‬
‫ففى ضربة البرد " دعا موسى وهارون وقال لهما " أخططأت هذه‬
‫المرة ‪ 0‬الرب هو البار ‪ ،‬وأنا وشعبى الشرار ‪ 0‬صليا إلى الرب ‪0‬‬
‫وكفى حدوث رعود الله والبرد " " ولكن فرعون لما رأى لن المطر‬
‫والبرد والرعود انقطعت ‪ ،‬عاد يخطئ ‪ ،‬وأغلظ قلبه هو وعبيده‬
‫واشتد قلب فرعون " ) خر ‪( 35- 27 : 9‬‬
‫‪‬‬
‫نلحظ فى كل النصوص السابقة ‪ ،‬أن فرعون هو الذى أغلظ قلبه‬
‫فما معنى أن الرب قسى قلب فرعون ؟ معناه كالتى ‪:‬‬
‫لما رأى الله عدم إستجابة فرعون إلى كل أعمال نعمته ‪ ،‬تركه الرب إلى قساوة‬
‫قلبه ‪ ،‬أى تخلت عنه النعمة ‪ ،‬فتصرف بقساوة قلبه ‪ ،‬وأغلظ قلبه ‪0‬‬
‫يذكرنى هذا بقول الرب المزمور عن بنى إسرائيل أيضا ً " فلم يسمع‬
‫شعبى لصوتى ‪ 0‬وإسرائيل لم يرض به ‪ 0‬فسلمتهم إلى قساوة‬
‫قلوبهم ‪ ،‬ليسكلوا فى مؤامرات أنفسهم " ) مز ‪( 12 ، 11 : 81‬‬

‫‪‬‬
‫ويذكرنى هذا أيضا ً بقول الكتاب عن الفسقة الشواذ ‪ " :‬وكما لم‬
‫يستحسنوا أن يبقوى الله فى معرفتهم ‪ ،‬أسلمهم الله إلى ذهن‬
‫مرفوض ‪ ،‬ليفعلوا ما ل يليق " ) رو ‪ ( 28 : 1‬أى أنه أسلمهم إلى‬
‫ذلك الذهن المرفوض من النعمة ‪ ،‬الذى رفضت النعمة أن تعمل‬
‫فيه ‪ ،‬لصراره على فساده ‪ ،‬وإصراره علىعدم الشركة مع النعمة فى‬
‫العمل ‪0‬‬
‫‪‬‬
‫إذن تقسية قلب فرعون ‪ ،‬معناها تخلى النعمة عنه ‪0‬‬
‫ولما تخلت النعمة عنه ‪ 0‬انكشف ما فى قلبه من قساوة ‪0‬‬
‫فقول الرب " اقسى قلب فرعون " ) خر ‪ ( 3 : 7‬معناه ‪ :‬تتخلى‬
‫نعمتى عنه ‪ ،‬فتظهر القسوة التى فى قلبه ‪00‬‬
‫وسبب تخلى النعمة عنه ‪ ،‬هو أنه رفض النعمة التى عملت لجله فى‬
‫كثير من العجائب ‪ ،‬وفى استجابة الصلوات ورفع الضربات ‪0‬‬
‫‪‬‬
‫فلم تكن قسوة القلب شيئا ً جديدا ً عليه ‪ ،‬ولم تأت إليه من خارجه ‪0‬‬
‫ول تؤخذ عبارة " أقسى قلب فرعون " بالمعنى الحرفى ‪ ،‬وإنما‬
‫بالمعنى الروحى ‪ ،‬كما شرحنا ‪00‬‬
‫بل هو كان قاسيا ً ‪ ،‬وتركه الرب إلى قسوته ‪0‬‬
‫وقد صبر الرب عليه طويل ً ‪ 0‬ولكنه اتخذ طول أناة الرب مجال ً‬
‫للستهتار بوعوده ‪ 00‬حتى فى آخر لحظة ‪ ،‬بعد أن أطلق الشعب‬
‫فعل ً ‪ ،‬سعى وراءهم حتى البحر الحمر ‪0‬‬
‫هذا القلب القاسى ‪ 0‬أسلمه الرب إلى طبعه القاسى ‪0‬‬
‫أخيرا ً ‪ ،‬أود أن أقف معكم قليل ً هنا فى موضوع النعمة هذا ‪ 0‬وهناك‬
‫باب عن ] الجهاد والنعمة [ نشرته لكم فى كتابى ] الخلص فى‬
‫المفهوم الرثوذكسى [ يمكن أن تضيفوه إلى معلوماتكم عن النعمة‬
‫‪0‬‬
‫نود أن نتكلم عن الحياة الروحية ما بين الناموس والنعمة ‪0‬‬

‫الناموس مأخوذ من كلمة يونانية ‪ Nomos‬بمعنى قانون أو شريعة ‪0‬‬


‫فالناموس بهذا المعنى هو مجموع الوصايا والوامر التى أعطاها‬
‫الله للبشر ‪0‬‬
‫وقد ورد فىالنجيل لمعلمنا يوحنا البشير " الناموس بموسى اعطى ‪،‬‬
‫وأما النعمة والحق فبيسوع المسيح صارا" ) يو ‪( 17 : 1‬‬
‫ونود أن يكون لنا تأمل فى هذه النقطة بالذات ‪ ،‬لنرى كيف كانت‬
‫مسيرة العالم ما بين الناموس والنعمة ؟ وما هو موقع حياتنا الن ؟‬
‫‪‬‬
‫لقد قدم موسى للناس شرائع ‪ ،‬ولكن من البدء لم يكن هكذا ‪:‬‬
‫لقد خلق الله النسان بطبيعة نقية طاهرة ‪ ،‬ل تحتاج لقوانين لكيما تحكمها أو‬
‫ترشدها ‪0‬‬
‫وبعد أن عرفت الوصية ‪ ،‬عرفت معها الخطية ‪0‬‬
‫‪‬‬
‫يوسف الصديق رفض أن يقع فى الزنا ‪ ،‬ولم تكن هناك وصية تقول‬
‫ل تزن ‪ 0‬لقد جاءت هذه الوصية بعد ذلك بأكثر من ‪ 500‬سنة ‪0‬‬
‫النسان المحتاج إلى وصايا ‪ ،‬هو شاهد على نفسه إنه جاهلن ل‬
‫يعرف بعد الطريق ‪ 0‬أما البار ‪ ،‬فينطبق عليه قول الشاعر ‪:‬‬
‫فارسل حكيما ً ول توصه‬ ‫إذا كنت فى حاجة مرسل ً‬
‫‪‬‬
‫الحكيم ل يحتاج إلى وصية ترشده ‪ ،‬فحكمته تكفى ‪0‬‬
‫ولما فقد الناس الحكمة ‪ ،‬أعطاهم الرب الوصايا العشر ‪،‬‬
‫ثم أعطاهم وصايا عديدة جدا ً ‪ ،‬أدبية وطقسية واجتماعية ‪ ،‬إمتلت‬
‫بها أسفار الخروج واللويين والتثنية ‪ 00‬مجموعة ضخمة من الوامر‬
‫والنواهى ‪0‬‬
‫‪‬‬
‫ً‬
‫ولم تصلح حياة النسان بالناموس ‪ 0‬بل صار الناموس شاهدا عليه ‪ 0‬كان فى‬
‫حاجة إلى الطبيعة الجديدة ‪ ،‬إلى القلب النقى ‪ ،‬الذى يحب الخير بطبيعته ‪ ،‬من‬
‫غير أوامر ووصايا ‪0‬‬
‫وهنا نسأل ‪ :‬ما هى مشكلتنا فى التوبة ؟ ماهى العوائق ؟‬
‫المشكلة هى أن النسان ل يعمل الخطية ‪ ،‬خوفا ً من الوصية ولكن‬
‫الخطية فى أعماقه يحبها ‪ ،‬حتى أنه إن لم تكن هناك وصية ‪ ،‬لغرق‬
‫فى الخطية إلى أعماقه ‪0‬‬
‫‪‬‬
‫ومن هنا كان الخير خارجا ً عنه ‪ ،‬وليس فى داخله ‪0‬‬
‫الخطية مالكة لقلبه ‪ 0‬ولرادته ‪ 0‬ولكن عقله يقول له إن هناك وصية‬
‫وعقوبة لمن يخالفها ‪ 0‬لهذا يدخل النسان فى صراع مع الوصية ‪،‬‬
‫لن القلب من الداخل لم يتنق ‪ ،‬ولم يصل إلى محبة الله ول إلى‬
‫محبة الفضيلة ‪ 0‬ما زال محتاجا ً إلى ضوابط من الخارج ‪00‬‬
‫‪‬‬
‫ولكن السيد المسيح أعطانا وصية جديدة ‪ ،‬هى المحبة ‪0‬‬
‫تحب الرب إلهك من كل قلبك ‪ ،‬ومن كل فكرك ‪ 00‬وتحب قريبك‬
‫كنفسك ‪ ،‬بهاتين الوصتين يتعلق الناموس كله والنبياء ) مت ‪0 ( 22‬‬
‫فكيف يصل النسان إلى هذه المحبة التى يتعلق بها الناموس كله‬
‫والنبياء ؟ يصل إليها عن ريق النعمة فيه ‪ 0‬بالروح القدس ‪ ،‬كما‬
‫يقول الرسول " لن محبة الله قد انسكبت فى قلوبنا القدس‬
‫المعطى لنا " ) رو ‪( 55‬‬
‫فإذا وصلت إلى هذه المحبة ‪ ،‬ل تحتاج إلى ناموس ‪0‬‬
‫إننا نعيش فى لجة ضخمة من الوصايا ‪ ،‬من الوامر والنواهى ‪ 0‬فى‬
‫الحلل والحرام ‪ ،‬ما يجوز وما ل يجوز ‪ 00‬وهناك من ينفذون الوصايا‬
‫‪ ،‬بطريقة ناموسية ‪ ،‬حرفية فريسية ‪ ،‬يهتمون فيها بالشكل وليس‬
‫بالروح ‪ 00‬كمن ينفذ جدول ً روحيا ً ‪ 0‬ويضع علمات من أجل تنفيذ‬
‫بنوده ‪ ،‬وليس من أجل الحب ‪ ،‬وإنما تنفيذا ً لناموس ‪00‬‬
‫مثل هذا النسان يصلى ويقرأ ويتأمل ويحضر القداسات ويتناول‬
‫وكل ذلك بل روح ‪ ،‬وبل حب ‪ 0‬كما قال الرب " ها الشعب يكرمنى‬
‫بشفتيه ‪ 0‬أما قلبه فمبتعد عنى بعيدا ً " ) مت ‪0 ( 8 : 15‬‬
‫‪‬‬
‫هذه هى حياة الناموس ‪ ،‬وصايا بل روح ‪ ،‬وتنفيذ بل قلب ‪0‬‬
‫هذا الناموس أراد المسيح أن يحررنا منه ‪ ،‬بالنعمة ‪0‬‬
‫إنه يقول " إن فعلتم كل ما أمرتم به ‪ ،‬فقولوا إننا عبيد بطالون "‬
‫) لو ‪0 ( 10 : 17‬‬
‫كل ما أمرتم به هو الناموس ‪ ،‬قد تنفذونه كعبيد ‪ ،‬ولكن فى نفس‬
‫الوقت تكونون بطالين ‪ ،‬إذا خلت نفوسكم من الحب والنعمة ‪0‬‬
‫فهل أنتم عبيد أم بنون ‪ ،‬وهل تحبون أن تنفذون ؟‬
‫هل أنتم تحبون البر أم تخضعون لوصيته ؟‬
‫هل تحبون البر كطبيعة ‪ ،‬أم تدخلون فى صراع مرير بين الخير‬
‫والشر ؟‬
‫‪‬‬
‫لقد جاء المسيح يحررنا من هذا الخضوع اللارادى للوصايا ‪0‬‬
‫جاء ليغرس فينا حبا ً وروحا ً ‪ ،‬فل نعيش بعد عبيدا ً للوصايا ‪ 0‬وصدق‬
‫الرسول حينما قال ‪ " :‬إن حرركم البن ‪ ،‬فبالحقيقة تكونون أحرارا ً "‬
‫) يو ‪( 26 : 8‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫إن الذى يقيم نقاشا حول بعض الطعمة ‪ ،‬وهل تعتبر إفطارا أم صياما ‪ ،‬وهو ل‬
‫يزال فى الناموس ‪0‬‬
‫لم يدخل بالنعمة فى روح الصوم ‪ ،‬ول فى الحب اللهى ‪ ،‬تسيره‬
‫أوامر ‪ ،‬وقوانين ومخاوف ‪0‬‬
‫إن أقصى ما يصل إليه البر البشرى أو البر الذاتى ‪ ،‬هو انتصار‬
‫النسان فى حروب دائرة فيه بين الخير والشر ‪ ،‬وهذا يدل على أنه‬
‫فيه شهوتين تتصارعان إحداهما للخير والخرى للشر ‪0‬‬
‫ومادامت هناك الشهوة للشر ‪ ،‬إذن فالقلب لم يتحرر بعد ‪0‬‬
‫‪‬‬
‫النسان الذى يحيا فى النعمنة ‪ ،‬يعيش فى محبة الخير ‪ 0‬الخير الذى صار له‬
‫طبيعة أو طبعا ً ‪ ،‬يعمله بل صراع ‪ ،‬بل حرب داخلية ‪ ،‬بل مجهود ‪0‬‬
‫هذا قد وصل إلى حرية القلب ‪ 00‬قد تحرر قلبه من عبودية العادات‬
‫والشهوات والجسد والمادة ‪ 00‬ل توجد خططية تؤثر عليه ول خطية‬
‫تنتصر عليه ‪ ،‬ول صراع داخله ‪0‬‬
‫إنها حالة يسميها الباء ) عدم التألم ( يصلى النسان لنوالها ‪0‬‬
‫‪‬‬
‫فى عدم التألم ‪ ،‬ل توجد خطية تهز النسان من الداخل ‪ ،‬ليضعف‬
‫أمامها ‪ 00‬إنها الحالة التى قال عنها يوحنا الرسول ‪:‬‬
‫" المولود من الله ل يخطئ ‪ ،‬والشرير ل يمسه " ) ‪1‬يو ‪( 18 : 5‬‬
‫هناك خطايا ‪ ،‬ل يستطيع النسان البار فعل ً أن يرتكبها ‪ 0‬كالسرقة‬
‫والحلفان ‪ ،‬والقتل ‪ ،‬والدجل ‪ 00‬وبالتالى كثير من الوصايا الخرى‬
‫‪ 00‬هذا النسان قد تتحرر ‪0‬‬
‫نريد أن نرتفع فوق مستوى الناموس ‪،‬‬
‫وندخل بالنعمة إلى الحرية ‪ ،‬نريد أن نصلى ليل نهار ‪ :‬اعطانا يارب هذه الحرية ‪0‬‬
‫حرية القلب غير المستعبد ‪ ،‬غير المهزوم ‪ ،‬غير المقيد بمحبة‬
‫الخطية ‪ ،‬ليس فى داخله اشتياق إليها ‪ 0‬القلب الذى ل تتفق الخطية‬
‫مع طبيعته " إننا نحتاج إلى هذه النقاوة الداخلية ‪ ،‬بمحبة الخير ‪0‬‬
‫‪‬‬
‫لن كثيرين يهتمون فى عبادتهم بالنسان الخارجى وليس بالداخل ‪0‬‬
‫يهتم الواحد منهم بالممارسات من صوم وصلة ومطانيات‬
‫واجتماعيات دينية وما إلى ذلك ‪ ،‬ويترك نقاوة القلب من الداخل ‪0‬‬
‫وتصبح حياته مجرد ممارسات كالتى انتقدها سفر أشعياء النبى ) ‪: 1‬‬
‫‪( 16 : 11‬‬
‫ً‬
‫ل تعيشوا عبيدا للنواميس والممارسات ‪ 0‬وإنما اطلبوا من الرب أن‬
‫يحرركم قلوبكم بنعمته ‪ 0‬وإن تحررتم ستسلكون فى جدة الحياة ‪،‬‬
‫وفى حرية مجد أولد الله ‪0‬‬
‫‪‬‬
‫وثقوا أنه إذا تحرر النسان الداخلى ‪ ،‬سيسلك النسان فى عمق الروح ‪ ،‬بل تعب‬
‫‪0‬‬
‫وسيصلى ويصوم ويتأمل ‪ ،‬ويمارس كل المور الخارجية بطريقة‬
‫روحية ‪ ،‬يحب الله ‪ ،‬وبحرارة وعمق ‪00‬‬
‫فاسأل نفسك ‪ :‬هل حررتك النعمة من الداخل أم داخل أم ل ؟ هل ل‬
‫تزال عبدا ً للخطية ؟ أم ما زالت تصارعها ؟ أم قد دخلت فةى مذاقة‬
‫الملكوت ‪ ،‬ومذاقة عدم التألم كابن لله ؟‬
‫‪‬‬
‫هل الخطية حروب خارجك ؟ أم هى فى قلبك من الداخل ؟‬
‫أم أن قلبك قد تحرر من سلطانها ‪ ،‬وتهيأ لسكنى الله ؟‬
‫هذا القلب النقى هو الذى يطلبه الرب قائل ً " يابنى اعطنى قلبك "‬
‫اعطنى قلبك ‪ ،‬وافعل بعد لذلك ما تريد ‪ 00‬أريد هذا القلب ‪ ،‬وغيره‬
‫ل أريد شيئا ً ‪ ،‬لست أريد البر الخارجى ‪ 0‬إنما بر المسيح الذى من‬
‫عمل الروح فيك ‪0‬‬
‫قد يعجب إنسان باللمبات القوية وبالنجف وبكل الجهزة الكهربائية‬
‫العجيبة الموجودة فى المكان ‪ 0‬ولكن المهم فى التيار ‪ 00‬بدون هذا‬
‫التيار الكهربائى ل فائدة من جميع اللمبات القوية ‪0‬‬
‫هذا التيار هو عمل النعمة فيك ‪ ،‬عمل الروح القدس فى قلبك ‪،‬‬
‫وبدونه باطلة كل أعمالك ‪ 0‬إن كنت تصلى ‪ ،‬ولم تخرج صلتك من‬
‫هذا القلب ‪ ،‬فباطلة هى صلتك ‪ 0‬وهكذا الوضع بالنسبة إلى أصوامك‬
‫وتأملتك ومطانياتك ‪0‬‬
‫كلها نسميها ) وسائط النعمة ( أى الوسائط التى تعمل نعمة الرب‬
‫عن طريقها ‪ ،‬لجل خلصك ‪ ،‬وتحريرك من خطاياك‬
‫‪‬‬
‫إن كان قلبك لم يصل بعد إلى الله ‪ ،‬فأنت مازالت تعيش فى الناموس وليس فى‬
‫النعمة ‪ 0‬وكل طاعتك للوصايا ‪ ،‬تسمى حينئذ ) بر الناموس (‬
‫أما إن عملت نعمة المسيح فى قلبك ‪ ،‬وسكبت فيه المحبة اللهية‬
‫من الروح القدس ‪ ،‬حينئذ يكون لك بر المسيح ‪ 0‬اطلب من المسيح‬
‫إذن أن يعططيك بره ‪ ،‬أن يغسلك فتبيض أكثر من الثلج أن يحررك‬
‫البن ‪ ،‬حينئذ تفعل البر تلقاتئيا ً ‪ ،‬حبا ً لله ‪ .‬و حبا ً للبر ‪ ..‬بل جهاد ‪..‬‬
‫اطلب من الرب أن يعطيك محبة الخير ن فيكون البر فيك طبيعة أو‬
‫طبعا ً ‪ .‬و تصل إلي الوضع الذي ل تستططيع فيه أن تخططئ لن الخطيئة لم‬
‫تعد تتفق مع ططبيعتك الجديدة ‪..‬‬
‫‪‬‬
‫عش في النعمة ‪ ،‬في محبة الله ‪ ،‬و ليس في بحر واسع من الوامر‬
‫و النواهي ‪ ،‬و ليس في ميدان من الصراعات بين الخير و الشر ‪ ..‬قد‬
‫جاء السيد المسيح ليعطيك هذه النعمة التي تغيرك و تبررك و‬
‫تطهرك ‪ ،‬و تقدسك و تنميك في محبة الله ‪ .‬و تسمو بك في أجواء‬
‫روحية فوق المادة و العالم ‪ .‬و هكذا ترفع مستواك ‪ ،‬فتصير فوق‬
‫مستوي الخية ‪ ،‬و فوق قيود الوصية ‪ .‬اططلبوا هذه النعمة بكل‬
‫قواكم ‪ ،‬بكل قلوبكم و كل إرادتكم ‪ .‬اطلبوا أن تحرركم هذه النعمة‬
‫من كل رباطات العالم و المادة و الشيطان ‪ ،‬و تعطيكم قلبا ً جديدا ً‬
‫متحررا ً من كل العادات و الرغبات الخاطئة كما قال المرتل في‬
‫المزمور " قلبا ً نقيا ً اخلق في يا الله ‪.‬وروحا ً مستقيما ً جدده في‬
‫أحشائي "" ) مز ‪. ( 50‬‬
‫‪‬‬
‫ارتفعوا بالنعمة إلي فوق ‪ ..‬فوق الوامر ‪ ..‬تفعلون البر كأبناء علي صورة أبيهم‬
‫في القداسة و الحق و النور ‪ ،‬و ليس كغرباء أو عبيد يؤمرون فيعطون ‪..‬‬
‫ارتفعوا فوق العالم و عيشوا في سماء دائمة ‪..‬‬
‫المقدمة‬ ‫‪5‬‬

‫الباب الول ‪:‬‬

‫‪ -1‬ماهي النعمة ؟ و ما‬ ‫‪9‬‬


‫عملها ؟‬

‫ما هي النعمة ؟‬ ‫‪10‬‬

‫النعمة للكل‬ ‫‪13‬‬

‫موقف النسان من النعمة‬ ‫‪17‬‬

‫الباب الثاني ‪:‬‬

‫‪-2‬لماكات النعمة ؟ و كيف‬ ‫‪23‬‬


‫تأتي ؟‬

‫لماذا النعمة ؟‬ ‫‪24‬‬

‫كيف تأتي لنعمة ؟‬ ‫‪26‬‬

‫دون أن نطلب‬ ‫‪32‬‬

‫الباب الثالث ‪:‬‬

‫‪ -3‬النعمة للجميع ‪ ،‬و نعمة‬ ‫‪35‬‬


‫الدعوة‬

‫النعمة للجميع‬ ‫‪36‬‬

‫نعمة الدعوة‬ ‫‪39‬‬

‫القبول أو الرفض‬ ‫‪42‬‬

‫الباب الرابع ‪:‬‬


‫‪ -4‬النعمة الحافظة و عملها‬ ‫‪47‬‬

‫لماذا الحفظ اللهي ؟‬ ‫‪48‬‬

‫الباب الخامس ‪:‬‬

‫‪ -5‬النعمة التي تعطي‬ ‫‪59‬‬

‫أمثلة من العطاء‬ ‫‪60‬‬

‫ليتنا نختبر العطاء‬ ‫‪66‬‬

‫الباب السادس‪:‬‬

‫‪-6‬أنواع النعمة و مستوياتها‬ ‫‪69‬‬

‫أنواع من النعمة‬ ‫‪70‬‬

‫ثلثة مستويات لعمل النعمة‬ ‫‪79‬‬

‫الباب السابع ‪:‬‬

‫‪-7‬مدي تجاوبنا مع النعمة‬ ‫‪83‬‬

‫النعمة و الخلص‬ ‫‪84‬‬

‫النعمة ل تعمل وحدها‬ ‫‪85‬‬

‫ل تطرف‬ ‫‪88‬‬

‫مدي تجاوبنا مع النعمة )ب(‬ ‫‪94‬‬

‫الرافضون للنعمة‬ ‫‪95‬‬

‫نالوا النعمة و سقطوا‬ ‫‪97‬‬

‫أمثلة لعدم الستجابة‬ ‫‪101‬‬

‫الباب الثامن ‪:‬‬


‫‪-8‬تخلي النعمة‬ ‫‪105‬‬

‫تخلي النعمة‬ ‫‪106‬‬

‫أسباب تخلي النعمة‬ ‫‪107‬‬

‫تقسية قلب فرعون‬ ‫‪111‬‬

‫الباب التاسع ‪:‬‬

‫‪ -9‬بين الناموس و النعمة‬ ‫‪115‬‬

You might also like