Professional Documents
Culture Documents
سلسلة ال والنسان
][2
شنوده الثالث
][1
أربعين يوما ً قضاها المسيح مع تلميذه ،ومع ذلك لم يسييجل الكتيياب مييا دار فييى هييذه
اليام من مشاعر ومن أحاديث ،إنما جملها سفر أعمال الرسييل فييى عبييارة بسيييطة .
أما الناجيل فإشارت بالكثر إلى شكوك التلميذ وضعافتهم وكيف عالجهييا الييرب .ولييم
تذكرنا حتى تفاصيل يوم واحد من الربعين يوما ً ..
هنا وأتعجب من الذين يقفون أمام الناس ليحكوا اختبارهم !!
ً
أين اختباراتكم هذه من اختبارات آبائنا الرسل ،الذين لم يسجلوا منها شيئا ،ولييم كييروا
سوى ضعفاتهم وشكوكهم ..
إن حياة الحب والعشرة مع الله ،هى قدس أقدس ،يليق بها الصمت .والحديث عنهييا
تعليم غير كتابى ..
مريم أخت لعازر ،إختارت النصيب الفضل ،وجلسييت عنييد قييدمى المسيييح ،تتييأمله ،
وتستمع إليه ،ولكنها لم تذكر شيئا ً ميين كييل هييذا ،ول سييجل الكتيياب شيييئا ً منييه ..إنييه
قدس أقداس .وموسى النبى قضى مع الرب أربعين يوما ً على الجبل ،دون أن يحكييى
ماذا قال له الرب فيها ،وما أعماق تلك العشييرة ..وأخنييوخ الييذى لييم يمييت ،سييجلت
حياته كلها فى عبارة واحدة تقر يباهى " وسارا أخنوخ مع الرب ،ول اخنوخ تحدث عيين
هذا إنه قدس أقداس .وبولس الرسول صعد إلى السماء الثالثيية ،ولكنييه لمييا نييزل ميا
قص علينا شيئا ً مما رآه قال إنه " سمع كلمات ل ينطق بها ،ول يسوغ إنسان أن يتكلم
بها " )2كو .(4 :12لماذا يا معلم بولس العظيم ل تحكى لنا اختباراتك ،كما يحكى أيناء
اليوم ؟! مبارك هو صمتك .إنه أيضا ً قد أقداس .بل أكثر من هذا مريم العييذراء ،فييى
كل عشرتها مع المسيح قبل خييدمته الجارييية ،تلييك الييتى ختييم عليهييا بالصييمت ..لقييد
صمتت العذراء .وكانت تحفظ كل هذه الميور متأملية بهيا فيى قلبهيا )ليو .(51 :2إن
الصمت وليس الكلم ،هو الذى يليق بالروحيات والحب اإلهى والعشرة مع الله ،مثلها
صمت التاريخ عن تأملت القديس النبا بييول السييائح خلل ثمييانين عاميا ً فييى الوحييدة .
هكذا صمت التلميذ عن الربعين يوما ً .وما حدثهم المسيح عنييه ميين المييور المختصيية
بملكوت الله ،ظهر فى حياتهم وممارسييتهم ،ووصييل إلينييا بالتقليييد ،أكييثر مميا وصييل
بالكلم .
ولعلك تقول :لماذا لم يتكلم هؤلء جميعا ً ،لنتعلم من حياتهم ؟ أقول لك :عش مثلهم
،وأنت تعرف حينئذ ما أخفوه .
إجلس عند قدمى المسيح ،مثلما جلست مريم ،وحينئذ سيقول لك ما قاله لها ،أو مييا
يناسبك من أحاديث أخرى ..وإن أحببت المسيح ،كما أحبه الرسل ،وتركييوا كييل شييئ
وتبعوه ،فحينئذ سيحدثك مثلهم عن المور المختصة بملكييوت الليه ،لييس فقيط عليى
مدى أربعين يوما ً ،وإنما طول الحياة .إفتح قلبك لله ،وهو يملوه حبا ً .وافتح ذهنك له
،وهو يضع فيه أجمل الحاديث .عش معه بكاياتييك ،يفييض عليييك ميين مييواهبه ونعمييه
وقوته ،وحينئذ تقول مع داود فى المزمور " :إنى اسمع ما يتكلم به الرب الله " .
أما إن أردت أن يحدثك الرب وأن يعطيك ،لكى تشرح للخرين وتحكييى ،فإنييك تكييون
قد خرجت من سرية الحب ،وبدل ً من المخداع المغلق صرت تبوق قدامك بالبوق .
أما إن احتفظت بقدسية العلقة وسريتها ،فإن الرب يقول عنك " أخييتى العييروس جنيية
مغلقة ،عين مقفلة ،ينبوع مختوم " )نش .(12 :4
ييييييييييييييييييييييييييييييييييييي
القيت هذه المحاضرة فى الكاتدرائية الكبرى بالقاهرة يوم الجمعة 1/5/1970م.
][2
مشاعر الحب
مشاعر الفرح
مشاعر السلم
مشاعر كثيرة
ما أعمق المشاعر التى تنبييع ميين الوجييود مييع اللييه ...ومييا أكثرهييا .مجييرد الحسيياس
بالوجود مع الله ،يجعل النفس ترتفع إلى فوق ،فى مسييتوى أعلييى ميين هييذا العييالم ،
وأسمى من الماديات .
وتصبح كل مشاعرها روحية ..فى عمق ..
ينجذب القلب إلى الله ،ويلتصق به فى حب ،ويرى أن سعادته كلها فى البقاء هكييذا .
ويغنى مع داود " أما فخير لى اللتصاق بالرب " )مز .(28 :73
ويود أن يبقى هكذا ،ل يفارقه ،ول ينفصل عنه ..
يفرح أنه وجد الله ،فتتعلق به نفسه ،ويقول مع عذراء النشيد " أمسكته ولييم أرخييه "
)نش .(4 :3ويود أن تدوم حياته فى هذا اللقاء مع اللييه والحسيياس بوجييوده .وتصييبح
كل الرغبات الخرى تافهة فى عينيه ،ل تستطيع أن تفصيله عين هيذه المتعية الروحيية
التى يجدها مع الرب ،فيصيح من أعماقه ،مع بولس الرسول :
من سيفصلنا عن محبة المسيح ..؟!)رو .(39-35 :8
" ..ل موت ول حياة ،ول ملئكة ول رؤساء ول قوات ،ول أمور حاضييرة ول مسييتقبلة ،
ول علو ول عمق ،ول خليقة أخرى ،تقدر أن تفصلنا عن محبة الليه اليتى فيى المسييح
يسوع " ..أتستطيع أن تقول هكذا ،ول تسمح لشئ أن يفصلك عن الوجود مييع اللييه ؟
يروى فيى قصييص القديسيين عين أحييد البياء الرهبيان ،أنييه كيان سييائرا ً فيى البريية ،
مستغرقا ً فى صلته بكل قلبه وعييواطفه ،فييأتى ملكييان وأحاطييا بييه ميين هنييا وهنيياك .
ولكننه لم يسمح لنفسه بأن يترك صلته وينظر إلى أى منهما ،بل استمر فييى صييلواته
وتأملته وهو يقول " من يفصلنى عن محبة المسيح ؟ ل ملئكة ول رؤساء ملئكة "..
إن مشاعر الوجود مع الله ،مشاعر ل ينطق بها ..
ً
تحسها وإن أرادت أن تصفها ،ل تستطيع ..تصل أحيانا إلى مرحلة يبهيير فيهييا النسييان
ويذهل ..فإن استيقظ يشعر بفرح يغمره ،ويشعر بميل إلى الصمت ،ل يريد أن يخرج
من احساساته الداخلية إلى مستوى الحديث مع الناس ..
وكعينة من المشاعر ،سنتكلم عن ثلثة منها :
هى مشاعر الحب ،والفرح والسلم .وكلها من ثمار الروح القدس ،الذى يكسن قلب
النسان بسكناه وثماره فى أوقات الوجود مع الله ..
يوجد هنا صورة للسيد المسيح
يكفيك أيها الخ المبارك أن تتقابل مع المسيح ،تتحدث إليه ،تستمع إليه ،تون علقيية
معه وتجد فيه كل كفايتك ول يعوزك معييه شييئ ..تعطيييه قلبييك ،وحينئذ تشييعر بتفاهيية
العالم كله ،وتسعد بمحبة الله .
هذا هو الوجود مع الله ،حب فى حب ،قلب بشرى يتلمس مع الله ..
قلب محدود ،يتلمس مع القلب غير المحدود .وحب بسيط ،يتقابل مع حب ل نهائى .
نحن فى حياتنا مع الله ،مثل الجداول البسيط الذى يسير حتى يلتقى بييالبحر ،ويصييب
فيه ،ويختلط بمياهه التى ل تنتهى .نحن قطييرة مياء ،تسييخن بحييرارة الحييب ،وتتبخيير
فترتفع ،لكى تنزل إلى أعماق النهر الكبير ..حياتنا مع الله حياة حب.
العشرة مع الله ،هى عشرة الحب ..
إنها ليست مجرد نظام روحى ،أو جداول روحى تضييعه لنفسييك فييى الصييلة والقييراءة
والتأمل والجتماعات والمطانيات ..كل هذا حسيين وجميييل .ولكيين هييل هييو نييابع عيين
حب؟ هل فيه اشتياق إلى الله ،وعشرة مع الله ؟ هل علقتك بالله هى علقيية حييب ؟
هل تشتاق إليه كمييا يشييتاق الغصيين إلييى عصييير الكرميية يسييرى فييى خليياه ؟ أم كييل
جداولك الروحية رسميات بل عاطفة؟!
ً
هل أنت تشعر بوجود الله فى حياتك ،وجودا يلهب قلبك بالحب ،فتتقييد عاطفتييك نحييو
الله باستمرار..؟
هل فى وجودك مع الله ،وقت صلتك ،وقت تأملتك ،وقت إحساسييك بيييده تمسييكك
وتوجهك ،أو وقت إحساسك بيده ترتب على كتفك فييى حنييو ،هييل فييى هييذه الوقييات
تشعر بمحبة إلهية تمل قلبك ،وتشبعك ،وتلهف عواطفييك الروحييية ،فل تعييد إلييى أييية
محبة أخرى إلى جوارها ؟ هل فى صييلواتك لهجيية الحييب ،وأسييلوب الحييب ؟ وهييل إذا
صليت ل تريد أن تنتهى من الصلة ،لن المحبة تجذبك إلييى البقيياء فييى حضييرة اللييه ؟
هل قلبك المحب للمسيح ،مملوء بالفرح لنك قد وجدته ؟
هل وجودك مع الله ،أصبح حياة ،وليس فترات ؟
أى أنه من شدة محبتك للييه ،ورغبتييك فييى أن توجييد معييه باسييتمرار ،ازدادت فييترات
وجودك معه ،وظلت تنمو ،حتى أصبحت تحس بوجودك فييى حضييرة اللييه كييل حييين ،
وليس لفترت محدودة تأتى وتنتهييى ..وهكييذا تقييول مييع معلمنييا داود " تييأملت فرأيييت
الرب أمامى فى كل حين . "..
ً
إن الذى يحب الله ،ويحييب أن يوجييد دواميا معييه ،ل يكييون اللييه بالنسييبة إليييه هييو إلييه
مناسبات !..
الله ،ليس هو الله الذى يجده النسان فى الكنيسة فقط ،فإن فارقها فارقه ! وليييس
هو الله الذى يجده فى الكتاب المقدس ،فإن أغلييق هييذا الكتيياب إنتهييت علقتييه بييه !
وليس هو فقط الله الذى ل يجده إل فى الصلة والتأمييل والتراتيييل ،وبعييدها ل يحييس
بوجوده !..إنما هو الله الذى يحس وجوده معه فى كل مكان ،وفى كل وقييت ،وفييى
كل عمل ..هو فى حياته على الدوام .وهنا نسييأل :ميين يكييون المسيييح بالنسييبة إلييى
حياتنا ؟
إن المسيح ليس غريبا ً عنا ..إنه فينا :
ليس هو مجرد شخصية تاريخية ،قرأنا عنها فى النجيل ،فعرفنا قصة تجسده وصييلبه
وقيامته وصعوده إلى السموات ..بل المسيح حى بيننا ،معنا كييل اليييام وإلييى إنقضيياء
الدهر ،حسب وعده الصادق )مت .(20 :28إنه الممسك السبعة الكواكب فييى يمينييه
)أى جميع الرعاة ( ،الماشى فى وسط السبع المنيياير الذهبييية )رؤ (1 :2أى الموجييود
فى وسط الكنائس كلها ..حقا ً إننا نشييعر بوجييوده معنييا فييى صييلواتنا ،حسييبما قييال "
حيثما إجتمع إثنان أو ثلثة بإسمى فهناك أكون فييى وسييطهم " )مييت .(20 :18ولكيين
وجوده معنا ل يقتصر على أوقات الصلة فقط ..
وجوده فى حياتنا ،أعمق من هذا وأشمل ..
ما أروع تلك العبييارة الييتى قيلييت عيين معموديتنييا ،الييتى فيهييا متنييا مييع الرسييول " لن
جميعكم الذين اعتمدتم بالمسيح ،قد لبستم المسيح " )غييل ..(27 :3وأمييام عبييارة "
لبسييتم المسيييح " اقييف مبهييورا ً ،أحيياول أن اتشييرب المعنييى علييى مهييل ،بييالروح ل
بالعقل ..وفى حياتنا الروحية ،إن كنا قد صولحنا مع الله بموته عنييا ،فإننييا ونحيين الن
مصالحون " نخلص بحياته " )2كو .(14 :2فنحيين ل نعمييل شيييئا ً ميين ذواتنييا ،بييل هييو
العامل فينا .أليس هو القائل " لنكم بدونى ل تقدرون أن تفعلوا شيئا ً " )يو .(5 :15
إذن نحن ل نستطيع أن نفصل حياتنا عن المسيح .
حياتنا الروحية ما هى إل " رائحة المسيح الذكية " )2كو .(15 :2ونحن فى حياة الحب
معه ،وحياة الوجود معه ،نحاول أن تكون لنا معه وحده فييى الفكيير ،وفييى المشيييئة ،
وفى العمل ..وبهذا ندخل فى حياة شركة معه .
فالوجود مع الله ،يعنى أيضا ً الشركة معه .
هذه الشركة التى قال عنها معلمنا يوحنا الرسول " وأما شركتنا نحيين ،فهييى مييع الب
ومع إبنه يسوع المسيح " )1يو .( 14 :13وأما معلمنا بطييرس الرسييول ،فيدمييج كييل
هذا معا ً واجدة هى " شركاء الطبيعة اللهية " )2بط ..(4 :1حقا ً مييا أعجييب مييواهبه !
ونح طبعا ً ل نشترك مع الطبيعة اللهية فى الجوهر ،أى فى اللوهية ،وإل صرنا إلهيية ؟
فماذا إذن ؟
إنها شركة مع الطبيعة اللهية ،فى الفكر والعمل .
من جهة الفكر ،يعبر بولس الرسول فييى عمييق وإيجيياز فيقييول " أمييا نحيين فلنييا فكيير
المسيح " )1كو .(16 :2أما عن العمل ،فيقول عن نفسه وعن زميله أبييولس " نحيين
عاملن مع الله " )1كو .(9 :3ونحيين نصييلى فييى أوشييية المسييافرين فنقييول للييرب "
لشترك فى العمل مع عبيدك ،فى كل عمل صييالح " .والشييركة فييى العمييل ،تحتيياج
أيضا ً إلى شركة فى المشيئة ،حيث نقييول للييرب فييى كييل صييلة " لتكيين مشيييئتك " .
وتشمل من معناها " لتكن مشيئتك هى مشيئتنا .ولكنه مشيئتنا هى مشيئتك " .
ففى الوجود مع الله ،تتحد مشيئة الله والنسان .
ويقبل النسان مشيييئة اللييه فييى حييب ،وفييى رضييى ،وفييى فييرح .وفييى شييركة هييذه
المشيئة ،وفى شركة العمل والفكر ،يحيا فى بر دائم .لن الله هييو النييور الحقيقييى "
ول شركة للنور مع الظلمة " )2كو .(14 :6وهكذا كل من يتمتع بالوجود مع الله ،يحيا
فى النور ،ويصير ميين أبنيياء النييور ،لنييه " إن قلنييا أن لنييا شييركة معييه ،وسييلكنا فييى
الظلمة ،نكذب ولسنا نعمل الحق " )1يو .(6 ":1
إذن الوجود مع الله ،هو الوجود فى البر .
وجودك مع الله ،يطهرك من كل خطية ،ويثبتك فى الحيق ،والحيق يحيررك .وتشيعر
وأنت موجود مع الله بمحبة كاملة لكل ما هو طاهر ومقدس .لذلك فيأنت تحيب اليرب
لجل أنه منحك هذا النعتاق من أسر الخطية ،وجعل الحياة الروحية سهلة عليك ،كما
تحبه من أجل أنه الخلص العظيم الذى قدمه لك وللعالم كله .
تحبه لنك وجدته ،ولنه تنازل ليكون معك .
ومع أنه مرتفع عن السموات ،فإنه يجد لذته فى بنى البشر ،ويحب أن يكييون معنييا ،
ويعمل فينا وبنا .يكلمنا ونكلمه ،يحوطنا بعمل رعايته فى حب وإشفاق ..نحبييه ،لنييه
هو الذى يبحث عنا ،حتى إن ضللنا عنه ،يأتى بنا إليه ،حامل ً إيانا على منكييبيه فرحييا ً ،
هذا الذى أحبنا قبل ً ،واشفق علينا حتى ونحن فى عمق خطايانا .نحب هييذا القييدوس ،
الذى منح نعهمة الوجود معه حتى للخطاة والعشارين ،وحضر ولئمهييم ،وتعشييى فييى
بيت زكا ،وسمح للمييراة الخيياطئة أن تلمييس قييدميه وتقبلهييا ،تلييك الييتى أشييمئز ميين
وجودها الفريسى ..نحب هذا الكامل ،الذى سيمح بيالوجود معيه للمجدليية اليتى كيان
عليها سبع شياطين ،فخلصها منهم ،وجعلها من خاصييته ،ونعمييت بيالوجود معييه حييتى
وهو على الصليب .
إن أسعد أوقاتنا فى الحياة ،هى أوقات الوجود معه .
حتى لو كنا مصلوبين معه كاللص اليمين ،أو لو كنا نتألم معه كبولس ،يكفى أننا معه .
أما أتعس أوقاتنا فهي نحس الحرمان معه .لذلك نحرص أن نكييون معييه كييل حييين ،ل
فى علقة رسمية ،إنما فى مشاعر الحب ،التي بها اتكأ يوحنا على صدره ،والتى بهييا
سكبت الخاطئة دموعها على قدميه ،لنها أحبت كثيرا ً .
من أجل الوجود معه ،عاش آباؤنا فى البراري .
وكما نقول فى القسمة فى القداس اللهى " سكنوا الجبال والبراري وشييقوق الرض ،
من أجل عظم محبتهم للملك المسيييح " .مييا أجييل متعيية الوجييود معييه ،تركييوا الهييل
والمال ،وعاشوا فيى وحييدة كامليية ،ليتمتعييوا فيهيا بحبيه ،منفردييين معيه فيى البرييية
الفقرة ،جاعلين شييعارهم " النحلل ميين الكييل للرتبيياط بالواحييد " .وميين أجييل حبييه
والوجود معه ،ترك آباونا الرسل كل شئ وتبعوه ،وقالوا لييه "إلييى ميين نييذهب ؟ كلم
الحياة البدية هو عندك " )يو .(68 :6
إنها نفوس هائمة ،ليس فى قلوبهم سوى محبة المسيح .
ً
إن المسيييحية فيهييا الكييثير ميين المبييادئ والقيييم ،والفضييائل السييامية جييدا ،والعقييائد
الروحية السليمة العميقة .ولكن أجمل ما فى المسيحية هييو شييخص المسيييح نفسييه .
حتى أن البدية بكل أفراحها ،ل تعتبر نعيما ً بدون المسيح .المسيح هو فرحها الكامل ،
وهو نعيمها الحقيقى .
والوجود مع المسيح فى البدية ،هو النعيم البدى .
إنه هو الذى علمنا الحب ،وهو الذى ربطنا مع الله برباط الحب ،ونرع كييل خييوف ميين
قلوبنا ،ولم تعد وصايا الله مجرد أوامر ،إنما مجرد تعبير عن الحب ،كما نقييول " ميين
يحبنى يحفظ وصاياى " )يو .(15،21 :14
الذى يحب الرب ،يحب الوجود معه ،والذى يوجد معه يحبه ..ويشييعر بفييرح ل ينطييق
به لوجود مع الله .
يوجد هنا صورة للسيد المسيح
حياتنا مع الله ،هى حياة فرح به ،كما فرح التلميذ إذ رأوا الرب .الذين يعيشييون مييع
الرب ،يفرحييون لنهييم وجييدوه ،ويفرحييون لنهييم عرفييوه ،ويفرحييون لنهييم صييادقوه
وأحبوه ،ولنهم ذاقوا ونظروا ما أطيب الرب ..حتى فى اللييم الييتى تحيييط بهييم ،هييم
يفرحون فى الرب على الدوام .قال الرسول :
إفرحوا فى الرب كل حين ،وأقول أيضا ً افرحوا)فى .(4 :4
تسأله :وأنت يا بولس ،هل تفرح بالرب كل حين ؟ فيقول نعم .وتسييأل :وميياذا عيين
السجون والضيقات واللم والضعفات التى تحتملها كل وقت ؟ فيخلص الموضييوع فييى
عبارة واحدة هى " كحزانى ،ونحن دائما ً فرحون " )2كييو .(10 :6أمييام النيياس ،فييى
ظروفنا الخارجية ،فى ضيقاتنا الكثيرة ،نبدو كحزانى .أما فى الداخل .فنحن فرجون
.
أولد الله ،يفرحون على جبل الجلجثة ،كما على جبل التجلى .
يفرحون وهم أتون النار ،كالثلثة الفتية الذين كييانوا يسييبحون اللييه داخييل التييون ،لن
سبب فرحهم كان هو إحساسهم بوجود الله معه ،فكانوا فرحيين بيه ..يفرحيون ،وهيم
داخل البحر الحمر ،يحيط بهم الماء من هنا وهناك ،يحيط بهم ،ولكيين ل يغطيهييم ول
يطغى عليهم .المهم أنهم فرحون بخلص الرب ،وبيد الرب معهم ..تماما ً مثلمييا كييان
بولس وسيل فرحين فى السجن الييداخلى ،وأرجلهييم مضييبوطة فييى المقطييرة ،وهمييا
يسبان الله بصييوت مسييموع )أع ،24 :16ي ،(25شيياعرين بوجييود اللييه معهمييا ..كييان
بطرس فى السجن .وكان الله معه فى السجن .لييذلك اسييتطاع أن ينييام نوم يا ً ثقيل ً ،
بينما كان هيرودس مزمعا ً أن يقتله! )أع .(6 :12من يستطيع أن ينييام فييى مثييل هييذه
الظروف ؟! ولكن يقول " :إن كانت لى صداقة بإله هيرودس ،فإن هيرودس سييوف ل
يضرنى بشئ "..
ً
الشعور بوجود الله ،يمل القلب فرحا ،وينسيه آلمه ..
أحد القديسين ،علقوه على خشبة وصييلبوه .فميين فييوق صييليبه ،كييان يعييظ النيياس ،
ويدعوهم إلى اليمان بالمسيح .وحدث فى إحدى المييرات أن ثلثييين ألفيا ً خرجييوا ميين
دمنهور إلى السكندرية ،لينييالوا إكليييل الشييهادة ،وهييم يسييبحون اللييه فييى الطريييق ،
ويغنون الغانى الروحية ،فرحا ً بالرب ،لشعورهم بوجوده معهم ..وهكذا فعل القديس
أبافام الجندى ،حينما لبييس أفخيير ثيييابه ،وامتطييى جييواده وذهييب لمقابليية أريييانوس ،
ليستشهد على يديه ،قائل ً " هذا يوم عرسى " .إذن إفرحوا بالرب كل حين ،كما فرح
القديسون بالرب ،فى كل ظروفهم وأحوالهم .
ولكن ما أسباب فرح القديسين بالرب ؟
إنهم فرحون بصحبته له ،وبعشرتهم له ،فرحون بالتجديد الذى أخذوه فى المسيييحية ،
بهذه الحياة الجديدة الثابتة فى الييرب ،إذ وجييدوا " الشييياء العتيقية قيد مضييت ،هيوذا
الكل قد صار جديدا ً " .إنهم فرحون بالحب ألهى الذى لمييس قلييوبهم ،فطهرهييم ميين
كل شركة بلعيم للبترول شرق القاهرة ومن كييل شييبه شييركة بلعيييم للبييترول شييرق
القاهرة .إنهم –فيى تمتعهيم بيالوجود اللهيى – فرحيون بعميل اليروح القيدس فيهيم ،
فرحون بنعمة الله التى ل تفارقهم .إن كما يقول الرسول " فرح ل ينطق به ومجيييد "
)1بط .8 :1إنه فرح النفس بالرب ،فرح لما وجده ،بيياعوا كييل واشييتروه ..إنييه فييرح
روحانى ،يختلف عن كل أفراح العالم ..
فرح بملكوت الله داخل النفس ..قد يعجب العالم له :كيف تفرحييون ،وانتييم بعيييدون
عن كل شهوات العالم وملذه وترفيهاته ومتعه ،بعيدا ً عن مباهج المادة ،ولذة الحواس
؟ ..إن الفرح بالرب هو أعمق ..ل يستطيع العالم أن يفرحه .
إنه فرح من الداخل ،ل يعتمد على أسباب خارجية ..
أهل العالم يحصلون على أفراحهم من مصادر خارج نفوسهم ..أسباب تحتضن بالمادة
،أو إكرام النياس ،أو ميا يجيذب الحيواس ،أو بأسيباب تتعليق بالسيرة أو بيالمركز أو
بالجاه والغنى ..أمييا أولد اللييه ،فيفرحييون ميين الييداخل ،بسييكنى اللييه فييى قلييوبهم ،
وإحساسييهم بوجييوده معهييم ،فييى داخلهييم .يشييعرون بيييده فييى حييياتهم ،فيفرحييون
باستلمه لهذه الحياة وتدبيره لها .يحسون بتعزيات الروح داخلهم فيفرحون .يشعرون
بالله يعمل فى قلييوبهم ،ويغييرس فيهييا مشيياعر مقدسيية ،ويغسييلها فتييبيض أكييثر ميين
الثلج ،فيفرحون .يحسون أنهم فى حالة روحية ،ل يستطيعون التعبير عنها ،ويكفيهييم
أنهم يتمتعون بها ..
حتى فى مشاكلهم ،يشعرون بأنهم فرحون بالرب ..
فرحون بالرب الذى يرونه أثناء المشيياكل ،يتييدخل ،ويعطييى عييزاء وصييبرا ً وطمأنينيية
وسلما ً ،ويعطى حلول ً ما كانت تخطر على فكر إنسان ،ل طابعها الخيياص الييذى يقنييع
النفس أنها من عند اللييه ..يفرحييون بييالرب الييذى ل يييتركهم وحييدهم ،وإنمييا يحسييون
وجوده معهم .فى داخل البرية القفرة ،فى متاهة سيناء ،يرون الله ..يرسل سييحابته
تظللهم وترشدهم نهارا ً ،ويرسل عمود النور يضئ لهم ليل ً ..إنه معهم ،ييرون وجيوده
فى تابوت عهده ،كمييا يرونييه فييى الصييخرة الييتى تفجيير ميياء ،وفييى الميين ينزلييه ميين
السماء ،وفى صوته يتحدث من فييوق الجبييل ..كييل ذلييك فيى متاهيية القفيير ..إن أولد
الله ،دائما ً فرحون ..فرحون بوجوده معهم ..
حالة واحدة تخزن النسان الروحي ،وهى النفصال عن الله .
والنسان الروحى ل يشعر بالنفصال عن اللييه ،فهييو معييه فييى كييل حييين .ولكيين هييذا
النفصال عن الله ،وبالتالى هى انفصال عن كل فرح ..وهكذا هى انفصال عيين اللييه ،
وبالتالى هى انفصييال عيين كييل فييرح ..وهكييذا إن سييقط إنسييان روحييى ،لضييعف ،أو
لخديعة العدة ،أو لى سبب ،فإنه يسرع بالقيام والرجوع إلى الله .
حتى فى سقوطه ،يشعر بالله يناديه ،ويساعده على القيام ..
ولول وجود الله معه ،ما قام .إنه هو الذى ينضح عليه بزوفاه فيطهر ،ويتوبه فيتوب ،
بييل يبحييث عنييه كمييا يجييده .وكمييا يقييول فييى سييفرحزقيال النييبى " أنييا أرعييى غنمييى
وأربطها ..وأطلب الظال ،وأسترد المطرود ،وأجبر الكسير ،وأعصب الجريييح " )حييز
.(16 ،15 :34
فماذا إن شعر أن بعيد وليس معهم ؟
يفرحون بالله الذى سيأتي ،ولو فى الهزيع الخير ..
إن لم تفرح بوجوده الن ،أفرح بوجوده التي " هوذا آت طييافرا ً علييى الجبييال ،قييافرا ً
على التلل " )نش .(8 :2إنه على الباب يقرع .فلنفتح له ،ونتمتييع بوجييوده ،يكشييف
لنا ذاته ،ويكشف لنا محبته ،ويفتح لنا قلبه ،ويشعرنا برعايته واهتمامه ..
إننا تراب ورماد .ومع ذلك يشعرنا باهتمامه ..
عجيب هذا الله المحب ،الذى يعطى أهمية لخليقته بهييذا المقييدار " يقيييم المسييكين
من التراب ،ويرفع البائس من المزبلة ،ليجلسه مع رؤساء شعبه " )مييز .(7،8 :113
هذا الكائن غير المحدود ،الله العظيم وحده ،ينظيير ميين علييوه المقييدس ،يهتييم بييه ،
ويبحث عنه إلى أن يجده ،فيفرح به ،ويدعو الجميع ليفرحييوا معييه ،ويشييعره بوجييوده
فى حضرة الله المحب ..
الله موجود معك ،فى البر وفى السقوط..
إنه موجود معك ،حينميا يعطييك القيوة أن تمشيى معيه فيوق المياء ،مثلميا فعيل ميع
بطرس ،وأحس هذا القديس بوجوده مع الله .وحينمييا يضييعف إيمانييك ،وتسييقط فييى
الماء ،مثل بطرس أيضا ً ،تشعر بوجوده الله ،الذى يجذبك ميين الميياء ،لتمشييى معييه
مرة أخرى ..فوق الماء .لذلك نحن نفرح بالرب كل حين ،لنه موجييود معنييا فييى كييل
حين ،سواء كنا معه أو لم نكن ،شعرنا بوجوده أو لم نشعر ..
إنه موجود فى حياتنا .ونحن نفرح بوجوده فيها ..
ونصلى باستمرار أن نشعر كل حين بوجوده معنا ،لكى يزداد فرحنا به ..ولكييي نشييعر
نحن بهذه الشركة المقدسة ،شركة الله فى حياتنا ،وشركتنا نحن معه ،فييى الحييب ،
وفى العمل ..
يوجد هنا صورة الملئكة
ثثثثث
ثثثثث
ث
ثث
ثثثثث
ث ثث
ثثثث
إن أول عبارة كان يقولها الرب ،حين يلتقى بأحبائه هى " سلم لكم " )لييو ،36 :24يييو
.(18 :20وقبل صلبه ،لكى يعزى تلميذه بأنه سيكون معهم كل اليييام وإلييى انقضيياء
الدهر ،قال لهم " سلمى أترك لكم ،سلمى أترك لكييم ،سييلمى أنييا أعطيكييم " )يييو
.(27 :14
كل من يوجد فى حضرة الله ،يشعر بسلم عميق .
يشعر باطمئنان داخلى ،لوجوده مع الله .يشعر بالسلم الذى يشعر به البحييارة حينمييا
يصلون إلى الميناء ،فيسترحون فيه .كذلك من يجد راحته فى الرب ،يشعر بسييلم ..
مثال ذلك قول القديس أوغسطينوس للرب " سييتظل قلوبنييا فييى قلييق ،إلييى أن تجييد
راحتها فيك ".
فى هذا السلم ،يختفى كل خوف ،وكل قلق واضطراب .
إن كانت حالة الوجود مع الله ،تعنى الحساس بسكنى الييروح القييدس داخييل القلييب ،
فإن من ثمييار الييروح محبيية وفييرح وسييلم )غييل .(22 :5ول شييك أن المحبيية والفييرح
ينشئان سلما ً داخليا ً ..أخيرا ً وجدتك يارب ،فامتل قلبى فرحا ً ،ولسانى تهليل ً ،وأصييبح
فى قلبى سلم .سلم معك ،إذ قد تصالحنا ،مادمت أنت موجودا ً فى وأنا فيك .
يفقد النسان سلمه بالخطية ،فالخطية هى انفصال عن الله .
فى حالة الخطية ،يبتعد النسان عن الله ،ل يشعر بالوجود معييه ،لييذلك يفقييد سييلمه
حقا ً " ل سلم –قال الييرب – للشييرار " )أش .(22 :48هكييذا حييدث لدم لميا أخطييأ ،
خاف ،أختباء ،لنه انفصل عن الله .وكان من قبل فى سلم ،وهو شاعر بالوجود فى
حضرة الله .وقايين أيضا ً فقد سلمه ،وأصييبح قلق يا ً ،وتائه يا ً وهارب يا ً فييى الرض ،لنييه
انفصل بالخطية عن الله ،كما قال " من وجهك أختفى ،وأكون تائها ً وهاربا ً فى الرض
" )تك .(14 :4إن الوجود مع الله هو سلم الحقيقي ،لذلك قال المرتل فى المزمور "
صرفت وجهك عنى فصرت قلقيا ً " )مييز .(7 :30ميين أجييل هييذا كييانت أعمييق صييرخة
يوجهها المصلى إلى الله هى :
ل تحجب وجهك عنى ،ل تطرحنى من قدام وجهك )مز .(50
إن داود النبى ،وهو شاعر بوجوده مع الله ،كان يغنى على المزمار والقيثار فييى فييرح
وتهليل ،ويدعو الناس إلى مشاركته ،فيقول " هلوا للرب يأكل الرض .اعبييدوا الييرب
بالفرح .ادخلوا دياره بالتهليل " )ميز .(1،2 :100ولكنيه لميا أخطيأ ،وليم يعيد يشيعر
بالوجود السابق فى حضرة الله ،قال " إشفنى يا لييرب فييإن عظييامى قييد اضييطربت ،
ونفسى قد انزعجت جدا ً " )مز .(6هذا الضطراب وهذا النزعاج ،ما كان لهما وجود ،
وهو مع الله .فبالخطية يفقيد النسيان سيلمه " الشيرار كيالبحر المضيطرب ،لنيه ل
يسييتطيع أن يهييدأ ،مييياهه حمييأة وطينييا ً .ل سييلم ،قييال إلهييى للشييرار " )أش :57
.(20،21ولكن متى يرجع إلى الخاطئ سلمه ؟
عندما يتوب ،ويعود للوجود مع الله ،يعود إليه سلمه ..
لهذا عندما يتوب الخاطئ ،ويتخلص من حمل خطاياه ،ويسمع صلة التحليل ،ويشييعر
أنه قد اصطلح مع الله ،وعاد إلى أحضانه مرة أخرى ،حينئذ يشعر بالفرح وبالسييلم ..
كان فاقدا ً سلمه لشعوره بأنه قد أحزن روح الله داخله ،وانفصييل عيين الييرب ،وفقييد
العزاء الداخى النابع من الوجود مع الليه ،وليم تعيد ليه دالية معيه ،وليم يعيد ليه وجيه
يستطيع أن يرفعه إليه .أم التوبة فقد استعاد كل هذا ،ورجع إلى الله وإلييى عشييرته .
إن الشعور بالحرمان مع الله ،ي قد يفعل ما هو أكثر من فقدان السلم .قد يوصل إلى
الكآبة الدائمة ،وإلى فقد العصاب ،وإلى اليأس القاتل ،وقد يؤدى إلييى النتحييار كمييا
حدث ليهوذا ..
ً
أمييا الييرب – فييى وجييوده معنييا – فيعطييى سييلما لكييل ميين يعتصييم بييه ،حييتى لدنييس
الخطاة ...
أنظروا إلى المرأة التى ضبطت فى ذات الفعل ،كيف كانت فى خجل مميت وفى عار
،وقد أمسك بها القاة لكى يرجمها بالحجارة ..ولكنها لميا وجييدت فيى حضيرة الييرب ،
أعاد إليها .دافع عنها ،وخلصها من الييذين أدانوهييا ويريييدون قتلهييا .وقييال لهييا عبييارته
المملوءة عزاء " وأنا أيضا ً ل أدينك " )يو ،(11 :8فمضت من عنده بسلم ،سلم ميين
تخلص من الدينونة ..كما قال أيضا ً للخاطئة التى بلت قييدميه بييدموعها " مغفييورة لييك
خطاياك ..إذهبى بسلم " )لو .(48،49 :7
وفى الوجود مع الله ،كما يشعر النسان بسلم من جهة دينونة خطاييياه ،يشييعر أيض يا ً
بسلم فى ضيقاته ومخاوفه :
حتى إذا " تزعزعت الرض ،وانقلبت الجبال إلى قلب البحار " يصيح المرتل فى ثقة "
الرب إله القوات معنا ،ناصرنا هو إله يعقوب " ويدعو الناس إلى مشاركته فييى فرحييه
قائل ً لهم " هلموا فانظروا أعمييال الييرب ،الييتى جعلهييا آيييات علييى الرض ") مييز .(46
أليشع الذى كان يرى الله وعمله معييه ،لييم يخييف حينمييا كييانت جنييود العييداء محيطيية
بالمدينة ،أما تلميذه جيحزى فخاف ،لذلك صلى أليشع ميين أجلييه قييائل ً ":إفتييح يييارب
عينى الغلم فيرى ".
نحن محتاجون أن يفتح الله أعيننا ،لنرى وجوده معنا ..
حينئذ نطمئن ونحيا فى سلم ،واثقين بعمله ،وبأن قوة سمائية تحيط بنييا ،وبييأن اللييه
قد أرسل ملئكته لتحفظنا ميين كييل شييركة بلعيييم للبييترول شييرق القيياهرة وميين كييل
ضربة ،وأننا دائما ً فى حمى الله الذى نشييعر بوجييوده معنييا .وهكييذا فييى كييل مشييكلة
تصادفنا ،نقول هذه العبارات الثلث :
مصيرها تنتهى – ربنا موجود – كله للخير ..
باليمان أن ربنا موجود معنا ،نثق أن كل مشكلة ل بد ستنتهي وأن " كل الشياء تعمل
معا ً للخير للذين يحبون الرب " )رو .(28 :8نضع اللييه بيننييا وبييين الضيييقة ،فتختفييى
الضيقة ،ونرى الله وحده ،فى محبته وحنانه ورعايته .
وهكذا سلمنا ل ينبع من أسباب خارجية ،وإنمييا ميين إيمييان داخلنييا ،بوجييود اللييه معنييا
لجلنا .
الله الضابط الكل ،الصانع الخيرات ،الحافظ المعين المنفذ ..إننا ل نفكر فى الضيقة
،بل فى الله الذى يحلها .أما الذى يركز فى الضيقات ،ناسيا ً وجود الله ،فإنه يتعييب .
وهذا واضح فى الحياة ،بأمثلة كثيرة :أم يتأخر ابنها الصغير ليل ً ،فتضرب جدا ً ،وتفكر
فى حوادث السيارات ،وحوادث الخطف ،وأذية الناس لبنها ..وتقلق .ترى أييين ابنهييا
الن ؟ فى المستشفى ؟ أم مات ؟ أم فى بيت غريب ..؟ على أن هذه الم ،لو فكرت
فى الله الذى " يحفظ الطفال " )مز (116ل استراحت واطمأنت .مثال آخيير :إثنييان
يبيتان فى مغارة فى الجبل :أحدهما يفكيير فيى الييذئاب والثعيابين والحييات والعقيارب
ودبيب الرض ،فيخاف ول يقدر إن ينام ،وينتظيير شييرا ً وخطييرا ً فييى كييل لحظيية!! أمييا
الخر إذ يؤمن بوجود الله معه وحفظه له ،يبيت مطمئنا ً .
إن الظروف الخارجية واحدة ،ولكن مشاعر القلوب تختلف !
فيفقد النسان سلمه ،إن فقد شعوره بوجود الله معه .طفل فى ميدان عييام ،يمييوج
بوسائل المواصلت ،ل يخاف مادام يشعر بأن يد أبيه ممسكة بيده .أمييا إن شييعر أنييه
وحده ،وأباه ليس موجودا ً ،فإنه يصرخ فى فزع .هكذا نحن فييى شييعورنا بوجييود الب
السماوي معنا .وهكذا بطرس على الماء ،فى شعوره بيد المسيح ممسكه بيده ..
إن نظرت إلى البحر تخاف .أنظر إلى عصا موسى ..
حينئذ تطمئن ،وتشعر بقوة إلى جوارك هى قوة الله العاملة ميع موسيى وعصياه ،وإذ
تتأكد من وجود الله وعمله ،تتذكر قول موسى " الرب يقاتل عنكم وأنتم تصييمتون " .
بكل اطمئنان وسلم قلبى ،كييان الشييهداء يتقييدمون إلييى المييوت ،غييير مفكرييين فييى
العذابات ،إنما كان يفكرون فى الوجود مع الله فى البدية فيمتلئون سلما ً .
فى الوجود مع الله قوة وشجاعة وعدم خوف ..
إن القديس بيولس الرسيول ،اليذى يشيعر بوجيود الليه معيه وفييه ،اليذى قيال " بيل
المسيح يحيا فى " )غل (2والذى قال " وأوجد فيييه " )فييى (3وهييو أيض يا ً قييال عبييارته
الخالدة " أستطيع كل شئ فى المسيح الذى يقوينى " )فى .(13 :4كان يشييعر بقييوة
معه ،أو بقوة الله معه ..لذلك كان بكل جرأة يشهد لكلمة الله ،وكانت لكلماته قييوة .
وفيما هو يتكلم عن البر والدينونة والتعفف ،إرتعب فيلكس الوالى ،الذى كييان بييولس
أسيرا ً أمامه !)أع .(25 :24وإيليا النبى ،الذى كان أيضا ً يشعر باستمرار بوجييوده فييى
حضرة الله ،وكان يقول " حى هو رب الجنود الذى أنا واقف أمامه " ) 1مل .(15 :18
إيليا هذا ،استطاع بكل الشجاعة ،يوحنا المعمدان بكييت هيييرودس .بنفييس الشييجاعة
دانيال النبى ،صعد إلى علية منزله ،وفتح نافدته المطلة علييى أورشييليم ،وسييجد للييه
العلى ،ولم يخف السود ..إن كان آله موجودا ً فى كييل مكييان ،فهييو موجييود أيض يا ً بل
شك فى جب السود ،يستطيع أن يحمى وأن ينقذ..
الذين يشعرون بالوجود مع الله ،ل يخافون حتى من الشياطين ..
إن حييياة القييديس النبييا انطونيييوس مثييال واضييح لييذلك ..بييل لييه مقاليية عيين ضييعف
الشييياطين .الييذين لهييم وجييود مييع اللييه ،ليييس فقييط ل يخييافون الشييياطين ،بييل
يطرودنهم ،لن الله أعطاهم سلطانا ً على قوة العييدو ،وكمييا قييال الرسييول " قيياوموا
إبليس فيهرب منكم " )يع .(7 :4جميليية عبييارة " يهييرب منكييم " ! ..منظيير رائع نييرى
الشيطان يهرب من إنسان ! ولكنه النسان الذى يكون الله موجييودا ً معييه .كمييا كييانت
تهرب من داود النبى الشياطين التى تحارب شاول ،ذلك لن داود حل عليه روح الرب
.وكان الرب معه ،وبوجوده معه تخافه الشياطين ..
إن الوجود مع الله ،وجود فى حالة البر والقداسة ..
وهييذه الشييياطين تخافهييا الشييياطين .إن مجييرد ذكيير إسييم القديسيية يوسييتينة ،جعييل
الشيطان يهرب ،فآمن كيريانوس الساحر ..كل إنسان يشعر بوجودة حضرة اللييه ،ل
يستطيع أن يخطئ ،والشرير ل يمسه .مثلما كان يقول يوسف الصديق " كيف أخطئ
،وأفعل هذا الشر العظيم أمام الله "؟! النسان الموجييود مييع اللييه ،يسييكن فيييه روح
الله ،وبسناه فيه ،تظهر ثمار الروح فى حياته ،ومنها الصييلح أى الييبر ،ومنهييا الفييرح
والسلم ..لذلك إن أخطأ إنسان ،بدل ً من أن نبحث السباب الخارجية التى دعتييه إليى
الخطية ،علينا أن نسأل سؤال ً واحدا ً وهو :هل الله موجود فييى حييياة هييذا النسييان أم
ل؟
ً ً ً
إن كان الله موجودا فى حياته ،تكون حياته برا وفرحا ..
وتكون حياة محبة وسلما ً .بل تكون حياته هى صورة لملكوت اللييه علييى الرض ..مييا
أجمل الوجود مع الله .إنه متعة الروح هنا على الرض .وهو أيض يا ً نعيمهييا البييدي فييى
السماء .
صفحة
5 تصدير
7 1ي الوجود مع الله
31 2ي أوقات الحساس بالوجود مع الله
45 3ي شهوة الوجود مع الله
53 4ي طبيعة العلقة مع الله
61 -5مشاعر الوجود مع الله
65 مشاعر الحب
75 مشاعر الفرح
83 مشاعر السلم
93 فهرست الكتاب
إحرص أن تحفظ بمجموعة كاملة من :
مؤلفات البابا شنــــــــوده الثالث
ييييييييييييييييييي
-1انطلق الروح
-2الوصايا العشر )أربعة أجزاء(.
-3صلة الشكر ،وحياة الشكر .
)نفذ(* -4حياة مارمرقس الرسول
-5مثل من الرعاية ]حياة القمص ميخائيل إبراهيم[ )نفذ(
-6آدم وحواء ي قايين وهابيل .
7ي تأملت فى حياة النبا أنطونيوس .
8ي تأملت فى حياة الميلد .
9ي تأملت فى يونان النبى .
10ي من وحى الميلد .
11ي أسبوع اللم .
12ي تسبحة البصخة )لك القوة والمجد (.
13ي كلمات المسيح على الصليب .
14ي خميس العهد .
15ي الجمعة الكبيرة .
16ي شريعة الزوجة الواحدة .
17ي حياة السكون )نفذ(*
18ي ا لغضب والحتمال )نفذ(*
19ي كلمة منفعة )3أجزاء(.
20ي حياة التوبة والنقاوة .
21ي الرجوع إلى الله .
22ي اليقظة الروحية .
23ي السهر الروح .
24ي سنوات مع أسئلة الناس ي الجزء الول .
25ي سنوات مع أسئلة الناسي الجزء الثانى .
26ي الوجود مع الله .
27ي الله وكفى .
28ي تأملت فى مزامير صلة الغروب.
29ي يستجيب لك الرب فى يوم شدتك .
30ي الخلص فى المفهوم الرثوذكسي .
31ي سبحوا الله )كتاب تراتيل ي إعداد (.
32ي حياة اليمان .
33ي حروب الشياطين .
34ي اللهوت المقارن )للكلية الكليريكية(.
35ي تأملت فى القيامة .
36يحياة السكون عند ماراسحق.
37ي الغضب والحتمال .
38ي محبة المديح والكرامة .
39ي نبذات روحية متعددة.
ييييييييييي
*الكتب التى نفذت سيعاد طبعها قريبا ً إن شاء الله .