You are on page 1of 37

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬

‫النظام الخاص‬
‫لهل الختصاص‬
‫للغوث الكبير سيد أهل الطريقة‬
‫والحقيقة‬
‫سيدنا ومولنا أحمد الرفاعي‬
‫الكبير‬
‫قدس الله سره ورضي الله عنه‬
‫‪578 – 512‬‬
‫هجرية‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬


‫الحمد لله تمجيدا َ لذاته المستحقة الحمد‪،‬‬
‫والصلة والسلم على نبيه ورسوله الكريم محمد‪،‬‬
‫صاحب لواء الحمد‪،‬‬
‫وعلى آله وأصحابه الثابتين على العهد‪ ،‬والموفين‬
‫بالوعد‪،‬‬

‫**********************‬

‫أما بعد‪:‬‬

‫أي سسسسسادة! ذرات الحادثسسسسات محكومسسسسة لسسسسسلطان‬


‫الخالقية‪ ،‬ومنها العالم النساني‪ ،‬فهو مرؤوس مقدور‬
‫لذلك السلطان الرباني‪ ،‬وهو فسسي قبضسسته‪ ،‬وكسسل فسسرد‬
‫منسسه مملسسو ٌ‬
‫ك لبسسارئه‪ ،‬عب سد ٌ لسسه سسسبحانه وتعسسالى‪ ،‬ح سّر‬
‫بالنسبة إلى غير البسساري تعسسالت قسسدرته‪ ،‬والنسساس فسسي‬
‫مرتبة المملوكية ومنزلسسة العبديسسة لسسه سسسبحانه سسسواء‪،‬‬
‫فكلما صحت نسبة العبد إلى سيده ‪ -‬جلت عظمتسسه ‪-‬‬
‫ارتفع في مقسسام عبسسديته عسسن إخسسوانه فسسي نسسوعه وعل‬
‫عليهم‪ ،‬حتى إذا صار له من السسسلطان اللهسسي معنسسى‬
‫ترأس به‪ ،‬ل بنفسه علسسى غيسسره‪ ،‬وسسسعة أمسسر رياسسسته‬
‫ل‬‫هي بنسبة المعنى الحاصل له مسسن قسسدس بسسارئه ج س ّ‬
‫وعل‪ ،‬هؤلء المرسلون في النبيين أعل منهسسم مرتبسسة‪،‬‬
‫وأوسع رياسة‪ ،‬هؤلء أولو العزم من المرسلين‪ ،‬أرفع‬
‫مقاما‪ ،‬وأعم أمرا‪ ،‬هسسذا سسسيد أولسسي العسسزم نبينسسا السسبر‬
‫الرحيم صلى الله وسلم عليه وعليهسسم أجمعيسسن‪ ،‬فهسسو‬
‫في أولي العزم أعظم مكانة‪ ،‬وأشمل دعسسوة‪ ،‬وأوسسسع‬
‫دائرة‪ ،‬وأتم حكمسسا‪ ،‬وأبلسسغ حجسسة‪ ،‬وأمنسسع سسسلطانا‪ ،‬لمسسا‬
‫حصل له من جليل المعنى القدسي فسسوق غيسسره مسسن‬
‫إخوانه النبيين والمرسلين‪ ،‬صلوات الله عليه وعليهسسم‬
‫أجمعين‪.‬‬

‫وعلى هذا‪ ،‬فالمر النافذ القسسائم المحك ّسسم فسسي عسسوالم‬


‫النسسسان‪ ،‬هسسو المسسر اللهسسي‪ ،‬والقسسائمون بسسه بالتقليسسد‬
‫الربسساني‪ :‬النبيسساء والمرسسسلون‪ ،‬وعنهسسم العلمسساء بسسالله‬
‫حكماء الدين‪ ،‬السسذين هسسم ورثسسة النبيسساء‪ ،‬وزمسسامه بيسسد‬
‫نائب النبوة في كل عهسسد وزمسسن‪ ،‬بسسه يصسسول ويجسسول‪،‬‬
‫ويفعسسل ويقسسول‪ ،‬وتخضسسع لسسه الفحسسول‪ ،‬ولسسه الرياسسسة‬
‫العامسسة فسسي مقسسام النيابسسة المحضسسة الجامعسسة‪ ،‬وبعسسده‬
‫فالقوم أربساب البصسسائر‪ ،‬المنسسدرجون فسسي ذيسسل العلسسم‬
‫بحال النبوة‪ ،‬وسر الخلق‪ ،‬وحكم الخالقية‪ ،‬فلهسسم كسسل‬
‫بنسبة حصسسته ‪ -‬رياسسسة علسسى مسسن دونسسه مسسن إخسسوانه‪،‬‬
‫يعّلمهم يزكيهم‪ ،‬يرفسسق بهسسم لتعليمهسسم‪ ،‬يغلسسظ عليهسسم‬
‫لتأديبهم‪ ،‬يسوقهم إلى بساط العلسسم وحضسسرة الفهسسم‪،‬‬
‫لينقذهم من وهدة الجهسسل‪ ،‬مسن أسسر النحطساط عسسن‬
‫هذا السر‪ ،‬ليخرجهسسم مسسن الظلمسسات إلسسى النسسور‪ ،‬مسسن‬
‫ظلمات سفل الطبسسع‪ ،‬ودنسساءة الهمسسة‪ ،‬وقصسسر النظسسر‪،‬‬
‫وسقم الغاية‪ ،‬إلسى نسسور شسسرف الطبسسع‪ ،‬وعلسسو الهمسسة‪،‬‬
‫وصسسحة النظسسر‪ ،‬وجليسسل الغايسسة‪ ،‬فيقسسوم اعوجسساجهم‪،‬‬
‫مسسة فشسسلهم‪ ،‬وتنطمسسس‬ ‫ويصلح احديدابهم‪ ،‬وتذهب ط ّ‬
‫ثورة ذلتهم‪ ،‬العزة لله ولرسوله وللمؤمنين‪.‬‬

‫ل تزعسسم أي أخسسا الحجسساب أن أخسساك النسسسان الخسسر‬


‫دك بدريهماتك‪ ،‬بوقتك‪ ،‬بحظسسك‪ ،‬بشسسأنك‪ ،‬بمسسا أنسست‬
‫عب َ َ‬
‫فيه من أمرك‪ ،‬هو فوق ذلك‪ ،‬وأنت دون ذلك!‬
‫كل من ساواك بسستركيب الهيكسسل‪ ،‬أو ماثلسسك بالصسسورة‬
‫والنسق‪ ،‬فهو أخسسوك بجنسسسيتك‪ ،‬شسسريكك بآدميتسسك‪ ،‬ل‬
‫هو مملوكك‪ ،‬ول أنت مالكه‪.‬‬
‫وكل من خالفك بتركيبك‪ ،‬فهو ملحق بجنسسسه حقسسر أو‬
‫عظم‪ ،‬وأنت ملحق بجنسك‪ ،‬فسساعرف حسسدك‪ ،‬ول تبسسق‬
‫وحدك‪.‬‬
‫زمة لك‪ ،‬وحاكمة عليك بالنضمام إلى أبنسساء‬ ‫مل ِ‬
‫حاجتك ُ‬
‫جنسك‪ ،‬والستئناس بهم‪ ،‬وقاضية على طبعك بالدب‬
‫مسسسع صسسسنوف أجنسسساس الشسسسياء‪ ،‬ومسسسن ذوات أرواح‬
‫وجمادات بارزات ومطويات‪ ،‬علويات وسفليات؛‬
‫فاجمع رأيك على العلم بالله‪ ،‬لتعلو في مرتبة آدميتك‬
‫بين جنسك‪ ،‬ولتزكو في نفسك‪ ،‬ول تكن قليل الِعبرة‪،‬‬
‫خامل الهمة‪ ،‬قصير النظر‪.‬‬
‫سسي ّْر همتسسك فسي ملكسه‬ ‫أنظر حكم ربك‪ ،‬سر بروحك‪َ ،‬‬
‫سبحانه‪ ،‬اعتبر بمصنوعاته‪ ،‬قال تعالى‪َ} :‬فسساعْت َب ُِروا َيسسا‬
‫صاِر{ سورة الحشر‪.‬‬ ‫ُ‬
‫أوِلي الب ْ َ‬
‫اس ست ََرقّ أم سُره أقوامسسا؛ هسسم لسسول أن اسسسترّقهم أم سُره‬
‫أحراْر‪ ،‬خالفوه فأوقعهم في وهسسدة ال سّرق؛ اسسستعبدهم‬
‫عصيانهم‪ ،‬أذلهم طغيانهم‪ .‬فخذ بهمتك العليسسة طريسسق‬
‫الستسلم له محجة )جادة الطريق( وسر إليسسه أمينسسا‬
‫من غيره‪ ،‬ل تقل‪ :‬قدره أوقفني عن السير إليه! هسسذا‬
‫من َبطالتك‪ ،‬من كسل عزمك‪ ،‬وفتور عزيمتك!‬

‫اجعسسل القضسساء والقسسدر ص سّفا ً‪ ،‬وابعسسث معهمسسا‪ :‬قلبسسك‬


‫ويقينك واعتقادك واجعل العقل والتدبير صسّفا ً وابعسسث‬
‫معهما‪ :‬رأيك‪ ،‬وحزمك‪ ،‬وأملك بربك واعتمادك‪ ،‬وأِقسسم‬
‫بين الصفين حرب العمل‪ ،‬وكن أنت في صسسف العقسسل‬
‫حسن الظن بسالله‪ ،‬وبصسدق العتمساد‬ ‫والتدبير المؤيد ب ُ‬
‫عليه سبحانه‪ ،‬فإذا انكشف غبار ذلك الحرب عن غلبة‬
‫ك بربسسك‪ ،‬وحسسسن‬ ‫مل ِس َ‬
‫لك في أمرك‪ ،‬فقد أثمر غصسسن أ َ‬
‫ظنك به‪ ،‬وصسسدق اعتمسسادك عليسسه‪ ،‬ففسسزت بمطلوبسسك؛‬
‫وإن انكشف الغبار عن مغلوبية لك فسسي شسسأنك‪ ،‬فقسسد‬
‫انكشف لك غطاء القدر‪ ،‬وأنت حينئذ معذور‪ ،‬وسسسعيك‬
‫مشكور‪ ،‬وعملك عند الله تعالى وخاصةِ عباده مبرور‪.‬‬

‫الله الله بك‪ ،‬أوصيك بك أيها العاقل! فإنك خزانة من‬


‫ظمسست‬‫ورك إن ع ّ‬ ‫خزائن الرحمن‪ ،‬عظيم عنسسد مسسن صس ّ‬
‫ت شرفها؛ قد امتازك ربك بالعقسسل‪ ،‬ورفسسع‬ ‫ذاتك وعرف َ‬
‫به درجتك على من هو دونك‪ ،‬وأعطاك لسسسانا ً يقسسذف‬
‫درر الحكمسسة إلسسى سسسامعيه‪ ،‬فيختلسسب بهسسا قلسسوبهم‪،‬‬
‫شسسَغل ألبسسابهم‪ ،‬ويعقسسد هممهسسم‪ ،‬ويسسوقفهم عنسسد‬ ‫وي َ ْ‬
‫حدودهم‪ ،‬ويجمعهم على صعيد القصسسد‪ ،‬فل تستصسسغر‬
‫شرف الكلم‪ ،‬وتهمل مرتبته التي هي أعلى المراتسسب‬
‫المتدلية من العل‪ ،‬تدنيا ً إلى العالم الدنى‪.‬‬

‫هسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسذه‪:‬‬
‫)أ‪.‬ب‪.‬ت‪.‬ث‪.‬ج‪.‬ح‪.‬خ‪.‬د‪.‬ذ‪.‬ر‪.‬ز‪.‬س‪.‬ش‪.‬ص‪.‬ض‪.‬ط‪.‬ظ‪.‬ع‪.‬غ‬
‫‪.‬ف‪.‬ق‪.‬ك‪.‬ل‪.‬م‪.‬ن‪.‬ه‪.‬و‪.‬ل‪.‬ي(‬
‫هي حروف التهجي‪ ،‬ورابطة نظم الكلم‪ ،‬وكتاب اللسسه‬
‫المنسسزل علسسى آدم عليسسه السسسلم‪ ،‬والكلم سسسيف اللسسه‬
‫ب‪ ،‬ويفعسسل بسسه‬ ‫الذي يجمع به وُيفّرق‪ ،‬وُيبّغض به ويحب ّس ْ‬
‫العجائب‪َ ،‬تصلح به القلوب‪ ،‬ترتبط بسسه السسسرار‪ ،‬تليسسن‬
‫شسقّ بسسه‬‫دة‪ ،‬ت ُ َ‬ ‫بسسسببه الخسسواطر‪ ،‬تحصسسل ا ُ‬
‫للفسسة والمسسو ّ‬
‫س سّيال‬
‫العصا‪ ،‬تنحدر من موجته سيول الفتن‪ ،‬تنطلق ب َ‬
‫غثسساِء المحسسن‪ ،‬تنشسسط بهمسسة أسسساليبه‬ ‫محسسدره عسسوائث ُ‬
‫الهمم‪ ،‬ترتفسسع بنهضسسته العسسزائم إلسسى حضسسرة القسسرب‪،‬‬
‫تنحدر بجسساذبته المسسواهب إلسسى حظيسسرة القلسسب‪ ،‬وراءه‬
‫السيف المصلت‪ ،‬إذ هو مخبأ في طيه ي ُل َْقسسى هسسو أو ً‬
‫ل‪،‬‬
‫ويقوم له السسيف ثانيسًا‪ ،‬فهسو مسن آلتسه‪ ،‬مسن مسواده‪،‬‬
‫يعمل له ليرجع النظم ِإليه‪.‬‬
‫كلمة يقولها القائل‪ ،‬وهو كافر زنديق‪ ،‬فيقف بهسسا فسسي‬
‫صف المؤمنين الموقنين!‬
‫وكلمة يقولها القائل‪ ،‬وهو مؤمن وثيق‪ ،‬فيقف بها في‬
‫صف الكافرين الجاحدين!‬
‫ببيعتسسك أيهسسا اللسسبيب علسسى اسسسم ربسسك‪ ،‬بعهسسدك علسسى‬
‫طريق نبيك‪ ،‬تتصدر في محاضسسر القسسدس‪ ،‬هسسي كلمسسة‬
‫قلتهسسا‪ ،‬ووقفسست عنسسدها‪ ،‬فسسدخلت فسسي القسسوم السسذين‬
‫حقّ ب َِها وَأ َهْل ََها{‪.‬‬ ‫َ‬ ‫وى وَ َ‬
‫كاُنوا أ َ‬ ‫ة الت ّْق َ‬ ‫ألزمهم‪} :‬ك َل ِ َ‬
‫م َ‬

‫كبه فمك‪ ،‬آية‬ ‫الكلم الذي ينطق به لسانك‪ ،‬ويأتي بمر ّ‬


‫قلبك‪ ،‬خزانة سسسرك‪ ،‬مجمسسوع شسسرائف عينيتسسك‪ ،‬مسسواد‬
‫صفاتك‪ ،‬نظم كليات ذاتك‪ ،‬أفرغت ك ُّلك فيسسه‪ ،‬بعسسد أن‬
‫خرج من فيك‪ ،‬كتب عنك‪ ،‬بل كتبك على الرقاع‪ ،‬نقل‬
‫عنك‪ ،‬بسسل نقلسسك إلسسى السسسماع‪ ،‬أطافسسك فسسي الفسسواه‬
‫والصحاف‪ ،‬أقامك في المجالس والدواوين‪ ،‬أثبتك في‬
‫العيون والقلوب‪.‬‬

‫كن شسسريف الكلمسسة‪ ،‬شسسريف الهمسسة‪ ،‬أخسسا الحكمسسة‪ ،‬ل‬


‫تمط نقاب الحكمة بالوهم‪ ،‬وتعمل كالفيلسوف السسذي‬
‫جرد الحكمة عن شسسرفها‪ ،‬إذ كسسساها باسسسم الفلسسسفة‬
‫غير كسوتها!‬

‫كن حكيما ً وانطق بالحكمسسة‪ ،‬وإيسساك والتفلسسسف‬ ‫أجل‪ُ ،‬‬


‫فإن منه طرق وهم تسسدفع إلسسى غيسسر سسسبيل الصسسواب‪،‬‬
‫لُتوسع لطائف الخيال‪ ،‬في مجالت التنفيذ والتطسسرق‪،‬‬
‫بما ل يقف به العقل‪ ،‬طلبا ً لزبسسدة المطلسسب‪ ،‬والقص سد ُ‬
‫ن؛ ولكسسن جسسرد كلم الفيلسسسوف‬ ‫على ما هو عليه حس ٌ‬
‫للسامع من كلمة الحق باطسسل نفسسس المتكلسسم‪ ،‬قصسسد‬
‫بالمجرد عن الحكمة؛ وجرد َ كلم مسسن ظسسن بسسه الخيسسر‬
‫من كلمة الباطسل حسق حسسسن الظسسن‪ ،‬فربطسه حسسسن‬
‫الظسسن بهسسذرته؛ فيسسا ليسست الفيلسسسوف طمسسس باطسسل‬
‫نفسه‪ ،‬ولزم الحكمة فقام لها‪ ،‬وقال بها‪ ،‬ونفع الناس؛‬
‫حسقَ بسساطله فأخسسذ بحبسسل‬
‫م َ‬
‫وليت من ظسسن بسسه الخيسسر‪َ ،‬‬
‫الحكمسسة‪ ،‬وغسسسل صسسحيفة سسسره مسسن زوره وبهتسسانه‪،‬‬
‫وتمسك بأذيال الحكمسساء‪ ،‬فسسانتفع بهسسم‪ ،‬ونفسسع بعلمهسسم‬
‫الناس‪.‬‬

‫ومن العجائب فقد يفجر الرجل بنفسه‪ ،‬ويصسسون سسسر‬


‫الحكمة! فيؤيد اللسسه بسسه أمسسره‪ ،‬وي ُعِسّز بسسه جنسسده‪ .‬قسسال‬
‫رسول الله صلى اللسسه عليسسه وآلسسه وسسسلم فسسي غسسزوة‬
‫خيبر )قم يا بلل فأذن‪ ،‬أن‪ :‬ل يدخل الجنة إل مسسؤمن‪،‬‬
‫إن الله يؤيد الدين بالرجل الفاجر(‪ .‬ماذا يفعل العاقل‬
‫بحلسسس السسبيت‪ ،‬مسسن القسسوم السسذين انتفخسست أوداجهسسم‬
‫بالدعوى‪ ،‬ول أثر لهم في الدين؟!‬

‫قال جابر رضي الله عنه‪ :‬قال لنا رسسسول اللسسه صسسلى‬
‫الله عليه وآله وسلم يسسوم الحديبيسسة‪) :‬أنتسسم خيسسر أهسسل‬
‫الرض( وكنا ألفسسا وأربعمسسائة‪ ،‬ولسسو كنسست أبصسسر اليسسوم‬
‫لريتكم مكان الشجرة‪ ،‬يريد بالشجرة‪ :‬الشجرةَ السستي‬
‫بايعهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسسسلم تحتهسسا‪،‬‬
‫ن‬
‫عسس ِ‬ ‫ي الّلسس ُ‬
‫ه َ‬ ‫المعنيسسة بقسسول اللسسه تعسسالى }ل ََقسسد ْ َر ِ‬
‫ضسس َ‬
‫ة{ فانظر أيهسسا الخ‬ ‫جَر ِ‬ ‫ش َ‬ ‫ت ال ّ‬
‫ح َ‬ ‫ن إ ِذ ْ ي َُباي ُِعون َ َ‬
‫ك تَ ْ‬ ‫مِني َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫مؤْ ِ‬
‫اللبيب! كيف صحت الخيرية‪ ،‬للف وأربعمائة رجسسل إذ‬
‫ذاك‪ ،‬دون أهل الرض شرقها وغربها؟ هل كسسان ذلسسك‬
‫إل لنهم تجردوا بأنفسهم وأموالهم لعلء كلمسسة اللسسه‬
‫تعالى‪ ،‬وإعزاز دينه؟ وعلى ذلك بسسايعوا رسسسوله صسسلى‬
‫الله تعالى عليه وسلم وعليهم أجمعين‪.‬‬
‫وهل الدين إل كلمة صادقة وهمة عالية؟ َتسقط همسسة‬
‫الرجل الماجد الكريم على كل شريفة‪ ،‬وتسقط همسسة‬
‫ب الشبهة يتطسسرق‬ ‫ب الدنيء على كل ساقطة‪ ،‬وَر ّ‬ ‫خ ّ‬
‫ال ِ‬
‫ب بسسه همتسسه إل‬ ‫الشبهة‪ ،‬والخي ُّر ل يظن إل خيرا‪ ،‬ول تث ِ ُ‬
‫إلسسى المعسسالي‪ ،‬وعلسسو الهمسسة مسسن اليمسسان‪ ،‬والسسساقط‬
‫ه نفسسسه‪ ،‬فَت ََرفّ س ُ‬
‫ع‬ ‫الوضسسيع يريسسد السسترفع بهمتسسه‪ ،‬فتغل ِب ُس ُ‬
‫بنزعها‪ ،‬وتتداعى همته ساقطة بطبعها‪ ،‬ويسسرى لخبسساله‬
‫ن ترفع نفسه بنزغها عسسن الهمسسة! ثكلتسسه‬ ‫بمرآة خياله أ ّ‬
‫أمه! ما فسّرقَ بيسسن الوقاحسسة والرجاحسسة؟ هسسل تسسستوي‬
‫الظلمات والنور؟‬

‫الهمة ترفسسع العبسسد إلسسى مقسسام السسسر والنجسسوى‪ .‬همسسة‬


‫العارف بربه‪ ،‬الحكيم ِ بنوره‪ ،‬أرفع من العرش‪ ،‬هات ‪-‬‬
‫أي أسير الدعوى ‪ -‬طور همتسسك‪ ،‬وقسسسه علسسى أطسسوار‬
‫ت مسسن المسسؤمنين‪ ،‬إن كنسست‬ ‫أهل الهمم‪ ،‬واحكم إن كن َ‬
‫حقْ برحسسى الحكمسسة دقيسسق شسسعير‬ ‫سس َ‬
‫من الصسسادقين‪ .‬إ ْ‬
‫سسسف عنسسك دقيقسسا تسسسفوه الريسساح‪ ،‬وإذا ً‬ ‫مخّيلتسسك‪ ،‬لين ِ‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫فاستنق لطبعسسك ب ُسّرا نقيسسا مسسن زرع الحكمسساء‪ ،‬أعيسسان‬
‫ي الهسسدى صسسلى اللسسه عليسسه وآلسسه‬ ‫السسسلف‪ ،‬وُّراث نسسب ّ‬
‫وسلم‪.‬‬

‫قال عليه أفضل الصلة وأشرف السلم‪) :‬يسسأتي علسسى‬


‫الناس زمان يغزو فئام من الناس‪ ،‬فيقال‪ :‬هسسل فيكسسم‬
‫من صحب النبي صلى الله عليه وآله وسسسلم؟ فيقسسال‬
‫نعم‪ ،‬فيفتح عليه‪ ،‬ثسسم يسسأتي زمسسان فيقسسال‪ :‬فيكسسم مسسن‬
‫صحب أصحاب النبي صسسلى اللسسه عليسسه وآلسسه وسسسلم؟‬
‫فيقال‪ :‬نعم‪ ،‬فيفتح‪ ،‬ثم يأتي زمان فيقسسال‪ :‬فيكسسم مسسن‬
‫صحب صاحب أصسسحاب النسسبي صسسلى اللسسه عليسسه وآلسسه‬
‫وسلم؟ فيقال‪ :‬نعم‪ ،‬فُيفتح(‪.‬‬
‫هذا التحكم سر الوراثة المحمدية‪ ،‬وسنته صسسلى اللسسه‬
‫عليه وآله وسلم قائمة‪ ،‬وحكمته دائمسسة‪ ،‬فل تكسسن أيهسسا‬
‫م‬
‫الخ الصالح محروما مسسن غنيمسسة سسسنته‪ ،‬ممنوعسسا ب ِهَس ّ‬
‫واهمتك عن مائدة حكمته‪ ،‬فأنت إن أحييت سسسنة مسسن‬
‫سننه‪ ،‬أو بثثت حكمة من حكمه‪ ،‬فالفوز لك والبشرى‬
‫المستمرة‪ ،‬لنك صرت من حزبه‪ ،‬ودخلسست فسسي عسسداد‬
‫خير أهل الرض خاصته‪ ،‬وكنت معسسه غسسدا وهسسو يقسسول‬
‫من حديث‪) :‬رباط يوم في سبيل الله خير مسسن السسدنيا‬
‫وما عليها(‪.‬‬
‫رابط في سبيل الله بمالك‪ ،‬بنفسك‪ ،‬بعلمك‪ ،‬بعملسسك‪،‬‬
‫بحكمتك‪ ،‬بهمتك‪.‬‬
‫الشريف من بني فاطمة عليها السلم وقّيده الشسسرع‬
‫لعلن علو الهمة له عن أكل الصدقة‪.‬‬
‫قسسال النسسبي عليسسه الصسسلة والسسسلم لحسسد سسسبطيه‬
‫ن آل محمسسسد ل يسسسأكلون‬ ‫الكريميسسسن‪) :‬أمسسسا علمسسست أ ّ‬
‫الصدقة(‪.‬‬

‫وأهسسل الحضسسرة اللهيسسة يعملسسون بعمسسل آل محمسسد‪،‬‬


‫ويحثون الناس علسسى العمسسل بعملهسسم‪ ،‬تسسترفع هممهسسم‬
‫عن البطالة والكسل‪ ،‬ترفعهم النخوة والغارة الفعالسسة‬
‫والمروءة المحمدية إلى شق غبسسار الكسسوان‪ ،‬وخسسوض‬
‫معامع الوجودات‪ ،‬كل ذلك لله ولرسوله ولعلء كلمة‬
‫حك َسم ٍ قسساهرة‪ ،‬وهمسسم زاهسسرة‪،‬‬ ‫اللسسه فسسي ملسسك اللسسه‪ ،‬ب ِ ِ‬
‫جمعت بين أمري السدنيا والخسرة‪ ،‬وكسذلك الموفقسون‬
‫والمقربسسون والمحبسسون‪ ،‬وأولئك هسسم المفلحسسون‪ ،‬بسسل‬
‫ف‬
‫خسوْ ٌ‬‫ن أ َوْل ِي َسساء الل ّسهِ ل َ َ‬ ‫َ‬
‫وأولياء الله المقبولسسون‪} :‬أل إ ِ ّ‬
‫ن }‪{{62‬سورة يونس‬ ‫حَزُنو َ‬
‫م يَ ْ‬ ‫ع َل َي ْهِ ْ‬
‫م وَل َ هُ ْ‬
‫أخسذ اللسسه العهسسد علسى روح أحيمسسد العبسد اللش أن ل‬
‫تقف عنسسد سفاسسسف المسسور‪ ،‬أل مسسن علسست فسسي اللسسه‬
‫همته‪ ،‬علت عند الله مرتبته‪ ،‬ومن وقسسف مسسع غرضسسه‪،‬‬
‫مسسا عسسوفي مسسن مرضسسه! ومسسن لسسم يصسسرع صسسنوف‬
‫ف الطسسسْرف عنهسسسا ارتياحسسسا لموجسسسدها‬
‫الحادثسسات بكسسس ّ‬
‫وانبسسساطا بسسه فهسسو عسسن حلوة اليمسسان وعسسن مسسذاق‬
‫شراب الهمة بمعزل‪.‬‬

‫علوّ الهمة‪ :‬أن تهمل العلم‬ ‫حّثي لك على ُ‬


‫طفّنك َ‬‫ول يخ َ‬
‫بحال الضعاف والفقراء‪ ،‬وحرفهم وصنائعهم‪ ،‬وما هسسم‬
‫عليه من عاداتهم وأمور معاشسسهم‪ ،‬فسسإن العلسسم بسسذلك‬
‫والعمسسل بسسه‪ ،‬والتحقسسق بكلسسه‪ ،‬والوقسسوف علسسى سسسره‬
‫والترقي فيه إلى ما ل غايسة لسه‪ ،‬إل الشسرع‪ :‬إنمسا هسو‬
‫من علو الهمة‪ ،‬ومن بوارق أسرار النبوة‪.‬‬

‫هؤلء النبيسساء العظسسام عليهسم الصسلة والسسسلم كلهسم‬


‫رعوا الغنم ومنهم نبينا سيد العسسرب والعجسسم‪ ،‬لتطسسرق‬
‫طسسرائق المسسم‪ ،‬والعلسسم بسسأحوال طسسوائفهم‪ ،‬وللقتسسدار‬
‫على سياسة عسوالمهم‪ ،‬وللتسدرب بسالرفق ومسسالكه‪،‬‬
‫حتى بشأن الحيوانات غير الناطقة‪ ،‬بل وللتسلق إلسسى‬
‫خسدر الهمسة‪ ،‬بسالرفق العسام فسي حسق كسل بسارز‬ ‫نسج ِ‬
‫ة‬
‫وطسسامس عينسسي وغيسسبي‪ ،‬ليكسسون ذلسسك السسّيد‪ :‬رحمس ً‬
‫ة على خلق الله‪ ،‬وبحسسرا ً فياضسا ً عسسذبا ً هنيئا ً مسسريئا ً‬
‫م ً‬
‫عا ّ‬
‫يسح علسسى ملسسك اللسسه‪ ،‬وهسسذا طريسسق السسوّراث‪ ،‬السسذين‬
‫سسسل‪ ،‬وجعلهسسم‬ ‫أثابهم الله الفتح‪ ،‬وأوصسسلهم بحبسسال الّر ُ‬
‫نوابا ً عنهم‪ ،‬وجمسسع عليهسسم أمرهسسم‪ ،‬وحققهسسم بسسالتخلق‬
‫بسسأخلق د ُّرة قلدة المرسسسلين‪ ،‬وأكرمهسسم علسسى رب‬
‫العالمين‪ ،‬سيدنا محمسسد النسسبي الميسسن‪ ،‬عليسسه وعليهسسم‬
‫صلوات الملك الب َّر المعين‪ ،‬وهنالك يقدر على إيضسساح‬
‫ما يلزم للخلق فسسي أمسسر معسسادهم ومعاشسسهم‪ ،‬ويكسسون‬
‫ي المتقين‪ ،‬وإليه يرجع‬‫كالغيث‪ ،‬أين وقع نفع‪ ،‬والله ول ّ‬
‫المر‪ ،‬ومنه العون والنصر‪ ،‬وحسبنا الله ونعم الوكيل‪.‬‬

‫شرف العقل بالنصاف‪ ،‬وإل ّ فهو مغلوب لما تبرزه له‬


‫النفس من غسسرارة الهسسوى‪ ،‬وشسسرف الفهسسم بالذعسسان‪،‬‬
‫وإل ّ فهسسو محكسسوم لطسسارق السسرأي‪ ،‬والسسدامغُ لباطسسل‬
‫الحرص‪ ،‬والمل حد ّ الحق‪ ،‬ومن أخذه بسساطله فتجسساوز‬
‫م هسسذه المسسال الكاذبسسة‪:‬‬ ‫ُ‬
‫دار! وأ ّ‬
‫بسسه حسسد الحسسق فهسسو غس ّ‬
‫ة خاطر‪ ،‬تجر الفكر إلى استحضار لذة تطيب لها‬ ‫سبح ُ‬
‫النفس‪ ،‬وتفرح بها الشسسهوة‪ ،‬وتقسسف عنسسدها العزيمسسة!‬
‫فهنالك يقود الفكُر العزم فيخوض معامع الغراض!‬

‫لو طرق طارق العزم باب السماء ‪ -‬ولم تكن لسسه آيسسة‬
‫علم إلهسي‪ ،‬تجمسع بسسه قومسسا علسسى اللسسه فتنفعهسم فسي‬
‫دينهم ودنياهم ‪ -‬فليسسس بشسسيء‪ ،‬ومسسن لسسم يغسسر علسسى‬
‫مسسه فسسي أ ُُذنسسه فليسسس‬
‫المحبوب فل يرضى أن يسلك ذ ّ‬
‫بمحب‪ ،‬ول الصديق إذا لم يغسسر علسسى صسسديقه حسستى ل‬
‫مه فليس بصديق!‬ ‫يرضى أن يسلك ذ ّ‬
‫والنخوة سلم العبد إلسسى سسسدرة منتهسسى المجسسد وفيهسسا‬
‫س كريم‪ ،‬والسسستقامة وصسسف ل‬ ‫من ثورة الغيرة لله أ ُ‬
‫ّ‬
‫يشتمل عليه إل ّ رداء كسسل عظيسسم‪ ،‬والعسسارف المحسسض‬
‫يسسسستقل السسسدنيا‪ ،‬فل يراهسسسا إل دون شسسسراك نعلسسسه‪،‬‬
‫ويستعظم الشياء لموجدها فل يرى إهمال شسسيء ردا‬
‫بذلك الشيء إلى أصله؛‬
‫هسسات‪ ،‬اجمسسع يسا حكيسم بيسسن هسساتين‪ ،‬وأنست إذا ً الرجسسل‬
‫ف بباصرة علمك سيرة نبيك الميسسن وآلسسه‬ ‫العظيم‪ُ ،‬‬
‫ش ْ‬
‫الطاهرين‪ ،‬وأصحابه الهسسداة المرضسسيين‪ ،‬فتحسسوا البلد‪،‬‬
‫سسسُبل‪ ،‬وأفاضسسوا العسسدل‬ ‫وصسسانوا العبسساد‪ ،‬ومّهسسدوا ال ّ‬
‫ظموا المور‪ ،‬وأحكموا حكمة سياسسسة المسسم‪ ،‬وهسسم‬ ‫ون ّ‬
‫دهم عنهسسا وعسسن‬
‫أزهد النسساس بالسسدنيا وأعراضسسها‪ ،‬وأبعس ُ‬
‫أغراضها‪.‬‬

‫سر بين الحسسائطين‪ :‬حسسائط العمسسل‪ ،‬وحسسائط التسسسليم‪،‬‬ ‫ِ‬


‫دثك‬ ‫ح إلى عال َم ِ جمعسسك بفرقسك‪ ،‬ول تجمسع بيسسن َ‬
‫حس َ‬ ‫وُر ْ‬
‫دم ربسسك‪ ،‬فإنسسك إن فعلسست ذلسسك انخرطسست فسسي‬ ‫وِقسس َ‬
‫الضالين!‬
‫اجمع بِفْرقك بين علمك وأمسره‪ ،‬بيسسن عملسك ورضساه‪،‬‬
‫بين طلبك وكرمه‪ ،‬وأنت حينئذ من الصالحين‪.‬‬
‫ل فسوقه‪،‬‬ ‫حْلس حالك‪ ،‬غير مترفع إلسى حسا ٍ‬ ‫ل تنم على ِ‬
‫فإن من تساوى يوماه فهو مغبون!‬
‫ما أطيب السير في الله إلى اللسسه‪ ،‬إنسسا للسسه وإنسسا إليسسه‬
‫راجعون‪.‬‬

‫صيمًا{‬‫خ ِ‬ ‫ن َ‬
‫خائ ِِني َ‬‫ن ل ِل ْ َ‬‫كن في موعظتك حكيما ً‪} :‬وَل َ ت َك ُ ْ‬
‫واعمل بعلمك إذا كفاك للعمسسل‪ ،‬ول تقسسف فسسي العلسسم‬
‫م مسسن‬ ‫ُ‬
‫عند غاية‪ ،‬فإن غايته فوق عمسسرك‪ ،‬أطلبسسوا الِعلس َ‬
‫المهسسسد إلسسسى اللحسسسد }أعُسسسوذ ُ بسسسالله أ َ َ‬
‫ن‬
‫مسسس َ‬
‫ن ِ‬ ‫ن أك ُسسسو َ‬‫ْ‬ ‫ِ‬
‫ن{‪.‬‬ ‫ال ْ َ‬
‫جاهِِلي َ‬

‫ارفع نظرك إلى المعالي بدينك‪ ،‬إلى المعسسالي بنب ِي ّسسك‪،‬‬


‫ضعْ عزيسسز نظسسرك علسسى تسسراب‬ ‫إلى المعالي برّبك‪ ،‬ل ت َ َ‬
‫الضعة فترُبض على كل قتب‪ ،‬تلسسك سسسيمة البطسسالين‪،‬‬
‫وتدّرعْ بدرك علم الصحابة‪ ،‬وانتسق بنسسسق حسسال الل‬
‫الكرام‪ ،‬عليهم جميع سا ً الرضسسوان والسسسلم‪ ،‬وهنالسسك ل‬
‫صسسف نفسسسك ‪ -‬وإن‬ ‫يطغيك حال‪ ،‬ول ُيزيغسسك شسسان‪ ،‬و ُ‬
‫ب َعُ سد َ المسسدى عليسسك ‪ -‬بص سّفهم يسسدخلك فيهسسم تحققسسك‬
‫ن غَ ّ‬
‫ش سَنا‬ ‫مس ْ‬
‫بأحوالهم‪ ،‬ويحققك بهم تخلقك بأخلقهم‪َ ) :‬‬
‫مّنا( وعلى هذا‪ ،‬فمن لم يغشنا فهسسو من ّسسا‪ ،‬قَ سُر َ‬
‫ب‬ ‫ل َي ْ َ‬
‫س ِ‬
‫د‪ ،‬هذا في المرين‪ ،‬وعلى الحالين‪.‬‬ ‫المدى أو ب َعُ َ‬

‫ة فجر النور المحمدي طالعة ل تغيب أبدا ً‪ ،‬إلسسى‬ ‫شارق ُ‬


‫ث الله الرض ومن عليهسا‪ ،‬وهسو خيسر السوارثين‪،‬‬ ‫أن ير َ‬
‫سسسه خدمسسة ذلسسك الجنسساب بإحيسساء سسسنته‬ ‫فمن كلسسف نف َ‬
‫وإعلء أمره فقد فاز ولسسه أجسسر مسسائة شسسهيد‪ ،‬يؤيسسد مسسا‬
‫س سن ِّتي‬ ‫س َ‬
‫ك بِ ُ‬ ‫م ّ‬
‫ن تَ َ‬
‫م ْ‬
‫أقول قوله عليه الصلة والسلم‪َ ) :‬‬
‫شهيد(‪.‬‬ ‫جُر مائ َ ُ‬
‫ة َ‬ ‫عند َفساد أ ُمِتي فَل َ َ‬
‫هأ ْ‬‫ُ‬ ‫ِ ّ‬ ‫ِ ْ َ‬
‫قيل لرسسسول اللسسه صسسلى اللسسه عليسسه وآلسسه وسسسلم‪ :‬يسسا‬
‫رسول الله! أي الناس أفضل؟‬

‫فقال رسول الله صلى الله عليه وعلسسى آلسسه وصسسحبه‬


‫وسلم‪) :‬مؤمن يجاهد في سسبيل اللسسه بنفسسه ومسساله(‬
‫قالوا‪ :‬ثم من؟ قال‪) :‬مؤمن في شسسعب مسن الشسعاب‬
‫يتقي الله ويدع الناس من شره(‪.‬‬

‫أفهمسست أيهسسا الخ الصسسالح! وأدركسست أن نبيسسك سسسر‬


‫سرارة الزل‪ ،‬ونور باصرة البد صلى الله عليسسه وآلسسه‬
‫وسلم‪ ،‬فّرق الناس‪ ،‬فقسمهم إلى ثلثة أقسام‪:‬‬
‫‪ -1‬رجل نسافع يجاهسسد فسي اللسه بنفسسسه وبمساله ‪- 2 -‬‬
‫ورجل يتقي الله ويعتزل الناس لكي ل يضسسرهم‪- 3 -‬‬
‫ورجل إن لسسم يكسسن أحسسد الرجليسسن‪ ،‬فهسسو ‪ -‬حمانسسا اللسسه‬
‫وإياك مضر‪ ،‬وهو هالك! هذا مسسا تضسسمنه كلم صسساحب‬
‫جوامع الكلم‪ ،‬وأفضل الثلثة‪ :‬المجاهد في سبيل اللسسه‬
‫بنفسه وماله‪.‬‬

‫تهادت عيس همم الموفقين إلى طلب الحق بالجهسساد‬


‫في سبيله‪ ،‬وإن ذلك لعلى طرق وأقسام‪ :‬منسسه جهسساد‬
‫باللسان‪ ،‬ومنه جهاد باليد‪ ،‬ومنسسه جهسساد بالمسسال‪ ،‬ومنسسه‬
‫جهاد بالعزم‪ ،‬ومنه جهاد بالعزيمسسة‪ ،‬وكلهسسا تسسؤول إلسسى‬
‫اللسسه‪ ،‬يشسسملها قسسوله تعسسالى‪} :‬والسسذين جاهسسدوا فينسسا‬
‫لنهدينهم سبلنا{ وأشرفهم الجامعون‪.‬‬

‫وإن نظسسر السسسلطة ليحكسسم علسسى الطبسساع مسسن طسسرق‬


‫شتى‪ :‬حق‪ ،‬وباطل‪ ،‬ووهم‪ ،‬وغير ذلك‪ ،‬فل تكن بعملك‬
‫أسير قيد نظسسر السسسلطة‪ ،‬مسستى حضسسر عملسست‪ ،‬ومسستى‬
‫غاب بطلت! تلك شائبة الرياء‪ ،‬شسسائبة المسسل‪ ،‬شسسائبة‬
‫الخوف‪ ،‬اطرحها عنك بعزمسسك‪ ،‬واخلعهسسا متجسسردا ً إلسسى‬
‫ربك‪.‬‬

‫ما أدنى همة من قيده النظر بعمله‪ ،‬وأفلتته غيبته عن‬


‫العمل؟ أي شنشنة في الهمة الرفيعة؟ وأي نغمة لهسا‬
‫في آذان الحادثات‪ ،‬ومدارج ترقسسي السسسر فسسي عسسوالم‬
‫الغيب والحضور‪ ،‬تترفع بنسبة ما يفاض لهسسا مسسن نسسور‬
‫العقل؟ والتوفيق بيد الله تعالى‪.‬‬

‫حسار أهسل البصسار والبصسائر بمسا وراء هسسذه السستائر‪،‬‬


‫والحيسسرة عجسسز حسساكم علسسى كسسل ذي عقسسل باليمسسان‬
‫المحض والوقوف على جسسادة السسسلمة‪} :‬ومسسا قسسدروا‬
‫الله حسسق قسسدره{وهسسذا كتسسابه تعسسالى الحجسسة القائمسسة‪،‬‬
‫والمعجزة الدائمة‪ ،‬وفيه جميع الحكم‪ ،‬خفيهسسا وجليهسسا‪،‬‬
‫كليها وجزئيها؛ عرفهسسا العسسارف فسسرأى مسسن آيسسات ربسسه‬
‫الكبرى‪ ،‬ولهذا السسسر العظسسم قسسال النسسبي صسسلى اللسسه‬
‫عليسسه وآلسسه وسسسلم‪) :‬إن أفضسسلكم مسسن تعلسسم القسسرآن‬
‫وعلمه(‪.‬‬
‫آيسسات بينسسات‪ ،‬وكلمسسات جامعسسات‪ ،‬وأسسسرار إلهيسسات‪،‬‬
‫وعلسسوم ربانيسسات‪ ،‬طسسويت فسسي منشسسور هسسذا الكتسساب‬
‫القويم‪ ،‬والكلم القديم‪} :‬إن في ذلسسك لسسذكرى لولسسي‬
‫مسسر( هنالسسك جنسسود اللسسه الجوالسسة‪،‬‬
‫اللبسساب{ )‪ – 21‬الُز َ‬
‫بحور الله السيالة‪ ،‬سحائب الله الهطالة‪ ،‬سيوف اللسسه‬
‫الفعالة‪.‬‬

‫ن}‬ ‫مت ِّقي س َ‬ ‫دى ل ّل ْ ُ‬ ‫ب ِفي سهِ هُ س ً‬ ‫ب ل َ َري ْ َ‬ ‫ك ال ْك َِتا ُ‬ ‫}الم }‪ {1‬ذ َل ِ َ‬
‫مسسا‬
‫م ّ‬ ‫صسسلةَ وَ ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫مسسو َ‬ ‫ب وَي ُِقي ُ‬ ‫ن ِبسسال ْغَي ْ ِ‬ ‫مُنسسو َ‬ ‫ن ي ُؤ ْ ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫‪ {2‬اّلسس ِ‬
‫ل إ ِل َي ْس َ‬
‫ك‬ ‫ما ُأن سزِ َ‬ ‫ن بِ َ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ن ي ُؤْ ِ‬‫ذي َ‬ ‫ن }‪ {3‬وال ّ ِ‬ ‫فُقو َ‬ ‫م ُين ِ‬ ‫َرَزقَْناهُ ْ‬
‫ك‬‫ن }‪ {4‬أ ُوْل َئ ِ َ‬ ‫م ُيوقِن ُسسو َ‬ ‫خَرةِ هُ س ْ‬ ‫ك وَِبال ِ‬ ‫من قَب ْل ِ َ‬ ‫ل ِ‬ ‫ما ُأنزِ َ‬ ‫وَ َ‬
‫ن }‪{{5‬‬ ‫حو َ‬ ‫م ال ْ ُ‬
‫مْفل ِ ُ‬ ‫ك هُ ُ‬ ‫م وَأ ُوْل َئ ِ َ‬‫من ّرب ّهِ ْ‬ ‫دى ّ‬ ‫ع ََلى هُ ً‬

‫خسسذ أنمسسوذج القسسدرة‪ ،‬وحسسال العلسسم‪ ،‬وشسسأن الحكسسم‪،‬‬


‫ُ‬
‫وسلطان المر‪ ،‬من هذا الكتاب الكريم‪ ،‬الذي ل يسسأتيه‬
‫الباطل من بين يديه ول مسسن خلفسسه‪ ،‬يثقسسل علسسى مسسن‬
‫قّيده طبعه‪ ،‬وغلبه هواه‪ ،‬وقهرته نفسسسه فسسأوهمته أنسسه‬
‫فوق جنسه! إياك ونسسزغ الشسسيطان فسسإنه يسسسول لسسك‪،‬‬
‫ويوهمك أنك فوق غيسسرك! اتسسق اللسسه بسسالدميين‪ ،‬قسسال‬
‫ربك سبحانه لشرفهم وأعظمهم‪} :‬قل إنما أنسسا بشسسر‬
‫مثلكم{‪ -‬وضرب له خدر الفوقية بسسسلطان‪} :-‬يسسوحى‬
‫إلي{‪.‬‬

‫خت ِسسم‪ ،‬وبعسسده انقطسسع‪ ،‬والمثليسسة فسسي كلنسسا‬


‫والوحي بسسه ُ‬
‫خَتم ول تنقطع ما دام الدميون‪.‬‬ ‫قائمة باقية معنا‪ ،‬ل ت ُ ْ‬
‫ها هسسو }فسسي أي صسسورة مسسا شسساء ركبسسك{ خسسذ حصسسة‬
‫الدب‪ ،‬وسهم العبرة مسن تركيبسك‪ ،‬ركبسك مسن أجسزاء‬
‫نوعك الكثيرة المقطعة المركبة‪ ،‬فأقامسسك كمسسا أنسست‪،‬‬
‫فصن أجزاءك من خبث اختيارك‪.‬‬
‫ل تعط أذنك طريق السير إلى سماع الكسسذب والسسزور‬
‫وفحش الكلم‪ ،‬ول تبعث عينك إلى النظر بما ل يحل‪،‬‬
‫ول تجعلها تستحسسسن الفانيسسات‪ ،‬فتسسسوق طبعسسك إلسسى‬
‫حسد هذا‪ ،‬واستعظام هذا‪ ،‬واستكثار هذا‪.‬‬

‫ول تسير رجلك فيما ل يرضى ربك‪ ،‬ول تنطق لسسسانك‬


‫إل بخير‪ ،‬ول تمد يدك إل إلى خالقك فيمسسا يسسؤول إلسسى‬
‫مراضيه‪ ،‬وصن بطنك وظهرك وما سترت عن كل مسسا‬
‫يوقعك في وهدة السؤال والخزي‪.‬‬

‫واشكر الله على السراء والضراء‪ ،‬واذكره في الشدة‬


‫والرخاء‪ ،‬وكن معه في الصحة والمرض‪ ،‬في بابه في‬
‫السقم والعافيسسة‪ ،‬ول يسسدفعنك المسسرض والسسسقم عسسن‬
‫الربوض ببابه سبحانه‪ ،‬فإن النبي صلى الله عليه وآله‬
‫وسلم يقول‪:‬‬
‫)مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع من حيث أتتهسسا‬
‫الريسسح كفأتهسسا‪ ،‬فسسإذا اعتسسدلت تكفسسأ بسسالبلء‪ ،‬والفسساجر‬
‫كالرزة صماء معتدلة حتى يقصمها الله إذا شاء(‪.‬‬

‫فابهج بالوصف الدال على إيمانك‪ ،‬وافرح بربسسك وبمسسا‬


‫يجيء منه‪ ،‬إيمانا به‪ ،‬وركونا إليه‪ ،‬وارض عنه في كسسل‬
‫أحوالك‪ ،‬فإن العاقل غالب رضسساه علسسى سسسخطه فسسي‬
‫كل أموره‪ ،‬والحمق غالب سسسخطه علسسى رضسساه فسسي‬
‫كل أمسسوره! وكسسذلك فسسالرفيق المتعتسسب المتسسسخط ل‬
‫يرافق‪ ،‬والرفيق الراضي الحمول ل يفارق‪.‬‬

‫والنفس يطيب لها كل حال يأخذ بها إلى الهدأة وجمع‬


‫الحال‪ ،‬وحضور الهمة كيف كانت‪ ،‬ويصعب عليهسسا كسسل‬
‫حال يجرها إلى الستفزاز بطارق التسسسخط‪ ،‬ويوردهسسا‬
‫حوض شتات جمعها‪ ،‬ويغلب حضورها‪.‬‬

‫ب لمعاشسسرة الدمييسسن علسسى قسسدمي الصسسبر‪،‬‬ ‫صسس ْ‬


‫وانت ِ‬
‫فالبدن له رأس واحد‪ ،‬فل تجمع رأيك علسسى أن تجعسسل‬
‫كل عضو في البدن رأسًا‪ ،‬وقل لمن لم يتحقق بنسبة‬
‫خلقه في حكم الرأسية‪ :‬كن ذنبا ً ول تكن رأس سًا‪ ،‬فسسإن‬
‫مة من تنسسزل‬ ‫الضربة أول ما تقع في الرأس‪ ،‬وارفع هِ ّ‬
‫خِلق يسسدا ً فوقسسف ِرج ً‬
‫ل‪ ،‬أو‬ ‫بخموله عن حق خلقه‪ ،‬كأن ُ‬
‫خل ِقَ رجل ً فاندلس وركًا‪ ،‬ول تسسرى لسسك الخيريسسة علسسى‬ ‫ُ‬
‫غيرك بعلمك‪ ،‬بعملسسك‪ ،‬فسسإن ذلسسك مسسن التجسسري علسسى‬
‫ت عظمت ُسسه‪ ،‬قسسال رسسسول اللسسه صسسلى اللسسه‬ ‫الموجد جل ّ ْ‬
‫خ َ َ‬
‫ة‪ .‬قسسالوا‪:‬‬ ‫ه ال ْ َ‬
‫جن ّ َ‬ ‫مل ُ ُ‬
‫حدا ً عَ َ‬
‫لأ َ‬ ‫عليه وآله وسلم‪) :‬لن ي ُد ْ ِ‬
‫ول أنت يا رسول اللسسه؟ قسسال‪ :‬ول أنسسا إل أن يتغمسسدني‬
‫الله منه بفضل ورحمة‪ ،‬فسددوا وقسساربوا‪ ،‬ول يتمنيسسن‬
‫أحدكم الموت‪ ،‬إما محسنا فلعله أن يزداد خيرا‪ ،‬وإمسسا‬
‫مسيئا فلعله أن يستعتب‪.‬‬

‫والعتبى التي أشار إليها رسول الله صسسلى اللسسه عليسسه‬


‫وآله وسلم هي‪ :‬أن يطلب العبسسد رضسساء ربسسه بالتوبسسة‪،‬‬
‫والرجوع إليه‪ ،‬وهو أكرم الكرمين‪.‬‬
‫ولتكسسن أيهسسا الخ الصسسالح‪ :‬كسسثير الدب مسسع خلسسق اللسسه‬
‫تعالى‪ ،‬كثير الرحمة والشفقة على والديك أمك وأبيك‬
‫صول ً لرحمك‪ ،‬متوددا ً لجيرانك‪ ،‬ذا حنو عليهم‪ ،‬رؤوفا‬ ‫وَ ُ‬
‫بالمؤمنين‪ ،‬متحققا ً بشأنهم بأخلق نبيك عليسسه الصسسلة‬
‫والسسسلم فهسسو‪} :‬حريسسص عليكسسم بسسالمؤمنين رؤوف‬
‫رحيسسسم{ وكسسسذلك‪} :‬النسسسبي أولسسسى بسسسالمؤمنين مسسسن‬
‫أنفسهم{‪.‬‬
‫وإذا أدخل عهد الله في آلك من ليس منهم‪ ،‬فسسارحمه‬
‫كرحمتك للك‪ ،‬عمل ً بحسسال معلمسسك السسذي زرع الخيسسر‬
‫في قلوب المسلمين صلى الله عليه وعلى آله‪.‬‬
‫قال أسامة بن زيد رضسسي اللسسه عنهمسسا‪) :‬كسسان رسسسول‬
‫الله صلى عليه وآلسسه وسسسلم يأخسسذني فيقعسسدني علسسى‬
‫فخذه‪ ،‬ويقعد الحسن على فخذه الخر‪ ،‬ثسسم يضسسمهما‪،‬‬
‫ثم يقول‪ :‬اللهم ارحمهما فإني أرحمهما(‬

‫ولتكن بارا ً بجارك‪ ،‬فقد قال المصسسطفى عليسسه وعلسسى‬


‫آلسسه أكمسسل صسسلوات اللسسه وأجسسل تسسسليماته‪) :‬مسسا زال‬
‫ل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه(‪.‬‬ ‫جبري ُ‬
‫ولتعرف لولي الله حقه بالكف عنه فيما زاد عن حسسق‬
‫الله ورسوله‪ ،‬قال رسول الله صسسلى اللسسه عليسسه وآلسسه‬
‫وسلم‪:‬‬
‫)إن الله تبارك وتعالى قال‪ :‬من عسسادى لسسي وليسسا فقسسد‬
‫آذنته بالحرب‪ ،‬وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلسسي‬
‫ممسسا افترضسسته عليسسه‪ ،‬ومسسا يسسزال عبسسدي يتقسسرب إلسسي‬
‫بالنوافل حتى أحبسسه‪ ،‬فسسإذا أحببتسسه كنسست سسسمعه السسذي‬
‫يسمع به‪ ،‬وبصره الذي يبصر بسسه‪ ،‬ويسسده السستي يبطسسش‬
‫بها‪ ،‬ورجله السستي يمشسسي بهسسا‪ ،‬ولئن سسسألني لعطينسسه‪،‬‬
‫ولئن استعاذني لعيسسذنه‪ ،‬ومسسا تسسرددت عسسن شسسيء أنسا‬
‫فاعله ترددي عن نفس المؤمن‪ ،‬يكره المسسوت وأكسسره‬
‫مساءته(‪.‬‬

‫فخذ من هذا الحديث القدسي العلم بالولي‪ ،‬واعسسرف‬


‫حقه‪ ،‬ول تحط مسسن قسسدره‪ ،‬ول تغْ س ُ‬
‫ل بسسه‪ ،‬وابتسسغ الخيسسر‬
‫بسببه‪ ،‬واتبعه‪ ،‬وأنب إلى اللسسه كمسسا أنساب‪ ،‬وأكسسثر مسسن‬
‫قراءة القرآن وقسست انشسسقاق الفجسسر‪ ،‬فسسإن فسسي ذلسسك‬
‫الوقت معنى من معاني حال النسسبي صسسلى اللسسه عليسسه‬
‫وآله وسلم‪ ،‬ورضسسي اللسسه عسسن ابسسن رواحسسة الصسسحابي‬
‫الجليل فإنه قال يمدح سيد الممسسدوحين نبينسسا الميسسن‬
‫صلى عليه رب العالمين‪:‬‬
‫أتانتتا رستتول اللتته يتلتتو كتتتابه *** إذا انشتتق‬
‫ع‬
‫ف من الفجر ساط ُ‬ ‫معرو ٌ‬
‫أرانتتا الهتتدى بعتتد العمتتى فقلوبنتتا *** بتته‬
‫ع‬‫ت أن ما قال‪ :‬واق ُ‬ ‫موقنا ٌ‬
‫يتتتبيت يجتتتافي جنبتتته عتتتن فراشتتته *** إذا‬
‫ع‬
‫استثقلت بالمشركين المضاج ُ‬
‫واركسسع ركعسستي الفجسسر‪ ،‬فقسسد قسسالت عائشسسة الصسسديقة‬
‫رضي الله عنها‪:‬‬
‫)لم يكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم على شيٍء‬
‫من النوافل أشد منه تعاهدا ً على ركعتي الفجر(‪.‬‬
‫واحسسرص علسسى فسسرائض اللسسه‪ ،‬وأد ّ حسسق نبيسسك الكريسسم‬
‫م اللسسه تعسسالى‪،‬‬ ‫م ما عظ ّس َ‬ ‫بالمحافظة على سننه‪ ،‬وع َظ ّ ْ‬
‫ل‬‫سسسو ُ‬
‫م سد ٌ ّر ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫وكن شديدا ً في الله قال الله تعالى‪ّ } :‬‬
‫م َ‬
‫الل ّه وال ّذين مع َ‬
‫م{ )‬ ‫مسساء ب َي ْن َُهسس ْ‬‫ح َ‬‫داء ع ََلى ال ْك ُّفارِ ُر َ‬ ‫ش ّ‬
‫هأ ِ‬‫ِ َ ِ َ َ َ ُ‬
‫‪ 29‬سورة الفتح(‬

‫ل إلسسى‬ ‫م ْ‬
‫ض يديك من كل عارض دون الحق‪ ،‬ول ت َ ِ‬ ‫وانُف ْ‬
‫ل طريسسق‬ ‫وج‪ ،‬واسلك الطريسسق المسسستقيم‪ ،‬وك ُس ّ‬ ‫معْ َ‬
‫كل ُ‬
‫رأيت فيه العويصاء التي تنكرها فدعه‪ ،‬وانهج الطريق‬
‫كم في كل قول وعمل شسسريعة نبي ّسسك‬ ‫الذي تعرفه‪ ،‬وح ّ‬
‫السيد العظيم ِ القدر صلى الله عليه وآلسسه وسسسلم وإذا‬
‫قلت فل تقل إل خيرًا‪ ،‬وإذا فعلسست فل تفعسسل إل حق سًا‪،‬‬
‫ت فل تصحب إل خي ّسسرًا‪ ،‬وإذا قمسست وقعسسدت‬ ‫وإذا صحب َ‬
‫فل تكن إل نزيها ً نظيفًا‪.‬‬
‫ول تعبد اللسسه علسى حسسرف! ُأعبسد ْ رّبسك ول تشسسرك بسسه‬
‫حجتك قول نبّيك السسذي هسسو أولسسى لسسك‬ ‫شيئا ً‪ ،‬واجعل َ‬
‫م َ‬
‫دد يسسد الرجسسا إلسسى بسسارئك‪،‬‬ ‫من نفسك‪ ،‬وإذا ابتليت فام ُ‬
‫ه لَ‬‫واصبر لحكسسم ربسسك‪ ،‬ول تيسسأس مسسن َرْوحسسه ف}إ ِن ّس ُ‬
‫َ‬
‫ن{ ‪ 87‬سسسورة‬ ‫م ال ْك َسسافُِرو َ‬
‫من ّروِْح الل ّهِ إ ِل ّ ال َْق سوْ ُ‬
‫س ِ‬
‫ي َي ْأ ُ‬
‫يوسف‪.‬‬

‫وانتظر فرج الله فقد قال رسول الله صلى الله عليه‬
‫ُ‬
‫ة( وقال عليسسه‬ ‫عَباد َ ٌ‬
‫ج الله ِ‬‫مِتي فََر َ‬
‫وآله وسلم )انتظار أ ّ‬
‫ل ط َْرفَ ِ‬
‫ة‬ ‫ن لله في ك ُ ّ‬ ‫من ربه أفضل الصلة والسلم )إ ّ‬
‫ع َين مائ َ َ َ‬
‫ة أل ْ ِ‬
‫ف فََرٍج َقريب(‪.‬‬ ‫ْ ٍ‬

‫ض لنفحات ربك في كل طرفة‪ ،‬وعظ ّسسم الشسسياء‬ ‫وتعّر ْ‬


‫مظ ِْهرها سبحانه‪ ،‬ما أعظم أسراَر الله المطوية فسسي‬ ‫بِ ُ‬
‫ف كس ّ‬
‫ل‬ ‫م تعظيم عظمائهم! وأ َل ِ َ‬ ‫عوالم خلقه؟ أ َل ِ َ‬
‫ف الم ُ‬
‫أمة التشوف إلسسى حسسال عظمسساء المسسة الخسسرى‪ ،‬فسسإذا‬
‫رأوهم ‪ -‬وإن كانوا فوق عظمائهم أولي قسسوة‪ ،‬وأولسسي‬
‫بأس شديد ‪ -‬حطت بهم أعينهم عن مراتبهم‪ ،‬ورأوهم‬
‫دون ما هم‪ ،‬فتراهم يسسستعظمون مسسا لهسسم‪ ،‬ويحطسسون‬
‫على عاداتهم‪ ،‬يتعجبون من كثرتهم‪ ،‬ويسخرون منهسسم‬
‫للباسسسهم! ومسسا ذلسسك إل لقصسسر النظسسر عسسن اسسستجماع‬
‫شسسؤون النسساس‪ ،‬واسسستكناه حكسسم حسسالهم‪ ،‬وحكمسسة‬
‫مك ّسسن حسسال‬ ‫عاداتهم‪ ،‬وشأن بلدهم وما هسسم عليسسه‪ ،‬ول ِت َ َ‬
‫عظماء تلك المة وشأنها من قلسسوب المسسة‪ ،‬ولنطبسساع‬
‫النفوس على تلك العادات والمشارب‪ ،‬والمسسر كسسذلك‬
‫في العقائد والمذاهب‪ ،‬والعاقسسل الحكيسسم ل يسسرى هسسذا‬
‫سسسن‬ ‫ح ّ‬ ‫ول يقول به‪ ،‬وإنما يستكنه الحق فيقف عنده‪ ،‬ي ُ َ‬
‫ف المحاسن‪ ،‬وي َُقّبح‬ ‫سنه الشرع لستجماعه أشر َ‬ ‫ما ح ّ‬
‫ما قبحه الشرع لنزاهته عن القبائح‪ ،‬ويضع كل شسسيء‬
‫بميسسزان الحكمسسة‪ ،‬فسسإن رجسسح اسسسترجحه‪ ،‬وإن خسسف‬
‫استخفه‪ ،‬وهو في المرين على منصة الدب‪ ،‬ل يهتسسك‬
‫ستر الله المنسدل على مخلوقاته‪ ،‬ويقول الحسسق‪ ،‬ول‬
‫يخساف فسي اللسسه لومسة لئم‪ ،‬فكسن أنسست ذلسك الرجسل‬
‫سك مسسن شسسيطانك ن َسْزغ‪ ،‬فقسساد‬ ‫الحكيم الكريم‪ ،‬وإذا م ّ‬
‫طبعك إلى التجسساوز والتعسسالي‪ ،‬أو إلسسى البغسسي والعنسساد‬
‫والمكسسابرة‪ ،‬أو م سد ّ لسسك فسسي خسساطرك بسسساط الحسسسد‬
‫فظلمت‪ ،‬وأوقعت الشياء في غير مواقعهسسا‪ ،‬فاسسستعذ‬
‫بالله من الشيطان الرجيم‪ ،‬واذكر ربك وبسسذكره اذكسسر‬
‫الموت‪ ،‬فهو باب المصير إليه‪ ،‬والرجسسوع إلسسى حضسسرة‬
‫أمره‪ ،‬والسبيل إلى الوقوف بين يسسديه‪ ،‬وتسسذكر هنالسسك‬
‫سؤاله لك عسسن كسسل شسسيء‪ ،‬ول تنسسسى مضسسمون سسسر‬
‫م َرِقيبسسًا{ ]النسسساء ‪[1‬‬ ‫ن عَل َي ْك ُ ْ‬‫كا َ‬ ‫ن الله َ‬ ‫قوله تعالى‪} :‬إ ِ ّ‬
‫ف بقلبسسك فسسي كسسل حضسسرة‪ ،‬وخسسذ مسسا صسسفا‪ ،‬ودع‬ ‫وط ُس ْ‬
‫الكدر‪ ،‬وليكن عملك صالحا ً لي ُْرَفع إليه سبحانه‪} :‬إ ِل َي ْس ِ‬
‫ه‬
‫ه{ واجمسسع‬ ‫ح ي َْرفَعُس ُ‬
‫صسسال ِ ُ‬‫ل ال ّ‬ ‫مس ُ‬ ‫ب َوال ْعَ َ‬
‫م الط َي ّ ُ‬
‫صعَد ُ ال ْك َل ِ ُ‬
‫يَ ْ‬
‫النسساس عليسسه‪ ،‬ل عليسسك! خسسذهم إليسسه‪ ،‬ل إليسسك‪ ،‬وهسسو‬
‫الهادي إلى سواء السبيل‪.‬‬
‫عبرة ‪ -‬أيها الولد اعتبر بهسسا‪ ،‬اعتسسبر بهسسا‬ ‫ِقف ‪ -‬هي دار ِ‬
‫وسر بكل ما فيها إلسسى اللسسه‪ ،‬وإيسساك أن يشسسغلك بسسارز‬
‫منهسا عسن ربسك‪ ،‬وإيساك والبطالسة‪ ،‬مسا أقبسح الصسوفي‬
‫دعي الزهد وعينه في المال‪ ،‬ويده ممسسدودة‬ ‫البطال! ي ّ‬
‫للسؤال!‬

‫ليس من الهمة أن يرى الرجسسل آخسسذا ً‪ ،‬بسسل الهمسسة أن‬


‫سسْفل اليسسد أصسسعب مسن‬ ‫معطيسًا‪ِ ،‬‬
‫يسسرى الرجسسل نفسسه ُ‬
‫قطعها‪ ،‬احترف بما تصل إليه قُوُّتك‪ ،‬ويبلغسسه إمكانسسك‪،‬‬
‫حرَفة من العمال والصنائع ‪ -‬فيهسسا لسسو فقهسست ‪-‬‬ ‫أدنى ِ‬
‫ف صفةٍ درج عليها أهل الهمم‪ ،‬وهي السسترفع عسن‬ ‫أشر ُ‬
‫نوال زيد وعمرو‪ ،‬ركونا ً إلى كرم اللسسه سسسبحانه‪ ،‬قسسال‬
‫ب‬
‫ح ّ‬
‫ن الله ي ُ ِ‬
‫رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم‪) :‬إ ِ ّ‬
‫َ‬
‫ل(‪.‬‬ ‫ب ال ْ َ‬
‫حل ِ‬ ‫ن ي ََرى عَب ْد َهُ ت َِعبا ً في ط َل َ ِ‬
‫أ ْ‬

‫خ سّز إشسسبيلية بيسسن‬ ‫ي صنعاء وب َسّز فسسارس و َ‬ ‫ش َ‬ ‫انسجوا و ْ‬


‫سواِري أروقتكم بهسسذه القريسسة‪ ،‬واجمعسسوا بيسسن صسسنائع‬ ‫َ‬
‫دقوا مسسن كسسسبكم عسسل‬ ‫العرب والفرس والروم‪ ،‬وتص س ّ‬
‫سوا وكلوا مما رزقكم الله قال‬ ‫إخوانكم حلل ً طيبًا‪ ،‬وآ ُ‬
‫ه‬
‫ج ل ِعَِباد ِ ِ‬ ‫ي أَ ْ‬
‫خَر َ‬ ‫ة الل ّهِ ال ّت ِ َ‬
‫م ِزين َ َ‬
‫حّر َ‬‫ن َ‬
‫م ْ‬‫ل َ‬ ‫الله تعالى‪} :‬قُ ْ‬
‫ق{‪ .‬الطيبات لله‪ ،‬إذا اكتسبت من‬ ‫ن الّرْز ِ‬ ‫م َ‬
‫ت ِ‬‫َوال ْط ّي َّبا ِ‬
‫حلل وُأهِلكت في حلل‪.‬‬

‫ن‬
‫قال سيد أهل الهمم صلى الله عليه وآله وسسسلم‪) :‬إ ِ ّ‬
‫ف(‪.‬‬ ‫حت َرِ َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫م َ‬ ‫ب ال ْ ُ‬
‫مؤ ْ ِ‬ ‫ح ّ‬
‫الله ي ُ ِ‬
‫ل عليسسه سسسيما الزاهسسدين‪،‬‬ ‫أكسسرهُ مسسا تسسراه العيسسن‪ :‬رج س ٌ‬
‫وهمتسسه همسسة السسسائلين! مسسن طأطسسأ للنسسوال‪ ،‬ورضسسي‬
‫جزة النسسساء! ل أقسسول‬ ‫بالسؤال فهو أخس طبعا من ع َ َ‬
‫دوا مسسا عليكسسم مسسن‬ ‫هذا لنفر القلوب من السسسائلين‪ ،‬أ ّ‬
‫حقوق الرحمسسة بخلسسق اللسسه‪ ،‬والتصسسدق علسسى الفقسسراء‬
‫لسسوجه اللسسه‪ ،‬هسسذا مسسا وجسسب عليكسسم‪ ،‬ول ينزغنكسسم‬
‫الشيطان فتشمئز منهم نفوسكم‪ :‬فُتهينوهم‪ ،‬وتروهم‬
‫بعيسسن الحتقسسار! هسسذا إذا ً يكسسون مسسن تسسسويل إبليسسس‬
‫ودسائسسسه! ولكسسن أقسسول هسسذا‪ ،‬لرفسسع همسسم إخسسواني‬
‫طلب الحق عن الَبطالة‪ ،‬قال رسول الله صسسلى اللسسه‬
‫ل(‪.‬‬ ‫ن الله ي َك َْره ُ ال ْعَب ْد َ ال ْب َ ّ‬
‫طا َ‬ ‫عليه وآله وسلم‪) :‬إ ِ ّ‬
‫سسسح علسسى قسسبره‬ ‫رأيت خالي وسيدي الشيخ منصور ‪ُ -‬‬
‫ل الرحمة ‪ -‬وقد رد ّ هدايا بعسسض الفقسسراء‪ ،‬فقلسست‬ ‫طا ُ‬‫هَ ّ‬
‫له في ذلك؟‪.‬‬
‫فقال‪ :‬فيها شيء مجتمع من السؤال‪ ،‬ولسسو كسسان عسسن‬
‫ج لقِبلته‪ ،‬يريد أن ذلك الشيء لو لسسم‬ ‫خالص طريق أبل َ‬
‫يكن مشوه الوجه بالسسسؤال‪ ،‬وكسسان مسسن حلل طيسسب‪،‬‬
‫كنت أقبله‪ ،‬عمل ً بالسنة المحمدية‪ ،‬فإنه عليه الصسسلة‬
‫والسلم رد ّ الصدقة‪ ،‬وقَب ِ َ‬
‫ل الهدية‪.‬‬
‫هسسذا طريسسق القسسوم‪ ،‬بلسسى إن القسسوم يسسؤثرون علسسى‬
‫أنفسهم ولو كان بهم خصاصة‪.‬‬

‫قال المام أحمد بن حنبل ‪ -‬رحمه الله وعطر قسسبره ‪-‬‬


‫لولسسده عبسسد اللسسه بعسسد أن صسسحب العسسارف أبسسا حمسسزة‬
‫البغدادي الصوفي‪ ،‬طيب الله مضجعه‪:‬‬
‫يا ولدي! عليك بمجالسسسة هسسؤلء القسسوم‪ ،‬فسسإنهم زادوا‬
‫علينسسا بكسسثرة العمسسل‪ ،‬والمراقبسسة‪ ،‬والخشسسية‪ ،‬والزهسسد‪،‬‬
‫وعلو الهمة‪ ،‬رحمه الله ما أكسسثره إنصسسافًا! قسسد وصسسف‬
‫القوم بما هم أهله‪ ،‬وهسسذه الصسسفات السستي يحبهسسا اللسسه‬
‫تعالى من عباده‪.‬‬

‫قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم‪) :‬إن اللسسه‬
‫ب معسسالي الخلق‪،‬‬ ‫حسس ّ‬
‫ب الكسسرم‪ ،‬وي ُ ِ‬
‫م يحسس ّ‬
‫تعسسالى كريسس ٌ‬
‫هسسد ْ‬
‫ويكره سفسافها(‪ .‬وقال وهو الصادق الميسسن‪) :‬ا ِْز َ‬
‫ِفي الدنيا يحبك اللسسه‪ ،‬وازهسسد فيمسسا فسسي أيسسدي النسساس‬
‫وة فسسي‬ ‫يحبك الناس(‪ .‬وليس الزهسسد أن تختسسط لسسك ك س ّ‬
‫الجبل‪ ،‬وتلبس الخشن‪ ،‬وتأكل الخشن‪ ،‬وإنمسسا الزهسسد‪:‬‬
‫أن تنفض يديك من الدنيا‪ ،‬فل ترفعها إلسسى قلبسسك ولسسو‬
‫ل الحسسق‪ ،‬لن‬ ‫ملكتها بحذافيرها! وإن علمة الزهد قسسو َ‬
‫ت عسسن قسسول‬ ‫ب السسدنيا يخسساف علسسى جيفتسسه فيسسسك ُ‬ ‫كلس َ‬
‫الحق‪ ،‬ويوافق أهل الباطل! والزاهد ُ بها ل يخاف على‬
‫شيء منها‪ ،‬فيقسسول الحسسق‪ ،‬وينصسسر اللسسه الح سقّ بأهسسل‬
‫ة على الباطل وتركسسوه علسسى‬
‫الحق‪ ،‬ومتى أغضت الم ُ‬
‫خْزي والشتات!‬‫حاله‪ ،‬فقد ناد َْوا على أنفسهم بال ِ‬

‫ذا‬ ‫قال رسسسول اللسسه صسسلى اللسسه عليسسه وآلسسه وسسسلم‪) :‬إ ِ َ‬
‫ظال ِ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫م‪ ،‬فََقسد ْ‬ ‫ك ظ َسسال ِ ٌ‬
‫ل‪ :‬إ ِن ّس َ‬‫ن ت َُقسسو َ‬‫مأ ْ‬ ‫ب ال ّ َ‬ ‫مِتي ت ََها ُ‬ ‫تأ ّ‬ ‫رأي ْ َ‬
‫م(‪.‬‬‫من ْهُ ْ‬ ‫ت ُوُد ّعَ ِ‬
‫وبرواية أمير المؤمنين علي عليسه السسسلم قسال‪ :‬قسال‬
‫س‬ ‫ن ت َُق سد ّ َ‬ ‫رسول الله صلى الله عليه وآله وسسسلم‪) :‬ل َس ْ‬
‫ُ‬
‫ع(‬ ‫ن ال َْقوِيّ غ َي َْر ُ‬
‫مت َعْت َ ْ‬ ‫م َ‬‫ه ِ‬‫حّق ُ‬ ‫ف َ‬ ‫خذ ُ ِفيَها ِلل ّ‬
‫ضِعي ِ‬ ‫ة ل َ ي ُؤْ َ‬ ‫م ٌ‬ ‫أ ّ‬
‫وهل يؤخذ إل ّ إذا قال قوم الحق وانتصسسروا لسسه؟ هسسذه‬
‫سّنة الله في عباده‪.‬‬ ‫ُ‬

‫حكيم ضاء قلبه بقابسة نور النبوة‪ ،‬يفعل مسسا ل يفعلسسه‬


‫مسسا ل َس ُ‬
‫ه‬ ‫ه ن ُسسورا ً فَ َ‬
‫ه لَ ُ‬
‫ل الل ّ ُ‬
‫جعَ ِ‬ ‫من ل ّ ْ‬
‫م يَ ْ‬ ‫العسكر الجرار‪) :‬وَ َ‬
‫ة ت َُفت ّسقُ رتق سًا‪ ،‬وُتحيسسي حّق سًا‪ ،‬وترفسسع‬ ‫مسسن ن ّسسوٍر{ وكلم س ٌ‬
‫ِ‬
‫جدرانًا‪ ،‬وتشسسيد بنيانسًا‪ ،‬والمسسر كسسذلك‪ ،‬الجهسسل ظلمسسة‪،‬‬
‫والعلم نور‪ ،‬وإلى الله تصير المور‪.‬‬

‫معوا ‪ -‬أي إخسواني ‪ -‬قلسوبكم علسى محبسة بعضسكم‪،‬‬ ‫اج َ‬


‫على أولياء أموركم‪ ،‬اصبروا على أمرائكم‪ ،‬ل تخرجسوا‬
‫على سلطانكم‪ .‬قال رسول الله صلى الله عليه وآلسسه‬
‫وسلم‪) :‬من كره من أميره شسسيئا فليصسسبر‪ ،‬فسسإنه مسسن‬
‫ة جاهلية(‪ .‬وبرواية‬ ‫خرج من السلطان شبرا ً مات ميت ً‬
‫عبادة َ بن الصامت رضي الله عنه قال‪) :‬دعانسسا النسسبي‬
‫صلى الله عليه وآله وسلم فبايعناه‪ ،‬فقسسال فيمسسا أخسسذ‬
‫علينا‪ :‬أن بايعنا على السسسمع والطاعسسة‪ ،‬فسسي منشسسطنا‬
‫سرنا ويسرنا‪ ،‬وأ َث ََرةٍ علينسسا‪ ،‬وأن ل ننسسازع‬
‫ومكرهنا‪ ،‬وع ُ ْ‬
‫المر أهله‪ ،‬إل أن تروا كفرا ٍ َبواح سًا‪ ،‬عنسسدكم مسسن اللسسه‬
‫ب‬‫ق الميسسن‪ ،‬حسسبي ِ‬
‫فيه برهان(‪ .‬هذه أوامر نبيكم الصاد ِ‬
‫ب العالمين‪ ،‬فيها لكسسم هسسدى وبركسسة‪ ،‬وأمسسن وأمسسان‪،‬‬
‫ر ِّ‬
‫تمسكوا بها َولن تضلوا أبدًا‪.‬‬

‫عاملوا أهلكم ونسائكم وأولدكسسم ومسسواَليكم‪ :‬بسسالرفق‬


‫واللين‪ ،‬ول ت ُغِْلظوا عليهم إل فيما يؤول إلى دين الله‪،‬‬
‫احفظسسوا لهسسم نظسسام مروءاتهسسم‪ ،‬فسسإن المسسروءة مسسن‬
‫اليمان‪ ،‬سيروا بأهلكم فسسي حكسسم معيشسستكم السسسيرة‬
‫مبطر‪ ،‬قفسسوا بيسسن‬ ‫مضجر‪ ،‬ول وسع ُ‬ ‫الوسطى‪ ،‬ل ضيق ُ‬
‫الحسسالين‪ ،‬نحسسن المسسة الوسسسط‪ ،‬اجمعسسوا أمركسسم فسسي‬
‫ف بالضسسيق‪،‬‬ ‫معاشسسكم عسسن أن تبسسسطوا اليسساديَ فتنكس ّ‬
‫اجعلوا على مقياسكم وطاءكم وغطاءكم‪ ،‬اخشوشنوا‬
‫ش سَره وحسسب الثسسوب‬ ‫فإن النعم ل تسسدوم‪ ،‬خسسذوا عسسن ال ّ‬
‫ل بسسالجزء‪ ،‬علمسسوا‬ ‫والمسسائدة جانب سًا‪ ،‬اسسستغنوا عسسن الك ُس ّ‬
‫ب السسديني‪ ،‬اطبعسسوا فيهسسم لسسوازم‬ ‫أولدكم وعيالكم الد َ‬
‫المروءة‪ ،‬قّيدوا ألسنتهم إل عسسن كلم شسسريف‪ ،‬قي ّسسدوا‬
‫َذهابهم وإيابهم إل إلى محضر شريف‪.‬‬

‫ي الكسسرار أميسسر المسسؤمنين عليسسه السسسلم‬ ‫يروى عن عل ّ‬


‫شعٌر‪ ،‬منه‪:‬‬ ‫ِ‬
‫ه‬
‫شا ُ‬‫ما َ‬ ‫و َ‬
‫ه َ‬
‫ما ُ‬ ‫ذا َ‬ ‫ء *** إ ِ َ‬‫مْر ِ‬‫مْرءُ ِبال ْ َ‬
‫س ال ْ َ‬ ‫قا ُ‬ ‫يُ َ‬
‫قاييس وأ َ‬ ‫عَلى ال ّ‬
‫ُ‬ ‫ه‬ ‫با‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ش‬ ‫ٌ َ‬ ‫م َ ِ‬‫ء *** َ‬ ‫ي ِ‬
‫ش ْ‬ ‫ء َ‬ ‫ي ِ‬
‫ش ْ‬ ‫وِلل ّ‬ ‫َ‬
‫ذبين‬ ‫والمرء بقرينه ُيعرف شأن تمكينه‪ ،‬فقارنوا المه س ّ‬
‫ق الشسسريفة‪ ،‬ل تنظسسروا‬ ‫أهل القلوب الطاهرة‪ ،‬والخل ِ‬
‫لفقرهم وذلهم ومسكنتهم بنظسسر الحتقسسار‪ ،‬فكسسم للسسه‬
‫خِلق‪.‬‬‫ث َ‬ ‫من سيف مغمد في ِقراب ر ّ‬
‫سّر بأربعة أشياء إذا نزلت بأصحاب‪ ،‬وأفرح لهم‬ ‫ُ‬
‫إني أ َ‬
‫بهسسا‪ ،‬وأسسسأل اللسسه تعسسالى لهسسم الصسسبر عليهسسا‪ :‬الجسسوع‪،‬‬
‫ي‪ ،‬والذلسسة‪ ،‬والمسسسكنة‪ ،‬وهسسذه شسسعار الفقسسراء‪،‬‬ ‫والعُسْر ُ‬
‫ولكن كيف هي لو عرفتم جوع في شبع؟ وعسسري فسسي‬
‫مك ْن َسسة؟ جسسائع‪،‬‬
‫اكتساء؟ وِذلة في عزة؟ ومسسسكنة فسسي ُ‬
‫صسساده كسسساة! ذليسسل‪ ،‬وأتبسساعه‬‫وضيفانه شباع! عار‪ ،‬وقُ ّ‬
‫أعزاء‪ ،‬مسسسكين‪ ،‬وموالسسوه مكينسسون! كسسذلك عمسسر بسسن‬
‫الخطاب الفاروق الجليل‪ ،‬وأمثاله‪ ،‬رضي اللسسه عنهسسم‪،‬‬
‫ي المرتضى عليه السلم جسساع بعسسد أن كنسسس بيسست‬ ‫عل ّ‬
‫ن الله فسي محرابسه‪ ،‬وهسو أسسد‬ ‫المال في الله‪ ،‬مسكي ُ‬
‫الله يوم الحراب ذليل لمر الله‪ ،‬وهو الليث الغالب‪.‬‬

‫ف الكاسسسسرة فسسسي إخلص الزاهسسسدين‪ ،‬مكنسسسة‬ ‫شسسسر ُ‬


‫ب‬ ‫ة قلس ٍ‬ ‫القياصرة في مسكنة الخاشعين‪ ،‬وإذا كانت ذل َ‬
‫ة كب ِسدٍ‬
‫للرب المعز‪ ،‬وتجرد وجود ٍ للموجد الحق‪ ،‬وإجاع َ‬
‫ل للقسسدير النصسسير‪ ،‬السسذي‬ ‫ة حا ٍ‬
‫للمشبع الكريم‪ ،‬ومسكن َ‬
‫ل‬‫يحكم ما يشاء ويفعل ما يريد‪ ،‬فما هي إل طراُز حسسا ٍ‬
‫فيسسه أنمسسوذج عسسن شسسأن النسسبيين والمرسسسلين‪ ،‬عليهسسم‬
‫صلوات رب العالمين‪ ،‬والصبر عليهسسا منحسسة مسسن منسسح‬
‫الله تعالت أسماؤه وجل ثناؤه‪.‬‬

‫قال بعضهم‪ :‬عمر بن عبسد العزيسز رحمسه اللسه تعسالى‬


‫أزهد من أويس القرني عليسسه رضسسوان اللسسه ورحمتسسه‪،‬‬
‫لن عمر جاءته فهرب منها وتركها‪ ،‬وأويسسس لسسم تسسأته‪،‬‬
‫ولكنه زهد فما طلبها‪ .‬اللهم نسألك علما ً بك‪ ،‬وإيمانسسا ً‬
‫بما جاء من عندك‪ ،‬وتوكل ً عليك‪ ،‬وانتصارا ً لك‪.‬‬

‫أي سسسادة! الطسسرق إلسسى اللسسه تعسسالى عسسدد أنفسساس‬


‫الخلئق‪ ،‬وإني لم أر اقسسرب وأوضسسح‪ ،‬وأيسسسر وأصسسلح‪،‬‬
‫ذل والنكسسسسار والخضسسسوع‬ ‫وأرجسسسى مسسسن طريسسسق السسس ّ‬
‫والفتقار‪.‬‬
‫إذا أراد ]الله[ العبد لمر هيأه له‪ ،‬وهيسسأه للمسسر السسذي‬
‫أراده لسسه‪ ،‬ومسسا وصسسل المقربسسون إلسسى محسسل الكشسسف‬
‫والمشسسساهدة‪ :‬إل بسسسترك الختيسسسار‪ ،‬وكسسسثرة التواضسسسع‬
‫والنكسار وطاعة الملك الجبار‪ :‬ولقمة الحرام تحجب‬
‫الدعوة أن تستجاب‪.‬‬

‫والفتوة كل الفتوة‪ :‬الصفح عن عثرات الخسسوان‪ ،‬وأن‬


‫ل يرى الرجل له فضل على غيره؛ والتصوف‪ :‬تهسسذيب‬
‫أخلق‪ ،‬وشسسرف طبسساع‪ ،‬وعلسسو همسسة‪ ،‬فمسسن حسسسنت‬
‫أخلقه‪ ،‬وشرفت طباعه‪ ،‬وعلت همته‪ ،‬فهو الصسسوفي‪،‬‬
‫وإل فل‪.‬‬
‫والخوان أغصان تضمهم شجرة‪ ،‬وهي المرشد‪ ،‬ومن‬
‫شذ عنهم فقد انقطع‪.‬‬

‫إذا اجتمعتسسم علسسى الطعسسام تناصسسفوا‪ ،‬وتواسسسوا فيمسسا‬


‫بينكم‪ ،‬ول يقصد أحدكم أن يغلب الخر‪ ،‬فسسإن الغسسالب‬
‫في ذلك مغلوب! وإن المؤثر ممدوح مثسساب محبسسوب‪،‬‬
‫وإن الكل دليسسل علسسى شسسرف الهمسسة وعكسسسه‪ ،‬وأخسسو‬
‫الشَره ل يكسون شسريف الهمسة‪ ،‬وإنمسا يكسون حريصسا ً‬
‫ن َِهمًا‪ ،‬فعليه أن ل ُيظهر عيَبه فسسي كسسل مسسا يظهسسر منسسه‬
‫للناس‪ ،‬وأن يطهسسر سساحة قلبسسه مسسن كسسل عيسسب لسسه ل‬
‫يطلع عليه إل الله‪ ،‬من لم يكن لسسه داعيسسة مسسن نفسسسه‬
‫لم تنفعه داعية غيره‪) .‬أعبد الله كأنك تسسراه‪ ،‬فسسإن لسسم‬
‫تكن تراه فإنه يراك(‪.‬‬

‫للتصوف خصال محمسسودة‪ ،‬أولهسسا تجريسسد التوحيسسد‪ ،‬ثسسم‬


‫اليثار‪ ،‬ثم إيثار اليثسار‪ ،‬ثسسم حسسسن الِعشسسرة‪ ،‬ثسم فهسسم‬
‫جسسد‪ ،‬ثسسم‬
‫السسسماع‪ ،‬ثسسم تسسرك الختيسسار‪ ،‬ثسسم سسسرعة الوَ ْ‬
‫الكشف عن الخواطر‪ ،‬ثم كثرة الصمت إل فيما يؤول‬
‫إلى الله‪ ،‬ثم ترك رؤيا الكتساب‪ ،‬ثم تحريم ادخار مسسا‬
‫يكتسبه‪.‬‬

‫وعلمة الفقير الصادق فسسي جميسسع الحركسسات‪ :‬التقلسسل‬


‫من المباحات‪ ،‬والصمم عسن كسسثير مسن المسسسموعات‪،‬‬
‫وأن ل يطلب المعدوم حتى يبذل المجهود والموجود‪،‬‬
‫وانقطسساع الحيلسسة‪ ،‬حسستى ل يسسرى فسسي أحسسواله وشسسدته‬
‫ونه‪ ،‬وإن الفقيسسر مسستى‬ ‫ورخائه وتقلبه‪ :‬غير خالقه ومكس ّ‬
‫نظر إلى ما يلَبس‪ ،‬التبس عليه أمره! ومسستى مسسا رأى‬
‫الخلق من دونه ظهرت عيوبه! الفقير ابن وقته‪ ،‬يرى‬
‫س من أنفاسه أعّز من الكبريت الحمر‪ ،‬يسسودع‬ ‫كُ ّ‬
‫ل ن ََف ٍ‬
‫لكل ساعة ما يصسسلح لهسسا‪ ،‬ول يضسسيع شسسيئًا‪ ،‬وعليسسه أن‬
‫ن لسانه عن نطقه‪ ،‬ول يطلقه في غير حقه‪ ،‬فإذا‬ ‫يخُز َ‬
‫نطق ينطق بعلم‪ ،‬وإذا صمت يصمت بحلم‪ ،‬ول يعجل‬
‫ن هسسو‬
‫مس ْ‬
‫بالجواب‪ ،‬ول يهجم علسسى الخطسساب وإذا رأى َ‬
‫م منه‪ :‬أنصت لستماع الفائدة‪ ،‬يحذر مسسن الخطسسأ‪،‬‬ ‫أعل ُ‬
‫ويحترز من الغلط والزلل‪ ،‬ول يتكلم فيما ل يعلسسم‪ ،‬ول‬
‫يناظر فيما ل يفهم‪.‬‬

‫وأول ما ينبغسسي للنسسسان أن يسسأمر نفسسسه بسسالمعروف‪،‬‬


‫فإن ائتمرت يأمر الناس‪ ،‬وينهسسى نفسسسه عسسن المنكسسر‪،‬‬
‫فإن انتهت ينهى الناس‪ ،‬وإل فيصير هدفا ً لسهام قول‬
‫ذي َ‬ ‫َ‬
‫مسسا ل‬ ‫ن َ‬ ‫م ت َُقول ُسسو َ‬‫من ُسسوا ل ِس َ‬
‫نآ َ‬ ‫الله تعسسالى‪} :‬ي َسسا أي ّهَسسا ال ّس ِ َ‬
‫َ‬
‫مسسا ل ت َْفعَل ُسسو َ‬
‫ن‬ ‫عند َ الل ّهِ أن ت َُقول ُسسوا َ‬ ‫مْقتا ً ِ‬ ‫ن ‪ 2‬ك َب َُر َ‬‫ت َْفعَُلو َ‬
‫‪ {3‬سورة الصف‪.‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫سسسوْ َ‬‫س ِبسسال ْب ِّر وََتن َ‬
‫ن الّنسسا َ‬ ‫مُرو َ‬‫ولقسسوله تعسسالى‪} :‬أَتسسأ ُ‬
‫َ‬
‫م{ ‪ 44‬سورة البقرة‪.‬‬ ‫سك ُ ْ‬
‫أنُف َ‬
‫إذا طابت أنفسكم للحكمسسة‪ ،‬فسسارفعوا بهسسا خسسواطركم‬
‫إلى حكمة نبيكم صلى الله عليسسه وآلسسه وسسسلم‪ ،‬وإلسسى‬
‫ل وعل‪ ،‬فسإن طسابت خسواطركم بحكمسة‬ ‫كلم رّبكم جس ّ‬
‫النبي عليه الصلة والسلم‪ ،‬وتنورت بكلم الله‪ ،‬فهسسي‬
‫على هدى‪ ،‬وإن لسم تطسب بالحكمسة النبويسة وتشسرف‬
‫بنسسسور القسسسرآن‪ ،‬فهسسسي ضسسسجيعة الشسسسيطان! فتوبسسسوا‪،‬‬
‫ب علسسم‬ ‫واستغفروا‪ ،‬وأقلعوا‪ ،‬بالنابسسة إلسسى ربكسسم‪ ،‬ف سُر ّ‬
‫ل ثمرتسسه علسسم‪ ،‬كسسل علسسم أنتسسج‬ ‫ب جه س ٍ‬‫ثمرته جهل‪ ،‬وُر ّ‬
‫دعوى التفوق به فثمرته جهل بحت!‬
‫من ال ْعِل ْم ِ إ ِل ّ قَِليل ً ‪{85‬‬ ‫ُ‬
‫ما أوِتيُتم ّ‬‫الله تعالى يقول‪} :‬وَ َ‬
‫سورة السراء‬

‫يمكن أن تكون‪:‬‬
‫أعلم من أخيك بنحوك‪ ،‬وهو أعلم منك بصبره؛‬
‫أعلم منه بفقهك‪ ،‬وهو أعلم منك بعمله؛‬
‫أعلم منه بفلسفتك‪ ،‬وهو أعلم منك بطريق حكمته؛‬
‫أعلم منه بخلفك‪ ،‬وهو أعلم منك بحقيقته؛‬
‫خُلقه؛‬
‫أعلم منه بلغتك‪ ،‬وهو أعلم منك ب ُ‬
‫أعلم منه بتفسيرك‪ ،‬وهو أعلم منك بذوقه؛‬
‫أعلم منه بحديثك‪ ،‬وهو أعلم منك بصدقه؛‬
‫أعلم منه ببيانك‪ ،‬وهو أعلم منك بحاله؛‬
‫ك‪ ،‬وهو أعلم منك بإخلصه‪.‬‬ ‫شعْرِ َ‬
‫أعلم منه ب ِ‬

‫الفنسسون النوعيسسة فسسي العصسسابة النسسسانية ل تتنسساهى‪،‬‬


‫والفنسسون العلميسسة متناهيسسة بالنسسسبة للمسسدون‪ ،‬فمسستى‬
‫قابلت المدون بالنوعي‪ ،‬رأيت أنك لو بلغت الغاية في‬
‫كل مدون‪ ،‬أنت قاصر فيما ل يحصى من النوعي‪ ،‬هذا‬
‫ما‬
‫ن َ‬‫سا َ‬ ‫ماِْ‬
‫لن َ‬ ‫نوع النسان‪ ،‬قال فيه ربك سبحانه‪} :‬ع َل ّ َ‬
‫م{ جاء في الخبر عن سسسيد البشسسر صسسلى اللسسه‬ ‫م ي َعْل َ ْ‬
‫لَ ْ‬
‫َ‬
‫ن هُ سوَ أفَْق س ُ‬
‫ه‬ ‫مس ْ‬
‫ل فِْقهٍ إلى َ‬
‫م ِ‬
‫حا ِ‬
‫ب َ‬
‫عليه وآله وسلم‪ُ) :‬ر ّ‬
‫ه(‪.‬‬
‫من ْ ُ‬
‫ِ‬

‫توسسسع إذا حققسست‪ ،‬وحقسسق إذا دققسست‪ ،‬ول تكسسن فسسي‬


‫سيرك إلى ربك كحمار الرحسسى غسسايته مبتسسداه! اقطسسع‬
‫عقبسسات الوجسسود بعلمسسك‪ ،‬بفهمسسك‪ ،‬بعقلسسك‪ ،‬بنظسسرك‪،‬‬
‫باستدللك‪.‬‬

‫س سّفه قسسوم طري سقَ العتبسسار لغلبسسة الطبسسع! فسسانحجبوا‬


‫بظلمات الهوى وكثافة الضلل‪ ،‬وسسسفهوا أهسسل النظسسر‬
‫نل‬ ‫سسَفَهاُء َولك ِس ْ‬ ‫الصسسحيح جهل ً منهسسم! أولئك‪} :‬هُس ُ‬
‫م ال ّ‬
‫ن{ )البقرة )‪.{13‬‬ ‫ي َعْل َ ُ‬
‫مو َ‬

‫ي ‪ -‬إلى ما ل ب ُسد ّ لسسه‪ ،‬وت ََرفّ سعْ إلسسى فض س ٍ‬


‫ل‬ ‫بادر ‪ -‬أي أ ُ َ‬
‫خ ّْ‬
‫ُتذكر به في محافل قومك‪ ،‬وي ُث َْنى عليك بسسه فسسي المل‬
‫ن‪،‬‬‫العلى عند رّبك‪ ،‬لتصير حميسسد السسسيرة فسسي الملي س ِ‬
‫ن‪.‬‬ ‫ممدوح الخصال في العال َ َ‬
‫مي ْ ِ‬

‫الرجل من تظهر آثاره بعده‪ ،‬اجهد أن تبقي الثر بعسسد‬


‫ور تحسست‬ ‫العيسسن‪ ،‬واجعلسسه طيبسسا ً مرضسسيًا‪ ،‬الحسسق مكسس ّ‬
‫الضلوع‪ ،‬توقن به أنفس الحاسدين‪ ،‬وتعترف به قلوب‬
‫الجاحدين‪ ،‬وحسبك أن ت َِقّر لحقك أنفس حسادك ولسسو‬
‫انعقدت عن النطق به ألسسسنتهم‪ ،‬وأن تعسسترف بسسه لسسك‬
‫وه بسسه جحسسودهم‪،‬‬ ‫قلوب جاحديك ولو صرفهم عن التف ّ‬
‫هذا شرف الحق فليفتخر المحق‪ ،‬وليبهج أهل الحق‪.‬‬

‫رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليلة عيد‬
‫الفطر وقد مل نوره عوالم الله تعسسالى كّلهسسا‪ ،‬فقلسست‪:‬‬
‫الصلة والسلم عليك يا روح العوالم‪ ،‬يا رسول اللسسه!‬
‫فقال صسسلى اللسسه عليسسه وآلسسه وسسسلم‪ :‬وعليسسك السسسلم‬
‫فقلت‪ :‬يا حبيبي علمني أشسسرف العلسسوم‪ ،‬فقسسال‪) :‬هسسو‬
‫الوقسسوف عنسسد الحسسق‪َ} :‬وات ُّقسسوا اللسسه وَي ُعَل ّ ُ‬
‫مك ُس ُ‬
‫م اللسسه{‬
‫وحسبك(‪.‬‬

‫ل وسّلم وبارك على عبدك ونبيك ورسسسولك‪،‬‬ ‫اللهم ص ّ‬


‫سيد أهل الحق‪ ،‬الناصسسر الحسسق بسسالحق‪ ،‬محمسسد أكسسرم‬
‫عبيدك‪ ،‬وأشرف عبادك‪ ،‬وعلى آله وأصحابه أجمعين‪.‬‬
‫اللهم أرشدنا به للحق‪ ،‬واجعلنا ببركته من خاصة أهل‬
‫الحق‪:‬‬
‫شدًا{‪.‬‬ ‫َ‬
‫مرَِنا َر َ‬
‫نأ ْ‬ ‫ئ ل ََنا ِ‬
‫م ْ‬ ‫ة وَهَي ّ ْ‬
‫م ً‬
‫ح َ‬
‫ك َر ْ‬ ‫من ل ّ ُ‬
‫دن َ‬ ‫}َرب َّنا آت َِنا ِ‬

‫يا أهل دوائر الحق في حضرات الحسسق! قولسسوا الحسسق‬


‫أيسن كنتسم‪ ،‬وحيسسث وجسدتم‪ ،‬امحقسسوا الباطسل بحقكسم‪،‬‬
‫ة‬
‫س سن َ ِ‬
‫ل الدميين بميل الحسسق‪ ،‬ليتنبهسسوا مسسن ِ‬ ‫مَق ْ‬
‫افتحوا ُ‬
‫َ‬
‫من‬ ‫م ّ‬‫ن قَوْل ً ّ‬
‫س ُ‬
‫ح َ‬
‫نأ ْ‬‫م ْ‬
‫غفلتهم بكم قال الله تعالى‪} :‬وَ َ‬
‫عا إ َِلى الله{‪.‬‬
‫دَ َ‬

‫ي‬
‫والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يقسسول‪) :‬لئن ي َهْ سدِ َ‬
‫مر الّنعم(‪.‬‬
‫ح ْ‬
‫ن ُ‬
‫م ْ‬ ‫خي ٌْر ل َ َ‬
‫ك ِ‬ ‫حدا ً َ‬
‫جل ً َوا ِ‬ ‫الله ب َ‬
‫ك َر ُ‬

‫ك‪ ،‬فتعلسسو‬‫يا فقيه‪ ،‬ل تصر مغلوبا ً لفقهك‪ ،‬فيغلسسب عقل َس َ‬


‫مسسك‬ ‫ل ما بلغه عل ُ‬‫وتطيش وتحّرف‪ِ ،‬اجعَْلك وفقهك وك ّ‬
‫للحق‪ ،‬صر منصفا ً لتنفع النسساس وتنفسسع نفسسسك‪ ،‬طهسسر‬
‫قلبك بذكر ربك‪ ،‬امله بالخوف منه تعالى ليصسسلح؛ إن‬
‫ح‪ :‬صسسسار مهبسسسط السسسسرار والنسسسوار‬ ‫القلسسسب إذا صسسسل َ‬
‫والملئكة؛ وإذا فسد‪ :‬صار مهبط الظ َُلم والشسسياطين؛‬
‫ح أخبرك عما أمامك وورائك‪ ،‬ونبهك عن أمور‬ ‫وإذا صل َ‬
‫لم تكن لتعلمها بشيء دونه؛ وإذا فسد حد َّثك بأباطيل‬
‫يغيب معها الرشد‪ ،‬وينتفسسي السسسعد‪ ،‬فيسسا طسسوبى لمسسن‬
‫أصلح الله قلبه‪.‬‬

‫ك الخلقَ كّلهم فسسي منفعتسسك‪ ،‬فسسإن أحسسب الخلسسق‬‫أشرِ ِ‬


‫صْر مادة نفع‪ ،‬فكل من لسسم‬ ‫إلى الله أنفعهم للخلق‪ ،‬و ِ‬
‫ينفع في الدنيا‪ ،‬لم ينفع في الخرة!‬
‫ك نفسسسسك‬‫صسسسحح اليقيسسسن بإشسسسارات الصسسسالحين‪ ،‬وز ّ‬
‫بفقهك‪ ،‬فإن النفس على ثلثة أضرب‪:‬‬
‫نفس أمارة بالسوء‪ :‬وهي نفس الجاهلين والعاصين‪.‬‬
‫وامة‪ :‬وهسسي نفسسس المسسؤمن‪ ،‬تسسسره حسسسنته‪،‬‬ ‫ونفس ل ّ‬
‫وتسوؤه سيئته‪.‬‬
‫ونفسسس مطمئنسسة‪ :‬وهسسي نفسسس المسسوقنين العسسارفين‬
‫المنقطعين إليه‪ ،‬فإن مسسن عسسرف اللسسه حسسق معرفتسسه‪،‬‬
‫قطعه إليه بكليته‪.‬‬

‫قل لرباب الغفلة‪ :‬مجالسنا مجالس الحزان والمآتم‪،‬‬


‫لن الفقير ل يزال متأسفا ً على ما فاته من الفضائل‪،‬‬
‫يرجسسو الحسسقّ ويخسسافه‪ ،‬فسسإن سسسمع شسسيئا ً يشسسير إلسسى‬
‫المفاصلة خاف‪ ،‬وإن سمع شيئا ً يشير إلسسى المواصسسلة‬
‫رجسسا‪ ،‬وإن دعسسي أجسساب‪ ،‬وإن سسسمع رد ّا ً ب َك َسسى وهَسساب‪،‬‬
‫تسير به الفطنة في هذه المجسسالس لقتنسساص شسسوارد‬
‫الحكمة‪ ،‬حتى يصير من أهلها؛ قال الله تعالى‪ُ} :‬يؤِتي‬
‫خْيسسرا ً‬ ‫ُ‬ ‫ت ال ْ ِ‬ ‫ال ْ ِ‬
‫ة فََقد ْ أوت ِس َ‬
‫ي َ‬ ‫حك ْ َ‬
‫م َ‬ ‫من ي ُؤْ َ‬ ‫من ي َ َ‬
‫شاُء وَ َ‬ ‫ة َ‬ ‫حك ْ َ‬
‫م َ‬
‫ك َِثيرًا{‪ .‬سورة البقرة )‪(269‬‬

‫أفيضوا نفعكم على الخلق كلهم‪ ،‬فسسإن المسسؤمن كلسسه‪:‬‬


‫بركة‪ ،‬ورحمة‪ ،‬ونفع‪ ،‬أينما كان‪ ،‬تعسساونوا علسسى مصسسالح‬
‫دينكم ودنياكم‪ ،‬يد الله مع الجماعة‪ ،‬قال اللسسه تعسسالى‪:‬‬
‫وى{‪ .‬سورة المائدة )‪(2‬‬ ‫}وَت ََعاوَُنوا ْ ع ََلى اْلبّر َوالت ّْق َ‬
‫وإياكم والتعاون على ظلم الخلق وشهوات النفسسوس‪،‬‬
‫قال الله تعالى‪} :‬وَل َ ت ََعاوَُنوا ْ ع َل َسسى ال ِث ْسم ِ َوال ْعُ سد َْوا ِ‬
‫ن{‪.‬‬
‫سورة المائدة )‪ (2‬شرف المة بالتعاون على مصلحة‬
‫الدنيا والدين‪.‬‬

‫التجربسسة السسسارية بحكسسم الوضسسع الصسسلي فسسي النسسوع‬


‫الدمي تقول‪ :‬هلك المتفرقون! اعرفوا حق العصائب‬
‫طهم الزمان أوْ رفعهسسم‪ ،‬أضسسعفهم‬ ‫ح ّ‬
‫الزكية في المة‪َ ،‬‬
‫أو أقواهم‪ .‬لذوي البيوتات في قلوب العامسسة سلسسسل‬
‫تهزها بحال ما يصل إليها‪.‬‬

‫ل تهدموا شرفات بيوت مجدكم بخسة الطباع‪ ،‬وسوء‬


‫ن للمجد رّتب عليكم حقوقًا‪ :‬أعزها‬ ‫ن أو َ‬
‫ل با ٍ‬ ‫الحال! فإ ّ‬
‫حفظ مجده من بعده‪ ،‬ل تقصر هممكم عن أن يتصدر‬
‫ي مجسسدا ً ثانيسا ً فسسوق المجسسد الول‪،‬‬ ‫كل واحد منكم فيبن َ‬
‫دهم وأعظمهسسم عنسسد اللسسه‬ ‫هذا سيد أهل المجد‪ ،‬وأمجس ُ‬
‫والنسساس‪ ،‬مولنسسا ووسسسيلتنا إلسسى ربنسسا‪ ،‬وسسسيدنا محمسسد‬
‫رسسسول الهسسدى صسسلى اللسسه عليسسه وآلسسه وسسسلم‪ ،‬بنسسى‬
‫ت مجدٍ إلهي ‪ -‬ديني ودنيوي ‪ -‬جمع بيسسن‬ ‫للمسلمين بي َ‬
‫ي المسسادة والمعنسسى‪ ،‬ووفسسق بيسسن عزمسسي الخسسرة‬ ‫شرِفَ ِ‬ ‫َ‬
‫والولى‪ ،‬فانظروا كيف َتخلفوه فسسي حفسسظ مجسسد هسسذا‬
‫السسدين المسستين‪ ،‬والكتسساب المسسبين‪ ،‬ابسسذلوا لعلء كلمسسة‬
‫مجده الرباني المحمدي‪ :‬الموال والنفس‪ ،‬قفوا عنسسد‬
‫حسسده‪ ،‬ل تنحطسسوا عسسن هسسذه الرتبسسة السسسعيدة‪ ،‬فسسإن‬
‫ح سذ َِر‬‫النحطاط عنها مخالفة‪ ،‬والله تعالى يقسسول‪} :‬فَل ْي َ ْ‬
‫خال ُِفون ع َن أ َمره َأن تصيبهم فتن س ٌ َ‬
‫م‬
‫صسسيب َهُ ْ‬ ‫ة أوْ ي ُ ِ‬ ‫ُ ِ َُ ْ ِ َْ‬ ‫ْ ْ ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫ن يُ َ‬ ‫ذي َ‬‫ال ّ ِ‬
‫م{‪ .‬سورة النور )‪(63‬‬ ‫َ‬ ‫عَ َ‬
‫ب أِلي ٌ‬ ‫ذا ٌ‬
‫ن‬
‫إذا رأيتم المنتصر لنبّيه فانصروه‪ ،‬وأعزوا كلمته‪ ،‬فسسإ ّ‬
‫في ذلك من النفع في دينكم ودنياكم مسسا يقصسسر عنسسه‬
‫معَّبر‪.‬‬‫ل عنه لسان ال ُ‬ ‫وصف الواصف‪ ،‬وي َك ِ ّ‬
‫ن عسساَرض رجل ً يسسسعى لصسسلح شسسأن‬ ‫مس ْ‬
‫ة َ‬ ‫ما أح ّ‬
‫ط هم َ‬
‫ي الميسسن صسسلى اللسسه عليسسه وآلسسه‬ ‫دين منتصسسرا ً للنسسب ّ‬‫الس ّ‬
‫ف له‪ ،‬ل عقل لسسه‪ ،‬قسسامت هسسذه الحجسسة علسسى‬ ‫وسلم‪ ،‬أ ّ‬
‫كل آدمي‪ ،‬ووجب عليه النتصار لكلمسسة سسسيدنا محمسسد‬
‫م أنسسه هسسو‬‫ه‪ :‬عَل ِس َ‬‫صلى الله عليه وآله وسلم‪ ،‬إذ لوْ فَِق س َ‬
‫جة‪،‬‬‫ح ّ‬‫جة‪ ،‬وأقام ال ُ‬ ‫ح ّ‬‫م َ‬‫الذي شاد منار العدل‪ ،‬وأوضح ال َ‬
‫ف بشسسرعه الكريسسم‬ ‫وأوقع الطمأنينة في القلسسوب‪ ،‬وكس ّ‬
‫أيديَ الناس عن الناس‪ ،‬ومّهد بنيسسان المسسن واليمسسان‪،‬‬
‫وقاتل لله على كلمة الله‪ ،‬ليذيع سسسر عسسدل اللسسه فسسي‬
‫م أمان الله في خلق الله‪ ،‬وهسسو‬ ‫ملك الله‪ ،‬ولي ُْفرِغَ حك َ‬
‫الذي سساوى بشسسرعه بيسسن الميسسر والمسسأمور‪ ،‬والقسسوي‬
‫والضسسسعيف‪ ،‬والغنسسسي والفقيسسسر‪ ،‬والصسسسغير والكسسسبير‪،‬‬
‫والشريف والمشروف‪ ،‬وكلهم عنده في الله سواء‪.‬‬

‫ور‪،‬‬ ‫جس ْ‬‫وهو الذي هدم قواعد البغسسي‪ ،‬ومحسسق أسسساس ال ُ‬


‫دد أركان الظ ّل ْسسم‪ ،‬وبسسسط بسسساط الراحسسة والبركسسة‪،‬‬ ‫وب ّ‬
‫وصان الحقّ وحمى أهله‪ ،‬وأقعسسد النسساس علسسى صسسعيد‬
‫واحد‪ ،‬وأرتعهم في بحبوحة المان من طسسوارق وعَث َسساء‬
‫النفسسوس الباغيسسة‪ ،‬والطبسساع المتسسسلطة العاديسسة‪ ،‬ود ّ‬
‫ل‬
‫ذب الخلق‪ ،‬وذك ّسسر‬ ‫على اللسسه‪ ،‬وأرشسسد إلسسى اللسسه‪ ،‬وه س ّ‬
‫بالله‪ ،‬وربط القلوب بحبل اللسسه‪ ،‬وعقسسدها علسسى محبسسة‬
‫ل فعسساله للسسه‪،‬‬ ‫الله‪ ،‬وفتك وأحسن‪ ،‬وقطع ووصل‪ ،‬وك س ّ‬
‫إعزازا ً لدين الله‪ ،‬وإنقاذا ً لخلق الله من وهدة العيوب‬
‫القاطعة عن الله‪ ،‬فهو أمين الله على خلق اللسسه فسسي‬
‫شر الخلقُ إلى الله‪ ،‬والمر يسسومئذ‬ ‫ح َ‬ ‫بلد الله إلى أن ي ُ ْ‬
‫دين‪ ،‬ودل ّسسه‬‫ه فسسي الس ّ‬ ‫لله‪ ،‬فمن أراد الله بسسه خيسسرا ً فّقهَس ُ‬
‫على هسسذا الطريسسق الميسسن‪ ،‬فهجسسر المكسسابرة والِعنسساد‪،‬‬
‫سداد‪ ،‬وأخذ كلمة الحق بابسسًا‪،‬‬ ‫وتمسك بحبل الهدى وال ّ‬
‫فدخل بها منها إلى حضسسرة أمسسان اللسسه‪ ،‬مؤمن سا ً بسسالله‪،‬‬
‫وبكتاب الله‪ ،‬وبكل ما جاء من عند اللسسه‪ ،‬إلسسى سسسيدنا‬
‫محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم‪.‬‬

‫أيّ شسسريعة للنبيسساء عليهسسم الصسسلة والسسسلم ‪ -‬وهسسم‬


‫إخوانه ‪ -‬جاءت بمثل شريعته؟ وأيّ طريقة للمرسلين‬
‫ت بمثل طريقته؟ امتازهم الله على‬ ‫‪ -‬وهم عياله ‪ -‬وفّ ْ‬
‫الناس فأعزهم بالنبوة والرسالة‪ ،‬وامتسسازه اللسسه علسسى‬
‫جميعهسسم فأيسسده اللسسه مسسع النبسسوة والرسسسالة بالحكمسسة‬
‫والبيان‪ ،‬وعلو الهمة‪ ،‬وشدة العزم‪ ،‬قيل لسسه‪َ} :‬فا ْ‬
‫ص سب ِْر‬
‫كم قابلية ذاته‬ ‫ح ْ‬ ‫م{ علما ً أزليا ً بأ ّ‬
‫ن ُ‬ ‫ز‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ع‬‫صب ََر ُأوُلوا ال ْ‬ ‫كَ َ‬
‫ما َ‬
‫ِ‬
‫يقسسدم بصسسبرهم كلهسسم‪ ،‬فالعسسارف مسسن كسسان عسساق ً‬
‫ل‪،‬‬
‫والعاقل من كان حكيمًا‪ ،‬والحكيسسم مسسن كسسان مسسسلمًا؛‬
‫وس‪،‬‬ ‫سسس َ‬ ‫وإل‪ ،‬فالعسسارف إذا لسسم يكسسن عسساقل ً فهسسو ُ‬
‫موَ ْ‬
‫والعاقل إذا لم يكن حكيما ً فهسسو مخل ّسسط‪ ،‬والحكيسسم إذا‬
‫لم يكن مسلما فهو واهم‪.‬‬

‫عْنسسد َ‬
‫ن ِ‬
‫دي َ‬
‫ن ال ّ‬
‫السلم روح الحكمة قال الله تعالى‪} :‬إ ِ ّ‬
‫م{‪.‬‬‫سل ُ‬
‫الله ال ِ ْ‬

‫أتى السلم بالبرهان القاطع‪ ،‬والحكم الصادع‪ ،‬فعقسسد‬


‫العقول على الحق بسسالحق‪ ،‬وأوقفهسسا أن تجمسسع شسسأنها‬
‫على ما ل حقيقة له من قسسول وعمسسل‪ُ ،‬يحيسسط العقسسل‪،‬‬
‫ط بسسه السسسلم‪ ،‬وخسسذه‬ ‫ت العقل الكامل وأ َ ِ‬
‫حس ْ‬ ‫ولكن ها ِ‬
‫علسسى مفكرتسسك‪ ،‬وتسسدبره بعسد ُ بعيسسن فقهسسك وبصسسيرتك‬
‫تجده نورا ً في قلبك‪ ،‬وحسسال ً فسسي عزمسسك‪ ،‬وبركسسة فسسي‬
‫سّرك‪ ،‬وطمأنينة فسسي خسساطرك‪ ،‬وقسسوة فسسي عزيمتسسك‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ورياضة في طبعك‪ ،‬وعصسسمة فسسي أمسسرك‪ ،‬وبيان سا ً فسسي‬
‫ورك‪ ،‬ومجدا ً‬ ‫لسانك‪ ،‬وشرفا ً في صفاتك‪ ،‬وعزا َ في ط َ ْ‬
‫حصسسنا ً فسسي‬ ‫فسسي سسسلوكك‪ ،‬وزيسسادة فسسي نخوتسسك‪ ،‬و ِ‬
‫معيشتك‪ ،‬وركنا ً في همتك‪ ،‬وأمانا ً في آخرتسك‪ ،‬وِربحسا ً‬
‫في دنياك‪.‬‬

‫مسسل‬
‫وإذا لسسم يفقسسه عقلسسك مسسن السسسلم ‪ -‬بعسسد أن ي ُعْ ِ‬
‫الحاطة به ‪ -‬هذه السرار الباهرة‪ ،‬فات ِّهم عقلك‪ ،‬فإنه‬
‫ما أحاط بسسه ول فهسسم ول فهسسم فقهسسه‪ ،‬ول وصسسل إلسسى‬
‫سّره!‬‫ِ‬

‫جَعس َ‬
‫ل‬ ‫مسا َ‬
‫قامت لربي به الحجسة قسال اللسه تعسالى‪} :‬وَ َ‬
‫ج{ )‪ 78‬الحسسج( أخسسذت بسسه‬ ‫حسَر ٍ‬
‫ن َ‬
‫مس ْ‬
‫ن ِ‬
‫دي ِ‬
‫م ِفي الس ّ‬ ‫ع َل َي ْك ُ ْ‬
‫قابليات الطباع حظوظها في دائرة ل تعد‪ ،‬والحكمة ل‬
‫تنحرف عن الصواب قال الله تعالى‪} :‬ل ي ُك َّلسس ُ‬
‫ف اللسسه‬
‫سعََها{ صفت مناهله‪ ،‬وطابت مشاربه‪.‬‬ ‫ن َْفسا ً ِإل وُ ْ‬

‫عجبا للجاهسسل يكتسسسي بكسسسوة العُي ّسساق‪ ،‬فيسسرى الخسسر‬


‫ط من عينسسه‪ ،‬وذاك يسسرى‬ ‫مكتسيا ً بكسوة التجار فيسق ُ‬
‫الخر مكتسيا ً بكسوة الجند فيسقط مسسن عينسسه‪ ،‬وذاك‬
‫يرى الخر مكتسيا ً بكسوة الفقراء فيسقط من عينه!‬
‫وهلم جّرًا‪.‬‬

‫كسسساوي المجسسردة‪ ،‬خسسذ‬ ‫ل ال َ‬


‫يسسا مسسن عقسسل عقلسسه بِعقسسا ِ‬
‫س‬
‫مسس ْ‬ ‫الحكمة أين وجدتها‪ ،‬ول تنظر إلى مصدرها‪ ،‬انط ِ‬
‫عن المصدر‪ ،‬وخذها‪ ،‬ومن أي محل صدرت فلتصسسدر‪،‬‬
‫و‪،‬‬
‫هي القصد‪ ،‬وفيهسسا المطلسسوب‪ ،‬ول ُتتبسسع الحبسسل السسدل َ‬
‫أوقسسف المسسور عنسسد حسسدودها‪ ،‬ن َسقّ نظسسرك حسستى يسسرى‬
‫كم‪ ،‬وينصرف عن مصادرها ومواردها‪.‬‬ ‫ح َ‬
‫ال ِ‬
‫ك وما عليك‪ ،‬وأرجع نظرك إليك‪ ،‬تفكر‬‫كن عالما ً بما ل َ َ‬
‫بعوالم الله تعالى‪ ،‬عالم الماء‪ ،‬في كل جرعةٍ منه من‬
‫العوالم العجائب! عالم الهواء‪ ،‬في كل شمة منه مسسن‬
‫العوالم الغرائب!‬

‫نشر الباري المقيم أسرار ربسسوبيته البسساهرة وعظمتسسه‬


‫القاهرة‪ ،‬وعجسسائب سسسلطنته القسسادرة فسسي كسسل شسسيء‬
‫وقال لك‪ :‬اعتبر أيها النسان بنص‪َ} :‬فاع ْت َب ُِروا َيا ُأوِلي‬
‫صسساَر{ فسسإن أدركسست حكسسم العسسبرة فسسي الفكسسرة‪،‬‬ ‫َ‬
‫ال ب ْ َ‬
‫ووصسسلت إلسسى سسسرها المطسسوي‪ ،‬وعالمهسسا المخفسسي‪،‬‬
‫ت‬‫حذاقسة‪ ،‬وجمعس َ‬ ‫ووقفت عسن الغفلسة‪ ،‬وسسرت مسع ال َ‬
‫ت فسوزا ً عظيمسًا‪َ} :‬واللسه وَِلس ّ‬
‫ي‬ ‫عليك حالسك‪ ،‬فقسد ُفسْز َ‬
‫هسسوَ ي ََتسسوَّلى‬
‫ب وَ ُ‬ ‫ل ال ْك َِتسسا َ‬
‫ذي َنسسّز َ‬‫ن{ }اللسسه اّلسس ِ‬‫مت ِّقيسس َ‬‫ال ْ ُ‬
‫ن{‪.‬‬
‫حي َ‬‫صال ِ ِ‬
‫ال ّ‬

‫هذا نظام خاص لهل الختصاص‪ ،‬يهدي الله به من‬


‫يشاء والله ذو الفضل العظيم‪.‬‬
‫وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين‪.‬‬
‫والحمد لله في الول والخر‪ ،‬والباطن والظاهر‪ ،‬له‬
‫الحكم‪ ،‬وإليه ترجعون‪.‬‬

‫نقل عن موقع‬
‫‪www.rifaieonline.com‬‬
‫بتنسيق دار اليمان‬

You might also like