You are on page 1of 26

‫يي ييي يييي‬

‫يي ييييي يييي ي‬


‫ييي ي‬
‫يييييي يييييي يييي ييييي ييييييي‬

‫هي رسالة قيمة كان قد الفها المام‬


‫الحافظ السيوطي رحمه الله ) ‪911 - 849‬‬
‫هجرية( ردا على من سأله عن " ابن‬
‫عربي"‪:‬‬
‫ما حاُله ؟‬
‫و ما الحكم في رجل أمر بإحراق كتبه‬
‫وقال‪ } :‬إنه أكفر من اليهود‪،‬‬
‫والنصارى‪ ،‬ومن أدعى لله ولدا { ؟‬
‫و عنوان الرسالة وما تضمنته من أقوال‬
‫الحفاظ والئمة والعلماء يجد أن المام‬
‫السيوطي يرد فيها على "برهان الدين‬
‫البقاعي " صاحب كتاب ) تنبيه الغبي بتكفير‬
‫ابن عربي ( والله أسأل أن ينفع بنشر هذه‬
‫الرسالة وأن يتقبل منا أعمالنا خالصة مخلصة‬
‫لوجهه الكريم‪.‬‬

‫______________________‬
‫يي ييي يييي‬
‫يي ييييي يييي ي‬
‫ييي ي‬
‫يييييي يييييي يييي ييييي ييييييي‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وكفى‪..‬‬


‫و سلم على عباده الذين اصطفى‪..‬‬
‫وبعد ‪...‬‬
‫ت‪ :‬في " ابن عربي‪ ،‬ما حاله ؟‬‫فقدا سئل ُ‬
‫وفي رجل أمر بإحراق كتبه وقال‪ :‬إنه‬
‫عربي‪:‬ن اليهود‪ ،‬والنصارى‪ ،‬ومن أدعى لله‬
‫ولدا " ؟ فما يلزمه في ذلك ؟‬
‫قد اختلف الناس قديما وحديثا في ابن‬
‫عربي‪:‬‬
‫‪ - 1‬ففرقة تعتقد وليته‪ .‬وهي المصيبة ‪.‬‬
‫و من هذه الفرقة الشيخ تاج الدين بن عطاء‬
‫الله من أئمة المالكية والشيخ عفيف الدين‬
‫اليافعي من أئمة الشافعية‪.‬فإنهما بالغا في‬
‫الثناء عليه‪،‬‬
‫و وصفاه بالمعرفة‪.‬‬
‫‪ - 2‬وفرقة تعتقد ضلله ومنهم طائفة كبيرة‬
‫من الفقهاء‬
‫‪ - 3‬وفرقة شكت في أمره ومنهم الحافظ‬
‫الذهبي في الميزان ‪.‬‬
‫‪ - 4‬وعن الشيخ عز الدين بن عبد السلم‪:‬‬
‫أ ‪ -‬الحط عليه‪.‬‬
‫ب ‪-‬و وصفه بأنه القطب‪.‬‬
‫و الجمع بينهما‪:‬‬
‫ما أشار إليه تاج الدين بن عطاء الله في "‬
‫لطائف المنن "‪:‬‬
‫أن الشيخ عز الدين بن عبد السلم كان في‬
‫أول أمره على طريقة الفقهاء من‬
‫المسارعة إلى النكار على الصوفية‪.‬‬
‫فلما حج الشيخ أبو الحسن الشاذلي ورجع‪،‬‬
‫جاء إلى الشيخ عز الدين قبل أن يدخل بيته‪،‬‬
‫وأقراه السلم من النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ ،‬فخضع الشيخ عز الدين لذلك‪ ،‬ولزم‬
‫مجلس الشاذلي من حينئذ‪ ،‬وصار يبالغ في‬
‫ما فهم طريقتهم على‬ ‫الثناء على الصوفية ل ّ‬
‫وجهها‪.‬‬
‫و صار يحضر معهم مجالس السماع‪.‬‬

‫و قد سئل شيخنا شيخ السلم‪ ،‬بقية‬


‫المجتهدين شرف الدين المناوي عن ابن‬
‫عربي‪ ،‬فأجاب بما حاصله‪:‬‬
‫ت عنه أسلم؛ وهذا هو اللئق بكل‬
‫إن السكو َ‬
‫رع يخشى على نفسه‪.‬‬ ‫و ِ‬
‫َ‬

‫و القول الفصل عندي في ابن عربي‬


‫قَتا أهل العصر‪ :‬ل من‬‫فْر َ‬
‫طريقه ل يرضاها ِ‬
‫يعتقده‪ ،‬ول من يحط عليه‪.‬‬
‫ولَيته ‪ ،‬وتحريم النظر في‬ ‫و هي‪ :‬اعتقادُ ِ‬
‫ك ُت ُِبه ‪.‬‬
‫ل عنه هو أنه قال‪:‬‬ ‫ق َ‬
‫فقد ن ُ ِ‬
‫} نحن قوم يحرم النظر في كتبنا‪ .‬وذلك أن‬
‫الصوفية تواطئوا على ألفاظ اصطلحوا‬
‫عليها‪ ،‬وأرادوا بها معاني غير المعاني‬
‫المتعارفة منها‪.‬‬
‫فمن حمل ألفاظهم على معانيها المتعارفة‬
‫فرهم‪{.‬‬ ‫فر وك ّ‬‫بين أهل العلم الظاهر ك َ‬
‫نص على ذلك الغزالي في بعض كتبه وقال ‪:‬‬
‫إنه شبيه بالمتشابه بالقرآن والسنة‪.‬‬
‫و من حمله على ظاهره كفر‪ ،‬وله معنى‬
‫سوى المتعاَرف عليه منه‪.‬‬
‫فمن حمل آيات الوجه‪ ،‬واليدين‪ ،‬والعين‪،‬‬
‫والستواء‪ ،‬على معانيها المتعارفة كفر‬
‫قطعًا‪.‬‬
‫ف من سوء الحساب‪ ،‬وأن‬ ‫و المتصدي لكتبه تدل أن ابن عربي لم يخ ْ‬
‫يقال له‪:‬‬
‫هل ثبت عندك في نص أنه كافر ؟ فإن قال‪:‬‬
‫} كتبه تدل على كفره {‪َ .‬ألول‪ :‬أن ُيقا َ‬
‫ل‬
‫له‪ :‬هل ثبت عندك بالطريق المقبول في‬
‫نقل الخبار أنه قال هذه الكلمة بعينها ؟‬
‫وأنه قصد بها معناها المتعارف ؟‬
‫عتمد‬ ‫د يُ ْ‬
‫مست َن َ ٍ‬ ‫والول‪ :‬ل سبيل إليه؛ لعدم ُ‬
‫عليه في ذلك‪ .‬ول عبرة بالستفاضة الن‪.‬‬
‫د‬
‫و على تقدير ثبوت أصل الكتاب عنه؛ فل ب ّ‬
‫س‬‫ل كلمة كلمة؛ لحتمال أن ي ُدَ ّ‬ ‫من ثبوت ك ّ‬
‫و أو‬ ‫عدُ ّ‬ ‫في الكتاب ما ليس من كلمه من َ‬
‫حد‪.‬‬‫مل ْ ِ‬
‫ُ‬
‫و هذا " شرح التنبيه " للجيلي ‪ ،‬مشحون‬
‫ذَر‬
‫عت ُ ِ‬‫بغرائب ل تعرف في المذهب‪ .‬وقد ا ْ‬
‫س فيه ما‬ ‫ل بعض العداء د ّ‬ ‫عنه؛ بأنه لع ّ‬
‫أفسده حسدا‪.‬‬

‫والثاني‪ :‬وهو أنه قصد بهذه الكلمة ) كذا (‬


‫ل سبيل إليه أيضا‪.‬‬
‫و من ادعاه كفر؛ لنه من أمور القلب‪ ،‬التي‬
‫لي ّ‬
‫طلع عليها إل الله‪.‬‬
‫و قد سال بعض أكابر العلماء بعض الصوفية‬
‫في عصره‪ :‬ما حملكم على أن اصطلحتم‬
‫ع ظاهُرها ؟‬ ‫ش ُ‬‫ست َب ْ َ‬
‫على هذه اللفاظ التي ي ُ ْ‬
‫دعيه من‬ ‫فقال‪ :‬غيرةً على طريقنا هذا أن ي َ ّ‬
‫ل يحسنه‪ ،‬ويدخل فيه من ليس من أهله‪.‬‬
‫و المتصدي للنظر في كتب ابن عربي‪ ،‬أو‬
‫أقرأها غيره‪..‬لم ينصح نفسه‪ ،‬ول غيره؛ بل‬
‫ضّر نفسه‪ ،‬وضّر المسلمين كل الضرر‪ ،‬ل‬
‫سيما إن كان من القاصرين في علوم‬
‫ضل‪،‬‬ ‫الشرع‪ ،‬والعلوم الظاهرة؛ فإنه ي َ ِ‬
‫ضل‪..‬‬‫وي ُ ِ‬
‫مقرىء عارفا؛‬ ‫و على تقدير أن يكون ال ُ‬
‫فليس من طريق القوم إقراء المريدين كتب‬
‫الصوفية‪ .‬ول يؤخذ هذا العلم من الكتب‪.‬‬
‫و ما أحسن قول بعض الولياء لرجل – وقد‬
‫سأله أن يقرأ عليه " تائية ابن الفارض " –‬
‫فقال له‪:‬‬
‫دع عنك هذا‪..‬‬
‫ع القوم‪ ،‬وسهر سهَرهم‪ ،‬رأى ما‬ ‫جو َ‬
‫من جاع ُ‬ ‫َ‬
‫وا‪..‬‬ ‫َ‬
‫رأ ْ‬
‫فَتى عنه‪:‬‬ ‫و الواجب على الشاب المست َ ْ‬
‫التوبة‪ ،‬والستغفار‪..‬والخضوع لله تعالى‪،‬‬
‫والنابة إليه؛ حذرا ً من أن يكون آذى ولّيا‬
‫لله‪ ،‬فيؤِذن الله بحرب‪.‬‬
‫مم ‪ ،‬فكفاه عقوبة‬ ‫فإن امتنع من ذلك‪ ،‬وص ّ‬
‫الله تعالى عن عقوبة المخلوقين‪.‬‬
‫و ماذا عسى أن يصنع فيه الحاكم أو غيره‪..‬‬
‫هذا جوابي في ذلك‪ .‬والله أعلم‪.‬‬

‫و قد أثنى عليه جماعة منهم‪:‬‬


‫قال الشيخ العارف صفي الدين بن أبي‬
‫المنصور في " رسالته "‪ :‬رأيت بدمشق‬
‫حِيي‬
‫م ْ‬
‫الشيخ المام الوحيد‪ ،‬العالم العامل‪ُ :‬‬
‫الدين بن عربي‪.‬‬
‫و كان من أكبر علماء الطريق‪ ،‬جمع بين‬
‫سائر العلوم الك َ ْ‬
‫سب ِّية‪ ،‬وما قرأ من العلوم‬
‫الوهبية‪.‬و شهرته عظيمة‪ ،‬وتصانيفه كثيرة‪.‬‬
‫وكان غلب عليه التوحيد علما وخلقا‪..‬‬
‫ضا‪ ،‬وله‬ ‫معر ً‬
‫ل يكترث الوجود مقبل كان أو ُ‬
‫أتباع علماء‪ ،‬أرباب مواجيد‪ ،‬وتصانيف‪ ،‬وكان‬
‫بينه وبين سيدي أبي العباس الحرار إخاء‬
‫ورفقة في السياحات – رضي الله عنهما –‬
‫آمين‪.‬‬

‫و قال في موضع آخر من " الرسالة "‪:‬‬


‫كتب الشيخ محيي الدين بن عربي كتابا من‬
‫دمشق إلى أبي العباس الحرار قال فيه‪:‬‬
‫يا أخي أخبرني بما تجده لك من الفتح‪.‬‬
‫فقال لي الشيخ‪ :‬اكتب‪ :‬جرت أمور غريبة‬
‫النظر‪ ،‬عجيبة الخبر‪.‬‬
‫ي بها بباطنك‬ ‫ُفكتب إليه ابن عربي‪ :‬توجه إل ّ‬
‫أجْبك عنها بباطني‪ .‬فعّز ذلك على الشيخ‬
‫شهدت الولياء‬ ‫منه‪ ،‬وقال لي‪ :‬اكتب له‪ :‬أ ُ ْ‬
‫دائرة مستديرة في وسطها اثنان‪ :‬أحدهما –‬
‫الشيخ أبو الحسن بن الصباغ‪ .‬والخر – رجل‬
‫أندلسي‪.‬فقيل لي‪ :‬أحد هذين هو " الغوث "‪،‬‬
‫ققته‪،‬‬‫فرفع الندلسي رأسه أول فتح ّ‬
‫فوقفت إليه‪ ،‬وسألته سؤال بغير حرف ول‬
‫صوت‪ ،‬فأجابني بنفثة نفَثها‪ ،‬فأخذت منه‬
‫جوابي‪ ،‬وسرت لسائر دائرة الولياء‪ ،‬أخذ‬
‫منها كل ولي بقسطه‪.‬‬
‫فإن كنت يا أخي بهذه المثابة‪ ،‬تحدثت معك‬
‫عن مصر‪ .‬فلم يعد يكتب له من ذلك شيئا‪.‬‬

‫و قال الشيخ عبد الغفار القوصي في كتابه‬


‫" الوحيد "‪.‬‬
‫قال‪ :‬حدثني الشيخ عبد الغفار المنوفي‬
‫خادم الشيخ محيي الدين بن عربي قال‪:‬كان‬
‫ه‪ ،‬وهو سلكت ل‬ ‫الشيخ يمشي‪ ،‬وإنسان يسب ُ‬
‫يرد عليه‪.‬‬
‫فقفقال‪ :‬سيدي‪ ،‬ما تنظر إلى هذا ؟ ‪،‬‬
‫فققلت‪ :‬لمن يقول ؟ ‪ ،‬فقال‪:‬قول لك‪.‬‬
‫فقال‪ :‬ما يسبني أنا‪ ،‬قلت‪ :‬كيف ؟‬
‫ورت له صفات ذميمة؛ فهو‬ ‫قال‪ :‬هذا تص ّ‬
‫يسب تلك الصفات‪ ،‬وما أنا موصوف بها‪.‬‬
‫قال الشيخ عبد الغفار‪:‬‬
‫و لقد حكى لي الشيخ عبد العزيز عن ابن‬
‫وغيره‪ ،‬مع‬ ‫عربي حكايات من هذا الجنس‬
‫ما يتكلم الناس فيه‪ ،‬ونسبوه إلى الكفر‬
‫بألفاظ وجدوها في الكتب وما تأولوها‪.‬‬

‫قال‪ :‬وحكى لي الشيخ عبد العزيز‪ :‬أن‬


‫شخصا ً كان بدمشق‪ ،‬فرض على نفسه أن‬
‫عقب كل صلة‬ ‫يلعن ابن عربي كل يوم َ‬
‫عشر مرات‪ ،‬فاتفق لنه مات‪ ،‬وحضر ابن‬
‫عربي مع الناس جنازته‪ ،‬ثم رجع وجلس في‬
‫بيت بعض أصحابه‪ ،‬وتوجه إلى القبلة‪ ،‬فلما‬
‫ضَر إليه الغداء‪ ،‬فلم‬ ‫ُ‬
‫ح ِ‬
‫جاء وقط الغداء أ ْ‬
‫يأكل‪ ،‬ولم يزل على حاله متوجها‪ ،‬يصلي‬
‫الصلوات‪ ،‬ويتوجه إلى ما بعد العشاء الخرة‪،‬‬
‫فالتفت وهو مسرور‪ ،‬وطلب الطعام‪ ،‬فقيل‬
‫له في ذلك‪ ،‬فقال‪ :‬اْلتزمت مع الله أل ّ آكل‬
‫ول أشرب حتى يغفر لهذا الرجل الذي كان‬
‫يلعنني‪ ،‬فبقيت كذلك‪ ،‬وذكرت له سبعين‬
‫ألف >> ل إله إل الله <<‪ ،‬ورأيته وقد‬
‫غفر له‪.‬‬

‫قال الشيخ عبد الغفار‪:‬‬


‫و حكى لي الشيخ عبد العزيز عنه حكايات‬
‫تدل على عظم شأنه‪ ،‬وكشف إطلعه قال‪:‬‬
‫وحكى المام محب الدين الطبري شيخ‬
‫الحرم بمكة عن والدته – وكانت من‬
‫الصالحات – أنها ربما أنكرت على ابن عربي‬
‫كلما ً قاله في معنى " الكعبة "‪.‬‬
‫قالت ‪ :‬فرأيت الكعبة تطوف بابن عربي ‪.‬‬

‫و قال‪ :‬وقد كان وقع بين الشيخ عز الدين‬


‫بن عبد السلم‪ ،‬وبين الشيخ محيي الدين بن‬
‫عربي‪.‬‬
‫أخبر الشيخ عبد العزيز ذلك؛ لن الشيخ عز‬
‫الدين كان ينكر ظاهر الحكم‪.‬‬
‫و حكى عن خادم الشيخ عز الدين أنه دخل‬
‫إلى الجامع بدمشق‪ ،‬فقال "الخادم" للشيخ‬
‫ري َِني >>‬
‫عز الدين‪ :‬أنت وعدتني أن ت ُ ِ‬
‫القطب <<‪.‬‬
‫فقال له‪ :‬ذلك هو >> القطب <<‪ ،‬وأشار‬
‫إلى ابن عربي وهو جالس‪ ،‬والحلقة عليه‪.‬‬
‫فقال له‪ :‬يا سيدي وأنت تقول فيه ما تقول‬
‫؟‬
‫فقال‪ :‬هو >> القطب <<‪.‬‬
‫فكرر عليه القول‪ ،‬وهو يقول ذلك‪.‬‬
‫فإن لم يكن >> القطب << فل معارضة‬
‫في قول الشيخ عز الدين؛ لنه إنما يحكم‬
‫عليه بما يبدو من أموره الظاهرة‪ ،‬وحفظ‬
‫سياج الشر ع‪.‬‬
‫و السرائر أمرها إلى الله تعالى يفعل فيها‬
‫طلع على محله ورتبته‪ ،‬فل‬ ‫ما يشاء‪ ،‬فقد ي ّ‬
‫ينكرهما‪.‬‬
‫و إذا بدا في الظاهر شيء مما ل بعهده‬
‫الناس في الظاهر أنكره حفظا لقلوب‬
‫الضعفاء‪ ،‬ووقوفا ً مع ظاهر الشر ع‪ ،‬وما‬
‫ه‪ ،‬وهذا‬ ‫مح ّ‬
‫ق ُ‬ ‫كلف به‪ ،‬فيعطي هذا المقا َ‬
‫ه‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬ ‫ح ّ‬
‫ق ُ‬
‫هذا كلم الشيخ عبد الغفار في جمعه بين‬
‫ابن‬ ‫مقالتي الشيخ عز الدين في حق‬
‫عربي‪.‬‬
‫و عندي في الجمع أحسن من ذلك‪ ،‬وهو ما‬
‫أشار إليه الشيخ تاج الدين بن عطاء الله–‬
‫نفعنا الله به ‪:-‬‬
‫ول على طريقة‬ ‫أن الشيخ عز الدين كان أ ّ‬
‫غالب الفقهاء من المسارعة إلى النكار‬
‫على >> الصوفية <<‪.‬‬
‫فلما حج الشيخ أبو الحسن الشاذلي ورجع‪،‬‬
‫وأقرأه السلم من النبي صلى الله عليه‬
‫سن اعتقاده في الصوفية‪ ،‬ولزم‬ ‫وسلم ح ُ‬
‫مجالسهم بعد ذلك؛ فالظاهر أن إنكاره على‬
‫ابن عربي كان في أول أمره لما كان‬
‫الشيخ عز الدين أول ً بدمشق‪.‬‬
‫و ثناؤه عليه كان بعد ذلك في آخر أمره‪.‬‬

‫قال الشيخ عبد الغفار‪:‬‬


‫و قد حكى الثقة عن ابن عربي أن شخصا‬
‫وكان الشيخ‬ ‫طلع وهو بغرفة بدمشق‪،‬‬
‫عز الدين حاضرا ً عنده‪ ،‬فقال له ذلك‬
‫الشخص‪ :‬إني أقصد الجهة الفلنية‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫ل يأخذوك العرب‪.‬‬
‫فقال‪ :‬ل ب ُدّ لي من السفر‪.‬‬
‫فنزل‪ ،‬فإذا الشيخ يقول‪ :‬هذا البدوي خرج‬
‫عليه‪ ،‬وأخذ ثيابه‪ ،‬وها هو قد رجع‪ ،‬وجعل‬
‫يقول‪ :‬ها هو‪ ..‬إلى أن قال‪ :‬يا فلن‪ ،‬قال‪:‬‬
‫نعم‪ .‬فطلع علينا عريانا ً ونحن جلوس مكاننا‪.‬‬
‫قال الشيخ عبد الغفار‪ :‬وهذا كشف صريح‪.‬‬
‫ي الحال في الحاكي‪:‬‬ ‫قال‪:‬و قد اشتبه عل ّ‬
‫هل هو القاضي جلل الدين ابن السبكي‬
‫عن قاضي القضاة وجيه الدين البهنسي أم‬
‫هو الشيخ عبد العزيز ؟‬
‫قال‪ :‬وكلهما إذا حكيا سواء‪.‬‬

‫و قال اليافعي في )) الرشاد ((‪:‬‬


‫اجتمع الشيخان المامان العارفان‬
‫المحققان الربانيان‪ :‬الشيخ شهاب الدين‬
‫وْردي‪.‬‬
‫هر َ‬
‫س ْ‬
‫ال ّ‬
‫و الشيخ محيي الدين بن عربي‪-‬رضي الله‬
‫عنهما ‪ -‬فأطرق كل واحد منهما ساعة‪ ،‬ثم‬
‫افترقا من غير كلم‪.‬‬
‫فقيل لبن عربي‪ :‬ما تقول في الشيخ‬
‫شهاب الدين ؟‪.‬‬
‫ة من َ‬
‫قرنه إلى قدمه‪..‬‬ ‫قال‪ :‬مملوء سث ّ ً‬
‫فقيل للسهر وردي ما تقول في الشيخ‬
‫محيي الدين ؟‬
‫فقال‪ :‬بحر الحقائق‪.‬‬

‫و بلغني عن بعض الشيوخ الكبار العارفين‪:‬‬


‫أنه كان يقرأ عليه أصحاُبه كلم ابن عربي‬
‫ويشرحه‪ ،‬فلما حضرته الوفاة‪ ،‬نهاهم عن‬
‫مطالعة كتب ابن عربي‬
‫وقال‪ :‬أنتم ما تفهمون مراده‪ ،‬ومعاني‬
‫كلمه‪.‬‬

‫و سمعت أن الشيخ عز الدين بن عبد السلم‬


‫كان يطعن في ابن عربي‬
‫زنديق‪.‬‬
‫و يقول‪ :‬هو ِ‬
‫ريني‬ ‫فقال له يوما ً بعض أصحابه‪ :‬أريد أن ت ُ ِ‬
‫القطب‪..‬‬
‫فأشار إلى ابن عربي وقال‪ :‬هذاك هو‪..‬‬
‫فقيل له‪ :‬فأنت تطعن فيه ؟‪.‬‬
‫ن ظاهر الشرع‪ ،‬أو كما قال‬ ‫فقال‪ :‬حتى أصو َ‬
‫‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬أخبرني بذلك غير واحد ما‬
‫بين مشهور بالصلح‪ ،‬والفضل‪ ،‬ومعروف‬
‫بالدين ثقة عدل‪ ،‬من أهل الشام‪ ،‬ومن أهل‬
‫ريني‬ ‫مصر‪ .‬إل أن بعضهم روى‪ >> :‬أن ت ُ ِ‬
‫ريني‬ ‫وليا ً <<‪ .‬وبعضهم روى >> أن ت ُ ِ‬
‫القطب <<‪.‬‬

‫و قد مدحه طائفة‪ ،‬وع ّ‬


‫ظمه طائفة من‬
‫شيوخ الطريقة‪ ،‬وعلماء الحقيقة‪..‬كالشيخ‬
‫الحريري والشيخ نجم الدين الصبهاني‬
‫والشيخ تاج الدين ابن عطاء الله‪ .‬وغيرهم‬
‫ممن يكثر عددهم‪ ،‬ويعلو مجدهم‪.‬‬

‫و طعن فيه طائفة ل سيما من الفقهاء‪.‬‬

‫و توقف فيه طائفة‪.‬‬

‫ت‪ :‬ما ُنقل ونسب إلى المشائخ ‪ -‬رضي‬ ‫قل ُ‬


‫الله عنهم ‪ -‬مما يخالف العلم الظاهر‪ ،‬فله‬
‫محامل‪:‬‬
‫ح‬‫ييييي ‪ -‬أّنا ل ُنسّلم نسبته إليهم حتى يص ّ‬
‫عنهم‪.‬‬
‫ل‬‫مس له تأوي ٌ‬ ‫يييييي ‪ -‬بعد الصحة ي ُل ْت َ َ‬
‫يوافق‪..‬‬
‫ل له تأويل ً‬ ‫فإن لم يوجد له تأويل قيل‪ :‬ل َ َ‬
‫ع ّ‬
‫عند أهل العلم الباطن العارفين بالله تعالى‪.‬‬
‫يييييي ‪ -‬صدور ذلك عنهم في حال السكر‬
‫سكرا ً مباحا ً غير مؤاخذ؛‬ ‫ن ُ‬
‫سكرا ُ‬‫والغيبة‪ ،‬وال َ‬
‫لنه غير مكلف في ذلك الحال‪ .‬فسوء الظن ّ‬
‫بهم بعد هذه المخارج من عدم التوفيق‪.‬‬
‫نعوذ بالله من الخذلن‪ ،‬وسوء القضاء‪ ،‬ومن‬
‫جميع أنواع البلء‪.‬‬

‫وقال أيضا ‪ -‬في موضع آخر ‪ -‬من‬


‫)) الرشاد ((ما نصه‪ :‬قال شيخ الطريقة‪،‬‬
‫وبحر الحقيقة محيي الدين بن عربي ‪ -‬رضي‬
‫الله عنه ‪ -‬كنت أنا وصاحب لي في المغرب‬
‫القصى بساحل البحر المحيط‪ ،‬وهناك‬
‫مسجد يأوي إليه >> البدال <<‪ ،‬فرأيت أنا‬
‫وصاحبي رجل ً قد وضع حصيرا ً في الهواء‬
‫على مقدار أربعة أذرع من الرض وصلى‬
‫عليه فجئت أنا وصاحبي حتى وقفت تحته‪،‬‬
‫وقلت‪:‬‬
‫ب بسّره *** في‬ ‫ب عن الحبي ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫غ َ‬
‫ل الم ِ‬ ‫ش ِ‬‫ُ‬
‫خره‬ ‫خلق الهواء وس ّ‬ ‫من َ‬‫ب َ‬ ‫ح ّ‬
‫عن‬ ‫***‬ ‫عقوُلهم معقول ٌ‬
‫ة‬ ‫العارفون ُ‬
‫هره‬ ‫مط َ ّ‬
‫ل كون ترتضيه ُ‬ ‫ك ّ‬
‫***‬ ‫م لديه مكّرمون وعنده‬ ‫فه ُ‬
‫هره‬ ‫مط َ ّ‬‫أسراُرهم محفوظة و ُ‬

‫قال‪ :‬فأوجز في صلته‪ ،‬وقال‪ :‬إنما فعلت‬


‫كر الذي معك‪ ،‬وأنا >> أبو‬ ‫من ْ ِ‬
‫هذا لجل ال ُ‬
‫العباس الخضر <<‪.‬‬
‫قال‪:‬و لم أكن أعلم أن صاحبي ينكر كرامات‬
‫ت إليه‪،‬‬
‫ف ّ‬‫الولياء‪ ،‬فالت َ‬
‫وقلت‪ :‬يا فلن‪ ،‬أكنت تنكر كرامات‬
‫الولياء ؟؟‬
‫قال ‪:‬نعم‪.‬‬
‫قلت‪ :‬فما تقول الن ؟‬
‫قال‪ :‬ما بعد العيان ما يقال‪.‬‬

‫وقال أيضا‪ :‬دعانا بعض الفقراء إلى دعوة‬


‫ب"يييي يييييييي" بمصر‪ ،‬فاجتمع بها‬
‫جماعة من المشايخ‪ ،‬فقدم الطعام‪ ،‬وعجرت‬
‫الوعية‪ ،‬وهناك وعاء زجاج جديد‪ ،‬قد اتخذ‬
‫للبول‪ - ،‬ولم يستعمل بعد ‪ -‬فغرف فيه رب‬
‫المنزل الطعام‪ ،‬فالجماعة يأكلون‪،‬‬
‫وإذا الوعاء يقول‪ :‬منذ أكرمني الله بأكل‬
‫هؤلء السادة مني ل أرضى لنفسي أن‬
‫أكون بعد ذلك محل ً للذى‪ ،‬ثم انكسر‬
‫نصفين‪.‬‬
‫قال‪:‬فقلت للجميع‪ :‬سمعتم ما قال الوعاء ؟‬
‫قالوا‪:‬نعم‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ما سمعتم ؟‬
‫قال‪:‬فأعاد القول الذي تقدم‪.‬‬
‫قال‪ :‬فقلت‪:‬قال قول ً غير ذلك‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وما هو ؟‪.‬‬
‫كرة ‪ ،‬قد أكرمها‬ ‫من ْ ِ‬
‫قلت ‪ :‬قال كذلك قلوبكم ُ‬
‫الله تعالى باليمان ‪ ،‬فل ترضوا بعد ذلك أن‬
‫تكون محل ً لنجاسة المعصية ‪ ،‬وحب الدنيا ‪..‬‬
‫أورد هاتين الحكايتين عن ابن عربي‪:‬‬
‫) ‪ ( 1‬الشيخ تاج الدين بن عطاء الله في ))‬
‫لطائف المنن ((‬
‫) ‪ ( 2‬والعلمة قاضي القضاة شرف الدين‬
‫البارزي في كتابه )) توثيق عرى اليمان ((‪.‬‬

‫و قال الحافظ محب الدين بن النجار في‬


‫)) ذيل تاريخ بغداد ((‪:‬‬
‫محمد بن علي بن محمد بن عربي أبو عبد‬
‫الله الطائي من أهل الندلس‪.‬‬
‫ذكر لي أنه ولد بمرسية في ليلة الثنين‬
‫سابع عشر من رمضان سنة ستين‬
‫وخمسمائة‪.‬‬
‫و نشأ بها‪ ،‬وانتقل إلى أشبيلية في سنة‬
‫ثمان وسبعين‪ ،‬فأقام بها إلى سنة ثمان‬
‫وتسعين‪.‬‬
‫ثم دخل بلد الشرق‪ ،‬وطاف بلد الشام‪،‬‬
‫ودخل بلد الروم‪.‬‬
‫و كان قد صحب الصوفية‪ ،‬وأرباب القلوب‪،‬‬
‫وسلك طريق القوم‪ ،‬وحج وصنف كتبا ً في‬
‫علوم القوم‪ ،‬وفي أخبار مشايخ الغرب‪،‬‬
‫هادها‪ ،‬وله أشعار حسنة‪ ،‬وكلم مليح‪.‬‬ ‫وُز ّ‬
‫اجتمعت به بدمشق‪ ،‬وكتبت عنه أشياء من‬
‫دث‬‫شعره‪ ،‬ونعم الشيخ هو‪ .‬دخل بغداد‪ ،‬وح ّ‬
‫بها بشيء من مصنفاته‪ ،‬وكتب عنه الحافظ‬
‫أبو عبد الله بن الدبيثي‪.‬‬
‫و من شعره ما أنشدني لنفسه قوله‪:‬‬
‫***‬ ‫أيا حائًرا ما بين علم وشهوة‬
‫ليتصـل مـا بيـن ضديـن مـن وصـل‬
‫و من لم يكن مستنشق الريح لم يكن ***‬
‫يرى الفضل للمسك العتيق على الزبل‬

‫ي الحافظ ضياء الدين المقدسي‪ :‬إن‬ ‫كتب إل ّ‬


‫ابن العربي توفي ليلة الجمعة الثاني‬
‫والعشرين من ربيع الخر سنة ثمان وثلثين‬
‫وستمائة‪.‬‬

‫و منهم قاضي القضاة الع ّ‬


‫لمة سراج الدين‬
‫الهندي الحنفي أحد أئمة الحنفية‪ ،‬وقاضي‬
‫القضاة بالديار المصرية‪ ،‬وصاحب‬
‫وشرح‬ ‫المصنفات‪ :‬كشرح الهداية‪،‬‬
‫المغني‪.‬‬
‫كان يتعصب لبن عربي‪ ،‬وابن الفارض‪.‬‬
‫حا على تائية ابن الفارض‪ ،‬وعّزر‬
‫و ألف شر ً‬
‫ابن أبي حجلة لكلمه فيه‪.‬‬

‫و منهم الشيخ ولي الدين محمد بن أحمد‬


‫المّلوي أحد علماء الشافعية‪.‬‬
‫فا بالتفسير والفقه‪ ،‬والصول‪،‬‬ ‫كان عار ً‬
‫والتصوف‪ ،‬ألف عدة تصانيف على طريقة‬
‫ابن عربي‪ ،‬ومات في ربيع الول سنة أربع‬
‫وحضر جنازته‬ ‫وسبعين وسبعمائة‪،‬‬
‫فا‪.‬‬‫ثلثون أل ً‬
‫و حكى أنه قال عند موته‪ >> :‬حضرت‬
‫ملئكة ربي‪ ،‬وبشروني‪ ،‬وأحضروا لي ثياًبا‬
‫من الجنة‪ ،‬فانزعوا عني ثيابي؛ فنزهوها‪،‬‬
‫سُروُره‪،‬‬
‫فقال‪ :‬أرحمتموني <<‪ ،‬ثم زاد ُ‬
‫ومات في الحال‪.‬‬

‫و منهم أبو ذر أحمد بن عبد الله العجمي أحد‬


‫من كان يشغل الناس في المعقول‪.‬‬
‫ذكر الحافظ بن حجر في )) إنباء الغمر ((‬
‫أنه كان يدرس كتب ابن عربي‪ ،‬وأنه كان‬
‫للناس فيه اعتقاد‪ ،‬ومات سنة ثمانين‬
‫وسبعمائة‪.‬‬

‫ومنهم الشيخ بدر الدين أحمد بن الشيخ‬


‫شرف الدين محمد بن فخر الدين بن‬
‫الصاحب بهاء الدين بن حنا المشهور‬
‫ب>>البدر بن الصاحب <<‪.‬‬
‫قال ابن حجر‪ :‬تفقه‪ ،‬ومهر في العلوم‪،‬‬
‫وألف تواليف‪ .‬وكان يحسن الظن بتصانيف‬
‫ابن عربي ويصرح بالنقل منها‪.‬‬
‫مات سنة ثمان وثمانين وسبعمائة‪.‬‬
‫و منهم الشيخ شمس الدين محمد بن‬
‫إبراهيم بن يعقوب المعروف ب >> شيخ‬
‫الوضوء <<‪.‬‬
‫قال ابن حجر‪ :‬كان يقرأ السبع‪ ،‬ويشارك‬
‫في الفضائل‪ ،‬وينظر في كلم ابن عربي‪.‬‬
‫و قال ابن حجر‪ :‬تفقه بوالدي وغيره‪ ،‬وأذن‬
‫له من خطيب أبيورد بالفتاء‪ ،‬وكان التاج‬
‫السبكي يثني عليه وكان حسن الفهم‪ ،‬جيد‬
‫المناظرة‪ ،‬وسلك طريق التصوف‪.‬‬
‫و كان يعتقد أن ابن عربي مات سنة تسعين‬
‫وسبعمائة‪.‬‬

‫و منهم أبو عبد الله محمد بن سلمة‬


‫التوزري المغربي‪.‬‬
‫قال ابن خلكان‪ :‬كان فاضل في الصول‬
‫والفقه‪ ،‬داعية إلى مقالة ابن عربي‪ ،‬يناضل‬
‫عنها‪ ،‬ويناظر عليها‪ ،‬مات سنة ثمانمائة‪.‬‬

‫و منهم الشيخ نجم الدين الباهي‪.‬‬


‫جي‪ :‬كان أفضل الحنابلة بالديار‬ ‫قال ابن ح ّ‬
‫المصرية‪ ،‬وأحقهم بولية القضاء‪.‬‬
‫ه نظر في كلم ابن‬ ‫قال ابن حجر‪ :‬وكان ل ُ‬
‫عربي‪ .‬وقد درس وأفتى‪ ،‬مات سنة اثنتين‬
‫وثمانمائة‪.‬‬

‫و منهم شمس الدين محمد بن أحمد‬


‫الصوفي المعروف ب >> لبن نجم << نزيل‬
‫مكة‪.‬‬
‫قال ابن حجر‪ :‬تسلك على يد الشيخ يوسف‬
‫العجمي‪ ،‬وتجرد‪ ،‬وكان كثير العبادة‪.‬‬
‫قال ابن حجر‪ :‬كان على طريقة ابن عربي‪.‬‬
‫مات سنة إحدى وثمانمائة‪.‬‬

‫و منهم الشيخ إسماعيل بن إبراهيم‬


‫الجبرتي ثم الزبيدي‪.‬‬
‫قال ابن حجر‪ :‬تعانى الشتغال‪ ،‬ثم تصوف‪،‬‬
‫سمت‪ ،‬محبا في‬ ‫وكان خّيرا عابدا‪ ،‬حسن ال ّ‬
‫مقالة ابن عربي‪ ،‬مات سنة ست وثمانمائة‪.‬‬

‫و منهم العلمة مجد الدين الشيرازي صاحب‬


‫القاموس‪.‬‬
‫قال ابن حجر‪ :‬لما اشتهرت باليمن مقالة‬
‫ابن عربي‪ ،‬ودعا إليها الشيخ إسماعيل بن‬
‫إبراهيم الجبرتي‪ ،‬وغلبت على علماء تلك‬
‫البلد صار الشيخ مجد الدين ُيدخل في شرح‬
‫البخاري من كلم ابن عربي‪.‬‬

‫و منهم علء الدين أبو الحسن بن سلم‬


‫الدمشقي الشافعي‪.‬‬
‫مصّنفيهم‪.‬‬ ‫أحد أئمة الشافعية بالشام‪ ،‬و ُ‬
‫صرة مقالة‬‫قال ابن حجر‪ :‬كان ينسب إلى ن ُ ْ‬
‫ابن عربي‪ ،‬ويتخيل لها تأويلت‪ ،‬وكانت‬
‫وفاته سنة تسع وعشرين وثمانمائة‪.‬‬

‫و منهم قاضي القضاة شمس الدين‬


‫البساطي المالكي‪.‬‬
‫ذكر ابن حجر في حوادث سنة إحدى وثلثين‬
‫وثمانمائة أنه حضر معه عند الشيخ علء‬
‫الدين البخاري‪ ،‬فجرى ذكر ابن عربي‪ ،‬فبالغ‬
‫الشيخ علء الدين في ذمه‪ ،‬وتكفير من‬
‫يقول بمقالته؛‬
‫فانتصر له البساطي‪ ،‬وقال‪ :‬إنما ينكر‬
‫الناس عليه ظاهر اللفاظ التي يقولها‪،‬‬
‫وإل فليس في كلمه ما ينكر‪ ،‬إذا حمل‬
‫ب من التأويل‪.‬‬ ‫ضْر ٍ‬‫لفظه على مراده‪ ،‬و َ‬
‫و كان من جملة كلم الشيخ علء الدين‪:‬‬
‫النكار على من يعتقد الوحدة المطلقة‬
‫و كان من جملة كلم البساطي‪:‬أنتم‬
‫تعرفون الوحدة المطلقة ؟ ‪،‬‬
‫فاستشاط البخاري غضًبا‪ ،‬وأقسم بالله إن‬
‫ي من القضاء‬ ‫لم يعزل السلطان البساط ّ‬
‫ن من مصر‪.‬‬ ‫ليخرج ّ‬
‫و التمس من كاتب السّر أن يسأل السلطان‬
‫م السلطان أن يوافقه‪ ،‬وأراد‬ ‫في ذلك‪ ،‬فه ّ‬
‫أن يقرر الشهاب بن تقي مكان البساطي‪،‬‬
‫ُ‬
‫ه‪ ،‬ثم بطل‬ ‫خل َ ُ‬
‫ع ُ‬ ‫ضرت ِ‬ ‫وأح ِ‬ ‫فُاحضر‪،‬‬
‫ذلك المجلس‪.‬‬
‫ت‪ :‬هذا من بركة النتصار لولياء الله‬ ‫قل ُ‬
‫تعالى ! واستمر البساطي في منصبه‪ ،‬ولم‬
‫يتفق له عزل قط إلى أن مات بعد إحدى‬
‫عشرة ليلة من هذه الواقعة‪.‬‬

‫و ذكر البرهان الرقاعي في )) معجمه ((‬


‫حكى لي الشيخ تقي الدين أبو بكر بن أبي‬
‫الوفاء القدسي الشافعي قال – وهو أمثل‬
‫الصوفية في زماننا – قال‪:‬‬
‫ي بقراءة كتب‬ ‫كان بعض الصدقاء يشير عل ّ‬
‫ابن عربي ونحوها من أنظارها‪.‬‬
‫ت الشيخ‬ ‫و بعضهم يمنع مني ذلك‪ ،‬فاستشر ُ‬
‫يوسف المام الصفدي في ذلك‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫اعلم يا ولدي – وفقك الله – أن هذا العلم‬
‫المنسوب لبن عربي ليس بمخَترع له‪ ،‬وإنما‬
‫هو كان ماهًرا فيه‪ ،‬وقد ادعى أهله أنه ل‬
‫دعاهم‪،‬‬ ‫م ّ‬
‫يمكن معرفته إل بالكشف فإذا صح ُ‬
‫فل فائدة في تقريره؛ لنه إذا كان المقّرر‪،‬‬
‫والمقرر له مطلعين؛ فالتقرير تحصيل‬
‫الحاصل‪.‬‬
‫دهما فتقريره ل ينفع‬ ‫ع أح َ‬
‫و إن كان المطل ُ‬
‫الخر‪ .‬وإل فإنهما يخبطان خبط عشواء !!‬
‫فسبيل العارف عدم البحث عن هذا العلم‪،‬‬
‫وعليه المعول‪ ،‬والسلوك فيما يوصل إلى‬
‫الكشف عن الحقائق‪ .‬ومتى كشف له عن‬
‫شيء علمه‪ ،‬ومشى في أعلى سند‪.‬‬
‫ت الشيخ زين الدين الخافي‬ ‫قال‪ :‬ثم استشر ُ‬
‫بعد أن ذكرت له كلم الشيخ يوسف‪،‬‬
‫فقال‪ :‬كلم الشيخ يوسف حسن‪ .‬وأزيدك‬
‫ذب‪،‬‬ ‫أن العبد إذا تخّلق‪ ،‬ثم تحقق‪ ،‬ثم ُ‬
‫ج ِ‬
‫اضمحلت ذاته‪ ،‬وذهبت صفاته‪ ،‬وتخلص من‬
‫سوى‪ ،‬فعند ذلك تلوح له بروق الحق‬ ‫ال ّ‬
‫بالحق‪ ،‬فيطلع على كل شيء‪ ،‬ويرى الله‬
‫عند كل شيء‪ ،‬فيغيب بالله عن كل شيء ول‬
‫يرى شيئا سواه‪ ،‬فيظن أن الله عين كل‬
‫شيء وهذا أول المقامات‪.‬‬
‫فإذا ترقى عن هذا المقام وأشرف على‬
‫ضده التأييد اللهي‪ ،‬رأى‬ ‫مقام أعلى منه‪ ،‬وع ّ‬
‫أن الشياء كلها فيض وجوده تعالى‪ ،‬ل عين‬
‫وجوده‪ ،‬فالناطق حينئذ بما ظنه في أول‬
‫مقام إما محروم ساقط‪ ،‬وإما نادم تائب‪..‬‬
‫} وربك يخلق ما يشاء ويختار { القصص ‪/‬‬
‫‪.68‬‬

‫فإن قلت‪ :‬فهذا الشيخ ولي الدين العراقي‬


‫قد قال في فتاويه‪ :‬قد بلغني عن الشيخ‬
‫المام علء الدين القونوي أنه قال في مثل‬
‫ذلك‪ :‬إنما يؤول كلم المعصومين !‬
‫ت‪ :‬هذا منقوض بأمرين‪:‬‬‫قل ُ‬

‫أحدهما‪ :‬أن القونوي قد فعل خلف ذلك‬


‫في كتابه)) شرح التعرف ((‪ ،‬فنقل عن ابن‬
‫عربي وغيره كلمات ظاهرها المنافاة‬
‫للشرع‪ ،‬ثم تأولها وخرجها على أحسن‬
‫المحامل؛ فهذا منه إما دليل على بطلن ما‬
‫نقل عنه من عدم التأويل‪ ،‬أو رجوع عنه‪.‬‬

‫و الثاني‪ :‬إن كلم القونوي لو ثبت أنه‬


‫قاله‪ ،‬ولم يقل خلفه في )) شرح‬
‫ل منه‪،‬‬‫ج ّ‬
‫من هو أ َ‬
‫عاَرض بقول َ‬‫م َ‬
‫التعرف (( ُ‬
‫وهو شيخ السلم ولي الله تعالى محيي‬
‫الدين النووي؛ فإنه نص في كتابه )) بستان‬
‫العارفين(( على خلف قول القونوي؛‬
‫فقال بعد أن حكى عن " أبي الخير‬
‫الّتـــَناتي " حكاية ظاهرها النكار‪ .‬ما نصه‪:‬‬
‫} قلت‪ :‬قد يتوهم من يتشبه بالفقهاء ول‬
‫أبي الخير هذا‪،‬‬ ‫فقه عنده أن ينكر على‬
‫وهذه جهالة وغباوة ممن يتوهم ذلك‪،‬‬
‫وجسارة منه على إرسال الظنون في أفعال‬
‫أولياء الرحمن‪.‬‬
‫فليحذر العاقل من التعرض لشيء من ذلك‪،‬‬
‫بل حقه إذا لم يفهم حكمهم المستفادة‪،‬‬
‫ولطائفهم المستجادة‪ ،‬أن يتفهمها ممن‬
‫يعرفها‪ ،‬وكل شيء رأيته من هذا النوع مما‬
‫هم من ل تحقيق عنده أنه مخالف‪ ،‬ليس‬ ‫و ّ‬
‫يت َ َ‬
‫مخالفا ً بل يجب تأويل أفعال أولياء الله‬
‫تعالى‪.‬‬
‫هذا كلم النووي بحروفه‪.‬‬

‫و لبن عربي هذا ولد مشهور‪ ،‬فقيه أديب‬


‫يسمى‪ :‬سعد الدين محمد بن العربي‪ .‬شعره‬
‫مشهور في)) تذكرة الصلح الصفدي ((‪.‬‬
‫وغيره‪.‬‬
‫و قد روى من شعره الحافظ شرف الدين‬
‫الدمياطي في )) معجمه((‪،‬‬
‫وقال‪ :‬محمد بن محمد بن علي بن محمد‬
‫بن أحمد أبو عبد الله بن أبي عبد الله‬
‫الطائي الحاتمي المغربي المحتد‪ ،‬الدمشقي‬
‫المولد‪ ،‬الشافعي الفقيه الديب المعروف‬
‫بابن العربي‪ ،‬والمنعوت بالسعد – رضي الله‬
‫عنه وعن والده ‪ -‬توفي بدمشق في جمادى‬
‫الخرة سنة ست وخمسين وستمائة‪.‬‬
‫و ذكره الصلح الصفدي في تاريخه فقال‪:‬‬
‫سعد الدين محمد بن الشيخ محيي الدين بن‬
‫العربي الشاعر ولد بملطية في رمضان سنة‬
‫وسمع الحديث‬ ‫ثمان عشرة وستمائة‪،‬‬
‫ودرس‪ ،‬وكان شاعرا مجيدا‪ ،‬وله ديوان شعر‬
‫مشهور ومن شعره‪:‬‬
‫*** وأراه‬ ‫نهري من المحبوب أصبح مرسل‬
‫صل بفيض مدامعي‬ ‫مت ّ ِ‬
‫***‬ ‫قال الحبيب بأن ريقي نافـع‬
‫فاسمع رواية مالك بن نافـع‬

‫ن اسمه عماد الدين‬‫و لبن عربي ولد ثا ٍ‬


‫محمد قال فيه القطب اليونيني‪ :‬كان‬
‫فاضل سمع الكثير على أحمد بن عبد الدائم‬
‫المقدسي‪ ،‬ومات بدمشق سنة سبع وستين‬
‫وستمائة‪ ،‬وقد نيف على الخمسين‪.‬‬

‫ت في تاريخ الصفدي في ترجمة‬ ‫ثم رأي ُ‬


‫الشيخ محيي الدين بن عربي ‪-‬رضي الله‬
‫عنه ‪ -‬ما نصه‪:‬‬
‫قد عظمه الشيخ كمال الدين بن الزملكاني‬
‫في مصنفه الذي عمله في الكلم على‬
‫ديق‪ ،‬وهو‬
‫ص ّ‬‫النبي‪ ،‬والملك‪ ،‬والشهيد‪ ،‬وال ّ‬
‫مشهور في الفصل الثاني في فضل‬
‫ديقية‪.‬‬ ‫ص ّ‬‫ال ّ‬
‫و قال‪ :‬الشيخ محيي الدين بن عربي البحر‬
‫الزاخر في المعارف اللهية‪ .‬وذكر من كلمه‬
‫ة‪ ،‬ثم قال في آخر الفصل‪:‬‬ ‫مل َ ً‬
‫ج ْ‬
‫ُ‬
‫ت كلمه‪ ،‬وكلم من جرى مجراه‬ ‫و إنما نقل ُ‬
‫من أهل الطريق؛ لنهم أعرف بحقائق هذه‬
‫المقامات‪ ،‬وأبصر بها‪ ،‬لدخولهم فيها‪.‬‬
‫قهم بها ذوقًا‪ ،‬والمخبر عن الشيء‬ ‫وَتحق ِ‬
‫ذوقا مخبر عن عين اليقين‪ ،‬فاسأل به‬
‫خبيرا‪...‬انتهى كلم ابن الزملكاني‪.‬‬
‫حكي لي بأنه ذكر للشيخ‬‫قال الصفدي‪ :‬و ُ‬
‫تقي الدين بن تيمية أن في دمشق إنسانا‬
‫يصرف كلم ابن عربي بالتأويل إلى ظاهر‬
‫در أن أجتمع به‪ ،‬فقال له‪ :‬بلغني‬ ‫الشرع‪ ،‬ف ُ‬
‫ق ّ‬
‫عنك كذا‪ ،‬وكذا‪،‬‬
‫فقال‪ :‬نعم‪.‬‬
‫ة‬ ‫ت لُ ّ‬
‫ج َ‬ ‫ض ُ‬
‫خ ْ‬‫فقال‪ :‬كيف تعمل في قوله‪ُ >> :‬‬
‫ف على ساحله <<‬‫ر‪ ،‬النبياءُ وقو ٌ‬‫ح ٍ‬
‫بَ ْ‬
‫فقال‪ :‬ما في ذا شيء‪ .‬يعني أنهم واقفون‬
‫لنقاذ من يغرق فيه من أممهم‪.‬‬
‫فقال له‪ :‬هذا بعيد‪.‬‬
‫فقال‪ :‬وإل‪..‬ما الذي تفهمه أنت ؟ وما هو‬
‫المقصود ؟!‬

‫و على الجملة فقد كان رجل ً عظيمًا‪ ،‬والذي‬


‫ن‪ ،‬والذي يشكل‬ ‫نفهمه من كلمه حسن َبس ٌ‬
‫علينا نكل علمه إلى الله تعالى‪ ،‬وما كلفنا‬
‫إتباعه‪ ،‬ول العمل بكل ما قاله‪.‬‬

‫ت كتابه الفتوحات المكية في‬ ‫قال‪ :‬وقد رأي ُ‬


‫ت فيه دقائق‬‫عشرين مجلدا بخطه‪ ،‬فرأي ُ‬
‫وغرائب وعجائب ليست توجد في كلم‬
‫والمعقول‬ ‫غيره‪ ،‬وكأن المنقول‬
‫ممثلن بين عينيه في صورة محصورة‬
‫يشاهدها متى أراد‪ ،‬وتأتي له الثر ونزله‬
‫على ما يريده‪ ،‬وهذه قدرة ونهاية إطلع‪،‬‬
‫وتوقد ذهن وغاية حفظ وذكر‪.‬‬
‫و من وقف على هذا الكتاب عل َ‬
‫قدُره‪ ،‬وهو‬
‫من أجل مصّنفاته‪.‬‬
‫قال‪ :‬وقد ذكر في أوله عقيدته‪ ،‬فرأيتها من‬
‫أولها إلى آخر ها عقيدة الشيخ أبي الحسن‬
‫الشعري‪ ،‬ليس فيها ما يخالف رأيه‪ ،‬قال‪:‬‬
‫وكتب عليها‪:‬‬

‫***‬ ‫ليس في هذه العقيدة شيء‬


‫ن‬
‫يقتضيه التكذيب والبهتا ُ‬
‫ل ول ما قد خالف العقل والنقـ*** ـل الذي‬
‫ن‬
‫قد أتى به القرآ ُ‬
‫داٌر *** ولها في‬ ‫م َ‬
‫و عليها للشعري َ‬
‫ن‬
‫مقاله إمكـا ُ‬
‫ث ويأتي‬‫و على ما ادعاه يتجه البحـــ***ـــ ُ‬
‫ن‬
‫الدليل والبرها ُ‬
‫*** ليس‬ ‫بخلف الشياع عنه ولكن‬
‫يخلو من حاسد إنسان‪.‬‬

‫هذا آخره‪ ،‬والحمد لله وحده‪ ،‬وصلى الله‬


‫على سيدنا محمد وآله وصحبه‪ ،‬وسلم‬
‫تسليما كثيرا بل تقليل‪ ،‬وحسبنا الله ونعم‬
‫الوكيل‪.‬‬

‫**************‬

‫**************‬
‫انتهى من نقله إلى الشبكة بعون الله‬
‫القدير العبد الضعيف الفقير إلى الله‬
‫)) صلح الدين القاسمي (( يوم الجمعة ‪10‬‬
‫ل ‪02‬‬ ‫ذو القعدة ‪ 1424‬الموافق‬
‫جانفي ‪.2004‬‬
‫وإني سائل أخا ً نفعه الله بشيء من هذا‬
‫ي‬
‫الكتاب أن يدعو الله لمؤلفه ولي ولوالد ّ‬
‫ي‪ ،‬وأن يصّلي‬
‫ولكل من عّلمني وأحسن إل ّ‬
‫على سّيد المرسلين محمد وعلى آله وصحبه‬
‫ويسّلم‪.‬‬

‫*******‬

You might also like