You are on page 1of 10

‫الختصاص المكاني لعمل الضابطة القضائية‬

‫مقال منشور بمنتدى الحوار القانوني ‪www.7iwar.1fr1.net‬‬

‫الختصاص ولية يقررها المشرع لجهة معينة أناط بها القيام بأعمال محددة قانونا ‪،‬و هو على أنواع‬
‫اختصاص نوعي و آخر وظيفي و ثالث قيمي و رابع و هو ما يهمنا في حديثنا مكاني ‪ .‬و هذه النواع من‬
‫الختصاص كما يكون مدنية تكون جنائية بالمفهوم العام و الواسع لمصطلح جنائية ‪.‬‬

‫و الختصاص المكاني للضابطة القضائية و الذي يشكل موضوع حديثنا هو تلك الولية التي أعطاها‬
‫المشرع لضباط الشرطة القضائية من أجل القيام بالعمال المنوطة بهم بمناسبة البحث و التحري في‬
‫الجرائم و ضبطها ‪ .‬و قد خصص المشرع الجنائي المغربي أحكاما خاصة للختصاص المكاني للقضائية‬
‫القضائية منها ما هو وارد بالمسطرة الجنائية و منها ما هو منصوص عليه بنصوص قانونية جنائية‬
‫خاصة ؛كما أن من تلك الحكام ما هو متعلق دائرة أو حيز ترابي ضيق و منها ما يمتد لمجموع إقليم‬
‫الوطن بالمفهوم القانوني للقليم ‪.‬‬

‫إل أن حديثنا في هذا لمقال سينحصر فقط في تحليل و إلقاء الضوء على المقتضيات الواردة بالمادة ‪ 22‬من‬
‫قانون المسطرة الجنائية و ما يرتبط بها من أحكام دون غيرها من المقتضيات التي اشرنا إليها ‪.‬‬

‫فمن المعلوم أن قواعد المسطرة الجنائية من النظام العام‪،‬و الحكام التي تنظمها القواعد الخاصة بعمل‬
‫الضابطة القضائية جاءت محددة بدقة ‪ ،‬إل أن المشرع بالرغم من ذلك جعل بعض الستثناءات يمكن‬
‫اللجوء إليها في حالت خاصة‪.‬‬

‫و إذا كان المشرع قد عرض لقواعد عمل الضابطة القضائية من ناحية الختصاص القضائي المكاني في‬
‫المادة ‪ 22‬من قانون المسطرة الجنائية ؛ فما هي القاعدة العامة فيما يتعلق بالختصاص المكاني لضابطة‬
‫القضائية ؟ وما هو الستثناء عن هذه القاعدة؟‬

‫و جدير بالشارة في هذا السياق أن نشير إلى أن دراستنا هذه ستنحصر فقط‬

‫ذلك ما سنحاول الجابة عنه من خلل المبحثين التاليين ‪:‬‬

‫المبحث الول ‪ :‬القاعدة العامة للختصاص المكاني للضابطة القضائية ‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬ضوابط الستثناء في الختصاص المكاني لعمل الضابطة القضائية ‪.‬‬

‫المبحث الول ‪ :‬القاعدة العامة للختصاص المكاني للضابطة القضائية ‪.‬‬

‫إن الحديث عن عمل الضابطة القضائية من حيث اختصاص الترابي يقتضي الحديث عن الضابطة‬
‫القضائية المكونة من رجال الشرطة ) الفقرة الولى ( لنتطرق فيما بعد للحديث عن الختصاص المكاني‬
‫لعمل رجال الدرك كضابطة قضائية في ) الفقرة الثانية ( ‪.‬‬

‫الفقرة الولى ‪ :‬الختصاص المكاني لرجال الشرطة القضائية من أفراد المن‬


‫من المعلوم أن المشرع نص في الفقرة الولى من المادة ‪ 22‬من قانون المسطرة الجنائية على ما يلي ‪" :‬‬
‫يمارس ضباط الشرطة القضائية اختصاصاتهم في نطاق الحدود الترابية التي يمارسون فيها وظائفهم "‬

‫فبالرجوع لمنطوق هذه المادة يتضح أن المشرع وضع قاعدة واضحة مفادها أن كل ضابط من ضباط‬
‫الشرطة القضائية يجب أن يمارس عمله المنوط به في إطار قواعد المسطرة الجنائية داخل نطاق الحيز‬
‫الترابي الذي يخول له القانون ممارسة مهامه فيه ‪ .‬لكن السؤال الذي يطرح في هذا السياق هو ما المقصود‬
‫" بالحدود الترابية " الواردة في المادة المذكورة ؛ هل هي الدائرة التي يمارس فيها ضابط الشرطة‬
‫القضائية مهامه الصلية أم مجموع الدوائر التي تشكل منها الدائرة الحضرية ؟‬

‫إن الجواب عن هذا التساؤل يجعلنا ندقق النظر في مضمون الفقرة الثالثة من المادة ‪ 22‬من قانون‬
‫المسطرة الجنائية و التي تنص على أنه " في كل دائرة حضرية مقسمة إلى دوائر للشرطة ‪،‬يمتد‬
‫اختصاص ضباط الشرطة القضائية الممارسين لمهامهم في إحدى هذه الدوائر إلى مجموع الدائرة "‬

‫فهذه المادة تحدد إلى حد ما مفهوم الدائرة التي يمارس فيها ضابط الشرطة القضائية مهامه لكن الشكال‬
‫الذي تطرحه من الناحية النظرية هو أن المشرع لم يتحدث في هذه المادة إل على الدوائر الحضرية و عن‬
‫الشرطة من غير ذكر للدرك أو تقسيمات المراكز التي يعملون بها على اعتبار أن الضابطة القضائية‬
‫العادية كما هو معلوم من مقتضيات المادة ‪ 20‬من قانون المسطرة الجنائية ل تقتصر على الشرطة فقط و‬
‫إنما تمتد إلى عناصر الدرك الملكي المحددين في نفس المادة‪ .‬و عليه كيف يمكن تحديد نطاق الختصاص‬
‫الترابي للضابطة القضائية سواء فيما يتعلق بالشرطة أم بالدرك ؟‬

‫الفرقة الثانية ‪ :‬الختصاص المكاني لرجال الشرطة القضائية من رجال الدرك‬

‫قبل الجواب عن هذا التساؤل يجدر بنا القول إنه في ظل قانون المسطرة الجنائية القديم لم يكن هذا الشكال‬
‫مطروحا لعلة أن المشرع كان ينص بصورة صريحة على الختصاص المكاني لعمل رجال الدرك‬
‫بصفتهم ضباطا من ضباط الشرطة القضائية ؛ و هكذا فقد كان الفصل ‪ 22‬من القانون القديم ينص على أنه‬
‫" يمحكن لضباط الدرك طبا و صغار و لضباط الشرطة القضائية أن يباشروا مهامهم في حالة الستعجال‬
‫بجميع أنحاء المملكة إذا طلبت منهم ذلك السلطة العمومية " فإذا كانت هذه المقتضيات تتحدث عن حالة‬
‫الستعجال و ما يمكن أن ينتج عنه من امتداد للختصاص الترابي ‪ ،‬فيفهم منها أنها لم تغفل ذكر رجال‬
‫الدرك كما هو عليه الحال في ظل قانون المسطرة الجنائية الجديد ‪ ،‬مما يمكننا معه القول بأن الصل في‬
‫الختصاص الترابي لرجال الدرك الملكي هو أنهم يعملون داخل الدوائر التي يعملون فيها في العادة و‬
‫هي دوائر" تقسم تقسيما خاصا بالدرك الملكي ل علقة له بالتقسيم الداري "‪ 1‬و يصطلح عليها قيادات‬
‫تقسم تقسيما مقررا من قبل إدارة الدرك الملكي ذاتها و ل تخضع للتقسيم الداري للمملكة ‪.‬‬

‫‪ 1‬الحسن البوعيسي ‪ :‬عمل الضابطة القضائية بالمغرب " دراسة نظرية تطبيقية " مطبوعات الفق ؛ الطبعة الثانية ‪ 1999‬ص ‪. 62‬‬
‫و بالعودة لشكالنا المطروح على ضوء مقتضيات قانون المسطرة الجنائية الجديد ؛ إذا كان المشكل‬
‫محلول من الناحية التشريعية بشأن الشرطة التي حدد المشرع النطاق الترابي لختصاصها ‪ ،‬و المتمثل‬
‫في أن عمل ضابط الشرطة القضائية ل يقتصر على الدائرة التي يعمل بها بصفة فعلية‪ ،‬و إنما يمتد إلى‬
‫باقي الدوائر التي تكون في مجموعها الدائرة الحضرية من غير أن يمكن الطعن في أي إجراء من‬
‫الجراءات التي يقوم بها ضابط الشرطة القضائية في هذا النطاق ‪ ،‬فما هو المر بالنسبة للدرك ؟ هل‬
‫يمكن أن نتحدث عنهم من حيث الختصاص الترابي كما نتحدث عن الشرطة ؟‬

‫بالقطع إن المر ينطوي على خطورة كبيرة ‪ ،‬إل أن ما يسعفنا في هذا الطار هو المعيار الذي اعتمده‬
‫المشرع في تحديد الحيز الترابي الذي تنجز فيه الشرطة أعمالها ‪ ،‬إذ نجد أن المشرع التجأ إلى معيار‬
‫الدائرة الحضرية ‪،‬و هو معيار يتحدد بأمرين أولهما التقسيم الداري و ثانيهما التقسيم القضائي‪ .‬و على‬
‫منوال المنهج التماثلي يمكن الحديث عن النطاق الترابي العادي لعمل رجال الدرك بصفتهم ضباطا من‬
‫ضباط الشرطة القضائية ‪،‬من غير إغفال للمقتضيات التي سبق ذكرها و الواردة في الفصل ‪ 22‬من قانون‬
‫المسطرة الجنائية القديم على اعتبار أن فلسفة التشريع لم تتغير في هذا الصدد و لو كان المر غير ذلك‬
‫لجاء مجسدا في مقتضيات تشريعية جديدة و صريحة و واضحة‪.‬‬

‫فمن المعلوم أن تراب المملكة مقسم تقسيما إداريا و آخر قضائيا ؛ لكن المعتد به في تحديد الختصاص‬
‫القضائي لعمل الضابطة القضائية في الصل هو التقسيم القضائي ح و هذا التقسيم يجب فهمه على النحو‬
‫الوارد في المادة موضوع الدراسة أي أن الدائرة يتعين أن تفهم بمعنى واسع يشمل جل الدوائر المكونة‬
‫منها الدائرة الحضرية ‪ .‬و عليه فقد سبق للقضاء أن حدد نظرته لهذا المفهوم في مناسبات عدة منها ما‬
‫قرره المجلس العلى في أحد قراراته التي جاء فيها حيث إنه خلفا في هذا الفرع من الوسيلة فإن كل من‬
‫كتامة و الحسيمة تابعان إلى المن القليمي للناظور ‪،‬و بذلك يمتد اختصاص المن القليمي للمدينة‬
‫المذكورة إلى الحسيمة و دائرتها ‪ ،‬و ضمنها كتامة مكان اقتراف الجريمة ‪.‬‬
‫و حيث إن محضر الشرطة بالناظور حرر طبقا للفصل ‪ 22‬من قانون المسطرة الجنائية ‪ ،‬ذلك أن الشرطة‬
‫القضائية بالمدينة المذكورة باشرت اختصاصها في الحدود الترابية التي تزاول فيها مهامها مما يكون معه‬
‫‪2‬‬
‫هذا الفرع من الوسيلة مخالف للواقع "‬

‫فمن خلل هذا القرار يتضح أن القضاء يجعل التحديد الوارد في نطاق مقتضيات قانون المسطرة الجنائية‬
‫لمفهوم النطاق الترابي هو مفهوم الدائرة بما يتماشى مع النطاق الذي تمارس فيه النيابة العامة اختصاصها‬
‫المكاني و تشرف فيه علىعمل الضابطة القضائية ‪.‬‬

‫وعلى ذلك فلو تصادف و تماهى التقسيم القضائي للتقسيم الداري فل إشكال يطرح على اعتبار أن حدود‬
‫الختصاص المكاني للنيابة العامة التي يمارس ضابط الشرطة القضائية مهامه تحت إشرافها هو نفس‬
‫حدود الختصاص الداري للسلطات العمومية و بالتالي فل إشكال ‪.‬‬

‫أما إن حدث و كان الحيز الترابي لختصاص النيابة العامة ل يتوافق مع الحيز الداري للشرطة أو‬
‫التقسيم الداري لعمل رجال الدرك فهنا المقدم هو نطاق اختصاص النيابة العامة و السلطة القضائية و‬
‫ليس غيره‪.‬‬

‫وعلى أساس هذا المعيار يمكن الحديث عن الختصاص الترابي للدرك الملكي ‪.‬‬
‫‪ 2‬قرار رقم ‪ 483‬صادر بتاريخ ‪ 1978-02-16‬في الملف الجنحي رقم ‪ 56874‬منشور بمجموعة قرارات المجلس العلى الجزء الول ص ‪.164‬‬
‫فالتقسيمات من حيث الجهات الدارية التي يخضع لها الدرك قد تتماهى مع التقسيمات القضائية و قد تكون‬
‫غير ذلك ؛ و النتيجة أنه في حالة التماهي ل إشكال و قد سبق التفصيل في ذلك لكن في حالة الختلف‬
‫فالمعتمد عليه في تحديد النطاق الترابي كقاعدة عامة لعمل رجال الدرك كضابطة قضائية هو التقسيم‬
‫القضائي بالمفهوم المار بنا وفق ما يقتضيه العم القضائي و التقرير التشريعي‪.‬‬

‫و هكذا فبالرجوع للظهير المتعلق بمصلحة الدرك الملكي في فصله المائة و السادس عشر نجده ينص على‬
‫‪ " :‬إن ضباط الدرك و ذوي الرتب فيه و رجال الدرك الذين قضوا ثلث سنوات على القل في خدمة‬
‫الدرك و المعينين رسميا بعد تأدية امتحان بموجب قرار يصدره كل من وزير الدفاع الوطني و وزير‬
‫العدل و كذا رجال الدرك الذين يرأسهم مؤقتا إما فيلقا و إما مركزا من مراكز الدرك يعدون ضباط‬
‫الشرطة القضائية و يساعدون وكيل الدولة المقيم بالدائرة التي يمارسون فيها عادة وظيفتهم‪.‬‬

‫و يجوز لهم بهذه الصفة القيام بمهامهم خارج دائرتهم عند ما يتنقلون لحاجيات المصلحة بأمر من‬
‫رؤسائهم "‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫فمن خلل هذه المقتضيات و خاصة ما ورد في الفقرة الثانية بالضبط يتضح أن المشرع جعل من الدائرة‬
‫التي يشتغل بها ضباط الشرطة القضائية من رجال الدرك هي الصل في تحديد نطاق اختصاصهم‬
‫الترابي ‪ .‬و هذه الدائرة يقصد بها في المفهوم القانوني دائرة نفوذ النيابة العامة التابعة لها فيالق و مراكز‬
‫رجال الدرك و كما سبق القول يمكن أن تتماهى تلك الدوائر القضائية مع التقسيم الداري لمصالح الدرك‬
‫و قد ل تكون كذلك و في هذه الحالة يحتكم للدائرة القضائية فقط‪.‬‬

‫وعلى ما ذكر فإذا كان الختصاص المكاني لعمل الضابطة القضائية كأصل يتحدد بالدائرة التي يعمل بها‬
‫ضباط الشرطة القضائية في نطاق عملهم المعتاد إل أنه يمكن أن تطرأ طوارئ تجعل رجال الشرطة‬
‫القضائية يمارسون مهامه خارج دوائرهم الصلية ؛ فهل يمكن الحديث عن عمل للضابطة القضائية خارج‬
‫الدوائر التي يعملون فيها في الصل؟ و ما جزاء ذلك ؟‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬ضوابط و آثار الستثناء في الختصاص المكاني لعمل الضابطة القضائية ‪.‬‬

‫يتعين قبل الحديث عن الثار أن نتطرق في فقرة أولى لضوابط الختصاص المكاني الستثنائي لعمل‬
‫الضابطة القضائية حتى يتسنى لنا الحديث عن الجزاء المترتب عن خرق قواعد الختصاص المكاني‬
‫بصفة عامة في فقرة ثانية ‪.‬‬

‫الفقرة الولى ‪ :‬ضوابط الختصاص المكاني الستثنائي لعمل الضابطة القضائية‬

‫بالرجوع لمقتضيات المواد المذكورة يتضح أن المشرع كما سبقت الشارة إلى ذلك جعل الختصاص‬
‫المكاني الصلي لعمل الضابطة القضائية هو النطاق الترابي الذي يعمل فيه رجال المن الذين يتوفرون‬
‫على صفة ضباط للشرطة القضائية و كذا رجال الدرك الذين لهم نفس الصفة بصفة أصلية ؛ لكنه بالرغم‬
‫من ذلك جعل لهذا الختصاص استثناء حدده بموجب القانون و هذا الستثناء محدد بشرطين ‪ :‬توفر حالة‬
‫الستعجال و وجود أمر صادر عن السلطة العمومية‪.‬‬

‫الشرط الول ‪ :‬أمر السلطة العمومية ‪.‬‬


‫‪ 3‬هذه الدوائر التي يمكن أن تكون عبارة عن فيالق أو مراكز للدرك كما جاء بالفقرة الولى‬
‫و على ذلك ففيما يتعلق بالشرطة فقد نص المشرع على أنه " يمكنهم في حالة الستعجال ‪ ،‬أن يمارسوا‬
‫مهمتهم في جميع أنحاء المملكة إذا طلبت منهم ذلك السلطة القضائية أو العمومية" ‪ 4‬أما فيما يتعلق‬
‫بالدرك فقد تم التنصيص على أنه ‪ " :‬و يجوز لهم بهذه الصفة القيام بمهامهم خارج دائرتهم عند ما يتنقلون‬
‫لحاجيات المصلحة بأمر من رؤسائهم " ‪ 5‬كما أن المشرح في معرض تنظيمه لمصالح الدرك أورد‬
‫مقتضيات الفصل ‪ 12‬منه على النحو التالي " تعمل فيالق الدرك عاديا في الدائرات التي تكلف بحراستها‬
‫غير أنه يجب عليها أن ل تتردد في مجاوزة الحدود كلما استلزمت ذلك صبغة و استعجال تدخلها و تخبر‬
‫إذن في أقرب وقت الفيلق و ضباط التراب الراجع له النظر في المر و كل تدخل من تدخلت الدرك يقوم‬
‫به خارج حدود دائرته يعلل بأسباب في محضر يحرر بهذه المناسبة "‬

‫فمن خلل هذه المقتضيات يتضح أن المشرع اشترط شرطين بالنسبة لرجال المن الكلفين بممارسة مهام‬
‫الشرطة القضائية من أجل أن يمارسوا مهامهم خارج دائرة نفوذهم و هو ما عبر عنه المشرع ب " جميع‬
‫أنحاء المملكة " ‪،‬و هذان الشرطان هما وجود حالة الستعجال و ضرورة توفر أمر من السلطة القضائية‬
‫أو العمومية " أما بالنسبة للدرك فالملحظ أن المشرع وضع شرطا واحدا من أجل قيام رجال الدرك بمهام‬
‫الشرطة القضائية خارج دائرة نفوذهم و هذا الشرط يتمثل في ضرورة الحصول على أمر من رؤسائهم‬
‫في إطار حاجيات المصلحة كما هو وارد بمقتضيات المادة ‪ 116‬أعله إن أن شرط الستعجال فقد أورده‬
‫المشرع في المادة ‪ 12‬من القانون المتعلق بمصالح الدرك ‪.‬‬

‫و بتفصيل هذين الشرطين نجد أن طبيعة السلطات المذكورة تلعب دورا كبيرا في تحديد شروط توسيع‬
‫دائرة الختصاص المكاني ‪ ،‬فالمر الذي يتعين الرتكاز عليه هو أمر السلطة القضائية التي من مهامها‬
‫تسخير القوة العمومية من أجل القيام بكل الجراءات ذات الطبيعة القضائية ‪،‬و هنا ل إشكال ما دامت أن‬
‫تلك الوامر منضبطة للقواعد المتعلقة بالختصاص المكاني للنيابة العامة بالمحكمة البتدائية و الواردة‬
‫بالمادة ‪ 44‬من قانون المسطرة الجنائية أو ما دامت متعلقة بنطاق اختصاص الوكيل العام للملك طبقا‬
‫للمادة ‪ 50‬من نفس القانون و الذي يحيل على المادة ‪ 44‬أو المادة ‪ 55‬بالنسبة لقضاة التحقيق‪.‬‬

‫أما من حيث طبيعة أوامر السلطة العمومية التي يمكن أن تكون أساسا للعمل خارج دائرة النفوذ العادية‬
‫فهي الوامر التي تتعلق بالمهام المرتبطة بالعمل و الجراءات القضائية ‪،‬و ليست كل الوامر ذات‬
‫الطبيعة الوظيفية و الداخلة في صميم اختصاصا رجال المن و رجال الدرك كالمهام المرتبطة بالشرطة‬
‫الدارية أو التي تنص عليها القوانين المنظمة لهم‪.‬‬

‫و من مثال ذلك أمر السلطة التابع لها ضابط الشرطة القضائية بالنتقال إلى خارج النفوذ من أجل استقدام‬
‫أحد المبحوث عنهم الذي تم إلقاء القبض عليه من طرف ضابطة قضائية أخرى غير الضابطة القضائية‬
‫التي ارتكبت في دائرة نفوذها الجريمة و التي أنجزت مذكرة البحث التي بموجبها تم إيقاف المبحوث عنه‪.‬‬

‫فعلى سبيل المثال يمكن أن يتلقى ضابط الشرطة القضائية الموجود بمدينة مراكش أمرا من رئيسه‬
‫بالنتقال لمدينة فاس من أجل استقدام الشخص الذي تم إيقافه بمقتضى مذكرة البحث الذي أنجزت في حقه‬
‫من طرف الضابطة القضائية بفاس في الحالة التي تنعدم فيها صور الختصاص المكاني كما هي مذكورة‬
‫أعله‪.‬‬

‫فمثل هذا الجراء هو تنفيذ لمر صادر عن السلطة القضائية التابع لها ضابط الشرطة القضائية و لكن‬
‫من أجل القيام بعمل قضائي و ليس أمرا من أجل القيام بعمل إداري محض مرتبط بعمل السلطة الدارية‬
‫‪4‬‬
‫المادة ‪ 22‬من قانون المسطرة الجنائية الجديد‬
‫‪5‬‬
‫المادة ‪ 116‬من القانون المتعلق بمصلحة الدرك الملكي‪.‬‬
‫التابع لها ‪ .‬فالمعيار الذي يتعين العتماد عليه في تحديد طبيعة المر الذي تصدره السلطة العمومية من‬
‫أجل أن يكون عمل الضابطة القضائية موافقا للقانون هو أن يكون لذلك المر ارتباط بعمل القضاء ‪.‬‬

‫و ما ينطبق على تعبير السلطتين القضائية و العمومية فيما يتعلق بالشرطة هو ما يرتبط بمفهوم و عبارة‬
‫" أمر رؤسائهم المرتبطة بالدرك الملكي " إذ هذا المفهوم أي رؤسائهم تعني إما رؤساء الدرك الداريين‬
‫الذين يكلفونهم بالقيام ببعض المهام خارج الدائرة التي يشتغلون بها من أجل القيام بمهام ذات ارتباط‬
‫بالعمل القضائي أو تعني الرؤساء القضائيين الذين لهم سلطة مباشرة من حيث عمل الضابطة القضائية ‪.‬‬
‫و لعل خلوصنا لكون ضرورة أن يكون أمر السلطة العمومية مرتبط ارتباطا أساسيا و مباشرا بتنفيذ‬
‫أوامر السلطة القضائية ؛ هو غير ما خلص إليه بعض الفقه من كون أن المقصود بأمر السلطة العمومية‬
‫هو المر الصادر عن السلطة العامة التي تصدر الوامر لضباط الشرطة القضائية في نطاق مهامهم‬
‫الدارية ل القضائية و أن انتقال ضباط الشرطة بهذا المر الداري يخوله ممارسة مهامه القضائية في‬
‫‪6‬‬
‫المكان الذي انتقل إليه‪.‬‬

‫فهذا الرأي يجعل من قيام ضابط الشرطة القضائية بمهام هذه الخيرة تابع للعمل الداري المكلف به ؛ أي‬
‫أن عمل الشرطة القضائية بالنسبة لهذا الرأي ما هو إل فرع و تابع للعمل الداري ‪.‬‬
‫لكن بالنظر الدقيق في هذا الرأي نجد أن أي من رجال الشرطة القضائية ل يمكنه القيام بمهام الشرطة‬
‫القضائية إل تحت إشراف ومراقبة الجهزة القضائية من نيابة عامة و قضاء تحقيق و ذلك في إطار مهام‬
‫التسخير ؛ و هو ما تنص عليه المادتين ‪ 716‬و ‪8 17‬من قانون المسطرة الجنائية ‪.‬‬

‫فمن خلل مقتضيات هاتين المادتين يتبين بما ل يدع للشك أن أي عمل لضباط الشرطة القضائية يتعين أن‬
‫يكون تحت إشراف و مراقبة وكيل الملك أو الوكيل العام للملك كل بحسب نطاق نفوذه ‪ .‬و إذا ما سايرنا‬
‫الرأي التشريعي فهو يخالف الرأي القائل بأن يسبق المر الداري و يجعل الصل و إن اعترض ذلك ما‬
‫يوجب القيام بأعمال الشرطة القضائية يتوجب القيام بها ؛ إذا ل يتصور و ل يمكن ذلك في غياب وجود‬
‫أية مراقبة أو إشراف من السلطات القضائية على ضابط الشرطة القضائية الذي قد يمارس مهام الشرطة‬
‫القضائية ؛ كما أن تزاحما في عمل الضابطة القضائية المحلية و ذلك الذي قد يقوم به الوافد من نطاق‬
‫ترابي آخر ‪.‬‬

‫الشرط الثاني ‪ :‬توفر حالة الستعجال ‪.‬‬

‫و أما بالنسبة للشرط الثاني فهو شرط توفر حالة الستعجال ‪،‬و هو الشرط الذي يتعين توفره من أجل‬
‫الحيلولة دون اندثار آثار الجريمة أو من أجل القيام بالتحريات الضرورية المرتبطة بالتحقيق و البحث و‬
‫التحري في الجرائم بصفة عامة ‪.‬‬

‫و إذا كان المشرع قد حدد هذا الشرط كشرط لمكانية الحديث عن الختصاص المكاني الستثنائي‬
‫للشرطة القضائية ؛ فإنه لم يحدد معايير اعتبار توافر حالة الستعجال من عدمها ‪ .‬و على ذلك فيمكن‬
‫القول بأن حالة الستعجال تتوفر مادامت هناك أحوال و خصوصيات تشير بشكل ل يدع مجال للشك أن‬
‫هناك ما يمكن أن يؤثر على العناصر اللزمة لثبات الجريمة أو على تغيير معالمها ؛ أو ما يشير إلى‬
‫إمكانية محو معالم حالت التلبس المنصوص عليها في المادة ‪ 56‬من قانون المسطرة الجنائية ‪.‬‬

‫‪ 6‬أحمد الخمليشي ‪ :‬شرح قانون المسطرة الجنائية ؛ مطبعة دار نشر المعرفة ؛ الجزء الول ؛ طبعة ‪ 2001‬؛ ص ‪. 327‬‬
‫‪ 7‬تنص المادة ‪ 16‬على أنه " ‪ ...‬يسير وكيل الملك أعمال الشرطة القضائية في دائرة نفوذه "‬
‫‪ 8‬تنص المادة ‪ 17‬على أنه " توضع الشرطة القضائية في دائرة نفوذ كل محكمة استيناف تحت سلطة الوكيل العام للملك ومراقبة الغرفة الجنحية‬
‫بمحكمة الستيناف المشار إليها في الفرع الخامس من هذا الباب "‬
‫و على ذلك ؛ و انطلقا من أهمية شرط الستعجال ؛ فقد ذهب بعض الفقه ‪9‬إلى أن توفر حالة الستعجال‬
‫كشرط وحيد يجب الخروج على القاعدة العامة للختصاص المكاني للشرطة القضائية ‪.‬‬

‫و في نظرنا فهذا الجانب من الرأي موفق على اعتبار أن هناك حالت يتعذر فيها الحصول على إذن‬
‫السلطة العمومية أو القضائية ‪،‬و أن من شأن انتظار الحصول على ذلك لذن أن يوثر على مجريات‬
‫البحث و التحري في الجرائم ‪،‬و بالتالي ما دامت أن هناك حالة للستعجال فيمكن أن يمارس ضابط‬
‫الشرطة القضائية مهامه خارج نطاق نفوذه الترابي‪.‬‬
‫و لعل هذا الرأي يقتضي الوقوف عن نقاط مهمة منها أن تقدير توفر حالة الستعجال من عدمه يرجع‬
‫لفطنة ضابط الشرطة القضائية الذي يعمل على الرض و أنه رغم ما يمكن أنن يرسمه من صورة للوقائع‬
‫قد ل تجسد حالة الستعجال ؛ كما أن أي تعسف في تقدير حالة الستعجال يجعل المسؤولية ملقاة على‬
‫عاتق ضابط الشرطة القضائية الذي يكون مراقبا من قبل الغرفة الجنحية بمحكمة الستيناف ‪.‬‬
‫و زيادة على هذا الرأي الفقهي و الذي ل نرى فيه أي خروج عن منطق البحث التمهيدي ؛ يمكن القول أن‬
‫المشرع أشار إلى إمكانية الكتفاء بتوفر حالة الستعجال فقط كما هو وارد بمقتضيات الفصل الثاني‬
‫عشر من القانون المتعلق بمصلحة الدرك الملكي ؛و الذي أجاز العمل التلقائي خارج الدائرة العادية للعمل‬
‫شريطة الخبار من بعد و على وجه السرعة المسؤولين عن النطاق الترابي التي مورس فيه عمل الشرطة‬
‫القضائية بصفة استثنائية ‪.‬‬

‫تلك إذن بعض ملمح الشرطين المتعين توفرهما من أجل أن يكون عمل الضابطة القضائية خارج حدود‬
‫نطاق عملها الصلي قانونيا ‪ .‬فكيف يمكن الحديث عن الثار المترتبة عن خرق القواعد المتعلقة‬
‫بالختصاص المكاني لعمل الشرطة القضائية ؟‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬آثار خرق قواعد الختصاص المحلي لعمل الشرطة القضائية ‪.‬‬

‫باستقراء المقتضيات القانونية التي نص عليها المشرع في قانون المسطرة الجنائية نجد أن هذا الخير قرر‬
‫على الجملة نوعين من الثار ن آثار تمس ضابط الشرطة القضائية نفسه و ترتب مسؤوليته القانونية عما‬
‫صدر عنه من خروقات ‪ ،‬و أخرى تنصرف للعمل الذي قام به ضابط الشرطة القضائية‪.‬‬

‫من حيث مسؤولية ضابط الشرطة القضائية ‪:‬‬

‫و هكذا فمن حيث الثار التي تمس ضابط الشرطة القضائية؛ فتتمثل في كونه يصبح مسؤول عما قام به‬
‫من أعمال خرق فيها القانون بصفته الضبطية × و تكون الغرفة الجنحية في هذه الحالة هي الجهة‬
‫القضائية التي تراقب أعمال الشرطة القضائية ‪.‬‬
‫و هذه العمال قد تكون عبارة عن خروقات مسطرية واجبة الرعاية ‪ ،‬كما يمكن أن تكون عبارة قد‬
‫تجاوزت الخروقات المسطرية لتنشأ عنها جرائم يتعين المعاقبة من أجلها‪.‬‬

‫و هكذا فقد نص المشرع في المادة ‪ 29‬من قانون المسطرة الجنائية على أنه " تراقب الغرفة الجنحية‬
‫بمحكمة الستيناف أعمال ضباط الشرطة القضائية عندما تكون صادرة عنهم بهذه الصفة " فمن خلل‬
‫هذه المقتضيات يتضح أن المشرع أناط بالغرفة الجنحية بمحكمة الستيناف ‪ -‬التي يترأسها الرئيس الول‬
‫لمحكمة الستيناف أو من ينوب عنه و من مستشارين اثنين بحضور ممثل النيابة العامة و كاتب ضبط ‪-‬‬
‫مهمة مراقبة أعمل ضباط الشرطة القضائية الذين يزاولون مهامهم داخل الدائرة القضائية لنفوذ تلك‬
‫الغرفة الجنحية و الذين يكونون قد ارتكبوا إخللت مهنية بمناسبة قيامهم بعملهم و بصفتهم الضبطية ؛ و‬

‫‪ 9‬أحمد الخمليشي م س ص ‪. 328‬‬


‫هو نفس المقتضى المنصوص عليه ليس فقط في المادة ‪ 29‬من قانون المسطرة الجنائية و إنما كذلك‬
‫بمقتضى الفقرة الرابعة من المادة ‪ 231‬من نفس القانون ‪.‬‬

‫و على ذلك فكلما تحققت الشروط المنصوص عليها في هذه المقتضيات يمكن القول بأن ضابط الشرطة‬
‫القضائية يعتبر مسؤول عما صدر منه من خروقات قانونية ‪.‬‬

‫وهذه الشروط يمكن إجمالها في التالي ‪:‬‬


‫أن يكون العمل الذي قام به ضابط الشرطة القضائية من اختصاصه ‪.‬‬
‫أن يكون العمل الذي قام به ضابط الشرطة القضائية صادرا عنه بصفته الضبطية ‪.‬‬
‫أن يكون ضابط الشرطة القضائية موضوع المراقبة يعمل داخل الدائرة القضائية التي تبسط فيها الغرفة‬
‫الجنحية المختصة نفوذها فيها؛ و هي عادة دائرة نفوذ اختصاص الوكيل العام للملك وفق ما تنص عليه‬
‫المادة ‪ 50‬من قانون المسطرة الجنائية‪.‬‬

‫و تجدر الشارة إلى أن الخللت التي يمكن أن تصدر عن ضابط الشرطة القضائية وفق المقتضيات‬
‫أعله ‪ ،‬يشمل كل الخللت التي تنشأ بمناسبة قيامه بعمله الضبطي ‪.‬‬

‫و من تلك الخللت خرق القواعد المنظمة للختصاص المكاني لعمل الضابطة القضائية ؛ إذ كلما لم يتم‬
‫التقيد بالشروط القانونية لعمل الضابطة القضائية وفق الحكام المفصلة أعله كلما تكون مسؤولية ضابط‬
‫الشرطة القضائية قائمة و يتعين أن يكون موضوع مساءلة من قبل الغرفة الجنحية و ذلك بناء على إحالة‬
‫من الوكيل العام للملك لدى محكمة الستيناف ‪.‬‬

‫و العلة في أن الوكيل العام للملك هو الذي يتولى الحالة تكمن في كون هذا الخير هو المسؤول عن تسيير‬
‫أعمال الضابط القضائية في دائرة نفوذ كل محكمة الستيناف طبقا لمقتضيات المادة ‪ 17‬من قانون‬
‫المسطرة الجنائية ‪.‬‬

‫و على ذلك فمتى ثبت أن ضابط الشرطة القضائية قد قام بتجاوز القواعد المنظمة لختصاصه المكاني ‪،‬‬
‫كما لو قام بعملياته خارج دائرة النفوذ التي يتبع لها من غير توفر حالة الستعجال أو من غير توفر أمر‬
‫السلطتين القضائية أو العمومية فيمكن مساءلته عن ذلك مساءلة قانونية أمام الغرفة الجنحية ‪ ،‬و هذه‬
‫المراقبة تنتج عنها عقوبات منصوص عليها بالمادة ‪ 32‬من قانون المسطرة الجنائية و التي تتمثل أساسا‬
‫في ‪:‬‬

‫‪ -‬توجيه ملحظات‬
‫‪ -‬التوقيف المؤقت عن ممارسة مهام الشرطة القضائية لمدة ل تتجاوز سنة واحدة‪.‬‬
‫‪ -‬التجريد النهائي من مهام الشرطة القضائية ‪.‬‬

‫هذا فضل عمنا يمكن أن يشكل مساءلة جنائية عندا يثبت أن ضابط الشرطة القضائية ارتكب جرما‬
‫بمناسبة قيامه بأعماله وفقا لما تنص عليه المادة ‪ 33‬من قانون المسطرة الجنائية و التي تنص على أنه "‬
‫إذا ارتأت الغرفة الجنحية أن ضابط الشرطة القضائية ارتكب جريمة ‪ ،‬أمرت علوة على ما ذكر بإرسال‬
‫الملف إلى الوكيل العام للملك " ‪.‬‬

‫و تجدر الشارة إلى أن المشرع لم يقتصر في تقرير الجزاء عند تحقق مسؤولية ضابط الشرطة القضائية‬
‫فيما ذكر أعله ‪ ،‬بل جعل من التنقيط وسيلة فعالة في تقرير الجزاء الناتج عن المخالفات القانونية التي‬
‫يمكن أن يقوم بها ضباط الشرطة القضائية ‪،‬و ذلك وفق ما تم التنصيص عليه بالمادة ‪ 45‬من قانون‬
‫المسطرة الجنائية و التي جاء في فقرتها الولى ‪ " :‬يسير وكيل الملك في دائرة نفوذ محكمته أعمال ضباط‬
‫الشرطة القضائية و أعوانها و يقوم و يقوم بتنقيطهم "‬

‫و معلوم أن المادة ‪ 32‬قررت العقوبات التي يتعين أن تمس الضباط المخالفون ‪ ،‬بغض النظر عن‬
‫العقوبات التأديبية التي قد يتخذها الرؤساء الداريون في حق ضابط الشرطة القضائية الذي ثبتت مخالفته‬
‫للقانون و قواعد عمل الضابطة القضائية ‪ ،‬و هنا يمكن الحديث عن الثر الذي يلعبه التنقيط الذي يشرف‬
‫عليه وكيل الملك في تقرير المسار المهني لهذا الضابط أو ذاك‪.‬‬

‫من حيث الثار المترتبة عن خرق قواعد الختصاص المكاني فيما يتعلق بالمحاضر و العمليات المنجزة‬

‫خلفا للمسؤولية المترتبة عن خرق قواعد عمل الضابطة القضائية بالنسبة لفراد هذه الخيرة ‪ ،‬و التي‬
‫تختص الغرفة الجنحية وحدها بالبت فيها ‪ ،‬فإن الجزاء المترتب عن خرق تلك القواعد فيما يتعلق‬
‫بالمحاضر المنجزة و العمليات التي تم القيام بها يصدر عن هيئات الحكم العادية التي تعرض أمامها‬
‫الدعاوى العمومية المؤسسة على تلك المحاضر و العمليات ‪،‬و يقصد هنا المحاكم الزجرية البتدائية أو‬
‫الستينافية‪.‬‬

‫و هكذا يمكن أن يستشف الجزاء التي يتعين اتخاذه لتقرير قانونية المحاضر المنجزة خرقا لمقتضيات‬
‫المادة ‪ 22‬من قانون المسطرة الجنائية وما يرتبط بها من مواد تحدد الختصاص المكاني للضابطة‬
‫القضائية من مجموعة من المواد الواردة بالمسطرة الجنائية كما هو المر بالنسبة للمواد ‪ 24‬و ‪ 289‬و‬
‫‪ 751‬من قانون المسطرة الجنائية ‪.‬‬

‫و على هذا فقد قررت مقتضيات المادة ‪ 24‬في فقرتها الثانية على أنه " دون الخلل بالبيانات المشار إليها‬
‫في مواد أخرى من هذا القانون أو في نصوص قانونية أخرى ن يتضمن المحضر خاصة اسم محرره و‬
‫صفته و مكان عمله و توقيعه ‪ "...‬و هكذا فتنصيص المشرع على أن من بين البيانات التي يتعين ذكرها‬
‫بمحضر الضابطة القضائية هو مكان عمل ضابط الشرطة القضائية وذلك لتتمكن الجهات القضائية التي‬
‫قد تبسط نظرها في أي طعن من الطعون التي قد توجه للمحاضر من تحديد الجزاء الذي قد يترتب عن‬
‫خرق قواعد الختصاص المكاني لضابط الشرطة القضائية‪ ،.‬حتى إذا ما ثبت أن ضابط الشرطة القضائية‬
‫قام بالعمليات الواردة و المضمنة بمحضر الضابطة القضائية خارج دائرة الختصاص المكاني من غير‬
‫ثبوت حالة الستعجال أو أمر من السلطة القضائية أو العمومية يكون هناك محل لتطبيق مقتضيات المادة‬
‫‪ 289‬التي تنص على أنه " ل يعتد بالمحاضر و التقارير التي يحررها ضباط و أعوان الشرطة القضائية‬
‫و الموظفون و العوان المكلفون ببعض مهام الشرطة القضائية إل إذا كانت صحيحة في الشكل ‪ "...‬مما‬
‫يجعل المحضر الذي أنجزه ضابط الشرطة القضائية خرقا لمقتضيات الفصل ‪ 22‬من قانون المسطرة‬
‫الجنائية كأنه لم يكن و ل يعتد به و هو ما تؤكد مقتضيات المادة ‪ 751‬من قانون المسطرة الجنائية التي‬
‫تنص على أن " ل إجراء يأمر به هذا القانون ولم يثبت إنجازه على الوجه القانوني يعد كأنه لم ينجز ؛ و‬
‫ذلك مع مراعاة مقتضيات الفقرة الثالثة من المادة ‪ 442‬المتعلقة بجلسات غرفة الجنايات "‬

‫لكن السؤال الذي يتعين طرحه بهذا الخصوص هو كيف يمكن إثبات كون ضابط الشرطة القضائية قد قام‬
‫بأعمال الشرطة القضائية خارج دائرة اختصاصه الترابي ؟‬

‫من المناسب القول في هذا الصدد أن المجلس العلى قد أصدر مجموعة من القرارات التي أكدت أن‬
‫دحض ما جاء بمحضر الضابطة القضائية يجب أن يكون بمحضر مماثل أو أية وسيلة أخرى لها من‬
‫القوة الثبوتية ما يجعلها تنهض دليل قاطعا على صحة الطعن الموجه لمحضر الضابطة القضائية ‪،‬و ل‬
‫يكفي مثل في هذا السياق الخذ بشهادة الشهود فقط ‪ ،‬و قد جاء في أحد قرارات المجلس العلى " و حيث‬
‫أن المحضر المستوفي لما يشترطه القانون يقوم حجة ل يمكن دحضها إل بقيام الدليل القاطع على مخالفتها‬
‫للواقع بواسطة حجة تماثلها في قوة الثبات و ل تقوم على الشك و الحتمال ‪ ،‬هذا فضل عن أن الشهادة‬
‫التي اعتمدتها المحكمة تتعلق فقط بمكان ضبط المتهمين و أنه لم يكن معهما أحد في حين أن المحضر و‬
‫هذا هو الهم تضمن أبحاثا معمقة و استجوابا للمتهمين أسفر عن اعترافهما و خاصة المتهم لفطيمي محمد‬
‫بما نسب إليهما كما عني محرروا المحضر بجمع أدوات القتناع و حجزها عند ضبطها للمتهمين في‬
‫حالة تلبس مشهودة "‪ 10‬فقد كان رأي المجلس العلى واضحا في أنه ل يمكن دحض محضر الضابطة‬
‫القضائية بمجرد شهادة الشهود الذين أكدوا أن الظنينين ألقي عليهما القبض أمام مدرسة ابن الهيثم و ليس‬
‫أمام مدرسة عشرين غشت بوادي زم ‪.‬‬

‫و على ذلك فمتى تم الطعن بكون ضباط الشرطة القضائية الذين قاموا بإنجاز البحوث و تحرير المحاضر‬
‫قاموا بذلك خارج الدائرة القضائية التي يمارسون فيها مهامهم بصفة اعتيادية فل يتعين اللتفات للدفع‬
‫المذكور إل إذا توفرت أدلة قاطعة لها نفس القوة الثبوتية التي لمحضر الضابطة القضائية الذي يعتبر‬
‫سليما من حيث الصل و من يدعي غير ذلك إثباته ‪،‬و بعبارة أخرى ل يمكن تكليف النيابة العامة بعبء‬
‫إثبات صحة المحضر من حيث الطعون الموجهة له ولكن يتعين على من يدعى عكس الصل إثباته ‪.‬‬

‫‪ 10‬قرار المجلس العلى منشور بمجلة قضاء المجلس العلى العدد ‪ 55‬السنة ‪ 22‬ص ‪. 342‬‬

You might also like