You are on page 1of 10

‫النزاعات المتعلقة بالصول التجارية وعلقتها بتطبيق ظهير ‪24.5.

1955‬‬

‫اعداد‪ :‬ذ عبد العزيز المتوكل‬

‫استاذ متمرن بهيئة المحامين‬


‫بالرباط‬

‫تختص المحاكم التجارية بالنظر في النزاعات المتعلقة بالصول التجارية ‪1 .‬ويعرف بعض الفقهاء الصل‬
‫التجاري بانه مجموعة من الموال المعنوية و المادية تكون للمتجر وحدة قانونية مستقلة معدة للستغلل‬
‫التجاري ‪ .2‬وتبعا لذلك يتكون الصل التجاري من عناصر معنوية كالزبائن ومن عناصر مادية كالبضائع و‬
‫التجهيزات ‪ .3‬لذلك يكتسي الصل التجاري اهمية بالغة للحياة التجارية‪ ،‬فهو الذي يمكن التاجر و المقاولة‬
‫من ممارسة النشاط التجاري‪ ،‬لذلك يعتبر منح الختصاص للمحاكم التجارية للبت في النزاعات المتعلقة‬
‫بالصل التجاري ضمانة هامة للتجار‪.‬‬
‫لهذا يثار التساؤل حول المقصود بالنزاعات المتعلقة بالصول التجارية؟‬
‫هل يقصد بها النزاعات ذات العلقة بالعقود المتعلقة بالصل التجاري كعقد بيع الصل التجاري او رهنه او‬
‫تقديمه حصة في شركة او التسيير الحر للصل التجاري؟ أي النزاعات الناتجة عن تطبيق مقتضيات القسم‬
‫الثاني من الكتاب الثاني من مدونة التجارة‪ .‬ام انه من الممكن اقحام النزاعات الناتجة عنتطبيق ظهير ‪24‬‬
‫ماي ‪ 1955‬المتعلق بكراء الملك و الماكن المستعملة للتجارة او الصناعة او الحرف ضمن هذا‬
‫الختصاص ‪ .4‬؟ مع العلم انه جاء في الفصل الول من نفس الظهير انه " يطبق على عقود كراء الملك و‬
‫الماكن التي يستغل فيها اصل تجاري سواء كان هذا الصل يعود الى تاجر او صانع او رب حرفة"‪.‬‬
‫وتبعا لذلك سيكون تصميم هذا الموضوع على النحو التالي‪:‬‬
‫الفصل الول‪ :‬الصل التجاري و العناصر المكونة له‪:‬‬
‫المبحث الول‪ :‬تعريف الصل التجاري وتحديد طبيعته القانونية‪:‬‬
‫المطلب الول‪ :‬ماهية الصل التجاري‪:‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬عناصر الصل التجاري‪:‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬مجال اختصاص المحاكم التجارية في نزاعات الصل التجاري‪:‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬دعاوى الكرية التجارية‪:‬‬
‫المبحث الول‪ :‬التجاه الرافض لختصاص المحاكم التجارية‪:‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬التجاه المؤيد لختصاص المحاكم التجارية‪:‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬التجاه المبرر لزدواجية الختصاص‪:‬‬
‫الفصل الول‪ :‬الصل التجاري و العناصر المكونة له‪:‬‬
‫المبحث الول‪ :‬تعريف الصل التجاري وتحديد طبيعته القانونية‪:‬‬
‫المطلب الول‪ :‬ماهية الصل التجاري‪:‬‬
‫* الفقرة الولى‪ :‬تعريف الصل التجاري‪ :‬على خلف اغلب التشريعات كالتشريع الفرنسي و المصري‬
‫عرف المشرع المغربي الصل التجاري في المادة ‪ 79‬من مدونة التجارة بان" الصل التجاري مال منقول‬
‫معنوي يشمل جميع الموال المنقولة المخصصة لممارسة نشاط تجاري او عدة انشطة تجارية" ‪ .5‬ال انه‬
‫ل يفهم من هذا التعريف ان المشرع قد حصر الصل التجاري في ممارسة النشاط التجاري وحده‪ ،‬مسبعدا‬
‫بذلك بقية النشطة القتصادية الخرى‪ ،‬بل قصد به بصفة عامة ممارسة أي نشاط من النشطة التي يكتسب‬
‫ممارستها صفة تاجر ‪ .6‬لذلك فالصل التجاري يعتبر مال منقول حتى لو باشر المالك تجارته في عقار‬
‫يملكه‪ ،‬ويترتب عن ذلك ايضا عدم خضوعه لقاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية‪ .‬لنها تطبق على‬
‫المنقولت المادية فقط‪ ،‬فما هي الطبيعة القانونية للصل التجاري؟‬
‫* الفقرة الثانية‪ :‬الطبيعة القانونية للصل التجاري‪ :‬اختلف الفقه فيتحديد الطبيعة القانونية للصل‬
‫التجاري وخاصة تحديد ما اذا كان يشكل مال مستقل او وحدة قانونية او واقعية‪.‬‬
‫الصل التجاري مال منقول يتكون من مجموع اموال منقولة‪ :‬ظهرت نظريتان تؤصل احداهما على اساس‬
‫الواقع بينما تؤصل الثانية على اساس القانون‪ - :.‬نظرية المجموعة القانونية مفادها ان الصل التجاري‬
‫شيء منفرد له ذاتيته الخاصة لذلك يشكل وحدة او مجموعة قانونية مرصودة مالية خاصة مستقلة عن ذمة‬
‫التجار‪ .‬عكس ما يذهب اليه الفقه اللتيني و المشرع المغربي اللذان يرون ان الصل التجاري ل يشكل‬
‫وحدة قانونية وذمة مالية مستقلة عن شخص التاجر وبالتالي يعتمدان وحدة الذمة المالية‪ .‬اما نظرية‬
‫المجموعة الواقعية‪ :‬مفادها ان الصل التجاري مجرد تجمع للموال تربط فيما بينها غايةمعينة هي التجار‬
‫‪.7‬‬
‫* الفقرة الثالثة‪ :‬الصل التجاري منقول معنوي"م ‪ :"79‬رغم احتواء الصل التجاري على عناصر تختلف‬
‫من حيث الطبيعة ‪ :‬عناصر مادية وعناصر معنوية‪ ،‬فان معظم الفقهاء اتفقوا على اعتبار الصل التجاري‬
‫مال منقول معنوي" م ‪."79‬‬
‫المطلب الثاني‪:‬عناصر الصل التجاري‪:‬‬
‫يشمل الصل التجاري مجموعة عناصر معنوية واخرى مادية‪ .‬وهذه المجموعة غير قابلة للتجزئة‪ ،‬وان‬
‫تجزات فانها تفقد وصف الصل التجاري ‪ 8‬وقد حدد المشرع المغربي في المادة ‪ 80‬من مدونة التجارة‬
‫العناصر الجوهرية للصل التجاري‪.‬‬
‫* الفقرة الولى‪ :‬العناصر المادية‪ :‬فالعناصر المادية هي ‪ -1 :‬البضائع وهي السلع المعدة للبيع ‪-2‬وبعض‬
‫اللت الصناعية التي يستعين بها التاجر او الصانع في اداء وظيفته كسيارة النقل وتجهيزات المقهى والت‬
‫المعمل وغيرها‪-3 .‬تجهيزات الصل التجاري من الثاث والمفروشات التي يستعملها التاجر لتجهيز مكتبه‬
‫وصالة الستقبال‪ :‬كالمقاعد و الطاولت و الهاتف و اللة الكاتبة‪ ...‬وتشكل تجهيزات المتجر وادواته راس‬
‫المال المتحرك القابل للتحويل و التجديد ‪.9‬‬
‫* الفرة الثانية‪ :‬العناصر المعنوية وهي على نوعين‪:‬‬
‫‪ -1‬العناصر المعنوية العادية‪ :‬وتلعب دورا مهما في تحديد القيمة المالية للصل التجاري وهي‪:‬‬
‫‪ -1.1‬الزبناء‪ :‬وهو اهم عنصر معنوي في الصل التجاري ويقصد بالزبناء الشخاص الذين يتكون‬
‫منهم رواد الصل التجاري الذين اعتادوا ان ياموه لقضاء حاجياتهم‪ .‬كما ان عنصر الزبناء يرتبط بالصل‬
‫التجاري وينجدب اليه بفضل الخصائص التي يمتاز بها و التي تتكون في مجموعها‪ :‬السمعة التجارية للمحل‬
‫التي هي وليدة موقعه ونوعية الخدمات التي يقدمها ‪.10‬‬
‫‪ -1.2‬السم التجاري او العنوان التجاري‪ :‬يطلق كل تاجر اسما خاصا على اصله التجاري قصد‬
‫التعريف به في الوسط التجاري وبين زبنائه‪ ،‬ونقصد بهذا السم ذلك الذي يظهر عادة على واجهة المتجر‬
‫وفي مطبوعات التاجر بحيث يكون عنوانه التجاري ويمضي به التاجر كافة معاملته مع الغير‪ ،‬كما تجدر‬
‫الشارة هنا الى ان التاجر يملك اسمه التجاري او عنوانه بمجرد تسجيله في السجل التجاري ‪.11‬‬
‫‪ -1.3‬الشعار‪ :‬الشعار التجاري هو الذي يميز الصل التجاري عن غيره لذلك فهو يختلف عن السم‬
‫التجاري من حيث انه يجب ان يكون مبتكرا ول صلة له بالسم المدني للتاجر عكس السم التجاري الذي‬
‫يرجع اصله عادة الى اسم التاجر المدني‪ ،‬ويظهر الشعار على مطبوعات التاجر وبضائعه‪ .‬كما ان السبقية‬
‫في الستعمال هي التي تعطي للتاجر الحق في ملكية الشعار‪ ،‬ويمكن للتاجر ان يتصرف في شعاره باستقلل‬
‫عن عن الصل التجاري وذلك بخلف الحال بالنسبة للسم التجاري ‪.12‬‬
‫‪ -1.4‬حقوق الملكية الصناعية و التجارية‪:‬‬
‫‪ +‬براءة الختراع‪ :‬يقصد بها تلك الشهادة التي تمنحها لمن اخترع اختراعا جديدا يتعلق بمنتوج‬
‫جديد او اكتشافه لطريقة جديدة للحصول على انتاج قديم ‪ .13‬ويخول الختراع لصاحبه الحق في استغلله‬
‫لمدة عشرين سنة وبعد ذلك يصبح ملكا مشاعا ‪.14‬‬
‫‪ +‬الرسوم و النماذج الصناعية‪ :‬يقصد بها تلك المبتكرات التي تتسم بالطابع الغني تعطي‬
‫للمنتوجات الصناعية رونقا وجمال‪ .‬فالرسم مجرد مخطوط اما النموذج فهو جسم له حجم معين‪ ،‬كقالب‬
‫الحذية واوعية العطور و المشروعات وغيرها‪ .‬والرسوم و النماذج تمنح لصاحبها الحق في استغللها‬
‫وبيعها شرط ان يكون قد وقع ايداعها على الشكل المتطلب قانونا في مكتب حماية الملكية الصناعية و‬
‫الفنية ‪.15‬‬
‫‪ +‬العلمات الفارقة او علمات الصنع‪ :‬توضع على بضاعة التاجر تمييزا لها عن غيرها من‬
‫البضاعات المنافسة لها‪ .‬وقد تكون علمة الصنع عبارة عن اسم مميز او رمز او اثار او دمغة او طابع او‬
‫نقش او حروف او ارقام‪ ...‬وكل العلمات الخرى التي تميزمنتوج مصنع معين او استغلل زراعي او‬
‫غابوي او استخراجي او مواد تجارية ‪ .16‬غير انه يمكن اثبات ملكية العلمة الفارقة باثبات اولوية‬
‫استعمالها‪ ،‬وفي هذه الحالة ل يقبل الثبات ال بالوسائل الكتابية ‪.17‬‬
‫‪ -1.5‬حق الكراء‪ :‬حق معنوي قابل للتصرف فيه بالبيع ضمن عناصر الحق التجاري او بصفة منفردة‬
‫اذ ينص الفصل ‪ 37‬من ظ ‪ 24‬مايو على انه" تكون التفاقات باطلة مهما كانت صيغتها اذا كان القصد منها‬
‫منع مكتر توافرت فيه الشروط من التخلي عن عقد الكراء للغير"‪ .‬اما الكراء من الباطن فان الفصل ‪22‬‬
‫يمنعه ما لم يتضمن العقد شرطا يقضي بجوازه او يوافق المكري على ذلك كتابة‪.‬‬
‫‪ -2‬العناصر المستثناة من الصل التجاري‪ -1 :‬الديون و القروض ‪ -2‬الدفاتر التجارية وغيرها من‬
‫المستندات الحسابية ‪ -3‬العقود و الصفقات ‪ -4‬العقارات ‪.‬‬
‫فالصل التجاري ل يتكون ال بعد اكتساب المؤسسة التجارية لعدد كبير من الزبناء بفضل سمعتها التجارية‬
‫وهو ما يتطلب مرور بعض الوقت بعد الفتتاح ‪.18‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬مجال اختصاص المحاكم التجارية في نزاعات الصل التجاري‪:‬‬
‫تختص المحاكم التجارية بالنظر في النزاعات المتعلقة بالصول التجارية ‪ .19‬تثير صياغة البند الخامس‬
‫من المادة الخامسة التساؤل حول المقصود باختصاص المحاكم التجارية في النزاعات المتعلقة بالصل‬
‫التجاري‪ .‬فهل يقصد بهذه النزاعات تلك التي تهم العقود و التصرفات التي نظمها المشرع تحت عنوان‬
‫الصل التجاري ‪ ،‬وخاصة القسم الثاني من الكتاب الثاني المنظم للعقود المتعلقة بالصل التجاري ؟ ام انها‬
‫تتجاوز ذلك الى نزاعات اخرى يمكن ان تنصب على الصل التجاري؟ ‪20‬‬
‫فالعقود المتعلقة بالصل التجاري هي‪ :‬بيع او رهن الصل التجاري او تقديمه حصة في شركة او التسيير‬
‫الحر ) كراء الصل التجاري(‪ .‬حيث نظم المشرع لول مرة كل من عقد التسيير الحر للصل التجاري‬
‫) المواد ‪ 152‬الى ‪ 158‬من نفس المدونة(‪ .‬الذي كان يخضع قبل ذلك للمبادئ العامة للكراء في قانون‬
‫اللتزامات و العقود ‪ .‬وتقديم الصل التجاري حصة في شركة كما قام المشرع بتجميع العقود المتعلقة‬
‫بالتصرف في الصل التجاري حيث اعاد تنظيم بعض العقود من جديد وهي بيع ورهن الصل‬
‫التجاري) المواد ‪ 103-81‬الى ‪ 151‬منمدونة التجارة(‪ .‬و التي كان يطبق عليها ظهير ‪.31.12.1914‬‬
‫وتجدر الشارة هنا الى ان محكمة السئناف التجارية بفاس صرحت بان " المشرع‪....‬قد عقد الختصاص‬
‫للمحاكم التجارية بما فيها من بيع ورهن او تسيير حر "‪ " .‬سواء كان الصل التجاري موجودا اومنازعا‬
‫فيه" ولو كان الطرف المدعي مدنيا ما دام طلبه انصب على ابطال عقد بيع اصل تجاري مخول الختصاص‬
‫فيه وبنص القانون القانون للمحاكم التجارية وحدها" ‪ .21‬لكن مع ذلك تبقى اشكالية اختصاص المحاكم‬
‫التجارية للنظر في بعض النزاعات الناتجة عن تنفيذ العقود المتعلقة بالصل التجاري قائمة خاصة في‬
‫الحالة التي يكون فيها النزاع ذا طبيعة مدنية بالنسبة لحد طرفيه‪.‬‬
‫فبيع الصل التجاري من طرف شخص ل يستغل هذا الصل او لم يعد يستغله‪ ،‬وكذا التصرفات الهادفة الى‬
‫خلق اصل تجاري و التي يقوم بها غير التاجر من الصعب وصفها بالعقود او العمال التجارية ‪.22‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬دعاوى الكرية التجارية‪:‬‬
‫نظم المشرع المغربي موضوع الكرية التجارية بمقتضى ظهير ‪ 24‬ماي ‪ 1955‬لذلك يثار التساؤل التالي‬
‫اثناء تطبيق هذا الظهير‪ ،‬هل يرجع الختصاص للمحاكم التجارية المحدثة ام يبقى الختصاص بيد المحكمة‬
‫البتدائية‪ ،‬ورئيسها بصفته قاضيا للصلح؟ وللجابة على هذا التساؤل انقسم المهتمون في الوسط الفقهي و‬
‫القضائي الى ‪ 3‬اتجاهات ‪ :‬يرى التجاه الول ان المحاكم التجارية ليست مختصة بالبت في هذه الدعاوى‬
‫اعتمادا على المصدر التاريخي عكس التجاه الثاني الذي يؤيد الراي القائل باختصاص المحاكم التجارية‬
‫بالبت في هذه الدعاوى اعتمادا على المادة ‪ 5‬من قانون مدونة التجارة‪ .‬والثالث يرى ان هناك ازدواجية في‬
‫الختصاص فتارة يكون للمحاكم البتدائية وتارة يكون للمحاكم التجارية بحسب صفة طرفي النزاع‪.‬‬
‫المبحث الول‪ :‬التجاه الرافض لختصاص المحاكم التجارية‪:‬‬
‫يستند انصار هذا التجاه الرافض لختصاص المحاكم التجارية على المصدر التاريخي للتشريع المغربي‬
‫أي التشريع الفرنسي الذي يتبين منه ان عقد كراء المحلت التجارية او الصناعية او الحرفية يخضع في‬
‫تجديده لمرسوم ‪ 30‬شتنبر ‪ 1953‬الذي منح الختصاص في المنازعات التي تتعلق بتطبيقه للمحكمة المدنية‬
‫أي المحكمة البتدائية‪ ،‬فاختصاصها من النظام العام تثيره المحكمة من تلقاء نفسها‪.‬‬
‫كذلك فالختصاص العام للمحاكم المدنية فيما يخص الكرية التجارية ينفي اختصاص المحاكم التجارية‬
‫التي ل تعتبر مختصة بمنازعات الكراء ولو كان تجاريا نظرا للطابع المدني لعقد الكراء ‪ .23‬وقد ايدت‬
‫محكمة الستئناف التجارية بفاس هذا التجاه في عدة قرارات اصدرتها في الموضوع حيث اكدت في قرار‬
‫لحق ان‪ ":‬المشرع بمقتضى قانون ‪ 95.53‬لم ينزع الختصاصات المخولة لرئيس المحكمة البتدائية‬
‫بمقتضى قوانين خاصة ومنها مقتضيات ظهير ‪ 24.5.1955‬و المحاكم التجارية محاكم اشتثنائية ل يمكن‬
‫التوسع في الختصاصات المستندة لها‪ ،‬لن المشرع ضيق هذه الختصاصات وجعلها في اطار محدود‬
‫ولفائدة اشخاص معينين ولغراض خاصة وبناء على نصوص واردة بمدونة التجارة" ‪ .24‬كما ان نفس‬
‫المحكمة سارت في نفس التجاه في وقت لحق واكدت في احد القرارات الصادرة عنها ان‪ ":‬النزاعات‬
‫التجارية المتعلقة بالصول التجارية محصورة في بيع الصل التجاري او رهن او تقديمه على وجه التسيير‬
‫الحر او حص في شركة وليس منها طلب التعويض عن عدم استرجاع المحل المكتري وبالتالي فان‬
‫المحكمة التجارية غير مختصة نوعيا للبت في الطلبات المدنية الصرفة" ‪.25‬‬
‫ويعتقد بعض الفقهاء ‪ 26‬ان هذه الحكام جاءت موافقة لبعض الجتهادات السابقة للمحاكم المغربية في‬
‫زمن ماض لم تكن فيه للتمييز بين العقود المدنية والعقود التجارية اهمية من حيث الختصاص القضاي‬
‫مستدلين على ذلك بحكم المحكمة البتدائية بالدار البيضاء الذي يرجعتاريخه الى ‪ 29‬نونبر ‪ 1949‬بقولها"‬
‫ان كراء الماكن او المحلت ل يعتبر عمل تجاريا سواء بالنسبة للمكري او بالنسبة للمكتري ولو كانا‬
‫تاجرين ما دام الكراء ل يتعلق باعمالهما التجارية" ‪.27‬‬
‫المبحث الثاني‪:‬التجاه المؤيد لختصاص المحاكم التجارية‪:‬‬
‫يرى القائلون بهذا التجاه ‪ 28‬بان عبارة الصول التجارية الواردة في المادة ‪ 5‬الفقرة ‪ 5‬غير محددة‬
‫بالضافة الى ان المشرع لو اراد حصر هذه النزاعات في العقود و التصرفات التي تتعلق بالصل التجاري‬
‫بجميع عناصره لستعمل عبارة المنصبة بدل من المتعلقة بالصول التجارية ‪ .29‬وتبعا لذلك يرى البحثين‬
‫المؤيدين لهذا التجاه ان الغاية من تنصيص المشرع على المحاكم التجارية تختص بالنظر في النزاعات‬
‫المتعلقة بالصل التجاري منه عدم حصر اختصاصها في العقود المتعلقة بالصل التجاري كتقديم الصل‬
‫التجاري حصة في الشركة وبيع ورهن وتسيير حر بل يمتد ليشمل كل النزاعات المتعلقة بهذا الصل كما في‬
‫حالة التعويض عنه المنصوص عليه في ظهير ‪.24/5/1955‬‬
‫لذلك فالظهائر الخاصة التي تنظم العمل التجاري ل تعني بالضرورة عدم خضوعها لختصاص المحاكم‬
‫التجارية كظهير ‪ 24/5/1955‬لذلك فدعوى الصلح) ف ‪ 27‬من ظهير ‪ (24/5/1955‬و الشرط الفاسخ) ف‬
‫‪ 26‬من نفس الظهير( يتعلق بعقد الكراء التجاري الذي يدخل في مفهوم المادة التجارية التي يرجع‬
‫الختصاص بها لرئيس المحكمة طبقا للمادة ‪ 20‬من قانون احداث المحاكم التجارية ‪ .30‬وقد تبنت هذا‬
‫المفهوم الواسع للختصاص الذي يمتد ليشمل كل ما يتعلق بالصل التجاري وعناصره محكمة الستئناف‬
‫بمراكش محاولة منها لتفسير مقتضيات الفقرة ‪ 5‬من المادة ‪ 5‬بان لفظة النزاعات الواردة في الفقرة‬
‫المذكورة جاءت شاملة لجميع النزاعات سواء تعلق المر بالعقود المنصبة على الصل التجاري او‬
‫المنازعات الرامية الى رفض او تجديد العقود في اطار ظهير ‪ 24/5/1955‬او غيرها من المنازعات الخرى‬
‫وسواء تعلق المر بنزاع حول الصل التجاري برمته او احد عناصره‪ ،‬اذ ان مناط اختصاص المحاكم‬
‫التجارية هو وجود نزاع يتعلق بالصل التجاري بصرف النظر عن كون العقد مدني او تجاري‪.‬‬
‫وحيث انه تبعا لما ذكر فان المحكمة التجارية طبقا للمادة الخامسة الفقرة ‪ 5‬من قانون احداث المحاكم‬
‫التجارية تبقى هي المختصة للبت في القضية الشيء الذي يتعين معه الغاء الحكم المطعون فيه و الحكم‬
‫الجديد باختصاص المحكمة التجارية بمراكش للبت في القضية ‪ .31‬ويرى بعض الفقهاء ان نية المشرع‬
‫عندما منح الختصاص فيما يتعلق بمنازعات الصول التجارية اقتصرت فقط على العقود المتعلقة بالصل‬
‫التجاري المشار اليها في مدونة التجارة ولم يقصد بها المشرع ادخال منازعات الكرية التجارية‪ .‬مستندين‬
‫في ذلك على ان المشرع لم ينظم الكرية التجارية في مدونة التجارة مما يبين ان المشرع القى على‬
‫الختصاص المدني لمنازعات الكرية التجارية ‪ .32‬لذلك يعارض هؤلء الفقهاء ما ذهبت اليه محكمة‬
‫السئناف التجارية بمراكش في قرارها اعله‪ .‬وقد سارت الغرفة التجارية بالمجلس العلى في نفس التجاه‪.‬‬
‫‪33‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬التجاه المبرر لزدواجية الختصاص‪:‬‬
‫يعتمد اصحاب هذا التجاه على صفة طرفي النزاع وطبيعة الكراء التجاري بالنسبة لكل واحد منها كمعيار‬
‫لتحديد المحكمة المختصة بالنظر في النزاعات ذات العلقة بالكراء التجاري‪ .‬فاذا كان المكري و المكتري‬
‫تاجرين فالختصاص يكون للمحاكم التجارية لذلك فالعقد في هذه الحالة عقدا تجاريا‪ .‬اما اذا كان المكري‬
‫غير تاجر و المكتري تاجرا تكون المحكمة البتدائية هي المختصة لن العقد في هذه الحالة عقد مختلط ما لم‬
‫يتم التفاق بين الطرفين على اسناد الختصاص للمحكمة التجارية ‪ .35‬وقد ايدت محكمة الستئناف‬
‫التجارية بالدار البيضاء هذا التجاه في قراراتها اذ اعتبرت‪ ":‬ان عقود كراء المحلت التجارية المنظمة‬
‫بمقتضى ظهير ‪ 24/5/1955‬ل تعد عقودا تجارية بطبيعتها ال اذا ابرمت بين تاجرين وفي هذه الحالة ينعقد‬
‫الختصاص للبت في النزاعات المتعلقة بشانها للمحاكم التجارية استنادا الى الفقرة الثانية من المادة‬
‫الخامسة من قانون احداث المحاكم التجارية‪ ،‬اما اذا ابرمت بين مكتر تاجر ومكر غير تاجر فنكونفي هذه‬
‫الحالة امام عقد مختلط باعتباره تجاريا بالنسبة للول و لو تعلق بالعمال الولية و التحضيرية لممارسة‬
‫اعماله التجارية ومدنيا بالنسبة للثاني على اساس ان عقد كراء العقار يعد عمل مدنيا‪ ،‬وتبعا لذلك ل ينعقد‬
‫الختصاص للمحاكم التجاريةفي هذه الحالة ال باتفاق الطراف طبقا للفقرة ما قبل الخيرة من المادة‬
‫الخامسة من نفس القانون ‪36‬‬
‫ويبدو ان هذا التجاه هو اقرب الى الصواب لن عقد الكراء المنصب على محل ااتجارة عقد مدني بالنسبة‬
‫لمالك الرقبة‪ ،‬وبالتالي يبقى لهذا الجانب الللجوء الى المحكمة البتدائية او المحكمة التجارية سواء تعلق‬
‫المر بتطبيق مقتضيات ظهير ‪ 24‬ماي ‪ 1955‬او ظهير ‪ 5‬يناير ‪.37 1953‬‬
‫خاتمة‪ :‬تختلف المحاكم التجارية ومحاكم الستئناف التجارية بشان تطبيق مقتضيات ظهير‬
‫‪ 24/5/1955‬حيث اصبح الختصاص بتطبيق هذا الظهير بالنسبة لبعض المحاكم التجارية وسلة لثبات‬
‫وجودها وحضورها حتى ولو لم يوجد سند قانوني صريح لختصاصها واخرى اخذت تستبعد اختصاصها‬
‫مطلقا بهذا الشان لتخفيف كاهلها من كم هائل من القضايا‪ ،‬وبين هذا وذاك فان التشريع غائب‪ ،‬اذ المطلوب‬
‫ان يقوم المشرع بتحديد مضمون النزاعات المتعلقة بالصول التجارية بدل اقتضابه او عموميته ‪ .38‬كما‬
‫سيترتب على تضارب الجتهاد القضائي ضياع للحقوق الشيء الذي ادى بالمتقاضين الى رفع دعاوى‬
‫متزامنة في نفس الوقت امام المحاكم التجارية و امام المحاكم البتدائية حتى ل يفوتهم الجال الواردة في‬
‫الفصلين ‪ 27‬و ‪ 32‬من ظهير ماي ‪.1955‬‬
‫ومما يزيد المور تعقيدا ان بعض المحاكم التجارية عند التصريح بعدم اختصاصها النوعي ل تقرر احالة‬
‫الملف على المحكمة البتدائية التي ترى انها مختصة لذلك على المحاكم التجارية و محاكم الستئناف‬
‫التجارية ايجاد حل مشترك لشكالية تطبيق ظهير ‪ 24‬ماي ‪.1955‬‬
‫‪----------------------------------------‬‬
‫الهوامش‪:‬‬
‫‪ -1‬البند الخامس من المادة ‪ 5‬من مدونة التجارة‪.‬‬
‫‪-2‬علي العبيدي‪ :‬القانون التجاري المغربي‪ ،‬مطبعة المنية الرباط ‪.1966‬‬
‫‪ -3‬المادة ‪ 79‬و ‪ 80‬من مدونة التجارة‪.‬‬
‫‪ -4‬ذ محمد المجدوبي الدريسي‪ :‬عمل المحاكم التجارية ‪ :‬بدايته اشكاليته‪ ،‬ط ‪ 1999 1‬ص ‪.128‬‬
‫‪ -5‬المادة ‪ 79‬من مدونة التجارة‪.‬‬
‫‪-6‬ذ عبد السلم زوير‪ :‬الختصاص النوعي للمحاكم التجارية واشكالياته العملية‪-‬نونبر ‪ 2004‬ص ‪ .87‬انظر‬
‫ايضا ذ عبد العزيز توفيق‪ :‬عناصر الصل التجاري مقال منشور بمجلة المحامون ع ‪ 6‬س ‪ 1988‬ص ‪.67‬‬
‫‪-7‬محمد نخلي‪ :‬الوجيز في القانون التجاري‪.‬‬
‫‪ -8‬محمود مختار احمد بربري‪ :‬قانون المعاملت التجارية –ج ‪ -1‬العمال التجارية و التاجر‪ .‬الشركات‬
‫التجارية شركات القطاع العام و الخاص الموال التجارية‪ -‬دار الفكر العربي‪ 1987.‬ص ‪.724‬‬
‫‪ -9‬الحماية القانونية للكراء التجاري‪ :‬دراسة نظرية تطبيقية للنصوص على ضوء قرارات المجلس العلى‪-‬‬
‫ط ‪ -1988-3‬ص ‪.200‬‬
‫‪ -10‬محمد المجدوبي الدريسي‪ ،‬نفس المرجع السابق ص ‪.200‬‬
‫‪ -11‬محمد المجدوبي الدريسي‪ ،‬نفس المرجع السابق ص ‪.200‬‬
‫‪-12‬محمد المجدوبي الدريسي‪ ،‬نفس المرجع السابق ص ‪.201‬‬
‫‪-13‬الفصل ‪ 24‬من ظ ‪ 23‬يونيو ‪.1916‬‬
‫‪-14‬الفصل ‪ 26‬من ظ ‪23‬يونيو ‪1916‬‬
‫‪-15‬محمد المجدوبي الدريسي‪ ،‬نفس المرجع السابق ص ‪.201‬‬
‫‪-16‬الفصل ‪ 73‬من ظ ‪.13/6/1916‬‬
‫‪-17‬الفصل ‪ 81‬من نفس الظهير اعله‪.‬‬
‫‪ -18‬فؤاد معلل‪ -‬شرح القانون التجاري المغربي الجديد‪-‬ط ‪-1999-1‬ص ‪.155‬‬
‫‪ -19‬البند الخامس من المادة الخامسة من مدونة التجارة‪.‬‬
‫‪ -20‬عبد السلم زوير‪ -‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪ -21‬قرار عدد ‪ 240‬صادر بتاريخ ‪ 14/12/1998‬في الملف رقم ‪ 340/98‬منشور بمجلة المعيار العدد ‪24‬‬
‫اكتوبر ‪ 1999‬ص ‪.181-173‬‬
‫‪ -22‬ذ محمد المجدوبي الدريسي‪ :‬عمل المحاكم التجارية ‪ :‬بدايته اشكاليته‪ ،‬ط ‪.1999 1‬‬
‫‪ -23‬ذ محمد المجدوبي الدريسي‪ :‬عمل المحاكم التجارية ‪ :‬بدايته اشكاليته‪ ،‬ط ‪.1999 1‬‬
‫‪ -24‬قرار رقم ‪ 98/58‬بتاريخ ‪ 14/9/1998‬في ملف عدد ‪ 98/98‬منشور بمجلة المنتدى ع ‪ -1‬مرجع سابق‬
‫ص ‪ .225‬وراجع ايضا في نفس التجاه وبناء على نفس الحيثيات القرار رقم ‪ 98/227‬بتاريخ‬
‫‪ 21/12/1998‬في الملف ع ‪ 339/98‬منشور بمجلة المنتدى ع ‪ -1‬مرجع سابق ص ‪.230‬‬
‫‪ -25‬قرار محكمة الستئناف التجارية بفاس رقم ‪ 72‬بتاريخ ‪ 8/2/1999‬في الملف ع ‪ 62/98‬منشور بمجلة‬
‫المعيار ع ‪ 24‬اكتوبر ‪ 1999‬ص ‪.211-204‬‬
‫‪ -26‬ذ محمد المجدوبي الدريسي‪ :‬عمل المحاكم التجارية ‪ :‬بدايته اشكاليته‪ ،‬ط ‪.1999 1‬ص ‪.137‬‬
‫‪ -27‬ذ محمد المجدوبي الدريسي‪ :‬عمل المحاكم التجارية ‪ :‬بدايته اشكاليته‪ ،‬ط ‪.1999 1‬ص ‪ .138‬منشور‬
‫بمجلة المحاكم المغربية بتاريخ ‪ 25/2/1955‬ص ‪ .30‬واشر اليه ايضا محمد الكشبور الراء المدني و الكراء‬
‫التجاري ص ‪.9‬‬
‫‪ -28‬عبد اللطيف تيجاني‪ :‬هل تختص المحاكم التجارية بالنظر في الدعاوى الخاصة بالكراء التجاري؟ مقال‬
‫منشور بجريدة العلم ليوم ‪ 16‬غشت ‪ 1997‬عدد ‪.17277‬‬
‫‪ -29‬ذ عبد السلم زوير‪ :‬الختصاص النوعي للمحاكم التجارية واشكالياته العملية‪-‬نونبر ‪ .2004‬ص ‪.93‬‬
‫‪-30‬محمد المجدوبي الدريسي الرجع السابق ص ‪.138‬‬
‫‪-31‬قرار رقم ‪ 98/105‬بتاريخ ‪ 21/10/1998‬في الملف ‪ 98/107‬منشور بمجلة المحامي ع ‪ 34‬ص ‪.198‬‬
‫‪ -32‬محمد المجدوبي الدريسي المرجع السابق ص ‪.140‬‬
‫‪ -33‬قرار عدد ‪ 2248‬بتاريخ ‪ 14/11/2001‬في الملف ع ‪ 00/2227‬غير منشور‪.‬‬
‫‪ -34‬احمد شكري السباعي‪.‬قراء في مدونة التجارة المغربية‪-‬جريدة العلم ليوم ‪ 6/1/1998‬ع ‪.17420‬‬
‫محمد لفروجي مدى اعتبار المحكمة التجارية مختصة وحدها بالنظر في الدعوى المتعلقة بالكراء التجاري‬
‫–مجلة الشعاع ع ‪.2301‬‬
‫‪ -35‬عبد السلم زوير‪ :‬الختصاص النوعي للمحاكم التجارية واشكالياته العملية‪-‬نونبر ‪ .2004‬ص ‪.96‬‬
‫‪ -36‬قرار رقم ‪ 98/162‬بتاريخ ‪ 8/10/1998‬في النلف ‪ 9/98/269‬منشور لدى محمد المجدوبي الدريسي‬
‫المرجع السابق ص ‪. 192-189‬‬
‫‪ -37‬عبد السلم زوير‪ :‬الختصاص النوعي للمحاكم التجارية واشكالياته العملية‪-‬نونبر ‪ .2004‬ص ‪.97‬‬
‫راجع في نفس التجاه قرار محمكمة الستئناف التجارية بالدار البيضاء رقم ‪ 99/181‬في الملف عدد‬
‫‪ 99/7/134‬ذكر محمد الفروجي في المرجع السابق‪.‬ص ‪.26‬‬
‫‪ -38‬محمد المجدوبي الدريسي المرجع السابق ص ‪145‬‬

‫اختصاص المحاكم التجارية‬


‫بالبت في النزاعات المتعلقة بالصول التجارية‬

‫جهاد أكرام‬
‫محام متمرن بهيئة الدار البيضاء‬
‫أثار انتباهي المقال الذي نشره الستاذ عبد العزيز المتوكل على الموقع‪ ،‬و المعنون ب‬
‫"النزاعات المتعلقة بالصول التجارية و علقتها بظهير ‪ 24‬ماي ‪ ،"1955‬خاصة وأن لي في‬
‫الموضوع رأيا مخالفا نوعا ما لذلك الذي وصل إليه الزميل صاحب المقال‪ .‬فقد نصت المادة ‪5‬‬
‫من القانون ‪ 95-53‬على اختصاص المحاكم التجارية بالنظر في النزاعات المتعلقة بالصل‬
‫التجاري في فقرتها الخامسة‪ .‬فما هو الصل التجاري )المبحث الول(؟ ثم ما المقصود‬
‫بالنزاعات المتعلقة به )المبحث الثاني(؟‬
‫المبحث الول‪ :‬مفهوم الصل التجاري‬

‫تعريف الصل التجاري‪ :‬و الصل التجاري مال معنوي منقول مكون من اجتماع عناصر معنوية و‬
‫أخرى مادية‪ ،‬بغاية الستغلل التجاري)‪.(1‬‬
‫عناصر الصل التجاري‪ :‬و يتفاوت مدى إجبارية توافر العناصر المادية أو المعنوية باختلف‬
‫طبيعة و مكان مزاولة النشاط التجاري للتاجر‪ ،‬بحيث تتطلب الصول التجارية المستغلة في‬
‫عقارات غير مملوكة للتاجر توافر الحق في الكراء‪ ،‬و تستلزم تلك المستغلة بمناسبة البيع و‬
‫الشراء وجود بضاعة دون تلك التي يكون الغرض منها تقديم خدمات و أعمال‪ .‬و المثلة كثيرة‪ .‬و‬
‫لكن كافة الصول التجارية تستلزم بالضرورة توفر عنصر الزبناء الذي ل يمكن القول بوجود‬
‫أصل تجاري بدونه‪ .‬فالصل التجاري ينشأ و يتطور و تزداد قيمته و تضمحل ثم يندثر بحسب‬
‫اتصال عنصر الزبناء به‪ .‬من هنا نقول إن قيام الصل يتوقف لزاما على توفر عنصر الزبناء)‪.(2‬‬
‫شرط الستغلل التجاري‪ :‬و لكن اعتبار كل استغلل لعناصر مادية و معنوية مجتمعة ‪-‬من بينها‬
‫عنصر الزبناء‪ -‬كافيا لنشوء الصل التجاري‪ ،‬أمر غير سليم و ذلك لنه‪:‬‬
‫‪-‬من جهة أولى‪ ،‬فإن عنصر الزبناء كما قلنا سابقا ليس العنصر الضروري الوحيد لنشوء الصل‬
‫التجاري‪ ،‬بل فقط العنصر الساسي المشترك بين كافة الصول التجارية‪ .‬فهناك أصول تجارية‬
‫ل تنشأ إل مع وجود الحق في الكراء‪ ،‬و أخرى إل بوجود بضائع …إلخ‪.‬‬
‫‪ -‬ومن جهة ثانية‪ ،‬لن وجود الصل التجاري المستغل في المحل المكترى يكون رهينا بمرور‬
‫مدة معينة على النتفاع بالمحل الذي يمارس فيه التاجر نشاطه‪ ،‬و هي سنتان في عقود الكراء‬
‫الكتابية و أربع سنوات في العقود الشفوية )الفصل ‪ 5‬من ظ ‪.(24/5/1955‬‬
‫‪ -‬و من جهة ثالثة –و هي التي تهمنا‪ ،-‬فلو كان المر كذلك لمكن اعتبار المحامي أو الطبيب‬
‫اللذين يزاولن مهنتهما في ظل ظروف مشابهة لتلك التي يمارس فيها التاجر نشاطه‪ ،‬لمكن‬
‫اعتبارهما مالكي أصول تجارية‪ .‬صحيح أن كل من المحامي و الطبيب و غيرهما من أصحاب‬
‫المهن الحرة غير التجارية يتوفر على الزبناء‪ ،‬و يملك بالتالي مال معنويا منقول شبيها إلى حد‬
‫بعيد بالصل التجاري‪ ،‬غير أنه ل يمكن أن يكون كذلك بل هو أصل مهني‪ .‬و إذا كان الصل‬
‫التجاري قد فرض وجوده كنظام قانوني مستقل عن الموال التي تشكـله‪ ،‬فـإن الصل الـمهني‬
‫ل يقـل عنـه أهمية‪ ،‬خاصة إذا نظرنا إلى الظروف التي يمارس فيها بعض المحامين و الطباء‬
‫مهنهم؛ فإذا كان المشرع قد تبنى تنظيما قانونيا للصل التجاري و أقر له حماية قانونية‪ ،‬فإن‬
‫الدور قد حان لتخصيص الملكية المهنية بنفس المتياز‪.‬‬
‫و ليس هذا موضوعنا‪ ،‬و لكن الذي نرمي إليه من وراء كل هذا هو أن نشوء أصل تجاري‪ ،‬و‬
‫بالتالي ثبوت الختصاص للقضاء التجاري في النزاعات المتصلة به‪ ،‬مشروط بكون العمل‬
‫المستغل بواسطة هذا الصل عمل تجاريا‪ .‬و في هذا الصدد قضت محكمة الستئناف بالبيضاء‬
‫في قرار حديث لها "أنه و إن كانت تتوفر للستغلل المهني للمصحة المذكورة عناصر من طينة‬
‫تلك التي يتشكل منها المحل التجاري كعنصر الزبناء و الثاث و الليات فإنها ل ترقى لهذه‬
‫الصفة لفقدان الصفة التجارية للنشاط الممارس بها باعتبار أنه يلزم في المحل التجاري أن‬
‫تثبت الصفة التجارية لنشاطه كما يلزم أن يمارس المستغل النشاط التجاري على وجه‬
‫الحتراف حتى يكتسب صفة التاجر‪ .‬أضف إلى ذلك أن الزبناء كأحد أهم العناصر المتعلقة‬
‫بالمبيع ترتبط بشخص صاحب المحل كطبيب لكفاءته و تمرسه ل بالمقر الذي يزاول فيه‬
‫مهنته")‪.(3‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬المقصود بالنزاعات المتعلقة بالصل التجاري‬

‫مشروع القانون ‪ :53-95‬إذا كان الختصاص في قضايا الصول التجارية قد نص عليه في مشروع‬
‫القانون ‪ ،95-53‬فإن النص الصلي للمادة ‪ 5/5‬لم يبق على حاله في الصيغة النهائية للمادة المصادق‬
‫عليها‪ .‬ففي حين نصت المادة ‪ 5‬في المشروع على اختصاص المحاكم التجارية للبث في النزاعات‬
‫الخاصة بالصول التجارية بين كافة الشخاص‪ ،‬نجد المشرع قد حذف عبارة "بين جميع الشخاص"‬
‫في الصيغة النهائية لهذه المادة‪ .‬كما و أن هذه الفقرة أثارت نقاشا حادا بمناسبة المناقشات في‬
‫لجنة العدل و التشريع و عرفت التعديل أكثر من مرة)‪.(4‬‬
‫الختصاص على أساس معيار موضوعي‪ :‬و قد أسند المشرع الختصاص للقضاء التجاري للبث‬
‫في نزاعات الصول التجارية على أساس موضوعي محض و بغض النظر عن صفة أطراف‬
‫النزاع‪ .‬و ل يقدح في هذا القول حذف المشرع عبارة "بين جميع الشخاص" من المادة ‪ ، 5‬ما‬
‫دام أنـه لـم يتـطـلـب صـراحة توافر صفة التاجر في أطراف النزاع‪ ،‬بل فقط تعلقه بالصل‬
‫التجاري‪ .‬و في ذلك قضت محكمة الستئناف التجارية بالبيضاء "أن عقد التسيير الحر باعتباره‬
‫ينظم أحد التصرفات المنصبة على الصل التجاري و التي تكفلت مدونة التجارة بتنظيمها فإن‬
‫جميع النزاعات المتعلقة بشأن تطبيق هذا العقد تكون من اختصاص المحاكم التجارية بغض‬
‫النظر عن صفة موقع العقد و ذلك تطبيقا لمقتضيات المادة ‪ 5‬من القانون المحدث للمحاكم‬
‫التجارية")‪.(5‬‬
‫مرونة المعيار‪ :‬هذا‪ ،‬و بنص المشرع على "النزاعات المتعلقة بالصل التجاري"‪ ،‬يكون قد‬
‫استعمل معيارا مرنا في تحديد النزاعات الخاضعة لسلطة القضاء التجاري في مادة الصول‬
‫التجارية‪ ،‬حيث إن هذه العبارة تغطي العديد من النزاعات كلما وقفت المحكمة على ما لها من‬
‫علقة بالصل التجاري‪.‬‬
‫و من تم يمكن القول بأن النزاعات المتعلقة بالصل التجاري التي يختص القضاء التجاري‬
‫بالفصل فيها ل تقع تحت حصر‪ ،‬و لكننا نكتفي هنا بدراسة نوعين من النزاعات نظرا لشيوعهما‬
‫و أهميتهما‪ ،‬و هما تباعا النزاعات الناشئة بمناسبة العمليات الواقعة على الصل‬
‫التجاري)المطلب الول(‪ ،‬و النزاعات الناشئة في إطار ظهير ‪ 24‬ماي ‪)1955‬المطلب الثاني(‪.‬‬

‫المطلب الول‪ :‬النزاعات الناشئة بمناسبة العمليات الواقعة على الصل التجاري‬

‫يذهب جانب من الفقه إلى القول باقتصار الختصاص المذكور في المادة ‪ 5/5‬من القانون ‪-53‬‬
‫‪ 95‬على هذه النزاعات)‪ .(6‬و القرب للصواب عكس ذلك لن النزاع المتعلق بالصل التجاري‬
‫أعم و أشمل من النزاع المتعلق بالعملية المنصبة عليه‪.‬‬
‫يقصد بالعمليات الواقعة على الصل التجاري في هذا المجال مختلف العمليات التي يكون هذا‬
‫الصل موضوعا لها‪ .‬و يغلب أن تتخذ هذه العمليات شكل العقد‪ ،‬و لكن ل مانع من ورودها في‬
‫شكل آخر كما هي حالة الوعد بالجائزة الذي يكون محله أصل تجاريا‪ .‬و قد حددت مدونة التجارة‬
‫عددا من التصرفات العقدية المتعلقة بالصل التجاري في القسم الثاني من الكتاب الثاني منها‬
‫تحت عنوان "العقود المتعلقة بالصل التجاري"‪ ،‬فخصت بالذكر كل من عقد البيع و عقد الرهن‬
‫و عقد تقديم الصل التجاري حصة في شركة و عقد التسيير الحر‪.‬‬
‫و إذا كان المشرع من خلل المواد من ‪ 81‬من المدونة قد وضع لئحة بالعقود المتعلقة بالصل‬
‫التجاري‪ ،‬و كلها في الحقيقة من قبيل العقود المنصبة على الصل التجاري‪ ،‬فإن هذا التعداد‬
‫ليس حصريا‪ ،‬بل تقنينا لجملة من العقود الشائعة و التي توظف تقنيات قانونية مغايرة عن تلك‬
‫المنصوص عليها في ظ‪.‬ل‪.‬ع نظرا لخصوصية الصل التجاري‪ .‬كما أنه ل يمكن بأي حال من‬
‫الحوال القول إن المشرع يستطيع أن يحدد لئحة حصرية للعقود‪ .‬و عليه نقول إن العقود‬
‫الواردة على الصل التجاري غير محصورة في المواد من ‪ 81‬من المدونة‪ .‬و خير مثال على ذلك‬
‫عقد هبة الصل التجاري‪ .‬فنقول إن كل نزاع متعلق بعمل وارد على الصل التجاري خاضع‬
‫لولية القضاء التجاري‪.‬‬
‫و قد أسند القانون الختصاص للمحاكم التجارية في هذا النوع من القضايا بغض النظر عن‬
‫تجارية أطراف النزاع)‪ (7‬و ل تجارية العمل الوارد عليه‪:‬‬
‫‪ -‬فمن جانب أول‪ ،‬فإن هذه العمليات و إن كانت تستوجب مبدئيا صفة التاجر في أحد‬
‫طرفيها‪ ،‬فإنها ل تستلزمها في الطرفين معا‪ .‬و تلك حالة عقد بيع الصل التجاري لشخص لم‬
‫يكتسب الصفة التجارية بعد‪ ،‬و إنما ينوي الشروع في الستغلل التجاري بعد شرائه للصل‪ .‬و‬
‫تقاس عليها حالة عقد التسيير الحر‪ .‬بل و إننا قد نكون أمام حالة تنتفي فيها الصفة التجارية‬
‫عن كافة أطراف العقد‪ ،‬و بالتالي أطراف النزاع‪ ،‬و تلك حالة عقد بيع الصل التجاري من طرف‬
‫ورثة التاجر لشخص يعتزم البدء في ممارسة التجارة باستغلل هذا الصل‪.‬‬
‫‪ -‬و من جانب ثان‪ ،‬فإن الختصاص يثبت بغض النظر عن كون العمل المنصب على الصل‬
‫التجاري تجاريا أم ل‪ .‬و رغم أن بيع الموال أو رهنها أو إكراءها ل يعتبر عمل تجاريا‪ ،‬فقد دأب‬
‫الفقه على منح الوصف التجاري للعمليات المنصبة على الصل التجاري‪ ،‬و اعتبر أن هذه‬
‫العمال تكتسب الوصف التجاري بالتبعية لصفة القائم بها و لو تعلقت بالعمال التحضيرية‬
‫لممارسة التجارة)‪(8‬؛ غير أن ذلك ل يزيد شيئا و ل ينقصه في مسألة اختصاص المحكمة‬
‫التجارية في النزاعات المتعلقة بالعمليات المنصبة على الصل التجاري‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪:‬النزاعات الناشئة تطبيقا لظهير ‪ 24‬ماي ‪1955‬‬

‫جاء هذا الظهير لينظم مساطر تجديد و إنهاء عقود كراء الملك و الماكن المستعملة للتجارة‬
‫أو الصناعة أو الحرف‪ ،‬و بالتالي لوضع "ضابط خاص لقرار العلقات بين المكرين و المكترين‬
‫للملك أو الماكن التي أعدت لشؤون تجارية أو صناعية أو حرفية‪ .‬و كان الغرض الرئيسي منه‬
‫هو حماية هذه الطبقة من المكترين من الغلو في غبن حقوقهم الذي قد يؤدي إلى عواقب‬
‫وخيمة‪ ،‬فوجبت وقتئذ الحيلولة دون حدوثه لنه كان تسبب في ضرر لمستغلي تلك المتاجر و‬
‫لرباب ديونهم‪ .‬ومن تم يمس المؤسسات و يمتد مفعوله في نهاية المر إلى ما كان يرغب فيه‬
‫الصالح العام و هو استقرار نشاط العمال التجارية و الصناعية و الحرفية")‪.(9‬‬
‫على أن هذا النوع من النزاعات شكل مصدرا لجدل حاد في الوساط الفقهية المغربية من حيث‬
‫مدى اختصاص المحاكم التجارية بالبث فيه على أساس المادة ‪ 5/5‬من القانون ‪ ،95-53‬بل إن‬
‫الجدل تجـاوز الوسط الفقهي للقضائي)‪ ،(10‬كل هذا بالرغم من صراحة العمال التحضيرية‬
‫لقانون إحداث المحاكم التجارية في النقطة موضوع النقاش )هذا إذا اعتبرنا أن نص المادة‬
‫‪ 5‬منه لم يكن فاصل بكيفية صريحة(‪.‬‬
‫و الحقيقة أن الجدال بدأ قضائيا‪ :‬فبعد أن حكمت المحكمة التجارية بالبيضاء بعدم اختصاصها‬
‫بالنظر في قضايا إفراغ المحلت التجارية على أساس المادة ‪ 5/5‬ق‪.‬م‪.‬ت‪ ،‬و أيدت أحكامها‬
‫محكمة الستئناف التجارية بالدار البيضاء و سارت استئنافية فاس التجارية في ذات التجاه)‬
‫‪ ،(11‬خالفته محكمة الستئناف التجارية بمراكش و حكمت باختصاصها بالبث في قضايا إفراغ‬
‫المحلت التجارية على أساس الفقرة ‪ 5‬من المادة ‪ 5‬من القانون ‪ ،95-53‬أي باعتبار هذه‬
‫المنازعات متعلقة بالصول التجارية)‪(12‬؛ فوقع أن تضاربت أحكام المحاكم التجارية المغربية‬
‫في تقبل النظر في هذه القضايا بين رافض في شخص محكمتي البيضاء و فاس‬
‫الستئنافيتين‪ ،‬و قابل في شخص محكمة الستئناف بمراكش‪.‬‬
‫انقسم الفقه أيضا إلى جانبين‪ ،‬جانب قال باختصاص المحاكم التجارية و آخر قائل باختصاص‬
‫المحاكم البتدائية)‪ ،(13‬و لكل رأي أسسه‪ .‬وقد كنا و ما نزال من جانب الرأي الول‪ ،‬و ما الذي‬
‫نكتبه هنا سوى استعراض لرأينا في الموضوع و الذي كنا قد أدلينا به بمناسبة نقاشنا مع أستاذ‬
‫المادة التجارية في السنة الثالثة للجازة‪ ،‬أي قبل فصل المجلس العلى في الموضوع بمدة‬
‫وجيزة‪.‬‬
‫فقد ذهب الرأي الول إلى القول‪ ،‬أول بأن عقد الكراء الذي يبرمه التاجر مع صاحب المحل‬
‫الذي يستغل فيه الصل التجاري‪ ،‬عقد تجاري و بالتالي اختصت المحاكم التجارية على أساس‬
‫الفقرة ‪ 2‬من المادة ‪ 5‬من القانون ‪ ،95-53‬و ثانيا بأن المادة ‪ 5‬ق‪.‬م‪.‬ت جاءت مطلقة و دون‬
‫تحديد‪ ،‬و لو أن المشرع أراد قصر هذه النزاعات على العمليات التي يكون الصل التجاري‬
‫موضوعا لها لستعمل عبارة النزاعات المنصبة على الصل التجاري‪ ،‬و إلى أن الحق في الكراء‬
‫الذي يتوخى ظهير ‪ 1955‬حمايته هو أحد عناصر الصل التجاري‪ ،‬و بالتالي اختصت تلك المحاكم‬
‫على أساس الفقرة ‪ 5‬من المادة المذكورة‪.‬‬
‫و قد قوبل هذا الرأي بالنقد الشديد من طرف أنصار الرأي الثاني‪ .‬فاعتبر بعضهم أن عقد كراء‬
‫المحل التجاري ليس عقدا تجاريا لنه لم يرد في مدونة التجارة بل في ظهير ‪1955‬؛ و ذهبوا‬
‫بشأن الساس الثاني إلى أن عقد كراء المحل التجاري ينصب على عقار‪ ،‬و إلى أنه ل علقة‬
‫لظهير ‪ 1955‬المقنن لكراء المحلت التجارية و هي عقارات‪ ،‬بالصل التجاري و هو مال معنوي‬
‫منقول؛ و قال بعضهم بأن المحاكم التجارية في المغرب قليلة و أن القضاء عليه أن يراعي‬
‫لحكمه باختصاصه في هذه الدعاوى قرب المتقاضين منه‪ ،‬خصوصا و أن المحاكم التجارية في‬
‫فرنسا و التي يفوق عددها بكثير عدد نظيرتها بالمغرب ل تختص بالبث في دعاوى إفراغ‬
‫المحلت التجارية‪ .‬في حين قال جانب منهم بأن الختصاص في هذه القضايا منعقد للمحكمة‬
‫‪.(14) 1955‬‬ ‫البتدائية بالنظر إلى صراحة مقتضيات الفصل ‪ 27‬من ظهير‬
‫و موقفنا من هذا الجدال موقف متحيز للقائلين بإسناد هذا الختصاص المحاكم التجارية‪ ،‬و‬
‫سنحاول تأسيس هذا الرأي على النية الحقيقية لواضعي قانون إحداث المحاكم التجارية التي‬
‫إنما انصرفت إلى إسناد ذاك الختصاص لهذه المحاكم‪ ،‬و قبل ذلك تفنيد كل أساس من السس‬
‫التي استند عليها القائلون باختصاص المحاكم البتدائية‪.‬‬
‫‪ +‬إن القول بأن عقد الكراء التجاري هو عقد منصب على عقار‪ ،‬في حين أن الصل التجاري‬
‫مال معنوي منقول‪ ،‬ل يفيد في إبعاد اختصاص المحاكم التجارية‪ .‬فهذا العقار الذي ينصب عليه‬
‫عقد الكراء‪ ،‬إنما يستغل فيه هذا المال المنقول المدعو الصل التجاري‪ ،‬و رفع دعوى المطالبة‬
‫بفسخ عقد الكراء التجاري‪ ،‬و بالتالي إفراغ المحل التجاري‪ ،‬إنما يعني إمكانية نهاية استغلل‬
‫هذا الصل التجاري فيه و بالتالي اندثاره و تخلفه متى تبع ذلك انقطاع اتصال الزبناء به؛ فكيف‬
‫بعد كل هذا ل يتصل نزاع إفراغ المحل التجاري بالصل التجاري‪ ،‬و هو الذي من شأنه أن يؤدي‬
‫إلى إعدامه؟ و هل من منازعة أوثق اتصال بالصل التجاري من تلك التي تهم إفراغ المحل‬
‫التجاري الذي يستغل فيه؟ )و ل أحد هنا يخلط يبن العقار و الصل التجاري كما يزعم بعض‬
‫الفقه‪(.‬‬
‫‪ +‬أما القول بكون إفراغ المحلت التجارية مقننا بظهير ‪ 24‬ماي ‪ 1955‬الذي ل علقة له‬
‫بالصل التجاري‪ ،‬فل أسهل من تفنيده‪ .‬فهذا الظهير لم يوضع إل حماية للملكية التجارية و‬
‫بالضبط حماية للصول التجارية‪ ،‬بل إن مدونة التجارة ذاتها‪ ،‬و من خلل كتابها الثاني المتعلق‬
‫بالصول التجارية‪ ،‬لم تقر للصل التجاري ذات الحماية التي أقرها لها ظهير ‪24‬ماي ‪.1955‬‬
‫‪ +‬أما القول بأن المحاكم التجارية الفرنسية ل تختص بالبث في هذه النزاعات‪ ،‬فذلك لن‬
‫نصوص القانون الفرنسي ل تسند لها هذا الختصاص‪ ،‬بحيث ل تنص سوى على الختصاص في‬
‫النزاعات المتعلقة بالعمليات المنصبة على الصول التجارية)‪.(15‬‬
‫‪ +‬كما أن القول إن القضاء عليه أن يراعي قرب المواطنين منه للحكم باختصاصه في نوع‬
‫من النزاعات‪ ،‬فل يجدي مع كون الختصاص الصلي للسلطة القضائية تطبيق القانون و ل سنه‪،‬‬
‫خصوصا مع وضوح المقتضيات التشريعية‪ ،‬و إل اعتبر ذلك تدخل في شؤون سلطة سيدة في‬
‫الدولة‪ .‬و نضيف أن مراعاة هذا المبدأ واجب ملقى على عاتق المشرع ل القضاء‪ .‬فإن لم تكن‬
‫الدولة قادرة على تعميم المحاكم التجارية فما كان عليها إحداثها من أصله‪ .‬بل و نضيف‪ :‬هل‬
‫من الممكن أن تعلل المحكمة التجارية حكمها القاضي بعدم الختصاص كما يلي " وحيث إن عدد‬
‫المحاكم التجارية في المغرب قليل‪ .‬و حيث إن مقر المحكمة التجارية بعيد عن مقر المتقاضي‪.‬‬
‫و حيث إنه كان على المشرع مراعاة مبدأ قرب القضاء من المواطنين‪".‬؟ ألن يكون حكمها في‬
‫هذه الحالة غير مرتكز على أساس قانوني و بالتالي معرضا لللغاء؟‬
‫‪ +‬أما القول بصراحة الفصل ‪ 27‬من ظهير ‪ ،1955‬فل نظن أنه يستحق الرد من أساسه‪.‬‬
‫فهل منع الفصل ‪ 18‬من ق‪.‬م‪.‬م المحاكم التجارية من النظر في القضايا المسند إليها‬
‫الختصاص فيها بموجب القانون ‪ 95-53‬أو غيره من القوانين‪ ،‬و قبلها المحاكم الدارية من‬
‫البث في النزاعات المحددة في المادة ‪ 8‬من القانون ‪ ،41-90‬على أساس أن هذا الفصل يخول‬
‫الختصاص في جميع القضايا التجارية و الدارية للمحاكم البتدائية؟ ثم أليس من المبادئ‬
‫الراسخة في كافة النظمة القانونية تقييد اللحق من التشريعات لسابقيه؟‬
‫و إذا ابتدأ الجدال قضائيا‪ ،‬فقد انتهى أيضا كذلك من خلل قرار المجلس العلى‬
‫عدد ‪2248‬بتاريخ ‪ 14/11/2001‬في الملف عدد ‪ 2228/2000‬الذي جاء فيه " حيث إن المادة‬
‫الخامسة من القانون المحدث للمحاكم التجارية أسند الختصاص لهذه الخيرة بالنسبة للنزاعات‬
‫المتعلقة بالصول التجارية و إن حق التوبة يخضع لمسطرة تجديد عقد كراء محل معد للتجارة‬
‫الذي هو أحد عناصر الصل التجاري الداخل في النزاعات المتعلقة بالصول التجارية")‪.(16‬‬
‫على أن كل هذا الشكال و الجدل الفقهي و القضائي ما كان ليثور لو أمعنت المحاكم التجارية‬
‫النظر في العمال التحضيرية للقانون ‪ .95-53‬فإذا أمكن القول بأن الفقرة ‪5/5‬من هذا‬
‫القانون ل تفصل في مسألة الختصاص هاته‪ ،‬فإن إرادة المشرع في إسناده للمحاكم التجارية‬
‫واضحة من خلل ما أورده ذ‪ /‬عبد الكبير طبيح في كتابه عن المحاكم التجارية‪ ،‬و الذي يمكن‬
‫اعتباره نوعا ما بمثابة العمال التحضيرية لقانون إحداث هذه المحاكم بالنظر إلى أن مؤلفه‬
‫كان عضوا في لجنـة العـدل و التشريـع فـي البرلمـان‪ ،‬و شارك بالتالي في مناقشات بنود و‬
‫مواد القانون المحدث للمحاكم التجارية‪ .‬فقد جاء في كتابه هذا‪:‬‬
‫"فالمادة ‪ 5‬المذكورة عرفت عدة محاولت لتعديلها كان في مقدمتها التعديل الذي قدمته‬
‫الحكومة لول مرة و الذي أضاف إلى اختصاصات محكمة التجارة الدعاوى المتعلقة بالعقود‬
‫التجارية‪ ،‬التي لم ينص عليها المشروع بصفة منفصلة‪ ،‬كما استثنى‪ ،‬أي تعديل الحكومة الول‪،‬‬
‫النزاعات المتعلقة بأداء الكراء المتعلقة بالصول التجارية‪ ،‬و حذف الفقرة ‪ 2‬من نص المادة في‬
‫المشروع و هي الفقرة التي تدخل في اختصاص المحكمة التجارية البث في النزاعات القائمة‬
‫بين تاجر و غير تاجر إذا تعلق المر بأحد النشطة المنصوص عليها في مدونة التجارة‪.‬‬
‫على أن هذا التعديل الول على هذه المادة لم يكن ليغطي جميع القضايا التي هي بطبيعتها‬
‫تجارية و كان من شأنه أن يجعل عدة قضايا لها طبيعة تجارية تخرج عن اختصاص المحكمة‬
‫التجارية مما سيفقد هذه الخيرة الغرض الذي من أجله أحدثت‪.‬‬
‫و لقد كان المثال الواضح على ذلك هو الرغبة في استثناء النزاعات المتعلقة بأداء الكراء في‬
‫الصول التجارية‪ ،‬هذا الستثناء الذي يتناقض مع ظهير ‪ 24/5/1955‬المنظم لفراغ الصول‬
‫التجارية‪.‬‬
‫إذ أن المطالبة بأداء واجبات الكراء بالنسبة لصل تجاري معين‪ ،‬قد تنقلب إلى دعوى إفراغ‬
‫الصل التجاري و بالتالي فإن مسايرة التعديل الول كان سيجعل أهم النزاعات حول الصول‬
‫التجارية خارج اختصاص المحاكم التجارية‪.‬‬
‫و نظرا لهمية المآخذ التي ظهرت على التعديل الول الذي أدخلته الحكومة على نص‬
‫المادة ‪ 5‬بادرت هذه الخيرة إلى تقديم تعديل ثان و تم حذف الستثناء الذي وضع للنزاعات‬
‫على الصول التجارية ليبقى للمحكمة التجارية صلحية البث في جميع النزاعات المتعلقة‬
‫بالصول التجارية‪ ،‬باستثناء قضايا الزيادة في الكراء في إطار ظهير ‪ 31‬يناير ‪.(17)"1953‬‬
‫كما جاء في تدخل ذ‪ .‬العياشي المسعودي نيابة عن فريق التجديد و التقدم بمناسبة مناقشة‬
‫المادة ‪ 5‬من مشروع قانون المحاكم التجارية ‪ …" :‬و قد تم قبول وجهة نظرنا فيما يتعلق‬
‫بالختصاص النوعي‪ .‬و هكذا تم التراجع عن استثناء قضايا أداء الكراء من النزاعات المتعلقة‬
‫بالصول التجارية…")‪.(18‬‬
‫و الذي يظهر من كل ذلك أن الختصاص في دعاوى الصول التجارية منعقد للمحاكم التجارية‬
‫بدون منازع‪.‬‬

You might also like