Professional Documents
Culture Documents
1955
تختص المحاكم التجارية بالنظر في النزاعات المتعلقة بالصول التجارية 1 .ويعرف بعض الفقهاء الصل
التجاري بانه مجموعة من الموال المعنوية و المادية تكون للمتجر وحدة قانونية مستقلة معدة للستغلل
التجاري .2وتبعا لذلك يتكون الصل التجاري من عناصر معنوية كالزبائن ومن عناصر مادية كالبضائع و
التجهيزات .3لذلك يكتسي الصل التجاري اهمية بالغة للحياة التجارية ،فهو الذي يمكن التاجر و المقاولة
من ممارسة النشاط التجاري ،لذلك يعتبر منح الختصاص للمحاكم التجارية للبت في النزاعات المتعلقة
بالصل التجاري ضمانة هامة للتجار.
لهذا يثار التساؤل حول المقصود بالنزاعات المتعلقة بالصول التجارية؟
هل يقصد بها النزاعات ذات العلقة بالعقود المتعلقة بالصل التجاري كعقد بيع الصل التجاري او رهنه او
تقديمه حصة في شركة او التسيير الحر للصل التجاري؟ أي النزاعات الناتجة عن تطبيق مقتضيات القسم
الثاني من الكتاب الثاني من مدونة التجارة .ام انه من الممكن اقحام النزاعات الناتجة عنتطبيق ظهير 24
ماي 1955المتعلق بكراء الملك و الماكن المستعملة للتجارة او الصناعة او الحرف ضمن هذا
الختصاص .4؟ مع العلم انه جاء في الفصل الول من نفس الظهير انه " يطبق على عقود كراء الملك و
الماكن التي يستغل فيها اصل تجاري سواء كان هذا الصل يعود الى تاجر او صانع او رب حرفة".
وتبعا لذلك سيكون تصميم هذا الموضوع على النحو التالي:
الفصل الول :الصل التجاري و العناصر المكونة له:
المبحث الول :تعريف الصل التجاري وتحديد طبيعته القانونية:
المطلب الول :ماهية الصل التجاري:
المطلب الثاني :عناصر الصل التجاري:
المبحث الثاني :مجال اختصاص المحاكم التجارية في نزاعات الصل التجاري:
الفصل الثاني :دعاوى الكرية التجارية:
المبحث الول :التجاه الرافض لختصاص المحاكم التجارية:
المبحث الثاني :التجاه المؤيد لختصاص المحاكم التجارية:
المبحث الثالث :التجاه المبرر لزدواجية الختصاص:
الفصل الول :الصل التجاري و العناصر المكونة له:
المبحث الول :تعريف الصل التجاري وتحديد طبيعته القانونية:
المطلب الول :ماهية الصل التجاري:
* الفقرة الولى :تعريف الصل التجاري :على خلف اغلب التشريعات كالتشريع الفرنسي و المصري
عرف المشرع المغربي الصل التجاري في المادة 79من مدونة التجارة بان" الصل التجاري مال منقول
معنوي يشمل جميع الموال المنقولة المخصصة لممارسة نشاط تجاري او عدة انشطة تجارية" .5ال انه
ل يفهم من هذا التعريف ان المشرع قد حصر الصل التجاري في ممارسة النشاط التجاري وحده ،مسبعدا
بذلك بقية النشطة القتصادية الخرى ،بل قصد به بصفة عامة ممارسة أي نشاط من النشطة التي يكتسب
ممارستها صفة تاجر .6لذلك فالصل التجاري يعتبر مال منقول حتى لو باشر المالك تجارته في عقار
يملكه ،ويترتب عن ذلك ايضا عدم خضوعه لقاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية .لنها تطبق على
المنقولت المادية فقط ،فما هي الطبيعة القانونية للصل التجاري؟
* الفقرة الثانية :الطبيعة القانونية للصل التجاري :اختلف الفقه فيتحديد الطبيعة القانونية للصل
التجاري وخاصة تحديد ما اذا كان يشكل مال مستقل او وحدة قانونية او واقعية.
الصل التجاري مال منقول يتكون من مجموع اموال منقولة :ظهرت نظريتان تؤصل احداهما على اساس
الواقع بينما تؤصل الثانية على اساس القانون - :.نظرية المجموعة القانونية مفادها ان الصل التجاري
شيء منفرد له ذاتيته الخاصة لذلك يشكل وحدة او مجموعة قانونية مرصودة مالية خاصة مستقلة عن ذمة
التجار .عكس ما يذهب اليه الفقه اللتيني و المشرع المغربي اللذان يرون ان الصل التجاري ل يشكل
وحدة قانونية وذمة مالية مستقلة عن شخص التاجر وبالتالي يعتمدان وحدة الذمة المالية .اما نظرية
المجموعة الواقعية :مفادها ان الصل التجاري مجرد تجمع للموال تربط فيما بينها غايةمعينة هي التجار
.7
* الفقرة الثالثة :الصل التجاري منقول معنوي"م :"79رغم احتواء الصل التجاري على عناصر تختلف
من حيث الطبيعة :عناصر مادية وعناصر معنوية ،فان معظم الفقهاء اتفقوا على اعتبار الصل التجاري
مال منقول معنوي" م ."79
المطلب الثاني:عناصر الصل التجاري:
يشمل الصل التجاري مجموعة عناصر معنوية واخرى مادية .وهذه المجموعة غير قابلة للتجزئة ،وان
تجزات فانها تفقد وصف الصل التجاري 8وقد حدد المشرع المغربي في المادة 80من مدونة التجارة
العناصر الجوهرية للصل التجاري.
* الفقرة الولى :العناصر المادية :فالعناصر المادية هي -1 :البضائع وهي السلع المعدة للبيع -2وبعض
اللت الصناعية التي يستعين بها التاجر او الصانع في اداء وظيفته كسيارة النقل وتجهيزات المقهى والت
المعمل وغيرها-3 .تجهيزات الصل التجاري من الثاث والمفروشات التي يستعملها التاجر لتجهيز مكتبه
وصالة الستقبال :كالمقاعد و الطاولت و الهاتف و اللة الكاتبة ...وتشكل تجهيزات المتجر وادواته راس
المال المتحرك القابل للتحويل و التجديد .9
* الفرة الثانية :العناصر المعنوية وهي على نوعين:
-1العناصر المعنوية العادية :وتلعب دورا مهما في تحديد القيمة المالية للصل التجاري وهي:
-1.1الزبناء :وهو اهم عنصر معنوي في الصل التجاري ويقصد بالزبناء الشخاص الذين يتكون
منهم رواد الصل التجاري الذين اعتادوا ان ياموه لقضاء حاجياتهم .كما ان عنصر الزبناء يرتبط بالصل
التجاري وينجدب اليه بفضل الخصائص التي يمتاز بها و التي تتكون في مجموعها :السمعة التجارية للمحل
التي هي وليدة موقعه ونوعية الخدمات التي يقدمها .10
-1.2السم التجاري او العنوان التجاري :يطلق كل تاجر اسما خاصا على اصله التجاري قصد
التعريف به في الوسط التجاري وبين زبنائه ،ونقصد بهذا السم ذلك الذي يظهر عادة على واجهة المتجر
وفي مطبوعات التاجر بحيث يكون عنوانه التجاري ويمضي به التاجر كافة معاملته مع الغير ،كما تجدر
الشارة هنا الى ان التاجر يملك اسمه التجاري او عنوانه بمجرد تسجيله في السجل التجاري .11
-1.3الشعار :الشعار التجاري هو الذي يميز الصل التجاري عن غيره لذلك فهو يختلف عن السم
التجاري من حيث انه يجب ان يكون مبتكرا ول صلة له بالسم المدني للتاجر عكس السم التجاري الذي
يرجع اصله عادة الى اسم التاجر المدني ،ويظهر الشعار على مطبوعات التاجر وبضائعه .كما ان السبقية
في الستعمال هي التي تعطي للتاجر الحق في ملكية الشعار ،ويمكن للتاجر ان يتصرف في شعاره باستقلل
عن عن الصل التجاري وذلك بخلف الحال بالنسبة للسم التجاري .12
-1.4حقوق الملكية الصناعية و التجارية:
+براءة الختراع :يقصد بها تلك الشهادة التي تمنحها لمن اخترع اختراعا جديدا يتعلق بمنتوج
جديد او اكتشافه لطريقة جديدة للحصول على انتاج قديم .13ويخول الختراع لصاحبه الحق في استغلله
لمدة عشرين سنة وبعد ذلك يصبح ملكا مشاعا .14
+الرسوم و النماذج الصناعية :يقصد بها تلك المبتكرات التي تتسم بالطابع الغني تعطي
للمنتوجات الصناعية رونقا وجمال .فالرسم مجرد مخطوط اما النموذج فهو جسم له حجم معين ،كقالب
الحذية واوعية العطور و المشروعات وغيرها .والرسوم و النماذج تمنح لصاحبها الحق في استغللها
وبيعها شرط ان يكون قد وقع ايداعها على الشكل المتطلب قانونا في مكتب حماية الملكية الصناعية و
الفنية .15
+العلمات الفارقة او علمات الصنع :توضع على بضاعة التاجر تمييزا لها عن غيرها من
البضاعات المنافسة لها .وقد تكون علمة الصنع عبارة عن اسم مميز او رمز او اثار او دمغة او طابع او
نقش او حروف او ارقام ...وكل العلمات الخرى التي تميزمنتوج مصنع معين او استغلل زراعي او
غابوي او استخراجي او مواد تجارية .16غير انه يمكن اثبات ملكية العلمة الفارقة باثبات اولوية
استعمالها ،وفي هذه الحالة ل يقبل الثبات ال بالوسائل الكتابية .17
-1.5حق الكراء :حق معنوي قابل للتصرف فيه بالبيع ضمن عناصر الحق التجاري او بصفة منفردة
اذ ينص الفصل 37من ظ 24مايو على انه" تكون التفاقات باطلة مهما كانت صيغتها اذا كان القصد منها
منع مكتر توافرت فيه الشروط من التخلي عن عقد الكراء للغير" .اما الكراء من الباطن فان الفصل 22
يمنعه ما لم يتضمن العقد شرطا يقضي بجوازه او يوافق المكري على ذلك كتابة.
-2العناصر المستثناة من الصل التجاري -1 :الديون و القروض -2الدفاتر التجارية وغيرها من
المستندات الحسابية -3العقود و الصفقات -4العقارات .
فالصل التجاري ل يتكون ال بعد اكتساب المؤسسة التجارية لعدد كبير من الزبناء بفضل سمعتها التجارية
وهو ما يتطلب مرور بعض الوقت بعد الفتتاح .18
المبحث الثاني :مجال اختصاص المحاكم التجارية في نزاعات الصل التجاري:
تختص المحاكم التجارية بالنظر في النزاعات المتعلقة بالصول التجارية .19تثير صياغة البند الخامس
من المادة الخامسة التساؤل حول المقصود باختصاص المحاكم التجارية في النزاعات المتعلقة بالصل
التجاري .فهل يقصد بهذه النزاعات تلك التي تهم العقود و التصرفات التي نظمها المشرع تحت عنوان
الصل التجاري ،وخاصة القسم الثاني من الكتاب الثاني المنظم للعقود المتعلقة بالصل التجاري ؟ ام انها
تتجاوز ذلك الى نزاعات اخرى يمكن ان تنصب على الصل التجاري؟ 20
فالعقود المتعلقة بالصل التجاري هي :بيع او رهن الصل التجاري او تقديمه حصة في شركة او التسيير
الحر ) كراء الصل التجاري( .حيث نظم المشرع لول مرة كل من عقد التسيير الحر للصل التجاري
) المواد 152الى 158من نفس المدونة( .الذي كان يخضع قبل ذلك للمبادئ العامة للكراء في قانون
اللتزامات و العقود .وتقديم الصل التجاري حصة في شركة كما قام المشرع بتجميع العقود المتعلقة
بالتصرف في الصل التجاري حيث اعاد تنظيم بعض العقود من جديد وهي بيع ورهن الصل
التجاري) المواد 103-81الى 151منمدونة التجارة( .و التي كان يطبق عليها ظهير .31.12.1914
وتجدر الشارة هنا الى ان محكمة السئناف التجارية بفاس صرحت بان " المشرع....قد عقد الختصاص
للمحاكم التجارية بما فيها من بيع ورهن او تسيير حر " " .سواء كان الصل التجاري موجودا اومنازعا
فيه" ولو كان الطرف المدعي مدنيا ما دام طلبه انصب على ابطال عقد بيع اصل تجاري مخول الختصاص
فيه وبنص القانون القانون للمحاكم التجارية وحدها" .21لكن مع ذلك تبقى اشكالية اختصاص المحاكم
التجارية للنظر في بعض النزاعات الناتجة عن تنفيذ العقود المتعلقة بالصل التجاري قائمة خاصة في
الحالة التي يكون فيها النزاع ذا طبيعة مدنية بالنسبة لحد طرفيه.
فبيع الصل التجاري من طرف شخص ل يستغل هذا الصل او لم يعد يستغله ،وكذا التصرفات الهادفة الى
خلق اصل تجاري و التي يقوم بها غير التاجر من الصعب وصفها بالعقود او العمال التجارية .22
الفصل الثاني :دعاوى الكرية التجارية:
نظم المشرع المغربي موضوع الكرية التجارية بمقتضى ظهير 24ماي 1955لذلك يثار التساؤل التالي
اثناء تطبيق هذا الظهير ،هل يرجع الختصاص للمحاكم التجارية المحدثة ام يبقى الختصاص بيد المحكمة
البتدائية ،ورئيسها بصفته قاضيا للصلح؟ وللجابة على هذا التساؤل انقسم المهتمون في الوسط الفقهي و
القضائي الى 3اتجاهات :يرى التجاه الول ان المحاكم التجارية ليست مختصة بالبت في هذه الدعاوى
اعتمادا على المصدر التاريخي عكس التجاه الثاني الذي يؤيد الراي القائل باختصاص المحاكم التجارية
بالبت في هذه الدعاوى اعتمادا على المادة 5من قانون مدونة التجارة .والثالث يرى ان هناك ازدواجية في
الختصاص فتارة يكون للمحاكم البتدائية وتارة يكون للمحاكم التجارية بحسب صفة طرفي النزاع.
المبحث الول :التجاه الرافض لختصاص المحاكم التجارية:
يستند انصار هذا التجاه الرافض لختصاص المحاكم التجارية على المصدر التاريخي للتشريع المغربي
أي التشريع الفرنسي الذي يتبين منه ان عقد كراء المحلت التجارية او الصناعية او الحرفية يخضع في
تجديده لمرسوم 30شتنبر 1953الذي منح الختصاص في المنازعات التي تتعلق بتطبيقه للمحكمة المدنية
أي المحكمة البتدائية ،فاختصاصها من النظام العام تثيره المحكمة من تلقاء نفسها.
كذلك فالختصاص العام للمحاكم المدنية فيما يخص الكرية التجارية ينفي اختصاص المحاكم التجارية
التي ل تعتبر مختصة بمنازعات الكراء ولو كان تجاريا نظرا للطابع المدني لعقد الكراء .23وقد ايدت
محكمة الستئناف التجارية بفاس هذا التجاه في عدة قرارات اصدرتها في الموضوع حيث اكدت في قرار
لحق ان ":المشرع بمقتضى قانون 95.53لم ينزع الختصاصات المخولة لرئيس المحكمة البتدائية
بمقتضى قوانين خاصة ومنها مقتضيات ظهير 24.5.1955و المحاكم التجارية محاكم اشتثنائية ل يمكن
التوسع في الختصاصات المستندة لها ،لن المشرع ضيق هذه الختصاصات وجعلها في اطار محدود
ولفائدة اشخاص معينين ولغراض خاصة وبناء على نصوص واردة بمدونة التجارة" .24كما ان نفس
المحكمة سارت في نفس التجاه في وقت لحق واكدت في احد القرارات الصادرة عنها ان ":النزاعات
التجارية المتعلقة بالصول التجارية محصورة في بيع الصل التجاري او رهن او تقديمه على وجه التسيير
الحر او حص في شركة وليس منها طلب التعويض عن عدم استرجاع المحل المكتري وبالتالي فان
المحكمة التجارية غير مختصة نوعيا للبت في الطلبات المدنية الصرفة" .25
ويعتقد بعض الفقهاء 26ان هذه الحكام جاءت موافقة لبعض الجتهادات السابقة للمحاكم المغربية في
زمن ماض لم تكن فيه للتمييز بين العقود المدنية والعقود التجارية اهمية من حيث الختصاص القضاي
مستدلين على ذلك بحكم المحكمة البتدائية بالدار البيضاء الذي يرجعتاريخه الى 29نونبر 1949بقولها"
ان كراء الماكن او المحلت ل يعتبر عمل تجاريا سواء بالنسبة للمكري او بالنسبة للمكتري ولو كانا
تاجرين ما دام الكراء ل يتعلق باعمالهما التجارية" .27
المبحث الثاني:التجاه المؤيد لختصاص المحاكم التجارية:
يرى القائلون بهذا التجاه 28بان عبارة الصول التجارية الواردة في المادة 5الفقرة 5غير محددة
بالضافة الى ان المشرع لو اراد حصر هذه النزاعات في العقود و التصرفات التي تتعلق بالصل التجاري
بجميع عناصره لستعمل عبارة المنصبة بدل من المتعلقة بالصول التجارية .29وتبعا لذلك يرى البحثين
المؤيدين لهذا التجاه ان الغاية من تنصيص المشرع على المحاكم التجارية تختص بالنظر في النزاعات
المتعلقة بالصل التجاري منه عدم حصر اختصاصها في العقود المتعلقة بالصل التجاري كتقديم الصل
التجاري حصة في الشركة وبيع ورهن وتسيير حر بل يمتد ليشمل كل النزاعات المتعلقة بهذا الصل كما في
حالة التعويض عنه المنصوص عليه في ظهير .24/5/1955
لذلك فالظهائر الخاصة التي تنظم العمل التجاري ل تعني بالضرورة عدم خضوعها لختصاص المحاكم
التجارية كظهير 24/5/1955لذلك فدعوى الصلح) ف 27من ظهير (24/5/1955و الشرط الفاسخ) ف
26من نفس الظهير( يتعلق بعقد الكراء التجاري الذي يدخل في مفهوم المادة التجارية التي يرجع
الختصاص بها لرئيس المحكمة طبقا للمادة 20من قانون احداث المحاكم التجارية .30وقد تبنت هذا
المفهوم الواسع للختصاص الذي يمتد ليشمل كل ما يتعلق بالصل التجاري وعناصره محكمة الستئناف
بمراكش محاولة منها لتفسير مقتضيات الفقرة 5من المادة 5بان لفظة النزاعات الواردة في الفقرة
المذكورة جاءت شاملة لجميع النزاعات سواء تعلق المر بالعقود المنصبة على الصل التجاري او
المنازعات الرامية الى رفض او تجديد العقود في اطار ظهير 24/5/1955او غيرها من المنازعات الخرى
وسواء تعلق المر بنزاع حول الصل التجاري برمته او احد عناصره ،اذ ان مناط اختصاص المحاكم
التجارية هو وجود نزاع يتعلق بالصل التجاري بصرف النظر عن كون العقد مدني او تجاري.
وحيث انه تبعا لما ذكر فان المحكمة التجارية طبقا للمادة الخامسة الفقرة 5من قانون احداث المحاكم
التجارية تبقى هي المختصة للبت في القضية الشيء الذي يتعين معه الغاء الحكم المطعون فيه و الحكم
الجديد باختصاص المحكمة التجارية بمراكش للبت في القضية .31ويرى بعض الفقهاء ان نية المشرع
عندما منح الختصاص فيما يتعلق بمنازعات الصول التجارية اقتصرت فقط على العقود المتعلقة بالصل
التجاري المشار اليها في مدونة التجارة ولم يقصد بها المشرع ادخال منازعات الكرية التجارية .مستندين
في ذلك على ان المشرع لم ينظم الكرية التجارية في مدونة التجارة مما يبين ان المشرع القى على
الختصاص المدني لمنازعات الكرية التجارية .32لذلك يعارض هؤلء الفقهاء ما ذهبت اليه محكمة
السئناف التجارية بمراكش في قرارها اعله .وقد سارت الغرفة التجارية بالمجلس العلى في نفس التجاه.
33
المبحث الثالث :التجاه المبرر لزدواجية الختصاص:
يعتمد اصحاب هذا التجاه على صفة طرفي النزاع وطبيعة الكراء التجاري بالنسبة لكل واحد منها كمعيار
لتحديد المحكمة المختصة بالنظر في النزاعات ذات العلقة بالكراء التجاري .فاذا كان المكري و المكتري
تاجرين فالختصاص يكون للمحاكم التجارية لذلك فالعقد في هذه الحالة عقدا تجاريا .اما اذا كان المكري
غير تاجر و المكتري تاجرا تكون المحكمة البتدائية هي المختصة لن العقد في هذه الحالة عقد مختلط ما لم
يتم التفاق بين الطرفين على اسناد الختصاص للمحكمة التجارية .35وقد ايدت محكمة الستئناف
التجارية بالدار البيضاء هذا التجاه في قراراتها اذ اعتبرت ":ان عقود كراء المحلت التجارية المنظمة
بمقتضى ظهير 24/5/1955ل تعد عقودا تجارية بطبيعتها ال اذا ابرمت بين تاجرين وفي هذه الحالة ينعقد
الختصاص للبت في النزاعات المتعلقة بشانها للمحاكم التجارية استنادا الى الفقرة الثانية من المادة
الخامسة من قانون احداث المحاكم التجارية ،اما اذا ابرمت بين مكتر تاجر ومكر غير تاجر فنكونفي هذه
الحالة امام عقد مختلط باعتباره تجاريا بالنسبة للول و لو تعلق بالعمال الولية و التحضيرية لممارسة
اعماله التجارية ومدنيا بالنسبة للثاني على اساس ان عقد كراء العقار يعد عمل مدنيا ،وتبعا لذلك ل ينعقد
الختصاص للمحاكم التجاريةفي هذه الحالة ال باتفاق الطراف طبقا للفقرة ما قبل الخيرة من المادة
الخامسة من نفس القانون 36
ويبدو ان هذا التجاه هو اقرب الى الصواب لن عقد الكراء المنصب على محل ااتجارة عقد مدني بالنسبة
لمالك الرقبة ،وبالتالي يبقى لهذا الجانب الللجوء الى المحكمة البتدائية او المحكمة التجارية سواء تعلق
المر بتطبيق مقتضيات ظهير 24ماي 1955او ظهير 5يناير .37 1953
خاتمة :تختلف المحاكم التجارية ومحاكم الستئناف التجارية بشان تطبيق مقتضيات ظهير
24/5/1955حيث اصبح الختصاص بتطبيق هذا الظهير بالنسبة لبعض المحاكم التجارية وسلة لثبات
وجودها وحضورها حتى ولو لم يوجد سند قانوني صريح لختصاصها واخرى اخذت تستبعد اختصاصها
مطلقا بهذا الشان لتخفيف كاهلها من كم هائل من القضايا ،وبين هذا وذاك فان التشريع غائب ،اذ المطلوب
ان يقوم المشرع بتحديد مضمون النزاعات المتعلقة بالصول التجارية بدل اقتضابه او عموميته .38كما
سيترتب على تضارب الجتهاد القضائي ضياع للحقوق الشيء الذي ادى بالمتقاضين الى رفع دعاوى
متزامنة في نفس الوقت امام المحاكم التجارية و امام المحاكم البتدائية حتى ل يفوتهم الجال الواردة في
الفصلين 27و 32من ظهير ماي .1955
ومما يزيد المور تعقيدا ان بعض المحاكم التجارية عند التصريح بعدم اختصاصها النوعي ل تقرر احالة
الملف على المحكمة البتدائية التي ترى انها مختصة لذلك على المحاكم التجارية و محاكم الستئناف
التجارية ايجاد حل مشترك لشكالية تطبيق ظهير 24ماي .1955
----------------------------------------
الهوامش:
-1البند الخامس من المادة 5من مدونة التجارة.
-2علي العبيدي :القانون التجاري المغربي ،مطبعة المنية الرباط .1966
-3المادة 79و 80من مدونة التجارة.
-4ذ محمد المجدوبي الدريسي :عمل المحاكم التجارية :بدايته اشكاليته ،ط 1999 1ص .128
-5المادة 79من مدونة التجارة.
-6ذ عبد السلم زوير :الختصاص النوعي للمحاكم التجارية واشكالياته العملية-نونبر 2004ص .87انظر
ايضا ذ عبد العزيز توفيق :عناصر الصل التجاري مقال منشور بمجلة المحامون ع 6س 1988ص .67
-7محمد نخلي :الوجيز في القانون التجاري.
-8محمود مختار احمد بربري :قانون المعاملت التجارية –ج -1العمال التجارية و التاجر .الشركات
التجارية شركات القطاع العام و الخاص الموال التجارية -دار الفكر العربي 1987.ص .724
-9الحماية القانونية للكراء التجاري :دراسة نظرية تطبيقية للنصوص على ضوء قرارات المجلس العلى-
ط -1988-3ص .200
-10محمد المجدوبي الدريسي ،نفس المرجع السابق ص .200
-11محمد المجدوبي الدريسي ،نفس المرجع السابق ص .200
-12محمد المجدوبي الدريسي ،نفس المرجع السابق ص .201
-13الفصل 24من ظ 23يونيو .1916
-14الفصل 26من ظ 23يونيو 1916
-15محمد المجدوبي الدريسي ،نفس المرجع السابق ص .201
-16الفصل 73من ظ .13/6/1916
-17الفصل 81من نفس الظهير اعله.
-18فؤاد معلل -شرح القانون التجاري المغربي الجديد-ط -1999-1ص .155
-19البند الخامس من المادة الخامسة من مدونة التجارة.
-20عبد السلم زوير -المرجع السابق.
-21قرار عدد 240صادر بتاريخ 14/12/1998في الملف رقم 340/98منشور بمجلة المعيار العدد 24
اكتوبر 1999ص .181-173
-22ذ محمد المجدوبي الدريسي :عمل المحاكم التجارية :بدايته اشكاليته ،ط .1999 1
-23ذ محمد المجدوبي الدريسي :عمل المحاكم التجارية :بدايته اشكاليته ،ط .1999 1
-24قرار رقم 98/58بتاريخ 14/9/1998في ملف عدد 98/98منشور بمجلة المنتدى ع -1مرجع سابق
ص .225وراجع ايضا في نفس التجاه وبناء على نفس الحيثيات القرار رقم 98/227بتاريخ
21/12/1998في الملف ع 339/98منشور بمجلة المنتدى ع -1مرجع سابق ص .230
-25قرار محكمة الستئناف التجارية بفاس رقم 72بتاريخ 8/2/1999في الملف ع 62/98منشور بمجلة
المعيار ع 24اكتوبر 1999ص .211-204
-26ذ محمد المجدوبي الدريسي :عمل المحاكم التجارية :بدايته اشكاليته ،ط .1999 1ص .137
-27ذ محمد المجدوبي الدريسي :عمل المحاكم التجارية :بدايته اشكاليته ،ط .1999 1ص .138منشور
بمجلة المحاكم المغربية بتاريخ 25/2/1955ص .30واشر اليه ايضا محمد الكشبور الراء المدني و الكراء
التجاري ص .9
-28عبد اللطيف تيجاني :هل تختص المحاكم التجارية بالنظر في الدعاوى الخاصة بالكراء التجاري؟ مقال
منشور بجريدة العلم ليوم 16غشت 1997عدد .17277
-29ذ عبد السلم زوير :الختصاص النوعي للمحاكم التجارية واشكالياته العملية-نونبر .2004ص .93
-30محمد المجدوبي الدريسي الرجع السابق ص .138
-31قرار رقم 98/105بتاريخ 21/10/1998في الملف 98/107منشور بمجلة المحامي ع 34ص .198
-32محمد المجدوبي الدريسي المرجع السابق ص .140
-33قرار عدد 2248بتاريخ 14/11/2001في الملف ع 00/2227غير منشور.
-34احمد شكري السباعي.قراء في مدونة التجارة المغربية-جريدة العلم ليوم 6/1/1998ع .17420
محمد لفروجي مدى اعتبار المحكمة التجارية مختصة وحدها بالنظر في الدعوى المتعلقة بالكراء التجاري
–مجلة الشعاع ع .2301
-35عبد السلم زوير :الختصاص النوعي للمحاكم التجارية واشكالياته العملية-نونبر .2004ص .96
-36قرار رقم 98/162بتاريخ 8/10/1998في النلف 9/98/269منشور لدى محمد المجدوبي الدريسي
المرجع السابق ص . 192-189
-37عبد السلم زوير :الختصاص النوعي للمحاكم التجارية واشكالياته العملية-نونبر .2004ص .97
راجع في نفس التجاه قرار محمكمة الستئناف التجارية بالدار البيضاء رقم 99/181في الملف عدد
99/7/134ذكر محمد الفروجي في المرجع السابق.ص .26
-38محمد المجدوبي الدريسي المرجع السابق ص 145
جهاد أكرام
محام متمرن بهيئة الدار البيضاء
أثار انتباهي المقال الذي نشره الستاذ عبد العزيز المتوكل على الموقع ،و المعنون ب
"النزاعات المتعلقة بالصول التجارية و علقتها بظهير 24ماي ،"1955خاصة وأن لي في
الموضوع رأيا مخالفا نوعا ما لذلك الذي وصل إليه الزميل صاحب المقال .فقد نصت المادة 5
من القانون 95-53على اختصاص المحاكم التجارية بالنظر في النزاعات المتعلقة بالصل
التجاري في فقرتها الخامسة .فما هو الصل التجاري )المبحث الول(؟ ثم ما المقصود
بالنزاعات المتعلقة به )المبحث الثاني(؟
المبحث الول :مفهوم الصل التجاري
تعريف الصل التجاري :و الصل التجاري مال معنوي منقول مكون من اجتماع عناصر معنوية و
أخرى مادية ،بغاية الستغلل التجاري).(1
عناصر الصل التجاري :و يتفاوت مدى إجبارية توافر العناصر المادية أو المعنوية باختلف
طبيعة و مكان مزاولة النشاط التجاري للتاجر ،بحيث تتطلب الصول التجارية المستغلة في
عقارات غير مملوكة للتاجر توافر الحق في الكراء ،و تستلزم تلك المستغلة بمناسبة البيع و
الشراء وجود بضاعة دون تلك التي يكون الغرض منها تقديم خدمات و أعمال .و المثلة كثيرة .و
لكن كافة الصول التجارية تستلزم بالضرورة توفر عنصر الزبناء الذي ل يمكن القول بوجود
أصل تجاري بدونه .فالصل التجاري ينشأ و يتطور و تزداد قيمته و تضمحل ثم يندثر بحسب
اتصال عنصر الزبناء به .من هنا نقول إن قيام الصل يتوقف لزاما على توفر عنصر الزبناء).(2
شرط الستغلل التجاري :و لكن اعتبار كل استغلل لعناصر مادية و معنوية مجتمعة -من بينها
عنصر الزبناء -كافيا لنشوء الصل التجاري ،أمر غير سليم و ذلك لنه:
-من جهة أولى ،فإن عنصر الزبناء كما قلنا سابقا ليس العنصر الضروري الوحيد لنشوء الصل
التجاري ،بل فقط العنصر الساسي المشترك بين كافة الصول التجارية .فهناك أصول تجارية
ل تنشأ إل مع وجود الحق في الكراء ،و أخرى إل بوجود بضائع …إلخ.
-ومن جهة ثانية ،لن وجود الصل التجاري المستغل في المحل المكترى يكون رهينا بمرور
مدة معينة على النتفاع بالمحل الذي يمارس فيه التاجر نشاطه ،و هي سنتان في عقود الكراء
الكتابية و أربع سنوات في العقود الشفوية )الفصل 5من ظ .(24/5/1955
-و من جهة ثالثة –و هي التي تهمنا ،-فلو كان المر كذلك لمكن اعتبار المحامي أو الطبيب
اللذين يزاولن مهنتهما في ظل ظروف مشابهة لتلك التي يمارس فيها التاجر نشاطه ،لمكن
اعتبارهما مالكي أصول تجارية .صحيح أن كل من المحامي و الطبيب و غيرهما من أصحاب
المهن الحرة غير التجارية يتوفر على الزبناء ،و يملك بالتالي مال معنويا منقول شبيها إلى حد
بعيد بالصل التجاري ،غير أنه ل يمكن أن يكون كذلك بل هو أصل مهني .و إذا كان الصل
التجاري قد فرض وجوده كنظام قانوني مستقل عن الموال التي تشكـله ،فـإن الصل الـمهني
ل يقـل عنـه أهمية ،خاصة إذا نظرنا إلى الظروف التي يمارس فيها بعض المحامين و الطباء
مهنهم؛ فإذا كان المشرع قد تبنى تنظيما قانونيا للصل التجاري و أقر له حماية قانونية ،فإن
الدور قد حان لتخصيص الملكية المهنية بنفس المتياز.
و ليس هذا موضوعنا ،و لكن الذي نرمي إليه من وراء كل هذا هو أن نشوء أصل تجاري ،و
بالتالي ثبوت الختصاص للقضاء التجاري في النزاعات المتصلة به ،مشروط بكون العمل
المستغل بواسطة هذا الصل عمل تجاريا .و في هذا الصدد قضت محكمة الستئناف بالبيضاء
في قرار حديث لها "أنه و إن كانت تتوفر للستغلل المهني للمصحة المذكورة عناصر من طينة
تلك التي يتشكل منها المحل التجاري كعنصر الزبناء و الثاث و الليات فإنها ل ترقى لهذه
الصفة لفقدان الصفة التجارية للنشاط الممارس بها باعتبار أنه يلزم في المحل التجاري أن
تثبت الصفة التجارية لنشاطه كما يلزم أن يمارس المستغل النشاط التجاري على وجه
الحتراف حتى يكتسب صفة التاجر .أضف إلى ذلك أن الزبناء كأحد أهم العناصر المتعلقة
بالمبيع ترتبط بشخص صاحب المحل كطبيب لكفاءته و تمرسه ل بالمقر الذي يزاول فيه
مهنته").(3
مشروع القانون :53-95إذا كان الختصاص في قضايا الصول التجارية قد نص عليه في مشروع
القانون ،95-53فإن النص الصلي للمادة 5/5لم يبق على حاله في الصيغة النهائية للمادة المصادق
عليها .ففي حين نصت المادة 5في المشروع على اختصاص المحاكم التجارية للبث في النزاعات
الخاصة بالصول التجارية بين كافة الشخاص ،نجد المشرع قد حذف عبارة "بين جميع الشخاص"
في الصيغة النهائية لهذه المادة .كما و أن هذه الفقرة أثارت نقاشا حادا بمناسبة المناقشات في
لجنة العدل و التشريع و عرفت التعديل أكثر من مرة).(4
الختصاص على أساس معيار موضوعي :و قد أسند المشرع الختصاص للقضاء التجاري للبث
في نزاعات الصول التجارية على أساس موضوعي محض و بغض النظر عن صفة أطراف
النزاع .و ل يقدح في هذا القول حذف المشرع عبارة "بين جميع الشخاص" من المادة ، 5ما
دام أنـه لـم يتـطـلـب صـراحة توافر صفة التاجر في أطراف النزاع ،بل فقط تعلقه بالصل
التجاري .و في ذلك قضت محكمة الستئناف التجارية بالبيضاء "أن عقد التسيير الحر باعتباره
ينظم أحد التصرفات المنصبة على الصل التجاري و التي تكفلت مدونة التجارة بتنظيمها فإن
جميع النزاعات المتعلقة بشأن تطبيق هذا العقد تكون من اختصاص المحاكم التجارية بغض
النظر عن صفة موقع العقد و ذلك تطبيقا لمقتضيات المادة 5من القانون المحدث للمحاكم
التجارية").(5
مرونة المعيار :هذا ،و بنص المشرع على "النزاعات المتعلقة بالصل التجاري" ،يكون قد
استعمل معيارا مرنا في تحديد النزاعات الخاضعة لسلطة القضاء التجاري في مادة الصول
التجارية ،حيث إن هذه العبارة تغطي العديد من النزاعات كلما وقفت المحكمة على ما لها من
علقة بالصل التجاري.
و من تم يمكن القول بأن النزاعات المتعلقة بالصل التجاري التي يختص القضاء التجاري
بالفصل فيها ل تقع تحت حصر ،و لكننا نكتفي هنا بدراسة نوعين من النزاعات نظرا لشيوعهما
و أهميتهما ،و هما تباعا النزاعات الناشئة بمناسبة العمليات الواقعة على الصل
التجاري)المطلب الول( ،و النزاعات الناشئة في إطار ظهير 24ماي )1955المطلب الثاني(.
المطلب الول :النزاعات الناشئة بمناسبة العمليات الواقعة على الصل التجاري
يذهب جانب من الفقه إلى القول باقتصار الختصاص المذكور في المادة 5/5من القانون -53
95على هذه النزاعات) .(6و القرب للصواب عكس ذلك لن النزاع المتعلق بالصل التجاري
أعم و أشمل من النزاع المتعلق بالعملية المنصبة عليه.
يقصد بالعمليات الواقعة على الصل التجاري في هذا المجال مختلف العمليات التي يكون هذا
الصل موضوعا لها .و يغلب أن تتخذ هذه العمليات شكل العقد ،و لكن ل مانع من ورودها في
شكل آخر كما هي حالة الوعد بالجائزة الذي يكون محله أصل تجاريا .و قد حددت مدونة التجارة
عددا من التصرفات العقدية المتعلقة بالصل التجاري في القسم الثاني من الكتاب الثاني منها
تحت عنوان "العقود المتعلقة بالصل التجاري" ،فخصت بالذكر كل من عقد البيع و عقد الرهن
و عقد تقديم الصل التجاري حصة في شركة و عقد التسيير الحر.
و إذا كان المشرع من خلل المواد من 81من المدونة قد وضع لئحة بالعقود المتعلقة بالصل
التجاري ،و كلها في الحقيقة من قبيل العقود المنصبة على الصل التجاري ،فإن هذا التعداد
ليس حصريا ،بل تقنينا لجملة من العقود الشائعة و التي توظف تقنيات قانونية مغايرة عن تلك
المنصوص عليها في ظ.ل.ع نظرا لخصوصية الصل التجاري .كما أنه ل يمكن بأي حال من
الحوال القول إن المشرع يستطيع أن يحدد لئحة حصرية للعقود .و عليه نقول إن العقود
الواردة على الصل التجاري غير محصورة في المواد من 81من المدونة .و خير مثال على ذلك
عقد هبة الصل التجاري .فنقول إن كل نزاع متعلق بعمل وارد على الصل التجاري خاضع
لولية القضاء التجاري.
و قد أسند القانون الختصاص للمحاكم التجارية في هذا النوع من القضايا بغض النظر عن
تجارية أطراف النزاع) (7و ل تجارية العمل الوارد عليه:
-فمن جانب أول ،فإن هذه العمليات و إن كانت تستوجب مبدئيا صفة التاجر في أحد
طرفيها ،فإنها ل تستلزمها في الطرفين معا .و تلك حالة عقد بيع الصل التجاري لشخص لم
يكتسب الصفة التجارية بعد ،و إنما ينوي الشروع في الستغلل التجاري بعد شرائه للصل .و
تقاس عليها حالة عقد التسيير الحر .بل و إننا قد نكون أمام حالة تنتفي فيها الصفة التجارية
عن كافة أطراف العقد ،و بالتالي أطراف النزاع ،و تلك حالة عقد بيع الصل التجاري من طرف
ورثة التاجر لشخص يعتزم البدء في ممارسة التجارة باستغلل هذا الصل.
-و من جانب ثان ،فإن الختصاص يثبت بغض النظر عن كون العمل المنصب على الصل
التجاري تجاريا أم ل .و رغم أن بيع الموال أو رهنها أو إكراءها ل يعتبر عمل تجاريا ،فقد دأب
الفقه على منح الوصف التجاري للعمليات المنصبة على الصل التجاري ،و اعتبر أن هذه
العمال تكتسب الوصف التجاري بالتبعية لصفة القائم بها و لو تعلقت بالعمال التحضيرية
لممارسة التجارة)(8؛ غير أن ذلك ل يزيد شيئا و ل ينقصه في مسألة اختصاص المحكمة
التجارية في النزاعات المتعلقة بالعمليات المنصبة على الصل التجاري.
المطلب الثاني:النزاعات الناشئة تطبيقا لظهير 24ماي 1955
جاء هذا الظهير لينظم مساطر تجديد و إنهاء عقود كراء الملك و الماكن المستعملة للتجارة
أو الصناعة أو الحرف ،و بالتالي لوضع "ضابط خاص لقرار العلقات بين المكرين و المكترين
للملك أو الماكن التي أعدت لشؤون تجارية أو صناعية أو حرفية .و كان الغرض الرئيسي منه
هو حماية هذه الطبقة من المكترين من الغلو في غبن حقوقهم الذي قد يؤدي إلى عواقب
وخيمة ،فوجبت وقتئذ الحيلولة دون حدوثه لنه كان تسبب في ضرر لمستغلي تلك المتاجر و
لرباب ديونهم .ومن تم يمس المؤسسات و يمتد مفعوله في نهاية المر إلى ما كان يرغب فيه
الصالح العام و هو استقرار نشاط العمال التجارية و الصناعية و الحرفية").(9
على أن هذا النوع من النزاعات شكل مصدرا لجدل حاد في الوساط الفقهية المغربية من حيث
مدى اختصاص المحاكم التجارية بالبث فيه على أساس المادة 5/5من القانون ،95-53بل إن
الجدل تجـاوز الوسط الفقهي للقضائي) ،(10كل هذا بالرغم من صراحة العمال التحضيرية
لقانون إحداث المحاكم التجارية في النقطة موضوع النقاش )هذا إذا اعتبرنا أن نص المادة
5منه لم يكن فاصل بكيفية صريحة(.
و الحقيقة أن الجدال بدأ قضائيا :فبعد أن حكمت المحكمة التجارية بالبيضاء بعدم اختصاصها
بالنظر في قضايا إفراغ المحلت التجارية على أساس المادة 5/5ق.م.ت ،و أيدت أحكامها
محكمة الستئناف التجارية بالدار البيضاء و سارت استئنافية فاس التجارية في ذات التجاه)
،(11خالفته محكمة الستئناف التجارية بمراكش و حكمت باختصاصها بالبث في قضايا إفراغ
المحلت التجارية على أساس الفقرة 5من المادة 5من القانون ،95-53أي باعتبار هذه
المنازعات متعلقة بالصول التجارية)(12؛ فوقع أن تضاربت أحكام المحاكم التجارية المغربية
في تقبل النظر في هذه القضايا بين رافض في شخص محكمتي البيضاء و فاس
الستئنافيتين ،و قابل في شخص محكمة الستئناف بمراكش.
انقسم الفقه أيضا إلى جانبين ،جانب قال باختصاص المحاكم التجارية و آخر قائل باختصاص
المحاكم البتدائية) ،(13و لكل رأي أسسه .وقد كنا و ما نزال من جانب الرأي الول ،و ما الذي
نكتبه هنا سوى استعراض لرأينا في الموضوع و الذي كنا قد أدلينا به بمناسبة نقاشنا مع أستاذ
المادة التجارية في السنة الثالثة للجازة ،أي قبل فصل المجلس العلى في الموضوع بمدة
وجيزة.
فقد ذهب الرأي الول إلى القول ،أول بأن عقد الكراء الذي يبرمه التاجر مع صاحب المحل
الذي يستغل فيه الصل التجاري ،عقد تجاري و بالتالي اختصت المحاكم التجارية على أساس
الفقرة 2من المادة 5من القانون ،95-53و ثانيا بأن المادة 5ق.م.ت جاءت مطلقة و دون
تحديد ،و لو أن المشرع أراد قصر هذه النزاعات على العمليات التي يكون الصل التجاري
موضوعا لها لستعمل عبارة النزاعات المنصبة على الصل التجاري ،و إلى أن الحق في الكراء
الذي يتوخى ظهير 1955حمايته هو أحد عناصر الصل التجاري ،و بالتالي اختصت تلك المحاكم
على أساس الفقرة 5من المادة المذكورة.
و قد قوبل هذا الرأي بالنقد الشديد من طرف أنصار الرأي الثاني .فاعتبر بعضهم أن عقد كراء
المحل التجاري ليس عقدا تجاريا لنه لم يرد في مدونة التجارة بل في ظهير 1955؛ و ذهبوا
بشأن الساس الثاني إلى أن عقد كراء المحل التجاري ينصب على عقار ،و إلى أنه ل علقة
لظهير 1955المقنن لكراء المحلت التجارية و هي عقارات ،بالصل التجاري و هو مال معنوي
منقول؛ و قال بعضهم بأن المحاكم التجارية في المغرب قليلة و أن القضاء عليه أن يراعي
لحكمه باختصاصه في هذه الدعاوى قرب المتقاضين منه ،خصوصا و أن المحاكم التجارية في
فرنسا و التي يفوق عددها بكثير عدد نظيرتها بالمغرب ل تختص بالبث في دعاوى إفراغ
المحلت التجارية .في حين قال جانب منهم بأن الختصاص في هذه القضايا منعقد للمحكمة
.(14) 1955 البتدائية بالنظر إلى صراحة مقتضيات الفصل 27من ظهير
و موقفنا من هذا الجدال موقف متحيز للقائلين بإسناد هذا الختصاص المحاكم التجارية ،و
سنحاول تأسيس هذا الرأي على النية الحقيقية لواضعي قانون إحداث المحاكم التجارية التي
إنما انصرفت إلى إسناد ذاك الختصاص لهذه المحاكم ،و قبل ذلك تفنيد كل أساس من السس
التي استند عليها القائلون باختصاص المحاكم البتدائية.
+إن القول بأن عقد الكراء التجاري هو عقد منصب على عقار ،في حين أن الصل التجاري
مال معنوي منقول ،ل يفيد في إبعاد اختصاص المحاكم التجارية .فهذا العقار الذي ينصب عليه
عقد الكراء ،إنما يستغل فيه هذا المال المنقول المدعو الصل التجاري ،و رفع دعوى المطالبة
بفسخ عقد الكراء التجاري ،و بالتالي إفراغ المحل التجاري ،إنما يعني إمكانية نهاية استغلل
هذا الصل التجاري فيه و بالتالي اندثاره و تخلفه متى تبع ذلك انقطاع اتصال الزبناء به؛ فكيف
بعد كل هذا ل يتصل نزاع إفراغ المحل التجاري بالصل التجاري ،و هو الذي من شأنه أن يؤدي
إلى إعدامه؟ و هل من منازعة أوثق اتصال بالصل التجاري من تلك التي تهم إفراغ المحل
التجاري الذي يستغل فيه؟ )و ل أحد هنا يخلط يبن العقار و الصل التجاري كما يزعم بعض
الفقه(.
+أما القول بكون إفراغ المحلت التجارية مقننا بظهير 24ماي 1955الذي ل علقة له
بالصل التجاري ،فل أسهل من تفنيده .فهذا الظهير لم يوضع إل حماية للملكية التجارية و
بالضبط حماية للصول التجارية ،بل إن مدونة التجارة ذاتها ،و من خلل كتابها الثاني المتعلق
بالصول التجارية ،لم تقر للصل التجاري ذات الحماية التي أقرها لها ظهير 24ماي .1955
+أما القول بأن المحاكم التجارية الفرنسية ل تختص بالبث في هذه النزاعات ،فذلك لن
نصوص القانون الفرنسي ل تسند لها هذا الختصاص ،بحيث ل تنص سوى على الختصاص في
النزاعات المتعلقة بالعمليات المنصبة على الصول التجارية).(15
+كما أن القول إن القضاء عليه أن يراعي قرب المواطنين منه للحكم باختصاصه في نوع
من النزاعات ،فل يجدي مع كون الختصاص الصلي للسلطة القضائية تطبيق القانون و ل سنه،
خصوصا مع وضوح المقتضيات التشريعية ،و إل اعتبر ذلك تدخل في شؤون سلطة سيدة في
الدولة .و نضيف أن مراعاة هذا المبدأ واجب ملقى على عاتق المشرع ل القضاء .فإن لم تكن
الدولة قادرة على تعميم المحاكم التجارية فما كان عليها إحداثها من أصله .بل و نضيف :هل
من الممكن أن تعلل المحكمة التجارية حكمها القاضي بعدم الختصاص كما يلي " وحيث إن عدد
المحاكم التجارية في المغرب قليل .و حيث إن مقر المحكمة التجارية بعيد عن مقر المتقاضي.
و حيث إنه كان على المشرع مراعاة مبدأ قرب القضاء من المواطنين".؟ ألن يكون حكمها في
هذه الحالة غير مرتكز على أساس قانوني و بالتالي معرضا لللغاء؟
+أما القول بصراحة الفصل 27من ظهير ،1955فل نظن أنه يستحق الرد من أساسه.
فهل منع الفصل 18من ق.م.م المحاكم التجارية من النظر في القضايا المسند إليها
الختصاص فيها بموجب القانون 95-53أو غيره من القوانين ،و قبلها المحاكم الدارية من
البث في النزاعات المحددة في المادة 8من القانون ،41-90على أساس أن هذا الفصل يخول
الختصاص في جميع القضايا التجارية و الدارية للمحاكم البتدائية؟ ثم أليس من المبادئ
الراسخة في كافة النظمة القانونية تقييد اللحق من التشريعات لسابقيه؟
و إذا ابتدأ الجدال قضائيا ،فقد انتهى أيضا كذلك من خلل قرار المجلس العلى
عدد 2248بتاريخ 14/11/2001في الملف عدد 2228/2000الذي جاء فيه " حيث إن المادة
الخامسة من القانون المحدث للمحاكم التجارية أسند الختصاص لهذه الخيرة بالنسبة للنزاعات
المتعلقة بالصول التجارية و إن حق التوبة يخضع لمسطرة تجديد عقد كراء محل معد للتجارة
الذي هو أحد عناصر الصل التجاري الداخل في النزاعات المتعلقة بالصول التجارية").(16
على أن كل هذا الشكال و الجدل الفقهي و القضائي ما كان ليثور لو أمعنت المحاكم التجارية
النظر في العمال التحضيرية للقانون .95-53فإذا أمكن القول بأن الفقرة 5/5من هذا
القانون ل تفصل في مسألة الختصاص هاته ،فإن إرادة المشرع في إسناده للمحاكم التجارية
واضحة من خلل ما أورده ذ /عبد الكبير طبيح في كتابه عن المحاكم التجارية ،و الذي يمكن
اعتباره نوعا ما بمثابة العمال التحضيرية لقانون إحداث هذه المحاكم بالنظر إلى أن مؤلفه
كان عضوا في لجنـة العـدل و التشريـع فـي البرلمـان ،و شارك بالتالي في مناقشات بنود و
مواد القانون المحدث للمحاكم التجارية .فقد جاء في كتابه هذا:
"فالمادة 5المذكورة عرفت عدة محاولت لتعديلها كان في مقدمتها التعديل الذي قدمته
الحكومة لول مرة و الذي أضاف إلى اختصاصات محكمة التجارة الدعاوى المتعلقة بالعقود
التجارية ،التي لم ينص عليها المشروع بصفة منفصلة ،كما استثنى ،أي تعديل الحكومة الول،
النزاعات المتعلقة بأداء الكراء المتعلقة بالصول التجارية ،و حذف الفقرة 2من نص المادة في
المشروع و هي الفقرة التي تدخل في اختصاص المحكمة التجارية البث في النزاعات القائمة
بين تاجر و غير تاجر إذا تعلق المر بأحد النشطة المنصوص عليها في مدونة التجارة.
على أن هذا التعديل الول على هذه المادة لم يكن ليغطي جميع القضايا التي هي بطبيعتها
تجارية و كان من شأنه أن يجعل عدة قضايا لها طبيعة تجارية تخرج عن اختصاص المحكمة
التجارية مما سيفقد هذه الخيرة الغرض الذي من أجله أحدثت.
و لقد كان المثال الواضح على ذلك هو الرغبة في استثناء النزاعات المتعلقة بأداء الكراء في
الصول التجارية ،هذا الستثناء الذي يتناقض مع ظهير 24/5/1955المنظم لفراغ الصول
التجارية.
إذ أن المطالبة بأداء واجبات الكراء بالنسبة لصل تجاري معين ،قد تنقلب إلى دعوى إفراغ
الصل التجاري و بالتالي فإن مسايرة التعديل الول كان سيجعل أهم النزاعات حول الصول
التجارية خارج اختصاص المحاكم التجارية.
و نظرا لهمية المآخذ التي ظهرت على التعديل الول الذي أدخلته الحكومة على نص
المادة 5بادرت هذه الخيرة إلى تقديم تعديل ثان و تم حذف الستثناء الذي وضع للنزاعات
على الصول التجارية ليبقى للمحكمة التجارية صلحية البث في جميع النزاعات المتعلقة
بالصول التجارية ،باستثناء قضايا الزيادة في الكراء في إطار ظهير 31يناير .(17)"1953
كما جاء في تدخل ذ .العياشي المسعودي نيابة عن فريق التجديد و التقدم بمناسبة مناقشة
المادة 5من مشروع قانون المحاكم التجارية …" :و قد تم قبول وجهة نظرنا فيما يتعلق
بالختصاص النوعي .و هكذا تم التراجع عن استثناء قضايا أداء الكراء من النزاعات المتعلقة
بالصول التجارية…").(18
و الذي يظهر من كل ذلك أن الختصاص في دعاوى الصول التجارية منعقد للمحاكم التجارية
بدون منازع.