Professional Documents
Culture Documents
بحث في
الدكتور محمد دويدار ،استاذ القتصاد السياسي في كلية الحقسسوق ،جامعسسة السسسكندرية ،مصسسر ،لسسه
العديسسد مسسن المؤلفسسات فسسي مجسسال القتصسساد السياسسسي ،وتحديسسدًا فسسي منهجيسسة التخطيسسط والتخطيسسط
الشتراكي في مصر والدول العربية ،وفي غيرها من بلدان العسسالم الثسسالث ،وفسسي دراسسسة القتصسساد
المالي والنقدي ،والقتصاد العالمي وأزمته وغيرها من المؤلفات القتصادية الهامسة .ويسسأتي مسؤلفه
"مبادئ القتصاد السياسي" – الجزء الول ،القتصاد السياسي علسسم اجتمسساعي – تاريسسخ القتصسساد
السياسسسي الصسسادر عسسام – 1993السسسكندرية ،ويضسسم 338صسسفحة ،مسسن الحجسسم المتوسسسط عسسدا
الفهرست ،ويتضمن مقدمة وثلث أبواب وفصول:
البسساب الول :القتصسساد السياسسسي كعلسسم ،وفيسسه ثلثسسة فصسسول .الفصسسل الول موضسسوع القتصسساد
السياسي .والفصل الثسساني منهسج القتصسساد السياسسسي .والفصسل الثسسالث القتصسساد السياسسسي وفسسروع
العلوم الجتماعية الخرى.
1
الباب الثاني تاريخ القتصاد السياسي .وقد شغل مساحة كسسبيرة مسسن الكتسساب ،بحسسدود 206صسسفحة،
وفيه ثلثة فصول .الفصل الول :الفكر القتصادي فسسي المرحلسسة السسسابقة للرأسسسمالية ،وفيسسه يعالسسج
الفكر القتصادي في العصور القديمة والوسطى اوربية والفكر القتصادي العربي .والفصل الثاني
مولد القتصاد السياسي في المرحلسة الرأسسمالية .وفسي الفصسل الثسالث يتحسدث عسن علسم القتصساد
السياسسسي فسسي مرحلسسة الرأسسسمالية ومرحلسسة التحسول السى الشستراكية ،واضسسعًا عنسساوين فرعيسسة) :أ(
القتصاد السياسي عند كارل ماركس ،ص ) ،162ب( الفكسسر القتصسسادي للمدرسسسة الحديسسة – ص
.185
الباب الثالث :القتصاد السياسي علم طرق النتاج ،وفيه ثلثة فصول .الفصل الول :مفهسسوم فكسسرة
النتاج .والفصل الثاني :الخصائص الجوهرية لطريقة النتاج الرأسمالية .والفصل الثالث والخيسسر
يحمل عنوان الخصائص الجوهرية لطريقة النتاج الشتراكي ،ص .338 – 313
يلحظ ان د .دويدار وهو يبحسسث فسسي البسساب الول وبثلثسسة فصسسول عسسن تاريسسخ مفسسردات القتصسساد
السياسي وتعريفه ،وموضوعه ومنهجيته وعلميته وارتباطه كفرع مسن العلسسوم الجتماعيسة ،جسساءت
بطريقة وأسلوب معّللة علميًا ،في سسسياق بحسسث رصسسين لعلسسم القتصسساد وموضسسوعه .وفسسي دراسسسته
للواقع في حركته الدائمة ،او كما يقول الفيلسوف اليوناني هيراقليتس "كل شيء يمضي ،كل شسسيء
يتغير".
وفي الباب الثاني :تاريخ القتصاد السياسي ،عالج المؤلسسف الجسسوانب التاريخيسسة والفكريسسة لعصسسور
غارقة في القدم .فهو درس واقع القتصاد في المجتمع الغريقي والروماني )افلطسسون وارسسسطو(
وفي الوسيط وفسسي الفكسسر القتصسسادي العربسسي )المقريسسزي وابسسن خلسسدون( .ويعسسرض اهسسم الملمسسح
للمدارس الفكرية ،ومسسا قسسدمته مسسن اضسسافات وفسسق طريقسسة عمليسة سسسليمة ومنهجيسسة معرفيسسة واسسسعة
الطلع .كما يلحظ ان عدد من المسائل المطروحة محل بحث دائم مسسن قبسسل الفلسسسفة والمفكريسسن
والباحثين ،ومن قبل الكثير من القتصاديين فيما يتعلق بالقيمة والنقود وتقسيم العمل وفائص القيمسسة
ومراحل التطور ،الى جانب مسسسائل أخسرى حيويسة بحثهسا المؤلسف .وفسي البساب الثسسالث :القتصساد
السياسي علم طرق النتاج ،فقد خصصه لعرض أهم الفكسسار حسسول مفهسسوم النتسساج ،والخصسسائص
الجوهرية لطريقة النتاد الرأسمالية والشتراكية .ومن الهميسسة الشسسارة ،هنسسا ،السسى القيمسسة الثمينسسة
لطريقة البحث ،التي تساعد في تنمية وتوسيع المعارف الفكرية للدارس والباحث في آن واحد.
3
كوسسسط يعيسسش فيسسه النسسسان .ويتضسسح ان الواقسسع القتصسسادي مرتبسسط ارتباط سًا ديالكتيكي سًا بسسالواقع
ل عضويًا بمثل الحياة الجتماعية في وسطا الجغرافي ،ص .60
القتصادي ليكونا ك ً
وفي الباب الثاني يتناول تاريخ القتصاد السياسي ،وفيه ثلثة فصول.
) (1في الفصل الول يتحدث عن الفكر القتصادي في المرحلة السسسابقة للرأسسسمالية .وفسسي المقدمسسة
ل للفكسسر القتصسسادي ،والسسذي يهمسسه هسسو تاريسسخ
يشير د .دويدار الى ان دراسته ل تهدف لتتبع مفص ً
العلسسم وليسسس تاريسسخ الفكسسر القتصسسادي ،السسذي كسسان ميلده مصسساحبًا لطريقسسة النتسساج الرأسسسمالية.
ويستدرك المؤلف ليبرر تناولن ،مشيرًا ،علينا ان نميز في تقديمنا لهذه اللمحة التاريخية بين مرحلة
سابقة على الرأسمالية ،شهدت فكرًا اقتصاديًا والمرحلة السستي يرتبسسط بهسسا علسسم القتصسساد السياسسسي.
ويحمل هسسذه اللوحسسة بثلث فصسسول .الفصسسل الول "الفكسسر القتصسسادي فسسي المرحلسسة السسسابقة علسسى
الرأسسسمالية" .وفيسسه يتنسساول فكسسر العصسسور القديمسسة والوسسسطى .وفسسي اشسسارة منسسه ،لسسم يكسسن للفكسسر
القتصادي وجود مستقل ،وانما نجده في احضان الفلسفة الغريقية )افلطون 347 – 427ق م،
وأرسطو 322 – 384ق م( ،ويتمثل الفكر القتصادي في انطباعات تتعلق بالوقائع التي وجسسدت
في تلك الزمنة ،وهي انطباعات ايديولوجية وفي احضان الفلسفة ،وهي جسسزء مسسن الفلسسسفة العامسسة
للدولة والمجتمع ،المنظم في صورة دولة المدينسسة City Stateويجسسد أساسسسه فسسي طريقسسة النتسساج
السائدة في القرنين الرابع والخامس قبل الميلد ،وفي النشاط الزراعي في ظروف طبيعية صسسعبة،
والتي تتميز بوحدات كبار الملك ،ويعتمدون على عمل العبيد والعمسال الجسراء ووحسدات صسسغار
الملك ،ويتم النتاج بفضل عمل أفراد السرة وما تملكه من عبيد مستخدمين في ذلك وسائل انتسساج
بسسسيطة ،ووحسسدات يسسستغلها الفسسراد اسسستخدامًا لعبيسسد الدولسسة فسسي مقابسسل حصسسولها علسسى جسسزء مسسن
المحصول عينًا .وفي النشاط الستخراجي في المنساجم المملوكسة للدولسة ،يقسوم عمسل العبيسد السذين
يملكهم صاحب المتياز او يستأجرهم من مالكهم.
في هذا القتصاد انتشرت المبادلة والمبادلة النقدية .ويصبح النقد غاية وليس وسيلة ،كمسسا كسسان مسسن
قبل .ويستخلص د .دويسسدار مسسن ذلسسك السستركيب الطبقسسي للمجتمسسع الغريقسسي يقسسف فسسي أعلسسى الهسسرم
الجتماعي توجد الطبقة الرستقراطية )كبار الملك مسن الريعييسن( ،ويرتبسط بهسم بقيسة المسواطنين
المكونين لطبقة متوسطة من صغار الملكين والحرفيين لهم حقوق سياسية وحقوق ادارية ،ويرتب
بهم الجانب .وفي نهاية الهرم تقف طبقة العبيد .والمجتمع الغريقسسي مجتمسسع قسسائم علسسى العبوديسسة،
ووجدت المشكلت القتصادية في فكسسر دولسسة المدينسسة Polisومسسن هنسسا يقسسول المؤلسسف كسسان الفكسسر
القتصادي بكليته في خدمة السياسية بالمعنى الواسع.
) (2يتناول المؤلف فترة العصور الوسطى الوربية ويحددها من القرن التاسع حتى القرن الخامس
عشر الميلدية ،حيث ساد التكوين الجتماعي القتطاعي ،والتي تتميز طريقة النتاج ،التي بسسدأت
في فرنسا ثم انتشرت في بريطانيا وباقي مجتمعات اوروبا ،تتميز بأن العلقات الجتماعية للنتاج
4
تدور أساسًا حول الرض التي تصبح البلورة المامية للملكية العقارية ،اقتصاد يغلسسب عليسسه الطسسابع
الزراعي ،يقوم على حق استعمال الرض وشغلها ،اما ملكيتها فهو على درجات لهرم من السسسادة،
يوجد بعضهم فسسوق بعسسض ،مسسن دون ان يكسسون لي منهسسم حقسًا مطلقسًا علسسى ارض .كمسسا تميسسز بسسأن
الساس القتصادي يقابله شبكة من الروابط ،جزء من العاملين ل يتمتع بكامل حريتسسه ،فهسسم ليسسسوا
من العبيد ،ولكنهم اقنان مرتبطون بسيدهم في مرحلة أولى وبسسالرض السستي يسسستغلونها فسي مرحلسسة
ثانية .والتنظيم السياسي لهذا المجتمع ان الدولة موجودة وجودًا غير متمركز ،يقوم على ما يتمه به
ملك الرض في ذاتية في ممارسة السلطة ،والعدالة يحكم بها السيد الكبر على تابعيه من السادة،
ويحكم بها الشريف على فلحيه .ويرتبط صعود طريقة النتسساج هسسذه بتحسسول كسسبير رغسسم بطئة فسسي
قوى النتاج .وهذا التحول ادى الى زيادة انتاجيسسة العمسسل الزراعسسي .وبعسسد ان يقسسدم طريقسسة النتسساج
القطاعية ،يعطي د .دويدار صورة للوحدة القتصادية ووصفًا للقطاعيسسة او الضسسيعة ،والعلقسسات
بين أبناء المجتمع من خلل النشاطات القتصادية وكيف تجري عملية الستغلل للقطعة الصسسغيرة
التي تلزم عائلة الفلح بالعمل طوال أيام السبوع ثلث منها على ارض السيد .وفسسي هسسذه المرحلسسة
يكون وقت عمل المنتج )عائلة الفلح( موزعًا بين عمل لنتسساج لمنتجسسات لزمسسة لعاشسسته وتجديسسد
قدرته على العمل ،وعمل فائض يتبلور في كمية من الناتج يعيش عليها الشسسريف وغيسسره ممسن لهسسم
حق ملكية الرض او ممن يعيشسون بفضسل هسذا التنظيسم مسن دون ان يسسهموا فسي عمليسة النتساج،
كرجال الدين ،أي يتبلور في الريسسع العينسسي ،وهسسو ممسسا يسسؤدي السسى ظهسسور التميسسز الجتمسساعي بيسسن
الفلحين ،وفي مرحلة ثالثة ،كمسسا يشسسير د .دويسسدور مرتبطسسة بنمسسو التجسسارة وزيسسادة اسسستخدام سسسادة
القطاع للسلع الصناعية ،وظهور الريع النقدي ،المسسر السسذي يعنسسي ان طبيعسسة طريقسسة النتسساج فسسي
مجموعها تبدأ في التحول ،والتحول يتسسم مسسن خلل التنساقض بيسسن الفلحيسسن وسسادة الض ،تناقضسًا
ينعكس صراعًا بينهم حول الناتج الفائض.
ويشير المؤلف السسى ان مسسن طبيعسسة طريقسسة النتسساج القطاعيسسة ان يتجسسزء المجتمسسع ،وهسسذا التجسسزء
وانعدام المركزية كانا من الدرجة بحث يستحيل معهسسا علسسى طريقسسة النتسساج هسسذه ان تتقسسدم بسسسرعة
بفضل قواها الذاتية ،ووصول طريقة النتاج هذه الى حدودها في القسسرن الثسسالث عشسسر كانسسا اعلنسًا
لزمة القطاع التي لم يفق منها ،والتي امتدت حتى القسسرن الخسسامس عشسسر وتطسسور طريقسسة اخسسرى
للنتاج ل ترتكز مباشرة على الرض ،وانما علسسى النتسساج الصسسناعي الحضسسري ،كانتسساج للمبادلسسة
النقدية يجد مركزه المدينة .ويغلب على الصناعة المنزلية شكل انتاج المبادلة البسيط ،وتكاثفت عدة
عوامل لتجعل من نظام الطوائف الشكل السائد للنشاط التجساري والحرفسي ،ويولسد التنساقض ،وهسذا
التناقض ،كما يشسسير د .محمسسد ،بسسأنه احسسد التناقضسسات الساسسسية طسسوال فسسترة النتقسسال مسسن التكسسوين
الجتماعي القطاعي الى التكوين الجتماعي الرأسمالي.
5
ويتوقف الكتاب كثيرًا عند دور الكنيسة ورجال الدين في المجتمع الوربي فسسي العصسسور الوسسسطى
ودورها الداري والفكري في القرن العاشر ،عندما اصطلحت "نظام الرهبة" وهو نظامًا اقطاعيًا،
وقد تحقق للفكر الكنسي بكل تفاصيله ،السيطرة على الحياة الفكرية في اوربسا فسي المرحلسسة الولسى
بسيادة طريقة النتاج القطاعية .وفي مرحلة ثانية أصبحت الكنيسة أكبر مالك للرض .وفي أزمة
التكوين الجتماعي القطسساعي ظهسسرت تحسست تسسأثير الفكسسر العلمسسي للعسسرب ،افكسسارًا جديسسدة ،عسسدتها
الكنسية خروجًا عليها ،كما يشير د .دويدار ،ص ،89ممسسا دفسسع الكنيسسة السى تجنيسسد كسل امكانياتهسسا
الفكرية ضد الفكر الجديد لمجتمع المدينسة ،هسذا التجنيسد وجسد قمسة بلسورته فسي فكسر المدرسسين فسي
جامعات اوربا ،وعلى الخص في فكر سان توماس الكويني ،ويتمثل جسسوهر فكسسر المدرسسسين فسسي
محاولة التوفيق بين الدين والفلسفة ،أي بين اليمان والعقل او بين الوحي ومحاولت تفسسير الكسون
عن طريق نور العقل البشري ،وهي محاولة تكمل في الواقع الصسسورة السستي بسسدأها العصسسر القسسديم،
واستمرت في الفكر السلمي طوال القرون من التاسع حتى الحادي عشر.
وفي ظل هذا الفكر اللهوتي ،يقول د .محمد دويدار ،ولد بعض الفكر القتصادي ،ودار هذا الفكسسر
حتى القرن الرابع عشر حول فكرتين :الولى حول ادانة الفائدة ،والثانية ،وهي الهم ،فكرة "الثمن
العادل" .هذا وقد شهدت الفترة الخيرة من القرن الرابع عشر من فكر المدرسسسين ارهاصسسات فكسسر
اقتصادي ينشغل بقضايا القيمة والثمان والنقود المعدنية منها ،والتبادل وبالتحركات الدولية للذهب
والفضة وبالفائدة والربح ،وهي مشكلت تتعلق بظواهر تنتمي الى طريقة النتاج الرأسمالي الوليد.
كما يشغل الكتاب حيزًا للحديث عن الفكر القتصادي العربي في القرن الرابع عشر في الصسسفحات
،104 – 93مشيرًا الى المجتمع السلمي في شمال افريقيا في القرنيسسن الرابسسع عشسسر والخسسامس
عشر ،واصفًا اياها مجتمعًا يقوم على انتاج المبادلة الصغير الذي يغلب عليه الطابع الزراعسسي ،اي
مجتمعًا يتم فيه النتاج والمبادلة بواسطة صغار المنتجين الذين يملكسسون وسسسائل النتسساج ،فيمسسا عسسدا
الرض .ويطرح المؤلف أمثلته عن مصر ،ويركز علسسى مثسسالين مسسن الفكسسر العربسسي ،الول يتعلسسق
بالظواهر النقدية عند فكر المقريزي ،والثاني يخص ظاهرة القيمة كما يحللها ابن خلدون.
وفي الفصل الثاني ،تحت عنسوان "مولسد القتصسساد السياسسي فسسي المرحلسة الرأسسمالية" ،يتنساول د.
دويدار جزء من المرحلة الرأسمالية ،الذي يمتد مسسن قيسسام طريقسسة النتسساج الرأسسسمالية السسى النصسسف
الول من القرن التاسع عشر ،ويشير لهسسا فسسي اطسسار مرحلسستين مسسن مراحسسل تطسسور طريقسسة النتسساج
الرأسمالية ،بما يقابلها من فكر اقتصادي ،وهي مرحلسسة الرأسسسمالية التجاريسسة ،والسستي تمثسسل الوسسسط
التاريخي للفكر القتصادي للتجاريين ومرحلة الرأسمالية الصناعية التي شهدت مولد علم القتصاد
السياسي ،متحدثًا الى انه نمت بذور طريقة النتاج الرأسمالية من خلل أزمة تفكسسك القطسساع ،ليتسسم
التحول في مرحلة أولى من مراحل التطور الرأسمالي ،غطت الفترة من القرن الخامس عشر حتى
القرن الثامن عشر ،وهي مرحلة انتقالية ،تسمى بمرحلة الرأسمالية التجاريسسة ،نمسسو روابسسط النتسساج
6
الجديدة )الرأسمالية( في الزراعة والصناعة ونمو التمايز الجتماعي في داخل الفلحين )المنتجيسسن
في الريف( وفي داخل الحرفيين )المنتجين في المدينة( ،ونمو طبقة جديدة من المنتجين المباشسسرين
)أغنياء الفلحين وأرباب الحرف( مرتبطون بالسوق ،مسسستخدمين الفقسسر مسسن الفلحيسسن والحرفيسسن
كعمال اجراء ،ويكون المنتج قد يلعب دور التاجر .ويجري تركيز ملكيسسة وسسسائل النتسساج بيسسد أقليسسة
من كبار الملك على حساب صغار الفلحين والحرفيين .ويتبلور الستقطاب الجتماعي التدريجي
وتميز الطبقتين اللتين تسودان المسرح في المجتمع الرأسمالي هما الطبقة الرأسمالية )البرجوازيسة(
والطبقة العاملة )البروليتاريا( .ويكون رأس المال قد قطع شوطًا كبيرًا في سسسيطرته علسسى النتسساج،
ص .106ويتحدث الكتاب عن مراحل تطور النتسساج الرأسسسمالية ،ويحسسددها بثلث نقسساط هسسي )(1
مرحلة رأس المال التجاري ) (2الكيفية التي تم التحول في المجالت المختلفة للنشاط القتصادي )
(3الفكسسر القتصسسادي كنتسساج للمرحلسسة النتقاليسسة .ويتنسساول د .دويسسدار العديسسد مسسن الفكسسار والراء
التاريخية وتاينها ،مشيرًا الى الرأسمالية الصناعية ومولد علسسم القتصسساد السياسسي وتطسور النتساج
الصناعي واعلن الثورة الصناعية في انكلترا في منتصف القسسرن الثسسامن عشسسر ،ويصسسبح التحسسول
الكيفسسي للنشسساط الصسسناعي فسسي القتصسساد القسسومي .بالضسسافة السسى الشسسكالت العديسسدة السستي يتبهسسا
المفكرون فيما يتعلق بالثروة والنقود وفائض النتاج والتباينات بين المدارس الفكرية حول لسسك مسسن
الصفحات 107حتى .160
وفي الفصل الثالث "تطور علم القتصاد السياسسسي فسسي المرحلسسة الرأسسسمالية ومرحلسسة التحسسول السسى
الشتراكية" .وفيه يحاول المؤلف تتبع الخطوط العامة لتطور القتصسساد السياسسسي فسسي الفسسترة السستي
ل ،القتصساد
تعطي النصف الثاني من القرن التاسع عشر حتى يومنا هذا ،ص ،161ويتم ذلسك ،أو ً
السياسي بعد التقليديين في الفترة التي تغطي النصف الثاني من القرن التاسع عشسسر والسسسنوات مسسن
القرن العشرين السابقة على الحرب العالمية الولى .وثانيًا :القتصاد السياسي وتعميق الزمسسة فسسي
القتصاد الرأسمالي ،خاصة في الفترة ما بيسسن الحربيسسن العسسالميتين .وثالثسًا القتصسساد السياسسسي فسسي
وقتنا هذا .ويتناول القتصاد السياسي بعد التقليديين ،مشيرًا الى انسسه أدى تطسسور القسسوى الجتماعيسسة
التي تمثل نقيض المجتمسسع الرأسسسمالي ونفيسه ،أي الطبقسسة العااملسسة فسسي وجودهسسا السسى جسسانب الطبقسسة
الرأسمالية ،الى تحطيم وحدة البناء النظري الكلسيكي ،وأشار في خلل النصف الثاني مسسن القسسرن
التاسع عشر بتيارين أساسيين مسسن الفكسسر القتصسسادي :التيسسار الول ،وإن يبسسدأ مسسن التيسسار النظسسري
للتقليديين يعني بناء نظريًا مختلفًا كيفيًا عن بنائها ،هذا التيار يمثل في ذات الوقت استمرارًا وتعسسديًا
للفكر التقليدي ،المر الذي يطور علم القتصاد بعد مولده ،ذلك هو تيار القتصسساد السياسسسي الناتسسج
عن تحليل كارل ماركس .اما التيار الثاني فيمثل عودة الى التداول كمركز للهتمسسام تارك سًا العمليسسة
ل أساسًا بسلوك الوحدات القتصادية بدءًا من الحاجسسات،
القتصادية بهيكلها وطريقة ادائها ،ومنشغ ً
وإن كان يبدأ ،في بعض الفكار ،الستي توجسد علسى هسامش البنساء النظسري للتقليسديين ،مسا يلبسث ان
7
ينسلخ عنهم مبتعدًا بذلك عن العلم ،ذلك تيار فكر المدرسة الحدية المسماة النيوكلسيكية او الحديثة.
في الصفحات ،267 – 162متضمنًا الطلسسب والعسسرض وثمسسن السسسوق ،رابطسًا بيسسن الطلسسب علسسى
السلعة وثمنها ودخل المستهلك بجسسداول ومنحينسسات افتراضسسية ،لتوصسسيل الفكسسار باسسستخدام أدوات
رياضسسية واحصسسائية وبمعسسادلت آنيسسة وتعسسابير بيانيسسة فسسي دراسسسته للتحليسسل القتصسسادي ،ومسسا فسسي
القتصاد السياسي وتعميق الزمسسة فسسي القتصسساد العسسالمي ،وفيسسه يتحسسدث المؤلسسف السسى ان الحسسرب
العالمية الولى شهدت تجربة من تجارب محاولة النتقال نحو الشسستراكية فسسي التحسساد السسسوفيتي،
وهي محاولة للنسلخ عن القتصاد الرأسمالي العالمي الى شكل آخر من التنظيم الجتمسساعي ،ثسسم
جاءت الزمة القتصادية الدولية عام 1929بحدة لم يعرفها القتصاد الرأسسسمالي مسسن قبسسل ،المسسر
الذي دفع الدولة في المجتمعات الرأسمالية الى اجراءات تقصد بهسسا معالجسسة الزمسسة ،مسسسجلة بسسذلك
بدء مرحلة من التدخل الكبير من الدولة في الحياة القتصادية ،ليعلسسن عسسن ميلد وتطسسور رأسسسمالية
الدولة الحتكارية .وعلى صعيد الفكر تجد النظرية الحدية عاجزة عسن مواجهسة القتصساد القسومي.
وبدأ الفكر القتصادي غير الماركسي يهتم من جديسسد بتحليسسل طبيعسسة النظسسام القتصسسادي وميكسسانزم
ادائه وظهر تياران من الفكر القتصادي :التيار الول ،يتحدث حول مشسسكلت التخطيسسط والترشسسيد
عند توزيع الموادر القتصادية ،والتيار الخر ،يهتسسم بكيفيسسة الداء للقتصسساد العسسالمي ،السستي تحسسدد
مستوى اسستخدام المسوارد القتصسادية الموجسودة فسي المجتمسع .ذلسك الفكسر تمثسل فسي نظريسة كنسز
الخاصة باداء القتصاد القومي فسسي مجمسوعه ،وفسسي القتصساد السياسسسي فسي وقتنسسا هسسذا ،ص 270
يشير د .دويدار الى التحول الذي شهده القتصاد العالمي منذ الحسسرب العالميسسة الثانيسسة ،ويجسسد ثلث
عوامل وهي ) (1زيادة الهمية النسبية للمجتمعات التي تحسساول بنسساء الشسستراكية وزيسسادة معسسدلت
التطور المحدد (2) ،ازدياد حدة حركة التحرر الوطين في المستعمرات وتفكك النظام الستعماري
في شكله القدين (3) ،كف النظام الرأسمالي عن ان يكون النظام القتصسسادي السسدولي ويصسسبح احسسد
النظمة القتصسسادية الدوليسسة ،وإن كسسان مسسا يسسزال القسسوى .وعلسسى صسسعيد الفكسسر القتصسسادي يشسسير
المؤلف الى انه أدى النشغال بمشكلت النمو في القتصاديات الرأسسسمالية المتقدمسسة ،والرغبسسة فسسي
الخروج من التخلف في القتصاديات المتخلفة ،ومشاكل التطور المخطط ،أدت الى العودة للهتمام
في مجال التحليل القتصادي .وتعود نظرية التطور القتصادي من جديسسد بعسسد فسسترة مسن الخسسسوف
النيوكلسيكي ،مركسز القتصساد السياسسي كعلسم القسوانين الستي تحكسم العلقسات القتصسادية ،والسى
التباين بين طريقة النتاج الرأسمالية وطريقة النتاج الشسستراكية .وينهسسي رحلتسسه عسسبر تاريسسخ علسسم
القتصاد السياسي من حيث تعريفه للقتصاد السياسي او من حيث موضوعه ومنهجه .مشيرًا السسى
ان هذا نتاج مفكرين مختلفين .مفكرون عاشوا المراحسسل المختلفسة لتطسسور العلسسم ،ونتسساجهم النظسسري
بمجموعة من النظريات يشير لهسسا الكتسساب ،ص .،273وفسسي البسساب الثسسالث يتحسسدث عسسن القتصسساد
السياسي علم طرق النتاج .وفيه ثلث فصول .في الول يتحدث عن مفهوم فكرة طريقسسة النتسساج،
8
وفي الثاني في الخصائص الجوهرية لطريقة النتاج الرأسمالية ،وفي الفصسسل الثسسالث ،الخصسسائص
الجوهرية لطريقة النتاج الشتراكية.
تناول الكتاب في الفصل الثاني في الصفحات ،105والتي يليها ،مرحلة الرأسمالية السستي يمتسسد قيسسام
طريقة النتاج الرأسمالية الى النصف الول من القرن التاسع عشر .ويميز د .دويدار مرحلتين مسسن
مراحسسل تطسسور طريقسسة النتسساج الرأسسسمالية :المرحلسسة الرأسسسمالية التجاريسسة ،والسستي تمثسسل الوسسسط
التسساريخي للفكسر القتصسسادي للتجساريين ،ومرحلسسة الرأسسمالية الصسسناعية ،السستي شسسهدت مولسسد علسسم
القتصاد السياسي .مشيرًا الى ان رأس المال التجسساري وجسسد فسسي المجتمعسسات السسسابقة للرأسسسمالية،
كالمجتمع القطاعي والمجتمع العبودي ،وهي غطت الفترة من القسرن الخسامس عشسر حستى القسرن
الثامن عشر ،وفيها يتحدث الكتاب عن مراحل تطسور طريقسة النتسساج الرأسسسمالية ،ويحسددها بثلث
عناوين ،هي ) (1مرحلة رأس المال التجاري (2) ،الكيفية التي تم التحول فسسي المجسسالت المختلفسسة
للنشاط القتصادي (3) ،الفكر القتصادي كنتاج للمرحلة النتقالية .وبعسسد ان يشسسرح بتكسسثيف حسسول
المرحلتين السابقتين ،يتوقف د .دويدار عند الفكر القتصادي ،بدءًا من القرن الخامس عشر وتحت
تأثير التحولت التي أصابت الحياة الجتماعية الوربية وفيه ينتقل مركسسز انشسسغال الفكسسر النسسساني
من القضايا الدينية الى القضايا الدنيوية ،وتبرز بعض الفكار الجتماعيسسة القتصسسادية ،منهسسا يعلسسن
عن القتصاد السياسي الجنيني وانشغاله بالنشاطات القتصادية الذي تحول الى مرحلة جديدة ،ممسسا
عل الفكر القتصادي في هذه المرحلة من نتاج بعض رجال العمال والدارة وأطلق علسسى هسسؤلء
بالتجسساريين .وانحصسسر انشسسغاله بطبيعسسة السسثروة ،وأن النقسسود ،خاصسسة السسذهب والفضسسة ،تعسسبر عسسن
الجوهر في تكوين الثروة ،والتركيز على خلق فائض النتاج ،ينظر اليه من وجهة التداول ،بفائض
نقدي )أي الربح( ،ويمثل علمة في الميزان التجاري .اما التجاريين الواخر ،كما يشسسير المؤلسسف،
فلم يعد هناك لبس ،فثروة بلد ما تتمثل في نتاج الرض والعمسسل او الصسسناعة ،امسسا السسذهب والفضسسة
فليسا إل "مقياس التجارة" .كما ويشير وبسالرغم مسن ان هسؤلء المتسأخرين مسن التجساريين يجسدون
الثروة في المنتجات البحث عنها في مجسسال النتسساج ،ل المبادلسسة ،ولكنهسسم يسسستخدمون حجسسة أخسسرى
أصبحت ااتفاقية لتبرير اجراءات يعتبرونها مواتية على أسس مختلفة ،تمثل النشغال السسذي اعطسسى
طابعًا موحدًا في البحث عن تحقيق ميزان تجاري موات للبلد .وهدفهم فسسي ذلسسك هسسو ضسسمان سسسوق
اضافية في الخارج لسلعهم ل في المعادن النفيسة .وطالبوا بتدخل الدولة لتنظيم الحياة القتصادية.
اما بالنسبة للتجاريين وموقفهم من الثمن وتحديسسده ،فيشسسير المؤلسسف السسى ان الصسسعب تسسسجيل فكسسرة
عامة تمثلهم جيمعًا ،ولكننسسا نسسستطيع ان نجسسد بعسسض الفكسسار حيسسث يقسسول ان اتسسساع انتسساج المبادلسسة
9
وسيطرة النشاط الصناعي فرضا على البسساحث حقيقسسة مسسن ان الظسسواهر القتصسسادية ،وخاصسسة فسسي
مجال الناج ،تحكمها قوانين موضوعية يمكن ويلزم الكشف عنها ،وإذا اضيف الجو الفكري السسذي
يسوده النشسسغال العسسام بالمنهجيسسة ،انتسسج وعيسًا بامكسسانه اسسستخدام علسسم القتصسساد السياسسسي فسسي هسسذه
المرحلة ،مشيرًا الى رواد المدرسة التقليدية )النكليز والفرنسيين( من امثال ويليسسام بسستي وفرانسسسوا
كينيه وآدم سمث ودافيد ريكاردو وبعسسد النصسسف الثسساني مسسن القسسرن التاسسسع عشسسر يشسساهد القتصسساد
السياسسسي بعسسد التقليسسديين تيسسارين ،تيسسار يمثلسسه كسسارل مسساركس ،وتيسسار المدرسسسة الحديسسة المسسسماة
النيوكلسيكية )او المدرسة الحديثة(.
الشكالية الخرى ،على ما اعتقد ،ان المؤلف طسسرح الفكسسر القتصسسادي العربسسي فسسي القسسرن الرابسسع
عشر معتمدًا أل يدخل الفكر العربي تحت فكرة العصور الوسطى ،وانما يقسسدمه مسسن خلل دراسسسته
المجتمع المصري ،من خلل فكر المقريزي والمجتمع المغربي انطلقًا من فكر عبسد الرحمسن ابسن
خلدون ،وجوانب النشاطين المادي والفكسسري ،لنسسه يعتقسسد ان العصسسور الوسسسطى بمسسا تتضسسمنه مسسن
مستوى حضاري "يتوافق مع نوع التنظيم الجتمساعي" ،تمثسل جسزء ل يتجسزء مسن تاريسخ اوربسا،
التي كتبت التاريخ ،ابتسدأ مسن تاريخهسا هسي ،وبعسد ان كتبست تاريخهسا ،حساولت ان توسسع تاريخهسا
ليصبح تاريخ العالم ،وهو ما يتعين رفضه ،كما يشير د .دويدار ،لن لكل جزء من أجزاء المجتمع
النسسساني تاريسسخ .والقسسول "العصسسور الوسسسطى" العربيسسة يعنسسي التسسسليم ابسسان المسسستوى الحضسساري
للمجتمع العربي ،بمسا احتسواه مسن مجتمعسات ذات حضسسارة قديمسسة ،كالحضسسارة المصسرية والبايليسة
والفينيقية ،كان ل يختلف عن المستوى الحضاري للمجتمع الوربي في العصور الوسطى ،وهو ما
ليس صحيح ،ص .93
الشكالية الولى:
ان تصورات د .دويدار عن المدرسة الكلسيكية تكمن من ان تصسسوراتهم وأفكسسارهم حسسول "العلسسم"
من انه متعلق بظواهر خالدة أبدية ،وأن وصف القتصاد السياسي بالقوانين النظرية صفة البديسسة،
أي ان هذه القواين صالحة لكل زمان ومكان .في حين يرى د .دويدار ان تصور التقليديين فسسي هسسذا
الجانب يقفلون الحركة التاريخية للظواهر القتصادية ،يغلقون حركة هذه الظواهر القتصادية مسسن
خلل التناقضات ،التي تعكس الفكر القتصادي اللحق على التقليديين إذ ما يلبث فكرهم المطروح
ل لدراسات ناقدة وخلفية ،وهذا ما يعلن عن تطور علم القتصاد السياسي.
ان يصبح مح ً
الشكالية الثانية :يناقش د .دويدار مسألة الريع )ويليام بتي ،واعتباره الريع الشكل العسسادي للفسسائض
بصفة عامة ،بينما ل يزال الربح غير محدد .يظهر على انه في احسن الفروض ومكسسأنه جسسزء مسسن
10
الفائض ينتزعه الرأسمالي من مالك الرض .وفسسي رأي بسستي الناتسسج الكلسسي مطروحسًا منسسه الجسسور
والبذور ،الفائض المتحقق من النتاج الزراعي .في حين ان رؤيسسة المؤلسسف لمسسسالة الريسسع للرض
ينحصر في ان يتعين ان توضع وضعًا مختلفًا في اطار النتاج الرأسمالي ،حيث يوجسسد السسى جسسانب
ل الرض استخدامًا لوسائل انتاج
مالك الرض الرأسمالي ،الذي يقوم على النشاط الزراعي مستغ ً
أخرى يملكها ملكية فردية ،وقد يجمع شخص واحد بين صسسفتي الرأسسسمال وصسساحب الرض .كمسسا
يوجد الى جانبهما العمال الجراء وتربطهم بالرأسمالي علقة مباشرة ،هنا ينتسسج العمسسال المنتجسسون
المباشرون الناتج والجزء منه السسذي يمثسسل الفسسائض ،ويختسسص رأس المسسال نفسسسه بالفسسائض بطريقسسة
مباشرة ،وتحصل ملكية الرض في النهاية على جزء من الفائض في اطار النتاج الرأسمالي .هذا
ويتعين ان تطرح "مسألة الريسع" مسن وجهسة نظسر هسذا النتساج الرأسسمالي ،ويكسون السسؤال السذي
يطرح نفسه هو التي :كيف يتأتى لملكية الرض )مشخصة فيمن يملكونهسسا( ان تحصسسل مسسن رأس
المال )مشخصًا فيمن يسيطرون على عملية النتاج( علسى جسزء مسن الفسائض ،السذي اختسص رأس
المال نفسه به بطريقة مباشرة ،من خلل علقته بالمنتجين المباشرين )وهم العمال الجراء( ،الذي
انتجوا هذا الفائض ،ص .137
الشكالية الثالثة :في مناقشة الفكر القتصادي للمدرسة الحديسسة ،يشسير د .دويسسدار السى ان سسسبعينات
القسسرن التاسسسع عشسسر شسسهدت بلسسورة للفكسسر القتصسسادي الحسسدي ،والسستي كسسانت بسسذورها عنسسد بعسسض
التجاريين ،وأن الجيل الول وأهمهم ويليام استانلي جفونس W S Jevonsوماري لون فسسالراس
M L Walrsوالفرد مارشال Alfred Marshallوغيرهم ،وتطور هذا الفكر في وسط تاريخي
يتطور فيه النظسسام الرأسسسمالي ليكسون النظسسام العسسالمي .وفسسي داخسسل هسسذه المجتمعسسات تتبلسسور القسسوى
الجتماعية ،التي تمثسل نقيسض المجتمسع الرأسسمالي ،وتطسور تنظيمهسا "نقابيسًا وسياسسيًا" واعتنقسوا
مبادئ تنادي بالثورة الجتماعية كهدف نهائي ،واعتنقوا النظرية الماركسية ،وخاصة نظرية العمل
في القيمة ،التي نجدها في تحليل ريكاردو الذي يستخدم االستنباط كطريقة للستخلص المنطقسسي.
ومن هنا كانت نقطة البسسدء كمسا المؤلسسف ،نقطسة البسسدء اليديولوجيسة ،وغيسر العلميسة ،السستي اعتقنهسا
جفونس كبديل عن نظرية ريكاردو ،من ان الجور )أي العمسسل د .م( هسسي اثسسر لقيمسسة الناتسسج وليسسس
سببًا لها .والتفتيش عن البديل جعلهم يعودون الى دائرة التبادل ،على خلف التبسسادل السسذي اهتسسم بسسه
التجاريون )التبسسادل المرتكسسز علسسى النتسساج ،وتبسسادلهم يبسسدًا مسسن حاجسسات الفسسراد القتصسساديين السسي
يهدفوون الى تحقيق أقصى اشباع للحاجات سواء كان للفرد المستهلك ،او اقصى ربسسح نقسسدي )فيمسسا
يخص الفرد المنظم( الذي يتخذ قرارات النتاج .وفسسي اطسسار التبسسادل يصسسبح موضسسوع القتصسسادي
معلقًا بسلوك افراد من قبيل الرجل القتصادي ،سلوكًا مجردًا من اطسره الهيكلسي فيمسا يتعلسق بنسوع
المجتمع ونوع علقسات النتساج السسائدة فيسه ،فل هيكسل ول أدائه فسسي مجموعسة يسسدخلن موضسسوع
القتصاد كما يعرفه الحديون .وعلى هذا النحسو ،يسستطرد د .دويسدار ،تعتسبر العلقسات القتصسادية
11
علقات بين الفراد والشياء المادية ،وصبح القتصاد بالتالي "علم ،الندرة" ،المر الذي يعنسسي ان
العلقسسات القتصسادية ليسسست علقسات اجتماعيسة ،وعلسسى هسذا التصسور للعلقسات القتصسسادية يجسد
انعكاسسه فسي اعتبسار علسم القتصساد علسى حسد تعسبير بساريتو علمسًا طبيعسًا كالفسسيولوجيا والكيميساء
وغيرهما .وعلى هذا يتوصل د .دويدار الى ان الفكر القتصادي للحديين يعاني من عدة اشسسكالت،
منها ) (1اعتبار الفرد كمحرر لعلم القتصاد (2) ،وتجاهل ان الذي يعيش الصراع ضد الندرة هسسو
الممجتمع ،ولس الفرد (3) ،وهذا يعني بناء هذا التجاهل افراغ العلقات القتصسسادية مسسن محتواهسسا
الجتماعي ،إذ ل يرى هسسذه إل علقسسة بيسسن الفسسرد والشسسيء (4) ،تفريسسغ الظسسواهر القتصسسادية مسسن
محتواها ،اصيح من الطسسبيعي ان تتصسسور كظسسواهر ابديسسة (5) ،النشسسغال ينصسسب علسسى المظسساهر
ل مظهرها الكيفي ،وإذا ل توجد فروق كانت الظواهر واحدة في كسسل مراحسسل
الكمية للظواهر متجا ً
التطور الجتماعي ظواهر أبدية (6) ،يتعلق موضوع القتصسساد بسسسلوك الفسسراد مسسن قبيسسل الرجسسل
القتصادي (7) ،كما وينصب اهتمامهم على سلوك الوحدات القتصادية ،بكون تحليهلم ذي طبيعة
ل ينشغل بسلوك وحدة اقتصادية واحدة .فمن المنفعة الى الطلب الذي يتحدد بسلوك
وحدية ،أي تحلي ً
المستهلك في السسسوق )نظريسسة الطلسسب( ،ومسسن الطلسسب السسى العسسرض ،السسذي يحسسدد بسسسلوك صسساحب
المشروع في ظل ظروف السوق بأشكاله المختلفسسة )نظريسسة العسسرض( ،ومسسن الثنيسسن تقسسدم نظريسسة
تحديد أثمان السلع التي تخصص لشباع الحاجات النهائية ،والتي تسخدم في النتاج او مسسا يسسسمونه
عناصسسر النتسساج ...السخ ،باعتبسسار ان الروابسسط القتصسسادية بيسسن الفسسراد عنسسد مسساركس هسسي روابسسط
اجتماعية ،والتي تنشأ على نحسو ملمسوس فسسي المجتمسع وفكسرة الرجسسل القتصسسادي مرفوضسة ،لن
الظواهر تستمد صفتها القتصادية من انها علقات اجتماعية تنشأ بين أفراد المجتمع ،والنقد الثلسسث
مرتبط بالثاني ،وهو ان التقليديين يعتبرون الظواهر القتصادية ،ظواهر أبديسسة ل تتغيسسر ،وهسسو مسسا
يؤدي السى ان القسوانين القتصسادية النظريسة صسالحة لكسل زمسان ومكسان .ويشسير مساركس السى ان
موضوع القتصاد السياسي مرتبط بعملية النتاج والتوزيسسع بطبيعتهسسا الديالكتيكيسسة ،والظسسواهر لهسسا
طبيعة ديناميكيسة ،ومسن ثسم يكسون للقسوانين الستي تحكمهسا ذات الطبيعسة ،فالحركسة مسن طبيعسة هسذه
الظواهر التي هي اجتماعي ،وهناك ظواهر اقتصادية مشسستركة بيسسن اكسسثر مسسن شسسكل مسسن الشسسكال
الجتماعية للنتا التادولي النقدي ،حيث يجري التسسداول فسسي المجتمعسسات السسسابقة علسسى الرأسسسمالي،
وظواهرنوعية يتميز بها كل شكل من الشكال الجتماعية للنتاج .ويمكن اسسستخلص نسسوعين مسسن
القوانين القتصادية ،قواين عامة مشتركة لكل اشكال النتاج ،والقوانين النوعية التي تميز الشكال
المختلفة من النتاج.
ويتفق د .دويدار مع شوميتر حول عدم حماس ارسكو للنشاط التجاري الذي كسسان محصسسورًا آنسسذاك
في الجانب ،ويكره المقرضين الذين يتقاضسسون الربسسا .وينبغسسي التسسذكر بسسأن ارسسسطو عسساش وكتسسب
لطبقة مترفة ل تعمل ،هي طبقة الرستقراطيين التي تحتقر العمل والتجارة ،وتحب الفلحين السسذين
12
يغذونها ،وتكره مقرض النقود الذين يستغلونها .كما ويتفق د .دويدار مع ابسن خلسدون السذي يخسالف
المدرسيين حول "الثمن العادل" وليس الى تفسير الثمن الجاري في السوق.
الرأي في الكتاب
يشغل مؤلف د .دويدار "مبادئ القتصاد السياسي" ،كمسا أرى ،مكانسسة هامسة فسسي موضسسوع دراسسسة
القتصاد السياسي ،فهو يحتوي علسسى مقدمسسة وأبسسواب وفصسسول وعنسساوين رئيسسسة وأخسسرى فرعيسسة،
تسهل للدارس والقارئ والباحث كيفية تناول الموضوع ،موضفحًا فيها بعسسض الفكسسار السستي تتعلسسق
بالنشاط القتصادي والجتماعي ،هذا النشاط المرتبط بالحياة اليومية للنسان ،وفي الكتاب يحسساول
المؤلف ان يعرض القتصاد السياسي كعلم يرتبط بسسالعلوم الخسسرى .ويكشسسف الجسسذور الجتماعيسسة
المعرفية للمدارس الفكرية ،على اختلف تلوينهسا ،وكيسف تطسورن هسذه الفكسار والمسذاهب خلل
مراحل تاريخية متنوعة بأسلوب منهجي سلس ،مدعوم بهسسوامش وحواشسسي ومعلومسسات ايضسًا حّيسسة
ومن مصادر مختلفة ،عربية وغيرها .مشيرًا الى ان هذا العلم تكون بفضل جهود اعداد كسسبيرة مسسن
المفكرين في مجتمعات مختلفة ،وفي أزمنة مختلفة ،رغم ما يكتنف البعض من اشكالت.
ويمكن ان نجمل ملحظاتنا بس (1) :يشكل موضوع علم القتصاد السياسي ،حيزًا واسعًا فسسي كتسساب
د .ديويدار ،فهو من ناحية يعطي تصورًا منهجيًا للراء الفكرية والنظية المتباينسسة ،علسسى اختلفهسسا،
وفي مراحل تاريخية معينة ،حسسول هسسذا العلسسم (2) .ومسسن الناحيسسة الثانيسسة ،يشسسرح مفهسسوم القتصسساد
السياسي ،كعلم اجتماعي ،ومن مدارس فكرية متنوعة ،له حضوره ومساهماته العملية فسسي التطسسور
الجتماعي .ويكشف فيه عن النماط الجتماعية المختلفة ومراحل تطورها التاريخي الذي مسسر بهسسا
المجتمع البشري والنساني ،يقدر من انه يحرص على ثبيت مفسساهيم ومقسسولت اقتصسسادية مسسستمرة
ومتكّررة هي :العمل ،التبادل ،السلعة ،القيمة ،النقود ،السعر ،السوق ،رأس المال ،الجور ،الريع،
الفائدة ،الربح ..الخ .وما بين هذه تظهر علقات أخرى وفسسي ظسسروف محسسددة مثسسل قسسانون العسسرض
والطلب ،وعلقتها بالسوق واستعداد الناس لتبادل السلع ،وتناولها من مختلف المدارس الكلسسسيكية
ونيوكلسيكية )نظرية ماركس :فائض القيمة ،والنظرية الحدية ..وغيرهما( والكشف عسسن القسسوانين
والفكار للقتصاد السياسي من خلل المراحسسل التاريخيسسة الستي حركست المجتمسع ،والقسوانين الستي
تحكم مراحل التطور التاريخية .عارضًا جميسع الفكسار والسرؤى المختلفسة والناقضسات فيمسا بينهسا.
مشيرًا الى موقف المؤلف منها ،متفقًا او مخالفًا (3) .يعتمد المؤلف على وثائق ومعلومات تاريخيسسة
وآليات بحث عملية تفرز من التحليل والجهد العلمي في معرفة الحاضر من خلل الوقوف على مسسا
ل الى المستقبل .شارحًا بهوامش عديدة بعسسض أفكسساره فسسي مواضسسيع محسسددة،
انتجه الماضي ،وصو ً
يحتويهسسا الكتسساب (4) .طريقتسسه فسسي البحسسث تعطسسي مسسساحة معرفيسسة للسسدارس ،يتمكسسن مسسن خللهسسا
13
الستيعاب في فهم الفكار والرشادات التي تسسدعو السسى عسسدم التمسسسك بالنصسسية وباسسستخدام المنهسسج
الناقد ،بالضاة الى ما يحتويه الكتاب من تحليلت تعتمد على أدوات رياضسسية واحصسسائية وأخسسرى
ديمغرافية .وهذه على ما نعتقد تمكن الدارس او الباحث على مقاربة الفكسار ومسن المزاوجسة بينهسا
للوصول الى نتائج ملموسة ،تساعده في الختيار الصحيح ،لي مسن المناهسج والطسرق فسي البحسث
والتحليل ،يمكن تناوله.
اما ملحظاتي الخرى على الكتاب فيمكن تلخيصها بس:
التبويب الذي وضعه د .ويدار فسسي مسسؤلفه "مبسسادئ القتصسساد السياسسسي" مقسسسم السسى .1
ثلث أبواب .في الباب الول تحت عنوان "القتصاد السياسي كعلسسم" وبعسسد ان يعالسسج هسسذا
العلم بثلثة فصول ،يثبت من علمية الصفحات عشرة حتى الواحدة والستين .وبعسسد مسسسيرة
طويلة وفي الباب الثسساني بعنسوان "تاريسخ القتصساد السياسسسي" وفيسه تتسسم علميسة القتصسساد
السياسسسي ،وتحديسسد فسسي الفصسسل الثسساني "مولسسد علسسم القتصسساد" أي بمرحلسسة الرأسسسمالية
الصناعية ،التي يشير لها المؤلف ،ص .105وملحظتي هنا كان يمكن للمؤلف ان يتناول
في البداية "تاريخ القتصاد السياسي" ومن ثم القتصاد السياسي كعلسسم" .وعلسسى مسسا اعتقسسد
ل ،وثانيسًا
ان تناول التاريخ القتصسسادي والفكسسر القتصسسادي ،فسسي هسسذا تحظسسى بالهميسسة او ً
اثبات علميسسة هسسذا العلسسم ،تجنبسًا لللتبسساس علسسى السسدارس والبسساحث ،وايضسًا القسسارئ .وهسسذه
الملحظ ايضًا تصب في نفس الملحظة ،ص ،63السستي اشسسار فيهسسا د .دويسسدار مسسن ان مسسا
يهمه هو تاريخ علم القتصاد وليس تاريخ الفكر القتصادي على اطلقه.
لم يعط المؤلف مساحة اكسسبر لفكسسرة افلطسسون ،باعتبسساره علمسسة هامسسة فسسي السستراث .2
الفكري النساني ،ومصدر الهام فكري للكثير من اهلباحثين والمفكرين مسسن بعسسده يقسسرون،
بالمقارنة لما اعطاه من مساحة لرسطو فسي الفكسر الغريقسي .يعسود السسى افلطسسون اصسل
نشوء الدولة ،مؤلفه "الجمهوريسسة ،ومجتمسسع المدينسسة الفاضسسلة" ،كمسسا ويرجسسع اليسسه التقسسسيم
الطبقي للمجتمع )طبقة الحكام ،طبقة المحاربين ،طبقة المنتجين( وكذلك تقسيم العمل داخل
مجتمع المدينة .كما عالج قضية النقود المرتبطة بعملية تقسيم العمل ،وظهور المنتجين مسسع
منتجاتهم في السوق ،حيث تجري ملية التبادل باستخدام النقود.
ككما لم يتحدث الكتاب عن المجتمع الروماني وتأثيره ،واغفال هذا التراث الضسسخم .3
في ميسدان القسانون ،علسى مسا أعتقسد ،يشسكل ثغسرة كسبيرة ،وفسراغ كسان يمكسن ان يتجساوزه
المؤلسسف ،حيسسث يشسسير شسسوميبتر "ان القسسانون الرومسساني قسسد أثسسر بشسسكل عميسسق فسسي الفكسسر
القتصادي في العصور اللحقسسة" ،ولعسسل اهمهسسا "فكسسرة القسسانون الطسسبيعي" ،السستي احتلسست
مكانة هامة في الفكر القتصادي منسسذ القسسرن الثسسامن عشسسر حسستى القسسرن العشسسرين ،والسسذي
اعتنقه المفكرين الفيزوقراطييسسن )الطسسبيعيين( والكلسسسيكيين فسسي عصسسور لحقسسة .وهسسذا ل
14
يعني التفاق حول هذا القانون ،ولكنسه امانسسة فسي عسسرض التاريسسخ .كمسسا دعسوا السسى تطسسبيق
"القانون المدني ،وقانون الشعوب ،ونظرية العقد ،التي تنظم العقد ،السستي تنظسسم المعسساملت
في السوق .وفي هذه الفكار ظهرت قدسية الملكية ،كما يشير لها الكثير من المؤلفين ،التي
بررت التوزيع غيسسر العسسادل للسسثروات والسسى التبسساين فسسي انعسسدام المسسساواة بيسسن المسسواطنين.
صحيح انهم لم يخلفوا تراثًا فكريًا فسسي بحسسث المشسسكلت القتصسسادية ،لكنهسسم ايضسًا اهتمسسوا
بالزراعة واعتبروها أنبل حرفة ،كما اعتبروا التجارة والصناعة حرفتين نبيلسستين ،وأكسسدوا
ل علسسى
مشروعية تحقيق الربح .وأعتقسسد ان هسسذا السستراث هسسام ومفيسسد للسسدارس والبسساحث ك ً
السواء.
ورد فسسي ص :93الفكسسر القتصسسادي العربسسي فسسي القسسرن الرابسسع عشسسر ،وفيسسه قسسدم .4
المؤلف الفكر العربي ،متوازنًا بدراسة المجتمع المصري )فكر المقريسسزي( والمجتمسسع فسسي
المغرب )فكر ابن خلدون( ،وفي ملحظسة منسه يشسير فسي الهسامش بسأنه تعمسد ان ل يسدخل
الفكر العربي تحت فكسسرة "العصسسور الوسسسطى" لن العصسسور الوسسسطى ،بمسسا ضسسمنته مسسن
مستوى حضاري "بتوافق مع نوع من التنظيم الجتماعي" ...الى آخره من وجهسسة النظسسر،
ل الى القول "بالعصسور الوسسطى العربيسة ،لقسي التسسليم ،بسأن المسستوى الحضساري
وصو ً
للمجتمع العربي )بما احتواه مسسن مجتمعسسات ذات حضسسارات قديمسسة كالحضسسارة المصسسرية،
البابلية ،الفينيقية( ،كان ل يختلف عن المستوى الحضاري للمجتمع الوربي فسسي العصسسور
الوسطى ،وهو ما ليس صحيحًا .قد نتفسسق مسسع د .دويسدار مسن انسه ل يوجسسد منهسسج او تفكيسسر
لتسليط الضوء على جانب من حقيقة تاريخية هامة من تاريخنا وفكرنا القتصادي ،لوضع
الفلسفة السلمية والعربية وغيرها )البلدان العربية عاشت فيها شعوب عديدة ومن ديانات
متنوعة( ،وهنالك تساؤلت عديدة ،علينا الجابة حولها ،ل ان نصفها بالشكل الخاطئ السسي
وضعه د .دويدار) ،الفكر العربي في القرون الوسطى( .وربسسط ذلسسك بالحضسسارات القديمسسة
)البابلية والمصرية( وغيرها مسن صسسينية وهنديسسة ،وهسسذه الحضسسارات أقسسدم مسن الحضسسارة
اليونانية والرومانية ،التي يجري البحث حولها .كما ويشار بأن هناك تراث فكري ساد بين
نهاية القرن التاسع الميلدي ونهاية القسسرن الثسساني عشسسر مسسن سسسمرقند السسى قرطبسسة ،وضسسم
فلسفة كانوا يكتبون غالبًا باللغة العربيسسة ،منطلقيسسن مسسن السستراث اليونسساني )فكسسر افلطسسون
وأرسطو( ،وبلغ هذا الفكر المناطق الحديثة بالفتسسح السسسلمي بلوغسًا متسسأخرًا مسسن الزمسسان،
وبالضافة الى المقريزي وابن خلدون ،هنالك ايضًا الكندي والفارابي وابن رشد وابن سينا
وابن باجه وابن طفيل وغيرهم .ول يقتصر الكلم كونهم ناقلين لهذا التراث ،وانما تأثيرهم
الفكري بلغ الندلس والغرب ،وتأثرت بسسه الحركسسات الصسسوفية والسسسماعيلية فسسي الشسسرق.
ونكران ما قدمته هذه الفلسفة واختصار جهودها على نقل الفلسفة الغريقية والهيلينية السسى
15
الغرب غير دقيق ومجحف .وهنالك دلئل كثيرة على ابداعتهم ل نجد وقتسًا كافيساً للخسسوض
فيه .اما ما يتعلق بنمط الشسسرق القسسديم وليسسس العربسسي ،كمسسا ذهسسب اليسسه د .دويسسدار ،فهنالسسك
اجتهادات عديدة للمؤرخين والباحثين ،قسم منهسسم يقتصسسرون النظسسام العبسسودي علسسى تاريسسخ
اوربسسا فقسسط واسسستبعاد انطبسساقه علسسى تاريسسخ الشسسرق القسسديم )الدنسسى والقصسسى( .وهنسساك
طروحات أخرى تستبعد بلدانًا شرقية معينة مسسن سسسريان النظسسام العبسسودي ،وربمسسا منهسسم د.
دويدار .إل ان هنالك دراسات أخرى تؤيد عمومية النظام المسسذكور فسسي العصسسور القديمسسة،
وتعتبر النظام القطاعي الذي ساد الشرق القديم ،هو شكل من أشكال العبودية ،مسسع بعسسض
المميزات الخاصة نتيجة بقايسسا مخلفسسات المجتمعسسات البدائيسسة ،ول يمثسسل هسسذه الدراسسات إل
الرأي الخر السسذي يرجسسح كسسون النظسسام الجتمسساعي للشسسرق القسسديم كسسان نوعسًا مسسن القنانسسة
القطاعية .Selvage
وردت مفردات ص ،20حول تقسيم العمل البدائي بين الجنسين )عمسسل المسسرأة فسسي .5
مكان القامة وعمل الرجل في النشاطات تستلزم البعد عن هذا المكان ،(..وفسسي ص 66و
67النشسساط الصسسناعي ،العمسسال الجسسراء ،ص ،75وفسسي مكسسان آخسسر ييسسساوي بيسسن نشسساط
التاجروالمنتج الصغير ،مع استخدامه القوى العاملة في أكثر من مكان وليس "قوة العمسسل"
ورأس المال تستخدم في المجتمعات العبودية والقطاعية.
حول تقسيم العمل البدائي بين الجنسين ،أميل الى رأي د .ابراهيم كبسة ،السذي يشسسير •
فيه "احتلت المرأة دورًا هامًا في المرحلة الولى من النظام العشيري بسبب شروط الحيسساة
المادية نفسها ،إذ كانت الزراعة البدائية والتدجين البدائي )وهما اختصاص المرأة( أهم من
الصيد من الناحية القتصسسادية ،وهسسو التقسسسيم الطسسبيعي" أي تبعسًا للجنسسس )رجسسال ونسسساء(
والسن ،الصيد من اختصاص الرجال كما ذكرنا ،وجني النباتات والهتمام بشؤون المنسسزل
والزراعة من اخصاص النساء ،مما أدى الى زيادة انتاجية العمل.
فيما يتعلق ببعض المقولت او المفردات علينسسا تتبسسع آثارهسسا التاريخيسسة ،كمسسا يقسسول •
ماركس ،وهو في هذا الصدد يشير في "رأس المال" الى انه يتقضسسي تحسسول المنتسسوج السسى
سلعة قيام ظسسروف تاريخيسة خاصسة ،فسسإذا أريسد لمنتسسوج ان يصسسبح سسسلعة يلسزم ان ل ينتسج
لغرض اشباع حاجسات المنتسج مباشسرة لشسباع حساجته السى وسسائل العيسش .ومسن الناحيسة
الخرى ،نرى عندما ننتقل الى البحث عن النقود ان وجودها يتفرض مسسسبقًا تطسسور تبسسادل
السلع ،وتوفر ظروف تاريخية لوجود رأس المال ،ينشسسأ تطسسورًا مهمسسا ،وليسسس كسسذلك حسسال
رأس المسسال ،إذ ل يكفسسي مجسسرد ظهسسور تسسداول السسسلع والعملسسة النقديسسة لتسسوافر الظسسروف
التاريخية الضرورية لوجود رأس المال ،انسه ل ينشسأ إل حيسسث يجسد مالسك وسسائل النتسساج
ل حرًا ،يعسسرض قسسوة عملسسه للسسبيع ،وهسسذا الشسسرط التسساريخي
ووسائل العيش في السوق عام ً
16
الواحد ينطوي على تطور كامل من التاريخ العالمي ،إذ ان بواكير رأس المال تشير بحقبة
جديدة في عملية الجتماع الجتماعي .وهذا ،بتقديري ،ينعكسسس علسسى رأس المسسال التسساجر،
ن( الشراء بغية البيع بسعر أرفسسع ،يظهسسر بصسسورة اوضسسح
حيث يقول ماركس )ن – ب – َ
في حركة رأس المسسال التجسساري ،ومسسن جهسسة أخسسرى تتسسم هسسذه الحركسسة بكاملهسسا فسسي نطسساق
الرواج ،ولكن نظرًا الى انه يستحيل ان نفسر بسسالرواج نفسسسه تحسسول النقسسد السسى رأس مسسال،
ل منسسذ ان يجسسري التبسسادل بيسسن أشسسياء
ونشوء قيمة زائدة ،فرأس المال التجاري يبدو مستحي ً
متعادلة ،ول يبدو انه يمكن ان ينتج إل مسسن الربسسح المضسساعف السسذي يجنيسسه التسسارج ،السسذي
يتدخل كوسيط طفيلي بين منتجي البضائع بوصفهم مشسترين وبسائعين ،وانمسسا بهسسذا المعنسى
كمسسا يقسسول بنيسسامين فرانكليسسن "ليسسست الحسسرب إل لصوصسسية ،وليسسست التجسسارة إل خسسداعًا
وغشًا" ،وكما يشار ان نشسسوءه جسساؤ نسستيجى اللمسسساواة فسسي تكسسوين السسسعار فسسي ممارسسسة
التبادل غير المتكافئ المنتزع من المنتجين .كمسسا ان التجسسارة عنسسد ارسسسطو ل ترتكسسز علسسى
طبيعة الشياء وانمسا خسدا متبسادل .وعنسد انجلسس "ان الفسرق بيسن القيمسة الواقعيسة والقيمسة
التبادلية مؤسس على هذا الواقسسع ،وهسسو ان قيمسسة شسسيء مسسن الشسسياء تحتلسسف عسسن المعسسادل
ل".
المزعوم الذي يعطي لقاءه في التجارة ،وهذا يعني ان هذا المعادل ليس معاد ً
كما ان د .دويدار يقع في خطأ عندما يسسساوي بيسسن المنتتسسج الصسسغر وعمسسل التسساجر، •
الول ل يبنسي انتساجه علسى اسستغلل الخريسن ،وهسو ينتمسي السى نمسط النتساج البضساعي
البسيط ،الذي يتمثل في "انتاج الحرفيين والفلحين" .والتاجر ل يدخل عملية النتاج وإنمسا
يدخل كوسيط طفيلي بين منتجين ،وبالمواصفات التي أشير لها من قبل.
من فكرة طريقة النتاج الى فكرة التكوين الجتماعي ،ص ،294يعطي د .دويسسدار •
بعض التصورات حول تكون الكسسل الجتمسساعي ،اي التكسسوين الجتمسساعي ،يشسسير للتصسسور
الول ،المرجع فيه مؤلف اوسكار لنجه "القتصسساد السياسسسي" ترجمسسة راشسسد السسبراوي –
دار المعارف – القاهرة – – 1966الباب الثاني ،والنسخة المتوفرة لسسديه لمؤلسسف اوسسسكار
لنجه المذكور هي من تعريب وتقديم الدكتور محمد سلمان حسن – طبعسسة ثالثسسة منقحسسة –
تموز – 1978الفصل الثاني – وفي ص " 65فكرة النظام الجتماعي :الساس والتركيب
الفسسوقي" ،وفيسسه يشسسير اوسسسكار لنسسه "يطلسسق السستركيب الفسسوي The Superstructure
لسلوب انتاج معين على ذلك الجزء مسن العلقسسات الجتماعيسة )خسسارج علقسات النتساج(
والوعي الجتماعي الذي ل غنى عنه لوجود اسلوب الناج نفسه .ويسسدعى اسسسلوب النتسساج
وتركيبه الفوقي كلهما بالكيسسان الجتمساعي Social Formationاو النظسام الجتمسساعي
،Social Systemكما تدعى علقات النتاج الملئمة لنظسسام اجتمسساعي معيسسن بالسسساس
القتصادي ،Economic Baseول يشمل التركيب الفوقي جميسسع العلقسسات الجتماعيسسة
17
الواعية ،ول مجمسسوع السسوعي الجتمسساعي لمجتمسسع معيسسن ،انسسه ينطسسوي علسسى تلسسك العلقسسة
الجتماعية الواعية فقط ...الخ .كما ويشير لنجه الى ان هذه المصسسطلحات وغيرهسسا تعسسود
الى ماركس ،وهذا التصور لم أجسسده فسسي مؤلسسف د .دويسسدار ،حقيقسسة ،الشسسكال لربمسسا يعسسود
للطبعات او الترجمة .والنقطة الخرى بهذا الصدد تعود للسبيل او التصسسور الثسسالث ،السسذي
أبداه المؤلف ،ص ،298وهو انني لم احصل على مصادر تؤيد او تناقض ما ذهب اليه د.
ي نسخة من كتسسابه "القتصسساد المصسسري بيسسن التخلسسف
دويدار ،يضاف الى ذلك ل توجد لد ّ
والتطسسوير" –اصسسار دار الجامعسسات المصسسرية – السسسكندرية – ،1980ولسسذلك سسسأترك
الموضوع جانبًا على ان أعود اليه متى توفرت المصادر.
على ما يبدو ان مؤلف د .دويدار "القتصاد السياسي" – الجسسزء الول ،هسسو كتسساب •
تدريسي للطلبة المصريين ،حيسسث يشسسير ص 42فالنتسساج الزراعسسي السسذي تقسسوم بسسه عائلسسة
الفلح في ريفنا المصري ..الخ وفي أكثر من مكان ،فهو معني في التجربة المصرية.
الكتاب صدر عام ،1993وهنالك متغيرات عاصفة حصلت على السسساحة الدوليسسة، •
وخاصة في النظامين الرأسمالي والشتراكي ،ودخلت مفاهيم جديدة ،وفي ميسسادين عديسسدة،
وفي المقدمة منها القتصاد السياسي .لم نجد اي ملمح لها في مؤلف د .دويدار.
الستنساخ للكتاب غير جيد ،وهنالك الكثير من العبارات غير مفهومسسة او تصسسعب •
القراءة ،وبعضها مطبوع بحروف كبيرة وأخرى صغيرة يصعب قراءتها.
هذه الملحظات السريعة ل تفقد الكتاب أهميته الدراسية والجرأة في الطرح ،رغسسم •
ما يكتنفها من غموض.
الخلصة
اتسم مؤلف د .دويدار "مبادئ القتصاد السياسي" بسسالكثير مسسن القسسراءات النقديسسة للمسسدراس الفكريسسة
التي تناولها في كتسسابه ،السسذي احتسسوى علسسى 343صسسفحة .وواضسسح مسسن عرضسسنا هسسذا ان د .دويسسدار
يحاول ان يتعارض مع بعض الراء والمفاهيم ،مع المردسة التجارية والكلسيكية وخارج صسسفوف
المدرسة الحديسسة .كمسسا علينسا الشسارة السى دوره الكسسبير فسي القتصساد المصسسري مسن خلل مؤلفساته
الكثيرة ،يضاف الى منهجيته العلمية ،إل ان اعتقادنا بذلك ل يعني ان د .دويدار ،وهو يطرح أفكاره
الجريئة المستمدة من تجربته المصرية ،ل تضعه في اشكالت ،ول يعني ان نضعه في خانة اليسسسار
المصري ...مثسسل الشسسكال حسسول القسسرون الوسسسطى ،وتميزهسسا عربيسًا او مصسسريًا ،او مسسا جسسرى فسسي
الشارة اليه في الكتاب حول فكرة طريقة النتاج الى فكرة التكوين الجتماعي ،التي نعتقدها بحاجسسة
الى عمق أكبر ،بالشارة منه ،ص ،302ومن هنا كان حرصنا على ابراز المنجيسسة السستي ابتغيناهسسا،
18
والتي ينضح باستخدامها في تحليل المواقف المحددة ،اكثر من ابراز النتائج التي توصلنا اليها ،رغم
حيوية هذه الخيرة .أي انسه يطسرح أفكسساره مسن دون ان ينتظسر النتسائج ،وهنسسا علسى مسا اعتقسسد منبسع
الخطر .غير ان ورود هذه الفكار وغيرها ل يلغي حقيقة ان د .دويدار كان واحدًا من القتصسساديين
المهميسسن فسسي علسسم القتصسساد ،المسسر السسذي يجعلسسه فسسي مقدمسسة القتصسساديين السسذين اغنسسوا القتصسساد
المصري ،الى جانب عدد من القتصاديين المصريين المرمسسوقين منسسذ السسستينات .وهسو يمتلسك سسسعة
أفق ومعارف غنية ،سمحت له بمعالجة عدد من المسائل القتصادية ،ولسسو بعجالسسة ،ولكنهسسا ل تخلسسو
منم التحليل ،ولعل اهمها ،القيمة ونظرية العرض والطلب ،وطرق النتاج ،ولكنسسي لسسم اتوصسسل السسى
اي من المدارس الفكرية ينتمي المؤلف ،بقدر من انسسي وجسسدت ان د .دويسسدار يسسسعى لتشسسكيل تكسسوين
اجتماعي محدد تاريخيًا ،للمجتمع المصري .وهو القائل في المقدمة "ل بسسد ان يكسسون لنسسا منهسسج ناقسسد
يدفع بروحنا الى ان تكون نافذة ويحمينا من وثنية الفكر إيًا كان مصدره".
عباس الفياض
لندن
19