You are on page 1of 13

‫سنــــد بن علـــي بن أحمــد البيضانــي‬

‫السلسلة الولـــى ‪ :‬كـــــاشـــف نــــــفـــســـــك !‪ ..‬لــمــاذا ل تــــســـتـــخـيـــــــر؟‬ ‫•‬


‫‪ :‬كـــاشـــــف نــــــفــســــــك !‪ ..‬لـــمــاذا تـستــخــيــر قــلــــيـــــل ؟!‬ ‫السلسلة الثانيــة‬ ‫•‬
‫‪ :‬كـــــــــــــــــــــــــــيـــــــف تـــــتـقـــن صـــــلة الســتـــخــــــــــارة ؟!‬ ‫السلسلة الثالثـــة‬ ‫•‬
‫السلسلة الرابعــة ‪ :‬صــــلة الستــــخارة ‪ ...‬وأثرها على صلح البال وتـطـويـر الـذات والتـقـان والبـــداع‪! ...‬‬ ‫•‬
‫‪ :‬صـــــلة الستـــخارة ‪ ...‬وتطــويــــــــر وتحقيـــــق الــــــذات !‬ ‫السلسة الخامسة‬ ‫•‬
‫السلسلة السادسة ‪ :‬هذه قصتي مع الستخارة منذ عشرين عاما ‪..‬وما زالت أحداثها مستمرة !‬ ‫•‬
‫السلسة السابــعة ‪ :‬أتــحب أن تكــــون ملهمــــا ؟!‬ ‫•‬
‫‪ :‬هــــل استخار الرسول ‪r‬‬ ‫السلسلة الثامنة‬ ‫•‬
‫‪ :‬صلة الستخارة ‪..‬أحكام مهمة جدا لتقانها !‬ ‫السلسلة التاسعة‬ ‫•‬
‫‪/http://saaid.net‬‬

‫‪http://www.almeshkat.net/books‬‬

‫‪1‬‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الحمد لله والصلة والسلم على أكرم المرسلين‬
‫وصحبه ‪ ...‬أما بعد ‪:‬‬
‫لوحظ من خلل الستقراء أن من السباب المهمة التي‬
‫تعيق كثيرا من المسلمين من الكثار من الستخارة صعوبة‬
‫تمييز قرائن التيسير أو الصرف بعد الستخارة ‪ ،‬وهنا‬
‫سوف نحاول توضيح كيفية إتقـانـها‪.‬‬
‫المســـــــألة الولى ‪ :‬حـــالت المستخير بعد الستخارة‬

‫لم يثبت عن الرسول ‪ r‬شيء فيما يفعله المستخير بعد‬


‫الستخارة ‪ ،‬فجرت العادة أن يعزم المستخير على المر‬
‫الذي استخار الله فيه‪ ،‬قال شيخ السلم ))مجموع الفتاوى‬
‫‪)) .((25/200‬والستخارة أخذ للنجح من جميع طرقـه ‪ ،‬فإن‬
‫الله يعلم الخيرة ‪ ،‬فأما أن يشرح صدر النسان وييسر‬
‫السباب أو يعسرها ويصرفه عن ذلك((‪.‬‬
‫وإذا تحقــق المــر بتيســير أو صــرف وجــــــــــب الرضــا‬
‫والتسليم وما يترتب عنهما وأن يكون قلبه مطمئنا ً إلــى مــا‬
‫اختاره الله له ؛ لن التوكــل يتضــمن ذلــك ‪ ،‬وإن حصــل بعــد‬
‫ذلك ما كان يكرهه ؛ وإل فلن يســتطيع أن يعتقــد أو يقــول‬
‫إنه استخار الله وإن الله قد اختار له كذا ؛ لن ذلك ســيكون‬
‫من التقول على اللــه بغيــر علــم ول هــدى ‪ ،‬ويجــب النتبــاه‬
‫ومراقبــة عمــل القلــب والجــوارح إلــى مــا يتنــاقض مــع‬
‫السـتخارة مـن أقـوال أو أفعـال مثـل قـوله ))يـاليتني لـم‬
‫أفـعل كــذا(( أو يشك فــي صــحة اســتخارته ‪ ،‬فالشــك فــي‬
‫صــحتها قــد يكــون جــائزا ً أو محتمل ً قبــل انقضــاء المــر ؛‬
‫فحينها قد يستحسن له أن يعيدها حــتى يطمئن قلبــه ‪ ،‬أمــا‬
‫الشك بعد انقضاء المر فهو مــن وســواس النفــس ونجــوى‬
‫من ُــوا ْ‬
‫نآ َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫حُز َ‬
‫ن ل ِي َ ْ‬
‫طا ِ‬ ‫شي ْ َ‬
‫ن ال ّ‬‫م َ‬ ‫وى ِ‬ ‫ج َ‬ ‫ما الن ّ ْ‬‫الشيطان ‪ ،‬قال تعالى ‪ [:‬إ ِن ّ َ‬
‫ن ] ]المجادلة‪:‬‬ ‫مُنو َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫ْ‬
‫ل ال ُ‬‫ن الل ّهِ وَع َلى اللهِ فَلي َت َوَك ِ‬
‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫شْيئا ً إ ِل ّ ب ِإ ِذ ْ ِ‬
‫م َ‬
‫ضآّره ِ ْ‬ ‫وَل َي ْ َ‬
‫س بِ َ‬
‫‪.[10‬‬
‫والنتائج ل تخلو من إحدى حالت ثلث‪:‬‬
‫الحالــــــــــة الولـــــــــــــى ‪ :‬التيســـــــير ‪:‬‬
‫المثال الول ‪:‬‬
‫أن تتيسر السباب بطريقة مباشرة ويتحقق معه المر ‪،‬‬
‫ذ أن يعتقد اعتقادا جازما أن الله قد اختار له‬
‫فيلزمه حينئ ٍ‬
‫خيرا ً ويرضى بذلك ‪ ،‬ومثاله رجل استخار في سفر فوجد‬
‫صديقا ً معه سيارة يريد السفر إلى نفس المدينة ‪ ،‬فذهب‬
‫معه وتحــــقق السفـــــر‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫شبهـة ورد ‪:‬قد يقول قائل ليس في هذا المثال ما يدل على‬
‫اللهام)‪ (1‬؛ لن التيسير هنا كان واضحا ً وقد دل عليه‬
‫العقل ‪ ،‬وما دل عليه العقل فليس من اللهام ‪ ،‬باعتبار أن البيان‬
‫مقرون بالعقل ‪ ،‬واللهام مقرون بالقلب‪.‬‬
‫الجـــــــــــواب ‪:‬‬
‫أ‪ -‬ما الذي يجعله يعتقد بأن الله قد اختار له خيرا ً بهذا‬
‫الختيار غير اليمان الموجود في القلب ؟ وإل لما ُأعتـبر‬
‫هذا التيسير دليل ً على شيء‪.‬‬
‫ب‪ -‬اللهام يأتي أيضا ً بمعنى البيان والتعريف قال تعـالى‪:‬‬
‫)) َ َ‬
‫ها(( ‪ ،‬فهذا النوع‬
‫وا َ‬ ‫وت َ ْ‬
‫ق َ‬ ‫ها َ‬‫جوَر َ‬ ‫ها ُ‬
‫ف ُ‬ ‫م َ‬ ‫فأل ْ َ‬
‫ه َ‬
‫يشترك فيه الكافر والمؤمن والعقل والقلب ‪ ،‬ولكن جرى‬
‫العرف على أن يستعمل في إلهام القلوب وفي الخير ‪،‬‬
‫ومع ذلك فإن كثيرا ً من الناس ل يشعر بأنه من الملك كما‬
‫ل يشعر بوسواس الشيطان ‪.‬‬
‫ج‪ -‬ينبغي معرفة الدليل لغة واصطلحا ً )‪ (2‬حتى يسهل‬
‫التعامل مع المسائل بدقة ووضوح ‪ ،‬فالدليل لغة‪ :‬هو‬
‫المرشد إلى المطلوب أكان حسيا ً كالمرشد إلى بلد‬
‫معين‪ ،‬أم معنويا ً كالدلة الشرعية‪ ،‬واصطلحًا‪ :‬هو الذي‬
‫يمكن التوصل بصحيح النظر فيه إلى علم أو ظن وبناءً‬
‫عليه يشمل الدليل القطعي وهو المفيد للقطع ويشمل‬
‫الدليل الظني وهو المفيد للظن‪.‬‬
‫من خلل ما تقدم ُيعرف أن التيســير الــذي حصــل هــو مــن‬
‫الدلة المعنوية ؛ لن محلها القلب‪.‬‬
‫د‪ -‬إذا كان اللهام ل يستخدم إل في المور التي يدل عليها‬
‫القلب ؛ لما كان هناك إلهام إيماني؛ لن المؤمن والكافر‬
‫يشتركان في اللهام الفطري والجتهادي الذي يدل عليه‬
‫العقل والقلب وحينها سيكون أيضا ً ما دل عليه العقل‬
‫فهو من اللهام ‪.‬‬
‫المثـــــــــال الثانــــــــــــــــــــــــــــــــــي ‪:‬‬
‫أن تتيسر السباب بطريقة غير مباشرة ثم يتحقق المر‬
‫ذ مثل الول ‪ ،‬ومثاله ‪ :‬رجل استخار على‬
‫فيلزمه حينئ ٍ‬
‫التصال بشخص لمصلحة ينشدها ‪ ،‬فكلما اّتصل فيه لم‬
‫يجده ‪ ،‬ثم بعد عدة أيام وجده في مكان ما وفتح معه ا‬
‫راجع المبحث الول من الكتاب ) الستخارة وحي هذه المة(‬ ‫‪(1‬‬
‫إتحاف ذوي البصائر بشرح روضه الناظر )م ‪.(2/144) (84/ 1‬‬ ‫‪( )2‬‬
‫‪3‬‬
‫لمر‪.‬‬
‫إرشاد وتوجيه ‪:‬‬
‫في مثل هذه الحالت ل يدل ذلك على الصرف ما لم يكن‬
‫قد أصبح معتقدا ً بأن الله قد صرفه وذلك لعدة احتمالت‪،‬‬
‫أهمها ‪:‬‬

‫أ‪ -‬قد يكون المستخير حينها ليس بحالة نفسية جيدة تسمح‬
‫له بطرح مسألته بشكل جيد ‪ ،‬وكان لمرور عدة أيام فائدة‬
‫في هدوء النفس وغير ذلك ‪.‬‬
‫ب‪ -‬قد يكون المتصل فيه خلل تلك الفترة ليس في حالة‬
‫تسمح له بالتفاعل اليجابي‪ ،‬ومثل هذه الشياء ل يعلمها‬
‫إل علم الغيوب فينـزلها بقدر معلوم وبسبب ‪.‬‬
‫ج‪ -‬قد يكون الموضوع نفسه لــم ينضــج بعــد بشــكل كامــل‬
‫فكان لمرور عدة أيام فائدة في ذلك ‪.‬‬
‫والفضل في مثل هذه المور أن يستخير على مدة‬
‫معينة كالسبوع أو أقل أو أكثر حسب ما يراه مناسبا ً ‪،‬‬
‫وكلما انتهت المدة التي حددها ؛ يستخير مرة أخرى على‬
‫مدة معينة إلى أن يحدث الله بعد ذلك أمرا ً بتيسير أو‬
‫صرف‪.‬‬
‫الحالــــــــــة الثانيـــــــــة ‪:‬الصـــــــــــــــــرف‬
‫وفيها مثالن‪:‬‬
‫المثـــــــــــــــــــــــــــــــــال الول ‪:‬‬
‫ذ أن‬
‫أن تتعسر السباب ويتحقق معه الصرف ‪ ،‬فيلزمه حينئ ٍ‬
‫ن الله قد صرف عنه شرا ً ويرضى‬
‫يعتقد اعتقادا جازما أ ّ‬
‫بذلك ويسلم تسليما ً ‪ ،‬ومثاله رجل تقدم لوظيفة ولم ُيقبل‬
‫‪.‬‬
‫المثــــــــال الثانــــــــــــــــــــــــــي ‪:‬‬
‫أن تتيسر السباب ثــــــــــــــم تتعسر ‪ ،‬ومثاله رجل تقدم‬
‫لوظيفة وفيه الشروط المطلوبة ولم يوفق‪.‬‬
‫تنبيه مهــــــــــــــــــــــــــــــــــــــم ‪:‬‬
‫إذا غلب على النسان الميل والرغبة في أمر وشعر من‬
‫نفسه أنه لن يعطي الستخارة حقها؛ فالواجــــــــب أن ل‬
‫يستخير‪ ،‬بل يكثر من الدعـــــــاء أن يحقق له هذا المر‬
‫وأن يوفقه للخير الذي يرضاه الله له وأن يبارك له فيه ‪،‬‬
‫فالله بيده الخير كله ول يعجزه شيء ؛ لن المستخير يلزمه‬
‫التوكل والرضا‪.‬‬
‫وفي كل الحالين خير ولكن ثمار المستخير عاجلة وآجله ‪،‬‬
‫فهو موعود بأن يختار الله له خيرا ً أو يصرف عنه شرا ً في‬
‫‪4‬‬
‫الدنيا ‪ ،‬أما الداعي فقد يستجاب له في الدنيا ‪ ،‬وقد يؤخر‬
‫له الجابة إلى الخــرة‪.‬‬
‫الحـــــالة الثالثـــــــة ‪ :‬الشــــــــك والحيـــــــرة‬
‫وهي من أهم الحالت وأكثرها شيوعا نظرا لقلة التقـان‬
‫والخبرة وأمور كثيرة يصعب حصرها وذلك بأن تتيسر بعض‬
‫السباب ثـــــــــم تتعسر أو العكس فيصبح بعد ذلك في‬
‫شك وحيرة ‪ ،‬ومثاله ‪:‬‬
‫استخار رجل لشراء منـزل أو سيارة أو أي شيء كان ‪،‬‬
‫فأعجبه ووجد سعره مناسبا ً ‪ ،‬ولكن وجد فيه‬

‫عيبا ً أو بعض العيوب ‪ ،‬فأصبح في شك أو حيرة من أمره ل‬


‫قـدم أم‬‫يدري أين التيسير من الصرف ول يدري أي ُ ْ‬
‫يحجــــــــــم؟!‪.‬‬
‫الحـــــــــل ‪ :‬في مثل هذه الحالت‪ :‬ينبغي النتباه إلى‬
‫قرائن التيسير والصرف ‪ -‬وسيأتي ذكرها‪ -‬والتعامل معها‬
‫بعين البصيرة ل بهوى الطبع إلى أن يظهر له المر بتيسير‬
‫أو صرف ‪.‬‬

‫المســـــــــــــــــألة الثانيـــــــــــــــــــــة ‪ :‬صعوبـــــــــــــة‬


‫التمييــــــــــــز‬
‫من خلل التتبع والستقراء وجدت أن أصعب مشكلة تواجه‬
‫معظم الناس في الستخارة صعوبة تمييز التيسير من‬
‫التعسير فيصبح بعدها في شك وتردد وتتحول من طلب‬
‫للخيرة إلى وقوع في الحيرة وهذا عامل قوي في تركها أو‬
‫عدم الكثار منها ‪ ،‬وهناك عنـصران مـهمان فيها ينبغي‬
‫الشارة إليهما لنهما‬
‫يساعدان على وضوح الرؤية وعدم التعجل ‪ ،‬فالعلم بالتعلم‬
‫والخبرة بالتجربة والتقان بالجتهاد‪.‬‬
‫الول ‪ :‬نوعيــــــــــة المسألــــة ‪:‬‬
‫الناس في الستخارة على أحوال فمنهم من يستخير في‬
‫المــــــــــور‪:‬‬
‫كلهــــا أو معظمها حقيرها وجليلها وبقية المور‬ ‫أ‪-‬‬
‫التالية ‪.‬‬
‫ب‪ -‬المهمــة ‪ :‬وتمتاز عادة بخيار واحـد‪.‬‬
‫ج‪ -‬الصعبــة ‪ :‬وتمتاز عادة بأكثر من خيار ‪.‬‬
‫المقلقــة ‪ :‬وعادة ما تكون مهمة وصعبة ‪.‬‬ ‫د‪-‬‬
‫هـ‪ -‬المحيرة ‪ :‬وعادة ما تكون مهمة وصعبة ومقلقة‬
‫‪5‬‬
‫ودقيقة‪.‬‬

‫وهذه المور مشتركة في عدة أشيــــــــــاء ‪:‬‬


‫أ‪ -‬فهي تشمل الحياة القتصادية والجتماعية والصحية‬
‫والتعليمية وغيرهــــا ‪.‬‬
‫ب‪ -‬فيها ما هو معقد أو دقيق أو متوسط الوضوح أو واضح‬
‫وقد تكون صعوبة التمييز أو سهولته تبعا ً لــــــــذلك ‪.‬‬
‫ج‪ -‬ليس ما هو صعب أو مهم أو مقلق أو محير عند مستخير‬
‫يكون كذلك عند آخر ؛ لن هناك عوامل أخرى تؤثر في‬
‫ذلك كالنية الصادقة ودرجة التصديق والتوكل والخبرة‪.‬‬

‫الثانـــــــــي‪ :‬نوعيــــــة المستخيــر‪:‬‬


‫أ‪ -‬هــــــــــــل أنـــــــــت مــــــــــن المكثريـــــن ؟‬
‫إذا كان يستخير في المور كلها أو معظمها فل شك‬
‫سيكون مكثرا ً منها ؛ لنه قد ذاق حلوتهاـ فمن ذاق عرف‬
‫ـ وأصبح قلبه معلقا ً بها فل يطمئن قلبه في أمر إل بعد‬
‫أن يستخير ‪ ،‬وهذا النوع يكون عادة أكثر خبرة وإتقانا ً‬
‫ونادرا ً ما يحدث له صعوبة في أمر ما ‪.‬‬
‫ب‪ -‬هــــــــــل أنــــــــــت مــــــــن المقليــــــــن ؟‬
‫إذا كان يستخير في المور المهمة والصعبة والمحيرة‬
‫والمقلقة فسيكون مقل ً منها ؛ لن هذه المور تقابل‬
‫النسان نادرا ً أو قليل ً وفي هذه الحالة سيجتمع أمران ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬انشغال البال ؛ لن هذه المور عادة ما تكون ذات‬
‫بال لدى المستخير‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬قلة الخبرة نتيجة لقلة الستخارة وما ينتج عن‬
‫ذلك ‪.‬‬
‫فلهذا من الطبيعي أن يكونا سببين في صعوبة التمييز‬
‫ولكنهما سرعان ما يزولن بالدعاء والستغفار‬
‫والجتهاد ‪ ،‬وأحسن طريقة – في نظري – لتقانها ؛ أن يبدأ‬
‫من السهل إلى الصعب ثم الصعب ؛ لن‬
‫اليمان يزيد بالطاعة ‪ ،‬واليقين يزيد بالمشاهدة ‪ -‬أي‬
‫مشاهدة ثمارها‪ ، -‬فإذا حصل ذلك زاد اليمان عند العبد‬
‫إجـمال ً ثم سيزداد مع كل استخاره يستخيرها إلى أن يصبح‬
‫يرى القرائن ‪ -‬صرفا ً أو تيسيرًا‪ -‬بنور الله ‪ ،‬وهذا كله من‬
‫‪6‬‬
‫ثمــــــــار الجتهاد‪.‬‬
‫أي أن يبدأ من المور التي يراها ثانوية والتي ل تشغل‬
‫البال حتى ل يحصل له تشويش في وضوح قرائن التمييز‬
‫أو تلبيس من إبليس بأنه يهوى هذا الفعل أو ذاك ؛ فكلما‬
‫كان المستخير مجردا ً في استخارته كان أقرب إلى تمييز‬
‫القرائن بسهولة وأبعد من تلبيس إبليس‪ ،‬وإن حصل تلبيس‬
‫فسرعان ما يكشفه ويصحح مساره ومن الله التوفيق ‪.‬‬
‫صعوبة التمييز وعلقته بضعف اليمان وتكرار الستخارة‬

‫الصل في صعوبة التمييز‪ ،‬قلة الخبرة نتيجة لقلة‬ ‫‪-1‬‬


‫الستخارة ‪ ،‬مثل صعوبة تجويد القرآن لغير المتقن له ‪،‬‬
‫ولكن ضعف اليمان قد يؤثر في سرعة فهم قرائن‬
‫التيسير أو الصرف ولكنه ل يمنع من وصول الحق عند‬
‫طلبه‪ ،‬فمن استخار فقد طلب الخيرة ‪ -‬الحق‪-‬قال تعالى‬
‫ن ] ]القصص ‪:‬‬ ‫م ي َت َذَك ُّرو َ‬
‫ه ْ‬‫عل ّ ُ‬
‫ل لَ َ‬ ‫و َ‬ ‫ق ْ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ه ُ‬‫صل َْنا ل َ ُ‬
‫و ّ‬ ‫قدْ َ‬ ‫ول َ َ‬
‫‪َ [:‬‬
‫و‬ ‫َ‬
‫ول ْ‬‫ه ] ]البقرة ‪َ [ [282 :‬‬ ‫ّ‬
‫م الل ُ‬ ‫ُ‬
‫مك ُ‬ ‫ّ‬
‫ع َل ُ‬‫وي ُ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫قوا الل َ‬‫ْ‬ ‫وات ّ ُ‬ ‫‪َ [ .[51‬‬
‫خْيرا ل ْ‬‫ً‬ ‫م َ‬‫ه ْ‬ ‫م الل ّ ُ‬
‫م ] ] النفال ‪.[ 23 :‬‬ ‫ه ْ‬‫ع ُ‬‫م َ‬ ‫س َ‬ ‫في ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫عل ِ َ‬
‫َ‬

‫وقال شيخ السلم ‪:‬‬


‫)) الفتاوى الكبرى ‪))((3/306‬الجواب الصحيح ‪/‬‬
‫‪)).((6/494‬فقد يتفطن أحد المـجتهدين لدللة لو لحظها‬
‫الخر لفادته اليقين لكنها لم تخطر بباله‪ ،‬فإذا ً عدم‬
‫وصول العلم بالحقيقة إلى المجتهد ؛ تارة يكون من جهة‬
‫عـدم البلغ وتارة يكون من جهة عدم الفهم وكل من‬
‫هذين قد يكون لعجز وقد يكون لمشقة فيفوت شرط‬
‫الدراك وقد يكون لشاغل أو مانع فينافي الدراك((‪.‬ولو‬
‫كانت صلة الستخارة ل تقبل أو تمييز الخيرة ل تتضح إل‬
‫مع قوة اليمان؛ للزم أن تكون خاصة لصفوة المسلمين‬
‫وهذا ل يقوله أحد ‪ ،‬بل هي من أحسن العمال التي‬
‫تقوي التوكل ‪ ،‬والله يحب المتوكلين ‪.‬‬
‫‪ -2‬مع وجود ضعف اليمان فقد يحصل لسبب ما حســن‬
‫توكل في المر المستخار فيه ؛مما يزيده إيمانا ً عاما ً‬
‫وخاصا ً)‪ ،(1‬فيؤدي ذلك إلى تيسير تمييز الخيرة‪.‬‬
‫‪ -3‬تكرار الستخارة في نفس المر يــدل على عدم وضوح‬
‫الخيرة وإن حصل أحيانا ً فل بأس به ‪ ،‬فنوعية المسألة‬
‫لها أثر في انشغال البال وفي عدم وضوح الرؤية‬
‫بسهولة ‪ ،‬ولن من السلف من فعل ذلك وقد تقدم أن‬
‫عمر ‪ t‬استخار شهرا ً في ميراث الجد والكللة‪.‬‬
‫ولكن التكرار في معظم المور يدل على قلة الخبرة ‪،‬‬
‫‪ ( )1‬أي يزداد يقينا ً بأن الله سيختار له خيرا ً أو سيصرف عنه شرا ً في المر الذي‬
‫استخاره فيه‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫ولـى له في هذه الحالة أن يسأل من هو متقن لها أو‬ ‫َ‬
‫وال ْ‬
‫يشاور من يثق بعلمه ودينه ‪ ،‬إلى أن يجلي الله له أحد‬
‫المرين ؛ وذلك لن القرائن قد تكون ظهرت ولكنه لم‬
‫يفهمها وقد تقدم كلم شيخ السلم في ذلك فراجعه ‪.‬‬
‫وكذلك قد يحصل أن يعيد المستخير الستخارة مرتين أو‬
‫أكثر ثم تظهر له الخيرة ‪ ،‬فهذه من رحمة الله الواسعة‬
‫على عباده ؛ لن الستخارة فيها دعاء أو قد يحصل مع‬
‫التكرار زيادة في عمل القلب أكثر من المرة السابقة‬
‫فيفتح الله عليه‪ ،‬ولكن مع كل ذلك يبقى الصل أصل ً‬
‫ولكل عمل دللة‪.‬‬

‫المســـــألة الثالثـــــة ‪:‬القـــرائن الدالـــــــة علـــى التيســـير‬


‫والصــرف‬
‫إذا كان لكل شيء سبب ؛ فل بد لتمييز التيسير أو الصرف‬
‫في بعض أو كثير من الحيان من قرينة أو عدة قرائن‬
‫يصبح المستخير بعدها يعتقد أن الله قد اختار له هذا المر‬
‫أو صرفه عنه ‪ ،‬وهناك عدة قرائن قد تتداخل في بعضها‬
‫البعض وقد يحصل لها تقديم أو تأخير ‪ -‬ولله الحكمة‬
‫البالغة‪ ،-‬وهي عادة تتكرر في معظم أنواع الستخارة ‪،‬‬
‫وسوف يتم ذكر أشهرها وأهمها على سبيل المثال ل‬
‫الحصر ‪ ،‬ومن الله التوفيق ‪.‬‬
‫أو ً‬
‫ل‪ :‬قرائــــــــن التيســـــــــير‪:‬‬
‫‪-1‬انشراح الصدر‪:‬‬
‫ن اللهــام تســكن إليــه النفــس‬ ‫ل حــديث الــبّر علــى أ ّ‬ ‫أ‪ -‬د ّ‬
‫ويطمئن له القلب ؛ لهذا فانشراح الصدر يعد من القــرائن‬
‫القوية وخصوصا ً إذا كان مصــحوبا ً بنشــاط الهمــة لتحقيــق‬
‫المــر المســتخار فيــه ‪ ،‬وكــل ذلــك بشــرط أن ل يكــون‬
‫مصحـــــوبا ً بهوى قوي قبل الستخارة ‪.‬‬
‫ب‪ -‬النشراح البسيط قبل الستخارة ل يؤثر على صحة‬
‫الستخارة ‪ ،‬فالنسان مفطور على الميل إلى العاجلة‪،‬‬
‫ولكن إخلص النية وحسن العتقاد والتوكل وما يترتب‬
‫عن ذلك من ثمار كفيل بأن يجعل المستخير بعد‬
‫‪8‬‬
‫الستخارة أكثر تجردا ً مما يساعده على تمييز قرائن‬
‫التيسير أو الصرف ‪ ،‬وقد انتبه الحافظ ابن حجر لذلك‬
‫فقـال ‪)) :‬والمعتمد أنه ل يفعل ما ينشرح به صدره مما‬
‫كان له فيه هوى قوي قبل الستخارة وإلى ذلك الشارة‬
‫بقوله في آخر حديث أبي سعيد ول حول ول قوة إل‬
‫بالله(( ))الفتح‪ .((11/187:‬كما أن التجربة وواقع الناس‬
‫يشهدان لذلك‪.‬‬
‫ج‪ -‬إذا حصل انشراح مخالف لعادة المستخير أو طباعه أو‬
‫أخلقه ‪ ،‬كان ذلك قرينة قوية على التيسير ومثاله رجل‬
‫ل يحب الرحلت فاستخار في ذلك فانشرح صــــدره‪.‬‬
‫د‪ -‬ل يلزم أن يحصل انشراح في كل استخارة ؛ لنه قرينة‬
‫كبقية القرائن ‪ ،‬فقد ينقضي المر دون أن يشعر به‪.‬‬
‫‪ -2‬علو الهمة ‪:‬‬
‫يساعد على تخفيف التعب والنصب ويهون الشدائد في‬
‫طلب الرضوان ولبد أن يقترن بقول أو فعل ‪ ،‬وتكون‬
‫قرينة قوية إذا كانت مصروفة قبل الستخارة أو مخالفة‬
‫لطباع المستخير وعاداته‪.‬‬
‫‪-3‬التذ ّ‬
‫كر والتكرار وعدم النسيان‪:‬‬
‫سـى لي سبب‬
‫قد يستخير العبد في أمر ثم ينسى أو ُين ّ‬
‫كان ‪ ،‬ثم يتذكره ‪ ،‬وقد يرافق ذلك علو في‬

‫الهمة ووضوح في الرؤية ‪ ،‬فإذا حصل فهذه قرائن قوية‬


‫تفيد التيسير ‪ ،‬وتكون في الغالب لها علقة‬
‫س ومضى في تحقيق‬ ‫بنضوج المسألة ؛ فلو أنه لم ين َ‬
‫المر لكان شرا ً له ‪ ،‬ولكن المولى ‪ I‬هو الذي يصّرف‬
‫الكون ‪ ،‬فصرفه عن المر بشكل مؤقت إلى أن تنضج‬
‫مسألتـــه‪.‬‬
‫سر مسألته‬‫وقد يقول سائل ‪ :‬أما كان الله ليقدر أن ييـ ّ‬
‫قبل أن تنضج ؟ فالجواب باختصار ينبغي فهم‬
‫حكمة الباري والتسليم بـها ‪ ،‬ولله سنن ولن تجد لسنته‬
‫تبديل ً أو تحوي ً‬
‫ل‪.‬‬
‫وقد يستخير العبد في أمر وكلما بدأ يظن أنه مصروف‬
‫عنه ‪ ،‬لحظ أن المر ل زال يتكرر ويتردد عليه ؛ وهكذا ‪.‬‬
‫وهذه قد تكثر في المسائل التي يصعب فيها تمييز‬
‫السباب لدقتها‪ ،‬وقد لمست من خلل التجربة أن‬
‫الستخارة من الوسائل المفيدة في عدم النسيان ومحل‬
‫ذلك في التيسير ؛ وإن حصل العكس ‪-‬النسيان‪ -‬فهو مفيد‬
‫أيضا ً لمنع انشغال البال‪ ،‬لن صلح البال من أعظم الثمار‬
‫التي يمكن أن يحصل عليها المستخير‪.‬‬
‫‪9‬‬
‫‪-4‬نضوج المر‪:‬‬
‫هناك أمور ل تنضج إل مع مرور الوقت ؛ ولهذا يقول‬
‫الصوليون ‪)) :‬من استعجل الشيء قبل أوانه ابتلي‬
‫بحرمانه(( فلله الحكمة البالغة في تقدير المور وتنـزيلها‬
‫‪ ،‬وسوف أذكر قصة من الواقع‪.‬‬
‫مسئولة تربوية خّيـرت مدرسة – بقرار ظالم – بين أمرين‬
‫أحلهما مر ‪ ،‬وسيكون ذلك مع بدء العام الدراسي‬
‫الجديد ‪ ،‬فسعـى أحد أقاربـها ليشفع لـها في إيقاف هذا‬
‫القرار قبل إصداره واستخار على صديق يعرفه فكان‬
‫كلما يجده يحصل صارف فل يـفتح الموضوع معه وسلم‬
‫أمره لله‪.‬‬
‫ثم مع بدء العام الدراسي الجديد تم إصدار قرار‬
‫التحويل ‪ ،‬فاستخار مرة أخرى على نفس الصديق ففتح‬
‫معه الموضوع فتم إلغــاء هذا القرار الظالم بتعليمات من‬
‫ل وفي هذه القصة عظة‬ ‫مسئول أعلى والله أعلى وأج ّ‬
‫وذكرى على شكل سؤال لمن كان له قلب أو ألقى‬
‫السمع وهو شهيد ‪ ،‬من إله غير الله يعلم الغيب ويدبر‬
‫الكون ويصرف اليات وينـزل كل شيء بقدر معلوم ؟‬
‫‪ -5‬الفراغ بعد انشغال ‪:‬‬
‫يساعد في صفاء الذهن والقلب ‪ ،‬فإذا كان من عـادة‬
‫المستخير أن يكون منشغل ً ‪ ،‬ثم بعد الستخارة وجد وقتا ً‬
‫يسمح له بالسعي لتحقيق ما استخار الله فيه ؛ فل يهمله‬
‫بل يربطه بقرائن التيسير‪.‬‬
‫‪ -6‬ظهور تيسيرات أخرى ‪:‬‬
‫قد تحصل تيسيرات أخرى غير التي تم ذكرها ‪ ،‬وهذا مما‬
‫يتفاوت فيه الناس ولكن يبقى الضابط فيما يعتقده‬
‫المستخــير ‪.‬‬

‫ثانيـــــــًا‪ :‬قرائـــــــن الصــــــرف ‪:‬‬


‫كثيرة هي الشياء التي تتضح بالضداد ؛ وقرائن الصرف‬
‫عكس قرائن التيسير فل حاجة إلى الطالة والتكرار ‪.‬‬
‫ويمكن إضافة قرينة أخرى وهي‪:‬‬
‫ظهور أفكار جديدة ‪:‬‬
‫إذا استخار العبد في أمر ثم ظهرت له فكرة أو أفكار‬
‫جديدة لها علقة بالمر الذي استخار فيه فيجب عدم‬
‫إهـمالها؛ لنها من لـوازم الستخارة الولى وقد تكون‬
‫سببا ً في الصرف مثل وجود البديل ‪ ،‬أو قد تكون سببا ً في‬
‫نضوج المسألة نفسها ‪.‬‬
‫تنـــــــبيه مهـــــم)‪(1‬‬

‫‪ ( )1‬جزى الله خيرا ً فضيلة الشيخ محمد الصادق الذي انتبه إلى هذه الجزئية‪ ،‬فالعوام‬
‫‪10‬‬
‫ينبغي التعامل مع قرائن التيسير أو الصرف دون إفراط أو‬
‫تفريط؛ فل يهملها فيفوته ما فيها من تفهيم للقدام أو‬
‫وامة‬
‫م وحيرة في دُ ّ‬
‫الحجام ول يبالغ فيها فيصبح في ه ّ‬
‫ن الستخارة مبنية على التوكل وفهم‬ ‫الترجيحات ‪ ،‬وليعلم أ ّ‬
‫الجابة مبني على اللهام‪.‬‬
‫ثالثـــــــــًا‪ :‬أسباب عامـــة وهامـــة‪:‬‬
‫وُيقصد بها تلك السباب التي تساعد على تمييز أسباب‬
‫وقرائن التيسير أو الصرف ‪ ،‬وأهمها‪:‬‬
‫‪ -1‬الدعاء ‪:‬‬
‫هو العبادة وهو مفتاح لكل خير ‪ ،‬وفي الحديث الصحيح‬
‫وأعجز الناس من عجز عن الدعاء)‪ (1‬فلهذا ل تعجب إن‬
‫م‬
‫م الجابة وإنما ‪2‬أحمل ه ّ‬
‫قال عمر ‪)): t‬إني ل أحمل ه ّ‬
‫الدعاء فإذا ألهمت الدعاء فإن الجابة معه(( ‪ .‬ومن‬
‫(‬ ‫)‬

‫أسباب الجابة اضطرار الداعي وصدق التجائه إلى‬


‫المولى سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫‪ -2‬الستغفار والجتهاد والصبر على انتظار الوعد ‪:‬‬
‫لو اجتهد العبد مهما اجتهد فلن يستطيع أن يؤدي الحق‬
‫الذي أوجبه الله عليه ‪ ،‬فلهذا شرع الستغفار ؛ لن فيه‬
‫تطهير للذنوب والله يحب المتطهرين ‪ ،‬فكلما استغفر‬
‫من الذنوب زادت البصيرة ‪.‬قال شيخ السلم ‪)) :‬إذا‬
‫اجتهد العبد واستعان بالله ولزم الستغفار والجتهاد‬
‫فـــــلبد أن يؤتيه الله‬

‫من فضله ما لم يخطر ببال(( وقال ‪)) :‬قاعدة في المحبة‬


‫‪)) ((1/148‬لبد مع انتظار الوعد من الصبر ‪ ،‬فبالستغفار‬
‫تتم الطاعة وبالصبر يتم اليقين بالوعد((‪)) .‬مجموع‬
‫الفتاوى ‪.((11/390‬‬
‫وذكر المام الذهبي حال شيخ السلم مع المسائل‬
‫المشكلة ونحوها فقال ‪)) :‬ولقد سـمعتـه في مبادئ أمره‬
‫يقول إنه ليقف خاطري في المسألة والشيء أو الحالة‬
‫التي تشكل ‪ ،‬فاستغفر الله تعالى ألف مرة أو أكثر أو‬
‫أقل حتى ينشرح الصدر وينحل إشكال ما أشكل وقال‬
‫وأكون إذ ذاك في السوق أو المسجد أو الدرب أو‬
‫المدرسة ل يمنعني ذلك من الذكر والستغفار إلى أن‬
‫عادة ما يبالغون في المور إفراطا ً أو تفريطًا‪.‬‬
‫‪ () 1‬أخرجه البخاري في ))الدب المفرد ‪ ((1/359‬وأبو يعلى في مسنده ‪ ،‬وصححه‬
‫اللبـاني في صحيح الجـامع ))‪ ((1044‬والسلسلة الصحيحة ))‪ ((601‬ولمزيد من‬
‫الفائدة انظر ))فرائد الفوائد ‪ /1/8‬باب من هو أعجز الناس؟((‬
‫‪)) ( )2‬مجموع الفتاوى ‪)) ((8/193‬اقتضاء الصراط المستقيم ‪.((1/359/‬‬
‫‪11‬‬
‫))العقود الدرية ‪.((1/22‬‬ ‫أنال مطلوبي((‬
‫‪ -3‬المشاورة ‪:‬‬
‫بالمشاورة تنقح الفكار وتحسن الختيار وتتضح الرؤية‬
‫ويتم معرفة الخطأ من الصواب وفيها تنبيه للغافل‬
‫وتذكير للناسي وتأليف للقلوب وأن تحصل بالمـجان على‬
‫ما وصل إليه غيرك بالغالي والنفيس وغيرها من الفوائد‬
‫الكثيرة‪.‬‬
‫وتكون المشاورة قبل العزم والتبين ‪،‬ومن عزم فليتوكل‬
‫على الله ويثق به ل على المشاورة ‪ ،‬قال تعالى‪[ :‬‬
‫َ‬
‫ب‬
‫ح ّ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه يُ ِ‬ ‫عَلى الل ّ ِ‬
‫ه إِ ّ‬ ‫وك ّ ْ‬
‫ل َ‬ ‫ت َ‬
‫فت َ َ‬ ‫م َ‬
‫عَز ْ‬
‫ذا َ‬ ‫ر َ‬
‫فإ ِ َ‬ ‫م ِ‬
‫في ال ْ‬
‫م ِ‬ ‫ه ْ‬
‫وْر ُ‬ ‫شا ِ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫ن ] ]آل عمران‪ ، [159:‬وقال علي ‪) :t‬المشاورة حصن‬ ‫َ‬ ‫لي‬‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ك‬ ‫و‬
‫ا ُ َ َ‬
‫ت‬‫م‬ ‫ْ‬ ‫ل‬
‫من الندامة وأمن من الملمة(( وتكـون المشاورة لمن‬
‫جمع العلم والمانة )‪. (1‬‬
‫‪ -4‬السؤال ‪:‬‬
‫ه‬
‫ذ ِ‬ ‫هـ ِ‬
‫ل َ‬ ‫ق ْ‬‫بد الله هذه المة بالتباع على بصيرة فقال ‪ُ [:‬‬ ‫تع ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫حا َ‬‫سب ْ َ‬
‫و ُ‬
‫عِني َ‬
‫ن ات ّب َ َ‬
‫م ِ‬ ‫ة أن َا ْ َ‬
‫و َ‬ ‫صيَر ٍ‬‫عَلى ب َ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫عو إ َِلى الل ّ ِ‬ ‫سِبيِلي أدْ ُ‬ ‫َ‬
‫ن ] ]يوسف‪ ، [108:‬فهناك علقة متلزمة‬ ‫م ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫كي َ‬ ‫ر ِ‬‫ش ِ‬ ‫ن ال ُ‬ ‫م َ‬ ‫مآ أن َا ِ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫ما‬ ‫و َ‬‫عدم التباع على بصيرة والشرك ‪ ،‬قال تعالى ‪َ [ :‬‬ ‫َ‬
‫بين‬
‫ركون ] ]يوسف‪.[106:‬‬ ‫ُ‬ ‫م ْ‬
‫ش ِ‬ ‫م ّ‬ ‫ه ْ‬
‫و ُ‬ ‫ّ‬
‫ه إ ِل َ‬ ‫ّ‬
‫م ِبالل ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ْ‬
‫ن أكث َُر ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ؤ ِ‬‫يُ ْ‬
‫والتباع على بصيرة يكون بالتعلم أو السؤال ‪ ،‬قال‬
‫ن ] ]النبياء‪، [7:‬‬ ‫عل َ ُ‬
‫مو َ‬ ‫ر ِإن ك ُن ُْتم ل َ ت َ ْ‬
‫ِ‬ ‫ل الذّك ْ‬ ‫سأ َُلوا ْ أ َ ْ‬
‫ه َ‬ ‫تعالى‪َ [ :‬‬
‫فا ْ‬
‫عي هنا‬ ‫وقال ‪)) :r‬شفاء العي السؤال(() (‪ .‬والمقصود بال ِ‬
‫‪2‬‬

‫الجهل‪.‬‬

‫والسؤال هو اجتهاد العامة قال شيخ السلم ))قاعدة‬


‫في المحبة ‪)):.((1/132‬وما اشتبه على النسان حاله ؛‬
‫سلك فيه مسلك الجتهاد بحسب قدرته ول يكلف الله‬
‫نفسا ً إل وسعها ‪ ،‬واجتهاد‬

‫العامة هو طلبهم للعلم من العلماء بالسؤال والستفتاء‬


‫بحسب إمكانهم(( ‪ ،‬ومن خلل التجربة تكاد المشاورة‬
‫والسؤال من أهميتهما وثمرتـهما أن يكونا من لوازم‬
‫الستخارة لمن أراد التسديد ‪.‬‬
‫‪ -5‬معرفة طباع النفس وأخلقها‪:‬‬
‫كلما عرف النسان طباعه وأخلقه ساعده ذلك على‬
‫تمييز لمة الملك من لمة الشيطان ‪ ،‬وخير معين على ذلك‬
‫الجلوس مع النفس ومكاشفتها ـ راجع أصول المكاشفة ـ‬
‫‪ ( )1‬كتاب ))الم ‪ ((7/95/‬للمام الشافعي‪.‬‬
‫‪ ( )2‬حديث صحيح ‪ :‬أخرجه أبو داود والترمذي والحاكم في المستدرك ‪ ،‬وصححه‬
‫اللباني‪.‬‬
‫‪12‬‬
‫بما تحب وتكره وما هو موقفه من كل شيء يحيط به ؟‬
‫وما هو هدفه في هذه الحياة ؟ وكلما كانت قرائن‬
‫التيسير أو الصرف مخالفة للطباع ‪ ،‬كان أقرب إلى‬
‫الصواب ؛ لن الشيطان عادة ما يأتي من حيث يحب‬
‫النسان فعله أو تركه‪.‬‬

‫وفي الختام رغبة وحرصا ً على إثراء هذه المسألة ‪ ،‬فأرجو‬


‫من كل مسلم يهمه أمرها ؛ أن ل يبخل بالملحظات‬
‫والمقترحات والتجارب ونحو ذلك ‪ ،‬التي قد يرى أنها تفيد‬
‫في إتقانها؛وذلك البريد أدناه ‪.‬‬
‫البريد اللكتروني ‪:‬‬
‫‪SANAD_ALBEDANI@YAHOO.CO.UK‬‬
‫حيطة ودعوة‪:‬‬
‫أخي المسلم ‪ :‬إذا كنت تشعر بأنك لن تحتاج إليها في يوم من‬
‫اليام ‪ ،‬فل تحتفظ بها‪ ،‬بـــل تصدق بها لخر‪ ،‬وإذا كنت تشعر بأنك‬
‫استفدت منها؛ فأحب لخيك كما تحب لنفسك)‪ (1‬لعل الله ينفعك‬
‫وينفعهم بها ‪ ،‬فما هي إل ضغطة زر فالدال على الخير كفاعله ‪.‬‬

‫ول تــــنســــــــــوا إخوانكم من صالح الدعـــــــــــــــــاء‬


‫والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات‬

‫‪/http://saaid.net‬‬

‫‪http://www.almeshkat.net/books‬‬

‫وهذه علمة مهمة من علمات الخلص الكثيرة ‪.‬‬ ‫‪( (1‬‬


‫‪13‬‬

You might also like