You are on page 1of 61

‫‪.

‬‬

‫النظريات و السياسات النقدية‬

‫النظرية الكلسيكية والنظرية الكينزية‬

‫المطلب الول‪ :‬النظرية النقدية الكلسيكية‪:‬نظريققة كميققة النقققود‬


‫ومعادلة كامبريدج‬
‫اهتمققت المدرسققة الكلسققيكية بتحليققل العوامققل المحققددة لقيمققة النقققود‬
‫والمستوى السعار فحاول البعض أن يققوجز أسققباب تقلققب السققعار فققي تغيققر‬
‫عرض النقود‪ ،‬بينما نظر البعض إلى ذلك الجزء من النقود الذي يتداوله الفراد‬
‫بوصفه دخل لهم‪ ،‬ولقد ظهرت نظريتان في تفسير قيمققة النقققود‪ ،‬همققا نظريققة‬
‫كمية النقققود و نظريققة الققدخل‪ ،‬وجهققت الولققى اهتمامققا ناحيققة عققرض النقققود‪،‬‬
‫واهتمت الثانية بالطلب على النقود سواء عند اكتسابها أو إنفاقها‪.‬‬
‫و يستند النموذج الكلسيكي إلى الفتراضات التالية‪:1‬‬
‫إن كل السواق )أسواق السلع و العمل( تسودها المنافسة الكاملققة‬ ‫•‬
‫و القتصاد في حالة تشغيل كامل‪.‬‬
‫ل يخضع أصحاب العمققال ول العمققال للخققداع النقققدي بمعنققى أنهققم‬ ‫•‬
‫يبنون قراراتهم‪ ،‬ليس علققى أسققاس المسققتوى المطلققق للسققعار أو علققى‬
‫أساس معدل الجر النقدي و لكققن تبنققى قراراتهققم علققى أسققاس السققعار‬
‫النسبية للسلع و عوامل النتاج و عندما يقققرر العمققال كميققة العمققل الققتي‬
‫يعرضونها إنما يتأسققس هققذا القققرار علققى الجققر الحقيقققي و ليققس علققى‬
‫المستوى المطلق للجر النقدي‪.‬‬
‫المرونة الكاملة للجور النقدية و أسعار السلع‪.‬‬ ‫•‬
‫قانون ساري للسواق مضمونة )العرض يخلق الطلب عليه(‪.‬‬ ‫•‬
‫يتم النمو تلقائيا دون تدخل الدولققة فققي الحيققاة القتصققادية )حياديققة‬ ‫•‬
‫الدولة(‪.‬‬
‫نظرية كمية النقود‪ :‬أرفينج فيشر ‪:Irving Fisher‬‬ ‫‪-1‬‬
‫‪2‬‬
‫قامت هذه النظرية على بعض الفروض‪ ،‬من أهمها ‪:‬‬
‫• إن الطلب على النقود هو طلب مشتق من الطلب على السلع و الخققدمات‬
‫ووظيفة النقود كوسيط في التبادل‪.‬‬
‫• ثبات حجم الحقيقي عند مستوى التشغيل الكامل‪.‬‬
‫• إن سرعة تداول النقود ثابتة و مستقلة من كمية النقود المتداولة‪ ،‬و كققذلك‬
‫الحجم الحقيقي للمبادلت و تعتبر كعوامل مستقلة بطيئة التغيير‪.‬‬

‫أنظر‪ - :‬أحمد أبو الفتوح علي الناقة‪ ،‬نظرية النقود و السواق المالية )مققدخل حققديث لنظريققة‬ ‫‪1‬‬

‫النقود و السواق المالية(‪ ،‬مكتبة الشعاع‪ ،‬السكندرية‪ ،‬ط ‪ ،2001 ،1‬ص ص‪.350-349 :‬‬
‫‪ -‬سهير محمود معتوق‪ ،‬التجاهات الحديثة في التحليل التقدي‪ ،‬الدار المصرية اللبنانية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫ط ‪ ،1988 ،1‬ص ص‪.21-19:‬‬
‫‪ 2‬أنظر‪ - :‬إسماعيل محمد هاشم‪ ،‬النقود و البنوك‪ ،‬المكتب العربي الحديث‪ ،‬السكندرية‪ ،2005 ،‬ص‪:‬‬
‫‪.126‬‬
‫‪ -‬ضياء مجيد الموسوي‪ ،‬القتصاد النقدي‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬الجزائر‪ ،1993 ،‬ص ص‪.84-81 :‬‬
‫‪1‬‬
‫‪.‬‬

‫• النظر إلى المستوى العام للسعار كمتغير تابع و هققو كنتيجققة و ليققس سققببا‬
‫للتغير في العوامل الخرى‪ ،‬و هناك علقققة طرديققة بيققن الصققدار النقققدي و‬
‫مسققتوى السققعار‪ ،‬و بهققذا يفسققر الكلسققيك الرتفققاع فققي المسققتوى العققام‬
‫للسعار )التضخم(‪.‬‬
‫مضمون النظرية‪:‬‬
‫تنهض نظرية كمية النقود على أساس مجموعة من الفتراضات المتعلقققة‬
‫بأهمية تغيرات كمية النقود بالنسبة إلى غيرها مققن العوامققل فققي التققأثير علققى‬
‫مستوى الئتمان‪ ،‬فيرى أنصار هذه النظرية في كمية النقود العامققل الفعققال و‬
‫المؤثر في تحديد المستوى العام للسعار و التناسب بينهمققا تناسققبا عكسققيا‪ ،‬و‬
‫يتخذ أنصار هذه النظرية معادلة التبادل أداة تحليلية لبيان وجهات نظرهم كمققا‬
‫‪MV = PT‬‬ ‫يلي‪:‬‬
‫‪ :M‬كمية النقود المتداولة و تشتمل النقود الورقيققة و النقققود المسققاعدة و‬
‫الودائع الجارية‪.‬‬
‫‪ : V‬سرعة تداولها )وهي متوسط عدد المرات التي تنتقل فيها وحدة النقد‬
‫من يد لخرى(‪.‬‬
‫‪ : P‬المستوى العام للسعار‪.‬‬
‫‪ : T‬حجم المبادلت‪.‬‬
‫و بالتالي فالمعادلة تحدد جميع العوامل التي تتفاعل بطريقة مباشرة فققي‬
‫تحديد مستوى السعار و قققد ظهققرت معادلققة أخققرى تسققمى بمعادلققة التبققادل‬
‫القتصادي لفيشر أيضا‪ ،‬حيث أدخل النقود المصققرفية فققي التبققادل‪ ،‬فأصققبحت‬
‫المعادلة‪:‬‬
‫‪MV + M′ V′ = PT‬‬
‫‪ :M‬النقود القانونية‪.‬‬
‫‪ : V‬سرعة تداولها‪.‬‬
‫‪ :M′‬النقود المصرفية‪.‬‬
‫‪ :V′‬سرعة تداولها‪.‬‬
‫و الهدف من الفصل بين ‪ M‬و ‪ M′‬حتى يتبين أهمية كل واحدة في تحقيققق‬
‫مستوى معين من المبادلت و رغم هذا التقديم فققإن الخلصققة ل تتغيققر‪ ،‬فكققل‬
‫تغيير في عنصر من العناصر النقدية له تأثير فقط على السعار‪ ،‬و بالتالي فإن‬
‫النقد محايد‪.1‬‬
‫إذن السياسة النقدية عند الكلسيك هي سياسة محايدة يتمثل دورها فققي‬
‫خلق النقود لتنفيذ المعاملت‪ ،‬أي أن حجققم المعققاملت هققو الققذي يحققدد كميققة‬
‫النقود الواجب توافرها‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫وقد وجهت لهذه النظرية العديد من النتقادات من بينها ‪:‬‬
‫قصور فروض النظرية في الكثير من النواحي‪.‬‬ ‫•‬

‫أحمد أبو الفتح علي الناقة‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.357 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫أنظر‪ - :‬إسماعيل محمد هاشم‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص‪.131-129 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬عادل أحمد حشيش‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص‪.91-90 :‬‬


‫‪2‬‬
‫‪.‬‬

‫تجاهل آثققار أسققعار الفققائدة علققى المسققتوى العققام‬ ‫•‬


‫للسعار‪.‬‬
‫لم تبين النظرية أسباب التغيرات التي تطققرأ علققى‬ ‫•‬
‫قيمة النقود و القوى التي تحكم ذلك‪.‬‬
‫افتراض أن السعار تتغيقر تبعقا لتغيقر كميقة النققود‬ ‫•‬
‫المعروضة و ل يمكن أن تتغير نتيجة عوامل أخرى‪ ،‬و هذا غير صحيح‪ ،‬فقد‬
‫تتغير السعار نتيجة لسباب غير نقدية كفشل موسم زراعي‪.‬‬
‫الهتمام بوظيفققة وسققيط فققي المبققادلت و إهمققال‬ ‫•‬
‫الوظائف الخرى‪.‬‬
‫رغم هذه النتقادات فإن هذه النظرية إنما تعتبر خطوة قيمة‪ ،‬فقد أفلحت‬
‫في تركيز النتبقاه حقول بعقض الكميقات الكليقة الهامقة القتي تعكقس النشقاط‬
‫القتصادي‪ ،‬مثققل كميققة المبققادلت‪ ،‬و كميققة النقققود‪ ،‬كمققا أنهققا مهققدت لدراسققة‬
‫الجوانب الخرى من القتصاد التي تتحكم في مسلك النقود و سرعة تداولها‪.‬‬
‫نظرية الدخل ومعادلة كامبريدج ‪:‬‬ ‫‪-2‬‬
‫قامت إلى جانب النظرية السابقة نظرية أخرى تحاول تفسير تقلبات قيمققة‬
‫النقود‪ ،‬حيث حاول بعض الكتقاب تفسققير قيمققة الحديققة‪ ،‬و أعلنققوا أن النققود ل‬
‫تؤثر في السعار إل عن طريق الدخول و أن العبرة بسلوك الفرد إزاء دخله‪.‬‬
‫وتربط نظرية الدخل في التحليل بيقن فكرتقي القدخل و المنفعققة لتفسققير‬
‫تقلبات قيمة النقققود و هققي تققرى أن تقلبققات السققعار تتوقققف علققى الحركققات‬
‫الخاصة بالدخل النقدي و الققدخل مقن السقلع و الخققدمات‪ ،‬و القذي يقؤثر علقى‬
‫السعار هي كمية النقود التي تصل إلى السواق‪.‬‬
‫و قد مهد هذا التجاه العديد من النظريات‪ :‬من بينها نظرية كمبريدج‪.‬‬
‫معادلة كمبريدج‪:‬‬
‫يرى ألفريد مارشال أن العوان القتصققاديون يميلققون للحتفققاظ بأرصققدة‬
‫نقدية سائلة لمقابلة ما يقومون بشرائه من سققلع و خققدمات‪ ،‬و هققو مققا أطلققق‬
‫عليه مارشال "التفضيل النقدي"‪ ،‬و هققذا التحليققل يرتكققز علققى العوامققل الققتي‬
‫طلب الفراد على النقود للحتفققاظ بهققا علققى شققكل أرصققدة نقديققة عاطلققة و‬
‫صيغت المعادلة من الشكل‪:1‬‬
‫‪Md = KY‬‬
‫‪ : Md‬الطلب على النقود‪.‬‬
‫‪ : Y‬الدخل النقدي‪.‬‬
‫‪ : K‬التفضيل النقدي للمجتمع و هو نسبة من الدخل الوطني الققتي يرغققب‬
‫الفراد الحتفاظ بها في شكل نقدي سائل‪ ،‬و هققي حجققر الزاويققة فققي معادلققة‬
‫مارشال‪ ،‬و مع فرض استخدام النقود لغرض سائل ثبات نسبة الرصيد النقققدي‬
‫‪ K‬و بمققا أن سققرعة دوران النقققود ثابتققة للفققترة القصققيرة‪ ،‬واعتبققار أن ‪ K‬هققو‬
‫مقلوب ‪ ،Y‬فسيكون أي تغير في كمية النقود ذا تأثير على مستوى السعار أي‬
‫‪ (P = f(M‬و بالتالي نفس تحليققل معادلققة التبقادل‪ ،‬ممقا يعنققي حياديقة السياسقة‬
‫أنظر‪ - :‬سهير محمود معتوق‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص‪.33 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬ضياء مجيد الموسوي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص‪.98-81 :‬‬


‫‪3‬‬
‫‪.‬‬

‫النقدية فتأثير تغير النقود فقط يكون على المستوى العام للسعار‪ ،‬مما يعنققي‬
‫عدم فعاليتها في التأثير الدخل و معدلت الفائدة و الجانب الحقيقي للقتصاد‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬التوازن النقدي عند الكلسيك‬


‫انطلقا من منطلققق النظريققة الكلسققيكية و فروضققها‪ ،‬فيمكققن ذكققر بعققض‬
‫العتبارات فيما يلي‪:1‬‬
‫قامت هذه النظرية أساسا على قانون سياسي و فكرة التوظيف الكامل‪،‬‬
‫واعتبار النقود متغير خارجي و معدل الفائدة متغير داخلي )أي يتحدد بعرض و‬
‫طلب الرصدة القابلة للقتراض(‪.‬‬
‫رؤية فيكسل للتوازن النقدي‪:‬‬
‫تعتبر نظرية فيكسل أول محاولققة إيجابيققة للتجققاه بالنظريققة النقديققة إلققى‬
‫بحققث التققوازن النقققدي و تحليققل العلقققة بيققن الدخققار و السققتثمار‪ .‬فقققد ركققز‬
‫فيكسل على وجود معدلين للفائدة‪ :‬معدل الفائدة الطبيعي الذي يتحققدد طبقققا‬
‫للنتاجية الحدية لرأس المال المستخدم في النتقاج و هقو العققائد المحصقل إذا‬
‫كان رأس المال أفرض عينا‪ ،‬و بين معدل الفقائدة النقققدي )السققوقي( و الققذي‬
‫يتحدد بتلقي قوى العرض و الطلب على النقود )و هذا في حالة وجققود سققوق‬
‫نقدية‪ ،‬و في حالة غيابها يتحدد من طرف الفققراد أو السققلطات النقديققة حيققث‬
‫تستخدمه للموائمة بين عرض و طلب النقود(‪.‬‬
‫و يحدث التوازن النقدي في حالة تعققادل المعققدلين )و هققي حالققة صققعبة(‪،‬‬
‫وفي حالة التعارض بين القرارات الفردية وقوى السققوق قققد يخلققق المشققكلة‬
‫القتصادية‪ .‬وهنا تحدث الفجوة بين المعدلين‪ ،‬وهققذه الفجققوة هققي الققتي تحققدد‬
‫حجم الطلب على الئتمان المصرفي‪ ،‬فإذا كان معدل الفققائدة علققى القققروض‬
‫أقل من معدل الفائدة الطبيعي فإن عائد رأس المققال يكقون أكققبر مقن تكلفقة‬
‫خدمة الدين النقدي‪ ،‬ومن تم يحدث توسع في المشروعات السققتثمارية الققتي‬
‫تساعد على تعظيم ربحية وإنتاجية المشروع في الوقت الذي تقل فيققه تكلفققة‬
‫رأس المال‪.‬‬
‫و العكس إذا كان معدل الفائدة النقدي أكبر من معققدل الفققائدة الطققبيعي‬
‫فإن المشروع سوف يعاني من اختلل في هيكله المققالي لتزايققد عبققء الققدين‬
‫وانخفاض معدلت أرباحه‪ ،‬وسققيتعرض مركققزه المققالي للنهيققار‪ ،‬نظققرا لضققعف‬
‫سيولة المشروع وعدم استطاعته الوفاء بالتزاماته النقدية العاجلة‪ ،‬و سققيؤدي‬
‫ذلك إلى النكماش و الركود القتصادي‪.‬‬

‫‪ -‬محمد حمدي إبراهيم المسلماتي‪ ،‬التوازن النقدي في اقتصاديات الدول التي تمر بمرحلة النمو‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫دراسة تطبيقية مقارنة بين القتصاد المصري واقتصاديات بعض الدول‪ ،‬أطروحة مقدمة لنيققل درجققة‬
‫دكتوراه الفلسفة في القتصاد‪ ،‬قسم القتصاد‪ ،‬كلية التجارة‪ ،‬جامعة غيققن شققمس‪ ،‬القققاهرة‪،2003 ،‬‬
‫ص ص‪.24-8 :‬‬
‫‪ -‬بلعزوز بن علي‪ ،‬أثر تغيير سعر الفائدة على اقتصققاديات الققدول الناميققة ‪ -‬حالققة الجققزائر – أطروحققة‬
‫مقدمة لنيل شهادة دكتوراه دولة في العلوم القتصادية‪ ،‬كليققة العلققوم القتصققادية و علققوم التسققيير‪،‬‬
‫جامعة الجزائر‪) 03/2004 ،‬غ‪.‬م(‪ ،‬ص ص‪.38-18 :‬‬
‫‪4‬‬
‫‪.‬‬

‫وبالتالي فإن تحقيق التوازن النقدي يكون بتعققادل معققدل الفققائدة النقققدي‬
‫مع معدل الفائدة الطبيعي و إذا لم يتعادل نكون إزاء حالة من الختلل النقدي‬
‫يتغير تبعا لها حجققم الئتمققان المصققرفي‪ ،‬و مققا يولققده مققن حركققات تراكميققة و‬
‫تدافعية ما تلبث أن تظهر في القتصاد إما صعودا نحو النتعاش أو هبوطا نحققو‬
‫الركود‪ ،‬و تؤدي الحركات التراكمية عبر الزمن إلققى اسققتعادة التققوازن النقققدي‬
‫المفقود‪.1‬‬
‫وحسب ميردال ‪ ‬فقإنه فقي حالقة نعقادل معقدل الفقائدة السقوقي ومعقدل‬
‫الفائدة الطبيعي فإن هذا يعني تعادل الدخار والستثمار واستقرار السعار‪.‬‬
‫التوازن النقدي عند فيشر و ألفريد مارشال‪:‬‬
‫بالنسبة لفيشر فإن معادلة التبادل ‪ ،MV = PT‬باعتبققار القتصققاد دومققا فققي‬
‫حالة توازن‪ ،‬يمكن اعتبار هذه المعادلة في مضمونها معادلة توازن نقدي‪ ،‬وقد‬
‫اهتمت بعرض النقود‪ ،‬و عليه يسققعى الفكققر الكلسققيكي إلققى تحقيققق التققوازن‬
‫النقدي و القتصادي من خلل تثبيت عرض الرصدة النقديققة‪ ،‬ومققن تققم يتحققدد‬
‫معدل الفائدة في الفكر الكلسيكي سوقيا و ذاتيا‪ .‬وعند هذه المعدلت يتحقق‬
‫التوازن المثل للموارد بين النتاج والستهلك‪.‬‬
‫و لكن من أهم النتقادات لهذه النظرية أن أفضل وسيلة لتحقيق التققوازن‬
‫النقدي بمفهوم المعادلة الكمية هو ترك الحرية للبنوك التجارية لتخلققق النقققود‬
‫بناء على طلب القطاع الخاص الذي هو الجدر على طلققب النقققود بمققا يوافققق‬
‫احتياجاته بالضبط‪.‬‬
‫و بالنسبة لمعادلة مارشال " معادلة الرصدة النقدية " فهققي تحققدد وضققع‬
‫التوازن النقدي بما تعكسه من تساوي جانب الطلب مع جققانب العققرض‪ ،‬فعنققد‬
‫التوازن يجب أن يساوي عرض النقود المحدد خارجيا كمية النقود المطلوبة‪ ،‬و‬
‫الشكل التالي يوضح التوازن النقدي وفقا لنظرية الرصدة النقدية‪.‬‬
‫الدخل‬ ‫عرض‬
‫النقدي‬ ‫النقود‬
‫‪PY‬‬ ‫طلب‬
‫‪Ms‬‬
‫النقود‪MD0 ‬‬
‫‪MV = PY‬‬ ‫طلب‬
‫‪PY0‬‬
‫‪ME0‬‬
‫‪1‬‬
‫النقود‪MD ‬‬
‫‪PY1‬‬
‫‪ME1‬‬

‫‪MV = PY‬‬ ‫كمية النقود‬


‫المصدر‪ :‬عبد الحميد الغزالي‪ ،‬اقتصاديات النقود و البنوك‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪ ،1987‬ص‪.235 :‬‬ ‫المعروضة و‬
‫‪0‬‬ ‫‪M0‬‬
‫المطلوبة‬
‫و تبين النقطة ‪ ME0‬نقطة التوازن النقدي وفققا لنظريقة الرصقدة النقديققة‪،‬‬
‫وفي حالة حدوث تغير في نسبة التفضيل النقدي ‪ ،K‬فإن تغيرات جذرية تحدث‬

‫‪ 1‬رمزي زكي‪ ،‬القتصاد السياسي للبطالة‪ :‬تحليل لخطر مشكلت الرأسمالية المعاصرة‪ ،‬سلسلة عالم‬
‫المعرفة‪ ،‬العدد ‪ ،1997 ،226‬ص ص‪.369-368 :‬‬
‫‪ ‬يعد ميردال أول من أدخل مصطلح التوازن النقدي سنة ‪ 1939‬في كتابه التوازن النقدي‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪.‬‬

‫في كل من مستوى الدخل ومستوى السعار رغم ثبات الكمية المعروضة من‬
‫النقققود‪ ،‬فيكققون علققى السققلطات النقديققة السققتجابة للتغيققرات فققي التفضققيل‬
‫النقدي بتغيير عرض النقود للمحافظة على مستوى الدخل النقدي المرغوب‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬النظرية الكينزية‪ :‬الفروض‪ ،‬عققرض وطلققب النقققد‬


‫ونظرية سعر الفائدة‬
‫عرضنا فيما سبق إجماليا لمكونات النظرية النقدية التقليدية‪ ،‬وبينا أن هذا‬
‫التحليل يدعم مبدأ "حياد النقود"‪ .‬و أن التققوازن القتصققادي العققام إنمققا يتحققدد‬
‫بتفاعل القوى الداخلة في إطار النموذج العيني ذلك أن العرض يخلق الطلققب‬
‫المساوي له عند أي مستوى من العمالة‪ ،‬نظرا لن كل ادخار يتحول حتما إلى‬
‫استثمار بفعل تلقائية حركات سعر الفائدة‪.‬‬
‫لكن ظهر عجز هذه الفلسققفة القتصققادية بأحققداث الكسققاد العظيققم سققنة‬
‫‪ ،1929‬واستلزمت هذه الحداث ثورة حقيقية في الفكر القتصققادي‪ ،‬تغيققر فيققه‬
‫حقل الدراسة و أدوات التحليل المستخدمة‪ ،‬وهو ما حدث في نطققاق النظريققة‬
‫الكينزية‪ ،‬حيث بحث كينز أثر النقود علققى مختلققف أوجققه النشققاط القتصققادي‪،‬‬
‫بدل من اقتصار مجال بحث النظرية على تفسير قيمة النقققود )العوامققل الققتي‬
‫تحكم تغير المستوى العام للسعار(‪ ،‬والتي هققي حسققب كينققز مجققرد انعكققاس‬
‫لظاهرة أخرى أكثر أهمية وهي مسققتوى العمالققة و الققدخل الققوطني و بالتققالي‬
‫مستوى الطلب الفعال‪ ،‬و الذي هققو "جققزء مققن الطلققب الكلققي المتوقققع الققذي‬
‫يحقق للمنظمين أكبر ربقح ممكقن"‪ ،1‬و يكتسقب الطلقب الكلقي الفعقال صقفة‬
‫المتغير الساسي المستقل الذي تحدد مستويات التشققغيل و النتققاج و الققدخل‬
‫بوصفها متغيرات تابعة‪ ،‬سبب توقف هذا الطلب على ثلث متغيققرات مسققتقلة‬
‫أساسية‪ ،‬هي الميل للستهلك و الكفاية الحدية لرأس المال و سعر الفائدة‪ ،‬و‬
‫بذلك جعل كينز من الطلب الفعقال أداة هامقة و أساسققية مقن أدوات التحليققل‬
‫القتصادي‪.‬‬
‫الفرضيات الساسية‪:‬‬
‫يبني كينز نظريته على الفرضيات التالية‪:‬‬
‫رفض قانون سققامي للسققواق‪ ،‬و مققا ينجققم عنققه مققن رفققض سققيادة‬ ‫•‬
‫التوازن الدائم و المستمر عند مسققتوى العمالققة الكاملققة‪ ،‬و رفققض تعققادل‬
‫الدخار و الستثمار باستمرار‪.‬‬
‫تعتبر النقود سلعة كبقية السلع تطلب لذاتها‪.‬‬ ‫•‬
‫عرض النقود متغير خارجي تحدده السلطات النقدية‪.‬‬ ‫•‬
‫تدخل الدولة في النشاط القتصادي لمعالجة الختللت‪.‬‬ ‫•‬
‫عدم اليمان بالتشغيل التام‪ ،‬فالقتصاد يمكن أن يعرف حالة أقل أو‬ ‫•‬
‫أكثر من التشغيل الكامل‪.‬‬
‫يتوقف الدخار و الستثمار على الدخل و ليس على معدل الفائدة‪.‬‬ ‫•‬

‫إسماعيل محمد هاشم‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.148 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪6‬‬
‫‪.‬‬

‫يرى أن من الصعب الفصل بين الجانب النقدي و الجانب العيني في‬ ‫•‬
‫القتصاد ‪.‬‬
‫يعتبر تحليل كينز تحليل كليا‪.‬‬ ‫•‬
‫الطلب على النقود )تفضيل السيولة(‪:‬‬
‫أدخل كينز ثلث دوافع للطلب على النقود‪ ،‬بغرض المعاملت‪ ،‬الحتيققاط و‬
‫المضاربة حيث يتعلق الطلب بغققرض المعققاملت و الحتيققاط بالققدخل‪ ،‬وتعتمققد‬
‫المضاربة على معدل الفائدة و هو في علقة عكسية‪.1‬‬
‫عرض النقود‪:‬‬
‫يعتبر كينز عرض النقود كمتغير مستقل يتحدد خققارج النمققوذج ‪ .Ms = M0‬و‬
‫يرى كينز أن عرض النقود في أي وقت من الوقققات ثققابت و يتحققدد بواسققطة‬
‫البنك المركزي و يحدده حسب حاجة النشاط القتصادي‪.2‬‬
‫نظرية سعر الفائدة‪:‬‬
‫على النقيض من نظرة التقليديين للفائدة كثمن للدخققار‪ ،‬نظققر كينققز إلققى‬
‫الفققائدة كثمققن للنقققود‪ ،‬أي كثمققن للتنققازل عققن السققيولة )وليققس كمققا يققرى‬
‫التقليديون كثمن لتأجيل الستهلك(‪ ،‬و يترتب على ذلك أن الفائدة شأنها كققأي‬
‫ثمن آخر تتحدد بعرض و طلب النقود‪.3‬‬
‫و يمكن للبنك المركزي التحكم في سعر الفائدة عن طريققق التحكققم فققي‬
‫كمية النقود المعروضة‪ ،‬و بالتققالي التققأثير علققى مسققتوى النشققاط القتصققادي‪،‬‬
‫فزيادة عرض النقود تؤدي إلى انخفاض سعر الفائدة و هققذا يققؤدي إلققى زيققادة‬
‫الستثمار عن طريق المضاعف يؤدي إلى زيققادة السققتهلك و يققزداد الققدخل و‬
‫العمالة‪ ،‬ويحدث العكس إذا عرض النقد‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬الطلب الفعال وعلقته بالتوازن النقدي عند كينز‬


‫تعتبر فكرة الطلب الفعال أحد أهم الضققافات الققتي أسققهم بهققا كينققز فققي‬
‫النظرية القتصادية فقد نقل بها كينز الفكر القتصادي من اقتصاد من اقتصققاد‬
‫جانب العرض إلى اقتصاد جانب الطلققب واعتققبر كينققز أن التققوازن القتصققادي‬
‫ربما يحدث دون الوصول إلى مسققتوى التشققغيل الكامققل و أن نقطققة التققوازن‬
‫تتحدد بتلقي العرض الكلي مع الطلب الكلي‪.‬‬
‫و يقرر كينز أن الطلب الكلي الفعققال )يتكقون مقن الطلقب السققتثماري و‬
‫الطلب الستهلكي( يزداد مع زيادة مستوى التشغيل و ينخفض مققع انخفاضققه‪،‬‬
‫ويبحث تحليل كينز أثر النقود على المجمعات الكلية أي يبحث أثر تغير عققرض‬
‫النقد ‪ -‬أي أثر السياسة النقدية – على المتغيرات القتصادية‪.‬‬
‫فتبين أنه عند زيادة عرض النقود من طرف السلطات النقدية يققؤدي إلققى‬
‫انخفاض أسعار الفققائدة فيققؤثر علققى السققتثمار نحققو الزيققادة‪ ،‬ممققا يققؤثر علققى‬

‫‪1‬‬
‫‪Michelle de Mourgues, La monnaie, Système financier et théorie monétaire, Economica, Paris, 9‬‬
‫‪Ed, 1993, P : 363-366.‬‬
‫محمد جمدي إبراهيم المسلماتي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.39 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫إسماعيل محمد هاشم‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.163 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪7‬‬
‫‪.‬‬

‫الطلب الكلي الفعال‪ ،‬فيؤدي إلى نقل الدخل التوازني إلى قيمة أعلقى و ذلقك‬
‫بسبب المضاعف )والعكس في حالة انخفاض عرض النقود(‪.‬‬
‫لكن رغم هذا التقدم الذي أحرزه كينز إل أنققه قققد ظهققرت أزمققات جديققدة‬
‫أصابت القتصاد المريكي وما كان لها مققن آثققار سققلبية علققى النتققاج و النمققو‪،‬‬
‫وأصبح معها واضحا قصور الفكار الكينزية‪ ،‬و ظهرت نتيجة لذلك مجموعة من‬
‫القتصاديين حاولوا تطوير التحليققل الكينقزي علقى أيقدي كققل مقن "هيكقس" و‬
‫"هانس"‪ ،‬و خرجوا بنماذج جديدة يطلق عليها "نماذج النمو الكينزي"‪.1‬‬
‫و يمكن تلخيص النظرة الحديثة في الطلب الفعال على أنها النقطة الققتي‬
‫يتحقق عندها التوازن النقدي‪ ،‬حيث أنها النقطة التي يتعادل عندها الدخار مققع‬
‫الستثمار‪ ،‬و هو شرط التوازن النقدي عند كينز‪ ،‬فيتحقق التوازن النقققدي فققي‬
‫نقطة الطلب الفعال لنه ل يوجد عندها أي دافققع لققدى رجققال العمققال لزيققادة‬
‫خططهققم السققتثمارية‪ ،‬و عنققد هققذه النقطققة يتعققادل معققدل الكفايققة الحديققة‬
‫للستثمار مع معققدل الفققائدة النقققدي‪ ،‬و أن التعققادل بيققن الدخققار و السققتثمار‬
‫تحدث من خلل التغيرات في الدخل من تأثير مضاعف الستثمار‪ ،‬و هو عكس‬
‫فكققر الكلسققيك فققي أن تعققادل الدخققار و السققتثمار يحققدث بواسققطة معققدل‬
‫الفائدة‪.2‬‬
‫و يرى الكينزيون الجدد صحة فكرة كينز أنه عند استقرار الطلققب الفعققال‬
‫عند مستوى أقل مققن التشققغيل الكامققل يتققم زيققادة السققتثمار لزيققادة الطلققب‬
‫الكلي‪ ،‬لكن الختلف في الرؤيققة هنققا أن زيققادة الطلققب الكلققي تتققم مققن خلل‬
‫تخفيققض معققدل الفققائدة النقققدي بواسققطة السققلطة النقديققة‪ ،‬ومققن تققم يققزداد‬
‫الستثمار الخاص نتيجة زيادة توقعات الرباح أي أن النظرة الحديثققة تققرى أنققه‬
‫ليس الساس هو زيادة الستثمار الحكومي‪ ،‬كما جرى عليه الجانب التطققبيقي‬
‫للفكر الكينزي‪ ،‬بل الساس هو نقل حالة الستثمار الخاص كما ذكر كينققز مققن‬
‫خلل دور السياسة النقدية في السيطرة علققى المتغيققرات القتصققادية و علققى‬
‫التضخم‪.3‬‬
‫و بالتالي يصبح الدور الرئيسي للسياسة النقدية هققو التققأثير علققى الطلققب‬
‫الفعال من خلل آلية معدل الفائدة‪ ،‬و تتوفر فعالية السياسة النقدية من خلل‬
‫شكل كل من منحنى تفضيل السيولة و منحنى الكفاية لرأس المققال‪ ،‬فمرونققة‬
‫منحنى تفضيل السيولة بالنسققبة لمعققدل الفققائدة حساسققة للتغيققر فققي عققرض‬
‫النقود‪ .‬فتكون السياسة النقديققة فعالققة فققي حالققة إذا كققان التغيققر فققي معققدل‬
‫الفائدة أكبر من التغير في كمية النقد‪ ،‬و تكققون السياسققة غيققر فعالققة إذا كققان‬
‫التغير في معدل الفائدة أقل من التغير في عرض النقد‪ ،‬أما بالنسققبة لمنحنققى‬
‫الكفايققة الحديققة لققرأس المققال فتكققون السياسققة النقديققة فعالققة كلمققا كققانت‬
‫حساسية الستثمار بالنسبة إلى سعر الفائدة ذات مرونققة أكققبر‪ ،‬بمعنققى أن أي‬
‫تغير في معدل الفائدة بنسبة معينة يققؤدي إلققى زيقادة فققي السققتثمار‪ ،‬وتكققون‬
‫السياسة النقدية غير فعالة في الحالة العكسية‪.‬‬
‫سهير محمود معتوق‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.174 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫محمد حمدي إبراهيم المسلماتي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.45 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫نفس المرجع‪ ،‬ص ص‪.46-45 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪8‬‬
‫‪.‬‬

‫و بالتققالي فققإن شققرط التققوازن فققي السققوق النقققدي هققو التعققادل بيققن و‬
‫التفضيل النقدي و شرط التوازن في السواق السلعية هو التعادل بين الدخار‬
‫و الستثمار‪ ،‬وعلى ذلك فإن المستوى التوازني للققدخل التقققدي يتحققدد عنققدما‬
‫يتوافر شرطان هما‪:1‬‬
‫التعادل بين التفضيل النقدي و كمية النقود المتداولة‪.‬‬ ‫•‬
‫التعادل بين الدخار و الستثمار‪.‬‬ ‫•‬
‫و نظققرا فققإن تصققحيح الختلل فققي السققوق النقققدي يحققدث بسققرعة فققإن‬
‫التعادل بين التفضيل النقدي و كمية النقود المتداولة يمثل شرط التوازن فققي‬
‫الجل القصير‪.‬‬
‫و نظرا لن تصحيح الختلل في السواق السلعية يتطلققب وقتققا حققتى يتققم‬
‫مضاعف الستثمار مفعوله فإن التعادل بين الدخقار و السقتثمار يمثقل شقرط‬
‫التوازن في الجل الطويل‪.‬‬

‫المطلب الخامس‪ :‬اشتقاق منحنى ‪ LM-IS‬والتوازن الكلي‪:2‬‬


‫بغرض الربط بين الجزء النقدي و الجزء الحقيقققي فققي القتصققاد‪ ،‬و بحققث‬
‫كيف يمكن أن يتحققق التقوازن الكقافي للسقوقين معقا‪ ،‬و تحلقل التقوازن فقي‬
‫السوقين‪.‬‬
‫اشتقاق منحنى ‪) IS‬التوازن في سوق النتاج(‪:‬‬
‫يوضح هذا المنحنى مختلف مستويات الدخل و سعر الفائدة الققتي يتحقققق‬
‫في ظلها التوازن في سوق النتاج‪ ،‬و هذا بتعققادل ‪ I‬و ‪) S‬الدخققار و السققتثمار(‬
‫المخططين بافتراض اقتصاد مغلق‪ .‬و يبين منحنققى ‪ IS‬مجموعققة مققن التوافيققق‬
‫من سعر الفائدة و الدخل‪ ،‬تحقق توازنا قصير الجل فقي القطقاع الحقيققي‪ ،‬و‬
‫أي نقطة على ‪ IS‬تعكس التوازن في سوق النتاج‪ ،‬وهناك علقققة عكسققية بيققن‬
‫الدخل)‪ (Y‬و معدل الفائدة )‪.(i‬‬
‫انتقال ‪ IS‬إلى اليمين في حالة تطبيق سياسة مالية‪ ،‬وانتقققاله إلققى اليسققار‬
‫‪i‬‬ ‫في حالة سياسة مالية انكماشية‪.‬‬

‫‪i1‬‬ ‫‪a‬‬

‫‪b‬‬
‫‪i2‬‬
‫‪IS‬‬

‫‪Y‬‬
‫‪Y1‬‬ ‫‪Y2‬‬
‫نفس المرجع‪ ،‬ص ص‪.47 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫أنظر‪ - :‬خضير عباس المهر‪ ،‬التقلبات القتصادية بين السياسة المالية و النقدية )في إطار‬ ‫‪2‬‬

‫النظرية الكينزية( ‪ ،‬مكتبة جامعة الرياض‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪ ،1981 ،‬ص ص‪.69-41 :‬‬
‫‪ -‬نعمة الله نجيب و آخرون‪ ،‬مقدمة في اقتصاديات النقود و المصرفة و السياسات النقدية‪،‬‬
‫الدار الجامعية‪ ،‬السكندرية‪ ،2001 ،‬ص ص‪.360-347 :‬‬
‫‪9‬‬
‫‪.‬‬

‫اشتقاق منحنى ‪) LM‬التوازن في سوق النقد( ‪:‬‬


‫يظهققر منحنققى ‪ LM‬نقققاط تسققاوي العققرض النقققدي ‪ M‬مققع الطلققب عليققه ‪.L‬‬
‫بالنسبة لعرض النقود فهو معطققى يتحققدد خققارج النمققوذج بسققبب قققرار البنققك‬
‫المركزي‪ ،‬ولذلك فالتوازن يتحقققق مققن خلل تكيققف الطلققب علققى النقققود مققع‬
‫المعروض منها‪.‬‬
‫ويتحدد الطلب على النقود حسب دوافققع الطلققب عليققه‪ .‬و بيققن منحنققى ‪LM‬‬
‫العلقة بين ‪) i‬معدل الفائدة( ومستوى الدخل )‪ (Y‬تبعا لتغيرات كمية النقود ‪،M‬‬
‫وبين أن هناك علقة طردية بين ‪ i‬و ‪.Y‬‬
‫يبين هذا الشكل اشتقاق منحنى )‪ (LM‬في النقطة الوسطى‪ ،‬ولكن يمكققن‬
‫أن نميز بين ثلث مناطق لدالة تفضيل السيولة‪ :‬المنطقققة الكلسققيكية و الققتي‬
‫تنطبق فيها دالة تفضيل السيولة على المحور الرأس سعر الفائدة دللققة علققى‬
‫عدم وجود طلب على النقود لغققراض المقاربققة و يكققون منحنققى )‪ (LM‬رأسققيا‬
‫عند مستوى الدخل الذي يتطلب كمية عرض النقد بكامله لغراض المعاملت‪،‬‬
‫ومنطقة فخ السيولة الكينزية التي تكون فيها دالة تفضققيل السققيولة أفقيققة أي‬
‫أن الطلققب علققى النقققود بققدافع المضققاربة يصققبح ل نهققائي المرونققة‪ ،‬عنققد‬
‫المستويات الدنيا لسعر الفائدة‪ ،‬و بالتالي يكون الشكل كما يلي‪:‬‬

‫المنط‪LM‬‬
‫‪i‬‬
‫قة‬
‫الكلسي‬
‫كية‬
‫المنطقة‬
‫منطقة فخ‬
‫المتوسط‬
‫السيولة‬
‫ة‬
‫الكينزية‬

‫‪Y‬‬

‫و بالتالي فإن أثر السياسة النقدية سينعكس حسب وضع المنحنى ‪.LM‬‬
‫‪i‬‬
‫‪LM‬‬
‫‪i2‬‬
‫‪b‬‬

‫‪i1‬‬ ‫‪a‬‬

‫النقد ‪ M‬تخضع للسياسة النقدية المتبعة سواء كققانت تقليديققة‬


‫‪Y‬‬
‫كما أن كمية‬
‫السياسة النقدية‪Y1،‬حيث يرتبط ‪ LM‬مع العرض النقدي‬
‫‪Y2‬‬ ‫أو توسعية‪ ،‬وهي موضوع‬
‫‪10‬‬
‫‪.‬‬

‫بعلقة طردية‪ ،‬و أي نقطة على يمين ‪ LM‬تققبين عرضققا نقققديا زائدا‪ ،‬وأي نقطققة‬
‫على يساره تبين طلبا زائدا في السوق النقدي‪.‬‬
‫التوازن الكلي‪:1‬‬
‫عند تجميع الجزاء السابقة مع بعضققها يمكققن أن نشققكل نموذجققا للتققوازن‬
‫العام يسمح بتحديد مدى فاعلية السياسة الماليققة و النقديققة‪ ،‬و هققو مققا يطلققق‬
‫عليه تحليل "هيكس‪-‬هانسون" أو النظرية الكينزية الجديدة‪ ،‬وهي تحاول تحديد‬
‫المستوى لق ‪ Y‬و ‪ i‬في آن واحد عن طريق ربطهما بالستثمار )‪ (I‬و الدخققار )‪(S‬‬
‫و الطلب النقدي و عرض النقد‪ ،‬و بعكس‪ ،‬و بتجميعهما في شكل واحد يتحققدد‬
‫‪ Y‬و ‪ i‬تحديدا أنيا و يتضح من الشكل أن هناك ‪ 3‬احتمالت لهذا التقوازن‪ ،‬تتحقدد‬
‫تبعا لوضع منحنى )‪.(LM‬‬

‫‪LM‬‬
‫‪IS3‬‬
‫‪i‬‬

‫‪IS2‬‬

‫‪IS1‬‬

‫و إذا تحقق التوازن في أي نقطة وكانت هناك حاجة لزيقادة حجققم الققدخل‬
‫انكماشية مثل‪ ،‬فيمكن تحقيق ذلك بصفة عامة بإتبققاع السياسققات‬
‫‪Y‬‬ ‫لوجود فجوة‬
‫القتصادية و المالية و‪ /‬أو النقدية التوسعية مما يؤثر على كل من منحنققى ‪ IS‬و‬
‫‪ ،LM‬وهنا نجد أن فعالية كل سياسة تختلققف مقن منطقققة لخققرى‪ ،‬و قققد تكققون‬
‫إحداهما عديمة الفعالية‪.‬‬
‫فبالنسبة للسياسة المالية تكون فعالة في المنطقة الكينزية‪ ،‬و تكون غيققر‬
‫فعالة في المنطقة الكلسيكية‪ ،‬أما بالنسبة للسياسة النقدية‪ ،‬تكون فعالة فققي‬
‫المنطقة الكلسيكية‪ ،‬و تكون غير فعالة في المنطقة الكينزية‪.‬‬

‫أنظر‪ - :‬ضياء مجيد الموسوي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص‪.165-145 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬نعمة الله نجيب ‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص‪.261-260 :‬‬


‫‪11‬‬
‫‪.‬‬

‫النظرية الحديثة وآثار تغيرات قيمة النقد‬

‫المطلب الول‪ :‬التحليل النقدي المعاصر‪ :‬الفروض وتحليل جانبي‬


‫العرض والطلب‬
‫لقد شهدت النظرية الكميققة التقليديققة إضققافات جديققدة‪ ،‬اشققتهرت باسققم‬
‫النظرية الحديثة لكمية النقود‪ ،‬على يد مفكري مدرسة شيكاغو وعلى رأسققهم‬
‫الستاذ "فريدمان"‪ ،‬حيث اتجهت هذه المدرسققة مققن جديققد إلققى التأكيققد علققى‬
‫أهمية السياسة النقدية‪ ،‬مجددة الفكر الكلسيكي مستفيدة مققن التقققدم الققذي‬
‫تحقق من الكتابات القتصادية السابقة له‪.‬‬
‫وقد انطلق هذا التحليل من مجموعة من الفروض كما يلي‪:1‬‬
‫يعتبر التقلبققات الققتي تحققدث فققي اقتصققاد مققا بمثابققة نتيجققة لحققدوث‬ ‫•‬
‫تغيرات في السياسة النقدية وليس نتيجة لحدوث تقلبات من جانب الطلب‬
‫الخاص ‪.‬‬
‫عرض النقققد ليققس لققه أي تققأثير فققي الجققل الطويققل علققى مسققتوى‬ ‫•‬
‫التوازن الخاص بالدخل الكلي الحقيقي‪.‬‬
‫تمارس النقود أثرا مباشرا وهاما على النفاق الكلي ومققن تققم علققى‬ ‫•‬
‫الدخل في المدة القصيرة‪.‬‬
‫استبعاد العلقة التناسبية بين التغيرات النقدية ومستوى السعار‪.‬‬ ‫•‬
‫السياسة النقدية هي الداة القويققة والفعالققة إلققى أبعققد الحققدود فققي‬ ‫•‬
‫مجال تحقيق الستقرار القتصادي ويشككون في دور السياسات المالية‪.‬‬
‫حصر دور الدولة في أضيق الحدود‪.‬‬ ‫•‬
‫سرعة تداول النقود وإن كانت غير ثابتة تماما إل أنهققا تتمتققع بدرجققة‬ ‫•‬
‫من الثبات النسبي ويمكن التنبققؤ بهققا‪ ،‬وهققي تتققأثر بمجموعققة مققن العوامققل‬
‫تختلف تماما عن تلك المؤثرة في عرض النقود وبالتالي فققإن التحققرك فققي‬
‫سرعة تداول النقود يكون مستقل تماما عن التغير في عرض النقود‪.‬‬
‫ولنبدأ بتحليل جانبي العرض والطلب علققى النقققود انطلقققا مققن الفققروض‬
‫السابقة‪:‬‬
‫جانب العرض ‪:‬‬ ‫‪.1‬‬
‫برى فيردمان أن العوامل المؤثرة على عققرض النقققود مسققتقلة عققن تلققك‬
‫المؤثرة على طلبها‪ ،‬وأن عرض النقود من خلل تحكققم السياسققة النقديققة هققو‬
‫الذي يحدد مستوى سعر الفائدة‪.2‬‬
‫ويققرى النقققديون أن التغيققر فققي المعققروض النقققدي ل يققؤثر فقققط علققى‬
‫النشاط القتصادي‪ ،‬بل دور النققود أوسقع مقن ذلقك بكقثير‪ ،‬إذ أنقه فقي الجقل‬
‫القصير هو العامل الجوهري المحدد للنشاط القتصادي و السبب في ذلققك أن‬
‫أنظر ‪ -‬سهير محمود معتوق‪ ،‬السياسة النقدية في التحليل الكينزي و النقدي مع إشارة خاصة‬ ‫‪1‬‬

‫للبلد المتخلفة‪ ،‬مجلة مصر المعاصرة‪ ،‬تصدر عن الجمعية المصرية للقتصاد و التشريع و‬
‫الحصاء‪ ،‬العددان‪ ،1987 ،408-407 :‬ص ص‪.182-171 :‬‬
‫‪ -‬جودة عبد الخالق‪ ،‬كريمة كريم‪ ،‬محاضرات في النقود و البنوك‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪ ،1992‬ص ص‪.257-256 :‬‬
‫عادل أحمد حشيش‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.119 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪12‬‬
‫‪.‬‬

‫جانب الطلب على النقود يتمتع بقققدر مققن الثبققات النسققبي‪ ،‬و بالتققالي تغيققرات‬
‫عرض النقد هي العامل المحدد للنشاط القتصادي‪.‬‬
‫فإذا قامت السلطات النقدية بزيادة عرض النقود ستزيد السيولة‪ ،‬و تؤدي‬
‫إلى زيادة إقبال الفراد على شراء الصول المالية و غير المالية‪ ،‬و يؤدي ذلققك‬
‫إلى زيادة الطلب الكلي‪ ،‬مما ينتج عنصر زيادة في النتاج و التشققغيل إذا كققان‬
‫القتصاد في حالة أقل من التشغيل الكامل‪ ،‬أمققا إذا كققان القتصققاد فققي حالققة‬
‫التشغيل الكامل‪ ،‬فإن زيادة عرض النقود سيؤدي إلى رفع السققعار )والعكققس‬
‫في حالة خفض كمية النقد(‪.‬‬
‫إضافة إلى ذلك يعتبر فريدمان أن تحقيق الستقرار النقدي يتطلب زيققادة‬
‫عققرض النقققود بنسققبة ثابتققة و مسققتقرة تتفققق مققع النمققو القتصققادي‪ ،‬فققدور‬
‫السلطات النقدية ينحصر في مهمقة رقابققة كميققة النقققد و العمققل علققى نموهققا‬
‫بمعدل مستقر متفق مع معدل نمو القتصاد‪ ،‬و يرى أن الهمية لعرض النقد و‬
‫‪∆ M‬‬
‫للطلققب عليققه كمققا يققرى كينققز‪ .1‬و بالتققالي فققإن النسققبة التاليققة هققي‪:‬‬
‫ليققس ‪∆ PIB‬‬
‫= ∆ ‪ ،‬و بذلك يصبح الصدار النقدي دالة للمتغير الحقيقي‪.‬‬
‫جانب الطلب‪:‬‬ ‫‪.2‬‬
‫لقققد انتهققى فريققدمان إلققى أن الطلققب علققى النقققود يتوقققف علققى نفققس‬
‫العتبققارات الققتي تحكققم ظققاهرة الطلققب علققى السققلع و الخققدمات‪ ،‬و هققي‬
‫العتبارات التالية‪:2‬‬
‫الثروة‪ :‬التي تمتلكها الوحدة القتصادية التي تطلققب النقققود‪ .‬و‬ ‫•‬
‫هي تقابل الدخل أو قيد الميزانية في نظرية الطلب العادية‪.‬‬
‫الثمان و العوائد مققن البققدائل الخققرى للحتفققاظ بققالثروة فققي‬ ‫•‬
‫صورة سائلة – تكلفة الفرصة البديلة ‪.-‬‬
‫الذواق‪ :‬و هققو مققا أطلققق عليققه فريققدمان اصققطلح ترتيققب‬ ‫•‬
‫الفضليات‪.‬‬
‫وانطلقا من البحث التطبيقي الذي قام به فريققق مدرسققة شققيكاڤو علققى‬
‫شكل دالة الطلب على النقود بالعتماد على متغير أساسي واحد فققي تفسققير‬
‫دالققة الطلققب النقققدي أل و هققو الققدخل أو الققثروة‪ ،‬وهمققا مرتبطققان معققا عنققد‬
‫فريققدمان بفضققل اسققتخدام فكققرة الققدخل الققدائم‪ ،‬و يأخققذ فريققدمان الققثروة‬
‫بمفهومها الواسع‪ ،3‬فهي تشقمل النققود‪ ،‬الصقول النقديقة‪ ،‬السقندات‪ ،‬الصقول‬
‫المالية‪ ،‬السهم‪ ،‬أصول طبيعية‪ ،‬رأس المال العيني‪ ،‬رأس المال البشري‪.‬‬
‫و يدعو فريدمان إلى النظر لعلقة الطلب على النقود نظققرة شققاملة مققن‬
‫خلل مقارنة‪:4‬‬
‫عائد النقود الحقيقي و المتمثل فققي قيمتهققا أو نسققبة مبادلتهققا‬ ‫•‬
‫بالسلع الخرى‪ ،‬حيث تتحدد قيمتها عندئذ بمستوى السعار‪.‬‬
‫‪ 1‬حازم البيلوي‪ ،‬دليل الرجل العادي إلى تاريخ الفكر القتصادي‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط ‪،1995 ،1‬‬
‫ص‪.18 :‬‬
‫‪ 2‬إسماعيل محمد هاشم‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.189 :‬‬
‫‪ 3‬نفس المرجع‪ ،‬ص ص‪.191-189 :‬‬
‫‪ 4‬عادل أحمد حشيش‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.120 :‬‬
‫‪13‬‬
‫‪.‬‬

‫عققوائد الصققول الخققرى المكونققة للققثروة و الققتي تتمثققل فققي‪:‬‬ ‫•‬


‫الفائدة علققى الصققول النقديققة )السققندات(‪ ،‬الفققائدة علققى الصققول الماليققة‬
‫)السهم(‪ ،‬عائد رأس المال )كاللت( و عائد رأس المال البشري‪.‬‬
‫العوامل الخرى المتعلقة بالجانب الكيفي للققثروة كققالذواق‪ ،‬و‬ ‫•‬
‫العادات السائدة في وقت معين‪.‬‬
‫التغيققرات الهيكليققة المقؤثرة علققى توزيققع الققثروة بيققن الصققول‬ ‫•‬
‫المختلفة مما يختلف من بلد لخر و يتطقور عقبر الزمقن‪ ،‬وفققا للظقروف و‬
‫الحققوال القتصققادية‪ .‬و تتضققمن هققذه التغيققرات اتجققاه الفققراد فققي بعققض‬
‫الفترات )الزمات مثل( إلى تفضيل الحتفاظ بجانب هام مققن ثرواتهققم فققي‬
‫شكل نقدي بدل من استثمارها في أصول مالية تدر عائد مرتفع‪.‬‬
‫و صيغة دالة الطلب على النقود هي‪:1‬‬
‫‪Y‬‬
‫‪Md = f (P, rb, re, ∆∆ Pt‬‬ ‫‪. 1P , r‬‬ ‫)‪, W.U‬‬
‫‪ :Md‬الطلب على النقود‪.‬‬
‫‪ :P‬المستوى العام للسعار‪.‬‬
‫‪ :rb‬عائد السندات‪.‬‬
‫‪ :re‬عائد السهم‪.‬‬
‫‪ :‬يمثل عائد الصول الطبيعية بتحديد معدلت الستهلك و‬ ‫‪∆ P . 1‬‬
‫‪∆ t‬‬ ‫‪P‬‬
‫خلل الزمن‪.‬‬ ‫تقديرها من‬
‫‪ :W‬تعققبر عققن العلقققة بيققن رأس المققال البشققري إلققى رأس المققال غيققر‬
‫البشري‪.‬‬
‫‪ : U‬الذواق و ترتيب الفضليات‪.‬‬
‫و بافتراض فريدمان عدم وجود خداع نقدي يجعققل دالققة الطلققب علققى النقققود‬
‫حقيقية تتوقف على اعتبارات عينية و الثروة بالدخل الدائم )‪.(YP‬‬
‫)‪Md = f (P, rb, re, ∆∆ Pt . 1P , YPP , W.U‬‬
‫و بالتالي فإن الطلب على السيولة النقدية دالة في عوائد الصول المالية‬
‫التضخم المرتقب مقن طققرف السقلطات‬ ‫معدل ‪∆ P‬‬‫و النقدية وهو متغير خارجي و ‪1‬‬
‫‪∆ t‬‬ ‫‪P‬‬
‫خارجي الدخل الققدائم الققذي يعتققبر متغيققرا‬ ‫متغير‬ ‫وهو‬ ‫‪.‬‬ ‫النقدية‬
‫داخليا‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫و يرى فريدمان بخصوص هذه الدالة ما يلي ‪:‬‬
‫أنها صورة معدلة لمعادلة كامبريدج‪.‬‬ ‫•‬
‫أنها دالة مستقرة‪ ،‬وإن كققان اسققتقرارها ل يتطلققب ثباتهققا‪،‬‬ ‫•‬
‫وهذا الستقرار يتطلب نظرة خاصة إلى طبيعة هذه الدالة‪.‬‬
‫أثر النقود و السياسة النقدية على النشاط القتصادي‪:‬‬

‫أنظر‪ - :‬ضياء مجيد الموسوي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.142 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬جودة عبد الخالق‪ ،‬كريمة كريم‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.259 :‬‬
‫‪ -‬إسماعيل محمد هاشم‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص‪193-192 :‬‬
‫إسماعيل محمد هاشم‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.193 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪14‬‬
‫‪.‬‬

‫لقد بحث فريدمان الثار المختلفة للنقود على الوضاع التوازنية المختلفققة‬
‫فإذا كان القتصاد عند مستوى أقل من التشغيل الكامققل و قققررت السققلطات‬
‫النقدية زيادة في عرض النقود‪ ،‬فسيؤدي ذلك إلى زيادة الرصدة النقدية لققدى‬
‫الفراد و المشروعات و سينعكس ذلك فققي شققكل زيققادة فققي الطلققب الكلققي‬
‫التي ينتج عنها زيادة في النتاج و التشغيل في الجل القصير فقط‪.‬‬
‫و إذا كان القتصاد عند مسققتوى التشققغيل الكامققل فزيققادة عققرض النقققود‬
‫تؤدي إلى رفع المستوى العام للسعار‪.‬‬
‫و يفسر فريدمان التضخم بأنه نمو الكتلة النقديققة بسققرعة أكققبر مققن نمققو‬
‫الناتققج المحلققي الجمققالي و بالتققالي اختلل نقققدي‪ ،‬وهنققا يققأتني دور السياسققة‬
‫النقديققة فققي امتصققاص الفققائض النقققدي و التققأثير علققى الوضققاع التوازنيققة‪ ،‬و‬
‫ميكانيزم انتقال أثر السياسة النقدية يعمل من خلل الميزانية )أثققر الققثروة( و‬
‫من خلل تغيرات معدل الفائدة‪.‬‬

‫المطلققب الثققاني‪ :‬التجاهققات النيوكلسققيكية الخققرى ومدرسققة‬


‫اقتصاديات جانب العرض‬
‫‪ -1‬التجاهات النيوكلسيكية الخرى ‪:1‬‬
‫يجمققع مفكققرو هققذه المدرسققة بيققن الفكققر الكلسققيكي التقليققدي و الفكققر‬
‫النقدي في مجال السياسة النقدية‪ ،‬إذ يرون أن دور النقققود حيققادي و ينصققرف‬
‫أثرها على السعار فقط‪ ،‬و ذلك عند تبني السلطات النقدية لسياسققات نقديققة‬
‫متوقعة من قبل أفراد المجتمع ممققا يققدفعهم إلققى المطالبققة بتعققديل أجققورهم‬
‫لتتواءم مع مستويات السعار المرتفعة‪ ،‬مما سيؤدي إلى تغيققر موضققع منحنققى‬
‫العرض الكلي ليتقاطع عند نقطة توازنية جديدة تعبر عققن اسققتمرارية التققوازن‬
‫عند مستوى المعدل الطبيعي الناتج السققائد فيمققا سققبق و لكققن عنققد مسققتوى‬
‫جديد للسعار‪.‬‬
‫أما في حالة تبني السلطات النقدية لسياسة نقدية غير متوقعقة مقن قبقل‬
‫أفققراد المجتمققع فقإن تأثيرهقا سققوف ينصقرف إلققى كققل مقن الناتققج و السقعار‬
‫)الجانب الحقيقي من القتصاد( و تكون النقود فققي هققذه الحالققة غيققر حياديققة‪،‬‬
‫نظرا لعدم توافر معلومات كافيقة عقن اتجاهقات السقلطات النقديقة و بالتقالي‬
‫عدم المطالبة بتعديل الجور‪ ،‬و من تم عدم التأثير على منحنى العرض الكلي‪.‬‬
‫و قد دعم هذا الفكر دراسة "روبرت بارو" عققن القتصققاد المريكققي خلل‬
‫الفترة من ‪ 1976-1941‬والتي أكدت وجهة النظر السابقة من خلل تقققدير أثققر‬
‫التغيرات في المعروض النقدي سواء كانت متوقعة أو غير متوقعة على الناتققج‬
‫و ذلك في حالتي إما أخذ عنصر البطاء الزمني في الحسبان أو عدم أخققذه‪ .‬و‬
‫نظرا لن للنقود أثر على مستوى السعار فقي كلتقا الحققالتين فققد أيقدت تلقك‬
‫الدراسققة آراء النقققديين بشققأن ضققرورة تبنققي سياسققات معققدل النمققو الثققابت‬
‫رانيا عند المنعم محمد راجح‪ ،‬دور الدوات الكمية للبنك المركزي في فعالية السياسقة النقديقة )مقع‬ ‫‪1‬‬

‫دراسة الحالة المصرية في ظل القانون الجديد للبنك المركققزي و الجهققاز المصققرفي و النقققد( رسققالة‬
‫مقدمة للحصول على درجة ماجستير فققي القتصققاد‪ ،‬كليقة العلقوم القتصقادية‪ ،‬جامعققة الققاهرة )غ م(‬
‫‪ ،2005‬ص ص‪.25-24 :‬‬
‫‪15‬‬
‫‪.‬‬

‫للمعروض النقدي بحيث تتلءم مع معدل نمو الناتققج و يتحقققق السققتقرار فققي‬
‫مستوى السعار‪ ،‬أي لتبني سياسة غير تدخيلية من قبل للحد من عققدم التأكققد‬
‫بالنسققبة للسياسققة النقديققة و زيققادة مصققداقيتها‪ ،‬ومققن الجققدير بالققذكر أن‬
‫الكلسيكيون الجدد أوضحوا إمكانية أن يكون للسياسة النقدية التوسققعية أثققرا‬
‫سلبيا و ذلك إذا كانت أقل توسعا عما كققان متوقعققا‪ ،‬حيققث سققيؤدي ذلققك إلققى‬
‫خفض الناتج وزيادة السعار بصورة كبيرة‪.‬‬

‫‪ -2‬مدرسة اقتصاديات جانب العرض‪:1‬‬


‫يتفق أنصار مدرسة اقتصاديات جانب العرض مققع أنصققار مدرسققة النقديققة‬
‫حول أهمية السياسة النقدية‪ ،‬حيث يرون أن التضخم ظاهرة نقدية )أي زيققادة‬
‫في عرض النقققود بمققا يفققوق معققدل النمققو القتصققادي(‪ ،‬وأن هنققاك سياسققات‬
‫وإجراءات نقدية يجب اللجوء إليها لمكافحة التضخم‪ ،‬مثل إتباع سياسققة نقديققة‬
‫تقييدية للحد من الضغوط التضخمية‪ ،‬إل أن هذا الققرأي قققد تراجققع مققن جققانب‬
‫العديد من أنصار تلك المدرسة‪ .‬حيث أشاروا إلى ضرورة إتباع سياسققة نقديققة‬
‫توسعية محكومة بمعققدل نمققو ثققابت‪ ،‬حققتى ل يسقاهم فققي حققدوث أي ضققغوط‬
‫تضخمية و خاصة بعد التطرق إلى الثار الضارة للسياسة النقدية علققى أسققعار‬
‫الفائدة و من تم الستثمار و العرض الكلي‪.‬‬
‫و قد أشار أنصار تلققك المدرسققة إلققى ضققرورة العققودة إلققى نظققام قاعققدة‬
‫الذهب )أو إلزام البنك المركققزي بزيققادة عققرض النقققود بمعققدل نمققو بطيققء و‬
‫ثابت( و هو مققا يققترتب عليققه وضققع أسققس متينققة لسققتقرار أسققعار الصققرف و‬
‫تخفيض أسعار الفائدة من الضغوط التضخمية و تحجيم قدرة البنوك المركزية‬
‫من التوسع في الصدار النقدي و بالتالي إيجابيا في الحققد مققن عجققز الموازنققة‬
‫العامة للدولة إلى جانب المساهمة في الحد مققن تققدخل الدولققة فققي النشققاط‬
‫القتصادي‪ ،‬و تتعارض وجهة النظر هذه مع النقديين الذين يرون ايجابية أسعار‬
‫الصرف المعرفة و ملئمتها في دعم القتصاديات الرأسمالية في التكيققف مققع‬
‫الصدمات الخارجية‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬سمات وخصائص المدارس القتصادية المختلفة‬
‫من خلل ما سبق يمكن التوصل إلى أهم السمات و السياسات الرئيسية‬
‫للمدارس الفكرية المختلفة‪:‬‬

‫نفس المرجع‪ ،‬ص‪.27 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪16‬‬
‫‪.‬‬
‫أثر السياسة النقدية على بعض المتغيرات‬ ‫آلية انتقال‬ ‫الموائمة الذاتية‬
‫السياسات المقترح‬
‫الكلية‬ ‫السياسة‬ ‫للقتصاد بدون‬ ‫محور الهتمام‬
‫إتباعها‬
‫السعار‬ ‫التوظف‬ ‫الناتج‬ ‫النقدية‬ ‫تدخل الدولة‬
‫سياسة نقدية تعمل‬
‫الكلسيك‬
‫على خلق النقود‬ ‫يوجد‬ ‫ل يوجد‬ ‫ل يوجد‬ ‫مباشرة‬ ‫توجد‬ ‫استقرار السعار‬
‫ية‬
‫فقط‬
‫قد يوجد في‬
‫البطالة)عند مستوى‬
‫دالة‬
‫أقل من التشغيل‬
‫التوظف‬
‫سياسة نقدية نشطة‬ ‫يوجد‬ ‫يوجد‬ ‫غير مباشرة‬ ‫ل توجد‬ ‫الكامل( ‪ -‬فترات‬ ‫الكينزية‬
‫الكامل أو‬
‫الركود ‪ -‬الطلب‬
‫القتراب‬
‫الكلي الفعال‬
‫منها‬
‫سياسة نقدية غير‬ ‫يوجد في الجل القصير ل يوجد في الجل‬ ‫مباشرة‪+‬غير‬
‫توجد‬ ‫التضخم‬ ‫النقدية‬
‫نشطة‬ ‫الطويل‬ ‫مباشرة‬
‫البطالة –فترات‬
‫ضعيفة و بطيئة‬ ‫الكينزية‬
‫سياسة نقدية نشطة‬ ‫يوجد‬ ‫يوجد‬ ‫يوجد‬ ‫غير مباشرة‬ ‫الركود‪-‬الطلب‬
‫جدا‬ ‫الحديثة‬
‫الكلي‬
‫يوجد أثر على السعار فقط في حالة‬
‫عدم فعالية السياسة‬ ‫الكلسيك‬
‫السياسة المتوقعة‪.‬‬
‫المعلنة على النتاج‬ ‫مباشرة‬ ‫توجد‬ ‫التضخم‬ ‫ية‬
‫يوجد أثر على الناتج و التوظف و السعار‬
‫و التوظف‬ ‫الجديدة‬
‫في حالة السياسة غير المتوقعة‬
‫الركود – الطلب‬
‫غاية في‬
‫يوجد أثر لكل من السياسة المتوقعة و غير‬ ‫الكلي‪ -‬النمو‪-‬‬ ‫الكينزية‬
‫سياسة نقدية نشطة‬ ‫غير مباشرة‬ ‫الضعف إلى حد‬
‫المتوقعة على المتغيرات الثلثة‬ ‫النتاجية‪-‬توزيع‬ ‫الجديدة‬
‫كبير‬
‫الدخل‬
‫سياسة نقدية أقل‬ ‫يوجد في الجل القصير‪.‬‬ ‫مباشرة‪+‬غير‬ ‫توجد‬ ‫الركود‪-‬الطلب‬ ‫اقتصاديا‬
‫توسعية تتبع نظام‬ ‫يوجد في الجل الطويل‪.‬‬ ‫مباشرة‬ ‫الكلي‪-‬النمو‪-‬‬ ‫ت جانب‬
‫معدل ثابت لنمو‬ ‫النتاجية‬ ‫العرض‬

‫‪17‬‬
‫‪.‬‬
‫المعروض النقدي‬

‫المصدر ‪ :‬رانيا عبد المنعم محمد راجح‪ ،‬دور الدوات الكمية للبنك المركزي في فعالية السياسة النقدية )مع دراسة الحالة المصرية في ظل القانون الجديد‬
‫للبنك المركزي و الجهاز المصرفي و النقد( رسالة مقدمة للحصول على درجة ماجستير في القتصاد‪ ،‬كلية العلوم القتصادية‪ ،‬جامعة القاهرة )غ م( ‪،2005‬‬
‫ص‪.28 :‬‬

‫‪18‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬الثار القتصادية للتغيرات في قيمة النقود‬
‫إن العبرة في النقود بقوتها الشرائية أو قيمة مبادلتها بغيرها من السلع و‬
‫الخدمات‪ ،‬و يؤثر ارتفاع السعار على كمية ما تشتريه من السلع و الخققدمات‪،‬‬
‫فيضعف قوتها الشرائية‪ ،‬وهي في علقة عكسية مع حركة السعار )المسققتوى‬
‫العام للسعار(‪.‬‬
‫و يمكقن قيقاس التغيقر فقي قيمقة النققود عقن طريقق متقابعو التغيقر فقي‬
‫مستوى السعار و التي تتأثر بتيار النفاق النقدي أو المدفوعات النقدية‪ ،‬و تيار‬
‫السلع و الخدمات المباعة في السواق‪.1‬‬
‫الثار القتصادية لتقلبات قيمة النقود‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫إن تغير قيمة النقود لها آثارا اقتصادية هامة‪ ،‬يمكن إجمالها فيما يلي ‪:‬‬
‫‪ ‬أثر التغيرات في قيمة النقود على مستوى النتاج‪ :‬يمكن أن نلحظ ذلك مققن‬
‫ناحيتين‪:‬‬
‫• في حالة انخفاض الئتمان‪ :‬فإن مخاطر المنظمين تققزداد‪ ،‬نظققرا لن الثمققن‬
‫الذي يباع به النتاج سوف يكون أقل من الئتمان التي كققانت متوقعققة عنققد‬
‫التفكير في القيام بالمشروع لول مرة و في هذه الحالة تقل الرباح‪ ،‬و قد‬
‫تنعدم أو يحقق المنظم خسائر‬
‫و قد يؤدي انخفاض الئتمان إلى انخفاض النتاج فققتزداد البطالققة و تققؤدي‬
‫إلى انخفاض الطلب الكلي‪.‬‬
‫• في حالة ارتفاع الئتمان‪ :‬قد تققؤدي إلققى زيققادة النتققاج وانخفققاض البطالققة‪،‬‬
‫وازدياد هوامش الربح‪ ،‬و يصبح هناك حافز لدى المنتجين لتوسققيع نشققاطهم‬
‫القتصادي فيزيد النتاج و تنخفض البطالة و يتوسع الطلب‪.‬‬
‫‪ ‬أثر تغير قيمة النقود على التوزيع‪ :‬إن تغير قيمة النقود يكون نوعا من إعققادة‬
‫التوزيع المقصود للدخل‪ ،‬لنه يؤثر في الطبقات المختلفة‪ ،‬مقن ذوي الققدخول‬
‫المحدودة الذين ستتحسن دخولهم في حالة انخفاض الئتمان و العكس عنققد‬
‫ارتفاعها ‪،‬أما بالنسبة لذوي الدخول المتغيرة )الربققاح( فققإنهم يكسققبون عنققد‬
‫ارتفاع السعار و العكس عند انخفاضها‪.‬‬
‫‪ ‬عند ارتفاع القوة الشرائية للنقود )انخفاض السعار( فإن هذا يضققر بققالمركز‬
‫القتصادي للمدينين و يعققود بققالخير علققى الققدائنين‪ ،‬و بققالعكس إذا انخفضققت‬
‫القوة الشرائية يتدهور المركز القتصادي للدائنين و يتحسن للمدينين‪.‬‬
‫العوامل المحددة لعرض النقود‪:3‬‬
‫يعرف عرض النقققد تقليققديا علققى أنققه العملققة فققي التققداول خققارج الجهققاز‬
‫المصرفي زائد نقود الودائع‪ ،‬و السبب الذي يجعل من الودائع )الودائع الجارية‬
‫لدى الجهاز المصرفي( جزء من عرض النقود هققي تتلخققص فققي كونهققا سققائلة‬
‫‪ ،%100‬و أنققه يمكققن سققحبها بسققهولة و تحويلهققا إلققى نقققد بسققرعة و بققدون‬
‫خسارة‪.‬‬

‫‪ 1‬عادل أحمد حشيش‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.127 :‬‬


‫‪ 2‬أنظر‪ - :‬عادل أحمد حشيش‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص‪.138-130 :‬‬
‫‪ -‬إسماعيل محمد هاشم‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص‪.211-199 :‬‬
‫‪ 3‬عبد المنعم السيد علي‪ ،‬دراسات في النقود و النظرية النقدية‪ ،‬مطبعة العاني‪ ،‬بغداد‪ ،‬ط ‪،1976 ،2‬‬
‫ص ص‪.94-92 :‬‬
‫‪19‬‬
‫أما العملة في التققداول فهققي فقققط ذلققك الجققزء الققذي هققو خققارج الجهققاز‬
‫المصرفي‪ ،‬لن الجزء المحتفظ به من طققرف البنققوك غيققر خاضققع للتققداول‪ ،‬و‬
‫إنما يعتبر نقدا احتياطيا تقواجه بقه البنقوك أيقة سقحوبات نقديقة محتملقة علقى‬
‫الودائع لديها‪ ،‬لذا فهو ل يدخل ضمن عرض النقد‪ ،‬أما تركيب عرض النقققد مققن‬
‫حيث نسبة كل عملة في التداول و نقود الودائع إلى مجموع عرض النقد‪ ،‬فهو‬
‫يختلف من قطققر لخققر متققأثرا فققي ذلققك بمققدى الجهققاز المصققرفي و العققادات‬
‫المصرفية للفراد ومستوى التقدم القتصادي و الجتماعي و السياسققي للبلد‪،‬‬
‫و القاعدة العامة هي أنه كلما كان الجهققاز المصققرفي أكققثر تقققدما‪ ،‬و العققادات‬
‫الصرفية للجمهور أكثر استقرارا و الوضع الجتمققاعي و السياسقي العققام أكقثر‬
‫أمنا كلما ارتفعت نسبة نققود الققودائع إلقى عقرض النقققد و العكقس صقحيحا‪ .‬و‬
‫بصفة عامة الذي يحدد عرض النقود هو‪ :‬إضافة عن كمية النقود و حجققم ودائع‬
‫الئتمان‪:‬‬
‫الحجم المتققوفر مققن نقققود السققاس المعققد للسققتعمال كعملققة فققي‬ ‫•‬
‫التداول او كاحتياطي نقدي لدى الجهاز المصرفي )مقدار الققذهب المتققوفر‪،‬‬
‫مقدار النقود الخرى التي تصدرها السلطات النقدية كققأوراق نقققد‪ ،‬سياسققة‬
‫البنك المركزي لتوفير الئتمان و كلفته(‪.‬‬
‫عادات الجمهور الصرفية فيما يتعلق بالنسبة التي يرغب أن يحتفققظ‬ ‫•‬
‫بها كنقود اعتيادية )عملة في التداول( و كنقود ودائع‪.‬‬
‫نسبة الحتياطي النقدي الققذي يجققب أن تحتفققظ بققه البنققوك لتغطيققة‬ ‫•‬
‫ودائع الجمهور لديها و لمواجهة السحوبات النقدية و بالتالي تأمين تأسققيس‬
‫سقيولة الجهقاز المصقرفي‪ ،‬و كقذلك نوعيقة الجهقاز المصقرفي فيمقا يتعلقق‬
‫بالقروض و الستثمار‪.‬‬
‫الطلب على الئتمقان‪:‬العوامقل السقابقة تحقدد المكانيقات القصقوى‬ ‫•‬
‫للبنوك و لكنها ل تحدد الحجم الفعلي للئتمان‪ ،‬و كذلك فهي ترسم الحققدود‬
‫العليا لعرض النقود‪ ،‬و لكنها ل تبينه رغبات الجمهور المنعكسة في السوق‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫السياسة النقدية‪ ،‬الماهية‪ ،‬الدور ومدى فاعليتها في تحقيق‬
‫أهدافها‬

‫المطلب الول‪ :‬ماهية السياسة النقدية وأهدافها‬


‫تعتبر السياسات النقدية من أهم السياسات القتصادية التي تعنى بتحقيق‬
‫السققتقرار القتصققادي و التققوازن القتصققادي العققام‪ ،‬و نأخققذ فيمققا يلققي بعققض‬
‫المفاهيم المتعلقة بالسياسة النقدية‪:‬‬
‫يقصد بالسياسة النقدية تنظيم كميققة النقققد المتققوفرة فققي المجتمققع‬ ‫•‬
‫بغرض تحقيق أهققداف السياسققة القتصققادية المتمثلققة فققي تحقيققق التنميققة‬
‫القتصادية و القضاء على البطالة و تحقيق التوازن في ميزان المققدفوعات‬
‫و المحافظة على استقرار المستوى العام للسعار‪.1‬‬
‫و يعرفها ‪ George Pariente‬على أنها مجموع التدابير المتخذة مققن قبققل‬ ‫•‬
‫السققلطات النقديققة قصققد إحققداث أثققر علققى القتصققاد‪ ،‬و مققن أجققل ضققمان‬
‫استقرار أسعار الصرف‪.2‬‬
‫و هي حسب فوزي القيسي‪ :‬التدخل )المباشر( المعتمد مققن طققرف‬ ‫•‬
‫السلطة النقدية بهدف التأثير على الفعاليات القتصادية‪ ،‬عن طريققق تغييققر‬
‫عققرض النقققود و تققوجيه الئتمققان اسققتخدام وسققائل الرقابققة علققى النشققاط‬
‫الئتماني للبنوك التجارية‪.3‬‬
‫و بالتالي فالسياسة النقدية تعنققي قيققام السققلطات النقديققة بالتققأثير علققى‬
‫الفعاليققات القتصققادية عققن طريققق تغييققر عققرض النقققود بشققكل يققوائم و يلئم‬
‫احتياجات النشاط القتصادي‪.‬‬
‫أهداف السياسة النقدية‪:‬‬
‫تختلف أهداف السياسة النقدية بيققن الققدول المتقدمققة و الققدول الناميققة و‬
‫حسب درجة التقدم القتصققادي و الجتمققاعي و النظققم القتصققادية السققائدة و‬
‫احتياجات و أهداف المجتمعات‪ .‬ففي الدول الصناعية هناك اتجاه متزايققد نحققو‬
‫عدم التوسع في الهداف و القتصار على هدف واحد للسياسة النقدية يتمثققل‬
‫في استقرار السعار‪ ،‬أي استهداف التضخم‪ ،‬و العكس فالققدول الناميققة تعلققق‬
‫عليها العديد مققن الهققداف‪ ،‬وعمومققا يمكققن التفريققق بيققن الهققداف النهائيققة و‬
‫الوسيطة‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫الهداف النهائية للسياسة النقدية ‪:‬‬
‫‪ 1‬ضياء مجيد الموسوي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.173 :‬‬
‫‪ 2‬عبققد المجيققد قققدي‪ ،‬المققدخل إلققى السياسققات القتصققادية الكليققة )دراسققة تحليليققة تقييميققة(‪ ،‬ديققوان‬
‫المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ،‬الطبعة ‪ ،2006 ،3‬ص‪.53 :‬‬
‫‪ 3‬نفس المرجع والصفحة ‪.‬‬
‫‪ - 4‬عبد المجيد قدري‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص‪63-54 :‬‬
‫‪21‬‬
‫من الجدير بالذكر أن هذه الهداف ليست محل اتفاق مققن حيققث عققددها‪،‬‬
‫ذلك أن التشققريعات النقديققة تتبققاين مققن حيققث التوسققع و التصققنيف فققي هققذه‬
‫الهداف‪ ،‬و نذكر منها‪:‬‬
‫• الستقرار النقدي‪ :‬يعتبر هدف تحقيق الستقرار النقدي من أهم أهققداف‬
‫السياسة النقديققة حيققث يقؤدي عققدم السققتقرار النقققدي‪ ،‬سقواء فققي شققكل‬
‫تضخم أو انكماش إلى أضرار بالغة في القتصاد الوطني‪.‬‬
‫فيققؤدي التضققخم إلققى إعققادة توزيققع الققدخل و الققثروة الققوطنيين لصققالح‬
‫المققدنيين و المنظميققن و رجققال العمققال علققى حسققاب الققدائنين وأصققحاب‬
‫الدخول الثابتة‪.‬‬
‫أما النكماش فيؤدي إلى إعادة توزيع الثروة و الققدخل الققوطنيين لصققالح‬
‫الدائنين وأصحاب المرتبات و الدخول الثابتة على حساب طبقة المنظميققن‬
‫و رجال العمال‪.‬‬
‫ولقد اختارت معظم الدول الصناعية أهققدافا للتضققخم مققا بيققن ‪ %1‬و ‪%3‬‬
‫بالنظر لما تشكله معدلت التضخم المرتفعققة مققن آثققار سققلبية علققى النمققو‬
‫وارتفققاع تكققاليف الرفاهيققة‪ ،‬وإن الققتركيز علققى خفققض التضققخم واسققتقرار‬
‫السققعار هققو نتيجققة للثققار السققلبية الققتي يتركهققا التضققخم علققى القتصققاد‬
‫) كتشويه المعطيات القتصادية و تشجيع المضاربة‪ .(...‬وإن إعطاء الولوية‬
‫للتضخم أو القتصار عليه في مجال السياسة النقدية في الققدول المتقدمققة‬
‫يتققم فققي إطققار منققاخ اقتصققادي يتسققم بارتفققاع درجققة اسققتقللية البنققوك‬
‫المركزية‪ ،‬و تتمتع اقتصادياتها بأنظمة صرف مرنة‪ ،‬ونظام إعلمي ملئم‪.‬‬
‫• التوظف الكامل‪.‬‬
‫• التققوازن فققي ميققزان المققدفوعات‪ :‬مققن بيققن الدوات المسققتخدمة لعلج‬
‫اختلل ميزان المدفوعات هي تغير إتباع سياسة نقديققة انكماشققية و العمققل‬
‫على تخفيض المعروض النقدي‪ ،‬و يتققم ذلققك برفققع سققعر الخصققم أو دخققول‬
‫عمليات السوق المفتوحة‪ ...‬يحدث هذا أثرا إيجابيا على ميزان المدفوعات‬
‫من عدة نواحي‪:‬‬
‫‪ -‬تخفيض مستوى السعار مما سينعكس ايجابيا على الصادرات‪.‬‬
‫‪ -‬تخفيض القوة الشرائية و السيولة في الدولة فتنخفض الواردات‪.‬‬
‫‪ -‬رفع سعر الفائدة على الوراق المالية يجذب رؤوس المققوال الجنبيققة إلققى‬
‫الدولة مما يساعد على تخفيض العجز‪.‬‬
‫أما بالنسبة لثر تغيير سعر الصرف علققى ميققزان المققدفوعات فققي حالققة‬
‫وجود عجز فتلجأ الدولة إلى تخفيض قيمة عملتهققا الخارجيققة أي رفققع سققعر‬
‫الصرف الجنبي و هذا يجعل السلع المسققتوردة أغلققى بالنسققبة للمسققتهلك‬
‫المحلي و السلع المصدرة أرخص للمستهلك الجنبي مما يؤدي إلققى زيققادة‬
‫الصادرات و تقليل الواردات‪.‬‬
‫و يرى البعض أن السياسقة النقديقة تحققق نجاحقا هامقا فقي حالققة إتبققاع‬
‫سياسة تقويم سعر الصرف بينما تكون السياسة الماليققة أكققثر فعاليققة فققي‬

‫‪ -‬أكرم نعمان الطيب‪ ،‬أثر التحرر القتصادي على الجهاز المصرفي المصري‪ ،‬رسالة مقدمة للحصققول‬
‫على الماجستير‪ ،‬قسم القتصاد‪ ،‬كلية النجارة‪ ،‬جامعة عين شمس‪) ،2001 ،‬غ م(‪ ،‬ص ص‪.81-71 :‬‬
‫‪22‬‬
‫حالة إتباع سياسة ثبات سعر الصرف‪ ،‬و ذلك فققي ظققل المفهققوم التقليققدي‬
‫للقتصاد المفتوح الققذي يفققترض تمققام إحلل رؤوس المققوال و السققتخدام‬
‫الكامل لها مع إهمال أثر التوقعات و تثبيت أسعار السلع و الخدمات‪.‬‬
‫• تحقيق النمو القتصادي‪ :‬يعتبر من أهم أهداف السياسققات القتصققادية‪ ،‬و‬
‫قد بدأ الهتمام بدور السياسة النقدية في تحقيق النمققو القتصققادي و ذلققك‬
‫بعد الحرب العالمية الثانية‪ ،‬حيث كان الهتمام قبل ذلك على هدف تحقيققق‬
‫العمالة الكاملة‪ ،‬و دور السياسة النقدية هو تحقيق معدل مرتفققع للدخققار و‬
‫التققأثير علققى معققدل السققتثمار مققن خلل التوسققع الئتمققاني‪ ،‬حققتى يمكنهققا‬
‫الوصول إلققى مرحلققة النطلق الققتي تضققع اقتصققادياتها علققى طريققق النمققو‬
‫الذاتي السريع‪.‬‬
‫و يمكن استخدام السياسة النقدية فققي رفققع مسققتوى النمققو القتصققادي‬
‫عن طريق تخفيض معدلت الفققائدة ممققا يشققجع المسققتثمرين علققى زيققادة‬
‫استثماراتهم و بالتالي توظيف عمالة أكثر و زيادة الدخول في النهايققة رفققع‬
‫مستوى المعيشة و النمو‪ ،‬و حتى يكون هناك سير سليم للقتصاد فإن ذلققك‬
‫يتوقف على قدرة الدائرة النقدية على الوفاء باحتياجات الدائرة العينية‪.‬‬
‫• استيعاب الصدمات الناتجة عن التقلبات القتصادية‪ :‬تتميققز القتصققاديات‬
‫في عمومها بتقلبات اقتصادية ذات طابع دوري‪ ،‬قسمها جقوقلر إلققى أربعققة‬
‫مراحل‪ :‬التوسع‪ ،‬النكماش‪ ،‬التطهير‪ ،‬العودة إلى النطلق‪ ،‬و تؤثر مثل هذه‬
‫التقلبات على اقتصاديات الدول‪ ،‬خاصة مرحلة النكمققاش الققتي تققؤثر علققى‬
‫الداء القتصادي و معدلت التوظيف وهنا يمكن للسياسقة النقديقة أداء دور‬
‫مهم فققي تخفيققف الثققار السققلبية لهققذه التقلبققات بانتهققاج سياسققة توسققعية‬
‫ائتمانية في أوقات النكماش‪ ،‬وسياسة ائتمانية تقييدية فققي ذروة الققرواج و‬
‫التي عادة ما يصاحبها معدلت نضخم مرتفعة‪.‬‬
‫الهداف الوسيطة للسياسة النقدية‪:1‬‬
‫تحاول السلطات النقدية لتحقيق الهداف النهائية من خلل التققأثير علققى‬
‫متغيرات وسيطة‪ ،‬لعدم قدرة هذه السلطات التأثير مباشرة‪ ،‬مثل علققى الناتققج‬
‫المحلي الخام ومكوناته‪ ،‬و لهذا تحاول التأثير على متغيرات تققؤثر علققى الناتققج‬
‫المحلي الخام‪.‬‬
‫و تعبر الهداف الوسقيطة عقن تلقك المتغيقرات النقديقة القتي يمكقن عقن‬
‫طريق مراقبتها و إدارتها الوصول إلى تحقيق بعض أو كل الهداف النهائيققة‪ .‬و‬
‫يشترط في الهداف الوسيطة أن تستجيب لما يلي‪:‬‬
‫• وجود علقة مستقرة بينها و بين الهدف أو الهداف النهائية‪.‬‬
‫• إمكانية مراقبتها بما للسلطات النقدية من أدوات‪.‬‬
‫و تتمثل هذه الهداف في‪:‬‬
‫المجتمعات النقدية‪:‬‬ ‫‪.1‬‬
‫هي عبارة عن مؤشرات إحصائية لكمية النقود المتداولققة و تعكققس قققدرة‬
‫العوان الماليين المقيمين على النفاق‪ ،‬بمعنى أنها تضققم وسققائل الققدفع لققدى‬
‫هؤلء العوان‪ ،‬و يرتبط عدد هذه المجتمعات بطبيعة القتصققاد و درجققة تطققور‬

‫عبد المجيد قدي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص‪.76-64 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪23‬‬
‫الصناعات المصرفية و المنتجات المالية‪ ،‬و تعطي هذه المجتمعققات معلومققات‬
‫للسلطات النقدية عن وتيرة نمو مختلف السيولت ‪ ،‬و يهدف المسققح النقققدي‬
‫إلى المسققاعدة علققى تحليققل المتغيققرات النقديققة الكليققة الققتي تتققأثر بتققدخلت‬
‫السلطات النقدية‪.‬‬
‫معدلت الفائدة‪:‬‬ ‫‪.2‬‬
‫تسعى السلطة النقدية أحيانا إلى اتخاذ الوصول إلى معدل فائدة حقيقققي‬
‫هدفا وسيطا للسياسة النقدية‪ ،‬إل أن هذا الهققدف يطققرح مشققاكل عديققدة مققن‬
‫بينها طبيعة العلقة بين معدلت الفائدة طويلة أو قصيرة المدى و النقود‪.‬‬
‫و المشكل في اعتماد سعر الفائدة كهدف وسيط للسياسققة النقديققة‪ ،‬هققو‬
‫أن أسعار الفائدة تتضمن عنصر التوقعات التضخمية و هو ما يعقد دللة أسعار‬
‫الفائدة الحقيقية‪ ،‬مما يفقدها أهميتها كمؤشققر‪ ،‬كمققا أن المتغيققرات فققي سققعر‬
‫الفائدة ل يعكس في الواقع نتائج جهود السياسة النقدية وحققدها‪ ،‬و إنمققا أيضققا‬
‫عوامل السوق)الوضعية التي يمر بها القتصاد(‪.‬‬
‫إن التوجه لستخدام معدل الفائدة كهدف وسيط للسياسة النقدية قد أثار‬
‫موجة من النتقادات‪ ،‬خاصة مققن القتصققاديين النقققديين‪ ،‬و كققانت حجتهققم فققي‬
‫ذلك أن اتجاه المتغير في معدل الفائدة يتماشى مع اتجاه التغيققر فققي الققدورة‬
‫التجارية‪ ،‬وهذا يعني أن معدل الفائدة يميل إلققى الرتفققاع فققي أوقققات الققرواج‬
‫القتصادي‪ ،‬في حين أنه يميل إلى النخفاض في أوقات الكساد‪ ،‬و بالتالي فإنه‬
‫من الصعب على البنك المركزي أن يحدد بدقة الثققار المترتبققة علققى سياسققته‬
‫النقدية‪ ،‬من خلل مراقبة معدلت الفائدة لوحدها‪.1‬‬
‫سعر الصرف‪:‬‬ ‫‪.3‬‬
‫يستخدم كهدف للسلطة النقدية ذلك أن انخفققاض أسققعار الصققرف يعمققل‬
‫على تحسين وضعية ميزان المدفوعات‪ ،‬كما أن استقرار هققذا المعققدل يشققكل‬
‫ضمانا لستقرار وضعية البلد تجاه الخارج‪ ،‬و لهذا تعمل بعض الدول على ربط‬
‫عملتها بعملت قوية قابلة للتحويل‪ ،‬و الحرص علققى اسققتقرار صققرف عملتهققا‬
‫مقابل تلقك العملت‪ ،‬إل أن التقلبقات القتي تحقدث فقي سقوق الصققرف تكقون‬
‫نتيجققة المضققاربة الشققديدة علققى العملت‪ ،‬ممققا يققؤدي إلققى عققدم القققدرة و‬
‫السيطرة و التحكم فققي هققذا الهققدف‪ .‬و تقدفع تقلبققات أسققعار صققرف العملت‬
‫بالسققلطات النقديققة إلققى التققدخل و التققأثير عليققه واسققتعمال مققا لققديها مققن‬
‫احتياطات محاولة منها المحافظة على قيمة عملتها تجاه العملت التي ترتبققط‬
‫بها‪ ،‬دون ضمان نجاح ‪،‬وهذه تكلفة مقابل اختيار هدف استقرار سعر الصرف‪.‬‬
‫وهناك ‪ 4‬قنوات لبلغ أهداف السياسة النقدية‪ ،‬هي‪:‬‬
‫• قناة سعر الفائدة‪.‬‬
‫• قناة سعر الصرف‪.‬‬
‫• قناة أسعار السندات المالية‪.‬‬
‫• قناة الئتمان‪.‬‬
‫أما بالنسبة لهققداف السياسققة النقديققة فققي الققدول الناميققة‪ ،‬فققإنه يعتريهققا‬
‫الكثير من الغموض و الضققبابية‪ ،‬ليققس مققن ناحيققة التحديققد‪ ،‬ولكققن مققن جققانب‬

‫أسامة بشير الدباغ‪ ،‬و أثيل عبد الجبار الجور مد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.349 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪24‬‬
‫إمكانية التحقيق‪ ،‬فنجد أن هاته الدول تعلق على السياسة النقدية تحقيق أكثر‬
‫من هدف‪ ،‬كتشجيع النمو القتصادي المصحوب بالعمالة‪ ،‬و تحقيققق السققتقرار‬
‫النقدي بمحاربة التضخم‪ ،‬و ضققمان قابليققة الصققرف‪ ،‬و المحافظققة علققى قيمققة‬
‫العملة‪ ،‬و إيجاد سوق مالي و نقدي متطور‪.1‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أدوات السياسة النقدية‬


‫لتحقيق الهداف المسققطرة للسياسققة النقديققة يسققتخدم البنققك المركققزي‬
‫بصفته المسئول عن تسيير و تنظيققم الكتلققة النقديققة مجموعققة مققن الدوات و‬
‫الوسققائل بحسققب الحققالت الققتي تققواجه القتصققاد مققن تضققخم أو انكمققاش‪ ،‬و‬
‫استخدام هذه الدوات يتباين من اقتصاد لخققر‪ ،‬و حسققب الهققداف المحققددة و‬
‫القطاعات المستهدفة‪.‬‬
‫و تشمل أدوات السياسة النقدية نوعين من الوسائل‪ ،‬مباشققرة أو تلقائيققة‬
‫و تستهدف أنواعا محققددة مقن الئتمققان موجهقة لقطاعقات معينقة أو لغقراض‬
‫محددة‪ .‬و غير مباشرة و تستهدف الحجم الكلي للئتمان المتققاح دون محاولققة‬
‫التأثير على تخصيصه بين مختلف الستعمالت‪ ،‬و يمكن تحديدها فيما يلي‪:2‬‬
‫أدوات كمية‪ :‬تهدف بصفة أساسققية إلققى التققأثير فققي حجققم الئتمققان‬ ‫‪.1‬‬
‫المصرفي دون الهتمام بأوجه الستخدام التي يوجه إليهققا هققذا الئتمققان‪ ،‬و‬
‫يلحظ أن هذه الدوات تحدث أثرها عن طريق التأثير علققى حجققم الرصققدة‬
‫النقدية لدى البنوك التجارية و من تم على قدرتها على فتح الئتمان و خلق‬
‫الودائع‪.‬‬
‫أدوات كيفية‪ :‬و تهدف أساسا إلى التأثير على نوع الئتمان أي علققى‬ ‫‪.2‬‬
‫الكيفية التي يسقتخدم لهقا و ليقس علقى حجقم الئتمقان الكلقي وذلقك عقن‬
‫طريق التمييز بين النواع المختلفة من القروض من حيققث سققعر الفققائدة و‬
‫سهولة الحصول على القروض وقفا لوجه الستخدام المختلفة الققتي يققوجه‬
‫إليها‪.‬‬
‫و يمكن أن نحددها من تصنيف آخر كما يلي‪:‬‬
‫الدوات المباشرة للسياسة النقدية‪:‬‬ ‫‪.1‬‬
‫تستخدم هذه الدوات قصد التأثير على حجققم الئتمققان المقوجه لقطقاع أو‬
‫لقطاعات ما و تعمل على الحد من حرية ممارسة المؤسسات الماليققة لبعققض‬
‫النشطة كما و نوعا‪ ،‬من أهمها‪:‬‬
‫تققأطير الئتمققان‪ :‬وهققو إجققراء تنظيمققي تقققوم بمققوجبه‬ ‫•‬
‫السلطات النقدية يتحدد سقوف لتطور القروض الممنوحة من قبل البنققوك‬
‫التجارية بكيفية إدارية مباشرة وفق نسب محددة خلل العام‪ ،‬واعتماد هققذا‬

‫بلعزوز بن علي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.186 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫أنظر‪ - :‬أكرم نعمان الطيب‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص‪.81-78 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬بلعزوز بن علي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص‪.191-189 :‬‬


‫‪ -‬أسامة بشير الدباغ و أثيل عند الجبار الجورمد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص‪.341-331 :‬‬
‫‪ -‬عبد المجيد قدي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص‪.91-80 :‬‬
‫‪25‬‬
‫السلوب ينبع من سعي السلطات النقدية إلى التأثير على توزيققع القققروض‬
‫في اتجاه القطاعات المعتبرة أكثر حيوية بالنسبة للتنميققة‪ ،‬أو الققتي تتطلققب‬
‫موارد مالية كبيرة‪.‬‬
‫ولكن استخدام هذه الداة قد يقود إلى تشوهات قطاعية و ذلك ما دفققع‬
‫إلى الستغناء عنها في كثير من الدول‪.‬‬
‫النسبة الدنيا للسيولة‪ :‬و يقتضي هذا السققلوب أن يقققوم‬ ‫•‬
‫البنققك المركققزي بإجبققار البنققوك التجاريققة علققى الحتفققاظ بنسققبة دنيققا يتققم‬
‫تحديدها عن طريق بعض الصققول منسققوبة إلققى بعققض مكونققات الخصققوم‪.‬‬
‫وهذا حتى ل تفرط البنوك التجارية في القراض‪.‬‬
‫الودائع المشروطة من أجققل السققتيراد‪ :‬و يسققتخدم هققذا‬ ‫•‬
‫السلوب لدفع المستوردين إلى إيداع المبلغ اللزم لتسديد ثمققن الققواردات‬
‫في صورة ودائع لدى البنك المركزي لمدة محددة‪ ،‬ومن شأن ذلك‪ ،‬التقليل‬
‫من حجم القروض الممكن توجيهها إلى القتصاد‪ ،‬و يؤدي بققدوره إلققى رفققع‬
‫تكلفة الواردات‪.‬‬
‫قيام البنك المركزي ببعققض العمليققات المصققرفية‪ :‬حيققث‬ ‫•‬
‫تستخدم البنوك هذا السلوب في البلدان التي تكون فيهققا أدوات السياسققة‬
‫النقدية محدودة الثر‪ ،‬حيث تقوم البنوك المركزية بمنافسة البنوك التجارية‬
‫بأدائهققا لبعققض العمققال المصققرفية كتقققديمها القققروض لبعققض القطاعققات‬
‫الساسية في القتصاد‪.‬‬
‫التأثير و القناع الدبي‪ :‬و هي وسققيلة تسققتخدمها البنققوك‬ ‫•‬
‫المركزيقة بطلبهقا بطقرق وديقة و غيقر رسقمية مقن البنقوك التجاريقة تنفيقذ‬
‫سياسة معينة في مجال منققح الئتمققان و يعتمققد نجققاح هققذا السققلوب علققى‬
‫كبيعة العلقة القائمة بين البنوك التجارية و البنك المركزي‪.‬‬
‫إن اعتماد السلوب المباشر للسياسة النقدية و الرقابة على الئتمان ما‬
‫فتئ التخلي عنه يتزايد من سنة إلى أخرى خاصة في العشريتين الخيرتيققن‬
‫مقن الققرن العشقرين لصقالح السقاليب غيقر المباشقرة سقواء فقي القدول‬
‫المتقدمة أو الدول النامية‪ ،‬وذلك لعدة أسباب أهمها‪:‬‬
‫تعمل السققاليب المباشققرة علققى خفققض المنافسققة‬ ‫‪-‬‬
‫المصرفية بين البنوك التجارية نتيجة الفراط في تحديد نشققاطها مققن خلل‬
‫السقوف و المؤثرات الواجب احترامهققا‪ ،‬و هققذا مققن شققأنه معاقبققة البنققوك‬
‫التي تتسم بالحيوية و الفعالية‪.‬‬
‫تعمل هققذه السققاليب علققى الضققرار بالمؤسسققات‬ ‫‪-‬‬
‫الصققغيرة و المتوسققطة أكققثر مققن الشققركات الكققبرى‪ ،‬كققون هققذه الخيققرة‬
‫بإمكانها القيام بإقراض السيولة الزائدة لديها إلى مؤسسات أخققرى بفققوائد‬
‫أعلى‪.‬‬
‫تؤدي هذه الساليب إلى بروز مشاكل إدارية نتيجققة‬ ‫‪-‬‬
‫التمييز بين القطاعات‪.‬‬
‫انعقققدام الضقققمانات الكفيلقققة بكقققون التسقققهيلت‬ ‫‪-‬‬
‫الئتمانية المقدمة لبعض القطاعات سوف تستخدم للغراض المحددة لها‪.‬‬
‫‪26‬‬
‫يؤدي استخدام هققذه السققاليب إلققى عققدم الكفققاءة‬ ‫‪-‬‬
‫في تخصيص الموارد نتيجة التمييز غير العقلني بين القطاعات‪.‬‬
‫الدوات غير المباشرة للسياسة النقدية‪:‬‬ ‫‪.2‬‬
‫تعتمد هذه الدوات على استخدام السوق للتعققديل النقققدي بهققدف التققأثير‬
‫على عرض و طلب النقد‪ ،‬و يسمح هذا السلوب لقوى السوق أن تعمل علققى‬
‫تخصيص القروض‪ ،‬و من أهم هذه الدوات غير المباشرة ما يلي‪:‬‬
‫ب‪ .1.‬عمليات السوق المفتوحة‪:‬‬
‫تعني هذه السياسة دخول البنك المركزي للسققوق النقديققة و الماليققة مققن‬
‫أجل تخفيض أو زيادة حجققم الكتلققة النقديققة عققن طريققق بيققع أو شققراء الوراق‬
‫الماليقة‪ ،‬و تعتقبر هقذه الوسقيلة الكقثر شقيوعا واسقتخداما خاصقة فقي القدول‬
‫المتقدمة‪ ،‬فقد اعتبرها فريدمان من أكثر الدوات نجاعة و فعاليققة فققي التققأثير‬
‫على المعروض النقدي‪ ،‬و من ثم حجم الئتمان الذي تمنحه البنوك‪ ،‬فهققي أداة‬
‫غير تضخمية‪ ،‬إل أنققه يقققر أن اسققتعمال هققذه الداة غيققر كققاف مقا لققم تصققحب‬
‫بققأدوات أخققرى خاصققة تلققك الدوات المتعلقققة بالسياسققة الماليققة‪ ،‬و إن تتمتققع‬
‫الدول بأسواق نقدية و مالية متطورة و منظمة‪.1‬‬
‫و تسمح هذه العملية للسلطات النقدية بتوجيه تطور أسققعار الفققائدة فققي‬
‫التجاه الذي يبدو لهم أكثر ملئمة‪ .‬ويؤدي استخدام هذه الداة إلى تغيير حجققم‬
‫النقد المتداول و يؤثر على قدرة البنوك التجارية على خلق الئتمان‪.2‬‬
‫ففي حالة معاناة القتصاد مققن ظققاهرة التضققخم يتققدخل البنققك المركققزي‬
‫عارضا ما بحوزته من أوراق مالية للبيع ومن تم يقوم بامتصققاص الفققائض مققن‬
‫الكتلة النقدية فيتقلص حجم السيولة و تنخفض مقدرة البنققوك التجاريققة علققى‬
‫التوسع في منققح الئتمقان‪ ،‬و إذا كقان القتصقاد يعقاني مقن ظققاهرة النكمققاش‬
‫يتققدخل البنققك المركققزي لتشققجيع الئتمققان و تققوفير السققيولة اللزمققة للداء‬
‫القتصادي‪ ،‬و ذلك بشراء الوراق المالية‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫و لكن استخدام عمليات السوق المفتوحة تتعرض لبعض المشاكل منها ‪:‬‬
‫المسألة الولى‪ :‬تتعلق بمدى قدرة البنققك المركققزي علققى تسققويق‬ ‫‪-‬‬
‫السندات في السققواق الماليققة‪ :‬و دخققول البنققك المركققزي إلققى السققواق‬
‫الماليققة عارضققا بيققع السققندات يمثققل أحققد أسققاليب السياسققة النقديققة‬
‫النكماشققية و الققتي تهققدف إلققى تخفيققض السققيولة النقديققة لققدى الجهققاز‬
‫المصرفي‪ ،‬و بالتالي تخفيض الكمية المعروضة من النقود‪ ،‬و السقؤال هنقا‬
‫هققو لققو امتنققع الجمهققور و منشققآت العمققال و المصققاف عققن شققراء هققذه‬
‫السندات؟‪.‬‬
‫فاعتبار السواق المالية )السوق النقدية( هي نهاية تفاعل قوى العققرض و‬
‫الطلب لتحديد السعار المناسققبة التوازنيققة‪ ،‬وهنققا قققد يققترتب علققى البنققك‬
‫المركزي تخفيض الثمن الذي يعققرض بققه السققندات إلققى المسققتوى الققذي‬
‫تضمن تسويقها بالكامققل‪ ،‬و عليققه أن يتحمققل النتققائج المترتبققة علققى هققذه‬

‫بلعزوز بن علي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.190 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫عبد المجيد قدي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.90 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫أسامة بشير الدباغ و أثيل عبد الجبار الجورمد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص‪.335-334 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪27‬‬
‫السياسة و المتمثلة بارتفاع معدل الفائدة‪ ،‬وما لهققا مققن أثققر سققلبي علققى‬
‫الستثمار‪.‬‬
‫المسألة الثانية‪ :‬تتعلق بالطريقة التي يتصرف بهققا البنققك المركققزي‬ ‫‪-‬‬
‫في الرصدة النقدية المتراكمققة لققديه نتيجققة بيققع السققندات فققي السققواق‬
‫المالية‪.‬‬
‫المسألة الثالثة‪ :‬تتعلق بضرورة تكرار عمليات السقوق المفتوحقة و‬ ‫‪-‬‬
‫ذلك لتحقيق الستمرارية في مفعول السياسة النقدية النكماشية‪.‬‬
‫المسألة الرابعة‪ :‬و تتعلق بالثار السلبية المترتبة على التدخل فققي‬ ‫‪-‬‬
‫آلية السوق الحرة‪.‬‬
‫و يتوقف نجاح البنك المركزي فققي تحقيققق أهققدافه باسققتخدام هققذه الداة‬
‫على ما يلي‪:1‬‬
‫‪ -‬مدى تطور سوق السندات الحكومية و أذون الخزانة‪.‬‬
‫‪ -‬مدى تطور سوق الوراق المالية و حجمها‪.‬‬
‫‪ -‬مدى تنظيم و تطور الجهاز المصرفي‪.‬‬
‫ب‪ .2.‬معدل الحتياطي القانوني‪:‬‬
‫تقوم البنوك التجارية بالحتفققاظ بنسققبة معينققة مققن إجمققالي ودائعهققا فققي‬
‫شكل رصققيد سققائل لققدى البنققك المركققزي‪ ،‬و يطلققق علققى هققذه النسققبة اسققم‬
‫الحتياطي القانوني أو الجباري‪.2‬‬
‫وتعتبر هذه الداة ذات هدف مزدوج فهي من جهة أداة لحمايققة المققودعين‬
‫و تمكينهم من ضمان السققحب عنققد الحاجققة لققودائعهم‪ ،‬و مققن جهققة ثانيققة أداة‬
‫للتأثير على قدرة البنوك التجارية في منح الئتمان‪.‬‬
‫ففققي أوقققات الكسققاد يمكققن للبنققك المركققزي أن يخفققض مققن نسققبة‬
‫الحتياطي‪ ،‬مما يساعد على زيادة التسهيلت الئتمانية و تنشيط المعققاملت و‬
‫زيادة الطلب مما يؤدي إلى زيادة التشغيل و الدخل الوطني للمجتمع‪.‬‬
‫و في حالت التضخم يرفع البنك المركزي نسبة الحتياطي النقققدي للحققد‬
‫من قدرة البنوك التجارية على منح الئتمان و تؤدي إلى انخفققاض السققتثمار و‬
‫معدلت التوظيف و منه انخفاض الطلب و بالتالي انخفاض السعار‪.‬‬
‫و يلجأ أحيانا إلققى التمييققز بيققن معققدلت الحتيققاطي القققانوني تبعققا لنققواع‬
‫الققودائع‪ ،‬فتعققرض معققدلت مرتفعققة علققى الققودائع تحققت الطلققب‪ ،‬و معققدلت‬
‫منخفضة على الودائع لجل‪ ،‬لن الودائع لجل تتميز بالسققتقرار بالمقارنققة مققع‬
‫الودائع تحت الطلب‪.‬‬
‫تستخدم هذه الداة على نطاق واسع لنها سققهلة الدارة نسققبيا بالمقارنققة‬
‫بققالدوات الخققرى و تكققون هققذه الداة أكققثر فاعليققة و نجاعققة إذا كققان وعققاء‬
‫الحتياطات الجبارية شامل لجميع أنققواع الققودائع‪ ،‬و كققذا افققتراض عققدم وجققود‬
‫تسرب نقدي )اكتناز( و عدم وجود طرق أخرى أمام البنوك التجارية للحصققول‬

‫أنظر‪ - :‬بلعزوز بن علي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.190 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬عبد المجيد قدي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.91 :‬‬


‫سهير محمود معتوق‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.219 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪28‬‬
‫على موارد نقدية خارج البنك المركزي‪ ،‬ومققدى اسققتجابة و مرونققة القطاعققات‬
‫النتاجية لتلك التغيرات المطبقة من قبل السلطات النقدية‪.1‬‬
‫و هناك مسائل مهمة تتعلق بهذه الداة و هي‪:2‬‬
‫المسألة الولى‪:‬‬ ‫•‬
‫و تتعلق بمدى قدرة البنك المركققزي علققى إدارة الرصققدة النقديققة لققدى‬
‫البنوك التجارية‪ ،‬فمن الناحية العملية تعطينا الشققواهد مقن تجقارب البلقدان‬
‫المتقدمة الكثير من الدلة علققى مققدى ضققعف البنققوك المركزيققة فققي إدارة‬
‫السياسة النقدية بالعتماد علققى نسققبة الحتيققاطي النقققدي‪ ،‬ففققي بريطانيققا‬
‫مثل‪ ،‬تستطيع البنوك التجارية بسهولة أن تتجاوز أزمة السيولة الققتي يثيرهققا‬
‫رفع البنك المركزي لنسبة الحتياطي النقدي‪ ،‬و ذلك عققن طريققق اسققتعادة‬
‫الموال التي تقوم بافتراضها لبيوت الخصم و بذلك تسققتطيع بنققاء أرصققدتها‬
‫النقدية دون الحاجة إلى تخفيض التسهيلت الئتمانية التي تقدمها‪.‬‬
‫المسألة الثانية‪:‬‬ ‫•‬
‫تتعلق بكمية الرصدة التي تحتفظ بها البنوك التجاريققة يوميققا لققدى أمانققة‬
‫الصندوق لديها‪ ،‬فمن المعروف أن نسبة غيققر قليلققة )نحققو ‪ ( %10 - 8‬مققن‬
‫الرصدة النقدية لدى البنوك التجارية يتم الحتفاظ بها و يتققم تققداولها يوميققا‬
‫بواسققطة أمنققاء الصققندوق‪ .‬و يتققم السققحب مققن الرصققدة يوميققا‪ ،‬و بالتققالي‬
‫فقياس حجم الرصدة النقدية لققدى هققذه البنققوك يتغيققر بالضققرورة بحسققب‬
‫الوقت الذي تقوم فيه بعمليققة القيققاس‪ ،‬ممققا يجعققل هققذه الرصققدة عرضققة‬
‫للتغيير باستمرار‪ ،‬فمن شققأن ذلققك أن يجعققل منهققا أداة غيققر دقيقققة لتنفيققذ‬
‫السياسة النقدية‪.‬‬
‫المسألة الثالثة‪:‬‬ ‫•‬
‫و تتعلق بتوقع المصارف التجارية لمجريات التغير في السياسة النقديققة‪،‬‬
‫فإذا توقعت البنوك التجارية سياسة نقدية متشددة تقوم على أسققاس رفققع‬
‫نسبة الحتياطي النقدي‪ ،‬فإن هذه البنوك تستطيع الحد من هققذه السياسققة‬
‫و ذلك باحتفاظها بكميات إضافية و فائضققة مققن الرصققدة النقديققة‪ ،‬و بققذلك‬
‫فرفع نسبة الحتياطي لن يكون لها تأثير يذكر على توازن البنوك التجارية‪.‬‬
‫إضافة إلى أن هناك العديد من النتقادات‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫يتأثر حجققم الئتمققان فققي الواقققع بققالطرق القتصققادية و‬ ‫‪-‬‬
‫المالية‪ ،‬و لذا فإن أي تغيير في الحتياطي القانوني ل يؤدي بالضرورة إلى‬
‫تغيير حجم الئتمان‪.‬‬
‫قد تؤثر معدلت الحتياطي القانوني على ربحية البنوك‬ ‫‪-‬‬
‫التجارية مما يؤدي إلى زيادة تكلفة القراض‪.‬‬
‫قد يؤثر معدل الحتياطي القانوني على أسققعار الوراق‬ ‫‪-‬‬
‫المالية‪ ،‬خاصة السندات العموميقة‪ ،‬فرفقع هقذا المعقدي يقؤثر علقى ققدرة‬
‫البنوك على القراض مما يجعلها تسعى إلققى تعققويض السققيولة مققن خلل‬
‫بيعها للمنشآت الموجودة لديها‪ ،‬مما يعمل على انخفاض أسعارها‪.‬‬
‫ب‪ .3.‬معدل إعادة الخصم‪:‬‬
‫بلعزوز بن علي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.191 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫أسامة بشير الدباغ و اثيل عبد الجبار الجورمد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.337 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪29‬‬
‫و هو عبارة عن سعر الفائدة الذي يتقاضاه البنك المركققزي مقابققل إعققادة‬
‫خصمه للوراق التجارية للبنوك التجارية و القراض منه باعتبققاره الملذ الخيققر‬
‫و تعتبر إعادة الخصم شكل من أشكال إعققادة التمويققل الققتي يقققوم بهققا البنققك‬
‫المركزي لتزويد البنوك التجارية بالسيولة‪.1‬‬
‫و يعتبر إحدى الدوات التي يستخدمها البنك المركققزي للتققأثير علققى كميققة‬
‫الئتمان نقصا و زيققادة فققإذا أراد البنققك المركققزي أن يحققد مقن حجققم الئتمققان‬
‫المصرفي لجأ إلى رفع سعر إعادة الخصم ‪،‬حيققث يققؤدي هققذا إلققى رفققع سققعر‬
‫الفائدة الذي تقترض به البنوك التجارية‪ ،‬أمققا إذا قققام البنققك المركققزي يخفققض‬
‫سعر إعادة الخصم فإنه بذلك يشجع البنوك التجارية بدورها إلققى خفققض سققعر‬
‫الخصم مما يشجع الفراد مستهلكين كانوا أو مستثمرين على خصققم أوراقهققم‬
‫التجارية و بالتالي يمكنهم من التوسع في عمليات البيع بالجل‪.‬‬
‫و في حالت التضخم يرفع البنققك معققدل إعققادة الخصققم ليحققد مققن قققدرة‬
‫البنققوك علققى التوسققع فققي الئتمققان فققترفع تكلفققة الئتمققان و مققن تققم تكلفققة‬
‫التمويل‪ ،‬فيدفع ذلك المستثمرين إلى المتناع عن القتراض و قد يلجئون إلققى‬
‫استثمار أموالهم في السوق المالية‪ ،‬و هكذا تخرج الموال مققن فققخ السققيولة‪،‬‬
‫فيتقلص حجم الكتلة النقدية و ينكمش‪.‬‬
‫و في حالة إتباع سياسة توسعية فإنه يقوم بخفققض معققدل إعققادة الخصققم‬
‫حتى يمكن البنوك التجارية بخصم ما لققديها مققن أوراق تجاريققة و التوسققع فققي‬
‫منح الئتمان‪.‬‬
‫و يشكك العديد من القتصاديين في مدى نجاعة و فعالية هققذه الداة فققي‬
‫تحقيق الهداف النكماشية أو التوسعية‪ ،‬خاصة في ظل تنوع مصادر التمويققل‪،‬‬
‫والتخلي عن نظققام قاعققدة الققذهب و حريققة تققدفق رؤوس المققوال مققن وإلققى‬
‫الدول‪ ،‬ومن تم لم تعد هذه الداة سوى مؤشر أمام البنوك التجارية في اتجاه‬
‫السلطات النقدية فيما يتعلق بسياسققة الئتمققان‪ .‬إضققافة إلققى أن هنققاك بعققض‬
‫العتبارات و المشاكل العملية المترتبة على استخدام هققذه الداة للتققأثير فققي‬
‫العرض النقدي‪ ،‬منها‪:2‬‬
‫المسألة الولى‪:‬‬ ‫•‬
‫تتعلق بمدى فعالية معدل الخصققم كأحققد أدوات السياسققة النقديققة علققى‬
‫المدى الطويل‪ ،‬فاعتبار معدل الخصم كسعر يتحقدد فقي السقواق ل يمكقن‬
‫تغييره بشكل دائم ما لققم يكققن هققذا التغييققر قققد جققاء نتيجققة للتحققولت فققي‬
‫ظروف العرض و الطلققب النقققدي‪ ،‬و لققذا فققإن التغييققر الققذي يجريققه البنققك‬
‫المركزي على معدل الخصققم كأسققلوب للتحكققم فققي العققرض النقققدي‪ ،‬و ل‬
‫يمكن أن يكون ذو فعالية على المدى الطويل إل إذا رافققق ذلققك تغيققر فققي‬
‫النقد نفسه‪.‬‬
‫المسألة الثانية‪:‬‬ ‫•‬
‫تتعلق بتغيير معدل الخصم و بالتالي معدلت الفائدة و ماله من أثر على‬
‫التفاق الستثماري على المدى الطويل‪ ،‬و يمكن توضيح هققذه الفكققرة مققن‬
‫‪ MEC‬في الجل‬ ‫معدل‬ ‫خلل الشكل التالي‪:‬‬
‫القصير‬ ‫الفائدة‬‫عبد المجيد قدي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.87 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫أنظر‪ :‬أسامة بشير الدباغ‪ ،‬أثيل عبد الجبار الجورمد‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص‪.342-341 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪30‬‬
‫‪M1‬‬ ‫‪M0‬‬
‫‪ MEC‬في الجل‬
‫الطويل‬
‫شكل رقم‪:‬‬

‫‪r1‬‬

‫‪r0‬‬
‫‪Md‬‬

‫كمية‬
‫‪I0‬‬ ‫‪I1‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪M1‬‬ ‫‪M0‬‬
‫النقود‬
‫يوضح الشكل الدور الذي يؤديه الزمن في التأثير علققى السققتثمار‪ ،‬فعلققى‬
‫المققدى القصققير يصققعب تعققديل حجققم النفققاق السققتثماري مهمققا تغيققر معققدل‬
‫الفائدة‪ ،‬و لهذا السبب يمكن تمثيل الكفاءة الحدية لققرأس المققال )‪ (MEC‬علققى‬
‫المدى القصير على شكل خط ذو ميل عمودي على المحو الفقي دللققة علققى‬
‫استقلل هذه الدالة عن معدل الفائدة‪ ،‬أمقا علقى المقدى الطويقل فقإن عامقل‬
‫الزمن يتيح لمنشآت العمال أن تتكيف مع الرتفاع فققي معققدل الفققائدة‪ ،‬و أن‬
‫تعيد النظر في الخطط الخاصة بها‪ ،‬بما يتناسققب مققع هققذا الرتفققاع‪ ،‬و بالتققالي‬
‫يمكن لمنحنى الكفاءة الحدية لرأس المال على المدى الطويل أن يأخذ وضعا‬
‫يظهر مرونة أكبر تجاه التغير في معدل الفائدة‪.‬‬
‫و خلصة القول ل يتوقققع أن يكققون رفققع معققدل الفققائدة )معققدل الخصققم(‬
‫كسياسة نقديققة تهققدف إلققى تقليققص النفققاق الكلققي‪ ،‬تققأثير كققبير علققى المققدى‬
‫القصير‪.‬‬

‫المطلققب الثققالث‪ :‬دور السياسققة النقديققة فققي تحقيققق التققوازن‬


‫الداخلي‬
‫إن من أهم الهداف الققتي يسققعى القتصققاديون إلققى تحقيقهققا هققو التققوازن‬
‫الداخلي و التوازن الخققارجي‪ ،‬و يقصققد بققالتوازن الققداخلي‪" :‬تحقيققق التوظيققف‬
‫الكامل للموارد القتصادية المتاحة )و نعني بالتوظيف الكامققل أل يزيققد معققدل‬
‫البطالة عن ‪ % 5‬سنويا‪ ،‬وهو المعققدل الطققبيعي الققذي ينشققأ مققن تغييققر هيكققل‬
‫الوظائف‪ ،‬و يطلق عليه معققدل البطالقة الحتكاكيقة( و الحفقاظ علققى مسقتوى‬
‫السعار المحلية‪ ،‬مع ملحظققة أن وجققود معققدل للتضققخم فققي حققدود ‪ %2‬و ‪%3‬‬
‫يعتبر من المور المقبولة اقتصاديا"‪.1‬‬
‫دور السياسقققة النقديقققة فقققي علج الركقققود و الكسقققاد‬ ‫‪.1‬‬
‫القتصاديين‪:‬‬
‫يعد الركود القتصادي من أهققم المشققاكل الققتي تققواجه صققانعي السياسققة‬
‫القتصققادية‪ ،‬وإن مققن مظققاهر الركققود القتصققادي هبققوط مسققتويات التوظققف‬
‫والستثمار وبالتالي انكسار النشاط النتاجي وهبوط معدلت النمو القتصادي‪.‬‬

‫عادل المهدي‪ ،‬العلقات الدولية‪ ،‬جهاز نشر و توزيع الكتاب الجامعي‪ ،‬جامعة حلوان‪ ،‬القاهرة‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،2003-2002‬ص‪.203 :‬‬
‫‪31‬‬
‫ويعبر الركود القتصادي عن إحققدى مظققاهر التقلبققات القتصققادية ويمكققن‬
‫تعريفه بأنه فققترة نمققو سققلبي )انخفققاض النمققو القتصققادي( يعقققب فققترة نمققو‬
‫إيجابي طبيعي )ارتفققاع النمققو(‪ 1‬وتختلققف مظققاهر الركققود القتصققادي بحسققب‬
‫درجة التقدم والهيكل القتصادي ويمكن إجمال أهم هذه المظاهر في‪:‬‬
‫هبوط حاد في الستثمار الحقيقققي و انخفققاض طلققب العمققل وتزايققد‬ ‫•‬
‫البطالة الجبارية‪.‬‬
‫تباطؤ معدلت التضخم كنتيجة لنخفاض الطلب الكلي‪.‬‬ ‫•‬
‫انخفاض معدل دوران النقود‪.‬‬ ‫•‬
‫ويعد الركود القتصققادي أحققد المشققاكل الهامققة الققتي تققواجه القتصققاديات‬
‫النامية والمتقدمة على حد سواء‪ ،‬نظرا لما ينجم عنهققا مققن آثققار سققلبية علققى‬
‫الجانب الحقيقي للقتصاد و ارتفاع معدلت البطالة‪ .‬ويوجد أكثر من اتجاه في‬
‫الدب القتصادي يرى أن السياسة النقدية أكثر تأثيرا في النشققاط القتصققادي‬
‫في فترات الركود عنها في فققترات الققرواج‪ ،‬و مققن هققذه التجاهققات يمكققن أن‬
‫نذكر‪:2‬‬
‫التجاه الول من النظريات‪:‬‬
‫يعتمد على فرضية عدم اكتمال سوق الئتمان‪ ،‬و في ظققل هققذه الفرضققية‬
‫فإن عدم تماثل المعلومات بين المقرض و المقترض يؤدي إلى ارتفققاع تكلفققة‬
‫الوساطة المالية التي تظهر في علوة التمويل الخارجي و تعتمققد هققذه العلوة‬
‫على صافي قيمة أصول المقترض‪ ،‬و يؤكد بعققض القتصققاديين أن تبعيققة علوة‬
‫التمويل الخارجي لصافي قيمة أصول قيمة المنشققآت العاملققة بالقتصققاد ممققا‬
‫يؤدي إلى ارتفاع تكلفة التمويل الخققارجي‪ ،‬و هققو مققا يزيققد مققن أثققر رد الفعققل‬
‫لصدمات السياسة النقدية‪ ،‬نظققرا لنخفققاض التققدفق النقققدي وانخفققاض قيمققة‬
‫الضمانات المقدمة من المنشآت المقترضة‪ ،‬في ظققل اعتمققاد هققذه المنشققآت‬
‫على التمويل الخارجي لصافي قيمة أصول المقترض اخلق نوعا مققن التعجيققل‬
‫المالي‪ ،‬ففي فترات الركققود تنخفققض صققافي أصققول قيمققة المنشققآت العاملققة‬
‫بالقتصاد مما يؤدي إلى ارتفاع تكلفة التمويل الخارجي‪ ،‬و هو ما يزيد مققن أثققر‬
‫رد الفعل لصدمات السياسة النقدية‪ ،‬نظرا لنخفاض التدفق النقدي وانخفققاض‬
‫قيمققة الضققمانات المقدمققة مققن المنشققآت المقترضققة‪ ،‬فققي ظققل اعتمققاد هققذه‬
‫المنشآت على التمويل الخارجي‪ ،‬و هو ما يجعل علوة التمويل الخارجي أكققثر‬
‫حساسية للمتغيرات في معدلت الفائدة‪ ،‬و لذا فإن تأثير السياسة النقدية في‬
‫النشاط القتصادي قد يكون أكثر في فترات الكود عنه في فترة الرواج‪.‬‬
‫أما التجاه الثاني من النظريات‪:‬‬
‫فيقوم بشرح أثر السياسة النقدية في النشاط القتصققادي مققن خلل تحققدب‬
‫منحنى العرض الكلي‪ ،‬ففي فترات الركود‪ ،‬تكون لدى المنشآت طاقققات إنتاجيققة‬
‫عاطلة‪ ،‬والتضخم عند مستوى منخفض جدا وأقل حساسققية للتغييققر فققي النتققاج‪،‬‬

‫محمود مناع عبد الرحمان‪ ،‬الثار القتصادية الكلية للسياسة النقدية في ظل إتباع برامج التكييف‬ ‫‪1‬‬

‫وعلقتها بالركود القتصادي مع إشارة خاصة للقتصاد المصري‪ ،‬رسالة مقدمة لنيل درجة الماجستير‬
‫في اقتصاديات التجارة الخارجية‪ ،‬قسم القتصاد و التجارة الخارجية‪ ،‬كلية التجارة وإدارة العمال‪،‬‬
‫جامعة حلوان‪ ،‬القاهرة‪) ،‬غ م(‪ ،2004 ،‬ص‪.49 :‬‬
‫نفس المرجع السابق‪ ،‬ص ص‪.58-57 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪32‬‬
‫وهو ما يعني أن تحرك منحنى الطلب الكلي نتيجة للمتغيرات بالسياسققة النقديققة‬
‫سوف يكون له تأثير أكققبر و أقققوى فققي الناتققج وتققأثير أضققعف فققي التضققخم فققي‬
‫فترات الركود عنه في فترات الرواج‪ ،‬وإن اختلفت حدة الركود فإنه يلحظ لجوء‬
‫صانعي السياسة‪ ،‬إلى سياسة نقدية توسعية في فترات الركود في ثماني فترات‬
‫ركود بالقتصاد المريكي )منذ عام ‪ 1953‬إلى عام ‪،(1990‬ق وقد اتضح خلل هققذه‬
‫الفترات نجاح هذه السياسة وحدها ‪ -‬والتي تميزت بالكفاءة والمرونة – في إنهاء‬
‫الركود‪.‬‬
‫أما في حالة مققا إذا كققان القتصققاد يعققاني مققن حالققة كسققاد فعلققى السققلطات‬
‫النقدية أن تقوم بزيادة عرض النقود‪ ،‬مع اتجاه الفراد إلى استخدام هذه الزيادة‬
‫عن طريق إنفاق مبققالغ أكققبر علققى السققلع و الخققدمات و علققى الصققول الماليققة‪،‬‬
‫وبالتالي فستكون هناك زيادة مباشرة في الطلققب الكلققي ينتققج عنهققا زيققادة فققي‬
‫النتاج والتشغيل إذا كان يعمل عند مستوى أقل من التشققغيل الكامققل‪ .‬أمققا فققي‬
‫حالة التشغيل الكامل فإن زيادة عرض النقود فستؤدي إلى رفققع السققعار‪ ،‬وهققذا‬
‫حسب التحليل النقدي‪.‬‬
‫أما بالنسبة لتحليل كينز فإن زيادة عرض النقود تؤدي إلققى تخفيققض سققعر‬
‫الفائدة و الققذي يققؤدي بققدوره إلققى زيققادة السققتثمار‪ ،‬و بالتققالي زيققادة النفققاق‬
‫الكلي‪ ،‬أي أن زيادة عرض النقود تزيد من الطلب الكلي بطريقة غير مباشققرة‬
‫و ذلك بتأثيرها على سعر الفائدة‪ .‬و بالتالي فكل التحليلين يريان الثر اليجابي‬
‫لزيادة عرض النقود للتخلص من الكساد‪.‬‬
‫دور السياسة النقدية في علج التضخم‪:‬‬ ‫‪.2‬‬
‫يقصد بالتضخم الرتفققاع المتواصققل فققي المسققتوى العققام السققعار سققواء‬
‫كققانت بسققبب الصققدار النقققدي )عققرض النقققود( أو مققن خلل النفققاق النقققدي‬
‫)الطلب الكلي(‪ ،‬والتضخم عبققارة عققن تكلفققة يتحملهققا القتصققاد الققوطني‪ ،‬لهققا‬
‫العديققد مققن الثققار السققلبية المختلفققة‪ ،‬علققى قيمققة العملققة و علققى النشققاط‬
‫القتصادي و النمو‪.‬‬
‫و يرى أصققحاب المدرسققة النقديققة أن التضققخم ظققاهرة نقديققة سققببها هققو‬
‫الفائض في عرض النقود من الزيادة في النتاج‪ ،‬و بالتالي فالسياسة الققواجب‬
‫إتباعها في هقذه الحالقة هققي تخفيققض عقرض النقققود ليققل الطلققب و تنخفقض‬
‫السعار‪.‬‬
‫أسباب التضخم و نتائجه‪:‬‬
‫يستخدم عادة تعبير الصققدمات التضققخمية )‪ (inflationary shocks‬فققي إشققارة‬
‫إلى العوامل المختلفة التي تؤدي إلى الرتفاع المتواصل في المسققتوى العققام‬
‫للسعار )في حين يستخدم تعبير الصدمات النكماشية )‪ (deflationary shocks‬في‬
‫إشارة إلى العوامل التي تؤدي إلى النخفاض في هذا المستوى(‪.‬‬
‫و تنشأ هذه الصدمات عادة نتيجة لتغيير العققرض الكلققي أو تغييققر الطلققب‬
‫الكلي‪ ،‬و الجدول التالي يوضح ذلك‪:‬‬
‫جدول رقم ‪ :‬الثار السلبية للصدمات التضخمية‪.‬‬
‫النتائج الولية‬ ‫السبب الول‬
‫موقف السياسة‬
‫النتائج النهائية للصدمات‬ ‫للصدمات‬ ‫للصدمات‬
‫النقدية‬
‫التضخمية‬ ‫التضخمية‬
‫‪33‬‬
‫الحالة الولى‪:‬‬ ‫‪.1‬ارتفاع السعار)‬
‫صدمات مؤقتة‬
‫‪ .1‬مزيد من ارتفاع في‬ ‫‪. (P‬‬
‫ومنعزلة ل تعززها‬
‫السعار)‪. (P‬‬
‫سياسة نقدية‬
‫‪ .2‬عودة الدخل إلى التوازن‪.‬‬
‫توسعية‪.‬‬
‫تكون فجوة‬ ‫‪.2‬‬ ‫صدمات‬
‫الحالة الثانية‪:‬‬ ‫تضخمية‪.‬‬ ‫الطلب‬
‫‪ .1‬استمرار السعار في‬ ‫التضخمية‬
‫صدمات مستمرة‬
‫ارتفاع‪.‬‬ ‫انتقال‬ ‫‪.3‬‬
‫تعززها سياسة‬
‫بناء مستوى الدخل أعلى من‬ ‫‪.2‬‬ ‫منحنى العرض‬
‫نقدية توسعية‪.‬‬
‫المستوى التوازني‪.‬‬ ‫الكلي إلى‬
‫أعلى‪.‬‬
‫الحالة الثالثة‪:‬‬ ‫صدمات مؤقتة‬
‫‪.1‬ارتفاع السعار)‬
‫‪ .1‬انخفاض في السعار)‪. (P‬‬ ‫ومنعزلة غير‬
‫‪ .2‬عودة الدخل إلى التوازن‪.‬‬ ‫‪. (P‬‬
‫معززة‪.‬‬
‫الحالة الرابعة‪:‬‬
‫مع ‪ .1‬مزيد من ارتفاع في‬
‫صدمات‬
‫السعار‪.‬‬ ‫ززة‬
‫العرض‬
‫‪ .2‬عودة الدخل إلى التوازن‪.‬‬
‫التضخمية‬
‫الحالة الخامسة‪:‬‬
‫استمرار السعار في‬ ‫‪.1‬‬
‫‪.2‬تكون فجوة‬
‫ارتفاع‪.‬‬ ‫صدمات متكررة‬
‫تضخمية‪.‬‬
‫بناء مستوى الدخل في‬ ‫‪.2‬‬ ‫ومعززة بسياسات‬
‫مستوى أقل من التوازن‪.‬‬ ‫نقدية توسعية‪.‬‬
‫المصدر‪ :‬أسامة بشير الدباغ و أثيل عبد الجبار الجورمد‪ ،‬المقدمة في القتصاد الكلي‪،‬‬
‫دار المناهج‪ ،‬عمان‪ ،‬الردن‪ ،2003 ،‬ص‪.364 :‬‬

‫تنشأ صدمات الطلب التضخمية عندما تتجاوز الزيادة فققي الطلققب الكلققي‬
‫مستوى النتاج )العرض الكلي( عند الستخدام الكامل‪ ،‬فينتقل منحنى الطلققب‬
‫الكلي جهة اليمين نتيجة لعدة عوامل و التي من بينها زيادة الكمية المعروضققة‬
‫من النقود بفعل سياسة نقدية توسعية‪ ،‬و إذا لم تعزز السققلطة النقديققة زيققادة‬
‫الطلب الكلي بسياسة نقدية توسعية فققإن القتصققاد سققيميل فققي النهايققة نحققو‬
‫التوازن‪ ،‬و ذلك بعد مضي فترة مؤقتة من الرتفاع في المعدل العام للسققعار‪،‬‬
‫و عندما يؤدي تعزيز الزيادة في الطلب الكلي من خلل سياسة نقدية توسعية‬
‫إلى تحويل التضخم من حالة مؤقتة إلى حالة مستمرة و دائمة‪.‬‬
‫أما بالنسبة لصدمات العرض التضخمية فإنها تنشققأ نتيجققة لنتقققال منحنققى‬
‫العرض الكلي إلى جهة اليسار فيرتفع المستوى التققوازني للسققعار و ينخفققض‬
‫المستوى التوازني للنتاج‪ ،‬و الشكل التالي يوضح ذلك‪.‬‬
‫شكل رقم ‪ :‬التوازن القتصادي‪.‬‬
‫المستوى‬
‫العرض‬
‫العام‬ ‫الطلب‬ ‫الكلي‬
‫للسعار‬ ‫الكلي‬

‫‪34‬‬
‫‪Pe‬‬

‫‪Ye‬‬
‫الدخل الوطني‬
‫الصدمات من ناحية على ما إذا كانت من النوع المنفرد غيققر‬ ‫الحقيقي‬‫و تعتمد هذه‬
‫المتكرر أو أنها سلسلة متكررة من الصدمات‪ ،‬و من ناحية أخققرى علققى الققدور‬
‫الذي تؤديه السياسة النقدية في تعزيز هذه الصدمات أو أنها تقف وقفا حياديققا‬
‫منها‪ ،‬و يمكن أن نحددهما فيما يلي‪:1‬‬
‫فالسياسات النقديققة المعققززة لصققدمات العققرض التضققخمية تتسققبب فققي‬
‫توالي الرتفاع في السعار بمقدار أكبر بكثير مما كان يمكققن أن ترتفققع بققه لققو‬
‫تم العتماد على قوى السوق الحرة و الفجوة النكماشية لتخفيض التكاليف و‬
‫السعار‪ .‬أما بالنسققبة للصققدمات التضققخمية للعققرض و غيققر المعققززة بسياسققة‬
‫نقدية توسعية تفرض من ذاتها حدودا للمدى الذي يمكن أن تستمر فيققه‪ ،‬ذلققك‬
‫أن استمرار و توسع الفجوة النكماشية و تزايققد البطالققة سققتعمل علققى تقييققد‬
‫الزيادة المتوالية في الجور و السعار وانخفاض مستوى النتاج التققوازني عققن‬
‫المستوى الذي كان قائما قبل حدوث هذه الصدمات‪.‬‬
‫و تجدر الشارة إلى أن استمرار هذا النوع من صدمات العرض التضخمية‬
‫لفارة طويلة نسبيا يستدعي الستمرار في زيادة الجور‪ ،‬و لبد علققى السققلطة‬
‫النقدية أن تقوم بتعزيز هذه الحالة من التضخم و ذلك من خلل سياسة نقدية‬
‫توسعية‪ ،‬تمنع لها انحراف القتصاد عن مستوى الستخدام الكامل‪.‬‬
‫و على الرغم مققن جققانب الحققذر الققذي قققد يققدفع بعققض القتصققاديين إلققى‬
‫المطالبققة بعققدم اسققتخدام السياسققة النقديققة كوسققيلة لمعالجققة الصققدمات‬
‫التضخمية للعرض‪ ،‬خشية مما قد يترتب عليها من تضخم حلزوني‪ .‬كما نجد أن‬
‫الرغبة في النكماش و البطالققة تحمققل آخريققن علققى البطالققة باسققتخدام هققذه‬
‫السياسة لمواجهة صدمات العرض و ذلك على الرغقم ممقا يقترتب علقى هقذه‬
‫السياسة من أعباء‪.‬‬
‫و يعد استهداف التضخم عققامل جوهريققا لرسققم سياسققة نقديققة ملئمققة‪ ،‬و‬
‫يعتمد استهداف التضخم على قيام البنك المركققزي أو الحكومققة بققالعلن عققن‬
‫استهداف تحقيق معدل معين من التضخم في المسققتقبل و يتققم تحديققد هققدف‬
‫السياسة النقدية بوضوح تام و تحديد هققدف بوضققوح تققام و تحديققد الداة الققتي‬
‫سيتم استخدامها لتحقيققق هققذا الهققدف و منققع معققدلت التضققخم مققن الرتفققاع‬
‫لستقرار النشاط القتصادي‪.‬‬
‫و تتطلب إجراءات استهداف التضخم كنظام نقدي يتطلب إجققراءات ذات‬
‫مستوى مرتفع من الكفاءة لتحقيق معدل التضخم المستهدف‪ ،‬و إن نجاح هذا‬
‫السلوب يتوقف على توافر عدة نقاط هي‪:2‬‬
‫توافر وضع مالي قوي‪ ،‬و رسوخ استقرار القتصاد الكلي‪.‬‬ ‫•‬
‫وجود نظام ماليي متطور‪.‬‬ ‫•‬

‫‪1‬‬
‫نفس المرجع‪ ،‬ص ص‪.377-370 :‬‬
‫محمد مناع عبد الرحمان‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.92 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪35‬‬
‫استقللية البنك المركزي في اسققتخدام أدوات السياسققة النقديققة‪ ،‬و‬ ‫•‬
‫تكليفه بتحقيق استقرار السعار‪.‬‬
‫التفهم الجيد لنوات تأثير أدوات السياسة في التضخم‪.‬‬ ‫•‬
‫وجود منهجية و أسلوب قوي لستنباط تنبؤات التضخم‪.‬‬ ‫•‬
‫وجود – و قدرة البنك المركزي على تقققديم – تفسققير و إجابققة علققى‬ ‫•‬
‫التساؤلت الموجهة للسياسة النقدية‪.‬‬

‫المطلققب الرابققع‪ :‬دور السياسققة النقديققة فققي تحقيققق التققوازن‬


‫الخارجي‬
‫‪1‬‬
‫يشير التوازن الخارجي إلى تحقيق التوازن في ميزان المققدفوعات حيققث‬
‫تستخدم السياسة النقدية لعلج اختلل ميققزان المققدفوعات و العققودة بققه إلققى‬
‫النقدي و سعر الصرف‪.‬‬ ‫المعروض نقدي‬
‫حدوث خلل‬ ‫حالة التوازن عن طرق تغيير كل من‬
‫استخدام المعروض النقدي‪:‬‬ ‫‪.1‬‬
‫)الطلب على النقود <‬
‫يمكقققن أن نحقققدد تطقققورات المنهقققج النققققدي فقققي علج خلقققل ميقققزان‬
‫العرض من النقود(‬
‫المدفوعات‪ .2‬لقد تطققور المنهققج النقققدي لميققزان المققدفوعات و تحديققد سققعر‬
‫الصول‬
‫‪.Harry Johnson‬‬ ‫الخدمات و‬
‫‪ Robert‬و‬ ‫منو ‪Mundell‬‬ ‫السلع‬
‫على كل‬‫الطلبأيدي‬ ‫الصرف منذ نهاية انخفاض‬
‫الستينات على‬
‫قتي نشققأت فققي جامعققة‬ ‫الجنبية‬
‫قديين الق‬‫النققو‬
‫المحلية‬ ‫ويعد هذا المنهج امتققدادا طبيعيققاالمالية‬
‫لمدرسققة‬
‫أن الخلققل و التققوازن فققي‬ ‫قر <‬ ‫)التدفقاتالمعاصق‬
‫الداخلة‬ ‫شيكاغو‪ ،‬و يرى مناصروا المنهققج النقققدي‬
‫قة بيققن العققرض و الطلققب‬ ‫التدفقاتفققي العلقق‬
‫الخارجية(‬ ‫ميزان المدفوعات لي دولة يجد أساسققه‬
‫على النقود في هذه الدولة‪.‬‬
‫أساسققا ظققاهرة نقديققة‪ ،‬و‬ ‫فائضيعتققبر‬
‫خارجي‬ ‫قدفوعات‬ ‫و يققرى النقققديون أن ميققزان المق‬
‫حدوث‬
‫يركزون في التحليل على آثار التغير في الطلب على النقققود و عققرض النقققود‬
‫للقاعدة فققي‬
‫الجنبي )التغيققر‬
‫المكون للدولققة‬
‫المملوكققة‬ ‫الجنبيققة‬
‫وارتفاع‬ ‫الصققول‬
‫للداخل‬ ‫تدفقصققافي‬
‫الحتياطات‬ ‫علققى التغيققر فققي‬
‫الصرفالحتياطققات يمثققل‬
‫قي هققذه‬ ‫ثباتققر فق‬
‫سعر‬ ‫بغرض التغي‬
‫باعتبققار أن‬
‫النقدية‬‫الحتياطققات الجنبيققة( و ذلققك‬
‫النتيجة النهائية لموقف ميزان المدفوعات ككل‪ ،‬و يمكققن تلخيققص وجهققة نظققر‬
‫لتحقيقالشققكل‬ ‫المرغوب‬
‫قارجي فققي‬ ‫المستوى‬
‫التوازن الخق‬ ‫النقدي إلى‬
‫النقدي و‬ ‫العرضالتوازن‬ ‫النقديين في آلية زيادة‬
‫العلقة بين‬
‫التوازن النقدي و قد يتعداه ليصبح ‪:‬‬ ‫التالي‪:‬‬
‫)الطلب على النقود >‬
‫العرض من النقود(‬
‫شكل رقم ‪ :‬آلية العلقة بين التوازن النقدي و التوازن الخارجي‪.‬‬
‫زيادة الطلب على السلع و الخدمات و الصول‬
‫المالية المحلية و الجنبية‬
‫)التدفقات الداخلة >‬
‫التدفقات الخارجة(‬

‫حدوث عجز خارجي‬

‫تدفق الحتياطات للخارج وانخفاض المكون الجنبي للقاعدة‬


‫بغرض ثبات سعر الصرف‬ ‫النقدية‬
‫‪.203‬‬ ‫عادل المهدي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫نفس المرجع‪ ،‬ص ص‪.162-157 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫انخفاض العرض النقدي‪36‬إلى المستوى المرغوب لتحقيق‬


‫التوازن النقدي و قد يتعداه ليصبح ‪:‬‬
‫المصدر‪ :‬عادل المهدي‪ ،‬العلقات الدولية‪ ،‬جهاز نشر و توزيع الكتاب الجامعي‪ ،‬كلية‬
‫التجارة‪ ،‬جامعة حلوان‪ ،‬القاهرة‪ ،2003-2002 ،‬ص‪.161 :‬‬
‫ويوضح الشكل السابق أن التوازن الخارجي يتأرجح بيققن الفققائض والعجققز‬
‫استنادا إلى الخلل والتوازن النقققدي‪ ،‬فالزيققادة فققي الطلققب علققى النقققود عققن‬
‫العرض تؤدي في النهاية إلى حدوث فائض خققارجي مرجعققه انخفققاض الطلققب‬
‫على السلع والخققدمات و الصققول الماليققة المحليققة والجنبيققة‪ ،‬ويققؤثر الفققائض‬
‫الخارجي بدوره على زيادة العرض النقدي من خلل تدفق الحتياطات الجنبية‬
‫إلى الداخل وهي جزء من القاعدة النقدية‪.‬‬
‫)ويختلف تحليل المنهج النقدي في ظل نظام أسعار الصققرف الثابتققة عنققه‬
‫في ظل أسعار الصرف الحرة أو المرنة(‪.‬‬
‫فإذا كان ميزان المدفوعات في حالة عجز فإنه يجب إتباع سياسققة نقديققة‬
‫انكماشية والعمققل علققى تخفيققض المعققروض النقققدي‪ ،‬ويتققم ذلققك برفققع سققعر‬
‫الخصم أو دخول عمليات السوق المفتوحققة أو وضققع سققوق للئتمققان وغيرهققا‪،‬‬
‫ويحدث هذا أثرا إيجابيا على ميزان المدفوعات من عدة نواحي نذكر منها‪:‬‬
‫تخفيض مستوى السعار يعني أن تصبح منتوجات الدولة أرخص نسبيا في‬
‫السواق الخارجية فيزداد الطلب عليها‪ ،‬وفي المقابل تصبح السلع المستوردة‬
‫مرتفعققة السققعر فيقققل الطلققب عليهققا‪ ،‬وبالتققالي فالنتيجققة زيققادة الصققادرات‬
‫وانخفاض الواردات‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫تخفيض القوة الشرائية والسيولة في الدولة يؤدي إلققى انخفققاض الطلققب‬
‫على السلع المحلية والجنبية ومع تخفيض التفاق الكلي نقل الققواردات حيققث‬
‫يتوقف ذلك على الميل الحدي للستيراد‪.‬‬
‫رفع سعر الفائدة على الوراق المالية بجذب رؤوس الموال الجنبية إلققى‬
‫الدولة التي تقوم بذلك للستفادة من سققعر الفققائدة المرتفققع و تققدفق رؤوس‬
‫الموال الجنبية و يساعد ذلك على تخفيض العجز في ميزان المدفوعات‪.‬‬
‫اسقققتخدام سقققعر الصقققرف فقققي التقققأثير علقققى ميقققزان‬ ‫‪.2‬‬
‫المدفوعات‪:‬‬
‫إن اتجاه السلطات القتصادية إلى خلققق سياسققة نقديققة تسققتطيع تحقيققق‬
‫الهداف المتعلقة بالقتصاد الداخلي يتطلب أحد خيارين‪:1‬‬
‫الول‪ :‬فرض قيود على أسواق المال و المحافظة علققى سققعر‬ ‫•‬
‫صرف ثابت‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬اختيار نظام سققعر الصققرف المققرن مققع تحريققر أسققواق‬ ‫•‬
‫رأس المال‪.‬‬
‫الجدول التالي يوضح فاعلية السياسة النقدية حسب نظام سعر الصرف‪:‬‬

‫جدول رقم ‪ :‬نظام سعر الصرف و فعالية السياسة النقدية‪.‬‬


‫نظام سعر‬
‫فاعلية السياسة النقدية‬ ‫خصائص القتصاد‬
‫الصرف‬
‫حرية‬ ‫‪-‬‬
‫انتقال رؤوس الموال‪.‬‬
‫تصبح السياسة النقدية غير فعالة‪،‬‬
‫ارتفاع‬ ‫‪-‬‬
‫وعادة ما يتساوى معدل الفائدة‬ ‫الثابت‬
‫قيمة السلع التي يتم‬
‫مع المعدلت الدولية‪.‬‬
‫التجار فيها دوليا )ارتفاع‬
‫حجم التجارة الدولية(‪.‬‬
‫عدم‬ ‫‪-‬‬
‫حرية انتقال رؤوس‬
‫الموال‪.‬‬
‫تؤدي السياسة النقدية دورا فعال‬
‫‪ -‬ارتفاع قيمة السلع التي ل‬ ‫الثابت‬
‫في التأثير على الطلب الكلي‪.‬‬
‫يتم التجار فيها دوليا‬
‫)انخفاض حجم التجارة‬
‫الدولية(‪.‬‬

‫محمود مناع عبد الرحمان‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.76 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪38‬‬
‫‪ -‬حرية انتقال رؤوس‬
‫تتسم السياسة النقدية بالفعالية‬
‫الموال‪.‬‬
‫)وإمكانية امتصاص الصدمات‬ ‫المرن‬
‫‪ -‬ارتفاع قيمة السلع التي‬
‫الخارجية(‪.‬‬
‫يتم التجار فيها دوليا‪.‬‬
‫‪ -‬عدم حرية انتقال رؤوس‬
‫السياسة النقدية تصبح فعالة من‬
‫الموال‪.‬‬
‫خلل تغيرات أسعار الفائدة و‬ ‫المرن‬
‫‪ -‬ارتفاع قيمة السلع التي ل‬
‫سعر الصرف‪.‬‬
‫يتم التجار فيها دوليا‪.‬‬
‫المصدر‪ :‬محمود مناع عبد الرحمان‪ ،‬الثار القتصادية الكلية للسياسة النقدية في ظل‬
‫إتباع برامج التكييف و علقتها بالركود القتصادي مع إشارة خاصة للقتصاد المصري‪،‬‬
‫رسالة مقدمة لنيل درجة الماجستير في اقتصاديات التجارة الخارجية‪ ،‬قسم التجارة‬
‫جامعة حلوان‪ ،‬القاهرة‪) ،‬غ م(‪،2004 ،‬‬ ‫الخارجية‪ ،‬كلية التجارة و إدارة العمال‪،‬‬
‫ص‪.79 :‬‬

‫فيما يتعلق بأهمية السياسة النقدية في ظل سعر الصرف الثابت نجد عققدم‬
‫قدرة السلطات النقدية في ظل هذا النظام على بناء سياسققة نقديققة لتحقيققق‬
‫السققتقرار القتصققادي علققى المسققتوى الحقيقققي نظققرا لفتقققاد السققلطات‬
‫القتصادية القدرة على السيطرة – في ظققل حريققة تققدفقات رؤوس المققوال‪-‬‬
‫على المتغيرات النقدية وارتفاع درجة حساسية القتصاد للصدمات الخارجية‪.‬‬
‫ولذات لثر تغير سعر الصرف على ميزان المدفوعات‪ :‬ففققي حالققة وجققود‬
‫عجز في ميزان المدفوعات‪ ،‬فتلجأ الدولة لتخفيض قيمة عملتهققا الخارجيققة أي‬
‫رفع سعر الصرف الجنبي‪ ،‬و يؤدي هذا الجراء إلى زيقادة الصقادرات و تقليقل‬
‫الواردات‪ ،‬إل أنه لكي تحدث هققذه السياسققة آثارهققا المرجققوة لبققد مققن تققوافر‬
‫مجموعة من الشروط‪:‬‬
‫بالنسبة للصادرات‪ :‬فيجب أن يكون العرض المحلي لسققلع التصققدير‬ ‫•‬
‫مرنا‪ ،‬و أن يكون الطلب الخارجي على صادرات الدولة مرنا‪.‬‬
‫بالنسبة للواردات‪ :‬أن يكون الطلب المحلي على الواردات السققلعية‬ ‫•‬
‫مرنا و أن يتمتع عرض الواردات بالمرونة الكافية‪.‬‬

‫المطلققب الخققامس‪ :‬الوضققاع التوازنيققة المختلفققة ودور السياسققة‬


‫النقدية‬
‫رأينا سابقا دور السياسة النقدية في تحقيق التوازن الداخلي ثم دورها فققي‬
‫تحقيققق التققوازن الخققارجي‪ ،‬و الواقققع أن القتصققاد يمكققن أن يعققرف أوضققاعا‬
‫مختلفة يمكن أن نحددها من خلل الشكل التالي‪:‬‬
‫شكل رقم ‪ :‬أوضاع القتصاد المختلفة )منحنى سوان(‪.‬‬
‫‪‬‬

‫‪ R‬أسعار‬
‫‪Y‬‬ ‫المنطقة )‪(4‬‬
‫الصرف‬ ‫‪E‬‬
‫‪D2‬‬ ‫فائض خارجي و‬ ‫‪D3‬‬
‫تضخم داخلي‬
‫المنطقة )‪(3‬‬ ‫المنطقة )‪(1‬‬
‫‪R0‬‬ ‫عجز خارجي و المنطقة )‪ (2‬فائض خارجي و‬
‫خارجي و ركود داخلي‬ ‫عجز ‪C‬‬
‫‪39‬‬
‫تضخم داخلي ركود داخلي‬
‫‪E‬‬ ‫‪D4‬‬ ‫‪D1‬‬ ‫‪Y‬‬

‫‪A0‬‬ ‫الستيعاب‬
‫المصدر‪ :‬عادل المهدي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.208 :‬‬ ‫المحلي‬

‫نلحظ من الشكل السابق ما يلي‪:‬‬


‫يقيس المحور الفقي مقدار الستيعاب المحلي أو بمعنققى آخققر‬ ‫•‬
‫إجمالي النفاق المحلي‪.‬‬
‫يقيس المحور الرأسي سعر الصرف‪.‬‬ ‫•‬
‫يوضح المنحنى ‪ EE‬المستويات المختلفة من التوازن الخققارجي‪،‬‬ ‫•‬
‫و كل نقطة تقع عليه تعني وجود توازن خارجي في ظل مستوى معين مققن‬
‫سعر الصرف و الستيعاب المحلي‪ ،‬و أي نقطة على يمينه تعني وجود عجز‬
‫و على يساره تعني وجود فائض‪ .‬و هنا علقة طرديققة بيققن سققعر الصققرف و‬
‫الستيعاب المحلي‪.‬‬
‫و يوضح المنحنى ‪ YY‬أوضاع التوازن الداخلي‪ ،‬فققأي نقطققة تقققع‬ ‫•‬
‫عليه تعني وجود حالة مقن التقوازن القداخلي‪ ،‬و أي نقطقة تققع علقى يمينقه‬
‫تعني وجود تضخم‪ ،‬و على يساره تعني وجققود بطالققة و هنققا علقققة عكسققية‬
‫بين سعر الصرف و الستيعاب المحلي‪.‬‬
‫عند تقاطع المنحنيين هناك توازن داخلي و توازن خارجي معا‪.‬‬ ‫•‬
‫∗‬
‫‪ :‬يسمى الشكل منحنى سوان نسبة إلى القتصادي السترالي ‪Trevor Swan‬‬
‫العلقة بين حالت التوازن و الخلل الققداخلي و الخققارجي و بالتققالي فققإن‬
‫أي اقتصاد يمكن أن تعرف الحالت التالية‪:‬‬
‫المنطقة ‪ :1‬عجز خارجي و تضخم داخلي‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫المنطقة ‪ :2‬عجز خارجي و ركود داخلي‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫المنطقة ‪ :3‬فائض خارجي و ركود داخلي‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫المنطقة ‪ :4‬فائض خارجي و تضخم داخلي‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫توازن داخلي و عجز خارجي عند ‪.D1‬‬ ‫‪‬‬
‫توازن داخلي و فائض خارجي عند ‪.D2‬‬ ‫‪‬‬
‫توازن خارجي و تضخم داخلي عند ‪.D3‬‬ ‫‪‬‬
‫توازن خارجي و ركود داخلي عند ‪.4D‬‬ ‫‪‬‬
‫وانطلقا من الشكل السابق فإن التوازن الداخلي مققع التققوازن الخققارجي‬
‫يكون في النقطققة " ‪ " C‬فققي الشققكل عنققدما يكققون السققتيعاب ‪ A0‬و السققعار‬
‫النسبية ‪ P0‬و في الحالت الباقية يكون القتصاد في حالة اختلل‪.‬‬
‫و الواقع أن اعتبارات تحقيق التوازن الداخلي قققد تتعققارض مققع اعتبققارات‬
‫تحقيق التوازن الخارجي و يفرض هققذا التعققارض ضققرورة الختيققار بيققن أدوات‬
‫السياسة القتصققادية المناسققبة لعققداد المزيققج الملئم مققن هققذه الدوات بمققا‬
‫يكفل تحقيق أهداف التوازن الداخلي و أهققداف التققوازن الخققارجي بأقققل قققدر‬

‫‪40‬‬
‫من التكاليف القتصادية التي يتحملها المجتمع و هققو فققي سققبيله إلققى تحقيققق‬
‫هذه الهداف‪.‬‬
‫و تنقسم أدوات السياسة القتصادية بصفة عامة إلى‪:‬‬
‫سياسققات خاصققة بتغييققر النفققاق ‪ ،Expenditure changing policies‬و سياسققات‬
‫خاصة بما يسمى تحويل النفاق ‪ ،Expenditure changing policies‬و تتضمن سياسات‬
‫تغيير النفاق كل من السياسة المالية و السياسة النقدية‪.1‬‬
‫حيث تستخدم السياسة كما رأينا عرض النقود للتأثير على أسعار الفققائدة‬
‫و الستثمار و من تم الدخل و يؤثر كذلك تغير يعر الفائدة على أوضاع التوازن‬
‫الخارجي‪ ،‬فإن انخفاض أسعار الفائدة يؤدي إلى زيادة تدفقات رؤوس الموال‬
‫قصيرة الجل إلى الخارج‪ ،‬وانخفاض تدفقات رؤوس الموال إلى الداخل‪.‬‬
‫أما بالنسبة لسياسة تحويل النفاق فإنها تستمر إلى إحققداث تغيققرات فققي‬
‫سعر الصرف ممققا يققؤثر علققى السققعار و علققى ميققزان المققدفوعات و الققدخل‬
‫الوطني‪.‬‬
‫وفقا لقاعققدة تينققبرجن ‪ Tinbergen‬فققإنه يمكققن اختيققار العققدد المناسققب مققن‬
‫أدوات السياسة القتصادية بحيث يتساوى هذا العقدد مقع الهقداف القتصقادية‬
‫المطلققوب تحقيقهققا‪ ،‬وذلققك للوصققول إلققى أفضققل اسققتخدام ممكققن لدوات‬
‫السياسة القتصادية‪ ،‬فإذا كان لنا هدفين منفصلين فققإنه يمكققن اختيققار أنسققب‬
‫أداتين من أدوات السياسة القتصادية لتحقيق هذه الهداف على أفضققل وجققه‬
‫ممكن‪.2‬‬

‫ميكانيزم انتقال أثر السياسة النقدية إلى النشاط القتصادي‬


‫ومشاكل وظروف تطبيقها في الدول النامية‬

‫المطلب الول‪ :‬ميكانيزم انتقال أثر السياسة النقدية إلى النشاط‬


‫القتصادي‬
‫يمكن أن ينتقل أثر السياسة النقدية إلى النشاط القتصادي مققن خلل مققا‬
‫يعرف بقنوات السياسة النقدية التي يبلغ بها أثر أدوات السياسة النقديققة إلققى‬
‫الهدف النهائي تبعا لختيار الهدف الوسيط‪ ،‬و تتققأثر آليققة انتقققال أثققر السياسقة‬
‫النقدية بشكل قوي بمرونة المتغيرات القتصققادية خلل هققذه القنققوات و الققتي‬
‫ترتبط –أي مرونة المتغيرات‪ -‬بهيكل النظام المالي بالدولققة و هيكققل القتصققاد‬
‫الكلي و الوضاع القتصادية بشكل عام‪.‬‬
‫و يتجققه عديققد مققن القتصققاديين إلققى التمييققز بيققن مققا يعققرف بانتقققال أثققر‬
‫السياسة النقدية من منظور النقود ‪ Money view‬وانتقال أثر السياسة النقدية من‬
‫منظور الئتمان ‪ ،credit view‬فمن منظور النقود تؤثر السياسة النقدية في جانب‬
‫الطلب على الموارد المالية ) الطلب على الئتمان( من خلل التغيرات بسققعر‬

‫عادل المهدي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.204 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫نفس المرجع‪ ،‬ص‪.207 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪41‬‬
‫الفائدة‪ ،‬أما من منظور الئتمان فإن انتقال أثر السياسة النقدية يتم مققن خلل‬
‫التأثير في المعروض من المققوارد الماليققة )عققرض الئتمققان(‪ ،‬و ينبنققي منظققور‬
‫النقود على قناة سعر الفائدة أو النقود و التي تم وضققعها بواسققطة الكينزييققن‬
‫من خلل نموذج ‪ ،IS-LM‬أما منظور الئتمان فيؤكد على دور الوسققاطة الماليققة‬
‫أو البنوك في تأثير السياسققة النقديققة علققى النشققاط القتصققادي‪ ،‬حيققث تققؤدي‬
‫البنوك دورا هاما –بوصفها أكققبر مؤسسققات الوسققاطة الماليققة بالقتصققاد‪ -‬فققي‬
‫تحديققد الناتققج المحلققي مققن خلل عققرض المققوارد الماليققة لتمويققل مشققاريع‬
‫الستثمار الحقيقي و رأس المال العامل بالقتصاد‪.1‬‬
‫القنوات التقليدية لمعدلت الفائدة )المنظور النقدي(‪:‬‬
‫و هي قناة تقليدية لنتقال أثر السياسة النقدية إلى هدف النمققو‪ ،‬ذلققك أن‬
‫السياسة النقدية التقييدية تعمل على ارتفاع أسعار الفائدة السمية مما يعمل‬
‫على ارتفاع سعرها الحقيقي ومنه ارتفاع تكلفة رأس المققال‪ ،‬و هققذا مققا يققؤدي‬
‫إلى تقليص الطلب علققى السققتثمار و بالتققالي انخفققاض الطلققب الكلققي و منققه‬
‫النمو‪.2‬‬
‫‪M‬‬ ‫‪ir‬‬ ‫‪I ,C‬‬ ‫‪Y‬‬
‫تشير المتغيرات إلى‪:‬‬
‫‪ :M‬سياسة نقدية انكماشية‪.‬‬
‫‪ : ir‬ارتفاع معدلت الفائدة و هققو مققا يعنققي ارتفققاع تكلفققة رأس المققال و‬
‫بالتالي انخفاض الطلب الكلي‪.‬‬
‫‪ :Y‬هبوط الناتج الكلي‪.‬‬
‫و حسب تحليل فريدمان أن التغيير في العرض النقققدي يققؤثر علققى سققعر‬
‫الفائدة من خلل أربعة آثار جزئية هي‪ :‬أثر السيولة‪ ،‬أثققر الققدخل‪ ،‬أثققر مسققتوى‬
‫السعار المتوقع و أثر التضخم المتوقع‪.3‬‬
‫قناة سعر الصرف‪:‬‬ ‫•‬
‫تستخدم هذه القناة للتأثير على الصققادرات مقن جهقة‪ ،‬و مقن جهققة أخققرى‬
‫تستعمل إلى جانب معدلت الفائدة في استقطاب الستثمار الجنبي‪.4‬‬
‫نظرية ‪ q‬توبن )‪:(James Tobin‬‬ ‫•‬
‫تشرح هذه النظرية كيفية تأثير السياسة النقديققة فققي القتصققاد مققن خلل‬
‫تأثيرها في تقييم السهم و تعرف ‪ q‬بأنها القيمققة السققوقية للشققركة مقسققومة‬
‫على نفقققة إحلل رأس المققال‪ ،‬و تققوفر السياسققة النقديققة فققي أسققعار الوراق‬
‫المالية من خلل انخفاض عرض النقود يؤدي إلى انخفققاض الفققوائض أو عجققز‬
‫الرصدة النقدية لدى القطاع العائلي‪ ،‬المر الذي يققترتب عليققه اتجققاه وحققدات‬
‫القطاع العائلي نحو سوق الوراق المالية لبيع مققا لققديها مققن أوراق ماليققة – أو‬
‫عدم شراء أوراق مالية –و هو ما يعني انخفاض الطلب علققى الوراق الماليققة‪،‬‬
‫واتجاه أسعار هذه الوراق إلى النخفاض‪ ،‬و يؤدي هققذا النخفققاض فققي أسققعار‬

‫محمود مناع عبد الرحمان‪ ،‬مرجع ذكره‪ ،‬ص‪.18 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫عبد المجيد قدي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.77 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫أحمد شعبان محمد علي‪ ،‬انعكاسققات المتغيققرات المعاصققرة علققى القطققاع المصققرفي و دور البنققوك‬ ‫‪3‬‬

‫‪.120- 118‬‬ ‫المركزية‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬السكندرية‪ ،2007 ،‬ص ص‪:‬‬


‫نفس المرجع‪ ،‬ص‪.77 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪42‬‬
‫السهم ‪ Pe‬إلى انخفاض ‪ q‬مما يؤدي إلققى هبققوط النفققاق السققتثماري و الناتققج‬
‫المحلي‪.1‬‬
‫‪M‬‬ ‫‪Pe‬‬ ‫‪q‬‬ ‫‪I‬‬ ‫‪Y‬‬
‫قناة القراض المصرفي‪:‬‬ ‫•‬
‫حيث عند إتباع سياسة نقدية انكماشية تؤدي إلى انخفاض العرض النقدي‬
‫المر الذي يؤدي إلى انخفاض حجم الودائع لدى البنوك‪ ،‬و منققه ينخفققض حجققم‬
‫الئتمان المصرفي الممكن تقققديمه و بالتققالي ينخفققض النفققاق السققتثماري و‬
‫الستهلكي فيهبط الطلب الكلي و يؤدي إلى الحد من النمو‪.‬‬
‫قناة أسعار السندات‪:2‬‬ ‫•‬
‫هذه القناة هي تعبير عن وجهات أنصققار المدرسققة النقدويققة فققي تحليلهققم‬
‫لثر السياسة النقدية على القتصاد‪ ،‬حيث يعتبرون تأثير السياسة النقدية على‬
‫القتصققاد ينتقققل عققبر قنققاتين‪ :‬قنققاة تققوبن للسققتثمار و قنققاة أثققر الققثروة علققى‬
‫الستهلك‪ ،‬و قد أشرنا إلى القناة الولى‪ ،‬أمققا بالنسققبة للقنققاة الثانيققة فتفسققير‬
‫النتقال يكون من خلل التأثير على أسعار السهم و الستهلك‪ ،‬و نظرا لكققون‬
‫الثروة المالية )الوراق المالية( مكققون هققام لتلققك المققوارد‪ ،‬فانخفققاض أسققعار‬
‫الوراق المالية ‪) Pe‬السهم( يعني انخفاض حجم الموارد الماليقة للمسقتهلكين‪،‬‬
‫المر الذي يتضمن انخفاض النفاق على الستهلك و انخفاض الطلب الكققي و‬
‫الناتج‪.‬‬
‫‪M‬‬ ‫‪Pe‬‬ ‫)الثروة( ‪W‬‬ ‫‪C‬‬ ‫‪Y‬‬
‫قناة الميزانية العمومية‪:‬‬ ‫•‬
‫تقوم هذه القناة على توضققيح العلقققة بيققن الصققدمات النقديققة و قققرارات‬
‫الستثمار التي تتخذها الشركات من خلل تأثير هذه الصققدمات فققي الوضققع أو‬
‫الموقف المالي للشركة‪ ،‬و مؤدي هذه القناة أن علوة التمويل الخارجي الققتي‬
‫يتحملهققا المقققترض تعتمققد بشققكل أساسققي علققى وضققعه المققالي – أي وضققع‬
‫المنشأة المقترضة‪ -‬حيث يؤدي انخفاض صققافي قيمققة أصققول الشققركات إلققى‬
‫تزايد مخاطر مشكلة تماثل المعلومققات )مخققاطر الختيققار السققيئ‪ ،‬و مخققاطر‬
‫سوء النية(‪ ،‬مما يؤثر حجم الئتمان الممنوح لتلك الشركات و بالتالي انخفاض‬
‫الستثمار و الناتج‪.3‬‬
‫قناة التدفق النقدي‪) :‬و هي قناة أخرى للميزانية العمومية(‬ ‫•‬
‫فعند إتباع سياسة نقدية انكماشية أي انخفققاض المعققروض النقققدي يققؤدي‬
‫بشكل مباشر إلى انخفاض التدفق النقدي للمنشآت نتيجة انخفققاض السققيولة‪،‬‬
‫و تؤدي هذه السياسة من خلل ارتفاع أسعار الفائدة إلى ارتفاع الميل للدخار‬
‫و بالتققالي انخفققاض النفققاق علققى منتجققات المنشققآت المققر الققذي يققؤدي إلققى‬
‫انخفاض السيولة النقدية لديها مما يزيد من فجوة التمويل – و هي الفرق بين‬
‫استخدامات المنشآت و مصادرها المالية – و هو ما يؤدي إلى ارتفاع المخاطر‬
‫محمود مناع عبد الرحمان‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.25 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫أنظر‪ - :‬عبد المجيد قدي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.78 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬محمود مناع عبد الرحمان‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.25 :‬‬


‫‪ -‬أحمد شعبان محمد علي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص‪.122-121 :‬‬
‫‪ -‬محمود مناع عبد الرحمان‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص‪.28-26 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -‬أحمد شعبان محمد علي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.123 :‬‬


‫‪43‬‬
‫و بالتالي انخفاض الئتمان المتاح و عمليات القراض و النفققاق السققتثماري و‬
‫هبوط النشاط القتصادي‪.‬‬
‫إذا مما سبق يمكن أن نجد أن قققدرة السياسققة النقديققة علققى التققأثير فققي‬
‫النشاط القتصادي تتوقف على توع الداة المستخدمة و على اللية الققتي يتققم‬
‫بها انتقال أثر هذه السياسة إلى الهدف النهائي و على الوضاع القتصادية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬فترات تباطؤ السياسة النقديققة والمشققاكل الققتي‬


‫تواجهها في التطبيق العملي‬
‫‪1‬‬
‫‪ -1‬فترات تباطؤ السياسة النقدية ‪:‬‬
‫تواجه السياسة النقديققة شققكوكا حققول قققدرتها علققى التققأثير فققي النشققاط‬
‫القتصادي في الوقت المطلوب نظرا لوجود ما يطلق عليه فترات البطققاء‪ ،‬و‬
‫تكمن المشكلة في طول و تغيير تلك الفترات‪ ،‬و هو ما يعني أن تمارس هققذه‬
‫السياسة تأثيرها في النشاط القتصادي على عكس التجاه المققراد تحقيقققه‪ ،‬و‬
‫بالتالي خلق المزيد من القوى الختللية بالقتصاد الكلي‪ ،‬المر الذي يزيد مققن‬
‫صعوبة مهمة السلطات النقدية في رسققم و إدارة السياسققة النقديقة‪ ،‬و يمكققن‬
‫ذكر خمسة أشكال لفترات البطاء‪ ،‬فيما يلي‪:2‬‬
‫تباطؤ البيانات ‪The Data lags :‬‬ ‫‪-‬‬
‫تباطؤ التعرف "الدراك" ‪The Recognition lags :‬‬ ‫‪-‬‬
‫التباطؤ التشريعي ‪The legislative lags :‬‬ ‫‪-‬‬
‫تباطؤ انتقال الثر ‪The Transmission lags :‬‬ ‫‪-‬‬
‫تباطؤ التأثير "الفاعلية" ‪The Iffectivness lags :‬‬ ‫‪-‬‬
‫تباطؤ البيانات ‪:‬‬ ‫‪.1‬‬
‫و هققي الفققترة الزمنيققة بيققن حققدوث تغيققر فققي المؤشققرات و المتغيققرات‬
‫القتصققادية و ظهققور البيانققات الدالققة علققى ذلققك بواسققطة الحصققائيات الققتي‬
‫تصدرها الجهات المعنية‪.‬‬
‫تباطؤ التعرف "الدراك" ‪:‬‬ ‫‪.2‬‬
‫و هققي الفققترة الزمنيققة بيققن ظهققور البيانققات الققتي توضققح النحرافققات أو‬
‫التغيرات في القيم و المتغيرات القتصادية و تحديققد السققباب الققتي أدت إلققى‬
‫حدوث التغيير في تلك المؤشرات و المتغيرات القتصادية‪.‬‬
‫التباطؤ التشريعي ‪:‬‬ ‫‪.3‬‬
‫بعد دراسة صانع السياسققة لبعققاد الظققاهرة أو المتغيققر المسققتهدف‪ ،‬فققإن‬
‫عليققه أن يأخققذ موافقققة السققلطة التشققريعية علققى القققرارات قبققل البققدء فققي‬
‫تنفيذها‪ ،‬و تسمى هذه الفترة التي يتم استغراقها لصدار الموافقققة التشققريعية‬
‫بفترة التباطؤ التشريعي‪ ،‬أي أنها الفترة ما بين عرض القققرارات و الجققراءات‬
‫المطلوبة على السلطة التشققريعية و موافقققة هققذه الخيققرة عليهققا‪ ،‬و إن كققان‬
‫التباطؤ التشققريعي ذا أهميققة كققبيرة بالنسققبة للسياسققة الماليققة‪ ،‬فققإنه غيققر ذي‬

‫محمود مناع عبد الرحمان‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص‪.32-30 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫نقل عن ‪:‬‬
‫‪Robert J.Gordon and James A.Wilcox, Macroeconomies, Addison-Wesley Longman, USA, 1998, PP : 444-‬‬
‫‪448.‬‬
‫‪44‬‬
‫أهمية بالنسبة للسياسة النقدية‪ ،‬حيث أن البنك المركزي هو السلطة التنفيذية‬
‫للسياسة النقدية بموجب التشريعات القائمققة‪ ،‬و هققو يعنققي عققدم اللجققوء إلققى‬
‫إجراءات تشريعية‪ ،‬أي اتخاذ القرارات و تنفيذها يتم دون تباطؤ تشريعي يذكر‪.‬‬
‫تباطؤ النتقال‪:‬‬ ‫‪.4‬‬
‫و هي الفترة الفاصلة بين اتخاذ قرارات السياسة القتصادية و التغيير في‬
‫أدوات السياسة )التنفيذ( تبعا لتلك القرارات‪ ،‬و تعد فترة تبققاطؤ النتقققال ذات‬
‫أهميققة للسياسققة الماليققة نظققرا لحتمققال طققول الفققترة بيققن اتخققاذ القققرارات‬
‫المتعلقة بالسياسة النقدية و التحصيل الفعلي لليرادات الحكوميققة أو النفققاق‬
‫الحكومي‪ ،‬بينما تعد ذات أهمية للسياسة النقدية‪ ،‬حيث يقققوم البنققك المركققزي‬
‫باتخققاذ القققرارات و القيققام بتنفيققذها مققن خلل أدوات السياسققة النقديققة مثققل‬
‫عمليات السوق المفتوحة أو غيرها دون تباطؤ يذكر‪.‬‬
‫تباطؤ التأثير‪:‬‬ ‫‪.5‬‬
‫و هققي الفققترة بيققن تنفيققذ قققرارات السياسققة القتصققادية "الداة" و تققأثير‬
‫الهدف النهائي‪ ،‬و ينصب معظم الجققدل الققدائر حقول تبقاطؤ السياسقة النقديقة‬
‫على طول و تغير الفترة المطلوبة لتأثير عققرض النقققود فققي الناتققج الحقيقققي‪،‬‬
‫فيعد تباطؤ التأثير أهم فترات السياسة لدى صانعي السياسققة النقديققة‪ ،‬و هققي‬
‫فترة انتقال أثر التغير في عرض النقود إلى المتغيرات الخرى داخل ميكانيزم‬
‫انتقال أثر تلك السياسة وصول للهدف النهائي‪ ،‬و خاصة الناتج الحقيقي‪.‬‬

‫‪ -2‬المشاكل التي تواجه السياسة النقدية في التطبيق العملي‪:‬‬


‫هناك العديد من المشاكل التي تقواجه السياسققة النقديققة عنققد تطبيقهققا‪ ،‬و‬
‫يمكن أن نذكر أهم هذه المشاكل كما يلي‪:1‬‬
‫أثر الفجققوة الزمنيققة بيقن المشققكلة القتصقادية و أثقر السياسقة‬ ‫‪.1‬‬
‫القتصادية المطبقة‪:‬‬
‫عادة ما تكون هناك فجوة زمنيققة بيققن وقققوع المشققكلة القتصققادية و بيققن‬
‫الثر الفعلي للسياسة المستخدمة لمواجهة هققذه المشققكلة‪ ،‬و يقققدر فريققدمان‬
‫الفترة ما بين التغيققر فقي المعققروض النققدي‪ ،‬و التغيقر فقي مسقتوى النشقاط‬
‫القتصادي بأنها تتراوح بين ‪ 18-12‬شهر‪ .‬لققذلك نققادى فريققدمان بثبققات معققدل‬
‫نمو كمية النقود – وليس ثبات كمية النقود‪ -‬إذ أنه في حالة عققدم زيققادة كميققة‬
‫النقود عندما يزيد الناتج الوطني تهبط السعار‪ ،‬و يؤدي ذلك لحالة من الركققود‬
‫إذا لم تزداد سرعة التداول‪.‬‬
‫و لقد ارتكز فريدمان على مشكلة الفجققوة الزمنيققة فققي رفققض السياسققة‬
‫النقدية الموجهققة و المطالبققة بسياسققة نقديققة تلقائيققة‪ ،‬و الققتي تتحقققق بتققوافر‬
‫عنصرين‪:‬‬
‫أنظر‪ - :‬سهير محمود معتوق‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.190 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬حمدي عبد العظيم‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.71 :‬‬


‫‪45‬‬
‫استقرار السعار المحلية‪.‬‬ ‫•‬
‫ثبات معدل نمو المعقروض النقققدي)ويقرى فريققدمان أن يكققون‬ ‫•‬
‫مساو لمعدل نمو الناتج الوطني(‪.‬‬
‫مدى استقللية البنك المركزي‪) :‬سنعود له فيما بعد(‬ ‫‪.2‬‬
‫شروط الئتمان المتاحة في السواق‪:‬‬ ‫‪.3‬‬
‫حيث عنققد تطققبيق سياسققة نقديققة معينققة قققد ل تكققون كاملققة أو فعالققة إذا‬
‫وجدت قنوات و أساليب و بدائل أخققرى يمكققن لهققا تجنققب هققذه التشققريعات و‬
‫الحصول على الئتمان‪.‬‬
‫مشاكل تتعلق بالوضع القتصادي للدولة‪:‬‬ ‫‪.4‬‬
‫تكون السياسة النقدية فعالة حسب الوضعية القتصقادية للدولقة‪ ،‬فالقدول‬
‫النامية كما سنرى تعاني مققن العديققد مققن المشققاكل و الققتي تحققد أساسققا مققن‬
‫فاعلية السياسة النقدية‪ ،‬كانتشار السواق غير المنظمة )المرابين و التجار‪(...‬‬
‫و التي عادة ما يكون لها تأثير بالغ على السواق المنظمة )البنققك المركققزي و‬
‫البنققوك( و علققى السياسققات و القققرارات المطبقققة فيهققا‪ ،‬فضققل عققن أن هققذه‬
‫السواق )المنظمة( ضعيفة و قطققاع مصققرفي متخلققف وانتشققار العققادات غيققر‬
‫المصرفية‪.‬‬
‫مشكلة مصداقية السياسة النقدية‪:‬‬ ‫‪.5‬‬
‫نظققرا لرتبققاط السياسققة النقديققة بالعديققد مققن الهققداف و بالعديققد مققن‬
‫المتغيرات و آثارها المختلفة على النظمة القتصادية‪ ،‬و نظرا لتطور السققواق‬
‫واتسققاعها وانحسققار عمليققات الوسققاطة مققن جهققة أخققرى‪ ،‬فهنققاك العديققد مققن‬
‫التساؤلت التي تطرح حول دور السلطات النقدية‪ ،‬و مقا هقي مصقداقيتها فقي‬
‫حل المشاكل التي تعترض النشطة القتصادية و المقصود بالمصداقية‪ :‬هو أن‬
‫يكون هناك انسجام بين البرنامج المعلقن عنقه مقن طقرف السقلطات النقديقة‬
‫)الدوات‪ ،‬الوسائل‪ ،‬الهداف و الفترة( و تطبيق هذا البرنامج واقعيا‪.1‬‬
‫وقد أصبحت مصداقية السلطات النقدية محققل شققك‪ ،‬نظققرا لنكسققار دور‬
‫الوسققاطة الماليققة فققي تمويققل النشققاط القتصققادي‪ ،‬و للتخلققي عققن اسققتخدام‬
‫الدوات المباشرة للسياسة النقدية و ذلك في إطققار التحققول مققن اقتصققاديات‬
‫الستدانة المعتمدة على السوق و التي أدت إلى تعقد أثر السياسققة النقديققة و‬
‫غالبا مقا يتميقز بعقدم اليقيقن‪ .‬خاصقة إذا كقانت ققرارات البنقك المركقزي غيقر‬
‫مستقلة عن التناقضات السياسية‪ ،‬من أهمها‪:‬‬
‫شفافية المعلومات‪ :‬تؤدي الشققفافية دورا أساسققيا فققي نقققل فكققرة‬ ‫•‬
‫إمكانية العتماد على البنوك المركزية إلى المشاركين في السواق‪ ،‬وذلققك‬
‫لما تحققه من نتائج تققؤدي بققدورها إلققى زيققادة انضققباط النظققام فققي رسققم‬
‫السياسة و في تطبيقها‪.2‬‬
‫‪1‬‬
‫‪Voir : - Flou Zat Denise, économie contemporaine, Les phénomènes monétaire, Tome 02, 12ème édition,‬‬
‫‪PUF, Paris, 1991, P : 328.‬‬
‫‪- Beitone Alain, Les instruments de la politique économique : la politique monétaire, revue cahier‬‬
‫‪français, N: 284, Paris, 1998, P: 34.‬‬
‫محسن س خان و أتروكروتشي‪ ،‬النظمة النقدية واستهداف تقليل التضخم‪ ،‬مجلة التمويل و التنمية‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫مجلة فصلية تصدر عن صندوق النقد الدولي‪ ،‬واشنطن‪ ،‬العققدد ‪ ،03‬المجلققد ‪ ،30‬سققبتمبر ‪ ،2000‬ص‪:‬‬
‫‪.50‬‬
‫‪46‬‬
‫وتكون السياسة النقديققة أكققثر كثافققة عنققد تققوافر شققفافية المعلومققات‬
‫ووضوح قواعد اللعبة‪ ،‬عندها تفهم السواق الهداف و ما يتعلق بها فيكققون‬
‫التجاه في إطار الهدف المنشود‪.‬‬
‫لبد من توافر إطار استقللية للسياسة النقديققة حققتى ل يتققم التققأثير‬ ‫•‬
‫على مصداقيتها سلبا إذا تم إعادة النظر في الهداف المحددة سلفا‪.‬‬
‫لبد من التنسيق بين الدوات المختلفة للسياسة النقدية‪.‬‬ ‫•‬

‫المطلب الثالث‪ :‬التوجهات الجديدة للسياسة النقديققة وتطققور أداء‬


‫البنك المركزي‬
‫التحولت الجديدة في مجال السياسة النقدية‪:‬‬ ‫‪.1‬‬
‫يستهدف العالم تحولت و تغيرات جذرية في مجالت مختلفة و مستويات‬
‫متعددة‪ ،‬و لقد كان لهقذه التغيقرات انعكاسقات مباشقرة و غيقر مباشقرة علقى‬
‫العديد من السياسات و السواق و التي من بينها السياسات النقدية‪ ،‬فعمليات‬
‫النققدماج و تققدفقات رؤوس المققوال و العولمققة الماليققة و المعققايير الدوليققة و‬
‫التحادات النقدية و التطورات المالية كلها عوامل تدفع باتجققاه تغييققر أدوات و‬
‫وسائل و أهداف الساسة النقدية‪.‬‬
‫و تجد السياسة النقدية نفسها في مواجهة هذه التغيرات‪ ،‬فإلى غاية بداية‬
‫الثمانينات كققان القيققد الخققارجي المققؤثر علققى الدولققة يرتبققط قبققل كققل شققيء‬
‫بالرصققيد التجققاري أو رصققيد العمليققات الجاريققة‪ ،‬أمققا الن فققإن حركققة رؤوس‬
‫الموال هي الققتي تققؤدي الققدور الساسققي فققي التققأثير‪ ،‬فققي حيققث تعتققبر هققذه‬
‫الحركات لققرؤوس المققوال ذات طبيعققة تطايريققة "‪ "Volante‬و المتعققاملون فققي‬
‫السققواق جققد حساسققين لمصققداقية السققلطات النقديققة‪ ،‬و السياسققات الققتي‬
‫يطبقونها و يقومون برد فعل عنيققف ككققل توقققع بالتضققخم‪ .‬و إلققى جققانب هققذا‬
‫النفتاح على حركة رؤوس الموال تعايش اليوم تحول على المستوى الفكققري‬
‫و المفاهيمي‪ ،‬فبعققد سققيادة الفكققر الكينققزي فققترة الثلثينققات بققإقراره لتتققدخل‬
‫السلطات العمومية‪ ،‬تميزت فترة الثمانينات بالتأثير المتزايد للفكار الليبرالية‪،‬‬
‫و حسبهم فإن سياسة نقدية نشققطة "‪ "Discrétionnaire‬عققاجزة عققن التققأثير علققى‬
‫المتغيرات الحقيقية للقتصاد سواء على المدى الطويققل أو المققدى القصققير‪ ،‬و‬
‫من هنا فإن التطبيق الدائم لسياسة مرتكزة حول محاربة التضخم يمكنها بنققاء‬
‫مصداقية السلطة النقدية‪ .1‬هذه المصداقية الققتي تجققب أن تكققون بمنققأى عققن‬
‫التدخلت السياسية و مدعمة باستقللية البنك المركزي‪.‬‬
‫تطور أداء البنك المركزي‪:‬‬ ‫‪.2‬‬
‫يتحمل البنك المركزي في العديققد مققن القتصققاديات مسققؤوليات كققبيرة و‬
‫هامة الدارة و الشراف على النظام المققالي فققي القتصققاد‪ ،‬و يمققارس البنققك‬
‫المركزي مهامه كسلطة نقدية على مستوى‪:2‬‬
‫تحديققد توجهققات السياسققة النقديققة‪،‬ذلققك أن تققدخل‬ ‫‪.1‬‬
‫البنوك المركزية يختلف بحسب درجة استقلليها عن السققلطة التنفيذيققة‪ ،‬و‬
‫هذا ما يجعل المهام تختلف بحسب الستقللية‪.‬‬
‫عبد المجيد قدي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص‪.99 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫نفس المرجع‪ ،‬ص ص‪.93-92 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪47‬‬
‫اختيققار الوسققائل الملئمققة النقديققة‪ :‬ذلققك أن هققذه‬ ‫‪.2‬‬
‫الوسائل ممكن أن تتعدد وفقا للهيكل المالي و الوضع القتصادي للبلد‪.‬‬
‫تحديققد الهققداف الوسققيطة للسياسققة النقديققة‪ :‬أمققا‬ ‫‪.3‬‬
‫‪1‬‬
‫فيما يخص مراقبة و إدارة الئتمان فإن البنك المركزي تتلخص فيما يلي ‪:‬‬
‫استقرار سعر الصرف‪.‬‬ ‫•‬
‫استقرار سوق النقود‪.‬‬ ‫•‬
‫تشجيع النمو القتصادي‪.‬‬ ‫•‬
‫استقرار المسققتوى العققام للسققعار و التقليققل‬ ‫•‬
‫من حدة التقلبات القتصادية‪.‬‬
‫و يستخدم البنك المركزي لتحقيق ذلك مجموعة من الدوات كمية وكيفية‬
‫ومباشرة‪.‬‬
‫التجاهات الحديثة في الصيرفة المركزية‪:‬‬
‫لقققد تطققورت الصققيرفة المركزيققة أسققلوبا خاصققة للقواعققد و الممارسققات‬
‫العملية التي تسير عليها إلقى مقا يمكقن أن يوصقف بقق "الصقيرفة المركزيقة"‪،‬‬
‫ولكنها في عالم دائم التغيير مققازالت فققي مرحلقة التطققور و الرتقققاء و تتمثققل‬
‫التجاهات الحديثة في الصيرفة المركزية في‪ :2‬الدارة النقدية غير المباشققرة‪،‬‬
‫تنميققة الصققيرفة اللكترونيققة و الرقابقة عليهققا‪ ،‬الفصققل بيققن وظقائف السياسققة‬
‫النقدية و لتنفيذها و بين وظائف الرقابة على الجهاز المصرفي‪ ،‬تطوير العمققل‬
‫الداري فققي مجققال إدارة احتياطيققات النقققد الجنققبي‪ ،‬الشققراف المصققرفي‬
‫الحصين و التعاون بين البنوك المركزية‪.‬‬
‫التجاه نحو الدارة النقدية غير المباشرة‪:‬‬ ‫‪.1‬‬
‫اتجهت البنوك المركزيققة فققي عققدد كققبير مققن الققدول إلققى تعققديل أهققداف‬
‫سياستها النقدية‪ ،‬و تعديل الدوات التي تستخدمها لتنفيذ تلك السياسات‪.‬‬
‫فمققن سياسققة نقديققة مباشققرة تسققتهدف متغيققرات نقديققة إلققى اسققتخدام‬
‫سياسات نقدية غيققر مباشققرة تسققتهدف السققيطرة علققى معققدلت التضققخم‪ ،‬و‬
‫تحولت تلك البنوك من استخدام أسلوب التكتم الشديد على أهداف السياسققة‬
‫النقدية إلى العلن الواضققح و الصققريح عققن الهققدف الققذي تسققعى السياسققات‬
‫النقدية إلى تحقيقه كا عام‪ ،‬و تتجه البنوك المركزية إلى التطوير المستمر في‬
‫الدوات التي تستخدمها فققي تحقيققق أهققداف السياسققة النقديققة‪ ،‬و فققي سققبيل‬
‫تحقيق الهدف النهائي للسياسة النقدية يستخدم البنك المركزي محققور ارتكققاز‬
‫اسمي )أو ما يعققرف بالمرسققاة ‪ (Anchor‬لدارة السياسققة النقديققة فققي الجليققن‬
‫القصير و المتوسط‪.‬‬
‫تحرير السواق المالية وأهمية عمليات السوق المفتوحة في الدارة‬ ‫‪.2‬‬
‫النقدية غير المباشرة‪:‬‬
‫تعد عمليات السققوق المفتوحققة هققي النحققور الرئيسققي الققذي يعتمققد عليققه‬
‫استخدام أسلوب الرقابة النقدية غير المباشرة‪ ،‬و ذلققك للتحكققم فققي مسققتوى‬
‫السيولة طبقا للهداف التي تحددها السياسة النقدية‪ ،‬و قققد جققاء هققذا التجققاه‬

‫عادل أحمد حشيش‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص‪.254-252 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫أحمد شعبان محمد علي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص‪.188-160 :‬‬
‫‪48‬‬
‫نتيجة لتقدم السواق المالية و التي تقوم بدور مهم في توفير فققرص التمويققل‬
‫و تجميع المدخرات الستخدام في المجال الستثماري‪.‬‬
‫و نظرا لضآلة المدخرات في البلدان النامية وافتقارها إلققى أسققواق ماليققة‬
‫متطورة و منظمة يلجأ إليها المسققتثمرون‪ ،‬فققإنه يجققب عليهققا إحققداث تغيققرات‬
‫تتعلق بهيكل النظام المالي و السياسة الئتمانية ووسائلها بهدف تعبئة الموارد‬
‫الميسرة و إعادة توجيهها نحو معايير الستثمار الحافزة للنمو القتصادي وذلك‬
‫بتحرير هذه القتصاديات و تحديث بنيتها المالية و إصلح أنظمتها المصرفية‪ ،‬و‬
‫يكون دور البنك المركزي هو‪:‬‬
‫توفير التشريع اللزم لتحقيق التحرير المالي‪.‬‬ ‫•‬
‫السققماح بإنشققاء بنققوك اسققتثمار خاصققة للترويققج و الكتتققاب فققي‬ ‫•‬
‫الصادرات الجديدة‪.‬‬
‫السماح للبنوك بالمشاركة في ملكيققة و إدارة المشققروعات الكققثر‬ ‫•‬
‫إنتاجية‪.‬‬
‫الرقابققة المتشققددة و الفاعلققة علققى النقققد و الئتمققان المصققرفي و‬ ‫•‬
‫العمققل علققى تحقيققق السققتقرار النقققدي إضققافة إلققى تطققوير السققواق‬
‫المصرفية و أسواق الوراق المالية‪.‬‬
‫التنمية المصرفية اللكترونية و الرقابة عليها‪:‬‬ ‫‪.3‬‬
‫تتجه المؤسسات المصرفية اليوم إلى توفير خققدماتها المتنوعققة إلكترونيققا‬
‫للعملء‪ ،‬و هذه التطورات في الدوات و الوسائل تطرح تحققديات أمقام الجهقاز‬
‫المصققرفي و السققلطات الرقابيققة المتمثلققة فققي البنققك المركققزي فققي الققدول‬
‫النامية‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫تزايقققد حقققدة المنافسقققة فقققي صقققناعة‬ ‫•‬
‫الخدمات اللكترونية من قبل المؤسسات المصرفية و غير المصرفية‪.‬‬
‫تزايد سرعة تنفيذ العمليات المصرفية‪.‬‬ ‫•‬
‫نقققص الخققبرات و عققدم وضققوح النققواحي‬ ‫•‬
‫القانونية و التشريعية‪.‬‬
‫و بالتالي لمواجهة هذه التحديات يتحتم على البنك المركزي العمل على‪:‬‬
‫تنمية الصيرفة اللكترونية‪.‬‬ ‫•‬
‫سياسة رقابية و قواعد جديققدة للصققيرفة‬ ‫•‬
‫اللكترونية‪.‬‬
‫الفصل بين وظققائف رسققم السياسققة النقديققة وتنفيققذها وبيققن هققدف‬ ‫‪.4‬‬
‫الرقابة على الجهاز المصرفي‪:‬‬
‫يوجد اتجاه لدى الدول المتقدمة للفصل بين السلطة المسؤولة عن رسم‬
‫السياسة النقدية و تنفيذها‪ ،‬و تلك المسؤولة عن الشراف و الرقابة على أداء‬
‫الجهقاز المصقرفي‪ ،‬فوظقائف السياسقة النقديقة يعهقد بهقا للبنقك المركقزي‪ ،‬و‬
‫الوظائف المتعلقة بالرقابة على الجهاز المصرفي فإنها يمكن أن تكون ضققمن‬
‫مسؤولية البنك المركزي أو يعهد بهققا إلققى سققلطة أخققرى غالبققا مققا تتبققع وزارة‬
‫المالية‪.‬‬
‫الفصل بين الصيرفة المركزية و إدارة الدين العام‪:‬‬ ‫‪.5‬‬
‫‪49‬‬
‫يدعو صندوق النقد الدولي إلى فصل عملية إدارة الدين العام عن البنققوك‬
‫المركزية و أن يعهد بها إلى جهاز مستقل له أهققداف محققددة و مؤشققرات أداء‬
‫قابلة للقياس و أن يقوم على إدارته فنيون متخصصققون‪ ،‬و يققرى الصققندوق أن‬
‫وجود جهاز كفء مستقل لدارة الدين العام يساعد على كسب ثقة المقرضين‬
‫و حصول الدول المقترضة على تقيين أفضل لمخاطرهقا الئتمانيقة مقن جقانب‬
‫مؤسسات التقييم الدولية مما يساعد على تخفيض تكلفة القروض الخارجية و‬
‫تحسين شروطها‪ ،‬و تتمثل مهام الجهاز المصرفي لدارة الدين العام في إدارة‬
‫مخاطر محفظة الدين العام و توفير السيولة اللزمة للدولة و تكلفة منخفضققة‬
‫و بالجال المناسبة‪ ،‬و تسهيل لجوء الدولة إلى أسواق المال الدولية للحصققول‬
‫على التمويل بالنقد الجنبي‪.‬‬
‫تطوير العمل الداري في مجال إدارة احتياطيات النقد الجنبي‪:‬‬ ‫‪.6‬‬
‫انتقد صندوق النقد الدولي القتصاديات الناشئة مققن ناحيققة افتقارهققا إلققى‬
‫الدارة الجيققدة لحتياطققات النقققد الجنققبي الققتي تراكمققت لققديها مققن تققدفقات‬
‫رؤوس المققوال‪ ،‬و يؤكققد البنققك الققدولي علققى أهميققة تطققوير العمققل الداري‬
‫لحتياطات النقد الجنبي و ذلك عن طريق حسن اختيار أشخاص أكفاء و ذوي‬
‫خبرة و دراية واسعة بأمور إدارة الحتياطققات مققن النقققد الجنققبي‪ ،‬و ذلققك بمققا‬
‫يكفل استثمار تلك الحتياطيات بعائد مجز مع الحفاظ على أهداف السققيولة و‬
‫مواجهة مخاطر تقلب أسعار الصرف و الفائدة‪.‬‬
‫الشراف المصرفي الحديث‪:‬‬ ‫‪.7‬‬
‫لعققل مققن أهققم مخققاطر العولمققة الماليققة هققو مققا قققد يتعققرض لققه الجهققاز‬
‫المصرفي من أزمات‪ ،‬ويحدث ذلققك فققي الققدول الققتي تقققوم بعمليققة التحريققر‬
‫المالي‪ ،‬و تدل تجارب البلدان التي قققامت بتحريققر أسققواقها الماليققة مثققل دول‬
‫أمريكا اللتينيققة و دول شققرق آسققيا علققى أن تحريققر السققواق الماليققة لبققد أن‬
‫يقترن برقابة و إشراق فاعل على الجهاز المصرفي من قبل بنوكها المركزيققة‬
‫تجنبا لية ممارسات مصرفية غير سليمة‪.‬حيث أن البلدان التي تعرضت لنتققائج‬
‫سلبية للتحرير المالي كان ينقصها الشراف الحصين عن طريق أجهزة الرقابة‬
‫المصرفية‪ ،‬و يستهدف الشقراف المصقرفي الحصقين تخفيقض مخقاطر انهيقار‬
‫النظام المصرفي و تجنب مشكلت الدارة المصرفية و المحافظ الئتمانية مع‬
‫اتخاذ التدابير التصحيحية المناسبة‪.‬‬
‫الجراءات الوقائية‪:‬‬ ‫‪.8‬‬
‫تستهدف الجراءات الوقائية تجنب حدوث الزمات و تفاديهققا عققن طريققق‬
‫الحد من بدء المخققاطرة مققن جقانب البنققوك‪ ،‬بالضققافة إلققى اسققتهداف حمايققة‬
‫مصالح المودعين‪ ،‬و تشمل الجراءات الوقائية على التي‪:‬‬
‫وضقققع قيقققود علقققى مجقققالت النشقققاط‬ ‫•‬
‫المصرفي‪.‬‬
‫تحديد معايير واضحة للعمل المصرفي و‬ ‫•‬
‫الجهات المسؤولة عن الدارة و المراقبة‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫إلققزام البنققوك بإتبققاع قواعققد الحيطققة‬ ‫•‬
‫)الملئمققة الماليققة‪ ،‬السققيولة‪ ،‬تكققوين مخفضققات للققديون الققرديئة‪ ،‬إتاحققة‬
‫المعلومات‪.(..‬‬
‫ضقققرورة تصقققميم إجقققراءات علجيقققة‬ ‫•‬
‫للزمات )تأمين الودائع‪ ،‬تحسين السيولة‪.(...‬‬
‫التعاون بين البنوك المركزية‪:‬‬ ‫‪.9‬‬
‫لقد أدت التطورات القتصادية العالمية و القليمية المعاصرة إلى الحاجققة‬
‫لمزيققد مققن التنسققيق و التعققاون بيققن دول العققالم المختلفققة فققي المجققالت‬
‫القتصادية‪ ،‬ومنها المجال المصرفي‪ ،‬خاصة مع التطورات التكنولوجية و تطور‬
‫وسائل الدفع‪ ،‬و تطور العلقات المصرفية الدولية‪ ،‬لذلك فالحاجة إلى التعققاون‬
‫و التنسيق بين السققلطات الرقابيققة أصققبحت ضققرورية و خصوصققا فققي الققوقت‬
‫المعاصر‪ ،‬ولقد كان لقيام بنققك التسققويات الدوليققة عققام ‪ 1930‬هققدف تنسققيق‬
‫سبل التعاون الدولي بيقن البنقوك المركزيقة المنظمقة إلققى هقذه المؤسسقة و‬
‫القيام بوظيفة بنك البنوك المركزية‪.‬‬
‫و لقد أسفرت الحاجة إلى تدعيم الرقابة و الشققراف علققى البنققوك دوليققة‬
‫النشاط بوضع الطار التنظيمي اللزم لعمل تلك البنوك‪ .‬وذلك من خلل لجنققة‬
‫بازل للشراف المصرفي‪ ،‬و لتدعيم التعاون الدولي كان الهتمام أكققثر تنظيققم‬
‫و ترشققيد إدارة البنققوك للمخققاطر )المخققاطر السققتراتيجية‪ ،‬مخققاطر الئتمققان‪،‬‬
‫مخاطر السيولة‪ ،‬مخاطر أسققعار الفققائدة‪ ،‬مخققاطر أسققعار الصققرف‪ ،‬المخققاطر‬
‫التشققغيلية‪ ،‬المخققاطر التنظيميققة‪ ،‬مخققاطر السققعة( كأحققد اهتمامققات المجتمققع‬
‫الدولي‪ ،‬نظرا للمكانة التي يحتلها القطاع المصرفي في داخل القطاع المالي‪.‬‬

‫المطلققب الرابققع‪ :‬اسققتقللية البنققك المركققزي و أهميققة الققدور‬


‫الشرافي له‬
‫تعني استقللية البنك المركزي في مفهومها القانوني حجم السلطات‬
‫الممنوحة للبنك المركزي في صياغة السياسة النقدية وإدارتها ومن ثم مدى‬
‫إمكانية مسائلة البنك المركزي عن تحقيق والبقاء على استقرار السعار ‪.1‬‬
‫وتعني منح البنك المركزي الستقلل الكامل في إدارة السياسة النقدية‬
‫من خلل عزله عن أية ضغوط سياسة من قبل السلطات التنفيذية من جهة‪،‬‬
‫ومن خلل منحه حرية التصرف كاملة في وضع وتنفيذ سياسة نقدية‪.2‬‬
‫ول تعني استقللية البنك استقلله عن الحكومة بشكل تام وانفصاله‬
‫الكامل عنها فهو مؤسسة حكومة إل أن الستقللية تعني حريته في اتخاذ‬
‫قراراته خاصة فيما يتعلق منها بالسياسة النقدية‪ ،‬بالضافة إلى الحرية التي‬
‫يتمتع بها المسئولون في البنك المركزي ودورها في اتخاذ قراراته‪.‬‬

‫‪ 1‬منصور زين‪ ،‬استقللية البنك المركققزي أثرهققا علققى السياسققة النقديققة ‪،‬الملتقققى الققوطني الول حققول‬
‫المنظومة المصرفية والتحولت القتصادية واقع وتحققديات يققومي ‪ 15-14‬ديسققمبر ‪ ،2004‬كليققة العلققوم‬
‫النسانية والعلوم الجتماعية جامعة حسبة بن بوعلي –الشلف ‪،‬ص‪.424:‬‬
‫‪ 2‬زينب عوض الله وأسامة محمد الفقولي‪ ،‬أساسقيات القتصقاد النققدي والمصقرفي‪ ،‬منشقورات الحلقبي‬
‫‪،‬بيروت‪،2003 ،‬ص ‪.284:‬‬
‫‪51‬‬
‫وبدأ ظهور أهمية استقللية البنوك المركزية بسبب التطورات القتصادية‬
‫والمالية التي عرفتها بعض البلدان في عقد السبعينات والثمانينات من القرن‬
‫الماضي‪ ،‬ولعل السبب الرئيسي للمناداة بهذه الستقللية هو عدم فعالية‬
‫السياسة النقدية في محاربة التضخم في بعض الدول‪.‬‬
‫والهدف من منح هذه الستقللية هو زيادة قدرة البنك المركزي على إدارة‬
‫السياسة النقدية لتكون أكثر فعالية في تحقيق هدفها الساسي والمتمثل في‬
‫المحافظة على استقرار المستوى العام للسعار‪.1‬‬
‫ويمكن قياس هذه الستقللية بالعتماد على مؤشرين مختلفين‬
‫هما‪:2‬الستقللية العضوية والستقللية الوظيفية للبنك المركزي‪.‬‬
‫‪ -‬الستقللية العضوية ‪:‬وتتعلق بشروط تعيين المسؤولين في البنك‬
‫المركزي وكذا شروط ممارستهم لوظائفهم‪.‬‬
‫‪ -‬الستقلل الوظيفي ‪:‬ويتحدد بالنظر إلى مسؤوليات ومهام وأهداف البنك‬
‫المركزي وكذا بالنظر إلى مدى استقلليتها المالية ‪،‬فكلما كانت السياسة‬
‫النقدية غير واضحة وعديدة أو غير موجودة كلما قلت درجة استقللية البنك‬
‫المركزي ‪.‬‬
‫‪ 2-2‬أثر استقللية البنوك المركزية على المؤشرات القتصادية‬
‫‪:‬بحثت دراسات عديدة هذه العلقة على بعض المؤشرات كالتضخم وعجز‬
‫الموازنة والناتج المحلي الجمالي كما يلي‪: 3‬‬
‫‪ -‬الستقللية والتضخم ‪:‬يرى مؤيدو الستقللية أن استقلل البنك المركزي‬
‫عن الحكومة بعيدا عن الضغوطات السياسية ‪،‬فتؤدي السياسة النقدية إلى‬
‫استقرار السعار وتخفيض معدلت التضخم وقد أكدت ذلك العديد من‬
‫الدراسات منها ‪:‬‬
‫الدراسة التي أجراها "باد"و"باركن" ‪"bade , parkin‬واستخدم المؤلفان بيانات‬
‫حول ‪ 12‬دولة لبحث العلقة بين درجة الستقللية ومعدلت التضخم في‬
‫الفترة ما بعد ‪، 1994‬واستخدما مجموعة من المقاييس ‪،‬وأثبتت الدراسة أنه‬
‫لم تكن هناك علقة واضحة بين درجة الستقللية المالية لبنوك ومعدلت‬
‫التضخم‪ ،‬بينما أثبتت العلقة بين درجة استقللية سياسة البنوك المركزية‬
‫)استقللية سياسية (ومعدلت التضخم في علقة وطيدة وعكسية واتضح من‬
‫هذه الدراسة أنه في كل من ألمانيا وسويسرا اللتين يتمتع بنكاهما المركزيان‬
‫بأعلى درجة من الستقللية كانت معدلت التضخم أصغر المعدلت ‪.‬‬
‫وتوصلت نتائج بعض الدراسات الخرى إلى أن معدلت التضخم تكون‬
‫منخفضة أكثر في الدول التي تمتع بنوكها المركزية باستقللية أكبر عن‬
‫الحكومة )مع عدم إمكانية تعميم هذه النتائج لوجود دول ل تتمتع بنوكها‬
‫المركزية بالستقللية إل أنها سيطرت على معدلت التضخم( ‪.‬‬
‫‪ -‬الستقللية وعجز الموازنة ‪:‬أجريت بعض الدراسات لبحث هذه العلقة‬
‫وأظهرت أن هناك دور لستقللية للبنوك المركزية في تخفيض عجز الموازنة‬
‫العامة ‪.‬‬
‫‪ 1‬حسينة شملول‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص ‪.97-94:‬‬
‫‪ 2‬نفس المرجع والصفحة‪.‬‬
‫‪ 3‬نفس المرجع ‪ ،‬ص ص‪.118-115 :‬‬
‫‪52‬‬
‫‪ -‬الستقللية والناتج المحلي الجمالي ‪:‬توصلت نتائج دراسة قام بها كل من‬
‫"‪ " Dedong et summers‬حول هذه العلقة في الدول الصناعية خلل الفترة )‪-55‬‬
‫‪(1990‬مع اعتبار سنة ‪ 1955‬سنة الساس إلى أن هناك علقة موجبة بين درجة‬
‫استقللية البنوك المركزية ومعدل الناتج المحلي الجمالي وإذا زادت درجة‬
‫استقللية البنك المركزي درجة واحدة ارتفع نمو الناتج المحلي الجمالي لكل‬
‫عامل بنسبة ‪%0.4‬سنويا ‪.‬‬
‫وقد تمثلت التجاهات الحديثة للصيرفة المركزية في ما يلي ‪:‬‬
‫‪1‬‬

‫‪ ‬التجاه نحو الدارة النقدية غير المباشرة‪ :‬اتجهت البنوك المركزية في عدد‬
‫كبير من الدول المتقدمة إلى تعديل أهداف سياساتها النقدية‪ ،‬وتعديل‬
‫الدوات التي تستخدمها لتنفيذ تلك السياسات‪ ،‬فمن سياسات نقدية مباشرة‬
‫تستهدف متغيرات نقدية إلى استخدام سياسات نقدية غير مباشرة تستهدف‬
‫كذلك السيطرة على معدلت التضخم‪ ،‬مع العلن عن أهداف السياسة‬
‫النقدية‪ ،‬واستخدام الدوات غير المباشرة خاصة عمليات السوق المفتوحة‪،‬‬
‫‪ ‬على البنك المركزي أن يقوم بتطوير وتحرير السواق المالية وذلك بتوفير‬
‫التشريعات اللزمة‪ ،‬والسماح بإنشاء بنوك استثمار خاصة للترويج والكتتاب‬
‫في الصدارات الجديدة ‪ ،‬والسماح للبنوك بالمشاركة في ملكية وإدارة‬
‫المشروعات وإقامة مؤسسات تمويل مشتركة‪.‬‬
‫‪ ‬تنمية الصيرفة اللكترونية والرقابة عليها‪ :‬وذلك بسبب تزايد حدة المنافسة‬
‫في صناعة الخدمات المالية اللكترونية وتزايد سرعة تنفيذ العمليات‪،‬‬
‫ويتطلب ذلك من البنك المركزي تنمية الوعي بأهمية الصيرفة اللكترونية‬
‫وتنمية البنية التحتية والبيئة التشريعية الخاصة بها‪ ،‬مع ضرورة تنمية وسائل‬
‫رقابية جديدة‪.‬‬
‫‪ ‬الفصل بين وظائف رسم السياسة النقدية وتنفيذها‪ ،‬وبين وظائف الرقابة‬
‫على الجهاز المصرفي‪ :‬حيث يعهد بالوظائف المتعلقة بالسياسة النقدية‬
‫للبنك المركزي ‪ ،‬أما الوظائف المتعلقة بالرقابة على الجهاز المصرفي فإنها‬
‫يمكن أن تكون من ضمن مسؤولية البنك المركزي كما هو الوضع في‬
‫استراليا ونيوزيلندا وفرنسا‪ ،‬أو يعهد بها إلى سلطة أخرى ‪ -‬غالبا وزارة‬
‫المالية‪ -‬كما هو الوضع في كندا والنمسا وسويسرا وبلجيكا والدانمارك‬
‫وألمانيا والمملكة المتحدة‪ ،‬أما في الوليات المتحدة فيشترك في المهمة‬
‫كل من المجلس الحتياطي التحادي ووزارة المالية والهيئة التحادية للتأمين‬
‫على الودائع ‪.‬‬
‫‪ ‬الفصل بين هدف الصيرفة المركزية وإدارة الدين العام‪ :‬وذلك كاستجابة‬
‫لدعوة صندوق النقد الدولي في أن وجود جهاز مستقل لدارة الدين العام‬
‫يساعد على كسب ثقة المقرضين وتخفيض تكلفة القروض الخارجية‬
‫وتحسين شروطها وتوفير السيولة اللزمة للدولة وتسهيل لجوئها إلى‬
‫أسواق المال الدولية‪.‬‬
‫‪ ‬تطوير العمل الداري في مجال إدارة احتياطات النقد الجنبي‪.‬‬
‫‪ 1‬أحمققد شققعبان محمققد علققي‪ ،‬انعكاسققات المتغيققرات المعاصققرة علققى القطققاع المصققرفي ودور البنققوك‬
‫المركزية‪ -‬دراسة تحليلية تطبيقية مختارة من البلدان العربية‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬السكندرية‪ ،‬ط ‪،2006 ،1‬‬
‫ص ص ‪.188 -160 :‬‬
‫‪53‬‬
‫‪ ‬الشراف المصرفي الحصيف ‪ :Prudentiel supervision‬وذلك لمواجهة الزمات‪،‬‬
‫فل بد من أن يقترن التحرير المالي برقابة وإشراف فاعل على الجهاز‬
‫المصرفي‪ ،‬وذلك بغرض تخفيف مخاطر انهيار النظام المصرفي ‪.‬‬
‫‪ ‬التعاون والتنسيق بين البنوك المركزية‪ :‬وذلك بسبب التطورات القتصادية‬
‫العالمية المعاصرة والمعايير الدولية‪.‬‬
‫‪ 2-3‬أهمية الدور الشرافي للبنك المركزي في ظل التحرير‬
‫المالي‪:1‬‬
‫تحتل الرقابة على الجهاز المصرفي في البلدان التي قامت بتحرير‬
‫أسواقها المالية أهمية كبيرة‪ ،‬وتدل تجارب البلد التي مارست هذا التحرير‬
‫على أن هذا الخير ينبغي أن يقترن برقابة فعالة على الجهاز المصرفي تجنبا‬
‫لية ممارسة مصرفية غير سليمة‪ ،‬وذلك أن البلد التي تعرضت للنتائج‬
‫السلبية للتحرير المالي واسع النطاق المتمثلة في الزيادة الحادة في معدلت‬
‫الفائدة وإفلس المؤسسات المالية كان ينقصها الشراف المصرفي الفعال‪،‬‬
‫ومن هنا تزايد التركيز على تحسين وتعزيز الشراف على البنوك في البلدان‬
‫النامية حتى في ظل تحرير الجهاز المصرفي‪ ،‬وأصبح من المسلم به أن مثل‬
‫هذا الشراف والذي يطلق عليه الشراف الحذر ‪ prudentiel supervision‬ل‬
‫يتعارض مع التحرير المالي ومقتضياته‪ ،‬فما هو الشراف المصرفي الحذر‬
‫وما هي مقوماته ؟‬
‫أ‪ -‬مفهوم الشراف المصرفي الحذر )المتدبر (‪:‬يستهدف تخفيض‬
‫مخاطر الفشل النظامي والمتمثلة في خشية أن يؤثر بنك معين في ثقة‬
‫الفراد في البنوك الخرى وهو ما قد يؤدي إلى إقبال واسع من الفراد على‬
‫سحب ودائعهم وقد يترتب عليه انهيار النظام المصرفي ككل‪ ،‬وتجنب‬
‫الختللت الناشئة عن الزمات المالية وذلك عن طريق الكشف عن مشاكل‬
‫الدارة المصرفية ومشاكل المحافظ المصرفية قبل أن يحدث العسار وإجبار‬
‫المصارف على اتخاذ التدابير التصحيحية الملئمة‪ ،‬إذا فالشراف المصرفي‬
‫الحذر يهدف إلى تحقيق هدفين ‪:‬‬
‫‪ -‬منع المقرضين من القدام على سلوك ينطوي على الفراط في‬
‫المخاطرة ‪.‬‬
‫‪ -‬إلزام المقرضين بتصحيح الوضع على الفور إذا ما حدثت مشاكل تتعلق‬
‫بمحافظ الئتمان ويختلف الشراف من بلد إلى آخر وفقا للعديد من‬
‫العوامل ‪،‬القانونية والسياسة والنظام القتصادي ‪.‬‬
‫ب‪ -‬مقومات الشراف المصرفي الحذر ‪:‬ينبغي أن يستند نظام‬
‫الشراف المصرفي الفعال بشكل عام إلى نوعين من الجراءات‪:‬إجراءات‬
‫وقائية وإجراءات علجية‪ ،‬تشمل الجراءات الوقائية على تلك التي تستهدف‬
‫تجنب وتفادي حدوث الزمات عن طريق الحد من عملية أخذ المخاطرة من‬
‫جانب البنوك وحماية مصالح المودعين‪ ،‬وتشمل على عمليات الرقابة الداخلية‬

‫‪ 1‬سهير محمود معتوق‪ ،‬أهمية الدور الشرافي للبنك المركزي المصرفي في ظل التحرير المالي‪ ،‬مجلة‬
‫مصر المعاصرة‪ ،‬مجلة ربع سنوية‪ ،‬تصدرها الجمعية المصرية للقتصاد السياسي والحصاء و التشريع ‪،‬‬
‫العدد‪ ،458-475 :‬افريل‪ /‬ماي‪ ،‬القاهرة‪ ،2000 ،‬ص ص‪.140-135 :‬‬
‫‪54‬‬
‫والخارجية والتي تتضمن الخضوع للقواعد التنظيمية وتكشف حقيقة الوضع‬
‫المالي للبنوك وتحسن الدارة وتمنع الحتيال وتشمل الجراءات الوقائية‪:‬‬
‫وضع قيود على مجالت النشاط المصرفي‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫تحديد معايير واضحة لدخول الوحدات المصرفية إلى مجال العمل‬ ‫‪-‬‬
‫المصرفي أو خروجها منه‪.‬‬
‫تحديد الجهات المسؤولة عن الشراف على البنوك دولية النشاط‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫أما الجراءات العلجية فهي تلك التي صممت أساسا بغرض التخفيف من‬
‫نتائج الزمات إذا ما حدثت بالفعل وانقاد البنوك والمودعين وتشمل على‬
‫تأمين الودائع والتدخل الحكومي في البنوك المعسرة سواء من خلل‬
‫استخدام وظيفة البنك المركزي كمقرض الملذ الخير لتحسين سيولة البنك‬
‫المعسر أو باللتجاء إلى عمليات التصفية أو إعادة الرسملة وتتضمن هذه‬
‫الجراءات الهياكل المؤسسية والقانونية القائمة‪.‬‬

‫المطلققب الخققامس‪ :‬السياسققة النقديققة فققي اقتصققاديات الققدول‬


‫النامية‪ ،‬عوامل ضعفها وشروط نجاحها‬
‫‪ -1‬ظروف اقتصاديات الدول النامية‬
‫تعاني معظم الدول النامية من العديد من المشاكل‪ ،‬يمكن أن نذكر منهققا‪،‬‬
‫ما يلي‪:1‬‬
‫عجز الموازنققة العامققة بسققبب الحتياجققات الضققخمة‬ ‫•‬
‫للتنمية‪.‬‬
‫الفجوة الغذائية‪.‬‬ ‫•‬
‫تزايد العجز الهيكلي في ميزان المدفوعات‪.‬‬ ‫•‬
‫المديونية الخارجية‪.‬‬ ‫•‬
‫أما بالنسبة للحالة العامة لمعظققم هققذه القتصققاديات فققي الققوقت الحققالي‪،‬‬
‫يتضح أن السمة الرئيسية فققي تلققك القتصققاديات هققي ضققعف وتخلققف الجهققاز‬
‫النتاجي بسبب ضآلة حجم التراكم الرأسققمالي الناتققج عققن انخفققاض متوسققط‬
‫الققدخل الفققردي وبالتققالي مسققتوى الدخققار الققوطني‪ ،‬وكققذلك إغفققال البحققث‬
‫والتطققوير وارتفققاع التكققاليف‪ .‬إضققافة إلققى ظققاهرة الثنائيققة وازدواجيققة البنققاء‬
‫القتصادي‪ ،‬وتبلورت هذه الظاهرة في انقسام القطاع أو النشاط الواحد إلققى‬
‫أنظر‪ - :‬أحمد شعبان محمد علي‪ ،‬انعكاسات المتغيرات المعاصرة علققى القطققاع المصققرفي و‬ ‫‪1‬‬

‫دور البنوك المركزية‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬السكندرية‪ ،2007 ،‬ص ص‪.140-134 :‬‬
‫‪ -‬رمزي زكي‪ ،‬الصراع الفكري و الجتماعي حول عجز الموازنة العامققة فققي العققالم الثققالث‪ ،‬دار‬
‫سينا للنشر‪ ،‬القاهرة‪ ،1992 ،‬ص‪.40 :‬‬
‫‪ -‬رمزي زكي‪ ،‬الحتياطققات الدوليققة و الزمققة القتصققادية فققي الققدول الناميققة مققع إشققارة خاصققة‬
‫للقتصاد المصري‪ ،‬دار المستقبل العربي‪ ،‬القاهرة‪ ،1994 ،‬ص‪.178 :‬‬
‫‪55‬‬
‫جزئين قد تضعف أو تختفي فيه قنققوات التقأثير المتبققادل بيقن سققلوكيهما‪ ،‬كمقا‬
‫تتسم هذه الظاهرة بالستمرارية وتزايد الفجققوة بيققن جققزئي القطققاع‪ .‬وتتمثققل‬
‫الطبيعة الثنائية في مجال المبادلت في انتشققار عمليققات المقايضققة والكتفققاء‬
‫الذاتي علوة على المعاملت النقدية‪ ،‬ويؤدي وجود هذه الظاهرة إلى تركز أثر‬
‫السياسة النقدية على جانب المعاملت النقدية مما ينتج عنه إضعاف تأثير هذه‬
‫السياسة على مستوى النشاط القتصادي‪.‬‬
‫وتتضح ظاهرة الثنائية التمويلية في ظققروف التخلققف القتصققادي مققن خلل‬
‫قيام سوقين منفصلين بالعمليققة التمويليققة للنشققطة القتصققادية‪ ،‬حيققث يتسققم‬
‫السوق الول بتنظيمقه و رسقميته‪ ،‬و يشقتمل علقى الجهقاز المصقرفي و علقى‬
‫مؤسسات مالية أخرى‪ ،‬و يخضع نشاط هذا السوق لتشريعات و قيود تنظيمية‬
‫و مالية‪ ،‬كما تتسم وحداته بالتخصص و تقسيم العمل‪.‬‬
‫أما السوق الثاني فهو سوق غير رسققمي و يخضققع فققي سققلوكه للعققادات و‬
‫التقاليد‪ ،‬و يضم مقرضققي المققوال و المرابيققن إلققى جققانب التجققار و الوحققدات‬
‫القتصادية المماثلة لهم في الطبيعة‪ ،‬و ل يخضع هذا السوق لي قيود تنظيمية‬
‫أو ماليققة‪ ،‬وتختفققي فيققه ظققاهرة التخصققص و تقييققم العمققل و تتميققز معققاملته‬
‫بالمرونة‪ ،‬و يعمل هذا السوق على إضعاف التأثير المباشققر للسياسققة النقديققة‬
‫على القطاعات القتصادية التي يقوم هذا السوق بتمويل نشاطها‪ ،‬نظرا لعدم‬
‫خضوعه لقيود السياسة التي تطبقها السلطة النقدية‪.‬‬
‫وكققثيرا مققا تلجققأ الحكومققات إلققى القققتراض مققن البنققك المركققزي والبنققوك‬
‫التجارية لتمويل عجز الميزانية نظرا لضعف السوق النقديققة والماليققة‪ ،‬ويمثققل‬
‫هذا السوق خطوة كبيرة لما قد يققترتب عليققه مققن اسققتخدام غيققر رشققيد لهققذا‬
‫المصدر‪ ،‬قد يؤدي إلى زيادة السيولة النقدية ل يقابلها زيادة في النتاج بصققفة‬
‫عاليققة أو مسققتقبلية‪ ،‬تققؤدي إلققى خلققق الضققغوط التضققخمية بعيققدا عققن تققأثير‬
‫السياسة النقدية‪.‬‬
‫وقد اتضحت ظاهرة التخصص فققي إنتققاج المققواد الوليققة فققي القتصققاديات‬
‫النامية كنتيجة لنمط التقسيم الدولي للعمل‪.‬‬

‫‪ -2‬السياسة النقدية في اقتصاديات الدول النامية‪:‬‬


‫لقد تكلمنا لحد الن عن السياسة النقدية ومققا يتعلققق بهققا و ذلققك بالنسققبة‬
‫لقتصاديات الدول المتقدمة فالنظريات السابقة لم توضح أصل للدول النامية‪،‬‬
‫و إنمققا كققانت تفسققر أوضققاع و مشققاكل الققدول المتقدمققة‪ ،‬و لنبققدأ أول بتمييققز‬
‫القتصاد المتخلف و نحدد معالمه على النحو التالي‪:‬‬
‫أول‪ :‬القتصاد المتخلف اقتصاد تابع‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬القتصاد المتخلققف اقتصققاد زراعققي اسققتخراجي )المققواد الوليققة( و‬
‫ضعف النتاجية الصناعية‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫و يترتب عن انتشار هذه المعالم في القتصاد المتخلف ما يلي ‪:‬‬

‫عادل أحمد حشيش‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص‪.312-311 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪56‬‬
‫ضالة الدخل الوطني وانخفاض متوسط الققدخل‬ ‫•‬
‫للفرد الواحد و عدم توظيف عوامل النتاج توظيفققا كققامل وانتشققار البطالققة‬
‫في صور شتى أهمها البطالة المقنعة‪ ،‬و هي ظاهرة متوطنة‪.‬‬
‫انعدام المرونة في القتصاد المتخلققف‪ ،‬فالنتققاج‬ ‫•‬
‫الزراعي ينقصه المرونة و الدخول متقلبة‪ ،‬و تجارة الصققادرات تتحكققم فققي‬
‫الدخول‪ ،‬بحيث يحكم القتصاد المتخلف من خارجه‪.‬‬
‫ضآلة الدخار‪ ،‬فانخفاض النتاجيققة يمنققع الدخققار‬ ‫•‬
‫اللزم للسققتثمار‪ ،‬و قلققة السققتثمار تعققوق بققدورها زيققادة النتققاج‪ ،‬و هكققذا‬
‫فالدخار ضئيل و توزيعه سيء‪.‬‬
‫و في هذا القتصاد المتخلف تنحصر السياسة النقدية في مبدئين هما‪:‬‬
‫تثبيت سعر الصرف الخارجي و تقلب مستوى السققعار الققداخلي‪ ،‬و تصققبح‬
‫مشققكلة السياسققة النقديققة هققي كيفيققة تحقيققق الهققدفين مققن خلل التجققارة‬
‫الخارجيققة‪ ،‬و لققذلك انحصققرت تلققك السياسققة عمل فققي إتبققاع نظققام الصققرف‬
‫الخارجي بالذهب‪ ،‬و تؤدي الرصدة الخارجية في هققذا النظققام وظيفققة موازنققة‬
‫ميزان المدفوعات الذي ل يستقر على حال‪ ،‬و يصققبح القتصققاد المتخلققف فققي‬
‫ظل هذه الظروف معرضا للتضخم دائما بفضل عقدم مرونقة النتققاج و خضقوع‬
‫القتصاد كله لعتبارات خارجية‪.‬‬
‫هذا عن الوضع العادي للقتصاد المتخلف‪ ،‬فإذا مققا حققاول أن يتخلققص مققن‬
‫تخلفققه لمشققكلة تنميققة و هققي مشققكلة أوسققع مققن أن تقتصققر علققى السياسققة‬
‫النقدية‪ ،‬فالمشكلة عندئذ مشقكلة إنتقاج ل مشقكلة نققد‪ ،‬و ليسقت المشقكلت‬
‫النقدية و المالية الناشئة إل الوجه المقابل للمشققكلت الناجمققة عققن النتققاج و‬
‫الستهلك‪ .‬و إنما يكفي أن نشير هنا في كلمة إلى سياسققة الئتمققان و الجققور‬
‫في ظل خطة التنمية‪ .‬فمن المتوقع عندئذ أن يقع ضغط تضخمي )وذلققك عققن‬
‫طريق الصدار النقدي( و تخفض القرة الشرائية‪.‬‬
‫‪ -3‬عوامل ضعف السياسة النقدية في الدول النامية‪:‬‬
‫عند فحص عناصر السياسة النقدية في الدول النامية‪ ،‬نجد أن هذه الققدول‬
‫تفتقد إلى عناصر نجاح هذه السياسة‪ ،‬و منها‪:1‬‬
‫الفتقققار إلققى أسققواق نقديققة منظمققة‪ ،‬كمققا أنهققا‬ ‫•‬
‫تتميز بضيق نطاق السواق المالية –إن وجدت‪ -‬و هو ما يققؤدي إلققى ضققعف‬
‫فعاليققة سياسققة معققدل إعققادة الخصققم و اسققتحالة تطققبيق سياسققة السققوق‬
‫المقترحة على نطاق واسع‪.‬‬
‫نتيجققة لضققعف الققدور الققذي يقققوم بققه البنققك‬ ‫•‬
‫المركزي في التأثير على البنوك التجارية‪ ،‬فإن ذلك يحول دون قيام البنوك‬
‫التجارية بأي دور فعال في التأثير على النشاط القتصادي‪.‬‬
‫تميل البنققوك التجاريققة فققي الققدول الناميققة إلققى‬ ‫•‬
‫تقديم الئتمقان المصقرفي لتمويقل قطقاع التجقارة )تمويقل قصقير الجقل(‪،‬‬
‫مقارنة بالتمويل المقدم للقطققاع النتققاجي )و هققو تمويققل طويققل الجققل( و‬
‫الذي يعتبر أحد دعامات التنمية القتصادية‪.‬‬
‫أنظر ‪ - :‬بلعزوز بن علي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص‪.193-191 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬أحمد شعبان محمد علي‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص‪.140-139 :‬‬
‫‪57‬‬
‫ضعف الوعي النقدي و المصققرفي‪ ،‬حيققث يتجققه‬ ‫•‬
‫الفراد في الدول الناميققة إلققى الحتفققاظ بموجققوداتهم فققي شققكل عملققة و‬
‫ليست ودائع أو أوراق مالية‪ ،‬و هو ما يدل على ضعف الدور الذي تقققوم بققه‬
‫الودائع في تسويق المدفوعات‪ ،‬المر الذي يقلل مققن دور البنققوك التجاريققة‬
‫لهذه الدول مقارنو بالدول المتقدمة التي يعتمد فيها الفراد بشكل أساسي‬
‫في التعامل على النقود الئتمانية‪.‬‬
‫عدم وجققود اسققتقرار فققي المنققاخ السياسققي‪ ،‬و‬ ‫•‬
‫تقلب وضع مققوازين مققدفوعاتها‪ ،‬و تخلققف النظققم الضققريبية‪ ،‬ممققا ل يشققجع‬
‫الستثمار الجنبي‪ ،‬و بالتالي يحول دون تحقيق أهداف التنمية القتصققادية و‬
‫الجتماعية‪.‬‬
‫و مققن بيققن أهققداف السياسققة النقديققة هققدف‬ ‫•‬
‫استقرار السعار‪ ،‬و إن كان هذا الهققدف يلئم اقتصققاديات الققدول المتقدمققة‬
‫فهو ل يلئم اقتصاديات الققدول الناميققة‪ ،‬حيققث أن هققذه الخيققرة تعتمققد فققي‬
‫تمويل التنمية على وسائل التمويل التضخمي )التمويل بالعجز(‪.‬‬
‫تواجه القتصاديات النامية ضيق نطققاق الصققول‬ ‫•‬
‫المالية و أدوات الئتمان التي يتم من خللها تعققبئة المققدخرات و تجميعهققا و‬
‫نقلها من المدخرين إلى المسققتثمرين‪ ،‬و هققذه الوظيفققة مققن المفققترض أن‬
‫يقوم بها السوق النقدي و السوق المالي لذلك فهي تعققاني مققن الضققعف و‬
‫التخلف‪ ،‬مما ينعكس على العادة المصرفية‪.‬‬
‫يتوقف تفضيل السيولة في الدول الناميققة علققى‬ ‫•‬
‫العادات الجتماعية بصفة أساسية و يتأثر الطلب علققى السققيولة بققالتغيرات‬
‫الموسمية في النشاط القتصادي‪ ،‬مع اتجاه الفراد للحتفاظ بتراوحهم في‬
‫أصول غير منتجة كالراضي و العقارات و الذهب و التحف الثمينة‪.‬‬
‫بالنسبة لمكونات عققرض النقققود‪ ،‬فل يلحققظ أن‬ ‫•‬
‫نسبة العملة المتداولة إلى عرض النقققود تمثققل نسققبة عاليققة نسققبيا‪ ،‬وكلمققا‬
‫زادت هذه النسبة زادت ضآلة الممارسات الئتمانية‪.‬‬
‫و بالتالي فإن السياسة النقدية في هذه البلدان أقل فعالية مقارنة بالدول‬
‫المتقدمة‪ ،‬بسبب العلقات المحلية و الخارجية و اختلل هيكل الئتمققان القققائم‬
‫في تلك الدول‪ ،‬كما نجد أن السياسة النقدية عاجزة عن المساهمة كققثيرا فققي‬
‫تدعيم و نمو هذه الدول‪.‬‬

‫علقة الهيكل المققالي و التنظيمققي و التشققريعي بتققأثير السياسققة‬


‫النقدية‪:1‬‬
‫يعد الهيكل المالي و التشريعي من العوامل الحاكمة لفاعليققة السياسققات‬
‫القتصادية و المؤثرة في حركة النشاط القتصادي‪ ،‬و لذا فقد تناولت عدد من‬

‫أنظر‪ :‬محمود مناع عبد الرحمان‪ ،‬مرجع سبق ذكره‪ ،‬ص ص‪.98-96 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪58‬‬
‫الدراسققات‪ ‬أهميققة و دور الهيكققل المققالي والتشققريعي فققي تققوجيه المتغيققرات‬
‫القتصادية‪.‬‬
‫فقدرة صققانعي السياسققة النقديققة علققى نقققل أثققر الداة المسققتخدمة إلققى‬
‫تحقيققق أهققداف السياسققة النقديققة "تخفيققض التضققخم و خفققض فجققوة الناتققج"‬
‫تتوقققف علققى عققدد مققن العوامققل يقققع ضققمنها الهيكققل المققالي‪ ،‬ففققي غالبيققة‬
‫القتصاديات تمارس السياسة النقدية تأثيرها في النشاط القتصادي من خلل‬
‫توجيه سعر الفائدة قصير الجل‪ ،‬وتعتمققد آليققة انتقققال أثققر سققعر الفققائدة إلققى‬
‫الناتج و مستوى السعار على هيكل النظام البنكي أو السواق المالية عمومققا‪.‬‬
‫و يرى عدد مقن القتصققاديين أن ميكققانيزم انتقققال أثققر السياسققة النقديقة إلققى‬
‫النشققاط القتصققادي مققن خلل البنققوك التجاريققة المملوكققة للحكومققة ل يتسققم‬
‫بالكفاءة و الفاعلية‪ ،‬فانخفاض حجم مققا تملكققه الحكومققة مققن أصققول بققالبنوك‬
‫يرتبط بتحسن كل من كفاءة و فاعلية السياسة النقدية و الداء القتصققادي أي‬
‫وجود علقة عكسية بين ملكية الحكومة لحقوق ملكيققة البنققوك و كفققاءة تققأثير‬
‫السياسققة النقديققة فققي النشققاط القتصققادي ففققي دراسققة‪ ‬لق ق ‪ 23‬مققن الققدول‬
‫المتقدمة و دول السقواق الصقاعدة لبحقث العلققة بيقن تقدخل الحكومقة فقي‬
‫النظققام المققالي واسققتقرار المتغيققرات القتصققادية‪ ،‬توصققلت الدراسققة إلققى أن‬
‫تخفيض التضخم و فجوة الناتج ربمققا يرتبققط بملكيققة الحكومققة لصققول البنققوك‬
‫التجارية‪ .‬فوجققود النظققام المققالي تحققت تققأثير التجاهققات يققؤدي إلققى انخفققاض‬
‫فاعلية تأثير السياسة النقدية في النشققاط القتصققادي و قققدرتها علققى تحقيققق‬
‫الستقرار بالقتصاد الكلي‪ .‬فالملكية الخاصة بالبنوك تجعققل أنشققطة القققراض‬
‫أكثر حساسية لحققوافز السققوق‪ ،‬و تصققبح السياسققة النقديققة أكققثر فاعليققة فققي‬
‫النشققاط القتصققادي‪ ،‬أي أن البنققوك ذات الملكيققة الخاصققة تتققأثر بشققكل كققبير‬
‫بتغيرات سعر الفائدة و بالتالي يتققأثر حجققم الئتمققان المتققاح أكققثر ممققا يحققدث‬
‫بالبنوك المملوكة للدولة‪.‬‬
‫و في دراسة أخرى تناولت ‪ 16‬دولة يختلف حجققم و درجققة تطققور الهيكققل‬
‫المالي بها‪ ،‬هدفت الدراسة إلققى التعققرف علققى مققدى اعتمققاد المنشققآت علققى‬
‫القروض البنكية في ظل الهياكقل الماليقة‪ ،‬للوقققوف علققى مقدى تقأثير الهيكققل‬
‫المالي )حجم و درجة تركز و ازدهققار النظققام البنكققي( علققى فاعليققة التغيققرات‬
‫بأدوات السياسة النقدية في التأثير في النشاط القتصادي‪.‬‬
‫و توصلت الدراسة إلى أن الدول ذات البنوك الصققغيرة‪ ،‬و النظققم البنكيققة‬
‫القل ازدهارا و التي تفتقر إلى فوائض رأسمالية تظهر مرونة أكققبر للتغيققرات‬
‫بالسياسة النقديققة أكققثر ممققا يحققدث بالققدول ذات النظققم البنكيققة المزدهققرة و‬
‫أسواق رأس المال المتقدمة‪ ،‬و هو ما يعنقي تقأثير هيكققل النظقام المققالي فقي‬
‫أداة السياسة النقدية المستخدمة و فققي مرونقة المتغيقرات القتصققادية داخقل‬
‫قنوات انتقال أثر السياسة النقدية إلى النشاط القتصادي‪.‬‬

‫‪‬‬
‫‪Voir : - Stephen G Cecchetti, Financial Structure Macroeconomic Stability and Monetary Policy, NBER‬‬
‫‪Working Paper N : 8354, (National Bureau of Economic Researen –Cambridge), USA, July2001.‬‬
‫‪- Stephen G Cecchetti, Legal Structure, Financial Structure and Monetory Transmission Mechanism, NBER‬‬
‫‪Working Paper N : 7151 (National Bureau of Economic Researen –Cambridge), USA, 1999.‬‬
‫‪∗‬‬
‫‪Stephen G Cecchetti, Financial Structure Macroeconomic Stability, opcit.‬‬
‫‪59‬‬
‫و يتجه عديد من القتصاديين إلى ربط النظام التشريعي بالهيكققل المققالي‬
‫و دور السياسة النقدية بالنشاط القتصادي‪ ،‬ففي هذا الطار توصلت عدد مققن‬
‫الدراسات‪ ‬إلى أن المستثمر لن يقوم بشراء أسققهم إل بعققد التأكققد مققن وجققود‬
‫نظام تشريعي قوي‪ ،‬وتحديد الشركات التي يفضل عدم تمويلها أي التي ترتفع‬
‫بها احتمالت الخسارة و الفلس‪ ،‬أمققا بالنسققبة للققدائنين )مشققتري السققندات(‬
‫فوجود سلطة تضققمن إعققادة السققداد إليهققم و الثقققة فققي قققوة القققانون يخلققق‬
‫أسواق أسهم و سندات تتسم بالتسققاع و العمققق‪ ،‬و يزيققد مققن أهميققة أسققواق‬
‫المال الولية‪ ،‬كما أن ضعف ضمانات الستثمار يؤدي إلى اتجاه التمويل مبدئيا‬
‫من خلل النظام البنكي‪ ،‬و هو ما يعني أن النظام التشريعي و الهيكل المققالي‬
‫عاملن مققؤثران بميكققانيزم انتقققال أثققر و دور السياسققة النقديققة فققي النشققاط‬
‫القتصادي‪.‬‬
‫و يعتبر التضخم في الدول النامية ليس ظاهرة نقدية فحسب‪ ،‬و إنما يعققد‬
‫ظاهرة هيكلية و مؤسساتية‪ ،‬لها أبعاد اقتصادية واجتماعية و سياسية‪.‬‬
‫تركز الدخل و العمالة في الدول النامية على النتاج الولي‪ ،‬مققع ارتباطهققا‬
‫الكبير بالتجارة الخارجية‪ ،‬و هذا من شأنه أن يعققرض تلققك الققدول إلققى تقلبققان‬
‫عنيفة‪ ،‬نتيجة للتقلبات الواسقعة فققي الطلققب العققالمي علققى المقواد الوليقة‪ ،‬و‬
‫بقدر ما ترجع التقلبات القتصادية التي تتعرض لها الدول الناميققة إلققى عوامققل‬
‫خارجية فإن السياسة النقدية ل تستطيع أن تسهم في تدعيم أو حمايققة نموهققا‬
‫القتصادي و استبعاد ما تولده من موجات التضخم أو النكماش‪.‬‬
‫يعتمد التداول النقدي في الدول النامية بصفة أساسية على النقود المادية‬
‫)خاصة الورقية( أما النقود المصرفية )النقود الكتابية كالودائع لجل( فمققا زال‬
‫دورها محددا لتسوية المدفوعات و ذلك بسبب ضعف نمو العادات المصرفية‪،‬‬
‫و انخفاض الدخول وانتشار عادة الكتناز و ضعف انتشار البنوك و المؤسسات‬
‫المالية‪.‬‬
‫يقوم النظام المصرفي في الدول النامية بصفة أساسية على المؤسسات‬
‫التي تتعامل في الئتمان قصير الجل‪ ،‬و حرمان قطاعات هامققة مققن الئتمققان‬
‫المصرفي طويل الجل‪ ،‬أضف إلى ذلك عدم كفاية الدور الذي تؤديه البنققوك و‬
‫المؤسسات المصرفية في جمع و تعبئة المدخرات‪.‬‬
‫‪ -4‬شروط نجاح السياسة النقدية‪:‬‬
‫إن نجاح السياسة النقدية في أي دولة و في ظل أي نظام اقتصادي إنمققا‬
‫يتوقف على مجموعة من العوامل و الشروط أهمها‪:‬‬
‫نظقققام معلومقققاتي فعقققال‪ :‬وضقققع الميزانيقققة‬ ‫•‬
‫)عجققز‪/‬فققائض(‪ ،‬نوعيققة و طبيعققة الختلل‪ ،‬تحديققد معققدل النمققو القتصققادي‬
‫الحقيقي‪ ،‬نوعية البطالة‪ ،‬القدرات القتصادية‪ ،‬ميزان المدفوعات‪...‬‬
‫تحديققد أهققداف السياسققة النقديققة بدقققة‪ :‬نظققرا‬ ‫•‬
‫لتعارض الكثير من الهداف المسطرة‪.‬‬
‫هيكل النشاط القتصادي‪ :‬مكانة القطاع العام و‬ ‫•‬
‫الخققاص‪ ،‬سياسققة الحكومققة اتجققاه المؤسسققات النتاجيققة‪ ،‬حجققم التجققارة‬

‫‪‬‬
‫‪Rafeal Lapora et al, Legal Determinants of External Finance, Jurnal of Finance, Vol 52, July 1997, PP : 1131-1150.‬‬
‫‪60‬‬
‫الخارجية في السوق العالمية ‪ ،...‬و بالتالي حرية التجارة الخارجية و مرونة‬
‫السعار‪.‬‬
‫مرونة الجهققاز النتققاجي للتغيققرات الققتي تحققدث‬ ‫•‬
‫على المتغيرات القتصادية ل سيما النقدية منها‪.‬‬
‫نظام سققعر الصققرف‪ :‬تحقققق السياسققة النقديققة‬ ‫•‬
‫فعاليتها في اقتصاد ذو سعر صرف مرن أكثر مقن اقتصققاد ذو سققعر صققرف‬
‫ثابت‪.‬‬
‫درجققة الققوعي الدخققاري والمصققرفي لمختلققف‬ ‫•‬
‫العوان القتصادية‪.‬‬
‫سياسة مناخ الستثمار‪ :‬منققاخ السققتثمار‪ ،‬تققدفق‬ ‫•‬
‫رؤوس الموال‪ ،‬التسهيلت الممنوحة للمسقتثمرين المحلييقن و الجقانب‪ ،‬و‬
‫مدى حساسية الستثمار لسعر الفائدة‪...،‬‬
‫توافر أسواق مالية و نقدية منظمققة و متطققورة‪،‬‬ ‫•‬
‫و مدى أهمية السوق الموازية‪.‬‬
‫مدى استقللية البنك المركزي على الحكومة‪.‬‬ ‫•‬

‫‪61‬‬

You might also like