You are on page 1of 356

‫منهاج البراعة في شرح نهج البلغة‬

‫)حبيب ال الخوئي(‬
‫ج‪9‬‬
‫عععع ععع ععععععع عع ععع عععع ععع ععععع ع‬
‫ع عععععع‬

‫ل الّرحمن الّرحيم‬
‫بسم ا ّ‬

‫عععع عع ععععععععع‬
‫ع عع عععع عع عععع ععع‬

‫و هي المأة و الثالثة و الربعون من المختار في باب الخطب ‪.‬‬

‫سماء اّلتي تظّلكم ‪ ،‬مطيعتان لرّبكم ‪،‬‬


‫ن الرض اّلتي تحملكم ‪ ،‬و ال ّ‬
‫أل و إ ّ‬

‫جعا لكم ‪ ،‬و ل زلفة إليكم ‪،‬‬


‫و ما أصبحتا تجودان لكم ببركتهما تو ّ‬

‫و ل لخيححر ترجححوا لححه منكححم ‪ ،‬و لكححن أمرتححا بمنححافعكم فأطاعتححا ‪ ،‬و أقيمتححا علححى حححدود‬
‫سحّيئة بنقححص الّثمححرات ‪ ،‬و حبححس‬ ‫لح يبتلححي عبححاده عنححد العمححال ال ّ‬
‫نا ّ‬
‫مصالحكم فقامتا ‪ ،‬إ ّ‬
‫البركات ‪ ،‬و إغلق خزائن الخيرات ‪ ،‬ليتوب تائب ‪ ،‬و يقلححع مقلححع ‪ ،‬و يتححذّكر متححذّكر ‪ ،‬و‬
‫يزدجر مزدجر ‪،‬‬

‫ل سبحانه الستغفار سببا لدرور الّرزق ‪ ،‬و رحمة الخلق ‪،‬‬


‫و قد جعل ا ّ‬

‫سماء عليكححم مححدرارا و يمححددكم بححأموال و‬


‫فقال ‪ :‬استغفروا رّبكم إّنه كان غفارا ‪ ،‬يرسل ال ّ‬
‫ل امرء استقبل توبته ‪ ،‬و استقال‬‫بنين فرحم ا ّ‬

‫]‪[3‬‬

‫خطيئته ‪ ،‬و بادر منّيته ‪.‬‬

‫اّللهّم إّنا خرجنححا إليححك مححن تحححت السححتار و الكنححان ‪ ،‬و بعححد عجيححج البهححائم و الولححدان ‪،‬‬
‫راغبين في رحمتك ‪ ،‬و راجين فضل نعمتك ‪،‬‬

‫و خائفين من عذابك و نقمتك ‪ ،‬اّللهّم فاسقنا غيثك ‪ ،‬و ل تجعلنا من القانطين ‪ ،‬و ل تهلكنا‬
‫سفهاء مّنا يححا أرحححم الّراحميححن ‪ ،‬الّلهححم إّنححا خرجنححا إليححك‬
‫سنين ‪ ،‬و ل تؤاخذنا بما فعل ال ّ‬
‫بال ّ‬
‫نشكو إليك ما ل يخفى عليك حين ألجأتنا المضائق الوعرة ‪ ،‬و أجائتنا المقاحط المجدبة ‪،‬‬

‫سرة ‪ ،‬و تلحمت علينا الفتن المستصعبة ‪ ،‬اّللهّم ل ترّدنا خائبين ‪،‬‬ ‫و أعيتنا المطالب المتع ّ‬
‫و ل تقلبنا و اجمين ‪ ،‬و ل تخاطبنا بذنوبنا ‪ ،‬و ل تقايسنا بأعمالنا ‪ ،‬أّللهم انشر علينا نميثك‬
‫و بركتك و رزقك و رحمتك ‪،‬‬
‫و اسقنا سقيا نافعة مروية معشبة تنبت بها ما قد فات ‪ ،‬و تحيححي بهححا مححا قححد مححات ‪ ،‬نافعححة‬
‫الحيا ‪ ،‬كثيرة المجتنى ‪ ،‬تروي بها القيعان ‪ ،‬و تسيل البطنححان ‪ ،‬و تسححتورق الشححجار ‪ ،‬و‬
‫ترخص السعار ‪ ،‬إّنك على ما تشآء قدير ‪.‬‬

‫ععععع‬

‫سماء ( المظّلة للرض‬


‫) الرض ( مؤنثة و الجمع أرضون بفتح الّراء ) و ال ّ‬

‫]‪[4‬‬

‫سححقف و‬ ‫قال ابن النباري ‪ :‬تذّكر و تؤّنث و قال الفراء ‪ :‬التذكير قليل و هو على معنححى ال ّ‬
‫ل عححال مظحلّ سححماء‬ ‫سحابة و ك ّ‬ ‫سماء أيضا المطر قال الفيومى ‪ :‬مؤّنثة لّنها في معنى ال ّ‬
‫ال ّ‬
‫سحماء أمطحرت و الرض‬ ‫حّتى يقال اظهر الفرس سماء و ) جاد ( بالمال بذله و جحادت ال ّ‬
‫جع ( لفلن رثاه و ) أقلع ( عن المر اقلعا تركه و ) الكنان ( جمححع الك ح ّ‬
‫ن‬ ‫أنبتت و ) تو ّ‬
‫و هو ما ستر من الحّر و البرد من كننته أى سترته و أخفيته في كّنه بالكسر ‪.‬‬

‫سححنة و‬
‫سححنة و هححي الجححدب و أرض سححنواء و سححنهاء أصححابتها ال ّ‬ ‫سححنين ( جمححع ال ّ‬‫و ) ال ّ‬
‫) المضايق ( جمع المضيق و هححو مححا ضححاق مححن المححور و ) الححوعر ( بسححكون العيححن و‬
‫سححهل قححال الشححارح المعححتزلي ‪ :‬الححوعرة بالتسححكين و ل يجححوز التحريححك و‬ ‫كسرها ضحّد ال ّ‬
‫) المقاحط ( أماكن القحط أو أزمانه جمع المحقط يححأتي للمكححان و الّزمححان و ) الححوجم ( و‬
‫ل الغيث أنزله لححه‬ ‫سقيا ( بالضّم اسم من سقاه ا ّ‬
‫الواجم العبوس المطرق لشّدة الحزن و ) ال ّ‬
‫و ) القيعان ( جمع القاع و هو المستوى من الرض ‪.‬‬

‫و ) تسيل ( في بعض النسخ بفتح التاء مضارع سال كباع و في بعضها بالضحّم مححن بححاب‬
‫الفعححال و ) البطنححان ( بالض حّم جمححع البطححن كعبححد و عبححدان و ظهححر و ظهححران و هححو‬
‫المنخفض من الرض كما قاله الطريحى ‪ ،‬أو الغامض منها كمححا فححي شححرح المعححتزلي و‬
‫قال الفيروز آبادي جمع الباطن و هو مسيل المححاء فححي غلححظ و ) الرخححص ( بالضحّم ضحّد‬
‫لح‬
‫الغلء و رخص الشيء من باب قرب فهو رخيص و يتعّدي بالهمزة فيقال ‪ :‬أرخححص ا ّ‬
‫سمر و تعديته بالتضعيف غير معروف و ) السعار ( جمع سححعر بالكسححر و هححو تقححدير‬ ‫ال ّ‬
‫أثمان الشياء و ارتفاعه غلء و انحطاطه رخص و قيل تقدير ما يباع به الشححيء طعامححا‬
‫كان أو غيره ‪ ،‬و يكححون غلء و رخصححا باعتبححار الزيححادة علححى المقححدار الغححالب فححي ذلححك‬
‫المكان و الوان و النقصان عنه ‪.‬‬
‫ععععععع‬

‫ل على أّنه خبر أصبحت أو أصحبح بمعنححى صححار قحال نجحم‬


‫جملة تجودان ‪ ،‬منصوبة المح ّ‬
‫ن من خصائص كان ما ذهب إليه ابن درستويه ‪،‬‬ ‫صله ‪ :‬إ ّ‬
‫الئمة ما مح ّ‬

‫]‪[5‬‬

‫و هو أّنه ل يجوز أن يقع الماضي خبر كان فل يقال كححان زيححد قححام ‪ ،‬و فعححل ذلححك لدللححة‬
‫ى في خبره لغوا فينبغي أن يقال كان زيد قائما أو يقوم ‪،‬‬ ‫ى فيقع المض ّ‬
‫كان على المض ّ‬

‫و كذا ينبغي أن يمنع يكون زيد يقوم لتلك العّلة إلى أن قال ‪ :‬و منع ابن مالك و هححو الححقّ‬
‫ل ما كححان ماضححيا مححن مححازال و ل زال و مححراد‬
‫ى خبر صار و ليس و مادام و ك ّ‬‫من مض ّ‬
‫فاتها ‪،‬‬

‫لدللة صار على النتقال في الزمن الماضي إلى حالة مستمّرة و هي مضححمون خبرهححا ‪،‬‬
‫و كذا ما زال و أخواتها موضوعة لستمرار مضمون اخبارها في الماضي و مححا يصححلح‬
‫ي أو مضروب أو‬ ‫الستمرار هو السم الجامد نحو هذا أسد أو الصّفة نحو زيد قائم أو غن ّ‬
‫الفعل المضارع نحو زيد يقدم في الحرب و يسخو بموجوده ‪ ،‬فناسبت الثلثة لصححلحيتها‬
‫ل و بات و كححذا مححا زال‬ ‫للستمرار أن يقع خبرا لصار و أخواتها من أصبح و أمسى و ظ ّ‬
‫و أخواتها بخلف الماضي فاّنه ل يستعمل في استمرار هححذه الثلثححة فلححم يقححع خححبرا لهححذه‬
‫الفعال ‪.‬‬

‫جعا ‪ ،‬مفعول لجله و العامل فيه تجودان ‪ ،‬و قححوله ليتححوب ‪ ،‬تعليححل ليبتلححى و متعّلححق‬‫و تو ّ‬
‫ل ‪ ،‬فصححيحة و الجملححة دعائيححة‬ ‫سماء و الفاء في قوله ‪ :‬فرحم ا ّ‬ ‫به ‪ ،‬و مدرارا ‪ ،‬حال من ال ّ‬
‫ل لها من العراب ‪.‬‬‫ل مح ّ‬

‫عععععع‬

‫سحقياء كالخطبحة المحأة و‬


‫ن هحذه الخطبحة الشحريفة خطبهحا فحي الستسحقاء و طلحب ال ّ‬
‫اعلم أ ّ‬
‫الرابعة عشر ‪ ،‬و قد قّدمنا في شرح تلك الخطبة كيفية الستسقاء و ما يناسب شرحها مححن‬
‫الخبار ‪.‬‬

‫لح سححبحانه و‬‫سلم لما كان بصححدد الححدعاء و طلححب الرحمححة مححن ا ّ‬
‫و أقول هنا ‪ :‬اّنه عليه ال ّ‬
‫تعالى و كانت استجابة الّدعاء موقوفة على وجود المقتضى و انتفاء الموانع ‪ ،‬قّدم أمححورا‬
‫سلم مححن المستسححقين علححى مححاله‬
‫مهّمة أمام الّدعاء تنبيها للسامعين و من كان معه عليه ال ّ‬
‫مدخلية في استجابة دعائهم و انجاح مقصدهم كى ل يرّدوا خائبين و ل ينقلبوا و اجمين ‪.‬‬

‫ل ح سححبحانه و الّنفححع و‬
‫سماء مخلوقان مقهوران تحت قدرة ا ّ‬
‫ن الرض و ال ّ‬
‫فنّبه أّول على أ ّ‬
‫ضرر الحاصلن منهما بالجود و المساك ل ينشآن منهما بنفسهما و بالستقلل‬ ‫ال ّ‬

‫]‪[6‬‬

‫و إّنما ينشآن منهما بتعّلق مشّية الفاعل المختار و تدبير الحكيم المدّبر سبحانه و على ذلك‬
‫ل و البتهال بابه ‪ ،‬و‬
‫سؤال و الذ ّ‬
‫لزم على العباد في الّداهية و الّناد أن تقرعوا بأيدى ال ّ‬‫فال ّ‬
‫ل‪.‬‬‫جهوا في انجاح المال إلى جنابه عّز و ج ّ‬ ‫يتو ّ‬

‫سماء اّلتي تظّلكم ( أى تعلوكم و تشححرف‬ ‫ن الرض اّلتي تحملكم و ال ّ‬ ‫و هو قوله ‪ ) :‬أل و إ ّ‬
‫سحححاب ‪ ،‬أو‬‫سحماء إّمحا معناهححا المجحازى أعنححى ال ّ‬
‫عليكم أو تلقحى اليكحم ظّلهحا و المححراد بال ّ‬
‫سماوات بحركاتها أسبابا معّدة لك ّ‬
‫ل‬ ‫سماء ل لكون ال ّ‬ ‫ن زوال المطر من ال ّ‬ ‫الحقيقي باعتبار أ ّ‬
‫شارح البحراني ‪.‬‬ ‫ما في هذا العالم من الحوادث كما زعمه ال ّ‬

‫سماء مثل قوله سبحانه ‪» :‬‬ ‫ل على نزول المطر من ال ّ‬ ‫و يؤّيد الّثاني ظواهر اليات التي تد ّ‬
‫سححماء مححاء « و نحوهححا ممححا‬
‫ل أنزل من ال ّ‬
‫سماء ماًء « و قوله ‪ » :‬و ا ّ‬
‫هو اّلذي أنزل من ال ّ‬
‫يقرب عشرين آية ‪.‬‬

‫ل الذي أرسل الّرياح فتثير سحححابا فسححقناه إلححى بلححد‬‫و يؤّيد الّول ظاهر قوله سبحانه ‪ » :‬ا ّ‬
‫مّيت فأحيينا به الرض بعد موتها « و قوله ‪ » :‬و هو الذي يرسل الّرياح بشرًا بيححن يححدي‬
‫رحمته حّتى إذا أقّلت سحابا ثقال سقناه لبلد مّيت فأنزلنا به الماء « الية ‪.‬‬

‫صححدوق عححن أبيححه عححن الحميححري‬ ‫شرائع لل ّ‬ ‫ل على الحتمالين ما في البحار من علل ال ّ‬ ‫و يد ّ‬
‫سححلم قححال ‪ :‬كححان علح ّ‬
‫ي‬ ‫عن هارون عن ابن صدقة عن جعفر بن محّمد عن أبيححه عليهححم ال ّ‬
‫ل رأسه و لحيته و ثيابه فيقال له ‪ :‬يا‬ ‫سلم يقوم في المطر أّول مطر يمطر حّتى يبت ّ‬ ‫عليه ال ّ‬
‫سححلم‬ ‫ن هذا ماء قريب العهد بححالعرش ث حّم أنشححأ عليححه ال ّ‬ ‫ن فيقول ‪ :‬إ ّ‬ ‫ن الك ّ‬
‫أمير المؤمنين الك ّ‬
‫لح أن‬ ‫ن تحت العرش بحرا فيه مححاء ينبححت بححه أرزاق الحيوانححات و إذا أراد ا ّ‬ ‫يحّدث فقال إ ّ‬
‫ل فمطححر منححه مححا شححاء مححن سححماء إلححى‬ ‫ل عّز و ج ّ‬ ‫ينبت به ما يشاء لهم رحمة منه أوحى ا ّ‬
‫سحححاب بمنزلححة الغربححال ثحّم‬ ‫سحححاب و ال ّ‬ ‫سماء الدنيا ‪ ،‬فتلقيه إلححى ال ّ‬‫سماء حّتى يصير إلى ال ّ‬
‫سحاب أن اطحنيه و اذيبيه ذوبان الملح في الماء ثم انطلقي بححه‬ ‫ل إلى ال ّ‬‫ل عّز و ج ّ‬ ‫يوحى ا ّ‬
‫إلى موضع كذا و كذا و عبابا أو غير عباب ‪ ،‬فتقطر عليهم على النحححو الححذي يأمرهححا بححه‬
‫ل و معها ملك حّتى تضعها بموضعها ‪ ،‬الحديث ‪.‬‬ ‫فليس من قطرة تقطر إ ّ‬

‫]‪[7‬‬
‫و رواه في الكافي عن هارون عن مسعدة بن صدقة نحوه ‪.‬‬

‫سماء ماء « اختلف الّناس فيه ‪:‬‬


‫قال الّرازي في تفسير قوله ‪ » :‬هو اّلذي أنزل من ال ّ‬

‫سحححاب إلححى الرض‬ ‫سحححاب و مححن ال ّ‬


‫سماء إلححى ال ّ‬
‫فقال الجبائي إّنه تعالى ينزل الماء من ال ّ‬
‫سماء و العدول عن الظاهر إلى الّتأويححل‬ ‫ص يقتضي نزول المطر من ال ّ‬ ‫ن ظاهر الن ّ‬ ‫يقال ل ّ‬
‫ن إجراء الّلفظ على ظاهره غير ممكححن ‪ ،‬و فححي هححذا‬ ‫إّنما يحتاج إليه عند قيام الّدليل على أ ّ‬
‫سماء فوجب إجراء الّلفظ على ظاهره‬ ‫الموضع لم يقم دليل على امتناع نزول المطر من ال ّ‬
‫إلى أن قال ‪:‬‬

‫سماء ماء ‪.‬‬


‫و القول الّثاني المراد انزل من جانب ال ّ‬

‫ل مححا‬
‫ن العرب تسّمى ك ح ّ‬
‫سحاب سماء ل ّ‬
‫ل ال ّ‬
‫سحاب ماء و سّما ا ّ‬‫و القول الثالث انزل من ال ّ‬
‫فوقك سماء كسماء البيت ‪ ،‬انتهى ‪.‬‬

‫ن النسان ربما كان واقفا على‬ ‫سحاب قال ‪ :‬ل ّ‬‫جح في موضع آخر نزول المطر من ال ّ‬ ‫ورّ‬
‫قّلة جبل عال و يرى الغيم أسفل فاذا نزل من ذلك الجبل يرى الغيم مححاطرا عليهححم ‪ ،‬و إذا‬
‫كان هذا المر مشاهدا بالبصر كان النزاع باطل ‪ ،‬هذا ‪.‬‬

‫و قوله ‪ ) :‬مطيعتان لرّبكم ( وصفهما بالطاعة تنبيها على عظمة قححدرته سححبحانه و نفححوذ‬
‫امره فيهما كما قال تعالى ‪ » :‬فقال لها و للرض ائتيا طوعا أو كرها قالتححا أتينححا طححائعين‬
‫سماء تجود لكححم بالمطححار و ل‬ ‫« ) و ما أصبحتا تجودان لكم ببركتهما ( أى ما صارت ال ّ‬
‫جعا لكم ( أي تأّلما لما أصاب بكم ) و ل زلفة ( و تقّربا )‬ ‫الرض تجود لكم بالنبات ) تو ّ‬
‫اليكم و ل لخير ترجححوانه منكححم ( كمححا هححو المعهححود المتعححارف فححي جححود الّنححاس بعضححهم‬
‫حم أو التقّرب أو لجلب الخيححر أو لححدفع الضحّر أو نحححو‬ ‫لبعض حيث إّنهم يبذلون المال للتر ّ‬
‫سماء و الرض فل يتصّور فحي حقوقهمحا ذلحك لّنهمحا أجسحام جامحدة غيحر‬ ‫ذلك ‪ ،‬و أّما ال ّ‬
‫شاعرة ل يوجد ما يوجد منهما بالرادة و الختيار ‪.‬‬

‫ل و مشّيته تعالى ) أمرتا بمنافعكم فأطاعتا و اقيمتحا‬


‫خرتان تحت قدرة ا ّ‬
‫ن ( هما مس ّ‬
‫) و لك ّ‬
‫على حدود مصالحكم فقامتا ( و المراد بالمر و القامة المر و الثبات التكويني كمحا أ ّ‬
‫ن‬
‫المراد بالقيام و الطاعة الثبات و الجرى على وفق ما أراد ا ّ‬
‫ل‬

‫]‪[8‬‬

‫سبحانه منهما ‪.‬‬


‫و في هاتين القرينتين تلميح إلى قوله سبحانه ‪ » :‬و من آياته يريكم الححبرق خوفححا و طمعححا‬
‫ن في ذلححك ليححات لقححوم يعقلححون ‪ ،‬و‬ ‫سماء ماء فيحيي به الرض بعد موتها إ ّ‬ ‫و ينّزل من ال ّ‬
‫صححاعقة و‬‫سححماء و الرض بححأمره « أى يريكححم الححبرق خوفححا مححن ال ّ‬ ‫مححن آيححاته أن تقححوم ال ّ‬
‫سماء مطر فيحيى به الرض بالّنبححات‬ ‫للمسافر و طمعا في الغيث و للمقيم ‪ ،‬و ينزل من ال ّ‬
‫سححماء و الرض بححأمره باقححامته لهمححا و إرادتححه‬ ‫بعد موتهححا و يبسححها و جححدوبها ‪ ،‬و قيححام ال ّ‬
‫لقيامهما ‪.‬‬

‫قال الطبرسي ‪ :‬بلد عامة تدعمها و ل علقة تتعّلق بهما بأمره لهما بالقيام كقوله تعالى ‪:‬‬

‫» إّنما أمرنا لشيء إذا أردنا أن نقول له كن فيكون « و قيل بأمره أي بفعله و امسححاكه إلّ‬
‫ن قححول القححائل أراد‬
‫ل عّز اسمه تضاف إليه بلفظ المر لّنه أبلغ في القتدار فححا ّ‬
‫ن افعال ا ّ‬
‫أّ‬
‫فكان أو أمر فكان أبلغ في الدللة على القتدار من أن يقول فعل فكان ‪،‬‬

‫و معنى القيام الّثبات و الّدوام انتهى ‪.‬‬

‫سماء و الرض و تحقيق ما يتعّلححق بمصححالحها فححي‬‫و قد مضى تفصيل الكلم في منافع ال ّ‬
‫شرح الخطبة الّتسعين فليراجع هناك هذا ‪.‬‬

‫خران تحت قححدرة الفاعححل المختححار و أنّ‬ ‫سماء و الرض مخلوقان مس ّ‬ ‫ن ال ّ‬


‫و لّما نّبه على أ ّ‬
‫ل سبحانه و مشّيته و إرادته أردف ذلححك‬ ‫جودهما بالمطار و النبات إّنما هو بتعّلق أمر ا ّ‬
‫ن المانع من نزول الخير و إفاضة الجود إنما هو أمححر راجححع إلححى الخلححق و‬ ‫بالتنبيه على أ ّ‬
‫حادث من جهة العبد و هو سوء فعله و ذنبه المانع من استعداده لقبول الّرحمححة و فيضححان‬
‫ن البلء للظححالم أدب ) بنقححص‬ ‫سححيئة ( ل ّ‬
‫ل يبتلي عبححاده عنححد العمححال ال ّ‬
‫نا ّ‬ ‫الجود فقال ) إ ّ‬
‫الثمرات و حبححس البركححات و إغلق خححزائن الخيححرات ( كمححا قححال سححبحانه » و لنبلححوّنكم‬
‫بشيء من الخوف و الجوع و نقص من الموال و النفس و الّثمرات « ‪.‬‬

‫و إّنما يبتليهم بذلك لطفا منه تعالى ) ليتوب تائب ( عححن سححوء عملححه ) و يقلححع مقلححع ( أي‬
‫ل سبحانه‬‫ف عن ضلله و زل ) و يتذّكر متذّكر ( بما أعّد ا ّ‬ ‫يك ّ‬

‫]‪[9‬‬

‫لح تعحالى محن‬


‫من الّنعيم في دار القرار للمتقين البحرار ) و يزدجحر مزدجحر ( بمحا أعحّد ا ّ‬
‫جار و الشرار ‪.‬‬ ‫العذاب الليم في دار البوار للف ّ‬

‫ثّم نّبه على ما به يرتفع المانع من الخيحر و الجحود و يتأّهحل لفاضحة الّرحمحة محن واجحب‬
‫ل سبحانه الستغفار ( ممحاة للّذنب و ) سببا لححدرور الححرزق (‬
‫الوجود فقال ) و قد جعل ا ّ‬
‫سححماء عليكححم‬
‫و كثرته ) فقال ( في سورة نوح ) استغفروا رّبكم اّنححه كححان غّفححارا يرسححل ال ّ‬
‫مدرارا و يمددكم بأموال و بنين ( و يجعل لكم جّنات و يجعل لكم أنهارا ‪.‬‬

‫طبرسي في تفسيره ‪ :‬أى اطلبوا منه المغفرة على كفركم و معاصيكم إّنه كان غفارا‬ ‫قال ال ّ‬
‫لكلّ من طلب منححه المغفححرة ‪ ،‬فمححتى رجعتححم عححن كفركححم و معاصححيكم و أطعتمححوه يرسححل‬
‫سماء عليكم مدرارا ‪ ،‬أى كثيرة الّدرور بالغيث ‪ ،‬و قيل ‪ :‬إّنهم كانوا قد قحطوا و اسححنتوا‬ ‫ال ّ‬
‫غبهم في رّد ذلك بالسححتغفار مححع اليمححان و الّرجححوع‬ ‫و هلكت أموالهم و أولدهم فلذلك ر ّ‬
‫ل تعالى ‪ ،‬و يمددكم بأموال و بنين ‪ ،‬أي يكثر أموالكم و أولدكم الححّذكور ‪ ،‬و يجعححل‬ ‫إلى ا ّ‬
‫لكم جّنات ‪ ،‬أي بساتين في الّدنيا و يجعل لكم أنهارا تسقون بها جّناتكم ‪ ،‬قححال قتححادة ‪ :‬علححم‬
‫لح‬
‫سلم أّنهم كانوا أهل حرص على الّدنيا فقححال ‪ :‬هلّمححوا إلححى طاعححة ا ّ‬ ‫ل نوح عليه ال ّ‬
‫يا ّ‬ ‫نب ّ‬
‫ن فيها درك الّدنيا و الخرة ‪.‬‬ ‫فا ّ‬

‫سلم فشكى إليححه الجدوبححة فقححال‬ ‫ن رجل أتى إلى الحسن عليه ال ّ‬ ‫و روى الّربيع بن صبيح أ ّ‬
‫لح‬
‫ل ‪ ،‬و أتاه آخر فشكى إليه الفقر ‪ ،‬فقال لحه ‪ :‬اسحتغفر ا ّ‬ ‫سلم ‪ :‬استغفر ا ّ‬ ‫له الحسن عليه ال ّ‬
‫لح ‪ ،‬فقلنححا ‪ :‬أتححاك رجحال‬ ‫ل أن يرزقني ابنححا ‪ ،‬فقححال لححه ‪ :‬اسححتغفر ا ّ‬ ‫و أتاه آخر فقال ‪ :‬ادع ا ّ‬
‫سححلم ‪ :‬مححا قلححت‬ ‫يشكون أبوابا و يسألون أنواعا ‪ ،‬فأمرتهم كّلهم بالستغفار ‪ ،‬فقال عليححه ال ّ‬
‫سححلم أّنححه‬
‫ل تعالى حكاية عن نبّيه نوح عليححه ال ّ‬ ‫ذلك من ذات نفسي إّنما اعتبرت فيه قول ا ّ‬
‫قال لقومه ‪ » :‬استغفروا ربكم إنه كان غّفارا « إلى آخره ‪ ،‬هذا ‪.‬‬

‫و اليات و الخبار في فضيلة الستغفار و كونه سببا لدرور الححرزق و سححائر مححا يححترّتب‬
‫عليه من الثمرات كثيرة ‪.‬‬

‫سلم حكاية عنه اّنه‬


‫فمن اليات مضافة إلى ما مّر قوله تعالى في سورة هود عليه ال ّ‬

‫] ‪[ 10‬‬

‫سماء عليكم مدرارا « ‪.‬‬


‫قال لقومه ‪ » :‬و يا قوم استغفروا رّبكم ثّم توبوا إليه يرسل ال ّ‬

‫سححلم يقححول‬
‫ل ح عليححه ال ّ‬
‫و من الخبار في الكافي باسناده عن زرارة قال ‪ :‬سمعت أبا عبد ا ّ‬
‫ل لم يكتححب عليححه و عححن أبححي‬ ‫جل من غدوة إلى الّليل فان استغفر ا ّ‬ ‫ن العبد إذا أذنب ذنبا ا ّ‬
‫إّ‬
‫ل فيها سبع ساعات من الّنهار‬ ‫سلم قال ‪ :‬من عمل سّيئة اج ّ‬ ‫ل عليه ال ّ‬
‫بصير عن أبي عبد ا ّ‬
‫ي القّيوم ‪ ،‬ثلث مّرات لم تكتب عليه ‪.‬‬ ‫ل هو الح ّ‬ ‫ل الذي ل إله إ ّ‬‫‪ ،‬فان قال ‪ :‬أستغفر ا ّ‬

‫سلم قال ‪ :‬العبد المؤمن إذا أذنب ذنبححا‬


‫ل عليه ال ّ‬
‫صمد بن بشير عن أبي عبد ا ّ‬ ‫و عن عبد ال ّ‬
‫سححاعات و لححم‬‫ل لم يكتححب عليححه شححيء و إن مضححت ال ّ‬
‫ل سبع ساعات و إن استغفر ا ّ‬ ‫جله ا ّ‬
‫أّ‬
‫ن المؤمن ليذكر ذنبه بعد عشرين سححنة حّتححى يسححتغفر رّبححه‬ ‫ل عليه سّيئة و إ ّ‬‫يستغفر كتب ا ّ‬
‫ن الكافر لينساه من ساعته ‪.‬‬ ‫ل له و إ ّ‬
‫فيغفر ا ّ‬
‫سلم قال ‪ :‬ما مححن مححؤمن يقححارف فححي يححومه و ليلتححه‬ ‫ل عليه ال ّ‬‫و فيه مرسل عن أبي عبد ا ّ‬
‫ى القيححوم بححديع‬
‫ل هححو الحح ّ‬
‫لح الححذي ل إلححه إ ّ‬
‫أربعيححن كححبيرة فيقححول و هححو نححادم ‪ :‬أسححتغفر ا ّ‬
‫سماوات و الرض ذو الجلل و الكرام و أسأله أن يصّلي على محّمد و آل محّمد و أن‬ ‫ال ّ‬
‫ل و ل خيححر فححي مححن يقححارف فححي يححوم أكححثر مححن‬ ‫ل له عحّز و جح ّ‬ ‫ل غفرها ا ّ‬‫ى‪،‬إ ّ‬‫يتوب عل ّ‬
‫أربعين كبيرة ‪.‬‬

‫سلم ‪ ،‬عن أبيه عن آبائه‬ ‫ل عليه ال ّ‬


‫سكوني عن أبي عبد ا ّ‬ ‫و في ثواب العمال بسنده عن ال ّ‬
‫ل داء دواء و دواء‬
‫لح عليححه و آلححه و سحّلم ‪ :‬لكح ّ‬
‫لح صحّلى ا ّ‬
‫سلم قال ‪ :‬قال رسححول ا ّ‬
‫عليه ال ّ‬
‫الّذنوب الستغفار ‪.‬‬

‫لح مححأة محّرة‬


‫سلم قال ‪ :‬من قال ‪ :‬أستغفر ا ّ‬ ‫ل عليه ال ّ‬
‫و فيه عن سلم الخّياط عن أبي عبد ا ّ‬
‫شححجر و يصححبح و‬ ‫حين ينام بات و قد تحاطت الذنوب كّلها عنه كما تتحححاط الححورق مححن ال ّ‬
‫ليس عليه ذنب ‪.‬‬

‫سححلم قححال قححال‬


‫صححادق عححن أبيححه عححن آبححائه عليهححم ال ّ‬
‫و عن مسعدة بن صدقة عن جعفر ال ّ‬
‫ل عليه و آله ‪ :‬طوبى لمن وجد في صحيفته يوم القيامة تحت كلّ ذنححب‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫رسول ا ّ‬
‫لح بعححد‬
‫سححلم قححال ‪ :‬مححن اسححتغفر ا ّ‬ ‫ل و عن جابر الجعفي عن أبي جعفححر عليححه ال ّ‬ ‫أستغفر ا ّ‬
‫صلة الفجر‬

‫] ‪[ 11‬‬

‫ل له و لو عمل ذلك اليححوم سححبعين ألححف ذنححب ‪ ،‬و مححن عمححل أكححثر مححن‬
‫سبعين مّرة غفر ا ّ‬
‫سبعين ألف ذنب فل خير له ‪.‬‬

‫سلم قححال ‪ :‬مثححل السححتغفار‬ ‫و في الوسائل من الكافي عن ياسر الخادم عن الّرضا عليه ال ّ‬
‫مثل ورق على شجرة تحرك فتناثر ‪ ،‬و المستغفر من ذنب و يفعله كالمسححتهزىء برّبححه و‬
‫سححلم ‪ :‬إذا كححثر العبححد مححن السححتغفار‬
‫لح عليححه ال ّ‬
‫عن عبيد بن زرارة قال ‪ :‬قال أبححو عبححد ا ّ‬
‫رفعت صحيفته و هي تتلل ‪.‬‬

‫لح‬
‫سلم في حديث قححال ‪ :‬قححال رسححول ا ّ‬ ‫ل عن آبائه عليهم ال ّ‬
‫سكوني عن أبي عبد ا ّ‬
‫و عن ال ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬من كثرت همومه فعليه بالستغفار ‪.‬‬‫صّلى ا ّ‬

‫ن للقلحوب صحداء كصحداء‬


‫سححلم إ ّ‬
‫و فيه من عّدة الّداعى لحمد بن فهححد قحال ‪ :‬قحال عليححه ال ّ‬
‫الّنحاس فأجلوها بالستغفار ‪.‬‬

‫ل هحّم فرجحا و محن كحلّ ضحيق‬


‫لح لحه محن كح ّ‬
‫قال ‪ :‬و قال ‪ :‬من أكثر من السحتغفار جعحل ا ّ‬
‫مخرجا و رزقه من حيث ل يحتسب ‪.‬‬
‫ي بن أبيطححالب‬
‫شيخ مسندا عن أبي الحسن المنقري قال ‪ :‬سمعت عل ّ‬ ‫و فيه من أمالي ابن ال ّ‬
‫سلم يقول ‪ :‬عجبا لمن يقنط و معه الممحاة ‪ :‬قيل ‪ :‬و ما الممحاة ؟‬ ‫عليه ال ّ‬

‫قال ‪ :‬الستغفار ‪.‬‬

‫لح لححم‬
‫سححلم أكححثروا السححتغفار إنّ ا ّ‬
‫و فيه من كتاب وّرام بن أبي فراس قال ‪ :‬قال عليححه ال ّ‬
‫ل و هو يريد أن يغفر لكم ‪ ،‬هذا ‪.‬‬
‫يعّلمكم الستغفار إ ّ‬

‫و لّما نّبه على كون الستغفار سببا لدرور الرزق و استشهد عليححه باليححة الشححريفة أردفححه‬
‫ل امرء استقبل تححوبته ( أي اسححتأنفها ) و‬ ‫بالّدعاء على المستغفرين التائبين بقوله ) فرحم ا ّ‬
‫شارح البحرانححي ‪ :‬و لفححظ‬ ‫استقال خطيئته ( أي طلب القالة منها و من المؤاخذة بها قال ال ّ‬
‫ن المخطى كالمعاهد و الملتزم لعقاب اخروّيححة بلحّذة عاجلححة لمححا‬ ‫القالة استعارة و وجهها أ ّ‬
‫ي عنها للعقاب ‪ ،‬فهو يطلب للقالة من هححذه المعاهححدة كمححا‬ ‫علم من استلزام تلك الّلذة المنه ّ‬
‫يطلب المشتري القالة من البيع ) و بادر منّيته ( أى سارع‬

‫] ‪[ 12‬‬

‫إليها بالتوبة ‪ ،‬و الستقالة قبل إدراكها له ‪ ،‬هذا ‪.‬‬

‫سلم من تمهيد مقّدمات الّدعاء شرع فيه فقحال ) الّلهححم إّنححا خرجنححا إليحك‬ ‫و لّما فرغ عليه ال ّ‬
‫ل لضرورة شححديدة ) و بعححد‬ ‫من تحت الستار و الكنان ( اّلتي ليس من شأنها أن تفارق إ ّ‬
‫عجيح البهائم و الولدان ( و أصواتها المرتفعة بالبكاء و النحيب ) راغبين ( في بحّرك و )‬
‫رحمتك و راجين فضل ( مّنك و ) نعمتك و خائفين من عذابك و نقمتك الّلهّم فأسقنا غيثك‬
‫سحاب المنساق لنبات أرضك المونق ) و ل تجعلنا من القانطين ( اليسين‬ ‫( المغدق من ال ّ‬
‫سححفهاء مّنححا يححا أرحححم الّراحميححن ( و المححراد‬
‫سنين و ل تؤاخذنا بمححا فعححل ال ّ‬
‫) و ل تهلكنا بال ّ‬
‫سفهاء الجّهال من أهل المعاصي و بفعلهم معاصيهم المبعدة عححن رحمتححه سححبحانه كمححا‬ ‫بال ّ‬
‫سفهاء مّنا « ثحّم عححاد‬‫سلم ‪ » :‬أتهلكنا بما فعل ال ّ‬ ‫في قوله سبحانه حكاية عن موسى عليه ال ّ‬
‫سلم إلى تكرير شكوى الجدب بذكر أسبابها الحاملة عليها فقال ‪:‬‬ ‫عليه ال ّ‬

‫سحوء ) حيحن ألجائتنحا‬‫) الّلهّم إّنا خرجنا إليك نشكو إليك ما ل يخفى عليك ( من الضّر و ال ّ‬
‫سحنون المحّلحة ) و‬
‫المضائق الحوعرة ( المستصحعبة ) و أجائتنحا المقحاحط المجدبحة ( أي ال ّ‬
‫سرة ‪ ،‬و تلحمت علينا الفتن المستصعبة ( أى تزاحمت علينححا امححور‬ ‫أعيتنا المطالب المتع ّ‬
‫من الجوع و العرى و سائر مسّببات القحط ما كانت لنا فتنة أي بلء و محنة أى صححارفة‬
‫للقلوب عّما يراد بها ‪.‬‬

‫) الّلهّم ( إّنا نسألك أن ) ل ترّدنا خائبين ( من رحمتك ) و ل تقلبنا و اجميححن ( محزونيححن‬


‫شارح المعححتزلي ‪ :‬أي ل تجعححل جححواب‬‫باليأس عن عطّيتك ) و ل تخاطبنا بذنوبنا ( قال ال ّ‬
‫دعائنا لك ما يقتضيه ذنوبنا كأّنه يجعله كالمخححاطب لهححم و المجيححب عّمححا سححألوه إّيححاه كمححا‬
‫يفاوض الواحد مّنا صاحبه و يستعطفه فقد يجيبه و يخاطبه بمححا يقتضححيه ذنبححه إذا اشححتّدت‬
‫موجدته عليه و نحوه قوله ) و ل تقايسنا بأعمالنححا ( أي ل تجعححل مححا تجيبنححا بححه مقايسححا و‬
‫مماثل لعمالنا السحّيئة ‪ ،‬و بعبححارة اخححرى ل تجعححل فعلححك بنححا مقايسححا لعمالنححا السحّيئة و‬
‫مشابها لها و سيئة مثلها ‪.‬‬

‫) الّلهّم انشر علينا غيثك و بركتك و رزقك و رحمتك ‪ ،‬و اسقنا سقيا نافعة (‬

‫] ‪[ 13‬‬

‫سححالمة مححن الفسححاد بححالفراط ) مرويححة ( مسححكتة للعطححش ) معشححبة ( أى ذات العشححب و‬
‫الكلء ) تنبت بها ما قد فات ( أي مضى و ذهب ) و تحيى بها ما قدمات ( ‪.‬‬

‫قال بعض الفاضل ‪ :‬أي تخرج و تعيححد بهححا مححا قححد ذهححب و يبححس مححن أصححناف النّبححات و‬
‫ضروب العشاب و ألوان الزهار و أنواع الشجار و الثمار ‪ ،‬و ما انقطع مححن جححواري‬
‫الجداول و النهار فاستعار الحياء الذي حقيقته هو إفاضة الّروح على الجسد للخراج و‬
‫العادة المذكورين كما استعار الموت الذي هو حقيقة انقطاع تعّلق الّروح بالجسححد لليبححس‬
‫و الّذهاب ‪ ،‬و الجامع في الولى إحداث القوى الّنامية في المواد و المنحافع المترّتبحة علحى‬
‫ذلك ‪ ،‬و في الثانية استيلء اليبوسة و عدم الّنفع ‪،‬‬

‫ل منهما فعل و القرينة في الولى المجححرور‬ ‫ن المستعار في ك ّ‬‫و هما استعارتان تبعّيتان ل ّ‬
‫سححقيا ‪ ،‬و‬
‫سقيا لظهور عدم حصول الحيححاء الحقيقححي بال ّ‬
‫أعني الضمير في بها العايد إلى ال ّ‬
‫ن الموت الذي يحيي المّتصف به بالسقى ل يكححون حقيقيححا‬ ‫في الّثانية السناد إلى الفاعل ل ّ‬
‫البتة ‪.‬‬

‫) نافعة الحياء ( و المطر ) كثيرة المجتنى ( و الّثمر ) تروى بهححا القيعححان ( و الراضححي‬
‫سيلن أو السالة إلى‬ ‫المستوية ) و تسيل بها البطنان ( و الراضي المنخفضة ‪ ،‬و نسبة ال ّ‬
‫البطنان من المجاز العقلي إذ حّقه أن يسند أو يوقع على الماء ‪ ،‬لّنه المححاء حقيقححة و لكّنححه‬
‫أوقع على مكانه لملبسته له كما اسند الفعل إليه في سال النهحر ‪ ،‬و الغحرض طلحب كحثرة‬
‫المطححر ‪ ) ،‬و تسححتورق الشححجار ‪ ،‬و ترخححص السححعار ‪ ،‬إّنححك علححى مححا تشححاء قححدير ( و‬
‫بالجابة حقيق جدير ‪.‬‬
‫ععععع‬

‫لح سححبحانه و‬
‫قال بعض شّراح الصحيفة الكاملة ‪ :‬اختلف في الّتسعير فقيل هو مححن فعححل ا ّ‬
‫ل تعالى ‪،‬‬
‫لا ّ‬‫هو ما ذهبت إليه الشاعرة بناء على أصلهم من أّنه ل فاعل إ ّ‬

‫و لما ورد في الحديث حين وقع غلء بالمدينة فححاجتمع أهلهححا إليححه و قححالوا ‪ :‬سحّعر لنححا يححا‬
‫ل‪.‬‬
‫ل ‪ ،‬فقال ‪ :‬المسّعر هو ا ّ‬
‫رسول ا ّ‬

‫و اختلف المعتزلة في هذه المسألة فقال بعضهم هو فعل المباشر من العبد إذ‬

‫] ‪[ 14‬‬

‫شححرى بثمححن مخصححوص ‪ ،‬و قححال آخححرون هححو‬


‫ل مواضعة منهم على البيع و ال ّ‬‫ليس ذلك إ ّ‬
‫ل تعالى‬
‫ل تعالى و هو تقليل الجناس و تكثير الّرغبات بأسباب هي من ا ّ‬ ‫متوّلد من فعل ا ّ‬
‫‪.‬‬

‫سعر عن مجري عادته ترقّيححا أو نححزول إن‬ ‫و الذي تذهب إليه معشر المامية أن خروج ال ّ‬
‫ل تعالى ‪.‬‬
‫استند إلى أسباب غير مستندة إلى العبد و اختياره نسب إلى ا ّ‬

‫ل نسححب إلححى العبححد كجححبر السححلطان الّرعيححة علححى سححعر مخصححوص ‪ ،‬و مححا ورد فححي‬
‫وإ ّ‬
‫ل ‪ ،‬ليقححّرره‬
‫الحديث النّبوي المذكور محمول على أّنه ل ينبغي الّتسعير ‪ ،‬بل يفّوض إلى ا ّ‬
‫بمقتضى حكمته البالغة و رحمته الشاملة ‪.‬‬

‫ي بححن‬
‫سلم في هذا المعنى كما روى عن عل ّ‬ ‫و ما ورد من الخبار عن أهل البيت عليهم ال ّ‬
‫لح‬
‫سعر يدّبره بأمره ‪ ،‬و عن أبيعبححد ا ّ‬‫ل ملكا بال ّ‬‫لوكّ‬ ‫نا ّ‬
‫سلم أّنه قال ‪ :‬إ ّ‬‫الحسين عليهما ال ّ‬
‫سعر ما لم يكن للعبححد و‬‫ل بالسعار ملكا يدّبرها بأمره ‪ ،‬فالمراد بال ّ‬ ‫لوكّ‬ ‫نا ّ‬‫سلم إ ّ‬
‫عليه ال ّ‬
‫ل أعلم ‪.‬‬‫أسبابه مدخل ‪ ،‬و ا ّ‬

‫ععععععع‬

‫ى دين و سّيد وصّيين است در مقام استسقا و باران خواستن‬


‫از جمله خطب شريفه آن ول ّ‬
‫از خدا كه فرموده ‪:‬‬

‫آگاه باشيد بدرستيكه زمينى كه بر ميدارد شما را ‪ ،‬و آسمانى كه سايه مىافكند بر شما ‪،‬‬
‫مطيع و منقاد هستند پروردگار شححما را ‪ ،‬و نگرديدهانححد آن آسححمان و زميححن كححه ببخشححد‬
‫بشما بركت خودشان را بجهة غمخوارى از بححراى شححما ‪ ،‬و نححه بجهححة تق حّرب و منزلححت‬
‫بسوى شما ‪ ،‬و نه از جهة خيري كه اميدوار باشند بآن از شما ‪ ،‬و لكن مححأمور شححدند از‬
‫جانب خداوند قادر قاهر بمنفعتهاي شما ‪ ،‬پس اطاعت كردهاند و بر پا داشته شدهاند بر‬
‫نهايات مصلحتهاى شما ‪ ،‬پس قيام نمودهاند ‪.‬‬

‫پس بدرستيكه خداوند تعالى مبتل مينمايد و امتحان ميفرمايد بندگان خود را هنگام اقححدام‬
‫بر أعمال ناشايست بنقص ميوجات و حبس كردن بركحات و بسحتن خزينهحاى خيرهحا تحا‬
‫اينكه توبه نمايد توبه كننده ‪ ،‬و ترك كند گناه را ترك كننده ‪،‬‬

‫] ‪[ 15‬‬

‫و متذّكر شود صاحب تذّكر ‪ ،‬و منزجر شود قابل زجر ‪.‬‬

‫و بتحقيق كه گردانيده حق تعالى طلب مغفرت و استغفار را سبب فححرود آمححدن روزى و‬
‫رحمت از براى خلق ‪ ،‬پس فرمود در كلم مجيد خود ‪ » :‬استغفروا رّبكم إّنه كان غّفارا‬
‫« ‪ ،‬يعني طلب مغفرت و آمرزش نمائيد از پروردگار خححود بدرسححتيكه اوسححت صححاحب‬
‫مغفرت و آمرزنده ‪ ،‬تا بفرستد أبر را بر شما در حالتى كه ريزان شود ببححاران ‪ ،‬و مححدد‬
‫فرمايد شما را بأموال و أولد ‪ ،‬پس رحمت نمايد خححدا بححر كسححى كححه روى آورد بححدرگاه‬
‫خدا به توبه و انابه و طلب اقاله و فسخ خطاى خححود را نمححود و مبححادرت و پيححش دسححتى‬
‫كرد بسوى مرگ خود با توبه نمودن از معصيت ‪.‬‬

‫بار الها بدرستى كه ما بيرون آمدهئيم بسوى رحمت تو از زير پردهححا و پوششححها يعنححي‬
‫جه تححو شححده بعححد از نححاله‬
‫از خانهاى خود بيرون آمده و پا برهنه رو بصحرا نهاده و متو ّ‬
‫چهارپايان و فرزندان در حالتى كه راغبيم در رحمت تو ‪ ،‬و اميدواريم بزيححادتي نعمححت‬
‫تو ‪ ،‬و ترسانيم از عذاب تو و عقاب تو ‪ ،‬بار پروردگارا پس آب ده ما را بباران خودت‬
‫‪ ،‬و مگردان ما را از نوميدان ‪ ،‬و هلك مكن ما را بسالهاى قحطى ‪ ،‬و مؤاخذه مكن بما‬
‫بجهت فعل قبيح سفيهان و بىخردان ما أي پروردگارى كه ارحم الّراحمين هستى ‪.‬‬

‫بار خدايا بدرستى كه ما بيرون آمدهيم بسوى تو شكايت مىكنيم بسححوى تححو چيزيححرا كححه‬
‫پنهان و پوشيده نيست بتو وقتى كه مضطر گردانيد ما را تنگيها بغايت سححخت ‪ ،‬و ملجححأ‬
‫نمود ما را سالهاى قحطي ‪ ،‬و عاجز ساخت ما را مطلبهائى دشوار ‪،‬‬

‫و هجوم آور شد بما فتنههاى صعب و با شّدت ‪.‬‬

‫بارالها بدرستي كه ما سؤال ميكنيححم از فضححل و كححرم تححو ايححن كححه برنگردانححى مححا را در‬
‫حالتى كه مأيوس باشيم ‪ ،‬و باز نبرى مححا را در حححالتى كححه محححزون و پريشححان شححويم و‬
‫خطاب عتاب نكنى بما بجهة گناهان ما ‪ ،‬و قياس نكنى ما را بأعمال قبيحه ما ‪. .‬‬
‫پروردگارا پراكنده كن بر ما باران خود را ‪ ،‬و سيراب كن ما را سيرابى با منفعححت كححه‬
‫سيراب سازنده هر موجود است ‪ ،‬و روياننده گياه كه بروياني بسبب آن‬

‫] ‪[ 16‬‬

‫لت ‪ ،‬و زنده گرداني بواسطه آن آنچه كه مرده از‬ ‫سيرابى آنچه كه فوت شده باشد از غ ّ‬
‫نبات ‪ ،‬آن چنان سيرابي كه صاحب باران را منفعت باشد ‪ ،‬و بسححيار شححود ميححوه آن كححه‬
‫سيراب گرداني بآن زمينهحاى همحوار را ‪ ،‬و روان گردانححي بححآن زمينهحاي پسحت را ‪ ،‬و‬
‫برگ دار گرداني درختان را بآن ‪ ،‬و أرزان گردانى نرخها را ‪ ،‬بدرستي كه تو بر آنچه‬
‫كه مىخواهى از رخص و جدب صاحب قدرت و توانائى ‪.‬‬

‫ع ع ع ععع ع ع ع ععع ع ععع ععع ع ع ع ععع عع ع‬


‫ععععععع ع عععععععع عع ععععععع عع ع عع‬
‫ععععع‬

‫و شرحها في فصلين ‪:‬‬

‫ععععع ععععع‬

‫جة له على خلقه ‪،‬‬


‫صهم به من وحيه ‪ ،‬و جعلهم ح ّ‬
‫بعث رسله بما خ ّ‬

‫ق ‪ ،‬أل إنّ‬
‫صدق إلى سبيل الح ّ‬ ‫جة لهم بترك العذار إليهم ‪ ،‬فدعاهم بلسان ال ّ‬ ‫ل تجب الح ّ‬‫لئ ّ‬
‫ل قحد كشحف الخلحق كشححفة ‪ ،‬ل أّنحه جهححل محا أخفححوه مححن مصحون أسححرارهم ‪ ،‬و مكنححون‬‫ا ّ‬
‫ضمائرهم ‪ ،‬و لكن ليبلوهم أّيهم أحسن عمل ‪ ،‬فيكون الّثواب جزاء ‪ ،‬و العقاب بواء ‪ ،‬أين‬
‫ل و وضححعهم ‪،‬‬‫اّلذين زعموا أّنهم الّراسخون في العلم دوننا كذبا و بغيا علينا ‪ ،‬أن رفعنا ا ّ‬
‫و أعطانا و حرمهم ‪ ،‬و أدخلنا و أخرجهم ‪ ،‬بنا يستعطى الهدى ‪،‬‬

‫ن الئّمة من قريش ‪ ،‬غرسوا في هذا البطن من هاشم ‪،‬‬


‫و يستجلى العمى ‪ ،‬إ ّ‬

‫] ‪[ 17‬‬

‫ل تصلح على سويهم ‪ ،‬و ل تصلح الولة من غيرهم ‪.‬‬


‫ععععع‬

‫ل شححيء عمححا يححواريه و‬ ‫) العذار ( التخويف و الوعيد و ) الكشف ( الظهححار و رفححع ك ح ّ‬


‫يستره و ) البواء ( الكفوء و باء الّرجل بفلن قتل به ‪ ،‬و أبأت القاتل بالقتل و اسححتبأته أي‬
‫قتلته به و ) كذب ( يكذب من باب حسب كّذبا و كذبا و كذبة و كّذبة و كّذابا و ) البطححن (‬
‫دون القبيلة أو دون الفخد و فوق العمارة كذا في القححاموس و قيححل ‪ :‬أّول العشححيرة الشححعب‬
‫قال سبحانه ‪ » :‬و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا « ثّم القبيلة ‪ ،‬ثّم البطن ‪ ،‬ثّم العمارة ثّم‬
‫الفخذ ‪.‬‬

‫ععععععع‬

‫قوله ‪ :‬من وحيه ‪ ،‬بيان لمحا الموصححولة ‪ ،‬و قححوله ‪ :‬ليبلححوهم أّيهحم أحسححن عمل ‪ ،‬كلمححة أيّ‬
‫اسحتفهامّية مضحافة إلحى محا بعحدها و هحي مبتحدء و أحسحن خحبره ‪ ،‬و عمل تميحز و جملحة‬
‫الستفهام بدل من مفعول يبلو على حّد قوله سححبحانه ‪ » :‬و أسحّروا النجححوى الححذين ظلمححوا‬
‫ل بشر ‪ ،‬بدل من الّنجوى ‪.‬‬ ‫ن جملة هل هذا إ ّ‬‫ل بشر مثلكم « فا ّ‬‫هل هذا إ ّ‬

‫و يجوز أن يكون الجملة الستفهامّية استينافا بيانيا ‪ ،‬كأّنه سئل عن المبتليححن و قيححل ‪ :‬مححن‬
‫هم ؟ فقيل ‪ :‬أّيهم أحسن عمل نظير ما قاله بعض النحوّيين في قوله ‪:‬‬

‫ي اسحتفهامّية و جملححة‬
‫نأ ّ‬
‫ل شحيعة أّيهحم أشحّد علححى الّرحمححن عتّيححا « مححن أ ّ‬
‫ن من ك ّ‬‫» لننزع ّ‬
‫ن بعحض كح ّ‬
‫ل‬ ‫ل شحيعة ‪ ،‬مفعححول ننزعحنّ ‪ ،‬و المعنحى لننزعح ّ‬ ‫الستفهام مسحتأنفة ‪ ،‬و مححن كح ّ‬
‫ن قائل يقول ‪ :‬و من المنزعين ؟ فقيل ‪ :‬أّيهم أشّد ‪.‬‬ ‫شيعة ‪ ،‬و كأ ّ‬

‫و قوله ‪ :‬أين الذين ‪ ،‬اسحتفهام علححى سححبيل التقريحع و التوبيححخ ‪ ،‬و قحوله ‪ :‬دوننحا فححي مححلّ‬
‫ي علححى الفتححح لملزمتححه‬‫الّنصب حال من فاعل الّراسخون و هو بمعنى سوى و غير مبن ح ّ‬
‫الضافة ‪ ،‬و كذبا و بغيا منصوبان على الحال من فاعل زعموا و هما بمعنححى الفاعححل أي‬
‫ل الّنصححب مفعححول لححه‬
‫كاذبين في زعمهم ‪ ،‬و علينا ‪ ،‬متعّلق ببغيا ‪ ،‬و أن رفعنححا ‪ ،‬فححي محح ّ‬
‫ل ‪ ،‬و قوله ‪ :‬ل تصلح ‪ ،‬فاعله راجع إلى‬ ‫ن رفعنا ا ّ‬
‫لبغيا ‪ ،‬أي بغيهم علينا ل ّ‬

‫] ‪[ 18‬‬

‫ن الئمة من قريش ‪.‬‬


‫المامة المفهومة من قوله ‪ :‬إ ّ‬
‫عععععع‬

‫شححارحان البحرانححي و المعححتزلي‬ ‫ن هذا الفصل مححن الخطبححة حسححب مححا أشححار اليححه ال ّ‬ ‫اعلم أ ّ‬
‫صحححابة الححذين كححانوا ينححازعونه الفضححل ‪ ،‬و صحّدر الفصححل‬ ‫منافرة بينه و بيححن قححوم مححن ال ّ‬
‫صححهم بححه مححن‬
‫بالشارة إلى بعث الّرسل و الحكمة في بعثهححم فقححال ‪ ) :‬بعححث رسححله بمححا خ ّ‬
‫ل سبحانه و إن لم يجر له ذكر لعدم اللتباس كما فححي قححوله‬ ‫وحيه ( الضمائر راجعة إلى ا ّ‬
‫ل سححبحانه بواسححطة‬ ‫تعالى ‪ » :‬و أوحى إلى عبده ما أوحى ‪ « .‬و الوحى كلم مأخوذ من ا ّ‬
‫الملك ‪ ،‬و اللهام يحصل منه سبحانه بغير واسحطة ‪ ،‬و قيحل ‪ :‬الحوحى قحد يحصحل بشحهود‬
‫صححورى المتضحّمن للكشححف المعنححوي ‪ ،‬و اللهححام‬ ‫الملك و سماع كلمه فهو من الكشف ال ّ‬
‫ص الّرسحالة و متعّلحق بالظحاهر ‪ ،‬و اللهحام محن‬ ‫من المعنوى ‪ ،‬و أيضحا الحوحى محن خحوا ّ‬
‫ص الولية ‪ ،‬و أيضا هو مشروط بالتبليغ كما قال ‪ » :‬يا أّيهححا الّرسححول بّلححغ مححا انححزل‬ ‫خوا ّ‬
‫إليك من رّبك « دون اللهام ‪ ،‬و منهم من جعل اللهححام نوعححا مححن الححوحى فيكححون إطلق‬
‫الوحى على اللهام في قوله سبحانه ‪:‬‬

‫» و أوحى رّبك إلى الّنحل « » و أوحينا إلى ُاّم موسى « على سبيل الحقيقة ‪ ،‬و أّما على‬
‫سع و التجّوز ‪.‬‬ ‫سابقة فهو من باب التو ّ‬
‫القوال ال ّ‬

‫جححة بعححد الّرسححل و ) تجححب‬‫لح ح ّ‬


‫جة له على خلقه لئل ( يكححون للّنححاس علححى ا ّ‬‫) و جعلهم ح ّ‬
‫جة لهم عليه بترك العذار ( و الّتخويف و إبداء العذر في العقاب و تقححديمه ) إليهححم (‬ ‫الح ّ‬
‫جة و إزالة للعذر عنه في‬ ‫شرين و منذرين إتماما للح ّ‬ ‫يعني أّنه سبحانه إّنما أرسل رسله مب ّ‬
‫ن العقاب بل بيان قبيح على الحكيم كما قال تعححالى ‪ » :‬و مححا كنححا‬ ‫العقاب على العصيان ل ّ‬
‫معّذبين حّتى نبعث رسول « ‪.‬‬

‫فان قلت ‪ :‬هذا ينافي بالقول بالواجبات العقلّية و كفايححة حكححم العقححل بححالوجوب أو التحريححم‬
‫فيما استقل بحسنه أو قبحه و لو لم يبعث الّرسحل كمحا هححو محذهب العدلّيححة محن الماميححة و‬
‫المعتزلة ‪.‬‬

‫] ‪[ 19‬‬

‫حة مذهبهم يقتضي أن يحمل عمححوم اللفححاظ‬ ‫نصّ‬ ‫شارح المعتزلي بأ ّ‬‫قلت ‪ :‬قد أجاب عنه ال ّ‬
‫جححة فيمححا لححم‬
‫لح ح ّ‬
‫ن المراد بها الخصوص ‪ ،‬فيكون الّتأويل لئل يكون للّنححاس علححى ا ّ‬ ‫على أ ّ‬
‫شرعّيات ‪ ،‬و كذلك و ما كّنا معّذبين على ما لححم يكححن‬ ‫ل العقل على وجوبه و ل قبحه كال ّ‬ ‫يد ّ‬
‫ن العمومححات مخصوصححة بغيححر‬ ‫صححله أ ّ‬
‫العقححل دليل عليححه حّتححى نبعححث رسححول ‪ ،‬و مح ّ‬
‫ل لحكمه‬ ‫ل فيما استق ّ‬‫ن المقصود بالية و ما كّنا معّذبين قبل بعث الّرسل إ ّ‬ ‫المستقلت ‪ ،‬و أ ّ‬
‫العقل ‪ ،‬هذا ‪.‬‬
‫و يمكن الجواب بابقاء الية على عمومها و التصّرف في البعث بأن يجعححل بعححث الّرسححل‬
‫كناية أو مجازا عن مطلق بيان التكليف و لو بلسان العقل كمححا فححي المسححتقلت العقلّيححة إ ّ‬
‫ل‬
‫أّنه لّما كان الغالب بل الغلب كون البيان بالّرسول ‪،‬‬

‫فعّبر به عنه كما في قولك ل أبححرح هححذا المكححان حّتححى يححؤّذن المححؤّذن ‪ ،‬مريححدا بححه دخححول‬
‫الوقت إذ كثيرا ما يعلم دخوله به ‪.‬‬

‫ل سححبحانه‬ ‫صدق ( و هو لسان النبياء و الحجج ‪ ،‬لّنهم تراجمة وحى ا ّ‬ ‫) فدعاهم بلسان ال ّ‬
‫و يقرب منه ما في شرح البحراني قال ‪ :‬هو لسان الشححريعة الّناطقححة عححن مصححباح الّنبححوة‬
‫شححرع‬ ‫ق ( و هححو سححبيل الحّدين و نهححج ال ّ‬
‫ق سححبحانه ) إلححى سححبيل الحح ّ‬
‫المشتعل عن نور الح ّ‬
‫المبين ‪.‬‬

‫سلم إلى الحكمححة فححي بعححث الّرسححل أردفححه بححالّتنبيه علححى الغححرض مححن‬ ‫و لّما أشار عليه ال ّ‬
‫ل تعالى قد كشف الخلق كشفة ( أي أبداهم و أظهر حححالهم‬ ‫نا ّ‬‫الّتكليف و هو قوله ‪ ) :‬أل إ ّ‬
‫شححقاوة و‬
‫سححعادة و ال ّ‬
‫بما تعّبدهم به مححن الحكححام إذ بالتعّبححد بهححا يظهححر مححا هححم عليححه مححن ال ّ‬
‫الجحود و الّتسليم ‪ ،‬و هححذا معنححى مححا قيححل إّنححه أراد بالكشححف الختبححار و البتلء ) ل ( ل‬
‫) أّنه جهل ما أخفوه من مصون أسرارهم و ( أضمروه من ) مكنون ضمائرهم ( بل هححو‬
‫ضمائر ‪.‬‬
‫سرائر و الخبير بمكنونات ال ّ‬ ‫العالم بال ّ‬

‫سر و أخفى ‪ ،‬و ل يعزب عنه مثقححال ذّرة فححي الرض و ل‬ ‫و إن تجهر بالقول فاّنه يعلم ال ّ‬
‫ل هححو سادسححهم و ل‬
‫ل هو رابعهم و ل خمسححة إ ّ‬
‫سماء ‪ ،‬و ما يكون من نجوى ثلثة إ ّ‬ ‫في ال ّ‬
‫ل هو معهم ‪ ،‬على ما مّر تحقيقا و تفصيل في‬ ‫أدنى من ذلك و ل أكثر إ ّ‬

‫] ‪[ 20‬‬

‫سابع من الخطبة الولى ‪ ،‬و فححي شححرح الخطبححة الّتاسححعة و الربعيححن و‬ ‫تنبيهات الفصل ال ّ‬
‫الخطبححة الخامسححة و الّثمححانين فليراجححع ) و لكححن ( كشححفهم ) ليبلححوهم أّيهححم أحسححن عمل (‬
‫سححموات و‬‫شريفة فححي سححورة هححود قححال تعححالى ‪ » :‬و هححو الححذي خلححق ال ّ‬‫اقتباس من الية ال ّ‬
‫الرض في سّتة أّيام و كان عرشه على الماء ليبلوكم أّيكم أحسن عمل « ‪.‬‬

‫ي ‪ :‬معناه أّنه خلق الخلق و دّبر المور ليظهر إحسان المحسن فححاّنه الغححرض‬ ‫طبرس ّ‬‫قال ال ّ‬
‫في ذلك أي ليعاملكم معاملة المبتلى المختبر لئل يتححوهم أّنححه سححبحانه يجححازى العبححاد علححى‬
‫حسب ما في معلومه أّنه يكون منهم قبل أن يفعلوه ‪.‬‬

‫و في سورة الملك » اّلذي خلق الموت و الحيوة ليبلوكم أّيكم أحسن عمل « ‪.‬‬
‫ل عامل بقدر عمله‬ ‫ي ‪ :‬أي ليعاملكم معاملة المختبر بالمر و الّنهى فيجازى ك ّ‬‫طبرس ّ‬
‫قال ال ّ‬
‫‪ ،‬و قيل ‪ :‬ليبلوكم أّيكم أكثر للموت ذكرا و أحسن له استعدادا و أحسن صححبرا علححى مححوته‬
‫و موت غيره ‪ ،‬و أّيكم أكثر امتثال للوامر و اجتنابا عن الّنواهي في حال حياته ‪.‬‬

‫ل عليه و آله عن قوله تعالى ‪ » :‬أّيكم أحسن عمل « مححا‬ ‫قال أبو قتادة سألت الّنبي صّلى ا ّ‬
‫ل عليححه و آلححه و سحّلم ‪ :‬يقححول ‪ :‬أّيكححم أحسححن عقل ثحّم قححال ‪ :‬أتّمكححم‬
‫عنى به ؟ فقال صّلى ا ّ‬
‫ل به و نهى عنه نظححرا ‪ ،‬و إن كححان أقّلكححم‬ ‫ل خوفا ‪ ،‬و أحسنكم فيما أمر ا ّ‬ ‫عقل ‪ ،‬و أشّدكم ّ‬
‫تطّوعا ‪.‬‬

‫ل عليه و آله أّنه تلى تبارك الذي بيده الملك إلى قوله ‪:‬‬
‫ي صّلى ا ّ‬
‫و عن ابن عمر عن الّنب ّ‬

‫لح ‪ ،‬و أسححرع فححي‬


‫أّيكم أحسن عمل ‪ ،‬ثّم قال ‪ :‬أّيكححم أحسححن عقل ‪ ،‬و أورع عححن محححارم ا ّ‬
‫ل ‪ ،‬و عن الحسن أّيكم أزهد في الّدنيا و أترك لها انتهى ‪.‬‬
‫طاعة ا ّ‬

‫لح سححبحانه لعبححاده فححي شححرح الخطبححة‬ ‫أقول ‪ :‬و قد مضى تفصيل الكلم في معنى ابتلء ا ّ‬
‫صله أّنه سبحانه يختبر عباده مع علمه بمححا يححؤل اليححه أمرهححم مححن‬ ‫ستين ‪ ،‬و مح ّ‬ ‫الثانية و ال ّ‬
‫ل عامححل‬ ‫سححعادة أو شححقاوة بححأوامره و نححواهيه ‪ ،‬و يعححاملهم معاملححة المختححبر ليجححازي ك ح ّ‬
‫ل بعحد وقحوع الفعحل و العمحل منحه‬ ‫بمقتضى فعله و عمله ‪ ،‬كما ل يجازي المختبر للغيحر إ ّ‬
‫) فيكححون الثححواب ( منححه تعححالى ) جححزاء ( للحسححنات بمقتضححى فضححله ) و العقححاب بححواء (‬
‫للسّيئات بمقتضى عدله ‪.‬‬

‫] ‪[ 21‬‬

‫ثّم إّنه لّما أشار الى الحكمة في بعث الّرسل و نّبه على الغرض من الّتكليف أردفه بقوله ‪:‬‬
‫) أين اّلذين زعموا أّنهم الّراسخون في العلم دوننا ( و غرضه بذلك توبيخ الّزاعمين لذلك‬
‫ن الّرسوخ في العلم مخصوص بأهل بيححت الوليححة عليهححم‬
‫و النكار عليهم و الّتنبيه على أ ّ‬
‫ن غيرهم كاذب في دعوى الّرسوخ ‪.‬‬ ‫سلم و أ ّ‬
‫ال ّ‬

‫و هذه الّدعوى منهم أعنى اختصاصهم بالّرسوخ قد شهد عليه البراهين العقلية و النقلية و‬
‫صة ‪.‬‬
‫ص عليه العاّمة و الخا ّ‬
‫ن ّ‬

‫شارح المعتزلي في شرح هذا المقام حيث قال ‪ :‬إّنه كناية و إشححارة‬ ‫اما العامة فلما أورده ال ّ‬
‫صحابة كانوا ينازعونه الفضل ‪ ،‬فمنهم من كححان يحّدعى لححه أّنححه أفححرض ‪ ،‬و‬ ‫إلى قوم من ال ّ‬
‫منهم من كان يّدعى له أّنه أقرء ‪ ،‬و منهم من كان يّدعى له أّنه أعلححم بححالحلل و الحححرام ‪،‬‬
‫هذا ‪.‬‬
‫ن القضححاء يحتححاج إلححى‬‫سلم أفضل » أقضى ظ « الّمححة و أ ّ‬ ‫مع تسليم هؤلء له أّنه عليه ال ّ‬
‫ل واحدة منها ل تحتاج إلى غيرها ‪ ،‬فهححو إذا أجمححع للفقححه و أكححثرهم‬‫كلّ هذه الفضائل و ك ّ‬
‫ل أنه لم يرض بذلك ‪ ،‬و لم يصدق الخبر ‪ 1‬الححذي قيححل أفرضححكم فلن إلححى‬ ‫احتواء عليه إ ّ‬
‫آخره ‪ ،‬فقال إّنه كذب و افتراء حمل قوما علححى وضححعه الحسححد و البغححى و المنافسححة لهححذا‬
‫ى من بني هاشم ‪.‬‬ ‫الح ّ‬

‫و أما الخاصة فقد تظافرت رواياتهم على ذلك ‪.‬‬

‫سححلم‬
‫لح عليححه ال ّ‬
‫ففي البحار من بصائر الّدرجات باسناده عن أبي بصححير عححن أبححي عبححد ا ّ‬
‫قال ‪ :‬نحن الّراسخون في العلم و نحن نعلم تأويله ‪.‬‬

‫لح بحن حّمححاد عحن بريححد البجلححي »‬ ‫و من البصائر أيضا عن إبراهيم بن إسحاق عن عبحد ا ّ‬
‫لح و‬
‫سلم فححي قححوله تعححالى ‪ » :‬و مححا يعلححم تححأويله إلّ ا ّ‬
‫العجلى ظ « عن أحدهما عليهما ال ّ‬
‫ل أفضححل الّراسححخين‬ ‫ل عليه و آله و سّلم فرسول ا ّ‬ ‫الّراسخون في العلم « آل محّمد صّلى ا ّ‬
‫ل لينزل عليه‬ ‫ل جميع ما أنزله عليه من التنزيل و التأويل ‪ ،‬و ما كان ا ّ‬ ‫في العلم قد عّلمه ا ّ‬
‫شيئا لم يعّلمه تأويله ‪ ،‬و أوصياؤه من بعده يعلمونه كّله ‪.‬‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬ت تت تت تتتت تت تت تتتتتت تت ت ت ت ت تتت‬
‫ت تتتتتت تتت ت تتت‬

‫] ‪[ 22‬‬

‫و من مناقب ابن شهر آشوب عن أبي القاسم الكوفي قال ‪ :‬روى في قوله ‪:‬‬

‫ن الراسححخون فححي العلححم مححن قرنهححم‬


‫ل و الّراسححخون فححي العلححم « إ ّ‬
‫لا ّ‬
‫» و ما يعلم تأويله إ ّ‬
‫ي الحوض ‪.‬‬ ‫الّرسول بالكتاب و أخبر أنهما لن يفترقا حتى يردا عل ّ‬

‫لزم ل يحزول عحن ححاله و ليحس يكحون‬ ‫قال صاحب المناقب ‪ :‬و في الّلغحة الّراسحخ هحو ال ّ‬
‫سلم في وقت ولدته قال‬ ‫ل على العلم في ابتداء نشوه كعيسى عليه ال ّ‬ ‫ل من طبعه ا ّ‬‫كذلك إ ّ‬
‫ل آتاني الكتاب « الية ‪ ،‬فأما مححن يبقححى السححنين الكححثيرة ل يعلححم ثحّم يطلححب‬‫‪ » :‬إّني عبد ا ّ‬
‫العلم فينا له من جهة غيره على قححدر مححا يجححوز أن ينححاله منححه فليححس ذلححك مححن الراسححخين‬
‫ل صغيرا انتهى ‪.‬‬ ‫يقال ‪ :‬رسخت عروق الشجر في الرض و ل يرسخ إ ّ‬

‫و هذا هو الّدليل العقلى على اختصاص الّرسوخ لهم مضحافا إلححى الدّلححة الخححر ل نطحول‬
‫بذكرها ‪.‬‬
‫و لمكان الختصاص كذب المحّدعين للتصححاف بالرسححوخ و الزاعميححن لختصاصححه بهححم‬
‫لح و‬‫دونهم بقوله ) كذبا و بغيحا علينححا ( و حسححدا لنحا و عّلحة كححذبهم و بغيهححم ) أن رفعنحا ا ّ‬
‫ل درجاتنا في الّدنيا و الخرة على الكاّفة و وضعهم ‪.‬‬ ‫وضعهم ( أى رفع ا ّ‬

‫ل أن ترفع « فقد روى في غاية المرام من‬ ‫ل عليه قوله سبحانه ‪ » :‬في بيوت أذن ا ّ‬ ‫كما يد ّ‬
‫لح‬
‫تفسير الثعلبي في تفسير هذه الية برفع السناد إلى أنس بن مالك قال ‪ :‬قححرء رسححول ا ّ‬
‫ى بيوت هذه ؟ قال ‪:‬‬‫لأ ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم هذه الية فقام رجل فقال ‪ :‬يا رسول ا ّ‬
‫صّلى ا ّ‬

‫يو‬ ‫ل هذا البيت منها ؟ يعني بيححت عل ح ّ‬‫بيوت النبياء ‪ ،‬فقام إليه أبو بكر فقال ‪ :‬يا رسول ا ّ‬
‫ل عليه و آلححه و سحّلم ‪ :‬نعححم مححن أفاضححلها ‪ ،‬و بمعناهححا روايححات اخححر‬
‫فاطمة ‪ ،‬قال صّلى ا ّ‬
‫عامية و خاصية ‪.‬‬

‫) و أعطانا و حرمهم ( أي آتانا النبّوة و الخلفة و المامة و حرمهم هذه كما قال تعالى ‪:‬‬
‫سحلم فحي‬‫لح محن فضحله « ‪ ،‬قحال أبحو جعفحر عليحه ال ّ‬
‫» أم يحسدون الناس على ما آتحاهم ا ّ‬
‫ل من المامة دون‬ ‫المرّوى من بصائر الدّرجات ‪ :‬فنحن الناس المحسودون على ما آتانا ا ّ‬
‫ل جميعا ‪.‬‬
‫خلق ا ّ‬

‫و من مناقب ابن شهر آشوب و تفسير العياشي عن أبي سعيد المؤدب عن ابن عباس فححي‬
‫ل من فضله « قال ‪ :‬نحن الناس‬
‫قوله » أم يحسدون الناس على ما آتيهم ا ّ‬

‫] ‪[ 23‬‬

‫و فضله النبوة ‪.‬‬

‫صححة أّنححه‬
‫صة ) و أخرجهم ( منها و من جملة تلححك العنايححة الخا ّ‬ ‫) و أدخلنا ( في عناية الخا ّ‬
‫سححلم ‪،‬‬ ‫شارعة في المسجد غيححر بححاب أميححر المححؤمنين عليححه ال ّ‬ ‫سبحانه أمر بسّد البواب ال ّ‬
‫ل عليححه و آلححه بس حّد‬‫ل صّلى ا ّ‬ ‫روى الحمويني بسنده عن بريد السلمي قال ‪ :‬أمر رسول ا ّ‬
‫لح‬‫ل عليه و آله فلّما بلغ ذلك رسححول ا ّ‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫ق ذلك على أصحاب رسول ا ّ‬ ‫البواب فش ّ‬
‫صلة جامعة حّتى إذا اجتمعوا صححعد المنححبر فلححم يسححمع‬ ‫ل عليه و آله و سّلم دعا ال ّ‬ ‫صّلى ا ّ‬
‫ل تحميدا و تعظيما في خطبة مثل يومئذ فقال ‪ :‬يا أّيها الّناس ما أنححا سححددتها و ل‬ ‫لرسول ا ّ‬
‫ل صاحبكم و مححا‬ ‫ل سّدها ‪ ،‬ثّم قرء ‪ » :‬و الّنجم إذا هوى ما ض ّ‬ ‫ل عّز و ج ّ‬
‫أنا فتحتها ‪ ،‬بل ا ّ‬
‫ل وحى يوحى « ‪ ،‬و قال رجل ‪ :‬دع لى كححّوة تكححون‬ ‫غوى و ما ينطق عن الهوى إن هو ا ّ‬
‫ل عليه مفتوحا و كان يدخل و يخححرج منححه و‬ ‫ي صلوات ا ّ‬ ‫في المسجد فأبى و ترك باب عل ّ‬
‫هو جنب ‪.‬‬
‫سححلم العلم و المنححار و نححور النححوار و شححموس‬ ‫) بنا يسححتعطى الهححدى ( لّنهححم عليححه ال ّ‬
‫ظلماء ‪ ،‬و الهداة لمن اهتدى في الخرة و الولى على‬ ‫ضياء و كواكب الّدجى و نجوم ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ما مّر تحقيقا و تفصيل في شرح الخطبة الرابعة ‪.‬‬

‫شحة حيث استعير العمححى للضححللة بجححامع‬


‫) و يستجلى العمى ( و هو استعارة وفاقّية مر ّ‬
‫عدم الهتداء و قرن بما يليم المستعار منه و هو الستجلء ‪.‬‬

‫ن الئمة من قريش ( مححأخوذ مححن الحححديث الّنبححوي المعححروف بيححن‬ ‫سلم ) إ ّ‬


‫و قوله عليه ال ّ‬
‫الفريقين حسب ما تطلع عليه في التنبيه التى ‪ ،‬و هو مفيد للحصر كما نّبه عليححه العلمححة‬
‫ن المعّرف بلم الجنس‬ ‫التفتازاني في باب تعريف المسند من شرح التلخيص حيث قال ‪ :‬إ ّ‬
‫إن جعل مبتدء فهو المقصور على الخبر سواء كان الخبر معّرفححا بلم الجنححس أو غيححره ‪،‬‬
‫شجاع أي ل الجبان و المير هذا أو زيححد‬ ‫نحو الكرم هو التقوى أي ل غيرها ‪ ،‬و المير ال ّ‬
‫لح و‬‫ل و التفححويض إلححى أمححر ا ّ‬‫أو غلم زيد أو كان غير معّرف أصل نحو التوكل على ا ّ‬
‫ن الجنس حينئذ يّتحد مححع واحححد مّمححا يصححدق عليححه‬ ‫الكرم في العرب و المام من قريش ل ّ‬
‫الخبر فل يتحّقق بدون ذلك الواحد ‪ ،‬لكن يمكن تحّقححق واحححد منححه فححي الجملححة بححدون ذلححك‬
‫الجنس فيلزم أن يكون الكرم مقصورا على الّتصاف بكونه‬

‫] ‪[ 24‬‬

‫في العرب ‪ ،‬و ل يلزم أن يكون ما في العرب مقصورا على التصححاف بححالكرم ‪ ،‬و علححى‬
‫هذا القياس ‪.‬‬

‫لح و كحلّ‬
‫ل توّكححل علححى ا ّ‬
‫ن كح ّ‬
‫ن المعنححى أ ّ‬
‫قال المحقق الشريف في وجححه إفححادته القصححر ل ّ‬
‫ل كرم في العرب فيلزم أن يكون الكرم مقصورا على التصححاف‬ ‫لوكّ‬ ‫تفويض إلى أمر ا ّ‬
‫ل فرد منه موصوف بكونه فيهم فل يوجد فرد منه في غيرهححم ‪،‬‬ ‫نكّ‬‫بكونه في العرب ‪ ،‬ل ّ‬
‫ل ما هو كائن في العرب موصوفا بكححونه كرمححا ‪ ،‬لئل يلححزم‬ ‫و ل يلزم من ذلك أن يكون ك ّ‬
‫قصر الخبر على المبتداء انتهى ‪.‬‬

‫فقد ظهر بذلك أّنه لغبار على إفادته القصر و إن اختلف أنظارهم في وجه إفادته لححه ‪ ،‬و‬
‫ليكن هذا على ذكر منك تثنّبه به على فساد أكثر ما ذهب إليه المعتزلححة فححي بححاب المامححة‬
‫ل‪.‬‬
‫شارح المعتزلي عنهم على ما تطلع عليه في التنبيه التي إنشاء ا ّ‬ ‫حسب ما حكاه ال ّ‬

‫شريف مححع الحححد‬ ‫و قوله ‪ ) :‬غرسوا في هذا البطن ( المعّين ) من هاشم ( أراد به نفسه ال ّ‬
‫لح عليهححم و قححوله ‪:‬‬
‫عشر من ولده على ما هو مذهب أصحابنا المامّية المحّقة رضححوان ا ّ‬
‫) ل تصلح ( أي المامة المستفادة من سوق الكلم ) على سواهم و ل تصححلح الححولة مححن‬
‫سابق و اختصاص المامة بالعترة الطاهرة‬ ‫ل عليه القصر ال ّ‬‫غيرهم ( و هو تأكيد لما قد د ّ‬
‫سلم كما هو مدلول الفقرة الخيرة ‪.‬‬ ‫أعنى الئمة الثنى عشر عليهم ال ّ‬

‫ن للولية و المامة خصائص بها يتأهل لها ‪ ،‬و تلك الخصححائص موجحودة فيهححم‬ ‫و وجهه أ ّ‬
‫سححلم كمححا تقحّدم تحقيححق ذلححك و‬
‫ل لهححم عليهححم ال ّ‬
‫غيححر موجححودة فححي غيرهححم ‪ ،‬فل تصححلح إ ّ‬
‫توضيحه في شرح الفصل الخامس من الخطبة الّثانية في معنى قححوله ‪ :‬و لهححم خصححائص‬
‫ق الولية ‪ ،‬و فيهم الوصّية و الوراثة ‪.‬‬
‫حّ‬

‫ععععع‬

‫ن الئمة من قريش إلى آخر الفصل‬


‫شارح المعتزلي في شرح قوله ‪ :‬إ ّ‬
‫قال ال ّ‬

‫] ‪[ 25‬‬

‫ما لفظه ‪ :‬قد اختلف الّناس في اشتراط الّنسب في المامة ‪.‬‬

‫يو‬
‫فقال قوم من قدماء أصحابنا ‪ :‬الّنسب ليس فيها شرطا أصل و أّنها تصحلح فحي القرشح ّ‬
‫شححرائط المعتححبرة و اجتمعححت الكلمححة و هححو قححول‬
‫غير القرشي إذا كان فاضل مسححتجمعا لل ّ‬
‫الخوارج ‪.‬‬

‫ل فححي العححرب‬
‫ن الّنسب شرط فيها و إّنها ل تصلح إ ّ‬
‫و قال أكثر أصحابنا و أكثر الّناس ‪ :‬إ ّ‬
‫صة ‪.‬‬
‫صة و من العرب فقريش خا ّ‬ ‫خا ّ‬

‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬الئمة من قريححش أنّ‬ ‫ي صّلى ا ّ‬


‫و قال أكثر أصحابنا ‪ :‬معنى قول النب ّ‬
‫القرشّية شرط إذا وجد في قريش من يصلح للمامة فان لم يكححن فيهححا مححن يصححلح فليسححت‬
‫القرشّية شرطا فيها ‪.‬‬

‫و قال بعض أصحابنا ‪ .‬معنى الخبر أّنه ل يخلو قريش أبدا مّمن يصححلح للمامححة فححأوجبوا‬
‫ل عصر و زمان ‪.‬‬ ‫بهذا الخبر وجود من يصلح من قريش لها في ك ّ‬

‫و قال معظم الّزيدية ‪ :‬إّنها في الفاطمّيين خاصة من الطالبيين ل تصلح في غيححر البطنيححن‬
‫ل بشرط أن يقوم بها و يدعو إليها فاضل زاهححد عححالم عححادل شححجاع سححائس و‬‫و ل تصح إ ّ‬
‫ي و هو من أقوالهم الشاّذة ‪.‬‬
‫بعض الزيدية يجيز المامة في غير الفاطمّيين من ولد عل ّ‬

‫صصوها بالعباس و ولده من بطون قريش كّلها و هو القول الححذي‬‫و أما الراوندية فانهم خ ّ‬
‫ظهر في أيام المنصور و المهدي ‪.‬‬
‫سححلم فححي الشححخاص‬
‫و أمححا الماميححة فححانهم جعلوهححا سححارية فححي ولححد الحسححين عليححه ال ّ‬
‫ح عندهم لغيرهم ‪.‬‬ ‫المخصوصين و ل تص ّ‬

‫و جعلها الكيسانية في محّمد بن الحنفية و ولده ‪.‬‬

‫و منهم من نقلها منه إلى ولد غيره ‪.‬‬

‫ثّم قال الشارح ‪ :‬فان قلت ‪ :‬إنك شرحت هذا الكتاب على قواعد المعتزلححة و اصححولهم فمححا‬
‫ل فححي بنححي هاشححم‬
‫ن المامححة ل يصححلح مححن قريححش إ ّ‬‫قولك في هذا الكلم و هو تصريح بححأ ّ‬
‫خريهم ‪.‬‬‫خاصة و ليس ذلك بمذهب المعتزلة ل متقّدميهم و ل متأ ّ‬

‫] ‪[ 26‬‬

‫ن عليا قاله كما قال لّنه ثبححت عنححدى‬


‫حأّ‬
‫قلت ‪ :‬هذا الموضع مشكل ولى فيه نظر و إن ص ّ‬
‫ق يدور معه حيثما دار ‪،‬‬ ‫ن الح ّ‬
‫قوإّ‬‫ل عليه و آله قال ‪ :‬إّنه مع الح ّ‬
‫ي صّلى ا ّ‬
‫ن النب ّ‬
‫أّ‬

‫ن المراد به كمال المامة كما حمححل قححوله‬ ‫و يمكن أن يتأّول على مذهب المعتزلة فيحمل أ ّ‬
‫ل في المسححجد علححى نفححي الكمححال ل‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬ل صلة لجار المسجد إ ّ‬‫صّلى ا ّ‬
‫حة ‪ ،‬انتهى كلمه هبط مقامه ‪.‬‬
‫على نفى الص ّ‬

‫شارح من القوال و أورده في هذا المقام عن أصحابه المعتزلححة‬


‫صل ‪ :‬ما حكاه ال ّ‬
‫أقول مح ّ‬
‫و غيرهم عشرة ‪.‬‬

‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬الئمة من قريش لفادته القصر‬‫أّما القول الّول فيبطله قوله صّلى ا ّ‬
‫و اشتراطه الّنسب حسب ما عرفت سابقا ‪.‬‬

‫و أّما القول الثاني فهو مسّلم لكن ل على اطلقه بل بتقييححد القرشححي بححالبطن المخصححوص‬
‫من هاشم أعنى عليا و ولده للدّلة التية الدالة عليه مضافة إلى ما تقّدم من تصريح علحح ّ‬
‫ي‬
‫سلم به ‪.‬‬
‫عليه ال ّ‬

‫ن معنى الّنبوى أّنه ل بّد أن يكون المام مححن قريححش ‪ ،‬و‬


‫و أّما القول الّثالث ففيه إنا قّدمنا أ ّ‬
‫عليه فل معنى لقولهم فان لم يكن فيها من يصلح فليست القرشحّية شححرطا فيهححا ‪ ،‬ضححرورة‬
‫أنه إذا لم تكن شرطا فيها على تقدير عدم وجود من يصلح لجاز أن يكون من غيرها لكنه‬
‫باطل بمقتضى القصر و لزمه أنه إذا فرض عدم وجود من يصلح مححن قريححش لهححا أن ل‬
‫يكون هناك امام أصل على ما هو قضية الشحرطية المسحتفادة محن القصحر ل وجحوده محن‬
‫غير قريش على ما زعموا ‪.‬‬
‫ن قريشححا‬‫ن المام ل بّد أن يكون من قريش و أما أ ّ‬ ‫ن مفاد الخبر أ ّ‬‫و أما القول الّرابع ففيه أ ّ‬
‫ل عصححر و زمححان مححن يصححلح للمامححة فل دللححة للخححبر عليححه‬ ‫ل بّد أن يكون منهم فححي كح ّ‬
‫باحدى من الدللت ‪ ،‬نعم قححد قححامت الدّلححة العقليححة و النقليححة علححى مححا تقحّدمت فححي شححرح‬
‫ن الّزمححان ل يخلححو مححن‬
‫الفصل الخامس عشر من الخطبة الولى و في غيره أيضا علححى أ ّ‬
‫ن قريشححا ل تخلححو مححن أن‬ ‫ن الئمة من قريش إلى تلك الدّلة يثبححت أ ّ‬ ‫جة ‪ ،‬فيضّم قوله ‪ :‬إ ّ‬ ‫حّ‬
‫ل عصر إمام ‪ ،‬نظير دللة قوله سبحانه ‪:‬‬ ‫يكون منهم في ك ّ‬

‫] ‪[ 27‬‬

‫ن حححولين كححاملين « بضححميمة قححوله ‪ » :‬و حملححه و فصححاله‬


‫» و الوالدات يرضعن اولدهح ّ‬
‫ل أنه دللة تبعّية غير مقصودة ‪.‬‬ ‫ن أقل مّدة الحمل ستة أشهر إ ّ‬
‫ثلثون شهرا « على أ ّ‬

‫و أما القول الخامس فهو مسّلم لكن ل في مطلق الطالبى و الفاطمي ‪ ،‬بححل فححي الشححخاص‬
‫المخصوصة أعنى الئمة الثنى عشر ‪ ،‬و ما ذكروه من الشروط أعنى القيام و الّدعوة و‬
‫ل عليها دليل من الكتحاب و السحنة ‪ ،‬و عمحدة شحروطها العصحمة و النحص و‬ ‫السياسة لم يد ّ‬
‫الفضلية ‪ ،‬و لها شرايط اخر مذكورة في الكتب الكلمية لصحابنا و أما القححول السححادس‬
‫و السابع فشاّذان ضعيفان ل يعبأ بهما مع قيام الدّلة القاطعة على خلفهما ‪.‬‬

‫ق أن يدان و يّتبع ‪ ،‬و عليه دّلت النصححوص‬


‫ق الذى أح ّ‬
‫و أما القول الثامن فهو المذهب الح ّ‬
‫المعتبرة المتواترة ‪.‬‬

‫و أما القول التاسع و العاشر فكالسادس و السابع ضعيفان أيضا ‪ ،‬هذا ‪.‬‬

‫و بقى الكلم مع الشارح فيما ذكره جوابا عن العححتراض الححذى أورده علححى نفسححه أعنححي‬
‫قوله قلت ‪ :‬هذا الموضع مشكل ولى فيه نظر إلى قوله ‪ :‬حيثما دار ‪.‬‬

‫فأقول ‪ :‬هذا الجواب يستشّم منه ميل الشارح إلحى محذهب الشحّيعة المامّيحة كمحا هحو زعحم‬
‫ن أكححثر كلمححاته‬‫لأّ‬ ‫بعض العاّمة بحل أكححثرهم حيححث ينسححبونه إلحى التشحّيع و يتححبّرون منححه إ ّ‬
‫ل ح فححي‬
‫صححريحة فححي اختيححاره مححذهب العححتزال حسححب مححا عرفتهححا و سححتعرفها إنشححاء ا ّ‬
‫تضاعيف الشرح على ما جرى عليه ديدننا و التزمنححا بححه مححن حكايححة كّلمححا وقححع فيححه منححه‬
‫خطاء و زّلة من كلمه و تعقيبه بالتنبيه على هفواته و آثامه ‪.‬‬

‫حة الّروايححة ل غبححار عليهححا‬‫نصّ‬ ‫ل اشكال و ل نظر ل ّ‬ ‫ن هذا الموضع ليس مح ّ‬ ‫ثّم أقول ‪ :‬إ ّ‬
‫ن مضححمونها معتضححد و موافححق‬ ‫لأّ‬ ‫فاّنها و إن رواهححا السحّيد ) ره ( علححى نحححو الرسححال إ ّ‬
‫سند حسب ما تعرف‬ ‫للخبار النبوية و غير الّنبوية المعتبرة العامّية و الخاصّية القطعّية ال ّ‬
‫ل تعالى ‪ ،‬و بالجملة فليس الدليل منحصرا في المقام في هذه‬ ‫جملة منها عن قريب انشاء ا ّ‬
‫حتها ‪ ،‬بل لنححا علححى هححذه الحّدعوى أدّلححة قاطعححة متظححافرة بححل‬
‫الّرواية حّتى يستشكل في ص ّ‬
‫متواترة حسب ما تطلع عليها ‪.‬‬

‫] ‪[ 28‬‬

‫و أما قول الشارح و يمكن أن يتأّول و يطبق على مذهب المعتزلة ففيه ‪:‬‬

‫ن المامححة منصححب إلهححي و ملححك عظيححم غيححر قابححل للكمححال و الّنقصححان و الش حّدة و‬
‫أول إ ّ‬
‫شححرائط‬‫ضحعف ‪ ،‬بححل لهحا شححروط و خصححال بهحا يتأّهححل لهحا ‪ ،‬فحيحث مححا وجحدت تلححك ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫سلم ‪ :‬الئمة من قريش ‪،‬‬ ‫وجدت ‪ ،‬و حيث ما انتفت انتفت ‪ ،‬فل معنى لحمل قوله عليه ال ّ‬

‫على المامة الكاملة إذ ليس لنا إمامة ناقصة ‪.‬‬

‫ح توصححيفه‬ ‫ل أن يجعل المراد بالمام معناه الّلغوى أعنى مطلق المقتدى فحينئذ يص ّ‬ ‫اللهّم إ ّ‬
‫ق و به يعححدلون ‪ ،‬و بالّنححاقص‬‫بالكمال و الّنقصان ‪ ،‬فيراد بالكامل الئمة اّلذين يهدون بالح ّ‬
‫ق جاهححدون ‪ ،‬و علححى ذلححك فيكححون معنححى قححوله ‪:‬‬
‫الئمة الذين يدعون إلى الّنار و هححم للحح ّ‬
‫الئمة من قريش آه ‪ ،‬المقتدين الكاملين يعني أئمة الهححدى مححن قريححش غرسححوا فححي البطححن‬
‫ضلل مححن غيححر‬ ‫المخصوص من هاشم ‪ ،‬فل ينافي وجود المقتدين الناقصين أعني أئمة ال ّ‬
‫ذلك البطن ‪.‬‬

‫ن غرضححه مححن حمححل‬ ‫شححارح ‪ ،‬ل ّ‬‫لكن هذا المعنى مضافا إلى أّنه مجاز مّمححا ل يلححتزم بححه ال ّ‬
‫حل ذلك الّتأويل إّنما هو تصحيح مذهب المعتزلححة و‬ ‫الحديث على كمال المامة ‪ ،‬و من تم ّ‬
‫رفع تضاّد الحديث لذلك المذهب ‪ ،‬فكيف يقّر و يذعن بضلل أئمتححه و لححه أن يجيححب عححن‬
‫ن المراد بالمام الكامل الفضل و الجمع للخلل ‪ 1‬الحميححدة ‪ ،‬و بالّنححاقص‬ ‫ذلك و يقول إ ّ‬
‫ن علّيا أفضححل مححن سححائر‬ ‫من دون ذلك كما يؤمى إليه اعترافه وفاقا لصحابه المعتزلي بأ ّ‬
‫الخلفاء على ما تقّدم تفصيل حكاية عنه فححي المقّدمححة الثانيححة مححن مقحّدمات الخطبححة الثالثححة‬
‫المعروفة بالشقشقية ‪.‬‬

‫جه عليه ما قّدمناه في المقّدمة المذكورة فححي المقصححد الّثححاني منهححا مححن أّنححه بعححد‬
‫ل أّنه يتو ّ‬
‫إّ‬
‫سلم ل يبقى لغيره إمامة و خلفة أصل ‪،‬‬ ‫القول و اللتزام بأفضلّية أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫لقبح ترجيح المرجوح على الراجح و غير الفضححل علححى الفضححل عقل و شححرعا فيبقححى‬
‫ايراد الذي أوردناه أعنى عدم كون المامة قابلة للّنقصان على حالها ‪.‬‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬تتتتتت تتتتتت تتتت تتتتت ت تت تتت ت ت‬
‫تتتتت تتتتتت تتت‬
‫] ‪[ 29‬‬

‫ن قوله ‪ :‬الئمة من قريش ‪ ،‬جمع محّلى‬ ‫ض عّما قلنا و المماشاة نقول ‪ :‬إ ّ‬
‫ن بعد الغ ّ‬
‫و ثانيا إ ّ‬
‫لم و كذلك قوله ‪ ،‬ل تصلح الولة من غيرهم ‪ ،‬و الجمع المحّلى مفيد للعمححوم و حقيقححة‬ ‫بال ّ‬
‫في الستغراق الحقيقي على ما قّرر في الصول و حملها على الئمححة و الححولة الكححاملين‬
‫يوجب صرف الستغراق إلى المجاز أعنى الستغراق العرفي و الصل فححي السححتعمال‬
‫الحقيقة ‪.‬‬

‫لم في لفظ الئمة و الولة للستغراق ‪ ،‬و إّنمححا هححى للجنححس كمححا‬
‫ل يقال ‪ :‬ل نسّلم كون ال ّ‬
‫صّرح به العلمة الّتفتازاني على ما حكيته عنه فيما تقّدم ‪ ،‬و عليه فل ينافي كححون بعححض‬
‫أفراد الئمة أعني غير الكاملين من غير قريش ‪.‬‬

‫لّني أقول ‪ :‬مراده من الجنس هو الستغراق ‪ ،‬لّنه صّرح في بححاب تعريححف المسححند إليححه‬
‫بكون الستغراق قسما من الجنس تبعا لصاحب التلخيص ‪ ،‬و يومى إلى ذلك أيضا ما قال‬
‫ل توّكل‬ ‫نكّ‬ ‫ل و الكرم في العرب ‪ ،‬أ ّ‬ ‫ن معنى قولنا ‪ :‬التوّكل على ا ّ‬ ‫المحقق الشريف ‪ :‬من أ ّ‬
‫ن كون بعض أفراد الئمة من غير‬ ‫ل كرم في العرب ‪ ،‬سّلمنا و لكن نقول إ ّ‬ ‫ل‪،‬وكّ‬ ‫على ا ّ‬
‫قريش ينافي القصر المسححتفاد مححن الحححديث علححى مححا حّققححه المحّققححان المححذكوران و قحّدمنا‬
‫حكايته عنهما فيما تقّدم ‪.‬‬

‫هذا كّله مضافا إلى وقوع الّتصريف » يححح ظ « فححي الخبححار النبوّيححة التيححة بالسححتغراق‬
‫صا في العموم و هو مؤّكد لكون السححتغراق هنححا‬ ‫الحقيقي و عدم احتمالها للتأويل لكونها ن ّ‬
‫أيضا حقيقيا ‪.‬‬

‫ن قياس الحديث على نحو ل صلة لجار المسجد و التمثيل بححه فاسححد ضححرورة أنّ‬ ‫و ثالثا ا ّ‬
‫لء الّنافية للجنس موضوعة لنفى الماهّيححة و حقيقححة فيححه كمححا فححي ل رجححل فححي الحّدار ‪ ،‬و‬
‫صحة و الكمححال و نحوهمحا مجححاز ل يصحار‬ ‫استعماله في نفى صفة من صفات الجنس كال ّ‬
‫ل بدليل ‪ ،‬و قد قام الّدليل على إرادة المعنى المجازي نحو ل صلة لجار المسجد إ ّ‬
‫ل‬ ‫إليه إ ّ‬
‫ل فححي ملححك ‪ ،‬و مححا‬
‫ي ‪ ،‬و ل عتق إ ّ‬‫ل بول ّ‬ ‫ل بشهود ‪ ،‬و ل نكاح إ ّ‬ ‫في المسجد ‪ ،‬و ل طلق إ ّ‬
‫ن الماهّية موجودة فيها جزما ‪ ،‬و إنما المنف ّ‬
‫ى‬ ‫ضاهاها ‪ ،‬لعلمنا بأ ّ‬

‫] ‪[ 30‬‬

‫حتها أو كمالها ‪ ،‬و أما فيما نحن فيه فأصالة الحقيقة محكمة لم يقم دليل علححى خلفهححا ‪،‬‬
‫صّ‬
‫فل وجه للتأويل بكمال المامة على ما زعمه ‪.‬‬

‫ن المامححة‬‫ن الئمة كّلهم مححن قريححش و أ ّ‬


‫إذا عرفت ذلك فلنتصّد لذكر الخبار الّدالة على أ ّ‬
‫سلم و ولده الحد عشر ‪ ،‬و هى كثيرة جّدا عامّية‬ ‫ي أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫مخصوصة بعل ّ‬
‫جة‬
‫و خاصّية و نحن نوره طائفة منها من طريق العاّمة لكونها أقلع لعذر الخصم و أبلغ ح ّ‬
‫لمة السّيد هاشم البحراني و هححو أحححد و‬
‫‪ ،‬نرويها من كتاب غاية المرام للسّيد المحّدث الع ّ‬
‫عشرون حديثا ‪.‬‬

‫ل محّمد بن إسماعيل البخاري في صحيحه عن عبد الملك قال ‪:‬‬


‫الول أبو عبد ا ّ‬

‫ل عليه و آله و سّلم يقول ‪ :‬يكون بعححدي‬‫ي صّلى ا ّ‬‫سمعت جابر بن سمرة قال ‪ :‬سمعت النب ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم كلمة لم أسمعها فسحألت أبححي محا ذا قحال ؟‬
‫اثنا عشر أميرا فقال صّلى ا ّ‬
‫قال ‪ :‬إّنه قال ‪ :‬كّلهم من قريش ‪.‬‬

‫ل عليه و آله و سححّلم ‪ :‬ل‬


‫ل صّلى ا ّ‬‫الثانى البخاري رفعه إلى ابن عيينة قال ‪ :‬قال رسول ا ّ‬
‫ى فسححألت أبححي‬
‫يزال أمر الّناس ماضيا ما وليهم اثنا عشر رجل ‪ ،‬ثّم تكّلم بكلمة خفيت عل ح ّ‬
‫ل ؟ فقال ‪ :‬قال ‪ :‬كّلهم من قريش ‪.‬‬
‫ما ذا قال رسول ا ّ‬

‫الثالث مسلم في صحيحه مسندا عن حصين عن جابر بن سمرة قال ‪ :‬دخلت مع أبي على‬
‫ن هذا المر ل ينقضي حّتى يمضي فيه‬ ‫ل عليه و آله و سّلم فسمعته يقول ‪ :‬إ ّ‬‫ي صّلى ا ّ‬
‫النب ّ‬
‫ي قال ‪ :‬فقلت لبي ما قال ؟ قال ‪:‬‬‫اثنا عشر خليفة ‪ ،‬قال ‪ :‬ثّم تكّلم بكلم خفي عل ّ‬

‫كّلهم من قريش ‪.‬‬

‫الرابع مسلم في صحيحه قال ‪ :‬حّدثنا ابن أبي عمر و قال ‪ :‬حّدثنا سححفيان عححن عبححد الملححك‬
‫ل ح عليححه و آلححه و س حّلم يقححول ‪ :‬ل‬
‫ي صّلى ا ّ‬
‫بن عمير عن جابر بن سمرة قال ‪ :‬سمعت النب ّ‬
‫ى فسححألت‬‫يزال أمر الّناس ماضيا ما ولّيهم اثنى عشر رجل ثّم تكّلم الّنبي بكلمة خفيت عل ح ّ‬
‫ل ؟ فقال ‪ :‬قال ‪ :‬كّلهم من قريش ‪.‬‬
‫أبي ما ذا قال رسول ا ّ‬

‫الخامس مسلم في صحيحه قال ‪ :‬حّدثنا هذاب بن خالد الزدى قال ‪ :‬حّدثنا حّماد بن سححلمة‬
‫لح‬
‫ل ح صحّلى ا ّ‬
‫عن سماك بن حرب قال ‪ :‬سمعت جابر بن سمرة يقححول ‪ :‬سححمعت رسححول ا ّ‬
‫عليه و آله و سّلم يقول ‪ :‬ل يزال السلم عزيزا الى اثنى عشر خليفة ثّم قال كلمة‬

‫] ‪[ 31‬‬

‫لم أفهمها فقلت لبي ما قال ؟ فقال ‪ :‬قال ‪ :‬كّلهم من قريش ‪.‬‬

‫السادس مسلم في صحيحه قال حّدثنا أحمد بن عثمان الّنوفلي حّدثنا أزهر حّدثنا أحمد بححن‬
‫لح‬
‫لح صحّلى ا ّ‬ ‫عون بن عثمان عن الشعبي عن جابر بن سمرة قال ‪ :‬انطلقت إلى رسحول ا ّ‬
‫عليه و آله و سّلم و معي أبي فسمعته يقول ‪ :‬ل يزال هححذا الحّدين عزيححزا منيعححا إلححى اثنححى‬
‫ل عليه و آله و سّلم كلمة أخفيها الّناس فقلت لبي ما قال ؟ قححال ‪:‬‬ ‫عشر خليفة فقال صّلى ا ّ‬
‫كّلهم من قريش السابع الحميدى في الجمع بين الصحيحين قال ‪ :‬و فححي روايححة مسححلم عححن‬
‫ى جابر بن سمرة مححع غلمححى نححافع أن أخححبرني‬ ‫حديث عامر بن أبي وقاص قال ‪ :‬كتب إل ّ‬
‫لح‬
‫ى ‪ :‬سححمعت رسححول ا ّ‬ ‫ل عليه و آله و سّلم فكتححب إلح ّ‬
‫ل صّلى ا ّ‬‫بشيء سمعته من رسول ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم يوم جمعة عشّية رجم السلمي قال ‪ :‬ل يزال الّدين قائما حّتححى‬ ‫صّلى ا ّ‬
‫تقوم و يكون عليهم اثنى عشر خليفة كّلهم من قريش ‪ ،‬الحديث ‪.‬‬

‫سححبعة و عشححر روايححات كّلهححا محن طريححق‬ ‫قال السّيد البحراني ‪ :‬بعد ايححراد هححذه الخبحار ال ّ‬
‫المخالفين عن جابر بن سمرة ما لفظه ‪ :‬أقول ‪ :‬قححد ذكححر يحيححى بححن الحسححن البطريححق فححي‬
‫ن الخلفحاء‬ ‫كتاب المستدرك أّنه ذكر في كتاب العمدة من طريق العاّمة عشرين طريقا في أ ّ‬
‫صحاح من صحححيح البخححاري ثلثححة طححرق ‪ ،‬و مححن مسححلم‬ ‫بعده إثنا عشر خليفة كّلها من ال ّ‬
‫تسعة ‪ ،‬و من صحيح أبي داود ثلثة ‪ ،‬و في الجمع بين الصحاح الستة طريقين ‪ ،‬و منهححا‬
‫من الجمع بين الصحيحين للحميدى ثلثة كّلهححا ينطححق بححأنه ل يححزال السححلم عزيححزا إلححى‬
‫اثنى عشر خليفة و ماوليهم اثنى عشر خليفة كّلهم من قريش الثححامن أبححو علححي الطبرسححى‬
‫الفضل بن الحسن في كتاب اعلم الورى من طريق المخالفين و هو عّدة روايات منها ما‬
‫رواه عن أبي سلمة القاضي قال ‪ :‬أخبرنا أبو القاسم القسوى » أبححو العبححاس النسححوى خ «‬
‫حّدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حّدثنا حاتم بن إسماعيل عن المهاجر بن مسمار عن عامر بن‬
‫سعد بن أبي وقاص قال ‪ :‬كتبت إلى جابر بن سمرة مححع غلمححي نححافع أن أخححبرني بشححيء‬
‫لح يححوم‬
‫ي أني سححمعت رسححول ا ّ‬ ‫ل عليه و آله و سّلم فكتب إل ّ‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫سمعته عن رسول ا ّ‬
‫جمعة عشية رجم السلمي يقول ‪ :‬ل يزال الّدين قائما حتى تقححوم السححاعة و يكححون عليكححم‬
‫اثنى عشر خليفة كّلهم من قريش و سمعته يقول ‪ .‬أنا‬

‫] ‪[ 32‬‬

‫الفرط على الحوض ‪.‬‬

‫ل محّمد بن محّمد بن النعمححان المفيححد‬ ‫التاسع ما رواه من طريق المخالفين الشيخ أبو عبد ا ّ‬
‫ل بن جعفر الّرقي قال ‪ :‬حّدثنا عيسى ابن يححونس‬ ‫عن محّمد بن عثمان الذهبي حّدثنا عبد ا ّ‬
‫لح بححن مسححعود فقححال لححه رجححل ‪:‬‬
‫عن مجالد عن الشعبي عن مسروق قال ‪ :‬كّنا عند عبححد ا ّ‬
‫أحّدثكم بنبّيكم كم يكون بعده من الخلفاء ؟ فقال له ‪ :‬نعم من الخلفاء عّدة نقبآء موسى اثنححى‬
‫عشر خليفة كّلهم من قريش ‪.‬‬

‫ل ابن مسعود‬
‫شعبي عن مسروق عن عبد ا ّ‬ ‫العاشر ما رواه حّماد بن زيد عن مجالد عن ال ّ‬
‫ل يقرينا القرآن ‪ ،‬فقال له رجل ‪:‬‬
‫و زاد فيه قال ‪ :‬كّنا جلوسا إلى عبد ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم كم يملححك أمححر هححذه الّمححة‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫يا عبد الّرحمن هل سألتم رسول ا ّ‬
‫لح‬
‫ل ‪ :‬ما سألني بها أحد منذ قدمت العراق ‪ ،‬نعححم سححألنا رسححول ا ّ‬ ‫خليفة بعده فقال له عبد ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم فقال ‪ :‬اثنى عشر عّدة نقبآء بني اسرائيل ‪.‬‬
‫صّلى ا ّ‬

‫ل بن أبي امّية مولى مجحامع عححن يزيحد الّرفاشحي عححن أنححس بححن‬ ‫الحاديعشر ما رواه عبد ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬لم يزل هذا الّدين قائمححا إلححى اثنححى‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫مالك قال ‪ :‬قال رسول ا ّ‬
‫عشر من قريش فاذا مضوا هاجت الرض بأهلها ‪.‬‬

‫شعبي عن جابر بن سمرة‬ ‫الثانيعشر ما رواه سليمان بن أحمر قال ‪ :‬حّدثنا أبو عون عن ال ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم قححال ‪ :‬ل يححزال أهححل هححذا الحّدين ينصححرون علححى مححن‬‫ي صّلى ا ّ‬
‫ن النب ّ‬
‫أّ‬
‫ناداهم الى اثنى عشر خليفة فجعحل النححاس يقومححون و يقعحدون ‪ ،‬و تكّلحم بكلمحة لحم أفهمهححا‬
‫ي شيء قال ؟ قال ‪ :‬كّلهم من قريش ‪.‬‬ ‫فقلت لبي أو لخي ‪ :‬أ ّ‬

‫الثالثعشر ما رواه قطر بن خليفة عن أبي خالححد الوالححبي عحن جحابر بحن سحمرة عححن الّنححبي‬
‫ل عليه و آله و سّلم مثله ‪.‬‬
‫صّلى ا ّ‬

‫الرابع عشر ما رواه سهل بن حماد عن يونس بن أبي يعفور قال ‪ :‬حّدثني عححون بححن أبححي‬
‫ل عليه و آله و سّلم و عّمي جالس بيححن‬‫ل صّلى ا ّ‬
‫جحيفة عن أبيه قال ‪ :‬كنت عند رسول ا ّ‬
‫يدي فقال‬

‫] ‪[ 33‬‬

‫ل عليه و آله ل يزال أمر اّمتي صالحا حّتححى يمضححى اثنححا عشححر خليفححة‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫رسول ا ّ‬
‫ل‪.‬‬
‫كّلهم من قريش اسم أبي جحيفة وهب بن عبد ا ّ‬

‫الخامس عشر ما رواه الليث بن سعد عن خالد بن زيد عن سعد بن أبي هلل عححن ربيعححة‬
‫لح بححن عمححر يقححول ‪ :‬سححمعت‬
‫بن سيف قال ‪ :‬كّنا عند شقيق الصبحي فقال ‪ :‬سمعت عبد ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم يقول ‪ :‬يكون خلفي اثنى عشر خليفة ‪.‬‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫رسول ا ّ‬

‫ل جعفر بن محّمد بححن أحمححد الدورسححتي فححي كتححابه‬


‫السادس عشر ما رواه الشيخ أبو عبد ا ّ‬
‫في الّرد على الّزيدية قال ‪ :‬أخبر أبي قال ‪ :‬أخبرنا الشيخ أبو جعفر بن بابويه قال ‪ :‬ح حّدثنا‬
‫ل عن أبيه عن خلححف بححن حمححاد‬ ‫ي ماجيلويه عن عّمه عن أحمد بن أبي عبد ا ّ‬ ‫محّمد بن عل ّ‬
‫السدي عن العمش عن عباية بن ربعي عن ابن عباس قال ‪:‬‬

‫ل منححه‬
‫ل عليه و آله حين حضرته وفاته فقلت إذا كان ما نعوذ بححا ّ‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫سألت رسول ا ّ‬
‫فإلى من ؟‬
‫ق معححه ث حّم يكححون بعححده أحححد‬
‫ق و الح ّ‬
‫سلم فقال ‪ :‬هذا ‪ ،‬فاّنه مع الح ّ‬
‫ي عليه ال ّ‬
‫فأشار إلى عل ّ‬
‫عشر إماما مفترضة طاعتهم كطاعته ‪.‬‬

‫ل محّمد بن وهبححان قححال ‪ :‬ححّدثنا أبححو‬


‫السابع عشر الدورستي أيضا قال ‪ :‬أخبرنا أبو عبد ا ّ‬
‫بشر أحمد بن إبراهيم بن أحمد قحال ‪ :‬أخبرنحا محّمححد بحن زكرّيححا بححن دينحار العلئي ححّدثنا‬
‫ل بن العّباس قال ‪ :‬حّدثني أبي قححال ‪ :‬كنححت يومححا‬ ‫سليمان بن إسحاق عن سليمان بن عبد ا ّ‬
‫عند الّرشيد فذكر المهدي و ما ذكر من عدله فأطنب من ذلك فقال للّرشحيد ‪ :‬إّنحي أحسحبكم‬
‫أنكم تحسبونه أبا المهدي حدثني أبي عن أبيه عن جّده عن ابن عّباس عن أبيه العباس بن‬
‫ل عليه و آله و سّلم قال ‪ :‬يا عم تملك من ولححدي اثنححى عشححر‬ ‫ن الّنبي صّلى ا ّ‬
‫عبد المطلب أ ّ‬
‫ل أمره في‬ ‫خليفة ثّم يكون امور كريهة و شّدة عظيمة ثّم يخرج المهدي من ولدي يصلح ا ّ‬
‫لح ث حّم يخححرج‬‫ليلححة فيملء الرض عححدل كمححا ملئت جححورا يمكححث فححي الرض مححا شححاء ا ّ‬
‫الّدجال ‪.‬‬

‫ي الطبرسي عقيب هذه الخبار و ما بمعناها مّمححا لحم نوردهحا ‪ :‬هحذا بعححض محا‬ ‫قال أبو عل ّ‬
‫جاء من الخبار من طريق المخالفين و رواياتهم في الّنص على عدد الئمة الثني عشححر‬
‫شيعة‬
‫سلم و إذا كانت الفرقة المخالفة قد نقلت ذلك كما نقلته ال ّ‬‫عليهم ال ّ‬

‫] ‪[ 34‬‬

‫خر‬
‫لح تعححالى هححو الححذي سح ّ‬
‫نا ّ‬
‫المامّية و لم ينكر ما تضّمنه الخححبر فهححو أّدل دليححل علححى أ ّ‬
‫ل كالخححارق للعححادة و الخححارج عححن‬‫جته و إعلء لكلمته و ما هذا المححر إ ّ‬ ‫لروايته اقامة لح ّ‬
‫صعب و يقّلب القلب و يس حّهل‬ ‫ل تعالى الذي يذّلل ال ّ‬ ‫لا ّ‬‫المور المعتادة ‪ ،‬و ل يقدر عليها إ ّ‬
‫ل شيء قدير انتهى ‪.‬‬ ‫له العسير و هو على ك ّ‬

‫الثامن عشر صدر الئمة أخطب خوارزم أبو المؤيد موفححق بححن أحمححد فححي كتحاب فضححائل‬
‫أمير المؤمنين قال ‪ :‬حّدثنا فخر القضاة نجم الّدين أبو منصور محّمد بن الحسين بن محّمد‬
‫شححريف نححور الهححدى أبححو طححالب‬ ‫ي من همدان ‪ ،‬قال ‪ :‬أنبأنححا المححام ال ّ‬ ‫البغدادي فيما كتب إل ّ‬
‫الحسن بن محّمد الّزيني قال ‪ :‬أخبرنا إمام الئمة أحمد بن محّمححد بححن شحاذان قحال ‪ :‬ححّدثنا‬
‫ي بححن سححنان الموصححلي عححن أحمححد بححن‬ ‫ل الحافظ قال ‪ :‬ححّدثنا علح ّ‬ ‫أحمد بن محّمد بن عبد ا ّ‬
‫محّمد بن صالح عن سلمان بن محّمد عححن زيحد بحن مسححلم عححن زيحاد بححن محّمححد عحن عبححد‬
‫ل ح قححال ‪:‬‬‫الّرحمن بن يزيد عن جابر عن سلمة عن أبي سليمان الّراعي راعححى رسححول ا ّ‬
‫سححماء قححال لححي‬
‫ل عليه و آله و سّلم يقول ‪ :‬ليلة اسرى بي إلححى ال ّ‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫سمعت رسول ا ّ‬
‫ل جلله ‪ .‬آمحن الّرسحول بمحا انححزل اليححه مححن رّبحه فقلححت ‪ :‬و المؤمنحون ‪ ،‬فقححال ‪:‬‬ ‫الجليل ج ّ‬
‫ي بحن أبيطححالب ؟ قلححت ‪:‬‬ ‫صدقت يا محّمد من خّلفت في اّمتك ؟ فقلت ‪ :‬خيرها ‪ ،‬قحال ‪ :‬علح ّ‬
‫ي اطلعت علححى الرض اطلعححة فاخترتححك منهححا فاشححتققت لححك‬ ‫ب قال ‪ :‬يا أحمدان ّ‬‫نعم يا ر ّ‬
‫ل ذكححرت معححى فأنححا المحمححود و أنححت محّمححد ‪ ،‬ثحّم‬ ‫اسما من اسمائي فل اذكر في موضع إ ّ‬
‫ي ‪ ،‬يحا‬
‫اطلعت الثانية فاخترت منها علّيا فشققت له اسما من أسمائي فأنا العلى و هححو علح ّ‬
‫محّمد إّني خلقتك و خلقت علّيا و فاطمة و الحسن و الحسين و الئمة مححن ولححده مححن نححور‬
‫سماوات و الرضين ‪ ،‬فمن قبلها كححان عنححدي‬ ‫من نورى ‪ ،‬و عرضت وليتكم على أهل ال ّ‬
‫ن عبححدا مححن عبححادي‬ ‫من المؤمنين ‪ ،‬و من جحدها كان عندي من الكافرين ‪ ،‬يا محّمد لححو أ ّ‬
‫ن البالي ‪ ،‬ثّم أتاني جاحدا لوليتكم مححا غفححرت لححه حّتححى‬ ‫عبدني حّتى ينقطع أو يصير كالش ّ‬
‫ب ‪ ،‬قححال ‪ :‬فححالتفت عححن يميححن‬ ‫ب أن تراهم ؟ قلت ‪ :‬نعم يححا ر ّ‬‫يلقاني بوليتكم ‪ ،‬يا محّمد تح ّ‬
‫ي بححن الحسححين و محّمححد بححن‬ ‫ي و فاطمة و الحسن و الحسين و عل ّ‬ ‫ت فاذا بعل ّ‬
‫العرش ‪ ،‬فالتف ّ‬
‫ي و عل ّ‬
‫ي‬ ‫ي بن موسى و محّمد بن عل ّ‬ ‫ي و جعفر بن محّمد و موسى بن جعفر و عل ّ‬ ‫عل ّ‬

‫] ‪[ 35‬‬

‫ي و المهدي في صحصاح من نححور قيححام يص حّلون ‪ ،‬و هححو فححي‬ ‫ابن محّمد و الحسن بن عل ّ‬
‫سححائر‬
‫ي ‪ ،‬و قال ‪ :‬يا محّمححد هححولء الحجححج و هححذا ال ّ‬
‫وسطهم يعني المهدي كأّنه كوكب دّر ّ‬
‫جة الواجبة و المنتقم ‪.‬‬‫من عترتك و عّزتي و جللي اّنه الح ّ‬

‫صححة و العاّمححة ‪ :‬رواه‬


‫قال السّيد المحّدث البحرانححي ‪ :‬روى هححذا الحححديث جماعححة مححن الخا ّ‬
‫شيخ الطوسي في الغيبة و أبو الحسن محّمد بن أحمد بن الحسن بن شححاذان فححي المنححاقب‬ ‫ال ّ‬
‫المأة من طريق العاّمة ‪ ،‬و رواه صاحب المقتضب و صحاحب الكنحز الخفحي و الحمحويني‬
‫من العاّمة التاسع عشر إبراهيم بن محّمد الحمححويني مححن أعيححان علمححاء العاّمححة فححي كتححاب‬
‫فرائد السمطين في فضائل المرتضى و فاطمة و الحسن و الحسين بسححنده عححن سححعيد بححن‬
‫لح عليححه و آلححه و سحّلم ‪ :‬إ ّ‬
‫ن‬ ‫لح صحّلى ا ّ‬‫ل بن العّبححاس قححال ‪ :‬قححال رسححول ا ّ‬
‫جبير عن عبد ا ّ‬
‫ل على الخلق بعدي الثنى عشر أّولهم أخي و آخرهم ولدي‬ ‫خلفائي و أوصيائي و حجج ا ّ‬
‫‪ ،‬قيل ‪:‬‬

‫ي بن أبيطححالب ‪ ،‬قيحل ‪ :‬فمحن ولححدك ؟ قححال ‪ :‬المهحدي‬ ‫ل و من أخوك ؟ قال ‪ :‬عل ّ‬ ‫يا رسول ا ّ‬
‫ق بشححيرا لححو لححم‬
‫الذي يملءها قسطا و عدل كما ملئت جورا و ظلما ‪ ،‬و اّلذي بعثني بححالح ّ‬
‫ل ذلك اليوم حّتى يخرج فيه ولدى المهححدي فينححزل فيححه‬ ‫ل يوم واحد لطّول ا ّ‬
‫يبق من الّدنيا إ ّ‬
‫لح عيسححى بححن مريححم فيصحّلى خلفححه و تشححرق الرض بنححور رّبهححا و يبلححغ سححلطانه‬ ‫روح ا ّ‬
‫المشرق و المغرب ‪.‬‬

‫العشرون الحمويني هذا بالسناد إلى ابن بابويه قال ‪ :‬حّدثنا أحمد بن الحسن القطان قال ‪:‬‬
‫ل بححن حححبيب قححال ‪ :‬ححّدثنا‬‫حّدثنا أحمد بن يحيى بن زكرّيا القطان قال حّدثنا بكر بن عبد ا ّ‬
‫صقر العبدي قال ‪ :‬حّدثنا أبو معاوية عن العمش عن عبايححة بحن ربعححي عححن‬ ‫الفضل بن ال ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم أنا سّيد الّنبيين و علحح ّ‬
‫ي‬ ‫ل صّلى ا ّ‬
‫ل بن عّباس قال ‪ :‬قال رسول ا ّ‬ ‫عبد ا ّ‬
‫ي بححن أبيطححالب و‬‫ن أوصيائي بعححدي اثنححى عشححر أّولهححم علح ّ‬
‫بن أبيطالب سّيد الوصّيين و إ ّ‬
‫آخرهم القائم ‪.‬‬
‫الحادى و العشرون محّمحد بححن أحمحد بححن شحاذان أبحو الحسحن الفقيححه فححي المنحاقب المححأة و‬
‫الفضائل لمير المؤمنين و الئمة من طريق العامة عن سلمان المحّدي قال ‪:‬‬

‫] ‪[ 36‬‬

‫ي علححى فخححذه و هححو يقّبححل‬ ‫ل عليه و آله و سّلم إذا الحسين بن عل ّ‬‫ي صّلى ا ّ‬
‫دخلت على الّنب ّ‬
‫سادات أنححت إمححام ابححن إمححام أبححو‬
‫عينيه و يلثم فاه و هو يقول ‪ :‬أنت سّيد و ابن سّيد و أبو ال ّ‬
‫جة أبو الحجج تسعة من صلبك تاسعهم قائمهم ‪.‬‬ ‫جة ابن ح ّ‬
‫الئمة ‪ ،‬أنت ح ّ‬

‫و الخبار في هذا المعنى كثيرة ل تستقصى و فيما ذكرناه كفاية في هذا الباب و من أراد‬
‫الزيادة فعليه بكتاب غاية المرام ‪ ،‬و قد عقد السّيد المحّدث البحراني فيه با بيححن علححى هححذا‬
‫لح عليححه و آلححه‬
‫ل صّلى ا ّ‬‫ن الئمة بعد رسول ا ّ‬ ‫المعنى قال ‪ :‬الباب الرابع و العشرون في أ ّ‬
‫ى و بنححوه‬‫ل عليه و آله إجمححال و تفصححيل ‪ :‬عل ح ّ‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫ص رسول ا ّ‬ ‫و سّلم اثنى عشر بن ّ‬
‫الحد عشر من طريق العامة و فيه ثمانية و خمسون ححديثا ‪ ،‬ثحّم أورد الّروايحات العامّيحة‬
‫لح اثنححى عشححر إجمححال و‬ ‫ن الئمححة بعححد رسححول ا ّ‬
‫فقال ‪ :‬الباب الخححامس و العشححرون فححي أ ّ‬
‫صة و فيه خمسون حديثا‬ ‫ي بن أبيطالب و بنوه الحد عشر من طريق الخا ّ‬ ‫تفصيلهم ‪ :‬عل ّ‬
‫سبيل ‪.‬‬
‫ل الهادي إلى سواء ال ّ‬ ‫ثّم روى الحاديث الخاصّية و ا ّ‬

‫ععععععع‬

‫ب العالمين اسححت كححه متضحّمن فححائده بعثححت‬


‫ير ّ‬
‫از جمله خطب شريفه آن امام مبين و ول ّ‬
‫پيغمبران عاليمقححدار و اظهححار منححاقب عححترت رسححول مختححار و أهححل بيححت اطهححار اسححت‬
‫چنانچه فرموده ‪:‬‬

‫مبعوث فرمود حق سبحانه و تعالى پيغمححبران خححود را بححآن چححه كححه مخصححوص سححاخت‬
‫جة واضحه از براى خود بر مخلوقات خود‬ ‫ايشانرا از وحى خود ‪ ،‬و گردانيد ايشانرا ح ّ‬
‫جت مر ايشان را بسححبب تححرك تخويححف و ترسححاندن ايشححان ‪ ،‬پححس‬ ‫تا اينكه واجب نشود ح ّ‬
‫خوانحد ايشححان را بزبححان راسححت كححه دعحوت أنبيحاء اسححت بسححوى راه درسححت كححه طريحق‬
‫شريعت غّرا است ‪ ،‬آگاه باشيد بدرستى كه خداوند آشكارا ساخت خلقرا آشحكار سحاختنى‬
‫نه از جهة اينكه جاهل بود بآنچه مخفى داشتهاند از أسححرار محفححوظه و مكنونححات قلححوب‬
‫ايشان ‪ ،‬و ليكن از جهة اينكه امتحححان نمايححد ايشححان را تححا كححدام يححك از ايشححان بهترنححد از‬
‫حيث عمل تا باشد ثواب جزاى حساب و عقاب‬

‫] ‪[ 37‬‬
‫پاداش سيئآت ‪.‬‬

‫كجايند كسانيكه دعوى باطل كردند كه ايشان راسخان در علمند نه مححا از روى دروغ و‬
‫ظلم بر ما بجهة اينكه خداوند رتبه ما را بلنححد فرمححوده و پسححت كححرد ايشححان را ‪ ،‬و عطححا‬
‫نمود بما منصب امامت و خلفت را و محروم كرد ايشان را ‪ ،‬و داخححل نمححود مححا را در‬
‫صه خود و خارج كرد ايشان را ‪ ،‬بوجود ما خواسته ميشود هححدايت ‪ ،‬و طلححب‬ ‫عنايت خا ّ‬
‫روشنى ميشود از كورى و ضللت ‪ ،‬بدرستى كه امامان از طائفه قريشاند كاشته شححدند‬
‫در اين بطن معّين از هاشم بن عبد مناف يعني در ذّريه علوّيه صححلحيت نححدارد امححامت‬
‫بر غير ايشان و صلحيت ندارند واليان از غير ايشان ‪.‬‬

‫ععععع عععععع‬

‫خححروا آجل و تركححوا صححافيا و شححربوا آجنحا ‪ ،‬كححأّني أنظححر إلححى‬


‫منها ‪ :‬آثروا عححاجل ‪ ،‬و أ ّ‬
‫فاسقهم و قد صحب المنكر فألفه ‪ ،‬و بسأبه و وافقه ‪ ،‬حّتى شابت عليه مفححارقه و صححبغت‬
‫به خلئقه ‪ ،‬ثّم أقبل مزبدا كالّتّيار ل يبالي ما غرق ‪ ،‬أو كوقع الّنار في الهشيم ل يحفل ما‬
‫لمحة إلى منار الّتقححوى ‪،‬‬ ‫حرق ‪ ،‬أين العقول المستصبحة بمصابيح الهدى ‪ ،‬و البصار ال ّ‬
‫ل؟‬‫ل ‪ ،‬و عوقدت على طاعة ا ّ‬ ‫أين القلوب اّلتي وهبت ّ‬

‫حوا على الحرام ‪ ،‬و رفع لهم علم الجّنة و الّنار ‪ ،‬فصححرفوا‬ ‫إزدحموا على الحطام ‪ ،‬و تشا ّ‬
‫عن الجّنة وجوههم ‪ ،‬و أقبلوا علححى الّنححار بأعمححالهم ‪ ،‬و دعححاهم رّبهححم فنفححروا و وّلححوا ‪ ،‬و‬
‫شيطان فأطاعوا و أقبلوا‬‫دعاهم ال ّ‬

‫] ‪[ 38‬‬

‫ععععع‬

‫طعم و الّلون و ) بسأ ( به كجعل و فرح بسححئا و بسححئا و بسححوءا‬ ‫) الجن ( الماء المتغّير ال ّ‬
‫أنس و ) المفارق ( جمع المفرق و زان مجلس و مقعد وسط الرأس ‪ ،‬و هححو الححذي يفححرق‬
‫فيه الشعر و ) الخلئق ( جمع الخليقة أى الطبيعحة و ) أزبححد ( البحححر أى صححار ذا زبححد و‬
‫رجل مزبد أى ذو زبد و هو ما يخرج من الفم كالرغوة و ) الّتّيار ( مشّددة موج البحححر و‬
‫ل كلء و ) حفححل ( المححاء يحفححل مححن بححاب‬‫) الهشيم ( الّنبححت اليححابس المتكسححر أو يححابس كح ّ‬
‫شحححارح المعحححتزلي ل يحفحححل أي ل يبحححالي و‬ ‫ضحححرب حفل و حفحححول اجتمحححع ‪ ،‬و قحححال ال ّ‬
‫) المستصبحة ( في بعض الّنسخ بتقديم الحاء على الباء مححن الستصحححاب و فححي بعضححها‬
‫بالعكس كما ضبطناه من الستصباح و هو الوفق ‪.‬‬
‫ععععععع‬

‫ل الّنصب أى ل يبالي مّما غرق ‪،‬‬


‫ما في قوله ‪ :‬ما غرق ‪ ،‬موصول في مح ّ‬

‫سره الشارح و إن كححان بمعنححى‬


‫و كذلك في قوله ما حرق إن كان يحفل بمعنى يبالي كما ف ّ‬
‫ل الّرفع فاعل له و هو ظاهر ‪.‬‬‫يجتمع كما في القاموس فما في مح ّ‬

‫عععععع‬

‫ن هذا الفصل وارد في معرض الّتوبيخ و الّتقريع لطائفة غير مرضّية الطريقة ‪.‬‬
‫اعلم أ ّ‬

‫سحابق‬
‫صحابة الذين مضحى ذكرهحم فحي الفصححل ال ّ‬‫شارحين ‪ :‬إّنه عني بذلك ال ّ‬‫فقال بعض ال ّ‬
‫يعنى اّلذين زعموا أّنهم الّراسخون في العلم ‪.‬‬

‫ن المراد به بنو امّية ‪.‬‬


‫و قال بعضهم ‪ :‬إ ّ‬

‫شارح البحرانححي ‪ :‬أراد بححذلك مححن تخّلححف مححن الّنححاس إلححى زمححانه مّمححن هححو غيححر‬
‫و قال ال ّ‬
‫صحابة بالظاهر كالمغيرة بن شعبة و عمحرو بحن‬ ‫ي الطريقة و إن كان معدودا من ال ّ‬ ‫مرض ّ‬
‫العاص و مروان بن الحكم و معاوية و نحوهم من امراء بني امّية ‪ ،‬و يقرب منه‬

‫] ‪[ 39‬‬

‫شارح المعتزلي و ستطلع عليه ‪.‬‬


‫كلم ال ّ‬

‫خروا آجل ( أراد به أّنهم اختاروا الّدنيا على الخحرة‬ ‫و كيف كان فقوله ) آثروا عاجل و أ ّ‬
‫جلححة و لححذاتها غائبحة‬
‫خروها عنهححا و ذلحك لكحون شحهواتها حاضححرة مع ّ‬ ‫و قّدموها عليها و أ ّ‬
‫صححافية مححن‬
‫جلححة ) و تركححوا صححافيا و شححربوا آجنححا ( أى تركححوا الّلححذات الخروّيححة ال ّ‬ ‫مؤ ّ‬
‫الكححدورات و العلئق البدنّيححة ‪ ،‬و اسححتلّذوا باللححذات الّدنيويححة المشححوبة بححاللم و السححقام‬
‫ن الماء المتغّير‬‫صفاء فيها كما أ ّ‬
‫سوغ أو عدم ال ّ‬ ‫فاستعار لفظ الجن للّذاتها و الجامع عدم ال ّ‬
‫شرب ترشيح ‪.‬‬ ‫طعم و الّلون ل يسوغ و ل يصفى و ذكر ال ّ‬ ‫ال ّ‬

‫) كأّني أنظر إلى فاسقهم ( قال الشارح البحراني ‪ :‬يحتمل أن يريد فاسقا معّينا كعبد الملك‬
‫ضمير عائد إلى بني امّية و من تابعهم ‪،‬‬
‫بن مروان ‪ ،‬و يكون ال ّ‬

‫صححفات‬ ‫و يحتمل أن يكون مطلق الفاسق أى من يفسححق مححن هححؤلء فيمححا بعححده و يكححون بال ّ‬
‫اّلتي أشار إليها بقوله ) و قد صحب المنكر فألفه ( أي أخحذه الفحا لحه ) و بسحأبه و وافقحه (‬
‫أى استأنس به و وجده موافقا لطبعه ) حّتى شابت عليه مفارقه ( و هححو كنايححة عححن طححول‬
‫ن شيب المفارق عبارة عن بياضححها و هححو إّنمححا‬ ‫عهده بالمنكر إلى أن بلغ عمره غايته ‪ ،‬ل ّ‬
‫صدغ و تأّكد دللته علححى طححول‬
‫شيوخّية و لتأخر شيب المفرق عن شيب ال ّ‬ ‫يكون إذا بلغ ال ّ‬
‫صصحه بالحّذكر ) و صححبغت بححه خلئقحه ( أى صحارت طبحايعه مصححبوغة ملّونحة‬ ‫العهحد خ ّ‬
‫بالمنكر أى صار المنكر خلقا له و سجّية ‪ ،‬فاستعار لفظ الصبغ لرسوخ المنكر فححي جبلتححه‬
‫لشّدة ملزمته له ‪.‬‬

‫) ثّم أقبل مزبدا كالّتّيار ( شّبهه بالبحر المّواج و رشح التشبيه بححذكر لفححظ الزبححاد و وجححه‬
‫الشبه أّنه عند الغضب ل يبالى بما يفعله فى الّناس من المنكرات كمححا ) ل يبححالي ( البحححر‬
‫ب ) مححا غححرق ( و ش حّبهه اخححرى بالّنححار المضححرمة الملتهبححة فقححال ) أو كوقححع الّنححار فححي‬
‫ظلمات مثل وقحع الّنحار فحي الّنبحت اليحابس و الحّدقاق محن‬ ‫ن حركاته في ال ّ‬ ‫الهشيم ( يعني أ ّ‬
‫شّبه أّنه ) ل يحفل ( و ل يبالي بظلمه‬ ‫الحطب و وجه ال ّ‬

‫] ‪[ 40‬‬

‫ن مححا أفسححده ل يرجححى اصححلحه‬


‫كما ل يحفل وقع الّنار و ل يبالي ب ) ما حرق ( ‪ 1‬أو ا ّ‬
‫ن ما حرقه الّنار ل يمكن اجتماعه ‪.‬‬
‫كما أ ّ‬

‫سر فقال ) أين العقول المستصبحة بمصابيح الهححدى (‬ ‫ثّم استفهم على سبيل السف و التح ّ‬
‫شح بذكر‬ ‫استعار لفظ المصابيح لولياء الّدين و أئّمة اليقين المقتبس عنهم نور الهداية و ر ّ‬
‫شححرع المححبين الموصححلة لخححذها و‬
‫لفظ الستصباح ‪ ،‬و يجوز أن يكون استعارة لحكححام ال ّ‬
‫سالكة بعاملها إلى حظيرة القدس ‪.‬‬
‫ال ّ‬

‫و مثله لفظ المنار في قوله ) و البصار اللمحة إلى منار التقوى ( إذ أئّمححة الهححدى أعلم‬
‫ضحلل و غيحاهب الحّدجى و كحذلك بأحكحام سحّيد النحام و‬ ‫الّتقى بهحم يهتحدى فحي ظلمحات ال ّ‬
‫ق و سواء الطريق الذي يؤمن لسلوكها و يتقى من الّنححار و‬ ‫النقياد بها يهتدي إلى نهج الح ّ‬
‫ل و تعالى ‪.‬‬
‫ينجي من غضب الجّبار ج ّ‬

‫ل سبحانه و المححراد‬
‫ل ( أي وهبها أهلها ّ‬ ‫ثّم استفهم اخرى بقوله ) أين القلوب اّلتي وهبت ّ‬
‫جه إلى كعبة وجححوب وجححوده و‬ ‫بهبتها له جعلها مستغرقة في مطالعة أنوار كبريائه و التو ّ‬
‫هي القلوب اّلتي صححارت عححرش الّرحمححن و اشححير اليهححا فححي الحححديث القدسححي ل يسححعنى‬
‫أرضي و ل سمائي و لكن يسعنى قلب عبدى المؤمن ‪.‬‬

‫ل عليهححم العهححد بطححاعته إّمححا فححي عححالم الميثححاق أو‬


‫ل ( أي أخذ ا ّ‬
‫) و عوقدت على طاعة ا ّ‬
‫بألسنة النبياء و الّرسل و إليه اشير في قوله سبحانه ‪ » :‬من المؤمنين رجحال صحدقوا محا‬
‫ل عليه فمنهم من قضى نحبه و منهم من ينتظر و ما بّدلوا تبديل « ثّم رجع إلححى‬ ‫عاهدوا ا ّ‬
‫ذّم الفرقة المتقّدمة المصّدرة بهذا الفصل فقال ) ازدحموا على الحطام ( أي تزاحموا على‬
‫سر لسححرعة فنححائه و‬ ‫متاع الّدنيا و استعار له لفظ الحطام الموضوع لليابس من الّنبت المتك ّ‬
‫ل منهححم جححذبه اليححه ) و‬
‫ن غححرض ك ح ّ‬
‫حوا على الحرام ( أى تنازعوا عليه ل ّ‬ ‫فساده ) و تشا ّ‬
‫شارح البحراني ‪ :‬أشار بعلم الجّنة إلى قححانون الشححريعة‬‫رفع لهم علم الجّنة و الّنار ( قال ال ّ‬
‫القائد إلى الجّنة و بعلم الّنار إلى‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬ت تت تتت ت تت ت تت ت تتت ت تتتت ت تتتت ت‬
‫تتت تت تتتتت تتتت تت ت تتت ت تتتت ت تت تتت‬
‫تتت تت تتت تتتتت ت تتت تت‬

‫] ‪[ 41‬‬

‫ل ح و هححم الّرسححول و مححن‬ ‫الوساوس المزينة لقنيات الّدنيا ‪ ،‬و العلم الّول بيد ال حّدعاة إلححى ا ّ‬
‫ل من أهححل بيتححه و الّتححابعين لهححم باحسححان ‪ ،‬و العلححم الّثححاني بيححد ابليححس و‬‫بعده من أولياء ا ّ‬
‫ن و النس الّداعين إلى النار ‪.‬‬ ‫جنوده من شياطين الج ّ‬

‫) فصرفوا عن الجّنة وجوههم ( و أعرضوا عنها ) و أقبلوا إلى النار بأعمحالهم ( القبيححة‬
‫الموصلة إليها ) و دعاهم رّبهم فنفروا ( و استكبروا ) و وّلوا و دعاهم الشيطان فأطاعوا‬
‫و أقبلوا ( و استجابوا ‪.‬‬

‫ععععع‬

‫قال الشارح المعتزلي في شرح هذا الفصل ‪:‬‬

‫صحابة الذين مضى ذكرهم في أّول الخطبة ‪.‬‬


‫فان قلت ‪ :‬هذا الكلم يرجع إلي ال ّ‬

‫قلت ‪ :‬ل و إن زعم قوم أّنه عناهم ‪ ،‬بل هحو إشححارة إلححى قححوم مّمحن يحأتى مححن الخلحف بعحد‬
‫سلف ‪ ،‬أل تراه قال ‪ :‬كأّني أنظر إلى فاسقهم و قد صحب المنكر فألفه ‪ ،‬و هذا الّلفظ إّنما‬ ‫ال ّ‬
‫ق التراك ‪:‬‬ ‫ق من لم يوجد بعد كما قال في ح ّ‬‫يقال في ح ّ‬

‫ق صاحب الّزنححج كححأنى بححه‬‫ن وجوههم المجان ‪ ،‬و كما قال في ح ّ‬ ‫كأّني أنظر اليهم قوما كأ ّ‬
‫يا أحنف و قد سار بالجيش ‪ ،‬و كما قال في الخطبة الّتحى ذكرناهحا آنفحا كحأنى بحه قحد نعحق‬
‫شام ‪ ،‬يعني به عبد الملك ‪.‬‬
‫بال ّ‬

‫خححروا‬‫صحابة لّنهم ما آثروا العاجححل ‪ ،‬و ل أ ّ‬‫سلم أن يعنى بهذا الكلم ال ّ‬ ‫و حوشى عليه ال ّ‬
‫الجل ‪ ،‬و لصحبوا المنكر ‪ ،‬و ل أقبلوا كالتّيار ل يبالي ما غححرق ‪ ،‬و ل كالنححار ل يبححالي‬
‫حوا علححى الحححرام ‪ ،‬و ل صححرفوا‬ ‫مححا احححترقت ‪ ،‬و ل ازدحمححوا علححى الحطححام ‪ ،‬و ل تشححا ّ‬
‫وجوههم عن الجّنة ‪ ،‬و ل أقبلوا إلى الّنار بأعمالهم ‪ ،‬و ل دعاهم الّرحمن فوّلوا ‪،‬‬
‫ل أحححد حسححن سححيرتهم و سححداد طريقتهححم و‬ ‫و ل دعاهم الشيطان فاستجابوا ‪ ،‬و قد علححم كح ّ‬
‫إعراضهم عن الّدنيا و قد ملكوها ‪ ،‬و زهدهم فيها و قد تمّكنوا منها ‪ ،‬و لو ل قوله ‪ :‬كحأّني‬
‫صحححابة و هححو رّدى‬
‫أنظر الى فاسقهم ‪ ،‬لم أبعححد أن يغنححي بححذلك قومححا مّمححن عليهححم اسححم ال ّ‬
‫الطريقة كالمغيرة بن شعبة ‪ ،‬و عمرو بن العاص ‪ ،‬و مروان بن الحكم ‪ ،‬و معاوية ‪،‬‬

‫] ‪[ 42‬‬

‫شيطان ‪ ،‬و هم معححدودون فححي كتححب أصحححابنا‬


‫و جماعة معدودة أحّبوا الّدنيا و استغواهم ال ّ‬
‫من اشتغل بعلوم السيرة و التواريخ عرفهم بأعيانهم انتهى كلمه ‪.‬‬

‫سحلم بحه المتقحّدمين ذكرهحم فححي أّول الخطبححة و‬


‫أقول ‪ :‬و ل يبعد عنحدي أن يعنحى عليحه ال ّ‬
‫ق من لم يوجد بعد ل وجه له ‪،‬‬ ‫استبعاد الشارح له بظهور لفظ كأّنى أنظر في ح ّ‬

‫ن نظره في التيان بهذا الّلفظ إلى الغاية أعني قوله ‪ :‬حتى شابت عليه‬ ‫ل مكان أن يقال ‪ :‬إ ّ‬
‫ن مححراده عليحه‬ ‫لأّ‬ ‫ق مححا لحم يوجححد إ ّ‬
‫مفارقه ‪ ،‬و بعبارة اخرى سّلمنا ظهور هذا اللفظ في ح ّ‬
‫سححلم ‪ ،‬و إّنمححا‬
‫سلم به ليس نفس الفاسق حّتى يقال إنه كان موجححودا فححي زمححانه عليححه ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫مراده بذلك الخبحار عحن اسحتمرار الفاسحق فحي فسحقه و تمحاديه فحي المنكحرات الحى آخحر‬
‫عمره ‪ ،‬و هذا الوصف للفاسق لم يكن موجودا ‪ ،‬فحسن التعبير بهذه اللفظة فححافهم جيححدا و‬
‫أما استيحاشه من أن يعنى به الصحابة بححأنهم مححا آثححروا العاجححل إلححى آخححر مححا ذكححره فهححو‬
‫أوضح فسادا لّنه لو ل اختيارهم الّدنيا على الخرى لم يعدلوا عن امام الورى ‪،‬‬

‫خروا الجححل‬ ‫فعدو لهم عنه دليل على أنهم اشتروا الضللة بالهدى ‪ ،‬و آثروا العاجل ‪ ،‬و أ ّ‬
‫ب العححالمين ‪ ،‬و اسححتبّدوا بعقححولهم‬‫و قد تركوا الشرب من الماء المعين ‪ ،‬و منهححل علححوم ر ّ‬
‫لجنححة الفاسححدة ‪ ،‬و مصححاحبتهم جميعححا للمنكححر بالبححدعات‬ ‫الكاسدة ‪ ،‬و ارتووا من آرائهم ال ّ‬
‫التي أحدثوها واضحة ‪ ،‬و اقبال فاسححقهم كالتيححار و النححار ل يبححالي ممححا غححرق و حححرق ل‬
‫غبار عليه و ما فعل عثمان من ضرب ابن مسحعود و كسحر بعحض أضحلعه ‪ ،‬و ضحرب‬
‫عمار و إحداث الفتق فيه ‪ ،‬و ضربه لبي ذّر و إخراجححه إلححى الّربححذة و نحوهححا ممححا تقحّدم‬
‫ذكرها في شرح الكلم الثالث و الربعين و غيره شاهد صدق على ما قلناه ‪.‬‬

‫و كذلك اجتماعه مع » بنى ظ « أبيححه إلححى الحطححام و مشححاحتهم علححى الحححرام و حضححمهم‬
‫ل خضم البل نبته الّربيع على ما تقّدم في شرح الخطبة الثالثححة أوضححح دليححل علححى‬ ‫لمال ا ّ‬
‫لح و عححن ولّيححه صححرفوا وجححوههم عححن الجّنححة ‪ ،‬و أقبلححوا‬
‫ما ذكرنا فبعدولهم جميعححا عححن ا ّ‬
‫بأعمالهم إلى النار ‪ ،‬فاستحّقوا الخزى العظيم و العذاب الليم في أسفل درك من الجحيم ‪.‬‬

‫] ‪[ 43‬‬
‫ععععععع‬

‫بعض ديگر از اين خطبه در ذّم و توبيخ طائفه غير مرضّيه از غاصبين خلفحت و بنححي‬
‫اميه و أمثال ايشان ميفرمايد كه ‪:‬‬

‫اختيار كردند ايشان متاع دنياى ناپايدار را ‪ ،‬و تأخير أنداختند امححورات دار القححرار را ‪،‬‬
‫و ترك كردند زلل صافي را ‪ ،‬و آشاميدند از آب متغير گنديحده ‪ ،‬گويحا مححن نظححر ميكنحم‬
‫بسوى فاسق ايشان در حالتى كه مصاحب شده است با قبايححح و منكححرات و الفححت گرفتححه‬
‫بآنها و استيناس يافته بآنها و موافق طبع خود يافته آنها را تا آنكه عمر او بپايان رسيد ‪،‬‬
‫و سفيد شده ميانهاى سر او و رنگ گرفته بآنها طبيعتهاى او ‪.‬‬

‫پس از آن رو آورد در حالتى كه كف بر آورده مثل درياى موج دار اصل باك ندارد از‬
‫آنچه غرق گرداند ‪ ،‬يا مثل افتادن آتش در گياه خشك كححه هيححچ بححاك نميكنححد از آنچححه كححه‬
‫سوزاند ‪ ،‬كجايند عقلهاى چراغ بر افروزنده بچراغهاى هدايت ‪،‬‬

‫و چشمهاى نظر كننده به نشانهاى تقوى ‪ ،‬كجايند قلبهائى كححه بخشححيده شححدهاند بخححدا ‪ ،‬و‬
‫بسته شدند بر طاعت خدا ‪ ،‬ازدحام كردند آن طايفه بد كردار بر متاع دنياى بىاعتبار ‪،‬‬
‫و نزاع كردند بححا يكححديگر در بححالى حححرام ‪ ،‬و بلنححد شححد از بححراى ايشححان علححم بهشححت و‬
‫جهنم ‪ ،‬پس گردانيدند از بهشت روهاى خود را ‪ ،‬و اقبال كردند بسوى دوزخ باعملهاى‬
‫خححود ‪ ،‬و دعححوت كححرد ايشححان را پروردگححار ايشححان بعبححادت و اطححاعت پححس رميدنححد و‬
‫اعراض نمودند ‪ ،‬و دعوت كرد ايشان را شيطان لعين بسوى قبائح پححس قبححول كردنححد و‬
‫اقبال نمودند ‪.‬‬

‫عععع‬
‫ع عع عععع عع عععع ععع‬

‫و هى المأة و الخامسة و الربعون من المختار فى باب الخطب أّيها الّناس ‪ ،‬إّنما أنتم فححي‬
‫هذه الّدنيا غرض تنتضل فيه المنايا ‪،‬‬

‫] ‪[ 44‬‬

‫ل بفراق أخححرى ‪ ،‬و‬ ‫ل أكلة غصص ‪ ،‬ل تنالون منها نعمة إ ّ‬ ‫ل جرعة شرق ‪ ،‬و في ك ّ‬ ‫مع ك ّ‬
‫ل بهدم آخر من أجله ‪ ،‬و ل تجّدد له زيححادة فححي أكلححه‬
‫ل يعمر معّمر منكم يوما من عمره إ ّ‬
‫ل بنفاد ما قبلها من رزقه ‪،‬‬
‫إّ‬

‫ل بعد أن يخلق جديححد ‪ ،‬و ل تقححوم‬


‫ل مات له أثر ‪ ،‬و ل يتجّدد له جديد إ ّ‬
‫و ل يحيى له أثر إ ّ‬
‫ل و تسقط منه محصودة ‪ ،‬و قد مضت أصول نحن فروعها ‪ ،‬فما بقاء فرغ بعححد‬ ‫له نابتة إ ّ‬
‫ذهاب أصله منها‬
‫ن عحوازم المحور‬
‫ل ترك بها سّنة ‪ ،‬فاّتقوا البدع ‪ ،‬و ألزموا المهيححع ‪ ،‬إ ّ‬
‫و ما أحدثت بدعة إ ّ‬
‫ن محدثاتها شرارها‬
‫أفضلها ‪ ،‬و إ ّ‬

‫ععععع‬

‫) الغححرض ( مححا ينصححب للّرمححى و هححو الهححدف و ) ناضححلته ( مناضححلة و نضححال راميتححه‬
‫سححبق و‬‫فنضلته نضل من باب قتل غلبته في الرمى ‪ ،‬و تناضل القوم و انتضلوا تراموا لل ّ‬
‫ص و ) الغصححص (‬ ‫شرق ( محّركة مصدر من شححرق فلن بريقححه مححن بححاب تعححب غح ّ‬ ‫) ال ّ‬
‫طعام كتعب أيضا ‪ ،‬قال الشارح المعتزلي ‪:‬‬ ‫محّركة أيضا مصدر من غصصت بال ّ‬

‫طريق وزان مقعد الواضح‬


‫صة و هى الشجى و ) المهيع ( من ال ّ‬
‫و روى غصص جمع غ ّ‬
‫البّين ‪.‬‬

‫و ) العوازم ( جمع العوزم و هى الّناقة المسّنة و العجوز قال الشارح المعتزلي ‪:‬‬

‫عوازم المور ما تقادم منها ‪ ،‬من قولهم ‪ :‬عجوز عوزم ‪ ،‬أي مسّنة ‪ ،‬و يجمع فوعل على‬
‫ل و يجوز أن يكون جمع عازمة و يكون فاعل بمعنى مفعول‬ ‫فواعل كدورق و هو ج ّ‬

‫] ‪[ 45‬‬

‫حتها ‪ ،‬و يجىء فاعلة بمعنححى مفعولححة كححثيرا‬ ‫أي معزوم عليها أي مقطوع معلوم بيقين ص ّ‬
‫ن فححي مقححابلته‬
‫كقولهم ‪ :‬عيشة راضية بمعنى مرضّية ‪ ،‬ثّم قال ‪ :‬و الّول أظهر عندي ‪ ،‬ل ّ‬
‫ن محدثاتها شرارها ‪ ،‬و المحدث في مقابلة القديم ‪.‬‬
‫قوله ‪ :‬و ا ّ‬

‫ععععععع‬

‫قوله ‪ :‬فما بقاء فرع ‪ ،‬الفاء فصيحة و الستفهام إّما للّتعجب كما في قوله تعالى ‪:‬‬

‫» ما لى ل ارى الهدهد « أو للتحقير ‪.‬‬

‫عععععع‬

‫ن مقصوده بهذه الخطبة التنفير عن الّدنيا و الترغيب عنها بححالتنبيه علححى معائبهححا و‬ ‫اعلم أ ّ‬
‫مثالبها المنفرة منها فقوله ) أّيها الّناس انما أنتم في هذه الّدنيا غححرض ( مححن بححاب التشححبيه‬
‫شح التشبيه بقوله ) تنتضل فيه المنايا ( و هي استعارة بالكناية حيث شّبه المنايا‬ ‫البليغ و ر ّ‬
‫سهام باعتبار قصدها للنسان كقصد المتناضلين للهدف ‪،‬‬ ‫بالمتناضلين بال ّ‬
‫و ذكر النتضال تخييل ‪ ،‬و المعنى أنكم في هذه الحّدنيا بمنزلححة هححدف تححترامى فيححه المنايححا‬
‫بسححهامها ‪ ،‬و سححهامها هححي العححراض و المححراض ‪ ،‬و جمححع المنايححا إمححا باعتبححار تع حّدد‬
‫سححقوط مححن حححائط و نحوهححا ‪ ،‬و إّمححا‬ ‫السباب من الغرق و الحرق و الححترّدى فححي بئر و ال ّ‬
‫صص بها ‪.‬‬ ‫ل نفس موت مخ ّ‬ ‫باعتبار تعّدد من تعرض عليه و كثرة أفراد الموات ‪ ،‬و لك ّ‬

‫شارح البحراني ‪ :‬كّنححى بالجرعححة و‬ ‫ل اكلة غصص ( قال ال ّ‬


‫ل جرعة شرق و في ك ّ‬ ‫) مع ك ّ‬
‫ل منهحا فحي ثبحوت الكحدورات‬ ‫الكلة عن لّذات الّدنيا ‪ ،‬و بالشرق و الغصحص عمحا فحى كح ّ‬
‫لزمة لها طبعا من المراض و المخاوف و ساير المنقصات لها ‪.‬‬ ‫ال ّ‬

‫ن صحححتها مقرونححة بالمحنححة ‪ ،‬و نعمتهححا مشححفوعة‬


‫سححلم أ ّ‬
‫صل مراده عليححه ال ّ‬
‫أقول ‪ :‬و مح ّ‬
‫بالنقمة و احسانها معقبة بالسائة ‪ ،‬و لّذتها مشوبة بالكدورة ‪.‬‬

‫و لكمال التصال بين هذه الجملة و بين الجملحة التاليحة لهحا أعنححي قححوله ) ل تنحالون منهحا‬
‫ن الحّدنيا‬
‫ل بفراق اخرى ( وصل بينهما و لم يفصل بالعاطف ‪ ،‬فانه لما أشحار إلححى أ ّ‬ ‫نعمة إ ّ‬
‫رنق المشرب ردغ المشرع لّذاتها مشوبة بالكدورات عّقبه بهذه الجملة ‪،‬‬

‫] ‪[ 46‬‬

‫لنها توكيد و تحقيق و بيان لما سبق ‪ ،‬و فيه زيادة تثبيت له ‪.‬‬

‫ل و هححو تححارك‬
‫ن النسان ل يكححون مشححغول بنححوع مححن الّلححذات الجسححمانية إ ّ‬
‫و المراد بها أ ّ‬
‫لغيره ‪ ،‬و ما استلزم مفارقة نعمة اخرى ل يعّد في الحقيقة نعمة ملتذا بها ‪.‬‬

‫ل نححوع مححن نعمحة فانمححا يتجحّدد‬‫شححارح البحرانححي ‪ :‬محن أنّ كح ّ‬


‫توضيح ذلك ما أشحار إليححه ال ّ‬
‫شخص منها و يلتّذبه بعد مفارقة مثله ‪ ،‬كلّذة الّلقمة مثل ‪ ،‬فاّنها تستدعى فوت الّلذة باختها‬
‫سابقة ‪ ،‬و كذلك لّذة ملبوس شخصى أو مركوب شخصحى و سحائر مححا يعحّد نعمححا دنيوّيحة‬ ‫ال ّ‬
‫ملتّذا بها ‪ ،‬فاّنها إّنما تحصل بعد مفارقة محا سححبق محن أمثالهحا ‪ ،‬بححل و أعحّم محن ذلحك فحا ّ‬
‫ن‬
‫النسان ل يتهّيأ له الجمع بين الملّذ الجسمانّية في وقت واحد ‪ ،‬بل و ل اثنين منها ‪ ،‬فححانه‬
‫حال ما يكون آكل ل يكون مجامعا و حال ما هو في لّذة الكل ل يكححون يلتحّذ بمشححروب ‪،‬‬
‫و ل حال ما يكون خاليا على فراشه الوثير يكون راكبا للنزهة و نحو ذلك ‪.‬‬

‫ن بقائك إلى الغد‬ ‫ل بهدم آخر من أجله ( لظهور أ ّ‬ ‫) و ل يعّمر معّمر منكم يوما من عمره إ ّ‬
‫ل بانقضاء اليوم الذي أنت فيه و هو مححن جملححة أّيححام عمححرك و بانقضححائه‬ ‫مثل ل يحصل إ ّ‬
‫ينقص يوم من عمرك ‪ ،‬و تقرب إلى الموت بمقدار يوم ‪ ،‬و الّلذة بالبقاء المسححتلزم للقححرب‬
‫ل بنفححاد مححا قبلهححا مححن‬
‫من الموت ليست لّذة في الحقيقححة ) و ل تجحّدد لححه زيححادة فححي أكلححه إ ّ‬
‫ن ما لححم يصححل‬ ‫رزقه ( أي من رزقه المعلوم أّنه رزقه و هو ما وصل إلى جوفه مثل ‪ ،‬فا ّ‬
‫ل بعد الفراغ من أكل‬ ‫ن النسان ل يأكل لقمة إ ّ‬ ‫جاز أن يكون رزقا لغيره ‪ ،‬و من المعلوم أ ّ‬
‫سابق و ما استلزم نفاد‬
‫ل بنفاد رزقه ال ّ‬
‫الّلقمة اّلتي قبلها فهو اذا ل يتجّدد له زيادة في أكله إ ّ‬
‫الّرزق ل يكون لذيذا في الحقيقة ‪.‬‬

‫شارح البحراني ‪ :‬أراد بالثر الذكر أو الفعححل ‪،‬‬


‫ل مات له أثر ( قال ال ّ‬
‫) و ل يحيى له أثر ا ّ‬
‫ن ما كان يعرف به النسان في وقت محا محن فعحل محمحود أو محذموم أو ذكحر حسحن أو‬ ‫فا ّ‬
‫قبيح و يحيى له بين الّناس يموت منه ما كان معروفا به قبله من الثار و ينسى ‪.‬‬

‫] ‪[ 47‬‬

‫ل بعححد أن يخلححق‬
‫) و ( كذلك ) ل يتجّدد له جديد ( من زيادات بدنه و نقصانه و أوقححاته ) ا ّ‬
‫ل بتحّلل بدنه و معاقبة شيخوخته بشبابه و مستقبل أوقاته لسالفها ‪.‬‬‫له جديد ( إ ّ‬

‫ل و تسقط منه محصودة ( أراد بالنابتة ما ينشأ من الولد‬ ‫) و ( كذلك ) ل تقوم له نابتة إ ّ‬
‫و الحفاد ‪ ،‬و بالمحصودة من يموت من البححاء و الجححداد ‪ ،‬و لححذلك قححال ) و قححد مضححت‬
‫اصول ( يعنى الباء ) نحن فروعها ( ‪.‬‬

‫سححلف و‬
‫و لما استعار الصححول و الفححروع الّلححذين همححا مححن وصححف الشححجار و نحوهححا لل ّ‬
‫الخلف و كان بناء الستعارة على تناسى التشبيه حسن الّتعجب بقوله ) فما بقاء فحرع بعحد‬
‫ن الشجر إذا انقطع أصله أو انقلع ل يبقى لفرعه قوام ‪،‬‬ ‫ذهاب أصله ( ل ّ‬

‫شاعر ‪:‬‬
‫و ل يكون له ثبات و مثل هذا الّتعجب له المبنى على تناسي التشبيه قول ال ّ‬

‫ت ألثححححححححححححححححححم عينهححححححححححححححححححا و مححححححححححححححححححن عجححححححححححححححححححب‬


‫فبحححححححححححححححححح ّ‬
‫إّني اقّبل أسيافا سفكن دمى ‪.‬‬

‫شرح ‪.‬‬
‫سادس من تقسيمات الستعارة في أوائل هذا ال ّ‬
‫و قد مّر مثال آخر في الّتقسيم ال ّ‬

‫قال السّيد ره ) منها ( أي بعض هذه الخطبة في الّنهى عن متابعة البدعات و الّتنبيه علححى‬
‫ضللها و المر بالتجّنب عنها ‪ ،‬و قد مضى معنى البدعة و تحقيق الكلم فيها فححي شححرح‬
‫ل ما احدث لم يكن على عهد‬ ‫شارح المعتزلي هنا ‪ :‬البدعة ك ّ‬ ‫سابع عشر ‪ ،‬و قال ال ّ‬ ‫الكلم ال ّ‬
‫ل ح عليححه و آلححه ‪ ،‬فمنهححا الحسححن كصححلة التراويححح ‪ ،‬و منهححا القبيححح‬
‫ل ح ص حّلى ا ّ‬
‫رسححول ا ّ‬
‫كالمنكرات الّتي ظهرت في أوائل الخلفة العثمانّية و إن كانت قد تكّلفت العذار عنها ‪.‬‬
‫سححنة‬
‫ن ال ّ‬
‫ل تححرك بهححا سحّنة ( معنححاه ا ّ‬
‫إذا عرفت ذلك فنقححول قححوله ‪ ) :‬و مححا احححدثت بدعححة إ ّ‬
‫ل بدعحة ضحللة و‬ ‫ل عليه و آلحه و سحّلم ‪ :‬كح ّ‬ ‫مقتضيه لترك البدعة و حرمتها بقوله صّلى ا ّ‬
‫ل ضللة في الّنار ‪،‬‬
‫كّ‬

‫ل ح عليححه و آلححه و‬
‫ل ح ص حّلى ا ّ‬
‫فاحداث البدعة يوجب ترك السنة أعنى مخالفة قول رسول ا ّ‬
‫لح‬
‫سّلم ل محالة ‪ ،‬و في هذا تعريض على الخلفاء في بدعاتهم التي أحدثوها بعد رسححول ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم على ما تقّدمت تفصيلها في الخطبححة الححتي رويناهححا عححن أميححر‬‫صّلى ا ّ‬
‫سلم في شرح الخطبة الخمسين فتذّكر ‪.‬‬ ‫المؤمنين عليه ال ّ‬

‫] ‪[ 48‬‬

‫) فاتقوا البدع و الزمححوا المهيححع ( أي الطريححق الواضححح و الّنهححج المسححتقيم و هححي الجححاّدة‬
‫ل و غوى ‪ ،‬و هححي اّلححتي تقحّدمت‬ ‫الوسطى اّلتى من سلكها فازونجى ‪ ،‬و من عدل عنها ض ّ‬
‫سادس عشر عند شرح قوله هنححاك ‪ :‬اليميححن و‬ ‫ذكرها في شرح الفصل الّثاني من الكلم ال ّ‬
‫شمال مضّلة و الطريق الوسطى هى الجاّدة ‪ ،‬عليها باقي الكتاب و آثار الّنبححوة ‪ ،‬و منهححا‬ ‫ال ّ‬
‫سنة ‪ ،‬فليراجع ثّمة ‪.‬‬‫منفذ ال ّ‬

‫ن عححوازم المححور‬‫و عّلححل وجححوب التجّنححب مححن البححدع و لححزوم سححلوك المهيححع بقححوله ‪ ) :‬إ ّ‬
‫ل عليه و آلححه و‬
‫ل صّلى ا ّ‬ ‫أفضلها ( أراد بها المور القديمة التي كانت على عهد رسول ا ّ‬
‫سّلم و على التفسير الخر المور المقطوع بصحّتها و الخالية عن الشكوك و الشححبهات و‬
‫المصداق واحد ‪.‬‬

‫ن محّدثاتها شرارها ( لكونها خارجة عن قانون الشريعة مسححتلزمة للهححرج و المحرج‬ ‫)واّ‬
‫و المفاسد العظيمة ‪ ،‬أل ترى إلى البدعة الّتي أحدثها عمر من التفضيل في العطاء فضححل‬
‫ي مفاسححد ترّتبححت عليهححا حسححب مححا عرفتهححا فححي شححرح الكلم المححأة و‬‫عن سححائر بححدعاته أ ّ‬
‫ل الموفق و المعين ‪.‬‬ ‫سادس و العشرين ‪ ،‬و ا ّ‬ ‫ال ّ‬

‫ععععععع‬

‫ب العالمين است در مذّمت دنيححا و‬


‫ي رسول ر ّ‬
‫از جمله خطب شريفه آن امام مبين و وص ّ‬
‫تنبيه بر معائب آن غّدار بى وفا ميفرمايد ‪:‬‬

‫أي گروه مردمان جز اين نيست كه شما در اين دنيا بمنزله هححدف و نشححانگاهيد كححه تيححر‬
‫اندازند در او مرگها ‪ ،‬با هر آشاميدنى از شراب دنيا اندوهى است گلو گير ‪،‬‬

‫و در هر خوردني محنتها است گلو گرفته ‪ ،‬نمىرسيد از دنيا بنعمتي مگر بجدا شدن از‬
‫نعمت ديگر ‪ ،‬و معّمر نميشود هيچ طويل العمري از شما يك روزي از عمر خود مگحر‬
‫بححويرانى يححك روز ديگححر از عمححر او ‪ ،‬و تجديححد كححرده نميشححود از بححراى او زيححادتي در‬
‫خوردن او مگر به نابود شدن آنچه پيش از اين زيادتي است از روزى‬

‫] ‪[ 49‬‬

‫او ‪ ،‬و زنده نميشود از براى او اثرى مگر آنكه ميميرد از براى او اثححر ديگححر ‪ ،‬و تححازه‬
‫نميشود از براى او هيچ تازه مگر بعد از آنكه كهنه شود از براى او تازه ديگر ‪،‬‬

‫و قائم نميشود از براى او روينده مگر آنكه ميافتد از او روينده خشححك شححده ‪ ،‬و بتحقيححق‬
‫كه گذشت اصلهائى كه ما فرعهاى ايشانيم يعنى پدرانى كه ما فرزندان ايشانيم ‪،‬‬

‫پس چه عجب است باقى ماندن فرع بعد از رفتن اصل او ‪.‬‬

‫از جمله فقرات اين خطبه در نهى از متابعت بدعت ميفرمايد ‪:‬‬

‫و پديد آورده نشد هيچ بدعتى مگر آنكه تححرك كححرده شححد بجهححت آن بححدعت سحّنتي ‪ ،‬پححس‬
‫پرهيز نمائيد از بدعتها ‪ ،‬و لزم شويد براه روشن آشكارا ‪ ،‬بدرستى كه أمرهححاى قححديمه‬
‫بهترين أمرها است ‪ ،‬و بدرستى كه امور متجحّدده تحازه پيححدا شححده بحدترين امحور اسحت ‪،‬‬
‫زيرا كه مخالف دين خاتم الّنبّيين است ‪.‬‬

‫ع ع ع عععع ع ع ععع ع ععع ععع ع ع ع عععع ععع‬


‫ععع عع عععععع عع عععععع ععععع ععععع‬

‫بنفسه و هو المأة و السادس و الربعون مححن المختحار فحي بحاب الخطحب و قحد رواه غيحر‬
‫صة و العاّمة على اختلف تطلع عليه ‪:‬‬
‫واحد من الخا ّ‬

‫ل اّلححذي أظهححره ‪ ،‬و‬


‫ن هذا المر لم يكن نصره و ل خذلنه بكثرة و ل بقّلة ‪ ،‬و هو دين ا ّ‬ ‫إّ‬
‫جنده اّلذي أعّده و أمّده ‪ ،‬حّتى بلغ ما بلغ ‪،‬‬

‫ل منجز وعده ‪،‬‬


‫ل‪،‬وا ّ‬
‫و طلع حيث ما طلع ‪ ،‬و نحن على موعود من ا ّ‬

‫و ناصر جنده ‪ ،‬و مكان القّيم بالمر مكححان الّنظححام مححن الخححرز ‪ ،‬يجمعححه و يضحّمه ‪ ،‬فححإذا‬
‫انقطع الّنظام تفّرق الخرز و ذهب ثّم لم يجتمع بحذافيره‬

‫] ‪[ 50‬‬

‫أبدا ‪ ،‬و العرب اليوم و إن كانوا قليل فهم كثيرون بالسلم ‪ ،‬عزيزون بالجتمححاع ‪ ،‬فكححن‬
‫قطبا و استدر الّرحى بالعرب ‪ ،‬و أصلهم دونك نار الحرب ‪ ،‬فإّنك إن شخصححت مححن هححذه‬
‫الرض انتقضت عليك العرب من أطرافها و أقطارها ‪ ،‬حّتى يكححون مححا تححدع ورائك مححن‬
‫ن العحاجم إن ينظحروا إليحك غحدا يقولحوا هحذا أصحل‬ ‫العورات أهّم إليك مّما بيحن يحديك ‪ ،‬إ ّ‬
‫العرب فإذا قطعتموه استرحتم ‪ ،‬فيكون ذلك أشحّد لكلبهححم عليححك و طمعهححم فيححك ‪ ،‬فأّمححا مححا‬
‫ل سبحانه هححو أكححره لمسححيرهم منححك ‪ ،‬و‬ ‫نا ّ‬ ‫ذكرت من مسير القوم إلى قتال المسلمين ‪ ،‬فإ ّ‬
‫هو أقدر على تغيير ما يكره ‪،‬‬

‫و أّما ما ذكرت من عددهم فإّنا لم نكن نقاتل فيما مضى بالكثرة ‪،‬‬

‫و إّنما كّنا نقاتل بالّنصر و المعونة ‪.‬‬

‫ععععع‬

‫في بعض الّنسخ بدل قوله ) أعّده ( أعّزه و ) طلع ( الكوكب طلوعا ظهححر و طلححع الجبححل‬
‫عله و ) نظمت ( الخرز نظما من باب ضرب جعلتححه فححي خيححط جححامع لححه و هححو النظححام‬
‫بالكسر و ) الخرز ( محّركة معروف و الواحد خرزة كقصب و قصححبة و ) الحححذفور ( و‬
‫زان عصفور الجانب كالحذفار و الجمع حذافير ‪ ،‬و أخذه بحذافيره أي بأسره أو بجححوانبه‬
‫و ) صلى ( الّلحم يصليه صليا من باب رمى شواه أو ألقاه في الّنار للحححراق كأصححله و‬
‫صله و يده بالّنار سخنها و صلى الّنححار و بهححا كرضححى صححليا و صححلّيا قاسححى حّرهححا ‪ ،‬و‬
‫أصله الّنار و صل إّياه و فيها و عليها أدخله إّياها و أثواه فيها و ) العورة ( في الثغححر و‬
‫سكون‬
‫الحرب خلل يخاف منه و الجمع عورات بال ّ‬

‫] ‪[ 51‬‬

‫للتخفيف و القياس الفتح لّنه اسم و هو لغة هذيل و ) الكلب ( محّركة الحرص و الشّدة ‪.‬‬

‫ععععععع‬

‫ظرفّيححة أو جحّر‬ ‫ل النصححب علححى ال ّ‬ ‫قوله ‪ :‬و طلع حيث ما طلع ‪ ،‬حيث ظرف مكان في محح ّ‬
‫بمن إن كان طلع بمعنى ظهر ‪ ،‬و إن كححان بمعنححى عل فهححو مفعححول لطلححع كمححا فححي قححوله‬
‫ي تقححدير فلفححظ مححا بعححده مصححدرّية و فححي‬ ‫ل أعلم حيث يجعل رسححالته ‪ ،‬و علححى أ ّ‬
‫تعالى ‪ :‬ا ّ‬
‫بعض الّنسخ حيث طلع بدون ما ‪ ،‬جملة يجمعه و يضّمه حال من الّنظام ‪ ،‬و العامححل فيهححا‬
‫لم فيه للعهححد‬ ‫سع و ال ّ‬‫معنى التشبيه ‪ ،‬و يجوز الوصف ‪ ،‬و اليوم ظرف لقليل و تقّدمه للتو ّ‬
‫الحضورى ‪ ،‬و الباء في قوله ‪ :‬بالعرب ‪ ،‬للستعانة ‪ ،‬و دونك ‪ ،‬حال من فاعححل أصححل أى‬
‫متجاوزا الصلء أو الصلى المستفاد منه عنك أو من نار الحرب فتقديمه على ذيها علححى‬
‫التوسع ‪ ،‬و يمكن كونه حال من مفعول أصل أى متجاوزين عنك فافهم ‪.‬‬
‫عععععع‬

‫سلم لعمر في وقعة القادسحّية أو نهاونححد علححى اختلف مححن‬


‫ن هذا الكلم قاله عليه ال ّ‬
‫اعلم أ ّ‬
‫الرواة تطلع عليه ‪ ،‬و ذلك حين أراد عمر أن يغزو العجم و جيوش كسرى ‪،‬‬

‫و قد استشاره عمر و استشار غيره في الشخوص و الخروج لقتال الفرس بنفسه فأشاروا‬
‫صححواب و الححرأى‬ ‫سححلم عححن ذلححك و أشححار إلححى وجححه ال ّ‬
‫عليححه بالشححخوص و نهححاه عليححه ال ّ‬
‫ن واسحمّية‬ ‫ن هحذا المحر ( مؤّكحدا بحإ ّ‬ ‫صواب بكلم مشتمل علحى أنحواع البلغحة فقحال ) إ ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ن المخاطب إذا كان مترّددا فححي الحكحم حسححن التقويحة بمؤّكححد ‪ ،‬قحال الشححيخ عبححد‬ ‫الجملة ل ّ‬
‫سححائل‬
‫ن بحكم الستقراء هو الجواب ‪ ،‬لكحن يشحترط فيححه أن تكححون لل ّ‬ ‫القاهر ‪ :‬أكثر مواقع إ ّ‬
‫ن على خلف ما أنت تجيبححه بححه ‪ ،‬هححذا و تعريححف المسححند إليححه بالشححارة و ايححراده اسححم‬ ‫ظّ‬
‫الشارة لقصد التعظيم و التفخيم على حّد قوله سبحانه ذلك الكتاب تنححزيل لبعححد درجتححه و‬
‫رفعة محّله منزلة بعد المسافة ‪ ،‬و المراد به السلم ‪.‬‬

‫] ‪[ 52‬‬

‫لح الححذي‬
‫) لم يكن نصره و خذلنه بكثرة و ل بقّلة ( نشر على ترتيب الّلف ) و هو ديححن ا ّ‬
‫أظهره ( أي جعله غالبا على سائر الديان بمقتضى قوله ‪ :‬ليظهره على ال حّدين كّلححه و لححو‬
‫كره المشركون ‪ ،‬و في التيان بالموصول زيادة تقرير للغرض المسوق لححه الكلم و هححو‬
‫ربط جاش عمرو سائر من حضر ‪ ،‬و إزالة الخور و الفشل عنهم ‪.‬‬

‫و لهذا الغرض أيضا عّقبه بقوله ) و جنده الذي أعّده و أمّده ( أى هّيأه أو جعله عزيححزا و‬
‫أعطاه مددا و كثرة ) حّتى بلغ ما بلغ ( من العّزة و الكححثرة ) و طلححع حيححث محا طلححع ( أي‬
‫ظهر في مكان ظهحوره و انتشحر فحي الفحاق ‪ ،‬أو طلحع محن مطلعحه أى أقطحار الرض و‬
‫ي تقحدير‬
‫ل الذي ينبغي أن يعلحى عليحه ‪ ،‬و علحى أ ّ‬ ‫أطرافها ‪ ،‬أو أّنه عل مكان علّوه و المح ّ‬
‫فالتيان بالموصول في القرينة الولى أعنى قوله ‪ :‬بلغ ما بلغ ‪ ،‬و ابهام مكان الطلوع فححي‬
‫هذه القرينة على حّد قوله تعالى ‪ :‬فغشيهم من اليّم ما غشيهم ‪.‬‬

‫قال أبو نواس ‪:‬‬

‫و لقححححححححححححححححححد نهححححححححححححححححححزت مححححححححححححححححححع الغححححححححححححححححححواة بححححححححححححححححححدلوهم‬


‫و اسححححححححححححححححمت سححححححححححححححححرح اللحححححححححححححححححظ حيححححححححححححححححث أسححححححححححححححححاموا‬

‫و بلغحححححححححححححححححححت محححححححححححححححححححا بلحححححححححححححححححححغ امحححححححححححححححححححرء بشحححححححححححححححححححبابه‬


‫ل ذاك اثام‬‫فاذا عصارة ك ّ‬
‫ل ( أى وعححدنا النصححر و‬ ‫ثّم أّكد تقوية قلوبهم و تشديدها بقوله ) و نحن على موعود من ا ّ‬
‫صحالحات ليسحتخلفّنهم‬ ‫ل اّلذين آمنوا منكم و عملحوا ال ّ‬
‫الغلبة و الستخلف بقوله ‪ » :‬وعد ا ّ‬
‫ن لهم دينهم اّلذي ارتضى لهم و ليبححّدلّنهم‬
‫في الرض كما استخلف اّلذين من قبلهم و ليمّكن ّ‬
‫من بعد خوفهم أمنا « ‪.‬‬

‫ل منجز وعده و ناصر جنده ( من باب اليغال الححذي قحّدمنا ذكححره فححي‬ ‫و عّقبه بقوله ) و ا ّ‬
‫لح‬
‫نا ّ‬‫شرح ‪ ،‬و قد كان المعنى يتحّم دونححه لظهححور أ ّ‬
‫سنات البديعّية من ديباجة ال ّ‬
‫ضمن المح ّ‬
‫منجز لوعده ل محالة ‪ ،‬لكن في التيان به زيادة تثبيت لقلوبهم و تسكين لها ‪.‬‬

‫ثّم قال ‪ ) :‬و مكان القّيم بالمر ( أى المراء و الول ) مكان النظام من الخرز ( و هو من‬
‫التشبيه المؤكد بحذف الداة ‪ ،‬و الغرض به تقرير حال المشّبه و وجه الشّبه‬

‫] ‪[ 53‬‬

‫ن انتظحام‬‫ن انتظحام أمحر الّرعيححة إنمحا هححو برئيسحهم كمحا أ ّ‬


‫قول ) يجمعه و يضّمه ( يعنى أ ّ‬
‫الخرز إّنما هو بالنظام و الخيط اّلذي ينتظم به و محّله من الّرعّية محّله من الخرز ) فححاذا‬
‫انقطع النظام ( و انضم ) تفّرق الخرز و ذهحب ( و انتحثر ) ثحّم لحم يجتمحع بححذافيره ( أى‬
‫بجوانبه ) أبدا ( و كذلك إذا ارتفع المير من بين الرعّية و لم يكن فيهم فسد حححال الّرعيححة‬
‫و ضاع نظم امورهم ‪.‬‬

‫ثّم رفع الفزع عن عمر بقّلة جنده و كثرة العدّو فقال ) و العرب اليححوم و ان كححانوا قليل (‬
‫بالعدد ) فهم كثيرون بالسلم ( قال الشارح البحرانى ‪ :‬أراد بالكثرة القّوة و الغلبة مجازا‬
‫اطلقححا للسححم مظّنححة الشححيء علححى الشححيء ) عزيححزون ( أى غححالبون ) بالجتمححاع ( أى‬
‫باجتماع الّرأي و اّتفاق القلوب ‪ ،‬و هو خير من كثرة الشخاص مع النفاق ‪.‬‬

‫و لما مّهدما مّهده من المقّدمة أمحره بالقيحام فحي مقحامه و الثبحات فحي مركحزه فقحال ) فكحن‬
‫قطبا ( قائما بمكانك ) و استدر الّرحى ( أي رحححى الحححرب ) بححالعرب ( و اسححتعانتهم ) و‬
‫اصلهم ( أى ادخلهم ) دونك نار الحرب ( لّنهم ان سلموا و غنمححوا فهححو الغححرض ‪ ،‬و ان‬
‫انقهروا و غلبوا كنت مرجعا لهم و ظهرا يقوى ظهورهم بك و تتمّكن من اصلح ما فسد‬
‫من امورهم ‪.‬‬

‫ضححرر و هححو‬
‫و لّما أمره بالثبات في مقامه نّبهححه علححى مفاسححد الشححخوص و مححا فيححه مححن ال ّ‬
‫أمران ‪:‬‬

‫أحدهما ما أشار إليه بقوله ‪ ) :‬فانك إن شخصت من هحذه الرض ( و نهضحت معهحم إلحى‬
‫العدّو ) انتقضت عليك العرب من أطرافهححا ( أي مححن أطححراف الرض ) و أقطارهححا ( و‬
‫ذلك لقرب عهدهم يومئذ بالسلم و عدم استقراره في قلوبهم و ميل طبائعهم الى الفتنة و‬
‫الفساد ‪ ،‬و مع علمهم بخروجك و تركك للبلدهاج طمعهم و صار فتنتهم على الحرمين و‬
‫ما يضاف إليهما ) حّتى يكون ما تدع ورائك من العححورات ( و خلححل الثغححور ) أهحّم إليححك‬
‫مّما بين يديك ( و المر الثانى ما أشار إليه بقوله ‪ ) :‬انّ العاجم إن ( تخرج اليهم بنفسك‬

‫] ‪[ 54‬‬

‫و ) ينظروا إليك غدا ( طمعوا فيك و ) يقولوا هذا أصل العرب ( أى به قححوامهم و ثبححاتهم‬
‫) فاذا قطعتموه استرحتم ( إذ ل أصل لهم سواه و ل لهم ظهححر يلجححأون بححه ) فيكححون ذلححك‬
‫ن عمر حسب ما نححذكره‬ ‫أشّد لكلبهم ( و حرصهم ) عليك و ( أقوى ل ) طمعهم فيك ( ثّم إ ّ‬
‫ن هحؤلء الفححرس قحد قصححدوا‬ ‫سلم في جملحة محا قحال ‪ :‬إ ّ‬
‫بعد تفصيل قد كان قال له عليه ال ّ‬
‫المسير إلى المسلمين و قصدهم إّياهم دليل قّوتهم و أنا أكححره أن يغزونححا قبححل أن نغزوهححم‬
‫لح‬
‫نا ّ‬‫سلم بقوله ‪ ) :‬فأّما ما ذكرت من مسير القحوم إلحى قتحال المسحلمين فحا ّ‬ ‫فأجابه عليه ال ّ‬
‫سبحانه هو أكره لمسيرهم منك ( و أشّد كراهّية لذلك ) و هو أقدر على تغيير ما يكره ( ‪.‬‬

‫ن مسححيرهم إلححى‬‫شححارح البحرانححي ‪ ،‬و هححذا الجححواب يححدور علححى حححرف ‪ ،‬و هححو أ ّ‬
‫قححال ال ّ‬
‫ن لقائه لهم بنفسه فيه مفسدة أكبر ‪ ،‬و إذا كان كذلك فينبغي‬ ‫لأّ‬ ‫المسلمين و ان كان مفسدة إ ّ‬
‫ل تعالى فاّنه كاره لهححا و مححع كراهّيتححه‬
‫أن يدفع العظمى و يكل دفع المفسدة الخرى إلى ا ّ‬
‫لها فهو أقدر على إزالتها ‪.‬‬

‫) و أّما ما ذكرت من ( كثرة القوم و ) عددهم فانا لم نكن نقاتل ( العداء ) فيما مضححى (‬
‫ل و صدر السلم ) بالكثرة و إّنما كّنححا نقاتححل بالنصححر و المعونححة (‬‫أى في زمن رسول ا ّ‬
‫ل سبحانه و معونته ‪.‬‬
‫أى بنصر ا ّ‬

‫و يصّدقه قوله تعالى ‪ » :‬يا أّيها الّنبي حّرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشححرون‬
‫صابرون يغلبوا مأتين و إن يكححن منكححم سحائة يغلبححوا ألفححا مححن اّلححذين كفححروا بحأنهم قححوم ل‬
‫ن فيكم ضعفا ‪ ،‬فان يكن منكححم مححائة صححابرة يغلبححوا‬ ‫ل عنكم و علم أ ّ‬‫يفقهون ‪ ،‬الن خفف ا ّ‬
‫صابرين «‬ ‫ل مع ال ّ‬ ‫لوا ّ‬ ‫مأتين ‪ ،‬و إن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين باذن ا ّ‬

‫ععععع‬

‫ن هححذا الكلم ممححا رواه الخاصّححة و العاّمححة ‪ ،‬و قححد اختلححف فححي‬ ‫قد أشرنا فيما مضى إلححى أ ّ‬
‫سححلم لححه فححي غححزاة القادسحّية ‪ ،‬و قيححل فححي‬
‫الحال اّلتي قاله فيها لعمر ‪ ،‬فقيل ‪ :‬قاله عليححه ال ّ‬
‫غزوة نهاوند ‪ ،‬و ل بأس بايراد ما رووه ‪.‬‬

‫] ‪[ 55‬‬
‫لمة المجلسححي فححي المجّلححد التاسححع مححن البحححار عححن المفيححد فححي‬
‫فأقول ‪ :‬روى المحّدث الع ّ‬
‫الرشاد في فضل ما جاء عن أمير المؤمنين في معنى صواب الّرأى و إرشاد القححوم إلححى‬
‫مصالحهم و تداركه على ما كان يفسدهم لححو ل تنححبيهه علححى وجححه الحّرأى عححن سححبابة بححن‬
‫سوار عن أبي بكر الهذلي قال ‪:‬‬

‫سمعت رجحال محن علمائنحا يقولحون ‪ :‬تكحاتبت العحاجم محن أهحل همحدان و أهحل الحرى و‬
‫ن ملححك العححرب الححذي جححائهم‬ ‫اصفهان و قومس ‪ 1‬و نهاوند و أرسل بعضهم إلى بعححض أ ّ‬
‫ل عليه و آلححه و س حّلم ‪ ،‬و أّنححه ملكهححم‬
‫ي صّلى ا ّ‬
‫بدينهم و أخرج كتابهم قد هلك ‪ ،‬يعنون النب ّ‬
‫من بعده رجل ملكا يسيرا ثّم هلك ‪ ،‬يعنون أبا بكر ‪ ،‬ثّم قام بعده آخر قد طال عمححره حّتححى‬
‫تناولكم في بلدكم و اغزاكم جنوده ‪ ،‬يعنون عمر بححن الخطححاب ‪ ،‬و أنححه غيححر منتححه عنكححم‬
‫حتى يخرجوا من في بلدكم من جنحوده و تخرجححون إليححه و تغححزون فححي بلده ‪ ،‬فتعاقحدوا‬
‫على هذا و تعاهدوا عليه ‪.‬‬

‫فلّما انتهى الخبر إلى من بالكوفة من المسلمين أنهوه إلى عمر بن الخطاب فلّما انتهى إليه‬
‫ل عليه و آله و سّلم فصعد‬‫ل صّلى ا ّ‬
‫الخبر فزع لذلك فزعا شديدا ‪ ،‬ثّم أتى مسجد رسول ا ّ‬
‫ل و أثنى عليه ثّم قال ‪:‬‬
‫المنبر فحمد ا ّ‬

‫ن الشيطان قد جمع لكم جموعححا و أقبححل بهححا ليطفىء نححور‬ ‫معاشر المهاجرين و النصار إ ّ‬
‫ن أهل همدان و أهل اصبهان و أهل الرى و قححومس و نهاونححد مختلفححة ألسححنتها و‬ ‫ل أل إ ّ‬
‫ا ّ‬
‫ألوانها و أديانها ‪ ،‬قد تعاقدوا و تعاهدوا أن يخرجوا من بلدهم إخححوانكم مححن المسححلمين و‬
‫ن هححذا‬
‫ى فاوجزوا و ل تطنبوا في القول فا ّ‬ ‫يخرجوا إليكم فيغزوكم في بلدكم ‪ ،‬فأشيروا إل ّ‬
‫يوم له ما بعده من الّيام فتكّلموا ‪.‬‬

‫ل و أثنى عليه ثّم قال ‪ :‬يا أمير المؤمنين قد حنكتك ‪2‬‬


‫ل فحمد ا ّ‬
‫فقام طلحة بن عبيد ا ّ‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬تتتت تتت تتتت تت تتتت تتتتتت ت تتتت ت‬
‫تتتتتتتت ت ت‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 2‬تتتت ت تتتت تتتت تتت تت ت ت تتتتت ت‬
‫تتتتت تتتتتتتت تتتت ت ت تتتتت ت تتتت تتت‬
‫تت ت ت تتتت ت‬
‫تت تتتت ت ت تتتت ت تتتتتت تتت‬
‫تتتتتت ت تت تتتت ت ت ت تتتت ت ت ت ت تتتت ت‬
‫تتتت تتتت تتتتت تتت تتتتت تتتتت تتتت ت ت‬
‫تت تتت ت تتتت‬
‫] ‪[ 56‬‬

‫المور و جرستك الّدهور و عجمتك البليا و أحكمتك الّتجارب ‪ ،‬و أنت مبحارك المحر و‬
‫ل عححن‬
‫لح إ ّ‬
‫ميمون النقيبة و قد وليت فخّيرت و اختبرت و لم تكشف مححن عححواقب قضححاء ا ّ‬
‫خيار فاحضر هذا المر برأيك و ل تغب عنه ثّم جلس ‪.‬‬

‫ل و أثنى عليه ثّم قححال ‪ :‬أّمححا بعححد يححا أميححر‬‫فقال عمر ‪ :‬تكّلموا فقام عثمان بن عفان فحمد ا ّ‬
‫شام من شامهم و أهل اليمن من يمنهم و تسححير أنححت‬ ‫المؤمنين إّني أرى أن تشخص أهل ال ّ‬
‫في أهل هذين الحرمين و أهل المصرين الكوفة و البصرة فتلتقى جميع المشركين بجميع‬
‫المؤمنين ‪ ،‬فانك يا أمير المؤمنين ل تستبقى من نفسك باقية بعححد العححرب ‪ ،‬و ل تمتححع مححن‬
‫الّدنيا بعزيز و ل تلوذ منها بحريز فاحضره برأيك و ل تغب عنه ث حّم جلححس فقححال عمححر ‪:‬‬
‫ل حّتححى ت حّم التحميححد و‬ ‫سلم ‪ :‬الحمد ّ‬ ‫ي بن أبيطالب عليه ال ّ‬‫تكّلموا فقال ‪ :‬أمير المؤمنين عل ّ‬
‫صلة على رسوله ثّم قال ‪ :‬أّما بعد فاّنك إن أشخصححت أهححل الشّححام مححن‬ ‫ل و ال ّ‬ ‫الثناء على ا ّ‬
‫شامهم سارت أهل الّروم إلححى ذراريهححم ‪ ،‬و إن أشخصححت أهححل اليمححن مححن يمنهححم سححارت‬
‫الحبشة الى ذراريهححم ‪ ،‬و إن شخصححت مححن هححذين الحرميححن انتقضححت عليححك العححرب مححن‬
‫أطرافها و أكنافها حّتى تكون ما تدع وراء ظهرك من عيالت العرب و العجم أه حّم إليححك‬
‫مّما بين يديك ‪ ،‬فأّما ذكرك كثرة العجم و رهبتك من جموعهم فانا لم نكن نقاتل على عهد‬
‫ل بالكثرة ‪ ،‬و إنما كّنا نقاتل بالّنصرة و أّما ما بلغك مححن اجتمححاعهم علححى المسححير‬ ‫رسول ا ّ‬
‫ن العاجم‬ ‫ل لمسيرهم أكره منك لذلك و هو أولى بتغيير ما يكره ‪ ،‬و إ ّ‬ ‫نا ّ‬‫إلى المسلمين فا ّ‬
‫إذا نظروا إليك قالوا ‪ :‬هذا رجل العرب فان قطعتموه قطعتم العرب و كنت أشّد لكلبهححم و‬
‫كنت قد ألبتهم ‪ 1‬على نفسك و أمّدهم من لم يكن يمّدهم ‪ ،‬و لكّنى أرى أن تقّر هححؤلء فححي‬
‫أمصارهم و تكتب إلى أهل البصرة فليفترقوا على ثلث فرق فليقححم فرقححة علححى ذراريهححم‬
‫حرسا لهم ‪ ،‬و ليقم فرقة على أهل عهدهم لئل ينتقضوا ‪ ،‬و لتسر فرقة إلى إخححوانهم مححددا‬
‫لهم ‪.‬‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬تتتتتتت تتتتتتت‬

‫] ‪[ 57‬‬

‫ب أن اتححابع عليححه ‪ ،‬و جعححل يكحّرر قححول أميححر‬


‫فقال عمر ‪ :‬أجل هذا الرأى ‪ ،‬و قد كنت أح ّ‬
‫سلم اعجابا و اختيارا له ‪.‬‬
‫المؤمنين عليه ال ّ‬

‫ل إلى هذا الموقف الذي ينبى بفضل الّرأى ‪ ،‬إذ‬ ‫قال الشيخ المفيد ) ره ( ‪ :‬فانظروا أّيدكم ا ّ‬
‫ل به أميححر المححؤمنين عليححه‬
‫تنازعه اولو اللباب و العلم ‪ ،‬و تأّملوا في التوفيق الذى قرن ا ّ‬
‫سلم في الحوال كّلها و فزع القوم إليه في المعضل من المور ‪،‬‬ ‫ال ّ‬
‫و اضحيفوا ذلحك إلحى محا أثبتنحاه محن الفضحل فحي الحّدين اّلحذى أعجحز متقحّدمي القحوم حّتحى‬
‫ى الّتوفيق ‪.‬‬
‫ل ول ّ‬
‫اضطّروا في علمه إليه ‪ ،‬تجدوه من باب المعجز اّلذى قّدمناه و ا ّ‬

‫ن هححذا الكلم قححد اختلححف فححي الحححال‬ ‫شارح المعتزلي في شرح هذا المقام ‪ :‬و اعلححم أ ّ‬‫قال ال ّ‬
‫الّتي قاله فيها لعمر ‪ ،‬فقيل قاله له في غزوة القادسّية ‪ ،‬و قيححل فححي غححزوة نهاونححد ‪ ،‬و الححى‬
‫طبرى فححي التاريححخ الكححبير ‪ ،‬و إلححى هححذا القححول‬ ‫هذا القول الخير ذهب محّمد بن جرير ال ّ‬
‫الّول ذهب المدايني في كتاب الفتوح ‪.‬‬

‫أّما وقعة القادسّية فكانت في سحنة أربحع عشحر للهجحرة استشحار عمحر المسحلمين فحى أمحر‬
‫ي بححن محّمححد‬
‫سلم في رواية أبححي الحسححن علح ّ‬ ‫ي بن أبيطالب عليه ال ّ‬
‫القادسّية فأشار إليه عل ّ‬
‫ابن سيف المدايني أن ل يخرج بنفسه و قال ‪ :‬إّنك إن تخرج تكن للعجم هّمححة لستيصححالك‬
‫لعلمهم أّنك قطب الّرحى للعرب فل يكون للسحلم بعححدها دولحة و أشحار عليححه غيححره مححن‬
‫ي ‪ ،‬ثم أورد الشارح وقعححة القادس حّية و ل حاجححة بنححا‬‫الّناس أن يخرج بنفسه فأخذ برأي عل ّ‬
‫إلى ايرادها ثّم قال ‪:‬‬

‫ن عمححر‬
‫طبرى ذكر فححي كتححاب التاريححخ ا ّ‬
‫ن أبا جعفر محّمد بن جرير ال ّ‬
‫فأما وقعة نهاوند فا ّ‬
‫صحابة ‪.‬‬ ‫لّما أراد أن يغزو العجم و جيوش كسرى و هي مجتمعة بنهاوند استشار ال ّ‬

‫شححام فيسححيروا مححن‬


‫فقام عثمان فتشّهد فقال ‪ :‬أرى يا أميححر المححؤمنين أن تكتححب إلححى أهححل ال ّ‬
‫شامهم و تكتب إلى أهل اليمن فيسيروا من يمنهم ثّم تسير أنت بأهل هححذين الحرميححن إلححى‬
‫المصرين البصرة و الكوفة فتلقى جميع المشركين بجميع المسلمين فاّنححك إذا سححرت بمححن‬
‫معك و من عندك تكن فى نفسك بالكاثر من عدد‬

‫] ‪[ 58‬‬

‫القوم و كنت أعّز عّزا و أكثر اّنك ل تستبقى بعد اليوم باقية و ل تمنع من الّدنيا بعزيححز و‬
‫ن هذا يححوم لححه مححا بعححده فاشححهده برأيححك و نفسححك و ل تغححب‬
‫تكون منها في حرز حريز ‪ ،‬إ ّ‬
‫عنه ‪.‬‬

‫قال أبو جعفر ‪ :‬و قححام طلحححة فقححال ‪ :‬أّمححا بعححد يححا أميححر المححؤمنين فقححد أحكمتححك المححور و‬
‫عجمتك البليا و حنكتك الّتجارب و أنت و شأنك و أنححت و رأيححك ل تنبححو فححي يححديك و ل‬
‫ل إليك ‪ ،‬فأمرنا نجب ‪ ،‬و ادعنا نطع ‪ ،‬و احملنا نركب ‪ ،‬و قححدمنا ننقححد ‪ ،‬فاّنححك‬ ‫نكل أمرنا إ ّ‬
‫ى هذا المر و قد بلوت و جربت و اختبرت فلم ينكشف شيء من عححواقب المححور لححك‬ ‫ول ّ‬
‫ل عن خيار ‪.‬‬ ‫إّ‬

‫ن هذا المر لم يكن نصره و ل خذلنه بكثرة و ل قّلة ‪،‬‬ ‫ي بن أبيطالب ‪ :‬أّما بعد فا ّ‬
‫فقال عل ّ‬
‫ل اّلذي أظهره و جنده اّلذي أعّزه و أمّده بالملئكة حّتى بلغ ما بلححغ ‪ ،‬فنحححن‬ ‫إنما هو دين ا ّ‬
‫ن مكانك منهم مكان الّنظام من‬ ‫ل منجز وعده و ناصر جنده ‪ ،‬و ا ّ‬ ‫لوا ّ‬‫على موعود من ا ّ‬
‫ل تفّرق ما فيه و ذهب ثحّم لححم يجتمححع بحححذافيره أبححدا ‪ ،‬و‬
‫الخرز يجمعه و يمسكه ‪ ،‬فان انح ّ‬
‫العرب اليوم و إن كانوا قليل فاّنهم كثير ‪ ،‬و عزيز بالسلم ‪ ،‬أقم مكانك و اكتب إلى أهل‬
‫الكوفة فاّنهم أعلم العرب و رؤسائهم ‪،‬‬

‫و ليشخص منهم الثلثان و ليقم الّثلث ‪ ،‬و اكتب إلى أهححل البصححرة أن يمحّدوهم ببعححض مححن‬
‫شام و ل اليمن إّنك إن أشخصححت أهححل الشححام مححن شححامهم سححارت‬ ‫عندهم ‪ ،‬و ل تشخص ال ّ‬
‫الّروم إلى ذراريهم و إن أشخصت أهل اليمن من يمنهححم سححارت الحبشححة إلححى ذراريهححم و‬
‫متى شخصت من هذه الرض ‪ ،‬انتقضت عليك العرب من أطرافها و أكنافها حّتى يكححون‬
‫ن العححاجم إن ينظححروا‬ ‫ما تدع ورائك أهّم إليك مّما بين يديك من العورات و العيححالت ‪ ،‬إ ّ‬
‫إليك غدا قالوا ‪ :‬هذا أمير العرب و أصلهم فكان ذلك أشّد لكلبهم عليك و أّما ما ذكرت من‬
‫ل هو أكره لمسيرهم منك و هو أقححدر علححى تغييححر مححا يكححره ‪ ،‬و أّمححا مححا‬ ‫نا ّ‬
‫مسير القوم فا ّ‬
‫صححبر و‬ ‫ذكرت من عححددهم فانححا لححم نكححن نقاتححل فيمححا مضححى بححالكثرة و إّنمححا كّنححا نقاتححل بال ّ‬
‫الّنصر ‪.‬‬

‫ى برجل‬
‫فقال عمر ‪ :‬أجل هذا الرأى و قد كنت أن اتابع عليه ‪ ،‬فأشيروا عل ّ‬

‫] ‪[ 59‬‬

‫ى به و اجعلوه عراقّيا قالوا أنححت‬ ‫اولّيه ذلك الثغر ‪ ،‬قالوا أنت أفضل رأيا فقال ‪ :‬أشيروا عل ّ‬
‫ن أمرهححم‬
‫لح لّوليح ّ‬‫أعلم بأهل العراق و قد وفدوا عليك فرأيتهححم و كّلمتهححم ‪ ،‬قححال ‪ :‬أمححا و ا ّ‬
‫رجل يكون غمدا لّول السّنة فقيل ‪ :‬و من هو يا أمير المؤمنين ؟‬

‫قال ‪ :‬الّنعمان بن مقرن ‪ ،‬قالوا ‪ :‬هولها و كان الّنعمححان يححومئذ بالبصححرة فكتححب إليححه عمححر‬
‫له أمر الجيش ‪.‬‬ ‫فو ّ‬

‫قال أبو جعفر ‪ :‬كتب اليه عمر ‪ :‬سر إلى نهاوند فقد وليتك حرب الفيروزان و كان المقححدم‬
‫على جيوش كسرى فان حدث بك حدث فعلححى الّنححاس حذيفححة بححن اليمححان ‪ ،‬فححان حححدث بححه‬
‫ل ح عليهححم‬
‫ل عليكم فاقسم على الّناس ما أفاء ا ّ‬ ‫حدث فعلى الّناس نعيم بن مقرن ‪ ،‬فان فتح ا ّ‬
‫ى منه شيئا ‪ ،‬و إن نكث القوم فل ترانى و ل أراك ‪،‬‬ ‫و ل ترفع إل ّ‬

‫و قد جعلت معك طليحة بن جويلد و عمرو بن معديكرب لعلمهما بالحرب فاستشححرهما و‬


‫ل توّلهما شيئا ‪.‬‬

‫سححابعة مححن‬
‫سححنة ال ّ‬
‫قال أبو جعفر ‪ :‬فسار الّنعمان بالعرب حّتى وافححى نهاونححد و ذلححك فححي ال ّ‬
‫خلفة عمر ‪ ،‬و ترائى الجمعان و نشب القتال و حجزهم المسححلمون » المشححركون « فححي‬
‫ق على المسلمين ذلك ‪ ،‬فأشححار طليحححة عليححه‬ ‫خنادقهم و اعتصموا بالحصون و المدن و ش ّ‬
‫فقال أرى أن تبعححث خيل ببعححض القححوم و تحمشححهم ‪ 1‬فححاذا استحمشححوا خححرج بعضححهم و‬
‫ل بيننححا و‬‫اختلطوا بكم فاستطردوا لهم فانهم يطمعون بذلك ثّم نعطف عليهم حّتى يقضى ا ّ‬
‫ن طليحححة و انقطححع العجححم عححن حصححونهم‬ ‫بينهم بما يجب ‪ ،‬ففعل الّنعمان ذلك فكان كما ظ ّ‬
‫بعض النقطاع فلّما أمعنوا في النكشاف للمسححلمين حمححل النعمححان بالّنححاس فححاقتتلوا قتححال‬
‫سامعون مثله ‪ ،‬و زلق النعمححان فرسححه فصححرع و اصححيب فتنححاول الّرايححة‬ ‫شديدا لم يسمع ال ّ‬
‫أخوه فأتا حذيفة فدفعها إليه و كتم المسلمون مصاب أميرهم و اقتتلوا حّتححى أظلححم الّليححل و‬
‫رجعححوا و المسححلمون ورائهححم ‪ ،‬فعمححى عليهححم قصححدهم فححتركوه و غشححيهم المسححلمون‬
‫بالسيوف ‪ ،‬فقتلوا منهم ما ل يحصى ‪ ،‬و أدرك المسحلمون الفيححروزان و هححو هحارب و قحد‬
‫هارب و انتهى إلى ثنّية مشحونة ببغال موّقرة عسل فحبسته على أصله فقتل‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬تتت ت ت تتتت ت تتت ت ت تتت تت ت تتت تت‬
‫تتتتت تتتت ت ت‬

‫] ‪[ 60‬‬

‫ل جنودا من عسل ‪ ،‬و دخل المسلمون نهاوند فاحتووا علححى محا فيهححا‬
‫ن ّ‬
‫فقال المسلمون ‪ :‬إ ّ‬
‫و كانت أنفال هذا اليوم عظيمة ‪.‬‬

‫ععععععع‬

‫از جمله كلم آن حضرتست در حالتى كه مشاوره كرد بأو عمر بححن الخطححاب در رفتححن‬
‫بمحاربه أهل فارس بنفس خود فرمود ‪ :‬كه بدرستي اين أمححر يعنححي اسححلم نيسححت يححارى‬
‫نمودن او و نه خوارى او بزيادتي لشكر و نه بكمى آن و آن امححر ديححن خدائيسححت غححالب‬
‫گردانيد او را بر همه أديان و لشكر او است كه مهيا فرمود و قّوت داد آنرا بححر دشححمنان‬
‫تا اينكه رسيد آن مقامى را كه رسيد و بلند شد هر چه بلند شححد و مححا مسححتقّريم بححر وعححده‬
‫خداوند تعالى و خدا وفا كننده وعده خود است و نصرت دهنده لشكر خحود و مكححان قحائم‬
‫بأمر مردمان و رئيس ايشان مكان خياطه است از مهره كه جمع ميكند آن را و انضححمام‬
‫ميدهد او را بهم ‪ ،‬پس اگر بريده شود مهححره متفحّرق و پراكنححده ميشححود مهرهححا و از هححم‬
‫بپاشند ‪ ،‬پس از آن جمع نمىشود بتمامى خود هيچوقت و مردمان عرب اگر چه امروز‬
‫أندكند نسبت بكافران پس ايشان بسيارند بجهت اسلم عزيزنححد بحسححب اجتمححاع و اّتفححاق‬
‫پس باش مثل قطب آسيا از جاى خود حركت مكن و بگردان آسياى حربححرا بححا عححرب و‬
‫در آرايشان را نه خود را در آتش مقاتله و محاربه ‪ ،‬پححس بدرسححتى كححه تححو اگححر بيححرون‬
‫روى از اين زمين يعني مدينه منّوره فرود آيند بتو عربها از اطراف و جوانب تا اينكححه‬
‫باشد آنچه كه ترك كححرده آنححرا در پشححت خححود از مواضححع مخححافت بححر اسححلم و أهححل آن‬
‫مهمتر بسوى تو از آنچه كه در پيش تو است از محاربه دشمن بدرستى كه عجمها اگححر‬
‫نظر كنند بسوى تو فردا گويند اين مرد اصل عرب و أمير ايشانست پس اگر شححما پححاره‬
‫پاره كرديد او را راحت ميشويد پس باشد رفتن تو بمحاربه ايشان بححاعث شححدت حححرص‬
‫ايشان بحر تحو و طمحع ايشححان در تحو ‪ ،‬پحس اّمحا آنچححه ذكحر كححردى از آمحدن أهحل فحارس‬
‫بمحاربه مسلمانان پس بدرستى كه خدايتعالى ناخوش گيرندهتر است از تو رفتار ايشان‬
‫را‬

‫] ‪[ 61‬‬

‫و او قادر تر است بر تغيير آن چه كه نححاخوش ميگيححرد و أّمححا آنچححه كححه ذكححر كححردى از‬
‫بسيارى عدد ايشان پس بدرستى كه ما نبوديم كه دعوا كنيم در زمان گذشته بححا بسححيارى‬
‫لشكر و جز اين نيست كه بوديم كه محححاربه ميكرديححم بمعححاونت و نصححرت پروردگححار ‪،‬‬
‫يعنى در حرب اعدا توكل بخدا بايد نمود و از كثرت أعدا نبايد ترسيد ‪.‬‬

‫ع ع ع ععع ع ع ع ععع ع ععع ععع ع ع ع ععع عع ع‬


‫ععععععع ع عععععععع عع ععععععع عع ع عع‬
‫ععععع‬

‫ق ليخححرج عبححاده مححن عبححادة الوثححان إلححى‬ ‫ل عليه و آلححه و سحّلم بححالح ّ‬‫فبعث محّمدا صّلى ا ّ‬
‫شيطان إلى طاعته ‪ ،‬بقرآن قد بّينه و أحكمه ليعلححم العبححاد رّبهححم إذ‬ ‫عبادته ‪ ،‬و من طاعة ال ّ‬
‫جهلوه ‪ ،‬و ليقّروا به بعد إذ جحدوه ‪ ،‬و ليثّبتححوه بعححد إذ أنكححروه ‪ ،‬فتجّلححى سححبحانه لهححم فححي‬
‫كتابه من غير أن يكونوا رأوه بما أريهم من قدرته ‪ ،‬و خّوفهم من سطوته ‪ ،‬و كيف محق‬
‫من محق بالمثلت ‪ ،‬و احتصد من احتصد بالّنقمات ‪.‬‬

‫ق‪،‬‬
‫و إّنه سيأتي عليكم من بعدي زمان ليس فيه شيء أخفى من الح ّ‬

‫ل و رسوله ‪ ،‬و ليححس عنححد أهححل ذلححك‬


‫و ل أظهر من الباطل ‪ ،‬و ل أكثر من الكذب على ا ّ‬
‫ق تلوته ‪ ،‬و ل أنفق منه إذا حّرف عن مواضححعه‬ ‫الّزمان سلعة أبور من الكتاب إذا تلى ح ّ‬
‫‪ ،‬و ل في البلد شيء أنكر من‬

‫] ‪[ 62‬‬

‫المعروف ‪ ،‬و ل أعرف من المنكر ‪ ،‬فقد نبذ الكتاب حملته ‪ ،‬و تناسححاه حفظتححه ‪ ،‬فالكتححاب‬
‫يومئذ و أهله طريدان منفّيان ‪ ،‬و صاحبان مصطحبان في طريق واحد ل يؤوبهما مؤو ‪،‬‬
‫ضللة‬ ‫ن ال ّ‬
‫فالكتاب و أهله في ذلك الّزمان في الّناس و ليسافيهم ‪ ،‬و معهم و ليسامعهم ‪ ،‬ل ّ‬
‫ل توافق الهدى و إن اجتمعا ‪ ،‬فاجتمع القوم على الفرقة ‪ ،‬و افترقوا عن الجماعة ‪ ،‬كحأّنهم‬
‫طححه‬
‫ل اسمه ‪ ،‬و ل يعرفون إلّ خ ّ‬ ‫أئّمة الكتاب و ليس الكتاب إمامهم ‪ ،‬فلم يبق عندهم منه إ ّ‬
‫ل مثلة ‪،‬‬
‫صالحين ك ّ‬
‫و زبره ‪ ،‬و من قبل ما مثلوا بال ّ‬
‫سّيئة ‪.‬‬
‫ل فرية ‪ ،‬و جعلوا في الحسنة عقوبة ال ّ‬
‫و سّموا صدقهم على ا ّ‬

‫و إّنما هلك من كان قبلكم بطول آمالهم ‪ ،‬و تغّيب آجالهم ‪ ،‬حّتى نححزل بهححم الموعححود اّلححذي‬
‫ل معححه القارعححة و الّنقمححة ‪ ،‬أّيهححا الّنححاس مححن‬
‫ترّد عنه المعذرة ‪ ،‬و ترفع عنه الّتوبة ‪ ،‬و تح ّ‬
‫ل آمن ‪ ،‬و عححدّو‬ ‫ن جار ا ّ‬ ‫ل وّفق ‪ ،‬و من اّتخذ قوله دليل هدي لّلتي هي أقوم ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫استنصح ّ‬
‫ل خائف ‪.‬‬ ‫ا ّ‬

‫ن رفعة اّلححذين يعلمححون مححا عظمتححه أن‬‫ظم ‪ ،‬فإ ّ‬


‫ل أن يتع ّ‬
‫و إّنه ل ينبغي لمن عرف عظمة ا ّ‬
‫ق‬
‫يتواضعوا له ‪ ،‬و سلمة اّلذين يعلمون ما قدرته أن يستسححلموا لححه ‪ ،‬فل تنفححروا مححن الحح ّ‬
‫صحيح من الجرب ‪،‬‬ ‫نفار ال ّ‬

‫سقم ‪ ،‬و اعلموا أّنكم لن تعرفوا الّرشد حّتى تعرفوا‬


‫و البارىء من ذي ال ّ‬

‫] ‪[ 63‬‬

‫اّلذي تركه ‪ ،‬و لن تأخذوا بميثاق الكتاب حّتى تعرفوا اّلذي نقضه ‪،‬‬

‫سكوا به حّتى تعرفوا اّلذي نبذه ‪ ،‬فالتمسوا ذلك من عند أهله ‪ ،‬فإّنهم عيش العلححم ‪،‬‬ ‫و لن تم ّ‬
‫و مححوت الجهححل ‪ ،‬هححم اّلححذين يخححبركم حكمهححم عححن علمهححم ‪ ،‬و صححمتهم عححن منطقهححم ‪ ،‬و‬
‫ظاهرهم عن باطنهم ‪ ،‬ل يخالفون الّدين ‪ ،‬و ل يختلفون فيه ‪ ،‬فهو بينهم شاهد صححادق ‪ ،‬و‬
‫صامت ناطق ‪.‬‬

‫ععععع‬

‫) تجّلى ( الشيء انكشف و ظهر و ) محق ( الشيء محقا من بححاب منححع أبطلححه و محححاه و‬
‫شححيء كّلححه حّتححى ل يححرى لححه أثححر و‬ ‫ل الشيء أذهب منه البركة و قيل هو ذهححاب ال ّ‬ ‫محق ا ّ‬
‫) المثلت ( جمححع المثلححة بفتححح الميححم و ضحّم الثححاء المثّلثححة فيهمححا و هححي العقوبححة كححذا فححي‬
‫القيانوس و في القاموس ‪ ،‬مثل بفلن نكل كمثل تمثيل و هى المثلة بضّم الثاء و سكونها‬
‫و الجمع مثولت و مثلت و قال الفيومى ‪ :‬و مثلت بالقتيل مثل مححن بححاب قتححل و ضححرب‬
‫اذا جدعته و ظهرت آثار فعلك عليه تنكيل و التشديد مبالغة و السم المثلة وزان غرفة و‬
‫المثلة بفتح الميم و ضّم الثاء العقوبة ‪.‬‬

‫سححيف و احتصححدهم‬ ‫و ) حصد ( الزرع و النبات و احتصده قطعه بالمنجل و حصححدهم بال ّ‬
‫استأصلهم و ) الّنقمة ( بالكسر و بالفتح و كفرحة المكافاة بالعقوبة جمعه نقم ككلم و عنب‬
‫و نقمات ككلمات و ) بار ( الشيء يبور من باب قال إذا فسد و ) زبححرت ( الكتححاب زبححرا‬
‫ل شححيء‬‫كتبته فهو زبور فعول بمعنى مفعول كرسول و الجمع زبر قال سححبحانه ‪ » :‬و كح ّ‬
‫فعلوه في الّزبر « و الّزبر بالكسر الكتاب و جمعه زبور مثل قدر و قدور ‪.‬‬
‫و ) مثلوا ( يروى بالتخفيف و التشديد معا أى نكلوا و ) القارعة ( الّداهية‬

‫] ‪[ 64‬‬

‫شارح المعتزلى ‪ :‬المصيبة تقحرع أى تلقحى بشحّدة و قحّوة ‪ ،‬و قحوله ‪.‬‬‫تفجؤ النسان و قال ال ّ‬
‫ن رفعة الذين ‪ ،‬لفظة رفعة في بعض الّنسخ بضحّم الحّراء و فححي أكثرهححا بالفتححح و ضححبط‬
‫فا ّ‬
‫صححوت و رفعححة بالكسححر شححرف و‬ ‫القاموس بالكسر قال ‪ :‬رفع ككرم رفاعة صار رفيححع ال ّ‬
‫عل قدره فهو رفيع كذا في الوقيانوس ‪.‬‬

‫ععععععع‬

‫قوله ‪ :‬ليعلم العباد ‪ ،‬متعّلق بقوله ‪ :‬بّينه أو أحكمه أو كليهما على سبيل التنازع و قوله ‪ :‬و‬
‫كيف ‪ ،‬عطف على قوله ‪ :‬مححن سححطوته ‪ ،‬و مححن الموصححولة فححي قححوله ‪ :‬مححن محححق و مححن‬
‫لح سححبحانه ‪ ،‬و‬ ‫ل الّنصب مفعول به ‪ ،‬و فاعل الفعال الربعة راجع إلحى ا ّ‬ ‫احتصد في مح ّ‬
‫قوله ‪ :‬ليس فيه شيء أخفى لفظة أخفى إّما بتقدير الّرفححع صححفة لشححيء و يؤّيححده رفححع لفححظ‬
‫أظهر و أكثر المعطوفين عليه كما في بعض النسخ ‪ ،‬و إّما بتقدير الّنصب على أّنححه خححبر‬
‫ليس و يكون فيه متعلقا به ‪ ،‬و على الّول فهو خبر مقحّدم و ليححس مححع اسححمه و خححبره فححى‬
‫محل الّرفع صفة لزمان ‪ ،‬و على تقدير نصب أخفى فيكون ما عطف عليححه منصححوبا كمححا‬
‫شححارح المعححتزلى و غيححره ‪ ،‬و مثلححه لفححظ أبححور و أنفححق و أنكححر و أعححرف ‪ ،‬و‬
‫في نسخة ال ّ‬
‫تروى جميعا بالّرفع و الّنصب معا ‪.‬‬

‫صالحين ‪ ،‬لفظة ما مححع الفعححل بعححدها فححي حكححم المصححدر و‬


‫و قوله ‪ :‬و من قبل ما مثلوا بال ّ‬
‫صالحين من قبل ذلححك ‪ .‬و‬ ‫محّله الّرفع بالبتداء ‪ ،‬و من قبل خبرها أى مثلهم أو تمثيلهم بال ّ‬
‫ل يجوز جعل ما موصولة و الجملة بعدها صلتها الخلّوها من الّربط و على في قححوله ‪ :‬و‬
‫شارح المعتزلي ‪ ،‬فان امتنححع‬ ‫ل فرية ‪ ،‬متعّلقة بفرية ل بصدقهم قال ال ّ‬
‫سّموا صدقهم على ا ّ‬
‫أن يتعّلق حرف الجّر به لتقّدمه عليه و هو مصدر فليكن متعّلقا بفعل مق حّدر دل عليححه هححذا‬
‫ظاهر ‪.‬‬
‫المصدر ال ّ‬

‫سيئة ‪ ،‬باضافة العقوبة و في بعححض الّنسححخ العقوبححة‬


‫و قوله ‪ :‬و جعلوا في الحسنة عقوبة ال ّ‬
‫شارح المعتزلي ‪ :‬و الّرواية الولى بالضافة أكثر و أحسن ‪.‬‬ ‫سيئة قال ال ّ‬
‫ال ّ‬

‫] ‪[ 65‬‬

‫ن لضمير الشححأن مححع‬ ‫و قوله ‪ :‬إّنه من استنصح ‪ ،‬الضمير الشأن قال الشيخ عبد القاهر ‪ :‬إ ّ‬
‫ح بدونها نحو ‪ :‬إّنحه محن يّتحق و يصحبر ‪ ،‬و إّنحه محن يعمحل‬ ‫ن حسنا ليس بدونها بل ل يص ّ‬ ‫إّ‬
‫شارح المعتزلي ‪ :‬ما في قوله ‪ :‬مححا عظمتححه بمعنححى‬ ‫سوء ‪ ،‬و اّنه ل يفلح الكافرون ‪ ،‬قال ال ّ‬
‫أىّ شيء ‪ ،‬و من روى بالّنصب جعلها زائدة‬
‫عععععع‬

‫ن مدار هذه الخطبة على فصول أربعة ‪:‬‬


‫اعلم أ ّ‬

‫عع عع‬‫ععععع ععععع عع ععععععع ععع ععع ع ععع‬


‫عع ع ععع عع ع ع‬
‫عع ععع ع ععع ع ع عع ع ع ع ع‬
‫عع‬
‫ععععع‬

‫ق ( و اّنما بعثه ) ليخرج عباده مححن عبححادة الوثححان ( و‬ ‫ل محّمدا بالح ّ‬


‫و هو قوله ) فبعث ا ّ‬
‫الصنام ) إلى عبادته و من طاعة الشيطان إلححى طححاعته ( و لتخليححص الخلححق مححن عشححق‬
‫طبيعة و عبودّية الهوى ‪ ،‬و تشويقهم إلى حظائر القدس و مجالس النس ‪ ،‬و‬ ‫الّدنيا وّرق ال ّ‬
‫إيقاظهم عن مراقد البدان و نوم الغافلين ‪ ،‬و ايصالهم إلى منححازل البححرار و المقّربيححن و‬
‫لح عليححه و آلححه ) ب ( مححا‬
‫لم يقتصر سبحانه على مجّرد بعثه و إرساله ‪ ،‬بل بعثححه صحّلى ا ّ‬
‫ل على صدق دعواه و مقاله مححن الححبراهين و الححدلئل البححاهرات و المعجححزات الخارقححة‬ ‫يد ّ‬
‫للعادات و أعظمها ) قرآن قد بّينه و أحكمه ( أى كشفه و أوضحه و جعله متقنا مضححبوطا‬
‫مستقيما نظمه خاليا عن الخلل و الختلف كما قال عّز من قائل ‪:‬‬

‫صلت « و‬
‫» هذا بيان للّناس و هدى و موعظة للمّتقين « و قال » كتاب أحكمت آياته ثّم ف ّ‬
‫ل لوجدوا فيه اختلفا كثيرا « ‪.‬‬
‫في موضع آخر » و لو كان من عند غير ا ّ‬

‫و تخصيص القرآن بالّذكر من بين سائر المعجزات لما أشرنا إليه من أّنه أعظم‬

‫] ‪[ 66‬‬

‫معجزاته و أقويها و آكدها في باب الّتحدى ‪ ،‬و ذلك لنّ الغححالب علححى العححرب حيححن بعثححه‬
‫ل عليه و آله إنشاء الخطب و الّرسائل و المبالغة في فصاحة الكلم و بلغته و‬ ‫صلوات ا ّ‬
‫حسن البيان و سلسته ‪ ،‬و مراعات المطابقة لمقتضى الحححال و المحافظححة علححى محاسححن‬
‫الّلفححظ و بححدائع النكححت الغريبححة ‪ ،‬و لطححائف المناسححبات العجيبححة و وجححوه السححتعارات و‬
‫التخيلت ‪ ،‬و أنحاء المجاز و الكنايات ‪ ،‬و سائر مححا يزيححد فححي الكلم رونقححا و تححاثيرا فححي‬
‫القلوب ‪.‬‬

‫ي متحّديا بالقرآن كتابا ساطعا تبيانه قاطعا برهانه بحجححج و بّينححات و رسححوم‬‫ل الّنب ّ‬
‫فبعث ا ّ‬
‫و آيات عجز عن التيان بما يماثلها أو يححدانيها مصححاقع الخطبححاء مشححتمل علححى رمححوز و‬
‫أسرار و علوم و أنوار تحّيرت في إدراكها عقول الدباء ‪ ،‬و مواعظ و حكححم تبّلححدت عححن‬
‫فهمهححا أذهححان الحكمححاء ‪ ،‬و لححم يتص حّد لمعارضححة أقصححر سححورة مححن سححوره واحححد مححن‬
‫الفصحاء ‪ ،‬و لم ينهض للقدح في كلمة من كلماته ناهض من أزكيححاء البلغححاء ‪ ،‬مححع طححول‬
‫المحّدة و كحثرة العحّدة ‪ ،‬و شحّدة الححرص و قحوة الكحّد و غايحة العصحبّية و نهايحة النانيحة و‬
‫الفراط في المضاّدة و المضاّرة ‪ ،‬و الّرسوخ في المنححافرة و المفححاخرة فاختححاروا المقاتلححة‬
‫جححة و البرهححان ‪ ،‬بعححد مححا خّيححروا‬
‫سنان على المعارضة بالكلم و البيان و الح ّ‬‫سيف و ال ّ‬
‫بال ّ‬
‫بين المرين ‪.‬‬

‫ى به خارج عن مقدرة البشر ‪ ،‬و إّنما هو أمر من عند خالق القوى و القدر ‪،‬‬ ‫ن المأت ّ‬
‫فعلم أ ّ‬
‫سلم ) ليعلححم‬ ‫و به يهتدى إلى الّرشاد ‪ ،‬و يحصل المعرفة بالمبدء و المعاد كما قال عليه ال ّ‬
‫ب تعالى و ذلك لمححا‬ ‫العباد ربهم إذ جهلوه ( يعني ببيان القرآن و أحكامه يحصل العلم بالر ّ‬
‫اشتمل عليه من اليات الّدالة علححى نعححوت الجلل و صححفات الجمححال ‪ ،‬و أدّلححة التوحيححد و‬
‫براهين الّتفريد مضافا إلى أّنه بنفسه مع قطع الّنظر عن تلك اليات كاف في الهدايححة إلححى‬
‫ق الّول سبحانه بما فيه من وصف العجاز حسب ما اشرنا إليه ‪ ،‬هذا ‪.‬‬ ‫الح ّ‬

‫و العجب من الشارح البحراني أّنه قال في شرح هحذا المقححام ‪ :‬و محدار هححذا الفصححل علححى‬
‫سبب المعّد للوصول إلى تلك الغاية‬ ‫بيان بعثة الّرسول ‪ ،‬و بيان غاية البعثة ‪ ،‬و ال ّ‬

‫] ‪[ 67‬‬

‫ق ‪ ،‬و أشححار‬‫ثّم بيان غاية تلك الغاية ‪ ،‬و الشارة إلى البعثة بقوله ‪ :‬فبعث إلى قححوله ‪ :‬بححالح ّ‬
‫إلى غايتها بقوله ‪ :‬ليخرج إلى طاعته ‪ ،‬و أشار إلى سبب تلك الغاية بقوله ‪ :‬بقرآن قد بّينه‬
‫لح بقححوله ‪ :‬ليعلححم العبححاد إلححى قححوله ‪:‬‬
‫‪ ،‬و أشار إلى غايححة تلححك الغايححة أعنححي غايححة طاعححة ا ّ‬
‫أنكروه ‪ ،‬انتهى ‪.‬‬

‫ل سبحانه و عبادته إّنما تحصل بعد حصول العلم بالّرب ‪ ،‬لّنهححا‬


‫ن طاعة ا ّ‬ ‫و أنت خبير بأ ّ‬
‫فرع الّدين و هذا أصله و الصل مقّدم على الفرع فكيف يمكن جعله غاية لها و ما هو إ ّ‬
‫ل‬
‫من مفاسد قّلة التدّبر ‪.‬‬

‫) و ليقّروا به بعد إذ جحدوه و ليثبتوه بعححد إذ أنكححروه ( إن كحان المححراد بحالقرار القححرار‬
‫بالّلسان وحده و بالثبات الثبات بالجنان يكون عطف الجملة الّثانية على الولى من باب‬
‫ل منهما العّم فالمعنى بالجملتين واحد و الختلف في العبححارة ‪،‬‬ ‫التأسيس ‪ ،‬و إن اريد بك ّ‬
‫ي تقدير فالثبات و القرار من جنحود العقحل ‪ ،‬و الجححود و‬ ‫و التيان بهما للتفّنن و على أ ّ‬
‫ي في الكافي في باب العقل و الجهل عن‬ ‫النكار من جنود الجهل كما يفيده الحديث المرو ّ‬
‫سلم هذا ‪.‬‬ ‫ل عليه ال ّ‬
‫أبي عبد ا ّ‬

‫ن بالقرآن يحصل العلم بالّرب سبحانه و القرار به و إثبححاته أشححار إلححى كيفّيححة‬ ‫و لما ذكر أ ّ‬
‫حصول هذا العلم بقوله ‪ ) :‬فتجّلى لهم سبحانه ( أى ظهر ظهورا بّينا ) فححي كتححابه ( ربمححا‬
‫ظهور برؤيححة البصححر اتبعححه‬ ‫سر الكتاب هنا بعالم اليجاد و لما كان لفظ التجّلى موهما لل ّ‬‫يف ّ‬
‫بقوله ) من غير أن يكونوا رأوه ( من باب الحتراس الذي عرفته في المحاسححن البديعّيححة‬
‫شرح يعني أّنه سبحانه تجّلى لعباده و ظهر لهم ل برؤيححة البصححر بححل برؤيححة‬
‫من ديباجة ال ّ‬
‫البصيرة ) بما أراهم محن قحدرته ( و ذّكرهحم مححن بححدائع مصحنوعاته و حكمتححه و عجحائب‬
‫مبدعاته و صنعته كما قال عّز من قائل ‪:‬‬

‫سححموات و الرض و اختلف الّليححل و الّنهححار و الفلححك اّلححتي تجححرى فححي‬ ‫ن في خلححق ال ّ‬‫»إّ‬
‫سماء من مححاء فححأحيى بححه الرض بعححد موتهححا و‬ ‫ل من ال ّ‬
‫البحر بما ينفع الّناس و ما أنزل ا ّ‬
‫سححماء و الرض ليححات‬ ‫خر بين ال ّ‬ ‫سحاب المس ّ‬ ‫ل داّبة و تصريف الّرياح و ال ّ‬‫ث فيها من ك ّ‬
‫ب ّ‬
‫لقوم يعقلون « و قال » و جّنات من أعناب و زروع و نخيل‬

‫] ‪[ 68‬‬

‫ن فححي‬
‫ضل بعضها علححى بعححض فححي الكححل إ ّ‬ ‫صنوان و غير صنوان يسقى بماء واحد و نف ّ‬
‫ذلك ليات لقوم يعقلون « و قال » و من آيحاته يريكحم الحبرق خوفحا و طمعحا و ينحزل محن‬
‫ن في ذلك ليات لقوم يعقلون « إلححى غيححر ذلححك‬ ‫سماء ماء فيحيي به الرض بعد موتها إ ّ‬ ‫ال ّ‬
‫سححادس‬‫مّما ل نطيل بذكرها و قد مضى في شرح الخطبة الّتسعين ل سّيما شرح الفصل ال ّ‬
‫منها ما فيه غنية للطالب و كفاية للمهتدى فليراجع ثّمة ‪.‬‬

‫ل ‪ » :‬ثّم دّمرنا الخريححن و‬ ‫) و خّوفهم من سطوته ( و حذرهم من نقمته كما قال عز و ج ّ‬


‫إّنكم لتمّرون عليهم مصبحين و بالّليل أفل تعقلون « و قال » إّنا منزلححون علححى أهححل هححذه‬
‫سماء بما كانوا يفسقون ‪ ،‬و لقد تركنا منهححا آيححة بّينححة لقححوم يعقلححون « و‬
‫القرية رجزا من ال ّ‬
‫غير ذلك من اليات المشتملة على الّتحذير بقصص الّولين ‪،‬‬

‫سلف الماضين ‪.‬‬


‫و التخويف بما جرى على ال ّ‬

‫) و ( أّنه ) كيف محق من محق بالمثلت ( أي أهلك من أهلكه منهم و أذهب آثارهم عححن‬
‫وجه الرض بالعقوبات الّنازلة عليهم ) و احتصححد مححن احتصححد بالّنقمححات ( أى استأصححل‬
‫من استأصله بما عّذبهم به مكافاة لسوء أعمالهم‬

‫عععع ع ععع ععع ع ع ععععع عع ع ع عع عع ع ععع‬


‫عععع عععععععع عععععععع‬

‫ن المراد به زمان بني امّيححة‬


‫و هو قوله ‪ ) :‬و أّنه سيأتي عليكم من بعدى زمان ( الظهر أ ّ‬
‫ق و ل أظهر من‬ ‫و أّيام خلفتهم لّتصافه بما وصفه من أّنه ) ليس فيه شيء أخفى من الح ّ‬
‫ل و رسوله ( و هو ظاهر للخبير بالسير و الخبار ‪.‬‬ ‫الباطل و ل أكثر من الكذب على ا ّ‬
‫فقد روى عن شعبة و هححو امححام المححّدثين عنححد العاّمححة أّنححه قححال ‪ :‬تسححعة أعشححار الحححديث‬
‫ل كالشعرة البيضاء في الثححور السححود ‪ ،‬و‬ ‫كذب ‪ ،‬و عن الّدارقطنى ما الحديث الصحيح إ ّ‬
‫قد كان جعل الخبار الكاذبة و اشتهارها في زمن بني امّية ‪.‬‬

‫قال ابن عرفة المعروف بنفطويه و هو من أكابر محّدثى العاّمة و أعلمهم‬

‫] ‪[ 69‬‬

‫صحابة افتعلت في أّيام بني امّية‬


‫ن أكثر الحاديث الموضوعة في فضائل ال ّ‬ ‫في تاريخه ‪ :‬إ ّ‬
‫تقّربا اليهم بما يظّنون أّنهم يرغمون به أنف بني هاشم ‪.‬‬

‫سابع و الّتسعين من الخبر الذي رويناه محن‬


‫و يشهد بذلك ما تقّدم روايته في شرح الكلم ال ّ‬
‫البحار عن كتاب سليم بن قيس الهللي ‪.‬‬

‫) و ليس عند أهل ذلك الّزمان سلعة أبور من الكتاب ( أى متاع أكسححد و أفسححد مححن كتححاب‬
‫سر على الوجه الذى انزل عليه و على المعنى الححذي‬ ‫ق تلته ( و ف ّ‬
‫ل سبحانه ) إذا تلى ح ّ‬‫ا ّ‬
‫ق لغراض أهل ذلك الّزمححان الغححالب‬ ‫اريد منه ‪ ،‬و ذلك لمنافاة المعنى المراد و الوجه الح ّ‬
‫على أهله الباطل و اّتباع الهوى ‪.‬‬

‫) و ل أنفق منه ( بيعا و أكثر رواجا ) إذا حّرف عححن مواضححعه ( و مقاصححده الصححلّية و‬
‫ذلك لموافقة أغراضهم الفاسدة ) و ل في البلد شيء أنكر من المعروف و ل أعرف مححن‬
‫المنكر ( لما ذكرناه في شرح الكلم السابع عشر من أنّ المعروف لمححا خححالف أغراضححهم‬
‫و مقاصدهم طرحوه حّتى صار منكرا بينهم يستقبحون فعله ‪،‬‬

‫و المنكر لما وافق دواعيهم لزموه حّتى صار معروفا بينهم يستحسنون أخذه ‪.‬‬

‫) فقد نبذ الكتاب ( وراء ظهره ) حملته ( أي أعرض عنه و ترك التدّبر فيححه و العمححل بححه‬
‫قّراؤه الحاملون له كمثل الحمار يحمل أسفارا ) و تناساه حفظته ( أى تغافلوا عححن اّتبححاعه‬
‫ق تلوتححه و هححم‬‫و عن امتثال أوامره و نواهيه ) فالكتاب يومئذ و أهلحه ( اّلحذين يتلحونه حح ّ‬
‫ن أهل ذلك الّزمححان‬ ‫أئّمة الّدين و أتباعهم اّلذين يعملون به و يّتبعونه ) طريدان منفيان ( ل ّ‬
‫ق و عححن‬ ‫ق معرضون عن الكتاب الهادي إلححى الحح ّ‬ ‫برغبتهم إلى الباطل و عدولهم عن الح ّ‬
‫لء اليه ‪ ،‬بل مؤذون لهم فيما يخالفونهم فيه ممححا يقتضححيه أحكححام الكتححاب ‪ ،‬فكححان‬ ‫أهله الد ّ‬
‫إعراضهم عنه و عنهم إبعادا لهما و نفيححا و طححردا ) و صححاحبان مصححطحبان فححي طريححق‬
‫ق ) ل يؤويهمححا مححؤو ( أى ل‬ ‫واحد ( أى متلزمان مّتفقححان علححى الدللححة فححي طريححق الحح ّ‬
‫يضّمهما أحد من ذلك الّزمان إليه و ل ينزلهما عنده لنفرته عنهما و مضاّدتهما لهواه ‪.‬‬

‫) فالكتاب و أهله في ذلك الّزمان في الّناس ( و بينهم ظاهرا ) و ليسا فيهم (‬


‫] ‪[ 70‬‬

‫حقيقة لعدم اّتباعهما و الغاء فائدتهما فأشبها ما ليس بموجود و معهم بالمصاحبة التفاقيححة‬
‫ضححللة ل توافححق‬
‫ن ال ّ‬‫في الوجود ‪ ،‬و ليسححا معهححم لنتفححاء ثمرتهمححا و منافعهمححا عنهححم ) ل ّ‬
‫الهدى ( يعني ضللتهم ل توافق هدى الكتاب و أهله فكانا مضاّدين لهححم ) و إن اجتمعححا (‬
‫في الوجود ‪.‬‬

‫) فاجتمع القوم على الفرقة ( أي اّتفق أهل ذلك الّزمان على الفتراق من الكتححاب و تركححه‬
‫و طرده ) و افترقوا عن الجماعة ( أى الجماعة المعهودة و هم أهل الكتاب العاملون به ‪.‬‬

‫قال الشارح البحراني ) ره ( في شححرح هححذه القرينححة و سححابقته ‪ ،‬أي اّتفقححوا علححى مفارقححة‬
‫سلم فكالخوارج و البغاة ‪ ،‬و أمّححا فيمححا‬ ‫الجتماع و ما عليه الجماعة ‪ ،‬أّما في وقته عليه ال ّ‬
‫يستقبل بعده مححن الّزمححان فكالخححذين بححالراء و المححذاهب المتفّرقححة المحدثححة فححي الحّدين و‬
‫الجتماع على الفرقة يلزم الفتراق عن الجماعة ‪ ،‬انتهى ‪.‬‬

‫و محا ذكرنححا أقحرب و أنسحب بالسحياق و أولححى فحافهم ) كحأّنهم أئمححة الكتححاب ( يحّرفححونه و‬
‫يغّيرونه و يبّدلونه و يأّولونه عن وجهه على ما يطابق أغراضهم الفاسدة و يجبرون على‬
‫مخالفته كما هو شان المام مع الماموم ) و ليس الكتاب إمامهم ( الواجب عليهم اّتبححاعه و‬
‫لزم لهم اقتفاء اثره ‪.‬‬
‫ال ّ‬

‫و حيث إنهم خالفوه و نبذوه وراء ظهورهم ) فلم يبححق عنححدهم منححه ( فححي مقححام الّتمسححك و‬
‫طححه و زبححره ( أى رسححمه و‬ ‫لخ ّ‬‫ل اسمه و ل يعرفون ( من آثاره و شححئونه ) إ ّ‬ ‫الستناد ) إ ّ‬
‫ل مثلححة ( أى مححن قبححل‬
‫صحالحين كح ّ‬‫كتابته فقط دون اّتباع مقاصده ) و من قبل مححا مثلحوا بال ّ‬
‫صالحين غاية تنكيل و عقوبتهم أشّد عقوبة ‪.‬‬ ‫الحالت المتقّدمة التي اشير اليها تنكيلهم بال ّ‬

‫لمححة الحّلححي‬
‫و لعّله اشارة إلى ما صدر من بنحي امّيحة فححي أوائل سححلطنتهم ‪ ،‬فقححد روى الع ّ‬
‫ن معاوية قتل من المهححاجرين‬ ‫ق عن صاحب كتاب الهاوية أ ّ‬ ‫ل روحه في كشف الح ّ‬ ‫قّدس ا ّ‬
‫و النصار و أولدهححم أربعيححن ألفححا ‪ ،‬و فعححل ابنححه يزيححد الّلعيححن بالحسححين عليححه السّححلم و‬
‫طف غني عن البيان ‪ ،‬و كذلك ما فعله عبد الملك بن مروان و عامله‬ ‫أصحابه في ال ّ‬

‫] ‪[ 71‬‬

‫ل سبحانه بالعراق و الحجاز و غيرهما مشهور و مأثور ‪ ،‬هذا ‪.‬‬


‫جاج عليهما لعائن ا ّ‬
‫الح ّ‬

‫سححابق أعنححى قححوله ‪ :‬و إّنححه سححيأتي عليكححم مححن بعححدي‬


‫و يحتمل أن يكون الشارة بالكلم ال ّ‬
‫لح ‪ ،‬و‬
‫زمان ‪ ،‬إلى قوله ‪ :‬و من قبل إلى ملك فراعنححة الّمححة أعنححي بنححي العّبححاس خححذلهم ا ّ‬
‫يكون المراد بقوله ‪ :‬و من قبل الشارة إلى زمن بني امّية الكائن قبل زمن بنحي العّبحاس ‪،‬‬
‫ن اّتصاف كل الّزمانين بالوصاف المذكورة ل غبار عليه ‪.‬‬ ‫فا ّ‬

‫لح‬
‫صحالحين افحتراء علحى ا ّ‬ ‫ل فرية ( أى سحّموا صحدق ال ّ‬
‫و قوله ‪ ) :‬و سّموا صدقهم على ا ّ‬
‫سبحانه و نسبوهم فى ما يقولون إلى الكذب ) و جعلوا في الحسنة عقوبححة الس حّيئة ( يعنححي‬
‫صالحين سيئات ‪،‬‬‫شرور و الفساد على طباعهم رأوا حسنات ال ّ‬ ‫أّنهم بغلبة ال ّ‬

‫فعاقبوهم عليها و عّذبوهم بها كما يعاقب المسيء بإسائته ‪.‬‬

‫ععع ع ععععععع ع عع ععع‬


‫ععععع عععععع عع ععع‬
‫ععععععععع‬

‫على وجوب قصر المال على مفاسد طول المل الذي هو من أعظم الموبقححات و أخححزى‬
‫سلم هنا ‪) :‬‬ ‫السّيئات حسب ما عرفته في الخطبة الثانية و الربعين و شرحها قال عليه ال ّ‬
‫و إّنما هلك ( أراد به الهلك الخروى ) من كان قبلكححم ( مححن القححرون الماضححية ) بطححول‬
‫لح‬
‫آمالهم ( في الّدنيا الموجب للستغراق في لّذاتها و النهماك في شهواتها المبعدة عححن ا ّ‬
‫سبحانه ) و تغّيب آجالهم ( عنهم الموجب للغفلة عنها و عن أخذ الّزاد ليوم المعاد ) حّتححى‬
‫نزل بهم الموعود ( أى الموت ) الذي ترّد عنه المعذرة ( أى ل يقبححل فيححه اعتححذار معتححذر‬
‫ن بابها تنسّد حين نزوله ‪.‬‬
‫) و ترفع عنه الّتوبة ( ل ّ‬

‫قال تعالى ‪ » :‬و ليست الّتوبة لّلذين يعملون السّيآت حّتى اذا حضر أحدهم الموت قال إّني‬
‫ل معححه‬
‫تبت الن و ل اّلذين يموتون و هححم كّفححار اولئك أعتححدنا لهححم عححذابا أليمححا « ) و تحح ّ‬
‫القارعة ( و المصححيبة الححتي تقححرع الّنححاس بححالفزاع و الهححوال ) و ( تتبعهححا ) النقمححة ( و‬
‫النكال ‪.‬‬

‫] ‪[ 72‬‬

‫و لّما خّوفهم من طول المل عّقبه بالرشاد و الّدللة على مححا فيححه صححلحهم فقححال ) أّيهححا‬
‫ل ناصحا له واعيا لكلمه حافظا لوامره‬ ‫ل وّفق ( أي من اّتخذ ا ّ‬ ‫الّناس إّنه من استنصح ا ّ‬
‫ل خيححر ) و مححن اّتخححذ قححوله دليل ( فححي مطححالبه و مقاصححده ) هححدى ل (‬‫و نواهيه وّفق لكح ّ‬
‫طرق و أنهجها ‪.‬‬ ‫لطريقة ) اّلتي هي أقوم ( ال ّ‬

‫و في هذه القرينة تلميح إلى قوله تعالى ‪ » :‬إن هححذا القححرآن يهححدى لّلححتي هححي أقححوم « قححال‬
‫طبرسي ‪ :‬يهدي إلى الديانة و المّلة و الطريقة اّلتي هي أشّد استقامة يقال هذه الطريق و‬ ‫ال ّ‬
‫ظريحق ‪ ،‬و قيححل ‪ :‬معنحاه يرشحد إلححى الكلمححة اّلححتي هحى أعححدل الكلمححات و‬‫طريق و إلحى ال ّ‬‫لل ّ‬
‫أصوبها و هى كلمة الّتوحيد ‪ ،‬و قيل ‪ :‬يهدى إلى الححال اّلحتي هحي أعحدل الححالت و هحي‬
‫ل و اليمان به و برسله و العمل بطاعته انتهى ‪.‬‬ ‫توحيد ا ّ‬
‫سلم أنححه يهححدى‬
‫و الخير أظهر بمقتضى عموم وظيفته ‪ ،‬و في تفسير أهل البيت عليهم ال ّ‬
‫إلى المام ‪ ،‬في رواية اخرى يهدى إلى الولية ‪.‬‬

‫ل يستلزم الّتوفيق و اتخاذ قوله دليل يستلزم الهححدى رتححب عليححه‬


‫ن استنصاح ا ّ‬‫و لما ذكر أ ّ‬
‫ل آمن ( تنبيها على ثمرة التوفيق و الهداية و هو حصول الجححوار مححن‬ ‫ن جار ا ّ‬
‫قوله ‪ ) :‬فإ ّ‬
‫ن تححرك استنصححاحه‬ ‫ل خائف ( ل ّ‬ ‫ن ) عدّو ا ّ‬
‫صل لمنه ) و ( به يعرف أ ّ‬ ‫ل و القرب المح ّ‬ ‫ا ّ‬
‫تعالى مستلزم للخذلن و عدم اّتخاذ قوله دليل موجب للضححلل المبعححدين عنححه سححبحانه و‬
‫ل الخوف و الخطر ‪.‬‬ ‫الجالبين لعداوته الذي هو مح ّ‬

‫عععع ع ع‬
‫عععع ع ععععع ع ع ع عععع ع عععع‬
‫عع عععععع‬
‫ععععع ع عععععععع عع‬
‫ععع‬

‫و بالمتابعة لولياء الّدين و الرجوع اليهم و الخذ منهم و هو قوله ) و إّنححه ل ينبغححي لمححن‬
‫ظم ( أى يظهر العظمححة‬ ‫ل ( سبحانه و جلله و جبروته و سلطانه ) أن يتع ّ‬ ‫عرف عظمة ا ّ‬
‫ظم بمن عرف عظمتححه تعححالى لحتقححاره نفسححه عنححد‬ ‫و يتكّبر ‪ ،‬و تخصيص الّنهى عن التع ّ‬
‫ملحظته لنفسه و نسبته لها إلى جلله تعالى ‪ ،‬فهححو أسححرع انفعححال و أحقححر فححي نفسححه أن‬
‫ل‪.‬‬‫يتكّبر على ا ّ‬

‫] ‪[ 73‬‬

‫ن شرطها فححي‬ ‫فهو نظير قوله سبحانه ‪ » :‬قالت إّني أعوذ بالّرحمن منك إن كنت تقّيا « فا ّ‬
‫ل كما تقححول ‪:‬‬ ‫ى إذا تعّوذ بالّرحمن منه ارتدع عّما يسخط ا ّ‬ ‫ن التق ّ‬
‫التعّوذ منه كونه تقيا ‪ ،‬ل ّ‬
‫ي ينهححاه الّتقححى‬
‫ن الّتقح ّ‬
‫سلم ‪ :‬علمححت أ ّ‬
‫إن كنت مؤمنا فل تظلمنى قال أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫عن المعصية ‪ ،‬هذا ‪.‬‬

‫ن رفعة اّلذين يعلمون ما عظمته أن يتواضعوا له ( يعني‬ ‫و عّلل حسن الّتواضع بقوله ) فا ّ‬
‫ن تواضعهم سبب لرفعححة درجحاتهم و علحّو مقحامهم عنححد الخحالق و الخليحق فحي الحّدنيا و‬ ‫أّ‬
‫ي عن البيان ‪ ،‬و أّمححا فححي العقححبى فلدللححة‬
‫الخرة أّما في الّدنيا فمعلوم بالبديهة و العيان غن ّ‬
‫الخبار الكثيرة عليه ‪.‬‬

‫ن موسححى بححن‬‫سلم يقول ‪ :‬إ ّ‬‫روى في البحار عن أبي بصير قال ‪ :‬سمعت أبا جعفر عليه ال ّ‬
‫شام يقال له اريحا ‪،‬‬
‫عمران حبس عنه الوحى ثلثين صباحا ‪ ،‬فصعد على جبل بال ّ‬

‫ب لم حبست عّنى وحيك و كلمك ألذنب أذنبته فها أنا بين يديك فاقتص لنفسك‬ ‫فقال ‪ :‬يا ر ّ‬
‫رضححاها ‪ ،‬و إن كنححت إنمححا حبسححت عّنححى وحيححك و كلمححك لححذنوب بنححي اسححرائيل فعفححوك‬
‫ل إليه يا موسى تدرى لم خصصتك بححوحيى و كلمححى مححن بيححن خلقححى ؟‬ ‫القديم ‪ ،‬فأوحى ا ّ‬
‫ب ‪ ،‬قال ‪ :‬يا موسى إّني اطلعت على خلقي اطلعة فلم أر فححي خلقححي‬ ‫فقال ‪ :‬ل أعلمه يا ر ّ‬
‫سلم ‪:‬‬
‫أشد تواضعا منك ‪ ،‬فمن ثّم خصصتك بوحيى و كلمي من بين خلقي ‪ ،‬قال عليه ال ّ‬
‫فكان موسى إذا صّلى لم ينفتل حّتى يلصق خّده اليمن بالرض و خّده اليسر بالرض ‪.‬‬

‫لح تعححالى إلححى موسححى أتححدرى لححم‬‫سلم قال ‪ :‬أوحححى ا ّ‬ ‫و في عّدة الّداعي عن الباقر عليه ال ّ‬
‫ب قححال ‪ :‬يححا موسححى إنححي قّلبححت عبححادى‬
‫اصطفيتك بكلمى من دون خلقى ؟ قححال ‪ :‬ل يححا ر ّ‬
‫ل نفسا منك ‪ ،‬إنك إذا صّليت وضعت خّديك على التراب ‪.‬‬ ‫ظهرا لبطن فلم أرأذ ّ‬

‫ل لي نفسححا منححك فححأحببت أن أرفعححك‬


‫و في رواية اخرى قّلبت عبادى ظهرا لبطن فلم أرأذ ّ‬
‫من بين خلقى ‪.‬‬

‫ل بححه‬
‫ل خيرا ‪ :‬التواضع ل يزيد ا ّ‬ ‫نإ ّ‬‫ل به ّ‬
‫ل عليه و آله ثلثة ل يزيد ا ّ‬
‫ي صّلى ا ّ‬ ‫و عن النب ّ‬
‫ل غني ‪.‬‬‫ل به إ ّ‬
‫ل عّزا ‪ ،‬و التعّفف ل يزيد ا ّ‬
‫ل به إ ّ‬
‫ل الّنفس ل يزيد ا ّ‬
‫ل ارتفاعا ‪ ،‬و ذ ّ‬
‫إّ‬

‫] ‪[ 74‬‬

‫لح‬
‫لح عليححه و آلححه ‪ :‬مححا زاد ا ّ‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫و في احياء العلوم لبي حامد الغزالي قال رسول ا ّ‬
‫ل‪.‬‬‫ل رفعه ا ّ‬
‫لإ ّ‬
‫ل عّزا و ما تواضع أحد ّ‬
‫عبدا بعفو إ ّ‬

‫سلم ‪ :‬طوبى للمتواضعين في الّدنيا هم أصحححاب المنححابر يححوم القيامححة‬ ‫قال المسيح عليه ال ّ‬
‫طوبى للمصلحين بين الّناس في الّدنيا هم اّلذين يرثون الفردوس ‪ ،‬طوبى للمطهرة قلوبهم‬
‫لح‬
‫ل تعالى يحوم القيامحة و قحال ابحن عبحاس قحال رسحول ا ّ‬ ‫في الّدنياهم اّلذين ينظرون إلى ا ّ‬
‫ل ح عليححه‬
‫سابعة و قال صّلى ا ّ‬ ‫سماء ال ّ‬
‫ل إلى ال ّ‬
‫ل عليه و آله إذا تواضع العبد رفعه ا ّ‬ ‫صّلى ا ّ‬
‫ل و عن الفضححيل و قححد سححئل‬ ‫ل رفعة فتواضعوا يرحمكم ا ّ‬ ‫و آله ‪ :‬التواضع ل يزيد العبد إ ّ‬
‫ى قبلته و لححو‬‫ق و تنقاد له و لو سمعته من صب ّ‬ ‫عن التواضع ما هو ‪ ،‬فقال ‪ :‬أن تخضع للح ّ‬
‫سمعته من أجهل الّناس قبلته ‪ ،‬هذا ‪.‬‬

‫و الّتواضع من جنود العقل و يقابله التكّبر اّلذي نشرح حاله فححي الّتنححبيه التححى و هححو مححن‬
‫جنود الجهل ‪ ،‬و الّول من منجيات الخلق و فضححائل الحححوال ‪ ،‬و الثححانى مححن موبقححات‬
‫ل بمعرفحة النفحس و معرفحة الحّرب‬ ‫الصحفات و رذائل الخصحال ‪ ،‬و ل يحصحل التواضحع إ ّ‬
‫ل قليححل ‪ ،‬و‬
‫ل مححن كح ّ‬
‫ل ذليل و أق ّ‬ ‫ل من ك ّ‬‫ق المعرفة علم أّنه أذ ّ‬
‫تعالى ‪ ،‬فمهما عرف نفسه ح ّ‬
‫ل التواضع و الذّلة و المهانة ‪ ،‬و إذا عرف رّبه علم أّنه ل يليحق العظمحة و‬ ‫أّنه ل يليق به إ ّ‬
‫ل به ‪.‬‬
‫الكبرياء إ ّ‬

‫و عّلله أيضا بقوله ) و سلمة اّلذين يعلمون ما قدرته أن يستسلموا له ( يعني سححلمة مححن‬
‫علم عموم قدرته سبحانه و غلبة عّزته تعالى من الّنار و من غضب الجّبححار إّنمححا تحصححل‬
‫بالستسلم و ترك الستكبار و الّول من جنود العقل ‪ ،‬و الّثاني من جنود الجهل ‪.‬‬
‫ق‪،‬‬
‫ل ما هو ح ّ‬
‫قال بعض شّراح الكافي ‪ :‬الستسلم هو الطاعة و النقياد لك ّ‬

‫لح عليححه و آلححه و سحّلم ‪ :‬المؤمنححون‬


‫لح صحّلى ا ّ‬
‫و هو من صفات المؤمن ‪ ،‬و عن رسححول ا ّ‬
‫هّينون لّينون إن قيدوا انقادوا و ان انيخوا استناخوا ‪ ،‬و ضّد النقياد الستكبار و النفححة ‪،‬‬
‫ن الكبر حالة نفسانية كائنة في النفس ربما لححم يظهححر أثححره فححي‬
‫و الفرق بينه و بين الكبر أ ّ‬
‫الخارج بخلف الستكبار‬

‫] ‪[ 75‬‬

‫فاّنه عبارة عن إظهار التكبر ‪.‬‬

‫ق و قبححوله مححن أهلححه‬‫ل سبحانه المستلزمين لخذ الح ّ‬ ‫و لما أمرهم بالتواضع و الستسلم ّ‬
‫ق ( و أهلححه و هححم أوليححاء الحّدين ) نفححار الصحححيح مححن‬‫اتبعه بقوله ‪ ) :‬فل تنفححروا مححن الحح ّ‬
‫شبه بهمححا ‪ ،‬هححذا و لمححا نهححاهم‬
‫سقم ( أى أشّد الّنفار كما في ال ّ‬
‫الجرب و البارىء من ذى ال ّ‬
‫ق و أمرهم بلزومه عّقبه بقوله ) و اعلموا أنكم لن تعرفححوا الّرشححد حّتححى‬ ‫عن النفار من الح ّ‬
‫ي يسححاوق الباطححل ‪ ،‬و الغححرض بهححذه‬ ‫ن الغح ّ‬
‫ق كما أ ّ‬
‫تعرفوا اّلذي تركه ( الّرشد يساوق الح ّ‬
‫ضححلل‬ ‫ق تتوّقف على معرفة تاركه أى أئّمة ال ّ‬ ‫ن معرفة الّرشد أي الح ّ‬ ‫الجملة التنبيه على أ ّ‬
‫ق فيأخذ بها و يقححع فححي‬ ‫ن أقوالهم ح ّ‬
‫و أهل الباطل إذ مع عدم معرفتهم ربما يشتبه فيزعم أ ّ‬
‫الخبط و الضلل ‪.‬‬

‫كما اشير إليه في الخطبة الثامنة و الثلثين بقوله ‪ :‬و إنما سّميت الشّبهة شبهة لّنها تشححبه‬
‫ل ح فححدعائهم‬
‫ل فضيائهم فيها اليقين و دليلهم سمت الهدى و أّمححا أعححداء ا ّ‬
‫ق فأما أولياء ا ّ‬
‫الح ّ‬
‫ضلل و دليلهم العمى ‪ ،‬و قد مضى في شرح هذه الخطبة ما ينفعك ذكححره فححي هححذا‬ ‫فيها ال ّ‬
‫ى و الضلل و يجتنب عنهم ‪.‬‬ ‫لزم على طالب الّرشد أن يعرف أئمة الغ ّ‬ ‫المقام ‪ ،‬فال ّ‬

‫و بما ذكر يظهر أيضا معنحى قحوله ‪ ) :‬و لحن تأخحذوا بميثحاق الكتحاب حّتحى تعرفحوا اّلحذي‬
‫ل سبحانه لما كان‬ ‫ن كتاب ا ّ‬‫سكوا به حّتى تعرفوا اّلذي نبذه ( توضيح ذلك أ ّ‬ ‫نقضه و لن تم ّ‬
‫من أسباب الّرشد كما قال تعالى ‪ » :‬إّنححا سححمعنا قرآنححا عجبححا يهححدى إلححى الّرشححد « و كححان‬
‫ل عليه و آله في حححديث الثقليححن ‪:‬‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫ضلل كما قال رسول ا ّ‬ ‫سك به منقذا من ال ّ‬‫التم ّ‬
‫سكتم به لن تضّلوا بعححدي الثقليححن و أحححدهما أكححبر مححن الخححر‬ ‫اّني قد تركت فيكم ما إن تم ّ‬
‫ل حبل ممدود من السماء إلى الرض و عترتي أهل بيتي ‪،‬‬ ‫كتاب ا ّ‬

‫سك به واجبا ‪.‬‬


‫لجرم كان الخذ و التم ّ‬

‫ق العلم و العمححل بمححواثيقه و‬


‫سك هو اّتباعه و معرفة معناه ح ّ‬ ‫و لما كان معنى الخذ و التم ّ‬
‫لح تعححالى لححزم علححى ذلححك معرفححة الناقضححين لمححواثيقه و النابححذين‬
‫أحكامه اّلتى هححي عهححد ا ّ‬
‫لحكامه وراء ظهورهم ‪ ،‬و هم المحّرفون المبّدلون له و المغّيرون لحكامه‬
‫] ‪[ 76‬‬

‫سححك علححى‬
‫سرون له بآرائهم المتبّوءون مقعدهم من الّنار ‪ ،‬و إّنما توقف الخذوا لتم ّ‬
‫و المف ّ‬
‫معرفة هؤلء ليحترز عن الّرجوع اليهم و الى تفاسيرهم كيل يتبّوء مقعده مثلهم من النار‬
‫‪.‬‬

‫ضلل و‬
‫صل المراد من هذه الجملت الثلث الّتنبيه على وجوب التبّرى من أئّمة ال ّ‬ ‫و مح ّ‬
‫ل سبحانه و قد دّلت عليه النصوص الكثيرة ‪.‬‬
‫المعاداة لعداء ا ّ‬

‫ن رجل قححدم علححى‬


‫مثل ما في البحار من السرائر من كتاب انس العالم للصححفوانى قححال ‪ :‬إ ّ‬
‫ب فلنا و سّمى بعححض‬ ‫سلم فقال ‪ :‬يا أمير المؤمنين إّني احّبك و اح ّ‬
‫أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫أعدائه فقال ‪ :‬أّما الن فأنت أعور فإّما أن تعمى و إّما أن تبصر ‪.‬‬

‫ل أّنه يضعف من البرائة من عححدّوكم فقححال‬


‫ن فلنا يواليكم إ ّ‬
‫سلم ‪ :‬إ ّ‬
‫صادق عليه ال ّ‬
‫و قيل لل ّ‬
‫هيهات كذب من اّدعى محّبتنا و لم يتبّرء من عدّونا ‪.‬‬

‫سلم أنه قال ‪ :‬كمال الّدين وليتنا و البرائة من عدّونا ‪.‬‬


‫و روى عن الّرضا عليه ال ّ‬

‫ثّم قال الصفواني ‪ :‬و اعلم أّنه ل يتحّم الوليححة و ل تخلححص المحّبححة و ل تثبححت المححوده لل‬
‫ل بالبرائة من أعدائهم قريبا كان أو بعيدا ‪ ،‬فل تأخذك بححه رأفححة فححا ّ‬
‫ن‬ ‫سلم إ ّ‬
‫محّمد عليهم ال ّ‬
‫لح و‬‫ل و اليححوم الخححر يححواّدون مححن حححاّد ا ّ‬
‫ل يقول ‪ » :‬ل تجد قوما يؤمنون با ّ‬‫ل عّز و ج ّ‬‫ا ّ‬
‫رسوله و لو كانوا آبائهم أو أبنائهم أو إخوانهم أو عشيرتهم « ‪.‬‬

‫سحلم يحا أبحا‬


‫و فيه من تفسير العّياشي عن أبي حمزة الثمالي قال ‪ :‬قال أبحو جعفحر عليحه ال ّ‬
‫لح كأّنمححا يعبححد غيححره هكححذا ‪1‬‬
‫لح ‪ ،‬و أّمححا مححن ل يعححرف ا ّ‬
‫ل من عححرف ا ّ‬
‫حمزة اّنما يعبد ا ّ‬
‫ل ‪ ،‬قلت ‪:‬‬ ‫ضا ّ‬

‫ل عليه‬
‫ل صّلى ا ّ‬ ‫ل و يصّدق محّمدا رسول ا ّ‬ ‫ل ؟ قال ‪ :‬يصّدق ا ّ‬‫ل و ما معرفة ا ّ‬
‫أصلحك ا ّ‬
‫لح محن‬
‫ي و الئتمام به و بأئّمة الهدى من بعده ‪ ،‬و البرائة إلححى ا ّ‬
‫و آله و سّلم في موالة عل ّ‬
‫ل‪،‬‬
‫عدّوهم ‪ ،‬و كذلك عرفان ا ّ‬

‫ى شححيء اذا علمتححه أنححا اسححتكملت حقيقححة اليمححان ؟ قححال ‪ :‬تححوالى‬


‫لح أ ّ‬
‫قال قلت ‪ :‬أصلحك ا ّ‬
‫ل ح ‪ ،‬قححال ‪ :‬قلححت ‪ :‬و مححن‬
‫صادقين كما أمححرك ا ّ‬ ‫ل و تكون مع ال ّ‬ ‫ل و تعادى أعداء ا ّ‬
‫أولياء ا ّ‬
‫ي و الحسن و الحسين‬ ‫ل و عل ّ‬ ‫ل محّمد رسول ا ّ‬ ‫ل ؟ فقال ‪ :‬أولياء ا ّ‬
‫ل و من أعداء ا ّ‬
‫أولياء ا ّ‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬تتتت تتتت تتتت ) ت ( تت تت تت ت تتتت ت تت‬
‫تتت تتتتتت تت تتتتتت ت تت ت تت ت ت تتتتت ت‬
‫تتتتتت تتت تتتتتت تتت تتتتت ت تتت تتتت ت‬
‫تتت تت تت ت ت تتتتت تت تت ت ت ت ت ت تتتتت ت‬
‫) تتتت (‬

‫] ‪[ 77‬‬

‫سححلم و‬
‫ي بن الحسين ‪ ،‬ثّم انتهى المر الينا ثّم ابنى جعفر و أومأه إلى جعفر عليححه ال ّ‬‫و عل ّ‬
‫ل قلت و‬‫صادقين كما أمره ا ّ‬‫ل و كان مع ال ّ‬‫هو جالس ‪ ،‬فمن والى هؤلء فقد والى أولياء ا ّ‬
‫ل ؟ قال ‪ :‬الوثان الربعة قال ‪ :‬قلت ‪ :‬من هم ؟ قال ‪:‬‬‫ل أصلحك ا ّ‬ ‫من أعداء ا ّ‬

‫ابو الفصيل ‪ ، 1‬و رمع ‪ ،‬و نعثل ‪ ،‬و معاوية و من دان دينهححم ‪ ،‬فمححن عححادى هححؤلء فقححد‬
‫ل‪.‬‬‫عادى أعداء ا ّ‬

‫ظالمين أّنهم ملعونححون و الححبرائة منهححم واجبححة ‪،‬‬


‫صدوق قال ‪ :‬اعتقادنا في ال ّ‬‫و من عقايد ال ّ‬
‫ل كذبا اولئك يعرضون على رّبهم و‬ ‫ل ‪ » :‬و من أظلم مّمن افترى على ا ّ‬ ‫ل عّز و ج ّ‬ ‫قال ا ّ‬
‫ل على الظالمين اّلذين يصّدون عححن‬ ‫يقول الشهاد هؤلء اّلذين كذبوا على رّبهم أل لعنة ا ّ‬
‫ل و يبغونها عوجا و هم بالخرة هم كافرون « ‪.‬‬ ‫سبيل ا ّ‬

‫ل في هذا الموضع هححو عل ح ّ‬


‫ي‬ ‫ل عّز و ج ّ‬
‫ن سبيل ا ّ‬
‫و قال ابن عّباس في تفسير هذه الية ‪ :‬إ ّ‬
‫بن أبيطالب ‪.‬‬

‫ل ثنححاؤه » و‬‫ل إمامان ‪ :‬إمام هدى و إمام ضححللة ‪ ،‬قحال جح ّ‬ ‫ل عّز و ج ّ‬ ‫و الئمة في كتاب ا ّ‬
‫ل فححي أئمححة الضححللة ‪ » :‬و‬‫جعلناهم أئّمة يهححدون بأمرنححا لّمححا صححبروا « و قححال عحّز و جح ّ‬
‫جعلناهم أئّمة يدعون إلى الّنار و يوم القيامة ل ينصرون و اتبعناهم في هذه الحّدنيا لعنحة و‬
‫يوم القيامة هم من المقبوحين « ‪.‬‬

‫صححة « قححال الّنححبي‬


‫ن اّلذين ظلمححوا منكححم خا ّ‬
‫و لّما نزلت هذه الية ‪ » :‬و اّتقوا فتنة ل تصيب ّ‬
‫ل عليه و آله من ظلم عليا مقعدى هذا بعد وفاتي فكأنما جحد نبّوتي و نبّوة النبياء‬ ‫صّلى ا ّ‬
‫من قبلي ‪ ،‬و من توّلى ظالما فهو ظالم ‪.‬‬

‫» يا أّيها الذين آمنوا ل تّتخذوا آبائكم و إخوانكم أولياء إن استحّبوا الكفححر علححى اليمححان و‬
‫ل ‪ » :‬يحا أّيهحا الحذين آمنحوا ل‬
‫لح عحّز و جح ّ‬
‫ل منكم فاولئك هم الظحالمون « و قحال ا ّ‬‫من يتو ّ‬
‫ل و اليحوم‬
‫ل » ل تجحد قومحا يؤمنحون بحا ّ‬ ‫ل عليهم « و قحال عحّز و جح ّ‬‫تتوّلوا قوما غضب ا ّ‬
‫ل و رسوله و لو كانوا آبائهم أو أبنائهم أو اخححوانهم أو عشححيرتهم‬ ‫الخر يواّدون من حاّد ا ّ‬
‫«‬
‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬تت ت تتتت تت تت ت تت ت تتت تتتت تت ت‬
‫تتتت ت تتتتتت تت ت ت تتتتت ت ت تت ت تتت تت‬
‫تت ت ت تتت ت ت ت تتت تت تت ت ت ت تت ت تتتت ت‬
‫) تتتت (‬

‫] ‪[ 78‬‬

‫سححكم الّنححار « و الظلححم هححو وضححع‬


‫ل ‪ » :‬و ل تركنوا إلى اّلححذين ظلمححوا فتم ّ‬
‫و قال عّز و ج ّ‬
‫الشيء في غير موضعه ‪ ،‬فمن اّدعى المامة و ليس بامام فهو ظالم ملعون ‪.‬‬

‫ل عليه و آله و سّلم من جحد عليا إمامته من بعدى فاّنما جحد نبّوتى ‪،‬‬
‫ي صّلى ا ّ‬
‫و قال النب ّ‬

‫ل ربوبّيته ‪.‬‬
‫و من جحد نبّوتي فقد جحد ا ّ‬

‫ي أنححت المظلححوم بعححدي‬


‫سلم ‪ :‬يححا عل ح ّ‬
‫ي عليه ال ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم لعل ّ‬
‫و قال الّنبي صّلى ا ّ‬
‫من ظلمك فقد ظلمني و من أنصفك فقد أنصفني و مححن جحححدك فقحد جححدني و محن والك‬
‫فقححد والنححي و مححن عححاداك فقححد عححاداني و مححن أطاعححك فقححد أطححاعتي و مححن عصححاك فقححد‬
‫عصاني ‪ ،‬الى غير ذلك مما ل نطيل بذكرها ‪.‬‬

‫ضلل و التوّلى لئّمة الهدى ‪.‬‬


‫فقد علم بذلك كّله وجوب الّتبّرى عن أئّمة ال ّ‬

‫سححلم علححى التنفيححر عححن الفرقححة الولححى بمعرفتهححم و‬ ‫و ذلك لما نّبه أمير المؤمنين عليححه ال ّ‬
‫معرفة ما هم عليه من الخطاء و الجهل و الشحّبه أمححر باّتبححاع الفرقححة الخححرى و الرجححوع‬
‫ق و الرشححد و‬ ‫اليهم بقوله ‪ ) :‬فالتمسوا ( و اطلبححوا ) ذلححك ( أى مححا سححبق ذكححره يعنححي الحح ّ‬
‫سك به ) من عند أهله ( أراد به نفسححه الشححريف و الطّيححبين مححن‬ ‫ميثاق الكتاب و كيفية التم ّ‬
‫أولده أعنححى الئمححة المعصححومين و ينححابيع العلححم و اليقيححن ) فححانهم عيححش العلححم و مححوت‬
‫ن بهححم‬
‫الجهل ( أى بهم حياة العلم و ممات الجهل و استعار لهم هذين الوصححفين باعتبححار أ ّ‬
‫ن بحياة الشيء يوجد آثاره و ينتفع به ‪،‬‬ ‫ينتفع بالعلم و يحصل ثمراته و آثاره كما أ ّ‬

‫ى و يفنى ‪.‬‬
‫ن بالموت يبطل حياة الح ّ‬
‫ل كما أ ّ‬
‫و كذلك بهم يبطل الجهل و يضمح ّ‬

‫) هم الذين يخبركم حكمهم عن علمهم ( يجوز أن يراد بالحكم ما صدر عنهم من الحكححام‬
‫الشرعية و التكححاليف اللهيححة ‪ ،‬و أن يححراد بححه القضححاء و فصححل الخصححومات فححي الوقححائع‬
‫ل مححا صححدر عنهححم مححن القضححاء و الحكححام علححى غححزارة‬‫ي تقدير يد ّ‬‫الشخصّية ‪ ،‬و على أ ّ‬
‫سلم ‪:‬‬ ‫سلم ‪ ،‬و ينبئك بذلك ما قّدمناه في شرح قوله عليه ال ّ‬ ‫علمهم و جّم معرفتهم عليهم ال ّ‬
‫و عندنا أهل البيت أبواب الحكم ‪ ،‬في شرح الكلم المأة و التاسع عشر فتذّكر ‪.‬‬
‫ن لصمت الّلسن ذي الحكمة الغزيرة هيئة‬
‫) و صمتهم من منطقهم ( فا ّ‬

‫] ‪[ 79‬‬

‫و حالة و وقارا يدل على حسن منطقه و علمه بما يقححول ) و ظححاهرهم عححن بححاطنهم ( أي‬
‫حسن أفعالهم و حركاتهم الظاهرّية يكشف عن كمالتهم و ملكاتهم النفسانّية ) ل يخححالفون‬
‫الّدين ( لنهم قوامه و أولياؤه و ملزمون لححه ‪ ،‬معصححومون مححن الححذنوب ‪ ،‬مححبّرؤون مححن‬
‫لح و‬
‫العيوب ) و ل يختلفون فيه ( أى ل يختلف أحدهم للخححر فيمححا يححؤّدونه مححن أحكححام ا ّ‬
‫ن علومهم كّلها مححن نبححع واحححد ملقححاة عححن مهبححط الححوحى و معححدن‬
‫يبّلغونه من أوامره ‪ ،‬ل ّ‬
‫الّرسالة ‪ ،‬و بعد اّتحاد المنبع ل يتصّور الختلف لمكان العصمة المانعة عن تعمد الكذب‬
‫سهو و الخطاء الّناشي منها الختلف ‪.‬‬ ‫و الغلط و ال ّ‬

‫ل في ليلة القدر ‪:‬‬


‫ل عّز و ج ّ‬
‫سلم قال ‪ :‬قال ا ّ‬
‫روى في الكافي عن أبيجعفر عليه ال ّ‬

‫ل أمر حكيم ‪ ،‬و المحكم ليس بشيئين ‪،‬‬


‫ل أمر حكيم ‪ ،‬يقول ‪ :‬ينزل فيها ك ّ‬
‫فيها يفرق ك ّ‬

‫ل ‪ ،‬و مححن حكححم بححأمر فيححه‬


‫لح عحّز و جح ّ‬
‫فمن حكم بما ليس فيه اختلف فحكمه مححن حكححم ا ّ‬
‫طاغوت ‪ ،‬الحديث و قد محّر بتمححامه فححي شححرح‬ ‫اختلف فرأى أّنه مصيب فقد حكم بحكم ال ّ‬
‫الفصل الّتاسع من الخطبة الولى ‪.‬‬

‫و في البحار من معاني الخبار عن الحسين الشقر قال ‪ :‬قلت لهشام بن الحكم مححا معنححى‬
‫سححلم عححن ذلححك‬
‫ل ح عليححه ال ّ‬
‫ل معصوما ؟ قال ‪ :‬سألت أبا عبد ا ّ‬ ‫ن المام ل يكون إ ّ‬
‫قولكم ‪ :‬إ ّ‬
‫ل تبارك و تعالى ‪:‬‬ ‫ل ‪ ،‬و قال ا ّ‬ ‫ل من جميع محارم ا ّ‬
‫فقال ‪ :‬المعصوم هو الممتنع با ّ‬

‫ل فقد هدى إلى صراط مستقيم « ‪.‬‬


‫» و من يعتصم با ّ‬

‫صدوق في معاني الخبار بعد خححبر هشححام ‪ :‬الحّدليل‬ ‫ي ‪ :‬قال ال ّ‬


‫لمة المجلس ّ‬ ‫قال المحّدث الع ّ‬
‫ل كلم ينقل عن قحائله يحتمححل وجوهحا مححن التأويححل كحان‬ ‫على عصمة المام أّنه لما كان ك ّ‬
‫أكثر القرآن و السّنة مما اجتمعت الفرقة على أّنه صحيح لم يغّير و لم يبّدل و لم يححزد فيححه‬
‫و لم ينقص منه محتمل لوجوه كثيرة من الّتأويل ‪،‬‬

‫وجب أن يكون مع ذلك مخبر صادق معصوم من تعّمد الكذب و الغلط منحبىء عّمحا عنحى‬
‫ن الخلححق مختلفححون فححي‬
‫ق ذلححك و صححدقه ‪ ،‬ل ّ‬ ‫سحّنة علححى حح ّ‬ ‫ل فححي الكتححاب و ال ّ‬
‫ل عّز و ج ّ‬
‫ا ّ‬
‫لح تبححارك و تعححالى‬
‫سححنة إلححى مححذهبها ‪ ،‬فلححو كححان ا ّ‬
‫ل فرقة تميل مع القرآن و ال ّ‬ ‫الّتأويل ‪ ،‬ك ّ‬
‫صفة من غير مخبر عن كتابه صادق فيه لكان قد سّوغهم الختلف‬ ‫تركهم بهذه ال ّ‬

‫] ‪[ 80‬‬
‫ل عليه و آله و سّلم‬ ‫ن نبّيه صّلى ا ّ‬
‫في الّدين و دعاهم اليه إذ أنزل كتابا يحتمل التأويل و س ّ‬
‫سّنة تحتمل التأويل و أمرهم بالعمل بهما ‪ ،‬فكأّنه قال ‪ :‬تأّولوا و اعملوا ‪ ،‬و في ذلك إباحة‬
‫لح عحّز و جح ّ‬
‫ل‬ ‫ق و خلفه ‪ ،‬فلّمححا اسححتحال ذلححك علححى ا ّ‬‫العمل بالمتناقضات و العتماد للح ّ‬
‫ل عّز‬‫ل عصر من يبّين عن المعاني اّلتي عناها ا ّ‬ ‫سّنة في ك ّ‬
‫وجب أن يكون مع القرآن و ال ّ‬
‫ل في القرآن بكلمه دون ما يحتمل ألفاظ القرآن مححن التأويححل ‪ ،‬و يححبّين عححن المعححاني‬ ‫وجّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم فححي سحّنته و أخبححاره دون التأويححل اّلححذي‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫اّلتي عناها رسول ا ّ‬
‫حة نقلها ‪ ،‬و إذا وجب أّنححه ل ب حّد مححن مخححبر‬ ‫يحتمله الخبار المروّية عنه المجمع على ص ّ‬
‫ل ح ع حّز‬‫صادق وجب أن ل يجوز عليه الكذب تعّمدا ‪ ،‬و ل الغلط فيما يخبر به عن مراد ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم في اخباره و سّنته ‪ ،‬و إذا وجب‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫ل و عن مراد رسول ا ّ‬ ‫وجّ‬
‫ذلك وجب أّنه معصوم ‪،‬‬

‫انتهى كلمه رفع مقامه ‪.‬‬

‫فقد ظهر بذلك أّنه ل يتصّور منهم الختلف في شرائع ال حّدين ل مححن أحححدهم للخححر و ل‬
‫ل منهم فيما يصدر عنه من الحكام المتعّددة كما ظهر به وجوب الرجححوع فححي فهححم‬ ‫من ك ّ‬
‫سححلم بقححوله آنفححا ‪:‬‬
‫سّنة إليهم حسب ما نّبه عليه أمير المؤمنين عليححه ال ّ‬‫مرادات الكتاب و ال ّ‬
‫فالتمسوا ذلك من عند أهله ‪ ،‬فافهم و اغتنم ‪.‬‬

‫) فهو ( أى الّدين بينهم ) شاهد صادق ( أى شاهد صحدق يشحهد علحى اّتفحاقهم فيحه و عحدم‬
‫اختلفهم و خلفهم له ) و صامت ناطق ( أى ساكت باعتبار كونه أمرا عرضّيا اعتبارّيا‬
‫ل وجود له في العيان ‪ ،‬و ناطق باعتبار افححادته لكححونهم ملزميححن لححه و مّتفقيححن عليححه و‬
‫ق معهم ‪ ،‬هذا ‪.‬‬ ‫ق و الح ّ‬
‫إنبائه عن أّنهم على الح ّ‬

‫و ما ذكرناه في تفسير هاتين الفقرتين أظهححر و أولححى مّمححا قححاله الشححارح البحرانححي حيححث‬
‫قال ‪ :‬و قوله ‪ :‬شاهد صادق أى شاهد يستّدلون به على الحكححام و الوقححائع الّنازلححة بهححم و‬
‫بغيرهم ل يكّذب من حيث هو شاهد ‪ ،‬و صامت ناطق لكححونه حروفححا و أصححواتا ‪ ،‬و إنمححا‬
‫ينطق بألسنتهم فهو بمنزلة الّناطق ‪ ،‬انتهى ‪.‬‬

‫شارح المعتزلي ‪ :‬فالّدين بينهم شاهد صادق يأخذون بحكمه كما يأخذ‬
‫قال ال ّ‬

‫] ‪[ 81‬‬

‫بحكم الشاهد الصادق ‪ ،‬و صامت ناطق لنه ل ينطق بنفسه بل ل بّد له مححن مححترجم فهححو‬
‫ن الوامر و النواهي و الداب كّلهحا‬ ‫صورة و في المعنى أنطق الّناطقين ‪ ،‬ل ّ‬‫صامت في ال ّ‬
‫مبنّية عليه و متفّرعة عنه ‪ ،‬انتهى ‪.‬‬
‫حته مححن‬
‫ضعف و الفسححاد و كححونه أجنبّيححا علححى تقححدير صح ّ‬ ‫و أنت خبير بما فيما قاله من ال ّ‬
‫سلم فافهم و تأّمل ‪.‬‬
‫مساق كلم المام عليه ال ّ‬

‫ععععع‬

‫لّما كانت هذه الخطبة الشريفة متضمنة للمر بالتواضع و الّنهى عن التكّبر و اشححرنا إلححى‬
‫فضل الّتواضع و حسنه أحببنا أن نشرح صفة الكبر و نبّين ما ورد فيه مححن الدّلححة الّدالححة‬
‫سته و كونه من الموبقات ‪ ،‬و الكلم فيه في مقامات‬
‫على قبحه و خ ّ‬

‫عع‬ ‫عععع عع ععععع ع ع عععع عع ع ععععع‬


‫ععع‬‫ععع عع ععع ععع‬
‫ععععععع عع ععع‬

‫و المتضّمنة لقبحها و ذّمها و ما يترّتب عليه من الخزى و العقاب ‪.‬‬

‫لح‬
‫ل تعالى فححي سحورة الّزمحر ‪ » :‬و يحوم القيامحة تحرى اّلححذين كححذبوا علححى ا ّ‬
‫فأقول ‪ :‬قال ا ّ‬
‫وجوههم مسوّدة أليس في جهّنم مثوى للمتكّبرين « ‪.‬‬

‫لح‬
‫ل بغير سلطان أتيهم كبر مقتحا عنحد ا ّ‬ ‫و في سورة المؤمن ‪ » :‬الذين يجادلون في آيات ا ّ‬
‫ل متكّبر جّبار « ‪.‬‬
‫ل على قلب ك ّ‬
‫و عند اّلذين آمنوا كذلك يطبع ا ّ‬

‫ن اّلححذين يسححتكبرون عححن‬


‫و في سورة المؤمن أيضا ‪ » :‬و قال رّبكم ادعوني أستجب لكم إ ّ‬
‫عبادتي سيدخلون جهّنم داخرين « أى صاغرين ذليلين ‪.‬‬

‫و في سورة بني اسرائيل ‪ » :‬و ل تمش في الرض مرحا إّنك لححن تخححرق الرض و لححن‬
‫تبلغ الجبال طول « قال الطبرسي ‪ :‬معناه ل تمش على وجه الشر و البطححر و الخيلء و‬
‫ل تعالى ‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫التكّبر و قوله ‪ :‬إّنك لن تخرق الرض ‪ ،‬هذا مثل ضربه ا ّ‬

‫] ‪[ 82‬‬

‫ق الرض من تحت قدمك بكبرك ‪ ،‬و لن تبلغ الجبال بتطاولك ‪ ،‬و‬ ‫إّنك أّيها النسان لن تش ّ‬
‫المعنى أّنك لن تبلغ مّما تريد كثير مبلغ كما ل يمكنك أن تبلغ هذا فما وجححه المنابححذة علححى‬
‫ن من الّناس مححن يمشححى فححى‬ ‫ن الحكمة زاجرة عنه ‪ ،‬و اّنما قال ذلك ‪ ،‬ل ّ‬‫ما هذا سبيله مع أ ّ‬
‫ق قدميه عليها ليرى بذلك قححدرته و قحّوته و يرفححع رأسححه و عنقححه ‪ ،‬فححبّين‬
‫الرض بطرا يد ّ‬
‫ق قححدميه عليهححا حّتححى ينتهححى إلححى‬
‫سبحانه أنه ضعيف مهين ل يقدر أن يخرق الرض بححد ّ‬
‫ن طوله ل تبلغ طول الجبال و إن كان طويل ‪ ،‬هذا ‪.‬‬ ‫آخرها ‪ ،‬و أ ّ‬

‫و اليات الناهية في الكتاب العزيز كثيرة ل حاجة إلى ايرادها ‪.‬‬


‫ي بححن الحسححين‬
‫و اما الخبار ففي الكافي باسححناده عححن أبححي حمححزة الثمححالي قححال ‪ .‬قححال علح ّ‬
‫ل عليهما ‪ :‬عجبا للمتكّبر الفخور الذي كان بالمس نطفة ثّم هو غدا جيفة ‪.‬‬ ‫صلوات ا ّ‬

‫سلم ‪ :‬عجبا للمختال الفخححور و إّنمححا‬


‫و عن عيسى بن ضحاك قال ‪ :‬قال أبو جعفر عليه ال ّ‬
‫خلق من نطفة ثّم يعود جيفة و هو فيما بين ذلك ل يدرى ما يصنع به ‪.‬‬

‫سححلم‬‫لح عليححه ال ّ‬
‫سححكوني عححن أبيعبححد ا ّ‬
‫ي عححن ال ّ‬
‫ي بن إبراهيم عن أبيه عن الّنححوفل ّ‬
‫و عن عل ّ‬
‫لح أنححا فلن بححن‬ ‫ل عليه و آله و سّلم رجل فقال ‪ :‬يححا رسححول ا ّ‬ ‫ل صّلى ا ّ‬
‫قال ‪ :‬أتى رسول ا ّ‬
‫فلن حتى عّد تسعة ‪.‬‬

‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬أما أّنك عاشرهم في الّنار ‪.‬‬


‫ل صّلى ا ّ‬
‫فقال له رسول ا ّ‬

‫سححلم ‪ :‬إ ّ‬
‫ن‬ ‫سلم عن أدنى اللحاد ‪ ،‬قال عليه ال ّ‬
‫ل عليه ال ّ‬
‫و عن حكيم قال ‪ :‬سألت أبا عبد ا ّ‬
‫الكبر أدناه ‪.‬‬

‫سححلم ‪:‬‬
‫سلم قال ‪ :‬قال أبو جعفر عليححه ال ّ‬ ‫ل عليه ال ّ‬
‫و عن العلء بن الفضيل عن أبي عبد ا ّ‬
‫ل في جهّنم ‪.‬‬
‫ل ‪ ،‬و الكبر ازاره ‪ ،‬فمن تناول منه شيئا أكّبه ا ّ‬
‫العّز رداء ا ّ‬

‫لح‬
‫لح صحّلى ا ّ‬
‫سلم ‪ :‬قال رسول ا ّ‬‫ل عليه ال ّ‬
‫و عن عبد العل بن أعين قال ‪ :‬قال أبو عبد ا ّ‬
‫ق ‪ ،‬قلت ‪ :‬و ما غمححس الخلححق و سححفه‬
‫ن أعظم الكبر غمس الخلق و سفه الح ّ‬ ‫عليه و آله ‪ :‬إ ّ‬
‫ق ؟ قال ‪:‬‬
‫الح ّ‬

‫ل ردائه ‪.‬‬
‫ق و يطعن على أهله ‪ ،‬فمن فعل ذلك فقد نازع ا ّ‬
‫يجهل الح ّ‬

‫ن في جهّنم لواديا للمتكّبرين‬


‫سلم قال ‪ :‬إ ّ‬
‫ل عليه ال ّ‬
‫و عن أعظم بن كثير عن أبي عبد ا ّ‬

‫] ‪[ 83‬‬

‫ل شّدة حّرة و سأله أن يأذن له أن يتنّفس فتنّفس فأحرق جهّنم ‪.‬‬


‫يقال له سقر شكى إلى ا ّ‬

‫لح‬
‫ي بن إبراهيم ‪ ،‬عن أبيه عن ابن أبي عمير عن بعححض أصحححابه عححن أبيعبححد ا ّ‬ ‫و عن عل ّ‬
‫ل و في رأسحه حكمحة و ملحك يمسحكها فحاذا تكّبحر قحال لحه ‪:‬‬ ‫سلم قال ‪ :‬ما من عبد إ ّ‬ ‫عليه ال ّ‬
‫ل ‪ ،‬فل يزال أعظم الّناس في نفسه و أصغر الّناس فححي أعيححن النححاس ‪ ،‬و‬ ‫اّتضع وضعك ا ّ‬
‫ل فل يزال أصححغر النححاس فححي‬ ‫ل ثّم قال له ‪ :‬انتعش نعشك ا ّ‬
‫ل عّز و ج ّ‬
‫إذا تواضع رفعها ا ّ‬
‫نفسه و أعظم الّناس في أعين الّناس ‪.‬‬
‫ل عليه و آله و سّلم ل يدخل الجّنة من كححان فححي‬ ‫ل صّلى ا ّ‬
‫و في احياء العلوم قال رسول ا ّ‬
‫قلبه مثقال حّبة من خردل من كبر ‪ ،‬و ل يدخل الّنححار مححن كححان فححي قلبححه مثقححال حّبححة مححن‬
‫خردل من ايمان ‪.‬‬

‫ل تعالى ‪ :‬الكبرياء‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬يقول ا ّ‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫و قال أبو هريرة ‪ :‬قال رسول ا ّ‬
‫ردائى و العظمة ازاري فمن نازعنى واحدا منهما ألقيته في جهّنم و ل ابالي ‪.‬‬

‫ل ح عليححه و آلححه و سحّلم ‪ :‬بئس العبححد عبححد تجّبححر و اعتححدى و نسححى الجّبححار‬
‫و قححال ص حّلى ا ّ‬
‫العلى ‪ ،‬بئس العبد عبد تجّبر و اختال و نسححي الكححبير المتعححال ‪ ،‬بئس العبححد عبححد غفححل و‬
‫سهى و نسى المقابر و البلى ‪ ،‬بئس العبد عبد عتا و بغى و نسى المبدء و المنتهى ‪.‬‬

‫لح عليحه و آلحه ‪ :‬يحشحر الجّبحارون و المتكّبحرون يحوم‬


‫و قال أبو هريرة قال الّنبي صحّلى ا ّ‬
‫ل تعالى ‪.‬‬
‫القيامة في صور الّذر تطؤهم الّناس لهوانهم على ا ّ‬

‫ن أبحاك‬
‫و عن محّمد بن واسع قال ‪ :‬دخلت علحى بلل بحن أبحي بحردة فقلحت لحه ‪ :‬يحا بلل إ ّ‬
‫ن في جهّنم واديا يقال لححه‬
‫ل عليه و آله و سّلم أّنه قال ‪ :‬إ ّ‬
‫حّدثني عن أبيه عن الّنبي صّلى ا ّ‬
‫ل جبار فاّياك يا بلل أن تكون مّمن يسكنه ‪.‬‬ ‫ل أن يسكنه ك ّ‬‫ق على ا ّ‬
‫هبهب ح ّ‬

‫عععععع عع ععععع ععععع ع عععععع‬

‫و هو النتفاخ و التعّزز الحاصل من استعظام الّنفس و استحقار الغير ‪،‬‬

‫] ‪[ 84‬‬

‫و بعبارة اخرى هو أن يرى نفسه فوق غيحره فحي صحفات الكمحال فيحصحل محن ذلحك فيحه‬
‫لح عليححه و آلححه و‬
‫لح صحّلى ا ّ‬ ‫نفخة و اهتزاز و تلك النفخة هي الكبر ‪ ،‬و لذلك قال رسول ا ّ‬
‫سّلم ‪ :‬أعوذ بك من نفخة الكبرياء ‪ ،‬و هذه الحالة إذا حصلت في النفس اقتضت أعمال في‬
‫الظححاهر تصححدر عححن الجححوارح هححي ثمححرات تلححك الخصححلة الّرذيلححة ‪ ،‬فححالكبر هححي الحالححة‬
‫ظححاهر تسحّمى تكّبححرا‬‫الّنفسانّية و الخلق الباطني ‪ ،‬و ثمرات تلححك الخضححلة و آثارهححا فححي ال ّ‬
‫سلم و النظر بعين التحقير ‪ ،‬فان حححا ّ‬
‫ج‬ ‫كالترّفع في المجالس و التقّدم على الغير و توقع ال ّ‬
‫ق ‪ ،‬و إن وعححظ أعنححف فححي‬ ‫أو ناظر أنف أن يرّد عليه ‪ ،‬و إن وعظ استنكف من قبول الح ّ‬
‫الّنصح ‪ ،‬و إن رّد عليه شيء من قوله غضب ‪ ،‬و إن عّلم لم يرفق بححالمتعّلمين و اسححتذّلهم‬
‫ن عليهم ‪ ،‬و إن نظر إلى العاّمة نظر إليهم بعيححن الحتقححار كححأنه ينظححر إلححى الحميححر‬ ‫و امت ّ‬
‫استجهال لهم و استحقارا ‪.‬‬
‫عععععع عع ععععععع عععع‬

‫ن العجب ل يستدعى غير المعجب بل لو لححم يخلححق‬ ‫و الفرق بين الكبر و العجب بذلك ‪ ،‬فا ّ‬
‫ل وحده يمكن أن يكون معجبا ‪ ،‬بخلف الكححبر فحاّنه يتوّقحف علححى أن يكحون هنحا‬ ‫النسان إ ّ‬
‫غير فيرى نفسه فوق هذا الغير في صفات الكمال ‪ ،‬و ذلححك الغيححر هححو المتكّبححر عليححه ‪ ،‬و‬
‫ينقسم الكبر باعتبار المتكّبر عليه إلى ثلثة أقسام ‪:‬‬

‫عع عععععع‬
‫عع ععع ععع‬
‫ععععع ععععع ععععع‬

‫ل محض الجهل و الحمححق‬ ‫و هو من أفحش أنواع الكبر و أقبحها و أوبقها ‪ ،‬و ل منشأ له إ ّ‬
‫سماء ‪،‬‬‫ب ال ّ‬‫طغيان ‪ ،‬و ذلك مثل ما كان في نمرود حيث كان يحّدث نفسه بأّنه يقاتل ر ّ‬ ‫و ال ّ‬
‫و في فرعون حيث قال أنا رّبكم العلى و في شّداد حيححث بنححى إرم ذات العمححاد ‪ ،‬و نحححو‬
‫ذلك مّما صدر عن المّدعين للّربوبّية و المححترّفعين عححن درجححة العبوديححة ‪ ،‬و إذا قيححل لهححم‬
‫اسجدوا للّرحمن قالوا و ما الّرحمن‬

‫] ‪[ 85‬‬

‫أنسجد لما تأمرنا و زادهم نفورا ‪.‬‬

‫عععع ع ععع ععع ععععع ع عع ع عععععع عع ع‬


‫عععع‬
‫ععع ع عععععععع ععععع ععع‬
‫ععع‬

‫من حيث تعّزز النفس و ترّفعها عن النقياد لبشر مثل سائر الّناس ‪ ،‬و ذلك تارة يصححرف‬
‫ق فيححه ‪ ،‬و تححارة‬
‫ن أّنححه مح ح ّ‬
‫عن الفكر و الستبصار فيبقى في ظلمة الجهل بكبره و هو ظا ّ‬
‫لح‬
‫ق و الّتواضححع للّرسححل كمححا حكححى ا ّ‬‫يمنع مع المعرفة و لكن نفسه ل تطاوع النقياد للحح ّ‬
‫ل تكححذبون « و‬ ‫ل بشر مثلنا و ما أنزل الّرحمن من شيء ان أنتححم إ ّ‬ ‫عن قولهم ‪ » :‬ما أنتم إ ّ‬
‫ل بشر مثلنا « » و لئن أطعتم بشرا مثلكم إّنكم إذا لخاسرون « ‪.‬‬ ‫قوله ‪ » :‬إن أنتم إ ّ‬

‫ل ‪ » :‬و قالوا ما لهذا الّرسول يأكححل‬ ‫و قال سبحانه فيما اخبر عن كّفار قريش في رسول ا ّ‬
‫الطعام و يمشى في السواق لو ل انزل إليه ملك فيكون معححه نححذيرا أو يلقححى إليححه كنححز أو‬
‫تكون له جّنححة يأكحل منهححا « اسححتبعدوا أن يكحون محن يأكححل الطعحام و يطلحب المعحاش فححي‬
‫السواق رسول مطاعا و استحقروه لفقره حّتى تمّنوا لححه الكنحز لينفحق منحه و يسحتغني بحه‬
‫عن الّناس و تمّنوا له البستان ليأكل من ثمارها ‪.‬‬

‫و أخبر عنهم أيضا بقوله ‪ » :‬و قالوا لو ل نّزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيححم‬
‫طححائف و بالّرجححل العظيححم الوليححد بححن المغيححرة مححن مكححة و أبححا‬
‫« يعنون بالقريتين مّكة و ال ّ‬
‫ن الرجلين كانا عظيمححي‬ ‫مسعود عروة بن مسعود الثقفي من الطائف ‪ ،‬و انما قالوا ذلك ل ّ‬
‫ن من كان كححذلك أولححى بححالّنبّوة مححن غلم يححتيم ل‬
‫قومهما ذوى الموال الجسيمة فزعموا أ ّ‬
‫ل عليهم بقوله ‪ » :‬أهم يقسمون رحمححة رّبححك « أى الّنبححوة بيححن الخلححق يعنححي‬
‫مال له فرّد ا ّ‬
‫ل سبحانه يعطيها من يشاء ‪.‬‬ ‫أبأيديهم مفاتيح الرسالة يضعونها حيث شاؤوا ‪ ،‬بل هى بيد ا ّ‬

‫سلم و تكّبر امراء بنى امية و‬‫و من هذا القسم تكّبر المتخّلفين على أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫ل أجمعين على أئّمة الّدين ‪.‬‬
‫بني مروان و بني العّباس لعنهم ا ّ‬

‫] ‪[ 86‬‬

‫عع ععع عععععع‬


‫ععععع عععععع ععععع‬

‫و ذلك بأن يستعظم نفسه و يسححتحقر غيححره ‪ ،‬فيححدعوه ذلححك إلححى الّترفححع عليححه و يأبححاه عححن‬
‫النقياد إليه و هذا أيضا قبيح من وجهين ‪:‬‬

‫ل بالملحك القحادر المتعحال فمحن أيحن‬ ‫ن الكبر و العّز و العظمة و الجلل ل يليحق إ ّ‬
‫أحدهما أ ّ‬
‫لح فححي جللححه و‬
‫ضعيف الّذليل المهين ‪ ،‬فمتى تكّبر فقححد نححازع ا ّ‬ ‫يليق هذا الوصف بالعبد ال ّ‬
‫انتحل وصف كماله ‪ ،‬و ما أشّد جرئته علححى مححوله ‪ ،‬و مححا أقبححح مححا اّدعححاه و تعاطححاه ‪ ،‬و‬
‫لذلك قال عّز من قائل ‪ :‬العظمة ازاري و الكبريحاء ردائي فمحن نحازعني فيهمحا قصحمته ‪،‬‬
‫صان بي اختصاص الزار و الّرداء و المنححازع فيهمححا منححازع فححي الصحّفة‬ ‫أراد أّنهما مخت ّ‬
‫المخصوصة بي ‪.‬‬

‫ق مححن أحححد‬‫ل و نهيه ‪ ،‬لنّ المتكّبر إذا سمع الح ّ‬ ‫و ثانيهما أّنه ربما يدعو إلى مخالفة أمر ا ّ‬
‫استنكف من قبوله ‪ ،‬و لححذلك تححرى اكححثر المنححاظرين فححي المسححائل العلميححة يزعمححون أّنهححم‬
‫ق على لسححان واحححد منهححم أنححف الخححر مححن‬ ‫يتباحثون للفادة و الستفادة فمهما اّتضح الح ّ‬
‫قبوله و ركب مركب العصبية و العناد ‪ ،‬و يتجاحححد تجاححد المنكححر ‪ ،‬و يحتحال لححدفعه بمحا‬
‫ل يظهححر للّنححاس مغلححوبّيته ‪ ،‬و مححن ذلححك كححان علمححاء الخححرة‬
‫يقدر عليححه مححن التلححبيس ‪ ،‬لئ ّ‬
‫يتجّنبون عن المناظرة في المجالس ‪.‬‬

‫ل ح التسححتري كححان إذا‬‫صالح العالم عبححد ا ّ‬


‫ن المولى ال ّ‬‫و قد روى السّيد المحّدث الجزائري أ ّ‬
‫ل مرقده عن مسحألة و تكّلمحا فيهحا سحكت الردبيلحي‬ ‫طر ا ّ‬‫سأل مولنا المقّدس الردبيلي ع ّ‬
‫في أثناء الكلم ‪ ،‬و قال حّتى اراجعها في الكتب ‪ ،‬ثحّم أخححذ بيححد الّتسححترى و يخرجححان مححن‬
‫الّنجف الشرف إلى خارج البلد فاذا انفردوا قال المححولى الردبيلححي ‪ :‬هححات يححا أخححي تلححك‬
‫المسألة فيتكّلم فيها و يحّققها الردبيلي على ما يريححد المححولى التسححترى ‪ ،‬فسححأله و قححال يححا‬
‫ن كلمنا كان بين الّناس و‬ ‫ل تكّلمت به هناك حيث ما سألتك ؟ فقال ‪ :‬إ ّ‬ ‫أخي هذا التحقيق ه ّ‬
‫لح‬
‫عسى أن يكحون فيحه تنحافس و طلحب الظفحر منحك أو مّنحى و الن ل أححد معنحا سحوى ا ّ‬
‫سبحانه ‪.‬‬
‫ل عنهم‬
‫و كيف كان فهذا الخلق من أخلق الكافرين و المنافقين اّلذين حكى ا ّ‬

‫] ‪[ 87‬‬

‫ل مححن‬
‫بقوله ‪ » :‬و قال اّلذين كفروا ل تسمعوا لهذا القرآن و الغوا فيه لعّلكم تغلبححون « فك ح ّ‬
‫ق إذا ظفحر بحه فقحد شحاركهم فحي هحذا الخلحق و تبعهحم‬ ‫يناظر للفحام و الغلبة ل يغتنم الحح ّ‬
‫عليه ‪.‬‬

‫ل تعالى هو ابليس الّلعين حيث إّنه لمححا دعححى إلححى‬‫و أّول من صدر عنه الّتكبر على أمر ا ّ‬
‫سلم قال ‪ :‬أنا خير منه خلقتني مححن نححار و خلقتححه مححن طيححن ‪ ،‬فحملححه‬ ‫سجود لدم عليه ال ّ‬‫ال ّ‬
‫ل به ‪ ،‬و كان مبدؤه الكبر على آدم و الحسححد لححه‬ ‫سجود اّلذي أمره ا ّ‬
‫الكبر على الباء من ال ّ‬
‫طرد و البعاد ‪ ،‬و اهلكه أبد الباد ‪.‬‬ ‫ل فكان ذلك سبب ال ّ‬ ‫فجّره ذلك إلى التكّبر على أمر ا ّ‬

‫عععععع عع عع عع عععععع‬

‫ن أسباب الكبر سبعة ‪:‬‬


‫فاعلم أ ّ‬

‫ععععع ععععع‬

‫ل عليه و آله و سّلم آفححة العلححم‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫و ما أسرع الكبر إلى العلماء و لذلك قال رسول ا ّ‬
‫الخيلء فل يلبث العالم أن يتعّزز بعّز العلم و يستشحعر فحي نفسحه جمحال العلحم و كمحاله و‬
‫سححلم ‪ ،‬فححان بححدء واحححدا‬ ‫يستعظم نفسه و يستحقر الّناس و يستجهل و يتوّقع أن يبححدؤوه بال ّ‬
‫ن بححه عليححه و رأى ذلححك‬ ‫سلم أو رّد عليه ببشر أو قام لححه أو أجححاب لححه دعححوة يمتح ّ‬
‫منهم بال ّ‬
‫صنيعة عنده و اعتقد أّنه أكرمه و فعل به ما ل يستحّقه ‪.‬‬

‫يء‬‫ى الّنفححس خححبيث الّدخلححة سح ّ‬ ‫سبب لكبره هو خوضه فححي تحصححيل العلححوم و هححو رد ّ‬ ‫و ال ّ‬
‫الخلق فاّنه لم يشتغل أّول بتهذيب نفسه و تزكيححة قلبححه بالمجاهححدات و الرياضححات فبقححى‬
‫ى علم كححان صححادف العلححم مححن قبلححه منححزل خبيثححا فلححم‬ ‫خبث الجوهر فاذا خاض في العلم أ ّ‬
‫يطب ثمره و لم يظهر في الخير أثره ‪.‬‬

‫سلم ‪ :‬بالّتواضع تعمر الحكمة ل بححالتكّبر و كححذلك فححي‬


‫و لذلك قال عيسى بن مريم عليه ال ّ‬
‫سهل ينبت الزرع ل في الجبل ‪.‬‬
‫ال ّ‬

‫سماء حلوا صافيا فتشربه الشجار‬


‫و قال وهب ‪ :‬العلم كالغيث ينزل من ال ّ‬

‫] ‪[ 88‬‬
‫بعروقها فتحوله علححى قححدر طعومهححا فيححزداد المحّر مححرارة و الحلححو حلوة ‪ ،‬فكححذلك العلححم‬
‫يحفظححه الّرجححال فتحححوله علححى قححدر هممهححا و أهوائهححا فيزيححد المتكّبححر كححبرا و المتواضححع‬
‫ن من كان هّمته الكبر و هو جاهل إذا حفظ العلححم وجححد مححا يتكّبححر بححه فححازداد‬ ‫تواضعا ‪ ،‬ل ّ‬
‫جححة قححد تأّكححدت فححي حقّححه‬‫ن الح ّ‬
‫كبرا ‪ ،‬و إذا كان الّرجل خائفا مع جهله و ازداد علما علم أ ّ‬
‫ل و تواضعا ‪.‬‬‫فيزداد خوفا و إشفاقا و ذ ّ‬

‫عععععع ععععع ع ععععععع‬

‫شححح الكححبر منهححم علححى غيرهححم بسححبب زعمهححم أّنهححم‬


‫و كثيرا ما ترى العّبححاد و الّزهححاد يتر ّ‬
‫لح‬
‫ناجون و الّناس هالكون فيرى نفسه ناجيا و هو الهالححك حقيقححة ‪ ،‬و لححذلك قححال رسححول ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬إذا سمعتم الّرجل يقول هلك الّناس فهو أهلكهم‬ ‫صّلى ا ّ‬

‫ععع‬
‫عععععع ععع‬

‫فترى من له نسب شريف يتكّبر على من ليس له ذلك الّنسب ‪.‬‬

‫عععععع ععععععع عععععع ع عععععع‬

‫و ذلك أكثر ما يجرى بين الّنسوان ‪.‬‬

‫عععععع عععععع ع ععععع‬

‫و ذلك يجرى بين الملوك في خزائنهححم و بيححن التجححار فححي بضححايعهم و بيححن الحّدهاقين فححي‬
‫أراضيهم و بين المتجّملين في لباسهم و خيولهم و مراكبهم فيستحقر الغنى الفقير و يتكّبر‬
‫عليه ‪.‬‬

‫عع ععععع‬
‫عع ع عع‬
‫عععععع عععع‬

‫ضعف ‪.‬‬
‫فيتكّبر بها على أهل ال ّ‬

‫ععععع ع عععع ععععع عع ع‬


‫عععععع ععععع ع ععع‬
‫ععععع ع عععععع ع عععععع‬

‫و ذلك يجري بين الملوك في الفتخار بكثرة العساكر و الرعّية و الخدم ‪ ،‬و بالجملة فكححلّ‬
‫ما هو نعمة و أمكن أن يعتقد كمال و إن لم يكن كمال في نفسه أمكن أن يتكّبر به حّتى أ ّ‬
‫ن‬
‫المخّنث ليتكّبر على أقرانه بزيادة معرفته و قدرته في صنعة المخّنثين ‪،‬‬
‫ل نكححال ‪ ،‬و كححذلك الفاسححق قححد يفتخححر‬
‫لّنه يرى ذلك كمال يفتخر به ‪ ،‬و إن لم يكن فعلححه إ ّ‬
‫ن ذلك كمال و إن كان خزيا و وبال و نكال ‪.‬‬ ‫شرب و الفجور و يتكّبر به لزعمه أ ّ‬‫بكثرة ال ّ‬

‫] ‪[ 89‬‬

‫عععععع عع عععععع ععععع‬

‫ك عححن‬
‫ن الكححبر مححن أعظححم المهلكححات ‪ ،‬و قّلمححا ينفح ّ‬
‫ل تعالى و ألهمك الخير أ ّ‬
‫فاعلم وّفقك ا ّ‬
‫شيء منه أحد و إزالته فرض عين و ل يححزول بمجحّرد التمّنححى بححل بالمعالجححة و اسححتعمال‬
‫الدوية القامعة له ‪ ،‬و علجه اّنما يحصل بامور أربعة ‪:‬‬

‫الول معرفة الّرب تعالى الثانى معرفة الّنفس الثالث معرفة الغححرض الحّداعى إلححى خلقتححه‬
‫الرابع معرفة المفاسد المترّتبة على الكبر ‪.‬‬

‫ععع ععععع‬

‫ى اّلذي ل يضعفه شيء ‪ ،‬و‬ ‫ن من عرف رّبه و أّنه القادر اّلذي ل يعجزه شيء ‪ ،‬و القو ّ‬ ‫فا ّ‬
‫ي اّلذي ليس له بداء ‪ ،‬و الّدائم القّيوم بأمر الشياء ‪ ،‬و الّفعال لمححا يريححد أو يشححاء ‪ ،‬و‬
‫الزل ّ‬
‫ل حححال ‪ ،‬إلححى‬
‫سموات و الرض من الّزوال ‪ ،‬و المستولى على الخليق فححي كح ّ‬ ‫الممسك لل ّ‬
‫ن العّز و العظمحة و الجلل و الجمحال‬ ‫غير ذلك من صفاته الحسنى و أمثاله العليا عرف أ ّ‬
‫ل بجنابه ‪ ،‬و أّنها إزاره و رداءه ‪،‬‬‫و الجبروت و الكبرياء ل تليق إ ّ‬

‫خر تحت ارادته ‪ ،‬منقاد لمشححّيته‬


‫ن غيره مقهور تحت قدرته ‪ ،‬ضعيف تحت قّوته ‪ ،‬مس ّ‬ ‫وأّ‬
‫ذليل مهين مستكين ل يملك لنفسه نفعا و ل ضّرا و ل موتا و ل حياتا و ل نشورا ‪.‬‬

‫ع ععع عععععع‬

‫سلم بقوله ‪ :‬ابن آدم أّنى لك و الفخر فححان أّولححك جيفححة‬


‫فقد أشار إليه أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫و آخرك جيفة و في الّدنيا حامل الجيف ‪ ،‬و نشرح حال هذه الجيححف فانهححا ليسححت كجيححف‬
‫الحيوانات ‪.‬‬

‫شارع الغسل بخروجهححا مححن النسححان و أغلححظ‬ ‫اما الجيفة الولى و هى المني فقد أوجب ال ّ‬
‫نجاسته حّتى فهم بعض الصحاب من تغليظه وجوب تطهير الثياب و البححدن منححه مّرتيححن‬
‫كما في البول ‪.‬‬

‫] ‪[ 90‬‬
‫و اما الجيفة الخيرة فاّنه بعذر هوق روحه يكون ميتة أخبث و أنجس و أوحش من ميتححة‬
‫ل غسححل اليححد و‬ ‫س ميتححة الكلححب بالّرطوبححة ل يححوجب إ ّ‬
‫ن مح ّ‬
‫الكلححب و الخنزيححر ‪ ،‬و ذلححك ل ّ‬
‫س ميتة النسان فقد أوجب الشححارع فيححه مضححافا إلححى تطهيححر الملقححي‬ ‫تطهيرها بخلف م ّ‬
‫س مبالغة في خبث جيفته و قححذارته ‪ ،‬و تححرى الحيححاء أوحشححوا جححانب المّيححت و‬ ‫غسل الم ّ‬
‫تجّنبوا عنه و خافوا منه و ل يخافون من ميتة سائر الحيوانححات و ل يستوحشححون منهححا و‬
‫س مححن جمححار يحمححل العححذرة ‪ ،‬ل ّ‬
‫ن‬ ‫اما كونه حامل الجيف فهو أظهر من أن يذكر لّنه أخ ّ‬
‫الحمححار يحملهححا اضححطرارا و بالجبححار و النسححان يحملهححا بالّرضححا ‪ ،‬و الختيححار و هححو‬
‫ظهر و هذا على البطن ‪ ،‬و إلى هذه الحالت الثلث و ما بعححدها اشححير فححي‬ ‫يحملها على ال ّ‬
‫سححبيل‬‫ي شيء خلقه من نطفة خلقه فقّدره ثّم ال ّ‬ ‫قوله سبحانه ‪ » :‬قتل النسان ما أكفره من أ ّ‬
‫سره ثّم أماته فأقبره ثّم إذا شاء أنشره « فقد أشارت اليحة إلحى أّول خلحق النسحان و إلحى‬ ‫يّ‬
‫آخر أمره و إلى وسطه ‪ ،‬فليفهم معناها و ليتفّكر في مغزاها ‪.‬‬

‫ي شححيء‬ ‫فقد أتى عليه حين من الّدهر لم يكن شيئا مذكورا ‪ ،‬و قد كان فححي حّيححز العححدم و أ ّ‬
‫ل بخلقه من أرذل الشياء ثحّم مححن أقححذرها إذ خلقححه‬ ‫ل من المحو و العدم ‪ ،‬فبدء ا ّ‬‫س و أق ّ‬
‫أخ ّ‬
‫من سللة من طين ثّم من ماء مهين ثّم من علقة ثحّم مححن مضححغة ثحّم جعلححه عظامححا فكسححى‬
‫العظام لحما ‪ ،‬فهذا بداية وجوده ‪.‬‬

‫س الوصححاف و أرذلهححا إذ لححم يخلححق كححامل بححل‬ ‫ل و هو على أخ ّ‬ ‫و ما صار شيئا مذكورا إ ّ‬
‫س و ل يشححعر و ل ينطححق و ل يبطححش و ل‬ ‫خلقه جمادا مّيتا ل يسمع و ل يبصر و ل يحح ّ‬
‫يدرك و ل يفهم و ل يمّيححز و ل يعلححم فبححدء بمححوته قبححل حيححاته ‪ ،‬و بضححعفه قبححل قحّوته ‪ ،‬و‬
‫بعجزه قبل قدرته ‪ ،‬و بجهله قبل علمه ‪ ،‬و بعماه قبل بصححره ‪ ،‬و بصححممه قبححل سححمعه ‪ ،‬و‬
‫ببكمه قبل نطقه ‪ ،‬و بضلله قبل هداه ‪ ،‬و فقره قبل غناه ‪.‬‬

‫ن عليه فقال ‪:‬‬


‫ي شيء خلقه من نطفة خلقه فقّدره « ثّم امت ّ‬
‫فهذا معنى قوله » من أ ّ‬

‫ضححلل و‬
‫سححر لححه سححبيل الخيححر و الشحّر و أرشححده إلححى طريححق ال ّ‬‫سره « أى ي ّ‬
‫سبيل ي ّ‬
‫» ثّم ال ّ‬
‫سبيل إّما شاكرا و إّما كفححورا «‬
‫الهدى يسلك الّول و يترك الّثاني كما قال ‪ » :‬إّنا هديناه ال ّ‬
‫و قال ‪ » :‬و هديناه الّنجدين « ‪.‬‬

‫] ‪[ 91‬‬

‫سححة و‬
‫ل سبحانه به عليه حيث نقله من حالححة الّذلححة و القّلححة و الخ ّ‬ ‫فانظر إلى عظم ما أنعم ا ّ‬
‫شرف و الّرحمة و الكرامة ‪ ،‬فصار موجودا بعد العحدم ‪ ،‬و حّيحا‬ ‫القذارة إلى رتبة العّز و ال ّ‬
‫ضححعف و عالمححا بعححد‬ ‫بعد الموت ‪ ،‬و ناطقا بعد البكم ‪ ،‬و بصيرا بعد العمى ‪ ،‬و قوّيا بعد ال ّ‬
‫س و أحقححر مححن ل‬ ‫ي شححيء أخح ّ‬ ‫ضلل ‪ ،‬فكان في ذاته ل شححيء و أ ّ‬ ‫الجهل ‪ ،‬و مهدّيا بعد ال ّ‬
‫ل شيئا و إّنما خلقه من التراب الّذليل‬ ‫ل من العدم المحض ‪ ،‬ثّم صار با ّ‬ ‫ى قّلة أق ّ‬
‫شيء ‪ ،‬و أ ّ‬
‫سححة نفسححه و مهانححة ذاتححه ‪ ،‬و أكمححل النعمححة‬
‫اّلذي يوطأ بالقدام ‪ ،‬و النطفة القذرة ليعّرفه خ ّ‬
‫عليه ليعرف بهححا رّبححه ‪ ،‬و يعلححم عظمححة بححارئه و جللححة مبححدئه و أّنححه ل يليححق الكبريححاء و‬
‫ل بحضرة ربوبّيته ‪.‬‬ ‫الجلل إ ّ‬

‫فمن كان هذا بدؤه و هذا حاله كيف يسوغ له البطر و الكحبر و الخيلء و الفخحر نعحم هحذه‬
‫ظم ‪.‬‬
‫سته شمخ بأنفه و تع ّ‬
‫عادة الخسيس إذا رفع من خ ّ‬

‫و لو أكمله و فّوض إليه اموره و أدام له الوجود باختيحاره لكححان أكححثر مححن ذلححك يطغححى و‬
‫نسى المبدء و المنتهى ‪ ،‬و لكّنه سّلط عليه فححي دوام وجححوده المححراض الهائلححة و السححقام‬
‫سوداء و البلغم و ال حّدم‬
‫صفراء و ال ّ‬
‫طبائع المتضاّدة من ال ّ‬
‫العظيمة ‪ ،‬و اللم المختلفة ‪ ،‬و ال ّ‬
‫يهدم بعضها بعضا شاء أم أبى ‪ ،‬رضى أم سخط ‪ ،‬فيجوع كرها ‪،‬‬

‫و يعطش كرها ‪ ،‬و يمرض كرها ‪ ،‬و يموت كرها ‪ ،‬ل يملك لنفسححه خيححرا و ل ش حّرا و ل‬
‫نفعا و ل ضّرا ‪ ،‬يريد أن يعلم الشيء فيجهله ‪ ،‬و يريد أن يذكر الشيء فينساه ‪ ،‬و يريد أن‬
‫ينسى الشيء و يغفل عنه فل يغفل عنه ‪ ،‬و يريد أن يصرف قلبه إلى ما يهّمه فيحول فححي‬
‫أودية الوساوس و الفكار بالضححطرار فل تملححك قلبححه قلبححه و ل نفسححه نفسححه ‪ ،‬و يشححتهى‬
‫الشيء فربما يكون هلكه فيه ‪ ،‬و يكره الشيء و رّبما يكون حياته فيه ‪ ،‬يستلّذ الطعمة و‬
‫هى تهلكه و ترديه ‪ ،‬و يستبشع الدوية و هى تنفعه و تحييححه ‪ ،‬و ل يححأمن فححي لحظححة مححن‬
‫ليله و ل نهاره أن يسلب سححمعه و بصححره و تفلحج أعضححائه و يختلحس عقلحه و يختطحف و‬
‫طر ذليل إن ترك بقي و إن اختطف فنححى ‪ ،‬عبححد‬ ‫يسلب جميع ما يهواه في دنياه ‪ ،‬فهو مض ّ‬
‫مملوك ل يقدر على شيء من نفسه و ل على شيء من غيره ‪،‬‬

‫ل منه لو عرف نفسه و اّني يليق الكبر لو ل جهله ‪ ،‬فهذا أوسط أحواله‬
‫فأىّ شيء أذ ّ‬

‫] ‪[ 92‬‬

‫و أّما آخره فهو الموت المشار إليه بقوله ‪ » :‬ثّم أماته فأقبره « و معناه اّنححه يسححلب روحححه‬
‫سه و إدراكه و حركته فيعود جمادا كمححا كححان أّول‬ ‫و سمعه و بصره و علمه و قدرته و ح ّ‬
‫س فيه و ل حركة ‪،‬‬ ‫ل شكل أعضائه و صورته ‪ ،‬ل ح ّ‬ ‫مّرة ‪ ،‬ل يبقى إ ّ‬

‫ثّم يوضع في التراب فيصير جيفة منتنة قذرة كما كان في الّول نطفة مذرة ‪.‬‬

‫ثّم تبلى أعضاؤه ‪ ،‬و تتفتت أجزاؤه ‪ ،‬و تنخّر عظححامه ‪ ،‬و تصححير رميمححا رفاتححا ‪ ،‬و يأكححل‬
‫الّدود أجزائه فيبتدى بحدقتيه فيقلعهما ‪ ،‬و بخدّية فيقطعهما ‪ ،‬و بسائر أجزائه فيصير روثا‬
‫ل انسححان ‪ ،‬و‬‫في أجواف الّديدان ‪ ،‬و يكححون جيفححة يهححرب منححه الحيححوان ‪ ،‬و يتنّفححر منححه كح ّ‬
‫يكرهه لشّدة النتان ‪ ،‬و أحسن أححواله أن يعححود إلحى محا كححان ‪ ،‬فيصحير ترابحا يعمحل منححه‬
‫الكيزان ‪ ،‬و يعمر منه البنيان ‪ ،‬فيصير مفقودا بعد ما كان موجحودا و صحار كحأن لحم يغحن‬
‫بالمس حصيدا ‪ ،‬كما كان في أّول أمره أمدا مديدا ‪.‬‬

‫و ليته بقى كذلك ‪ ،‬و يأمن مّما يتلوه من المعاطب و المهالك ‪ ،‬فما أحسححنه لححو تححرك ترابححا‬
‫لبل يحييه بعد طول البلى ليقاسي شّدة البلء ‪ ،‬و إليه أشار بقوله ‪:‬‬

‫» ثّم إذا شاء أنشره « فيخرج من قبره بعد جمع أجزائه المتفّرقة ‪ ،‬و أعضائه المتفّتتة ‪،‬‬

‫و يسرع إلى أهوال القيامة ‪ ،‬فينظر إلحى قيامححة قائمححة و سححماء مشحّققة ‪ ،‬و أرض مبّدلححة و‬
‫جبححال مس حّيرة ‪ ،‬و نجححوم منكححدرة ‪ ،‬و شححمس منكسححفة ‪ .‬و أحححوال مظلمححة و كححثرة عححرق‬
‫ملجمة ‪ ،‬و ملئكة غلظ شداد ‪ ،‬و أهوال تتفّتت منها الكباد ‪.‬‬

‫صحائف منشورة فيقال لحه ‪ » :‬اقحرء كتابحك كفحى بنفسحك اليحوم عليحك حسحيبا «‬ ‫و يرى ال ّ‬
‫فيقرء فيه مساويه اّلتى كان افتخاره بها ‪ ،‬و اسححتكباره بأسححبابها ‪ ،‬فعنححد ذلححك يقححول ‪ » :‬يححا‬
‫ل أحصححاها « فيقحال لححه ‪ :‬هّلححم إلححى‬‫وليتنا ما لهححذا الكتححاب ل يغححادر صححغيرة و ل كححبيرة إ ّ‬
‫الحساب و استعّد للجواب أو تصير إلى أليم العذاب فينقطع قلبه من قول ذلك الخطاب ‪.‬‬

‫فما لمن هذا حاله و التكّبر و التعزز و الكبرياء و الخيلء ‪ ،‬بل مححاله و للفححرح فححي لحظححة‬
‫ب أن‬‫ل أحح ّ‬
‫واحدة فضل عن البطر و الشر مّدة متمادية ‪ ،‬و لححو ظهححر آخححره و العيححاذ بححا ّ‬
‫يكون ترابا ‪ ،‬و ل يكون إنسانا يسمع خطابا ‪ ،‬و ل يشاهد الجحيم له مآبا‬

‫] ‪[ 93‬‬

‫و لو رأى أهل الّدنيا العبد المذنب في الّنار لصعقوا من وحشة خلقتحه و قبحح صحورته ‪ ،‬و‬
‫لو وجدوا ريحه لماتوا من نتنه ‪ ،‬و لو وقعت قطرة من شححرابه فححي بحححار الحّدنيا لصححارت‬
‫أشّد عفونة من الجيفة ‪.‬‬

‫فمن هذا حاله في العاقبة كيف يفرح و يبطر ‪ ،‬و كيف يتجّبر و يتكّبر ‪،‬‬

‫ق به العقوبة إ ّ‬
‫ل‬ ‫ى عبد لم يذنب ذنبا استح ّ‬
‫و كيف يرى نفسه شيئا ‪ ،‬و يعتقد له فضل ‪ ،‬و أ ّ‬
‫أن يعفو له الكريم بفضله ‪ ،‬و يغفره باحسانه و مّنه ‪.‬‬

‫ق بجنححايته القتححل أو السّياسححة فجلححس فححي‬ ‫أ رأيت من جنى على ملك قاهر قححادر ‪ ،‬و اسححتح ّ‬
‫سجن و هو ينتظر أن يخرج إلى العرض و يقام عليه العقوبة على ملء مححن الخلححق ‪ ،‬و‬ ‫ال ّ‬
‫ليس يححدرى أيعفححى عنححه أم يعححاقب ‪ ،‬كيححف يكححون ذّلححه ‪ ،‬أفححترى أنححه يتكّبححر علححى مححن فححي‬
‫ل ح و ل يححدرى‬ ‫ق العقوبة من ا ّ‬ ‫ل و الّدنيا سجنه ‪ ،‬و قد استح ّ‬ ‫سجن ‪ ،‬و ما من عبد مذنب إ ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ل‪.‬‬ ‫كيف يكون آخر أمره فيكفيه لو تفّكر ذلك حزنا و خوفا و إشفاقا و مهانة و ذ ّ‬
‫ع ععع عععععع‬

‫ن الغرض من خلقة النسان هو العبودّية و الطاعة ‪ ،‬قال تعححالى ‪ » :‬و مححا خلقححت‬ ‫فاعلم أ ّ‬
‫ل بحصححول‬ ‫ل ليعبدون « فاذا ل فضل لحد أفراد هذا الّنوع على الخححر إ ّ‬ ‫ن و النس إ ّ‬‫الج ّ‬
‫ذلك الغرض منه أعنى القيام بوظححائف العبودّيححة ‪ ،‬و بحه يححترّقي إلححى درجحات الكمححال ‪ ،‬و‬
‫ب المتعال ‪ ،‬و يكرم عنده كما قال عّز من قائل ‪:‬‬ ‫يتقّرب إلى الر ّ‬

‫ن أكرمكححم‬
‫» يا أّيها الّناس إّنا خلقناكم من ذكر و أنثى و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا إ ّ‬
‫ل أتقيكم « ‪.‬‬ ‫عند ا ّ‬

‫ل ح منزلححة أتقيكححم لمعاصححيه و أعملكححم‬


‫ل ح ثوابححا و أرفعكححم عنححد ا ّ‬
‫ن أكححثركم عنححد ا ّ‬
‫يعنححي إ ّ‬
‫بطاعته ‪.‬‬

‫روى الطبرسي في مجمع البيان في وجه نزول الية أنّ ثابت بن قيس بن شماس كان في‬
‫ل عليه و آله فيسمع‬
‫ي صّلى ا ّ‬
‫سحوا له حّتى يقعد عند الّنب ّ‬
‫اذنه و قر ‪ ،‬و كان إذا دخل تف ّ‬

‫] ‪[ 94‬‬

‫صلة و أخذوا مكانهم ‪،‬‬


‫ما يقول ‪ ،‬فدخل المسجد يوما و الّناس قد فرغوا من ال ّ‬

‫سحوا ‪ ،‬حّتى انتهى إلى رجل ‪ ،‬فقححال لححه ‪ :‬اصححبت‬ ‫طى رقاب الّناس و يقول ‪ :‬تف ّ‬
‫فجعل يتخ ّ‬
‫ظلمة قال ‪ :‬من هذا ؟ قال الّرجل ‪ :‬أنا‬
‫مجلسا فاجلس ‪ ،‬فجلس خلفه مغضبا ‪ ،‬فلّما انجلت ال ّ‬
‫فلن ‪ ،‬فقال ثابت ‪ :‬ابن فلنة ؟ ذكر أّما له كان يعّير بها في الجاهلّية فنكس الّرجل رأسححه‬
‫ل و سلمه عليه و آله ‪ :‬من الّذاكر فلنة ؟‬ ‫حيآء فقال صلوات ا ّ‬

‫ل ‪ ،‬فقال ‪ :‬انظر في وجوه القوم ‪ ،‬فنظر إليهم ‪ ،‬فقححال ‪ :‬مححا‬ ‫فقام ثابت فقال ‪ :‬أنا يا رسول ا ّ‬
‫ل بححالتقوى و‬ ‫ضححلهم إ ّ‬
‫رأيت يا ثابت ؟ قال ‪ :‬رأيت أبيض و أحمر و أسود ‪ ،‬قال فاّنححك ل تف ّ‬
‫الّدين فنزلت هذه الية ‪.‬‬

‫لح عليححه و آلححه و سحّلم بلل حّتححى عل‬ ‫ل صحّلى ا ّ‬ ‫و قيل لّما كان يوم فتح مّكة أمر رسول ا ّ‬
‫لح الحذي قبحض أبحي حّتحى لحم يحر هحذا‬ ‫ظهر الكعبة و أّذن ‪ ،‬فقال عتاب بن اسحيد ‪ :‬الحمحد ّ‬
‫اليوم ‪ ،‬و قال الحارث بن هشام ‪ :‬أما وجد محّمد غير هذا الغراب السححود مؤّذنححا ‪ ،‬و قحال‬
‫ل شيئا لغّيره ‪ ،‬و قال أبو سفيان ‪ :‬إّنححى ل أقححول شححيئا أخححاف أن‬ ‫سهيل بن عمر ‪ :‬ان يرد ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم فأخبره بما‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫سماوات ‪ ،‬فأتى جبرئيل رسول ا ّ‬ ‫ب ال ّ‬
‫يخبره به ر ّ‬
‫ل عليححه و آلححه و سحّلم و سححألهم عّمححا قححالوا فححأقّروا بححه ‪ ،‬و‬
‫ل صّلى ا ّ‬‫قالوا فدعاهم رسول ا ّ‬
‫نزلت الية و زجرهم عن الّتفاخر بالنساب و الزراء بالفقر و التكاثر بالموال ‪.‬‬
‫ن جهة الفضل في أفراد الّنوع النسححاني منحصححرة فححي الححورع و التقححوى‬
‫فقد ظهر بذلك أ ّ‬
‫فقط ‪.‬‬

‫ى الّناس أفضل فأخححذ قبضححتين‬


‫ن رجل سأل عيسى بن مريم أ ّ‬ ‫ل عليه أيضا ما روى أ ّ‬ ‫و يد ّ‬
‫ى هاتين أفضل ‪ ،‬الّناس خلقوا من تراب ‪،‬‬
‫من الّتراب فقال ‪ :‬أ ّ‬

‫فأكرمهم أتقيهم ‪.‬‬

‫سلم لّما عوتب علححى الّتسححوية فححي العطححاء و عححدم التفضححيل‬‫و كان أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫شرف مححن المهححاجرين و النصححار علححى غيرهححم ‪ ،‬و اعححترض عليححه‬ ‫لولى السابقات و ال ّ‬
‫سححلم‬‫بعدم ترجيح المولى على العبيد و عدم الّتفرقة بين البيض و السود أجححاب عليححه ال ّ‬
‫ل فلم أجد لولد إسماعيل على ولد إسحاق فضل ‪.‬‬ ‫بقوله ‪ :‬إّنى نظرت في كتاب ا ّ‬

‫] ‪[ 95‬‬

‫ل عليه و آله و سّلم صعد المنبر يوما و ذكر ما كانوا يتفاخرون‬ ‫ل صّلى ا ّ‬
‫و كان رسول ا ّ‬
‫و يتكّبرون به في الجاهلّية ‪ ،‬فقال ‪ :‬إّنه موضوع تحت قدمى إلى يححوم القيامححة و لححم ينححزل‬
‫من المنبر حتى زّوج بنت عّمته صفّية ابنة عبد المطلب مححن المقححداد مححع كححونه مححن أفقححر‬
‫الّناس حال و أقّلهم مال ‪.‬‬

‫ل ح عليححه و‬
‫و قد سّوى بينهم أيضا في أعظم المور و أهّمها و هو أمر الّدماء فقال صّلى ا ّ‬
‫آله و سّلم ‪:‬‬

‫المسلمون اخوة تتكافا دماؤهم و يسعى بذّمتهم أدناهم ‪.‬‬

‫ى مزّية له عليه ‪.‬‬


‫سلطان مساويا لدم الكّناس فأ ّ‬
‫فاذا كان دم ال ّ‬

‫فقد علم بذلك أن ل تفضيل في غير الورع و الّتقوى و ال حّدين و أّنححه ل يجححوز الفتخححار و‬
‫التفاخر به بل ل يجوز التفاخر بالتقوى أيضا و ل ينبغي المباهاة به ‪.‬‬

‫ل عليححه و آلححه ‪:‬‬


‫ل صّلى ا ّ‬
‫و يؤمى إليه ما رواه الطبرسي عن ابن عباس قال قال رسول ا ّ‬
‫ل جعحل الخلحق قسحمين ‪ :‬فجعلنحي فحي خيرهحم و ذلحك قحوله ‪ :‬و أصححاب‬ ‫ل عّز و جح ّ‬‫نا ّ‬‫إّ‬
‫شمال فأنا من أصحاب اليمين و أنا خيححر أصحححاب اليميححن ‪ ،‬ثحّم جعححل‬ ‫اليمين و أصحاب ال ّ‬
‫القسمين أثلثا فجعلنى في خيرها ثلثا و ذلك قوله و أصحاب الميمنة و أصحححاب المشححئمة‬
‫سابقون ‪ ،‬فأنححا مححن السححابقين و أنححا خيححر السححابقين ‪ ،‬ثحّم جعححل الثلث قبحائل‬ ‫و السابقون ال ّ‬
‫فجعلنى في خيرها قبيلة و ذلك قوله ‪ » :‬و جعلناكم شعوبا و قبائل « الية ‪ ،‬فأنا أتقى ولححد‬
‫ل و ل فخر ثّم جعل القبائل بيوتا فجعلني في خيرها بيتححا و‬ ‫آدم و ل فخر و أكرمهم على ا ّ‬
‫ل ليذهب عنكم الّرجس أهل البيت و يطّهركم تطهيححرا‬‫ل ‪ » :‬إّنما يريد ا ّ‬
‫ذلك قوله عّز و ج ّ‬
‫ن غرضه بذلك بيان شأنه للناس ل التفاخر ‪ ،‬و‬‫« فأنا و أهل بيتى مطّهرون من الّذنوب فا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم في المقامين ‪:‬‬‫لهذا قال صّلى ا ّ‬

‫و ل فخر ‪ ،‬فبالغ في نفيه بلء النافية للجنس ‪.‬‬

‫ل سبحانه أوحى الى موسححى اذا جئت‬ ‫نا ّ‬‫و الى هذا المعنى ينظر ما جاء في الحديث من أ ّ‬
‫سلم ل يعترض أحححدا‬ ‫للمناجات فاصحب معك من تكون خيرا منه ‪ ،‬فجعل موسى عليه ال ّ‬
‫و هو ل يجسر أن يقول إّنى خير منه ‪ ،‬فنزل عن الناس و شحرع فحي أصحناف الحيوانحات‬
‫حتى مّر بكلب أجرب فقال ‪ :‬أصحب هذا ‪ ،‬فجعل في عنقه حبل ثّم مّر به ‪ ،‬فلمححا كححان بححه‬
‫ب سبحانه‬ ‫في بعض الطريق شمر الحبل و أرسله ‪ ،‬فلما جاء إلى مناجاة الّر ّ‬

‫] ‪[ 96‬‬

‫ب لم أجده ‪ ،‬فقال تعححالى ‪ :‬و عّزتححي و‬


‫قال تعالى ‪ :‬يا موسى أين ما أمرتك به ؟ قال ‪ :‬يا ر ّ‬
‫جللي لو أتيتني بأحد لمحوتك من ديوان الّنبوة ‪.‬‬

‫فاذا كان مثل موسى مع كونه نبّيا أولى العزم و أفضل أهل زمححانه كمححا هححو اعتقادنححا فححي‬
‫النبياء و الّرسل لم يجسر أن يقول لحد من آحاد الّناس و لفرد من أفححراد الحيححوان حّتححى‬
‫الكلب الجرب أنا خير منه فكيف لغيره ‪.‬‬

‫ل ‪ » :‬يا أّيها الححذين آمنححوا‬


‫ل و قد قال ا ّ‬
‫ى معنى للتعّزز و التكّبر و الّتفاخر على عباد ا ّ‬
‫وأ ّ‬
‫ن خيححرا‬‫ل يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم و ل نساء من نساء عسى أن يك ّ‬
‫ن المور التي يتكّبر المتكّبر بها على غيححره و يزعمهححا كمححال لنفسححه ليسححت‬ ‫ن « مع أ ّ‬
‫منه ّ‬
‫كمال ذاتيا في الحقيقة ‪ ،‬و ل تليق أن يتعّزز بها ‪.‬‬

‫ن التكّبححر إن كححان بالنسححب البعيححد » ففيححه أن الّنسححب‬


‫لن المتكبر به ان كان النسححب ففيححه أ ّ‬
‫طين ل تفاوت بين أفراده من هذه الجهة كما ل تفاوت‬ ‫ل إنسان هو الماء و ال ّ‬‫البعيد ظ « لك ّ‬
‫سلم في الديوان المنسوب إليه ‪:‬‬ ‫بينهم في الجّد و الجّدة قال أمير المؤمنين عليه ال ّ‬

‫الّنححححححححححححححححححاس مححححححححححححححححححن جهححححححححححححححححححة الّتمثححححححححححححححححححال أكفححححححححححححححححححاء‬


‫أبحححححححححححححححححححححححححححححححححححححححححححححححححوهم آدم و الّم ححححححححححححححححححححححححححححححححححححححححححححححححححّواء‬

‫و إن يكحححححححححححححححححن لهحححححححححححححححححم فحححححححححححححححححي أصحححححححححححححححححلهم شحححححححححححححححححرف‬


‫يفاخرون به فالطين و الماء‬
‫و إن كان بالّنسب القريب ففيه اّنه إذا كان خسيسححا فححي ذاتححه ذميمححا فححي صححفاته فل يجححبر‬
‫نقصانه كمال آبائه و أسلفه قال الشاعر ‪:‬‬

‫لئن فخححححححححححححححححححححححححححححححرت بآبححححححححححححححححححححححححححححححاء ذوي شححححححححححححححححححححححححححححححرف‬


‫لقد صدقت و لكن بئس ما ولدوا‬

‫و قال آخر ‪:‬‬

‫كحححححححححححححححن ابحححححححححححححححن محححححححححححححححن شحححححححححححححححئت و اكتسحححححححححححححححب أدبحححححححححححححححا‬


‫يغنيحححححححححححححححححححححححك مضحححححححححححححححححححححححمونه محححححححححححححححححححححححن النسحححححححححححححححححححححححب‬

‫ن الفحححححححححححححححححححتى محححححححححححححححححححن يقحححححححححححححححححححول هحححححححححححححححححححا أنحححححححححححححححححححا ذا‬


‫إّ‬
‫ليس الفتى من يقول كان أبي‬

‫ن التعّزز بالنسب تعّزز بكمال غيره و ل ينفعه ذلك فححي الحّدنيا و ل فححي العقححبى ‪ ،‬و‬
‫على أ ّ‬
‫سلم يقول بعد تلوة » ألهيكم التكاثر حتى‬ ‫لذلك كان أمير المؤمنين عليه ال ّ‬

‫] ‪[ 97‬‬

‫زرتم المقابر « ‪ :‬أ فبمصارع آبائهم يفخرون ‪ ،‬أم بعديد الهلكى يتكححاثرون ‪ ،‬إلححى آخححر مححا‬
‫يأتي في الكلم المأتين و التاسع عشر ‪ ،‬و قال سلمان ) رض ( ‪:‬‬

‫أبحححححححححححححححححححححححي السحححححححححححححححححححححححلم ل أب لحححححححححححححححححححححححي سحححححححححححححححححححححححواه‬


‫إذا افتخروا بقيس أو تميم‬

‫و قال صاحب بن عّباد ‪:‬‬

‫ل بحححححححححححححححححححححححدينه‬
‫لعمحححححححححححححححححححححححرك محححححححححححححححححححححححا النسحححححححححححححححححححححححان إ ّ‬
‫ل علحححححححححححححححححى نسحححححححححححححححححب‬ ‫فل تحححححححححححححححححترك الّتقحححححححححححححححححوى اّتكحححححححححححححححححا ّ‬

‫لقححححححححححححححححححد رفححححححححححححححححححع السححححححححححححححححححلم سححححححححححححححححححلمان فححححححححححححححححححارس‬


‫و قد وضع الشرك الشريف أبا لهب‬

‫ي مرسل من اولى العححزم مححا نجححاه ذلححك الّنسححب‬


‫أل ترى إلى ابن نوح فاّنه مع كونه ابن نب ّ‬
‫الشريف و ل نفعه ‪ ،‬بل كان من المغرقين ‪ ،‬و في جهّنم من الخالدين ‪،‬‬
‫ق و أنححت أحكححم‬ ‫ن وعححدك الح ح ّ‬‫ن ابنححى مححن أهلححي ‪ ،‬و إ ّ‬
‫بإّ‬
‫» و نححادى نححوح رّبححه فقححال ر ّ‬
‫الحاكمين قال يا نوح إّنه ليس من أهلك إّنه عمل غير صالح فل تسئلن ما ليس لك به علححم‬
‫إّني أعظك أن تكون من الجاهلين « فلم يستجب فيححه دعححوته و نفححى عنححه بنحّوته لمخححالفته‬
‫لبيه و عصيانه له ‪.‬‬

‫لح و لححو‬
‫سلم أّنه قال ‪ :‬إّنما خلقححت الّنححار لمححن عصححى ا ّ‬‫ساجدين عليه ال ّ‬‫و روى عن سّيد ال ّ‬
‫ل و لو كان عبدا حبشّيا ‪.‬‬ ‫كان سّيدا قرشّيا ‪ ،‬و الجّنة لمن أطاع ا ّ‬

‫صحور فل‬‫و ناهيك في المنع من التكّبحر بالّنسحب قحوله عحّز محن قحائل ‪ » :‬فحاذا نفحخ فحي ال ّ‬
‫أنساب بينهم يومئذ و ل يتسائلون فمن ثقلت مححوازينه فححأولئك هححم المفلحححون و مححن خّفححت‬
‫موازينه فأولئك اّلذين خسروا أنفسهم في جهّنم خالدون « ‪.‬‬

‫بل أقول ‪ :‬إنه إذا كان البناء على افتخاره بأصله و نسبه القريب فليفتخر بأقرب اصوله و‬
‫أنسابه و هو الّنطفة القذرة و الّدودة اّلتي خرجت من مبال أبيه ‪،‬‬

‫فأين الفتخار بالّدودة و أّنى التعّزز بالعلقة و المضغة ‪.‬‬

‫قال سبحانه ‪ » :‬و لقد خلقنا النسان من سللة من طين ثّم جعلناه نطفة في قرار مكين ث حّم‬
‫خلقنا الّنطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة « فالصل تراب يوطأ بالقدام ‪،‬‬

‫و الفصل نجس تغسل منه البدان فمن كححان هححذا أصححله و فصححله كيححف يسححوغ لححه التكّبححر‬
‫بالنام ‪ ،‬و لنعم ما قيل ‪:‬‬

‫] ‪[ 98‬‬

‫يححححححححححححححا ابححححححححححححححن الححححححححححححححتراب و مححححححححححححححاكول الّتححححححححححححححراب غححححححححححححححدا‬


‫أقصر فإّنك مأكول و مشروب‬

‫ل سبحانه ‪ ،‬و‬ ‫و أما العلم فهو إّنما يكون كمال إذا أوجب ارتفاع درجة العالم و قربه من ا ّ‬
‫سادسححة و‬
‫ل فالجهل منه أفضل البّتة ‪ ،‬و قد مضى في شرح الفصل الّثاني مححن الخطبححة ال ّ‬ ‫إّ‬
‫سوء ‪.‬‬
‫الّثمانين ما فيه كفاية في ذم العلماء ال ّ‬

‫ن العالم مهما خطر بخححاطره عظححم قحدره بالضححافة‬ ‫و أقول هنا مضافا إلى ما سبق ‪ :‬من أ ّ‬
‫ن خطححره أعظححم مححن خطححر‬ ‫إلى الجاهل فليتفّكر في الخطر العظيم الححذي هححو بصححدده ‪ ،‬فحا ّ‬
‫ن قدره أعظم من قدر غيره ‪ ،‬فقد يغفر للجاهل سبعون ذنبا قبل أن يغفر للعححالم‬ ‫غيره كما أ ّ‬
‫ذنب واحد ‪ ،‬و ذلك لمكان علمه ‪.‬‬
‫ل مثل للعالم العامل بغيره تارة بالحمار فقال ‪ » :‬مثل اّلذين حّملححوا التححوراة‬ ‫و قد ضرب ا ّ‬
‫ثّم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا « و أخححرى بححالكلب فقححال ‪ » :‬و اتححل عليهححم نبححأ‬
‫اّلذى آتيناه آياتنا فانسلخ منها فاتبعه الشيطان فكان من الغاوين « إلى قوله » فمثلححه كمثححل‬
‫الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث « نزلححت فححي بلعححم بححن بححاعور فقححد اوتححى اسححم‬
‫العظم و قال ابن عّباس اوتى كتابا فأخلد إلى شهوات الرض أى سكن حّبه اليهححا فمّثلححه‬
‫بالكلب إن تحمل عليه يلهث أو تححتركه يلهححث أى سححواء أتيتححه الحكمححة أو لححم اوتححه ل يححدع‬
‫شهوته ‪.‬‬

‫لح سححبحانه و أّنححه‬


‫ل بححذات ا ّ‬
‫ن الكححبر ل يليححق إ ّ‬
‫و يكفى العالم هذا الخطححر فبعححد معرفتححه بححأ ّ‬
‫ص به و علمه باّنه إذا تكّبر يصير ممقوتا عنده تعالى بغيضا اليه محروما من قربه ‪،‬‬ ‫مخت ّ‬
‫ن المطلوب منه الّذل و الّتواضع و هو موجب لمحّبته تعالى ‪،‬‬ ‫و بأ ّ‬

‫فل بّد أن يكّلف نفسه ما يحّبه موله و ما فيه رضاه ‪ ،‬فهذا يزيل التكّبر عن قلبه ‪.‬‬

‫و يمكن ازالته أيضا بالتفّكر في امور ثلثة ‪.‬‬

‫أحدها أن يلتفت إلى ما سبق من ذنوبه و خطاياه حّتى يصغر قدره في عينيه ‪.‬‬

‫لح سحبحانه فحي حّقحه‬


‫الّثاني أن يلحظ لما هو فيه من وصف العلم من حيث انه نعمة من ا ّ‬
‫فيرى ذلك منه تعالى حّتى ل يعجب بنفسه ‪ ،‬و إذا لم يعجب لم يتكّبر ‪.‬‬

‫] ‪[ 99‬‬

‫سححوء و عاقبححة المتكّبححر عليححه‬


‫الثالث ملحظة سوء الخاتمة فربما يمكن أن يختم عححاقبته بال ّ‬
‫بالحسنى حّتى يشغله الخوف عن التكّبر عليه ‪.‬‬

‫لزم علححى‬ ‫و أما الحسن و الجمال فمححا أعجححب التكّبححر بححه مححع كححونه سححريع الحّزوال ‪ ،‬و ال ّ‬
‫المتعّزز بجماله أن ينظر إلى قبح باطنه ل إلى حسن ظاهره ‪ ،‬فلو ل حظ باطنه رأى فيححه‬
‫من القبائح و الخبائث ما يكّدر تعّززه ‪ ،‬فانه وّكل به القذار في جميع أجزائه الّرجيحع فحي‬
‫امعائه ‪ ،‬و البول في مثانته ‪ ،‬و المخاط في أنفه ‪ ،‬و البزاق في فيه ‪ ،‬و الوسخ فححي اذنيححه ‪،‬‬
‫ل يححوم مححن القححذار مححا‬ ‫صديد تحت بشرئه ‪ ،‬و يخححرج منححه فححي كح ّ‬ ‫و الّدم في عروقه ‪ ،‬و ال ّ‬
‫يتأّذى بنفسه من رؤيته و من فضول ريحه إلى شامته فضل عن غيره فاّنما مثله كححالقبور‬
‫صصة يرى ظاهرها مليححا و باطنهححا قبيحححا ‪ ،‬و لحو تحرك نفسحه فححي حيححاته يومحا لححم‬ ‫المج ّ‬
‫يتعّهدها بالتنظيف و الّتطهيححر لشححارت منححه النتححان و القححذار و صححار أنتححن مححن الحّدواب‬
‫ط فحسححنه كخضححراء الحّدمن و كالزهححار فححي الّربيححع بينمححا‬ ‫المهملة التي ل تتعّهد نفسها قح ّ‬
‫تعجبها إذ صارت هشيما تذروه الّرياح ‪.‬‬
‫و اما الغنى و كثرة المال و في معناه الملك و السلطنة فلّنححه أيضححا سححريع الححزوال و فححي‬
‫معرض النتقال ‪ ،‬بينا تراه غنيا إذ صار فقيرا ‪ ،‬أو فقيرا إذ صار غنّيا ‪،‬‬

‫و ترى المغبوط مرحوما و المرحوم مغبوطا ‪ ،‬فما أقبح التكّبر بشيء ليس اختياره بيححده ‪،‬‬
‫سلطان إذ انتزع مححن ملكححه و‬ ‫ل ال ّ‬
‫ل الغنى إذ انتزع ماله أو اختلسه سارق ‪ ،‬و ما أذ ّ‬ ‫و ما أذ ّ‬
‫ل أقلّ قليل من مال الحّدنيا قحد كحان قبلحه‬‫ن ما بيد الغنى ليس إ ّ‬ ‫غلب عليه في سلطنته ‪ ،‬مع أ ّ‬
‫ل سبحانه ل تزن جناح بعوضة و‬ ‫في يد غيره و سيصير في يد آخر ‪ ،‬و الّدنيا كّلها عند ا ّ‬
‫لح أزهححد مححن عححرق خنزيححر فححي يححد‬‫ل لما سقى الكافر شربة مآء ‪ ،‬و عنححد نظححر أوليححاء ا ّ‬‫اّ‬
‫المجذوم ‪.‬‬

‫فما هذا شأنه ل يليق التعّزز به ‪ ،‬و ناهيك في ذلك الخبححار الححواردة فححي ذّم الحّدنيا و أكححثر‬
‫ن الغنححى لححو‬‫سلم في هذا الكتاب مسوق لهذا الغرض علححى أ ّ‬ ‫خطب أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫تأمل لوجد في اليهود و الّنصارى من يزيححد عليححه فححي الغنححى و الححثروة و التجّمححل ‪ ،‬فححا ّ‬
‫ف‬
‫ف لشرف يأخذه السارق في لحظة واحدة فيعود صاحبه‬ ‫لشرف يسبقك به الكافر و ا ّ‬

‫] ‪[ 100‬‬

‫ذليل مفلسا ‪.‬‬

‫و اما القوة و شدة البطش فيكفى في المنع من التكّبر به أن يعلم ما سّلط عليه محن العلححل و‬
‫ل مححن كح ّ‬
‫ل‬ ‫ل عاجز و أذ ّ‬ ‫المراض ‪ ،‬و أّنه لو توجع عرق واحد في يده لصار أعجز من ك ّ‬
‫ذليل ‪ ،‬و أّنه لو سلبه الّذباب شيئا لم يستنقذه منححه ‪ ،‬و أنّ بّقححة لححو دخلححت فححي أنفححه أو نملححة‬
‫ن حمحى يححوم تحّلححل‬ ‫ن شوكة لو دخلت في رجله لعجزتحه ‪ ،‬و أ ّ‬ ‫دخلت في أذنه لقتلته ‪ ،‬و أ ّ‬
‫من قّوته ما ل ينجبر في مّدة ‪ ،‬فمن ل يطيق شوكة و ل يقاوم بّقة و ل يقدر على أن يححدفع‬
‫عن نفسه ذبابة فل ينبغي أن يفتخر بقّوته ‪.‬‬

‫ى افتخححار فححي‬
‫ثّم إن قوى النسان فل يكون أقوى من حمار أو بقرة أو فيل أو جمححل ‪ ،‬و أ ّ‬
‫صفة يسبقه فيها البهائم ‪.‬‬

‫و أّما الزهد و العبادة فيزول التكّبر بهما على الفاسق بالتفّكر في سوء الخاتمة و حسححنها ‪،‬‬
‫ل العابد فيختم له بالشّر ‪.‬‬
‫فرّبما يموت الفاسق و يختم له بالخير ‪ ،‬و يز ّ‬

‫أل ترى إلى برصيصاء عابد بني إسرائيل كيف سائت خاتمته على ما عرفححت فححي شححرح‬
‫سادس من الخطبة الثانية و الثمانين ‪.‬‬
‫الفصل ال ّ‬

‫صحته أّنحه لكحثرة فسحاده يسحّمى‬


‫و إلى خليع بنى إسرائيل كيف حسنت عاقبته و كحان محن ق ّ‬
‫خليع بني إسرائيل ‪ ،‬فمّر يوما برجل يقال له عابد بني إسرائيل ‪،‬‬
‫و كان على رأس العابد غمامة تظّلله فلّما مّر الخليع به قال الخليححع فححي نفسححه ‪ :‬أنححا خليححع‬
‫ل يرحمني ‪،‬‬ ‫لا ّ‬‫بني إسرائيل و هذا عابد بني إسرائيل ‪ ،‬فلو جلست إليه لع ّ‬

‫ى‪،‬‬ ‫فجلس إليه فقال العابد ‪ :‬أنا عابد بني إسرائيل و هذا خليع بني إسرائيل فكيف يجلس إل ّ‬
‫ي ذلك الّزمان مرهما فليستأنفا العمل فقححد‬
‫ل إلى نب ّ‬
‫فأنف منه و قال له ‪ :‬قم عّني ‪ ،‬فأوحى ا ّ‬
‫غفرت للخليع و أحبطت عمل العابححد ‪ ،‬و فححي روايححة اخححرى فتححّولت الغمامححة إلححى رأس‬
‫الخليع ‪.‬‬

‫ن المور اّلتي يزعمها المتكّبححر كمححال لححه و يتعحّزز بهححا‬


‫و كيف كان فقد ظهر مّما ذكرنا أ ّ‬
‫على غيره ليست كمال في الحقيقة ‪ ،‬بل هى منقصة و وبال ‪.‬‬

‫ل سبحانه أوحى‬
‫نا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم إ ّ‬
‫ي صّلى ا ّ‬
‫و يرشد إلى ما ذكرته ما روى عن الّنب ّ‬
‫إليه‬

‫] ‪[ 101‬‬

‫أن يقول لمن يتعّزز بالحسن و الجمال ‪ :‬تلفح وجوههم الّنار ‪ ،‬و لمن يتعّزز بالفصاحة ‪:‬‬

‫صحور فل أنسحاب بينهحم‬ ‫اليوم نختم على أفواههم ‪ ،‬و لمن يتعّزز بالّنسب ‪ :‬فاذا نفحخ فحي ال ّ‬
‫يومئذ ‪ ،‬و لمن يتعّزز بالمال و الولد ‪ :‬يوم ل ينفع مال و ل بنون ‪ ،‬و لمن يتعّزز بالقّوة ‪:‬‬

‫ل الواحد القّهار ‪.‬‬


‫عليها ملئكة غلظ شداد ‪ ،‬و لمن يتعّزز بالملك ‪ :‬لمن الملك اليوم ّ‬

‫ع ععع ععععع عععععع‬

‫صفة الخبيثة ل منفعة فيهححا للمتكّبححر‬


‫ن هذه ال ّ‬
‫أعني معرفة معائب الكبر و مفاسده فنقول ‪ :‬إ ّ‬
‫البتة بل هي مضّرة له في الّدنيا و الخرة ‪.‬‬

‫أما في الدنيا فل يجابها انحطاط درجته عند الخليق و كراهتهم له و بعححدهم عنححه فهححو ل‬
‫يحّبهم و هم ل يحّبونه كما هو مشاهد بالعيان معلوم بالتجربة و الوجدان ‪،‬‬

‫ل سبحانه في أغلب الوقات بالّذل و الهوان ‪.‬‬


‫و يبتليه ا ّ‬

‫ي بن إبراهيم عن أبيه عن‬ ‫ل عليه ما قّدمنا روايته في المقام الّول عن الكافي عن عل ّ‬


‫و يد ّ‬
‫ل و في‬ ‫سلم قال ‪ :‬ما من عبد إ ّ‬ ‫ل عليه ال ّ‬
‫ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد ا ّ‬
‫لح فل يححزال أعظححم الّنححاس‬
‫رأسه حكمة و ملك يمسكها فاذا تكّبر قال له ‪ :‬اّتضع وضححعك ا ّ‬
‫في نفسه و أصغر الّناس في أعين الّناس الحديث ‪.‬‬
‫سلم الّدنيا ببيت سقفه مخفوض ‪ ،‬فالّداخل إليه ل بححّد مححن أن‬ ‫و قد مّثل الصادقان عليهما ال ّ‬
‫سقف و أخرج دمححه و رمححى‬ ‫جه ال ّ‬
‫يطاطأ رأسه عند الّدخول و من رفع رأسه تلك الحالة ش ّ‬
‫بعمامته من فوق رأسه و فضحه بين القران اّلذين كان يريد الترّفع عليهم ‪.‬‬

‫و ناهيك في التنبيه على عظم ضرره ما رواه في الكافي عن عّدة من أصحابه عححن أحمححد‬
‫ن يوسف لما‬ ‫سلم قال ‪ :‬إ ّ‬ ‫ل عليه ال ّ‬
‫بن محّمد عن مدرك بن عبيد عّمن حّدثه عن أبي عبد ا ّ‬
‫سلم دخله عّز الملك فلم ينزل إليه فهبط عليه جبرئيل فقال‬ ‫شيخ يعقوب عليه ال ّ‬‫قدم عليه ال ّ‬
‫سماء ‪ ،‬فقححال يوسححف ‪:‬‬ ‫‪ :‬يا يوسف ابسط راحتك ‪ ،‬فخرج منها نور ساطع فصار في جّو ال ّ‬
‫يا جبرئيل ما هذا الّنور الذي خرج من راحتي ؟ فقال ‪ :‬نزعت النبّوة من عقبك عقوبة لما‬
‫ي‪.‬‬‫شيخ يعقوب فل يكون من عقبك نب ّ‬ ‫لم تنزل إلى ال ّ‬

‫] ‪[ 102‬‬

‫ل جلله كما يشهد بححه مححا قحّدمنا‬ ‫و اما فى الخرة فل يجابها دخول الّنار و سخط الجّبار ج ّ‬
‫في المقام الّول من اليات و الخبار ‪ ،‬و ناهيك في ذلك التذكر بحال ابليححس الّلعيححن فححاّنه‬
‫سماء سّتة آلف سنة كيف حبط أجره و انحط‬ ‫ل في ال ّ‬
‫مع كونه خطيب الملئكة و قد عبد ا ّ‬
‫ق مقححت الجّبححار و الخلححود فححي‬ ‫قدره و حزم الحضرة الّربوبّية و اللطاف اللهّيححة و اسححتح ّ‬
‫الّنار بمحض النائّية و الستكبار على ما يأتي مشروحا في الخطبة القاصعة و هي المححأة‬
‫ل‪.‬‬‫ل با ّ‬‫و الحادية و التسعون من المختار في باب الخطب ‪ ،‬و ما التوفيق إ ّ‬

‫ععععععع‬

‫ب العحالمين اسحت در بيحان بعثحت حضحرت‬


‫ير ّ‬ ‫از جمله خطب شريفه آن امام مبين و ول ّ‬
‫ل و سلمه عليه و آله و إشاره بفوائد بعثت ميفرمايد ‪:‬‬ ‫خاتم النبياء صلوات ا ّ‬

‫لح عليحه و آلحه را‬ ‫پس مبعحوث فرمحود خداونحد تبحارك و تعحالى محّمحد مصحطفى صحّلى ا ّ‬
‫براسححتى و درسححتى تححا اينكححه خححارج نمايححد بنححدگان را از عبححادت بتححان بسححوى عبححادت‬
‫پروردگار ‪ ،‬و از طاعت شيطان بسوى طاعت حضححرت كردگححار ‪ ،‬بححا قرآنححى كححه بيححان‬
‫فرمود آنرا و محكم ساخت آنرا تا اينكه بدانند بندگان پروردگححار خودشححان را وقححتى كححه‬
‫جاهل بودند بأو ‪ ،‬و تا اقرار كنند بآفريدگار بعد از اينكه منكر بودند بوحدانّيت او ‪ ،‬و تا‬
‫اثبات كنند وجود او را بعد از اينكه نمىشناختند او را پس ظاهر گرديححد حححق سححبحانه و‬
‫تعالى از براى ايشان در كتححاب عزيححز خححود بححدون اينكححه ديححده باشححند او را بححآنچه نمححود‬
‫بايشان از قدرت خود ‪ ،‬و ترسححانيد ايشححان را از غضححب و سححطوت خححود ‪ ،‬و چححه گححونه‬
‫محو و نابود كرد آن كسى را كه نابود كرد از قرون ماضيه با عقوبات نازله ‪ ،‬و درويد‬
‫و مستأصل ساخت كسى را كه مستأصل نمود با عذابهاى هائله ‪.‬‬
‫و بدرستى كه زود باشد كه بيايد بشما از پس رفتن من بعالم قححدس زمححانى كححه نباشححد در‬
‫او چيزيكه پنهانتر باشد از حق ‪ ،‬و نه آشكاراتر از باطل ‪ ،‬و نه بيشتر از دروغ بخححدا و‬
‫رسول او ‪ ،‬و نباشد نزد اهل آن زمان متاع كاسدتر از قرآن زمانى كه تلوت شده باشد‬
‫ق تلوت آن ‪ ،‬و نه متاع رايجتر از قرآن زمانى كه تغيير داده شود‬
‫حّ‬

‫] ‪[ 103‬‬

‫از مواضع خود ‪ ،‬و نباشد در شهرها چيزيكه قبيحتر باشححد از معححروف ‪ ،‬و نححه چيزيكححه‬
‫پسنديدهتر باشد از منكر ‪ ،‬پس بتحقيق كه بيندازند قرآن را حاملن او ‪ ،‬و فراموش كنند‬
‫او را حافظان او ‪ ،‬پس قرآن در آنروز و اهل آن منفى و مطرود باشححند و دو مصححاحب‬
‫صحبت گيرنده باشند با يكديگر در يك طريق در حالتي كححه منححزل ندهححد ايشححانرا منححزل‬
‫دهنده ‪ ،‬پس كتاب و اهل آن در آن زمححان در ميححان مردمححان باشححند بصححورت و أبححدان و‬
‫نباشند در ميان ايشان بحسب معنى ‪ ،‬و با ايشان باشند ظاهرا و نباشند با ايشان باطنا از‬
‫جهة اينكه ضللت موافقت نمينمايد با هدايت اگر چححه مجتمححع شححوند در يححك زمححان پححس‬
‫متفق باشند قوم آن روزگار بر جحدائى از قحرآن ‪ ،‬و جحدا باشحند از جمحاعت محّقحه گويحا‬
‫ايشان پيشوايان كتاب عزيزند و كتاب عزيز پيشواى ايشان نيست ‪،‬‬

‫ط او را او كتححاب او‬‫پس باقى نماند نزد ايشان از قرآن مگر نام او ‪ ،‬و نشناسند مگححر خ ح ّ‬
‫را ‪ ،‬و پيش از اين است مثله و عقوبت نمودن ايشان بصالحان با هر گححونه عقححوبت ‪ ،‬و‬
‫تسححميه كححردن ايشححان راسححت گححوئى صححالحان را بححر خححداى تعححالى افححترا و بهتححان ‪ ،‬و‬
‫گردانيدن ايشان در حسنات عقوبت سيئات را ‪.‬‬

‫و بدرستى كه هلك شدند كسانى كه بودند پيش از شححما بجهححت طححول آرزوهححا و پنهححان‬
‫بودن اجلها تا اينكه نازل شد بايشان مرگ موعود كه رّد ميشود از او عذر خواهى ‪،‬‬

‫و برداشته ميشود از او توبه و پشيمانى ‪ ،‬و حلول مىكند بأو مصيبت شديده و نقمت اى‬
‫گروه مردمان هر كسى طلب نصيحت كند از خداى تعححالى موّفححق ميشححود ‪ ،‬و هححر كححس‬
‫اخذ نمايد فرمايش خدا را دليل خود هدايت يابد براه راست ‪ ،‬پححس بدرسححتى كححه همسححايه‬
‫خدا ايمن است از عذاب ‪ ،‬و دشمن خدا ترسانست از عقاب ‪.‬‬

‫و بدرستى كه سزاوار نيست مر كسى را كه معرفت رسحاند بعظمححت خحدا اينكححه اظهححار‬
‫بزرگى نمايد ‪ ،‬پس بتحقيق كه بلندي مرتبه كسححانى كححه ميداننححد چيسححت عظمححت و جلل‬
‫خدا در اين است كه تواضع نمايند او را ‪ ،‬و سلمتى كساني كححه ميداننححد چيسححت قححدرت‬
‫آفريدگار در اين است كه انقياد و اطاعت نمايند بححر او ‪ ،‬پححس نفححرت نكنيححد از حححق مثححل‬
‫نفرت صحيح المزاج از كسى كه ناخوشى جرب داشته باشد ‪ ،‬و مثل نفرت سالم‬
‫] ‪[ 104‬‬

‫البدن از صاحب مرض ‪ ،‬و بدانيد كه بدرستى شما نخواهيححد شححناخت طريححق حححق را تححا‬
‫اين كه بشناسيد آن كسى را كه ترك نموده او را ‪ ،‬و نمىتوانيحد فراگيريحد عهحد و پيمحان‬
‫قرآن را مگر اينكه معرفت رسانيد آن كسى را كه نقض عهححد او را كححرده و نمىتوانيححد‬
‫چنك بزنيد بقرآن تا اينكه عارف شويد كسى را كه انداخته آن را ‪،‬‬

‫پس طلب كنيد اينرا از نزد أهل أو ‪ ،‬پس بدرستى كه ايشان حيات علمند و ممات جهل ‪،‬‬
‫ايشان كسانى هستند كه خبر ميدهد شما را حكم ايشان از علم ايشححان ‪ ،‬و سححكوت ايشححان‬
‫از گفتار ايشححان ‪ ،‬و ظححاهر ايشححان از بححاطن ايشححان ‪ ،‬مخححالف نباشححند ديححن را و اختلف‬
‫نمىكنند در او ‪ ،‬پس ديححن در ميححان ايشححان شححاهدى اسححت راسححت گححو ‪ ،‬و سححاكتى اسححت‬
‫زباندار ‪.‬‬

‫ع ع ع ععع ع ع ع ععع ع ععع ععع ع ع عع ع عع ع‬


‫عععععع‬

‫ل واحححد منهمححا يرجححو‬‫و هى المأة و الثامنة و الربعون من المختار فححى بححاب الخطححب كح ّ‬
‫ل بحبل ‪ ،‬و ل يمّدان إليه بسححبب ‪،‬‬ ‫المر له ‪ ،‬و يعطفه عليه دون صاحبه ‪ ،‬ل يمّتان إلى ا ّ‬
‫ل ح لئن أصححابوا‬‫ب لصاحبه ‪ ،‬و عّما قليل يكشف قنححاعه بححه ‪ ،‬و ا ّ‬ ‫كلّ واحد منهما حامل ض ّ‬
‫ن هححذا علححى هححذا ‪ ،‬قححد قححامت الفئة الباغيححة ‪،‬‬
‫ن هذا نفس هذا ‪ ،‬و ليأتي ّ‬ ‫اّلذي يريدون لينتزع ّ‬
‫ل ناكث‬ ‫ل ضّلة عّلة ‪ ،‬و لك ّ‬ ‫سنن ‪ ،‬و قّدم لهم الخبر ‪ ،‬و لك ّ‬ ‫فأين المحتسبون ‪ ،‬قد سّنت لهم ال ّ‬
‫ل ل أكون كمستمع اّللدم يسمع الّناعي ‪ ،‬و يحضر الباكي ‪.‬‬ ‫شبهة ‪ ،‬و ا ّ‬

‫] ‪[ 105‬‬

‫ععععع‬

‫سححبب ( فححي‬‫صل بحرمة أو قرابححة أو غيححر ذلححك و ) ال ّ‬ ‫سل و التو ّ‬ ‫ت ( التو ّ‬


‫عن الّنهاية ) الم ّ‬
‫صحل بحه إلحى شحيء كقحوله‬ ‫ل ما يتو ّ‬
‫صل به إلى ماء ‪ ،‬ثّم استعير لك ّ‬ ‫الصل الحبل اّلذي يتو ّ‬
‫ب ( الغضب و الحقد‬ ‫طعت بهم السباب « أى الوصل و الموّدات و ) الض ّ‬ ‫تعالى ‪ » :‬و تق ّ‬
‫ن(‬‫و ) المحتسب ( طالب الحسبة ‪ ،‬و هي الجححر و يقححال احتسححب عليححه أى انكححر و ) سح ّ‬
‫ضاد ‪ ،‬و المضبوط في القاموس‬ ‫ل ضّلة ( في ما رأيناه من الّنسخ بفتح ال ّ‬ ‫المر بّينه ) و لك ّ‬
‫ل و يض حّم و‬ ‫ضححللة و الض ح ّ‬ ‫ضححلل و ال ّ‬‫و الوقيححانوس بكسححرها ‪ ،‬قححال فححي القححاموس ‪ :‬ال ّ‬
‫ضلل محّركة ضّد الهدى إلى أن قححال ‪:‬‬ ‫ضلضلة و الضلولة بالضّم و الضّلة بالكسر و ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫و الضّلة بالضّم الحذق بالّدللة و بالفتح الحيرة و الغيبة بخير أو شّر و ) الّلححدم ( الّلطححم و‬
‫حاح الّلدم ضرب المرأة صدرها و عضديها‬
‫صّ‬‫ضرب بشيء ثقيل يسمع وقعه ‪ ،‬و عن ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫في النياحة ‪.‬‬

‫ععععععع‬

‫ل استيناف بياني أو نحوى ‪ ،‬و تحتمل الحال ‪،‬‬


‫ن جملة ل يمّتان إلى ا ّ‬
‫الظاهر أ ّ‬

‫و عن في قوله ‪ :‬و عّما قليل ‪ ،‬بمعنى بعد ‪ ،‬و ما زائدة على حّد قوله تعالى ‪ » :‬عّمحا قليحل‬
‫ضححمير راجححع إلححى الضّححب ‪ ،‬و‬
‫ن نادمين « و الباء فححي قححوله ‪ :‬بححه ‪ ،‬للسححببّية ‪ ،‬و ال ّ‬
‫ليصبح ّ‬
‫ل الجّر صفة للمستمع ‪.‬‬ ‫جملة يسمع في مح ّ‬

‫عععععع‬

‫سححلم‬ ‫ن هذه الخطبة مسوقة لقتصاص حال طلحة و الزبير في نكثهما بيعته عليه ال ّ‬ ‫اعلم أ ّ‬
‫ن غرضهما من البغححي و الخححروج اليححه‬ ‫سلم ‪ ،‬و نّبه على أ ّ‬‫و نهوضهما إلى حربه عليه ال ّ‬
‫ق بالمارة من الخححر و‬ ‫ل منهما يرى نفسه أح ّ‬‫نك ّ‬ ‫هو الملك و المارة ‪ ،‬فأشار أّول إلى أ ّ‬
‫هو قوله ‪:‬‬

‫لم للعهححد ) لححه ( أى يححرى‬‫ل واحححد منهمححا يرجححوا المححر ( أى أمححر المححارة ‪ ،‬فححال ّ‬
‫) كحح ّ‬
‫اختصاصه به ) و يعطفه ( أى يجذبه و يثنيه ) عليه دون صاحبه ( لمزعمه أّنه أولححى بححه‬
‫ل ح ( تعححالى‬
‫سلن في الحرب و قتال المسلمين ) إلى ا ّ‬ ‫منه حالكونهما ) ل يمّتان ( و ل يتو ّ‬
‫جة لهما يعتذران بها إلى‬ ‫) بحبل ‪ ،‬و ل يمّدان اليه بسبب ( يعني أّنه ل ح ّ‬

‫] ‪[ 106‬‬

‫سححلم لمححا‬
‫ل سبحانه في البغى و الخروج و على الستيناف البياني فححالمعنى أّنححه عليححه ال ّ‬ ‫ا ّ‬
‫ل منهما يرجوه لنفسه و يعطفه عليه كان لقائل أن يقول ‪ :‬هذا العطف و الّرجاء‬ ‫نك ّ‬‫ذكر أ ّ‬
‫ن غرضححهما ليححس التق حّرب‬ ‫ي منهما و تصّلب في السلم ؟ فأجاب بححأ ّ‬ ‫هل كان لغرض دين ّ‬
‫سك بعهده ‪.‬‬
‫ل تعالى و التم ّ‬
‫إلى ا ّ‬

‫ن رجححاء ك حلّ واحححد‬ ‫ي فالمقصود به شرح حالهما ‪ ،‬فاّنه لّما ذكر أ ّ‬ ‫و على الستيناف النحو ّ‬
‫لح‬
‫ل جذبها إليه أردفححه بححذلك تنبيهححا علححى أّنهمححا خالفححا ا ّ‬ ‫منهما كون الخلفة له ‪ ،‬و قصد ك ّ‬
‫لح بالعتصححام و نهححاهم عححن‬ ‫سبحانه إذ لم يعتصما بحبله ‪ ،‬بححل تفّرقححا عنححه و قححد أمرهححم ا ّ‬
‫ل جميعا و ل تفّرقوا « ‪.‬‬ ‫التفّرق بقوله » و اعتصموا بحبل ا ّ‬

‫ل أقوال ‪ :‬احدها أّنه القرآن ثانيها أّنه دين السححلم و ثالثهححا‬


‫ي في معنى حبل ا ّ‬
‫قال الطبرس ّ‬
‫ل اّلححذى قححال‬
‫سلم قال ‪ :‬نحن حبل ا ّ‬ ‫ما رواه أبان بن تغلب ‪ ،‬عن جعفر بن محّمد عليهما ال ّ‬
‫ى ‪ :‬و الولححى حملححه علححى الجميححع و اّلححذي‬ ‫ل جميعا « قال الطبرسح ّ‬ ‫» و اعتصموا بحبل ا ّ‬
‫ل عليه و آله أّنححه قححال ‪ :‬يححا أّيهححا الّنححاس‬
‫يؤّيده ما رواه أبو سعيد الخدري عن الّنبي صّلى ا ّ‬
‫إّني قد تركت فيكم حبلين ‪ ،‬إن أخذتم بهمححا لححن تضحّلوا بعححدي ‪ :‬أحححدهما أكححبر مححن الخححر‬
‫سماء إلى الرض ‪ ،‬و عترتي أهل بيتي ال و إنهما لححن يفترقححا‬ ‫ل حبل ممدود من ال ّ‬ ‫كتاب ا ّ‬
‫ى الحوض ‪.‬‬ ‫حّتى يردا عل ّ‬

‫ل واحححد منهمححا‬
‫ن ) كح ّ‬
‫ثّم ذكر انهما مع اّتفاقهما على الخلف مختلفان في نفححس المححر و أ ّ‬
‫ق‬
‫ب ( و حقد ) لصاحبه ( و يشححهد بححه اختلفهمححا قبححل وقححوع الحححرب فححي الحح ّ‬
‫حامل ض ّ‬
‫ل بن الّزبير يصّلي هذا يومححا‬ ‫صلة ‪ ،‬فأقامت عائشة محّمد بن طلحة و عبد ا ّ‬ ‫بالّتقديم في ال ّ‬
‫و هذا يوما إلى أن تنقضى الحرب ‪.‬‬

‫ص عليه بالخلفة يوم الّدار ‪،‬‬


‫ن عثمان ن ّ‬
‫ل بن الّزبير اّدعى أ ّ‬
‫ن عبد ا ّ‬
‫ثّم إ ّ‬

‫ص صححريح زعمححه و‬ ‫ج تارة اخححرى بنح ّ‬ ‫صلة ‪ ،‬و احت ّ‬ ‫ج في ذلك بأّنه استخلفه على ال ّ‬
‫و احت ّ‬
‫اّدعاه ‪ ،‬و طلب طلحة من عائشة أن يسّلم الّنححاس عليححه بالمححارة و أدلححى إليهححا بالسّححمية و‬
‫أدلي الّزبير بأسماء اختها فأمرت الّناس أن يسّلموا عليهما معا بالمارة ‪ ،‬و اختلفا‬

‫] ‪[ 107‬‬

‫ل منهما اّول ثم نكل عنه ‪.‬‬


‫أيضا في توّلى القتال فطلبه ك ّ‬

‫ل منهما ) قناعه به ( أى يكشف قناعه الححذي اسححتتر بححه و يظهححر‬ ‫) و عّما قليل يكشف ( ك ّ‬
‫ل لئن أصابوا اّلححذى‬ ‫ساتر لباطنه ) و ا ّ‬‫حاله به بسبب حقده ‪ ،‬فاستعار لفظ القناع لظاهره ال ّ‬
‫ب كحلّ منهمححا‬
‫ن هذا على هذا ( أى ليثح ّ‬ ‫ن هذا نفس هذا و ليأتي ّ‬ ‫يريدون ( و يتمّنون ) لينتزع ّ‬
‫ن الملك عقيم ثّم قال ) قححد قححامت‬ ‫إلى صاحبه و يسعى اليه و يقتله ‪ ،‬و هذا ل غبار عليه ل ّ‬
‫ل أو المنكححرون‬ ‫طالبون للجر و الّثواب و العاملون ّ‬ ‫الفئة الباغية فأين المحتسبون ( أي ال ّ‬
‫سر و التحّزن من فقدان المتصّلبين في الّدين ‪ ،‬و الراسخين فححى‬ ‫للمنكر ‪ ،‬و الستفهام للتح ّ‬
‫السلم ‪ ،‬و الّتأسف على عدم حضورهم في تلححك المعركححة و قتححال الفئة الباغيححة ‪ ،‬و فححي‬
‫بعض النسخ ‪ :‬فأين المحسنون ‪.‬‬

‫طرق ) و قّدم لهم الخححبر (‬ ‫سنن ( أى بّينت للمحتسبين أو للفئة الباغية ال ّ‬


‫) و قد سّنت لهم ال ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم بخروج الناكثة و القاسطة و المارقححة و‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫أى أخبرهم رسول ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سحّلم‬‫ي صّلى ا ّ‬ ‫سلم يقاتلهم ‪ ،‬و قد روى هذا الخبر عن النب ّ‬ ‫ن علّيا عليه ال ّ‬
‫بأ ّ‬
‫صة ‪ ،‬و قّدمنا روايته في شرح الفصل الخححامس مححن الخطبححة‬ ‫غير واحد من العاّمة و الخا ّ‬
‫ل عليه و آله و‬‫الثالثة المعروفة بالشقشقية في حديث طويل عن اّم سلمة عن الّنبي صّلى ا ّ‬
‫سّلم ‪.‬‬
‫شيخ باسناده عن أخححي دعبححل عححن الّرضححا عححن‬ ‫و أقول هنا ‪ :‬روى في البحار من أمالي ال ّ‬
‫ل عليححه و آلححه و س حّلم لّم سححلمة ‪ :‬اشححهدى‬
‫ل صّلى ا ّ‬‫سلم قال ‪ :‬قال رسول ا ّ‬ ‫آبائه عليهم ال ّ‬
‫ن علّيا يقاتل الّناكثين و القاسطين و المارقين ‪.‬‬
‫على أ ّ‬

‫سلم عن جابر النصاري قال ‪ :‬إّني لدنححاهم‬ ‫و من المالي بهذا السناد عن الباقر عليه ال ّ‬
‫لح عليححه و آلححه و‬‫جة الوداع بمنححى فقححال صحّلى ا ّ‬‫ل عليه و آله في ح ّ‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫من رسول ا ّ‬
‫لح لئن‬‫سّلم ‪ :‬لعرفّنكم ترجعححون بعححدي كفححارا ليضححرب بعضححكم رقححاب بعححض ‪ ،‬و أيححم ا ّ‬
‫ل عليه و آلححه و س حّلم إلححى‬
‫فعلتموها لتعرفّنني في الكتيبة التي تضاربكم ‪ ،‬ثّم التفت صّلى ا ّ‬
‫ل»‬‫ل عّز و ج ح ّ‬ ‫ن جبرئيل غمزه و أنزل ا ّ‬ ‫ي ‪ ،‬فرأينا أ ّ‬
‫ي أو عل ّ‬
‫ي أو عل ّ‬ ‫خلفه ثّم قال ‪ :‬أو عل ّ‬
‫ي » أو نريّنك اّلذي وعدناهم فاّنا عليهححم مقتححدرون‬ ‫ن بك فاّنا منهم منتقمون « بعل ّ‬ ‫فاّما نذهب ّ‬
‫ب إّما تريّني ما‬
‫« ثّم نزلت » قل ر ّ‬

‫] ‪[ 108‬‬

‫ظالمين و إّنا على أن نريك ما نعححدهم لقححادرون إدفححع‬


‫ب فل تجعلني في القوم ال ّ‬ ‫يوعدون ر ّ‬
‫ي بن أبيطالب اّنححك‬‫بالتي هي أحسن « ثّم نزلت » فاستمسك باّلذي اوحى إليك من أمر عل ّ‬
‫ساعة لك و لقومححك و لسححوف تسححئلون عححن محّبححة‬ ‫ن علّيا علم لل ّ‬
‫على صراط مستقيم « و ا ّ‬
‫ي بن أبيطالب ‪.‬‬
‫عل ّ‬

‫سلم عن أبيه قال ‪:‬‬


‫ل عليه ال ّ‬
‫و من الكافي باسناده عن الفضيل بن غياض عن أبيعبد ا ّ‬

‫ل عليه و آله بخمسححة أسححياف ثلثححة منهححا شححاهرة ‪ ،‬و سححيف‬


‫ل محّمدا صّلى ا ّ‬
‫قال ‪ :‬بعث ا ّ‬
‫منها مكفوف ‪،‬‬

‫سححيف المكفححوف فسححيف علحيّ‬ ‫و سيف منها سّله إلى غيرنا و حكمه إليه ‪ ،‬ثّم قال ‪ :‬و أما ال ّ‬
‫ل تعالى » و إن طائفتان من المؤمنين اقتتلححوا فأصححلحوا‬ ‫على أهل البغى و التأويل ‪ ،‬قال ا ّ‬
‫لح « فلّمححا‬
‫بينهما فان بغت احديهما على الخرى فقاتلوا التي تبغى حححتى تفيء إلححى أمححر ا ّ‬
‫ن منكححم مححن يقاتححل علححى‬‫لح عليححه و آلححه و سحّلم ‪ :‬إ ّ‬‫ل صحّلى ا ّ‬ ‫نزلت هذه الية قال رسول ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم من هححو ؟ فقححال ‪:‬‬ ‫التأويل كما قاتلت على التنزيل ‪ ،‬فسئل الّنبي صّلى ا ّ‬
‫سححلم فقححال عّمححار بححن ياسححر ‪ :‬قححاتلت بهححذه‬‫خاصف الّنعل ‪ ،‬يعني أميححر المححؤمنين عليححه ال ّ‬
‫ل لو ضربونا حّتى‬ ‫ل عليه و آله و سّلم ثلثا و هذه الّرابعة ‪ ،‬و ا ّ‬ ‫ي صّلى ا ّ‬‫الّرواية مع الّنب ّ‬
‫ق و أّنهم على الباطل ‪.‬‬ ‫سعفات من هجر لعلمنا أنا على الح ّ‬ ‫بلغوا بنا ال ّ‬

‫ي الموصلي و الخطيب الّتاريخي و أبي بكر بن‬ ‫و من مناقب ابن شهر آشوب عن أبي عل ّ‬
‫سححلم قححال ‪ :‬امححرت بقتححال الّنححاكثين و القاسححطين و‬
‫ي عليححه ال ّ‬
‫مردويه بطرق كثيرة عن عل ّ‬
‫المارقين ‪.‬‬
‫سححنة عححن ابححن مسححعود قححال ‪:‬‬ ‫و من كشف الغمة قال ابن طلحة ‪ :‬قال البغوي فححي شححرح ال ّ‬
‫سحلم‬‫ي عليحه ال ّ‬‫ل عليه و آله و سّلم فأتى منزل اّم سلمة فجحاء علح ّ‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫خرج رسول ا ّ‬
‫ل قاتل الّناكثين و القاسطين‬ ‫ل عليه و آله و سّلم يا اّم سلمة هذا و ا ّ‬
‫ل صّلى ا ّ‬ ‫فقال رسول ا ّ‬
‫لح عليححه و آلححه و سحّلم و فححي‬‫و المارقين ‪ ،‬إلى غير هذا مّما رواه في البحار عنححه صحّلى ا ّ‬
‫ل عليه و‬ ‫ي صّلى ا ّ‬ ‫ن الّنب ّ‬
‫كشف الغّمة من المناقب لبي المؤيد الخوارزمي عن أبي رافع أ ّ‬
‫ق و هححم علححى‬‫آله و سّلم قال ‪ :‬يا أبا رافع كيف انت و قححوم يقححاتلون علّيححا و هححو علححى الحح ّ‬
‫ل جهادهم ‪ ،‬فمن لم يستطع جهادهم بيده فيجاهدهم‬ ‫الباطل ؟ يكون حّقا في ا ّ‬

‫] ‪[ 109‬‬

‫بلسانه ‪ ،‬فمن لم يستطع بلسانه فيجاهدهم بقلبه ‪ ،‬و ليس وراء ذلك شيء ‪ ،‬قال ‪ :‬قلت ‪:‬‬

‫ي بححن ابيطححالب‬ ‫ل لي إن أدركتهم أن يعينني و يقّوينى على قتالهم فلّما بايع الّناس عل ّ‬ ‫ادع ا ّ‬
‫سلم و خالفه معاوية و سار طلحة و الّزبير إلى البصرة قلت ‪ :‬هؤلء القححوم اّلححذين‬ ‫عليه ال ّ‬
‫لح عليحه و آلحه و سحّلم محا قحال ‪ ،‬فبحاع أرضحه بخيحبر و داره‬ ‫لح صحّلى ا ّ‬‫قال فيهم رسول ا ّ‬
‫سلم بجميع أهله و ولده ‪ ،‬و كححان‬ ‫ي عليه ال ّ‬‫بالمدينة و تقوى بها هو و ولده ثّم خرج مع عل ّ‬
‫سححلم و ل‬ ‫سححلم ‪ ،‬فرجححع إلححى المدينححة مححع الحسححن عليححه ال ّ‬
‫ي عليه ال ّ‬
‫معه حّتى استشهد عل ّ‬
‫ىو‬‫سححلم ارضححا بينبححع مححن صححدقة علح ّ‬ ‫أرض له بالمدينة و ل دار فأقطعه الحسن عليححه ال ّ‬
‫أعطاه دارا ‪ ،‬هذا ‪.‬‬

‫ل عليه و آله و سححّلم‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫و لّما كان هنا مظّنة سؤال و هو أن يقال ‪ :‬إذا كان رسول ا ّ‬
‫سنن و اخبر بحال هؤلء البغاة و أبان عن كونهم على الباطححل فكيححف كححان خححروج‬ ‫ن ال ّ‬
‫سّ‬
‫هؤلء و كيف نكثوا عن بيعتهم مع تقّدم هححذا الخححبر منححه و اشححتهاره بيححن الّنححاس ؟ أجححاب‬
‫ل نححاكث شححبهة ( يعنححي أّنهححم لمححا نكثححوا و‬
‫ل ضّلة عّلححة و لكح ّ‬ ‫سلم عنه بقوله ) و لك ّ‬ ‫عليه ال ّ‬
‫ضلل و شحبهة أوجبحت النكحث أّمحا العّلحة فهحى الحقحد و‬ ‫طريق لعّلة أوجبت ال ّ‬ ‫ضّلوا عن ال ّ‬
‫طلب لدم عثمان هذا ‪.‬‬ ‫شبهة فهى ال ّ‬‫ب الّدنيا ‪ ،‬و أّما ال ّ‬
‫الحسد و الطمع في الملك و ح ّ‬

‫ل نححاكث شححبهة بخلف هححولء ‪ ،‬فححاّنهم‬


‫ل ضللة غالبا عّلححة ‪ ،‬و لكح ّ‬
‫ن لك ّ‬
‫ن المعنى أ ّ‬
‫و قيل إ ّ‬
‫ق مع وضوحه بغير عذر و شبهة ‪.‬‬ ‫يعدلون عن الح ّ‬

‫ل ل أكون كمستمع الّلدم يسمع الّناعى و يحضر البححاكى (‬ ‫سلم بقوله ) و ا ّ‬ ‫ثّم أقسم عليه ال ّ‬
‫صححائد‬
‫ضبع هو صوت الحجر يضححرب بححه الرض أو حيلححة يفعلهححا ال ّ‬ ‫أراد بمستمع الّلدم ال ّ‬
‫عند باب جحرها فتنام و ل تتحّرك حّتى يجعل الحبل في عرقوبها فيخرجها فيكون نظيححر‬
‫لح ل اكححون كضححبع تنححام علحى طحول الّلححدم ححتى‬ ‫سادس من قوله ‪ :‬و ا ّ‬ ‫ما تقّدم في الكلم ال ّ‬
‫يصل اليها طالبها و يختلها راصدها ‪ ،‬و قد مضى مّنححا هنححاك مححا يّتضححح بححه هححذا المقححام ‪،‬‬
‫فالمقصود اّنى ل اغتّر و ل اغفل عن كيد العداء فأسمع الّناعي بقتل طائفة من المسلمين‬
‫و احضر الباكي على قتلهم فل احاربهم حّتى يحيطوا بي و قيححل ‪ :‬المححراد إّنححى ل أكححون‬
‫كمن يسمع الّلطم و الضرب و البكححاء ث حّم ل يصححدق حّتححى يجيء لمشححاهدة الحححال ‪ ،‬أى ل‬
‫أكون كمن علم بوقوع نازلة و شاهد اماراتها ثّم‬

‫] ‪[ 110‬‬

‫لم يتداركها حّتى يراها عيانا ‪.‬‬

‫سادس إلى المختار الثححالث عشححر اقتصححاص ححال الّناكثحة و‬ ‫و قد تقّدم في شرح المختار ال ّ‬
‫صححة الجمححل فححي شححرح الكلم‬ ‫كيفّية بغيهححم و خروجهححم و جملححة مححن أخبححارهم و ذكرنححا ق ّ‬
‫لح بعححض‬ ‫شححرح و نححذكر بعححد ذلححك أيضححا إنشححاء ا ّ‬
‫الحاديعشر ‪ ،‬و ذكرنححا فححي تضححاعيف ال ّ‬
‫اخبارهم ‪ ،‬و أقتصر هنا على ايراد خبرين مناسبين للمقام فأقول ‪:‬‬

‫لح عليححه مسححير‬


‫روى في البحار من الرشاد قال ‪ :‬لما اّتصححل بححأمير المححؤمنين صححلوات ا ّ‬
‫ل و أثنى عليححه ث حّم قححال ‪ :‬قححد سححارت‬
‫عايشة و طلحة و الّزبير من مّكة إلى البصرة حمد ا ّ‬
‫ل منهمححا يحّدعى الخلفححة دون صححاحبه ‪ ،‬و ل يحّدعى طلحححة‬ ‫عائشححة و طلحححة و الّزبيححر كح ّ‬
‫لح لئن ظفححروا‬‫ل أّنه صهر أبيها ‪ ،‬و ا ّ‬ ‫ل أّنه ابن عّم عايشة ‪ ،‬و ل يّدعيها الزبير إ ّ‬ ‫الخلفة إ ّ‬
‫ن طلحة عنق الّزبير ينححازع هححذا علححى‬ ‫ن الزبير عنق طلحة ‪ ،‬و ليضرب ّ‬ ‫بما يريدان ليضرب ّ‬
‫ل عقدة و ل تسير عقبححة و ل تنححزل‬ ‫ن الراكبة الجمل ل تح ّ‬ ‫لأّ‬‫الملك هذا ‪ ،‬و لقد علمت و ا ّ‬
‫ل حّتححى تححورد نفسححها و مححن معهححا مححوردا يقتححل ثلثهححم ‪ ،‬و يهححرب‬ ‫ل إلى معصية ا ّ‬ ‫منزلة إ ّ‬
‫ن طلحة و الّزبير ليعلمان أّنهما مخطئان و مححا يجهلن ‪ ،‬و‬ ‫لإّ‬‫ثلثهم ‪ ،‬و يرجع ثلثهم ‪ ،‬و ا ّ‬
‫لح لتنبحّنهححا كلب الحححوأب ‪ ،‬فهححل يعتحبر‬ ‫ب عالم قتله جهله و علمه معه ل ينفعححه ‪ ،‬و ا ّ‬ ‫لر ّ‬
‫معتبر و يتفّكر متفّكر لقد قامت الفئة الباغية فأين المحسنون ‪.‬‬

‫ي بححن‬
‫ق و المبطل في أمر المامححة عل ح ّ‬ ‫و في الكافي في باب ما يفصل به بين دعوى المح ّ‬
‫لح و محّمححد بحن الحسحن و‬ ‫إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن ابن محبوب عن سلم بحن عبححد ا ّ‬
‫ي الشعري عن محّمححد بححن حسححان جميعححا عححن‬ ‫ي بن محّمد عن سهل بن زياد و أبو عل ّ‬ ‫عل ّ‬
‫ي و قححد‬
‫ي قال محّمد بن عل ّ‬ ‫ل الهاشم ّ‬‫ي بن أسباط عن سلم بن عبد ا ّ‬ ‫ي عن عل ّ‬‫محّمد بن عل ّ‬
‫سلم قال ‪ :‬بعث طلحة و الّزبير رجل من عبححد القيححس‬ ‫ل عليه ال ّ‬
‫سمعته منه عن أبي عبد ا ّ‬
‫يقال له ‪ :‬خدائن إلى أمير المؤمنين ‪ ،‬إلى آخر ما يأتي فححي شححرح الكلم المححأة و الّتاسححع و‬
‫ل‪.‬‬
‫ستين إن شاء ا ّ‬‫ال ّ‬

‫ععععععع‬

‫از جمله خطب شريفه آن حضرت است در ذكر أهل بصره و مذمت زبير‬

‫] ‪[ 111‬‬
‫و طلحة ميفرمايد ‪:‬‬

‫هر يك از طلحه و زبير اميد دارند كه أمر خلفت از براى او باشد و بر ميگردانححد هححر‬
‫يكى آن را بنفس خود نه بصاحبش در حالتي كه تقحّرب نميجوينححد بسححوى خححدا بريسححمان‬
‫سل نمىكنند بسوى او با رشته عهد ‪ ،‬هر يك از ايشححان حمححل كننححده حقححد و‬ ‫پيمان ‪ ،‬و تو ّ‬
‫غضب است از براى رفيق خود و بعد از زمان قليل بححر مىدارد پححرده تزويححر خححود را‬
‫بسبب آن كينه كه در دل دارد ‪ ،‬قسم بخدا اگر برسند بآنچه كه ميخواهند هر آينه البته بر‬
‫ميكند اين يكى جان آن يكى را ‪ ،‬و البتححه مىآيححد ايححن يكححى بسححر آن ديگححرى بتحقيححق كححه‬
‫برخاستند جماعت ظالم پس كجايند طالبان أجر و ثواب ‪.‬‬

‫بتحقيق كه بيان كرده شححد از بححراى ايشححان سحّنتهاى پيغمححبر ‪ ،‬و مقحّدم داشححته شححد بجهححت‬
‫ايشان أخبار حضرت سيد البشر ‪ ،‬و از براى هر ضللت عّلت و سببى هست ‪،‬‬

‫ق خدا نمىتوانم بشححوم مثححل شححنونده صححداى‬


‫و از براى هر ناقض بيعت شبههايست ‪ ،‬بح ّ‬
‫زدن برو و سينه با دست كه شنود خبر مرك دهنده ‪ ،‬و حاضر شود نزد گريه كننده ‪،‬‬

‫يعني بعد از اينكه أمارات و علمات بغى و عدوان اين طائفه ظاهر شححد بايححد بححا ايشححان‬
‫محاربه و مقاتله نمائيم ‪ ،‬و جائز نيست كه در جاى خود با غفلت بنشينيم ‪.‬‬

‫عععع ععع عععع‬


‫ع عع عععع عع عععع ععع‬

‫و هو المأة و التاسع و الربعون من المختار فى باب الخطب ‪.‬‬

‫ل امرء لق ما يفّر منه فححي‬ ‫ي في الكافي على اختلف تطلع عليه أّيها الّناس ك ّ‬ ‫و هو مرو ّ‬
‫طححردت الّيححام أبحثهححا عححن‬
‫فراره و الجل مساق الّنفححس ‪ ،‬و الهححرب منححه موافححاته ‪ ،‬كححم ا ّ‬
‫ل إخفائه ‪ ،‬هيهات علم مخزون ‪ ،‬أّما وصّيتي‬ ‫لإ ّ‬
‫مكنون هذا المر فأبى ا ّ‬

‫] ‪[ 112‬‬

‫ل عليه و آلححه و سحّلم فل تضحّيعوا سحّنته أقيمححوا‬


‫ل ل تشركوا به شيئا ‪ ،‬و محّمدا صّلى ا ّ‬
‫فا ّ‬
‫هذين العمودين و أوقدوا هذين المصباحين ‪ ،‬و خلكم ذّم ما لم تشردوا ‪،‬‬

‫ب رحيححم ‪ ،‬و ديححن قححويم ‪ ،‬و إمححام‬


‫ل امرء منكم مجهوده ‪ ،‬و خّفف عن الجهلححة ‪ ،‬ر ّ‬ ‫حمل ك ّ‬
‫ل ح لححي و لكححم ‪،‬‬
‫عليم ‪ ،‬أنا بالمس صاحبكم و أنا اليوم عبرة لكم ‪ ،‬و غدا مفارقكم ‪ ،‬غفر ا ّ‬
‫إن ثبتت الوطأة في هذه المزّلة فذاك ‪،‬‬
‫ل غمححام اضححمحلّ‬ ‫ب رياح ‪ ،‬و تحححت ظح ّ‬
‫و إن تدحض القدم فإّنا كّنا في أفيآء أغصان و مه ّ‬
‫طها ‪ ،‬و إّنما كنت جارا جاوركم بدني أّيامححا ‪ ،‬و‬
‫في الجّو متلّفقها ‪ ،‬و عفى في الرض مخ ّ‬
‫ي و خفوت‬ ‫ستعقبون مّني جّثة خلء ساكنة بعد حراك ‪ ،‬و صامتة بعد نطوق ليعظكم هدو ّ‬
‫أطراقي و سكون أطرافي فإّنه أوعظ للمعتبرين من المنطق البليغ ‪ ،‬و القول المسموع ‪،‬‬

‫و داعيكم وداع امرء مرصد للّتلقي ‪ ،‬غدا ترون أّيامي ‪ ،‬و يكشف لكم عن سححرائري ‪ ،‬و‬
‫تعرفونني بعد خلّو مكاني ‪ ،‬و قيام غيري مقامي ‪.‬‬

‫ععععع‬

‫طحرد ( البعحاد و تقحول طزدتحه أى نفيتحه عّنحي ‪ ،‬و الطريحدة محا طردتحه محن صحيد و‬‫) ال ّ‬
‫طريدان الّليل و النهار ‪ ،‬و أطردت الّرجل على صيغة الفعال ‪،‬‬ ‫غيره ‪ ،‬و ال ّ‬

‫إذا أمرت باخراجه و ) شرد ( البعير شرودا من باب قعد نّد و نفر ‪ ،‬و السم الشراد‬

‫] ‪[ 113‬‬

‫ل امرء منكم مجهوده ( في بعض الّنسخ على البناء للمفعول مححن بححاب‬ ‫بالكسر و ) حمل ك ّ‬
‫ل‪،‬‬‫ل ‪ ،‬و في بعضها على المعلوم من باب التفعيل أيضا و نصب ك ّ‬ ‫الّتفعيل و رفع كلمة ك ّ‬
‫ل و ) خفف (‬ ‫ل سبحانه ‪ ،‬و في بعضها حمل كضرب على المعلوم و رفع ك ّ‬ ‫فالفاعل هو ا ّ‬
‫على بناء المجهول و ) الوطأة ( بالفتح موضع القححدم و المحّرة مححن الححوطى و هححو الحّدوس‬
‫بالّرجل ‪.‬‬

‫ل و ) الفياء ( جمححع فيء و هححو الظحلّ‬ ‫و ) دحض ( الّرجل دحضا من باب منع زلق و ز ّ‬
‫ل هبوبهححا و فححي بعححض الّنسححخ و مهححاب ريححاح‬ ‫ب الّرياح ( مح ّ‬‫الحادث بعد الّزوال و ) مه ّ‬
‫شححع و الشححيء ذهححب و فنححى و ) الجحّو ( مححا بيححن‬‫سحاب تق ّ‬‫بصيغة الجمع و ) اضمحل ( ال ّ‬
‫سماء و الرض و ) متلفّقها ( بكسر الفاء من تلّفق الشيء انضّم و التححأم و لفقححت الّثححوب‬ ‫ال ّ‬
‫ط ( بالخححاء‬‫لفقأ من باب ضححرب ضححممت احححدى شححقتيه إلححى الخححرى للخياطححة و ) المخح ّ‬
‫ل و الّنور ‪.‬‬
‫ط الفاصل بين الظ ّ‬‫المعجمة ما يحدث في الرض من الخ ّ‬

‫و ) ستعقبون ( بالبناء على المجهول من العقاب و هو اعطاء الشيء عقيب الشيء يقال‬
‫أكل أكلة أعقبته سقما أى أورثته و ) حححراك ( كسححاب الحركححة و ) هححدوى ( فححي بعححض‬
‫الّنسخ بالهمز علححى الصححل و فححي بعضححها بتشححديد الححواو بقلححب الهمححزة واوا و ) خفححت (‬
‫صوت خفوتا سكن و ) اطراقى ( إّما بكسر الهمزة من اطرق إطراقححا أى أرخححى عينيححه‬ ‫ال ّ‬
‫إلى الرض ‪ ،‬أو بفتحها جمع طرق بالكسر بمعنى القّوة كمححا فححي القححاموس ‪ ،‬أو بالفتححح و‬
‫هو الضرب بالمطرقة ‪ ،‬و قيل جمع طرقة بالفتح أى صنايع الكلم يقال ‪ :‬هذا طرقتححه أى‬
‫صنعته و الّول أظهر و أضبط ‪ ،‬و في بعض الّنسححخ أطرافححي بالفححاء فهححو جمححع الطححرف‬
‫ل عنححد القتيححبى و قححال‬
‫ن جمعححه لححم يثبححت إ ّ‬
‫لأّ‬
‫بالتسححكين و هححو تحريححك العيححن و الجفححن إ ّ‬
‫طرف ل يثنى و ل يجمع لّنه مصدر و كذا ذكره الجوهري ‪.‬‬ ‫الّزمخشري ‪ :‬ال ّ‬

‫و ) سكون أطرافي ( جمع الطرف بالتحريك كجمل و جمال ‪ ،‬و المححراد بهححا العضححاء و‬
‫الجوارح كاليدين و الّرجلين و ) الححوداع ( بفتححح الححواو اسححم مححن وّدعتححه توديعححا و هححو أن‬
‫تشيعه عند سفره ‪ ،‬و أّما الوداع بالكسر فهو اسم من أودعته موادعة أى‬

‫] ‪[ 114‬‬

‫صالحته و ) رصدته ( إذا قعدت له على طريقه تترّقبه و أرصدت له العقوبة أى أعددتها‬
‫له و حقيقتها جعلها على طريقة كالمترّقبة له ‪ ،‬و مرصححد فححي بعححض الّنسححخ علححى صححيغة‬
‫سلم ‪ ،‬و في بعضها علححى صححيغة اسححم‬ ‫ل تعالى أو نفسه عليه ال ّ‬‫اسم المفعول فالفاعل هو ا ّ‬
‫سلم أو ما ينبغى اعداده و تهيئته ‪.‬‬ ‫الفاعل فالمفعول نفسه عليه ال ّ‬

‫ععععععع‬

‫ل علححى الحاليححة و علححم‬ ‫قوله ‪ :‬في فراره متعّلق بقوله لق ‪ ،‬و جملة أبحثها منصححوبة المحح ّ‬
‫ل ل تشححركوا بححه‬ ‫مخزون خبر لمبتدء محذوف أى ذلك العلم علححم مخححزون ‪ ،‬و قححوله ‪ :‬فححا ّ‬
‫ل عليه و آله ‪ ،‬منصوبان على الضمار علححى شححريطة التفسححير ‪ ،‬و‬ ‫شيئا و محّمدا صّلى ا ّ‬
‫في بعض النسخ بالّرفع على البتداء و الّول أرجح كما قّرر في الدبّية لسححتلزام الّثححاني‬
‫طبّية خبرا فتأّمل ‪ ،‬و قوله ‪ :‬و خلكم ذّم بالّرفع فاعل خل أى عداكم و هححي‬ ‫كون الجملة ال ّ‬
‫كلمة تجرى مجرى المثل ‪.‬‬

‫ث عمححرو بححن عححدى‬ ‫شارح البحراني ‪ :‬و أّول من قالها قصير مولى حذيمة حيححن ح ح ّ‬ ‫قال ال ّ‬
‫اخت حذيمة على طلب ثاره من الّزباء فقال له عمرو ‪ :‬و كيححف لححي بححذلك و الّزبححاء أمنححع‬
‫من عقاب الجّو ‪ ،‬فقال له قصير اطلب المر و خلك ذّم ‪.‬‬

‫ب رحيم و دين قحويم و إمحام عليحم ‪ ،‬برفحع الجميحع علحى الخحبر أى رّبكحم ربّ‬ ‫و قوله ‪ :‬ر ّ‬
‫ب رحيححم و ديححن‬
‫رحيم و دينكم دين قويم و هكذا على البتداء و الخبر محذوف أى لكححم ر ّ‬
‫ب رحيم فاعل خّفف على روايححة‬ ‫شارح المعتزلي ‪ :‬و من الّناس من يجعل ر ّ‬ ‫قويم آه قال ال ّ‬
‫ن عطححف الححدين عليححه يقتضححي أن يكححون‬
‫من رويها فعل معلوما ‪ ،‬و ليححس بمستحسححن ‪ ،‬ل ّ‬
‫ح انتهى ‪.‬‬
‫الّدين أيضا مخفّفا ‪ ،‬و هذا ل يص ّ‬

‫ن في أكثر الّنسخ خفف على بناء المعلوم فقوله ‪ :‬ر ّ‬


‫ب‬ ‫ي‪:‬إّ‬‫لمة المجلس ّ‬
‫و قال المحّدث الع ّ‬
‫فاعله و ل يضّر عطف الّدين و المام عليه لشيوع الّتجّوز في السناد ‪.‬‬

‫] ‪[ 115‬‬
‫أقول ‪ :‬و ههنا وجه آخر على رواية حمل و خفف بالبناء على المجهول ‪ ،‬و هو أن يكححون‬
‫ب مرفوعا بفعل محذوف على حّد قوله سبحانه ‪:‬‬
‫ر ّ‬

‫» يسّبح له فيها بالغدّو و الصال « على قرائة يسبح بصيغة المجهححول ‪ ،‬كححأّنه قيححل ‪ :‬مححن‬
‫ي على التج حّوز فححي‬ ‫ب رحيم و دين قويم ‪ ،‬و هذا الوجه أيضا مبن ّ‬
‫حمل و خّفف ‪ ،‬فقال ‪ :‬ر ّ‬
‫السناد ‪.‬‬

‫لم و نصب الفعل كما في أكثر الّنسخ ‪ ،‬و يحتمححل الجححزم لكححونه‬‫و قوله ‪ :‬ليعظكم بكسر ال ّ‬
‫لم و رفع الفعل أيضا ‪.‬‬
‫أمرا أو فتح ال ّ‬

‫و قوله ‪ :‬وداعيكم وداع امرء مرفوعان علححى المبتححدء و الخححبر ‪ ،‬و إضححافة و داعححى إلححى‬
‫ضححمير المفعححول أى وداعححى إّيححاكم ‪ ،‬و فححي بعححض الّنسححخ بنصححب وداع ‪ ،‬و فححي بعضححها‬
‫ى على حذف الخححافض أى كححوداع امححرء فالّنصححب علححى ححّد قححوله‬ ‫بجّرها ‪ ،‬و كلهما مبن ّ‬
‫تعالى » و اختار موسى قومه « أى من قومه ‪ ،‬و الثاني على حّد قول امرء القيس‬

‫ف الصابع «‬
‫» أشارت كليب بالك ّ‬

‫شارح المعتزلي و داعى لكم وداع امرء و روى فيها أيضححا‬ ‫أى إلى كليب ‪ ،‬و في نسخة ال ّ‬
‫وّدعتكم وداع امرء على صيغة المتكّلم من باب الّتفعيل ‪ ،‬فالوداع منصوب بالمصدرّية و‬
‫غدا ظرف للفعال بعده ‪.‬‬

‫عععععع‬

‫ل و هححو‬
‫سلم لما ضربه ابن ملجم المرادي عليه لعائن ا ّ‬ ‫ن هذا الكلم قد قاله عليه ال ّ‬
‫اعلم أ ّ‬
‫مسححوق فححى معححرض التوصححية و الّتححذكير ‪ ،‬فأّيححة بالّنححاس و نّبههححم علححى لحححوق ضححرورة‬
‫المنفور منه طبعا بقوله ‪:‬‬

‫ن النسان يفّر من الموت ما دام‬ ‫ل امرء لق ما يفّر منه في فراره ( يعنى أ ّ‬ ‫) أّيها الّناس ك ّ‬
‫حّيا ‪ ،‬فهو في مّدة الفرار و هى الحياة الّدنيا يلقي ما يفّر منه البّتة كمححا قححال تعححالى » قححل‬
‫ن الموت اّلذي تفحّرون منححه فححاّنه ملقيكححم « ) و الجححل مسححاق الّنفححس ( يجححوز أن يححراد‬ ‫إّ‬
‫بالجل غاية العمر كما في قوله تعالى » فاذا جاء أجلهم‬

‫] ‪[ 116‬‬

‫ل يستأخرون ساعة و ل يستقدمون « فيكون المساق بمعنى ما يساق إليه ‪ ،‬و أن يراد بححه‬
‫سوق ‪ ،‬فححا ّ‬
‫ن‬ ‫المّدة المضروبة لبقاء النسان أعني مّدة العمر فيكون المساق بمعنى زمان ال ّ‬
‫مّدة بقاء الّنفس في هذا البدن مساق إلى غايتها ‪.‬‬
‫) و الهرب منه ( أى من الجل بالمعنى الّول أو مّما يفّر منه إن اريد به المعنى الثاني )‬
‫ن الهرب منه إّنما يكون بعلج و حركة يفنى بهما بعض المّدة ‪ ،‬و إفناء المّدة‬ ‫موافاته ( ل ّ‬
‫لزم على الملزوم ‪،‬‬ ‫يلزمه الموافاة فأطلق لفظ الموافاة على الهرب من باب اطلق اسم ال ّ‬
‫ل تححدبير يححدّبره النسححان يصححير سححببا لحصححول مححا‬ ‫أو لّنه إذا قّدر زوال عمر أو دولة فكح ّ‬
‫ل دواء و معالجة إذا صادف قرب مجيء الجل يكون مضّرا بالبححدن‬ ‫نكّ‬ ‫يهرب منه كما أ ّ‬
‫ن المرض و المزاج في‬ ‫و إن كان بحيث اذا لم يصادفه كان نافعا مجّربا عند الطباء مع أ ّ‬
‫لح‬
‫ن نفع الدويححة إّنمححا هححو فعححل ا ّ‬‫صورتين واحد بناء على إبطال أفعال الطبيعة و أ ّ‬ ‫كلتا ال ّ‬
‫تعالى عند الّدواء ‪ ،‬و مع قطع النظححر عححن ذلححك إذا صححادف الحّدواء الجححل يصححير أحححذق‬
‫الطباء عاجزا غافل عّما ينفع المريض ‪،‬‬

‫فيعطيه ما يضّره و إذا لم يصادفه يلهم أجهل الطّباء بما ينفعه كما هو المجّرب ‪.‬‬

‫سلم ‪ :‬و الهرب منه موافححاته ‪ ،‬جححار مجححرى المبالغححة فححي عححدم‬
‫و كيف كان فقوله عليه ال ّ‬
‫كون الفرار منجيا من الموت و عاصما عنه حّتى جعل نفس الهرب منححه ملقححاة لححه و لححم‬
‫يقل و الهارب منه يوافيه ‪.‬‬

‫ل على العّز و‬ ‫طراد أد ّ‬‫طردت اليام ( أى صّيرتها طريدة قال الشارح المعتزلي فال ّ‬ ‫) كم ا ّ‬
‫ل إخفححائه ( قححال‬
‫لح إ ّ‬
‫القهر من الطرد ) أبحثها ( و افّتشها ) عن مكنون هححذا المححر فححأبى ا ّ‬
‫سححلم جعححل الّيححام أشخاصححا يححأمر بححاخراجهم و ابعححادهم‬ ‫شارح المعتزلي ‪ :‬كأنه عليححه ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ى أرض يكحون‬ ‫ى وقحت يكححون بعينححه و فححي أ ّ‬ ‫عنه ‪ ،‬أى ما زلت أبحث عن كيفية قتلححي و أ ّ‬
‫يوما يوما ‪ ،‬فاذا لم أجده في اليوم اطردته و استقبلت يوما آخر فأبحث فيه أيضححا فل أعلححم‬
‫فأبعده و اطرده و أستأنف يوما آخر ‪ ،‬و هكذا حّتى وقع المقدور ‪.‬‬

‫صححلة مححن‬
‫سلم لم يكن يعرف حال قتله مف ّ‬ ‫ل على أنه عليه ال ّ‬
‫شارح ‪ :‬و هذا الكلم يد ّ‬
‫قال ال ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم أعلمه بحذلك مجمل ‪ ،‬لّنحه قحد‬‫ل صّلى ا ّ‬
‫ن رسول ا ّ‬ ‫جميع الوجوه ‪ ،‬و أ ّ‬
‫ثبت‬

‫] ‪[ 117‬‬

‫ل عليه و آله قال له ‪ :‬ستضرب على هذه و أشار إلى هامته فتخضب منها هذه‬ ‫أّنه صّلى ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم قال له ‪ :‬أتعلم من أشقى الّولين‬‫‪ ،‬و أشار إلى لحيته و ثبت أّنه صّلى ا ّ‬
‫؟ قال ‪ :‬نعم عاقر الّناقة فقال له ‪ :‬أتعلم من أشقى الخرين ؟ قال ‪ :‬ل ‪ ،‬فقال ‪ :‬من يضححرب‬
‫ل على أّنه بعد ضرب ابححن ملجححم‬ ‫سلم يد ّ‬
‫ههنا فتخضب هذه و كلم أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫له ل يقطع على أّنه يموت من ضربته ‪ ،‬أل تراه يقول ‪ :‬إن ثبتت الوطحأة فحي هححذه المّزلحة‬
‫فذاك آه ‪.‬‬
‫سلم بمكنون هذا المر وقت قتلحه و مكحانه‬
‫ن مراده عليه ال ّ‬
‫ن الشارح زعم أ ّ‬
‫و يظهر منه أ ّ‬
‫المعينان بالتفصيل ‪.‬‬

‫و حذا حذوه الشارح البحراني حيث قال ‪ :‬و ذلك المكنححون هححو وقتححه المعّيححن بالتفصححيل و‬
‫ساعة « و قوله »‬ ‫ل عنده علم ال ّ‬‫ل بعلمه كقوله تعالى » إنّ ا ّ‬ ‫مكانه ‪ ،‬فان ذلك مّما استأثر ا ّ‬
‫ل عليححه و آلححه و‬‫ي أرض تموت « و إن كان قد أخبره الّرسول صّلى ا ّ‬ ‫و ما تدرى نفس بأ ّ‬
‫سّلم بكيفية قتله مجمل إلى أن قال و أّما بحثه هو فعن تفصيل الوقت و المكان و نحوهمححا‬
‫سؤال من الّرسول مّدة حياته و كتمانه اّياه ‪ ،‬أو‬ ‫من القراين المشخصة و ذلك البحث إّما بال ّ‬
‫ل أن تخفححى‬ ‫لح إ ّ‬
‫بالفحص و الّتفّرس من قراين أحواله في ساير أوقاته مع الّنححاس ‪ ،‬فححأبى ا ّ‬
‫عنه تلك الحال انتهى ‪.‬‬

‫ن أميححر المححؤمنين عليححه‬


‫اقول ‪ :‬و ل يكاد ينقضى عجبى من هذين الفاضلين كيف توّهمححا أ ّ‬
‫ل اجمال ‪ ،‬و أّنه لم يكن يعرفهما تفصيل إن‬ ‫سلم لم يكن عالما بزمان موته و ل مكانه إ ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ل زعم فاسد و رأى كاسد ‪.‬‬ ‫هذا إ ّ‬

‫حتها‬
‫سححلم و إذعححانه علححى صح ّ‬
‫شارح المعتزلي فمع روايته الخبار الغيبّية له عليه ال ّ‬
‫أّما ال ّ‬
‫حسبما تقّدمت في الّتنبيه الثاني من شرح الخطبة الثانية و الّتسعين كيف خفى عليححه وجححه‬
‫ق من هو عالم بما كان و ما يكون و من يقول ‪:‬‬ ‫ق و كيف يتصّور في ح ّ‬‫الح ّ‬

‫فاسألوني قبل أن تفقدوني فو اّلححذي نفسححي بيححده ل تسححألوني عححن شححيء فيمححا بينكححم و بيححن‬
‫ل أنححبئكم بناعقهححا و قائدهححا و سححائقها و منححاخ‬
‫ل مأة إ ّ‬
‫ساعة و ل عن فئة تهدى مأة و تض ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ط رحالها و من يقتل من أهلها قتل و يموت منهم موتا ‪ ،‬الى آخر ما مّر‬ ‫ركابها و مح ّ‬

‫] ‪[ 118‬‬

‫في الخطبة اّلتي أشرنا اليها ‪ ،‬أّنه لم يكن يعرف زمان موته و مكانه ‪.‬‬

‫لح ضحرايحهم كيحف‬ ‫شارح البحراني فمع كونه من فضلء علماء الماميحة قحّدس ا ّ‬ ‫و أّما ال ّ‬
‫سلم بما كان و ما‬ ‫قصرت يده عن الخبار العامية و الخاصية المفيدة لعلم الئّمة عليهم ال ّ‬
‫سححلم بححوقت مححوتهم و مححوت شححيعتهم ‪ ،‬و أّنهححم‬ ‫يكون و ما هو كائن و لمعرفتهححم عليهححم ال ّ‬
‫يعلمون علم المنايا و البليا و النساب ‪ ،‬و هحذه الخبحار قريبححة محن التححواتر بحل متحواترة‬
‫شرح ل سّيما فححي شححرح الفصححل الّثححاني مححن‬ ‫معنى و قد مضى جملة منها في تضاعيف ال ّ‬
‫ليقححة ‪ ،‬و قححد روى‬ ‫الخطبة المأة و الّثامنة و العشرين ‪ ،‬و يأتي شطر منها في مواضعها ال ّ‬
‫المخالف و المؤالف قول أمير المؤمنين للحارث العور الهمداني ‪:‬‬

‫يحححححححححححححححا ححححححححححححححححار همحححححححححححححححدان محححححححححححححححن يمحححححححححححححححت يرنحححححححححححححححي‬


‫مححححححححححححححححححححححححححححححححن مححححححححححححححححححححححححححححححححؤمن أو منححححححححححححححححححححححححححححححححافق قبل‬
‫يعرفنححححححححححححححححححححححححححححححححي طرفححححححححححححححححححححححححححححححححه و أعرفححححححححححححححححححححححححححححححححه‬
‫بنعته و اسمه و ما فعل‬

‫ل مّيت ‪ ،‬عارفا بوقت موته كيف ل يعرف وقت موت نفسه ‪.‬‬
‫ن من كان حاضرا عند ك ّ‬
‫فا ّ‬

‫ي قد عقد في الكافى بابا على ذلك ‪ ،‬و قال ‪:‬‬


‫ن الكلين ّ‬
‫و كفاك دليل على ما ذكرنا أ ّ‬

‫ل باختيار منهم ‪،‬‬


‫سلم يعلمون متى يموتون و أّنهم ل يموتون إ ّ‬
‫ن الئّمة عليهم ال ّ‬
‫باب أ ّ‬

‫ي بن محّمد عن سهل بن زيححاد عححن محّمححد بححن عبححد الحميححد‬ ‫و روى في ذلك الباب عن عل ّ‬
‫ن أمير المححؤمنين عليححه السّححلم قححد‬‫سلم ‪ :‬إ ّ‬
‫عن الحسن بن الجهم قال ‪ :‬قلت للّرضا عليه ال ّ‬
‫عرف قاتله و الّليلة الّتي يقتل فيها ‪ ،‬و الموضع اّلذي يقتل فيه ‪ ،‬و قححوله لمححا سححمع صححياح‬
‫الوز في الّدار ‪:‬‬

‫صوايح تتبعها نوايح ‪ ،‬و قول اّم كلثححوم ‪ :‬لححو صحّليت الّليلححة داخححل الحّدار و أمححرت غيححرك‬
‫يصّلي بالّناس فأبى عليها ‪ ،‬و كثر دخوله و خروجه تلححك الّليلححة بل سححلح ‪ ،‬و قححد عححرف‬
‫لخل«‬ ‫سيف كان هذا مّما لم يحسن » لححم يجححز لححم يح ح ّ‬ ‫سلم ان ابن ملجم قاتله بال ّ‬‫عليه ال ّ‬
‫تعّرضه ؟‬

‫ل عّز‬
‫سلم خّير في تلك الّليلة لتمضى مقادير ا ّ‬
‫سلم ‪ :‬ذلك كان و لكنه عليه ال ّ‬
‫فقال عليه ال ّ‬
‫ل‪.‬‬‫وجّ‬

‫و هذا الحديث و إن كان ضعيفا عند بعض لكّنه سهل عند آخرين معتضد بأخبار أخر ‪.‬‬

‫ن حفظ الّنفس واجححب عقل و‬‫لمة المجلسي ) ره ( في شرحه ‪ :‬منشا العتراض أ ّ‬ ‫قال الع ّ‬
‫سلم ‪ :‬ذلك كان و لكّنه خّير‬
‫شرعا ‪ ،‬و ل يجوز إلقاؤها الى الّتهلكة ‪ ،‬فقال عليه ال ّ‬

‫] ‪[ 119‬‬

‫ي على منححع كحون حفححظ الّنفححس‬ ‫ل ‪ ،‬و هو مبن ّ‬


‫ل بين البقاء و الّلقاء فاختار لقاء ا ّ‬
‫أى خّيره ا ّ‬
‫واجبا مطلقا ‪ ،‬و لعّله كان من خصائصهم عدم وجوب ذلك عند اختيارهم المححوت و حكححم‬
‫ن حكم العقل في مثل ذلك غير مسّلم ‪.‬‬ ‫العقل في ذلك غير مّتبع مع أ ّ‬

‫و في بعض الّنسخ أعني نسخ الكافي حّين بالحاء المهملة و الّنون أخيرا ‪،‬‬
‫ي ‪ :‬حّينه جعل له وقتا يقال ‪ :‬حّينت الّناقة إذا جعلت لها في يححوم و‬‫بدل خير ‪ ،‬قال الجوهر ّ‬
‫ليلة وقتا تحلبها فيه انتهى ‪ ،‬فالمعنى أّنه كان بلغ الجححل المحتححوم المقحّدر و كححان ل يمكححن‬
‫الفرار منه ‪.‬‬

‫ن من ل يعلم أسباب الّتقديرات الواقعة يمكنححه‬‫ي ‪ :‬و حاصله أ ّ‬


‫لمة المجلس ّ‬
‫قال المحّدث الع ّ‬
‫الفرار عن المحذورات و يكّلف به ‪ ،‬و أّما من كان عالما بجميع الحوادث ‪ ،‬فكيححف يكّلححف‬
‫ل يلزم عدم وقوع شيء من الّتقديرات فيه ‪،‬‬‫الفرار و إ ّ‬

‫سلم غير مكّلفين بالعمل بهذا العلم في أكثر الّتكاليف ‪.‬‬


‫بل هم عليهم ال ّ‬

‫سلم كانا يعرفححان المنححافقين‬‫ل عليه و آله و سّلم و أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫ي صّلى ا ّ‬
‫ن الّنب ّ‬
‫فا ّ‬
‫و يعلمان سوء عقايدهم و لم يكونحوا مكّلفيحن بالجتنحاب عنهحم و تحرك معاشحرتهم و عحدم‬
‫مناكحتهم أو قتلهم و طردهم ما لم يظهر منهم شيء يوجب ذلك ‪.‬‬

‫ظفر بمعاوية و بقاء ملكه بعده لححم يكححن سححببا‬


‫سلم بعدم ال ّ‬‫و كذا علم أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫ل عليه مع أّنه‬‫لن يترك قتاله ‪ ،‬بل كان يبلغ في ذلك غاية جهده إلى أن استشهد صلوات ا ّ‬
‫كان يخبر بشهادته و استيلء معاوية بعده ‪.‬‬

‫سلم كان عالمححا بغحدر أهحل العححراق بحه و أّنححه سيستشحهد هنحاك مححع‬ ‫و كذا الحسين عليه ال ّ‬
‫أولده و أقاربه و أصحابه ‪ ،‬و يخبر بذلك مرارا و لم يكن مكّلفا بالعمل بهذا العلم بل كان‬
‫مكّلفا بالعمل بهذا المر حيث بححذلوا لححه نصححرتهم و كححاتبوه و راسححلوه و وعححدوه البيعححة و‬
‫ل عنه انتهى ‪.‬‬ ‫بايعوا مسلم بن عقيل رضى ا ّ‬

‫ي أيضا في موضع آخر من شرح الكافي ‪ :‬الظححاهر مححن سححاير الخبححار أّنححه‬ ‫و قال المجلس ّ‬
‫سلم كان عالما بشهادته و وقتها و كان ينتظرها و يخبر بوقوعها و يستبطئها فححي‬ ‫عليه ال ّ‬
‫الّليلة التي وعدها و يقول ‪ :‬ما منع قاتلي من قتلي انتهى ‪.‬‬

‫] ‪[ 120‬‬

‫سلم كان يعرف تفصيل زمححان قتلححه و مكححانه كمححا‬ ‫فقد ظهر و اّتضح بذلك كّله أّنه عليه ال ّ‬
‫ظهر دفع الشكال فيه و العتراض عليه بأّنه مع المعرفة التفصححيلّية كححان الححواجب عليححه‬
‫حفظ نفسه و عدم إلقاءه لها إلى التهلكة ‪.‬‬

‫طردت الّيام أبحثهححا عححن‬


‫سلم كم ا ّ‬
‫فان قلت ‪ :‬سّلمنا هذا كّله و لكن ما تصنع بقوله عليه ال ّ‬
‫ل إخفاءه ؟‬
‫لإ ّ‬
‫مكنون هذا المر فأبى ا ّ‬
‫ق و مظلومّيححة أهلححه و ظهححور‬ ‫قلت ‪ :‬يمكن توجيهه بأن يكون المراد بهذا المر خفححاء الحح ّ‬
‫سلم سححعى فححي أّول المححر فححي أخححذ‬ ‫الباطل و غلبة أصحابه و كثرة أعوانه ‪ ،‬لّنه عليه ال ّ‬
‫سر و جرت امور لم يكن يخطر ببال أحد وقوع مثله ‪ ،‬و في آخر‬ ‫سعى فلم يتي ّ‬‫حّقه غاية ال ّ‬
‫ق الجهححاد و غلححب‬ ‫ل حح ّ‬ ‫المر لّما انتهى إليه و حصل له النصار و العوان و جاهد في ا ّ‬
‫على المنافقين سنحت فتنه التحكيم اّلتي كانت من غرايب المححور ثحّم بعححد ذلححك لّمححا جمححع‬
‫العساكر و أراد الخروج إليهم وقعت الطامة الكبرى ‪ ،‬فالمراد بالمكنون سّر ذلححك و سححببه‬
‫ل إخفاءه عنكم لضححعف عقححولكم عححن فهمححه ‪ ،‬إذ هححي مححن غححوامض‬ ‫لإ ّ‬‫فظهر لي و أبى ا ّ‬
‫مسائل القضاء و القدر ‪.‬‬

‫ي في مرآت العقول نقل عن بعضهم و استحسنه ‪.‬‬


‫و هذا التوجيه أورده المحّدث المجلس ّ‬

‫قو‬
‫سلم سّر غلبة الباطل على الح ّ‬ ‫ن المراد بالمر المكنون في كلمه عليه ال ّ‬ ‫صله أ ّ‬
‫و مح ّ‬
‫سلم ‪،‬‬‫ل إياه إخفاءه منهم ل منه عليه ال ّ‬
‫ق ‪ ،‬و المراد باخفاء ا ّ‬
‫عّلة مظلومية أهل الح ّ‬

‫سححلم فححي الكلم الخححامس ‪ :‬بححل انححد مجححت علححى‬


‫فيكون هذا الكلم منه نظير قوله عليححه ال ّ‬
‫مكنون علم لو بحت به لضطربتم اضطراب الرشية في الطوى البعيدة ‪.‬‬

‫سحر فحانه علحم مخحزون و محن‬


‫قوله ) هيهات علم مخزون ( أى بعد الطلع علححى ذلححك ال ّ‬
‫شأن المخزون أن يسّر و يخفى ‪.‬‬

‫حدوه و أخلصححوا‬ ‫ل ل تشركوا به شيئا ( أى و ّ‬ ‫ثّم شرع في الوصّية فقال ‪ ) :‬أما وصّيتي فا ّ‬
‫ل عليه و آلححه فل تض حّيعوا س حّنته (‬‫العمل له و الزموا أوامره و نواهيه ) و محّمدا صّلى ا ّ‬
‫أى ل تهملوها ‪ ،‬و هو أمر بلزوم شرايع الّدين و سلوك نهج الشرع المبين ‪.‬‬

‫] ‪[ 121‬‬

‫سنة الّنبوّية بقوله ) أقيموا هذين العمودين ( و استعار لهما‬


‫و أّكد المر بالّتوحيد و اّتباع ال ّ‬
‫ن مدار السلم و نظام امور المسلمين في المعاش و المعححاد علححى توحيححد‬ ‫لفظ العمود ‪ ،‬ل ّ‬
‫ن مدار الخيمة و القسطاط على العمود ‪ ،‬و المححراد‬ ‫ل سبحانه و اتباع سّنة رسوله ‪ ،‬كما أ ّ‬ ‫ا ّ‬
‫باقامتهما العتقاد بهما و العمل بمقتضيات اليمان بهما ‪.‬‬

‫صححراط‬
‫) و اوقدوا هذين المصباحين ( و هو استعارة اخرى و الجامع أّنهما يهديان إلى ال ّ‬
‫لن على حظاير القدس و مجالس النس ‪،‬‬ ‫المستقيم و جّنات الّنعيم ‪ ،‬و يد ّ‬

‫ن بالمصباح يهتدى في غياهب الّدجى إلى الطريق المطلوب ‪ ،‬و ذكر اليقاد ترشيح‬ ‫كما أ ّ‬
‫للستعارة ) و خلكم ذّم ما لم تشردوا ( أى سقط عنكم ذّم و تجاوزكم فل ذّم يلحقكم ما لم‬
‫تنفروا ‪.‬‬
‫قال في مرآت العقول ‪ :‬و الغرض الّنهى عن الّتفرق و اختلف الكلمة ‪،‬‬

‫سكين بحبل الئّمة الطححاهرين أو المححراد‬


‫أى ل ذّم يلحقكم ما دمتم مّتفقين في أمر الّدين متم ّ‬
‫الّنهى عن الّرجوع عن الّدين و إقامة سّنته ‪.‬‬

‫ل امرء منكم مجهوده ( كلم مّتصل بما قبله ‪ ،‬لّنه لّما قال ما لم تشححردوا‬ ‫و قوله ) حمل ك ّ‬
‫ل أحد منكم مبلغ وسعه و طاقته ‪.‬‬ ‫سنة الّنبوّية أى كّلف ك ّ‬
‫أنبأ عن تكليفهم كّلما وردت به ال ّ‬

‫ل أحد بما هو مبلغ طححاقته و نهايححة‬‫و لّما كان هذا الكلم بظاهره يعطى أنه سبحانه كّلف ك ّ‬
‫ن الّتكليف علححى حسححب العلححم و اسححتدرك بقححوله ) و خّفححف عححن‬
‫سلم أ ّ‬‫و سعه فبّين عليه ال ّ‬
‫ل سبحانه ‪:‬‬‫ن الجّهال ليسوا مكّلفين بما كّلف به العلماء و قد قد قال ا ّ‬‫الجهلة ( يعني أ ّ‬

‫ب«‪.‬‬
‫ن َقري ٍ‬
‫ن ِم ْ‬
‫جهاَلٍة ُثّم َيُتوُبو َ‬
‫سوَء ِب َ‬
‫ن ال ّ‬
‫ل ِلّلذين َيْعَمُلو َ‬
‫عَلى ا ِّ‬
‫» إّنَما الّتْوَبُة َ‬

‫ن الجاهل معذور في أكثر الحكام ‪.‬‬


‫ل على أ ّ‬
‫و هو بظاهره يد ّ‬

‫] ‪[ 122‬‬

‫ب رحيم ( قد عرفت جهات الحتمال في وجححه اعرابححه ‪ ،‬و باختلفهححا يختلححف‬ ‫و قوله ) ر ّ‬
‫المعنى فافهم ‪ ،‬و وصف الّرب بالّرحمة لمناسبته بححالتخفيف عححن الجهلححة ) و ديححن قححويم (‬
‫ل زمححان ‪ ،‬و يحتمححل شححموله‬ ‫ليس فيه أودوا عوجاج ) و إمام عليم ( أراد به المححام فححي كح ّ‬
‫ل ح عليححه و آلححه و‬
‫ص بالّرسول صّلى ا ّ‬ ‫ل عليه و آله تغليبا ‪ ،‬و رّبما يخ ّ‬‫ل صّلى ا ّ‬
‫لرسول ا ّ‬
‫سّلم ‪ ،‬و وصفه بالعلم لكونه عالما بكيفّية سلوك مسالك الخرة و قطع مراحلها و منازلهححا‬
‫و الهادى فيها بما يقتضيه حكمته من القول و العمل ‪.‬‬

‫و عّقب وصّيته بالّتنبيه على مجارى حالته لعتبار الحاضرين و اّتعاظ المشاهدين فقححال‬
‫) أنا بالمس صاحبكم ( أى كنت صحححيحا مثلكححم نافححذ الحكححم فيكححم ‪ ،‬و صححاحب المححر و‬
‫شححجاعة ) و اليححوم عححبرة لكححم ( تعتححبرون‬
‫الّنهى ‪ ،‬أو صاحبكم الذي تعرفححونني بححالقّوة و ال ّ‬
‫باشرافي على الموت و ضعفى عن الحراك بعد ما كنت اصرع البطال و اقتل القران )‬
‫سححلم تفصححيل بزمححان‬ ‫ص في علمه عليه ال ّ‬‫ل لي ولكم ( هذا الكلم ن ّ‬ ‫و غدا مفارقكم غفر ا ّ‬
‫موته حسبما قّدمناه ‪.‬‬

‫شارح المعتزلي له بأّنه ل يعنى غدا بعينه بل ما يستقبل محن الّزمححان كمححا يقحول‬
‫و تأويل ال ّ‬
‫صحيح ‪ :‬أنا غدا مّيت فمالى أحرص علححى الحّدنيا خححروج عححن ظححاهر الكلم بل‬ ‫النسان ال ّ‬
‫دليل ‪.‬‬
‫ل علححى أّنححه‬
‫فان قلت ‪ :‬الّدليل عليه قوله ) إن ثبتت الوطأة في هذه المزّلححة فححذاك ( فححاّنه يححد ّ‬
‫سلم لم يكن يقطع بموته ‪.‬‬ ‫عليه ال ّ‬

‫شحاك لبعحض المصحالح علحى ححّد‬


‫قلت ‪ :‬هذا الكلم من قبيل تصوير العالم نفسه بصورة ال ّ‬
‫قوله تعالى ‪:‬‬

‫عقاِبُكْم « ‪.‬‬
‫على أ ْ‬
‫ل اْنَقَلَبُتْم َ‬
‫ت أْو ُقِت َ‬
‫ن ما َ‬
‫» أَفإ ْ‬

‫و كيف كان فمقصوده أّنه إن ثبتت القدم بالبقاء في هححذه الحّدنيا بححأن ل يححؤّدي الجححرح إلححى‬
‫طفححل بثححدى‬
‫سححلم كححان آنححس بححالموت مححن ال ّ‬‫الهلك فذاك المراد أى مرادكم ‪ ،‬فاّنه عليححه ال ّ‬
‫ل حياته‬‫ل فمع قضاء ا ّ‬ ‫سلم كان راضيا بقضاء ا ّ‬ ‫اّمه ‪ ،‬أو مرادى لّنه عليه ال ّ‬

‫] ‪[ 123‬‬

‫و ارادته له ل يريد غير ما أراده سبحانه ) و ان تدحض القدم ( و تزلق و هو كنايححة عححن‬
‫ل هبوبهححا ) و‬ ‫ب ريححاح ( أى محح ّ‬‫الموت ) فاّنا كّنا في أفيححاء أغصححان ( و ظللهححا ) و مهح ّ‬
‫سماء و الرض ) متلّفقهححا ( و‬ ‫ل ( و فنى ) في الجّو ( أى ما بين ال ّ‬
‫ل غمام اضمح ّ‬ ‫تحت ظ ّ‬
‫طها ( أى أثرها و علمتها و الغرض بهذه‬ ‫ملتئمها ) و عفى ( و انمحى ) في الرض مخ ّ‬
‫ت فل عجب ‪ ،‬فاّنا كّنا في امور فانية شبيهة بتلك المور ‪ ،‬لّنهححا كّلهححا‬ ‫الجملت أّني إن م ّ‬
‫سريعة النقضاء ل ثبات لها و ل بقاء ‪ ،‬أو ل أبالي فاّني كنت في الّدنيا غيححر راكححن إليهححا‬
‫ث للقوم أيضا على الّزهد في الّدنيا و ترك الّرغبة في‬ ‫كمن كان في تلك المور ‪ ،‬و فيه ح ّ‬
‫زخافها ‪.‬‬

‫و قيل ‪ :‬أراد على وجه الستعارة بالغصان الركان من العناصر الربعة ‪،‬‬

‫و بالفياء تركيبها المعرض للّزوال ‪ ،‬و بالّرياح الرواح ‪ ،‬و بمهّبها البدان الفايضة هححي‬
‫سححماوّية و الّتصححالت‬ ‫عليها بالجود اللهي ‪ ،‬و بالغمام السباب العلوّيححة مححن الحركححات ال ّ‬
‫الكوكبّية و الرزاق المفاضة على النسان في هذا العالم اّلححتي هححي سححبب بقححائه ‪ ،‬و كّنححى‬
‫طهححا‬
‫باضمحلل متلّفقها في الجّو عن تفّرق السباب العلوّية للبقاء و فنائهححا ‪ ،‬و بعفححاء مخ ّ‬
‫في الرض عن فناء آثارها في البدان ‪.‬‬

‫) و إنما كنت جارا ( أي مجاورا ) جاوركم بدني أّياما ( تخصيص المجاورة بالبدن لّنها‬
‫سلم كان معّلقا بالملء العلء و هححو بعححد فححي‬‫ن روحه عليه ال ّ‬ ‫ص الجسام أو ل ّ‬ ‫من خوا ّ‬
‫الّدنيا ) و ستعقبون مّني ( أى تعطون عقيب فقدى و تجدون بعد رحلتى ) جّثة خلء ( أى‬
‫س ) ساكنة بعححد حححراك و صححامتة بعححد نطححوق ( أى‬‫جسدا و بدنا خاليا من الّروح و الحوا ّ‬
‫سححكوت ) ليعظكححم هحّدوى ( و سححكونى ) و خفححوت‬ ‫سححكون و الّنطححق بال ّ‬
‫متبّدلححة الحركححة بال ّ‬
‫اطراقى ( أى سكون ارخاء عينى إلى الرض و هو كناية عن عدم تحريححك الجفححان ‪ ،‬و‬
‫قد محّر وجححوه اخححر فححي بيححان اللغححة فتححذّكر ) و سححكون أطرافححي ( أى الحّراس و اليححدين و‬
‫الرجلين و غيرها من الجوارح و العضاء و جناس الخط بين قححوله اطرافححي و اطرافححي‬
‫طباع أكححثر‬‫ن ال ّ‬
‫ي ) فاّنه أوعظ للمعتبرين من المنطق البليغ و القول المسموع ( ل ّ‬ ‫غير خف ّ‬
‫اتعاظا و انفعال عن مشاهدة‬

‫] ‪[ 124‬‬

‫ما فيه من العبرة من الوصف له بالقول المسموع و لو كان بأبلغ لفظ و أفصححح عبححارة ثحمّ‬
‫أخذ في توديعهم فقال ) و داعيكم وداع امرء مرصحد لّلتلقحي ( أي وداعححى إّيححاكم كححوداع‬
‫رجل مترّقب و منتظر للملقات من رّبه تعالى و ساير الوجوه مّر فححي بيححان الّلغححة ) غححدا‬
‫ترون أّيامي ( أي بعد مفارقتي إّياكم و توّلى بني امّية و غيرهم أمركم تعرفون فضل أّيام‬
‫ق ) و يكشحف لكحم عحن‬ ‫خلفحتى و إنحي كنحت بحاّرا بكحم عطوفحا عليكحم و كنحت علحى الحح ّ‬
‫لح عحّز و‬‫ل وجححه ا ّ‬ ‫سرائرى ( و يظهر أّنى ما أردت في حروبى و ساير مححا أمرتكححم بححه إ ّ‬
‫جلّ و ابتغاء مرضاته ) و تعرفوننى بعد خلّو مكاني و قيام غيححري مقححامي ( أي تعرفححون‬
‫عدلى و قدرى بعد قيححام غيححري مقححامي بالمححارة و الخلفححة و تظححاهره بححالمنكرات ‪ ،‬ل ّ‬
‫ن‬
‫الشياء إنما تتبّين بضّدها كما قال أبو تمام ‪:‬‬

‫راحححححححححححححححححححححححت وفححححححححححححححححححححححود الرض عححححححححححححححححححححححن قححححححححححححححححححححححبره‬


‫فارغحححححححححححححححححححححححححححححححة اليحححححححححححححححححححححححححححححححدي ملء القلحححححححححححححححححححححححححححححححوب‬

‫قححححححححححححححححححححد علمححححححححححححححححححححت مححححححححححححححححححححا ورثححححححححححححححححححححت إنمححححححححححححححححححححا‬


‫تعرف قدر الشمس بعد الغروب‬

‫ن الكمل إنما يعرف قدرهم بعد فقدهم ‪ ،‬إذ مع شححهودهم ل يخلححو مححن‬‫و قيل ‪ :‬و السّر فيه أ ّ‬
‫يعرفهم عن حسد منه لهم ‪ ،‬فكمال قدرهم مخبوء عن عيححن بصححيرته لغشححاوة حسححده اّلححتي‬
‫عليها هذا ‪.‬‬

‫ي في شرح هذه الفقرات من رواية الكافي التيححة ‪ :‬اقححول ‪:‬‬ ‫لمة المجلس ّ‬ ‫و قال المحّدث الع ّ‬
‫ن فيهمححا تظهححر‬‫و يحتمل أن يكححون المححراد بقححوله ‪ :‬غححدا ‪ ،‬أيححام الرجعححة و يححوم القيامححة فححا ّ‬
‫شوكتهم و رفعتهم و نفاذ حكمهم في عالم الملك و الملكوت ‪،‬‬

‫ي انتقححام العصححاة و الكّفححار و تمكيححن المّتقيححن الخيححار فححي‬


‫سلم في الّرجعة ول ّ‬ ‫فهو عليه ال ّ‬
‫ي الحساب و قسيم الجّنححة و النححار و غيححر ذلححك ممححا‬ ‫الصقاع و القطار ‪ ،‬و في القيامة ول ّ‬
‫يظهر من درجاتهم و مراتبهم السنية فيها ‪ ،‬فالمراد بخلّو مكانه خلّو قحبره عحن جسحده فحي‬
‫الّرجعة أو نزوله عن منبر الوسيلة و قيححامه إلححى شححفير جهّنححم يقححول للنححار ‪ :‬خححذى هححذا و‬
‫اتركى هذا في القيامة ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬و في أكثر نسخ الكتاب أي الكافي ‪ :‬و قيامي غير مقامي ‪ ،‬و هو أنسب بالخير ‪ ،‬و‬
‫ل تعالى‬
‫على الّول يحتاج إلى تكّلف شديد كأن يكون المراد قيامه عند ا ّ‬

‫] ‪[ 125‬‬

‫سححلم كمححا دّلححت عليححه‬


‫في السموات و تحت العرش و في الجنان في الغرفات و في دار ال ّ‬
‫الّروايات ‪.‬‬

‫قال ‪ :‬و في نسخ الّنهج و بعض نسخ الكتاب ‪ :‬و قيام غيري مقامي ‪ ،‬فهو بالّول انسححب و‬
‫سححلم فحاّنه إمححام‬
‫يحتاج في الخير إلى تكّلف تحاّم بحأن يكحون المحراد بحالغير القحائم عليححه ال ّ‬
‫لح عليحه و آلحه و سحّلم مقحامه للمخاصحمة فحي‬ ‫الّزمان في الّرجعة ‪ ،‬و قيام الّرسول صّلى ا ّ‬
‫القيامة ‪.‬‬

‫قال ‪ :‬و يخطر بالبال أيضا أّنه يمكن الجمع بين المعنيين ‪ ،‬فيكون أس حّد و أفيححد بححأن يكححون‬
‫لح عححن سححرائرى فححي الّرجعحة و القيامحة لّتصححاله بقححوله ‪ :‬وداع‬‫ترون أّيححامي و يكشححف ا ّ‬
‫سلم ‪ :‬و تعرفوني كلما آخر إشارة إلى ظهور قححدره فححي‬ ‫مرصد للّتلقي ‪ ،‬و قوله عليه ال ّ‬
‫الّدنيا كما مّر في المعنى الّول ‪ ،‬و هذا أظهر الوجوه ل سّيما على الّنسخة الخيرة انتهحى‬
‫‪.‬‬

‫ععععع‬

‫سحلم‬
‫صحة شحهادة أميحر المحؤمنين عليحه ال ّ‬‫سحتين ق ّ‬
‫قد أوردنحا فحي شحرح الكلم الّتاسحع و ال ّ‬
‫سلم ‪.‬‬‫تفصيل ‪ ،‬و أحببت أن اورد هنا بعض ما قيل في رثائه عليه ال ّ‬

‫فأقول ‪ :‬روى في شرح المعتزلي عن أبي الفرج الصبهاني قال ‪ :‬أنشححدني عمححي الحسححن‬
‫بن محّمد قال ‪ :‬أنشدني محّمد بن سعد لبعض بني عبد المطلب يرثي علّيا و لم يذكر اسمه‬
‫‪:‬‬

‫ن سحححححححححححححححححححماحة‬ ‫يحححححححححححححححححححا قحححححححححححححححححححبر سحححححححححححححححححححّيدنا المجححححححححححححححححححح ّ‬


‫صححححححححححححححححححححّلى اللححححححححححححححححححححه عليححححححححححححححححححححك يححححححححححححححححححححا قححححححححححححححححححححبر‬

‫مححححححححححححححححححححا ضححححححححححححححححححححّر قححححححححححححححححححححبرا أنححححححححححححححححححححت سححححححححححححححححححححاكنه‬


‫ل بأرضححححححححححححححححححححححححححححححححه القطححححححححححححححححححححححححححححححححر‬‫أن ل يححححححححححححححححححححححححححححححححح ّ‬

‫ن سحححححححححححححححححححححححماح كّفحححححححححححححححححححححححك بحححححححححححححححححححححححالثرى‬


‫فليغحححححححححححححححححححححححدي ّ‬
‫ن بجنبححححححححححححححححححححححححححححححححك الصححححححححححححححححححححححححححححححححخر‬
‫و ليححححححححححححححححححححححححححححححححورق ّ‬
‫لحححححححححححححححح لححححححححححححححححو بححححححححححححححححك لححححححححححححححححم أجححححححححححححححححد أحححححححححححححححححدا‬
‫وا ّ‬
‫ل قتلت لفاتنى الوتر‬ ‫إّ‬

‫ل بن عّباس بن عبد المطلب ‪:‬‬


‫و قال عبد ا ّ‬

‫ي بحححححححححححححححححححححححالعراقين لحيحححححححححححححححححححححححة‬ ‫و هحححححححححححححححححححححححّز علححححححححححححححححححححححح ّ‬


‫ل مسححححححححححححححححححلم‬ ‫مصححححححححححححححححححيبتها جّلححححححححححححححححححت علححححححححححححححححححى كحححححححححححححححححح ّ‬

‫لححححححححححححححححححح نحححححححححححححححححححازل‬
‫و قحححححححححححححححححححال سحححححححححححححححححححيأتيها محححححححححححححححححححن ا ّ‬
‫و يخضبها أشقى البرّية بالّدم‬

‫] ‪[ 126‬‬

‫سحححححححححححححححححححححححيف شحححححححححححححححححححححححّلت يمينحححححححححححححححححححححححه‬


‫فعحححححححححححححححححححححححاجله بال ّ‬
‫لشححححححححححححححححححؤم قطححححححححححححححححححام عنححححححححححححححححححد ذاك ابححححححححححححححححححن ملجححححححححححححححححححم‬

‫ل سححححححححححححححعيه‬ ‫فيححححححححححححححا ضححححححححححححححربة مححححححححححححححن خاسححححححححححححححر ضحححححححححححححح ّ‬


‫تبحححححححححححححححححححّوء منهحححححححححححححححححححا مقعحححححححححححححححححححدا فحححححححححححححححححححي جهّنحححححححححححححححححححم‬

‫ظححححححححححححححححححححححححه‬
‫ففححححححححححححححححححححححححاز أميححححححححححححححححححححححححر المححححححححححححححححححححححححؤمنين بح ّ‬
‫و إن طرقححححححححححححححححححححححححححححت إحححححححححححححححححححححححححححححدى الّلئام بمعظححححححححححححححححححححححححححححم‬

‫أل إّنمححححححححححححححححححححححححححححححححا الححححححححححححححححححححححححححححححححّدنيا بلء و فتنححححححححححححححححححححححححححححححححة‬


‫حلوتها شيبت بصبر و علقم‬

‫و قالت اّم الهيثم بنت السود النخعية و هى اّلتي استوهبت جّثة ابن ملجم من الحسن عليه‬
‫سلم فوهبها لها فحّرقتها بالّنار ‪.‬‬
‫ال ّ‬

‫أل يحححححححححححححححححححححححا عيحححححححححححححححححححححححن ويححححححححححححححححححححححححك فاسحححححححححححححححححححححححعدينا‬


‫أل تبكحححححححححححححححححححححححححححححححححى أميحححححححححححححححححححححححححححححححححر المؤمنينحححححححححححححححححححححححححححححححححا‬

‫رزينححححححححححححححححححا خيححححححححححححححححححر مححححححححححححححححححن ركححححححححححححححححححب المطايححححححححححححححححححا‬


‫سحححححححححححححححححححححححفينا‬
‫و حّبسحححححححححححححححححححححححها و محححححححححححححححححححححححن ركحححححححححححححححححححححححب ال ّ‬

‫و مححححححححححححححححححن لبححححححححححححححححححس الّنعححححححححححححححححححال و مححححححححححححححححححن حححححححححححححححححححذاها‬


‫و محححححححححححححححححححححححن قحححححححححححححححححححححححرء المثحححححححححححححححححححححححاني و المئينحححححححححححححححححححححححا‬
‫و كّنحححححححححححححححححححححححححا قبحححححححححححححححححححححححححل مقتلحححححححححححححححححححححححححه بخيحححححححححححححححححححححححححر‬
‫لححححححححححححححححححح فينحححححححححححححححححححا‬
‫نحححححححححححححححححححرى محححححححححححححححححححولى رسحححححححححححححححححححول ا ّ‬

‫يقيححححححححححححححححححححححححم الححححححححححححححححححححححححّدين ل يرتححححححححححححححححححححححححاب فيححححححححححححححححححححححححه‬


‫و يقضححححححححححححححححححححححححححححححى بححححححححححححححححححححححححححححححالفرايض مسححححححححححححححححححححححححححححححتبينا‬

‫و يحححححححححححححححححححححححدعو للجماعحححححححححححححححححححححححة محححححححححححححححححححححححن عصحححححححححححححححححححححححاه‬


‫سحححححححححححححححححححححححارقينا‬
‫و ينهحححححححححححححححححححححححك قطحححححححححححححححححححححححع أيحححححححححححححححححححححححدي ال ّ‬

‫و ليحححححححححححححححححححححححححس بكحححححححححححححححححححححححححاتم علمحححححححححححححححححححححححححا لحححححححححححححححححححححححححديه‬


‫و لححححححححححححححححححححححححم يخلححححححححححححححححححححححححق مححححححححححححححححححححححححن المتجّبرينححححححححححححححححححححححححا‬

‫لعمححححححححححححححححححر أبححححححححححححححححححي لقححححححححححححححححححد أصحححححححححححححححححححاب مصححححححححححححححححححر‬


‫علححححححححححححححححححححححى طححححححححححححححححححححححول الصحححححححححححححححححححححححابة أرجعونححححححححححححححححححححححا‬

‫و غّرونحححححححححححححححححححححححححححححححححا بحححححححححححححححححححححححححححححححححأّنهم عكحححححححححححححححححححححححححححححححححوف‬


‫و ليحححححححححححححححححححححححس كحححححححححححححححححححححححذاك فعحححححححححححححححححححححححل العاكفينحححححححححححححححححححححححا‬

‫صحححححححححححححححححححححححيام فجعتمونحححححححححححححححححححححححا‬‫أ فحححححححححححححححححححححححي شحححححححححححححححححححححححهر ال ّ‬


‫بخيححححححححححححححححححححححححر الّنححححححححححححححححححححححححاس طححححححححححححححححححححححححّرا أجمعينححححححححححححححححححححححححا‬

‫ي فخيحححححححححححححححححححر نفحححححححححححححححححححس‬
‫و محححححححححححححححححححن بعحححححححححححححححححححد النحححححححححححححححححححب ّ‬
‫صحححححححححححححححححححححححالحينا‬
‫أبحححححححححححححححححححححححو حسحححححححححححححححححححححححن و خيحححححححححححححححححححححححر ال ّ‬

‫ن الّنححححححححححححححححححححححححاس إذ فقححححححححححححححححححححححححدوا علّيححححححححححححححححححححححححا‬ ‫كححححححححححححححححححححححححأ ّ‬


‫نعححححححححححححححححححححام جححححححححححححححححححححال فححححححححححححححححححححي البلححححححححححححححححححححد سححححححححححححححححححححنينا‬

‫و لححححححححححححححححححححو أّنححححححححححححححححححححا سححححححححححححححححححححئلنا المححححححححححححححححححححال فيححححححححححححححححححححه‬


‫بحححححححححححححححححححححححححذلنا المحححححححححححححححححححححححححال فيحححححححححححححححححححححححححه و البنينحححححححححححححححححححححححححا‬

‫أشحححححححححححححححححححححححاب ذوابحححححححححححححححححححححححتى و أطحححححححححححححححححححححححال حزنحححححححححححححححححححححححي‬


‫أمامححححححححححححححححححححححححة حيححححححححححححححححححححححححن فححححححححححححححححححححححححارقت القرينححححححححححححححححححححححححا‬

‫تطححححححححححححححححححححححححوف بهححححححححححححححححححححححححا لحاجتهححححححححححححححححححححححححا إليححححححححححححححححححححححححه‬


‫فلّمحححححححححححححححححححححححا استيئسحححححححححححححححححححححححت رفعحححححححححححححححححححححححت رنينحححححححححححححححححححححححا‬

‫و عحححححححححححححححححححححححححححححححححبرة اّم كلثحححححححححححححححححححححححححححححححححوم إليهحححححححححححححححححححححححححححححححححا‬


‫تجححححححححححححححححححححححححاو بهححححححححححححححححححححححححا و قححححححححححححححححححححححححد رأت اليقينححححححححححححححححححححححححا‬

‫فل تشحححححححححححححححححححححححمت معاويحححححححححححححححححححححححة بحححححححححححححححححححححححن صحححححححححححححححححححححححخر‬


‫ن بقّيححححححححححححححححححححححححححة الخلفححححححححححححححححححححححححححاء فينححححححححححححححححححححححححححا‬
‫فححححححححححححححححححححححححححا ّ‬

‫و جّمعححححححححححححححححححححححت المححححححححححححححححححححححارة عححححححححححححححححححححححن تححححححححححححححححححححححراض‬


‫إلى ابن نبّينا و إلى أخينا‬

‫] ‪[ 127‬‬

‫و ل نعطحححححححححححححححححححححححى زمحححححححححححححححححححححححام المحححححححححححححححححححححححر فينحححححححححححححححححححححححا‬


‫سحححححححححححححححححححواه الحححححححححححححححححححّدهر آخحححححححححححححححححححر محححححححححححححححححححا بقينحححححححححححححححححححا‬

‫ن سححححححححححححححححححححححححححححححححححححححححححححححراتنا و ذوى حجانححححححححححححححححححححححححححححححححححححححححححححححا‬ ‫وإّ‬


‫تواصحححححححححححححححححححححححححححححححوا أن نجيحححححححححححححححححححححححححححححححب إذا دعينحححححححححححححححححححححححححححححححا‬

‫ل مهّنححححححححححححححححححححححححد عضححححححححححححححححححححححححب و جححححححححححححححححححححححححرد‬


‫بكحححححححححححححححححححححححح ّ‬
‫ن الكماة مسّومينا‬ ‫عليه ّ‬

‫لح‬
‫سححلم إلححى عايشححة سحجدت ّ‬ ‫روى أحمد بن حازم قال لما بلغ نعى أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫ن السححد اّلححذي كححان يفححترش‬
‫شكرا ‪ ،‬و لّما بلححغ إلححى معاويححة فححرح فرحححا شححديدا و قححال ‪ :‬إ ّ‬
‫ذراعيه في الحرب قد قضى نحبه ثّم قال ‪:‬‬

‫قحححححححححححححححححل للرانحححححححححححححححححب ترعحححححححححححححححححى أينمحححححححححححححححححا سحححححححححححححححححرحت‬


‫ظباء بل خوف و ل وجل‬ ‫و لل ّ‬

‫ععععع‬

‫ى فححي الكححافي علححى اختلف لمححا‬


‫سححلم مححرو ّ‬
‫ن هححذا الكلم لححه عليححه ال ّ‬
‫قد أشرنا سابقا إلى أ ّ‬
‫أورده السّيد في الكتاب فأحببت أن أورد ما هناك ‪ ،‬و هو ما رواه عن الحسين بن الحسححن‬
‫الحسني رفعه ‪ ،‬و محّمد بن الحسن عن إبراهيم بن إسحاق الحمري رفعه قال ‪:‬‬

‫ف به العّواد و قيل له ‪ :‬يا أمير المؤمنين أوص ‪،‬‬


‫سلم ح ّ‬
‫لّما ضرب أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫سلم ثنوالي وسادة ثّم قال ‪:‬‬
‫فقال عليه ال ّ‬

‫صححمد كمححا‬
‫ل الواحد الحححد ال ّ‬ ‫لا ّ‬
‫ب ‪ ،‬و ل إله إ ّ‬
‫ل قدره مّتبعين أمره ‪ ،‬أحمده كما أح ّ‬ ‫الحمد ّ‬
‫ل امرء لق في فراره مامنه يفّر ‪ ،‬و الجححل مسححاق الّنفححس اليححه ‪ ،‬و‬ ‫انتسب ‪ ،‬أّيها الّناس ك ّ‬
‫ل ح عحّز ذكححره‬‫طردت اليام أبحثها عن مكنون هذا المر فححأبى ا ّ‬ ‫الهرب منه موافاته ‪ ،‬كم ا ّ‬
‫ل جح ّ‬
‫ل‬ ‫ل إخفائه ‪ ،‬هيهات علم مكنون ) مخزون خ ل ( ‪ ،‬أّما وصّيتي فححأن ل تشححركوا بححا ّ‬ ‫إّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم فل تضّيعوا سّنته ‪،‬‬
‫ثناؤه شيئا ‪ ،‬و محّمدا صّلى ا ّ‬

‫أقيموا هذين العمودين ‪ ،‬و أوقدوا هذين المصباحين ‪ ،‬و خلكم ذّم ما لم تشردوا ‪،‬‬

‫ب رحيححم ‪ ،‬و امححام عليححم ‪ ،‬و ديححن‬


‫ل امرء منكم مجهوده ‪ ،‬و خّفف عن الجهلححة ‪ ،‬ر ّ‬
‫حمل ك ّ‬
‫قويم ‪ ،‬أنا بالمس صاحبكم ‪ ،‬و اليوم عبرة لكحم ‪ ،‬و غحدا مفحارقكم ‪ ،‬إن تثبحت الوطحأة فحي‬
‫هذه المزّلة فذاك المراد ‪ ،‬و إن تدحض القدم فاّنحا كّنحا فحي أفيحاء أغصحان و ذرى ريحاح و‬
‫طها ‪،‬‬ ‫ل في الجّو متلّفقها ‪ ،‬و عفى في الرض مخ ّ‬ ‫ل غمامة اضمح ّ‬
‫تحت ظ ّ‬

‫] ‪[ 128‬‬

‫و إّنما كنت جارا جاوركم بدني أّياما ‪ ،‬و ستعقبون مّني جّثة خلء ساكنة بعد حركة ‪،‬‬

‫و كاظمة بعد نطق ليعظكم هدّوى ‪ ،‬و خفوت أطرافي ‪ ،‬و سححكون أطرافححي ‪ ،‬فححاّنه أوعححظ‬
‫لح‬
‫لكم من الّناطق البليغ ‪ ،‬وّدعتكم وداع مرصد الّتلقي ‪ ،‬غدا تححرون أّيححامي ‪ ،‬و يكشححف ا ّ‬
‫ل عن سرائرى ‪ ،‬و تعرفوني بعد خلّو مكاني ‪ ،‬و قيامي غير مقامي ‪ ،‬أنا إن أبححق‬ ‫عّز و ج ّ‬
‫ي دمى ‪ ،‬و إن أفن فالفناء ميعادى ‪ ،‬العفو لي قربة و لكم حسنة فححاعفوا و اصححفحوا‬ ‫فأنا ول ّ‬
‫جة أو‬‫ل ذي غفلة أن يكون عمره عليه ح ّ‬ ‫ل لكم ‪ ،‬فيالها حسرة على ك ّ‬ ‫أل تحّبون أن يغفر ا ّ‬
‫ل ح رغبححة أو‬‫ل ‪ .‬و إّياكم مّمن ل يقصححر بححه عححن طاعححة ا ّ‬
‫تؤّديه امامه على شقوة ‪ ،‬جعلنا ا ّ‬
‫ل به بعد الموت نقمة ‪ ،‬فاّنما نحن له و به ‪.‬‬ ‫يح ّ‬

‫ي ضربة مكان ضربة و ل تأثم ‪.‬‬


‫سلم فقال ‪ :‬يا بن ّ‬
‫ثّم أقبل على الحسن عليه ال ّ‬

‫عععع‬

‫ف بححه « أي أحححاط و » العحّواد « جمححع عححائدوهم الحّزائرون‬


‫قال في مححرآت العقححول » حح ّ‬
‫للمريض و » الوسادة « ما يّتكاء عليه في المجلس ‪ ،‬و ثنّيها إّما للجلوس عليهححا ليرتفححع و‬
‫سامعين ‪ ،‬أو للّتكاء عليها لعدم قدرته على الجلوس مستقل ‪.‬‬ ‫يظهر لل ّ‬

‫ل قدره « أي حمدا يكون حسب قدره و كما هو أهله قححائم مقححام المفعححول‬ ‫و قوله » الحمد ّ‬
‫المطلق » مّتبعين أمره « حال من فاعل الحمد ‪ ،‬لّنه فححي قحّوة أحمححده » كمححا أححبّ « أي‬
‫حمدا يكححون محبححوبه و موافقححا لرضححاه » كمححا انتسححب « أي نسححب نفسححه إليححه فححي سححورة‬
‫التوحيد و لذا تسّمى نسبة الّرب و » الجل « منتهى العمرو هو مبتداء و » مساق الّنفححس‬
‫« مبتداء ثان و » إليه « خبره و الجملة خبر المبتداء الّول ‪.‬‬

‫» و محّمدا « منصوب بالغراء بتقدير الزموا و » الفاء « للتفريع و » ذرى رياح « أي‬
‫ماذرته و جمعته شّبه ما فيه النسان في الّدنيا من المتعة و الموال بمحاذرته الّريححاح فححي‬
‫عدم ثباتها و قّلة النتفاع ‪ ،‬فاّنها تجمعها ساعة و تفرقها اخرى ‪ ،‬أو المراد‬

‫] ‪[ 129‬‬

‫محال ذروها و » كاظمحة بعحد نطحق « قحال الفيروزآبحادي ‪ :‬كظحم غيظحه رّدة و حبسحه و‬
‫الباب أغلقه ‪.‬‬

‫لح عحن سحرائرى « لنّ‬ ‫» وّدعتكم « على صيغة المتكّلم محن بحاب التفعيحل و » يكشحف ا ّ‬
‫بالموت ينكشف بعض ما يسّره النسان من الّناس مححن حسححناته المتعّديححة إليهححم » إن أبححق‬
‫ي دمى « صدق الشرطّية ل يستلزم وقوع المقّدم ‪ ،‬و قد مّر الكلم فيه فل ينافي ما‬ ‫فأنا ول ّ‬
‫عَلْيهححا فححا ٍ‬
‫ن‬ ‫ن َ‬
‫ل َم ْ‬
‫ل ثناؤه » ُك ّ‬
‫مّر من قوله ‪ :‬و غدا مفارقكم » فالفناء ميعادى « كما قال ج ّ‬
‫ك«‪.‬‬‫جُه َرّب َ‬
‫َو َيْبقى َو ْ‬

‫شححايع عنححد‬
‫» العفو لي قربة و لكم حسنة « يحتمل أن يكون استحلل من القوم كمححا هححو ال ّ‬
‫الموادعة أي عفوكم عّنى سبب مزيححد قربححى و حسححناتكم ‪ ،‬أو عفححوى لكححم قربححة و عفححوى‬
‫عنكم حسنة ‪ ،‬فيكون طلب العفو على سبيل الّتواضع و من غير أن يكون منه إليهم جنايححة‬
‫‪ ،‬و في أكثر الّنسخ و إن أعف فالعفو لي قربة ‪ ،‬أي إن أعف عححن قححاتلى ‪ ،‬فقححوله ‪ :‬و لكححم‬
‫حسنة ‪ ،‬لصعوبة ذلك عليكم حيث تريدون الّتشّفى منه و تصبرون على عفوى بعد القدرة‬
‫على النتقام ‪.‬‬

‫» فاعفوا و اصفحوا « عّني على الوجه الّول أو عن غير قاتلى مّمن له شححركة فححي هححذا‬
‫لتهححم و ظلمهححم عليكححم أو إذا جىء عليكححم بمثححل هححذه‬
‫المر ‪ ،‬أو عن جرايم اخححوانكم و ز ّ‬
‫سلم ‪ :‬ضححربة مكححان ضححربة ‪ ،‬مححع أّنححه يحتمححل أن يكححون‬ ‫الجناية لئل يناقض قوله عليه ال ّ‬
‫معناه إن لم تعفوا فضربة لكن المر بالعفو عن مثل هذا الملعون بعيد‬

‫ععععععع‬

‫از جمله كلم آن امام است پيش از مرك خود ميفرمايد ‪:‬‬

‫أي مردمان هر مردى از شما ملقات كننده است در گريختن خود بححآنچه كححه ميگريححزد‬
‫از آن ‪ ،‬و مدت عمر محل جريان نفس است بنهايت آن ‪ ،‬و گريختن از مرگ رسيدنست‬
‫حححص ميكححردم از‬
‫بآن ‪ ،‬بساگردانيدم روزگار را رانده شده از خود در حالتى كححه نيححك تف ّ‬
‫پوشيده اين كار پس امتناع فرمود حقتعالى مگر پنهان كردن آن را ‪ ،‬چه دور‬

‫] ‪[ 130‬‬

‫طلع شدن بآن ‪ ،‬اين علم علميست پوشيده شده ‪.‬‬


‫است م ّ‬

‫و أّما وصّيت من بشما پس اينست كه پروردگار عالميان را شريك قرار ندهيححد و محّمححد‬
‫ل عليه و آله و سحّلم ضحايع نگردانيحد سحّنت و شحريعت او را ‪ ،‬بحر پحا‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫بن عبد ا ّ‬
‫داريد اين دو ستون اسلم را ‪ ،‬و بر افروزيد اين دو چححراغ هححدايت را و خححالى باشححد از‬
‫شما مذّمت مادامى كه رم ننمائيد از توحيد پروردگار و شريعت سّيد مختار ‪.‬‬

‫برداشت هر مردى از شما تكليفي كه بأندازه وسع و طاقت او است ‪ ،‬و تخفيف داده شححد‬
‫بار تكليف از جاهلن و ضعيفان ‪ ،‬خداى شما خدائيست مهربان ‪ ،‬و دين شما دينى است‬
‫راست ‪ ،‬و امام شما امامى است عالم و آگاه ‪ ،‬من ديروز مصاحب شما بودم ‪ ،‬و امروز‬
‫كه با اين حالت ضعف افتادهام عبرتم از براى شما ‪ ،‬و فححردا مفححارقت كننححدهام از شححما‬
‫ل لغزش‬ ‫بيامرزد خداى تعالى مرا و شما را ‪ ،‬اگر ثابت بشود قدم من در اين دنيا كه مح ّ‬
‫است پس اينست مقصود شما ‪ ،‬و اگر بلغزد قدم پس بدرسححتي كححه مححا بححوديم در سححايهاى‬
‫ل وزيدن بادها و در زير سايه أبرها كه نيست شد و نححابود گشححت‬ ‫شاخهاى درخت و مح ّ‬
‫و در هوا جمع شده آن ابرها و مندرس شد در زمين اثر آنها ‪.‬‬

‫و جز اين نيست كه بودم من همسايه كه همسايگى نمود با شححما بححدن مححن چنححد روزى و‬
‫زود باشد كه بيابيد بعد از من بدنى كه خالى باشد از روح ‪ ،‬چنان بدنى كححه سححاكن باشححد‬
‫بعد از حركت ‪ ،‬و خاموش باشد بعد از گفتار ‪ ،‬تا وعظ نمايد بشما سكون من و چشم در‬
‫پيش افكندن من ‪ ،‬و ساكن شدن أطراف بدن من ‪.‬‬

‫پس بدرستى كحه مححرگ پنحد دهنحدهتر اسححت از بحراى عحبرت يابنححدگان از گفتححار بليححغ و‬
‫فصيح ‪ ،‬و از قول مسموع صريح ‪ ،‬وداع كردن من شما را وداع مرديست كه مهيا شده‬
‫از براى ملقات پروردگار ‪ ،‬فردا مىبينيد روزهاى مححرا ‪ ،‬و كشححف ميشححود شححما را از‬
‫سّرهاى من ‪ ،‬و بشناسيد عححدالت و قححدر مححرا بعححد از خحالى بححودن مكححان مححن از مححن ‪ ،‬و‬
‫ايستادن غير من بجاى من با امارت و خلفت و بىمبالتي او در دين ‪.‬‬

‫] ‪[ 131‬‬
‫عععع عع عععععع ع ع ع ع‬
‫ع عع عععع عع عععع ععع‬
‫ععع عع ع ععععع عع ع ع ععععع عع ع ع ع عع‬
‫ععععع‬

‫ى ‪ ،‬و تركا لمذاهب الّرشححد ‪ ،‬فل تسححتعجلوا مححا‬‫و أخذوا يمينا و شمال ظعنا في مسالك الغ ّ‬
‫هو كائن مرصد ‪ ،‬و ل تستبطئوا ما يجبىء به الغد ‪ ،‬فكم من مسححتعجل بمححا إن أدركححه وّد‬
‫ل موعود ‪،‬‬ ‫أّنه لم يدركه ‪ ،‬و ما أقرب اليوم من تباشير غد ‪ ،‬يا قوم هذا إّبان ورود ك ّ‬

‫و دنّو من طلعة ما ل تعرفون ‪ ،‬أل و من أدركها مّنا يسري فيها بسححراج منيححر ‪ ،‬و يحححذو‬
‫ل فيها ربقا ‪،‬‬
‫صالحين ‪ ،‬ليح ّ‬
‫فيها على مثال ال ّ‬

‫و يعتق رّقا ‪ ،‬و يصدع شعبا ‪ ،‬و يشعب صدعا ‪ ،‬في سححترة عححن الّنححاس ل يبصححر القححائف‬
‫ن فيهححا قححوم شحححذ القيححن الّنصححل ‪ ،‬يجلححى بالّتنزيححل‬
‫أثححره و لححو تححابع نظححره ‪ ،‬ث حّم ليشحححذ ّ‬
‫أبصارهم ‪ ،‬و يرمى بالّتفسير في مسامعهم ‪،‬‬

‫صبوح ‪.‬‬
‫و يغبقون كأس الحكمة بعد ال ّ‬

‫منها و طال المد بهم ليستكملوا الخزى ‪ ،‬و يستوجبوا الغير حّتحى إذا اخلولحق الجحل ‪ ،‬و‬
‫صححبر ‪ ،‬و لححم‬
‫لح بال ّ‬
‫استراح قوم إلى الفتن ‪ ،‬و اشتالوا عن لقاح حربهححم ‪ ،‬لححم يمّنححوا علححى ا ّ‬
‫يستعظموا بذل أنفسهم‬

‫] ‪[ 132‬‬

‫ق ‪ ،‬حّتى إذا وافق وارد القضآء انقطاع مّدة البلء ‪ ،‬حملوا بصآئرهم على أسيافهم‬ ‫في الح ّ‬
‫لح عليححه و آلححه و سحّلم‬
‫ل رسححوله صحّلى ا ّ‬
‫‪ ،‬و دانوا لرّبهم بأمر واعظهم ‪ ،‬حّتى إذا قبض ا ّ‬
‫سبل ‪ ،‬و اّتكلوا على الولئج ‪ ،‬و وصلوا غير الّرحححم‬ ‫رجع قوم على العقاب ‪ ،‬و غالتهم ال ّ‬
‫ص أساسححه فبنححوه فححي غيححر‬‫سبب اّلذي أمروا بموّدته ‪ ،‬و نقلوا البنححاء عححن ر ّ‬
‫‪ ،‬و هجروا ال ّ‬
‫ل ضارب في غمرة ‪ ،‬قد ماروا في الحيرة ‪،‬‬ ‫ل خطيئة ‪ ،‬و أبواب ك ّ‬‫موضعه ‪ ،‬معادن ك ّ‬

‫سكرة ‪ ،‬على سّنة من آل فرعون ‪ ،‬من منقطع إلى الحّدنيا راكححن ‪ ،‬أو مفحارق‬
‫و ذهلوا في ال ّ‬
‫للّدين مباين ‪.‬‬

‫ععععع‬

‫صححبح و كحلّ‬‫) ظعن ( ظعنا من باب منع و ظعنححا بالّتحريححك سححار و ) التباشححير ( أوائل ال ّ‬
‫حدة وقته و زمانه و ) الّربححق (‬ ‫شيء ‪ ،‬و ) إّبان ( الشيء بكسر الهمزة و تشديد الباء المو ّ‬
‫ل عححروة ربقححة بالكسححر و الفتححح و‬‫سكون حبل فيه عّدة عري يشّد به البهححم و كح ّ‬‫بالكسر فال ّ‬
‫شحذ و هو الّتحديد و‬ ‫ن ( على البناء للمفعول من ال ّ‬ ‫الجمع ربق و رباق و أرباق و ) يشحذ ّ‬
‫سححيف مححا لححم يكححن لححه مقبححض و‬
‫سححهم و ال ّ‬
‫) القين ( الحّداد و ) الّنصل ( حديدة الّرمححح و ال ّ‬
‫صبوح ( كصححبور أيضححا‬ ‫ى و غبقه سقاه ذلك و ) ال ّ‬ ‫شرب بالعش ّ‬ ‫) الغبوق ( وزان صبور ال ّ‬
‫صبوح على مححا يشححرب‬ ‫شرب بالغداة ‪ ،‬و صّبحهم سقاهم صبوحا و قد يطلق الغبوق و ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ى و الغداة ‪.‬‬
‫بالعش ّ‬

‫و ) الغير ( بكسر الغين المعجمة و فتح الياء المثّناة قال في مجمع البحرين ‪:‬‬

‫] ‪[ 133‬‬

‫ل يلقى الغير ‪ ،‬أى تغّير الحححال و‬ ‫في الحديث ‪ :‬الشكر أمان من الغير ‪ ،‬و مثله من يكفر با ّ‬
‫صلح إلى الفساد و ) شالت ( الّناقة ذنبها و أشالته رفعته فشال الّذنب نفسححه‬ ‫انتقالها عن ال ّ‬
‫لزم متعّد و ) اللقاح ( بالفتح اسم ماء الفحل لقحت الّناقة مححن بححاب سححمع لقاحححا أى قبلححت‬
‫سيل أهلكه كاغتاله و ) الّرص ( مصدر من ر ّ‬
‫ص‬ ‫الّلقاح فهى لقح أى حامل و ) غاله ( ال ّ‬
‫صصه قال تعالى ‪:‬‬ ‫الشيء ألصق بعضه ببعض و ضّم كر ّ‬

‫ف تلصقوا و انضّموا و ) مار ( الشححيء‬


‫صوا في الص ّ‬
‫ص « و ترا ّ‬
‫صو ٌ‬‫ن َمْر ُ‬
‫» َكأّنُهْم ُبْنيا ٌ‬
‫من باب قال تحّرك بسرعة قال سبحانه ‪:‬‬

‫سمآُء َمْورًا «‬
‫» َيْوَم َتُموُر ال ّ‬

‫ععععععع‬

‫شارح المعتزلي ‪ :‬ينصب ظعنا و تركححا علحى المصحدرّية و العامححل فيهمحا مححن غيححر‬ ‫قال ال ّ‬
‫لفظهما و هو أخذوا ‪ ،‬انتهى ‪.‬‬

‫صواب أّنهما حالن من فاعل أخذوا على الّتأويل بالفاعل ‪ ،‬أى ظاعنين و تاركين ‪ ،‬و‬ ‫و ال ّ‬
‫يا قوم بكسر الميم منادى مّرخم ‪ ،‬و قححوله ‪ :‬فححي سححترة خححبر لمبتححداء محححذوف و جملححة ل‬
‫ي مدبرا ‪ ،‬و جملة يجلى بالّتنزيل في محلّ الّرفححع‬‫يبصر القائف أثره حال مؤّكدة نحو ‪ :‬ول ّ‬
‫صفة لقوم ‪ ،‬و قوله ‪ :‬حّتى اذا اخلولق الجل ‪،‬‬

‫جواب اذا محذوف بقرينة جواب اذا التيححة أعنححى قححوله ‪ :‬حملححوا بصححائرهم ‪ ،‬و جملححة لححم‬
‫ل خطيئة ‪ ،‬خحبر لمبتححداء محححذوف و‬ ‫يمّنوا ححال مححن فاعحل اشححتالوا ‪ ،‬و قححوله ‪ :‬معحادن كح ّ‬
‫ل الّرفع صفة لقوم ‪.‬‬
‫الجملة في مح ّ‬
‫و قوله ‪ :‬على سّنة من آل فرعون من منقطع آه ظرف مستقّر حححال مححن فاعححل ذهلححوا ‪ ،‬و‬
‫من الولى نشوّية ابتدائّية و الّثانية أيضححا للبتححداء ‪ ،‬و مجححرور الثانيححة بححدل مححن مجححرور‬
‫الولى بدل اشتمال نظير قوله تعالى ‪:‬‬

‫] ‪[ 134‬‬

‫جَرِة « قال ابححن هشححام ‪ :‬مححن‬


‫شَ‬‫ن ِفى اْلُبْقعِة اْلُمباَرَكِة ِمنَ ال ّ‬
‫لْيَم ِ‬
‫ن شاطىء اْلواِد ا ْ‬
‫ى ِم ْ‬‫» ُنوِد َ‬
‫شحجرة كحانت‬ ‫ن ال ّ‬
‫فيهما للبتداء و مجرور الثانية بدل من مجرور الولحى بحدل اشحتمال ل ّ‬
‫شاطىء ‪ ،‬انتهى ‪.‬‬ ‫نابتة بال ّ‬

‫و رّبما يعترض عليه باّنه ل بّد على ذلك مححن تقححدير ضححمير يعححود علححى المبححدل منححه ‪ ،‬و‬
‫ضمير ‪ ،‬هذا ‪.‬‬‫ن تكرار من يغنى عن تقدير ال ّ‬ ‫اجيب عنه بأ ّ‬

‫و يحتمل كون من الثانية للّتبيين فهى إّما بيان لمجرور من الولى على حّد قوله تعالى ‪:‬‬

‫ب بآياِتنا « ‪.‬‬
‫ن ُيَكّذ ُ‬
‫ل ُأّمٍة َفْوجًا ِمّم ْ‬
‫ن ُك ّ‬
‫شُر ِم ْ‬
‫حُ‬‫» َو َيْوَم َن ْ‬

‫ل خطيئة ‪ ،‬و الّول أقرب لفظا و الّثاني معنى ‪ ،‬فافهم ‪.‬‬


‫أو بيان لمعادن ك ّ‬

‫عععععع‬

‫ضحلل زاغحوا عحن طريحق‬


‫سلم يذكر في هحذه الخطبحة قومحا محن فحرق ال ّ‬
‫اعلم أّنه عليه ال ّ‬
‫الهدى إلى سمت الّردى و مدارها على فصول ‪:‬‬

‫ععععع ععععع‬

‫ي و تركحا لمحذاهب‬ ‫سحلم ‪ ) :‬و أخحدوا يمينحا و شحمال ظعنحا فحي مسحالك الغح ّ‬ ‫قحوله عليحه ال ّ‬
‫سححداد ‪،‬‬
‫ضلل ‪ ،‬و تححاركين لمححذاهب الّرشححد و ال ّ‬ ‫ي و ال ّ‬
‫الّرشد ( أى مرتحلين في مسالك الغ ّ‬
‫طريق الوسطى هي الجاّدة على ما تقّدم تفصيل في شرح‬ ‫شمال مضّلة و ال ّ‬‫ن اليمين و ال ّ‬
‫فا ّ‬
‫ل ل محالححة عححن‬ ‫شححمال و اليميححن ضح ّ‬
‫سادس عشر ‪ ،‬فمن أخذ بال ّ‬ ‫الفصل الّثاني من الكلم ال ّ‬
‫الّنهج القويم و الصراط المستقيم ‪.‬‬

‫ل عليه و‬
‫ثّم نهاهم عن استعجال ما كانوا يتوّقعونه من الفتن اّلتي أخبرهم الّرسول صّلى ا ّ‬
‫آله‬

‫] ‪[ 135‬‬
‫سححلم عنهححا و‬‫سلم بوقوعها في مسححتقبل الّزمححان ‪ ،‬و كححانوا يسححألونه عليححه ال ّ‬
‫و هو عليه ال ّ‬
‫يستبطؤون حصولها فقال ‪ ) :‬فل تستعجلوا ما هو كائن مرصححد ( أى مححترّقب و مع حّد ) و‬
‫ل تستبطؤوا ما يجىء به الغد ( و عّلل الّنهى عن السححتعجال بقححوله ) فكححم مححن مسححتعجل‬
‫بما إن أدركه ( حريص عليه ) وّد أّنه لم يدركه ( و ذلك لّنححه رّبمححا يسححتعجل أمححرا غفلححة‬
‫شرور و المعايب فاذا‬ ‫عّما يترّتب عليه من المفاسد و المضاّر ‪ ،‬و جهل بما يتضّمنه من ال ّ‬
‫أدركه ظهر له ما كان مخفّيا عنه فيوّد أن ل ينيله و ل يدركه قال سبحانه ‪:‬‬

‫ن«‪.‬‬
‫ل َيْعَلُم َو أْنُتْم ل َتْعَلُمو َ‬
‫شّر َلُكْم َو ا ُّ‬
‫شْيئًا َو ُهَو َ‬
‫حّبوا َ‬
‫ن ُت ِ‬
‫عسى أ ْ‬
‫» َو َ‬

‫و لّما نهاهم عن استبطاء ما يجيء به الغد أشار إلى قربه بقححوله ) و مححا أقححرب اليححوم مححن‬
‫شاعر ‪ :‬غد ما غد ما أقرب اليوم من غد ‪.‬‬ ‫تباشير غد ( و أوائله كما قال ال ّ‬

‫ل موعححود ( أى وقححت وروده و زمححانه و‬‫سلم ‪ ) :‬يا قوم هذا إّبححان ورود ك ح ّ‬
‫ثّم قال عليه ال ّ‬
‫ن المقصود بهذه الجملة تقريب ذلك الموعود مححن الفتححن ‪ ،‬و‬ ‫المستفاد من شرح البحراني أ ّ‬
‫من شرح المعتزلي أّنها إشارة إلى قرب وقت القيامة و ظهور الفتن التى يظهر أمامها ‪،‬‬

‫ن السّيد ) ره ( حذف أّول الخطبة و‬ ‫سلم متشابه المراد ‪ ،‬ل ّ‬‫ن كلمه عليه ال ّ‬
‫و النصاف أ ّ‬
‫ساقها على غير نسق ‪ ،‬فأوجب ذلك إبهام المرام و إعضححال الكلم ‪ ،‬و كححم لححه ) ره ( مححن‬
‫سليقة في هذا الكتاب الموجب للغلق و الضطراب هذا ‪.‬‬ ‫مثل هذا السلوب المخالف لل ّ‬

‫و قوله ‪ ) :‬و دنّو من طلعة ما ل تعرفون ( أى هذا وقت قرب ظهححور محا ل تعرفححون مححن‬
‫تلك الملحم و الفتن الحادثة بالّتفصيل ‪.‬‬

‫ن تلك الملحم و الشراط الهايلة غير معهود مثلها ‪ ،‬نحو داّبححة‬ ‫شارح المعتزلي ‪ :‬ل ّ‬ ‫قال ال ّ‬
‫الرض ‪ ،‬و الّدجال و فتنته و ما يظهر علححى يححده مححن المخححاريق و المححور الموهمححة ‪ ،‬و‬
‫سفياني و ان يقتل فيها من الخلئق الذي ل يحصى عددهم ‪ ،‬انتهى ث حّم أشححار إلححى‬ ‫واقعة ال ّ‬
‫سلم عند ظهور هذه الفتن فقال ) أل و من أدركها مّنا ( أهل البيت‬ ‫سيرة أهل بيته عليه ال ّ‬
‫) يسرى فيها ( أى في ظلمات هذه الفتن ) بسراج منير ( أى بنور‬

‫] ‪[ 136‬‬

‫المامة و الولية ‪ ،‬فل توجب ظلماتها انحرافه عن طريق الهدى ‪ ،‬و ل توقع له شبهة في‬
‫ق المححبين ) و يحححذو فيهححا علححى مثححال (‬
‫صافية بل يسلك فيها مسلك الحح ّ‬ ‫صادقة ال ّ‬
‫عقيدته ال ّ‬
‫ل فيها ربقا و يعتق رّقا ( أى يسححتف ّ‬
‫ك‬ ‫صالحين ( و يقتفى آثار أولياء الّدين ) ليح ّ‬‫أسلفه ) ال ّ‬
‫ظالمين ‪ ،‬و يحتمل أن يكون كناية عححن حّلححه فيهححا ربححق‬ ‫الهدى و ينقذ مظلومين من أيدى ال ّ‬
‫ل الجهححل ) و يصححدع شححعبا و يشحعب صحدعا ( أى‬ ‫شك من أعناق الّنفوس و عتقها من ذ ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ضلل و يصلح ما تشّتت و تفّرق من الهدى ‪.‬‬ ‫يفّرق ما اجتمع و اّتفق من ال ّ‬
‫ن المححراد‬‫شححارح المعححتزلي هنححا بعححد بنححائه علححى أ ّ‬
‫و قوله ‪ ) :‬في سترة عن الّناس ( قححال ال ّ‬
‫لح‬
‫ى آل محّمححد سححلم ا ّ‬ ‫سلم سابقا ‪ :‬و مححن أدركهححا ‪ ،‬هححو مهححد ّ‬ ‫بالموصول في قوله عليه ال ّ‬
‫ل على استتار هذا النسححان المشححار إليححه و‬ ‫ن هذا الكلم يد ّ‬ ‫طاهرين ‪ :‬إ ّ‬ ‫عليه و على آبائه ال ّ‬
‫ليس ذلك بنافع للمامّية فححي مححذهبهم و إن ظّنححوا أّنححه تصححريح بقححولهم ‪ ،‬و ذلححك لّنححه مححن‬
‫لح فححي آخححر الّزمححان و يكححون مسححتترا محّدة و لححه دعححاة‬ ‫الجايز أن يكون هذا المام يخلقه ا ّ‬
‫يدعون إليه و يقّررون أمره ثّم يظهر بعد ذلك الستتار و يملك المماليك و يقهححر الحّدول و‬
‫يمّهد الرض كما ورد في الخبر انتهى ‪.‬‬

‫ى صححاحب الّزمححان‬ ‫ن المهححد ّ‬


‫أقول ‪ :‬قد أشرنا في شرح الخطبة المأة و الّثامنة و الثلثيححن أ ّ‬
‫ن خلف المعتزلة و من حذا حذوهم فيححه‬ ‫عليه صلوات الّرحمن مخلوق موجود الن ‪ ،‬و أ ّ‬
‫و إنكارهم لوجوده بعد مّما ل يعباء به بعد قيام البراهين العقلّية و النقلية و دللة الصول‬
‫لح عليهححم ‪ ،‬و كتححب‬‫ي مححذهب المامّيححة رضححوان ا ّ‬ ‫المحكمة على وجوده كما هححو ضححرور ّ‬
‫أصحابنا في الغيبة كفتنا مؤنة الستدلل في هذا المقام و كيف كان فلححو اريححد بالموصححول‬
‫سلم ل بّد أن يكون المراد بقحوله ‪ :‬فححي سحترة عحن الّنححاس ‪،‬‬ ‫خصوص امام الّزمان عليه ال ّ‬
‫غيبته و استتاره عن أعين الّناس ‪ ،‬و يكون قوله ) ل يبصر القائف أثره و لو تابع نظره (‬
‫إشارة إلى شّدة استتاره و عدم إمكان الوصول إليه و لو استقصى في الطلححب و بولححغ فححي‬
‫ى من الّناس إذا اقتضت الحكمة اللهّية ‪ ،‬و لو اريد بححه العمححوم‬ ‫ل للوحد ّ‬ ‫الّنظر و الّتأمل إ ّ‬
‫شارح‬ ‫كان المقصود به ما قاله ال ّ‬

‫] ‪[ 137‬‬

‫سححلم مغمححورين فححي الّنححاس ل‬‫البحراني حيث قال ‪ :‬و ما زالت أئمة أهححل الححبيت عليهححم ال ّ‬
‫ل من عّرفوه أنفسهم حّتى لو تعّرفهم من ل يريدون معرفتححه لححم يعرفهححم ‪ ،‬لسححت‬ ‫يعرفهم إ ّ‬
‫ق و الحّقون بالمر ‪.‬‬ ‫أقول لم يعرف أشخاصهم بل ل يعرف أّنهم أهل الح ّ‬

‫ن في هذه‬ ‫شارح المعتزلي ‪ :‬يريد ليحرض ّ‬ ‫ن فيها قوم شحذ القين الّنصل ( قال ال ّ‬
‫) ثّم ليشحذ ّ‬
‫صححيقل‬
‫ن عزائمهححم كمححا يشحححذ ال ّ‬
‫ضلل ‪ ،‬و ليححوطن ّ‬ ‫الملحم قوم على الحرب و قتل أهل ال ّ‬
‫سيف و يطلق حّده ‪.‬‬ ‫ال ّ‬

‫شارح البحراني ‪ :‬أى في أثناء ما يأتي من الفتححن تشححذ أذهحان قححوم و تعحّد لقبحول‬ ‫و قال ال ّ‬
‫شحححذ مسححتعار لعححداد الذهححان ‪ ،‬و‬
‫العلوم و الحكمة كما يشحذ الححّداد الّنصححل ‪ ،‬و لفححظ ال ّ‬
‫وجه الستعارة الشتراك فححي العححداد الّتححام الّنححافع ‪ ،‬فهححو يمضححى فححي مسححائل الحكمححة و‬
‫ى الّنصل فما يقطع به و هو وجه الّتشبيه المذكور ‪ ،‬انتهى ‪.‬‬ ‫العلوم كمض ّ‬

‫سلم ‪ :‬قوم ‪ ،‬أنصار إمام الزمححان عليححه‬


‫أقول ‪ :‬فعلى قول الّول يكون المراد بقوله عليه ال ّ‬
‫سلم و أصحابه ‪ ،‬و على قول الّثاني يكون المراد به علماء الّمة المستجمعين لكمححالت‬ ‫ال ّ‬
‫ل من جاء منهم قبلنحا و محن يحأتي فحي آخحر الزمحان و وصحف‬ ‫سالكين لسبيل ا ّ‬‫النفوس ‪ ،‬ال ّ‬
‫هؤلء بقوله ) يجلى بالتنزيل أبصارهم و يرمى بالّتفسير في مسامعهم ( أى يكشف الّرين‬
‫شححبهات عححن أبصححار بصححائرهم بححالقرآن و الّتححدبر فححي بححديع‬ ‫شححكوك و ال ّ‬
‫و تدفع ظلمححات ال ّ‬
‫ق التفسير في مسححامعهم ‪ ،‬و الجملححة الّثانيححة بمنزلححة‬ ‫اسلوبه و معانيه ‪ ،‬و يرمى بتفسيره ح ّ‬
‫ق و ينبغححى مححن أهححل الححذكر الححذينهم‬ ‫الّتعليل للولى ‪ ،‬يعني أّنهم لتلّقيهم تفسيره على ما يح ّ‬
‫سححلم بمعححانيه و مبححانيه و‬ ‫معادن التنزيل و الّتأويححل و تحصححيلهم المعرفححة عنهححم عليهححم ال ّ‬
‫شححبهات و غشححاوة‬ ‫اسراره الباطنة و الظاهرة و حكمه الجلّيححة و الخفّيححة ارتفعححت غطححاء ال ّ‬
‫شحكوكات عحن ضحمائرهم و بصحائرهم ‪ ،‬فاسححتعّدت أذهححانهم لدراك المعححارف الحّقحة و‬ ‫ال ّ‬
‫الحكم اللهّية ‪ ،‬و لم يزل السرار الّربانّية و العنايات اللهّية تفاض اليهم صباحا و مساء‬
‫‪.‬‬

‫صبوح ( و هو من باب الستعارة‬


‫و هو معنى قوله ‪ ) :‬و يغبقون كأس الحكمة بعد ال ّ‬

‫] ‪[ 138‬‬

‫بالكناية حيث شّبه الحكمححة الححتى هححى عبححارة عححن المعححارف المتضحّمنة لصححلح النشححأتين‬
‫شراب ‪ ،‬و الجامع عظم المنفعة و الّلذة فيهما و إن كانت منفعححة الولححى للرواح و بهححا‬ ‫بال ّ‬
‫ظهححا ‪ ،‬و اثبححات الكححأس تخييححل ‪ ،‬و ذكححر‬
‫التذاذها و كمالها ‪ ،‬و نفع الّثاني للبدان و منححه ح ّ‬
‫صبوح ترشيح ‪.‬‬ ‫الغبوق و ال ّ‬

‫ععععع عععععع‬

‫سلم ) و طال المد بهم ليستكملوا الخزى و يسححتوجبوا الغيححر ( قححال‬ ‫) منها ( قوله عليه ال ّ‬
‫الشارحان البحرانححي و المعححتزلي ‪ :‬هححذا الفصححل مححن كلمححه يّتصححل بكلم قبلححه لححم يححذكره‬
‫ل سبحانه انتهى ‪.‬‬ ‫ي قد وصف فيه فئة ضاّلة قد استولت و ملكت و املى لها ا ّ‬ ‫الّرض ّ‬

‫ان قيل ‪ :‬كيف ساغ جعل طول المد عّلة لستكمال الخزى ؟‬

‫لم هنا ليست على الّتعليححل حقيقححة بححل هححى علححى العّليححة المجازّيححة كمححا فححي قححوله‬‫قلت ‪ :‬ال ّ‬
‫سبحانه » فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدّوا و حزنا « حيث شحّبه ترّتحب كحونه عحدّوا و‬
‫لم الموضححوعة‬ ‫حزنا على اللتقاط بترّتب العّلححة الغائيححة علححى معلولهححا ‪ ،‬فاسححتعمل فيححه ال ّ‬
‫ي و الغفلححة ‪ ،‬و‬‫للعلّية ‪ ،‬و فيما نحن فيه أيضا لّما كان طححول المحّدة سححببا لتمححاديهم فححي الغح ّ‬
‫فعلهم للثام و المعاصي بسوء اختيارهم ‪ ،‬و كان فعل المعاصى جالبا لكمححال الخححزى ‪ ،‬و‬
‫طححالبين لكمححال الخححزى ‪ ،‬ثحّم رّتححب‬ ‫موجبا لتغّير الّنعم ‪ ،‬فجعلوا بفعلهم للمعاصي بمنزلححة ال ّ‬
‫لم الموضححوعة للعلّيححة فيححه و مثلحه قحوله‬ ‫استكمال الخزى علححى طححول المحد و اسحتعمل ال ّ‬
‫تعالى ‪:‬‬
‫سِهْم ِإّنما ُنْملي َلُهْم ِلَيْزداُدوا ِإْثم حًا َو َلُه حْم‬
‫لْنُف ِ‬
‫خْيٌر َِ‬
‫ن َكَفُروا أّنما ُنْملي َلُهْم َ‬
‫ن اّلذي َ‬
‫سَب ّ‬
‫حَ‬‫» َو ل َي ْ‬
‫ن«‪.‬‬ ‫ب ُمهي ٌ‬
‫عذا ٌ‬‫َ‬

‫صل المرام أّنهم بطول بقائهم في الّدنيا ركبوا الّذنوب و المعاصي ‪ ،‬فاستحّقوا بححذلك‬
‫و مح ّ‬
‫الخزى و الّنكال ‪ ،‬و استوجبوا تغير الّنعمة بسوء العمال‬

‫] ‪[ 139‬‬

‫جّنَتْيح ِ‬
‫ن‬ ‫جّنَتْيِهحْم َ‬
‫سحِهْم « قححال » َو َبحّدْلناُهْم ِب َ‬
‫حّتححى ُيَغّيحُروا مححا ِبَأْنُف ِ‬
‫ل ل ُيَغّيُر ما ِبَقْوٍم َ‬
‫ن » ا َّ‬ ‫لّ‬
‫ل‪،‬‬ ‫سْدٍر َقلي ٍ‬
‫ن ِ‬‫يٍء ِم ْ‬
‫ش ْ‬ ‫ل َو َ‬‫ط َو َأْث ٍ‬
‫خْم ٍ‬‫ل َ‬
‫ى ُأُك ٍ‬
‫َذواَت ْ‬

‫ل اْلَكُفوُر « ‪.‬‬
‫ل ُنجازي إ ّ‬
‫جَزْيناُهْم ِبما َكَفُروا َو َه ْ‬
‫ك َ‬
‫ذِل َ‬

‫شارح البحراني ‪ :‬أى صار خليقا ‪ ،‬و ليححس بشححيء ‪ ،‬لنّ‬ ‫) حّتى إذا اخلولق الجل ( قال ال ّ‬
‫ل الفاعل فهو فعل تاّم بمعنى قرب ‪ ،‬و ما ذكره معنى اخلولق إذا ذكر‬ ‫اخلولق لم يذكر له إ ّ‬
‫سححماء أن تمطححر أى صححار خليقححا‬
‫لححه اسححم و خححبر و كححان فعل ناقصححا مثححل ‪ :‬اخلولححق ال ّ‬
‫ضالين المسححتكملين للخححزى‬
‫للمطار ‪ ،‬و كيف كان فالمراد أّنه قرب انقضاء مّدة هؤلء ال ّ‬
‫و المستوجبين للغير ‪.‬‬

‫شيعة و أهل البصرة إلححى فتححن تلححك‬ ‫) و استراح قوم إلى الفتن ( أى مال و صبا قوم من ال ّ‬
‫جههم إليها ) و اشتالوا عححن لقححاح حربهححم (‬ ‫ضاّلة ‪ ،‬و وجدوا الّراحة لنفسهم في تو ّ‬ ‫الفئة ال ّ‬
‫أى رفع هؤلء المستريحون أنفسححهم عححن تهّيححج الحححرب بينهححم و بيححن هححذه الفئة ‪ ،‬و شحّبه‬
‫لقح و أثبت لها الّلقاح تخييل ‪ ،‬و المراد أّنهم تركححوا محححاربتهم و رفعححوا‬ ‫الحرب بالّناقة ال ّ‬
‫أيديهم عن سيوفهم إّما لعجزهم عن القتال أو لعدم قيام القائم بالمر فهادنوهم و ألقوا اليهم‬
‫سلم ‪.‬‬
‫ال ّ‬

‫ق القتال ‪ ،‬و فححي روايححة ‪ :‬بالّنصححر ‪ ،‬أى‬‫صبر ( على مشا ّ‬‫ل بال ّ‬
‫حالكونهم ) لم يمّنوا على ا ّ‬
‫ق ( و نصرته ) حّتى إذا وافق‬ ‫ل ) و لم يستعظموا بذل أنفسهم في ( طلب ) الح ّ‬ ‫بنصرهم ّ‬
‫ضححالة‬
‫وارد القضاء انقطاع مّدة البلء ( أى ورد القضاء اللهي بانقطاع بلء هححذه الفئة ال ّ‬
‫قو‬‫ل فححي استيصححالهم بظهححور مححن يقححوم بنصححر الحح ّ‬‫و انقضاء ملكهم و أمارتهم و أذن ا ّ‬
‫دعححوته اليححه ) حملححوا ( أى هححؤلء المسححتريحون إلححى الفتححن ) بصححائرهم علححى أسححيافهم (‬
‫شارح المعتزلي ‪ :‬و هذا معنححى لطيححف ‪ ،‬يعنححي أّنهححم أظهححروا‬‫ضلل ‪ ،‬قال ال ّ‬‫لحرب أهل ال ّ‬
‫سيوف مححن‬ ‫بصائرهم و عقايد قلوبهم للّناس و كشفوها و جّردوها من أجفانها مع تجريد ال ّ‬
‫أجفانها فكأنها شيء محمول على السيوف يبصره من يبصر السيوف ‪ ،‬فترى في‬

‫] ‪[ 140‬‬
‫غاية الجلء و الظهور كما ترى السيوف المجّردة ) و دانوا لرّبهم بأمر و اعظهم ( أشار‬
‫ل ظهوره ‪ ،‬هذا ‪.‬‬
‫جل ا ّ‬
‫به إلى المام القائم ع ّ‬

‫سلم اضطراب عظيححم ‪ ،‬و تحّيححروا فححي‬ ‫شراح في شرح هذا الفصل من كلمه عليه ال ّ‬ ‫و لل ّ‬
‫مراجححع الضححماير الموجححودة فيححه ‪ ،‬و اضححطّروا فححي إصححلح نظححم الكلم إلححى التححأويلت‬
‫لح علححى مححا ل يخرجححه مححن‬
‫الباردة التي يشححمئّز عنهححا الفهححام ‪ ،‬و نحححن شححرحناه بحمححد ا ّ‬
‫سلم‬ ‫السلسة و النظم بمقتضى سليقتنا ‪ ،‬و العلم بعد موكول إلى صاحب الكلم عليه ال ّ‬

‫ععععع عععععع‬

‫ل عليه و آله و سّلم ‪ ،‬و ظاهر هذا‬ ‫في اقتصاص حال المرتّدين بعد قبض الّرسول صّلى ا ّ‬
‫ى حتى يكححون هححذا الكلم غايححة لححه ‪ ،‬و إ ّ‬
‫ل‬ ‫الفصل يعطى أن يكون قبله كلم أسقطه الّرض ّ‬
‫فل ارتباط له بالفصل المتقّدم ‪.‬‬

‫لح عليححه و آلححه و سحّلم رجححع قححوم‬


‫ل رسوله صحّلى ا ّ‬
‫سلم ‪ ) :‬حّتى إذا قبض ا ّ‬ ‫يقول عليه ال ّ‬
‫لح و رسححوله‬ ‫على العقاب ( و تركوا ما كانوا عليه من النقياد للشريعة و امتثال أوامر ا ّ‬
‫ل عليه و آلححه و سحّلم ‪ ،‬و المححراد بهححؤلء القححوم الغاصححبون للخلفححة و مّتبعححوهم و‬‫صّلى ا ّ‬
‫ق‬
‫المقتفون اثرهم ) و غالتهم السبل ( أى أهلكتهم سبل الضلل و عدو لهم عن سححبيل الح ح ّ‬
‫قال سبحانه ‪:‬‬

‫سبيِله « ‪.‬‬
‫ن َ‬
‫عْ‬‫ق ِبُكْم َ‬
‫ل َفَتَفّر َ‬
‫سُب َ‬
‫» َو ل َتّتِبُعوا ال ّ‬

‫سححر‬
‫سر السبيل في هذه الية و في غير واحححد مححن اليححات بالئمححة و وليتهححم ‪ ،‬و ف ّ‬
‫و قد ف ّ‬
‫السبل بأئمة الضلل و وليتهم و قد مضى طرف من الخبار في هححذا المعنححى فححي شححرح‬
‫الفصل الثاني من الكلم السابع عشر و أقول هنا ‪ :‬روى في البحار من تفسححير فححرات بححن‬
‫إبراهيم عن جعفر بن محّمد الفزارى معنعنا عن حمران ‪ ،‬قال سمعت أبا جعفر يقول فححي‬
‫ل‪:‬‬
‫قول ا ّ‬

‫ل«‪.‬‬
‫سُب َ‬
‫سَتقيمًا َفاّتِبُعوُه َو ل َتّتِبُعوا ال ّ‬
‫صراطي ُم ْ‬
‫ن هذا ِ‬
‫» َو إ ّ‬

‫] ‪[ 141‬‬

‫لح ‪ ،‬فمححن أتححاهم‬


‫سلم هم صراط ا ّ‬ ‫ي بن أبيطالب و الئمة من ولد فاطمة عليهم ال ّ‬
‫قال ‪ :‬عل ّ‬
‫ي بححن إبراهيححم عححن أبيححه عححن‬
‫سلك السبيل و من كنز جامع الفوايد و تأويل اليات عن عل ّ‬
‫النضر عن يحيى الحلبي عن أبي بصير عن أبي جعفر في قوله ‪:‬‬

‫سَتقيمًا َفاّتِبُعوُه « ‪.‬‬


‫صراطي ُم ْ‬
‫ن هذا ِ‬
‫» َو إ ّ‬
‫قال ‪ :‬طريق المامة فاّتبعوه ‪.‬‬

‫ل«‪.‬‬
‫سُب َ‬
‫» َو ل َتّتِبُعوا ال ّ‬

‫أى طرقا غيرها ‪.‬‬

‫و عن محّمد بن القاسم عن السيارى عن محّمد بن خالد عن حماد عن حريز عن أبي عبد‬


‫ل‪:‬‬
‫سلم أنه قال قوله عّز و ج ّ‬
‫ل عليه ال ّ‬
‫ا ّ‬

‫ل«‪.‬‬
‫سبي ً‬
‫ل َ‬
‫سو ِ‬
‫ت َمَع الّر ُ‬
‫خْذ ُ‬
‫» يا َلْيَتِني اّت َ‬

‫لح عليححه و‬‫لح صحّلى ا ّ‬‫سلم و من تفسير المام قال رسول ا ّ‬ ‫ي بن أبيطالب عليه ال ّ‬
‫يعني عل ّ‬
‫سححلم فححي الظححاهر و‬ ‫آله و سّلم ‪ :‬ما من عبد و ل أمة اعطى بيعححة أميححر المححؤمنين عليححه ال ّ‬
‫ل و إذا جائه ملك الموت لقبض روحه تمّثل لحه إبليحس‬ ‫نكثها في الباطن و أقام على نفاقه إ ّ‬
‫و أعوانه ‪ ،‬و تمّثلت النيران و أصناف عفاريتها لعينيه و قلبه و مقاعده مقاعد الناكث من‬
‫مضايقها ‪ ،‬و تمّثل له أيضا الجنان و منازله فيها لو كححان بقححى علححى ايمححانه و وفححي بيعتححه‬
‫فيقول له ملححك المحوت ‪ :‬انظحر إلحى تلحك الجنحان الححتي ل يقححادر قحدر سحّرائها و بهجتهحا و‬
‫ب العالمين كانت معّدة لك ‪،‬‬‫لر ّ‬ ‫لا ّ‬
‫سرورها إ ّ‬

‫ل عليه و آله و سّلم كان يكححون‬ ‫ل صّلى ا ّ‬


‫فلو كنت بقيت على وليتك لخى محّمد رسول ا ّ‬
‫إليها مصيرك يوم فصل القضاء ‪ ،‬و لكن نكثت و خالفت فتلك النيران و أصححناف عححذابها‬
‫و زبانيتها و أفاعيها الفاغرة أفواهها و عقاربها الناصبة أذنابها و سباعها الثائلححة مخالبهححا‬
‫و ساير أصناف عذابها هو لك و إليها مصيرك فعند ذلك يقول ‪:‬‬

‫] ‪[ 142‬‬

‫ل«‪.‬‬
‫سبي ً‬
‫ل َ‬
‫سو ِ‬
‫ت َمَع الّر ُ‬
‫خْذ ُ‬
‫» يا َلْيَتِنى اّت َ‬

‫سلم ما ألزمنى ‪.‬‬


‫ي عليه ال ّ‬
‫و قبلت ما أمرني به و التزمت من موالة عل ّ‬

‫) و اتكلوا على الوليج ( أى اعتمدوا في آرائهم الفاسدة و بدعهم المبتدعة علححى أهلهححم و‬
‫صهم في نصرة ذلك الّرأى و ترويج تلك البدعة ) و وصححلوا غيححر الّرحححم ( أى رحححم‬ ‫خوا ّ‬
‫ل عليه‬‫لم عوض عن المضاف إليه يعني أّنهم قطعوا رحم الّرسول صّلى ا ّ‬ ‫آل محّمد و ال ّ‬
‫و آله بحسبانهم أّنها ل تنفع ‪ ،‬و وصلوا غيرها لنتفاعهم في دنياهم بها ‪.‬‬

‫ل عليه و آله و سّلم في الحححديث المححرويّ‬


‫ل صّلى ا ّ‬
‫و هؤلء هم اّلذين أشار إليهم رسول ا ّ‬
‫شيخ و ابنه عن المفيد معنعنا عن حمزة بن أبي سعيد الخدري عححن‬ ‫في البحار من أمالي ال ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم يقول على المنبر ‪ :‬مححا بححال أقححوام‬‫ل صّلى ا ّ‬‫أبيه قال ‪ :‬سمعت رسول ا ّ‬
‫لح إ ّ‬
‫ن‬ ‫ل عليه و آله و سّلم ل ينفع يوم القيامة ‪ ،‬بلححى و ا ّ‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫ن رحم رسول ا ّ‬‫يقولون إ ّ‬
‫رحمي لموصولة في الّدنيا و الخرة ‪ ،‬و إّني أّيها الّناس فرطكم يوم القيامة على الحوض‬
‫ل أنا فلن بححن فلن فححأقول ‪ :‬أّمححا الّنسححب فقححد عرفتححه و‬
‫‪ ،‬فاذا جئتم قال الّرجل يا رسول ا ّ‬
‫شمال و ارتددتم على أعقابكم القهقرى ‪.‬‬ ‫لكّنكم أخذتم بعدى ذات ال ّ‬

‫لح‬
‫ي صحّلى ا ّ‬ ‫و فيه منه باسناده عن حمزة بن أبي سعيد الخدرى أيضا عححن أبيححه عححن النححب ّ‬
‫ل ل ينفع قححومه يححوم القيامححة ؟ بلححى و‬ ‫يا ّ‬ ‫ن رحم نب ّ‬ ‫عليه و آله و سّلم أّنه قال ‪ :‬أتزعمون أ ّ‬
‫ن رحمي لموصولة في الّدنيا و الخححرة ‪ ،‬ثحّم قححال ‪ :‬يححا أّيهححا الّنححاس أنححا فرطكححم علححى‬ ‫لإّ‬‫ا ّ‬
‫ل أنا فلن بن فلن ‪ ،‬و قححال آخححر يححا نححب ّ‬
‫ي‬ ‫يا ّ‬‫الحوض فاذا جئت و قام رجال يقولون يا نب ّ‬
‫ل أنا فلن بححن فلن ‪ ،‬فححأقول ‪ :‬أّمححا الّنسححب فقححد‬ ‫يا ّ‬‫ل أنا فلن بن فلن ‪ ،‬و قال آخر يا نب ّ‬ ‫ا ّ‬
‫ي بعححد روايححة هححذا‬ ‫لمححة المجلسح ّ‬ ‫عرفت و لكّنكم أحدثتم بعدى و ارتددتم القهقححرى قححال الع ّ‬
‫ن المراد بالثلثة الّثلثة ‪.‬‬
‫ظاهر أ ّ‬
‫الحديث ‪ :‬ال ّ‬

‫سححلم أيضححا لكححونهم‬


‫) و هجروا السبب اّلذى أمروا بموّدته ( أراد بهححم آل محّمححد عليهححم ال ّ‬
‫ل سبحانه ‪.‬‬ ‫سببا لمن اهتدى بهم في الوصول إلى ا ّ‬

‫] ‪[ 143‬‬

‫شيخ و ابنه بسنده عن محّمد بن المثنى الزدي‬ ‫ل عليه ما رواه في البحار من أمالى ال ّ‬ ‫و يد ّ‬
‫ل و قد أمرنححا‬
‫ل عّز و ج ّ‬
‫سبب بينكم و بين ا ّ‬
‫سلم يقول ‪ .‬نحن ال ّ‬‫ل عليه ال ّ‬‫أّنه سمع أبا عبد ا ّ‬
‫ل بموّدتهم في قوله ‪:‬‬‫ا ّ‬

‫ل اْلَمَوّدَة ِفى اْلُقْربى « ‪.‬‬


‫جرًا إ ّ‬
‫عَلْيِه َأ ْ‬
‫سَئُلُكْم َ‬
‫للأ ْ‬
‫» ُق ْ‬

‫ى البحححار مححن كتححاب العمححدة مححن منححاقب الفقيححه ابححن المغححازلي‬


‫ل في مححرو ّ‬‫و قال رسول ا ّ‬
‫لح‬
‫ل عليححه و آلححه ‪ :‬لّمححا خلححق ا ّ‬
‫ل صّلى ا ّ‬‫شافعي باسناده إلى ابن عمر قال ‪ :‬قال رسول ا ّ‬ ‫ال ّ‬
‫الخلق اختار العرب فاختار قريشا و اختار بني هاشححم فأنححا خيححرة مححن خيححرة ‪ ،‬أل فححأحّبوا‬
‫ل سححببى و‬ ‫ل سححبب و نسححب منقطححع يححوم القيامححة إ ّ‬ ‫قريشححا و ل تبغضححوها فتهلكححوا ‪ ،‬أل كح ّ‬
‫سلم من نسبى و حسبي فمن أحّبه فقد أحّبنححي و‬ ‫ي بن أبيطالب عليه ال ّ‬ ‫ن عل ّ‬‫نسبي ‪ ،‬أل و إ ّ‬
‫من أبغضه فقد أبغضني ‪.‬‬

‫سبب ‪ :‬يعني أهل البيت ‪ ،‬و هذا إشححارة‬ ‫شارح المعتزلي في شرح قوله ‪ :‬و هجروا ال ّ‬ ‫قال ال ّ‬
‫ل و عترتي أهل بيححتي ‪،‬‬ ‫ل عليه و آله ‪ :‬خلفت فيكم الثقلين ‪ :‬كتاب ا ّ‬
‫إلى قول الّنبي صّلى ا ّ‬
‫ى الحححوض فعّبححر أميححر‬
‫سماء إلى الرض ل يفترقان حّتى يردا عل ح ّ‬ ‫حبلن ممدودان من ال ّ‬
‫لح عليححه و آلححه و سحّلم قححال ‪:‬‬
‫سبب لما كححان النححبي صحّلى ا ّ‬
‫المؤمنين عن أهل البيت بلفظ ال ّ‬
‫حبلن ‪ ،‬و السبب في اللغة الحبل ‪ ،‬انتهى ‪.‬‬

‫سلم لفظ الحبل في غير واحححد محن اليححات ‪ ،‬قحال شححيخنا‬‫أقول ‪ :‬و قد استعير لهم عليهم ال ّ‬
‫ي الطبرسي في تفسير قوله تعالى ‪:‬‬ ‫أبو عل ّ‬

‫لح أقححوال ‪ :‬أحححدها أّنححه‬


‫جِميعًا َو ل َتَفّرُقوا « قيل في معنى حبححل ا ّ‬
‫ل َ‬
‫ل ا ِّ‬
‫حْب ِ‬
‫صُموا ِب َ‬
‫عَت ِ‬
‫» َو ا ْ‬
‫القرآن ثانيها أّنه دين السلم و ثالثها ما رواه أبان بن تغلب عن جعفر بححن محّمححد عليهمححا‬
‫ل جميعا ‪ ،‬و الولى حمله علححى‬ ‫ل الذي قال ‪ :‬و اعتصموا بحبل ا ّ‬ ‫سلم قال ‪ :‬نحن حبل ا ّ‬ ‫ال ّ‬
‫الجميع ‪.‬‬

‫ي أّنه قال ‪ :‬يا أّيها الّنححاس إّنححي قححد تركححت‬


‫و اّلذي يؤّيده ما رواه أبو سعيد الخدرى عن الّنب ّ‬
‫ل حبححل ممححدود‬ ‫فيكم حبلين إن أخذتم بهما لن تضّلوا بعدي أحدهما اكبر من الخر كتاب ا ّ‬
‫سماء إلى الرض ‪ ،‬و عترتي أهل بيتي أل و إّنهما لن‬ ‫من ال ّ‬

‫] ‪[ 144‬‬

‫ى الحوض ‪.‬‬
‫يفترقا حّتى يردا عل ّ‬

‫ي بن إبراهيم في هذه الية قال ‪ :‬الّتوحيد و الولية و في رواية‬ ‫و في البحار من تفسير عل ّ‬


‫لح تبحارك و تعحالى علحم أّنهححم‬‫نا ّ‬ ‫أبي الجارود في قوله تعالى ‪ » :‬و ل تفّرقوا « ‪ ،‬قحال ‪ :‬إ ّ‬
‫ل عن التفّرق كما نهى من كان قبلهم ‪ ،‬فححأمرهم‬ ‫سيفترقون بعد نبّيهم و يختلفون ‪ ،‬فنهاهم ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم و ل يتفّرقوا ‪.‬‬ ‫أن يجتمعوا على ولية آل محّمد صّلى ا ّ‬

‫و فححي البحححار أيضححا مححن كنححز جححامع الفوايححد و تأويححل اليححات روايححة عححن صححاحب نهححج‬
‫سلم في قوله تعالى ‪:‬‬‫اليمان ‪ ،‬عن الحسين بن جبير باسناده إلى أبي جعفر الباقر عليه ال ّ‬

‫ن الّناس « ‪.‬‬
‫ل ِم ْ‬
‫حْب ٍ‬
‫ل َو َ‬
‫ن ا ِّ‬
‫ل ِم َ‬
‫حْب ٍ‬
‫ل ِب َ‬
‫»إ ّ‬

‫سلم ‪.‬‬
‫ي بن أبيطالب عليه ال ّ‬
‫ل ‪ ،‬و حبل من الّناس عل ّ‬
‫ل كتاب ا ّ‬
‫قال ‪ :‬حبل من ا ّ‬

‫و فيه من الكتاب المذكور أيضا مسندا عن حصين بن مخارق عن أبي الحسن موسى عن‬
‫ل‪:‬‬‫سلم في قوله عّز و ج ّ‬
‫آبائه عليهم ال ّ‬

‫ك ِباْلُعْرَوِة اْلُوْثقى « ‪.‬‬


‫سَ‬
‫سَتْم َ‬
‫» َفَقِد ا ْ‬

‫قال ‪ :‬موّدتنا أهل البيت ‪.‬‬


‫ب أن‬‫لح عليححه و آلححه و سحّلم مححن أحح ّ‬
‫ي صحّلى ا ّ‬
‫صافي من معاني الخبار عحن الّنحب ّ‬
‫و في ال ّ‬
‫ي بححن‬
‫يستمسك بالعروة الوثقى اّلتي ل انفصام لها فليستمسححك بوليححة أخححي و وصحّيي علح ّ‬
‫أبيطالب فاّنه ل يهلك من أحّبه و توله ‪ ،‬و ل ينجو من أبغضه و عاداه ‪.‬‬

‫ص أساسه فبنوه في غير موضعه ( أى نقلوا بنححاء ال حّدين و اليمححان‬ ‫) و نقلوا البناء عن ر ّ‬
‫لصق بعضه ببعض ‪ ،‬فبنوه في غير موضعه و هححو‬ ‫عن أساسه المرصوص المستحكم ال ّ‬
‫ليححق بححه إلححى غيححره ‪ ،‬و هححو توبيححخ و‬
‫اشارة إلى عدو لهم بالخلفة عن أصلها و مكانها ال ّ‬
‫لح‬
‫خا ّ‬‫تفريع آخر لولئك المنافقين بعد و لهم عن أولياء المؤمنين و أئمة الحّدين ‪ ،‬كمححا و بح ّ‬
‫اخوانهم في هذا المعنى بقوله ‪:‬‬

‫] ‪[ 145‬‬

‫جحُر ٍ‬
‫ف‬ ‫شححفا ُ‬
‫على َ‬
‫س ُبْنياَنُه َ‬
‫س َ‬
‫ن َأ ّ‬
‫خْيٌر َأّم ْ‬
‫ن َ‬
‫ضوا ٍ‬
‫ل َو ِر ْ‬
‫ن ا ِّ‬
‫على َتْقوى ِم َ‬ ‫س ُبْنياَنُه َ‬
‫س َ‬
‫نْ َأ ّ‬
‫» َأ َفَم َ‬
‫جَهّنَم « ‪.‬‬
‫هاٍر َفاْنهاَر ِبِه في ناِر َ‬

‫ق اّلححذي هححو‬
‫سس بنيان دينه على قاعدة محكمة و أساس وثيق و هو الح ح ّ‬ ‫قاّ‬‫ن المح ّ‬
‫يعني أ ّ‬
‫سس بنيانه على قاعدة هي أضححعف‬ ‫طاعة ‪ ،‬و المبطل أ ّ‬
‫ل و طلب مرضاته بال ّ‬ ‫الّتقوى من ا ّ‬
‫القواعد و هو الباطل و الّنفاق الذي مثله مثل شحفا جححرف هححار فححي قّلححة الّثبححات فهححوى بححه‬
‫الباطل في نار جهّنم ‪.‬‬

‫شححارح البحرانححي أى إّنهححم‬


‫ل خطيئة ( قال ال ّ‬
‫ثّم وصفهم ‪ ،‬بأوصاف اخرى فقال ) معادن ك ّ‬
‫ل خطيئة و مهّيؤن لها ‪ ،‬فهم مظاّنها ‪ ،‬و لفظ المعادن استعارة ‪ ،‬انتهى ‪.‬‬
‫مستعّدون لفعل ك ّ‬

‫ل ذنب‬ ‫ل خطيئة صدرت من هذه الّمة و أصل ك ّ‬ ‫ن المراد أّنهم معدن ك ّ‬


‫ظاهر أ ّ‬‫أقول ‪ :‬و ال ّ‬
‫شححرور و المسححاوى ‪ ،‬و ذلححك باغتصححابهم للخلفححة إذ لححو‬
‫واقححع منهححم و منشححاه و مبححدء ال ّ‬
‫استقّرت في أهلها أعنى أهل بيت العصمة و الطهارة لحملوا الّناس على الحنيفّية البيضاء‬
‫ضلوا و أضّلوا ‪.‬‬
‫قف ّ‬
‫‪ ،‬و جرى المور على وفق الح ّ‬

‫حِمُلوا َأْوزاَرُهْم كاِمَلًة َيْوَم اْلِقيَمححةِ‬


‫ن ِلَي ْ‬
‫لّولي َ‬
‫ل َرّبُكْم قاُلوا أساطيُر ا َْ‬‫ل َلُهْم ما ذا أْنَز َ‬‫» َو إذا قي َ‬
‫صححافى عححن‬ ‫ن « روى فححي ال ّ‬ ‫عْلحٍم َأل سحآَء مححا َيحِزُرو َ‬
‫ضحّلوَنُهْم ِبَغْيحِر ِ‬
‫ن ُي ِ‬‫ن َأْوزاِر اّلححذي َ‬
‫َو َمح ْ‬
‫ي ؟ قالوا ‪:‬‬ ‫سلم ما ذا أنزل رّبكم في عل ّ‬ ‫العّياشي عن الباقر عليه ال ّ‬

‫أساطير الّولين سجع أهل الجاهلّية في جاهلّيتهم ليحملوا أوزارهم ليسححتكملوا الكفححر ليححوم‬
‫ي بححن إبراهيححم‬‫القيامة و من أوزار اّلذين يضّلونهم يعنححي كفححر اّلححذين يتوّلححونهم و عححن علح ّ‬
‫ل من اقتححدى بهحم ‪،‬‬ ‫القّمي قال ‪ :‬يحملون آثامهم يعني اّلذين غصبوا امير المؤمنين و آثام ك ّ‬
‫ل ما اهريقت‬ ‫سلم ‪ :‬و ا ّ‬‫صادق عليه ال ّ‬
‫و هو قول ال ّ‬
‫] ‪[ 146‬‬

‫محجمة من دم و ل قرع عصا بعصا و ل غصب فرج حرام و ل اخذ مال من غيححر حّلححه‬
‫ل و زر ذلك في أعناقهما من غير أن ينقص من أوزار العاملين شيء ‪.‬‬
‫إّ‬

‫سلم بعححد اقتصاصححه‬ ‫صادق عليه ال ّ‬ ‫ضل بن عمر الوارد في الّرجعة عن ال ّ‬ ‫و في حديث مف ّ‬
‫ل عليه و آله و سحّلم و إخراجححه‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫سلم إلى قبر جّده رسول ا ّ‬ ‫مسير المهدي عليه ال ّ‬
‫بضجيعيه و أمره بصلبهما قال ‪ :‬فيأمر المهدى ريحا فتجعلهم كأعجححاز نخححل خاويححة ‪ ،‬ثحّم‬
‫لح تعحالى و يحأمر الخليحق بالجتمحاع ‪ ،‬ثحّم يقح ّ‬
‫ص‬ ‫يأمر بانزالهما فينزلن فيحييهما باذن ا ّ‬
‫ص عليهححم قتححل هابيححل بححن آدم عليححه‬‫ل كححور و دور حّتححى يقح ّ‬ ‫عليهم قمححص أفعححالهم فححي كح ّ‬
‫ب ‪ ،‬و حبحس يحونس فحي بطحن‬ ‫سلم ‪ ،‬و جمع الّنار لبراهيم ‪ ،‬و طحرح يوسحف فحي الجح ّ‬ ‫ال ّ‬
‫الحوت ‪ ،‬و قتل يحيى ‪ ،‬و صلب عيسى ‪ ،‬و عذاب جرجيس ‪ ،‬و دانيال ‪ ،‬و ضرب سلمان‬
‫الفارسى ‪ ،‬و اشعال الّنار على باب أمير المؤمنين و فاطمححة و الحسححنين عليهححم السّححلم و‬
‫إرادة إحراقهم بابها ‪ ،‬و ضرب صديقة الكبرى فاطمة الّزهراء بسوط ‪ ،‬و رفس بطنهححا و‬
‫سلم ‪ ،‬و قتل الحسين و ذبح أطفحاله و بنحي عّمحه و‬ ‫إسقاطها محسنا ‪ ،‬و سّم الحسن عليه ال ّ‬
‫ل دم‬‫ل عليه و آله و إراقة دماء آل محّمد ‪ ،‬و ك ّ‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫أنصاره و سبى ذرارى رسول ا ّ‬
‫ل خبث و فاحشححة و ظلححم منححذ عهححد‬ ‫ل ربا اكل ‪ ،‬و ك ّ‬ ‫ل فرج نكح حراما ‪ ،‬و ك ّ‬ ‫مؤمن ‪ ،‬و ك ّ‬
‫ل ذلك يعد ده عليهما و يلزمهمححا إّيححاه و يعترفححان بححه ثحّم يححأمر بهمححا‬ ‫آدم إلى قيام قائمنا ‪ ،‬ك ّ‬
‫ص منهما في ذلك الوقت مظالم من حضر ‪ ،‬الحديث ‪.‬‬ ‫فيقت ّ‬

‫ل مححن أراد‬‫ن كح ّ‬‫ل ضارب في غمححرة ( يعنححي أ ّ‬ ‫) و ( بما ذكرنا ظهر أيضا أّنهم ) أبواب ك ّ‬
‫ل ضححلل قححد‬ ‫ضلل فليقصد هححؤلء و ليرمححق أعمححالهم و ليّتبححع آثححارهم ‪ ،‬إذ كح ّ‬ ‫الباطل و ال ّ‬
‫ن الئمححة‬
‫خرج منهم و انتشر في مشارق الرض و مغاربها ‪ ،‬فهم أبححواب الضححلل كمححا أ ّ‬
‫سلم أبواب الهدى ‪.‬‬‫عليهم ال ّ‬

‫روى في البحار من كنز جامع الفوايد و تأويل اليات عححن حمححاد بححن عيسححى عححن بعححض‬
‫سلم أّنه قال ‪:‬‬
‫أصحابه رفعه إلى أمير المؤمنين عليه ال ّ‬

‫ب ُمنيٍر‬
‫عْلٍم َو ل ُهًدى َو ل ِكتا ٍ‬
‫ل ِبَغْيِر ِ‬
‫ل ِفى ا ِّ‬
‫ن ُيجاِد ُ‬
‫ن الّناس َم ْ‬
‫» َو ِم َ‬

‫] ‪[ 147‬‬

‫ل«‪.‬‬
‫ل ا ِّ‬
‫سبي ِ‬
‫ن َ‬
‫عْ‬‫ل َ‬
‫ضّ‬‫طِفِه ِلُي ِ‬
‫ع ْ‬
‫ى ِ‬
‫ثاِن َ‬

‫ل ح أميححر المححؤمنين علمححا‬


‫قال ‪ :‬هو الّول ثاني عطفه إلى الّثاني ‪ ،‬و ذلك لما أقام رسححول ا ّ‬
‫ل ل نفى بهذه له أبدا ) قد ماروا في الحيرة ( أى تححرّددوا فححي أمرهححم ‪،‬‬ ‫للناس و قال ‪ :‬و ا ّ‬
‫ق فيقصدونه ‪ ،‬و ذلك بعدو لهم عن أئمة الححدين و‬
‫فهم حائرون تائهون ل يعرفون جهة الح ّ‬
‫شرع المبين ‪.‬‬
‫لء ال ّ‬
‫أد ّ‬

‫ي بن محبوب عححن العل عححن‬ ‫ي من كتاب المحاسن عن محّمد بن عل ّ‬ ‫لمة المجلس ّ‬


‫روى الع ّ‬
‫ل بعبادة يجهد فيها‬
‫ن من دان ا ّ‬‫سلم يقول ‪ :‬إ ّ‬
‫محّمد بن مسلم قال ‪ :‬سمعت أبا جعفر عليه ال ّ‬
‫ل متحّير ‪،‬‬
‫ن سعيه غير مقبول ‪ ،‬و هو ضا ّ‬ ‫ل فا ّ‬
‫نفسه بل إمام عادل من ا ّ‬

‫و مثله كمثل شاة ضّلت عن راعيها و قطيعها فتاهت ذاهبة و جائية يومها ‪ ،‬فلّما أن جّنهححا‬
‫الليل بصرت بقطيع غنم مع راعيها فجائت إليها فباتت معها في ربضها ‪، 1‬‬

‫فلّما أن ساق الّراعي قطيعه أنكرت راعيها و قطيعهحا فهجمححت متحّيحرة تطلحب راعيهحا و‬
‫قطيعها ‪ ،‬فبصرت بسرح ‪ 2‬قطيع غنم آخر فعمدت نحوها و حّنت إليها ‪،‬‬

‫فصاح بها الّراعي ‪ :‬ألحقى بقطيعك فاّنك تائهة متحّيرة قد ضححللت عححن راعيححك و قطيعححك‬
‫فهجمت زعرة متحّيرة ل راعى لها يرشدها إلى مرعاها أو يرّدهححا ‪ ،‬فبينححا هححى كححذلك إذا‬
‫اغتنم الّذئب ضيعتها فأكلها ‪ ،‬و هكذا يا محّمد بن مسلم من أصبح من هذه الّمة ل إمام له‬
‫ل عادل أصبح تائها متحّيرا إن مات على حاله تلك مات ميتة كفر و نفححاق ‪ ،‬و اعلححم‬ ‫من ا ّ‬
‫ل‪.‬‬‫ق و أتباعهم على دين ا ّ‬
‫ن أئمة الح ّ‬
‫يا محّمد أ ّ‬

‫و قد تقّدمت هذه الّرواية في الّتذنيب الّثالث من شرح الفصحل الّرابحع محن الخطبحة الولحى‬
‫سححلم ) و‬
‫برواية الكافي و أوردتها هنا لقتضححاء المقححام ‪ ،‬و توضححيح كلم المححام عليححه ال ّ‬
‫سكرة ( أى غابت أذهانهم في سكرة الجهل ) على س حّنة مححن آل فرعححون ( أى‬ ‫ذهلوا في ال ّ‬
‫ل فيهم ‪ » :‬أدخلوا آل فرعون أشّد العذاب « كما أ ّ‬
‫ن‬ ‫على طريقة اتباع فرعون اّلذين قال ا ّ‬
‫سلم على سّنة آل موسى و شيعته ‪ ،‬و المراد أّنهم‬ ‫الئمة عليهم ال ّ‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬تتت تتتتت تتتتتت‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 2‬تتتتت تتتتت تتتتتت‬

‫] ‪[ 148‬‬

‫سلم علححى طريقححة أهحل العحدل و‬


‫ن الئمة عليهم ال ّ‬
‫ضلل كما أ ّ‬
‫على طريقة أهل الظلم و ال ّ‬
‫الهدى ‪.‬‬
‫و قد صّرحوا بذلك في غير واحد من الّروايات مثل ما في البحار عن العياشححي عححن أبححي‬
‫لح مححن‬
‫سححلم فقححال ‪ :‬هححذا و ا ّ‬
‫ل عليهما ال ّ‬
‫صباح الكناني قال ‪ :‬نظر أبو جعفر إلى أبيعبد ا ّ‬
‫ال ّ‬
‫ل‪:‬‬‫الذين قال ا ّ‬

‫ن«‬ ‫جَعَلُهْم اْلححواِرثي َ‬


‫جَعَلُهْم أِئّمًة َو َن ْ‬
‫ض َو َن ْ‬
‫لْر ِ‬‫ضِعُفوا ِفي ا َْ‬
‫سُت ْ‬
‫نا ْ‬
‫عَلى اّلذي َ‬
‫ن َ‬
‫» َو ُنريُد أن َنُم ّ‬
‫سلم ‪ :‬و الذي بعث محّمدا صّلى ا ّ‬
‫ل‬ ‫ي بن الحسين عليهما ال ّ‬ ‫‪ .‬الية و قال سّيد العابدين عل ّ‬
‫ن البرار مّنا أهل البيت و شيعتهم بمنزلة موسى‬ ‫ق بشيرا و نذيرا إ ّ‬ ‫عليه و آله و سّلم بالح ّ‬
‫ن عدّونا و أشياعهم بمنزلة فرعون و أشياعه ‪.‬‬ ‫و شيعته ‪ ،‬و إ ّ‬

‫ي بححن أبححي طححالب‬ ‫و فيه من تفسير فرات بن إبراهيم عن الحسين بن سعيد باسناده عن عل ّ‬
‫لح‬
‫سلم قال ‪ :‬من أراد أن يسأل عن أمرنا و أمر القوم فانا ‪ .‬و أشياعنا يححوم خلححق ا ّ‬
‫عليه ال ّ‬
‫سحموات و‬ ‫لح ال ّ‬
‫ن عحدّونا يحوم خلحق ا ّ‬
‫سموات و الرض على سّنة موسى و أشياعه ‪ ،‬و إ ّ‬ ‫ال ّ‬
‫الرض على سّنة فرعون و أشياعه ‪ ،‬فنزلت فينا هذه اليات ‪:‬‬

‫ن‪،‬‬
‫ق ِلَقْوٍم ُيْؤِمُنو َ‬
‫حّ‬‫ن ِباْل َ‬
‫عْو َ‬
‫ن َنَباء ُموسى َو ِفْر َ‬
‫ك ِم ْ‬
‫عَلْي َ‬
‫» َنْتُلوا َ‬

‫ح َأْبنححاَءُهْم وَ‬
‫ف طاِئَف حًة ِمْنُه حْم ُيَذّب ح ُ‬‫ض حِع ُ‬ ‫سَت ْ‬‫ش حَيعًا َي ْ‬
‫ل أْهَلها ِ‬‫جَع َ‬‫ض َو َ‬ ‫لْر ِ‬ ‫عل ِفي ا َْ‬ ‫ن َ‬ ‫ن ِفْرعو َ‬‫إّ‬
‫ضحِعُفوا ِفحي‬ ‫سُت ْ‬‫نا ْ‬ ‫عَلحى اّلحذي َ‬ ‫ن َ‬‫ن ‪َ ،‬و ُنريحُد َأنْ َنُمح ّ‬ ‫سحدي َ‬‫ن اْلُمْف ِ‬
‫ن ِمح َ‬‫سحَتحيي ِنسححاَءُهْم إّنحُه كححا َ‬ ‫َي ْ‬
‫ن‪،‬‬‫جَعَلُهُم اْلواِرثي َ‬‫جَعَلُهْم أِئّمَة َو َن ْ‬
‫ض َو َن ْ‬
‫لْر ِ‬‫ا َْ‬

‫ن«‪.‬‬
‫حَذُرو َ‬
‫جُنوَدُهما ِمْنُهْم ما كاُنوا َي ْ‬
‫ن َو ُ‬
‫ن َو هاما َ‬
‫عْو َ‬
‫ى ِفْر َ‬
‫ض َو ُنِر َ‬
‫لْر ِ‬
‫ن َلُهْم ِفي ا َْ‬
‫َو ُنَمّك َ‬

‫] ‪[ 149‬‬

‫ن عليكححم هححؤلء عطححف‬


‫و إّني اقسم باّلذى خلق » فلق ظ « الحّبة و برىء الّنسححمة ليعطف ح ّ‬
‫ضروس ‪ 1‬على ولدها ‪.‬‬ ‫ال ّ‬

‫ل عليه‬
‫ي بن إبراهيم قال ‪ :‬حّدثني أبي عن الّنضر عن ابن حميد عن أبيعبد ا ّ‬ ‫و فيه عن عل ّ‬
‫ل عليهمححا فقححال لححه ‪ :‬كيححف‬
‫ي بن الحسين صلوات ا ّ‬
‫سلم قال ‪ :‬لقى المنهال بن عمرو عل ّ‬
‫ال ّ‬
‫ل ؟ قال ‪ :‬ويحك أما آن لك أن تعلم كيف أصبحت ؟‬ ‫أصبحت يا ابن رسول ا ّ‬

‫أصبحنا في قومنا مثل بنححي إسححرائيل فححي آل فرعححون يححذّبحون أبنائنححا و يسححتحيون نسححائنا‬
‫ن صححنفا منهححم‬
‫) من منقطع إلى الّدنيا راكن أو مفارق للّدين مباين ( أو لمنع الخلّو يعنححي أ ّ‬
‫صحنف الخحر مفحارق للحّدين‬ ‫ب على شحهواتها ‪ ،‬و ال ّ‬ ‫منقطع إلى الّدنيا منهمك في لّذاتها مك ّ‬
‫مزايل له و إن لم يكن له دنيا كما ترى كثيرا من أحبححار الّنصححارى و رهبححانهم ‪ ،‬يححتركون‬
‫ضلل ‪.‬‬‫الّدنيا و يزهدون فيها و هم من أهل ال ّ‬
‫ععععع‬

‫ي في شرح هذا الفصل الخير من الخطبة ‪:‬‬


‫شارح المعتزل ّ‬
‫قال ال ّ‬

‫فان قلت ‪ :‬أليس الفصل صريحا في تحقيق مذهب المامّية ؟‬

‫سلم أعدائه اّلذين حاربوه من قريش و غيرهححم‬ ‫قلت ‪ :‬ل ‪ ،‬بل نحمله على أّنه عنى عليه ال ّ‬
‫سححبب و وصححلوا‬ ‫من افناء العرب في أّيام صّفين ‪ ،‬و هم اّلححذين نقلححوا البنححاء ‪ ،‬و هجححروا ال ّ‬
‫سبل ‪ ،‬و رجعححوا علححى العقححاب كعمححرو‬ ‫غير الّرحم ‪ ،‬و اّتكلوا على الوليج ‪ ،‬و غالتهم ال ّ‬
‫بن العاص و المغيرة بن شعبة و مروان بن الحكم و الوليد بن عقبة و حبيب بن مسلمة و‬
‫لح بحن الّزبيحر و سحعيد بحن العحاص و جوشحب ‪ ،‬و ذى الكلع و‬ ‫بسر بحن أرطحاة و عبحد ا ّ‬
‫سلمى و غيرهم ممّححن تقحّدم ذكرنححا لهححم فححي الفصححول‬ ‫شرجيل بن الصمت و أبي العور ال ّ‬
‫سححلم إلححى معاويححة ‪،‬‬‫ن هححؤلء نقلححوا المامححة عنححه عليححه ال ّ‬ ‫المتعّلقة بصفين و أخبارها ‪ ،‬فا ّ‬
‫ص أصله إلى غير موضعه ‪.‬‬ ‫فنقلوا البناء عن ر ّ‬

‫سلم قال ‪ :‬حّتى إذا‬


‫فان قلت ‪ :‬لفظ الفصل يشهد بخلف ما تأّولته لّنه عليه ال ّ‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬تتت تت تتتت تت ت ت تتتت ت ت تتت ت ت تتت‬
‫تتتت تتتتت تتت تتتتتت ‪.‬‬

‫] ‪[ 150‬‬

‫ل عليه و آله و سّلم رجع قوم علححى العقححاب ‪ ،‬فجعححل رجححوعهم‬ ‫ل رسوله صّلى ا ّ‬ ‫قبض ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سحّلم ‪ ،‬و مححا ذكرتححه أنححت كححان‬ ‫على العقاب عقيب قبض الّرسول صّلى ا ّ‬
‫بعد قبض الّرسول بنّيف و عشرين سنة قلت ‪ :‬ليححس يمتنححع أن يكححون هححؤلء المححذكورون‬
‫لح عليححه و آلححه و أضححمروا فححي أنفسححهم‬ ‫ل صحّلى ا ّ‬ ‫رجعوا على العقاب لّما مات رسول ا ّ‬
‫سلم و أذاه ‪ ،‬و قد كان فيهم من يتحّكك به في أيححام أبححي بكححر‬ ‫مشاّقة أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫و عمر و عثمان و يتعّرض له و لم يكن أحد منهححم و ل مححن غيرهححم تقحّدم علححى ذلححك فححي‬
‫ل عليه و آله ‪ ،‬و ل يمتنع أيضا أن يريد برجوعهم علححى العقححاب‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫حياة رسول ا ّ‬
‫ن كححثيرا مححن أصحححابنا يطعنححون فححي ايمححان بعححض مححن‬ ‫ارتدادهم عن السلم بالكّلية ‪ ،‬فححا ّ‬
‫لح يقمعهححم و يردعهححم عححن‬ ‫ذكرناه ‪ ،‬و يعّدونهم من المنافقين ‪ ،‬و قحد كحان سححيف رسححول ا ّ‬
‫إظهار ما في أنفسهم من النفحاق ‪ ،‬فحأظهر قحوم منهحم بعحده محا كحانوا يضحمرونه محن ذلحك‬
‫خصوصا فيما يتعّلق بأمير المؤمنين اّلذي ورد في حّقححه ‪ :‬مححا كنححا نعححرف المنححافقين علححى‬
‫سلم ‪،‬‬ ‫ي بن أبيطالب عليه ال ّ‬ ‫ل ببغض عل ّ‬ ‫ل عليه و آله و سّلم إ ّ‬ ‫ل صّلى ا ّ‬
‫عهد رسول ا ّ‬

‫صحاح ‪.‬‬
‫و هو خبر محّقق مذكور في ال ّ‬
‫ص أساسه فجعلححوه فححي غيححر‬
‫فان قلت ‪ :‬يمنعك من هذا الّتأويل قوله ‪ :‬و نقلوا البناء عن ر ّ‬
‫ن إذا ظرف و العامل فيها قوله ‪ :‬رجع قوم على العقاب ‪،‬‬ ‫موضعه ‪ ،‬و ذلك ل ّ‬

‫و قد عطف عليه قوله ‪ :‬و نقلوا البناء ‪ ،‬فاذا كان الّرجوع على العقاب واقعا في الظرف‬
‫ل عليه و آله وجححب أن يكححون نقححل البنححاء إلححى‬
‫المذكور و هو وقت قبض الّرسول صّلى ا ّ‬
‫ن أحد الفعلين معطححوف علححى الخححر ‪ ،‬و لححم‬ ‫غير موضعه واقعا في ذلك الوقت أيضا ‪ ،‬ل ّ‬
‫ل عليه و آله البناء إلى معاويحة عحن أميحر المحؤمنين‬ ‫ينقل أحد وقت قبض الّرسول صّلى ا ّ‬
‫سلم ‪ ،‬و إّنما نقل عنه إلى شخص آخر و فححي إعطحاء العطححف حّقححه إثبحات محذهب‬ ‫عليه ال ّ‬
‫المامّية صريحا ‪.‬‬

‫ل عليه و آله فقد قلنححا‬ ‫قلت ‪ :‬إذا كان الّرجوع على العقاب واقعا وقت قبض الّنبي صّلى ا ّ‬
‫بما يجب من وجود عامل في الظرف ‪ ،‬و ل يجب أن يكون نقل البناء إلى غيححر موضححعه‬
‫واقعا في تلك الحال أيضا بل يجوز أن يكون واقعا في زمححان آخححر إّمححا بححأن يكححون الححواو‬
‫للستيناف ل للعطف ‪ ،‬أو بأن يكون العطف في مطلق الحححدث ل فححي وقححوع الحححدث فححي‬
‫صص كقوله تعالى ‪:‬‬‫عين ذلك الّزمان المخ ّ‬

‫] ‪[ 151‬‬

‫جححدارًا ُيريحُد أ ْ‬
‫ن‬ ‫جححدا فيهححا ِ‬
‫ضحّيُفوُهما َفَو َ‬
‫ن ُي َ‬
‫طَعما أْهَلها َفأَبْوا أ ْ‬
‫سَت ْ‬
‫ل َقْرَيٍة ا ْ‬
‫حّتى إذا أَتيا أْه َ‬
‫» َ‬
‫ض َفأقاَمُه « ‪.‬‬
‫َيْنَق ّ‬

‫فالعامل في الظرف استطعما ‪ ،‬و يجب أن يكون استطعامهما وقت إتيانهما أهلها ل محالة‬
‫‪ ،‬و ل يجب أن يكون جميع الفعال المذكورة المعطوفححة واقعححة حححال التيححان أيضححا ‪ ،‬أل‬
‫ن من جملتها ‪ ،‬فأقامه ‪ ،‬و لم يكن إقامة الجدار حال إتيانهما القرية بل متراخيا عنححه‬ ‫ترى أ ّ‬
‫ل أن يقول قائل أشار بيده إلى الجدار فقام ‪ ،‬أو قحال لححه قحم فقحام ‪ ،‬لّنحه ل‬‫بزمان ما الّلهم إ ّ‬
‫ل على هذا الوجه ‪ ،‬و هححذا لححم يكححن و ل قححاله‬‫يمكن أن يجعل إقامة الجدار مقارنا للتيان إ ّ‬
‫سر ‪ ،‬و لو كان قد وقع على هذا الوجه لما قال له ‪ :‬لو شححئت ل ّتخححذت عليححه أجححرا ل ّ‬
‫ن‬ ‫مف ّ‬
‫الجر إّنما يكون على اعتمال عمل فيه مشّقة و إّنما يكون فيه مشّقة إذا بناه بيده و باشححره‬
‫بجوارحه و أعضائه ‪.‬‬

‫سحلم علحى محا يقتضحيه سحودده‬ ‫شارح ‪ :‬و اعلم أّنا نحمل كلم أمير المؤمنين عليه ال ّ‬ ‫قال ال ّ‬
‫الجليل و منصبه ‪ ،‬و دينححه القححويم مححن الغضححاء عّمححا سححلف مّمححن سححلف ‪ ،‬فقححد صححاحبهم‬
‫بالمعروف برهة من الّدهر ‪ ،‬فاّما أن يكون ما كحانوا فيحه حّقهحم أو حّقحه فحتركه لهحم رفعحا‬
‫لنفسه عن المنازعة أو لما رآه من المصلحة ‪ ،‬و على تحّملى الّتقديرين فالواجب علينا أن‬
‫نطبق بين آخر أفعاله و أقواله بالّنسبة اليهم و بين أّولها ‪ ،‬فان بعد تأويل من يتأّول كلمححه‬
‫فليس بأبعد من تأويل أهل الّتوحيد و العدل اليات المتشابهة في القرآن ‪ ،‬و لم يمنع بعدها‬
‫من الخوض في تأويلها محافظة على الصول المقّررة فكذلك ههنا ‪ ،‬انتهححى كلمححه هبححط‬
‫مقامه ‪.‬‬

‫ن قححوله ‪ :‬ل بححل‬‫أقول ‪ :‬و أنت خبير بما فيه من وجوه الكلم و ضروب الملم اما اول فل ّ‬
‫نحمله على أّنه عنى أعداءه اّلذين حاربوه من قريش و غيرهم في أّيام صّفين ‪ ،‬فيه أّنححه ل‬
‫ل محن اّتصحف‬ ‫سحلم بمقتضحى الطلق يشحمل كح ّ‬ ‫وجه لهذا الحمل بل ظاهر كلمه عليه ال ّ‬
‫ن اّتصححاف المتخّلفيححن الثلثححة و‬
‫سححلم ‪ ،‬و مححن المعلححوم أ ّ‬‫بالوصححاف اّلححتي ذكححره عليححه ال ّ‬
‫متبعيهم بالوصاف المذكورة أظهر و أشهر من اّتصاف أهل‬

‫] ‪[ 152‬‬

‫صّفين بها ‪ ،‬لّنهم أّول من فتح باب غصحب الخلفحة و نقلوهحا عحن أميحر المحؤمنين عليحه‬
‫سلم إليهم ‪.‬‬
‫سلم إلى أنفسهم و تبعهم أشياعهم فنقلوها عنه عليه ال ّ‬
‫ال ّ‬

‫ل عليه و آله و س حّلم‬ ‫بل أقول ‪ :‬اّنه لو ل جسارة الّثاني على إحراق باب بيت الّنبي صّلى ا ّ‬
‫سححلم‬ ‫سلم من البيت للبيعة ملّببا و ضربه لفاطمة عليها ال ّ‬ ‫و إخراج أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫لح عليححه و آلححه و هتكححه‬‫و كسره ضلعها ‪ ،‬و غصب فدك و قطعه لرحححم الّرسححول صحّلى ا ّ‬
‫سلم ‪ ،‬و لم يخطححر‬ ‫لناموس أهل بيته ‪ ،‬لم يجسر أحد على معارضة أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫شحام و‬ ‫سحلم إلحى نفسحه ‪ ،‬و لحو ل توليحة معاويحة لل ّ‬ ‫على قلب أحد نزع الخلفة عنه عليه ال ّ‬
‫شريعة ‪ ،‬و تشييده بصنعه لم يطمع معاويححة فححي‬ ‫رضاه بظلمه و جوره و أفعاله المخالفة لل ّ‬
‫ل فتنححة و فسححاد و أمححر مخححالف‬ ‫سلم ‪ ،‬فكح ّ‬
‫ي عليه ال ّ‬‫المارة و الخلفة و الّنهوض لقتال عل ّ‬
‫للّدين و لسّنة سيد المرسلين من فروع تلك الشححجرة الملعونححة علححى مححا عرفتححه فححي شححرح‬
‫سادس و العشرين ‪.‬‬ ‫الكلم المأة و ال ّ‬

‫سلم بحكم الصول و القواعد الّلفظية العموم و الطلق ‪،‬‬


‫و بالجملة فكلمه عليه ال ّ‬

‫ل بدليل و ليس فليس ‪.‬‬


‫و حمله على طائفة مخصوصة خلف الصل ل يصار إليه إ ّ‬

‫ن قوله ‪ :‬قلت ليس يمتنع أن يكون هولء المذكورون رجعوا على العقححاب‬ ‫و أما ثانيا فل ّ‬
‫ن هححؤلء إن‬ ‫ل عليه و آله و سّلم و أضمروا في أنفسهم آه فيه إ ّ‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫لّما مات رسول ا ّ‬
‫كانوا رجعوا على العقاب حين موته و أضمروا في أنفسهم مشاقة أميححر المححؤمنين عليححه‬
‫سلم و أذاه فاّلذين ذكرناهم أعنى الثلثة و أشياعهم قححد رجعححوا علححى العقححاب أيضححا و‬ ‫ال ّ‬
‫ل عليه و آله ‪ ،‬يشهدك على ذلححك إحراقهححم بححابه‬ ‫أبدوا مشاقته و أذاه عقيب موته صلوات ا ّ‬
‫و إخراجهم له من بيته ملّببا و تدبيرهم لقتله على يد خالد بححن الوليححد كمححا روتححه العاّمححة و‬
‫صة ‪.‬‬‫الخا ّ‬

‫شرح في غير هذا المقام ‪.‬‬


‫شارح في ال ّ‬
‫و يشهد به أيضا ما رواه ال ّ‬
‫سححقيفة تظّلححم و تححأّلم و اسححتنجد و‬
‫ن علّيححا عقيححب يححوم ال ّ‬
‫قححال ‪ :‬روى كححثير مححن المح حّدثين أ ّ‬
‫استصرخ حيث ساموه إلى الحضور و البيعة و أّنه قال و هو يشير إلى القبر ‪:‬‬

‫ن القوم استضعفوني و كادوا يقتلححونني ‪ ،‬و أّنححه قححال ‪ :‬وا جعفححراه و ل جعفححر لححى‬
‫يإّ‬
‫يا نب ّ‬
‫اليوم‬

‫] ‪[ 153‬‬

‫وا حمزتاه و ل حمزة لى اليوم ‪.‬‬

‫ن رجحوع مححن ذكرنحاه علحى العقحاب مححع نصححبهم العححداوة لميحر‬ ‫و بهذا كّله يظهحر لححك أ ّ‬
‫سلم و إعلنهم بالمشاقة و الذى له أظهر من رجوع غيرهم مّمن ذكره‬ ‫المؤمنين عليه ال ّ‬
‫سححلم إلححى الخريححن دون‬‫شارح مع إخفائهم له ‪ ،‬و مع هذا فصححرف كلم المححام عليححه ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫الّولين ل وجه له ‪.‬‬

‫ن قوله ‪ :‬و ل يمتنع أيضحا أن يريحد برجحوعهم علحى العقحاب ارتحدادهم عحن‬ ‫و أما ثالثا فا ّ‬
‫ن كثيرا من أصحابنا يطعنون في ايمححان‬
‫ق ل ريب فيه ‪ ،‬و لكن قوله ‪ :‬فا ّ‬ ‫السلم بالكلّية ح ّ‬
‫ن تخصيص الرتداد و الّنفاق ببعض مححن‬ ‫بعض ما ذكرناه و يعّدونهم من المنافقين ‪ ،‬فيه أ ّ‬
‫ل من ذكره و ذكرناه مطعون منافق ملعون ‪.‬‬ ‫ذكره ل وجه له ‪ ،‬بل ك ّ‬

‫ل ثلثة‬
‫جة على العاّمة ‪ ،‬ارتّد الّناس إ ّ‬
‫و قد ورد في غير واحد من أحاديثنا و إن لم يكن ح ّ‬
‫نفر ‪ :‬سلمان ‪ ،‬و أبو ذر ‪ ،‬و المقداد ‪.‬‬

‫و روى في غاية المرام عن ابن شهر آشوب من طريق العاّمة عححن سححعيد بححن جححبير عححن‬
‫ابن عباس في قوله تعالى ‪:‬‬

‫شحْيئًا َو‬
‫لح َ‬
‫ضحّر ا َّ‬
‫ن َي ُ‬
‫عِقَبْي حِه َفَل ح ْ‬
‫علححى َ‬
‫ب َ‬
‫ن َيْنَقِل ْ‬
‫عقاِبُكْم َو َم ْ‬
‫على أ ْ‬
‫ل اْنَقَلْبُتْم َ‬
‫ت أْو ُقِت َ‬‫ن ما َ‬‫» أ َفإ ْ‬
‫ن«‪.‬‬ ‫شاِكري َ‬ ‫ل ال ّ‬
‫جِزى ا ُّ‬ ‫سَي ْ‬
‫َ‬

‫ي بن أبيطالب ‪ ،‬و المرتّدين على أعقابهم اّلذين ارتّدوا عنه ‪.‬‬


‫شاكرين عل ّ‬
‫يعني بال ّ‬

‫ن الرتداد عن السلم في الحقيقة هو الرتداد عححن أميححر المححؤمنين فك ح ّ‬


‫ل‬ ‫فقد ظهر بذلك أ ّ‬
‫صب ‪.‬‬‫سف و تع ّ‬ ‫من ارتّد عنه فقد ارتّد عنه ‪ ،‬و الّتخصيص بقوم دون قوم تع ّ‬

‫ن قوله ‪ :‬بححل يجححوز أن يكححون واقعححا فححي زمححان آخححر ‪ ،‬بعيححد و جعححل الححواو‬
‫و أما رابعا فا ّ‬
‫ظححاهر ‪ ،‬و القيححاس علححى اليححة‬
‫للستيناف سخيف ‪ ،‬و العطف في مطلححق الحححدث خلف ال ّ‬
‫ن العاطف هنا هي الواو ‪ ،‬و هى للجمع و الّتشريك ‪ ،‬و الكلم من‬ ‫فاسد ‪ ،‬ل ّ‬
‫] ‪[ 154‬‬

‫ن العامححل‬
‫ل على وقوع الجملت المتعاطفة فحي زمححان القبحض إن قلنحا إ ّ‬ ‫باب التنازع ‪ ،‬فيد ّ‬
‫شرط ‪ ،‬و أّما الية فالعاطف فيها هي الفاء و هي تفيححد‬ ‫في إذا الشرطّية هو الجواب دون ال ّ‬
‫الّترتيب و الّتعقيب ‪ ،‬فل يلزم من عدم وقوع إقامة الجدار حين التيان هنححاك عححدم وقححوع‬
‫نقل البناء حين القبض فيما نحن فيه ‪.‬‬

‫ن قوله ‪ :‬فأقامه ‪ ،‬عطف على قوله ‪ :‬فوجدا ‪ ،‬و ليححس عطفححا علححى اسححتطعما ‪،‬‬
‫و الّتحقيق أ ّ‬
‫ن المعطوف على المعطوف على الجواب ل يجب أن يكححون‬ ‫ظرف ل ّ‬‫فل يلزم عمله في ال ّ‬
‫مشتركا للجواب في جميع الحكام و عححامل فيمححا يعملححه ‪ ،‬بخلف المعطححوف علححى نفححس‬
‫الجواب ‪.‬‬

‫ن إقامححة الجححدار قححد كححانت حححال‬ ‫ل فنقححول ‪ :‬إ ّ‬


‫ي على التنّزل و المماشاة ‪ ،‬و إ ّ‬
‫و هذا كّله مبن ّ‬
‫إتيان القرية و التراخى بزمان ما ل ينافيه ‪ ،‬لّنهم قد صّرحوا في إفادة الفححاء للتعقيححب أّنححه‬
‫ل مّدة الحمححل ‪،‬‬ ‫ل شيء بحسبه ‪ ،‬فيقال ‪ :‬تزّوج فلن فولد له ولد ‪ ،‬إذا لم يكن بينهما إ ّ‬ ‫في ك ّ‬
‫و دخلت البغداد فالبصرة إذا لم يقم في بغداد و لم يتوّقف بين البلدين ‪.‬‬

‫سرين من أّنه نقض الجدار و بناه ‪ ،‬و أّما على قول مححن قححال إّنححه‬ ‫هذا على قول بعض المف ّ‬
‫شاف و غيره‬ ‫أقامه بيده ‪ ،‬و كذا على قول من قال ‪ :‬إّنه مسحه بيده فقام ‪ ،‬كما رواه في الك ّ‬
‫عن البعض الخرين فل يكححون هنححاك تححراخ أصححل ‪ ،‬إذ ل فححرق بيححن الشححارة باليححد كمححا‬
‫شارح و بين المسح بها كما رواه الّزمخشري ‪.‬‬ ‫فرضه ال ّ‬

‫ن الجححرة إّنمححا‬
‫ق اجححرة ل ّ‬
‫شارح لذلك بأّنه لو كان على هححذا الححوجه لححم يسححتح ّ‬‫ثّم استبعاد ال ّ‬
‫ن الجححرة إّنمححا هححى علححى عمححل فيححه منفعححة‬
‫يكون على اعتمال عمل فيه مشّقة ‪ ،‬مدفوع بأ ّ‬
‫للغير سواء كان فيه مشّقة أم ل ‪ ،‬ل سّيما عمل له منفعة عظيمة مثحل إقامححة الجحدار ‪ ،‬فقحد‬
‫سماء مأة ذراع ‪.‬‬‫ن طوله في ال ّ‬‫شاف ‪ :‬إ ّ‬
‫قيل كما في الك ّ‬

‫سلم آه ‪،‬‬
‫ن قوله ‪ :‬و اعلم أّنا نحمل كلم أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫و أما خامسا فا ّ‬

‫سلم و منصبه و حلمححه إّنمححا‬ ‫ن سودد أمير المؤمنين عليه ال ّ‬


‫ق ‪ ،‬فا ّ‬
‫تمويه باطل بصورة الح ّ‬
‫صفح و الغضاء و الغماض فيما يتعّلق بححأمر الحّدنيا ‪ ،‬و قححد كححان‬ ‫كان مقتضيا للعفو و ال ّ‬
‫سلم‬
‫عليه ال ّ‬

‫] ‪[ 155‬‬

‫شرح و تعرفه بعد ذلك في مححواقعه‬ ‫كذلك حسبما عرفت من مكارم أخلقه في تضاعيف ال ّ‬
‫شححرع المححبين فل يجححوز لححه فيححه‬
‫لح أيضححا ‪ ،‬و أّمححا أمححر الحّدين و مححا فيححه صححلح ال ّ‬
‫انشاء ا ّ‬
‫الغضاء و الغماض أصل ‪ ،‬بل ل بّد له من باب الّلطححف و المححر بححالمعروف و الّنهححى‬
‫عن المنكر الّتنبيه على هفوات المتخّلفين الضالين المضحّلين الغاصححبين للخلفححة مححن دون‬
‫ل لومة لئم ‪ ،‬ليتنّبه الّناس من مراقد الغفلة ‪ ،‬و يلتفتوا إلححى سححوء مححا فعلححوه‬
‫أن يأخذه في ا ّ‬
‫ن لهم ‪ ،‬و ل يّتخذوا مححن دون‬ ‫من البدعات المبتدعة ‪ ،‬و يرتدعوا عن حسن العتقاد و الظ ّ‬
‫ل و ل رسوله و ل المؤمنين وليجة ‪.‬‬ ‫ا ّ‬

‫ن قوله ‪ :‬فان بعد ذلك فليس بأبعد من تأويل أهححل التوحيححد و العححدل اليححات‬ ‫و أما سادسا فا ّ‬
‫ن تأويلنا لليححات المتشححابهة مثححل قحوله » و جحآء ربححك « و » إلححى رّبهححا‬
‫المتشابهة ‪ ،‬فيه أ ّ‬
‫ناظرة « و » الّرحمن على العرش اسححتوى « و نحوهححا إنمحا هححو لقيحام الدّلحة القاطعححة و‬
‫البراهين العقلية و النقلية و الصول المحكمة الملجئة لنا على التأويل ‪،‬‬

‫ى أصححل محكححم‬
‫ي دليححل و برهححان و داع دعححى إلححى التأويححل ؟ و أ ّ‬
‫و أما فيما نحححن فيححه فححأ ّ‬
‫اقتضى ذلك لو لم يقتض خلفه ؟‬

‫سحّنة حيحث‬
‫ن أهحل ال ّ‬
‫سحف أ ّ‬
‫صحب و التع ّ‬
‫ي علحى الخحبير المنصحف المجحانب للتع ّ‬ ‫و غير خف ّ‬
‫نل‬
‫ن الظ ح ّ‬
‫ن على السححلف ‪ ،‬و الحححال أ ّ‬
‫ل التمسك بحسن الظ ّ‬
‫ضاق بهم الخناق لم يبق لهم إ ّ‬
‫ل الهادي إلى سواء السبيل ‪.‬‬
‫ق شيئا ‪ ،‬و ا ّ‬
‫يغنى من الح ّ‬

‫ععععععع‬

‫از جمله خطححب شححريفه آن بزرگححوار اسححت كححه اشححاره فرمححوده در آن بواقعححات عظيمححه‬
‫ميفرمايد ‪:‬‬

‫و فرا گرفتند گمراهان امت طريق يمين و شمال و راه افراط و تفريط را در حححالتى كححه‬
‫كوچ كنندگانند در راه جهل و ضللت ‪ ،‬و ترك نمايندگانند راه رشد و سعادت را ‪ ،‬پححس‬
‫طلب ننمائيد بشتاب آنچه كه واقع شونده است و مهيا ‪ ،‬و دير مشماريد آنچه كه مىآورد‬
‫آنرا فردا پس بسا بشتاب طلب كننده است چيزيرا كه اگر‬

‫] ‪[ 156‬‬

‫درك نمايححد آن را دوسححت مىگيححرد در نيححافتن آن را ‪ ،‬و چححه نزديكسححت امححروز بأوايححل‬
‫فردا ‪.‬‬

‫اى قوم اين زمان وقت وارد شدن هر وعده داده شده است و وقت نزديكيسححت از طلححوع‬
‫و ظهور آنچه كه نمىشناسيد آن را در فتنههاى حادثه و علمات هائله ‪،‬‬
‫آگاه باشيد قسم بخدا بدرستى كسححى كححه درك نمايححد آن فتنههححا را از مححا سححير مىكنححد در‬
‫ظلمتهححاى آن فتنههححا بچراغححى كححه نححور بخشححنده اسححت ‪ ،‬و رفتححار مىكنححد در آن بقححرار‬
‫صالحان تححا اينكححه بگشححايد در آن فتنههححا ريسححمانها را از گححردن اسححيران ‪ ،‬و آزاد نمايححد‬
‫بندگان را از بندگى ‪ ،‬و پراكنده سازد آنچه كه بهم پيوسته از منكرات ‪ ،‬و بهم بست كنححد‬
‫آنچه كه پاشيده شده از محسنات ‪ ،‬آن شخص در پرده است از أنظححار مردمححان نمىبينححد‬
‫صاحب قيافه أثر و نشانه آن را اگر چه امعان نظر نمايد ‪.‬‬

‫پس از آن البته تيز ساخته شود در آن فتنهها طائفه بجهة قتال أهل ضلل يا بجهة كسب‬
‫معارف و كمالت همچو تيححز سححاختن شمشححير سححاز شمشححير را در حححالتى كححه جل داده‬
‫بشود با نور قرآن ديدهاى بصيرت آن طائفه ‪ ،‬و انداخته شود تفسير قححرآن در گوشححهاى‬
‫ايشان ‪ ،‬و مىآشحامند كاسحه حكمحت را در شحبانگاه بعحد از آشحاميدن آن در چاشحتگاه از‬
‫جمله اين خطبه است كه مىفرمايد ‪ :‬و طول يافت مّدت بآن أهل ضححلل تححا اينكححه كامححل‬
‫نمايند ذلت و خواريرا ‪ ،‬و مستحق باشند بتغيير نعمت پروردگححار تححا زمححانى كححه نزديححك‬
‫شد گذشتن آن عهد ميل كردند طايفه از أهل بصيرت بآن فتنهها ‪،‬‬

‫و بلند كردند دم را از آبستنى جنگشحان در ححالتى كحه منحت نگذاشححتند بحه پروردگححار بححا‬
‫صبر نمودن در كار زار ‪ ،‬و بزرگ نشمردند بخش كردن جانهححاى خودشححان را در راه‬
‫حق تا زمانى كه موافقت نمود قضاء فرود آمده الهى با بريده شدن مّدت بل ‪،‬‬

‫برداشتند أهل معرفت و بصيرت بصيرتهاى خودشان را بر شمشيرهاى خود ‪ ،‬و تقّرب‬
‫جستند بسوى پروردگار بفرمان واعظ خودشان ‪.‬‬

‫تا زمانى كه قبض فرمود خداوند تبارك و تعالى روح رسول خود را بازگشتند‬

‫] ‪[ 157‬‬

‫گروهى بر پاشنهاى خود بارتداد ‪ ،‬و هلك ساخت ايشان را طححرق ضححللت ‪ ،‬و اعتمححاد‬
‫كردند بر خواص و انصار خود ‪ ،‬و پيوستند بغير خويشان پيغمبر ‪ ،‬و دورى گزيدند از‬
‫سببى كه مامور شده بودند از جانب خدا بمحّبت آن ‪ ،‬و نقححل كردنححد بنححاى خلفححت را از‬
‫استوارى بنياد خود ‪ ،‬پس بنا كردند آن را در غير محل و مكان خود ‪.‬‬

‫ايشان معدنهاى هر خطا و ضللتند ‪ ،‬و درهاى هر در آمده در باطل و جهالت ‪،‬‬

‫بتحقيق كه مترّدد شدند در حيرت ‪ ،‬و غفلت ورزيدنححد در مسححتى جهححالت بححر طريقححه آل‬
‫فرعون و روش أتباع آن ملعون ‪ ،‬هستند بعضى از ايشان منقطعند از عقبححا بسححوى دنيححا‬
‫مايلند بآن ‪ ،‬و برخى مفارقند از دين خدا مباينند از آن ‪.‬‬
‫عععع‬
‫ع عع عععع عع عععع ععع‬

‫و هى المأة و الواحد و الخمسون من المختار فححي بححاب الخطححب و أسححتعينه علححى مححداحر‬
‫ل وحده ل‬ ‫لا ّ‬
‫شيطان و مزاجره ‪ ،‬و العتصام من حبائله و مخاتله ‪ ،‬و أشهد أن ل إله إ ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ن محّمدا عبده و رسوله ‪ ،‬و نجيبه و صفوته ‪ ،‬ل يححوازى فضححله ‪ ،‬و‬ ‫شريك له ‪ ،‬و أشهد أ ّ‬
‫ضللة المظلمة ‪ ،‬و الجهالة الغالبة ‪،‬‬
‫ل يجبر فقده ‪ ،‬أضآئت به البلد بعد ال ّ‬

‫و الجفوة الجافية ‪ ،‬و الّناس يستحلّون الحريم ‪ ،‬و يستذّلون الحكيم ‪،‬‬

‫يحيون على فترة ‪ ،‬و يموتون على كفرة ‪ ،‬ثّم إّنكم معشر العرب أغراض بليا قد اقتربت‬
‫‪ ،‬فاّتقوا سكرات الّنعمة ‪ ،‬و احذروا بوائق الّنقمة ‪ ،‬و تثّبتوا في قتححام العشححوة ‪ ،‬و اعوجححاج‬
‫الفتنة ‪ ،‬عند طلوع جنينها ‪،‬‬

‫] ‪[ 158‬‬

‫و ظهور كمينها ‪ ،‬و انتصاب قطبها ‪ ،‬و مدار رحاهححا ‪ ،‬تبححدو فححي مححدارج خفّيححة ‪ ،‬و تئول‬
‫ظلمححة‬
‫سححلم ‪ ،‬تتوارثهححا ال ّ‬‫إلححى فظاعححة جلّيححة ‪ ،‬شححبابها كشححباب الغلم ‪ ،‬و آثارهححا كاثححار ال ّ‬
‫بححالعهود ‪ ،‬أّولهححم قححائد لخرهححم ‪ ،‬و آخرهححم مقتححد بححأّولهم ‪ ،‬يتنافسححون فححي دنيححا دنّيححة ‪ ،‬و‬
‫يتكالبون على جيفة مريحة ‪ ،‬و عن قليل يتبّرء الّتابع من المتبوع ‪ ،‬و القائد من المقود ‪،‬‬

‫فيتزايلون بالبغضاء ‪ ،‬و يتلعنون عند اّللقآء ‪ ،‬ثّم يأتي بعد ذلك طالع الفتنة الّرجححوف ‪ ،‬و‬
‫القاصمة الّزحوف ‪ ،‬فتزيغ قلوب بعد استقامة ‪،‬‬

‫ل رجال بعد سلمة ‪ ،‬و تختلف الهواء عند هجومها ‪ ،‬و تلتبس الراء عند نجومها‬
‫و تض ّ‬
‫‪ ،‬من أشرف لها قصمته ‪ ،‬و من سعى فيها حطمته ‪،‬‬

‫يتكادمون فيها تكادم الحمر في العانة ‪ ،‬قد اضطرب معقود الحبل ‪ ،‬و عمى وجه المححر ‪،‬‬
‫ضححهم‬
‫ق أهححل البححدو بمسحححلها ‪ ،‬و تر ّ‬
‫ظلمححة ‪ ،‬و تححد ّ‬
‫تغيض فيهححا الحكمححة ‪ ،‬و تنطححق فيهححا ال ّ‬
‫بكلكلها ‪ ،‬يضيع في غبارها الوحدان ‪،‬‬

‫و يهلك في طريقها الّركبان ‪ ،‬ترد بمّر القضآء ‪ ،‬و تحلب عبيط الّدمآء ‪،‬‬

‫و تثلم منار الّدين ‪ ،‬و تنقض عقد اليقين ‪ ،‬تهرب منها الكياس ‪،‬‬

‫طححع فيهححا الرحححام ‪ ،‬و يفححارق‬


‫و تدّبرها الرجاس ‪ ،‬مرعاد مبراق ‪ ،‬كاشفة عن سححاق ‪ ،‬تق ّ‬
‫عليها السلم ‪ ،‬برّيها سقيم ‪ ،‬و ظاعنها مقيم ‪.‬‬

‫] ‪[ 159‬‬
‫منها بين قتيل مطلول ‪ ،‬و خائف مستجير ‪ ،‬يختلون بعقد اليمان ‪،‬‬

‫و بغرور اليمان ‪ ،‬فل تكونوا أنصاب الفتن ‪ ،‬و أعلم البدع ‪ ،‬و الزموا ما عقد عليه حبل‬
‫ل مظلححومين ‪ ،‬و ل تقححدموا علححى‬
‫طاعة ‪ ،‬و اقدموا على ا ّ‬
‫الجماعة ‪ ،‬و بنيت عليه أركان ال ّ‬
‫شيطان ‪،‬‬‫ل ظالمين ‪ ،‬و اّتقوا مدارج ال ّ‬
‫ا ّ‬

‫و مهححابط العححدوان ‪ ،‬و ل تححدخلوا بطححونكم لعححق الحححرام ‪ ،‬فححإّنكم بعيححن مححن ح حّرم عليكححم‬
‫طاعة ‪.‬‬‫المعصية ‪ ،‬و سّهل لكم سبيل ال ّ‬

‫ععععع‬

‫طححرد و البعححاد و الحّدفع بعنححف علححى الهانححة كالحّدحور و قححال سححبحانه » َو‬ ‫) الحّدحر ( ال ّ‬
‫حورًا « ‪.‬‬
‫ج ِمْنها َمْذُمومًا َمْد ُ‬
‫خُر ْ‬
‫حورا « و قال أيضا » ُأ ْ‬
‫ب ُد ُ‬
‫ل جاِن ٍ‬
‫ن ُك ّ‬
‫ن ِم ْ‬
‫ُيْقَذُفو َ‬

‫ل طرده و إبعاده ‪.‬‬


‫شيطان جمع مدحر و هى المور اّلتى مح ّ‬
‫و مداحر ال ّ‬

‫شارح البحراني و المعتزلي ‪ :‬هى المور اّلتي بها يطرد و يبعد ‪ ،‬و على قولهمححا‬ ‫و قال ال ّ‬
‫فهى لللة ‪ ،‬و على ذلك فل يجوز جعلها جمعححا لمححدحر كمححا تححوّهمه البحرانححي لنّ مفعححل‬
‫بفتح الميم للمكان و بالكسر لللة كما صّرح به جميع علماء الدبّية ‪،‬‬

‫فل بّد من جعلها جمعا حينئذ لمدحرة بكسر الّول و الهاء أخيرا و زان مكسحة و مروحة‬
‫ن مدحر بالكسر لللة أيضا و جمع مفعل علححى مفاعححل قححد ورد فححي‬
‫ل أن يقال ‪ :‬إ ّ‬
‫‪ ،‬اللهّم إ ّ‬
‫كلمهم مثل ملحف و ملحف و مقود و مقاود ‪.‬‬

‫ح جعلها جمع مدحر بالفتح للمكان و مدحر و مدحرة‬‫ن مداحر يص ّ‬ ‫فقد تلخص مّما ذكرنا أ ّ‬
‫بالكسر فيهما لللة و نحوه ) المزاجر ( للمور اّلتي‬

‫] ‪[ 160‬‬

‫ل الّزجر من زجر الكلب نهنهححه جمححع مزجححر و مزجححر و ) ختلححه (‬ ‫يزجر بها أو هى مح ّ‬
‫يختله بالكسر خدعه ‪ ،‬و المخاتل المور اّلتي بهححا يختححل و يخححدع و ) يححوازي ( مضححارع‬
‫حدة من الغلبححة و‬ ‫آزى بالهمز و ل يقال وازى و ) الجهالة الغالبة ( في بعض الّنسخ بالمو ّ‬
‫فححي بعضححها بالمثّنححاة مححن الغلء و هححو الرتفححاع أو مححن الغل حّو و هححو مجححاوزة الح حّد و‬
‫لم من الحلم و ) الفترة ( انقطاع ما بين النحبيّين و‬ ‫) يستذّلون الحكيم ( في بعض الّنسخ بال ّ‬
‫) كفرة ( بالفتح واحدة الكفرات كضربة و ضربات ‪.‬‬
‫) ثّم اّنكم معشر العرب ( في بعض الّنسححخ معشححر الّنححاس و ) تثّبتححوا ( مححن التثّبححت و هححو‬
‫التوّقف ‪ ،‬و في بعض النسخ تبّينوا من التبّين و بهما أيضا قرء قوله سبحانه ‪:‬‬

‫ق ِبَنَبٍا فَتَبّيُنوا « يقال تبّينه أى أوضحه ‪ ،‬و تبّين المر أى وضح يسححتعمل‬
‫سٌ‬‫ن جاَئُكْم فا ِ‬
‫»إ ْ‬
‫متعّديا و لزما كاستبان قال تعالى ‪:‬‬

‫ل َفَتَبّينوا « ‪.‬‬
‫ل ا ِّ‬
‫سبي ِ‬
‫ضَرْبُتْم في َ‬
‫» َفإذا َ‬

‫أى اطلبوا بيان المر و ثبححاته و ل تعجلححوا فيححه و ) القتححام ( الغبححار و ) العشححوة ( بتثليححث‬
‫الّول ركوب المر على غير بيان و وضوح ‪ ،‬و بالفتح فقححط الظلمححة و ) الجنيححن ( الولححد‬
‫ما دام في البطن و ) الكمين ( الجماعة المختفية في الحرب ‪.‬‬

‫و ) مدار رحاها ( مصدر و المكان بعيد و ) تبدو في مححدارج ( فححي بعححض النسححخ بححالواو‬
‫ب ( الفححرس يش ح ّ‬
‫ب‬ ‫من البدو و هو الظهور و في أكثرها تبدء بالهمز مضارع بححدء و ) ش ح ّ‬
‫شبابا بالكسر و شبيبا نشط و رفع يديه جميعا ‪ ،‬و في بعض النسخ ‪ ،‬شبابها كشباب الغلم‬
‫سلم ( بالكسر الحجارة و ) مريحة ( من أراح الّلحم و الماء أى أنتححن أو مححن‬‫بالفتح و ) ال ّ‬
‫أراح الّرجل إذا مات و ) رجف ( الشيء رجفا تحّرك و اضطرب شححديدا و رجححف القححوم‬
‫تهّيا و اللحرب ‪.‬‬

‫و ) زحف ( اليه مشي و في شرح المعححتزلي الّزحححف السححير علححى تححؤدة كسححير الجيححوش‬
‫بعضها إلى بعض و ) نجم ( الشيء ينجم نجوما من باب قعد ظهر و طلع و ) قصمت (‬

‫] ‪[ 161‬‬

‫ل أى أذّله و أهانه و قيل قرب موته و ) الّتكادم ( الّتعاض بححأدنى‬


‫العود كسرته و قصمه ا ّ‬
‫سححوهان‬
‫الفم و ) العانة ( القطيع من حمر الوحش و ) المسخل ( و زان منبر المححبرد أى ال ّ‬
‫شارح المعححتزلي ‪:‬‬‫و يقال أيضا للمنحت و ) الوحدان ( جمع واحد كركبان و راكب قال ال ّ‬
‫و يجوز أن يكون جمع أوحد مثل سودان و أسود يقال فلن أوحد الّدهر ‪.‬‬

‫ل ( بالمهملة هدر الّدم و هو مطلول اى‬ ‫و ) ثلمت ( الناء أى كسرت حرفه فانثلم و ) الط ّ‬
‫مهدر ل يطلب بدمه و ) يختلون ( في بعض الّنسخ بالبنححاء علححى المفعححول و فححي بعضححها‬
‫بالبناء على الفاعل من ختله خدعه و ) عقححد ( اليمححان بصححيغة المصححدر أو وزان صححرد‬
‫جمع عقدة و ) النصاب ( جمع نصب كأسباب و سبب و هو العلم المنصوب في الطريق‬
‫سححبل‬
‫شححيطان ( جمححع مدرجححة و هححى ال ّ‬ ‫يهدى به ‪ ،‬و في بعض الّنسخ بالّراء و ) مححدارج ال ّ‬
‫الّتي يدرج فيها و ) لعق الحرام ( جمع لعقححة اسححم لمححا يلعححق بالصححبع أو بالملعقححة و هححى‬
‫بكسر الميم آلة معروفة ‪ ،‬و اللعقة بالفتح المّرة منه من لعقححه العقححه مححن بححاب تعححب لحسححه‬
‫باصبع و مصدره لعق و زان فلس ‪.‬‬
‫ععععععع‬

‫ي ‪ ،‬و جملححة أضححائت حححال مححن فاعححل‬ ‫ظححاهر أّنهححا اسححتيناف بيححان ّ‬
‫جملة ل يوازى فضححله ال ّ‬
‫المصححدر أعنححي فقححده ‪ ،‬و يحتمححل السححتيناف البيححاني أيضححا ‪ ،‬و الّنححاس حححال مححن مفعححول‬
‫ظرف متعّلق بالفعل أو بالظّلمححة ‪ ،‬و قححوله‬ ‫أضائت ‪ ،‬و قوله ‪ :‬تتوارثها الظلمة بالعهود ‪ ،‬ال ّ‬
‫و عن قليل إلى قوله ‪ :‬عند الّلقاء ‪ ،‬جملة معترضة ‪ ،‬و عن ‪ ،‬بمعنى بعد ‪.‬‬

‫عععععع‬

‫ن هذه الخطبة مسوقة في معرض الخبار عن الملحم و الوقايع الحادثة فححي غححابر‬ ‫اعلم أ ّ‬
‫ل سبحانه عليه ‪،‬‬ ‫الّزمان ‪ ،‬و صّدرها بالستعانة على ما يجب الستعانة من ا ّ‬

‫ل عليه و آله فقال‬


‫شهادة بالّتوحيد و الّرسالة و ذكر ممادح الّرسول صّلى ا ّ‬
‫و عّقب ذلك بال ّ‬
‫‪:‬‬

‫] ‪[ 162‬‬

‫شيطان و مزاجره ( أى العبححادات و الحسححنات اّلححتي هححى مححلّ‬‫) و أستعينه على مداحر ال ّ‬
‫طرده و زجره أو بها يطرد و يزجر ) و العتصام من حبائله و مخححاتله ( أى المعاصححي‬
‫سيئآت اّلتي لها يصيد النسان و يخدع البشر ‪:‬‬
‫و ال ّ‬

‫صححائد لمشححابهتها فححي‬‫شارح البحراني ‪ :‬و استعار لها لفظ الحبححائل و هححى أشححراك ال ّ‬ ‫قال ال ّ‬
‫سلمة و الحصول فححي العححذاب ) و أشححهد أن ل إلححه إ ّ‬
‫ل‬ ‫استلزام الحصول فيها للبعد عن ال ّ‬
‫ل وحده ل شريك له ( قد تقّدم في شححرح الفصححل الّثححاني مححن الخطبححة الّثانيححة شححرح هححذه‬ ‫ا ّ‬
‫ن محّمدا عبححده و رسححوله ( ص حّلى‬ ‫الكلمة الطّيبة بما ل مزيد عليه فليراجع ثّمة ) و أشهد أ ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم ) و نجيبه ( أى الكريم الحسيب اّلذي انتجبه مححن خلقححه ‪ ،‬و يححروى و‬ ‫ا ّ‬
‫نجّيه أى المناجي له و المشرف بمناجاته و مخاطبته و أصله من الّنجوى و هي الّتخاطب‬
‫سّرا ) و صفوته ( أى مختاره و مصطفاه من الّناس ‪ ،‬و قد مضى تحقيق ذلححك فححي شححرح‬
‫الخطبة الّثالثة و الّتسعين ‪.‬‬

‫و لّما كان ههنا مظّنة أن يسأل و يقال ‪ :‬هحل يحدانيه أححد فحي فضحله أو يحوازيه فحي كمحاله‬
‫فيقوم مقامه عند افتقاره ؟ أجاب بقحوله ‪ ) :‬ل يحوازى فضحله ( أى ل يححاذى و ل يسحاوى‬
‫) و ل يجبر فقده ( قال الشارح البحراني ‪ :‬إذ كان كماله في قّوتيه الّنظرية و العملّية غير‬
‫ل بقيام مثلححه مححن الّنححاس ‪ ،‬و إذ ل‬
‫مدرك لحد من الخلق ‪ ،‬و من كان كذلك لم يجبر فقده إ ّ‬
‫مثل له فيهم فل جبران لفقده ‪.‬‬
‫ضللة المظلمة ( نسبة أضائت إلححى البلد مححن بححاب الّتوسححع ‪ ،‬و‬ ‫) أضائت به البلد بعد ال ّ‬
‫شريف إلى ما فيححه صححلح المعححاش و المعححاد بعححد‬ ‫المراد اهتداء أهل البلد بنور وجوده ال ّ‬
‫سححادس عشححر مححن الخطبححة‬ ‫تيههم في ظلمة الكفر و الضلل كما تقّدم فححي شححرح الفصححل ال ّ‬
‫لح عليححه و آلححه قححد بعححث و أهححل الرض يححومئذ ملححل‬‫الولى ‪ ،‬و عرفت هناك أّنه صحّلى ا ّ‬
‫سمة و زنادقححة و غيرهححا‬ ‫متفّرقة ‪ ،‬و أهواء منتشرة ‪ ،‬و طرايق متشّتتة ‪ ،‬بين مشّبهة و مج ّ‬
‫) و ( كانوا مّتصفين ب ) الجهالة الغالبة ( عليهم ) و ( موصوفين ب ) الجفححوة الجافيحة (‬
‫طبيعة و قساوة القلوب و سفك الّدماء و وصفه بالجافية للمبالغة مححن قبيححل‬ ‫يريد بها غلظ ال ّ‬
‫شاعر و داهية دهياء ‪ ،‬و قد تقّدم توضيح جفوة العرب و غلظهم في شرح‬ ‫شعر ال ّ‬

‫] ‪[ 163‬‬

‫سابعة و العشرين ‪.‬‬


‫الفصل الّول من الخطبة ال ّ‬

‫ل ح اّلححتي يجححب احترامهححا و محّرمححاته ) و‬ ‫) و الّنححاس يسححتحّلون الحريححم ( أى حرمححات ا ّ‬


‫يستذّلون الحكيم ( أو الحليم كما فححي بعححض الّروايححات ‪ ،‬و الحكمححة هححو العلححم اّلححذي يرفححع‬
‫النسححان عححن فعححل القبيححح ‪ ،‬و الحلححم هححو العقححل و الّتححؤادة و ضححبط الّنفححس عححن هيجححان‬
‫الغضب ‪ ،‬و المعلوم من حال العرب استذلل من لححه عقححل و معرفححة و تجّنححب عححن سححفك‬
‫ضعف ) يحيون‬ ‫ن ذلك من الجبن و ال ّ‬ ‫الّدماء و عن النهب و الغارة و إثارة الفتن لزعمهم أ ّ‬
‫على فترة ( من الّرسل و انقطاع من الوحى الموجب لنقطاع الخيحر و تقليحل العبحادات و‬
‫ضللت ) و يموتون على كفححرة ( لعححدم هححاد‬ ‫المجاهدات و موت النفوس بداء الجهل و ال ّ‬
‫شرع المستقيم ‪.‬‬
‫يهديهم إلى الّنهج القويم و ال ّ‬

‫سلم في إنذار الّناس بالبليا الّنازلححة و اقححتراب الحححوادث المسححتقبلة فقححال‬ ‫ثّم شرع عليه ال ّ‬
‫) ثّم إّنكم معشر العرب أغراض بليا ( و أهدافها ) قد اقتربت ( أوقاتها ) فاّتقوا سححكرات‬
‫سححكرات اسححتعارة لمححا يحححدثه الّنعححم عنححد أربابهححا مححن الغفلححة و الخمححرة‬‫النعمححة ( لفظححة ال ّ‬
‫سكرة ) و احذروا بوائق الّنقمة ( أى دواهي المؤاخذات و العقوبات ) و تثّبتححوا‬ ‫المشابهة لل ّ‬
‫في قتام العشوة ( و هو أمر لهم بالّتثبت و الّتوّقف عند اشتباه المور و ترك القتحام فيها‬
‫من غير بصيرة و روّية ‪.‬‬

‫شبهة المححثيرة للفتححن كشححبهة قتححل عثمححان الححتي‬


‫شارح البحراني ‪ :‬استعار لفظ القتام لل ّ‬
‫قال ال ّ‬
‫نشأت منها وقايع الجمل و صفين و الخوارج ‪ ،‬و وجه المشابهة كون ذلك المححر المشححتبه‬
‫مّما ل يهتدى فيه خائضوه ‪ ،‬كما ل يهتدى القائم في القتام عند ظهوره و خوضه ‪.‬‬

‫) و اعوجاج الفتنة ( أى إتيانها علححى غيححر وجههححا و انحرافهححا عححن الّنهححج ) عنححد طلححوع‬
‫جنينها و ظهور كمينها ( كنى بالجنين و الكمين عن المستور المختفححي مححن تلححك الفتنححة و‬
‫يحتمل إرادة الحقيقة بأن يكون المقصود بروز ما اجتن منها و اسححتتر و ظهححور مححا كمححن‬
‫منها و بطن ) و انتصاب قطبها و مدار رحاها ( كنايتان عن استحكام أمرهححا و انتظامهححا‬
‫) تبدو في مدارج خفّية و تؤل إلى فظاعة جلّية ( يعني أّنها تكون‬

‫] ‪[ 164‬‬

‫ابتداء يسيرة ثّم تصير كثيرة ‪.‬‬

‫ن الّنححححححححححححححححححححححححار بححححححححححححححححححححححححالعودين تححححححححححححححححححححححححذكي‬


‫فححححححححححححححححححححححححا ّ‬
‫ن الحرب أّولها كلم‬ ‫وإّ‬

‫ن ظهورها في مسالك خفّية حّتى تنتهى إلى شناعة عظيمة ) و شححبابها كشححباب الغلم‬ ‫أو أ ّ‬
‫ن أربابها يمرحون في أّول المر كمحا يمحرح الغلم ثحّم تحؤل‬ ‫سلم ( أى إ ّ‬
‫و آثارها كآثار ال ّ‬
‫ن المراد أّنهححا فححي‬
‫إلى أن تعقب فيهم أو في السلم آثارا كآثار الحجارة في البدان ‪ ،‬أو أ ّ‬
‫سلم ‪.‬‬
‫الّدنيا كنشاط الغلم و ما أعقبتها من الثار في الخرة كآثار ال ّ‬

‫ظلم بعهد الّول منهم للّثاني و عقد المر منححه‬ ‫ظلمة بالعهود ( أى يتوارثها ال ّ‬‫) يتوارثها ال ّ‬
‫ن توارثهم بما عهدوا بينهم من‬ ‫ي العهد ‪ ،‬أو أ ّ‬ ‫له كما هو دأب أمراء الجور يجعلون لهم ول ّ‬
‫ظححرف بالظلمححة فححالمراد أّنححه يتوارثهحا‬ ‫ظلم أهل الححبيت و غصحب حّقهحم ‪ ،‬و علححى تعّلححق ال ّ‬
‫ل و الّناقضين لميثاقه و الّتاركين لتكاليفه ‪.‬‬‫الظالمين بعهد ا ّ‬

‫ضلل و الّنححار ) و آخرهححم مقتححد بححأّولهم ( فححي‬ ‫ظلم و ال ّ‬‫) أّولهم قائد لخرهم ( يقوده إلى ال ّ‬
‫الجور و إثارة الفتن و تشححييد تلححك الثححار ) يتنافسححون فححي دنيححا دنّيححة ( أي يتعارضححون و‬
‫يتبارون في دنيا ل مقدار لها عند العقلء ) و يتكالبون على جيفحة مريححة ( أي يتواثبحون‬
‫على جيفة منتنة عند ذوى العقول و الولياء ‪ ،‬و اسححتعار لهححا لفححظ الجيفححة باعتبححار الّنفححرة‬
‫شاعر ‪:‬‬‫عنها ‪ ،‬و لفظ المريحة ترشيح قال ال ّ‬

‫ل جيفحححححححححححححححححححححححة مسحححححححححححححححححححححححتحيلة‬
‫و محححححححححححححححححححححححا هحححححححححححححححححححححححي إ ّ‬
‫ن اجتذابها‬ ‫عليها كلب هّمه ّ‬

‫سلم ) و عن قليل ( أى بعد حين قليل ( يتبّرء الّتححابع عححن المتبححوع و القححائد‬‫ثّم قال عليه ال ّ‬
‫من المقود ( أى التباع من الّرؤساء و الّرؤساء من التباع و ذلك التبّرء يوم القيامحة كمحا‬
‫ل سبحانه عن تبّرء التباع بقوله ‪:‬‬ ‫شارح المعتزلي ‪ ،‬و قد أخبر ا ّ‬ ‫قاله ال ّ‬

‫ن َقْبح ُ‬
‫ل‬ ‫عوا ِمح ْ‬
‫ن َنحْد ُ‬
‫ل َلحْم َنُكح ْ‬
‫عّنا َب ْ‬
‫ضّلوا َ‬
‫ل قاُلوا َ‬
‫ن ا ِّ‬
‫ن ُدو ِ‬
‫ن ِم ْ‬
‫شِرُكو َ‬
‫ل َلُهْم َأْيَنما ُكْنُتْم ُت ْ‬
‫» ُثّم قي َ‬
‫ن‪.‬‬
‫ل اْلكاِفري َ‬ ‫ل ا ُّ‬
‫ضّ‬‫ك ُي ِ‬ ‫شْيئًا َكذِل َ‬
‫َ‬

‫] ‪[ 165‬‬
‫فقولهم لم نكن ندعو هو التبّرء ‪ ،‬و أخبر عن تبّرء الّرؤساء بقوله ‪:‬‬

‫ب َو قالَ اّلححذين‬
‫سبا ُ‬
‫لْ‬‫ت ِبِهُم ا َْ‬
‫طَع ْ‬
‫ب وَ َتَق ّ‬
‫ن اّتَبُعوا َو رَأُو اْلَعذا َ‬
‫ن اّلذي َ‬
‫» إْذ َتَبّرَء اّلذين اّتِبُعوا ِم َ‬
‫ن َلنا َكّرَة َفَنَتَبّرُء ِمْنُهْم َكما َتَبّرُؤوا ِمّنا « ) فيتزايلون ( و يفرقون ) بالبغضاء و‬ ‫اّتَبُعوا َلْو أ ّ‬
‫يتلعنون عند الّلقاء ( كما قال تعالى ‪:‬‬

‫ضُكْم َبْعضًا « ‪.‬‬


‫ن َبْع ُ‬
‫ض َو َيْاَم ُ‬
‫ضُكْم ِبَبْع ٍ‬
‫» َو َيْوَم اْلِقيَمِة َيْكُفُر َبْع ُ‬

‫ن قوله عن قليل يتبّرء التابع من المتبححوع‬ ‫شارح المعتزلي ‪ :‬فان قلت ‪ :‬ألم يكن قلت إ ّ‬‫قال ال ّ‬
‫يعني يوم القيامة فكيف يقول ) ثّم يأتي بعد ذلك طالع الفتنة الّرجوف ( و هححذا إّنمححا يكححون‬
‫قبل القيامة ؟‬

‫قلت ‪ :‬لّما ذكر تنافس الّناس على الجيفة المنتنة و هي الّدنيا أراد أن يقول بعده بل فصل ‪:‬‬
‫جب من تزاحم الّنححاس و تكححالبهم علححى تلححك الجيفححة أراد أن‬ ‫ثّم يأتي بعد ذلك اه لكّنه لّما تع ّ‬
‫يؤّكد ذلك الّتعجب فأتى بجملة معترضة بين الكلمين فقال ‪ :‬إّنهم علححى مححا قححد ذكرنححا مححن‬
‫تكالبهم عليها عن قليل يتبّرء بعضهم من بعض و يلعن بعضهم بعضا ‪ ،‬و ذلك أدعى لهححم‬
‫لو كانوا يعقلون إلى أن يتركوا الّتكالب و الّتهارش على هححذه الجيفححة الخسيسححة ‪ ،‬ث حّم عححاد‬
‫إلى نظام الكلم فقال ‪ :‬ثّم يأتي بعد ذلك آه ‪.‬‬

‫ن ذلك الّتبرء عند ظهور الّدولة العّباسححية ‪،‬‬ ‫شارح البحراني حكاية عن بعضهم ‪ :‬إ ّ‬ ‫و قال ال ّ‬
‫ن العادة جارية بتبّرء الّناس عن الولة المعزوليححن خصوصححا عنححد الخححوف مّمححن تححوّلى‬ ‫فا ّ‬
‫ل لغححرض دنيححاو ّ‬
‫ى‬ ‫عزل ذلك أو قتلهم ‪ ،‬فيتباينون بالبغضاء إذ لم تكححن الفتهححم و محّبتهححم إ ّ‬
‫شارح ‪ :‬و قوله ‪ :‬ثم يأتي طالع الفتنححة ‪ ،‬هححي فتنححة‬ ‫زال ‪ ،‬و يتلعنون عند الّلقاء ‪ ،‬ثّم قال ال ّ‬
‫التتار ‪ ،‬إذ الدائرة فيها على العرب ‪.‬‬

‫و قال بعحض الشححارحين ‪ :‬بححل ذلححك إشححارة إلححى الملحمححة الكائنححة فححي آخححر الّزمححان كفتنححة‬
‫الّدجال ‪.‬‬

‫] ‪[ 166‬‬

‫و كيف كان فوصف الفتنة بالّرجوف لكثرة اضطراب الّناس أو أمر السححلم فيهححا و أراد‬
‫بطالعها مقّدماتها و أوايلهححا و وصححفها ثانيححا بقححوله ) و القاصححمة الّزحححوف ( أى الكاسححرة‬
‫شححجاع كححثير‬
‫الكثيرة الّزحف و كّنى بقصححمها عححن هلك الخلححق فيهححا و شحّبهها بالّرجححل ال ّ‬
‫الّزحف إلى أقرانه أى يمشى إليهم قدما ‪.‬‬

‫ثّم أشار إلى ما يححترّتب علححى تلححك الفتنححة مححن المفاسححد العظححام و قححال ) فححتزيغ ( أى تميححل‬
‫لح ) و‬‫ل رجححال بعححد سححلمة ( فححي ديححن ا ّ‬‫لح ) و تضح ّ‬ ‫) قلوب بعد استقامة ( علححى سححبيل ا ّ‬
‫صحححيحة بالفاسححدة ) عنححد نجومهححا ( و‬
‫تختلف الهواء عنححد هجومهححا و تلتبححس الراء ( ال ّ‬
‫ق بالباطل و يتيه فيها الجاهل و الغافل ) من أشرف لها ( أى قابلهححا‬ ‫ظهورها ‪ ،‬فيشتبه الح ّ‬
‫و صادمها ) قصمته ( و هلكتححه ) و مححن سححعى فيهححا ( أى أسححرع فححي إطفائهححا و إسححكاتها‬
‫) حطمته ( و كسرته ) يتكادمون فيها تكادم الحمر ( الوحش ) في العانة ( أى في قطيعها‬
‫‪.‬‬

‫ل المراد بتكادمهم مغالبححة مححثيرى تلححك الفتنححة بعضححهم‬


‫قال العلمة المجلسي ) ره ( ‪ :‬و لع ّ‬
‫لبعض ‪ ،‬أو مغالبتهم لغيرهم ‪.‬‬

‫شارح البحراني ‪ :‬و شّبه ذلك بتكادم الحمر فححي العانححة ‪ ،‬و وجححه الّتشححبيه المغالبححة‬
‫و قال ال ّ‬
‫مع اليماء أى خلعهم ربق الّتكليف من أعناقهم و كثرة غفلتهم عّما يراد بهم في الخرة ‪.‬‬

‫شححرعّية اّلححتي كّلفححوا بهححا ) و‬


‫) قد اضطرب معقود الحبل ( أى قواعححد الحّدين و الحكححام ال ّ‬
‫عمى وجه المر ( في اسناد العمى الى الوجه تجّوز ‪ ،‬و المراد عدم اهتححدائهم الححى وجححوه‬
‫الصلح و طرق الفلح ) تغيض ( و تنقححص ) فيهححا الحكمححة ( لسححكوت الحكمححاء عنهححا و‬
‫ظلححم و‬
‫عدم تمّكنهم عن التكّلم بها ) و تنطححق فيهححا الظلمححة ( بمححا يقتضححيه أهححواؤهم عححن ال ّ‬
‫ق ( تلك الفتنة ) أهل البدو ( أى الباديححة ) بمسحححلها (‬ ‫الفساد لمساعدة الّزمان عليهم ) و تد ّ‬
‫أى يفعل بهم ما يفعل المسحل بالحديد ‪ 1‬أو‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬تتتتت تتت ت تت ت تت ت تتت تتتتت تت‬
‫تتت تتتت ت تتت تتت تتت ت تت ت تت ت تتت تت ت‬
‫تتتتتت تتت تتتت تتتتت ت تتت‬

‫] ‪[ 167‬‬

‫ضهم ( أى تدّقهم دّقا جريشا ) بكلكلها ( أى صدرها شّبه هذه الفتنة بالّناقححة‬
‫الخشب ) و تر ّ‬
‫اّلتي تبرك على الشيء فتسحقه بصدرها على سححبيل السححتعارة بالكنايححة و إثبححات الكلكححل‬
‫ض ترشيح ) يضيع في غبارها الوحدان و يهلك في طريقها الّركبححان ( أى ل‬ ‫تخييل و الّر ّ‬
‫يخلص منها أحد و ل ينجو منها لشّدتها و قّوتها ‪ ،‬فمن كحان يسححير وححده فحاّنه يهلحك فيهحا‬
‫بالكّلّية و إذا كانوا جماعة فهم يضّلون في طريقها فيهلكون ‪،‬‬

‫و لفظ الغبار مستعار للقليل اليسير من حركة أهلهححا أى إذا أراد القليححل مححن الّنححاس دفعهححا‬
‫هلكوا في غبارها من دون أن يدخلوا في غمارها ‪ ،‬و أّما الّركبان و هم الكثير مححن الّنححاس‬
‫فاّنهم يهلكون في طريقها و عند الخوض فيها ‪.‬‬
‫ل في غبار هححذه الفتنححة و شححبهها فضححلء‬
‫و على كون الوحدان جمع أوحد فالمراد أّنه يض ّ‬
‫عصرها ‪ ،‬لغموض الشّبهة و استيلء الباطل ‪ ،‬و يكون الركبان حينئذ كناية عن الجماعححة‬
‫ضلل و هلك أهل القّوة بالقتل و الستيصال ‪.‬‬ ‫أهل القّوة ‪ ،‬فهلك أهل العلم بال ّ‬

‫صححعبة و ظحاهر أّنهححا واردة عححن‬ ‫) تححرد بمحّر القضححاء ( أى بحالهلك و البححوار و البليححا ال ّ‬
‫ى الخالص منها و هححو‬ ‫القضاء اللهي مّتصفة بالمرارة ) و تحلب عبيط الّدماء ( أى الطر ّ‬
‫شححرع‬ ‫كناية عن سفك الحّدماء فيهححا ) و تثلححم منححار الحّدين ( اسححتعارة للعلمححاء أو القححوانين ال ّ‬
‫المبين و ثلمها عبارة عن هحدمها و عححدم العمحل بهحا ) و تنقحض عقححد اليقيحن ( أى العقايححد‬
‫ل تعالى ‪ ،‬و نقضها كناية عن تغّيرها و تب حّدلها و تححرك العمححل‬ ‫الحّقة الموصلة إلى جوار ا ّ‬
‫سححليمة ) و تححدّبرها الرجححاس (‬ ‫علححى وفقهححا ) تهححرب منهححا الكيححاس ( أى ذوو العقححول ال ّ‬
‫النجاس أى ذوو النفوس الخبيثة ) مرعاد مبراق ( كثيرة الّرعد و البرق أى ذات تهّدد و‬
‫سلح و صوته و بالبرق لمعانه و ضوئه ‪.‬‬ ‫وعيد و يجوز أن يراد بالّرعد قعقعة ال ّ‬

‫سححاق مثححل‬
‫شديد ‪ ،‬و كشححف ال ّ‬‫ساق في الّلغة المر ال ّ‬
‫) كاشفة عن ساق ( قال ابن الثير ‪ :‬ال ّ‬
‫في شّدة المر و أصله من كشف النسان عن ساقه و تشميره إذا وقع فححي أمححر شححديد ‪ ،‬و‬
‫ساق إذا أرادوا شّدة المر و الخبار عن‬ ‫في القاموس يذكرون ال ّ‬

‫] ‪[ 168‬‬

‫هو له قال تعالى ‪:‬‬

‫ق«‪.‬‬
‫ن سا ٍ‬
‫عْ‬‫ف َ‬
‫ش ُ‬
‫» َو َيْوَم ُيْك َ‬

‫أى عن شّدة ) تقطع فيها الرحام و يفارق عليها السححلم ( بجريانهححا علححى خلف قواعححد‬
‫شرع المبين ‪.‬‬
‫الّدين و قواعد ال ّ‬

‫ي ) ره ( ‪ :‬أى من يعد نفسه بريئا سالما من المعاصي‬ ‫لمة المجلس ّ‬‫) بريئها سقيم ( قال الع ّ‬
‫ن مححن لححم‬
‫أو الفات أو من كان سالما بالنسبة إلى ساير الّناس فهو أيضا مبتلححى بهححا ‪ ،‬أو أ ّ‬
‫ب الخلص من شرورها ل يمكنه ذلك ) و ظاعنهححا مقيححم (‬ ‫يكن مائل إلى المعاصي و أح ّ‬
‫اى المرتحل عنها خوفا ل يمكنه الخروج منها أو من اعتقد أّنه متخّلححف عنهححا فهححو أيضححا‬
‫ضللة ‪.‬‬‫شبه و عموم ال ّ‬‫داخل فيها لكثرة ال ّ‬

‫سححابقة و هححو‬
‫سكين بالّدين فححي زمححان الفتنححة ال ّ‬
‫) منها ( ما يشبه أن يكون وصفا لحال المتم ّ‬
‫قوله ‪ ) :‬بين قتيل مطلول ( أى مهدر الّدم ل يطلب به ) و خححائف مسححتجير ( أى مسححتامن‬
‫يطلب المان ) يختلون بعقد اليمان ( إن كان يختلون بصيغة المجهححول فهححو إخبححار عححن‬
‫حال المخدوعين اّلذين يخدعهم غيرهم بعقححد العهححود و شحّدها بمسححح ايمححانهم أو باليمححان‬
‫المعقودة فيما بينهم ‪ ،‬و على كونه بصيغة المعلوم فهو بيححان لحححال الخححادعين ) و بغححرور‬
‫اليمان ( أى باليمان اّلذي يظهره الخادعون فيغّرونهم بالمواعيد الكاذبة أو الذي يظهححره‬
‫هححؤلء الموصححوفون فيغ حّرون الّنححاس بححه علححى اختلف الّنسححختين ) فل تكونححوا أنصححاب‬
‫الفتن ( أى رؤسائها يشار إليهم فيها ) و أعلم البدع ( اّلتي يقتدى بهححا و هححو نظيححر قححوله‬
‫سلم في كلماته القصار ‪ :‬كن في الفتنة كحابن الّلبحون ل ظهحر فيركحب و ل ضحرع‬ ‫عليه ال ّ‬
‫فيحلب ‪.‬‬

‫) و الزموا ما عقد عليه حبل الجماعة ( و هى القوانين اّلتي ينتظم بها اجتماع الناس على‬
‫ق ) و بنيت عليه أركان الطاعححة ( اسححتعارة بالكنايححة و ذكححر الركححان تخييححل و البنححاء‬
‫الح ّ‬
‫لح ظححالمين ( يعنححي أّنححه إذا دار‬
‫ل مظلححومين و ل تقححدموا علححى ا ّ‬‫ترشيح ) و اقدموا على ا ّ‬
‫المر بين الظالمية و المظلومية فكونوا راضين بالمظلومّية ‪ ،‬ل ّ‬
‫ن‬

‫] ‪[ 169‬‬

‫الظلم قبيح عقل و شرعا و الظالم مؤاخذ ملعون كتابا و سححنة ‪ ،‬أو ل تظلمححوا النححاس و إن‬
‫ن يوم المظلوم من الظالم أشّد من يوم الظالم من المظلححوم‬ ‫استلزم ترك الظلم مظلومّيتكم فا ّ‬
‫ل سبحانه قال تعالى ‪:‬‬ ‫‪ ،‬و المظلوم منصور من ا ّ‬

‫صورًا « ‪.‬‬
‫ن َمْن ُ‬
‫ل ِإّنُه كا َ‬
‫ف ِفى اْلَقْت ِ‬
‫سِر ْ‬
‫سْلطانًا َفل َي ْ‬
‫جَعْلنا ِلَوِلّيه ُ‬
‫ظُلومًا َفَقْد َ‬
‫ل َم ْ‬
‫ن ُقِت َ‬
‫» َو َم ْ‬

‫ل ح مححن‬
‫سلم ‪ :‬مححا انتصححر ا ّ‬
‫سلم في رواية أبي بصير عنه عليه ال ّ‬
‫و قال أبو جعفر عليه ال ّ‬
‫ل بظالم ‪،‬‬
‫ظالم إ ّ‬

‫ل‪:‬‬
‫ل عّز و ج ّ‬
‫و ذلك قول ا ّ‬

‫ن َبْعضًا « ‪.‬‬
‫ظالمي َ‬
‫ض ال ّ‬
‫ك ُنَوّلي َبْع َ‬
‫» َو َكذِل َ‬

‫) و اّتقوا مدارج الشيطان ( و مسالكه ) و مهححابط العححدوان ( و محححاله أو المواضححع اّلححتي‬


‫يهبط صاحبه فيها ) و ل تدخلوا بطونكم لعق الحرام ( أى ل تححدخلوا بطححونكم القليححل منححه‬
‫فكيف بالكثير أو التيان بالّلعق للّتنبيه على قّلة ما يكتسب من متاع الّدنيا المح حّرم بالّنسححبة‬
‫الى متاع الخرة و حقارته عنده ) فاّنكم بعين من حّرم عليكم المعصية و سّهل لكم سححبيل‬
‫طاعة ( أى بعلمه كقوله تعالى ‪:‬‬ ‫ال ّ‬

‫عُيِننا « ‪.‬‬
‫جري ِبَأ ْ‬
‫» َت ْ‬

‫ث علححى‬‫و ل يخفى ما في هذا الّتعليل من الحسن و الّلطف في الّردع عن المعاصي و الح ّ‬


‫ن العبد العالم بأّنه من مرئى من موله و مسمع منه يكون أكثر طاعة و أق ّ‬
‫ل‬ ‫الطاعات ‪ ،‬فا ّ‬
‫مخالفة من عبد موله غافححل عنححه و جاهححل بأعمححاله و أفعححاله و لتأكيححد هححذا المعنححى عّبححر‬
‫لح هححذا و تسححهيل سححبيل الطاعححة‬
‫بالموصول و قال ‪ :‬بعيححن مححن ححّرم آه و لححم يقححل بعيححن ا ّ‬
‫ل سبحانه ما جعل على المكّلفين في الّدين من حرج ‪.‬‬ ‫نا ّ‬
‫باعتبار أ ّ‬

‫ععععععع‬

‫از جمله خطب شريفه آن امام مبين و سّيد وصّيين است در ذكر ملحم مىفرمايد‬

‫] ‪[ 170‬‬

‫ل طححرد و‬
‫ب العححالمين بححر عبحادات و طاعحات كححه محح ّ‬‫و طلب يارى ميكنم از حضرت ر ّ‬
‫زجر شيطان لعين است ‪ ،‬و بر محفوظ شدن از معاصى و سيئآت كه ريسححمانهاى صححيد‬
‫آن ملعححون و اسححباب مكححر و خحدعه آن نابكححار اسححت ‪ ،‬و شححهادت مىدهححم بححاينكه نيسححت‬
‫خدائى جز خداى متعحال در ححالتى كحه تنهحا اسحت شحريك نيسحت محر او را ‪ ،‬و شحهادت‬
‫ل عليه و آله و سّلم بنده پسنديده و پيغمبر اوست و‬ ‫ل صّلى ا ّ‬
‫ميدهم باينكه محّمد بن عبد ا ّ‬
‫برگزيده و مختار اوست برابحر كحرده نميشحود فضحل او ‪ ،‬و جحبران نميشحود فقحدان او ‪،‬‬
‫روشن شد بوجود شريف آن بزرگوار شهرها بعد از گمراهى ظلمانى و نادانى غححالب و‬
‫غلظت غليظه طبايع در حححالتى كححه مردمححان حلل مىشححمردند محرمححات را ‪ ،‬و خححوار‬
‫ميشمردند صاحب حكمت و معرفت را زندگانى مىكردند در زمان انقطاع پيغمححبران ‪،‬‬
‫و ميمردند بر كفر و طغيان ‪.‬‬

‫پس از آن بدرستى كه شما أى جماعت عرب نشانهاى بل هستيد كه نزديك شححده ظهححور‬
‫آن ‪ ،‬پس پرهيز كنيد از مستيهاى نعمتها ‪ ،‬و حذر نمائيد از دواهى عذاب ‪،‬‬

‫و توّقف كنيد در غبار ظلمححة شححبهه و در كجححى فتنححه در وقححت ظهححور و بححروز بححاطن و‬
‫كمون آن فتنه ‪ ،‬و هنگام استقامت قطب و دوران آسياى آن در حالتى كه ظاهر مىشححود‬
‫آن فتنه در جهاى پنهان ‪ ،‬و باز گردد بشناعت آشكار ‪ ،‬نشو و نماى آن مثل نشو و نماى‬
‫جوانست ‪ ،‬و أثرهاى آن مثل اثرهاى سنگها است ‪ ،‬ارث مىبرند از يكديگر آن فتنححه را‬
‫ي عهد خود مىسازد ‪.‬‬ ‫ظالمان با عهود و پيمان ‪ ،‬يعنى هر يكى ديگرى را ول ّ‬

‫اّول ايشان پيشواى آخر ايشانست ‪ ،‬و آخر ايشان اقتدا كننده است بأّول ايشان ‪ ،‬تعححارض‬
‫مىكنند در دنياى پست و بىمقدار ‪ ،‬و خصومت مىكنند بر جيفه گنديده مردار ‪ ،‬و بعد‬
‫از زمان قليل تححبّرى مىكنححد تححابع از متبححوع ‪ ،‬و مقتححدا از پيشححوا پححس پراكنححده شححوند از‬
‫يكديگر بعداوت و دشمنى ‪ ،‬و لعنت كنند بيكديگر هنگام ملقات ‪.‬‬

‫پس از آن مىآيد طلوع كننده فتنه كثير الضطراب ‪ ،‬و شكننده تند رونده ‪،‬‬

‫پس ميل بباطل مىكند قلبها بعد از استقامت آنها ‪ ،‬و گمراه مىشوند مردمان بعد از‬
‫] ‪[ 171‬‬

‫سلمت ايشان ‪ ،‬و مختلف مىشود خواهشات وقححت هجححوم آن فتنححه ‪ ،‬و ملتبححس مىشححود‬
‫رأيها نزد ظهور آن فتنه ‪ ،‬هر كس مقابله گرى نمايححد آن را مىشححكند و هلك مىسححازد‬
‫او را ‪ ،‬و هر كس سعى كند در اسكات آن بر مىكند و نابود نمايد او را ‪.‬‬

‫بگزنححد و آزار رسححانند مردمححان آن زمححان يكححديگر را در آن فتنححه مثححل آزار رسححاندن‬
‫حمارهاى وحشى يكديگر را در رمه ‪ ،‬بتحقيق كه مضطرب شد ريسمان بسححته اسححلم ‪،‬‬
‫و پوشيده شد روى صلح كار ‪ ،‬ناقص مىشود در آن فتنححه حكمححت و معرفححت و نححاطق‬
‫ميشود در آن ستمكاران ‪ ،‬و بكوبد آن فتنه أهل باديه را با منحت و تيشه خود و خورد و‬
‫مرد كند ايشان را با سينه خود ‪ ،‬و ضايع مىشححود در غبححار آن فتنححه تنهححا رونححدگان ‪ ،‬و‬
‫هلك گردد در راه آن فتنه سوارگان ‪.‬‬

‫وارد شححود بححه تلختريححن قضححاى الهححى ‪ ،‬و بدوشححد خونهححاى تححازه را ‪ ،‬و خححراب مىكنححد‬
‫منارهاى دين را ‪ ،‬و درهم شكند كوههاى يقين را ‪ ،‬بگريزند از آن فتنه صاحبان عقل و‬
‫كياست ‪ ،‬و تدبير كنند آن را صاحبان پليدى و نجاست ‪ ،‬بسيار صاحب رعححد و برقسححت‬
‫و كشف كننده است از شّدت ‪ ،‬قطع ميشود در آن فتنه رحمهححا ‪ ،‬و مفححارقت مىشححود بححر‬
‫آن از دين اسلم ‪ ،‬برائت كننده از آن فتنه ناخوش است ‪ ،‬و كوچ كننده آن مقيم است ‪.‬‬

‫از جمله فقرات آن خطبه است در وصف حال مؤمنان آنزمان ميفرمايد ‪:‬‬

‫ايشان در ميان كشته شده است كه خونش هدر رفته ‪ ،‬و ترسنده كه طلب أمان مىكنححد ‪،‬‬
‫فريب داده مىشوند با سوگندهاى بسته شده دروغى ‪ ،‬و با ايمانى كححه از روى فريححب و‬
‫غرور است ‪ ،‬پس نباشيد علمتهاى فتنها و نشانهاى بدعتها ‪ ،‬و لزم شويد بححه آنچححه كححه‬
‫بسته شده بآن ريسمان اجتماع و ايتلف كه عبارتست از قواعد شريعت و بححر آنچححه كححه‬
‫بنا شده بر آن ركنهاى طححاعت و عبححادت ‪ ،‬و اقححدام كنيححد بححر خححدا در حححالتى كححه مظلححوم‬
‫هستيد ‪ ،‬و اقدام نكنيد بر او در حالتى كه ظالم باشيد ‪ ،‬و بپرهيزيد از راههاى شححيطان و‬
‫از محلهاى طغيان و عدوان ‪ ،‬و داخل نكنيد در شكمهاى خودتان‬

‫] ‪[ 172‬‬

‫لقمههاى حرام را پس بدرستى كه شما در نظر كسى هستيد كححه حححرام كححرده بشححما گنححاه‬
‫ل عليكححم فححي‬‫را ‪ ،‬و آسان كرده از براى شما راه طاعت را چنانچه فرموده » ما جعل ا ّ‬
‫الّدين من حرج «‬
‫عععع‬
‫ع عع عععع عع عععع ععع‬

‫و هى المأة و الثانى و الخمسون من المختار في باب الخطب و شرحها في فصول‬

‫ععععع ععععع‬

‫ل الّدال على وجوده بخلقه ‪ ،‬و بمحدث خلقه على أزلّيته ‪،‬‬
‫الحمد ّ‬

‫و بأشتباههم على أن ل شحبه لححه ‪ ،‬ل تسحتلمه المشحاعر ‪ ،‬و ل تحجبححه المسحاتر ‪ ،‬لفحتراق‬
‫ب و المربوب ‪ ،‬الحد بل تأويححل عححدد ‪،‬‬ ‫صانع و المصنوع ‪ ،‬و الحاّد و المحدود ‪ ،‬و الّر ّ‬ ‫ال ّ‬
‫سحميع ل بحأداة ‪ ،‬و البصحير ل بتفريحق آلحة ‪ ،‬و‬ ‫و الخالق ل بمعنحى حركحة و نصحب ‪ ،‬و ال ّ‬
‫ظححاهر ل برؤيححة ‪ ،‬و البححاطن ل‬
‫سححة ‪ ،‬و البححائن ل بححتراخي مسححافة ‪ ،‬و ال ّ‬
‫المشححاهد ل بمما ّ‬
‫بلطافة ‪ ،‬بان من الشياء بالقهر لها ‪ ،‬و القدرة عليها ‪ ،‬و بانت الشياء منه بالخضوع له ‪،‬‬
‫و الّرجوع أليه ‪ ،‬من وصفه فقد حّده ‪،‬‬

‫و من حّده فقد عّده ‪ ،‬و من عّده فقد أبطل أزله ‪ ،‬و من قال كيف‬

‫] ‪[ 173‬‬

‫ب إذ ل مربححوب ‪ ،‬و‬
‫فقد استوصفه ‪ ،‬و من قال أيححن فقححد حّيححزه ‪ ،‬عححالم إذ ل معلححوم ‪ ،‬و ر ّ‬
‫قادر إذ ل مقدور ‪.‬‬

‫ععععع‬

‫شارح المعتزلي ) الستلم ( في الّلغححة لمححس الحجححر باليححد و تقححبيله و ل يهمححر لنّ‬ ‫قال ال ّ‬
‫سلم و هى الحجارة كما يقال استنوق الجمل و بعضهم يهمزه انتهى ‪ ،‬و قححال‬ ‫أصله من ال ّ‬
‫سكيت ‪ :‬همزته العرب على غير قياس‬ ‫الفيومى في المصباح ‪ :‬استلمت الحجر قال ابن ال ّ‬
‫سلم و هى الحجارة ‪ ،‬و قال ابن العرابي ‪ :‬الستلم أصححله‬ ‫و الصل استلمت لّنه من ال ّ‬
‫مهموز من الملئمة و هى الجتماع ‪ ،‬و حكى الجوهرى القولين و مثله الفيروز آبححادي ‪،‬‬
‫و في بعض الّنسخ بدل ل تستلمه ل تلمسه و ) الّنصب ( محّركة الّتعب ‪.‬‬

‫ععععععع‬

‫سححميع و‬‫ي ‪ ،‬و لفححظ الحححد ‪ ،‬و الخححالق ‪ ،‬و ال ّ‬


‫جملححة ل تسححتلمه المشححاعر اسححتيناف بيححان ّ‬
‫صفات يروى بالّرفع و الجّر معا الّول على أّنححه خححبر لمبتححدء‬ ‫البصير ‪ ،‬و ما يتلوها من ال ّ‬
‫ل‪.‬‬
‫محذوف ‪ ،‬و الّثاني على أّنه صفة ّ‬
‫عععععع‬

‫ن هذا الفصل من الخطبة متضّمن لمباحث شريفة إلهّية ‪ ،‬و معارف نفيسة رّبانيححة ‪،‬‬ ‫اعلم أ ّ‬
‫و مسحائل عويصحة حكمّيحة ‪ ،‬و مطحالب علّيحة عقلّيحة لحم يوجحد مثلهحا فحي زبحر الّوليحن و‬
‫لح‬
‫لحقين و ص حّدره بتحميححد ا ّ‬
‫سابقين و ال ّ‬‫الخرين ‪ ،‬و لم يسمح بنظيرها عقول الحكماء ال ّ‬
‫سبحانه و تمجيده فقال ‪:‬‬

‫ل ( و قد مضى شرح هذه الجملة و تحقيق معنى الحمد و بيان وجححه اختصاصححه‬
‫) الحمد ّ‬
‫ل سبحانه في شرح الفصل الّول من الخطبة الولي ‪ ،‬و نقول هنا مضافا‬
‫با ّ‬

‫] ‪[ 174‬‬

‫ن الحمد سواء كان عبارة عححن التعظيححم و الّثنححاء المطلححق ‪ ،‬أو عححن الشححكر‬
‫إلى ما سبق ‪ :‬إ ّ‬
‫ل سححبحانه ‪ ،‬و‬
‫لا ّ‬‫ق له في الحقيقة ليس إ ّ‬ ‫المستلزم لتقّدم الّنعمة و العتراف بها ‪ ،‬فالمستح ّ‬
‫صة به تعالى‬‫ن طبيعة الحمد مخت ّ‬ ‫لذا أتى بتعريف الجنس و لم الختصاص الّدالين على أ ّ‬
‫‪.‬‬

‫ن استحقا قّيتهما إّنما يتحّقق لجل‬


‫أّما على أّنه عبارة عن مطلق الّثناء و الّتعظيم فلظهور أ ّ‬
‫ل كمال و جمال يوجد في العالم فانما هو رشححح و تبححع‬ ‫حصول كمال أو برائة نقص ‪ ،‬و ك ّ‬
‫لجماله و كماله ‪ ،‬و أما البرائة عن النقايص و العيوب فمّما يختص به تعالى ‪ ،‬لّنه وجود‬
‫محض ل يخالطه عدم و نور صرف ل يشوبه ظلمة ‪.‬‬

‫ل منعححم دونححه فانمححا ينعححم بشححيء‬


‫نكّ‬
‫و أما على أنه عبارة عن الشكر المسبوق بالنعمة فل ّ‬
‫ل ‪ ،‬و مع ذلك فانما ينعم لجل غرض من جلب منفعة أو دفع مض حّرة أو طلححب‬ ‫مّما أنعم ا ّ‬
‫محّمدة ‪ ،‬فهذا الجود و النعام في الحقيقة معاملة و تجححارة و إن عحّد فححي العححرف جححودا و‬
‫ق تعالى فلما لم يكححن إنعححامه لغحرض و ل جحوده لعححوض إذ ليحس لفعلححه‬ ‫انعاما ‪ ،‬و أما الح ّ‬
‫ق‬
‫ل ذاته كما مّر تحقيقه في شححرح الخطبححة الخامسححة و السححتين ‪ ،‬فل يسححتح ّ‬‫المطلق غاية إ ّ‬
‫ل هو ‪ ،‬هذا و أردف الحمد بجملة من أوصاف الكمححال و‬ ‫لقسام الحمد و الشكر بالحقيقة إ ّ‬
‫نعوت العظمة و الجلل ‪.‬‬

‫ل علححى وجححوده بخلقححه ( و قححد محّر كيفّيححة هححذه الّدللححة فححي شححرح الخطبححة‬
‫الول أنه ) الّدا ّ‬
‫ن الستدلل بهذه الطريقة من باب الستدلل بالفعل على الفاعححل ‪،‬‬ ‫الخمسين و بّينا هناك أ ّ‬
‫و مرجعه الى البرهان اللّمى ‪.‬‬

‫ن الجسححام‬ ‫) و ( الثانى أنه الّدال ) بمحدث خلقه على أزلّيته ( لما قد مّر ثمححة أيضححا مححن أ ّ‬
‫ل حادث مفتقر إلححى مح حّدث فححان‬ ‫سكون ‪ ،‬و ك ّ‬ ‫كّلها حادثة لّنها غير خالية عن الحركة و ال ّ‬
‫كان ذلك المحدث محدثا عاد القول فيه كالّول و يلححزم الّتسلسححل أو كححونه محححدثا لنفسححه و‬
‫ل تعالى و سبحانه ‪.‬‬ ‫كلهما باطل ‪ ،‬فل بّد من محدث قديم ل بداية لوجوده و هو ا ّ‬

‫] ‪[ 175‬‬

‫ل ) باشتباههم على أن ل شبه له ( يعني أّنه سححبحانه بابححداء المشححابهة‬‫) و ( الثالث أّنه الّدا ّ‬
‫ل على أّنه ل مثل و ل شبيه ‪.‬‬ ‫بين المخلوقات د ّ‬

‫شارح البحراني حيث قححال ‪:‬‬ ‫و جهة المشابهة بينها إّما الفتقار إلى المؤّثر كما ذهب إليه ال ّ‬
‫طريق أن نقححول ‪ :‬إن كححان‬ ‫أراد اشتباههم في الحاجة إلى المؤّثر و المّدبر ‪ ،‬و تقرير هذا ال ّ‬
‫ق فالّتالي مثله ‪.‬‬
‫تعالى غنّيا عن المؤّثر فل شبيه له في الحاجة إليه لكن المقّدم ح ّ‬

‫ن فيه قصورا من وجهين ‪:‬‬


‫و اعترض عليه بأ ّ‬

‫شبه عنه على الطلق ل‬


‫شبيه هو نفى ال ّ‬
‫ق تعالى عن ال ّ‬
‫ن المطلوب في تنزيه الح ّ‬
‫أحدهما أ ّ‬
‫نفى وجه من وجوه الشّبه فقط كالحاجة ‪.‬‬

‫ن نفى الحاجة عنه تعالى مّما ل يحتححاج إلححى إثبححاته لححه مححن جهححة تشححابه الخلححق‬‫و ثانيهما أ ّ‬
‫فيها ‪ ،‬بل مجّرد كونه واجححب الوجححود يلزمححه نفححى الحاجححة عنححه إلححى غيححره لزومححا بّينححا ‪،‬‬
‫فالستدلل عليه لغو من الكلم مستدرك ‪ ،‬هذا ‪.‬‬

‫و قال بعضهم ‪ :‬المراد بمشابهتهم الشتباه فحي الجسححمّية و الجنححس و الّنححوع و الشحكال و‬
‫المقححادير و اللححوان و نحححو ذلححك ‪ ،‬و إذ ليححس داخل تحححت جنححس لححبرائته عححن الّتركيححب‬
‫المستلزم للمكان ‪ ،‬و ل تحت الّنوع لفتقاره في الّتخصيص بالعوارض إلى غيره ‪،‬‬

‫و ل بذى ماّدة لستلزامه الّتركيب أيضا ‪ ،‬فليس بححذي شححبيه فححي المححور المححذكورة و هححو‬
‫شبيه ‪ ،‬و الحسن منها مححا فححي الحححديث‬ ‫ن الّول أعّم في نفى ال ّ‬‫قريب مّما قاله البحراني لك ّ‬
‫سلم عنححد استنهاضححه‬ ‫الّول من باب جوامع التوحيد من الكافي عن أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫سححلم ‪ :‬و ح حّد الشححياء كّلهححا عنححد‬
‫الّناس لحرب معاوية في المّرة الّثانية و هو قوله عليه ال ّ‬
‫خلقه إبانة لها من شبهه و إبانة له من شبهها ‪.‬‬

‫قال العلمة المجلسي في شرحه ‪ :‬أى جعل للشياء حدودا و نهايات ‪ ،‬أو أجزاء و ذاتّيات‬
‫ليعلم بها أّنها من صفات المخلوقين و الخالق منّزه عن صفاتهم ‪ ،‬أو خلق الممكنححات اّلححتي‬
‫من شأنها المحدودّية ليعلم بذلك أّنه ليس كذلك كما قال تعالى ‪:‬‬

‫فخلقت الخلق لعرف ‪ ،‬إذ خلقها محدودة لّنها لم تكن تمكن أن تكون غير‬
‫] ‪[ 176‬‬

‫صححفات اّلححتي هححي مححن لححوازم وجححوب‬


‫محدودة لمتناع مشابهة الممكن الواجب في تلححك ال ّ‬
‫ل الوسط أظهر ‪.‬‬ ‫الوجود ‪ ،‬و لع ّ‬

‫ن مححدركات المشححاعر مقصححورة علححى‬ ‫الرابع أّنححه ) ل تسححتلمه المشححاعر ( أى ل تلمسححه ل ّ‬


‫ي ‪ ،‬فامتنع إدراك‬ ‫الجسام و العراض القائمة بها ‪ ،‬و هو سبحانه ليس بجسم و ل جسمان ّ‬
‫المشاعر و لمسهاله ‪ ،‬و يحتمل أن يزاد بالمشاعر المدارك مطلقا سواء كححانت ق حّوة مادّيححة‬
‫مدركة للحسّيات و الوهميات أو قّوة عقلّية مدركة للعقلّيات و الفكريححات اذ ليححس للمححدارك‬
‫مطلقا إلى معرفة كنه ذاته سبيل ‪ ،‬و ل على الوصول الى حقيقححه صحفاته دليححل ‪ ،‬كمححا محّر‬
‫في شرح الفصل الثاني من الخطبة الولى ‪.‬‬

‫) و ( الخامس ) ل تحجبه المساتر ( أى الحجابات اّلتي يسحتر بهحا ‪ ،‬و فحي أكحثر الّنسحخ ‪:‬‬
‫السواتر بدلها و معناهما واححد ‪ ،‬و المححراد أنحه ل يحجبححه حجحاب و ل يسحتتر بشحيء مححن‬
‫ن الستر و الحجاب من لوازم ذى الجهة و الجسمية ‪،‬‬ ‫السواتر ل ّ‬

‫و هو تعالى منّزه عن ذلك ‪.‬‬

‫ل احتجب عن العقول كما احتجب عححن البصححار و أنّ‬ ‫نا ّ‬


‫فان قلت ‪ :‬قد ورد في الحديث إ ّ‬
‫الملء العلى يطلبونه كما أنتحم تطلبحونه ‪ ،‬فكيحف التوفيحق بينحه و بيحن قحول المحام عليحه‬
‫سلم ؟‬
‫ال ّ‬

‫قلت ‪ :‬ليس المراد من احتجابه عن العقول و البصار أن يكون بينحه و بيحن خلقحه حجحاب‬
‫ي مانع عن إدراكه و الوصول اليه تعالى ‪ ،‬بل المراد بذلك احتجابه عنهححم لقصححور‬ ‫جسمان ّ‬
‫ذواتهم و نقصحان عقحولهم و قحواهم ‪ ،‬و كمحال ذاتحه و شحّدة نحوره و قحّوة ظهحوره ‪ ،‬فغايحة‬
‫ظهوره أوجب بطونه ‪ ،‬و شّدة نوره أوجب احتجابه كنور الشمس و بصر الخفاش ‪ ،‬و قد‬
‫حّققنا ذلك بما ل مزيد عليه في شرح الخطبة الّرابعة و الستين و شرح الفصل الثاني مححن‬
‫الخطبة التسعين ‪ ،‬و بما ذكرنا أيضا ظهر فساد ما ربما يتوّهم من أنه إذا لم يكن محجوبححا‬
‫ل أحد و يراه ‪ ،‬هذا ‪.‬‬
‫بالسواتر ل بّد و أن يعرفه ك ّ‬

‫ب و المربوب (‬
‫و قوله ) لفتراق الصانع و المصنوع و الحاّد و المحدود و الر ّ‬

‫] ‪[ 177‬‬

‫ل مححن الصححانع و‬
‫ن لكحح ّ‬
‫التعليححل راجححع الححى الجملت المتقّدمححة بأسححرها ‪ ،‬و المقصححود أ ّ‬
‫صه و تليق به و يمتاز بها و بها يفارق الخر فالمخلوقية و الححدوث‬ ‫المصنوع صفات تخ ّ‬
‫و الشتباه و الملموسّية و المحجوبّيححة بالسححواتر مححن لواحححق المصححنوعات و الممكنححات و‬
‫ليقة لها ‪ ،‬و الخالقّية و الزلّية و التنّزه عن المشابهة و عححن اسححتلم المشححاعر‬ ‫أوصافها ال ّ‬
‫صانع الّول و مّمححا ينبغححي لححه و يليححق بححه ‪ ،‬و يضححاّد مححا‬
‫سواتر من صفات ال ّ‬‫و احتجاب ال ّ‬
‫سبق من أوصاف الممكنات ‪ ،‬فلححو جححرى فيححه صححفات المصححنوعات أو فححي المصححنوعات‬
‫صفاته لرتفع الفتراق و وقع المساواة و المشابهة بينه و بينها ‪ ،‬فيكون مشححاركا لهححا فححي‬
‫صانع ‪ ،‬فلم يكن بينه و بينها فصل و ل‬ ‫الحدوث المستلزم للمكان المستلزم للحاجة إلى ال ّ‬
‫ل ذلك أعني المساوات و المشابهة و عححدم الفصححل و الفضححل ظححاهر‬ ‫له عليها فضل ‪ ،‬و ك ّ‬
‫ب بينهمححا تغححاير‬
‫صانع و الر ّ‬ ‫البطلن ‪ ،‬هذا و المراد بالحاّد خالق الحدود و الّنهايات ‪ ،‬و ال ّ‬
‫صنع ‪.‬‬‫بحسب العتبار و هو دخول المالكّية في مفهوم الّربوبّية دون ال ّ‬

‫ى الوجححود‬
‫ى الّذات ليس كمثله شيء و أحد ّ‬ ‫السادس ) الحد ل بتأويل عدد ( يعني أّنه أحد ّ‬
‫ل جزء لححه ذهنححا و ل عقل و ل خارجححا ‪ ،‬و ليسححت وحححدانّيته وحدانّيححة عددّيححة بمعنححى أن‬
‫يكون مبدء لكثرة تعّد به كما يقال في أّول العدد واحد ‪ ،‬و قححد محّر تحقيححق ذلححك فححي شححرح‬
‫ستين ‪.‬‬
‫الخطبة الّرابعة و ال ّ‬

‫) و ( السابع ) الخالق ل بمعنى حركة و نصب ( يعني أّنه سبحانه موجححد للشححياء بنفححس‬
‫قدرته الّتامة الكاملة و خلقه البداع و الفاضة من دون حاجة إلى حركححة ذهنّيححة أو بدنّيححة‬
‫ن الحركة من عوارض الجسام ‪ ،‬و هو منّزه عن الجسمّية كمححا‬ ‫صانعين ‪ ،‬ل ّ‬‫كما لساير ال ّ‬
‫ل حاجة في ايجاده إلى المباشرة و التعّمل حّتححى يلحقححه نصححب و تعححب ‪ ،‬و إّنمححا أمححره إذا‬
‫أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ‪.‬‬

‫سححميع ل بححأداة ( و هححى الذنححان و الصّححماخان و القحّوة الكائنححة تحتهمححا ‪،‬‬


‫) و ( الثامن ) ال ّ‬
‫لتعاليه عححن اللت الجسححمانّية ‪ ،‬بححل سححمعه عبححارة عححن علمححه بالمسححموعات ‪ ،‬فهححو نححوع‬
‫مخصوص من العلم باعتبار تعّلقه بنوع من المعلوم ‪ ،‬و قد تقّدم في شرح الفصل‬

‫] ‪[ 178‬‬

‫صفات الّذاتّية له تعالى ‪،‬‬


‫سمع و البصر من ال ّ‬
‫ن ال ّ‬
‫سادس من الخطبة الولى أ ّ‬
‫ال ّ‬

‫و الحتياج فيهما إلى الداة و اللحة يحوجب الّنقححص فحي الحّذات و السحتكمال و السحتعانة‬
‫باللت المنافي للوجوب الّذاتي ‪.‬‬

‫) و ( التاسع ) البصير ل بتفريق آلة ( أى بفتح العين أو بعث الق حّوة الباصححرة و توزيعهححا‬
‫شارح البحراني ‪ :‬و هذا المعنى على قول من جعححل البصححار بآلححة‬ ‫على المبصرات قال ال ّ‬
‫ن تححوزيعه أظهححر مححن توزيححع‬ ‫شعاع الخارج من العين المّتصل بسطح المرئي أظهر ‪ ،‬فا ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ن الدراك يحصل بانطباع صورة المرئي في العين ‪،‬‬ ‫اللة على قول من يقول إ ّ‬
‫و معنى الّتفريق على القول الّثاني هو تقليب الحدقة و توجيهها م حّرة إلححى هححذا المبصححر و‬
‫مّرة إلى ذاك كما يقال فلن مفّرق الهّمة و الخاطر إذا وّزع فكره على حفظ أشياء متباينة‬
‫س لكونها‬ ‫و مراعاتها كالعلم و تحصيل المال و ظاهر تنزيهه تعالى عن البصار بآلة الح ّ‬
‫سححة ( و فححي بعححض الّنسححخ‬‫من توابع الجسمّية و لواحقها ) و ( العاشححر ) المشححاهد ل بمما ّ‬
‫شاهد بدل المشاهد ‪،‬‬‫ال ّ‬

‫ن التمححاس مححن‬ ‫و المعنى واحد قال صدر المتأّلهين في شرح الكححافي فححي تحقيححق ذلححك ‪ :‬ل ّ‬
‫لمسححة ‪ ،‬و‬ ‫سححة للمشححهود نفسححه كمححا فححي الّذائقححة و ال ّ‬ ‫ص الجسام ‪ ،‬و المشححاهدة بالمما ّ‬ ‫خوا ّ‬
‫سححامعة و الباصححرة ‪ ،‬و الحاصححل أ ّ‬
‫ن‬ ‫شححاّمة و ال ّ‬
‫شاهد و المشهود كما فححي ال ّ‬ ‫سط بين ال ّ‬‫للمتو ّ‬
‫سححة لجسححم مححن‬ ‫ل بالمما ّ‬‫ظححاهرة الخمسححة و مشححاهداتها كّلهححا ل تت حّم إ ّ‬ ‫س ال ّ‬
‫إدراكححات الحححوا ّ‬
‫الجسام و إن كان المشهود له و الحاضححر بالحّذات عنححد الّنفححس شححيئا آخححر غيححر الممححوس‬
‫بالّذات أو بالواسطة ) و ( الحاديعشر ) البائن ل بتراخى مسافة ( يعني أنه مباين للشححياء‬
‫و مغاير لها بنفس ذاته و صفاته ‪ ،‬لّنه في غاية التمام و الكمححال ‪ ،‬و مححا سححواه فححي نهايححة‬
‫الفتقار و النقصان ‪ ،‬و ليس تباينه تباين أيححن و تباعححد مكححان بححتراخى مسححافة بينححه و بيححن‬
‫ص الينّيات ‪ ،‬و هو الذى أّين اليححن بل أيححن ‪ ،‬و قححد تقحّدم نظيححر‬ ‫ن ذلك من خوا ّ‬ ‫غيره ‪ ،‬ل ّ‬
‫هذه الفقرة‬

‫] ‪[ 179‬‬

‫في الفصل السادس من الخطبححة الولححى ‪ ،‬و شححرحناه بمححا يححوجب النتفححاع بححه فححي المقححام‬
‫ظاهر ل برؤيححة و ( الثححالث عشححر ) البححاطن ل بلطافححة (‬ ‫فليراجع ثمة ) و ( الثانيعشر ) ال ّ‬
‫سحة البصححر ‪ ،‬و‬ ‫ن ظهوره سبحانه ليس كظهور ظاهر الشياء بأن يكون مرئيححا بحا ّ‬ ‫يعني أ ّ‬
‫ل بطونه كبطونها بأن يكون لطيفا لصغر حجمه أو لطافة قوامه كالهواء ‪ ،‬بححل نحححو آخححر‬
‫ظهور و البطون على ما مّر تحقيقه في شرح الخطبة الّتاسححعة و الربعيححن و شححرح‬ ‫من ال ّ‬
‫ستين فليتذّكر ‪.‬‬
‫الخطبة الّرابعة و ال ّ‬

‫و الرابع عشر أّنه ) بان محن الشحياء بحالقهر لهحا و القحدرة عليهحا ‪ ،‬و بحانت الشحياء منحه‬
‫بالخضححوع لححه و الّرجححوع إليححه ( و هححذه الفقححرة فححي الحقيقححة تفسححير و توضححيح للوصححف‬
‫ن بينونّيته ليست بتراخى مسافة أوضح هنححا‬ ‫سلم لّما ذكر هناك أ ّ‬ ‫الحاديعشر ‪ ،‬فاّنه عليه ال ّ‬
‫جهة البينونة بأّنه إّنما بان من الشياء بغلبته و اسححتيلئه عليهححا و قححدرته علححى ايجادهححا و‬
‫ن الشياء إّنما بانت منححه لخضححوعها و‬ ‫ليق بشأن الواجب المتعال ‪ ،‬و أ ّ‬ ‫إعدامها كما هو ال ّ‬
‫ذّلها في قيد المكان و رجوعها في وجودها و كمالتها إلى وجوده كما هو مقتضى حححال‬
‫الممكن المفتقر ‪.‬‬

‫صفات الّزايدة على الّذات ‪ ،‬و إليه أشححار بقححوله ) مححن‬


‫الخامس عشر أّنه تعالى منّزه عن ال ّ‬
‫وصفه فقد حّده و من حّده فقد عّده و من عّده فقد أبطل أزله ( قحال العلمحة المجلسحي فحي‬
‫لح بالصّححورة و‬ ‫ن مححن وصححف ا ّ‬ ‫مرآت العقول في شرح هذه الفقرة مححن حححديث الكححافي ‪ :‬إ ّ‬
‫ل ذى‬ ‫الكيف فقد جعله جسما ذا حدود ‪ ،‬و من جعلححه ذا حححدود فقححد جعلححه ذا أجححزاء ‪ ،‬و كح ّ‬
‫ل و حاول تحديد كنهه فقد جعلحه ذا ححد مرّكحب‬ ‫ن من وصف ا ّ‬ ‫أجزاء محتاج حادث ‪ ،‬أو أ ّ‬
‫ن من وصححف‬ ‫من جنس و فصل ‪ ،‬فقد صار حقيقة مرّكبة محتاجه إلى الجزاء حادثة أو أ ّ‬
‫صفات الّزايدة فقد جعل ذاته محدودة بهححا ‪ ،‬و مححن ححّده كححذلك فقححد جعلححه ذا عححدد إذ‬ ‫ل بال ّ‬
‫ا ّ‬
‫ل صحفة‬ ‫صفات إّنما يكون بتعّدد أجزاء الحّذات أو قحال بتعحّدد اللهحة إذ يكحون كح ّ‬ ‫اختلف ال ّ‬
‫لقدمها إليها غير محتاج إلى عّلة ‪ ،‬و من كان مشاركا في اللهّيححة ل يكححون قححديما فيحتححاج‬
‫إلى عّلة ‪ ،‬أو جعله‬

‫] ‪[ 180‬‬

‫ن الّتصححاف‬ ‫صفات المغايرة الموجودة ينافي الزلّيححة ‪ ،‬ل ّ‬ ‫مع صفاته ذا عدد و عروض ال ّ‬
‫ل منهما إلى الخر ‪ ،‬و هو ينافي وجوب الوجود و الزلّية أو‬ ‫نوع علقة توجب احتياج ك ّ‬
‫ن الحّذات بححدون‬
‫صححانع إذ ظححاهر أ ّ‬
‫صححفات يلححزم ترّكححب ال ّ‬
‫المعنى أّنححه علححى تقححدير زيححادة ال ّ‬
‫صانع المجموع فيلزم ترّكبه المسححتلزم للحاجححة‬ ‫صفات ليست بصانع للعالم ‪ ،‬فال ّ‬ ‫ملحظة ال ّ‬
‫و المكان ‪ ،‬و قيل ‪ :‬فقد عّده من المخلوقين ‪.‬‬

‫السادس عشر أّنه منّزه عن الكيف ‪ ،‬و إليه أشار بقوله ) و من قال كيف فقححد استوصححفه (‬
‫أى طلب وصفه بصفات المحلوقين و جعل له وصححفا زايححدا علححى ذاتححه ‪ ،‬و قححد علمححت أ ّ‬
‫ن‬
‫ل صفة وجودّية زايححدة علححى ذاتححه فهححى مححن مقولححة الكيححف و مححن‬
‫ذلك ممتنع في حّقه إذ ك ّ‬
‫جنس الكيف الّنفساني ‪ ،‬فيلزم كون ذاته بذاته معّراة عن صفة كمالّية ‪ ،‬و يلزم له مخالطة‬
‫ل ذلححك محححال عليححه تعححالى‬
‫المكان و ينافي كونه واجب الوجود من جميع الجهات ‪ ،‬و كح ّ‬
‫هذا ‪ ،‬و قد تقّدم في شرح الخطبة الّرابعة و الّثمانين تحقيق معنى الكيف و تفصيل تنّزهححه‬
‫تعالى عن الّتصاف به ‪.‬‬

‫السابع عشر أّنه سبحانه منّزه عن المكان ‪ ،‬و إليه أشار بقوله ) و من قال أين فقد حّيححزه (‬
‫ن أين سؤال عن الحّيز و الجهة ‪ ،‬فمن قال أيححن فقححد جعلححه فححي حّيححز مخصححوص و هححو‬ ‫لّ‬
‫ق الواجب تعالى ‪ ،‬لّنه خالق الحّيز و المكان فيلزم افتقاره إلى محا هحو مفتقحر‬‫محال في ح ّ‬
‫ن كونه في حّيز معّين يستلزم خلّو ساير الحياز و المكنة منه كما هححو شححأن‬ ‫إليه ‪ ،‬على أ ّ‬
‫الجسام و الجسمانّيات ‪ ،‬و هو باطل لّنه فححي جميححع الحيححاز بححالعلم و الحاطححة ‪ ،‬و هححو‬
‫سماء إله و في الرض إله ‪.‬‬‫الذي في ال ّ‬

‫سلم في الفصل الخححامس مححن الخطبححة الولححى و‬


‫ن هذه العبارة نظير قوله عليه ال ّ‬
‫و اعلم أ ّ‬
‫من قال فيم فقد ضمنه ‪ ،‬و قد ذكرنا في شرحه ما يوجب البصيرة في المقام ‪.‬‬
‫ب إذ ل مربوب و قححادر إذ ل مقححدور ( إذ‬ ‫الثامن عشر أّنه سبحانه ) عالم إذ ل معلوم و ر ّ‬
‫ظرفّية على توهم الّزمان أى كان موصوفا في الزل بالعلم و الّربوبّية و القدرة ‪،‬‬

‫و لم يكن شيء من المعلوم و المربوب و المقدور موجودا فيه ‪.‬‬

‫ن علمه عين ذاته و تقّدم ذاته على‬


‫أّما أّنه كان عالما بالشياء و ل معلوم فل ّ‬

‫] ‪[ 181‬‬

‫معلوماته الحادثه ظاهر ‪ ،‬و ل يتوّقف وجححوده علححى وجححود المعلححوم كمححا محّر تحقيقححه فححي‬
‫سابع من الخطبة الولى عند تحقيق قوله ‪ :‬عالما بها قبل ابتدائها فليتذّكر ‪.‬‬ ‫شرح الفصل ال ّ‬

‫ب هححو المالححك ‪ ،‬و قححد كححان سححبحانه مالكححا‬


‫ن معنححى الححر ّ‬
‫و أّما أّنه كان رّبا إذ ل مربوب ل ّ‬
‫لزّمة المكان و تصريفه من العدم إلى الوجود و من الوجود إلى العدم كيف شاء و مححتى‬
‫أراد ‪ ،‬و قيل ‪ :‬المراد إّنه كان قحادرا علحى التربيحة إذ هحو الكمحال و فعلّيتهحا منوطحة علحى‬
‫المصلحة ‪.‬‬

‫ن القادر هححو الححذي إن شححاء فعححل و إن شححاء تححرك ‪ ،‬و‬


‫و أّما أّنه كان قادرا اذ ل مقدور فل ّ‬
‫ح منه الفعحل و الحترك ‪ ،‬و وجحود هحذا الوصحف لحه ل يسحتلزم‬ ‫بعبارة اخرى هو اّلذي يص ّ‬
‫صدوق في الّتوحيد ‪ :‬و القدرة مصدر قولك قدر قدرة أى ملك فهو‬ ‫وجود المقدور و قال ال ّ‬
‫قدير قادر مقتدر ‪ ،‬و قدرته على ما لم يوجد و اقتداره على إيجاده هو قهره و ملكه له ‪ ،‬و‬
‫قد قال عّز ذكره ‪ » :‬مالك يوم الّدين « و يوم الّدين لم يوجد بعد ‪.‬‬

‫ععععععع‬

‫ي أمين خاتم الّنبّيين است در تحميد و‬‫ب العالمين و وص ّ‬


‫ير ّ‬
‫از جمله خطب شريفه آن ول ّ‬
‫توحيد و تمجيد حضرت ذو الجلل و خداوند متعال ميفرمايد ‪:‬‬

‫حمد و ثنا خداونديرا سزاسححت كححه هحدايت كننحده اسحت بوجححود خحود بححا ايجحاد مخلوقحات‬
‫خود ‪ ،‬و با حدوث مخلوقات خححود بححر أزلّيححت و سححرمدّيت خححود ‪ ،‬و بححا شححبيه نمححودن آن‬
‫س نميتوانند بكننححد او را‬
‫مخلوقات بيكديگر بر اينكه هيچ مثل و شبيه نيست مر او را ‪ ،‬م ّ‬
‫س ظاهره و بححاطنه ‪ ،‬و نمىپوشححاند او را پردهححا و حجابهححا بجهححت ممتححاز و مغححاير‬‫حوا ّ‬
‫بودن آفريننده و آفريده شده ‪ ،‬و حد قرار دهنده و حد قرار داده شده ‪ ،‬و تربيححت كننححده و‬
‫تربيت داده شده ‪ ،‬اين صفت دارد كه يكيست نه يكى كه از مقححوله أعححداد باشححد ‪ ،‬و خلححق‬
‫كننده است نه با حركت و مشّقت ‪ ،‬و شنوا است نه با آلت گوش ‪ ،‬و بينا است نه با‬

‫] ‪[ 182‬‬
‫برگرداندن حدقه چشم ‪ ،‬و حاضر است با أشيا نه با مجاورت و مماست ‪ ،‬و جداسححت از‬
‫أشيانه بدوري راه ‪ ،‬و آشكار است نه بديدن چشمها ‪ ،‬و پنهانست نه بسبب لطافت مقححدار‬
‫‪.‬‬

‫جدا شد ار أشيا با قهر و غلبه كردن بر آنهححا ‪ ،‬و جححدا شححد أشححيا از او بسححبب خضححوع و‬
‫تواضع نمودن آنها بر او بسبب بازگشت آنها بسوى او ‪ ،‬هر كس وصف كرد او را پس‬
‫بتحقيق كه حد قرار داد او را ‪ ،‬و هر كه حد قرار دهد بر او پححس بتحقيححق كححه در شححمار‬
‫آورد او را ‪ ،‬و كسى كه در شمار آورد او را پس بتحقيق كه باطل گردانيد أزلّيت او را‬
‫‪ ،‬و هر كس كه بگويد چگونه است او پس بتحقيق كه طلب وصف او نمود ‪ ،‬و هححر كححه‬
‫گفت او كجاست پس بتحقيق كه مكان قرار داد بأو ‪ ،‬دانا بود در وقتى كه هيححچ معلححومى‬
‫ب بود هنگامى كه هيچ مربوبى نبود ‪ ،‬و صححاحب قححدرت بححود زمححانى كححه هيححچ‬ ‫نبود ‪ ،‬ر ّ‬
‫مقدورى نبود‬

‫ععععع عععععع عععع‬

‫لح بقححوم قومححا ‪ ،‬و‬


‫قد طلع طالع ‪ ،‬و لمع لمع ‪ ،‬و لح لئح ‪ ،‬و اعتدل مائل ‪ ،‬و اسححتبدل ا ّ‬
‫بيوم يوما ‪ ،‬و انتظرنا الغير انتظار المجدب المطر ‪،‬‬

‫ل من عرفهححم و‬
‫ل على خلقه ‪ ،‬و عرفائه على عباده ‪ ،‬ل يدخل الجّنة إ ّ‬ ‫و إّنما الئمة قّوام ا ّ‬
‫صكم بالسلم ‪ ،‬و‬ ‫ل تعالى قد خ ّ‬‫نا ّ‬‫ل من أنكرهم و أنكروه ‪ ،‬إ ّ‬
‫عرفوه ‪ ،‬و ل يدخل الّنار إ ّ‬
‫استخلصكم له ‪،‬‬

‫ل تعالى منهجه ‪،‬‬


‫و ذلك لّنه اسم سلمة و جماع كرامة ‪ ،‬اصطفى ا ّ‬

‫و بّين حججه من ظاهر علم ‪ ،‬و باطن حكم ‪ ،‬ل تفني غرائبه ‪ ،‬و ل‬

‫] ‪[ 183‬‬

‫ل بمفححاتحه ‪ ،‬و‬
‫ظلم ‪ ،‬ل تفتح الخيححرات إ ّ‬
‫تنقضي عجائبه ‪ ،‬فيه مرابيع الّنعم ‪ ،‬و مصابيح ال ّ‬
‫ل بمصابيحه ‪ ،‬قد أحمى حماه ‪،‬‬ ‫ظلمات إ ّ‬‫ل تكشف ال ّ‬

‫و أرعى مرعاه ‪ ،‬فيه شفآء المشتفي ‪ ،‬و كفاية المكتفي ‪.‬‬

‫ععععع‬

‫) الجدب ( هو المحل وزنا و معنا و هححو انقطححاع المطحر و يبحس الرض و أجححدب القحوم‬
‫اجدابا أصابهم الجدب و ) عرفت ( على القوم من باب قتل عرافة بالكسر فأنا عارف أى‬
‫مدّبر أمرهم و قائم بسياستهم ‪ ،‬و عرفت عليهم بالضّم لغة فأنا عريف و الجمححع عرفححاء ‪،‬‬
‫و قيل ‪ :‬العريف هو القّيم بححامور القبيلححة و الجماعححة يلححى أمححورهم و يتعحّرف الميححر منححه‬
‫أحوالهم فعيل بمعنحى فاعحل و ) جمحاع ( الشحيء بالكسحر و الّتخفيحف جمعحه يقحال الخمحر‬
‫جماع الثم و ) المرابيع ( المطار الححتي تجىء فححي أّول الّربيححع و ) حمححى ( المكححان مححن‬
‫الّناس حميا من باب رمى منعه عنهم ‪ ،‬و الحماية اسم منه و أحميته بححاللف جعلتححه حمححى‬
‫ل يقرب و ل يجترء عليه و كلء حمى محمى قال الشاعر ‪:‬‬

‫و نرعحححححححححححححححححى حمحححححححححححححححححى القحححححححححححححححححوام غيحححححححححححححححححر مححححححححححححححححححّرم‬


‫علينا و ل يرعى حمانا الذي نحمى‬

‫شارح المعتزلي ‪ :‬قد حمى حماه ‪ ،‬أى عرضه لن يحمى كما تقول ‪:‬‬
‫قال ال ّ‬

‫أقتلت الّرجل أى عرضته لن يضرب ‪.‬‬

‫ععععععع‬

‫جملة ل يححدخل الجنححة ‪ ،‬بححدل مححن الجملححة السححابقة عليهححا ‪ ،‬و لشحّدة الّتصححال بينهمححا تححرك‬
‫العاطف على حّد قوله تعالى ‪ :‬أمّدكم بما تعلمون أمّدكم بأنعام و بنين ‪،‬‬

‫لم ‪ ،‬و‬
‫و إضافة المنهج إلى الضححمير إمححا نظيححر الضححافة فححي سححعيد كححرز ‪ ،‬أو بمعنححى ال ّ‬
‫الضافة في قوله ‪ :‬من ظاهر علم و باطن حكم ‪ ،‬من قبيل إضافة الصفة إلى موصوفها ‪،‬‬

‫] ‪[ 184‬‬

‫و من في من ظاهر للتبيين و التفسير كما تقحول دفعحت إليححه سححلحا مححن سحيف و رمحح و‬
‫سهم أو للتميز و التقسيم ‪.‬‬

‫عععععع‬

‫سححلم أنححه خطححب‬


‫ن الشارح المعتزلي ذكر في شرح هذا الفصل مححن كلمححه عليححه ال ّ‬
‫اعلم أ ّ‬
‫بذلك بعد قتل عثمان حين أفضت الخلفة إليه ‪.‬‬

‫سلم ) قد طلع طالع و لمع ل مححع و لح لئح ( يحتمححل‬ ‫إذا عرفت ذلك فأقول قوله عليه ال ّ‬
‫أن يكون المراد بالجملت الثلث واحدا ‪ ،‬أى طلحع شححمس الخلفححة محن مطلعهحا و سححطع‬
‫أنوار المامة من منارها ‪ ،‬و ظهر كوكب الولية من افقححه ‪ ،‬و أن يكححون المححراد بححالولى‬
‫سححلم و سححطوع‬ ‫ق له عليه ال ّ‬
‫ظهور خلفته و أمارته ‪ ،‬و بالّثانية ظهورها من حيث هي ح ّ‬
‫أنوار العدل بصيرورتها إليه ‪ ،‬و بالّثالثة ظهور الحروب و الفتن الواقعة بعد انتقال المر‬
‫شححرع‬ ‫سلم ) و اعتدل مائل ( أى استقام ما اعوج من أركححان ال حّدين و قححوائم ال ّ‬ ‫إليه عليه ال ّ‬
‫ضححلل و الفسححاد و هححم الخلفححاء الثلث و أتبححاعهم‬ ‫ل بقوم ( من أهل ال ّ‬ ‫المبين ) و استبدل ا ّ‬
‫صلح و الّرشاد و هم أمير المؤمنين و تححابعوه ) و بيححوم ( انتشححر فيححه‬ ‫) قوما ( من أهل ال ّ‬
‫الجور و العتساف ) يوما ( ظهر فيه العدل و النصاف ) و انتظرنا الغير ( أى تغّيرات‬
‫ل انتظارهححا كنايححة عححن العلححم‬ ‫ي ) قححد ( ‪ :‬و لع ح ّ‬
‫لمة المجلس ّ‬ ‫الّدهر و تقّلبات الّزمان قال الع ّ‬
‫ل من ذلك ‪ ،‬و المراد بالغير ما جحرى قبحل ذلحك محن قتحل‬ ‫بوقوعه ‪ ،‬أو الّرضا بما قضى ا ّ‬
‫عثمان و انتقال المر اليه أو ما سيأتي من الحروب و الوقححايع ‪ ،‬و الّول أنسححب بالتشححبيه‬
‫ب ) انتظار المجدب المطر ( لدللته على شّدة شححوقه بححالّتغيرات و فححرط رغبتححه لنتقححال‬
‫المر اليه ليتمّكن من إعلء كلمة السححلم و ترويححج شححرع سحّيد النححام عليححه و آلححه آلف‬
‫ن القيححام بححامور‬‫ن للمجدب شّدة الشتياق إلى المطار ثّم أشار إلححى أ ّ‬ ‫سلم كما أ ّ‬‫الّتحية و ال ّ‬
‫ن الئمححة ( أراد بححه‬ ‫ن موالتهم و متابعتهم واجبة فقححال ) و إ ّ‬ ‫الّمة وظيفة الئمة فقط ‪ ،‬و أ ّ‬
‫ل على‬ ‫شريف و الطّيبين من أولده ) قّوام ا ّ‬ ‫نفسه ال ّ‬

‫] ‪[ 185‬‬

‫ل ح و نهيححه و‬ ‫خلقه ( أى يقومون بمصالحهم و يدّبرون امورهم ‪ ،‬أو أّنهم القححائمون بححأمر ا ّ‬
‫أحكامه على خلقه ‪ ،‬لكونهم خلفائه في أرضه و حججه علححى برّيتححه ‪ ،‬و كمححال هححذا القيححام‬
‫سححلم فححاّنه الّزمححان اّلححذي تجتمححع فيححه الخليححق علححى‬
‫عنححد ظهححور صححاحب المححر عليححه ال ّ‬
‫شرك بالكّلّية ‪.‬‬
‫اليمان ‪ ،‬و يرتفع ال ّ‬

‫سحلم أّنححه سححئل عحن‬‫لح عليحه ال ّ‬


‫ل عليه ما في الكافي عن أبحي خديجححة عحن أبيعبححد ا ّ‬ ‫كما يد ّ‬
‫سححيف فحاذا جحاء‬‫ل واحدا بعحد واححد حّتححى يجىء صحاحب ال ّ‬ ‫القائم ‪ ،‬فقال ‪ :‬كّلنا قائم بأمر ا ّ‬
‫سيف جاء بأمر غير اّلذي كان ) و عرفائه على عبحاده ( كمحال قحال تعحالى » َو‬ ‫صاحب ال ّ‬
‫ل ِبسحيماُهْم « روى فحي البححار محن بصحائر الحّدرجات‬ ‫ن ُك ّ‬
‫ل َيْعِرُفحو َ‬
‫ف ِرجحا ٌ‬
‫عحرا ِ‬‫لْ‬‫ى ا َْ‬
‫عل َ‬
‫َ‬
‫سلم في قوله ‪:‬‬ ‫مسندا عن الهلقام عن أبيجعفر عليه ال ّ‬

‫سلم ‪ :‬نحن أولئك الّرجححال الئمححة مّنححا يعرفححون مححن‬


‫و على العراف رجال ‪ ،‬قال عليه ال ّ‬
‫يدخل الّنار و من يدخل الجّنة كما تعرفون في قبائلكم الّرجححل منكححم يعححرف مححن فيهححا مححن‬
‫صالح أو طالح ‪.‬‬

‫ل»‬‫ل ع حّز و ج ح ّ‬
‫سلم قال ‪ :‬سألته عن قول ا ّ‬
‫و فيه عن الهلقام أيضا عن أبي جعفر عليه ال ّ‬
‫ل بسيماهم « ما يعني بقوله و على العراف رجال ؟‬ ‫و على العراف رجال يعرفون ك ّ‬

‫سلم ‪ :‬ألستم تعرفون عليكم عريفا على قبائلكم لتعرفوا من فيها مححن صححالح أو‬ ‫قال عليه ال ّ‬
‫ل بسيماهم ‪.‬‬
‫طالح ؟ قلت ‪ :‬بلى ‪ ،‬قال ‪ :‬فنحن أولئك الّرجال اّلذين يعرفون ك ّ‬
‫و فيه من كتاب المقتضب لحمد بن محّمد بن عياش بسححنده عححن أبححان بححن عمححر ختححن آل‬
‫سلم فدخل عليه سفيان بحن مصحعب العبحدى فقحال ‪:‬‬ ‫ل عليه ال ّ‬
‫ميثم قال ‪ :‬كنت عند أبيعبد ا ّ‬
‫ل فداك ما تقول في قوله تعالى ذكره » و على العراف رجال « الية قال ‪ :‬هححم‬ ‫جعلنى ا ّ‬
‫ل مححن عرفهححم و عرفححوه ‪ ،‬قححال فمححا‬
‫لح إ ّ‬
‫الوصياء من آل محّمححد الثنححا عشححر ل يعححرف ا ّ‬
‫ل ح عليححه و آلححه و‬
‫ل ص حّلى ا ّ‬
‫العراف جعلت فداك ؟ قال ‪ :‬كتائب من مسك عليها رسول ا ّ‬
‫ل بسيماهم فقال سفيان ‪ :‬فل أقول في ذلححك شححيئا ؟ فقححال مححن قصححيدة‬ ‫الوصياء يعرفون ك ّ‬
‫شعرا ‪.‬‬

‫هححححححححححل فيححححححححححك لححححححححححى اليححححححححححوم مربححححححححححع‬ ‫أيححححححححححا ربعهححححححححححم ‪1‬‬


‫ن لى فيك مرجع‬ ‫و هل لليالى ك ّ‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬تتتت ت تت تتت ت تتتتت ت ت تتتت تت‬
‫تتتتتتت تتت تت تتتتتت تتتتتتت ت ت تتتت ت‬
‫تتتتت تتتتتت‬

‫] ‪[ 186‬‬

‫و فيها يقول ‪:‬‬

‫و انتححححححححححححححححححححم ولة الحشححححححححححححححححححححر و النشححححححححححححححححححححر و الجححححححححححححححححححححزا‬


‫و أنتحححححححححححححححححم ليحححححححححححححححححوم المفحححححححححححححححححزع الهحححححححححححححححححول مفحححححححححححححححححزع‬

‫و أنتححححححححححححححححم علححححححححححححححححى العححححححححححححححححراف و هححححححححححححححححى كتححححححححححححححححائب‬


‫مححححححححححححححححححن المسححححححححححححححححححك رياهححححححححححححححححححا بكححححححححححححححححححم يتضححححححححححححححححححّوع‬

‫ثمانيحححححححححححححححححححححححححححححححة بحححححححححححححححححححححححححححححححالعرش اذ يحملحححححححححححححححححححححححححححححححونه‬


‫و من بعدهم هادون في الرض أربع‬

‫ل من أنكرهم و أنكححروه ( هححذه‬


‫ل من عرفهم و عرفوه و ل يدخل الّنار إ ّ‬ ‫) ل يدخل الجّنة إ ّ‬
‫صححت عليهححا فححي الخبححار المعتححبرة المتظححافرة عححن أهححل بيححت العصححمة و‬‫القض حّية قححد ن ّ‬
‫طهارة ‪ ،‬و ستطلع عليها و على تحقيق معناها في الّتذييل التي ‪.‬‬ ‫ال ّ‬

‫ل تعالى به على المخاطبين ‪ ،‬و هو أعظم نعمائه عليهم فقال )‬ ‫نا ّ‬


‫ثّم أشار إلى بغض ما م ّ‬
‫صكم له يعنححي أّنكححم لكرامتكححم عنححد‬
‫صكم بالسلم و استخلصكم له ( أى استخ ّ‬ ‫ل قد خ ّ‬
‫نا ّ‬
‫إّ‬
‫صكم بهذه الّنعمة العظمى و العطّية الكبرى ) و ذلك لّنه اسححم‬‫ل تعالى و علّو منزلتكم خ ّ‬
‫ا ّ‬
‫سححلمة ‪ ،‬و تبعهمحا‬ ‫ق محن ال ّ‬
‫شارح المعحتزلى و البحرانحي ‪ :‬يعنححي أّنححه مشححت ّ‬‫سلمة ( قال ال ّ‬
‫ق فليححس بمعنححى‬
‫سححلمة مشححت ّ‬‫ن السلم من ال ّ‬ ‫شارحين فقال ‪ :‬ظاهر الكلم يعطى أ ّ‬ ‫بعض ال ّ‬
‫النقياد و الّدخول في السلم ‪.‬‬

‫ل على خلفه ‪،‬‬


‫سلم على اشتقاقه منه لو لم يكن دا ّ‬
‫أقول ‪ :‬ل دللة في كلمه عليه ال ّ‬

‫ن السلم اسم لمسّمى فيه سلمة من غضححب الجّبححار و مححن الّنححار ‪،‬‬‫ن معناه أ ّ‬
‫ظاهر أ ّ‬
‫بل ال ّ‬
‫ل و عقوبته ‪.‬‬
‫ن من فاز بالسلم سلم من سخط ا ّ‬ ‫فا ّ‬

‫) و ( هو أيضا ) جماع كرامة ( أى مجمعه إذ به يفاز الجنححان ‪ ،‬و يتحصححل الّرضححوان و‬


‫ل منهجححه ( أى اختححار طريححق السححلم و ارتضححاه‬ ‫سرمد ) اصطفى ا ّ‬ ‫الّنعيم البد و الّلذة ال ّ‬
‫من بين ساير الطرق و المناهج ‪ ،‬و المراد بطريق السلم إما نفححس السححلم ‪ ،‬و تسححميته‬
‫صححل لرضححاه تعححالى ‪ ،‬و قححد‬
‫ق سبحانه و كححونه مح ّ‬‫بالطريق باعتبار ايصاله إلى قرب الح ّ‬
‫طريق في قوله تعالى ‪:‬‬‫صراط و هو ال ّ‬ ‫عّبر عنه بال ّ‬

‫سَتقيَم « ‪.‬‬
‫صراط اْلُم ْ‬
‫» إْهِدَنا ال ّ‬

‫ل سبحانه و اصطفائه له قوله تعالى ‪:‬‬


‫ل على اختيار ا ّ‬
‫على بعض تفاسيره ‪ ،‬و يد ّ‬

‫] ‪[ 187‬‬

‫سلَم دينًا « ‪.‬‬


‫لْ‬‫ت َلُكُم ا ْ‬
‫عَلْيُكْم ِنْعَمتي َو َرضي ُ‬
‫ت َ‬
‫ت َلُكْم ديَنُكْم َو أْتَمْم ُ‬
‫» أْلَيْوَم َأْكَمْل ُ‬

‫طريق اّلذي ل بّد لمن تدّين بدين السحلم أن يسحلكه‬ ‫و أّما الطريق المخصوص به أعنى ال ّ‬
‫ل لهحا‬‫شريعة أعنحي الفحروع العملّيحة ‪ ،‬و الحّدليل علحى اصحطفائه عحّز و جح ّ‬ ‫و هى طريق ال ّ‬
‫لح عليححه و آلححه‬ ‫شرايع و إبقائهحا بقححاء الحّدهر ‪ ،‬شحرع محّمححد صحّلى ا ّ‬
‫جعلها ناسخة لسائر ال ّ‬
‫مستمّر إلى يوم القيامة ) و بّين حججه ( أى أوضح الدّلة الّدالة على حقّيتحه ) محن ظحاهر‬
‫علم و باطن حكم ( أى تلك الدّلة على قسمين ‪ :‬أحدهما علححم ظححاهر و هححى الدّلححة الّنقليححة‬
‫من الكتاب و السّنة ‪ ،‬و ثانيهما حكمة باطنة و هي الدّلة العقلّية ‪.‬‬

‫سحلم‬ ‫ل عليه ما في الصافي عن الكافي عحن البحاقر عليحه ال ّ‬ ‫أّما تفسير الحكم بالحكمة فقد د ّ‬
‫ى صححغير ‪ ،‬ثحّم تل قححوله‬ ‫قال ‪ :‬مات زكريا فورثه ابنه يحيى الكتاب و الحكمححة و هححو صحب ّ‬
‫صِبّيا « ‪.‬‬
‫حْكَم َ‬
‫ب ِبُقّوٍة َو آَتْيناُه اْل ُ‬
‫خِذ اْلِكتا َ‬
‫حيى ُ‬
‫تعالى » يا َي ْ‬

‫ل أن يملء قلبي علما و حكما ‪ ،‬أى حكمة ‪.‬‬


‫و في مجمع البحرين في الحديث ادع ا ّ‬
‫سححلم فححي روايححة الصححافي عححن‬
‫ص عليححه الكححاظم عليححه ال ّ‬
‫و أّما تفسير الحكمة بالعقل فقد ن ّ‬
‫سلم في تفسير قوله تعالى ‪:‬‬ ‫الكافي عنه عليه ال ّ‬

‫حْكَمَة « ‪.‬‬
‫ن اْل ِ‬
‫» َو َلَقْد آَتْينا ُلْقما َ‬

‫قال ‪ :‬الفهم و العقل ‪ ،‬فقد ظهر و اّتضححح ممححا ذكرنححا أنّ المححراد بححالحكم البححاطن هححو دليححل‬
‫ن غرائب السححلم و عجححائبه دائمححة‬ ‫العقل ) ل تفنى غرائبه و ل تنقضي عجائبه ( يعني أ ّ‬
‫ل و أهلححه فححي بححدو المححر و أّذل الكفححر و أهلححه و‬ ‫تجّدد يوما فيوما ‪ ،‬أل ترى كيف أعّزه ا ّ‬
‫ل المسلمين على الكافرين و أظهرهم عليهم على قّلة الّوليححن و كححثرة الخريححن و‬ ‫نصر ا ّ‬
‫أّيد السلم بالملئكة المسّومين يوم بدر و حنين ‪ ،‬و نكحص الشحيطان الّلعيحن علحى عقحبيه‬
‫لر ّ‬
‫ب‬ ‫لما ترائت الفئتان و قال إّني أرى ما ل ترون إّني أخاف ا ّ‬

‫] ‪[ 188‬‬

‫العحالمين ‪ ،‬مضحافة إلححى المعجححزات و الكرامحات الصححادرة مححن قحادة المسححلمين و نحّوابهم‬
‫ل عصر و زمان ‪ ،‬و أعظم تلك العجائب و أكمل تلك الغرايب مححا يظهححر‬ ‫صالحين في ك ّ‬
‫ال ّ‬
‫في آخر الّزمان عند ظهور الّدولة الحّقة القائمّية » عج « و هححذه كّلهححا مححن عجححائب نفححس‬
‫ي لولى الفهام ‪.‬‬ ‫السلم و مضافة إليه كما هو غير خف ّ‬

‫) فيه مرابيع الّنعم ( استعار لفظ المرابيع للبركات و الخيرات الححتى يفححوز بهححا المسححلمون‬
‫في الخرة و الولى ببركححة أخححذهم السححلم دينححا أّمححا فححي الحّدنيا فكحقححن الحّدماء و الظفححر‬
‫بالعداء و غنيمة الموال و رفاه الحال ‪ ،‬و أّما في العقبى فالّنجاة من الّنححار و المححن مححن‬
‫ل أكححبر و هححو‬
‫غضب الجّبار و الفوز بجّنات تجري من تحتها النهار ‪ ،‬و برضوان من ا ّ‬
‫أعظم الّنعماء و أشرف اللء ‪.‬‬

‫ظلم ( لفظ المصابيح أيضا استعارة للمعحارف الحّقحة و العقايحد اللهّيحة ‪ ،‬إذ‬ ‫) و مصابيح ال ّ‬
‫شبهات و يندفع رين الشححكوكات عنححه فححي ال حّدنيا بخلف‬ ‫تصفية القلب بها يرتفع ظلمات ال ّ‬
‫ل على قلوبهم و على سمعهم و على أبصارهم غشاوة و لهم عذاب‬ ‫اّلذين كفروا فقد ختم ا ّ‬
‫صححالحة اّلححتي هححى مححن‬
‫عظيم ‪ ،‬و أّما في الخرة فبسبب تلك المعارف و بعض العمال ال ّ‬
‫فروع الّدين و السلم يحصل نور للمؤمن في القبر و البرزخ و القيامححة ‪ ،‬هححذا و يحتمححل‬
‫أن يكون لفظ المصابيح استعارة لولياء الّدين و أئّمة اليقين قادة المسححلمين إذ بهححم يهتححدي‬
‫ضححلل فححي الحّدين و الحّدنيا ‪ ،‬و بحأنوارهم يسححلك سححبيل الجّنححة فححي‬
‫من ظلمححات الجهححل و ال ّ‬
‫الخرى كما قال عّز من قائل ‪:‬‬

‫ن أْيديِهْم « ‪.‬‬
‫سعى َبْي َ‬
‫» ُنوُرُهْم َي ْ‬
‫و قد مّر الكلم في هذا المعنى مشبعا في شرح الفصل الّول من الخطبة الّرابعة فليراجع‬
‫ثمة ‪.‬‬

‫ل بمفاتحه ( أراد بالخيرات الّنعم الخروّية و الّلذائذ الّدائمححة الباقيححة و‬


‫) ل تفتح الخيرات إ ّ‬
‫الّدرجات العالية ‪ ،‬و مفاتح السلم الفاتحة لها عبارة عن فروعات‬

‫] ‪[ 189‬‬

‫ل منها سححبب لجححزاء مخصححوص و موصححلة‬‫السلم و العمال الحسنة و العبادات اّلتي ك ّ‬


‫الى درجة مخصوصة من درجات الجنان و مفاتح لبوابها ‪.‬‬

‫ن للجّنة ثمانية أبواب ‪ :‬البححاب الّول اسححمه الّتوبححة ‪ ،‬الّثححاني‬


‫كما ورد في بعض الخبار ‪ :‬أ ّ‬
‫سححابع‬
‫سححادس الححورع ‪ ،‬ال ّ‬ ‫ج ال ّ‬
‫صلة ‪ ،‬الّرابع المر و الّنهى ‪ ،‬الخامس الح ّ‬ ‫الّزكاة ‪ ،‬الّثالث ال ّ‬
‫ن الّتوبة مفتاح للبححاب الّول و الّزكحاة للثحاني و‬ ‫ظاهر منه أ ّ‬ ‫ن ال ّ‬
‫صبر ‪ ،‬فا ّ‬
‫الجهاد ‪ ،‬الّثامن ال ّ‬
‫هكذا ‪.‬‬

‫ل بمصابيحه ( قد طهر توضيحه مّما قّدمناه آنفا في شرح قححوله ‪:‬‬ ‫) و ل تكشف الظلمات إ ّ‬
‫شححرعّية و قححد‬
‫فيه مصابيح الظلم ) قد أحمى حمححاه ( المححراد بحمححى السححلم المحّرمححات ال ّ‬
‫ل سبحانه أى جعلها عرضة لن تحمى ‪ ،‬أى منع و نهى عن القتحام فيها ‪.‬‬ ‫أحماها ا ّ‬

‫سححلم‬‫ن أمير المححؤمنين عليححه ال ّ‬


‫صدوق قال ‪ :‬إ ّ‬‫ل على ما ذكرناه ما في الوسائل عن ال ّ‬ ‫و يد ّ‬
‫خطب الّناس فقال في كلم ذكره ‪ :‬حلل بّيححن ‪ ،‬و حححرام بّيححن ‪ ،‬و شححبهات بيححن ذلححك فمححن‬
‫ل ح فمححن يرتححع‬‫ترك ما اشتبه عليه من الثم فهو لما استبان له أترك ‪ ،‬و المعاصى حمححي ا ّ‬
‫صغير قححال ‪:‬‬ ‫حولها يوشك أن يدخلها و فيه عن الفضل بن الحسن الطبرسي في تفسيره ال ّ‬
‫ل محارمه فمن رتع حححول الحمححى أوشححك أن يقححع‬ ‫ن لكل ملك حمى و حمى ا ّ‬
‫في الحديث أ ّ‬
‫فيه ‪.‬‬

‫و فيه عن الكراجكى في كتاب كنز الفوايد بسنده عن سلم بححن المسححتنير عححن أبححي جعفححر‬
‫لح عليححه و آلححه ‪ :‬أّيهححا الّنححاس حللححي‬
‫لح صحّلى ا ّ‬
‫سلم قال قال جّدي رسول ا ّ‬ ‫الباقر عليه ال ّ‬
‫لح عحّز و جح ّ‬
‫ل‬ ‫حلل إلى يوم القيامة ‪ ،‬و حرامي حرام إلى يوم القيامة ‪ ،‬أل و قحد بينهمححا ا ّ‬
‫شيطان و بدع بعححدى‬ ‫في الكتاب و بّينتهما لكم في سّنتي و سيرتي ‪ ،‬و بينهما شبهات من ال ّ‬
‫من تركها صلح له أمر دينه و صلحت له مّروته و عرضه ‪ ،‬و من تلّبس بها وقححع فيهححا و‬
‫اتبعها كان كمن رعى غنمه قرب الحمى ‪ ،‬و من رعى ما شيته قرب الحمى نازعته نفسه‬
‫لح عحّز و جح ّ‬
‫ل‬ ‫ن حمححى ا ّ‬ ‫ل ملححك حمححى ‪ ،‬أل و إ ّ‬‫ن لكح ّ‬
‫إلى أن يرعاهححا فححي الحمححى ‪ ،‬أل و إ ّ‬
‫ل و محارمه ‪.‬‬ ‫محارمه ‪ ،‬فتّوقوا حمى ا ّ‬

‫] ‪[ 190‬‬
‫لح سححبحانه قححد‬
‫نا ّ‬
‫شرعية ‪ ،‬فححا ّ‬
‫) و أرعى مرعاه ( المراد بمرعاه المباحات و المحّللت ال ّ‬
‫خص المكّلفين في القدام عليها و تناولها و الّتمتع بها ‪.‬‬
‫رّ‬

‫ق تعححالى ‪،‬‬‫) فيه شفاء المشتفى و كفاية المكثفى ( إذ به يحصل الّتقرب الّروحاني من الح ح ّ‬
‫ل فقر ‪ ،‬و إليه يؤمى ما في الحديث القدسححي يححابن آدم كّلكححم‬
‫ل داء و غنى لك ّ‬ ‫و هو شفاء لك ّ‬
‫ل من أغنيته‬ ‫ل من شفيته ‪ ،‬و كّلكم فقير إ ّ‬
‫ل من هديته ‪ ،‬و كّلكم مريض إ ّ‬ ‫لإ ّ‬
‫ضا ّ‬

‫ععععع‬

‫ما ذكرته في شرح هذه الفقرات الخيرة أعني قوله ‪ :‬من ظاهر علححم ‪ ،‬إلححى آخححر الفصححل‬
‫هو اّلذي ظهر لي في المقام و هو النسب بسياق الكلم ‪.‬‬

‫ن المراد بقوله ‪ :‬من ظاهر علححم‬


‫شارح المعتزلي و البحراني و تبعهما غيرهما ‪ :‬إ ّ‬
‫و قال ال ّ‬
‫هو القرآن ‪ ،‬و ما ذكره إلى آخر الفصل أوصاف له ‪.‬‬

‫شارح المعتزلي و يعنى بظاهر علم و بحاطن حكحم القحرآن أل تحراه كيحف أتحى بعحده‬ ‫قال ال ّ‬
‫ل للقححرآن مححن قححوله ‪ :‬ل تفنححى غرايبححه ‪ ،‬أى آيححاته المحكمححة و‬
‫بصفات و نعوت ل يكون إ ّ‬
‫براهينه القاطعة ‪ ،‬و ل تنقضى عجائبه ‪ ،‬لّنححه مهمححا تححأّمله النسحان اسححتخرج منححه بفكححره‬
‫غرايب و عجايب لم يكن عنده من قبل ‪ ،‬فيه مرابيع النعم المرابيع سبب لظهححور الكلء ‪،‬‬
‫و كذلك تدبر القرآن سبب للنعم الّدينية و حصولها ‪ ،‬قد أحمى حماه و أرعى مرعححاه ‪ ،‬أى‬
‫عرض حمى القرآن و محارمه لن يجتنب و عرض مرعاه لن يرعححى ‪ ،‬أى يمكححن مححن‬
‫ي مبين ‪ ،‬و لم تقنع ببيححان‬
‫النتفاع بما فيه من الّزواجر و المواعظ لنه خاطبنا بلسان عرب ّ‬
‫ل بالشرع حتى نّبه في أكثره على أدّلة العقل ‪.‬‬ ‫ما ل يعلم إ ّ‬

‫ل عليهححم بححالقرآن الكريححم و‬


‫سلم في إظهار مّنة ا ّ‬
‫و قال الشارح البحراني ‪ :‬ثّم أخذ عليه ال ّ‬
‫تخصيصهم به من بين ساير الكتب و اعدادهم لقبوله من ساير المم ‪.‬‬

‫سححلمة‬
‫ثّم نّبه على بعض أسباب إكرامه تعالى لهم به أّما من جهة اسمه فلّنه مشتق من ال ّ‬
‫طاعة ‪.‬‬
‫بالّدخول في ال ّ‬

‫] ‪[ 191‬‬

‫و أّما من جهة معناه فمن وجوه ‪:‬‬

‫ن مدار جميع آياته على هداية الخلق إلححى سححبيل‬ ‫ل لخلقه ل ّ‬ ‫أحدها أّنه مجموع كرامة من ا ّ‬
‫لح اصححطفى منهجححه و هححو طريقتححه الواضحححة المؤّديححة‬
‫نا ّ‬ ‫ل القححائدة إلححى الجّنححة الّثححاني أ ّ‬‫ا ّ‬
‫ل الّثالث أّنه بّين حججه و هححى الدّلححة و المححارات و قسححم‬
‫سالكين بالسير إلى رضوان ا ّ‬ ‫لل ّ‬
‫شححريعة و أحكامهحا الفقهّيححة و أدّلححة تلححك‬
‫الحجج إلى ظاهر علم و أشححار بححه إلححى ظححواهر ال ّ‬
‫الحكام ‪ ،‬و باطن حكم و أشار به إلى ما يشتمل عليه الكتاب العزيز من الحكمة اللهية و‬
‫أسرار التوحيد و علم الخلق و السياسات و غيرها الرابع أّنه ل تفنى عزائمه ‪ 1‬و أراد‬
‫بالعزائم هنا اليات المحكمة و براهينه العازمة أى القاطعة ‪ ،‬و عدم فنائها إشارة إّما إلححى‬
‫ثباتها و استقرارها على طول المّدة و تغير العصار ‪ ،‬و إّما إلححى كثرتهححا عنححد البحححث و‬
‫التفتيش عنها الخامس و ل تنقضى عجايبه ‪ ،‬لّنه كّلما تأمله النسان استخرج منححه بفكححره‬
‫لطايف معجبة من أنواع العلوم لم يكن عنده من قبل ‪.‬‬

‫السادس فيه مرابيع النعم ‪ ،‬استعار لفظ المرابيع لما يحصل عليه النسان من النعم ببركححة‬
‫القرآن و لزوم أوامره و نواهيه و حكمه و آدابه أّما في الّدنيا فالنعم الححتي تحصححل بححبركته‬
‫سرين و غيرهم ظاهرة الكثرة ‪ ،‬و أّمححا بالنسححبة إلححى الخححرة فمححا‬ ‫لحامليه من القّراء و المف ّ‬
‫يحصل عليه مقتبسو أنواره من الكمالت المعّدة في الخرة من العلوم و الخلق الفاضلة‬
‫ن فيه مصححابيح الظلححم اسححتعار لفححظ المصححابيح لقححوانيته و‬
‫أعظم نعمة و أتّم فضل السابع أ ّ‬
‫ل في سبيله ‪.‬‬‫قواعده الهادية إلى ا ّ‬

‫الثامن أنه ل يفتح الخيححرات إل بمفححاتحه ‪ ،‬أراد الخيححرات الحقيقيححة الباقيححة و اسححتعار لفححظ‬
‫المفاتح لمناهجه و طرقه الموصلة إلى تلك الخيرات ‪.‬‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬تتتت تت تتت تتتتتتتت ت تتتتتت تت ت تت‬
‫تتتتتتت تت تتتتت تتتتتت تتت تتتتتت‬

‫] ‪[ 192‬‬

‫ل بمصابيحه أراد ظلمات الجهل و بالمصابيح قوانينه ‪.‬‬


‫ظلمات إ ّ‬
‫التاسع و ل ينكشف ال ّ‬

‫العاشر كونه قد أحمى حماه ‪ ،‬استعار لفظ الحمححى لحفظححه و تححدّبره و العمححل بقححوانينه ‪ ،‬و‬
‫شخص و حراسته أّما في الّدنيا فمن أيدى كححثير مححن‬ ‫ن بذلك يكون حفظ ال ّ‬
‫وجه الستعارة أ ّ‬
‫سريه و من يتعّلق به ‪،‬‬
‫ظالمين لحترامهم حملة القرآن و مف ّ‬‫ال ّ‬

‫ل كما يحمى الحمححى‬


‫و أّما في الخرة فلحمايته حفظته و متدّبريه و العامل به من عذاب ا ّ‬
‫من يلوذ به ‪ ،‬و نسبة الحماء إليه مجاز ‪.‬‬

‫الحاديعشر و كذلك أرعى مرعاه أى هّيأه لن رعححاه ‪ ،‬و اسححتعار لفححظ المرعححى للعلححوم و‬
‫ن هحذه مراعحى النفحوس‬ ‫الحكحم و الداب اّلححتي يشححتمل عليحه القحرآن ‪ ،‬و وجححه المشحابهة أ ّ‬
‫ن المراعححى‬‫النسانّية و غححذائها اّلححذي بححه يكححون نشححوها العقلححى و نماؤهححا الفعلححى ‪ ،‬كمححا أ ّ‬
‫المحسوسة من الّنبات غذاء للبدان الحيوانّية اّلتى بها يقوم وجودها ‪.‬‬
‫شفاء منه أّما في البدان فبالتغّوذ به مححع صححدق‬
‫الّثانيعشر فيه شفاء المشتفى ‪ ،‬أى طالب ال ّ‬
‫صدور ‪ ،‬و أّما في الّنفوس فلشفائها به من أمراض الجهل ‪.‬‬ ‫النّية فيه و سلمة ال ّ‬

‫ن حملححة‬
‫الثالث عشر و كفايححة المكتفححى ‪ ،‬أراد بححالمكتفى طححالب الكفايححة أمححا مححن الحّدنيا فل ّ‬
‫القرآن الطالبين به المطالب الّدنيوية هم أقدر و أكثر الناس على الحتيال به فححي تحصححيل‬
‫ن طحالب الكفايحة منهحا يكفيحه تحدّبر القحرآن و‬ ‫مطالبهم و كفايتهم بها ‪ ،‬و أّما في الخرة فل ّ‬
‫لزوم مقاصده في تحصيل مطلوبه منها‬

‫ععععع‬

‫ل من عرفهم و عرفححوه و‬‫سلم ‪ :‬ل يدخل الجّنة إ ّ‬‫قد وعدناك تحقيق الكلم في قوله عليه ال ّ‬
‫ل من أنكرهم و أنكروه ‪ ،‬و قد تكّلم فيه الشارحان البحراني‬ ‫ل يدخل النار إ ّ‬

‫] ‪[ 193‬‬

‫و المعتزلي على ما يقتضيه سليقتهما و بلغا فيه غايححة و سححعهما و بححذل منتهححى الجهححد إلّ‬
‫أّنهما لقصور يديهما عن أخبححار العحترة الطهححار الطيحاب لحم يكشححفا عحن وجححوه خرايححده‬
‫الّنقاب ‪ ،‬و خفى عليهما وجه التحقيق و مقتضى الّنظحر الحّدقيق ‪ ،‬فحأحببت أن اشححبع الكلم‬
‫شححارحان الفاضححلن ‪ ،‬و‬ ‫في المقام ‪ ،‬لكونه حقيقا بذلك مححع الشحارة إلححى بعححض مححا قححاله ال ّ‬
‫سححلم ثحّم نتبعهححا‬
‫ينبغي أن نورد أّول جملة مححن الّروايححات الموافقححة معنححى لكلمححه عليححه ال ّ‬
‫بالمقصود ‪.‬‬

‫ل الّتوفيق قال تعالى ‪:‬‬


‫فأقول ‪ :‬و با ّ‬

‫سححرين فححي تفسححير العححراف‬


‫ل ِبسححيماُهْم « و للمف ّ‬
‫ن ُك ّ‬
‫ل َيْعِرُفححو َ‬
‫ف ِرجححا ٌ‬
‫عححرا ِ‬
‫لْ‬‫عَلححى ا ْ‬
‫» َو َ‬
‫قولن ‪:‬‬

‫صراط فيكححون مححأخوذا مححن‬‫أحدهما أّنها سوربين الجّنة و الّنار أو شرفها و أعاليها ‪ ،‬أو ال ّ‬
‫ل علحى‬ ‫ن علحى معرفحة أهحل الجّنحة و الّنحار رجحال و الخبحار تحد ّ‬‫عرف الّديك و ثانيهمحا أ ّ‬
‫الّتفسيرين ‪ ،‬و رّبمححا يظهححر مححن بعضححها أّنححه جمححع عريححف كشححريف و أشححراف ‪ ،‬فيكححون‬
‫مرادفا للعرفاء ‪ ،‬فل بّد على هذا التفسير من الّتقدير أى على طريححق العححراف رجححال أو‬
‫لمة المجلسى ‪:‬‬‫على التجريد ‪ ،‬هكذا قال الع ّ‬

‫و هو اّنما يستقيم إذا جعلنا العراف مأخوذا من المعرفححة ‪ ،‬و أّمححا إذا كححان جمعححا لعريححف‬
‫ن على طريق عرفاء أهل الجنححة‬ ‫صل المعنى أ ّ‬
‫فهذا التقدير ل يرفع الشكال ‪ ،‬إذ يكون مح ّ‬
‫ن هذه الّرجال نفححس العححراف و العرفحاء ‪ ،‬فكيحف يكونححون علحى‬ ‫و الّنار رجال و الحال أ ّ‬
‫لزم حينئذ جعححل العححراف‬ ‫طريق العرفاء ‪ ،‬و التجريد أيضا غير مستقيم كما ل يخفى فال ّ‬
‫سور ‪ ،‬أو المواضع العالية و نحوها ‪ ،‬أو بمعنى المعرفة ‪ ،‬و علححى ذلححك‬‫في الية بمعنى ال ّ‬
‫فل ينافي وصف الّرجال بكونهم أعرافا أيضا كما في الخبار المتقّدمة و التية ‪ ،‬لكححونهم‬
‫ل ‪ ،‬أو لّنهحم سحبيل معرفححة‬
‫ل منهم عريف أو لكونهم عحارفين بحا ّ‬
‫نك ّ‬‫عرفاء العباد أعنى أ ّ‬
‫ل و نحو ذلك‬‫ا ّ‬

‫] ‪[ 194‬‬

‫ن العحراف إن كحان‬ ‫صافي ‪ :‬و الوجه فحي إطلق لفحظ العححراف علحى الئمحة أ ّ‬ ‫قال في ال ّ‬
‫لح و‬‫اشتقاقها من المعرفة فالنبياء و الوصياء هم العارفون و المعروفون و المعّرفححون ا ّ‬
‫الّناس للّناس في هذه النشأة ‪ ،‬و إن كحان محن العحرف بمعنحى المكحان العحالي المرتفحع فهحم‬
‫اّلذين من فرط معرفتهم و شّدة بصيرتهم كأّنهم في مكان عال مرتفع ينظححرون إلححى سححاير‬
‫سعداء عن الشقياء على معرفة منهم بهححم و‬ ‫الّناس في درجاتهم و دركاتهم ‪ ،‬و يميزون ال ّ‬
‫هم بعد في هذه النشأة إذا ظهر لك ذلك فلنورد بعض ما ورد من الخبار المناسححبة للمقححام‬
‫فأقول ‪ :‬روى في البحار من بصاير الّدرجات و منتخب البصاير معنعنا عن مقرن قححال ‪:‬‬
‫سححلم‬‫سلم يقول ‪ :‬جححاء ابححن الكححوا إلححى أميححر المححؤمنين عليححه ال ّ‬ ‫ل عليه ال ّ‬
‫سمعت أبا عبد ا ّ‬
‫سححلم‬ ‫ل بسيماهم ‪ ،‬فقال عليه ال ّ‬ ‫فقال ‪ :‬يا أمير المؤمنين و على العراف رجال يعرفون ك ّ‬
‫ل عّز و ج ح ّ‬
‫ل‬ ‫نحن العراف نعرف أنصارنا بسيماهم ‪ ،‬و نحن العراف اّلذين ل يعرف ا ّ‬
‫ل يحوم القيامحة علحى‬ ‫ل عحّز و جح ّ‬‫ل بسبيل معرفتنا ‪ ،‬و نحن العراف يعرفنا » يوقفنا « ا ّ‬ ‫إّ‬
‫ل محن أنكرنححا‬ ‫ل من عرفنا و نحن عرفناه ‪ ،‬و ل يدخل الّنحار إ ّ‬ ‫صراط ‪ ،‬فل يدخل الجّنة إ ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ل لو شاء لعرف العباد نفسه ‪ ،‬و لكن جعلنا أبوابه و صححراطه و سححبيله و‬ ‫نا ّ‬‫و أنكرناه ‪ ،‬إ ّ‬
‫صححراط‬ ‫ضل علينححا غيرنححا فححاّنهم عححن ال ّ‬ ‫الوجه الذي يؤتى منه ‪ ،‬فمن عدل عن وليتنا أو ف ّ‬
‫لناكبون ‪ ،‬و ل سواء من اعتصم الّناس بححه ‪ ،‬و ل سححواء مححن ذهححب حيححث ذهححب الّنححاس ‪،‬‬
‫ذهب الناس إلى عيون كدرة ‪ 1‬يفرغ بعضها في بعض ‪ ،‬و ذهب من ذهب إلينا إلى عيون‬
‫صافية تجرى بامور لنفاد لها و ل انقطاع و فيه من البصحاير و منتخححب البصحاير أيضححا‬
‫ل لسححمعت رسححول‬ ‫مرفوعا إلى الصبغ بن نباتة عن سلمان الفارسي ) ره ( قال ‪ :‬اقسم با ّ‬
‫سلم ‪:‬‬ ‫ي عليه ال ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم و هو يقول لعل ّ‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫ا ّ‬

‫ل بسححبيل‬
‫لح إ ّ‬‫ي إنك و الوصحياء محن بعحدي أو قحال محن بعححدك أعححراف ل يعحرف ا ّ‬ ‫يا عل ّ‬
‫ل مححن‬
‫ل من عرفكححم و عرفتمححوه ‪ ،‬و ل يححدخل الّنححار إ ّ‬
‫معرفتكم و أعراف ل يدخل الجّنة إ ّ‬
‫أنكركم‬

‫‪-----------‬‬
‫‪ ( 1‬تت تت تتت تتتت تتت ت تتت تتتت ت‬ ‫)‬
‫تتتت تتتت ت تت تت تت تت ت تتت تت ت ت تت ت‬
‫تتتتت تت تت تتت تتتت تتتت تتت تتتتت تتتت‬
‫تتتت ت ت تت ت تتت ت ت ت تت تتتت ت ت تت تت ت‬
‫تتتت تت تتتت ‪.‬‬

‫] ‪[ 195‬‬

‫و أنكرتموه ‪.‬‬

‫و فيه من الكتابين المذكورين عن المنبه عن الحسين بن علوان عن سعد بن طريححف عححن‬


‫سلم قال ‪ :‬سألته عن هذه اليححة » و علححى العححراف رجححال يعرفححون ك ّ‬
‫ل‬ ‫أبيجعفر عليه ال ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم ل يححدخل الجّنححة‬ ‫سلم ‪ :‬يا سعد آل محّمد صّلى ا ّ‬ ‫بسيماهم « قال عليه ال ّ‬
‫ل من أنكرهم و أنكروه ‪ ،‬و أعراف ل يعرف‬ ‫ل من عرفهم و عرفوه ‪ ،‬و ل يدخل الّنار إ ّ‬ ‫إّ‬
‫ل بن عامر و ابن عيسى عن الجمححال‬ ‫ل بسبيل معرفتهم و فيه من البصاير عن عبد ا ّ‬ ‫لإ ّ‬‫ا ّ‬
‫ل عليه و آله و س حّلم لعل حيّ عليححه‬
‫ل صّلى ا ّ‬‫عن رجل عن نصر العطار قال ‪ :‬قال رسول ا ّ‬
‫ل بسححبيل‬‫لح إ ّ‬
‫ق ‪ :‬إّنك و الوصياء عرفححاء ل يعححرف ا ّ‬ ‫نح ّ‬ ‫ي ثلث اقسم أّنه ّ‬ ‫سلم ‪ :‬يا عل ّ‬‫ال ّ‬
‫ل من عرفكم و عرفتموه ‪،‬‬ ‫معرفتكم ‪ ،‬و عرفاء ل يدخل الجّنة إ ّ‬

‫صافي مححن المجمححع و الجوامححع‬ ‫ل من أنكركم و أنكرتموه و في ال ّ‬ ‫و عرفاء ل يدخل الّنار إ ّ‬


‫سلم نحن نوقف يوم القيامة بين الجّنة و الّنححار ‪ ،‬فمححن ينصححرنا‬ ‫عن أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫عرفناه بسيماه فأدخلناه الجّنة ‪ ،‬و من أبغضنا عرفناه بسيماه فأدخلنححاه الّنححار و مححن تفسححير‬
‫ل أّمححة يحاسححبها إمححام زمانهححا و يعححرف‬ ‫سلم ك ّ‬
‫صادق عليه ال ّ‬ ‫ي بن إبراهيم القّمي عن ال ّ‬ ‫عل ّ‬
‫الئّمة أوليائهم و أعدائهم بسيماهم ‪ ،‬و هو قحوله » و علحى العحراف رجحال يعرفحون ك ّ‬
‫ل‬
‫بسيماهم « فيعطوا أوليائهم كتابهم بيمينهم فيمّروا إلى الجّنة بل حساب و يعطححوا اعححدائهم‬
‫كتابهم بشمالهم فيمّروا على الّنار بل حساب هذا ‪ ،‬و الخبار في هذا المعنى كثيرة و فيما‬
‫سلم ‪ :‬ل يدخل الجّنححة إ ّ‬
‫ل‬ ‫أوردناه كفاية إذا عرفت هذا فلنعد إلى تحقيق معنى قوله عليه ال ّ‬
‫ل محن أنكرهحم و أنكحروه فحأقول ‪ :‬أمحا القضحية‬ ‫من عرفهم و عرفحوه ‪ ،‬و ل يحدخل الّنحار إ ّ‬
‫الولى فالمراد بها معرفة الّناس بالولية و المامة ‪،‬‬

‫و معرفتهم للّناس بالّتشيع و المحّبححة ‪ ،‬ل المعرفححة بأعيححانهم فقححط ‪ ،‬و إّنمححا ل يححدخل الجّنححة‬
‫ق المعرفححة و العتقححاد بامححامتهم‬ ‫ن الذعان بالولية أعني معرفة الئمة ح ّ‬ ‫غير هؤلء ‪ ،‬ل ّ‬
‫و بأّنهم مفترض الطاعة هو الّركن العظم من اليمان ‪ ،‬و شرط قبولّية ساير العمححال و‬
‫العبادات ‪ ،‬و بدونه ل ينتفع بشيء منها كما مّر تحقيق ذلك و تفصيله‬

‫] ‪[ 196‬‬

‫و دللنا عليه في الّتذنيب الّثالث من شرح الفصل الّرابع من الخطبة الولى ‪.‬‬
‫ل عليه أيضا الخبار المتظافرة بل القريبة من الّتواتر لو لم تكن متححواترة الّدالححة إلححى‬
‫و يد ّ‬
‫ن من مات و لم يعرف إمامه مات ميتة الجاهلّية ‪.‬‬‫أّ‬

‫لح‬
‫و من جملة تلك الخبار ما في البحار من كنز الكراجكى مسندا عن الحسن ابححن عبححد ا ّ‬
‫سححلم‬
‫ي بن موسى الّرضا عن آبائه عححن أميححر المححؤمنين عليهححم ال ّ‬‫الّرازي عن أبيه عن عل ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم من مات و ليس له إمام مححن ولححدى مححات‬ ‫ل صّلى ا ّ‬
‫قال ‪ :‬قال رسول ا ّ‬
‫ميتة جاهلّية يؤخذ بما عمل في الجاهلّية و السلم ‪.‬‬

‫ل عليححه و آلححه‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫ن رسول ا ّ‬
‫ل بن عمر بن الخطاب أ ّ‬
‫و من طريق العاّمة عن عبد ا ّ‬
‫و قال ‪:‬‬

‫من مات و ليس في عنقه بيعة لمام أو ليس في عنقه عهد لمام مات ميتة جاهلّيححة و مححن‬
‫سلم للمأمون من شرايع الّدين ‪ :‬من مححات ل‬ ‫عيون أخبار الّرضا فيما كتب الّرضا عليه ال ّ‬
‫ل من عرفهم و‬ ‫سلم ‪ :‬إ ّ‬‫يعرف أئّمته مات ميتة جاهلّية ثّم المراد بالمعرفة في قوله عليه ال ّ‬
‫عرفوه ‪ ،‬هو المعرفة في الّدنيا و في الخرة ‪ ،‬أّما معرفححة الّنححاس بالئمححة فححي هححذه النشححأة‬
‫ى نححاطق يجححب‬ ‫ل زمان إماما و يعرفوا إمام زمانهم بخصوصه و هو ح ّ‬ ‫ن لك ّ‬
‫فبأن يعرفوا أ ّ‬
‫ل اّمححة تححدعى مححع‬‫ن كح ّ‬
‫طاعته فيما يأمر و ينهى و أّما معرفتهم بهم فححي النشححأة الخححرة فححا ّ‬
‫امامه قال تعالى ‪:‬‬

‫ظَلُمححو َ‬
‫ن‬ ‫ن ِكتححاَبُهْم َو ل ُي ْ‬
‫ك َيْق حَرُؤ َ‬
‫ى ِكتاَبُه ِبَيميِنِه َفُالِئ َ‬
‫ن ُأوِت َ‬
‫س ِبإماِمِهْم َفَم ْ‬
‫ل أنا ِ‬
‫عوا ُك ّ‬
‫» َيْوَم َنْد ُ‬
‫ل«‪.‬‬ ‫َفتي ً‬

‫سححلم‬ ‫ي بن إبراهيم بسنده عن الفضل عحن أبيجعفححر عليححه ال ّ‬ ‫روى في البحار من تفسير عل ّ‬
‫سححلم‬ ‫ي عليححه ال ّ‬
‫ل عليه و آله في قرنه ‪ ،‬و عل ّ‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫في هذه الية قال ‪ :‬يجيء رسول ا ّ‬
‫ي قححوم‬‫ل مححن مححات بيححن ظهرانح ّ‬ ‫في قرنه ‪ ،‬و الحسن في قرنه ‪ ،‬و الحسين في قرنه ‪ ،‬و كح ّ‬
‫ي ابن إبراهيم في هذه الية ذلك يوم القيامة ينادى مناد ليقم أبو بكححر‬ ‫جاؤا معه ‪ ،‬و قال عل ّ‬
‫سلم و شيعته ‪ ،‬و قد محّر‬ ‫ي عليه ال ّ‬‫و شيعته ‪ ،‬و عمر و شيعته ‪ ،‬و عثمان و شيعته ‪ ،‬و عل ّ‬
‫شريف الّنبوي في ورود‬ ‫سادسة و الّثمانين الحديث ال ّ‬‫في شرح الفصل الثالث من الخطبة ال ّ‬
‫الّمة على الّنب ّ‬
‫ي‬

‫] ‪[ 197‬‬

‫ن الّراية الخامسة مححع أميححر المححؤمنين عليححه السّححلم و‬


‫يوم القيامة على خمس رايات ‪ ،‬و أ ّ‬
‫معه شيعته ‪ ،‬فليتذّكر ‪.‬‬

‫ي بححن‬
‫شيخ بسنده عححن كححثير بححن طححارق قححال سححألت زيححد بححن علح ّ‬
‫و في البحار من أمالي ال ّ‬
‫ل تعالى ‪:‬‬
‫سلم عن قول ا ّ‬ ‫الحسين عليهم ال ّ‬
‫عوا ُثُبورًا َكثيرًا « ‪.‬‬
‫حدًا َو اْد ُ‬
‫عوا اْلَيْوَم ُثُبورًا وا ِ‬
‫» ل َتْد ُ‬

‫ل إمححام‬‫ن كح ّ‬‫فقال ‪ :‬يا كثير إّنك رجل صالح و لست بمّتهم و إّنححي أخححاف عليححك أن تهلححك أ ّ‬
‫جائر فان أتباعهم إذا أمر بهم إلى الّنار نادوا باسمه فقالوا يا فلن يا من أهلكناهم » كذا «‬
‫الن فخلصنا مّما نحن فيه ‪ ،‬ثّم يدعون بالويل و الّثبور فعندها يقال لهم » ل تححدعوا اليححوم‬
‫ي بحن‬ ‫لح ‪ :‬ححّدثني أبحي علح ّ‬ ‫ي رحمحه ا ّ‬ ‫ثبورا واحدا و ادعوا ثبورا كثيرا « قال زيد بن علح ّ‬
‫ل عليححه و آلححه‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫سلم قال ‪ :‬قال رسول ا ّ‬ ‫ي عليهما ال ّ‬‫الحسين عن أبيه حسين بن عل ّ‬
‫ي في الجّنة‬ ‫ي أنت و أصحابك في الجّنة أنت و أتباعك يا عل ّ‬ ‫سلم يا عل ّ‬‫ي عليه ال ّ‬
‫و سّلم لعل ّ‬
‫سلم معرفتهم بالولية و المامححة‬ ‫ن المراد بمعرفة الئمة عليهم ال ّ‬ ‫‪ ،‬هذا و بما ذكرناه من أ ّ‬
‫ن هذه المعرفة مخصوصة بالفرقة المحّقححة المامّيححة ل‬ ‫ل المعرفة بأعيانهم فقط ظهر لك أ ّ‬
‫توجد في غيرهم ‪.‬‬

‫شارح المعتزلي من أصحابه المعتزلة من أّنهم قائلون بصحة هذه القضححّية ‪ ،‬و‬ ‫فما حكاه ال ّ‬
‫لح‬
‫ل من عرف الئمة أل ترى أّنهحم يقولحون الئمحة بعحد رسحول ا ّ‬ ‫هى أّنه ل يدخل الجّنة إ ّ‬
‫ن انسححانا ل يقححول‬
‫ل عليه و آله و سّلم فلن و فلن و يعّدوهم واحدا واحدا ‪ ،‬فلححو أ ّ‬ ‫صّلى ا ّ‬
‫بذلك لكان عندهم فاسقا و الفاسق عندهم ل يدخل الجّنة أبدا أعنى مححن مححات علححى فسححقه ‪،‬‬
‫ل مححن عرفهححم قضحّية‬ ‫سححلم ‪ :‬ل يححدخل الجّنححة إ ّ‬
‫ن هذه القضّية و هى قوله عليه ال ّ‬‫فقد ثبت أ ّ‬
‫صحيحة على مذهب المعتزلة انتهى فيه ما ل يخفى إذ مجّرد معرفتهم و تعححدادهم واحححدا‬
‫لزم معرفتهححم‬ ‫واحدا ل يكفى في دخول الجّنة و ل يحترّتب عليهحا ثمححرة أصححل ‪ ،‬و إّنمحا ال ّ‬
‫ل ح عليححه و آلححه و س حّلم بل فصححل ‪ ،‬و أ ّ‬
‫ن‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫بوصف المامة و الخلفة من رسول ا ّ‬
‫العصر ل يخلو من إمام إّما ظاهر مشهور أو‬

‫] ‪[ 198‬‬

‫ي حاضر موجود و إن كان غايبا عن أعيننا ‪،‬‬


‫ن امام زماننا الن ح ّ‬
‫غائب مستور و إ ّ‬

‫ل عليححه و علححى آبححائه‬‫لقتضاء الحكمة و هو الّثاني عشر من الئمة و مهدي الّمة سلم ا ّ‬
‫الطاهرين ‪ ،‬و هو ينافي القول بخلفة الّول و الّثاني و الّثالث كما هو مذهب المعتزلححة و‬
‫سلم الن كما عليه بنائهم استبعادا‬ ‫ساير العاّمة ‪ ،‬و ينافي إنكار وجود امام الّزمان عليه ال ّ‬
‫لغيبته بطول المّدة و الّزمان ‪ ،‬هذا تمام الكلم فححي معرفححة الّنححاس بالئمححة و أّمححا معرفتهححم‬
‫ن المححراد بهححا أيضححا معرفتهححم لهححم بالّتشحّيع و المحّبححة ‪ ،‬ل‬
‫سلم بالّناس فقححد قلنححا إ ّ‬
‫عليهم ال ّ‬
‫ل فهحم يعرفحون المنحافقين و الكّفحار كمححا يعرفحون‬ ‫المعرفة بححذواتهم و أشخاصححهم فقححط و إ ّ‬
‫شيعتهم و المؤمنين البرار فان قلت ‪ :‬نحن نرى كثيرا من شححيعتهم و محّبيهححم ل تعرفهححم‬
‫الئّمة و ل يرون أشخاصهم ‪.‬‬
‫شارح البحراني في هذا المقام ‪ ،‬و أجاب عنه بقوله ‪:‬‬ ‫قلت ‪ :‬هذا اعتراض سخيف أورده ال ّ‬
‫شخصحّية العينّيحة ‪ ،‬بحل‬
‫ل يشترط في معرفتهم لمحّبيهحم و معرفحة محّبيهححم لهحم المعرفحة ال ّ‬
‫ق امامتهم و اهتدى بما‬ ‫ل من اعتقد ح ّ‬ ‫نكّ‬ ‫شرط المعرفة على وجه كّلي و هو أن يعلموا أ ّ‬ ‫ال ّ‬
‫لهم‬‫ى لهم و مقيم لهذا الّركن من الّدين فيكونون عارفين بمن يتححو ّ‬ ‫انتشر من هديهم فهو ول ّ‬
‫لهم عارفا بهم لمعرفته بحّقية وليتهم و اعتقاد ما يقولون‬ ‫على هذا الوجه و يكون من يتو ّ‬
‫شخصّية انتهى ‪.‬‬ ‫و إن لم يشترط المشاهدة و المعرفة ال ّ‬

‫و ل يكاد ينقضى عجبي من هذا الفاضل كيف ضعف اعتقاده بأئّمة الّدين و شهداء الّنححاس‬
‫شححيعة و ل يستحسححنها لنفسححهم لححو عرضححت‬ ‫أجمعين ‪ ،‬و هذه العقيدة ل يرتضيها عححوام ال ّ‬
‫شخصّية مححع القححول بكححونهم‬ ‫عليهم ‪ ،‬فكيف بالخواص و كيف يجتمع القول بعدم المعرفة ال ّ‬
‫سلم شهداء العباد يوم المعاد علححى مححا دّلححت عليححه الخبححار الكححثيرة المتقّدمححة فححي‬ ‫عليهم ال ّ‬
‫ل إّنهححم عليهححم‬
‫شهادة فرع المعرفة الّتفصيلّية بلى و ا ّ‬ ‫سبعين و ال ّ‬
‫شرح الخطبة الحادية و ال ّ‬
‫سححلم ليعرفححون شححيعتهم و محّبيهححم و المححؤمنين بهححم تفصححيل بأشخاصححهم و ذواتهححم و‬ ‫ال ّ‬
‫أعيانهم ‪ ،‬و يعرفون حالتهم و درجاتهم و التفاوت في مقاماتهم و درجاتهم‬

‫] ‪[ 199‬‬

‫بحسححب تفححاوتهم فححي اليمححان و المحّبححة ش حّدة و ضححعفا و نقصححا و كمححال كمححا يعرفححونهم‬
‫ل ذلك قد قامت عليه الدّلة المعتبرة ‪.‬‬ ‫بأسمائهم و أسماء آبائهم و عشايرهم و أنسابهم ك ّ‬

‫و دّلت عليه الخبار القريبة من التواتر بل هححى متححواترة منهححا مححا فححي البحححار مححن كتححاب‬
‫بصائر الّدرجات للصفار عن أحمد بن محّمد عن ابن محبوب عححن صححالح بححن سححهل عححن‬
‫سححلم و هححو مححع أصحححابه‬ ‫ن رجل جاء إلى أمير المؤمنين عليححه ال ّ‬ ‫سلم أ ّ‬ ‫ل عليه ال ّ‬‫أبيعبد ا ّ‬
‫سلم ‪ :‬ما أنت كمححا‬ ‫لك ‪ ،‬فقال له أمير المؤمنين عليه ال ّ‬ ‫ل أحّبك و أتو ّ‬‫فسّلم ثّم قال ‪ :‬أنا و ا ّ‬
‫لحح‬
‫ب لنا فو ا ّ‬‫ل خلق الرواح قبل البدان بألفي عام ‪ ،‬ثّم عرض علينا المح ّ‬ ‫نا ّ‬ ‫قلت ويلك إ ّ‬
‫ما رأيت روحك فيمن عرض علينا فأين كنت ؟ فسكت الّرجل عنححد ذلححك و لححم يراجعححه و‬
‫عن محّمد بن حّماد الكوفي عن أبيه عن نصر بن مزاحم عن عمرو بحن شحمر عحن جحابر‬
‫ل أخذ ميثححاق شححيعتنا مححن صححلب آدم فنعححرف بححذلك‬ ‫نا ّ‬ ‫سلم قال ‪ :‬إ ّ‬‫عن أبي جعفر عليه ال ّ‬
‫ب و إن أظهر خلف ذلك بلسانه ‪ ،‬و نعرف بغححض المبغححض و إن أظهححر حّبنححا‬ ‫حبّ المح ّ‬
‫أهل البيت و عن أحمد بن محّمد و محّمد بن الحسين معا عن ابن محبوب عحن ابحن رئاب‬
‫ل أخذ ميثاق شيعتنا بالوليححة لنححا و‬ ‫نا ّ‬
‫سلم يقول ‪ :‬إ ّ‬ ‫عن بكير قال ‪ :‬كان أبو جعفر عليه ال ّ‬
‫لح عليححه و آلححه‬
‫هم ذّر يوم أخذ الميثاق على الّذر بالقرار لححه بالّربوبّيححة و لمحّمححد صحّلى ا ّ‬
‫طين و هم أظّلة ‪ ،‬و‬ ‫ل عليه و آله و سّلم اّمته في ال ّ‬ ‫ل على محّمد صّلى ا ّ‬ ‫بالنبّوة و عرض ا ّ‬
‫ل أرواح شيعتنا قبل أبدانهم بألفى عححام ‪ ،‬و‬ ‫طينة اّلتي خلق منها آدم ‪ ،‬و خلق ا ّ‬ ‫خلقهم من ال ّ‬
‫ل عليه و آله و عّرفهم علّيا و نحن نعرفهم في‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫عرضهم عليه و عّرفهم رسول ا ّ‬
‫لحن ‪ 1‬القول و عن ابن يزيد عن ابن فضال عن ظريف بححن ناصححح و غيححره عّمححن رواه‬
‫ن لححي ابححن أخ و هححو يعححرف‬
‫سححلم ‪ :‬إ ّ‬
‫لح عليححه ال ّ‬
‫عن حبابة الوالبية قالت ‪ :‬قلت لبي عبد ا ّ‬
‫فضلكم و إني اح ّ‬
‫ب‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬تت تتت تت ت ت تتت تت تتت ‪ :‬تتتتتتت ت‬
‫تت ت ت ت تت ت تتت تت ت ت تت‬
‫تت تتتتت ت تتتتتت‬
‫تتتتتتتت تتت تتتتت تتتتتت ت تت تتتت تت ت‬
‫تت ت تتتت ت ت تتتت ت ت ت تت ت تت ت تتتتت ت‬
‫تتتت تتتت تتتت تتتتتتت تت تتتتتت ت تتتت‬

‫] ‪[ 200‬‬

‫أن تعّلمنى أ من شيعتكم ؟ فقال ‪ :‬و ما اسمه ؟ قححالت ‪ :‬قلححت ‪ :‬فلن بححن فلن ‪ ،‬فقححال عليححه‬
‫سلم يا فلنة هات الناموس فجائت بصحيفة تحملها كبيرة فنشرها ثّم نظححر فيهححا فقححال ‪:‬‬ ‫ال ّ‬
‫سححلم‬‫لح عليححه ال ّ‬‫هو ذا اسمه و اسم أبيه ههنا و بسنده أيضا عن أبي بصير عن أبي عبححد ا ّ‬
‫سححلم و‬ ‫ن حبابة الوالبية كانت إذا وفد الناس إلى معاوية وفدت هي إلححى الحسححين عليححه ال ّ‬ ‫إّ‬
‫كانت امرأة شديدة الجتهاد قد يبس جلدها على بطنها من العبححادة و أّنهححا خرجححت م حّرة و‬
‫سلم فقالت له ‪ :‬جعلححت فححداك‬ ‫معها ابن عّم لها و هو غلم فدخلت به على الحسين عليه ال ّ‬
‫فانظر هل تجد ابن عّمي هذا فيما عندكم و هل تجده ناجيا ؟ قال ‪ :‬فقال ‪ :‬نعم نجححده عنححدنا‬
‫و نجده ناجيا و بسنده عن أبي محّمد البّزاز قال ‪ :‬حّدثنى حذيفة بن أسيد الغفحاري » رض‬
‫ي بن الحسححين بححن عل ح ّ‬
‫ي‬ ‫ل عليه و آله و سّلم قال ‪ :‬دخلت على عل ّ‬ ‫ي صّلى ا ّ‬
‫« صاحب النب ّ‬
‫سلم فرأيته يحمل شيئا قلت ‪ :‬ما هححذا ؟ قححال ‪ :‬هححذا ديححوان شححيعتنا ‪ ،‬قلححت ‪ :‬أرنححى‬ ‫عليهم ال ّ‬
‫ن ابن أخى يقرء ‪ ،‬فدعى بكتاب فنظر فيه فقال‬ ‫أنظر فيها اسمى ‪ ،‬فقلت إّني لست أقرء و ا ّ‬
‫ب الكعبة ‪ ،‬قلت ‪ :‬ويلك أين اسمى ؟ فنظححر فوجححد اسححمي بعححد اسححمه‬ ‫ابن اخى ‪ :‬اسمى و ر ّ‬
‫ي بن الحكم عن ابححن عميححرة عححن الحضححرمي‬ ‫بثمانية أسماء و عن أحمد بن محّمد عن عل ّ‬
‫سححلم‬ ‫ي بن الحسين عليهمححا ال ّ‬ ‫عن رجل من بني حنيفة قال ‪ :‬كنت مع عّمي فدخل على عل ّ‬
‫صحف جعلت فححداك ؟ قححال ‪:‬‬ ‫ى شيء هذه ال ّ‬ ‫فرأى بين يديه صحايف ينظر فيها فقال له ‪ :‬أ ّ‬
‫هذا ديوان شيعتنا قال ‪ :‬أفتأذن أطلب اسمى فيها ؟ قال ‪ :‬نعم ‪ ،‬فقال ‪ :‬و اّني لسححت أقححرء و‬
‫ابن اخى معى على الباب فتأذن له يدخل حّتى يقرء ؟ قال ‪ :‬نعححم فححأدخلني عّمححي فنظححرت‬
‫ب الكعبة ؟ قال ‪:‬‬ ‫في الكتاب فأّول شيء هجمت عليه اسمى فقلت ‪ :‬اسمى و ر ّ‬

‫ي بححن‬
‫ويحك فأين أنا ؟ فجححزت بخمسححة أسححماء أو سحّتة ثحّم وجححدت اسححم عّمححي ‪ ،‬فقححال علح ّ‬
‫نا ّ‬
‫ل‬ ‫ل ميثاقهم معنا على وليتنا ل يزيدون و ل ينقصون إ ّ‬ ‫سلم ‪ :‬أخذ ا ّ‬ ‫الحسين عليهما ال ّ‬
‫خلقنا من أعلححى عّلييححن و خلححق شححيعتنا مححن طينتنححا أسححفل مححن ذلححك ‪ ،‬و خلححق عححدّونا مححن‬
‫جين ‪،‬‬‫سّ‬
‫لح بححن محّمححد عّمححن رواه عححن محّمححد بححن‬
‫و خلق أوليائهم منهم من أسفل ذلك و عن عبد ا ّ‬
‫سرى‬‫ي بن ال ّ‬
‫الحسن عن عّمه عل ّ‬

‫] ‪[ 201‬‬

‫شححيخ‬
‫سلم فدخل عليه شيخ و معه ابنه فقال له ال ّ‬ ‫ل عليه ال ّ‬
‫الكرخي قال ‪ :‬كنت عند أبيعبد ا ّ‬
‫سححلم صحححيفة مثححل فخححذ البعيححر‬ ‫ل عليه ال ّ‬‫جعلت فداك أمن شيعتكم أنا ؟ فأخرج أبو عبد ا ّ‬
‫فناوله طرفها ثّم قال له ‪ :‬أدرج ‪ ،‬فأدرجه حّتى أوقفحه علحى ححروف محن ححروف المعجحم‬
‫شيخ ثّم قححال لححه ‪ :‬أدرج‬ ‫ل ‪ ،‬فرحم ال ّ‬‫فاذا اسم ابنه قبل اسمه ‪ ،‬فصاح البن فرحا اسمي و ا ّ‬
‫صمد بن بشير عن‬ ‫فأدرج فأوقفه أيضا على اسمه كذلك و عن محّمد بن عيسى عن عبد ال ّ‬
‫سابعة و انتهى إلححى سححدرة المنتهححى‬ ‫سماء ال ّ‬‫سلم قال ‪ :‬انتهى الّنبي إلى ال ّ‬‫أبي جعفر عليه ال ّ‬
‫سدرة ما جازني مخلوق قبلك ‪ ،‬ثحّم دنحى فتحدّلى فكحان قحاب قوسحين أو أدنحى‬ ‫قال ‪ :‬فقالت ال ّ‬
‫شححمال ‪ ،‬فأخححذ كتححاب‬ ‫فأوحى قال ‪ :‬فدفع إليححه كتححاب أصحححاب اليميححن و كتححاب أصحححاب ال ّ‬
‫أصحاب اليمين بيمينه و فتحه و نظر فيححه فحاذا فيححه أسحماء أهححل الجّنحة و أسحماء آبحائهم و‬
‫سححلم و فححي‬ ‫ي بححن أبيطححالب عليححه ال ّ‬‫قبائلهم ‪ ،‬ثّم نزل و معه الصحححيفتان فححدفعهما إلححى علح ّ‬
‫ل بن الفضل الهاشمي قال قال لي أبو عبد‬ ‫البحار من كتاب الختصاص معنعنا عن عبد ا ّ‬
‫ل تبارك و تعالى خلقنا من نور عظمته ‪،‬‬ ‫نا ّ‬‫ل بن الفضل إ ّ‬ ‫سلم ‪ :‬يا عبد ا ّ‬ ‫ل عليه ال ّ‬
‫ا ّ‬

‫لح‬
‫ن إليكححم و أنتححم تحّنححون إلينححا ‪ ،‬و ا ّ‬
‫و صنعنا برحمته و خلححق أرواحكححم مّنححا ‪ ،‬فنحححن نحح ّ‬
‫لوجهد أهل المشحرق و المغحرب أن يزيحدوا فحي شحيعتنا رجل أو ينقصحوا منهحم رجل محا‬
‫ل بن‬‫قدروا على ذلك ‪ ،‬و إّنهم لمكتوبون عندنا بأسمائهم و عشايرهم و أنسابهم ‪ ،‬يا عبد ا ّ‬
‫الفضل و لو شئت لريتك اسمك في صحيفتنا قال ‪ :‬ثّم دعححى الصحححيفة فنشححرها فوجححدتها‬
‫ل ما أرى فيها أثر الكتابة ‪ ،‬قال ‪:‬‬ ‫بيضاء ليس فيها أثر الكتابة فقلت ‪ :‬يا ابن رسول ا ّ‬

‫ل ح شححكرا ‪ ،‬هححذا و‬ ‫فمسح يده عليها فوجدتها مكتوبة فوجدت في أسفلها اسمى ‪ ،‬فسححجدت ا ّ‬
‫الخبار في هذا الغرض كثيرة و قد عقد في البحار بابا عليها و فيما روينححاه كفايححة إنشححاء‬
‫ل مححن‬‫سححلم ‪ :‬و ل يححدخل الّنححار إ ّ‬
‫ل و أّما القضححية الثانيححة أعنححى قححوله عليححه ال ّ‬
‫ل عّز و ج ّ‬
‫ا ّ‬
‫أنكرهححم و أنكححروه ‪ ،‬فهححى لتضحّمنها أداة الحصححر منحّلححة إلححى قضحّيتين كالقضحّية الولححى‬
‫إحديهما ايجابّية و الخرى سلبّية‬

‫] ‪[ 202‬‬

‫ن المنكر لهم و من أنكروه في الّنار ‪ ،‬و هذه قضحّية صحححيحة ل غبححار‬ ‫أّما اليجابّية فهى أ ّ‬
‫ن محن محات و لحم يعحرف إمحام زمحانه محات ميتحه الجاهلّيحة ‪ ،‬و ميتحة‬ ‫عليها لما قّدمنا من أ ّ‬
‫الجاهلّية مستلزمة لدخول النار ‪ ،‬و قد مّر في التذييل الثالث من شرح الفصحل الّرابحع محن‬
‫سلم عححن أبيححه قححال ‪ :‬نححزل جبرئيححل علححى‬
‫الخطبة الولى رواية جعفر بن محّمد عليهما ال ّ‬
‫لح يقححرؤك السححلم و يقححول ‪ :‬خلقححت‬ ‫ل عليه و آله و سّلم و قححال ‪ :‬يححا محّمححد ا ّ‬ ‫ي صّلى ا ّ‬ ‫النب ّ‬
‫ن ‪ ،‬و مححا خلقححت موضححعا‬
‫ن و خلقت الرضين السبع و من عليه ّ‬ ‫السماوات السبع و ما فيه ّ‬
‫ن عبدا دعاني منذ خلقت السماوات و الرض ثّم لقينححى‬ ‫أعظم من الركن و المقام ‪ ،‬و لو أ ّ‬
‫سلم لكببته في سقر ‪ ،‬و قد مّر هناك روايات أخر بهذا المعنى‬ ‫ي عليه ال ّ‬
‫جاحدا لولية عل ّ‬
‫ن محن ل ينكرهحم و ل ينكرونحه فهحو ل يحدخل النحار ‪ ،‬و هحى‬ ‫فتذّكر و أّمحا السحلبّية فهحى أ ّ‬
‫بظاهرها مستلزمة لعدم دخول أحد من غير المنكريححن فححي النححار و إن كححان مححن مرتكححبي‬
‫الكبائر ‪.‬‬

‫و قد أخذ الشارح البحراني بظاهرها حيث قال ‪ :‬ل يجوز أن يكون مححن أنكرهححم فححأنكروه‬
‫لهم و يعترف بصدق إمامتهم أنححه‬ ‫ل لصدق على بعض من يتو ّ‬ ‫س ممن يدخل الّنار و إ ّ‬‫أخ ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم يحشر المرء مع مححن‬ ‫يدخل النار لكن ذلك باطل لقول الرسول صّلى ا ّ‬
‫ن محّبة النسححان لغيححره‬
‫ل الخبر على أ ّ‬
‫ب رجل حجرا لحشر معه ‪ ،‬د ّ‬ ‫ب ‪ ،‬و لقوله لو أح ّ‬
‫أح ّ‬
‫سلم إلى الجّنة يحشرون فكذلك من أحّبهم و‬ ‫مستلزم لحشره معه ‪ ،‬و قد ثبت أنهم عليهم ال ّ‬
‫يعترف بحقّية إمامتهم ‪ ،‬و دخول الجّنة و دخول النار مّما ل يجتمعان ‪ ،‬فثبت أّنه ل واححد‬
‫مّمن يحّبهم و يعترف بحّقهم يدخل الّنار ‪ ،‬و قد ظهر إذا صدق هذه الكلّية و وجه الحصححر‬
‫ل عليها روايات كثيرة فوق حّد الحصاء ‪:‬‬ ‫فيها ‪ ،‬انتهى أقول ‪ :‬و يصدق هذه الكّلية و يد ّ‬

‫صدوق باسناده عن ابن عّباس قال ‪:‬‬


‫شيعة لل ّ‬
‫ففى البحار من كتاب فضايل ال ّ‬

‫سححلم يأكححل‬
‫ي بححن أبيطححالب عليححه ال ّ‬
‫ب علح ّ‬
‫ل عليه و آله و سحّلم ‪ :‬حح ّ‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫قال رسول ا ّ‬
‫السّيئات كما تأكل الّنار الحطب ‪.‬‬

‫طايفة باسناده‬
‫و من كنز جامع الفوايد و تأويل اليات قال ‪ :‬روى شيخ ال ّ‬

‫] ‪[ 203‬‬

‫سححلم ‪ ،‬الّرجححل مححن‬


‫شحححام قححال ‪ :‬قلححت لبححي الحسححن موسححى عليححه ال ّ‬
‫عن زيد بن يححونس ال ّ‬
‫سححلم ‪:‬‬
‫مواليكم عاص يشرب الخمر و يرتكب الموبق من الّذنب نتبّرء منه ؟ فقال عليه ال ّ‬
‫تبّرؤا من فعله و ل تبّرؤا من خيره و ابغضوا عمله ‪ ،‬فقلححت ‪ :‬يسححع لنححا أن نقححول ‪ :‬فاسححق‬
‫فاجر ؟‬

‫ل أن يكون ولّينا فاسقا فاجرا و‬ ‫فقال ‪ :‬ل الفاسق الفاجر الكافر الجاحد لنا و لوليائنا أبي ا ّ‬
‫إن عمل ما عمل ‪ ،‬و لكّنكم قولوا ‪ :‬فاسق العمل فححاجر العمححل مححؤمن الّنفححس خححبيث الفعححل‬
‫لح و رسححوله و نحححن عنححه‬‫لا ّ‬‫ل ل يخححرج ولّينححا مححن الحّدنيا إ ّ‬
‫طّيب الّروح و البدن ‪ ،‬ل و ا ّ‬
‫ضا وجهه ‪ ،‬مستورة عورته ‪،‬‬ ‫ل على ما فيه من الّذنوب مبي ّ‬ ‫راضون ‪ ،‬يحشر ا ّ‬
‫آمنة روعته ل خوف عليه و ل حزن ‪ ،‬و ذلك أّنه ل يخححرج مححن الحّدنيا حححتى يصححفى مححن‬
‫لح‬
‫الّذنوب إّما بمصيبة في مال أو نفس أو ولد أو مرض و أدنى ما يصنع بولّينا أن يريه ا ّ‬
‫رؤيا مهولة فيصبح حزينا لما رآه فيكون ذلك كّفارة له ‪ ،‬أو خوفا يرد عليه من أهل دولححة‬
‫ل طححاهرا مححن الحّذنوب آمنححة روعتححه‬‫ل عحّز و جح ّ‬
‫الباطل أو يشّدد عليه عند الموت فيلقى ا ّ‬
‫لح‬
‫ل عليهما ‪ ،‬ثّم يكحون أمحامه أححد المريحن إّمحا رحمحة ا ّ‬ ‫بمحّمد و أمير المؤمنين صّلى ا ّ‬
‫الواسعة اّلحتي هحي أوسحع محن أهحل الرض جميعحا ‪ ،‬أو شحفاعة محّمحد و أميحر المحؤمنين‬
‫ق بها و أهلهححا و لححه إحسححانها‬
‫ل الواسعة اّلتي كان أح ّ‬
‫سلم فعندها تصيبه رحمة ا ّ‬ ‫عليهما ال ّ‬
‫و فضلها ‪.‬‬

‫و من كتاب المحتضر للحسن بن سليمان من كتاب سّيد حسن بححن كبححش عححن ابححن عّبححاس‬
‫ن جبرئيل أخبرني عنححك بححأمر‬ ‫يإّ‬‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬يا عل ّ‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫قال ‪ :‬قال رسول ا ّ‬
‫ل ‪ :‬اقححرء محّمححدا مّنححي‬‫لح عحّز و جح ّ‬‫قّرت به عيني و فرح به قلبي ‪ ،‬قال ‪ :‬يا محّمححد قححال ا ّ‬
‫جة على أهل الّدنيا ‪ ،‬و أّنححه‬ ‫ن علّيا إمام الهدى ‪ ،‬و مصباح الّدجى ‪ ،‬و الح ّ‬ ‫سلم و أعلمه أ ّ‬‫ال ّ‬
‫صديق الكبر و الفاروق العظم ‪ ،‬و إّني آليت و عّزتي و جللي أن ل أدخل الّنار أحدا‬ ‫ال ّ‬
‫ن جهّنحم و أطباقهحا محن‬ ‫ق القحول مّنحي لمل ّ‬ ‫له و سحّلم لحه و للوصحياء محن بعحده ‪ ،‬حح ّ‬ ‫تحو ّ‬
‫ن الجّنة من أوليائه و شيعته و من كتاب اعلم ال حّدين لل حّديلمي مححن كتححاب‬ ‫أعدائه ‪ ،‬و لملئ ّ‬
‫لح و‬ ‫سلم قال ‪ :‬مححن أحّبنححا و لقححى ا ّ‬‫ل عليه ال ّ‬‫الحسين بن سعيد عن صفوان عن أبي عبد ا ّ‬
‫عليه مثل زبد البحر ذنوبا كان حّقا‬

‫] ‪[ 204‬‬

‫ل أن يغفر له ‪.‬‬
‫على ا ّ‬

‫صححلت الهححروى قححال ‪ :‬سححمعت الّرضححا‬ ‫و من كتاب المناقب لبن شاذان باسناده عن أبي ال ّ‬
‫لح‬
‫سححلم قححال ‪ :‬سححمعت رسححول ا ّ‬ ‫سلم يحّدث عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهححم ال ّ‬ ‫عليه ال ّ‬
‫جححتي علححى‬
‫ي بححن أبيطححالب ح ّ‬
‫ل يقول ‪ :‬عل ّ‬ ‫ل عّز و ج ّ‬‫ل عليه و آله يقول ‪ :‬سمعت ا ّ‬
‫صّلى ا ّ‬
‫خلقي و نوري في بلدي و أميني على علمي ل أدخل الّنار من عرفححه و إن عصححاني ‪ ،‬و‬
‫ل أدخل الجّنة من أنكره و إن أطاعني ‪.‬‬

‫و من كتاب بشارة المصطفى بسححنده عححن الحسححين بحن مصحعب قحال ‪ :‬سححمعت جعفحر بحن‬
‫ب محّبنا ل لغرض دنيا يصححيبها منححه ‪ ،‬و عححادى‬
‫سلم يقول ‪ :‬من أحّبنا و أح ّ‬ ‫محّمد عليه ال ّ‬
‫عدّونا ل لحنة كانت بينه و بينه ‪ ،‬ثّم جاء يوم القيامة و عليه من الّذنوب مثل رمل عالححج‬
‫ل تعالى له ‪.‬‬
‫و زبد البحر غفر ا ّ‬

‫سححلم‬
‫و من تفسير العياشي عن بريد بن معاوية العجلي في حديث عن أبي جعفححر عليححه ال ّ‬
‫ل لو أحّبنا حجر لحشر معنا ‪.‬‬
‫سلم ‪ :‬و ا ّ‬
‫قال ‪ :‬فقال أبو جعفر عليه ال ّ‬
‫لح صحّلى‬
‫سلم قال ‪ :‬قححال رسححول ا ّ‬
‫و من عيون الخبار باسناد الّتميمي عن الّرضا عليه ال ّ‬
‫ل آمنا يوم القيامة ‪.‬‬
‫ل عليه و آله و سّلم من أحّبنا أهل البيت حشره ا ّ‬
‫ا ّ‬

‫سححلم مححن أحّبححك‬


‫ي عليححه ال ّ‬
‫ل عليه و آله و سحّلم لعلح ّ‬
‫ي صّلى ا ّ‬
‫و بهذا السناد قال ‪ :‬قال النب ّ‬
‫كان مع الّنبيين في درجتهم يوم القيامة و من مات و هو يبغضك فل يبالي مات يهودّيا أو‬
‫نصرانّيا ‪.‬‬

‫حام عن عّمه عن أبيه قال ‪ :‬دخل سماعة بححن مهححران‬ ‫شيخ عن أبي محّمد الف ّ‬ ‫و من أمالي ال ّ‬
‫سلم فقال ‪ :‬يا سماعة من شّر الّناس عند الّناس ؟ قال ‪ :‬نحن يححا ابححن‬ ‫صادق عليه ال ّ‬ ‫على ال ّ‬
‫ل ‪ ،‬قال ‪ :‬فغضب حّتى احمّرت و جنتاه ثحّم اسححتوى جالسححا و كححان مّتكئا فقححال يححا‬ ‫رسول ا ّ‬
‫ل ح نحححن شحّر‬ ‫ل ما كححذبتك يححا ابححن رسححول ا ّ‬ ‫سماعة من شّر الّناس عند الّناس ؟ فقلت ‪ :‬و ا ّ‬
‫ى ثّم قال ‪ :‬كيف بكم إذا سيق بكححم‬ ‫الّناس عند الناس لّنهم سّمونا كفارا و رفضة ‪ ،‬فنظر إل ّ‬
‫إلى الجّنة و سيق بهم إلى الّنار فينظرون إليكم فيقولون » ما لنا ل نرى رجال كّنا نعححّدهم‬
‫لح تعححالى يححوم‬ ‫من الشرار « يا سماعة بن مهران إّنه من أساء منكححم إسححائة مشححينا إلححى ا ّ‬
‫لل‬ ‫ل ل يدخل الّنار منكم عشرة رجال ‪ ،‬و ا ّ‬ ‫القيامة بأقدامنا فنشفع فيه فنشّفع و ا ّ‬

‫] ‪[ 205‬‬

‫لح ل يححدخل الّنححار منكححم رجححل واححد ‪ ،‬فتنافسحوا فححي‬


‫يدخل الّنار منكحم ثلثحة رجححال ‪ ،‬و ا ّ‬
‫الّدرجات و اكمدوا أعدائكم بالورع ‪.‬‬

‫ي عححن عمححرو بححن عثمححان‬


‫و من كتاب كنز جامع الفوايد و تأويل اليات عن محّمد بن عل ّ‬
‫ل‪:‬‬‫ل عّز و ج ّ‬
‫سلم في قول ا ّ‬ ‫ل عليه ال ّ‬
‫عن عمران عن أبي بصير عن أبي عبد ا ّ‬

‫جميعًا‬
‫ب َ‬
‫ل َيْغِفُر الّذُنو َ‬
‫ن ا َّ‬
‫لإّ‬
‫حَمِة ا ِّ‬
‫ن َر ْ‬
‫طوا ِم ْ‬
‫سِهْم ل َتْقَن ُ‬
‫على أْنُف ِ‬
‫سَرُفوا َ‬
‫نأ ْ‬
‫ى اّلذي َ‬
‫عباِد َ‬
‫» يا ِ‬
‫«‪.‬‬

‫ل يغفر لكم جميعا الّذنوب ‪ ،‬قال ‪ :‬فقلت ‪ :‬ليس هكذا نقرء ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا أبا محّمححد‬ ‫نا ّ‬
‫فقال ‪ :‬إ ّ‬
‫ل ما عني مححن عبحاده غيرنحا و غيححر شححيعتنا و محا‬
‫فاذا غفر الّذنوب جميعا فلمن يعّذب و ا ّ‬
‫ل يغفر لكم جميعا الّذنوب ‪.‬‬
‫نا ّ‬
‫ل هكذا إ ّ‬‫نزلت إ ّ‬

‫سلم أّنه قال ‪ :‬أهحل الّنحار‬‫ل عليه ال ّ‬


‫و من تفسير العياشي بالسناد عن جابر عن أبي عبد ا ّ‬
‫يقولون » ما لنا ل نرى رجال كّنا نعّدهم من الشرار « يعنححونكم ل يرونكححم فححي الّنححار ل‬
‫ل أحدا منكم في الّنار ‪.‬‬
‫يرون و ا ّ‬

‫ي بن إبراهيم في قوله تعالى ‪:‬‬


‫و في تفسير عل ّ‬
‫ن « قال معنححاه أنّ‬ ‫س َو ل جا ّ‬‫شيعة » إْن ٌ‬
‫ن َذْنِبه « قال منكم يعني من ال ّ‬
‫عْ‬‫ل َ‬
‫سَئ ُ‬
‫» َفَيْوَمِئٍذ ل ُي ْ‬
‫ل حللححه و‬ ‫ل ح و أح ح ّ‬
‫سلم و تبّرء من أعدائه عليهم لعائن ا ّ‬ ‫من توّلى أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫حّرم حرامه ثّم دخل في الذنوب و لم يتب في الّدنيا عّذب لهححا فححي الححبرزخ و يخححرج يححوم‬
‫القيامة و ليس له ذنب يسأل عنه يوم القيامة ‪.‬‬

‫ن من اعتقحد الححقّ‬ ‫سلم قال في هذه الية ‪ :‬إ ّ‬‫و في الصافي من المجمع عن الّرضا عليه ال ّ‬
‫ثّم أذنب و لم يتب في الّدنيا عّذب عليه في البرزخ و يخرج يححوم القيامححة و ليححس لححه ذنححب‬
‫يسأل عنه ‪.‬‬

‫إلى غير هذه مما ل نطيل بذكرها ‪ ،‬و هذه الخبار كما ترى تعارض الخبار الواردة فححي‬
‫ن هذه‬
‫كون مرتكبى الكبائر في النار تعارض العموم من وجه ‪ ،‬ل ّ‬

‫] ‪[ 206‬‬

‫سححلم و المححذعن بححوليتهم ل يححدخل النححار و إن‬ ‫ق الئمة عليهححم ال ّ‬ ‫ن العارف بح ّ‬ ‫ل على أ ّ‬ ‫تد ّ‬
‫كان مرتكبا للكبائر ‪ ،‬و تلك الخبار مفيدة لكون ارتكابها موجبححا لححدخول النححار و لححو كححان‬
‫المرتكب من أهل الولية و المعرفحة ‪ ،‬فيتعارضحان فحي محاّدة الجتمحاع ‪ ،‬و هحو العحارف‬
‫جحنا أخبار الكبائر و ألقيناها على عمومها ل بّد مححن حمححل هححذه‬ ‫المرتكب للكبائر ‪ ،‬فان ر ّ‬
‫ن العارف بهم ل يدخل النار على الّدخول بعنوان الخلححود لظهححور أ ّ‬
‫ن‬ ‫الخبار الّدالة على أ ّ‬
‫جحنححا تلححك الخبححار فل ب حّد مححن‬‫ق الكفححار و المنححافقين ‪ ،‬و إن ر ّ‬
‫الخلححود إنمححا هححو فححي ح ح ّ‬
‫التخصحيص فحي الخبحار الحواردة فحي طحرف الكبحائر بحملهحا علحى غيحر أهحل المحّبحة و‬
‫المعرفة ‪.‬‬

‫و لو ل خوف الحتياط و ايجاب الترجيح للجسارة في الّدين و لعححدم المبححالت فححي شححرع‬
‫جحنا أخبار الولية و قلنححا بمححا قححاله الشححارح البحرانححي بححل أقححول إنححه ل‬
‫سّيد المرسلين لر ّ‬
‫تعارض بين أخبار الطرفين حقيقة إذ أخبار الولية حاكمة على أخبار الكبائر ‪ ،‬بححل نسححبة‬
‫بعض الخبار الولة إلى الّثانية مثل نسبة الّدليل إلى الصل ‪،‬‬

‫ن بعض هذه الخبار كما عرفت مفيد لكون المعرفححة حابطححة للسححيئات و آكلححة لهححا أكححل‬ ‫فا ّ‬
‫ن أهل المعرفة يبتلى بمحن و مصائب يكون تمحيصا‬ ‫ل على أ ّ‬
‫النار للحطب ‪ ،‬و بعضها دا ّ‬
‫لذنوبه و كفارة لها ‪ ،‬فعلى ذلك ل يبقححى للعاصححي معصححية حححتى تححوجب دخححول الّنححار ‪ ،‬و‬
‫ضل أو كونهححا محصححلة‬ ‫ل سبحانه تف ّ‬ ‫بعضها يفيد كون الولية موجبة لمغفرة الّذنوب من ا ّ‬
‫سلم يوم القيامة ‪.‬‬ ‫ل عليه و آله و سّلم و الئمة عليهم ال ّ‬
‫ي صّلى ا ّ‬
‫للشفاعة من الّنب ّ‬

‫نعم يبقى الشكال بين هذه الخبار و بيححن الخبححار الّداّلححة علححى حصححول الشححفاعة لبعححض‬
‫مرتكبي السّيئات بعحد دخحول الّنحار و المكحث فيهحا بزمحان قليحل أو كحثير بحسحب اختلف‬
‫مراتب المعصية ‪ ،‬و هى أيضا كثيرة و طريق الحتياط هو الوقوف بين مرتبتي الخححوف‬
‫ل سبحانه لمححا‬
‫شرع المبين ‪ ،‬وّفقنا ا ّ‬ ‫و الّرجاء و الورع و الّتقوى في الّدين و سلوك نهج ال ّ‬
‫ب و يرضى و نسأله أن يعاملنحا بفضحله و ل يؤاخحذنا بعحد لحه إّنحه لمحا يشحاء قحدير ‪ ،‬و‬ ‫يح ّ‬
‫بالجابة حقيق جدير ‪.‬‬

‫] ‪[ 207‬‬

‫ععععععع‬

‫از جمله فصلهاى آن خطبه است كه بعد از قتل عثمححان و انتقححال أمححر خلفححت بححآن بححرج‬
‫فلك امامت فرموده كه ‪:‬‬

‫بتحقيق طلححوع كححرد طلححوع كننححده و درخشححيد درخشححنده و ظححاهر شححد ظحاهر شححونده كححه‬
‫عبارتست از ظهور شمس خلفت از مطلع خود كه وجود مسعود آن بزرگححوار اسححت ‪،‬‬
‫و مستقيم و معتدل شد چيزى كححه منحححرف شححده بححود از اركححان ديححن ‪ ،‬و بححدل كححرد حححق‬
‫سبحانه و تعالى بقومي كه از أهل باطل بودند قومى را از اهل حق ‪ ،‬و بححروزى كححه پححر‬
‫از جور و بدعت بود روزى را كه ظاهر شد در آن انصاف و عدالت ‪ ،‬و منتظر بححوديم‬
‫ما تغيرات روزگار را مثل انتظار كشيدن قحطى رسيده بباران ‪.‬‬

‫ل عليهم أجمعين قائمين خدا هسحتند بحر مخلحوق‬‫و جز اين نيست كه أئمه طاهرين سلم ا ّ‬
‫او شناساندگان اويند بر بندگان او داخل نمىشود در بهشت عنبر سرشت مگر كسى كححه‬
‫سلم او را بشناسند ‪ ،‬و داخحل نمىشحود در آتحش سحوزان‬ ‫بشناسد أئمه را و أئمه عليهم ال ّ‬
‫مگر كسى كه نشناسد ايشانرا و ايشان او را نشناسند ‪.‬‬

‫ص نمححود شحما را باسححلم و خحالص گردانيحد شحما را از‬


‫بدرستى كه خداوند متعححال مختح ّ‬
‫براى آن اسلم ‪ ،‬و اين از جهت آنست كه اسلم نام سلمتست و جامع كرامت ‪،‬‬

‫پسنديده است خدا از براى شما طريق اسححلم را ‪ ،‬و بيححان فرمححوده اسححت دلئل آن را از‬
‫علمى كه ظاهر است از كتاب و سّنت ‪ ،‬و از حكمتى كه باطن است از عقل و فطرت ‪،‬‬
‫فانى نمىشود غرائب آن و تمام نمىشود عجائب آن ‪ ،‬در اوسححت بارانهححاى بهححارى ‪ ،‬و‬
‫چراغهاى ظلمتهححا ‪ ،‬گشححاده نمىشححود خيرهححا مگححر بححا كليححدهاى آن ‪ ،‬و كشححف نمىشححود‬
‫ظلمتها مگر بچراغهاى آن ‪.‬‬

‫بتحقيق كه منع فرمود قوروق اسلم را كه عبارتست از محّرمات شرعّيه ‪،‬‬

‫خص نمود چراگاه آنرا كه عبارتست از مباحات بينه ‪ ،‬در اوست شفاى طلححب شححفا‬ ‫و مر ّ‬
‫كننده ‪ ،‬و كفايت طلب كفايت نماينده ‪.‬‬
‫] ‪[ 208‬‬

‫ععععع عععععع ع عععععع عععع‬

‫ل يهوي مع الغافلين ‪ ،‬و يغدو مع المححذنبين ‪ ،‬بل سححبيل قاصححد ‪ ،‬و ل‬


‫و هو في مهلة من ا ّ‬
‫إمام قائد ‪.‬‬

‫الفصل الرابع منها حّتى إذا كشف لهم عن جزآء معصحيتهم ‪ ،‬و اسحتخرجهم محن جلبيحب‬
‫غفلتهم ‪ ،‬استقبلوا مدبرا ‪ ،‬و استدبروا مقبل ‪ ،‬فلم ينتفعوا بما أدركوا من طلبتهم ‪ ،‬و ل بما‬
‫قضوا من وطرهم ‪ ،‬و إّني أحّذركم و نفسححي هححذه المنزلححة ‪ ،‬فلينتفححع امححرء بنفسححه ‪ ،‬فإّنمححا‬
‫البصير من سمع فتفّكر ‪ ،‬و نظر فأبصر ‪ ،‬و انتفع بالعبر ‪ ،‬ثّم سلك جددا واضحا ‪،‬‬

‫ضلل في المغاوي ‪ ،‬و ل يعين على نفسححه الغححواة‬ ‫يتجّنب فيه الصّرعة في المهاوي ‪ ،‬و ال ّ‬
‫سححامع مححن‬‫ق ‪ ،‬أو تحريف في نطححق ‪ ،‬أو تخحّوف مححن صححدق ‪ ،‬فححأفق أّيهححا ال ّ‬
‫سف في ح ّ‬ ‫بتع ّ‬
‫سكرتك ‪ ،‬و استيقظ من غفلتك ‪،‬‬

‫ل عليححه و‬
‫ي صّلى ا ّ‬ ‫ي الّم ّ‬
‫و اختصر من عجلتك ‪ ،‬و أنعم الفكر فيما جآءك على لسان الّنب ّ‬
‫آله و سّلم مّما ل بّد منه ‪ ،‬و ل محيص عنه ‪ ،‬و خالف من خالف فححي ذلححك إلححى غيححره ‪ ،‬و‬
‫دعه و ما رضى لنفسه ‪ ،‬وضع فخرك ‪ ،‬و احطط كبرك ‪،‬‬

‫] ‪[ 209‬‬

‫ن عليه ممّرك ‪ ،‬و كما تدين تدان ‪ ،‬و كما تححزرع تحصححد ‪ ،‬و مححا قحّدمت‬ ‫و اذكر قبرك ‪ ،‬فإ ّ‬
‫اليوم تقّدم عليه غدا ‪ ،‬فامهد لقدمك ‪ ،‬و قّدم ليومك ‪ ،‬فالحذر الحذر أّيها المسححتمع ‪ ،‬و الجحّد‬
‫الجّد أّيها الغافل ‪،‬‬

‫ل في الّذكر الحكيم اّلتي عليها يححثيب و يعححاقب ‪،‬‬


‫ن من عزائم ا ّ‬
‫» و ل ينّبئك مثل خبير « إ ّ‬
‫و لها يرضى و يسخط ‪ ،‬أّنه ل ينفع عبدا و إن أجهد نفسه و أخلص فعله ‪ ،‬أن يخححرج مححن‬
‫ل فيما افترض عليه من‬ ‫الّدنيا لقيا رّبه بخصلة من هذه الخصال لم يتب منها أن يشرك با ّ‬
‫عبادته ‪،‬‬

‫أو يشفي غيظه بهلك نفسححه ‪ ،‬أو يقحّر بححأمر فعلححه غيححره ‪ ،‬أو يسححتنجح حاجححة إلححى الّنححاس‬
‫باظهار بدعة في دينه ‪ ،‬أو يلقى الّناس بوجهين ‪ ،‬أو يمشى فيهم بلسانين ‪ ،‬اعقل ذلححك فححإ ّ‬
‫ن‬
‫سححباع هّمهححا العححدوان علححى‬
‫ن ال ّ‬
‫ن البهححائم هّمهححا بطونهححا ‪ ،‬و إ ّ‬
‫المثححل دليححل علححى شححبهه ‪ ،‬إ ّ‬
‫ن المؤمنين مستكينون ‪ ،‬إ ّ‬
‫ن‬ ‫ن زينة الحياة الّدنيا و الفساد فيها ‪ ،‬إ ّ‬ ‫ن الّنسآء هّمه ّ‬
‫غيرها ‪ ،‬و إ ّ‬
‫ن المؤمنين خائفون ‪.‬‬ ‫المؤمنين مشفقون ‪ ،‬إ ّ‬
‫ععععع‬

‫) هوى ( يهوي من باب ضرب هويا بالضّم و الفتح و هححواء بالم حّد سححقط مححن أعلححى إلححى‬
‫أسفل و ) الجلباب ( ما يغطى به من ثوب و غيره و قيل ثوب أوسححع مححن الخمححار و دون‬
‫طلب محّركة و ) الجدد ( محّركة‬ ‫الّرداء و ) الطلبة ( بالكسر اسم كال ّ‬

‫] ‪[ 210‬‬

‫ما أشرق من الّرمل و الرض الغليظة المستوية و بالضحّم جمححع جحّدة كغححرف و غرفححة و‬
‫طححرح علححى الرض و ) المهححاوى ( جمححع المهححواة و‬ ‫صرعة ( بالفتح ال ّ‬‫هو الطريق و ) ال ّ‬
‫هو بفتح الميم ما بين الجبلين و قيححل الحفححرة و قيححل الوهححدة العميقححة و ) المغححاوى ( جمححع‬
‫لو‬ ‫شححبهة الححتي يغححوى بهححا النسححان أى يض ح ّ‬‫شححارح المعححتزلي ‪ :‬و هححي ال ّ‬
‫المغححوة قححال ال ّ‬
‫ل و ) اسححتنجح ( الحاجححة و‬‫) الغواة ( جمع غاو من غححوى غّيححا انهمححك فححي الجهححل و ضح ّ‬
‫جحها تنجّزها و استقضاها‬ ‫تن ّ‬

‫ععععععع‬

‫سف ‪ ،‬متعّلق بقوله يعين ‪،‬‬


‫ظرف ‪ ،‬و قوله ‪ :‬بتع ّ‬
‫جملة يهوى حال من فاعل ال ّ‬

‫و قوله ‪ :‬الحذر الحذر و الجّد الجّد ‪ ،‬منصوبات على الغراء ‪ ،‬و قححوله ‪ :‬و ل ينّبئك مثححل‬
‫خبير ‪ ،‬مثل صفة لمحذوف و كذلك خبير أى ل ينّبئك منبيء مثل امرء خححبير ‪ ،‬و قححوله ‪:‬‬
‫ن من عزائمه تعالى عدم نفع عبد ‪ ،‬و‬ ‫ن على تأويله بالمصدر أى إ ّ‬‫اّنه ل ينفع عبدا ‪ ،‬اسم إ ّ‬
‫قوله ‪:‬‬

‫أن يخرج ‪ ،‬فاعل ينفع ‪ ،‬و قوله ‪ :‬ان يشرك بدل من خصلة أو من هذه الخصال فتكون أو‬
‫ي‪،‬‬‫ن البهايم استيناف بيان ّ‬
‫في الجملت المعطوفة بعدها بمعنى الواو ‪ ،‬و جملة إ ّ‬

‫ن المؤمنين آه‬
‫و كذلك جملة إ ّ‬

‫عععععع‬

‫سلم متض حّمن لفصححلين امححا الفصححل الول فقححد قححال‬‫ن هذا الفصل من كلمه عليه ال ّ‬ ‫اعلم أ ّ‬
‫ضلل غير معّين كقححوله عليححه‬ ‫شارح المعتزلي و غيره ‪ :‬اّنه يصف فيه انسانا من أهل ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ل امرء اّتقى رّبه و خاف ذنبه أقول ‪ :‬و هو إّنما يتّم لو علم بعدم سبق ذكر‬ ‫سلم ‪ :‬رحم ا ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ضمير التى أعنى قوله ‪:‬‬‫مرجع لل ّ‬
‫سلم حذفه السّيد على ديدنه في الكتاب ‪ ،‬و أّما على تقدير سححبقه و‬ ‫هو ‪ ،‬في كلمه عليه ال ّ‬
‫ظححاهر‬
‫حذفه كما هو الظهر في الّنسخ اّلتي فيها عنوان هذا الفصححل بقححوله ) منهححا ( بححل ال ّ‬
‫سلم فل و كيححف‬ ‫شارح المعتزلي اّلتي عنوانه فيها بمن خطبة له عليه ال ّ‬ ‫أيضا في نسخة ال ّ‬
‫ل سبحانه أمّد في عمححره‬ ‫نا ّ‬
‫ل يهوى مع الغافلين ( أراد أ ّ‬
‫كان فقوله ) و هو في مهلة من ا ّ‬
‫خر أجله و كان ذلك سببا لغفلته فهو يسقط و يترّدى من‬ ‫و أمهله و أ ّ‬

‫] ‪[ 211‬‬

‫سححلمة فححي مهحابط الهلك و مهححوات الغفلححة و ينخححرط فححي سححلك سححاير‬ ‫درجة الكمال و ال ّ‬
‫الجّهال و الغافلين ) و يغدو مع المذنبين ( أى يصبح معهم و هو كناية عن موافقته لهححم و‬
‫ملزمته إّياهم في ارتكاب المعاصححي و انهمححاك الثححام و الحّذنوب ) بل سححبيل قاصححد و ل‬
‫إمام قائد ( أى من دون أن يسلك سبيل مستقيما يوصله إلى المطلوب و يّتبع إمامححا عححادل‬
‫صواب و أما الفصل الثانى متضّمن للّنصح و الموعظححة و تححذكير المخححاطبين‬ ‫يقوده إلى ال ّ‬
‫بالموت و تنبيههم من نوم الغفلة و هو قوله ) حّتى إذا كشف لهم عححن جححزاء معصححيتهم و‬
‫شححارح البحرانححي ‪ :‬النفححس ذو جهححتين جهححة تححدبير‬ ‫استخرجهم من جلبيب غفلتهم ( قال ال ّ‬
‫أحوالها البدنّية بما لها من القّوة العملية ‪ ،‬و جهة استكمالها بقّوتها النظرية التي تتلقّححى بهححا‬
‫من العاليات كمالها ‪ ،‬و بقدر خروجها عن حّد العححدل فححي اسححتكمال قّوتهححا العمليححة تنقطححع‬
‫عن الجهة الخرى و تكتنفها الهيئآت البدنّية فتكون في أغطية منها و جلبيب مححن الغفلححة‬
‫عن الجهة الخرى بالنصباب إلى ما يقتنيه مما يعّد خيرا في الّدنيا و بسبب انصبابها في‬
‫هذه الجهة و تمكن تلك الهيئآت البدنية منها يكون بعدها عن بارئها و نزولها فححي دركححات‬
‫لح عليححه و آلححه و ‪ :‬الحّدنيا و الخحرة‬‫الجحيم عن درجات النعيم و بالعكس كما قال صحّلى ا ّ‬
‫ن بححالموت تنقطححع تلححك‬ ‫ضّرتان بقدر ما تقرب من إحديهما تبعد من الخححرى ‪ ،‬و ظححاهر إ ّ‬
‫الغفلة ‪،‬‬

‫و تنكشف تلك الحجب ‪ ،‬فيؤمئذ يتذكر النسان و أنحى لحه الحّذكرى ‪ ،‬و يكحون محا أثبتحه لحه‬
‫يححؤمئذ مححن تعّلححق تلححك الهيئات بنفسححه و حطهححا لححه عححن درجححات الكمححال مححن السلسححل و‬
‫الغلل هو جزاء معصيتهم المنكشف لهم ‪ ،‬انتهى ‪ ،‬هذا و تشبيه الغفلة بالجلباب من باب‬
‫شبه إحاطتهححا بهححم و ملزمتهححا لهححم إحاطححة الثححوب‬
‫تشبيه المعقول بالمحسوس ‪ ،‬و وجه ال ّ‬
‫بالبدن و لزومه له و قوله ) استقبلوا مدبرا و استدبروا مقبل ( أراد بالمدبر اّلذي استقبلوه‬
‫ما كان غائبا عنهم من الشقاء و النكال و النقم ‪ ،‬و بالمقبل اّلذي استدبروه ما كان حاضححرا‬
‫لهم من اللء و الموال و النعم ) فلم ينتفعوا بما أدركوا من طلبتهم ( أى الّلذات الّدنيويححة‬
‫التي كانت أعظم طلباتهم ‪ ،‬لّنهم تركوها وراء ظهورهم ) و ل بما قضوا من‬

‫] ‪[ 212‬‬
‫وطرهم ( أى الشهوات النفسانية اّلتي كانت أهّم حاجاتهم ‪ ،‬لنها قد زالححت عنهححم ) و اّنححي‬
‫أحّذركم و نفسي هذه المنزلة ( أراد بها الحالة التي كان الموصوفون عليهححا مححن الغفلححة و‬
‫سلم معهم في التحذير لتطييب قلوب السامعين و تسححكين‬ ‫الجهالة ‪ ،‬و تشريك نفسه عليه ال ّ‬
‫نفوسهم ليكونوا إلى النقياد و الطاعة أقرب ‪ ،‬و عن الباء و النفححرة أبعححد ‪ ،‬و فححي بغححض‬
‫ل الّزيححغ و الّزلححل و الخطححاء و‬ ‫النسخ بدل المنزلة المزّلة ‪ ،‬فالمراد بها الّدنيا اّلتي هي مح ح ّ‬
‫الخطل و لّما نّبههم بعدم النتفاع بالمطالب و المآرب الّدنيوية أردف ذلك بالتنبيه على مححا‬
‫نفعه أعّم ‪ ،‬و صرف الهّمة إليححه أهحّم فقححال ‪ ) :‬فلينتفححع امححرء بنفسححه ( بححأن يصححرفها فيمححا‬
‫جهها إليه أرباب العقول و النظر و‬ ‫جهها الى ما و ّ‬‫صرفها فيه أولوا البصار و الفكر و يو ّ‬
‫إليه أشار بقوله ) فاّنما البصير ( العارف بما يصححلحه و يفسححده و الخححبير الممّيححز بيححن مححا‬
‫يضّره و ينفعححه ) مححن سححمع ( اليححات البّينححات ) فتفّكححر ( فيهححا ) و نظححر ( إلححى الححبراهين‬
‫الساطعات ) فأبصر ( ها و أمعححن فيهححا ) و انتفححع بححالعبر ( أى نظححر بعيححن العتبححار إلححى‬
‫السلف الماضين من الجبابرة و الملوك و السلطين و غيرهححم مححن النححاس أجمعيححن كيححف‬
‫لو‬ ‫انتقلوا من ذروة القصور إلى و هدة القبور ‪ ،‬و مححن دار العحّز و المنعححة إلححى بيححت الحّذ ّ‬
‫المحنة ‪ ،‬و فارقوا من الموال و الوطان ‪ ،‬و جانبوا القوام و الجيران ‪،‬‬

‫و صاحبوا الحّيات و الديدان ‪ ،‬و كيف كانت الّديار منهم بلقع ‪ ،‬و القبور لهم مضححاجع و‬
‫اندرست آثارهم ‪ ،‬و انقطعت أخبارهم ‪ ،‬و خربت ديارهم ‪ ،‬و قسمت أمححوالهم ‪ ،‬و نكحححت‬
‫أزواجهم ‪،‬‬

‫ل هححذه‬
‫و حشر في اليتامى أولدهم ‪ ،‬و أنكرهم صديقهم ‪ ،‬و تركهم وحيدا شفيقهم ‪ ،‬ففى أق ّ‬
‫عبرة لمن اعتبر ‪ ،‬و تذكرة لمن اّتعظ و تذّكر ) ثّم سلك جححددا ( أى طريقححا ) واضحححا ( و‬
‫هو الصراط المستقيم ‪ ،‬و النهج القويم أى جاّدة الشريعة و منهححج الحّدين الموصححل لسححالكه‬
‫إلى حظاير القدس ‪ ،‬و مجالس النس بشرط أن ) يتجّنب ( و يتباعد ) فيه ( عن اليميححن و‬
‫ن الطريحق الوسحطى هحى الجحاّدة و اليميحن و الشحمال مزّلحة و مضحّلة توجبحان‬ ‫الشحمال فحا ّ‬
‫صرعة في المهاوى و الضلل‬ ‫) ال ّ‬

‫] ‪[ 213‬‬

‫ل مثل صراطا مستقيما‬ ‫ل عليه و آله ‪ :‬ضرب ا ّ‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫في المغاوي ( كما قال رسول ا ّ‬
‫صحراط داع‬ ‫صراط أبواب مفّتحة ‪ ،‬و عليها ستور مرخحاة و علحى رأس ال ّ‬ ‫و على جنبتى ال ّ‬
‫صحراط هحو الحّدين و هحو الجحدد الواضحح هنحا ‪ ،‬و‬ ‫يقول جحوزوا و ل تعّرجحوا ‪ ،‬قحال ‪ :‬فال ّ‬
‫ل ح ‪ ،‬و هححي المهححاوى و المغححاوى هنححا ‪ ،‬و‬
‫الّداعى هو القرآن و البواب المفّتحة محححارم ا ّ‬
‫ل و نواهيه ‪.‬‬
‫ستور المرخاة هى حدود ا ّ‬‫ال ّ‬

‫سلم على ما ينفع المرء و يصلحه نّبه على ما يضّره و يفسده فقال عليححه‬ ‫و لّما نّبه عليه ال ّ‬
‫ضححللت و المنهمكيححن فححي الجهححالت‬
‫سلم ) و ل يعين على نفسححه الغححواة ( أى أهححل ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ق و صححعبه ‪ ،‬فححانّ‬ ‫شارح البحراني ‪ :‬أى ل يحملهم على مّر الح ّ‬ ‫ق ( قال ال ّ‬
‫سف في ح ّ‬ ‫) بتع ّ‬
‫ق له درجات بعضها سهل من بعض ‪ ،‬فالستقصحاء فيحه علحى غيحر أهلحه يحوجب لهحم‬ ‫الح ّ‬
‫شححارح‬‫الّنفرة عّمن يقوله و يأمر به ‪ ،‬و العداوة له و القول فيححه ‪ ،‬و قريححب منححه مححا قححاله ال ّ‬
‫ن الّرفق أنجح ‪.‬‬ ‫ق يقوله أو يأمر به فا ّ‬
‫سف في ح ّ‬ ‫المعتزلي أى يتع ّ‬

‫سححلم تشححديد‬‫أقول ‪ :‬و ظاهر كلمهمححا يفيححد أّنهمححا فهمححا مححن الّتعسححف مححن كلمححه عليححه ال ّ‬
‫سححلم‬‫صل مقصوده عليه ال ّ‬ ‫الّتكليف على الغواة و الّتضييق عليهم في الحكام ‪ ،‬فيكون مح ّ‬
‫ل يجلححب العححداوة‬ ‫على ما قاله الّرفق بهم عند المر بالمعروف و الّنهححى عححن المنكححر ‪ ،‬لئ ّ‬
‫منهم لنفسه بتركه فيصيبه منهم مكروه و ضرر و هذا معنى ل بأس به ‪ ،‬و قد مّر نظيححره‬
‫سادس عشر ‪ :‬من أبدى صفحته للححح ّ‬
‫ق‬ ‫سلم في الفصل الّثاني من الكلم ال ّ‬ ‫في قوله عليه ال ّ‬
‫سلم أراد معنى آخر أى ل يعين الغاوين‬ ‫ظاهر أّنه عليه ال ّ‬‫ن ال ّ‬
‫لأّ‬ ‫هلك عند جهلة الّناس ‪ ،‬إ ّ‬
‫ق و عدم كشفه لهم و تبليغه عليهححم و إرجححاعهم‬ ‫سفه في ح ّ‬ ‫بما ضرره عايد إليه ‪ ،‬و هو تع ّ‬
‫ضححلل و‬ ‫ي و ال ّ‬ ‫ق و عدو لهم عنه و انهما كهم في الغ ّ‬ ‫إليه ‪ ،‬و ذلك لما رأى من تركهم للح ّ‬
‫سف تطييبا لنفوسهم و تحصححيل لرضححاهم ‪ ،‬و عححود ضححرر هححذا‬ ‫رغبتهم في الباطل ‪ ،‬فيتع ّ‬
‫الّتعسف إليه معلوم حيث يشترى رضاء المخلوق بسخط الخالق ‪.‬‬

‫ضرر الخروى ‪ ،‬و بالّتعسف العححدول و النحححراف‬‫ضرر ال ّ‬


‫فعلى ما قلناه يكون المراد بال ّ‬
‫ق و العمل به ) أو تحريف في نطق ( أى يحّرف الكلم‬
‫عن قول الح ّ‬

‫] ‪[ 214‬‬

‫عن مواضححعه ‪ ،‬و يكححذب مححداراة معهححم و منازلححة أذواقهححم ) أو تخحّوف مححن صححدق ( أى‬
‫صدق و إن لم يكن خائفا في الواقع ‪ ،‬و عود ضرر الّتحريححف و‬ ‫يتكّلف الخوف من قول ال ّ‬
‫ل ح أقوامححا بححترك‬
‫الّتخوف على المحّرف و المتخّوف لستلزامها مداهنة الغواة ‪ ،‬و قد ذّم ا ّ‬
‫ق بقوله ‪:‬‬
‫صدق و الجهاد في الح ّ‬
‫ال ّ‬

‫ل«‪.‬‬
‫شَيِة ا ِّ‬
‫خْ‬‫ن الّناس َك َ‬
‫شْو َ‬
‫خَ‬‫ق ِمْنُهْم َي ْ‬
‫» إذا َفري ٌ‬

‫ق‬
‫ل لومة لئم ‪ ،‬و ل يكون له من ردع من خالف الح ّ‬ ‫لزم على المرء أن ل يأخذه في ا ّ‬ ‫فال ّ‬
‫سححامعين بححأوامر نافعححة و نصحححهم‬ ‫ي و زجره من أوهان و ل ايهان ثحّم أمححر ال ّ‬ ‫و خابط الغ ّ‬
‫سامع من سححكرتك و اسححتيقظ مححن ( رقححدتك و ) غفلتححك (‬ ‫بمواعظ بالغة فقال ) فأفق أّيها ال ّ‬
‫سححكرة‬ ‫ن ال ّ‬
‫سكرة الغفلة باعتبار كون الغفلة موجبة لترك أعمال العقححل كمححا أ ّ‬ ‫استعار لفظ ال ّ‬
‫كذلك ‪ ،‬و هى استعارة تحقيقّية و ذكر الفاقة ترشيح ‪ ،‬و شبه الغفلة بححالّنوم باعتبححار أن ل‬
‫التفات للغافل كالّنائم ‪ ،‬و هى استعارة بالكناية و ذكححر السححتيقاظ تخييححل ) و اختصححر مححن‬
‫ن بقائهححا يسححير و زوالهححا‬ ‫صر الهتمححام بهححا ‪ ،‬فححا ّ‬ ‫عجلتك ( و سرعتك في امور الّدنيا أى ق ّ‬
‫قريب ) و أنعم الفكر ( أى أمعن الّنظر ) فيما جائك ( و كثر دورانححه ) علححى لسححان الّنححب ّ‬
‫ي‬
‫ل عليه و آله و سّلم ( قد مضى تفسير الّمي من الّنهاية فححي شححرح الخطبححة‬
‫ى صّلى ا ّ‬
‫الم ّ‬
‫سححلم‬
‫الثامنة و الّثمانين و أقول هنا ‪ :‬روى في الحتجاج عن أبي محّمد العسكري عليححه ال ّ‬
‫في قوله تعالى ‪:‬‬

‫ب«‪.‬‬
‫ن اْلِكتا َ‬
‫ن ل َيْعَلُمو َ‬
‫» َو ِمْنُهْم أّمّيو َ‬

‫ي منسوب إلى اّمه أى هو كما خرج من بطن اّمه ل يقرء و ل يكتب فزعم بعححض‬ ‫ن الم ّ‬‫إّ‬
‫ي بححه كححان أيضححا بححذلك العتبححار ‪ ،‬أى ل‬ ‫ن وصححف الّنححب ّ‬
‫شارح المعتزلي أ ّ‬ ‫الّناس و منهم ال ّ‬
‫يحسن أن يقرء و يكتب ‪ ،‬و هو زعم فاسد ‪ ،‬بل وصفه باعتبار نسبته إلى اّم القرى أعنححى‬
‫صححافي فححي تفسححير قححوله‬
‫ل على ما ذكرنححا مححا رواه فححي ال ّ‬‫ل شرفا و عّزا و يد ّ‬ ‫مّكة زادها ا ّ‬
‫تعالى ‪:‬‬

‫] ‪[ 215‬‬

‫ي«‪.‬‬
‫لّم ّ‬
‫ى ا ُْ‬
‫ل الّنِب ّ‬
‫ن الّرسو َ‬
‫ن َيّتِبُعو َ‬
‫» أّلذي َ‬

‫سلم أّنه سئل عن ذلك فقحال ‪ :‬محا يقحول الّنحاس ؟ قيحل‬ ‫شرايع عن الجواد عليه ال ّ‬ ‫من علل ال ّ‬
‫سلم ‪ :‬كححذبوا عليهححم لعنححة‬
‫يزعمون أّنه سّمى الّمي لّنه لم يحسن أن يكتب ‪ ،‬فقال عليه ال ّ‬
‫ل يقول ‪:‬‬
‫ل أّني ذلك و ا ّ‬
‫ا ّ‬

‫ب َو‬
‫عَلْيِهْم آيححاِته َو ُيَزّكيِه حْم َو ُيَعّلُمُه حُم اْلِكتححا َ‬
‫ل ِمْنُهْم َيْتُلو َ‬
‫سو ً‬
‫لّمّيين َر ُ‬
‫ث ِفى ا ُْ‬
‫» ُهَو اّلذي َبَع َ‬
‫حْكَمَة « ‪.‬‬
‫اْل ِ‬

‫لح عليححه و آلححه و سحّلم‬


‫لح صحّلى ا ّ‬
‫ل لقد كان رسححول ا ّ‬
‫فكيف كان يعّلمهم ما ل يحسن ‪ ،‬و ا ّ‬
‫يقرء و يكتب باثنين و سبعين أو قال بثلث و سبعين لسانا ‪ ،‬و اّنما سّمى الّمى لّنه كححان‬
‫من أهل مّكة و مّكة من أّمهات القرى ‪ ،‬و ذلك قوله تعالى ‪:‬‬

‫لح عليححه و‬
‫ي صحّلى ا ّ‬ ‫حْوَلها « ‪ .‬هذا و بّين ما جاء على لسان الّنححب ّ‬
‫ن َ‬‫» ِلُتْنِذَر ُأّم الُقرى َو َم ْ‬
‫آله بقححوله ) مّمححا ل بحّد منححه و ل محيحص عنححه ( أى المححوت الحذي ليحس منحه منححاص و ل‬
‫ن مححن‬
‫خلص و ل مهرب و ل مفّر ) و خالف مححن خححالف فححي ذلححك إلححى غيححره ( يعنححي أ ّ‬
‫خالف في امعان الّنظر في الموت و أهاويل الفناء و الفوت و أعرض عنححه و التفححت إلححى‬
‫غيره و اّتبع هواه و أطال أمله و مناه ‪ ،‬كادحا سعيا لدنياه في لّذات طربه و بححدوات اربححه‬
‫ن الموافقة له توجب فوات الّثواب و أليم العححذاب ‪،‬‬ ‫فخالفه ) و دعه و ما رضى لنفسه ( فا ّ‬
‫ن من صنع شيئا للمفاخرة حشره‬ ‫سرمد ) وضع فخرك ( فا ّ‬ ‫شقاء البد و الخزى ال ّ‬ ‫و تجّر ال ّ‬
‫سلم ) و احطط‬ ‫ل يوم القيامة أسود ‪ ،‬رواه في عقاب العمال عن أمير المؤمنين عليه ال ّ‬ ‫ا ّ‬
‫ن من مشى على الرض اختيال لعنته الرض و من تحتها و من فوقها ‪ ،‬رواه‬ ‫كبرك ( ل ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪.‬‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫سلم عن رسول ا ّ‬ ‫ل عليه ال ّ‬
‫في عقاب العمال عن أبيعبد ا ّ‬
‫لح ‪ :‬ويححل لمححن فححي الرض‬
‫سححلم قححال ‪ :‬قححال رسححول ا ّ‬
‫و فيه أيضا عن أبي جعفر عليححه ال ّ‬
‫يعارض‬

‫] ‪[ 216‬‬

‫سححابعة و‬
‫سححماوات و الرض هححذا و قحد تقحّدم الكلم فححي شححرح الخطبححة المححأة و ال ّ‬ ‫جّبحار ال ّ‬
‫الربعين في تحقيق معنى الكبر و كونه من أعظم الموبقات و ما في ذّمححه مححن الخبححار و‬
‫صل و مستوفا فليراجع ثمة ) و اذكر قبرك‬ ‫اليات ‪ ،‬و كذلك الكلم في حسن الّتواضع مف ّ‬
‫ن عليححه‬
‫( و ما فيه مححن الوحححدة و الوحشححة و الغربححة و الظلمححة و الحسححرة و الّندامححة ) فححا ّ‬
‫ممّرك ( و مجازك و ل بّد لمن يمّر على منزل موحش مظلم أن يذكره و يتزّود له و يهتّم‬
‫بأخذ الّزاد و تكميل الستعداد ليتمّكن من الوصول إلى المطلوب و الّنجاح بالمقصححود ) و‬
‫كما تدين تدان ( أى كما تجزي تجزى و هححو مححن بححاب المشححاكلة ‪ ،‬و المقصححود أّنححك كمححا‬
‫ن خيرا فخيرا و إن شرا فشّرا و‬ ‫ل يعامل معك إ ّ‬ ‫ل سبحانه و تعالى و تعامل معه فا ّ‬ ‫تعمل ّ‬
‫لنعم ما قيل ‪:‬‬

‫لحححححححححححححححححح يشححححححححححححححححححكرها‬
‫مححححححححححححححححححن يفعححححححححححححححححححل الحسححححححححححححححححححنات ا ّ‬
‫ل مثلن‬ ‫و الشّر بالشّر عند ا ّ‬

‫ن من زرع الّنواة حصد الّنخححل باسححقات ‪ ،‬و مححن زرع الفجححور‬


‫) و كما تزرع تحصد ( فا ّ‬
‫حصد الّثبور ‪ ،‬و من توانا عن الّزرع في أوانه حرم الحصاد في ابانه‬

‫إذا أنححححححححححححححححت لححححححححححححححححم تححححححححححححححححزرع و أدركححححححححححححححححت حاصححححححححححححححححدا‬


‫ندمت على التقصير في زمن البذر‬

‫) و ما قّدمت اليوم ( لنفسك أو عليها ) تقدم عليه غدا ( و تقام فيه ) فححا ( جهححد نفسححك فححي‬
‫تحصححيل الخيححر و تجّنححب الش حّروا ) مهححد لقححدمك ( أى مّهححد و هّيىء لموضححع قححدمك مححن‬
‫الحسنات و العمال الصالحات ) و قّدم ( ال حّزاد ) ليححوم ( معححاد ) ك ( و إيححاك و التفريححط‬
‫فتقع في الحسرة و تعقب الندامة و ملمة النفس الّلوامة لدي الحساب يوم القيامة ) فالحذر‬
‫الحححذر ( مححن التقصححير و الغفلححة ) أيهححا المسححتمتع ( المفتححون ) و الج حّد الجحّد ( للتقححوى و‬
‫الطاعة ) أيها الغافل ( المغرور ) و ل ينّبئك ( أحححد ) مثححل ( واعححظ ) خححبير ( و عححارف‬
‫ن المنبيء لهم‬ ‫بصير بأحوال الخرة و أهوالها و لما أمرهم بالحذر و الجد و نّبههم على أ ّ‬
‫خبير و بصير بما يحذر منه و يجد عليه ‪ ،‬عّقب ذلك بالتنبيه على بعض مححا يجححب الحححذر‬
‫ل ( أى الحكام التي ل يجححوز مخالفتهححا فححي‬ ‫ن من عزائم ا ّ‬ ‫منه و الجّد على تركه فقال ) إ ّ‬
‫حال من الحوال‬

‫] ‪[ 217‬‬
‫على مححا محر تفصححيل فحي شححرح الفصحل السحابع عشحر مححن الخطبححة الولحى ) فححي الحذكر‬
‫الحكيم ( أى القرآن الكريححم أو الّلححوح المحفححوظ كمححا قيححل ‪ ،‬و علححى الّول فل ينححافيه عححدم‬
‫ورود بعض ما يذكره من العزايم فيه بخصوصه لمكان استفادته من عمومات الكتاب أو‬
‫ل و وصف العزائم بقوله ) اّلتى عليها يثيب و يعححاقب و‬ ‫فحاويه حسبما تطلع عليه انشاء ا ّ‬
‫لها يرضى و يسخط ( أى يرضى و يثيب على الخذ بها و امتثالهححا ‪ ،‬و يسححخط و يعححاقب‬
‫على مخالفتها و تركها ) أنه ( الضمير للشأن ) ل ينفع عبححدا و إن أجهححد نفسححه و أخلححص‬
‫ل من ارتكب باحدى الخصال الخمححس التيححة ‪،‬‬ ‫قكّ‬ ‫فعله ( أّما إجهاد النفس فيتصّور في ح ّ‬
‫و أّما إخلص الفعل فاّنما يتصّور في المرتكب بغيححر الولححى مححن الربححع الباقيححة ‪ ،‬و أّمححا‬
‫شححرطّية الّثانيححة بملحظححة‬ ‫ن الخلص ل يجتمححع مححع الّريححا فيكححون ال ّ‬ ‫الولى فل لظهححور أ ّ‬
‫الغلححب أو مححن بححاب التغليححب فتححدّبر ) أن يخححرج مححن الحّدنيا ( أى ل ينفححع خروجححه منهححا‬
‫حالكونه ) لقيأ رّبه بخصلة ( واحدة ) من هذه الخصال ( و الحال أّنه ) لم يتب منهححا ( و‬
‫لم يندم عليها ‪ ،‬و هذه الخصال خمس ‪:‬‬

‫ل فيما افترض عليه من عبادته ( أى يرائي في عملحه و لحم يخلصححه‬‫احديها ) أن يشرك با ّ‬


‫ل سبحانه ‪ ،‬و الدليل من الكتاب الحكيم على حرمته قوله تعالى ‪:‬‬
‫ّ‬

‫حححدًا « و قححوله »‬
‫ك ِبِعباَدِة َرّبه أ َ‬‫شِر ْ‬
‫ل صاِلحًا َو ل ُي ْ‬ ‫عَم ً‬
‫ل َ‬‫جو ِلقآَء َرّبه َفْلَيْعَم ْ‬ ‫ن َيْر ُ‬
‫ن كا َ‬‫» َفَم ْ‬
‫ن«‪.‬‬ ‫ن َو اّلذيَنُهْم ُيرآُؤ َ‬
‫صلوِتِهْم ساُهو َ‬‫ن َ‬ ‫عْ‬ ‫صّلين اّلذيَنُهْم َ‬‫ل ِلْلُم َ‬
‫َفَوْي ٌ‬

‫و قد مضى تحقيق الكلم في الرياء و تفصيل أقسامه في شرح الفصل الّول من الخطبححة‬
‫الرابعة و العشرين الثانية ما أشار إليها بقححوله ) أو يشححفى غيظححه بهلك نفسححه ( أى يقتححل‬
‫نفسه‬

‫] ‪[ 218‬‬

‫ل به ‪ ،‬و الدليل على حرمته قوله تعالى‬


‫لفراط قّوته الغضبّية بحيث ل يطفى نار غضبه إ ّ‬
‫ى الّتْهُلَكِة « ‪.‬‬
‫» َو ل ُتْلُقوا ِبَأْيديُكْم إل َ‬

‫سححلم يقححول ‪:‬‬‫ل عليه ال ّ‬


‫روى في عقاب العمال عن أبي ولد الحّناط قال سمعت أبا عبد ا ّ‬
‫من قتل نفسه متعّمدا فهو في نار جهّنم خالدا فيها ‪ ،‬هذا و يحتمححل أن يكححون المححراد بهلك‬
‫ل بأن يكتسب إثما و يوبححق نفسححه مثححل أن‬ ‫نفسه الهلك الخروى أى ل يتشّفى من غيظه إ ّ‬
‫يكون بينه و بين آخر بغضاء و عداوة فيغتابه أو يفترى عليه أو ينّم عليه أو يسعى به إلى‬
‫ص على حرمته محكم الكتاب ‪ ،‬هذا و‬ ‫الملوك أو يسّبه و نحو ذلك مّما فيه أليم العذاب و ن ّ‬
‫ل بالقتححل ‪ ،‬و‬
‫في بعض الّنسخ بهلك نفس بدل نفسه فيكون المراد أّنححه ل يسححكت غضححبه إ ّ‬
‫ل على حرمته و عقابه صريحا قوله تعالى ‪:‬‬ ‫يد ّ‬
‫عحّد َلحُه‬
‫عَلْيحِه َو َلَعَنحُه َو أ َ‬
‫ل َ‬
‫ب ا ُّ‬
‫ض َ‬
‫غ ِ‬
‫جَهّنُم خاِلدًا فيها َو َ‬
‫جزآُؤُه َ‬
‫ل ُمؤِمنًا ُمَتَعّمدًا َف َ‬
‫ن َيْقُت ْ‬
‫» َو َم ْ‬
‫عظيمًا « ‪.‬‬ ‫عذابًا َ‬‫َ‬

‫سلم ‪:‬‬
‫و روى في عقاب العمال بسنده عن حمران قال ‪ :‬قلت لبي جعفر عليه ال ّ‬

‫ل‪:‬‬
‫ل عّز و ج ّ‬
‫قول ا ّ‬

‫لْر ِ‬
‫ض‬ ‫س أْو َفسحاٍد ِفحي ا ْ‬
‫ل َنْفسًا ِبَغْيحِر َنْفح ٍ‬
‫ن َقَت َ‬
‫ل أّنُه َم ْ‬
‫سرائي َ‬
‫على َبني إ ْ‬
‫ك َكَتْبنا َ‬
‫ل ذِل َ‬
‫جِ‬‫نأ ْ‬ ‫» ِم ْ‬
‫جميعًا « ‪.‬‬
‫ل الّناس َ‬ ‫َفَكَأّنما َقَت َ‬

‫سلم ‪ :‬يوضع في موضع من جهّنم إليه ينتهى شّدة عححذاب‬ ‫و إّنما قتل واحدا ‪ ،‬فقال عليه ال ّ‬
‫أهلها لو قتل الّناس جميعا كان إّنها يدخل ذلك المكان ‪ ،‬قلت ‪ :‬فاّنه قتل آخر قال ‪:‬‬

‫و يصاعف عليه ‪.‬‬

‫سححلم قححال ‪ :‬مححن أعححان‬


‫لح عليححه ال ّ‬
‫و عن أبي عمير قال ‪ :‬حّدثني غير واحد عن أبي عبد ا ّ‬
‫ل‪.‬‬
‫على قتل مؤمن بشطر كلمة جاء يوم القيامة بين عينيه مكتوب آيس من رحمة ا ّ‬

‫] ‪[ 219‬‬

‫لح فححي القيامححة فححي‬


‫سلم قال ‪ :‬أّول ما يحكم ا ّ‬
‫ل عليه ال ّ‬
‫و عن جابر بن يزيد عن أبي عبد ا ّ‬
‫الّدماء فيوقف ابنا آدم فيفصل بينهما ‪ ،‬ثّم اّلذين يلونهم من أصحححاب ال حّدماء حّتححى ل يبقححى‬
‫منهم أحد ‪ ،‬ثّم الّناس بعد ذلك فيأتي المقتححول قحاتله فيشحخب دمححه فححي وجهححه فيقححول ‪ :‬هححذا‬
‫لح‬
‫ل حديثا و عن سعيد الزرق عن أبيعبد ا ّ‬ ‫قتلنى ‪ ،‬فيقول أنت قتلته فل يستطيع أن يكتم ا ّ‬
‫ى ميتة شئت إن شححئت يهوديححا و ان‬ ‫سلم في رجل قتل رجل مؤمنا يقال له ‪ :‬مت أ ّ‬ ‫عليه ال ّ‬
‫شئت نصرانّيا ‪ ،‬و إن شئت مجوسّيا الثالثة ما أشار اليها بقوله ) أو يقّر بأمر فعله غيره (‬
‫ل على أّنه حرام و معصححية‬ ‫ن المراد به أن يحكى أمرا قبيحا ارتكبه غيره ‪ ،‬و يد ّ‬ ‫ظاهر أ ّ‬‫ال ّ‬
‫قوله تعالى ‪:‬‬

‫ب أليحٌم « روى فححي عقححاب‬‫عححذا ٌ‬


‫ن آَمُنححوا َلُهحْم َ‬
‫شُة ِفححي اّلححذي َ‬
‫حَ‬‫ن َتشيَع اْلفا ِ‬
‫نأ ْ‬
‫حّبو َ‬
‫ن ُي ِ‬
‫» َو اّلذي َ‬
‫سلم قال ‪ :‬قلححت‬‫العمال عن محّمد بن الفضيل عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما ال ّ‬
‫له ‪ :‬جعلت فداك الّرجل من اخواني بلغني عنه الشيء الذي أكرهه فأسأله عنه فينكر ذلححك‬
‫‪ ،‬و قد أخبرني عنه قوم ثقات ‪ ،‬فقال لي ‪ :‬يا محّمد كّذب سمعك و بصرك عن أخيك و إن‬
‫شهد عندك خمسون قسامة و قال لك قول فصّدقه و كّذبهم ‪،‬‬

‫ل»‬ ‫لح عحّز و جح ّ‬‫ن عليه شيئا تشينه به و تهدم به مرّوته ‪ ،‬فتكون من الذين قال ا ّ‬
‫و ل تذيع ّ‬
‫لح عليححه‬
‫ضل بن عمر عن أبي عبححد ا ّ‬ ‫ن اّلذين يحّبون أن تشيع الفاحشة « الية و عن المف ّ‬ ‫إّ‬
‫سلم قال ‪ :‬من روى عن مؤمن رواية يريد بها شينه و هححدم مرّوتححه ليسححقطه مححن أعيححن‬ ‫ال ّ‬
‫شيطان ‪.‬‬‫ل من وليته إلى ولية ال ّ‬
‫ل عّز و ج ّ‬
‫الّناس أخرجه ا ّ‬

‫شارحين يعّر بالعين المهملة قال ‪:‬‬


‫شارح البحراني ‪ :‬و روى بعض ال ّ‬
‫قال ال ّ‬

‫و معناه أن يقذف غيره بأمر قد فعله هو فيكون غيره منصححوبا مفعححول بححه و العامححل يعحّر‬
‫يقال عّره يعّره أى عابه و لطخه أقول ‪ :‬و على هذا فيدلّ على حرمته ما يدل على حرمححة‬
‫البهت و الفتراء ‪ ،‬قال تعالى ‪:‬‬

‫] ‪[ 220‬‬

‫ن«‪.‬‬
‫ك ُهُم اْلكاِذُبو َ‬
‫ل َو ُأولِئ َ‬
‫ت ا ِّ‬
‫ن ِبآيا ِ‬
‫ن ل ُيْؤِمُنو َ‬
‫ب اّلذي َ‬
‫» إّنما َيْفَتِرى اْلَكِذ َ‬

‫سلم قححال ‪ :‬مححن اّتهححم‬


‫ل عليه ال ّ‬
‫روى في عقاب العمال عن ابن أبي يعفور عن أبي عبد ا ّ‬
‫ل يوم القيامة في طينة خبال حّتى يخرج مّما قال ‪،‬‬ ‫مؤمنا أو مؤمنة بما ليس فيهما بعثه ا ّ‬

‫ل عليحه جميحع محا‬


‫قلت ‪ :‬و ما طينة خبال ؟ قال ‪ :‬صديد يخرج من فحروج الّزنحاة ‪ ،‬بحل يحد ّ‬
‫ورد في حرمة الغيبة إذ ذلك قسم من الغيبة بل من أعظم أقسامها كما ل يخفى ‪.‬‬

‫الرابعة ما أشار اليها بقوله ) أو يستنجح حاجة إلى الّناس باظهار بدعة فححي دينححه ( يعنححي‬
‫ضححللة فححي‬
‫ل بدعة ضللة و ال ّ‬ ‫أّنه يبدع في الّدين طلبا لنجاح حاجته ‪ ،‬و من المعلوم أنّ ك ّ‬
‫الّنار قال تعالى ‪:‬‬

‫ن اّتَبَع َهويُه ِبَغْيِر ُهًدى ِم ح ْ‬


‫ن‬ ‫ل ِمّم ِ‬
‫ن أضَ ّ‬
‫ضدًا « و قال » َو َم ْ‬
‫ع ُ‬
‫ضّلين َ‬
‫خَذ اْلُم ِ‬
‫ت ُمّت ِ‬
‫» َو ما ُكْن ُ‬
‫ل«‪.‬‬ ‫ا ِّ‬

‫ل عليه ما في عقححاب العمححال‬ ‫و استنجاح الحاجة بالبدعة أشّد خزيا و أعظم مقتا ‪ ،‬كما يد ّ‬
‫سلم قال ‪ :‬صونوا دينكم بححالورع ‪ ،‬و قحّووه بححالّتقوى و السححتغناء‬ ‫ل عليه ال ّ‬
‫عن أبي عبد ا ّ‬
‫سلطان ‪ ،‬و اعلموا أّنه أّيما مؤمن خضع لصححاحب‬ ‫ل عن طلب الحوائج من ال ّ‬ ‫ل عّز و ج ّ‬‫با ّ‬
‫ل إليححه ‪،‬‬
‫ل و مقته عليه و وكله ا ّ‬ ‫سلطان أو لمن يخالفه على دينه طلبا لما في يديه أخمله ا ّ‬
‫لح البركححة منححه و لححم‬
‫و إن هو غلب على شيء من دنياه و صار في يده منه شححيء نححزع ا ّ‬
‫جة و ل عمرة و ل عتق و فيه عن هشام بن الحكم عححن أبححي‬ ‫يأجره على شيء ينفقه في ح ّ‬
‫سلم قال ‪ :‬كان رجححل فححي الّزمححن الّول طلححب الحّدنيا مححن حلل فلححم يقححدر‬ ‫ل عليه ال ّ‬
‫عبد ا ّ‬
‫عليها ‪ ،‬فطلبها من حرام فلم يقدر عليها ‪،‬‬
‫شيطان فقال له ‪ :‬يا هذا إّنك قد طلبت الّدنيا من حلل فلم تقدر عليهححا و طلبتهححا مححن‬
‫فأتاه ال ّ‬
‫حرام فلم تقدر عليها أفل أدّلك على شيء يكثر به مالك و دنياك و تكححثر بححه ؟ ؟ ؟ بعححك ؟‬
‫قال ‪ :‬بلى ‪ ،‬قال ‪ :‬تبتدع دينا و تدعو إليه الّناس ‪ ،‬ففعل ‪ ،‬فاستجاب له‬

‫] ‪[ 221‬‬

‫الّناس فأطاعوه و أصاب من الّدنيا ‪ ،‬ثّم إّنه فّكر فقال ‪ :‬ما صنعت ابتححدعت دينححا و دعححوت‬
‫ل أن آتححى مححن دعححوته إليححه فححأرّده ‪ ،‬فجعححل يححأتي أصحححابه‬
‫الّناس إليه و ما أرى لى توبة إ ّ‬
‫ن الذى دعوتكم اليه باطل و إّنما ابتححدعته فجعلححوا يقولححون ‪ :‬كححذبت‬ ‫الذين أجابوه فيقول ‪ :‬إ ّ‬
‫ق و لكّنك شككت في دينك فرجعت عنه ‪ ،‬فلّما رأى ذلك عمد إلى سلسلة فوتد لهححا‬ ‫هذا الح ّ‬
‫ل ع حّز‬‫ى ‪ ،‬فأوحى ا ّ‬‫ل عل ّ‬
‫ل عّز و ج ّ‬ ‫و تدا ثّم جعلها في عنقه و قال ‪ :‬ل احّلها حّتى يتوب ا ّ‬
‫ي من النبياء قل لفلن ‪:‬‬ ‫ل إلى نب ّ‬
‫وجّ‬

‫و عّزتي لو دعوتني حّتى ينقطع أو صالك ما استجبت لححك حّتححى تححرّد مححن مححات علححى مححا‬
‫دعوته إليه فيرجع عنه ‪.‬‬

‫الخامسة محا أشحار إليهححا بقححوله ) أو يلقحى الّنحاس بحوجهين أو يمشحى فيهحم بلسححانين ( قحال‬
‫صديقين مثل بغير ما يلقى به الخر ليفرق بينهما ‪،‬‬ ‫ل من ال ّ‬
‫ي ‪ :‬أى يلقى ك ّ‬‫شارح البحران ّ‬‫ال ّ‬
‫أو بين العدّوين ليضري بينهما ‪ ،‬و بالجملة أن يقول بلسانه مححا ليححس فححي قلبححه فيححدخل فححي‬
‫زمرة المنافقين و وعيد المنافقين في القرآن ‪:‬‬

‫ن الّنار « ‪.‬‬
‫ل ِم َ‬
‫سَف ِ‬
‫لْ‬‫ك ا َْ‬
‫ن ِفي الّدْر ِ‬
‫ن اْلُمناِفقي َ‬
‫»إّ‬

‫ل علححى‬‫أقول ‪ :‬و يدخل أيضا في زمرة المغتابين فيشمله اليات المفيدة لحرمة الغيبة و يد ّ‬
‫لح عليححه‬
‫سنة ما رواه في الكافي بسنده عن ابححن أبححي يعفححور عححن أبححي عبححد ا ّ‬ ‫حرمته من ال ّ‬
‫سلم قال ‪ :‬من لقى المسلمين بوجهين و لسانين جاء يوم القيامة و له لسححانان مححن نححار و‬ ‫ال ّ‬
‫سلم قال ‪ :‬بئس العبد عبد يكون ذا وجهين و ذا لسانين ‪،‬‬ ‫عن أبي جعفر عليه ال ّ‬

‫يطرى أخاه شاهدا و يأكله غائبا إن أعطى حسده ‪ ،‬و ان ابتلى خذله و عن عبححد الّرحمححان‬
‫سححر و‬‫ل تبارك و تعالى لعيسى ‪ :‬يا عيسححى ليكححن لسححانك فححي ال ّ‬
‫بن حماد رفعه قال ‪ :‬قال ا ّ‬
‫العلنية لسانا واحدا و كذلك قلبك إّني احّذرك نفسك و كفى بي خبيرا ‪ ،‬ل يصححلح لسححانان‬
‫في فم واحد ‪ ،‬و ل سيفان في غمد واحد ‪ ،‬و ل قلبان في صدر واحد ‪ ،‬و كذلك الذهححان ‪،‬‬
‫و رواها جميعا في عقاب العمال نحوها ‪.‬‬

‫لح صحّلى‬
‫سلم قال ‪ :‬قال رسول ا ّ‬
‫ي عن آبائه عليهم ال ّ‬
‫و في عقاب العمال عن زيد بن عل ّ‬
‫ل عليه و آله‬
‫ا ّ‬
‫] ‪[ 222‬‬

‫يجيء يوم القيامة ذو الوجهين دالعا لسانه في قفاه و آخر من قدامه يلتهبان نارا حّتى يلهبا‬
‫جسده ثّم يقححال لححه ‪ :‬هححذا اّلححذي كححان فححي الحّدنيا ذا وجهيححن و ذا لسححانين يعححرف بححذلك يححوم‬
‫القيامة ‪.‬‬

‫ن المثل دليل على شبهه ( لّمححا‬‫ن البهايم آه ) فا ّ‬‫) اعقل ذلك ( أشار به إلى ما يذكره بقوله إ ّ‬
‫ل في ماّدة محسوسححة كمححن ل‬ ‫شيء إ ّ‬ ‫كان أكثر الفهام قاصرة عن إدراك الماهّية العقلّية لل ّ‬
‫يعرف حقيقة العلم مثل فيقال له إّنه مثل الّلبن حيث إّنه غذاء للّروح الّناقص و يصححير بححه‬
‫طفل الّناقص و به يصير كماله و هكذا ‪ ،‬ل جرم جرت عادة ا ّ‬
‫ل‬ ‫كامل كما يتغّذي بالّلبن ال ّ‬
‫تعالى و عادة رسله و أوليائه في بيان الحكام للّناس و تبليغ التكاليف اليهححم علححى ضححرب‬
‫المثال تقريبا للفهام و أكثر القرآن أمثال ضربت للّنححاس ظواهرهحا حكايحة عحن حقايقهحا‬
‫المكشوفة عند ذوى البصاير قال صدر المتأّلهين ‪ :‬كححثر فححي القححرآن ضححرب المثححال ل ّ‬
‫ن‬
‫شهادة ‪ ،‬و الخرة عالم الغيب و الملكوت ‪ ،‬و ما من صورة فححي هححذا‬ ‫الّدنيا عالم الملك و ال ّ‬
‫ل و لححه مثححال و‬
‫ل و لها حقيقة في عالم الخرة و ما من معنى حقيقى في الخححرة إ ّ‬ ‫العالم إ ّ‬
‫صورة في الّدنيا ‪،‬‬

‫إذ العوالم و الّنشئات مطابقة تطابق النفس و الجسد ‪ ،‬و شرح أحوال الخرة لمن كان بعد‬
‫ل بمثال ‪ ،‬و لذلك وجدت القرآن مشحونا بالمثال كقوله ‪:‬‬
‫في الّدنيا ل يمكن إ ّ‬

‫لح « مثلحه »‬
‫ل ا ِّ‬
‫ن أْمححواَلُهْم فحي سححبي ِ‬
‫ن ُيْنِفُقححو َ‬
‫ل اّلححذي َ‬
‫ن « » َمَث ُ‬‫عَد اْلُمّتُقو َ‬
‫جّنِة اّلتي ُو ِ‬
‫ل اْل َ‬
‫» َمَث ُ‬
‫حماِر « ‪.‬‬‫ل اْل ِ‬
‫ب « مثلهم » َكَمَث ِ‬ ‫ل اْلَكْل ِ‬
‫َكَمَث ِ‬

‫ل بضرب المثححال ‪ ،‬لّنهححم كّلفححوا أن يكّلمححوا الّنححاس‬ ‫و ليس للنبياء أن يتكّلموا مع الخلق إ ّ‬
‫ل بمثل ‪ ،‬فاذا‬ ‫على قدر عقولهم ‪ ،‬و قدر عقولهم أّنهم في النوم و النائم ل يكشف له شيء إ ّ‬
‫ن المثل صادق ‪ ،‬فالنبياء هم المعبرون لما عليححه أهححل ال حّدنيا مححن‬ ‫ماتوا انتبهوا و عرفوا أ ّ‬
‫صفات و ما يؤل عليه عاقبتها في يقظة الخححرة بكسححوة المثححال الّدنيويححة إذا‬ ‫الحوال و ال ّ‬
‫سلم لّما كان مقصوده التمثيل و أداء‬ ‫ن أمير المؤمنين عليه ال ّ‬ ‫عرفت ذلك فأقول ‪ :‬إ ّ‬

‫] ‪[ 223‬‬

‫غرضه بضرب المثل ‪ ،‬و المثل ينتفع به العام و الخاص ‪ ،‬و كان نصيب العامى مححن كحلّ‬
‫مثل أن يدرك ظاهره المحسوس و يقف عليه و ينتفع به ترغيبا و ترهيبا لما فيه من نححوع‬
‫مطابقة لصله و نصيب الخاصى أن يدرك بححاطنه و يعّبححر مححن ظححاهره إلححى سحّره و مححن‬
‫محسوسه الجزئي إلى معقوله الكّلى كما قال تعالى ‪:‬‬

‫ن«‪.‬‬
‫ل اْلعاِلُمو َ‬
‫ضِرُبها ِللّناس َو ما َيْعِقُلها إ ّ‬
‫ل َن ْ‬
‫لْمثا ُ‬
‫كا ْ‬
‫» َو ِتْل َ‬
‫سلم أن يكون انتفاع المخاطبين بالمثل الذي يضربه على وجه الكمال و نحو‬ ‫أراد عليه ال ّ‬
‫ن المثل دليل على‬ ‫سلم ‪ :‬مقّدمة و تنبيها لهم ‪ :‬اعقل ذلك فا ّ‬ ‫الخصوص ‪ ،‬فلذلك قال عليه ال ّ‬
‫شبهه ‪ ،‬أي أفهم ما أقول و تدّبر فيه و ل تقصر نظرك إلى ظحاهره ‪ ،‬بحل تفّكحر فحي معنحاه‬
‫حّتى تصل من قشره إلى لّبه ‪ ،‬و يمكن لك السححتدلل بالمثححل علححى ممّثلححه و النتقححال مححن‬
‫ن البهححايم‬‫ظاهره إلى باطنه و الوصول من قشره إلى لّبه و المثل اّلذي ضربه هو قوله ) إ ّ‬
‫شححراب و الكححل و‬ ‫شححهوية فاهتمامهححا دائمححا بالطعححام و ال ّ‬‫هّمهححا بطونهححا ( لكمححال قّوتهححا ال ّ‬
‫سباع هّمها العدوان ( لفراط قّوتها الغضبّية فلّذتها أبححدا‬ ‫ن ال ّ‬
‫سفاد ) و إ ّ‬‫شرب و النزو و ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ن زينححة الحيححاة الحّدنيا (‬
‫ن الّنسححاء همهح ّ‬‫في الضراء و الفححتراس و الغلبححة و النتقححام ) و إ ّ‬
‫سلم من هححذا‬ ‫شهوّية ) و الفساد فيها ( لشّدة قّوتها الغضبّية و غرضه عليه ال ّ‬ ‫لفرط قّوتها ال ّ‬
‫ن كمال النسان اّلذي به فارق غيححره هححو إدراك مححا يخححرج عححن عححالم‬ ‫المثل التنبيه على أ ّ‬
‫الحواس و الحاطة بالمعلومات و التنّزه عن الّتعّلقات و الّترّقي إلى الملء العلى ‪ ،‬فمححن‬
‫ذهل عن ذلك و عطل نفسه عن تحصيله و أهمله و لم يجاوز عالم المحسوسات فهو الذي‬
‫أهلك نفسه و أبطل قّوة استعداده بالعراض عن اليات و التأّمل فيها ‪ ،‬و نزل عن مرتبة‬
‫النسانية و أخلد إلى الرض فان كان تابعا لقّوته الشهوّية البهيمّية فهو نححازل عححن حقيقححة‬
‫النسانّية إلى درجة البهايم ‪ ،‬و وافق النعام فمثله كمثل الحمار بل البهححايم أشححرف منححه و‬
‫ن أكحثرهم يسحمعون أو يعقلححون إن هحم إ ّ‬
‫ل‬ ‫ل منها كمحا قحال تعحالى ‪ » .‬أم تحسحب أ ّ‬ ‫هو أض ّ‬
‫كالنعام بل هم‬

‫] ‪[ 224‬‬

‫ل سبيل « و ذلك لّنها ما ابطلت استعدادها لما كان لها و ما أضّلت عن سححبيلها اّلححتي‬ ‫أض ّ‬
‫ل هحو آخحذ بناصحيتها ‪ ،‬بخلف هحذا ‪ ،‬فحاّنه أبطحل كمحاله و‬ ‫كانت عليها ‪ ،‬بل ما من داّبحة إ ّ‬
‫انسانّيته و تبع شهوة بطنه و فرجحه و آثحر البهيمّيحة و ان كحان تابعحا لقحوته الغضحبّية فهحو‬
‫ضححبع و نحوهححا و إن كححان‬ ‫سبعّية فمثلححه كمثححل الكلححب أو الخنزيححر أو ال ّ‬
‫ط إلى درجة ال ّ‬
‫منح ّ‬
‫ط من كمال الرجولّية إلى مرتبة النوثّية ‪.‬‬ ‫تابعا لشهوته و غضبه معا فقد انح ّ‬

‫سححلم مححن التمثيححل التنفيححر عححن اّتبححاع الشححهوة و‬ ‫ن غرضه عليححه ال ّ‬ ‫خص مما ذكرنا أ ّ‬ ‫فقد تل ّ‬
‫ن الخارج فيهما عححن ححّد العححدل إلححى مرتبححة الفححراط إّمححا أن تشححبه‬ ‫الغضب بالتنبيه على أ ّ‬
‫ل منها مما يرغب العاقل عنه و ل يرضى بححه لنفسححه ‪ ،‬و‬ ‫البهيمة أو السبع أو المرأة ‪ ،‬و ك ّ‬
‫سلم لما نّفر عن اتباع هحاتين القحّوتين عّقحب ذلحك‬ ‫لذلك قال أّول ‪ :‬اعقل ذلك ثّم إّنه عليه ال ّ‬
‫ن المححؤمنين مسححتكينون ( أى‬ ‫سححلم ‪ ) :‬إ ّ‬‫بصححفات المححؤمنين ترغيبححا إليهححا فقححال عليححه ال ّ‬
‫ن المؤمنين مشفقون ( كما قال سبحانه ‪:‬‬ ‫ل متواضعون له ) إ ّ‬ ‫خاضعون ّ‬

‫ق « و قال في موضع آخر ‪:‬‬


‫حّ‬‫ن أّنَها اْل َ‬
‫ن ِمْنها أي الساعة َو َيْعَلُمو َ‬
‫شِفُقو َ‬
‫ن آَمُنوا ُم ْ‬
‫» َو اّلذي َ‬
‫ن َرّبُهحْم‬
‫شحْو َ‬
‫خَ‬
‫ن َي ْ‬
‫ن اّلحذي َ‬
‫ن « و قحال » َو ِذْكححرًا ِلْلُمّتقيح َ‬
‫شحِفُقو َ‬
‫ب َرّبِهحْم ُم ْ‬
‫عحذا ِ‬
‫ن َ‬‫» َو اّلذيَنُهْم ِم ْ‬
‫ن«‪.‬‬ ‫شِفُقو َ‬
‫ساعِة ُم ْ‬‫ن ال ّ‬
‫ب َو ُهْم ِم َ‬
‫ِبالَْغْي ِ‬

‫ن المؤمنين خائفون ( كما قال تعالى ‪:‬‬


‫)إّ‬

‫ن مححا آتحْوا َو‬


‫ن ُيْؤُتححو َ‬
‫ت ُقُلححوُبُهْم « و قححال » َو اّلححذي َ‬
‫جَلح ْ‬
‫لو ِ‬‫ن إذا ُذِكَر ا ُّ‬
‫ن اّلذي َ‬
‫» إّنما اْلُمْؤِمُنو َ‬
‫عو َ‬
‫ن‬ ‫ك ُيساِر ُ‬ ‫ن أولِئ َ‬
‫جُعو َ‬
‫جَلٌة أّنُهْم إلى َرّبِهْم را ِ‬
‫ُقُلوُبُهْم َو ِ‬

‫] ‪[ 225‬‬

‫سححلم فححي الجملت الثلث‬


‫ن « ‪ .‬هححذا و انمححا أتححى عليححه ال ّ‬
‫ت و ُهحْم َلهححا سححاِبُقو َ‬
‫خيححرا ِ‬
‫ِفي اْل َ‬
‫الخيرة بالسماء الظاهرة مع اقتضاء الظحاهر التيحان فحي الخيرتيحن بالضحمير لغحرض‬
‫زيادة تمكين المسند إليه عند السامع كما في قوله تعالى ‪:‬‬

‫ل«‪.‬‬
‫ق َنَز َ‬
‫حّ‬‫ق أْنَزْلناُه َو ِباْل َ‬
‫حّ‬‫صَمُد « و في قوله » َو ِباْل َ‬
‫ل ال ّ‬
‫حٌد ا ُّ‬
‫لأ َ‬
‫ل ُهَو ا ُّ‬
‫» ُق ْ‬

‫سنات البلغة ‪.‬‬


‫و هو من مح ّ‬

‫ععععع‬

‫سلم ‪ :‬إّنما رمز بباطن هححذا‬ ‫شارح المعتزلي في شرح هذا الفصل من كلمه عليه ال ّ‬ ‫قال ال ّ‬
‫الكلم إلى الّرؤساء يوم الجمل ‪ ،‬لّنهم حاولوا أن يشححفوا غيظهححم بححاهلكه و إهلك غيححره‬
‫من المسلمين ‪ ،‬و عزوه بأمرهم فعلوه و هو الّتأليب علححى عثمححان و حصححره و اسححتنجحوا‬
‫حاجتهم إلى أهل البصرة باظهار البدعة و الفتنة و لقوا الّناس بحوجهين و لسحانين ‪ ،‬لّنهححم‬
‫ل سبحانه فححي‬ ‫شرك با ّ‬
‫بايعوه و أظهروا الّرضا به ‪ ،‬ثّم دّبوا له فجعل دبوبهم هذه مماثلة لل ّ‬
‫ن المثل دليل على شححبهه ‪ ،‬و‬ ‫ل بالّتوبة ‪ ،‬و هذا هو معنى قوله ‪ :‬اعقل ذلك فا ّ‬‫أّنها ل تغفر إ ّ‬
‫ن المثل واحد المثال أى هذا الحكم بعدم المغفرة لمن أتى شححيئا محن هححذه الشحياء‬ ‫روى فا ّ‬
‫عام و الواحد منها دليل على ما يماثله و يشابهه ‪.‬‬

‫ن هححذه‬
‫ل فححا ّ‬
‫فان قلت ‪ :‬فهذا تصريح بمذهب المامية في طلحة و الّزبير و عايشة قلت ‪ :‬ك ّ‬
‫الخطبة خطب بهحا و هحو سحائر إلحى البصحرة و لحم يقحع الححرب بعحد ‪ ،‬و رمحز فيهحا إلحى‬
‫المذكورين و قال إن لم يتوبوا و قد ثبت أّنهم تابوا ‪ ،‬و الخبار عنهم بالّتوبححة مستفيضححة ‪،‬‬
‫ثّم أراد أن يؤمى إلى ذكر الّنساء للحال اّلتي كان وقع إليها مححن اسححتنجاد أعححدائه بححالمرأة‬
‫فذكر قبل ذكر الّنساء أنواعا من الحيوان تمهيدا لقاعدة‬

‫] ‪[ 226‬‬
‫ن الس حّباع هّمهححا‬
‫ن البهايم هّمها بطونها كالحمر و البقححر و البححل ‪ ،‬و إ ّ‬
‫ذكر النساء فقال ‪ :‬إ ّ‬
‫صقور ‪،‬‬ ‫ضارية و الّنمور و الفهود و البزاة و ال ّ‬
‫العدوان على غيرها كالسود ال ّ‬

‫شححارح مححن‬
‫ن زينة الحياة الّدنيا و الفساد فيها انتهى أقول ‪ :‬أّما ما ذكححره ال ّ‬
‫ن النساء هّمه ّ‬
‫وإّ‬
‫كون هذا الكلم رمزا إلى قححادة الضححلل يححوم الجمححل فغيححر بعيححد ‪ ،‬و اّتصححافهم بالخصححال‬
‫الخمس التي هى من أوصاف أهل النفاق و الضلل معلوم و مبرهن ‪.‬‬

‫ن صححدور هححذه‬ ‫و أّما جوابه عن العتراض الذي اعححترض بححه فسححخيف جحّدا أّمححا أّول فل ّ‬
‫سلم حين مسيره إلى البصرة و قبححل وقححوع الحححرب ل يرفححع اليححراد‬ ‫الخطبة عنه عليه ال ّ‬
‫سلم لم يقل إن لححم‬ ‫بعد تحّقق اّتصاف الّرؤساء بالخصال المذكورة و أّما ثانيا فلنه عليه ال ّ‬
‫يتوبوا بل قال و لم يتب ‪ ،‬و كونه رمزا إلى عدم توبتهم و أنهم يموتون بل توبة أظهر من‬
‫ن أخبحار تححوبتهم الححتي ادعححى استفاضححتها‬ ‫أن يكون رمزا إلى حصول التوبة و أّما ثالثا فل ّ‬
‫بعد تسليم كونها مستفيضححة ممححا تفحّردت العاّمححة بروايتهححا ‪ ،‬و ل يتحّم بهححا الحتجححاج قبححال‬
‫المامّية ‪ ،‬و قد قحّدمنا فححي شححرح الكلم الثححامن بطلن توبححة الزبيححر ‪ ،‬و فححي شححرح الكلم‬
‫الثححاني عشححر بطلن توبححة الطلحححة ‪ ،‬و فححي شححرح الكلم التاسححع و السححبعين بطلن توبححة‬
‫الخاطئة ‪ ،‬و قد مّر تحقيق بطلن توبة الّولين أيضا فححي شححرح الكلم المححأة و السححابعة و‬
‫الثلثين بما ل مزيد عليه فليتذّكر ‪.‬‬

‫ععععععع‬

‫بعض ديگر از آن خطبه شريفه در صفت بعض أهل ضللست مىفرمايد ‪:‬‬

‫و آن شخص معصيت كار در مهلت است از پروردگار فرو مىافتد با غافلن ‪،‬‬

‫و صباح مىكند با گنه كاران ‪ ،‬بدون راه راست و بدون پيشوائى كه كشنده خليق است‬
‫ب العّزة و بعض ديگححر از ايححن خطبححه متضحّمن نصححيحت و مححوعظه‬
‫بطرف حضرت ر ّ‬
‫است مر مخاطبين را مىفرمايد ‪:‬‬

‫] ‪[ 227‬‬

‫تا آنكه چون كشف كند خدايتعالى از جزاء معصيت ايشان ‪ ،‬و خارج ميكند ايشان را از‬
‫لباسهاى غفلت ايشان استقبال مىكنند بچيزى كه ادبار كرده بود و غايب بححود از ايشححان‬
‫كه عبارتست از عقوبات آخرت ‪ ،‬و استدبار مىكنند بچيزى كه حاضر بود ايشححانرا كححه‬
‫عبارتست از لذايذ دنيا ‪ ،‬پس نفع نبردند از آنچه دريافتند از مطلوب خودشان ‪ ،‬و نه بححه‬
‫آنچه كه رسيدند از حاجت خود ‪ ،‬و بدرستى كه من ميترسانم شححما را و نفححس خححود مححرا‬
‫از اين حالت غفلت ‪ ،‬پس بايد كه منتفع بشود مرد بنفس خود ‪،‬‬
‫پس بدرستى كه صاحب بصيرت شخصى است كه بشنود پس تفكر نمايححد ‪ ،‬و نظححر كنححد‬
‫پس بينا گردد ‪ ،‬و منتفع بشود با عبرتهاى روزگار پححس از آن راه بححرود در راه راسححت‬
‫آشكار كه دورى ورزد در آن راه از افتادن مواضع پستى و تباهى و از گمراه شدن در‬
‫مواضع گمراهى ‪ ،‬و اعانت نكند بر ضححرر خححود گمراهححان را بجهححة كححج روى در امححر‬
‫حق يا بجهة تغيير دادن در گفتار ‪ ،‬يا بجهة اظهار خوف در راستى و صداقت پس افاقه‬
‫حاصل كن اى شنونده از بيهوشى خود را بيدار باش از خواب غفلت خود ‪ ،‬و مختصححر‬
‫كن از تعجيل و شتاب خودت ‪ ،‬و نيك تأّمل نما در آنچه آمده بتو بر زبححان پيغمححبريكه از‬
‫أهححل مكححه معظمححه اسححت از آنچححه ناچححار اسححت از آن و هيححچ گريححزى نيسححت از آن ‪ ،‬و‬
‫جه بشود بطرف غيححر آن ‪ ،‬و مگححذار‬ ‫مخالفت كن با كسى كه مخالفت كند در آن ‪ ،‬و متو ّ‬
‫او را بآنچه كه پسنديده است او را از براى خودش ‪ ،‬و بگذار فخر خودت را ‪ ،‬و پسححت‬
‫كن كبر خود را ‪ ،‬و ذكر كن قبر خود را پس بدرستى كه بر آن قبر است عبححور تححو ‪ ،‬و‬
‫همچنان كه جزا مىدهى جزا داده ميشوى ‪ ،‬و همچنان كه زراعت مىكنححى مىدروى ‪،‬‬
‫و آنچه كه پيش فرستاده امروز مىآئى بر او فردا پس مهّيا كن از براى آمدن خود بدار‬
‫بقا ‪ ،‬و مقّدم كن از براى روز حاجت خود ‪ ،‬پس البته حذر كن و بترس أى گوش دهنححده‬
‫‪ ،‬و البّته جّد و جهد كن أى غفلت كننده ‪ ،‬و آگححاه نكنححد تححو را هيححچ كححس ماننححد كسححى كححه‬
‫آگاهست از كارها ‪ ،‬بدرستى كه از جملححه أوامححر محتححومه پروردگححار در ذكححر محكححم و‬
‫استوار كه بر اخذ آن ثواب مىدهد ‪ ،‬و بر ترك آن عقاب مىنمايد ‪ ،‬و از براى اطححاعت‬
‫آن خوشنود مىشود ‪ ،‬و بجهة‬

‫] ‪[ 228‬‬

‫مخالفت آن غضب مىكند ‪.‬‬

‫اينست كه هيچ نفع نمىبخشد بنده را اگر چه بمشقت أندازد نفس خود را و خالص نمايد‬
‫فعل خود را اين كه خارج بشود از دنيا در حالتى كه ملقات كند پروردگار خححود را بححا‬
‫يك خصلت از اين خصلتهاى ذميمه در حالتى كه توبه ننموده باشد از آن ‪:‬‬

‫آنكه شرك آورد بخدا در آنچه كه واجب نموده است بر او از عبادت خود ‪،‬‬

‫يا شفا بدهد غيظ خود را با هلك كردن نفس خود ‪ ،‬يا اقرار كند بكححارى كححه ديگححرى او‬
‫را نموده ‪ ،‬يا خواهش روا كردن حاجتى نموده باشد بسوى خلق با اظهار بدعت در دين‬
‫خود ‪ ،‬يا ملقات كند مردمان را بدو روئى و نفاق ‪ ،‬يا مشى كنححد در ميححان ايشححان بححا دو‬
‫زباني و عدم وفاق درك كن و بهم اين مثل را كه خواهم زد از بححراى تححو پححس بدرسححتى‬
‫كه مثل دليل است بر مشابه خود ‪ ،‬و آن مثل اينست كه ‪ :‬چهار پايان قصد آنها شكمهاى‬
‫آنهاست ‪ ،‬و بدرستى كه درندگان قصد ايشحان سحتم و عدوانسحت ‪ ،‬و بدرسحتى كحه زنحان‬
‫قصد ايشان زينت زندگاني ايححن جهححان و فسححاد كردنسححت در آن ‪ ،‬بدرسححتى كححه مؤمنححان‬
‫متواضعانند ‪ ،‬بدرستيكه مؤمنان ترسندگانند از غضب پروردگار ‪ ،‬بدرستى كه مؤمنححان‬
‫خائفند از سخط آفريدگار ‪ ،‬الّلهّم وّفقنا بمحّمد و آله الطهار‬

‫عععع‬
‫ع عع عععع عع عععع ععع‬

‫و هى المأة و الثالث و الخمسون من المختار في باب الخطب و فيه فصلن‬

‫ععععع ععععع‬

‫و ناظر قلب الّلبيب ‪ ،‬به يبصر أمده ‪ ،‬و يعرف غوره و نجده ‪،‬‬

‫] ‪[ 229‬‬

‫داع دعا ‪ ،‬و راع رعا ‪ ،‬فاستجيبوا للّداعي ‪ ،‬و اّتبعوا الّراعى ‪ ،‬قد خاضححوا بحححار الفتحن ‪،‬‬
‫شعار‬‫ضاّلون المكّذبون ‪ ،‬نحن ال ّ‬ ‫سنن ‪ ،‬و أرز المؤمنون ‪ ،‬و نطق ال ّ‬ ‫و أخذوا بالبدع دون ال ّ‬
‫ل مححن أبوابهححا ‪ ،‬فمححن أتاهححا مححن‬
‫و الصحاب ‪ ،‬و الخزنة و البواب ‪ ،‬و ل تؤتى البيوت إ ّ‬
‫غير أبوابها سّمي سارقا ‪.‬‬

‫ععععع عععععع ) عععع (‬

‫فيهم كرائم القرآن ‪ ،‬و هم كنوز الّرحمن ‪ ،‬إن نطقوا صدقوا ‪،‬‬

‫و إن صمتوا لم يسبقوا ‪ ،‬فليصدق رائد أهله ‪ ،‬و ليحضر عقله ‪ ،‬و ليكن من أبنححاء الخححرة‬
‫فاّنه منها قدم ‪ ،‬و إليها ينقلب ‪ ،‬فالّناظر بالقلب العامل بالبصر يكون مبتححدء عملححه أن يعلححم‬
‫أعمله عليه أم له ‪ ،‬فإن كان له مضى فيه ‪،‬‬

‫سائر على غير طريق ‪،‬‬


‫ن العامل بغير علم كال ّ‬
‫و إن كان عليه وقف عنه ‪ ،‬فإ ّ‬

‫طريححق‬‫سححائر علححى ال ّ‬ ‫ل بعدا من حاجته ‪ ،‬و العامححل بححالعلم كال ّ‬ ‫طريق إ ّ‬ ‫فل يزيده بعده عن ال ّ‬
‫ل ظاهر باطنا علي مثاله ‪ ،‬فمححا‬ ‫الواضح ‪ ،‬فلينظر ناظر أسائر هو أم راجع ‪ ،‬و اعلم أنّ لك ّ‬
‫صححادق‬‫طاب ظاهره طاب باطنه ‪ ،‬و ما خبث ظاهره خبث بحاطنه ‪ ،‬و قحد قحال الّرسححول ال ّ‬
‫ب اْلَعَمححل َو‬
‫حح ّ‬
‫عَمَلحُه ‪َ ،‬و ُي ِ‬
‫ض َ‬
‫ب اْلَعْبحَد َو ُيْبِغح ُ‬
‫حح ّ‬
‫لح ُي ِ‬
‫ن ا َّ‬
‫ل عليه و آلححه و سحّلم ‪ » :‬إ ّ‬ ‫صّلى ا ّ‬
‫نكّ‬
‫ل‬ ‫ض َبَدُنُه « و اعلم أ ّ‬
‫ُيْبِغ ُ‬

‫] ‪[ 230‬‬

‫ل نبات ل غنى به عن الماء ‪ ،‬و الميححاه مختلفححة ‪ ،‬فمححا طححاب سححقيه طححاب‬
‫عمل نبات ‪ ،‬و ك ّ‬
‫غرسه ‪ ،‬و حلت ثمرته ‪ ،‬و ما خبث سقيه خبث غرسه ‪،‬‬
‫و أمّرت ثمرته ‪.‬‬

‫ععععع‬

‫سواد الصغر الذي فيه انسان العين و ) الغححور ( بالفتححح قعححر ك حلّ‬ ‫) الناظر ( من المقّلة ال ّ‬
‫شيء و المنخفض من الرض و ) الّنجد ( المرتفع منها و الجمع نجود مثل فلس و فلوس‬
‫و ) رعت ( الماشية رعيا إذا سرحت بنفسها و رعيتها و أرعاها يستعمل لزما و متعحّديا‬
‫ل من ولى أمر قوم و الجمع رعاة و رعاء بالكسححر و‬ ‫فانا راع ‪ ،‬و في القاموس الّراعى ك ّ‬
‫رعيان و القوم رعية و ) ارز ( من بححاب علححم و ضححرب انقبححض و انجمححع و ) الشّححعار (‬
‫بالكسححر مححا ولححى الجسححد مححن الثيححاب و ) ال حّرائد ( المرسححل فححي طلححب المححاء و الكلء و‬
‫) ليحضر عقله ( مضارع حضر من باب نصر أو أحضر من باب الفعال‬

‫ععععععع‬

‫ي ‪ :‬إّنه مبتداء محذوف الخبر تقححديره‬ ‫شارح المعتزل ّ‬‫داع مرفوع تقديرا خبر ناظر و قال ال ّ‬
‫ل عمل نبات هكذا في بعض النسححخ فيكححون ك ح ّ‬
‫ل‬ ‫نكّ‬ ‫في الوجود داع دعا ‪ ،‬قوله ‪ :‬و اعلم أ ّ‬
‫ل عمل نباتا فيكون نباتا اسما لها‬
‫ن لك ّ‬
‫ن و نبات خبرها و في بعضها أ ّ‬ ‫اسم إ ّ‬

‫عععععع‬

‫اعلم أّنه لّما كان من دأب الّرحمة الرحمانية أن يصدر عنه أقسام الموجودات علححى أكمححل‬
‫ل نوع بعد إعطاء الوجود ما يحفظ به كماله الّول و‬ ‫ما يتصّور في حّقها ‪ ،‬و أن يعطى لك ّ‬
‫ل شححيء خلقححه ثحّم هححدى « أشححار‬
‫يستدعى كماله الّثاني كما قال تعالى » هو اّلذى أعطى ك ّ‬
‫إلى أّنه أعطى أصل وجوده ‪ ،‬ثّم أفاد له ما يتهّيأ و يهتدى به إلى فضيلة زايدة مححن القححوى‬
‫ل نوع من أنواع المكونات‬ ‫و اللت ‪ ،‬ل جرم كان ك ّ‬

‫] ‪[ 231‬‬

‫ل ما يستعّد به للوصول إلى ما هو خير له و سححعادة بالنسححبة‬ ‫اعطى له من خزائن رحمة ا ّ‬


‫ن النسان أشرف هذه النواع فاعطححاء‬ ‫كأّ‬‫إليه و يحترز عّما هو شّر له و شقاوة ‪ ،‬و ل ش ّ‬
‫سححعادة لححه أولححى و أوجححب ‪ ،‬لكححن لّمححا كححان كمححاله‬
‫ما يستطيع به لطلب محا هححو الخيححر و ال ّ‬
‫ص به أمرا متمّيزا عن كمالت ساير النواع الحيوانّية من جلب مأكول أو مشححروب‬ ‫الخا ّ‬
‫أو منكوح و نحوها من كمالت البهايم ‪ ،‬فليس خيره و سعادته مّما يوجد في هححذا العححالم ‪،‬‬
‫بل كماله و خيره في العلم و الّتجرد عن الّدنيا و ما فيهححا و الّتقحّرب إليححه تعححالى و ملكححوته‬
‫العلى فيجب في العناية الّربانّية أن يعطيه ما يهتدى به إلى سبيل سعادته و طريق نجاته‬
‫‪ ،‬و يتجّنب عن طريق شقاوته و شقائه بأن يعرف أّول و لو بوجه من الوجوه مححا اللححه و‬
‫ما الملكوت و ما الخرة و ما الولى ‪ ،‬و ما السعادة و الشقاء ‪ ،‬ثّم إن كان مّمن ل يهتححدى‬
‫ي أو امام أو كتاب وجب عليه تعالى أن يعّرفه‬ ‫ل بواسطة معّلم من خارج من نب ّ‬ ‫إلى ذلك إ ّ‬
‫ذلك و وجب عليه أن يتعّلم منه و يطيع له و يقبل منه روى يزيححد بححن معاويحة عحن أبيعبححد‬
‫لح‬
‫ل ح أن يعّرفهححم ‪ ،‬و ّ‬
‫ل على خلقه أن يعرفوا و للخلق علححى ا ّ‬ ‫سلم قال ‪ :‬ليس ّ‬ ‫ل عليه ال ّ‬
‫ا ّ‬
‫ل ح سححبحانه‬‫ن النسان قد أعطاه ا ّ‬‫على الخلق إذا عرفهم أن يقبلوا إذا عرفت ذلك فأقول ‪ :‬إ ّ‬
‫بمقتضا عنايته العقل يهتدى به إلى مصالحه و مفاسده ‪ ،‬و جعل عقححول بعححض أفححراد هححذا‬
‫النوع كاملة فاضلة غير محتاجة في كسححب كمالتهححا إلححى الغيححر و هححى عقححول النبيححاء و‬
‫سلم ‪،‬‬
‫الّرسل و الئّمة عليهم ال ّ‬

‫ل بمعّلم خارجي ‪ ،‬لعدم استقلل‬ ‫و جعل عقول غيرهم ناقصة ‪ ،‬فهؤلء ل يكمل معرفتهم إ ّ‬
‫عقلهم بمعرفة كثير من المصالح و المفاسد و المنافع و المضاّر ‪ ،‬و ذلك المعّلم هو النححب ّ‬
‫ي‬
‫ل عليه و آله و المام ‪.‬‬
‫صّلى ا ّ‬

‫لح أن‬
‫سلم في رواية الكافي حيث قححال ‪ :‬أبححي ا ّ‬ ‫ل عليه ال ّ‬
‫و إلى هذا المعنى أشار أبو عبد ا ّ‬
‫ل شرح‬ ‫ل سبب شرحا ‪ ،‬و جعل لك ّ‬ ‫ل شيء سببا و لك ّ‬ ‫ل بأسباب ‪ ،‬فجعل لك ّ‬ ‫يجرى الشياء إ ّ‬
‫ل صّلى‬‫ل علم بابا ناطقا عرفه من عرفه و جهله من جهله ذاك رسول ا ّ‬ ‫علما ‪ ،‬و جعل لك ّ‬
‫ل عليه و آله و نحن ‪.‬‬
‫ا ّ‬

‫] ‪[ 232‬‬

‫سلم ) و نححاظر قلححب الّلححبيب بححه يبصححر أمححده و‬


‫فظهر لك بتلك المقّدمة معنى قوله عليه ال ّ‬
‫يعرف غوره و نجده داع دعا و راع رعا ( أى عين بصيرة العاقل التي بها يبصر غححايته‬
‫ط من حححالته الموجبححة لشححقاوته‬ ‫التي يتوجه إليها أى معاده و بها يعرف ما انخفض و انح ّ‬
‫المترّدية له إلى دركات الجحيححم ‪ ،‬و مححا ارتفححع و اسححتعلي مححن خصححاله الموجبححة لسححعادته‬
‫الموصلة له إلى نضححرة النعيححم هححى أى هححذه العيححن داع دعحا و راع رعححا ‪ ،‬أراد بالحّداعي‬
‫ل تعالى ‪:‬‬
‫ق قال ا ّ‬‫ل عليه و آله و سّلم لدعائه إلى طرف الح ّ‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫رسول ا ّ‬

‫ل ِبإْذِنه « ‪.‬‬
‫عيًا إَلى ا ّ‬
‫شرًا َو َنذيرًا َو دا ِ‬
‫ك شاِهدًا َو ُمَب ّ‬
‫سْلنا َ‬
‫ي إّنا أْر َ‬
‫» يا أّيَها الّنِب ّ‬

‫ى الخلق و القائم بأمرهم كحالّراعي الحذي يرعحى‬ ‫سلم لّنه ول ّ‬‫و أراد بالّراعى نفسه عليه ال ّ‬
‫غنمه و يحفظها و يرّبيها ‪ ،‬و قد مّر تشبيه المام بالّراعي و الرعّية بالغنم و تشبيه من لححم‬
‫يعرف امامه بغنم ضّلت عن راعيها فححي الحححديث اّلححذي روينححاه مححن الكححافي فححي الّتححذنيب‬
‫الثالث من تذنيبات شرح الفصل الّرابححع مححن فصححول الخطبححة الولححى و ورد فححي وصححف‬
‫سلم في الّزيارة الجامعة ‪ :‬و استرعاكم أمر خلقه ‪،‬‬ ‫الئمة عليهم ال ّ‬
‫قال شارح الّزيارة ‪ ،‬يعنى به ‪ :‬أّنه تعالى استرعاهم أمر خلقه جعلهم قائمين برعاية الخلق‬
‫شرعي و وجححوده ‪،‬‬‫فيما يتعّلق بأمر الوجود الكوني و شرعه ‪ ،‬و فيما يتعّلق بأمر الكون ال ّ‬
‫شهادة ‪ ،‬و فيما يتعّلق بأمر الّدنيا و الخرة ‪،‬‬
‫و فيما يتعّلق بامر الغيب و ال ّ‬

‫سلم رعايححة جميححع خلقححه فححي‬


‫و فيما يتعّلق بامر الجّنة و الّنار ‪ ،‬طلب تعالى منهم عليهم ال ّ‬
‫ل أمر‬‫سلم المرّبون لرعّيتهم الّراعون اّلذين استرعاهم ا ّ‬
‫هذه المور الخمسة فهم عليهم ال ّ‬
‫غنمه فان شاؤوا فاّنما شاء ‪ ،‬هذا ‪.‬‬

‫ن الّناظر من النسان هو آلة البصار‬ ‫و اّنما جعل الّداعي و الّراعى ناظر القلب الّلبيب ل ّ‬
‫‪ ،‬و بها يدرك الشياء على ما هى عليها ‪ ،‬و يفّرق بين اللحوان و الضححواء و الشحكال و‬
‫ق و الباطل ‪،‬‬
‫المقادير و نحوها ‪ ،‬و بناظره القلبي أى عين بصيرته يفّرق بين الح ّ‬

‫سححلم إذ بهمححا يحصححل لححه‬


‫صلح و الفساد ‪ ،‬فاستعار لفظه للّرسول و المام عليهمححا ال ّ‬
‫و ال ّ‬
‫المعرفة‬

‫] ‪[ 233‬‬

‫يو‬ ‫بالمبدء و المعاد ‪ ،‬و بدللتهما و إرشادهما يكمل له الحكمة الّنظرية و العمليححة ‪ ،‬فححالنب ّ‬
‫ن العقل رسول من باطن و إليه يشير قححول موسححى بححن جعفححر‬ ‫المام عقل من خارج كما أ ّ‬
‫ل علححى‬‫ن ّ‬ ‫ى في الكافي ‪ :‬يا هشام إ ّ‬ ‫سلم لهشام بن الحكم في الحديث الطويل المرو ّ‬ ‫عليه ال ّ‬
‫ظاهرة فالّرسل و النبياء و الئمححة عليهححم‬ ‫جة باطنة فأّما ال ّ‬
‫جة ظاهرة و ح ّ‬‫جتين ح ّ‬ ‫الّناس ح ّ‬
‫سلم ‪ ،‬و أّما الباطنة فالعقل إلى أن قال ‪:‬‬ ‫ال ّ‬

‫ل بالطاعة ‪ ،‬و الطاعة بالعلم ‪ ،‬و العلححم بححالّتعّلم‬ ‫ل و ل نجاة إ ّ‬ ‫ق لطاعة ا ّ‬


‫يا هشام نصب الح ّ‬
‫ص عليه‬ ‫ل من عالم رّباني و معرفة العلم بالعقل و اّنما خ ّ‬ ‫و الّتعّلم بالعقل يعتقل و ل علم إ ّ‬
‫ن الجاهل بمعزل عن اللتفات غافل عّما له و عليه كما‬ ‫سلم ناظر قلب الّلبيب بالبيان ل ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ي عححن‬ ‫ي بن محّمد عن سهل بن زياد عححن النححوفل ّ‬ ‫سلم في رواية الكافي عن عل ّ‬ ‫قال عليه ال ّ‬
‫سلم إنّ قلوب‬ ‫سلم قال ‪ :‬قال أمير المؤمنين عليه ال ّ‬ ‫سكوني عن جعفر عن أبيه عليهما ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫الجّهال تستفّزها الطماع و ترتهنها المنى ‪ ،‬و تستعلقها الخدايع يعنححي يسححتخّفها الطمححاع‬
‫لّنهم كثيرا ما ينزعجون من مكانهم بطمححع فاسححد ل أصححل لححه و ل طححائل تحتححه ‪ ،‬و أّنهححا‬
‫مقّيدة مرتهنة بالماني و المال الكاذبة ‪ ،‬و هم ينخدعون سريعا فيستسخر قلححوبهم خححدايع‬
‫شححيطان و يمّنيهححم بالمححاني‬ ‫الخححادعين ‪ ،‬و يسححتعبدها مكححر المححاكرين ‪ ،‬و لهححذا يعححدهم ال ّ‬
‫ل غححرورا قحال‬ ‫شححيطان إ ّ‬
‫الباطلة ‪ ،‬و يغّرهم و يستفّزهم و يستعبدهم بالخدايع و ما يعدهم ال ّ‬
‫تعالى ‪:‬‬
‫ظُلمححا ِ‬
‫ت‬ ‫ن َمَثُلحُه ِفححى ال ّ‬
‫جَعْلنا َلُه ُنورًا َيْمشي ِبه ِفححى الّنححاس َكَمح ْ‬
‫حَيْيناُه َو َ‬
‫ن َمْيتًا َفَأ ْ‬
‫ن كا َ‬‫» أْو َم ْ‬
‫ج ِمْنها « ‪.‬‬ ‫س ِبخاِر ٍ‬‫َلْي َ‬

‫سلم في هذه الية ‪ :‬مّيت ل يعرف شيئا و نورا يمشي به في الّنححاس‬ ‫قال أبو جعفر عليه ال ّ‬
‫اماما يأتّم به كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها ‪ ،‬قال ‪ :‬الذي ل يعرف المام ‪ ،‬هححذا‬
‫و لّما كان هّمة العاقل مصروفة لتحصيل كمالته و الترقى من حّد الّنقححص و الوبححال إلححى‬
‫سححعادة ‪ ،‬و كححان‬
‫ذروة الفضل و الكمال ‪ ،‬و من هبوط الجهل و الّدنائة إلى شرف العّز و ال ّ‬
‫سلم‬‫ذلك الستكمال و الّترّقي موقوفا على طاعة الّرسول و المام عليهما ال ّ‬

‫] ‪[ 234‬‬

‫حسبما عرفت أمر بطاعتهما بقوله ) فاسححتجيبوا للحّداعي و اّتبعحوا الّراعحي ( لّنهمحا قحّواد‬
‫صراط المستقيم ‪ ،‬و بالستجابة و المتابعححة لهمححا‬ ‫جة البيضاء و ال ّ‬ ‫الّناس و هداتهم إلى المح ّ‬
‫ل طاعتهما بطاعته فقال ‪:‬‬ ‫ينال حسن العاقبة و سعادة الخاتمة ‪ ،‬و لذلك قرن ا ّ‬

‫لْمِر ِمْنُكْم « ‪.‬‬


‫ل و أوِلى ا َْ‬
‫سو َ‬
‫ل َو أطيُعوا الّر ُ‬
‫» أطيُعوا ا َّ‬

‫سلم ) قد خاضوا بحار الفتن ( قححال الشححارح البحرانححي ‪ :‬يحتمححل أن يكححون‬‫و قوله عليه ال ّ‬
‫سامعين كمعاوية و أصحاب الجمل و الخوارج ‪،‬‬ ‫التفاتا إلى قوم معهودين لل ّ‬

‫و يحتمل أن يكون منقطعا عّما قبله مّتصل بكلم لححم يحكححه الّرضححي ) ره ( و إليححه ذهححب‬
‫ي ‪ ،‬و قال ‪ :‬هذا كلم مّتصل بكلم لم يحكه الّرضي ‪ ،‬و هو ذكر قوم مححن‬ ‫شارح المعتزل ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ضلل قد كان أخححذ فححي ذّمهححم و نعححا عليهححم عيححوبهم أقححول ‪ :‬و الظهححر عنححدي أّنححه‬ ‫أهل ال ّ‬
‫سابق ‪ ،‬و وجه نظمحه أّنحه لّمحا أمحر بوجحوب متحابعته و فحرض طحاعته و‬ ‫مّتصل بالكلم ال ّ‬
‫لح‬
‫ل عليه و آله و سّلم التفت إلى حكايححة حححال المخححالفين لرسححول ا ّ‬ ‫طاعة الّرسول صّلى ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم و المغّيرين لوصّيته ‪ ،‬و الغاصبين لخلفته من الخلفاء الثلث‬ ‫صّلى ا ّ‬
‫و متابعتهم ‪ ،‬و كيف كحان فتشحبيه الفتحن بالبححار لهلكهحا و استيصحالها فمحن دخحل فيهحا‬
‫يغرق كما يغرق البحر الخائض فيه ‪ ،‬و ذكر الخوض ترشيح للّتشبيه ‪.‬‬

‫سنن ( يعني أّنهم عدلوا عن سّنة سّيد المرسلين ‪،‬‬


‫) و أخذوا بالبدع دون ال ّ‬

‫شرع المبين ‪ ،‬و أبدعوا في الّدين ‪ ،‬و أخذوا بالّرأى و المقائيس عن هوى‬‫و تركوا منهج ال ّ‬
‫النفس ‪ ،‬فلم يزالوا دهرهم في اللتباس و الرتماس في بحححر الظلمححات و النغمححاس فححي‬
‫صدق ‪.‬‬
‫ق و أولياء ال ّ‬
‫شهوات ‪ ،‬و ذلك كّله لعراضهم عن أئّمة الح ّ‬ ‫مهوى ال ّ‬

‫لح عحّز و‬
‫حححد ا ّ‬
‫سححلم بمححا أو ّ‬
‫قال يونس بن عبد الّرحمن ‪ :‬قلت ‪ :‬لبي الحسن الّول عليه ال ّ‬
‫ل‪،‬و‬ ‫ن مبتدعا ‪ ،‬من نظر برأيه هلك ‪ ،‬و من ترك أهل بيححت نححبّيه ض ح ّ‬ ‫جلّ ؟ قال ‪ :‬ل تكون ّ‬
‫شارح البحراني ‪ :‬البدعة قد يراد بها تححرك السحّنة‬
‫ل و قول نبّيه كفر قال ال ّ‬
‫من ترك كتاب ا ّ‬
‫و قد يراد بها أمر‬

‫] ‪[ 235‬‬

‫آخر يفعل مع ترك السّنة و هو أظهر في العرف ‪.‬‬

‫ي بحن‬
‫سنة كما يفصحح عنحه محا رواه فحي الكحافي عحن علح ّ‬
‫أقول ‪ :‬و البدعة ملزمة لترك ال ّ‬
‫إبراهيم عن محّمد بن عيسى بن عبيد عن يونس عن حريز عن زرارة قال ‪:‬‬

‫سلم عن الحلل و الحرام فقال ‪ :‬حلل محّمد حلل أبدا إلى يححوم‬ ‫ل عليه ال ّ‬
‫سألت أبا عبد ا ّ‬
‫القيامة و حرامه حرام أبدا إلى يوم القيامة ل يكون غيره و ل يجيء غيره ‪.‬‬

‫ل ترك بها سّنة ‪.‬‬


‫سلم ‪ :‬ما أحد ابتدع بدعة إ ّ‬
‫ي عليه ال ّ‬
‫سلم قال عل ّ‬
‫و قال عليه ال ّ‬

‫ن حلله و حرامه إذا كانا مستمّرين إلى يوم القيامة فمححن أتححى‬
‫وجه دللته على الملزمة أ ّ‬
‫بشيء إّما أن يكون حكمه ثابتا في الكتاب و السّنة فل يكون بدعة ‪،‬‬

‫سنة لم يكححن بدعححة ‪ ،‬و حيححث كححان‬‫ل ففيه تركهما ‪ ،‬و بعبارة اخرى لو لم يكن مخالفا لل ّ‬ ‫وإ ّ‬
‫مخالفا مناقضا لها يلزم من إتيانها ترك سّنة هي في مقابلها البتة ‪ ،‬و هو معنى قححول أميححر‬
‫سححلم ) و أرز المؤمنححون ( أى‬ ‫سححلم الححذي استشححهد بححه المححام عليححه ال ّ‬
‫المححؤمنين عليححه ال ّ‬
‫ضححاّلون المكحّذبون ( لختفححاء‬
‫انقبضوا و سكتوا لشمول الّتقية و غلبححة الباطححل ) و نطححق ال ّ‬
‫ضلل ‪.‬‬ ‫ق و استيلء أهل ال ّ‬ ‫الح ّ‬

‫سلم إلي ذكر مناقبه و مفاخره المقتضية لوجححوب طححاعته حّثححا للمخححاطبين‬ ‫ثّم عاد عليه ال ّ‬
‫على الّرجوع إليه و تأكيدا للّتعريض و التقريع على المنحرفين العادلين عنه إلى غيححره و‬
‫شعار و الصحححاب (‬ ‫طيبين من أولده ) ال ّ‬
‫الغاصبين لحّقه فقال ) نحن ( أراد به نفسه و ال ّ‬
‫شححعار لهححم‬
‫ل عليه و آله و سّلم و أصحابه ‪ ،‬و اسححتعار لفححظ ال ّ‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫أى شعار رسول ا ّ‬
‫شححعار للجسححد و‬ ‫سححلم و مزيححد اختصاصححهم بححه ملزمححة ال ّ‬ ‫باعتبححار ملزمتهححم لححه عليححه ال ّ‬
‫اختصاصه به ‪،‬‬

‫و هم أيضا أدركوا صحبته باليمان و صدقوه في جميع ما جاء به بالذعان و اليقان ‪،‬‬

‫شححعار و الصحححاب‬
‫ن ال ّ‬
‫و عححرف المسححند بلم الّتعريححف للعهححد قصححدا للحصححر ‪ ،‬يعنححي أ ّ‬
‫المعهودين نحن ل غيرنا ‪.‬‬
‫سحامع‬
‫شحيء صحفتان محن صحفات التعريحف عحرف ال ّ‬ ‫قحال العلمحة التفتحازاني ‪ :‬إذا كحان لل ّ‬
‫اّتصافه باحداهما دون الخرى حّتى يجوز أن تكونا وصفين لشيئين متعّددين في الخححارج‬
‫فأّيهما كان بحيث يعرف السامع اّتصاف الّذات به و هو كالطالب بحسب زعمك أن‬

‫] ‪[ 236‬‬

‫ل عليه و تجعله مبتداء ‪ ،‬و أّيهمححا كححان بحيححث‬ ‫يحكم عليه بالخرى يجب أن تقّدم الّلفظ الّدا ّ‬
‫يجعل اتصاف الّذات به و هححو كالطححالب أن تحكححم بثبححوته للححذات أو بنفيححه عنهححا يجححب أن‬
‫ل عليه و تجعله خبرا ‪ ،‬فاذا عرف السامع زيدا بعينه و اسمه و ل يعححرف‬ ‫خر الّلفظ الّدا ّ‬
‫تؤ ّ‬
‫اّتصافه بأنه أخوه و أردت أن تعرفه ذلك قلت ‪ :‬زيححد أخححوك ‪ ،‬و كححذلك إذا عححرف زيححدا و‬
‫علم أّنه كان من انسان انطلق و لم يعرف اّتصاف زيد بأنه المنطلق المعهود و أردت أن‬
‫ح المنطلق زيد ‪ ،‬انتهى ) و الخزنة و البواب (‬ ‫تعرفه ذلك قلت ‪ :‬زيد المنطلق ‪ ،‬و ل يص ّ‬
‫ن الخححازن إّنمححا‬
‫ل و علم رسوله و إّنمححا اسححتعار لهححم ذلححك الّلفححظ ل ّ‬ ‫أى خّزان خزينة علم ا ّ‬
‫سححلم‬ ‫يتوّلى ما في الخزانة و يحفظه و يتصّرف فيه و يصرفه في مصارفه و هم عليهم ال ّ‬
‫لح تعححالى ‪ ،‬و المتصحّرفين فيححه و البححاذلين لححه لمححن يشححاؤون ‪ ،‬و‬ ‫كذلك لّنهم حّفححاظ علححم ا ّ‬
‫المانعين له عّمن يشاؤون قال تعالى ‪:‬‬

‫ب«‪.‬‬
‫حسا ٍ‬
‫ك ِبَغْيِر ِ‬
‫س ْ‬
‫ن أْو أْم ِ‬
‫عطآُؤنا َفاْمُن ْ‬
‫» هذا َ‬

‫سلم‬
‫سلم و باطنها في أهل البيت عليهم ال ّ‬‫ق سليمان بن داود عليهما ال ّ‬
‫ن ظاهرها في ح ّ‬
‫فا ّ‬
‫حسبما عرفته في شرح الكلم الّتاسع و الخمسين ‪.‬‬

‫صفار بسنده عححن‬‫ل تعالى ما في البحار من بصاير الّدرجات لل ّ‬ ‫ل على كونهم خّزان ا ّ‬‫و يد ّ‬
‫لح فحي سحمائه و‬
‫لح إّنحا لخحّزان ا ّ‬
‫سلم ‪ :‬و ا ّ‬
‫سورة بن كليب قال ‪ :‬قال لي أبو جعفر عليه ال ّ‬
‫ي ره أى خ حّزان‬
‫لمة المجلس ح ّ‬ ‫ل على علمه ‪ ،‬قال الع ّ‬ ‫ضة إ ّ‬
‫أرضه ل على ذهب و ل على ف ّ‬
‫سماء و الرض ‪.‬‬ ‫علم ال ّ‬

‫ل كما يفصح عنه إضححافة العلححم إلححى لفححظ‬


‫أقول ‪ :‬و الولى جعل ضمير علمه راجعا إلى ا ّ‬
‫الجللة في الخبار التية و ستعرف تحقيق ذلك ‪.‬‬

‫لح إّنححا‬
‫سلم قال سمعته يقححول ‪ :‬و ا ّ‬
‫و فيه منه عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه ال ّ‬
‫ضححة و إن‬ ‫ل في سمائه و خّزانه في أرضه ‪ ،‬لسنا بخّزان على ذهححب و ل علححى ف ّ‬ ‫لخّزان ا ّ‬
‫مّنا لحملة العرش إلى يوم القيامة ‪.‬‬

‫سلم قال ‪ :‬قلت له ‪ :‬جعلت فداك ما أنتم ؟ قال ‪:‬‬


‫ل عليه ال ّ‬
‫و عن سدير عن أبي عبد ا ّ‬

‫] ‪[ 237‬‬
‫جححة البالغححة علححى مححا دون‬
‫لح نحححن الح ّ‬
‫ل نحححن تراجمححة وحححى ا ّ‬
‫ل على علم ا ّ‬
‫نحن خّزان ا ّ‬
‫سماء و فوق الرض ‪.‬‬ ‫ال ّ‬

‫لح فحي الحّدنيا و‬


‫سلم قال ‪ :‬سمعته يقول ‪ :‬نحن خحّزان ا ّ‬
‫و عن سدير عن أبي جعفر عليه ال ّ‬
‫الخرة و شيعتنا خّزاننا ‪.‬‬

‫سححلم يقححول ‪ :‬نحححن ولة أمححر‬


‫ل عليه ال ّ‬
‫و عن عبد الّرحمن بن كثير قال ‪ :‬سمعت أبا عبد ا ّ‬
‫ل‪.‬‬
‫ل و عيبة وحى ا ّ‬‫ل و خزنة علم ا ّ‬
‫ا ّ‬

‫ل تبارك و تعححالى أخححذ الميثححاق علححى‬‫نا ّ‬‫سلم قال ‪ :‬ا ّ‬‫و عن حمران عن أبي جعفر عليه ال ّ‬
‫ي أميححر المححؤمنين‬‫ل عليه و آله و سّلم رسولي و عل ّ‬ ‫اولى العزم أّني رّبكم و محّمد صّلى ا ّ‬
‫ي انتصر به اديني ‪.‬‬ ‫ن المهد ّ‬
‫و أوصياؤه من بعده ولة أمري و خّزان علمي ‪ ،‬و أ ّ‬

‫ل عليه أيضا مححا عححن احتجححاج‬ ‫فظهر بهذه الّروايات كونهم ولة خزانة علمه تعالى ‪ ،‬و يد ّ‬
‫سححلم فححي حححديث طويححل و فيححه ‪ :‬قححال لصححاحبكم أميححر‬
‫ل عليححه ال ّ‬
‫طبرسي عن أبي عبد ا ّ‬ ‫ال ّ‬
‫المؤمنين ‪:‬‬

‫ل‪:‬‬
‫ل عّز و ج ّ‬
‫ب « و قال ا ّ‬
‫عْلُم اْلِكتا ِ‬
‫عْنَدُه ِ‬
‫ن ِ‬
‫شهيدًا َبْيني َو َبْيَنُكْم َو َم ْ‬
‫ل َ‬
‫ل َكفى ِبا ِّ‬
‫» ُق ْ‬

‫ن«‪.‬‬
‫ب ُمبي ٍ‬
‫ل في ِكتا ٍ‬
‫سإ ّ‬
‫ب َو ل ياِب ٍ‬
‫ط ٍ‬
‫» َو ل َر ْ‬

‫و علم هذا الكتاب عنده ‪.‬‬

‫و بهذا المضمون أيضا أخبار اخر قحّدمنا روايتهححا فححي الّتححذييل الثححالث مححن شححرح الفصححل‬
‫سابع عشر من الخطبة الولى فليتذّكر ‪.‬‬‫ال ّ‬

‫قال بعض الفاضل ‪ :‬و العلم الذي هم خزائنه هو علم الموجححودات بححالمعني المتعححارف و‬
‫هو قوله تعالى ‪:‬‬

‫ل ِبما شآَء « يعني أنّ ما لم يشأ من علمححه أن يعلمححوه ل‬


‫عْلِمه إ ّ‬
‫ن ِ‬
‫يٍء ِم ْ‬
‫ش ْ‬
‫ن ِب َ‬
‫طو َ‬
‫» َو ل ُيحي ُ‬
‫يحيطون به ‪ ،‬و ليس المراد‬

‫] ‪[ 238‬‬

‫بهذا العلم الذي ل يحيطون بشيء هو القديم الذي هو الذات ليكححون المعنححى و ل يحيطححون‬
‫ل بما شاء أن يحيطوا به منهححا ‪ ،‬و هححذا معنححى باطححل ‪ ،‬بححل المححراد بححه أ ّ‬
‫ن‬ ‫بشيء من ذاته إ ّ‬
‫العلم الحادث الذي هو غير الححذات منححه ممكححن مقحّدر غيححر مكحّون ‪ ،‬و منححه تكححوين و منححه‬
‫مكّون ‪ ،‬فالممكن المقدور غير المكّون هو الممكنات قبل أن تكسى حّلة الوجود في جميححع‬
‫ل في أماكنها ‪ ،‬فهذا ل يحيطون بشححيء منححه إحاطححة‬
‫مراتب الوجود ‪ ،‬فهذه لم تكن مشائة إ ّ‬
‫وجود ‪ ،‬و يحيطون به إحاطة إمكان إذ ذاك مشائة مشية إمكان ‪ ،‬و التكوين الممكن ‪،‬‬

‫ل ذلك ‪ ،‬و المكّون قسمان مكّون مشححروط ‪،‬‬ ‫و هذا يحيطون به لّنه مشاء بنفسه و هم محا ّ‬
‫شححرط إ ّ‬
‫ل‬ ‫جز ‪ ،‬و المكّون المشروط يحيطون بححه لّنححه مشححاء و ل يحيطححون بال ّ‬ ‫و مكّون من ّ‬
‫جز يحيطون به ‪ ،‬ثحّم محا كححانوا يحيطححون بححه قسححمان ‪:‬‬ ‫بعد أن يكون مشاء ‪ ،‬و المكّون المن ّ‬
‫ل إحاطححة‬‫قسم كان و هم يحيطون به أّنححه كححان و ل يحيطححون بححه انححه مسححتمّر أو منقطححع إ ّ‬
‫اخبار ل إحاطة عيان ‪ ،‬و قسم لم يكن فهم يحيطون به إحاطة اخبار أيضا ل إحاطة عيان‬
‫سححلم ل يحيطححون بشححيء مححن‬ ‫‪ ،‬فظهر لمن نظر و أبصر من هذا الّتفصححيل أّنهححم عليهححم ال ّ‬
‫ل بما شاء أن يحيطوا به ‪ ،‬و اّلححذي شحاء أن يحيطححوا بححه هحو محا‬ ‫علمه الذي هو غير ذاته إ ّ‬
‫ل‪.‬‬ ‫سلم خّزان ا ّ‬ ‫سمعته في هذا التفصيل ‪ ،‬هذا تمام الكلم في كونهم عليهم ال ّ‬

‫ل‪،‬‬
‫سلم أبواب اليمان و المعرفة با ّ‬
‫و أّما كونهم البواب فالمراد به أّنهم عليهم ال ّ‬

‫ل ح عليححه و آلححه و س حّلم كمححا ورد فححي الخبححار‬ ‫ل ح و علححم رسححوله ص حّلى ا ّ‬‫و أبححواب علححم ا ّ‬
‫ل ح عليححه و آلححه و‬
‫ل صّلى ا ّ‬ ‫ن رسول ا ّ‬ ‫المستفيضة العامّية و الخاصّية بل ل يبعد تواترها أ ّ‬
‫ي بابهححا فمححن أراد المدينححة فليححأت البححاب و قححال أيضححا ‪ :‬أنححا‬
‫سّلم قال ‪ :‬أنا مدينة العلم و عل ّ‬
‫ي بابها فمن أراد الحكمة فليأتها من بابها و‬ ‫مدينة الحكمة و في بعضها ‪ :‬دار الحكمة و عل ّ‬
‫ل من أبوابها فمن أتاهححا مححن غيححر‬ ‫سلم بقوله ‪ ) :‬و ل تؤتى البيوت إ ّ‬ ‫إلى هذا أشار عليه ال ّ‬
‫ن من أخذ العلم مححن غيححر أهلححه و أراد المعرفححة عححن‬ ‫بابها سّمى سارقا ( و هو كناية عن أ ّ‬
‫سارق الذي يتسحّور الحبيوت محن غيحر‬ ‫جه إليها فهو منتحل له كال ّ‬ ‫غير الجهة التي امر بالتو ّ‬
‫أبوابها و يأخذ ما فيها غصبا و عدوانا قال تعالى ‪:‬‬

‫] ‪[ 239‬‬

‫ن أْبواِبها «‬
‫ت ِم ْ‬
‫ن اّتقى َو ْاُتوا اْلُبُيو َ‬
‫ن اْلِبّر َم ِ‬
‫ظُهوِرها َو لِك ّ‬
‫ن ُ‬
‫ت ِم ْ‬
‫ن َتْأُتوا اْلُبُيو َ‬
‫س اْلِبّر أ ْ‬
‫» َلْي َ‬
‫‪.‬‬

‫روى في البحار من الحتجاج للطبرسي عن الصبغ بن نباته قال ‪ :‬كنت جالسا عند أمير‬
‫ل » ليححس‬‫ل عّز و ج ح ّ‬ ‫سلم فجائه ابن الكوا فقال ‪ :‬يا أمير المؤمنين قول ا ّ‬ ‫المؤمنين عليه ال ّ‬
‫ل أن يؤتى أبوابها‬ ‫سلم ‪ :‬نحن البيوت اّلتي أمر ا ّ‬ ‫البّر أن تأتوا البيوت « الية فقال عليه ال ّ‬
‫ل و بيوته التي يؤتي منها ‪ ،‬فمن تابعنا و أقحّر بوليتنححا فقححد أتححى الححبيوت مححن‬ ‫‪ ،‬نحن باب ا ّ‬
‫ضل علينا غيرنا فقد أتى البيوت من ظهورهححا » إلححى أن قححال «‬ ‫أبوابها ‪ ،‬و من خالفنا و ف ّ‬
‫ل لو شاء عّرف الّناس نفسه حّتى يعرفوه و يأتوه من بححابه ‪ ،‬و لكححن جعلنححا‬ ‫ل عّز و ج ّ‬‫نا ّ‬
‫إّ‬
‫ضححل‬‫أبوابه و صراطه و سبيله و بابه الذي يؤتى منه ‪ ،‬قال ‪ :‬فمححن عححدل عححن وليتنححا و ف ّ‬
‫صححراط لنححاكبون ‪ ،‬و قححد تقحّدمت هححذه الّروايححة فححي شححرح الفصححل‬
‫علينا غيرنا فاّنهم عن ال ّ‬
‫سلم مثله ‪.‬‬ ‫صافي عن أمير المؤمنين عليه ال ّ‬ ‫الّرابع من الخطبة الولى من ال ّ‬

‫سححلم ) فيهححم‬
‫سلم و هو قوله عليححه ال ّ‬‫) منها ( ما هو أيضا في فضايل أهل البيت عليهم ال ّ‬
‫كرايم القرآن ( يحتمل أن يكون المراد بالكرايم اليات الكريمة قال ‪:‬‬

‫ن َكريٌم « ‪.‬‬
‫» َو إّنُه َلُقْرآ ٌ‬

‫ى في جنسه ‪ ،‬و قيل ‪ :‬كثير الّنفع لشتماله على اصول العلوم المهّمححة فححي‬‫أى حسن مرض ّ‬
‫ل ما يرضى و يحمد ‪ ،‬و منححه وجححه كريححم أى مرضح ّ‬
‫ي‬ ‫المعاش و المعاد و الكريم صفة لك ّ‬
‫ى في معانيه ‪.‬‬
‫في حسنه و بهائه ‪ ،‬و كتاب كريم مرض ّ‬

‫و أن يكون المراد بهحا اليححات الّدالححة علححى كرامتهححم أى علححى جمعهححم لنححواع الشّححرف و‬
‫شرف ‪ ،‬و قد مضى بعحض تلححك اليححات‬ ‫الفضايل ‪ ،‬إذ الكريم هو الجامع لنواع الخير و ال ّ‬
‫سادسة و الّثمانين ‪ ،‬و تقّدم كثير منها فححي تضححاعيف‬
‫في شرح الفصل الثالث من الخطبة ال ّ‬
‫ليقة ‪ ،‬و في بعض الّنسخ ‪ :‬فيهم‬ ‫ل في مواضعها ال ّ‬ ‫شرح و تأتي أيضا انشاء ا ّ‬ ‫ال ّ‬

‫] ‪[ 240‬‬

‫صه ) و هم كنححوز‬ ‫كرايم اليمان ‪ ،‬أي الخصال الكريمة اّلتي هى من لوازم اليمان و خوا ّ‬
‫لح فيهححم‬
‫سححلم قححد أودع ا ّ‬
‫ن الكنز ما يّدخر فيه نفايس المححوال و هححم عليهححم ال ّ‬
‫الّرحمن ( ل ّ‬
‫نفايس جميع ما في الكون و خيححار الفضححايل و الفواضححل مححن العلححم و الحلححم و السّححخاء و‬
‫شجاعة و الفصاحة و العصمة و القدس و الطهارة‬ ‫الجود و الكرم و الخلفة و الولية و ال ّ‬
‫إلى غير تلك مّما ل يضبطها عّد و ل يحيط بها حّد ‪.‬‬

‫ححٍر محا َنِفحَد ْ‬


‫ت‬ ‫سحْبَعُة أْب ُ‬
‫ن َبْعحِدِه َ‬
‫حُر َيُمحّدُه ِمح ْ‬
‫جَرٍة أْقلٌم َو اْلَب ْ‬
‫شَ‬‫ن َ‬‫ض ِم ْ‬
‫لْر ِ‬‫ن ما ِفى ا ْ‬
‫» َو َلْو أ ّ‬
‫حكيٌم « ‪.‬‬‫عزيٌز َ‬‫ل َ‬‫ن ا َّ‬
‫لإّ‬
‫ت ا ِّ‬
‫َكِلما ُ‬

‫صدق المستجاب بهم دعوة إبراهيم عليه‬


‫ق و ألسنة ال ّ‬
‫) إن نطقوا صدقوا ( لّنهم أزّمة الح ّ‬
‫سلم في قوله ‪:‬‬
‫ال ّ‬

‫ن«‪.‬‬
‫خري َ‬
‫لِ‬‫ق ِفى ا ْ‬
‫صْد ٍ‬
‫ن ِ‬
‫ل لي ِلسا َ‬
‫جَع ْ‬
‫» َو ا ْ‬

‫و المفروض متابعتهم بقوله ‪:‬‬

‫ن«‪.‬‬
‫صاِدقي َ‬
‫ل َو ُكوُنوا َمَع ال ّ‬
‫ن آَمُنوا اّتُقوا ا َّ‬
‫» يا أّيَها اّلذي َ‬

‫سادسة و الّثمانين ‪.‬‬


‫على ما قّدمنا في شرح الفصل الثالث من الخطبة ال ّ‬
‫ن سكوتهم إّنما هو بمقتضححى المصححلحة و اقتضححاء الحكمححة ل‬ ‫) و إن سكتوا لم يسبقوا ( ل ّ‬
‫ي و عجز حّتى يسبقهم الغير و يتكّلم و ل يتمّكنوا و يتمّكن بل يعلمون ما كان و ما‬ ‫عن ع ّ‬
‫هو كائن و يتكّون و لذلك شاع المثل السائر ‪ :‬قضّية و ليس لها أبححو الحسححن ث حّم إّنححه عليححه‬
‫سلم لّما نّبحه علحى جملحة محن منحاقبهم البحاهرة و مفحاخرهم الزاهحرة عّقحب ذلحك بالمثحل‬ ‫ال ّ‬
‫ن المرسحل محن الحح ّ‬
‫ى‬ ‫المشهور و فّرعه على ما سبق فقال ) فليصدق رائد أهلحه ( يعنحي أ ّ‬
‫لطلب الماء و الكلير تادلهم المرعى ينبغى له أن يصدق أهله و ل يكححذب لمححن أرسححله و‬
‫سلم من الّناس طلبا لخبارهم و‬ ‫ن من يحضر الئمة عليهم ال ّ‬ ‫شر له بها ‪ ،‬و أراد بذلك أ ّ‬
‫يب ّ‬
‫اقتباس أنوارهم و أخذ معالم الّدين عنهم فليصدق من يكل‬

‫] ‪[ 241‬‬

‫لء ) و ليحضححر عقلححه ( لسححتماع‬


‫ق و ينابيع العلم و الحكمححة و الد ّ‬
‫إليه أمره اّننا أهل الح ّ‬
‫حة ما اّدعينا قال تعالى ‪:‬‬
‫كلمنا حّتى يعرف ص ّ‬

‫جُعوا إَلْيِه حْم‬


‫ل ِفْرَقٍة ِمْنُهْم طآِئَفٌة ِلَيَتَفّقُهوا ِفي الّدين َو ِلُيْنِذروا َقْوَمُهْم إذا َر َ‬
‫ن ُك ّ‬
‫» َفَلْو ل َنَفَر ِم ْ‬
‫ن«‪.‬‬ ‫حَذُرو َ‬ ‫َلَعّلُهْم َي ْ‬

‫ي بن إبراهيم عن محّمد بن عيسى عححن يححونس بححن عبححد الرحمححن‬ ‫روى في الكافي عن عل ّ‬
‫سلم عن قول العامححة أ ّ‬
‫ن‬ ‫ل عليه ال ّ‬
‫قال ‪ :‬حّدثنا حماد عن عبد العلى قال ‪ :‬سألت أبا عبد ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم قال ‪ :‬من مات و ليس له إمام مححات ميتححة جاهلّيححة ‪،‬‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫رسول ا ّ‬
‫لح ‪ ،‬قلححت ‪ :‬فححان إمامححا هلححك و رجححل بخراسححان ل يعلححم مححن‬
‫سلم ‪ :‬الحق و ا ّ‬ ‫فقال عليه ال ّ‬
‫سلم ‪:‬‬
‫وصّيه لم يسعه ذلك ‪ ،‬قال عليه ال ّ‬

‫ق الّنفر على‬
‫جة وصّية على من هو معه في البلد و ح ّ‬ ‫ن المام إذا هلك وقعت ح ّ‬ ‫ل يسعه ا ّ‬
‫ل فرقة منهم طائفححة‬
‫ل يقول » فلو ل نفر من ك ّ‬‫ل عّز و ج ّ‬‫نا ّ‬
‫من ليس بحضرته إذا بلغهم إ ّ‬
‫ليتفّقهوا في الّدين و لينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعّلهم يحذرون « قلت ‪:‬‬

‫ل يقول ‪:‬‬
‫ل عّز و ج ّ‬
‫نا ّ‬
‫فنفر قوم فهلك بعضهم قبل أن يصل فيعلم قال ‪ :‬إ ّ‬

‫لح‬
‫جُرُه عََلى ا ِّ‬
‫ت َفَقْد َوَقَع أ ْ‬
‫سوِله ُثّم ُيْدِرْكُه اْلَمْو ُ‬
‫ل َو َر ُ‬
‫جرًا إَلى ا ِّ‬
‫ن َبْيِته ُمها ِ‬
‫ج ِم ْ‬
‫خُر ْ‬
‫ن َي ْ‬
‫» َو َم ْ‬
‫«‪.‬‬

‫قلت ‪ :‬فبلغ البلد بعضهم فوجدك مغلقا عليك بابك و مرخى عليححك سححترك ل تححدعوهم إلححى‬
‫ل المنزل ‪،‬‬
‫نفسك و ل يكون من يدّلهم عليك فبما يعرفون ذلك ؟ قال ‪ :‬بكتاب ا ّ‬

‫ل كيف ؟ قال ‪ :‬أراك قد تكّلمت في هذا قبل اليوم ‪ ،‬قلت ‪:‬‬


‫ل عّز و ج ّ‬
‫قلت ‪ :‬فيقول ا ّ‬
‫لح‬
‫سلم و ما قححال لححه رسححول ا ّ‬ ‫ي عليه ال ّ‬
‫ل في عل ّ‬ ‫سلم ‪ :‬فذّكر ما أنزل ا ّ‬‫أجل ‪ ،‬قال عليه ال ّ‬
‫سححلم‬‫ل به عليا عليه ال ّ‬
‫صا ّ‬ ‫سلم و ما خ ّ‬ ‫ل عليه و آله في حسن و حسين عليهما ال ّ‬ ‫صّلى ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سحّلم محن وصحّيته إليحه و نصحبه إّيحاه و محا‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫و ما قال فيه رسول ا ّ‬
‫يصيبهم و إقرار الحسن و الحسين بذلك و وصّيته إلى الحسن و تسححليم الحسححين لححه يقححول‬
‫ل‪:‬‬‫ا ّ‬

‫] ‪[ 242‬‬

‫ضحُهْم أْولححى‬
‫لْرحححاِم َبْع ُ‬
‫جحُه ُأمهححاُتُهْم َو ُاوُلححوا ا ْ‬
‫سحِهْم َو أْزوا ُ‬
‫ن أْنُف ِ‬
‫ن ِمح ْ‬
‫ي أْولى ِباْلُمْؤِمني َ‬
‫» َالّنِب ّ‬
‫ل«‪.‬‬ ‫ب ا ِّ‬
‫ض في ِكتا ِ‬ ‫ِبَبع ٍ‬

‫طححت مححن ولححد أبيححه‬‫سلم و يقولون كيححف تخ ّ‬ ‫قلت ‪ :‬فان الّناس تكّلموا في أبي جعفر عليه ال ّ‬
‫سلم ‪:‬‬ ‫ن منه و قصرت عّمن هو أصغر منه ؟ فقال عليه ال ّ‬ ‫من له مثل قرابته و من هو أس ّ‬
‫يعرف صاحب هذا المر بثلث خصال ل تكون في غيره ‪ :‬هو أولى الّناس بالذي قبلححه ‪،‬‬
‫لح عليححه و آلححه و سحّلم و وصحّيته و ذلححك‬ ‫لح صحّلى ا ّ‬ ‫و هو وصّيه ‪ ،‬و عنده سلح رسول ا ّ‬
‫سلطان ؟ قال ‪ :‬ل يكححون فححي سححتر إ ّ‬
‫ل‬ ‫ن ذلك مستور مخافة ال ّ‬ ‫عندى ل انازع فيه ‪ ،‬قلت ‪ :‬إ ّ‬
‫ن أبي استودعني ما هناك فلما حضححرته الوفححاة قححال ‪ :‬ادع لححي شححهودا‬ ‫جة ظاهرة إ ّ‬ ‫و له ح ّ‬
‫ل بن عمر قال ‪ :‬اكتب ‪ :‬هذا ما أوصى به‬ ‫فدعوت أربعة من قريش فيهم نافع مولى عبد ا ّ‬
‫ن « و أوصححى‬ ‫سِلُمو َ‬
‫ل َو أْنُتْم ُم ْ‬
‫نإ ّ‬
‫طفى َلُكُم الّدين َفل َتُموُت ّ‬
‫صَ‬‫لا ْ‬ ‫ن ا َّ‬
‫ىإّ‬
‫يعقوب بنيه » يا ُبَن ّ‬
‫ي إلححى جعفححر بححن محّمححد و أمححره أن يكفّنححه فححي بححرده اّلححذى كححان يصحّلى فيححه‬ ‫محّمد بن عل ّ‬
‫الجمع ‪ ،‬و أن يعّممه بعمامته ‪ ،‬و أن يربع قبره و يرفعه أربع أصابع ثّم يخلى عنه ‪،‬‬

‫ل ‪ ،‬فقلت بعد ما انصرفوا مححا‬ ‫شهود ‪ :‬انصرفوا رحمكم ا ّ‬ ‫سلم اطووه ثّم قال لل ّ‬
‫فقال عليه ال ّ‬
‫سلم ‪ :‬إّني كرهت أن تغلب و أن يقال إّنححه‬ ‫كان في هذا يا ابه أن تشهد عليه ؟ فقال عليه ال ّ‬
‫جة فهححو الححذي إذا قححدم الّرجححل البلححد قححال إلححى مححن وصح ّ‬
‫ى‬ ‫لم يوص فأردت أن تكون لك ح ّ‬
‫فلن ‪ ،‬قيل ‪ :‬فلن ‪ ،‬قلت ‪ :‬فان كان أشرك في الوصّية قال ‪ :‬تسألونه فاّنه سيبّين لكم ‪.‬‬

‫و قد رويت هذه الّرواية لشتماله على فوايد عظيمة جّمة ‪ ،‬و ايضحاحه كيفيححة تكليححف مححن‬
‫لزم علحى‬ ‫ن ال ّ‬
‫ق محن المبطحل ‪ ،‬و أ ّ‬ ‫ينفر لطلب المام و وظيفة المام و ما يعرف به المحح ّ‬
‫النافرين إنذار قحومهم بعحد تفّقههحم فحي الحّدين و معرفتهحم بالمحام بالبّينحات الحتي هحى محن‬
‫سححابق ذكححره فححي كلم‬‫ن الّنافر لطلب المام بمنزلححة الحّرائد ال ّ‬
‫دللت المامة ‪ ،‬فعلم بذلك أ ّ‬
‫صر‬
‫سلم فافهم ذلك و تب ّ‬ ‫أمير المؤمنين عليه ال ّ‬

‫] ‪[ 243‬‬
‫سلم الّرائد أمر إرشاد فقححال ) و ليكححن مححن أبنححاء الخححرة ( و رغبتححه اليهححا‬‫ثّم أمر عليه ال ّ‬
‫ن النسان مبدؤه الحضرة اللهّية و هو سبحانه المبدء و‬ ‫) فاّنه منها قدم و إليها ينقلب ( ل ّ‬
‫إليه المنتهى و هو غاية مراد المريدين و منتهى سير السايرين ‪.‬‬

‫سلم ) فالناظر بالقلب العامل بالبصر (‬ ‫سلم إلى فضيلة العلم فقال عليه ال ّ‬ ‫ثّم أشار عليه ال ّ‬
‫أى ينبغي لصاحب العقل البصير في عمله أن ) يكون مبتدء عمله أن يعلم أعملححه عليححه أم‬
‫ن عمله نافع له مقّرب إلى الحضرة الّربوبية أم مضّر مبّعححد‬ ‫له ( أى يعرف قبل أن يعمل أ ّ‬
‫له ) فان كان له مضى فيه ( و أتى به ) و إن كان عليه وقف عنححه ( و تركححه و إنمححا كححان‬
‫ن العامححل بغيححر علححم كالسححائر علححى غيححر‬
‫لزم على العاقل تحصيل العلم قبل العمل ) فا ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ل بعدا من حححاجته ( إذ كححان بعححده عححن مطلححوبه بقححدر‬‫طريق فل يزيده بعده عن الطريق إ ّ‬
‫بعده عن طريق ذلك المطلوب ‪.‬‬

‫سححلم يقححول ‪ :‬العامححل علححى غيححر بصححيرة‬


‫لح عليححه ال ّ‬
‫قال طلحة بن زيد ‪ :‬سمعت أبا عبححد ا ّ‬
‫ل بعدا ‪ ،‬رواه في الكافي ‪.‬‬ ‫كالساير على غير الطريق ل يزيده سرعة السير إ ّ‬

‫ل عليححه و آلححه و سحّلم مححن‬


‫ل صّلى ا ّ‬
‫سلم قال ‪ :‬قال رسول ا ّ‬ ‫ل عليه ال ّ‬
‫و فيه عن أبي عبد ا ّ‬
‫عمل على غير علم كان ما يفسد أكثر مّما يصلح ‪.‬‬

‫ن ) العامل بالعلم كالسائر علححى الطريححق الواضححح ( فل‬ ‫) و ( هذا بخلف العامل العالم فا ّ‬
‫ل نجاحا بحاجته ) فلينظر ناظر ( أى الّناظر بالقلب المسبوق ذكره )‬ ‫يزيده سرعة سيره إ ّ‬
‫أسائر هو أم راجع ( أقول ‪ :‬و ما ذكرنحاه فحي شحرح هحذه الفقحرات أعنحى قحوله ‪ :‬فالّنحاظر‬
‫سلم ‪ ،‬و الشححبه عنححدي أن‬ ‫بالقلب إلى قوله ‪ :‬أم راجع ‪ ،‬إّنما هو مفاد ظاهر كلمه عليه ال ّ‬
‫تكون تلويحا و إشارة إلى وجوب اتبحاع الئّمحة و اليتمحام بهحم ‪ ،‬فحاّنه لّمحا ذكحر أوصحاف‬
‫طالب للمححام ‪ ،‬ثحّم فحّرع عليححه‬ ‫الئمة و نعوتهم الكمالّية ‪ ،‬عّقب ذلك بما يلزم على الرائد ال ّ‬
‫ن صاحب العقل و البصححيرة ل ب حّد لححه قبححل أن يشححرع فححي‬ ‫قوله ‪ :‬فالّناظر بالقلب آه يعنى أ ّ‬
‫ن عملححه لححه أم عليححه ‪ ،‬و العلححم موقححوف علححى الّتعّلححم مححن المححام العححالم و‬‫عمححل أن يعلححم أ ّ‬
‫القتباس من نوره و الهتداء به ‪ ،‬إذ المتلّقى من غيره ‪:‬‬

‫] ‪[ 244‬‬

‫شْيئًا « ‪.‬‬
‫جْدُه َ‬
‫حّتى إذا جآَئُه َلْم َي ِ‬
‫ن ماًء َ‬
‫ظْمآ ُ‬
‫سُبُه ال ّ‬
‫حَ‬‫ب ِبقيَعٍة َي ْ‬
‫سرا ٍ‬
‫» َك َ‬

‫سائر على الطريق و تمثيل الجاهححل بالسححاير‬


‫و يؤمى إلى ما ذكرناه تمثيل العامل العالم بال ّ‬
‫على غير طريق قال تعالى ‪:‬‬

‫ن اّتَبَعني « ‪.‬‬
‫عَلى َبصيَرٍة أَنا َو َم ْ‬
‫ل َ‬
‫عوا إَلى ا ِّ‬
‫سبيلي أْد ُ‬
‫ل هِذِه َ‬
‫» ُق ْ‬
‫ل عليه و آله في هذه الية ‪ :‬أنا و من اّتبعني من أهل‬
‫ي صّلى ا ّ‬
‫ي ‪ :‬قال الّنب ّ‬
‫قال زيد بن عل ّ‬
‫بيتي ل يزال الّرجل بعد الرجل يدعو إلى ما أدعوا اليه ‪ ،‬و قال تعالى أيضا ‪:‬‬

‫سَتقيٍم « ‪.‬‬
‫ط ُم ْ‬
‫صرا ٍ‬
‫على ِ‬
‫سِوّيا َ‬
‫ن َيْمشي َ‬
‫جِهه أْهدى أّم ْ‬
‫على َو ْ‬
‫ن َيْمشي ُمِكّبا َ‬
‫» أَفَم ْ‬

‫ل ساعة و يخحّر علححى وجهححه لححو عححورة طريقححه و‬


‫قال البيضاوي و معنى مكّبا أّنه يعثر ك ّ‬
‫اختلف أجزائه ‪ ،‬و لذلك قابله بقوله ‪ :‬أّمن يمشى سوّيا قائما سالما من العثار ‪،‬‬

‫حححد‬
‫علححى صححراط مسححتقيم مسححتوى الجححزاء و الجهححة ‪ ،‬و المححراد تمثيححل المشححرك و المو ّ‬
‫بو‬ ‫ب العمححى فححاّنه يعتسححف فيكح ّ‬ ‫بالسالكين و الدئيين بالمسلكين ‪ ،‬و قيححل ‪ :‬المححراد بححالمك ّ‬
‫ل عليه و آله‬ ‫ب أعداء آل محّمد صّلى ا ّ‬ ‫ى البصير ‪ ،‬انتهى و أما تأويله فالمراد بالمك ّ‬ ‫بالسو ّ‬
‫سلم كما ورد في تفسير أهل الححبيت ث حّم قححال‬ ‫و سّلم ‪ ،‬و بمن يمشى سوّيا أولياؤهم عليهم ال ّ‬
‫ل ظاهر باطنا على مثاله ‪ ،‬فما طاب ظاهره طححاب بححاطنه ‪ ،‬و‬ ‫ن لك ّ‬
‫سلم ) و اعلم أ ّ‬
‫عليه ال ّ‬
‫ل مححا يصححدق عليححه أّنححه ظححاهر و بححاطن‬ ‫ما خبث ظاهره خبث باطنه ( المراد بهمححا إّمححا كح ّ‬
‫صححادرة عححن النسححان خيححرا أو شحّرا و الملكححات و‬ ‫فيشححمل الفعححال الظححاهرة و القححوال ال ّ‬
‫الخلق الّنفسانّية الباطنّيححة لححه حسححنة أو قبيحححة فحالجود و الكححرم و النعححام و الحسححان و‬
‫سححخاء و الجححود ‪ ،‬و‬ ‫نحوها مّما هو حسن ظاهرا كاشف عن حسححن البححاطن أعنححى ملكححة ال ّ‬
‫ل علححى قبححح البححاطن و خبثححه‬ ‫القبض و المساك و المنع و نحوها مّما هو قبيححح ظححاهرا دا ّ‬
‫أعنى ملكة البخل و هكذا ‪ ،‬و كذلك في القوال ما هححو الطّيححب ظححاهرا كاشححف عححن طيححب‬
‫الباطن و ما هو الخبيث كاشف عن خبث الباطن‬

‫] ‪[ 245‬‬

‫سلم في الخطبة الشقشقّية في وصف حال الثاني ‪ :‬فصّيرها في حوزة خشححناء‬


‫قال عليه ال ّ‬
‫سها ‪ ،‬و قال تعالى ‪:‬‬
‫يغلظ كلمها و يخشن م ّ‬

‫خبيَث حةٍ‬
‫ل َكِلَم حٍة َ‬
‫سماء « » َو َمَث ُ‬
‫عها ِفي ال ّ‬‫ت َو َفْر ُ‬‫صُلها ثاِب ٌ‬
‫طّيَبٍة أ ْ‬
‫جَرٍة َ‬‫شَ‬‫طّيَبٍة َك َ‬
‫ل َكِلَمٍة َ‬
‫» َمَث ُ‬
‫ن َقححراٍر « و يشححمل أيضححا لمثححل حسححن‬ ‫ض مححا َلهححا ِمح ْ‬
‫لْر ِ‬ ‫قا َ‬‫ن َفحْو ِ‬‫ت ِم ْ‬
‫جُتّت ْ‬
‫خبيَثٍة ا ْ‬
‫جَرٍة َ‬ ‫َكشَ َ‬
‫صورة الموافق لحسن الباطن أعني اعتدال المزاج ‪ ،‬و قبحها الموافق لقبح الباطن أعني‬ ‫ال ّ‬
‫عدم اعتداله أو العّم من العتدال و عدم العتدال ‪.‬‬

‫ل صّلى‬ ‫و يشهد بذلك ما رواه في البحار من المالى عن أنس بن مالك قال ‪ :‬قال رسول ا ّ‬
‫لح يسححتحيى أن يعحّذب‬
‫نا ّ‬ ‫سود فححا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬عليكم بالوجوه الملح و الحدق ال ّ‬ ‫ا ّ‬
‫الوجه المليح بالّنار و فيه من ثواب العمال عن موسى بن إبراهيم عن أبي الحسن الّول‬
‫ل اسححتحيى أن يطعححم‬
‫ل خلححق عبححد و ل خلقححه إ ّ‬‫سن ا ّ‬
‫سلم قال ‪ :‬سمعته يقول ‪ :‬ما ح ّ‬ ‫عليه ال ّ‬
‫سححلم عححن أميححر‬
‫لحمه يوم القيامة الّنار و فيه من العيون عححن الّرضححا عححن آبححائه عليهححم ال ّ‬
‫سلم قال ‪:‬‬ ‫المؤمنين عليه ال ّ‬

‫ل تجد في أربعين أصلع رجل سوء و ل تجد في أربعين كوسححجا رجل صححالحا و أصححلع‬
‫ي عليهمححا‬
‫ن أبا محّمد الحسن بن عل ح ّ‬ ‫ي من كوسج صالح و من ذلك ما روى أ ّ‬ ‫ب إل ّ‬
‫سوء أح ّ‬
‫ل تعالى ‪:‬‬
‫سلم تعّنتا و قال ‪ :‬قال ا ّ‬
‫سلم دخل يوما على معاوية فسأله عليه ال ّ‬ ‫ال ّ‬

‫ن«‪.‬‬
‫ب ُمبي ٍ‬
‫ل في ِكتا ٍ‬
‫سإ ّ‬
‫ب َو ل ياِب ٍ‬
‫ط ٍ‬
‫» َو ل َر ْ‬

‫فأين ذكر لحيتك و لحيححتي مححن الكتححاب ؟ و كححان أبححو محّمححد وفححر المحاسححن ‪ 1‬و معاويححة‬
‫سلم ‪:‬‬ ‫بخلفه فقرء عليه ال ّ‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬تت تت تتتتتت ت تتت‬

‫] ‪[ 246‬‬

‫ل َنكدًا « ‪.‬‬
‫جإ ّ‬
‫خُر ُ‬
‫ث ل َي ْ‬
‫خُب َ‬
‫ن َرّبه َو اّلِذي َ‬
‫ج َنباُتُه ِبإْذ ِ‬
‫خُر ُ‬
‫ب َي ْ‬
‫طّي ُ‬
‫» َو اْلَبَلُد ال ّ‬

‫سلم ‪ :‬مححا بححال لحححاكم أوفححر‬


‫و نحوه ما عن المناقب قال عمرو بن العاص للحسين عليه ال ّ‬
‫ل محا فحي الكتحاب العزيحز محن‬ ‫سلم هذه الية و من هحذا البحاب كح ّ‬ ‫من لحانا ؟ فقرء عليه ال ّ‬
‫سححلم بححأعّز السححماء و أحسححن الفعحال و أفضححل الخصححال و‬ ‫الّتعبير عن الئمححة عليهححم ال ّ‬
‫سها و أنزلها ‪.‬‬
‫الّتعبير عن أعدائهم بأخبثها و أخ ّ‬

‫سلم في تفسير قوله تعالى ‪:‬‬


‫صادق عليه ال ّ‬
‫صافي من الكافي عن ال ّ‬
‫ل عليه ما في ال ّ‬
‫و يد ّ‬

‫ن«‪.‬‬
‫طَ‬‫ظَهَر ِمْنها َو ما َب َ‬
‫ش ما َ‬
‫ح َ‬
‫ي اْلَفوا ِ‬
‫حّرَم َرّب َ‬
‫» إّنما َ‬

‫ل في القرآن هححو الظححاهر و‬ ‫ن القرآن له ظهر و بطن فجميع ما حّرم ا ّ‬ ‫سلم ‪ :‬إ ّ‬‫قال عليه ال ّ‬
‫ل فححي الكتححاب هححو الظححاهر و البححاطن مححن‬
‫لا ّ‬
‫الباطن من ذلك أئّمة الجور ‪ ،‬و جميع ما أح ّ‬
‫ق‪.‬‬
‫ذلك أئمة الح ّ‬

‫سلم ‪:‬‬
‫ل عليه ال ّ‬
‫و في البحار من البصاير بسنده عن الهيثم التميمي قال ‪ :‬قال أبو عبد ا ّ‬

‫ن قوما آمنوا بالظاهر و كفروا بالباطن فلم ينفعهم شيء ‪ ،‬و جاء قححوم مححن بعححدهم‬
‫يا هيثم إ ّ‬
‫ل ببححاطن و ل‬ ‫فآمنوا بالباطن و كفروا بالظاهر فلم ينفعهم ذلك شيئا ‪ ،‬و ل ايمان بظححاهر إ ّ‬
‫ل بظاهر ‪.‬‬
‫بباطن إ ّ‬
‫شيخ أبححو جعفححر الطوسححي باسححناده إلححى الفضححل ابححن‬‫و من كنز جامع الفوايد قال ‪ :‬روى ال ّ‬
‫لح‬
‫صلة في كتححاب ا ّ‬ ‫سلم ‪ :‬أنتم ال ّ‬ ‫ل عليه ال ّ‬
‫شاذان عن داود بن كثير قال ‪ :‬قلت لبي عبد ا ّ‬
‫ل عّز و جح ّ‬
‫ل‬ ‫صلة في كتاب ا ّ‬ ‫ج ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا داود نحن ال ّ‬ ‫ل و أنتم الّزكاة و أنتم الح ّ‬
‫عّز و ج ّ‬
‫شهر الحرام ‪،‬‬ ‫ج ‪ ،‬و نحن ال ّ‬‫صيام ‪ ،‬و نحن الح ّ‬ ‫‪ ،‬و نحن الّزكاة ‪ ،‬و نحن ال ّ‬

‫ل تعالى ‪:‬‬
‫ل قال ا ّ‬
‫ل ‪ ،‬و نحن وجه ا ّ‬
‫ل ‪ ،‬و نحن قبلة ا ّ‬
‫و نحن البلد الحرام ‪ ،‬و نحن كعبة ا ّ‬

‫ل«‪.‬‬
‫جُه ا ِّ‬
‫» َفَأْيَنما َتَوّلوا وجوهكم َفَثّم َو ْ‬

‫] ‪[ 247‬‬

‫ل الفحشححاء و المنكححر و‬ ‫لح عحّز و جح ّ‬ ‫و نحن اليات و نحن البّينات ‪ ،‬و عدّونا فححي كتححاب ا ّ‬
‫البغححى و الخمححر و الميسححر و النصححاب و الزلم و الصححنام و الوثححان و الجبححت و‬
‫ضححلنا و‬
‫ل خلقنا فأكرم خلقنححا ‪ ،‬و ف ّ‬ ‫نا ّ‬ ‫طاغوت و الميتة و الّدم و لحم الخنزير ‪ ،‬يا داود إ ّ‬ ‫ال ّ‬
‫سماوات و ما في الرض ‪ ،‬و جعل لنا أندادا‬ ‫جعلنا امنائه و حفظته و خّزانه على ما في ال ّ‬
‫أضدادا و أعداء فسّمانا في كتابه و كّنححى عححن أسححمائنا بأحسححن السححماء و أحّبهححا إليححه ‪ ،‬و‬
‫سّمى أضدادنا و أعدائنا في كتابه و كّنى عن أسمائهم ‪ ،‬و ضححرب لهحم المثححال فحي كتححابه‬
‫ظاهر و الباطن‬ ‫ي على أن يراد بال ّ‬ ‫في أبغض السماء إليه و إلى عباده المّتقين هذا كّله مبن ّ‬
‫المعنى العّم ‪ ،‬و يجوز أن يراد بهما الخصوص أعنى العلم المأخوذ من معححدنه ‪ ،‬فيكححون‬
‫قوله ‪ ،‬فما طاب ظاهره طاب باطنه إشححارة إلححى العلححوم الحّقححة المتلّقححاة مححن الئمححة عليهححم‬
‫سلم الخارجة من مهبط الوحى و معدن الّرسححالة ‪ ،‬و قححوله ‪ :‬و مححا خبححث ظححاهره خبححث‬ ‫ال ّ‬
‫ضلل عن طريق الرأي و القياس و‬ ‫باطنه ‪ ،‬إشارة إلى العلوم الباطلة المأخوذة من أهل ال ّ‬
‫الستحسانات العقلّية الفاسدة ‪،‬‬

‫و الوجه الّول أعني إرادة العموم هو الوفق بنفس المر ‪ ،‬و الوجه الّثاني أنسب بالّنسبة‬
‫سحالك ل بحّد أن‬‫ن ال ّ‬
‫سحلم حسحبما ذكرنحا لّمحا أشحار إلحى أ ّ‬ ‫إلى ما حّققناه سابقا ‪ ،‬فاّنه عليه ال ّ‬
‫طريححق أردفححه بهححذه‬‫سححائر علححى غيححر ال ّ‬
‫يكون سلوكه على علم و بصيرة حّتى ل يكون كال ّ‬
‫سحلوك بحل خصحوص العلحم‬ ‫ل علم ليحس مّمحا ينتفحع بحه فحي مقحام ال ّ‬‫نكّ‬ ‫الجملة تنبيها على أ ّ‬
‫ق أعني أئّمة الّدين و هو الطّيب ظاهرا و باطنححا ‪،‬‬ ‫ق المتلّقى من أهل الح ّ‬ ‫الموصل إلى الح ّ‬
‫ضلل فهو جهل في صورة العلححم ل يححوجب إ ّ‬
‫ل‬ ‫و اّما غيره أعني العلم المأخوذ من أهل ال ّ‬
‫سر به قوله تعالى ‪:‬‬ ‫ق خبيث ظاهره و باطنه و قد يف ّ‬ ‫بعدا من الح ّ‬

‫ن َرّبه « ‪.‬‬
‫ج َنباُتُه ِبِإْذ ِ‬
‫خُر ُ‬
‫ب َي ْ‬
‫طّي ُ‬
‫» َو اْلَبَلُد ال ّ‬

‫ل كححدرا‬
‫قال القّمي ‪ :‬إّنه مثل للئّمة يخرج علمهم باذن رّبهم و لعدائهم ل يخرج علمهم إ ّ‬
‫فاسدا ‪.‬‬
‫] ‪[ 248‬‬

‫ب العبد و يبغض عمله‬ ‫ل يح ّ‬ ‫نا ّ‬‫ل عليه و آله و سّلم إ ّ‬‫صادق صّلى ا ّ‬ ‫) و قد قال الّرسول ال ّ‬
‫ب العبد المؤمن بما فيه من وصف اليمححان‬ ‫ل يح ّ‬‫نا ّ‬‫ب العمل و يبغض بدنه ( يعني أ ّ‬ ‫و يح ّ‬
‫لكّنه يبغض عمله لكونه سّيئة و حراما ‪ ،‬و يبغض الكافر بما له من الكفر لكّنه يحبّ عمله‬
‫لكونه حسنا و صالحا ‪ ،‬و هذا ل غبار عليه و إّنما الشكال في ارتباط هححذا الكلم لسححابقه‬
‫سلم به مع أّنه ل مناسبة بينهما ظححاهرا ‪ ،‬و ليححس للستشححهاد‬ ‫و في استشهاد المام عليه ال ّ‬
‫ي إذ لزم محّبة ا ّ‬
‫ل‬ ‫به وجه ظاهر ‪ ،‬بل منافاته لما مّر أظهر من المناسبة كما هو غير خف ّ‬
‫ظححاهر موافقححا‬
‫للعبد كون العبد طّيبا ‪ ،‬و لزم بغضه لعملححه كححون العمححل خبيثححا فلححم يكححن ال ّ‬
‫سلم ‪:‬‬
‫للباطن ‪ ،‬فينا في قوله عليه ال ّ‬

‫لح سححبحانه لبححدن الكححافر كححونه‬ ‫فما خبث ظاهره خبث بححاطنه ‪ ،‬و كححذلك مقتضححي بغححض ا ّ‬
‫ظححاهر للبححاطن ‪ ،‬فينحا فححي قححوله ‪:‬‬‫خبيثا ‪ ،‬و حّبه لعمله كون عمله طّيبا ففيه أيضا مخالفة ال ّ‬
‫ل الشحكال بعححد‬ ‫فما طاب ظاهره طاب بحاطنه و الححذي سححنح لحي فحي وجححه الرتبحاط و حح ّ‬
‫الّتروى و صرف الهّمة إلى حّله أّياما و الستمداد محن جحّدى أميحر المحؤمنين عليححه و آلحه‬
‫ظحاهر طّيحب البحاطن و محا هحو‬ ‫ن محا هحو طّيحب ال ّ‬ ‫ب العالمين هو أّنه لّما ذكر أ ّ‬
‫لر ّ‬ ‫سلم ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم تنبيها‬ ‫ظاهر خبيث الباطن ‪ ،‬عّقبه بهذا الحديث الّنبوي صّلى ا ّ‬ ‫خبيث ال ّ‬
‫ن العبد قد يكون نفسه محبوبا و عمله مبغوضا ‪ ،‬و قد يكون بححالعكس‬ ‫سامعين بأ ّ‬
‫و ايقاظا لل ّ‬
‫ل سححبحانه و‬ ‫لزم له إذا كان محبوب الّذات ّ‬ ‫صادق المصّدق فال ّ‬ ‫كما أفصح عنه الّرسول ال ّ‬
‫مبغوض العمل أن يجّد في تحبيب عمله إليه تعالى حّتى يوافق نفسه عمله في المحبوبّية ‪،‬‬
‫و إذا كان محبوب العمل و مبغوض البححدن أى الحّذات أن يجحّد فححي تحححبيب ذاتححه إليححه كححى‬
‫ظاهر للبححاطن فححي الّول و تطححبيق‬ ‫ث على تطبيق ال ّ‬ ‫يوافق عمله نفسه و الغرض بذلك الح ّ‬
‫ظاهر في الّثاني في المحبوبّية ححتى يكونحا طّيحبين ‪ ،‬و يفحاز إلحى الّنعيحم الحّدائم و‬ ‫الباطن لل ّ‬
‫الفوز البد ‪ ،‬و ل يعكس حّتى يكونا خبيثين مبغوضين له تعالى فيقع في العححذاب الليححم و‬
‫شين ‪،‬‬‫شراح و المح ّ‬ ‫الخزى العظيم ‪ ،‬و قد زّلت في هذا المقام أقدام ال ّ‬

‫] ‪[ 249‬‬

‫شروح ‪،‬‬
‫و كّلت فيه أفهامهم طوينا عن ذكر كلمهم ‪ ،‬من أراد الطلع فليراجع ال ّ‬

‫ث على تزكية العمال و تصفيتها بمثل ضربه بقوله ) و إعلححم أنّ‬ ‫ي الّتوفيق ثّم ح ّ‬
‫ل ول ّ‬
‫وا ّ‬
‫شححارح البحرانححي ‪ :‬اسححتعار‬ ‫ل عمل نباتا ‪ ،‬قال ال ّ‬
‫ن لك ّ‬
‫ل عمل نبات ( و في بعض الّنسخ أ ّ‬ ‫كّ‬
‫شح الستعارة بححذكر المححاء آه ‪ ،‬و علححى مححا روينححا‬ ‫لفظ الّنبات لزيادة العمال و نمّوها و ر ّ‬
‫ل عمل بمنزلة نبات ‪،‬‬ ‫فهو من الّتشبيه البليغ أعنى الّتشبيه المحذوف الداة أى ك ّ‬
‫ن الّنباتححات كمححا أّنهححا مختلفححة مححن حيححث طيبهححا و نضححارتها و خضححرتها و‬
‫شبه أ ّ‬
‫و وجه ال ّ‬
‫حسنها و ثبات أصلها في الرض و رسوخ عروقها و ارتفحاع فروعهحا و حلوة ثمراتهحا‬
‫ل نبححات‬
‫و من حيث كونها على خلف ذلك ‪ ،‬فكذلك العمال و إلى ذلك أشار بقوله ) و ك ّ‬
‫ل غنى به عن الماء ( و هو ماّدة حياته كما قال سبحانه ‪:‬‬

‫خححِر َ‬
‫ج‬ ‫جاجا ِلُن ْ‬
‫ت مآًء َث ّ‬
‫صرا ِ‬
‫ن اْلُمْع ِ‬
‫ى « و قال » َو أْنَزْلنا ِم َ‬
‫حّ‬
‫يٍء َ‬
‫ش ْ‬
‫ل َ‬
‫ن اْلمآِء ُك ّ‬
‫جَعْلنا ِم َ‬
‫» َو َ‬
‫حّبا َو َنباتًا « ‪.‬‬
‫ِبه َ‬

‫جه القلححب اليححه و هححو محاّدة حصححوله ) و‬ ‫ل عمل ل غنى به عن النّيحة و عحن تحو ّ‬ ‫و كذلك ك ّ‬
‫المياه مختلفة ( هذا عذب فرات سائغ شرابه و هححذا ملححح اجححاج ‪ ،‬و النّيححات أيضححا مختلفححة‬
‫بعضها صادرة عن وجه الخلوص و التقّرب إلى الحضرة الّربوبّية ‪ ،‬و بعضها عن وجححه‬
‫سمعة ) فما طححاب سححقيه ( أى نصححيبه مححن المححاء لكححونه عححذبا صححافيا‬‫شرك و الّرياء و ال ّ‬
‫ال ّ‬
‫) طححاب غرسححه ( و ثبححت أصححله و ارتفححع فرعححه و كححان لححه خضححرة و نضححرة ) و حلححت‬
‫ق يعلححو ويزكححو و‬
‫صادر عن وجه الخلححوص و التقحّرب إلححى الحح ّ‬ ‫ثمرته ( و كذلك العمل ال ّ‬
‫يثمر ثمرات طيبة و هى ثمرات الجنان اكلها دائم و ظّلها قال تعالى ‪:‬‬

‫حدًا « ‪.‬‬
‫ك ِبِعباَدِة َرّبه أ َ‬
‫شِر ْ‬
‫ل صاِلحًا َو ل ُي ْ‬
‫عَم ً‬
‫ل َ‬
‫جوا ِلقآَء َرّبه َفْلَيْعَم ْ‬
‫ن َيْر ُ‬
‫ن كا َ‬
‫» َفَم ْ‬

‫] ‪[ 250‬‬

‫) و ما خبث سقيه ( لكون مائه ملحا اجاجا أو كححدرا فاسححدا ) خبححث غرسححه ( ل يكححون لححه‬
‫رونححق و بهححاء و ل لصححله ثبححات و لفرعححه ارتفححاع ) و أم حّرت ثمرتححه ( و هكححذا العمححل‬
‫ضحريع و‬ ‫شحرك و الّريحا يثمحر ثمحرات خبيثحة أعنحى ثمحرات الجحيحم و هحى ال ّ‬ ‫المشوب بال ّ‬
‫الّرقوم قال تعالى ‪:‬‬

‫ن«‪.‬‬
‫طو َ‬
‫ن ِمْنَها اْلُب ُ‬
‫ن ِمْنها َفما ِلُئو َ‬
‫لِكُلو َ‬
‫ن َفإّنُهْم َ‬
‫شياطي ِ‬
‫س ال ّ‬
‫طْلُعها َكَأّنُه ُرُؤ ُ‬
‫» َ‬

‫و أقول ‪ :‬قد وقححع مثحل هحذا الّتشححبيه الواقححع فححي كلم أميحر المحؤمنين أعنححي تشحبيه العمححل‬
‫ب العالمين قال سبحانه في سورة إبراهيم ‪:‬‬ ‫لر ّ‬‫بالّنبات في كلم ا ّ‬

‫سححمآءِ‬ ‫عها ِفححى ال ّ‬ ‫ت َو َفْر ُ‬


‫صُلها َثاِب ٌ‬ ‫طّيَبٍة أ ْ‬‫جَرٍة َ‬‫شَ‬‫طّيَبًة َك َ‬
‫ل َكِلَمًة َ‬
‫ل َمَث ً‬
‫ب ا ُّ‬ ‫ضَر َ‬‫ف َ‬ ‫» أَلْم َتَر َكْي َ‬
‫ل َكِلَم حٍة‬‫ن ‪َ ،‬و َمَث ُ‬‫س َلَعّلُهْم َيتَذّكُرو َ‬‫ل لِلّنا ِ‬
‫لْمثا َ‬
‫ل ا َْ‬
‫ب ا ُّ‬
‫ضِر ُ‬ ‫ن َرّبها َو َي ْ‬ ‫ن ِبِإْذ ِ‬
‫ل حي ٍ‬
‫ُتْوِتى ُأُكَلها ُك ّ‬
‫ن َقراٍر « ‪.‬‬ ‫ض ما َلها ِم ْ‬ ‫لْر ِ‬ ‫ق ا َْ‬
‫ن َفْو ِ‬‫ث ِم ْ‬
‫جُتّت ْ‬
‫خبيَثٍة ا ْ‬
‫جَرٍة َ‬‫شَ‬‫خبيَثٍة َك َ‬‫َ‬

‫لح مثل « أى بيححن‬ ‫قال في مجمع البيان » ألم تر « أى ألم تعلم يا محّمد » كيححف ضححرب ا ّ‬
‫سر ذلك المثل فقال » كلمة طّيبة « و هى كلمة الّتوحيححد شححهادة أن ل إلححه إ ّ‬
‫ل‬ ‫ل شبها ثّم ف ّ‬
‫ا ّ‬
‫ل به من الطاعات عححن أبححي علححي قححال ‪ :‬و‬ ‫ل كلم أمر ا ّ‬‫ل عن ابن عباس ‪ ،‬و قيل هى ك ّ‬ ‫ا ّ‬
‫إّنما سّماها طّيبة لّنها زاكية نامية لصاحبها بالخيرات و البركات » كشجرة طيبة أصححلها‬
‫سماء « أى شجرة زاكيححة ناميححة راسححخة اصححولها فححي الرض عاليححة‬ ‫ثابت و فرعها في ال ّ‬
‫سماء و أراد به المبالغة في الّرفعة و الصل سافل و الفرع عال‬ ‫أغصانها و ثمارها في ال ّ‬
‫شححجرة مححا يؤكححل‬
‫صل من الصل إلى الفرع » تؤتى ُاكلهححا « أى تخححرج هححذه ال ّ‬ ‫ل أّنه يتو ّ‬
‫إّ‬
‫ل غدوة و عشّية » باذن رّبها « و قيل ‪:‬‬ ‫ل حين « أى ك ّ‬ ‫منها » ك ّ‬

‫إّنه سبحانه شّبه اليمان بالّنخلة لثبات اليمان في قلب المؤمن كثبات النخلة‬

‫] ‪[ 251‬‬

‫سححماء بارتفححاع فححروع الّنخلححة ‪ ،‬و شحّبه مححا يكسححبه‬


‫في منبتها ‪ ،‬و شّبه ارتفاع عملححه إلححى ال ّ‬
‫ل وقت و حين بما ينال من ثمرة النخلة في أوقححات‬ ‫المؤمن من بركة اليمان و ثوابه في ك ّ‬
‫ل المثال للّناس لعّلهم يتححذّكرون « أى لكححى‬ ‫سنة كلها من الّرطب و التمر » و يضرب ا ّ‬ ‫ال ّ‬
‫شرك ‪ ،‬عحن‬ ‫يتدّبروا فيعرفوا الغرض بالمثل » و مثل كلمة خبيثة « و هى كلمة الكفر و ال ّ‬
‫ي » كشححجرة خبيثححة‬ ‫ل عن أبي عل ّ‬ ‫ل كلم في معصية ا ّ‬ ‫ابن عّباس و غيره ‪ ،‬و قيل ‪ :‬هو ك ّ‬
‫« غير زاكية و هى شجرة الحنظل عن ابن عّباس و أنححس و مجاهححد » اجتّثححت مححن فححوق‬
‫الرض « أى اقتطعت و استوصلت و اقتلعت جّثته من الرض » ما لها من قححرار « أى‬
‫شححجرة ل ثبححات‬ ‫ن هححذه ال ّ‬
‫ن الّريح تنسفها و تذهب بها ‪ ،‬فكمححا أ ّ‬ ‫شجرة من ثبات فا ّ‬‫ما لتلك ال ّ‬
‫لها و ل بقاء و ل ينتفع بها أحد ‪ ،‬فكذلك الكلمة الخبيثة ل ينتفع بها صاحبها و ل يثبت لححه‬
‫منها نفع و ل ثواب ‪.‬‬

‫ععععع‬

‫سححلم مححن هححذه الخطبححة ‪ :‬نحححن الشّححعار و‬


‫شارح المعتزلي عنححد شححرح قححوله عليححه ال ّ‬
‫قال ال ّ‬
‫الصحاب و الخزنة و البواب ‪:‬‬

‫سلم لو فخر بنفسححه و بححالغ فححي تعديححد منححاقبه و فضححايله‬‫ن أمير المؤمنين عليه ال ّ‬ ‫و اعلم أ ّ‬
‫صه بهححا و سحاعده علححى ذلححك فصحححاء العححرب كاّفححة لححم‬‫ل إّياها و اخت ّ‬
‫بفصاحته التي أتاه ا ّ‬
‫ل عليه و آلححه فححي أمححره ‪ ،‬و لسححت أعنححي‬ ‫صادق صلوات ا ّ‬ ‫يبلغوا إلى معشار ما نطق به ال ّ‬
‫ج بها المامّية على إمامته ‪ ،‬كخبر الغدير ‪،‬‬ ‫شايعة الّتي يحت ّ‬
‫بذلك أخبار العاّمة ال ّ‬

‫صة خيبر ‪ ،‬و خبر الدار بمّكة في ابتداء‬ ‫صة برائة ‪ ،‬و خبر المناجاة ‪ ،‬و ق ّ‬ ‫و المنزلة ‪ ،‬و ق ّ‬
‫صة اّلتي رواها فيه أئّمة الحديث اّلتي لم يحصل أقح ّ‬
‫ل‬ ‫الّدعوة و نحو ذلك ‪ ،‬بل الخبار الخا ّ‬
‫القليل منها لغيره ‪ ،‬و أنححا أذكحر محن ذلححك شححيئا يسحيرا مّمححا رواه علمحاء الحححديث الححذين ل‬
‫يّتهمون فيه و جّلهم قائلون بتفضيل غيره عليه ‪ ،‬فروايتهم فضائله توجب سكون الّنفس ما‬
‫ل يوجبه رواية غيرهم ثّم أورد أربعححة و عشححرين حححديثا نبوّيححا فححي فضححائله ‪ ،‬و الحححديث‬
‫الّرابع و العشرون‬

‫] ‪[ 252‬‬

‫ل و الفتح بعد انصرافه من غزاة حنين جعل يكححثر سححبحان‬ ‫قوله ‪ :‬لّما نزل إذا جاء نصر ا ّ‬
‫ي إّنه قد جاء ما وعدت به جاء الفتح و دخل الّناس فححي ديححن‬ ‫ل ثّم قال ‪ :‬يا عل ّ‬
‫ل استغفر ا ّ‬
‫ا ّ‬
‫ق منك بمقححامي لقححدمك فححي السححلم و قربححك مّنححي و صححهرك و‬ ‫ل أفواجا و ليس أحد أح ّ‬ ‫ا ّ‬
‫عندك سيدة نساء العالمين ‪ ،‬و قبححل ذلححك مححا كححان مححن بلء أبححي طححالب عنححدى حيححن نححزل‬
‫ي في تفسير القرآن ‪.‬‬‫القرآن فأنا حريص أن اراعى ذلك لولده ‪ ،‬رواه أبو إسحاق الّثعلب ّ‬

‫ن كححثيرا مححن المنحرفيححن عنححه‬ ‫شارح ‪ :‬و اعلم أّنا إّنما ذكرنا ههنا هححذه الخبححار ل ّ‬ ‫ثّم قال ال ّ‬
‫لح‬
‫سلم إذا مّروا على كلمه في نهج البلغة و غيححره المتض حّمن للّتح حّدث بنعمححة ا ّ‬ ‫عليه ال ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم و تميزه إّياه عححن غيححره ينسححبونه‬ ‫عليه من اختصاص الّرسول صّلى ا ّ‬
‫ل علّيححا‬
‫صحححابة قيححل لعمححر و ّ‬ ‫فيه إلى الّتيه و الّزهو و الفخر ‪ ،‬و لقد سبقهم بذلك قوم من ال ّ‬
‫أمر الجيش و الحرب فقال ‪ :‬هو أتيه من ذلك ‪ ،‬و قال زيد بن ثابت ‪ :‬ما رأينححا أزهححى مححن‬
‫سححلم عنححد‬‫ي و اسامة فاردنا ايححراد هححذه الخبححار أن تنّبححه علححى عظيححم منزلتححه عليححه ال ّ‬ ‫عل ّ‬
‫سححماء و عححرج‬ ‫ن من قيل في حّقه ما قيل لححو رقححى إلححى ال ّ‬ ‫ل عليه و آله و أ ّ‬‫الّرسول صّلى ا ّ‬
‫في الهواء و فخر على الملئكة و النبياء تعظما و تبجحححا لححم يكححن ملومححا بححل كححان بححذلك‬
‫ظم و التكّبر في شيء من أقححواله و‬ ‫ط مسلك التع ّ‬ ‫سلم لم يسلك ق ّ‬ ‫جديرا فكيف و هو عليه ال ّ‬
‫ل من أفعاله ‪ ،‬و كان ألطف البشر خلقا ‪ ،‬و أكرمهم طبعا ‪ ،‬و أشّدهم تواضعا ‪ ،‬و أكححثرهم‬
‫احتمال ‪ ،‬و أحسنهم بشرا ‪ ،‬و أطلقهم وجها حّتى نسبه من نسبه إلححى الّدعابححة و المححزاح و‬
‫هما خلقان يتنافيان التكّبر و الستطالة ‪ ،‬و إنما كان يذكر احيانا ما يذكره نفثة مصححدور و‬
‫ل شححكر النعمححة و تنححبيه الغافححل‬ ‫شكوى مكروب و تنّفس مهموم و ل يقصححد بححه إذا ذكححره إ ّ‬
‫ض علححى‬ ‫ن ذلك مححن بححاب المححر بححالمعروف و الحح ّ‬ ‫ل به من الفضيلة ‪ ،‬فا ّ‬ ‫صه ا ّ‬
‫على ما خ ّ‬
‫ق و الصواب في أمححره و النهححى عححن المنكححر الححذي هححو تقححديم غيححره عليححه فححي‬ ‫اعتقاد الح ّ‬
‫ق أن يّتبححع أّمححن ل‬‫ق أحح ّ‬‫ل سبحانه عن ذلك فقال ‪ :‬أفمن يهدي إلى الحح ّ‬ ‫الفضل ‪ ،‬فقد نهى ا ّ‬
‫ل أن يهدى فما لكم كيف تحكمون ‪ ،‬انتهى أقول ‪ :‬و لقد أجاد الشارح فيما أفاد و ل‬ ‫يهّدى إ ّ‬
‫يخفى ما في كلمه من وجوه التعريض‬

‫] ‪[ 253‬‬

‫سلم تارة إلححى الححتيه و التكّبححر ‪ ،‬و اخححرى‬


‫إلى عمر من حيث نسبته أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫سححلم‬‫ن هذه الّنسبة افتراء منه عليه عليه ال ّ‬ ‫شارح على أ ّ‬‫إلى المزاح و الّدعابة ‪ ،‬و قد نّبه ال ّ‬
‫ن التكّبر و الّدعابة على طرفى الفراط و التفريط و همححا مححع تضححاّدهما و عححدم امكححان‬ ‫لّ‬
‫سحلم اّلحذي هحو علحى ححّد‬ ‫ل واحد ل يجحوز أن يوصحف المحام عليحه ال ّ‬ ‫اجتماعهما في مح ّ‬
‫العتدال في الوصاف و الخلق بشيء منهما فضل عن كليهما ‪ ،‬و قد م حّر فسححاد نسححبة‬
‫الّدعابة إليه في شرح الكلم الثالث و الّثمانين بما ل مزيد عليه ‪.‬‬

‫ل عن الهدى و أعمى عن الحححقّ‬ ‫شارح أّنه مع نقله هذه الّروايات كيف ض ّ‬ ‫ثّم العجب من ال ّ‬
‫سححلم مححع ظهححور دللتهححا علححى‬
‫و أنكر وجود الّنص علححى خلفححة أميححر المححؤمنين عليححه ال ّ‬
‫خلفته لو لم تكن نصا فيها ل سّيما الّرواية الخيرة أعني الحديث الّرابع و العشرين ‪.‬‬

‫سلم من المنكر ‪،‬‬


‫ن تقديم غيره عليه عليه ال ّ‬
‫و أعجب من ذلك أّنه قد صّرح هنا بأ ّ‬

‫سلم من تعديد مناقبه و فضايله كححان الّنهححي عححن ذلححك‬ ‫ن غرض أمير المؤمنين عليه ال ّ‬ ‫وأّ‬
‫صواب و هو مناف لمححذهبه اّلححذي‬ ‫ق و ال ّ‬‫المنكر و ردع الّناس عن العتقاد الباطل إلى الح ّ‬
‫لح سححبحانه و‬ ‫ن تقديم غيره عليه إّنما هححو مححن فعححل ا ّ‬
‫اختاره وفاقا لصحابه المعتزلة من أ ّ‬
‫شححرح‬‫ضاّلون علّوا كبيرا كما هو صريح كلمه فححي خطبححة ال ّ‬ ‫تعالى عّما يقول الجاهلون ال ّ‬
‫حيث قال هناك ‪ :‬و قّدم المفضول على الفضل لمصلحة اقتضاها الّتكليف ‪،‬‬

‫ل تعححالى هنالححك ‪ ،‬و قححد أجححرى‬


‫و إذا كان تقديم غيره عليه منكرا و قبيحا كيف نسبه إلى ا ّ‬
‫لح الهحادى إلحى سحواء‬ ‫ق على لسانه هنا حّتى صّرح بنفسه على فسحاد محذهبه ‪ ،‬و ا ّ‬ ‫ل الح ّ‬‫ا ّ‬
‫سبيل‬‫ال ّ‬

‫ععععععع‬

‫ى محّمد مختار اسححت در مححوعظه و نصححيحت‬‫از جمله خطب شريفه آن بزرگوار و وص ّ‬


‫و ذكر فضايل أهل بيت عصمت و طهارت ميفرمايد ‪:‬‬

‫آلت نظر عاقل كه بوساطت آن مىبيند غايت خود را و مىشناسححد پسححتى و بلنححدى خححود‬
‫را دعوت كنندهايست كه دعوت نمود و رعايت كننده ايست كه رعايت فرمود ‪،‬‬

‫] ‪[ 254‬‬

‫و مراد از دعوت كننده حضححرت خححاتم رسححالت و از رعححايت كننححده جنححاب شححاه وليححت‬
‫سلم است ‪ ،‬پححس اسححتجابت نمائيححد دعححوت كننححده را ‪ ،‬و متححابعت كنيححد رعححايت‬
‫عليهما ال ّ‬
‫نماينده را ‪،‬‬

‫پس بتحقيق كححه غححوطهور شححدند مخالفححان آن داعححى و راعححى در دريححاى فتنهححا ‪ ،‬و أخححذ‬
‫نمودند بدعتها نه سّنتها را ‪ ،‬و منقبض شدند مؤمنان ‪ ،‬و ناطق شدند گمراهححان و تكححذيب‬
‫كنندگان ‪.‬‬
‫ما أهل بيت لباس مخصوص پيغمححبر خححدائيم و أصحححاب پسححنديده حضححرت مصححطفى و‬
‫ب العّزة و درهاى مدينه علم و حكمت ‪ ،‬و داخل نمىتوان شد بخانها‬ ‫خزينه داران علم ر ّ‬
‫مگر از درهاى آنها ‪ ،‬پس هححر كححه بيايححد بخانهححا از غيححر درهححاى آن ناميححده شححود دزد و‬
‫سارق ‪.‬‬

‫سلم اسححت ميفرمايححد‬ ‫بعض ديگر از اين خطبه باز در فضايل آل رسول عليه و عليهم ال ّ‬
‫در حق ايشانست آيات كريمه قرآن ‪ ،‬و ايشانست خزينهححاى رحمححان ‪ ،‬اگححر گويححا بشححوند‬
‫راست ميگويند ‪ ،‬و اگر ساكت شوند كسحى نميتوانحد سحبقت نمايحد بحر ايشحان ‪ ،‬پحس بايحد‬
‫راست بگويد طالب آب و گياه بأهل خود ‪ ،‬و بايد كه حاضر سازد عقل خود را ‪ ،‬و بايححد‬
‫كه بشود از ابناى آخرت ‪ ،‬پس بدرستى كه او از آخرت كه عالم لهوتست آمححده بسححوى‬
‫عالم ناسوت ‪ ،‬و بسوى آخرت برگشت او خواهد شد ‪.‬‬

‫پس كسى كه نظر كند بقلب خود و عمل كننده باشد به بصيرت خود ميباشد ابتحداء عمحل‬
‫او اينكه بداند آيا عمل او ضرر دارد بر او يا منفعت دارد مر او را ‪ ،‬پس اگر نافع باشد‬
‫او را اقدام مىكند در او ‪ ،‬و اگر مضر باشد خوددارى مينمايححد از او پححس بدرسححتي كححه‬
‫عمل كننده بغير علم مثل سير كننده است بر غير راه راست پس زياده نميكنححد دورى او‬
‫از راه مگر دورى از مقصود او را ‪ ،‬و عمل كننده بعلححم مثححل سححير كننححده اسححت بححر راه‬
‫روشن ‪ ،‬پس بايد كه نظر كند نظر كننده آيا سير كننده است او يا رجوع نماينده اسححت و‬
‫بدانكه بدرستى هر ظاهري را باطنى است بر طبق او پس آنچه كه پاكيزه اسححت ظححاهر‬
‫او پاكيزه است باطن او ‪ ،‬و آنچه كه خبيث است ظاهر او خبيث‬

‫] ‪[ 255‬‬

‫لح عليححه و آلححه‬


‫است باطن او ‪ ،‬و بتحقيق كه فرموده است پيغمبر صححادق القححول صحّلى ا ّ‬
‫اينكه بدرسححتى خححداى تعححالى دوسححت مىدارد بنححده را و دشححمن مىدارد عمححل او را ‪ ،‬و‬
‫دوست ميدارد عمل خوب را و دشمن ميدارد بدن او را ‪ ،‬و بدانكه بدرستى كه هر عمل‬
‫بمنزله گياهيست ‪ ،‬و هر گياه استغنا نيست او را از آب ‪ ،‬و آبهححا مختلفنححد پححس آنچححه كححه‬
‫پاكيزه باشد سيرابى او پاكيزه شود كاشتن او و شيرين شود ميوه او ‪ ،‬و آنچه كححه زشححت‬
‫باشد آب خوردن آن زشت باشد كاشتن آن و تلخ و بد مزه باشد ميوه آن ‪.‬‬

‫عععع ع ععع ععع ع ع ععع‬


‫ع عع عععع عع عععع ععع‬
‫عععع عععععع‬

‫لح اّلححذي انحسححرت‬ ‫و هى المأة و الرابع و الخمسون من المختار في باب الخطححب ألحمححد ّ‬
‫الوصاف عن كنه معرفته ‪ ،‬و ردعت عظمته العقححول فلححم تجححد مسححاغا إلححى بلححوغ غايححة‬
‫ق و أبين مّما ترى العيون ‪ ،‬لم تبلغه العقححول‬ ‫ق المبين ‪ ،‬و أح ّ‬
‫ل الملك الح ّ‬
‫ملكوته ‪ ،‬و هو ا ّ‬
‫بتحديد فيكون مشّبها ‪ ،‬و لم تقع عليه الوهام بتقدير فيكون ممّثل ‪ ،‬خلق الخلق على غيححر‬
‫تمثيل ‪ ،‬و ل مشورة مشححير ‪ ،‬و ل معونححة معيححن ‪ ،‬فتحّم خلقححه بححأمره ‪ ،‬و أذعححن لطححاعته ‪،‬‬
‫فأجاب و لم يدافع ‪ ،‬و انقاد و لم ينازع ‪.‬‬

‫و من لطآيف صنعته و عجآئب خلقته ما أرانا مححن غححوامض الحكمححة فححي هححذه الخفححافيش‬
‫ى ‪ ،‬و كيححف‬‫ل حح ّ‬‫ظلم القححابض لك ح ّ‬
‫ل شححيء ‪ ،‬و يبسححطها ال ّ‬
‫ضيآء الباسط لك ّ‬
‫اّلتي يقبضها ال ّ‬
‫عشيت أعينها عن أن تستمّد‬

‫] ‪[ 256‬‬

‫شححمس إلححى‬ ‫شمس المضيئة نورا تهتدى به في مذاهبها ‪ ،‬و تّتصححل بعلنيححة برهححان ال ّ‬ ‫من ال ّ‬
‫ى في سبحات إشراقها ‪ ،‬و أكّنها في مكامنها‬ ‫معارفها ‪ ،‬و ردعها بتللؤ ضيآئها عن المض ّ‬
‫عن الّذهاب في بلج ايتلقها ‪ ،‬فهى مسدلة الجفون بالّنهححار علححى حححذاقها ‪ ،‬و جاعلححة الّليححل‬
‫ل به في التماس أرزاقها ‪ ،‬فل يرّد أبصارها إسداف ظلمتححه ‪ ،‬و ل تمتنححع مححن‬ ‫سراجا تستد ّ‬
‫شمس قناعها ‪ ،‬و بدت أوضاح نهارها ‪،‬‬ ‫ي فيه لغسق دجّنته ‪ ،‬فإذا ألقت ال ّ‬
‫المض ّ‬

‫ضباب في و جارها ‪ ،‬أطبقححت الجفححان علححى مآقيهححا ‪ ،‬و‬ ‫و دخل من إشراق نورها على ال ّ‬
‫تبّلغت بما اكتسبته من المعاش في ظلم لياليها ‪ ،‬فسبحان من جعل الّليل لها نهارا و معاشا‬
‫‪ ،‬و الّنهار سكنا و قححرارا ‪ ،‬و جعححل لهححا أجنحححة مححن لحمهححا تغححرج بهححا عنححد الحاجححة إلححى‬
‫طيران كأّنها شظايا الذان ‪،‬‬ ‫ال ّ‬

‫ل أّنك ترى مواضع العروق بّينة أعلما ‪،‬‬


‫غير ذوات ريش و ل قصب إ ّ‬

‫و لها جناحان لّما يّرقا فينشّقا ‪ ،‬و لححم يغلظححا فيثقل ‪ ،‬تطيححر و ولححدها لصححق بهححا ‪ ،‬لجىء‬
‫إليها ‪ ،‬يقع إذا وقعححت ‪ ،‬و يرتفححع إذا ارتفعححت ‪ ،‬ل يفارقهححا حّتححى تشححتّد أركححانه ‪ ،‬و تحملححه‬
‫للّنهوض جناحه ‪ ،‬و يعرف مذاهب عيشه ‪ ،‬و مصالح نفسه ‪ ،‬فسبحان البححارى لكحلّ شححيء‬
‫على غير مثال خل من غيره ‪.‬‬

‫] ‪[ 257‬‬

‫ععععع‬

‫) الخّفاش ( و زان رّمان طاير معروف جمعه خفافيش مأخوذ من الخفححش و هححو ضححعف‬
‫في البصر خلقة أو لعّلة ‪ ،‬و الّرجل أخفش و هو الذي يبصر بالّليل ل بالّنهححار أو فححي يححوم‬
‫ل لطحول محدى و نحححوه ‪ ،‬و‬ ‫غيم ل في يححوم صححو و ) حسحر ( حسححورا مححن بححاب قعحد كح ّ‬
‫شراب سوغا سهل مدخله و المساغ المسححلك و‬ ‫حسرته أنا يتعّدي و ل يتعّدي و ) ساغ ( ال ّ‬
‫شيء و طرفه ‪،‬‬ ‫شيئين و نهاية ال ّ‬
‫) الحّد ( المنع و الحاجز بين ال ّ‬
‫و في عرف المنطقيين الّتعريف بالّذاتي ‪.‬‬

‫شححين‬‫و ) المشورة ( مفعلة من أشار إليه بكذا أى أمححره بححه ‪ ،‬و فححي بعححض النسححخ بضحّم ال ّ‬
‫شورى و ) المعونة ( اسم من أعانه و عّونه و ) الّلطايف ( جمع لطيفة و هى مححا‬ ‫بمعنى ال ّ‬
‫ل شيء خفى مأخذه و ) العشا ( بالفتححح و‬ ‫ق و ) الغامض ( خلف الواضح و ك ّ‬ ‫صغر و د ّ‬
‫القصححر سححوء البصححر بالّنهححار أو بالّليححل و الّنهححار أو العمححى و ) الّتصححال ( إلححى الشححيء‬
‫سبحات ( بضّمتين جمع سبحة‬ ‫الوصول إليه ‪ ،‬و في بعض الّنسخ مّتصل بدل تّتصل و ) ال ّ‬
‫و هي الّنور و قيل ‪ :‬سبحات الوجه محاسنه لّنك إذا رأيت الححوجه الحسحن قلححت ‪ :‬سحبحان‬
‫ل‪.‬‬‫ا ّ‬

‫و ) البلج ( مصدر بلج كتعب تعبا أى ظهر و وضح ‪ ،‬و صبح أبلج بّين البلححج أى مشححرق‬
‫صححبح و ) اليتلق (‬ ‫و مضححيء ‪ ،‬و قيححل ‪ :‬البلححج جمححع بلجححة بالضحّم و هححى أّول ضححوء ال ّ‬
‫الّلمعححان يقححال ‪ :‬ائتلححق و تححأّلق إذا التمححع و ) سححدل ( الّثححوب أسححد لححه أرخححاه و أرسححله و‬
‫) الجفن ( بالفتح غطاء العين من أعلها و أسححفلها ‪ ،‬و الجمححع جفححان و جفححون و أجفححن و‬
‫) الحدقة ( محّركة سواد العين و يجمع على حداق كما فححي بعححض الّنسححخ و علححى أحححداق‬
‫كما في البعض الخر و ) أسدف ( الّليل اسدافا أى أظلمت ‪ ،‬و في بعححض النسححخ أسححداف‬
‫ظلمة و ) الّدجنححة ( بضحّم الحّدال و تشححديد‬
‫بفتح الهمزة جمع سدف كأسباب و سبب و هو ال ّ‬
‫ب الّداّبححة المعروفححة و‬
‫ضباب ( بالكسر جمع الض ّ‬ ‫ظلمة و ) ال ّ‬‫ل ال ّ‬
‫الّنون و الّدجن و زان عت ّ‬
‫) و جارها ( بالكسر جحرها اّلذي تأوى إليه ‪.‬‬

‫] ‪[ 258‬‬

‫و ) ماقيها ( بفتح الميم و سكون الهمزة و كسر القاف و سكون الياء كما في أكححثر الّنسححخ‬
‫لغة في المؤق بضّم الميم و سكون الهمزة أى طرف عينها مّما يلى النححف و هححو مجححرى‬
‫ن المححؤق و‬ ‫خرهما و عححن الزهححرى أجمححع أهححل الّلغححة علححى أ ّ‬ ‫الّدمع من العين و قيل ‪ :‬مؤ ّ‬
‫صححدغ يقححال لححه ‪:‬‬
‫ن اّلححذي يلححى ال ّ‬‫الماق بالضّم و الفتح طرف العين اّلذي يلححى النححف ‪ ،‬و أ ّ‬
‫الّلحاظ و الماقي لغة فيه ‪ ،‬و قال ابن القطاع ما في العين فعلى و قد غلط فيه جماعححة مححن‬
‫العلماء فقالوا ‪ :‬هو مفعل و ليس كذلك بل الياء فححي آخححره لللحححاق ‪ ،‬و قححال الجححوهرى و‬
‫ن الميم أصلّية و إّنما زيححدت فححي آخححره اليححاء لللحححاق و لّمححا كححان فعلححى‬
‫ليس هو مفعل ل ّ‬
‫بكسر اللم نادرا ل أخت لها الحق بمفعل ‪ ،‬و لهححذا جمححع علححى مححاقى علححى الّتححوّهم و فححي‬
‫بعض الّنسخ ماقيها على صيغة الجمع ‪.‬‬

‫و ) المعاش ( ما يعاش به و ما يعاش فيححه و بمعنححى العيححش و هححو الحيححاة ‪ ،‬و فححي بعححض‬
‫شظية و هى القطعة من الشيء و ) العلم (‬ ‫شظايا ( جمع ال ّ‬‫الّنسخ ليلها بدل لياليها و ) ال ّ‬
‫شيء ‪.‬‬‫جمع علم بالتحريك و هو طراز الثوب و رسم ال ّ‬
‫ععععععع‬

‫ق المبين أو عطفا بيان ‪ ،‬و على الّول ففايدتهما الّتقريححر‬


‫ق و أبين بالّرفع بدلن من الح ّ‬
‫أح ّ‬
‫‪ ،‬و على الّثاني فاليضاح و قوله ‪ :‬و من لطايف صنعته تقححديمه علححى المسححند إليححه أعنححى‬
‫قوله ‪ :‬ما أرانا ‪ ،‬للّتشويق إلى ذكر المسند إليه و هو من فنون البلغة كما في قوله ‪:‬‬

‫ثلثحححححححححححححححححححححححة تشحححححححححححححححححححححححرق الحححححححححححححححححححححححّدنيا ببهجتهحححححححححححححححححححححححا‬


‫ضحى و أبو إسحاق و القمر‬ ‫شمس ال ّ‬

‫و تّتصل في بعض الّنسخ بالنصب عطفا علححى تسححتمّد و فححي بعضححها بححالّرفع عطفححا علححى‬
‫تهتدى ‪ ،‬و في بعضها و تصل بدله ‪ ،‬و ردعها عطف على جملة أرانحا ‪ ،‬و محن فحي قححوله‬
‫ل لرجل‬ ‫من اشراق نورها زايدة في الفاعل كما زيدت في المفعول في قوله ‪ » :‬ما جعل ا ّ‬
‫من قلبين في جوفه « و قوله ‪ :‬غير ذوات ريش ‪ ،‬بالّنصب صفة لجنحة ‪ ،‬و قوله ‪:‬‬

‫أعلما بدل من بّينة أو عطف بيان ‪ ،‬و كلمة لها غير موجودة في بعض الّنسخ فيكون‬

‫] ‪[ 259‬‬

‫قوله ‪ :‬جناحان ‪ ،‬خبر مبتححدء محححذوف أى جناحححاه جناحححان ‪ ،‬و لّمححا فححي قححوله ‪ :‬لّمححا يرقححا‬
‫بمعنى لم الجازمة ‪.‬‬

‫عععععع‬

‫ن هذه الخطبة الشريفة يذكر فيها بديع خلقة الخّفاش ‪ ،‬و الغححرض منححه التنححبيه علححى‬ ‫اعلم أ ّ‬
‫عظمة قدرة خالقها ‪ ،‬و علحى كمحال صححنعه سححبحانه فحي إبححداعها ‪ ،‬و الّدللححة علححى عظيححم‬
‫سحلم كلمحه بالحمححد و‬ ‫برهانه في ملكه و ملكوته و لّما كحان الغحرض ذلححك افتتححح عليححه ال ّ‬
‫الثناء عليه تعالى بجملة من صححفات الكمححال و نعححوت الجلل و الجمححال بمقتضححى براعححة‬
‫لح الححذي انحسححرت الوصححاف عححن كنححه معرفتححه ( أى عجححز‬ ‫الستهلل فقححال ‪ ) :‬الحمححد ّ‬
‫ن ذاتححه سححبحانه بححريئة عححن‬‫الواصفون عن صفته و أعيت اللسن عن وصفه بحقيقته ‪ ،‬ل ّ‬
‫أنحاء التركيب ‪ ،‬منّزهة عن الجزاء و الّنهايححات ‪ ،‬فل ححّد لححه و ل صححورة تسححاويه ‪ ،‬فل‬
‫يمكن للعقول الوصول إلى حقيقة معرفته ‪ ،‬و ل لللسن الحكاية و البيححان عححن هححوّيته ‪ ،‬و‬
‫قد مّر تحقيق ذلك في شرح الفصل الّثاني من الخطبة الولى و غيره أيضا غير مححّرة ) و‬
‫ردعت ( أى منعت ) عظمته العقول فلم تجد مساغا ( و مسلكا ) إلى بلوغ غاية ملكوته (‬
‫ق ( الّثححابت المتحّقححق وجححوده و إلهّيتححه أو‬
‫لح الملححك الحح ّ‬
‫أى منتهى عّزه و سلطانه ) هححو ا ّ‬
‫ل شيء فححان‬ ‫ظاهر البّين وجوده بل هو أظهر وجودا من ك ّ‬ ‫الموجود حقيقة ) المبين ( أى ال ّ‬
‫خفى مع ظهوره فلشّدة ظهوره ‪ ،‬و ظهوره سبب بطونه و نوره هححو حجحاب نحوره إذ كح ّ‬
‫ل‬
‫ذّرة من ذّرات مبدعاته و مكّوناته فلها عّدة ألسنة تشهد بوجوده ‪ ،‬و بالحاجة إلى تدبيره و‬
‫قدرته كما مّر تفصيل و تحقيقا في شرح الخطبة الّتاسعة و الربعين ‪.‬‬

‫ن العلححم بوجححوده تعححالى عقلحيّ‬


‫ق و أبين ( أى أثبت و أوضح ) مّما ترى العيححون ( ل ّ‬ ‫) أح ّ‬
‫ي ل يتطّرق إليه ما يتطّرق إلى المحسوسات من الغلط و الشححتباه أل تححرى أنّ العيححن‬ ‫يقين ّ‬
‫صغير كبيرا كالعنبة في الّزجاجححة المملحّوة مححاء ‪ ،‬و الكححبير صححغيرا كالبعيححد ‪ ،‬و‬
‫قديرى ال ّ‬
‫سفينة متصاعدا‬ ‫شط إذا رآه راكب ال ّ‬ ‫ساكن متحّركا كحرف ال ّ‬ ‫ال ّ‬

‫] ‪[ 260‬‬

‫صرفة ‪.‬‬
‫ل بخلف المعقولت ال ّ‬
‫و المتحّرك ساكنا كالظ ّ‬

‫) لم تبلغه العقول بتحديد فيكون مشحّبها ( المحراد بالّتحديحد إّمحا إثبحات الححّد و الّنهايحة ‪ ،‬أو‬
‫ل سحبحانه منحّزه عحن الححدود و‬ ‫الّتعريف بالّذاتي كما هو عرف المنطقّيين ‪ ،‬و ظاهر أنّ ا ّ‬
‫الّنهايات الّتي هى من عوارض الجسام و الجسمانّيات ‪ ،‬مقّدس عححن الجححزاء و الّتركححب‬
‫مطلقا من الّذاتيات أو العرضّيات ‪ ،‬فذاته سبحانه ليس له حّد و تركيب حّتى يمكن للعقححول‬
‫البلوغ إليه بتحديد كما لساير الجسام ) و لم تقع عليه الوهام بتقدير فيكححون ممّثل ( قححال‬
‫ل المعاني الجزئّية المتعّلقة بالمحسوسات ‪ .‬و ل بّد‬ ‫شارح البحراني ‪ :‬إذ الوهم ل يدرك إ ّ‬ ‫ال ّ‬
‫صححور الجسححمانّية ‪،‬‬ ‫له في إدراك ذلك المدرك من بعث المتخّيلة على تشبيهه بمثال مححن ال ّ‬
‫ن الوهم إّنما يححدرك نفسححه فححي مثححال مححن‬ ‫فلو وقع عليه و هم لمّثله في صورة حسّية حّتى أ ّ‬
‫ن المححراد بالتمثيححل ايجححاد‬
‫ظاهر أ ّ‬‫صورة و حجم و مقدر ) خلق الخلق على غير تمثيل ( ال ّ‬
‫الخلق على حذوما خلقه غيره ‪ ،‬و لّما لم يكن الباري سبحانه مسبوقا بغيره فليس خلقححه إ ّ‬
‫ل‬
‫ن المراد أّنه لم يجعححل لخلقححه مثححال قبححل اليجححاد كمححا‬ ‫على وجه البداع و الختراع ‪ ،‬أو أ ّ‬
‫ن كيفّية صنعه للعالم منّزهة عن هذا الوجه‬ ‫يفعله البّناء تصويرا لما يريد بنائه ‪ ،‬و معلوم أ ّ‬
‫سححابع مححن الخطبححة الولححى ) و ل مشححورة مشححير و ل‬ ‫أيضا كما سبق في شرح الفصححل ال ّ‬
‫ن الحاجححة إلححى المشححير و المعيححن مححن صححفات الّنححاقص المحتححاج و هححو‬ ‫معونة معيححن ( ل ّ‬
‫ي المطلق في ذاته و أفعاله فل يحتاج في إيجاده إلى مشاورة و ل إعانة ) فتّم‬ ‫سبحانه الغن ّ‬
‫ل سححبحانه منححه أو خححرج‬ ‫ل مخلوق إلى مرتبة كماله و تمامه اّلذي أراده ا ّ‬ ‫خلقه ( أى بلغ ك ّ‬
‫جميع ما أراده من العدم إلى الوجود ) بأمره ( أى بمجّرد أمره التكويني و محض مشححّيته‬
‫الّتامة الّنافذة كما قال عّز من قائل ‪:‬‬

‫» إّنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون « ) و أذعن ( أي خضع و أق حّر و أسححرع‬
‫سححرتان‬
‫ل ) لطاعته فأجاب و لم يدافع ‪ ،‬و انقاد و لم ينازع ( و هاتان الجملتان مف ّ‬
‫و انقاد ك ّ‬
‫للذعان ‪ ،‬و المراد دخول الخلق تحت القدرة اللهّية و عدم الستطاعة‬

‫] ‪[ 261‬‬
‫سماء و هححى دخحان فقحال لهححا و للرض ائتيححا‬ ‫للمتناع كما قال سبحانه » ثّم استوى إلى ال ّ‬
‫طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين « و لّما فرغ من الّتحميد و الّتمجيد شرع فححي المقصححود‬
‫سلم ) و من لطايف صنعته و عجايب خلقتححه ( أى مححن جملححة صححنايعه اّلححتي‬ ‫فقال عليه ال ّ‬
‫جححب منهححا ) مححا أرانححا مححن غححوامض الحكمححة فححي هححذه‬
‫ق أن يتع ّ‬
‫ق و أحح ّ‬
‫هححى ألطححف و أد ّ‬
‫الخفافيش ( حيث خالف بينها و بين جميع الحيوانات ‪.‬‬

‫ل شيء ‪،‬‬
‫ضياء الباسط لك ّ‬
‫و أشار إلى جهة المخالفة بقوله ) اّلتي يقبضها ال ّ‬

‫ى ( ل يخفى ما فححي هححاتين القرينححتين مححن بححديع النظححم و‬


‫لح ّ‬‫ظلم القابض لك ّ‬ ‫و يبسطها ال ّ‬
‫حسن الّتطبيق ‪ ،‬و الّتقابل بين القبض و البسط في القرينة الولححى و البسحط و القبحض فححي‬
‫الثانّية ثّم المقابلة بين مجموع القرينتين بالعتبار الذي ذكرنححا مضححافا إلححى تقابححل الضححياء‬
‫صدر ‪ ،‬فقد تضّمن هححذه الجملححة علححى و جازتهححا وجوهححا مححن‬ ‫ظلم ‪ ،‬ثّم رّد العجز إلى ال ّ‬‫لل ّ‬
‫محاسن البديع مع عظم خطر معناها ‪.‬‬

‫و الضمير في يقبضها و يبسطها إّما عايد إلى الخفافيش بتقححدير مضححاف ‪ ،‬أو علححى سححبيل‬
‫ضححوء ‪ ،‬و ذلححك لفححراط التحّلححل فححي الحّروح‬ ‫الستخدام ‪ ،‬و المححراد انقبححاض أعينهححا فححي ال ّ‬
‫الّنوري لحّر الّنهار ‪ ،‬ثّم يستدرك ذلك برد الّليل فيعود البصار ‪ ،‬و قيل ‪ :‬الظهر إّنه ليس‬
‫ل إذا ظهححرت الحححرارة فححي‬ ‫شححتاء إ ّ‬
‫ل لزم أن ل يعرضها النقبححاض فححي ال ّ‬ ‫لمجّرد الحّر و إ ّ‬
‫الهواء ‪ ،‬و في الصّيف أيضا في أوايل الّنهار ‪ ،‬بل ذلك لضعف في قّوتها الباصرة و نوع‬
‫من الّتضاد و الّتنافر بينها و بين الّنور كالعجز العارض لساير القوى المبصرة عن النظر‬
‫جححب اّلححذي يشححير‬
‫ن علة التنافر ما ذا ففيه خفاء و هو منشاء لتع ّ‬ ‫شمس ‪ ،‬و أّما أ ّ‬ ‫إلى جرم ال ّ‬
‫إليه الكلم ‪.‬‬

‫و إّما عائد إليها نفسها فيكون المراد بانقباضها ما هو منشأ اختفائها نهارا و إن كححان ذلححك‬
‫ناشيا من جهة البصار ‪.‬‬

‫شححمس‬‫) و كيف عشيت أعينها ( أى عجزت و عميت ) عن أن تستمّد ( و تستعين ) من ال ّ‬


‫المضيئة نورا تهتدى به في مذاهبها ( أى طرق معاشها و مسالكها في سيرها و انتفاعهححا‬
‫شمس ( أى دليلها الواضح‬‫) و ( عن أن ) تّتصل بعلنية برهان ال ّ‬

‫] ‪[ 262‬‬

‫) إلى معارفها ( يعني ما تعرفه من طرق انتفاعهححا و وجححوه تص حّرفاتها ) و ردعهححا ( أى‬
‫ى في سبحات إشراقها ( أى جلله و بهائه ) و‬ ‫رّدها و منعها ) بتلءلؤ ضيائها عن المض ّ‬
‫أكّنها ( أى سترها و أخفاها ) في مكامنها ( و محال خفائها عن الّذهاب ) في بلج ائتلقهححا‬
‫( و وضوح لمعانها ‪.‬‬
‫سححتها ‪ ،‬و قححال‬ ‫) فهححى مسححدلة الجفححون بالّنهححار علححى حححداقتها ( لنقباضححها و تححأّثر حا ّ‬
‫ن تحّلل الّروح الحامل للقّوة الباصرة سبب للّنوم أيضا فيكون ذلححك السححدال‬ ‫البحراني ‪ :‬ل ّ‬
‫ل بححه فححي التمححاس أرزاقهححا ( أى فححي طلححب‬ ‫ضربا من الّنوم ) و جاعلة الّليل سراجا تسححتد ّ‬
‫ي ) فل يرّد ابصارها إسداف ظلمتححه (‬ ‫الّرزق لها ‪ ،‬و اسناد الجاعلة إليها من المجاز العقل ّ‬
‫ي ( و الحّذهاب ) فيححه‬ ‫ضمير عايد إلى الّليححل ) و ل تمتنححع مححن المضح ّ‬‫الضافة للمبالغة و ال ّ‬
‫شححمس قناعهححا ( اسححتعارة بالكنايححة‬ ‫لغسق دجّنته ( الضافة فيه أيضا للمبالغة ) فاذا ألقت ال ّ‬
‫شححمس بححالمرأة ذات القنححاع ‪ ،‬و اثبححات القنححاع تخييححل و ذكححر اللقححاء ترشححيح ‪ ،‬و‬ ‫تشبيها لل ّ‬
‫شمس و بروزها من حجاب الرض و الفاق ) و بدت أوضححاح نهارهححا (‬ ‫المراد طلوع ال ّ‬
‫صححها‬
‫ضباب فححي وجارهححا ( و إّنمححا خ ّ‬ ‫أى ظهر بياضه ) و دخل من إشراق نورها على ال ّ‬
‫شمس لمواجهة الّنور على عكححس‬ ‫بالّذكر إذ من عادتها الخروج من و جارها عند طلوع ال ّ‬
‫الخفافيش ) أطبقت الجفان ( جواب إذا ) على مآقيها و تبّلغت ( أى اكتفت و قنعت ) بمححا‬
‫اكتسبته من المعاش في ظلم لياليها ( فتعيش به و تقنع عليه ) فسبحان من جعل الّليححل لهححا‬
‫نهارا و معاشا ( تعيش فيها ) و الّنهار سكنا و قرارا ( لتسححكن و تقحّر فيححه ثحّم أشححار عليححه‬
‫سلم إلى جهة ثانية لختلفها لساير الحيوانات بقححوله ) و جعححل لهححا أجنحححة مححن لحمهححا‬ ‫ال ّ‬
‫تعرج بها عند الحاجة إلى الطيران كأّنها شظايا الذان ( ل يخفى ما في هححذا الّتشححبيه مححن‬
‫ل أّنححك‬
‫الّلطف و الغرابة ) غير ذوات ريش و ل قصب ( كمححا لجنحححة سححاير الطّيححور ) إ ّ‬
‫تححرى مواضححع العححروق بّينححة أعلمححا ( أى واضحححة ظححاهرة مثححل طححراز الّثححوب ) و لهححا‬
‫ن جنحاحيه لحم يجعل دقيقيحن بحالغين فحي‬ ‫جناحان لّما يرّقا فينشّقا و لم يغلظا فيثقل ( يعني أ ّ‬
‫الّرقة و ل غليظين بالغين في الغلظ حذرا من النشقاق‬

‫] ‪[ 263‬‬

‫و الّثقل المانع من الطيران ‪.‬‬

‫سلم إلى جهة ثالثة للختلف بقوله ‪ ) :‬تطير و ولدها لصق بهحا ل جيء‬ ‫ثّم أشار عليه ال ّ‬
‫إليها ( أى لئذ و معتصم بها ) يقع إذا وقعت و يرتفع إذا ارتفعت ل يفارقها ( فححي حححالتي‬
‫الوقوع و الطيران ) حّتى تشتّد أركانه ( و جوانبه اّلتي يستند إليها و يقوم بهححا ) و يحملححه‬
‫للنهححوض جنححاحه ( و يمكنححه الطيححران و التص حّرف بنفسححه ) و يعححرف مححذاهب عيشححه و‬
‫مصالح نفسه ( و لما افتتح كلمه بالتحميد ختمححه بالتسححبيح ليكمححل حسححن الفتتححاح بحسححن‬
‫الختتام و يتّم براعة الفاتحة ببراعححة الخاتمححة فقححال ) فسححبحان البححارىء ( الخححالق ) لكح ّ‬
‫ل‬
‫شيء على غير مثال خل ( أى مضى و سبق ) من غيححره ( يعنححي أنححه لححم يخلححق الشححياء‬
‫على حّد و خالق سبقه بل ابتدعها على وفق الحكمة و مقتضى المصلحة‬
‫ععععع عع ععععع عععععع‬

‫قال تعالى ‪ » :‬و إذ تخلق من الطين كهيئة الطير فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني « قال فححي‬
‫طين كهيئة الخّفاش و نفخ فيه فصار طايرا ‪.‬‬
‫التفسير ‪ :‬إّنه وضع من ال ّ‬

‫شارح في الحاديث العامّية قيل للخّفاش ‪ :‬لماذا الجناح لك ؟ قال ‪:‬‬


‫قال ال ّ‬

‫طيححور ‪ ،‬يعنححون أ ّ‬
‫ن‬ ‫لّني تصوير مخلوق ‪ ،‬قيل ‪ :‬فلماذا ل تخرج نهارا ؟ قال ‪ :‬حياء من ال ّ‬
‫المسيح صّوره ‪.‬‬

‫و في البحار في تفسير قوله ‪ » :‬إّني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فتكون طيححرا بححاذن‬
‫طير كان هو الخّفححاش قححال‬ ‫ن ال ّ‬
‫سرين أ ّ‬‫صة و العاّمة من المف ّ‬
‫ل « قال ‪ :‬المشهور بين الخا ّ‬ ‫ا ّ‬
‫سلم علحى وجحه التعّنحت فقحالوا لحه ‪:‬‬ ‫ن الّناس سألوا عيسى عليه ال ّ‬ ‫أبو الّليث في تفسيره ‪ :‬إ ّ‬
‫اخلق لنا خّفاشا و اجعل فيه روحا إن كنت من الصححادقين ‪ ،‬فأخححذ طينححا و جعححل خفاشححا و‬
‫نفخ فيه فاذا هو يطير بين السماء و الرض ‪ ،‬و كححان تسححوية الطيححن و النفححخ مححن عيسححى‬
‫ل تعالى و يقال ‪ :‬إّنما طلبوا منه خلق خّفاش لّنه‬ ‫سلم ‪ ،‬و الخلق من ا ّ‬ ‫عليه ال ّ‬

‫] ‪[ 264‬‬

‫أعجب من ساير الخلق ‪ ،‬و من عجائبه أنه دم و لحم ‪ ،‬يطير بغير ريححش ‪ ،‬و يلححد كمححا يلححد‬
‫الحيوان و ل يبيض كما يبيض ساير الطيور ‪ ،‬و يكون له الضححرع و يخححرج الّلبححن ‪ ،‬و ل‬
‫يبصر في ضوء النهار و ل في ظلمة الّليل ‪ ،‬و انما يرى في ساعتين بعد غروب الشمس‬
‫ساعة و بعد طلوع الفجر ساعة قبححل أن يسححفر جحّدا ‪ ،‬و يضحححك كمححا يضحححك النسححان و‬
‫تحيض كما تحيض المرأة ‪ ،‬فلّما رأوا ذلك منه ضحكوا و قالوا ‪ :‬هذا سحححر مححبين فححذهبوا‬
‫إلى جالينوس فأخبروه بذلك فقال ‪ :‬آمنوا به و قال الّدميرى فححي حيححوة الحيححوان ‪ :‬و الحح ّ‬
‫ق‬
‫أنه صنفان و قال قوم ‪ :‬الخّفاش الصغير ‪ ،‬و الوطواط الكبير ‪ ،‬و هو ل يبصر فححي ضححوء‬
‫القمر و ل في ضوء النهار ‪ ،‬و لما كان ل يبصر نهارا التمس الححوقت الححذي ل يكححون فيححه‬
‫ن البعوض ‪،‬‬ ‫ظلمة و ل ضوء و هو قريب غروب الشمس لّنه وقت هيجان البعوض ‪ ،‬فا ّ‬
‫يخرج ذلك الوقت يطلب قوته و هو دماء الحيحوان و الخفحاش يطلحب الطعحام فيقحع طحالب‬
‫رزق على طالب رزق ‪ ،‬و الخّفاش ليس هو من الطير في شيء لّنه ذو اذنين و أسنان و‬
‫خصيتين ‪ ،‬و يحيض ‪ ،‬و يطهر ‪،‬‬

‫و يضحك كما يضحك النسان ‪ ،‬و يبححول كمححا تبححول ذوات الربححع ‪ ،‬و يرضححع ولححده و ل‬
‫ريش له ‪.‬‬
‫ل كان مباينححا‬
‫سرين ‪ :‬لّما كان الخّفاش هو الذي خلقه عيسى بن مريم باذن ا ّ‬‫قال بعض المف ّ‬
‫طير تقهره و تبغضه فما كان منها يأكل الّلحم أكله و ما ل ياكل‬‫ل و لهذا جميع ال ّ‬‫لصنعه ا ّ‬
‫ل ليل ‪.‬‬
‫الّلحم قتله ‪ ،‬فلذلك ل يطير إ ّ‬

‫طير خلقا و هو أبلغ في القدرة ‪،‬‬


‫و قيل ‪ :‬لم يخلق عيسى غيره ‪ ،‬لّنه أكمل ال ّ‬

‫ن له ثديا و أسنانا و اذنا و قيل ‪ :‬إّنما طلبوا الخّفاش لّنه من أعجب الطير ‪ ،‬إذ هو لحححم‬ ‫لّ‬
‫و دم ‪ ،‬يطيححر بغيححر ريححش ‪ ،‬و هححو شححديد الطيححران ‪ ،‬سححريع الّتقّلححب ‪ ،‬يقتححات بححالبعوض و‬
‫الّذباب و بعض الفواكه ‪ ،‬و هو مع ذلك موصوف بطول العمر فيقححال ‪ :‬إّنححه أطححول عمححرا‬
‫من الّنسر و من حمار الوحش ‪ ،‬و تلد انثاه ما بين ثلثة أفراخ و سبعة ‪ ،‬و كثيرا ما يفسححد‬
‫و هو طاير في الهواء ‪ ،‬و ليس في الحيوان ما يحمل ولححده غيححره و القححرد و النسححان ‪ ،‬و‬
‫يحمله‬

‫] ‪[ 265‬‬

‫تحت جناحه ‪ ،‬و رّبما قبض عليه بفيه و هو من حنوه و اشفاقه عليححه ‪ ،‬و رّبمححا أرضححعت‬
‫النثى ولدها و هى طايرة ‪ ،‬و في طبعه أّنه متى أصابه ورق الّدلب حذر و لم يطر ‪،‬‬

‫و يوصف بالحمق ‪ ،‬و من ذلك أّنه إذا قيل له ‪ :‬اطرق كرى ‪ ،‬لصق بالرض ‪.‬‬

‫ععععععع‬

‫ي مححؤمنين اسححت كححه ذكححر مىفرمايححد در آن‬


‫از جمله خطححب شححريفه آن امححام مححبين و ولح ّ‬
‫عجيب خلقت شبپره را ‪.‬‬

‫ي را سزاست كه عجز بهم رساند و صفها از كنه معرفت او ‪،‬‬ ‫حمد و ستايش معبود بحق ّ‬
‫و منع نمود عظمت او عقلها را ‪ ،‬پس نيافتند گذرگاهي بسوى رسححيدن بنهححايت پادشححاهي‬
‫او ‪ ،‬و اوست معبود بحق پادشاه مطلق كه محّقق است وجححود او ظححاهر اسححت و آشححكارا‬
‫ثابتتر و آشكارتر است از آنچه كه مىبيند آن را چشمها نميرسححد بكنححه ذات او عقلهححا تححا‬
‫باشد تشبيه كرده شده بمخلوقى از مخلوقات ‪ ،‬و واقحع نمىشحود بححر او وهمهححا بأنحدازه و‬
‫تقديرى تا باشد تمثيل كرده شده بغير خود ‪ ،‬خلق فرمود مخلوقححات را بححدون اينكححه مثححال‬
‫آنها را از ديگرى برداشته باشد و بدون مشورت مشير و بى ياري معين ‪ ،‬پس تمام شححد‬
‫مخلوق او بمجّرد أمححر و إراده او ‪ ،‬و گححردن نهادنححد بطححاعت او پححس اجححابت كردنححد ‪ ،‬و‬
‫مدافعه ننمودند و انقياد كردند و منازعه ننمودند و از لطيفههاى صنعت او و عجيبههاى‬
‫خلقت اوست آنچه نمود بما از پوشيدگىهاى حكمت خود در اين شححب پرههححا كححه قبححض‬
‫ميكند چشمهاى آنها را روشني كه گستراننده هححر چيححز اسححت ‪ ،‬و بسححط مىكنححد چشححمان‬
‫ايشان را تاريكى كه فراگيرنده هر زنده است ‪ ،‬و چگونه ضعيف شححد چشححمهاى آنهححا از‬
‫آنكه مدد خواهند از آفتاب روشححن نححوريرا كححه هححدايت بيابححد بسححبب آن نححور در مواضححع‬
‫رفتار خود ‪،‬‬

‫و برسد بواسطه دليل آشكار آفتاب بسححوى راههححاى معرفححت خححود ‪ ،‬و منححع فرمححود حححق‬
‫سبحانه و تعالى آن خّفاشها را بسبب درخشيدن روشنائى خورشيد تابان از رفتحن ايشحان‬
‫در رونق روشنى آن ‪ ،‬و پنهان نمود آنها را در مكانهاى مخفى آنها از راه‬

‫] ‪[ 266‬‬

‫رفتن در درخشيدن آشكار آفتاب ‪.‬‬

‫پححس آن شححب پرههححا فححرو گذاشححته شححده پلكهححاى چشححمهاى ايشححان در روز بححر حححدقهاى‬
‫ايشان ‪ ،‬و گردانندهاند شب را چراغ كه راه مىجوينححد بححآن در طلححب كححردن روزيهححاى‬
‫خود ‪ ،‬پس باز نمىدارد ديدهاى ايشححان را تححاريكى ظلمححت شححب ‪ ،‬و بححاز نمىايسححتند از‬
‫گذشتن در شب بجهة تاريكى ظلمت آن ‪ ،‬پس زمانى كحه انحداخت آفتحاب عالمتحاب نقحاب‬
‫خود را ‪ ،‬و ظاهر شد روشنائيهاى روز آن و داخل شد تافتن نور آن بححر سوسححمارها در‬
‫خانهاى ايشان ‪ ،‬برهم نهند خّفاشها پلكهاى چشم خود را بر گوشهاى چشم خود ‪ ،‬و اكتفا‬
‫مينمايند بآنچيزى كه كسب كردهاند آن را از معاش در ظلمتهاى شبهاى خودشان ‪.‬‬

‫پس پاكا پروردگارى كه گردانيده است شب را از براى ايشان روز و سححبب معححاش ‪ ،‬و‬
‫روز را بجهة ايشان هنگام آسايش و قرارگاه ‪ ،‬و گردانيده است از براى ايشان بالهححا از‬
‫گوشت آنهححا كححه عححروج مىكننححد بححآن بالهححا در وقححت حححاجت بپريححدن گويححا كححه آن بالهححا‬
‫پارچههاى گوشهاى مردمانست ‪ ،‬نه صاحب پرند و نه عروق ليكن تو مىبيني جايهححاى‬
‫رگهاى ايشان را ظاهر و نمايان و خط خط ‪ ،‬و مر ايشان راست دو بال كه آنقدر رقيححق‬
‫و لطيف نيستند تا شكافته شود ‪ ،‬و آنقدر غليظ و كثيف نيستند تا سححنگين باشححد ‪ ،‬طيححران‬
‫مىكنند در حالتى كه بچه ايشان چسبنده است بايشان پناه آورنححده اسححت بسححوى ايشححان ‪،‬‬
‫مىافتد آن وقتى كه مادرشان مىافتد ‪ ،‬و بلند مىشود زمانى كه مادرشان بلند ميباشححد ‪،‬‬
‫جدا نمىشود بچهها از آنها تا آنكه اعضاى آنها محكم شحود ‪ ،‬و تحا آنكحه بحردارد آنهحا را‬
‫بجهت برخواستن بال آنها ‪،‬‬

‫و تا بشناسند راههاى معاش و زندگانى خود را ‪.‬‬

‫پس منّزه است پروردگار آفريننده هر چيز بدون نمححونه كححه گذشححته باشححد صححدور آن از‬
‫غير او ‪ ،‬از جهة اينكه اوست مخترع أشيا كه ايجاد آن بر سبيل ابداعست و اختراع ‪.‬‬

‫] ‪[ 267‬‬
‫ع ع ع عععع ع ع ععع ع ععع ععع ع ععع ع ع عع ع‬
‫عععععع ععع ععع عععععع ععععععع‬

‫و هو المأة و الخامس و الخمسون من المختار فى باب الخطب و شرحها في فصلين ‪:‬‬

‫ععععع ععععع ععع‬

‫ل فليفعل ‪ ،‬فإن أطعتموني فإّني حاملكم إنشاء‬ ‫فمن استطاع عند ذلك أن يعتقل نفسه على ا ّ‬
‫ل على سبيل الجّنة و إن كان ذا مشحّقة شححديدة ‪ ،‬و مذاقححة مريحرة ‪ ،‬و أّمححا فلنحة فأدركهحا‬
‫ا ّ‬
‫رأى الّنساء و ضغن غل في صدرها كمرجل القين ‪ ،‬و لو دعيت لتنال من غيري ما أتت‬
‫ل‪.‬‬
‫إليّ لم تفعل و لها بعد حرمتها الولى و الحساب على ا ّ‬

‫ععععع‬

‫) المرجل ( وزان منبر القدر و ) القين ( الحّداد ‪.‬‬

‫ععععععع‬

‫ل ‪ ،‬في الموضعين للستعلء المجازي و جملة لم تفعل جواب لو ‪،‬‬


‫على في قوله ‪ :‬على ا ّ‬
‫و الباقي واضح ‪.‬‬

‫] ‪[ 268‬‬

‫عععععع‬

‫سلم ) فمن استطاع عند ذلك ( يقتضى أّنحه‬ ‫ن قوله عليه ال ّ‬


‫شارح البحراني » قّده « إ ّ‬ ‫قال ال ّ‬
‫سلم قبل هذا الفصل ذكر فتن و حروب يقححع بيححن المسححلمين وجححب علححى‬ ‫سبق منه عليه ال ّ‬
‫ل ( أى يحبسححها علححى طححاعته مححن دون أن يخالطهححا و‬ ‫من أدركها ) أن يعتقل نفسه على ا ّ‬
‫يدخل فيها ) فليفعل ( لوجوب طاعته سبحانه عقل و نقل ) فان أطعتمححوني فححاّني حححاملكم‬
‫ل على سبيل الجّنة ( و سبيلها هو الّدين القويم و الصححراط المسححتقيم و إّنمححا شححرط‬ ‫انشاء ا ّ‬
‫سحبيل و‬‫سلم حملهم عليها باطحاعته إذ ل رأى لمحن ل يطحاع ) و إن كحان ( هحذه ال ّ‬ ‫عليه ال ّ‬
‫ن الّنفوس مايلة إلى الّلهححو و الباطححل ‪،‬‬
‫سلوكها ) ذا مشّقة شديدة و مذاقة مريرة ( لظهور أ ّ‬
‫ق شححديد المشحّقة محّر المححذاق‬
‫طاعات و الوقوف عند المحّرمات أمر شا ّ‬ ‫و المواظبة على ال ّ‬
‫بعيد عن المساغ البّتة ‪.‬‬

‫) و أّما فلنة ( كّنى بها عن عايشة و لعّله من السحّيد » ره « تقّيححة كمححا كّنححى فححي الخطبححة‬
‫ن إلححى‬
‫ن رأيهح ّ‬
‫شقشقّية عن أبي بكر بفلن ) فأدركها رأى الّنساء ( أى ضححعف الحّرأى فححا ّ‬ ‫ال ّ‬
‫نو‬‫ن و عقححوله ّ‬
‫ل علححى نقصححان حظححوظه ّ‬ ‫ن إلى الوهن ‪ ،‬و قد تقّدم ما ما يحد ّ‬
‫الفن و عزمه ّ‬
‫سححبعين و شححرحه ) و ضححغن (‬ ‫ن المذمومة في الكلم الّتاسححع و ال ّ‬ ‫ن و ساير خصاله ّ‬‫ميراثه ّ‬
‫أى حقد ) غلفي صدرها كمرجل القين ( أى كغليان قدر الحّداد ‪،‬‬

‫شححدة و الحّدوام و أسححباب ضححغنها‬


‫شححبه ال ّ‬
‫و هو من تشبيه المعقححول بالمحسححوس ‪ ،‬و وجححه ال ّ‬
‫طلع عليها بعيد ذلك ‪.‬‬‫كثيرة ست ّ‬

‫ن عمر‬ ‫ي ‪ :‬يقول لو أ ّ‬ ‫شارح المعتزل ّ‬ ‫ى لم تفعل ( قال ال ّ‬


‫) و لو دعيت لتنال غيري ما أتت إل ّ‬
‫ي الخلفة بعد قتل عثمان على الوجه اّلذي قتل عليه و الححوجه اّلححذي أنحا وّليححت الخلفحة‬ ‫ول ّ‬
‫عليه و نسب عمر إلى أّنه كان يؤثر قتله أو يحرض عليه ‪ ،‬و دعيت إلى أن تخححرج عليححه‬
‫في عصابة من المسلمين إلى بعض بلد السلم تثير فتنححة و تنقححض البيعححة لححم تفعححل ‪ ،‬و‬
‫سححلم و ل الحححال الحححال ‪،‬‬ ‫ي عليححه ال ّ‬‫ق لّنها لم تكن تجد على عمر ما تجده على عل ّ‬‫هذا ح ّ‬
‫انتهى ‪.‬‬

‫ي‪:‬‬
‫لمة المجلس ّ‬
‫سلم أراد بقوله من غيري عمر قال الع ّ‬
‫صله أّنه عليه ال ّ‬
‫و مح ّ‬

‫] ‪[ 269‬‬

‫ي الخلفححة بعححد قتححل عثمححان و‬ ‫و الظهر العّم ‪ ،‬أى لو كان عمر أو أحد من أضححرابه ولح ّ‬
‫دعيت إلى أن تخرج إليه لم تفعححل ) و لهححا بعححد حرمتهححا الولححى ( أى كونهححا مححن اّمهححات‬
‫شرح أّنححه‬‫ل ( هذا من باب الحتراس اّلذي تقّدم في ديباجة ال ّ‬ ‫المؤمنين ) و الحساب على ا ّ‬
‫سلم لما أثبت لها حرمتهححا الولححى عّقبححه بححذلك‬ ‫سنات البديعّية ‪ ،‬فاّنه عليه ال ّ‬
‫من جملة المح ّ‬
‫ن حرمتهححا ملحوظححة فححي‬ ‫لئل يتوّهم منه أّنها محترمة في الّدنيا و العقبى ‪ ،‬و نّبه به علححى أ ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم و أّمححا فححي الخححرى فجححزاء‬ ‫الّدنيا فقط لرعاية احترام الّرسول صّلى ا ّ‬
‫طاعة و إثارتها الفتنة المؤّدية إلى إراقححة‬ ‫ضغنها و خروجها عن طاعة المام المفترض ال ّ‬
‫ل سبحانه إذ من يعمل مثقال ذّرة خيرا يره و مححن يعمححل مثقححال ذّرة‬ ‫دماء المسلمين على ا ّ‬
‫ن بفاحشححة مبّينححة يضححاعف لهححا‬ ‫ي مححن يححأت منكح ّ‬‫شرا يره و قد قال تعالى ‪ » :‬يا نساء الّنححب ّ‬
‫ل يسيرا «‬ ‫العذاب ضعفين و كان ذلك على ا ّ‬

‫ععععع عع ععع ععععع ع ععع ععععع ععععع‬

‫سححلم فصححل طححويل كححم فيححه مححن‬ ‫شارح المعتزلي في شرح هححذا الكلم لححه عليححه ال ّ‬ ‫أورد ال ّ‬
‫شححارح يححده‬
‫الّتصريح و التعريض و التلويح إلى مثالب عايشة و مطاعنها و إن لم يرفححع ال ّ‬
‫صب أحببت ايراد ذلك الكلم على طححوله لّنححه مححن‬ ‫مع ذلك كّله عن ذيل العتساف و الّتع ّ‬
‫ل بما عندنا من القول الفصل اّلذي ليس هو بالهزل ‪ ،‬و‬ ‫لسان أبنائها أحلى و نعّقبه إنشاء ا ّ‬
‫ق أن يّتبع ‪ ،‬فأقول ‪:‬‬ ‫ق الذي هو أح ّ‬
‫من الح ّ‬
‫ل ح عليححه و‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫ظ من رسول ا ّ‬
‫شعر ذات ح ّ‬ ‫قال الشارح ‪ :‬كانت عايشة فقيهة راوية لل ّ‬
‫آله و سّلم و كانت لها عليه جرأة و إدلل لم يحزل ينمحى و يستسحرى حّتححى كحان منهحا فححي‬
‫صة مارية ما كانت من الحديث الحّذي أسحّره إلححى الّزوجححة الخحرى و أّدى إلححى‬ ‫أمره في ق ّ‬
‫تظاهرهما عليه و أنزل فيهمححا قححرآن يتلححى فححي المحححاريب يتضحّمن وعيححدا غليظححا عقيححب‬
‫تصريح بوقوع الّذنب و صغو القلب و أعقبتها تلك الجرأة و ذلك النبساط أن حدث منهححا‬
‫ل تعالى عنها و هى من أهححل الجّنححة عنححدنا‬‫في أّيام الخلفة العلوّية ما حدث ‪ ،‬و لقد عفى ا ّ‬
‫ح من أمر الّتوبة إلى أن قال ‪:‬‬‫بسابق الوعد و ما ص ّ‬

‫] ‪[ 270‬‬

‫ن و قححد جححاء فححي الخححبر ل‬‫سلم ‪ :‬أدركها رأى الّنساء ‪ ،‬أى ضعف آرائهح ّ‬ ‫فأّما قوله عليه ال ّ‬
‫ن قليلت عقل و دين ‪ ،‬أو قححال ضححعيفات و‬ ‫يفلح قوم أسندوا أمرهم إلى امرأة ‪ ،‬و جاء أّنه ّ‬
‫لذلك جعل شهادة المرأتيححن بشححهادة الّرجححل الواحححد ‪ ،‬و المححرأة فححي أصححل الخلقححة سححريعة‬
‫ن مفقححودة أو قليلححة و‬
‫ن فاسدة الّتدبير ‪ ،‬و الشجاعة فيه ح ّ‬
‫النخداع سريعة الغضب سّيئة الظ ّ‬
‫سخاء ‪.‬‬‫كذلك ال ّ‬

‫ن هذا الكلم يحتاج إلى شرح ‪ ،‬و قد كنت قرأتححه علححى‬ ‫شارح ‪ :‬و أّما الضغن فاعلم أ ّ‬ ‫قال ال ّ‬
‫شيخ أبي يعقوب يوسف بن إسماعيل الّلمعاني ) ره ( أّيام اشتغالى عليححه بعلححم الكلم ‪ ،‬و‬ ‫ال ّ‬
‫سألته عّما عنده فأجابني بجواب طويل أنا أذكر محصوله بعضه بلفظححه و بعضححه بلفظححي‬
‫فقد شّذ عّني الن لفظه كّله بعينه قال ‪ :‬أّول بداء الضحغن كححان بينهحا و بيححن فاطمحة عليهحا‬
‫ل عليه و آله تزّوجها عقيب مححوت خديجححة فأقامهححا‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫ن رسول ا ّ‬ ‫السلم ‪ ،‬و ذلك ل ّ‬
‫ن ابنححة الّرجححل إذا مححاتت‬‫سلم هى ابنة خديجة ‪ ،‬و من المعلوم أ ّ‬ ‫مقامها ‪ ،‬و فاطمة عليها ال ّ‬
‫أّمها و تزّوج أبوها أخرى كان بين البنة و بين المرأة كدروشنان ‪ ،‬و هذا ل ب حّد منححه ل ّ‬
‫ن‬
‫ضحرة‬‫الّزوجة تنفححس عليهححا ميححل الب ‪ ،‬و البنححت تكححره ميححل أبيهححا إلحى امحرأة غريبحة كال ّ‬
‫لّمها ‪ ،‬بل هى ضّرة على الحقيقة و إن كانت الّم ميتة و لنا لححو ق حّدرنا الّم حّيححة لكححانت‬
‫العداوة مضطرمة متسّعرة فاذا كانت قد ماتت ورثتها بنتها تلك العداوة ‪.‬‬

‫ل عليه و آله و سّلم مال إليها و أحّبها فازداد ما عنحد فاطمحة‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫ن رسول ا ّ‬ ‫ثّم اّتفق أ ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم فاطمححة إكرامححا عظيمححا‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫بحسب زيادة ميله ‪ ،‬و أكرم رسول ا ّ‬
‫أكثر مّما كان الّناس يظّنونه و أكثر من إكرام الّرجال لبناتهم حّتى خرج بها عن حّد ح ح ّ‬
‫ب‬
‫ص و العححاّم مححرارا ل محّرة‬ ‫ل عليه و آله و سحّلم بمحضححر الخححا ّ‬ ‫الباء للولد فقال صّلى ا ّ‬
‫واحدة ‪ ،‬و في مقامات مختلفة ل في مقام واحد ‪ :‬إّنها سّيدة نساء العححالمين ‪ ،‬و إّنهححا عديلححة‬
‫مريم بنت عمران ‪ ،‬و إّنها إذا محّرت فححي الموقححف نححادى منححاد مححن جهححة العححرش يححا أهححل‬
‫لح عليححه و آلححه ‪ ،‬و هححذا مححن‬ ‫ضوا أبصاركم لتعححبر فاطمححة بنححت محّمححد صحّلى ا ّ‬ ‫الموقف غ ّ‬
‫ن انكححاحه عليححا إّياهححا مححا كححان إ ّ‬
‫ل‬ ‫الحاديث الصحيحة و ليس من الخبار المستضعفة و أ ّ‬
‫سماء بشهادة الملئكة‬‫ل إّياها في ال ّ‬
‫بعد أن أنكحه ا ّ‬
‫] ‪[ 271‬‬

‫و كم قال ل مّرة ‪ :‬يؤذيني ما يؤذيها و يغضبني مححا يغضححبها ‪ ،‬و إنهححا بضححعة يريبنححى مححا‬
‫رابها ‪.‬‬

‫فكان هذا و أمثاله يوجب زيادة الضغن عند الّزوجة حسب زيادة هذا التعظيم و التبجيححل ‪،‬‬
‫و النفوس البشرّية تغيظ على ما هو دون هذا فكيف هححذا ؟ ث حّم حصححل عنححد بعلهححا عليهمححا‬
‫ن النساء كثيرا ما يحصلن الحقاد‬ ‫سلم ‪ ،‬فا ّ‬
‫سلم ما هو حاصل عندها أعني علّيا عليه ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ن محّدثات الّليل كما قيل في المثل ‪ ،‬و كانت تكثر الشححكوى‬ ‫في قلوب الّرجال ل سّيما و ه ّ‬
‫من عايشة و يغشيها نساء المدينة و جيران بيتها فينقلن إليها كلمات عن عايشة ثحّم يححذهبن‬
‫إلى بيت عايشة فينقلن إليها كلمات عن فاطمة ‪ ،‬و كما كانت فاطمة تشكو إلى بعلها كانت‬
‫ن بعلها ل يشكيها على ابنته فحصل في نفس أبي بكححر مححن‬ ‫عايشة تشكو إلي أبيها لعلمها أ ّ‬
‫ذلك أثر ما ‪.‬‬

‫ي و تقريبححه و اختصاصححه ‪،‬‬ ‫لح عليححه و آلححه و سحّلم لعلح ّ‬


‫ل صحّلى ا ّ‬‫ثّم تزايد تقريظ رسول ا ّ‬
‫فأحدث ذلك حسدا له و غيظة في نفس أبي بكر عنه و هو أبوها و في نفححس طلحححة و هححو‬
‫ابن عّمها و هي تجلس إليهما و تسمع كلمهما و همححا يجلسححان إليهححا و يحادثانهححا فأعححدى‬
‫إليها منهما كما أعدى إليهما منها ‪.‬‬

‫قال ‪ :‬و لست ابّرىء علّيا من مثل ذلك ‪ ،‬فانه كان ينفس على أبي بكر سكون النبيّ ص حّلى‬
‫ب أن ينفرد هو بهححذه المزايححا و الخصححايص‬
‫ل عليه و آله و سّلم إليه و ثنائه عليه ‪ ،‬و يح ّ‬
‫ا ّ‬
‫دونه و دون الناس أجمعين ‪ ،‬و من انحرف عن إنسان انحرف عن أهله و أولده فتأّكدت‬
‫البغضة بين هذين الفريقين ‪.‬‬

‫سححلم مححن القححاذفين و لكنححه كححان مححن‬


‫ي عليححه ال ّ‬
‫ثّم كان من أمر القذف ما كان و لم يكن عل ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم بطلقها تنزّيها لعرضه عححن أقححوال‬ ‫ل صّلى ا ّ‬
‫المشيرين على رسول ا ّ‬
‫ل شسع نعلححك و قححال لححه ‪ :‬سححل الخححادم و‬ ‫الشناة و المنافقين قال له لما استشاره ‪ :‬إن هى إ ّ‬
‫خّوفها و إن أقامت على الجحود فاضربها و بلغ عايشة هذا الكلم كّله و سحمعت أضحعافه‬
‫مّما جرت عادة الناس أن يتداولوه في مثل هذه الواقعة ‪ ،‬و نقل النساء إليهححا كلمححا كححثيرا‬
‫ي و فاطمة فاشتّدت‬‫عن عل ّ‬

‫] ‪[ 272‬‬

‫ل من الفريقين قلبه على الشححنآن لصححاحبه ثحّم كححان بينهححا و بيححن علحيّ‬
‫و غلظت و طوى ك ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم أحوال و أقححوال كّلهححا تقتضححى‬ ‫ل صّلى ا ّ‬
‫سلم في حياة رسول ا ّ‬‫عليه ال ّ‬
‫ل فجاء حّتى قعد بينححه و بينهححا و‬ ‫تهّيج ما في النفوس ‪ ،‬نحو قولها له و قد استدناه رسول ا ّ‬
‫ل فخذى ‪ ،‬و نحو ما روي أنه صّلى‬ ‫هما متلصقان ‪ :‬أما وجدت مقعدا لكذا ل تكنى عنه إ ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم سايره يوما و أطال مناجاته فجائت و هى سايرة خلفهما حّتى دخلت‬ ‫ا ّ‬
‫لح عليحه و آلحه و سحّلم‬‫ل صحّلى ا ّ‬ ‫ن رسول ا ّ‬ ‫بينهما و قالت ‪ :‬فيم أنتما فقد أطلتما ‪ ،‬فيقال ‪ :‬إ ّ‬
‫غضب ذلك اليوم و ما روى في حديث الجفنة من الثريد الححتي أمححرت الخححادم فححوقفت لهححا‬
‫فاكفأتها و نحوها مّما يكون بين الهل و بين المرأة و أحماتها ‪.‬‬

‫لح‬
‫ن رسححول ا ّ‬‫ن فاطمة ولدت أولدا كثيرا بنين و بنات و لححم تلححد هححى ولححدا ‪ ،‬و أ ّ‬ ‫ثّم اّتفق أ ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم كان يقيم بني فاطمة مقام بنيه و يسّمى الواحد منهما و يقححول ‪:‬‬ ‫صّلى ا ّ‬
‫دعوا لى ابني ‪ ،‬و ل تزرموا على ابني ‪ ،‬و ما فعل ابني ‪ ،‬فما ظّنححك بالّزوجححة إذا حرمححت‬
‫الولد من البعل ثّم رأت البعل يتبّنى بني ابنته من غيرها و يحنو عليهم حنو الولد المشححفق‬
‫هححل تكححون محّبححة لولئك البنيححن و لّمهححم و لبيهححم أم مبغضححة ؟ و هححل تححوّد دوام ذلححك و‬
‫لح عليححه و آلححه و سحّلم سحّد‬‫ل صحّلى ا ّ‬ ‫ن رسول ا ّ‬ ‫استمراره أم زواله و انقضائه ؟ ثّم اّتفق أ ّ‬
‫باب أبيها إلى المسجد و فتح باب صهره ثّم بعححث أباهححا بححبرائة إلححى مّكححة ثحّم عزلححه عنهححا‬
‫بصهره ‪ ،‬فقدح ذلك أيضا في نفسها ‪.‬‬

‫سححلم‬‫ي عليححه ال ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم إبراهيم من مارية فأظهر عل ّ‬‫ل صّلى ا ّ‬ ‫و ولد لرسول ا ّ‬
‫ل ميل على غيرها‬ ‫صب لمارية و يقوم بأمرها عند رسول ا ّ‬ ‫بذلك سرورا كثيرا و كان يتع ّ‬
‫سلم منه و كشححف بطلنهححا‬ ‫ي عليه ال ّ‬
‫‪ ،‬و جرت لمارية نكبة مناسبة لنكبة عايشة فبّرها عل ّ‬
‫سا بالبصر ل يتهّيأ للمنافقين أن يقولوا فيه‬ ‫ل تعالى على يده و كان ذلك كشفا مح ّ‬ ‫و كشفه ا ّ‬
‫ل ذلك مما كان يوعر صدر عايشة عليه و‬ ‫ما قالوا في القرآن المنزل ببراءة عايشة ‪ ،‬و ك ّ‬
‫يؤّكد ما في نفسها منه ‪.‬‬

‫] ‪[ 273‬‬

‫سححلم مححن ذلححك و‬‫ي عليه ال ّ‬ ‫ثّم مات إبراهيم فأبطنت شماتة و إن أظهرت كأبة ‪ ،‬و وجم عل ّ‬
‫كذلك فاطمة و كانا يؤثران و يريححدان أن تتمّيححز ماريححة عليهححا بالولححد فلححم يقحّدر لهمححا و ل‬
‫لمارية ذلك ‪.‬‬

‫ل صّلى الّ‬ ‫و بقيت المور على ما هى عليه و في الّنفوس ما فيها ‪ ،‬حّتى مرض رسول ا ّ‬
‫ي يريدان أن يمّرضححاه فححي‬ ‫عليه و آله و سّلم المرض اّلذي توّفى فيه ‪ ،‬فكانت فاطمة و عل ّ‬
‫بيتهما و كذلك كانت أزواجه فمال إلى بيت عايشة بمقتضى المحّبة القلبّية اّلتي كححانت لهححا‬
‫دون نسائه ‪ ،‬و كره أن يزاححم فاطمححة و بعلهححا فحي بيتهمححا فل يكحون عنحده محن النبسححاط‬
‫ن المريض يحتححاج‬ ‫بوجودهما ما يكون إذا خل بنفسه في بيت من يميل إليه بطبعه و علم أ ّ‬
‫إلى فضل مداراة و نوم و يقظة و انكشاف و خروج حدث فكححانت نفسححه إلححى بيتححه أسححكن‬
‫منها إلى بيت صهره و بنته فاّنه إذا تصّور حيائهما منه اسححتحيى هححو أيضححا منهمححا و كح ّ‬
‫ل‬
‫لح عليححه و آلححه و‬
‫صهر و البنت و لم يكن لححه صحّلى ا ّ‬
‫ب أن يخلو بنفسه و يحتشم ال ّ‬
‫أحد يح ّ‬
‫سّلم إلى غيرها من الّزوجات مثل ذلك الميل اليها فتمّرض في بيتها فغبطت على ذلك ‪،‬‬

‫ل عليه و آله و سّلم منذ قدم المدينححة مثححل ذلححك المححرض و‬


‫ل صّلى ا ّ‬
‫و لم يمرض رسول ا ّ‬
‫إّنما كان مرضه الشقيقة يوما أو بعض يوم ثّم تبرء فتطاول هذا المرض ‪.‬‬

‫ن المر له و أّنه ل ينازعه فيححه أحححد مححن الّنححاس و لهححذا‬‫كأّ‬‫سلم ل يش ّ‬ ‫ي عليه ال ّ‬‫و كان عل ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬امدد يححدك أبايعححك ‪ ،‬فيقححول‬ ‫ل صّلى ا ّ‬
‫قال له عّمه و قد مات رسول ا ّ‬
‫ل عليححه و‬
‫ل صّلى ا ّ‬ ‫ل عليه و آله و سّلم بايع ابن عّم رسول ا ّ‬ ‫ل صّلى ا ّ‬
‫الّناس عّم رسول ا ّ‬
‫آله و سّلم فل يختلف عليك اثنان ‪ ،‬قال ‪ :‬يا عحّم و هححل يطمحع فيهححا طحامع غيححري ؟ قحال ‪:‬‬
‫ب أن اصححهر » اصحححر « بححه‬ ‫ب هذا المر من وراء رتاج و أح ّ‬ ‫ستعلم ‪ ،‬قال ‪ :‬فاّنى ل أح ّ‬
‫فسكت عنه ‪.‬‬

‫ل عليه و آله و سّلم في مرضه أنفذ جيش اسامة و جعل فيه أبا‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫فلما ثقل رسول ا ّ‬
‫سححلم حينئذ بوصححوله‬ ‫ي عليححه ال ّ‬
‫بكر و غيره من أعلم المهاجرين و النصار ‪ ،‬فكححان علح ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم أوثق ‪ ،‬و تغلححب علححى ظّنححه أ ّ‬
‫ن‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫إلى المر إن حدث برسول ا ّ‬
‫ل عليححه و آلححه و سحّلم لخلححت مححن منححازع ينححازعه المححر بالكلّيححة ‪،‬‬
‫المدينة لو مات صّلى ا ّ‬
‫فيأخذه صفوا عفوا ‪ ،‬و يتّم له البيعة فل يتهّيأ فسخها لو رام ضّد منازعة عليها ‪.‬‬

‫] ‪[ 274‬‬

‫لح‬
‫ل ص حّلى ا ّ‬‫ن رسول ا ّ‬ ‫فكان من عود أبي بكر من جيش اسامة بارسالها إليه و إعلمه بأ ّ‬
‫صححلة مححا عرفححت ‪ ،‬فنسححب علحيّ عليححه‬‫عليه و آله و سّلم يموت ما كان ‪ ،‬و مححن حححديث ال ّ‬
‫لح‬
‫ن رسححول ا ّ‬ ‫ل بالّنححاس ‪ ،‬ل ّ‬
‫سلم عايشة إلى أّنها أمرت بلل مولى أبيها أن يأمره فليص ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم كما روى قال ‪:‬‬
‫صّلى ا ّ‬

‫صبح ‪.‬‬
‫ل بهم أحدهم و لم يعّين و كانت صلة ال ّ‬
‫ليص ّ‬

‫ي عليححه‬
‫ل عليه و آله و سّلم و هو في آخر رمق يتهادى بيححن علح ّ‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫فخرج رسول ا ّ‬
‫سلم و الفضل ابن العّباس حّتى قام في المحراب كما ورد فححي الخححبر ‪ ،‬ثحّم دخححل فمححات‬ ‫ال ّ‬
‫جة في صرف المر إليه ‪ ،‬و قال ‪ :‬أّيكم أطيححب نفسححا‬ ‫ضحى فجعل يوم صلته ح ّ‬ ‫ارتفاع ال ّ‬
‫صححلة و لحم يحملححوا‬
‫ل عليحه و آلحه و سحّلم فحي ال ّ‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫أن يتقّدم قدمين قّدمهما رسول ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم إلى الصلة لصرفه عنها بل لمحافظته على‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫خروج رسول ا ّ‬
‫صلة مهما أمكن ‪.‬‬ ‫ال ّ‬

‫سلم أّنهححا ابتححدأت منهححا و كححان علحيّ عليححه‬


‫ي عليه ال ّ‬
‫فبويع على هذه الّنكتة اّلتي اّتهمها عل ّ‬
‫ل عليححه و آلححه و سحّلم لححم‬
‫سلم يذكر هذا لصحابه في خلواته كثيرا و يقول ‪ :‬إّنه صّلى ا ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ل إنكارا لهذه الحال و غضبا منهحا لّنهحا و حفصحة تبادرتحا‬ ‫ن لصويحبات يوسف إ ّ‬ ‫يقل إّنك ّ‬
‫إلى تعيين أبويهما و أّنه استدركها بخروجه و صرفه عن المحراب فلم يجد ذلك و ل أثححر‬
‫مع قّوة الّداعي اّلذي يدعو الى أبي بكر و يمهد له قاعدة المححر و تق حّرر حححاله فححي نفححوس‬
‫الّناس و من اّتبعه على ذلك من أعيان المهاجرين و النصار و لما سححاعد علححى ذلححك مححن‬
‫سمائي اّلذي جمع عليه القلوب و الهواء فكانت هذه الحال عند علح ّ‬
‫ي‬ ‫الحظ الفلكى المر ال ّ‬
‫طامة الكبرى و المصيبة العظمى و لم ينسبها إ ّ‬
‫ل‬ ‫ل عظيم و هى ال ّ‬‫سلم أعظم من ك ّ‬ ‫عليه ال ّ‬
‫ل بها ‪،‬‬
‫إلى عايشة وحدها ‪ ،‬و ل عّلق المر الواقع إ ّ‬

‫ل منهححا ‪ ،‬و جححرى لححه فححي تخّلفححه عححن‬


‫صه و تظّلم إلى ا ّ‬
‫فدعا عليها في خلواته و بين خوا ّ‬
‫البيعة ما هو مشهور حّتى بايع ‪.‬‬

‫لح عليححه و آلححه و‬


‫لح صحّلى ا ّ‬ ‫ل ما يكرهانه منذ مات رسحول ا ّ‬
‫و كان تبلغه و فاطمة عنها ك ّ‬
‫سحّلم إلححى أن تحوّفيت فاطمححة عليهحا السحلم و همحا صححابران علححى مضححض و رمححض ‪ ،‬و‬
‫سححلم و فاطمححة و‬ ‫ي عليححه ال ّ‬
‫استظهرت بولية أبيها و استطالت و عظم شأنها و انخذل عل ّ‬
‫قهرا ‪ ،‬و أخذت فدك و خرجت فاطمة تجادل في ذلك مرارا فلم تظفر بشيء ‪.‬‬

‫] ‪[ 275‬‬

‫ل كلم يسححوؤها و يبلغححن‬ ‫ل ذلك تبّلغها الّنساء الداخلت و الخارجات عن عايشة ك ّ‬ ‫و في ك ّ‬


‫ل أّنه شّتان ما بين الحالين و بعد مححا بيححن الفريقيححن ‪،‬‬
‫عايشة عنها و عن بعلها مثل ذلك ‪ ،‬إ ّ‬
‫شححماتة و ل شححيء‬ ‫هذه غالبة و هذه مغلوبة ‪ ،‬هذه آمرة و هذه مأمورة و ظهر الّتشححفى و ال ّ‬
‫أعظم مرارة و مشّقة من شماتة العدّو ‪.‬‬

‫ل صّلى الّ‬ ‫صلة و رسول ا ّ‬ ‫ن عايشة عّينت أباها لل ّ‬ ‫قال الشارح ‪ :‬فقلت له ‪ :‬أ فتقول أنت إ ّ‬
‫سححلم كححان‬ ‫عليه و آله و سّلم لم يعّينه ؟ فقال ‪ :‬أما أنا فل أقول ذلححك ‪ ،‬و لكححن علّيححا عليححه ال ّ‬
‫يقوله ‪ ،‬و تكليفي غير تكليفه كان حاضرا و لم أكن حاضرا ‪ ،‬فأنا محجوج بالخبححار اّلححتي‬
‫ل عليه و آله و سّلم لبي بكر في الصلة و‬ ‫ي صّلى ا ّ‬ ‫اّتصلت بي و هى تتضّمن تعيين النب ّ‬
‫هو محجوج بما كان قد علمه أو يغلب على ظّنه من الحال اّلتي كان حضرها ‪.‬‬

‫ل عليه و آله و سّلم كّلهنّ‬


‫ل صّلى ا ّ‬
‫قال ‪ :‬ثّم ماتت فاطمة عليها السلم فجاء نساء رسول ا ّ‬
‫ل عايشة ‪ ،‬فانها لم تأت أظهرت مرضا ‪ ،‬و نقل إلى عليّ عليححه‬ ‫إلى بني هاشم في العزاء إ ّ‬
‫ل على السرور ‪.‬‬ ‫سلم عنها كلم يد ّ‬‫ال ّ‬

‫سححرت بححذلك و أظهححرت مححن الستبشحار بتمححام البيعححة و‬ ‫سححلم أباهححا ف ّ‬


‫ي عليححه ال ّ‬
‫ثّم بايع عل ّ‬
‫استقرار الخلفة و بطلن منازعة الخصم ما قد نقله الناقلون فأكثروا ‪.‬‬
‫و استمّرت المور على هذه مّدة خلفة أبيها و خلفة عمر و عثمان ‪ ،‬و القلححوب تغلححى و‬
‫سححلم تضححاعفت همححومه و‬ ‫ي عليححه ال ّ‬
‫الحقاد تذيب الحجارة ‪ ،‬و كّلما طال الّزمان على عل ّ‬
‫غمومه ‪ ،‬و باح بما في نفسه إلى أن قتل عثمان و قد كانت عايشة أشّد الناس عليه تأليبا و‬
‫ل لما سمعت قتله و أّملت أن يكححون الخلفححة فححي طلحححة فيعححود‬ ‫تحريضا ‪ ،‬فقالت ‪ :‬أبعده ا ّ‬
‫سححلم ‪ ،‬فلمححا‬
‫ي بححن أبيطححالب عليححه ال ّ‬‫المر تيمّية كما كانت أّول ‪ ،‬فعدل الناس عنه إلى عل ّ‬
‫سمعت ذلك صرخت وا عثماناه قتل عثمان مظلوما و ثارمححا فححي النفححس حححتى تولححد مححن‬
‫ذلك يوم الجمل و ما بعده ‪.‬‬

‫شارح ‪ :‬هذه خلصة كلم الشيخ أبي يعقوب و لححم يكححن يتشحّيع ‪ ،‬و كححان شححديدا فححي‬ ‫قال ال ّ‬
‫ل أّنه كان في التفضيل بغدادّيا ‪.‬‬
‫العتزال إ ّ‬

‫ل‪:‬‬
‫سلم و الحساب على ا ّ‬
‫ثم قال الشارح في شرح قوله عليه ال ّ‬

‫] ‪[ 276‬‬

‫ل على توّقفه في أمرها و أنتم تقولون إّنها مححن أهححل الجّنححة فكيححف‬
‫فان قلت ‪ :‬هذا الكلم يد ّ‬
‫تجمعون بين مذاهبكم و هذا الكلم ؟‬

‫سلم قال هذا الكلم قبل أن يتواتر الخبر عنححده بتوبتهححا فححانّ‬ ‫قلت ‪ :‬يجوز أن يكون عليه ال ّ‬
‫سلم و ندمت و قالت ‪ :‬لوددت‬ ‫أصحابنا يقولون ‪ :‬إّنها تابت بعد قتل أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم عشرة بنيححن كّلهححم مححاتوا و لححم يكححن يححوم‬
‫ل صّلى ا ّ‬ ‫ن لي من رسول ا ّ‬ ‫أّ‬
‫الجمل ‪ ،‬و أّنها كانت بعد قتله تثنى عليه و تنشر مناقبه ‪.‬‬

‫ل خمارهححا ‪ ،‬و أّنهححا اسححتغفرت‬ ‫مع أّنهم رووا أيضا أّنها عقيب الجمل كانت تبكى حّتححى تبح ّ‬
‫سلم ححديث توبتهحا عقيحب الجمحل بلغحا‬ ‫ل و ندمت و لكن لم تبلغ أمير المؤمنين عليه ال ّ‬ ‫ا ّ‬
‫جة و اّلذي شاع عنها من أمر الّندم و الّتوبة شياعا مستفيضححا إّنمححا‬ ‫يقطع العذر و يثبت الح ّ‬
‫سلم إلى أن ماتت و هى على ذلك ‪ ،‬و الّتائب مغفور له و يجب قبول‬ ‫كان بعد قتله عليه ال ّ‬
‫التوبة عندنا في العدل و قد أّكد وقوع الّتوبححة منهححا مححا روى فححي الخبححار المشححهورة أّنهححا‬
‫ل عليه و آله و سّلم في الخرة كما كانت زوجته في الّدنيا ‪،‬‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫زوجة رسول ا ّ‬

‫و مثل هذا الخبر إذا شاع أوجب علينا أن نتكّلف إثبات توبتها لححو لححم ينقححل فكيححف و الّنقححل‬
‫شارح المعتزلي ‪.‬‬‫لها يكاد أن يبلغ حّد الّتواتر ‪ ،‬انتهى كلم ال ّ‬

‫ل التكلن ‪:‬‬
‫و ينبغي لنا أن نعقبه بما عندنا في هذا المقام فأقول و با ّ‬

‫ل عليححه و آلححه و س حّلم فححي‬


‫شارح من أّنه كان من عايشة في أمره صّلى ا ّ‬
‫اماما اشار اليه ال ّ‬
‫صة مارية ما كان من الحديث اّلذي أسّره إلححى الزوجححة الخححرى و أّدى إلححى تظاهرهمححا‬ ‫ق ّ‬
‫سحرون محن العاّمحة و‬ ‫عليه و أنزل فيهما قرآن يتلى في المحاريب آه فشرحه ما ذكحره المف ّ‬
‫لح لححك تبتغححى مرضححاة‬ ‫لا ّ‬‫ي لحم تححّرم مححا أحح ّ‬
‫صة في تفسير قوله تعالى ‪ :‬يا أّيهححا الّنحب ّ‬
‫الخا ّ‬
‫سححلم خل‬ ‫صححلة و ال ّ‬ ‫شححاف ‪ :‬روى أّنححه عليححه ال ّ‬ ‫ل غفور رحيم « قححال فححي الك ّ‬ ‫أزواجك و ا ّ‬
‫ي و قححد حرمححت ماريححة‬ ‫بمارية في يوم عايشة و علمت بذلك حفصة فقال لها ‪ :‬اكتمححى علح ّ‬
‫ن أبححا بكححر و عمححر يملكححان بعححدى أمححر اّمححتي فححأخبرت بححه و كانتححا‬ ‫على نفسى و ابشرك أ ّ‬
‫ي إلححى بعححض‬ ‫متصادقتين ‪ ،‬و في الّتفسير الكبير فححي تفسححير قححوله تعححالى ‪ :‬و إذ أسحّر الّنححب ّ‬
‫ل عليه عرف بعضه و أعرض عن بعض‬ ‫أزواجه حديثا فلّما نّبأت به و أظهره ا ّ‬

‫] ‪[ 277‬‬

‫فلّما نّبأها به قالت من أنباك هذا قال نّبأني العليم الخححبير « قححال الفخححر ال حّرازي يعنححي مححا‬
‫أسّر إلى حفصة من تحريم الجارية على نفسه و استكتمها ذلك ‪ ،‬و قيححل ‪ :‬لّمححا رأى الّنححبي‬
‫الغيرة في وجه حفصة أراد أن يرضاها فأسّر إليها بشيئين ‪ :‬تحريم المة علححى نفسححه ‪ ،‬و‬
‫ن الخلفة بعده في أبي بكر و أبيها عمر ‪ ،‬قاله ابن عباس و قوله ‪ :‬فلّما نبأت به‬ ‫البشارة بأ ّ‬
‫ل عليه اطلع نبّيه على قول حفصة لعايشححة فححأخبر الّنححب ّ‬
‫ي‬ ‫أى أخبرت به عايشة و أظهره ا ّ‬
‫حفصة عند ذلك ببعض ما قالت و هو قوله تعالى ‪ :‬عّرف بعضه حفصححة و أعححرض عححن‬
‫بعض لم يخبرها اّنك أخبرت عايشة على وجه الّتكريم و الغضاء ‪،‬‬

‫ن رسححول‬
‫و الذي أعرض عنه ذكر خلفة أبي بكر و عمر و قال القّمححي ‪ :‬سححبب نزولهححا أ ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم كان في بعض بيوت نسائه ‪،‬‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫ا ّ‬

‫و كانت مارية القبطّية تكححون معححه تخححدمه ‪ ،‬و كححان ذات يححوم فححي بيححت حفصححة ‪ ،‬فحذهبت‬
‫ل عليه و آله و سّلم ماريححة فعلمححت حفصححة‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫حفصة في حاجة لها فتناول رسول ا ّ‬
‫لح‬
‫ل عليه و آله و سّلم فقالت ‪ :‬يححا رسححول ا ّ‬
‫ل صّلى ا ّ‬‫بذلك فغضبت و أقبلت على رسول ا ّ‬
‫ل منها فقححال ‪ :‬كفححى فقححد حّرمححت‬
‫في يومي و في دارى و على فراشي ‪ ،‬فاستحى رسول ا ّ‬
‫مارية على نفسي و ل أطاها بعد هذا أبدا ‪،‬‬

‫لح و الملئكححة و الّنححاس أجمعيححن‬‫و أنا أقضى اليك سّرا إن أنت أخححبرت بححه فعليححك لعنححة ا ّ‬
‫ن أبا بكر يلححى الخلفححة بعححدي ‪ ،‬ثحّم‬‫ل عليه و آله و سّلم إ ّ‬‫فقالت ‪ :‬نعم ما هو ؟ فقال صّلى ا ّ‬
‫بعده أبوك فقالت من أنباك ؟ فقال نّبأني العليم الخححبير ‪ ،‬فححأخبرت حفصححة بححه عايشححة مححن‬
‫ن عايشة أخححبرتني‬ ‫يومها ذلك و أخبرت عايشة أبا بكر فجاء أبو بكر إلى عمر فقال له ‪ :‬إ ّ‬
‫عن حفصة بشيء و ل أثق بقولها ‪ ،‬فاسأل أنت حفصة ‪ ،‬فجاء عمر إلى حفصة فقال لها ‪:‬‬
‫ما هذا اّلذي أخبرت عنك عايشة ؟ فأنكرت ذلك و قالت ‪ :‬ما قلت لها من ذلك شيئا ‪،‬‬

‫ل صّلى الّ‬ ‫ق فأخبرينا حّتى نتقّدم فيه ‪ ،‬فقالت ‪ :‬نعم قد قال رسول ا ّ‬
‫ن هذا ح ّ‬
‫فقال عمر ‪ :‬إ ّ‬
‫ل عليححه و آلححه و س حّلم‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫عليه و آله و سّلم فأجتمعوا أربعة على أن يسّموا رسول ا ّ‬
‫سورة قال ‪ :‬و أظهره الّ‬ ‫ل عليه و آله و سّلم بهذه ال ّ‬
‫ل صّلى ا ّ‬‫فنزل جبرئيل على رسول ا ّ‬
‫ل على ما أخبرت به و ما هّموا به من قتله عرف بعضه أى خبرها‬ ‫عليه يعني و أظهره ا ّ‬
‫و قال ‪ :‬لم أخبرت بما خبرتك به و أعرض عن بعض قال ‪ :‬لم يخبرهم بما يعلم بما هّموا‬
‫سورة ‪:‬‬
‫به من قتله ‪ ،‬و قال تعالى في هذه ال ّ‬

‫] ‪[ 278‬‬

‫ل مثل لّلذين كفروا امرأة نوح و امرأة لوط كانتححا تحححت عبححدين مححن عبادنححا‬ ‫» و ضرب ا ّ‬
‫ل شيئا و قيل ادخل الّنار مع الداخلين « قححال فححي‬ ‫صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من ا ّ‬
‫ل حال الكّفار و المنافقين في أّنهححم يعححاقبون بكفرهححم و نفححاقهم و ل‬ ‫صافي ‪ :‬مثل ا ّ‬ ‫تفسير ال ّ‬
‫لح عليحه و آلحه و سحّلم و المحؤمنين محن الّنسحبة و‬ ‫ي صحّلى ا ّ‬‫يحابون بمحا بينهحم و بيحن الّنحب ّ‬
‫الوصلة بحال امرءة نوح و امرءة لوط ‪ ،‬و فيه تعريححض بعايشححة و حفصححة فححي خيانتهمححا‬
‫ل بافشاء سّره و نفاقهما إّياه و تظاهرهما عليه كمححا فعلححت امرئتححا الّرسححولين فلححم‬ ‫رسول ا ّ‬
‫ق الّزواج إغناء ما و قيل لهما بعد موتهما أو يوم القيامة ‪ :‬ادخل‬ ‫يغن الّرسولن عنهما بح ّ‬
‫الّنار مع الّداخلين اّلذين ل وصلة بينهم و بين النبياء ‪.‬‬

‫صلها و حكاهححا عححن‬‫سلم على ما ف ّ‬ ‫ضغن التي بين عايشة و فاطمة عليها ال ّ‬ ‫و اما اسباب ال ّ‬
‫لئمة فيها كّلهححا راجعححة إلححى عايشححة و‬ ‫ن ال ّ‬
‫لأّ‬
‫شيخ أبى يعقوب الّلمعاني فهى كما ذكره إ ّ‬‫ال ّ‬
‫ل عليهما في ذلك أى فححي الّتصححاف‬ ‫أبيها ‪ ،‬و تشريكه بينهما و بين فاطمة و بعلها سلم ا ّ‬
‫بالضغن و الحقد و الحسد غلححط فححاحش بعححد شححهادة آيححة التطهيححر و غيرهححا بعصححمتهما و‬
‫برائة ساحتهما عن دنس المعاصي و الّذنوب و طهارة ذيلهما عن وسخ الثام و العيوب ‪.‬‬

‫و من ذلك يعلم ما في قوله ‪ :‬و لست أبّرء علّيا من مثل ذلك فاّنه كان ينفس على أبي بكححر‬
‫ب أن ينفححرد هححو بهححذه‬ ‫ل عليه و آلححه و سحّلم إليححه و ثنححائه عليححه و يحح ّ‬
‫سكون الّنبي صّلى ا ّ‬
‫المزايا و الخصايص دونه و دون الّناس أجمعين مضافا إلى ما فيه من أّنححا لححم نسححمع إلححى‬
‫ل عليه‬ ‫ي صّلى ا ّ‬ ‫ن الّنب ّ‬‫ص بها ‪ ،‬و لم نظفر بأ ّ‬ ‫صة و مكرمة اخت ّ‬ ‫الن لبى بكر مزّية و خا ّ‬
‫و آله و سّلم يوما أثنا عليه و سكن اليه ‪ ،‬و الخبار المفصحة عن شححقاقه و نفححاقه و إزراء‬
‫الّرسول عليه في غير موطن فوق حّد الحصاء ‪ ،‬و لو لم يكححن شححاهد علححى عححدم سححكونه‬
‫إليه غير بعثه بسورة برائة إلى مّكة ثّم عزله عنها لكفى ‪.‬‬

‫ل عليه و آله و سّلم أعني قححوله ‪ :‬و كححم قححال ل‬


‫ي صّلى ا ّ‬
‫و أّما الحديث الذي رواه عن الّنب ّ‬
‫صة‬
‫مّرة يؤذيني ما يؤذيها و يغضبني ما يغضبها ‪ ،‬فهو حديث صحيح رواه العاّمة و الخا ّ‬
‫‪،‬‬

‫ن غصحبهما فحدك منهحا و‬


‫صبى أبحي بكحر و عمحر عحن ذلحك ‪ ،‬فحا ّ‬
‫و ما أدرى ما يجيب متع ّ‬
‫أمرهما‬
‫] ‪[ 279‬‬

‫ضرورة موجبا لغضححبها‬ ‫باحراق باب بيتها و إخراج بعلها ملّببا إلى المسجد للبيعة كان بال ّ‬
‫و اذيها ‪ ،‬فاذا انضّم إلى ذلك الحديث اّلذي رووه و أضححيف إليهمححا قححوله سححبحانه و اّلححذين‬
‫سححخط العظيححم كمححا م حّر‬‫ل لهم عذاب أليم ينتج أّنهما في العذاب الليححم و ال ّ‬
‫يؤذون رسول ا ّ‬
‫شارح‬ ‫ستين ‪ ،‬و قد تقّدم هناك قول ال ّ‬ ‫سادس و ال ّ‬
‫تفصيله في الّتنبيه الّثاني في شرح الكلم ال ّ‬
‫ن الصحيح عندى أنها ماتت و هي واجدة على أبي بكححر و عمححر ‪ ،‬و أنهححا أوصححت أن ل‬ ‫أّ‬
‫يصّليا عليها ‪ ،‬فانظر ماذا ترى ‪.‬‬

‫و أما ما تكّلفه الشارح في آخر كلمه في اثبات توبة الخاطئة فدعوى ل تفى باثباتها بّينححة‬
‫طار ما أفسد الّدهر و كيف تتوب عن خطائها و‬ ‫و هو يريد اصلح أمرها و لن يصلح الع ّ‬
‫تندم على تفريطها بعد رسوخ الضغن في هذه السنين المتطاولة في قلبها و تزايححد أسححباب‬
‫صلها الشارح عن الّلمعاني ‪ ،‬و قد تق حّدم مححا‬
‫الحقد و الحسد و تراكمها يوما فيوما على ما ف ّ‬
‫يرشدك إلى بطلن هذه الدعوى في شرح الكلم التاسع و السبعين و اورد هنا مضافا إلى‬
‫لح روححه فحي تلخيحص الشحافي فحي إبطحال تلحك‬ ‫محا سحبق محا حققحه شحيخ الطايفحة قحّدس ا ّ‬
‫الّدعوى ‪.‬‬

‫ى كلمه في البحار ‪ :‬و أّما الكلم في توبة عايشة فما بيناه من الطرق الثلث‬
‫قال في محك ّ‬
‫في توبة طلحة و الّزبير هى معتمدة فيما يّدعونه من توبة عايشة ‪.‬‬

‫حتها ‪،‬‬
‫ن جميع ما يروونه من الخبار ل يمكن اّدعاء العلم فيها و ل القطع على ص ّ‬ ‫أّولها أ ّ‬
‫ن المعلوم ل يرجع عنه بالمظنون ‪.‬‬
‫ن و قد بّينا أ ّ‬
‫و أحسن الحوال فيها أن يوجب الظ ّ‬

‫و الثاني أنها معارضة بأخبحار تزيحد محا رووه فحي القحّوة أو تسحاويه ‪ ،‬فمحن ذلحك محا رواه‬
‫ى إلى عايشة بعححد الهزيمححة و‬ ‫الواقدى باسناده عن مسعبة عن ابن عباس قال ‪ :‬أرسلنى عل ّ‬
‫هى فى دار الخزاعيّين يأمرها أن ترجع إلى بلدها و ساق الحديث إلى قححوله فبكححت محّرة‬
‫ن ثحّم سححاق الحححديث‬
‫ل لنححا لنهلكح ّ‬
‫ل لئن لم يغفر ا ّ‬
‫أخرى أشّد من بكائها الّول ثّم قالت ‪ :‬و ا ّ‬
‫إلى آخره ثّم قال ‪:‬‬

‫فان قيل ‪ :‬ففى هذا الخبر دليل على التوبة و هى قولها عقيب بكائها لئن لم يغفر‬

‫] ‪[ 280‬‬

‫ن‪.‬‬
‫ل لنا لنهلك ّ‬
‫ا ّ‬

‫قلنا ‪ :‬قد كشف المر ما عقبت هذا الكلم به من اعترافها ببغض أمير المححؤمنين و بغححض‬
‫ل ح عليهححا محّبتهححم و تعظيمهححم ‪ ،‬و هححذا دليححل علححى‬
‫أصحححابه المححؤمنين ‪ ،‬و قححد أوجححب ا ّ‬
‫لح لنححا‬
‫ن بكائها إّنما كان للخيبة ل للّتوبة ‪ ،‬و ما كان في قولها لئن لححم يغفححر ا ّ‬‫الصرار و أ ّ‬
‫ن من دليل على الّتوبححة و قححد يقححول المصحّر مثححل ذلححك إذا كححان عارفححا بخطححائه فيمحا‬‫لنهلك ّ‬
‫ل من ارتكب ذنبا يعتقد أّنه حسن حّتى ل يكون خائفا من العقاب عليه ‪،‬‬ ‫ارتكبه ‪ ،‬و ليس ك ّ‬
‫و أكثر مرتكبى الّذنوب يخافون العقاب مع الصرار ‪،‬‬

‫ن عّمححارا‬
‫و يظهر منهم مثل ما حكى من عايشة و ل يكون توبة و روى الواقدي باسناده أ ّ‬
‫ل عليه استأذن على عايشة بالبصرة بعد الفتح فأذنت له فدخل فقال ‪ :‬يا امه كيححف‬ ‫رحمة ا ّ‬
‫ق علححى الباطححل و يزهححق‬‫لح الحح ّ‬
‫ق و الباطل ألم يظهر ا ّ‬
‫ل صنع حين جمع بين الح ّ‬ ‫رأيت ا ّ‬
‫ل عليه و آله‬ ‫ل صّلى ا ّ‬
‫ن الحرب دول و سجال و قد اديل على رسول ا ّ‬ ‫الباطل ؟ فقالت ‪ :‬إ ّ‬
‫و سّلم و لكن انظر يا عّمار كيف تكون في عاقبة أمرك ‪.‬‬

‫ى في تاريخه أّنه لّما انتهى إلى عايشة قتل أمير المؤمنين قالت ‪:‬‬
‫و روى الطبر ّ‬

‫فحححححححححححححححححألقت عصحححححححححححححححححاها و اسحححححححححححححححححتقّر بهحححححححححححححححححا الّنحححححححححححححححححوى‬


‫كما قّر عينا بالياب المسافر‬

‫من قتله ؟ فقيل ‪ :‬رجل من مراد ‪ ،‬فقالت ‪:‬‬

‫فححححححححححححححححححححان يححححححححححححححححححححك تائبححححححححححححححححححححا فلقححححححححححححححححححححد نعححححححححححححححححححححاه‬


‫بنعى ليس في فيه التراب‬

‫ى تقولين هذا ؟ فقالت ‪ :‬إّنى أنسى فححاذا نسححيت‬ ‫فقالت زينب بنت سلمة بن أبي سلمة ‪ :‬أ لعل ّ‬
‫ن الّناسححي و‬
‫فذّكروني ‪ ،‬و هذه سخرّية منها بزينب و تمويه خوفا من شناعتها ‪ ،‬و معلوم أ ّ‬
‫ل عححن قصححد و‬ ‫شعر في الغراض المطابقححة ‪ ،‬و لححم يكححن ذلححك منهححا إ ّ‬ ‫ساهى ل يتمّثل بال ّ‬‫ال ّ‬
‫معرفة ‪.‬‬

‫و روى عن ابن عّباس أّنه قال لمير المؤمنين لّما أبت عايشة الّرجوع إلى المدينة ‪ :‬أرى‬
‫سححلم ‪:‬‬
‫أن تدعها يا أمير المؤمنين بالبصرة و ل ترحلها ‪ ،‬فقال له أمير المححؤمنين عليححه ال ّ‬
‫ل عليه و آله و‬ ‫ل صّلى ا ّ‬
‫إّنها ل تالو شّرا و لكّني أرّدها إلى بيتها اّلذي تركها فيه رسول ا ّ‬
‫سّلم‬

‫] ‪[ 281‬‬

‫ل بالغ أمره ‪.‬‬


‫نا ّ‬
‫فا ّ‬
‫ن عايشة لّما وصلت إلى المدينة راجعة من البصحرة‬ ‫و روى محّمد بن إسحاق عن جنادة أ ّ‬
‫لم تزل تحّرض الّناس على أمير المؤمنين ‪ ،‬و كتبحت إلحى معاويحة و إلححى أهححل الشّححام محع‬
‫ل عليه ‪.‬‬
‫السود بن أبي البختري تحّرضهم عليه صلوات ا ّ‬

‫و روى عن مسروق أّنححه قححال ‪ :‬دخلححت علححى عايشححة فجلسححت إليهححا فححّدثتني و اسححتدعت‬
‫غلما أسود يقال له ‪ :‬عبد الّرحمن ‪ ،‬فجاء حّتى وقف فقالت ‪ :‬يا مسروق أتدرى لم سحّميته‬
‫صحتها فحي دفحن‬
‫عبد الّرحمن ؟ فقلت ‪ :‬ل ‪ ،‬فقالت ‪ :‬حّبا مّنى لعبد الّرحمن بن ملجحم فأّمحا ق ّ‬
‫ل بن عباس ‪ :‬يومححا علححى بغححل و يومححا علححى جمححل ‪،‬‬‫الحسن فمشهورة حّتى قال لها عبد ا ّ‬
‫فقالت ‪ :‬أو ما نسيتم يوم الجمل يا ابن عّباس إّنكم لذوو أحقاد ‪.‬‬

‫ل علححى بقححاء العححداوة و‬


‫شححديد الحّدا ّ‬
‫صى ما روى عنها من الكلم الغليظ ال ّ‬ ‫و لو ذهبنا إلى تق ّ‬
‫سححر علححى‬
‫استمرار الحقد و الضغينة لطلنا و أكثرنا ‪ ،‬و ما روى عنها من الّتلهححف و الّتح ّ‬
‫ل على الّتوبة إذ يجوز أن يكون ذلك من حيث خابت عن طلبتها و لم‬ ‫ما صدر عنها فل يد ّ‬
‫ل اّلذي لحقها و ألحقها العححار فححي الحّدنيا و الثححم فححي الخححرة ‪ ،‬انتهححى‬
‫تظفر ببغيتها مع الّذ ّ‬
‫كلمه رفع مقامه ‪.‬‬

‫ل على استمرار حقدها و بقاء عداوتها أيضا ما في الرشاد للمفيد ) ره ( قحال‬ ‫أقول ‪ :‬و يد ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم و‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫‪ :‬روى عكرمة عن عايشة في حديثها له بمرض رسول ا ّ‬
‫لح عليححه و آلححه و سحّلم متححوّكئا علححى‬ ‫ل صّلى ا ّ‬
‫وفاته فقالت في جملة ذلك ‪ :‬فخرج رسول ا ّ‬
‫لح بححن العّبححاس قحال لححه ‪ :‬أ‬
‫رجلين أحدهما الفضل بن العّباس ‪ ،‬فلما حكى عنها ذلك لعبححد ا ّ‬
‫تعرف الّرجل الخر ؟‬

‫ي بن أبيطححالب و مححا كححانت اّمنححا تححذكره بخيححر و هححى‬


‫قال ‪ :‬ل لم تسّمه لي ‪ ،‬قال ‪ :‬ذاك عل ّ‬
‫تستطيع ‪.‬‬

‫ععععععع‬

‫صححه‬
‫از جمله كلم آن بزرگوار است كه خطاب فرمود با آن اهححل بصححره را بححر سححبيل ق ّ‬
‫گوئى از واقعهاى عظيمه مىفرمايد ‪:‬‬

‫] ‪[ 282‬‬

‫پس كسى كه استطاعت داشته باشد نزد آن حادثهححا اينكححه حبححس نمايححد نفححس خححود را بححر‬
‫طاعت خدا پس بايد كه بكند آنرا پس اگر اطاعت نمائيد مرا پس بدرستى كححه مححن حمححل‬
‫ل بر راه بهشت و اگر چه مىباشد آن راه صاحب مشّقت سححخت‬ ‫كننده شما هستم إنشاء ا ّ‬
‫و چشيدني تلخ ‪ ،‬و أّما فلنة يعنى عايشه خاطئه پس دريححافت او را رأى سسححت زنححان و‬
‫كينه ديرينه كه جوش زد در سينه او مثل ديك جوشنده آهنگححران ‪ ،‬و اگححر خوانححده شححدى‬
‫كه فرا گيرد از غير من آنچه كه آورد بسوى من نمىكرد ‪ ،‬يعني اگر دعوت مىنمودند‬
‫ق مححن از مخححالفت و‬
‫او را كه اقدام نمايد در حق غير مححن بمثححل آنچححه اقححدام كححرد در حح ّ‬
‫عداوت و خصومت البته اقدام نمىنمود ‪،‬‬

‫و با همه اين مر او راست بعد از اين همه قبايح كه از او صادر شد حرمت قديمه او كه‬
‫ل عليححه و آلححه و س حّلم داشححت و حسححاب بححر پروردگححار‬
‫در زمان حضرت رسول صّلى ا ّ‬
‫است ‪.‬‬

‫محححححححححححححححححا كارهحححححححححححححححححاى او بخداونحححححححححححححححححد كحححححححححححححححححار سحححححححححححححححححاز‬


‫بگذاشتيم تا غضب او چه مىكند‬

‫ععععع عععععع ععع‬

‫صححالحات ‪ ،‬و بالصّححالحات‬ ‫ل علححى ال ّ‬ ‫سححراج ‪ ،‬فباليمححان يسححتد ّ‬


‫سبيل أبلج المنهاج ‪ ،‬أنور ال ّ‬
‫ل على اليمان ‪ ،‬و باليمان يعمر العلم ‪ ،‬و بححالعلم يرهححب المححوت ‪ ،‬و بححالموت تختححم‬ ‫يستد ّ‬
‫ال حّدنيا ‪ ،‬و بال حّدنيا تحححرز الخححرة ‪ ،‬و بالقيامححة تزلححف الجّنححة للمّتقيححن ‪ ،‬و تححبرز الجحيححم‬
‫ن الخلححق ل مقصححر لهححم عححن القيامححة ‪ ،‬مرقليححن فححي مضححمارها إلححى الغايححة‬ ‫للغححاوين ‪ ،‬و إ ّ‬
‫القصوى ‪.‬‬

‫منه قد شخصوا من مستقّر الجداث ‪ ،‬و صاروا إلى مصائر‬

‫] ‪[ 283‬‬

‫ن المر بححالمعروف و‬
‫ل دار أهلها ‪ ،‬ل يستبدلون بها ‪ ،‬و ل ينقلون عنها ‪ ،‬و إ ّ‬
‫الغايات ‪ ،‬لك ّ‬
‫ل سبحانه ‪،‬‬‫الّنهي عن المنكر لخلقان من خلق ا ّ‬

‫لح فححإّنه الحبححل‬


‫و إّنهما ل يقّربان من أجححل ‪ ،‬و ل ينقصححان مححن رزق ‪ ،‬و عليكححم بكتححاب ا ّ‬
‫ي الّناقع ‪،‬‬
‫شفآء الّنافع ‪ ،‬و الّر ّ‬
‫المتين ‪ ،‬و الّنور المبين ‪ ،‬و ال ّ‬

‫سك ‪ ،‬و الّنجاة للمتعّلق ‪ ،‬ل يعوج فيقام ‪ ،‬و ل يزيغ فيستعتب ‪ ،‬و ل تخلقه‬‫و العصمة للمتم ّ‬
‫سمع ‪ ،‬من قال به صدق ‪،‬‬ ‫كثرة الّرّد ‪ ،‬و ولوج ال ّ‬

‫و من عمل به سبق ‪.‬‬

‫ل عليححه و آلححه‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫و قام إليه رجل فقال أخبرنا عن الفتنة و هل سألت عنها رسول ا ّ‬
‫سلم ‪:‬‬
‫و سّلم فقال عليه ال ّ‬
‫ل سبحانه قوله ‪ :‬الم أ حسب الّناس أن يححتركوا أن يقولححوا آمّنححا و هححم ل يفتنححون‬ ‫لّما أنزل ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم بين أظهرنا ‪ ،‬فقلت ‪:‬‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫ن الفتنة ل تنزل بنا و رسول ا ّ‬ ‫علمت أ ّ‬
‫ن أّمححتي سححيفتنون مححن‬‫يإّ‬ ‫لح بهححا ؟ فقححال ‪ :‬يححا علح ّ‬
‫ل ما هذه الفتنة اّلتي أخبرك ا ّ‬
‫يا رسول ا ّ‬
‫ل أو ليس قد قلت لي يوم أحد حيححث استشححهد مححن استشححهد مححن‬ ‫بعدي ‪ ،‬فقلت ‪ :‬يا رسول ا ّ‬
‫شهادة من ورائك ‪،‬‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ي فقلت لي ‪ :‬أبشر فإ ّ‬ ‫ق ذلك عل ّ‬ ‫شهادة فش ّ‬
‫المسلمين و حيزت عّني ال ّ‬
‫ن ذلك لكذلك فكيف صبرك إذا ؟ فقلت ‪:‬‬ ‫فقال لي ‪ :‬إ ّ‬

‫] ‪[ 284‬‬

‫صبر و لكن من مواطن البشرى و الشكر ‪ ،‬و قححال يححا‬ ‫ل ليس هذا من مواطن ال ّ‬ ‫يا رسول ا ّ‬
‫ن الّمححة سححيفتنون بعححدي بححأموالهم ‪ ،‬و يمّنححون بححدينهم علححى رّبهححم ‪ ،‬و يتمّنححون‬
‫ي‪:‬إّ‬ ‫عل ح ّ‬
‫سحاهية ‪،‬‬ ‫شبهات الكاذبة ‪ ،‬و الهحواء ال ّ‬ ‫رحمته ‪ ،‬و يأمنون سطوته ‪ ،‬و يستحلّون حرامه بال ّ‬
‫ل ح فبححأ ّ‬
‫ي‬ ‫سحت بالهدّية ‪ ،‬و الّربا بالبيع ‪ ،‬فقلت ‪ :‬يا رسححول ا ّ‬‫فيستحلّون الخمر بالّنبيذ ‪ ،‬و ال ّ‬
‫المنازل أنزلهم عند ذلك ؟ أبمنزلة رّدة أم بمنزلة فتنة ؟ فقال ‪:‬‬

‫بمنزلة فتنة ‪.‬‬

‫ععععع‬

‫صبح بلوجا من باب قعد أسفر و أنار و ) أرقل ( أسححرع و ) شححخص ( مححن بلححد‬ ‫) بلج ( ال ّ‬
‫كذا رحل و خرج منه و ) الجححداث ( القبححور جمححع جححدث بالّتحريححك كأسححباب و سححبب و‬
‫شفاء الّنافع ( بالفاء و ) الّرى الّناقع ( بالقاف يقال ‪ :‬ماء ناقع أى ينقع الغلة أى يقطعها‬
‫) ال ّ‬
‫و يروى منها ‪.‬‬

‫ععععععع‬

‫ح تعّلقححه بمعححانى المفححرد و لكححن بمضححامين الجمححل ‪ ،‬أل‬


‫شاف ‪ :‬الحسبان ل يص ّ‬‫قال في الك ّ‬
‫ترى أّنك لو قلت حسبت زيدا و ظننت الفرس لم يكن شيئا حّتى تقول حسبت زيححدا عالمححا‬
‫ل علححى مضححمون‬ ‫ن قولححك زيححد عححالم أو الفححرس جححواد كلم دا ّ‬
‫و ظننت الفرس جوادا ‪ ،‬ل ّ‬
‫ن ل اليقين ‪ ،‬فلم تجد بّدا فححي‬
‫فأردت الخبار عن ذلك المضمون ثابتا عندك على وجه الظ ّ‬
‫العبارة عن ثباته عندك على ذلححك الححوجه مححن ذكححر شححطرى الجملححة مححدخل عليهمححا فعححل‬
‫الحسبان حّتى يتّم لك غرضك ‪.‬‬

‫] ‪[ 285‬‬

‫ل على المضمون الذي يقتضيه الحسبان في الية ؟‬


‫فان قلت ‪ :‬فأين الكلم الّدا ّ‬
‫ن تقححديره أحسححبوا‬ ‫قلت ‪ :‬هو قوله ‪ :‬أن يتركوا أن يقولوا آمّنححا و هححم ل يفتنححون ‪ ،‬و ذلححك ل ّ‬
‫تركهم غير مفتونين لقولهم آمّنا فالّترك أّول مفعولي حسب ‪ ،‬و لقولهم آمّنا هو الخححبر ‪ ،‬و‬
‫انا غير مفتونين فتتّمة الّترك لّنه من الّتححرك اّلححذي هححو بمعنححى الّتصححيير كقححوله ‪ :‬فححتركته‬
‫سححباع ينشححنه ‪ ،‬أل تححرى أّنححك قبححل المجيء بالحسححبان تقححدر أن تقححول تركهححم غيححر‬ ‫جزر ال ّ‬
‫لم فان قلححت ‪ :‬أن يقولححوا هححو عّلححة‬
‫مفتونين لقولهم آمّنا على تقدير حاصل و مستقّر قبل ال ّ‬
‫ح أن يكون خبر مبتدء ؟‬ ‫قولهم غير مفتونين فكيف يص ّ‬

‫قلت كما تقول ‪ :‬خروجه لمخافة الشّر و ضربه للّتأديب ‪ ،‬و قد كان التأديب و المخافة فححي‬
‫شر و ضربته تأديبا تعليلين و تقول أيضا ‪ :‬حسبت خروجه لمخافححة‬ ‫قولك خرجت مخافة ال ّ‬
‫الشّر و ظننت ضربه للتأديب ‪ ،‬فتجعلهما مفعولين كما جعلتهما مبتدء و خبرا ‪.‬‬

‫سححلم ‪ :‬أو ليححس قححد قلححت ‪ ،‬للسححتفهام الّتقريححرى كمححا فححي قححوله‬
‫و الهمزة في قوله عليححه ال ّ‬
‫ل بكاف عبده و المقصود به حمل المخاطب على القرار بما دخله الّنفى‬ ‫تعالى ‪ :‬أ ليس ا ّ‬

‫عععععع‬

‫ن هذا الفصل من كلمه مشتمل على فصلين ‪:‬‬


‫اعلم أ ّ‬

‫ععععع ععععع ) ععع (‬

‫شححة فحانّ‬‫في وصحف الحّدين و اليمحان و هحو قحوله ) سحبيل أبلحج المنهحاج ( اسحتعارة مر ّ‬
‫سبيل‬‫ح استعارة لفظ ال ّ‬ ‫اليمان لّما كان موصل لصاحبه الى الجّنة و إلى حظاير القدس ص ّ‬
‫ط‬
‫صححرا َ‬
‫ح التعبير عنه بلفظ الصراط بذلك العتبار أيضا في قوله تعالى ِإْهِدَنا ال ّ‬ ‫له كما ص ّ‬
‫عَلْيِهْم ‪.‬‬
‫ت َ‬
‫ن َأْنَعْم َ‬
‫ط اّلذي َ‬
‫صرا َ‬
‫سَتقيَم ِ‬
‫اْلُم ْ‬

‫] ‪[ 286‬‬

‫ل سالكها البّتة لوضححوحها‬ ‫سراج ( ل يض ّ‬ ‫فهو طريق أوضح المسلك إلى الجّنة ) و أنور ال ّ‬
‫ل علححى اليمححان ( قححال‬‫صالحات يسححتد ّ‬ ‫صالحات و بال ّ‬ ‫ل على ال ّ‬‫و إضائتها ) فباليمان يستد ّ‬
‫صححالحات مححن سححاير العبححادات و مكححارم‬ ‫صالحات هى العمححال ال ّ‬ ‫الشارح البحراني ‪ :‬و ال ّ‬
‫الخلق اّلتي وردت بها الشريعة و ظاهر كونها معلححولت لليمححان و ثمححرات لححه يسححتد ّ‬
‫ل‬
‫بوجححوده فححي قلححب العبححد علححى ملزمتححه لهححا اسححتدلل بالعّلححة علححى المعلححول ‪ ،‬و يسححتد ّ‬
‫ل‬
‫بصدورها من العبد على وجود اليمان في قلبه استدلل بالمعلول على العّلة ) و باليمان‬
‫ن فضححل العلححم و كمححاله إّنمححا هححو العمححل بالركححان و العمححل‬
‫يعمر العلم ( إذ من المعلححوم أ ّ‬
‫بالركان إّما شرط لليمان أو شطر منه حسبما عرفته في شرح الخطبة المححأة و التاسححعة‬
‫فيكون فضله و كماله باليمان ‪،‬‬
‫و هو معنى كونه معمورا به ‪.‬‬

‫ل بمعرفححة و ل معرفححة إلّ‬ ‫لح عمل إ ّ‬‫سححلم ‪ :‬ل يقبححل ا ّ‬


‫صححادق عليححه ال ّ‬
‫و يؤمى إليه قححول ال ّ‬
‫ن اليمححان‬
‫بعمل فمن عرف دّلته المعرفة على العمححل و مححن لححم يعمححل فل معرفححة لححه ال أ ّ‬
‫بعضه من بعض ‪.‬‬

‫سلم ‪ :‬مكتوب في النجيل ‪ :‬ل تطلبوا علم ما ل تعلمححون و‬ ‫ي بن الحسين عليه ال ّ‬ ‫و قال عل ّ‬
‫ل كفرا و لم يزدد من ا ّ‬
‫ل‬ ‫ن العلم إذا لم يعمل به لم يزدد صاحبه إ ّ‬
‫لّما تعملوا بما علمتم ‪ ،‬فا ّ‬
‫ل بعدا ‪.‬‬
‫إّ‬

‫ن العلم بالمبدء و المعاد مستلزم لذكر الموت و الّتوجه اليه و‬ ‫) و بالعلم يرهب الموت ( ل ّ‬
‫إلى ما يتلوه من الشدايد و الهوال ‪ ،‬و ذلك مححوجب للّرهبححة منححه ل محالححة و أّمححا الجاهححل‬
‫فهو غافل عن ذلك لكون هّمته مقصورة على الدنيا مصروفة اليها ) و بالموت تختم الّدنيا‬
‫( و هو ظاهر إذ الموت آخر منازل الّدنيا كما هححو أّول منححازل الخححرة ) و بالحّدنيا تحححرز‬
‫الخرة ( لّنها دار التكليف و فيها يقام العبادات و يقتنى الحسنات فيفححاز بالجّنححات و ينححال‬
‫ل الستعداد لتحصيل الزاد ليوم المعاد ) و بالقيامة تزلف الجّنة للمّتقين‬ ‫سعادات فهى مح ّ‬ ‫ال ّ‬
‫شعرا قال سبحانه ‪:‬‬ ‫شريفة في سورة ال ّ‬ ‫و تبرز الجحيم للغاوين ( اقتباس من الية ال ّ‬

‫سليٍم َو أُْزِلَف ِ‬
‫ت‬ ‫ب َ‬
‫ل ِبَقْل ٍ‬
‫ن َأَتى ا ّ‬
‫ل َم ْ‬
‫ن ِإ ّ‬
‫ل َو ل َبُنو َ‬
‫َيْوَم ل َيْنفُع ما ٌ‬

‫] ‪[ 287‬‬

‫ن‪.‬‬
‫جحيُم ِلْلغاوي َ‬
‫ت اْل َ‬
‫ن َو ُبّرَز ِ‬
‫جّنُة ِلْلُمّتقي َ‬
‫اْل َ‬

‫سعداء بحيث يرونها من الموقف فيبجحون بححأّنهم المحشححورون‬ ‫أى قربت الجّنة و قّدمت لل ّ‬
‫سرون على أنهححم المسححوقون‬ ‫إليها ‪ ،‬و تظهر الجحيم للشقياء فيرونها مكشوفة بارزة فيتح ّ‬
‫ن الخلق ل مقصر لهم عححن القيامححة ( أى ل محبححس و ل غايححة لهححم دونهححا و ل‬ ‫اليها ) و أ ّ‬
‫مانع من ورودهم عليها ) مرقلين ( أى مسرعين ) في مضمارها ( و هو مّدة الحياة الّدنيا‬
‫ن الخلق ل مقصر لهم الححى آخححره‬ ‫شارح البحراني قوله ‪ :‬و إ ّ‬ ‫) إلى الغاية القصوى ( قال ال ّ‬
‫كلم في غاية الحسن مع غزارة الفايدة ‪ ،‬و هو إشارة إلى أّنه ل بّد لهم مححن ورود القيامححة‬
‫و مضمارها مّدة الحياة الّدنيا ‪ ،‬و هو لفظ مستعار ‪ ،‬و وجه المشابهة كون تلك المّدة مح ّ‬
‫ل‬
‫ل استعداد الخيل للسباق ‪،‬‬ ‫ن المضمار مح ّ‬ ‫ل كما أ ّ‬
‫استعداد الّنفوس للسباق إلى حضرة ا ّ‬

‫و ارقالهم كناية عححن سححيرهم المتحوّهم فححي محّدة أعمححارهم إلححى الخححرة ‪ ،‬و سححرعة ححثيث‬
‫شقاوة الخروية‬‫سعادة و ال ّ‬
‫الّزمان بهم في اعداد أبدانهم للخراب و الغاية القصوى هى ال ّ‬
‫ععععع عععععع ) ععع (‬

‫ث على المر بالمعروف و الّنهححى عححن المنكححر و علححى‬ ‫في وصف حال أهل القبور و الح ّ‬
‫سححلم ) قححد شخصححوا مححن مسححتقّر‬ ‫ل و بيان معنححى الفتنححة و هححو قححوله عليححه ال ّ‬
‫لزوم كتاب ا ّ‬
‫ل استقرارهم و هى القبور ) و صاروا إلححى مصححائر‬ ‫الجداث ( أى ارتحل الموتى من مح ّ‬
‫سححائرين ‪ ،‬يعنححي‬ ‫سالكين و منتهى سير ال ّ‬ ‫الغايات ( أى انتقلوا إلى محال هى غاية منازل ال ّ‬
‫ل دار ( مححن هححاتين الحّدارين ) أهححل ( مححن السّححعداء و‬ ‫درجححات و دركححات الجحيححم ) و لكح ّ‬
‫ن أهححل الجّنححة‬
‫الشقياء ) ل يستبدلون بها ( غيرها ) و ل ينقلون عنها ( إلى غيرها يعني أ ّ‬
‫ل يطلبون إبدالها لما هم عليه من عظيم الّنعماء و ألّذ اللء ‪ ،‬و أهل الّنار ل ينقلون عنها‬
‫و لو طلبوا الّنقل و البدال لكونهم مخّلدين فيها ‪ ،‬و هذه قرينة على أن يكون‬

‫] ‪[ 288‬‬

‫سلم بأهل الّنار الكفار و المنححافقين ‪ ،‬إذ غيرهححم مححن أصحححاب الجححرائر مححن‬
‫مراده عليه ال ّ‬
‫المسلمين المذعنين بالولية ل يخّلدون في الّنار لو دخلوها ‪ ،‬بححل يخرجححون بعححد تمحيححص‬
‫ل تعالى كمححا دّلححت عليححه الصححول‬
‫ل سبحانه ‪ ،‬أو بشفاعة أولياء ا ّ‬ ‫الّذنوب إّما بفضل من ا ّ‬
‫المحكمة ‪.‬‬

‫ث على المر بالمعروف و الّنهححى عححن المنكححر بححالتنبيه علححى فضححلهما بقححوله ) و إنّ‬ ‫ثّم ح ّ‬
‫شارح البحراني » ره «‬ ‫ل ( قال ال ّ‬‫المر بالمعروف و الّنهى عن المنكر لخلقان من خلق ا ّ‬
‫ن حقيقة الخلق ملكة نفسانية تصححدر عححن النسححان‬ ‫ل استعارة ‪ ،‬ل ّ‬‫إطلق لفظ الخلق على ا ّ‬
‫بها أفعال خيرّية أو شرّية ‪ ،‬و إذ قد تنّزه قدسه تعالى عححن الكيفّيححات و الهيئات لححم يصححدق‬
‫هذا الّلفظ عليه حقيقة ‪ ،‬لكحن لّمحا كحان المحر بحالمعروف و الّنهحى عحن المنكحر و الفعحال‬
‫الخيرّية اّلتي بها نظام العالم و بقاؤه كحكمته و قدرته وجوده و عنايته و عدم حححاجته بمححا‬
‫يتعارف من الخلق الفاضلة اّلتي تصدر عنها الفعال الخيرّيححة البشححرّية ‪ ،‬فاسححتعير بهححا‬
‫لفظ الخلق و اطلق عليه ‪ ،‬انتهى ‪.‬‬

‫ي على التجّوز في لفظ الخلق حسبما صّرح به ‪ ،‬و يجححوز ابقححائه علححى‬ ‫أقول ‪ :‬هذا كّله مبن ّ‬
‫حقيقته و البناء على التجّوز في الضافة ‪ ،‬يعني أّنهما خلقان نسبتهما إليه سبحانه باعتبار‬
‫ح بححذلك العتبححار كونهمححا مححن خلقححه‬
‫ل و محبوبين له تعالى ‪ ،‬فص ّ‬‫كونهما مرضّيين عند ا ّ‬
‫ل تعظيما‬‫ل تشريفا ‪ ،‬و روح ا ّ‬ ‫تعالى أى من خلق هو محبوبه و مطلوبه كما نقول ‪ :‬بيت ا ّ‬
‫و تكريما و نحو ذلك ‪ ،‬هذا ‪.‬‬

‫و لّما كان أكثر الّناس يكفون عن المر بالمعروف و الّنهى عن المنكر ‪ ،‬و يمسححكون عححن‬
‫سلم إلى دفححع‬
‫ردع الظلمة بتوّهم أن يبطش به فيقتل أو يقطع رزقه و يحرم فأشار عليه ال ّ‬
‫هذا الّتوهم بقوله ) و اّنهما ل يقربان من أجححل و ل ينقصححان مححن رزق ( و قححد روى هححذا‬
‫سلم في حديث آخر ‪.‬‬ ‫المعنى عنه عليه ال ّ‬

‫سححلم قححال‬‫و هو ما رواه في الوسايل من الكافي عن يحيححى بححن عقيححل عححن حسححن عليححه ال ّ‬
‫ل و أثنى عليه ثّم قال ‪ :‬أّمححا بعححد فححاّنه إّنمححا هلححك‬
‫سلم فحمد ا ّ‬
‫خطب أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫من‬

‫] ‪[ 289‬‬

‫كان قبلكم حيثما عملوا من المعاصي و لم ينههم الّربانيون و الحبححار عححن ذلححك ‪ ،‬و إّنهححم‬
‫لّما تمادوا في المعاصي و لم ينههم الّربححانّيون و الحبحار عححن ذلححك نزلححت بهححم العقوبححات‬
‫ن المر بالمعروف و الّنهى عن المنكححر‬ ‫فأمروا بالمعروف و انهوا عن المنكر و اعلموا أ ّ‬
‫لن يقربا أجل و لن يقطعا رزقا ‪.‬‬

‫سلم قال ‪:‬‬


‫ي بن شعبة في تحف العقول عن الحسين عليه ال ّ‬
‫و فيه عن الحسن بن عل ّ‬

‫ل به أوليائه من سححوء ثنححائه‬


‫سلم اعتبروا أيها الناس بما وعظ ا ّ‬‫ي عليه ال ّ‬
‫و يروى عن عل ّ‬
‫عن الحبار إذ يقول ‪ » :‬لو ل ينهاهم الّرّبانّيون و الحبار عن قولهم الثم « و قال ‪:‬‬

‫لح ذلححك‬‫لعن اّلذين كفروا من بني إسرائيل إلى قوله لبئس ما كانوا يفعلححون و إّنمححا عححاب ا ّ‬
‫عليهم لنهم كانوا يرون من الظلمة المنكر و الفساد فل ينهونهم عن ذلك رغبة فيما كانوا‬
‫لح يقحول ‪ :‬فل تخشحوا الّنحاس و اخشحوني و قحال‬ ‫ينحالون منهحم و رهبحة مّمحا يححذرون و ا ّ‬
‫لح‬
‫المؤمنون بعضححهم أوليححاء بعححض يححأمرون بححالمعروف و ينهححون عححن المنكححر « فبححدء ا ّ‬
‫بالمر بالمعروف و الّنهى عن المنكر فريضة منه لعلمه بأّنها إذا اّديت و اقيمت استقامت‬
‫ن المر بححالمعروف و الّنهححى عححن المنكححر دعححاء‬ ‫الفرايض كّلها هّينها و صعبها ‪ ،‬و ذلك إ ّ‬
‫ظالم و قسمة الفىء و الغنايم و أخذ الص حّدقات مححن‬ ‫إلى السلم مع رّد المظالم و مخالفة ال ّ‬
‫مواضعها و وضعها في حّقها ‪ ،‬هذا و ينبغحي القيحام بوظحايف المحر بحالمعروف و الّنهحى‬
‫ضححرر علححى‬ ‫عن المنكر بالشروط المقّررة في الكتب الفقهّية ‪ ،‬و من جملتهححا المححن مححن ال ّ‬
‫المباشر أو على بعض المؤمنين نفسا أو مال أو عرضا ‪ ،‬فلو غلب على ظّنه أو قطع بأن‬
‫يصيبه أو يصححيبهم ضححرر بهمححا سححقط وجوبهمححا ‪ ،‬بححل يحرمححان كمححا صحّرح بححه علماؤنححا‬
‫الخيار و دّلت عليه أخبار أئّمتنا الطهار ‪.‬‬

‫ي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن يحيححى‬ ‫روى في الوسايل عن الكليني عن عل ّ‬


‫سلم ‪ :‬إّنما يؤمر بححالمعروف و ينهححى‬
‫ل عليه ال ّ‬
‫طويل صاحب المقري قال قال أبو عبد ا ّ‬‫ال ّ‬
‫عن المنكر مؤمن فيّتعظ أو جاهل فيتعّلم فأّما صاحب سوط أو سيف فل ‪.‬‬

‫سلم قال ‪:‬‬


‫ل عليه ال ّ‬
‫ضل بن يزيد عن أبي عبد ا ّ‬
‫و عنه عن أبيه عن ابن أبي عمير عن مف ّ‬
‫] ‪[ 290‬‬

‫ضل من تعّرض لسلطان جائر فأصابته بلّيححه لححم يححوجر عليهححا و لححم يححرزق‬
‫قال لي ‪ :‬يا مف ّ‬
‫صبر عليها ‪.‬‬
‫ال ّ‬

‫سححلم فححي المتححن ‪ :‬و إّنهمححا ل يقربححان مححن أجححل و ل‬


‫ن قوله عليححه ال ّ‬
‫فظهر لك بما ذكرنا أ ّ‬
‫ضرر فضل عحن القطحع بحه‬ ‫ن بال ّ‬
‫ينقصان من رزق ‪ ،‬ل بّد أن يحمل على صورة عدم الظ ّ‬
‫ثّم أمر بلزوم اّتباع الكتاب المجيد معّلل وجوب متابعته بأوصححاف كمححال نّبححه عليهححا فقححال‬
‫ل فاّنه الحبل المتين ( استعارة لفظ الحبححل لححه باعتبححار حصححول الّنجححاة‬ ‫) و عليكم بكتاب ا ّ‬
‫سك بالحبل و ذكر المتانة ترشيح ‪.‬‬ ‫سك به كما يحمل الّنجاة للمتم ّ‬ ‫للمتم ّ‬

‫ى بطرق عديححدة منهححا مححا رواه‬ ‫و قد وقع نظير تلك الستعارة في الّنبوي المعروف المرو ّ‬
‫لح عليحه و آلحه و سحّلم إّنحي تحارك فيكحم الثقليحن‬
‫ي صحّلى ا ّ‬‫أبو سعيد الخدرى قال ‪ :‬قال النب ّ‬
‫سماء إلى الرض و عترتي أهل بيححتي‬ ‫ل حبل ممدود من ال ّ‬ ‫أحدهما أكبر من الخر كتاب ا ّ‬
‫ى الحوض ‪.‬‬ ‫لن يفترقا حّتى يردا عل ّ‬

‫ي ينكشف به أحوال المبدء و المعححاد‬ ‫) و الّنور المبين ( و هو أيضا استعارة لّنه نور عقل ّ‬
‫و يهتدى به في ظلمات بحّر الجسحام و بحححر الّنفححوس كمححا يهتححدى بححالّنور المحسححوس فححي‬
‫لح نحور و كتحاب‬ ‫ظلمات و نظير هذه الستعارة قوله سبحانه ‪ :‬قد جائكم من ا ّ‬ ‫الغياهب و ال ّ‬
‫شفاء الّنافع ( إذ به يحصل البرء مححن السححقام الباطنّيححة و المححراض الّنفسححانّية‬‫مبين ) و ال ّ‬
‫كما قال تعالى ‪ :‬قل هو لّلذين آمنوا هدى و شححفاء و قححال فححي موضححع آخححر ‪ :‬و ننحّزل مححن‬
‫ل خسارا ) و الّرى الّناقع ( أى‬ ‫ظالمين إ ّ‬
‫القرآن ما هو شفاء و رحمة للمؤمنين و ل يزيد ال ّ‬
‫القاطع لغليل العطشان بماء الحياة البدّية أعني ما تضّمنه مححن المعححارف الحّقححة و العلححوم‬
‫سك و تعّلق به و أخححذ بأحكححامه‬ ‫سك و نجاة للمتعّلق ( يعني من تم ّ‬‫اللهّية ) و عصمة للمتم ّ‬
‫ج فيقححام (‬‫و عمل بها فهو يعصمه من غضب الجّبار و ينجيححه مححن دخححول الّنححار ) ل يعححو ّ‬
‫لح لوجحدوا فيحه اختلفحا‬ ‫ق يصّدق بعضه بعضا » و لو كان محن عنحد غيحر ا ّ‬ ‫لنه كلم الح ّ‬
‫كثيرا « و احتاج إلى إصلح اختلفه و إقامة اعوجاجه و خلله‬

‫] ‪[ 291‬‬

‫ق حّتى يطلب عتباه و رجوعه إليححه‬ ‫) و ل يزيغ فيستعتب ( أى ل يميل و ل يعدل عن الح ّ‬
‫ل كلم نححثرا كححان أو نظمححا لححو تكحّرر‬‫ن كح ّ‬
‫سمع ( يعني أ ّ‬ ‫) و ل يخلقه كثرة الّرد و ولوج ال ّ‬
‫طبححاع و اشححمأّز منححه‬
‫ل عنححه ال ّ‬
‫جه السماع و م ّ‬ ‫ترّدده على اللسنة و ولوجه في السماع م ّ‬
‫ضححا طرّيححا يححزداد‬
‫القلوب و يكون خلقا مبتذل مرذول ‪ ،‬و أّمححا القححرآن الكريححم فل يححزال غ ّ‬
‫على كثرة الّتكرار و طول الّتلوة في كرور العصار و مرور ال حّدهور حسححنا و بهححاء و‬
‫رونقا و ضياء هو المسك ما كّررته يتضّوع و ذلك من جملة خصايصها اّلححتي امتححاز بهححا‬
‫عن كلم المخلوق ‪.‬‬

‫) من قال به صدق ( لّنه كلم مطابق للواقع فالقول بما أفاده البّتة يكححون صححدقا و القححائل‬
‫سحّيد‬
‫به صادقا ) و من عمل به سبق ( إلى درجات الجنان و فحاز أعظحم الّرضحوان قحال ال ّ‬
‫ن اّللم فيهححا للعهححد و تكححون‬
‫ظححاهر أ ّ‬
‫) ره ( ) و قام إليه رجل فقال أخبرنححا عححن الفتنححة ( ال ّ‬
‫ل عليه و آلححه و سحّلم‬‫ل صّلى ا ّ‬ ‫الشارة بها إلى فتنة معهودة سبق ذكرها في كلم رسول ا ّ‬
‫صححة « و‬ ‫ن اّلذين ظلموا منكم خا ّ‬ ‫و في الكتاب العزيز في الية التية و اّتقوا فتنة ل تصيب ّ‬
‫غيرهما ‪ ،‬و الفتنة تكححون لمعححان شحّتى مححن البتلء و المتحححان و الضححلل و العححذاب و‬
‫الفضيحة و الكفر و الثم و اختلف الّناس في الراء و نحوها ‪.‬‬

‫سحّيد فححي عنححوانه‬‫سلم بححذلك الكلم لهححل البصححرة حسححبما نّبححه ال ّ‬‫و لّما كان خطابه عليه ال ّ‬
‫ن فتنححة‬
‫سائل عن موضححوع الفتنححة ليفهححم أ ّ‬ ‫فبقرينة مساق الكلم يحتمل أن يكون استخبار ال ّ‬
‫ل بها و رسوله ‪ ،‬و أن يكون عن حكمها‬ ‫أهل البصرة هل هى داخلة في الفتنة اّلتي أخبر ا ّ‬
‫‪.‬‬

‫لح عليححه و آلححه و‬


‫ل مححن قححوله صحّلى ا ّ‬
‫سائل بما ينقله عن رسول ا ّ‬
‫و يشعر بالّول جوابه لل ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم أيضا ‪ :‬يححا‬
‫ن اّمتي صيفتنون من بعدي ‪ ،‬و قوله صّلى ا ّ‬ ‫يإّ‬‫سّلم ‪ :‬يا عل ّ‬
‫ن القوم سيفتنون بعدي ‪.‬‬‫يإّ‬ ‫عل ّ‬

‫ي المنحازل‬
‫لح فبحأ ّ‬
‫سلم أعني قحوله ‪ :‬فقلحت يحا رسحول ا ّ‬ ‫و يشعر بالّثاني آخر كلمه عليه ال ّ‬
‫انزلهم عند ذلك أبمنزلة رّدة أم بمنزلة فتنة فقال ‪ :‬بمنزلة فتنة ‪.‬‬

‫لح عليححه و‬
‫لح صحّلى ا ّ‬
‫فعلى الحتمال الّول يكون معنى قوله ) و هل سألت عنها رسول ا ّ‬
‫آله و سّلم (‬

‫] ‪[ 292‬‬

‫هل سألت عن معنيها ليتبّين المراد بها ‪.‬‬

‫ل ح عليححه و آلححه و س حّلم‬


‫و على الحتمال الّثاني فالمعنى هل سألت عن حكمها عنه ص حّلى ا ّ‬
‫سلم ( في جواب المستخبر ‪.‬‬ ‫ن المفتونين مرتّدون أم ل ) فقال عليه ال ّ‬
‫ليعلم أ ّ‬

‫ل سبحانه قوله الم أ حسب الّناس أن يححتركوا أن يقولححوا آمّنححا و هححم ل يفتنححون‬‫) لّما أنزل ا ّ‬
‫شاف في تفسير الية ‪ :‬الفتنة المتحان بشدايد الّتكاليف من مفارقححة الوطححان و‬ ‫قال في الك ّ‬
‫شهوات و الملّذ ‪ ،‬و بالفقر و القحححط و‬ ‫شاّقة و هجر ال ّ‬
‫طاعات ال ّ‬
‫مجاهدة العداء و ساير ال ّ‬
‫أنححواع المصححائب فححي النفححس و المححوال ‪ ،‬و بمصححابرة الكفححار علححى اذاهححم و كيححدهم و‬
‫شححهادة علححى ألسححنتهم و أظهححروا القححول‬
‫ضرارهم ‪ ،‬و المعنى أحسب اّلذين أجروا كلمححة ال ّ‬
‫ل بأنواع المحن و ضروب البل‬ ‫باليمان أّنهم يتركون لذلك غير ممتحنين ‪ ،‬بل يمتحنهم ا ّ‬
‫حة عقايدهم و خلوص نّياتهم ليتمّيز المخلص مححن‬ ‫حّتى يبلو صبرهم و ثبات أقدامهم و ص ّ‬
‫غير المخلص و الّراسخ في الّدين محن المضححطرب و المتمّكححن محن العابححد علححى حححرف ‪،‬‬
‫انتهى ‪.‬‬

‫ن المححراد بالفتنححة‬
‫صححله أ ّ‬
‫سره غير واحححد مححن علمححاء الّتفسححير ‪ ،‬و مح ّ‬
‫أقول ‪ :‬و بنحو ذلك ف ّ‬
‫المتحان و البتلء في الّنفس و المال ‪.‬‬

‫سلم قال ‪ :‬معنى يفتنون يبتلون‬ ‫ل عليه ال ّ‬‫و رواه الطبرسي في مجمع البيان عن أبي عبد ا ّ‬
‫ن المححراد بهححا‬‫فححي أنفسححهم و أمححوالهم ‪ ،‬و المسححتفاد مححن غيححر واحححد مححن الخبححار التيححة أ ّ‬
‫سححلم هنححا‬‫خصوص المتحان بالولية ‪ ،‬و اليه يرجع ما أجاب به أميححر المححؤمنين عليححه ال ّ‬
‫للسائل المستخبر ‪ ،‬و ل تنححافي بيححن المعنييححن إذ الّول تنزيلححه و الثححانى تححأويله و ل غبححار‬
‫ل عليه و‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫ن الفتنة ل تنزل بنا و رسول ا ّ‬ ‫عليه و إّنما الشكال في قوله ) علمت أ ّ‬
‫ن الية ل دللة فيها على عدم نزول الفتنة بهم مححع كححون‬ ‫آله و سّلم بين أظهرنا ( لظهور أ ّ‬
‫سححلم ذلححك ‪،‬‬ ‫ل عليه و آله و سّلم بينهم فمن أين علم أمير المؤمنين عليه ال ّ‬ ‫الرسول صّلى ا ّ‬
‫شارح المعتزلي و أجاب عنه بما ل يعبأ به حيث قال ‪:‬‬ ‫و قد تنّبه لذلك ال ّ‬

‫ل عليححه و‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫ن الفتنة ل تنزل بنا و رسول ا ّ‬
‫سلم علمت أ ّ‬
‫فان قلت ‪ :‬فلم قال عليه ال ّ‬
‫آله و سّلم بين أظهرنا ؟ ‪.‬‬

‫] ‪[ 293‬‬

‫ل ليعّذبهم و أنت فيهم « آه و أنت خبير بما فيه ‪.‬‬


‫قلت ‪ :‬لقوله تعالى ‪ :‬و ما كان ا ّ‬

‫ي على جعل الفتنة في الية بمعنى العذاب ‪ ،‬و قححد‬


‫ن هذا الجواب كما ترى مبن ّ‬‫أّما أّول فل ّ‬
‫ن كلم أمير المؤمنين في هذا المقام ناظر إلى كونها بمعنحى المتححان بالوليحة و‬
‫علمت أ ّ‬
‫التنافي بين المعنيين ظاهر ‪.‬‬

‫ن قوله ‪ :‬علمت ‪ ،‬جححواب لمححا و هححو يفيححد أنّ‬ ‫ض عّما ذكرنا نقول إ ّ‬
‫و أّما ثانيا فلّنا بعد الغ ّ‬
‫لح‬‫منشأ علمه بعدم نزول الفتنة هو قوله ‪ :‬الم أ حسب الّناس الية ‪ ،‬ل قححوله ‪ :‬و مححا كححان ا ّ‬
‫ليعّذبهم ‪ ،‬و العلم بعدم نزول العححذاب مححن اليححة الّثانيححة ل يلزم حصححول العلححم مححن اليححة‬
‫سلم ‪.‬‬ ‫الولى على ما هو مقتضى ظاهر كلمه عليه ال ّ‬

‫سححلم علححم ذلححك حيححن نححزول اليححة بححاعلم‬


‫و اّلذي عندي في رفع ذلك الشكال أّنه عليه ال ّ‬
‫سلم أّنححه لمححا نزلححت‬
‫صافي عنه عليه ال ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪ ،‬فقد روى في ال ّ‬‫ي صّلى ا ّ‬
‫الّنب ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬ل بّد من فتنة تبتلى به الّمة بعححد نبّيهححا ليتعّيححن‬
‫هذه الية قال صّلى ا ّ‬
‫صادق من الكاذب ‪،‬‬
‫ال ّ‬

‫سيف و افتراق الكلمة إلى يوم القيامة ‪.‬‬


‫ن الوحى قد انقطع و بقى ال ّ‬
‫لّ‬

‫ن نححزول الفتنححة إّنمححا يكححون بعححد‬ ‫ن هذه الّرواية ككثير من الّروايات التية صريحة فححي أ ّ‬‫فا ّ‬
‫سححلم بأّنهححا ل تنححزل مححع‬ ‫ل عليه و آله و سّلم ‪ ،‬فحصل بذلك العلم له عليححه ال ّ‬
‫ي صّلى ا ّ‬‫الّنب ّ‬
‫كونه بين أظهرهم ‪.‬‬

‫ح بححذلك‬
‫ل عليه و آله و سّلم حين نزول اليححة صح ّ‬ ‫ي صّلى ا ّ‬‫و لّما كان ذلك الخبار من النب ّ‬
‫لح‬
‫ل قوله الم آه علمت إلى قوله ) فقلت يا رسححول ا ّ‬ ‫سلم ‪ :‬لّما أنزل ا ّ‬
‫العتبار قوله عليه ال ّ‬
‫ن اّمحتى سحيفتنون محن بعحدى ( و هحذا‬ ‫ياّ‬‫لح بهحا فقحال يحا علح ّ‬
‫ي أخحبرك ا ّ‬ ‫ما هذه الفتنة الحت ّ‬
‫سلم و إن كان مجمل لححم يص حّرح‬ ‫ل عليه و آله و سّلم له عليه ال ّ‬ ‫ي صّلى ا ّ‬ ‫الجواب من الّنب ّ‬
‫سلم قد فهم منححه‬‫ل أّنه عليه ال ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم بما ذا إ ّ‬ ‫ن افتتان الّمة بعده صّلى ا ّ‬ ‫فيه با ّ‬
‫سلم و امتحانهم بوليته ‪.‬‬ ‫ل عليه و آله و سّلم منه الفتتان به عليه ال ّ‬ ‫ن مراده صّلى ا ّ‬ ‫أّ‬

‫سلم ذلك منه إّما محن بحاب سحّر الححبيب محع الححبيب أو بقرينحة تصحريحه‬
‫و فهمه عليه ال ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم به في غيره ‪ ،‬فقد روى في غاية المرام عن ابن شححهر اشححوب‬ ‫صّلى ا ّ‬
‫عن أبي طالب الهروي‬

‫] ‪[ 294‬‬

‫لح‬
‫ي صّلى ا ّ‬ ‫باسناده عن علقمة و أبي أّيوب أّنه لّما نزل ألم أحسب الّناس اليات ‪ ،‬قال الّنب ّ‬
‫سححيف فيمححا بينهححم و‬‫عليه و آله و سّلم لعّمار ‪ :‬إّنه سيكون من بعححدى هنححاة حّتححى يختلححف ال ّ‬
‫حّتى يقتل بعضهم بعضا و حّتى يتبّرء بعضهم من بعححض ‪ ،‬فححاذا رأيححت ذلححك فعليححك بهححذا‬
‫ىوخّ‬
‫ل‬ ‫ي بن أبيطالب ‪ ،‬فان سلك الّناس كّلهم واديا فاسلك وادى عل ّ‬ ‫الصلع عن يميني عل ّ‬
‫ن علّيا ل يرّدك عن هدى و ل يرّدك إلى ردى ‪،‬‬ ‫عن الّناس ‪ ،‬يا عّمار إ ّ‬

‫ل‪.‬‬
‫ى طاعتي و طاعتي طاعة ا ّ‬
‫يا عّمار طاعة عل ّ‬

‫و فيه عنه من طريق العاّمة أيضا في قوله الم أ حسب الّناس أن يتركوا أن يقولححوا آمنححا و‬
‫ل عليححه و آلححه‬
‫ل ما هذه الفتنة ؟ قال صّلى ا ّ‬
‫سلم يا رسول ا ّ‬
‫ي عليه ال ّ‬
‫هم ل يفتنون قال عل ّ‬
‫و سّلم ‪:‬‬

‫ي بك و أنك المخاصم فأعّد للخصومة ‪.‬‬


‫يا عل ّ‬
‫لح عليهححم‬
‫ي عححن أبيححه صححلوات ا ّ‬
‫و فيه عن محّمد بن العباس مسححندا عححن الحسححين بححن علح ّ‬
‫ل ما هذه ؟‬
‫أجمعين قال ‪ :‬لما نزلت ‪ :‬أ لم أحسب الناس الية قال ‪ :‬قلت يا رسول ا ّ‬

‫قال ‪ :‬يا على إّنك مبتلى بك و أنت مخاصم فأعّد للخصومة ‪.‬‬

‫ل بن‬ ‫و عن محّمد بن العباس قال ‪ :‬حّدثنا أحمد بن هودة عن إبراهيم بن إسحاق عن عبد ا ّ‬
‫لح عليححه و آلححه و سحّلم ذات ليلححة‬ ‫ل صّلى ا ّ‬
‫حماد عن سماعة بن مهران قال ‪ :‬كان رسول ا ّ‬
‫لح‬
‫سححلم فنححاداه رسححول ا ّ‬ ‫صبح دخل أمير المححؤمنين عليححه ال ّ‬ ‫في المسجد ‪ ،‬فلّما كان قرب ال ّ‬
‫ي ‪ ،‬فلّما دنى منه قححال ‪:‬‬ ‫ي ‪ ،‬فقال ‪ :‬لبّيك قال ‪ :‬هلّم إل ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم فقال يا عل ّ‬
‫صّلى ا ّ‬
‫ي بت الّليلة حيث تراني و قد سألت رّبي ألف حاجة فقضيها لي و سألت لك رّبي أن‬ ‫يا عل ّ‬
‫ي رّبي فقال ‪ :‬الححم أ حسححب الّنححاس أن يححتركوا أن يقولححوا‬ ‫يجمع لك اّمتى من بعدي فأبى عل ّ‬
‫آمّنا و هم ل يفتنون ‪.‬‬

‫و هذه الّروايات و ما بمعناها ‪ 1‬مّما لم نوردها خوف الطالة كما ترى‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬تتت تت تتتت ت ت تتت ت تتت تتت ت ت تتت تت‬
‫تتتتتتت تتتتتتت ت ت تت ت تتتتت ت ت ت ت تتت‬
‫تتتت تتت ت‬ ‫تت تتتتتت ) ت ( تت تتتت تتتتت ت تت‬
‫تت تت تتت تت تتت تتت تت تتت ت تتت ت ت تت ) ت (‬
‫تت ) ت (‬
‫تت ت تت‬‫تتتت تتتتت تتتت تتت تت تتت تتت‬
‫تت ت تتت تت تتت ت ت ت تتتتت تت تت ت ت ت ت‬
‫تتت تتتتت تتت ت ت ت ت تتتت ت تت تت‬ ‫تتتتتت تت‬
‫تت تتتتتت تتت ت تتتتتتتت تت تت تتت ت ) ت‬ ‫تتت‬
‫(‪.‬‬

‫ت تت ت ت ت تتتتتت ت تتت تتتت ت ت تت تتتتت‬


‫تتت تت تت ت ) ت ( ت ت ت تت تتتت ت ت تت ‪ :‬تت تت‬
‫تتتت تتتتت تتتتت ‪.‬‬

‫ت تت ت ت ت تتت تت تت ت ت ت تتتتتت ت ت ت ت تت‬


‫تتتت ت ت تت ‪ :‬تتت ت ت ت تتت ت ت تتتتت ت تت ت‬
‫تتتتتت تتتت تتتتتتتت ت تتتتت ت تتت ‪.‬‬

‫] ‪[ 295‬‬
‫ل عليه و آله و سّلم إّنما هو بولية أميححر‬ ‫ن الفتتان بعده صّلى ا ّ‬ ‫صريحة في الدللة على أ ّ‬
‫ي فححي المتححن مبنّيححة لكححون‬
‫سلم فهى رافعة للجمال فححي الجححواب المححرو ّ‬ ‫المؤمنين عليه ال ّ‬
‫ن اّمتي سيفتنون من بعدي افتتححانهم بهححا و‬ ‫ل عليه و آله و سّلم بقوله ‪ :‬إ ّ‬‫ي صّلى ا ّ‬ ‫مراد الّنب ّ‬
‫سلم ‪.‬‬‫امتحانهم به عليه ال ّ‬

‫سححلم و يرجححوه مححن شححهادته اّلححتي بشحّر بهححا‬ ‫و لّما كان ذلك مبعدا لما كان ينتظره عليححه ال ّ‬
‫ل عليححه‬‫ي صّلى ا ّ‬ ‫شر به و مفيدا لعدم حصوله في زمان النب ّ‬ ‫جز ما ب ّ‬‫ي و موهما لعدم تن ّ‬ ‫النب ّ‬
‫سحلم‬ ‫و آله و سّلم و حال حياته و كحان فيحه خحوف فحوت المطلححوب ل جحرم أعححاد عليحه ال ّ‬
‫سؤال تحصيل لطمينان القلب كما سأل إبراهيم رّبه بقححوله ‪ :‬كيححف تحيححى المححوتى فقححال‬ ‫ال ّ‬
‫سلم ) فقلت أ و ليس قد قلت لي يوم أحد حيث استشهد من استشهد مححن المسححلمين‬ ‫عليه ال ّ‬
‫شححهادة مححن‬‫ن ال ّ‬
‫ى فقلححت لححي ‪ :‬ابشححر فححا ّ‬
‫ق ذلك علح ّ‬ ‫و حيزت ( أى منعت ) عّني الشهادة فش ّ‬
‫ن الشححهادة واقعححة ل محالححة و إن لححم تكححن فححي‬ ‫ن ذلك كححذلك ( يعنححي أ ّ‬‫ورائك ؟ فقال لي ‪ :‬إ ّ‬
‫ي ‪ ،‬هذا ‪.‬‬‫زماني و في مجاهداتك اّلتي بين يد ّ‬

‫و يجوز أن تكون الهمزة في قوله ‪ :‬أو ليس قد قلت ‪ ،‬لم يرد بها الستفهام و التقرير ‪ ،‬بححل‬
‫ن الغححرض بححه‬ ‫المراد بها الستبطاء نظير ما قاله علماء البيان في مثل ‪ :‬كم دعوتك مححن أ ّ‬
‫ليس السؤال و الستفهام ‪ ،‬بل المراد الستبطاء و هححو الوصححف بححالبطوء أى ع حّد المتكلححم‬
‫شححكاية عححن بطححوء الجابححة و‬‫المخاطب بطيئا في اجابة الّدعوة ‪ ،‬و الغححرض مححن الكلم ال ّ‬
‫ث عليها ‪.‬‬
‫الح ّ‬

‫لح عليحه و آلحه و سحّلم و محا‬ ‫ي صحّلى ا ّ‬‫و معنى الستبطاء فيما نحن فيه وصف ما قاله النب ّ‬
‫لح عليححه و آلححه و سحّلم لمححا‬
‫شكاية من تأخيره فاّنه صحّلى ا ّ‬ ‫شر به من الشهادة بالبطوء و ال ّ‬‫بّ‬
‫سلم أن ل يبقى إلى زمان تلك الفتنة فقال ذلححك‬ ‫ب عليه ال ّ‬
‫ن المة سيفتنون بعده أح ّ‬ ‫أخبر بأ ّ‬
‫الكلم استبطاء للشهادة فافهم جيدا ‪.‬‬

‫] ‪[ 296‬‬

‫سحلم و الفصحاح‬ ‫ل عليه و آله و سّلم البانة عن علحّو هّمتحه عليحه ال ّ‬ ‫ي صّلى ا ّ‬
‫ثّم أراد الّنب ّ‬
‫ل فقال ) فكيف صبرك إذا ( يعني إذا ظفححرت بالشححهادة ) فقلححت‬ ‫عن ثبات قدمه في جنب ا ّ‬
‫شححكر ( يعنححي أ ّ‬
‫ن‬ ‫صبر و لكن من مواطن البشرى و ال ّ‬ ‫ل ليس هذا من مواطن ال ّ‬ ‫يا رسول ا ّ‬
‫ق المحجحوبين عحن‬ ‫ق و المكروه و هو إّنما يتصحّور فحي حح ّ‬ ‫الصبر عبارة عن تحمل المشا ّ‬
‫ل المنهمكين في لحّذات الحّدنيا و الغحافلين عحن لحّذات الخحرة ‪ ،‬فحانهم يكرهحون المحوت و‬ ‫ا ّ‬
‫ق و اليقيححن فغايححة‬
‫شححهادة ‪ ،‬و أّمححا أوليححاء الحّدين و أهححل الحح ّ‬
‫يفّرون منححه و يحححذرون مححن ال ّ‬
‫ق و الّنيححل إلححى رضححوانه‬ ‫ظالم أهلها و الفوز بلقححاء الحح ّ‬‫غرضهم الخروج من هذه القرية ال ّ‬
‫ل شيء ‪،‬‬ ‫ب إليهم من ك ّ‬ ‫فالموت لّما كان وسيلة للوصول إليه فهو أح ّ‬
‫طفححل‬
‫لح لبححن أبيطححالب آنححس بححالموت مححن ال ّ‬‫سلم يقول غير مّرة ‪ :‬و ا ّ‬ ‫و لذلك كان عليه ال ّ‬
‫شحهادة محن أعظححم القربححات و أفضححل‬ ‫بثدى اّمححه ‪ ،‬و لّمحا كححان حصحول المحوت بالقتحل و ال ّ‬
‫طاعات كانوا مستبشرين به و شاكرين على وصول تلك النعمة العظيمة ‪ ،‬و إليححه ينظححر‬ ‫ال ّ‬
‫ن أكرم الموت القتل و اّلذي نفس‬ ‫سلم في الكلم المأة و الّثانية و العشرين ‪ ،‬إ ّ‬ ‫قوله عليه ال ّ‬
‫ى من ميتة على فراش ‪.‬‬ ‫سيف أهون عل ّ‬ ‫ابن أبيطالب بيده للف ضربة بال ّ‬

‫ل عليه و آله و سّلم بعد الشارة إجمال إلى افتتان المة من بعده إلى‬ ‫ي صّلى ا ّ‬ ‫ثّم عاد النب ّ‬
‫ن الّمححة سححيفتنون بعححدي‬ ‫يإّ‬‫شرح حال المفتونين و بيان أوصافهم تفصيل ) و قال يححا علح ّ‬
‫بأموالهم ( أى بقّلتها و كثرتها و باكتسابها مححن حلل أو حححرام و بصححرفها فححي مصححارف‬
‫شححر و بححاخراج الحقححوق الواجبححة منهححا و البخححل بهححا و غيححر ذلححك مححن طححرق‬ ‫الخيححر أو ال ّ‬
‫لح عنهححم‬ ‫ن من قبلهم بذلك علححى مححا حكححى ا ّ‬ ‫المتحان ) و يمّنون بدينهم على ربهم ( كما م ّ‬
‫ن َهححديُكْم‬
‫عَلْيُكحْم أ ْ‬
‫ن َ‬
‫لح َيُمح ّ‬
‫لا ّ‬
‫سححلمَُكْم َبح ِ‬
‫ىإ ْ‬
‫عَلح ّ‬
‫ل ل َتُمّنوا َ‬
‫سَلُموا ُق ْ‬
‫ك أن أ ْ‬
‫عَلْي َ‬
‫ن َ‬
‫بقوله ‪ :‬يمّنو َ‬
‫ل سبحانه كاليححاس مححن‬ ‫ن ) و يتمّنون رحمته و يأمنون سطوته ( المن من سخط ا ّ‬ ‫ليما َ‬
‫ِل ْ‬
‫رحمته من الكباير الموبقة ‪ ،‬و أّما تمّنى الّرحمة مع عدم المبالة في الّدين فهحو محن صحفة‬
‫ل عليه و آله و سّلم قال ‪ :‬أحمق الحمقححاء مححن اتبححع نفسححه‬ ‫الجاهلين و قد روى عنه صّلى ا ّ‬
‫ل‪.‬‬
‫هويها و تمّني على ا ّ‬

‫ساهية ( أى الغافلة و وصف‬


‫شبهات الكاذبة و الهواء ال ّ‬
‫) و يستحّلون حرامه بال ّ‬

‫] ‪[ 297‬‬

‫ن اّتباع الهوى لما كان موجبححا للغفلححة‬


‫الهواء بها للمبالغة كما في قولهم ‪ :‬شعر شاعر ‪ ،‬فا ّ‬
‫ن استحللهم للحرام بسبب متابعتهم لهححوى أنفسححهم‬ ‫ح اّتصافه به ‪ ،‬و المراد أ ّ‬‫قصّ‬ ‫عن الح ّ‬
‫شاغل بهم إلى الّدنيا ‪.‬‬ ‫ق و ال ّ‬
‫صاد لهم عن الح ّ‬
‫ال ّ‬

‫ل عليححه و آلححه و س حّلم ‪ :‬يقححول‬


‫ل صّلى ا ّ‬
‫روى أبو حمزة عن أبي جعفر قال ‪ :‬قال رسول ا ّ‬
‫ل‪:‬‬‫ل عّز و ج ّ‬
‫ا ّ‬

‫و عّزتي و جللي و كبريائي و نورى و علّوي و ارتفاع مكاني ل يؤثر عبححد هححواه علححى‬
‫ل محا‬‫ل شّتت عليه أمره و لّبست عليحه دنيحاه و شحغلت قلبحه بهحا و لحم اوتحه منهحا إ ّ‬‫هواى إ ّ‬
‫قدرت له و عّزتي و جللي و عظمتي و نوري و علحّوي و ارتفححاع مكححاني ل يححؤثر عبححد‬
‫سماوات و الرضين رزقه و كنت له‬ ‫ل استحفظته ملئكتى ‪ ،‬و كّفلت ال ّ‬ ‫هواى على هواه إ ّ‬
‫ل تاجر ‪ ،‬و أتته الّدنيا و هى راغمة ‪.‬‬
‫من وراء تجارة ك ّ‬

‫و أشار إلى تفصيل ما يستحّلونه من المحّرمات بقوله ) فيستحّلون الخمر بالّنبيذ ( الغححالب‬
‫شححراب‬‫شراب المّتخححذ مححن العنححب ‪ ،‬و فححي الّنبيححذ اسححتعمله فححي ال ّ‬
‫في الخمر إطلقه على ال ّ‬
‫ن الّنبيححذ ليححس بخمححر فحكمححوا‬
‫المّتخذ من الّتمر ‪ ،‬و من ذلك نشأت شبهتهم حيححث زعمححوا أ ّ‬
‫بحّليته أى حّلية الّنبيذ بتوّهم اختصاص الحرمة بالخمر فأوجب ذلك استحللهم للخمر من‬
‫حيث ل يشعرون ‪.‬‬

‫سلم على ذلك تنبيها على فسححاد مححا زعمححوه و هححو كححذلك ‪ 1 .‬أمححا اول‬
‫و قد ذمهم عليه ال ّ‬
‫ل محا يخمحر العقحل أى‬‫ن الخمحر عبححارة عححن كح ّ‬‫فلمنع خروج الّنبيذ من موضع الخمحر ‪ ،‬ل ّ‬
‫طيه ‪ ،‬فيشمل الّنبيذ و غيره و إن كان استعماله في العصير العنبى اكثر ‪.‬‬ ‫يستره و يغ ّ‬

‫جاج عححن أبححي‬‫ل عليه ما رواه في الوسايل عن الكليني بسنده عن عبد الّرحمن بن الح ّ‬ ‫و يد ّ‬
‫لح عليححه و آلححه الخمححر مححن خمسححة ‪:‬‬
‫لح صحّلى ا ّ‬
‫سححلم قححال ‪ :‬قححال رسححول ا ّ‬
‫ل عليه ال ّ‬
‫عبد ا ّ‬
‫شعير ‪ ،‬و الّنبيذ‬
‫العصير من الكرم و الّنقيع من الّزبيب و البتع من العسل ‪ ،‬و المرز من ال ّ‬
‫من الّتمر ‪.‬‬

‫سلم قححال ‪ :‬الخمححر مححن‬


‫ي بن الحسين عليهما ال ّ‬ ‫و عن الكليني عن عامر بن السمط عن عل ّ‬
‫شعير ‪ ،‬و العسل ‪.‬‬ ‫خمسة أشياء ‪ :‬من التمر ‪ ،‬و الزبيب ‪ ،‬و الحنطة ‪ ،‬و ال ّ‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬تتتت تت تت تتتتت تتتت ‪.‬‬

‫] ‪[ 298‬‬

‫شيخ في أماليه باسناده عن الّنعمان بن بشححير قححال ‪ :‬سححمعت رسححول‬ ‫و فيه أيضا عن ابن ال ّ‬
‫ن مححن الزبيححب‬‫ن من العنب خمرا ‪ ،‬و إ ّ‬ ‫ل عليه و آله و سّلم يقول ‪ :‬أّيها الّناس إ ّ‬‫ل صّلى ا ّ‬‫ا ّ‬
‫شححعير خمححرا ‪ ،‬أل أّيهححا الّنححاس أنهححاكم عححن كح ّ‬
‫ل‬ ‫ن مححن ال ّ‬
‫ن من الّتمر خمححرا ‪ ،‬و إ ّ‬‫خمرا و إ ّ‬
‫مسكر ‪.‬‬

‫و أما ثانيا فلمنع اختصاص حكم الحرمة بخصوص الخمر بعد تسححليم عححدم شححموله للّنبيححذ‬
‫ل مسكر كما مّر في الّرواية آنفا ‪.‬‬
‫حقيقة ‪ ،‬و ذلك لتعّلق الحكم بك ّ‬

‫سححلم‬
‫ي عن عطاء بن يسار عن أبححي جعفححر عليححه ال ّ‬ ‫و مثله ما رواه في الوسايل عن الكلين ّ‬
‫ل مسكر خمر ‪.‬‬ ‫ل مسكر حرام و ك ّ‬
‫ل عليه و آله ‪ :‬ك ّ‬‫ل صّلى ا ّ‬
‫قال ‪ :‬قال رسول ا ّ‬

‫سححلم‬
‫ي بن إبراهيم القّمي في تفسيره عن أبي الجارود عححن أبيجعفححر عليححه ال ّ‬ ‫و فيه عن عل ّ‬
‫شححراب إذا أخمححر فهححو‬ ‫ل مسكر مححن ال ّ‬ ‫في قوله ‪ :‬إّنما الخمر و الميسر الية ‪ ،‬أّما الخمر فك ّ‬
‫ن أبا بكر شححرب قبححل أن يحححرم الخمححر فسححكر‬ ‫خمر و ما أسكر كثيره فقليله حرام و ذلك إ ّ‬
‫ل تحريمها بعد ذلك و إّنما كانت الخمححر يححوم حرمححت بالمدينححة فضححيخ‬ ‫إلى أن قال فأنزل ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سحّلم فقعححد فححي‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫البسر و الّتمر ‪ ،‬فلّما نزل تحريمها خرج رسول ا ّ‬
‫ل عليه و آلححه و‬ ‫المسجد ثّم دعا بآنيتهم اّلتى كانوا ينبذون فيها فأكفاها كّلها ‪ ،‬و قال صّلى ا ّ‬
‫ل فكان أكثر شيء أكفى في ذلححك اليححوم الفضححيخ و لححم أعلححم‬ ‫سّلم ‪ :‬هذه كّلها خمر حّرمها ا ّ‬
‫ل إناء واحد كان فيه زبيب و تمر جميعا ‪ ،‬فأّما عصير‬ ‫اكفى يومئذ من خمر العنب شيء إ ّ‬
‫لح الخمححر قليلهححا و كثيرهححا و بيعهححا و‬
‫العنب فلم يكن منه يومئذ بالمدينة شيء ‪ ،‬و ححّرم ا ّ‬
‫شرائها و النتفاع بها ‪ ،‬هذا ‪.‬‬

‫ي باسححناده عححن خضححر‬


‫ل على حرمة الّنبيذ بخصوصه ما رواه في الوسايل عن الكلين ّ‬ ‫و يد ّ‬
‫سلم قال ‪ :‬من شرب الّنبيذ على أّنه حلل خلد في الّنار‬ ‫ل عليه ال ّ‬
‫صيرفي عن أبي عبد ا ّ‬
‫ال ّ‬
‫‪ ،‬و من شربه على أّنه حرام عّذب في الّنار ‪.‬‬

‫سححلم‬
‫ل ح عليححه ال ّ‬
‫ي عن أبيه عن أبيعبد ا ّ‬ ‫ي بن إبراهيم عن أبيه عن الحسن بن عل ّ‬‫و عن عل ّ‬
‫ل أن يكحلحه بميححل مححن‬ ‫لح عحّز و جح ّ‬
‫ن رجل كحل عينيه بميل من نبيذ كان حّقا علحى ا ّ‬‫لو أ ّ‬
‫نار ‪.‬‬

‫] ‪[ 299‬‬

‫سلم عن الّرجححل يكححون‬


‫ل عليه ال ّ‬
‫شيخ باسناده عن عّمار قال ‪ :‬سألت أبا عبد ا ّ‬‫و فيه عن ال ّ‬
‫ل عليه‬
‫ل أّنه يشرب العسكر هذا الّنبيذ ‪ ،‬فقال لي ‪ :‬يا عّمار إن مات فل تص ّ‬‫مسلما عارفا إ ّ‬
‫‪.‬‬

‫و الخبار في هذا المعنى كثيرة و فيما أوردناها كفاية ‪.‬‬

‫ل كسبه ‪،‬‬
‫سحت الحرام و كلّ ما ل يح ّ‬
‫سحت بالهدية ( ال ّ‬
‫) و ( يستحّلون ) ال ّ‬

‫سلم هو الّرشوة في الحكححم و مهححر البغححى و كسححب‬


‫ي عليه ال ّ‬
‫و في مجمع البحرين عن عل ّ‬
‫الحجام و عسب الفحل و ثمن الكلب و ثمن الخمر و ثمن الميتة ‪.‬‬

‫سححلم فيمححا‬
‫صححادق عليححه ال ّ‬‫سححره بهححا ال ّ‬‫ن المراد به هنا خصوص الّرشوة كمححا ف ّ‬ ‫ظاهر أ ّ‬
‫و ال ّ‬
‫شيخ باسناده عن أحمد بححن محّمححد عححن محّمححد بححن سححنان عححن ابححن‬ ‫رواه في الوسايل عن ال ّ‬
‫سحححت فقحال ‪ :‬هححو‬ ‫سححلم عححن ال ّ‬‫لح عليححه ال ّ‬‫مسكان عن يزيد بن فرقد قال ‪ :‬سألت أبا عبححد ا ّ‬
‫الّرشاء في الحكم ‪.‬‬

‫و المقصحود أّنهححم يأخحذون الّرشحوة إذا اهححديت إليهححم و يسحتحّلونها بزعححم أّنهححا هدّيحة قحال‬
‫ن الولححى هححى المححال المبححذول للقاضححي‬ ‫الفاضل الّنراقي ‪ :‬الفححرق بيححن الّرشححوة و الهدّيححة أ ّ‬
‫سل به إلى الحكم ابتداء أو إرشادا ‪ ،‬و الّثانية هى العطّية المطلقة أو لغرض آخر نحححو‬ ‫للتو ّ‬
‫سححل بححه إلححى‬
‫شخص للّتو ّ‬ ‫ل مال مبذول لل ّ‬ ‫نكّ‬ ‫ل ‪ ،‬و الحاصل أ ّ‬ ‫الّتوّدد و الّتقّرب إليه أو إلى ا ّ‬
‫ف عن شحّره لسححانا أو يححدا أو نحوهمححا فهححو الّرشححوة ‪ ،‬و ل‬ ‫فعل صادر منه و لو مجّرد الك ّ‬
‫فرق في الفعل الذي هو غاية البذل أن يكون فعل حاضرا أو متوّقعححا كححان يبححذل للقاضححي‬
‫لجل أّنه لو حصل لححه خصححم يحكححم للبححاذل و ان لححم يكححن لححه بالفعححل خصححم حاضححر و ل‬
‫ل مبذول ل لغرض يفعله المبذول له بل لمجّرد التقّرب أو التححوّدد‬ ‫خصومة حاضرة ‪ ،‬و ك ّ‬
‫إليه أو يصفة محمودة أو كمال فيححه فهححو هديححة و إن كححان الغححرض مححن التححوّدد و التقحّرب‬
‫الحتفاظ من شّر شخص آخر أو الّتوسل إلى فعل شححخص آخححر يححوجبه التقحّرب و التححوّدد‬
‫إليه ‪.‬‬

‫و قد يستعمل لفظ أحدهما فححي معنححى الخححر تجحّوزا فمححا كحان مححن الّول فححان كححان الفعححل‬
‫المقصود الحكم فهو حرام مطلقا سواء كان الحكم لخصححومة حاضححرة أو فرضحّية ‪ ،‬و لححذا‬
‫حكموا بحرمة الهدّية الغير المعهودة قبل القضاء ‪ ،‬لنه‬

‫] ‪[ 300‬‬

‫ن المقصود منه الحكم و لححو فرضححا و هححو كححذلك لصححدق اسححم الّرشححوة عرفححا‬ ‫قرينة على أ ّ‬
‫صة كما في أمححالي‬ ‫فيشمله إطلقاتها و عليه يحمل إطلق ما ورد من طريق العاّمة و الخا ّ‬
‫ن هدايا العّمال كما فححي بعضححها أو هدّيححة المححراء كمححا فححي بعححض آخححر غلححول أو‬ ‫الشيخ أ ّ‬
‫ل ح عليححه و‬
‫ي صّلى ا ّ‬ ‫ل عليه أيضا رواية أبي حميد الساعدي قال ‪ :‬استعمل النب ّ‬ ‫سحت و يد ّ‬
‫آله و سّلم رجل يقال له الّلثة على الصدقة ‪ ،‬فلما قدم قال ‪ :‬هذا لكم و هذا اهدى لى ‪ ،‬فقححام‬
‫ل عليه و آله و سّلم على المنحبر فقحال ‪ :‬محا بحال العامحل نبعثحه علحى أعمالنحا‬ ‫ي صّلى ا ّ‬ ‫الّنب ّ‬
‫لح ينظححر ليهححدى أم‬‫ل جلس في قعب بيته أو فححي بيححت ا ّ‬ ‫يقول ‪ :‬هذا لكم و هذا اهدى لي فه ّ‬
‫ل جححاء يححوم القيامححة يحمححل علححى رقبتححه ‪،‬‬
‫ل ‪ ،‬و اّلذي نفسي بيده ل يأخذ أحد منهححا شححيئا إ ّ‬
‫الحديث ‪.‬‬

‫و إن كان غير الحكم فان كان أمرا محّرما فهو أيضا كرشححوة الحكححم مححّرم لكححونه إعانححة‬
‫على الثم و اّتباعا للهوى ‪ ،‬و ان لم يكن محّرما فل يحرم للصححل و اختصححاص الخبححار‬
‫المتقّدمة برشوة الحكم ‪ ،‬و ما كان من الثاني ل يحرم ‪.‬‬

‫) و ( يستحّلون ) الّربا بالبيع ( الّربا لغة هو الّزيادة و شرعا هو الّزيادة على رأس المححال‬
‫من أحد المتساويين جنسا مّما يكححال أو يححوزن ‪ ،‬و المححراد أنهححم يأخححذون الّزيححادة بواسححطة‬
‫البيع أى يجعلون المبايعة وسيلة إلى أخذ تلك الزيادة و يزعمون حلّيتها لجل أّنها معاملححة‬
‫بتراضى الطرفين أو أنهحم يسحتحّلون الّربحا بقياسححه علحى الحبيع كمحا كححان عليحه بنحاء أهححل‬
‫ل سبحانه عنهم بقوله ‪ :‬ذلك بأّنهم قالوا إّنما البيع مثل الّربا و أح ّ‬
‫ل‬ ‫الجاهلّية على ما أخبر ا ّ‬
‫ل البيع و حّرم الّربا ‪.‬‬
‫ا ّ‬

‫ي أى ذلك العقاب لهم بسبب قولهم إّنما البيع اّلذي ل ربا فيه مثل الححبيع‬
‫قال الشيخ الطبرس ّ‬
‫اّلذي فيه الّربا ‪.‬‬
‫ل دينه على غريمه فطالبه به قال المطلوب منه له‬
‫قال ابن عباس ‪ :‬كان الّرجل منهم إذا ح ّ‬
‫‪ :‬زدني في الجل و أزيدك في المال ‪ ،‬فيتراضيان عليه و يعملن به ‪،‬‬

‫ن الّزيححادة فححي الثمححن حححال الححبيع و‬


‫فاذا قيل لهم هذا ربا قالوا ‪ :‬هما سواء ‪ ،‬يعنححون بححذلك أ ّ‬
‫ل به و الحق الوعيد بهم و خطاهم‬ ‫ل الّدين سواء ‪ ،‬فذّمهم ا ّ‬‫الّزيادة فيه بسبب الجل عند ح ّ‬
‫ل البيع و حّرم الّربا‬
‫لا ّ‬
‫في ذلك لقوله تعالى ‪ :‬و أح ّ‬

‫] ‪[ 301‬‬

‫ن الّربا قسمان ‪ :‬ربا النسيئة و ربححا الفضححل أّمححا ربححا الّنسححيئة‬ ‫و قال الفخر الرازي ‪ :‬اعلم أ ّ‬
‫فهو المر اّلذي كان متعارفا مشهورا في الجاهلّية ‪ ،‬و ذلك أّنهم كانوا يدفعون المال علححى‬
‫ل الّدين طالبوا المديون‬ ‫ل شهر قدرا معّينا و يكون رأس المال باقيا ‪ ،‬ثّم إذا ح ّ‬ ‫أن يأخذوا ك ّ‬
‫ق و الجل ‪ ،‬فهذا هو الّربا اّلححذي كححانوا‬ ‫برأس المال ‪ ،‬فاذا تعذر عليه الداء زادوا في الح ّ‬
‫ن من الحنطة بمنحوين منهحا و محا‬ ‫في الجاهلّية يتعاملون به ‪ ،‬و أّما ربا الّنقد فهو أن يباع م ّ‬
‫أشبه ذلك ‪.‬‬

‫أما قوله تعالى ذلك بأّنهم قالوا إّنما البيع مثل الّربا ففيه مسائل ‪:‬‬

‫ن مححن اشححترى ثوبححا‬‫شبهة ‪ ،‬و هححى أ ّ‬ ‫المسألة الولى القوم كانوا في تحليل الّربا على هذه ال ّ‬
‫بعشرة ثّم باعه بأحد عشر فهححذا حلل فكححذا إذا بححاع العشححرة بأحححد عشححر يجححب أن يكححون‬
‫حلل ‪ ،‬لّنه ل فرق في العقل بين المرين فهذا في ربا النقد و أّما في ربا الّنسيئة فكححذلك‬
‫أيضا لّنه لو باع الثوب اّلذي يساوي عشرة في الحال بأحد عشر إلححى شححهر جححاز ‪ ،‬فكححذا‬
‫إذا أعطى العشرة بأحد عشر إلححى شححهر وجححب أن يجححوز ‪ ،‬لّنححه ل فححرق فححي العقححل بيححن‬
‫صورتين ‪ ،‬و ذلك لّنه إّنما جاز هنا لّنه حصل الّتراضى فيه من الجانبين فكذا ههنا لّما‬ ‫ال ّ‬
‫حصححل الّتراضححي مححن الجححانبين وجححب أن يجححوز أيضححا ‪ ،‬فالبياعححات إّنمححا شححرعت لححدفع‬
‫ل النسحان أن يكحون صحفر اليحد فحي الححال شححديد الحاجحة و يكححون لححه فحي‬ ‫الحاجات و لع ّ‬
‫ب المال شيئا فيبقى النسان‬ ‫المستقبل من الّزمان أموال كثيرة فاذا لم يجز الّربا لم يعطه ر ّ‬
‫ب المال طمعا في الّزيححادة و المححديون‬ ‫شدة و الحاجة أّما بتقدير جواز الّربا فيعطيه ر ّ‬ ‫في ال ّ‬
‫يرّده عند وجدان المال مع الّزيادة و إعطاء تلك الزيادة عند وجدان المال أسهل عليه مححن‬
‫ل سحاير‬ ‫ل الّربحا كمحا حكمنحا بحح ّ‬
‫البقاء فحي الحاجحة قبحل وجحدان المحال ‪ ،‬فهحذا يقتضحى حح ّ‬
‫ل تعححالى أجححاب عنححه بحححرف واحححد و‬ ‫البياعات لجل دفع الحاجة فهذا هو شبهة القوم و ا ّ‬
‫ل البيع و حّرم الّربا ‪.‬‬
‫لا ّ‬
‫هو قوله ‪ :‬و أح ّ‬

‫ن ما ذكرتم معارضة للّنص بالقياس و هو من عمل إبليس فاّنه تعالى لّما‬ ‫و وجه الجواب أ ّ‬
‫سلم عارض الّنص بالقياس فقال ‪ :‬أنا خير منه‬
‫سجود لدم عليه ال ّ‬‫أمره بال ّ‬
‫] ‪[ 302‬‬

‫خلقتني من نار و خلقته من طين ‪ ،‬و ذكر الفرق بين البابين فقال ‪ :‬مححن بححاع ثوبححا يسححاوى‬
‫العشرة بالعشرين فقد جعل ذات الثوب مقابل بالعشرين ‪ ،‬فلّما حصل الّتراضي علحى هحذا‬
‫ل واحد منهما مقابل للخر في المالّية عنححدهما فلححم يكححن أخححذ مححن صححاحبه‬ ‫الّتقابل صار ك ّ‬
‫شحيئا بغيححر عححوض ‪ ،‬أّمحا إذا بححاع العشحرة بالعشحرين فقحد أخححذ العشحرة الّزايحدة مححن غيحر‬
‫عوض ‪.‬‬

‫ن المهال ليس مال أو شيئا يشار‬ ‫ن عوضه هو المهال في المّدة ‪ ،‬ل ّ‬ ‫و ل يمكن أن يقال إ ّ‬
‫صورتين إلى أن قال ‪:‬‬
‫إليه حّتى يجعله عوضا من العشرة الّزايدة ‪ ،‬فظهر الفرق بين ال ّ‬

‫ن ححلّ‬ ‫المسألة الثالثة في الية سؤال ‪ ،‬و هو أّنه لم لم يقل إّنمححا الّربححا مثححل الححبيع و ذلححك ل ّ‬
‫ق القيححاس أن يشححبه محح ّ‬
‫ل‬ ‫البيع مّتفق عليححه فهححم أرادوا أن يقيسححوا عليححه الّربححا ‪ ،‬و مححن حح ّ‬
‫ل الوفاق ‪ ،‬فكان نظم الية أن يقال إّنما الّربا مثل البيع فححي الحكمححة فححي قلححب‬ ‫الخلف بمح ّ‬
‫سحكوا‬‫هذه القضّية فقال إّنما البيع مثل الّربحا و الجحواب أّنحه لحم يكحن مقصحود القحوم أن يتم ّ‬
‫ن الّربححا و الححبيع متمححاثلن مححن جميححع الوجححوه المطلوبححة‬ ‫بنظم القياس ‪ ،‬بل كان غرضهم أ ّ‬
‫ل و الّثاني بالحرمة ‪ ،‬و علححى هححذا الّتقححدير فاّيهمححا‬ ‫فكيف يجوز تخصيص أحد المثلين بالح ّ‬
‫خر جاز ‪ ،‬هذا ‪.‬‬ ‫قّدم أو أ ّ‬

‫و قال الرازى و ذكروا في سبب تحريم الّربا وجوها ‪:‬‬

‫ن من يبيع الّدرهم بالّدرهمين نقدا‬


‫أحدها الّربا يقتضى أخذ مال النسان من غير عوض ل ّ‬
‫أو نسية فيحصل له زيادة درهم محن غيحر عحوض ‪ ،‬و محال النسحان متعّلحق ححاجته و لحه‬
‫حرمة عظيمة ‪.‬‬

‫فان قيل ‪ :‬لم ل يجوز أن يكون إبقاء رأس المال فحي يحده محّدة مديحدة عوضحا عحن الحّدرهم‬
‫ن رأس المال لو بقى في يده هذه المّدة لكان يمكن المالك أن يّتجر فيححه و‬ ‫الّزايد ‪ ،‬و ذلك ل ّ‬
‫يستفيد بسبب تلك الّتجارة ربحا ‪ ،‬فلّما تركه في يد المديون و انتفع به المديون لم يبعححد أن‬
‫ب المال ذلك الّدرهم الّزايد عوضا عن انتفاعه بماله ‪.‬‬‫يدفع إلى ر ّ‬

‫] ‪[ 303‬‬

‫ك عن نوع ضرر موهححوم قححد يحصححل‬ ‫ن هذا النتفاع اّلذي ذكرتم أمر موهوم ل ينف ّ‬‫قلنا ‪ :‬إ ّ‬
‫و قد ل يحصل ‪ ،‬و اخذ الدراهم الزائدة أمر متيّقن فتفويت المتيّقن لجل المر الموهوم ل‬
‫ل تعالى إّنما حّرم الّربا مححن حيححث إّنححه يمنححع‬‫ك عن نوع ضرر و ثانيها قال بعضهم ‪ :‬ا ّ‬ ‫ينف ّ‬
‫ن صاحب الّدرهم إذا تمّكن بواسححطة عقححد الّربححا‬ ‫الّناس عن الشتغال بالمكاسب ‪ ،‬و ذلك ل ّ‬
‫ف عليه اكتسححاب وجححه المعيشححة ‪ ،‬فل يكححاد‬ ‫من تحصيل الّدرهم الزايد نقدا كان أو نسية خ ّ‬
‫شححاقة ‪ ،‬و ذلححك يفضححى إلححى انقطححاع منححافع‬
‫صناعات ال ّ‬
‫يتحّمل مشّقة الكسب و الّتجارة و ال ّ‬
‫صححناعات و‬ ‫ل بالتجححارات و الحححرف و ال ّ‬ ‫ن مصالح العالم ل تنتظم إ ّ‬ ‫الخلق و من المعلوم أ ّ‬
‫سبب في تحريم عقد الّربا إّنه يفضى إلى انقطاع المعروف بيححن‬ ‫العمارات و ثالثها قيل ‪ :‬ال ّ‬
‫ن الّربا إذا حرم طابت الّنفوس بقرض الحّدرهم و اسححترجاع مثلححه ‪،‬‬ ‫الّناس من القرض ‪ ،‬ل ّ‬
‫ل الّربا لكانت حاجة المحتاج تحمله على أخذ الّدرهم بدرهمين ‪ ،‬فيفضى ذلك إلححى‬ ‫و لو ح ّ‬
‫انقطاع المواساة و المعروف و الحسان ‪.‬‬

‫لح فححي‬
‫سلم قال ‪ :‬إّنما شحّدد ا ّ‬‫صادق عليه ال ّ‬
‫ى عن ال ّ‬
‫أقول ‪ :‬و هذا الوجه الخير هو المرو ّ‬
‫ل يمتنع الّناس من اصطناع المعروف قرضا و رفدا ‪.‬‬ ‫تحريم الّربا لئ ّ‬

‫ن كل مكتسب له‬ ‫قال بعض العارفين ‪ :‬آكل الّربا أسوء حال من جميع مرتكبى الكبائر ‪ ،‬فا ّ‬
‫توّكل ما في كسبه قليل كان أو كثيرا كالّتاجر و الححزارع و المحححترف لححم يعينححوا أرزاقهححم‬
‫بعقولهم و لم يتعّين لهم قبل الكتساب ‪ ،‬فهم على غير معلوم في الحقيقة كمححا قححال رسححول‬
‫ل من حيث ل يعلم ‪ ،‬و أّما آكل الربححا فقححد عّيححن مكسححبه و‬‫ل أن يرزق المؤمن إ ّ‬ ‫ل ‪ :‬أبي ا ّ‬
‫ا ّ‬
‫ل إلى‬‫رزقه و هو محجوب عن رّبه بنفسه و عن رزقه بتعّينه ل توكل له أصل ‪ ،‬فوّكله ا ّ‬
‫ن و خبلته فيقوم يوم القيامححة و ل‬ ‫نفسه و عقله و أخرجه من حفظه و كلئته فاحتفظته الج ّ‬
‫ل كساير الّناس المرتبطين به بالّتوكل ‪ ،‬فيكون كالمصروع‬ ‫ل عّز و ج ّ‬
‫رابطة بينه و بين ا ّ‬
‫شيطان فتخّبطه ل يهتدى إلى مقصد ‪ ،‬هذا ‪.‬‬ ‫سه ال ّ‬
‫اّلذي م ّ‬

‫صحادق عليحه‬
‫صافي عحن الكحافي عحن ال ّ‬
‫و الخبار في عقاب الّربا كثيرة جّدا منها ما في ال ّ‬
‫سلم درهم ربا أشّد من سبعين‬‫ال ّ‬

‫] ‪[ 304‬‬

‫زنية كّلها بذات محرم ‪ ،‬و زاد في الفقيه و الّتهذيب مثل خالححة و عّمححة ‪ ،‬و زاد القّمححي فححي‬
‫لح‬
‫ل الحرام ‪ ،‬و قال ‪ :‬الّربا سبعون جزء أيسره مثل أن ينكح الّرجل اّمه فححي بيححت ا ّ‬ ‫بيت ا ّ‬
‫الحرام ‪.‬‬

‫ل ح عليححه و‬
‫ل ص حّلى ا ّ‬
‫سلم لعن رسول ا ّ‬‫و عن الفقيه و التهذيب عن أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫آله و سّلم الّربا و آكله و بايعه و مشتريه و كاتبه و شاهديه ‪.‬‬

‫سلم أوصاف‬ ‫ل عليه و آله و سّلم لما بّين لمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫ل صّلى ا ّ‬ ‫ن رسول ا ّ‬‫ثّم إ ّ‬
‫ى المنازل أنزلهححم عنححد‬‫ل فبأ ّ‬
‫سلم السؤال و قال ) فقلت يا رسول ا ّ‬ ‫المفتونين فأعاد عليه ال ّ‬
‫ذلك أ بمنزلة رّدة أم بمنزلة فتنة فقال بمنزلة فتنة ( و ذلك لبقائهم على القرار بالشهادتين‬
‫و ان ارتكبوا من المحارم ما ارتكبوا لشبه غطت على أعين أبصارهم ‪ ،‬فل يجرى عليهم‬
‫في الظاهر أحكام الكفر و إن كانوا باطنا من أخبث الكفار ‪.‬‬
‫ععععععع‬
‫ععععع‬

‫ن هحذا الخحبر الححذي رواه أميححر المححؤمنين عليحه‬ ‫قحال الشحارحان المعححتزلي و البحرانحي ‪ :‬إ ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم قد رواه كثير مححن المح حّدثين عنححه عليححه‬‫ل صّلى ا ّ‬ ‫سلم عن رسول ا ّ‬ ‫ال ّ‬
‫نا ّ‬
‫ل‬ ‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬إ ّ‬ ‫ل عليه و آله و سّلم قال صّلى ا ّ‬
‫ل صّلى ا ّ‬ ‫سلم عن رسول ا ّ‬ ‫ال ّ‬
‫سحلم فقلحت ‪ :‬يحا‬ ‫ى جهاد المشركين قال عليحه ال ّ‬ ‫قد كتب عليك جهاد المفتونين كما كتب عل ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم فتنححة‬ ‫ى فيها الجهاد ؟ قال صّلى ا ّ‬ ‫ل ما هذه الفتنة التي كتب عل ّ‬
‫رسول ا ّ‬
‫ل و هم مخالفون للسّنة ‪ ،‬فقلت ‪:‬‬ ‫ل ‪ ،‬و أّني رسول ا ّ‬ ‫لا ّ‬‫قوم يشهدون أن ل إله إ ّ‬

‫ل عليححه و آلححه و سحّلم ‪:‬‬


‫ل فعلى م أقاتلهم و هم يشهدون كما أشهد ؟ قال صّلى ا ّ‬ ‫يا رسول ا ّ‬
‫ل إّنك كنت وعدتنى بالشهادة‬ ‫على الحداث في الّدين و مخالفة المر ‪ ،‬فقلت ‪ :‬يا رسول ا ّ‬
‫جلها لي بين يديك ‪ ،‬قال ‪ :‬فمن يقاتل الناكثين و القاسطين و المححارقين أمححا‬‫ل أن يع ّ‬
‫فاسأل ا ّ‬
‫أّنى وعدتك بالشهادة و ستشهد تضرب على هذا فتخضب هذه فكيححف صححبرك إذا ؟ فقلححت‬
‫ل ليس ذا بموطن صبر هذا موطن شكر ‪ ،‬قال ‪ :‬أجل أصحبت فأعحّد للخصحومة‬ ‫يا رسول ا ّ‬
‫ل عليححه و آلححه و سحّلم‬
‫ل لو بّينت لي قليل ‪ ،‬فقال صّلى ا ّ‬
‫فانك مخاصم ‪ ،‬فقلت ‪ :‬يا رسول ا ّ‬
‫ن اّمتي ستفتن‬
‫إّ‬

‫] ‪[ 305‬‬

‫ل الخمر بالنبيذ ‪ ،‬و السحت بالهدّيححة و‬ ‫من بعدى فتتأّول القرآن ‪ ،‬و تعمل بالّرأى ‪ ،‬و تستح ّ‬
‫ضلل فكن جليس بيتحك حّتحى‬ ‫الّربا بالبيع ‪ ،‬و تحّرف الكلم عن مواضعه ‪ ،‬و تغلب كلمة ال ّ‬
‫صدور ‪ ،‬و قلبت لك المور ‪ ،‬فقاتل حينئذ على تأويل‬ ‫تقّلدها ‪ ،‬فاذا قّلدتها ‪ ،‬جاشت عليك ال ّ‬
‫القرآن كما قاتلت على تنزيله ‪ ،‬فليست حالهم الّثانية ذون حالهم الولى ‪ ،‬فقلت ‪ :‬يا رسول‬
‫لح‬
‫ى المنازل انزل هؤلء المفتونين ؟ أبمنزلححة فتنححة أم بمنزلححة رّدة ؟ فقححال صحّلى ا ّ‬ ‫ل فبأ ّ‬
‫ا ّ‬
‫لح‬
‫عليه و آله و سّلم ‪ :‬بمنزلة فتنة يعمهون فيها إلى أن يدركهم العدل ‪ ،‬فقلححت يححا رسححول ا ّ‬
‫لح و‬‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬بل مّنا ‪ ،‬بنا فتح ا ّ‬ ‫أيدركهم العدل مّنا أم من غيرنا ؟ قال صّلى ا ّ‬
‫ل على مححا وهححب لنححا مححن‬‫شرك ‪ ،‬فقلت ‪ :‬الحمد ّ‬ ‫ل بين القلوب بعد ال ّ‬
‫بنا يختم ‪ ،‬و بنا أّلف ا ّ‬
‫فضله ‪.‬‬

‫عععع‬

‫شارح المعتزلي فعيححل‬ ‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬كن جليس بيتك هكذا في نسخة ال ّ‬‫قوله صّلى ا ّ‬
‫بمعنى فاعل أى كن من يجالس بيتك ‪ ،‬و في نسخة البحراني حلححس بيتححك بالحححاء المهملححة‬
‫وزان حبر قال في مجمع البحريححن ‪ :‬فححي الخححبر كونححوا أحلس بيححوتكم ‪ ،‬الحلححس بالكسححر‬
‫كساء يوضع على ظهر البعيححر تحححت البرذعححة ‪ ،‬و هححذا هححو الصححل ‪ ،‬و المعنححى الزمححوا‬
‫ضمير في تقّلدها و قّلححدتها‬
‫بيوتكم لزوم الحلس و ل تخرجوا منها فتقعوا في الفتنة ‪ ،‬و ال ّ‬
‫على البناء للمفعححول فيهمححا راجححع إلححى الخلفححة ‪ ،‬و الّتقليححد مححأخوذ مححن عقححد القلدة علححى‬
‫الستعارة و تقليدهم اطاعتهم و ترك الفساد ‪ ،‬و جاش القدر بالهمز و غيره غل ‪ ،‬و قلبت‬
‫لك المور أى دّبروا أنواع المكائد و الحيل ‪.‬‬

‫عععععع‬

‫سلم ‪ :‬بل بمنزلة فتنة ‪ ،‬تصديق لمذهبنا فححي أهححل‬ ‫شارح المعتزلي ‪ :‬في قوله عليه ال ّ‬ ‫قال ال ّ‬
‫ساق ‪ ،‬و الفاسق عنححدنا فححي منزلححة بيححن‬
‫البغى و أّنهم لم يدخلوا في الكفر بالكّلية ‪ ،‬بل هم ف ّ‬
‫المنزلتين خرج من اليمان و لم يدخل في الكفر ‪ ،‬انتهى ‪.‬‬

‫اقول ‪ :‬قد علمت تحقيق الكلم في حكم البغاة و الخوارج في شرح الخطبة‬

‫] ‪[ 306‬‬

‫الّثالثة و الّثلثين و ظهر لك هناك أّنهم محكومون بكفرهم باطنححا و إن يجححرى عليهححم فححي‬
‫شححرح إلححى هححذا المقححام علحى تحقيحق‬
‫ظاهر أحكام السلم ‪ ،‬و لقد ظفرت حيثما بلغ بنحا ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫لمة المجلسي قّدس سّره العزيز فححي هححذا المححرام ‪ ،‬فححأحببت أن أورده هنححا لكححونه‬ ‫أنيق للع ّ‬
‫معاضدا لما قّدمنا ‪ ،‬فأقول ‪:‬‬

‫ل روحه في المجّلد الّثامن من البحار في باب حكم من ححارب أميحر المحؤمنين‬ ‫قال قّدس ا ّ‬
‫سلم ‪:‬‬‫صلة و ال ّ‬‫عليه ال ّ‬

‫ععععع عع ععععع عععععع‬

‫اعلم أّنه قد اختلف في أحكام البغاة في مقامين ‪:‬‬

‫ععععع عع ععععع‬

‫ل عليححه فححي التجريححد ‪ :‬محححاربوا‬


‫طوسي رحمة ا ّ‬
‫فذهب أصحابنا إلى كفرهم قال المحّقق ال ّ‬
‫سلم كفرة ‪ ،‬و مخالفوه فسقة ‪.‬‬ ‫ي عليه ال ّ‬
‫عل ّ‬

‫ن مخالفيه فحي الحححرب و الححذين لححم ينصحروه فسححقة كمحا يححؤمى إليححه‬
‫ل مراده إ ّ‬
‫أقول ‪ :‬و لع ّ‬
‫بعض كلماته فيما بعد ‪.‬‬

‫ن الباغي ليس باسم ذّم ‪ ،‬بل هو اسم من اجتهححد فأخطححأ بمنزلححة مححن‬
‫شافعي إلى أ ّ‬
‫و ذهب ال ّ‬
‫خالف الفقهاء في بعض المسائل ‪.‬‬
‫ق‬
‫سلم بغاة ‪ ،‬لخروجهم علححى امححام الح ح ّ‬ ‫ي عليه ال ّ‬
‫و قال شارح المقاصد ‪ :‬و المخالفون لعل ّ‬
‫ل ح عليححه و آلححه و س حّلم لعّمححار‬
‫بشبهة من ترك القصاص من قتلة عثمان ‪ ،‬و لقوله ص حّلى ا ّ‬
‫شام ‪ ،‬و لقول عل ّ‬
‫ي‬ ‫ل عنه تقتلك الفئة الباغية ‪ ،‬و قد قتل يوم صّفين على يد أهل ال ّ‬ ‫رضي ا ّ‬
‫سلم ‪ :‬إخواننا بغوا علينا و ليسوا كّفارا و ل فسقة و ظلمة ‪ ،‬لمححالهم مححن‬ ‫صلة و ال ّ‬‫عليه ال ّ‬
‫التأويححل و إن كححان بححاطل ‪ ،‬فغايححة المححر أّنهححم أخطححأوا فححي الجتهححاد ‪ ،‬و ذلححك ل يححوجب‬
‫الّتفسيق فضل عن الّتكفير ‪.‬‬

‫ساقا ‪.‬‬
‫و ذهبت المعتزلة إلى أّنه اسم ذّم و يسّمونهم ف ّ‬

‫و الّدلئل على ما ذهب إليه أصحابنا أكثر من أن تحصححى ‪ ،‬و قححد مضححت الخبححار الّدالححة‬
‫ي بن أبيطالب‬‫ب أمير المؤمنين و إّمام المّتقين عل ّ‬
‫عليه و سيأتي في أبواب ح ّ‬

‫] ‪[ 307‬‬

‫سلم و أبواب مناقبه و ايرادهححا‬ ‫صلة و ال ّ‬‫ل الملك الغالب و بغضه عليه ال ّ‬ ‫عليه صلوات ا ّ‬
‫طهارة عليهم‬ ‫هنا يوجب الّتكرار ‪ ،‬فبعضها صريح في كفر مبغض أهل بيت العصمة و ال ّ‬
‫ل علححى كفححر مححن أنكححر‬ ‫ن الباغي مبغض ‪ ،‬و بعضها يد ّ‬ ‫سلم ‪ ،‬و ل ريب في أ ّ‬ ‫صلة و ال ّ‬
‫ال ّ‬
‫ن الجاحححد‬ ‫سلم ‪ ،‬و بعضها على أ ّ‬ ‫صلة و ال ّ‬‫ي بن أبيطالب عليه ال ّ‬‫إمامة أمير المؤمنين عل ّ‬
‫ل على كفر من لم يعرف امام زمححانه ‪ ،‬و ذلححك مّمححا اّتفقححت‬ ‫له من أهل الّنار ‪ ،‬و بعضها يد ّ‬
‫عليه كلمة الفريقين ‪ ،‬و البغى ل يجامع في الغالب معرفة المام ‪ ،‬و لو فححرض بححاغ علححى‬
‫ي من غير بغض و ل انكار لمامته فهو كافر أيضا ‪،‬‬ ‫المام لمر دنيو ّ‬

‫لعدم القائل بالفرق ‪.‬‬

‫ن قوله تعالى ‪:‬‬


‫ظاهر ‪ 1‬أ ّ‬
‫ن ال ّ‬
‫ثّم إ ّ‬

‫خرى َفقاِتُلوا‬ ‫لْ‬‫عَلى ا ُْ‬ ‫حديُهما َ‬ ‫ت ِإ ْ‬


‫ن َبَغ ْ‬‫حوا َبْيَنُهما َفِإ ْ‬‫صِل ُ‬
‫ن اْقَتَتُلوا َفَأ ْ‬
‫ن اْلُمْؤِمني َ‬
‫ن ِم َ‬
‫ن طاِئَفتا ِ‬ ‫َو ِإ ْ‬
‫لح‬
‫نا ّ‬ ‫طوا ِإ ّ‬
‫سح ُ‬
‫ل َو َأْق ِ‬
‫حوا َبْيَنُهمحا ِباْلَعحْد ِ‬
‫صحِل ُ‬‫ت َفَأ ْ‬ ‫ن فحآَئ ْ‬‫لح َفحِإ ْ‬
‫حّتى َتفيَء ِإلى َأْمِر ا ّ‬ ‫اّلتي َتْبغي َ‬
‫ن‪.‬‬‫سطي َ‬ ‫ب اْلُمْق ِ‬
‫ح ّ‬ ‫ُي ِ‬

‫ل يتعّلق بقتال البغاة بالمعنى المعروف ‪ ،‬لما عرفت من كفرهم ‪ ،‬و إطلق المؤمن عليهم‬
‫باعتبار ما كانوا عليه بعيد ‪ ،‬و ظاهر الية الّتالية و هى قوله ‪:‬‬

‫ن‪.‬‬
‫حُمو َ‬
‫ل َلعَّلُكْم ُتْر َ‬
‫خَوْيُكْم َو اّتُقوا ا ّ‬
‫ن َأ َ‬
‫حوا َبْي َ‬
‫صِل ُ‬
‫خَوٌة َفَأ ْ‬
‫ِإّنَما اْلُمْؤِمُنون ِإ ْ‬
‫سّر فححي خلحّو أكححثر الخبححار عححن‬
‫سابقة على اليمان ‪ ،‬و لعّله ال ّ‬
‫بقاء المذكورين في الية ال ّ‬
‫الحتجاج بهذه الية في هذا المقام ‪ ،‬فتكون الية مسوقة لبيان حكم طائفتين من المححؤمنين‬
‫ي أو غيرها مّما ل‬ ‫تعّدت و بغت احديهما على الخرى لمر دنيو ّ‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬تت ت تتت ت تتت ت تتت ت تت ت تتتتت ت ت ت‬
‫تتتتت تت ت ت تتت تت تتتت ت ت ت ت تت تتتت ت‬
‫تتت تتت ت ت تتتتت ت تتتتت تت ت ت ت تتت تت ت‬
‫تتتتتت ت ت تتتت تتت ت ت تتتتت تت ت ت ت تت‬
‫تتتتت ت تتت‬

‫] ‪[ 308‬‬

‫يؤّدى إلى الكفر ‪.‬‬

‫ععع ععع ععع ع ععععع ع عععع عععع ع ع عع ععع‬


‫عععععع‬

‫فذهب بعض الصحاب إلى أّنه ل يقسم أموالهم مطلقححا ‪ ،‬و ذهححب بعضححهم إلححى قسححمة مححا‬
‫سححلم فححي أهححل‬‫سححك الفريقححان بسححيرته عليححه ال ّ‬
‫حواه العسكر دون غيححره مححن أمححوالهم و تم ّ‬
‫البصرة ‪.‬‬

‫سححلم عليهححم أمححوالهم و قححد روى أّنححه عليححه‬


‫قال الّولون ‪ :‬لو جاز الغتنام لم يرّد عليححه ال ّ‬
‫سلم نادى من وجد ماله فله أخذه فكان الّرجل منهم يمّر بمسلم يطبخ في قدر فيسححأله أن‬ ‫ال ّ‬
‫سلم كان يعطى مححن القححوم‬ ‫يصبر حّتى ينضج فل يصبر فيكفاها و يأخذها ‪ ،‬و أّنه عليه ال ّ‬
‫من له بّينه و من لم يكن له بّينه فيحلفه و يعطيه ‪.‬‬

‫سلم أموالهم أّول بين المقاتلة و قد كان رّدها‬ ‫و قال الخرون لو ل جوازه لما قسم عليه ال ّ‬
‫لح عليححه و آلححه و سحّلم‬
‫ي صحّلى ا ّ‬
‫ن الّنب ّ‬
‫ن ل الستحقاق كما م ّ‬ ‫عليهم بعد ذلك على سبيل الم ّ‬
‫سلم أّنه قال ‪ :‬مننت على أهل البصححرة‬ ‫على كثير من المشركين ‪ ،‬و قد رووا عنه عليه ال ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم على أهل مّكة ‪ ،‬و لذا ذهب بعض أصحابنا على‬ ‫ي صّلى ا ّ‬
‫ن الّنب ّ‬
‫كما م ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم في أهل مّكة ‪ ،‬و المشححهور‬ ‫جواز استرقاقهم كما جاز للّرسول صّلى ا ّ‬
‫عدمه ‪.‬‬

‫و اّلذي نفهم من الخبار أّنهم واقعا في حكم المشركين و غنايمهم و سبيهم في حكم غنححايم‬
‫سلم يجحرى عليهحم تلحك الحكحام ‪ ،‬و لّمحا علحم أميحر‬
‫المشركين و سبيهم ‪ ،‬و القائم عليه ال ّ‬
‫سحلم اسحتيلء المخحالفين علحى شحيعته لحم يجحر هحذه الحكحام عليهحم لئ ّ‬
‫ل‬ ‫المؤمنين عليه ال ّ‬
‫ل ذبيحتهححم‬
‫يجروهححا علححى شححيعته ‪ ،‬و كححذا الحكححم بطهححارتهم و جححواز منححاكحتهم و ححح ّ‬
‫شيعة معهم في دولة المخالفين ‪.‬‬ ‫لضطرار معاشرة ال ّ‬

‫لح‬
‫ي باسناده عن أبي بكححر الحضححرمي قحال ‪ :‬سححمعت أبححا عبححد ا ّ‬ ‫ل عليه ما رواه الكلين ّ‬ ‫و يد ّ‬
‫شححمس‬ ‫شيعة مّما طلعححت عليححه ال ّ‬ ‫ى يوم البصرة كانت خيرا لل ّ‬ ‫سلم يقول ‪ :‬لسيرة عل ّ‬ ‫عليه ال ّ‬
‫ن للقوم دولة فلو سباهم لسبيت شيعته ‪ ،‬قلت فأخبرني عن القائم أيسححير بسححيرته‬ ‫لّنه علم أ ّ‬
‫ن القححائم عليححه‬
‫ن ‪ ،‬للعلححم مححن دولتهححم ‪ ،‬و إ ّ‬
‫ن علّيححا سححار فيهححم بححالم ّ‬
‫سلم ؟ قال ‪ :‬ل إ ّ‬ ‫عليه ال ّ‬
‫سيرة ‪ ،‬لّنه ل دولة لهم ‪.‬‬ ‫سلم يسير فيهم بخلف تلك ال ّ‬ ‫ال ّ‬

‫و أّما ما لم يحوها العسكر من أموالهم فنقلوا الجماع على عدم جواز‬

‫] ‪[ 309‬‬

‫سلم و إّنمححا الخلف‬ ‫تمّلكها ‪ ،‬و كذلك ما حواه العسكر إذا رجعوا إلى طاعة المام عليه ال ّ‬
‫فيما حواه العسكر مع إصرارهم ‪ ،‬و أّمححا مححدبرهم و جريحهححم و أسححيرهم فححذو الفئة منهححم‬
‫يتبع و يجهز عليه و يقتل ‪ ،‬بخلف غيره ‪ ،‬و قد مضت الخبار في ذلك و ستأتي في باب‬
‫سلم في حروبه ‪.‬‬
‫سيرته عليه ال ّ‬

‫ععععع‬

‫ن محن ححارب أميحر المحؤمنين و‬ ‫شححافي عنحدنا أ ّ‬


‫ل روححه فححي تلخيحص ال ّ‬ ‫شيخ قّدس ا ّ‬
‫قال ال ّ‬
‫سيف كححافر ‪ ،‬و الحّدليل المعتمححد فححي ذلححك إجمححاع الفرقححة‬ ‫ضرب وجهه و وجه أصحابه بال ّ‬
‫المحّقة المامّية على ذلك ‪ ،‬فاّنهم ل يختلفون في هذه المسححألة علححى حححال مححن الحححوال و‬
‫سححلم‬‫ن مححن حححاربه عليححه ال ّ‬‫جة فيما تقّدم ‪ ،‬و أيضا فنحححن نعلححم أ ّ‬‫ن إجماعهم ح ّ‬‫تدّللنا على أ ّ‬
‫ن الجهحل‬ ‫ن دفحع الّنبحّوة كفحر ‪ ،‬ل ّ‬ ‫كان منكرا لمامته و دافعا لها ‪ ،‬و دفع المامة كفر كما أ ّ‬
‫بهما على حّد واحد ‪.‬‬

‫ل عليه و آله و سّلم أّنه قال ‪ :‬من مات و هو لححم يعححرف إمححام‬
‫و قد روى عن الّنبي صّلى ا ّ‬
‫ل على كفر ‪.‬‬
‫زمانه مات ميتة جاهلّية ‪ ،‬و ميتة الجاهلّية ل تكون إ ّ‬

‫ي حربي و سححلمك يححا‬


‫ل عليه و آله و سّلم أّنه قال ‪ :‬حربك يا عل ّ‬
‫و أيضا روى عنه صّلى ا ّ‬
‫ي سلمي ‪،‬‬
‫عل ّ‬

‫ل عليه و آله و سّلم إّنما أراد أحكام حربك تماثل أحكام حربي ‪ ،‬و لححم‬
‫و معلوم أّنه صّلى ا ّ‬
‫ن المعلوم ضرورة خلف ذلحك و ان كحان ححرب‬ ‫ن إحدى الحربين هى الخرى ‪ ،‬ل ّ‬ ‫يرد أ ّ‬
‫سلم لّنه جعله مثل حربه ‪.‬‬‫الّنبي كفرا أوجب مثل ذلك في حرب أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫ل عليه و آله ‪ :‬الّلهّم وال من واله و عححاد مححن عححاداه ‪،‬‬
‫ل على ذلك أيضا قوله صّلى ا ّ‬
‫و يد ّ‬
‫ل عداوة الكّفار ‪.‬‬‫و نحن نعلم أّنه ل يجب عداوة أحد بالطلق إ ّ‬

‫ل بذلك ‪،‬‬
‫ل دمه و يتقّرب إلى ا ّ‬
‫ن من كان يقاتله يستح ّ‬
‫و أيضا فنحن نعلم أ ّ‬

‫و استحلل دم مؤمن مسلم كفر بالجماع ‪ ،‬و هو أعظم من اسححتحلل جرعححة مححن الخمححر‬
‫اّلذي هو كفر بالّتفاق ‪.‬‬

‫فان قيل ‪ :‬لو كانوا كّفارا لوجب أن يسير فيهم بسيرة الكّفار ‪ ،‬فيتبع موّليهم و يجهححز علححى‬
‫ل على أّنهم لم‬‫جريحهم ‪ ،‬و يسبى ذراريهم ‪ ،‬فلّما لم يفعل ذلك د ّ‬

‫] ‪[ 310‬‬

‫يكونوا كّفارا ‪.‬‬

‫ن أحكام الكفححر مختلفححة ‪،‬‬‫قلنا ‪ :‬ل يجب بالّتساوي في الكفر الّتساوى في جميع أحكامه ‪ ،‬ل ّ‬
‫فحكم الحربي خلف حكم الّذمي ‪ ،‬و حكم أهل الكتححاب خلف حكححم مححن ل كتححاب لححه مححن‬
‫ن أهل الكتاب يؤخذ منهححم الجزيححة و يقحّرون علححى أديححانهم ‪ ،‬و ل يفعححل‬
‫عباد الصنام ‪ ،‬فا ّ‬
‫ذلك بعّباد الصنام ‪ ،‬و عند من خالفنا من الفقهاء يجوز الّتزّوج بأهل الّذمة و إن لححم يجححز‬
‫ذلك في غيرهم ‪ ،‬و حكم المرتّد بخلف حكم الجميع ‪ ،‬و إذا كان أحكام الكفر مختلفححة مححع‬
‫الّتفاق في كونه كفرا ل يمتنع أن يكون من حاربه كححافرا و إن سححار فيهححم بخلف أحكححام‬
‫الكّفار ‪.‬‬

‫و أّما المعتزلة و كثير من المنصفين من غيرهم فيقولون بفسق من حاربه و نكث بيعته و‬
‫مرق عن طاعته ‪ ،‬و إّنما يدعون أّنهم تابوا بعد ذلك ‪ ،‬و يرجعون فححي اثبححات تححوبتهم إلححى‬
‫امور غيححر مقطححوع بهححا و ل معلومححة مححن أخبححار الحححاد ‪ ،‬و المعصححية معلومححة مقطححوع‬
‫ل بمعلوم مثله ‪.‬‬
‫عليها ‪ ،‬و ليس يجوز الّرجوع عن المعلوم إ ّ‬

‫ععععععع‬

‫فصل ثاني از كلم آن امام انام است مىفرمايد ‪:‬‬

‫راه ايمان راهى است روشنتر از همه راهها ‪ ،‬و نورانىتر از جميع چراغها ‪،‬‬

‫پس با ايمان استدلل كرده مىشود بأعمال صالحه ‪ ،‬و با أعمال صححالحه اسححتدلل كححرده‬
‫مىشود بايمان ‪ ،‬و با ايمان آباد شده مىشود علم ‪ ،‬و بححا علححم تححرس حاصححل مىشححود از‬
‫مرگ و با مرگ ختم مىشود دنيا ‪ ،‬و با دنيا محكححم مىشححود كححار آخححرت ‪ ،‬و بححا قيححامت‬
‫نزديك شده ميشححود بهشححت عنححبر سرشححت از بححراى مّتقيححن ‪ ،‬و اظهححار ميشححود دوزخ از‬
‫براى معصيتكاران و بدرستى كه مخلوقحان هيححچ مكححان نگاهدارنحده نيسححت ايشحان را از‬
‫ورود قيححامت در حححالتى كححه سححرعت كنندهانححد در ميححدان آن بسححوى غححايت نهححايت كححه‬
‫عبارتست از سعادت و شقاوت ‪.‬‬

‫بعض ديگر از اين كلم در بيان حال أهل قبور است مىفرمايد ‪:‬‬

‫] ‪[ 311‬‬

‫بتحقيق كه كوچ كردند ايشان از قرارگاه قبرها ‪ ،‬و منتقل شدند بمحححل انتقححال غايتهححا كححه‬
‫عبارتست از بهشت و جهّنم ‪ ،‬و از براى هحر خحانه از ايحن دو خحانه أهليسححت كححه طلحب‬
‫نميكنند عوض نمودن آن را بخانه ديگر ‪ ،‬و نقل كرده نميشوند از آن خححانه بسححوى غيححر‬
‫آن ‪ ،‬و بدرسحتى كحه أمحر بمعحروف و نهحى از منكحر دو خلحق پسحنديده هسحتند از اخلق‬
‫خححدا ‪ ،‬و بدرسححتى كححه ايححن دو خلححق نزديححك نمىگرداننححد از مححرگ و كححم نمىكننححد از‬
‫روزى ‪ ،‬و لزم نمائيد بخودتان عمححل كححردن كتححاب خححدا را ‪ ،‬پححس بدرسححتى كححه اوسححت‬
‫ريسمان محكم ‪ ،‬و نور آشكار و شفا دهنده با منفعت ‪ ،‬و سيراب كننححده كححه رفححع عطححش‬
‫سك بآن نمايد ‪ ،‬و نجاة دهنده مر كسححى كححه‬ ‫مىنمايد ‪ ،‬و نگاه دارنده از براى كسى كه تم ّ‬
‫تعّلق بآن داشته باشد ‪ ،‬كج نميشود تا راست كرده شود ‪،‬‬

‫و عدول نمىكند از حق تا طلب كرده شود بازگشت آن بسوى حححق ‪ ،‬و كهنححه نميكنححد آن‬
‫را كثرت ورد آن بزبانها و دخول آن بگوشها ‪ ،‬هر كس قايل شد بآن كتاب صادق شححد ‪،‬‬
‫و هر كس عمل نمود بآن سبقت كرد بدرجات جنان و روضه رضوان ‪.‬‬

‫و بر خواست بسوى آن حضرت در أثناى اين كلم مردى ‪ ،‬پس عحرض نمحود أى أميحر‬
‫لح‬
‫ل ص حّلى ا ّ‬
‫مؤمنان خبر ده ما را از فتنه و بلّيه و آيا پرسيدى آنرا از حضرت رسول ا ّ‬
‫عليه و آله و سّلم ؟‬

‫پس فرمود ‪:‬‬

‫ن َيُقوُلوا آَمّنا‬
‫ن ُيْتَرُكوا َأ ْ‬
‫ب الّناس َأ ْ‬
‫س َ‬
‫حِ‬‫زمانى كه نازل نمود حق سبحانه و تعالى آيه الم َأ َ‬
‫ن‪.‬‬
‫َو ُهْم ل ُيْفَتُنو َ‬

‫يعنى منم خداى لطيف مجيد آيا گمان كردند مردمان كه ايشان ترك كرده ميشححوند بحححال‬
‫خودشان بمحض اينكه ميگويند ايمان آورديم ما و حال آنكه ايشان امتحان كرده نشوند ‪،‬‬
‫آن حضرت فرمود زمانى كه نازل شد اين آيه دانستم من كه فتنححه نحازل نمىشححود بمححا و‬
‫ل عليه و آله و سّلم در ميان ما است ‪ ،‬پس گفتححم يححا‬‫حال آنكه حضرت رسالتمآب صّلى ا ّ‬
‫ل چيست اين فتنه و امتحان كه خبر داده تو را خداوند متعال بآن ؟ پححس فرمححود‬
‫رسول ا ّ‬
‫ي بدرستى كه اّمت من زود باشد كه بفتنه افتند بعد از من‬
‫آن حضرت كه ‪ :‬أى عل ّ‬

‫] ‪[ 312‬‬

‫پس گفتم أى رسول خدا آيا نبود كه گفتى مححرا در روز جنححگ احححد هنگححامى كححه بححدرجه‬
‫شهادت رسيدند كسانى كه شهيد شدند از مسلمانان و منع شد از من شهادت پححس دشححوار‬
‫آمد اين شهيد نشدن بمن ‪ ،‬پس فرمودى تو بمن كححه ‪ :‬شححاد بححاش كححه شححهادت از پححس تححو‬
‫ي كار بهميححن قححرار اسححت يعنححى البّتححه‬
‫است ‪ ،‬پس فرمود حضرت رسول بمن كه ‪ :‬يا عل ّ‬
‫شهيد خواهى شد پس چگونه است صبر تو آن هنگام ؟ عرض كردم ‪:‬‬

‫ل نيست اين مقام از مقامهاى صبر و شححكيبائى و لكححن از مواضححع بشححارت و‬ ‫يا رسول ا ّ‬
‫ي بدرسححتى ايححن قححوم زود باشححد كححه مفتححون‬‫شكر است ‪ ،‬پس فرمود آن حضرت ‪ :‬أى عل ّ‬
‫باشند بعد از من بمالهاى خودشان و مّنت گذارى كنند بدين خود بپروردگححار خودشححان ‪،‬‬
‫و آرزو نمايند رحمت او را و ايمن شوند از سخط او ‪ ،‬و حلل شححمارند حححرام او را بححا‬
‫شبهههاى دروغ و با خواهشات غفلت كننده ‪ ،‬پس حلل شححمارند شحراب را بححه نبيحذ ‪ ،‬و‬
‫ل ح بكححدام منزلهححا‬
‫رشوت را باسم هديه ‪ ،‬و ربا را بسبب مبايعه ‪ ،‬پس گفتم ‪ :‬يححا رسححول ا ّ‬
‫نازل كنم ايشان را در آن حال آيا بمنزلححه فتنححه يحا بمنزلححه مرتححد شححدن ؟ پحس فرمحود كحه‬
‫بمنزله فتنه از جهت اينكه ظاهرا اقرار بشهادتين دارند اگر چه باطنا كافرند ‪.‬‬

‫ع ع ع ععع ع ع ع ععع ع ععع ععع ع ع ع ععع عع ع‬


‫ععععععع ع ععععععع ع ع ععععع عع ع ع ع عع‬
‫ععععع‬

‫ل اّلذي جعل الحمد مفتاحا لذكره ‪ ،‬و سببا للمزيد من فضله ‪ ،‬و دليل علححى آلءه و‬ ‫الحمد ّ‬
‫ن الّدهر يجري بالباقين كجريه بالماضين ‪ ،‬ل يعود ما قحد وّلحى منحه ‪،‬‬
‫لإّ‬‫عظمته ‪ ،‬عباد ا ّ‬
‫و ل يبقى سرمدا ما فيه ‪،‬‬

‫آخر فعاله كأّوله ‪ ،‬متشابهه أموره ‪ ،‬متظاهرة أعلمه ‪ ،‬فكأّنكم‬

‫] ‪[ 313‬‬

‫ظلمححات ‪ ،‬و‬
‫ساعة تحدوكم حدو الّزاجر بشوله ‪ ،‬فمن شغل نفسه بغير نفسه تحّيحر فحي ال ّ‬‫بال ّ‬
‫ارتبك في الهلكات ‪ ،‬و مّدت به شياطينه في طغيانه ‪،‬‬

‫سابقين ‪ ،‬و الّنار غاية المفرطين ‪،‬‬


‫ىء أعماله ‪ ،‬فالجّنة غاية ال ّ‬
‫و زّينت له س ّ‬
‫ن الّتقوى دار حصن عزيز ‪ ،‬و الفجور دار حصن ذليل ‪،‬‬
‫لأّ‬
‫اعلموا عباد ا ّ‬

‫ل يمنع أهله ‪ ،‬و ل يحرز من لجححأ إليححه ‪ ،‬أل و بححالّتقوى تقطححع حمححة الخطايححا ‪ ،‬و بححاليقين‬
‫لح‬
‫نا ّ‬
‫ل في أعّز النفس عليكم ‪ ،‬و أحّبها إليكححم ‪ ،‬فححإ ّ‬ ‫لا ّ‬ ‫لا ّ‬ ‫تدرك الغاية القصوى ‪ ،‬عباد ا ّ‬
‫ق‪،‬‬‫قد أوضح لكم سبيل الح ّ‬

‫و أنار طرقه ‪ ،‬فشقوة لزمة ‪ ،‬أو سعادة دائمة ‪ ،‬فتزّودوا في أّيام الفنححآء لّيححام البقححاء ‪ ،‬قححد‬
‫ظعن ‪ ،‬و حثثتم على المسححير ‪ ،‬فإّنمححا أنتححم كركححب وقححوف ل‬ ‫دللتم على الّزاد ‪ ،‬و أمرتم بال ّ‬
‫سير ‪،‬‬‫تدرون متى تؤمرون بال ّ‬

‫أل فما يصنع بالّدنيا من خلق للخرة ‪ ،‬و ما يصنع بالمال محن عّمحا قليحل يسحلبه ‪ ،‬و يبقحى‬
‫ل من الخير مترك و ل فيمححا نهححى عنححه‬ ‫ل إّنه ليس لما وعد ا ّ‬
‫عليه تبعته و حسابه ‪ ،‬عباد ا ّ‬
‫ل احذروا يوما تفحص فيه العمال ‪ ،‬و يكححثر فيححه الّزلححزال ‪ ،‬و‬ ‫شّر مرغب ‪ ،‬عباد ا ّ‬
‫من ال ّ‬
‫ن عليكم رصدا من أنفسكم ‪ ،‬و عيونا من جوارحكم‬ ‫لأّ‬
‫تشيب فيه الطفال ‪ ،‬إعلموا عباد ا ّ‬
‫‪ ،‬و حّفاظ صدق يحفظون أعمالكم ‪ ،‬و عدد أنفاسكم ‪ ،‬ل‬

‫] ‪[ 314‬‬

‫ن غدا من اليوم قريب ‪،‬‬


‫تستركم منهم ظلمة ليل داج ‪ ،‬و ل يكّنكم منهم باب ذور تاج ‪ ،‬و إ ّ‬
‫يذهب اليوم بما فيه ‪ ،‬و يجيء الغد لحقا به ‪،‬‬

‫ط حفرتححه ‪ ،‬فيححاله مححن بيححت‬ ‫ل امرء منكم قد بلغ من الرض منزل وحححدته ‪ ،‬و مخح ّ‬ ‫نكّ‬ ‫فكأ ّ‬
‫سححاعة قححد‬
‫صححيحة قححد أتتكححم ‪ ،‬و ال ّ‬
‫ن ال ّ‬
‫وحححدة ‪ ،‬و منححزل وحشححة ‪ ،‬و مفححرد غربححة ‪ ،‬و كححأ ّ‬
‫غشيتكم ‪ ،‬و برزتم لفصل القضاء ‪ ،‬قد زاحت عنكم الباطيل ‪ ،‬و اضمحّلت عنكم العلححل ‪،‬‬
‫و استحّقت بكم الحقايق ‪ ،‬و صدرت بكم المور مصادرها ‪ ،‬فاّتعظوا بالعبر ‪ ،‬و اعتححبروا‬
‫بالغير ‪ ،‬و انتفعوا بالّنذر ‪.‬‬

‫ععععع‬

‫) زجر ( البعير من باب نصر ساقه و ) شول ( جمع شائلة علححى غيححر قيححاس و هححى مححن‬
‫ف لبنها و جمع الجمع أشوال ‪ ،‬و‬ ‫البل ما أتى عليها من حملها أو وضعها سبعة أشهر فج ّ‬
‫شائل بغير هاء فهى الّناقة تشول و ترفع ذنبها للقاح و الجمع شّول مثل راكع و رّكع‬ ‫أّما ال ّ‬
‫ل سّمها ‪ ،‬و رّبما يطلححق علححى‬ ‫و ) الحمة ( بضّم الحاء و فتح الميم ابرة العقرب و هى مح ّ‬
‫نفس السّم ‪ ،‬و يروى حّمة بالّتشديد من حمة الحّر و هو معظمححة و ) رتححج ( البححاب أغلقححه‬
‫ط أّول ثحّم‬
‫ن القححبر يخح ّ‬
‫ط حفرتححه ( فححي بعححض الّنسححخ بالخححاء المعجمححة ل ّ‬
‫كارتجه و ) مخح ّ‬
‫ط القوم إذا نزلوا ‪.‬‬
‫يحفر ‪ ،‬و في بعضها بالحاء المهملة من ح ّ‬
‫ععععععع‬

‫ل في أعحّز النفححس ‪ ،‬منصححوبان علححى الّتحححذير ‪ ،‬و حححذف العامححل وجوبححا اي‬ ‫لا ّ‬‫قوله ‪ :‬ا ّ‬
‫ل قال نجم الئمة ‪ :‬و حكمة اختصاص وجوب الحذف‬ ‫ل أو اّتقوا ا ّ‬
‫احذروا ا ّ‬

‫] ‪[ 315‬‬

‫ل علححى مقارنححة المحححذر منححه للمحححذر بحيححث يضححيق‬ ‫بالمحذر منه المكّرر كون تكريره دا ّ‬
‫ل عن ذكر المحذر منححه علححى أبلححغ مححا يمكححن ‪ ،‬و ذلححك بتكريححره و ل يّتسححع لححذكر‬
‫الوقت إ ّ‬
‫العامل مع هذا المكّرر ‪ ،‬و إذا لم يكّرر السم جاز إظهححار العامححل اّتفاقححا و قححوله ‪ :‬فشححقوة‬
‫لزمة أو سعادة دائمة ‪ ،‬مرفوعان على الخبرّية أى فعاقبتكم شقوة أو سعادة ‪ ،‬أو مبتحدءان‬
‫محذوفا الخبر ‪ ،‬و ل يضّر نكارتهما لكونهما نكرة موصوفة و الّتقدير فشقوة لزمححة لمححن‬
‫نكب عنها أو سعادة دائمة لمن سلكها ‪ ،‬أى سلك هذه الطرق ‪ ،‬و يجححوز أن يكونححا فححاعلين‬
‫لفعل محذوف ‪.‬‬

‫و قوله ‪ :‬فما يصنع ‪ ،‬استفهام انكارى على سبيل الّتقريع و الّتوبيخ ‪ ،‬و عن في قوله ‪ .‬عّما‬
‫ط إلححى حفرتححه‬
‫شأن ‪ ،‬و إضافة المخ ّ‬
‫ضمير في قوله ‪ :‬اّنه ليس آه لل ّ‬
‫قليل ‪ ،‬بمعنى بعد ‪ ،‬و ال ّ‬
‫من باب الضافة في سعيد كرز إذ المراد بهما القبر ‪ ،‬و قوله ‪:‬‬

‫ضححمير فححي لححه ‪،‬‬


‫لم للسححتغاثة ‪ ،‬و ال ّ‬
‫فياله من بيت وحدة ‪ ،‬الّنداء للّتفخيم و الّتهويل ‪ ،‬و ال ّ‬
‫ط حفرته ‪ ،‬و من بيت وحدة تميز ‪.‬‬ ‫راجع إلى مخ ّ‬

‫ي ‪ :‬و قحد يكحون السحم فحي نفسحه تاّمحا ل لشحيء آخحر أعنحى ل يجحوز اضحافته‬ ‫قال الّرض ّ‬
‫ضمير و هو الكثر و ذلك فيما فيه معنى‬ ‫فينصب عنه التميز و ذلك في شيئين ‪ :‬أحدهما ال ّ‬
‫صححة و يححا لححك ليل و يححا لهححا‬
‫المبالغة و الّتفخيم كمواضع الّتعجب نحويا له رجل و يا لها ق ّ‬
‫ضمير فيها ‪ 1‬ل يعرف المقصود منه فالّتميز عن المفرد‬ ‫طة » إلى أن قال « فان كان ال ّ‬‫خّ‬
‫كقول امرء القيس ‪:‬‬

‫ن نجحححححححححححححححححححومه‬
‫فيالحححححححححححححححححححك محححححححححححححححححححن ليحححححححححححححححححححل كحححححححححححححححححححأ ّ‬
‫ل مغار القتل شّدت بيذبل‬ ‫بك ّ‬

‫ضمير برجوعه إلى سححابق معّيححن كقولححك ‪ :‬جححائني زيححد فيححاله‬


‫و إن عرف المقصود من ال ّ‬
‫رجل و ويله فارسا و يا ويحه رجل و لقيت زيدا فلّله دّره رجل ‪ ،‬أو بالخطححاب لشححخص‬
‫ل دّرك من رجل و نحو ذلك ‪،‬‬ ‫معّين نحو قلت لزيد يا لك من شجاع و ّ‬

‫ضمير بل عن الّنسبة الحاصلة بالضافة ‪،‬‬


‫فليس التميز عن المفرد ‪ ،‬لّنه ل إبهام إذا في ال ّ‬
‫كما يكون كذلك إذا كان المضاف إليه فيها ظاهرا ‪ ،‬نحو يا لزيد رجل‬
‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬تت تت تتت تتتتتتت ‪.‬‬

‫] ‪[ 316‬‬

‫ل دّر زيد رجل إلى آخر ما ذكره ‪.‬‬


‫و ّ‬

‫عععععع‬

‫شريفة قد خطب بها للّنصح و الموعظة و تنبيه المخاطبين من نححوم‬ ‫ن هذه الخطبة ال ّ‬‫اعلم أ ّ‬
‫لح‬
‫ل كلم ذى بححال أعنححي حمححد ا ّ‬‫الغفلة و الجهالة ‪ ،‬و افتتحها بما هو حقيق أن يفتتح بححه كح ّ‬
‫لح اّلحذي جعحل الحمحد‬ ‫سبحانه و الثناء عليه تعالى بجملة من نعحوت كمحاله فقحال ) الحمحد ّ‬
‫ب العححالمين ‪،‬‬
‫لحح ر ّ‬
‫ن أّول الكتاب العزيز الحمد ّ‬ ‫شارح المعتزلي ‪ :‬ل ّ‬
‫مفتاحا لذكره ( قال ال ّ‬
‫و القرآن هو الذكر قال سبحانه ‪:‬‬

‫ن‪.‬‬
‫ظو َ‬
‫ن َنّزْلَنا الّذْكَر َو ِإّنا َلُه َلحاِف ُ‬
‫حُ‬‫ِإّنا َن ْ‬

‫أقول ‪ :‬هذا إّنما يتّم لو كان سورة الفاتحة أّول ما نزل محن القحرآن أو يكححون هححذا الجمححع و‬
‫ل سبحانه ‪.‬‬
‫الترتيب و وقوع الفاتحة في البداء بجعل من ا ّ‬

‫سور و تأليفها و ترتيبها على ما هى عليححه الن إّنمححا كححان‬ ‫أّما الّثاني فباطل قطعا إذ نظم ال ّ‬
‫سححابع عشححر مححن‬‫في زمن عثمان و من فعله حسبما عرفتححه فححي تححذييلت شححرح الفصححل ال ّ‬
‫الخطبة الولى ‪.‬‬

‫ن أّول سححورة نزلححت‬ ‫سرين أ ّ‬


‫و أّما الّول فهو أيضا غير معلوم بعد ‪ ،‬بل المشهور بين المف ّ‬
‫بمّكة هو سورة اقرء باسم ربك ‪ ،‬و قد رواه في مجمع البيحان فحي تفسححير سحورة هحل أتححى‬
‫سححلم‬‫ي عليححه ال ّ‬
‫عن ابن عباس و غيره ‪ ،‬نعم قد روى هناك عن سعيد بن المسّيب عن علح ّ‬
‫ن اّول ما نزل بمّكة فاتحة الكتاب ‪ ،‬ثّم اقرء باسم رّبك ‪.‬‬
‫أّ‬

‫ن المراد أنه سبحانه جعل الحمد مفتاحا لذكره في عّدة سححور ‪ ،‬و اطلق‬ ‫فالولى أن يقال إ ّ‬
‫ن القرآن يطلق على المجموع و علححى البعححض مححن‬ ‫الذكر على السورة ل غبار عليه كما أ ّ‬
‫سورة و آية و نحوها ) و سححببا للمزيححد مححن فضححله ( بمقتضححى وعححده الصححادق فححي كتححابه‬
‫العزيز أعني قوله ‪ :‬لن شكرتم لزيدّنكم ‪.‬‬

‫) و دليل على آلئه و عظمته ( أّما كونه دليل على آلئه فيحتمل معنيين ‪.‬‬

‫] ‪[ 317‬‬
‫شححكر سححببان‬
‫أحدهما أنه دليل للحامد على آلئه سبحانه أى علححى الفححوز بهححا إذ الحمححد و ال ّ‬
‫للوصول إلى الّنعم موجبان لزيادتها حسحبما عرفحت آنفحا ‪ ،‬و أّنهحا منحه دون غيحره ‪ ،‬فمحن‬
‫حمد له تعالى فقد اهتدى بحمده إلى نيل نعمه ‪.‬‬

‫ل تعالى دليححل علححى أّنححه صححاحب اللء و الّنعححم إذ الحمححد ل يليححق إ ّ‬


‫ل‬ ‫ن الحمد ّ‬ ‫و ثانيهما أ ّ‬
‫ل الثاني أظهر ‪.‬‬‫ي الّنعمة ‪ ،‬و لع ّ‬
‫بول ّ‬

‫و أّما كونه دليل على عظمته فلدللته على عدم تناهي قدرته و عدم نفححاد ملكححه و خزائنححه‬
‫ل كرما وجودا فسححبحان مححن ل‬ ‫إذ كّلما ازداد الحمد ازدادت الّنعمة ل يزيده كثرة العطاء إ ّ‬
‫تفنى خزائنه المسائل ‪ ،‬و ل تبدل حكمته الوسائل ‪.‬‬

‫لح إنّ الحّدهر‬


‫ل سبحانه شرع في الّتذكير و الموعظححة فقححال ) عبححاد ا ّ‬
‫و لّما فرغ من حمد ا ّ‬
‫ن جريححانه بححالخلف كجريححانه بالسححلف قححال‬ ‫يجري بالباقين كجريه بالماضين ( يعني أ ّ‬
‫شاعر ‪:‬‬
‫ال ّ‬

‫ل كالزمححححححححححححححححان اّلححححححححححححححححذي مضححححححححححححححححى‬


‫فمححححححححححححححححا الححححححححححححححححّدهر إ ّ‬
‫ل كالقرون الوائل‬ ‫و ل نحن إ ّ‬

‫و هو من تشبيه المعقول بالمعقول ‪ ،‬إذ الجرى أمر عقلني غيحر محدرك باحححدى الححواس‬
‫شبه و كححونه مححذكورا فححي الكلم و‬ ‫الخمس ‪ ،‬و من باب الّتشبيه المفصل للّتصريح بوجه ال ّ‬
‫ن ما وّلححي منححه و أدبححر‬
‫هو قوله ) ل يعود ما قد وّلي منه و ل يبقى سرمدا ما فيه ( يعني أ ّ‬
‫فقد فات و مضى ل عود له أبدا ‪ ،‬و ما هو موجود فيه فهو فححي معححرض الحّزوال و الفنححاء‬
‫ليس له ثبات و ل بقاء ‪ ،‬إذ وجود الّزماني إّنما هو بوجود زمانه ‪،‬‬

‫شاعر ‪:‬‬
‫فيكون منقضيا بانقضائه ‪ ،‬و في هذا المعنى قال ال ّ‬

‫ل أّنهحححححححححححححححححححححححححا‬
‫محححححححححححححححححححححححححا أحسحححححححححححححححححححححححححن الّيحححححححححححححححححححححححححام إ ّ‬
‫ي إذا مضت لم ترجع‬ ‫يا صاحب ّ‬

‫ضمير راجع إلى فعاله ‪ ،‬و على ما فححي‬


‫) آخر فعاله كأّوله ( و عن بعض الّنسخ كأّولها فال ّ‬
‫ضمير راجع إلى الّدهر فيحتاج إلى تقدير مضاف كأّول فعاله ‪،‬‬‫المتن فال ّ‬

‫ن هو أجزاء الّزمان أّول و آخرا سابقا و ل حقححا علححى وتيححرة واحححدة و‬‫و المراد واحد و ا ّ‬
‫نسق واحد أي ) متشابهة اموره ( فاّنه كمحا كحان أّول يعحّد قومحا للفقحر و آخريحن للغنحى و‬
‫ضعة و اخرى للّرفعة ‪ ،‬و جمعا للوجود‬ ‫حة و اخرى للمرض ‪ ،‬و فرقة لل ّ‬ ‫طائفة للص ّ‬

‫] ‪[ 318‬‬
‫ن حديثه يخبر عن قديمه ‪،‬‬
‫و آخر للعدم ‪ ،‬و هكذا كذلك هو آخرا ‪ ،‬و بالجملة فا ّ‬

‫شارح المعتزلي ‪ :‬و روى متسابقة اموره ‪ ،‬أى شيء منها‬‫و جديده ينبيء عن عتيقه قال ال ّ‬
‫ل شيء كأّنها خيل تتسابق في مضمار ) متظاهرة أعلمه ( أى دللته على سجّيته‬ ‫قبل ك ّ‬
‫و شيمته و أفعاله اّلتي يعامل بها الّناس قديما و حديثا تظاهر بعضها بعضا و تعاضده هذا‬
‫‪.‬‬

‫و نسبة هذه المور إلى الّدهر و إن كان الفاعل في الحقيقة هو الّرب تعالى باعتبار كححونه‬
‫شححر و‬
‫من السباب المعّدة لحصول ما يحصححل فححي عححالم الكححون و الفسححاد مححن الخيححر و ال ّ‬
‫ضيق حسبما عرفت في شرح الخطبة الّثانية و الثلثين ‪.‬‬ ‫سعة و ال ّ‬
‫ال ّ‬

‫و قوله ) فكأّنكم بالساعة تحدوكم حد و الّزاجر بشححوله ( قححد محّر تحقيححق الكلم فححي شححرح‬
‫سلم في شرح الخطبة الحادية و العشححرين و اسححتظهرنا هنححاك‬ ‫نظير هذا الكلم له عليه ال ّ‬
‫ساعة ساعات الّليل و الّنهار ‪ ،‬لّنها تسوق الّنار إلححى ال حّدار الخححرة و يسححعى‬ ‫ن المراد بال ّ‬
‫أّ‬
‫الّناس بها إليها ‪ ،‬و يجوز أن يراد بها هنا القيامححة و إن لححم نجحّوزه فيمححا تقحّدم لبححاء لفظححة‬
‫ل إرادة هذه هنا أظهر بملحظة لفظة فكأّنكم فتأّمل ‪.‬‬ ‫ورائكم هناك عنه ‪ ،‬و لع ّ‬

‫ن الّناس يسعى إليها ‪ ،‬فيكون المقصود به الشارة إلححى قححرب‬ ‫ساعة باعتبار أ ّ‬‫و تسميتها بال ّ‬
‫القيامة و كونها حادية للمخاطبين باعتبار أّنها ل بّد للّنححاس مححن الحشححر اليهححا و الجتمححاع‬
‫سؤال و الجواب و الحساب و الكتاب و الثواب و العقاب ل مناص لهم عن وقوفهححا‬ ‫فيها لل ّ‬
‫فكأّنها تسوقهم إليها ليجتمعوا فيها و ينظر إلى أعمالهم و إّنما شّبه حححدوهم بحححدو الّزاجححر‬
‫ضححرع و الّلبححن بخلف‬ ‫شول إّنما يسوقها بعنف و سرعة لخلّوها مححن ال ّ‬ ‫ن سائق ال ّ‬‫بشوله ل ّ‬
‫سائق العشار فاّنه يرفق بها و ل يزجرها كما هو ظاهر ‪.‬‬

‫ساعة و أّنها تحدو المخاطبين أردفه بالّتنبيه على وجححوب الشححتغال‬ ‫و لّما نّبه على قرب ال ّ‬
‫بالّنفس أى بصرف الهّمة إلى محاسبتها و إصححلحها و تزكيتهححا و ترغيبهححا إلححى مححا اريححد‬
‫صل له نور‬ ‫ن ) من شغل نفسه بغير نفسه ( ل يتح ّ‬ ‫منها ) ف ( ا ّ‬

‫] ‪[ 319‬‬

‫يهتدي به في ظلمات طريق الخرة بل إّنمححا يحصححل علححى أغطيححة مححن الهيئات البدنّيححة و‬
‫صلة من الشتغال بزخارف الّدنيا حاجبة لححه عححن نححور البصححيرة فلجححل ذلححك‬ ‫أغشية متح ّ‬
‫ظلمات ( و تاه فيها ) و ارتبك ( أى اختلط ) في الهلكححات ( ل يكححاد‬ ‫يكون قد ) تحّير في ال ّ‬
‫ىء أعماله ( كما قال عّز مححن‬ ‫يتخّلص منها ) و مّدت به شياطينه في طغيانه و زينت له س ّ‬
‫قائل ‪:‬‬
‫خواُنُهْم َيُمّدوَنُهْم‬
‫ن َو ِإ ْ‬
‫صُرو َ‬
‫ن َتَذّكُروا َفإذا ُهْم ُمْب ِ‬
‫شْيطا ِ‬
‫ن ال ّ‬
‫ف ِم َ‬
‫سُهْم طآِئ ٌ‬
‫ن اّتُقوا ِإذا َم ّ‬
‫ن اّلذي َ‬
‫ِإ ّ‬
‫ن‪.‬‬‫صُرو َ‬ ‫ى ُثّم ل َيْق ُ‬‫ِفى اْلَغ ّ‬

‫شححيطان بوساوسححه تحذّكروا محا‬


‫ل باجتناب معاصيه إذا طاف عليهم ال ّ‬ ‫ن اّلذين اّتقوا ا ّ‬
‫يعني أ ّ‬
‫عليهم من العقاب بذلك فيجتنبوه و يتركونه فاذاهم مبصرون للّرشد ‪ ،‬و إخوان المشركين‬
‫ضلل و المعاصى و يزيدونهم فيه و يزينون ما‬ ‫ن و النس يمّدونهم في ال ّ‬ ‫من شياطين الج ّ‬
‫شياطين عن استغوائهم و ل يرحمونهم و قيل ‪ :‬معناه و‬ ‫هم فيه ثّم ل يقصرون ل يكّفون ال ّ‬
‫ى ثّم ل يقصرون هؤلء مع ذلححك كمححا‬ ‫شياطين في الغ ّ‬ ‫شياطين من الكّفار يمّدهم ال ّ‬ ‫إخوان ال ّ‬
‫يقصر اّلذين اّتقوا ‪ ،‬هكذا في مجمع البيان ‪.‬‬

‫سححابقين و الّنححار غايححة المفرطيححن ( و‬


‫ثّم ذكر غاية وجود النسان و قال ‪ ) :‬فالجّنة غاية ال ّ‬
‫سابقين‬
‫كفى بالجّنة نعمة لمن طلب ‪ ،‬و كفى بالّنار نقمة لمن هرب ‪ ،‬و تخصيص الجّنة بال ّ‬
‫سبق و رذيلة الّتفريحط بتقحوى البحاعث علحى طلحب‬ ‫و الّنار بالمفرطين تنبيها على فضيلة ال ّ‬
‫سهما ‪.‬‬‫أشرف الغايتين و الهرب من أخ ّ‬

‫ف عحن الفجحور‬ ‫ل بالّتقوى و بالك ّ‬


‫سبق إلى الجّنة و الّنجاة من الّنار ل يحصل إ ّ‬‫و لّما كان ال ّ‬
‫أردفه بذكر ثمرات هذين الوصفين و شرح ما يترّتب عليهما من الفضايل و الّرذائل فقال‬
‫شححارح‬‫ن الّتقوى دار حصن عزيز و الفجور دار حصن ذليل ( قال ال ّ‬ ‫لأّ‬‫‪ ) :‬اعلموا عباد ا ّ‬
‫المعتزلي ‪ :‬أى دار حصانة ‪ ،‬فأقيم السم مقام المصدر هذا و نسبة العّزة و الّذّلة إلى الّدار‬
‫صن بالخر‬ ‫صن بالّول و ذّلة من تح ّ‬
‫سع باعتبار عّزة من تح ّ‬ ‫من الّتو ّ‬

‫] ‪[ 320‬‬

‫ن التقوى تحرز من اّتقى في الّدنيا من الّرذايل المنقصة و القبايح الموقعة له‬


‫أّما الّول فل ّ‬
‫في الهلكات و المخازى ‪ ،‬و في الخححرة مححن النححار و غضححب الجّبححار كالحصححن الحصححين‬
‫صنه من المضاّر و المكاره ‪.‬‬
‫الذي يحرز متح ّ‬

‫ن الفجور يوقع الفاجر في الّدنيا فححي المعححاطب و المهالححك و ل ينجيححه فححي‬ ‫و أما الثاني فل ّ‬
‫الخرة من العذاب الليم و السحخط العظيححم ‪ ،‬فهححو بمنزلححة دار غيححر وثيححق البنيححان منهححدم‬
‫صححن بححدار كححذلك‬‫الحيطان و الجدران ) ل يمنع أهله و ل يحرز من لجححأ إليححه ( و مححن تح ّ‬
‫ن ذليل مهانا ل محالة ‪.‬‬‫ليكون ّ‬

‫) أل و بالّتقوى تقطع حمة الخطايحا ( التشححبيه المضححمر فححي النفححس للخطايححا بالعقححارب أو‬
‫بذوات السموم من الحيوان استعارة بالكناية و ذكر الحمة تخييل و القطع ترشيح و المراد‬
‫ن بالتقوى يتدارك و ينجبر سريان سّم الخطايا و الثام في النفوس الموجب لهلكها البد‬ ‫أّ‬
‫كما يقطع سريان سموم العقارب و الفاعي في البدان بالباد زهر و الترياق و يمنححع مححن‬
‫نفوذها في أعماق البدن بقطع العضو الملححدوغ مححن موضححع الّلححدغ ‪ ،‬و علححى روايححة حمححة‬
‫ن بها تدفع شّدتها و ترفع ‪.‬‬
‫بالتشديد فالمقصود أ ّ‬

‫و لّما نّبه على كون التقوى حاسمة لماّدة الخطايا ‪ ،‬و كان بذلك إصلح القحّوة العملّيححة نّبححه‬
‫على ما به يحصل إصلح القحّوة الّنظريححة أعنححي اليقيححن فقححال ‪ ) :‬و بححاليقين تححدرك الغايححة‬
‫ن النسححان إذا كملححت قحّوته الّنظرّيححة بححاليقين و قحّوته العملّيححة‬
‫القصوى ( و إدراكهححا بححه ل ّ‬
‫بالّتقوى ‪ ،‬بلغ الغاية القصوى من الكمال النساني البّتة ‪.‬‬

‫لح ( أى راقبحوه‬ ‫لح ا ّ‬


‫لح ا ّ‬
‫سلم إلى تحذير العباد تأكيدا للمراد فقال ‪ ) :‬عباد ا ّ‬‫ثّم عاد عليه ال ّ‬
‫ن المححراد بححأعّز‬
‫ظححاهر أ ّ‬
‫سبحانه و اّتقوه تعالى ) في أعّز النفس عليكم و أحّبهححا إليكححم ( ال ّ‬
‫ب نفسه بالّذات و لغيححره بححالعرض و الّتبححع ‪ ،‬و لححذلك‬ ‫ل أحد يح ّ‬
‫النفس عليهم نفسهم ‪ ،‬إذ ك ّ‬
‫قال سبحانه ‪:‬‬

‫سُكم َو َأْهليُكْم نارًا َوُقوُدها الّناس‬


‫ن آَمُنوا ُقوا َأْنُف َ‬
‫يا َأّيَها اّلذي َ‬

‫] ‪[ 321‬‬

‫حجاَرُة قّدم المر بوقاية الّنفس على الهل لكونها أولى بها من الغير هذا ‪.‬‬
‫َو ال َ‬

‫ن للنسان نفوسا متعّددة و هى باعتبار‬‫شارح البحراني ‪ :‬و في الكلم إشارة إلى أ ّ‬ ‫و قال ال ّ‬
‫سوء و لّوامة و باعتبار عاقلة و شهوّية و غضبّية ‪،‬‬
‫مطمئنة و أّمارة بال ّ‬

‫و الشارة إلى الّثلث الخيرة و أعّزها الّنفس العاقلة إذ هى الباقيححة بعححد المححوت و عليهححا‬
‫العقاب و فيها العصبّية ‪.‬‬

‫لح قححد أوضحح لكححم‬


‫نا ّ‬
‫سلم إشارة إلى ما ذكره بعيد غحايته ) فحا ّ‬
‫أقول ‪ :‬كون كلمه عليه ال ّ‬
‫ق و أنار طرقه ( و يروى فأبان طرقه ‪،‬‬
‫سبيل الح ّ‬

‫جححة عليكححم ‪ ،‬و أزال العححذر عنححه بمححا بعثححه مححن‬ ‫فالعطف للّتفسير يعني أّنه سبحانه أتحّم الح ّ‬
‫ق علححى لسححانهم ) ف (‬ ‫النبياء و الّرسل و أنزله من الّزبر و الكتب ‪ ،‬و أبلج لكم نهج الح ح ّ‬
‫ل ) شقوة لزمة ( لمن نكب عنه ) أو سعادة دائمة ( لمن سحلكه كمحا قحال‬ ‫لم يبق بعد ذلك إ ّ‬
‫ل ِإّما شاِكرًا َو ِإّما َكُفورًا ‪.‬‬
‫سبي َ‬
‫عّز من قائل ِإّنا َهَدْيناُه ال ّ‬

‫ث على أخذ الّزاد ليوم المعاد و قال ‪ ) :‬فتزّودوا في أّيام الفناء لّيام البقاء‬‫ثّم عاد على الح ّ‬
‫ل سبحانه عليه بقوله ‪:‬‬‫قد دللتم على الّزاد ( أى دّلكم ا ّ‬

‫خْيَر الّزاد الّتْقوى ‪.‬‬


‫ن َ‬
‫َو َتَزّوُدوا َفِإ ّ‬
‫ظعن و المسير‬
‫ن ( و الرحيل ) و حثثتم على المسير ( يحتمل أن يكون ال ّ‬ ‫) و أمرتم بالظع ّ‬
‫سير إليها بالقلوب و الّنفوس ‪،‬‬
‫كنايتين عن ترك الّدنيا و الّرغبة في الخرة و ال ّ‬

‫سنة من اليات و الخبار المنّفرة من‬ ‫ث ما ورد في الكتاب و ال ّ‬


‫فيكون المراد بالمر و الح ّ‬
‫سححير و‬
‫الولى و المرغبة في الخرى ‪ ،‬و يجوز أن يراد بهمححا معناهمححا الحقيقححي أعنححي ال ّ‬
‫ل من السباب المعّدة‬ ‫ث كناية عّما أو جد ا ّ‬ ‫الّرحلة إلى الخرة بالبدان فيكون المر و الح ّ‬
‫لفساد المزاج المقربة إلى الموت ‪ ،‬و عن الّليل و الّنهار الحاديين‬

‫] ‪[ 322‬‬

‫للنسان بتعاقبها إلى وطنه الصلي على ما مّر تحقيقا و تفصيل في شرح الخطبة الّثالثححة‬
‫ستين ‪.‬‬
‫و ال ّ‬

‫سير ( لّما أمرهم بححالّتزّود فححي ال حّدنيا‬


‫) فاّنما أنتم كركب وقوف ل تدرون متى تؤمرون بال ّ‬
‫ن المسافر إذا كان زمححام أمححره بيححد‬ ‫عّلله بذلك تنبيها على وجوب المبادرة إلى أخذ الّزاد ل ّ‬
‫سححفر و يسححير بغيححر‬ ‫غيره و ل يعلم متى يسار به لزم عليه أن يبادر إلى زاده كيل يفجاه ال ّ‬
‫زاد فيعطب ‪.‬‬

‫شارح البحراني ‪ :‬قوله ‪ :‬فاّنما أنتم كركب إلى آخره فوجه الّتشبيه ظاهر ‪ ،‬فالنسححان‬ ‫قال ال ّ‬
‫يو‬‫هو الّنفحس ‪ ،‬و المطايحا هحى البحدان و القحوى الّنفسحانّية و الطريحق هحى العحالم الحسح ّ‬
‫سير اّلذي ذكححر مححا قبححل المححوت هححو تصحّرف الّنفححس فححي العححالمين لتحصححيل‬ ‫العقلي ‪ ،‬و ال ّ‬
‫سححير الّثححاني اّلححذي هححم وقححوف‬
‫سعادة الباقية ‪ ،‬و أمّححا ال ّ‬
‫الكمالت المعّدة و هى الّزاد لغاية ال ّ‬
‫ينتظرون و ل يدرون متى يؤمرون به فهو الّرحيححل إلححى الخححرة مححن دار الحّدنيا و طححرح‬
‫البدن و قطع عقبات الموت و القبر إذ النسان ل يعرف وقت ذلك ‪.‬‬

‫) أل فما يصنع بالحّدنيا مححن خلححق للخححرة ( السححتفهام فححي معححرض الّتنفيححر عححن الحّدنيا و‬
‫الّتوبيخ لطالبيها إذ النسان لّما كان مخلوقا للخرة فمقتضى العقل أن يصرف هّمته إليهححا‬
‫ل إلى الّدنيا الّزائلة عنه عن قليل ) و ما يصنع بالمال عّما قليل يسلبه ( و هو في معرض‬
‫الّتنفير عن المال بالّتنبيه على أّنه مسلوب عنححه بعححد زمححان قليححل فيححزول سححريعا لحّذته ) و‬
‫ى بأن يرفححض و يححترك‬ ‫يبقى عليه تبعته ( أى اثمه ) و حسابه ( و ما كان هذا وصفه فحر ّ‬
‫ل أن يقتنى و يجمع ‪.‬‬

‫لح مححن الخيححر مححترك ( أى ليححس‬‫ل أّنه ليححس لمححا وعححد ا ّ‬


‫غب في الخير بقوله ) عباد ا ّ‬ ‫ثّم ر ّ‬
‫ل عليه و‬ ‫ل سبحانه في كتابه و على لسان نبّيه صّلى ا ّ‬ ‫للخيرات و المثوبات اّلتي وعدها ا ّ‬
‫ل نفححع‬
‫ل خيحر دونهححا زهيحد ‪ ،‬و كح ّ‬
‫ل لن تترك رغبة عنها إلححى غيرهححا إذ كح ّ‬ ‫آله و سّلم مح ّ‬
‫عندها قليل كما قال عّز من قائل ‪:‬‬
‫] ‪[ 323‬‬

‫لو‬
‫خيٌر َأَم ً‬
‫ك َثواًبا َو َ‬
‫عْنَد َرّب َ‬
‫خْيٌر ِ‬
‫ت َ‬
‫صالحا ُ‬
‫ت ال ّ‬
‫حيوِة الّدْنيا َو اْلباِقيا ُ‬
‫ن زيَنُة اْل َ‬
‫ل َو اْلَبُنو َ‬
‫َأْلما ُ‬
‫في سورة آل عمران ‪:‬‬

‫ضححِة وَ‬‫ب َو اْلِف ّ‬


‫ن الّذَه ِ‬‫طَرِة ِم َ‬
‫ن َو اْلَقناطيِر اْلُمَقْن َ‬‫ن الّنساِء َو اْلَبني َ‬
‫ت ِم َ‬‫شَهوا ِ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫ح ّ‬‫ن ِللّناس ُ‬ ‫ُزّي َ‬
‫ب ُقح ْ‬
‫ل‬ ‫ن اْلَمححآ ِ‬
‫سح ُ‬
‫حْ‬‫عْنحَدُه ُ‬‫لح ِ‬‫حيوِة الحّدْنيا َو ا ّ‬ ‫ع اْل َ‬
‫ك َمتا ُ‬ ‫ث ذِل َ‬‫حْر ِ‬
‫لْنعاِم َو اْل َ‬ ‫سّوَمِة َو ا َْ‬‫ل اْلُم َ‬‫خي ِ‬ ‫اْل َ‬
‫ن فيها َو‬‫لْنهاُر خاِلدي َ‬ ‫حِتَها ا َْ‬
‫ن َت ْ‬
‫جري ِم ْ‬ ‫جّنات َت ْ‬ ‫عنَد َرّبِهْم َ‬‫ن اّتُقوا ِ‬‫ن ذِلُكْم ِلّلذي َ‬ ‫خْيٍر ِم ْ‬
‫َءُأَنّبُئُكْم ِب َ‬
‫سححلم بححذلك‬ ‫ل َبصيٌر ِباْلِعباِد ‪ .‬هذا و مقصوده عليه ال ّ‬ ‫ل َو ا ّ‬‫نا ّ‬‫ن ِم َ‬‫ضوا ٌ‬ ‫طّهرٌة َو ِر ْ‬ ‫ج ُم َ‬ ‫َأزوا ٌ‬
‫صلة للخيرات الخروّيححة و الّتحضححيض عليهححا و علححى‬ ‫طاعات المح ّ‬ ‫الكلم الّترغيب في ال ّ‬
‫القيام بوظائفها ‪.‬‬

‫شر مرغب ( أى ليس فححي المحّرمححات و‬ ‫شر بقوله ) و ل فيما نهى عنه من ال ّ‬ ‫ثّم نفّر عن ال ّ‬
‫ل لن يرغححب فيهححا مححع وجححود نهيححه و كونهححا‬ ‫لح سححبحانه عنهححا محح ّ‬ ‫المعاصى الّتي نهى ا ّ‬
‫لح احححذروا يومححا تفحححص فيححه‬ ‫صلة للثام و العقوبات الّدائمححة ) عبححاد ا ّ‬ ‫مبغوضة عنده مح ّ‬
‫ل نفس ما عملت من خير محضححرا و مححا عملححت مححن سححوء‬ ‫العمال ( أى تكشف و تجد ك ّ‬
‫ن بينها و بينححه أمححدا بعيححدا ) و يكححثر فيححه الّزلححزال ( و نظيححر الّتحححذير عنححه بكححثرة‬
‫توّدلو أ ّ‬
‫الّزلزال الّتحذير في قوله تعالى ‪:‬‬

‫عّمححا‬
‫ضَعًة َ‬
‫ل ُمْر ِ‬‫ل ُك ّ‬‫عظيٌم َيْوَم َتَرْوَنها َتْذَه ُ‬
‫يٌء َ‬
‫ش ْ‬
‫ساعِة َ‬ ‫ن َزْلَزَلَة ال ّ‬‫يا َأّيَها الّناس اّتُقوا َرّبُكْم ِإ ّ‬
‫سححكارى َو لِكح ّ‬
‫ن‬ ‫سححكارى َو مححا ُهحْم ِب ُ‬ ‫حْمَلها َو َتَرى الّنححاس ُ‬
‫ل َ‬ ‫حْم ٍ‬‫ت َ‬‫ل ذا ِ‬ ‫ضُع ُك ّ‬‫ت َو َت َ‬‫ضَع ْ‬
‫َأْر َ‬
‫شديٌد ‪.‬‬
‫ل َ‬ ‫با ّ‬‫عذا َ‬ ‫َ‬

‫] ‪[ 324‬‬

‫قال في مجمع البيان معناه يا أّيها العقلء المكّلفون اّتقححوا عححذاب رّبكححم و اخشححوا معصححية‬
‫ن زلزلة الرض يوم القيامححة أمححر عظيححم هايححل ل يطححاق ‪ ،‬يححوم تححرون الّزلزلححة أو‬ ‫رّبكم إ ّ‬
‫ل مرضعة عن ولححدها و تنسححاه ‪ ،‬و تضححع الحبححالي مححا فححي بطونهححا و هححو‬ ‫ساعة تشغل ك ّ‬‫ال ّ‬
‫شدايد أى لو كححان ث حّم مرضححعة لححذهلت أو‬ ‫تهويل لمر القيامة و تعظيم لما يكون فيه من ال ّ‬
‫حامل لوضعت و إن لم يكن هناك حامل و ل مرضعة ‪ ،‬و ترى الّناس سححكارى مححن ش حّدة‬
‫شراب و قيل ‪ :‬معناه كأّنهم سححكارى مححن ذهححول‬ ‫الخوف و الفزع ‪ ،‬و ما هم بسكارى من ال ّ‬
‫سكران هذا ) و ( لشّدة ذلححك اليححوم‬ ‫عقولهم لشّدة ما يمّر بهم لّنهم يضطربون اضطراب ال ّ‬
‫أيضا ) يشيب فيه الطفال ( كما قال تعالى ‪:‬‬

‫شْيبًا ‪.‬‬
‫ن َ‬
‫ل اْلِوْلدا َ‬
‫جَع ُ‬
‫َيْومًا َي ْ‬
‫ي ‪ :‬و هذا وصف لذلك اليوم و شّدته كما يقحال هححذا أمحر يشحيب منحه الوليححد و‬
‫طبرس ّ‬ ‫قال ال ّ‬
‫تشيب منه الّنواصي إذا كان عظيما شديدا ‪.‬‬

‫سلم و يشيب فيه الطفال كلم جار مجححرى المثححل‬ ‫شارح المعتزلي ‪ :‬قوله عليه ال ّ‬‫و قال ال ّ‬
‫ن الطفححال ل يتغّيححر حححالهم فححي الخححرة‬
‫ن الّمة مجتمعة على أ ّ‬ ‫و ليس ذلك على حقيقته ل ّ‬
‫ن الهموم و الحزان إذا توالت على النسان شاب سححريعا‬ ‫شيب ‪ ،‬و الصل في هذا أ ّ‬ ‫إلى ال ّ‬
‫طبيب ‪:‬‬
‫قال أبو ال ّ‬

‫و الهحححححححححححححححححححححححّم يخحححححححححححححححححححححححترم الجسحححححححححححححححححححححححيم مخافحححححححححححححححححححححححة‬


‫ي و يهرم‬ ‫صب ّ‬‫و يشيب ناصية ال ّ‬

‫ن عليكم رصدا من أنفسححكم ( أى‬ ‫لأّ‬‫ثّم عّقب بالّتحذير من المعاصي بقوله ) اعلموا عباد ا ّ‬
‫حرسا و حفظة ملزمين لكم غير منفّكين عنكم ‪ ،‬و أراد به الجوارح و العضححاء ‪ ،‬و لححذا‬
‫سره بقوله ) و عيونا من جوارحكم ( مراقحبين لكحم شحهداء عليكححم يححوم القيامححة كمحا قحال‬‫فّ‬
‫سجدة ‪:‬‬‫تعالى في سورة ال ّ‬

‫حّتى ِإذا جآُوها‬


‫ن َ‬
‫عو َ‬
‫ل ِإَلى الّنار َفُهْم ُيوَز ُ‬
‫عدآِء ا ّ‬
‫شُر َأ ْ‬
‫حَ‬‫َو َيْوَم ُي ْ‬

‫] ‪[ 325‬‬

‫شحِهْدُتْم‬
‫جُلححوِدِهْم ِلحَم َ‬
‫ن َو قحاُلوا ِل ُ‬ ‫جُلوُدُهْم ِبما كحاُنوا َيْعَمُلححو َ‬
‫سْمُعُهْم َو َأْبصاُرُهْم َو ُ‬‫عَلْيِهْم َ‬‫شِهَد َ‬ ‫َ‬
‫ن‪.‬‬ ‫جُعو َ‬‫ل َمّرٍة َو ِإَلْيِه ُتْر َ‬
‫خَلَقُكْم َأّو َ‬
‫يٍء َو ُهَو َ‬‫ش ْ‬
‫ق ُكّل َ‬
‫طَ‬‫ل اّلذي َأْن َ‬
‫طَقَنا ا ّ‬
‫عَلْينا قاُلوا َأْن َ‬
‫َ‬

‫صافي عن القّمي نزلت في قوم تعرض عليهم أعمالهم فينكرونها فيقولححون مححا‬ ‫روى في ال ّ‬
‫صححادق عليححه‬ ‫عملنا شيئا منها ‪ ،‬فيشهد عليهم الملئكة اّلححذين كتبححوا عليهححم أعمححالهم قححال ال ّ‬
‫ل مححا فعلححوا مححن‬
‫ب هولء ملئكتك يشهدون لك ‪ ،‬ثحّم يحلفححون بححا ّ‬ ‫ل ‪ :‬يا ر ّ‬‫سلم فيقولون ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ل جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكححم «‬ ‫ل » يوم يبعثهم ا ّ‬ ‫ل عّز و ج ّ‬ ‫ذلك شيئا و هو قول ا ّ‬
‫ل على ألسححنتهم‬ ‫ل عّز و ج ّ‬ ‫سلم فعند ذلك يختم ا ّ‬ ‫و هم اّلذين غصبوا أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫ل ‪ ،‬و يشهد البصر بما نظححر بححه إلححى‬ ‫سمع بما سمع مّما حّرم ا ّ‬ ‫و ينطق جوارحهم فيشهد ال ّ‬
‫ل ‪ ،‬و يشهد اليدان بما أخذتا ‪ ،‬و تشهد الّرجلن بمححا سححعتا فيمححا ححّرم‬ ‫ل عّز و ج ّ‬
‫ما حّرم ا ّ‬
‫ل ألسححنتهم ‪ ،‬فيقولححون‬ ‫ل عّز و جح ّ‬ ‫ل ‪ ،‬ثّم أنطق ا ّ‬
‫ل ‪ ،‬و يشهد الفرج بما ارتكب مّما حّرم ا ّ‬ ‫ا ّ‬
‫هم لجلودهم ‪ :‬لم شهدتم علينا الية قال ‪ :‬و الجلود الفروج ‪.‬‬

‫صافي عن القّمي أيضا في تفسير قوله تعالى في سورة يس ‪:‬‬


‫و في ال ّ‬

‫ن‪.‬‬
‫سُبو َ‬
‫جُلُهْم ِبما كاُنوا َيْك ِ‬
‫شَهُد أْر ُ‬
‫على َأْفواِهِهْم َو ُتَكّلُمنا َأْيديِهْم َو َت ْ‬
‫خِتُم َ‬
‫َأْلَيْوَم َن ْ‬
‫ل إنسححان كتححابه فينظححرون فيححه‬
‫ل الخلق يوم القيامة دفححع إلححى كح ّ‬
‫ل عّز و ج ّ‬
‫قال ‪ :‬إذا جمع ا ّ‬
‫ب ملئكتححك‬ ‫فينكرون أّنهم عملوا من ذلك شيئا ‪ ،‬فتشهد عليهم الملئكححة ‪ ،‬فيقولححون ‪ ،‬يححا ر ّ‬
‫ل ‪ :‬يححوم‬
‫لح عحّز و جح ّ‬‫يشهدون لك ‪ ،‬ثّم يحلفون أّنهم لم يعملوا من ذلححك شححيئا و هححو قححول ا ّ‬
‫ل على ألسنتهم و تنطق‬ ‫ل جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم فاذا فعلوا ذلك ختم ا ّ‬ ‫يبعثهم ا ّ‬
‫جوارحهم بما كانوا يكسبون ‪ ،‬هذا‬

‫] ‪[ 326‬‬

‫ن شححهادة الجلححود و‬ ‫شارح البحراني بل فساده من أ ّ‬ ‫و بما ذكرنا ظهر لك ضعف ما ذكره ال ّ‬
‫ل عضو لما كان مباشححرا لفعحل محن الفعححال كحان‬ ‫نكّ‬ ‫غيرها بلسان الحال و الّنطق به ‪ ،‬فا ّ‬
‫شهادة القولّية بيححن يححديه ‪،‬‬
‫ل تعالى بمنزلة ال ّ‬
‫حضور ذلك العضو و ما صدر عنه في علم ا ّ‬
‫شححهادة بلسححان القححال ل‬‫ص الّرواية لدللتهما على كون ال ّ‬ ‫ن ذلك مخالف لظاهر الية و ن ّ‬ ‫فا ّ‬
‫شارح و توّهم ‪.‬‬ ‫بلسان الحال كما زعمه ال ّ‬

‫و قوله ) و حّفاظ صدق يحفظون أعمالكم و عدد أنفاسكم ( أراد بهم الكححرام الكححاتبين قححال‬
‫تعالى ‪:‬‬

‫عتيٌد ‪.‬‬
‫ب َ‬
‫ل َلَدْيِه َرقي ٌ‬
‫ل ِإ ّ‬
‫ن َقْو ٍ‬
‫ظ ِم ْ‬
‫ل َقعيد ما َيْلَف ُ‬
‫شما ِ‬
‫ن ال ّ‬
‫عِ‬‫ن َو َ‬
‫ن اْلَيمي ِ‬
‫عِ‬‫ن َ‬
‫ِإْذ َيَتَلّقى اْلُمَتَلّقيا ِ‬

‫قال في مجمع البيان ‪ :‬ذكر سبحانه أّنه مع علمه به وّكححل بححه ملكيححن يحفظححان عليححه عملححه‬
‫جة ‪ ،‬فقال ‪ :‬إذ يتلّقى المتلّقيان ‪ ،‬و هما الملكان يأخححذان منححه عملححه فيكتبححانه كمححا‬‫الزاما للح ّ‬
‫شمال قعيد ‪ ،‬المححراد بالقعيححد هححو الملزم اّلححذي ل‬ ‫يكتب المملى عليه ‪ ،‬عن اليمين و عن ال ّ‬
‫شححمال‬ ‫يبرح ل القاعد اّلذي هو ضّد القائم ‪ ،‬و قيل ‪ :‬عن اليميححن كححاتب الحسححنات و عححن ال ّ‬
‫سيئات عن الحسن و مجاهد ‪ ،‬و قيححل ‪ :‬الحفظححة أربعححة ‪ :‬ملكححان بالّليححل ‪ ،‬و ملكححان‬ ‫كاتب ال ّ‬
‫ل لديه رقيححب عتيحد أى محا يتكّلححم بكلم فيلفظحه أى‬ ‫بالّنهار عن الحسن ‪ ،‬ما يلفظ من قول إ ّ‬
‫ل لديه حافظ حاضر معه يعني الملك الموّكل به إّما صاحب اليميححن و إّمححا‬ ‫يرميه من فيه إ ّ‬
‫ل عليه و‬ ‫شمال ‪ ،‬يحفظ عمله ل يغيب عنه ‪ ،‬و عن أبي أمامة عن الّنبي صّلى ا ّ‬ ‫صاحب ال ّ‬
‫ت ساعات عن العبد المسححلم المخطححى أو‬ ‫شمال ليرفع القلم س ّ‬ ‫ن صاحب ال ّ‬ ‫آله و سّلم قال ‪ :‬إ ّ‬
‫ل كتب واحدة ‪ ،‬و في رواية اخححرى قححال ‪:‬‬ ‫ل منها ألقاها و إ ّ‬ ‫المسىء ‪ ،‬فان ندم و استغفر ا ّ‬
‫شمال ‪،‬‬ ‫صاحب اليمين أمير على صاحب ال ّ‬

‫فاذا عمل حسنة كتبها له صححاحب اليميححن بعشححر أمثالهححا و إذا عمححل سححيئة فحأراد صححاحب‬
‫شمال أن يكتبها قال له صاحب اليمين ‪ :‬امسك ‪ ،‬فيمسك عنه سبع ساعات ‪ ،‬فان اسححتغفر‬ ‫ال ّ‬
‫ل كتب له سّيئة واحدة ‪ ،‬هذا‬ ‫ل منها لم يكتب عليه شيء ‪ ،‬و إن لم يستغفر ا ّ‬‫ا ّ‬

‫] ‪[ 327‬‬
‫و قد علم بذلك أّنه سبحانه مع علمه بحال العبد و كونه أقرب إليه مححن حبححل الوريححد وّكححل‬
‫عليه لحكمة اقتضته من تشديد في تثبط العبد من المعصية و تأكيد في اعتبححار العمححال و‬
‫جة يوم يقوم الشهاد حفظة صدق يحفظون عمله و يضبطونه‬ ‫ضبطها للجزاء و إلزام الح ّ‬
‫و هم ملزمون له غير غائبين عنه أبدا ‪.‬‬

‫كما أشار إليه بقوله ) ل تستركم منهم ظلمة ليححل داج ( أى شححديدة الظلمححة ) و ل يكّنكححم (‬
‫أى ل يستركم ) منهم باب ذور تاج ( أى باب عظيم مغلق ‪.‬‬

‫ن غدا من اليوم قريححب ( كّنححى بالغححد عححن وقححت المححوت‬ ‫ثّم حّذر بقرب الموت فقال ‪ ) :‬و ا ّ‬
‫طاعة و المعصية ) و يجيء الغد لحقا به (‬ ‫شر و ال ّ‬‫) يذهب اليوم بما فيه ( من الخير و ال ّ‬
‫ل امحرء منكحم قحد بلحغ محن الرض منححزل‬ ‫ثّم حّذر ببلوغ القبر و كّنى عنه بقوله ) فكان كح ّ‬
‫ط حفرته ( و أشار إلححى هححول ذلححك المنححزل و وصححفه بالوصححاف الموحشححة‬ ‫وحدته و مخ ّ‬
‫المنّفرة فقال ) فيا له من بيت وحدة و منزل وحشة و مفرد غربححة ( ثحّم ححّذر بالصّححيحة و‬
‫سححاعة قححد غشححيتكم ( و‬
‫صححيحة قححد أتتكححم و ال ّ‬
‫ساعة فقال ‪ ) :‬و كححان ال ّ‬ ‫صور و قيام ال ّ‬‫نفخ ال ّ‬
‫صيحتين في‬ ‫صيحة و الّنفخة الثانية و قد اشير اليهما أعنى ال ّ‬ ‫صيحة ال ّ‬
‫ن المراد بال ّ‬ ‫ظاهر أ ّ‬
‫ال ّ‬
‫سورة يس قال تعالى ‪:‬‬

‫صحَيًة وَ ل ِإلححى‬ ‫ن َتْو ِ‬‫سحَتطيُعو َ‬ ‫صحُمونَ َفل َي ْ‬ ‫خ ّ‬ ‫خحُذُهْم َو ُهحْم َي ِ‬


‫حَدًة َتْأ ُ‬
‫حًة وا ِ‬‫صْي َ‬‫ل َ‬ ‫ن ِإ ّ‬‫ظُرو َ‬ ‫ما َيْن ُ‬
‫ن قاُلوا يا وَْيَلنا َم ح ْ‬
‫ن‬ ‫سُلو َ‬
‫ث ِإلى َرّبِهْم َيْن ِ‬‫جدا ِ‬ ‫لْ‬‫ن ا َْ‬‫صور َفإذا ُهْم ِم َ‬ ‫خ ِفى ال ّ‬ ‫ن َو ُنِف َ‬‫جُعو َ‬ ‫َأْهِلِهْم َيْر ِ‬
‫ححَدًة َفحِإذا‬‫حًة وا ِ‬
‫صحْي َ‬
‫ل َ‬ ‫ت ِإ ّ‬‫ن كاَن ْ‬ ‫ن ِإ ْ‬
‫سُلو َ‬
‫ق اْلُمْر َ‬‫صَد َ‬‫ن َو َ‬ ‫حم ُ‬‫عَد الّر ْ‬ ‫ن َمْرَقِدنا هذا ما َو َ‬ ‫َبَعَثنا ِم ْ‬
‫ن‪.‬‬‫ضُرو َ‬‫ح َ‬ ‫جميٌع َلَدْينا ُم ْ‬ ‫ُهْم َ‬

‫ل صححيحة واحححدة يريححد الّنفخححة الولححى عححن ابححن‬


‫قال في مجمع البيان ‪ :‬أى ما ينتظححرون إ ّ‬
‫صمون أى‬ ‫صيحة و هم يخ ّ‬ ‫ن القيامة تأتيهم بغتة تأخذهم ال ّ‬
‫عّباس ‪ ،‬يعني أ ّ‬

‫] ‪[ 328‬‬

‫يختصمون في امورهم و يتبايعون في السواق ‪ ،‬ثّم أخبر عن النفخة الّثانيححة و مححا يلقححونه‬
‫صور فاذاهم مححن الجححداث ‪ ،‬و هححى القبححور ‪،‬‬ ‫فيها إذا بعثوا بعد الموت فقال ‪ :‬و نفخ في ال ّ‬
‫ل فيه ل حكم لغيره هناك ‪،‬‬‫إلى رّبهم أى إلى الموضع اّلذي يحكم ا ّ‬

‫ل صححيحة‬
‫ينسلون ‪ ،‬أى يخرجون سححراعا ثحّم أخححبر عححن سححرعة بعثهححم فقححال ‪ :‬إن كحانت إ ّ‬
‫ل مّدة صيحة واحدة ‪ ،‬فاذا هم جميع لدينا محضرون ‪،‬‬ ‫واحدة ‪ ،‬أى لم تكن المّدة إ ّ‬

‫أي فحاذا الّولحون و الخحرون مجموعحون فحي عرصحات القيامحة محضحرون فحي موقحف‬
‫الحساب و في سورة الّزمر ‪:‬‬
‫خ في حِه‬
‫ل ُث حّم ُنِفح َ‬
‫ن شاَء ا ّ‬
‫ل َم ْ‬
‫ض ِإ ّ‬
‫لْر ِ‬
‫ن في ا َْ‬
‫ت َو َم ْ‬
‫سموا ِ‬
‫ن ِفي ال ّ‬
‫ق َم ْ‬
‫صِع َ‬
‫صوِر َف َ‬ ‫خ ِفى ال ّ‬ ‫َو ُنِف َ‬
‫ن‪.‬‬‫ظُرو َ‬‫خرى َفإذا ُهْم ِقياٌم َيْن ُ‬ ‫ُأ ْ‬

‫صححيحة اّلححتي‬
‫سموات آه أى يموت من ش حّدة تلححك ال ّ‬
‫قال في مجمع البيان ‪ :‬فصعق من في ال ّ‬
‫سماوات و الرض ‪ ،‬و قوله ‪ :‬ثّم نفخ فيه أخرى ‪ ،‬يعني‬ ‫صور جميع من في ال ّ‬ ‫تخرج من ال ّ‬
‫نفخة البعث و هي الّنفخة الّثانية ‪.‬‬

‫ق و الباطححل ليتمّيححز المصححيب‬


‫) و برزتم لفصل القضاء ( أى لحكم العدل الفاصل بين الح ّ‬
‫ل مححا عمححل كمححا قححال‬
‫من المخطى ‪ ،‬و المسلم من الكافر ‪ ،‬و المؤمن من المنافق ليجزى ك ّ‬
‫عّز من قائل ‪:‬‬

‫ى َبْيَنُهحْم‬
‫ضح َ‬
‫شحَهداء َو ُق ِ‬‫ب َو جيىَء ِبالّنِبّيين َو ال ّ‬ ‫ضَع اْلِكتا ُ‬
‫ض ِبُنوِر َرّبها َو ُو ِ‬ ‫لْر ُ‬ ‫ت ا َْ‬
‫شَرَق ِ‬
‫َو َأ ْ‬
‫ن‪.‬‬‫عَلُم ِبما َيْفَعُلو َ‬
‫ت َو ُهَو َأ ْ‬
‫عِمَل ْ‬
‫س ما َ‬ ‫ل َنْف ٍ‬
‫ت ُك ّ‬
‫ن َو ُوّفَي ْ‬
‫ظَلُمو َ‬
‫ق َو ُهْم ل ُي ْ‬‫حّ‬‫ِبالْ َ‬

‫) قد زاحت عنكم الباطيل ( أى بعدت و تنحت عنكم الهيئآت الباطلة الممكنة الحّزوال ) و‬
‫اضححمحّلت عنكححم العلححل ( أى ذهبححت و انحّلححت عنكححم العلححل و المححراض الّنفسححانّية ) و‬
‫شارح المعتزلي ‪ :‬أى حّقت و وقعت‬ ‫استحّقت بكم الحقايق ( قال ال ّ‬

‫] ‪[ 329‬‬

‫ل امححرء إلححى‬
‫فاستفعل بمعنى فعل ) و صدرت بكم المور مصادرها ( أراد به رجححوع ك ح ّ‬
‫ل محا يفيحد اعتبحارا و تنّبهحا علحى‬
‫ثمرة ما قّدم ‪ ،‬قاله البحرانحي ) فحاّتعظوا بحالعبر ( أى بكح ّ‬
‫شححدايد و الهححوال ‪ ،‬أل تححرى إلححى‬‫أحوال الخرة و بما فيه تذكرة للموت و ما بعححده مححن ال ّ‬
‫الباء و الخحوان و البنححاء و الولحدان و القربححاء و الجيححران كيححف طحنتهحم المنحون ‪ ،‬و‬
‫سنون ‪ ،‬و فقدتهم العيون ‪ ،‬اندرست عححن وجححه الرض آثححارهم و انقطعححت‬ ‫توالت عليهم ال ّ‬
‫عن الفواه أخبارهم ‪.‬‬

‫إذا كحححححححححححححححان هحححححححححححححححذا ححححححححححححححححال محححححححححححححححن كحححححححححححححححان قبلنحححححححححححححححا‬


‫فاّنا على آثارهم نتلحق‬

‫) و اعتبروا بالغير ( أى بتغّيرات الّدهر و انقلبحاته علحى أهلحه ‪ ،‬ل يحدوم سحروره ‪ ،‬و ل‬
‫تتّم اموره ‪ ،‬ل يقيم على حال ‪ ،‬و ل يمتنع بوصال ‪ ،‬و عوده كاذبة ‪ .‬و آماله خائبة ‪.‬‬

‫تححححححححححححححححححححححححّدثك الطمحححححححححححححححححححححححاع أّنحححححححححححححححححححححححك للبقحححححححححححححححححححححححاء‬


‫ل موافححححححححححححححححححححححق‬ ‫ن الححححححححححححححححححححححّدهر خحححححححححححححححححححححح ّ‬
‫خلقححححححححححححححححححححححت و أ ّ‬
‫كأّنححححححححححححححححححك لححححححححححححححححححم تبصححححححححححححححححححر اناسححححححححححححححححححا ترادفححححححححححححححححححت‬
‫عليهم بأسباب المنون الّلواحق‬

‫ل ما أفاد تخويفا بالخرة و ما فيهححا مححن المفزعححات و ال حّدواهى‬ ‫) و انتفعوا بالّنذر ( أى بك ّ‬


‫ن أوقاتححك محححدودة ‪ ،‬و أنفاسححك معححدودة ‪ ،‬و أفعالححك‬
‫ل قصححده إ ّ‬
‫فيا من عدم رشححده ‪ ،‬و ضح ّ‬
‫مشهورة ‪ ،‬و أنت مقيم على الصرار ‪ ،‬غافل عن يوم تشخص فيه البصار ‪.‬‬

‫إذا نصححححححححححححححححححححب الميححححححححححححححححححححزان للفصححححححححححححححححححححل و القضححححححححححححححححححححا‬


‫و ابلحححححححححححححححححححححس محجحححححححححححححححححححححاج و اخحححححححححححححححححححححرس نحححححححححححححححححححححاطق‬

‫ججحححححححححححححححححححححت الّنيحححححححححححححححححححححران و اشحححححححححححححححححححححتّد غيظهحححححححححححححححححححححا‬ ‫واّ‬


‫إذا فتححححححححححححححححححححححححححححححححت أبوابهحححححححححححححححححححححححححححححححا و المغحححححححححححححححححححححححححححححححالق‬

‫فاّنحححححححححححححححححححك محححححححححححححححححححأخوذ بمحححححححححححححححححححا قحححححححححححححححححححد جنيتحححححححححححححححححححه‬


‫و إّنححححححححححححححححححك مطلححححححححححححححححححوب بمححححححححححححححححححا أنححححححححححححححححححت سححححححححححححححححححارق‬

‫لحححححححححححححححححح وحححححححححححححححححححده‬
‫فقححححححححححححححححححارب و سححححححححححححححححححّدد و اّتححححححححححححححححححق ا ّ‬
‫ل الّزاد فالموت طارق‬ ‫و ل تستق ّ‬

‫ععععععع‬

‫ب العححالمين اسححت در نصححيحت و مححوعظه و‬


‫ير ّ‬
‫از جمله خطب بليغه آن امام مبين و ول ّ‬
‫تنفير از دنيا و ترغيب بعقبى ميفرمايد ‪:‬‬

‫حمد و ثنا مر خدايراست كه گردانيد حمد را كليد از براى ذكر خود ‪،‬‬

‫و سبب زيادتى فضل و انعام خود ‪ ،‬و دليل بر نعمتهاى خود و عظمت بى نهايت خود ‪،‬‬

‫] ‪[ 330‬‬

‫اى بندگان خدا بدرستى روزگار جارى مىشود بباقي ماندگان مثححل جححارى شححدن او بححر‬
‫گذشتگان در حالتى كه باز نمىگردد آنچه كه پشححت گردانيححده از آن ‪ ،‬و بححاقى نمىمانححد‬
‫هميشه آنچححه كححه در او اسححت ‪ ،‬آخححر كارهححاى او مثححل أّول كارهححاى اوسححت شححبيه اسححت‬
‫بهمديگر كارهاى او ‪ ،‬هم پشححت يكديگرنححد علمتهححاى او ‪ ،‬پححس گويححا كححه شححما مىبينيححد‬
‫قيامت را ميراند شما را بسوى خود مثل راندن كسى كححه بعنححف و زجححر شححتر مححاده بححي‬
‫شير و بچه خود را براند ‪ ،‬پس كسى كه مشغول نمايد نفس خود را بغيححر اصححلح نفححس‬
‫خود متحّير مىماند در ظلمتهاى جهالت ‪ ،‬و آميخته شود در تبححاهي هلكححات ‪ ،‬و بكشححند‬
‫او را شيطانها در طغيان او ‪ ،‬و زينت ميدهند از براى او عملهاى بححد او را پححس بهشححت‬
‫پايان كار سبقت كنندگانست ‪ ،‬و جهنم نهايت كار تفريط نمايندگان بدانيد اى بنححدگان خححدا‬
‫كه تقوى حصن حصينى است با عّزت ‪ ،‬و فسق و فجور خانه حصنى است با ذّلححت كححه‬
‫منع نمىكند أهل خود را از بل و مكاره ‪ ،‬و حفظ نمىكند كسى را كه پناه برد بسوى او‬
‫‪ ،‬آگاه باشيد كه با تقوى بريده ميشود نيش پر زهر گناها ‪ ،‬و با يقين درك مىشححود غايححة‬
‫قصوى ‪.‬‬

‫اى بندگان بپرهيزيد از خدا در عزيزترين نفسها بر شما و دوستترين آنها بسححوى شحما ‪،‬‬
‫پس بدرستى كه حقتعالى واضح گردانيده از براى شما راه حق را ‪،‬‬

‫و ظاهر نموده راههاى آن را ‪ ،‬پس نهايت كار يا شقاوتيسححت لزم ‪ ،‬يححا سعادتيسححت دائم‬
‫پس توشه برداريد در روزهاى فنا از براى روزهححاى بقححا ‪ ،‬پححس بتحقيححق كححه راه نمححوده‬
‫ث و ترغيب شديد بسححير كححردن بسححوى‬ ‫شديد بر توشه آخرت و مامور شديد برحلت و ح ّ‬
‫وطن اصلى ‪ ،‬پس بدرستى كه شما مانند سوارانيد منتظر ايستاده كه نمىدانيد چححه وقححت‬
‫مأمور خواهيد شد بحركت ‪.‬‬

‫آگاه باشيد چه مىكند دنيا را كسى كه خلق شده است از براى آخرت ‪،‬‬

‫و چه كار دارد با مال كسى كه بعد از زمان قليل سلب مىشود از آن و باقى مىماند بر‬
‫او و بال و حساب آن ‪ ،‬اى بندگان خدا بدرستى كه نيست مر چيزيرا كححه وعححده فرمححوده‬
‫است خدا از نيكوئى جاى تركى ‪ ،‬و نيست در آنچه نهى فرموده از آن از‬

‫] ‪[ 331‬‬

‫بدى جاى رغبتى ‪ ،‬اى بنححدگان خححدا حححذر نمائيححد از روزى كححه جسححتجو مىشححود در آن‬
‫عملها ‪ ،‬و بسيار مىشود در آن زلزله ‪ ،‬و پير مىشوند در آن بچهگان ‪.‬‬

‫بدانيد اى بندگان خدا كه بر شما است نگهبانان از نفسهاى خودتان ‪،‬‬

‫و جاسوسان از أعضاء و جوارح شححما ‪ ،‬و نگهدارنححدگان راسححت و درسححت يعنححى كححرام‬
‫الكححاتبين كححه نگححه مىدارنححد عملهححاى شححما را و شححماره نفسححهاى شححما را در حححالتى كححه‬
‫نمىپوشاند شما را از ايشان تاريكى شححب تححار ‪ ،‬و پنهححان نمىسححازد شححما را از آنهححا در‬
‫محكم بسته شده ‪ ،‬و بدرستى كه فردا نزديكست از امروز مىرود امروز با آنچه كه در‬
‫اوست از خير و شر ‪ ،‬و مىآيد فردا در حالتى كه لحق است بآن ‪.‬‬

‫پس گويا هر مردى از شما بتحقيق رسيده است از زمين بمنزل تنهائى خود ‪،‬‬
‫جب أيقوم مرا بمنزل و‬ ‫ط گودال خود كه عبارتست از قبر او ‪ ،‬پس أى بسا تع ّ‬ ‫لخ ّ‬‫و بمح ّ‬
‫ل تفّرد غريبى ‪ ،‬و گويححا صححداى نفخححه صححور‬ ‫مكان از خانه تنهائى و منزل بيمناك و مح ّ‬
‫اسرافيل آمده است بشما ‪ ،‬و قيححامت احححاطه نمححوده بححر شححما ‪ ،‬و بيححرون آمدهايححد از قححبر‬
‫بجهة حكم عدل پروردگار كه تميز دهنده است ميان حق و باطل در حالتى كه بعيد شححده‬
‫است از شما باطلها ‪ ،‬و زايل شده از شما عّلتها ‪ ،‬و مستحق شححده اسححت بشححما حقيقتهححا و‬
‫بازگشته بشما امورات بمواضع بازگشتن خودشان ‪.‬‬

‫پحس پنحد گيريحد بحا عبرتهحا ‪ ،‬و عحبرت نمائيحد بحا تغّيحرات روزگحار ‪ ،‬و منتفحع باشحيد بحا‬
‫چيزهائى كه مىترساند شما را از عذاب نار ‪ ،‬و از سخط خداوند قهار ‪.‬‬

‫عععع‬
‫ع عع عععع عع عععع ععع‬

‫و هى المأة و السابعة و الخمسون من المختار فى باب الخطب و الظاهر أّنها مع الخطبة‬


‫الّثامنة و الّثمانين مّتحدتان ملتقطتان من خطبة طويلة قّدمنا روايتها من الكافي فححي شححرح‬
‫الخطبة التي أشرنا اليها‬

‫] ‪[ 332‬‬

‫أرسله على حين فترة من الّرسل ‪ ،‬و طححول هجعححة مححن المححم ‪ ،‬و انتقححاض مححن المححبرم ‪،‬‬
‫فجائهم بتصحديق اّلحذي بيحن يحديه ‪ ،‬و الّنحور المقتحدى بحه ‪ ،‬ذلحك القحرآن فاسحتنطقوه و لحن‬
‫ن فيه علححم مححا يححأتي و الحححديث عححن الماضححي ‪ ،‬و دواء‬
‫ينطق ‪ ،‬و لكن أخبركم عنه ‪ ،‬أل إ ّ‬
‫دائكم ‪ ،‬و نظم ما بينكم ‪.‬‬

‫ظلمة ترحة ‪ ،‬و أولجوا فيه نقمة ‪،‬‬


‫ل و أدخله ال ّ‬
‫منها فعند ذلك ل يبقى بيت مدر و ل وبر إ ّ‬
‫سماء عاذر ‪،‬‬
‫فيومئذ ل يبقى لهم في ال ّ‬

‫و ل في الرض ناصر ‪ ،‬أصفيتم بالمر غير أهلححه ‪ ،‬و أوردتمححوه غيححر ورده ‪ ،‬و سححينتقم‬
‫صححبر و‬‫ل مّمن ظلم مأكل بمأكل ‪ ،‬و مشربا بمشرب ‪ ،‬من مطاعم العلقححم ‪ ،‬و مشحارب ال ّ‬ ‫ا ّ‬
‫سيف ‪ ،‬و إّنما هححم مطايححا الخطيئآت ‪ ،‬و زوامححل‬ ‫المقر ‪ ،‬و لباس شعار الخوف ‪ ،‬و دثار ال ّ‬
‫الثام ‪ ،‬فاقسم ثّم أقسم لتنخمّنها أمّية من بعدي كما تلفظ الّنخامة ‪ ،‬ثّم ل تذوقها و ل تتطّعم‬
‫بطعمها أبدا ما كّر الجديدان ‪.‬‬

‫ععععع‬

‫) الفترة ( بين الّرسل انقطاع الوحى و الّرسالة و ) الهجعة ( الّنومة من الّليل أو من أّولححه‬
‫و ) أبرم ( الحبل جعله طاقين ثّم فتله و أبرم المر أحكمه و ) الترحة ( المّرة مححن الّتححرح‬
‫صصحححته بحححه و ) المأكحححل ( و‬
‫بالتحريحححك الهحححّم و الححححزن و ) أصحححفيت ( فلنحححا بكحححذا خ ّ‬
‫شرب و يجححوز هنححا أن يجعل بمعنححى المفعححول و‬ ‫) المشرب ( مصدران بمعنى الكل و ال ّ‬
‫صبر أو شبيه به أو السّم كالمقروزان‬
‫) المقر ( ككتف ال ّ‬

‫] ‪[ 333‬‬

‫فلس و ) الشعار ( ما يلى الجسد من الّثياب و ) الّدثار ( ما فوقه و ) المطايا ( جمع مطّية‬
‫و هى الّدابة تمطو أى تجّد في سيرها و ) الّزوامل ( جمع الّزاملة و هي اّلتي يحمل عليها‬
‫من البل و غيرها و ) تنخم ( دفع بشيء من أنفه أو صدره و ) الّنخامة ( بالضّم الّنخاعة‬
‫‪.‬‬

‫ععععععع‬

‫سلم ‪ :‬على فترة بمعنى في كما في قوله تعالى ‪:‬‬


‫على في قوله عليه ال ّ‬

‫ن‪.‬‬
‫سَلْيما َ‬
‫ك ُ‬
‫على ُمْل ِ‬
‫ن َأْهِلها َ‬
‫غْفَلٍة ِم ْ‬
‫ن َ‬
‫على حي ٍ‬
‫َ‬

‫و من في قوله ‪ :‬من الّرسل نشوية و كذا في قوله ‪ :‬من المم و مححن المححبرم ‪ ،‬و البححاء فححي‬
‫قوله فجائهم بتصديق آه يحتمل المصاحبة و الّتعدية ‪.‬‬

‫شححارح المعححتزلي ‪ :‬مححأكل منصححوب بفعححل مق حّدر أى يححأكلون مححأكل ‪ ،‬و البححاء هنححا‬ ‫قححال ال ّ‬
‫صلة كقوله تعالى ‪:‬‬
‫للمجازاة الّداّلة على ال ّ‬

‫نو‬
‫جِرمي َ‬‫ظهيرًا ِلْلُم ْ‬
‫ن َ‬
‫ن َأُكو َ‬
‫ى َفَل ْ‬
‫ت عََل ّ‬
‫ب ِبما َأْنَعْم َ‬
‫ل َر ّ‬
‫ضِهْم ميثاَقُهْم و قال سبحانه قا َ‬
‫َفِبما َنْق ِ‬
‫قححال البحرانححي ‪ :‬و مححأكل و مشححربا منصححوبان بفعححل مضححمر و الّتقححدير و يبححدلهم مححأكل‬
‫بمأكل ‪.‬‬

‫شارح المعتزلي من الفعححل سححببّية ل للمجححازاة ‪ ،‬و‬


‫ن الباء على ما قّرره ال ّ‬
‫ظاهر أ ّ‬
‫أقول ‪ :‬ال ّ‬
‫سببّية فل مشاحة ‪ ،‬و على تقرير البحراني فهححى للمقابلححة ‪،‬‬ ‫إن كان مراده بالمجازاة هى ال ّ‬
‫و على قول الّول فمن في قوله ‪ :‬من مطاعم العلقم و مشارب الصبر ‪،‬‬

‫بيان لمأكل و مشربا ‪ ،‬و على قول الّثاني فهى بيان لقوله ‪ :‬بمأكل و مشرب فافهم جّيدا ‪.‬‬

‫و النصاف أّنحه ل حاجحة إلحى تقحدير الفعحل ‪ ،‬بحل يجعحل محأكل و مشحربا مفعحولين لظلحم‬
‫بواسطة الحرف المقّدر ‪ ،‬و يجعل قوله ‪ :‬بمأكل متعّلقا بينتقم ‪ ،‬و على ذلك‬

‫] ‪[ 334‬‬
‫فيكون من مطاعم بيانا لقوله ‪ :‬لمأكل كمححا قحّدمناه فححي قححول البحرانححي ‪ ،‬و تقححدير الكلم و‬
‫ل ممن ظلم أحدا في أكل أو شرب بأكل من مطاعم العلقم و بشرب مححن مشححارب‬ ‫سينتقم ا ّ‬
‫ي على اولى الفهام‬ ‫صبر ‪ ،‬و على ذلك فيستقيم الكلم على أحسن نظام كما هو غير خف ّ‬ ‫ال ّ‬
‫‪.‬‬

‫عععععع‬

‫ن مدار هذه الخطبة على فصلين ‪:‬‬


‫اعلم أ ّ‬

‫ععععع ععععع‬

‫سلم و فضحيلة‬ ‫ل عليه و آله و سّلم و فضيلته عليه ال ّ‬ ‫في الشارة إلى بعثة الّرسول صّلى ا ّ‬
‫ل سبحانه و هو قوله ) أرسله على حيححن فححترة مححن الّرسححل و طححول‬ ‫ما جاء به من كتاب ا ّ‬
‫هجعة من المم ( قد تقّدم شرح هحاتين القرينححتين فححي شححرح الخطبححة الّثامنححة و الّثمححانين ‪،‬‬
‫فليراجع ثّمة ) و انتقاض من المبرم ( أى انتقاض ما أبرمه النبيحاء و الّرسحل محن أحكحام‬
‫الّدين و أحكموه من قوانين الشرع المبين ) فجائهم بتصحديق اّلحذي بيحن يحديه ( أى جحائهم‬
‫الّرسول مصاحبا بالّتصديق أى مصّدقا لما قبله فيكون الّتصديق وصفا لنفس الرسول كما‬
‫قال تعالى ‪:‬‬

‫ق‪.‬‬
‫ق ِلما َمَعُهْم َنَبَذ َفري ٌ‬
‫صّد ٌ‬
‫ل ُم َ‬
‫عْنِد ا ّ‬
‫ن ِ‬
‫ل ِم ْ‬
‫سو ٌ‬
‫َو َلّما جآَئُهْم َر ُ‬

‫و على كون الباء للّتعدية فالمعنى أّنه أتاهم بكتاب فيه تصديق اّلذي بين يديه ‪،‬‬

‫فيكون المصّدق هو الكتاب كما قال تعالى ‪:‬‬

‫ن َيَدْيِه ‪.‬‬
‫صّدقًا ِلما َبْي َ‬
‫ق ُم َ‬
‫حّ‬‫ب ِباْل َ‬
‫ك اْلِكتا َ‬
‫عَلْي َ‬
‫ل َ‬
‫َنّز َ‬

‫قال في مجمع البيان ‪ :‬أى لما قبلححه مححن كتححاب و رسححول عححن مجاهححد و قتححادة و الّربيححع و‬
‫سرين و إّنما قيل لما بين يديه لما قبله لّنه ظاهر له كظهور اّلذي بين يديه ‪.‬‬ ‫جميع المف ّ‬

‫] ‪[ 335‬‬

‫و قال الفخر الّرازي في تفسير هذه الية ‪ :‬الوصف الّثاني لهذا الكتاب قوله ‪:‬‬

‫سحلم و لمحا أخحبروا بحه‬


‫مصّدقا لما بين يديه ‪ ،‬و المعنى أّنه مصّدق لكتب النبياء عليهم ال ّ‬
‫ل‪.‬‬‫ل عّز و ج ّ‬‫عن ا ّ‬

‫ثّم في الية وجهان ‪:‬‬


‫ل لححم يكححن موافقححا‬ ‫حة القرآن لّنه لو كان من عند غير ا ّ‬ ‫ل بذلك على ص ّ‬ ‫الّول أّنه تعالى د ّ‬
‫لساير الكتب ‪ ،‬لّنه كان اّميا لم يختلط بأحد من العلما و ل تلّمذ لحد و ل قححرء علححى أحححد‬
‫شيئا ‪ ،‬و المفترى إذا كان هكذا امتنع أن يسلم عن الكذب و الّتحريف ‪ ،‬فلّما لم يكححن كححذلك‬
‫ل الّثاني قال أبححو مسححلم ‪ :‬المححراد منححه أّنححه تعححالى لححم‬
‫ثبت أّنه عرف هذه القصص بوحى ا ّ‬
‫ل بالّدعاء إلى توحيده و اليمححان بححه و تنزيهححه عّمححا ل يليححق بححه ‪ ،‬و المححر‬ ‫طإ ّ‬
‫يبعث نبّيا ق ّ‬
‫ل زمان ‪ ،‬فالقرآن مصّدق لتلك الكتب في‬ ‫شرايع اّلتي هي صلح ك ّ‬ ‫بالعدل و الحسان و ال ّ‬
‫كلّ ذلك بقي في الية سؤالن ‪:‬‬

‫ن تلك الخبار لغاية ظهورها سححماها‬


‫الّول كيف سّمى ما مضى بأّنه بين يديه و الجواب أ ّ‬
‫بهذا السم ‪.‬‬

‫ن القرآن ناسححخ لكححثر تلححك الحكححام و‬ ‫الثاني كيف يكون مصّدقا لما تقّدمه من الكتب مع أ ّ‬
‫ن أحكامهحا تثبححت إلححى‬‫شرة بحالقرآن و بالّرسحول و داّلحة علحى أ ّ‬
‫الجواب إذا كانت الكتب مب ّ‬
‫حين بعثته و أّنها تصير منسوخة عند نزول القرآن كححانت موافقححة للقححرآن ‪ ،‬فكححان القححرآن‬
‫ن القححرآن مصحّدق لهحا ‪ ،‬لنّ دلئل‬ ‫مصّدقا لها ‪ ،‬و أّمححا فيمححا عحدا الحكحام فل شحبهة فححي أ ّ‬
‫المباحث اللهّية ل تختلف في ذلك ‪ ،‬فهو مصّدق لها فححي الخبححار الححواردة فححي التححوراة و‬
‫النجيل ‪ ،‬هذا ‪.‬‬

‫سلم ‪ :‬وصفا للقرآن و الباء فيححه للّتعديححة بقرينححة‬


‫و الظهر كون الّتصديق في قوله عليه ال ّ‬
‫قوله ) و الّنور المقتدى به ( فاّنه وصحف لحه أيضحا و كحونه نحورا يهتحدى بحه فحي ظلمحات‬
‫الجهل ‪ ،‬و يقتدى بأحكامه ظاهر ‪ ،‬قال سبحانه ‪:‬‬

‫] ‪[ 336‬‬

‫ن‪.‬‬
‫ب ُمبي ٌ‬
‫ل ُنوٌر َو ِكتا ٌ‬
‫نا ّ‬
‫َقْد جآَئُكْم ِم َ‬

‫لح صحّلى‬
‫ل إعجازا لرسول ا ّ‬‫) ذلك ( الموصوف بما تقّدم هو ) القرآن ( المنزل من عند ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم ) فاستنطقوه ( يحتمل أن يكون المراد به المر باستفهام مضامينه و‬
‫ا ّ‬
‫تفهم ما تضّمته من الحقايق و الدقايق و الحلل و الحرام و الحدود و الحكام ‪.‬‬

‫و لّما كان الّتفّهم عنه بنفسححه غيححر ممكححن لشححتماله علححى المحكححم و المتشححابه و الّناسححخ و‬
‫ظاهر و الباطن و التنزيل و التأويل و غيرها عّقبه بقوله ) و لن ينطق ( أى‬ ‫المنسوخ و ال ّ‬
‫ل يمكن تفهيمه بنفسه أبدا بل ل بّد له من مححترجم فححأردفه بقححوله ) و لكححن أخححبركم عنححه (‬
‫سلم مترجمه و قّيمة و مفهم معانيه و ظواهره و بواطنه ‪.‬‬ ‫تنبيها على أّنه عليه ال ّ‬

‫و يجوز أن يكون استفعل بمعنى أفعل فيكون المراد باستنطاقهم له إنطاقهم إياه و لّما كان‬
‫ذلك موهما لكونه ذا نطححق بنفسححه أتححى بقححوله ‪ :‬و لححن ينطححق ‪ ،‬مححن بححاب الحححتراس اّلححذي‬
‫شرح من المحسححنات البديعيححة ثحّم عّقبححه بقححوله ‪ :‬و لكححن اخححبركم عنححه‬
‫عرفت في ديباجة ال ّ‬
‫ط مسطور بين الّدفتين ليس له لسان بل ل بّد له من ترجمان و هو عليححه‬ ‫تنبيها على أّنه خ ّ‬
‫سلم في الخطبة المأة و الثانية و الّثمانين‬ ‫سلم لسانه و ترجمانه و إلى ذلك يشير عليه ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫بقوله ‪:‬‬

‫فالقرآن آمر زاجر و صامت ناطق ‪ ،‬أى صامت بنفسه و ناطق بترجمانه ‪ ،‬و لعّلنححا نححذكر‬
‫شرح إليه هذا ‪.‬‬
‫ل حيثما بلغ ال ّ‬
‫لهذا الكلم معنى آخر في مقامه إنشاء ا ّ‬

‫سابع عشححر مححن الخطبححة الولححى الدّلححة‬ ‫و قد تقّدم في الّتذييل الّثالث من تذييلت الفصل ال ّ‬
‫ن دليححل القححرآن و قّيمححه و ترجمححانه و العححالم بمعححانيه و مبححانيه و‬
‫العقلّيححة و النقلّيححة علححى أ ّ‬
‫سلم و الطّيبون مححن أولده سححلم‬ ‫بأسراره و بواطنه و ظواهره هو أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫ل عليهم جميعا ‪.‬‬ ‫ا ّ‬

‫ن القرآن مشتمل على علم ما كان و محا يكحون و محا هحو كحائن و‬ ‫و قد علمت هناك أيضا أ ّ‬
‫لحقين كلّياتها‬
‫ن فيه علم ما يأتي ( أى أخبار ال ّ‬
‫إليه أشار هنا بقوله ) أل إ ّ‬

‫] ‪[ 337‬‬

‫و جزئياتها و أحوال المححوت و الحبرزخ و البعححث و الّنشححور و القيامحة و الجّنحة و الّنححار و‬


‫سائرون إلى الخححرى‬ ‫سابقون إلى الولى و ال ّ‬ ‫درجات الجنان و دركات الجحيم و أحوال ال ّ‬
‫‪ ،‬و تفاوت مراتب المثابين و المعاقبين في الثواب و العقاب شّدة و ضعفا و قّلة و كثرة و‬
‫غير ذلك مّما يحدث في المستقبل ‪.‬‬

‫سماء و الرض و‬ ‫سابقين و كيفّية بدء الخلق من ال ّ‬


‫) و الحديث عن الماضي ( أى أخبار ال ّ‬
‫سححلف و اممهححم و‬
‫شجر و الحجححر و الّنبححات و النسححان و الحيححوان و قصححص النبيححاء ال ّ‬
‫ال ّ‬
‫سلطين و غير ذلك مّما مضى ‪.‬‬ ‫معاصريهم من ملوك الرض و ال ّ‬

‫) و دواء دائكم ( لشتماله على الفضايل العلمّية و العملّية بها يحصل اصححلح الّنفححوس و‬
‫شحفاء محن المحراض الّنفسحانّية و الحبرء محن داء الغفلحة و الجهالحة ) و نظحم محا بينكحم (‬ ‫ال ّ‬
‫سياسّية اّلتي بها نظام العالم و استقامة المور ‪.‬‬
‫شرعية و الحكمة ال ّ‬ ‫لتضّمنه القوانين ال ّ‬

‫ععععع عععععع ) عععع (‬

‫في وصف حال بني امّية و الخبار عن ملكهم و ظلمهم و زوال دولتهم بعححد فسححادهم فححي‬
‫الرض و هو قوله ) فعند ذلك ل يبقى بيت مدر و ل وبر ( أى أهل الحضر و البدو ) إ ّ‬
‫ل‬
‫و أدخله الظلمة ( من بني أمّية و من أعوانهم ) ترحة ( أى هّما و حزنا ) و اولجححوا ( أى‬
‫سححماء‬
‫ادخلوا ) فيه نقمة ( و عقوبة ) فيومئذ ( يحيححق بهححم العححذاب و ) ل يبقححى لهححم فححي ال ّ‬
‫عاذر ( أى ناصر ) و ل في الرض ناصر ( فيزول دولتهم و يكسر صولتهم ‪.‬‬

‫ظلمححة و المتقاعححدين عححن ردعهححم عححن‬


‫و أردف ذلك بتوبيخ المخاطبين الّراضححين بفعححل ال ّ‬
‫ق لححه ) و‬
‫ظلمهم فقال ) أصفيتم بالمر ( أى آثرتم بأمر الخلفة ) غير أهله ( اّلذي هو ح ح ّ‬
‫أوردتموه غير ورده ( أى أنزلتموه عند من ل يستحّقه من الّول و الثاني و الّثالث و مححن‬
‫يحذ و حذوهم من معاوية و ساير بني امّية ‪ ،‬إذ الخطاب في أصفيتم‬

‫] ‪[ 338‬‬

‫ن المراد بححه العمححوم كسححاير الخطابححات‬


‫لأّ‬
‫جها إلى المخاطبين الحاضرين إ ّ‬
‫و إن كان متو ّ‬
‫شفاهّية ‪.‬‬
‫ال ّ‬

‫ل مّمن ظلحم مححأكل بمأكحل و مشحربا بمشححرب محن مطحاعم العلقححم و مشحارب‬ ‫) و سينتقم ا ّ‬
‫شهية بالمريرة ‪.‬‬‫صبر و المقر ( أى يبدل نعمتهم بالّنقمة و مطاعمهم الّلذيذة ال ّ‬‫ال ّ‬

‫صبر و المقر لمححا يتجّرعححونه مححن شححدايد‬ ‫شارح البحراني ‪ :‬و استعار لفظ العلقم و ال ّ‬ ‫قال ال ّ‬
‫القتل و أحوال العدّو و مرارات زوال الّدولة ) و ( ينتقم أيضا ب ) لباس شعار الخوف و‬
‫لزم عليهم لزوم الححّدثار ‪،‬‬ ‫سيف ال ّ‬
‫شعار و بال ّ‬ ‫لزم لهم لزوم ال ّ‬
‫سيف ( أى بالخوف ال ّ‬ ‫دثار ال ّ‬
‫سححيف‬ ‫ن الخححوف بححاطن فححي القلححوب و ال ّ‬ ‫شعار بالخوف و الّدثار بالسححيف ل ّ‬ ‫و تخصيص ال ّ‬
‫شعار ما كان يلى الجسححد مححن الّثيححاب و الحّدثار مححا فححوقه فناسححب‬ ‫ن ال ّ‬
‫ظاهر في البدن كما أ ّ‬
‫الّول بالّول و الّثاني بالّثاني ) و اّنما هم مطايا الخطيئآت و زوامححل الثححام ( يعنححى أّنهححم‬
‫شرعي ‪.‬‬ ‫سيئات لكون حركاتهم و سكناتهم كّلها على خلف القانون ال ّ‬ ‫حّمال المعاصي و ال ّ‬

‫ن المخحبر بحه واقحع ل‬ ‫ثّم أخبر عن زوال ملكهم و أتى بالقسحم البحاّر المؤّكحد تنبيهحا علحى أ ّ‬
‫ل العليم ) ثّم اقسم ( به و إّنه لقسححم لححو تعلمححون عظيححم ) لتنخمّنهححا‬
‫محالة فقال ) فاقسم ( با ّ‬
‫ن الخلفة بنو أمّية ) من بعدى كما تلفظ النخامة ( أى تدفع مححن الصححدر و‬ ‫امّية ( أى لتلفظ ّ‬
‫النف ) ثّم ل تذوق ( لّذت ) ها و ل تتطعحم بطعمهحا أبحدا محا كحّر الجديحدان ( أى الّليحل و‬
‫النهار يعني أّنهم ل يجدون حلوتها و ل يستلّذون بها و ل ينالون إليها أبدا ال حّدهر ‪ ،‬لنححه‬
‫ن مّدة ملكهم ألف شهر بقوله ‪:‬‬ ‫ل عليه و آله و سّلم إ ّ‬
‫تعالى قد أخبر نبّيه صّلى ا ّ‬

‫شْهٍر ‪.‬‬
‫ف َ‬
‫ن َأْل ِ‬
‫خْيٌر ِم ْ‬
‫َلْيلَُة اْلَقْدِر َ‬

‫سححلم و أولده‬
‫لح عليححه و آلححه و سحّلم أميححر المححؤمنين عليححه ال ّ‬
‫ل صحّلى ا ّ‬
‫و أخبره رسول ا ّ‬
‫الطاهرين ‪.‬‬
‫ل عليه‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫ي بن إبراهيم القّمي ) ره ( قال ‪ :‬رأى رسول ا ّ‬‫روى في الصافي عن عل ّ‬
‫ل سورة القدر ‪:‬‬
‫و آله و سّلم كان قرودا تصعد منبره فغّمه ذلك ‪ ،‬فأنزل ا ّ‬

‫] ‪[ 339‬‬

‫شْهٍر ‪.‬‬
‫ف َ‬
‫ن َأْل ِ‬
‫خْيٌر ِم ْ‬
‫ك ما َلْيَلُة اْلَقْدِر َلْيَلُة اْلقَْدِر َ‬
‫ِإّنا َأْنَزْلناُه في َلْيَلِة اْلَقْدِر َو ما َأْدري َ‬

‫تملك بنو أمّية ليس فيها ليلة القدر ‪.‬‬

‫ل عليه و آله و سّلم في‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫سلم أري رسول ا ّ‬ ‫و فيه عن الكافي عن الصادق عليه ال ّ‬
‫ن بنححي أمّيححة يصححعدون علححى منححبره مححن بعححده و يض حّلون النححاس عححن الصححراط‬ ‫منححامه أ ّ‬
‫سلم فقال ‪ :‬يا‬ ‫سلم ‪ :‬فهبط عليه جبرئيل عليه ال ّ‬ ‫القهقرى ‪ ،‬فأصبح كئيبا حزينا قال عليه ال ّ‬
‫ل مالى أراك كئيبا حزينا قال ‪ :‬يا جبرئيححل إّنححي رأيححت بنححي أمّيححة فححي ليلححتي هححذه‬ ‫رسول ا ّ‬
‫يصعدون منبري من بعدي يضّلون الّناس عن الصراط القهقححرى ‪ ،‬فقححال ‪ :‬و الححذي بعثححك‬
‫طلعت عليه ‪،‬‬
‫ق نبيا إّني ما ا ّ‬
‫بالح ّ‬

‫فعرج إلى السماء فلم يلبث أن نزل عليه بآى من القرآن يونسه بها قال ‪:‬‬

‫نو‬ ‫عْنُهحْم مححا كححاُنوا ُيَمّتُعححو َ‬


‫غنى َ‬ ‫ن ما َأ ْ‬ ‫عُدو َ‬ ‫ن ُثّم جآَئُهْم ما كاُنوا ُيو َ‬ ‫سني َ‬
‫ن َمّتْعناُهْم ِ‬ ‫ت ِإ ْ‬
‫أ َفَرأْي َ‬
‫ش حْهٍر‬
‫ف َ‬‫ن َأْل ِ‬‫خْيٌر ِم ْ‬
‫ك ما َلْيَلُة اْلَقْدِر َلْيَلُة اْلَقْدِر َ‬
‫أنزل عليه ِإّنا َأْنَزْلناُه في َلْيَلِة اْلَقْدِر َو ما َأْدري َ‬
‫‪.‬‬

‫ل ليلة القدر لنبّيه خيرا من ألف شهر ملك بني أمّية ‪ ،‬و في معناه اخبار أخر هذا و‬ ‫جعل ا ّ‬
‫سححفاح فححي شححرح الخطبححة المححأة و‬
‫قد تقّدم تفصيل زوال الّدولة الموّية و انقراضهم بيححد ال ّ‬
‫الّرابعة ‪ ،‬فليراجع هناك ‪.‬‬

‫ععععععع‬

‫ي پروردگححار اسححت در بعثححت پيغمححبر آخححر الزمححان و‬ ‫از جمله خطب آن بزرگوار و ولح ّ‬
‫فضيلت قرآن و وصف حال بني امّية و ظلححم ايشححان و زوال دولححت آنهححا بعححد از فسححاد و‬
‫طغيان مىفرمايد ‪:‬‬

‫فرستاد خداى تبارك و تعالى پيغمبر مختار را در زمان منقطع شدن وحى و خالى‬

‫] ‪[ 340‬‬

‫بودن آن از پيغمححبران ‪ ،‬و بححر درازى خححواب غفلححت از أّمتححان ‪ ،‬و هنگححام شكسححته شححدن‬
‫ريسمان پرتاب شريعت پيشينان ‪ ،‬پس آورد بايشان تصديق آن چيزى را كححه پيححش از او‬
‫بود از توراة و انجيل و زبور ‪ ،‬و آورد نورى را كححه اقتححدا و تبعّيححت مىشححود بححآن ‪ ،‬آن‬
‫نور عبارتست از قرآن پس طلب كنيد نطق و گفتار او را و حال آنكه أبدا گويححا نخواهححد‬
‫شد ‪ ،‬و لكن من خبر دهم شما را به مضمون آن از جهة اينكححه منححم ترجمححان قححرآن آگححاه‬
‫باشيد بدرستى در قرآن است علم آنچه كه خواهد آمححد و خححبر از گذشححته يعنححى متض حّمن‬
‫علم أّولين و آخرين است ‪ ،‬و در اوست دواء درد شما و نظام ما بين شما ‪.‬‬

‫از جمله آن خطبه است مىفرمايد ‪:‬‬

‫پس نزد دولت بنى أمّيه باقى نمىماند هيچ خانه كه ساخته شده باشححد از گححل و خشححت و‬
‫نه خانه كه بنا شده باشد از پشم يعنى نمىماند عمارتى در شهر و نه خرگاهى در بيابان‬
‫مگر اينكه داخل مىكنند ظلم در آن خانه هّم و حزن را ‪،‬‬

‫و در آورند در آن عقوبت و نقمحت را ‪ ،‬پححس در آن روز بحاقى نمانححد از بححراى ظلم در‬
‫آسمان عذر آورنده ‪ ،‬و نه در زمين يارى كننده ‪ ،‬اختيار كرديد شححما بححأمر خلفححت غيححر‬
‫أهل آن را ‪،‬‬

‫ل او ‪ ،‬و زود باشد كه انتقام بكشد خداوند قّهار‬ ‫و وارد كرديد أمر خلفت را در غير مح ّ‬
‫از كسى كه ظلم كرده باشد كسى را در مأكول و مشروبى با مححأكول و مشححروبى كححه از‬
‫مأكولت تلخ است و از مشروبات تلخ و بد مزه ‪ ،‬و با لباس باطني خوف و تححرس و بححا‬
‫لباس ظاهرى شمشير ‪ ،‬و بدرستى كه ايشان شتران بححار كححش گناهاننححد و شححتران توشححه‬
‫معاصى ‪ ،‬پس قسم مىخورم بخدا باز قسم مىخورم البته مىأندازد خلفت را بنى اميححه‬
‫بعد از من چنانچه انداخته شود آب دهن از دهن پس از آن نچشند هرگز چاشنى خلفت‬
‫را ‪ ،‬و نمىخورند طعام آن را هيچ مادامى كه باز گردد شب و روز ‪.‬‬

‫] ‪[ 341‬‬

‫عععع‬
‫ع عع عععع عع عععع ععع‬

‫و هى المأة و الثامنة و الخمسون من المختار فى باب الخطب و لقد أحسنت جححواركم ‪ ،‬و‬
‫أحطت بجهدي من ورائكم ‪،‬‬

‫ضيم ‪ ،‬شكرا مّني للبّر القليل ‪،‬‬


‫ل ‪ ،‬و حلق ال ّ‬
‫و أعتقتكم من ربق الّذ ّ‬

‫و إطراقا عّما أدركه البصر ‪ ،‬و شهده البدن من المنكر الكثير ‪.‬‬
‫ععععع‬

‫) الجوار ( بالضّم و قد يكسر المجاورة و ) الّربححق ( بالكسححر وزان حمححل حبححل فيححه عحّدة‬
‫ل عروة ربقة بالكسر و الفتح و يجمع علححى ربححق كعنححب و أربححاق‬ ‫عرى يشّد به البهم و ك ّ‬
‫لم علححي غيححر‬ ‫كأصحاب و رباق كجبححال و ) الحلححق ( بالتحريححك جمححع الحلقححة بسححكون ال ّ‬
‫سكون كبدرة و بدر و علحى حّلحق كقصحعة و قصحع ‪ ،‬و‬ ‫القياس و رّبما يجمع على حلق بال ّ‬
‫ن الحلقة بالفتح ‪ ،‬و على هححذا فححالجمع بحححذف الهححاء‬ ‫حكى يونس عن أبي عمرو بن العل أ ّ‬
‫قياس كقصبة و قصب ‪ ،‬قاله الفيومى في مصباح الّلغة ‪.‬‬

‫ععععععع‬

‫الواو في قوله ‪ :‬و لقد ‪ ،‬للقسم و المقسم به محححذوف لكححونه معلومححا ‪ ،‬و شححكرا مفعححول لححه‬
‫للفعال المتقّدمة على سبيل التنازع ‪ ،‬و من في قوله ‪ :‬من المنكر ‪ ،‬بيان لما أدركه ‪.‬‬

‫عععععع‬

‫ن على المخاطبين‬
‫ظاهر أّنه خاطب به أهل الكوفة ‪ ،‬و الغرض منه الم ّ‬
‫ال ّ‬

‫] ‪[ 342‬‬

‫سلم معهحم و صحفحه عنهحم و الغحض عحن خطيئاتهحم‬ ‫و الّتنبيه على حسن مداراته عليه ال ّ‬
‫على كثرتها كما قال ) و لقد أحسنت جواركم ( أي مجاورتكم أى كنت لكم جححار حسححن و‬
‫سلم المأة و الّتاسححع و العشححرين حيححث‬
‫قد وقع نظير التعبير بهذه الّلفظة في كلمه عليه ال ّ‬
‫قال هناك ‪ :‬و إّنما كنت جارا جاوركم بدنى أّياما ‪ ،‬و أراد بمجاورته لهم مطلق المصاحبة‬
‫و المعاشرة على سبيل الكناية ‪.‬‬

‫سححلم ارتحححل مححن المدينححة إلححى البصححرة‬


‫و يجوز أن يراد به معناه الحقيقى ‪ ،‬لّنححه عليححه ال ّ‬
‫لجهاد الّناكثين ‪ ،‬و احتاج إلححى الستنصححار بأهححل الكوفحة إذ لحم يكححن جيححش الحجحاز وافيححا‬
‫شام فاضطّر إلى المقححام بينهححم و صححار جححارا‬ ‫بمقابلتهم ‪ ،‬ثّم اّتصلت تلك الفتنة بفتنة أهل ال ّ‬
‫سبعين و شرحه ‪.‬‬ ‫لهم كما تقّدم الشارة إلى ذلك في الكلم ال ّ‬

‫) و أحطت بجهدى من ورائكم ( قيل ‪ :‬أراد بالحاطة من الححوراء دفححع مححن يريححدهم بش حّر‬
‫ن العدّو غالبا يكون من وراء الهارب ‪.‬‬
‫لّ‬

‫سلم قّوة ظهرهم و شّد ازرهححم ) و أعتقتكححم‬ ‫ظاهر أّنه أراد أّنه كان به عليه ال ّ‬‫أقول ‪ :‬بل ال ّ‬
‫ل السر و ظلم العحداء ‪ ،‬و‬ ‫ضيم ( و الظلم أراد به أّنه دفع عنهم ذ ّ‬‫من ربق الّذل و حلق ال ّ‬
‫سلم لهم و اعتزازهم به ) شكرا مّني للبّر القليحل ( أى ثنحاء مّنحى‬ ‫المقصود حمايته عليه ال ّ‬
‫ضا ) عّما أدركه البصر‬ ‫و محمدة لفعالكم الحسنة على قّلتها ) و إطراقا ( أى سكوتا و غ ّ‬
‫و شهده البدن من المنكر الكححثير ( و إطراقححه عنهححم مححع مشححاهدتهم علححى المنكححرات علححى‬
‫كثرتها إّما لعدم تمّكنه من النكار و الّردع بالعنف و القهر ‪،‬‬

‫أول نجراره إلى ما هو أعظم فسادا و مفسدة مّماهم عليه ‪.‬‬

‫شارح البحراني ‪ :‬و ظاهر أّنهم كانوا غير معصومين ‪ ،‬و محال أن يسحتقيم دولحة أو‬
‫قال ال ّ‬
‫يتّم ملك بدون الحسان إلى المحسنين من الّرعّية و الّتجاوز عن بعض المسيئين ‪.‬‬

‫ععععععع‬

‫از جمله خطب فصاحت نظام و بلغت فرجام آن امام أنام است در اظهار حسححن رفتححار‬
‫و كردار خود نسبت بأصحاب و أتباع ميفرمايد ‪:‬‬

‫] ‪[ 343‬‬

‫ق جححوار را خححوب بجححا‬ ‫قسم بخدا هححر آينححه بتحقيححق نيكححو كححردم همسححايگى شححما را و حح ّ‬
‫آوردم ‪ ،‬و احححاطه نمححودم بقححدر طححاقت خححود از پححس شححما ‪ ،‬و آزاد كححردم شححما را از‬
‫ريسمانهاى ذّلت و از حلقههاى ظلم و ستم بجهت تشّكر از من مر نيكوئى أنححدك شححما را‬
‫كه آن طاعت قليل شما است نسححبت بمححن ‪ ،‬و بجهححة سحكوت و چشححم در پيححش افكنححدن از‬
‫آنچه كه درك نمود آن را چشم من و مشاهده كرد آن را بححدن مححن از منكححرات و أعمححال‬
‫قبيحه كثيره ‪ ،‬بجهت اينكه دفع آن مؤّدى بر فساد عظيم مىشد ‪.‬‬

‫عععع‬
‫ع عع عععع عع عععع ععع‬

‫و هى المأة و التاسعة و الخمسون من المختار فى باب الخطب و شرحها في فصلين ‪:‬‬

‫ععععع ععععع‬

‫أمره قضاء و حكمة ‪ ،‬و رضاه أمان و رحمة ‪ ،‬يقضي بعلم ‪ ،‬و يعفو بحلم ‪،‬‬

‫اّللهّم لك الحمد على ما تأخذ و تعطي ‪ ،‬و على محا تعحافي و تبتلحي ‪ ،‬حمحدا يكحون أرضحى‬
‫ب الحمد إليك ‪ ،‬و أفضل الحمد عندك ‪،‬‬
‫الحمد لك ‪ ،‬و أح ّ‬

‫حمدا يملء ما خلقت ‪ ،‬و يبلغ ما أردت ‪ ،‬حمدا ل يحجب عنك ‪،‬‬
‫ل أّنححا‬
‫و ل يقصر دونك ‪ ،‬حمدا ل ينقطع عدده ‪ ،‬و ل يفنى مدده ‪ ،‬فلسنا نعلم كنه عظمتك إ ّ‬
‫ى قّيوم ‪ ،‬ل تأخذك سنة و ل نوم ‪ ،‬لم ينتححه إليححك نظححر ‪ ،‬و لححم يححدركك بصححر ‪،‬‬
‫نعلم أّنك ح ّ‬
‫أدركت البصار ‪،‬‬

‫و أحصيت العمال ‪ ،‬و أخذت بالّنواصي و القدام ‪ ،‬و ما اّلذي نري‬

‫] ‪[ 344‬‬

‫من خلقك ‪ ،‬و نعجب له من قدرتك ‪ ،‬و نصفه من عظيم سلطانك ‪،‬‬

‫و ما تغّيب عّنا منه ‪ ،‬و قصرت أبصارنا عنه ‪ ،‬و انتهت عقولنا دونه ‪،‬‬

‫و حالت سواتر الغيوب بيننا و بينه أعظم ‪ ،‬فمن فرغ قلبحه ‪ ،‬و أعمحل فكحره ‪ ،‬ليعلحم كيحف‬
‫أقمت عرشك ‪ ،‬و كيف ذرأت خلقك ‪ ،‬و كيف عّلقت في الهواء سمواتك ‪ ،‬و كيححف مححددت‬
‫على مور الماء أرضك رجع طرفه حسيرا ‪ ،‬و عقله مبهححورا ‪ ،‬و سححمعه والهححا ‪ ،‬و فكححره‬
‫حائرا ‪.‬‬

‫ععععع‬

‫ل محى عنه السقام و العافية اسم منه و هى مصدر جححائت علححى‬ ‫قال الفيومى ) عافاه ( ا ّ‬
‫فاعلة ‪ ،‬و مثله ناشئة الّليل بمعنى نشوء الّليل و الخاتمة بمعنى الختم ‪،‬‬

‫و العاقبة بمعنى العقب ‪ ،‬و ليس لوقعتها كاذبة و ) حسر ( البصحر حسحورا محن بحاب قعحد‬
‫كلّ لطول مدى و نحوه فهو حسير و ) بهره ( بهرا من باب نفححع غلبححه و منححه قيححل للقمححر‬
‫الباهر لظهوره على ساير الكواكب و ) اله ( تحّير ‪.‬‬

‫ععععععع‬

‫سلم ‪ :‬و ما اّلذي نححرى‬ ‫ل الّنصب على الحال ‪ ،‬و ما في قوله عليه ال ّ‬ ‫جملة ل تأخذه في مح ّ‬
‫سلم ‪ :‬و ما تغّيب ‪ ،‬حالّيححة و مححا‬ ‫للستفهام على وجه الستحقار ‪ ،‬و الواو في قوله عليه ال ّ‬
‫ل على البتداء و خبره أعظم ‪.‬‬ ‫ى بمعنى اّلذي مرفوع المح ّ‬
‫موصول اسم ّ‬

‫عععععع‬

‫ل سبحانه و تبجيله بجملة‬


‫ن هذا الفصل من الخطبة متضّمن لتعظيم ا ّ‬
‫اعلم أ ّ‬

‫] ‪[ 345‬‬
‫سححلم ) أمححره قضححاء و حكمححة ( يجححوز أن‬ ‫من نعوت كماله و أوصاف جماله قال عليححه ال ّ‬
‫يراد بأمره المر الّتكويني أعني الختراع و الحداث ‪ ،‬فيكححون القضححاء بمعنححى النفححاذ و‬
‫المضاء ‪ ،‬و حمله عليه حينئذ من باب المبالغة أو المصدر بمعنححى الفاعححل أو المفعححول ‪،‬‬
‫ن أمره سبحانه نافذ و ممضى ل راّد له و ل دافع كما قال عّز من قححائل ِإّنمححا َأْم حُرُه‬ ‫يعني أ ّ‬
‫ن‪.‬‬‫ن َفَيُكو ُ‬
‫ل َلُه ُك ْ‬
‫ن َيُقو َ‬
‫شْيئًا َأ ْ‬
‫ِإذا َأراَد َ‬

‫اى إذ أراد أن يكّونه فيكون ‪.‬‬

‫قال الّزمخشري ‪ :‬فان قلت ‪ :‬ما حقيقة قوله ‪ :‬أن يقول له كن فيكون ؟‬

‫قلت ‪ :‬هو مجاز من الكلم و تمثيل لّنه ل يمتنع عليه شيء مححن المكّونححات و أّنححه بمنزلححة‬
‫من المأمور المطيع إذا ورد عليه أمر المر المطححاع ‪ ،‬و المححراد بالحكمححة حينئذ العححدل و‬
‫ن أمره تعالى نافذ في جميع الموجودات و المكّونححات ‪،‬‬ ‫صل المعنى أ ّ‬
‫الّنظام الكمل ‪ ،‬فمح ّ‬
‫متضّمن للعدل ‪ ،‬و مشتمل على النظام الكمل ‪.‬‬

‫ن أمححره‬
‫و يجوز أن يراد به المر الّتكليفي فيكون القضاء بمعنححى الحتححم و اللححزام يعنححى أ ّ‬
‫سبحانه حتم و إلزام مشتمل علححى الحكمححة و المصححلحة فححي المححأمور بححه كمححا هححو مححذهب‬
‫العدلّية من كون الوامححر و الّنححواهي تابعححة للمصححالح و المفاسححد الكامنححة الواقعّيححة ‪ ،‬و قححد‬
‫تكون المصلحة في نفس المر دون المأمور به كما في الوامر البتلئّية ‪.‬‬

‫ن شححأنه تعححالى‬
‫شأن فيكححون القضححاء بمعنححى الحكححم ‪ ،‬يعنححي أ ّ‬
‫و يجوز أن يكون المراد به ال ّ‬
‫حكم و حكمة لّنححه القححادر القححاهر العححالم العححادل ‪ ،‬فبمقتضححى قحدرته و سححلطانه ححاكم ‪ ،‬و‬
‫بمقتضى علمه و عدله حكيم ‪.‬‬

‫شأن قد صّرح بححه غيححر واحححد منهححم الّزمخشححري فححي تفسححير اليححة‬
‫و كون المر بمعنى ال ّ‬
‫سابقة قال ‪ :‬إّنما أمحره إّنمحا شحأنه إذا أراد شحيئا إذا دعحاه داعحى حكمحة إلحى تكحوينه و ل‬
‫ال ّ‬
‫صارف أن يقول له كن أن يكّونه من غير توّقف ‪ ،‬فيكون فيحدث أى فهو كائن موجود ل‬
‫محالة ‪.‬‬

‫] ‪[ 346‬‬

‫) و رضاه أمان و رحمة ( أى أمان من الّنار و رحمة للبرار إذ رضوانه سححبحانه مبححدء‬
‫ل لّذة و بهجة كما قال تعالى ‪:‬‬
‫ل منحة و نعمة ‪ ،‬و منشاء ك ّ‬
‫كّ‬

‫ل َأْكَبُر ‪.‬‬
‫ن ا ِّ‬
‫ن ِم َ‬
‫ضوا ٌ‬
‫َو ِر ْ‬
‫) يقضى بعلم ( أى يحكم بما يحكم به لعلمه بحسن ذلك القضاء و اقتضاء الحكمة و العدل‬
‫ن قححوله ) و يعفححو بحلححم ( بمنزلححة‬ ‫له و هو كالتفسير لقوله ‪ :‬أمححره قضحاء و حكمححة ‪ ،‬كمحا أ ّ‬
‫طاعححة بعححد تقحّدم‬
‫ن العفو يعححود إلححى الّرضححا بال ّ‬‫الّتفسير لقوله ‪ :‬و رضاه أمان و رحمة ‪ ،‬ل ّ‬
‫الّذنب ‪ ،‬و إّنما يتحّقق العفو مع القدرة على العقاب إذ العجز عححن النتقححام ل يسحّمى عفححوا‬
‫ن عفوه لكونه حليما ل يستنفره الغضب ‪.‬‬ ‫فلذلك قال ‪ :‬يعفو بحلم ‪ ،‬يعني أ ّ‬

‫ثّم أثنى عليه تعالى بالعتراف بنعمه فقال ) الّلهّم لك الحمد على ما تأخذ و تعطى و علححى‬
‫شدة و الّرخاء ‪ ،‬و قد تقّدم تحقيق معنى‬
‫ضّراء و ال ّ‬
‫سّراء و ال ّ‬
‫ما تعافي و تبتلى ( أى على ال ّ‬
‫ل سبحانه للحمد بهذين الوصفين في شححرح الخطبححة‬ ‫الخذ و العطاء ‪ ،‬و وجه استحقاق ا ّ‬
‫المحأة و الّثانيحة و الّثلثيحن ‪ ،‬و وجححه اسحتحقاقه للحمحد علححى البلء و البتلء هنححاك أيضحا‬
‫مضافا إلى شرح الخطبة المأة و الّثالثة عشر ‪.‬‬

‫لح عحّز و عل الغنحيّ‬ ‫نا ّ‬ ‫و أقول هنا زيادة على ما تقّدم ‪ :‬إّنه قد ثبححت فححي علححم الصححول أ ّ‬
‫ل مخلححوق بجححوده ‪ ،‬و‬ ‫المطلق عّما سواه و المتعالى عن الحاجة إلى ما عداه ‪ ،‬بل غنححي كح ّ‬
‫ق العبححاد مححن الخححذ و‬ ‫ل موجود بوجوده ‪ ،‬فاذا جميع ما يصدر عنه سبحانه فححي حح ّ‬ ‫قوام ك ّ‬
‫العطاء و المعافاة و البتلء و الفتقار و الغناء ليس الغرض منها جلب منفعة لذاته أو‬
‫دفع مضّرة عن نفسه ‪ ،‬بل الغرض منها كّلها مصالح كامنة للمكّلفين و منافع عححائدة إليهححم‬
‫ل ح سححبحانه بححالقّوة العاقلححة أو بتعليححم‬
‫ل بعضا منها مّما عّلمنا ا ّ‬‫يعلمها سبحانه و ل نعلمها إ ّ‬
‫ل الفقر و لو استغنى لطغى ‪،‬‬ ‫حججه ‪ ،‬فكم من فقير ل يصلحه إ ّ‬

‫ب مريححض لححو كححان معتححدل‬


‫ل الغنححى و لححو افتقححر لكفححر ‪ ،‬و ر ّ‬
‫ي ل يصححلحه إ ّ‬‫و كم من غنح ّ‬
‫شهوات و اقتحم في الهلكات ‪ ،‬و كأّين من صحيح البنية لو مرض‬ ‫المزاج ل نهمك في ال ّ‬

‫] ‪[ 347‬‬

‫ق المكّلفيححن فهححو فححي‬ ‫ب المنّية ‪ ،‬و هكذا جميع ما يفعله سبحانه فححي حح ّ‬
‫لم يصبر عليه و أح ّ‬
‫عَلْيُك حْم ِنَعَم حُه‬
‫سَبَغ َ‬
‫الحقيقة نعمة منه تعالى عليهم ظاهرة أو باطنة كما قال عّز من قائل َو أ ْ‬
‫ن هذه كّلها إنعام منه سبحانه عليهم ‪،‬‬
‫طَنًة فاذا ثبت أ ّ‬
‫ظاِهَرًة َو با ِ‬

‫شكر على الّنعححم فححرض‬


‫و إحسان اليهم ظهر وجه استحقاقه للحمد و الّثناء عليها كّلها إذ ال ّ‬
‫عقل و نقل هذا ‪.‬‬

‫ل على ما ذكرنا من كون البتلء منه تعالى في الحقيقة نعمة منه على العباد ما رواه‬ ‫و يد ّ‬
‫سلم قال ‪ :‬إّنه ليكون للعبححد منزلححة‬
‫ل عليه ال ّ‬
‫في الكافي عن سليمان بن خالد عن أبي عبد ا ّ‬
‫ل باحدى خصلتين ‪ :‬إّما بذهاب في ماله أو ببلّية في جسده ‪.‬‬ ‫ل فما ينالها إ ّ‬
‫عند ا ّ‬
‫ق لححم‬
‫ن أهححل الحح ّ‬
‫سلم يقححول ‪ :‬إ ّ‬
‫ل عليه ال ّ‬
‫و فيه عن يونس بن رباط قال ‪ :‬سمعت أبا عبد ا ّ‬
‫ن ذلك إلى مّدة قليلة و عافية طويلة ‪.‬‬
‫يزالوا منذ كانوا في شّدة اما إ ّ‬

‫لح‬
‫ن المححؤمن مححن ا ّ‬
‫سلم يقول إ ّ‬
‫ل عليه ال ّ‬
‫و فيه عن عبيد بن زرارة قال ‪ :‬سمعت أبا عبد ا ّ‬
‫ل لبأفضل مكان ثلثا إّنه ليبتليه بالبلء ثّم ينزع نفسه عضوا عضوا و هححو يحمححد‬ ‫عّز و ج ّ‬
‫ل على ذلك ‪.‬‬‫ا ّ‬

‫ثّم أخذ في تفخيم شأن حمده عليه و تعظيمححه باعتبححار كيفّيتححه فقححال ) حمححدا يكححون أرضححي‬
‫ب الحمد إليك و أفضل الحمد عنححدك‬ ‫الحمد لك ( أى أكمل رضاء منك به من غيره ) و أح ّ‬
‫( أى أشّد محّبة منك إليححه و أرفححع منزلححة عنححدك مححن سححاير المحامححد لّتصححافه بالفضححل و‬
‫الكمال و رجحانه على ما سواه ‪.‬‬

‫سححماء و العححرش و‬
‫ثّم اتبعه بتفخيمه باعتبار كمّيته فقححال ) حمححدا يملء مححا خلقححت ( مححن ال ّ‬
‫الرض ) و يبلغ ما أردت ( من حيث الكثرة و الّزيادة ‪.‬‬

‫ثّم بتفخيمحه باعتبحار الخلحوص فقحال ) حمحدا ل يحجحب عنحك و ل يقصحر ( أى ل يحبحس‬
‫) دونك ( لخلوصه من شوب العجب و الّريا و ساير ما يمنعحه عححن الوصححول إلحى درجحة‬
‫القبول و الّرضا ثّم باعتبار ماّدته فقححال ) حمححدا ل ينقطححع عححدده و ل يفنححى مححدده ( هححذا و‬
‫تكرار‬

‫] ‪[ 348‬‬

‫لفظ الحمد إّما لقصد الّتعظيم كما في قوله ‪:‬‬

‫ك مححا‬
‫ن و في قوله ‪ِ :‬إّنا َأْنَزْلناُه في َلْيَلِة اْلَقْدِر َو ما َأْدري َ‬
‫ب اْلَيمي ِ‬
‫صحا ُ‬
‫ن ما َأ ْ‬
‫ب اْلَيمي ِ‬
‫صحا ُ‬ ‫َو َأ ْ‬
‫َلْيَلُة اْلَقْدِر ‪.‬‬

‫شاعر ‪:‬‬
‫أو للّتلّذذ بذكر المكّرر كما في قول ال ّ‬

‫سححححححححححححححلم علححححححححححححححى نجححححححححححححححد‬‫لحححححححححححححح نجححححححححححححححدا و ال ّ‬


‫سححححححححححححححقى ا ّ‬
‫و يححححححححححححححا حّبححححححححححححححذا نجححححححححححححححد علححححححححححححححى النححححححححححححححاى و البعححححححححححححححد‬

‫نظححححححححححححححححححرت إلححححححححححححححححححى نجححححححححححححححححححد و بغححححححححححححححححححداد دونححححححححححححححححححه‬


‫لعّلى أرى نجدا و هيهات من نجد‬

‫و في قوله ‪:‬‬
‫ل يححححححححححححححححا ظبيححححححححححححححححات القححححححححححححححححاع قلححححححححححححححححن لنححححححححححححححححا‬
‫تححححححححححححححححا ّ‬
‫ن أم ليلى من البشر‬ ‫ليلى منك ّ‬

‫سلم لّما بالغ في حمده سبحانه و الّثناء عليححه مححن حيححث‬ ‫أو للهتمام بشأنه ‪ ،‬ثّم إّنه عليه ال ّ‬
‫الكيف و الكّم و الخلوص و العدد و المدد ‪ ،‬و كححان الحمححد عبححارة عححن الوصححف بالجميححل‬
‫ق معرفتها‬ ‫على وجه الّتعظيم و الّتبجيل ‪ ،‬و كان ذلك موهما لمعرفة عظمة المحمود له ح ّ‬
‫‪ ،‬عّقب ذلك بالعتراف بالعجز عن عرفان كنه عظمتحه ‪ ،‬تنبيهحا علححى عححدم إمكحان القيحام‬
‫بوظايف الّثناء عليه و إن بولغ فيه منتهى المبالغة ‪ ،‬تأسّيا بما صدر عن صدر الّنبحّوة مححن‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬ل احصى ثناء عليححك أنححت كمححا‬ ‫العتراف بالعجز حيث قال صّلى ا ّ‬
‫أثنيت على نفسك ‪ ،‬و لهذا أتى بالفاء المفيدة للّتعقيححب و الّتصححال فقححال ) فلسححنا نعلححم كنححه‬
‫ظاهرة و الباطنة من المتفّكرة و المتخّيلة و غيرهما و القّوة‬ ‫عظمتك ( لقصور المشاعر ال ّ‬
‫العقلنية و إن كانت على غاية الكمال و بلغححت إلححى منتهححى معارجهححا عححن إدراك ذاتححه و‬
‫ل أّنا نعلم ( أى لكن نعرفك بصفات جمالححك و جللححك فنعلححم ) أّنححك حح ّ‬
‫ي‬ ‫اكتناه عظمته ) إ ّ‬
‫قّيوم ( ‪.‬‬

‫ى الباقي اّلذي ل سبيل عليه للفناء و على اصطلح المتكّلمين اّلححذي‬ ‫شاف ‪ :‬الح ّ‬ ‫قال في الك ّ‬
‫ح أن يعلم و يقدر ‪ ،‬و القّيوم الّدائم القيام بتدبير الخلق و حفظه ) ل تأخذك سححنة ( هحى‬‫يص ّ‬
‫طريق الولحى و هحو تأكيحد للّنحوم‬
‫ما يتقّدم الّنوم من الفتور يسّمى الّنعاس ) و ل نحوم ( بحال ّ‬
‫المنفي ضمنا ‪.‬‬

‫] ‪[ 349‬‬

‫ن من جاز عليه ذلححك اسححتحال أن يكححون قّيومححا ‪ ،‬و‬ ‫قال الّزمخشري ‪ :‬و هو تأكيد للقّيوم ل ّ‬
‫سلم أنه سأل الملئكة و كان ذلك ‪ 1‬من قومه كطلححب الرؤيححة ‪:‬‬ ‫منه حديث موسى عليه ال ّ‬
‫لح إليهحم أن يوقظححوه ثلثححا و ل يححتركوه ينححام ‪ ،‬ثحّم قححال ‪ :‬خحذ بيححدك‬‫أينام رّبنحا ؟ فحأوجى ا ّ‬
‫لح عليحه النعحاس فضحرب إححديهما علحى الخحرى‬ ‫قارورتين مملحّوتين فأخحذهما و ألقحى ا ّ‬
‫فانكسرتا ‪ ،‬ثّم أوحى إليه قل لهؤلء إّنى امسك السححماوات و الرض بقححدرتي فلححو أخححذني‬
‫نوم أو نعاس لزالتا ‪.‬‬

‫و كيف كان فالمقصود بقوله ‪ :‬ل تأخذك سنة و ل نوم تنزيهه تعالى عن صححفات البشححر و‬
‫تقديسه عن لوازم المزاج الحيواني ‪.‬‬

‫فان قلت ‪ :‬مقتضى المقام أن ينفى النححوم أّول و السححنة ثانيححا إذ مقححام التقححديس يناسححبه نفححى‬
‫القوى ثّم الضعف كما تقول ‪ :‬زيد ل يقّدم على الحرام بل ل يأتي بححالمكروه ‪ ،‬و فلن ل‬
‫ن التمجيد بالثبات على عكححس ذلححك ‪ ،‬فيقحّدم فيححه‬ ‫يفوت عنه الفرايض و ل النوافل ‪ ،‬كما أ ّ‬
‫غير البلغ على البلغ تقول ‪ :‬فلن عالم تحرير و جواد فياض ‪.‬‬
‫ل سبحانه و ملحظححة للححترتيب الطححبيعي ‪،‬‬ ‫قلت ‪ :‬سّلمنا و لكنه قّدم سلب السنة تبعا لكلم ا ّ‬
‫ن السنة لما كانت عبارة عن الفتور المتقّدم عححن النححوم فسححاق الكلم علححى طبححق مححا فححي‬
‫فا ّ‬
‫نفس المر ‪.‬‬

‫ي أو بصري ) و لم يدركك بصر ( قد تق حّدم تحقيححق عححدم امكححان‬ ‫) لم ينته إليك نظر ( عقل ّ‬
‫إدراكه تعالى بالنظر و البصر أي بالمشاعر الباطنة و الظاهرة في شححرح الفصححل الثححاني‬
‫من الخطبة الولى و شححرح الخطبححة التاسححعة و الربعيححن و الخطبححة الّرابعححة و السّححتين و‬
‫ن قوله عليه‬ ‫الفصل الّثاني من الخطبة الّتسعين مستوفي و أقول هنا مضافا إلى ما سبق ‪ :‬إ ّ‬
‫ن المة قد اختلفوا في رؤية‬ ‫سلم ‪ :‬لم يدركك بصر ‪ ،‬إبطال لزعم المجّوزين للّرؤية ‪ ،‬فا ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ل تعالى على أقوال ‪ ،‬فذهب المامّية و المعتزلة إلى امتناعها مطلقا ‪ ،‬و ذهبت المشححّبهة‬ ‫ا ّ‬
‫و الكرامّية إلى جوازها‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬تت تتت تتت تتتتتت ت ت تت ت ت تتت ت تتت ت‬
‫تتتتتتتتت ت تتت‬

‫] ‪[ 350‬‬

‫منّزها عن المقابلة و الجهة و المكان ‪.‬‬

‫ن رؤيتححه تعححالى جححايزة‬‫قال العرابي في كتاب إكمال الكمال ناقل عن بعححض علمححائهم إ ّ‬
‫ل عليه و آله و سححّلم‬‫ي صّلى ا ّ‬ ‫في الّدنيا عقل ‪ ،‬و اختلف في وقوعها و في أّنه هل رآه النب ّ‬
‫صحابة و الّتابعين و المتكّلمين ‪،‬‬ ‫ليلة السرى أم ل ‪ ،‬فأنكرته عايشة و جماعة من ال ّ‬

‫صححه بالّرؤيححة و موسححى بححالكلم و إبراهيححم‬


‫لح اخت ّ‬
‫نا ّ‬
‫و أثبت ذلك ابححن عبححاس ‪ ،‬و قححال ‪ :‬إ ّ‬
‫ي ‪ ،‬و جماعة من أصحابه و ابن حنبل و‬ ‫سلف ‪ ،‬و الشعر ّ‬ ‫بالخّلة ‪ ،‬و أخذ به جماعة من ال ّ‬
‫كان الحسن يقسم لقد رآه ‪ ،‬و قد توّقف فيه جماعة ‪ ،‬هذا حال رؤيته في الّدنيا ‪.‬‬

‫سنة و أحالها المعتزلة‬


‫و أّما رؤيته في الخرة فجايزة عقل ‪ ،‬و أجمع على وقوعها أهل ال ّ‬
‫ن القوى و الدراكات ضححعيفة فححي‬ ‫و المرجئة و الخوارج ‪ ،‬و الفرق بين الّدنيا و الخرة أ ّ‬
‫الّدنيا حّتى إذا كانوا في الخرة و خلقهم للبقاء قوى إدراكهم فأطاقوا رؤيته ‪ ،‬انتهى كلمه‬
‫على ما حكى عنه ‪.‬‬

‫ن استحالة ذلك مطلقحا هحو المعلحوم محن محذهب أهحل الحبيت عليهحم‬ ‫و قد عرفت فيما تقّدم أ ّ‬
‫شيعة باّتفاق المخالف و المؤالف ‪ ،‬و قد دّلت عليه الدّلة العقلّيححة‬
‫سلم ‪ ،‬و عليه إجماع ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫و النقلّية من اليات و الخبار المستفيضة ‪ ،‬و من جملة تلك اليات قوله سبحانه ‪:‬‬
‫خبيُر ‪.‬‬
‫لْبصاَر َو ُهَو اّللطيف اْل َ‬
‫ك ا َْ‬
‫لْبصاُر َو ُهَو ُيْدِر ُ‬
‫ل ُتْدِرُكُه ا َْ‬

‫ل بها الّنافون للّرؤية و قّرروها بوجهين ‪:‬‬


‫استد ّ‬

‫ن إدراك البصر عبارة شايعة عححن الدراك بالبصححر إسححناد للفعححل إلححى اللححة ‪ ،‬و‬ ‫أحدهما أ ّ‬
‫الدراك بالبصر هو الّرؤيححة بمعنححى اّتحححاد المفهححومين أو تلزمهمححا ‪ ،‬و الجمححع المعحّرف‬
‫لم عند عدم قرينة العهدّية و البعضّية تفيد العموم و الستغراق باجماع أهل العربّيححة و‬ ‫بال ّ‬
‫ل سححبحانه‬‫حة السححتثناء فححا ّ‬‫الصول و أئّمة الّتفسير ‪ ،‬و بشهادة استعمال الفصحاء ‪ ،‬و ص ّ‬
‫قد أخبر بأنه ل يراه أحد في المستقبل ‪ ،‬فلو رآه المؤمنون في الجّنة لزم كذبه ‪.‬‬

‫] ‪[ 351‬‬

‫لم في الجمع لو كان للعموم و الستغراق كان قوله ‪:‬‬


‫ن ال ّ‬
‫و اعترض عليه بأ ّ‬

‫تدركه البصار موجبة كلية ‪ ،‬و قد دخل عليها النفى فرفعهححا هححو رفححع اليجححاب الكّلححي و‬
‫ي ‪ ،‬و لححو لحم يكحن للعمححوم كحان قححوله ‪ :‬ل تححدركه البصححار‬
‫رفع اليجاب الكّلى سلب جزئ ّ‬
‫سالبة مهملححة فححي قحّوة الجزئيححة فكححان المعنححى ل تححدركه بعححض البصححار ‪ ،‬و نحححن نقححول‬
‫بموجبه حيث ل يراه الكافرون ‪ ،‬و لححو سحّلم فل نسحّلم عمححومه فححي الحححوال و الوقححات ‪،‬‬
‫فيحمل على نفى الّرؤية في الّدنيا جمعا بين الدّلة ‪.‬‬

‫يو‬
‫لم عام نفيا و اثباتا فححي المنفح ّ‬
‫ن الجمع المحّلى بال ّ‬
‫و الجواب أنه قد تقّرر في موضعه أ ّ‬
‫المثبت كقوله تعالى ‪:‬‬

‫ل‪.‬‬
‫سبي ٍ‬
‫ن َ‬
‫ن ِم ْ‬
‫سني َ‬
‫حِ‬‫عَلى اْلُم ْ‬
‫ظْلًما ِلْلِعباِد َو ما َ‬
‫ل ُيريُد ُ‬
‫َو َما ا ُّ‬

‫ل بمعنححى عمححوم النفححى و لححم‬ ‫حّتى أنه لم يرد في سياق النفى في شيء من الكتاب الكريم إ ّ‬
‫ل لكّنححه فححي القححرآن‬
‫يرد لنفى العموم أصل ‪ ،‬نعم قد اختلف في النفى الّداخل على لفظححة كح ّ‬
‫المجيد أيضا بالمعنى الذي ذكرنا كقوله تعالى ‪:‬‬

‫خوٍر ‪.‬‬
‫ل َف ُ‬
‫ختا ٍ‬
‫ل ُم ْ‬
‫ب ُك ّ‬
‫ح ّ‬
‫ل ل ُي ِ‬
‫َو ا ُّ‬

‫إلى غير ذلك ‪ ،‬و قد اعترف بما ذكرنا في شرح المقاصد و بالغ فيه ‪.‬‬

‫ن النفححى المطلححق غيححر المقّيححد ل‬


‫و أّما منع عموم الحوال و الوقات فل يخفى فساده ‪ ،‬فححا ّ‬
‫وجه لتخصيصه ببعض الوقات إذ ل ترجيح لبعضها على بعض ‪ ،‬و هو من الدّلة علحى‬
‫العموم عند علماء الصول ‪.‬‬
‫ل يححوم‬
‫حة قولنححا ‪ :‬مححا كّلمححت زيححدا إ ّ‬
‫حة الستثناء دليل عليه و هل يمنع أحد ص ّ‬ ‫و أيضا ص ّ‬
‫ل أن يححأتين و‬ ‫ن ‪ ،‬إلححى قححوله إ ّ‬‫ل يوم العيد و قال تعالى و ل تعضلوه ّ‬ ‫الجمعة ‪ ،‬و ل اكّلمه إ ّ‬
‫ل نفى ورد في القرآن بالنسبة إلححى ذاتححه‬ ‫ل أن يأتين و أيضا ك ّ‬
‫ن إلى قوله ا ّ‬
‫قال ل تخرجوه ّ‬
‫تعالى فهو للتأبيد و عموم الوقات ل سّيما ما قبل هذه الية ‪.‬‬

‫] ‪[ 352‬‬

‫ص بشحيء مححن الموجححودات خصوصححا مححع‬ ‫و أيضحا عحدم إدراك البصححار جميعححا ل يختح ّ‬
‫ص به تعحالى فتعّيحن أن يكحون التمحّدح بمعنحى‬
‫اعتبار شمول الحوال و الوقات ‪ ،‬فل يخت ّ‬
‫عدم إدراك شيء من البصار له في شيء من الوقات ‪.‬‬

‫و ثانيهما أّنه تعالى تمّدح بكونه ل يرى بححه فححاّنه ذكححره فححي أثنححاء المدايححح و مححا كححان مححن‬
‫ل تعالى بنفيه مطلقا ‪.‬‬ ‫صفات عدمه مدحا كان وجوده نقصا ‪ ،‬فيجب تنزيه ا ّ‬ ‫ال ّ‬

‫سححلم ) أدركححت‬
‫ثّم لّما نفى عنه درك البصار له أثبححت لححه دركححه للبصححار فقححال عليححه ال ّ‬
‫البصار و أحصيت العمال ( كما نطق به الكتاب العزيز قال عّز من قائل ‪:‬‬

‫لحح‬
‫خبيُر و قال أيضا َيْوَم َيْبَعُثُهْم ا ّ‬‫ف اْل َ‬
‫لْبصاَر َو ُهَو الّلطي ُ‬ ‫ك ا َْ‬
‫لْبصاُر َو ُهَو ُيْدِر ُ‬ ‫ل ُتْدِرُكُه ا َْ‬
‫شهيٌد ‪.‬‬
‫يٍء َ‬
‫ش ْ‬
‫ل َ‬
‫على كُ ّ‬‫ل َ‬
‫سوُه َو ا ّ‬ ‫ل َو َن ُ‬
‫حصاُه ا ّ‬ ‫عِمُلوا َأ ْ‬‫جميعًا َفُيَنّبُئُهْم ِبما َ‬
‫َ‬

‫ل على ك حلّ شححيء‬


‫أى أحاط به عددا لم يغب عنه شيء و نسوه لكثرته أو تهاونهم به ‪ ،‬و ا ّ‬
‫شهيد أى يعلم الشياء كّلها من جميع وجوهها ل يخفى عليه شيء منها ‪ ،‬و قال أيضا تلححو‬
‫هذه الية ‪:‬‬

‫ل ُهحوَ‬‫جححوى َثلَثحٍة ِإ ّ‬ ‫ن َن ْ‬
‫ن ِمح ْ‬‫ض مححا َيُكححو ُ‬
‫لْر ِ‬ ‫ت َو مححا ِفححى ا َْ‬
‫سححموا ِ‬ ‫ل َيْعَلُم ما ِفححي ال ّ‬ ‫نا ّ‬
‫َأَلْم َتَر َأ ّ‬
‫ل ُهَو َمَعُهحْم َأْيَنمححا كححاُنوا‬‫ك َو ل َأْكَثَر ِإ ّ‬‫ن ذِل َ‬‫سُهْم َو ل َأْدنى ِم ْ‬
‫ل ُهَو ساِد ُ‬ ‫سٍة ِإ ّ‬
‫خْم َ‬‫راِبُعُهْم َو ل َ‬
‫عليٌم ‪.‬‬
‫يٍء َ‬ ‫ش ْ‬
‫ل َ‬ ‫ل ِبُك ّ‬
‫نا ّ‬
‫عِمُلوا َيْوَم اْلِقيَمِة ِإ ّ‬
‫ُثّم ُيَنّبُئُهْم ِبما َ‬

‫] ‪[ 353‬‬

‫ثّم وصفه سبحانه بكمال القتدار فقال ) و أخذت بالّنواصي و القدام ( أى أحاطت قدرتك‬
‫بنواصى العباد و أقدامهم ‪ ،‬و أخذت بها على وجححه القهححر و الذلل ‪ ،‬و يجححوز أن يكححون‬
‫المراد به خصوص أخذ المجرمين بنواصيهم و أقدامهم يوم القيامة كما قال تعالى ‪:‬‬

‫لْقداِم ‪.‬‬
‫خُذ ِبالّنواصى َو ا َْ‬
‫ن ِبسيماُهْم َفُيْؤ َ‬
‫جِرُمو َ‬
‫ف اْلُم ْ‬
‫ُيْعَر ُ‬
‫ل سبحانه مع كونه فعححل الملئكحة محن بححاب السحناد إلححى‬
‫سلم الخذ إلى ا ّ‬ ‫و نسبته عليه ال ّ‬
‫ل التوفى الى نفسه في قوله ‪:‬‬
‫السبب المر كما أسند ا ّ‬

‫ن َمْوِتها مع كونه فعل ملححك المححوت بححدليل قححوله سححبحانه فححي سححورة‬
‫س حي َ‬
‫لْنُف َ‬
‫ل َيَتَوّفى ا َْ‬
‫َأ ّ‬
‫السجدة ‪:‬‬

‫ل ِبُكْم ‪.‬‬
‫ت اّلذي ُوّك َ‬
‫ك اْلَمْو ِ‬
‫ُقلْ َيَتَوّفيُكْم َمَل ُ‬

‫ن فححي نفححس‬
‫قال الفخر الّرازي في تفسير الية الولى ‪ :‬و في كيفّية الخذ ظهور نكالهم ل ّ‬
‫الخذ بالّناصية إذلل و إهانة ‪ ،‬و كذلك الخذ بالقدم ‪.‬‬

‫و في الخذ بها و جهان بل قولن لهل الّتفسير ‪.‬‬

‫أحدهما أن يجمع بين ناصيتهم و قدمهم من جانب ظهورهم فيربححط بنواصححيهم أقححدامهم أو‬
‫مححن جححانب وجححوههم فتكححون رؤوسححهم علححى ركبهححم و نواصححيهم فححي أصححابع أرجلهححم‬
‫مربوطة ‪.‬‬

‫و الثاني أّنهم يسحبون سحبا ‪ ،‬فبعضهم يؤخذ بناصيته ‪ ،‬و بعضهم يجّر برجله ثحّم اسححتفهم‬
‫علححى سححبيل السححتحقار لمححا اسححتفهم عنححه فقححال ) و مححا اّلححذي نححرى مححن خلقححك ( أى مححن‬
‫صححها و‬‫مخلوقاتك على كثرتها و اختلف أجناسها و أنواعها و هيئآتها و مقاديرها و خوا ّ‬
‫أشكالها و ألوانها إلى غير هذه من أوصافها و حالتها اّلتي ل يضبطها عّد و ل يحيط بها‬
‫حّد ) و نعجب له من قدرتك ( أى من مقدوراتك الغيححر المتناهيححة عححددا و مححددا و كيفححا و‬
‫كّما ) و نصفه من عظيم سلطانك ( الّنافذ فححي النفححس و الفحاق ‪ ،‬و الماضححي فححي أطبححاق‬
‫ن ) ما تغّيب عّنا‬
‫سماء ) و ( الحال أ ّ‬ ‫الرض و أقطار ال ّ‬

‫] ‪[ 354‬‬

‫منه ( أى من مخلوقك و مقدورك و ملكك ) و قصححرت أبصححارنا عنححه ( مححن محسوسححات‬


‫الموجودات ) و انتهت عقولنا دونه ( من معقولت المخلوقات ) و حالت سححواتر الغيححوب‬
‫بيننا و بينه ( أى كانت سرادقات العّزة و أستار القدرة عائلححة بيننححا و بينحه ‪ ،‬و حاجبححة لنحا‬
‫من الوصول إليه من غيابات الغيوب و الغيب المحجوب ‪.‬‬

‫ل ما شاهدناه بأبصارنا و أدركناه بعقولنححا و وصححفناه‬ ‫) أعظم ( و أفخم يعني أّنه لو قيس ك ّ‬
‫ل سبحانه فححي عححالم المكححان إلححى مححا غححاب عّنححا مححن أسححرار القححدرة و‬ ‫بألسنتنا مّما ذرأه ا ّ‬
‫ل قليل كنسبة الجدول إلى الّنهر ‪ ،‬بححل‬ ‫ل أق ّ‬
‫الجلل ‪ ،‬و شئونات الكبرياء و الجمال لم يكن إ ّ‬
‫القطرة إلى البحر ) فمن فرغ قلبه ( للّنظر في عجائب الملك و الملكوت ) و أعمححل فكححره‬
‫سلطان و القحدرة و الجحبروت و أّنحه ) كيحف أقمحت عرشحك ( فحي‬ ‫ليعلم ( مشاهد العّز و ال ّ‬
‫الجّو على عظمه ) و كيف ذرأت ( أى خلقت ) خلقك ( على كثرته ) و كيححف علقححت فححي‬
‫الهواء سماواتك ( بغير عمد ) و كيف مددت علححى مححور المححاء ( أى مححوجه و اضححطرابه‬
‫) أرضك ( على ثقلها مع عدم رسوبها فيه ) رجع طرفه حسيرا ( كليل ) و عقله مبهورا‬
‫( مغلوبا ) و سمعه والها ( متحّيحرا ) و فكحره ححائرا ( قاصحرا عحن الهتحداء إليحه و عحن‬
‫الوصول إلى معرفته ‪.‬‬

‫صله أّنه لو بالغ أحد في إعمال فكره و بذل وسعه للوصححول إلححى معرفححة بعححض مححا‬
‫و مح ّ‬
‫شهادة من بدايع القدرة ‪ ،‬و لطايف الحكمة ‪،‬‬
‫ل سبحانه في عالم الغيب و ال ّ‬ ‫أبدعه ا ّ‬

‫صنعة لعجز و حار ‪ ،‬و انقطع و استحار ‪ ،‬فكيف لو رام معرفة كّلححه و يشححهد‬ ‫و عجايب ال ّ‬
‫سححلم مححا قحّدمنا فححي شححرح الخطبححة الولححى و فححي شححرح الخطبححة‬
‫علححى مححا ذكححره عليححه ال ّ‬
‫الّتسعين ‪ ،‬فليراجع ثّمة ‪.‬‬

‫ععععععع‬

‫از جمله خطب شريفه آن حضرتست كه فصل أّول آن متضّمن أوصاف كمححال حضححرت‬
‫ذوالجللست مىفرمايد كه ‪:‬‬

‫أمر خداى تعالى حكميست لزم و موافق است با حكمت و خوشنودى آن أمانست‬

‫] ‪[ 355‬‬

‫از عقوبت و سبب مغفرتست و رحمت حكم ميفرمايد بعلم شامل خود ‪ ،‬و عفو ميفرمايححد‬
‫با حلم كامل ‪ ،‬پروردگارا مر تو راست حمد بر آنچه مىگيري و مىدهى ‪ ،‬و بححر آنچححه‬
‫كه سلمت مىدارى از بلّيات و مبتل مىنمائى بآفات ‪ ،‬حمد مىكنم تو را حمححد كردنححى‬
‫كه باشد خوشنودترين حمدها از براى تو ‪ ،‬و دوستترين حمدها بسححوى تححو و فاضححلترين‬
‫حمدها نزد تو ‪ ،‬چنان حمدى كه پر سازد آنچه را خلق كرده ‪ ،‬و برسد بمقامى كححه مححراد‬
‫تو است ‪ ،‬حمدى كه محجوب نباشد از درگاه تو ‪ ،‬و ممنوع و محبوس نباشد نزد بارگحاه‬
‫تو ‪ ،‬حمديكه منقطع نشود شماره و عدد آن ‪ ،‬و فاني نشود ماّده و مدد آن پس نيسححتيم مححا‬
‫كه بدانيم نهايت بزرگى جلل تو را غير از ايححن كححه مىدانيححم كححه تححو زنححده قححائم بححامور‬
‫مخلوقان ‪ ،‬أخذ نمىكند تو را مقّدمه خواب كه خواب خفيف اسححت و نححه خححواب گححران ‪،‬‬
‫منتهى نشد بسوى كمال تو نظححر و فكححرى ‪ ،‬و درك ننمححود جمححال تححو را هيححچ بصححرى ‪،‬‬
‫درك كردى تو بصرها را ‪ ،‬و در شماره آوردى عملها را ‪ ،‬و اخذ كردى بححه پيشححانيها و‬
‫قدمهاى مردمان ‪.‬‬

‫جب ميكنيم از براى او از قححدرت تححو ‪،‬‬


‫و چه چيز است آنچه كه مىبينيم از خلق تو و تع ّ‬
‫و وصف ميكنيم آن را از بزرگى پادشاهى تو و حال آنكه آنچه كه غايب شححده از مححا از‬
‫آن ‪ ،‬و قاصر شده بصرهاى ما از درك آن و بنهايت رسيده عقلهاى ما نزد آن ‪ ،‬و حايل‬
‫شده پردههاى غيبها ميان ما و ميان آن بزرگتر است ‪.‬‬

‫پس هر كه فارغ نمايد قلب خودش را و إعمال كند فكر خود را تا بداند كه چگونه بر پا‬
‫داشته عرش خود را ‪ ،‬و چه سان آفريده مخلوقات خود را ‪ ،‬و چححه قححرار در آويختححه در‬
‫هوا آسمانهاى خود را ‪ ،‬و چه نوع گسترانيده بر مححوج آب زميححن خححود را بححر مىگححردد‬
‫بينائي او در مانده و آواره ‪ ،‬و عقل او مغلوب ‪ ،‬و قّوه سامعه او حيران ‪،‬‬

‫و قّوه متفّكره او متحّير و سرگردان ‪.‬‬

‫] ‪[ 356‬‬

‫ععععع عععععع ) عععع (‬

‫ل مححن‬
‫ل ‪ ،‬كذب و العظيم ما باله ل يتبّين رجاؤه في عمله ‪ ،‬و ك ّ‬ ‫يّدعي بزعمه أّنه يرجو ا ّ‬
‫ل فإّنه مدخول ‪،‬‬‫ل رجآء ا ّ‬
‫رجا عرف رجآؤه في عمله إ ّ‬

‫لح فحي الكحبير و يرجحو العبحاد فحي‬ ‫ل فإّنه معلول ‪ ،‬يرجحو ا ّ‬‫ل خوف ا ّ‬ ‫ل خوف محّقق إ ّ‬‫وكّ‬
‫صححر بححه عّمحا يصححنع‬
‫ل يق ّ‬ ‫ل عّز و ج ّ‬‫ب ‪ ،‬فما بال ا ّ‬
‫صغير ‪ ،‬فيعطى العبد ما ل يعطى الّر ّ‬‫ال ّ‬
‫به بعباده ‪ ،‬أتخاف أن تكون في رجاءك له كاذبا ‪ ،‬أو تكححون ل تححراه للّرجححاء موضححعا ‪ ،‬و‬
‫كذلك إن هو خاف عبدا من عبيده أعطاه من خوفه ما ل يعطححى رّبححه ‪ ،‬فجعححل خححوفه مححن‬
‫العباد نقدا ‪ ،‬و خوفه من خالقه ضمارا و وعدا ‪ ،‬و كذلك من عظمت الحّدنيا فححي عينححه ‪ ،‬و‬
‫ل فانقطع إليها ‪ ،‬و صار عبدا لها ‪.‬‬ ‫كبر موقعها في قلبه ‪ ،‬آثرها على ا ّ‬

‫ل عليه و آله و سحّلم كححاف لححك فححي السححوة ‪ ،‬و دليححل لححك‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫و لقد كان في رسول ا ّ‬
‫طئت‬ ‫على ذّم الّدنيا و عيبها ‪ ،‬و كثرة مخازيها و مساويها ‪ ،‬إذ قبضت عنه أطرافهححا ‪ ،‬و و ّ‬
‫لغيره أكنافها ‪ ،‬و فطم من رضاعها و زوى عن زخارفها ‪.‬‬

‫ب إّنححي لمححا‬
‫لح عليححه و آلححه و سحّلم إذ يقححول » ر ّ‬
‫ل صحّلى ا ّ‬‫و إن شئت ثّنيت بموسى كليم ا ّ‬
‫ل خبزا يأكله ‪ ،‬لّنه كان‬ ‫ل ما سئله إ ّ‬
‫ي من خير فقير « و ا ّ‬‫أنزلت إل ّ‬

‫] ‪[ 357‬‬

‫يأكل بقلة الرض ‪ ،‬و لقد كانت خضرة البقل تححرى مححن شححفيف صححفاق بطنححه لهزالححه ‪ ،‬و‬
‫تشّذب لحمه ‪.‬‬
‫ل عليه صاحب المزاميححر ‪ ،‬و قحاري أهححل الجّنححة فلقححد كححان‬
‫و إن شئت ثّلثت بداود صّلى ا ّ‬
‫شححعير‬
‫يعمل سفائف الخوص بيده ‪ ،‬و يقول لجلسائه ‪ :‬أّيكم يكفيني بيعها ‪ ،‬و يأكل قرص ال ّ‬
‫من ثمنها ‪.‬‬

‫سد الحجر ‪،‬‬


‫سلم قد كان يتو ّ‬
‫و إن شئت قلت في عيسى بن مريم عليه ال ّ‬

‫شححتآء‬
‫و يلبس الخشححن ‪ ،‬و كححان إدامححه الجححوع ‪ ،‬و سححراجه بالّليححل القمححر ‪ ،‬و ظللححه فححي ال ّ‬
‫مشارق الرض و مغاربها ‪ ،‬و فاكهته و ريحانه ما تنبت الرض للبهححائم ‪ ،‬و لححم تكححن لححه‬
‫زوجة تفتنه ‪ ،‬و ل ولد يحزنه ‪ ،‬و ل مال يلفته ‪ ،‬و ل طمع يّذله ‪ ،‬داّبته رجله ‪ ،‬و خححادمه‬
‫يداه ‪.‬‬

‫سى ‪،‬‬
‫ن فيه أسوة لمن تأ ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪ ،‬فإ ّ‬
‫س بنبّيك الطيب الطهر صّلى ا ّ‬
‫فتأ ّ‬

‫ص لثره ‪ ،‬قضم الّدنيا‬


‫سي بنبّيه ‪ ،‬و المقت ّ‬‫ل المتأ ّ‬
‫ب العباد إلى ا ّ‬
‫و عزاء لمن تعّزى ‪ ،‬و أح ّ‬
‫قضما ‪ ،‬و لم يعرها طرفا ‪ ،‬أهضم أهل الّدنيا كشحا ‪،‬‬

‫ل ح سححبحانه‬‫و أخمصهم من الّدنيا بطنا ‪ ،‬عرضت عليه الّدنيا فأبى أن يقبلهححا ‪ ،‬و علححم أن ا ّ‬
‫أبغض شيئا فأبغضه ‪ ،‬و حّقر شيئا فحّقره ‪ ،‬و صّغر شيئا فصّغره ‪ ،‬و لو لححم يكححن فينححا إ ّ‬
‫ل‬
‫ل و رسوله ‪ ،‬و تعظيمنا ما‬
‫حّبنا ما أبغض ا ّ‬

‫] ‪[ 358‬‬

‫ل‪.‬‬
‫ل ‪ ،‬و محاّدة عن أمر ا ّ‬
‫ل و رسوله ‪ ،‬لكفى به شقاقا ّ‬
‫صّغر ا ّ‬

‫ل عليه و آله و سّلم يأكل على الرض ‪ ،‬و يجلس جلسة العبد ‪،‬‬
‫و لقد كان صّلى ا ّ‬

‫و يخصف بيده نعله ‪ ،‬و يرقع بيده ثوبه ‪ ،‬و يركب الحمار العاري ‪،‬‬

‫ستر على باب بيته ‪ ،‬فتكون فيه الّتصاوير ‪،‬‬


‫و يردف خلفه ‪ ،‬و يكون ال ّ‬

‫فيقححول ‪ :‬يححا فلنححة لحححدى أزواجححه غّيححبيه عّنححي ‪ ،‬فححإّني إذا نظححرت إليححه ذكححرت الحّدنيا و‬
‫ب أن تغيب زينتهححا‬‫زخارفها ‪ ،‬فأعرض عن الّدنيا بقلبه ‪ ،‬و أمات ذكرها عن نفسه ‪ ،‬و أح ّ‬
‫عن عينه ‪ ،‬لكيل يّتخذ منها رياشا ‪،‬‬

‫و ل يعتقححدها قححرارا ‪ ،‬و ل يرجححو فيهححا مقامححا ‪ ،‬فأخرجهححا مححن الّنفححس ‪ ،‬و أشخصححها عححن‬
‫القلب ‪ ،‬و غّيبها عن البصر ‪ ،‬و كذلك من أبغض شيئا أبغض أن ينظر إليححه ‪ ،‬و أن يححذكر‬
‫عنده ‪.‬‬
‫ل عليه و آله و سّلم ما يدّلك على مساوى الّدنيا و عيوبها‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫و لقد كان في رسول ا ّ‬
‫‪،‬‬

‫صته ‪ ،‬و زويت عنه زخارفها مع عظيم زلفته ‪،‬‬


‫إذ جاع فيها مع خا ّ‬

‫ل عليه و آلححه و س حّلم بححذلك أم أهححانه ؟‬


‫ل تعالى محّمدا صّلى ا ّ‬
‫فلينظر ناظر بعقله ‪ ،‬أكرم ا ّ‬
‫ل أهان غيره حيححث‬ ‫نا ّ‬ ‫فإن قال ‪ :‬أهانه ‪ ،‬فقد كذب و العظيم ‪ ،‬و إن قال ‪ :‬أكرمه ‪ ،‬فليعلم أ ّ‬
‫بسط الّدنيا و زويها عن أقرب الّناس منه ‪،‬‬

‫ل فل يأمن‬
‫ص أثره ‪ ،‬و ولج مولجه ‪ ،‬و إ ّ‬
‫س بنبّيه ‪ ،‬و اقت ّ‬
‫سى متأ ّ‬
‫فتأ ّ‬

‫] ‪[ 359‬‬

‫شرا بالجّنة ‪،‬‬


‫ساعة ‪ ،‬و مب ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم علما لل ّ‬
‫ل جعل محّمدا صّلى ا ّ‬
‫نا ّ‬
‫الهلكة ‪ ،‬فإ ّ‬

‫و منذرا بالعقوبة ‪ ،‬خرج من الّدنيا خميصا ‪ ،‬و ورد الخرة سليما ‪،‬‬

‫لح‬
‫لم يضع حجرا على حجر حّتى مضى لسبيله ‪ ،‬و أجاب داعى رّبححه ‪ ،‬فمححا أعظححم مّنححة ا ّ‬
‫لح لقحد رقعحت محدرعتي هحذه‬ ‫عندنا حين أنعم علينا به سلفا نّتبعه ‪ ،‬و قائدا نطا عقبحه ‪ ،‬و ا ّ‬
‫حّتى استحييت من راقعها ‪ ،‬و لقد قال لي قائل ‪ :‬أل تنبذها عنححك ‪ ،‬فقلححت ‪ :‬اعححزب عّنححي ‪،‬‬
‫سرى ‪.‬‬ ‫صباح يحمد القوم ال ّ‬
‫فعند ال ّ‬

‫ععععع‬

‫عحَم اّلححذي َ‬
‫ن‬ ‫ن و العتقاد الفاسد و منه قوله تعالى َز َ‬
‫) الّزعم ( مثّلثة الزاء قد يطلق على الظ ّ‬
‫ن ُيْبَعُثوا ‪.‬‬
‫ن َل ْ‬
‫َكَفُروا َأ ْ‬

‫ق و المححراد هنححا‬
‫و قد يطلق على القول الباطل و الكذب ‪ ،‬و رّبمححا يطلححق علححى القححول الحح ّ‬
‫الّول و ) مدخول ( مفعول من الّدخل بالتسكين و هو المكححر و الخديعححة و العيححب و مثلححه‬
‫الّدخل محّركة قال تعالى ‪:‬‬

‫ل َبْيَنُكْم ‪.‬‬
‫خً‬‫خُذوا َأْيماَنُكْم َد َ‬
‫َو ل َتّت ِ‬

‫شححارح المعححتزلي و‬ ‫ضمار ( ما ل يرجى من الوعود هكذا قححال ال ّ‬


‫أي مكرا و خديعة و ) ال ّ‬
‫ضمار ككتاب من المال اّلذي ل يرجى رجوعه ‪ ،‬و مححن العححذاب مححا‬ ‫قال الفيروزآبادى ‪ :‬ال ّ‬
‫كان ذا تسويف و خلف العيان ‪ ،‬و مححن الحّدين محا كححان بل أجحل و ) السحوة ( بالكسحر و‬
‫الضّححم القححدوه و ) المخححازي ( جمححع مخححزاة و هححى المححر يسححتحى مححن ذكححره لقبحححه و‬
‫ق فحكحى‬
‫) المساوى ( العيوب و ) الكناف ( الطراف و ) شفّ ( الّثوب شحّفا و شحفيفا ر ّ‬
‫ما تحته ‪.‬‬

‫] ‪[ 360‬‬

‫شعر و ) الهزال ( بضّم الهاء‬ ‫صفاف ( ككتاب الجلد السفل تحت الجلد اّلذي عليه ال ّ‬ ‫و ) ال ّ‬
‫سمن و ) المزامير ( جمع المزمار و هي اللة اّلتي يزمر فيها من زمر يزمححر و‬ ‫نقيض ال ّ‬
‫يزمر من باب نصر و ضرب زمرا و زميرا غّنى في القصب و نحوه و مزامير داود ما‬
‫سححفيفة و هححي الّنسححيجة‬‫سفايف ( جمححع ال ّ‬ ‫كان يتغّني به من الّزبور و ضروب الّدعاء و ) ال ّ‬
‫شارح المعححتزلي بعححد قححوله ‪ :‬و يلبححس‬ ‫من سففت الخوص و أسففته نسجته ‪ ،‬و في نسخة ال ّ‬
‫سححيىء‬
‫ل شححيء و ال ّ‬ ‫الخشن ‪ :‬و يأكل الجشب ‪ ،‬و هو كالجشيب الخشن الغليظ البشع من ك ح ّ‬
‫الماكل أو بل ادم ‪.‬‬

‫) و ل ولد يحزنه ( مضارع حزن كنصر قال تعالى » اّنححي ليحزننححي أن تححذهبوا بححه « و‬
‫شيء و ) لفته ( عن كذا يلفتححه صححرفه و لححواه و ) القضححم (‬
‫يقرء يحزن مضارع أحزنه ال ّ‬
‫صححاد المهملحة مححن القصحم و هححو‬
‫الكل بأدنى الفم أى بأطراف السنان و يححروى قصححم بال ّ‬
‫القصر و ) الهضم ( محّركة انضمام الجنبين و خمص البطن و ) الكشح ( الخاصححرة ) و‬
‫حقر شيئا ( يروى بالّتخفيف و التضعيف‬

‫ععععععع‬

‫ل فهحى‬
‫ن و العتقحاد ‪ ،‬و إ ّ‬
‫الباء فحي قحوله ‪ :‬بزعمحه ‪ ،‬للسحببّية إن كحان الّزعحم بمعنحى الظح ّ‬
‫صلة ‪ ،‬و الواو في قوله ‪ :‬كذب و العظيم ‪ ،‬للقسم و إّنما قال ‪ :‬و العظيم و لم يقل ‪:‬‬

‫ن الموصححوف إذا لغححى و تححرك و اعتمححد‬‫ل العظيم ‪ ،‬تأكيدا لعظمة الباري سححبحانه ‪ ،‬ل ّ‬ ‫وا ّ‬
‫صفة كالحارث و العّبححاس‬ ‫ل على تحّقق مفهوم ال ّ‬‫صفة حّتى صارت كالسم كانت أد ّ‬ ‫على ال ّ‬
‫شارح المعتزلي ‪.‬‬ ‫هكذا قال ال ّ‬

‫ن ذكر العظمة هنا أنسب للّرجاء ‪ ،‬و‬‫للّ‬ ‫و قال البحراني ‪ :‬و إّنما قال ‪ :‬و العظيم ‪ ،‬دون ا ّ‬
‫الضافة في قوله ‪ :‬من خوفه ‪ ،‬من اضافة المصدر إلى الفاعل أو المفعول ‪،‬‬

‫ى من خيحر فقيحر ‪ ،‬بمعنحى إلحى أو للّتعليحل أو ضحمن‬ ‫لم في قوله تعالى ‪ :‬لما أنزلت إل ّ‬ ‫و ال ّ‬
‫لم ‪ ،‬و الححواو فحي قححوله ‪ :‬و لقححد كحانت ‪ ،‬للقسحم و المقسحم بحه‬
‫فقير معنحى سحائل فعحّدى بحال ّ‬
‫محذوف لمعلومّيته ‪ ،‬و سلفا ‪ ،‬و قائدا ‪ ،‬منصوبان على الحال من ضمير به ‪.‬‬

‫] ‪[ 361‬‬
‫عععععع‬

‫سلم على بطلن دعوى مححن‬ ‫سلم قد نّبه في هذا الفصل من كلمه عليه ال ّ‬ ‫اعلم أّنه عليه ال ّ‬
‫ل سبحانه و خوف عقابه و يزعم اّتصافه بهذين الوصفين الّلذين همححا‬ ‫يّدعى رجاء ثواب ا ّ‬
‫طالبين و مقامات العارفين الّراغبين ‪ ،‬و عقّبه بالّتزهيححد‬ ‫سالكين و حالت ال ّ‬ ‫من أوصاف ال ّ‬
‫سححلف‬‫ل عليه و آله و سّلم و جملة مححن ال ّ‬‫ل صّلى ا ّ‬ ‫سي على رسول ا ّ‬ ‫عن الّدنيا بالمر بالّتأ ّ‬
‫صالحين من النبياء و المرسلين حيث زهدوا في الّدنيا ‪ ،‬و آثروا الخححرة علححى الولححى‬ ‫ال ّ‬
‫سححادس‬ ‫لما رأوا من معايبها و مساويها ‪ ،‬و قد تقّدم في الّتنبيه الّثالث من تنبيهات الفصل ال ّ‬
‫من فصول الخطبة الّثانية و الّثمانين تحقيق معنى الّرجاء و تفصيل الكلم فيه و ل حاجححة‬
‫صل ما أوردناه هناك تمهيدا و توضيحا للمتن ‪.‬‬ ‫إلى العادة ‪ ،‬و إّنما نشير هنا إلى مح ّ‬

‫ن الّرجاء عبارة عن ارتياح الّنفححس لنتظححار مححا هححو‬ ‫فأقول ‪ :‬خلصة ما قلناه فيما تقّدم ‪ :‬إ ّ‬
‫محبوب عندها ‪ ،‬فهو حالة لها تصدر عن علم و تقتضى عمل ‪ ،‬فمن كان يرجو لقاء ربححه‬
‫و يأمل ثوابه فليعمل عمل صالحا و ل يشححرك بعبححادة رّبححه أحححدا ‪ ،‬كمححا نطححق بححه الكتححاب‬
‫لزم على الّراجي للثواب مححن الملححك الوّهححاب ع حّز و عل أن‬ ‫الكريم و القرآن الحكيم ‪ ،‬فال ّ‬
‫طاعححات و يجتهححد فححي تطهيححر‬ ‫يبذر المعارف اللهّية في قلبه ‪ ،‬و يدوم علححى سححقيه بمححاء ال ّ‬
‫نفسه عن شوك الخلق الّردية المانعحة محن نمحاء العلحم و زيحادة اليمحان ‪ ،‬و ينتظحر محن‬
‫ل سبحانه أن يثبته على ذلك إلى زمان وصوله و حصححاد عملححه ‪ ،‬فححذلك النتظححار‬ ‫فضل ا ّ‬
‫هو الّرجاء الحقيقي المحمود ‪.‬‬

‫ن من الّناس من يّتبع هواه و يفحّرط فححي أمححر مححوله و يغمححر فححي‬


‫إذا عرفت ذلك فنقول ‪ :‬إ ّ‬
‫المعاصى و يدوم على المناهي و مع ذلك كّله ) ي حّدعى بزعمححه ( الفاسححد و نظححره الكاسححد‬
‫ل ( و يأمل لقائه فقد ) كذب ( في دعواه و خاب فيما يتححوّقعه و يتمّنححاه ) و (‬ ‫) أّنه يرجو ا ّ‬
‫ن الّرجحاء بحدون إصحلح العمحل حمحق و جهالحة ‪ ،‬و محن‬ ‫ب ) العظيم ( لما قد عرفت أ ّ‬‫الّر ّ‬
‫دون تزكية الّنفس سفه و ضللة ) ما باله ( استفهام على سحبيل الّتوبيحخ و الّتقريحع أى محا‬
‫بال هذا الّداعي للّرجاء ) ل يتبّين رجاؤه في عمله ( يعني اّنه لو كان‬

‫] ‪[ 362‬‬

‫ل من رجا شححيئا مححن سححلطان‬‫نكّ‬‫رجاؤه صدقا لظهر رجاؤه في عمله ‪ ،‬و ذلك لّنا نرى أ ّ‬
‫أو غيره فاّنه يتححابعه و يخحدمه و يتقحّرب إليحه و يتحّبحب إليححه و يبحالغ فححي طلحب رضحاه و‬
‫ل محا هحو مطلحوب لحه و محبححوب عنححده ليظفححر‬‫يسارع إلى خدمته و يأتي بقححدر طححوعه كح ّ‬
‫بمراده و ينال إلى ما يرجوه منه ‪ ،‬و هذا المّدعي للّرجاء حيث ل يظهر رجاؤه في عملححه‬
‫يتبّين أّنه كاذب في دعواه ‪ ،‬غير خالص في رجاه ‪.‬‬
‫ل فاّنه‬
‫ل رجاء ( من يرجو ) ا ّ‬ ‫ل من رجا عرف رجاؤه في عمله إ ّ‬ ‫و هذا معنى قوله ) و ك ّ‬
‫ل خائف فخوفه محّقق ثححابت لححه أصححل و‬ ‫ل خوف محّقق ( أى ك ّ‬ ‫مدخول ( أى معيب ) و ك ّ‬
‫ل ( تعالى ) فاّنه معلححول ( أى مشححتمل علححى‬ ‫ل خوف ا ّ‬‫حقيقة يظهر آثاره على الخائف ) إ ّ‬
‫المرض و العّلة حيث ل يظهححر آثححاره و علمححاته علححى مححن يخححافه سححبحانه كمححا سححتعرفه‬
‫تفصيل ‪.‬‬

‫لح ‪ ،‬و يجححوز عححوده إلححى كحلّ‬ ‫ضمير في قوله ‪ :‬فاّنه ‪ ،‬إلححى خححوف ا ّ‬
‫هذا على تقدير عود ال ّ‬
‫ل بمعنححى غيححر و هححذه الجملحة أعنحي جملحة فحاّنه‬ ‫خوف بأن يجعل محّقق صفة لخححوف و إ ّ‬
‫لح‬‫ل خحوف ثحابت غيححر خححوف ا ّ‬ ‫ن كح ّ‬
‫صحل المعنحى أ ّ‬
‫ل خحوف ‪ ،‬فيكححون مح ّ‬ ‫معلول خبرا لك ّ‬
‫صريح الحقيقي ‪ ،‬و‬ ‫ن هذا الخوف معلول ‪ ،‬بخلف خوفه سبحانه فاّنه الخوف ال ّ‬ ‫سبحانه فا ّ‬
‫ي سريع الّزوال و النقضححاء ‪ ،‬مححع أ ّ‬
‫ن‬ ‫ن ما يخاف به من غيره تعالى فهو أمر دنيو ّ‬ ‫ذلك ل ّ‬
‫لح سححبحانه و إقحدار منححه لححه‬
‫ل بمشّية ا ّ‬‫ذلك الغير ل يقدر على ايقاع مكروه على الخائف إ ّ‬
‫عليه ‪ ،‬بخلف الخوف منه تعالى فاّنه خوف مححن القححادر القححاهر لراّد لقضححائه و ل دافححع‬
‫لحكمححه ‪ ،‬و عححذابه أليححم ل يفنححى ‪ ،‬و سححخطه عظيححم ل ينقطححع و ل يتنححاهى و يؤّيححد هححذا‬
‫الحتمال الّثاني في هذه الفقرة ما في بعض الّنسخ بدل قوله ‪:‬‬

‫ضححمير حينئذ‬ ‫ن ال ّ‬
‫ل فانه مححدخول ‪ ،‬وجححه الّتأييححد أ ّ‬
‫ل رجاء ا ّ‬‫ل رجاء إ ّ‬
‫ل من رجا آه و ك ّ‬ ‫وكّ‬
‫ل رجاء فيكون سوق كلتا الفقرتين على مساق واحد ‪ ،‬و يتطححابق الكّليتححان كمححا‬ ‫يعود إلى ك ّ‬
‫ي على البصير ‪ ،‬هذا ‪.‬‬ ‫هو غير خف ّ‬

‫لح فححي الكححبير ( أى يرجححو رحمتححه و‬


‫ل سبحانه معلول بقوله ) يرجو ا ّ‬ ‫و أّكد كون رجائه ّ‬
‫سماء و الرض ) و يرجو العباد‬ ‫مغفرته و نعمته و مّنته و جّنته اّلتي عرضها ال ّ‬

‫] ‪[ 363‬‬

‫صغير ( أى في امور دنيوّيه زهيدة المنفعة قليلة الجدوى سريعة الّزوال و النقضاء‬ ‫في ال ّ‬
‫و مع ذلك ) فيعطى العبد ما ل يعطححى الحّرب ( التيححان بلفححظ العطححاء فححي يعطححى الحّرب‬
‫ل وسححيلة ليفححوز‬ ‫للمشاكلة ‪ ،‬و المراد أّنه يكثر عمله لمن يرجوه من العباد و يتقّرب إليه بك ّ‬
‫صححر فيمححا يقربححه إليححه‬
‫بما يتوّقعه منه ‪ ،‬و يتهاون في طاعة رّبه و يتكاسل في عبادته و يق ّ‬
‫لح‬
‫لزم عليه أن يكون عمله بعكس ذلححك ‪ ،‬فيكحون قيحامه بوظححايف الّتقحّرب إلححى ا ّ‬ ‫ن ال ّ‬
‫مع أ ّ‬
‫ن المرجحّو الكححبير‬ ‫سبحانه أكححثر و آكححد مححن القيححام بوظححايف الّتقحّرب إلححى غيححره ‪ ،‬حيححث إ ّ‬
‫يستدعى ما يناسبه مّما هو وسيلة إليه كمّية و كيفّية ‪.‬‬

‫و حيث إّنه عكس في القيام بوظايف رجاه و لم يعط ربه ما أعطاه سححواه فحقيححق بالّتوبيححخ‬
‫لح عحّز و جحلّ يقصححر‬ ‫و الملم و الّتقريع و الّتبكيت ‪ ،‬و لذلك قال ذّما و تشنيعا ) فما بال ا ّ‬
‫به عّما يصنع به بعباده ( أى عّما يعمل بححه ‪ ،‬و يصححانع لهححم مححن المصححانعة اّلححتي هححى أن‬
‫تصنع شيئا لغيرك لتصنع لك مثله ‪.‬‬

‫و أكد الّتوبيخ و التشنيع بقوله ) أتخاف أن تكون فححي رجححاءك لححه كاذبححا أو تكححون ل تححراه‬
‫ن قصورك في القيام بوظايف الّرجا كاشف من خوفححك مححن أحححد‬ ‫للّرجاء موضعا ( يعني أ ّ‬
‫أمرين كلهما باطل ‪:‬‬

‫أحدهما أن تكون كاذبا في رجاءك لححه سححبحانه لزعمححك أّنححك ل تسححتعّد مححع العمححل بلححوازم‬
‫رجائه تعالى لفاضة الجود منه عليك و ل تنال إلى مرجّوك ‪ ،‬و هححو خطححاء عظيححم نححاش‬
‫ل سبحانه على ألسنة رسله و أنبيائه لمن عمل‬ ‫عن ضعف العتقاد بالوعود اّلتي وعدها ا ّ‬
‫صالحا و يرجو رحمة رّبه ‪.‬‬

‫و ثانيهما أن تكون ل تراه للّرجاء موضعا ‪ ،‬و هو كفر صريح نححاش محن تحوّهم عجححزه أو‬
‫بخله ‪ ،‬هذا ‪.‬‬

‫و لما نّبه على بطلن دعوى المّدعين للّرجاء و شّنعهم على تلك الّدعوى ‪،‬‬

‫عّقبه بالّتشنيع على الخائفين بسبب قصححورهم فححي لححوازم الخححوف ‪ ،‬و توضححيح قصححورهم‬
‫فيها محتاج إلى تحقيق معنى الخوف و بيان حقيقته‬

‫] ‪[ 364‬‬

‫ن الخوف كما في إحياء العلححوم عبححارة عححن تححأّلم القلححب و احححتراقه بسححبب توّقححع‬
‫فأقول ‪ :‬إ ّ‬
‫مكروه في الستقبال ‪ ،‬و قد ظهر هذا في بيان حقيقة الّرجاء و هو صححفة تقتضححى علمححا و‬
‫عمل ‪.‬‬

‫سبب المفضى إلى المكروه ‪ ،‬و ذلك كمن جنى على ملك ثّم وقع فححي‬ ‫اما العلم فهو العلم بال ّ‬
‫يده فيخاف القتل مثل و يجوز العفو و الفلت ‪ ،‬و لكن يكون تححأّلم قلبححه بححالخوف بحسححب‬
‫قّوة علمه بالسباب المفضية إلى قتله ‪ ،‬و هو تفاحش جنايته و كون الملك حقودا غضححوبا‬
‫منتقما ‪ ،‬و كونه محفوفا بمن يحّثه على النتقام ‪ ،‬خاليا عّمن يتشّفع إليه في حّقححه ‪ ،‬و كححان‬
‫ل وسيلة و حسنة تمحو أثر جنايته عنححد الملححك ‪ ،‬فححالعلم بتظححاهر‬‫هذا الخائف عاطل عن ك ّ‬
‫هذه السباب سبب لقّوة الخوف و شّدة تأّلم القلب ‪ ،‬و بحسب ضعف هذه السباب يضعف‬
‫الخوف ‪.‬‬

‫و قد يكون الخوف ل عن سبب جناية قارفها الخائف ‪ ،‬بل عن صفة المخوف منححه كاّلححذى‬
‫سبع و هى سطوته و حرصححه علححى‬ ‫سبع لصفة ذات ال ّ‬‫وقع في مخالب سبع ‪ ،‬فاّنه يخاف ال ّ‬
‫الفتراس غالبا و إن كان افتراسه بالختيار ‪.‬‬
‫و قد يكون من صفة جبلّية للمخوف منه كخوف من وقع في مجرى سيل أو جوار حريححق‬
‫سحيلن و الغححراق ‪ ،‬و كحذا الّنححار‬
‫ن طبع الماء مجبول علحى ال ّ‬‫من الغرق و الحتراق ‪ ،‬ل ّ‬
‫سبب الباعث المثير لحراق القلب و تححأّلمه ‪،‬‬ ‫على الحراق ‪ ،‬فالعلم بأسباب المكروه هو ال ّ‬
‫و ذلك الحراق هو الخوف ‪.‬‬

‫ل و معرفة صفاته و أّنه لححو أهلححك العححالمين لححم‬ ‫ل تارة يكون لمعرفة ا ّ‬‫فكذلك الخوف من ا ّ‬
‫يبال و لم يمنعه مانع ‪ ،‬و تارة يكون لكثرة الجناية من العبححد بمقارفححة المعاصححي ‪ ،‬و تححارة‬
‫ل تعالى و اسححتغنائه‬ ‫يكون بهما جميعا ‪ ،‬و يحسب معرفته بعيوب نفسه و معرفته بجلل ا ّ‬
‫و أّنه ل يسئل عّما يفعل و هم يسئلون تكون قّوة خوفه فأخوف الّناس لرّبه أعرفهم بنفسححه‬
‫لح ‪ :‬إّنمححا‬
‫لح ‪ ،‬و كححذلك قححال ا ّ‬‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬أنا أخوفكم ّ‬
‫و برّبه و لذلك قال صّلى ا ّ‬
‫ل من عباده العلماء ‪.‬‬
‫يخشى ا ّ‬

‫ف و الّتوّقى عن‬
‫و أما العمل فهو أّنه إذا حصل له الخوف أوجب ذلك الك ّ‬

‫] ‪[ 365‬‬

‫كلّ ما يؤّدى إلى المكروه المتوّقع اّلذي يخاف منه ‪.‬‬

‫ل سبحانه إذا ثبت في القلب و اشتّد يظهر أثره علحى البحدن و علحى الجحوارح و‬
‫و خوف ا ّ‬
‫صفات ‪.‬‬
‫ال ّ‬

‫ق بححه المححرارة‬
‫صححفار و الغشححية و الّزعقححة و البكححاء ‪ ،‬و قححد ننشح ّ‬
‫امححا البححدن فبححالّنحول و ال ّ‬
‫فيفضى إلى الموت ‪ ،‬أو يصعد إلى الّدماغ فيفسد العقل ‪ ،‬أو يقوى فيورث القنوط و اليأس‬
‫‪.‬‬

‫طاعحات تلفيحا لمحا فحّرط و اسحتعدادا‬


‫و اما الجحوارح فبكّفهحا عحن المعاصحي و تقييحدها بال ّ‬
‫للمستقبل ‪.‬‬

‫شححهوات و يكحّدر الّلححذات فتصححير المعاصححي المحبوبححة عنححده‬ ‫و اما الصححفات فبححأن يقمححع ال ّ‬
‫ن فيححه سحّما فتحححرق‬‫مكروهححة كمححا يصححير العسححل مكروهححا عنححد مححن يشححتهيه إذا عححرف أ ّ‬
‫شهوات بالخوف و تتأّدب الجوارح و يحصل في القلب الّذبول و الخشوع و الستكانة و‬ ‫ال ّ‬
‫يفارقه الكبر و الحقد و الحسد بل يصير مستوعب الهّم بخوفه و الّنظر في خطر عاقبته ‪،‬‬
‫ل المراقبححة و المحاسححبة و المجاهححدة و الض حّنة‬ ‫فل يتف حّرغ لغيححره و ل يكححون لححه شححغل إ ّ‬
‫بالنفاس و الّلحظات ‪ ،‬و مؤاخذة الّنفس بالخطرات و الخطوات و الكلمات و يكححون حححاله‬
‫حال من وقع في مخالب سبع ضار ل يدرى أّنه يغفححل عنححه فيفلححت أو يهجححم عليححه فيهلححك‬
‫فيكون ظاهره و باطنه مشغول بما هو خائف منه ل مّتسع فيه لغيره هححذا حححال مححن غلبححه‬
‫الخوف و استولى عليه ‪.‬‬
‫و قّوة المراقبة و المحاسبة و المجاهدة بحسب قّوة الخوف اّلذي هو تأّلم القلححب و اححتراقه‬
‫ل تعالى و صفاته و أفعاله و بعيححوب الّنفححس و‬ ‫و قّوة الخوف بحسب قّوة المعرفة بجلل ا ّ‬
‫ما بين يديها من الخطار و الهوال ‪.‬‬

‫ل درجات الخوف مّما يظهر أثره فححي العمححال أن يمنححع عححن المحظححورات و يسحّمى‬ ‫و أق ّ‬
‫ف عّمححا يتطحرق إليحه امكحان‬‫ف الحاصل عن المحظورات ورعا ‪ ،‬فحان زادت قحّوته كح ّ‬ ‫الك ّ‬
‫ف أيضا عن المشتبهات و يسّمى ذلك الّتقوى ‪ ،‬إذ الّتقححوى أن يحترك محا يريبححه‬
‫الّتحريم فيك ّ‬
‫إلى ما ل يريبه ‪ ،‬و قد يحمله على ترك ما ل بأس به مخافة ما به‬

‫] ‪[ 366‬‬

‫صدق في الّتقوى ‪ ،‬فححاذا انضحّم إليححه الّتجحّرد للخدمححة فصححار ل يبنححى مححا ل‬
‫بأس ‪ ،‬و هو ال ّ‬
‫يسكنه ‪ ،‬و ل يجمع مال يأكله ‪ ،‬و ل يلتفت إلى دنيا يعلم أّنهححا تفححارقه ‪ ،‬و ل يصححرف إلححى‬
‫صدق و صاحبه جدير بأن يسّمى صديقا ‪.‬‬ ‫ل تعالى نفسا من أنفاسه ‪ ،‬فهو ال ّ‬‫غير ا ّ‬

‫صدق الّتقوى ‪ ،‬و يدخل في الّتقوى الورع ‪،‬‬


‫و يدخل في ال ّ‬

‫شححهوات خاصّححة فححاذا‬ ‫و يدخل في الورع العفة فاّنها عبححارة عححن المتنححاع عححن مقتضححى ال ّ‬
‫ف اسححم العّفححة ‪ ،‬و هححو‬‫ف و القدام ‪ ،‬و يتجّدد له بسبب الك ح ّ‬‫الخوف يؤّثر في الجوارح بالك ّ‬
‫ل محظور و أعلى‬ ‫ف عن ك ّ‬ ‫شهوة و أعلى منه الورع ‪ ،‬فاّنه أعّم لّنه ك ّ‬ ‫ف عن مقتضى ال ّ‬ ‫ك ّ‬
‫شححبهة جميعححا و ورائه اسححم الصّححديق و‬ ‫ف عححن المحظححور و ال ّ‬
‫منه الّتقوى ‪ ،‬فححاّنه اسححم للكح ّ‬
‫المقّرب ‪.‬‬

‫إذا عرفت ذلك ظهر لك معنحى قحوله ) و كحذلك إن هحو خحاف عبحدا محن عبيحده ( سحبحانه‬
‫) أعطاه من خوفه ( الضمير راجع إلى الخائف أو العبححد أى أعطححاه مححن أجححل خححوفه إّيححاه‬
‫لح تعححالى فيفعححل مححا‬‫) ما ل يعطى رّبه ( يعنى أّنه يقوم بمقتضيات خوفه إن خححاف غيححر ا ّ‬
‫يأمر و يترك ما ينهى و يأتي بمححا يريححد بخلف خححوفه منححه سححبحانه فيحّدعى الخححوف و ل‬
‫جل لوجود آثاره فيه بالفعححل‬ ‫يظهر أثره عليه ) فجعل خوفه من العباد نقدا ( أي كالنقد المع ّ‬
‫) و خوفه من خالقه ضمارا و وعدا ( ذا تسويف غير موجود آثاره فيه بعد هذا ‪.‬‬

‫و لّما نّبه على بطلن دعوى المّدعين للخوف و الّرجاء و كّذبهم فححي تلححك ال حّدعوى معّلل‬
‫ل تعالى أكثر و آكد ‪ ،‬و خوفهم مححن غيححره سححبحانه أقححوى و أش حّد ‪ ،‬و‬ ‫بكون رجاهم لغير ا ّ‬
‫جههم و مراقبتهم إلى غيحره عحّز و عل أكحثر محن‬ ‫ن تو ّ‬‫فهم من ذلك ضمنا بدللة اللتزام أ ّ‬
‫جههم إليه ‪ ،‬حيث إّنهححم يححؤثرون غيححره عليححه إذا رجححوا ‪ ،‬و يقححدمون خححوف‬ ‫مراقبتهم و تو ّ‬
‫ن حال أبنححاء الحّدنيا كحذلك ‪ ،‬ليثححارهم‬
‫الغير على خوفه إذا خافوا أردف ذلك بالّتنبيه على أ ّ‬
‫الّدنيا عليه تعالى و انقطاعهم إليها و افتتانهم بها و رغبتهم إليها دونه ‪.‬‬
‫و بهذا ظهر لك حسن الرتباط و المناسبة بين ما مّر و بين قوله ) و كذلك من‬

‫] ‪[ 367‬‬

‫عظمت الّدنيا في عينه ( و راقه زبرجها ) و كبر موقعها من قلبه ( و عظححم محّلهححا عنححده‬
‫ل ( و اختارها على مححا لححديه‬ ‫للّذاتها العاجلة و شهواتها الموجودة الحاضرة ) آثرها على ا ّ‬
‫مّما ل عين رأت و ل اذن سمعت و ل خطر على قلب بشححر لكححونه آجل غايبححا ) فححانقطع‬
‫إليها و صار عبدا لها ( و لمن في يديه شيء منها حيثما زالححت زال إليهححا و حيثمححا أقبلححت‬
‫ل زائل ‪ ،‬و ضوء آفل ‪ ،‬و سناد مائل ‪ ،‬و غرور حائل ‪.‬‬ ‫أقبل عليها ‪ ،‬غافل عن أّنه ظ ّ‬

‫لح‬
‫لح صحّلى ا ّ‬ ‫سححي برسححول ا ّ‬
‫و لّما وصف حال أبناء الّدنيا المفتونين بها عّقبه بأمرهم بالّتأ ّ‬
‫عليه و آلححه و سحّلم المعححرض عنهححا لمححا رأى مححن فنائهححا و زوالهححا و مخازيهححا و معايبهححا‬
‫لح‬‫تزهيدا لهم عنها ‪ ،‬و تنبيها على خطائهم في الفتتان بها فقال ) و لقد كان في رسححول ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم كاف لك في السححوة ( أى فححي القححدوة و الّتبححاع ) و دليححل لححك‬ ‫صّلى ا ّ‬
‫على ذّم الّدنيا و كثرة مخازيهححا ( أى مهالكهححا و مقابحهححا و فضححايحها ) و مسححاويها ( أى‬
‫معايبها ‪.‬‬

‫و أشار إلى دليل الّذم بقوله ) إذ قبضت عنه أطرافها و وطئت ( أى هّيأت ) لغيره أكنافها‬
‫( و جوانبها و ) فطم من رضاعها ( و التقححم غيححره ضححرعها ) و زوى ( أي نححىّ ) عححن‬
‫زخارفها ( و قّرب إلى غيره زبرجها ‪.‬‬

‫و دللة هذه الجملة على ذّمها و عيبها أّنه لو كان لها وقع عنده سبحانه و لها كرامححة لححديه‬
‫ب خلقه إليه و أشرفهم و أكرمهم عنده ‪ ،‬فحيث زويها عنححه و بسححطها‬ ‫لم يضن بها على أح ّ‬
‫ستها و حقارتها و هوانها و إلى ذلك يشير ما في الحديث ‪ :‬ما زوى‬ ‫ل ذلك على خ ّ‬‫لغيره د ّ‬
‫جل له فيها ‪.‬‬
‫ل عن المؤمن في هذه الّدنيا خير مّما ع ّ‬ ‫ا ّ‬

‫ن الّرجححل‬
‫حى من الخير و الفضححل ‪ ،‬و تصححديق ذلححك ا ّ‬ ‫قال بعض شّراح الحديث ‪ :‬أى ما ن ّ‬
‫ن أهل الّدنيا تنافسوا فححي دنيححاهم فنكحححوا الّنسححاء و لبسححوا‬‫بإّ‬‫منهم يوم القيامة يقول ‪ :‬يا ر ّ‬
‫طعام و سكنوا الّدور و ركبوا المشهور من الّدواب فأعطني مثل ما‬ ‫الّثياب الّلينة و أكلوا ال ّ‬
‫ل عبد منكم ما أعطيححت أهححل الحّدنيا منححذ كحانت‬ ‫ل تبارك و تعالى ‪ :‬و لك ّ‬ ‫أعطيتهم ‪ ،‬فيقول ا ّ‬
‫الّدنيا إلى أن انقضت سبعون ضعفا ‪.‬‬

‫] ‪[ 368‬‬

‫لح عليححه و آلححه و سحّلم عحن الحّدنيا ) ب (‬


‫ل صحّلى ا ّ‬‫) و إن شئت ثّنيت ( إعراض رسول ا ّ‬
‫ل عليه و آلححه‬
‫ل ( عنها أو إن شئت ثّنيت السوة بالّرسول صّلى ا ّ‬ ‫اعراض ) موسى كليم ا ّ‬
‫لح سححبحانه عنححه فححي سححورة القصححص بقححوله‬ ‫و سّلم بالسوة بالكليم ) إذ يقول ( ما حكححى ا ّ‬
‫ي أو سائل طححالب‬ ‫ى من خير فقير ( أى إّني محتاجإلى ما أنزلت إل ّ‬ ‫ب إّني لما أنزلت إل ّ‬
‫)ر ّ‬
‫ي مححن خيححر الحّدين و هححو الّنجححاة مححن‬
‫لما أنزلته ‪ ،‬أو إّني فقير من الّدنيا لجل ما أنزلت إلح ّ‬
‫ظالمين أى صرت فقيرا لجل ذلك لّنه كان عند فرعون فححي ثححروة و سححعة و ملححك ‪ ،‬و‬ ‫ال ّ‬
‫سلم ذلك رضا بالبدل النبى و فرحا به و شكرا له ‪ ،‬و علححى ذلححك فححالمراد بمححا‬ ‫قال عليه ال ّ‬
‫ظححالمين و قححال فححي الكشححاف إّنححى ل ّ‬
‫ي‬ ‫في قوله لما أنزلت ‪ ،‬هو خير الّدين و الّنجاة مححن ال ّ‬
‫ث أو سمين لفقير ‪.‬‬ ‫ى قليل أو كثير غ ّ‬‫شيء أنزلت إل ّ‬

‫و حمله الكثرون علححى الطعححام ‪ ،‬و يؤّيححده مححا فححي الصّححافي عححن الكححافي و العياشححي عححن‬
‫سلم سأل الطعام ‪ ،‬قال ‪ :‬و في الكمال روى أّنه قححال ذلححك و هححو محتححاج‬ ‫صادق عليه ال ّ‬
‫ال ّ‬
‫ق تمرة ‪.‬‬
‫إلى ش ّ‬

‫ل فلق خبز يقيم به صلبه و يؤّيده أيضا‬ ‫يا ّ‬‫و في مجمع البيان عن ابن عّباس قال ‪ :‬سأل نب ّ‬
‫سححلم‬‫صلة قححول أميححر المححؤمنين عليححه ال ّ‬
‫لم لل ّ‬‫كما يؤّيد تضمين فقير معنى سائل و كون ال ّ‬
‫ل ما سأله إل خبزا يأكله ‪ ،‬لّنه كان يأكل بقلة الرض ( إذ خرج من مدينة فرعححون‬ ‫)وا ّ‬
‫خائفححا يححترّقب بغيححر ظهححر و ل داّبححة و ل خححادم و ل زاد تخفضححه الرض محّرة و ترفعححه‬
‫اخرى حّتى انتهى إلى أرض مدين ‪ ،‬و كان بينه و بين مدين مسيرة ثلثحة أّيحام ‪ ،‬و قيحل ‪:‬‬
‫ف قدميه ‪ ،‬و كان ل يأكل فححي‬ ‫ثمانية ‪ ،‬فخرج منها حافيا و لم يصل إلى مدين حّتى وقع خ ّ‬
‫صحراء و بقل الرض ‪.‬‬ ‫ل حشيش ال ّ‬‫مّدة مسيرها إ ّ‬

‫ن جلد بطنه‬
‫) و لقد كانت خضرة البقل ترى من شفيف صفاق بطنه ( يعني أ ّ‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬تتت تتتت تتت تتتتت تتتت تتتت تتت تت ت‬
‫تت تتتتت تتت ت ت تتت تتت تتت ت تت ت‬
‫تتت تتتت‬
‫تتتتتت تتت ت تتتت ت ت تتت تتت ت تت ت تتتتت‬
‫تتتتت ت ت تتتتتت تتت ت تت ت تتت تت تتتتت ت‬
‫تت تتتتتتت ت ت‬‫تتت تتتتت تتتتتت ت تتت تتتت‬
‫تتت تتتت تتت تتتتتتتت ت تتت‬

‫] ‪[ 369‬‬

‫بسبب رّقته لم يكن حاجبا عن إدراك البصر لما ورائه و ذلك ) لهزالححه و تش حّذب لحمححه (‬
‫ب إّنححي‬
‫سلم قال يوما يححا ر ّ‬‫أى تفّرقه قال في عّدة الّداعي ‪ :‬و يروى أّنه أى موسى عليه ال ّ‬
‫ب أطمعني قال ‪ :‬إلي أن اريد ‪.‬‬
‫ل أنا أعلم بجوعك ‪ ،‬قال ‪ :‬يا ر ّ‬‫جائع فقال ا ّ‬
‫سلم يا موسى الفقير من ليس لححه مثلححي كفيححل ‪ ،‬و المريححض مححن‬
‫و فيما أوحى إليه عليه ال ّ‬
‫ليس له مثلي طبيب ‪ ،‬و الغريب من ليس له مثلي مونس قال ‪ :‬و يروى حبيب ‪،‬‬

‫يا موسى ارض بكسرة من شعير تسّد بها جوعتك ‪ ،‬و بخرقة توارى بها عورتك ‪،‬‬

‫لح و إّنححا إليححه راجعححون‬


‫و اصبر على المصائب ‪ ،‬و إذا رأيت الّدنيا مقبلة عليك فقل ‪ :‬إّنححا ّ‬
‫عقوبححة قححد عجلححت فححي الححّدنيا ‪ ،‬و إذا رأيححت ال حّدنيا مححدبرة عنححك فقححل ‪ :‬مرحبححا بشححعار‬
‫ن بما اوتى فرعون و ما تمّتححع بححه فاّنمححا هححي زهححرة الحيححاة‬ ‫صالحين ‪ ،‬يا موسى ل تعجب ّ‬ ‫ال ّ‬
‫الّدنيا ‪.‬‬

‫) و إن شئت ثّلثت بداود ( بن أيش من أولد يهودا سّمى به لّنححه داوي جرحححه بححوّد و قححد‬
‫طاعة حّتى قيحل عبححد ‪ ،‬رواه فحي البحححار محن معحانى الخبحار و غيحره‬ ‫قيل ‪ :‬داوى وّده بال ّ‬
‫) صاحب المزامير ( قال الفيروزآبادي ‪ :‬مزاميره ما كححان يتغّنححى بححه مححن الّزبححور و قححال‬
‫ن داود اعطى من طيب الّنغححم و لحّذة ترجيححع القححراءة مححا كححان‬‫شارح المعتزلي ‪ :‬يقال ‪ :‬إ ّ‬ ‫ال ّ‬
‫طيور لجله تقع عليه و هو في محرابه ‪ ،‬و الوحش تسمعه فيدخل بين الّنححاس و ل تنفححر‬ ‫ال ّ‬
‫منهم لما قد استغرقها من طيب صوته ‪.‬‬

‫سلم في الحديث التححي و‬ ‫صادق عليه ال ّ‬


‫و في البحار من المالي عن هشام بن سالم عن ال ّ‬
‫ل جحاذبه ) و ( لعّلحه‬
‫كان إذا قرء الّزبور ل يبقحى جبحل و ل حجحر و ل طحائر و ل سحبع إ ّ‬
‫لطيب صوته كان ) قاري أهل الجّنة فلقد كان يعمححل سححفائف الخححوص ( أي نسححايج ورق‬
‫شعير من ثمنها ( قال فححي‬ ‫الّنخل ) بيده و يقول لجلسائه أّيكم يكفيني بيعها و يأكل قرص ال ّ‬
‫ل له الحديد ‪.‬‬
‫ل هذا كان قبل أن ألن ا ّ‬
‫البحار ‪ :‬لع ّ‬

‫ي بن إبراهيم في قححوله تعححالى » و لقححد آتينححا داود مّنححا فضححل يححا‬‫و روي فيه من تفسير عل ّ‬
‫طير و ألّنا له الحديد « قال ‪ :‬كان داود إذا م حّر فححي‬ ‫ل » و ال ّ‬
‫جبال أّوبي معه « أى سّبحى ّ‬
‫طير معه و الوحوش و ألن ا ّ‬
‫ل‬ ‫البرارى يقرء الّزبور يسّبح الجبال و ال ّ‬

‫] ‪[ 370‬‬

‫ب‪.‬‬
‫شمع حّتى كان يّتخذ منه ما أح ّ‬
‫له الحديد مثل ال ّ‬

‫ل إلى داود نعم العبد لححو‬ ‫سلم قال ‪ :‬أوحى ا ّ‬ ‫ل عليه ال ّ‬


‫و فيه من الفقيه بسنده عن أبي عبد ا ّ‬
‫لح‬
‫سححلم فححأوحى ا ّ‬ ‫ل أّنك تأكل من بيت المال و ل تأكل بيدك شيئا قال ‪ :‬فبكى داود عليه ال ّ‬
‫ل يححوم درعححا‬
‫لح لححه الحديححد ‪ ،‬فكححان يعمححل كح ّ‬
‫تعالى إلى الحديد أن لن لعبححدى داود فححألن ا ّ‬
‫فيبيعها بألف درهم فعمل ثلثمأة و سّتين درعا فباعها بثلثمأة و سّتين ألفا ‪،‬‬

‫و استغنى عن بيت المال ‪.‬‬


‫و عن صاحب الكامل كان داود بن ايشاح ) ايححش خ ل ( محن أولد يهححود او كححان قصحيرا‬
‫شعر ‪ ،‬فلّما قتل طالوت أتى بنححو إسححرائيل داود و أعطححوه خزايححن طححالوت و‬
‫أزرق قليل ال ّ‬
‫ملكوه عليهم ‪.‬‬

‫لح نبّيحا ملكححا و أنححزل عليححه‬


‫ن داود ملك قبحل أن يقتحل جحالوت ‪ ،‬فلّمحا ملححك جعلحه ا ّ‬ ‫و قيل إ ّ‬
‫طيحر أن يسحّبحن معحه إذا‬ ‫الّزبور و عّلمه صنعة الّدرع و ألن له الحديد و أمر الجبال و ال ّ‬
‫لح أحححدا مثحل صحوته كحان إذا قحرء الّزبححور تحدنو الححوحش حّتححى يؤخححذ‬ ‫سّبح ‪ ،‬و لم يعححط ا ّ‬
‫بأعناقها ‪ ،‬و كان شححديد الجتهححاد ‪ ،‬كححثير العبححادة و البكححاء ‪ ،‬و كححان يقححوم الّليححل و يصححوم‬
‫ل يوم و ليلححة أربعححة آلف ‪ ،‬و كححان يأكححل مححن كسححب يححده‬ ‫نصف الّدهر ‪ ،‬و كان يحرسه ك ّ‬
‫أربعة آلف ‪ ،‬و كانت مّدة ملكه أربعين و تمام عمره مأة ‪ ،‬هذا ‪.‬‬

‫لح مححن الملححك و الّنبححوة و البسححطة زهححد فححي‬‫سلم مع ما آتاه ا ّ‬ ‫و قد اّتضح بذلك أّنه عليه ال ّ‬
‫الّدنيا و رغب عنها و جعل رزقه في كّد يمينه ‪ ،‬و العجب أّنه مع زهده ذلك عّيره حزقيل‬
‫صته معه لمناسبتها بالمقام ‪ ،‬و دللتها على ذّم الّدنيا المسوق له‬ ‫ي و يعجبني أن أذكر ق ّ‬ ‫الّنب ّ‬
‫صححدوق عححن‬ ‫سلم فأقول ‪ :‬روى في البحار من أمالي ال ّ‬ ‫هذا الفصل من كلم المام عليه ال ّ‬
‫صادق جعفر بن محّمححد‬ ‫ي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن ال ّ‬ ‫أبيه عن عل ّ‬
‫ن داود خرج ذات يوم يقرء الّزبور و كان إذا قححرء الّزبححور ل يبقححى‬ ‫سلم قال ‪ :‬إ ّ‬ ‫عليهما ال ّ‬
‫ل جاذبه ‪ ،‬فما زال يمّر حّتححى انتهححى إلححى جبححل فححاذا‬ ‫جبل و ل حجر و ل طائر و ل سبع إ ّ‬
‫سححباع و‬‫ي الجبححال و أصححوات ال ّ‬ ‫ي عابد يقال له حزقيل ‪ ،‬فلّمححا سححمع دو ّ‬ ‫على ذلك الجبل نب ّ‬
‫طير علم أّنه داود ‪ ،‬فقال‬ ‫ال ّ‬

‫] ‪[ 371‬‬

‫ل جلّ‬
‫سلم فأوحى ا ّ‬ ‫داود ‪ :‬يا حزقيل أتاذن لي فأصعد إليك ؟ قال ‪ :‬ل ‪ ،‬فبكى داود عليه ال ّ‬
‫سلم‬
‫جلله إليه يا حزقيل ل تعّير داود و سلنى العافية ‪ ،‬فقام حزقيل فأخذ بيد داود عليه ال ّ‬
‫ط ؟ قال ‪ :‬ل ‪ ،‬قال ‪:‬‬ ‫سلم يا حزقيل هل هممت بخطيئة ق ّ‬ ‫فرفعه إليه فقال ‪ :‬داود عليه ال ّ‬

‫لح تعحالى ؟ قحال ‪ :‬ل ‪ ،‬قحال ‪ :‬فهحل ركنححت إلححى‬


‫فهل دخلك العجب مّما أنت فيه من عبادة ا ّ‬
‫الّدنيا فأحببت أن تأخذ من شهوتها و لّذتها ؟ قال ‪ :‬بلى رّبما عرض بقلبي ‪ ،‬قال ‪:‬‬

‫شعب فأعتبر بما فيه ‪.‬‬


‫فماذا تصنع إذا كان ذلك ؟ قال ‪ :‬أدخل هذا ال ّ‬

‫ي الشعب فاذا سرير من حديد عليه جمجمة باليححة و عظححام فانيححة ‪ ،‬و‬ ‫قال ‪ :‬فدخل داود الّنب ّ‬
‫إذا لوح حديد فيه كتابة ‪ ،‬فقرئها داود فاذا هي ‪ :‬أنا أردى شلم ملكت ألف سنة و بنيت ألف‬
‫مدينة و افتضضت ألف بكر فكان آخححر أمححري أن صححار الّتححراب فراشححى ‪ ،‬و الحجححارة و‬
‫سادتى ‪ ،‬و الّديوان و الحّيات جيراني ‪ ،‬فمححن رآنححي فل يغححتّر بالحّدنيا و فححي البحححار أيضححا‬
‫دخل داود غارا من غيران بيت المقّدس ‪ ،‬فوجد حزقيل يعبحد رّبحه و قحد يبحس جلحده علحى‬
‫عظمه فسّلم عليه ‪ ،‬فقال ‪ :‬أسمع صوت شبعان ناعم فمن أنت ؟ قحال ‪ :‬أنحا قحال ‪ :‬اّلحذي لححه‬
‫شدة قال ‪ :‬ما أنحا فححي شحّدة و ل أنحت فحي نعمححة‬
‫كذا و كذا امة ؟ قال ‪ :‬نعم و أنت في هذه ال ّ‬
‫حّتى تدخل الجّنة ‪.‬‬

‫سححلم ( أى ان شححئت أن تححذكر حححال المسححيح‬ ‫) و ان شئت قلت في عيسى بن مريم عليه ال ّ‬
‫سد الحجر ( أى يأخذه و سادة له ) و يلبس ( الّلباس ) الخشححن و‬ ‫فاذكر اّنه ل ) قد كان يتو ّ‬
‫ن النسان إّنما يحتححاج إلححى الدام‬ ‫ل المعنى أ ّ‬
‫ي ‪ :‬لع ّ‬
‫لمة المجلس ّ‬ ‫كان إدامه الجوع ( قال الع ّ‬
‫شديد فيلت حّذ بححالخبز و ل يطلححب‬
‫لّنه يعسر على الّنفس أكل الخبز يابسا ‪ ،‬فأّما مع الجوع ال ّ‬
‫شححبع فكححان الجححوع مخلوطححا بححه‬
‫غيره فهو بمنزلة الدام ‪ ،‬أو أّنه كححان يأكححل الخححبز دون ال ّ‬
‫كالدام ‪.‬‬

‫طعححام ‪ ،‬أو أنّ‬


‫أقول ‪ :‬و يحتمل أن يكون المراد أّنه كان يلتّذ بحالجوع كمححا يلتحّذ بححالدام و ال ّ‬
‫الجوع كان بدل عن إدامه فاستعير لفظ الجوع له من باب استعارة اسم الضحّد للضّححد مثحل‬
‫قوله في الخطبة الّثانية ‪ :‬نومهم سهود و كحلهم دموع ‪.‬‬

‫) و سراجه بالّليل القمر ( يستضيء به كما يستضاء بالسراج ) و ظلله في‬

‫] ‪[ 372‬‬

‫ضحى ) و مغاربها ( في المساء )‬ ‫شتاء ( أى مكمنه من البرد ) مشارق الرض ( في ال ّ‬ ‫ال ّ‬


‫و فاكهته و ريحانه مححا تنبححت الرض للبهححائم ( و اسححتعارة الفاكهححة و الّريحححان لمححا تنبححت‬
‫باعتبار التذاذ ذوقه و شّمه به كالتذاذ غيره بالفواكه و الّرياحين ) و لم تكن له زوجة تفتنه‬
‫ل ح ) و ل طمححع يححذّله ( أى‬ ‫و ل ولد يحزنه و ل مال يلفته ( أى يلويه و يصرفه عن ذكر ا ّ‬
‫يوقعه في الّذّلة و الهوان ) داّبته رجله و خادمه يداه ( أى انتفاعه بهمححا كمححا ينتفححع غيححره‬
‫بالّدابة و الخادم ‪.‬‬

‫سححلم نحححوه فححي عحّدة‬


‫سلم به عيسححى فقححد روى عنححه عليححه ال ّ‬ ‫ن ما وصف عليه ال ّ‬ ‫و اعلم أ ّ‬
‫لح و كلمتححه فحاّنه كحان يقححول ‪ :‬خححادمى يححداى و داّبححتي‬
‫الّداعي قحال ‪ :‬و أّمححا عيسححى روح ا ّ‬
‫شحححتاء مشححارق الرض و‬ ‫رجلى و فراشحححي الرض و وسحححادي الحجحححر و دفئي فحححي ال ّ‬
‫صححوف و فححاكهتي و‬ ‫سراجي بالّليل القمر و ادامي الجححوع و شححعارى الخححوف و لباسححي ال ّ‬
‫ريحاني ما أنبتت الرض للوحوش و النعام ‪ ،‬أبيت و ليس لي شححيء ‪ ،‬و أصححبح و ليححس‬
‫لي شيء ‪ ،‬و ليس على وجه الرض أحد أغنى مّني و رواه مثله فححي البحححار مححن ارشححاد‬
‫شمس ‪ ،‬و بدل ريحاني ريحانتي ‪.‬‬ ‫ن فيه بدل مشارق الرض مشارق ال ّ‬ ‫لأّ‬‫القلوب إ ّ‬

‫ن عيسى قال ‪:‬‬


‫سلم قال ‪ :‬في النجيل إ ّ‬
‫ل عليه ال ّ‬
‫و في عّدة الّداعي عن أبيعبد ا ّ‬
‫الّلهّم ارزقني غدوة رغيفا من شححعير رعشحّية رغيفححا مححن شححعير و ل ترزقنححي فححوق ذلححك‬
‫فاطغى ‪.‬‬

‫أقول ‪ :‬و ان شئت فاّتبع ذكر حال هؤلء النبياء الكرمين بذكر حال غيرهم من النبيححاء‬
‫و المرسلين ‪.‬‬

‫ل فاّنه مححع كححونه شححيخ المرسححلين و قححد روي أّنححه عححاش ألفححى عححام و‬
‫يا ّ‬
‫و اذكر نوحا نج ّ‬
‫خمسمأة عام ‪ ،‬و عّمر في الّدنيا مديدا ‪ ،‬مضى منها و لم يبن فيها بيتا ‪ ،‬و كححان إذا أصححبح‬
‫يقول ل امسى و إذا أمسى يقول ل أصبح ‪.‬‬

‫شعير ‪.‬‬
‫صوف و طعامه ال ّ‬
‫و انظر إلى أبي النبياء إبراهيم خليل الّرحمن فقد كان لباسه ال ّ‬

‫شجر ‪.‬‬
‫ثّم انظر إلى يحيى بن زكريا كان لباسه الّليف و أكله ورق ال ّ‬

‫] ‪[ 373‬‬

‫شححعر و إذا جّنحه‬‫ثّم إلى سليمان بن داود فقد كان مع ما هو فيه مححن الملحك العظيححم يلبححس ال ّ‬
‫الّليل شحّد يحديه إلحى عنقحه فل يحزال قائمحا باكيحا حّتحى يصحبح ‪ ،‬و كحان قحوته محن سحفائف‬
‫الخوص يعملها بيده ‪ ،‬و هكذا كان حال ساير النبياء في إعراضهم عن الّدنيا ‪.‬‬

‫ن فيه كافيححا لححك فححي التبححاع بححه و‬‫و أّما سّيد البشر فوصف حاله إجمال قد مّر و قد تقّدم أ ّ‬
‫سحي بحه و أردفححه بوصححف ححاله تفصحيل فقحال‬ ‫الهتداء بهداه ‪ ،‬و لحذلك عّقبحه بحالمر بالّتأ ّ‬
‫ن فيه اسوة لمن‬ ‫ل عليه و آله و سّلم ( و اّتبع له ) فا ّ‬ ‫س بنبّيك الطيب الطهر صّلى ا ّ‬ ‫) فتأ ّ‬
‫سححى بنححبّيه و‬
‫ل المتأ ّ‬
‫ب العباد إلى ا ّ‬‫سى و عزاء لمن تعّزى ( أى نسبة لمن انتسب ) و أح ّ‬ ‫تأ ّ‬
‫ب العباد إليه سبحانه لقححوله تعححالى قححل إن كنتححم‬ ‫ص ( المتتّبع ) لثره ( و إّنما كان أح ّ‬ ‫المقت ّ‬
‫ل للعبححد عبححارة‬‫ل قال الفخر الّرازي ‪ :‬قال المتكّلمون محّبة ا ّ‬ ‫ل فاّتبعوني يحببكم ا ّ‬‫تحّبون ا ّ‬
‫عححن إرادتححه تعححالى ايصححال الخيححرات و المنححافع فححي الحّدين و الحّدنيا إليححه ‪ ،‬و قححال بعححض‬
‫ل لعباده كالزمخشري و أترابه ‪ ،‬زعمححا منهححم‬ ‫المحّققين ‪ :‬و من المتكّلمين من أنكر محّبة ا ّ‬
‫لح تعحالى لخلقحه راجعحة إلحى محّبحة‬ ‫ن محّبحة ا ّ‬
‫ن ذلك يوجب نقصا في ذاته و لحم يعلمحوا أ ّ‬ ‫أّ‬
‫ذاته ‪ ،‬هذا ‪.‬‬

‫لح مححن‬ ‫ب العبححاد إلححى ا ّ‬


‫ن أحح ّ‬
‫ي ‪ ،‬فاّنه لّما ذكححر أ ّ‬
‫و قوله ) قضم الّدنيا قضما ( استيناف بيان ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪ ،‬و كان ذلك مظّنة لن يسأل عن الثر الححذي‬ ‫ي صّلى ا ّ‬‫ص أثر الّنب ّ‬
‫اقت ّ‬
‫سؤال المتوّهم ‪ ،‬و تفصيل لما فيه السوة‬ ‫ص أردف بهذا الكلم و ما يتلوه جوابا لهذا ال ّ‬ ‫يقت ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم فححي ال حّدنيا‬ ‫‪ ،‬و به يكون القتصاص ‪ ،‬و أراد بقضمه اقتصاره صّلى ا ّ‬
‫ضححرورة إذا لقضححم يقابححل الخضححم و الّول أكححل الشححيء اليححابس بححأطراف‬ ‫علححى قححدر ال ّ‬
‫السنان ‪،‬‬
‫سلم في وصف حال بني امّية في‬ ‫و الثاني الكل بالفم كّله للشياء الّرطبة كما قال عليه ال ّ‬
‫ل خضم البل نبتححة الّربيححع ‪ ،‬و فححي ححديث أبححي ذر »‬ ‫الخطبة الشقشقّية ‪ :‬يخضمون مال ا ّ‬
‫ل ) و لم يعرها طرفا ( أى لححم يعطهححا نظححرة علححى‬ ‫رض « يخضمون و نقضم و الموعد ّ‬
‫وجه العارية فكيف بأن يجعلها مطمح نظره ‪ ،‬و هو كناية عن عدم التفححاته إليهححا ) أهضححم‬
‫أهل الّدنيا كشحا و أخمصهم‬

‫] ‪[ 374‬‬

‫بطنا ( أى أخمصهم خاصرة و بطنا ‪ ،‬و هو كناية عن كونه أش حّدهم جوعححا و أقّلهححم شححبعا‬
‫ل عليه و آله و سّلم إذا اشتّد جوعه كان يربححط علححى بطنححه حجححرا و‬ ‫كما روى أّنه صّلى ا ّ‬
‫يسمّيه المشبع مع كونه مالكا لقطعة واسعة من الّدنيا ‪.‬‬

‫لح عليححه و آلححه و سحّلم كححان‬


‫ي صحّلى ا ّ‬
‫ن النححب ّ‬
‫قال الغزالي في احياء العلوم ‪ :‬و في الخححبر أ ّ‬
‫يجوع من غير غور أى مختارا لذلك ‪.‬‬

‫ط شححبعا و‬
‫ل عليه و آله و سّلم لم يمتححل قح ّ‬
‫ل صّلى ا ّ‬‫ن رسول ا ّ‬ ‫قال ‪ :‬و كانت عايشة تقول إ ّ‬
‫رّبما بكيت رحمة له مما أرى به من الجوع فأمسح بطنه بيدى و أقول نفسى لك الفداء لحو‬
‫تبّلغت من الّدنيا بقدر ما يقويك و يمنعك من الجوع ‪ ،‬فيقول ‪ :‬يا عايشة اخواني محن اولحى‬
‫العزم من الّرسل قد صبروا على ما هو أشّد من هذا ‪ ،‬فمضححوا علححى حححالهم فقححدموا علححى‬
‫رّبهم فأكرم مآبهم و أجزل ثوابهم ‪ ،‬فأجدني أستحي إن ترّفهت في معيشتي أن يقصر بححي‬
‫ظى غدا في الخرة ‪ ،‬و ما من‬ ‫ى من أن ينقص ح ّ‬ ‫ب إل ّ‬
‫صبر أّياما يسيرة أح ّ‬
‫غدا دونهم ‪ ،‬فال ّ‬
‫ى من الّلحوق بأصحابي و إخواني ‪،‬‬ ‫ب إل ّ‬
‫شيء أح ّ‬

‫ل إليه ‪.‬‬
‫ل ما استكمل بعد ذلك جمعة حّتى قبضه ا ّ‬
‫قالت عايشة ‪ :‬فو ا ّ‬

‫لح‬
‫ل و سلمه عليهحا بكسحرة خحبز إلحى رسحول ا ّ‬ ‫و عن أنس قال ‪ :‬جائت فاطمة صلوات ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم فقال ‪ :‬ما هذه الكسرة ؟ قالت ‪ :‬قرص خبزته و لم تطب نفسى‬ ‫صّلى ا ّ‬
‫ل عليه و آلححه و س حّلم ‪ :‬أمححا أّنححه أّول‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫حتى أتيتك منه بهذه الكسرة ‪ ،‬فقال رسول ا ّ‬
‫طعام دخل فم أبيك منذ ثلثة أّيححام ‪ ،‬هححذا ‪ ،‬و سححنورد فصححل مشححبعا فححي فضححيلة الجححوع و‬
‫ل‪.‬‬‫فوايده بعد الفراغ من شرح الخطبة إنشاء ا ّ‬

‫) عرضت عليه الّدنيا فأبى أن يقبلها ( إشارة إلى مححا ورد فححي غيححر واحححد مححن الحححاديث‬
‫ل عليه و آله عرض عليه مفاتيح كنوز الرض فححامتنع‬ ‫العامّية و الخاصّية من أّنه صّلى ا ّ‬
‫من قبولها ‪.‬‬

‫منها ما في الكافي عن عّدة من أصحابنا عن أحمد بن محّمد بن خالد عن القاسم بن يحيححى‬


‫سححلم قحال ‪ :‬خححرج‬
‫لح عليححه ال ّ‬
‫ل بن سنان عن أبيعبححد ا ّ‬
‫عن جّدة الحسن بن راشد عن عبد ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم و هو محزون ‪ ،‬فأتاه ملك و معه مفاتيح خزائن الرض‬
‫ي صّلى ا ّ‬‫الّنب ّ‬
‫فقال ‪ :‬يا محّمد‬

‫] ‪[ 375‬‬

‫هذه مفاتيح خزائن الّدنيا يقول لك رّبك ‪ :‬افتح و خذ منها ما شئت من غير أن تنقص شححيئا‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬الّدنيا دار من ل دار له و لها يجمححع‬‫ل صّلى ا ّ‬
‫عندى ‪ ،‬فقال رسول ا ّ‬
‫ق لقد سمعت هذا الكلم من ملححك يقححوله‬ ‫من ل عقل له ‪ ،‬فقال له الملك ‪ :‬و اّلذي بعثك بالح ّ‬
‫سماء الّرابعة حين اعطيت المفاتيح ‪.‬‬‫في ال ّ‬

‫سححلم فححي‬
‫ي عن محّمد بن مسححلم عححن أبححي جعفححر عليححه ال ّ‬ ‫و منها ما في الوسائل عن الكلين ّ‬
‫ل عليححه و آلححه و‬‫سلم ‪ :‬يا محّمد لعّلك ترى أّنه صّلى ا ّ‬ ‫حديث طويل و فيه ‪ :‬ثّم قال عليه ال ّ‬
‫ل إلى أن قبض ‪ ،‬ثّم رّد على نفسه ثّم قححال ‪ :‬ل‬ ‫سّلم شبع من خبز البّر ثلثة أّيام منذ بعثه ا ّ‬
‫ل إلى أن قبضه ‪ ،‬أما أّني ل أقححول‬ ‫ل ما شبع من خبز البّر ثلثة أّيام متوالية منذ بعثه ا ّ‬‫وا ّ‬
‫إّنه كان ل يجد ‪ ،‬لقد كان يجير الرجل الواحد بالمأة من البل فلو أراد أن يأكححل لكححل ‪ ،‬و‬
‫قد أتاه جبرئيل بمفاتيح خزائن الرض ثلث مّرات يخّيره من غير أن ينقص مّما أعّد ا ّ‬
‫ل‬
‫ل ‪ ،‬الحديث ‪.‬‬
‫له يوم القيامة شيئا ‪ ،‬فيختار الّتواضع ّ‬

‫ستين في الّتححذنيب الّول مححن شححرحه المسححوق لكيفّيححة‬ ‫و قد مّر في شرح الكلم الّتاسع و ال ّ‬
‫شهادة أمير المؤمنين عند اقتصاص حاله في ليلة تسع عشححرة مححن شححهر رمضححان حححديث‬
‫ل ح عليححه و آلححه و‬
‫عرض المفاتيح برواية لوط بن يحيى بنحو آخر فتذّكر ) و علم ص حّلى ا ّ‬
‫ل ح عليححه و‬
‫ي ص حّلى ا ّ‬‫ل سبحانه أبغض شيئا ( و لم يرده لولياءه ) فأبغضه ( الّنب ّ‬ ‫نا ّ‬
‫سّلم أ ّ‬
‫ل روى في إحياء العلوم عن موسححى بححن يسححار‬ ‫ل أن يشاء ا ّ‬ ‫آله و سّلم لنفسه لّنه ل يشاء إ ّ‬
‫ل لم يخلق خلقا أبغض إليه من‬ ‫ل عّز و ج ّ‬
‫نا ّ‬‫ل عليه و آله و سّلم إ ّ‬‫ي صّلى ا ّ‬‫قال ‪ :‬قال النب ّ‬
‫الّدنيا و أّنه منذ خلقها لم ينظر إليها ‪.‬‬

‫لح لححم ينظححر‬


‫سماء و الرض منذ خلقهححا ا ّ‬
‫ل ‪ :‬الّدنيا موقوفة بين ال ّ‬
‫و فيه أيضا قال رسول ا ّ‬
‫ب اجعلني لدنى أوليائك اليوم نصيبا ‪ ،‬فيقول اسكتي يححا ل‬ ‫إليها و تقول يوم القيامة ‪ :‬يا ر ّ‬
‫شيء إّني لم أرضك لهم في الّدنيا ارضاك لهم اليوم ؟‬

‫لح‬
‫لح عليححه و آلححه و سحّلم لحقحارته عنححد ا ّ‬
‫ي صحّلى ا ّ‬
‫) و حّقر شيئا فحّقحره ( أى حقحره الّنححب ّ‬
‫ي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عميحر عحن جميحل‬ ‫سبحانه كما روى في الكافي عن عل ّ‬
‫لح عليححه و آلححه و سحّلم‬
‫ل صحّلى ا ّ‬‫سلم قال ‪ :‬مّر رسول ا ّ‬ ‫ل عليه ال ّ‬
‫بن دّراج عن أبي عبد ا ّ‬
‫بجدى اسك ملقى على مزبلة مّيتا فقال‬

‫] ‪[ 376‬‬
‫لح‬
‫ي صّلى ا ّ‬ ‫لصحابه كم يساوى هذا ؟ فقالوا ‪ :‬لعّله لو كان حّيا لم يساو درهما ‪ ،‬فقال الّنب ّ‬
‫ل من هذا الجدي على أهله ‪.‬‬ ‫عليه و آله و سّلم و اّلذي نفسي بيده الّدنيا أهون عند ا ّ‬

‫) و صّغر شيئا ( أراد تصغيره بالّنسبة إلى ما أعّده لوليائه في الخححرة ) فص حّغره ( قححال‬
‫سلم ‪ :‬يا دنيححا مححا‬‫في إحياء العلوم قال داود بن هلل ‪ :‬مكتوب في صحف إبراهيم عليه ال ّ‬
‫صححدود‬‫هونك على البرار اّلذين تمّنعت و تزّينت لهم إّني قححذفت فححي قلححوبهم بغضححك و ال ّ‬
‫ل شأنك صححغير ‪ ،‬و إلححى الفنححاء تصححير قضححيت‬ ‫ى منك ك ّ‬‫عنك ‪ ،‬و ما خلقت خلقا أهون عل ّ‬
‫عليك يوم خلقتك أن ل تدومى لحد ‪ ،‬و ل يححدوم لححك أحححد و إن بخححل بححه صححاحبك و شح ّ‬
‫ح‬
‫عليك ‪ ،‬طوبى للبرار اّلذين اطلعوني مححن قلحوبهم علحى الرضحا ‪ ،‬و مححن ضحميرهم علححى‬
‫ى مححن قبححورهم إ ّ‬
‫ل‬ ‫صدق و الستقامة ‪ ،‬طوبى لهم مالهم عندي من الجححزاء إذا وفححدوا إلح ّ‬ ‫ال ّ‬
‫الّنور يسعى أمامهم ‪ ،‬و الملئكة حاّفون بهم حّتى ابلغهم ما يرجون مححن رحمححتى ‪ ،‬هححذا و‬
‫ل عليه و آله و سّلم‬ ‫ي صّلى ا ّ‬ ‫ل ‪ ،‬حقيرة عنده و كذلك عند الّنب ّ‬ ‫ن الّدنيا مبغوضة ّ‬
‫لّما ذكر أ ّ‬
‫ل عليححه و‬ ‫سي له صّلى ا ّ‬ ‫لزم على المتأ ّ‬ ‫ن ال ّ‬‫تبعا لرضائه تعالى ‪ ،‬عّقب ذلك بالتنبيه على أ ّ‬
‫ل لكان مواّدا‬ ‫ل و رسوله و يحّقر ما حّقراه و إ ّ‬ ‫ص لثره أن يبغض ما أبغضه ا ّ‬ ‫آله و المقت ّ‬
‫ل ح و رسححوله و تعظيمنححا‬ ‫ل خّبنا ما أبغض ا ّ‬ ‫ل و رسوله فقال ) و لو لم يكن فينا إ ّ‬‫لما حاّد ا ّ‬
‫ل ( أى معاداة‬ ‫ل ( و مخالفة له ) و محاّدة عن أمر ا ّ‬ ‫ل و رسوله لكفى به شقاقا ّ‬‫ما صّغر ا ّ‬
‫و مجانبة عنه ‪.‬‬

‫سرا عند موته ‪،‬‬


‫ل عنه كان متح ّ‬
‫ن سلمان رضى ا ّ‬
‫و إلى ذلك ينظر ما روى أ ّ‬

‫لح‬
‫سفي علي الّدنيا ‪ ،‬و لكن رسححول ا ّ‬ ‫سفك ؟ قال ‪ :‬ليس تأ ّ‬
‫ل على ما تأ ّ‬
‫فقيل له ‪ :‬يا أبا عبد ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم عهد إلينا و قال ‪ :‬لتكن بلغة أحدكم كزاد الراكب ‪ ،‬و أخاف أن‬ ‫صّلى ا ّ‬
‫يكون قد جاوزنا أمره و حولى هذه الساور ‪ ،‬و أشار إلى ما فححي بيتححه و إذا هححو دسححت و‬
‫سيف و جفنة ‪.‬‬

‫ل عليه و آله و سّلم فحي مححأكله و مجلسححه و مركبحه و‬


‫ل صّلى ا ّ‬‫ثّم أشار إلى تواضعه و تذ ّ‬
‫ل عليه و آله و سحّلم يأكححل علححى الرض و يجلححس جلسححة‬ ‫غيرها فقال ) و لقد كان صّلى ا ّ‬
‫العبد ( و قد ورد التصريح بذلك‬

‫] ‪[ 377‬‬

‫في روايات كثيرة مروّية في الوسائل في كتاب الطعمة ‪.‬‬

‫لح عليححه‬
‫ي باسناده عن هححارون بححن خارجححة عححن أبيعبححد ا ّ‬
‫ففيه عن محّمد بن يعقوب الكلين ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم يأكل أكل العبد ‪ ،‬و يجلححس جلسححة‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫سلم قال ‪ :‬كان رسول ا ّ‬ ‫ال ّ‬
‫العبد و يعلم أّنه عبد ‪.‬‬
‫سلم يقول مّرت امححرأة‬ ‫ل عليه ال ّ‬
‫صيقل قال ‪ :‬سمعت أبا عبد ا ّ‬
‫و عن الكليني عن الحسن ال ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم و هو يأكل و هححو جححالس علححى الحضححيض ‪1‬‬ ‫ل صّلى ا ّ‬
‫بذّية برسول ا ّ‬
‫ل ح عليححه و‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫فقالت ‪ :‬يا محّمد إّنك تأكل أكل العبد و تجلس جلوسه ‪ ،‬فقال رسول ا ّ‬
‫ى عبد أعبد مّنى ‪.‬‬
‫آله و سّلم ‪ :‬و أ ّ‬

‫لحح‬
‫سلم قال ‪ :‬كان رسول ا ّ‬
‫ل عليه ال ّ‬
‫و فيه عن البرقي عن عمرو بن جميع عن أبي عبد ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم يأكل بالرض ‪ ،‬هذا ‪.‬‬
‫صّلى ا ّ‬

‫و ظهور الّتواضع في الكل على الرض واضح ‪.‬‬

‫و المراد بأكله أكل العبد إّما ذلك أعنى الكححل علححى الرض ‪ ،‬أو الكححل بثلثححة أصححابع ل‬
‫ل عليه‬‫بالصبعين كما يشعر به ما في الوسائل عن البرقي عن أبي خديجة عن أبي عبد ا ّ‬
‫سلم أّنه كان يجلس جلسة العبححد و يضححع يححده علححى الرض و يأكححل بثلثححة أصححابع ‪ ،‬و‬ ‫ال ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم كان يأكل هكذا ليس كما يفعلححه الجّبححارون‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫ن رسول ا ّ‬ ‫قال ‪ :‬إ ّ‬
‫ل عليه مححا فحي الوسححائل عحن الكلينح ّ‬
‫ي‬ ‫يأكل أحدهم بأصبعيه ‪ ،‬أو الكل من غير اّتكاء و يد ّ‬
‫ل عليه و‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫سلم قال ‪ :‬ما أكل رسول ا ّ‬ ‫ل عليه ال ّ‬
‫عن معاوية بن وهب عن أبيعبد ا ّ‬
‫ل‪.‬‬‫ل عّز و ج ّ‬‫ل إلى أن قبضه تواضعا ّ‬ ‫آله و سّلم مّتكئا منذ بعثه ا ّ‬

‫ل عليححه و‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫سلم قال ‪ :‬ما أكل رسول ا ّ‬ ‫ل عليه ال ّ‬
‫شحام عن أبي عبد ا ّ‬ ‫و عن زيد ال ّ‬
‫ل حّتى قبض كان يأكل أكلة العبد ‪ ،‬و يجلس جلسة العبد ‪ ،‬قلححت‬ ‫آله و سّلم مّتكئا منذ بعثه ا ّ‬
‫ل‪.‬‬‫ل عّز و ج ّ‬‫‪ :‬و لم ذلك ؟ قال ‪ :‬تواضعا ّ‬

‫ل عليه ما مر أو‬
‫و أما المراد من كون جلوسه جلسة العبد إّما جلوسه على الرض ‪ ،‬و يد ّ‬
‫ل عليه ما في الوسائل‬
‫الجلوس من غير ترّبع كما هو جلوس الملوك ‪ ،‬و يد ّ‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬تتتتتت تت تتتتت‬

‫] ‪[ 378‬‬

‫سححلم قححال قححال أميححر المححؤمنين عليححه‬


‫ل عليححه ال ّ‬
‫ي عن أبي بصير عن أبي عبد ا ّ‬ ‫عن الكلين ّ‬
‫ن اححدى رجليحه علحى‬ ‫طعام فليجلس جلسة العبحد و ل يضحع ّ‬ ‫سلم إذا جلس أحدكم على ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ل و يمقتها ‪.‬‬‫الخرى و يترّبع ‪ ،‬فاّنها جلسة يبغضها ا ّ‬

‫ي مرسل عن أبي عبد الّ‬‫أو الجلوس دون شرفه ‪ ،‬و يفيده ما في الوسايل أيضا عن الكلين ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم إذا دخل منزل قعد في أدنححى‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫سلم قال ‪ :‬كان رسول ا ّ‬‫عليه ال ّ‬
‫المجلس إليه حين يدخل ‪.‬‬
‫) و يخصف بيده نعله ( و تضّمن لبس الّنعل المخصوفة للّتواضع ظاهر ل سحّيما إذا كححان‬
‫لح عليحه و آلحه و سحّلم أميحر المحؤمنين عليحه‬ ‫سي به صحّلى ا ّ‬ ‫لبسها هو الخاصف ‪ ،‬و قد تأ ّ‬
‫صححفات كمححا يفصححح عنححه مححا محّر فححي عنححوان‬
‫سلم في هذا الوصف مضافا إلى سححاير ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫سححلم‬‫الخطبة الّثالثة و الثلثين عن ابن عّباس أّنه قال ‪ :‬دخلت على أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫بذى قار و هو يخصف نعله ‪ ،‬فقال لي ما قيمة هذه الّنعل ؟ فقلت ‪ :‬ل قيمة لها ‪ ،‬فقال عليه‬
‫ل أن اقيم حّقا أو أدفع باطل ‪.‬‬‫ي من امرتكم إ ّ‬ ‫ب إل ّ‬
‫ل لهى أح ّ‬
‫سلم ‪ :‬و ا ّ‬
‫ال ّ‬

‫ن ركحوب الحمحار‬ ‫) و يرقع بيده ثوبه و يركب الحمار العارى و يردف خلفه ( و معلحوم أ ّ‬
‫العاري آية التواضع و هضم النفس ‪ ،‬و إرداف غيره خلفه آكد في الّدللة عليه ‪.‬‬

‫ل ح عليححه‬
‫ي صّلى ا ّ‬
‫سلم عن آبائه عن الّنب ّ‬
‫روى في الوسائل من العيون عن الّرضا عليه ال ّ‬
‫ن ححتى الممحات ‪ :‬الكحل علحى الحضحيض محع العبحد ‪ ،‬و‬ ‫و آله و سّلم قال خمحس ل أدعهح ّ‬
‫ركوبى الحمار موكفا ‪ 1‬و حلب العنز بيدي ‪ ،‬و لبس الصوف ‪ ،‬و التسليم علححى الصححبيان‬
‫لتكون سنة من بعدي ‪.‬‬

‫لبس هو الراقع ‪.‬‬


‫و كذلك لبس الثوب المرقع ل سيما إذا كان ال ّ‬

‫ثّم أشار إلى مبغوضّية الّدنيا و قيناتها عنده بقوله ) و يكون الستر على باب بيتححه و يكححون‬
‫ن المححراد بححه تصححاوير الشححجر و النبححات و نحوهححا ل تصححاوير‬
‫فيه التصححاوير ( الظححاهر أ ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم كان مهبط الوحى‬ ‫الحيوان و غيره من ذوى الرواح ‪ ،‬إذ بيته صّلى ا ّ‬

‫‪-----------‬‬
‫تتت تتتتت ت تتتتت ت تتتتت ‪ .‬ت‬
‫) ‪ ( 1‬تتتتت تتت‬

‫] ‪[ 379‬‬

‫سمة كما ورد به الخبار ‪.‬‬


‫و مختلف الملئكة و ل يدخل الملك بيتا فيه صورة مج ّ‬

‫ظاهر أنه أراد‬ ‫ل عليه و آله و سّلم يا فلنة لحدى أزواجه غّيبي عّني ( ال ّ‬
‫) فيقول صّلى ا ّ‬
‫ل ح ص حّلى‬
‫بها عايشة كما يؤمى إليه في باب الّزهد من احياء العلوم قال ‪ :‬و رأى رسححول ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم على باب عايشة سترا فهتكه و قال ‪ :‬كّلما رأيته ذكرت الّدنيا أرسلى‬‫ا ّ‬
‫به إلى آل فلن ‪.‬‬

‫قال الشارح البحراني ‪ :‬أمره بتغييب التصاوير محافظة من حركة الوسواس الخنححاس ‪ ،‬و‬
‫سلم كانوا كاسرين للنفس الّمارة بالسوء ‪ ،‬و قححاهرين لشححياطينهم‬ ‫ن النبياء عليهم ال ّ‬
‫كما أ ّ‬
‫ل لحظححة و‬‫كانوا أيضا محتاجين إلى مراعاتهم و مراقبتهم و تفّقححد أحححوال نفوسححهم فححي ك ح ّ‬
‫طرفة ‪ ،‬فانها كالّلصوص المخادعين للنفوس المطمئّنة مهما تركت و غفحل عحن قهرهحا و‬
‫التحّفظ منها عادت إلى طباغها ‪.‬‬

‫ض عن كونه خلف ما يستفاد من كلمححه عليححه‬ ‫أقول ‪ :‬ل يخفى ما في هذا التعليل بعد الغ ّ‬
‫سلم من الركاكة و السخافة و السماجة و إسائة الدب بالنسبة إلححى خححاتم النححبّيين صحّلى‬ ‫ال ّ‬
‫ل ح عليححه و‬
‫ل عليه و آله و سّلم بل و ساير أولياء الّدين و كيف يتصّور في حّقححه ص حّلى ا ّ‬ ‫ا ّ‬
‫سلم‬ ‫آله و سّلم حركة الوسواس الخناس مع وجود ملكة العصمة و لو لم يغب عنه عليه ال ّ‬
‫ل عليحه و آلحه و سحّلم بتغييبهحا إنمحا هحو لجحل أ ّ‬
‫ن‬ ‫ن أمره صّلى ا ّ‬‫التصاوير ‪ ،‬بل الظاهر أ ّ‬
‫الّدنيا و زخارفها كانت مبغوضة عنححده بالححذات و مكروهححة لححديه بححالطبع ‪ ،‬فححأمر بتغييبهححا‬
‫لكونها موجبة لذكر ما يبغضه و يتنّفر عنه و يعاديه ‪.‬‬

‫ل عليه و آلححه و سحّلم ) فححاّنى إذا نظححرت إليححه ذكححرت الحّدنيا و‬ ‫كما يومى إليه قوله صّلى ا ّ‬
‫سححلم التححي و كححذلك مححن أبغححض شححيئا آه‬ ‫ل عليححه صححريحا قححوله عليححه ال ّ‬
‫زخارفها ( و يححد ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم عن الدنيا بقلبه و أمات ذكرهححا عححن نفسححه ( و هححو‬ ‫) فأعرض صّلى ا ّ‬
‫الزهد الحقيقي ) و أحب أن تغيححب زينتهححا عححن عينححه لكيل يّتخححذ منهححا رياشححا ( أى لباسححا‬
‫ل ح يحححب المبتححذل الححذي ل‬‫نا ّ‬‫ل عليه و آلححه و س حّلم إ ّ‬‫فاخرا ‪ ،‬و ذلك لما روى عنه صّلى ا ّ‬
‫يبالي ما لبس قال في إحياء العلوم ‪ :‬قححال أبححو بححردة ‪ :‬اخرجححت لنححا عايشححة كسححاء ملبححدا و‬
‫ل عليه و آله و سّلم في هذين ‪.‬‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫إزارا غليظا فقالت ‪ :‬قبض رسول ا ّ‬

‫ل عليه و آله و سّلم ثوبححا بأربعححة دراهححم و كححانت قيمححة‬


‫ل صّلى ا ّ‬
‫قال ‪ :‬و اشترى رسول ا ّ‬
‫ثوبيه عشرة‬

‫] ‪[ 380‬‬

‫و كان إزاره أربعة أذرع و نصفا و اشترى سراويل بثلثة دراهححم و كححان يلبححس شححملتين‬
‫بيضاوين و كانت تسمى حّلة لّنهما ثوبان مححن جنحس واححد ‪ ،‬و رّبمححا كحان يلبحس برديحن‬
‫يمانين أو سحوليين من هذه الغلظ ‪ ،‬و كان شراك نعله قد اخلق فابدل بسير جديد فص حّلى‬
‫فيه فلما سّلم ‪ :‬قحال اعيححدوا الشححراك الخلحق و انزعحوا هححذا الجديحد فححانى نظحرت إليحه فحي‬
‫ل عليه و آله و سّلم قد احتذى مّرة نعلين جديدين فأعجبه حسنهما‬ ‫الصلة ‪ ،‬و كان صّلى ا ّ‬
‫فخّر ساجدا و قال ‪ :‬أعجبني حسنهما فتواضعت لرّبي خشية أن يمقتني فححدفعهما إلححى أّول‬
‫مسكين رآه ‪.‬‬

‫) و ل يعتقدها قرارا و ل يرجو فيها مقاما ( لنها دار مجاز ل دار قرار‬

‫ل زائل‬
‫أحلم نححححححححححححححححححححححححححححححححححححححححححححححححوم أو كظحححححححححححححححححححححححححححححححححححححححححححححححح ّ‬
‫ن الّلبيب بمثلها ل يخدع‬ ‫إّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬الّدنيا دار من ل دار له ‪ ،‬و لها يجمع من ل عقل‬
‫و لذلك قال صّلى ا ّ‬
‫له ‪ ،‬و عليها يعادي من ل علم له ‪ ،‬و عليها يحسد من ل فقه له ‪ ،‬و لها يسعى من ل يقيححن‬
‫له و لنعم ما قيل ‪:‬‬

‫أرى طحححححححححححححححححححححالب الحححححححححححححححححححححّدنيا و إن طحححححححححححححححححححححال عمحححححححححححححححححححححره‬


‫و نحححححححححححححححححال محححححححححححححححححن الحححححححححححححححححّدنيا سحححححححححححححححححرورا و أنعمحححححححححححححححححا‬

‫كبحححححححححححححححححححححححححان بنحححححححححححححححححححححححححى بنيحححححححححححححححححححححححححانه فأقحححححححححححححححححححححححححامه‬


‫فلّما استوى ما قد بناه تهّدما‬

‫) فأخرج ( محّبت ) ها من الّنفس و أشخص ( رغبحت ) هحا عحن القلحب و غّيحب ( زينحت‬
‫) ها عن البصر ( و ذلك لفرط بغضه لها و نفرته عنها و كراهته إّياها ) و كححذلك ( حححال‬
‫) من أبغض شيئا ( فانه إذا أبغضه ) أبغض أن ينظر إليه و أن يححذكر عنححده ( ث حّم أّكححد مححا‬
‫ل عليه و آله و سّلم ما يححدّلك علحى مسحاوى‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫قّدم و قال ‪ ) :‬و لقد كان في رسول ا ّ‬
‫صته ( ‪.‬‬
‫الّدنيا و عيوبها إذ جاع فيها مع خا ّ‬

‫ل عليه و آله و سّلم فقد عرفته فيما تقحّدم ‪ ،‬و أقحول هنحا مضحافا إلحى محا‬
‫أّما جوعه صّلى ا ّ‬
‫سبق ‪:‬‬

‫ل عليححه و آلححه و سحّلم أصححابه يومححا الجححوع‬


‫روى أحمد بن فهد في عّدة الداعي أنه صّلى ا ّ‬
‫ب مكحرم لنفسحه و هولهححا مهيححن ‪ ،‬أل ربّ مهيححن‬ ‫فوضع صخرة على بطنه ثّم قحال ‪ :‬أل ر ّ‬
‫ب نفس جايعة عارية في الّدنيا طاعمة في الخرة ناعمححة يححوم‬ ‫لنفسه و هو لها مكرم أل ر ّ‬
‫ب نفححس‬‫ب نفس كاسية ناعمة في ال حّدنيا جايعححة عاريححة يححوم القيامححة ‪ ،‬أل ر ّ‬ ‫القيامة ‪ ،‬أل ر ّ‬
‫ن عمححل أهححل‬‫ل على رسوله ما له في الخححرة مححن خلق ‪ ،‬أل إ ّ‬ ‫متخّوض متنّعم فيما أفاء ا ّ‬
‫الجّنة حزنة بربوة‬

‫] ‪[ 381‬‬

‫ب شهوة ساعة أورثت حزنا طويل يوم القيامححة‬


‫ن عمل أهل الّنار سهلة لشهوة ‪ ،‬أل ر ّ‬
‫أل إ ّ‬
‫‪.‬‬

‫و أما جوع خاصته فقد ورد في روايات مستفيضة ‪.‬‬

‫ل عليه و آلححه و سحّلم أهلححه‬


‫منها ما في إحياء العلوم قال أبو هريرة ‪ :‬ما أشبع الّنبي صّلى ا ّ‬
‫أعني أهل بيته و أزواجه و أهل بطانته من أصحححابه ثلثححة أّيححام تباعححا مححن خححبز الحنطححة‬
‫شبع في الخرة ‪.‬‬ ‫ن أهل الجوع في الّدنياهم أهل ال ّ‬
‫حّتى فارق الّدنيا ‪ ،‬و قال إ ّ‬
‫لح منححذ قححدم المدينححة ثلثححة أّيححام مححن خححبز الححبّر قححالت‬
‫و فيه قال الفضيل ما شححبع رسححول ا ّ‬
‫ل عليححه و آلححه‬
‫ل صّلى ا ّ‬ ‫عايشة ‪ :‬كانت تأتي علينا أربعون ليلة و ما يوقد في بيت رسول ا ّ‬
‫و سّلم مصباح و ل نار ‪ ،‬قيل لها ‪ :‬فيم كنتم تعيشون ؟ قال ‪ :‬بالسودين ‪ :‬الّتمر و الماء ‪.‬‬

‫ي عححن البيححان ‪ ،‬و‬


‫طهححارة فهححو غنح ّ‬
‫صته أعني أهل بيت العصمة و ال ّ‬
‫ص خا ّ‬
‫و أما جوع أخ ّ‬
‫صة بل العاّمة قد تضّمنت أخبارا كثيرا في ذلك المعنى ‪،‬‬
‫كتب الخا ّ‬

‫و لنقتصر على ثلثة أحاديث ‪.‬‬

‫أحدها ما رواه المحّدث الجزايري في النوار الّنعمانّية عن الصدوق طححاب ثححراه باسححناده‬
‫سححلم دخححل مّكححة فححي بعححض حححوائجه‬ ‫ن أمير المححؤمنين عليححه ال ّ‬
‫إلى خالد بن ربعى قال ‪ :‬إ ّ‬
‫فوجد اعرابيا متعّلقا بأستار الكعبة و هو يقول ‪ :‬يا صاحب الححبيت الححبيت بيتححك و الضححيف‬
‫ل ضححيف مححن مضححيفه قححرى فاجعححل قححراى منححك الّليلححة المغفححرة فقححال أميححر‬ ‫ضححيفك و لكح ّ‬
‫سلم لصحابه ‪ :‬أما تسمعون كلم العرابي ؟ قالوا ‪:‬‬ ‫المؤمنين عليه ال ّ‬

‫ل اكرم من أن يرّد ضيفه ‪.‬‬


‫سلم ‪ :‬ا ّ‬
‫نعم قال عليه ال ّ‬

‫قال ‪ :‬فلّما كان من الّليلة الثانية وجده متعّلقا بذلك الركن و هو يقول ‪ :‬يا عزيزا في عححّزك‬
‫جه إليححك و‬
‫فل أعّز منك في عّزك أعّزني بعّز عّزك فحي عحّز ل يعلحم أححد كيححف هححو أتحو ّ‬
‫ق محّمد و آل محّمد عليك اعطنى ما ل يعطينى أحد غيرك ‪،‬‬ ‫سل إليك بح ّ‬‫أتو ّ‬

‫و اصرف عني ما ل يصرفه أحد غيرك ‪.‬‬

‫لح السححم الكححبر بالسححريانية‬


‫سححلم لصحححابه ‪ :‬هححذا و ا ّ‬‫قال فقححال أميححر المححؤمنين عليححه ال ّ‬
‫لح عليححه و آلحه و سحّلم سحأله الجّنحة فأعطحاه و سحأله‬
‫لح صحّلى ا ّ‬ ‫أخبرني به حبيبي رسول ا ّ‬
‫صرف النار فصرفها عنه ‪.‬‬

‫] ‪[ 382‬‬

‫قال ‪ :‬فلما كان الّليلة الثالثة وجده و هو متعّلق بذلك الركن و هو يقول ‪:‬‬

‫يا من ل يحويه مكان و ل يخلو منححه مكححان بل كيفيححة كححان ارزق العرابححي أربعححة آلف‬
‫درهم ‪.‬‬

‫سلم و قال يا اعرابي سألت رّبك فأقراك ‪،‬‬


‫قال ‪ :‬فتقّدم إليه أمير المؤمنين عليه ال ّ‬

‫و سألت الجّنة فأعطاك ‪ ،‬و سألته أن يصرف عنك النار فصحرفها عنحك و فحي هحذه الّليلحة‬
‫ى بححن‬‫سححلم أنححا علح ّ‬
‫تسأله أربعححة آلف درهححم ؟ قححال العرابححي ‪ :‬مححن أنححت ؟ قححال عليححه ال ّ‬
‫سلم ‪ :‬سل يححا‬
‫ل بغيتي و بك أنزلت حاجتي ‪ ،‬قال عليه ال ّ‬
‫أبيطالب قال العرابي ‪ :‬أنت و ا ّ‬
‫اعرابي ‪ ،‬قال ‪:‬‬

‫اريد ألف درهم للصداق ‪ ،‬و ألف درهم اقضى بها ) به خ ( ديني ‪ ،‬و ألف درهححم اشححترى‬
‫بها دارا ‪ ،‬و ألف درهم أتعّيش بها ‪ ،‬قال أنصفت يا اعرابححي فحاذا خرجححت مححن مّكحة فسححل‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪.‬‬
‫عن دارى بمدينة الرسول صّلى ا ّ‬

‫سححلم إلححى المدينححة و‬‫فأقام العرابي بمّكة اسبوعا فخرج في طلب أمير المححؤمنين عليححه ال ّ‬
‫ي مححن بيححن‬
‫سححلم فقححال الحسححين بححن علح ّ‬ ‫نادى من يدّلني علححى دار أميححر المححؤمنين عليححه ال ّ‬
‫ي ‪ ،‬فقححال العرابححى ‪:‬‬ ‫الصبيان أنا أدّلك على دار أمير المؤمنين و أنا ابنه الحسين بححن علح ّ‬
‫سححلم ‪ ،‬قححال ‪ :‬مححن اّمححك ؟ قححال ‪:‬‬
‫ي بن أبيطالب عليه ال ّ‬ ‫من أبوك ؟ قال ‪ :‬أمير المؤمنين عل ّ‬
‫لح بححن عبححد‬
‫فاطمة الزهراء سّيدة نساء العالمين ‪ ،‬قال ‪ :‬من جّدك ؟ قال ‪ :‬محّمد بححن عبححد ا ّ‬
‫المطلب ‪،‬‬

‫قال من جّدتك ؟ قال خديجة بنت خويلد ‪ ،‬قال ‪ :‬من أخوك ؟ قال أبو محّمد الحسن بن عليّ‬
‫سلم و قل له‬
‫سلم ‪ ،‬قال ‪ :‬قد أخذت الّدنيا بطرفيها امش إلى أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫عليه ال ّ‬
‫ن العرابي صاحب الضمان بمّكة على الباب ‪.‬‬ ‫إّ‬

‫ي بالبححاب و يزعححم أنححه‬


‫سححلم فقححال يححا أبححه اعرابح ّ‬
‫ي عليهمححا ال ّ‬
‫قال ‪ :‬فدخل الحسححين بححن علح ّ‬
‫صاحب الضمان بمّكة ‪ ،‬قال ‪ :‬فقال ‪ :‬يا فاطمة عندك شيء يأكله العرابي ؟ قالت ‪:‬‬

‫ل ح سححلمان‬
‫سلم و خرج و قال ‪ :‬ادعو الي أبا عبد ا ّ‬ ‫الّلهم ل ‪ ،‬فتلّبس أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫ل ح اعححرض‬ ‫سلم ‪ :‬يا أبا عبد ا ّ‬
‫الفارسي قال ‪ .‬فدخل سلمان الفارسي ) رض ( فقال عليه ال ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم على التجار ‪.‬‬
‫ل صّلى ا ّ‬‫الحديقة التي غرسها رسول ا ّ‬

‫قال ‪ :‬فدخل سلمان إلى السوق و عرض الحديقة فباعها باثنى عشر ألف درهم‬

‫] ‪[ 383‬‬

‫و أحضر المال و أحضروا العرابي فأعطاه أربعة آلف درهم و أربعيحن درهمحا نفقحة ‪،‬‬
‫و وقع الخبر إلى سّؤال المدينة فاجتمعوا ‪ ،‬و مضى رجل إلى فاطمة فأخبرها بذلك فقالت‬
‫‪:‬‬

‫سلم و الّدراهم مصبوبة بين يديه حّتى اجتمححع‬ ‫ي عليه ال ّ‬


‫ل في ممشاك ‪ ،‬فجلس عل ّ‬ ‫آجرك ا ّ‬
‫عليه أصحابه فقبض قبضة قبضححة و جعححل يعطححى رجل رجل حححتى لححم يبححق معححه درهححم‬
‫سلم ‪ :‬يا ابن عم بعححت الحححائط الححذى غرسححه‬
‫واحد فلما أتى المنزل قالت له فاطمة عليه ال ّ‬
‫لك والدى ‪ ،‬قال ‪ :‬نعم بخير منه عاجل و آجل ‪ ،‬قالت ‪ :‬فأين الثمن ؟ قال دفعته إلى أعيححن‬
‫ل المسححألة اعطيتهححا قبححل أن تسححألنى ‪ ،‬قححالت فاطمححة ‪ :‬أنححا جايعححة و‬ ‫استحييت أن أذّلهححا بححذ ّ‬
‫ل و أّنك مثلنا في الجوع لم يكن لنا منه درهم و أخذت بطححرف‬ ‫كإ ّ‬‫أولدي جايعان و ل ش ّ‬
‫لح أو يحكححم بينححي و بينححك‬
‫سححلم ‪ :‬ل و ا ّ‬ ‫ي ‪ :‬خّلينححي ‪ ،‬فقححالت عليهححا ال ّ‬
‫ي ‪ ،‬فقال عل ّ‬ ‫ثوب عل ّ‬
‫أبي ‪.‬‬

‫ل عليه و آله و سحّلم فقححال ‪ :‬يححا محّمححد ربححك يقححرءك‬‫ل صّلى ا ّ‬ ‫فهبط جبرئيل على رسول ا ّ‬
‫سلم و قل لفاطمة ‪ :‬ليس لك أن تضححربي علححى يححديه و ل‬ ‫سلم و يقول اقرء علّيا مّني ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫سلم وجححد‬ ‫ي عليه ال ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم منزل عل ّ‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫تلزمى بثوبه فلّما أتى رسول ا ّ‬
‫ي ؟ قححالت ‪ :‬يححا أبححت‬
‫سلم ‪ ،‬فقال لها با بنّية ما لك ملزمة لعل ح ّ‬ ‫ي عليه ال ّ‬ ‫فاطمة ملزمة لعل ّ‬
‫باع الحائط اّلذي غرسته له باثنى عشر ألف درهم لم يحبس لنا منه درهما واحدا نشححترى‬
‫سحلم و يقحول ‪ :‬اقحرء علّيحا مّنحي‬ ‫ن جبرئيل يقرئني محن رّبحي ال ّ‬ ‫به طعاما ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا بنّية إ ّ‬
‫سلم و أمرني أن أقول لك ليس لححك أن تضححربي علححى يححديه و ل تلزمححي بثححوبه ‪ ،‬قححالت‬ ‫ال ّ‬
‫ل و ل أعود أبدا ‪.‬‬ ‫فاطمة ‪ :‬أستغفر ا ّ‬

‫سلم ‪ :‬فخرج أبي في ناحية و زوجي في ناحية فما لبث أن أتححى أبححي‬ ‫قالت فاطمة عليها ال ّ‬
‫ل عليه و آله و‬ ‫ل عليه و آله و سّلم و معه سبعة دراهم سود هجرية ‪ ،‬فقال صّلى ا ّ‬ ‫صّلى ا ّ‬
‫لح عليححه و آلححه و‬
‫لح صحّلى ا ّ‬
‫سّلم ‪ :‬يا فاطمة أين ابن عّمي فقلت له ‪ :‬خرج ‪ ،‬فقال رسول ا ّ‬
‫سّلم ‪ :‬هاك هذه الّدراهم فاذا جاء ابن عّمي فقولي له يبتحاع لكحم بهحا طعامحا ‪ ،‬فمحا لبحث إ ّ‬
‫ل‬
‫سلم فقال ‪:‬‬‫ي عليه ال ّ‬
‫يسيرا حّتى جاء عل ّ‬

‫ى شححيئا تبتححاع بححه طعامححا‬


‫رجع ابن عّمي فاّني أجد رايحة طّيبة ‪ ،‬قالت ‪ :‬نعم و قححد دفححع إلح ّ‬
‫سلم ‪ :‬هاتيه ‪ ،‬فدفعت إليه سبعة دراهم سود هجرّية فقال ‪ :‬بسم ا ّ‬
‫ل‬ ‫ي عليه ال ّ‬
‫قال ‪ :‬فقال عل ّ‬

‫] ‪[ 384‬‬

‫سلم ‪ :‬يا حسن قححم معححى‬ ‫ل تعالى ‪ ،‬ثّم قال عليه ال ّ‬


‫ل كثيرا طيبا و هذا من رزق ا ّ‬ ‫و الحمد ّ‬
‫سوق فاذا هما برجل واقف و هو يقول ‪ :‬من يقرض الملححى الححوفي ؟ قححال ‪ :‬يححا بنح ّ‬
‫ي‬ ‫فأتيا ال ّ‬
‫ى الّدراهم كّلها ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا أبتاه أعطيتححه ال حّدراهم‬
‫ل يا أبه ‪ ،‬فأعطاه عل ّ‬
‫نعطيه قال ‪ :‬اى و ا ّ‬
‫ن اّلذي يعطى القليل قادر على أن يعطى الكثير ‪.‬‬ ‫يإّ‬ ‫كّلها ؟ قال ‪ :‬نعم يا بن ّ‬

‫سلم إلى باب رجل يستقرض منه شيئا ‪ ،‬فلقيححه اعرابحيّ و معححه‬ ‫ي عليه ال ّ‬
‫قال ‪ :‬فمضى عل ّ‬
‫ي اشتر مّني هذه الّناقة قال ‪ :‬ليس معى ثمنها قال ‪ :‬فاني انظرك به إلى‬ ‫ناقة ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا عل ّ‬
‫سلم ‪ :‬خذها يا حسححن‬ ‫ي عليه ال ّ‬
‫القبض ‪ ،‬قال ‪ :‬بكم يا اعرابي ؟ قال ‪ :‬بمأة درهم ‪ ،‬فقال عل ّ‬
‫فأخذها ‪.‬‬
‫سلم فلقيه اعرابي آخر المثال واحد و الثياب مختلفحة فقحال ‪ :‬يحا علحي‬ ‫ي عليه ال ّ‬
‫فمضى عل ّ‬
‫سلم ‪ :‬و ما تصنع بها ؟ قال ‪ :‬أغزو بها أّول غزوة يغزوهححا‬ ‫ي عليه ال ّ‬‫تبيع الّناقة ‪ ،‬قال عل ّ‬
‫سلم ‪ :‬إن قبلتهححا فهححى لححك بل ثمححن ‪ ،‬قححال ‪ :‬معححى ثمنهححا و بححالّثمن‬ ‫ابن عّمك ؟ قال عليه ال ّ‬
‫سحلم ‪ :‬بمحأة درهحم ‪ ،‬قحال العرابحي ‪ :‬فلحك‬ ‫أشتريها ‪ ،‬قال ‪ :‬فبكم اشحتريتها ؟ قحال عليحه ال ّ‬
‫سححبعين و المححأة و‬ ‫سححلم ‪ :‬خححذ ال ّ‬‫سلم للحسن عليه ال ّ‬ ‫ي عليه ال ّ‬
‫سبعون و مأة درهم ‪ ،‬قال عل ّ‬
‫سّلم المأة للعرابي اّلذي باعنا الناقة و السبعين لنححا نبتحاع بهححا شحيئا ‪ ،‬فأخححذ الحسحن عليحه‬
‫سلم ‪ :‬فمضيت أطلب العرابي الذي ابتعححت‬ ‫ي عليه ال ّ‬‫سلم الّدراهم و سّلم الناقة قال عل ّ‬ ‫ال ّ‬
‫لح عليححه و آلححه و سحّلم جالسححا لححم أر فيححه‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫منه الناقة لعطيه ثمنه فرأيت رسول ا ّ‬
‫ل عليه و آله‬ ‫ي صّلى ا ّ‬ ‫جالسا قبل ذلك اليوم و ل بعده على قارعة الطريق ‪ ،‬فلما نظر النب ّ‬
‫لح سحّنك و‬ ‫سححلم أضحححك ا ّ‬ ‫ي عليححه ال ّ‬
‫سم ضاحكا حّتى بدت نواجذه ‪ ،‬قححال علح ّ‬ ‫ي تب ّ‬
‫و سّلم إل ّ‬
‫بشرك بيومك ‪ ،‬فقال يا أبا الحسن إنك تطلب العرابي الذي باعححك الناقححة لتححوفيه الثمححن ؟‬
‫ل فداك أبي و اّمي ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا أبا الحسن اّلذي باعك الّناقة جبرائيل و اّلححذي‬ ‫فقلت ‪ :‬إى و ا ّ‬
‫ب العححالمين فأنفقهححا فححي‬ ‫اشتريها منك ميكائيل و الناقة من نوق الجنة و الّدراهم من عند ر ّ‬
‫خير و ل تخف إقتارا ‪.‬‬

‫الثانى ما روته العامة و الخاصة بروايححات كححثيرة تنيححف علححى عشححرين فححي سححبب نححزول‬
‫سورة هل أتى ‪ ،‬فلنقتصر على رواية واحدة ‪.‬‬

‫] ‪[ 385‬‬

‫صدوق بسندين مذكوريين فيه أحدهما عن ابن عّبححاس ‪ ،‬و‬ ‫و هي ما في غاية المرام عن ال ّ‬
‫ل»‬‫لح عحّز و جح ّ‬ ‫سححلم فححي قححول ا ّ‬ ‫صادق جعفر بن محّمد عن أبيه عليهمححا ال ّ‬ ‫ثانيهما عن ال ّ‬
‫سحلم ‪ :‬محرض الحسحن و الحسحين و همحا صحبّيان صحغيران‬ ‫يوفون بالّنذر « قحال عليحه ال ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم و معه رجلن ‪ 1‬فقحال أححدهما لحو نحذرت‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫فعادهما رسول ا ّ‬
‫ل‪،‬و‬ ‫ل عّز و ج ّ‬ ‫ل شكرا ّ‬ ‫سلم أصوم ثلثة أّيام ّ‬ ‫ل قال عليه ال ّ‬
‫في ابنيك نذرا إن عافاهما ا ّ‬
‫صححبيان و نحححن أيضححا نصححوم ثلثححة أّيححام ‪ ،‬و كححذلك قححالت‬ ‫كححذلك قححالت فاطمححة ‪ ،‬و قححال ال ّ‬
‫ل العافية فأصبحوا صائمين ‪ ،‬و ليس عندهم طعام ‪.‬‬ ‫ضة فألبسهما ا ّ‬
‫جاريتهم ف ّ‬

‫صوف ‪،‬‬
‫سلم إلى جار له من اليهود يقال له ‪ :‬شمعون يعالج ال ّ‬
‫ي عليه ال ّ‬
‫فانطلق عل ّ‬

‫فقال له ‪ :‬هل لك أن تعطيني جّزه من صوف تغزلها ابنة محّمد بثلثة أصححوع مححن شححعير‬
‫شححعير و أخححبر فاطمححة فقبلححت و أطححاعت ‪ ،‬ثحّم‬ ‫صححوف و ال ّ‬
‫قال ‪ :‬نعم ‪ ،‬فأعطححاه ‪ ،‬فجححاء بال ّ‬
‫شعير فطحنته و عجنته و خححبزت منححه‬ ‫صوف ثّم أخذت صاعا من ال ّ‬ ‫عمدت فغزلت ثلث ال ّ‬
‫لح‬‫سححلم مححع الّنححبي صحّلى ا ّ‬
‫ي عليححه ال ّ‬
‫ل واحد منهم قرص ‪ ،‬و صّلى علح ّ‬ ‫خمسة أقراص لك ّ‬
‫عليه و آله و سّلم المغرب ثّم أتى منزله فوضع الخوان و جلسوا خمستهم ‪.‬‬
‫سلم عليكححم يحا أهحل بيحت‬‫سلم إذا مسكين واقف ‪ ،‬فقال ‪ :‬ال ّ‬ ‫ي عليه ال ّ‬
‫فأّول لقمة كسرها عل ّ‬
‫ل من موائد الجّنححة‬
‫محّمد أنا مسكين من مساكين المسلمين أطعموني مّما تأكلون أطعمكم ا ّ‬
‫سلم ‪:‬‬
‫‪ ،‬فوضع الّلقمة من يده ثّم قال عليه ال ّ‬

‫فححححححححححححححححححححححححححححححححاطم ذات المجححححححححححححححححححححححححححححححححد و اليقيححححححححححححححححححححححححححححححححن‬


‫يحححححححححححححححححححا بنحححححححححححححححححححت خيحححححححححححححححححححر الّنحححححححححححححححححححاس أجمعيحححححححححححححححححححن‬

‫أمححححححححححححححححححححححححا تريححححححححححححححححححححححححن البححححححححححححححححححححححححائس المسححححححححححححححححححححححححكين‬


‫جححححححححححححححححححححاء إلححححححححححححححححححححى البححححححححححححححححححححاب لححححححححححححححححححححه حنيححححححححححححححححححححن‬

‫لحححححححححححححححححححححححح و يسححححححححححححححححححححححححتكين‬‫يشححححححححححححححححححححححححكو إلححححححححححححححححححححححححى ا ّ‬


‫يشحححححححححححححححححححححححححكو إلينحححححححححححححححححححححححححا جحححححححححححححححححححححححححائع حزيحححححححححححححححححححححححححن‬

‫ل امحححححححححححححححححححححححححرء بكسحححححححححححححححححححححححححبه رهيحححححححححححححححححححححححححن‬


‫كححححححححححححححححححححححححح ّ‬
‫محححححححححححححححححححن يفعحححححححححححححححححححل الخيحححححححححححححححححححر يكحححححححححححححححححححن حسحححححححححححححححححححين‬

‫موعحححححححححححححححححححححححححده فحححححححححححححححححححححححححي جّنحححححححححححححححححححححححححة و ميحححححححححححححححححححححححححن‬


‫ضححححححححححححححححححححححححنين‬
‫لحححححححححححححححححححححححح علححححححححححححححححححححححححى ال ّ‬
‫حّرمهححححححححححححححححححححححححا ا ّ‬

‫و صحححححححححححححححححححححححاحب البخحححححححححححححححححححححححل يقحححححححححححححححححححححححف حزيحححححححححححححححححححححححن‬


‫جين‬
‫تهوى به الّنار إلى س ّ‬

‫شرابه الحميم و الغسلين‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬ت تت ت تت ت تت ت ت تت ت تت ت ت ت تتتت ت‬
‫تتتتتتتتت تتت‬

‫] ‪[ 386‬‬

‫سلم تقول ‪.‬‬


‫فأقبلت فاطمة عليها ال ّ‬

‫أمحححححححححححححححرك سحححححححححححححححمع يحححححححححححححححا ابحححححححححححححححن عحححححححححححححححم و طاعحححححححححححححححة‬


‫مححححححححححححححححححا بححححححححححححححححححى مححححححححححححححححححن لححححححححححححححححححؤم و ل ضححححححححححححححححححراعة‬

‫غححححححححححححححححححححححححححححححححذيت بححححححححححححححححححححححححححححححححالّلب و بالبراعححححححححححححححححححححححححححححححححة‬


‫أرجحححححححححححححححححححححححو إذا أشحححححححححححححححححححححححبعت فحححححححححححححححححححححححي مجاعحححححححححححححححححححححححة‬

‫أن الححححححححححححححححححححححححححححححححق الخيحححححححححححححححححححححححححححححححار و الجماعحححححححححححححححححححححححححححححححة‬


‫و أدخل الجّنة في شفاعة‬

‫و عمدت إلى ما كان من الخوان فدفعته إلى المسكين و باتوا جياعا و أصبحوا صححياما لححم‬
‫ل الماء القراح ‪.‬‬
‫يذوقوا إ ّ‬

‫شححعير فطحنتححه و‬ ‫صوف فغزلته ثحّم أخححذت صححاعا مححن ال ّ‬‫ثّم عمدت إلى الثلث الّثاني من ال ّ‬
‫سححلم‬
‫ي عليححه ال ّ‬
‫ل واحححد قححرص ‪ ،‬و صحّلى علح ّ‬ ‫عجنتححه و خححبزت منححه خمسححة أقححراص لكح ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم ثّم أتا إلى منزله فلّما وضع الخوان بين يديه‬ ‫ي صّلى ا ّ‬‫المغرب مع الّنب ّ‬
‫و جلسوا خمستهم ‪.‬‬

‫سلم إذا يتيم من يتامى المسلمين قد وقف فقال ‪:‬‬


‫ي عليه ال ّ‬
‫فأّول لقمة كسرها عل ّ‬

‫ل عليه و آله و سحّلم أنححا يحتيم المسحلمين أطعمحوني‬


‫سلم عليكم يا أهل بيت محّمد صّلى ا ّ‬ ‫ال ّ‬
‫سلم الّلقمة من يده ثحّم قحال‬
‫ي عليه ال ّ‬
‫ل على موائد الجّنة ‪ ،‬فوضع عل ّ‬
‫مّما تأكلون أطعمكم ا ّ‬
‫سلم ‪:‬‬‫عليه ال ّ‬

‫سحححححححححححححححححححححححححيد الكريحححححححححححححححححححححححححم‬
‫فحححححححححححححححححححححححححاطم بنحححححححححححححححححححححححححت ال ّ‬
‫ي ليحححححححححححححححححححححححححس بحححححححححححححححححححححححححالّزنيم‬‫بنحححححححححححححححححححححححححت نحححححححححححححححححححححححححب ّ‬

‫لحححححححححححححححححححح بححححححححححححححححححححذا اليححححححححححححححححححححتيم‬


‫قححححححححححححححححححححد جائنححححححححححححححححححححا ا ّ‬
‫محححححححححححححححححححن يرححححححححححححححححححححم اليحححححححححححححححححححوم فهحححححححححححححححححححو رحيحححححححححححححححححححم‬

‫موعحححححححححححححححححححححححححده فحححححححححححححححححححححححححي جّنحححححححححححححححححححححححححة الّنعيحححححححححححححححححححححححححم‬


‫لححححححححححححححححححححححححح علحححححححححححححححححححححححححى الّلئيحححححححححححححححححححححححححم‬
‫حّرمهحححححححححححححححححححححححححا ا ّ‬

‫و صحححححححححححححححححححححححاحب البخحححححححححححححححححححححححل يقحححححححححححححححححححححححف ذميحححححححححححححححححححححححم‬


‫تهحححححححححححححححححححوى بحححححححححححححححححححه الّنحححححححححححححححححححار إلحححححححححححححححححححى الجحيحححححححححححححححححححم‬

‫صديد و الحميم‬
‫شرابه ال ّ‬

‫فأقبلت فاطمة عليها السلم تقول ‪:‬‬


‫فسححححححححححححححححححححححححححححححححوف أعطيححححححححححححححححححححححححححححححححه و ل ابححححححححححححححححححححححححححححححححالي‬
‫لححححححححححححححححححححححححح علحححححححححححححححححححححححححى عيحححححححححححححححححححححححححالي‬
‫و اوثحححححححححححححححححححححححححر ا ّ‬

‫أمسحححححححححححححححححححححححوا جياعححححححححححححححححححححححححا و هحححححححححححححححححححححححم أشحححححححححححححححححححححححبالي‬


‫أصححححححححححححححححححححححححغرهما يقتححححححححححححححححححححححححل فححححححححححححححححححححححححي القتححححححححححححححححححححححححال‬

‫فحححححححححححححححححححححححححي كحححححححححححححححححححححححححربل يقتحححححححححححححححححححححححححل باغتيحححححححححححححححححححححححححال‬


‫لقحححححححححححححححححححححححححححححححححاتليه الويحححححححححححححححححححححححححححححححححل و الوبحححححححححححححححححححححححححححححححححال‬

‫تهحححححححححححححححححححوى بحححححححححححححححححححه الّنحححححححححححححححححححار إلحححححححححححححححححححى سحححححححححححححححححححفال‬


‫كبوله زادت على الكبال‬

‫ل الماء القراح‬
‫ثّم عمدت فأعطته جميع ما على الخوان ‪ ،‬و باتوا جياعا لم يذوقوا إ ّ‬

‫] ‪[ 387‬‬

‫فأصبحوا صياما ‪.‬‬

‫صوف و طحنححت الّثلححث البححاقي و‬‫سلم فعزلت الّثلث الباقي من ال ّ‬


‫و عمدت فاطمة عليها ال ّ‬
‫سححلم مححع‬
‫ي عليه ال ّ‬‫ل واحد منهم قرص و صّلى عل ّ‬ ‫عجنته و خبزت منه خمسة أقراص لك ّ‬
‫ي ثّم أتى منزله فقرب إليه الخوان فجلسوا خمستهم ‪.‬‬
‫الّنب ّ‬

‫سلم إذا أسير من أسير المشركين قد وقححف بالبححاب فقححال ‪:‬‬ ‫ي عليه ال ّ‬
‫فأّول لقمة كسرها عل ّ‬
‫لح عليحه و آلحه و سحّلم تأسحرونا و تشحّدونا و ل‬‫سلم عليكم يحا أهحل بيحت محّمحد صحّلى ا ّ‬
‫ال ّ‬
‫سلم الّلقمة من يده ثّم قال ‪:‬‬
‫ي عليه ال ّ‬
‫تطعمونا ‪ ،‬فوضع عل ّ‬

‫فححححححححححححححححححححاطم يححححححححححححححححححححا بنححححححححححححححححححححت الّنححححححححححححححححححححبي أحمححححححححححححححححححححد‬


‫ي سححححححححححححححححححححححححححّيد مسححححححححححححححححححححححححححّدد‬
‫بنححححححححححححححححححححححححححت نححححححححححححححححححححححححححب ّ‬

‫قححححححححححححححححححد جححححححححححححححححححائك السححححححححححححححححححير ليححححححححححححححححححس يهتححححححححححححححححححدى‬


‫محححححححححححححححححا يحححححححححححححححححزرع الحححححححححححححححححزارع سحححححححححححححححححوف يحصحححححححححححححححححد‬

‫فأعطيه و ل تخطيه بنكد‬

‫سلم و هى تقول ‪:‬‬


‫‪ 1‬فأقبلت فاطمة عليها ال ّ‬
‫لححححححححححححححححم يبححححححححححححححححق مّمححححححححححححححححا كححححححححححححححححان غيححححححححححححححححر صححححححححححححححححاع‬
‫قحححححححححححححححححححد دبحححححححححححححححححححرت كّفحححححححححححححححححححي محححححححححححححححححححع الحححححححححححححححححححّذراع‬

‫لححححححححححححححححححححححححح همحححححححححححححححححححححححححا جيحححححححححححححححححححححححححاع‬


‫شحححححححححححححححححححححححححبلى و ا ّ‬
‫ب ل تتركهمححححححححححححححححححححححححححححححححا ضححححححححححححححححححححححححححححححححياع‬ ‫يححححححححححححححححححححححححححححححححا ر ّ‬

‫أبوهمحححححححححححححححححححححححححححححححا للخيحححححححححححححححححححححححححححححححر ذو اصحححححححححححححححححححححححححححححححطناع‬


‫عبحححححححححححححححححححححححل الحححححححححححححححححححححححّذراعين طويحححححححححححححححححححححححل البحححححححححححححححححححححححاع‬

‫و محححححححححححححححححححا علحححححححححححححححححححى رأسحححححححححححححححححححي محححححححححححححححححححن قنحححححححححححححححححححاع‬


‫ل عباء نسجها بصاع‬ ‫إّ‬

‫و عمدوا إلى ما كان على الخوان فأعطوه و باتوا جياعا و أصبحوا مفطرين ليس عنححدهم‬
‫شيء ‪.‬‬

‫سحلم نححو‬ ‫سحلم بالحسحن و الحسحين عليهمحا ال ّ‬ ‫ي عليه ال ّ‬


‫قال شعيب في حديثه ‪ :‬و أقبل عل ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم و همححا يرتعشححان كححالفراخ مححن شحّدة الجححوع ‪ ،‬فلّمححا‬‫ل صّلى ا ّ‬‫رسول ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم قال ‪:‬‬
‫ل صّلى ا ّ‬ ‫بصر رسول ا ّ‬

‫سحلم فحانطلقوا و‬
‫يا أبا الحسن أشّد ما يسوءني ما أرى بكم انطلق إلى بنتي فاطمة عليها ال ّ‬
‫هى في محرابها قد لصق بطنها بظهرها من شّدة الجوع و غارت عيناها ‪،‬‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬تتتت تت تتتتت تتتتتت ت تت تت تتتت تتت‬
‫تتت تت ت تتتتت تت تت ت تت تتتت ت ت ت تتتت ت‬
‫تتتتتتتتت تت تتت تتتت ) تت ( ‪:‬‬

‫تتتتتت تت تتت تت تتت‬

‫ت تتتت ‪:‬‬

‫تتت‬ ‫تت تت‬ ‫ت‬


‫تتتتت تت تتتت‬

‫تتت‬

‫] ‪[ 388‬‬
‫لح ضحّمها إليححه ‪ ،‬و قححال ‪ :‬وا غوثححاه أنتححم منححذ ثلث فيمححا أرى فهبححط‬
‫فلّمححا رآهححا رسححول ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم خذما هنالك في أهححل بيتححك ‪ ،‬قححال ‪ :‬و‬ ‫جبرائيل فقال ‪ :‬يا محّمد صّلى ا ّ‬
‫ما آخذ يا جبرئيل ؟ قال ‪:‬‬

‫ن هذا كان لكم جزاء و كان سعيكم‬ ‫» هل أتى على النسان حين من الّدهر « حّتى بلغ » إ ّ‬
‫ل عليححه و آلححه و س حّلم‬
‫ي صّلى ا ّ‬ ‫مشكورا « و قال الحسن بن مهران في حديثه ‪ :‬فوثب النب ّ‬
‫ب عليهحم يبكحى ‪ ،‬و قحال ‪ :‬أنتحم منحذ‬ ‫حّتى دخل منزل فاطمة فرأى ما بهم فجمعهحم ثحّم انكح ّ‬
‫ن البححرار يشححربون مححن‬ ‫ثلث فيما أرى و أنا غافل عنكم ‪ ،‬فهبط جبرائيححل بهححذه اليححات إ ّ‬
‫جرونها تفجيرا قال ‪:‬‬ ‫ل يف ّ‬
‫ن مزاجها كافورًا عينًا يشرب بها عباد ا ّ‬
‫س كا َ‬
‫كأ ٍ‬

‫جر إلححى دور النبيححاء و المححؤمنين يوفححون بالّنححذر يعنححي علّيححا و‬ ‫ي يتف ّ‬
‫هى عين في دار الّنب ّ‬
‫ضة َو َيخححاُفون يوًمححا كححان شحّره مسححتطيرًا يقححول‬ ‫فاطمة و الحسن و الحسين و جاريتهما ف ّ‬
‫طعححام و ايثححارهم لححه‬‫ب شححهوتهم ال ّ‬ ‫طعام على حّبه يقول على ح ّ‬ ‫عابسا كلوحا و يطعمون ال ّ‬
‫مسححكينا مححن مسححاكين المسححلمين و يتيمححًا مححن يتححامى المسححلمين و أسححيرًا مححن اسححارى‬
‫لح ل نريححد منكححم جححزاء و ل‬ ‫المشححركين ‪ ،‬و يقولححون إذا أطعمححوهم إّنمححا نطعمكححم لححوجه ا ّ‬
‫ل باضمارهم يقححول ‪:‬‬ ‫ل ما قالوا هذا و لكّنهم أضمروا في أنفسهم فأخبر ا ّ‬ ‫شكورًا قال ‪ :‬و ا ّ‬
‫ل نريد منكم جزاء تكافوننا به ‪ ،‬و ل شكورا تثنون علينا به ‪ ،‬و لكّنحا إّنمحا نطعمكحم لحوجه‬
‫ل شّر ذلك اليوم و لقّيهححم نضححرة و سححرورا‬ ‫ل تعالى ذكره فوقيهم ا ّ‬ ‫ل و طلب ثوابه قال ا ّ‬ ‫ا ّ‬
‫نضرة في الوجوه و سرورا في القلب و جزاهم بما صبروا جّنة و حريرا جّنححة يسححكنونها‬
‫سرير عليه الحجّلة ل‬ ‫و حريرا يفرشونه و يلبسونه مّتكئين فيها على الرائك و الرائك ال ّ‬
‫ن أهححل الجّنححة فححي الجّنححة إذا رأوا‬
‫يرون فيها شمسا و ل زمهريرا قال ابن عّبححاس ‪ :‬فبينحا أ ّ‬
‫ب إّنك قلت في كتابك ل يرون فيها‬ ‫شمس اشرقت له الجنان فيقول أهل الجّنة ‪ :‬يا ر ّ‬ ‫مثل ال ّ‬
‫ل اسمه إليهم جبرئيل فيقول ‪ :‬ليس هذه بشححمس لكححن علّيححا و فاطمححة‬ ‫لجّ‬ ‫شمسا ‪ ،‬فيرسل ا ّ‬
‫ضحكا فأشرقت الجنان من نحور ضححكهما ‪ ،‬و نزلحت هحل أتححى فيهحم إلحى قحوله ‪ :‬و كحان‬
‫سعيكم مشكورا ‪.‬‬

‫ت الّرواية برّمتها و إن كان خاتمتها خارجة من الغرض الذي‬


‫أقول ‪ :‬و قد أثب ّ‬

‫] ‪[ 389‬‬

‫لح‬
‫طّيبين من أولدهمحا سحلم ا ّ‬
‫نحن فيه شعفا مّني بذكر مآثر أمير المؤمنين و زوجته و ال ّ‬
‫صصوا به ما لم يشركهم فيه أحححد و ل سححاواهم‬
‫عليهم ‪ ،‬و فيما رويناه من الفضل اّلذي تخ ّ‬
‫في نظير له مساو ‪.‬‬

‫ل عليه و آله أنه جاء إليححه رجححل‬


‫ل صّلى ا ّ‬
‫الثالث ما في الصافي من المالي عن رسول ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم إلى بيوت أزواجه فقال ‪:‬‬ ‫ل صّلى ا ّ‬
‫فشكى إليه الجوع ‪ ،‬فبعث رسول ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬مححن لهححذا الّرجححل الّليلححة ؟‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫ل ماء ‪ ،‬فقال رسول ا ّ‬ ‫ما عندنا إ ّ‬
‫ل و أتا فاطمة عليها السلم فقال لها ‪ :‬مححا عنححدك‬ ‫ي بن أبيطالب ‪ :‬أنا له يا رسول ا ّ‬ ‫فقال عل ّ‬
‫ل قحوت العشحّية لكنحا‬ ‫ل عليه و آلحه و سحّلم ؟ فقحالت ‪ :‬محا عنحدنا إ ّ‬
‫ل صّلى ا ّ‬ ‫يا ابنة رسول ا ّ‬
‫ل عليه و آله نومى الصبّية و أطفى المصححباح ‪،‬‬ ‫نؤثر ضيفنا ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا ابنة محّمد صّلى ا ّ‬
‫لح عليححه و آلححه و سحّلم فححأخبره‬ ‫لح صحّلى ا ّ‬‫سلم غدا على رسححول ا ّ‬ ‫ي عليه ال ّ‬
‫فلما أصبح عل ّ‬
‫ل » و يححؤثرون علححى أنفسححهم و لححو كححان بهححم‬ ‫لح عحّز و جح ّ‬‫الخبر ‪ ،‬فلم يبرح حتى أنححزل ا ّ‬
‫ح نفسه فاولئك هم المفلحون « هذا ‪.‬‬ ‫خصاصة و من يوق ش ّ‬

‫و قد ظهر لك مّما تضمّنته هذه الّروايححات الثلث الححذي هححو انمححوزج مّمححا تضحّمنته سححاير‬
‫صححه فححي دار الحّدنيا و زهححدهم فيهححا و ايثححارهم‬ ‫لح مححع خوا ّ‬
‫الّروايات كيفّية عيش رسححول ا ّ‬
‫الخرة على الولى و أّنها قبضت عنه و عن أهل بيته ) و زويت ( أى صرفت و نحيححت‬
‫) عنه زخارفها ( و زينتها ) مع عظيم ( تقّربححه و ) زلفتححه فلينظححر نححاظر بعقلححه ( أنححه لححو‬
‫لح‬
‫يكون في الّدنيا و الكثار منها خير لم يفت هؤلء الكياس الذين هم أقرب الخلق إلححى ا ّ‬
‫صته و حججه على ساير الناس ‪ ،‬بل تقّربوا إليه سبحانه بالبعد عنها ‪ ،‬و تحّببوا إليححه‬ ‫و خا ّ‬
‫تعالى بالبغض لها ‪.‬‬

‫ل عليه و آله ( و ساير أنبيائه و‬


‫ل تعالى محّمدا صّلى ا ّ‬
‫و ليتفّكر بفكرة سليمة أنه ) أكرم ا ّ‬
‫أوليائه ) بذلك ( الضيق في الّدنيا و العسار فيها ) أم أهانه ( و أهانهم ‪.‬‬

‫ن أحقر ملك مححن ملححوك ال حّدنيا‬


‫) فان قال أهانه ( و إّياهم ) فقد كذب و العظيم ( ضرورة أ ّ‬
‫صته إذا كان مطيعا له منقادا لمره مخلصا في طاعته الهانة فكيف‬ ‫ل يقصد بأحد من خا ّ‬
‫يصدر ذلك عن ملك السلوك و سلطان السلطين حكيم الحكماء و رحيم الرحماء في حح ّ‬
‫ق‬
‫صه و أقربهم إليه و أشّدهم زلفة عنده و اكثرهم‬
‫ص خوا ّ‬
‫أخ ّ‬

‫] ‪[ 390‬‬

‫طاعة له ‪.‬‬

‫ل ( قد ) أهان غيره (‬
‫نا ّ‬ ‫ق و الصدق ) فليعلم أ ّ‬
‫) و إن قال أكرمه ( و أكرمهم كما هو الح ّ‬
‫و غيرهم إذ الشيء إن كان عدمه إكراما و كمال كحان وجحوده نقصححا و إهانححة ف ) حيححث‬
‫بسط الّدنيا ( له أى لذلك الغير ) و زويها عن أقرب الناس منه ( كان في بسطها له إهانححة‬
‫ل محالة ‪.‬‬

‫ص أثره و ولح مولجه ( الفاء فصيحة و الجملت الثلث إخبار‬ ‫س بنبّيه و اقت ّ‬
‫سي متأ ّ‬‫) فتأ ّ‬
‫سححي‬
‫س المتأ ّ‬
‫ي في الّدنيا و علم أّنها دار هوان فليتأ ّ‬
‫في معنى النشاء أى إذا عرف زهد الّنب ّ‬
‫ل عليه و آله ‪ ،‬و ليتّبع أثره و ليدخل مدخله و يحذو حذوه و ليرغب عنها ‪.‬‬ ‫به صّلى ا ّ‬
‫ل خطيئة جاذبححة مححن‬
‫ب ال حّدنيا و الّتنححافس فيهححا رأس ك ح ّ‬
‫ن حح ّ‬‫ل فل يححأمن الهلكححة ( ل ّ‬
‫)وإ ّ‬
‫درجات الّنعيم إلى دركات الجحيم ‪.‬‬

‫سححاعة‬‫ل عليه و آله علما لل ّ‬‫ل سبحانه جعل محّمدا صّلى ا ّ‬ ‫نا ّ‬ ‫و أوضح هذه العّلة بقوله ) فا ّ‬
‫شرا بالجّنة و منذرا بالعقوبة ( أى مطلعا بأحوال الخرة جميعها ‪ ،‬فحيث آثر الخرة‬ ‫و مب ّ‬
‫ل لكححون الحّدنيا‬
‫على الولى و ترك الّركون إليها مع اطلعححه عليهمححا علححم أن ليححس ذلححك إ ّ‬
‫مظّنة الهلك ‪ ،‬و العقبى محّلة الّنجاة و الحيححاة ‪ ،‬فححالّراكن إليهححا متعحّرض للهلك الححدائم و‬
‫الخزي البد ل محالة ‪.‬‬

‫ل عليه و آله إليهححا بححأّنه ) خححرج مححن الحّدنيا خميصححا ( أى‬


‫و يظهر لك عدم ركونه صّلى ا ّ‬
‫جائعا إّما حقيقة أو كناية عن عدم الستمتاع بها ) و ورد الخحرة سحليما ( محن التبعحات و‬
‫المكاره ) لم يضع حجرا على حجر ( كناية عن عدم بنححائه فيهححا ) حّتححى مضححى لسححبيله و‬
‫أجاب داعى رّبه ( ‪.‬‬

‫ل و لم يضع لبنة على لبنة و ل قصبة على قصححبة ‪ ،‬رواه فححي‬


‫قال الحسن ‪ :‬مات رسول ا ّ‬
‫إحياء العلوم ‪.‬‬

‫ل بعبد شّرا أهلك مححاله فححي المححاء و‬


‫ل عليه و آله ‪ :‬إذا أراد ا ّ‬
‫ي صّلى ا ّ‬
‫و فيه أيضا قال الّنب ّ‬
‫طين ‪.‬‬‫ال ّ‬

‫] ‪[ 391‬‬

‫ل عليححه و آلححه و سحّلم و نحححن نعالححج‬


‫ل صّلى ا ّ‬
‫ل بن عمر ‪ :‬مّر علينا رسول ا ّ‬ ‫و قال عبد ا ّ‬
‫ص لنا قد وهححى ‪ ،‬فقححال ‪ :‬أرى‬ ‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬ما هذا ؟ قلنا ‪ :‬خ ّ‬
‫صا ‪ ،‬فقال صّلى ا ّ‬
‫خ ّ‬
‫المر أعجل من ذلك ‪.‬‬

‫ل عليه و آله من بنى فوق مححا يكفيححه كّلححف أن يحملححه‬


‫ي صّلى ا ّ‬
‫و قال الغزالي ‪ :‬و قال الّنب ّ‬
‫يوم القيامة ‪ ،‬هذا ‪.‬‬

‫و لّما فرغ من التزهيد في الّدنيا و الّترغيب في الخرة بالّتنبيه على هوانها و حقارتها بما‬
‫ل مزيد عليه ‪ ،‬و بشرح حال أولياء الّدين من خحاتم الّنححبّيين و سححاير النبيححاء و المرسححلين‬
‫ل عليهم أجمعين في رفضهم لها و تركهم اّياها ‪ ،‬أردف ذلك بالشارة إلى زهده و‬ ‫سلم ا ّ‬
‫سي بنححبّيه‬
‫سلم بالّتأ ّ‬
‫ل عليه عليه ال ّ‬
‫ل سبحانه في إنعامه عّز و ج ّ‬ ‫إظهار غاية المتنان من ا ّ‬
‫ل ح عليححه و‬
‫ل ح ص حّلى ا ّ‬‫ل عندنا حين أنعم علينا به ( أى برسول ا ّ‬ ‫فقال ‪ ) :‬فما أعظم نعمة ا ّ‬
‫آله ) سلفا نّتبعه و قائدا نطا عقبه ( و نقفو أثره و نسلك سبيله في زهده ‪.‬‬
‫ل عليه و آله بالشارة إلى بعححض مراتححب زهححده فححاّنه‬ ‫سيه به صّلى ا ّ‬
‫و أوضح اّتباعه و تأ ّ‬
‫لح‬
‫انموزج من ساير المراتب ‪ ،‬و فيه عبرة لمن اعتبر ‪ ،‬و كفاية لمن تذّكر ‪ ،‬فقححال ‪ ) :‬و ا ّ‬
‫لقد رقعت مدرعتى هذه ( و هو ثوب من صوف يتدّرع به ) حّتى استحييت من راقعهححا (‬
‫لكثرة رقاعها ) و لقد قال لي قائل ( لّما رأى أّنها خلق و سمل ) أل تنبذها ( و تطرحهححا )‬
‫سححرى ( و‬ ‫صباح يحمححد القححوم ال ّ‬
‫عنك فقلت ( له ) اعزب ( أى غب و تباعد ) عّني فعند ال ّ‬
‫هو مثل يضرب لمن احتمل المشّقة عاجل لينال الّراحة آجل ‪.‬‬

‫سرى من‬ ‫ن المسافر إذا احتمل المشّقة و حّرم على نفسه لذة الّرقاد و بادر إلى ال ّ‬ ‫و أصله أ ّ‬
‫صباح منزله و يصل إليححه سححالما غانمححا و ينححزل‬ ‫أّول الّليل و جّد في سيره فاّنه يبلغ عند ال ّ‬
‫أحسن المنازل و أشرفها مقّدما على غيره ‪ ،‬و يستريح من تعب الّليل و يكححون محمححودا ‪،‬‬
‫بخلف من أخذه نوم الغفلة و آثر الّلذة العاجلة على الجلة ‪ ،‬فاّنه إذا سرى في آخر الّليححل‬
‫طريححق‬ ‫ل ؟ ؟ ؟ عححن ال ّ‬
‫و في اخريات الّناس فححاّنه ربمححا يغيلححه الّلصححوص فل يسححلم أو يضح ّ‬
‫فيعطب ‪ ،‬و مع سلمته يكون مسيره في حّر الّنهححار علححى و صححب و تعححب ‪ ،‬فيصححل إلححى‬
‫ل أردء‬ ‫المنحزل بعحد محا سحبق غيحره إلحى أحسححنه و أشححرفه ‪ ،‬فل يجحد لححه منحزل و مقيل إ ّ‬
‫المنازل و أدونها ‪ ،‬فعند ذلك يلوم نفسه بتفريطه ‪ ،‬و يذّمه غيره و يندم‬

‫] ‪[ 392‬‬

‫على ما فّرط و ل ينفعه الّندم ‪.‬‬

‫و بهذا الّتقرير انقدح لك وجه المطابقة بين المثال و الممّثل ‪.‬‬

‫ظلمانيححة البدنّيححة بمنزلحة الّليحل ‪ ،‬و‬


‫ن ذلححك النشحأة المشحوبة بالكحدورات و العليححق ال ّ‬ ‫بيانه أ ّ‬
‫صححافية عححن الكححدورات و‬ ‫الّنشأة الخروّية المطابقة لتلححك النشححأة اّلححتي هححى دار التجحّرد ال ّ‬
‫صباح الواقع عقيب الّليل ‪ ،‬و الوطن الصلي للنسان هى الّدار الخرة‬ ‫العلقات بمنزلة ال ّ‬
‫سير إلححى الخححرة بالمواظبححة‬ ‫‪ ،‬و هو في الّدنيا بمنزلة المسافر ‪ ،‬فمن ترك الّدنيا وجّد في ال ّ‬
‫شاّقة الموصححلة لححه إليهححا وصححل إلححى مقصححده ‪ ،‬و نححزل فححي‬ ‫طاعات و الّرياضات ال ّ‬ ‫على ال ّ‬
‫ن خيرات حسان فعند ذلك يكون محمودا مسرورا عند نفسه و عند‬ ‫غرفات الجنان ‪ ،‬و فيه ّ‬
‫شدائد ‪.‬‬‫ق الّدنيا و مقاساة ال ّ‬
‫الخالق و الخليق لما صبر على مشا ّ‬

‫و من أخذه نوم الغفلة فيها و اغتّر بالّلذات الحاضرة و الشهوات العاجلة ‪،‬‬

‫ل من حميم و غسلين ‪،‬‬


‫جين ‪ ،‬و ل شراب و طعام إ ّ‬
‫لسّ‬
‫و رد الخرة و ليس له مقام إ ّ‬

‫فعند ذلك يلومه نفسه و غيره و يندم على تقصيره ‪ ،‬و يقعد ملوما محسورا و يدعو ثبورا‬
‫ععععععع‬
‫ععععع‬

‫قد مضى في مقّدمات شرح الخطبة الشقشقّية و فححي غيرهححا بعححض الكلم فححي زهححد أميححر‬
‫سلم ‪ ،‬و أقول هنا مضافا إلى ما سبق ‪:‬‬
‫المؤمنين عليه ال ّ‬

‫طححاب نازلححة قححام لهححا و‬ ‫روى في عّدة الّداعي عن خبير بن حبيب قال ‪ :‬نححزل بعمححر بححن خ ّ‬
‫قعد ‪ ،‬و تربخ لها و تقطر ‪ 1‬ثّم قال ‪ :‬يا معشر المهاجرين ما عندكم فيها قححالوا ‪ :‬يححا أميححر‬
‫لح و قولححوا‬ ‫المؤمنين أنت المفزع و المنزل ‪ ،‬فغضب و قال ‪ :‬يا أّيهححا الححذين آمنححوا اّتقححوا ا ّ‬
‫ل إّنا و إّياكم لنعرف ابن بجدتها ‪ 2‬و الخبير‬
‫قول سديدا ‪ ،‬أما و ا ّ‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬تتتت تتتتتت تتتتتتت ت تتتتت تتتتتتت‬
‫تتتتتت ت ت تتتت تتتت تتتت تت ت تت ت تتتت ت‬
‫تت تتت ت ت ‪.‬‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 2‬تت ت تت تتتت تتتت تت ت تتتت ت تت تت ‪:‬‬
‫تتتتتتت تتتتتت ت ت تتتتتت تتتتتت ت ت تتت‬
‫تت تتتت تت تتتت تتتت تت ت‬

‫] ‪[ 393‬‬

‫بها ‪ ،‬قالوا ‪ :‬كأّنك أردت ابن أبي طالب ؟ قال ‪ :‬و أّني يعدل بي عنححه و هححل طفحححت جحّرة‬
‫بمثله ؟ قالوا ‪ :‬فلو بعثت إليه ‪ ،‬قال ‪ :‬هيهات هيهححات هنححاك شححمخ مححن هاشححم و لحمححة مححن‬
‫الّرسول و اثرة من علم يؤتى لهححا و ل يححأتي ‪ ،‬امضححوا إليححه فاقصححفوا ‪ 1‬نحححوه و أفضححوا‬
‫إليه ‪ ،‬و هو في حايط لححه عليححه تّبححان يترّكححل علححى مسحححاته ‪ 2‬و هححو يقححول ‪ » :‬أ يحسححب‬
‫ى يمنححى ‪ ،‬ثحّم كححان علقححة فخلححق فسحّوى « و‬ ‫النسان أن يترك سدى ‪ ،‬ألم يك نطفة من منح ّ‬
‫دموعه تهمى على خّديه ‪ ،‬فأجهش ‪ 3‬القوم لبكائه ثّم سكن و سححكنوا ‪ ،‬و سححأله عمححر عححن‬
‫ق و لكححن أبححى‬
‫ل لقد أرادك الحح ّ‬ ‫مسألة فأصدر إليه جوابها فلوى عمر يديه ثّم قال ‪ :‬أما و ا ّ‬
‫ن يححوم الفصححل‬‫سلم ‪ :‬يا أبا حفص خّفض عليك من هناك و من هنححا إ ّ‬ ‫قومك ‪ ،‬فقال عليه ال ّ‬
‫كان ميقاتا ‪ ،‬فانصرف و قد أظلم وجهه و كأّنما ينظر إليه من ليل ‪.‬‬

‫سححلم‬
‫ي عليححه ال ّ‬
‫و فى شرح المعتزلي عن أحمد بن حنبل قال ‪ :‬لّما ارسحل عثمححان إلححى علح ّ‬
‫وجدوه مؤتزرا بعباة محتجزا بعقال ‪ 4‬و هو يهنأ ‪ 5‬بعيرا له ‪.‬‬
‫ل بن أبححي الهححذيل قححال ‪ :‬رأيححت علححى‬
‫و في كشف الغمة من مناقب الخوارزمي عن عبد ا ّ‬
‫سلم قميصا زرّيا إذا مّده بلغ الظفر ‪ ،‬و إذا أرسله كان مع نصف الذراع ‪،‬‬ ‫ي عليه ال ّ‬
‫عل ّ‬

‫سلم بفححالوذج فححأبى أن يأكححل‬‫ي بن أبيطالب عليه ال ّ‬


‫ي بن ثابت قال ‪ :‬اتي عل ّ‬
‫و منه عن عد ّ‬
‫ب أن آكححل‬
‫ل عليححه و آلححه و سحّلم ل أحح ّ‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫منه ‪ ،‬و قال ‪ :‬شيء لم يأكل منه رسول ا ّ‬
‫منه ‪.‬‬

‫و منه عن أبي مسطر قال ‪ :‬خرجت من المسجد فاذا رجل ينادي من خلفي ‪:‬‬

‫ارفع إزارك فاّنه أتقى لثوبك و أبقى لك و خذ من رأسك إن كنت مسلما ‪ ،‬فمشيت خلفححه و‬
‫ي ‪ ،‬فقلت من هذا‬
‫ي بدو ّ‬
‫هو مؤتزر بازار و مرتد برداء و معه الّدرة كأّنه أعراب ّ‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬تت تتتتتتت تتتت ‪.‬‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 2‬ت تتتتت ت تتت تت تت تتت تتت تتتتتت ت‬
‫تتتت تت تتتتتتتت ت ت تتتت تتتتتتت ت تتتت‬
‫تتتتت تتتتت تتتتت ت تتت‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 3‬تت تتتتتت تتتتتت‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 4‬تت تت تتتت تتتتتت تتتتتت تتتت ت تت تت‬
‫تتتت تتتتت تتتتتت‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 5‬تت تتتتت تتتتتتتت‬

‫] ‪[ 394‬‬

‫فقال لي رجل أراك غريبا بهذا البلد ‪ ،‬قلت ‪ :‬أجل رجل من أهل البصرة ‪ ،‬قال ‪ :‬هذا علحيّ‬
‫سلم حّتى انتهى الى دار بني أبي معيححط و هححو سححوق البححل فقححال ‪:‬‬‫أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫سلعة و تمحق البركة ‪.‬‬
‫ن اليمين تنفق ال ّ‬
‫بيعوا و ل تحلفوا فا ّ‬
‫ثّم أتى أصحاب التمر فاذا خادمة تبكى فقال ‪ :‬ما يبكيك ؟ قالت ‪ :‬باعنى هحذا الّرجحل تمححرا‬
‫ى فأبى أن يقبله ‪ ،‬فقال ‪ :‬خذ تمرك و أعطها درهمهححا فاّنهححا خححادم ليححس‬
‫بدرهم فرّدوه موال ّ‬
‫ي بن أبيطحالب أميحر المحؤمنين‬ ‫لها أمر ‪ ،‬فدفعه ‪ ،‬فقلت أتدرى من هذا ؟ قال ‪ :‬ل قلت ‪ :‬عل ّ‬
‫ب أن ترضى عّنى ‪ ،‬فقال ‪:‬‬ ‫ب تمره و أعطاها درهمها و قال ‪ :‬اح ّ‬‫سلم فص ّ‬ ‫عليه ال ّ‬

‫ما أرضاني عنك إذا وفيتهم حقوقهم ‪.‬‬

‫ثّم مّر مجتازا بأصحاب الّتمر فقال ‪ :‬يا أصحاب التمر أطعموا المساكين يربو كسبكم ‪.‬‬

‫سمك فقال ‪ :‬ل يباع فى سوقنا طاف ‪.‬‬


‫ثّم مّر مجتازا و معه المسلمون حّتى أتى أصحاب ال ّ‬

‫ثّم أتى دار فرات و هو سوق الكرابيس فقال ‪ :‬يححا شححيخ أحسححن بيعححي فححي قيمصححي بثلثححة‬
‫دراهم ‪ ،‬فلّما عرفه لم يشتر منه شيئا ‪ ،‬فأتى غلما حدثا فاشترى منه قميصا بثلثة دراهم‬
‫لح اّلححذي رزقنححي مححن‬
‫و لبسه ما بين الّرسغين إلححى الكعححبين ‪ ،‬و قحال حيححن لبسححه ‪ :‬الحمححد ّ‬
‫الّرياش ما أتجّمل به في الّناس و اوارى به عورتي ‪.‬‬

‫لح‬
‫فقيل له ‪ :‬يا أمير المؤمنين هذا شيء ترويه عححن نفسححك أو شححيء سححمعته مححن رسححول ا ّ‬
‫لح عليحه و آلحه‬‫لح صحّلى ا ّ‬ ‫ل عليه و آله و سّلم قال ‪ :‬بل شيء سمعته محن رسحول ا ّ‬‫صّلى ا ّ‬
‫يقوله عند الكسوة ‪ :‬فجاء أبو الغلم صاحب الّثوب فقيل يححا فلن قححد بححاع ابنححك اليححوم مححن‬
‫سلم قميصا بثلثة دراهم قال ‪ :‬أفل أخذت منه درهمين ‪.‬‬ ‫أمير المؤمنين عليه ال ّ‬

‫سلم و هو جالس على بححاب الّرحبححة‬ ‫فأخذ أبوه درهما و جاء به إلى أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫سلم ‪ :‬ما شأن‬ ‫و معه المسلمون ‪ ،‬فقال ‪ :‬امسك هذا الّدرهم يا أمير المؤمنين ‪ ،‬قال عليه ال ّ‬
‫هذا الّدرهم ؟ قال ‪ :‬كان ثمن قميصك درهمين ‪ ،‬فقال ‪ :‬باعني رضاى و أخذ رضاه ‪.‬‬

‫سوق و هو أمير المؤمنين فاشححترى‬ ‫سلم دخل ال ّ‬


‫ن علّيا عليه ال ّ‬
‫و منه قال ابن العرابي ‪ :‬إ ّ‬
‫سلم‬‫سوق فطال أصابعه ‪ ،‬فقال عليه ال ّ‬‫قميصا بثلثة دراهم و نصف فلبسه في ال ّ‬

‫] ‪[ 395‬‬

‫صه و قال الخّياط ‪ :‬أحوصه ‪ 1‬يححا أميححر المححؤمنين ؟ قححال ‪ :‬ل و‬


‫صه ‪ ،‬قال ‪ :‬فق ّ‬‫للخّياط ‪ :‬ق ّ‬
‫ل شححرعك ‪ 2‬مححا‬‫سلم يقول ‪ :‬شرعك ما بلغححك المحح ّ‬ ‫مشى و الّدرة على كتفه و هو عليه ال ّ‬
‫بلغك المحل ‪.‬‬

‫و في كشف الغمة أيضا قال هارون بن عنترة ‪ :‬قال حّدثني أبي قححال ‪ :‬دخلححت علححى عل ح ّ‬
‫ي‬
‫سلم بالخورنق و هو يرعد تحت سمل ‪ 3‬قطيفة ‪ ،‬فقلت ‪:‬‬ ‫بن أبيطالب عليه ال ّ‬
‫ل تعالى قد جعل لك و لهل بيتك في هذا المال ما يعّم و أنت تصنع‬ ‫نا ّ‬‫يا أمير المؤمنين إ ّ‬
‫ن هحذه لقطيفححتي اّلححتي‬
‫لح محا أرزاكححم محن أمححوالكم شحيئا و ا ّ‬
‫بنفسك ما تصحنع ؟ فقحال ‪ :‬و ا ّ‬
‫خرجت بها من منزلي من المدينة ما عندي غيرها ‪.‬‬

‫سلم يوما و عليححه ازار مرقححوع فعححوتب عليححه فقححال ‪ :‬يخشححع القلححب‬
‫و فيه و خرج عليه ال ّ‬
‫ي‪.‬‬
‫بلبسه و يقتدى بي المؤمنين إذا رآه عل ّ‬

‫سلم يوما ثوبين غليظيحن فخّيحر قنحبرا فيهمحا ‪ ،‬فأخحذ واححدا و لبحس هحو‬
‫و اشترى عليه ال ّ‬
‫الخر ‪ ،‬و رأى في كّمه طول عن أصابعه فقطعه ‪.‬‬

‫سلم إذا‬
‫ي عليه ال ّ‬‫ي على عكبرا رجل من ثقيف قال ‪ :‬قال لي عل ّ‬ ‫سلم قد ول ّ‬‫و كان عليه ال ّ‬
‫ي ‪ ،‬فعدت إليه في الوقت المعّين فلححم أجححد عنححده حاجبححا يحبسححنى‬
‫ظهر غدا فعد إل ّ‬ ‫صّليت ال ّ‬
‫دونه فوجدته جالسا و عنده قدح و كوز ماء ‪ ،‬فدعا بوعاء مشدود مختوم ‪،‬‬

‫ى جوهرا ‪ ،‬فكسر الختم فاذا فيه سويق فحأخرج منحه فصحّبه‬ ‫فقلت ‪ :‬قد أمننى حّتى يخرج إل ّ‬
‫ب عليه ماء فشرب و سقاني فلم أصبر فقلت له ‪ :‬يا أمير المؤمنين أتصححنع‬ ‫في القدح و ص ّ‬
‫ل ما أختم عليححه‬‫سلم ‪ :‬أما و ا ّ‬
‫هذا في العراق و طعامه كما ترى في كثرته ؟ فقال عليه ال ّ‬
‫بخل به و لكّنى أبتاع قدر ما يكفيني فأخاف أن ينقص فيوضع فيه من غيره و أنا أكره أن‬
‫ل طّيبا ‪ ،‬فلذلك أحترز عليه كما ترى ‪ ،‬فاّياك و تناول ما ل تعلم حّله ‪.‬‬
‫أدخل بطني إ ّ‬

‫قال كاشف الغّمة بعد روايته لهذه الخبار و غيرها مّما تركنا روايتها خححوف الطالححة ‪ :‬و‬
‫ل عليه من الثار و الخبار و المناقب اّلتي ل تستر أو يستر‬ ‫كم له صّلى ا ّ‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬تتتتت تتتتتتت‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 2‬تت تتتت ت تتتت‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 3‬تتتتت تتتتت تت تتتتتت ‪.‬‬

‫] ‪[ 396‬‬

‫سير ‪ ،‬و المفاخر اّلتي يتعّلم منهححا مححن فخححر ‪ ،‬و‬‫سيرة اّلتي هى عنوان ال ّ‬ ‫وجه الّنهار ‪ ،‬و ال ّ‬
‫المآثر اّلتي تعجز من بقى كما أعجزت من غبر ‪ ،‬فأعجب بهححذه المكححارم و الفعححال اّلححتي‬
‫هي غرر في جهات الّيام ‪ ،‬و الّزهادة اّلتي فاق بها جميححع النححام ‪ ،‬و الححورع اّلححذي حملححه‬
‫على ترك الحلل فضل عن الحرام ‪ ،‬و العبادة اّلححتي أوصححلته إلححى مقححام وقححف دونححه كح ّ‬
‫ل‬
‫القوام ‪.‬‬

‫شححريف تحّمححل هححذه المتححاعب ‪ ،‬و قادهححا إلححى اّتبححاعه فانقححادت انقيححاد‬
‫و لّمححا ألححزم نفسححه ال ّ‬
‫الجنححائب ‪ ،‬و ملكهححا حّتححى صححاحب منهححا أكححرم عشححير و خيححر مصححاحب ‪ ،‬و استشححارها‬
‫ل بححواجب صححار لححه ذلححك طبعححا و سححجّية ‪ ،‬و‬ ‫ل عن منكر و ل أمححرت إ ّ‬ ‫ليختبرها فلم تنه إ ّ‬
‫سححعى لبلححوغ‬ ‫انضّم عليه ظاهرا و نية ‪ ،‬و اعمل فيه عزيمة بهّمححة قوّيححة ‪ ،‬و اسحتوى فحي ال ّ‬
‫ل بفكر و في تحصيل أجر ‪ ،‬و في تخليد ذكححر‬ ‫غاياته علنية و طوّية ‪ ،‬فما تحّرك حركة إ ّ‬
‫لح‬
‫ل لطلب فخر و إعلء قدر ‪ ،‬بل لمتثال أمر و طاعة في سحّر و جهححر ‪ ،‬فلححذلك شححكر ا ّ‬
‫سعيه حين سعى ‪ ،‬و عّمه بألطافه العميمة و رعى ‪ ،‬و أجححاب دعححائه لمححا دعححى ‪ ،‬و جعححل‬
‫ل بكرمه أن يحشرني و محّبيه و إّياه معا ‪.‬‬ ‫سميعة الواعية فسمع و وعى ‪ ،‬فاسأل ا ّ‬ ‫اذنه ال ّ‬

‫قال كاشف الغّمة ‪ :‬أنشدني بعض الصحاب لبعض العلوّيين ‪.‬‬

‫عتبححححححححححححححت علححححححححححححححى الححححححححححححححّدنيا و قلححححححححححححححت إلححححححححححححححى مححححححححححححححتى‬


‫أكابححححححححححححححححححد عسححححححححححححححححححرا ضححححححححححححححححححّره ليححححححححححححححححححس ينجلححححححححححححححححححي‬

‫ل شححححححححححححححححححريف مححححححححححححححححححن علححححححححححححححححححى جححححححححححححححححححدوده‬ ‫أكحححححححححححححححححح ّ‬


‫حححححححححححححححححححرام عليححححححححححححححححححه الححححححححححححححححححّرزق غيححححححححححححححححححر محّلححححححححححححححححححل‬

‫فقححححححححححححححالت نعححححححححححححححم يححححححححححححححا ابححححححححححححححن الحسححححححححححححححين رميتكححححححححححححححم‬


‫بسهمى عنادا حين طّلقني على ‪1‬‬

‫ععععععع عععععع‬

‫سلم متضّمنا للتحريححض علححى الجححوع و الححترغيب‬ ‫لّما كان هذا الفصل من خطبته عليه ال ّ‬
‫صححالحين أحببححت أن أعّرفححك‬
‫سلف ال ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم و ساير ال ّ‬
‫ي صّلى ا ّ‬
‫سيا بالّنب ّ‬
‫فيه تأ ّ‬
‫فوايد الجوع‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬ت تت تتت تت ت تتت ت ت ت تت ت تتتت ت تت تت‬
‫ت تت تتتتت تت تت ت تتت تتت تتتت ت تتت ت‬
‫تتتتت ت تتت ت ت تتتتتت تتتتت تت ت ت تت تتت‬
‫تتتتت ت ت ت تت ت تتتت ت تت تت ت تتتت ت ت ت‬
‫تتتتتت تتتتت تت تتتتتت ت تتت‬
‫] ‪[ 397‬‬

‫ل عليه الوجدان و التجربة فأقول ‪:‬‬


‫شبع على ما يستفاد من الخبار و يد ّ‬
‫و آفات ال ّ‬

‫ن فحي الجحوع‬
‫خصحه ببعحض تصحّرف و تغييحر مّنحا ‪ :‬إ ّ‬
‫قال الغزالي في إحياء العلوم محا مل ّ‬
‫عشر فوايد ‪.‬‬

‫شححبع يححورث البلدة و‬ ‫ن ال ّ‬


‫الفائدة الولى صفاء القلب و إيقاد القريحة و إنفاذ البصيرة ‪ ،‬فححا ّ‬
‫سكر حّتى يحتوى على معادن الفكححر ‪ ،‬فيثقححل‬ ‫يعمى القلب و يكثر البخار في الّدماغ شبه ال ّ‬
‫ل عليه‬‫ل صّلى ا ّ‬ ‫القلب بسببه عن الجريان في الفكار و عن سرعة الدراك قال رسول ا ّ‬
‫شبع ‪ ،‬و طّهروها بالجوع تصفو و ترق ‪.‬‬ ‫ضحك و قّلة ال ّ‬‫و آله و سّلم ‪ :‬أحيوا قلوبكم بقّلة ال ّ‬

‫ى إذا امتلئت المعححدة نححامت الفكححرة و خرسححت الحكمححة و قعححدت‬


‫و قال لقمان لبنه ‪ :‬يا بن ّ‬
‫العضاء عن العبادة ‪.‬‬

‫الثانية رّقة القلب و صفائه اّلذي به يتهّيأ لدراك لحّذة المناجحاة و الّتحأثر بالحّذكر ‪ ،‬فكحم محن‬
‫ن بينه و بينه حجابا مححن‬‫ن القلب ل يلتّذ به و ل يتأّثر حّتى كأ ّ‬ ‫ذكر يجرى على الّلسان و لك ّ‬
‫قسوة القلب ‪ ،‬و إّنما يحصل الّتلّذذ و الّتأّثر بخلّو المعدة كما هو معلوم بالّتجربة ‪.‬‬

‫الثالثة النكسار و الّذل و زوال البطر و الشر و الفرح اّلذي هو مبححدء الطغيححان و الغفلححة‬
‫ن رآُه استغنى « فل تنكسر الّنفس و ل تححذ ّ‬
‫ل‬ ‫ن َلَيطغى َأ ْ‬
‫ن النسا َ‬
‫ل كما قال تعالى » إ ّ‬‫عن ا ّ‬
‫ل بالجوع ‪ ،‬فعنده تسكن لرّبها و تخشححع و تححذعن بعجزهححا و ذّلهححا لمححا ذاقححت‬ ‫بشيء كما تذ ّ‬
‫ل نفسححه و‬‫حيلتها بلقمة طعام و أظلمت الّدنيا عليها بشربة ماء ‪ ،‬و ما لم يشححاهد النسححان ذ ّ‬
‫عجزه ل يرى عّزة موله و ل قهره ‪.‬‬

‫ل عليه و آله لّما جائه جبرئيل و عرض عليه خزائن الّدنيا و أبي‬ ‫ي صّلى ا ّ‬‫ن الّنب ّ‬
‫و لذلك إ ّ‬
‫من قبولها قال لجبرئيل ‪ :‬دعنى أجوع يوما و أشبع يوما ‪ ،‬فاليوم اّلذي أجوع فيه أتضححّرع‬
‫إلى رّبي و أسأله ‪ ،‬و اليوم اّلذي أشبع فيه أشكر رّبي و أحمده ‪ ،‬فقال له جبرئيححل ‪ :‬وّفقححت‬
‫لكلّ خير ‪.‬‬

‫] ‪[ 398‬‬

‫ن النسحان إّنمحا يقيححس‬


‫الرابعة الّتذّكر بجوعه جوع الفقراء و المسححاكين و المحتححاجين ‪ ،‬ل ّ‬
‫غيره على نفسه فيلحظ حال الغير بملحظة حاله ‪ ،‬فاذا شاهد في نفسه ألم الجوع يعرف‬
‫شححفقة‬
‫بذلك ما في المحتاجين من اللم ‪ ،‬فيوجب ذلك مواساتهم ‪ ،‬و يدعو إلى الطعححام و ال ّ‬
‫شبعان بمعزل عن ذلك و غفلة منه ‪.‬‬ ‫ل ‪ ،‬و ال ّ‬
‫و الّرحمة على خلق ا ّ‬
‫سلم ‪ :‬لم تجوع و في يديك خزائن الرض ؟ فقال ‪:‬‬
‫و لذلك قيل ليوسف عليه ال ّ‬

‫أخاف أن اشبع فانسى الجايع ‪.‬‬

‫ن العبححد ل ينبغححي أن يغفححل أهححوال يححوم‬


‫الخامسة الّتذّكر به جوع يوم القيامة و عطشه ‪ ،‬فا ّ‬
‫القيامة و آلمها ‪.‬‬

‫ل عليه و آلححه و سحّلم ‪ :‬أكححثر الّنححاس شححبعا أكحثرهم‬


‫ي صّلى ا ّ‬
‫قال في عّدة الّداعي ‪ :‬قال الّنب ّ‬
‫ل و هو زمام الّنفس الّمححارة‬ ‫ن تذّكرها يهيج الخوف و الخشية من ا ّ‬ ‫جوعا يوم القيامة ‪ ،‬ل ّ‬
‫العاطف لها عن الفحشاء و المنكر ‪.‬‬

‫السادسة و هي أعظم الفوايد كسرة شهوات المعاصي كّلها و السححتيلء علححى الّنفححس فححانّ‬
‫شهوات هى الطعمة البّتة ‪ ،‬فتقليلها‬ ‫شهوات و القوى ‪ ،‬و ماّدة القوى و ال ّ‬ ‫منشأ المعاصى ال ّ‬
‫سعادة كّلها في أن يملك الّرجل نفسححه و ل يملكححه نفسححه‬ ‫ل شهوة و قّوة ‪ ،‬و إّنما ال ّ‬‫يضعف ك ّ‬
‫ل بضعف الجوع و الهزال فاذا شبعت قويت و شردت‬ ‫و كما أّنك ل تملك الّدابة الجموح إ ّ‬
‫و جمحت ‪ ،‬فكذلك الّنفس ‪.‬‬

‫شيطان يجرى من ابن آدم مجححرى ال حّدم‬


‫ن ال ّ‬
‫ل عليه و آله ‪ :‬إ ّ‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫و لذلك قال رسول ا ّ‬
‫في العروق ‪ ،‬فضّيقوا مجاريه بالجوع ‪.‬‬

‫ن مححن شححبع شححرب كححثيرا ‪ ،‬و مححن كححثر شححربه كححثر‬‫سححهر ‪ ،‬فحا ّ‬
‫السابعة دفع النوم و دوام ال ّ‬
‫جد و العمر أنفس الجواهر و هححو رأس‬ ‫نومه ‪ ،‬و في كثرة الّنوم ضياع العمر و فوات الته ّ‬
‫جد غير خفّية ‪.‬‬‫مال النسان به يّتجر و يتزّود لخرته ‪ ،‬و فضيلة الّته ّ‬

‫ن كثرة الكل مانعة منهححا ‪ ،‬لّنهححا محتاجححة إلححى‬ ‫الثامنة تيسير المواظبة على العبادات ‪ ،‬فا ّ‬
‫طعام و ازدراده فححي الفححم ‪ ،‬و رّبمححا يحتححاج إلححى شححراء‬
‫زمان يشتغل فيه بالكل و مضغ ال ّ‬
‫طعام و طبخه و غسل اليد و نحوها ‪ ،‬و في ذلك تفويت العمر و تضييع الوقت‬ ‫ال ّ‬

‫] ‪[ 399‬‬

‫طاعات و المناجات لعظم أجره و كثر ربحححه‬ ‫فلو صرف زمانه المصروف إلى ذلك في ال ّ‬
‫ن سببها كححثرة الكححل و حصححول فضححلة‬
‫سلمة من المراض ‪ ،‬فا ّ‬ ‫حة البدن و ال ّ‬
‫التاسعة ص ّ‬
‫الخلط في المعدة و العروق ‪.‬‬

‫ن الكل للحيححاة و ليححس‬


‫ن سقراط الحكيم كان قليل الكل فقيل له في ذلك ‪ :‬فأجاب إ ّ‬
‫روى إ ّ‬
‫الحياة للكل ‪.‬‬
‫ن حكيما نصرانّيا دخححل علححى‬‫قال المحّدث الجزائري في زهر الّربيع ‪ :‬ورد في الحديث أ ّ‬
‫طب ؟‬ ‫سلم فقال ‪ :‬أفي كتاب رّبكم أم في سّنة نبّيكم شيء من ال ّ‬
‫صادق عليه ال ّ‬
‫ال ّ‬

‫سحِرُفوا « و أّمححا فححي سحّنة‬


‫فقال ‪ :‬أّما في كتاب رّبنا فقححوله تعححالى » ُكُلححوا َو اشحَرُبوا َو ل ُت ْ‬
‫ل دواء ‪ ،‬فقححام الّنصححراني و‬ ‫ل داء و الحمية منه رأس ك ّ‬ ‫نبّينا ‪ :‬السراف في الكل رأس ك ّ‬
‫ب لجالينوس قال ‪ :‬روي عنححه‬ ‫ل ما ترك كتاب رّبكم و ل سّنة نبّيكم شيئا من الط ّ‬ ‫قال ‪ :‬و ا ّ‬
‫سبب و العّلة في مححوتهم لقححال أكححثرهم الّتخمححة ‪،‬‬ ‫سلم أنه لو سئل أهل القبور عن ال ّ‬ ‫عليه ال ّ‬
‫ن عمدة السبب للمرض هو كثرة الكل و ممانعة المححرض مححن العبححادات و‬ ‫فعلم من ذلك أ ّ‬
‫تشويشه للقلب و منعه من الّذكر و الفكر و تنغيصه للعيش معلوم ‪.‬‬

‫ن من اعتاد قّلة الكل كفاه القليل من الطعام و اليسير من المححال ‪،‬‬ ‫العاشرة خّفة المؤنة ‪ ،‬فا ّ‬
‫ل يحوم و ليلحة ‪،‬‬‫ن بطنه صحار غريمحا لحه آخحذا بخنحاقه فحي كح ّ‬ ‫بخلف من تعّود البطنة ‪ ،‬فا ّ‬
‫فيلجاه إلى أن يمّد عين الطمححع إلححى النححاس ‪ ،‬و يححدخل المححداخل فيكتسححب إمححا مححن الحححرام‬
‫فيعصى ‪ ،‬أو من الحلل فيحاسب ‪.‬‬

‫هذا كله مضافا إلى ما في قّلة الكل من التمّكن من اليثار و التصّدق بفاضححل قححوته علححى‬
‫ل صححدقته ‪ ،‬و قححد تقحّدم فححي شححرح الخطبححة‬ ‫الفقراء و المساكين ‪ ،‬فيكون يوم القيامة في ظح ّ‬
‫المأة و التاسعة في فضايل الصوم و الصححدقة مححا يححوجب زيححادة البصححيرة فححي هححذا المقححام‬
‫فليتذّكر ‪.‬‬

‫لح عليححه و آلححه فيمححا رواه‬


‫ي صحّلى ا ّ‬
‫ثم انه بقى الكلم في مقدار قّلة الكل ‪ ،‬و قد عّينه النب ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم أنه قححال ‪ :‬حسححب ابححن‬ ‫عنه في عّدة الّداعي قال ‪ :‬و يروى عنه صّلى ا ّ‬
‫آدم لقيمات يقمن‬

‫] ‪[ 400‬‬

‫به صلبه ‪ ،‬فان كان و ل بّد فليكن الّثلث للطعام و الّثلث للشراب و الّثلث للّنفس ‪.‬‬

‫جب في هذه الحكمة ‪.‬‬


‫قال القرطبي لو سمع بقراط بهذه القسمة لتع ّ‬

‫ص الثلثة ‪ 1‬بالّذكر ‪ ،‬لّنهححا‬


‫ن أثر الحكمة في هذا الحديث واضح و إّنما خ ّ‬ ‫كإّ‬‫قيل ‪ :‬ل ش ّ‬
‫أسباب حياة الحيوان ‪ ،‬لّنه ل يدخل البطن سواها ‪.‬‬

‫و مراتب الكل على ما قاله بعضهم سبع ‪ :‬الولى ما به تقوم الحياة الثانية أن يزيححد حّتححى‬
‫أن يصوم و يصّلى عن قيام ‪ ،‬و هذان واجبان الثالثة أن يزيد حّتى يقوى على أداء النوافل‬
‫سب للّتوسعة ‪ ،‬و هححذان مسححتحّبان الخامسححة أن يملء‬ ‫الرابعة أن يزيد حّتى يقدر على التك ّ‬
‫الّثلث و هذا جايز السادسة أن يزيد على ذلك فيثقححل البححدن و يكححثر النححوم ‪ ،‬و هححذا مكححروه‬
‫ى عنهححا و هححذا حححرام ‪ ،‬و يمكححن إدخححال‬
‫السابعة أن يزيد حّتى يتضّرر و هى البطنة المنه ّ‬
‫الولى إلى الّثانية و الثالثة إلى الّرابعة ‪.‬‬

‫ععععععع‬

‫فصل دويم از اين خطبححه متضحّمن اسححت ابطححال دعححوى بعححض أهححل زمححان رجححا بثححواب‬
‫خداوند را و خوف از عقاب آن مىفرمايد ‪:‬‬

‫ق خححداى‬ ‫اّدعا مىكند بزعم فاسد خود كه اميدوار است بخداى تعححالى دروغ ميگويححد بح ح ّ‬
‫بزرگ ‪ ،‬چيست حال او كه ظاهر نمىشود رجا و اميدوارى در عمل او و هر كححه اميححد‬
‫داشته باشد شناخته مىشود اميدواري در عمل و كردار او مگر اميد بخداوند متعال كححه‬
‫بدرستي آن مغشوش است و معيوب ‪ ،‬و هر ترس محّقق اسححت مگححر تححرس از حقتعححالى‬
‫پس بدرستى كه آن معلولست و مريض ‪ ،‬اميد مىدارد آن شخص بخدا در چيححز بححزرگ‬
‫و اميححد مىدارد بححه بنححدگان در چيححز حقيححر پححس مىدهححد بححه بنححده چيزيححرا كححه نمىدهححد‬
‫بپروردگار ‪ ،‬پس چيست شححأن خححداى عحّز و جححل كححه تقصححير كححرده مىشححود بححأو از آن‬
‫چيزى كه رفتار مىشود با آن بر بندگان او ‪ ،‬آيا مىترسى كه‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬تت تتتتتت ت تتتتتت ت تتتتت تتت‬

‫] ‪[ 401‬‬

‫باشى در اميدوارى تو بأو دروغ گوى ‪ ،‬يا باشى كه نححه بينححى او را از بححراى اميححدوارى‬
‫محل قابل ‪.‬‬

‫و همچنين است اگر او بترسد از بنده از بندگان خدا عطا مىكند بأو از جهة خوف خود‬
‫چيزيرا كه عطا نمىكند بپروردگار خود ‪ ،‬پس ميگرداند ترس خود را از بندگان نقححد و‬
‫ترس خود را از خالق خود وعده غير اميدوار ‪ ،‬و همين قححرار اسححت كسححى كححه عظححم و‬
‫شأن داشته باشد دنيا در چشم او ‪ ،‬و بزرگ باشد وقع دنيا از قلب او ترجيححح مىدهححد آن‬
‫دنيا را بر خدا پس بالكّليه رجوع نمايد بآن دنيا و برگردد بنده از براى آن ‪.‬‬

‫ل ح عليححه و آلححه و سحّلم‬


‫و بتحقيق كه هست در رفتار و كردار حضرت رسالتمآب صّلى ا ّ‬
‫سى و پيروى نمودن بآن بزرگوار و راه نماينده از براى تححو‬‫كفايت كننده مر تو را در تأ ّ‬
‫بر مذمت دنياى فانى و كثرت مهالك و معايب آن ‪ ،‬از جهة اينكه بسته شد از او اطراف‬
‫آن ‪،‬‬
‫و مهيا شد از براى غير او جوانب او ‪ ،‬و بححاز گرفتححه شححد از شححيرخوارى دنيححا ‪ ،‬و دور‬
‫كرده شد از زينتهاى آن ‪.‬‬

‫و اگر بخواهى دو تا گردانى اعراض حضرت رسالتمآب را از دنيا با اعححراض و زهححد‬


‫ل وقتى كه گفححت بخداونححد تعححالى ‪ :‬بححار پروردگححارا بدرسححتى مححن‬
‫حضرت موسى كليم ا ّ‬
‫محتاجم بآنچه كه فرو ميفرستى بمن از طعام ‪ ،‬قسم بخدا كه سححؤال نمىكححرد از خداونححد‬
‫مگر نانى كه بخورد آنرا ‪ ،‬بجهة اينكه بود آن حضححرت مىخححورد سححبزي زميححن را ‪ ،‬و‬
‫بتحقيق كه بود سبزى تره ديده ميشد از پوست درون شححكم او بجهححة لغححري او و كمححى‬
‫گوشت او ‪.‬‬

‫سححلم صححاحب‬ ‫و اگححر مىخححواهى سححه تححا گردانححى آنححرا بححا زهححد حضححرت داود عليححه ال ّ‬
‫مزمارهححاى زبححور و قححرائت كننححده أهححل بهشححت ‪ ،‬پححس بتحقيححق كححه بححود عمححل مىكححرد‬
‫ببافتهشدههاى برگ درخت خرما يعنى زنبيل مىبافت بدست خححود مىگفححت بهمنشححينان‬
‫خود كدام يك از شما كفايت مىكند مرا بفروختن اين ‪ ،‬و مىخورد نان جححوى از قيمححت‬
‫آن ‪.‬‬

‫] ‪[ 402‬‬

‫سححلم پححس بتحقيححق كححه بححود بححالش اخححذ‬


‫و اگر بخواهى بگوئى در عيسى بن مريم عليه ال ّ‬
‫مىنمود سنگ را ‪ ،‬و مىپوشيد جححامه درشححت را ‪ ،‬و بححود نححان خححورش او گرسححنگى و‬
‫چراغ او در شب روشنائى ماه ‪ ،‬و سايه بانهاى او در فصل زمستان مشرقهاى آفتححاب و‬
‫مغربهاى آن ‪ ،‬و ميوه او و ريحان او آنچه كه مىرويانيد آن را زمين از براى حيوانات‬
‫و نبود او را زنى كه مفتون نمايد او را ‪ ،‬و نححه فرزنححدى كححه محححزون كنححد او را ‪ ،‬و نححه‬
‫مالى كه برگرداند او را از حق ‪ ،‬و نه طمعى كه ذليل بگرداند او را ‪ ،‬مركب او پايهاى‬
‫او بود ‪ ،‬و خدمتكار او دستهايش بود ‪.‬‬

‫ل عليه و آله و سّلم ‪ ،‬پس بتحقيححق كححه‬ ‫سى كن به پيغمبر پاك پاكيزه خودت صّلى ا ّ‬ ‫پس تأ ّ‬
‫در اوست قابلّيت متبوعّيت از براى كسى كه اقتدا و تبعّيت نمايححد ‪ ،‬و ليححاقت انتسححاب از‬
‫براى كسى كه نسبت خود را باو بدهد ‪ ،‬و دوسترين بندگان بسوى خححدا كسححى اسححت كححه‬
‫سى نمايد بححه پيغمححبر خححود و متححابعت كنححد أثححر او را ‪ ،‬خححورد دنيححا را خححوردنى أنححدك‬‫تأ ّ‬
‫بأطراف دندان و پر نكرد از آن دهان خود را ‪ ،‬و نظر التفات بسوى او نگماشت ‪،‬‬

‫لغرترين أهل دنيا بود از حيثّيت تهىگاه ‪ ،‬و گرسنهترين ايشان بوده از حيثّيت شححكم ‪،‬‬
‫عرض كرده شد بر او خزاين دنيا پس امتنححاع فرمححود از قبححول آن و دانسححت كححه خححداى‬
‫تعالى دشمن داشته چيزى را پس دشمن گرفححت آن حضححرت نيححز آنححرا ‪ ،‬و حقيححر گرفتححه‬
‫چيزيرا پس حقير گرفت آن حضرت نيز آن را ‪ ،‬و كوچححك و بىمقححدار شححمرده چيزيححرا‬
‫پس كوچك شمرد آن هم او را ‪.‬‬

‫و اگر نشود در ما هيچ چيز مگر محّبت ما بچيزى كه دشمن داشته خدا و رسول او ‪ ،‬و‬
‫تعظيم ما چيزى را كه خوار و خرد شمرده خدا و رسول او هر آينححه كفححايت مىكنححد آن‬
‫از حيثّيت مخالفت مر خدا را ‪ ،‬و از حيثّيت معاداة و مجانبت از فرمان آن ‪.‬‬

‫لح عليححه و آلححه و سحّلم مىخححورد طعححام را بححر‬


‫و بتحقيق كه بود حضرت رسول صحّلى ا ّ‬
‫روى زمين ‪،‬‬

‫و مىنشست مانند نشستن غلم ‪ ،‬و مىدوخت با دسححت خححود كفححش خححودش را ‪ ،‬و پينححه‬
‫ميزد با دست خود رخت خود را ‪ ،‬و سوار مىشد بر دراز گوش برهنه و رديف ميكرد‬

‫] ‪[ 403‬‬

‫در پس خود ديگريرا ‪ ،‬و مىبود پرده بر در خانه آن حضرت پححس مىشححد در آن پححرده‬
‫نقش نگارها ‪ ،‬پس مىفرمود بر يكى از زوجات خححود ‪ :‬أى فلنححه پنهحان كحن ايححن را از‬
‫نظر من ‪ ،‬پس بدرسحتى كحه مححن زمححانى كحه نظححر مىكنححم بسححوى آن يححاد مىكنحم دنيحا و‬
‫زينتهاى آنرا ‪.‬‬

‫پس اعراض فرمود از دنيا بقلب مبارك خححود ‪ ،‬و معححدوم سححاخت ذكححر دنيححا را از نفححس‬
‫نفيس خود ‪ ،‬و دوست گرفت كه غايب شود زينت آن از چشم جهان بيححن خححود تححا اينكححه‬
‫اخذ ننمايد از دنيا لباس فاخرى ‪ ،‬و اعتقاد نكند آنرا آرامگاهى ‪،‬‬

‫و اميد نگيرد در آن اقامت را ‪ ،‬پس بيرون نمود دنيا را از نفس نفيس ‪ ،‬و كوچانيد ح حبّ‬
‫دنيا را از خواطر أنور ‪ ،‬و غايب گردانيد آن را از نظر آفتاب منظر ‪ ،‬و همچنين اسححت‬
‫هر كس كه دشمن مىگيرد چيزيرا دشمن ميگيرد آنكه نگاه كند بسححوى آن و آنكححه ذكححر‬
‫بشود نام و نشان آن در نزد او ‪.‬‬

‫ل عليه و آله و سّلم چيزى كه دللححت كنححد تححرا‬ ‫و بتحقيق كه هست در رسول خدا صّلى ا ّ‬
‫ص خححودش ‪ ،‬و‬ ‫بر بديهاى دنيا و عيبهاى آن از جهت اينكه گرسنه ماند در دنيححا بححا خححوا ّ‬
‫دور كرده شد از او زينتهاى آن با وجود بزرگى قرب و منزلت او ‪.‬‬

‫پس بايد كه نظر كند نظحر كننحده بعقحل خحود كحه آيحا گرامحى داشحته خحداى تعحالى محّمحد‬
‫ل عليه و آله را به سبب اين ‪ ،‬يحا خححوار نمححوده آن را ؟ پحس اگحر گويحد‬ ‫مصطفى صّلى ا ّ‬
‫خوار فرموده او را پححس بتحقيححق كححه دروغ گفتححه قسححم بخححداى بزرگححوار ‪ ،‬و اگححر گويححد‬
‫گرامى داشته او را پس بايد كه بداند آنكه خداى متعال بتحقيق كه خوار كرده غير او را‬
‫از جهة اينكه بسط فرموده دنيا را از براى آن غير ‪ ،‬و صرف نمححوده دنيححا را از أقححرب‬
‫خلق بسوى او ‪.‬‬

‫سى كننده به پيغمبر برگزيده خود ‪ ،‬و پيروى نمايد أثححر او را ‪،‬‬
‫سى نمايد تأ ّ‬
‫پس بايد كه تأ ّ‬
‫ل پس أيمن نشود از هلكت ‪.‬‬ ‫ل دخول آن ‪ ،‬و إ ّ‬ ‫و داخل شود بمح ّ‬

‫ل ح عليححه و آلححه را نشححانه از‬


‫پس بدرستى كه خداى تعالى گردانيد محّمد مصطفى صّلى ا ّ‬
‫براى قيامت ‪ ،‬و بشححارت دهنححده بححه بهشححت ‪ ،‬و ترسححاننده بححا عقححوبت ‪ ،‬بيححرون رفححت آن‬
‫حضرت از دنيا در حالتى كه شكم تهى بود ‪ ،‬و وارد شد بآخرت در حالتى كه سالم بححود‬
‫از مكاره‬

‫] ‪[ 404‬‬

‫و معايب ‪ ،‬ننهاد سنگ بالى سنگى تا اينكه در گذشت براه خود و اجابت فرمود دعوت‬
‫كننده پروردگار خود را ‪.‬‬

‫پس چه قدر بزرگست مّنت و نعمت خدا در نزد ما وقتى كه انعام فرمود با آن حضححرت‬
‫بر ما پيش روى كه متابعت كنيححم او را ‪ ،‬و پيشححوائى كححه كححام مىنهيححم در پححى او ‪ ،‬قسححم‬
‫بخدا بتحقيق كه پينه دوزاندم اين دّراعه خححود را تححا بمرتبححه كححه خجححالت كشححيدم از پينححه‬
‫دوزنده آن ‪ ،‬و بتحقيق كه گفت مرا گوينده ‪ :‬آيا نمىاندازى آن را از خودت ؟ پححس گفتححم‬
‫كه دور شو از من كه در نزد صبح ستايش كرده مىشوند مردمان شب رونده ‪.‬‬

‫عععع‬
‫ع عع عععع عع عععع ععع‬

‫و هى المأة و الستون من المختار فححى بححاب الخطححب بعثححه بححالّنور المضححىء ‪ ،‬و البرهححان‬
‫ي ‪ ،‬و المنهححاج البححادي ‪ ،‬و الكتححاب الهححادي ‪ ،‬أسححرته خيححر أسححرة ‪ ،‬و شححجرته خيححر‬ ‫الجل ح ّ‬
‫شجرة ‪ ،‬أغصانها معتدلة و ثمارها متهّدلة ‪ ،‬مولده بمّكة ‪ ،‬و هجرته بطيبة ‪ ،‬علبها ذكره‬
‫جة كافية ‪ ،‬و موعظة شافية ‪ ،‬و دعوة متلفية ‪ ،‬أظهححر بححه‬ ‫‪ ،‬و امتّد بها صوته ‪ ،‬أرسله بح ّ‬
‫شرايع المجهولة ‪ ،‬و قمع به البدع المدخولة ‪ ،‬و بّين به الحكححام المفصححولة ‪ ،‬فمححن يبتححغ‬ ‫ال ّ‬
‫غير السلم دينا تتحّقق شقوته ‪ ،‬و تنفصححم عروتححه ‪ ،‬و تعظححم كبححوته ‪ ،‬و يكححن مححآبه إلححى‬
‫لح توّكححل النابححة إليحه ‪ ،‬و أسترشحده‬‫طويل ‪ ،‬و العذاب الوبيحل ‪ ،‬و أتوّكححل علححى ا ّ‬
‫الحزن ال ّ‬
‫سبيل‬ ‫ال ّ‬

‫] ‪[ 405‬‬

‫ل رغبته ‪.‬‬
‫المؤّدية إلى جّنته ‪ ،‬القاصدة إلى مح ّ‬
‫ل و طاعته فإّنها الّنجاة غدا ‪ ،‬و المنجاة أبححدا ‪ ،‬رّهححب فححأبلغ ‪ ،‬و‬
‫ل بتقوى ا ّ‬
‫أوصيكم عباد ا ّ‬
‫غب فأسبغ ‪ ،‬و وصف لكم الّدنيا و انقطاعها ‪،‬‬ ‫رّ‬

‫و زوالها و انتقالها ‪ ،‬فأعرضوا عّما يعجبكم فيها لقّلة ما يصحححبكم منهححا ‪ ،‬أقححرب دار مححن‬
‫ل غمومهححا و أشححغالها لمححا قححد‬
‫ضوا عنكم عباد ا ّ‬
‫ل ‪ ،‬فغ ّ‬
‫ل ‪ ،‬و أبعدها من رضوان ا ّ‬ ‫سخط ا ّ‬
‫شفيق الّناصح ‪ ،‬و المجّد الكادح‬ ‫أيقنتم به من فراقها و تصّرف حالتها ‪ ،‬فاحذروها حذر ال ّ‬
‫‪ ،‬و اعتبروا بما قد رأيتم من مصارع القرون قبلكم قد تزايلت أوصالهم ‪،‬‬

‫و زالت أبصارهم و أسماعهم ‪ ،‬و ذهب شرفهم و عّزهم ‪ ،‬و انقطع سرورهم و نعيمهححم ‪،‬‬
‫فبحححّدلوا بقحححرب الولد فقحححدها ‪ ،‬و بصححححبة الزواج مفارقتهحححا ‪ ،‬ل يتفحححاخرون ‪ ،‬و ل‬
‫لح ححذر الغححالب لنفسححه‬
‫يتناسحلون ‪ ،‬و ل يحتزاورون ‪ ،‬و ل يتجحاورون ‪ ،‬فاححذروا عبحاد ا ّ‬
‫طريق جدد ‪،‬‬ ‫ن المر واضح ‪ ،‬و العلم قائم ‪ ،‬و ال ّ‬
‫المانع لشهوته الّناظر بعقله ‪ ،‬فإ ّ‬

‫سبيل قصد ‪.‬‬


‫و ال ّ‬

‫ععععع‬

‫) بعثه ( و ابتعث أرسله فانبعث و ) أسرة ( الّرجل بالضّم رهطه الدنون‬

‫] ‪[ 406‬‬

‫و ) الّتهّدل ( السترخاء و التدّلى و ) طيبة ( بالفتح و التخفيف اسم مدينة الّرسححول ص حّلى‬
‫لح‬
‫لح صحّلى ا ّ‬ ‫ل عليه و آله و سّلم كطابة و الطيبة و كان اسمها يححثرب فسحّماها رسححول ا ّ‬ ‫ا ّ‬
‫ل ح و ضححربه‬ ‫عليححه و آلححه بطيبححة و ) التلفححي ( السححتدراك و ) قمعححه ( يقمعححه قهححره و ذ ّ‬
‫بالمقمعة و زان مكنسة و هى العمود من الحديد أو كالمحجن يضرب به على رأس الفيححل‬
‫و خشبة يضرب به النسان على رأسه و ) كبا ( الجواد كبححوا عححثر فوقححع إلححى الرض و‬
‫ب على وجهه و السم الكبوة و ) نجا ( نجوا و نجاة خلص و قال الشارح المعححتزلي ‪:‬‬ ‫انك ّ‬
‫و المنجاة مصدر نجا ينجو و النجححاة الّناقححة ينجححى عليهححا و ) ل يتجححاورون ( بححالجيم مححن‬
‫المجاورة و يروى بالحاء المهملة ‪.‬‬

‫ععععععع‬

‫الباء في قوله ‪ :‬بالّنور ‪ ،‬للمصاحبة و الملبسة ‪ ،‬و تعدية القاصححدة بححالى لتضححمينها معنححى‬
‫ل تعالى ‪ ،‬و الفححاء فححي قححوله ‪ :‬فأعرضححوا ‪،‬‬‫غب راجع إلى ا ّ‬
‫الفضاء ‪ ،‬و فاعل رّهب و ر ّ‬
‫ي ‪ ،‬و الفححاء‬
‫فصيحة و أقرب دار خبر لمبتداء محذوف ‪ ،‬و جملة قد تزايلت اسححتيناف بيححان ّ‬
‫في قوله ‪:‬‬
‫صل على المجمل ‪.‬‬
‫فبّدلوا ‪ ،‬عاطفة من عطف المف ّ‬

‫عععععع‬

‫لح عليححه و آلححه و سحّلم و منححاقبه‬


‫ن هذه الخطبة متضّمنة لذكر ممححادح الّنححبي صحّلى ا ّ‬
‫اعلم أ ّ‬
‫الجميلة ثّم الموعظة الحسنة و التنفير عن الّدنيا بالّتنبيه على معايبها و مساويها ‪.‬‬

‫سلم ) ابتعثه ( و في بعض الّنسخ بعثه بحدله و همحا بمعنححى كمححا محّر ) بحالّنور‬ ‫قال عليه ال ّ‬
‫شارح المعتزلي له بالّدين او القححرآن و هححم ل ّ‬
‫ن‬ ‫المضىء ( أراد به نور الّنبوة ‪ ،‬و تفسير ال ّ‬
‫المراد بالمنهاج التي ذلك ‪ ،‬و الكتاب أيضا يجيء ذكره و الّتأسيس أولى مححن الّتأكيححد ) و‬
‫ي ( أى بالمعجزات البححاهرات و الدّلححة الواضحححة علححى حقّيتححه ) و المنهححاج‬ ‫البرهان الجل ّ‬
‫شريعة و الّدين ) و الكتاب الهادى ( إلى سبيل الجّنة‬ ‫ظاهر يعني ال ّ‬‫طريق ال ّ‬
‫المبادى ( أى ال ّ‬
‫و طريق الّنجاة قال تعالى ‪:‬‬

‫ن‪.‬‬
‫ى ِلْلُمّتقي َ‬
‫ب ِفيِه ُهد ً‬
‫ب ل َرْي َ‬
‫ك اْلِكتا ُ‬
‫ذِل َ‬

‫] ‪[ 407‬‬

‫) اسرته خير اسرة و شجرته خير شجرة ( أى رهطه خير رهط و أصله خير أصححل ‪ ،‬و‬
‫قد مضى شرح هاتين القرينتين في شرح الخطبة الّثالثة و الّتسعين مستوفا و ل حاجة هنا‬
‫إلى العادة ‪.‬‬

‫طهحارة‬‫) أغصانها معتدلة ( المراد بها الغصان المعهودة أعنحي أهحل بيحت العصحمة و ال ّ‬
‫ن الجمع المضاف إّنما يفيد العموم حيث ل عهد ‪ ،‬و القرينة على ارادة الخصححوص هنححا‬ ‫فا ّ‬
‫ن المراد به اعتدالها في الكمالت الّنفسانّية و كونها‬
‫ظاهر أ ّ‬
‫ن ال ّ‬
‫قائمة و هى قوله معتدلة فا ّ‬
‫مصونة من التفريط و الفراط كما قال تعالى ‪:‬‬

‫سطًا ‪.‬‬
‫جَعْلناُكْم ُأّمًة َو َ‬
‫ك َ‬
‫َو َكذِل َ‬

‫سلم أّنه قال ‪ :‬نحن الّمة الوسط ‪.‬‬


‫روى بريد العجلي في هذه الية عن أبي جعفر عليه ال ّ‬

‫ل‪:‬‬
‫سلم إّنما انزل ا ّ‬
‫و في رواية حمران عنه عليه ال ّ‬

‫عَلْيُكححْم‬
‫ل َ‬
‫سو ُ‬
‫ن الّر ُ‬
‫عَلى الّناس َو َيُكو َ‬
‫شَهدآَء َ‬
‫سطًا يعني عدل ِلَتُكوُنوا ُ‬
‫جَعْلناُكْم ُأّمًة َو َ‬
‫ك َ‬
‫َو َكذِل َ‬
‫شهيدًا ‪.‬‬‫َ‬

‫ن محا قحاله‬
‫ل الئمة و الّرسل ‪ ،‬فقد علحم بمحا ذكرنحاه أ ّ‬
‫قال ‪ :‬و ل يكون شهداء على الّناس إ ّ‬
‫ل ح عليححه و آلححه و‬
‫ن لفظ الغصان مستعار لشخاص بيتححه ص حّلى ا ّ‬ ‫شارح البحراني من أ ّ‬
‫ال ّ‬
‫سلم و أولده و زوجته و أعمامه و اخححوته ‪ ،‬و اعتححدال هححذه الغصححان‬‫ي عليه ال ّ‬
‫سّلم كعل ّ‬
‫في الفضل و الشرف سخيف ‪ ،‬إذ اعتدال الّولين مسّلم ‪ ،‬و أّما العمام و الخوة فقياسححهم‬
‫عليهم فاسد ‪،‬‬

‫و الّتقارب بينهم ممنوع ‪.‬‬

‫ظاهرة من أغصانها متدّلية و هححو كنايححة عححن‬ ‫شجرة ال ّ‬


‫) و ثمارها متهّدلة ( أى ثمار هذه ال ّ‬
‫سلم ‪.‬‬ ‫سهولة النتفاع بها ‪ ،‬و أراد بالّثمار العلوم الحّقة المأخوذة عنهم عليهم ال ّ‬

‫سححابع عشححر مححن ربيححع الّول‬


‫شححمس ال ّ‬
‫ل يوم الجمعة عند طلوع ال ّ‬
‫) مولده بمّكة ( شّرفها ا ّ‬
‫لح عليححه و آلححه و‬
‫طبرسي و قد تقّدم تفصيل تاريخ ميلده صّلى ا ّ‬ ‫ي ال ّ‬
‫عام الفيل قاله أبو عل ّ‬
‫سّلم‬

‫] ‪[ 408‬‬

‫سححادس عشححر مححن الخطبححة‬


‫ل عليه و آله و سّلم في شرح الفصححل ال ّ‬
‫و طالع ولدته صّلى ا ّ‬
‫الولى ‪.‬‬

‫ل عليححه مححا رواه فححي‬


‫) و هجرته بطيبة ( هاجر إليها و هححو ابححن ثلث و خمسححين كمححا يححد ّ‬
‫ل عليه و آله‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫سلم قال ‪ :‬قبض رسول ا ّ‬ ‫كشف الغّمة عن أبي جعفر الباقر عليه ال ّ‬
‫و سّلم و هو ابن ثلث و سّتين سنة في سنة عشر من الهجرة ‪ ،‬فكان مقامه بمّكححة أربعيححن‬
‫سنة ‪ ،‬ثّم نزل عليه الوحى في تمام الربعين ‪ ،‬و كان بمّكة ثلث عشححر سححنة ‪ ،‬ث حّم هححاجر‬
‫لح‬
‫إلى المدينة و هو ابن ثلث و خمسين سنة ‪ ،‬فأقام بالمدينة عشر سنين و قبض ص حّلى ا ّ‬
‫عليه و آله و سّلم ) علبها ( أى في طيبة ) ذكره ( لّنه قهر العداء و انتصر من الكّفححار‬
‫بعد الهجرة إليها بنصرة أهلها ‪ ،‬و لذلك سّمى أهلها بالنصححار ) و امت حّد بهححا صححوته ( أى‬
‫انتشرت دعوته فيها و بلغ صيت السلم إلى الصقاع و الكناف بعد ما هاجر إليها ‪.‬‬

‫جة كافية ( يعني اليات القرآنية الكافيححة فححي إثبححات نبحّوته مضححافة إلححى سححاير‬
‫) أرسله بح ّ‬
‫لح عليححه و آلححه و سحّلم ) و موعظححة شححافية ( لسححقام القلححوب و أمححراض‬ ‫معجزاته صّلى ا ّ‬
‫الّنفوس ‪،‬‬

‫و المراد بها ما اشتمل عليه الكتاب الكريم و السّنة الكريمة من الوعد و الوعيد و ضححرب‬
‫المثال و الّتذكير بححالقرون الخاليححة و المححم الماضححية الموقظححة للخلححق مححن نححوم الغفلححة و‬
‫المنقذة لهم من ضلل الجهالة ) و دعوة متلفية ( متداركة بها ما فسد من نظام أمر الّدين‬
‫في أّيام الجاهلّية ‪.‬‬
‫شريعة الّنبوّيححة اّلححتي كححانت‬
‫ن المراد بها قوانين ال ّ‬
‫شرايع المجهولة ( الظاهر أ ّ‬‫) أظهر به ال ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم و تشححريعه‬ ‫مجهولة بين الّناس ثّم ظهرت و عرفت بعد وجوده صّلى ا ّ‬
‫سنن اّلتي لم تكن منسوخة و إّنما كححانت‬ ‫اّياها ‪ ،‬و يجوز أن يراد بها شرايع الماضين من ال ّ‬
‫لح‬
‫ي صحّلى ا ّ‬ ‫مجهولة بين الّناس لبعد العهد و طول الّزمان و اّتبححاع الهححوى فأظهرهححا الّنححب ّ‬
‫عليه و آله و سّلم و أمر بأخذها و لزومها ‪.‬‬

‫) و قمع به البدع المدخولة ( أراد بها مححا كححان أهححل الفححترة و أّيححام الجاهلّيححة أبححدعوها فححي‬
‫جهححم لجلهححا و‬‫شرع المبين من عبادة الصنام و نحرهححم لهححا و ح ّ‬ ‫الّدين و أدخلوها على ال ّ‬
‫ل زلفى ‪ ،‬و من الّنسىء و الطواف بالبيت عريانا و غيرهححا مححن‬ ‫زعمهم أّنها تقّربهم إلى ا ّ‬
‫ل عليه و آلححه تلححك البححدع و أذ ّ‬
‫ل‬ ‫ي صّلى ا ّ‬ ‫ل سبحانه ببعث الّنب ّ‬ ‫لا ّ‬‫البدع اّلتي ل تحصى فأذ ّ‬
‫المبدعين و قطع دابر الكافرين ‪.‬‬

‫] ‪[ 409‬‬

‫لح عليححه و آلححه و سحّلم المفصححولة الن‬ ‫) و بّين به الحكام المفصولة ( أي أحكامه صّلى ا ّ‬
‫ببيانه ‪ ،‬ل أّنها كانت مفصولة قبل ) فمن يبتغ ( و يطلب ) غير السلم دينا ( بعد ما بلغه‬
‫ل عليه و آله و سّلم و أعلمححه و شححرعه و أفصححح عححن معححالمه و أقححام الّدلححة‬ ‫ي صّلى ا ّ‬ ‫الّنب ّ‬
‫حته و حقّيتححه ) تتحّقححق شححقوته ( فححي الخححرة ) و‬‫سححاطعة علححى صح ّ‬ ‫القاطعة و الححبراهين ال ّ‬
‫سححك بححه مححن حبححل الّنجححاة ) و تعظححم كبححوته ( و عححثرته‬
‫تنفصم عروته ( أى ينقطع مححا يتم ّ‬
‫سخط العظيم ) و يكن ( مرجعه و ) مآبه إلى الحزن الطويححل و‬ ‫فيطيح في نار الجحيم و ال ّ‬
‫شديد‬ ‫سره بال ّ‬‫العذاب الوبيل ( المتضّمن للهلك و الوبال في دار البوار ‪ ،‬و هذا مراد من ف ّ‬
‫‪.‬‬

‫ل توّكل النابة إليه ( أى توّكل الملتفت عن غيره و الّراجححع بكلّيتححه إليححه‬


‫) و أتوّكل على ا ّ‬
‫ن غيره ل يضّر و ل ينفع و ل يعطى و ل يمنع ‪.‬‬ ‫للعلم بأ ّ‬

‫ل إلى داود مححا اعتصححم‬


‫ل عّز و ج ّ‬ ‫سلم في رواية الكافي ‪ :‬أوحى ا ّ‬‫ل عليه ال ّ‬ ‫قال أبو عبد ا ّ‬
‫سححماوات و الرض‬ ‫بي عبد من عبادي دون أحد من خلقي عرفت ذلك من نّيته ثّم تكيده ال ّ‬
‫ن ‪ ،‬و ما اعتصم عبد من عبادى بأحد من خلقي‬ ‫ل جعلت له المخرج من بينه ّ‬ ‫نإّ‬ ‫و من فيه ّ‬
‫سماوات من يده و أسخت الرض من تحتححه و لححم‬ ‫ل قطعت أسباب ال ّ‬‫عرفت ذلك من نّيته إ ّ‬
‫ى واد يهلك ‪.‬‬ ‫ابال بأ ّ‬

‫طريححق اّلححتي مححن‬


‫سبيل المؤّدية إلى جّنته القاصدة إلى محلّ رغبتححه ( أى ال ّ‬
‫) و أسترشده ال ّ‬
‫ل رغبته ‪.‬‬
‫سلكها أّدته إلى جّنته ‪ ،‬و من قصدها أفضته إلى مح ّ‬
‫لح‬
‫ثّم عّقب ذلك بالموعظة و الوصّية بما ل يزال يوصى به دائما فقال ) اوصححيكم عبححاد ا ّ‬
‫ضمير مع تعّدد المرجححع باعتبححار أّنهمححا فححي‬‫ل و طاعته فاّنها الّنجاة غدا ( إفراد ال ّ‬‫بتقوى ا ّ‬
‫المعنى شيء واحد ‪ ،‬و لكونهما سبب الّنجاة اطلق عليهما الّنجاة من بححاب اطلق المس حّبب‬
‫ن الّنجاة اسم‬ ‫شارح المعتزلي من أ ّ‬ ‫سبب ‪ ،‬فيكون مجازا مرسل ‪ ،‬و على ما ذكره ال ّ‬ ‫على ال ّ‬
‫للّناقة اّلتي ينجي عليها فيكون استعارة تشبيها لهما بالمطّية اّلتي يركب عليها فيخلص من‬
‫ن المطيع ينجو بهما من الهلك الخروي و العذاب الليم ‪.‬‬ ‫العطب ‪ ،‬فا ّ‬

‫ل الّنجاة باعتبار حصولهما في الّتصاف بهذين‬


‫) و المنجاة أبدا ( جعلهما مح ّ‬

‫] ‪[ 410‬‬

‫شححيء و أطلححق عليهمححا لفححظ المنجححاة مححن بححاب‬


‫ل فيححه ال ّ‬
‫ل اّلذي يحح ّ‬
‫الوصفين ‪ ،‬فشبها بالمح ّ‬
‫تسمية الشيء باسم محّله ‪.‬‬

‫طاعة عبارة عن امتثال الوامححر و الّنححواهي أشححار‬ ‫طاعة و كانت ال ّ‬‫و لّما أمر بالّتقوى و ال ّ‬
‫جة و لم يبق لحد معذرة في التقصير حيث )‬ ‫ل سبحانه قد أعذر و أنذر و أتّم الح ّ‬ ‫نا ّ‬
‫إلى أ ّ‬
‫رهب ( المجرمين بعححذاب الجحيححم و السححخط العظيححم ) فححأبلغ ( فححي ترهيبححه ) و رغححب (‬
‫المطيعين في درجات الجنان و الحور و الغلمححان و أكححبر نعمححائه الّرضححوان ) فأسححبغ ( و‬
‫أكمل في ترغيبه ) و وصف لكم ( في قوله ‪:‬‬

‫لْولدِ‬
‫ل َو ا َْ‬
‫لْمححوا ِ‬
‫خٌر َبْيَنُكْم َو َتكاُثٌر ِفححى ا َْ‬
‫ب َو َلْهٌو َو زيَنٌة َو َتفا ُ‬‫حيوُة الّدْنيا َلِع ٌ‬
‫عَلُموا َأّنَما اْل َ‬‫ِإ ْ‬
‫عذا ٌ‬
‫ب‬ ‫خَرِة َ‬ ‫لِ‬‫حطامًا َو ِفي ا ْ‬ ‫ن ُ‬‫صَفّرا ُثّم َيُكو ُ‬ ‫ج َفَتراُه ُم ْ‬‫ب اْلُكّفار َنباُتُه ُثّم َيهي ُ‬
‫ج َ‬‫عَ‬‫ث َأ ْ‬
‫غْي ٍ‬ ‫ل َ‬‫َكَمَث ِ‬
‫شديٌد ‪.‬‬ ‫َ‬

‫كما وصف في غيححره مححن آيححات الكتححاب الكريححم و القححرآن الحكيححم ) الحّدنيا و انقطاعهححا و‬
‫زوالها و انتقالها ( و حيث إّنها موصوفة بالنقطاع مّتصححفة بسححرعة الحّزوال و النقضححاء‬
‫) فاعرضوا ( بقلوبكم ) عّما يعجبكم منها ( من زينتها و زخارفهححا و ازهححدوا فيهححا و فححي‬
‫رياشها ) لقّلة ما يصحبكم منها ( قال الشارح البحراني ‪ :‬و إّنما قال ‪ :‬لقّلة ذلححك و لححم يقححل‬
‫ن السالكين ل بّد أن يستصحبوا منها شيئا و هو ما يكتسحبه أححدهم محن الكمحالت‬ ‫لعدمه ل ّ‬
‫ن القدر الححذي يكتسححبه المححترفون مححن الكمححالت إذا قصححدوا بححأموالهم و‬ ‫إلى الخرة ‪ ،‬و لك ّ‬
‫ل نزر قليل ‪ ،‬و مححع ذلححك فهححم فححي غايححة الخطححر و‬ ‫ساير زينة الحياة الّدنيا الوصول إلى ا ّ‬
‫ل حركححة و تصحّرف ‪ ،‬بخلف أهححل القشحف الحذين اقتصحروا منهححا علحى‬ ‫مزّلة القدم في كح ّ‬
‫مقدار الضرورة البدنّية ‪ ،‬و يحتمل أن يريد بالقليل اّلذي يصحبهم منها كالكفن و نحوه ‪.‬‬

‫لح ( لّنهححا محفوفححة بالشححهوات الموجبححة لسححخطه و أكححثر أهلهححا‬


‫) أقرب دار مححن سححخط ا ّ‬
‫ب الّدنيا‬
‫ل خطيئة ح ّ‬
‫محّبون لها راغبون إليها متابعون للهوى ‪ ،‬و رأس ك ّ‬
‫] ‪[ 411‬‬

‫ن الطالب فيها لتحصيل رضوانه و للنتفححاع بقيناتهححا فححي‬ ‫ل(لّ‬ ‫) و أبعدها من رضوان ا ّ‬
‫ل ( و كّفححوا عححن أنفسححكم و اخرجححوا عححن قلححوبكم‬
‫ضوا عنكم عباد ا ّ‬ ‫سلوك سبيله قليل ) فغ ّ‬
‫ن الغحّم و‬
‫) غمومها و أشغالها لما قححد أيقنتححم بححه مححن فراقهححا و تصحّرف حالتهححا ( يعنححي أ ّ‬
‫ن الشتغال بما يفنى شححاغل‬ ‫الشتغال انما يحسن أن يوجها نحو ما يبقى دون ما يفنى مع أ ّ‬
‫عن الشتغال بما يبقى ‪ ،‬و هو ليس فعل العاقل ‪.‬‬

‫ي بن إبراهيم عن محّمد بن عيسى عن يحيى بححن عقبححة الزدي‬ ‫و روى في الكافي عن عل ّ‬


‫سلم مثل الحريص على الّدنيا مثل‬
‫سلم قال قال أبو جعفر عليه ال ّ‬ ‫ل عليه ال ّ‬
‫عن أبي عبد ا ّ‬
‫دودة القّز كّلما زادت من القّز على نفسها لّفا كان أبعد لها من الخروج حّتى تموت غّما ‪.‬‬

‫سلم ‪ :‬أغنى الغنى من لم يكن للحرص أسيرا ‪.‬‬


‫ل عليه ال ّ‬
‫و قال أبو عبد ا ّ‬

‫و قال ‪ :‬ل تشعروا قلوبكم الشتغال بما قد فات فتشغلوا أذهانكم عن الستعداد لما لم يححأت‬
‫) فاحذروها ( علححى أنفسححكم ) حححذر الشححفيق الناصححح ( علححى شححفيقه ) و ( حححذر ) المجحّد‬
‫الكادح ( من خيبة سعيه ‪.‬‬

‫لح بححن المغيححرة عححن غيححاث ابححن‬‫ي بن إبراهيم عن أبيه عن عبححد ا ّ‬ ‫روى في الكافي عن عل ّ‬
‫سلم إنما مثححل ال حّدنيا‬
‫ي عليه ال ّ‬
‫ن في كتاب عل ّ‬ ‫سلم قال ‪ :‬إ ّ‬
‫ل عليه ال ّ‬‫إبراهيم عن أبي عبد ا ّ‬
‫سها و في جوفها السّم النافع يحذرها الرجل العاقححل ‪ ،‬و يهححوى إليهححا‬ ‫كمثل الحّية ما ألين م ّ‬
‫ي الجاهل ‪.‬‬ ‫صب ّ‬
‫ال ّ‬

‫) و اعتححبروا بمحا قحد رأيتححم محن مصححارع القححرون ( الماضحية ) قبلكححم ( فحانكم عّمحا قليححل‬
‫لحقون بهم و صائرون مثلهم ) قد تزايلت أوصالهم ( و أعضائهم ) و زالت أسححماعهم و‬
‫أبصارهم ( و جرت أحداقهم على الخدود ‪ ،‬و سالت أفواههم و مناخرهم بالقيح و الصديد‬
‫) و ذهب شرفهم و عّزهم و انقطع سرورهم و نعيمهححم ( فل تنظححر إلححى طيححب عيشححهم و‬
‫لين رياشهم و لكن انظر إلى سرعة ظعنهم و سوء منقلبهم ‪.‬‬

‫يححححححححححححححححححا راقححححححححححححححححححد الّليححححححححححححححححححل مسححححححححححححححححححرورا بححححححححححححححححححأّوله‬


‫ن الحححححححححححححححححححححححوادث قححححححححححححححححححححححد يطرقححححححححححححححححححححححن أسحححححححححححححححححححححححارا‬ ‫إّ‬

‫أفنححححححححححححححححححى القححححححححححححححححححرون الححححححححححححححححححتي كححححححححححححححححححانت منّعمححححححححححححححححححة‬


‫كّر الجديدان إقبال و إدبارا‬

‫] ‪[ 412‬‬
‫كحححححححححححم قحححححححححححد أبحححححححححححادت صحححححححححححروف الحححححححححححّدهر محححححححححححن ملحححححححححححك‬
‫قححححححححححححححد كححححححححححححححان فححححححححححححححي الححححححححححححححّدهر نّفاعححححححححححححححا و ضححححححححححححححّرارا‬

‫يحححححححححححححححا مححححححححححححححححن يعحححححححححححححححانق دنيححححححححححححححححا ل بقحححححححححححححححاء لهححححححححححححححححا‬


‫يمسحححححححححححححححححى و يصحححححححححححححححححبح فحححححححححححححححححي دنيحححححححححححححححححاه سحححححححححححححححححّفارا‬

‫هلّ تركحححححححححححححححححححححححت محححححححححححححححححححححححن الحححححححححححححححححححححححّدنيا معانقحححححححححححححححححححححححة‬


‫حّتحححححححححححححححححى تعحححححححححححححححححانق فحححححححححححححححححي الفحححححححححححححححححردوس أبكحححححححححححححححححارا‬

‫إن كنحححححححححححححححححت تبغحححححححححححححححححى جنحححححححححححححححححان الخلحححححححححححححححححد تسحححححححححححححححححكنها‬


‫فينبغي لك أن ل تأمن النارا‬

‫ثّم انظر إلى أهل القبور كيف صاروا إليها بعد سكنى القصور ‪ ،‬و انتقلوا إلى دار الوحححدة‬
‫و ارتحلوا إلى بيت الوحشة ليس لهم أنيس به يستأنسون و ل سكن إليه يسححكنون ) فبححدلوا‬
‫بقححرب الولد فقححدها و بصحححبة الزواج مفارقتهححا ( بححل اسححتوحش مححن قربهححم الولد و‬
‫لف و الحبححاب ) ل يتفححاخرون و ل يتناسححلون و ل‬ ‫الصحاب ‪ ،‬و استنفر مححن قححبرهم ال ّ‬
‫يتزاورون و ل يتجاورون ( إذ لم يبق لهم زائر و ل مجاور‬

‫و حّلحححححححححححححححححححححححوا بحححححححححححححححححححححححدار ل تحححححححححححححححححححححححزاور بينهحححححححححححححححححححححححم‬


‫و أّنى لسّكان القبور الّتزاور‬

‫و إنما صار هوام الرض لهم الّزوار و الضيفان ‪ ،‬و الحشرات و الديدان لهم الجيححران و‬
‫انحصر لباسهم و رياشهم في الكفان ‪.‬‬

‫سوء ) المانع لشححهوته (‬ ‫ل ( ثّم احذروا ) حذر الغالب لنفسه ( الّمارة بال ّ‬ ‫) فاحذروا عباد ا ّ‬
‫ن المحر واضحح (‬ ‫المؤّدية إلى هلكته ) الناظر بعقله ( الممّيز بين منفعتحه و مضحّرته ) فحا ّ‬
‫أى أمر الّدنيا و الخرة ظاهر ل خفاء فيه ) و العلم قححائم ( أى علححم الشححريعة الهححادى إلححى‬
‫ل ) جدد ( سححهل ) و السححبيل ( إلححى رضححوان‬ ‫ق قائم ل غبار عليه ) و الطريق ( إلى ا ّ‬
‫الح ّ‬
‫ل تعالى ) قصد ( مستقيم ‪.‬‬
‫ا ّ‬

‫لححححححححححححححححححح رّبحححححححححححححححححححه‬
‫فطحححححححححححححححححححوبى لعبحححححححححححححححححححد آثحححححححححححححححححححر ا ّ‬
‫و جاد بدنياه لما يتوّقع‬
‫ععععععع‬

‫ل المتين و سّيد وصححيين اسحت مشححتمل اسحت بحر منححاقب‬


‫از جمله خطب شريفه آن حبل ا ّ‬
‫حضرت رسالت و متضمن است موعظه و نصيحت را مىفرمايد ‪:‬‬

‫ل عليه و آلححه و س حّلم را بححا نححور‬


‫مبعوث فرمود خداوند تعالى پيغمبر آخر الّزمان صّلى ا ّ‬
‫روشن كننده كه عبارتست از نور نبّوت ‪ ،‬و با دليل آشكارا كححه عبارتسححت از معجححزات‬
‫رسالت ‪،‬‬

‫] ‪[ 413‬‬

‫و با راه واضح كه جاّده شريعت است ‪ ،‬و با كتاب مشتمل بهدايت كه قرآن كريم است ‪،‬‬
‫رهط و قبيله آن حضرت بهترين قبايلست ‪ ،‬و درخت آن بزرگوار بهترين درختهاست ‪،‬‬
‫شاخهاى آن درخت معتدلند و متقارب ‪ ،‬و ميوههاى آن فروريخته شده است و آويزان ‪،‬‬
‫ظمه است ‪ ،‬و هجرت او بمدينه طيبه در مدينه بلند شد‬ ‫مكان ولدت آن حضرت مّكه مع ّ‬
‫ذكر آن ‪ ،‬و كشيده شد در آن صداى آن ‪ ،‬در رسيد بآفاق و أكناف فرستاد خداوند عححّز و‬
‫جت كفايت كننده ‪ ،‬و با موعظه شفا دهنححده ‪ ،‬و بححا دعححوت تححدارك كننححده ‪،‬‬
‫جلّ او را با ح ّ‬
‫ظاهر فرمود خدا باظهار و بيان آن حضرت شريعتهاى مجهوله را ‪،‬‬

‫و منكححوب و مخححذول نمححود بوجححود او بححدعتهاى مححدخوله را ‪ ،‬و روشححن گردانيححد بزبححان‬
‫گوهر فشان او حكمهاى فصل شده را ‪ ،‬پس هر كه طلب نمايححد غيححر از اسححلم دينححى را‬
‫متحّقق مىشود شقاوت او ‪ ،‬و گسيخته مىشود متمسك او ‪ ،‬و بزرگ گححردد لغححزش او ‪،‬‬
‫ل مىكنححم بخداونححد توّكححل‬
‫و باشد بازگشت او بسوى اندوه دراز ‪ ،‬و عذاب شديد ‪ ،‬و توكح ّ‬
‫رجوع كردن بسوى او ‪ ،‬و طلب ارشاد مىكنم از او براهححى كححه رسححاننده باشححد ببهشححت‬
‫ل رغبت او ‪.‬‬ ‫عنبر سرشت او ‪ ،‬و قصد كننده باشد به مح ّ‬

‫وصّيت ميكنم شما را أى بندگان خدا بپرهيزكححاري از خححدا و فرمححان بححرداري او ‪ ،‬پححس‬
‫بدرستى كه پرهيزكاري و فرمان برداري رستگاريست فردا روز قيامت ‪،‬‬

‫ل مخلوقات را بعقاب ‪ ،‬و ترغيب‬ ‫ل رستگاريست هميشه ‪ ،‬ترسانيده خداى عّز و ج ّ‬


‫و مح ّ‬
‫فرموده ايشان را بثواب ‪ ،‬و وصف نموده از براى شما دنياى بىوفا و بريده شححدن آنححرا‬
‫و زوال آن را و انتقال آن را ‪ ،‬پس اعراض نمائيد از آنچه كححه شحگفت مىآورد شححما را‬
‫در دنيا از جهت كمى آنچه كه همراه خواهد شد با شما از دنيا ‪ ،‬نزديكتريححن خانهايسححت‬
‫از غضب خدا ‪ ،‬و دورترين خانهايست از رضاى خدا ‪.‬‬

‫پس باز داريد از خودتان اى بندگان خححدا غمهححاى دنيححا و شححغلهاى آن را از جهححت آنكححه‬
‫محّققا يقين كردهايد بآن از مفارقت آن و انقلب حالت آن ‪ ،‬پححس بترسححيد در آن همچححو‬
‫ترسيدن برادر مهربان نصيحت كننده ‪ ،‬و مثل ترسيدن صاحب جّد و جهححد سححعىكننده ‪،‬‬
‫و عبرت برداريد بآنچه كه ديديد از مهالك قرنهائى كه‬

‫] ‪[ 414‬‬

‫پيش از شما بودند ‪ ،‬بتحقيق كه جدا شد از يكديگر عضوهاى بححدن ايشححان ‪ ،‬و زايححل شححد‬
‫گوشها و چشمهاى ايشان ‪ ،‬و رفت بزرگواري و عّزت ايشان ‪ ،‬و بريده گشححت شححادى و‬
‫نعمت ايشان ‪ ،‬پس بدل كرده شدند بنزديكى اولد نايابى ايشانرا ‪،‬‬

‫و بمصاحبت زنححان جححدائى ايشححان را ‪ ،‬تفححاخر نمىتواننححد بكننححد بيكححديگر ‪ ،‬و نسححل أخححذ‬
‫نمىكنند ‪ ،‬و زيارت يكديگر نمىنمايند ‪ ،‬و با هم همسايگى نمىكنند ‪.‬‬

‫پس حذر كنيد اى بندگان خدا مثل حذر نمودن كسى كه غلبه نمايد بر نفس خود ‪ ،‬و منححع‬
‫كننده باشد شهوت خود را ‪ ،‬و نظر كننده باشد بچشم عقل خود پس بدرستى كه امر دنيححا‬
‫و آخرت واضح است و روشن ‪ ،‬و علم شريعت قائمست و بر پا و راه حححق سححهل اسححت‬
‫و آسان ‪ ،‬و راه درست مستقيم است و راست ‪ .‬هنا انتهى الجزء التاسع محن هحذه الطبعحة‬
‫الجديدة النفيسة ‪ ،‬و تّم تصحيحه و ترتيبه و تهذيبه بيد العبد » السيد ابراهيححم الميححانجى «‬
‫عفى عنه و عن والديه في اليوم الثانى عشححر مححن شححهر الح العظححم سححنة ‪ 1381‬و يليححه‬
‫انشاء ال الجزء العاشر و أوله ‪:‬‬

‫ل أول و آخرا و ظاهرا و باطنا ‪.‬‬


‫المختار المأة و الواحد و الستون ‪ ،‬و الحمد ّ‬

You might also like