Professional Documents
Culture Documents
يوم
خميس
العهد
فهرست
صفحة
مقدمة 5 00000000000000000000000000000000
6 فهرست 00000000000000000000000000000
*تأمل فى آلم المسيح 7 000000000000000000
من محاضرة ألقيت فى أواخر السينات ونشرت فى كتابنا
)المسيح المتألم ( فى إبريل ، 1970وقد نفذت طبعته 0
23 *عظة عن اللقان 000000000000000000000
ألقيت بالكاتدرائية المرقسية الكبرى يوم الخميس
العهد 1978
*التوبة والتناول 39 0000000000000000000
عظة بمناسبة الخميس الكبير وتأسيس سر الفخارستيا
*اهتمام الرب بتلميذه 55 000000000000000
محاضرة ألقيت بالكاتدرائية المرقسية الكبرى مساء
الخميس 19790 / 4/ 20
*جلسة وداعية بين المسيح وتلميذه 63 00
من عظة ألقيت فى كنيسة مارجرجس بالجيزة
يوم 1971 / 4 /3
البعض يتكلم عن أسبوع اللم ،كما لو كانت آلم المسيح محصورة فى هذا السبوع !أو كما
كانت آلمه على الصلب ،أو على اللم السابقة للصليب ،مثل الجلد والضرب وحمل
الصليب ،والبصاق والهانة والستهزاء وعبارات التحدى الجارحة وشهادة الزور 000
كل ،فان اللم شمل حياة المسيح كلها 0
لم يكن ألمه أسبوع ،وانما كان طوال فترة خدمته وقبلها أيضا ،ومنذ ميلده 0بل أن الوحى
اللهى قد لخص حياة الرب بالجسد ،فى تلك العبارة العميقة المركزة التى وصفه فيها بأنه :
) رجل أوجاع ومختبر الحزن ( ) أش 0 ( 3 : 53
وقيل عنه انه ) تألم مجربا ( ) عب 0 ( 18 : 2واصبح عمق الحياة الروحية هو أن
) نتألم معه () رو ( 17 :8أو ندخل فى شركة آلمه ( ) فى 0 ( 10 :3فكل ألم من اجل
البر ،يعتبر شركة فى آلم المسيح 0
وقيل عن المسيح انه حزن واكتاب وبكى 0
قيل انه حزن واكتاب ) مر 0 (33 : 14وقد قال فى البستان
) نفسى حزينة جدا حتى الموت ( ) مت 0 ( 38 :26ويكفى ما قيل فى أحزانه إن ) أحزاننا
حملها ،وأوجاعنا تحملها ( ) أش ( 4 : 53اى أن كل أحزان البشرية وأوجاعها قد وضعت
على كتفيه ،وصارت مشاعر فى قلبه 00000وقد ورد فى النجيل اكثر من مرة بكى 0لقد
بكى على أورشليم ) لو ( 41 : 19وهو يذكر ما سيصيبها من أعدائها ،وبكى عليها أيضا
لنها لم تعرف زمان افتقادها 0وكذلك بكى عند قبر لعازر ،الذى قالت عنه أخته انه قد انتن
لن له أربعة أيام ) يو ( 39 ، 35 :11بكى وهو يرى كيف انه بالخطية دخل الموت إلى العالم
،وملك على النسان الذى خلق على صورة ال 000واصبح ممكنا أن هذا النسان ينتن
!0000
ذاق المسيح اللم ،حتى من يوم مولده 0
ولد فى يوم من اشد أيام الشتاء برودة ،فى مكان رطب هو مزود بقر إذ لم يكن لمه موضع
فى البيت ) لو ( 7 : 2وبذل هيرودس كل جهده وحيلته ليقتله ،حتى انه قتل كل أطفال بيت
لحم ،لعله يكون من بينهم ! واضطرت العذراء أن تهرب به إلى مصر ثم عادت ) بعد أن
مات الذين كانوا يطلبون نفس الصبى ( ) مت ( 20 : 2وقضى المسيح فترة صباه وشبابه
مجهول فى بيت نجار فقير دعى أبا له فلم يعرف العالم عن هذه الفترة شيئا 0
وعاش المسيح فقيرا ،يتحمل الضيق لجلنا 0
لم يمش مطلقا فى الطريق الرحب ،بل عاش حياة كلها ألم ،سواء من جهة الجسد ،أو من
جهة النفس 0لم يكن له بيت يسند فيه رأسه 0ولم يكن له مال ،حتى عندما طلبت منه الجزية
،لم يكن له ما يعطيه 0
جرب التعب ،وجرب أيضا الجوع والعطش 0
وكمثال لتعبه ،قيل له انه تعب من مشقة وطول الطريق وقد مشى مسافات طويلة لكى يخلص
المرأة السامرية 0وقال الكتاب فى ذلك ) فإذ كان يسوع قد تعب هكذا من السفر ،جلس على
بئر 0وكان نحو الساعة السادسة ) فى الظهر تماما ( ) يو ( 6 : 4وكما جرب المسيح التعب
جرب الجوع 0وحينما نقول الجوع ،ل نقصد الجوع العادى ،كان يتأخر إنسان ساعة عن
موعد أكله ،فيقال انه جاع ! كل ،بل حينما قيل عن المسيح انه جاع على الجبل ،كان
المقصود أخر ما يمكن أن تحتمله الطاقة البشرية فى المتناع عن الكل 0لذلك حسنا قيل انه
) جاع أخيرا ( ) مت ( 2 : 4أخيرا ،بعد صوم استمر أربعين يوما 0ولما قيل انه عطش
على الصليب ،كان المقصود به عطشا ل يحتمل ،بعد أن تصفى تقريبا ما فى جسده من دم
ومن ماء 0000أما عطشه وجوعه عند بئر السامرية ،فلم يقل الكتاب وقتذاك انه شرب ماء
0ومن جهة الطعام ،لم يأكل وقال ) طعامى أن افعل مشيئة الذى ارسلنى ( ) يو ( 34 : 4ولم
يقل الكتاب فى تلك المناسبة انه جاع أو عطش 0انه جوع عادى ،وعطش عادى يعبر الكتاب
عنهما 0000
وفى خدمة المسيح ،جابه ألما آخر ،هو ألم الرفض :
إلى خاصته جاء ،وخاصته لم تقبله ( ) يو ( 11 : 1كان نورا للعالم وهذا النور أضاء فى
الظلمة لم تتركه ( ) يو ( 5 : 1انه أمر مؤلم حقا ،أن النور جاء إلى العالم ،ولكن احب الناس
الظلمة اكثر من النور لن أعمالهم كانت شريرة ) يو ( 19 : 3وتحققت فى الرب نبوءة
المزمور ) رفضونى أنا الحبيب مثل الميت المرذول ( ) مز 0 ( 2 : 37
عاش يعامل الناس بالحب ،ول يجد حبا مقابل حبه 0
لم يجد محبة تماثل محبته ،ول معاملة طيبة تماثل معاملته الطيبة للناس 0والعبارة التى قيلت
عنه انه لم يجد موضعا يسند رأسه ) مت ، ( 20 : 8وكما نفهمها من الناحية المادية الحرفية ،
نفهمها أيضا من الناحية العاطفية كذلك 0فقد عاش الرب وسط أشخاص جاحدين
ناكرين للجميل ،ناكرين للحب 0
ذهب مرة إلى بلدته بيت لحم ،فرفض أهلها أن يقبلوه 0
لم يؤمنوا به ،بل قابلوه باستهزاء وباحتقار قائلين ) أليس هذا هو ابن النجار ؟ ! من أين لهذا
هذه الحكمة والقوات ؟! فكانوا يعثرون به ) مت ( 58 – 54 : 13حتى قال لهم الرب :أليس
نبى بل كرامة إل فى وطنه وفى بيته 0000
وذهب إلى قرى السامرة ،فأغلقت أبوابها فى وجهه 0
حتى غضب تلميذاه لهذا المر ،أما هو فاحتمل السامرة بحب كبير وصبر طويل إلى أن تمكن
من دخولها فيما بعد والعمل على خلصها 0ولما رأى ثمار تعبه فى السامرة ،قال لتلميذه :
أنا أرسلتكم لتحصدوا ما لم تتعبوا فيه ) يو ( 48 : 4نعم إن العمل على خلص النفس يحتاج
إلى تعب والى احتمال 00000
أحيانا كان يرى أبواب القلوب مغلقة ،فيقف ويقرع 0000000
وقد يطول به الوقوف ،حتى يمتلئ رأسه من الطل ،وقصصه من ندى الليل ) نش (2 : 5
وهو ل يمل النتظار ،ول يخجل منه 0000والرب بهذا يعطينا درسا أن كسب محبة الناس
يحتاج منا إلى احتمال وطول بال 0فأحيانا تكون القلوب صلبة وشديدة ،ول يمكن دخولها
بسرعة ول بسهولة 0000فان تعبت فى دخول قلوب الناس ،فل تتضايق 0هكذا حدث
للمسيح منبع الحب وان دخلت قلبا ،ولم تجد فيه محبة مثل محبتك ،فل تحزن 0فهكذا حدث
للمسيح قبل ،ولم يعامل الناس بمثل معاملتهم 0
بل كان وسط الكل ) يجول يصنع خيرا ( ) أع ( 38 : 10
يكرز ببشارة الملكوت ،ويشفى كل مرض وكل ضعف فى الشعب ( ) مت ( 23 : 4من من
الناس لم يأخذ من محبة المسيح ومن تعبه ؟! الكل اخذوا 00حتى الذين رفضوه ،حتى الذين
صاحوا فيما بعد اصلبه اصلبه 0000
كان يوزع محبته على الكل ،فيلقى انتقادا من معلمى الشعب 0
إن أشفق على عشار لكى يخلص نفسه ،انتقدوه قائلين ) انه دخل ليبيت عند رجل خاطئ (
) لو ( 7 : 19فيجيب المسيح :اليوم حصل خلص لهذا البيت ،إذ هو أيضا ابن إبراهيم 0
ويحتمل الرب هؤلء المنتقدين ،ويعمل على إقناعهم ليكسبهم 0
كم من مرة فعل خيرا ،فانتقدوه على فعل الخير ،من زاوية معينة ،كما حدث فى الحب الذى
بذله نحو العشارين ليخلصهم 0أو نحو السامرين المرذولين منهم 00000واضطر أن يقول
الفريسى والعشار ) لو ( 14 – 9 : 18ومثل السامرى الصالح ) لو ( 35 – 30 : 10
وبالمثل أشفق على تلك المرأة الخاطئة التى بللت قدميه بدموعها ،فانتقده سمعان الفريسى
قائل فى قلبه ) لو كان هذا النسان نبيا ،لعلم من هذه المرأة وما حالها ،إنها خاطئة (
) لو ( 39 : 7فشرح لهذا الفريسى كيف أن الذى يغفر له الكثير يحب كثيرا 0وبنفس القلب
الشفوق الحنون الطيب ،أشفق على المرأة الزانية التى ضبطت فى ذات الفعل ،وانقذها من
القساة المشتكين عليها طالبين رجمها ،وهم يعرفون شفقته على الخطاة ،وانما فعلوا ذلك
) ليجربوه ،لكى يكون لهم ما يشتكون به عليه () يو 0 ( 6 : 8
عجيب أن هذا القدوس ،قوبل من قادة الدين فى عصره بسلسلة من
الشتائم والتهامات
سلسلة من شتائم واتهامات
قالوا له ) أليس حسنا قلنا انك سامرى وبك شيطان ( ) يو ( 48 : 8يا للعجب أن يقال عن رب
المجد ،الذى يخرج الشياطين ويطردهم ،إن به شيطانا ! يقولون له ) بك شيطان ( ! ويظن
المجدفون بهذا انهم ) حسنا قالوا ( !
فل تتعجب يا اخى إن قيلت عنك كلمة رديئة ربما اقل من هذه 0
فالمسيح قد قيل عنه انه سامرى وبه شيطان 0والعجيب أن الرب لما سمع هذه الهانة ،رد
بهدوء عجيب وبدون انفعال 0ما هذا يارب ؟ قل أن ينزل نار من السماء وتفنيهم 0هذا جنس
ل تنفع معه الطيبة 0اضرب ضربتك فيوقروك 0000وكان الرب يجيب :ليس هذا هو
اسلوبى 0ساتركهم الن فى حدتهم 0وبعد حين سيعلقون ويتوبون ،وينظرون إلى الذى طعنوه
وجرحوه ،ويندمون 0ما اكثر ما احتمل الرب من انتقادات واتهامات 0
) قام عن العشاء ،وخلع ثيابه ،واخذ منشقة واتزر بها 0ثم صب ماء
فى مغسل ،وابتدأ يغسل أرجل التلميذ ويمسحها بالمنشفة ( ) يو : 13
(5،4
لقد غسل السيد المسيح أرجل تلميذه يوم الخميس الكبير ،وغسلها قبل التناول ،قبل أن
يمنحهم السرائر المقدسة ،وقال لهم بعد غسل أرجلهم ،ها انتم طاهرون 0
لعله أراد أن يعطينا درسا عن الطهارة قبل التناول
فيتقدم النسان إلى السرار المقدسة وهو طاهر 0000او لعله يعطينا درسا آخر ،أن الطهارة
منحة من عنده 0هو الذى يمنحنا إياها ،هو يغسلنا فنطهر 0ونلحظ انه غسل أرجل
التلميذ ،دون أن يطلبوا ذلك ،كما منحنا الفداء العظيم دون أن نطلب 0000
أو لعله أراد أن يعطينا درسا فى التواضع 00000
فى التواضع ،إذ كيف ينحنى المعلم العظيم ليغسل أرجل تلميذه ،وكيف ينحنى الرب نفسه
ليغسل أرجل صنعة يديه 0ولكى يوضح هذا الدرس ،قال لهم بعد غسل أرجلهم :
) أتفهمون ما قد صنعت بكم ؟ انتم تدعوننى معلما وسيدا ،وحسنا تقولون لنى أنا كذلك 0
فان كنت – وأنا السيد والمعلم – قد غسلت أرجلكم ،فانتم يجب عليكم أن يغسل بعضكم أرجل
بعض 0لنى أعطيتكم مثال ،حتى كما صنعت بكم تصنعون انتم أيضا ) يو 15 -12 : 13
أو لعل الرب أعطانا بغسل الرجل درسا فى المحبة 000000
فهو من محبته لتلميذه ،منحهم هذه الطهارة كى يمنحهم بنفس المحبة جسده ودمه 0ولذلك
قيل عنه قبل غسله لرجل تلميذه )إذ كان قد احب خاصته الذين فى العالم ،احبهم حتى
المنتهى )(000يو (1 : 13
ولعل فى الماء دروسا أخرى ،علينا أن نتاملها اليوم :
واظن انه من النافع لنا ،أن نأخذ فكرة عن هذا الماء الذى سنغسل به أرجلنا اليوم بعد طقس
صلة اللقان 000ما هو الماء فى الكتاب المقدس ؟ وما مدى علقتنا به ؟
الماء فى الكتاب المقدس له على القل ثلثة رموزا أو ثلثة معان 0نود أن نتكلم عنها ،ثم
نتابع تأملتنا فيه :
الماء يرمز إلى النقاوة والتطهير 0000
ويرمز إلى الحياة 0000
ويرمز إلى عمل الروح القدس ،أو إلى الروح القدس نفسه 0000
عمل التطهير واضح جدا من فصل إنجيل اليوم فى غسل السيد لرجل تلميذه 0وتوجد أمثلة
أخرى كثيرة فى الكتاب المقدس 0ولعلنا نذكر انه كانت توجد مرحضة فى خيمة الجتماع ،
بين الخيمة والمذبح ،وفى المرحضة الماء ) فيغسل هرون وبنوه أيديهم وأرجلهم منها عند
اقترابهم إلى المذبح للخدمة 0000فريضة أبدية له ولنسله فى أجيالهم (
) خر (21 – 18 : 30
الغتسال أول 0الطهارة أول ،قبل التقدم إلى المذبح والذبيحة 0
ومثال الغتسال فى خيمة الجتماع ،يقابله أيضا الغتسال فى الردن ،
وفى بركة سلوام ،وفى بركة بيت حسدا 0000000
هنا و نقف وقفة تأمل أمام قصة تطهير نعمان السريانى 0كان هذا الرجل ابرص ،والبرص
كان نجاسة ،وكان يرمز إلى الخطية ،ويحتاج إلى تطهير 0فكيف تم تطهير نعمان من
برصه ؟ أمره اليشع النبى أن يغطس فى نهر الردن ليبرا ) 2مل ( 10 : 5ونهر الردن
يذكرنا بمعمودية يوحنا ،حيث كان اليهود يأتون إليه ،ويغطسون فى الردن وينالون مغفرة
خطاياهم ،فيطهرون روحيا 0000000
انخرج من هذا بان ماء الطهارة أيضا له رمز إلى المعمودية ؟
قصة أخرى يقدمها الكتاب ،وهى شفاء مريض بيت حسدا 0كان فيها أيضا الشفاء مرتبطا
بالماء 0وما اجمل قول الكتاب فى تلك القصة إن ملكا كان ينزل إلى البركة ويحرك الماء
) يو ( 4 : 5ويتم الشفاء لمن ينزل إلى البركة بعد تحريك الملك للماء 0فالملك إذن كان
يتحريكه للماء ،يعطى الماء فاعلية وقوة 0يذكرنى هذا بالب الكاهن ،عندما يمسك صليبه ،
ويحرك به الماء فى جرن المعمودية ،أو فى اللقان ،وهو يرشم هذا الماء ،ويعطيه قوة
وفاعلية 00000انذكر أيضا بركة سلوام ،التى أرسل إليها السيد المسيح رجل مولودا
أعمى ،لكى يغتسل من مائها ،فيبرا ويستنير ويبصر ) يو ( 7: 9
يمكن أن نضم الدموع أيضا إلى موضوع الماء 0000
فالدموع ماء ،يحدث به تطهير للنفس وشفاء للروح ،كما حدث من ماء بركة سلوام ،وبركة
بيت حسدا 0فى قصة المرأة الخاطئة التى علمت أن السيد المسيح متكئ فى بيت الفريسى ،
فأخذت قارورة طيب كثير الثمن ،ووقفت عند قدمى المسيح باكية ،وكانت تبلل قدميه
بدموعها وتدهنهما بالطيب ) لو ( 38 : 7
صدقونى لست اعلم :أيهما كان أطيب رائحة ،الطيب أم دموع هذه
التائبة ؟ ! بل شك صاحبة الفاعلية 00000
كانت دموع هذه المرأة طيبا من نوع غالى الثمن جدا 0والسيد الرب طوب هذا الطيب الجديد
الذى تبللت به قدماه 0إذن الماء مرتبط بالتطهير ،حتى ماء العيون ،حينما يحركه ملك
ترسله النعمة 0هنا ونتذكر قول المزمور )مز ( 50انضح على بزوفاك فاطهر وماذا أيضا ؟
يقول المرتل :
) اغسلنى ،فابيض اكثر من الثلج ( 00000
والغسيل فى المسيحية بطريقتين :المعمودية ،والتوبة 0
ونرى أن الخاطئة يهوذا ،التى وردت قصة تطهيرها فى الصحاح 16من سفر حزقيال النبى
،قال لها الرب ) وجدتك مدوسة بدمك 000فحممتك بالماء ،ودهنتك بالزيت ( الماء هنا
يرمز إلى ماء المعمودية الذى يطهر به النسان من كل خطاياه السابقة الجدية والفعلية 0
والزيت يرمز إلى زيت الميرون الذى يعطى الروح القدس ،ولكن بعد الماء 0000ولقد ظل
الماء رمزا للتطهير ،حتى أن الكاهن قبل أن يبدا القداس ،يغسل يديه بالماء ثلث مرات ،
ويقول فيها :
)اغسل يدى بالنقاوة ،و أطوف بمذبحك يارب ( ) مز 0 ( 25
ل يقول ) اغسل يدى بالماء ( إنما ) اغسل يدى بالنقاوة ( لن غسيل الماء هنا يرمز إلى النقاوة
،كما ترمز إليها الملبس البيضاء التى يلبسها الكاهن وقت الخدمة 0وكما كان يغتسل هرون
وبنوة قبل تقدمهم إلى المذبح 0000
ورمز الماء إلى الطهارة ،كان معروفا حتى بين المم
فبيلطس البنطى ،لكى يريح نفسه من تعب ضميره ،غسل يديه بالماء وهو يقول ) أنا برئ
من دم هذا البار ( ) مت ( 24 : 27طبعا هو لم يكن بريئا ،ولكننا نذكر هنا مجرد إيمانه
برمز غسيل الماء إلى الطهارة 0
هنا ونود أن نطرح تأمل بسيطا خاصا بماء الطوفان 00000
ل ننكر أن مياه الطوفان كانت عقوبة من ال 0ولكن هل يقف المر عند مجرد العقوبة ؟ أم
كانت هذه المياه تطهيرا للرض من الخطية والخطاة ،تطهيرا للرض من الفساد الذى نجسها
،فغسلها ال من خطايا النسان ،بالماء ليطهرها ويجددها لكى تحيا مرة أخرى فى نقاوة 000
إن غسل السيد المسيح لرجل تلميذه كان يرمز لتطهيرهم 0
ول شك أن هذا كان لزما فى مناسبة الفصح وعيد الفطير 0
نلحظ من قراءت الكنيسة فى طقس الخميس الكبير ،فى هذه الساعة المقدسة وما قبلها ،أن
غسل الرجل تم فى اليوم الول من عيد الفصح وعيد الفطير 0الفطير يرمز للنقاوة والطهارة
التى تليق بتناول الفصح ،بينما الخمير يرمز إلى الشر 0قد غسل السيد المسيح أرجل التلميذ
فى هذه المناسبة المقدسة ،التى جمع فيها بين عيد الفصح ،وبين تقديم نفسه فصحا عنا 0
ومعلمنا بولس الرسول أشار إلى كل هذا بقوله :لن فصحنا أيضا المسيح قد ذبح لجلنا 0
فلنعيد ل بخمير الخبث والشر ،بل بفطير الخلص والحق ) 1كو ( 8 ، 7 : 5
وخروف الفصح قديما كانوا يأكلونه مع فطير ) خر ( 8 : 12
رمزا إلى النقاوة التى تليق بالكل من خروف الفصح 0حقا إن خروف الفصح قد خلصهم من
الموت ،والملك المهلك لما رأى الدم عبر عنهم 0ولكنهم لكى يتمتعوا بذلك الخلص لبد أن
يعيشوا فى فطير دائم ترمز إليه السبع اليام ،اى فى نقاوة كاملة 0وكل نفس تستبقى فى بيتها
خميرا فى أيام الفصح ) اى شرا (
تقطع تلك النفس من جماعة الشعب ) خر 0 ( 19 : 12والسيد المسيح مع الفصح غسل
أرجل التلميذ ،رمزا للنقاوة التى يشير إليها الفطير 0
وغسل الماء يرمز أيضا إلى المعمودية 000000
والكتاب المقدس يسميه غسيل أو حميم الميلد الثانى ) تى ( 6 : 3
فى المعمودية توجد عملية تطهير من جميع الخطايا السابقة ،سواء الصلية أو الفعلية ،
عن طريق الماء والروح 0وسنعود إلى هذا الموضوع مرة أخرى فى سياق حديثنا 00000
ونكتفى الن فى مناسبة اللقان ،برمز الماء إلى عمل التطهير ،ونحن مقبلون على هذا السر
العظيم ،التناول من جسد الرب ودمه 0000
وهذا واضح من قول الرب فى النجيل المقدس ) من آمن بى – كما قال الكتاب – تجرى من
بطنه انهار ماء حى 0قال هذا عن الروح الذى كان المؤمنون به مزمعين أن يقبلوه (
) يو ( 38 : 7
ولن روح الله شبه بالماء ،لذلك فان تلميذ الرب الممتلئين بالروح
شبهوا بالنهار 0وكذلك الناجيل الموحى بها من الروح 0
وهكذا قيل عن الكنيسة المقدسة فى المزمور ) مز ) ( 23هو على البحار أسسها ،وعلى
النهار هيأها ( وحسن ما ورد فى قصة الخليقة أن أربعة انهار كانت تروى الجنة
) تك ( 14 – 1 : 2ولعلها ترمز إلى الناجيل ،التى تروى المؤمنين جميعا ،والتى كتبت
بالروح القدس ) الناطق بالنبياء (
ولن الماء يرمز إلى الروح ،شبه الله نفسه بالماء 0
فقال ) تركونى أنا ينبوع المياه الحية 0لينقروا لنفسهم آبارا ،آبارا مشققة ل تضبط ماء (
) )أر ( 13 : 2واصبح الشخص الذى يحيا حياته مرتويا من الروح القدس ،
يشبه بشجرة مغروسة على مجارى المياه ،
إنها تحيا بهذا الماء ،وبه تنمو 0وبدونه تموت 000
وهكذا ارتبط الماء أيضا بالحياة ،ولقب أيضا فى الكتاب بالماء الحى 0
-3ارتباط الماء
بالحياة
حتى الحياة الجسدية ترتبط أيضا بالماء ،سواء كانت حياة لنسان أو نبات أو حيوان 0وقد
قيل فى قصة الخليفة إن ال اخرج من الماء ذوات النفس الحية ) ( 21 ، 20 : 1
والحياة الروحية أيضا ترتبط بالماء 00000
تبدا بالولدة من ال ،الولدة التى من فوق ،من الماء والروح ) يو ( 5 ،3 : 3ولماذا الماء
لن الروح القدس يعمل فى الماء ،وفيه يطهر ويحيى ،يعطى نقاوة وحياة 0يغتسل النسان
فى ماء المعمودية فيأخذ طهارة 0يموت النسان العتيق ،ويحيا إنسان جديد على صورة ال
فينال النسان حياة ،وينجو من حكم الموت 0000
هذه هى المعمودية 0ولها رموز فى العهد القديم أيضا 0000
قال القديس بولس الرسول ) لست أريد أيها الخوة أن تجهلوا ،أن آباءنا جميعهم كانوا تحت
السحابة ،وجميعهم اجتازوا فى البحر ،وجميعهم اعتمدوا لموسى فى السحابة وفى البحر ( )
1كو ( 2 ، 1 : 10السحابة ماء ،والبحر ماء ،وكلهما كان للمعمودية 0هذا الماء دخله
آباؤنا شعبا مستعبدا تحت عبودية فرعون 0وخرجوا منه شعبا حرا تحت قيادة ال وموسى 0
هذا الشعب الهارب من العبودية ،دخل الماء والموت يجرى وراءه ،وخرج منه وقد نال حياة
جديدة انتصرت على الموت
حدث تغيير هام فى اجتياز هذا الشعب للماء 0000
وكانت السحابة تظللهم باستمرار ،لنهم كانوا يعيشون فى ظل هذا الماء الحى ،أو الماء
المحيى ،طول مدة غربتهم فى البرية التى ترمز إلى غربة هذا العالم الحاضر 0
إن السيد المسيح يدعونا إلى مائه ويقول :
إن عطش أحد ،فليقبل إلى ويشرب ( ) يو ( 37 : 7وقد دعا المرأة السامرية إلى مائه الحى ،
وقال لها ) من يشرب من الماء الذى أعطيه أنا ،فلن يعطش إلى البد 0بل الماء الذى أعطيه
،يصير فيه ينبوع ماء ينبع إلى حياة أبدية ( ) يو ( 14 : 4
داود النبى يسميه فى مزمور الراعى ) ،ماء الراحة ( 0
فيقول عن ال الراعى ) إلى ماء الراحة يوردنى ( اى إلى الماء الحى ،ماء الروح القدس 0
وما نتيجة هذا ؟ يقول ) يرد نفسى ،يهدينى إلى سبل البر ( هذا هو بل شك عمل الروح فى
النسان 0
يقوده فى الحياة الروحية وفى التوبة 00000ويعطيه الفرح 0000
الفرح بالخلص أو كما يسميها المرتل ) بهجة خلصك ( ) مز ( 50ويقول المزمور
) مجارى النهار تفرح مدينة ال ( ) مز ( 45انه الفرح الروحى ،أحد أثمار الروح القدس )
غل ( 22 : 5هذه المياه التى تفرح مدينة ال تذكرنا بحقيقة أخرى عن الماء نتذكرها ونحن
نتقدم للقداس اللهى للتناول ،بعد غسل أرجلنا بالماء هذه الحقيقة تعبر عنها كلمتان هما :
الماء
والدم
عندما طعن السيد المسيح بالحربة ،خرج من جنبه دم وماء ) يو ( 34 : 9وقد شهد القديس
يوحنا الحبيب بهذه الحقيقة فى رسالته الولى ) ( 6 : 4
وقال أيضا ) والذين يشهدون فى الرض هم ثلثة :الروح والماء والدم 0والثلثة هم فى
الواحد ( ) 1يو ( 8 : 4ما اعجب هذه الية فى موضوع خلصنا 0فما سرها ومعناها ؟
معناها أن الخلص الذى قدمه المسيح بالدم ،على الصليب ،تناله أنت
بالماء والروح فى المعمودية 000
ويشهد لخلصك هؤلء الثلثة :الروح والماء والدم 0بدون الدم ل حياة ،لنه بدون سفك دم
ل تحصل مغفرة ) عب (22 : 9ولكن كيف تنال هذا الخلص المقدم لك بالدم ؟ يقول السيد
المسيح ) من آمن واعتمد خلص ( ) مر ( 16 : 16وفى المعمودية يولد من الماء والروح
) يو ( 5 : 3وينال مغفرة الخطايا ) أع ( 38 : 2
والماء والدم ،نراهما أيضا فى سر الفخارستيا 00000
حيث أن الكاهن فى صلة القداس اللهى يمزج الخمر بالماء 0ويقول فى صلوات القداس
) وكذا الكأس بعد العشاء ،ومزجها من خمر وماء ( 000وبهذا الدم الذى نتناوله ممزوجا
بالماء ،ننال الحياة 0ونرى فى كل منهما علقة بالحياة ،فى الدم وفى الماء ولكن قبل
تذكارات هذا التناول أود أن اختم بكلمة عن اللقان عن غسل الرجل 0000
لماذا غسل الرجل ؟
السيد المسيح غسل أرجل تلميذه 0فلماذا غسل الرجل بالذات ؟ بالضافة إلى ما يمكن أن
نقوله عن التضاع فى غسل الرجل ،واود أن اذكر تأمل للقديس اوغسطينوس حول قول
العروس فى سفر النشيد ) نش ( 3 : 5
خلعت ثوبى ،فكيف البسه ؟ غسلت رجلى فكيف أوسخهما ؟
قال إن النسان قد اغتسل بالمعمودية وتطهر وارتفع عن الماديات ،غير انه طالما يحيا فى
الرض ،فانه يعود ويتصل بالمادة ،بهذا التراب ،فتتسخ قدماه بهذا التراب الذى تطوه قدماه
لذلك فان عذراء النشيد حينما دعاها الرب لخدمته ،خافت من هذه الحتكاكات التى قد توجد
فى مجال الخدمة ،والتى قد تشين الطهارة التى نالتها فى المعمودية إذ خلعت هذا الثوب الذى
هو النسان العتيق ،فكيف تعود إلى مشاكله 0وقد غسلت قدميها اللتين داستا التراب من قبل ،
فكيف تعود بهما إليه ؟! السيد المسيح يطمئن النفس ،التى تدخل فى مشاكل الناس لكى تجذبهم
إليه ،فيقول لها :حتى إن اتسخت قدماك ،سأعود أنا واغسلهما كما غسلت أرجل التلميذ
وقلت لهم :ها انتم طاهرون
ملحظة أخرى نقولها فى غسل الرجل :
إن غسل الرجل ،تنوب عن غسل النسان كله 0
والقديس بطرس الرسول لما طلب أن يغتسل كله ،قال له الرب
) الذى قد اغتسل ،ليست له حاجه إل إلى غسل رجليه ،بل هو طاهر كله ( ) يو ( 10 : 13
والكاهن حينما يغسل يديه قبل القداس ،
ويقول ) اغسل يدى بالنقاوة ،واطوف بمذبحك يارب ( ليس هو فى حاجة إلى غسل جسده
كله 0إنما عضو فى الجسد ينوب عن الباقى 0كما نرشم عضوا واحدا فى الجسد فيعتبر
النسان كله قد نال هذا الرشم 00000وغسيل الرجل فى لقان الخميس الكبير ،يرمز إلى
النقاوة التى يجب أن تسبق التناول 0فاهتموا بهذا المر 0ويعجبنى فى هذا المجال عبارة قالها
صموئيل النبى ،حينما ذهب إلى بيت لحم 0ودعا إلى الذبيحة بقوله :
تقدسوا ،وتعالوا معى إلى الذبيحة ) 1صم 0 ( 5 : 16
لنه ل يليق أن يذهب أحد إلى الذبيحة وهو غير تائب ،إنما يتقدس أول ،يتطهر بالتوبة ،ثم
يتقدم إلى التناول 0والكنيسة تغسل أول أرجل الشعب ،وتقول لهم ) انتم الن طاهرون ( ثم
تقدمهم للتناول 0ولكن ليس معنى هذا أن تأتى إلى الكنيسة يوم خميس العهد ،وتتقدم لغسل
رجليك وأنت غير تائب 0وإل تسمع تلك العبارة المخيفة :
أنت ) الن ( طاهرون ولكن ليس كلكم ( ) يو ( 10 : 13
) ليس كلكم ( ؟! ل يارب ،نريد أن نكون كلنا طاهرين انضح علينا بزوفاك فنطهر ،واغسلنا
فنبيض اكثر من الثلج 0نعم ،هذا هو هدف اللقان 0الطهارة قبل التناول 0
) تقدسوا ،وتعالوا معى إلى الذبيحة ( 0
أرجو لكم تناول مقدسا ،باستحقاق ،من السرائر المقدسة فى هذا اليوم العظيم ،وان تكونوا
كلكم طاهرين 0إن الطهارة التى يحملها رمز الماء ،توجد فى الكنيسة فى كل قداس ،وليس
فى قداس اللقان فقط 0وبعد كل قداس ،قبل أن يصرف الكاهن الشعب ،يرشهم بماء مقدس ،
فتتذكر قول الرب فى سفر حزقيال النبى :
) وارش عليكم ماء طاهرا ،فتطهرون ( ) حز 0 ( 25 :36
نشكر ال ،لننا ونحن خارج المحلة حاملين عاره ،فتح لنا الرب طريقا إلى قدس القداس ،
إذ فتح لنا هيكله المقدس ،وأدخلنا إلى حيث مذبحه الطاهر ،وأعطانا جسده ودمه القدسين
إنها بركة عظيمة أن يفكر فينا السيد الرب فى أسبوع آلمه ،ويهتم بنا هكذا ،بعد أن منحنا
الطهارة اللزمة ،فى غسله لرجلنا 000
وهكذا فى يوم الحتفال بالفصح القديم ،بكل ما يحمله من رموز ،قدم
لنا الفصح الذى للعهد الجديد 00000
الفصح الذى قال عنه القديس بولس ) لن فصحنا أيضا ،المسيح ،قد ذبح لجلنا 0000
) 1كو ( 7 : 5وهكذا اجتمع فصحان ،فى يوم واحد ،وعلى مائدة واحدة 0الرمز ،
والمرموز إليه معا 0واعطى السيد المسيح هذا السر العظيم لتلميذه القديسين ،
وقال لهم ) اصنعوا هذا لذكرى ( ) لو ( 19 : 22وها نحن نصنع هذا اليوم ،حسب وصيته
المقدسة 0
احتفل المسيح مع تلميذه بالعيد ،وهو فى عمق آلمه 0
فرح معهم بالعيد ،وعيد معهم ،وقال لهم ) شهوة اشتهيت أن آكل هذا الفصح معكم ،قبل أن
أتألم ( ) لو ( 15 : 22وسبح معهم فى تلك الليلة ،قبل أن يخرجوا إلى جبل الزيتون
) مر ) ( 26 : 14مت ( 30 : 26نعم احتفل معهم بالعيد ،وفرح معهم
) وهو عالم بكل ما يأتي عليه ( ) يو ( 4 : 18
حقا ما أنبل القلب المتألم ،الذى يغنى مع القلوب الفرحة 0
وفى فرحة عيد الفصح ،حدثهم عن جسده الذى يبذل عنهم ،ودمه الذى يسفك عنهم
) لو ( 20 ، 19 : 22وبهذا أعطى للتلميذ عيدا جديدا ،وعهدا جديدا 0وأعطاهم فكرة أن
جسده سيبذل ،ودمه سيسفك ،عنهم وعن كثيرين لمغفرة الخطايا ) مت ( 28 : 26
) مر 0 ( 24 : 14وقال أن هذا هو الدم الذى للعهد الجديد 000لم يتركهم يفاجاون بهذا
المر ،أن يروا دمه يسفك أمامهم ،إنما قال لهم قبل أن يكون ،حتى إذا كان يؤمنون
) يو ( 19 : 13
عجيب أن يتكلم أحد عن سفك دمه ،بهذا الهدوء 000000000
وان يتكلم عن سفك دمه بطريقة موضوعية هكذا ،وسط مظاهر الفرح والتسبيح ،وهو
يحتفل مع تلميذه بالعيد 000ولكنه المسيح المحب الحنون ،الذى يفكر فى خلص البشرية
،وليس فى ذاته هو أو فى آلمه
نلحظ هنا انه قال دمى الذى يسفك وليس الذى سفك 0
وكذلك قال جسدى الذى يبذل وليس الذى بذل 000ذلك لن دمه قد سفك يوم الجمعة ،
وجسده قد بذل يوم الجمعة ،اليوم الذى تم فيه الخلص 000إن حديثه يوم الخميس ،كان
عن الخلص الذى سيتم يوم الجمعة والفصح الذى احتفل به يوم الخميس ،كان رمزا
للفصح الحقيقى الذى للعهد الجديد الذى يذبح عنا يوم الجمعة 0وكان الرب أراد أن يقول :
إن هذا الفصح الذى تأكلونه اليوم يرمز إلى جسدى الذى يبذل عنكم
غدا ،والى دمى الذى يسفك عنكم غدا 0
هذين اللذين أقدمهما لكم على صورة الخبز والخمر 0وعلى هذه الصورة ستصنعون هذا
السر لذكرى 0وعبارة ) هذا اصنعوه لذكرى ( أمر يحمل استمرارية هذا السر مدى
الدهور ) لنكم كلما أكلتم هذا الخبز ،وشربتم هذه الكأس ،تخبرون بموت الرب إلى أن
يجئ ( ) 1كو ( 26 : 11وعبارته ) إلى أن يجئ ( تحمل معنى أن ممارسة هذا السر
العظيم تستمر حتى مجيئه الثانى ،اى إلى آخر الدهر
قال إن هذا دمى الذى يسفك عن كثيرين لمغفرة الخطايا 0
المقصود بالكثيرين أولئك الذين يؤمنون به ،وبفدائه العظيم وفاعلية دمه لمغفرة الخطايا ،
وكذلك يؤمنون بأسراره المقدسة ويمارسونها 0ويشترط أيضا فيهم أن يكونوا تأبين ،لن
الرب نفسه قد قال ) إن لم تتوبوا ،فجميعكم كذلك تهلكون ( ) لو ( 5 : 13
التوبة إذن لزمة لتناول المؤمنين ،كشرط هام للستحقاق هذا
الستحقاق للتناول الذى شرحه القديس بولس الرسول 00000
فقال فى الصحاح 11من رسالته الولى إلى كورنثوس :
) إذن اى من آكل هذا الخبز ،أو شرب كاس الرب ،بدون استحقاق يكون مجرما فى جسد
الرب ودمه ) (0000لن الذى يأكل ويشرب بدون استحقاق ،يأكل ويشرب دينونة لنفسه ،
غير مميز جسد الرب ( ) 0من اجل هذا فيكم كثيرون ضعفاء ومرضى ،وكثيرون
يرقدون ( ) 1كو ( 30– 27 : 11
إذن المر خطير ،وعقوبته خطيرة :
من يناول بدون استحقاق ،يكون مجرما فى جسد الرب ودمه ،غير مميز جسد الرب ،قد
تصل عقوبته إلى ضربات فى الجسد كالمرض والموت 0000لذلك يقول الرسول :
) ولكن ليمتحن النسان نفسه ( قبل التناول 0000
) لننا لو حكمنا على أنفسنا ،لما حكم علينا ( ) 1كو 0 ( 31 ، 28 : 11
فماذا تعنى كلمة الستحقاق إذن ؟
إن تحدثنا عن الستحقاق بمعنى مطلق ،فلن يوجد أحد مستحقا !000فمن جهة هذا
الستحقاق ،كان القديس العظيم النبا رويس – وهو صاحب معجزات – يخاف جدا حين
التقدم للتناول من السرائر المقدسة 0وكان يقول :إن الذى يتقدم للتناول ،ينبغى أن يكون
داخله فى نقاوة أحشاء العذراء القديسة التى حملت المسيح داخلها !000
من اجل ذلك يقول الب الكاهن فى ) صلة الستعداد ( 0000000
) وهى صلة يقولها سرا قبل القداس ( :أيها الرب العارف قلب كل أحد 000أنت يارب
تعرف أنى غير مستحق ول مستعد ول مستوجب لهذه الخدمة المقدسة التى لك 0وليس لى
وجه أن اقترب وافتح فاى أمام مجدك المقدس 0بل ككثرة رافاتك ،اغفر لى أنا الخاطئ ،
وامنحنى أن أجد نعمة ورحمة فى هذه الساعة ( 0000ومن اجل هذا يليق بكل إنسان ،أن
يقول قبل التناول :
يارب ،ليس من اجل استحقاقى ،وانما من اجل احتياجى 0ليس من
اجل استحقاقى ،لكن من اجل علجى 0
معترفين كلنا بأننا غير مستحقين ،وكأننا نقول للرب :ليست لنا الطهارة التى نتقدم بها إلى
جسدك ودمك 0فنحن لسنا طاهرين حتى نتقدم للتناول ،إنما نحن نتقدم للتناول حتى نكون
طاهرين 0
نحن نتناول ) طهارة لنفسنا وأجسادنا وارواحنا (
كما نقول فى بداية الواشى فى القداس اللهى 000ان الطهارة النسبية التى تناسبنا ،لكى
نتقدم إلى التناول عمل بقول النبى ) تقدسوا وتعالوا معى إلى الذبيحة ( ) 1صم ( 5 : 16
تتركز فى أمور هامة منها :
اليمان ،والتوبة ،والصلح مع الخرين ،والطهارة الجسدية 0
أما عن اليمان ،فالمقصود به اليمان المسيحى السليم ،بل بدعة ول هرطقة 0وكذلك
اليمان بهذا السر وفاعليته ،وبالشرط التى وضعها ال لتمامه ،وحفظت بالتسليم
الرسولى 0أما عن التوبة ،فالمقصود بها على القل ترك الخطية والعزم الحقيقى على عدم
الرجوع ،مع العتراف بالخطية والندم عليها 0وقد يتشكك البعض فى موضوع التوبة 0
ونلحظ أن البعض يمتنعون عن التناول ،بحجة انهم مازالوا يخطئون بعد التناول اضمن
لهؤلء 0وللرد على هؤلء نقول :
إن التناول يعطى طهارة ،ول يعطى عصمة 00000
ول يوجد أحد معصوما ،مهما كان بارا وقديسا ،ومهما اعترف وتناول 0هو ل يزال
تحت الضعف إلى آخر يوم فى حياته ،والضعف درجات تتفاوت من إنسان لخر 0اما
إكليل البر ،فان الديان العادل يهبه للقديسين فى ذلك اليوم ) 2تى ( 8 : 4اى اليوم الخير
0حينئذ ل تكون خطية فيما بعد 0000تناول إذن 0وفى كل تناول تأخذ قوة 0حتى إن
أخطأت ،يكون فى قلبك استحياء من جهة الخطية ،وندم عليها ،وادانه لنفسك 0أما حالة
الستهتار فإنها تمنع من التناول 0وكذلك حالة اللمباله ،وحالة العبودية للخطية ،التى
يتناول فيها النسان وهو مصمم على الرجوع للخطية 0كلها صور تدل على عدم التوبة 0
أما عن الصلح مع الخرين ،فقد أشار إليه الرب بقوله :
إن قدمت قربانك إلى المذبح ،وهناك تذكرت أن لخيك شيئا عليك ،
فاترك هناك قربانك أمام المذبح 0واذهب أول اصطلح مع أخيك
) ( 000مت ( 24 ، 23 : 5
إذن الصلح مع الناس لزم للتناول 0لنك ل يمكن أن تتقدم إلى ) ذبيحة الحب ( وأنت خال
من الحب 0ولعلنا نذكر فى هذا المجال أننا نصلى صلة الصلح قبل البدء فى قداس
القديسين 0ونقول فى تلك الصلة ) اجعلنا مستحقين كلنا يا سيدنا ،ان نقبل بعضنا بعضا
بقبلة مقدسة ،لكى ننال بغير انطراح فى دينونة من موهبتك غير المائتة السمائية ( إذن عدم
المصالحة يطرح فى دينونة ،إذا تناول النسان 0
فما معنى المصالحة ؟ وهل يلزم الصلح مع جميع الناس 0
المصالحة على القل تعنى أن القلب خال من الخصام والكراهية 0فان أمكن المصالحة
بالفعل ،وإرجاع علقات المودة يكون هذا هو الوضع السليم والواجب 0ولكننا فى كل هذا
،نتذكر قول الرسول :
) إن كان ممكنا ،فحسب طاقتكم سالموا جميع الناس ( ) رو : 12
0 ( 18
ذلك لن هناك أنواعا من الناس ل يمكن مسالمتهم 0فالسيد المسيح لم يسالمه الكتبة
والفريسيون والصدقيون والكهنة والناموسيون ورؤساء الشعب ،أو غالبية هؤلء 0ولم
يسالمه أولئك الذين أسلموه حسدا 0وما كان المطلوب منه أن يذهب أول ويصطلح مع
هؤلء لتكون صلته صافية مع الب 0وبولس الرسول ما كان ممكنا أن يترك قربانه قدام
المذبح ،ويذهب أول فيصطلح مع اسكندر الحداد الذى فعل به شرورا كثيرة ،وقاوم كلمة
ال جدا ) 2تى ( 15 ، 14 : 4لذلك قال الرسول فى المصالحة ومسالة الخرين ) إن كان
ممكنا وقال ) حسب طاقتكم ( ذلك لن هناك حالت غير ممكنة
ل يحسب عليك إن كان عدم المصالحة راجعا إلى الخرين ،وليس
إليك أنت 0أو إن كان ذلك للفائدة الروحية 0000
فقد تحاول أن تعيش فى سلم مع البعض ،ول تستطيع ،بسببهم ،وليس بسببك أنت 0مثال
ذلك الذين يحسدونك على تفوق فيك أو مواهب أعطاها ال لك ،أو لشر فى قلوبهم ،كما
حدث أن قايين حسد هابيل ،ورؤساء اليهود حسدوا المسيح 0وقد قال المرتل فى المزمور
) اكثر من شعر راسى ،الذين يبغضونى بل سبب ( ) مز ( 4: 69فالذين يبغضونك بل
سبب ،إن لم تستطع مصالحتهم فأنت معذور ،ول يمنعك هذا من تناول وكذلك الذين
يضطهدونك ) يو ( 2 : 16
كذلك هناك أناس تبتعد عنهم ،خوف العثرة ،حرصا على روحياتك
كأولئك الذين ذكرهم المزمور الول ) مجالس المستهزئين ،وطرق الخطاة ( 0
) كالمعاشرات الردية التى تفسد الخلق الجيدة ( ل يلزمك أن تترك قربانك ،وتذهب
لتصطلح مع هؤلء 000
أما عن ترك قربانك قدام المذبح ،وذهابك أول للصلح :
فهذا لزم فى حالة من تكون قد أخطأت أنت إليه 0
ولذلك يقول الرب ) إن تذكرت إن لخيك شيئا عليك ( هو له شئ عليك ،اى انك أنت قد
أخطأت إليه 0هذا ينبغى أن تذهب وتصالحه وتطيب قلبه من جهتك قبل التناول ،وتنفذ
ما ورد فى وصية الرب 0وحتى إن كان قد اخطا هو إليك ،فاذهب وعاتبه
) مت ( 15 : 18لرجاع المحبة بينكما 0وعلى أية الحالت ،أنت هنا واحد من اثنين :أما
انك أنت المعتدى ،أو معتدى عليك 0
إن كنت معتديا ،اترك قربانك ،وصالح أخاك ،واصلح خطاك وان كنت
معتديا عليك ،عاتب لتصالح ،أو على القل اغفر لن هناك أصنافا من
الناس ل ينفع العتاب معهم ،وقد يأتى بنتائج عكسية ،أو انهم فى
موقف ل يمكنك فيه الذهاب إليهم لكى تعاتبهم 0هؤلء على القل
اغفر لهم ،ول تستبق فى قلبك حقدا عليهم أو عدواة لهم
0000وتذكروا قول الكتاب ) اغفروا يغفر لكم ( ) لو 0 ( 37 : 6
هناك طلبة واحدة فى الصلة الربانية ،لم يتركها الرب تمر يدون شرح ،وهى
) اغفر لنا كما نحن أيضا ( فقال ) فانه إن غفرتم للناس زلتهم ،يغفر لكم أبوكم السماوى وان
لم تغفروا للناس زلتهم ،ل يغفر لكم أبوكم أيضا زلتكم ( ) مت ( 15 ، 14 : 6
هذا من جهة المصالحة ،أما من جهة الستعداد الجسدى 000000
فيلزم أول الستعداد بالصوم ،ول يعفى من ذلك إل المرضى ومن فى حكمهم ،الذين لهم حالة
خاصة ل يمكن معها الصوم 0والكنيسة تفترض أن يكون النسان صائما قبل التناول مدة ل
تقل عن تسع ساعات ،بحيث ل يأكل شيئا بعد منتصف الليل 0وان حدث استثناء ما فى هذه
القاعدة ،لسبب ملزم ،يكون ذلك عن طريق أب العتراف ،أو بسماح من رئاسة الكهنوت أما
عن الطهارة الجسدية ،فيلزم المتناع عن المعاشرات الجسدية ،والبعد عن سيل الجسد 0
وهكذا يكون النسان طاهرا بالجسد ،كما يكون طاهرا بالروح 0والوصايا كثيرة فى الكتاب
بخصوص هذا الموضوع ،ليس مجالها الن
أهم ما تميزت به علقة السيد المسيح ربنا بتلميذه ،هو تلك المحبة الكبيرة جدا ،التى بها نزل
من السماء و أخلى ذاته 00000ولكن محبة السيد الرب ،ظهرت فى أعماق صورة لها فى
السبوع الخير ،أسبوع اللم 00تكفى هذه العبارة التى يقول فيها النجيل المقدس :
) إذ كان قد احب خاصته الذين فى العالم ،احبهم حتى المنتهى ( ) يو
0 (1 : 13
عبارة ) حتى المنتهى ( هذه ،يغوص فيها المتأمل ما شاء ،ول يمكن أن يدرك أعماقها 000
كان الرب يعرف أن حادثة الصلب هذه ،يمكن أن تتعب تلميذه ،إذ يجدون معلمهم العظيم ،
المبهر فى معجزاته ،محتقرا ويسمر بالمسامير واخيرا يموت وسط ضروب الستهزاء 00
لذلك نرى الرب ،خلل هذا السبوع ،وقد اهتم جدا 0000
كيف يعد تلميذه – نفسيا وروحيا – لمواجهة موضوع صلبه 0
كان هذا الموضوع يشغله جدا 0فلم تشغله ذاته هو :ل عملية القبض عليه 00
ول محاكمته وما فيها من شهود زور ومن تهم ملفقة ،ول الهانات الكثيرة التى تصيبه من
ضرب ولطم وشتائم ،مع عبارات التحدى والستفزاز 0000ول نقله من مكان لخر ليواجه
حنان وقيافا ،وبيلطس وهيرودس 0000ولم يشغله ما سيتحمله من آلم وعذابات فى الشوك
والجلد والمسامير والصليب إنما كان عمق قلبه فى غيره 0وكان انشغاله بأمرين
كيف يخلص العالم ،وكيف يحفظ تلميذه فى هذه التجربة 0
كان يريد أن يحفظهم فى تلك الساعات الرهيبة – عليهم ل عليه – حتى ل تهتز الكنيسة كلها
إن اهتز إيمانهم به 0كان يريد أن يثبت إيمان هؤلء التلميذ ،سواء فى أحداث ما قبيل الصلب
،واثنائه ،وبعد الصلب 0
معروف انه بعد الصلب والقيامة ،ظهر لهم لتثبيتهم 0
ظهر لمريم المجدلية ،ولبطرس ،ولتلميذى عمواس ،وللنسوة القديسات ،وللحد عشر ،
وظهر لكثر من خمسمائة أخ ،كما ظهر فيما بعد لشاول الطرسوسى 0وقضى مع تلميذه
أربعين يوما بعد القيامة ،يثبتهم ويحدثهم عن المور المختصة بملكوت ال 00كل هذا بعد
القيامة 0ولكن قبل الصلب كيف ثبتهم ؟
-1قبل الصلب بستة أيام ،أقام لعازر من الموت ) يو (11
وذلك بعد أربعة أيام من موت لعازر ،بعد أن قيل عنه انه انتن وكان لهذه المعجزة العظيمة
دوى كبير ،فامن به كثيرون وأعطى بها لتلميذه فكرة عملية عن القيامة من الموت ،حتى
بعد فقد كل أمل 00إنها معجزة تسند إيمانهم ،من جهة قدرته ،ومن جهة قيامته إن رأوه
يموت 0000
-2وقبل إقامة لعازر ،وهب البصر للمولود أعمى ) يو ( 9
وهى معجزة واضحة تدل على لهوته ،إذ فيها القدرة على الخلق ،وقد خلق عينين من طين
0و أحدثت هذه المعجزة أيضا دويا ،حتى إن ذلك العمى نفسه قال بعد إبصاره
) منذ الدهر لم يسمع أن أحدا فتح عينى مولود أعمى ( ) يو ( 32 : 9وانتهت المعجزة بان
هذا العمى آمن أن السيد المسيح هو ابن ال وسجد له ) يو 0 ( 38 : 9
أراد السيد بهاتين المعجزتين ،أن يسند إيمان التلميذ أيضا 0
فبالضافة إلى عمل المحبة من جهة المولود أعمى ،ومن جهة لعازر وأسرته ،كانت لهاتين
المعجزتين نتائج أخرى :بعضها فى نفس الوقت إذ آمن كثيرون 0وبعضها ظل مختزنا إلى
وقت الصلب ،لتقوية إيمان من يضعفون 000وماذا أيضا ؟ ماذا فعله لتقوية إيمان تلميذه ؟
-3اظهر لهم سلطانه أثناء تطهيره للهيكل 0
وذلك فى يوم أحد الشعانين ،اليوم التالى لمعجزة إقامته لعازر من الموت 0دخل أورشليم
كملك ،والشعب كله يهتف له ،ويستقبله بأغصان الزيتون وسعف النخل 0وفى تلك المناسبة
قام بتطهير الهيكل فى قوة وسلطان ،وهو يقول عنه ) بيت أبى ( ويوبخ الكهنة ورؤساءهم
بقوله ) جعلتموه مغارة لصوص ( 000ولم يستطيع أحد أن يقاومه 000كان أقوى من كل
مقاومة كان سيد الموقف 0وكل عبارة سمعها رد عليها بقوة وبحجة ل تحتمل الجدل 0وكل
هذا رفع معنويات التلميذ 0وماذا أيضا ؟
-4بنفس القوة وبخ جميع القيادات اليهودية 0
وبخ الكهنة بمثل الكرامين الردياء 0وقال لهم ) ملكوت ال ينزع منكم ،ويعطى لمة تصنع
ثماره ( ) مت ( 43 : 21وابكم الصدقيون فى موضوع قيامة الموات ) مت ( 34 : 22
وكذلك الناموسيين أيضا 0ووبخ الكتبة والفريسيين فى عنف ،قائل ) ويل لكم أيها الكتبة
والفريسيون المراؤون ( ) مت ( 23وكان أقوى من الكل ،حتى قال عنه متى البشير :
) فلم يستطع أحد أن يجيبه بكلمة 0ومن ذلك اليوم لم يجسر أحد أن يسأله البتة (
) مت ( 46 : 22
وكل ذلك كان يقوى معنويات التلميذ ،ويشعرهم بقوة معلمهم ،ويعدهم للتجربة المقبلة 00
وماذا أيضا ؟
-5لعن شجرة التين غير المثمرة ،فيبست فى الحال 0
وكانت هذه الشجرة ،ترمز إلى الرياء ،لوجود مظهر حياة ،ورق اخضر ،ولكن ل ثمر 0
وبلعنتها لعن الرياء 0ودل الرب بهذا على لهوته وسلطانه على الطبيعة 0فبكلمة منه يبست
الشجرة ) 000فلما رأى التلميذ ذلك تعجبوا قائلين :كيف يبست التينة فى الحال (
) مت 0 ( 20 : 21فأعطاهم الرب درسا فى اليمان ،وقال لهم ) الحق أقول لكم إن كان لكم
إيمان ،ول تشكون ،فل تفعلون أمر التينة فقط ،بل إن قلتم أيضا لهذا الجبل انتقل وانطرح
فى البحر ،فيكون ( ) إن كان لكم إيمان ول تشكون ( عبارة ليتها تثبت معهم وقت صلب
معلمهم وموته ودفنه 0000وماذا أيضا ؟
-6غسل الرب أرجلهم ،رمزا للنقاوة 0
وبعد أن غسل أرجلهم ،قال لهم :انتم الن طاهرون )000يو ( 10 : 13لعلهم بهذه الطهارة
يثبتون ،بالقوة التى أخذوها من غسل الرب لرجلهم 00000ماذا أيضا ؟
-7أعطاهم أيضا سر الفخارستيا 0000
منحهم جسده ودمه القدسين ،لكى يمنحهم قوة روحية بهذا السر العظيم ،إذ سبق أن قال لهم )
من يأكل جسدى ويشرب دمى ،يثبت فى وأنا فيه ( ) يو ( 56 : 6إذن فقد كان هذا سرا للثبات
فى الرب ،ينفع التلميذ فى ساعة التجربة 0إذ كان الرب يطعم طبيعتهم الضيعفة ،بطبيعة
أقوى واسمى منها 00000وفى نفس الوقت كان يمهد أفكارهم لقبول الخبر ) هذا هو جسدى
الذى يبذل عنكم 000ودمى الذى يسفك عنكم ( ) لو ( 20 ، 19 : 22
) الذى يسفك من اجل كثيرين ( ) مر ) ( 24 : 14الذى يسفك من اجل كثيرين لمغفرة الخطايا
( ) مت 0 ( 28 : 26عبارة ) سفك دمه ( هذه ،كانت تمهيدا ،حتى ل يفاجاوا بما حدث فى
نفس الليلة وفى ثانى يوم
-8وهكذا كاشفهم بالحقيقة حتى ل يفاجاوا بها 0000
قال لهم اكثر من مرة ) انه ينبغى أن يذهب إلى أورشليم ،ويتألم كثيرا من الشيوخ ورؤساء
الكهنة والكتبة ،ويقتل ،وفى اليوم الثالث يقوم ( ) مت ( 21 : 16وأيضا قال لهم
)ها نحن صاعدون إلى أورشليم ،وابن النسان يسلم إلى رؤساء الكهنة والكتبة ،فيحكمون
عليه بالموت ،ويسلمونه إلى المم لكى يهزوا به ويجلدوه ويصلبوه 0وفى اليوم الثالث يقوم(
) مت ( 19، 18 : 20
وهكذا كان يربط فى حديثه الصلب والقيامة ،لتعزيتهم 0000
وقبل الفصح بيومين ،كرر عليهم نفس الخبر فقال ) تعلمون انه بعد يومين يكون الفصح ،
وابن النسان يسلم ليصلب ( ) مت 0 ( 2 : 26وفيما هم يتناولون الفصح معه ،قال لهم
) واحد منكم سيسلمنى (
-9وبعد الفصح والعشاء الربانى ،جلس معهم جلسة طويلة 0
هذه الجلسة سجلها القديس يوحنا فى أربعة اصحاحات من إنجيله ) ( 16 ، 15 ،14 ، 13
كلمهم فيها بصراحة كاملة ،وعزاهم بكلم كثير ،فيه حديث عن القيامة ،وعن الروح القدس
وعمله فيهم ،وفيه نصائح لهم 0ونرجو أن نعرض لهذا الحديث بالتفصيل 0
– 10وظل اهتمامه بهم ،حتى أثناء القبض عليه 0
فعندما جاء الجند ليقبضوا عليه ،قال لهم ) أنى أنا هو 0فان كنتم تطلبوننى ،دعوا هؤلء
يذهبون 0000ليتم القول الذى قاله ) إن الذين اعطيتنى ،لم اهلك منهم أحدا (
) يو ( 9 ، 8 : 18وهكذا كان مشفقا على تلميذه ساعة القبض عليه ،مهتما بهم اكثر من
اهتمامه بنفسه 0يهمه أن يكونوا طلقاء ،وان يفلتوا من الجند 0أما هو فليسلم نفسه ويقبض
عليه 00000
-11حتى وهو على الصليب أيضا 0
اهتم بخاصته كذلك ،وهو فى عمق آلمه 000فلم يترك أمه العذراء وحيدة ،إنما عهد بها إلى
تلميذه الحبيب يوحنا ) 0ومن تلك الساعة أخذها التلميذ إلى خاصته ( ) يو ( 27 : 19وكان
فى ذلك بركة لهذا التلميذ ،إذ اهتم به الرب ،و وهبه أما روحية ،هى اقدس أم واحن أم ،فى
هذا العالم كله 00000
ومن اهتمام المسيح بتلميذه حديثه الوداعى لهم 0
-12وأيضا صلته الطويلة من أجلهم 0
فلنتناول هذين الموضوعين بتفصيل اكثر
فى الحقيقة إن النسان لبد أن يتردد كثيرا قبل أن يتكلم عن جلسة وداعية بين المسيح وتلميذه
0فنسال أول :
أحقا ودع المسيح تلميذه ؟
الوداع معناه الترك 0والمسيح لم يتركهم مطلقا ،هذا الذى قال لهم ) حيثما اجتمع اثنان أو
ثلثة باسمى ،فهناك أكون فى وسطهم ( ) مت ( 20 : 18وهو الذى قال لهم أيضا قبيل
الصعود ) ها أنا معكم كل اليام والى انقضاء الدهر ( ) مت ( 20 : 28ولكنه على أية
الحالت كان تركا بالجسد ،والى حين 0
ومع ذلك كان المر صعبا عليهم 0وكان الرب يعرف هذا ،لذلك جلس
معهم يخفف عليهم ويعزيهم 0
كان يعرف أن هذا المر صعب عليهم 0ويظهر هذا من قوله لهم ) لنى قلت لكم هذا ،قد مل
الحزن قلوبكم ( ) يو ( 6 : 16فما هو هذا المر الذى قاله لهم فحزنوا ؟ انه قوله لهم
) أما الن فأنا ماض إلى الذى ارسلنى (
كان لبد أن يواجههم الرب بالواقع الذى سيحدث 0000
ثم بعد ذلك يعالج تأثير هذا على مشاعرهم 0
أما عن هذا الواقع ،فقال لهم ) يا اولدى ،أنا معكم زمانا قليل بعد 0وكما قلت لليهود :
) حيث اذهب أنا ل تقدرون انتم أن تأتوا ( ) يو ( 23 : 13
وكان لبد أن يرد على سؤالهم الذى يقولونه:
) إلى أين تذهب ؟ ( ) يو 0 ( 36 : 13
) لسنا نعلم أين تذهب ؟ ( ) يو 0 ( 5 : 14
كان لبد أن يجيب المسيح ،وبصراحة 0فبماذا أجاب ؟
قال :أنى ذاهب إلى الب ) يو 0 ( 16 : 16
وبعد قليل ل تبصروننى ) يو 0 ( 17 : 16وماذا أيضا ؟
إنكم ستبكون ،والعالم يفرح ) يو ( 20 : 16
وكان لبد أن يقول لهم حقيقة أخرى ،بالضافة إلى ذهابه وهى :إن كانوا قد اضطهدونى ،
فسيضطهدونكم ( ) يو ( 20 : 15
ولتعزيتهم أعطاهم الرب رجاء فى كل شئ 0
فمن جهة ذهابه ،سيرونه مرة أخرى 00000
إن عبارة ) ل تبصروننى ( أو ) ل تروننى ( هى نصف الحقيقة ،النصف المؤلم 0فما هو
النصف الخر المعزى ؟
قال لهم الرب ) بعد قليل ل تبصروننى 0ثم بعد قليل أيضا تروننى ( ) يو ( 17 : 16
) وبعد قليل ل يرانى العالم 0واما انتم فتروننى ( ) يو ( 19 : 14معنى أن العالم ل يراك ،
انك ستموت 0فكيف نراك نحن إذن ؟ يجيب المسيح عن هذا الفكر 0بقوله ) أنى أنا حى (
) فى ذلك اليوم تعلمون أنى أنا فى أبى ،وأبى فى ( )الذى يحبنى 0000اظهر له ذاتى (
) يو ( 21 – 19 : 14
أعطاهم إذن فكرة عن قيامته ،وانهم سيرونه 0
كان قد لهم إن ابن النسان سيصلب ،وفى اليوم الثالث يقوم ) مت ( 21 : 16
) مت 0 ( 19 ، 18 : 20وهو اليوم يؤكد لهم هذه الحقيقة فى عبارات كلها حب :
) ل أترككم يتامى 0انى آتى إليكم ( ) يو 0 ( 18 : 14نصف الحقيقة ) إنكم ستبكون وتنوحون
والعالم يفرح ( فما هو النصف الخر المضئ إذن ؟ انه ) ستحزنون ،ولكن حزنكم سيتحول
إلى فرح 000ساراكم أيضا ،فتفرح قلوبكم 0ول ينزع أحد فرحكم منكم (
) يو ( 22 ، 20 : 16
عجيب هو الرب ،انه فى وداعة ،يتحدث عن الفرح 0
كان يؤلمه جدا حزن تلميذه بسبب فراقه لهم 0انه يعرف تماما مقدار محبتهم له 0أما عن
محبته هو ،فيكفى قول الكتاب عنها )إذ كان قد احب خاصته الذين فى العالم ،احبهم حتى
المنتهى ( ) يو ( 2 : 13وقلب الرب حساس جدا من جهة راحة هؤلء الذين يحبهم ويحبونه
0لذلك يقول لهم هنا :ل أترككم يتامى 0
عبارة ) يتامى ( هنا ،تشعرهم بأنهم أولده 0
وهو فى هذه الجلسة يستخدم أيضا تعبير ) يا اولدى (
)يا اولدى ،أنا معكم زمانا قليل بعد ( ) يو ( 33 : 13
انتم اولدى ،وأنا اعلم أنكم تتيتمون من بعدى ،ولكنى ل أترككم يتامى ،ول أترككم
حزانى ،ساتى إليكم 0سأراكم فتفرح قلوبكم ،وأقول لكم إن حزنكم هو إلى حين ،وحين
بسيط ،فبعد قليل ستروننى 0
انتم لست فقط اولدى ،بل احبائى أيضا 0
) انتم احبائى ،إن فعلتم ما أوصيتكم به 0ل أعود اسميكم عبيدا 00لكنى قد سميتكم أحباء (
)يو ( 15 ، 14 : 15أنا سأضع نفسى عنكم ) ليس لحد حب اعظم من هذا ،أن يضع أحد
نفسه عن أحبائه ( ) يو ) ( 13 : 15كما احبنى الب أحببتكم أنا 0اثبتوا فى محبتى (
) لو ( 9 : 15
جميل أن تكون جلسة الوداع ،هى حديث حب كهذا 0
ويضيف الرب فى تعزيته لهم تشبيها جميل ،فيشعرهم انه ل انفصال
بينه وبينهم ،وهو علقة الكرمة بالغصان 0
فيقول لهم ) أنا هو الكرمة ،وانتم الغصان ( ) يو (5 : 15إننا معا ) ،انتم فى ،وأنا فيكم (
علقتى بكم ،كعلقة الرأس بالجسد 0لستم غرباء عنى 0اثبتوا فى وأنا فيكم ن كما يثبت
الغصن فى الكرمة ،حينئذ ل يكون وداع بينى وبينكم ،لنه ل يكون فراق أبدا
ما أجمله تشبيه ،كله حب وعاطفة وعزاء فى ساعة كهذه مبارك أنت
يارب فى كل تعزيانك الجميلة 00000
يضيف أيضا بان ذهابه هو للفائدة وللفرح 0
فيقول لتلميذه ) ل تضطرب قلوبكم ول تجزع 0سمعتم انى قلت لكم انى ماض ،ثم آتى
إليكم 0لو كنتم تحبوننى ،لكنتم تفرحون لنى قلت أمضى إلى الب ( )يو ( 28 ، 27 : 14
نعم ،لنه بهذا تنتهى عبارة ) أخلى ذاته ( )فى ( 7 ، 6 : 2هناك سأرجع إلى ما قبل إخلء
الذات ،وذلك اعظم 000لذلك إن كنتم تحبوننى ستفرحون انى أمضى 0
ثم أن ذهابى نافع لكم ،لعد لكم مكانا 0
) ل تضطرب قلوبكم 000فى بيت أبى منازل كثيرة 00أنا أمضى لعد لكم مكانا 0وان
مضيت واعدت لكم مكانا ،أتى أيضا وأخذكم إلى حتى حيث أكون أنا ،تكونون انتم أيضا (
) يو ( 3-1 : 14نعم ،سنكون معا باستمرار
ولكن وجودنا الدائم معا ،سيكون هناك وليس هنا 0
ل تضطرب قلوبكم ،فهذا افضل 0أما هنا ،فأنى اترك لكم سلمى ) سلمى اترك لكم 0
سلمى أنا أعطيكم ( ) يو ( 27 : 14انه سلم من نوع آخر ،سلم روحى ثابت ،ليس
كالسلم الذى يعطيه العالم لكن كيف يكون لنا سلم يارب ،وأنت بعيد عنا ؟
هنا الفائدة الثالثة من ذهابى 0أرسل لكم الروح القدس :
وقد افاض الرب فى حديثه عن هذه النقطة بالذات :
فقال لهم 0وقد كرر عبارة ) المعزى ( اكثر من مرة 0فقال لهم :
) لنه إن لم انطلق ،ل يأتيكم المعزى 0ولكن إن ذهبت أرسله لكم ( ) يو ، ( 7 : 16لذلك :
) أقول لكم الحق ،انه خير لكم أن انطلق ( ) يو ( 7 : 16
) واما المعزى الروح القدس الذى يرسله الب بأسمى ،فهو يعلمكم كل شئ ،ويذكركم بكل ما
قلته لكم ( ) يو ) ( 26 : 14ومتى جاء المعزى الذى سأرسله أنا إليكم من الب ،روح الحق
الذى من عند الب ينبثق فهو يشهد لى ،وتشهدون انتم أيضا ( ) يو ( 26 : 15
) ومتى جاء ذاك ،روح الحق ،فهو يرشدكم إلى جميع الحق ( ) يو ( 13 : 16وأضاف
الرب فى تعزيته لتلميذه ،بان هذا الروح المعزى سيمكث معهم إلى البد ،وسيكون فيهم
) يو ( 17 ، 16 : 14هذا يذكرنا أيضا بما قاله لهم قبيل الصعود ) ولكنكم ستنالون قوة متى
حل الروح القدس عليكم ،وحينئذ تكونون لى شهودا ( ) أع 00 ( 8 : 1كان الحديث عن
الروح القدس تعزية كبيرة للتلميذ 000000
نلحظ فى وداع المسيح لتلميذه انه كان صريحا معهم
أراد أن يعزيهم على أساس الحق والواقع ،ويقوى قلوبهم ولكن بدون إخفاء الحقائق ،كما كان
صريحا معهم من جهة أخطائهم ومن جهة المتاعب التى ستصادفهم ،بعد صلبه 0