Professional Documents
Culture Documents
الطبعة الولى
Print
نوفمبر 1992م
Nov. 1992
القاهرة
Cairo
صفحة
5 المقدمة
7 البابا الول :الصلة
23 البابا الثانى :الكتاب المقدس
49 البابا الثالث :قراءة سير القديسين
59 البابا الرابع :التأمل
75 البابا الخامس :التداريب الروحية
85 الباب السادس :محاسبة النفس
93 الباب السابع :العتراف
الباب الثامن :التناول
103
113 الباب التاسع :الصوم
123 الباب العاشر :العطاء
الباب الحادى عشر :الخدمة
141
ـــــــــ
الفهرست المفصل من ص 158إلى ص 160
ليست كل صلة تعتبر واسطة روحية ،يمكن أن توصلك إلى الله 00
هنا وأتذكر ما قيل عن إيليا النبى إنه " صلى صلة " ) يع ( 17 : 5
كانت صلة حقيقية ،استطاعت أن تغلق السماء و أن تفتحها ،و أن
تقتدر كثيرا ً فى فعلها ) يع 0( 16 : 5
فما هى الصلة إذن ؟ ما تعرفها ؟
الصلة هى جسر يوصل بين النسان و الله 0شبهوها بسلم يعقوب
الواصل بين السماء و الرض ) تك 0 ( 12 : 28إنها ليست مجرد
كلم ،إنما هى صلة 00هى صلتك بالله ،قلبا ً و فكرا ً 00
***
الصلة هى إحساسك بالوجود فى الحضرة اللهية 0
و بدون هذا الحســاس ل تكــون الصــلة صــلة 00هــى مشـاعر قلــب
متجة إلى الله ،يشعر بوجود الله معه ،أو بأنه واقف أمام الله 0كما
قال إيليا النبى " حى هو رب الجنود ،الذى أنا واقف أمامه " ) 1مــل
00 ( 15 : 18و أمام الله ينسى النسان كل شئ ،و ل يبقى فـى
ذهنه سوى الله وحده 0و يتضاءل كل شئ 0و يصــبح اللــه هــو الكــل
فى الكل و ليس غيره 00
***
الصلة هى عمل القلب ،سواء عبر عنها اللسان أو لم يعبر 0
هى رفع القلب إلــى اللــه 0لن القلــب يتحــدث مــع اللــه بالشــعور و
العاطفة ،أكثر مما يتحدث اللسان بالكلم 0وربما يرتفع القلب إلــى
الله بدون كلم
لذلك فإن تنهد القلب أمام الله صلة 0و حنين القلب إلى الله صــلة
0و عواطف الحب نحو الله صلة 0فالصــلة هــى الصــلة بيــن اللــه و
النسان 0و إن لم توجد هذه الصلة القلبية ،فلن ينفع الكلم شيئا ً
***
ً
إن أحببت الله تصلى 0و إن صليت تزداد حبا لللله 0فالصلللة هللى عاطفللة حللب ،
نعبر عنها بالكلم 0
نرى هذا الحب و هذه العاطفة بكل وضوح فى مزامير داود إذ يقول :
"يا الله أنت إلهى ،إليك أبكر 0عطشت نفسى إليك " ) مز ( 1 : 63
" 0كما يشتاق اليل إلى جداول المياه ،هكذا تشتاق نفسى إليك يــا
الله 0عطشــت نفســى إلــى اللــه ،إلــى اللــه الحــى 0مــتى أجــئ و
أتراءى قدام الله " ) مز 00 ( 2 ، 1 : 43إنه شوق إلى الله عطش
إليك 0كما تشتاق الرض العطشانة إلى الماء
كثيرون يصلون ،و ل يشعرون بتعزية 0لن صلواتهم خالية مللن الحللب 00مجللرد
كلم !
هؤلء رفــض اللــه صــلواتهم 0و قــال عنهــم " هــذا الشــعب يكرمنــى
بشفتيه 0أم قلبه فمبتعد عنــى بعيــدا ً " ) أش 0 ( 13 : 29و كــرر
السيد المسيح نفس التوبيخ بالنسبة إلى اليهود ) مت ) ( 8 : 15مر
( 6 : 7إذن الخلط صلتك بالحب 0و تكلم فيها مع الرب بعاطفــة 0
فالصلة هى اشتياق النفس إلى الوجود الله 0هى اشــتياق المحــدود
إلى غير المحدود ،اشـتياق المخلـوق إلـى خـالقه ،و اشـتياق الـروح
إلى مصدرها و إلى شبعها 00
***
و الصلة المقبولة هى التى تصدر من قلب نقى 0
فالكتاب يقول " ذبيحة الشرار مكرهة الــرب ،و صــلة المســتقيمين
مرضاته " ) أم ) ( 8 : 15أم 0 ( 27 : 21و قد رفض الرب صــلة
الشرار فقال لهم " حين تبسطون أيديكم ،أستر وجهــى عنكــم 0و
إن أكثرتم الصلة ،ل أسمع 0أيديكم ملنة دما ً " ) أش 0 ( 15 : 1و
من الناحية الخرى يقول الكتاب " طلبة البار تقتدر كثيرا ً فـى فعلهـا
" ) يع 0( 16 : 5
إذن ماذا يفعل الخاطئ المثقل بآثامه ؟
يصلى ليساعده الله على التوبة 0و يتوب لكى يقبل الله صلته 00
يصلى و يقول :توبنى يا رب فأتوب ) :أر 0 (18 : 31فالصلة هى
بــاب المعونــة ،الــذى يــدخل منــه الخــاطئ إلــى التوبــة 0و قــد قــال
ماراسحق " من قال إن هناك بابا ً آخر للتوبة غير الصلة فهو مخــدوع
من الشياطين " 00إذن ل تنتظر حتى تتوب ثم تصلى !! إنمــا أطلــب
التوبة فى صلتك ،من ذلك الذى قال " بدونى ل تقدرون أن تفعلــوا
شيئا ً " ) يو ( 5 : 15
***
الصلة هى فتح القلب لله ،لكى يدخل و يطهره 0
تذكرنا بصلة العشار ،الذى رفع قلبه فى انسحاق أمام اللــه ،طالب ـا ً
الرحمة ) لو 0 ( 13 : 18و هكذا خرج مبررا ً 0عليك إذن أن تصلى
لكى تحصل على نقاوة القلــب ،و أنــت تقــول للــرب فــى صــلواتك :
إنضح على بزوفاك فأطهر ،و اغسلنى فأبيض أكــثر مــن الثلــج ) مــز
00 ( 50أليس هو القائل " أعطيكم قلبا ً جديدا ً ،و أجعل روحا ً جديدة
فى داخلكم 00و أجعلكم تسلكون فى فرائضى " ) خر 27 ، 26 : 36
( 00اطلب منه فى صلتك تحقيق هذا الوعد 0
***
الصلة هى تدشين للشفتين و للفكر ،و هى تقديس للنفللس ،بللل هللى صلللح مللع
الله 00
النسان الذى بينه و بين الله خصومة ،طبيعى أنه ل يتحدث معه 0ل
يصلى 0ل يجد دالة للحديث مع الله 0فإن بــدأ يصــلى ،فمعنــى هــذا
أنه يريد أن يصطلح مع الله 00و إذا صــلى ،يسـتحى مـن حـديثه مـع
الله ،و يخجل من أن ينجس فكره الذى كان مع الله منذ حين 0يصل
إذن إلى استحياء الفكر ،و هذا ظاهرة روحية صحيحة 0
و هكذا بالصلة تبطل الفكار الردية ،كلما داوم النسان على الصلة
،و يدخل بها فى جورحى ،و يبعد عن قوات الظلمة 0
الصلة هى رعب الشياطين ،و أقوى سلح ضدهم 0
فالشيطان يخشى أن يفلت هذا المصلى من يــده 0يخشــى أن ينــال
بصلته قوة يحاربه بها 0كما أنه يحسده على علقته هــذه مــع اللــه ،
التى حرم هو منها 00لذلك فالشيطان يحــارب الصــلة بكــل الطــرق
يحاول أن يمنعه بأن يوحى فإنسان بأن مشاغل كثيرة تنتظره وليــس
لديه وقت ،أو يشعره بالتعب و بثقل فــى الجســد 0و إن أصــر علــى
الصلة ،يحاول أن يشتت فكره ليسرح فى أمور عديدة 00
***
أما أنت يا رجل الله ،فاصمد فى صلتك مهما كانت الحروب 0وركز فيهللا فكللرك
و كل مشاعرك 0
و كما قال الرسول " قاوموا ابليس فيهرب منكم " ) يع 0 ( 7 : 4و
تستسلم لفكــاره 0و اعــرف أن محــاولته منــع صــلتك ،إنمــا تحمــل
اعترافا ً ضمنيا ً منه بقوة هذه الصلة كسلح ضده 0فل تلق ســلحك ،
بل حارب به 0واستمر فى الصلة مهما شردت أفكارك 0و ل بــد أن
ييأس العدو من جهادك الروحى و يتركك 0كما أن النعمة لــن تتخلــى
عنك ،بل ستكون معك 00
***
و فى صلتك ،فتح أعماق نفسك لتمتلئ من الله 0
اطلب الله نفسه ،و ليس مجرد خيراته 0قل لــه كمــا ســبق أن قــال
داود " طلبت وجهك ،و لوجهك يا رب التمس 0ل تحجب وجهك عنى
" ) مز 0 ( 199تأكد أن نفسك الــتى تشــعر بنقصــها ،ســتظل فــى
فراغ إلى أن يكملها الله نفسه 0إنها تحتاج إلى حب أقــوى مــن كــل
شهوات العالم 0و هى عطشانة ،و ماء العالم ل يستطيع أن يرويهــا
) يو 0 ( 13 : 4
ً
قل له يا رب :لست أجد سواك كائنا يفهمنى 0
واطمئن إليه :افتح له قلبى ،و أحكى له كل أســرارى ،و أشــرح لــه
ضعفاتى فيسمعها و ل يحتقرهــا 0و أســكب أمــامه دمــوعى ،و ابثــه
أشواقى 0أشعر معه أننى لست وحدى ،و إنما معى قلب يحتوينى و
قوة تسندنى 00بدونك يا رب ،أشعر أننى فــى فــراغ ،و ل أرى لــى
وجدودا ً حقيقيا ً 0أنت هو عمانوئيل ،الله معنا 00روحى تشتاق إلى
روحك الكلى ،تشتاق إلى ما هو أسمى من المادة و العالم و كــل مــا
فيه 00نعم ،إن فى داخلــى اشــتياقا ً إلــى غيــر المحــدود ،ل يشــبعة
سواك
***
هذه هى صلة الحب ،و هللى أعلللى مللن مسللتوى الطلللب 0فللأنت قللد تصلللى ول
تطلب شيئا ً 00
قد تكون صلتك شكرا ً على ما أعطاه لك الله من قبل 0تشكره على
عنايته بك ،ورعايته لك ،و على ستره و معونته و كل إحساناته ،لــك
و لكل أصحابك و أحبابـك 00و قـد تكـون صـلتك تسـبيحا ً للـه ،مثـل
صــلة الســارافيم " قــدوس قــدوس ،رب الجنــود الســماء و الرض
مملؤتان من مجدك و كرامتك " ) أش 0 ( 6
قد تكون صــلتك مجــرد تأمــل فــى صــفات اللــه الجميلــة ،كمــا فــى
صلوات القداس الغريغورى ،و كما فى كثير من المزاميــر و صــلوات
الساعات 0و كما قــال القــديس باســيليوس الكــبير " ل تبــدأ صــلتك
بالطلب لئل يظن أنه لول الطلب ما كنت تصلى 0باسيليوس الكبير "
ل تبدأ صلتك بالطلب لئل يظن أنه لول الطلب ما كنت تصلى
***
اعتبر صلتك مجرد تلذذ بعشر الله ،أو كما يسميها بعض الباء " مذاقللة الملكللوت
"0
مجرد وجودك فى حضرة الله متعة ،حــتى لــو لــم تفتــح فمــك بكلمــة
واحدة ،حتى لو لم يتحرك ذهنك بأى فكر ،كطفل فى حضــن أبيــه و
ل يطلب شيئا ً سوى أن يبقى هكذا 00
ترى ما الذى يمكننا أن نطلبه فى ملكوت السموات ؟! ل شئ طبعا ً 0
لن هناك ى ينقصــنا شــئ حــتى نطلبــه 0إنمــا نتمتــع بمــا قــال عنــه
المرتل " ذوقوا و انظروا ما أطيب الرب " ) مز 0 ( 8 : 34الصلة
هى مذاقة الملكوت هذا 0نذوق هنا على الرض ما ســوف نتمتــع بــه
فى السماء 000
***
لذلك قيل عن الصلة إنها طعام الملئكة 0
هى طعام أرواحهم ،و هى غذاؤهم الــذى يشــبعهم 0و هكــذا أيض ـا ً
بالنســبة إلــى أرواح القديســين ،و كــانت علــى الرض غــذاء للبــاء
المتوحدين و السواح 00و يتغذون بيها بمحبة الله و عشرته ،و متعة
أرواحهم به 0كما قال داود النبى للرب " أما أنا فخير لــى اللتصــاق
بالرب " ) مز ( 28 : 73
***
مبارك هو إلهنلا الطيلب اللذى منحنلا أن نصللى 0تواضلع منله أن يسلمح لنلا بلأن
نتحدث إليه 0
وتواضــع منــه أن يصــغى إلينـا 00مـن نحــن الــتراب و الرمـاد ،حــتى
نقترب إلى الله ،و نقف أكاكه و نتحدث إليه 00و نضــم أنفســنا إلــى
صــفوف الملئكــة الواقفــة أمــام عرشــه تســبحه و تبــارك اســمه ،و
تتبارك بالوجود فى حضرته 0حق ـا ً إنــه الخــالق ،أن يســمح لنــا نحــن
مخلوقاته بهذه الدالة :أن نكلمة و بسمعنا 0
لذلك عار كبير و خطية كبرى ،أن تقول :ليس لدى وقت للصلة !!00
هل يجرؤ العبــد أن يقــول إنــه ليــس لــديه وقــت للكلم مــع ســيده ؟!
عجيب بالكثر أن المخلوق ليس لديه وقـت للحـديث مـع خـالقه !! إن
أمورا ً عديدة و تافهة تجد لها وقتا ً 00
و محادثات ل قيمة لها ،تجد لها وقتا ً 0لماذا إذن تحتج بضيق الــوقت
فى الحديث مع الله ؟!
ً ً ً
إن داود النبى كان ملكا وقائدا و قاضيا للشعب ،و له أســرة كــبيرة ،
و مع ذلك يقول للرب " سبع مرات فى النهار و ســبحت علــى أحكــام
عدلك " ) مز " ( 119عشية و بـاكر ووقـت الظهـر " " و فـى نصـف
الليل نهضت لشكرك " " 00وسبقت عيناى وقــت الســحر لتلــو فــى
جميع أقوالك " ) مز ( 119
المشكلة ل تكمن إذن فى الوقت ،إنما فى الرغبة 0إن كــانت لــديك
رغبــة فــى الصــلة ،فل شــك ســتجد وقت ـا ً 0لمــاذا إذن تحتــج بضــيق
الوقت فى الحديث مع الله ؟!
إن داود النبى كان ملكا ً و قائدا ً و قاضيا ً لشعب ،و له أسرة كبيرة ،و
مع ذلك يقول للرب " سبع مرات فى النهار سبحت على أحكام عدلك
" ) مز " ( 119عشية و بــاكر ووقــت الظهــر " " و فــى نصــف الليــل
نهضت لشكرك " "00و سبقت عيناى وقت السحر ،لتلو فى جميــع
أقوالك " ) مز 0 ( 119
المشكلة ل تكمن إذن فى الوقت ،و إنما فى الرغبة 0إن كانت لللديك رغبللة فللى
الصلة ،فل شك ستجد وقتا ً 0
***
ثم يجب أن تعرف أن الصلة بركة لــك 0و أنــك فيهــا تأخــذ ،و لســت
تعطى 0
ً
هل تظن أنك تعطى الله وقتا حينما تصلى ؟! و هل الله محتاج إليــك
أو إلى صلواتك ؟! أم أنت تأخذ فى الصلة قــوة و معونــة و بركــة ،و
تأخذ لذة روحية و متعة بعشرة الله ،و حل ً لمشاكلك 00؟!
يجــب أن تتغيــر فكرتــك عــن الصــلة ،لكــى تــدرك تمام ـا ً أنــك ضــائع
بدونها ،و أنها عكازك الذى تســتند إليــه 0إن عرفــت هــذا ،ســتعتمد
عليها كواسطة روحية أساسية فى حياتك 0و بعد ،أترانــى اســتطيع
فى هذا المقال أن أحدثك عن كل مــا يتعلــق بالصــلة ؟! كل ،و إنمــا
بعد كل هذا أتركك لتصلى ،و لكى تذكرنى أيضا ً فى صلتك
ادخل إلى عمق الكلم اللهى ،و فهم المقصود منه 00
اقرأ بتأمل وعمق 0فالفاهمون يضيئون كضياء الجلد " ) دا ( 3 : 12
كان الكتبــة و الفريســيون مــن علمــاء اليهــود ،و مــع ذلــك مــا كــانوا
يفهمون معنى وصية تقــديس الســبت 0و مــا كــانوا يفهمــون معنــى
كلمة ) القريب ( ،حتى شرح الرب مثال السامرى الصالح 00
***
و أهمية الفهم لزمة جدا ً ،حتى أن الرب يقول :
" هلك شـعبى مـن عـدم المعرفـة " ) هـو 0 ( 6 : 4و مـن لـوازام
المعرفة ،عدم العتماد على آية واحدة 0فالنجيل ليس آية واحدة 0
و إنما هو كتاب 0و مجرد آيــة ،ل يعطــى معنــى متكــامل ً لقصــد اللــه
ووصيته 00و لذلك :
اجمع اليات التى تخص موضوعا ً واحدا ً ،و اخرج بمعنى متكامل 0
***
و من ضمن الشروط التى تساعدك على فهم كلمة الله :
أن تقرأ بروح ،وبعمق 00
فليس المهم فى كثرة ما تقرأه ،و لو بغير فهــم أو بغيــر تأمــل !! و
إنما تكمن استفادتك فى العمق الذى تقرأ به ،حيث تدخل كلمة اللــه
إلى أعماق فكرك و إلى أعماق قلبك و تجعلها تمس مشاعرك
***
لذلك اهتم بروح الوصية ،و ليس بمجرد النص 0
فكلم الله – كما قال – " هو روح وحياة " ) يو 0 ( 63 : 6لذلك عليك
أن تعرف روح الوصية ،و ل تتمسك بحرفيتهــا ،لن القــديس بــولس
الرسول يقول فى هذا المعنى :
" ل الحرف بل الروح 0لن الحرف يقتل لكن الروح يحيى " ) 2كو 0 ( 6 : 3
و الشخص الروحى يسلك بــروح الوصــية ،و ليــس بمجــرد حرفيتهــا ،
كما كان يفعل الكتبة و الفريسيون 00
***
و فهم الكتاب لزم جدا ً ،سواء من جهة الروحيات أو من جهة العقيدة و اليمان 0
كثيرون كانوا يقرأون الكتاب ،و لكنهم ضلوا لنهم ما كانوا يعرفــون
المفهوم السليم ،فلم يدركوا " ما يقوله الروح للكنــائس " ) رؤ ، 2
رؤ 0 ( 3و هكذا يقول السيد المسيح له المجد " تضلون إذ ل تعرفون
الكتب " ) مت 0 ( 29 : 22لذلك حاول أن تعرف ،استشر و اسأل
00
***
كثيرون من الهراطقة كانوا يقرأون الكتاب ،بللل حسللبهم البعللض علمللاء و لكنهللم
ضلوا لعدم الفهم
أو أنهم كانوا أحيانا ً يأخذون آية من الكتاب ،و يــتركون بــاقى اليــات
التى تكمل الفهم 0فمثل ً يوردون قول الرب " لن أبى أعظم منى "
) يو ، ( 28 : 14و ل يضعون إلى جوارهــا " أنـا و الب واحـد " ) يـو
0 ( 30 : 10أو يقول البعض :قال الرســول " آمــن بــالرب يســوع
فتخلص لنت و أهل بيتك " ) أع 0 ( 31 : 16و ل يذكرون معها قول
الرب " من آمن و أعتمد خلص " ) مر 0( 16 : 16
***
ً
لذلك إن قال البعض :مكتوب ) كذا ( ،قل له كمللا قللال الللرب " مكتللوب أيض لا "
) مت 0 ( 7 : 4
كثيرون كانوا يقرأون الكتاب ،و لكنهم ضلوا لنهم ما كانوا يعرفــون
المفهوم السليم له المجد " تضلون إذ ل تعرفون الكتب " ) مت : 22
0 ( 29لذلك حاول أن تعرف المفهوم السليم لكل ما تقرأ 0و إن لم
تعرف ،استشر و اسأل 00
***
كثيرون من الهراطقة كانوا يقرأون الكتاب ،بللل حسللبهم البعللض علمللاء و لكنهللم
ضلوا لعدم الفهم
ً
أو أنهم كانوا أحيان ـا يأخــذون آيــة مــن الكتــاب ، ،و يــتركون بــاقى
اليات التى تكمل الفهم 0فمثل ً يوردون قول الرب " لن أبى أعظم
منى " ) يو ، ( 28 : 14و ل يضعون إلى جوارها " أنا و الب واحد " )
يو 0 ( 30 : 10أو يقول البعض :قال الرسول " آمن بالرب يسوع
فتخلص أنت و أهل بيتك " ) أع 0 ( 31 : 16و ل يذكرون معها قول
الرب " من آمن و اعتمد خلص " ) مر 0 ( 16 : 16
***
لذلك إن قال لك البعض :مكتوب " كذا " ،قل له كما قال الرب " و مكتوب أيضا ً
" ) مت 0 (7 : 4
إن قال لك أحد المتزمتين :مكتوب " بكآبة الوجة يصلح القلب " ) جا
0 ( 3 : 7قل له و مكتوب أيضا ً افرحوا " ) فى 0 ( 4 : 4و مكتوب
كذلك " لكل شئ تحت الســموات وقــت 00للبكــاء وقــت ،و للضــحك
وقت " ) جا 00 ( 4 ، 1 : 3هكذا كن حكيما ً فى فهم ما تقرأ 00
***
إن حاربــك الســبتيون بحفــظ الســبت قــائلين :مكتــوب " اذكــر يــوم
السبت لتقدسه " ) خر 0 ( 8 : 20قل لهم و مكتوب أيضا ً " ل يحكم
عليكم أحد فى أكل أو شرب أو من جهة عيد أو هلل أو سبت ،الــتى
هى ظل المور العتيدة " كو 0 ( 17 ، 16 : 2
إن آيات الكتاب – إذا اجتمعت مع ـا ً – تكــون تكــامل ً و تناســقا ً و عمق ـا ً
للفهم ،و استخداما ً لكل شئ فى موضعه 0
ماذا أيضا ً عن علقتك بالكتاب ؟ هناك نقطة هامة أخرى و هى :
حاول أن تحفظ آيات من الكتاب تمثل مبادئ روحية معينة ،أو أسسا ً
فــى العقيــدة و اليمــان ،أو وعــودا ً مــن اللــه تشــجعك و تعزيــك ،أو
تشمل ردودا ً على مسائل تشغلك و هذه اليــات و ترددهــا كــثيرا ً فــى
ذهنك و قلبك ،بلون من الهذيذ الذى يلصــقها بروحــك و أعماقهــا ،و
يدخلها فى عقلك الباطن ،و يحفرها فى ذاكرتك فتخــرج منهــا حيــن
تحتاج إليها 00
***
و المثلة على حفظ آيات الكتاب كثيرة :
البعض يحفظ مثل ً العظـة علـى الجبـل ) مـت 0 ( 7 – 5أو صـفات
المحبة ) 1كو ، ( 13أو توصيات روحية كثيرة فــى ) رو ( 12و فــى )
1تس 0 ( 5أو اجزاء من سفر المثال أو سفر الجامعة 0أو الوصايا
العشر فى ) خر ، 20تث 0 ( 5أو يحفظ عددا ً كبيرا ً من المزامير ،و
من صلوات النبيــاء فــى الكتــاب المقــدس 0أو آيــات متفرقــة تــترك
تأثيرا ً فى قلبــه حيــن قراءتهــا 0أو آيــات خاصــة بفضــائل معينــة ،أو
خاصة بعقائد إيمانية ،أو تمثل ردودا ً على حروب روحية 00والمثلــة
فى هذا المجال عديدة جدا ً 00
لو أن النسان الروحى حفظ آية واحدة كل يوم ،كم ستكون محفوظاته فلى علام
كل مل ؟ 00
بل كم ستكون محفوظاته فى عدة أعوام ؟! و حتى إن حفــظ واحــدة
كل أســبوع ،ل شــك ســيحفظ 52آيــة فــى العــام ،أو 520آيــة فــى
عشرة أعوام 0و يعتبر هذا قدر ضئيل جدا ً يتعبه بسببه ضميره 0
ويبقى بعد ذلك استخدام الية التى يحفظها 00و قد كنــت كــثيرا ً مــا
أقول لبنائى فى هذا الصدد :
احفظوا النجيل ،يحفظكم النجيل 00احفظوا المزامير ،تحفظكم المزامير 00
و لكن كيف تحفظكم ؟ ولداود النبى تأملت كثيرة فى هذا الموضــوع
0
انتقل الن إلى نقطة أخرى و هى :
ما تقرأه من الكتاب ،و ما تحفظه من آيـاته ،يمكـن أن يكـون مجـال ً
لتأملتك 0تخلط به روحك و فكرك ،و ستجد نتيجة ذلك بما يوحى به
إليك 0و ترى أن لكل كلمة معانى ودلئل ،تتجدد فى قلبك و تتعدد ،
وتدخلك فى جوروحى 0
نصيحتى لك إذن ،أنك ل تقتصر علــى مجــرد القــراءة ،و إنمــا أدخــل
إلى أعماقها بالتأمل ،و قد كتبت لك موضوعا ً عــن التأمــل يمكــن أن
تقرأه 0نصيحة أخرى خاصة بقراءة الكتاب و هى :
إبدأ القراءة بالصلة ،طالبا ً من الله أن يعطيك فهمـا ً ،و يكشــف لــك
مشيئته 0و قل كما قال داود النبى فى المزمللور الكللبير " :اكشللف يللا رب
عن عينى ،لرى عجائب ) مز 0 ( 119
و اختم القراءة بالصلة ،طالبا ً من الرب أن يعطيك قوة للتنفيــذ 0و
كما أعطاك فهما ً ،يعطيك رغبة و إرادة 0
بل اصحب القراءة أيضا ً بالصلة ،و كما يقول الكتاب " و على فهمك
ل تعتمد " ) أم 0 ( 5 : 3حاول بالصلة أن تستلم رسالة الله إليك 0
البعض يضع فى ذهنه فكرة مسبقة اســتقر عليهــا ،ثــم يقــرأ ليبحــث
عن آية تثبت له ما قد استقر فكره عليــه 0أو يحــاول أن يطــوع كلم
الكتاب لفكار !! أما أنت فل تكن هكذا ،إنما اقرأ لكى تتعلــم و لكــى
تعرف 0
***
و يلزمك لذلك روح التضاع فى صلتك 00
التضاع الذى تخضع به لتعليم الكتاب ،و تغير و تصحح به فكرك 00و
التضاع الذى تطلب به المعرفة ،قائل ً مع داود النبى " علمنى يا رب
طرقك 0فهمنى سبلك " و كأنك و أنت تقرأ تقول له :
" ماذا تريد يا رب أن أفعل ؟ " ) أع 0 ( 16 : 9
أما ماذا تفعل ،فهذا ما أريد أن أحدثك عنه فيما بعد
من اليات الواضحة جدا ً عن تأثير كلمة الله ،هى قوله تبارك إسمه "
هكذا تكون كلمتى التى تخرج من فمــى 0ل ترجــع إلــى فارغــة ،بــل
تعمل ما سررت به ،و تنجح فى ما أرسلتها له " ) أش 0 ( 11 : 55
نعم ،إنه كلمة الله ل ترجع فارغة 0
إن لهــا قوتهــا ،و لهــا تأثيرهــا 0الــذين اختــبروا قــوة الكلمــة فــى
حياتهم ،يستطيعون أن ينقلوا هذه القــوة إلــى غيرهــم أيض ـا ً 00إن
القديس بولس الرسول فى شــرحه لقــوة الكلمــة و تأثيرهــا يقــول "
كلمة الله حية و فعالة و أمضى من كــل ســيف ذى حــدين ،و خارقــة
إلى مفرق النفس و الروح و المفاصل ،ومميزة أفكار القلب و نياته
" ) عب ( 12 : 4
***
و لعل إنسانا ً يقول :إذن لماذا اقرأ و ل أتأثر ؟!
يقينا ً إن العيب هو فيك أنت ،و ليس فى الكلمة ،إن كلمة اللــه مثــل
سيف ذى حدين 0بالنسبة إلى اللحم يقطعه ،و لكنه ل يقطع الصخر
0لذلك قال الرب فى سفر حزقيال النبى " و انزع قلــب الحجــر مــن
لحمكم ،و أعطيكم قلب لحم " ) خر 0 26 : 36فما هو نــوع قلبــك
الذى يستقبل كلمة الله 0أهو قلب حجر أو قلب حجر أو قلب صخر ؟
إن عذراء النشيد سمعت صوت الرب يناديها " افتحى لى يــا أخــتى يــا
حبيبتى ،يا حمامتى | ،يا كاملتى ،فإن رأسى قــد امتل مــن الطــل و
قصصى من ندى الليل "
) نش 0( 2 : 5و مع ذلك لم تفتح ،و اعتذرت بأعذار !00
***
إن كلمة الله حية و فعالة 0و لكنها تعمل بالكثر فى الذين يفتحــون
قلوبهم لها ،و يريدون أن تعمل فيهم 0
و مع ذلك فإن كلمة الله إن لم تعمل فيللك اليللوم ،فقللد تعمللل بعللد حيللن 00و ل
ترجع فارغة 0
ستظل راسخة فىعقلك الباطن 0و فى وقت ما ،حينما يصــبح قلبــك
مهيئا ً لها ،و حينما تكون الظروف المناسبة ،تجد الكلمة قــد خرجــت
من ذاكرتك ،و لصقت بقلبك ،و أخذت تعمل عملها 0
و كأن عدم استجابتك الولى كانت تصرفا ً مؤقتا ً ،أو فــترة أو لحظــة
فتور ،تستيقظ بعدها إلى نفسك 0مثل عذراء النشيد التى اعتــذرت
أول ً عن فتح باب قلبها 0ثم عادت تقول " حبيبى مد يده من الكــوه ،
فأنت عليه أحشائى 00نفسى خرجت عند ما أدبر ) " 00نش ، 4 : 5
(6
***
ً
ليست كل بذرة تلقى على الرض ،تخرج ثمرا فى نفس الوقت 0و ربما بعد أيام
أو شهور 00
لذلك اختزن كلم الله فى قلبك و فى ذهنك ،و ســيعطى ثمــره فــى
الحين الحسن 0و بخاصــة إذا كنــت تتعهــده بالهتمــام ،و تلهــج فيــه
النهار و الليل ،و تحفظه من الموانع التى تعوق عمله ،سواء أكــانت
موانع داخلية أو خارجية 00ربما بذرة فى الرض ،و لــم تصــل إليهــا
المياه ،فظلت كما هى ،و الحياة فيها و لكنها كامنــة 0ثــم وصــلتها
المياه بعد أيام ،فبدأت هذه الحياة تنشط و تظهر على وجه الرض 0
لذلك ما أجمل قول الكتاب " إرم خبزك على وجه المياه ،فأنك تجده
بعد أيام كثيرة " 00
***
ً ً
و لهذا ل تيأس فى الخدمة ،إن لم تلحظ للكلمة ثمرا سريعا 00
بل اصــبر و انتظــر الــرب ،و ل تتضــجر 0فليســت كــل النفــوس مــن
نوعيــة واحــدة 0و ليســت كلهــا ســريعة الســتجابة 0و ليســت كــل
الظروف الخارجية مواتية 00هناك من يسمع الكلمة فيتأثر بسرعة 0
و هناك من يحتــاج بعــدها إلــى شــرح و إقنــاع ،و إلــى متابعــة و حــل
الشكالت التى تعترضه فى التنفيذ 00
هناك من يأخذ الكلمة للمعرفة و ليس للحياة 0
يتناولها بعقله ل بروحه ،ليوسع بها مداركه ل ليطهر بها قلبــه 00و
هذا الفارق بين العالم و العابد
فالعالم يقرأ الكتاب ويدرســه ،و يشــرحه و يفســره كمــا كــان يفعــل
الكتبة و الفريسيون و هم جلوس على كرسى موسى ) مت ( 2 : 23
0يعلمون و ل يعملون 0أما العابد فيشبه داود النبى الذى كان يقول
" خبأت كلمك فى قلبى ،لكيل أخطئ إليك " ) مز 0 ( 11 : 119هذا
كان هدفه من كلم الله
إن استجبت لكتاب الله و تركت كلمته تعمل فيك ،فماذا تراه سيكون
عمـل الكلمـة اللهيـة فيـك ؟ إن النتـائج كـثيرة بلشـك ،فنحـاول أن
نتتبعها 00
-1إنها تجمع العقل من الطياشة و تشغله باللهيات
لو تركت فكرك على سجيته ،فلست تدرى فى أى موضوع يطيــش 0
و لكن القراءة عموما ً تجمع العقل من تشتته ،و تركزه فــى موضــوع
القراءة 0أما قراءة الكتاب بالــذات ،فإنهــا تهــدى الفكــر إلــى مينــاء
سليم 0و الخشوع فى القراءة يغطــى تركيــزا ً أكــثر بســبب تــوقيرك
لكلمة الله 0و يكون لهذا التركيز تأثيره الروحى 0
***
-2قراءة الكتاب تمنحك فهما ً و استنارة و معرفة 00
لــذلك يقــول المرتــل فــى المزمــور " ســراج لرجلــى كلمــك و نــورا ً
لسبيلى " ) مز 0 ( 105 : 119و يقول أيضا ً " وصية الرب مضــيئة
تنير عن بعد " ) مز 0 ( 19لهذا نحن نوقد الشــموع و نحملهــا أثنــاء
قراءة النجيل ،متذكرين هــذه الســتنارة 0أمــا عــن الفهــم فيقــول
المرتل " :شهادات الرب صادقة ،تصير الجاهل حكيمللا ً " بل يقــول أيض ـا ً "
أكثر من جميع الذين يعلموننى فهمت ،لن شــهاداتك هــى درســى 0
أكثر من الشيوخ فهمت ،لنى طلبت وصاياك " ) مز 0 ( 99 : 119
بهذا الفهم يتعلم النسان طرق الرب ،يعرف كيف يسلك ،و يقتنــى
موهبــة الفــراز و الحكمــة 0و بخاصــة لــو اهتــم بمعرفــة كيــف كــان
قديسو الكتاب يسلكون ،و كيف كانوا يتعاملون مع الله و مع النــاس
0و أخذ من تصرفاتهم أمثولة لحياته يقتدى بها ) عب 0 ( 7 : 13
-3بل قراءة الكتاب ترشده أيضا ً إلى العقيدة السليمة 0
و ذلك إذا قرأ بفهم و تحت إرشاد 0و كــل عقيــدة حفــظ لهــا آيــة أو
بضع آيات 0و صارت آيات الكتاب تحفظه مــن البــدع و الهرطقــات و
من كل تعليم خاطئ 0و هذا ما كان يفعله آباء الكنيسة الكبار أبطال
اليمــان 0إذ كــانوا يقــاومون البــدع عــن طريــق فهمهــم للكتــاب و
محصول الحفظ العجيب لياته فى أذهانهم 0
***
-4الكتاب أيضا ً يرشد قارئه إلى حياة التوبة إلى النمو الروحى 0
فــى ضــوء وصــاياه ،يمكــن أن يصــل إلــى محاســبة النفــس بطريقــة
سليمة ،فيكتشــف صــعفاته و خطايــاه 0و يعــرف أن المطلــوب منــه
ليس هو فقط التوبة عن الخطية ،بل بالكثر حياة القداسة و الكمال
حسب قول الرسول " نظير القدوس الذى دعاكم ،كونوا أنتــم أيضــا ً
قديسين فى كل سيرة 0لنه مكتوب كونوا قديسين لنى أنا قــدوس
" ) 1بط ) ( 16 ، 15 : 1ل 0 ( 44 : 11و يقول الرب أيضا ً " فكونوا
أنتم كاملين ،كما أن أباكم الذى فى السموات هو كامل " ) مــت : 5
0 ( 48
ويشرح الكتاب بالتفصيل حياة التوبة و القداســة و الكمــال ،و يقــدم
لها مثل ً 0و من الناحية العكسية يقول " :تضلون إذ ل تعرفون الكتللب " )
مت 0 ( 29 : 22
ً
-5و قــراءة الكتــاب تمنــح العقــل و الرادة لون ـا مــن الســتحياء ،إذا
تعرض النسان لغراء الخطية 0إذ كيف أن فكره الــذى تقــدس بكلم
الله و بالجو الروحى أثناء قراءته ،يعود و يتدنس بفكر الخطية
***
-6و فى محاربات الشيطان ،يستطيع النسان أن يرد على الخطية بالوصية 0
و ذلك حســبما شــرح القــديس مــاروأوغريس فــى كتــابه عــن حــروب
الفكار 00فإذا ضاع وقتك فى الـثرثرة و الكلم الكـثير ،تـذكر قـول
الكتاب " إن كثرة الكلم ل تخلو مــن معصــية " ) أم 0 ( 19 : 10و
قول المرتل " ضع يا رب حافظا ً لفمى و بابا ً حصينا ً لشفتى " 0
و إذا حوربت بالغضب تذكر قول الرسول " ليكن كــل إنســانا ً مســرعا ً
إلى الستماع 0مبطئا ً فى التكلم ،مبطئا ً فــى الغصــب 0لن غضــب
النسان ل يصنع بر الله " ) يع ( 20 ، 19 : 1و أيضا ً قول الكتاب " ل
تصطحب غضوبا ً ،و مع صاحب سخط ل تجئ " ) أم 0 ( 24 : 22
و إذا حوربت بالنظر الشهوانى ،تذكر قول الرب " كل من ينظر إلــى
امرأة ليشتهيها ،فقد زنى بها فى قلبه " ) مت 0 ( 28 : 5و تذكر
أيضا ً قول أيوب الصديق " عهــدا قطعــت لعينــى ،فكيــف أتطلــع فــى
العذراء " ) أى ( 1 : 31
وهكذا كانت آيات الكتاب ثابتة فى ذهنك و فــى قلبــك ،تســتطيع أن
تسترجعها ،و ترد بها على كــل حــرب روحيــة يحاربــك بهــا العــدو 00
مجرد تذكر الوصية يخجلك ،و يرد قلبك عن ارتكاب الخطية 0و غالبا ً
الشخص الذى يخطئ ،يكون وقتذاك فى حالة نســيان لوصــايا اللــه 0
محبة الخطية قد خدرته
***
-7كلم الكتاب أيضا ً يعزيك فى ضيقاتك ،و يقويك كلما ضعفت 0
و كثيرا ً ما كان داود النبى يقول فى مزاميره للــرب " و علــى كلمــك
توكلت " ) مز 0 ( 81 : 119و يقول له أيضـا ً " اذكــر لعبــدك الــذى
جعلتنى عليه أتكل ،هذا الذى عزانى فى مــذلتى " ) مــز 00 (119و
كلما كان يتعرض لهجمات العداء كان يقول " لول أن الرب كان معنا
حين قام الناس علينا ،لبتلعونا و نحن أحيــاء 00نجــت أنفســنا مثــل
العصفور من فخ الصيادين 0الفخ انكسر و نحــن نجونــا 0عوننــا مــن
عند الرب الذى صنع السماء و الرض " ) مز 0( 123
ما أكثر كلم الكتاب عن الرجاء 00
ً
الذى يقرأه و يحفظــه ،يســتريح قلبــه و يجــد ســلما ،بــل كمــا قــال
الرسول " فرحين فى الرجاء " ) رو 00 ( 12 : 12إن و عود الله فى
كتابه المقدس ،تعطى النفس اطمئنانا ً عجيبـا ً ،مثـل قـوله " هـا أنـا
معكم كل اليام و إلى انقضاء الدهر " ) مت 0 ( 20 : 28و قوله " و
أما أنتم ،فحتى شعور رؤوسكم محصــاة 0فل تخــافوا " ) مــت : 10
0 ( 31 ، 30و قوله " أنا معك 0ل يقع بك أحد ليؤذيك " ) أع : 18
00 ( 10و ما أكثر اليات 0ليتك تجمعهــا و تحفظهــا 00ويعــوزنى
الوقت إن تكلمت ،ول تكفي الصفحات .
***
8ـ فالكتاب فيه كل شئ ،لكل أحد ،في كل حالة .
أيا ً كانت ظروفك ،أيا ً كانت حالتك النفسية ،فسوف تجد في الكتــاب
رسالة لك تريحك .تجد فيه كل ما يلزمك ،وما يناســبك .يكفــي مثل ً
كتاب ) المزامير ( فيه كل ألوان المشاعر والصلوات .وسفر المثال
فيه كل أنواع النصائح .وكل سفر يحوي لك رسالة معينة إن أحسنت
انتقاءها وفهمها …
و هذا مــا قــاله القــديس بــولس الرســول " اذكــروا مرشــديكم الــذين
كلموكم بكلمة الله 0انظروا إلى نهاية سيرتهم ،فتمثلوا بإيمــانهم "
) عب 0( 7 : 13
و هنا نجد أمامنا منهج ـا ً واســعا ً جــدا ً 0فكــل فضــيلة يريــد إنســان أن
يقتنيها ،نجد مجموعة من القديسين يرشدونهم بحياتهم إلــى كيفيــة
السلوك فيها ،و يقدمون لنا مثـال ً عمليـا ً ،و حـافزا ً يجــذبه إليهــا 00
على أننى أحب هنا أن أضع ملحظة هامة و هى :
***
علينا أن نقتدى بالقديسين فيما هو ممكن لنا 0
فمثل ً قد ل تكون حياة الستشهاد متاحة 0و لكننــا نقتــدى بالشــهداء
فى قوة إيمــانهم ،فــى شــجاعتهم ،فــى احتمــالهم لليمــان ،و فــى
الستعداد للبدية ،و عدم محبة العالم و ل التمسك به 00و كــل هــذا
ممكن لنا
و قد ل نستطيع الصلة الدائمة ،كما كان يفعل القــديس أرســانيوس
الكبير ،أو القديس مقــاريوس الســكندارنى 00و لكــن علــى القــل
ليكن لنا محبة الصلة و الستمرار فيها على قدر قامتنا الروحية 0
و لنعلم أن حياة قديسى البرية غير حياتنا فــى العــالم 0فل نقلــدهم
فى طى اليام صوما ً ،المــر الــذى أتقنــوه بعــد ســنوات طويلــة مــن
التدريب الروحى ،و ساعدتهم عليه حياة السكون 00
***
إنما ليكن اقتداؤنا بهم فى تلك الفضائل العالية تحت ارشاد روحى ،و بتدرج حكيم
0
و هناك فضائل أخرى متاحــة للجميــع ،مثــل التضــاع ،و الوداعــة ،و
الهدوء ،و خدمة الخرين و احتمـالهم ،و عـدم الغضــب ،و مـا يشـبه
ذلك 0
أما الصمت الكامل ،فل يناسبك ،إنما تأخذ منه :الكلم عند الضرورة
،و الكلم بقدر ،و اختبار الكلمة المناسبة ،و الكلمة البنــاءة النافعــة
00
ً ً
فل تقلــد الفضــيلة تقليــدا كــامل ل يناســبك و ل تقــدر عليــه 0و ل
ترفضها بالتمام فى يأس 0و إنما خذ منها بقدر ،و بحكمة ،و بتدرج
،و تحت إرشاد 00
***
خذ الفضيلة فى روحها ،ل فى شكلها :
فحينما تقرأ مثل ً عــن قديســى التوبــة ،حــاول أن تكــون مثلهــم فــى
حرارة توبتهم ،و فى عدم عودتهم مطلقا ً إلى الوراء 0و تمثل بهــم
فى إنسحاق قلوبهم و فى دموعهم 0و لكــن ل تقلــد تقليــدا ً حرفي ـا َ
الــذين قــادتهم التوبــة إلــى الرهبنــة مباشــرة مثــل بيلجيــة و مريــم
القبطية و موسى السود ،و أوغسطينوس 00
خذ محبة التائب لله ،و عودته إليه ،و عميق ندمه ،و اشــمئزازه مــن
الخطيــة 00و لكــن عــش فــى حــدود شخصــيتك و امكانياتــك ،و مــا
أعطيته من النعمة 00
***
سواء ما تقدمه سير الشــهداء و المعــترفين مــن التســمك باليمــان ،
إلى حد الموت من أجلــه ،أو قبــول كــل صــنوف التعــذيب ،برضــى و
فرح و صبر 00
أو ما تقدمه سير أبطال اليمان الذين دافعوا عن العقيدة ،بكل قــوة
و كل فهم ،محتملين فى سبيلها السجن والنفى و التشــريد و كافــة
ألوان الضطهاد ،كالقــديس أثناســيوس الرســولى مثل ً :الــذى نفــى
عن كرسيه أربع مــرات ،واتهمــوه اتهامــات شــنيعة ،و صــدرت ضــده
أحكام ،و قيل له " العالم كله ضدك يا أثناسيوس " 00
***
نقرأ عن ذلك فيتبكت هذا الجيل ،الذى ل يبالى بالخلف فى المذهب أو العقيدة ،
و ينسى ما تحمله القديسون من آلم فى سبيل ذلك !!
كانت المجامع المحلية و المسكونية تقام بسبب نقطــة خلف واحــدة
0و يبذل القديسون كل جهدهم فى الدفاع عن اليمان و فى إثبــات
العقيدة الســليمة 0و الن مــن أجــل زواج أو طلق ،يمكــن أن يغيــر
إنسان مذهبه ،بكل سهولة وبل مبالة ،أو بجهل !! أو يختلف شخص
مــع أحــد رجــال الكهنــوت ،فيــترك الكنيســة كلهــا ،بكــل إيمانهــا و
عقيدتها 0ول يبالى بكل جهاد القديسين فى سبيل ذلك اليمان 0
***
لذلك نحــن محتــاجون إلــى قــراءة ســير القديســين أبطــال اليمــان ،
لتغرس فى نفوس الجميــع أهميــة اليمــان و الثبــات فيــه ،و نبــذ مـا
يسمى باللطائفية !!
إن الكنيسة ليست طائفة ،و ل هى مجموعة طوائف ،و لكنهللا جماعللة المللؤمنين
بايمان سليم فى كل تفاصيله 00
هذا اليمان الذى استشهد من أجله قديسون فــى جميــع الجيــال ،و
الذين تألم بنسببه و تعذب عـدد كــبير مـن القديسـين 0و مـن بينهــم
رهبان عاشوا فى البرية الجوانية 0و لكن عاشوا فى اليمان 0و مــا
أجمــل الرمــز الــذى يحــويه تكفيــن النبــا الســائح فــى رداء البابــا
أثناسيوس بطل اليمان 00
فكلما نقرأ عن هذه القمم العالية ،و ما وصلوا إليه ،تتضــع نفوســنا
فى الداخل ،و نشعر أننا ل شئ إلى جوارهم 00
حينمــا نقــرأ عــن القــديس النبــا ابــرام فــى العطــاء ،أل تنســحق
؟ هذا الذى كان يعطى كل شئ 0و ل يبقــى لنفســه شــيئا ً 0 نفوسنا
ً
حتى أن البعض أعطاه مرة قطعة قماش أسود ليفصلها ثوبا لــه بــدل ً
من جلبابه البالى ،فوهب قطعة القمـاش هــذه لرملــة زارتـه 00أو
ماذا نقول عن النبا يوحنا الرحوم الذى باع كل مـا كـان لـه و أعطـاه
للفقراء 0و لما لم يجد شيئا ً يملكه ،بــاع نفســه عبــدا ً ،و تــبرع بثمــن
نفسه للفقراء !!00آل تتضع نفوسنا ،حينمــا نقــارن عطاءنــا بعطــاء
هؤلء ؟!
***
حقا ً إن سير القديسين تطرد من نفوسنا كل محاربات الكبرياء و المجللد الباطللل ،
إن حاربنا العدو بها 0
إن حاربتنا أفكــار مـن جهـة خــدمتنا ،و قارنـا أنفســنا بسـيرة بـولس
الرسول الذى تعب أكثر من جميع الرسل ) 1كو 0 ( 10 : 15و بشر
فى أورشليم ،و فى إنطاكية ،و آسيا الصــغرى ،و اليونــان ،و فــى
رومه ،ووصل إلــى أســبانيا 0و أســس كنــائس ى حصــر لهــا ،و ذاق
متاعب ل توصف ) 2كو 0(11و كان يكتـب رسـائل ،حـتى و هــو فـى
السجن ) أف 00 ( 1 : 4أل تنسحق أنفسنا بهذه المقارنة و أشباهها
؟!
***
و مهما أنسحقنا لن نصل إلى اتضاع القديسين
هؤلء الذين على الرغم من كل فضــائاهم ،قيــل إنهــم كــانوا يبكــون
على خطاياهم !! القديس مقاريوس الكبير بكى و أبكى كــل المجمــع
معـــه 0القـــديس موســـى الســـود ،القـــديس بيشـــوى ،القـــديس
باخوميوس الكبير 00ماذا كان يبكى كل هؤلء ؟
القديس أرسانيوس الذى كان يقف ليصلى وقت الغروب ،و الشمس
خلفه ،و يظل واقفا ً فى الصلة حتى تشرق مرة أخرى مــن أمــامه ،
يقال إنه سقطت رموش عينيه من كثرة البكاء 0و كان يبلــل خوصــه
بالدموع !! فأين هو اتضاعنا نحن مهما اتضعنا ؟!
القــديس مكــاريوس الكــبير مؤســس الرهبنــة بالســقيط ســألوه بعــد
رؤيته لسائحين فى البرية الجوانية ،فقال " أنا لست راهبا ً ـ و لكنى
رأيت رهبانا ً " !!00القصص أمامنا ل تنتهى فلعلنا نكتفى بهذه 00
***
إننا نحارب بالكبرياء ،حينمـا نقـارن أنفســنا بأمثلــة حيــة ،تظــن أننــا
أعلى منها !! أما حينما نقرأ سير القديسين ،فحينئذ يستد كــل فــم ،
و ندرك أننا ل شئ 00
التأثير الرابع لسير القديسين
أنها تعطينا روح الحكمة و الفراز
تعلمنا الطريق الصحيح الذى نسلك فيه 00ما أجمــل مــا نقــرؤه عــن
داود الملك ،حينما أراد أن يشترى مكانا ً لبنــاء الهيكــل ووافــق أرونــه
اليبوسى أن يهبه كل شئ بل مقابل ،حينئذ رفــض داود و قــال " ل ،
بل أشترى منك بثمن 0و ل أصــعد للــرب إلهــى محرقــات مجانيــة " )
2صم 0 ( 24 :| 24
إننا نتعلم الحكمة أيضا ً من أبيجايل :كيف أنها تمكنت من توبيــخ داود
النبى بطريقة ربحته بها ) 1صم ( 35 – 23 : 25
نتعلم الحكمة من سير آباء البرية ،حتى مـن الشــباب 0الـذين فيهـم
أمثال القديسين يوحنا القصيرالذى قيل إن السقيط كله كان معلقــا
باصبعه 0و مثل تادرس تلميذ باخوميوس و مــن حكمــة الشــيوخ مثــل
النبا أغاثون و النبا ايسيذورس و غيرهم إن حكمــة البــاء كنــز لمــن
يتعلم 00
***
الدرس الخامس الذى نتعلمه من سير القديسين هو دوام النمو
إنه صعود إلى فوق بغير حدود 00مثــال ذلــك بــولس الرســول بكــل
مواهبه و خدمته و صعوده إلى الســماء الثالثــة 0و مــع ذلــك يقــول "
ليس أنى نلت أو صرت كامل ً ،و لكنى أسعى لعلى أدرك 0أنسى مــا
هو وراء ،امتد إلى ما هو قدام 0اسعى نحو الغرض " ) فى – 12 : 3
( 14
الدرجات العليا التى وصل إليهــا القديســون فــى كــل فضــيلة ،تحثنــا
على أن نمتد إلى قدام ،و ل نكتفى مهما وصــلنا 0فـالطريق أمامنــا
طويل طويل 00و النعمة مستعده أن تأخذ بأيدينا لنقطع فراسخ أول ً
00على آثار هؤلء القديسين ،إذ تعطينا سيرهم حرارة ل تخمــد و ل
تنطفئ 00
***
أمور أخرى كثيرة نتعلمها من تأثير سير القديسين فينا
نتعلم كيف تكون اعترافاتنا اكثر دقــة ،إذ نكتشــف تقصــيرات عديــدة
فى حياتنا ،بالمقارنة بسيرهم 00
نتعلــم ايض ـا ً أســلوب التخــاطب مــع اللــه فــى الصــلة ،عنــدما نقــرأ
صلواتهم ،و ما فيها من دالة ،و ما فيهــا مــن اتضــاع ،و مــن حــب و
حرارة 00نتعلم أيضا ً أسلوبهم فى التعامل مع النــاس ،و طريقتهــم
فى مواجهة الحروب الروحية ،و أسلوب النتصار عليها 0
إن الذى يقرأ سير القديسين ،يصير على الدوام فى تغيــر مســتمر ،
إلى أفضل :أسلوبه يتغير كلمه يتغيــر ،معــاملته تتغيــر ،محــاول ً أن
يصل إلى تلك الصورة عينها 00
***
و بعد ،أنا لست أدعى مطلقا ً أننى وفيللت هللذا الموضللوع حقلله ،فهللو يحتللاج إلللى
كتاب أو كتب 0و كل ما ذكرته هو مجرد أمثلة 0
و أترك لك أيها القارئ العزيز هــذا الخضــم الواســع مــن التأمــل فــى
فوائد سير القديسين 0
فل شك أن هذا الموضوع قد يشمل الحياة الروحية كلها 00
الروح للكنائس ) رؤ ( 2
***
أما المجهول الذى تقوم به أفكارنا و قلوبنا و أرواحنا 0فأننا نحســبه
كمجرد طلــب نرجــو بــه مــن النعمــة أن تفتــح عقولنــا ،لتســتقبل مــا
يسكبه فيها الروح 00عملنا هو أن نقدم عقولنــا إلــى اللــه ،ليملهــا
بالفهم الـذى مـن عنـده ،و مـا أعمقـه 00نفتـح لـه البـاب ليـدخل و
نتعشى معه ) رؤ ( 20 : 3
نعم نتعشى بخبز الحياة النازل من السـماء ) يـو ، 33 : 6ـ ، ( 35و
نحيا به ،بكل كلمة تخرج من فم الله ) مت ( 4 : 4
***
إذن الخطوة التى يقوم بها الذهن فى التأمل ،هى فتح الباب للروح 0
ً
و من هنا فــإن بعــض البــاء يجعلــون التأمــل فــى عمقــه خارجـا عــن
المجهود البشرى 0لعتباره هبة مــن الــروح القــدس 0و كمــا يقــول
المرتل فى المزمور " فتحت فمى و اقتبلت لى روحا ً " ) مــز ( 119
0
أو التأمل هو تلمذة على الروح القدس 0هــو تــدرب كيــف تأخــذ مــن
الروح ما يريد أن يعطيك 0
و ليس هو مجرد كد للذهن ليفهم ،و ل هو مجرد اعتماد علــى ذكائنــا
و قدراتنا ،فقد قال الكتاب " و على فهمك ل تعتمد " ) أم ( 5 : 3
***
ً
إن التفكير العقلى المحض ،الخالى من عمل الروح ،ل ينتج تأمل 00إنه قد ينتللج
علما ً أو فلسفة ،و ليس تأمل ً
و هنــا نفــرق بيــن العــالم و العابــد ،بيــن الــدارس و المتأمــل ،بيــن
الباحث فى الكتب و المستقبل من الروح إن التأمل ليــس هــو مجــرد
فكر ،إنما هو خلط الفكر بالقلب ،و ترك العقلى كمجرد أداة فى يــد
الروح 0ثم تبتهل الروح لتأخذ مــن روح اللــه 0و مــا تأخــذه ،تعطيــه
للعقل عن طريق القلب 0
و حينئذ ندرك قوة الكلمة ،لنها تأخذ من الروح قوة 00فل تقــف يــا
أخى عند مستوى العقل ،بل اتخذ العقل وسيلة و توصلك إلى الروح
0و الروح توصلك إلى الله ،الذى عندى كل كنـوز المعرفـة فيعطيــك
00
***
القارئ السطحى قد يقرأ كثيرا ً و ل يتأمل 0
أما القارئ الروحى ،فالقليل من قراءته يكون له نبع تأملت ل ينضب 0
أنه ل يركز على كثرة القراءة ،إنما على ما فيها من تأملت 00و قد
تستوقفه كلمة أو عبارة ،فيغوص فى أعماقها ،و يظل ســابحا ً فــى
تلك العماق 0و هو يقول مع المرتل " لكل كمال رأيت منتهى 0أما
وصاياك فواسعة جدا ً " ) مز 00 ( 119قد يفتح الله قلبه ،فيرى فى
الكلمة الواحدة كنزا ً عظيما ً مهما اغترف منه ل ينتهى ،كما قال داود
النبى فى صلواته " فرحت بكلمك كمن وجد غنائم كثيرة " 000
***
ليتكم كتدريب روحى ،تأخذون كل يوم آية للتأمل 0
آية من الكتاب ،تكون قد تركت فى نفســك تــأثيرا ً أثنــاء القــراءة 0و
لكن ل تقف عند حد التأثير ،إنمـا احفـظ هــذه اليـة ،و خـذها مجـال ً
لتفكيرك و تأملك ،و معطيا ً فرصة لروح اللــه أن يمنحــك مــن خللهــا
شيئا ً 00أو اتخذ قصة معينة من الكتاب مجال ً لتأملك
***
ً
إن معاملت الله مع الناس مجال واسع جدا للتأمل 00
سواء معاملة الله لقديسيه الــذين أحبهــم أو أحبــوه ،و كــانت بينــه و
بينهم دالة 00أو حتى معاملة الله للخطاة ،الذين انتفعوا مــن طــول
أناة الله و غنى لطفه فتابوا ،أو الذين عاندوا و تقست قلوبهم 00
شخصيات الكتاب أيضا ً تصلح مجال ً للتأمل 00و ما أكــثر الكتــب الــتى
وضعت فى هذا المجال 00
***
يساعدك على التأمللل أيضلا ً مللا تكللون قللد حفطتلله مللن آيللات كللثيرة مللن الكتللاب
المقدس 0
تجد نفسك كلما بدأت التأمــل ،تأتيــك تلــك اليــات مرتبــه متناســقة ،
يكمل بعضها بعضا ً 0و كل آية تقــدم لــك معنـى خاصـا ً 0و كلهــا معـا ً
تقدم لك باقة جميلة من التــأملت و نتــذكر فــى تناســقها مع ـا ً قــول
الرسول
" قارنين الروحيات بالروحيات " ) 1كو 0 ( 13 : 2
و بهذا تشغل نفسك أثناء النهار بفكر روحى 00
ً
و يظل هذا الفكر يتعمق فيك 0و الفكر يلد فكــرا مــن نــوعه ،و يلــد
أيضا ً الكثير من المشاعر و العواطف و التأملت 0و يصبح قلبك نقيا ً
تعم فيه كلمة الله ،تنتشر فيه التأملت الروحية 00كما تصحبك أيضا
هذه التأملت أثناء الصلة 0بل تطرأ على ذهنــك كــذلك أثنــاء حــديثك
مع الناس 0و يلمح المستمعون إليــك عمق ـا ً ل يقــف عنــد المســتوى
السطحى فى أى شئ 0
***
و هكذا ينفعك التأمل فى تعميق حياتك الروحية 0
و ل يقتصــر علــى مجــرد الفكــر أو الحســاس الروحــى ،أو الشــعب
الداخلى بكل ذلك ،أو اللذة بالمعرفة 00إنما يتطور ليكون له تــأثيره
على الحياة العملية 00
لذلك إن قرأت ،ل تقف عند حدود القراءة و التأمل فيما تقرؤه فــى
الكتــاب مــن الوصــايا أو ســير النبيــاء و البــاء ،مــا تقــرؤه ،إخلطــه
بفكرك وروحك و قلبك 00و طبق تأملتك علــى حياتــك ،و اســتخرج
منها منهجا ً تسير عليه ،و يدخل فى علقتك مع الله و الناس 00
***
و لتكن قراءتك مصحوبة بالصلة 00
كما قال داود النبى فى النبى فى المزمور الكبير " اكشف عن عينى
لرى عجائب من ناموســك " 00و هنــاك نــرى أن التأمــل يحتــاج إلــى
كشف إلهى 00و كثيرا ً ما يقف النســان فــى حالــة أنبهــار أمــام مــا
يكشفه الله له 00و قد يقرأ فصل ً من الكتاب يكون قد قرأه من قبل
0و لكن تنكشف لــه معــان عديــدة لــم تخطرعلــى ذهنــه مطلقـا ً فــى
قراءته السابقة 00
و قد يحدث له هذا أيضا ً ،أثناء قراءة أو صلة المزامير 0فتنكشف له
معانى جديــدة 0و يتكــرر المــر ذ يصــلى نفــس المزمــور بعــد أيــام ،
فيدرك منه معانى أخرى لم يدركها من قبل 00
و هكذا يفتح له الله طاقات من نور تشرق على ذهنه
ل يعزو ذلك إلى ذكائه أو معرفته ،إنما هى موهبة مــن اللــه يســكبها
عليه أثناء الصلة أو القراءة أو التأمل ،و تكون الصلة مصدرا ً للتأمل
،أو مصحوبة بالتأمل 0كما يكون التأمل مصحوبا ً بالصلة 00و تتسع
أمامه معانى اليات ،حتى ما يجــد لهــا حــدودا ً 0إنمــا فــى كــل حيــن
يختبر لها أعماقا ً 00
***
إن لم تكن لك موهبة التأمل ،إقرأ تأملت الباء القديسين 0
قديس عظيم مثل القديس يوحنا ذهبى الفم ،له كتــاب فــى تفســير
إنجيل متى ،و آخر فى تفسير انجيل يوحنا و كتب أخرى فى تفســير
أعمال الرسل ورسائل بولس الربع عشــرة 00هــذه الكتــب مملــوءة
بالشرح و بالتأملت 0و تتبعه فى أسلوب شرحه و تأمله ،و تعلم 00
قــديس عظيــم آخــر هــو القــديس آوغســطينوس ،عميــق جــدا ً فــى
تأملته ،و فى رقة أسلوبه 0له كتــاب تــأملت فــى الرســالة الولــى
للقديس يوحنا الرسول ،و له كتاب تأملت فـى المزاميــر ،و عظــات
على فصول كثيرة من الناجيل 0و غالبية كتاباته حافلة بالتــأملت 0
اقرأ له ،و تعلم 00
و هكذا مع باقى القديسين فى كتاباتهم ،و بخاصــة الــذين اشــتهروا
بالتأمــل ،و ليــس فقــط بعمــق التعليــم 00مثــل القــديس مــارافرام
السريانى ،و القديس يعقوب الروجى و القديس ديــديموس الضــرير
و غيرهم 0اقرأ لهــم ،و انتفــع بتــأملتهم ،و اتخــذهم مدرســة فــى
التأمل 00
***
بل تدرب أيضا ً على الباء الذين اشتهروا بالتفسير الرمزى للكتاب 00
ستجد عمقا ً كبيرا ً فى كتابات هــؤلء البــاء لنهــم ل يقتصــرون علــى
المعنى الحرفى ليات الكتاب ،إنما يـدخلون إلـى العمـق ،و إلـى مـا
تحمله اليات من اشارات بعيدة لمور أخرى 00
و بهذا أيضا ً يمكن فهم أسفار النبوات ،و سفرا مثل نشــيد الناشــيد
ً
00و يمكننا أن نفهم ما ورد فى الكتــاب عــن الــذبائح و التقــدمات و
العياد ،و الشرائع الخاصة بالنجاســات و التطهيــر ،و شــرائع أخــرى
قال عنها بولس الرسول إنها كانت " ظل ً للمور العتيــدة " ) كــو : 2
0 ( 17
***
ادخل فى تدريب التأمل ،لنه يشغل ذهنك بشئ صالح ،بدل ً ملن أن تللترك الفكللر
بيسرح فى أمور خاطئة 0
أو يسرح فى أمور زائلة 00ل نفع فيها 00و تأكد أن ذهنك لن يكــف
عن التأمل 0إنما يتوقف تأمله على نوع المادة المقدمة إليــه ،خيــرا ً
كانت أم شرا ً 0سواء قدمتها أنت لــه مــن داخــل قلبــك و فكــرك ،أو
قدمتها لك البيئة المحيطة بك 00و فالفضل أن تقــود تفكيــرك فــى
تأملته 00
***
و اعرف أن موهبة التأمل هى للكل ،و ليست للقديسين فقط ،بل حتى للخطللاة
00
أولئك قد تكون لهــم قــدرة عجيبــة علــى التأمــل ،و إنمــا فــى مجــال
الخطية 0فالخاطى الذى يحــب خطيــة معينــة ،مــا أســهل أن يســرح
فيها و يتأملها بعمق ،و تملك على فكره و قلبه و مشاعره ،و يؤلف
فيها قصصـا ً و أفكــارا ً 0كمــا كــان يفعــل بعــض الدبــاء و الشــعراء و
مؤلفو الروايــات 0إنــه لــون مــن التأمــل ،و لكنهــم اســتخدموه فــى
الخطية 0
أما القديسون فتأملتهم تكون فى موضــوعات روحيــة 0كــذلك فــإن
الخطاة الــذين يتمتعــون بموهبــة التأمــل ،إذا تــابوا ،و أداروا موهبــة
تأملهم فى مسار روحى ،حينئذ يظهر عمقهم و تأثيرهم الطيب
و نذكر كمثال لذلك القديس أوغسطينوس فـى حيـاة التوبـة و النمـو
الروحى ،و حتى فى كتاب اعترافاته و ما فيه من عمق 00
و القراءة إحدى الوسائل التى توجد التأملت 00
و قد حدثناك عن القراءة فى الكتاب المقدس 00و نضيف إلــى ذلــك
أيضا ً قراءة الكتب الروحية و سير القديســين ،الــتى تحتــاج منــا إلــى
شرح أوفر 0
***
إنما تذكر باستمرار أن التأمل يعودك العمق 0
ً ً
و يبعدك عن السطحية ،و يقدم لك غذاء روحيا نافعا لبنيانك الداخلى
،و يمنحك حكمة ،و يجعلك تتلمس مع عمل الله فيك 00
***
أعنى ما تمر بنا من أحداث يومية ،و ما تدل عليه مــن حكمــة اللــه و
تدبيره ،و تدخله و عنايته 00سواء فــى عالمنــا الحاضــر ،أو يــد اللــه
فى التاريخ 00إنه أمر يــدعو إلــى عميــق مــن التأمــل 0و ليــس مــن
صالحنا روحيا ً أن نمر مرورا ً عابرا ً على أحداث التاريــخ ،دون وقفــات
من التأمل 0
يد الله فيما حدث لريوس و ديوقلــديانوس و نيــرون 0يــد اللــه الــتى
كانت مع القديس أثناسيوس الذى وقف العالم كله ضده 0يد الله مع
يوستينا و كبريانوس الساحر 00يد الله التى كانت من الباء الســواح
فى وحدتهم ،والتى أرشدت بعض القديسين إلى معرفة أماكنهم ،و
كتابة سيرة كل منهم قبل انتقاله 00
***
يــد اللــه فــى التاريــخ الكنســى ،و فــى التاريــخ المــدنى ،و فــى
التقائهما ،و فى تدبير كل شئ للخير 00هل التاريخ هو مجرد علم و
أحداث ،أم فيه أيضا ً عبر و لهوت ؟ أعنى العمل اللهى فيه 0و هذا
يحتاج إلى تأمل 0
أليست يد الله مع قسطنطين الملك تدعو إلى التأمل ،و كيف قــادته
إلى إصدار مرسوم ميلن سنة 313م الذى كفل به الحرية الدينية ،و
صار نقطة تحول خطيرة فى تاريخ المسيحية و فى تاريــخ الضــطهاد
الدينى 0
***
هل نستطيع أن ننكر يد الله فى الحداث التى غيرت مصير روســيا و
التحاد السوفيتى ،وأثر ذلك فى القضاء على إلحاد استمر أكــثر مــن
سبعين عاما ً ،و انتهى بسرعة عجيبة غيــر متوقعــة ،ممــا يــدل علــى
تدخل يد الله فيه !00و هل يمكن أن يمر هذا الحدث علينا ،بــدون و
قفة تأمل تقوى اليمان بالله ،و بتدخله 00هو صانع العجائب وحده
إن فصــل التاريــخ عــن اللــه ،هــو عمــل غيــر روحــى ،أم الروحيــون
فيتأملون يد الله فى التاريخ 0ننتقل إلى موضوع آخر فــى التأمــل و
هو :
ســواء فــى الصــلوات الخاصــة ،أو صــلة القــداس اللهــى ،أو صــلة
المزامير ،أو فى الترانيم و التسبحة و كلما كان للمصلى تأمل سابق
فى المزامير و قطع و قطع الصلة ،علــى هــذا القــدر تكــون صــلته
أعمق و بفهم 00
ً
و أتذكر أننى أصرت لكم كتابا عن التأمل فى المزمور الثــالث ) مــن
صلة باكر( " يارب لماذا ؟!" 00و كتاب آخــر عــن المزمــور ) 19أول
مزامير الساعة الثالثة ( " يستجيب لك الرب فــى يــوم شــدتك " 00و
كتابا ً آخر عن تأملت فى بعض مزامير الغروب 00كمــا أصــدرت لكــم
كتابا ً عن التأملت فى صلة الشكر و المزمور الخمسين 0و أرجو أن
نتخذ باقى المزامير مجال ً لتأملتنا ،و تصدر لكم فيها كتب أخرى 00
***
***
ما كان الباء يتلون عبارات الصلوات بطريقــة ســطحية ســريعة ،بــل
كما قال ماراسحق عن صلواتهم
" من حلوة الكلمة فى أفواههم ،ما كللانوا يسللتطيعون بسللهولة أن يتركوهللا إلللى
كلمة أخرى "0
كانوا يصلون بفهم ،يغوصون إلى أعماق المعانى فى تأمل ،يعطــى
صــلواتهم روح ـا ً و حــرارة و عمق ـا ً 0و فــى هــذا تختلــط مشــاعرهم
بعبارات الصلة ،فتصدر الكلمات من قلــوبهم 0و ل يهتمــون بطــول
الصلوات أو بكثرتها ،و إنما بما فيها من تأمل و عمق 0و هكذا قــال
ماراسحق لمن يريد أن يسرع فى صلواته ليتلو أكبر عللدد مللن المزاميللر :إذا
حوربت بهذا ،فقل :أنا ما وقفت أمام الله لكى أعد ألفاظا ً 00
***
نفس الكلم نقوله أيضا ً عن الترتيل و التسبحة 00و بخاصة التراتيــل
التى لها روح الصلة 00مثل ترتيلة " مراحمك يا إلهــى كــثيرة جــدا ً "
00و مثل تسبحة " يا ربى يسوع المسيح ،مخلصى الصالح " 00حقا ً
إن الذين يسرعون فى صلواتهم و تسابيحهم ،إنما يفقــدون عمقهــا
و تأملتها 0و تتحول من كونها صلة ،لتصبح مجرد تلوة 000
إن لم تكن لك موهبة التأمل فــى الصــلة ،أنصــحك أن تقــرأ تـأملت
الباء فى الصلوات والمزاميــر 0و مـا أكثرهــا 00ننتقــل إلــى نقطــة
أخرى فى التأمل و هى :
و هذا ما تعلمنا الكنيسة إياه فــى صــلة النــوم ،إذ يقــول المصــلى "
هوذا أنا عتيد أن أقف أمام
الديان العادل مرعوبا ً من أجل كثرى خطاياى " " لو كان العمر دائما ،
ً
و هــذا العــالم مؤبــدا ً ،لكــان لــك يــا نفســى حجــة واضــحة 0لكــن إذا
انكشفت أعمال الرديئة و شرورك القبيحة أمام الديان العادل ،فــأى
جواب تجيبين ،و أنت على ســرير الخطايــا منطرحــة ،و فــى إخضــاع
الجسد متهاونة ؟! " 00
و فى صـلة نصـف الليـل ،توجهنـا الكنيسـة إلـى التأمـل فـى نهايـة
العالم ن و مجئ المسيح الثانى ،و مصير كل من العذارى الحكيمــات
و الجاهلت 00و إلى وجوب السهر الروحى 00
إن صفات الله – تبارك اسمه – موضوع عميــق للتأمــل ،يقــدمها لنــا
القداس الغريغورى ،و الطلبة الخيرة فى ختام كل صلة " ارحمنا يا
الله ثم ارحمنا " حيث نتأمل " إلهنا الصالح ،الطويــل الــروح ،الكــثير
الرحمة ،الجزيل التحنن ،الذى يحب الصديقين و يرحم الخطــاة " 00
كذلك نجد هذا التأمل فــى تســبحة الثلثــة تقديســات ،حيــث نقــول "
قــدوس قــدوس قــدوس 0الســماء و الرض مملوءتــان مــن مجــدك
القدس " ) أش 0 ( 6
و تأملتنا فى صفات الله تشــمل نــوعين :صــفاته مــن جهــة علقتنــا
بنا ،و صفاته الخاصة به وحــده كــإله 00مثــل الزلــى ،الــذى ل يحــد
الخالق ،الخالق القادر على كل شئ ،الموجود فــى كــل مكــان 00و
كلها مجال عميق للتأمل 00
إنه موضوع جميل و نافع جدا ً 0و تأمل سير القديســين غــذاء شــهى
للنفس ،لست أريد أن أمر عليــه فــى عجالــة ،بــل أحــب أخصــص لــه
موضوعا ً قائما ً بذاته ،إن شاء الرب و عشنا 0
ليــس الــدين معلومــات ،و ل مجــرد امتلء مــن المعرفــة الدينيــة 0
فالمعرفة وحدها ل تكفى 0ماذا يستفيد النسان إن كان يعــرف كــل
المعلومات عن الفضيلة دون أن يسلك فيها ؟!
إننا نقرأ الكثير ،و نستمع إلى الكثير 0و المهم ماذا نفعل ؟
فــى كــل قــداس ،نســتمع إلــى فصــل مــن النجيــل ،و قــراءات مــن
رسائل بولس الرسول ،و من الرسائل الجامعة ،و من ســفر أعمــال
الرســل 0و نســتمع أيض ـا ً إلــى ســير القديســين فــى السنكســار ،و
نســتمع إلــى عظــة 0و إن حضــرنا رفــع بخــور بــاكر ،و رفــع بخــور
عشية،نستمع إلى عظة 0و إن حضرنا رفع بخور بــاكر ،ورفــع بخــور
عشية ،نســتمع إلــى فصــول أخــرى مــن الكتــاب ،بالضــافة إلــى مــا
نقرؤه فى بيوتنا و فى الجتماعات الروحيــة 00ولكــن مــا تــأثير كــل
ذلك على حياتنا العملية ؟ هل اكتفينا الجتماعات الروحية 00و لكــن
ما تأثير كل ذلــك علــى حياتنــا العمليــة ؟ هــل اكتفينــا بالمعرفــة ؟ أم
اهتممنا بأن نحول تلك المعرفة إلى حياة ،حسب قول السيد المسيح
له المجد " الكلم الذى أقوله لكم هو روح و حياة " " ) يو 0( 63 : 6
كيف يكون ذلك التحويل :
***
بالتداريب الروحية ،تتحول المعرفة إلى ممارسة 0و تتحول المعلومات إلى عمل
0
كــذلك نلحــظ أن كــثيرين يــترددون علــى الكنيســة ،و يعــترفون و
يتناولون ،و ربما يخدمون أيضا ً 0و لكنهم مع ذلك لهم ضعفات ثابتــة
،تكاد تصل إلى مستوى الطباع ،مستمرة معهم علــى مــدى ســنوات
طويلة !! فلماذا ؟ 000لعل الســبب فــى ذلــك أنهــم لــم يضــعوا تلــك
الضعفات موضع الهتمام الخاص ،بأن يدربوا أنفسهم علــى تركهــا ،
و يلحظوا مدى تنفيذ التدريب 00
و بنفس السلوب نقول إن هناك كثيرين لهــم خطايــا يكررونهــا فــى
كـل اعـتراف 0اكتشـفوها ،و عرفوهـا ،و اعـترفوا بهـا 0و مـع ذلـك
استمروا فيها 0ذلك لنهم لم يدربوا أنفسهم عمليا ً على تركها 0
***
و من هنا كانت أهمية التدرايب الروحية :تدخل بها النسان فى مواجهة عملية مع
نفسه :إما لترك خطاياه ،أو لكتساب فضائل ،أو للنمو روحيا ً 00
يحــول بهــا المعرفــة الروحيــة إلــى حيــاة 0و كــذلك أيضـا ً يحــول بهــا
الشتياقات الروحية إلى حياة روحية
و فــى التــدريب العملــى :يعــرف حقيقــة نفســه ،و مــن أيــن يــأتيه
الخطأ ،أسبابه و مصادره 0و يدخل فى طريق المقاومــة 0و يعــرف
العقبات و أسلوب النتصار عليها 0و ل يقف عند حــد المعرفــة ،و ل
حتى عند حد العاطفة الدينية الداخلية 0
***
و فى التداريب يجاهد مع نفسه ،و مع الله 00
يستمع إلى توبيخ الرسول و هو يقول " لم تقــاوموا بعــد حــتى الــدم
مجاهدين ضد الخطية " ) عب 0 ( 4 : 12فيقاوم نفسه و يصارع 0و
فى ذات الوقت ل يعتمد على ذراعـه البشــرى ،إنمــا يمــزج التــداريب
بالصلة طالبا ً معونــة مــن فــوق ،حســب قــول الــرب لنــا " بــدونى ل
تقدرون أن تعملوا شيئا ً " ) يو 0 ( 5 : 15و فى ذلك كله يضع نفسه
و تداريبه تحت إشراف روحى من مرشــد حكيــم مختــبر ،لن الكتــاب
يقول " و على فهمك ل تعتمد " ) أم ( 5 : 3
***
و الكتاب المقدس يقدم لنا أمثلة من التداريب 0
هوذا القديس بولس الرسول يقول " تــدربت أن أشــبع و أن أجــوع 0
أن استفضل و أن أنقص " ) فى 0 ( 12 : 4و قال أيضا ً " قد صارت
لنا الحواس مدربة " ) عب 0(14 : 5
*قيل عن موسى النبى " و كان موسى حليما ً جــدا ً ،أكــثر مــن جميــع
الناس الذين على وجه الرض " ) عد 0 ( 3 : 12فهل تظنون أنه ولد
هكذا ؟! كل ،بل إنه بدأ حياته فى الخدمة شديدا ً عنيف ـا ً ،حينمــا قتــل
الرجل المصرى و طمره فى الرمل ) خر 0 ( 12 : 2و لكن الله أخذه
على البرية ،و دربه فى عمل الرعى على اللطف و الهدوء و الوداعة
،على مدى أربعين عاما ً ،حتى وصل إلى ما وصل إليه 00
*هل تظنوا أن يوحنا الحبيب بدأ حياته هكذا بما عرف عنه مــن حــب ،
حتى أنه قال " الله محبة 0من يثبت فى المحبة ،يثبت فى الله ـــ و
الله فيه " ) 1يو 0 ( 16 :4كل 0بل كان هو وأخوة يعقوب شديدين ،
تربيا فى مدرسة يوحنا المعمدان الشديد ،الذى كان يوبخ فى عنف )
مت 0 (11– 7 : 3و قد لقبها الرب " بوانرجس " أى " أبنى الرعد " )
مر 0 ( 17 : 3
و هما اللذان لما رفضت إحدى قرى السامريين أن تقبــل الــرب ،لن
وجهه كان متجها ً نحو أورشليم ،قال لــه " أتريــد يــا رب أن تقــول أن
تنزل نار من السماء فتفنيهــم كمــا فعــل إيليــا أيض ـا ً ؟ " 0فانتهرهــا
الــرب و قــال لهمــا " لســتما تعلمــان مــن أى روح |أنتمــا 0لن ابــن
النسان لم يأت ليهلك أنفس الناس ،بل ليخلص " ) لو (56-52 : 9
و لكن الرب أخذ يدرب ابن الرعد ،حتى تحول إلى شعلة من حب 0و
بدايته لم تكن هكذا 0
***
كذلك القديسون لم يصلوا إللى درجلاتهم العاليلة دفعلة واحلدة ،بلل تلدربوا حلتى
وصلوا 0
تدربوا بجهاد و تعب ،وعلى مدى زمنى 0فل يجوز أن نأخــذ مــا كتــب
عن قممهم الروحية كأنه نقط بدء !! و ل نبدأ نحــن بمــا وصــلوا إليــه
فى نهاية جهادهم ،بل نتدرج 0
*أرسانيوس العظيم ،فى بدء رهبنته ،كان يخطئ فى طريقة تنقيــة
الفول التى يعرفها ذلك المصرى المى ،حتى أخذ درسا ً وقال " هــذا
القلم على خدك يـا ارسـانى " و بالتـدريب و المـدى الزمنـى ،وصـل
إلى ما وصل إليه من قداسة 0
*و موســى الســود الــذى شــاده أحــد البــاء فــى رؤيــاء ،و الملئكــة
يطعمونه شهد العسل ،لم يصل إلى حياة المحبة و الخدمة و الوداعة
و إضافة الغرباء دفعة واحدة ،بل حينما بــدأ كــان منظــره مخيفـا ً 0و
ظل القديس إيسيذورس يدربه ،حتى وصل إلــى مــا وصــل إليــه مــن
قداسة و احتمال 0
***
ً
حتى فى مجال الخدمة ،درب الرب تلميذه أيضا 000
أرسلهم فى تدريب عملى 0ورجعوا إليه فعرضوا نتائج خــدمتهم 0و
كانوا فرحين لن الشــياطين تخضــع لهــم باســمه!! فصــحح لهــم هــذا
الخطــأ ،قــال لهــم " ل تفرحــوا بهــذا 00بــل افرحــوا بــالحرى أن
أسماءكم قد كتبت فى السموات " ) لو 0(20-17 : 10
كذلك دربهم على أمـر آخـر ،و هـو عـدم الهتمــام بمــن يكـون الول
فيهم 0و قال لهــم " ل يكــون هكــذا فيكــم 0بــل مــن أراد أن يكــون
فيكم عظيما ً ،فليكن لكم خادما ً 0و من أراد أن يكون فيكم عظيمـا ً ،
فليكن عظيما ً ،فليكن لكم خادما ً 0و مــن أراد أن يكــون فيكــم أول ً ،
فليكن لكم عبدا ً 0كما أن ابن النسان لم يـأت ليخـدم ،بـل ليخـدم و
يبذل نفسه فدية عن كثيرين " ) مت 0 ( 28 – 26 : 20
لهذا كله ،ينبغى علينا أل نكتفى بالمعرفة الدينية ،بل نهتم بللالكثر بالعمللل ،مللدر
بين أنفسنا على تنفيذ الوصايا 0
إن الرب بعد أن ألقى العظة على الجبل ،ختمهــا بقــوله " :كــل مــن
يسمع أقوالى هذه و يعمل بها ،أشبهه برجل عاقــل بنــى بيتــه علــى
الصخر 00و كل من يسمع أقوالى هذه و ل يعمل بهـا ،يشــبه برجــل
جاهل بنى بيته على الرمل " ) مت 0 ( 26 – 24 : 7
و هكذا ركز الهمية على العمل به\ما نسمع 0و أكد هذا بقـوله أيضـا ً
" و ليس كل من يقول لى يا رب يارب يدخل ملكوت الســموات ،بــل
الذى يعمل إرادة أبى الذى فى السموات " ) مت 0 ( 21 : 7و هكذا
يصلى الكاهن فى أوشية النجيل " اجعلنا مستحقين كلنا يا سيدنا أن
نسمع و نعمل بأناجيلك المقدسة بطلبات قديســيك" 0إذن فلنتــدرب
لكى نعمل بوصاياه و تعليم النجيل 0
التداريب الروحيللة تللدل علللى أن صللاحبها سللهران علللى خلص نفسلله 0يكتشللف
أخطاءه و تقائصه ،و يتدرب على تفاديها 0
لبد إذن أن تكتشف أخطاءك ،أو الخطاء التى يكشفها لك غيــرك 0
لنه بدون اكتشاف أخطائك ،ل يمكنك أن تدري نفسك علــى تركهــا ،
إذ " ل يحتاج الصحاء إلى طبيب بل المرضى " ) مت 0 ( 12 : 9فل
تتضايق إذن ممن يظهر لك عيبا ً فيك اســتفد مــن هــذا الكشــف لكــى
تتدرب على التخلـص مـن ذلـك العيـب 00بـل أنـت نفسـك حـاول أن
تفحص نفسك جيدا ً فى ضوء وصايا الله لتكشف عيوبك 0
***
و أحذر من تبرير النفس و التماس العذار لخطائك 0
فالذى يبرر نفسه ،يبقى دائما ً حيث هــو ،ل يصــلح مــن ذاتــه شــيئا ،
ً
لن ذاته جميلة فى عينيه بل عيب !! أم الذى يحاسب نفسه بدقــة ،و
ل يعذر نفسه مطلقا ً مهما كانت الظروف ،فهذا هــو الشــخص الــذى
يمكنه أن يتخلص من عيوبه ،معترفا ً أمام ذاته بنقائصه 0
***
إن كنت تستحى من أن يكشف لك الغير خطأ فيك ،فلشللك أنللك ل تسللتحى مللن
نفسك بنفس القدر!!
ً
فاجلس إلى ذاتك ،وكن صريحا من نفسك إلى أبعد الحــدود و حــاول
أن تطــرق نقــط الضــعف الــتى فيــك ،و الــتى تكشــفها لــك القــراءة
الروحية ،أو تدركها من سماعك لبعض العظات التى تشعر أنها تمس
حياتك 0
***
ولو أنك دربت نفسك كل أســبوع ،أو حــتى كــل شــهر علــى مقاومــة
نقطة ضعف واحدة ،لمكنك فى عام واحد أ ،تتخلــص مــن 12نقطــة
ضعف 0و ثق أن الخطايــا يرتبــط بعضــها بــالبعض الخــر 0بحيــث أن
تخلصك من خطية معينة ،قد يخلصك من خطايا أخرى عديدة 0
***
كما أن تدربك على فضيلة معينة ،و بخاصــة لــو كــانت مــن الفضــائل
المهات ،ستقودك إلى فضائل أخرى ما كنت قد وضعتها فى تدريبك
0فالفضائل أيض ـا ً مرتبطــة ببعضــها البعــض ،كحلقــات فــى سلســلة
واحدة 0
وسأعطيك مثال ً هنا لرتباط الفضائل 0
لنفرض أنك دربت نفسك يوما ً على الخلوة ،ستجد نفسك محتاج ـا ً أن
تشغل نفسك أثناء الخلوة حتى ل تمل 0و هكذا ستلجأ إلــى القــراءة
حينا ً ،و إلى الصلة حينــا آخــر ،أو إلــى الترتيــل ،أو الحفـظ :حفــظ
مزامير أو قطع من الجبية أو آيات من النجيل 0وربما يــدعوك هــذا
إلى التأمل فى هذه اليات 00و هكذا تجد أن تدريبا ً على الخلـوة جــر
وراءه فضـائل عديــدة 00أو مثل ً دربـت نفسـك يومـا ً علـى الصـمت ،
ستجد نفسك محتاجا ً بالضرورة إلى أن تشغل ذهنك بشئ نافع ،حتى
ل تســرح فيمــا ل يليــق 0و هكــذا ســيقودك الصــمت إلــى الصــلة أو
التأمل ،أو تشغل نفسك بالقراءة 00تدريب واحد يجر وراءه تداريب
عديدة
المعترف إذن لبد أن يشعر أنه أخطللأ 0و لبللد أن ينللدم علللى خطيئتلله و ينسللحق
قلبه بسببها 0
داود النبى كان من فرط ندمه ،كــان يبكــى بمــرارة علــى خطيتــه ،و
بدموعه يبل فراشه " ) مز 0 ( 6و كان يرى أن خطيئته تحتــاج إلــى
غسيل و تطهير ،فيقول للــرب " إغســلنى كــثيرا ً مــن إثمــى ،و مــن
خطيئتى طهرنى " " إنضح على بزوفاك فأطهر ) " 00مز 0 ( 50
كــثيرون يــأتون إلــى العــتراف بغيــر نــدم ،و بغيــر شــعور بالخجــل و
الخزى و العار من خطاياهم 0و لذلك ل يستفيدون مــن اعــترافهم 0
و يصبح اعترافهم مجرد كلم بغير روح !! أما أنت فبقدر تدمك تكــون
توبتك ،و تكون استفادتك من العتراف 0
***
و مع الندم يوجد عزم أكيد على تغيير حالتك 0
إصرارعلى ترك الماضى الخاطئ ،و غلق كــل الســبل الموصــلة إلــى
الخطية 0لن العتراف ليس معناه التخلص من حساب قــديم ،لفتــح
حساب جديد إنما هو قطع كـل صـلة بالخطيـة ،متعرفـا ً بأنهـا طريــق
خاطئ يمنع الحياة مع الله و سكنى روحه فى القلب 0
***
كذلك ينبغى أن يوقن المعترف أنه قد أخطأ ضد الله نفسه 00
فالخطية هى عصيان لله و كســر لوصــاياه 0هــى تمــرد علــى اللــه و
ثورة عليه ،و تفضيل محبة العالم و المادة و الجسد على محبــة اللــه
0و كما قال القديس يعقوب الرسول " :أما تعلمون أن محبة العالم
عداوة لله ؟! فمن أراد أن يكون محبا ً للعالم ،فليست فيه محبة الب
" ) 1يو 0 ( 15 : 2إذن الخطية ضد محبة الله 0و فى نفس الوقت
هى رفض للشركة مــع روحــه القــدس ،لنــه " أيــة شــركة للنــور مــع
الظلمة ؟! " ) 2كو 00( 14 : 6و لن الخطية ضـد اللـه ،إذن فهـى
غير محدودة لن الله غير محدود 00
***
لهذا نرى داود النبى يقول للرب " لك وحدك أخطأت ،و الشر قدامك
صنعت " ) مز 0 ( 50و لم يقل أخطأت إلى أوريا و بتشبع زوجته 00
كذلك لما عرضت الخطية على يوسف الصديق ،رفضها قــائل ً " كيــف
أصنع هذا الشر العظيم ،و أخطئ إلى الله ؟! " ) تك 00 ( 39 : 39
ضع هذا إذن فى ذهنك ،و أنت تعرف أنك أخطأت إلى الله 0
***
كذلك ليس العتراف مجرد علقة بينك و بين أب العتراف 0إنمللا قبللل كللل شللئ
هو علقة مع الله 00
إنك تعترف إلى اللــه فــى ســمع الكــاهن ،كمــا قــال يشـوع بـن نــون
لغجان " يا ابنى اعط مجدا ً للرب 00إعتراف لــه و أخــبرنى الن مــاذا
فعلت ) "00يش 00 ( 19 : 7كذلك فى التحليل ،أنت تأخذ حل ً من
الله مــن فــم الكــاهن 0بهــذا تشــعر بوجــود اللــه أثنــاء العــتراف ،و
تستفيد روحيا ً من اعترافك 0كثيرون ينسون الوجود فى حضرة اللــه
أثنــاء العــتراف 0فتضــيع هيبــة العــتراف ،و ل يســتفيدون الفــائدة
المرجوة 0
***
كذلك هناك نقطة هامة فى الستفادة من العتراف ،هى معرفة معنى المغفرة و
كيف تتم 0
كان الشخص الذى يخطئ ،يأتى بذبيحة عن إثمه أو خطيئته ،و يضــع
يده على رأس الذبيحة ،و يقر بخطاياه ) ل 0 ( 5 : 5و كان يــدرك
تماما ً أن هذه الذبيحة تموت بدل ً منــه 0هــو يســتحق المــوت ،و لكــن
ذلك الحمل المذبوح يموت عنه 0و كان وضع يده يــدل علــى أمريــن :
أنه قبل أن تنوب هذه الذبيحة عنه 0و أنـه يوضـع يـده عليهـا ،تنقـل
الخطية منه إليها ،هذه الخطية التى يقربها أمــام الكــاهن 00فكيــف
نطبق هذه المر فى سر العــتراف ؟ معنــاه أن الخطيــة تنتقــل منــك
إلى حساب المسيح ليمحوها بدمه 00
***
إذن اعترافك بخطيتك ،معناه أنك تطلب أن يحملها المسيح بدل ً منللك تنتقللل منللك
إليه ،فيحملها عنك 0
هنا تحس جيدا ً و تدرك ما معنى المغفرة 0ليس معناها أن قد تنازل
عن حقه 0فالعــدل اللهــى لبــد أن يســتوفى 0و كيــف ذلــك ؟ بــأن
يحمل المسيح خطيئتك و يمحوها بدمه 0و هذا ما قيل بسفر اشعياء
النبى " كلنا كغنم ضللنا ،و الرب قد وضع عليه إثم جميعنــا " " و هــو
مجروح لجل معاصينا 0مسحوق لجل آثامنا " ) أش 00 ( 5 ، 6 : 53
بهـذا الفهـم السـليم ،تكـون مشـاعرك نحـو العـتراف و خطـورته و
المغفرة وكيفيتها 00
***
هنا ل ينفصل العتراف عن المسيح ودمه 00
و كأنك تقول للب الكاهن :جئتك يا أبى ،لكى تأخــذ دنســى كلــه ،و
تنقله إلى رأس المسيح ،ليحمله عنى :كل دنــس الفكــر و القلــب و
اللسان ،و دنس الجسد أيضا ً 00كل خطاياى بل اســتثناء 0هــى إذن
عمليه نقل ،و بدون هذا النقــل ل تتــم مغفــرة و هكــذا لمــا اعــتراف
داود أنه أخطأ ،قال له ناثان " و الرب أيضا ً قد نقل عنك خطيتك ،ل
تموت " ) 2صم 0 ( 13 : 12نقلها إلى أين ؟ إلى حساب المسيح 0و
لماذا ل تموت ؟ لنه سيموت عنك 0
هذه هى الطريقة الوحيدة للمغفرة 0لنه بــدون ســفك دم ل تحصــل
مغفرة ) عب 0 (22 : 9الله يسمع خطاياك التى تعترف بها له فى
سمع الكاهن 0و ينقلها إلى حساب ابنه الوحيد الــذى أرســله كفــارة
لخطايانا " ) 1يو " 00 ( 10 : 4ودم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من
كل خطية " ) 1يو 0 ( 7 : 1
***
إذن ضع دم المسيح أمامك فى كل اعتراف 0و إن خجلت إخجل منه هو 00
أخجل من هذا الكلى الطهر الذى يحمل نجاستك 0هذا القدوس الذى
بل خطية وحده 0الذى لم يعرف خطية ،و لكنه جعل خطيــة لجلنــا ،
لنصير نحن بر الله فيه ) 2كو 0 ( 21 : 5هذا الخجل الحقيقى بفهمه
اللهوتى ،هو الذى يجعلك تخجل من ارتكاب الخطية مــرة أخــرى 00
و ليـس مجـرد خجلـك مـن الب الكـاهن و هـو يسـمع خطايـاك 0بـل
خجلك من البن القدوس و هو حامل لخطاياك 0
***
على أن حمل المسيح لخطاياك ،يلزمه منك أمران :اليمان و التوبة 00
اليمان به فى فدائه العجيب الذى قدمه لخلصــك 0و عــن هــذا قــال
الكتاب " هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكى ل يهلك كل
من يؤمن به ،بل تكون له الحياة البدية " ) يو 00 ( 16 : 3كل يؤمن
به 00
أما عن التوبة اللزمة لك لستحقاق المغفرة ،فقد قال عنها الرب "
إن لم تتوبوا ،فجميعكم كذلك تهلكون " ) لو 0 ( 5 ، 3 : 13
أتظن العتراف بدون إيمان و توبة ،يمكنه أن يخلصــك ؟ كل 0أمــزج
اعترافك إذن بالندم و التوبة و العزيمة الصادقة على تغيير مسلكك 0
وبهذا تستحق دم المسيح الذى يطهرك من كل خطية 0و بهذا تخــرج
ن اعترافك مغسول ً بالدم الكريم 00
***
و لكن لعل البعض يسأل الرب ،كما حدث فى أيام أشعياء النــبى ،و
يقول :
لماذا صمنا و لم تنظر؟أذلنا أنفسنا و لم تلحظ ؟ ) أش 0 ( 3 : 58
و يجيبك الرب كما أجاب أولئك و قال لهم " :أمثل هذا يكــون صــوما ً
أختاره ؟!" ) أش 0 ( 5 : 58
***
ً
إعلم يا أخى أنه ليس كل صوم مقبول أمام اللــه 0فالفريســى الــذى
كان يصوم يومين فى السبوع ،لم يخرج من الهيكل مبررا ً كما خــرج
العشار ) لو 0 ( 14، 12 : 18و كذلك الصوم البعيد عن التوبة ،مثل
صوم أولئك الخطاة أيام ارمياء النبى الذين قال عنهــم الــرب " حيــن
يصــومون ل أســمع صــراخهم ،و حيــن يصــعدون محرقــة و تقدمــة ل
أقبلهم " ) أر 0 ( 12 ، 11 : 14و كذلك أيضا ً صوم المرائين ،الذين
يظهرون الناس صائمين ) مت 0 ( 18 – 16 : 6
***
فل تقل إذن ،صمت و لم أستفد روحيا ً !!
إن حدث ذلك ،فربما تكون أصوامك غير روحية 0أو أنك تصوم و فى
نفس الوقت تحيا فى الخطية !! إذن علينا أن نعرف كيف نصــوم ؟ و
ما هو المعنى الحقيقى للصوم ؟ و كيف نستفيد منه روحيا ً ؟
***
كثير من الناس يهتمون فى الصوم بشكلياته ،أو أنهم يفهمونه على
أنه مجرد الطعام النباتى !! أو أنهم ل يهتمون بالجانب الروحى خلل
الصوم !! لهؤلء أقول :أن تعريف الصـوم مـن جهـة الجسـد هـو أنـه
المتناع عن الطعام فترة معينة من الوقت ،يعقبها طعــام خــال مــن
الدسم الحيوانى 0
***
فهل تمارس هذا النقطاع عن الطعام و الشراب ؟ و هللل تصللل فيلله إلللى مرحلللة
الجوع و تحتملها 0
هذا هو التدريب الول ،أعنى الجوع 00لقــد قيــل عــن صــوم الســيد
المسيح إنه " جاع أخيرا ً " ) مت ) ( 2 : 4لو 0 ( 2 : 4و قال القديس
بــولس الرســول عــن صــومه مــع زملئه " فــى جــوع و عطــش ،فــى
أصوام مرارا ً كثيرة " ) 2كو 0 ( 27 : 11وورد عن صــوم القــديس
بطرس الرسول إنه " جاع كثيرا ً و اشتهى أن يأكل " ) أع ( 10 : 10
0فهل تختبر الجوع فى صومك ؟
عندما تجوع تشعر بضعفك ،فل تفتر بقوتك ،بل تلجأ إلــى قــوة اللــه
لتسندك 0و عندما تجوع و تحتمل الجوع ،تكتسب فضيلة الحتمال و
ضبط النفس 0لذلك ل تأكل كلما جعــت أثنــاء الصــوم ،إنمــا أصــبر و
احتمل 0وخذ بركة الحساس بالجوع و احتماله و الصبر عليه و أيضــا ً
عندما تجوع تشعر بألم الفقراء الذين ليس لديهم ما يأكلونه ،فتشق
عليهم و تعطيهم 00هذا من جهة فترة النقطاع فى الصوم 0
***
نصيحة أخرى ،و هى أن تبعد عما تشتهيه 00
ً ً
تذكر قول دانيال النبى عن صومه " لم آكل طعاما شهيا ،و لم يدخل
فمى لحم و ل خمر " ) دا 00 ( 3 : 10أقول ذلك لن كثيرين يأكلون
مشتهيات كثيرة مــن الطعــام النبــاتى ،و يلتــذون بهــا 0و بالتــالى ل
يشعرون حقا ً أنهم صائمون ،و ل يستفيدون وقتذاك من صومهم ،و
بخاصة إن كانت لهم أم زوجة تتفنن فى صنع الطعــام ) الصــيامى ( ،
و تجعله أشهى من الطعمة الحيوانية 0
و لذلك أضع أمامك هنا ملحظتين فى صومك :الولى أنــك ل تطلــب
أصنافا ً معينــة تلــذ لــك 0و الثانيــة أنــه لــو وضــعت أمامــك مثــل هــذه
الصناف المشتهاة – دون أن تطلب – ل تمل شهوتك منها 0خذ قليل ً
و اترك الباقى ،و اضبط نفسك 0أو اخلط أصنافا ً بأصناف ،و بحيث
تفقد حدة حلوتها و لذة مذاقها 00
ليتك تتدرج فى الصوم ،حتى تصل ليس فقط إلى الجسد الجائع ،بل إلى الجسللد
الزاهد 0
بحيث يزهـد جســدك هـذه المتــع الـتى تقـدمها الطعمـة 0إن عنصـر
المنع يبدأ أول ً 0و لكنك حينما تدرب نفســك عليــه وتعتــاده ،حينئذ ل
تبذل مجهودا ً لتمنع نفسك ،لنــك تكــون قــد زهــدت هــذا النــى كنــت
تشــتهيه أول ً ،و تمنــع نفســك عنــه 0وهــذا الزهــد فــى الطعمــة و
المشروبات يتطور معك حتى تزهد فى ملذ أخرى كــثيرة ،مثــل متــع
الحواس مثل ً ،شهوات الجسد المتعــددة 00و حينئذ يرتفــع مســتواك
الروحى 00
***
و يدخل عنصر المنع فى مجالت عديدة 0
فكما تتدرب على منع فمك عن الطعام و الشــراب ،تتـدرج إلـى منــع
لسانك عن الكلم البطال وعن الفكــار الباطلــة و الخــاطئة 0وتمنــع
قلبك عن كل شــعور خــاطئ ،وعــن كــل الشــهوات و العواطـف غيــر
النقية 0و تتدرج هكذا من صوم الفم إلى صوم اللســان ،إلــى صــوم
الفكر ،إلى صوم القلب 0
***
ول يكون لك فقط جسد صائم ،وإنما أيضا ً نفس صائمة 00
ويصبح الصوم مجرد تعبير عــن حالــة النقــاوة الداخليــة الــتى وصــلت
إليها 0و يكــون الصــوم عبــارة عــن فــترة روحيــة تحياهــا 00وبكــثرة
الممارسة تتعودها ،و تصبح فضائلها بالنسبة إليك هى منهج حياة
أعنى أن ما تســتفيده روحي ـا ً أثنــاء صــومك ،ل نفقــده حينمــا ينتهــى
الصوم و تفطر ،بل يستمر معك 0حقا ً إنــه قــد تغيــر نــوع طعامــك ،
ولكن لم تتغير الفضائل التى اقتنيتها أثناء الصوم 00
***
وهنا تفرق بين الفطار و التسيب 0
لن كثيرين يضبطون أنفسـهم أثنــاء الصــوم 0فـاذا مـا انتهـى وحــل
العيــد ،يفقــدون كــل مــا قــد اقتنــوه ،و يظنــون أن الفطــار يعنــى
التسيب وعدم ضــبط النفــس !! لــذلك فالنســان الــذى يتخــذ الصــوم
كواسطة روحية ،هو النسـان الـذى يحتفـظ فـى قلبـه وفـى نفسـه
وفى إرادته ،بكل ما قد اقتناه أثناء الصوم فتستمر الفائدة معه 0و
إن كان الصوم قد ساعده على التخلص مـن عـادة رديئة أو مـن عـادة
معينة ،ل يعود إلى ذلك مرة أخرى حينما يفطر 0
ولكــى يســتفيد النســان مــن الصــوم ،و لكــى يــدخل إلــى روحانيــة
الصوم ،و يصير الصوم فضيلة لروحه و ليس لجسده فقط :
عليه أن يخلط صومه بفضائل معينة تناسب الصوم و تتمشى معه 0
*فالصوم لبد أن تصحبه الصلة 0لماذا ؟ لننا نصوم ليس فقط لكى
نقهر الجسد و نستعبده ) 1كو ، ( 27 : 9بل لكى نعطى للروح أيضا ً
فرصة تتغذى فيهــا بكــل الغديــة الروحيــة النافعــة لهــا :بالصــلة ،و
القــراءة الروحيــة ،و التأمــل ،و محبـة اللـه 0و فـى قســمة الصـوم
المقدس فى القداس اللهى نكرر عبــارة " بالصــوم و الصــلة "00و
يقينا ً أن الـروح إذا أخــذت غـذاءها ،تســتطيع أن تحمــل الجســد أثنــاء
صومه فل يتعب 0وهذا نلحظه فــى إســبوع اللم ،إذ ل نشــعر أبــدأ
بثقل الصوم لن الروح تتغذى خلله بالقراءات و اللحان و الــذكريات
المقدسة 0و هكذا نستطيع أن نقول عن الصوم الروحى :
***
*الصوم أيضا ً لبد أن يرتبط بالتوبة 0
لن المهم فـى الروحيـات هــو القلـب النقـى ،وليــس مجــرد الجسـد
الجائع 0و أيضا ً لكى يقبل الله صومنا ،ولكى نشعر أننا استفدنا مــن
الصوم 0
و هكذا يقول لنا الوحى اللهــى فــى ســفر يوئيــل " قدســوا صــوما ً ،
نادوا باعتكاف " ) يؤ 0 ( 15 : 2فالصـوم إذن هــو فــترة مقدسـة 0
وكيف تكون مقدسة بدون توبة ؟! وما نحصل عليه من مشاعر التوبة
أثناء الصوم ،يجب أن يستمر معنا 0
***
*الصوم أيضا ً يصحبه التذلل أمام الله 0
و هكذا قال داود النبى " أذللت بالصوم نفسى " ) مز 0 ( 13 : 35و
فى صوم أهل نينوى ،جلسوا على المســوح و الرمــاد ) يــون 0 (3و
كما ينسحق الجسد بالصوم ،كذلك ينبغى أن تنسحق الروح 0و لــذلك
فإن الصوام تصحب بالمطانيات 0
ً
و ل تكتفى فيها بأن ينحنى جسدك ،إنمـا تنحنــى روحــك أيضـا ،كمــا
قال داود النبى " لصقت بالتراب نفسه " ) مز (119و لم يقل فقــط
" لصقت بالتراب رأسى" 00
و فى هذا التذلل ،تطلب النفس من اللــه رحمــة ،لهــا و لغيرهــا 0و
أيضا ً تعترف بخطاياها و تطلــب مغفــرة 0وكمــا قــال يوئيــل النــبى "
مزقوا قلوبكم ل ثيابكم 0و ارجعوا إلى الرب إلهكم " ) يوء ( 13 : 2
0
***
*الصوم أيضا ً تصحبه الصدقة 0
فالنسان الذى يطلــب رحمــة مــن اللــه فــى فــترة الصــوم ،عليــه أن
يرحم غيره و يعطيه
من العبارات الجميلة الــتى وردت فــى هــذا الموضــوع ،قــول بــولس
الرسول لرعاة كنيســة أفســس :متــذكرين كلمــات الــرب يســوع أنــه
قال :مغبوط هو العطاء أكثر من الخذ ) أع 0 ( 35 : 20
فلماذا طوب الرب العطاء ؟ لشك لسباب كثيرة :
فـى العطـاء تشـرك الغيــر فـى الـذى لــك ،بـل بـالحرى تشــرك اللـه
نفسهفى أموالك 0ليس فقط حينمــا تعطــى للكنيســة ،إنمــا حينمــا
تعطـــى للمحتـــاجين أيضـــا ً 0ألـــم يقـــل الـــرب " 00لنـــى جعـــت
فــأطعمتمونى ،عطشــت فســقيتمونى 0كنــت غريبــا ً فــآويتمونى ،
عريانا ً فكسوتمونى ،مريضا ً فزرتمونى " 00و شرح ذلــك فــى قــوله
عن كل هؤلء المحتاجين " :بما أنكم فعلتموه بأحللد أخللوتى هللؤلء الصللاغر ،
فبى قد فعلتم " ) مت ( 40 – 35 : 25
إذن ما تعطيه لحد من المحتاجين ،إنما تعطية للرب نفســه 0ســواء
كــان طعامـا ً لجوعــان ،أو كســاء لعريــان 00أو مجــرد زيــارة تزورهــا
لمريض أو لسجين 00هذه الزيارة هى أيضا ً لون من العطــاء ،تعطــى
فيه حبا ً و مشاركة وجدانية ،عطاء للنفس و ليس للجسد 00
***
العطاء إذن هو خروج من الذات للشركة مع الخرين 0
النسان المنطوى على ذاته ،يبعد عن الغير ،ل يأخذ و ل يعطــى 0و
النســان النــانى يحــب دائمــا ً أن يأخــذ ل أن نعطــى 0و النســان
الجتماعى يأخذ من الناس و يعطى 0أمــا النســان المحــب البــاذل ،
فهو الذى دائما ً يعطى 0هو الذى يفضل غيره على نفسه 000
يأخذ دائما ً من نفسه ،لكى يعطى لغيره 0
و من هنا كانت فضيلة العطاء تمتزج على الدوام بإنكار الذات 0فيها
تكــون الــذات فــى المتكــأ الخيــر ،بينمــا الولويــة للغيــر 0ل يفكــر
النسان فى احتياجاته الشخصية ولــوازمه ،إنمــا يفضــل غيــره علــى
نفسه 0و هكذا فعلت أرملة صرفة صيدا فــى أيــام المجاعــة ،حينمــا
قدمت ليليا النبى حفنة الدقيق التى عندها ،و القليل مما فــى كــوز
الزيت ،لهذا بارك الله بيتها بركة عظيمة ) 1مل (19-11 : 7
***
و بالمثل فعلت الرملة التى دفعت فلسين فــى الصــندوق ،فطوبهــا
الرب أكثر من كل الذين أعطوا 0لماذا ؟ "لنها من أعوازها أعطللت" ) لللو
0 ( 4 : 21
و ليــس فقــط أعطــت مــن أعوازهــا ،بــل أنهــا أيض ـا ً " أعطيــت كــل
معيشتها " ،كل الذى لها 0و هنا نرى نفس القاعدة التى ذكرناهــا و
هى تفضيل الذات 00يعيش غيــرى ،ولــو أمــوت أنـا 0يســتوفى هــو
حاجته ،أو أساهم فى سد احتياجاته ،مهما كنت أنا محتاج ـا ً 0و فــى
تطويب الرب لهذه الرملة ،و نلمح قاعــدة هامــة هــى :إن الللله ينظللر
عمق العطاء ل إلى مقداره 0
ومن مظاهر هذا العمق ،ارتباط العطاء بالحب 0فتحــب أن تعطــى ،
و تحب الذى تعطيه 0ولذلك فالعطاء الذى يفيدك روحي ـا ً ،هــو الــذى
تعطية ،ل عن ضجر و ل تذمر و ل اضطرار ،بل بكل مشاعر الرضا و
الفرح 0و كما قال الكتاب " :المعطى المسرور و يحبه الله " ) 2كو ( 7 :9
فــأنت تحــب النســان المحتــاج 0و بــدافع المحبــة تعطيــة 0و تظهــر
محبتك فى طريقة تعاملك و أنت تعطى 0و يحــس المحتــاج بمحبتــك
فيفرح بها أكثر من فرحه بما يأخذه 0إنه يأخذ منك مشــاعر قبــل أن
يأخــذ ماديــات 0و يحــس أن عطــاءك ليــس لونــا ً مــن المظــاهر أو
الرسميات ،بل هو عاطفة و مشاركة ،أنت أيضا ً ل تكون أقــل فرح ـا ً
منه و أنت تعطيه 0كـالم الـتى تفـرح و هـى تعطـى ل بنهـا ،فرحـا ً
سابقا ً للعطاء ،و مصاحبا ً له ،و فرحا ً بفرح ابنها و هو يأخذ 0
ولنا مثال كتابى ،بفرح الشعب حينما كان يعطى لبناء الهيكل ايام داود النبى 0
وفى ذلك يقول الكتاب " وفرح الشعب بانتدابهم ،لنهم بقلب كامل
انتدبوا للرب ) دفعوا بإرادتهم (
وداود الملك فرح فرحا ً عظيما ً 0و بـارك الــرب أمــام كــل الجماعــة و
قــال " ولكــن مــن أنــا و مــن هــو شــعبى ،حــتى نســتطيع أن نتتــدب
هكذا ؟! لن منك الجميع ،ومن يدك أعطينــاك " " أيهــا الــرب إلهنــا ،
كل هذه الثروة التى هيأناها لنبنى لك بيتا ً 00إنما هى مــن مــن يــدك
ولك الكل " ) 1أى 0 ( 16 ، 14 ، 9 : 29
***
جميلة هذه العبارة " من يدك أعطيناك "0
نحن ل نملك شيئا ً 0كل منا يقــول مــا قــاله أيــوب الصــديق " عريان ـا ً
خرجت من بطن أمى " ) أى 0 ( 21 : 1و كل ما نملكه حاليا ً ،نقول
فيه أيضا ً مع أيوب " الرب أعطى " 0نقول للرب مــع داود " هــو مــن
يدك ،ولك الكل "0لذلك حسنا ً أننا فى كل عطاء نقدمه للرب ،نقول
له فيه " من يدك أعطيناك "0
***
حقا ً ،إنه تواضع من الله الغنى ،أن يأخذ منا " 0
إنه يعطينا فرصة نعـبر فيهــا عـن مشــاعرنا 0تمامـا ً مثـل الب الــذى
يقبل هدية من أبنه ،يعبر بها البن عن محبته لبيه ،بينما ثمــن هــذه
الهدية هو أيضا ً مــن مــال أبيــه ،و كــأنه يقــول لــه كــذلك " مــن يــدك
أعطيناك " 00الله الغنى ،مصــدر كــل غنــى ،الــذى لــه الرض و مــا
عليها " ) مز ( 1 : 24الله الذى يشبع كل حى من رضاه ،من محبته
يحب أن يشركنا معه فى العناية لبيته و بأولده ،و يكافئنا علـى ذلـك
00
***
يعطينا ما نعطية ،يكافئنا حينما نعطى 00وفى كل ذلك يدربنا على العطاء 0
يعطينا الحياة و الوجود 0ثم يقول لنا :فى كل أسـبوع حيـاة أعطيـة
لكم ،إعطونى منه يوما ً يسمى " يــوم الــرب " 00و أعطيكــم مــال ً 0
وفى كل ما أعطيه لكم من مال ،اعطونى العشر 00وفى كــل ذلــك
نقول له :يا رب من يدك أعطيناك 00أنت هـو المعطــى لنــا ،ولمــن
نعطيهم 0و أنت أيضا ً الذى تعطينا محبة العطاء 0
***
أعطني صحة وقوة ،و أنا أخدمك بها 0
وكلما أتعب فى خدمتك ،و كلما أبذل فى خدمتك ،ل أحسب نفســى
مطلقا ً أننى قد أعطيتك شيئا ً 00فالصحة مــن عنــدك ،و القــوة مــن
عندك ،و محبة الخدمة هو أيضا ً من عندك 0بل أنا نفسى مــن عنــدك
0كان ممكنا ً أنى ل اولد و ل أوجد 0وأنت أعطيتنى هذا الوجود الذى
أخدمك به ،و أعطيتنى الكلمة التى أقولها 00وفى كــل خــدمتى لــك
وتعبى من أجلك ،أقول " من يدك أعطيناك "
يشترك الله فى مالك لكى يباركه ،ل ليأخــذ منــه ،فهــو مصــدر لكــل
غنى 0و يشترك فى مالك ،لكى يشركك معه فى عمــل الخيــر الــذى
يمكن أن يقوم به وحــده ،و لكنــه – مــن تواضــعه –يجــب أن يتــم هــذا
الخير بواسطتك 0
***
أقدم اشتراك لله فيما أعطاه للنسان ،كان هو الذبائح و المحرقات 0
وهو أمر قديم جدا ً ،أقدم من الشريعة المكتوبة 0بل هــو منــذ نشــأة
النسان نفسه 0ويروى لنا الكتاب تقدمة هابيــل البــار فيقــول إنــه "
قدم للرب من أبكار غنمه ومن سمانها 0فنظــر الــرب إلــى هابيــل و
قربانه " ) تك 0 ( 4 : 1و لعل هابيل أخذ فكــرة تقــديم الذبيحــة و
المحرقة عن أبيه آدم الذى أخذها مــن اللــه نفســه 0هنــا نــرى أيض ـا ً
نشأة التقليــد Traditionونشــأة الــذبائح ،و نشــأة التقــدمات ،أعنــى
تقديم شئ لله ،بما كان يحمله ذلك من رمز 0
***
و استمرت فكرة الذبائح و المحرقات فى تاريخ البشرية 0
نسمع عن المحرقات التى أصعدها أبونــا نــوح مــن علــى المذبــح بعــد
رسو الفلك ،فتنسم الرب منها رائحة الرضا ) تك 0 ( 21 ، 20 : 8و
نســمع عــن ذبــائح أبينــا ابراهيــم ) تــك 0 (12وعــن محرقــات أيــوب
الصديق ) أى 00 ( 5 : 1و نظمت الذبائح و المحرقات و التقدمات
فى الشريعة المكتوبة ،فــى ســفر اللوييــن أيــام موســى النــبى 0و
كانت تحمل رموزا ً0
وإن كانت ذبيحة المسيح قد حلــت محــل خــروف الفصــح ) خــر (12و
محل المحرقة و ذبيحة الخطية و ذبيحة الثـم ،إل أن ذبيحـة السـلمة
التى كانت تعــبر عــن الشــكر و عرفان ـا ً بجميــل الــرب ،و يأكــل منهــا
مقــدمها و أصــحابه معــه ،ل يــزال الكــثيرون يقــدمونها إلــى الن ،
بأسلوب يختلف عن العهد القديم فى كثير من التفاصيل 00
ننتقل إلى نقطة أخرى و هى العشور 00
و العشور هى أيضا ً أقدم مــن الشــريعة المكتوبــة 0نســمع عــن أبينــا
يعقوب لما رأى سلما ً بين السماء و الرض ،أنه قــال اللــه " إن كــان
الله معى و حفظنى 00و رجعت بسلم إلى بيــت أبــى ،يكــون الــرب
لى إلها ً 00و كل ما تعطينى فإنى أعشره لك " ) تك ( 22 – 20 : 28
0
ولعل يعقوب قد أخذ فكرة العشور عن جده أبينا ابراهيم ،الذى قــدم
العشور إلى ملكى صادق كاهن الله العلى " فأعطاه عشــرا ً مــن كــل
شئ " ) تك 0 ( 20 : 14
***
ثم أمر الله بالعشور فى الشريعة أيام موسى النبى 0
فقال " تعشير كل محصول زرعك الذى يخرج من الحقل سنة بسنة "
) تث " 0 ( 22 : 14وكل عشر الرض من كل حبوب الرض و أثمار
الشــجر ،فهـو للــرب ،قــدس للــرب ) "00ل " 0 ( 30 : 27عشــر
حنطتك و خمرك و زيتك " ) تث ) (17 : 12تث " ( 23 : 14و أما كل
عشر البقر و الغنم ،فكل ما يعبر تحت العصا ،يكــون العاشــر قدس ـا ً
للرب " ) ل 0 (32 : 27و بالجمال لخص زكا العشار كل فى عبارة
واحدة قال فيها " و أعشر جميــع أمــوالى " ) لــو ( 12 : 18أو هــى
عبارة أبينا يعقوب أبى الباء " وكل ما تعطينى أعشرة لك " ) تك 28
(22 :حتى الكاهن الذى كان يأخذ العشور مـن الشـعب ،كـان يقـدم
عشرها للرب ،رفيعة للرب 0وكانت أعشار هذه تسمى الرفائع ) عد
0 ( 28 ، 26 : 18
و الذى ل يدفع العشور ،يعتبر أنه سلب الرب 0
ورد هذا صراحة فى سفر ملخى النبى ،حيــث قــال الــرب " أيســلب
النسان ؟! فإنكم سلبتمونى 0فقلتم بمــا سـلبناك ؟ فــى العشــور و
التقدمة 00هاتوا جميع العشور إلى الخزنــة 00و جربــونى قــال رب
الجنود :إن كنت ل أفتح لكم كوى السماء ،و أفيض عليكم بركة حتى
ل توسع ) "00مل (10-8 : 3
***
المال الذى ل تدفعه فى العشور ،هو مال ظلم 0
لنك سلبت فيه الرب ،و ظلمت الكنيسة كما ظلمت الفقراء أصحابه
00لذلك قال السيد الرب " اصـنعوا لكـم أصــدقاء مـن مـال الظلـم "
) لو 0 ( 9 : 16هؤلء الصدقاء هم الفقراء الذين يصلون من أجلكم
" حتى يقبلوكم فى المظال البدية "
حتى إن كنت محتاجا ً ،ادفع العشور متمثل بتلك المرأة الــتى دفعــت
ً
من أعوازها ) لو 0 ( 4 : 21و لعل البعض يسأل هنا :
***
هل نعطى أقربائنا من العشور ؟!
نعم ،اعطهم إن كانوا محتاجين 0فإن الرسول يقول " إن كــان أحــد
ل يعتنى بخاصته و ل سيما أهل بيته ،فقد أنكر اليمــان و صــار شــرا ً
من غير المؤمن " ) 1تى 00 ( 8 : 5إذن أعطهم ،و لكن ل تعطهم
وحدهم 0لئل يظــن أن مجــرد الــواجب ،أو رابطــة الــدم ،هــى الــتى
دفعتك للعطاء 0فإن أعطيتهم الكــل ،تكــون قــد بخســت حــق بــاقى
الفقراء المستحقين معهم أو الــذين قــد يكونــون اســتحقاقا ً للعطــاء
منهم 00
***
كل مال يصل إليك ،إفرز عشره للرب 00
سواء كان مرتبك الثابت ،أو موارد أخرى إضافية ،أو منح ـا ً أو مــوارد
طارئة 0سواء كان مال ً أو أشياء عينية تعرف قيمتها و يدفع عشــرها
00الكل تخصم عشره ،و تفرزه فى صندوق خاص بالرب 0و ل تقع
فى الخطأ الذى يقع فيه كثيرون :إذ ينفقون من إيرادتهــم اول ً ،ثــم
يفحصون هل تبقى لله شئ أم يتبق !! جاعلين استحقاقات
الرب فى آخــر القائمــة ،أو قــد ينســونها ! أو يعتــبرون مصــروفاتهم
الخرى تحت قائمة الضروريات 0أما نصيب الرب ،فمن الكماليات أو
من الفائض ! أما أنت فاخصمه من إيرادك مباشرة ،كمـا كمــا تخصــم
منك أمور رسمية معينة 00
***
و اعلم أن العشور هى الحد الدنى فى العطاء 0
إنها تدخل فى العطاء اليهودى و ليس المسيحى 0أما فى المسيحية
،فيقول الكتاب " من سالك فاعطه " ) مت 0 (42 : 5و يقول أيضا ً
" ل تكنــزوا لكــم كنــوزا ً علــى الرض 00بــل اكنــزوا لكــم كنــوزا ً فــى
السماء " مت 0 ( 20 ، 19 : 6إذن ل يصح أن تكتفى بدفع العشور ،
ول تعطى من يحتاج بينما عندك ما تكنزه 0
و ل تقل عند دفع العشور إن الله قد استوفى حقه!! أو استوفى كل حقه عليك!!
و يســتريح ضــميرك عنــد هــذا الحــد ،وتغلــق قلبــك أمــام طلبــات
المحتاجين ! فإن الكتاب يقول " من يسد أذنيه عن صراخ المسكين ،
فهو أيضا ً يصرخ ول يستجاب " ) أم 00 ( 13 : 21لتكن المحبة ثابتة
فى قلبــك ،ول تتعامــل مــع اللــه ومــع الكنيســة ومــع الفقــراء بعلــم
الحساب دون القلب !! و كلما عرضت أماك مناسبة لعمل الرحمة ،ل
تغلق أمامها قلبك بحجة أنك قد دفعت العشور 000
***
فى عطائك ارتفع فوق مستوى العشور 00
فقد قال السيد المسيح لـه المجــد "إن لــم يــزد بركــم علــى الكتبــة و
الفريسين ،لن تدخلوا ملكوت السموات " ) مت 0 ( 20 : 5و الكتبة
و الفريسيون كانوا بلشك يدفعون العشور 0إذن لبد أن تــدفع أكــثر
0ل تكن ناموسيا ً تكتفى بحرفية الناموس 0إنما فى عطــائك تعامــل
بقلبك و بحبك 0و ل تحب مالك أكثر مما تحب الفقراء 0واذكر قــول
الرب " إن أردت أن تكون كامل ً فاذهب وبع أملكك و أعط الفقــراء ،
فيكون لك كنز فى السماء " ) مت 0 ( 21 : 19و إن سـمعت هــذه
العبـارة ،فل تمضـى حزينـا ً مثـل الشـاب الغنـى الـذى كـان أول مـن
سمعها 00على أن العشور ليست هى كل شركة الــرب فــى مالــك 0
هناك أيضا ً وصية البكور :
نسمع عرضا ً عن البكور فى تقدمة هابيل البار الذى قدم مـن " أبكـار
غنمه ومن سمانها " ) تك 0 ( 4: 4يعنى أفضل ما عنده 0وكان ذلك
طبعا ً قبل الشريعة المكتوبة 00أما فـى شـريعة موســى ،فقـد نظـم
الله البكور فى كل شئ ،سواء فى النسان أو الحيوان ،أو فى ثمار
الشجار 0فعن بكور المواليد ،قال :
"قدس لى كل بكر ،كل فاتح رحم 00من الناس ومن البهلائم 0إنلله للى " ) خلر
0 ( 2: 13
وكان البكـار مـن كـل الشـعب مـن نصـيب الـرب يخـدمونه ،إلـى أن
استبدلهم بسبط لوى و بنى هرون 0فهم البكــار بــالمعنى الرمــزى
أو الروحى 00و حــتى بعــد اختيــار ســبط لوى ،ظــل البكــر بمكــانته
كقدس للرب ،تقدم عنه ذبيحة فى الهيكل 0و هكذا قيل عن الســيد
المسيح فى يوم الربعين لمولده " صعدوا به إلى أورشــليم ليقــدموه
للرب 0كما هو مكتوب فى ناموس الرب إن كل ذكر فاتح رحم يدعى
قدوسا ً للرب ،و لكي يقدموا ذبيحة كما قيل فى ناموس الرب ") لــو
0 ( 23 ، 22 : 2
***
فما الذى نقدمه للرب من أولدنا ؟!
أل يشمل العطاء البناء أيضا ً ؟! إن لــم يكــن كــل بكــر ،فعلـى القــل
بعض البناء 00إن لم يكـن البـن الوحيـد ،كمـا ذهـب أبونـا ابراهيـم
ليقدم ابنه وحيده اسحق ،فعلى أحد البناء 00إن كان مطلوبا ً للــرب
ككاهن أو راهب ،أو لخدمة التكريس أيا ً كانت 00
***
إن تقدمة البكور أقوى من العشور 00
لنها تكون كل ما للنسان فى ذلك الوقت ،فالبن البكــر عنــد ولدتــه
يكون هو البن الوحيد ،وعندما قــدمت حنــة ابنهــا صــموئيل ،كــان و
قتذاك ابنها الوحيد 0و حينما صار يوحنا نصيبا ً للرب ،كان هــو البــن
الوحيد لزكريا و اليصابات 0و أيضـا ً الســيد المســيح هــو البــن البكــر
للعذراء ،و هو أيضا ً ابنها الوحيد ،ليس فقط وقت ولدته ،إنما خلل
كل حياتها 00البن البكر له مكــانته الكــبيرة ،ولــه فرحتــه وإعطــاؤه
للرب يحمل تفضيل ً للرب على النفس بالنسبة إلى المعطى 0
***
ولم تقتصر وصية البكور على البن البكر ،إنما شــملت كــل البكــور ،
فأمر الرب من جهة :
بكور المحاصيل ،و ثمار الشجار 0
وقال فى ذلك " أول أبكار أرضــك تحضــره للــرب إلهــك " ) خــر : 23
" 0 ( 19تأتون بحزمة أول حصيدكم إلــى الكــاهن 0فيــردد الحزمــة
أمام الرب للرضا عنكم " ) ل " 0 (10 : 23تأخذون من أول كل ثمر
الرض 00و تضعه فى سلة 00و تأتى ) به( إلى الكاهن 00ثم تضعه
أمام الرب إلهك " ) تث ( 10-2 : 26
***
كذلك أمر الرب من جهة بكور الحيوانات 0
فقال " تقدم للرب كل فاتح رحم ،وكل بكر مــن نتــاج البهــائم الــتى
تكون لك ،الذكور للرب 0و كن كــل بكــر حمــار تفــديه بشــاه " ) خــر
، 12 : 13ـ " 00 ( 13لى كل فاتح رحم 0كل مــا يولــد ذكــرا ً مــن
مواشيك ،بكرا ً من ثور وشاة 0أما بكر الحمار فتفديــة بشــاه " ) خــر
0 ( 19 : 34
***
و أيضا ً أول العجين 00
حتى حينما يعجنون للخبز ،ورد فى سفر حزقيال " وتعطون الكــاهن
أوائل عجينكم ،فتحل البركة على بيتك " ) خر 0 ( 30 : 44و هكذا
يأخذ الرب من أوائل ) بكور( كل الذى لك 0فتجعل الرب أول ً فى كل
شئ 0يكون أول من يأخذ من شـجرك و أرضــك و غنمــك و بهائمــك ،
بل أيضا ً أول نسلك 0فيبارك الرب الكل 0و حتى حينما أخذ اللويين
بدل ً من البكار ،طلب أن تقدم ذبيحة عن بكرك ،لتفديه ،فقــال " و
كل بكر إنسان من أولدك تفديه " ) خر 0 ( 15 ، 13 : 13
***
كيف ننفذ إذن وصية البكور فى أيامنا 0
ليست ثروة كل الناس محاصيل الرض أو نتــاج الماشــية و الغنــام 0
ففى عصرنا الحاضر :
*تدفع للرب أول مرتب تســتلمه فــى وظيفتــك ،و يفضــل أول شــهر
من مرتبك 0فالذى يعين فى وظيفة فى الربع الخيــر مــن الشــهر ،
هل يكفى أن يدفع هذا الربع باعتباره البكور ؟
***
*تدفع للرب أيضا ً أول علوة ،وأول زيادة فى ترقيتك ،وأول منحــة ،
وأول أجر لعمــل إضــافى :بالنســبة إلــى الطــبيب مثل ً أول كشــف أو
أول عملية جراحية 0و بالنسبة إلى المدرس أول درس خصوصى 00
و هكــذا فــى بــاقى الحــرف و الوظــائف 0بالضــافة إلــى العشــور و
البكور توجد مشاركة أخرى لله 0فى مالك و هى :حق الله فى النذور :
فقيل " :أوف بما نـذرته 0أن ل تنـذر خيـر مـن أن تنـذر و ل تفـى "
) جا " ( 5 ، 4 : 5إذا نذرت نذرا ً لله ،فل تتأخر عن الوفاء به " ) جا 5
" 0 ( 4 :ل تستعجل فمك ،ول يسرع قلبك إلى نطق كلم قدام الله
00ل تقل قــدام الملك أنــه ســهو 0لمــاذا يغضــب اللــه علــى قولــك
ويفسد عمل يديك " ) جا 0 ( 6 ، 2: 5
***
وحينما نتكلم عن النذر ،نقصد نذر المال أو نذر الحياة 00
ل تتسرع فى أن تنذر شيئا ً للرب ل تقدر فيما بعد على تنفيــذه 0ول
تنــذر البتوليــة مثل ً فــى حالــة انفعــال روحــى ،ثــم تــدرك أنــك غيــر
مستطيع أن تحيا هذه الحياة 0فبدل ً من النذر ،قــدم رغباتــك كصــلة
00قل له :يا رب ،هذه هى أمنية قلبى 0فــإن رأيــت أن ذلــك نــافع
لـى وممكـن ،حققـه لـى ،و امنحنـى القـوة علـى التفيـذ 0و لتكـن
مشيئتك فى حياتى 0نقطة أخرى فى شركة الرب فى أموالك وهى
إن الخدمة تقوى روحيات الخادم 0كما أن روحيات الخللادم تقللوى الخدمللة فللأنت
فيها تعطى و تأخذ 0
ولذلك نعتبر أن الخدمة من الوسائط الروحية ،إن سلك فيها النسان
حسنا ً 0فكما تعطى المخدومين حبا ً من قلبك ،كذلك يشبع قلبك حبا ً
بهذه الخدمة 0لشك أن النسان الــذى يخــدم اليتــام أو المرضــى أو
المعــوقين أو الفقــراء و المحتــاجين عموم ـا ً ،يشــبع قلبــه فــى هــذه
الخدمة بمشاعر عميقة تسمو بنفسه ،و تغنيــه عــن عواطــف العــالم
الزائلة 0فإن العاطفــة الــتى يكتســبها النســان مــن ملقــاة اللــم و
المعانــاة ،هــى أقــوى بكــثير مــن العواطــف الــتى تقــدمها مجــالت
اللهووالترف 0و هكذا أنت تأخذ من خدمتك أكثر بكثير ممــا تعطــى 0
مجرد شــعورك أن أســعدت إنســانا ً ،أو حللــت مشــكلة ،يفيــض علــى
قلبك بمشاعر عميقة 0
و هناك ألوان من الخدمة ،غير التعليم 0
كنت أعرف زميل ً فى مدارس الحد منذ حوالى 45عاما ً ،لــم يكــن لــه
فصل فى التدريس ،إنما كــانت خــدمته هــى الفتقــاد وحــل مشــاكل
الناس قبل أن تتعقد ،و أحيانا ً حل المشاكل المعقــدة 0و كــان يجــد
سعادة كبيرة فى هذه الخدمة 0و كان برى يد الله فى كــل مــا يحلــه
من مشاكل ،أقصد فى المشاكل التى يحلها الله على يــديه ،و كــان
يحكى لنا عن عمل الله ،حديثا ً روحيا ً ممتعا ً جدا ً 0
***
إذن من الفوائد التى تتركها الخدمة فى حياتك :الخبرات الروحية 0
إنه شــرف عظيــم لــك فـى الخدمــة أنــك تعمــل مــع اللــه 0كمــا قـال
القديس بولس الرسول عن نفسه وعن زميله أبولوس ) نحن عاملن
مع الله " ) 1كو 0 ( 9 : 3أنت فى الخدمة تعمل مع اللــه معــك ،و
يعمل فيك ،و يعمل بك 0و فى كل ذلك تــرى عجــائب مــن عملــه ،و
تلمس كيف تتدخل يد الله ،فتحل كل المور المعقــدة ،أو تفتــح لــك
بعض البواب المغلقة ،أو تقدم لــك حلــول ً مــا كنــت تفكــر فيهــا ،أو
ترسل لك تفتح لك بعض البواب المغلقة ،أو تقدم لك حلول ً ما كنــت
تفكر فيه ،أو ترسل لك معونات من حيث ل تدرى 0فتمجد اللــه فــى
كل عمله 0أم الذين ل يخدمون ،فــإنهم يحرمــون أنفســهم مــن كــل
هذه الخبرات ،ومن شركة الله فى الخدمة 00
***
الخدمة أيضا ً تفيدك فى أنها مدرسة للصلة :
إنك كلما تخدم ،كلما تشعر أن هناك أمورا ً تحتاج إلى معونــة إلهيــة ،
فتتدرب على الصــلة مــن أجلهــا ،كمــا أنــك تصــلى لكـى يبـارك اللــه
العمل و يدخل فيه ول يتركك وحدك 0كذلك تصلى لكى تكون خدمتك
روحية ،و ليست مجرد نشاط أو روتين ،أو مجــرد عمــل اجتمــاعى 0
كــذلك كــثيرا ً مــا تصــلى مــع المخــدومين ،أو تــدخلك الخدمــة فــى
اجتماعات صلة 0و هكذا تتدرب على عمل الصلة
***
و الخدمة عموما ً تدخل النسان فى جو روحى 0
وهذا نافع له بل شك 0إذ يجد نفسه فى جو كنســى ،ومــع أشــخاص
روحيين ،وملتزما ً بمبادئ وقيم روحية 0وقد يجد نفسه فــى الخدمــة
ملتزما ً أيضا ً باجتماعات وقداسات 0ويجد نفسه كــذلك ملتزمـا ً بحيــاة
روحية خاصة حتى يكون فى خدمته قدوة للمخدومين ،أو على القل
ل يكون عثرة لهم 0بل يردد قول الكتاب
ً
"من أجلهم أقدس أنا ذاتى ،لكى يكونوا هم أيضا مقدسين فى الحق " ) يو : 17
(19
السيد المسيح قال هذه العبارة بمعنى 0وأنت تقولهــا بمعنــى آخــر ،
لتكون حياتك مقدسة فى الخدمة ،ومثال ً للمخدومين فــى كــل عمــل
صالح 0
***
وقد تقول للــه فــى صــلتك :إن هــؤلء النــاس يــا رب ،يحتــاجون أن
أكون متصل ً بك باستمرار من جهتهــم 0فــأعطى أن تكــون لــى هــذه
الصلة بك 0ليس من أجلهم فقــط ،و إنمــا أيضـا ً مــن أجــل نفســى ،
لكـى ترعـانى و ترعــاهم ،و تحفظنــى و تحفظهــم 0و ليتنــى أكــون
جسرا ً صالحا ً يصلون به إليك أو أكــون حــامل ً لهــم أمامــك فــى قلــبى
000
و بهذا تجد أن الخدمة أوجدت لك صلة بالله 0و أصــبحت هــذه الصــلة
من ضروريات الخدمة 0و بالتوالى تصبح الخدمة أيضا ً ضرورة توصلك
بالله باستمرار 0و لذلك أستطيع أن أقول :
***
غالبية الذين تركوا الخدمة فترت حياتهم 0
ولم تعد لهم الحرارة التى كانت لهــم أثنــاء خــدمتهم ،ول الصــلة ول
العمق ول اللتزام 00ولم تعد الغيرة المقدسة التى كانت لهــم ،ول
حتى الفضائل الجتماعية التى صاحبت الخدمة 0
و الخدمة أيضا ً كثيرا ً ما تعطى فرصا ً أوسع لقراءة الكتاب المقــدس ،
و للمعرفة الروحية بوجه عام 0مع مــا يصــحب ذلــك أيض ـا ً مــن تأمــل
ومن تفسير ،و بخاصة للذين يخدمون خدمة روحية أو تعليمية بكافــة
أنواعها 0
***
وهكذا تكون من فائدة الخدمة تنمية المعرفة الروحية ،روبما المعرفة الدينية مللن
نواح متعددة 0
وهذه المعرفة تأتى من مصــادر كــثيرة :منهــا القــراءة ســواء قــراءة
الكتاب المقدس أو سير القديسين أو الكتب الروحية 0و تــأتى أيضــا ً
من حضور الجتماعات الدينية الخاصة بالخدمة 00وكذلك مما يسمعه
النسان فى القداسات من فصول الكتاب ومن العظات 00
وهذه المعرفة تدخل النسان فى تدريبات روحيـة عمليــة 0وإن تـرك
الخدمة ،ربما يترك كل هذا 00
***
بل قد يأخذ النسان ألوانا ً أخرى من المعرفة 0
فبعرف مشاكل الناس ،ويعرف تفاصيل كثيرة عن النفس البشرية و
ما يجول فيها من مشاعر 0و يعرف حروب الشــياطين و حيلهــم 0و
يعرف ايضا ً الحلول العملية لكل هذا ،و إن كانت خدمته تتطرق أيضــا ً
إلى معالجة ما يتعرض له الناس من مشاكل داخلية و خارجية 0فــإن
لم يكن يعرف ،فعلى القل سيرى كيف يتدخل المرشدون الروحيون
أو الباء فى هذه المشاكل ،و كيف يحلونها 0وفــى كــل ذلــك تــزداد
خبراته فى الحياة 0
هناك أنواع مللن النللاس لللم يللذكرنا لنللا الكتللاب خللدمتهم أو تفاصللليها ،إنمللا كللانوا
يخدمون الخدام ،أو يقدمون المكانات للخدمة 0
نسوة كثيرات كن يتبعن الســيد المســيح " و يخــدمنه مــن أمــوالهن "
) لو 0 ( 3 : 8وفى بداية الكنيسة الولى تركــت مريــم أم مرقــس
الرسول بيتها ليكون أول كنيسة يجتمع فيهــا المؤمنــون و يصــلون 0
كــذلك ذكــر لنــا القــديس بــولس الرســول عــن اكيل و بريســكل " " و
الكنيسة التى فى بيتهما " ) رو 0 ( 5 : 16و أيضـا ً الكنيســة الــتى
كانت فى بيت نمفاس ) كو 0 ( 15 : 4و شرح لنا التاريخ الخدمات
العديدة التى كان يقوم بها المعلم ابراهيم الجوهرى و أخــوه المعلــم
جرجس للكنائس و الديرة 00
ربما أناس ل يخدمون القرى ،لكنهم يتبرعون بعربة تنقل الخدام إلى هذه القرى
0
أو يــدبرون المكــان ،أو يعــدون المكــان للخدمــة 0أو أن يشــتروا
الناجيل و البشائر و الجابى ،و الصور و الجوائز ،ما يــوزعه الكــاهن
مــن صــلبان و أيقونــات 0أو يهتمــون بالعمــل الدارى للجتماعــات 0
كأن يقومون بكتابــة أسـماء الحاضــرين ،أو يعـدون كشــوف الغــائبين
لفتقادهم ،وما إلى ذلــك مــن الخــدمات الــتى تبــدو بســطة و لكنهــا
لزمة و نافعة 0
***
على القل هناك من يقومون بخدمللة الصلللة مللن أجللل الجتماعللات و نجاحهللا ،و
المشاكل و حلها 0
وقد تكون لصلواتهم استجابة أكثر نفعا ً مــن خدمــة الكلمــة ،و تقتــدر
كثيرا ً فى فعلها ،وتكون هى الخدمة المخفية التى تقوم على أساس
الخدمة الظاهرة 0المهم يا أخى أن تخدم 00
ليست كل خدمة واسطة روحية ،فهناك من هلكوا وهللم فللى محيللط الخدمللة ،أو
سقطوا و تعبوا 00
مثال ذلك البن الكبير الذى لم يفرح برجوع أخيه الضال ،ورفــض أن
يدخل البيت و لما خرج إليه أبــوه يتوســل إليــه ،قــال لبيــه " هــا أنــا
أخدمك سنين هذا عددها ،وقط لم أتجاوز وصيتك 0ولم تعطنى قط
جديا ً لفرح مع أصدقائى ) " 00لو ( 30 – 28 : 15
كان فى الخدمــة ســنين هــذا عــددها ،ومــع ذلــك كــانت مشــيئته غيــر
مشيئة الب ،ولم يكن قلبه صافيا ً من جهة أخيه 0
مثال آخر هو بعض ملئكة الكنائس السبع :
على الرغم من أنهم كانوا رعاة للكنائس ،إل أن واحدا ً منهم قال لــه
الرب " إن لك إسما ً أنك حى و أنت ميت " ) رؤ 0 ( 1 : 3كما قـال
لخر " لنك فاتر ،و لست حارا ً ول بــاردا ً ،أنــا مزمــع أن اتقيــأك مــن
فمى " ) رؤ 0 ( 16 : 3و قال لثالث " :أنك تركت محبتك الولى 0
فاذكر من أين سقطت و تب " ) رؤ 0 ( 5 ، 4 : 2وذكر الرب لكل
هؤلء أسبابا ً جعلتهم – وهم فى قمة الخدمة – فى حاجة إلى توبة
وآخرون من مساعدى بولس الرسول هلكوا تماما ً0
أولئك الذين قال عنهم " لن كثيرين ممن كنت أذكرهم لكــم مــرارا ً ،
والن أذكرهم أيضا ً باكيا ً وهم أعداء صليب المســيح ،الــذين نهــايتهم
الهلك 00ومجدهم فــى خزيهــم ،الــذين يفتكــرون فـى الرضــيات "
) فى ، 18 : 3ـ 0 ( 19ولعل من أمثلة هؤلء أيضا ً ديماس ،الــذى
ذكره الرسول فى إحدى المرات قبل القديس لوقا ) فل ، ( 24يعود
الرسول فيقول عنه " ديماس قد تركنى ،إذ أحب العالم الحاضــر " )
2تى 0 ( 10 : 4كل هؤلء ضاعوا ،و غيرهم سقط وتاب 0
ولم تكن الخدمة هى سبب ضياعهم 0ولكنهم نسوا روحياتهم فللى مجللال الخدمللة
0فسقطوا و بعضهم هلكوا 00
إذن يمكــن أن تكــون الخدمــة واســطة روحيــة 0ويمكــن أن يســقط
النسان فيها أو يهلك ،إن لم يسلك بطريقة روحيــة 0فمـا هــى إذن
شروط الخدمة الروحية ؟
تحب الله ،و تحب الملكوت ،وتحب الناس 0
و المحبة تولد محبة 0أما إذا كنت تخدم وفى نفســك ضــيق و تــبرم ،
وإن كنت تعطى مضطرا ً وفى النفس تذمر ،فهل تظن أنــك تســتفيد
روحيا ً ؟!
يحــدث أحيانـا ً أن بعــض النــاس يبــدأون الخدمــة و ليــس لهــم الهــدف
الروحــى الســليم 0ولكنهــم حينمــا يــرون احتياجــات المخــدومين ،و
يلحظون آلمهم وضيقاتهم ،يتحرك فــى قلــوبهم العطــف عليهــم و
الشفاق فيخدمونهم بقلب محب 0و تكون هذه المحبة نتيجة للخدمة
وليس سببا ً 0وتبدأ المحبة تمتزج بخدمتهم ،وتعلمهم كيف يخــدمون
بعاطفة 0
أشخاص يخدمون الفقراء 0ثم يجدون أن طلب الحاجات يلجأون فى
طلبهم إلى الكذب و الحتيــال ،أو يمــتزج طلبهــم بالحــاح متعــب ،أو
بضجيج وعلو صوت 00فيتبرمون بهم ،قد يطردونهم ويقسون عليه
00
أما القلب المحب ،فإنه يحتمل متاعب هؤلء 00لن المحبلة تحتملل كلل شلئ )
1كو ( 7 : 13
فإن خدمت ،ووجــدت أن أعصــابك بــدأت تتعــب فــى الخدمــة ،و أنــك
بدأت تحتد و تشتد ،و على الفقير إذا كذب و احتال ،أو على التلميــذ
إذا عاند و شاغب ،أو على الذين يفقدون النظام فــى الجتماعــات 0
فاعرف أن فى داخلك شيئا ً يحتاج إلى علج ،و أن الخدمة قد كشفت
فى نفسك عيبا ً كيما تصلحه 0
***
كل خدمة فيها متــاعب 0وكــل خــادم – كمــا قــال الرســول – ســيأخذ
أجرته بسبب تعبه ) ) 1كو 0 ( 8 : 3و آباؤنا الرسل تعبوا كثيرا ً فى
خدمتهم 0يقول القديس بولس الرسول عــن خــدمته هــو وزملئه ف
الخدمة "بل فى كل شئ نظهر أنفسنا كخدام لله فى صبر كثير ،فى
شدائد فى ضرورات ،فــى ضــيقات فــى ضــربات فــى ســجون ،فــى
اضطرابات فى أتعاب ،فــى أســهار فــى أصــوام 00بمجــد و هــوان ،
بصيب حسن وصيت ردئ " ) 2كو 0 ( 8 -4 : 6
ويقول أيضا " مكتئبين فى كل شئ ،لكن غير متضايقين 0متحيريــن
لكن غير بائسين 0مضطهدين لكن غير متروكين ،مطرحين لكن غير
هالكين " )2كو 0 ( 9 ، 8 : 4و يشرح الرسول أمثلة من المتاعب إلى
احتملها فى ) 2كو 0 ( 29 – 23 :11يكفى قوله " فى التعاب أكثر "
ولكنه إحتمل كل هذا ،و اكتسب أكاليل من الحتمال 0
وكما نذكر بولس الرسول نذكر كثيرين من شخصيات الكتاب 0
مثال ذلك العذابات التى تحملها القديس يوحنا النجيلى مع نفيه إلى
جزيرة بطمس ،حيث كتب سفر الرؤيا وفى أوله " أنا يوحنا أخوكم و
شريككم فى الضيقة " )رؤ 0( 6 : 1كذلك دانيال النبى وكيف ألقوه
فى جب السود " ) دا ( 6و الثلثة فتية والقاؤهم فى أتون النار ) دا
( 3ول ننسى قول السيد المسيح لتلميذ " ها أنا أرسلكم كغنــم فــى
وســط ذئاب " ) مــت " ( 16 : 10سيســلمونكم إلــى مجــالس وفــى
مجامعهم يجلدونكم 0و تساقون أمــام ملــوك وولة مــن أجلــى 00و
تكونون مبغضين من الجميع من أجل أسمى ) مت 0 (22 ، 17 : 10
و الرسل احتملوا كل هذا و صبروا 0
***
و الصمود يمنح الخادم قوة روحية من الرب 0
ً
يمنحه قوة فـى الرجـاء فل ييـأس 0كمـا يقـويه أيضـا فـى الرجـاء ،
مؤمنا ً أن الرب لبد سيتدخل ويصلح كل شــئ 0و هكــذا ينــال فضــيلة
أخرى هى انتظار الرب 0كما قال المرتل فى المزمور " إنتظر الرب
0تقو و ليتشدد قلبك و انتظر الرب " ) مز 0 ( 14 : 27و هكذا قال
فى خبراته الروحية أيضا ً " انتظرت نفسى الرب مــن محــرس الصــبح
حتى الليل " ) مز (130نقطة أخرى تميز الخدمة و تســبب نجاحهــا و
هى :
اهتم أن تكون خدمتك روحية وعميقة 0
الول -61الجزء
الثانى -62الجزء
الثالث -63الجزء
الرابع -64الجزء
الخامس -65الجزء
السادس -66الجزء
صفحة
5 المقدمة
7 الباب الول :الصلة :ما هى ؟ وكيف تكون؟
15 شروط الصلة المقبولة وتداريب على الصلة
23 الباب الثانى :الكتاب المقدس
24 أهمية الكتاب
30 اهتمام الكنيسة به
33 علقتك بالكتاب :اقتناؤه ،محبته
34 المداومة على قراءته
35 القراءة بخشوع
36 القراءة بفهم
38 حفظ آيات الكتاب
39 التأمل فيه – القراءة بروح الصلة
41 تأثير الكتاب المقدس
43 عمله فيك
46 استخدامك للكتاب
47 تداريب لحفظ الكتاب
48 الكتاب فى بيتك
49 الباب الثالث :قراءة سير القديسين
53 التأثير الول :القدوة
54 التأثير الثانى :تقوية اليمان
55 التأثير الثالث :غرس مشاعر التضاع
56 التأثير الرابع :تعطينا الحكمة و الفراز
57 التأثير الخامس :دوام النمو
57 أمور أخرى
59 الباب الرابع :التأمل
61 التأمل فى الكتاب
67 التأمل فى الطبيعة
71 التأمل فى الحداث
72 التأمل فى الصلة
73 التأمل فى الموت – فى صفات الله
74 موضوعات أخرى
75 الباب الخامس :التداريب الروحية
76 فوائد التداريب الروحية
77 الله درب قديسيه
79 نصائح – دلئل التداريب
83 كراسة التدريبات
85 الباب السادس :محاسبة النفس
86 أهمية محاسبة النفس
87 كيف تحاسب نفسك
92 متى تكون المحاسبة
93 الباب السابع :العتراف
94 عناصر العتراف
96 مشاعر المعترف
98 العتراف ودم المسيح
100 نصائح للمعترفين
103 الباب الثامن :التناول
104 أهمية التناول و فائدته
104 الثبات فى الرب – الخبز الحى – تطعيم
105 هو عهد مع الله
106 الستعداد للتناول
113 الباب التاسع :الصوم
114 فوائد الصوم و أهميته
117 الصوم الروحى المقبول
120 امتزاج الصوم بالفضائل
123 الباب العاشر :العطاء وشركة الله فى أموالنا
124 تطويب العطاء
127 كيف نعطى؟
130 أمثلة
131 شركة الله فى أموالنا
132 العشور
135 البكور
137 النذور
138 القرابين
141 الباب الحادى عشر :الخدمة وشروطها الناجحة
142 أهمية الخدمة وعموميتها
143 أنواع من الخدمة
145 فوائد الخدمة روحيا ً
148 خدمة غير ظاهرة
149 شروط الخدمة الناجحة
149 مقدمة :من هلكوا فى الخدمة
150 الحب
151 الحتمال
152 روحانية الخدمة
156 كتب صدرت لقداسة البابا