You are on page 1of 19

‫الموت‬

‫إن الحمد لله نحمده ونسممتعينه ونسممتغفره ونعمموذ بممالله مممن‬


‫شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده اللممه فل مضممل لممه ‪،‬‬
‫ومن يضلل فل هادي لممه‪ ،‬وأشممهد أن ل إلممه إل اللممه وحممده ل‬
‫شممريك لممه‪ ،‬وأشممهد أن نبينمما وحبينمما محمممدا ً عبممده ورسمموله‬
‫ح‬
‫صمم َ‬ ‫ة‪ ،‬وب َل ّغَ الرسال َ‬
‫ة‪ ،‬ون َ َ‬ ‫دى المان َ‬
‫وصفيه من خلقه وخليله‪ ..‬أ ّ‬
‫ة‪ ،‬وكشف الله به الغمة ‪ ،‬جاهد في الله حق جهاده حممتى‬ ‫الم َ‬
‫أتاه اليقين ‪ ،‬اللهم اجزه عنمما خيممر ممما جزيممت نبيمما عممن أمتممه‬
‫ورسول ً عن دعوته ورسالته وصلى اللهممم وسمملم وزد وبممارك‬
‫عليه وعلممى آلممه وأصممحابه وأحبممابه وأتبمماعه وعلممى كممل مممن‬
‫اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثممره إلممى يمموم الممدين‪...‬‬
‫أما بعـد‪-:‬‬
‫فحّيا الله هممذه الوجمموه الطيبممة المشممرقة‪ ،‬وذكممى اللممه هممذه‬
‫النفممممممممس‪ ،‬وشممممممممرح اللممممممممه هممممممممذه الصممممممممدور‪.‬‬
‫طبتممم جميعمما وطمماب ممشمماكم وتبمموأتم مممن الجنممة منممزل‪.‬‬
‫حيمماكم اللممه جميع ما ً وأسممأل اللممه سممبحانه وتعممالى بأسمممائه‬
‫الحسنى وصفاته العلى أن يجمعنى وإيمماكم فممي الممدنيا دائممما‬
‫وأبدا ً على طاعته وفي الخرة مع سيد الدعاة وإمممام النممبيين‬
‫فمممممممممممممممممي جنتمممممممممممممممممه ودار كرامتمممممممممممممممممه‪.‬‬
‫إنه ولى ذلك وموله وهو على كل شىء قدير‪..‬‬
‫أما بعـد‪-:‬‬
‫فإن أصدق الحديث كتاب اللممه ‪،‬وخيممر الهممدي هممدي محمممد ‪،‬‬
‫وشر المور محدثاتها وكل محدثممة بدعممة وكممل بدعممة ضممللة‬
‫وكل ضللة في النار‪.‬‬
‫أحبتى فى اللـه‪:‬‬
‫فى رحاب الدار الخرة‬
‫سلسلة علميممة هامممة تجمممع بيممن المنهجيممة والرقممائق‪ ،‬وبيممن‬
‫التأصمميل العلمممى والسمملوب المموعظى تبممدأ هممذه السلسممة‬
‫بالموت وتنتهى بالجنة‪.‬‬
‫وقد تحتاج هممذه السلسمملة إلممى جهممد شمماق حممتى تتضممح لنمما‬
‫معالمها‪ ،‬لذا فإن الموضوع جد خطير ومممن الهميممة بمكممان‪،‬‬
‫لذا استحلفكم باللمه الذى ل إله إل ّ هو‪ ..‬أن تعيرونى قلمموبكم‬
‫وعقولكم وأسماعكم حتى نقف علممى أهميتهمما ونسممأل اللمممه‬
‫التوفيق‪ ،‬ونسأله تعالى أن يجعلها خالصة لوجهه الكريم‪ ،‬إنممه‬
‫ولى ذلك والقادر عليه ويجعلنمما مممن الممذين قممال فيهممم اللمممه‬
‫م‬
‫داهُ ُ‬‫هم َ‬
‫ن َ‬
‫ذي َ‬ ‫ه ُأول َئ ِ َ‬
‫ك ال ّم ِ‬ ‫سمن َ ُ‬
‫ح َ‬
‫ل فَيتبعو َ‬
‫نأ ْ‬ ‫ن ال َْقوْ َ َ ّ ِ ُ َ‬ ‫مُعو َ‬‫ست َ ِ‬‫ن يَ ْ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬
‫َ‬ ‫ك هُ ُ‬ ‫اللمه وَُأول َئ ِ َ‬
‫م أوُلو الل َْبا ِ‬
‫ب ] الزمر‪.[ 18 :‬‬ ‫ْ‬
‫أيها الحبة الكرام‪:‬‬
‫وسوف أستهل هذه السلسمملة بالحممديث عممن الممموت‪ ،‬فهممذه‬
‫هى المرحلة الولى فى هذه الرحلة الطويلة‪.‬‬
‫أيها الخيار الكرام‪:‬‬
‫لقد بين اللمه جل وعل لنا الغاية التى من أجلها خلقنمما فقممال‬
‫س ِإل‬
‫وال ِْنــ َ‬
‫ن َ‬ ‫ت ال ْ ِ‬
‫جــ ّ‬ ‫خل َ ْ‬
‫قــ ُ‬ ‫مــا َ‬
‫و َ‬
‫سمممبحانه وتعمممالى‪َ :‬‬
‫] الذاريات‪.[ 56 :‬‬ ‫ن‬
‫دو ِ‬
‫عب ُ ُ‬
‫ل ِي َ ْ‬
‫بل وبين لنا حقيقة الدنيا التى جعلها محــل اختبــار‬
‫حَياةُ ال ـدّن َْيا ل َ ِ‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫عـ ٌ‬ ‫ما ال ْ َ‬ ‫موا أن ّ َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫لنا فقال سبحانه‪ :‬ا ْ‬
‫َ‬
‫ل‬‫وا ِ‬ ‫مـ َ‬ ‫فــي ال ْ‬ ‫وت َك َــاث ٌُر ِ‬ ‫م َ‬ ‫خٌر ب َي ْن َك ُـ ْ‬ ‫فــا ُ‬ ‫وت َ َ‬‫ة َ‬ ‫زين َـ ٌ‬ ‫ِ‬ ‫و‬
‫و َ‬ ‫هـ ٌ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫َ‬
‫ْ‬
‫ب الك ُ ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ج‬
‫هي ـ ُ‬ ‫م يَ ِ‬ ‫ه ث ُـ ّ‬
‫فــاَر ن َب َــات ُ ُ‬ ‫جـ َ‬ ‫ع َ‬ ‫ثأ ْ‬ ‫غي ْ ٍ‬‫ل َ‬ ‫مث َ ِ‬ ‫ولِد ك َ َ‬ ‫وال ْ‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫ذا ٌ‬ ‫عـ َ‬ ‫ة َ‬ ‫خـَر ِ‬ ‫فــي ال ِ‬ ‫و ِ‬
‫ما َ‬ ‫طا ً‬ ‫ح َ‬ ‫ن ُ‬ ‫كو ُ‬ ‫م يَ ُ‬ ‫فّرا ث ُ ّ‬ ‫ص َ‬ ‫م ْ‬ ‫فت ََراهُ ُ‬ ‫َ‬
‫حي َــاةُ ال ـدّن َْيا‬ ‫مــا ال ْ َ‬ ‫و َ‬‫ن َ‬ ‫وا ٌ‬ ‫ض َ‬ ‫ر ْ‬ ‫و ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫فَرةٌ ِ‬ ‫غ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫ديدٌ َ‬ ‫ش ِ‬ ‫َ‬
‫] الحديد‪.[ 20 :‬‬ ‫ر‬‫غُرو ِ‬ ‫ع ال ْ ُ‬ ‫مَتا ُ‬ ‫ِإل َ‬
‫وأكد الحبيب المصطفى هذه الحقيقــة فــى حــديثه‬
‫الصحيح الذى رواه الترمـذى مــن حـديث سـهل بـن‬
‫قال ))لو كانت الدنيا تعدل عنــد‬ ‫سعد الساعدى‬
‫اللـه جناح بعوضة ما سقى كافرا ً منها شربة مــاء((‬
‫)]‪.([1‬‬
‫فالممدنيا حقيممرة عنممد اللمممه أعطاهمما للمممؤمن والكممافر علممى‬
‫السواء‪ ،‬فلو كانت تزن عند اللمه جناح بعوضة ما سقى منهمما‬
‫كافرا ً قط شمربة مماء واحمدة‪ ،‬لمذا كمان المصمطفى يوصمى‬
‫أحبابه بعممدم الركممون والطمأنينممة إلممى هممذه الممدار الفانيممة ل‬
‫محالة‪ ،‬كما أوصى بــذلك عبــد اللـــه بــن عمــر رضــى‬
‫اللــه عنهمـا كمـا فـى صـحيح البخـارى‪)):‬كـن فـى‬
‫الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل((‪ ،‬وكان ابــن عمــر‬
‫يقـــول‪ " :‬إذا أمســـيت فل تنتظـــر الصـــباح‪ ،‬وإذا‬
‫أصبحت فل تنتظر المساء وخذ من صحتك لمرضــك‬
‫ومن حياتك لموتك"‪.‬‬
‫ورحم اللمه من قال‪:‬‬
‫طلقوا الدنيا وخافممموا الفتنما‬
‫إن للمه عبممممممادا ً فطنا‬
‫حمى وطنمممما ً‬
‫أنها ليست ل ِ َ ّ‬
‫نظروا فيهمممما فلما علمموا‬
‫سْفنمما‬ ‫صالح العممال فيهما ُ‬
‫جممممممة واتخذوا‬ ‫جعلوها ل ُ ّ‬
‫فالفطناء العقلء هم الممذين عرفمموا حقيقممة الممدار‪ ،‬فحرثوهمما‬
‫وزرعوها‪ ...‬وفى الخرة حصدوها‪.‬‬
‫فالمذم الوارد فى القرآن والسنة للدنيا ل يرجممع إلممى زمانهمما‬
‫من ليل ونهار فلقد جعل اللمه الليل والنهممار خلفممة لمممن أراد‬
‫أن يممذكر أو أراد شممكورًا‪ ،‬والممذم المموارد للممدنيا فممى الكتمماب‬
‫والسنة ل يرجع إلممى مكانهمما أل وهممو الرض‪ ،‬إذ أن اللمممه قممد‬
‫جعل الرض لبنى آدم سكنا ً ومستقرًا‪.‬‬
‫والذم الوارد فى القرآن والسنة ل يرجع إلى ما أودعها اللمممه‬
‫عز وجل من خيرات‪ ،‬فهمذه الخيمرات نعم اللمه على عبممماده‬
‫وجميع خلقه‪.‬‬
‫إنما الذم الوارد فى القرآن والسممنة يرجممع إلممى كممل معصممية‬
‫ترتكب فى حق ربنا جل وعل‪.‬‬
‫إذا ً لبد وحتما من تأصيل هذا الفهم الدقيق ل سمميما لخواننمما‬
‫الدعاة وطلب العلم الذين ربما يغيممب عممن أذهممانهم حقيقممة‬
‫ت أحدا ً من‬ ‫الزهد فى هذه الحياة الدنيا‪ ،‬فنحن ل نريد أن ُنقن ّ ْ‬
‫هذه الدنيا‪ ،‬ول نريد أن نثبت لعامل فى هذه الممدنيا ولممو كممان‬
‫فممى الحلل أنممه قممد تجمماوز عممن طريممق النبيمماء والصممالحين‬
‫والولياء‪ ...‬كل‪ !..‬كل‪!!..‬‬
‫بل الدنيا مزرعة للخرة‪.‬‬
‫تدبر معى قول على رضى اللمه عنه وهو يقممول‪ " :‬الممدنيا دار‬
‫صدق لمن صدقها‪ ،‬ودار نجاة لمن فهم عنها‪ ،‬ودار غنى لمممن‬
‫أخممذ منهمما‪ ،‬الممدنيا مهبممط وحممى النبيمماء ومصمملى أنبيمماء اللممه‬
‫ومتجر أولياء اللمه "‪.‬‬
‫فالــدنيا مزرعــة للخــرة فتــدبر معــى هــذا الحــديث‬
‫الصحيح الذى رواه البخارى ومسلم من حديث أنس‬
‫قال‪ :‬قال النبى ‪)) :‬ما من مسلم يغرس غرسا ً‬
‫أو يزرع زرعا ً فيأكل منه إنســان أو طيــر أو بهيمــة‬
‫إل كان له به صدقة(()]‪.([2‬‬
‫إذا ً لبممد مممن هممذا التأصمميل والفهممم العميممق لحقيقممة الممدنيا‪،‬‬
‫لننطلق مممن هممذه الممدار الفانيممة إلممى دار تجمممع بيممن سمملمة‬
‫البدان والديان‪..‬دار القرار‪.‬‬
‫فلبد قبل العبور إلى دار القرار من المممرور مممن دار الفنمماء‪،‬‬
‫فالدنيا دار ممر والخرة هى دار المقر‪ ،‬الدنيا مركب عبممور ل‬
‫منزل حبور‪ ،‬الدنيا دار فناء ل دار بقمماء‪ ،‬لبممد مممن وعممى هممذه‬
‫الحقيقة التى ل مراء فيها‪ ،‬لنزرع هنمما بممذورًا‪ ،‬لنجنممى هنالممك‬
‫ثمارًا‪.‬‬
‫فاعلم أيها الحبيب هذه الحقائق جيدًا‪ ،‬وكن على يقين جممازم‬
‫بأن الحياة فى هذا الممدنيا موقوتممة محممدودة بأجممل‪ ،‬ثممم تممأتى‬
‫نهايتها حتما ً لبد‪ ،‬فيممموت الصممالحون‪ ..‬ويممموت الطممالحون‪..‬‬
‫يموت المجاهدون‪ ..‬ويمموت القاعمدون‪ ..‬يمموت المسمتعلون‬
‫بالعقيدة‪ ..‬ويموت المستذلون للعبيد‪ ..‬يموت الشرفاء الممذين‬
‫يأبون الضيم ويكرهون الذل‪ ،‬والجبناء الحريصون على الحياة‬
‫بأى ثمن‪ ..‬الكل يموت‪.‬‬
‫قــى‬ ‫وي َب ْ َ‬
‫ن َ‬ ‫فــا ٍ‬ ‫عل َي ْ َ‬
‫ها َ‬ ‫ن َ‬
‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫كل َ‬ ‫قال اللـه جل وعل‪:‬‬
‫وال ِك َْرام ِ ]الرحمن‪.[27-26:‬‬‫ل َ‬ ‫جل ِ‬ ‫ذو ال ْ َ‬ ‫ك ُ‬‫ه َرب ّ َ‬‫ج ُ‬‫و ْ‬
‫َ‬
‫ً‬
‫فلبد أن تستقر هذه الحقيقة فممى القلممب والعقممل معما‪ ،‬إنهمما‬
‫الحقيقة التى تعلن بوضوح تام علممى مممدى الزمممان والمكممان‬
‫فى أذن كل سممامع وعقممل كممل مفكممر أنمه ل بقمماء إل للملمك‬
‫الحى الذى ل يموت‪ ،‬إنها الحقيقة التى تصبغ الحياة البشممرية‬
‫كلها بصبغة العبودية والذل لقاهر السماوات والرض!!‬
‫إنها الحقيقة التى شرب كأسها تباعا ً النبياء والمرسمملون بممل‬
‫والعصاة والطائعون!!‬
‫إنها الحقيقة التى تــذكرنا كــل لحظــة مــن لحظــات‬
‫هــو‬‫الزمن بقول الحى الــذى ل يمــوت‪ :‬ل إ ِل َــه ِإل ُ‬
‫هه ]القصص‪.[88:‬‬ ‫ج ُ‬‫و ْ‬‫ك ِإل َ‬ ‫هال ِ ُ‬
‫ئ َ‬ ‫ش ٍ‬ ‫ل َ‬ ‫كُ ّ‬
‫أيها الحبيب تذكر هذه الحقيقة ول تتغافل عنهــا إذ‬
‫أن النبى أمرنا أن نكثر من ذكرها كما فى الحــديث‬
‫الصحيح الــذى رواه الترمــذى والنســائى والــبيهقى‬
‫والحاكم وغيرهــم مــن حــديث ابــن عمــر أن النــبى‬
‫قال‪)) :‬أكثروا من ذكر هادم الّلذات(()]‪.([3‬‬
‫إنها الحقيقة التى سماها اللمه فى قرآنه بالحق فقال جل‬
‫ت‬‫مــا ك ُن ْـ َ‬ ‫ك َ‬‫ق ذَل ِـ َ‬‫ح ّ‬ ‫ت ب ِــال ْ َ‬‫و ِ‬ ‫سك َْرةُ ال ْ َ‬
‫مـ ْ‬ ‫ت َ‬ ‫جاءَ ْ‬ ‫و َ‬
‫َ‬ ‫وعل‪:‬‬
‫د‬
‫عيــ ِ‬‫و ِ‬ ‫م ال ْ َ‬
‫و ُ‬ ‫ر ذَِلــ َ‬
‫ك َيــ ْ‬ ‫صــو ِ‬ ‫فــي ال ّ‬ ‫خ ِ‬ ‫فــ َ‬‫ون ُ ِ‬ ‫حيــدُ َ‬ ‫ه تَ ِ‬
‫مْنــ ُ‬ ‫ِ‬
‫هيدٌ ]ق‪.[21-19:‬‬ ‫ش ِ‬ ‫و َ‬ ‫ق َ‬ ‫سائ ِ ٌ‬
‫ها َ‬ ‫ع َ‬‫م َ‬
‫س َ‬ ‫ف ٍ‬ ‫ت كُ ّ‬
‫ل نَ ْ‬ ‫جاءَ ْ‬‫و َ‬‫َ‬
‫اللـه أكبر‬ ‫اللـه أكبر‪.. .‬‬ ‫ل إله إل اللـه‪.. .‬‬
‫إن للموت لسكرات‪ .. .‬هل علمت إن هذه الكلمــات‬
‫قالهــا حــبيب رب الرض والســموات وهــو يحتضــر‬
‫على فراش الموت؟‬
‫روى البخارى عن عائشة رضــى اللـــه عنهــا قــالت‪:‬‬
‫مات رسول اللـه بين حاقنتى وذاقنتى وكان بين‬
‫يديه ركوة )علبة( بها ماء فكان يمد يده فــى داخــل‬
‫الماء ويمسح وجهه بأبى هو وأمى ويقول‪)) :‬ل إله‬
‫إل اللـه إن للموت لسكرات(()]‪.([4‬‬
‫هكمممذا يقمممول حمممبيب رب الرض والسمممموات إن للمممموت‬
‫لسكرات!! حبيب الرحمن يممذوق سممكرة الممموت‪ ،‬فممما بالنمما‬
‫نحن؟!!‬
‫وفـى روايـة الترمــذى كـان الحــبيب يقـول‪)) :‬إن‬
‫للموت لسكرات وإن للموت لغمرات((‪.‬‬
‫وفى رواية كان يدعوا اللـه ويقول‪)) :‬اللـهم أعّنى‬
‫على سكرات الموت((‪.‬‬
‫ق ومــا أدراك مــا‬ ‫ت ب ِــال ْ َ‬
‫ح ّ‬ ‫و ِ‬ ‫س ـك َْرةُ ال ْ َ‬
‫مـ ْ‬ ‫ت َ‬
‫جــاءَ ْ‬
‫و َ‬
‫َ‬
‫الســكرات‪ !..‬ومــا أدراك مــا الكربــات‪ !..‬فــى هــذه‬
‫اللحظـــات يـــزداد الهـــم والكـــرب‪ ،‬فـــى لحظـــات‬
‫السكرات إذا نمت يا ابــن آدم علــى فــراش المــوت‬
‫ورأيت فــى غرفتــك الــتى أنــت فيهــا دون أن يــرى‬
‫غيــرك‪ ،‬رأيــت شــيطانا ً جلــس عنــد رأســك يريــد‬
‫الشيطان أن يضــلك عــن كلمــة الخلص" ل إلــه إل‬
‫اللـه "‪ ،‬يريد الشيطان أن يصدك عنهــا‪ ،‬يقــول لــك‪:‬‬
‫مــت‬‫مــت يهوديــا ً فــإنه خيــر الديــان‪ ،‬يقــول لــك‪ُ :‬‬ ‫ُ‬
‫نصرانيا فإنه خير الديان‪.‬‬ ‫ً‬
‫واستدل أهل العلم على ذلك بصــدر حــديث صــحيح‬
‫رواه المــام مســلم أن رســول اللـــه قــال‪)) :‬إن‬
‫ضُر كل شئ لبن آدم‪.((..‬‬ ‫الشيطان ُيح ِ‬
‫ب اللـــه ثــراه‬‫سئل شيخ السلم ابن تيمية طَي ّ َ‬ ‫بل و ُ‬
‫عْرض الديان على ابن آدم فــى فــراش‬ ‫عن مسألة َ‬
‫المــوت‪ ،‬فقــال فــى مجمــوع الفتــاوى )]‪" :([5‬مــن‬
‫الناس من تعرض عليه الديان ومنهم من ل يعرض‬
‫عليه شئ قبل موته‪ ،‬ثــم قــال‪ :‬ولكنهــا مــن الفتــن‬
‫الــتى أمرنــا النــبى أن نســتعيذ منهــا فــى قــوله ‪:‬‬
‫))اللهم إنى أعوذ بك من عذاب القــبر ومــن عــذاب‬
‫جهنم ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح‬
‫الدجال(()]‪.([6‬‬
‫فمن فتن الموت أن يأتيمك الشميطان ليصمدك عمن ل إلمه إل‬
‫اللمه‪ ،‬ليصدك عن كلمة التوحيد‪ ،‬هذه من الكربات‪ ،‬هذه مممن‬
‫أشد السكرات على ابن آدم ول حول ول قوة إل باللمه‪.‬‬
‫ى فى اللمه أن إمام أهل السنة أحمد بن حنبممل‬ ‫خ ّ‬‫هل علمت أ ُ َ‬
‫حينما نام على فراش الموت ذهبمت إليمه الشمياطين لتنمادى‬
‫عليه بهذه الكلمات‪ ،‬قال عبد اللمه ولده‪ " :‬حضرت وفاة أبى‬
‫فنظرت إليمه فإذا هو يغرق ثم يفيق ثممم يشممير بيممده ويتكلممم‬
‫ويقول‪ :‬ل ب َْعد‪ !!..‬ل ب َْعد‪.!!..‬‬
‫فلما أفاق فى صحوة بين سكرات الموت وكربمماته‪ ،‬قممال لممه‬
‫ولده عبد اللمه‪ :‬يا أبتى ماذا تقول؟! تقول‪ :‬ل بعد‪ ،‬ل بعممد‪!!..‬‬
‫ما هذا؟!! أتدرى ماذا قال إمام أهل السنة؟؟ قال لولده‪ :‬يمما‬
‫ض على أنامله يقممول لممى‪:‬‬ ‫بنى شيطان جالس عند رأسى عا ٌ‬
‫يا أحمد لو فُّتنى اليوم ما أدركتك بعد اليوم وأنا أقممول لممه‪ :‬ل‬
‫بعد‪ ،‬ل بعد حتى أموت على ل إله إل اللمه‪.‬‬
‫فممإذا كنممت حقمما مممن المممؤمنين الصممادقين‪ ..‬مممن الموحممدين‬
‫المخلصين وجاءتك الشياطين ثبتك رب العالمين وأنزل إليك‬
‫ملئكة التثبيت‪ ،‬كممما فممى حممديث الممبراء بممن عممازب الصممحيح‬
‫وسأذكر الحديث بتفصيله لحقا ً إن شاء رب العممالمين‪ ،‬إل ّ أن‬
‫ن المــؤمن إذا‬ ‫محل الشاهد فيه الن أن النبى أخبر‪)) :‬أ ّ‬
‫نام على فراش الموت جاءته ملئكة بيــض الوجــوه‬
‫ن مــن أكفــان‬ ‫كــأن وجــوههم الشــمس‪ ،‬معهــم كفـ ُُ‬
‫ط مــن حنــوط الجنــة فيجلســون مــن‬ ‫الجنــة وحنــو ٌ‬
‫مدّ البصر حتى يأتى ملــك المــوت فيجلــس‬ ‫المؤمن ُ‬
‫عند رأسه وينادى على روحــه الطيبــة وهــو يقــول‪:‬‬
‫ح‬‫أيتها الروح الطيبة اخرجى حميــدة وابشــرى بــرو ٍِ‬
‫ض عنك غيــر غضــبان‪ ،‬فتخــرج روح‬ ‫ب را ٍ‬‫وريحان ور ٍ‬
‫ى‬
‫فـ ّ‬ ‫المؤمن ســهلة سلســة كمــا يســيل المــاء مــن ِ‬
‫السقاء فل تدعهـا الملئكــــة فــى يــد ملــك المــوت‬
‫ـل وعل‪])((..‬‬ ‫طرفة عين‪ ،‬ثم ترقى بها إلــى اللـــه جـ‬
‫‪.([7‬‬
‫هكذا أيها الحبة‪..‬‬
‫ة‬
‫حَيا ِ‬‫في ال ْ َ‬ ‫ت ِ‬‫ل الّثاب ِ ِ‬
‫و ِ‬ ‫ق ْ‬‫مُنوا ِبال ْ َ‬ ‫ءا َ‬
‫ن َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫ت الل ّ ُ‬ ‫ي ُث َب ّ ُ‬
‫ل‬‫عـ ُ‬‫ف َ‬‫وي َ ْ‬
‫ن َ‬ ‫ه الظّــال ِ ِ‬
‫مي َ‬ ‫ل الل ّـ ُ‬ ‫ضـ ّ‬‫وي ُ ِ‬
‫ة َ‬‫خ ـَر ِ‬
‫في ال ِ‬ ‫و ِ‬‫الدّن َْيا َ‬
‫] إبراهيم‪.[ 27 :‬‬ ‫شاءُ‬ ‫ما ي َ َ‬‫ه َ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫ولقد سجل اللـه هذه البشارة للموحدين فى قرآنه‬
‫العظيم فقال تعالى‪:‬‬
‫ل‬ ‫موا ت َت َن َـّز ُ‬ ‫قا ُ‬ ‫س ـت َ َ‬ ‫ما ْ‬ ‫ه ث ُـ ّ‬ ‫قــاُلوا َرب ّن َــا الل ّـ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ـ ِ‬ ‫إِ ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫شــُروا‬ ‫وأب ْ ِ‬ ‫حَزُنــوا َ‬ ‫ول ت َ ْ‬ ‫فوا َ‬ ‫خــا ُ‬ ‫ة أل ت َ َ‬ ‫كــ ُ‬ ‫ملئ ِ َ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫هــ ُ‬ ‫ِ‬ ‫عل َي ْ‬‫َ‬
‫َ‬
‫فــي‬ ‫م ِ‬ ‫ؤك ُ ْ‬ ‫ول ِي َــا ُ‬‫نأ ْ‬ ‫حـ ُ‬ ‫ن نَ ْ‬ ‫دو َ‬ ‫عـ ُ‬‫م ُتو َ‬ ‫ة ال ّت ِــي ك ُن ْت ُـ ْ‬ ‫جن ّـ ِ‬ ‫ِبال ْ َ‬
‫هي‬ ‫ش ـت َ ِ‬ ‫مــا ت َ ْ‬ ‫هــا َ‬ ‫في َ‬ ‫م ِ‬ ‫ول َك ُـ ْ‬‫ة َ‬ ‫خ ـَر ِ‬‫في ال ِ‬ ‫و ِ‬‫ة الدّن َْيا َ‬ ‫حَيا ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫حيم ٍ‬ ‫ر َر ِ‬ ‫فو ٍ‬ ‫غ ُ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ن ُُزل ِ‬ ‫عو َ‬ ‫ما ت َدّ ُ‬ ‫ها َ‬ ‫في َ‬ ‫م ِ‬ ‫ول َك ُ ْ‬‫م َ‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫ف ُ‬ ‫أ َن ْ ُ‬
‫]فصلت‪.[32-30:‬‬

‫ل‬
‫و ِ‬ ‫من ُــوا ب ِــال ْ َ‬
‫ق ْ‬ ‫ءا َ‬
‫ن َ‬ ‫ذي َ‬‫ه ال ّ ـ ِ‬
‫ت الل ّ ـ ُ‬‫وقــال تعــالى‪ :‬ي ُث َب ّ ـ ُ‬
‫]إبراهيم‪[27:‬‬ ‫ة‬
‫خَر ِ‬‫في ال ِ‬ ‫و ِ‬ ‫ة الدّن َْيا َ‬ ‫في ال ْ َ‬
‫حَيا ِ‬ ‫الّثاب ِ ِ‬
‫ت ِ‬
‫قال ابن عباس‪ :‬القول الثــابت هــو ل إلــه إل اللـــه‬
‫فــى الحيــاة الــدنيا وفــى الخــرة ويضــل اللـــه‬
‫الظالمين ويفعل اللـه ما يشاء‪.‬‬
‫ه‬
‫من ْـ ُ‬ ‫مــا ك ُن ْـ َ‬
‫ت ِ‬ ‫ق ذَل ِـ َ‬
‫ك َ‬ ‫ح ّ‬‫ت ب ِــال ْ َ‬
‫و ِ‬ ‫سك َْرةُ ال ْ َ‬
‫مـ ْ‬ ‫ت َ‬‫جاءَ ْ‬
‫و َ‬‫َ‬
‫]ق‪.[19:‬‬ ‫حيدُ‬‫تَ ِ‬
‫والحق أنك تموت واللمه حممى ل يممموت‪ ،‬الحممق أن تممرى عنممد‬
‫موتك ملئكة الرحمة أو ملئكة العذاب‪.‬‬
‫حقّ ‪ .‬والحق أن يكون قبرك روضة‬ ‫ت ِبال ْ َ‬ ‫سك َْرةُ ال ْ َ‬
‫مو ْ ِ‬ ‫ت َ‬ ‫جاَء ْ‬‫وَ َ‬
‫من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران‬
‫حيد ُ ذلك ما كنت منه تهرب‪.‬‬ ‫ه تَ ِ‬ ‫من ْ ُ‬
‫ت ِ‬‫ما ك ُن ْ َ‬‫ك َ‬‫ذ َل ِ َ‬
‫تحيد إلى الطبيب إذا جاءك المرض‪ ،‬وتحيد إلممى الشممراب إذا‬
‫ى؟! ثممم ممماذا أيهمما‬
‫ت بالظمأ‪ ،‬ثم ماذا أيها القوى الَفت ِم ّ‬ ‫أحسس َ‬
‫العبقرى الذكى ؟! ثم ماذا أيها الوزير والمير؟! ثم ماذا أيهمما‬
‫الكبير والصغير؟! ثم ماذا أيها الغنى والفقير؟!‬
‫اسمع يا هذا وذاك‪:‬‬
‫سُينَعى‬ ‫وكل ناٍع فَ َ‬
‫ليممس غيممُر اللمه يبقى‬
‫سُيب َ‬
‫كى‬ ‫كل باك فَ َ‬
‫سمممممى‬‫سي ُن ْ َ‬
‫ذكور َ‬ ‫م ْ‬
‫كل َ‬
‫ممن عممل فاللمه أعلمممى‬
‫إلى كم يا أخى الوهم‬
‫وتخطئ الخطأ الجم‬
‫أما أنمممذرك الشممميب‬
‫أيا من ي َد ِّع الفهم‬
‫ب الذنب والذنب‬ ‫تع ّ‬
‫أممما بمممان لك العيب؟‬
‫وممما فمى نصحمه ريممممب‬
‫أما نادى بك الموت‬
‫فمتحتاط وتهتم‬
‫وتختال من الزهو‬
‫إلى اللحد وتنغط‬
‫إلى أضيق من سم‬
‫ليستأكله الدود‬
‫فيمسى العظم قد رم‬
‫ودع ما يعقب الضير‬
‫وخاف من لجة اليم‬
‫وقد بحت كمن باح‬
‫بقممرآن الممرب يهتممم‬
‫أما أسمعك الصوت‬
‫وت‬‫أما تخشى من الَف ْ‬
‫فكم تسير فى الهوى‬
‫كأنى بك تنحط‬
‫وقد أسلمك الرهط‬
‫هناك الجسم ممدود‬
‫إلى أن ينخر العود‬
‫فزود نفسك الخير‬
‫وهيأ مركب السير‬
‫بذا أوصيك يا صاح‬
‫فطممموبى لفتمممى راح‬
‫وبمآداب محمممد يأتممم‬
‫وصدق اللمه عز وجل إذ يقول‪:‬‬
‫َ‬
‫ه‬‫ن أن ّـ ُ‬ ‫وظَـ ّ‬‫ق َ‬ ‫ن َرا ٍ‬ ‫مـ ْ‬
‫ل َ‬ ‫قي ـ َ‬
‫و ِ‬‫ي َ‬
‫ق َ‬ ‫ت الت َّرا ِ‬ ‫غ ِ‬ ‫ذا ب َل َ َ‬
‫كل إ ِ َ‬ ‫َ‬
‫ذ‬
‫مئ ِ ٍ‬‫و َ‬ ‫ق إ ِل َــى َرّبـ َ‬
‫ك َيـ ْ‬ ‫ســا ِ‬‫ســاقُ ِبال ّ‬
‫ت ال ّ‬ ‫ف ِ‬‫وال ْت َ ّ‬ ‫فَراقُ َ‬ ‫ال ْ ِ‬
‫ساقُ ]القيامة‪.[30-26:‬‬ ‫م َ‬‫ال ْ َ‬
‫ق إذا بلغممت الممروح‬
‫ن َرا ٍ‬
‫ممم ْ‬ ‫ي وَِقيمم َ‬
‫ل َ‬ ‫ت الت َّراِقمم َ‬‫ذا ب َل ََغمم ِ‬ ‫َ‬
‫كل إ ِ َ‬
‫ق من يرقيه؟!! مممن يرقممى بروحممه؟!!‬ ‫ن َرا ٍ‬‫م ْ‬ ‫ل َ‬‫الترقوة وَِقي َ‬
‫ملئكة الرحمة؟ أم ملئكة العذاب؟‪.‬‬
‫من يبذل له الرقية؟ من يبذل له الطب والعلج؟! فهممو مممن‬
‫هو؟!!‬
‫صاحب الجاه والسلطان! صاحب الممموال والطيممان! انتقممل‬
‫فى طيارة خاصة إلى أكبر مستشفى فى العالم‪ ،‬التف حوله‬
‫أكبر الطباء‪ ،‬هذا متخصص فى جراحة القلب والبطممن وهممذا‬
‫متخصص فى جراحة المخ والعصمماب‪ ،‬وهممذا متخصممص فممى‬
‫كذا‪ ،‬وذاك متخصص فى كذا!!‪.‬‬
‫التف حوله الطبمماء يريممدون شمميئا ً وملممك الملمموك أراد شمميئا ً‬
‫آخر‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫مل‬ ‫جل ُ ُ‬
‫هـ ْ‬ ‫جــاءَ أ َ‬‫ذا َ‬ ‫ل َ‬
‫ف ـإ ِ َ‬ ‫جـ ٌ‬ ‫ةأ َ‬ ‫مـ ٍ‬ ‫لأ ّ‬ ‫ول ِك ُـ ّ‬‫َ‬ ‫قال تعــالى‪:‬‬
‫]العراف‪.[34:‬‬ ‫ن‬
‫مو َ‬ ‫د ُ‬‫ق ِ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫ول ي َ ْ‬ ‫ة َ‬ ‫ع ً‬
‫سا َ‬ ‫ن َ‬‫خُرو َ‬ ‫ست َأ ْ ِ‬ ‫يَ ْ‬
‫َ‬
‫ج‬ ‫فــي ب ُـُرو ٍ‬ ‫م ِ‬ ‫و ك ُن ْت ُـ ْ‬ ‫ول َ ْ‬
‫ت َ‬ ‫و ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫رك ُك ُ ُ‬‫كوُنوا ي ُدْ ِ‬‫ما ت َ ُ‬ ‫أي ْن َ َ‬
‫]النساء‪.[78:‬‬ ‫ة‬
‫شي ّدَ ٍ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬
‫والتممف حمموله الطبمماء مممرة أخممرى ‪،‬كممل يبممذل لممه العلج‬
‫والرقية!!‬
‫ولكن حاروا وداروا!!‬
‫اصفر وجهه‪ ،‬شحب لونه‪ ،‬بممردت أطرافممه‪ ،‬تجعممد جلممده‪ ،‬بممدأ‬
‫يشعر بزمهرير قارس يزحف إلى أنامل يديه وقدميه!!‬
‫فينظر فى لحظة السمكرة والكربمة فيمرى الغرفمة الممتى هممو‬
‫فيها مرة فضاًء موحشا ً ومرة أخرى أضيق من سم الخياط‪.‬‬
‫وينظر مرة فيجد أهله يبتعممدون عنممه وأخممرى يقممتربون منممه‪،‬‬
‫اختلطت عليه المور والوراق!!‬
‫من هذا‪..‬؟!! ملك الموت!! ملك الممموت عنممد رأسممه‪ ،‬ومممن‬
‫هؤلء الذين يتنزلون من السماء؟!!‬
‫إنه يراهم بعينه‪ ،‬إنهم الملئكة!! يمما تممرى ملئكممة الرحمممة أم‬
‫ملئكة العذاب؟!!‬
‫يا ترى ماذا سيقول ملك الموت؟!!!‬
‫هل سمميقول لممى الن‪ :‬يمما أيتهمما الممروح الطيبممة اخرجممى إلممى‬
‫مغفرة من اللمه ورضوان ورب راض غير غضبان؟!!‬
‫أم يقول يمما أيتهمما الممروح الخبيثممة اخرجممى إلممى سممخط اللمممه‬
‫وعذابه؟‬
‫ينظر لحظة الصحوة بين السكرات والكربات‪ ،‬فإذا هممو يعممى‬
‫من حوله من أهله وأحبابه فينظر إليهم نظممرة اسمتعطاف !!‬
‫نظرة رجاء !!‬
‫فيقول بلسمان الحمال وربمما بلسمان المقمال‪ :‬يما أولدى‪ ..‬يما‬
‫أحبممابى‪ ..‬يمما أخمموانى ل تممتركونى وحممدى‪ ،‬ول تفردونممى فممى‬
‫لحدى !!‬
‫ممرت‬ ‫أنا أبوكم‪ ،‬أنا الذى بنيمت لكمم القصممور !! أنمما المذى عَ ّ‬
‫ميت لكمم التجارة !! فمن منكم يزيممد‬ ‫لكم الدور! أنا الممذى ن ّ‬
‫فى عمرى ساعة أو ساعتين؟‬
‫افدونى بأموالى‪ ..‬افدونى بأعماركم !!‬
‫وهنا يعلو صوت الحق كما قال جل وعل ‪:‬‬
‫]الحاقــة‪:‬‬ ‫ه‬ ‫س ـل ْ َ‬
‫طان ِي َ ْ‬ ‫عّني ُ‬ ‫هل َ َ‬
‫ك َ‬ ‫ه َ‬‫مال ِي َ ْ‬
‫عّني َ‬‫غَنى َ‬‫ما أ َ ْ‬
‫َ‬
‫‪.[29-28‬‬
‫وقد سجل التاريخ لهممارون الرشمميد عنممدما نممام علممى فممراش‬
‫الموت فنظر إلى جاهه وممماله وقممال‪ :‬ممما أغنممى عنممى ممماليه‬
‫هلك عنى سلطانيه !!‬
‫ثم قال‪ :‬أريد أن أرى قبرى الذى سأدفن فيه !!‬
‫فحملوه إلى قبره‪ ،‬فنظر هارون إلى القبر وبكى ونظممر إلممى‬
‫السماء وقال‪ :‬يما مممن ل يممزول ملكممه‪ .. .‬ارحممم مممن قممد زال‬
‫ملكه‪.‬‬
‫أين الجاه ؟! أين السمملطان ؟! أيممن المممال ؟! أيممن الراضممى‬
‫والطيان ؟! ذهب كل شئ !!‬
‫سبحانه‪ .. .‬سبحانه‪ .. .‬سبحانه‪.‬‬
‫سبحان ذى العزة والجبروت‪ ،‬سبحان ذى الملك والملكمموت‪،‬‬
‫سبحان من كتب الفناء على جميع خلقه‪ ،‬وهو الحممى الممذى ل‬
‫يموت‪.‬‬
‫سبحانك يا من ذللت بالموت رقاب الجبابرة‪.‬‬
‫سبحانك يا من أنهيت بالموت آمال القياصرة‪.‬‬
‫ق ‪ :‬مممن يرقممى‬ ‫ن َرا ٍ‬ ‫مـ ْ‬ ‫قي ـ َ‬
‫ل َ‬ ‫و ِ‬
‫ي َ‬ ‫قـ َ‬ ‫ت الت َّرا ِ‬ ‫ذا ب َل َ َ‬
‫غ ِ‬ ‫َ‬
‫كل إ ِ َ‬
‫بروحه ؟!! أو من يبذل له الرقية والعلج ؟!!‬
‫وال ْت َ ّ‬ ‫ه ال ْ ِ‬ ‫َ‬
‫ق‬
‫ســا ُ‬ ‫ت ال ّ‬‫فـ ِ‬ ‫ف ـَراقُ َ‬ ‫ن أن ّ ـ ُ‬ ‫وظَ ـ ّ‬ ‫وقممال سممبحانه َ‬
‫ق‪.‬‬
‫سا ُ‬‫م َ‬ ‫ذ ال ْ َ‬‫مئ ِ ٍ‬ ‫و َ‬‫ك يَ ْ‬‫ق إ َِلى َرب ّ َ‬ ‫سا ِ‬ ‫ِبال ّ‬
‫إنه يوم المرجع‪ ..‬إنه يوم العودة‪ .. .‬انتهممى الجممل‪ .. .‬انتهممت‬
‫الدنيا وحتما ً ستعرض على مولك‪.‬‬
‫سأل سليمان بن عبد الملك عالمما ً من علماء السمملف يقممال‬
‫لممه أبممو حممازم‪ ،‬قممال سممليمان‪ :‬يمما أبمما حممازم‪ ،‬ممما لنمما نكممره‬
‫الموت ؟!‬
‫قال أبو حازم‪ :‬لنكم عمرتممم دنيمماكم وخربتممم أخراكممم فممأنتم‬
‫تكرهون أن تنتقلوا من العمران إلى الخراب !!‬
‫أحبتى فى اللـه‪:‬‬
‫فى زيارة إلى أمريكا نبهنى أحد القائمين على الدعوة هناك‬
‫ن اللمه عليه بالموال‪ ،‬وهو مسلم عربى ومع ذلممك ل‬ ‫م ّ‬‫برجل َ‬
‫يصلى‪ ،‬ول يعرف حق الكبيمممر المتعمممال ذهبمممت إليممه لذكممره‬
‫باللمه فقال لى بلسان المقال‪ :‬أنا أتيت إلممى هممذه البلد مممن‬
‫أجل الدولر وأعدك إن عممدت إلممى بلممدى ل أفممارق المسممجد‬
‫قط‪.‬‬
‫ن يضمن لك يا مسكين أنك سممترجع‬ ‫قلت‪ :‬سبحان اللمه‪ ..‬وم ْ‬
‫إلى بلدك ؟!!‪ ،‬أو أن يمر عليك يوم بكامله ؟!!!‬
‫واللمه ل تضمن أن تتنفس بعد هذه اللحظات‪.‬‬
‫واذكر ذنوبمك وابكهمما يا مذنب‬
‫دع عنك ما قد فات فى زمن الصبا‬
‫بل أثبتمماه وأنمممت له تلعب‬
‫لممم ينسه الملكان حيمن نسيتمه‬
‫ستردهمما بالرغمم منك وتسلب‬
‫والروح منك وديعمممة أودعتها‬
‫دار حقيقتها متماع يذهممممب‬
‫وغمرور دنياك التى تسعمى لهما‬
‫أنفاسنا فيهما تعممممد وتحسمب‬
‫الليمل فاعلم و النهمممار كلهما‬
‫دنيمماك مهممما طممالت فهممى قصمميرة‪ ..‬ومهممما عظمممت فهممى‬
‫حقيرة‪ ..‬لن الليل مهما طال لبد مممن طلمموع الفجممر‪ ..‬ولن‬
‫العمر مهما طال لبد من دخول القبر‪.‬‬
‫ثم سأل سليمان بن عبد الملك‪ ،‬وقال‪ :‬يا أبا حازم كيف حالنا‬
‫عند اللمه تعالى ؟!!‬
‫قال‪ :‬اعرض نفسك على كتاب اللمه‪.‬‬
‫قال سليمان‪ :‬أين أجده ؟!!‬
‫ن‬
‫وإ ِ ّ‬‫عيـم ٍ َ‬ ‫في ن َ ِ‬‫ن ال َب َْراَر ل َ ِ‬
‫قال‪ :‬فى قوله تعالى‪ :‬إ ِ ّ‬
‫حيم ٍ ]النفطار‪.[14-13:‬‬ ‫ج ِ‬
‫في َ‬ ‫جاَر ل َ ِ‬‫ف ّ‬‫ال ْ ُ‬
‫قال سليمان بن عبد الملك‪ :‬فأين رحمة اللـه يا أبــا‬
‫حازم ؟!!‬
‫ن‬‫مــ َ‬ ‫ب ّ‬ ‫ريــ ٌ‬ ‫ه َ‬
‫ق ِ‬ ‫ت الّلـــ ِ‬ ‫مــ َ‬
‫ن َرح َ‬
‫قــال أبــو حــازم إ ِ ّ‬
‫ن ]العراف‪.[56:‬‬
‫سِني َ‬ ‫ح ِ‬ ‫الم ُ‬
‫ضَنا على اللمه غدًا؟‬ ‫عر ُ‬ ‫فقال سليمان بن عبد الملك‪ :‬فكيف َ‬
‫م على أهله‪،‬‬ ‫قال‪ :‬أما المحسن فكالعبد الغائب من سفر يقد ُ‬
‫م علممى‬ ‫فيستقبله الهل بفممرح‪ ،‬والمسممىء كالعبممد البممق يقمدِ ُ‬
‫موله‪.‬‬
‫وفى الصحيحين من حديث عائشة رضى اللـه عنهـا‬
‫أن النبى قال‪)) :‬من أحب لقــاء اللـــه أحــب اللـــه‬
‫لقاءه‪ ،‬ومن كره لقاء اللـه كره اللـه لقاءه((‪.‬‬
‫قالت عائشة‪ :‬يا رسـول اللـه أكراهية الموت؟ كلنــا‬
‫يكره الموت‪.‬‬
‫قال‪)) :‬ل يا عائشة‪ ،‬ولكن المؤمن إذا بشــر برحمــة‬
‫اللـه ورضوانه وجنته أحب لقــاء اللـــه وأحــب اللـــه‬
‫لقاءه‪ ،‬وإن الكافر إذا بشر بسخط اللـه وعذابه كره‬
‫لقاء اللـه وكره اللـه لقاءه(()]‪.([8‬‬
‫وفى صحيح البخارى من حديث أبى ســعيد الخــدرى‬
‫رضى اللـه عنه أن رسول اللـه قال‪)) :‬إذا وضعت‬
‫الجنــازة وحملهــا الرجــال علــى العنــاق تكلمــت‬
‫وسمعها كل شئ إل الثقلين ‪ -‬أو قال‪ :‬إل النســان‬
‫‪ -‬ولــو ســمع النســان لصــعق‪ ،‬فــإن كــانت صــالحة‬
‫قالت‪ :‬قدمونى قدمــونى !! وإن كانت غير صــالحة‬
‫قالت‪ :‬يا ويلها‪ !!..‬أين يذهبون بهــا!!(()]‪ ([9‬اللـــهم‬
‫سلم‪ ..‬سلم‪.‬‬
‫أيها اللهى‪ ..‬أيها الساهى‪ ..‬أيهمما الشمماب‪ ..‬أيهمما الكممبير‪ ..‬أيهمما‬
‫الصغير‪ ..‬أيها المير‪ ..‬أيها الوزير‪ ..‬أيها الحقير‪. .‬‬
‫ذكر نفسك‪ ،‬وقل لها !!‬
‫وأظلك الخطب الجليمممممم ُ‬
‫ل‬
‫يا نفس قمممد أزف الرحيممل‬
‫يلعب بك الممممممل الطويم ُ‬
‫ل‬
‫فتأهبممممى يا نفمممممس ل‬
‫ل بمه الخليمممم ُ‬
‫ل‬ ‫ينسى الخليم َ‬
‫فلتنمممزلممن بمنمممممزل‬
‫من الث َّرى حمل ثقيممممممم ُ‬
‫ل‬
‫وليركبن عليمك فيمممممممه‬
‫فل يبقى العزيممممز ول الذلي ُ‬
‫ل‬
‫قرن الفنمماء بنما جميعمممما‬
‫وأقول قولى هذا واستغفر اللمه لى ولكم‪.‬‬
‫الخطبة الثانية‬
‫الحمد لله رب العالمين وأشهد أن ل إلممه إل اللمممه وحممده ل‬
‫شريك لممه وأشممهد أن سمميدنا وحبيبنمما محمممدا ً نممبيه ورسمموله‪،‬‬
‫اللمممهم صمملى وسمملم وزد وبممارك عليممه وعلممى آلممه وأصممحابه‬
‫وأحبابه وأتباعه وعلى كل مممن اهتممدى بهممديه واسممتن بسممنته‬
‫واقتفى أثره إلى يوم الدين‪.‬‬
‫أما بعد‪ .. .‬فيا أيها الحبة الكرام‪.. .‬‬
‫هكذا تبدأ رحلتنا فى رحاب الدار الخممرة بممالموت بعممدما ب َّينمما‬
‫بإيجاز حقيقة الدنيا وتنتهممى هممذه المرحلممة الولممى بالوصممول‬
‫إلى القبر‪ ،‬وها أنا سأقف معكممم إن شمماء اللمممه تعممالى لحقمما‬
‫أمام القبر‪ ،‬وحقيقممة القممبر‪ ،‬وممما معنممى الممبرزخ؟ وممما معنممى‬
‫النعيم؟ وما معنى الجحيم؟ ولماذا لم يذكر اللمه عذاب القبر‬
‫صراحة فى القرآن؟ وهل ثبتت أحاديث صحيحة عن النممبى ؟‬
‫وما هى حقيقة القبر؟ وما هى حقيقة البعممث؟ لنواصممل هممذه‬
‫الرحلة التى هى من الهمية بمكان‪.‬‬
‫همما أنمما ذا أذكممر نفسممى أول ً ثممم إخمموانى وأحبممابى فممى هممذه‬
‫اللحظة بالتوبة والنابة إلى رب الرض والسموات وأقول‪:‬‬
‫يا من أسرفت على نفسك بالمعاصى !!‬
‫يا من تركت الصلة فى بيوت اللمه !!‬
‫ت الصلة !!‬ ‫ت الحجاب الشرعى وضيع ِ‬ ‫يا من ترك ِ‬
‫يا من شغلك هَُبل العصرى )التلفاز( والشيطان عن اللمه عز‬
‫وجل !!‬
‫يا من أعرضت عن مجممالس العلممم وأممماكن الخيممر والطاعممة‬
‫والعبادة !!‬
‫يا من قضيت عمرك على المقاهى وتركت طاعات اللمه‪.‬‬
‫ب من الن إلى اللمه وسيقبل اللمه توبتك إن كممانت خالصممة‬ ‫تُ ْ‬
‫َ‬
‫فوا‬ ‫س ـَر ُ‬‫نأ ْ‬ ‫ذي َ‬‫ي ال ّـ ِ‬‫عب َــاِد َ‬
‫ل ي َــا ِ‬ ‫ُ‬
‫قـ ْ‬ ‫لوجهه قال تعــالى‪:‬‬
‫ن الل ّـ َ‬
‫ه‬ ‫ه إِ ّ‬‫ة الل ّـ ِ‬‫مـ ِ‬‫ح َ‬‫ن َر ْ‬ ‫قن َطُــوا ِ‬
‫مـ ْ‬ ‫م ل تَ ْ‬
‫ه ْ‬
‫سـ ِ‬
‫ف ِ‬‫عَلى أ َن ْ ُ‬‫َ‬
‫] الزمر‪53 :‬‬ ‫م‬
‫حي ُ‬
‫فوُر الّر ِ‬ ‫و ال ْ َ‬
‫غ ُ‬ ‫ه َ‬
‫ه ُ‬
‫عا إ ِن ّ ُ‬
‫مي ً‬
‫ج ِ‬ ‫فُر الذُّنو َ‬
‫ب َ‬ ‫غ ِ‬
‫يَ ْ‬
‫[‬
‫أقول لك أخى الحبيب‪:‬‬
‫ب إلى اللمممه ول تيممأس مهممما بلغممت ذنوبممك‪ ،‬مهممما كممثرت‬ ‫ُتـ ْ‬
‫معاصيك اطرق باب الرحمن‪ ،‬فلن يغلق اللمه فى وجهك قط‬
‫َ‬
‫ك‬ ‫شَر َ‬ ‫ن يُ ْ‬ ‫فُر أ ْ‬ ‫غ ِ‬‫ه ل يَ ْ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ما دمت تستغفر وتتوب إليه إ ِ ّ‬
‫] النساء‪.[ 48 :‬‬ ‫شاءُ‬ ‫ن يَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ك لِ َ‬ ‫ن ذَل ِ َ‬ ‫دو َ‬ ‫ما ُ‬ ‫فُر َ‬ ‫غ ِ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫بِ ِ‬
‫فعاهد نفسك من الن على التوبة أينما كنت ألممم يقممل اللمممه‬
‫عز وجل؟!!‬
‫َ‬
‫حا‬ ‫صــو ً‬ ‫ة نَ ُ‬ ‫وب َـ ً‬‫ه تَ ْ‬ ‫مُنوا ُتوب ُــوا إ ِل َــى الل ّـ ِ‬ ‫ءا َ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫َياأي ّ َ‬
‫عسى ربك ُ َ‬
‫ت‬ ‫جّنا ٍ‬ ‫م َ‬ ‫خل َك ُ ْ‬ ‫وي ُدْ ِ‬
‫م َ‬ ‫سي َّئات ِك ُ ْ‬‫م َ‬ ‫عن ْك ُ ْ‬‫فَر َ‬ ‫ن ي ُك َ ّ‬ ‫مأ ْ‬ ‫َ ّ ْ‬ ‫َ َ‬
‫َ‬
‫ي‬ ‫ه َ الن ّب ِـ ّ‬ ‫زي الل ّـ ُ‬ ‫خـ ِ‬ ‫م ل يُ ْ‬ ‫و َ‬ ‫هــاُر ي َـ ْ‬ ‫ها الن ْ َ‬ ‫حت ِ َ‬ ‫ن تَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ري ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫تَ ْ‬
‫م‬ ‫ه ْ‬ ‫دي ِ‬
‫ن أْيــ ِ‬ ‫عى ب َْيــ َ‬ ‫ســ َ‬‫م يَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ه ُنــوُر ُ‬ ‫عــ ُ‬ ‫م َ‬ ‫مُنــوا َ‬ ‫ءا َ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫واّلــ ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫فـْر لن َــا‬ ‫واغ ِ‬‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫م لن َــا ُنوَرن َــا َ‬ ‫مـ ْ‬ ‫ن َرب َّنا أت ْ ِ‬ ‫م ي َقولو َ‬ ‫ه ْ‬‫مان ِ ِ‬ ‫وب ِأي ْ َ‬ ‫َ‬
‫]التحريم‪.[8:‬‬ ‫ديٌر‬‫ق ِ‬ ‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ُ‬
‫على ك ّ‬ ‫َ‬ ‫إ ِن ّك َ‬ ‫َ‬
‫يقول‪)) :‬قال اللـه تعالى فى الحديث القدســى‪ :‬يــا‬
‫ابن آدم إنك ما دعوتنى ورجوتنى غفرت لــك علــى‬
‫ما كان منك ول أبالى‪ ،‬يا ابن آدم لــو بلغــت ذنوبــك‬
‫عنان السماء ثم اســتغفرتنى غفــرت لــك علــى مــا‬
‫قــراب‬ ‫كان منك ول أبالى‪ ،‬يــا ابــن آدم لــو أتيتنــى ب ُ‬
‫الرض خطايا ثم لقيتنى ل تشرك بى شــيئا لتيتــك‬
‫بقرابها مغفرة(()]‪.([10‬‬
‫أيها الحبيب‪...‬‬
‫مر الكون واربح ما استعطت مممن أممموال‬ ‫اجتهد فى الدنيا وَعَ ّ‬
‫ولكممن بشممرطين أن تربممح مممن حلل‪ ،‬وتممؤدى حممق الكممبير‬
‫المتعال‪.‬‬
‫اجتهد فى الدنيا وازرع للخرة‪ ،‬فأنا ل أريد أن أقّنتك من هذه‬
‫الحياة قط وإنما أريد أن أذكر نفسى وإياك بأن الدنيا مزرعة‬
‫للخرة‪ ،‬فل ينبغى أن ننشغل بالدار الفانية على الباقية‪ ،‬فغدا ً‬
‫سترحل عن هذه الحياة ولن ينفعك إل ما قدمت‪.‬‬
‫))يتبــع الميــت ثلث‪ :‬مــاله‪ ،‬وأهلــه‪ ،‬وعملــه فيرجــع‬
‫اثنان ويبقى واحد يرجع أهله وماله ويبقى عمله((‬
‫)]‪.([11‬‬
‫وينادى عليك فى القبر بلسان الحال‪:‬‬
‫و فمى التمممراب وضعمموك‬
‫رجعممممموا وتركمممموك‬
‫ولمو ظلوا معممك ما نفعمموك‬
‫وللحسممماب عرضمممموك‬
‫ولم يبقى لك إل عملك مع رحمة الحى الذى ل يموت‪.‬‬
‫==========================================‬
‫======‬
‫)]‪ ([1‬رواه الترمذى رقم )‪ (2321‬فى الزهد ‪ ،‬باب ما جاء فى هوان الدنيا علممى اللمممه عممز‬
‫وجل ‪ ،‬وابن ماجة رقمم )‪ (2410‬فى الزهمد ‪ ،‬بماب مثمل الدنيا ‪ ،‬وهمممو فى صممحيح الجممامع‬
‫رقمم )‪. (5292‬‬

‫)]‪ ([2‬رواه البخارى رقم )‪ ، (2320‬فى الحرث والمزارعة ‪ ،‬باب فضل الممزرع والغممرس إذا‬
‫أكل منه ‪ ،‬ومسلم رقم )‪ (1553‬فى المسمماقاة ‪ ،‬بمماب فضممل الغممرس والممزرع ‪ ،‬والترمممذى‬
‫رقم )‪ (1382‬فى الحكام ‪ ،‬باب ما جاء فى فضل الغرس ‪.‬‬

‫)]‪ ([3‬رواه الترمذى رقم )‪ ، (2308‬فى الزهد ‪ ،‬باب ما جاء فى ذكر الممموت ‪ ،‬والنسممائى )‬
‫‪ ، (4/4‬فى الجنائز ‪ ،‬باب كثرة ذكر الموت ‪ ،‬وهو فى صحيح الجامع رقم )‪. (1210‬‬

‫)]‪ ([4‬رواه البخمارى رقمم ) ‪ ، (4449‬فممى المغممازى ‪ ،‬بمماب مممرض النممبى صمملى اللمممه عليممه‬
‫وسلم ‪ ،‬ومسلم رقم )‪ (418‬فى الصمملة ‪ ،‬بمماب اسممتخلف المممام إذا عممرض لممه عممذر مممن‬
‫مرض وسفر‪ ،‬والترمذى رقم )‪ ، (978،979‬فى الجنائز ‪ ،‬باب ممما جمماء فممى التشممديد عنممد‬
‫الموت ‪ ،‬والنسائى )‪ ، (4/6،7‬فى الجنائز ‪ ،‬باب شدة الموت ‪.‬‬

‫)]‪ ([5‬مجموع الفتاوى لبن تيمية )‪. (4/255‬‬

‫)]‪ ([6‬رواه البخارى رقم )‪ ، (1377‬فى الجنائز ‪ ،‬باب التعوذ من عذاب القبر‪ ،‬ومسلم رقممم‬
‫)‪ ، (588‬فى المساجد ‪ ،‬باب ما يستعاذ منمه فمى الصملة ‪ ،‬والترممذى رقمم ) ‪ ، (3599‬فمى‬
‫المدعوات ‪ ،‬بمماب السمتعاذة ممن جهنممم‪ ،‬والنسمائى ) ‪ ، (8/275،276‬فممى السممتعاذة ‪ ،‬بمماب‬
‫الستعاذة من عذاب جهنم ‪.‬‬

‫)]‪ ([7‬رواه البخارى رقم )‪ ، (1369،4699‬فى الجنمائز ‪ ،‬بماب مما جماء فمى عمذاب القمبر ‪،‬‬
‫ومسلم رقم )‪ ، (2870‬فى الجنة ‪ ،‬باب عرض مقعد الميت من الجنة أو النممار عليممه ‪ ،‬وأبممو‬
‫داود رقم )‪ ، (3231‬فى الجنائز ‪ ،‬باب المشى فى النعل بين القبور ‪ ،‬والنسممائى )‪(4/97‬م ‪،‬‬
‫فى الجنائز ‪ ،‬باب مسألة الكافر ‪.‬‬

‫)]‪ ([8‬رواه البخارى رقمم )‪ ، (6507‬فمى الرقماق ‪ ،‬بماب ممن أحمب لقماء اللممه أحمب اللممه‬
‫لقاءه ‪ ،‬ومسلم رقم )‪ ، (2683‬فى الذكر والدعاء ‪ ،‬باب مممن أحممب لقمماء اللمممه أحممب اللمممه‬
‫لقاءه ‪ ،‬والترمذى رقم ) ‪ ، (1066‬فى الجنائز ‪ ،‬باب ما جاء فيمن أحب لقاء اللمه أحب اللمه‬
‫لقاءه ‪ ،‬والنسائى )‪ ، (4/10‬فى الجنائز ‪ ،‬باب فيمن أحب لقاء اللمه ‪.‬‬

‫)]‪ ([9‬رواه البخارى رقم )‪ ، (1314‬فى الجنائز ‪ ،‬باب حمل الرجممال الجنممازة دون النسمماء ‪،‬‬
‫والنسائى )‪ ، (4/41‬فى الجنائز ‪ ،‬باب السرعة بالجنازة ‪.‬‬

‫)]‪ ([10‬رواه الترمذى رقم )‪ ، (3534‬فى الدعوات ‪ ،‬وحسنه اللبانى فى الصممحيحة رقممم )‬
‫‪ ، (127‬وهو فى صحيح الجامع رقم )‪. (4338‬‬

‫)]‪ ([11‬رواه البخارى رقم )‪ ، (6514‬فى الرقاق ‪ ،‬باب سممكرات الممموت ‪ ،‬ومسمملم رقممم )‬
‫‪ ، (2960‬فى الزهد فى فاتحته ‪ ،‬والترمذى رقم )‪ ، (2380‬فى الزهد ‪.‬‬

You might also like