You are on page 1of 107

‫‪Ist.

‬‬ ‫الطبعة الولى‬
‫‪Print‬‬
‫نوفمبر ‪1992‬م‬
‫‪Nov. 1992‬‬
‫القاهرة‬
‫‪Cairo‬‬

‫الروح القدس يقود أبناء الله فى حياتهم الروحية ) رو ‪ 0 ( 14 : 8‬و‬


‫هو يقودهم من خلل وسائط معينة ‪ ،‬إن سلكوا فيها يشتركون مع‬
‫الروح القدس فى العمل ‪ ،‬أو يدخلون من شركة الروح القدس ) ‪2‬كو‬
‫‪0 ( 14 : 13‬‬
‫و نسمى هذه الوسائط ‪ :‬الوسائط الروحية ‪ ،‬أو وسائط النعمة ‪ ،‬أى‬
‫الوسائط التى تعمل النعمة من خللها ‪ ،‬أو تعمل بها ‪00‬‬
‫وقد حدثتك فى هذا الكتاب عن ‪ 11‬واسطة من الوسائط الروحية ‪ ،‬و هى ‪:‬‬
‫الصلة ‪ ،‬الكتاب المقدس ‪ ،‬قراءة سير القديسين ‪ ،‬التأمل ‪ ،‬التداريب‬
‫الروحية ‪ ،‬محاسبة النفس ‪ ،‬العتراف ‪ ،‬التناول ‪ ،‬الصوم ‪ ،‬العطاء‬
‫‪ ،‬الخدمة ‪000‬‬
‫و هذه الوسائط لزمة لكل إنسان ‪0‬‬
‫مهما ارتفع هذا النسان فى حياته الروحية ‪ ،‬فإنه لن يستغنى عنها‬
‫‪ 0‬فهى غذاؤه الروحى الدائم ‪ 0‬و إن بعد عنها ‪ ،‬أو قصر فى‬
‫ممارستها ‪ ،‬فإن حرارته الروحية تفتر ‪ ،‬و يعرض نفسه لمحاربات‬
‫خطيرة ‪00‬‬
‫و مواد هذا الكتاب ثمرة لمحاضرات القيناها منذ الستينات ‪0‬‬
‫سواء فى القاهرة أو السكندرية أو دمنهور ‪ ،‬و نشرت أجزاء منها‬
‫فى مجلة الكرازة ‪ ،‬و فى جريدة وطنى ‪ 0‬و قد جمعناها كلها لتصدر‬
‫فى كتاب ‪00‬‬
‫و ل شك أن كل باب منها ‪ ،‬يمكن أن يصدر فيه كتاب ‪ 0‬و لكننا أردنا‬
‫أن نقدم لك كل هذه الموضوعات مركزة ‪0‬‬
‫حاول أن تتخذ كل هذه الموضوعات مجال ً للتدريب العملى ‪0‬‬
‫و ليكن الرب معك ‪ ،‬يقتاد خطواتك إليه ‪0‬‬
‫البابا شنوده‬ ‫نوفمبر‬
‫الثالث‬

‫صفحة‬
‫‪5‬‬ ‫المقدمة‬
‫‪7‬‬ ‫البابا الول ‪ :‬الصلة‬
‫‪23‬‬ ‫البابا الثانى ‪ :‬الكتاب المقدس‬
‫‪49‬‬ ‫البابا الثالث ‪ :‬قراءة سير القديسين‬
‫‪59‬‬ ‫البابا الرابع ‪ :‬التأمل‬
‫‪75‬‬ ‫البابا الخامس ‪ :‬التداريب الروحية‬
‫‪85‬‬ ‫الباب السادس ‪ :‬محاسبة النفس‬
‫‪93‬‬ ‫الباب السابع ‪ :‬العتراف‬
‫الباب الثامن ‪ :‬التناول‬
‫‪103‬‬
‫‪113‬‬ ‫الباب التاسع ‪ :‬الصوم‬
‫‪123‬‬ ‫الباب العاشر ‪:‬العطاء‬
‫الباب الحادى عشر ‪ :‬الخدمة‬
‫‪141‬‬
‫ـــــــــ‬
‫الفهرست المفصل من ص ‪ 158‬إلى ص ‪160‬‬
‫ليست كل صلة تعتبر واسطة روحية ‪ ،‬يمكن أن توصلك إلى الله ‪00‬‬
‫هنا وأتذكر ما قيل عن إيليا النبى إنه " صلى صلة " ) يع ‪( 17 : 5‬‬
‫كانت صلة حقيقية ‪ ،‬استطاعت أن تغلق السماء و أن تفتحها ‪ ،‬و أن‬
‫تقتدر كثيرا ً فى فعلها ) يع ‪0( 16 : 5‬‬
‫فما هى الصلة إذن ؟ ما تعرفها ؟‬
‫الصلة هى جسر يوصل بين النسان و الله ‪ 0‬شبهوها بسلم يعقوب‬
‫الواصل بين السماء و الرض ) تك ‪ 0 ( 12 : 28‬إنها ليست مجرد‬
‫كلم ‪ ،‬إنما هى صلة ‪ 00‬هى صلتك بالله ‪ ،‬قلبا ً و فكرا ً ‪00‬‬
‫***‬
‫الصلة هى إحساسك بالوجود فى الحضرة اللهية ‪0‬‬
‫و بدون هذا الحســاس ل تكــون الصــلة صــلة ‪ 00‬هــى مشـاعر قلــب‬
‫متجة إلى الله ‪ ،‬يشعر بوجود الله معه ‪ ،‬أو بأنه واقف أمام الله ‪ 0‬كما‬
‫قال إيليا النبى " حى هو رب الجنود ‪ ،‬الذى أنا واقف أمامه " ) ‪1‬مــل‬
‫‪ 00 ( 15 : 18‬و أمام الله ينسى النسان كل شئ ‪ ،‬و ل يبقى فـى‬
‫ذهنه سوى الله وحده ‪ 0‬و يتضاءل كل شئ ‪ 0‬و يصــبح اللــه هــو الكــل‬
‫فى الكل و ليس غيره ‪00‬‬
‫***‬
‫الصلة هى عمل القلب ‪ ،‬سواء عبر عنها اللسان أو لم يعبر ‪0‬‬
‫هى رفع القلب إلــى اللــه ‪ 0‬لن القلــب يتحــدث مــع اللــه بالشــعور و‬
‫العاطفة ‪ ،‬أكثر مما يتحدث اللسان بالكلم ‪ 0‬وربما يرتفع القلب إلــى‬
‫الله بدون كلم‬
‫لذلك فإن تنهد القلب أمام الله صلة ‪ 0‬و حنين القلب إلى الله صــلة‬
‫‪ 0‬و عواطف الحب نحو الله صلة ‪ 0‬فالصــلة هــى الصــلة بيــن اللــه و‬
‫النسان ‪ 0‬و إن لم توجد هذه الصلة القلبية ‪ ،‬فلن ينفع الكلم شيئا ً‬
‫***‬
‫ً‬
‫إن أحببت الله تصلى ‪ 0‬و إن صليت تزداد حبا لللله ‪ 0‬فالصلللة هللى عاطفللة حللب ‪،‬‬
‫نعبر عنها بالكلم ‪0‬‬
‫نرى هذا الحب و هذه العاطفة بكل وضوح فى مزامير داود إذ يقول ‪:‬‬
‫"يا الله أنت إلهى ‪ ،‬إليك أبكر ‪ 0‬عطشت نفسى إليك " ) مز ‪( 1 : 63‬‬
‫‪ " 0‬كما يشتاق اليل إلى جداول المياه ‪ ،‬هكذا تشتاق نفسى إليك يــا‬
‫الله ‪ 0‬عطشــت نفســى إلــى اللــه ‪ ،‬إلــى اللــه الحــى ‪ 0‬مــتى أجــئ و‬
‫أتراءى قدام الله " ) مز ‪ 00 ( 2 ، 1 : 43‬إنه شوق إلى الله عطش‬
‫إليك ‪ 0‬كما تشتاق الرض العطشانة إلى الماء‬
‫كثيرون يصلون ‪ ،‬و ل يشعرون بتعزية ‪ 0‬لن صلواتهم خالية مللن الحللب ‪ 00‬مجللرد‬
‫كلم !‬
‫هؤلء رفــض اللــه صــلواتهم ‪ 0‬و قــال عنهــم " هــذا الشــعب يكرمنــى‬
‫بشفتيه ‪ 0‬أم قلبه فمبتعد عنــى بعيــدا ً " ) أش ‪ 0 ( 13 : 29‬و كــرر‬
‫السيد المسيح نفس التوبيخ بالنسبة إلى اليهود ) مت ‪ ) ( 8 : 15‬مر‬
‫‪ ( 6 : 7‬إذن الخلط صلتك بالحب ‪ 0‬و تكلم فيها مع الرب بعاطفــة ‪0‬‬
‫فالصلة هى اشتياق النفس إلى الوجود الله ‪ 0‬هى اشــتياق المحــدود‬
‫إلى غير المحدود ‪ ،‬اشـتياق المخلـوق إلـى خـالقه ‪ ،‬و اشـتياق الـروح‬
‫إلى مصدرها و إلى شبعها ‪00‬‬
‫***‬
‫و الصلة المقبولة هى التى تصدر من قلب نقى ‪0‬‬
‫فالكتاب يقول " ذبيحة الشرار مكرهة الــرب ‪ ،‬و صــلة المســتقيمين‬
‫مرضاته " ) أم ‪ ) ( 8 : 15‬أم ‪ 0 ( 27 : 21‬و قد رفض الرب صــلة‬
‫الشرار فقال لهم " حين تبسطون أيديكم ‪ ،‬أستر وجهــى عنكــم ‪ 0‬و‬
‫إن أكثرتم الصلة ‪ ،‬ل أسمع ‪ 0‬أيديكم ملنة دما ً " ) أش ‪ 0 ( 15 : 1‬و‬
‫من الناحية الخرى يقول الكتاب " طلبة البار تقتدر كثيرا ً فـى فعلهـا‬
‫" ) يع ‪0( 16 : 5‬‬
‫إذن ماذا يفعل الخاطئ المثقل بآثامه ؟‬
‫يصلى ليساعده الله على التوبة ‪ 0‬و يتوب لكى يقبل الله صلته ‪00‬‬
‫يصلى و يقول ‪ :‬توبنى يا رب فأتوب ‪) :‬أر ‪ 0 (18 : 31‬فالصلة هى‬
‫بــاب المعونــة ‪ ،‬الــذى يــدخل منــه الخــاطئ إلــى التوبــة ‪ 0‬و قــد قــال‬
‫ماراسحق " من قال إن هناك بابا ً آخر للتوبة غير الصلة فهو مخــدوع‬
‫من الشياطين " ‪ 00‬إذن ل تنتظر حتى تتوب ثم تصلى !! إنمــا أطلــب‬
‫التوبة فى صلتك ‪ ،‬من ذلك الذى قال " بدونى ل تقدرون أن تفعلــوا‬
‫شيئا ً " ) يو ‪( 5 : 15‬‬
‫***‬
‫الصلة هى فتح القلب لله ‪ ،‬لكى يدخل و يطهره ‪0‬‬
‫تذكرنا بصلة العشار ‪ ،‬الذى رفع قلبه فى انسحاق أمام اللــه ‪ ،‬طالب ـا ً‬
‫الرحمة ) لو ‪ 0 ( 13 : 18‬و هكذا خرج مبررا ً ‪ 0‬عليك إذن أن تصلى‬
‫لكى تحصل على نقاوة القلــب ‪ ،‬و أنــت تقــول للــرب فــى صــلواتك ‪:‬‬
‫إنضح على بزوفاك فأطهر ‪ ،‬و اغسلنى فأبيض أكــثر مــن الثلــج ) مــز‬
‫‪ 00 ( 50‬أليس هو القائل " أعطيكم قلبا ً جديدا ً ‪ ،‬و أجعل روحا ً جديدة‬
‫فى داخلكم ‪ 00‬و أجعلكم تسلكون فى فرائضى " ) خر ‪27 ، 26 : 36‬‬
‫( ‪ 00‬اطلب منه فى صلتك تحقيق هذا الوعد ‪0‬‬
‫***‬
‫الصلة هى تدشين للشفتين و للفكر ‪ ،‬و هى تقديس للنفللس ‪ ،‬بللل هللى صلللح مللع‬
‫الله ‪00‬‬
‫النسان الذى بينه و بين الله خصومة ‪ ،‬طبيعى أنه ل يتحدث معه ‪ 0‬ل‬
‫يصلى ‪ 0‬ل يجد دالة للحديث مع الله ‪ 0‬فإن بــدأ يصــلى ‪ ،‬فمعنــى هــذا‬
‫أنه يريد أن يصطلح مع الله ‪ 00‬و إذا صــلى ‪ ،‬يسـتحى مـن حـديثه مـع‬
‫الله ‪ ،‬و يخجل من أن ينجس فكره الذى كان مع الله منذ حين ‪ 0‬يصل‬
‫إذن إلى استحياء الفكر ‪ ،‬و هذا ظاهرة روحية صحيحة ‪0‬‬
‫و هكذا بالصلة تبطل الفكار الردية ‪ ،‬كلما داوم النسان على الصلة‬
‫‪ ،‬و يدخل بها فى جورحى ‪ ،‬و يبعد عن قوات الظلمة ‪0‬‬
‫الصلة هى رعب الشياطين ‪ ،‬و أقوى سلح ضدهم ‪0‬‬
‫فالشيطان يخشى أن يفلت هذا المصلى من يــده ‪ 0‬يخشــى أن ينــال‬
‫بصلته قوة يحاربه بها ‪ 0‬كما أنه يحسده على علقته هــذه مــع اللــه ‪،‬‬
‫التى حرم هو منها ‪ 00‬لذلك فالشيطان يحــارب الصــلة بكــل الطــرق‬
‫يحاول أن يمنعه بأن يوحى فإنسان بأن مشاغل كثيرة تنتظره وليــس‬
‫لديه وقت ‪ ،‬أو يشعره بالتعب و بثقل فــى الجســد ‪ 0‬و إن أصــر علــى‬
‫الصلة ‪ ،‬يحاول أن يشتت فكره ليسرح فى أمور عديدة ‪00‬‬
‫***‬
‫أما أنت يا رجل الله ‪ ،‬فاصمد فى صلتك مهما كانت الحروب ‪ 0‬وركز فيهللا فكللرك‬
‫و كل مشاعرك ‪0‬‬
‫و كما قال الرسول " قاوموا ابليس فيهرب منكم " ) يع ‪ 0 ( 7 : 4‬و‬
‫تستسلم لفكــاره ‪ 0‬و اعــرف أن محــاولته منــع صــلتك ‪ ،‬إنمــا تحمــل‬
‫اعترافا ً ضمنيا ً منه بقوة هذه الصلة كسلح ضده ‪ 0‬فل تلق ســلحك ‪،‬‬
‫بل حارب به ‪ 0‬واستمر فى الصلة مهما شردت أفكارك ‪ 0‬و ل بــد أن‬
‫ييأس العدو من جهادك الروحى و يتركك ‪ 0‬كما أن النعمة لــن تتخلــى‬
‫عنك ‪ ،‬بل ستكون معك ‪00‬‬
‫***‬
‫و فى صلتك ‪ ،‬فتح أعماق نفسك لتمتلئ من الله ‪0‬‬
‫اطلب الله نفسه ‪ ،‬و ليس مجرد خيراته ‪ 0‬قل لــه كمــا ســبق أن قــال‬
‫داود " طلبت وجهك ‪ ،‬و لوجهك يا رب التمس ‪ 0‬ل تحجب وجهك عنى‬
‫" ) مز ‪ 0 ( 199‬تأكد أن نفسك الــتى تشــعر بنقصــها ‪ ،‬ســتظل فــى‬
‫فراغ إلى أن يكملها الله نفسه ‪ 0‬إنها تحتاج إلى حب أقــوى مــن كــل‬
‫شهوات العالم ‪ 0‬و هى عطشانة ‪ ،‬و ماء العالم ل يستطيع أن يرويهــا‬
‫) يو ‪0 ( 13 : 4‬‬
‫ً‬
‫قل له يا رب ‪ :‬لست أجد سواك كائنا يفهمنى ‪0‬‬
‫واطمئن إليه ‪ :‬افتح له قلبى ‪ ،‬و أحكى له كل أســرارى ‪ ،‬و أشــرح لــه‬
‫ضعفاتى فيسمعها و ل يحتقرهــا ‪ 0‬و أســكب أمــامه دمــوعى ‪ ،‬و ابثــه‬
‫أشواقى ‪ 0‬أشعر معه أننى لست وحدى ‪ ،‬و إنما معى قلب يحتوينى و‬
‫قوة تسندنى ‪ 00‬بدونك يا رب ‪ ،‬أشعر أننى فــى فــراغ ‪ ،‬و ل أرى لــى‬
‫وجدودا ً حقيقيا ً ‪ 0‬أنت هو عمانوئيل ‪ ،‬الله معنا ‪ 00‬روحى تشتاق إلى‬
‫روحك الكلى ‪ ،‬تشتاق إلى ما هو أسمى من المادة و العالم و كــل مــا‬
‫فيه ‪ 00‬نعم ‪ ،‬إن فى داخلــى اشــتياقا ً إلــى غيــر المحــدود ‪ ،‬ل يشــبعة‬
‫سواك‬
‫***‬
‫هذه هى صلة الحب ‪ ،‬و هللى أعلللى مللن مسللتوى الطلللب ‪ 0‬فللأنت قللد تصلللى ول‬
‫تطلب شيئا ً ‪00‬‬
‫قد تكون صلتك شكرا ً على ما أعطاه لك الله من قبل ‪ 0‬تشكره على‬
‫عنايته بك ‪ ،‬ورعايته لك ‪ ،‬و على ستره و معونته و كل إحساناته ‪ ،‬لــك‬
‫و لكل أصحابك و أحبابـك ‪ 00‬و قـد تكـون صـلتك تسـبيحا ً للـه ‪ ،‬مثـل‬
‫صــلة الســارافيم " قــدوس قــدوس ‪ ،‬رب الجنــود الســماء و الرض‬
‫مملؤتان من مجدك و كرامتك " ) أش ‪0 ( 6‬‬
‫قد تكون صــلتك مجــرد تأمــل فــى صــفات اللــه الجميلــة ‪ ،‬كمــا فــى‬
‫صلوات القداس الغريغورى ‪ ،‬و كما فى كثير من المزاميــر و صــلوات‬
‫الساعات ‪ 0‬و كما قــال القــديس باســيليوس الكــبير " ل تبــدأ صــلتك‬
‫بالطلب لئل يظن أنه لول الطلب ما كنت تصلى ‪ 0‬باسيليوس الكبير "‬
‫ل تبدأ صلتك بالطلب لئل يظن أنه لول الطلب ما كنت تصلى‬
‫***‬
‫اعتبر صلتك مجرد تلذذ بعشر الله ‪ ،‬أو كما يسميها بعض الباء " مذاقللة الملكللوت‬
‫"‪0‬‬
‫مجرد وجودك فى حضرة الله متعة ‪ ،‬حــتى لــو لــم تفتــح فمــك بكلمــة‬
‫واحدة ‪ ،‬حتى لو لم يتحرك ذهنك بأى فكر ‪ ،‬كطفل فى حضــن أبيــه و‬
‫ل يطلب شيئا ً سوى أن يبقى هكذا ‪00‬‬
‫ترى ما الذى يمكننا أن نطلبه فى ملكوت السموات ؟! ل شئ طبعا ً ‪0‬‬
‫لن هناك ى ينقصــنا شــئ حــتى نطلبــه ‪ 0‬إنمــا نتمتــع بمــا قــال عنــه‬
‫المرتل " ذوقوا و انظروا ما أطيب الرب " ) مز ‪ 0 ( 8 : 34‬الصلة‬
‫هى مذاقة الملكوت هذا ‪ 0‬نذوق هنا على الرض ما ســوف نتمتــع بــه‬
‫فى السماء ‪000‬‬
‫***‬
‫لذلك قيل عن الصلة إنها طعام الملئكة ‪0‬‬
‫هى طعام أرواحهم ‪ ،‬و هى غذاؤهم الــذى يشــبعهم ‪ 0‬و هكــذا أيض ـا ً‬
‫بالنســبة إلــى أرواح القديســين ‪ ،‬و كــانت علــى الرض غــذاء للبــاء‬
‫المتوحدين و السواح ‪ 00‬و يتغذون بيها بمحبة الله و عشرته ‪ ،‬و متعة‬
‫أرواحهم به ‪ 0‬كما قال داود النبى للرب " أما أنا فخير لــى اللتصــاق‬
‫بالرب " ) مز ‪( 28 : 73‬‬
‫***‬
‫مبارك هو إلهنلا الطيلب اللذى منحنلا أن نصللى ‪ 0‬تواضلع منله أن يسلمح لنلا بلأن‬
‫نتحدث إليه ‪0‬‬
‫وتواضــع منــه أن يصــغى إلينـا ‪ 00‬مـن نحــن الــتراب و الرمـاد ‪ ،‬حــتى‬
‫نقترب إلى الله ‪ ،‬و نقف أكاكه و نتحدث إليه ‪00‬و نضــم أنفســنا إلــى‬
‫صــفوف الملئكــة الواقفــة أمــام عرشــه تســبحه و تبــارك اســمه ‪ ،‬و‬
‫تتبارك بالوجود فى حضرته ‪ 0‬حق ـا ً إنــه الخــالق ‪ ،‬أن يســمح لنــا نحــن‬
‫مخلوقاته بهذه الدالة ‪ :‬أن نكلمة و بسمعنا ‪0‬‬
‫لذلك عار كبير و خطية كبرى ‪ ،‬أن تقول ‪ :‬ليس لدى وقت للصلة ‪!!00‬‬
‫هل يجرؤ العبــد أن يقــول إنــه ليــس لــديه وقــت للكلم مــع ســيده ؟!‬
‫عجيب بالكثر أن المخلوق ليس لديه وقـت للحـديث مـع خـالقه !! إن‬
‫أمورا ً عديدة و تافهة تجد لها وقتا ً ‪00‬‬
‫و محادثات ل قيمة لها ‪ ،‬تجد لها وقتا ً ‪ 0‬لماذا إذن تحتج بضيق الــوقت‬
‫فى الحديث مع الله ؟!‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫إن داود النبى كان ملكا وقائدا و قاضيا للشعب ‪ ،‬و له أســرة كــبيرة ‪،‬‬
‫و مع ذلك يقول للرب " سبع مرات فى النهار و ســبحت علــى أحكــام‬
‫عدلك " ) مز ‪ " ( 119‬عشية و بـاكر ووقـت الظهـر " " و فـى نصـف‬
‫الليل نهضت لشكرك ‪" " 00‬وسبقت عيناى وقــت الســحر لتلــو فــى‬
‫جميع أقوالك " ) مز ‪( 119‬‬
‫المشكلة ل تكمن إذن فى الوقت ‪ ،‬إنما فى الرغبة ‪ 0‬إن كــانت لــديك‬
‫رغبــة فــى الصــلة ‪ ،‬فل شــك ســتجد وقت ـا ً ‪ 0‬لمــاذا إذن تحتــج بضــيق‬
‫الوقت فى الحديث مع الله ؟!‬
‫إن داود النبى كان ملكا ً و قائدا ً و قاضيا ً لشعب ‪ ،‬و له أسرة كبيرة ‪ ،‬و‬
‫مع ذلك يقول للرب " سبع مرات فى النهار سبحت على أحكام عدلك‬
‫" ) مز ‪ " ( 119‬عشية و بــاكر ووقــت الظهــر " " و فــى نصــف الليــل‬
‫نهضت لشكرك ‪ " "00‬و سبقت عيناى وقت السحر ‪ ،‬لتلو فى جميــع‬
‫أقوالك " ) مز ‪0 ( 119‬‬
‫المشكلة ل تكمن إذن فى الوقت ‪ ،‬و إنما فى الرغبة ‪ 0‬إن كانت لللديك رغبللة فللى‬
‫الصلة ‪ ،‬فل شك ستجد وقتا ً ‪0‬‬
‫***‬
‫ثم يجب أن تعرف أن الصلة بركة لــك ‪ 0‬و أنــك فيهــا تأخــذ ‪ ،‬و لســت‬
‫تعطى ‪0‬‬
‫ً‬
‫هل تظن أنك تعطى الله وقتا حينما تصلى ؟! و هل الله محتاج إليــك‬
‫أو إلى صلواتك ؟! أم أنت تأخذ فى الصلة قــوة و معونــة و بركــة ‪ ،‬و‬
‫تأخذ لذة روحية و متعة بعشرة الله ‪ ،‬و حل ً لمشاكلك ‪ 00‬؟!‬
‫يجــب أن تتغيــر فكرتــك عــن الصــلة ‪ ،‬لكــى تــدرك تمام ـا ً أنــك ضــائع‬
‫بدونها ‪ ،‬و أنها عكازك الذى تســتند إليــه ‪ 0‬إن عرفــت هــذا ‪ ،‬ســتعتمد‬
‫عليها كواسطة روحية أساسية فى حياتك ‪ 0‬و بعد ‪ ،‬أترانــى اســتطيع‬
‫فى هذا المقال أن أحدثك عن كل مــا يتعلــق بالصــلة ؟! كل ‪ ،‬و إنمــا‬
‫بعد كل هذا أتركك لتصلى ‪ ،‬و لكى تذكرنى أيضا ً فى صلتك‬

‫ليست كل صلة مقبولة ‪ ،‬لنه ليست كل صلة ‪ ،‬صلة ‪0‬‬


‫فصــلة الفريســى المتكــبر ‪ ،‬لــم تكــن مقبولــة مثــل صــلة العشــار‬
‫المنسحق ‪ ،‬الذى خرج مبررا ًَ دون ذاك‬
‫) لو ‪ 0 ( 14 : 18‬كذلك صلة الذين أيديهم ملنة دما ً ‪ ،‬قال عنها الرب‬
‫" حين تبسطون أيديكم ‪ ،‬أستر وجهى عنكم ‪ ،‬و إن أكــثرتم الصــلة ل‬
‫أسمع " ) أش ‪ 0 ( 15 : 1‬و أيضا ً صلة المرائين ) مت ‪ ، ( 6‬و الذين‬
‫لعلة يطيلون صلواتهم ) مت ‪ ( 14 : 23‬فقد تصلى صــلة ‪ ،‬فيتقــدم‬
‫واحــد مــن الربعــة و العشــرين قسيســا ً ‪ ،‬و يأخــذها فــى مجمرتــه‬
‫الذهبية ‪ ،‬و يقدمها إلى الله رائحة بخور ‪ ) 00‬رؤ ‪ ( 8 : 5‬بينما يصلى‬
‫آخر طول النهار ‪ ،‬و يتعجب الملئكة أن شيئا ً من صلوات هذا النسان‬
‫لم يصعد إلى فوق !‬
‫***‬
‫فما هى إذن شروط الصلة ؟!‬
‫الشروط كثيرة ‪ :‬نذكر منهــا أنهــا تكــون بــالروح ‪ ،‬فيهــا روح النســان‬
‫يخاطب روح الله ‪ ،‬وقلبه يتصل بقلــب اللــه ‪ ،‬هــذه الصــلة الــتى مــن‬
‫الروح و من القلب ‪ ،‬هــى الــتى تفتــح أبــواب الســماء ‪ ،‬و تــدخل إلــى‬
‫حضرة الله ‪ ،‬و تكلمه بدالة ‪ ،‬و تتمتع به ‪ ،‬و تأخذ منه مــا تريــد ‪ 00‬بــل‬
‫هذه الصلة هى التى تشبع الروح ‪ ،‬كما قال المرتل ‪:‬‬
‫" باسمك أرفع يدى ‪ ،‬فتشبع نفسى كما شحم و دسم " ) مز ‪0 ( 5 ، 4 : 163‬‬
‫هذه الصلة التى من القلب ‪ ،‬هى التى يشعر فيها النسان بلقائه مع‬
‫الله ‪ 0‬ففيها أما أن نصعد إليه ‪،‬أو ينزل هو إلينا ‪ 0‬المهم أن نلتقى ‪0‬‬
‫أو هو الروح القدس يصعدنا فكرا ً و قلبا ً إلى الله ‪ 0‬و عن هذه الصلة‬
‫يقــول القديســون إنهــا حلــول الســماء فــى النفــس ‪ ،‬أو أن النفــس‬
‫تتحول إلى سماء ‪ 0‬و هنا تتميز الصلة بحرارة روحية‬
‫***‬
‫الصلة التى يجب و عاطفة ‪ ،‬تكون صلة حارة‬
‫الصلة التى بالروح ‪ ،‬تكون حارة بطبيعتها ‪ 0‬أشعلها الروح النــارى ‪0‬‬
‫و لذلك قيل عن صلة القديس مكســيموس و دومــاديوس إنهــا كــانت‬
‫تخرج من أفواههم كشعاع من نــار ‪ 0‬و هكــذا كــانت |أصــابع القــديس‬
‫النبا شنودة و رئيس المتوحدين حينما كان يرفع يديه فى صلته ‪00‬‬
‫***‬
‫الصلة الروحانية تكون ايضا ً بفهم و تركيز ‪0‬‬
‫و بالتركيز تبعد عنها طياشة الفكر ‪ 0‬كذلك عنصر الفهم يجعل الذهن‬
‫مركزا ً ‪ ،‬و العاطفة أيضا ً تركز الفكر ‪ 0‬أما الذى يصلى بدون قلــب ‪ ،‬و‬
‫بــدون فهــم ‪ ،‬و بــدون عاطفــة ‪ ،‬فبالضــرورة تشــرد أفكــاره فــى‬
‫موضــوعات متعــددة لن قلبــه لــم يتخلــص بعــد مــن الهتمــام بهــذه‬
‫العالميات ‪ ،‬و ل يزال متعلقا ً بها حتى وقت الصلة ‪ 0‬فل تكون صــلته‬
‫طاهرة ‪ ،‬لنها ملتصقة بماديات العالم ‪0‬‬
‫لهــذا ‪ ،‬عنــدما ســئل القــديس يوحنــا الســيوطى " مــا هــى الصــلة‬
‫الطاهرة ؟ " أجاب " هى الموت عن العالم " لنه حينما يموت القلــب‬
‫عن أمور العالم ‪ ،‬ل يسرح فيها أثناء صلته ‪ ،‬فتصبح صلته طاهرة بل‬
‫طيش ‪0‬‬
‫***‬
‫الصلة الروحانية تكون ايضا ً بخشوع أمام الله ‪0‬‬
‫لقد سبق فتحدثنا عن الصلة بحب ل يمنع الخشــوع إطلق ـا ً ‪ 0‬محبتنــا‬
‫لله ل يمكن أن تنسينا هيبته ‪ ،‬و جلله ووقاره ‪ 0‬فيمتزج حــديثنا معــه‬
‫بالحترام و التوقير ‪ ،‬و ندرك أدب الحديث مع الله ‪ 0‬و خشوعنا ليــس‬
‫هو خوف العبيد ‪ ،‬إنما هو توقير البتاء لبيهم و أى أب ؟ إنه ليس أبــا ً‬
‫على الرض ‪ ،‬بل هو ابونــا الــذى فــى الســموات ‪ ،‬الــذى تقــف أمــامه‬
‫الملئكة فى هيبة " بجنــاحين يغطــون و جــوههم ‪ 0‬و بــاثنين يغطــون‬
‫أرجلهم " ) أش ‪ 0 ( 2 : 6‬لهذا قال ماراسحق ‪:‬‬
‫" إذا وقفت لتصلى ‪ ،‬كن كمن هو قائم أمام لهيب نار"‪.‬‬
‫وإبراهيم أبو الباء و النبياء قــال " عزمــت أن أكلــم المــولى ‪ 0‬و أنــا‬
‫تراب ورماد " ) تك ‪ 0 ( 27 : 18‬لذلك إن وقفت أمام الله ‪ ،‬قل له ‪:‬‬
‫من أنا يا رب حــتى أقــف أمامــك ‪ ،‬أنــت الــذى تقــف أمامــك الملئكــة‬
‫ورؤســاء الملئكــة و الشــاروبيم و الســارافيم ‪ ،‬و كــل الجمــع غيــر‬
‫المحصى الذى للقوات الســمائية ‪ 0‬كيــف أحشــر نفســى وســط هــذه‬
‫الطغمات النورانية ؟!‬
‫***‬
‫ً‬
‫خشوعك أمام الله هو خشوع الروح و خشوع الجسد أيضا ‪0‬‬
‫أما عن خشوع الجسد ‪ 0‬فيشمل الوقوف و الركوع و السجود ‪ ،‬بحيث‬
‫ل تقف وقفة متراخية و ل متكاســلة ‪،‬و ل تستســلم للشــيطان الــذى‬
‫يحاول أن يشعرك فى وقت الصلة بتعب الجسد أو بمرضه أو إنهــاكه‬
‫أو حاجته إلى النوم ‪!00‬‬
‫هناك أشخاص ‪ ،‬إذا وقفوا للصلة يشعرون بالتعب ‪ ،‬بينما يقفون مــع‬
‫أصــدقائهم بالســاعات دون شــعور بــالتعب ! لــذلك احــترس مــن هــذا‬
‫التعـب الـوهمى ‪ ،‬الـذى هـو مـن حـروب الشـياطين ‪ 0‬قـال القـديس‬
‫باسيليوس الكبير ‪:‬‬
‫" عليك تعتدز عن الصلة بالمرض ‪ ،‬لن الصلة وسيلة للشفاء من المرض " ‪0‬‬
‫و كما قال ماراسحق " إذا بدأت الصــلة الطــاهرة ‪ ،‬فاســتعد لكــل مــا‬
‫يأتى " أى أستعد لحروب الشيطان الذى يريد أن يمنعك عن الصلة‬
‫خشوع الجسد لزم ‪ ،‬لن الجسد يشترك مع الروح فــى مشــاعرها ‪ ،‬و‬
‫يعبر عنها ‪ 0‬فخشوع الروح يعبر عنه خشوع الجسد ‪ 0‬و تراخى الــروح‬
‫و عدم اهتمامها ‪ ،‬يظهــر كــذلك فــى حركــات الجســد ‪ ،‬مثــل انشــغال‬
‫الحواس بشئ آخر أثناء الصلة ! سواء النظر أو السمع و ما إلى ذلــك‬
‫‪00‬‬
‫أما عن خشوع الروح ‪ ،‬فيجب أن تصلى بقلب منسحق ‪0‬‬
‫و تذكر أن الــرب قريــب مــن المنســحقين بقلــوبهم ‪ 00‬ل تنــس أنــك‬
‫طبيعة ترابية ‪ ،‬و أنك تكلم خالقك الذى هو ملك الملوك و رب الرباب‬
‫) رؤ ‪ 0 ( 16 : 19‬و ل تنس أيضا ً خطاياك التى احزنت بها روح الله‬
‫القــدوس ‪ ،‬و خنــت محبتــه و قــابلت احســاناته بــالجحود لــذلك قــف‬
‫بانسحاق قدامه ‪ ،‬كما صلى دانيال النبى و قال " لــك يــا ســيد الــبر ‪0‬‬
‫أما لنا فخزى الوجوه ‪ 00‬لننا أخطأنا إليك ‪ 0‬تمردنــا عليــك " ) دا ‪: 9‬‬
‫‪ 0 ( 9-7‬قل له ‪ :‬أنا ل اسـتحق شـيئا ً ‪ 0‬و لكـن مـع كـثرة خطايـاى و‬
‫جحودى ‪ ،‬يشجعنى طول أناتك ‪ ،‬و يعزينى قلبك الواسع ‪ 0‬أنــت اللــه‬
‫الطيب ‪ ،‬الذى يشاء موت الخاطئ مثلما يرجع و يحيا) حز ‪، 23 : 18‬‬
‫‪ 0 ( 32‬فى أنا الساقط تظهر عظيمة مراحمك ‪0‬‬
‫***‬
‫و لتكن صلتك بإيمان ‪00‬‬
‫تؤمن أن الله يسمعك و يحبك ‪ ،‬و يستجيب لك فى كل مــا يــراه خيــرا ً‬
‫لك ‪ 0‬و قد قال السيد الرب " كل ما تطلبــونه فــى الصــلة مــؤمنين ‪،‬‬
‫تنالونه " ) مت ‪ 0 ( 23 : 21‬و إن لم يكن لك هذا اليمان ‪ ،‬فاطلبه‬
‫فى صلتك ‪ 0‬كما قال أبو ذلــك المريــض المصــروع للــرب " أؤمــن يــا‬
‫سيد ‪ 0‬فأعن عدم إيمــانى " ) مــر ‪ – ( 24 : 9‬أو كمــا قــال الرســول‬
‫للرب ‪ :‬زد إيماننا ) لو ‪ ( 5 : 17‬تذكر ذلك الوعد الجميــل " كــل شــئ‬
‫مستطاع للمؤمن " ) مر ‪0 ( 23 : 9‬‬
‫ً‬
‫ثق أن اليمان يعطى الصلة قوة ‪ 0‬و أيضا الصلة تقــوى اليمــان ‪00‬‬
‫غير أنك إن طلبت طلبا ً ل تتعجل نواله ‪ 0‬و إنمــا انتظــر الــرب ‪ 0‬آمــن‬
‫أنه سوف يستجيب ‪ ،‬مهما بدا لك أنــه أبطــأ فــى اســتجابته ‪ 0‬اســتمع‬
‫إلى داود النبى و هو يقول " أنتظر الرب ‪ 0‬ليتشدد و يتشــجع قلبــك ‪،‬‬
‫وانتظر الرب " ) مز ‪0 ( 13 : 27‬‬
‫***‬
‫لتكن صلتك ايضا ً بعمق و بفهم ‪0‬‬
‫كلما كانت صــلتك بفهــم ‪ ،‬و تقصــد كــل كلمــة تقولهــا ‪ ،‬فإنهــا حينئذ‬
‫ستكون بعمق ‪ 0‬إن المرتل يصرخ فى المزمور و يقول " من العماق‬
‫صرخت إليك يا رب ‪ 0‬يا رب استمع صوتى " ) مز ‪ " 0 ( 1 : 130‬من‬
‫عمق قلبى طلبتك " ) مز ‪ 0 ( 199‬صل إذن من عمق قلبــك ‪ ،‬و مــن‬
‫عمق فكرك ‪ ،‬و من عمق إيمانــك ‪ ،‬و مــن عمــق احتياجــك ‪ 00‬و عمــق‬
‫الصلة يمنحها حرارة ‪00‬‬

‫‪-1‬تدرب على إطالة الوقت فى الوجود مع الله ‪0‬‬


‫ما أجمل المرتل فى المزمور " محبوب هو اسمك يا رب ‪ ،‬فهو طــول‬
‫النهار تلوتى " ) مز ‪0 ( 119‬‬
‫فأسأل أنت نفســك كــم مــن الــوقت تقضــيه مــع اللــه ؟ ل شــك أنــك‬
‫تقضى أوقاتا ً كثيرة فى أحاديث و فى ترفيهات ل تفيدك شــيئا ً ‪ 00‬و‬
‫كلها وقت ضائع ‪ 0‬فياليتك تخصص وقتا ً أطول للحديث مع الله ‪ 0‬و ل‬
‫تجعل هذه الوقات فى نهاية مشغولياتك ‪ ،‬بل فى قمة مشغولياتك ‪0‬‬
‫***‬
‫‪-2‬تدريب على الستيقاط المبكر ‪ ،‬و بدء اليوم بالصلة ‪0‬‬
‫حيث يكون القلب صــافيا ً ‪ ،‬و لــم يزدحــم بعــد بأفكــار العمــل و ســائر‬
‫المسئوليات ‪ 0‬و يكون البيت هادئا ً ‪ ،‬لم يستيقظ أهله بعد و لم تدركه‬
‫الضوضاء ‪ 0‬فتخلو مع الله بدون معطــل ‪ ،‬و يكــون اللــه هــو أول مــن‬
‫تتحدث إليه فى يومك ‪ ،‬و تأخذ منه بركة اليوم كله ‪00‬‬
‫***‬
‫‪-3‬إهتم بصلوات الساعات فى الجبية ‪:‬‬
‫و إن لم تستطع خلل النهـار أن تصـلى كـل سـاعة بكمالهـا ‪ 0‬فعلـى‬
‫القل يمكنك أن تصلى القطع و التحليل الخاص بهـا ‪ 0‬و ثــق أن ذلــك‬
‫سوف ل يستغرق منك سوى دقائق معدودة ترفع فيها قلبك إلى الله‬
‫خلل حروب النهار و مشغولياته ‪0‬‬
‫و ينفعك فى ذلك ‪ :‬الحفظ ‪ ،‬فكلما كنت تخفظ قطع ومزامير الجبية‬
‫‪ ،‬ستصليها بدون كتاب و بدون أن يشعر بك أحد‬
‫***‬
‫‪ -4‬حاول أن تمارس الصلة فى كل مكان ‪0‬‬
‫مطيعا ً قول الكتاب " صلوا كل حيــن " ) لــو ‪ " 0 ( 1 : 18‬صــلوا بل‬
‫انقطاع " ) ‪1‬تس ‪ 00 ( 17 : 5‬تدرب على الصلة فى الطريق ‪ ،‬حتى‬
‫ل تنشغل بمناظره ‪0‬تدرب على الصلة و أنــت مــع النــاس ‪ ،‬و بخاصــة‬
‫إن كانت أحاديثهم معثرة أو ل تعنيك ‪ 0‬تدرب على الصلة و أنت فــى‬
‫طرق المواصلت ‪ ،‬لكى تستفيد من الوقت ‪ 00‬يمكنك أيضا ً أن تصــلى‬
‫فى دخولك إلى بيتك ‪ ،‬و فى خروجك منه ‪ 0‬و كذلك فى دخولــك إلــى‬
‫مكان عملك ‪ ،‬و فى خروجك ‪ 00‬و أيضا ً فى كل مقابلة ليعطيك الرب‬
‫نعمة و توفيقا ً ‪0‬‬
‫***‬
‫‪ -5‬تدرب على الصلوات القصيرة المتكررة ‪0‬‬
‫مثل صلة " يا رب يسوع المســيح ارحمنــى " أو " اللهــم التفــت إلــى‬
‫معونتى ‪ 0‬يا رب اسرع و أعنى ( أو " أحبــك يــا رب يســوع المســيح و‬
‫أبارك اسمك " أو " أشكرك يا رب على كل حال " ‪ 00‬أو أية آية صــلة‬
‫تركبها من نفسك ‪ ،‬و تكون مناسبة لحالك و معبرة عن مشــاعرك ‪00‬‬
‫و كثرة ترداد الصلة تجعلهــا تلصــق بعقلــك البــاطن بحيــث يــدور بهــا‬
‫فكــرك تلقائيـا ً ‪ ،‬و يمكــن أن تبقــى معــك حــتى فــى نومــك ‪ 0‬و لعلــه‬
‫ينطبق على هذا قول المرتل " كنت أذكرك على فراشى " ‪0‬‬
‫***‬
‫‪-6‬تدرب على الصلة من أجل الخرين ‪0‬‬
‫تدرب على الصــلة مــن أجــل كــل الــذين هــم فــى حاجــة ‪ 0‬مــن أجــل‬
‫أقربــائك و أصــحابك وزملئك ‪ 00‬مــن أجــل الكنيســة بــوجه عــام ‪ ،‬و‬
‫كنيستك المحلية بوجه خاص ‪ ،‬و من أجل الخدمة ‪ 00‬صلة أخــرى مــن‬
‫أجل المرضى و الراقدين ‪ ،‬و من أجل المحتــاجين إلــى توبــة ‪ 0‬صــلة‬
‫من أجل العالم و الوطن ‪ 00‬و تتدرج فى الطلبة لجــل الخريــن إلــى‬
‫أن تصلى من أجل أعدئك و مقاوميك ‪0‬‬
‫***‬
‫‪ -7‬تدرب أن تدخل الله فى كل موضوع و كل مشكلة ‪0‬‬
‫فل تقف وحدك فى كل مشاكلك ‪ ،‬و ل تعتمد فــى حلهــا علــى ذكــائك‬
‫وحده أو مجرد معونة الخرين ‪ 0‬إنما أشعر بأنك ل تســتغنى عــن اللــه‬
‫فى كل ما يعرض لك ‪ 0‬و ثق أن الصلة ستجلب لك الشعور بــالمن و‬
‫الطمئنان و الســلم الــداخلى ‪ 0‬و ثــق أن مشــاكلك قــد تســلمتها يــد‬
‫أمينة قوية ‪ ،‬يمكنها أن تدبر أمورك كلها ‪0‬‬
‫عندما تصلى من أجل مشكلة ‪ ،‬إما أن يحلها الله و تنتهللى ‪ ،‬أو إن بقيللت ‪ ،‬يعطيللك‬
‫سلما ً قلبيا ً من جهتها ‪0‬‬
‫و هذا هو أيضا ً لون من حل المشكلة ‪ 0‬فالمشــكلة موجــودة ‪ ،‬و لكنــك‬
‫غير متضايق منهــا و غيــر مضــطرب ‪ ،‬و كأنــك ل تشــعر بوجودهــا ‪ 0‬و‬
‫أصبحت ل تعتبرها إشكال ً أو منغصا ً ‪ 00‬إنها فاعلية الصلة ‪0‬‬
‫***‬
‫‪-8‬تدرب على الصلوات الخاصة ‪ ،‬بالضافة إلى الصلوات الطقسية ‪0‬‬
‫الصلة التى تكلم فيها الله بكــل صــراحة ‪ ،‬و تكشــف لــه كــل مــا فــى‬
‫قلبك ‪ 0‬ل مانع إن تقول له " أنا يا رب أحبــك ‪ 0‬و لكنــى أشــعر أننــى‬
‫أحب أمورا ً أخرى فى العالم تعطلنى عنك ‪ 0‬و كلما حاولت أن أنزعها‬
‫فى قلبى ‪ ،‬أجد نفسى ضعيفا ً أمامك ‪ 0‬و أنا أعرف أن " محبة العــالم‬
‫عداوة لله " ) يع ‪ 0 ( 4 : 4‬لـذلك أعطنـى يـا رب أن أحبـك المحبـة‬
‫الكاملة ‪0‬و انقذنى بقوتك من كل ضد محبتك ‪0‬‬
‫ل تكن صلتك مجرد عبارات منمقة مختارة منتقاة ‪ 0‬بل لتكن كلمــات‬
‫صريحة نابعة من قلبك ‪ ،‬بل تكلــف و ل تصــنع ‪ 00‬تعــبر عــن حالتــك و‬
‫مشاعرك ‪ ،‬بقلب مفتوح ‪ 00‬و احذر من أن تكون صلتك مجرد روتيــن‬
‫‪0‬‬
‫***‬
‫‪ -9‬لكى تكون صلتك بفهم ‪ ،‬تدرب على التأمل فى صلللوات المزاميللر و الجبيللة و‬
‫كل الصلوات المحفوظة ‪0‬‬
‫فكلما تغوص فى معانى هذه الصلوات ‪ ،‬ستجد لها عمقا ً يصحبك فى‬
‫وقت الصلة بها ‪ 0‬بل ستتعلم أسلوب التخاطب مع اللــه ‪ 0‬كمــا قــال‬
‫التلميذ للرب " علمنا أن نصلى " ) لو ‪0 ( 2 : 11‬‬
‫***‬
‫‪-10‬إن كنت لم تصل بعد إلى الصلة الطاهرة ‪ ،‬فل تمتنع عن الصلة لهذا السبب‬
‫‪0‬‬
‫فالصلة كأية فضيلة ‪ ،‬بتدرج النسان فى الوصول إلى كمالها ‪ 0‬و قد‬
‫قال ماراسحق ‪ :‬إن كنت تنتظر حتى تصل إلــى الصــلة الطــاهرة ثــم‬
‫تصــلى ‪ 0‬فــإلى البــد مــا تصــلى ‪ 0‬لن الصــلة الطــاهرة نصــل إليهــا‬
‫بالصلة ‪00‬‬
‫***‬
‫‪-11‬تدرب أنك تستمر فى الصلة ‪ ،‬كلما أردت أن تنهيها ‪00‬‬
‫فمن علمات نجاحك فى الصلة ‪ ،‬إنــك ل تســتطيع أ‪ ،‬تتركهــا و كأنــك‬
‫تناجى الرب وتقول" ابق معى يا سيدى " و تقول مع سفر النشــيد "‬
‫أمسكته و لم أرخة " ) نش ‪ 00 ( 4 : 3‬بل إن كــل طلبــة أو لفظــة‬
‫تشعر بحلوتها ‪ ،‬فل تريد تركهــا ‪ 0‬كمـا قــال أحـد البــاء عــن صــلوات‬
‫القديسين " و من حلوة الكلمة فى أفــواهم ‪ ،‬مــا كونــوا يســتطيعون‬
‫تركها إلى لفظة أخرى ‪" 00‬‬
‫***‬
‫مبارك هو الرب الله ‪ ،‬الذى تنازل فكلمنا ‪ ،‬نحن التراب و الرمــاد ‪ 0‬و‬
‫مبارك هو لنه أمر أنبياءه القديســين أن يســجلوا لنــا كلمــه ‪ ،‬فبقــى‬
‫محفوظا ً لنا فى الكتاب المقدس منفعة لنفوسنا و نورا ً لطريقنا‬
‫***‬
‫الكتاب المقدس هو كتاب الكتب أو هو الكتاب‬
‫فعندها يقال " الكتاب " فقط ‪ ،‬إنما يقصد به كتاب الله ‪ ،‬كلمة الــذى‬
‫يتحدث به إلينا ‪ 0‬الذين نطق به روح اللــه القــدس فــى أفــواه أنبيــائه‬
‫القديسين ‪ " 0‬لنه لم تأت نبوءة قط بمشيئة إنسان ‪ ،‬بل تكلم أنــاس‬
‫الله القديسون مسوقين من الروح القدس " ) ‪2‬بط ‪ 0 ( 21 : 1‬لذلك‬
‫فإننا فى قانون اليمــان ‪ ،‬نقــول عــن الــروح القــدس " النــاطق فــى‬
‫النبياء " ‪ 0‬و كما يقول الرسول " كل الكتاب هو موحى به من اللــه ‪،‬‬
‫و نافع للتعليم و التوبيخ ‪ ،‬للتقويم و التأديب الذى فى الــبر " ) ‪2‬تــى‬
‫‪0 ( 16 : 3‬‬
‫***‬
‫الكتاب المقدس هو رسالة مقدمة إليك ‪ ،‬و من ذا الذى ل يفرح برسالة الله ؟!‬
‫القديس أنطونيوس الكبير وصلته رســالة ذات يــوم مــن المــبراطور‬
‫قســطنطين ‪ 0‬ففــرح تلميــذه جــدا ً ‪ ،‬و لكــن القــديس تــرك الرســالة‬
‫جانبا ً ‪ ،‬فتعجــب تلميــذه و تحمســوا لقــراءة الرســالة ‪ 0‬فقــال لهــم "‬
‫لماذا تفرحون يا أولدى هكذا لرسالة وصلتنا من إنسان ؟ و هوذا الله‬
‫قد أرسل لنا رسائل كثيرة فى النجيل المقــدس ‪ ،‬و نحــن ل نقابلهــا‬
‫بمثل هذا الفرح و الحماس ؟! ثم بعد ذلك قــرأ خطــاب المــبراطور و‬
‫أرسل إليه يباركه ‪0‬‬
‫و أنت ‪ :‬إن وصلك خطاب من إنسان عزيز عليك ‪ ،‬أل تفللرح بلله ‪ ،‬و تقللرؤه مللرات‬
‫‪ 00‬أل بليق بك أن تفعل هكذا برسالة تصل إليك من الله ‪00‬‬
‫***‬
‫رسالة الله المرسلة إليك ‪ ،‬التى نطق بها الروح ‪ ،‬و تكلم بهــا النبيــاء‬
‫مسوقين بالروح ‪ ،‬هى كلمة مملوءة روحا ً ‪ ،‬نفهمها بــالروح و نحياهــا‬
‫‪ 0‬هى كما قال الرب ‪:‬‬
‫" الكلم الذى أكلمكم به هو روح و حياة " ) يو ‪ 0(63 : 6‬إنه غذاء لرواحنا تتغذى‬
‫به فيكون لها حياة ‪00‬‬
‫و كما قال الرب فى سفر التثنية ) تث ‪ ، ( 3 : 8‬وردده السيد المسيح‬
‫" ليس بالخبز وحده يحيا النسان ‪ ،‬بل بكل كلمة تخرج من فم اللــه "‬
‫) مت ‪ 0 ( 4 : 4‬لن الخبز هو طعام الجسد ‪ 0‬و النسان ليس مجرد‬
‫جسد ‪ ،‬بل له روح ‪ 0‬و الروح تتغــذى بكلم اللــه الــذى هــو فــى كتــابه‬
‫المقدس ‪0‬‬
‫ففى الكتاب المقدس غذاؤنا اليومى ‪ ،‬لننا نحيا " بكل كلمة تخرج من فم الله " ‪0‬‬
‫إنه خبز الحياة و غذاء الروح‬
‫و لعله بعض ما تقصده عبارة " خبرنا الذى للغد ‪ ،‬أعطنا اليوم "‪0‬‬
‫إن رجل الله يفرح بالكتاب ‪ " ،‬و فى ناموس الرب مســرته " ) مــز ‪(1‬‬
‫و فى ناموسه يلهج نهارا ً و ليل ً ‪ 0‬و عبارة " مسرته " تعنى أن وصــايا‬
‫الله ليست عبئا ً عليــه ‪ ،‬و ليســت ثقيلــة ‪ ،‬و ليســت فرضـا ً ‪ ،‬إنمــا هــى‬
‫سبب فرحه ‪00‬‬
‫***‬
‫و علقته بالكتاب دائمة و مستمرة ‪ ،‬يلهج فيه النهار و الليل ‪0‬‬
‫ول تظن أن هذه قيلت للرهبات و للعباد فقط ‪ ،‬بــل للجميــع ‪ 0‬قالهــا‬
‫الرب لقائد جيش مثقل بالمسئوليات ‪ ،‬يقود مئات اللف من الشعب‬
‫‪ 00‬ففى وصية والرب ليشوع بن نون خليفة موسى ‪ ،‬يقول له الرب‬
‫" ل يبرح سفر هذه الشريعة من فمك ‪ ،‬بل تلهج فيه نهارا ً‪ 0‬لكللى تتحفللظ للعمللل‬
‫حسب كل ما هو مكتوب فيه ‪0‬‬
‫حينئذ تصلح طريقك ‪ ،‬و حينئذ تصلح طريقك ‪ ،‬و حينئذ تفلــح " ) يــش‬
‫‪ 0 ( 8 : 1‬تصوروا قائدا ً مشغول ً جدا ً كيشوع ‪ ،‬و عليه كل مسئوليات‬
‫الحكــم الضــخمة ‪ :‬و مــع ذلــك يقــول لــه الــرب " ل يــبرح ســفر هــذه‬
‫الشريعة من فمك " ؟! ‪00‬‬
‫ليس هذا الكلم موجها ً إلى يشوع وحده ‪ ،‬بل إلى كــل واحــد منــا ‪ 0‬و‬
‫لذلك يقول المزمــور الول عــن الرجــل البــار إنــه " فللى نللاموس الللرب‬
‫مسرته ‪ ،‬و فى ناموسه يلهج نهارا ً و ليل ً " ) مز ‪0 ( 2 : 1‬‬
‫داود النبى كان ملكا ً و قائدا ً ورب أســرة كــبيرة و صــاحب مســئوليات‬
‫خطيرة ‪ 0‬و مع ذلــك يقــول " ناموســك هــو تلوتــى " " شــريعتك هــو‬
‫لهجى " ‪ 0‬و يتحــدث عــن علقتــه بنــاموس اللــه و شــريعته فيقــول "‬
‫سراج لرجلى كلمك ‪ ،‬نور لسبيلى " ‪ " ،‬فرحللت بكلمللك كمللن وجللد غنللائم‬
‫كثيرة " " كلمك ألذ من العسل و الشهد فى فمى " ‪00‬‬
‫من أين كان لدواد وقت يتلــو فيــه فــى كلم اللــه النهــار و الليــل ‪ ،‬و‬
‫صبح كلمات الله هى درسه و تلوته و لهجه ؟!‬
‫***‬
‫ً‬
‫إن آبائنا القديسين كانوا يحفظون كثيرا من أسفار الكتاب عن ظهــر‬
‫قلب ‪ ،‬و كان الكتاب يظهــر فــى حيــاتهم ‪ 0‬يــا ليتنــا نقيــم مســابقات‬
‫لحفظ آيات الكتاب ‪ 0‬أتذكر أننى قلت مرة للناس ‪:‬‬
‫" احفظوا النجيل ‪ ،‬يحفظكم النجيل ‪ ،‬احفظوا المزامير ‪ ،‬تحفظكم المزامير " ‪0‬‬
‫و فى حفظ اليات يمكن أن نرددها فــى داخلنــا ‪ ،‬و نتأمــل معانيهــا و‬
‫أعماقها فى كل مكان ‪ ،‬فى البيت ‪ ،‬و فى العمــل ‪ ،‬و فــى الطريــق ‪،‬‬
‫ووسط الناس ‪ 0‬و هكذا نصــادق الكتــاب و كلمــاته ‪ ،‬و تكــون لنــا نعــم‬
‫الرفيق ‪00‬‬
‫***‬
‫حفظ اليات و ترديدها و تأملها فضيلة ‪ ،‬و العمل بها فضيلة أعظم ‪0‬‬
‫و لذلك قال الســيد المسـيح " مـن يسـمع كلمـى و يعمــل بـه يشــبه‬
‫إنسانا ً بنى بيته على الصخر " ‪ 0‬و يقول الكاهن فى أوشية النجيل "‬
‫فلنستحق أن نسمع و نعمل بأناجيلك المقدسة " ‪00‬‬
‫ً‬
‫عبارة " فلنستحق " هنا لها معنى عميق ‪ ،‬لنه مــن نحــن حقـا ‪ ،‬حــتى‬
‫نستحق أن نسمع كلم الله و نؤتمن على وصاياه ؟!‬
‫أحب أن أرى أناجيلكم الخاصة و قد ظهر عليها الستعمال ‪0‬‬
‫تظهر قديمة و مخططة ‪ ،‬وواضحة قراءتكم فيها و استعمالكم لها ‪00‬‬
‫كلها زكريات و تأملت ‪ ،‬دخات العقــل و القلــب و أصــبحت جــزءا ً مــن‬
‫الحياة ‪0‬‬
‫***‬
‫اقرأوا و تأملوا ‪ 0‬اخلطوا إلى أعماقه ‪0‬‬
‫ل تكتفوا بالمعنى القاموسى ‪ 00‬و بالتأمل ستجدون الية الواحدة ‪،‬و‬
‫كأنها بحر واسع ل حدود له ‪ ،‬كما قال داود ‪ " :‬لكل كمللال رأيللت منتهللى ‪،‬‬
‫أما وصاياك فواسعة جدا ً " ‪0‬‬
‫قال هذا داود ‪ ،‬فى وقت لم تكن أمامه سوى تسعة أسفار تقريبا ً ‪ ،‬و‬
‫نحن معنا الكتاب كله ‪ ،‬بما فى ذلك العهد الجديد و جميــع النبيــاء ‪ 0‬و‬
‫كل كلمة فيه مملوءة من العمق و كنز للتأمل ‪0‬‬
‫***‬
‫ً‬
‫الكتاب المقدس ليس فقط مصدر تأمل ‪ ،‬إنما أيضا مصدر عزاء‬
‫فى كل حالة من حالت النسان النفسية ‪ ،‬يجد فى آيــات الكتــاب مــا‬
‫يريح قلبه و يشبعه ‪0‬‬
‫ً‬
‫فى حزنه يجد كلمة عزاء ‪ ،‬و فى فرحه يجد فيه سلما ‪ ،‬و فــى يأســه‬
‫يجد آيات عن الرجاء ‪00‬‬
‫الكتاب المقدس ‪ ،‬كلماته مؤثرة ‪ 0‬قــد تقــرأ بعضــها و تقــول للــه " ل‬
‫شك يا رب أنك قلت هذا الكلم من أجلى " ‪0‬‬
‫***‬
‫لذلك خذ كلمات الله كأنها رسالة شخصية موجهة إليك ‪0‬‬
‫إليك أنت بالذات ‪ ،‬و " من له أذنان للسمع فليسمع ‪ ،‬ما يقوله الــروح‬
‫القدس للكنائس " ‪ 0‬من أجلك أنت بالذات نطــق الــروح للكنــائس " ‪0‬‬
‫من أجلك أنت بالذات نطق الروح على أفواه النبياء ‪00‬‬
‫إنهــا رســالة أرســلها إليــك أنــت ‪ ،‬و ليــس إلــى أهــل روميــة أو أهــل‬
‫كورنثوس ‪ 0‬عندما أرسل المبراطور قسطنطين رسالة إلى القديس‬
‫أنطونيوس ‪ ،‬فرح أولده ‪ 0‬فقال لهم " إن الله – ملــك الملــوك – قــد‬
‫أرسل إلينا كثيرا ً من الرسائل ‪ ،‬فلماذا لم تفرحوا بها هكذا ‪00‬‬
‫***‬
‫ً‬
‫الكتاب المقدس ليس مجرد رسالة عزاء ‪ ،‬إنما أيضا سلح ‪:‬‬
‫كل خطية ‪ ،‬يمكن أن تصــنع أمامهــا وصــية ‪ ،‬فنجــد أنهــا قــد ضــعفت‬
‫أمامك ‪ ،‬و أخذت أنت من الوصية قوة ‪ 00‬ما أقوى كلمة الرب ‪ ،‬حــتى‬
‫أن لفظها صغير ‪0‬‬
‫" كلمة الله حية و فعالة ‪ ،‬و أمضى من كل سيف ذى حدين " ) عب ‪0 ( 12 : 4‬‬
‫الشيطان فى التجربة على الجبل ‪ ،‬و لم يستطع أن يحتمل كلمة الله‬
‫‪ ،‬و لم يستطع أن يرد على شئ منها ‪00‬‬
‫***‬
‫و كلمة الرب شاهدة علينا فى اليوم الخير ‪ ،‬إن لم ننفذها ‪0‬‬
‫لو لم نعرف ‪ ،‬لكان لنا عــذر ‪ ،‬و لكــن أى عــذر لنــا ‪ ،‬و هــوذا كلم اللــه‬
‫أمامنــا يوضــح لنــا كــل شــئ ؟! و كلم اللــه لــم يكــن مطلق ـا ً لمجــرد‬
‫المعرفة ‪ ،‬و إنما للحياة ‪ 00‬لذلك فلنعمل به ‪00‬‬
‫إن كلمة الرب ستطاردنا فى كل مكان نذهب إليه ‪ ،‬ترن فى آذاننا ‪ ،‬و‬
‫تتعب ضمائرنا إن لم نعمل بها‬
‫و لن تجدينا مطلقا ً تبريرات العقل الخاضع لشهوات النفس ‪00‬‬
‫***‬
‫و فى نفس الوقت فإن كلمللة الللله فللى أفواهنللا هللى دليللل علللى روحاتنللا و علللى‬
‫انتمائنا الدينى ‪0‬‬
‫هناك أشخاص يتحدثون ‪ ،‬فتمتلئ أحاديثهم بكلم العالم ‪ 0‬و هناك من‬
‫يتحدث ‪ ،‬فتظهر فى كلمــه لغــة الكتــاب ‪ 0‬مــن كــثرة تــرداده للفــاظ‬
‫الكتاب ‪ ،‬اعتاد أسلوبه ‪ ،‬و تأثر بلغته ‪ ،‬لذلك " ل يــبرح ســفر الشــريعة‬
‫من فمه " ‪ 0‬و كل من يسمعه ‪ ،‬يقول له " لغتك تظهرك " ) مت ‪: 26‬‬
‫‪0 ( 73‬‬
‫فلنعود أطفالنا استخدام آيات الكتاب ‪ ،‬بأن يقولــوا آيــة علــى كــل مــا‬
‫يرونه ‪ :‬كتاب ‪ ،‬شجرة قلم ‪ ،‬أرض ‪ ،‬باب ‪ ،‬مائدة ‪ 00‬كل مـا يقـع تحـت‬
‫بصرهم ‪00‬‬
‫الطفل الذى يتعود هذا ‪ ،‬تللدخل لغللة الكتللاب فللى الفللاظه و حيللاته ‪ 0‬و لذلك ل‬
‫يعرف لغة الخطاة ‪ ،‬و لغة العالم ‪ ،‬و ل يخطئ ‪00‬‬
‫***‬
‫قال داود " خبأت كلمك فى قلبى ‪ ،‬لكيل أخطئ إليك " ‪0‬‬
‫إن الكلم يجب أن يوضع فى القلب ‪ ،‬فى مركــز العاطفــة و الحــب و‬
‫المشاعر ‪ ،‬و ليس فقط فى الفم ‪ ،‬أو فى العقل فى موضع المعرفة‬
‫فقط ‪ 0‬وحينما يكون كلم الله فى القلب ‪ ،‬حينئذ ل نخطئ ‪ ،‬لن‬
‫وصية الله امتزجت بعواطفنــا ‪ 0‬مــا أجمــل قــول النجيــل عــن مريــم‬
‫العذراء إنها " كانت تحفظ كل هذه المور متأملة بها فى قلبها " ‪0‬‬
‫مــن ضــمن الشــخاص الــذين أخطــأوا ‪ ،‬لنهــم خبــأوا كلم اللــه فــى‬
‫عقولهم و ليس قلوبهم ‪ ،‬أمنا حواء ‪ :‬سألتها الحية مــن وصــية اللــه ‪،‬‬
‫فأجابت بحفظ و تدقيق شديد ‪ ،‬وفى نفس المناسبة كســرت الوصــية‬
‫و أخطأت ‪0‬‬
‫***‬
‫اقرأوا الكتاب المقدس ‪ 0‬و ثقوا أنكم فى كل قراءته ستجدون شــيئا ً‬
‫جديدا ً ‪ 0‬فكلمات الله غنية و دسمة ‪ ،‬و هى ينبــوع للتــأملت ل ينضــب‬
‫لذلك نرد أن داود النبى إذ اختبر هذه الحقيقة يقول ‪:‬‬
‫" لكل كمال رأيت منتهى ‪ ،‬أما وصاياك فواسعة جدا ً " ) مز ‪0 ( 118‬‬
‫أى أم كل كمال له حدود ‪ ،‬أما وصية الله فل حدود لعمقها ‪ 0‬فكما أن‬
‫الله غير محدود ‪ ،‬كذلك عمق كلمــاته غيــر محــدودة ‪ 0‬مهمــا تأملتهــا ‪،‬‬
‫تجد أن التأملت تفتح أمامــك آفاق ـا ً ل تجــد ‪ 00‬هللى جديللدة باسللتمرار ‪،‬‬
‫جديدة على ذهنك و على فهمك ‪ 0‬لهذا قال النبى " وجدت كلمك كالشللهد فللأكلته‬
‫"‪0‬‬
‫و فى ذلك يقول داود النــبى " نــاموس الــرب كامــل ‪ ،‬يــرد النفــس ‪0‬‬
‫شهادات الرب صادقة ‪ ،‬تصير الجاهل حكيما ً ‪ 0‬وصية الرب مستقيمة ‪،‬‬
‫تفرح القلب ‪ 0‬أمر الرب طــاهر ينيــر العينيــن ‪ 00‬أحكــام الــرب حــق ‪،‬‬
‫عادلة كلها ‪ 00‬أشهى من الذهب و البريز الكثير الثمن ‪ 0‬و أحلى من‬
‫العسل و قطر الشهاد " ) مز ‪0 ( 19‬‬
‫***‬
‫ثق أن كل كلمة تقرأها من الكتاب سيكون لها تأثيرها فيك وقوتها و فاعليتهللا دون‬
‫شرح و دون وعظ ‪0‬‬
‫يكفى أن تذكر كلمة الله ‪ ،‬لكى يقتنع النسان بدون نقاش و بل جهــد‬
‫كثير ‪ 0‬يكفى أن تذكر كلمة الله ‪ ،‬لكى يشعر النسان بحضور الله فى‬
‫الوسط و بنعمة خاصة ‪ 0‬و هذه الكلمة تنير له الطريق ‪0‬‬
‫إن الروح القدس الذى أوحى بالكلمة ‪ ،‬هو يعطــى قــوة لتنفيــذها ‪ 0‬و‬
‫لنتذكر أن الشعب لما سمعوا الكلمة فى يوم الخمسين ‪ ،‬قيــل عنهــم‬
‫إنهم " نخسوا فى قلوبهم " ) أع ‪0( 37 : 2‬‬
‫و قـال القـديس بـولس لتلميــذه تيموثـاوس " و أنــت منــذ الطفـوليه‬
‫تعرف الكتب المقدسة القادرة أن تحكمك للخلص " ) ‪2‬تى ‪( 15 : 3‬‬
‫‪ 00‬يجد فيها النسان الرشاد اللهى ‪ ،‬كما قال داود النبى‬
‫" سراج لرجلى كلمك و نور لسبيلى " بل قال أكثر من هذا ‪:‬‬
‫" لو لم تكن شريعتك هى تلوتى ‪ ،‬لهلكت حينئذ فى مذلتى " ) مز ‪0 ( 119‬‬
‫لهذا كله نلحظ أن كنيســتنا القبطيــة قــد اهتمــت بالكتــاب المقــدس‬
‫اهتماما ً كبيرا ً جدا ً ‪0‬‬

‫إن الكنيسة المقدسة تهتم اهتماما ً كــبيرا ً بالكتــاب المقــدس ‪ 0‬ففــى‬


‫كل قداس ‪ ،‬نقرأ فصل ً من النجيل فى رفــع بخــور عشــية ‪ ،‬و فص ـل ً‬
‫ثالثا ً هو إنجيل القداس ‪0‬‬
‫و إلى جوار قللراءة النجيللل مللرات فللى كللل قللداس ‪ ،‬توجللد قللراءات أخللرى من‬
‫رسائل بولس ‪ ،‬و من الرسائل الجامعة ) الكاثوليكون ( ‪ ،‬و مــن ســفر‬
‫أعمال الرسل ) البركسيس ( ‪ ،‬إلــى جــوار مقتطفــات مــن المزاميــر‬
‫تسبق قراءة النجيل ‪0‬‬
‫***‬
‫و عنللدما تقللرأ الكنيسللة النجيللل أثنــاء القــداس اللهــى يقــف شماســان‬
‫بالشموع إشارة إلى أن هذا النجيل هو سراج لرجلنا و نــور لســبيلنا‬
‫و أن كلمة الرب مضيئة تنير العينين ‪0‬‬
‫و قيل قراءة النجيل تصلى الكنيسة أوشية ) طلبــة ( تســمى أوشــية‬
‫النجيل ‪ ،‬يقول فيها الكاهن للرب " فلنستحق أن نسللمع و نعمللل بأناجيلللك‬
‫المقدسة ‪ ،‬بطلبات قديسيك " ‪ 0‬أى أن مجرد ســماعنا للنجيــل يحتــاج‬
‫إلى استحقاق ‪ ،‬و يحتــاج إلــى صــلة ‪ ،‬و إلــى طلبــات القديســين ‪ 0‬و‬
‫الشعب كله يسمع و هو واقف ‪ 0‬بينما يصرخ الشماس صائحا ً " قفــوا‬
‫بخوف من الله ‪ ،‬و انصتوا لسماع النجيل المقدس "‬
‫***‬
‫يقف الشعب كله فى خشوع ‪ 0‬و رئيس الكهنة يرفـع تـاجه مـن علـى‬
‫رأسه احتراما ً لكلمة الله ‪ 0‬و يقبل الشعب النجيل محبة له ‪ 0‬و يكون‬
‫الب قد حمل النجيل على رأسه و داربه حــول المذبــح ‪ ،‬اشــارة إلــى‬
‫انتشار النجيل فى المسكونة كلها ‪00‬‬
‫***‬
‫كما أن عظات الكنيسة كلها مبنية على آيات من الكتللاب المقللدس ‪ 0‬وكللذلك كللل‬
‫مناهج التعليم الدينى ‪0‬‬
‫و مع اهتمام الكنيســة بالتقليــد ‪ ،‬إل أن كــل المــور الــواردة فيــه ‪ ،‬ل‬
‫يمكــن أن تتعــارض مــع شــئ مــن الكتــاب ‪ ،‬بــل تثبتهــا آيــات الكتــاب‬
‫المقدس ‪ 0‬كما أن مجرد العتقاد بالتقليد ‪ ،‬و بالتسليم الرسولى أمر‬
‫يثبته الكتاب أيضا ً ‪0‬‬
‫***‬
‫و نرى النجيل ثابتا ً فى صلواتنا اليومية ‪0‬‬
‫فى الصلوات السبع ‪ ،‬صلوات الجبية ‪ ،‬التى يصليها المؤمن كل يوم ‪،‬‬
‫والتى تصليها الكنيسة فى قداساتها و فى اجتماعاتها ‪ :‬تشمل عــددا ً‬
‫كبيرا ً من المزامير ‪ ،‬و هى جزء من الكتاب ‪ 0‬فى فصــل مــن النجيــل‬
‫فى كل ساعة ‪ ،‬و مقدمة من رسالة بولس الرسول إلى أفسس فــى‬
‫صلة باكر ‪ 0‬و هكذا فإن مــن يــداوم علــى صــلوات الجبيــة ســيحفظ‬
‫بالضرورة فصول ً من النجيل و عديدا ً من المزامير ‪0‬‬
‫***‬
‫و فى كل سر من أسرار الكنيسة فصول من النجيل ‪0‬‬
‫ففى صلة القنديل ) مسحة المرضى ( مثل ً ‪ ،‬تقرأ فصول عديدة من‬
‫الكتاب ‪ 0‬و حتى صلة القداس اللهى تعتمد غالبيتها علـى آيـات مـن‬
‫إنجيل يوحنا )‪( 23، 22: 20‬‬
‫***‬
‫ونفس الوضع بالنسبة إلى الصلوات الطقسية ‪0‬‬
‫فصول عديدة من الكتاب بعهدية فى طقس اللقــان ‪ ،‬و فــى تدشــين‬
‫الكنائس ‪ ،‬و فى مباركة المنازل الجديدة ‪ ،‬و فــى ســيامة الرهبــان أو‬
‫الراهبات‬
‫و فى ليلة أبوغالمسيس يقرأ سفر الرؤيــا كلــه ‪ ،‬مــع عــدد كــبير مــن‬
‫التسابيح وبخاصة من العهد القديم ‪ 0‬و مــا أكــثر فصــول الكتــاب مــن‬
‫العهدين التى تقرأ خلل أسبوع اللم ‪0‬‬
‫و العهد القديم نقرأ منه أيضا ً من الصوم الكبير و فى صوم يونان ‪ ،‬و‬
‫فى كل ساعات البصــخة المقدســة ‪ 0‬و هــو أســاس لكــثير مــن قطــع‬
‫البصلمودية ‪ 0‬هل يوجد اهتمام بالكتاب المقدس أكثر مــن هــذا ؟! و‬
‫فى سيامة الباء البطاركة و الساقفة ‪ ،‬يوضع الكتاب المقدس فــوق‬
‫رؤوسهم ‪ ،‬ليلتزموا بتعليمه ‪00‬‬
‫ً‬
‫بقى أن أحدثك عن فائدة قراءة الكتاب المقدس فى حياتك ‪ 0‬بل أيضا كيللف تقللرأ‬
‫الكتاب ‪ ،‬و ما هى علقتك به ‪0‬‬
‫و كذلك أريد أن أذكر لك تدريبات معينة تعمق علقتك بالكتاب ‪0‬‬

‫علقتك بالكتاب المقــدس تــتركز فــى نقـاط رئيســية أهمهــا ‪ :‬اقتنــاء‬


‫الكتاب ‪ ،‬اصطحابه ‪ ،‬قراءته ‪ ،‬فهمه ‪ ،‬التأمل فيه ‪ ،‬دراسته ‪ ،‬حفظــه ‪0‬‬
‫و فوق الكل ‪ :‬العمل به ‪ ،‬و التدرب على وصاياه و تحويلها إلى حياة‬

‫ينبغى على كل شخص أن يقتنى الكتاب المقدس ‪ ،‬سواء أكــان كتابــا ً‬


‫كــبيرا ً علــى مكتبــه للقــراءة و الدراســة ‪ ،‬أو كتابـا ً صــغيرا ً يكــون فــى‬
‫الجيب أو حقيبة اليد ‪ :‬ل يفارقه ‪ 0‬بل يصحبه فى كل مشوار فى كل‬
‫رحلة ‪ ،‬فى كل مكان ‪ ،‬أثناء وجوده فى العمل ‪ ،‬أو فى وقت الراحــة ‪،‬‬
‫أو أثناء الجلوس مع الناس يكون صديقه ورفيقه فى دخوله و خروجه‬
‫‪ ،‬فى انتقاله و ترحاله ‪ 0‬يشعر أنه ل يستطيع الستغناء عنه إطلقا ً ‪0‬‬
‫إن نسى أخذه معه ‪ ،‬يحس أنه قد فقد شيئا ً هاما ً ‪:‬‬
‫أخشى أن يكون الكتاب المقدس غريبا ً فللى بيوتنللا أو حياتنللا " ليللس للله إن يسللند‬
‫رأسه " ) لو ‪ ، ( 58 : 9‬أو أنه يسند رأسه فى مكتبتك أو على أو على‬
‫مكتبك و ليس فى ذهنك و ل قلبك ! نعم ‪،‬لست اقصد باقتناء الكتــاب‬
‫أن يكون تحفة فى بيتك ‪ ،‬أو تميمة فـى جيبــك ‪ ،‬إنمـا يجــب أن يكـون‬
‫لستعمالك الدائم ‪ 0‬و أنت ل تصل إلــى صــداقة الكتــاب هــذه ‪ ،‬إل إذا‬
‫كنت تحبه ‪00‬‬

‫تحب الكتاب لنه رسالة الله إليك ‪ ،‬تتلقفها فى حب ‪00‬‬


‫تماما ً كما يصل النسان خطاب من حبيب له ‪ ،‬يقرؤه و يعيد قراءتــه ‪،‬‬
‫لنه كلم عزيز عليــه ‪ 00‬كمــا يقــول داود النــبى عــن كلم اللــه إنــه "‬
‫اشتهى من الذهب ‪ 00‬و أحلى من العسل و قطر الشهاد " ) مز ‪: 19‬‬
‫‪ 0 ( 10‬و يقول عنه الرب فى المزمور الكبير ‪:‬‬
‫" كلماتك حلوة فى حلقى ‪ 0‬أفضل من العسل و الشهد فى فمى " ‪0‬‬
‫و يقول أيضا ً " أحببت وصاياك أفضل من الــذهب و الجــوهر" ممحــص‬
‫قولك جدا ً ‪ 0‬عبدك أحبه " " أبتهج بكلمك كمن وجد غنــائم كــثيرة " "‬
‫اشتهيت وصاياك " " أحببت وصاياك " " أحببت شهاداتك " " لكل كما‬
‫رأيت منتهى ‪ 0‬أما وصاياك فواسعة جدا ً " )مز ‪ 0 (119‬و يقول أيضا ً ‪:‬‬
‫" لو لم تكن شريعتك هى تلوتى ‪ ،‬لهلكت حينئذ فى مذلتى " )مز ‪(119‬‬
‫و هكذا إن أحببت الكتاب ‪ ،‬تجد لذة فى قراءته و متعة ‪ 0‬و هذه اللــذة‬
‫تجعلك تداوم على القراءة و تلهج بها ‪0‬‬

‫يقول المزمور الول عن النسان الطيب المطوب ‪:‬‬


‫" فى ناموس الرب مسرته ‪ 0‬و فى ناموسه يلهج نهارا ً و ليل ً " ‪0‬‬
‫و هذه هى الوصية التى قالها الرب ليشوع بــن نــون " ل يــبرح ســفر‬
‫هذه الشريعة مــن فمــك ‪ ،‬بــل تلهــج فيــه نهــارا ً و ليل ً ‪ ،‬لكــى تتحفــظ‬
‫للعمل بكل ما هو مكتوب فيه " ) يش ‪0 ( 8 : 1‬‬
‫إن قراءة الكتاب تكون أفيد ‪ ،‬إن كانت بمواظبة و مداومة ‪ 0‬و بطريقللة منتظمللة ‪،‬‬
‫كل يوم ‪00‬‬
‫و ذلــك لكــى تتشــبع بــروح الكتــاب ‪ ،‬و يثبــت تأثيرهــا فيــك ‪ ،‬و تصــبح‬
‫قراءته عادة عندك ‪ 0‬و يمكن أن تضــع لنفســك أن تقــرأ فقــرات مــن‬
‫كتاب فى كل صباح قبل إن تخرج من بيتك ‪ ،‬لتكون مجال ً لتفكيــرك و‬
‫تأملتك خلل اليوم ‪ ،‬و تمل ذهنك فى مشيك و فى دخولك و خروجك‬
‫‪ 0‬كما تقرأ أيضا ً فصل ً آخر قبل النــوم ‪ ،‬لكـى تفكــر فـى هــذه اليـات‬
‫قبل النوم ‪ ،‬فتصحبك حتى فى أحلمك ‪00‬‬
‫إن القللراءة المنتظمللة فللى الكتللاب تسللاعد علللى الهذيللذ فيلله ‪ ،‬أو اللهللج بلله ‪ ،‬و‬
‫استمراره فى الفكر ‪00‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫و هكذا تستطيع أن " تلهج به نهارا و ليل " حسب الوصية ‪ 0‬و إن كان‬
‫هذا اللهج ممكنا ً لملك عظيم مثــل داود النــبى ‪ ،‬أو قــائد عظيــم مثــل‬
‫يشوع ‪ ،‬على الرغم من كثرة مســئولياتهما ‪ ،‬فكــم بــالولى نحــن و ل‬
‫شك أننا أقل منهما مشــغولية بكــثير ‪ 00‬؟! و لقــراءة الكتــاب عناصــر‬
‫هامة تساعد الستفادة منه ‪ ،‬نذكر من بينها ‪:‬‬

‫أنت فى القراءة تستمع إلى الله يكلمك ‪ ،‬فاسمعه بخشوع ‪00‬‬


‫و بقدر خشوعك فى القراءة ‪ ،‬يكون تأثير كلم الله عليك ‪0‬‬
‫لن قلبك يكون فى ذلك الوقت مستعدا ً ‪ ،‬شاعرا ً بأنه فى حضرة اللــه‬
‫‪ 00‬ولذلك فإن الكنيسـة حينمـا تتلـو علينـا قـراءات مـن الكتـاب فـى‬
‫القداس اللهى ‪ ،‬يصيح الشــماس قــائل ً " قفــوا بخــوف مــن اللــه ‪ ،‬و‬
‫انصــتوا لســماع النجيــل المقــدس " ‪ 00‬و الب الكــاهن قبــل قــراءة‬
‫النجيل ‪ ،‬يرفع البخور و يصلى أوشية يقول فيها ‪:‬‬
‫اجعلنا مستحقين أن نسمع و نعمل بأناجيلك المقدسة ‪" 00‬‬
‫إن مجرد السماع يحتاج إلى استحقاق ‪ ،‬و يحتاج إلى استعداد ‪ ،‬و نحن‬
‫نذكر أن موسى النبى – قبل سماع الوصايا العشــر – دعــا الشــعب أن‬
‫يتطهروا و يقدسوا مدة ثلثة أيام ‪ ،‬لكى يســتحقوا أن يســمعوا كلمــة‬
‫الله إليهم " ) خر ‪( 15 – 10 : 19‬‬
‫فالذى يقرأ كلمة الله باستهانة و إهمال ‪ ،‬ل يتأثر و ل يستفيد ‪0‬‬
‫تعود إذن أن تقرأ الكتاب بهيبة و احترام ‪ 00‬تــذكر أنــك فــى الكنيســة‬
‫تقف ‪ ،‬و يخلع رئيس الكهنة تاجه أثناء القــراءة احترامـا ً لكلمــة اللــه ‪،‬‬
‫فل تكن أنت فى الكنيسة بروح ‪ ،‬و فــى الــبيت بــروح آخــر ‪ 00‬و مــاذا‬
‫أيضا ً فى عناصر القراءة ؟‬

‫ادخل إلى عمق الكلم اللهى ‪ ،‬و فهم المقصود منه ‪00‬‬
‫اقرأ بتأمل وعمق ‪ 0‬فالفاهمون يضيئون كضياء الجلد " ) دا ‪( 3 : 12‬‬
‫كان الكتبــة و الفريســيون مــن علمــاء اليهــود ‪ ،‬و مــع ذلــك مــا كــانوا‬
‫يفهمون معنى وصية تقــديس الســبت ‪ 0‬و مــا كــانوا يفهمــون معنــى‬
‫كلمة ) القريب ( ‪ ،‬حتى شرح الرب مثال السامرى الصالح ‪00‬‬
‫***‬
‫و أهمية الفهم لزمة جدا ً ‪ ،‬حتى أن الرب يقول ‪:‬‬
‫" هلك شـعبى مـن عـدم المعرفـة " ) هـو ‪ 0 ( 6 : 4‬و مـن لـوازام‬
‫المعرفة ‪ ،‬عدم العتماد على آية واحدة ‪ 0‬فالنجيل ليس آية واحدة ‪0‬‬
‫و إنما هو كتاب ‪ 0‬و مجرد آيــة ‪ ،‬ل يعطــى معنــى متكــامل ً لقصــد اللــه‬
‫ووصيته ‪ 00‬و لذلك ‪:‬‬
‫اجمع اليات التى تخص موضوعا ً واحدا ً ‪ ،‬و اخرج بمعنى متكامل ‪0‬‬
‫***‬
‫و من ضمن الشروط التى تساعدك على فهم كلمة الله ‪:‬‬
‫أن تقرأ بروح ‪ ،‬وبعمق ‪00‬‬
‫فليس المهم فى كثرة ما تقرأه ‪ ،‬و لو بغير فهــم أو بغيــر تأمــل !! و‬
‫إنما تكمن استفادتك فى العمق الذى تقرأ به ‪ ،‬حيث تدخل كلمة اللــه‬
‫إلى أعماق فكرك و إلى أعماق قلبك و تجعلها تمس مشاعرك‬
‫***‬
‫لذلك اهتم بروح الوصية ‪ ،‬و ليس بمجرد النص ‪0‬‬
‫فكلم الله – كما قال – " هو روح وحياة " ) يو ‪ 0 ( 63 : 6‬لذلك عليك‬
‫أن تعرف روح الوصية ‪ ،‬و ل تتمسك بحرفيتهــا ‪ ،‬لن القــديس بــولس‬
‫الرسول يقول فى هذا المعنى ‪:‬‬
‫" ل الحرف بل الروح ‪ 0‬لن الحرف يقتل لكن الروح يحيى " ) ‪2‬كو ‪0 ( 6 : 3‬‬
‫و الشخص الروحى يسلك بــروح الوصــية ‪ ،‬و ليــس بمجــرد حرفيتهــا ‪،‬‬
‫كما كان يفعل الكتبة و الفريسيون ‪00‬‬
‫***‬
‫و فهم الكتاب لزم جدا ً ‪ ،‬سواء من جهة الروحيات أو من جهة العقيدة و اليمان ‪0‬‬
‫كثيرون كانوا يقرأون الكتاب ‪ ،‬و لكنهم ضلوا لنهم ما كانوا يعرفــون‬
‫المفهوم السليم ‪ ،‬فلم يدركوا " ما يقوله الروح للكنــائس " ) رؤ ‪، 2‬‬
‫رؤ ‪ 0 ( 3‬و هكذا يقول السيد المسيح له المجد " تضلون إذ ل تعرفون‬
‫الكتب " ) مت ‪ 0 ( 29 : 22‬لذلك حاول أن تعرف ‪ ،‬استشر و اسأل‬
‫‪00‬‬
‫***‬
‫كثيرون من الهراطقة كانوا يقرأون الكتاب ‪ ،‬بللل حسللبهم البعللض علمللاء و لكنهللم‬
‫ضلوا لعدم الفهم‬
‫أو أنهم كانوا أحيانا ً يأخذون آية من الكتاب ‪ ،‬و يــتركون بــاقى اليــات‬
‫التى تكمل الفهم ‪ 0‬فمثل ً يوردون قول الرب " لن أبى أعظم منى "‬
‫) يو ‪ ، ( 28 : 14‬و ل يضعون إلى جوارهــا " أنـا و الب واحـد " ) يـو‬
‫‪ 0 ( 30 : 10‬أو يقول البعض ‪ :‬قال الرســول " آمــن بــالرب يســوع‬
‫فتخلص لنت و أهل بيتك " ) أع ‪ 0 ( 31 : 16‬و ل يذكرون معها قول‬
‫الرب " من آمن و أعتمد خلص " ) مر ‪0( 16 : 16‬‬
‫***‬
‫ً‬
‫لذلك إن قال البعض ‪ :‬مكتوب ) كذا ( ‪ ،‬قل له كمللا قللال الللرب " مكتللوب أيض لا "‬
‫) مت ‪0 ( 7 : 4‬‬
‫كثيرون كانوا يقرأون الكتاب ‪ ،‬و لكنهم ضلوا لنهم ما كانوا يعرفــون‬
‫المفهوم السليم له المجد " تضلون إذ ل تعرفون الكتب " ) مت ‪: 22‬‬
‫‪ 0 ( 29‬لذلك حاول أن تعرف المفهوم السليم لكل ما تقرأ ‪ 0‬و إن لم‬
‫تعرف ‪ ،‬استشر و اسأل ‪00‬‬
‫***‬
‫كثيرون من الهراطقة كانوا يقرأون الكتاب ‪ ،‬بللل حسللبهم البعللض علمللاء و لكنهللم‬
‫ضلوا لعدم الفهم‬
‫ً‬
‫أو أنهم كانوا أحيان ـا يأخــذون آيــة مــن الكتــاب ‪ ، ،‬و يــتركون بــاقى‬
‫اليات التى تكمل الفهم ‪ 0‬فمثل ً يوردون قول الرب " لن أبى أعظم‬
‫منى " ) يو ‪ ، ( 28 : 14‬و ل يضعون إلى جوارها " أنا و الب واحد " )‬
‫يو ‪ 0 ( 30 : 10‬أو يقول البعض ‪ :‬قال الرسول " آمن بالرب يسوع‬
‫فتخلص أنت و أهل بيتك " ) أع ‪ 0 ( 31 : 16‬و ل يذكرون معها قول‬
‫الرب " من آمن و اعتمد خلص " ) مر ‪0 ( 16 : 16‬‬
‫***‬
‫لذلك إن قال لك البعض ‪ :‬مكتوب " كذا " ‪ ،‬قل له كما قال الرب " و مكتوب أيضا ً‬
‫" ) مت ‪0 (7 : 4‬‬
‫إن قال لك أحد المتزمتين ‪ :‬مكتوب " بكآبة الوجة يصلح القلب " ) جا‬
‫‪ 0 ( 3 : 7‬قل له و مكتوب أيضا ً افرحوا " ) فى ‪ 0 ( 4 : 4‬و مكتوب‬
‫كذلك " لكل شئ تحت الســموات وقــت ‪ 00‬للبكــاء وقــت ‪ ،‬و للضــحك‬
‫وقت " ) جا ‪ 00 ( 4 ، 1 : 3‬هكذا كن حكيما ً فى فهم ما تقرأ ‪00‬‬
‫***‬
‫إن حاربــك الســبتيون بحفــظ الســبت قــائلين ‪ :‬مكتــوب " اذكــر يــوم‬
‫السبت لتقدسه " ) خر ‪ 0 ( 8 : 20‬قل لهم و مكتوب أيضا ً " ل يحكم‬
‫عليكم أحد فى أكل أو شرب أو من جهة عيد أو هلل أو سبت ‪ ،‬الــتى‬
‫هى ظل المور العتيدة " كو ‪0 ( 17 ، 16 : 2‬‬
‫إن آيات الكتاب – إذا اجتمعت مع ـا ً – تكــون تكــامل ً و تناســقا ً و عمق ـا ً‬
‫للفهم ‪ ،‬و استخداما ً لكل شئ فى موضعه ‪0‬‬
‫ماذا أيضا ً عن علقتك بالكتاب ؟ هناك نقطة هامة أخرى و هى ‪:‬‬

‫حاول أن تحفظ آيات من الكتاب تمثل مبادئ روحية معينة ‪ ،‬أو أسسا ً‬
‫فــى العقيــدة و اليمــان ‪ ،‬أو وعــودا ً مــن اللــه تشــجعك و تعزيــك ‪ ،‬أو‬
‫تشمل ردودا ً على مسائل تشغلك و هذه اليــات و ترددهــا كــثيرا ً فــى‬
‫ذهنك و قلبك ‪ ،‬بلون من الهذيذ الذى يلصــقها بروحــك و أعماقهــا ‪ ،‬و‬
‫يدخلها فى عقلك الباطن ‪ ،‬و يحفرها فى ذاكرتك فتخــرج منهــا حيــن‬
‫تحتاج إليها ‪00‬‬
‫***‬
‫و المثلة على حفظ آيات الكتاب كثيرة ‪:‬‬
‫البعض يحفظ مثل ً العظـة علـى الجبـل ) مـت ‪ 0 ( 7 – 5‬أو صـفات‬
‫المحبة ) ‪1‬كو ‪ ، ( 13‬أو توصيات روحية كثيرة فــى ) رو ‪ ( 12‬و فــى )‬
‫‪1‬تس ‪ 0 ( 5‬أو اجزاء من سفر المثال أو سفر الجامعة ‪ 0‬أو الوصايا‬
‫العشر فى ) خر ‪ ، 20‬تث ‪ 0 ( 5‬أو يحفظ عددا ً كبيرا ً من المزامير ‪ ،‬و‬
‫من صلوات النبيــاء فــى الكتــاب المقــدس ‪ 0‬أو آيــات متفرقــة تــترك‬
‫تأثيرا ً فى قلبــه حيــن قراءتهــا ‪ 0‬أو آيــات خاصــة بفضــائل معينــة ‪ ،‬أو‬
‫خاصة بعقائد إيمانية ‪ ،‬أو تمثل ردودا ً على حروب روحية ‪ 00‬والمثلــة‬
‫فى هذا المجال عديدة جدا ً ‪00‬‬
‫لو أن النسان الروحى حفظ آية واحدة كل يوم ‪ ،‬كم ستكون محفوظاته فلى علام‬
‫كل مل ؟ ‪00‬‬
‫بل كم ستكون محفوظاته فى عدة أعوام ؟! و حتى إن حفــظ واحــدة‬
‫كل أســبوع ‪ ،‬ل شــك ســيحفظ ‪ 52‬آيــة فــى العــام ‪ ،‬أو ‪ 520‬آيــة فــى‬
‫عشرة أعوام ‪ 0‬و يعتبر هذا قدر ضئيل جدا ً يتعبه بسببه ضميره ‪0‬‬
‫ويبقى بعد ذلك استخدام الية التى يحفظها ‪ 00‬و قد كنــت كــثيرا ً مــا‬
‫أقول لبنائى فى هذا الصدد ‪:‬‬
‫احفظوا النجيل ‪ ،‬يحفظكم النجيل ‪ 00‬احفظوا المزامير ‪ ،‬تحفظكم المزامير ‪00‬‬
‫و لكن كيف تحفظكم ؟ ولداود النبى تأملت كثيرة فى هذا الموضــوع‬
‫‪0‬‬
‫انتقل الن إلى نقطة أخرى و هى ‪:‬‬
‫ما تقرأه من الكتاب ‪ ،‬و ما تحفظه من آيـاته ‪ ،‬يمكـن أن يكـون مجـال ً‬
‫لتأملتك ‪ 0‬تخلط به روحك و فكرك ‪ ،‬و ستجد نتيجة ذلك بما يوحى به‬
‫إليك ‪ 0‬و ترى أن لكل كلمة معانى ودلئل ‪ ،‬تتجدد فى قلبك و تتعدد ‪،‬‬
‫وتدخلك فى جوروحى ‪0‬‬
‫نصيحتى لك إذن ‪ ،‬أنك ل تقتصر علــى مجــرد القــراءة ‪ ،‬و إنمــا أدخــل‬
‫إلى أعماقها بالتأمل ‪ ،‬و قد كتبت لك موضوعا ً عــن التأمــل يمكــن أن‬
‫تقرأه ‪ 0‬نصيحة أخرى خاصة بقراءة الكتاب و هى ‪:‬‬

‫إبدأ القراءة بالصلة ‪ ،‬طالبا ً من الله أن يعطيك فهمـا ً ‪ ،‬و يكشــف لــك‬
‫مشيئته ‪ 0‬و قل كما قال داود النبى فى المزمللور الكللبير ‪ " :‬اكشللف يللا رب‬
‫عن عينى ‪ ،‬لرى عجائب ) مز ‪0 ( 119‬‬
‫و اختم القراءة بالصلة ‪ ،‬طالبا ً من الرب أن يعطيك قوة للتنفيــذ ‪ 0‬و‬
‫كما أعطاك فهما ً ‪ ،‬يعطيك رغبة و إرادة ‪0‬‬
‫بل اصحب القراءة أيضا ً بالصلة ‪ ،‬و كما يقول الكتاب " و على فهمك‬
‫ل تعتمد " ) أم ‪ 0 ( 5 : 3‬حاول بالصلة أن تستلم رسالة الله إليك ‪0‬‬
‫البعض يضع فى ذهنه فكرة مسبقة اســتقر عليهــا ‪ ،‬ثــم يقــرأ ليبحــث‬
‫عن آية تثبت له ما قد استقر فكره عليــه ‪ 0‬أو يحــاول أن يطــوع كلم‬
‫الكتاب لفكار !! أما أنت فل تكن هكذا ‪ ،‬إنما اقرأ لكى تتعلــم و لكــى‬
‫تعرف ‪0‬‬
‫***‬
‫و يلزمك لذلك روح التضاع فى صلتك ‪00‬‬
‫التضاع الذى تخضع به لتعليم الكتاب ‪ ،‬و تغير و تصحح به فكرك ‪ 00‬و‬
‫التضاع الذى تطلب به المعرفة ‪ ،‬قائل ً مع داود النبى " علمنى يا رب‬
‫طرقك ‪ 0‬فهمنى سبلك " و كأنك و أنت تقرأ تقول له ‪:‬‬
‫" ماذا تريد يا رب أن أفعل ؟ " ) أع ‪0 ( 16 : 9‬‬
‫أما ماذا تفعل ‪ ،‬فهذا ما أريد أن أحدثك عنه فيما بعد‬
‫من اليات الواضحة جدا ً عن تأثير كلمة الله ‪ ،‬هى قوله تبارك إسمه "‬
‫هكذا تكون كلمتى التى تخرج من فمــى ‪ 0‬ل ترجــع إلــى فارغــة ‪ ،‬بــل‬
‫تعمل ما سررت به ‪ ،‬و تنجح فى ما أرسلتها له " ) أش ‪0 ( 11 : 55‬‬
‫نعم ‪ ،‬إنه كلمة الله ل ترجع فارغة ‪0‬‬
‫إن لهــا قوتهــا ‪ ،‬و لهــا تأثيرهــا ‪ 0‬الــذين اختــبروا قــوة الكلمــة فــى‬
‫حياتهم ‪ ،‬يستطيعون أن ينقلوا هذه القــوة إلــى غيرهــم أيض ـا ً ‪ 00‬إن‬
‫القديس بولس الرسول فى شــرحه لقــوة الكلمــة و تأثيرهــا يقــول "‬
‫كلمة الله حية و فعالة و أمضى من كــل ســيف ذى حــدين ‪ ،‬و خارقــة‬
‫إلى مفرق النفس و الروح و المفاصل ‪ ،‬ومميزة أفكار القلب و نياته‬
‫" ) عب ‪( 12 : 4‬‬
‫***‬
‫و لعل إنسانا ً يقول ‪ :‬إذن لماذا اقرأ و ل أتأثر ؟!‬
‫يقينا ً إن العيب هو فيك أنت ‪ ،‬و ليس فى الكلمة ‪ ،‬إن كلمة اللــه مثــل‬
‫سيف ذى حدين ‪ 0‬بالنسبة إلى اللحم يقطعه ‪ ،‬و لكنه ل يقطع الصخر‬
‫‪ 0‬لذلك قال الرب فى سفر حزقيال النبى " و انزع قلــب الحجــر مــن‬
‫لحمكم ‪ ،‬و أعطيكم قلب لحم " ) خر ‪ 0 26 : 36‬فما هو نــوع قلبــك‬
‫الذى يستقبل كلمة الله ‪ 0‬أهو قلب حجر أو قلب حجر أو قلب صخر ؟‬
‫إن عذراء النشيد سمعت صوت الرب يناديها " افتحى لى يــا أخــتى يــا‬
‫حبيبتى ‪ ،‬يا حمامتى |‪ ،‬يا كاملتى ‪ ،‬فإن رأسى قــد امتل مــن الطــل و‬
‫قصصى من ندى الليل "‬
‫) نش ‪ 0( 2 : 5‬و مع ذلك لم تفتح ‪ ،‬و اعتذرت بأعذار ‪!00‬‬
‫***‬
‫إن كلمة الله حية و فعالة ‪ 0‬و لكنها تعمل بالكثر فى الذين يفتحــون‬
‫قلوبهم لها ‪ ،‬و يريدون أن تعمل فيهم ‪0‬‬
‫و مع ذلك فإن كلمة الله إن لم تعمل فيللك اليللوم ‪ ،‬فقللد تعمللل بعللد حيللن ‪ 00‬و ل‬
‫ترجع فارغة ‪0‬‬
‫ستظل راسخة فىعقلك الباطن ‪ 0‬و فى وقت ما ‪ ،‬حينما يصــبح قلبــك‬
‫مهيئا ً لها ‪ ،‬و حينما تكون الظروف المناسبة ‪ ،‬تجد الكلمة قــد خرجــت‬
‫من ذاكرتك ‪ ،‬و لصقت بقلبك ‪ ،‬و أخذت تعمل عملها ‪0‬‬
‫و كأن عدم استجابتك الولى كانت تصرفا ً مؤقتا ً ‪ ،‬أو فــترة أو لحظــة‬
‫فتور ‪ ،‬تستيقظ بعدها إلى نفسك ‪ 0‬مثل عذراء النشيد التى اعتــذرت‬
‫أول ً عن فتح باب قلبها ‪ 0‬ثم عادت تقول " حبيبى مد يده من الكــوه ‪،‬‬
‫فأنت عليه أحشائى ‪ 00‬نفسى خرجت عند ما أدبر ‪ ) " 00‬نش ‪، 4 : 5‬‬
‫‪(6‬‬
‫***‬
‫ً‬
‫ليست كل بذرة تلقى على الرض ‪ ،‬تخرج ثمرا فى نفس الوقت ‪ 0‬و ربما بعد أيام‬
‫أو شهور ‪00‬‬
‫لذلك اختزن كلم الله فى قلبك و فى ذهنك ‪ ،‬و ســيعطى ثمــره فــى‬
‫الحين الحسن ‪ 0‬و بخاصــة إذا كنــت تتعهــده بالهتمــام ‪ ،‬و تلهــج فيــه‬
‫النهار و الليل ‪ ،‬و تحفظه من الموانع التى تعوق عمله ‪ ،‬سواء أكــانت‬
‫موانع داخلية أو خارجية ‪ 00‬ربما بذرة فى الرض ‪ ،‬و لــم تصــل إليهــا‬
‫المياه ‪ ،‬فظلت كما هى ‪ ،‬و الحياة فيها و لكنها كامنــة ‪ 0‬ثــم وصــلتها‬
‫المياه بعد أيام ‪ ،‬فبدأت هذه الحياة تنشط و تظهر على وجه الرض ‪0‬‬
‫لذلك ما أجمل قول الكتاب " إرم خبزك على وجه المياه ‪ ،‬فأنك تجده‬
‫بعد أيام كثيرة " ‪00‬‬
‫***‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫و لهذا ل تيأس فى الخدمة ‪ ،‬إن لم تلحظ للكلمة ثمرا سريعا ‪00‬‬
‫بل اصــبر و انتظــر الــرب ‪ ،‬و ل تتضــجر ‪ 0‬فليســت كــل النفــوس مــن‬
‫نوعيــة واحــدة ‪ 0‬و ليســت كلهــا ســريعة الســتجابة ‪ 0‬و ليســت كــل‬
‫الظروف الخارجية مواتية ‪ 00‬هناك من يسمع الكلمة فيتأثر بسرعة ‪0‬‬
‫و هناك من يحتــاج بعــدها إلــى شــرح و إقنــاع ‪ ،‬و إلــى متابعــة و حــل‬
‫الشكالت التى تعترضه فى التنفيذ ‪00‬‬
‫هناك من يأخذ الكلمة للمعرفة و ليس للحياة ‪0‬‬
‫يتناولها بعقله ل بروحه ‪ ،‬ليوسع بها مداركه ل ليطهر بها قلبــه ‪ 00‬و‬
‫هذا الفارق بين العالم و العابد‬
‫فالعالم يقرأ الكتاب ويدرســه ‪ ،‬و يشــرحه و يفســره كمــا كــان يفعــل‬
‫الكتبة و الفريسيون و هم جلوس على كرسى موسى ) مت ‪( 2 : 23‬‬
‫‪ 0‬يعلمون و ل يعملون ‪ 0‬أما العابد فيشبه داود النبى الذى كان يقول‬
‫" خبأت كلمك فى قلبى ‪ ،‬لكيل أخطئ إليك " ) مز ‪ 0 ( 11 : 119‬هذا‬
‫كان هدفه من كلم الله‬

‫إن استجبت لكتاب الله و تركت كلمته تعمل فيك ‪ ،‬فماذا تراه سيكون‬
‫عمـل الكلمـة اللهيـة فيـك ؟ إن النتـائج كـثيرة بلشـك ‪ ،‬فنحـاول أن‬
‫نتتبعها ‪00‬‬
‫‪-1‬إنها تجمع العقل من الطياشة و تشغله باللهيات‬
‫لو تركت فكرك على سجيته ‪ ،‬فلست تدرى فى أى موضوع يطيــش ‪0‬‬
‫و لكن القراءة عموما ً تجمع العقل من تشتته ‪ ،‬و تركزه فــى موضــوع‬
‫القراءة ‪ 0‬أما قراءة الكتاب بالــذات ‪ ،‬فإنهــا تهــدى الفكــر إلــى مينــاء‬
‫سليم ‪ 0‬و الخشوع فى القراءة يغطــى تركيــزا ً أكــثر بســبب تــوقيرك‬
‫لكلمة الله ‪ 0‬و يكون لهذا التركيز تأثيره الروحى ‪0‬‬
‫***‬
‫‪-2‬قراءة الكتاب تمنحك فهما ً و استنارة و معرفة ‪00‬‬
‫لــذلك يقــول المرتــل فــى المزمــور " ســراج لرجلــى كلمــك و نــورا ً‬
‫لسبيلى " ) مز ‪ 0 ( 105 : 119‬و يقول أيضا ً " وصية الرب مضــيئة‬
‫تنير عن بعد " ) مز ‪ 0 ( 19‬لهذا نحن نوقد الشــموع و نحملهــا أثنــاء‬
‫قراءة النجيل ‪ ،‬متذكرين هــذه الســتنارة ‪ 0‬أمــا عــن الفهــم فيقــول‬
‫المرتل ‪ " :‬شهادات الرب صادقة ‪ ،‬تصير الجاهل حكيمللا ً " بل يقــول أيض ـا ً "‬
‫أكثر من جميع الذين يعلموننى فهمت ‪ ،‬لن شــهاداتك هــى درســى ‪0‬‬
‫أكثر من الشيوخ فهمت ‪ ،‬لنى طلبت وصاياك " ) مز ‪0 ( 99 : 119‬‬
‫بهذا الفهم يتعلم النسان طرق الرب ‪ ،‬يعرف كيف يسلك ‪ ،‬و يقتنــى‬
‫موهبــة الفــراز و الحكمــة ‪ 0‬و بخاصــة لــو اهتــم بمعرفــة كيــف كــان‬
‫قديسو الكتاب يسلكون ‪ ،‬و كيف كانوا يتعاملون مع الله و مع النــاس‬
‫‪ 0‬و أخذ من تصرفاتهم أمثولة لحياته يقتدى بها ) عب ‪0 ( 7 : 13‬‬
‫‪ -3‬بل قراءة الكتاب ترشده أيضا ً إلى العقيدة السليمة ‪0‬‬
‫و ذلك إذا قرأ بفهم و تحت إرشاد ‪ 0‬و كــل عقيــدة حفــظ لهــا آيــة أو‬
‫بضع آيات ‪ 0‬و صارت آيات الكتاب تحفظه مــن البــدع و الهرطقــات و‬
‫من كل تعليم خاطئ ‪ 0‬و هذا ما كان يفعله آباء الكنيسة الكبار أبطال‬
‫اليمــان ‪ 0‬إذ كــانوا يقــاومون البــدع عــن طريــق فهمهــم للكتــاب و‬
‫محصول الحفظ العجيب لياته فى أذهانهم ‪0‬‬
‫***‬
‫‪-4‬الكتاب أيضا ً يرشد قارئه إلى حياة التوبة إلى النمو الروحى ‪0‬‬
‫فــى ضــوء وصــاياه ‪ ،‬يمكــن أن يصــل إلــى محاســبة النفــس بطريقــة‬
‫سليمة ‪ ،‬فيكتشــف صــعفاته و خطايــاه ‪ 0‬و يعــرف أن المطلــوب منــه‬
‫ليس هو فقط التوبة عن الخطية ‪ ،‬بل بالكثر حياة القداسة و الكمال‬
‫حسب قول الرسول " نظير القدوس الذى دعاكم ‪ ،‬كونوا أنتــم أيضــا ً‬
‫قديسين فى كل سيرة ‪ 0‬لنه مكتوب كونوا قديسين لنى أنا قــدوس‬
‫" ) ‪1‬بط ‪ ) ( 16 ، 15 : 1‬ل ‪ 0 ( 44 : 11‬و يقول الرب أيضا ً " فكونوا‬
‫أنتم كاملين ‪ ،‬كما أن أباكم الذى فى السموات هو كامل " ) مــت ‪: 5‬‬
‫‪0 ( 48‬‬
‫ويشرح الكتاب بالتفصيل حياة التوبة و القداســة و الكمــال ‪ ،‬و يقــدم‬
‫لها مثل ً ‪ 0‬و من الناحية العكسية يقول ‪ " :‬تضلون إذ ل تعرفون الكتللب " )‬
‫مت ‪0 ( 29 : 22‬‬
‫ً‬
‫‪-5‬و قــراءة الكتــاب تمنــح العقــل و الرادة لون ـا مــن الســتحياء ‪ ،‬إذا‬
‫تعرض النسان لغراء الخطية ‪ 0‬إذ كيف أن فكره الــذى تقــدس بكلم‬
‫الله و بالجو الروحى أثناء قراءته ‪ ،‬يعود و يتدنس بفكر الخطية‬
‫***‬
‫‪-6‬و فى محاربات الشيطان ‪ ،‬يستطيع النسان أن يرد على الخطية بالوصية ‪0‬‬
‫و ذلك حســبما شــرح القــديس مــاروأوغريس فــى كتــابه عــن حــروب‬
‫الفكار ‪ 00‬فإذا ضاع وقتك فى الـثرثرة و الكلم الكـثير ‪ ،‬تـذكر قـول‬
‫الكتاب " إن كثرة الكلم ل تخلو مــن معصــية " ) أم ‪ 0 ( 19 : 10‬و‬
‫قول المرتل " ضع يا رب حافظا ً لفمى و بابا ً حصينا ً لشفتى " ‪0‬‬
‫و إذا حوربت بالغضب تذكر قول الرسول " ليكن كــل إنســانا ً مســرعا ً‬
‫إلى الستماع ‪ 0‬مبطئا ً فى التكلم ‪ ،‬مبطئا ً فــى الغصــب ‪ 0‬لن غضــب‬
‫النسان ل يصنع بر الله " ) يع ‪ ( 20 ، 19 : 1‬و أيضا ً قول الكتاب " ل‬
‫تصطحب غضوبا ً ‪ ،‬و مع صاحب سخط ل تجئ " ) أم ‪0 ( 24 : 22‬‬
‫و إذا حوربت بالنظر الشهوانى ‪ ،‬تذكر قول الرب " كل من ينظر إلــى‬
‫امرأة ليشتهيها ‪ ،‬فقد زنى بها فى قلبه " ) مت ‪ 0 ( 28 : 5‬و تذكر‬
‫أيضا ً قول أيوب الصديق " عهــدا قطعــت لعينــى ‪ ،‬فكيــف أتطلــع فــى‬
‫العذراء " ) أى ‪( 1 : 31‬‬
‫وهكذا كانت آيات الكتاب ثابتة فى ذهنك و فــى قلبــك ‪ ،‬تســتطيع أن‬
‫تسترجعها ‪ ،‬و ترد بها على كــل حــرب روحيــة يحاربــك بهــا العــدو ‪00‬‬
‫مجرد تذكر الوصية يخجلك ‪ ،‬و يرد قلبك عن ارتكاب الخطية ‪ 0‬و غالبا ً‬
‫الشخص الذى يخطئ ‪ ،‬يكون وقتذاك فى حالة نســيان لوصــايا اللــه ‪0‬‬
‫محبة الخطية قد خدرته‬
‫***‬
‫‪ -7‬كلم الكتاب أيضا ً يعزيك فى ضيقاتك ‪ ،‬و يقويك كلما ضعفت ‪0‬‬
‫و كثيرا ً ما كان داود النبى يقول فى مزاميره للــرب " و علــى كلمــك‬
‫توكلت " ) مز ‪ 0 ( 81 : 119‬و يقول له أيضـا ً " اذكــر لعبــدك الــذى‬
‫جعلتنى عليه أتكل ‪ ،‬هذا الذى عزانى فى مــذلتى " ) مــز ‪ 00 (119‬و‬
‫كلما كان يتعرض لهجمات العداء كان يقول " لول أن الرب كان معنا‬
‫حين قام الناس علينا ‪ ،‬لبتلعونا و نحن أحيــاء ‪ 00‬نجــت أنفســنا مثــل‬
‫العصفور من فخ الصيادين ‪ 0‬الفخ انكسر و نحــن نجونــا ‪ 0‬عوننــا مــن‬
‫عند الرب الذى صنع السماء و الرض " ) مز ‪0( 123‬‬
‫ما أكثر كلم الكتاب عن الرجاء ‪00‬‬
‫ً‬
‫الذى يقرأه و يحفظــه ‪ ،‬يســتريح قلبــه و يجــد ســلما ‪ ،‬بــل كمــا قــال‬
‫الرسول " فرحين فى الرجاء " ) رو ‪ 00 ( 12 : 12‬إن و عود الله فى‬
‫كتابه المقدس ‪ ،‬تعطى النفس اطمئنانا ً عجيبـا ً ‪ ،‬مثـل قـوله " هـا أنـا‬
‫معكم كل اليام و إلى انقضاء الدهر " ) مت ‪ 0 ( 20 : 28‬و قوله " و‬
‫أما أنتم ‪ ،‬فحتى شعور رؤوسكم محصــاة ‪ 0‬فل تخــافوا " ) مــت ‪: 10‬‬
‫‪ 0 ( 31 ، 30‬و قوله " أنا معك ‪ 0‬ل يقع بك أحد ليؤذيك " ) أع ‪: 18‬‬
‫‪ 00 ( 10‬و ما أكثر اليات ‪ 0‬ليتك تجمعهــا و تحفظهــا ‪ 00‬ويعــوزنى‬
‫الوقت إن تكلمت ‪ ،‬ول تكفي الصفحات ‪.‬‬
‫***‬
‫‪ 8‬ـ فالكتاب فيه كل شئ ‪ ،‬لكل أحد ‪ ،‬في كل حالة ‪.‬‬
‫أيا ً كانت ظروفك ‪ ،‬أيا ً كانت حالتك النفسية ‪ ،‬فسوف تجد في الكتــاب‬
‫رسالة لك تريحك ‪ .‬تجد فيه كل ما يلزمك ‪ ،‬وما يناســبك ‪ .‬يكفــي مثل ً‬
‫كتاب ) المزامير ( فيه كل ألوان المشاعر والصلوات ‪ .‬وسفر المثال‬
‫فيه كل أنواع النصائح ‪ .‬وكل سفر يحوي لك رسالة معينة إن أحسنت‬
‫انتقاءها وفهمها …‬

‫‪ 1‬ـ يمكنك أن تستخدمه أول ً كمادة للصلة ‪.‬‬


‫فبالضــافة إلــى صــلتك قبــل القــراءة وبعــدها ‪ ،‬فــإن قــراءة الكتــاب‬
‫تشعل فيك مشاعر معينىة تجد نفسك محتاجا ً أن تحولها إلــى صــلة ‪.‬‬
‫وكذلك فإن قراءة ســفر كــالمزامير مثل ً يعلمــك كيــف تصــلي ‪ ،‬ومنــه‬
‫تعرف أسلوب التخاطب مع الله ‪ .‬ونفس الوضع في قراءاتك لصلوات‬
‫رجال الله في الكتاب ‪ ،‬مثل صلة دانيال النبي ) دا ‪ . ( 9‬وصلة عــزرا‬
‫) عز ‪ ، ( 9‬وأيضا ً صلة نحيما ) نــح ‪ ( 1‬وصــلة ســليمان ) ‪1‬مــل ‪( 8‬ـ ‪،‬‬
‫وصلة يونان في بطن الحوت ) يون ‪ . ( 2‬وتسبحة العذراء ) لو ‪. ( 1‬‬
‫وباقي التسابيح والصلوات التي في الكتاب ‪.‬‬
‫***‬
‫‪ 2‬ـ ويمكن أن يكون الكتاب مادة للتأمل ‪:‬‬
‫بــأن تتخــذ حادثــا ً مــن الســفار التاريخيــة مجــال ً للتأمــل ‪ ،‬أو إحــدي‬
‫المعجزات ‪ ،‬أو مثل ً ‪ ،‬أو آية ‪ .‬وتخلط بكل ذلك قلبك وفكرك ‪ ،‬وتسجل‬
‫تأملتك ‪.‬‬
‫***‬
‫‪ 3‬ـ أو تتخذ وصايا الكتاب مجال ً للتداريب الروحية ‪.‬‬
‫بما يناسب مستواك واحتياجك الروحي ‪ ،‬لكي تنمو في حياة الفضيلة‬
‫‪ .‬وستجد شرحا ً طويل ً لهذا في مقالنا عن التداريب الروحية ‪.‬‬
‫***‬
‫‪ 4‬ـ أو تتخذ من قراءة الكتاب مجال ً للتوبة ‪.‬‬
‫فإن قرأت مثل ً قول الرب " إن قدمت قربانــك إلــى المذبــح ‪ ،‬وهنــاك‬
‫تذكرت أن لخيــك شــيئا ً عليــك ‪ ،‬أتــرك هنــاك قربانــك قــادم المذبــح ‪،‬‬
‫واذهب أول ً اصطلح مع أخيك " ) مت ‪ ، ( 24 ، 23 : 25‬تجد في داخلك‬
‫دافعا ً قويا ً أن تذهب لتصالح من أسأت إليهــم ‪ .‬وإن قــرأت آيــات عــن‬
‫النذر ) جا ‪ … ( 5 ، 4 : 5‬تجد أنك ملزم أن توفي للرب نذورك التى‬
‫تأخرت في دفعها ‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ 5‬ـ يمكن أن تتخذ كثيرا من اليات مجال ً للحفظ ‪.‬‬

‫‪ 1‬ل احفظوا بعضا ً من الفصول الساسية الهامة في الكتاب ‪:‬‬


‫ومن أمثلة ذلك العظة على الجبل ‪ ،‬دستور المسيحية ) مــتى ‪ 5‬ــ ‪( 8‬‬
‫وفصل المحبة ) ‪1‬كو ‪ ، ( 13‬والوصايا الجميلة فــي ) رو ‪ ، ( 12‬وصــلة‬
‫المسيح الطويلة قبل ذهابة إلى جثسياني ) يو ‪ . ( 17‬وبعــض أحــاديث‬
‫المسيح مع تلميذه ) يو ‪ 14‬ـ ‪. ( 17‬‬
‫‪ 2‬ل دربوا أنفسكم وأولدكم على حفظ آيات على الحروف البجدية ‪.‬‬
‫آيــات تبــدأ بحــروف أســمائكم ‪ ،‬أو أســماء القديســين ‪ ،‬أو الصــفات‬
‫الفاضلة ‪ ،‬أو آيات كلمة مناسبة كنيسة‬
‫‪ ،‬تربية كنسية ‪ ،‬كهنوت ‪00‬‬
‫‪-3‬يمكن حفظ آيات ترد فيها كلمات معينة ‪:‬‬
‫كأن تقول للولد ‪ :‬قل آيات خاصة بالحجرة ) كرسى – فراش – أرض –‬
‫مصباح – باب – نــور ( و أو آيــات عــن أعضــاء جســمه ) وجــه – عيــن –‬
‫شفتان – رجل – يد ‪0 ( 00‬‬
‫‪-4‬يمكن أيضا ً حفظ آيات موضوعية ‪:‬‬
‫آيات عن الفرح ‪ ،‬العــزاء ‪ ،‬الوداعــة ‪ 00‬آيــات لمحاربــة بعــض أفكــار ‪0‬‬
‫آيات لتشجيع يائس ‪ ،‬أو لنصح خاطئ ‪ ،‬أو للشكر ‪00‬‬
‫‪-5‬يمكن التدرب على استخدام آيات أثناء الحديث مع الناس ‪0‬‬
‫لتكن لغة الكتاب حاضرة فى فمك تستخدمها فى كلمك و أحاديثــك و‬
‫قصصك ‪ 0‬بهذا ل تخطئ كثيرا ً ‪ ،‬كما أنك تكون قدوة ‪ 0‬كذلك فى كــل‬
‫موقف ‪ ،‬فى كل مشكلة ‪ ،‬حاول أن تتذكر آية ‪00‬‬
‫‪-6‬يمكن أيضا ً عمللل نوتللة لليللات المختللارة ‪ :‬أكتب فيهــا اليــات الــتى تــؤثر‬
‫فيك ‪ ،‬و التى تمثل خطة عمل ‪ 0‬ثم احفظها ‪0‬‬
‫أريد أن أعمل لكم مسابقة فلى الحفللظ ‪ ،‬أو أن نخللرج لكللم كتيبللات تسلاعد عللى‬
‫حفظ اليات فى شتى الموضوعات ‪00‬‬
‫و هنا أضع أمامك قول الرب فى سفر التثنية ‪ " :‬لتكن هــذه الكلمــات‬
‫التى أنا أوصيك بها اليوم على قلبك ‪ ،‬و قصها على أولدك ‪ 0‬و تكلــم‬
‫بها حين تجلس فى بيتك ‪ ،‬و حين تمشى فى الطريق ‪ ،‬و حين تنام و‬
‫حين تقوم ‪ 00‬و اكتبها على قوائم أبواب بيتك و على أبوابك " ) تــث‬
‫‪0(9–6:6‬‬
‫***‬
‫فما مدى تنفيذك لهذه الوصايا ؟‬
‫أ‪-‬هل هناك آيات مبروزة و معلقة على جــدران بيتــك ‪ ،‬تحفظهــا أنــت‬
‫وزوجتك وأولدك‬
‫ب‪-‬هل تعلم أولدك ما فى الكتاب حسب قوله " وقصها علــى أولدك‬
‫" ‪ ،‬أم تعتمد على مدارس الحد و تخلى نفســك مــن المســئولية ؟! و‬
‫يدرك البناء أن والديهم ل يحدثونهم أبدا ً عن كلمة الله !!‬
‫ج‪-‬هل تستخدم لغة الكتاب فى أحاديثك المنزليــة ‪،‬حســب الوصــية " و‬
‫تكلم بها حين تجلس فى بيتك " ؟‬
‫د‪-‬هل تقرأ الكتاب يوميا ً مع أفراد أسرتك ؟ و هل لكم اجتمــاع عــائلى‬
‫حول الكتاب ؟‬
‫ه‪-‬هل تقيم لولدك مسابقات فى حفظ اليات ‪ ،‬و هل تــدربهم علــى‬
‫ذلك ؟ ‪00‬إنى أسأل قبل أن يسألك الله فى ذلك ‪0‬‬
‫قراءة سير القديسين مــن أهــم الوســائط الروحيــة الــتى تســتخدمها‬
‫النعمة لتنمية علقتنا مع الله ‪ ،‬اشعال محبتنا له و ملكوته ‪0‬‬
‫و هى تقدم لنا التنفيذ العملى للمبادئ الروحية ‪0‬‬
‫ربما تبدو لنا كثير من الوصايا و التعــاليم و كأنهــا مبــادئ نظريــة ‪ 0‬و‬
‫لكننا نراها فى سير القديسين فى الواقــع العملــى ‪ ،‬منفــذة بصــورة‬
‫واضحة و فى ظروف مناسبة لها ‪0‬‬
‫و هكذا ترينا القديسين أن وصايا الرب سهلة و ممكنة ‪ ،‬و ليست مثاليات نظرية ‪0‬‬
‫فكثيرا ً ما يقول البعض فــى اســتغراب ‪ :‬مــن يســتطيع أن ينفــذ هــذه‬
‫المثاليات ؟! هل حقا ً يمكن لنسان أن يحول الخد الخر لمــن بلطمــة‬
‫على خده ؟! ) مت ‪ 0 ( 39 : 5‬هل يمكن أن يصلى إنسان كل حين و‬
‫ل يمل ) لو ‪ ( 1 : 18‬؟! و أن يصلى بل انقطاع ! ) ‪1‬تس ‪0 ( 17 : 5‬‬
‫و هل يمكن أن يعطى النسان كل ماله للفقراء ؟! ) مت ‪( 21 : 19‬‬
‫‪ 0‬هذه السئلة مع الكثير من أمثالها ‪ ،‬نراها جميعا ً مجابة و ممثلة فى‬
‫سير القديسين ‪0‬‬
‫***‬
‫و لقد سمح الله أن يقدم لنا هللؤلء القديسللون أمثلللة عاليللة فللى كللل فضلليلة مللن‬
‫الفضائل بل استثناء‬
‫ً‬
‫و بطريقة مذهلة حقا ‪ ،‬تــدعو إلــى العجــاب الشــديد بروحانيــة أولئك‬
‫البرار ‪ ،‬حتى و كأنهم كانوا ملئكة أرضيين ‪ ،‬ارتفعــوا فــوق مســتوى‬
‫المادة و الجسد ‪ ،‬و عاشوا بالروح مع الرب ‪ ،‬فــى حيــاة نصــرة كاملــة‬
‫على كل حروب العــدو ‪ 0‬أو تقـول إنهـم عـادوا إلـى الصــورة اللهيـة‬
‫التى خلق بها النسان منذ البــدء ‪ 00‬فحيــاتهم تشــجع كــل إنســان أن‬
‫يسير فى النهج الروحى ‪ ،‬بل خوف ‪ ،‬و بل تردد ‪0‬‬
‫بحيث نقول فى ثقة حينما نقرأ عنهم ‪ :‬الله قادر أن يعيننا كما أعانهم ‪00‬‬
‫حياة البر إذن ممكنة و سهلة و متاحة ‪ ،‬لكل من يطلبها ‪ 0‬و نعمة الله‬
‫مستعدة أن نعمل فى كل قلب ‪ ،‬و ترفعه إلــى أســمى درجــة ‪ ،‬مهمــا‬
‫كانت حالته الولى ‪ 00‬فروح الله الذى كان يعمــل ‪ ،‬و يقــود النفــوس‬
‫نحو الله ‪ ،‬و يمنحهم كل المكانيات و المواهب ‪0‬‬
‫***‬
‫فما عمله القديسون ‪ ،‬هو ما عمله روح الله معهم ‪ 0‬أترانا نقرأ عنه أم عنهللم فللى‬
‫هذه السير ؟‬
‫أم القصص التى وردت فى سير القديسين ‪ ،‬إنما تحكى " عن شــركة‬
‫الروح القدس " ) ‪2‬كو ‪ 0 ( 14 : 13‬أو هى قصة ) الله مع الناس ( ‪0‬‬
‫عمل الله معهم ‪ ،‬أو عملهــم معــه ‪ 0‬يبــدأ اللــه فيســتجيب النــاس ‪ ،‬أو‬
‫يتجه الناس نحو الله ‪ ،‬يجذبهم إلى أحضانه بكل قوة ‪ 0‬أو هــى صــورة‬
‫لتلك العبارة فى سفر النشيد " اجــذبنى وراءك فنجــرى " ) نــش ‪: 1‬‬
‫‪0(4‬‬
‫***‬
‫لقد كان لسير القديسين تأثير عميق فى الجميع على مدى الجيال ‪0‬‬
‫فقصة حياة القديس النبا أنطونيوس التى كتبها القديس أثناسيوس‬
‫الرسولى ‪ ،‬كان لها تأثير عجيب فى أهل رومه ‪ ،‬حتى كانت سببا ً فـى‬
‫انتشار الرهبنة هناك ‪ 0‬و لما قرأها القديس أوغســطينوس تــأثر بهــا‬
‫جدا ً ‪ ،‬و قادته إلى التوبة ‪ 0‬كذلك فإن تــأثير ســير الرهبــان فــى بريــة‬
‫شيهيت ‪ ،‬جذب إليهــم الســواح مــن كافــة البلد ‪ ،‬ليــروا هــؤلء الــذين‬
‫عاشوا على الرض و كأنهم فى السماء ‪ 00‬فجاءوا إليهــم ‪ ،‬ليســمعوا‬
‫مــن أفــواههم كلمــة منفعــة ‪ ،‬و كتبــوا قصصــهم أو بعضــا ً منهــم ‪،‬‬
‫فحفظها التاريخ ‪0‬‬
‫***‬
‫إن هؤلء القديسين لم يكتبوا أى كتللاب عللن حيللاتهم ‪ 0‬و لكللن حيللاتهم كللانت هللى‬
‫أشهى كتاب ‪0‬‬
‫كانت التاريخ الحى الذى قرأه جيلهم ‪ ،‬و عاش به و نقلــه إلــى بــاقى‬
‫الجيال ‪0‬‬
‫و الوحى اللهى نفسه نقل إلينا ســير كــثير مــن النبيــاء و الرســل ‪،‬‬
‫حتى تسمت بأسمائهم بعــض الســفار المقدســة ‪ ،‬الــتى شــرحت لنــا‬
‫عمــل اللــه فيهــم ‪ ،‬ورســالتهم الــتى كلفهــم اللــه بهــا ‪ ،‬و ســيرتهم‬
‫المقدسة ‪0‬‬
‫***‬
‫و قد اهتمت الكنيسة جدا ً بسير القديسين ‪0‬‬
‫فوضعتها فى كتاب اسمه السنكسار ‪ ،‬لكى تقرأ منه فــى كــل قـداس‬
‫إلهى ‪ ،‬سيرة واحد منهم أو أكثر ‪ ،‬لتعزيتنــا و تعليمنــا ‪ 0‬و تقــرأ أيضـا ً‬
‫علــى المــؤمنين جــزءا ً آخــر مــن ســير آبائنــا الرســل الطهــار مــن‬
‫) البركسيس( ‪ ،‬أى ســفر " أعمــال الرســل " ‪ 0‬و مــا أكــثر مــا تقيــم‬
‫الكنيســة أعيــادا ً لولئك القديســين ‪ ،‬تحتفــل فيهــا بـذكراهم ‪ ،‬و تعيـد‬
‫على الذان و الذهان سيرهم و فضائلهم ‪0‬‬
‫و كذلك أيقوناتهم فى الكنائس ‪ ،‬و ما يوضع أمامها من شموع ‪ ،‬إنمــا‬
‫تعيد إلى الذاكرة سير أولئك القديسين ‪ ،‬لتكون غذاء للروح و مجــال ً‬
‫للتأمل فضائلهم ‪ 0‬و ما أجمل قول ماراسحق ‪:‬‬
‫" شهية هى أخبار القديسين ‪ ،‬مثل الماء للغروس الجدد" ‪0‬‬
‫كانت التاريخ الحى الذى قرأه جيلهم ‪ ،‬و عاش به و نقلــه إلــى بــاقى‬
‫الجيال ‪ 0‬و الوحى اللهى نفسه نقل إلينا ســير كــثير مــن النبيــاء و‬
‫الرســل ‪ ،‬حــتى تســمت بأســمائهم بعــض الســفار المقدســة ‪ ،‬الــتى‬
‫شرحت لنا عمــل اللــه فيهــم ‪ ،‬ورســالتهم الــتى كلفهــم اللــه بهــا ‪ ،‬و‬
‫سيرتهم المقدسة ‪0‬‬
‫***‬
‫و قد اهتمت الكنيسة جدا ً بسير القديسين ‪0‬‬
‫فوضعتها فى كتاب اسمه السنكسار ‪ ،‬لكى تقرأ منه فــى كــل قـداس‬
‫إلهى ‪ ،‬سيرة واحد منهم أو أكثر ‪ ،‬لتعزيتنا و تعلمينا ‪ 0‬تقرأ أيضا ً على‬
‫المـــؤمنين جـــزءا ً آخـــر مـــن ســـير آبائنـــا الرســـل الطهـــار مـــن‬
‫) البركسيس ( ‪ ،‬أى سفر " أعمــال الرســل " ‪ 0‬و مــا أكــثر مــا تقيــم‬
‫الكنيسة أعيادا ً لولئك القديسين ‪ ،‬تحتفل فيها بذكراهم ‪ ،‬تعيــد علــى‬
‫الذان و الذهان سيرهم و فضائلهم ‪0‬‬
‫و كذلك أيقوناتهم فى الكنائس ‪ ،‬و ما يوضع أمامها من شموع ‪ ،‬إنمــا‬
‫تعيد إلى الذاكرة سير أولئك القديسين ‪ ،‬لتكون غذاء للــروح و مجــال ً‬
‫للتأمل فى فضائلهم ‪ 0‬و ما أجمل قول ماراسحق ‪:‬‬
‫"شهية هى أخبار القديسين ‪ ،‬مثل الماء للغروس الجدد " ‪0‬‬
‫إنها غذاء روحى ل يستغنى عنه أحد ‪ ،‬يجلب لنا الشعور بمحبــة اللــه ‪،‬‬
‫ومحبــة طرقــه الــتى تــؤدى إلــى الملكــوت ‪ 00‬و تجعلنــا أيض ـا ً نحــب‬
‫الفضــيلة ‪ ،‬و نحــب أولئك البــرار ‪ ،‬و نتخــذهم لنــا آبــاء و شــفعاء ‪ ،‬و‬
‫نحرض أن نعمــق علقتنــا بهــم ‪ ،‬و كــأنهم أحيــاء يعيشــون معنــا علــى‬
‫الرض ‪ ،‬نتحدث إليهم و نطلبهم ‪0‬‬
‫***‬
‫و من محبتنا لهم و لسيرتهم ‪ ،‬نتسمى بأسمائهم ‪0‬‬
‫و نشكر الله أنه فى أيامنا هذه ‪ ،‬كــثر التســمى بأســماء القديســين ن‬
‫نسمى بها أطفالنا ‪ ،‬لينشأوا محبين للقديسين ‪ ،‬و أيضـا ً اعترافـا ً منــا‬
‫بمحبتنا لهم و إعجابنا بسيرتهم ‪ 00‬و نفس الوضع حينمــا يــدخل أحــد‬
‫فــى حيــاة التكريــس ‪ ،‬راهبــا ً او كاهنــا ً ‪ ،‬يتســمى باســم أحــد هــؤلء‬
‫القديسين ‪ ،‬إعترافا ً منا بالسيرة المقدسة التى لهذا السم الحسن ‪0‬‬
‫وأود فــى هــذا المقــال أن أســجل بعض ـا ً مــن التــاثير الروحــى لســير‬
‫القديسين ‪:‬‬
‫***‬

‫و هذا مــا قــاله القــديس بــولس الرســول " اذكــروا مرشــديكم الــذين‬
‫كلموكم بكلمة الله ‪ 0‬انظروا إلى نهاية سيرتهم ‪ ،‬فتمثلوا بإيمــانهم "‬
‫) عب ‪0( 7 : 13‬‬
‫و هنا نجد أمامنا منهج ـا ً واســعا ً جــدا ً ‪ 0‬فكــل فضــيلة يريــد إنســان أن‬
‫يقتنيها ‪ ،‬نجد مجموعة من القديسين يرشدونهم بحياتهم إلــى كيفيــة‬
‫السلوك فيها ‪ ،‬و يقدمون لنا مثـال ً عمليـا ً ‪ ،‬و حـافزا ً يجــذبه إليهــا ‪00‬‬
‫على أننى أحب هنا أن أضع ملحظة هامة و هى ‪:‬‬
‫***‬
‫علينا أن نقتدى بالقديسين فيما هو ممكن لنا ‪0‬‬
‫فمثل ً قد ل تكون حياة الستشهاد متاحة ‪ 0‬و لكننــا نقتــدى بالشــهداء‬
‫فى قوة إيمــانهم ‪،‬فــى شــجاعتهم ‪ ،‬فــى احتمــالهم لليمــان ‪ ،‬و فــى‬
‫الستعداد للبدية ‪ ،‬و عدم محبة العالم و ل التمسك به ‪ 00‬و كــل هــذا‬
‫ممكن لنا‬
‫و قد ل نستطيع الصلة الدائمة ‪ ،‬كما كان يفعل القــديس أرســانيوس‬
‫الكبير ‪ ،‬أو القديس مقــاريوس الســكندارنى ‪ 00‬و لكــن علــى القــل‬
‫ليكن لنا محبة الصلة و الستمرار فيها على قدر قامتنا الروحية ‪0‬‬
‫و لنعلم أن حياة قديسى البرية غير حياتنا فــى العــالم ‪ 0‬فل نقلــدهم‬
‫فى طى اليام صوما ً ‪ ،‬المــر الــذى أتقنــوه بعــد ســنوات طويلــة مــن‬
‫التدريب الروحى ‪ ،‬و ساعدتهم عليه حياة السكون ‪00‬‬
‫***‬
‫إنما ليكن اقتداؤنا بهم فى تلك الفضائل العالية تحت ارشاد روحى ‪ ،‬و بتدرج حكيم‬
‫‪0‬‬
‫و هناك فضائل أخرى متاحــة للجميــع ‪ ،‬مثــل التضــاع ‪ ،‬و الوداعــة ‪ ،‬و‬
‫الهدوء ‪ ،‬و خدمة الخرين و احتمـالهم ‪ ،‬و عـدم الغضــب ‪ ،‬و مـا يشـبه‬
‫ذلك ‪0‬‬
‫أما الصمت الكامل ‪ ،‬فل يناسبك ‪ ،‬إنما تأخذ منه ‪ :‬الكلم عند الضرورة‬
‫‪ ،‬و الكلم بقدر ‪ ،‬و اختبار الكلمة المناسبة ‪ ،‬و الكلمة البنــاءة النافعــة‬
‫‪00‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫فل تقلــد الفضــيلة تقليــدا كــامل ل يناســبك و ل تقــدر عليــه ‪ 0‬و ل‬
‫ترفضها بالتمام فى يأس ‪ 0‬و إنما خذ منها بقدر ‪ ،‬و بحكمة ‪ ،‬و بتدرج‬
‫‪ ،‬و تحت إرشاد ‪00‬‬
‫***‬
‫خذ الفضيلة فى روحها ‪ ،‬ل فى شكلها ‪:‬‬
‫فحينما تقرأ مثل ً عــن قديســى التوبــة ‪ ،‬حــاول أن تكــون مثلهــم فــى‬
‫حرارة توبتهم ‪ ،‬و فى عدم عودتهم مطلقا ً إلى الوراء ‪ 0‬و تمثل بهــم‬
‫فى إنسحاق قلوبهم و فى دموعهم ‪ 0‬و لكــن ل تقلــد تقليــدا ً حرفي ـا َ‬
‫الــذين قــادتهم التوبــة إلــى الرهبنــة مباشــرة مثــل بيلجيــة و مريــم‬
‫القبطية و موسى السود ‪ ،‬و أوغسطينوس ‪00‬‬
‫خذ محبة التائب لله ‪ ،‬و عودته إليه ‪ ،‬و عميق ندمه ‪ ،‬و اشــمئزازه مــن‬
‫الخطيــة ‪ 00‬و لكــن عــش فــى حــدود شخصــيتك و امكانياتــك ‪ ،‬و مــا‬
‫أعطيته من النعمة ‪00‬‬
‫***‬
‫سواء ما تقدمه سير الشــهداء و المعــترفين مــن التســمك باليمــان ‪،‬‬
‫إلى حد الموت من أجلــه ‪ ،‬أو قبــول كــل صــنوف التعــذيب ‪ ،‬برضــى و‬
‫فرح و صبر ‪00‬‬
‫أو ما تقدمه سير أبطال اليمان الذين دافعوا عن العقيدة ‪ ،‬بكل قــوة‬
‫و كل فهم ‪ ،‬محتملين فى سبيلها السجن والنفى و التشــريد و كافــة‬
‫ألوان الضطهاد ‪ ،‬كالقــديس أثناســيوس الرســولى مثل ً ‪ :‬الــذى نفــى‬
‫عن كرسيه أربع مــرات ‪ ،‬واتهمــوه اتهامــات شــنيعة ‪ ،‬و صــدرت ضــده‬
‫أحكام ‪ ،‬و قيل له " العالم كله ضدك يا أثناسيوس " ‪00‬‬
‫***‬
‫نقرأ عن ذلك فيتبكت هذا الجيل ‪ ،‬الذى ل يبالى بالخلف فى المذهب أو العقيدة ‪،‬‬
‫و ينسى ما تحمله القديسون من آلم فى سبيل ذلك !!‬
‫كانت المجامع المحلية و المسكونية تقام بسبب نقطــة خلف واحــدة‬
‫‪ 0‬و يبذل القديسون كل جهدهم فى الدفاع عن اليمان و فى إثبــات‬
‫العقيدة الســليمة ‪ 0‬و الن مــن أجــل زواج أو طلق ‪ ،‬يمكــن أن يغيــر‬
‫إنسان مذهبه ‪ ،‬بكل سهولة وبل مبالة ‪ ،‬أو بجهل !! أو يختلف شخص‬
‫مــع أحــد رجــال الكهنــوت ‪ ،‬فيــترك الكنيســة كلهــا ‪ ،‬بكــل إيمانهــا و‬
‫عقيدتها ‪ 0‬ول يبالى بكل جهاد القديسين فى سبيل ذلك اليمان ‪0‬‬
‫***‬
‫لذلك نحــن محتــاجون إلــى قــراءة ســير القديســين أبطــال اليمــان ‪،‬‬
‫لتغرس فى نفوس الجميــع أهميــة اليمــان و الثبــات فيــه ‪ ،‬و نبــذ مـا‬
‫يسمى باللطائفية !!‬
‫إن الكنيسة ليست طائفة ‪ ،‬و ل هى مجموعة طوائف ‪ ،‬و لكنهللا جماعللة المللؤمنين‬
‫بايمان سليم فى كل تفاصيله ‪00‬‬
‫هذا اليمان الذى استشهد من أجله قديسون فــى جميــع الجيــال ‪ ،‬و‬
‫الذين تألم بنسببه و تعذب عـدد كــبير مـن القديسـين ‪ 0‬و مـن بينهــم‬
‫رهبان عاشوا فى البرية الجوانية ‪ 0‬و لكن عاشوا فى اليمان ‪ 0‬و مــا‬
‫أجمــل الرمــز الــذى يحــويه تكفيــن النبــا الســائح فــى رداء البابــا‬
‫أثناسيوس بطل اليمان ‪00‬‬

‫فكلما نقرأ عن هذه القمم العالية ‪ ،‬و ما وصلوا إليه ‪ ،‬تتضــع نفوســنا‬
‫فى الداخل ‪ ،‬و نشعر أننا ل شئ إلى جوارهم ‪00‬‬
‫حينمــا نقــرأ عــن القــديس النبــا ابــرام فــى العطــاء ‪ ،‬أل تنســحق‬
‫؟ هذا الذى كان يعطى كل شئ ‪ 0‬و ل يبقــى لنفســه شــيئا ً ‪0‬‬ ‫نفوسنا ‍‬
‫ً‬
‫حتى أن البعض أعطاه مرة قطعة قماش أسود ليفصلها ثوبا لــه بــدل ً‬
‫من جلبابه البالى ‪ ،‬فوهب قطعة القمـاش هــذه لرملــة زارتـه ‪ 00‬أو‬
‫ماذا نقول عن النبا يوحنا الرحوم الذى باع كل مـا كـان لـه و أعطـاه‬
‫للفقراء ‪0‬و لما لم يجد شيئا ً يملكه ‪ ،‬بــاع نفســه عبــدا ً ‪ ،‬و تــبرع بثمــن‬
‫نفسه للفقراء ‪ !!00‬آل تتضع نفوسنا ‪ ،‬حينمــا نقــارن عطاءنــا بعطــاء‬
‫هؤلء ؟!‬
‫***‬
‫حقا ً إن سير القديسين تطرد من نفوسنا كل محاربات الكبرياء و المجللد الباطللل ‪،‬‬
‫إن حاربنا العدو بها ‪0‬‬
‫إن حاربتنا أفكــار مـن جهـة خــدمتنا ‪ ،‬و قارنـا أنفســنا بسـيرة بـولس‬
‫الرسول الذى تعب أكثر من جميع الرسل ) ‪1‬كو ‪ 0 ( 10 : 15‬و بشر‬
‫فى أورشليم ‪ ،‬و فى إنطاكية ‪ ،‬و آسيا الصــغرى ‪ ،‬و اليونــان ‪ ،‬و فــى‬
‫رومه ‪ ،‬ووصل إلــى أســبانيا ‪ 0‬و أســس كنــائس ى حصــر لهــا ‪ ،‬و ذاق‬
‫متاعب ل توصف ) ‪2‬كو ‪ 0(11‬و كان يكتـب رسـائل ‪ ،‬حـتى و هــو فـى‬
‫السجن ) أف ‪ 00 ( 1 : 4‬أل تنسحق أنفسنا بهذه المقارنة و أشباهها‬
‫؟!‬
‫***‬
‫و مهما أنسحقنا لن نصل إلى اتضاع القديسين‬
‫هؤلء الذين على الرغم من كل فضــائاهم ‪ ،‬قيــل إنهــم كــانوا يبكــون‬
‫على خطاياهم !! القديس مقاريوس الكبير بكى و أبكى كــل المجمــع‬
‫معـــه ‪ 0‬القـــديس موســـى الســـود ‪ ،‬القـــديس بيشـــوى ‪ ،‬القـــديس‬
‫باخوميوس الكبير ‪ 00‬ماذا كان يبكى كل هؤلء ؟‬
‫القديس أرسانيوس الذى كان يقف ليصلى وقت الغروب ‪ ،‬و الشمس‬
‫خلفه ‪ ،‬و يظل واقفا ً فى الصلة حتى تشرق مرة أخرى مــن أمــامه ‪،‬‬
‫يقال إنه سقطت رموش عينيه من كثرة البكاء ‪ 0‬و كان يبلــل خوصــه‬
‫بالدموع !! فأين هو اتضاعنا نحن مهما اتضعنا ؟!‬
‫القــديس مكــاريوس الكــبير مؤســس الرهبنــة بالســقيط ســألوه بعــد‬
‫رؤيته لسائحين فى البرية الجوانية ‪ ،‬فقال " أنا لست راهبا ً ـ و لكنى‬
‫رأيت رهبانا ً "‪ !!00‬القصص أمامنا ل تنتهى فلعلنا نكتفى بهذه ‪00‬‬
‫***‬
‫إننا نحارب بالكبرياء ‪ ،‬حينمـا نقـارن أنفســنا بأمثلــة حيــة ‪ ،‬تظــن أننــا‬
‫أعلى منها !! أما حينما نقرأ سير القديسين ‪ ،‬فحينئذ يستد كــل فــم ‪،‬‬
‫و ندرك أننا ل شئ ‪00‬‬
‫التأثير الرابع لسير القديسين‬
‫أنها تعطينا روح الحكمة و الفراز‬
‫تعلمنا الطريق الصحيح الذى نسلك فيه ‪ 00‬ما أجمــل مــا نقــرؤه عــن‬
‫داود الملك ‪ ،‬حينما أراد أن يشترى مكانا ً لبنــاء الهيكــل ووافــق أرونــه‬
‫اليبوسى أن يهبه كل شئ بل مقابل ‪ ،‬حينئذ رفــض داود و قــال " ل ‪،‬‬
‫بل أشترى منك بثمن ‪ 0‬و ل أصــعد للــرب إلهــى محرقــات مجانيــة " )‬
‫‪2‬صم ‪0 ( 24 :| 24‬‬
‫إننا نتعلم الحكمة أيضا ً من أبيجايل ‪ :‬كيف أنها تمكنت من توبيــخ داود‬
‫النبى بطريقة ربحته بها ) ‪1‬صم ‪( 35 – 23 : 25‬‬
‫نتعلم الحكمة من سير آباء البرية ‪ ،‬حتى مـن الشــباب ‪ 0‬الـذين فيهـم‬
‫أمثال القديسين يوحنا القصيرالذى قيل إن السقيط كله كان معلقــا‬
‫باصبعه ‪ 0‬و مثل تادرس تلميذ باخوميوس و مــن حكمــة الشــيوخ مثــل‬
‫النبا أغاثون و النبا ايسيذورس و غيرهم إن حكمــة البــاء كنــز لمــن‬
‫يتعلم ‪00‬‬
‫***‬
‫الدرس الخامس الذى نتعلمه من سير القديسين هو دوام النمو‬
‫إنه صعود إلى فوق بغير حدود ‪ 00‬مثــال ذلــك بــولس الرســول بكــل‬
‫مواهبه و خدمته و صعوده إلى الســماء الثالثــة ‪ 0‬و مــع ذلــك يقــول "‬
‫ليس أنى نلت أو صرت كامل ً ‪ ،‬و لكنى أسعى لعلى أدرك ‪ 0‬أنسى مــا‬
‫هو وراء ‪ ،‬امتد إلى ما هو قدام ‪ 0‬اسعى نحو الغرض " ) فى ‪– 12 : 3‬‬
‫‪( 14‬‬
‫الدرجات العليا التى وصل إليهــا القديســون فــى كــل فضــيلة ‪ ،‬تحثنــا‬
‫على أن نمتد إلى قدام ‪ ،‬و ل نكتفى مهما وصــلنا ‪ 0‬فـالطريق أمامنــا‬
‫طويل طويل ‪ 00‬و النعمة مستعده أن تأخذ بأيدينا لنقطع فراسخ أول ً‬
‫‪ 00‬على آثار هؤلء القديسين ‪ ،‬إذ تعطينا سيرهم حرارة ل تخمــد و ل‬
‫تنطفئ ‪00‬‬
‫***‬
‫أمور أخرى كثيرة نتعلمها من تأثير سير القديسين فينا‬
‫نتعلم كيف تكون اعترافاتنا اكثر دقــة ‪ ،‬إذ نكتشــف تقصــيرات عديــدة‬
‫فى حياتنا ‪ ،‬بالمقارنة بسيرهم ‪00‬‬
‫نتعلــم ايض ـا ً أســلوب التخــاطب مــع اللــه فــى الصــلة ‪ ،‬عنــدما نقــرأ‬
‫صلواتهم ‪ ،‬و ما فيها من دالة ‪ ،‬و ما فيهــا مــن اتضــاع ‪ ،‬و مــن حــب و‬
‫حرارة ‪ 00‬نتعلم أيضا ً أسلوبهم فى التعامل مع النــاس ‪ ،‬و طريقتهــم‬
‫فى مواجهة الحروب الروحية ‪ ،‬و أسلوب النتصار عليها ‪0‬‬
‫إن الذى يقرأ سير القديسين ‪ ،‬يصير على الدوام فى تغيــر مســتمر ‪،‬‬
‫إلى أفضل ‪ :‬أسلوبه يتغير كلمه يتغيــر ‪ ،‬معــاملته تتغيــر ‪ ،‬محــاول ً أن‬
‫يصل إلى تلك الصورة عينها ‪00‬‬
‫***‬
‫و بعد ‪ ،‬أنا لست أدعى مطلقا ً أننى وفيللت هللذا الموضللوع حقلله ‪ ،‬فهللو يحتللاج إلللى‬
‫كتاب أو كتب ‪ 0‬و كل ما ذكرته هو مجرد أمثلة ‪0‬‬
‫و أترك لك أيها القارئ العزيز هــذا الخضــم الواســع مــن التأمــل فــى‬
‫فوائد سير القديسين ‪0‬‬
‫فل شك أن هذا الموضوع قد يشمل الحياة الروحية كلها ‪00‬‬
‫الروح للكنائس ) رؤ ‪( 2‬‬
‫***‬
‫أما المجهول الذى تقوم به أفكارنا و قلوبنا و أرواحنا ‪ 0‬فأننا نحســبه‬
‫كمجرد طلــب نرجــو بــه مــن النعمــة أن تفتــح عقولنــا ‪ ،‬لتســتقبل مــا‬
‫يسكبه فيها الروح ‪ 00‬عملنا هو أن نقدم عقولنــا إلــى اللــه ‪ ،‬ليملهــا‬
‫بالفهم الـذى مـن عنـده ‪ ،‬و مـا أعمقـه ‪ 00‬نفتـح لـه البـاب ليـدخل و‬
‫نتعشى معه ) رؤ ‪( 20 : 3‬‬
‫نعم نتعشى بخبز الحياة النازل من السـماء ) يـو ‪، 33 : 6‬ـ ‪ ، ( 35‬و‬
‫نحيا به ‪ ،‬بكل كلمة تخرج من فم الله ) مت ‪( 4 : 4‬‬
‫***‬
‫إذن الخطوة التى يقوم بها الذهن فى التأمل ‪ ،‬هى فتح الباب للروح ‪0‬‬
‫ً‬
‫و من هنا فــإن بعــض البــاء يجعلــون التأمــل فــى عمقــه خارجـا عــن‬
‫المجهود البشرى ‪ 0‬لعتباره هبة مــن الــروح القــدس ‪ 0‬و كمــا يقــول‬
‫المرتل فى المزمور " فتحت فمى و اقتبلت لى روحا ً " ) مــز ‪( 119‬‬
‫‪0‬‬
‫أو التأمل هو تلمذة على الروح القدس ‪ 0‬هــو تــدرب كيــف تأخــذ مــن‬
‫الروح ما يريد أن يعطيك ‪0‬‬
‫و ليس هو مجرد كد للذهن ليفهم ‪ ،‬و ل هو مجرد اعتماد علــى ذكائنــا‬
‫و قدراتنا ‪ ،‬فقد قال الكتاب " و على فهمك ل تعتمد " ) أم ‪( 5 : 3‬‬
‫***‬
‫ً‬
‫إن التفكير العقلى المحض ‪ ،‬الخالى من عمل الروح ‪ ،‬ل ينتج تأمل ‪ 00‬إنه قد ينتللج‬
‫علما ً أو فلسفة ‪ ،‬و ليس تأمل ً‬
‫و هنــا نفــرق بيــن العــالم و العابــد ‪ ،‬بيــن الــدارس و المتأمــل ‪ ،‬بيــن‬
‫الباحث فى الكتب و المستقبل من الروح إن التأمل ليــس هــو مجــرد‬
‫فكر ‪ ،‬إنما هو خلط الفكر بالقلب ‪ ،‬و ترك العقلى كمجرد أداة فى يــد‬
‫الروح ‪ 0‬ثم تبتهل الروح لتأخذ مــن روح اللــه ‪ 0‬و مــا تأخــذه ‪ ،‬تعطيــه‬
‫للعقل عن طريق القلب ‪0‬‬
‫و حينئذ ندرك قوة الكلمة ‪ ،‬لنها تأخذ من الروح قوة ‪ 00‬فل تقــف يــا‬
‫أخى عند مستوى العقل ‪ ،‬بل اتخذ العقل وسيلة و توصلك إلى الروح‬
‫‪ 0‬و الروح توصلك إلى الله ‪ ،‬الذى عندى كل كنـوز المعرفـة فيعطيــك‬
‫‪00‬‬
‫***‬
‫القارئ السطحى قد يقرأ كثيرا ً و ل يتأمل ‪0‬‬
‫أما القارئ الروحى ‪ ،‬فالقليل من قراءته يكون له نبع تأملت ل ينضب ‪0‬‬
‫أنه ل يركز على كثرة القراءة ‪ ،‬إنما على ما فيها من تأملت ‪ 00‬و قد‬
‫تستوقفه كلمة أو عبارة ‪ ،‬فيغوص فى أعماقها ‪ ،‬و يظل ســابحا ً فــى‬
‫تلك العماق ‪ 0‬و هو يقول مع المرتل " لكل كمال رأيت منتهى ‪ 0‬أما‬
‫وصاياك فواسعة جدا ً " ) مز ‪ 00 ( 119‬قد يفتح الله قلبه ‪ ،‬فيرى فى‬
‫الكلمة الواحدة كنزا ً عظيما ً مهما اغترف منه ل ينتهى ‪ ،‬كما قال داود‬
‫النبى فى صلواته " فرحت بكلمك كمن وجد غنائم كثيرة " ‪000‬‬
‫***‬
‫ليتكم كتدريب روحى ‪ ،‬تأخذون كل يوم آية للتأمل ‪0‬‬
‫آية من الكتاب ‪ ،‬تكون قد تركت فى نفســك تــأثيرا ً أثنــاء القــراءة ‪ 0‬و‬
‫لكن ل تقف عند حد التأثير ‪ ،‬إنمـا احفـظ هــذه اليـة ‪ ،‬و خـذها مجـال ً‬
‫لتفكيرك و تأملك ‪ ،‬و معطيا ً فرصة لروح اللــه أن يمنحــك مــن خللهــا‬
‫شيئا ً ‪ 00‬أو اتخذ قصة معينة من الكتاب مجال ً لتأملك‬
‫***‬
‫ً‬
‫إن معاملت الله مع الناس مجال واسع جدا للتأمل ‪00‬‬
‫سواء معاملة الله لقديسيه الــذين أحبهــم أو أحبــوه ‪ ،‬و كــانت بينــه و‬
‫بينهم دالة ‪ 00‬أو حتى معاملة الله للخطاة ‪ ،‬الذين انتفعوا مــن طــول‬
‫أناة الله و غنى لطفه فتابوا ‪ ،‬أو الذين عاندوا و تقست قلوبهم ‪00‬‬
‫شخصيات الكتاب أيضا ً تصلح مجال ً للتأمل ‪ 00‬و ما أكــثر الكتــب الــتى‬
‫وضعت فى هذا المجال ‪00‬‬
‫***‬
‫يساعدك على التأمللل أيضلا ً مللا تكللون قللد حفطتلله مللن آيللات كللثيرة مللن الكتللاب‬
‫المقدس ‪0‬‬
‫تجد نفسك كلما بدأت التأمــل ‪ ،‬تأتيــك تلــك اليــات مرتبــه متناســقة ‪،‬‬
‫يكمل بعضها بعضا ً ‪ 0‬و كل آية تقــدم لــك معنـى خاصـا ً ‪ 0‬و كلهــا معـا ً‬
‫تقدم لك باقة جميلة من التــأملت و نتــذكر فــى تناســقها مع ـا ً قــول‬
‫الرسول‬
‫" قارنين الروحيات بالروحيات " ) ‪1‬كو ‪0 ( 13 : 2‬‬
‫و بهذا تشغل نفسك أثناء النهار بفكر روحى ‪00‬‬
‫ً‬
‫و يظل هذا الفكر يتعمق فيك ‪ 0‬و الفكر يلد فكــرا مــن نــوعه ‪ ،‬و يلــد‬
‫أيضا ً الكثير من المشاعر و العواطف و التأملت ‪ 0‬و يصبح قلبك نقيا ً‬
‫تعم فيه كلمة الله ‪ ،‬تنتشر فيه التأملت الروحية ‪ 00‬كما تصحبك أيضا‬
‫هذه التأملت أثناء الصلة ‪ 0‬بل تطرأ على ذهنــك كــذلك أثنــاء حــديثك‬
‫مع الناس ‪ 0‬و يلمح المستمعون إليــك عمق ـا ً ل يقــف عنــد المســتوى‬
‫السطحى فى أى شئ ‪0‬‬
‫***‬
‫و هكذا ينفعك التأمل فى تعميق حياتك الروحية ‪0‬‬
‫و ل يقتصــر علــى مجــرد الفكــر أو الحســاس الروحــى ‪ ،‬أو الشــعب‬
‫الداخلى بكل ذلك ‪ ،‬أو اللذة بالمعرفة ‪ 00‬إنما يتطور ليكون له تــأثيره‬
‫على الحياة العملية ‪00‬‬
‫لذلك إن قرأت ‪ ،‬ل تقف عند حدود القراءة و التأمل فيما تقرؤه فــى‬
‫الكتــاب مــن الوصــايا أو ســير النبيــاء و البــاء ‪ ،‬مــا تقــرؤه ‪ ،‬إخلطــه‬
‫بفكرك وروحك و قلبك ‪ 00‬و طبق تأملتك علــى حياتــك ‪ ،‬و اســتخرج‬
‫منها منهجا ً تسير عليه ‪ ،‬و يدخل فى علقتك مع الله و الناس ‪00‬‬
‫***‬
‫و لتكن قراءتك مصحوبة بالصلة ‪00‬‬
‫كما قال داود النبى فى النبى فى المزمور الكبير " اكشف عن عينى‬
‫لرى عجائب من ناموســك " ‪ 00‬و هنــاك نــرى أن التأمــل يحتــاج إلــى‬
‫كشف إلهى ‪ 00‬و كثيرا ً ما يقف النســان فــى حالــة أنبهــار أمــام مــا‬
‫يكشفه الله له ‪ 00‬و قد يقرأ فصل ً من الكتاب يكون قد قرأه من قبل‬
‫‪ 0‬و لكن تنكشف لــه معــان عديــدة لــم تخطرعلــى ذهنــه مطلقـا ً فــى‬
‫قراءته السابقة ‪00‬‬
‫و قد يحدث له هذا أيضا ً ‪ ،‬أثناء قراءة أو صلة المزامير ‪ 0‬فتنكشف له‬
‫معانى جديــدة ‪ 0‬و يتكــرر المــر ذ يصــلى نفــس المزمــور بعــد أيــام ‪،‬‬
‫فيدرك منه معانى أخرى لم يدركها من قبل ‪00‬‬
‫و هكذا يفتح له الله طاقات من نور تشرق على ذهنه‬
‫ل يعزو ذلك إلى ذكائه أو معرفته ‪ ،‬إنما هى موهبة مــن اللــه يســكبها‬
‫عليه أثناء الصلة أو القراءة أو التأمل ‪ ،‬و تكون الصلة مصدرا ً للتأمل‬
‫‪ ،‬أو مصحوبة بالتأمل ‪ 0‬كما يكون التأمل مصحوبا ً بالصلة ‪ 00‬و تتسع‬
‫أمامه معانى اليات ‪ ،‬حتى ما يجــد لهــا حــدودا ً ‪ 0‬إنمــا فــى كــل حيــن‬
‫يختبر لها أعماقا ً ‪00‬‬
‫***‬
‫إن لم تكن لك موهبة التأمل ‪ ،‬إقرأ تأملت الباء القديسين ‪0‬‬
‫قديس عظيم مثل القديس يوحنا ذهبى الفم ‪ ،‬له كتــاب فــى تفســير‬
‫إنجيل متى ‪ ،‬و آخر فى تفسير انجيل يوحنا و كتب أخرى فى تفســير‬
‫أعمال الرسل ورسائل بولس الربع عشــرة ‪ 00‬هــذه الكتــب مملــوءة‬
‫بالشرح و بالتأملت ‪ 0‬و تتبعه فى أسلوب شرحه و تأمله ‪ ،‬و تعلم ‪00‬‬
‫قــديس عظيــم آخــر هــو القــديس آوغســطينوس ‪ ،‬عميــق جــدا ً فــى‬
‫تأملته ‪ ،‬و فى رقة أسلوبه ‪ 0‬له كتــاب تــأملت فــى الرســالة الولــى‬
‫للقديس يوحنا الرسول ‪ ،‬و له كتاب تأملت فـى المزاميــر ‪ ،‬و عظــات‬
‫على فصول كثيرة من الناجيل ‪ 0‬و غالبية كتاباته حافلة بالتــأملت ‪0‬‬
‫اقرأ له ‪ ،‬و تعلم ‪00‬‬
‫و هكذا مع باقى القديسين فى كتاباتهم ‪ ،‬و بخاصــة الــذين اشــتهروا‬
‫بالتأمــل ‪ ،‬و ليــس فقــط بعمــق التعليــم ‪ 00‬مثــل القــديس مــارافرام‬
‫السريانى ‪ ،‬و القديس يعقوب الروجى و القديس ديــديموس الضــرير‬
‫و غيرهم ‪ 0‬اقرأ لهــم ‪ ،‬و انتفــع بتــأملتهم ‪ ،‬و اتخــذهم مدرســة فــى‬
‫التأمل ‪00‬‬
‫***‬
‫بل تدرب أيضا ً على الباء الذين اشتهروا بالتفسير الرمزى للكتاب ‪00‬‬
‫ستجد عمقا ً كبيرا ً فى كتابات هــؤلء البــاء لنهــم ل يقتصــرون علــى‬
‫المعنى الحرفى ليات الكتاب ‪ ،‬إنما يـدخلون إلـى العمـق ‪ ،‬و إلـى مـا‬
‫تحمله اليات من اشارات بعيدة لمور أخرى ‪00‬‬
‫و بهذا أيضا ً يمكن فهم أسفار النبوات ‪ ،‬و سفرا مثل نشــيد الناشــيد‬
‫ً‬
‫‪ 00‬و يمكننا أن نفهم ما ورد فى الكتــاب عــن الــذبائح و التقــدمات و‬
‫العياد ‪ ،‬و الشرائع الخاصة بالنجاســات و التطهيــر ‪ ،‬و شــرائع أخــرى‬
‫قال عنها بولس الرسول إنها كانت " ظل ً للمور العتيــدة " ) كــو ‪: 2‬‬
‫‪0 ( 17‬‬
‫***‬
‫ادخل فى تدريب التأمل ‪ ،‬لنه يشغل ذهنك بشئ صالح ‪ ،‬بدل ً ملن أن تللترك الفكللر‬
‫بيسرح فى أمور خاطئة ‪0‬‬
‫أو يسرح فى أمور زائلة ‪ 00‬ل نفع فيها ‪ 00‬و تأكد أن ذهنك لن يكــف‬
‫عن التأمل ‪ 0‬إنما يتوقف تأمله على نوع المادة المقدمة إليــه ‪ ،‬خيــرا ً‬
‫كانت أم شرا ً ‪ 0‬سواء قدمتها أنت لــه مــن داخــل قلبــك و فكــرك ‪ ،‬أو‬
‫قدمتها لك البيئة المحيطة بك ‪ 00‬و فالفضل أن تقــود تفكيــرك فــى‬
‫تأملته ‪00‬‬
‫***‬
‫و اعرف أن موهبة التأمل هى للكل ‪ ،‬و ليست للقديسين فقط ‪ ،‬بل حتى للخطللاة‬
‫‪00‬‬
‫أولئك قد تكون لهــم قــدرة عجيبــة علــى التأمــل ‪ ،‬و إنمــا فــى مجــال‬
‫الخطية ‪ 0‬فالخاطى الذى يحــب خطيــة معينــة ‪ ،‬مــا أســهل أن يســرح‬
‫فيها و يتأملها بعمق ‪ ،‬و تملك على فكره و قلبه و مشاعره ‪ ،‬و يؤلف‬
‫فيها قصصـا ً و أفكــارا ً ‪ 0‬كمــا كــان يفعــل بعــض الدبــاء و الشــعراء و‬
‫مؤلفو الروايــات ‪ 0‬إنــه لــون مــن التأمــل ‪ ،‬و لكنهــم اســتخدموه فــى‬
‫الخطية ‪0‬‬
‫أما القديسون فتأملتهم تكون فى موضــوعات روحيــة ‪ 0‬كــذلك فــإن‬
‫الخطاة الــذين يتمتعــون بموهبــة التأمــل ‪ ،‬إذا تــابوا ‪ ،‬و أداروا موهبــة‬
‫تأملهم فى مسار روحى ‪ ،‬حينئذ يظهر عمقهم و تأثيرهم الطيب‬
‫و نذكر كمثال لذلك القديس أوغسطينوس فـى حيـاة التوبـة و النمـو‬
‫الروحى ‪ ،‬و حتى فى كتاب اعترافاته و ما فيه من عمق ‪00‬‬
‫و القراءة إحدى الوسائل التى توجد التأملت ‪00‬‬
‫و قد حدثناك عن القراءة فى الكتاب المقدس ‪ 00‬و نضيف إلــى ذلــك‬
‫أيضا ً قراءة الكتب الروحية و سير القديســين ‪ ،‬الــتى تحتــاج منــا إلــى‬
‫شرح أوفر ‪0‬‬
‫***‬
‫إنما تذكر باستمرار أن التأمل يعودك العمق ‪0‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫و يبعدك عن السطحية ‪ ،‬و يقدم لك غذاء روحيا نافعا لبنيانك الداخلى‬
‫‪ ،‬و يمنحك حكمة ‪ ،‬و يجعلك تتلمس مع عمل الله فيك ‪00‬‬
‫***‬

‫أول آية وردت فى الكتاب المقدس عن التأمل ‪ ،‬هى ما قيل عن أبينا‬


‫اسحق بن ابراهيم إنه " خــرج اســحق ليتأمــل فــى الحــق عنــد إقبــال‬
‫المساء " ) تك ‪ 0 ( 63 : 24‬و لعل هذا يقدم لونا ً مــن التأمــل فــى‬
‫الطبيعة ‪0‬‬
‫***‬
‫ليس مجرد التأمل فى جمال الطبيعة ‪ ،‬إنما بالكثر فيمــا تقــدمه مــن‬
‫روحيات ‪ ،‬حسب قول المرتل فى المزمور ‪ :‬الســماوات تحــدث بمجــد‬
‫الله ‪ ،‬و الفلك يخبر بعمل يديه ) مــز ‪ 0 ( 1 : 19‬و هنــا نتــدرج مــن‬
‫الطبيعة إلــى عظمــة اللــه خالقهــا ‪ ،‬أو إلــى حنــو اللــه المهتــم بهــا ‪0‬‬
‫استمع إلى الشاعر و هو ينشد ‪:‬‬
‫هذى الطبيعة قف بنا يا سارى‬
‫حتى أريك بديع صنع البارى‬
‫لقد كانوا يدرسون الفلك قديما ً فى الكليات اللهوتيــة ‪ 0‬لن النظــام‬
‫العجيب الدقيق الذى فيه ‪ ،‬يثبت وجود خالق كلى القدرة اســتطاع أن‬
‫يوجده ‪ 0‬حتى أن أحد الفلسفة لقبة بالمهندس العظم ‪00‬‬
‫فإن كانت السماء المادية مجال ً عظيما ً للتأمل ‪ ،‬فكم السماء التى هى عرش الللله‬
‫) مت ‪0 ( 34 : 5‬‬
‫وهنا ما أجمل ما رآه يوحنا الحبيب فى سفر الرؤيا ‪ ،‬و بخاصة حينمــا‬
‫قال " أبصرت و إذا باب مفتوح فى السماء " ) رؤ ‪ 0 ( 1 : 4‬يضاف‬
‫إلى هذا ما شرحه أورشليم السمائية ‪ ،‬مسكن الله مع الناس ) رؤ ‪21‬‬
‫( ‪ 00‬إن التأمــل فــى الســماء و الســماويات ‪ ،‬ل شــك يرفــع عقــل‬
‫النسان و قلبه إلــى فــوق ‪ ،‬يســمو بــه كــثيرا ً عــن مســتوى المــادة و‬
‫الجسدانيات ‪00‬‬
‫***‬
‫و يرتبط بالتأمل فى السماء ‪ ،‬تأمل آخر فى الملئكة ‪00‬‬
‫و فــى كــل القــوات الســمائية ‪ :‬الشــارافيم ‪ ،‬و الربــاب و العــروش ‪،‬‬
‫ورؤســاء الملئكــة ‪ ،‬و تلــك اللــوف و الربــوات الــتى أمــام العــرش‬
‫اللهى ‪ ،‬و كذلك الملئكة " المرسلة للخدمة لجل العتيــدين أن يرثــوا‬
‫الخلص " ) عب ‪ 0 ( 14 : 1‬ما طبيعة الملئكة ؟ و ما هى روحيتهم و‬
‫قدسيتهم و محبتهم و طــاعتهم ) مــز ‪ ) ( 103‬مــز ‪ (104‬؟ و مــا هــى‬
‫خدمتهم لله و للناس ؟ و ماذا ستكون علقتهم بنا فــى البديــة ؟ بــل‬
‫ما هى قصصهم التى وردت فى الكتاب و فى ســير القديســين ‪ 00‬و‬
‫هنا يسبح الفكر فى العالم روحى ‪00‬‬
‫فإن كان هذا التأمل عميقا ً علينا ‪00‬‬
‫لنتأمل فى أرواح القديسين الذين انتقلوا ‪ 00‬كما حكى لنا الرب عــن‬
‫أبينا ابراهيم ‪ ،‬و لعازر المسكين فى حصنه ‪ 0‬ســواء فــى ذلــك تأملنــا‬
‫فى القديسين الذين مـع الـرب فـى الفـردوس ) لـو ‪ ، ( 43 : 23‬أو‬
‫الــذين يرســلهم الــرب فــى خــدمات فــى الرض مثــل العــذراء و‬
‫مارجرجس و غيرها ‪ 0‬ودرجــات كــل هــؤلء ‪ ،‬و كيــف أن نجم ـا ً يفــوق‬
‫نجما ً فى المجد ) ‪1‬كو ‪00 ( 41 : 15‬‬
‫ثم ماذا عن القيامة و الجساد الروحانيــة النورانيــة الســماوية ) ‪1‬كــو‬
‫‪ ( 50-42 : 15‬؟ و ماذا عن البدية و المجــد العتيــد ‪ ،‬و الملكــوت ‪ ،‬و‬
‫مراتب القديسين و علقاتهم ‪ ،‬و الملك المعد لنا فى النعيم البدى ‪0‬‬
‫فإن لــم نســتطع كــل هــذا لنهبــط إلــى الرض ‪ ،‬نتأمــل فــى الخليقــة‬
‫المحيطة بنا ‪ ،‬كما قال الرب ‪:‬‬
‫تأملوا زنابق الحقل ‪ 00‬و طيور السماء ) مت ‪0 ( 26 ، 28 : 6‬‬
‫و لــم يقصــد الــرب التأمــل الحســى فــى زنــابق الحقــل ‪ ،‬مــن حيــث‬
‫جمالها ‪ ،‬و تعــدد أنواعهــا و ألوانهــا و عطرهــا و تناســقها ‪ 00‬و لكــن‬
‫الرتفاع فوق الحس إلى الله الذى خلقها هكــذا ‪ ،‬بحيــث و ل ســلمان‬
‫فى كل مجده كان يلبس كواحــدة منهــا ‪ 00‬و هنــا يقــود التأمــل إلــى‬
‫عناية الله العجيبة بكل مخلوقاته ‪ ،‬كما يقودنا أيضا ً إلى اليمان بعناية‬
‫الله و ألى التكال عليه فى غير قلق ‪0‬‬
‫و لو تأملنا الفارق الكبير بين الزهور الطبيعيــة و غيرهــا مــن الزهــور‬
‫الصناعية ‪ ،‬التى مهما إفتن النسان فى صنعها ‪ ،‬نبقــى بل حيــاة ‪ ،‬بل‬
‫رائحة ‪ ،‬بل نمو ‪ 0‬بل ل يمكن أن تصل فى الوانها إلى تلك الطبيعــة ‪،‬‬
‫مما يدل على قدرة الله العجيبة ‪ 0‬و نفس الوضع بالنسبة إلى طيــور‬
‫السماء فى تعدد أنواعها و أشكالها و نغمــات أصــواتها ‪ ،‬و طباعهــا و‬
‫رحلتها ‪ ،‬و قناعتهــا ‪ 00‬و تضــع إلــى جوارهــا قــول المزمــور " نجــت‬
‫أنفسنا مثل العصفور من فخ الصيادين ‪ 0‬الفــخ انكســر و نحــن نجونــا‬
‫) مز ‪( 124‬‬
‫***‬
‫حقا ً ما أحن الله ‪ :‬المعطى البهائم طعامها ‪ ،‬و فراخ الغربان التى تدعوه ‪9 : 147‬‬
‫(‪0‬‬
‫بل يقول الــرب " تــأملوا الغربــان ‪ :‬إنهــا ل تــزرع و ل تحصــد ‪ ،‬و اللــه‬
‫يقيتها " ) لــو ‪ 0 ( 24 : 12‬نعــم ‪ ،‬الغربــان الســوداء اللــون ‪ ،‬الــتى‬
‫يتشاءم البعض منها ‪ 00‬يهتم بها الله هذا الهتمــام ‪ ،‬بــل بعهــد إليهــا‬
‫بمهمات ‪ :‬غربان كانت تعول إيليا النــبى فــى زمــن المجاعــة يرســلها‬
‫إلى قديسيه ‪ ،‬فتطيع و تعرف و تنفذ مشيئة الله من جهته ‪ 00‬و هنــا‬
‫تخطو خطوات فى تفكيرك ‪ ،‬أعمق من الفكر السطحى أثناء القــراءة‬
‫‪00‬‬
‫إن علقة الله بالحيوانات و الطيور موضــوع طويــل ليــس الن مجــال‬
‫الحــديث فيــه ‪ 0‬و التأمــل فيــه موضــوع أطــول ‪ 00‬علــى أنــه حــتى‬
‫الحشرات الضئيلة ‪ ،‬و هبنا الله مجال ً للتأمل فيها ‪ ،‬فقال الكتاب ‪:‬‬
‫"اذهب إلى النملة أيها الكسلن ‪ 0‬تأمل طرقها ‪ ،‬و كن حكيما ً " ) أم ‪0 ( 6 : 6‬‬
‫حقا ً ‪ ،‬أننى لم أر فى حياتى كلها نملة واحدة واقفة بل عمل ‪ 00‬إنهــا‬
‫دائمة الحركة ‪ ،‬دائمة العمل ‪ ،‬ل تهدأ ‪ 0‬كما أن جماعــات النمــل درس‬
‫عجيب فى التعاون ‪ ،‬لمن يتأمل عملهــا الجمــاعى ‪ ،‬فــى حمــل أشــياء‬
‫توازى عشرات حجمها ‪ 0‬و هى درس أيضا ً فى النظام ‪ ،‬إذ تسير فــى‬
‫طــابور طويــل ‪ ،‬متجهــة نحــو هــدف ثــابت ‪ 0‬و باتصــالت عجيبــة بيــن‬
‫بعضها البعض‬
‫***‬
‫و ما نأخذ من دروس فى التأمل النمل ‪ ،‬نأخذ مثله أيضا ً فى تأمل النحل ‪0‬‬
‫هذا النحل الذى أنشد فيه أحمد شوقى قصيدته‪:‬‬
‫ممـلـكة مدبـرة – بـامـرأة مـؤمـرة‬
‫تحمل فى العمال و الصناع عبء السيطرة‬
‫أعـجـب لعمـال يولـون عليهم قيصرة‬
‫***‬
‫إن النظام المذهل الذى تعيشه مملكة النحل ‪ ،‬هو مجال لتأمل عميــق‬
‫‪ 00‬كيف خلقها الله بهذا المكانيات و القــدرات ‪ 00‬و كيــف تســتطيع‬
‫أن تجمع الرحيق و تصنعه شهدا ً و كيف تصنع غذاء الملكات ! و كيــف‬
‫تبنى خلياها بهندسة متقنه عجيبة ‪ 0‬و كيف تطير رحلت بعيدة بحثــا ً‬
‫عن الزهور و الرحيق ! ما أعجبها ! و ما اعجب خالقها !!‬
‫***‬
‫إن النسلان الروحلى يسللتطيع أن يتخللذ كللل شللئ مجللال ً للتأمللل ‪ 0‬و يسللتطيع أن‬
‫يستخرج من الماديات ما تحمله من دروس روحية ‪0‬‬
‫أتذكر أننى فى إحدى المرات ‪ ،‬نشرت لكم فى كتاب ) كلمة منفعــة (‬
‫تأمل ً عن الدروس الروحية التى يمكن أن نأخذها من ) نهر النيــل ( ‪0‬‬
‫و من نقطة الماء الهينة اللينة التى إن سقطت بمداومة على صخر ‪،‬‬
‫تحفر فيه طريقا ً ‪ 00‬و أيضا ً عن شاطئى النهر اللذين ل يجدان حريته‬
‫‪ ،‬إنما يحفظانه من النسكاب ‪ 0‬و هكذا وصايا الله و إرشاد الباء ‪ ،‬ل‬
‫يحدان حرية النسان ‪ ،‬إنما يحفظانه من الخطأ ‪0‬‬
‫***‬
‫ً‬
‫كذلك جسم النسان – و هو مادة – إل مجال واسع جدا للتأمل ‪ ،‬يدل على عظمللة‬
‫الخالق ‪0‬‬
‫يكفى أن تتأمل قدرات كل عضو فيه ‪ ،‬وعلم وظائف الغصان ‪ 0‬المخ‬
‫مثل ً و ما فيه من مراكز عجيبة |‪ ،‬للنظر و الســمع و الحركــة و الكلم‬
‫‪ 00‬بحيث إذا لم يصــل الــدم إلــى أى مراكــز ‪ ،‬يبطــل عملــه ‪ ،‬و يصــير‬
‫صاحبه معوقا ً ‪00‬‬
‫كذلك القلب – و هو كقبضة اليد – و لكنـه جهــاز دقيـق جـدا ً ‪ ،‬تتوقـف‬
‫عليه حياة النسان ‪ ،‬كما على المخ أيضا ً ‪ 0‬و يعوزنا الوقت إن تحــدثنا‬
‫عن كل أجهزة الجسم البشرى ‪ ،‬و كيــف تعمــل متناســقة فــى اتــزان‬
‫عجيب ‪ 0‬و بعض هذه الجهزة إذا تلف ‪ ،‬ل يقــدر كــل التقــدم العلمــى‬
‫على ارجاعه إلى وضعه الطبيعى ‪00‬‬
‫و هكذا فى كليات اللهوت قديما ً ‪ ،‬كما كـانوا يدرسـون علـم الفلـك ‪،‬‬
‫كانوا يدرسون علم الطب أيضا ً ‪ ،‬لنه يعمق اليمان بقدرة الله الخالق‬
‫إن كانت قدرات الجسد هكذا ‪ ،‬حســبما خلقــه الكلــى القــدرة ‪ ،‬فمــاذا‬
‫تكون تأملت فى قدرات الروح ؟ على أننى أود أن أترك هذه النقطة‬
‫الن ‪ ،‬ل تحدث فى موضوع آخر و هو ‪:‬‬

‫أعنى ما تمر بنا من أحداث يومية ‪ ،‬و ما تدل عليه مــن حكمــة اللــه و‬
‫تدبيره ‪ ،‬و تدخله و عنايته ‪ 00‬سواء فــى عالمنــا الحاضــر ‪ ،‬أو يــد اللــه‬
‫فى التاريخ ‪ 00‬إنه أمر يــدعو إلــى عميــق مــن التأمــل ‪ 0‬و ليــس مــن‬
‫صالحنا روحيا ً أن نمر مرورا ً عابرا ً على أحداث التاريــخ ‪ ،‬دون وقفــات‬
‫من التأمل ‪0‬‬
‫يد الله فيما حدث لريوس و ديوقلــديانوس و نيــرون ‪ 0‬يــد اللــه الــتى‬
‫كانت مع القديس أثناسيوس الذى وقف العالم كله ضده ‪ 0‬يد الله مع‬
‫يوستينا و كبريانوس الساحر ‪ 00‬يد الله التى كانت من الباء الســواح‬
‫فى وحدتهم ‪ ،‬والتى أرشدت بعض القديسين إلى معرفة أماكنهم ‪ ،‬و‬
‫كتابة سيرة كل منهم قبل انتقاله ‪00‬‬
‫***‬
‫يــد اللــه فــى التاريــخ الكنســى ‪ ،‬و فــى التاريــخ المــدنى ‪ ،‬و فــى‬
‫التقائهما ‪ ،‬و فى تدبير كل شئ للخير ‪ 00‬هل التاريخ هو مجرد علم و‬
‫أحداث ‪ ،‬أم فيه أيضا ً عبر و لهوت ؟ أعنى العمل اللهى فيه ‪ 0‬و هذا‬
‫يحتاج إلى تأمل ‪0‬‬
‫أليست يد الله مع قسطنطين الملك تدعو إلى التأمل ‪ ،‬و كيف قــادته‬
‫إلى إصدار مرسوم ميلن سنة ‪313‬م الذى كفل به الحرية الدينية ‪ ،‬و‬
‫صار نقطة تحول خطيرة فى تاريخ المسيحية و فى تاريــخ الضــطهاد‬
‫الدينى ‪0‬‬
‫***‬
‫هل نستطيع أن ننكر يد الله فى الحداث التى غيرت مصير روســيا و‬
‫التحاد السوفيتى ‪ ،‬وأثر ذلك فى القضاء على إلحاد استمر أكــثر مــن‬
‫سبعين عاما ً ‪ ،‬و انتهى بسرعة عجيبة غيــر متوقعــة ‪ ،‬ممــا يــدل علــى‬
‫تدخل يد الله فيه ‪ !00‬و هل يمكن أن يمر هذا الحدث علينا ‪ ،‬بــدون و‬
‫قفة تأمل تقوى اليمان بالله ‪ ،‬و بتدخله ‪ 00‬هو صانع العجائب وحده‬
‫إن فصــل التاريــخ عــن اللــه ‪ ،‬هــو عمــل غيــر روحــى ‪ ،‬أم الروحيــون‬
‫فيتأملون يد الله فى التاريخ ‪ 0‬ننتقل إلى موضوع آخر فــى التأمــل و‬
‫هو ‪:‬‬

‫ســواء فــى الصــلوات الخاصــة ‪ ،‬أو صــلة القــداس اللهــى ‪ ،‬أو صــلة‬
‫المزامير ‪ ،‬أو فى الترانيم و التسبحة و كلما كان للمصلى تأمل سابق‬
‫فى المزامير و قطع و قطع الصلة ‪ ،‬علــى هــذا القــدر تكــون صــلته‬
‫أعمق و بفهم ‪00‬‬
‫ً‬
‫و أتذكر أننى أصرت لكم كتابا عن التأمل فى المزمور الثــالث ) مــن‬
‫صلة باكر( " يارب لماذا ؟!" ‪ 00‬و كتاب آخــر عــن المزمــور ‪ ) 19‬أول‬
‫مزامير الساعة الثالثة ( " يستجيب لك الرب فــى يــوم شــدتك " ‪ 00‬و‬
‫كتابا ً آخر عن تأملت فى بعض مزامير الغروب ‪ 00‬كمــا أصــدرت لكــم‬
‫كتابا ً عن التأملت فى صلة الشكر و المزمور الخمسين ‪ 0‬و أرجو أن‬
‫نتخذ باقى المزامير مجال ً لتأملتنا ‪ ،‬و تصدر لكم فيها كتب أخرى ‪00‬‬
‫***‬
‫***‬
‫ما كان الباء يتلون عبارات الصلوات بطريقــة ســطحية ســريعة ‪ ،‬بــل‬
‫كما قال ماراسحق عن صلواتهم‬
‫" من حلوة الكلمة فى أفواههم ‪ ،‬ما كللانوا يسللتطيعون بسللهولة أن يتركوهللا إلللى‬
‫كلمة أخرى "‪0‬‬
‫كانوا يصلون بفهم ‪ ،‬يغوصون إلى أعماق المعانى فى تأمل ‪ ،‬يعطــى‬
‫صــلواتهم روح ـا ً و حــرارة و عمق ـا ً ‪ 0‬و فــى هــذا تختلــط مشــاعرهم‬
‫بعبارات الصلة ‪ ،‬فتصدر الكلمات من قلــوبهم ‪ 0‬و ل يهتمــون بطــول‬
‫الصلوات أو بكثرتها ‪ ،‬و إنما بما فيها من تأمل و عمق ‪ 0‬و هكذا قــال‬
‫ماراسحق لمن يريد أن يسرع فى صلواته ليتلو أكبر عللدد مللن المزاميللر ‪ :‬إذا‬
‫حوربت بهذا ‪ ،‬فقل ‪ :‬أنا ما وقفت أمام الله لكى أعد ألفاظا ً ‪00‬‬
‫***‬
‫نفس الكلم نقوله أيضا ً عن الترتيل و التسبحة ‪ 00‬و بخاصة التراتيــل‬
‫التى لها روح الصلة ‪ 00‬مثل ترتيلة " مراحمك يا إلهــى كــثيرة جــدا ً "‬
‫‪ 00‬و مثل تسبحة " يا ربى يسوع المسيح ‪ ،‬مخلصى الصالح " ‪ 00‬حقا ً‬
‫إن الذين يسرعون فى صلواتهم و تسابيحهم ‪ ،‬إنما يفقــدون عمقهــا‬
‫و تأملتها ‪ 0‬و تتحول من كونها صلة ‪ ،‬لتصبح مجرد تلوة ‪000‬‬
‫إن لم تكن لك موهبة التأمل فــى الصــلة ‪ ،‬أنصــحك أن تقــرأ تـأملت‬
‫الباء فى الصلوات والمزاميــر ‪ 0‬و مـا أكثرهــا ‪ 00‬ننتقــل إلــى نقطــة‬
‫أخرى فى التأمل و هى ‪:‬‬

‫و هذا ما تعلمنا الكنيسة إياه فــى صــلة النــوم ‪ ،‬إذ يقــول المصــلى "‬
‫هوذا أنا عتيد أن أقف أمام‬
‫الديان العادل مرعوبا ً من أجل كثرى خطاياى " " لو كان العمر دائما ‪،‬‬
‫ً‬
‫و هــذا العــالم مؤبــدا ً ‪ ،‬لكــان لــك يــا نفســى حجــة واضــحة ‪ 0‬لكــن إذا‬
‫انكشفت أعمال الرديئة و شرورك القبيحة أمام الديان العادل ‪ ،‬فــأى‬
‫جواب تجيبين ‪ ،‬و أنت على ســرير الخطايــا منطرحــة ‪ ،‬و فــى إخضــاع‬
‫الجسد متهاونة ؟! " ‪00‬‬
‫و فى صـلة نصـف الليـل ‪ ،‬توجهنـا الكنيسـة إلـى التأمـل فـى نهايـة‬
‫العالم ن و مجئ المسيح الثانى ‪ ،‬و مصير كل من العذارى الحكيمــات‬
‫و الجاهلت ‪ 00‬و إلى وجوب السهر الروحى ‪00‬‬

‫إن صفات الله – تبارك اسمه – موضوع عميــق للتأمــل ‪ ،‬يقــدمها لنــا‬
‫القداس الغريغورى ‪ ،‬و الطلبة الخيرة فى ختام كل صلة " ارحمنا يا‬
‫الله ثم ارحمنا " حيث نتأمل " إلهنا الصالح ‪ ،‬الطويــل الــروح ‪ ،‬الكــثير‬
‫الرحمة ‪ ،‬الجزيل التحنن ‪ ،‬الذى يحب الصديقين و يرحم الخطــاة " ‪00‬‬
‫كذلك نجد هذا التأمل فــى تســبحة الثلثــة تقديســات ‪ ،‬حيــث نقــول "‬
‫قــدوس قــدوس قــدوس ‪ 0‬الســماء و الرض مملوءتــان مــن مجــدك‬
‫القدس " ) أش ‪0 ( 6‬‬
‫و تأملتنا فى صفات الله تشــمل نــوعين ‪ :‬صــفاته مــن جهــة علقتنــا‬
‫بنا ‪ ،‬و صفاته الخاصة به وحــده كــإله ‪ 00‬مثــل الزلــى ‪ ،‬الــذى ل يحــد‬
‫الخالق ‪ ،‬الخالق القادر على كل شئ ‪ ،‬الموجود فــى كــل مكــان ‪ 00‬و‬
‫كلها مجال عميق للتأمل ‪00‬‬

‫*يمكن التأمل فى إحدى الفضائل ‪:‬‬


‫كــأن تتأمــل مثل ً فــى الحكمــة و الفــراز ‪ ،‬أو فــى فضــيلة الرحمــة أو‬
‫المحبة أو الحتمــال ‪ 0‬أو فــى الصــلة و الصــلة بــالله ‪ 0‬تتأمــل عمــق‬
‫الفضـيلة و أسـبابها داخـل النفـس ‪ ،‬و نوعيـة التعـبير عنهـا ‪ 00‬و مـا‬
‫يتعلق بذلك كله من آيات الكتاب المقدس و قصصه ‪0‬‬
‫*يمكن أن تتأمل فى أسرار الكنيسة ‪:‬‬
‫مثل سر المعمودية ‪ ،‬و ما يحدث فيــه مــن نعــم خفيــة شــرحتها آيــات‬
‫الكتاب المقدس ‪ 00‬أو سر المســحة المقدســة و عمــل الــروح فيــه و‬
‫فينا ‪ 00‬و هكذا مع باقى السرار ‪ 0‬و مــا يكمــن فــى وضــع اليــد مــن‬
‫عمل إلهى ‪0‬‬
‫*يمكن التأمل فى إرادة الله و حسن تدبيره ‪:‬‬
‫أو فى عجائب الله ) أى ‪ ( 14 : 37‬ويده القوية ‪ 0‬و فى طرق الرب و‬
‫أسلوب تعامله مع الخطاة و مع القديسين ‪ 0‬و كما يقــول داود النــبى‬
‫للرب " بصنائع يديك اتأمل " ) مز ‪( 5 : 143‬‬

‫إنه موضوع جميل و نافع جدا ً ‪ 0‬و تأمل سير القديســين غــذاء شــهى‬
‫للنفس ‪ ،‬لست أريد أن أمر عليــه فــى عجالــة ‪ ،‬بــل أحــب أخصــص لــه‬
‫موضوعا ً قائما ً بذاته ‪ ،‬إن شاء الرب و عشنا ‪0‬‬
‫ليــس الــدين معلومــات ‪ ،‬و ل مجــرد امتلء مــن المعرفــة الدينيــة ‪0‬‬
‫فالمعرفة وحدها ل تكفى ‪ 0‬ماذا يستفيد النسان إن كان يعــرف كــل‬
‫المعلومات عن الفضيلة دون أن يسلك فيها ؟!‬
‫إننا نقرأ الكثير ‪ ،‬و نستمع إلى الكثير ‪ 0‬و المهم ماذا نفعل ؟‬
‫فــى كــل قــداس ‪ ،‬نســتمع إلــى فصــل مــن النجيــل ‪ ،‬و قــراءات مــن‬
‫رسائل بولس الرسول ‪ ،‬و من الرسائل الجامعة ‪ ،‬و من ســفر أعمــال‬
‫الرســل ‪ 0‬و نســتمع أيض ـا ً إلــى ســير القديســين فــى السنكســار ‪ ،‬و‬
‫نســتمع إلــى عظــة ‪ 0‬و إن حضــرنا رفــع بخــور بــاكر ‪ ،‬و رفــع بخــور‬
‫عشية‪،‬نستمع إلى عظة ‪ 0‬و إن حضرنا رفع بخور بــاكر ‪ ،‬ورفــع بخــور‬
‫عشية ‪ ،‬نســتمع إلــى فصــول أخــرى مــن الكتــاب ‪ ،‬بالضــافة إلــى مــا‬
‫نقرؤه فى بيوتنا و فى الجتماعات الروحيــة ‪ 00‬ولكــن مــا تــأثير كــل‬
‫ذلك على حياتنا العملية ؟ هل اكتفينا الجتماعات الروحية ‪ 00‬و لكــن‬
‫ما تأثير كل ذلــك علــى حياتنــا العمليــة ؟ هــل اكتفينــا بالمعرفــة ؟ أم‬
‫اهتممنا بأن نحول تلك المعرفة إلى حياة ‪ ،‬حسب قول السيد المسيح‬
‫له المجد " الكلم الذى أقوله لكم هو روح و حياة " " ) يو ‪0( 63 : 6‬‬
‫كيف يكون ذلك التحويل ‪:‬‬
‫***‬
‫بالتداريب الروحية ‪ ،‬تتحول المعرفة إلى ممارسة ‪ 0‬و تتحول المعلومات إلى عمل‬
‫‪0‬‬
‫كــذلك نلحــظ أن كــثيرين يــترددون علــى الكنيســة ‪ ،‬و يعــترفون و‬
‫يتناولون ‪ ،‬و ربما يخدمون أيضا ً ‪ 0‬و لكنهم مع ذلك لهم ضعفات ثابتــة‬
‫‪ ،‬تكاد تصل إلى مستوى الطباع ‪ ،‬مستمرة معهم علــى مــدى ســنوات‬
‫طويلة !! فلماذا ؟ ‪ 000‬لعل الســبب فــى ذلــك أنهــم لــم يضــعوا تلــك‬
‫الضعفات موضع الهتمام الخاص ‪ ،‬بأن يدربوا أنفسهم علــى تركهــا ‪،‬‬
‫و يلحظوا مدى تنفيذ التدريب ‪00‬‬
‫و بنفس السلوب نقول إن هناك كثيرين لهــم خطايــا يكررونهــا فــى‬
‫كـل اعـتراف ‪0‬اكتشـفوها ‪ ،‬و عرفوهـا ‪ ،‬و اعـترفوا بهـا ‪0‬و مـع ذلـك‬
‫استمروا فيها ‪ 0‬ذلك لنهم لم يدربوا أنفسهم عمليا ً على تركها ‪0‬‬
‫***‬
‫و من هنا كانت أهمية التدرايب الروحية ‪ :‬تدخل بها النسان فى مواجهة عملية مع‬
‫نفسه ‪ :‬إما لترك خطاياه ‪ ،‬أو لكتساب فضائل ‪ ،‬أو للنمو روحيا ً ‪00‬‬
‫يحــول بهــا المعرفــة الروحيــة إلــى حيــاة ‪ 0‬و كــذلك أيضـا ً يحــول بهــا‬
‫الشتياقات الروحية إلى حياة روحية‬
‫و فــى التــدريب العملــى ‪ :‬يعــرف حقيقــة نفســه ‪ ،‬و مــن أيــن يــأتيه‬
‫الخطأ ‪ ،‬أسبابه و مصادره ‪ 0‬و يدخل فى طريق المقاومــة ‪ 0‬و يعــرف‬
‫العقبات و أسلوب النتصار عليها ‪ 0‬و ل يقف عند حــد المعرفــة ‪ ،‬و ل‬
‫حتى عند حد العاطفة الدينية الداخلية ‪0‬‬
‫***‬
‫و فى التداريب يجاهد مع نفسه ‪ ،‬و مع الله ‪00‬‬
‫يستمع إلى توبيخ الرسول و هو يقول " لم تقــاوموا بعــد حــتى الــدم‬
‫مجاهدين ضد الخطية " ) عب ‪ 0 ( 4 : 12‬فيقاوم نفسه و يصارع ‪ 0‬و‬
‫فى ذات الوقت ل يعتمد على ذراعـه البشــرى ‪ ،‬إنمــا يمــزج التــداريب‬
‫بالصلة طالبا ً معونــة مــن فــوق ‪ ،‬حســب قــول الــرب لنــا " بــدونى ل‬
‫تقدرون أن تعملوا شيئا ً " ) يو ‪ 0 ( 5 : 15‬و فى ذلك كله يضع نفسه‬
‫و تداريبه تحت إشراف روحى من مرشــد حكيــم مختــبر ‪ ،‬لن الكتــاب‬
‫يقول " و على فهمك ل تعتمد " ) أم ‪( 5 : 3‬‬
‫***‬
‫و الكتاب المقدس يقدم لنا أمثلة من التداريب ‪0‬‬
‫هوذا القديس بولس الرسول يقول " تــدربت أن أشــبع و أن أجــوع ‪0‬‬
‫أن استفضل و أن أنقص " ) فى ‪ 0 ( 12 : 4‬و قال أيضا ً " قد صارت‬
‫لنا الحواس مدربة " ) عب ‪0(14 : 5‬‬

‫*قيل عن موسى النبى " و كان موسى حليما ً جــدا ً ‪ ،‬أكــثر مــن جميــع‬
‫الناس الذين على وجه الرض " ) عد ‪ 0 ( 3 : 12‬فهل تظنون أنه ولد‬
‫هكذا ؟! كل ‪ ،‬بل إنه بدأ حياته فى الخدمة شديدا ً عنيف ـا ً ‪ ،‬حينمــا قتــل‬
‫الرجل المصرى و طمره فى الرمل ) خر ‪ 0 ( 12 : 2‬و لكن الله أخذه‬
‫على البرية ‪ ،‬و دربه فى عمل الرعى على اللطف و الهدوء و الوداعة‬
‫‪ ،‬على مدى أربعين عاما ً ‪ ،‬حتى وصل إلى ما وصل إليه ‪00‬‬
‫*هل تظنوا أن يوحنا الحبيب بدأ حياته هكذا بما عرف عنه مــن حــب ‪،‬‬
‫حتى أنه قال " الله محبة ‪ 0‬من يثبت فى المحبة ‪ ،‬يثبت فى الله ـــ و‬
‫الله فيه " ) ‪1‬يو ‪ 0 ( 16 :4‬كل ‪ 0‬بل كان هو وأخوة يعقوب شديدين ‪،‬‬
‫تربيا فى مدرسة يوحنا المعمدان الشديد ‪ ،‬الذى كان يوبخ فى عنف )‬
‫مت ‪ 0 (11– 7 : 3‬و قد لقبها الرب " بوانرجس " أى " أبنى الرعد " )‬
‫مر ‪0 ( 17 : 3‬‬
‫و هما اللذان لما رفضت إحدى قرى السامريين أن تقبــل الــرب ‪ ،‬لن‬
‫وجهه كان متجها ً نحو أورشليم ‪ ،‬قال لــه " أتريــد يــا رب أن تقــول أن‬
‫تنزل نار من السماء فتفنيهــم كمــا فعــل إيليــا أيض ـا ً ؟ " ‪ 0‬فانتهرهــا‬
‫الــرب و قــال لهمــا " لســتما تعلمــان مــن أى روح |أنتمــا ‪ 0‬لن ابــن‬
‫النسان لم يأت ليهلك أنفس الناس ‪ ،‬بل ليخلص " ) لو ‪(56-52 : 9‬‬
‫و لكن الرب أخذ يدرب ابن الرعد ‪ ،‬حتى تحول إلى شعلة من حب ‪ 0‬و‬
‫بدايته لم تكن هكذا ‪0‬‬
‫***‬
‫كذلك القديسون لم يصلوا إللى درجلاتهم العاليلة دفعلة واحلدة ‪ ،‬بلل تلدربوا حلتى‬
‫وصلوا ‪0‬‬
‫تدربوا بجهاد و تعب ‪ ،‬وعلى مدى زمنى ‪ 0‬فل يجوز أن نأخــذ مــا كتــب‬
‫عن قممهم الروحية كأنه نقط بدء !! و ل نبدأ نحــن بمــا وصــلوا إليــه‬
‫فى نهاية جهادهم ‪ ،‬بل نتدرج ‪0‬‬
‫*أرسانيوس العظيم ‪ ،‬فى بدء رهبنته ‪ ،‬كان يخطئ فى طريقة تنقيــة‬
‫الفول التى يعرفها ذلك المصرى المى ‪ ،‬حتى أخذ درسا ً وقال " هــذا‬
‫القلم على خدك يـا ارسـانى " و بالتـدريب و المـدى الزمنـى ‪ ،‬وصـل‬
‫إلى ما وصل إليه من قداسة ‪0‬‬
‫*و موســى الســود الــذى شــاده أحــد البــاء فــى رؤيــاء ‪ ،‬و الملئكــة‬
‫يطعمونه شهد العسل ‪ ،‬لم يصل إلى حياة المحبة و الخدمة و الوداعة‬
‫و إضافة الغرباء دفعة واحدة ‪ ،‬بل حينما بــدأ كــان منظــره مخيفـا ً ‪ 0‬و‬
‫ظل القديس إيسيذورس يدربه ‪ ،‬حتى وصل إلــى مــا وصــل إليــه مــن‬
‫قداسة و احتمال ‪0‬‬
‫***‬
‫ً‬
‫حتى فى مجال الخدمة ‪ ،‬درب الرب تلميذه أيضا ‪000‬‬
‫أرسلهم فى تدريب عملى ‪ 0‬ورجعوا إليه فعرضوا نتائج خــدمتهم ‪ 0‬و‬
‫كانوا فرحين لن الشــياطين تخضــع لهــم باســمه!! فصــحح لهــم هــذا‬
‫الخطــأ ‪ ،‬قــال لهــم " ل تفرحــوا بهــذا ‪ 00‬بــل افرحــوا بــالحرى أن‬
‫أسماءكم قد كتبت فى السموات " ) لو ‪0(20-17 : 10‬‬
‫كذلك دربهم على أمـر آخـر ‪ ،‬و هـو عـدم الهتمــام بمــن يكـون الول‬
‫فيهم ‪ 0‬و قال لهــم " ل يكــون هكــذا فيكــم ‪ 0‬بــل مــن أراد أن يكــون‬
‫فيكم عظيما ً ‪ ،‬فليكن لكم خادما ً ‪ 0‬و من أراد أن يكون فيكم عظيمـا ً ‪،‬‬
‫فليكن عظيما ً ‪ ،‬فليكن لكم خادما ً ‪ 0‬و مــن أراد أن يكــون فيكــم أول ً ‪،‬‬
‫فليكن لكم عبدا ً ‪ 0‬كما أن ابن النسان لم يـأت ليخـدم ‪ ،‬بـل ليخـدم و‬
‫يبذل نفسه فدية عن كثيرين " ) مت ‪0 ( 28 – 26 : 20‬‬

‫لهذا كله ‪ ،‬ينبغى علينا أل نكتفى بالمعرفة الدينية ‪ ،‬بل نهتم بللالكثر بالعمللل ‪ ،‬مللدر‬
‫بين أنفسنا على تنفيذ الوصايا ‪0‬‬
‫إن الرب بعد أن ألقى العظة على الجبل ‪ ،‬ختمهــا بقــوله ‪ " :‬كــل مــن‬
‫يسمع أقوالى هذه و يعمل بها ‪ ،‬أشبهه برجل عاقــل بنــى بيتــه علــى‬
‫الصخر ‪ 00‬و كل من يسمع أقوالى هذه و ل يعمل بهـا ‪ ،‬يشــبه برجــل‬
‫جاهل بنى بيته على الرمل " ) مت ‪0 ( 26 – 24 : 7‬‬
‫و هكذا ركز الهمية على العمل به\ما نسمع ‪ 0‬و أكد هذا بقـوله أيضـا ً‬
‫" و ليس كل من يقول لى يا رب يارب يدخل ملكوت الســموات ‪ ،‬بــل‬
‫الذى يعمل إرادة أبى الذى فى السموات " ) مت ‪ 0 ( 21 : 7‬و هكذا‬
‫يصلى الكاهن فى أوشية النجيل " اجعلنا مستحقين كلنا يا سيدنا أن‬
‫نسمع و نعمل بأناجيلك المقدسة بطلبات قديســيك" ‪ 0‬إذن فلنتــدرب‬
‫لكى نعمل بوصاياه و تعليم النجيل ‪0‬‬

‫التداريب الروحيللة تللدل علللى أن صللاحبها سللهران علللى خلص نفسلله ‪ 0‬يكتشللف‬
‫أخطاءه و تقائصه ‪ ،‬و يتدرب على تفاديها ‪0‬‬
‫لبد إذن أن تكتشف أخطاءك ‪ ،‬أو الخطاء التى يكشفها لك غيــرك ‪0‬‬
‫لنه بدون اكتشاف أخطائك ‪ ،‬ل يمكنك أن تدري نفسك علــى تركهــا ‪،‬‬
‫إذ " ل يحتاج الصحاء إلى طبيب بل المرضى " ) مت ‪ 0 ( 12 : 9‬فل‬
‫تتضايق إذن ممن يظهر لك عيبا ً فيك اســتفد مــن هــذا الكشــف لكــى‬
‫تتدرب على التخلـص مـن ذلـك العيـب ‪ 00‬بـل أنـت نفسـك حـاول أن‬
‫تفحص نفسك جيدا ً فى ضوء وصايا الله لتكشف عيوبك ‪0‬‬
‫***‬
‫و أحذر من تبرير النفس و التماس العذار لخطائك ‪0‬‬
‫فالذى يبرر نفسه ‪ ،‬يبقى دائما ً حيث هــو ‪ ،‬ل يصــلح مــن ذاتــه شــيئا ‪،‬‬
‫ً‬
‫لن ذاته جميلة فى عينيه بل عيب !! أم الذى يحاسب نفسه بدقــة ‪ ،‬و‬
‫ل يعذر نفسه مطلقا ً مهما كانت الظروف ‪ ،‬فهذا هــو الشــخص الــذى‬
‫يمكنه أن يتخلص من عيوبه ‪ ،‬معترفا ً أمام ذاته بنقائصه ‪0‬‬
‫***‬
‫إن كنت تستحى من أن يكشف لك الغير خطأ فيك ‪ ،‬فلشللك أنللك ل تسللتحى مللن‬
‫نفسك بنفس القدر!!‬
‫ً‬
‫فاجلس إلى ذاتك ‪ ،‬وكن صريحا من نفسك إلى أبعد الحــدود و حــاول‬
‫أن تطــرق نقــط الضــعف الــتى فيــك ‪ ،‬و الــتى تكشــفها لــك القــراءة‬
‫الروحية ‪ ،‬أو تدركها من سماعك لبعض العظات التى تشعر أنها تمس‬
‫حياتك ‪0‬‬
‫***‬
‫ولو أنك دربت نفسك كل أســبوع ‪ ،‬أو حــتى كــل شــهر علــى مقاومــة‬
‫نقطة ضعف واحدة ‪ ،‬لمكنك فى عام واحد أ‪ ،‬تتخلــص مــن ‪ 12‬نقطــة‬
‫ضعف ‪ 0‬و ثق أن الخطايــا يرتبــط بعضــها بــالبعض الخــر ‪ 0‬بحيــث أن‬
‫تخلصك من خطية معينة ‪ ،‬قد يخلصك من خطايا أخرى عديدة ‪0‬‬
‫***‬
‫كما أن تدربك على فضيلة معينة ‪ ،‬و بخاصــة لــو كــانت مــن الفضــائل‬
‫المهات ‪ ،‬ستقودك إلى فضائل أخرى ما كنت قد وضعتها فى تدريبك‬
‫‪ 0‬فالفضائل أيض ـا ً مرتبطــة ببعضــها البعــض ‪ ،‬كحلقــات فــى سلســلة‬
‫واحدة ‪0‬‬
‫وسأعطيك مثال ً هنا لرتباط الفضائل ‪0‬‬
‫لنفرض أنك دربت نفسك يوما ً على الخلوة ‪ ،‬ستجد نفسك محتاج ـا ً أن‬
‫تشغل نفسك أثناء الخلوة حتى ل تمل ‪ 0‬و هكذا ستلجأ إلــى القــراءة‬
‫حينا ً ‪ ،‬و إلى الصلة حينــا آخــر ‪ ،‬أو إلــى الترتيــل ‪ ،‬أو الحفـظ ‪ :‬حفــظ‬
‫مزامير أو قطع من الجبية أو آيات من النجيل ‪ 0‬وربما يــدعوك هــذا‬
‫إلى التأمل فى هذه اليات ‪ 00‬و هكذا تجد أن تدريبا ً على الخلـوة جــر‬
‫وراءه فضـائل عديــدة ‪ 00‬أو مثل ً دربـت نفسـك يومـا ً علـى الصـمت ‪،‬‬
‫ستجد نفسك محتاجا ً بالضرورة إلى أن تشغل ذهنك بشئ نافع ‪ ،‬حتى‬
‫ل تســرح فيمــا ل يليــق ‪ 0‬و هكــذا ســيقودك الصــمت إلــى الصــلة أو‬
‫التأمل ‪ ،‬أو تشغل نفسك بالقراءة ‪ 00‬تدريب واحد يجر وراءه تداريب‬
‫عديدة‬

‫ثق أنك إن بدأت ‪ ،‬لبد ستبدأ النعمة معك ‪:‬‬


‫الله ل يتركك وحدك فى تداريبك ‪ ،‬بل سيعمل معك ‪ 0‬لنــك بالتــدريب‬
‫أظهرت أمــك جــاد و ملــتزم بالســلوك فــى الحيــاة مــع اللــه ‪ 0‬و هــذا‬
‫الشعور ستتجاوب معه المعونة اللهية ‪ 0‬و إن كان الشــيطان يحــاول‬
‫أن يحاربك لتكسر التدريب ‪ ،‬فإن النعمة سوف تســندك لتنجــح فيــه ‪0‬‬
‫المهم أنك ل تتراجع و ل تــتراخى ول تكســل ‪ 0‬بــل تكــون حازم ـا ً مــع‬
‫نفسك ‪00‬‬
‫***‬
‫و إن دربت نفسك على فضيلة ‪ ،‬فللاعلم أن الثبللات فللى الفضللائل أهللم بكللثير مللن‬
‫اقتنائها ‪0‬‬
‫لنه ما أسهل تسير فى فضيلة ما يوما ً أو يومين أو ثلثــة أو أســبوعا ً‬
‫‪ 00‬و لكن المهم أن تستمر ‪ ،‬حتى تصبح هذه الفضيلة عادة فيــك ‪ ،‬أو‬
‫تتحول إلى طبع ‪ ،‬و هكذا تحتاج التداريب إلى مدى زمنى طويل لكــى‬
‫ترسخ فى أعماق النفــس ‪ 0‬و كمــا قــال ماراســحق إن كــل تــدبير ل‬
‫تثبيت فيه زمنا ً ‪ ،‬يكون بل ثمر ‪00‬‬
‫ذلــك لن الزمــن و الســتمرارية همــا المحــك العملــى لمعرفــة عمــق‬
‫الفضيلة فيك ‪ 0‬و الوقت أيضا ً يعطى فرصة لختيار المعوقــات الــتى‬
‫تقف ضد التدريب و طريقة النصرة عليها‬
‫***‬
‫لهذا ‪ ،‬فإن القفز السريع من تدريب إلى آخر ‪ ،‬ل يفيد روحيا ً ‪0‬‬
‫كثيرون يريدون أن يصلوا إلى كل شئ ‪ ،‬فى أقل فترة من الــوقت ‪0‬‬
‫فتكون النتيجة عدم الوصول إلى شئ ‪ !! 00‬أو أنهم يضــعون أمــامهم‬
‫تــداريب عديــدة فــى نفــس الــوقت بحيــث ينســون بعضــها ‪ ،‬أو ل‬
‫يســتطيعون الــتركيز عليهــا جميعـا ً ‪ 0‬أمــا أنــت فاســلك فــى تــداريبك‬
‫بحكمــة ‪ ،‬شــيئا ً فشــيئا ً ‪ ،‬لكــى تصــل ‪ 0‬و هنــا أضــع أمامــك بعــض‬
‫الملحظات ‪0‬‬
‫***‬
‫*ليكن التدريب محددا ً وواضحا ً‪0‬‬
‫فل تقل أدرب نفسى على المحبة بينما القديس بولس الرسول يضع‬
‫لهذه المحبة حوالى ‪ 14‬عنصــرا ً فــى ) ‪1‬كــو ‪ 0 ( 13‬يمكنــك الكتفــاء‬
‫بعنصر واحد تركز عليــه ‪ 0‬و ل تقــل إنــى أريــد أن درب نفســى علــى‬
‫حياة التواضع ‪ ،‬أو الوداعة ‪ ،‬أو اليمـان ‪ 0‬بينمـا تكـون كـل كلمـة مـن‬
‫هذه غير واضحة فى تفاصيلها أمامك ‪ 0‬و هكذا ل تفعل شيئا ً ‪ 00‬إنما‬
‫قــل مثل ً أريــد فــى حيــاة التضــاع أن أدرب نفســى علــى أمــر واحــد‬
‫فقــط ‪ ،‬هــو أنــى ل أمــدح ذاتــى ‪ 0‬فــإن أتقنــت هــذا ‪ ،‬تقــول ‪ :‬ادرب‬
‫نفسى على أنى أسعى وراء مديــح النــاس فــإن أتقنــت هــذا ‪ ،‬تقــول‬
‫أتــدرب علــى شــئ آخــر ‪ ،‬و هــو إن مــدحنى أحــد ‪ ،‬أتــذكر فــى الحــال‬
‫خطاياى‬
‫و تقصيرى ‪ ،‬و أبكت ذاتى من الداخل ‪0‬‬
‫***‬
‫البعض يضع لنفسه تــدريبا ً فــوق مســتوى إرادتــه ‪ ،‬أو ل تســاعد عليــه‬
‫ظروفه ‪ 0‬أو يقفز فى التدريب إلى مستوى درجــة عاليــة ل يســتطيع‬
‫الستمرار فيها ‪ ،‬و قــد تصــيبه بنكســة فيمــا بعــد ترجعــه إلــى الــوراء‬
‫خطوات ‪ 0‬فمثل ً ‪ ،‬ل تضع لنفســك تــدريبا ً فــى الصــوم فــوق احتمــال‬
‫صحتك ‪ ،‬و ل تدريبا ً فى الصمت ل يتفق مع ظروف عملك و مقابلتك‬
‫‪ ،‬و ظروف بيتك ‪ ،‬ل تدريبا ً فــى الصــلة أو فــى الخدمــة ل يســمح بــه‬
‫وقتك ‪00‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫*و يمكن أن تتدرج فى التدريب ‪ ،‬بحيث ل تأخذ فى كل مللرة إل حللزءا واحللدا مللن‬
‫تفاصيله ‪0‬‬
‫من الصعب مثل ً أن تدرب نفسك علــى الصــمت ‪ ،‬فــى حيــاة المجتمــع‬
‫الذى تضطر فيه بالضرورة إلى الكلم ‪ 0‬و لكنـك قـد تتـدرج فتقـول ‪:‬‬
‫أدرب نفسى على عدم الطالة فى الحديث ‪ 0‬فما يحتاج إلــى كلمــة ‪،‬‬
‫ل أقول فيه جملة ‪ 0‬و ما يحتاج إلى جملة ‪ ،‬ل ألقى فيه محاضــرة ‪ 0‬و‬
‫إن فهم محدثى ما أريد ‪ ،‬ل داعى لن أزيد ‪00‬‬
‫فإن أتقنت هذا ‪ ،‬تقول ‪ :‬ل أبــدأ الكلم إل لضــرورة ‪ 0‬ثــم تــدخل فــى‬
‫تدريب آخر‪ ،‬و هو البعد عن الصوت الحاد ‪ ،‬و عــن الصــوت العــالى ‪ ،‬و‬
‫تقول أدرب نفسى على " الصوت المنخفض الخفيف " ) ‪1‬مــل ‪: 19‬‬
‫‪ 0 ( 12‬ثم تدخل فى مقاومة أخطاء اللسان واحدة فواحدة ‪ 0‬إلى أن‬
‫تصل إلى حسن الكلم ‪ 0‬و حينئذ إن بعـدت عــن الصـمت ‪ ،‬تصــل إلـى‬
‫النقطة التالية و هو حسن الكلم ‪ ،‬فل تخطئ ‪ 0‬لن هناك من ينطبق‬
‫عليه المثل القائل ‪ :‬سكت دهرا ً و نطق كفرا ً !!‬
‫*و لتكن تداريبك من صميم حياتك العملية الواقعية ‪0‬‬
‫فما يصلح لغيرك من تــداريب ‪ ،‬قــد ل يصــلح لــك أنــت ‪ 0‬أمــا تــداريبك‬
‫فليكن مصدرها مقاومة أخطائك الخاصــة ‪ ،‬و تقصــيراتك الروحيــة ‪ ،‬و‬
‫ما يناسبك فى حيــاة الفضــيلة بحســب قامتــك الروحيــة ‪ 0‬و تــداريبك‬
‫يجب أن تتفق مع حياتك و ظروفك الداخلية و الخارجية ‪0‬‬

‫*ولتكن لك كراسة خاصة بالتدريبات ‪0‬‬


‫تكتب فيها التدريب ‪ ،‬و آية أو ضع آيات من الكتاب تشــجعك ‪ ،‬و تحثــك‬
‫على هذا التدريب بالذات ‪ 0‬و احفظ هــذه اليـات ورددهــا باســتمرار ‪،‬‬
‫لكى تكون حاضرة فى ذهنك كلما حوربت بشئ ضد مــا تــدرب نفســك‬
‫عليه ‪ 0‬و تذكر أيضا قصــص القديســين الــذين كــانوا أمثلــة عليــا فــى‬
‫الفضيلة التى تدرب نفسك عليها ‪0‬‬
‫***‬
‫*و إن سقطت فى تدريبك فى وقلت ملا ‪ ،‬اعلرف أسلباب السلقوط ‪ ،‬و حلاول أن‬
‫تتحاشاها فيما بعد ‪0‬‬
‫و هكذا تأخذ خبرة روحية فى كل ممارساتك ‪ ،‬و تعرف حروب العدو و‬
‫طريقة النتصار عليها ‪ 0‬حتى أن البعــض – بهــذه التــدريبات – صــاروا‬
‫مرشدين لغيرهم ‪ 0‬كالم التى جربت الحياة ‪ ،‬و تستطيع‬
‫أن تنصح ابنتها بنصائح عملية تفيدها ‪0‬‬
‫*وحاول أن تستفيد من فشلك احيانا ً فى تداريبك ‪0‬‬
‫ليكــن ذلــك ســببا ً فــى اتضــاعك و شــعورك بالضــعف ‪ ،‬حــتى ل تتكــبر‬
‫نفسك بتوالى النجاح ‪0‬‬
‫وأيضا ً ليكن ذلك سببا ً يدعو إلى الشفاق على الضعاف و المخطئيــن‬
‫‪ 0‬و لتكن سقطاتك موضوعا ً لمطانيات أمام الله تقدم فيهـا انسـحاق‬
‫قلبك و لتكن مجال ً لصلوات ترفعها إلى الله ليمنحك قوة و نعمة‬

‫و بعد ‪ ،‬فإن التداريب فى صورتها الظاهرة ‪ ،‬هى جهاد للوصــول إلــى‬


‫نقاوة القلب ‪ ،‬حتى يستحق سكنى الله فيــه ‪ 0‬و لكنهــا ليســت مجــرد‬
‫جهاد ‪ ،‬و إنما هى طلبة مقدمة إلى الله ليتدخل ‪ 0‬و كيف ؟‬
‫كثيرون يقدمون لله رغبللاتهم الروحيللة فللى أسلللوب نظللرى ‪ ،‬فللى مجللرد مشللاعر‬
‫القلب أو كلم فى الصلة ‪ 0‬أملا التلداريب الروحيلة فهلى رغبلات تقلدم إللى اللله‬
‫بأسلوب عملى ‪00‬‬
‫هى جهاد عملى صارخ إلى الله لكى يتدخل و يمنح من عنــده النصــرة‬
‫لهذا الجهاد ‪ 00‬و الله هو العامل فينــا أن نريــد و أن نعمــل مــن أجــل‬
‫المسرة ) فى ‪ 00 ( 13 : 2‬المسرة فى أن يتمجد اسمه فينا كلمــا‬
‫ننجح فى جهادنا و تـداريبنا ‪ 0‬و ليكـن اسـم الـرب مباركـا ً مـن الن و‬
‫إلى البد ‪0‬‬
‫يحتاج النسان كثيرا ً إلى جلسة مع النفس ‪:‬‬
‫يجلس إلى نفسه لكى يفحصها و يفتش دواخلها ‪ ،‬و يرقب تصرفاتها‬
‫و يحاسبها حتى يكون فى يقظة مستمرة ‪ 0‬و هذه الرقابــة الذاتيــة و‬
‫ملحظة النفس لزمة لكل إنسان ‪ ،‬مهما عل فــى حيــاته الروحيــة ‪ ،‬و‬
‫مهما ارتفع فى منصبه ‪ 0‬و لذلك نرى القديس بولس الرســول يكتــب‬
‫إلى تلميذه تيموثاوس الســقف قــائل ً " لحــظ نفســك و التعليــم ‪ ،‬و‬
‫ودوام علــى ذلــك ‪ 0‬فإنــك إن فعلــت هــذا ‪ ،‬تخلــص نفســك و الــذين‬
‫يسمعونك أيضا ً " ) اتى ‪0 ( 16 : 4‬‬
‫***‬
‫لذلك فالشيطان يحاول بكل قوة أن يمنع النسان الروحى من الجلوس إلى نفسه‬
‫‪ ،‬و كذلك يمنع الخاطئ ‪00‬‬
‫ً‬
‫ما أسهل أن يقدم له مشغوليات عديدة جدا ‪ ،‬تســتغرق كــل وقتــه ‪ ،‬و‬
‫تستحوذ على كل مشاعره بأهمية كل هــذه المشــغوليات ‪ 0‬و إن كــان‬
‫إنســانا ً روحيــا ً محبــا ً لملكــوت اللــه ‪ ،‬يمكــن أن يشــغله بالخدمــة و‬
‫متطلباتها ‪ ،‬حــتى يجعــل الخدمــة تشــغله ‪ ،‬بحيــث ل يهــدأ ليفكــر فــى‬
‫أخطائه داخل خدمته ‪ 0‬مثل ذلك البن الكبير الــذى لــم يفــرح برجــوع‬
‫أخيه ‪ ،‬و لم تتفق مشيئته مع مشيئة الب ‪ 0‬و مع ذلك قال لبيه " هــا‬
‫أنا أخدمك سنين هذا عددها ‪ ،‬وقــط لــم أتجــاوز وصــيتك ‪ 0‬وجــديا ً لــم‬
‫تعطنى قط لفرح مع أصدقائى ‪ ) " !00‬لو ‪، 28 : 15‬ـ ‪ 0 ( 29‬و ل‬
‫شك أن هذا البن الخادم طول تلك السنين ‪ ،‬لو كــان قــد جلــس إلــى‬
‫نفسه ‪ ،‬لوجد أن له أخطاء عديدة و غير لئقة ‪ ،‬سواء فى التعامــل أو‬
‫أسلوب التخاطب ‪ ،‬أو فى محبته أو احترامه لبيه ‪00‬‬
‫***‬
‫لذلك ايها البن المبارك ل تجعللل مشللغوليات الخدمللة تعطلللك عللن الجلللوس إلللى‬
‫نفسك و فحصها و مناسبتها ‪0‬‬
‫أليس أن الخدمة أحيانا ً قد تعطلك عن الصلة و عن القراءة و التأمل‬
‫؟! ألست أحيانا ً فى الخدمة ترفع ذاتك و فكرك أكثر مما يليق ‪ ،‬وربما‬
‫ترتئى فوق ما ينبغى ) رو ‪ 0 ( 3 :12‬ألست فى الخدمة أحيانا ً قد تقع‬
‫فى الدانة ‪ ،‬وربما فى قساوة القلب ‪ ،‬باسم الدفاع عــن الحــق ؟!‪00‬‬
‫و غير ذلك كثير ‪ 00‬إجلس إلى نفسك و افحصها ‪ ،‬خوفا ً من أن تقول‬
‫" لئل بعدما ما كرزت لخرين ‪ ،‬أصير أنا نفسى مرفوضا ً " ) ‪1‬كــو ‪: 9‬‬
‫‪ 0 ( 27‬أو لئل تسمع قول الرب لمرثــا " أنــت تهتميــن و تضــطربين‬
‫لجل أمور كثيرة ‪ 0‬و لكن الحاجة إلى واحد " ) لو ‪0 ( 42 ، 41 : 10‬‬
‫***‬
‫أنت محتاج أن تجلس إلى نفسك لتعرف أخطاءك ‪00‬‬
‫سواء أخطاء اللسان ‪ ،‬أو الفكر ‪ ،‬أو الحواس ‪ ،‬أو المشاعر القلب ‪ ،‬أو‬
‫أخطاء الجسد ‪ 00‬لتعرف أخطاءك ضد الله و ضد الناس ‪ ،‬و أيض ـا ً ضــد‬
‫نفسك ‪ 00‬بل لتدرس طباعك أيضا ً الثابتة فيك ن والــتى تلبــس ثيــاب‬
‫الحملن ‪ ،‬و تتسمى عندك بأسماء فضائل ‪ ،‬و قد تفتخر بــه !! إجلــس‬
‫يا أخى إلى نفسك ‪ ،‬و تذكر قول القديس مقاريوس الكبير ‪:‬‬
‫أحكم يا أخى على نفسك ‪ ،‬قبل أن يحكموا عليك ‪00‬‬
‫لتكن محاسبتك لنفسك بصراحة وجدية ‪0‬‬
‫قد يحاول الشيطان أن يتدخل بإحدى طريقتين ‪:‬‬
‫إما أن يقول لــك ‪ :‬ل تبــالغ فــى حكمــك علــى نفســك ‪ ،‬لئل تقــع فــى‬
‫عقدة الذنب ‪Sense of guilt 0‬‬
‫أو قد يقول لك ‪ :‬احترس من أن تقســو علــى نفســك ‪ ،‬لئل تقــع فــى‬
‫الكآبة ‪ Depression 0‬و هــو ليــس مخلص ـا ً فــى نصــائحه ‪ ،‬لنــه يريــد أن‬
‫يبعدك عن تبكيتك لنفســك ‪ 0‬هنــا و تــذكر قــول القــديس أنطونيــوس‬
‫الكبير " إن ذكرنا خطايانا ‪ ،‬ينساها لنــا اللــه ‪ 0‬و إن نســينا خطايانــا ‪،‬‬
‫يذكرها لنا الله " ‪ 0‬و تذكر أيضا ً قول داود النبى فى مزمــور التوبــة "‬
‫خطيتى أمامى فى كل حين " ) مز ‪0 ( 50‬‬
‫***‬
‫ذلك لن الشيطان قد يقللول لللك ‪ :‬لمللاذا تتللذكر خطايللاك ‪ ،‬و هللى مغسللولة بالللدم‬
‫الكريم ؟!‬
‫إنها تظل مغسولة ‪ ،‬طالمــا كنــا فــى حيــاة التوبــة ‪ ،‬نــادمين علــى مــا‬
‫فعلناه ‪ ،‬و فى انســحاق قلــب بســبب خطايانــا ‪ 0‬إن داود النــبى ظــل‬
‫يبلل فراشه بدموعه بسبب خطيته ‪ ،‬حــتى بعــد أن نــال المغفــرة ‪ 0‬و‬
‫قال له ناثان " الرب نقل عنك خطيئتك ‪ 0‬ل تموت " ) ‪2‬صم ‪13 : 12‬‬
‫( ‪ 0‬و شاول الطرسوسى بعد أن نال الدعوة اللهية ‪ ،‬و صار رسو ً‬
‫ل‪،‬‬
‫و تعب أكثر من جميع الرسل " ‪1‬كو ‪ 0 ( 10 : 15‬قال فى انسحاق‬
‫قلب " لنى أصغر الرسل ‪ 0‬أنــا الــذى لســت أهل ً لن أدعــى رســول ً ‪،‬‬
‫لنى اضـطهدت كنيسـة اللـه " ! ) ‪1‬كـو ‪ 0 ( 9 : 15‬ألـم تكـن هـذه‬
‫الخطيــة قــد غفــرت لــه ‪ ،‬و غســلت بالــدم الكريــم ‪ 0‬و لكنــه ل يــزال‬
‫يذكرها و يبكت نفسه عليها ‪ 0‬بل أنه يقول فى رســالته الولــى إلــى‬
‫تلميذه تيموثاوس " أنا الذى كنت قبل ً مجدفا ً و مضــطهدا ً و مفتريـا ً ‪0‬‬
‫و لكننى رحمت لنى فعلت بجهل فى عدم إيمان " ) ‪1‬تى ‪0 ( 13 : 1‬‬
‫و على الرغم من أنه فعل ذلك يجهل ‪ ،‬و قبل إيمانه ‪ ،‬إل أنه ل يــزال‬
‫يذكر و يبكت نفسه ‪00‬‬
‫***‬
‫و أيضا ً فى محاسبتك لنفسك ‪ ،‬احترس من أن تلتمس لنفسك العذار و التبريرات‬
‫‪00‬‬
‫قد تحاسب نفسك و تــدرك أخطــاءك ‪ 0‬و إلــى هنــا تكــون النعمــة قــد‬
‫عملت فيك ‪ 0‬ثم ياتى الشيطان ليفقــدك عمــل النعمــة ‪ ،‬يبعــدك فــى‬
‫الندم و النسحاق و لوم النفــس ‪ ،‬فيقـدم لــك العـذار و التـبريرات ‪،‬‬
‫لكى تغطى بها على خطيتك ‪ ،‬كمــا حــاول مــن قبــل أبونــا آدم و أمنــا‬
‫حواء ‪ 00‬احترس من هذه العذار التى هى لــون زائف مــن الشــفاق‬
‫على النفس ‪ ،‬بالدفاع عنها و محاولة تخفيف الذنب فيما إرتكبته ‪0‬‬
‫فإن كنت تحب نفسك حقا ً ‪ ،‬ل تشفق عليهــا بهــذا الشــفاق الخــاطئ‬
‫الــذى يحرمهــا مــن مشــاعر التوبــة و النــدم و النســحاق ‪ 0‬و هــذا ل‬
‫يفيدها بشئ ‪ 0‬بل على العكس قد تعتمد على العـذار و تســتمر فـى‬
‫الخطأ ‪ 0‬اذكر باستمرار قول الرسول " أنت بل عذر أيضا ً النسان " )‬
‫رو ‪ 0 ( 1 : 2‬الذى يحاول أن يعذر نفسه فى خطاياه ‪ ،‬قد يقع فى‬
‫الضمير الواسع ‪ ،‬الذى يبلع الجمل ) مت ‪0 ( 23‬‬
‫***‬
‫ً‬
‫هوذا نوح البار كان يعيش فى جيل فاسد جــدا حــتى أن اللــه أغرقــه‬
‫بالطوفان ‪ 0‬و مع ذلك حفــظ نــوح نفســه فــى اليمــان ‪ ،‬و لــم يتــأثر‬
‫بالوسط المحيـط ‪ 0‬و يوســف الصـديق كـانت الخطيــة تلـح عليـه كـل‬
‫يوم ‪ ،‬دون أن يطلبها ‪ 0‬و على الرغم من ذلك قــال عبــارته الخالــدة"‬
‫كيف اصنع هذا الشر العظيم و أخطئ إلى الله ؟! " ) تك ‪0 ( 9 : 39‬‬
‫و فى سبيل رفضه للخطية تحمل ما آحتمله من سجن و عار ‪00‬‬
‫و دانيال و الثلثة فتية كانوا مهددين بموت خطير ‪ ،‬هــو باللقــاء إلــى‬
‫جب السود و هم باللقاء فى أتوب النــار ‪ 0‬و لكــن ذلــك التهديــد لــم‬
‫يحــولهم مطلقــا ً عــن مخافــة اللــه ‪ 0‬و هكــذا كــان كــل الشــهداء و‬
‫المعترفين ‪ ،‬فى كل ما تعرضوا من تعذيب ‪0‬‬
‫***‬
‫إن الضغط الخارجى ‪ ،‬ل يستسلم له سوى الضعف الداخلى ‪0‬‬
‫ً‬
‫بكت نفسك بهذه العبارة ‪ 0‬و قل لنفسك ‪ :‬ينبغى أن أكون قوي ـا فــى‬
‫الداخل ‪ ،‬و أنتصر على كل الحــروب مهمــا كــانت شــديدة ‪ 0‬و ليبكتــك‬
‫قــول بــولس الرســول للعــبرانيين " لــم تقــاوموا بعــد حــتى الــدم ‪،‬‬
‫مجاهدين ضد الخطية " ) عب ‪ 0 ( 4 : 12‬لذلك إن حاسبت نفسك ‪ ،‬و‬
‫ل تقل كانت الوصية صعبة ‪ ،‬لم استطع تنفيذها !! بل تــذكر كيــف أن‬
‫ابراهيم أخذ ابنه الوحيد الذى يحبه ليقدمه محرقة ) تك ‪( 22‬‬
‫***‬
‫و إن عذرت نفسك بأن هناك معطلت خارجية عاقتللك عللن طريللق الفضلليلة فقللل‬
‫لنفسك ‪ :‬كان ينبغى أن أجاهد لنتصر ‪ ،‬على تلك المعوقات ‪0‬‬
‫هوذا نوح البار كان يعيش فى جيل فاســد جــدا ً حــتى أن اللــه أغرقــه‬
‫بالطوفان ‪ 0‬و مع ذلك حفــظ نــوح نفســه فــى اليمــان ‪ ،‬و لــم يتــأثر‬
‫بالوسط المحيط ‪ 0‬ويوسف الصديق كانت الخطية تلح عليه كل يوم ‪،‬‬
‫دون أن يطلبها ‪ 0‬و على الرغم من ذلك قال عبــارته الخالــدة " كيــف‬
‫أصنع هذا الشر العظيم و أخطئ إلى الله ؟! " ) تك ‪ 0 ( 9 : 39‬و فى‬
‫سبيل رفضة للخطية تحمل ما آحتمله من سجن و عار ‪00‬‬
‫و دانيال و الثلثة فتية كانوا مهددين بموت خطير ‪ ،‬هــو باللقــاء إلــى‬
‫جب السود ‪ ،‬وهم باللقاء فى أتون النـار ‪ 0‬و لكـن ذلـك التهديـد لـم‬
‫يحــولهم مطلقــا ً عــن مخافــة اللــه ‪ 0‬و هكــذا كــان كــل الشــهداء و‬
‫المعترفين ‪ ،‬فى كل ما تعرضوا له من تعذيب ‪0‬‬
‫***‬
‫إن الضغط الخارجى ‪ ،‬ل يستسلم له سوى الضعف الداخلى ‪0‬‬
‫ً‬
‫بكت نفسك بهذه العبارة ‪ 0‬و قل لنفسك ‪ :‬ينبغى أن أكون قوي ـا فــى‬
‫الداخل ‪ ،‬و أنتصر على كل الحــروب مهمــا كــانت شــديدة ‪ 0‬و ليبكتــك‬
‫قول بولس الرسول للعبرانيين لم تقاوموا بعد حتى الدم ‪ ،‬مجاهــدين‬
‫ضد الخطية " ) عب ‪ 0 ( 4 : 12‬لذلك إن حاسبت نفسك ‪ ،‬فل تقل ‪،‬‬
‫فل تقل فى سقطاتك " لقد كنت ضعيفا ً و الخطية أقوى منــى ‪ 0‬بــل‬
‫أذكر انتصـار يوسـف الصـديق ‪ ،‬و بكـت بـه نفسـك ‪ 0‬و ل تقـل كـانت‬
‫الوصية صعبة ‪ ،‬لم استطع تنفيذها !! بل تذكر كيــف أن ابراهيــم أخــذ‬
‫ابنه الوحيد الذى يحبه ليقدمه محرقة ) تك ‪0 ( 22‬‬
‫***‬
‫اذكر قصصا ً من الكتاب فى النتصار على العوائق ‪:‬‬
‫أذكر أصدقاء المفلوج الذين لم يجدوا أى منفذ لدخال صــاحبهم إلــى‬
‫الرب ‪ ،‬فلم ييأسوا ‪ ،‬و نقبوا السقف ودلوه منــه ) مــر ‪ 0 ( 4 : 2‬و‬
‫اذكر الغــراءات الــتى قــدمت لــداود لقتــل شــاول الملــك الــذى كــان‬
‫يطارده ‪ ،‬و كيف قال داود ‪ :‬حاشا لى أن أمد يــدى إلــى مســيح الــرب‬
‫‪ 00‬لنه مسيح الرب هو ) ‪1‬صم ‪00 ( 6 : 24‬‬
‫***‬
‫ً‬
‫فى محاسبتك لنفسك ‪ ،‬اعتبر العذار تدليل للنفس ‪0‬‬
‫مثــل عــذراء النشــيد ‪ ،‬الــتى لــم تفتــح للــرب ‪ ،‬و قــد امتل رأســه مــن‬
‫الطل ‪ ،‬و قصصه من ندى الليل ! و قــالت " قــد خلعــت ثــوبى فكيــف‬
‫ألبسه ‪ 0‬قــد غســلت رجلــى فكيــف أوســخهما " ‪ 0‬و لــم يقبــل الــرب‬
‫عذرها ‪ ، ،‬بل تحول عنها و عبر ‪ 0‬ثم عصرها الندم فقالت بعــد ذلــك "‬
‫طلبته فما وجدته ‪ 0‬دعوته فما أجابنى " ) نش ‪00 ( 6-2 : 5‬‬
‫ل تكن مثل صاحب الوزنة الواحدة ‪ ،‬الــذى دفــن وزنتــه فــى الرض ‪،‬‬
‫ووجد لنفسه عذرا ً فقال لسيده كلما ً شريرا ً لمه عليه ! ) مــت ‪: 25‬‬
‫‪00 ( 28 – 24‬‬
‫***‬
‫ما أكثر الذين أخطأوا وقدموا أعذارا ً ‪ ،‬كانت كلها غير مقبولة ‪0‬‬
‫مثل شاول الملك لما أصعد محرقة ) ‪1‬صم ‪ 0 ( 12 ،11 : 13‬و مثل‬
‫يونان النبى لما إغتاظ بالصواب حتى المـوت ) يـون ‪ 0 (13-1 : 4‬و‬
‫مثل ايليا فى خوفه من ايزابل و هربه منها ) ‪1‬مل ‪0 ( 14 ، 1 : 19‬‬
‫و مثل هؤلء من يكسر الصوم ‪ 0‬و أن حاســبه ضــميره وبكتــه ‪ ،‬يعتــذر‬
‫بضعف صحته ‪ 0‬و من يكســر وصــية العشــور ‪ 0‬و إن حاســب نفســه ‪،‬‬
‫يعتذر بظروفه الماليه ‪ ،‬و كذلك من ل يفى بالنذر ‪ 00‬إن داود لم يجد‬
‫لنفسه عذرا ً ‪ ،‬لما " جاء أسد مع دب ‪ ،‬واختطف شــاه مــن قطيعــه " ‪،‬‬
‫بل جرى وراءه ‪ ،‬ز انقذها من فمه ) ‪1‬صم ‪ 00 ( 35 ، 34 : 17‬و لو‬
‫أن داود قد اعتذر عن إنقاذ الشاه ‪ ،‬لوجدنا عذره مقبول ً !! و لكنه لــم‬
‫يفعل ‪ 0‬كان ضميره أقوى ‪00‬‬
‫***‬
‫ما أكثر الذين يخطئون ‪ ،‬فبدل ً من لوم أنفسهم ‪ ،‬يلقون اللوم عللى الكنيسلة لكللى‬
‫يعذروا أنفسهم !!‬
‫يقولون ‪ :‬الكنيسة لم تفتقدنى ! أب العتراف لم يهتم بى ! لــم أجــد‬
‫مرشدا ً يعرفنى الطريــق ! أيــن البــاء ؟! أيــن عمــل الكهنــوت ؟! و ل‬
‫يقول أحد منهم ‪ :‬الخطأ كان واضحا ً ‪ ،‬و ضميرى كــان يبكتنــى ‪ ،‬و أنــا‬
‫لم أطع إرشاد ضميرى و تبكيته لى من الداخل ‪!!00‬‬
‫إن أنطونيوس العظيم كان وحده فى البرية بل مرشــد ‪ 0‬و ســار فــى‬
‫الطريق السليم ‪ ،‬و لم يعتذر بعدم وجود إرشاد ‪ 00‬و كذلك النبا بــول‬
‫السائح و غيرهما من أعاظم القديسين ‪00‬‬
‫***‬
‫فى محاسبتك لنفسك ‪ ،‬من الفضل لك أن تديبن نفسك و تبكتها ‪0‬‬
‫فهذا أنفع لك من تبرير نفســك ‪ ،‬و إلقــاء التبعــة علــى غيــرك ‪ 00‬مــا‬
‫أجمل جواب أب جبل نتريــا ‪ ،‬لمــا ســأله البابــا ثــاوفيلس عــن أحســن‬
‫الفضائل التى أتقنوها فى حياة الوحدة ‪ ،‬فقال ‪ " :‬صدقنى يــا أبــى ‪،‬‬
‫ل يوجد أفضل من أن يرجع النسان بالملمة على نفسه فى كل شئ‬
‫"‪00‬‬
‫أما العــوائق فل تكـون مجـال ً للعتـذار ‪ ،‬و إنمـا مجـال ً للتـدريب علـى‬
‫مقاومتها ‪ ،‬و الصلة لكى يعطى الرب نعمة للنتصار عليها‬
‫***‬
‫محاسبة النفس تليها إدانه النفس ‪ 0‬يليهما علج النفس ‪0‬‬
‫ووضع كل تلك الضعفات مجال ً للتدريبات الروحية ‪ ،‬و للجهاد الروحى‬
‫‪ ،‬و الصلة ‪ 0‬و أيضا ً لذكرها فى العتراف ‪ ،‬و طلب المشورة الصالحة‬
‫‪00‬‬
‫ً‬
‫و أيضا لكى تكون تلك الضعفات سببا فى أتضاع النفس ‪ ،‬و البعد عن‬ ‫ً‬
‫أفكار المجد الباطل كلما تحارب النفس حينما تعمل خيــرا ً ‪ 0‬و كــذلك‬
‫تكون تلك الضــعفات ســببا ً فــى الشــفاق علــى المخطئيــن بــدل ً مــن‬
‫إدانتهم ‪ 0‬كما قال القديس بولس الرسول " أذكروا المقيدين كــأنكم‬
‫مقيدون معهــم ‪ ،‬و اذكــروا المــذلين كــأنكم أنتـم أيضـا ً فـى الجســد "‬
‫) عب ‪0 9 3 : 13‬‬
‫***‬
‫ً‬
‫حاسب نفسك على السلبيات التى تصدر منك ‪ ،‬و أيضا على الفضائل‬
‫التى تنقصك ‪ 0‬و كذلك على توقف نموك ‪ ،‬إن كانت روحياتك وصــلت‬
‫إلى وضع معين ‪ ،‬ثم توقف نموها ‪ 0‬و هنا تضع أمامك قــول القــديس‬
‫بولس الرسول " ولكنني أسعى لعلى أدرك ‪ 00‬أنسى ما هــو وراء ‪ ،‬و‬
‫امتد إلى ما هو قدام ‪ 0‬أسعى نحو الغرض " ) فى ‪0 ( 14 -12 : 3‬‬
‫إدرس مــا الــذى أوقــف نمــوك ‪ 0‬أهــى أســباب داخليــة ‪ ،‬أم عــوائق‬
‫خارجية ؟‬

‫بقى سؤال وهو ‪ :‬متى نحاسب أنفسنا ؟‬


‫ً‬
‫البعض يحاسبون أنفسهم فى مناسبات ‪ :‬فى بداية سنة جديدة مثل ‪:‬‬
‫السنة الميلدية أو القبطية أو فى بدء سـنة مـن عمرهــم ‪ 0‬و البعــض‬
‫الفضل يحاسبون أنفسهم قبل كل اعتراف و تناول ‪ 0‬و أفضــل مــن‬
‫هذين النوعين من يحاسبون أنفسهم فى آخر كل يــوم و افضــل مــن‬
‫هؤلء جميعا ً من يحاسب نفسه بعد الفعــل مباشــرة ‪ ،‬و يبكــت نفســه‬
‫‪00‬‬
‫أما الوضع المثل و الكمل ‪ ،‬فهم أن تحاسب نفسك على العمل قبل فعله ‪0‬‬
‫فقبل أن تنطق كلمة مثل ً ‪ ،‬تحاسب نفسك ‪ :‬هــل يليــق بــى أن أقــول‬
‫هذه الكلمة ؟ و ماذا سيكون وقعها على الخريــن ؟ و هــل ســيفهمها‬
‫البعض على غير ما أقصده ؟ فإن وجدت خطأ تتفاداه قبل وقوعه‬
‫و هكذا فى تصرف ‪ ،‬و فى كل فكر ‪ 00‬بهـذا تســير نحـو الكمـال ‪ 0‬و‬
‫ليكن الرب معك ‪000‬‬
‫العتراف واسطة روحية لتوبة ا|لنسان ‪:‬‬
‫حتى أننا فى عقيدة الكنيسة نسمى سر العتراف " سر التوبــة " ‪ 0‬و‬
‫هو فعل ً يقود إلى التوبة ‪ ،‬إذا مارسه النسان بطريقة روحية تليق به‬
‫‪ 0‬فالعتراف ليــس مجــرد كلم يقــوله المعــترف للب الكــاهن ‪ ،‬إنمــا‬
‫ينبغــى أن يمــتزج بمشــاعر معينــة توصــل الخــاطئ إلــى إلــى التوبــة‬
‫الحقيقية فكيف ذلك ؟‬

‫و ما هى عناصر العتراف لكى يكون شام ً‬


‫ل‪:‬‬
‫العتراف يشمل أربعة عناصر ‪ ،‬يجب أن تتم ‪:‬‬
‫‪-1‬العتراف على الله نفسه ‪:‬‬
‫كما يقول داود النبى للرب فى المزمور الخمسين ‪ ،‬مزمــور التوبــة "‬
‫لك وحدك أخطأت ‪ ،‬و الشر قدامك صنعت " ) مز ‪ 0 ( 50‬و فى هــذا‬
‫العتراف تطلب من الله المغفرة ‪ ،‬كما نقول فى الصلة " اغفــر لنــا‬
‫خطايانا ‪ ،‬كما نغفر نحن أيضا ً لمن أخطأ إلينا " ‪ 0‬و تطلب من الله أن‬
‫يرفع غضــبه عنــك الــذى تســتحقه بســبب خطايـاك ‪ ،‬كمــا نقــول فــى‬
‫المزمور " يا رب ل تبكتنى بغضبك ‪ ،‬و ل تؤدبنى بســخطك ‪ 0‬ارحمنـى‬
‫يا رب فإنى ضعيف " ) مز ‪0 ( 6‬‬
‫***‬
‫َ‬
‫‪-2‬وكما نعترف على الله ‪ ،‬نعترف على أب العتراف أيضا ‪:‬‬
‫تعترف عليه كوكيل للسرائر اللهية ) ‪1‬كو ‪ 0 ( 1 : 4‬و كرسول من‬
‫الله إليك "مل ‪ 0 ( 7 : 2‬و تعترف عليه لكى يمنحك من الله المغفرة‬
‫و الحل ) يو ‪ ) ( 23 ، 22 : 20‬مت ‪ 0 ( 18 : 18‬و أيضا َ لكى يسمح لك‬
‫بالتناول ‪ ،‬حتى يمكنك أن تتناول باســتحقاق ) ‪1‬كــو ‪ 0 ( 27 : 11‬و‬
‫ايضا ً من أجل الرشاد الروحــى ‪ ،‬ليشــرح لــك مــا يجــب أن تفعلــه ‪ 0‬و‬
‫تعترف على الب الكاهن أيضا ً لسبب عملى ‪ 0‬و هو أن النسان كثيرا ً‬
‫ما يخجل و هو يذكر خطايــاه أمـام شـخص روحــى ‪ ،‬و أمـام الكهنـوت‬
‫بالــذات ‪ 0‬و هــذا الخجــل يســاعده علــى عــدم ارتكــاب الخطيــة فــى‬
‫المستقبل ‪ 0‬و هكذا الخطية فى المستقبل ‪ 0‬و هكــذا قــال الكتــاب "‬
‫إعترفوا بعضكم على بعض بالزلت " ) يع ‪ 0 ( 16 : 5‬أى بشر على‬
‫بشر ‪0‬‬
‫***‬
‫‪-3‬تعترف على من أخطأت إليه بكل ما أسأت به إليه ‪:‬‬
‫وذلك لكى تزيل من قبله أى غضــب ‪ ،‬أو حــزن بســبب إســاءتك إليــه ‪،‬‬
‫حتى يمكنك أن تتناول بقلب صاف من نحو الكل ‪ 0‬و هذا مــا علــم بــه‬
‫الرب فى العظــة علــى الجبــل ‪ ،‬إذ قــال " فــإن قــدمت قربانــك علــى‬
‫المذبح ‪ ،‬و هناك تذكرت أن لخيك " ) مت ‪0 ( 24 ، 23 : 5‬‬
‫و هكذا لو وجدت فى كل إساءة إلى الغير ستذهب إليه و تصــالحه ‪ ،‬و‬
‫تعتذر إليه معترفا ً بخطئك من نحــوه ‪ 00‬فبلشــك ســيقودك هــذا إلــى‬
‫الحتراس من معاملة الغير ‪ ،‬و البعد أن الساءة ‪ ،‬حتى ل تضطر إلــى‬
‫العتذار عنها ‪0‬‬
‫***‬
‫‪-4‬هناك اعتراف آخر ‪ ،‬قد يكون هو الول فى الللترتيب الزمنللى ‪ ،‬و هللو أن تعللترف‬
‫بينك و بين نفسك أنك قد أخطأت ‪00‬‬
‫ذلك أنه إن لم تكن معترفا ً فى داخل قلبك و فكرك أنك قد أخطــأت ‪،‬‬
‫سوف ل تعترف طبعا ً أمام الله بخطأ ل ترى أنك قــد وقعــت فيــه ‪ 0‬و‬
‫أيضا ً سوف ل تعترف أمام الكاهن بأنك قد أخطأت ‪ 0‬و لن تذهب إلى‬
‫أخيك و تصالحه ‪ ،‬مادمت غير مقتنع فى داخلك بأنك قد أخطــأت إليــه‬
‫‪00‬‬
‫إذا العتراف بالخطأ أو الخطية ‪ ،‬يبدأ داخــل النســان أول ً ‪ ،‬بإحســاس‬
‫داخلى أنه قد أخطأ ‪ ،‬و باقتناع ‪0‬فكــرى بواقــع الخطــأ و تفاصــيله ‪ ،‬و‬
‫بضــرورة العــتراف بــه للحصــول علــى المغفــرة ‪ ،‬و للوصــول إلــى‬
‫المصالحة مع الله و الناس ‪0‬‬
‫***‬
‫كثيرون ليس لهم هذا الحساس الداخلى بالخطأ ‪ ،‬لذلك ل يتقدمون نحللو التوبللة و‬
‫ل العتراف ‪00‬‬
‫ربما لن موازينهم الروحية غير سليمة ‪ ،‬أو أنهم يــبررون تصــرفاتهم‬
‫باســتمرار ‪ 0‬الــذات عنــدهم تقــف ضــد كــل اعــتراف بالخطــأ ‪ 0‬يــرون‬
‫دواتهم باستمرار على حق ‪ ،‬فبأى شئ يعترفون ؟! بل إن كــثيرا ً مــن‬
‫أولئك المخطئين تلبس أخطاؤهم ثــوب الفضــيلة ‪ ،‬و يفتخــرون بــذلك‬
‫الخطأ ‪ 00‬كما كان الفريسـيون و الكتبــة يـرون أنهــم علـى حــق فـى‬
‫معاداة السيد المسيح ‪ ،‬دفاعا ً عن ناموس موسى و تقاليد آبائهم !! و‬
‫هكذا قالوا له فى جرأة و فى العتزاز بالثم " ألسنا نقول حسنا ً أنك‬
‫سامرى وبك شيطان " ) يو ‪ !! ( 48 : 8‬إنهم يهينون المسيح هكذا و‬
‫يشتمونه ‪ ،‬يرون أنهم يقولون حسنا ً !!‬

‫المعترف إذن لبد أن يشعر أنه أخطللأ ‪ 0‬و لبللد أن ينللدم علللى خطيئتلله و ينسللحق‬
‫قلبه بسببها ‪0‬‬
‫داود النبى كان من فرط ندمه ‪ ،‬كــان يبكــى بمــرارة علــى خطيتــه ‪ ،‬و‬
‫بدموعه يبل فراشه " ) مز ‪ 0 ( 6‬و كان يرى أن خطيئته تحتــاج إلــى‬
‫غسيل و تطهير ‪ ،‬فيقول للــرب " إغســلنى كــثيرا ً مــن إثمــى ‪ ،‬و مــن‬
‫خطيئتى طهرنى " " إنضح على بزوفاك فأطهر ‪ ) " 00‬مز ‪0 ( 50‬‬
‫كــثيرون يــأتون إلــى العــتراف بغيــر نــدم ‪ ،‬و بغيــر شــعور بالخجــل و‬
‫الخزى و العار من خطاياهم ‪ 0‬و لذلك ل يستفيدون مــن اعــترافهم ‪0‬‬
‫و يصبح اعترافهم مجرد كلم بغير روح !! أما أنت فبقدر تدمك تكــون‬
‫توبتك ‪ ،‬و تكون استفادتك من العتراف ‪0‬‬
‫***‬
‫و مع الندم يوجد عزم أكيد على تغيير حالتك ‪0‬‬
‫إصرارعلى ترك الماضى الخاطئ ‪ ،‬و غلق كــل الســبل الموصــلة إلــى‬
‫الخطية ‪ 0‬لن العتراف ليس معناه التخلص من حساب قــديم ‪ ،‬لفتــح‬
‫حساب جديد إنما هو قطع كـل صـلة بالخطيـة ‪ ،‬متعرفـا ً بأنهـا طريــق‬
‫خاطئ يمنع الحياة مع الله و سكنى روحه فى القلب ‪0‬‬
‫***‬
‫كذلك ينبغى أن يوقن المعترف أنه قد أخطأ ضد الله نفسه ‪00‬‬
‫فالخطية هى عصيان لله و كســر لوصــاياه ‪ 0‬هــى تمــرد علــى اللــه و‬
‫ثورة عليه ‪ ،‬و تفضيل محبة العالم و المادة و الجسد على محبــة اللــه‬
‫‪ 0‬و كما قال القديس يعقوب الرسول ‪ " :‬أما تعلمون أن محبة العالم‬
‫عداوة لله ؟! فمن أراد أن يكون محبا ً للعالم ‪ ،‬فليست فيه محبة الب‬
‫" ) ‪1‬يو ‪ 0 ( 15 : 2‬إذن الخطية ضد محبة الله ‪ 0‬و فى نفس الوقت‬
‫هى رفض للشركة مــع روحــه القــدس ‪ ،‬لنــه " أيــة شــركة للنــور مــع‬
‫الظلمة ؟! " ) ‪2‬كو ‪ 00( 14 : 6‬و لن الخطية ضـد اللـه ‪ ،‬إذن فهـى‬
‫غير محدودة لن الله غير محدود ‪00‬‬
‫***‬
‫لهذا نرى داود النبى يقول للرب " لك وحدك أخطأت ‪ ،‬و الشر قدامك‬
‫صنعت " ) مز ‪ 0 ( 50‬و لم يقل أخطأت إلى أوريا و بتشبع زوجته ‪00‬‬
‫كذلك لما عرضت الخطية على يوسف الصديق ‪ ،‬رفضها قــائل ً " كيــف‬
‫أصنع هذا الشر العظيم ‪ ،‬و أخطئ إلى الله ؟! " ) تك ‪00 ( 39 : 39‬‬
‫ضع هذا إذن فى ذهنك ‪ ،‬و أنت تعرف أنك أخطأت إلى الله ‪0‬‬
‫***‬
‫كذلك ليس العتراف مجرد علقة بينك و بين أب العتراف ‪ 0‬إنمللا قبللل كللل شللئ‬
‫هو علقة مع الله ‪00‬‬
‫إنك تعترف إلى اللــه فــى ســمع الكــاهن ‪ ،‬كمــا قــال يشـوع بـن نــون‬
‫لغجان " يا ابنى اعط مجدا ً للرب ‪ 00‬إعتراف لــه و أخــبرنى الن مــاذا‬
‫فعلت ‪ ) "00‬يش ‪ 00 ( 19 : 7‬كذلك فى التحليل ‪ ،‬أنت تأخذ حل ً من‬
‫الله مــن فــم الكــاهن ‪ 0‬بهــذا تشــعر بوجــود اللــه أثنــاء العــتراف ‪ ،‬و‬
‫تستفيد روحيا ً من اعترافك ‪ 0‬كثيرون ينسون الوجود فى حضرة اللــه‬
‫أثنــاء العــتراف ‪ 0‬فتضــيع هيبــة العــتراف ‪ ،‬و ل يســتفيدون الفــائدة‬
‫المرجوة ‪0‬‬
‫***‬

‫كذلك هناك نقطة هامة فى الستفادة من العتراف ‪ ،‬هى معرفة معنى المغفرة و‬
‫كيف تتم ‪0‬‬
‫كان الشخص الذى يخطئ ‪ ،‬يأتى بذبيحة عن إثمه أو خطيئته ‪ ،‬و يضــع‬
‫يده على رأس الذبيحة ‪ ،‬و يقر بخطاياه ) ل ‪ 0 ( 5 : 5‬و كان يــدرك‬
‫تماما ً أن هذه الذبيحة تموت بدل ً منــه ‪ 0‬هــو يســتحق المــوت ‪ ،‬و لكــن‬
‫ذلك الحمل المذبوح يموت عنه ‪ 0‬و كان وضع يده يــدل علــى أمريــن ‪:‬‬
‫أنه قبل أن تنوب هذه الذبيحة عنه ‪ 0‬و أنـه يوضـع يـده عليهـا ‪ ،‬تنقـل‬
‫الخطية منه إليها ‪ ،‬هذه الخطية التى يقربها أمــام الكــاهن ‪ 00‬فكيــف‬
‫نطبق هذه المر فى سر العــتراف ؟ معنــاه أن الخطيــة تنتقــل منــك‬
‫إلى حساب المسيح ليمحوها بدمه ‪00‬‬
‫***‬
‫إذن اعترافك بخطيتك‪ ،‬معناه أنك تطلب أن يحملها المسيح بدل ً منللك تنتقللل منللك‬
‫إليه ‪ ،‬فيحملها عنك ‪0‬‬
‫هنا تحس جيدا ً و تدرك ما معنى المغفرة ‪ 0‬ليس معناها أن قد تنازل‬
‫عن حقه ‪ 0‬فالعــدل اللهــى لبــد أن يســتوفى ‪ 0‬و كيــف ذلــك ؟ بــأن‬
‫يحمل المسيح خطيئتك و يمحوها بدمه ‪ 0‬و هذا ما قيل بسفر اشعياء‬
‫النبى " كلنا كغنم ضللنا ‪ ،‬و الرب قد وضع عليه إثم جميعنــا " " و هــو‬
‫مجروح لجل معاصينا ‪ 0‬مسحوق لجل آثامنا " ) أش ‪00 ( 5 ، 6 : 53‬‬
‫بهـذا الفهـم السـليم ‪ ،‬تكـون مشـاعرك نحـو العـتراف و خطـورته و‬
‫المغفرة وكيفيتها ‪00‬‬
‫***‬
‫هنا ل ينفصل العتراف عن المسيح ودمه ‪00‬‬
‫و كأنك تقول للب الكاهن ‪ :‬جئتك يا أبى ‪ ،‬لكى تأخــذ دنســى كلــه ‪ ،‬و‬
‫تنقله إلى رأس المسيح ‪ ،‬ليحمله عنى ‪ :‬كل دنــس الفكــر و القلــب و‬
‫اللسان ‪ ،‬و دنس الجسد أيضا ً ‪ 00‬كل خطاياى بل اســتثناء ‪ 0‬هــى إذن‬
‫عمليه نقل ‪ ،‬و بدون هذا النقــل ل تتــم مغفــرة و هكــذا لمــا اعــتراف‬
‫داود أنه أخطأ ‪ ،‬قال له ناثان " و الرب أيضا ً قد نقل عنك خطيتك ‪ ،‬ل‬
‫تموت " ) ‪2‬صم ‪ 0 ( 13 : 12‬نقلها إلى أين ؟ إلى حساب المسيح ‪ 0‬و‬
‫لماذا ل تموت ؟ لنه سيموت عنك ‪0‬‬
‫هذه هى الطريقة الوحيدة للمغفرة ‪ 0‬لنه بــدون ســفك دم ل تحصــل‬
‫مغفرة ) عب ‪ 0 (22 : 9‬الله يسمع خطاياك التى تعترف بها له فى‬
‫سمع الكاهن ‪ 0‬و ينقلها إلى حساب ابنه الوحيد الــذى أرســله كفــارة‬
‫لخطايانا " ) ‪1‬يو ‪ " 00 ( 10 : 4‬ودم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من‬
‫كل خطية " ) ‪1‬يو ‪0 ( 7 : 1‬‬
‫***‬
‫إذن ضع دم المسيح أمامك فى كل اعتراف ‪ 0‬و إن خجلت إخجل منه هو ‪00‬‬
‫أخجل من هذا الكلى الطهر الذى يحمل نجاستك ‪ 0‬هذا القدوس الذى‬
‫بل خطية وحده ‪ 0‬الذى لم يعرف خطية ‪ ،‬و لكنه جعل خطيــة لجلنــا ‪،‬‬
‫لنصير نحن بر الله فيه ) ‪2‬كو ‪ 0 ( 21 : 5‬هذا الخجل الحقيقى بفهمه‬
‫اللهوتى ‪ ،‬هو الذى يجعلك تخجل من ارتكاب الخطية مــرة أخــرى ‪00‬‬
‫و ليـس مجـرد خجلـك مـن الب الكـاهن و هـو يسـمع خطايـاك ‪ 0‬بـل‬
‫خجلك من البن القدوس و هو حامل لخطاياك ‪0‬‬
‫***‬
‫على أن حمل المسيح لخطاياك ‪ ،‬يلزمه منك أمران ‪ :‬اليمان و التوبة ‪00‬‬
‫اليمان به فى فدائه العجيب الذى قدمه لخلصــك ‪ 0‬و عــن هــذا قــال‬
‫الكتاب " هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكى ل يهلك كل‬
‫من يؤمن به ‪ ،‬بل تكون له الحياة البدية " ) يو ‪ 00 ( 16 : 3‬كل يؤمن‬
‫به ‪00‬‬
‫أما عن التوبة اللزمة لك لستحقاق المغفرة ‪ ،‬فقد قال عنها الرب "‬
‫إن لم تتوبوا ‪ ،‬فجميعكم كذلك تهلكون " ) لو ‪0 ( 5 ، 3 : 13‬‬
‫أتظن العتراف بدون إيمان و توبة ‪ ،‬يمكنه أن يخلصــك ؟ كل ‪ 0‬أمــزج‬
‫اعترافك إذن بالندم و التوبة و العزيمة الصادقة على تغيير مسلكك ‪0‬‬
‫وبهذا تستحق دم المسيح الذى يطهرك من كل خطية ‪ 0‬و بهذا تخــرج‬
‫ن اعترافك مغسول ً بالدم الكريم ‪00‬‬
‫***‬

‫‪-1‬ينبغى أن تراعى وقـت أب العـتراف و مسـئولياته و صـحته ‪ ،‬و أن‬


‫تراعى أيضـا ً بـاقى المعــترفين الـذين ينتظــرون دورهــم بعـدك ‪ 0‬فل‬
‫تطيل أزيد مما يجب ‪ ،‬و ل تضيع الوقت فــى مقــدمات و شــروحات ل‬
‫لزوم لهــا ‪ 0‬أو فــى محاولــة أن تتــذكر مــا تريــد أن تقــوله بــل عليــك‬
‫بتحضير اعترافك من قبل ‪ ،‬مع التركيز أثناء اعترافك ‪0‬‬
‫***‬
‫ً‬
‫‪-2‬إعرف أنك على قدر ما تفتح قلبك و تكون صــريحا فــى اعترافــك ‪،‬‬
‫على قدر ما تستفيد روحيا ً ‪0‬‬
‫***‬
‫‪-3‬عليك أن تحتفظ بسرية ارشــادات أب اعترافــك ‪ ،‬كمــا يحتفــظ هــو‬
‫بسرية ما تقوله من خطايا ‪ 0‬فقد تقول فى اعترافك شكوى أو عثرة‬
‫من أحد الشخاص ‪ ،‬فينصحك أب العتراف أن تتجنب ذلك الشخص أو‬
‫تبتعد عنه ‪ 0‬فل تخرج و تقول للبعض " أمرنى أب اعــترافى أن أبتعــد‬
‫عن فلن أو فلنه " ‪ 0‬فربما تسبب بذلك إحراجا ً لبيك الروحى‬
‫***‬
‫‪-4‬ل تطلب من أب اعترافك أن يكون مجرد جهاز تنفيذ لرغباتــك كــأن‬
‫تأتيه بقرارات تطلب منـه الموافقـة عليهـا ‪ ،‬و إل يضـيع الـوقت فـى‬
‫جدل و بكاء و عذاب لنه لم يوافقك على مــا تريــد ‪ 0‬الوضــع الســليم‬
‫أنك تستشيره و تطلب نصيحته ‪ ،‬ل أن تقدم لــه قــرارات مســبقة ‪ 0‬و‬
‫فى نفس الوقت ل تحاول أن تخفى عنه ما ترى أنه ل يوافق عليه ‪0‬‬
‫***‬
‫‪-5‬ل تسأل أب اعترافك عن أمور ليس من صــالحك أن تعرفهــا ‪ ،‬كــأن‬
‫تسأل فى سياسة الكنيسة و أخبارها ‪ ،‬و لو عن طريق أن تقول لــه "‬
‫اتعبتنى أفكار بخصوص موضوع كذا من أخبار الكنيسة " ‪0‬‬
‫***‬
‫‪-6‬ينبغى أن تكون لك ثقة بأب اعترافك ‪ ،‬و ل تضطره فى كل نصيحة‬
‫أن يقدم لك الكثير من الثباتات و من البراهين لكى تقتنع ‪ 0‬و هكــذا‬
‫قد يبذل جهدا ً يمكن توفيره ‪0‬‬
‫***‬
‫‪-7‬إذا أتاك فكر شك فى أب اعترافك ‪ ،‬فل تذكر ذلك بأسلوب جــارح ‪،‬‬
‫و إنما لتكن لك الصراحة المؤدبة ‪0‬‬
‫***‬
‫‪-8‬ل تعامل أب اعترافك معاملة الند بالند ‪ ،‬و ل تعاتبه بشدة ‪ 0‬و إنمــا‬
‫تذكر باستمرار أنك فى اعترافك عليه ‪ ،‬إنما تقف أمام وكيل الله ‪0‬‬
‫***‬
‫‪-9‬ل تتملكك الغيرة من معاملة أب العتراف لغيــرك ممــن لهــم حالــة‬
‫خاصة ‪ 0‬و ل تحاول أن تضغط عليه لمعرفة تلك الحالة الخاصة ‪ ،‬لنك‬
‫بذلك تدخل فى سرية اعترافاتهم ‪0‬‬
‫***‬
‫‪-10‬ل تكــن كــثير الــتردد علــى أن العــتراف ‪ ،‬لتســأله حــتى عــن‬
‫التافهات ‪ ،‬أو فــى كــل صــغيره و كــبيرة ‪ ،‬لئل يتســاءل البعــض لمــاذا‬
‫يقابلك أكثر منهم و تسبب له حرجا ً ‪0‬‬
‫‪-11‬عليك بالطاعة ‪ 0‬و لتكن الطاعة الحكيمة ‪0‬‬
‫***‬
‫‪-12‬إذا وبخك أب العتراف على خطأ ‪ ،‬فل تتضــايق مــن تـوبيخه ‪ ،‬إنــه‬
‫لفائدتك ‪ 0‬و ل تحاول أن تبرر نفسك فيما تقدمه من اعترافات ‪0‬‬
‫‪-13‬إن طلبت من أب اعترافك طلبا ً وصمت ‪ ،‬فل تقل أن صمته علمة‬
‫على الموافقة ‪ ،‬ربما صمت لن ما تطلبه فيه شئ محرج ‪ ،‬أو يكشــف‬
‫عن بعض أسرار الناس أو أن الجابة ل تفيدك بل قد تضرك ‪ 0‬أو أنــه‬
‫أجاب على ذلك من قبل ‪ 0‬أو أنه صمت لنه مرهــق ‪ 0‬أو لن الســؤال‬
‫خطأ ‪0‬‬
‫***‬
‫‪-14‬فى اعترافك ل تذكر أنصاف الحقائق ‪ ،‬بل الحقيقة كاملة ‪0‬‬
‫‪-15‬ل تحول العتراف إلى شكوى من غيرك ‪ 0‬و ل يكن مجال ً للتحدث‬
‫عن اخطاء الخرين ‪ 0‬تكلم عن أخطائك وحدك ‪0‬‬
‫إن التناول من السرائر اللهية من أهم الوسائط الروحيــة و أعمقهــا‬
‫اثرا ً فى النسان ‪ 0‬سواء من جهة مفعول هذا السر بــذائه كمــا شــرح‬
‫الرب ‪ ،‬أو فائدته الروحية الواضــحة فــى الســتعداد لــه ‪ ،‬أو مــن جهــة‬
‫نتائجة الواضحة و تأثيره الروحى فى المتناول ‪0‬‬
‫***‬
‫‪-1‬أول أهمية له هى الثبات فى الرب‬
‫و ذلك حسب قول الرب فى إنجيل يوحنا " من يأكل جسدى و يشرب‬
‫دمى ‪ ،‬يثبت فى و أنا فيه " ) يــو ‪ 0 ( 56 : 6‬و هنــا ل يتحــدث عــن‬
‫الحياة مع الله فقط ‪ ،‬و إنما بالكثر الثبات فيه ‪0‬‬
‫***‬
‫‪-2‬كذلك التناول هو الخبز الروحى‬
‫قال عنه الرب فى ) يو ‪ ( 6‬إنه الخبز الحى النــازل مــن الســماء ‪ ،‬هــو‬
‫خبز الحياة " إن أكــل أحــد مــن هــذا الخــبز يحيــا إلــى البــد " و هــو "‬
‫الواهب الحياة للعالم " ) يو ‪ 0 ( 51 ، 50 ، 48 ، 33 : 6‬و لذلك فإن‬
‫الذين يترجمون الخبز فى الصلة الربانية بعبارة " خبزنا الـذى للغـد "‬
‫يركزون علـى الطعـام الروحـى اللزم لبديـة النسـان ‪ ،‬بخاصـة هــذا‬
‫الخــبز الــذى للغــد " يركــزون علــى الطعــام الروحــى اللزم لبديــة‬
‫النسان ‪ ،‬و بخاصة هذا الخبز السماوى الذى للغد أى للحياة البدية ‪0‬‬
‫كما قال الرب " من يأكل جسدى و يشرب دمى ‪ ،‬فله حياة أبديــة ‪، 0‬‬
‫وأن أقيمة فى اليوم الخيــر " ) يــو ‪ " 00 ( 54 : 6‬مــن يأكــل هــذا‬
‫الخبز ‪ ،‬فإنه يحيا إلى البد " ) يو ‪ 0 ( 58 : 6‬إنه خبز الحياة ‪ ،‬لنــه‬
‫سبب حياة روحية للنسان ‪0‬‬
‫***‬
‫‪-3‬هذا التناول هو عمليه تطعيم كما فى الشجار‬
‫إذ يمكن أن تطعــم شــجرة مــا بشــرة أفضــل ‪ ،‬فتبقــى هــذا الشــجرة‬
‫الفضل ‪ ،‬بــدل ً مــن طبيعــة الشــجرة الولــى ‪ 0‬و هكــذا فــإن طبيعتنــا‬
‫البشرية – فى سر الفخارستيا – تحدث له عملية تطعيم بجسد الربــو‬
‫دمه ‪00‬‬
‫و قــد أعطانــا الــرب مثــال ً لعمليــة التطعيــم ‪ ،‬بكنيســة العهــد الجديــد‬
‫) الزيتونة البرية ( التى أمكــن تطعيمهــا فــى الزيتونــة الصــلية الــتى‬
‫للعهد القديم ‪ ،‬فأصبحت " شريكا ً فى أصل الزيتونــة و دســمها " ) رو‬
‫‪ 00 ( 17 : 11‬و بالتناول ‪ ،‬كأغصان فى الكرمة ) يو ‪ ، ( 5 : 15‬حينما‬
‫نثبت فيها بالتناول ‪ ،‬تسرى فينا عصارة الكرمة ‪ ،‬فنتغذى بها و نحيا "‬
‫و نأتى بثمر كثير " ‪00‬‬
‫***‬
‫‪-4‬نذكر فى التناول ايضا ً بركاته الــتى نســمعها فــى القــداس اللهــى‬
‫فى العتراف الخير ‪ ،‬إذ يقول الكاهن ‪:‬‬
‫" يعطى عنا خلصا ً ‪ ،‬و غفرانا ً للخطايا أبدية لمن يتناول منه " ‪0‬‬
‫مـن منـا يســتطيع أن يســتغنى عـن هـذه البركــة الثلثيــة ‪ :‬الخلص و‬
‫الغفــران و الحيــاة البديــة ؟! إن المغفــرة الــتى نســتحقها بالتوبــة و‬
‫العــتراف ‪ ،‬ننالهــا فــى التنــاول ‪ 0‬لنــه " بــدون ســفك دم ل تحــدث‬
‫مغفرة " ) عب ‪ 0 ( 22 : 9‬و سر الفخارستيا هو استمرارية لذبيحة‬
‫المسيح الذى نتناول دمه الكريم ‪ 0‬و كما قال القديس يوحنا الرسول‬
‫عن هذا الدم إنه " يطهرنا من الخطية ‪ ،‬يعدنا للحياة البدية ‪0‬‬
‫‪-5‬التناول أيضا ً هو عهد مع الله‬
‫كما نذكر قول الرب الذى نردده فى القداس اللهــى " لنــه فــى كــل‬
‫مرة تأكلون من هذا الخــبز ‪ ،‬و تشــربون مــن هــذه الكــأس ‪ ،‬تبشــرون‬
‫بموتى ‪ ،‬و تعترفون بقيامتى ‪ ،‬و تذكروننى إلى أن أجئ " ) ‪1‬كو ‪: 11‬‬
‫‪ 0 ( 26‬فهل نحن فى كل تنــاول ‪ ،‬و نــدخل فــى عهــد مــع الــرب أن‬
‫نذكره إلى أن يجئ؟!‬
‫من أجل هذا العهد بين الرب و بيننا ‪ ،‬فإن يوم الخميس الكــبير الــذى‬
‫ســلم فيــه الــرب هــذا الســر لتلميــذه القديســين ‪ ،‬نســميه ) خميــس‬
‫العهد ( ‪ 00‬ليتك تذكر باستمرار فى كل مرة تتناول فيها ‪ ،‬أنك تــدخل‬
‫فى عهد مع الرب ‪00‬‬

‫أخطر عبارة فىذلك ‪ ،‬قالها لقديس النبا رويس ‪:‬‬


‫قال ‪ :‬يليق بالذى يتناول جسد الرب و دمه فى داخله ‪ ،‬أن يكــون مــن‬
‫الداخل فى نقاوة أحشاء العذراء التى كان فى داخلها جسد الرب " ‪0‬‬
‫ما أخطر هذه العبارة ؟! و نقاوة أحشاء العذراء التى كان فى داخلهــا‬
‫جسد الرب " ‪ 0‬ما أخطر هــذه العبــارة ؟! مــن ذا الــذى يســتطيعها ؟!‬
‫لذلك سأكلمكم عن السهل المستطاع ‪ 0‬يلزمنا إذا الستعداد الروحى‬
‫للتناول ‪:‬‬
‫***‬
‫و بقدار استعدادنا للتناول ن تكون استفادتنا منه ‪0‬‬
‫كثيرون يتناولون ‪ 00‬آلف ‪ ،‬بل مئات اللف ‪ 00‬و لكن ليس الجميع‬
‫يستفيدون نفس الفائدة الروحية !! و لنضرب مثال ً بالرسل الحد‬
‫عشر الذين تناولوا فى يوم خميس العهد و من يد الرب نفسه ‪ :‬واحد‬
‫منهم فقط ‪ ،‬تبع المسيح حتى الصليب ‪ ،‬هو القديس يوحنا الحبيب ‪،‬‬
‫و استحق أن يكلمه لرب ‪ ،‬و أن يعهد إليه بالسيدة العذراء قائل ً " هذه‬
‫أمك " ) يو ‪ 0 ( 27 : 19‬فأخذها إلى بيته ‪ ،‬و صارت بركة له ‪00‬‬
‫و تلميذ من الذين تناولوا ‪ ،‬تبع المسيح حتى بيت رئيس الكهنة ‪ 0‬و‬
‫كان قد تحمس أيضا ً و قطع أذن عبد رئيس الكهنة ‪ ،‬دفاعا ً عن‬
‫المسيح ) يو ‪ 0 ( 27 – 25 : 18‬و لكنه عاد فأنكر الرب ثلث مرات !!‬
‫و باقى التلميذ التسعة هربوا وقت القبض على معلمهم و‬
‫سيدهم !! و الكل كانوا قد تناولوا معا ً ‪00‬‬
‫***‬
‫إن التناول يذكرنا بمثل الزارع ) مت ‪0 ( 13‬‬
‫الزارع هو نفــس الــزارع ‪ ،‬البــذار هــى نفــس البــذار ‪ 0‬و لكــن حســب‬
‫طبيعة الرض اختلفت النتائج ‪ :‬فالبعض سقط علــى الطريــق فــأكلته‬
‫الطيور ‪0‬و البعض سقط على الرض المحجرة ‪ ،‬و إذ لم يكن له عمــق‬
‫أرض جف ‪ 0‬و البعض سقط على ارض فيها شوك ‪ ،‬فطلــع الشــوك و‬
‫خنقه ‪ 00‬و حتى الذى ســقط علــى الرض ‪ ،‬لــم يعــط ثمــرا ً بمســتوى‬
‫واحد ‪ 0‬بل أعطى بعض مائة ‪ ،‬آخر ستين ‪ ،‬و آخر ثلثين ) مت ‪3 : 13‬‬
‫‪ 00 ( 9‬هكذا التناول أيضـا ً ‪ ،‬حســب حالــة قلــب النســان ‪ ،‬و حســب‬
‫استعداده الروحى ‪ ،‬هكذا تكون استفادته الروحية ‪0‬‬
‫***‬
‫فهو مللن الوسللائط الروحيللة ‪ ،‬و لكللن تختلللف فللائدته مللن شللخص لخللر ‪ ،‬حسللب‬
‫استعداده له ‪00‬‬
‫كثيرون يتناولون كثيرا ً ‪ ،‬بل قد يتناولون كل يوم و فى كل قــداس ‪0‬‬
‫وربمــا ل يســتفيدون !! وربمــا مــن كــثرة التنــاول بل اســتعداد ‪ ،‬قــد‬
‫يتحول المر إلى مجرد عادة ‪ ،‬و تسقط خيبة السرار من قلـوبهم ! و‬
‫غير هؤلء قليلون يستطيعون الحتفاظ بهيبة السر و دوام الستعداد‬
‫له ‪ 00‬لذلك اختبر نفسك و انظر ‪ :‬هل المداوامــة علــى التنــاول فــى‬
‫مواعيــد متقاربــة جــدا ً ‪ ،‬تســاعدك علــى دوام الحــرص أم ل ؟ المــر‬
‫يختلف من شخص لخر ‪ 00‬هنا و نسأل ما هو الستعداد للتناول ؟‬
‫***‬
‫أول ً ‪ :‬الستعداد بالتضاع و بانسحاق القلب‬
‫من أجمل قطـع القـداس اللهـى فـى هـذا النسـحاق ‪ ،‬صـلة سـرية‬
‫يتلوهــا الب الكــاهن ‪ ،‬قبــل القــداس و هــو يفــرش المذبــح ‪ ،‬تســمى‬
‫) صلة الستعداد ( يقول فيها ‪ :‬أيهــا الــرب العــارف قلــب كــل أحــد ‪،‬‬
‫القدوس المستريح فى قديسيه ‪ ،‬الذى بل خطية وحده ‪ ،‬القادر علــى‬
‫مغفرة الخطايا ‪ 00‬أنت يا رب تعرف أنى غير مســتحق و ل مســتعد و‬
‫ل مستوجب لهذه الخدمة المقدســة الــتى لــك ‪ ،‬و ليــس لــى وجــه أن‬
‫اقترب و افتح أمام مجدك القدس ‪ 0‬و لكن من أجل كثرة رأفاتك ‪ ،‬و‬
‫اغفر لى أنا الخاطئ ‪ ،‬و امنحنى أن أجد نعمة ورأفة فى هذه الساعة‬
‫‪0 " 00‬‬
‫فإن كــان الب الكــاهن فــى القــداس اللهــى بهــذا النســحاق ‪،‬فكــم‬
‫بالكثر يكون باقى الشعب ؟!‬
‫***‬
‫‪-2‬ويلزم للتناول ‪:‬التوبة و النقاوة الداخلية‬
‫و هنا نرى الب الكاهن نفسه يقوم بعدة أمور ‪:‬‬
‫*يلبــس هــو و الشماســة الملبــس البيضــاء ) التونيــات ( الخاصــة‬
‫بالخدمة ‪ ،‬و التى ترمز إلى النقاوة الداخليــة ‪ 0‬مثلمــا يلبــس المعتمــد‬
‫بعد عماده ملبس بيضاء ترمز إلى الحياة الطاهرة النقيـة الـتى نالهـا‬
‫بالمعمودية ‪ ،‬إذ لبس بر المسيح ) غل ‪ 0 ( 27 : 3‬و كما يقول السيد‬
‫الرب " من يغلب ‪ ،‬فذلك سيلبس ثيابا ً بيضا ً ‪ ) "00‬رؤ ‪ ( 5 : 3‬اشارة‬
‫إلى الحياة المقدسة فى الملكوت البدى ‪ 00‬و كما قيــل عــن ملئكــة‬
‫القيامة إنهم كانوا " بثياب بيض " ) يو ‪ )( 12 : 20‬مر ‪ ) ( 5 : 16‬مت‬
‫‪ 00 ( 3 : 28‬و ذلك يرمز إلى قداسة الملئكة و طهارتهم ‪ 0‬و هكذا‬
‫يكون خــدام المذبــح الــذين يتقــدمون للتنــاول ‪ 00‬و يكــون فــى هــذه‬
‫الملبس البيضاء قدوة للشعب و مثال ً ‪00‬‬
‫***‬
‫*وكما يلبس الكاهن ‪ ،‬يغسل أيضا ً يديه قبل القداس ‪ ،‬ويقول " انضح على بزوفاك‬
‫فاطهر ‪ ،‬واغسلنى فابيض أكثر من الثلج " ‪0‬‬
‫و يقول أيضا ً " اغسل يدى بالنقــاوة ‪ ،‬و أطــوف بمــذبحك يــا رب ‪"00‬‬
‫إنــه درس يقــدمه الب الكــاهن للشــعب قبــل التنــاول أن تغتســل‬
‫نفوسهم بالتوبة ‪ ،‬و تصير أبيض من الثلج ‪00‬‬
‫***‬
‫*إن التوبة لزمة جدا ً للتناول ‪ 0‬و لعلنا نلحــظ أن الســيد المســيح لــه‬
‫المجد ‪ ،‬قبل أن يناول تلميذه فى يوم الخميس الكبير غسل أرجلهــم‬
‫أول ً و قال لهم " أنتم الن طاهرون ‪ ،‬و لكن ليــس كلكــم " ) يــو ‪: 3‬‬
‫‪ 0 ( 10‬و كان يعنى يهوذا مسلمه ‪ ،‬و لذلك لهم يناوله من الجســد و‬
‫الدم ‪0‬‬
‫*و لعل من أخطر العبارات التى تقال فى هذا المجــال فــى القــداس‬
‫اللهى ‪ ،‬قبل التناول ‪:‬‬
‫" القدسات للقديسين " أى السرائر المقدسة هى للقديسين ‪0‬‬
‫لذلك يسمى القداس الذى يتناول فيه المؤمنون ) قداس القديسين (‬
‫‪ ،‬لتمييزه عن الجزء السابق له الذى كان يسمى ) قداس الموعوظين‬
‫( ‪ 0‬و فيه يستمع أولئك للقــراءات و العظــة و ينصــرفون قبــل بدايــة‬
‫قداس القديسين الذى يتناول فيه هؤلء القديسون ‪00‬‬
‫إذن يحتاج النسان إلــى قداســة بكــى يســتحق التنــاول مــن الســرار‬
‫المقدسة ‪ 0‬وهذا يذكرنى بعبارة جميلة قالها صموئيل النــبى لســرة‬
‫يسى البيتلحمى حينما أراد أن يقدم دبيحة ‪ 00‬قال لهم ‪:‬‬
‫"تقدسوا و تعالوا معى إلى الذبيحة " ) ‪1‬صم ‪0 ( 5 : 16‬‬
‫***‬
‫و هكذا " قدس يسى و بنيه ‪ ،‬و دعاهم إلى الذبيحة " ‪ 00‬ليتنا نحفــظ‬
‫تلك العبارات و نرددها فى يوم التنــاول ‪ ،‬العبــارات الخاصــة بقدســية‬
‫المتناولين من تلك السرائر المقدسة و إن لم نســتطع أن نصــل إلــى‬
‫تلك القداسة فى إيجابياتها الروحية ‪ ،‬فعلى القل نتقدم إلى التناول‬
‫بالتوبة و العتراف ‪ ،‬و بعزم أكيد على ترك الخطية ‪ ،‬و البعد عـن كـل‬
‫الســباب الــتى توصــلنا إليهــا إلــى توصــلها إلينــا ‪ 0‬و إن اعترفنــا‬
‫بخطايانا ‪ ،‬ل يكون اعترافنا مجــرد كلم ‪ ،‬بــل يكــون نــدما ً حقيقيـا ً ‪ ،‬و‬
‫توبة عمليــه ‪ ،‬حــتى تكــون أنفســنا و أجســادنا مســتحقة لحلــول تلــك‬
‫الســـرار المقدســـة فيهـــا ‪ ،‬فنقباهـــا بقلـــوب طـــاهرة ‪ ،‬و نفـــوس‬
‫مستحقة ‪ ،‬و أرواح متصلة بالله ‪ 00‬و ماذا أيضا ً ؟‬
‫***‬
‫‪-3‬يلزم التناول ايضا ً استعدادا ً للجسد ‪ 0‬و كيف ؟‬
‫نستعد للتناول بطهارة الجسد و صومه و نظافته ‪ 0‬و لنتذكر كمثــال ‪:‬‬
‫استعداد الشعب لتقبل كلم الله فــى العهــد القــديم ‪ ،‬أعنــى اســتلم‬
‫الوصايا العشر ‪ ،‬و إذ " قال الــرب لموســى ‪ :‬اذهــب إلــى الشــعب ‪ ،‬و‬
‫قدسهم اليوم و غدا ً ‪ 0‬و ليغسلوا ثيابهم ‪ ،‬و يكونــوا مســتعدين لليــوم‬
‫الثالث " ) خر ‪ " 00 ( 11، 10 : 19‬فانحدر موسى من الجبل إلــى‬
‫الشعب و قدس الشعب ‪ ،‬و غسلوا ثيــابهم ‪ 0‬و قــال للشــعب ‪ :‬كونــوا‬
‫مستعدين لليوم الثالث ‪ 0‬ل تقربوا إمرأة " ) خر ‪0 ( 15 ، 14 : 19‬‬
‫***‬
‫لذلك فالتصللال الجنسللى ‪ ،‬و الحتل م ‪ ،‬و نزيللف الللدم ‪ ،‬و مللا أشللبه ‪ ،‬أمللور تمنللع‬
‫التناول ‪0‬‬
‫ينبغى أن يكون المتقدم للتناول طاهرا ً ‪ ،‬جسدا ً وروحا ً ‪ 0‬و هكذا أيضا ً‬
‫يحســن الســتحمام فــى اليــوم الســابق للتنــاول ‪ ،‬أو علــى القــل‬
‫الغتسال لمن يتناول باستمرار ‪ 0‬مجرد هذا المر – إلى جوار نظافــة‬
‫الجسد الذى بستقبل التناول – يعطى النسـان إحساسـا ً بـأنه يسـتعد‬
‫يلزمه لون من اللياقة ‪0‬‬
‫كذلك نستعد جسديا ً بالصوم ‪0‬‬
‫و حسب نظام كنيستنا نصوم منقطعين عن الطعام و الشــراب فــترة‬
‫ل تقل عن تسع نكون قد دخلنا فى يوم الجديد ) يــو التنــاول ( الــذى‬
‫يجب أن نبدأه صائمين ‪ 0‬و الصوم ليس مجرد عمل جسدى ‪ ،‬فهو مــن‬
‫ناحية أخرى عمل روحى ‪ 0‬و هو استعداد لكل نعمة نتلقاهــا فــى كــل‬
‫سر من أسرار الكنيسة ‪ ،‬إل فى فى الستثناء المانع كالمرض الشديد‬
‫‪ ،‬و حاليا ً يستثنى سر الــزواج أيض ـا ً حســب قــول الســيد الــرب " هــل‬
‫يســتطيع بنــو العــرس أن يصــوموا مــادام العريــس معهــم ؟! مــادام‬
‫العريس معهم ل يستطيعوا أن يصــوموا " ) مــر ‪ 0 ( 19 : 2‬و لكــن‬
‫حينما كان سر الزواج يجرى بعد رفع بخور باكر ‪ ،‬كان يقترن بالصــوم‬
‫أيضا ً ‪ 00‬كم بالولى التناول ‪0‬‬
‫***‬
‫‪-4‬من شروط الستعداد للتناول أيضا ً ‪ :‬المصالحة ‪0‬‬
‫و هكذا قبل بدء قــداس القديســين ‪ ،‬قبــل أن يرفــع البروســفارين ‪،‬‬
‫يصلى الكاهن صلة الصلح ‪ ،‬التى يقول فيها " اجعلنا مستحقين كلنــا‬
‫يا سيدنا أ ن نقبل بعضا بعضا ً بقبلة مقدسة ‪ ،‬لكــى ننــال بغيــر وقــوع‬
‫فى دينونة من موهبتك غير المائية السمائية " ‪ 00‬لحظ هنا عبــارة "‬
‫لكى ننال بغير وقوع فى دينونة " ‪ )00‬إذن الذى يتناول بغير مصالحة‬
‫يقع فى دينونة ‪ 0‬ثم ينادى الشماس قائل ً " قبلوا بعضــكم بعض ـا ً ‪"00‬‬
‫و هذه القبلة المقدسـة تعنـى كمـال الحـب بيـن النـاس ‪ 0‬و عبـارة "‬
‫مقدسة " تعنى أنها طاهرة و بغير ريــاء ‪ ،‬و ليــس مثــل قبلــة يهــوذا ‪،‬‬
‫التى تذكارا ً لها يمتنع التقبيل فى أسبوع اللم ‪0‬‬
‫***‬
‫ينبغى قبل التناول أن نكون فى صلح مع الله و الناس ‪0‬‬
‫مع الله بالتوبة ‪ ،‬حسب قول الرسول " ‪ 00‬تصالحوا مع اللــه " ) ‪2‬كــو‬
‫‪ 00 ( 20 : 5‬و مع الناس حسب قول الرب " فإن قــدمت قربانــك‬
‫على المذبح ‪ ،‬و هناك تذكرت أن لخيك شــيئا ً عليــك ‪ ،‬فــاترك قربانــك‬
‫قدام المذبح ‪ ،‬و اذهب أول ً تصالح مع أخيك ‪ ) " 00‬مت ‪( 24 ، 23 : 5‬‬
‫‪ 0‬و عبارة " شيئا ً عليك " تعنى أنك فـى موقـف المـذنب ‪ 0‬أمـا الـذى‬
‫يبغضك بغير سبب منك ‪ ،‬كما أبغــض شــاول داود ‪ ،‬و كمــا قــال داود "‬
‫أكثر من شعر رأسى ‪ ،‬الذين يبغضوننى بل سبب " ) مز ‪00 ( 4 : 69‬‬
‫فـذلك طبعـا ً لســت مطالبـا ً بــأن تــترك قربانــك لمصــالحته ‪ 00‬الســيد‬
‫المسيح نفسه كان يبغضونه بل سبب ) يو ‪، 18 : 15‬ـ ‪00 ( 25، 24‬‬
‫أنت أيضـا ً لســت مطالب ـا ً بالــذهاب لمصــالحة مــن يضــطهدونك و مــن‬
‫يحسدونك و يعادونك ‪ 0‬و لكن هناك قاعدة ‪:‬‬
‫إن كنت أنت المسئ ‪ ،‬اذهب و صللالح مللن أسللأت إليلله و إن كنللت المسللاء إليلله ‪،‬‬
‫فاحفظ قلبك من البغضة‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫كــذلك لســت مطالب ـا بــأن تصــالح مــن يعــثرك روحي ـا او أخلقي ـا أو‬
‫فكريا ً ‪ ،‬الذى ينطبق عليــه قــول الكتــاب " المعاشــرات الرديــة تفســد‬
‫الخلق الجيدة " ) ‪1‬كو ‪ 0 ( 33 : 15‬و الكتاب يطالبنا أن نبعد عــن‬
‫العثرات ‪ ،‬ل أن نذهب لنصالح أصحابها ‪ ،‬و نرجع معهم علقات تسبب‬
‫الخطية ‪00‬‬
‫***‬
‫كذلك لست مطالبا ً بأن تذهب لتصـالح أصـحاب البـدع و الهرطقـات ‪0‬‬
‫أولئك الذين قال عنهم الرسول " إن كان أحد يــأتيكم و ل يجــئ بهــذا‬
‫التعليم ‪ ،‬فل تقبلوه فى البيت ‪ ،‬و ل نقول له سلم ‪ 0‬لن مــن يســلم‬
‫عليه يشترك فى أعمال الشريرة " ) ‪2‬يو ‪، 10‬ـ ‪ 00 ( 11‬و ل تســلم‬
‫على من قال عنه الكتــاب " اعزلــوا الخــبيث مــن بينكــم " ) ‪1‬كــو ‪: 5‬‬
‫‪ 00 ( 13‬و عموما ً ‪ ،‬ل يكون صلحك مع الناس على حساب صلحك مع‬
‫الله ‪ 00‬تحدثنا عن الستعداد للتناول ‪ ،‬بقى أن نقول ‪:‬‬
‫***‬
‫يشرح الكتاب عواقب من يتناول بغير استحقاق ‪:‬‬
‫فيقول الرسول عن التناول إذن أى من أكل هذا الخبز أو شرب كأس‬
‫الرب بدون استحقاق ‪ ،‬يكون مجرما ً فى جسد الــرب و دمــه ‪ 0‬و لكــن‬
‫ليمتحن النسان نفسه ‪ 00‬لن الذى يأكل و يشرب بدون اســتحقاق ‪،‬‬
‫يأكل و يشرب دينونة لنفسه غير مميز جســد الــرب ‪ 0‬مــن أجــل هــذا‬
‫فيكم كثيرون ضعفاء و مرضى و كثيرون و يرقدون ‪ 0‬لننا لــو حكمنــا‬
‫على أنفسنا ‪ ،‬لما حكم علينا " ) ‪1‬كو ‪ 00 ( 31 – 27 : 11‬عبارات‬
‫خطيرة و محذرة ‪ 0‬لذلك اعتدت أن أقول قبــل التنــاول ‪ ،‬وانصــح مــن‬
‫يتناولون أن يقولوا ‪ :‬ليس يا رب من أجل استحقاقى أتنللاول ‪ ،‬إنمللا مللن أجللل‬
‫احتياجى ‪ 0‬ليس لستحقاقى بل لعلجى ‪0‬‬
‫ليست لى القداســة الــتى أتنــاول بهــا ـ ـ إنمــا أنــا أتنــاول ليســاعدنى‬
‫التناول على حياة القداســة ‪ ،‬إذ أنــال بــه قــوة روحيــة ‪ ،‬و دفعــة إلــى‬
‫قدام ‪0‬‬
‫***‬
‫فالذى يتناول يشعر يهيبة هذا الســر ‪ ،‬و يخجــل مــن ارتكــاب الخطيــة‬
‫بسبب قداسة التناول ‪ 0‬فإن كان يتناول كل أسبوع مثل ً ‪ ،‬يظل اليام‬
‫التالية لتناولة لتناوله مبتعدا ً عن الخطيــة بســبب قداســة الســر ‪ 00‬و‬
‫كــذلك فــى اليــام الســابقة للتنــاول التــالى يكــون محترسـا ً مســتعدا ً‬
‫للتناول فى السبوع المقبل ‪ 00‬فيتعود الحرص ‪0‬‬
‫***‬
‫من أهمية التناول ‪ ،‬فإن الكنيسة تشعرك بأن يوم التناول يوم غير عللاد ‪ ،‬بوسللائل‬
‫كثيرة ‪0‬‬
‫الســتعداد لــه الصــوم ‪ ،‬طهــارة الجســد ‪ ،‬و بــالعتراف و التوبــة ‪ ،‬و‬
‫المصالحة مع الناس ‪ ،‬و الدخول إليه بانسحاق ‪ ،‬و الصلة قبل التناول‬
‫و بعده ‪ ،‬و الكنيسة تعد الشخص للتناول بأكثر مــن تحليــل للمغفــرة ‪:‬‬
‫تحليل فى رفع بخور عشية ‪ ،‬و تحليل فى رفع بخور بــاكر ‪ ،‬و تحليــل‬
‫الخدام ‪ ،‬و تحليل سرى فى نهايــة القــداس ‪ 0‬كمــا تعــد ذهنــه روحي ـا ً‬
‫بــالقراءات الكتابيــة الكــثيرة ‪ ،‬و الطقــوس الروحيــة و كــل مــا فــى‬
‫القداس من تأثير ‪ 0‬و بعد التناول تجعله يحترس من أن يخرج ‪ ،‬أو أن‬
‫يبصق ‪ ،‬احراما ً لتناوله ‪0‬‬
‫***‬
‫أتذكر أننى ذات يوم فى بدء رهبنتى ‪ ،‬كتبــت فــى مــذكرتى فــى يــوم‬
‫تناولى ‪:‬‬
‫" هذا الفم الذى تقدس بتناول جسللد الللرب و دم ‪ :‬كلمللة زائدة ل تخللرج منلله ‪ 0‬و‬
‫لقمة زائدة ل تدخل فيه "‬
‫الصوم من الوسائط الروحية الساسية ‪ 0‬فلماذا ؟‬
‫لنه أول ً يفيد فى ضبط النفس ‪0‬‬
‫من حيث أن الصائم يمنع نفسه عن تناول الطعــام و الشــراب بصــفة‬
‫عامة خلل فترة النقطاع ‪ 0‬و يمنع نفسه عن كل مــا يتعلــق بالســم‬
‫الحيوانى ‪ 0‬و هكذا يدخل فى حياته عنصر المنع ‪ 0‬يستطيع أن يقــول‬
‫لنفسه كلمة ) ل( ‪ ،‬و ينفذ ذلك ‪ 0‬و كمــا يمنــع جســده عــن الطعــام و‬
‫الشراب ‪ ،‬يتدرج حتى يمنع نفسه عن كثير من الخطاء ‪0‬‬
‫***‬
‫عنصر المنع هذا ‪ ،‬وضعه الله منذ البدء ‪0‬‬
‫و ذلك حينما أمر ابوينا الولين آدم وحــواء أن يمتنعــا عــن الكــل مــن‬
‫شجرة معرفة الخير و الشر ‪ 0‬فوضع بذلك مبدأ ضبط النفس من أول‬
‫تاريخ البشرية ‪ 0‬لكى ندرك تماما ً أن الحرية ليــس معناهــا التســيب ‪0‬‬
‫فعلى الرغم من أن الله كان كريما ً جدا ً مع آدم و حواء ‪ ،‬و صرح لهما‬
‫أن يأكل " من كل شجر الجنة " ‪ ،‬إل أنه وضــع ضــابطا ً هــو المنــع مــن‬
‫شجرة واحدة ) تك ‪ ) ( 17 ، 16 : 2‬تك ‪0 ( 3 : 3‬‬
‫***‬
‫لعلنا هنا ندرك تماما ً خطورة العبارة التى قالها سليمان الحكيــم فــى‬
‫التعبير عن تسيبه فى المتعة ‪ ،‬إذ قــال " و مهمــا اشــتهته عينــاى لــم‬
‫أمنعة عنهما " ) جا ‪ 0 ( 10 : 2‬فلما و صل إلى هذا الوضع ‪ ،‬تطــور‬
‫حتى أخطأ و فقد حكمته ‪ " 0‬و لــم يكــن قلبــه كــامل ً مــع الــرب إلهــه‬
‫كقلب داود أبيه " ) ‪1‬مل ‪ 0 ( 4 : 11‬و عصفت به الشهوات الكثيرة‬
‫***‬
‫و الصوم أيضا ً دليل على الرتفاع فوق مستوى الجسد ‪0‬‬
‫ففيه ل نعطى الجسد كل ما يطلبه من الطعــام ‪ ،‬أو كــل مــا يشــتهيه‬
‫من الطعام ‪ 0‬و بهذا نرتفع فوق مستواه ‪ 0‬بل نرتفــع فــوق مســتوى‬
‫المادة بصفة عامة ‪ 0‬و هكذا نعطى الفرصة للروح ‪ ،‬لكى تأخذ مجالها‬
‫‪ ،‬متذكرين قول الرب " اعملوا ل للطعام البائد ‪ ،‬بل للطعــام البــاقى‬
‫للحياة البدية " ) يو ‪ 0 ( 27 : 6‬و قول الرسول " لن اهتمام الجسد‬
‫هو موت ‪ 0‬و لكن اهتمام الروح هو الحياة و سلم " ) رو ‪0 ( 6 : 8‬‬
‫إن الروح تكون فى حالة أقوى فى وقت الصوم ‪0‬‬
‫فى الصوم تكون صلواتنا أعمــق ‪ ،‬و تأملتنــا أعمــق ‪ 0‬و تكــون صــلتنا‬
‫بالله أقوى ‪ 0‬و حتى ألحاننا أيضا ً ‪ 0‬فوق كبير بين أن نسجل لحنا ً مــن‬
‫ألحان البصخة فى نفس أسبوع اللم ‪ ،‬و أن نسجل نفس اللحن فــى‬
‫غير فترة الصوم ‪ 0‬و ليس أثر الصوم فى تقوية الــروح قاصــرا ً علــى‬
‫المسيحيين فقط ‪ ،‬بل إن الهندوس و اليوجا و البوذيين يجــدون قــوة‬
‫للروح بتداريب الصوم و النسك ‪ ،‬و تصفوا أرواحهم أكثر‬
‫***‬
‫إذن فالصــوم ليــس نافعـا ً فقــط مــن جهــة محاربــة الخطــاء محاربــة‬
‫الخطاء ة السلبيات ‪ ،‬إنما يفيد إيجابيا ً فى تقوية الروح ‪0‬‬
‫لذلك نجد غالبية المناسبات الروحية تسبقها أصوام ‪0‬‬
‫فأسرار الكنيسة مثل ً ‪ ،‬كالمعمودية و الميرون و التناول و الكهنــوت ‪،‬‬
‫لبد أن يسبقها الصوم ‪ 0‬و كذلك نوال بركة العياد يســبقة الصــوم ‪0‬‬
‫فنصــوم أســابيع طويلــة قبــل عيــدى الميلد و القيامــة ‪ ،‬و قبــل عيــد‬
‫الرسل و عيد و العذراء و قبل عيد الغطاس نصوم يوم الــبرامون ‪ 0‬و‬
‫ما أجمل قول سفر أعمال الرســل ) قبــل وضــع اليــدى علــى برنابــا‬
‫شــاول ( ‪ " :‬وفيمــا هــم يخــدمون الــرب و يصــومون ‪ ،‬قــال الــروح‬
‫القدس ‪ :‬افــرزوا لــى برنابــا و شــاول العمــل الــذى دعوتهمــا إليــه ‪0‬‬
‫فصاموا حينئذ و صلوا ‪ ،‬ووضعوا عليهمــا اليــادى ‪ ) "00‬أع ‪، 2 : 13‬‬
‫‪0(3‬‬
‫***‬
‫و من أجمل ما قيل أيضلا ً فللى أثللر الصللوم روحيلا ‪ :‬العلقللة بيللن الصللوم و إخللراج‬
‫ً‬
‫الشياطين ‪:‬‬
‫و فى ذلك قال السيد الرب فى معجزة إخراجه لشيطان عنيد لم يقو‬
‫التلميذ على اخراجه ‪ 00‬حينئذ قــال الــرب " و أمــا هــذا الجنــس ‪ ،‬فل‬
‫يخرج إل بالصــلة و الصــوم " ) مــت ‪ 00 ( 21 : 17‬ذلــك لن صــلة‬
‫الصائم تكون لها روحياتها و تأثيرها ‪ ،‬و الصائم يكون أكــثر قرب ـا ً مــن‬
‫الله ‪ ،‬و أكثر قوة على الشياطين ‪0‬‬
‫***‬
‫و كان القديسون يستخدمون الصوم فى وقت الضيقات ‪0‬‬
‫و لنا مثال واضح جدا ً فــى ذلــك صــوم اســتير و الشــعب كلــه ‪ ،‬حينمــا‬
‫تعرضوا لمؤامرة هامان ) أش ‪ ( 16 : 4‬و كيف كانت استجابة الــرب‬
‫سريعة و عجيبة ‪ 0‬كذلك نسمع عن صوم نحميا ً لما جاءته الخبار أن "‬
‫سور أورشليم منهدم ‪ ،‬أبوابها محروقة بالنار " ) نح ‪ 0 ( 4 ، 3 : 1‬و‬
‫يروى سفر نحميا أيضا ً كيف كانت استجابة الرب سريعة و عجيبــة ‪00‬‬
‫كذلك يروى لنا الكتاب كيف صام عزرا و هو باك ‪ ،‬و كيــف كــان تــأثير‬
‫ذلك فى تنقية الشعب و تطهيره ‪ 0‬كما يروى لنا الكتــاب أيض ـا ً صــوم‬
‫دانيال النبى و أثر ذلك ) دا ‪ ) ( 21 ، 3 : 9‬دا ‪0 ( 12 ، 3 : 10‬‬
‫***‬
‫و كان للصوم تأثيرها أيضا ً فى مجال التوبة ‪00‬‬
‫لقد تاب أهل نينوى ‪ 0‬و لــم تكــن تــوبتهم مجــرد رجــوعهم عــن حيــاة‬
‫الشــر امــتزجت هــذه التوبــة بصــوم و نســك شــديدين ‪ ،‬اشــترك فيــه‬
‫الشعب كلــه و ملكهــم ‪ 0‬و قبــل اللــه صــومهم و تـوبتهم وغفــر لهــم‬
‫خطاياهم‬
‫) يون ‪0 ( 3‬‬
‫***‬
‫و من أروع ما قيل فى امتزاج التوبة بالصــوم ‪ ،‬قــول الــوحى اللهــى‬
‫فى سفر يؤئيل النبى " الن يقول‬
‫إرجعوا إلى بكل قلوبكم ‪ ،‬و بالصوم و بالبكاء و النوح " ) يؤ ‪( 12 : 2‬‬
‫‪ 0‬وداود النبى يشرح عمق صومه فيقول " أذللت نفسى " ) مز ‪: 35‬‬
‫‪ ( 13‬وأيضا " ابكي بالصوم نفسى " ) مز ‪0 ( 10 : 69‬‬
‫و كثير من صلوات الباء و النبيــاء مــن أجــل طلــب المغفــرة ‪ ،‬كــانت‬
‫مصحوبة بصوم ‪ ،‬كصلوات دانيال و عزرا طلبا ً لمغفرة خطايا الشــعب‬
‫‪0‬‬
‫ً‬
‫والصوم أيضا له علقته بالخدمة ‪0‬‬
‫و لعل أبرز مثل لذلك السيد المسـيح نفســه الــذى بـدأ خــدمته بصـوم‬
‫أربعيـن يومـا ً ‪ 0‬و علـى نسـقه كـل البـاء السـاقفة و الكهنـة الجـدد‬
‫يبدأون خدمتهم الكهنوتية الصوم ‪ 00‬و نفس الباء الرسل القديسين‬
‫بدأوا خدمتهم كذلك بالصــوم ‪ 0‬و تحقــق فيهــم قــول الســيد نفســه "‬
‫حين يرفع العريس عنهم ‪ ،‬حينئذ يصومون " ) مر ‪( 20 : 2‬‬
‫***‬
‫ولم يكن الصوم فقط فى بدء خدمة الباء الرسل ‪ ،‬بــل كــان يتخللهــا‬
‫أيضا ً ‪ 0‬و فى ذلك يقول القديس بــولس الرســول عــن خــدمته " فــى‬
‫أصوام مرارا ً كثيرة " ) ‪2‬كو ‪ (27 : 11‬و يقول أيضا ً " بل فى كل شئ‬
‫نظهر أنفسنا كخدام لله ‪ 00‬فى أتعاب فى اسهار فى أصوام ‪) " 00‬‬
‫‪2‬كو ‪00 ( 5 ، 4 : 6‬‬
‫أتراك يا أخى جربت فى حياتك الصــوم مــن أجــل الخدمــة ‪ ،‬و الصــوم‬
‫لحل مشاكلها و لحل المشاكل عموما ً ؟‬

‫و لكن لعل البعض يسأل الرب ‪ ،‬كما حدث فى أيام أشعياء النــبى ‪ ،‬و‬
‫يقول ‪:‬‬
‫لماذا صمنا و لم تنظر؟أذلنا أنفسنا و لم تلحظ ؟ ) أش ‪0 ( 3 : 58‬‬
‫و يجيبك الرب كما أجاب أولئك و قال لهم ‪ " :‬أمثل هذا يكــون صــوما ً‬
‫أختاره ؟!" ) أش ‪0 ( 5 : 58‬‬
‫***‬
‫ً‬
‫إعلم يا أخى أنه ليس كل صوم مقبول أمام اللــه ‪ 0‬فالفريســى الــذى‬
‫كان يصوم يومين فى السبوع ‪ ،‬لم يخرج من الهيكل مبررا ً كما خــرج‬
‫العشار ) لو ‪ 0 ( 14، 12 : 18‬و كذلك الصوم البعيد عن التوبة ‪ ،‬مثل‬
‫صوم أولئك الخطاة أيام ارمياء النبى الذين قال عنهــم الــرب " حيــن‬
‫يصــومون ل أســمع صــراخهم ‪ ،‬و حيــن يصــعدون محرقــة و تقدمــة ل‬
‫أقبلهم " ) أر ‪ 0 ( 12 ، 11 : 14‬و كذلك أيضا ً صوم المرائين ‪ ،‬الذين‬
‫يظهرون الناس صائمين ) مت ‪0 ( 18 – 16 : 6‬‬
‫***‬
‫فل تقل إذن ‪ ،‬صمت و لم أستفد روحيا ً !!‬
‫إن حدث ذلك ‪ ،‬فربما تكون أصوامك غير روحية ‪ 0‬أو أنك تصوم و فى‬
‫نفس الوقت تحيا فى الخطية !! إذن علينا أن نعرف كيف نصــوم ؟ و‬
‫ما هو المعنى الحقيقى للصوم ؟ و كيف نستفيد منه روحيا ً ؟‬
‫***‬
‫كثير من الناس يهتمون فى الصوم بشكلياته ‪ ،‬أو أنهم يفهمونه على‬
‫أنه مجرد الطعام النباتى !! أو أنهم ل يهتمون بالجانب الروحى خلل‬
‫الصوم !! لهؤلء أقول ‪ :‬أن تعريف الصـوم مـن جهـة الجسـد هـو أنـه‬
‫المتناع عن الطعام فترة معينة من الوقت ‪ ،‬يعقبها طعــام خــال مــن‬
‫الدسم الحيوانى ‪0‬‬
‫***‬
‫فهل تمارس هذا النقطاع عن الطعام و الشراب ؟ و هللل تصللل فيلله إلللى مرحلللة‬
‫الجوع و تحتملها ‪0‬‬
‫هذا هو التدريب الول ‪ ،‬أعنى الجوع ‪ 00‬لقــد قيــل عــن صــوم الســيد‬
‫المسيح إنه " جاع أخيرا ً " ) مت ‪ ) ( 2 : 4‬لو ‪ 0 ( 2 : 4‬و قال القديس‬
‫بــولس الرســول عــن صــومه مــع زملئه " فــى جــوع و عطــش ‪ ،‬فــى‬
‫أصوام مرارا ً كثيرة " ) ‪2‬كو ‪ 0 ( 27 : 11‬وورد عن صــوم القــديس‬
‫بطرس الرسول إنه " جاع كثيرا ً و اشتهى أن يأكل " ) أع ‪( 10 : 10‬‬
‫‪ 0‬فهل تختبر الجوع فى صومك ؟‬
‫عندما تجوع تشعر بضعفك ‪ ،‬فل تفتر بقوتك ‪ ،‬بل تلجأ إلــى قــوة اللــه‬
‫لتسندك ‪ 0‬و عندما تجوع و تحتمل الجوع ‪ ،‬تكتسب فضيلة الحتمال و‬
‫ضبط النفس ‪ 0‬لذلك ل تأكل كلما جعــت أثنــاء الصــوم ‪ ،‬إنمــا أصــبر و‬
‫احتمل ‪ 0‬وخذ بركة الحساس بالجوع و احتماله و الصبر عليه و أيضــا ً‬
‫عندما تجوع تشعر بألم الفقراء الذين ليس لديهم ما يأكلونه ‪ ،‬فتشق‬
‫عليهم و تعطيهم ‪ 00‬هذا من جهة فترة النقطاع فى الصوم ‪0‬‬
‫***‬
‫نصيحة أخرى ‪ ،‬و هى أن تبعد عما تشتهيه ‪00‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تذكر قول دانيال النبى عن صومه " لم آكل طعاما شهيا ‪ ،‬و لم يدخل‬
‫فمى لحم و ل خمر " ) دا ‪ 00 ( 3 : 10‬أقول ذلك لن كثيرين يأكلون‬
‫مشتهيات كثيرة مــن الطعــام النبــاتى ‪ ،‬و يلتــذون بهــا ‪ 0‬و بالتــالى ل‬
‫يشعرون حقا ً أنهم صائمون ‪ ،‬و ل يستفيدون وقتذاك من صومهم ‪ ،‬و‬
‫بخاصة إن كانت لهم أم زوجة تتفنن فى صنع الطعــام ) الصــيامى ( ‪،‬‬
‫و تجعله أشهى من الطعمة الحيوانية ‪0‬‬
‫و لذلك أضع أمامك هنا ملحظتين فى صومك ‪ :‬الولى أنــك ل تطلــب‬
‫أصنافا ً معينــة تلــذ لــك ‪ 0‬و الثانيــة أنــه لــو وضــعت أمامــك مثــل هــذه‬
‫الصناف المشتهاة – دون أن تطلب – ل تمل شهوتك منها ‪ 0‬خذ قليل ً‬
‫و اترك الباقى ‪ ،‬و اضبط نفسك ‪ 0‬أو اخلط أصنافا ً بأصناف ‪ ،‬و بحيث‬
‫تفقد حدة حلوتها و لذة مذاقها ‪00‬‬
‫ليتك تتدرج فى الصوم ‪ ،‬حتى تصل ليس فقط إلى الجسد الجائع ‪ ،‬بل إلى الجسللد‬
‫الزاهد ‪0‬‬
‫بحيث يزهـد جســدك هـذه المتــع الـتى تقـدمها الطعمـة ‪ 0‬إن عنصـر‬
‫المنع يبدأ أول ً ‪ 0‬و لكنك حينما تدرب نفســك عليــه وتعتــاده ‪ ،‬حينئذ ل‬
‫تبذل مجهودا ً لتمنع نفسك ‪ ،‬لنــك تكــون قــد زهــدت هــذا النــى كنــت‬
‫تشــتهيه أول ً ‪ ،‬و تمنــع نفســك عنــه ‪ 0‬وهــذا الزهــد فــى الطعمــة و‬
‫المشروبات يتطور معك حتى تزهد فى ملذ أخرى كــثيرة ‪ ،‬مثــل متــع‬
‫الحواس مثل ً ‪ ،‬شهوات الجسد المتعــددة ‪ 00‬و حينئذ يرتفــع مســتواك‬
‫الروحى ‪00‬‬
‫***‬
‫و يدخل عنصر المنع فى مجالت عديدة ‪0‬‬
‫فكما تتدرب على منع فمك عن الطعام و الشــراب ‪ ،‬تتـدرج إلـى منــع‬
‫لسانك عن الكلم البطال وعن الفكــار الباطلــة و الخــاطئة ‪ 0‬وتمنــع‬
‫قلبك عن كل شــعور خــاطئ ‪ ،‬وعــن كــل الشــهوات و العواطـف غيــر‬
‫النقية ‪ 0‬و تتدرج هكذا من صوم الفم إلى صوم اللســان ‪ ،‬إلــى صــوم‬
‫الفكر ‪ ،‬إلى صوم القلب ‪0‬‬
‫***‬
‫ول يكون لك فقط جسد صائم ‪ ،‬وإنما أيضا ً نفس صائمة ‪00‬‬
‫ويصبح الصوم مجرد تعبير عــن حالــة النقــاوة الداخليــة الــتى وصــلت‬
‫إليها ‪ 0‬و يكــون الصــوم عبــارة عــن فــترة روحيــة تحياهــا ‪ 00‬وبكــثرة‬
‫الممارسة تتعودها ‪ ،‬و تصبح فضائلها بالنسبة إليك هى منهج حياة‬
‫أعنى أن ما تســتفيده روحي ـا ً أثنــاء صــومك ‪ ،‬ل نفقــده حينمــا ينتهــى‬
‫الصوم و تفطر ‪ ،‬بل يستمر معك ‪ 0‬حقا ً إنــه قــد تغيــر نــوع طعامــك ‪،‬‬
‫ولكن لم تتغير الفضائل التى اقتنيتها أثناء الصوم ‪00‬‬
‫***‬
‫وهنا تفرق بين الفطار و التسيب ‪0‬‬
‫لن كثيرين يضبطون أنفسـهم أثنــاء الصــوم ‪ 0‬فـاذا مـا انتهـى وحــل‬
‫العيــد ‪ ،‬يفقــدون كــل مــا قــد اقتنــوه ‪ ،‬و يظنــون أن الفطــار يعنــى‬
‫التسيب وعدم ضــبط النفــس !! لــذلك فالنســان الــذى يتخــذ الصــوم‬
‫كواسطة روحية ‪ ،‬هو النسـان الـذى يحتفـظ فـى قلبـه وفـى نفسـه‬
‫وفى إرادته ‪ ،‬بكل ما قد اقتناه أثناء الصوم فتستمر الفائدة معه ‪ 0‬و‬
‫إن كان الصوم قد ساعده على التخلص مـن عـادة رديئة أو مـن عـادة‬
‫معينة ‪ ،‬ل يعود إلى ذلك مرة أخرى حينما يفطر ‪0‬‬

‫ولكــى يســتفيد النســان مــن الصــوم ‪ ،‬و لكــى يــدخل إلــى روحانيــة‬
‫الصوم ‪ ،‬و يصير الصوم فضيلة لروحه و ليس لجسده فقط ‪:‬‬
‫عليه أن يخلط صومه بفضائل معينة تناسب الصوم و تتمشى معه ‪0‬‬
‫*فالصوم لبد أن تصحبه الصلة ‪ 0‬لماذا ؟ لننا نصوم ليس فقط لكى‬
‫نقهر الجسد و نستعبده ) ‪1‬كو ‪ ، ( 27 : 9‬بل لكى نعطى للروح أيضا ً‬
‫فرصة تتغذى فيهــا بكــل الغديــة الروحيــة النافعــة لهــا ‪ :‬بالصــلة ‪ ،‬و‬
‫القــراءة الروحيــة ‪ ،‬و التأمــل ‪ ،‬و محبـة اللـه ‪ 0‬و فـى قســمة الصـوم‬
‫المقدس فى القداس اللهى نكرر عبــارة " بالصــوم و الصــلة ‪ "00‬و‬
‫يقينا ً أن الـروح إذا أخــذت غـذاءها ‪ ،‬تســتطيع أن تحمــل الجســد أثنــاء‬
‫صومه فل يتعب ‪ 0‬وهذا نلحظه فــى إســبوع اللم ‪ ،‬إذ ل نشــعر أبــدأ‬
‫بثقل الصوم لن الروح تتغذى خلله بالقراءات و اللحان و الــذكريات‬
‫المقدسة ‪ 0‬و هكذا نستطيع أن نقول عن الصوم الروحى ‪:‬‬
‫***‬
‫*الصوم أيضا ً لبد أن يرتبط بالتوبة ‪0‬‬
‫لن المهم فـى الروحيـات هــو القلـب النقـى ‪ ،‬وليــس مجــرد الجسـد‬
‫الجائع ‪ 0‬و أيضا ً لكى يقبل الله صومنا ‪ ،‬ولكى نشعر أننا استفدنا مــن‬
‫الصوم ‪0‬‬
‫و هكذا يقول لنا الوحى اللهــى فــى ســفر يوئيــل " قدســوا صــوما ً ‪،‬‬
‫نادوا باعتكاف " ) يؤ ‪0 ( 15 : 2‬فالصـوم إذن هــو فــترة مقدسـة ‪0‬‬
‫وكيف تكون مقدسة بدون توبة ؟! وما نحصل عليه من مشاعر التوبة‬
‫أثناء الصوم ‪ ،‬يجب أن يستمر معنا ‪0‬‬
‫***‬
‫*الصوم أيضا ً يصحبه التذلل أمام الله ‪0‬‬
‫و هكذا قال داود النبى " أذللت بالصوم نفسى " ) مز ‪ 0 ( 13 : 35‬و‬
‫فى صوم أهل نينوى ‪ ،‬جلسوا على المســوح و الرمــاد ) يــون ‪ 0 (3‬و‬
‫كما ينسحق الجسد بالصوم ‪ ،‬كذلك ينبغى أن تنسحق الروح ‪ 0‬و لــذلك‬
‫فإن الصوام تصحب بالمطانيات ‪0‬‬
‫ً‬
‫و ل تكتفى فيها بأن ينحنى جسدك ‪ ،‬إنمـا تنحنــى روحــك أيضـا ‪ ،‬كمــا‬
‫قال داود النبى " لصقت بالتراب نفسه " ) مز ‪ (119‬و لم يقل فقــط‬
‫" لصقت بالتراب رأسى" ‪00‬‬
‫و فى هذا التذلل ‪ ،‬تطلب النفس من اللــه رحمــة ‪ ،‬لهــا و لغيرهــا ‪ 0‬و‬
‫أيضا ً تعترف بخطاياها و تطلــب مغفــرة ‪ 0‬وكمــا قــال يوئيــل النــبى "‬
‫مزقوا قلوبكم ل ثيابكم ‪ 0‬و ارجعوا إلى الرب إلهكم " ) يوء ‪( 13 : 2‬‬
‫‪0‬‬
‫***‬
‫*الصوم أيضا ً تصحبه الصدقة ‪0‬‬
‫فالنسان الذى يطلــب رحمــة مــن اللــه فــى فــترة الصــوم ‪ ،‬عليــه أن‬
‫يرحم غيره و يعطيه‬
‫من العبارات الجميلة الــتى وردت فــى هــذا الموضــوع ‪ ،‬قــول بــولس‬
‫الرسول لرعاة كنيســة أفســس ‪ :‬متــذكرين كلمــات الــرب يســوع أنــه‬
‫قال ‪ :‬مغبوط هو العطاء أكثر من الخذ ) أع ‪0 ( 35 : 20‬‬
‫فلماذا طوب الرب العطاء ؟ لشك لسباب كثيرة ‪:‬‬

‫فـى العطـاء تشـرك الغيــر فـى الـذى لــك ‪ ،‬بـل بـالحرى تشــرك اللـه‬
‫نفسهفى أموالك ‪ 0‬ليس فقط حينمــا تعطــى للكنيســة ‪ ،‬إنمــا حينمــا‬
‫تعطـــى للمحتـــاجين أيضـــا ً ‪ 0‬ألـــم يقـــل الـــرب " ‪ 00‬لنـــى جعـــت‬
‫فــأطعمتمونى ‪ ،‬عطشــت فســقيتمونى ‪ 0‬كنــت غريبــا ً فــآويتمونى ‪،‬‬
‫عريانا ً فكسوتمونى ‪ ،‬مريضا ً فزرتمونى " ‪ 00‬و شرح ذلــك فــى قــوله‬
‫عن كل هؤلء المحتاجين ‪" :‬بما أنكم فعلتموه بأحللد أخللوتى هللؤلء الصللاغر ‪،‬‬
‫فبى قد فعلتم " ) مت ‪( 40 – 35 : 25‬‬
‫إذن ما تعطيه لحد من المحتاجين ‪ ،‬إنما تعطية للرب نفســه ‪ 0‬ســواء‬
‫كــان طعامـا ً لجوعــان ‪ ،‬أو كســاء لعريــان ‪ 00‬أو مجــرد زيــارة تزورهــا‬
‫لمريض أو لسجين ‪ 00‬هذه الزيارة هى أيضا ً لون من العطــاء ‪،‬تعطــى‬
‫فيه حبا ً و مشاركة وجدانية ‪ ،‬عطاء للنفس و ليس للجسد ‪00‬‬
‫***‬
‫العطاء إذن هو خروج من الذات للشركة مع الخرين ‪0‬‬
‫النسان المنطوى على ذاته ‪ ،‬يبعد عن الغير ‪ ،‬ل يأخذ و ل يعطــى ‪ 0‬و‬
‫النســان النــانى يحــب دائمــا ً أن يأخــذ ل أن نعطــى ‪ 0‬و النســان‬
‫الجتماعى يأخذ من الناس و يعطى ‪ 0‬أمــا النســان المحــب البــاذل ‪،‬‬
‫فهو الذى دائما ً يعطى ‪ 0‬هو الذى يفضل غيره على نفسه ‪000‬‬
‫يأخذ دائما ً من نفسه ‪ ،‬لكى يعطى لغيره ‪0‬‬
‫و من هنا كانت فضيلة العطاء تمتزج على الدوام بإنكار الذات ‪ 0‬فيها‬
‫تكــون الــذات فــى المتكــأ الخيــر ‪ ،‬بينمــا الولويــة للغيــر ‪ 0‬ل يفكــر‬
‫النسان فى احتياجاته الشخصية ولــوازمه ‪ ،‬إنمــا يفضــل غيــره علــى‬
‫نفسه ‪ 0‬و هكذا فعلت أرملة صرفة صيدا فــى أيــام المجاعــة ‪ ،‬حينمــا‬
‫قدمت ليليا النبى حفنة الدقيق التى عندها ‪ ،‬و القليل مما فــى كــوز‬
‫الزيت ‪ ،‬لهذا بارك الله بيتها بركة عظيمة ) ‪1‬مل ‪(19-11 : 7‬‬
‫***‬
‫و بالمثل فعلت الرملة التى دفعت فلسين فــى الصــندوق ‪ ،‬فطوبهــا‬
‫الرب أكثر من كل الذين أعطوا ‪ 0‬لماذا ؟ "لنها من أعوازها أعطللت" ) لللو‬
‫‪0 ( 4 : 21‬‬
‫و ليــس فقــط أعطــت مــن أعوازهــا ‪ ،‬بــل أنهــا أيض ـا ً " أعطيــت كــل‬
‫معيشتها " ‪ ،‬كل الذى لها ‪ 0‬و هنا نرى نفس القاعدة التى ذكرناهــا و‬
‫هى تفضيل الذات ‪ 00‬يعيش غيــرى ‪ ،‬ولــو أمــوت أنـا ‪ 0‬يســتوفى هــو‬
‫حاجته ‪ ،‬أو أساهم فى سد احتياجاته ‪ ،‬مهما كنت أنا محتاج ـا ً ‪ 0‬و فــى‬
‫تطويب الرب لهذه الرملة ‪ ،‬و نلمح قاعــدة هامــة هــى ‪ :‬إن الللله ينظللر‬
‫عمق العطاء ل إلى مقداره ‪0‬‬
‫ومن مظاهر هذا العمق ‪ ،‬ارتباط العطاء بالحب ‪ 0‬فتحــب أن تعطــى ‪،‬‬
‫و تحب الذى تعطيه ‪ 0‬ولذلك فالعطاء الذى يفيدك روحي ـا ً ‪ ،‬هــو الــذى‬
‫تعطية ‪ ،‬ل عن ضجر و ل تذمر و ل اضطرار ‪ ،‬بل بكل مشاعر الرضا و‬
‫الفرح ‪ 0‬و كما قال الكتاب ‪ " :‬المعطى المسرور و يحبه الله " ) ‪2‬كو ‪( 7 :9‬‬
‫فــأنت تحــب النســان المحتــاج ‪ 0‬و بــدافع المحبــة تعطيــة ‪ 0‬و تظهــر‬
‫محبتك فى طريقة تعاملك و أنت تعطى ‪ 0‬و يحــس المحتــاج بمحبتــك‬
‫فيفرح بها أكثر من فرحه بما يأخذه ‪ 0‬إنه يأخذ منك مشــاعر قبــل أن‬
‫يأخــذ ماديــات ‪ 0‬و يحــس أن عطــاءك ليــس لونــا ً مــن المظــاهر أو‬
‫الرسميات ‪ ،‬بل هو عاطفة و مشاركة ‪ ،‬أنت أيضا ً ل تكون أقــل فرح ـا ً‬
‫منه و أنت تعطيه ‪ 0‬كـالم الـتى تفـرح و هـى تعطـى ل بنهـا ‪ ،‬فرحـا ً‬
‫سابقا ً للعطاء ‪ ،‬و مصاحبا ً له ‪ ،‬و فرحا ً بفرح ابنها و هو يأخذ ‪0‬‬
‫ولنا مثال كتابى ‪ ،‬بفرح الشعب حينما كان يعطى لبناء الهيكل ايام داود النبى ‪0‬‬
‫وفى ذلك يقول الكتاب " وفرح الشعب بانتدابهم ‪ ،‬لنهم بقلب كامل‬
‫انتدبوا للرب ) دفعوا بإرادتهم (‬
‫وداود الملك فرح فرحا ً عظيما ً ‪ 0‬و بـارك الــرب أمــام كــل الجماعــة و‬
‫قــال " ولكــن مــن أنــا و مــن هــو شــعبى ‪ ،‬حــتى نســتطيع أن نتتــدب‬
‫هكذا ؟! لن منك الجميع ‪ ،‬ومن يدك أعطينــاك " " أيهــا الــرب إلهنــا ‪،‬‬
‫كل هذه الثروة التى هيأناها لنبنى لك بيتا ً ‪ 00‬إنما هى مــن مــن يــدك‬
‫ولك الكل " ) ‪ 1‬أى ‪0 ( 16 ، 14 ، 9 : 29‬‬
‫***‬
‫جميلة هذه العبارة " من يدك أعطيناك "‪0‬‬
‫نحن ل نملك شيئا ً ‪ 0‬كل منا يقــول مــا قــاله أيــوب الصــديق " عريان ـا ً‬
‫خرجت من بطن أمى " ) أى ‪ 0 ( 21 : 1‬و كل ما نملكه حاليا ً ‪ ،‬نقول‬
‫فيه أيضا ً مع أيوب " الرب أعطى " ‪ 0‬نقول للرب مــع داود " هــو مــن‬
‫يدك ‪ ،‬ولك الكل "‪0‬لذلك حسنا ً أننا فى كل عطاء نقدمه للرب ‪ ،‬نقول‬
‫له فيه " من يدك أعطيناك "‪0‬‬
‫***‬
‫حقا ً ‪ ،‬إنه تواضع من الله الغنى ‪ ،‬أن يأخذ منا " ‪0‬‬
‫إنه يعطينا فرصة نعـبر فيهــا عـن مشــاعرنا ‪ 0‬تمامـا ً مثـل الب الــذى‬
‫يقبل هدية من أبنه ‪ ،‬يعبر بها البن عن محبته لبيه ‪ ،‬بينما ثمــن هــذه‬
‫الهدية هو أيضا ً مــن مــال أبيــه ‪ ،‬و كــأنه يقــول لــه كــذلك " مــن يــدك‬
‫أعطيناك " ‪ 00‬الله الغنى ‪ ،‬مصــدر كــل غنــى ‪ ،‬الــذى لــه الرض و مــا‬
‫عليها " ) مز ‪ ( 1 : 24‬الله الذى يشبع كل حى من رضاه ‪ ،‬من محبته‬
‫يحب أن يشركنا معه فى العناية لبيته و بأولده ‪ ،‬و يكافئنا علـى ذلـك‬
‫‪00‬‬
‫***‬
‫يعطينا ما نعطية ‪ ،‬يكافئنا حينما نعطى ‪ 00‬وفى كل ذلك يدربنا على العطاء ‪0‬‬
‫يعطينا الحياة و الوجود ‪ 0‬ثم يقول لنا ‪ :‬فى كل أسـبوع حيـاة أعطيـة‬
‫لكم ‪ ،‬إعطونى منه يوما ً يسمى " يــوم الــرب " ‪ 00‬و أعطيكــم مــال ً ‪0‬‬
‫وفى كل ما أعطيه لكم من مال ‪ ،‬اعطونى العشر ‪ 00‬وفى كــل ذلــك‬
‫نقول له ‪ :‬يا رب من يدك أعطيناك ‪ 00‬أنت هـو المعطــى لنــا ‪ ،‬ولمــن‬
‫نعطيهم ‪ 0‬و أنت أيضا ً الذى تعطينا محبة العطاء ‪0‬‬
‫***‬
‫أعطني صحة وقوة ‪ ،‬و أنا أخدمك بها ‪0‬‬
‫وكلما أتعب فى خدمتك ‪ ،‬و كلما أبذل فى خدمتك ‪ ،‬ل أحسب نفســى‬
‫مطلقا ً أننى قد أعطيتك شيئا ً ‪ 00‬فالصحة مــن عنــدك ‪ ،‬و القــوة مــن‬
‫عندك ‪ ،‬و محبة الخدمة هو أيضا ً من عندك ‪ 0‬بل أنا نفسى مــن عنــدك‬
‫‪ 0‬كان ممكنا ً أنى ل اولد و ل أوجد ‪ 0‬وأنت أعطيتنى هذا الوجود الذى‬
‫أخدمك به ‪ ،‬و أعطيتنى الكلمة التى أقولها ‪ 00‬وفى كــل خــدمتى لــك‬
‫وتعبى من أجلك ‪ ،‬أقول " من يدك أعطيناك "‬

‫لذلك كله ‪ ،‬ينبغى أن يكون العطاء بغير افتخار ‪0‬‬


‫ل افتخار باللسان ‪ ،‬و ل بمشاعر القلب مــن الــداخل ‪ ،‬ول بــالفكر ‪00‬‬
‫وكأنك قد أعطيت من عندك !! ‪ 00‬هنا و أتــذكر عمــق الكلمــات الــتى‬
‫قالها الرسول " أى شئ لك لم تأخذه ؟! و إن كنت قد أخذت ‪ ،‬فلماذا‬
‫تفتخر كأنك لم تأخذ ؟! " ) ‪1‬كو ‪ 00 ( 7 : 4‬و إن كان كل ما نعطية‬
‫قد أخذناه من الرب ‪ ،‬أل يكون أفتخارنا بالعطاء افتخارا ً باطل ً ؟!‬
‫***‬
‫لذلك أمر الله أن يكون العطاء فى الخفاء ‪0‬‬
‫وقال " احترزوا من أن تصنعوا صدقة قدام الناس ‪ ،‬لكى ينظروكم ‪0‬‬
‫و إل فليس لكم أجر عند أبيكم الذى فى السموات " ‪ 0‬وقال " لتكون‬
‫صدقتك فى الخفاء ‪ ،‬و أبوك الذى يرى فى الخفاء هو يجازيك علنيــة‬
‫" ) مت ‪ 0 ( 4 ، 1 : 6‬و هذا الخفاء ‪ ،‬ل يقصد به الرب أن يكون خفاء‬
‫على الناس فقط ‪ ،‬و إنما على نفسك أيضا ً ‪ 0‬فل تعــد أو تحصــى كــم‬
‫أعطيت ‪ ،‬و إنما ‪:‬‬
‫" ل تعرف شمالك ‪ ،‬ما تفعله يمينك " ) مت ‪( 3 : 6‬‬
‫ل تذكر كم أعطيت ‪ ،‬و ل تتذكر كم أعطيت ‪ 00‬و ل تحسب عطاياك ‪0‬‬
‫و حاول أن تنســاها جميعهــا ‪ ،‬حــتى ل يحاربــك بــذلك شــيطان المجــد‬
‫الباطل ‪ ،‬أيضا ً حتى ل تستوفى خيراتك على الرض مــن تمجيــد ذاتــك‬
‫لك ‪000‬‬
‫***‬
‫روى عن القديسة ميلنيا ‪ ،‬فى بدء حياتها الروحية قبــل أن تــترهب ‪،‬‬
‫حينما كانت تقــدم إحســانات كــثيرة للديــرة و الرهبــان ‪ 00‬أنهــا فــى‬
‫إحـدى المـرات وضـعت فـى كيـس خمســمائة قطعـة مـن الـذهب ‪ ،‬و‬
‫سلمته للقديس النبــا بمــوا ليعطيــه للرهبــان الســاكنين فــى البريــة‬
‫الداخلية ‪ 0‬فنادى القديس على تلميذه ‪ ،‬و سلمه الكيس كما هــو دون‬
‫أن يفتحــه و كلفــه بتــوزيعه علــى أولئك الرهبــان ‪ 00‬وهنــا قــالت لــه‬
‫ميلنيا " ولكنك لم تفتحــه يــا أبــى لتعــرف كــم فيــه ؟" ‪ 0‬فــرد عليهــا‬
‫القديس قائل ً " إن كنت قدمت هذا المال لله ‪ ،‬فــالله يعــرف مقــداره‬
‫كم هو " ‪ 00‬وكان ذلك درسا ً لميلنيا‬
‫***‬
‫صفة أخرى من صفات العطاء ‪ ،‬وهى السخاء ‪0‬‬
‫ً‬
‫يقول الكتاب " المعطى فبسخاء " ) رو ‪ 0 ( 8 : 12‬و يأمرنا أيضا أن‬
‫نكون " أسخياء فى العطاء ‪ ،‬كرماء فى التوزيع " ) ‪1‬تى ‪0 ( 18 : 6‬‬
‫ويقول " من يزرع بالشح ‪ /‬فبالشح أيضا ً يحصد ‪ 0‬ومن يزرع بالبركات‬
‫‪ ،‬فبالبركات أيضا ً يحصد " )‪2‬كو ‪ 0 ( 6 : 9‬و يعلل الرب ذلك بقوله "‬
‫بالكيل الذى به تكيلون ‪ ،‬يكال لكم " ) لو ‪( 38 : 6‬‬
‫***‬
‫ل يكفى إذن أن تعطى ‪ ،‬إنما كن كريما ً فى عطائك ‪0‬‬
‫أمامنا مثل جميل فى الكتــاب هــو أرونــه اليبوســى ‪ ،‬حينمــا أراد داود‬
‫الملك أن يشترى منه بيدره لكــى يبنــى مــذبحا ً للــرب ‪ 0‬ففــرح أرونــة‬
‫بذلك ‪ ،‬وأراد أن يتبرع بالبيدر و كل ما فيه ‪ 0‬و لذلك قــال لــداود عــن‬
‫البيدر " فليأخذه سيدى الملك ‪ ،‬و يصعد ما يحسن فى عينيه ‪ 0‬أنظــر‪:‬‬
‫البقر للمحرقة ‪ 0‬و النوارج و أدوات البقر حطبا ً " ) ‪2‬صم ‪( 22 : 24‬‬
‫" الكل دفعه أرونى إلى الملك ‪ 0‬و لكن داود قال لرونة " بل اشترى‬
‫منك بثمن ‪ ،‬و ل أصعد للرب إلهى محرقــات مجانيــة " ‪ 00‬كــل منهمــا‬
‫يريد أن يدفع ‪ ،‬و برضى و فرح ‪ ،‬و بسخاء ‪00‬‬
‫***‬
‫و لنتذكر قصة أبينا ابراهيم ‪ ،‬لما زاره ثلثة رجال ‪:‬‬
‫قال لمنا سارة " إسرعى بثلث كيلت دقيق ‪ 00‬و اصنعى خبز مله "‬
‫" ثم ركض ابراهيم إلى البقر ‪ ،‬و أخــذ عجل ً رخص ـا ً وجيــدا ً ‪ ،‬و أعطــاه‬
‫للغلم ‪ ،‬فأسرع ليعمله ‪ 0‬ق\ثم أخذ زبدا ً و لبنا و العجل الــذى عملــه ‪،‬‬
‫ووضعها قدامهم " ) تك ‪ 00 (8-6 : 18‬هل ثلثة رجال يحتاجون إلى‬
‫ثلثة كيلت دقيق ‪ 00‬و إلى عجل بأكمله ‪ ،‬بالضافة إلى الزبد و اللبن‬
‫؟ أم هو كرم أبينا ابراهيم ؟ ‪ 00‬أو أنه لفرحــه بضــيوفه أراد أن يأكــل‬
‫الكل معهم ‪ ،‬الغلمان ورعاة الغنــم يـأكلون مـن العجــل ‪ ،‬و أيضـا ً مــن‬
‫الخبز الساخن ‪0‬معهم ‪0‬‬
‫***‬
‫و بنفس الكرم فى عطائنا ن يعاملنا الله ‪00‬‬
‫و هكذا قال " اعطوا تعطوا ‪ ،‬كيل ً جيدا ً ملبدا ً مهزوزا فائضا ‪ ،‬يعطــون‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫فى أحضانكم " ) لو ‪ 0 ( 38 : 6‬و أيضا " هاتوا جميع العشــور إلــى‬
‫الخزانة ‪ 00‬و جربونى بهــذا قــال رب الجنــود ‪ ،‬إن كنــت ل أفتــح لكــم‬
‫كوى السموات ‪ ،‬و افيض عليكم بركة حتى ل توسع ‪ ) "00‬مل ‪10 : 3‬‬
‫( ‪ 00‬وقيل أيضا ً " أكرم الرب من مالــك ومــن كــل بــاكورات غلتــك ‪،‬‬
‫فتمتلئ خزائنك شبعا ً ‪ ،‬و تفيض معاصرك مسطارا ً " ) أم ‪( 9 : 3‬‬
‫***‬
‫ومن أيات التى تدعو إلى الكرم فى العطاء ‪ ،‬قول الرب ‪00‬‬
‫اذهب بع كل مالك ‪ ،‬و أعط للفقراء ) مت ‪0 ( 21 : 19‬‬
‫و أيضا ً " بيعوا امتعتكم و اعطوا صدقة " ) لو ‪ 0 ( 33 : 12‬وكــذلك‬
‫قوله " من ســألك فــاعطيه ‪ 0‬ومــن أراد أن يقــترض منــك فل تــرده "‬
‫) لو ‪ 0 ( 30 : 6‬وأيضا ً يقول الكتاب " من له ثوبان ‪،‬فليعط من ليس‬
‫له ‪ 0‬ومن له طعام ‪ ،‬فليفعل هكذا " ) لو ‪0 (11 : 3‬‬
‫***‬
‫ومن الصفات الجميلة فى العطاء ‪:‬‬
‫*أن تعطى دون أن يطلب منك ذلــك ‪ 0‬فهكــذا يفعــل أبونــا الســماوى‬
‫معنا ‪ 0‬و هكذا يفعل الب والم مــع أولدهــم ‪ 0‬لتكــن لــك الحساســية‬
‫نحو ما يحتاجه الناس ‪ ،‬و ل تحوجهم أن يسألوا و يطلبوا ‪0‬‬
‫*ل تؤجل العطاء ‪ 0‬فربما التأخير يســبب أضــرارا ً للمحتــاجين ‪ 0‬وفــى‬
‫ذلك يقول الكتاب " ل تمنع الخير عن أهلــه ‪ ،‬حيــن يكــون فــى طاقــة‬
‫يدك أن تفعله ‪ 0‬ل تقل لصاحبك ‪ :‬اذهب وعد فأعطيك غدا ً ‪ ،‬وموجــود‬
‫عندك ) أم ‪0 (28 ، 27 : 3‬‬
‫***‬
‫*درب نفسك أن تعطى من أفضل ما عندك ‪0‬‬
‫فكــثيرون ل يعطــون إل الملبــس الممزقــة أو القديمــة ‪ ،‬و الشــياء‬
‫التالفة عندهم أو المرفوضة منهــم ‪ 00‬هــذه يقــدمونها للمســيح فــى‬
‫أشخاص الفقراء ‪ 0‬ليتنا فى كل ذلك نتذكر قرابيــن هابيــل الصــديق ‪،‬‬
‫إذ قيل عنه " و قدم هابيــل مــن أبكــار غنمــه ومــن ســمانها ‪ 0‬فنظــر‬
‫الرب إلى هابيل و قربانه " ) تك ‪ " 00 ( 4 : 4‬من أبكار غنمه و من‬
‫سمانها " أى أفضل ما عنده ‪0‬‬

‫لقد قدم التاريخ أمثلة عجيبة فى العطاء ‪0‬‬


‫القديس النبا ابرام أسقف الفيوم ‪ ،‬و القديس النبـا صـرابامون أبـو‬
‫طرحه أسقف المنوفيــة ‪ ،‬و قصــص عطائهمــا كــثيرة جــدا ً و عجيبــة ‪،‬‬
‫ليس الن مجالها ‪ 00‬و القديس يوحنا الرحــوم الــذى بــاع كــل شــئ و‬
‫أعطاه للفقراء ‪ 0‬و إذ لم يجد شيئا ً آخــر يــبيعه ‪ ،‬بــاع نفســه عبــدا ً ‪ ،‬و‬
‫تبرع بالثمن للفقراء ‪ 0‬أيضا ً القديس ســيرابيون ‪ ،‬الــذى أعطــى ثــوبه‬
‫لفقير و مشى عريانا ً و باع إنجيلــه أيضـا ً و أعطــى الثمــن للفقــراء ‪0‬‬
‫فلما سأله تلميذه عن ذلك ‪ ،‬أجابه ‪ :‬كان النجيل يقول لــى إذهــب بــع‬
‫كل مالك و اعطه للفقراء ‪ ،‬فبعته إذ لم يكن لى غيره‬
‫***‬
‫وفــى العصــر الرســولى قيــل " كــل الــذين كــانوا أصــحاب حقــول أو‬
‫بيوت ‪ ،‬كانوا يبيعونها و يأتون بأثمان المبيعات و يضعونها عنـد أرجــل‬
‫الرسل ‪ 0‬فكان يوزع على كل واحد كما يكون له احتياج ) أع ‪، 34 : 4‬‬
‫‪0 ( 35‬‬

‫يشترك الله فى مالك لكى يباركه ‪ ،‬ل ليأخــذ منــه ‪ ،‬فهــو مصــدر لكــل‬
‫غنى ‪ 0‬و يشترك فى مالك ‪ ،‬لكى يشركك معه فى عمــل الخيــر الــذى‬
‫يمكن أن يقوم به وحــده ‪ ،‬و لكنــه – مــن تواضــعه –يجــب أن يتــم هــذا‬
‫الخير بواسطتك ‪0‬‬
‫***‬
‫أقدم اشتراك لله فيما أعطاه للنسان ‪ ،‬كان هو الذبائح و المحرقات ‪0‬‬
‫وهو أمر قديم جدا ً ‪ ،‬أقدم من الشريعة المكتوبة ‪ 0‬بل هــو منــذ نشــأة‬
‫النسان نفسه ‪ 0‬ويروى لنا الكتاب تقدمة هابيــل البــار فيقــول إنــه "‬
‫قدم للرب من أبكار غنمه ومن سمانها ‪ 0‬فنظــر الــرب إلــى هابيــل و‬
‫قربانه " ) تك ‪ 0 ( 4 : 1‬و لعل هابيل أخذ فكــرة تقــديم الذبيحــة و‬
‫المحرقة عن أبيه آدم الذى أخذها مــن اللــه نفســه ‪ 0‬هنــا نــرى أيض ـا ً‬
‫نشأة التقليــد ‪ Tradition‬ونشــأة الــذبائح ‪ ،‬و نشــأة التقــدمات ‪ ،‬أعنــى‬
‫تقديم شئ لله ‪ ،‬بما كان يحمله ذلك من رمز ‪0‬‬
‫***‬
‫و استمرت فكرة الذبائح و المحرقات فى تاريخ البشرية ‪0‬‬
‫نسمع عن المحرقات التى أصعدها أبونــا نــوح مــن علــى المذبــح بعــد‬
‫رسو الفلك ‪ ،‬فتنسم الرب منها رائحة الرضا ) تك ‪ 0 ( 21 ، 20 : 8‬و‬
‫نســمع عــن ذبــائح أبينــا ابراهيــم ) تــك ‪ 0 (12‬وعــن محرقــات أيــوب‬
‫الصديق ) أى ‪ 00 ( 5 : 1‬و نظمت الذبائح و المحرقات و التقدمات‬
‫فى الشريعة المكتوبة ‪ ،‬فــى ســفر اللوييــن أيــام موســى النــبى ‪ 0‬و‬
‫كانت تحمل رموزا ً‪0‬‬
‫وإن كانت ذبيحة المسيح قد حلــت محــل خــروف الفصــح ) خــر ‪ (12‬و‬
‫محل المحرقة و ذبيحة الخطية و ذبيحة الثـم ‪ ،‬إل أن ذبيحـة السـلمة‬
‫التى كانت تعــبر عــن الشــكر و عرفان ـا ً بجميــل الــرب ‪ ،‬و يأكــل منهــا‬
‫مقــدمها و أصــحابه معــه ‪ ،‬ل يــزال الكــثيرون يقــدمونها إلــى الن ‪،‬‬
‫بأسلوب يختلف عن العهد القديم فى كثير من التفاصيل ‪00‬‬
‫ننتقل إلى نقطة أخرى و هى العشور ‪00‬‬
‫و العشور هى أيضا ً أقدم مــن الشــريعة المكتوبــة ‪ 0‬نســمع عــن أبينــا‬
‫يعقوب لما رأى سلما ً بين السماء و الرض ‪ ،‬أنه قــال اللــه " إن كــان‬
‫الله معى و حفظنى ‪ 00‬و رجعت بسلم إلى بيــت أبــى ‪ ،‬يكــون الــرب‬
‫لى إلها ً ‪ 00‬و كل ما تعطينى فإنى أعشره لك " ) تك ‪( 22 – 20 : 28‬‬
‫‪0‬‬
‫ولعل يعقوب قد أخذ فكرة العشور عن جده أبينا ابراهيم ‪ ،‬الذى قــدم‬
‫العشور إلى ملكى صادق كاهن الله العلى " فأعطاه عشــرا ً مــن كــل‬
‫شئ " ) تك ‪0 ( 20 : 14‬‬
‫***‬
‫ثم أمر الله بالعشور فى الشريعة أيام موسى النبى ‪0‬‬
‫فقال " تعشير كل محصول زرعك الذى يخرج من الحقل سنة بسنة "‬
‫) تث ‪ " 0 ( 22 : 14‬وكل عشر الرض من كل حبوب الرض و أثمار‬
‫الشــجر ‪ ،‬فهـو للــرب ‪ ،‬قــدس للــرب ‪ ) "00‬ل ‪ " 0 ( 30 : 27‬عشــر‬
‫حنطتك و خمرك و زيتك " ) تث ‪ ) (17 : 12‬تث ‪ " ( 23 : 14‬و أما كل‬
‫عشر البقر و الغنم ‪ ،‬فكل ما يعبر تحت العصا ‪ ،‬يكــون العاشــر قدس ـا ً‬
‫للرب " ) ل ‪ 0 (32 : 27‬و بالجمال لخص زكا العشار كل فى عبارة‬
‫واحدة قال فيها " و أعشر جميــع أمــوالى " ) لــو ‪ ( 12 : 18‬أو هــى‬
‫عبارة أبينا يعقوب أبى الباء " وكل ما تعطينى أعشرة لك " ) تك ‪28‬‬
‫‪ (22 :‬حتى الكاهن الذى كان يأخذ العشور مـن الشـعب ‪ ،‬كـان يقـدم‬
‫عشرها للرب ‪ ،‬رفيعة للرب ‪ 0‬وكانت أعشار هذه تسمى الرفائع ) عد‬
‫‪0 ( 28 ، 26 : 18‬‬
‫و الذى ل يدفع العشور ‪ ،‬يعتبر أنه سلب الرب ‪0‬‬
‫ورد هذا صراحة فى سفر ملخى النبى ‪ ،‬حيــث قــال الــرب " أيســلب‬
‫النسان ؟! فإنكم سلبتمونى ‪ 0‬فقلتم بمــا سـلبناك ؟ فــى العشــور و‬
‫التقدمة ‪ 00‬هاتوا جميع العشور إلى الخزنــة ‪ 00‬و جربــونى قــال رب‬
‫الجنود ‪ :‬إن كنت ل أفتح لكم كوى السماء ‪ ،‬و أفيض عليكم بركة حتى‬
‫ل توسع ‪ ) "00‬مل ‪(10-8 : 3‬‬
‫***‬
‫المال الذى ل تدفعه فى العشور ‪ ،‬هو مال ظلم ‪0‬‬
‫لنك سلبت فيه الرب ‪ ،‬و ظلمت الكنيسة كما ظلمت الفقراء أصحابه‬
‫‪ 00‬لذلك قال السيد الرب " اصـنعوا لكـم أصــدقاء مـن مـال الظلـم "‬
‫) لو ‪ 0 ( 9 : 16‬هؤلء الصدقاء هم الفقراء الذين يصلون من أجلكم‬
‫" حتى يقبلوكم فى المظال البدية "‬
‫حتى إن كنت محتاجا ً ‪ ،‬ادفع العشور متمثل بتلك المرأة الــتى دفعــت‬
‫ً‬
‫من أعوازها ) لو ‪ 0 ( 4 : 21‬و لعل البعض يسأل هنا ‪:‬‬
‫***‬
‫هل نعطى أقربائنا من العشور ؟!‬
‫نعم ‪ ،‬اعطهم إن كانوا محتاجين ‪ 0‬فإن الرسول يقول " إن كــان أحــد‬
‫ل يعتنى بخاصته و ل سيما أهل بيته ‪ ،‬فقد أنكر اليمــان و صــار شــرا ً‬
‫من غير المؤمن " ) ‪1‬تى ‪ 00 ( 8 : 5‬إذن أعطهم ‪ ،‬و لكن ل تعطهم‬
‫وحدهم ‪ 0‬لئل يظــن أن مجــرد الــواجب ‪ ،‬أو رابطــة الــدم ‪ ،‬هــى الــتى‬
‫دفعتك للعطاء ‪ 0‬فإن أعطيتهم الكــل ‪ ،‬تكــون قــد بخســت حــق بــاقى‬
‫الفقراء المستحقين معهم أو الــذين قــد يكونــون اســتحقاقا ً للعطــاء‬
‫منهم ‪00‬‬
‫***‬
‫كل مال يصل إليك ‪ ،‬إفرز عشره للرب ‪00‬‬
‫سواء كان مرتبك الثابت ‪ ،‬أو موارد أخرى إضافية ‪ ،‬أو منح ـا ً أو مــوارد‬
‫طارئة ‪ 0‬سواء كان مال ً أو أشياء عينية تعرف قيمتها و يدفع عشــرها‬
‫‪ 00‬الكل تخصم عشره ‪ ،‬و تفرزه فى صندوق خاص بالرب ‪ 0‬و ل تقع‬
‫فى الخطأ الذى يقع فيه كثيرون ‪ :‬إذ ينفقون من إيرادتهــم اول ً ‪ ،‬ثــم‬
‫يفحصون هل تبقى لله شئ أم يتبق !! جاعلين استحقاقات‬
‫الرب فى آخــر القائمــة ‪ ،‬أو قــد ينســونها ! أو يعتــبرون مصــروفاتهم‬
‫الخرى تحت قائمة الضروريات ‪ 0‬أما نصيب الرب ‪ ،‬فمن الكماليات أو‬
‫من الفائض ! أما أنت فاخصمه من إيرادك مباشرة ‪ ،‬كمـا كمــا تخصــم‬
‫منك أمور رسمية معينة ‪00‬‬
‫***‬
‫و اعلم أن العشور هى الحد الدنى فى العطاء ‪0‬‬
‫إنها تدخل فى العطاء اليهودى و ليس المسيحى ‪ 0‬أما فى المسيحية‬
‫‪ ،‬فيقول الكتاب " من سالك فاعطه " ) مت ‪ 0 (42 : 5‬و يقول أيضا ً‬
‫" ل تكنــزوا لكــم كنــوزا ً علــى الرض ‪ 00‬بــل اكنــزوا لكــم كنــوزا ً فــى‬
‫السماء " مت ‪ 0 ( 20 ، 19 : 6‬إذن ل يصح أن تكتفى بدفع العشور ‪،‬‬
‫ول تعطى من يحتاج بينما عندك ما تكنزه ‪0‬‬
‫و ل تقل عند دفع العشور إن الله قد استوفى حقه!! أو استوفى كل حقه عليك!!‬
‫و يســتريح ضــميرك عنــد هــذا الحــد ‪ ،‬وتغلــق قلبــك أمــام طلبــات‬
‫المحتاجين ! فإن الكتاب يقول " من يسد أذنيه عن صراخ المسكين ‪،‬‬
‫فهو أيضا ً يصرخ ول يستجاب " ) أم ‪ 00 ( 13 : 21‬لتكن المحبة ثابتة‬
‫فى قلبــك ‪ ،‬ول تتعامــل مــع اللــه ومــع الكنيســة ومــع الفقــراء بعلــم‬
‫الحساب دون القلب !! و كلما عرضت أماك مناسبة لعمل الرحمة ‪ ،‬ل‬
‫تغلق أمامها قلبك بحجة أنك قد دفعت العشور ‪000‬‬
‫***‬
‫فى عطائك ارتفع فوق مستوى العشور ‪00‬‬
‫فقد قال السيد المسيح لـه المجــد "إن لــم يــزد بركــم علــى الكتبــة و‬
‫الفريسين ‪ ،‬لن تدخلوا ملكوت السموات " ) مت ‪ 0 ( 20 : 5‬و الكتبة‬
‫و الفريسيون كانوا بلشك يدفعون العشور ‪ 0‬إذن لبد أن تــدفع أكــثر‬
‫‪ 0‬ل تكن ناموسيا ً تكتفى بحرفية الناموس ‪ 0‬إنما فى عطــائك تعامــل‬
‫بقلبك و بحبك ‪ 0‬و ل تحب مالك أكثر مما تحب الفقراء ‪ 0‬واذكر قــول‬
‫الرب " إن أردت أن تكون كامل ً فاذهب وبع أملكك و أعط الفقــراء ‪،‬‬
‫فيكون لك كنز فى السماء " ) مت ‪ 0 ( 21 : 19‬و إن سـمعت هــذه‬
‫العبـارة ‪ ،‬فل تمضـى حزينـا ً مثـل الشـاب الغنـى الـذى كـان أول مـن‬
‫سمعها ‪ 00‬على أن العشور ليست هى كل شركة الــرب فــى مالــك ‪0‬‬
‫هناك أيضا ً وصية البكور ‪:‬‬
‫نسمع عرضا ً عن البكور فى تقدمة هابيل البار الذى قدم مـن " أبكـار‬
‫غنمه ومن سمانها " ) تك ‪ 0 ( 4: 4‬يعنى أفضل ما عنده ‪ 0‬وكان ذلك‬
‫طبعا ً قبل الشريعة المكتوبة ‪00‬أما فـى شـريعة موســى ‪ ،‬فقـد نظـم‬
‫الله البكور فى كل شئ ‪ ،‬سواء فى النسان أو الحيوان ‪ ،‬أو فى ثمار‬
‫الشجار ‪ 0‬فعن بكور المواليد ‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫"قدس لى كل بكر ‪ ،‬كل فاتح رحم ‪ 00‬من الناس ومن البهلائم ‪ 0‬إنلله للى " ) خلر‬
‫‪0 ( 2: 13‬‬
‫وكان البكـار مـن كـل الشـعب مـن نصـيب الـرب يخـدمونه ‪ ،‬إلـى أن‬
‫استبدلهم بسبط لوى و بنى هرون ‪ 0‬فهم البكــار بــالمعنى الرمــزى‬
‫أو الروحى ‪ 00‬و حــتى بعــد اختيــار ســبط لوى ‪ ،‬ظــل البكــر بمكــانته‬
‫كقدس للرب ‪ ،‬تقدم عنه ذبيحة فى الهيكل ‪ 0‬و هكذا قيل عن الســيد‬
‫المسيح فى يوم الربعين لمولده " صعدوا به إلى أورشــليم ليقــدموه‬
‫للرب ‪ 0‬كما هو مكتوب فى ناموس الرب إن كل ذكر فاتح رحم يدعى‬
‫قدوسا ً للرب ‪ ،‬و لكي يقدموا ذبيحة كما قيل فى ناموس الرب ") لــو‬
‫‪0 ( 23 ، 22 : 2‬‬
‫***‬
‫فما الذى نقدمه للرب من أولدنا ؟!‬
‫أل يشمل العطاء البناء أيضا ً ؟! إن لــم يكــن كــل بكــر ‪ ،‬فعلـى القــل‬
‫بعض البناء ‪ 00‬إن لم يكـن البـن الوحيـد ‪ ،‬كمـا ذهـب أبونـا ابراهيـم‬
‫ليقدم ابنه وحيده اسحق ‪ ،‬فعلى أحد البناء ‪ 00‬إن كان مطلوبا ً للــرب‬
‫ككاهن أو راهب ‪ ،‬أو لخدمة التكريس أيا ً كانت ‪00‬‬
‫***‬
‫إن تقدمة البكور أقوى من العشور ‪00‬‬
‫لنها تكون كل ما للنسان فى ذلك الوقت ‪،‬فالبن البكــر عنــد ولدتــه‬
‫يكون هو البن الوحيد ‪ ،‬وعندما قــدمت حنــة ابنهــا صــموئيل ‪ ،‬كــان و‬
‫قتذاك ابنها الوحيد ‪ 0‬و حينما صار يوحنا نصيبا ً للرب ‪ ،‬كان هــو البــن‬
‫الوحيد لزكريا و اليصابات ‪ 0‬و أيضـا ً الســيد المســيح هــو البــن البكــر‬
‫للعذراء ‪ ،‬و هو أيضا ً ابنها الوحيد ‪ ،‬ليس فقط وقت ولدته ‪ ،‬إنما خلل‬
‫كل حياتها ‪ 00‬البن البكر له مكــانته الكــبيرة ‪ ،‬ولــه فرحتــه وإعطــاؤه‬
‫للرب يحمل تفضيل ً للرب على النفس بالنسبة إلى المعطى ‪0‬‬
‫***‬
‫ولم تقتصر وصية البكور على البن البكر ‪ ،‬إنما شــملت كــل البكــور ‪،‬‬
‫فأمر الرب من جهة ‪:‬‬
‫بكور المحاصيل ‪ ،‬و ثمار الشجار ‪0‬‬
‫وقال فى ذلك " أول أبكار أرضــك تحضــره للــرب إلهــك " ) خــر ‪: 23‬‬
‫‪ " 0 ( 19‬تأتون بحزمة أول حصيدكم إلــى الكــاهن ‪ 0‬فيــردد الحزمــة‬
‫أمام الرب للرضا عنكم " ) ل ‪ " 0 (10 : 23‬تأخذون من أول كل ثمر‬
‫الرض ‪ 00‬و تضعه فى سلة ‪ 00‬و تأتى ) به( إلى الكاهن ‪ 00‬ثم تضعه‬
‫أمام الرب إلهك " ) تث ‪( 10-2 : 26‬‬
‫***‬
‫كذلك أمر الرب من جهة بكور الحيوانات ‪0‬‬
‫فقال " تقدم للرب كل فاتح رحم ‪ ،‬وكل بكر مــن نتــاج البهــائم الــتى‬
‫تكون لك ‪ ،‬الذكور للرب ‪ 0‬و كن كــل بكــر حمــار تفــديه بشــاه " ) خــر‬
‫‪، 12 : 13‬ـ ‪ " 00 ( 13‬لى كل فاتح رحم ‪ 0‬كل مــا يولــد ذكــرا ً مــن‬
‫مواشيك ‪ ،‬بكرا ً من ثور وشاة ‪ 0‬أما بكر الحمار فتفديــة بشــاه " ) خــر‬
‫‪0 ( 19 : 34‬‬
‫***‬
‫و أيضا ً أول العجين ‪00‬‬
‫حتى حينما يعجنون للخبز ‪ ،‬ورد فى سفر حزقيال " وتعطون الكــاهن‬
‫أوائل عجينكم ‪ ،‬فتحل البركة على بيتك " ) خر ‪ 0 ( 30 : 44‬و هكذا‬
‫يأخذ الرب من أوائل ) بكور( كل الذى لك ‪ 0‬فتجعل الرب أول ً فى كل‬
‫شئ ‪ 0‬يكون أول من يأخذ من شـجرك و أرضــك و غنمــك و بهائمــك ‪،‬‬
‫بل أيضا ً أول نسلك ‪ 0‬فيبارك الرب الكل ‪ 0‬و حتى حينما أخذ اللويين‬
‫بدل ً من البكار ‪ ،‬طلب أن تقدم ذبيحة عن بكرك ‪ ،‬لتفديه ‪ ،‬فقــال " و‬
‫كل بكر إنسان من أولدك تفديه " ) خر ‪0 ( 15 ، 13 : 13‬‬
‫***‬
‫كيف ننفذ إذن وصية البكور فى أيامنا ‪0‬‬
‫ليست ثروة كل الناس محاصيل الرض أو نتــاج الماشــية و الغنــام ‪0‬‬
‫ففى عصرنا الحاضر ‪:‬‬
‫*تدفع للرب أول مرتب تســتلمه فــى وظيفتــك ‪ ،‬و يفضــل أول شــهر‬
‫من مرتبك ‪ 0‬فالذى يعين فى وظيفة فى الربع الخيــر مــن الشــهر ‪،‬‬
‫هل يكفى أن يدفع هذا الربع باعتباره البكور ؟‬
‫***‬
‫*تدفع للرب أيضا ً أول علوة ‪ ،‬وأول زيادة فى ترقيتك ‪ ،‬وأول منحــة ‪،‬‬
‫وأول أجر لعمــل إضــافى ‪ :‬بالنســبة إلــى الطــبيب مثل ً أول كشــف أو‬
‫أول عملية جراحية ‪ 0‬و بالنسبة إلى المدرس أول درس خصوصى ‪00‬‬
‫و هكــذا فــى بــاقى الحــرف و الوظــائف ‪ 0‬بالضــافة إلــى العشــور و‬
‫البكور توجد مشاركة أخرى لله ‪ 0‬فى مالك و هى ‪ :‬حق الله فى النذور ‪:‬‬

‫و النذور هى شئ آخر غير العشور و البكــور ‪ 0‬هــى تعهــد منــك أمــام‬


‫الله ‪ ،‬فى حال عير يقدمه الله لك ‪ ،‬أو مساعدة فى أمر ما ‪ ،‬أو إنقــاذ‬
‫من ضيقة ‪ 00‬ومن أجمل و أشمل ما ورد عن النذور فى الكتاب ‪ ،‬مــا‬
‫ورد فى سفر الجامعة الصحاح الخامس ‪ 0‬حيث يشمل ‪:‬‬
‫الوفاء بالنذر ‪ ،‬عدم تأخيره ‪ ،‬عدم تغييره ‪00‬‬

‫فقيل ‪ " :‬أوف بما نـذرته ‪ 0‬أن ل تنـذر خيـر مـن أن تنـذر و ل تفـى "‬
‫) جا ‪ " ( 5 ، 4 : 5‬إذا نذرت نذرا ً لله ‪ ،‬فل تتأخر عن الوفاء به " ) جا ‪5‬‬
‫‪ " 0 ( 4 :‬ل تستعجل فمك ‪ ،‬ول يسرع قلبك إلى نطق كلم قدام الله‬
‫‪ 00‬ل تقل قــدام الملك أنــه ســهو ‪ 0‬لمــاذا يغضــب اللــه علــى قولــك‬
‫ويفسد عمل يديك " ) جا ‪0 ( 6 ، 2: 5‬‬
‫***‬
‫وحينما نتكلم عن النذر ‪ ،‬نقصد نذر المال أو نذر الحياة ‪00‬‬
‫ل تتسرع فى أن تنذر شيئا ً للرب ل تقدر فيما بعد على تنفيــذه ‪ 0‬ول‬
‫تنــذر البتوليــة مثل ً فــى حالــة انفعــال روحــى ‪ ،‬ثــم تــدرك أنــك غيــر‬
‫مستطيع أن تحيا هذه الحياة ‪ 0‬فبدل ً من النذر ‪ ،‬قــدم رغباتــك كصــلة‬
‫‪ 00‬قل له ‪ :‬يا رب ‪ ،‬هذه هى أمنية قلبى ‪ 0‬فــإن رأيــت أن ذلــك نــافع‬
‫لـى وممكـن ‪ ،‬حققـه لـى ‪ ،‬و امنحنـى القـوة علـى التفيـذ ‪ 0‬و لتكـن‬
‫مشيئتك فى حياتى ‪ 0‬نقطة أخرى فى شركة الرب فى أموالك وهى‬

‫القرابين التى تتقرب بها إلى الله‬


‫و الكنيسة تذكر كل تلك العطايا فــى " أوشــية القرابيــن " ‪ 00‬الــذين‬
‫يقــدمون للكنيســة ‪ :‬الخمــر و الزيــت و البخــور و الســتور ‪ ،‬و كتــب‬
‫القــراءة وأوانــى المذبــح ‪ 0‬و تطلــب أن يعوضــهم الــرب الفانيــات‬
‫بالباقيــات ‪ ،‬و الرضــيات بالســماويات ‪ 0‬أصــحاب الكــثير و أصــحاب‬
‫القليل ‪ 0‬بل تصلى أيضا ً من أجل " الذين يريدون أن يقــدموا و ليــس‬
‫لهم ‪ ،‬أى نية العطاء "‪0‬‬
‫***‬
‫فهل لك نصيب فى أوشية القرابين ؟‬
‫البعض مثل ً يحـب أن يقـدن دقيقـا ً نقيـا ً لخـبز ) الحمـل ( ‪ 0‬و البعـض‬
‫يسأل عن احتياج الكنيسة ليقدمة ‪ ،‬بدل ً من أن يقدم النــاس عشــرات‬
‫الستور ‪ ،‬بينما تحتاج الكنيسة إلى أشــياء أخــرى ضــرورية ‪ 0‬أو يقــدم‬
‫البعض أيقونات عديدة ‪ ،‬الكنيسة ليســت فــى حاجــة إليهــا ‪ ،‬ول يوجــد‬
‫بينها توافق فى الفن ‪0‬‬
‫***‬
‫يقدم لنا الكتاب أمثلة أخرى من العناية بالفقراء ‪0‬‬
‫فيقول مثل ً " وعندما تحصدون حصيد أرضكم ‪ ،‬ل تكمــل زوايــا حقلــك‬
‫فى حصادك ‪ 0‬ولقاط حصيدك ل تلتقط ‪ 0‬للمسكين و الغريــب تــتركه‬
‫" ) ل ‪ 0 ( 22 : 23‬و يقول أيضا ً " ست سنين تزرع أرضك و تجمــع‬
‫غلتها ‪ 0‬و أما فى السابعة فتريحها ‪ 0‬و تتركهـا ليأكـل فقـراء شـعبك‬
‫وفضلتهم تأكلها حيوانات الرض ‪ 0‬وكــذلك تفعــل بكرمــك وزيتونــك "‬
‫)خر ‪، 10 : 23‬ـ ‪ 0 ( 11‬كيف نطبق هذا المبدأ الروحى ‪ ،‬فى الحياة‬
‫غير الزراعية ؟ ‪00‬‬
‫***‬
‫علــى كــل مــن أجــل كلمــات الكتــاب عــن العطــاء ‪ ،‬قــول الــرب " ول‬
‫يظهروا أمامى فارغين " ) خر ‪ ) ( 15 : 23‬خر ‪0 ( 20 : 34‬‬
‫***‬
‫ليست الخدمة قاصرة على الذين يعملــون فــى مجــال التعليــم ‪ ،‬إنمــا‬
‫هى لزمة للكل و نافعة للكل ‪ 0‬و تعتبر من الوسائط الروحية العامــة‬
‫‪ 0‬و هى مبدأ روحى عام يطــالب بــه كــل مــؤمن ‪ :‬الكبــار و الصــغار ‪،‬‬
‫المتزوجين و غير المتزوجين ‪ 0‬يكفى قول الكتاب ‪:‬‬
‫" من يعرف أن يعمل حسنا ول يفعل ‪ ،‬فتلك خطية له " ) يع ‪0( 17 : 4‬‬
‫فالخطايا ليست هى فقط السلبيات فى تصرفات النسان ‪ ،‬إنما عدم‬
‫عمل الخير يعتبر خطية ‪ 0‬ولذلك فالنسان الروحــى هــو الــذى يعمــل‬
‫الخير باستمرار ‪ ،‬كصورة لله الــذى نصــفة بــأنه " صــانع الخيــرات " ‪0‬‬
‫وكما قيل عن السيد المسيح له المجد ‪ ،‬إنه " كان يجول يصنع خيرا ً "‬
‫) أع ‪ 0 ( 38 : 10‬فهل أنت كذلك ؟‬
‫***‬
‫النسان الروحى ل يحيا لنفسه فقط ‪00‬‬
‫بل إن المثل المشهور يقول " ما عاش مـن عـاش لنفسـه فقـط " ‪0‬‬
‫إذن فى الخدمة لبد أن تخرج من فوقعــة نفســك ‪ ،‬لتلتقــى بــالغير ‪0‬‬
‫تخــرج مــن مجــال ) النــا ( ‪ 0‬لتشــبع مــن حبــك للكــل ‪ 0‬و تشــعر أن‬
‫رســالتك فــى الحيــاة أن تفعــل خيــرا ً نحــو كــل مــن يــدفعه اللــه فــى‬
‫طريقك وكلما تكتسب خـبرة فـى الحيـاة وسـعة فـى القلـب ‪ ،‬تتسـع‬
‫دائرة خدمتك ‪ 0‬فل تقتصر على بيتــك وأســرتك ‪ ،‬ول علــى أقاربــك و‬
‫جيرانك و معرفك وزملئك و أصدقاءك ‪ ،‬بل تصــل إلــى نطــاق أوســع‬
‫وأوسع ‪00‬‬
‫***‬
‫و الخدمة فى جوهرها ‪ ،‬إن هى إل تعبير عن الحب المختزن فللى القلللب مللن نحللو‬
‫الله و الناس ‪00‬‬
‫فالمفروض فى كل مؤمن أن يحــب اللــه مــن كــل القلــب و الفكــر و‬
‫النفس ‪ 0‬وهذه وصية منذ العهد القديم ) تث ‪ 0 ( 5 : 6‬و قد تكررت‬
‫فى العهد الجديد أيضا ً ) مت ‪ 0( 39 0 37 : 22‬و المحبة ليست مجرد‬
‫شــئ نظــرى ‪ 0‬فالكتــاب يقــول " ل نحــب بــالكلم ول باللســان ‪ ،‬بــل‬
‫بالعمل و الحق " ) ‪1‬يو ‪ 0 ( 18 : 3‬و المحبة العملية تظهر عن طريق‬
‫الخدمة ‪ 0‬فأنت تحب الله ‪ ،‬فتعبر عن محبتك له بنشر ملكوته ‪ ،‬بخدمة‬
‫الكنيسة و خدمة الكلمة ‪ 0‬و أنت تحب الناس فتخدمهم بكل الوســائل‬
‫المتاحة لك و النافعة لهم ‪00‬‬
‫***‬
‫المهم أن يوجد فى حياة النسان ‪ ،‬كل إنسان ‪ ،‬عنصر البذل و العطاء ‪0‬‬
‫وهكذا تجد أن الخدمة قد اكسبتك فضيلة روحية ‪ ،‬هى الحب و العطاء‬
‫و البذل و تكون قــد اســتفدت مــن خـدمتك ‪ 00‬وقــد تخــدم الفقــراء ‪،‬‬
‫وتجد أن الفقراء أو الحتيــاج ‪ ،‬تتــبرم بهــؤلء ‪ ،‬ول تيــأس منهــم ‪ ،‬ول‬
‫تتضايق ‪ ،‬و ل يكون رد الفعل عندك هو أن تعاملهم معاملة ســيئة ‪00‬‬
‫ربما سمح الله لك أن تلتقى بهؤلء لتتعلــم الحتمــال وطــول البــال ‪،‬‬
‫وأيضا ً الحكمة فى التصرف ‪ ،‬أو خدمتهم روحيا ً لكى يتخلصوا من مثل‬
‫هذه الطباع السيئة ‪ 0‬وتكون أنت قد استفدت فضائل فيمــا تخــدمهم‬
‫‪00‬‬
‫و الخدمة على أنواع ‪ :‬منها الجتماعية ‪ ،‬و منها الروحيللة ‪ ،‬و خللدمات أخللرى كللثيرة‬
‫‪00‬‬
‫ومن أجل ما قيل فى الخدمة الروحية ‪ ،‬قول الكتاب " مــن رد خــاطئا ً‬
‫عن ضلل طريقه ‪ ،‬يخلص نفسا ً من الموت و يستر كثرة من الخطايــا‬
‫" ) يع ‪ 0 ( 20 : 5‬وأيضا ً " لخظ نفسك و التعليم وداوم على ذلك ‪0‬‬
‫فإنك إن فعلت هذا ‪ ،‬تخلص نفسك و الذين يسمعونك أيضا ً " ) ‪1‬تى ‪4‬‬
‫‪ 0 ( 16 :‬إذن هــى خدمــة تتعلــق بخلص النفــس ‪ 0‬مـا أمجــدها !! و‬
‫الكتاب يقول "نائلين غاية إيمانكم خلص النفوس " ) ‪1‬بط ‪0 ( 9 : 1‬‬
‫***‬
‫أما الخدمة الجتماعية ‪ ،‬فمن سموها أيضا ً حعلها الرب ميزانلا للدينونللة فلى اليللوم‬
‫ً‬
‫الخير ‪:‬‬
‫ً‬
‫إذ يقــول للــذين عــن يمينــه " كنــت جوعان ـا فــأطعمتونى ‪ ،‬عطشــت‬
‫فسقيتمونى ‪ 0‬كنت غريبا ً فآريتمونى ‪ ،‬عريانا ً فكســوتمونى ‪ ،‬مريض ـا ً‬
‫فزرتمونى ‪ 0‬محبوسا ً فأتيتم إلى " ) مت ‪ 0 ( 40 – 35 : 25‬و يشرح‬
‫ذلك بقوله " بما أنكم فعلتموه بأحد أخوتى هؤلء الصاغر ‪ ،‬فــبى قــد‬
‫فعلتم " ‪ 0‬معتبرا ً كل هؤلء المحتاجين كشخصه تماما ً ‪00‬‬
‫ويقول الكتاب أيضا ً " الديانة الطاهرة النقية عند الله الب هى هذه ‪:‬‬
‫افتقاد اليتامى و الرامل فى فى ضيقته ‪ ،‬وحفظ النسان نفســه بل‬
‫دنس من العالم " ) يع ‪0 ( 27 : 1‬‬
‫***‬
‫و قد رأينا أنواعا ً من الخدمة تشمل المجتمع كله ‪ 0‬و تتعداه إلللى مسللتوى عللالمى‬
‫‪00‬‬
‫فــالهيئات العالميــة مثــل الصــليب الحمــر و جمعيــات الســعاف ‪ ،‬و‬
‫الهيئات الدوليــة للغاثــة ‪ ،‬و أمثالهــا ‪ ،‬هــذه الــتى تقــدم معونــة لكــل‬
‫محتاج أينما كان ‪ ،‬سواء فى البلد التى حــديث فيهــا كــوارث طبيعيــة‬
‫كالفيضــانات مثل ً ‪ ،‬أو كــوارث حربيــة ‪ ،‬أو مجاعــات ‪ ،‬تجــد المعونــات‬
‫تصلها من بلد بعيدة ربما ما كانت تعرفها من قبــل ‪ ،‬ول كــانت بينهــا‬
‫وبينها صلة ‪ 0‬ولكنه الشعور النسانى و المحبة نحو الكل ‪ ،‬التى تهب‬
‫من تلقاء ذاتها لغاثة المحتاج ‪0‬‬
‫***‬
‫فإن كانت الهيئات العلمانية التى ل صلة لها بالكنيســة تفعــل هكــذا ‪،‬‬
‫فكم بالولى نحن ؟!‬
‫أنت مطالب أن تفعل شـيئا ً مـن أجـل أخيـك النسـان ‪ 0‬وقـد أعطانـا‬
‫الرب مثال السامرى الصالح ) لوقا ‪ ( 37 – 30 : 10‬الذى أغاث و هو‬
‫سائر فى الطريق إنسانا ً ‪ ،‬على الرغم مــن وجــود عــداوة بيــن شــعبه‬
‫وشعبه ‪ 0‬و لكنها المحبة التى ل تعرف تفريقا ً ‪0‬‬
‫و ل يقل أحد فى نفسه " لست مدعوا ً للخدمــة" !! كل ‪ ،‬فــأنت مــدعو‬
‫أن تحب الكل ‪ ،‬و تعبر عــن محبتــك بالخدمــة ‪ 0‬أمــا الخدمــة التعليميــة‬
‫فتحتاج إلى أن ترسلك الكنيسة ) رو ‪ ( 15 : 10‬لنه ليس كل إنسان‬
‫صالحا ً للكرازة و التعليم ‪00‬‬
‫***‬
‫إذن هى أنواع عديدة من الخدمة ‪ 0‬وكل إنسان يخدم حسب النعمة المعطللاة مللن‬
‫الله ‪0‬‬
‫ول يستطيع إنسان مطلقـا ً أن يقــول إن اللــه لــم يهبــه أيــة إمكانــات‬
‫للخدمة ‪ 0‬لبد أنــه يســتطيع أن يفعــل شــيئا ً ‪ 00‬و النســان الخــدوم ‪،‬‬
‫أقصد الذى فيه روح الخدمة ‪ ،‬تجده يخدم فى كل مجال ‪ :‬فى البيت ‪،‬‬
‫فــى مكــان العمــل أو الدراســة ‪ ،‬فــى الكنيســة ‪ ،‬فــى الطريــق ‪ ،‬فــى‬
‫النادى ‪ 00‬مع كل أحد ‪ 0‬إنه إنسان معطاء ‪ 0‬كل من يقــابله ‪ ،‬لبــد أن‬
‫ينال من عطائه ‪0‬‬
‫***‬
‫أسأل نفسك إذن ‪ :‬ما نصيب الخرين فى حياتى ؟‬
‫إن التكريس يحتاج إلى دعوة ‪ 0‬أما الخدمة العامـة فل تحتـاج إل إلـى‬
‫الحب ‪ ،‬و الدافع القلبى نحو خدمة الخرين ‪ 0‬و هــذه ف ـى حــد ذاتهــا‬
‫دعوة قلبية ‪00‬‬
‫أتذكر فى إحدى المرات سألنى طبيب جراح عما يســتطيع أن يعملــه‬
‫لجل الخرين ‪ 0‬فقلت له ‪ :‬على القل عشر العمليات الجراجية التى‬
‫تقوم بإجرائها ‪ ،‬لتكن للفقراء بالتنازل عن أجرك من مهنتك ‪00‬‬

‫إن الخدمة تقوى روحيات الخادم ‪ 0‬كما أن روحيات الخللادم تقللوى الخدمللة فللأنت‬
‫فيها تعطى و تأخذ ‪0‬‬
‫ولذلك نعتبر أن الخدمة من الوسائط الروحية ‪ ،‬إن سلك فيها النسان‬
‫حسنا ً ‪ 0‬فكما تعطى المخدومين حبا ً من قلبك ‪ ،‬كذلك يشبع قلبك حبا ً‬
‫بهذه الخدمة ‪ 0‬لشك أن النسان الــذى يخــدم اليتــام أو المرضــى أو‬
‫المعــوقين أو الفقــراء و المحتــاجين عموم ـا ً ‪ ،‬يشــبع قلبــه فــى هــذه‬
‫الخدمة بمشاعر عميقة تسمو بنفسه ‪ ،‬و تغنيــه عــن عواطــف العــالم‬
‫الزائلة ‪ 0‬فإن العاطفــة الــتى يكتســبها النســان مــن ملقــاة اللــم و‬
‫المعانــاة ‪ ،‬هــى أقــوى بكــثير مــن العواطــف الــتى تقــدمها مجــالت‬
‫اللهووالترف ‪ 0‬و هكذا أنت تأخذ من خدمتك أكثر بكثير ممــا تعطــى ‪0‬‬
‫مجرد شــعورك أن أســعدت إنســانا ً ‪ ،‬أو حللــت مشــكلة ‪ ،‬يفيــض علــى‬
‫قلبك بمشاعر عميقة ‪0‬‬
‫و هناك ألوان من الخدمة ‪ ،‬غير التعليم ‪0‬‬
‫كنت أعرف زميل ً فى مدارس الحد منذ حوالى ‪45‬عاما ً ‪ ،‬لــم يكــن لــه‬
‫فصل فى التدريس ‪ ،‬إنما كــانت خــدمته هــى الفتقــاد وحــل مشــاكل‬
‫الناس قبل أن تتعقد ‪ ،‬و أحيانا ً حل المشاكل المعقــدة ‪ 0‬و كــان يجــد‬
‫سعادة كبيرة فى هذه الخدمة ‪ 0‬و كان برى يد الله فى كــل مــا يحلــه‬
‫من مشاكل ‪ ،‬أقصد فى المشاكل التى يحلها الله على يــديه ‪ ،‬و كــان‬
‫يحكى لنا عن عمل الله ‪ ،‬حديثا ً روحيا ً ممتعا ً جدا ً ‪0‬‬
‫***‬
‫إذن من الفوائد التى تتركها الخدمة فى حياتك ‪ :‬الخبرات الروحية ‪0‬‬
‫إنه شــرف عظيــم لــك فـى الخدمــة أنــك تعمــل مــع اللــه ‪ 0‬كمــا قـال‬
‫القديس بولس الرسول عن نفسه وعن زميله أبولوس ) نحن عاملن‬
‫مع الله " ) ‪1‬كو ‪ 0 ( 9 : 3‬أنت فى الخدمة تعمل مع اللــه معــك ‪ ،‬و‬
‫يعمل فيك ‪ ،‬و يعمل بك ‪ 0‬و فى كل ذلك تــرى عجــائب مــن عملــه ‪ ،‬و‬
‫تلمس كيف تتدخل يد الله ‪ ،‬فتحل كل المور المعقــدة ‪ ،‬أو تفتــح لــك‬
‫بعض البواب المغلقة ‪ ،‬أو تقدم لــك حلــول ً مــا كنــت تفكــر فيهــا ‪ ،‬أو‬
‫ترسل لك تفتح لك بعض البواب المغلقة ‪ ،‬أو تقدم لك حلول ً ما كنــت‬
‫تفكر فيه ‪،‬أو ترسل لك معونات من حيث ل تدرى ‪ 0‬فتمجد اللــه فــى‬
‫كل عمله ‪ 0‬أم الذين ل يخدمون ‪ ،‬فــإنهم يحرمــون أنفســهم مــن كــل‬
‫هذه الخبرات ‪ ،‬ومن شركة الله فى الخدمة ‪00‬‬
‫***‬
‫الخدمة أيضا ً تفيدك فى أنها مدرسة للصلة ‪:‬‬
‫إنك كلما تخدم ‪ ،‬كلما تشعر أن هناك أمورا ً تحتاج إلى معونــة إلهيــة ‪،‬‬
‫فتتدرب على الصــلة مــن أجلهــا ‪ ،‬كمــا أنــك تصــلى لكـى يبـارك اللــه‬
‫العمل و يدخل فيه ول يتركك وحدك ‪ 0‬كذلك تصلى لكى تكون خدمتك‬
‫روحية ‪ ،‬و ليست مجرد نشاط أو روتين ‪ ،‬أو مجــرد عمــل اجتمــاعى ‪0‬‬
‫كــذلك كــثيرا ً مــا تصــلى مــع المخــدومين ‪ ،‬أو تــدخلك الخدمــة فــى‬
‫اجتماعات صلة ‪ 0‬و هكذا تتدرب على عمل الصلة‬
‫***‬
‫و الخدمة عموما ً تدخل النسان فى جو روحى ‪0‬‬
‫وهذا نافع له بل شك ‪ 0‬إذ يجد نفسه فى جو كنســى ‪ ،‬ومــع أشــخاص‬
‫روحيين ‪،‬وملتزما ً بمبادئ وقيم روحية ‪ 0‬وقد يجد نفسه فــى الخدمــة‬
‫ملتزما ً أيضا ً باجتماعات وقداسات ‪ 0‬ويجد نفسه كــذلك ملتزمـا ً بحيــاة‬
‫روحية خاصة حتى يكون فى خدمته قدوة للمخدومين ‪ ،‬أو على القل‬
‫ل يكون عثرة لهم ‪ 0‬بل يردد قول الكتاب‬
‫ً‬
‫"من أجلهم أقدس أنا ذاتى ‪ ،‬لكى يكونوا هم أيضا مقدسين فى الحق " ) يو ‪: 17‬‬
‫‪(19‬‬
‫السيد المسيح قال هذه العبارة بمعنى ‪ 0‬وأنت تقولهــا بمعنــى آخــر ‪،‬‬
‫لتكون حياتك مقدسة فى الخدمة ‪ ،‬ومثال ً للمخدومين فــى كــل عمــل‬
‫صالح ‪0‬‬
‫***‬
‫وقد تقول للــه فــى صــلتك ‪ :‬إن هــؤلء النــاس يــا رب ‪ ،‬يحتــاجون أن‬
‫أكون متصل ً بك باستمرار من جهتهــم ‪ 0‬فــأعطى أن تكــون لــى هــذه‬
‫الصلة بك ‪ 0‬ليس من أجلهم فقــط ‪ ،‬و إنمــا أيضـا ً مــن أجــل نفســى ‪،‬‬
‫لكـى ترعـانى و ترعــاهم ‪ ،‬و تحفظنــى و تحفظهــم ‪ 0‬و ليتنــى أكــون‬
‫جسرا ً صالحا ً يصلون به إليك أو أكــون حــامل ً لهــم أمامــك فــى قلــبى‬
‫‪000‬‬
‫و بهذا تجد أن الخدمة أوجدت لك صلة بالله ‪ 0‬و أصــبحت هــذه الصــلة‬
‫من ضروريات الخدمة ‪ 0‬و بالتوالى تصبح الخدمة أيضا ً ضرورة توصلك‬
‫بالله باستمرار ‪ 0‬و لذلك أستطيع أن أقول ‪:‬‬
‫***‬
‫غالبية الذين تركوا الخدمة فترت حياتهم ‪0‬‬
‫ولم تعد لهم الحرارة التى كانت لهــم أثنــاء خــدمتهم ‪ ،‬ول الصــلة ول‬
‫العمق ول اللتزام ‪ 00‬ولم تعد الغيرة المقدسة التى كانت لهــم ‪ ،‬ول‬
‫حتى الفضائل الجتماعية التى صاحبت الخدمة ‪0‬‬
‫و الخدمة أيضا ً كثيرا ً ما تعطى فرصا ً أوسع لقراءة الكتاب المقــدس ‪،‬‬
‫و للمعرفة الروحية بوجه عام ‪ 0‬مع مــا يصــحب ذلــك أيض ـا ً مــن تأمــل‬
‫ومن تفسير ‪ ،‬و بخاصة للذين يخدمون خدمة روحية أو تعليمية بكافــة‬
‫أنواعها ‪0‬‬
‫***‬
‫وهكذا تكون من فائدة الخدمة تنمية المعرفة الروحية ‪ ،‬روبما المعرفة الدينية مللن‬
‫نواح متعددة ‪0‬‬
‫وهذه المعرفة تأتى من مصــادر كــثيرة ‪ :‬منهــا القــراءة ســواء قــراءة‬
‫الكتاب المقدس أو سير القديسين أو الكتب الروحية ‪ 0‬و تــأتى أيضــا ً‬
‫من حضور الجتماعات الدينية الخاصة بالخدمة ‪ 00‬وكذلك مما يسمعه‬
‫النسان فى القداسات من فصول الكتاب ومن العظات ‪00‬‬
‫وهذه المعرفة تدخل النسان فى تدريبات روحيـة عمليــة ‪ 0‬وإن تـرك‬
‫الخدمة ‪ ،‬ربما يترك كل هذا ‪00‬‬
‫***‬
‫بل قد يأخذ النسان ألوانا ً أخرى من المعرفة ‪0‬‬
‫فبعرف مشاكل الناس ‪ ،‬ويعرف تفاصيل كثيرة عن النفس البشرية و‬
‫ما يجول فيها من مشاعر ‪ 0‬و يعرف حروب الشــياطين و حيلهــم ‪ 0‬و‬
‫يعرف ايضا ً الحلول العملية لكل هذا ‪ ،‬و إن كانت خدمته تتطرق أيضــا ً‬
‫إلى معالجة ما يتعرض له الناس من مشاكل داخلية و خارجية ‪ 0‬فــإن‬
‫لم يكن يعرف ‪ ،‬فعلى القل سيرى كيف يتدخل المرشدون الروحيون‬
‫أو الباء فى هذه المشاكل ‪ ،‬و كيف يحلونها ‪ 0‬وفــى كــل ذلــك تــزداد‬
‫خبراته فى الحياة ‪0‬‬

‫هناك أنواع مللن النللاس لللم يللذكرنا لنللا الكتللاب خللدمتهم أو تفاصللليها ‪ ،‬إنمللا كللانوا‬
‫يخدمون الخدام ‪ ،‬أو يقدمون المكانات للخدمة ‪0‬‬
‫نسوة كثيرات كن يتبعن الســيد المســيح " و يخــدمنه مــن أمــوالهن "‬
‫) لو ‪ 0 ( 3 : 8‬وفى بداية الكنيسة الولى تركــت مريــم أم مرقــس‬
‫الرسول بيتها ليكون أول كنيسة يجتمع فيهــا المؤمنــون و يصــلون ‪0‬‬
‫كــذلك ذكــر لنــا القــديس بــولس الرســول عــن اكيل و بريســكل " " و‬
‫الكنيسة التى فى بيتهما " ) رو ‪ 0 ( 5 : 16‬و أيضـا ً الكنيســة الــتى‬
‫كانت فى بيت نمفاس ) كو ‪ 0 ( 15 : 4‬و شرح لنا التاريخ الخدمات‬
‫العديدة التى كان يقوم بها المعلم ابراهيم الجوهرى و أخــوه المعلــم‬
‫جرجس للكنائس و الديرة ‪00‬‬
‫ربما أناس ل يخدمون القرى ‪ ،‬لكنهم يتبرعون بعربة تنقل الخدام إلى هذه القرى‬
‫‪0‬‬
‫أو يــدبرون المكــان ‪ ،‬أو يعــدون المكــان للخدمــة ‪ 0‬أو أن يشــتروا‬
‫الناجيل و البشائر و الجابى ‪،‬و الصور و الجوائز ‪ ،‬ما يــوزعه الكــاهن‬
‫مــن صــلبان و أيقونــات ‪ 0‬أو يهتمــون بالعمــل الدارى للجتماعــات ‪0‬‬
‫كأن يقومون بكتابــة أسـماء الحاضــرين ‪ ،‬أو يعـدون كشــوف الغــائبين‬
‫لفتقادهم ‪ ،‬وما إلى ذلــك مــن الخــدمات الــتى تبــدو بســطة و لكنهــا‬
‫لزمة و نافعة ‪0‬‬
‫***‬
‫على القل هناك من يقومون بخدمللة الصلللة مللن أجللل الجتماعللات و نجاحهللا ‪ ،‬و‬
‫المشاكل و حلها ‪0‬‬
‫وقد تكون لصلواتهم استجابة أكثر نفعا ً مــن خدمــة الكلمــة ‪ ،‬و تقتــدر‬
‫كثيرا ً فى فعلها ‪ ،‬وتكون هى الخدمة المخفية التى تقوم على أساس‬
‫الخدمة الظاهرة ‪ 0‬المهم يا أخى أن تخدم ‪00‬‬

‫ليست كل خدمة واسطة روحية ‪ ،‬فهناك من هلكوا وهللم فللى محيللط الخدمللة ‪ ،‬أو‬
‫سقطوا و تعبوا ‪00‬‬
‫مثال ذلك البن الكبير الذى لم يفرح برجوع أخيه الضال ‪ ،‬ورفــض أن‬
‫يدخل البيت و لما خرج إليه أبــوه يتوســل إليــه ‪ ،‬قــال لبيــه " هــا أنــا‬
‫أخدمك سنين هذا عددها ‪ ،‬وقط لم أتجاوز وصيتك ‪ 0‬ولم تعطنى قط‬
‫جديا ً لفرح مع أصدقائى ‪ ) " 00‬لو ‪( 30 – 28 : 15‬‬
‫كان فى الخدمــة ســنين هــذا عــددها ‪ ،‬ومــع ذلــك كــانت مشــيئته غيــر‬
‫مشيئة الب ‪ ،‬ولم يكن قلبه صافيا ً من جهة أخيه ‪0‬‬
‫مثال آخر هو بعض ملئكة الكنائس السبع ‪:‬‬
‫على الرغم من أنهم كانوا رعاة للكنائس ‪ ،‬إل أن واحدا ً منهم قال لــه‬
‫الرب " إن لك إسما ً أنك حى و أنت ميت " ) رؤ ‪ 0 ( 1 : 3‬كما قـال‬
‫لخر " لنك فاتر ‪ ،‬و لست حارا ً ول بــاردا ً ‪ ،‬أنــا مزمــع أن اتقيــأك مــن‬
‫فمى " ) رؤ ‪ 0 ( 16 : 3‬و قال لثالث ‪ " :‬أنك تركت محبتك الولى ‪0‬‬
‫فاذكر من أين سقطت و تب " ) رؤ ‪ 0 ( 5 ، 4 : 2‬وذكر الرب لكل‬
‫هؤلء أسبابا ً جعلتهم – وهم فى قمة الخدمة – فى حاجة إلى توبة‬
‫وآخرون من مساعدى بولس الرسول هلكوا تماما ً‪0‬‬
‫أولئك الذين قال عنهم " لن كثيرين ممن كنت أذكرهم لكــم مــرارا ً ‪،‬‬
‫والن أذكرهم أيضا ً باكيا ً وهم أعداء صليب المســيح ‪ ،‬الــذين نهــايتهم‬
‫الهلك ‪ 00‬ومجدهم فــى خزيهــم ‪ ،‬الــذين يفتكــرون فـى الرضــيات "‬
‫) فى ‪ ، 18 : 3‬ـ ‪ 0 ( 19‬ولعل من أمثلة هؤلء أيضا ً ديماس ‪ ،‬الــذى‬
‫ذكره الرسول فى إحدى المرات قبل القديس لوقا ) فل ‪ ، ( 24‬يعود‬
‫الرسول فيقول عنه " ديماس قد تركنى ‪ ،‬إذ أحب العالم الحاضــر " )‬
‫‪2‬تى ‪ 0 ( 10 : 4‬كل هؤلء ضاعوا ‪ ،‬و غيرهم سقط وتاب ‪0‬‬
‫ولم تكن الخدمة هى سبب ضياعهم ‪ 0‬ولكنهم نسوا روحياتهم فللى مجللال الخدمللة‬
‫‪ 0‬فسقطوا و بعضهم هلكوا ‪00‬‬
‫إذن يمكــن أن تكــون الخدمــة واســطة روحيــة ‪ 0‬ويمكــن أن يســقط‬
‫النسان فيها أو يهلك ‪ ،‬إن لم يسلك بطريقة روحيــة ‪ 0‬فمـا هــى إذن‬
‫شروط الخدمة الروحية ؟‬
‫تحب الله ‪ ،‬و تحب الملكوت ‪ ،‬وتحب الناس ‪0‬‬
‫و المحبة تولد محبة ‪ 0‬أما إذا كنت تخدم وفى نفســك ضــيق و تــبرم ‪،‬‬
‫وإن كنت تعطى مضطرا ً وفى النفس تذمر ‪ ،‬فهل تظن أنــك تســتفيد‬
‫روحيا ً ؟!‬
‫يحــدث أحيانـا ً أن بعــض النــاس يبــدأون الخدمــة و ليــس لهــم الهــدف‬
‫الروحــى الســليم ‪ 0‬ولكنهــم حينمــا يــرون احتياجــات المخــدومين ‪ ،‬و‬
‫يلحظون آلمهم وضيقاتهم ‪ ،‬يتحرك فــى قلــوبهم العطــف عليهــم و‬
‫الشفاق فيخدمونهم بقلب محب ‪ 0‬و تكون هذه المحبة نتيجة للخدمة‬
‫وليس سببا ً ‪ 0‬وتبدأ المحبة تمتزج بخدمتهم ‪ ،‬وتعلمهم كيف يخــدمون‬
‫بعاطفة ‪0‬‬
‫أشخاص يخدمون الفقراء ‪ 0‬ثم يجدون أن طلب الحاجات يلجأون فى‬
‫طلبهم إلى الكذب و الحتيــال ‪ ،‬أو يمــتزج طلبهــم بالحــاح متعــب ‪ ،‬أو‬
‫بضجيج وعلو صوت ‪ 00‬فيتبرمون بهم ‪ ،‬قد يطردونهم ويقسون عليه‬
‫‪00‬‬
‫أما القلب المحب ‪ ،‬فإنه يحتمل متاعب هؤلء ‪ 00‬لن المحبلة تحتملل كلل شلئ )‬
‫‪1‬كو ‪( 7 : 13‬‬
‫فإن خدمت ‪ ،‬ووجــدت أن أعصــابك بــدأت تتعــب فــى الخدمــة ‪ ،‬و أنــك‬
‫بدأت تحتد و تشتد ‪ ،‬و على الفقير إذا كذب و احتال ‪ ،‬أو على التلميــذ‬
‫إذا عاند و شاغب ‪ ،‬أو على الذين يفقدون النظام فــى الجتماعــات ‪0‬‬
‫فاعرف أن فى داخلك شيئا ً يحتاج إلى علج ‪ ،‬و أن الخدمة قد كشفت‬
‫فى نفسك عيبا ً كيما تصلحه ‪0‬‬
‫***‬

‫ل تقل إن العيب فى الخدمة ‪ ،‬إنما فيك ‪00‬‬


‫قل لنفسك ‪ :‬ينبغى أن أوسع صدرى ‪ ،‬و أن أطيل بالى ‪ ،‬و أن أحتمل‬
‫غيرى مهما أخطأ ‪ 0‬و أن أضرب لهم باحتمالي مثل ً يقتدون بــه أو أن‬
‫تقول ‪ :‬لقد كشفت لى الخدمة أن هؤلء الفقراء ‪ ،‬ليســوا فقــط فــى‬
‫حاجة إلى مال يسدون به أحتياجاتهم ‪ ،‬إنما هم أيضا ً فــى حاجــة إلــى‬
‫عمل روحى يقودهم إلى التوبة و معرفــة اللــه و إلــى الســلوك ‪ 00‬و‬
‫هكذا تبدأ فى عمل روحى معهم ‪ ،‬حتى معهــم ‪ ،‬حــتى يســتفيدوا مــن‬
‫الخدمة ماديا ً وروحيا ً ‪00‬‬
‫ونفــس الوضــع مــع التلميــذ المشــاغبين ‪ ،‬ومــع الــذين ل يحفظــون‬
‫النظام فى الجتماعات ‪00‬‬
‫إذن شروط الخدمة الروحية أن تمتزج بالحتمال ‪0‬‬

‫كل خدمة فيها متــاعب ‪ 0‬وكــل خــادم – كمــا قــال الرســول – ســيأخذ‬
‫أجرته بسبب تعبه ) ) ‪1‬كو ‪ 0 ( 8 : 3‬و آباؤنا الرسل تعبوا كثيرا ً فى‬
‫خدمتهم ‪ 0‬يقول القديس بولس الرسول عــن خــدمته هــو وزملئه ف‬
‫الخدمة "بل فى كل شئ نظهر أنفسنا كخدام لله فى صبر كثير ‪ ،‬فى‬
‫شدائد فى ضرورات ‪ ،‬فــى ضــيقات فــى ضــربات فــى ســجون ‪ ،‬فــى‬
‫اضطرابات فى أتعاب ‪ ،‬فــى أســهار فــى أصــوام ‪ 00‬بمجــد و هــوان ‪،‬‬
‫بصيب حسن وصيت ردئ " ) ‪2‬كو ‪0 ( 8 -4 : 6‬‬
‫ويقول أيضا " مكتئبين فى كل شئ ‪ ،‬لكن غير متضايقين ‪ 0‬متحيريــن‬
‫لكن غير بائسين ‪ 0‬مضطهدين لكن غير متروكين ‪ ،‬مطرحين لكن غير‬
‫هالكين " )‪2‬كو ‪ 0 ( 9 ، 8 : 4‬و يشرح الرسول أمثلة من المتاعب إلى‬
‫احتملها فى ) ‪2‬كو ‪ 0 ( 29 – 23 :11‬يكفى قوله " فى التعاب أكثر "‬
‫ولكنه إحتمل كل هذا ‪ ،‬و اكتسب أكاليل من الحتمال ‪0‬‬
‫وكما نذكر بولس الرسول نذكر كثيرين من شخصيات الكتاب ‪0‬‬
‫مثال ذلك العذابات التى تحملها القديس يوحنا النجيلى مع نفيه إلى‬
‫جزيرة بطمس ‪ ،‬حيث كتب سفر الرؤيا وفى أوله " أنا يوحنا أخوكم و‬
‫شريككم فى الضيقة " )رؤ ‪ 0( 6 : 1‬كذلك دانيال النبى وكيف ألقوه‬
‫فى جب السود " ) دا ‪ ( 6‬و الثلثة فتية والقاؤهم فى أتون النار ) دا‬
‫‪ ( 3‬ول ننسى قول السيد المسيح لتلميذ " ها أنا أرسلكم كغنــم فــى‬
‫وســط ذئاب " ) مــت ‪ " ( 16 : 10‬سيســلمونكم إلــى مجــالس وفــى‬
‫مجامعهم يجلدونكم ‪ 0‬و تساقون أمــام ملــوك وولة مــن أجلــى ‪ 00‬و‬
‫تكونون مبغضين من الجميع من أجل أسمى ) مت ‪0 (22 ، 17 : 10‬‬
‫و الرسل احتملوا كل هذا و صبروا ‪0‬‬
‫***‬
‫و الصمود يمنح الخادم قوة روحية من الرب ‪0‬‬
‫ً‬
‫يمنحه قوة فـى الرجـاء فل ييـأس ‪ 0‬كمـا يقـويه أيضـا فـى الرجـاء ‪،‬‬
‫مؤمنا ً أن الرب لبد سيتدخل ويصلح كل شــئ ‪ 0‬و هكــذا ينــال فضــيلة‬
‫أخرى هى انتظار الرب ‪ 0‬كما قال المرتل فى المزمور " إنتظر الرب‬
‫‪ 0‬تقو و ليتشدد قلبك و انتظر الرب " ) مز ‪ 0 ( 14 : 27‬و هكذا قال‬
‫فى خبراته الروحية أيضا ً " انتظرت نفسى الرب مــن محــرس الصــبح‬
‫حتى الليل " ) مز ‪ (130‬نقطة أخرى تميز الخدمة و تســبب نجاحهــا و‬
‫هى ‪:‬‬
‫اهتم أن تكون خدمتك روحية وعميقة ‪0‬‬

‫كثير من الناس خدمتهم مجــرد نشــاط يســتهلك كــل طاقــاتهم ‪ :‬هــم‬


‫عبارة عن شعلة متحركة من النتاج و العمل ‪ ،‬و لكــن بل روح ‪ 0‬مثــل‬
‫هذه الخدمة ل تفيدك روحيا ً ‪ ،‬لن الله ل نصيب له فيها ‪ 00‬بــل كــثيرا ً‬
‫ما يحدث أن هذا النشاط الحركــى المتزايــد ‪ ،‬يعطــل فــى مشــغولياته‬
‫العمل الروحى ‪0‬‬
‫متجد مثل ً أمينا ً لمدارس الحد ‪ ،‬له طاقاته الواسعة مــن جهــة تطــبيق‬
‫المناهــج ‪ ،‬وكراســات التحضــير ‪ ،‬و اجتماعــات الخــدام ‪ ،‬و اجتماعــات‬
‫الشباب ‪ ،‬و المكتبة و النــادى ‪ ،‬و النشــاط الصــيفى ‪ 00‬و تســاله عــن‬
‫نفسه وروحياته ‪ ،‬فل يجد لها وقتا ً ‪ 0‬فتفــتر حيــاته ‪ ،‬و بالتــالى تفــتر‬
‫أيضا ً خدمته ‪ ،‬وتجدها مجموعــة ضــخمة مــن التنظيمــات ‪ ،‬بل روح ‪ 0‬ل‬
‫تفيد حياته و ل تفيد الخرين ‪00‬‬
‫***‬
‫و تتحول الخدمة إلى أمور إدارية بحته ‪0‬‬
‫وربما يحدث هذا المر أيضا ً بالنسبة إلى الخدمــة الجتماعيــة ‪ ،‬و إلــى‬
‫خدمــة الملجــئ و المســنين ‪ ،‬و المغــتربين ‪ ،‬ومجــالس الكنــائس ‪00‬‬
‫وفى هذا العمل الدارى قد تكثر المناقشات و المجــادلت و الضــجيج‬
‫و الصياح ‪ 0‬وربما المنافسات أيضا ً و الحزبيات ‪ 0‬وفى هذا كله تضــيع‬
‫روح الخادم ‪ 0‬لن الخدمة لم تتسم بالطابع الروحى ‪ 0‬ولم يكــن اللــه‬
‫شريكا ً فيها ‪ 0‬ولم تدخل فيها الصلة و ل التنفيذ العملى للوصية ‪0‬‬
‫حاول إذن فى كل خدمة تخدمها ‪ ،‬أن تبعد عن الروتين و الشــكليات ‪،‬‬
‫و أن تــدخل اللــه فيهــا ‪ ،‬ويكــون لهــا الطــابع الروحــى ‪ 00‬حــتى فــى‬
‫العمال الدارية فلتكن لها " روحانية الدارة " ‪ 0‬وهذه عبــارة تحتــاج‬
‫منا إلى موضوع خاص يشرح تفاصيلها ‪00‬‬
‫فرق كبير بين رجل الله حينما يدير ‪ ،‬و أهل العالم فى إدارتهم ‪0‬‬
‫***‬
‫إذن فى خدمتك ‪ ،‬ابعد عن الخطاء الروحية ‪0‬‬
‫إبعــد عــن أســلوب المــر و النهــى ‪ ،‬وليكــن لــك روح التضــاع و أدب‬
‫التخاطب مع الصغير كما مع الكبير ‪ 0‬ومهما أوتيــت مــن ســلطة فــى‬
‫الخدمة ‪ ،‬ل تكلم الناس من فوق ول تتعال على أحد ‪ ،‬ول تــدخل إلــى‬
‫قلبك روح السيطرة و التسلط ‪ 0‬وتذكر قــول الــرب " أكــبركم يكــون‬
‫خادما ً لكم ‪ 0‬لن من يرفع نفسه يتضــع ‪ ،‬ومــن يضــع نفســه يرتفــع "‬
‫) مت ‪ 0 ( 11 : 23‬وأيضا ً " إن ابن النسان لم يأت ليخدم ‪ ،‬بل ليخدم‬
‫‪ ،‬وليبذل نفسه فدية عن كثيرين " ) مت ‪0 (28 : 20‬‬
‫لذلك ل تجعل الخدمة تفقدك وداعتك وتواضعك ‪0‬‬
‫إن وجدت صوتك بدأ يعلو ويحتد فى الخدمة ‪ ،‬لبد أن تحترس و تراجع‬
‫نفسك ‪ 0‬وإن وجدت أنك بدأت تتحدث عن نفسك وما تفعله من أمور‬
‫عظيمة ‪ ،‬إحترس أيضا ً لئل شيطان المجد الباطل يحصد كل ما زرعتــه‬
‫فى الخدمة ‪ 0‬وإن نظرت باحتقار إلى غيرك ‪ ،‬مقارنا ً بيــن مســتواه و‬
‫مستواك ‪ ،‬فاعرف أن الكبرياء قد دخلت إلــى نفســك ‪ 00‬ضــع أمامــك‬
‫إذن قول الرسول " لحظ نفسك و التعليم وداوم على ذلــك ‪ 0‬فإنــك‬
‫إن فعلت هذا تخلص نفسك و الذين يسمعونك أيضا ً " ) ‪1‬تى ‪( 16 : 4‬‬
‫‪ 0‬قل لنفسك باستمرار ‪ :‬أنــا مــا دخلــت إلــى الخدمــة لكــى أقــع فــى‬
‫خطايا جديدة ‪ ،‬إنما لكى أنمو روحيا ً ‍‬
‫***‬
‫فى الخدمة أيضا ً إحترس من الذات ال ‪Ego0‬‬
‫ل تجعل الخدمة وسيلة لكى ترتفع بها أو تبنى كرامتك ‪ 0‬فــأتت فيهــا‬
‫مجرد خادم للرب ‪ ،‬تقول عنــه كمــا قــال القــديس يوحنــا المعمــدان "‬
‫ينبغى أن ذلك يزيد ‪ ،‬وأنى أنا أنقص " ) يو ‪ ( 30 : 3‬أو كما قيل فى‬
‫المزمور " ليس لنــا يــا رب ليــس لنــا ‪ 0‬لكــن لســمك القــدوس أعــط‬
‫مجدًا" ) مز ‪( 1 : 115‬‬
‫احترس من انذار الرب للرعاة الذين يرعون أنفسهم ) خر ‪– 8 : 34‬‬
‫‪0 (10‬‬
‫وليكن هدفك هو ملكوت اللــه ‪ ،‬و خلص النــاس ‪ 00‬و ليــس نفســك و‬
‫كرامتك ‪0‬‬
‫الخدمة المفيدة روحيا ً ‪ ،‬هى التى تنسى فيها كلمة أنا ‪0‬‬
‫كثيرون دخلوا فى الخدمــة ‪ 0‬وبعــد حيــن بــدأوا يهملــون أنفســهم ‪ ،‬و‬
‫ينشغلون بتدبير الخدمة ‪ ،‬ثم يصطدون بالكنيسة ‪ ،‬و كــاهن الكنيســة ‪،‬‬
‫و مجلــس الكنيســة ‪ ،‬و العــاملين فــى الكنيســة ‪ 0‬و يتحــدثون عــن‬
‫تصــرفات هــؤلء وأولئك ‪ ،‬ومــا يفعلــونه مــن خطــأ ومــن صــواب ‪،‬‬
‫ويركزون على الخطأ ! وتصبح أخطاء الخرين ‪ ،‬أو ما يظنونها أخطاء‬
‫‪ ،‬هى موضع حديثهم الدائم وإدانتهم المســتمرة ‪ 0‬بــل يتحــواون مــن‬
‫الدانه إلى التشهير ‪ ،‬و يفسدون عقول غيرهم ‪0‬‬
‫و العجب أنهم يغطون كل ما يقعون فيه من إدانة و تشهير ‪ ،‬بتبرير هو الدفاع عللن‬
‫الحق !!‬
‫وباسم الدفاع عن الحق يقعون فى خطايا ل تحصى ‪ 0‬و يدخلون فـى‬
‫خصومات و انقسامات ‪ 0‬ولكى ينتصروا فــى حروبهــم ‪ ،‬يحــاولون أن‬
‫يكسبوا أكبر عدد ممكن ينضم إليهم فى الدانة و التشهير ‪ 0‬و يتعكــر‬
‫جو الخدمة ‪ ،‬و يفقد روحانية ‪ ،‬يفقد روح المحبة ‪ ،‬و يفقــد الوداعــة و‬
‫البساطة !! و هل كل هذا من أجل الدفاع عن الحق ؟! دون أن يسأل‬
‫أحد نفسه ‪ :‬هل من حقى أن أفعل كل هذا ؟ ودون أن يسأل نفسه ‪:‬‬
‫هل هذا هو السلوب الروحى الــذى أدافــع بـه عـن الحــق ؟! مــا أكــثر‬
‫الذين ضاعوا واضاعوا غيرهم ‪ ،‬و هم فى الخدمة !!‬
‫***‬
‫لكى تنتفع روحيا ً ‪ ،‬إهتم فى خدمتك بالعمل اليجابى و ليس بالسلبيات ‪0‬‬
‫دع امامك المثــل الــذى يقــول " بــدل ً مــن أن تلعنــوا الظلم ‪ ،‬أضــيئوا‬
‫شمعة " ‪ 0‬كن قدوة للكل ‪ ،‬وثق أن هذه فى حد ذاتها رســالة وخدمــة‬
‫‪ 00‬واعرف أن العمل اليجــابى البنــاء هــو البــاقى علــى الــدوام ‪ ،‬ول‬
‫بنتقدك فيه أحد ‪ ،‬ول تخطئ فيه إلى أحد ‪ 0‬أما النشغال بالسلبيات ‪،‬‬
‫فإن يتعــب فكــرك وروحــك ‪ 0‬وربمــا تصــل بــه إلــى أســلوب الهــدم و‬
‫يوقعك فى خطايا كثيرة ‪0‬‬
‫***‬
‫أليس الفضل لك أن ل تخدم ‪ ،‬من أن تخدم بأسلوب يوقعك فى الخطية ؟!‬
‫و تصبح فيه عثرة لغيرك ‪ 0‬وقد قال الرب " ويل لمن تأتى بواســطته‬
‫العثرات " ) لو ‪0 ( 1 : 17‬‬
‫***‬

‫‪-5‬النبا أنطونيوس ‪0‬‬


‫‪-6‬القمـــــص ميخائيـــــل‬
‫إبراهيم‬
‫‪-1‬آدم و حواء ‪ /‬قــايين و‬
‫هابيل ‪0‬‬
‫‪-2‬موسى و فرعون ‪0‬‬
‫‪-7‬كيف نبدأ عامــا ً جديــدا ً‬ ‫‪-3‬يونان ‪0‬‬
‫‪0‬‬ ‫‪-4‬مارمرقس ‪0‬‬
‫‪-37‬حروب الشياطين‬ ‫‪-8‬تأملت فى الميلد ‪0‬‬
‫‪-38‬الحروب الروحية‬ ‫‪-9‬من وحى الميلد ‪0‬‬
‫‪-39‬الغضب‬ ‫‪-10‬روحانية الصوم ‪0‬‬
‫‪-40‬الدانة‬ ‫‪-11‬تسبحة البصخة ‪0‬‬
‫‪-12‬أسبوع اللم ‪0‬‬
‫‪-13‬خميس العهد ‪0‬‬
‫‪-14‬الجمعة الكبيرة ‪0‬‬
‫‪-41‬الزوجة الواحدة‬ ‫‪-15‬كلمات المسيح علــى‬
‫‪-42‬الخلص‬ ‫الصليب ‪0‬‬
‫‪-43‬بدعـــة الخلص فـــى‬ ‫‪-16‬تأملت فــى القيامــة‬
‫لخطة‬ ‫‪0‬‬
‫‪-44‬المطهر‬
‫‪-45‬الكهنوت‬
‫‪-46‬لهوت المسيح‬
‫‪-47‬طبيعة المسيح‬ ‫‪-17‬صـــــلة الشـــــكر و‬
‫‪-48‬اللهوت المقارن‬ ‫المزمور الخمسين‬
‫‪-18‬مزامير الغروب ‪0‬‬
‫‪-19‬يستجيب لك الرب ‪0‬‬
‫‪ -20‬يارب لماذا‬
‫‪-21‬سبحوا الرب‬

‫‪-49‬الوصايا العشر‬ ‫‪-22‬إنطلق الروح‬


‫‪-50‬الوصـــــايا الربـــــع‬ ‫‪-23‬حياة الشكر ‪0‬‬
‫الخيرة‬ ‫‪-24‬حياة اليمان ‪0‬‬
‫‪-51‬إكرم أباك وأمك‬ ‫‪-25‬معـــــالم الطريـــــق‬
‫‪-52‬ل تقتل ‪0‬‬ ‫الروحى‬
‫‪-26‬الوجود مع الله ‪0‬‬
‫‪-27‬الله وكفى ‪0‬‬
‫‪-28‬الهدوء ‪0‬‬
‫الول‬ ‫‪-53‬الجزء‬ ‫‪-29‬مقـــــالت روحيـــــة‬
‫الثانى‬ ‫‪-54‬الجزء‬ ‫)الجمهورية(‬
‫الثالث‬ ‫‪-55‬الجزء‬ ‫‪-30‬الدموع ‪0‬‬
‫الرابع‬ ‫‪-56‬الجزء‬ ‫‪-31‬العظةعلى الجبل ‪0‬‬
‫‪-32‬خبرات روحية ج ‪1‬‬
‫‪-33‬الرجاء ‪0‬‬
‫‪-34‬الروح القدس‬
‫‪-57‬حيــــــاة التوبــــــة و‬ ‫‪-35‬النسان الروحى‬
‫النقاوة‬ ‫‪-36‬سلســـلة الوســـائط‬
‫‪-58‬اليقظة الروحية‬ ‫الروحية‬
‫‪-59‬السهر الروحى‬
‫‪-60‬الرجوع إلى الله‬
‫‪-67‬التلمذة‬
‫‪-68‬الغيرة المقدسة‬
‫‪-69‬كيف نعامل الطفال‬
‫الكتاب المقبل‬
‫‪-70‬خبرات روحية ج ‪2‬‬

‫الول‬ ‫‪-61‬الجزء‬
‫الثانى‬ ‫‪-62‬الجزء‬
‫الثالث‬ ‫‪-63‬الجزء‬
‫الرابع‬ ‫‪-64‬الجزء‬
‫الخامس‬ ‫‪-65‬الجزء‬
‫السادس‬ ‫‪-66‬الجزء‬

‫صفحة‬
‫‪5‬‬ ‫المقدمة‬
‫‪7‬‬ ‫الباب الول ‪ :‬الصلة ‪ :‬ما هى ؟ وكيف تكون؟‬
‫‪15‬‬ ‫شروط الصلة المقبولة وتداريب على الصلة‬
‫‪23‬‬ ‫الباب الثانى ‪ :‬الكتاب المقدس‬
‫‪24‬‬ ‫أهمية الكتاب‬
‫‪30‬‬ ‫اهتمام الكنيسة به‬
‫‪33‬‬ ‫علقتك بالكتاب ‪ :‬اقتناؤه ‪ ،‬محبته‬
‫‪34‬‬ ‫المداومة على قراءته‬
‫‪35‬‬ ‫القراءة بخشوع‬
‫‪36‬‬ ‫القراءة بفهم‬
‫‪38‬‬ ‫حفظ آيات الكتاب‬
‫‪39‬‬ ‫التأمل فيه – القراءة بروح الصلة‬
‫‪41‬‬ ‫تأثير الكتاب المقدس‬
‫‪43‬‬ ‫عمله فيك‬
‫‪46‬‬ ‫استخدامك للكتاب‬
‫‪47‬‬ ‫تداريب لحفظ الكتاب‬
‫‪48‬‬ ‫الكتاب فى بيتك‬
‫‪49‬‬ ‫الباب الثالث ‪ :‬قراءة سير القديسين‬
‫‪53‬‬ ‫التأثير الول ‪ :‬القدوة‬
‫‪54‬‬ ‫التأثير الثانى ‪ :‬تقوية اليمان‬
‫‪55‬‬ ‫التأثير الثالث ‪ :‬غرس مشاعر التضاع‬
‫‪56‬‬ ‫التأثير الرابع ‪ :‬تعطينا الحكمة و الفراز‬
‫‪57‬‬ ‫التأثير الخامس ‪ :‬دوام النمو‬
‫‪57‬‬ ‫أمور أخرى‬
‫‪59‬‬ ‫الباب الرابع ‪ :‬التأمل‬
‫‪61‬‬ ‫التأمل فى الكتاب‬
‫‪67‬‬ ‫التأمل فى الطبيعة‬
‫‪71‬‬ ‫التأمل فى الحداث‬
‫‪72‬‬ ‫التأمل فى الصلة‬
‫‪73‬‬ ‫التأمل فى الموت – فى صفات الله‬
‫‪74‬‬ ‫موضوعات أخرى‬
‫‪75‬‬ ‫الباب الخامس ‪ :‬التداريب الروحية‬
‫‪76‬‬ ‫فوائد التداريب الروحية‬
‫‪77‬‬ ‫الله درب قديسيه‬
‫‪79‬‬ ‫نصائح – دلئل التداريب‬
‫‪83‬‬ ‫كراسة التدريبات‬
‫‪85‬‬ ‫الباب السادس ‪ :‬محاسبة النفس‬
‫‪86‬‬ ‫أهمية محاسبة النفس‬
‫‪87‬‬ ‫كيف تحاسب نفسك‬
‫‪92‬‬ ‫متى تكون المحاسبة‬
‫‪93‬‬ ‫الباب السابع ‪ :‬العتراف‬
‫‪94‬‬ ‫عناصر العتراف‬
‫‪96‬‬ ‫مشاعر المعترف‬
‫‪98‬‬ ‫العتراف ودم المسيح‬
‫‪100‬‬ ‫نصائح للمعترفين‬
‫‪103‬‬ ‫الباب الثامن ‪ :‬التناول‬
‫‪104‬‬ ‫أهمية التناول و فائدته‬
‫‪104‬‬ ‫الثبات فى الرب – الخبز الحى – تطعيم‬
‫‪105‬‬ ‫هو عهد مع الله‬
‫‪106‬‬ ‫الستعداد للتناول‬
‫‪113‬‬ ‫الباب التاسع ‪ :‬الصوم‬
‫‪114‬‬ ‫فوائد الصوم و أهميته‬
‫‪117‬‬ ‫الصوم الروحى المقبول‬
‫‪120‬‬ ‫امتزاج الصوم بالفضائل‬
‫‪123‬‬ ‫الباب العاشر ‪ :‬العطاء وشركة الله فى أموالنا‬
‫‪124‬‬ ‫تطويب العطاء‬
‫‪127‬‬ ‫كيف نعطى؟‬
‫‪130‬‬ ‫أمثلة‬
‫‪131‬‬ ‫شركة الله فى أموالنا‬
‫‪132‬‬ ‫العشور‬
‫‪135‬‬ ‫البكور‬
‫‪137‬‬ ‫النذور‬
‫‪138‬‬ ‫القرابين‬
‫‪141‬‬ ‫الباب الحادى عشر ‪ :‬الخدمة وشروطها الناجحة‬
‫‪142‬‬ ‫أهمية الخدمة وعموميتها‬
‫‪143‬‬ ‫أنواع من الخدمة‬
‫‪145‬‬ ‫فوائد الخدمة روحيا ً‬
‫‪148‬‬ ‫خدمة غير ظاهرة‬
‫‪149‬‬ ‫شروط الخدمة الناجحة‬
‫‪149‬‬ ‫مقدمة ‪ :‬من هلكوا فى الخدمة‬
‫‪150‬‬ ‫الحب‬
‫‪151‬‬ ‫الحتمال‬
‫‪152‬‬ ‫روحانية الخدمة‬
‫‪156‬‬ ‫كتب صدرت لقداسة البابا‬

You might also like