You are on page 1of 14

‫الهجرة دروس وعبر‬

‫إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بممالله مممن‬


‫شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده اللممه فل فل مضممل‬
‫له‪ ،‬ومن يضلل فل هادى له‪ ،‬وأشهد أن ل إله إل الله وحده‬
‫َ‬
‫ههها‬‫لشريك له وأشهد أن محمدا ً عبده ورسمموله ‪] :‬ي َهها أي ّ َ‬
‫ن إ ِل ّ‬ ‫مههوت ُ ّ‬‫ول َ ت َ ُ‬
‫ه َ‬ ‫ق تُ َ‬
‫قههات ِ ِ‬ ‫حه ّ‬ ‫قوا ْ الل ّه َ‬
‫ه َ‬ ‫مُنوا ْ ات ّ ُ‬
‫نآ َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬
‫ن‪‬‬ ‫َ‬
‫)‪(1‬‬
‫مو َ‬ ‫سل ِ ُ‬
‫م ْ‬ ‫وأنُتم ّ‬ ‫َ‬

‫خل َ َ‬ ‫َ‬
‫مههن‬ ‫قك ُههم ّ‬ ‫ذي َ‬ ‫م ال ّ ه ِ‬ ‫قوا ْ َرب ّك ُه ُ‬ ‫س ات ّ ُ‬ ‫ها الّنا ُ‬ ‫]َيا أي ّ َ‬
‫جال ً‬ ‫ر َ‬ ‫ما ِ‬ ‫ه َ‬‫من ْ ُ‬ ‫ث ِ‬ ‫وب َ ّ‬ ‫ها َ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫ها َز ْ‬ ‫من ْ َ‬ ‫ق ِ‬ ‫خل َ َ‬ ‫و َ‬
‫ة َ‬ ‫حد َ ٍ‬‫وا ِ‬ ‫س َ‬ ‫ف ٍ‬ ‫نّ ْ‬
‫ه‬
‫ن ِبهه ِ‬ ‫سههاءُلو َ‬ ‫ذي ت َ َ‬ ‫ه اّلهه ِ‬ ‫قههوا ْ الّلهه َ‬ ‫وات ّ ُ‬ ‫سههاء َ‬ ‫ون ِ َ‬ ‫ك َِثيههًرا َ‬
‫)‪(2‬‬
‫قيًبا‪‬‬ ‫م َر ِ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬
‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫حا َ‬ ‫وال َْر َ‬ ‫َ‬
‫وًل‬ ‫قول ُههوا َ‬ ‫َ‬
‫قه ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ه َ‬ ‫قههوا الل ّه َ‬ ‫من ُههوا ات ّ ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫]َيا أي ّ َ‬
‫َ‬
‫م‬‫م ذُن ُههوب َك ُ ْ‬ ‫فهْر ل َك ُه ْ‬ ‫غ ِ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫مههال َك ُ ْ‬ ‫ع َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ح ل َك ُه ْ‬ ‫صهل ِ ْ‬ ‫دا ي ُ ْ‬ ‫دي ً‬‫س ِ‬ ‫َ‬
‫مهها‪‬‬ ‫ظي ً‬
‫ع ِ‬‫وًزا َ‬ ‫فهه ْ‬‫فاَز َ‬ ‫قد ْ َ‬ ‫ف َ‬‫ه َ‬ ‫سول َ ُ‬ ‫وَر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ع الل ّ َ‬ ‫من ي ُطِ ْ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫)‪(3‬‬

‫أما بعد ‪:‬‬


‫فإن أصدق الحههديث كتههاب اللههه ‪ ،‬وخيههر الهههدى‬
‫محمهد ‪ ، ‬وشهر المهور محهدثاتها وكهل محدثهة‬
‫بدعة ‪ ،‬وكل بدعة ضللة ‪ ،‬وكل ضللة في النار‪.‬‬
‫أحبتى في الله‪:‬‬
‫إن شاء الله تبارك وتعههالى سههوف ينظههم حههديثى‬
‫معكم تحت هذا العنوان في العناصر التالية‪:‬‬
‫ل‪ :‬أسف وألم‪.‬‬ ‫أو ً‬
‫ثانيًا‪ :‬ولماذا الهجرة؟‬
‫ثالثًا‪:‬درس في التخطيط والتنظيم‪.‬‬
‫رابعًا‪ :‬وكيف يُنسى دور الصديق‪.‬‬

‫)( سورة آل عمران‪.102 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة النساء‪.1:‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سورة الحزاب‪.71،70:‬‬ ‫‪3‬‬


‫خامسًا‪ :‬وللشباب دور‪.‬‬
‫وأخيرًا‪ :‬وقفة للتأمل‪.‬‬
‫ف وألم‬ ‫ل‪ :‬أس ْ‬ ‫أو ً‬
‫ل مسلم غيور ‪ ،‬أن المة تحتفل مممع بدايممة‬ ‫مك َ‬ ‫ُيوسف ُويؤل ُ‬
‫كل عام هجري جديممد بممذكرى هجممرة المصممطفى ‪ ‬فممي‬
‫سّنته‪.‬‬ ‫حت فيه شريعته وانحرفت عن ُ‬ ‫الوقت الذى ن َ ّ‬
‫واختارت لنفسها من المناهج الرضية والقوانين الوضممعية‪.‬‬
‫ممما ينقممص مممن السمماس زعمهمما البمماهت أنهمما تكممرم سمميد‬
‫البشرية !!‬
‫ض لمجممرد العجمماب‬ ‫بل لقممد أصممبحت السمميُرة اليمموم تعممر ُ‬
‫السالب أو للدراسة النظرية البحتممة وكأننمما لسممنا مطممالبي‬
‫بأن نعيش هذه السيرة وأن نحولها فممي حياتنمما إلممى منهممج‬
‫حياة وإلى واقع يتحرك في دنيا النمماس فيسمممعُ كممثيٌر مممن‬
‫المسلمين السيرة ‪ ،‬وينطلق ولسان حاله يردد ‪ ..‬كممان يمما‬
‫مكممان فممي سممالف اليممام علممى عهممد النممبي عليممه الصمملة‬
‫والسلم ‪.‬‬
‫مع أن الله جل وعل لم يبعث محمدا ً ‪ ‬إل ليكممون قممدوة‬
‫متجددة على مر الجيال والقرون ‪ ،‬وإل ليكممون مثل ً أعلممى‬
‫لكل زمان ومكان ‪.‬‬
‫ل الّله ِ‬
‫ه‬ ‫سهو ِ‬ ‫فهي َر ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ن لَ ُ‬
‫كه ْ‬ ‫كا َ‬ ‫قد ْ َ‬‫فقال سبحانه ‪ ((:‬ل َ َ‬
‫م اْل ِ‬ ‫ُ‬
‫خ هَر‬ ‫و َ‬ ‫وال ْي َه ْ‬
‫ه َ‬‫جههو الل ّه َ‬ ‫ن ي َْر ُ‬‫من ك َهها َ‬ ‫ة لّ َ‬ ‫سن َ ٌ‬
‫ح َ‬ ‫وةٌ َ‬‫س َ‬ ‫أ ْ‬
‫ثيرا ً ))‬ ‫ه كَ ِ‬ ‫وذَك ََر الل ّ َ‬
‫)‪(4‬‬
‫َ‬
‫نعم لقد أدبه الله ورباه على عينه‪ . .‬وشرح له صممدره ‪..‬‬
‫ورفع له ذكره ووضع عنه وزره وأعلى له قدره وزكاه فممي‬
‫كل شئ ‪.‬‬
‫مهها‬
‫و َ‬‫م َ‬‫حب ُك ُ ْ‬‫صهها ِ‬ ‫ل َ‬‫ضه ّ‬ ‫مهها َ‬ ‫زكاه في عقله فقال سبحانه‪َ (:‬‬
‫وى ) ]النجم ‪[2:‬‬ ‫غ َ‬‫َ‬

‫)( سورة الحزاب‪21 :‬‬ ‫‪4‬‬


‫ن‬ ‫عه ِ‬‫ق َ‬‫مهها َينطِ ه ُ‬ ‫و َ‬ ‫وزكمماه فممي صممدقه فقممال سممبحانه ‪َ (:‬‬
‫وى ) ] النجم ‪[3 :‬‬ ‫ال ْ َ‬
‫ه َ‬
‫ح ل َه َ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ش هَر ْ‬‫م نَ ْ‬ ‫وزكمماه فممي صممدره فقممال سممبحانه ‪ (:‬أل َ ه ْ‬
‫ك ) ] الشرح‪[1:‬‬‫صدَْر َ‬‫َ‬
‫ك )‬ ‫ك ِذك ْهَر َ‬‫عَنا ل َه َ‬ ‫ف ْ‬ ‫وَر َ‬
‫وزكاه في ذكممره فقممال سممبحانه ( َ‬
‫] الشرح‪[4:‬‬
‫ف‬ ‫ن َر ُ‬
‫ؤو ٌ‬ ‫مِني َ‬
‫ؤ ِ‬ ‫وزكاه فممي حلمممه فقممال سبحانه ( ب ِههال ْ ُ‬
‫م ْ‬
‫م )] التوبة ‪[128:‬‬‫حي ٌ‬
‫ّر ِ‬
‫د‬
‫دي ُ‬ ‫ه َ‬
‫شه ِ‬ ‫عل ّ َ‬
‫م ُ‬ ‫وزكمماه فممي علمممه فقممال سممبحانه ‪َ (:‬‬
‫وى ) ] النجم ‪[5 :‬‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ق َ‬
‫ق‬ ‫علههى ُ ُ‬ ‫ك لَ َ‬‫وإ ِن ّ َ‬
‫خله ٍ‬ ‫وزكمماه فممي خلقممه فقممال سممبحانه ‪َ ):‬‬
‫ظيم ٍ ( ] القلم‪[4 :‬‬ ‫ع ِ‬
‫َ‬
‫فمبلغ العلم فيه أنه بشممر وأنممه خيمُر خلممف اللمه كلهممم‪..‬‬
‫فلقممد جمممع اللممه فممي شممخص المصممطفى القممدرة الحيممة‬
‫الكاملة للمنهج التربوي السلمي على مدار التاريخ كله ‪.‬‬
‫* فهو رسول يتلقى المموحى مممن اللممه جممل وعل ليربممط‬
‫الرض بالسماء بأعظم رباط وأشرف صلة‪.‬‬
‫* وهو رجل سياسة يقيم المة من فتممات متنمماثر ‪ ،‬فممإذا‬
‫هى بناٌء ل يطاوله بناء وغيّر مجرى التاريخ فممي فممترة ل‬
‫تساوى في حسبا الزمن شيئا ً ‪.‬‬
‫ب يضع الخطط ‪ ،‬ويقود الجيمموش كقممائد‬ ‫ل حر ٍ‬ ‫* وهو رج ٌ‬
‫متخصص في القتال فكممان إذا صمممتت اللسممنة وبلغممت‬
‫القلوب الحناجر قام في الميدان ينادى بأعلى صوته‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫)‪(5‬‬
‫ب«‬‫مطّل ِ ْ‬ ‫د ال ْ ُ‬ ‫عب ْ ِ‬
‫ن َ‬
‫ب أَنا اب ْ ُ‬ ‫ي َل ك َ ِ‬
‫ذ ْ‬ ‫» أَنا الن ّب ِ ّ‬
‫* وهو أب ‪ ،‬وزوج ‪ ،‬ورب أسرة كبيرة تحتاج كممثيرا ً مممن‬
‫النفقات – من نفقات النفممس والتربيممة والتمموجيه فضمل ً‬

‫)( صحيح] ص‪.‬ج‪] ،[1451 :‬مختصر م‪ [1189 :‬رواه البخاري) ‪(8/37،21‬‬ ‫‪5‬‬

‫في المغازى ‪ ،‬مسلم رقم )‪ (1776‬في الجهاد ‪ ،‬والترمذى رقم )‬


‫‪ (1688‬في الجهاد‪.‬‬
‫عن نفقات المال – فيقوم بهذا الدور الكبير على أعلممى‬
‫نسق شهدته الرض وعرفه التاريخ‪.‬‬
‫* وهو عابد خاشع خاضع لربه كمأنه مما خلمق إل للعبمادة‬
‫وكأنه قد تفرغ لها ومع هذا كله فهممو قممائم علممى أعظممم‬
‫دعمموة شممهدتها الرض ‪ ،‬أخممذت عقَلممه وفكممَره ورو َ‬
‫حممه‬
‫وعرَقه ودم َ‬
‫ه‬
‫كممل هممذا العظمممات ‪ ،‬كممل هممذه الطاقممات ‪ ،‬وكممل هممذه‬
‫الشخاص المتفرقة تجمع في شخص المصطفى ‪‬‬
‫* فهو القدوة الطيبة والمثل العلى الذى يجب أل تكون‬
‫سمميرته ماضمميا ًَ أبممدا ً بممل يجممب أن تكممون سمميرته الزكيممة‬
‫س الحيمماة ودممماًء تتممدفق فممي عممروق‬ ‫شعلة توقد شمممو َ‬
‫المستقبل والجيال‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬ولماذا الهجرة‬
‫وللجواب على هذا السؤال قصة ‪.‬‬
‫إنهمما قصممة طفممل طهممور ‪ ،‬وديممع كالنسمميم ‪ ،‬ولممد يتيممما‬
‫واستمر اليتم يلحقه ويلحممق طفممولته فممي طرقممات مكممة‬
‫ودروبا ‪.‬‬
‫ويكبر محمممد ‪ ، ‬وتكممبر غربتممه‪ ،‬ويكتشممف فممي دروب‬
‫مممه‪ ..‬فممالرض‬ ‫ما ً أثقل من هَ ّ‬
‫الحياة يتما ً أكبر من يتمه ‪ ،‬وهَ ّ‬
‫كلها يتم ‪ ..‬والبشرية كلها تئن باللم ويعصر قلبها الحزن‪.‬‬
‫فممالجزيرة العربيممة كلهمما غابممة مممن الصممنام ‪ ،‬وأوديممة‬
‫تسيل بالدماء البريئة والعادات العالية والتقاليد المحيرة‪.‬‬
‫فممماذا يفعممل محمممد ‪ ‬سمموى أن يهجممر هممذه الممبيئة‬
‫لينطلق بعيدًا‪ ...‬بعيدا ً على قمة جبل النور ليقضممى النهممار‬
‫في التأمممل والتفكيممر والتممدبر وليقضممى الليممل فممي التعبممد‬
‫والتبتل والتضرع ‪.‬‬
‫وفي ليلة مباركة من ليالي شهر رمضان يصمت الكممون‬
‫كلممه‪ ..‬النجمموم فممي السممماء والرمممال فممي الصممحراء ‪...‬‬
‫والوحمموش فممي البيممداء‪ ...‬إنهمما لحظممات فريممدة ‪ ...‬إنهمما‬
‫لحظممات تربممط الرض بالسممماء ‪ ..‬فهممو هممو أميممن وحممى‬
‫السماء جبريل عليه السمملم يتنممزل بممالوحى علممى رسممول‬
‫الله ‪ ،‬ويحمممل النممبي المانممة ‪ ،‬ونطلممق بهمما إلممى قممومه‬
‫وينطلممق بهمما بهجممة وبشممرى لهممم‪ ،‬ينتظممر الجابممة ‪ ،‬وتممأتى‬
‫الجابة على غير ما يتمنى ‪.‬‬
‫تأتى الجابة سبا ً وتكذيبا ً وتعذيبًا‪.‬‬
‫بممدا ً‬ ‫وتحت وطأة هذا الظلم والطغيان لم يجد النبي ‪‬‬
‫من أن يشير على أصحابه بالهجرة ‪ ..‬بالهجرة إلممى أيممن ؟‬
‫إلى الحبشممة لن بهمما ملكما ًَ ل يظلممم عنممده أحممد ولتغسممل‬
‫شللت الحبشة دموع المؤمنين وأحزانهم‪.‬‬
‫ويشتد الذى ويزيممد البتلء فيخممرج الحممبيب المصممطفى‬
‫‪ ‬بنفسه يشق الوديممة والجبممال علممى قممدميه الممداميتين‬
‫المتعبتين تحت حرارة الشمس المحرقممة ‪ ،‬وعلممى الرمممال‬
‫والصخور الملتهبة ولكن إلى أين ؟!‪.‬‬
‫إلى الطائف لعله يجد أرضا ً تقبممل بممذرة التوحيممد‪ ..‬لعلممه‬
‫يجد يدا ً حانية تحمل هذا الدين وتنشر معه هذا النور‪.‬‬
‫وإذا بأرض الطائف هي الخرى تلفظ بذرة التوحيد ‪،‬‬
‫وإذا بأهلها يفعلون معه أخس ما يفعله النسان بأخيه‬
‫النسان‪.‬‬
‫ول تزيد اليام قريشا ً إل بطشا ً ‪ ،‬وظلما ً ‪ ،‬وطغيانا ً ‪،‬‬
‫أصحابه مرة أخرى بالهجرة ‪ ..‬إلى أين ‪.‬‬ ‫ويأمر النبي ‪‬‬
‫إلى يثرب‪.‬‬
‫ويشعر المشركون لول مرة بحجم الخطر وَيعقد ُ‬
‫البرلمان الشركة أخطر اجتماع له في التاريخ لصدار‬
‫قرار بالجماع للقضاء على حامل لواء الدعوة لقطع تيار‬
‫نورها عن الوجود نهائيًا‪.‬‬
‫غال ِب عََلى أ َمره وَلمك َ‬
‫ن (‬
‫مو َ‬‫س ل َ ي َعْل َ ُ‬
‫ن أك ْث ََر الّنا ِ‬
‫ْ ِ ِ َ ِ ّ‬ ‫ه َ ٌ‬‫) َوالل ّ ُ‬
‫)‪(6‬‬

‫)( سورة يوسف‪21 :‬‬ ‫‪6‬‬


‫قت ُُلو َ‬ ‫فروا ْ ل ِيث ْبُتو َ َ‬
‫ك‬ ‫و يَ ْ‬ ‫ك أ ْ‬ ‫ُ ِ‬ ‫ن كَ َ ُ‬ ‫ك ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫مك ُُر ب ِ َ‬
‫وإ ِذْ ي َ ْ‬‫) َ‬
‫أَ‬
‫خْيههُر‬
‫ه َ‬ ‫والّلهه ُ‬‫ه َ‬‫كههُر الّلهه ُ‬ ‫م ُ‬
‫وي َ ْ‬
‫ن َ‬
‫كههُرو َ‬ ‫م ُ‬
‫وي َ ْ‬
‫ك َ‬‫جههو َ‬ ‫ر ُ‬ ‫ِ‬ ‫خ‬‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫و‬
‫ْ‬
‫ن ()‪ (7‬ويعلممم النممبي ‪ ‬بهممذا الجتممماع الخطيممر‬ ‫ري َ‬ ‫مههاك ِ ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫فماذا صنع المصطفى ‪‬؟ (‬
‫والجواب أنمه التخطيممط الممدقيق ‪ ،‬والتنظيممم المحكممم‬
‫الذى ل يدع أبدا ً مكانا ً للحظوط العمياء ‪ ،‬وهذا هو عنصممرنا‬
‫الثالث من عناصر هذه الخطبة‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬درس في التخطيط والتنظيم‬

‫كلمممف النمممبي ‪ ‬بمممالهجرة ‪ ،‬وعممممره ثل ٌ‬


‫ث‬ ‫فلقمممد ُ‬
‫وخمسون سنة في ظروف صعبة قاسية حتى يممرى نفسممه‬
‫مضطرا ً أن يهاجر بالليممل مختفي ما ً هممو وصمماحبه مممن أعيممن‬
‫المطاردين الذين رصدوا الجوائز المغرية لمن يأتى بمحمد‬
‫حيا ً أو ميتا ً ‪.‬‬
‫فيضع النبى خطة الهجرة بمنتهى الدقة والحكمة ‪.‬‬
‫* فيأذن لسائر المممؤمنين بممالهجرة ويممأمر أن يبقممى أبممو‬
‫بكر وعلى رضى الله عنهما‪.‬‬
‫* والمدينة المنورة تقع إلى الشمال من مكة والمسافر‬
‫إليهمما يتجممه شممال ً ولكنمه ‪ ‬يتجممه جنوبما ً ناحيممة اليممن‬
‫ليضلل المطاردين ‪.‬‬
‫* والمر يحتاج إلى دابة قوية فيجممئ الصممديق براحلممتين‬
‫قويتين ويقوم على أمرهما‪.‬‬

‫)( سورة النفال‪30:‬‬ ‫‪7‬‬


‫* والطريممق يحتمماج إلممى رجممل خممبير ل يعممرف الطممرق‬
‫الممهممدة فقممط بممل يجممب أن يعممرف الطممرق الجانبيممة‬
‫والفرعية التى يمكن أن ُتسلك ليتمكنوا من الفممرار مممن‬
‫المطاردين ‪ ،‬ول حرج أن يكون على الشرك بعدما تيقن‬
‫من أمانته‪.‬‬
‫* ولن تهممدأ قريممش فممي اليممام الثلثممة الولممى – ل فممي‬
‫الليممل ول فممي النهممار – عممن البحممث عممن النممبي ‪‬‬
‫وصاحبه ‪ .‬إذن فل بد مممن الختفمماء فممي الغمار فممي هممذه‬
‫اليام‪.‬‬
‫؟ والخطط التى تدبرها قريش؟!‬ ‫* وكيف ُتعرف الخبار ّ‬
‫يأتي عبد الله بن أبي بكر بالليل لينقل كممل ممما سمممع‬
‫من أخبار وقبل الفجر يكون في مكة كأنه بات فيها‪.‬‬
‫* وكيف التغلب على آثممار القممدام علممى الرمممال وأهممل‬
‫مكة يجيممدون معرفممة الثممار؟! فليممأت عممامر بممن فهيممرة‬
‫مولى أبي بكر الصديق رضى اللممه عنممه ليرعممى الغنممام‬
‫فتمحو الثار ويحلب لهما اللبن ‪ ،‬ويقدم لهما الطعام ‪.‬‬
‫ى علممى فراشممه ‪،‬‬ ‫* وفي بيممت المصممطفى ‪ ‬ينممام علم ّ‬
‫ويلتف ببرده الكريممم ‪ ،‬حيطممة بالغممة ودقممة محكمممة لممم‬
‫يعرف تاريخ البشرية لها مثيل ً وهذا هو المعنى الحقيقى‬
‫للتوكل على الله عز وجل‪..‬إنه الحترام الكامممل لقممانون‬
‫السببية الذى أودعه الله في هذا الكممون مممع الثقممة فممي‬
‫نصر الله عز وجل‪.‬‬
‫ومع تقدير السلم لقانون السممببية وتنفيممذ النممبى ‪‬‬
‫لممه تنفيممذا ًً بليغ ما ً دقيق ما ً فأنمما ل أعممرف الن أمممة اسممتهانت‬
‫خّفت بمقممدماته‬‫بقممانون السممببية ‪ ،‬وخرجممت علممه واسممت َ َ‬
‫ونتائجه كالمة السلمية اليوم‪.‬‬
‫وزعمت باسم التوكل ‪ ،‬أن كل شئ يمشى بالفوضى‬
‫‪ ،‬والعشوائية ‪ ،‬والدروشة فلم تجنممى إل الممذل‪ ،‬والضممعف ‪،‬‬
‫والهوان ‪ ،‬والذيلية لخس أمم الرض‪.‬‬
‫فنحن أولى الناس بأن نتعرف علممى إسمملمنا ‪ ،‬وديننمما‬
‫مممر أليممم إنممما وقممع وفممق‬
‫وأن نعلم أن ما نحياه من واقممع ُ‬
‫السممنن الربانيممة الثابتممة الممتى ل تتبممدل ول تتغيممر والممتى ل‬
‫تحابي أحدا ً من الخلق مهممما ادعممى لنفسممه مممن مقممدمات‬
‫المحاباه‪.‬‬
‫رابعا ً ‪ :‬وكيف ينسى الصديق‬
‫ل بأمة ؟‪..‬‬ ‫نعم كيف يُنسى رج ٌ‬
‫جن ّد َ ماله وبيته وعقله وفكره ودمممه‬ ‫كيف ُينسى رجل َ‬
‫لدين الله عز وجل‪ ..‬ولم يتلعثممم فممي إيمممانه طرفممه عيممن‪،‬‬
‫فلقد كان الصديق طيفا ً من الحنان‪ ،..‬وسحابة مممن الحممب‬
‫ل الرسول ‪‬‬ ‫ت ُظ ِ ّ‬
‫وكأنى به يود لو صنع من جسممده درعما ً يحمممى بممه رسممول‬
‫مرة ويمشممى خلفممه‬ ‫‪‬‬ ‫‪ .‬فهو يمشى أمام النبى‬ ‫الله ‪‬‬
‫أخرى ‪ ،‬ويلتفت ويكثر اللتفممات‪ .‬فسممأله النممبى ‪ ‬فقممال‪:‬‬
‫ت أن تؤتى من أمامك‬ ‫»يا رسول الله إذا كنت خلفك خشي ُ‬
‫‪ ،‬وإذا كنت أماك خشيت أن ت ُممؤتى مممن خلفممك« والحممديث‬
‫رواه ابن هشام وهو حديث حسممن بشممواهده واسممتمر أبممو‬
‫بكر في ذلك حتى لمست أقدامها غار ثور‪.‬‬
‫بل خاف على رسول الله ‪ ‬أن يدخل إلى هذا الغار‬
‫المهجور قبل أن يطمئن هو على سملمته فيقممول لرسممول‬
‫اللممه ‪ : ‬مكانممك يمما رسممول اللممه حممتى اسممتبرأ ‪ ،‬فممدخل‬
‫فاستبرأ ‪ ،‬أى تبين ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬انزل يا رسول الله‪.‬‬
‫يقول عمر رضى الله عنه ‪:‬‬
‫» والذى نفسى بيههده لعلههك الليلههة خيههر مههن‬
‫عمههر وآل عمههر« والحممديث رواه الممبيهقى وهممو حممديث‬
‫مرسل لكن له شواهد ترقى به إلى درجة الحسن ‪.‬‬
‫وتحتبممس أنفمماس الصممديق ويطيممر فممؤاده وهممو يممرى‬
‫أقدام الطغاة الماردين من قريش حول باب الغار ويهجممم‬
‫الخمموف والرعممب ممن شمقوق الغمار مممن سمميوف الطغمماة‬
‫وعيونهم التى تتطاير شررا ً وإجرامًا‪.‬‬
‫وفى حوار هممامس يقممول للحممبيب المصممطفى ‪ ‬يمما‬
‫رسول الله لو أن أحدهم نظر إلى قدميه لرآنا‪ .‬فيرد عليممه‬
‫الحبي بلغه يحدوها المل‪ ، ..‬وبقلب يمله اليقين‪.‬‬
‫) ‪(8‬‬
‫» يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما «‬
‫» ل تحزن إن الله معنا« ‪ ..‬الله أكبر‬
‫وإذا كان المر كذلك فو الله لو سار مممع قريممش كممل‬
‫الحياء‪ ،..‬وانشقت المقابر فخرج كل الموات‪ ، ..‬يسحبون‬
‫أكفممانهم خلممف أبممي جهممل يقلبممون معممه حجممارة الرض‪،..‬‬
‫ويزحزحون الجبال‪ ،..‬وينقبون في الرمال‪ ،..‬ما قدروا أبممدا ً‬
‫على اثنين الله ثالثهما‪.‬‬
‫ن‬ ‫ذي َ‬ ‫ه اّله ِ‬ ‫جه ُ‬ ‫خَر َ‬ ‫ه إ ِذْ أ َ ْ‬ ‫صهَرهُ الل ّه ُ‬ ‫ق هد ْ ن َ َ‬ ‫ف َ‬ ‫صهُروهُ َ‬ ‫‪ )‬إل ّ ت َن ْ ُ‬
‫ل‬ ‫قههو ُ‬ ‫ر إ ِذْ ي َ ُ‬ ‫غهها ِ‬ ‫فههي ال ْ َ‬ ‫مهها ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن إ ِذْ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ي اث ْن َي ْه‬‫َ‬ ‫ف هُروا ث َههان ِ‬ ‫كَ َ‬
‫ه‬
‫كين َت َ ُ‬ ‫سهه ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫فأ َن َْز َ‬ ‫عَنا َ‬‫م َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ن إِ ّ‬ ‫حَز ْ‬ ‫ه ل تَ ْ‬ ‫حب ِ ِ‬
‫صا ِ‬ ‫لِ َ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫ذي َ‬ ‫ة ال ّه ِ‬ ‫مه َ‬ ‫ل ك َل ِ َ‬ ‫عه َ‬ ‫ج َ‬
‫و َ‬ ‫ههها َ‬‫و َ‬ ‫م ت ََر ْ‬ ‫جُنوٍد ل َه ْ‬ ‫وأي ّدَهُ ب ِ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬ ‫َ‬
‫زي هٌز‬ ‫ع ِ‬ ‫ه َ‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫عل َْيا َ‬ ‫ي ال ْ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ة الل ّ ِ‬ ‫م ُ‬‫وك َل ِ َ‬ ‫فَلى َ‬ ‫س ْ‬ ‫فُروا ال ّ‬ ‫كَ َ‬
‫) ‪(9‬‬
‫م(‬ ‫كي ٌ‬ ‫ح ِ‬ ‫َ‬
‫م اسممتحق الصممديق بجممداره أن يتبمموأ ذروة سممنام‬ ‫ن ث َم ّ‬ ‫مم ْ‬ ‫و ِ‬
‫الصديقين وأن يكون أحب الناس إلى قلب سمميد البشممرية‬
‫‪‬‬
‫كما في الحديث الذى رواه البخاري من حديث عمرو‬
‫بن العاص قلت‪ :‬يارسول الله ‪ ،‬أل الناس احب إليك ؟ قال‬
‫‪ :‬عائشة‪ .‬قلت من الرجال قال‪ :‬أبوهمما‪ .‬قلممت ‪ :‬ثممم مممن ؟‬
‫)‪(10‬‬
‫قال ‪:‬عمر‬
‫وفى صحيح البخارى من حديث أبممو هريممرة أن النممبى‬
‫قال ‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫" من أنفق زوجين فى سبيل الله نودى من‬
‫أبواب الجنة ! ياعبد الله هذا خير ‪ ،‬فمن كان مههن‬
‫دعى من باب الصلة ‪ ،‬ومن كان مههن‬ ‫أهل الصلة ُ‬
‫)( متفق عليه ‪ ]:‬ص‪.‬ج‪ ، [6109:‬رواه البخاري رقم )‪ ، (3653‬ومسلم‬ ‫‪8‬‬

‫والترمذى والنسائي‪.‬‬
‫)( سورة التوبة ‪40 :‬‬ ‫‪9‬‬

‫)( صحيح ‪ :‬رواه البخاري رقم )‪ (3662‬في فضائل الصحابة‬ ‫‪10‬‬


‫أهل الجهاد ‪ ،‬دعى مههن بههاب الجهههاد ‪ ،‬ومههن كههان‬
‫من أهل الصيام دعى من باب الريههان وكههان مههن‬
‫أهل الصدقة دعههى مههن بههاب الصههدقة" قههال أبههو‬
‫بكههر ‪ :‬هممل يممدعى أحممد مممن تلممك البممواب كلهمما ؟ قممال‬
‫)‪(11‬‬
‫" نعم وأرجوا أن تكون منهم "‬
‫خامسا ً ‪ :‬وللشباب دور‬
‫نعم فهذا عبممد اللممه بممن أبممي بكممر وعممامر بممن فهيممره‬
‫يقومان بواجبهما على أكمممل وجممه وهممذا البطممل الشممريف‬
‫والفممدائي العظيممم الممذى علممم الممدنيا شممرف البطولممة ‪.‬‬
‫وحقيقة الفداء‪.‬‬
‫إنه الفمدائي المذى أحمب اللمه ورسموله ‪ ،‬وأحبمه اللمه‬
‫ورسوله ‪ ..‬أنممه تلميممذ بيممت النبمموة الممذى تربممى فممي حجممر‬
‫المصطفى ‪ ، ‬وكفى أنه أسد الله الغالب‪ :‬على بن أبى‬
‫طالب الذى نام في فراش النبى ‪ ‬وهممو يعلمم يقينما ً أنمه‬
‫يقدم جسده للموت ويبيع نفسه لله ليفتدى حممبيبه رسممول‬
‫الله ‪.‬‬
‫والشباب هم مستقبل المة وعلى أكتممافه وسممواعده‬
‫تتقممدم الحضممارات مممن أجممل ذلممك فلقممد كممان ‪ ‬شممديد‬
‫الحفاوة بالشباب فهو الذى أخذ برأيهم في غزوة أحد وهو‬
‫الذى ولى أسامة بن زيد قيادة الجيش وهمو الشماب المذى‬
‫لم يبلغ العشرين مممن عمممره وجنممد هممذا الجيممش أبممو بكممر‬
‫وعمر وعثمان وعلى وخالد وعمر و بن العاص‪!!...‬‬
‫سادسًا‪ :‬وللمرأة دور‬
‫فهذه هى المجاهدة الصادقة الصابرة أسماء بنت أبي‬
‫بكر ذات النطمماقين رضممى اللممه عنهممما الممتى قممدمت أروع‬
‫المثل في التضحية والتعقل‪.‬‬

‫)( متفق عليه ‪ :‬رواه البخارى )‪ (6/36‬فى الجهاد ‪ ،‬ومسلم رقم )‬ ‫‪11‬‬

‫‪ (1027‬فى الزكاة ‪ ،‬والنسائى )‪ (6/48‬فى الجهاد‪.‬‬


‫تقول أسماء ‪ :‬لما خرج رسول الله ‪ ‬وخمرج معمه‬
‫أبو بكر وحمل ماله كله فدخل علينا جدى أبو قحافممة وقممد‬
‫جعكممم بممماله مممع‬‫ذهب بصره فقال‪ :‬والله إنممى لراه قممد فَ ِ‬
‫نفسه فقالت‪ :‬كل يا أبت ‪ ،‬بل ترك لنا خيرا ً كثيرًا‪ ،‬وأخممذت‬
‫أجمارا ً فوضعتها حيث كان أبي يضع المال ووضممعت عليهمما‬
‫ثوبى ‪ ،‬ثم أخذت بيده ‪ ،‬فقلت ‪ :‬يا أبتى ضع يدك على هممذا‬
‫المال‪ ،‬فوضع يده فقال‪ :‬ل بأس إن كان قد ترك لكمم همذا‬
‫فقد أحسن‪.‬‬
‫تقول أسماء‪ :‬ل والله وما تممرك لنمما شمميئا ولكنممى أردت أن‬
‫أسممكت هممذا الشمميخ بممذلك‪ ،‬والحممديث رواه ابممن إسممحاق‬
‫وأحمد بسند صحيح‪.‬‬
‫ول عجب فإنهمما الزهممرة الممتى تربممت فممي حقممل السمملم ‪،‬‬
‫ورباها الصديق بتربية القرآن والسنة‬

‫وأخيرًا‪ :‬وقفة للتأمل ‪ ..‬سؤال هام‬

‫أيها الحبيب ‪ :‬لقد مضى عام من عمرك ‪ ،‬فقربك إلى اللممه‬


‫عامًا‪ ،‬وأبعدك عن الدنيا عامًا‪.‬‬
‫فهل تأملت وتدبرت هذا ؟‬
‫وهل سألت نفسك ‪ :‬ماذا قدمت ؟‬
‫فإن النسان يذكر القريب ولكن كلممما ضممرب الزمممن‬
‫بأيامه ولياليه‪ ،..‬فإن الجروح تندمل ‪ ، ..‬والمعالم تنمحممى ‪،‬‬
‫وينشغل النسان بحاضره وينسى ما مضى‪.‬‬
‫ولكن ‪ ، ..‬هل ما ينساه النسان ينساه الديان؟؟‬

‫واذكر ذنوبك وابكها يا‬ ‫دع عنك ما قد فات في‬


‫مذنب‬ ‫زمن الصبا‬

‫بل أثبتاه وأنت ل ه‬ ‫لم ينسه الملكان حين‬


‫تلعب‬ ‫نسيته‬

‫ستردها بالرغم منك‬ ‫والروح منك وديعة‬


‫وتسلب‬ ‫ُأودعتها‬
‫داٌر حقيقتها متاع‬ ‫وغرور دنياك التى‬
‫يذهب‬ ‫تسعى لها‬

‫أنفاسنا فيها تعد‬ ‫الليل فاعلم والنهار‬


‫وتحسب‬ ‫كلهما‬

‫يا نفس قد أزف الرحيل وأظلك الخطب الجليل‬

‫فتأهبى يا نفس ل يعلب بك المل الطوي ُ‬


‫ل‬
‫ل ينسى الخليل به الخليل‬ ‫فلتنزلن بمنز ٍ‬
‫وليركبن عليك فيه من‬
‫ل‬‫ل ثقي ُ‬
‫الثرى ثق ٌ‬
‫ضرب الفناء بنا جميعا ً‬
‫فل يبقى العزيز ول‬
‫الذليل‬

‫فهيا أيها المسلمون لدين الله ودعوة رسول الله ‪.‬‬


‫فكل واحد منكم يستطيع أن يدرك ؛ ثواب الهجرة ‪ ..‬نعم‬
‫‪‬‬ ‫ففي الحديث الصحيح عن مقبل بممن يسممار أن النممبى‬
‫ى«‬‫قال ‪ » :‬العبادة في الهرج كهجرة إل ّ‬
‫) ‪(12‬‬

‫والمراد بالهرج هنا ‪ :‬الفتممن ‪ ،‬فممالهرج‪ :‬عنممدما تكممثر الفتممن‬


‫وتنتشر الرذيلة وتغلب الرذيلة‪.‬‬
‫فالصبر على الدين والعبادة ‪ ،‬ينال بممه التقممى الصممابر أجممر‬
‫وثواب الهجرة إلى رسول الله ‪.‬‬
‫لن الهجرة لم ت ُك َّرم لنها سههفر مههن مكههان إلههى‬
‫مكان‪.‬‬
‫فما أكثر الذين يسافرون فالهجرة لم تكرم على إنها سفر‪،‬‬
‫لكنها كرمت لنها انتقال عقممدى ونفسممى وفكممرى وروحممي‬
‫‪.‬‬ ‫‪‬‬ ‫إلى حيث يريد الله ورسوله‬
‫)( صحيح ]ص‪.‬ج‪ ]،[4119 :‬مختصر م‪،[2040:‬رواه مسلم رقم ) ‪(2948‬‬ ‫‪12‬‬

‫في الفتن والترمذى رقم) ‪ (2202‬فى الفتن‪.‬‬


‫أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يجنبنا الفتن ممما‬
‫ظهر منها وما بطن اللهم ارزقنمما قبممل الممموت توبممة وعنممد‬
‫الموت شهادة وبعممد الممموت جنممة ورضمموانًا‪ ..‬اللهممم اهممدنا‬
‫وأهد بنا واجعلنا سببا ً لمن اهتدى ‪..‬‬

‫الدعاء‬

You might also like