You are on page 1of 369

‫منهاج البراعة في شرح نهج البلغة‬

‫)حبيب ال الخوئي(‬
‫ج ‪12‬‬
‫عععع ععع ععععععع عع ععع عععع ععع ععععع ع‬
‫ع عععععع‬

‫ل الّرحمن الّرحيم‬
‫بسم ا ّ‬

‫عععع عععع عععععععع ع‬


‫ع عع عععع عع عععع ععع‬
‫ع ع ععع عع ع عععععع ع ع عععع ععع ع ع‬
‫ععععععع عع ععع ععععع‬
‫ععععع عععععع‬

‫ل المضروب عليكم بأحكام‬ ‫طاعة ‪ ،‬و ثلمتم حصن ا ّ‬ ‫أل و إّنكم قد نفضتم أيديكم من حبل ال ّ‬
‫ن على جماعة هذه الّمة فيما عقد بينهههم مههن حبههل هههذه‬ ‫ل سبحانه قد امت ّ‬
‫نا ّ‬
‫الجاهلّية ‪ ،‬و إ ّ‬
‫اللفة ‪ ،‬اّلتي ينتقلون » يتقّلبون خ ل « في ظّلها ‪ ،‬و يأوون إلههى كنفههها ‪ ،‬بنعمههة ل يعههرف‬
‫ل خطههر و اعلمههوا‬ ‫ل مههن كه ّ‬
‫ل ثمن ‪ ،‬و أجه ّ‬
‫أحد من المخلوقين لها قيمة ‪ ،‬لّنها أرجح من ك ّ‬
‫أّنكم صرتم بعد الهجرة أعرابا ‪ ،‬و بعد الموالة أحزابا ‪،‬‬

‫ل رسمه ‪ ،‬تقولون ‪ :‬الّنار و‬ ‫ل باسمه ‪ ،‬و ل تعرفون من اليمان إ ّ‬ ‫ما تتعّلقون من السلم إ ّ‬
‫ل العار ‪ ،‬كأّنكم تريدون أن تكفؤا السلم على وجهه انتهاكا لحريمه ‪ ،‬و نقضا لميثههاقه ‪،‬‬
‫ل لكم حرما فهي أرضههه ‪ ،‬و أمنها بيههن خلقهه ‪ ،‬و إّنكهم إن لجهأتم إلههى غيههره‬ ‫اّلذي وضعه ا ّ‬
‫حاربكم أهل الكفر ‪ ،‬ثّم ل جبرئيل و ل ميكائيل و ل مهاجرين و ل أنصار ينصرونكم إ ّ‬
‫ل‬
‫ن عندكم المثال‬ ‫ل بينكم ‪ ،‬و إ ّ‬
‫سيف ‪ ،‬حّتى يحكم ا ّ‬‫المقارعة بال ّ‬

‫]‪[3‬‬

‫ل و قههوارعه ‪ ،‬و أّيههامه و وقههايعه فل تسههتبطؤا وعيههده جهل بأخههذه ‪ ،‬و تهاونهها‬
‫من بأس ا ّ‬
‫ل سبحانه لم يلعن القرن الماضي » القرون الماضههية خ‬ ‫نا ّ‬
‫ببطشه ‪ ،‬و يأسا من بأسه ‪ ،‬فإ ّ‬
‫ل لتركهم المر بالمعروف و الّنهي عن المنكر ‪،‬‬ ‫ل « بين أيديكم إ ّ‬

‫سههفهاء لركههوب المعاصههي ‪ ،‬و الحلمههاء لههترك الّتنههاهي ‪ ،‬أل و قههد قطعتههم قيههد‬
‫له ال ّ‬
‫فلعن ا ّ‬
‫طلتم حدوده ‪ ،‬و أمّتم أحكامه‬
‫السلم ‪ ،‬و ع ّ‬

‫ععععع‬

‫) نفضت ( الورقة من الشجرة أسقطته ‪ ،‬و نفضت الثوب نفضا حّركته ليزول عنه الغبار‬
‫و نحوه فهو منتفض و ) ثلمت ( الناء ثلما من باب ضرب كسرته من حافته فهو منثلههم ‪،‬‬
‫و الثلمة في الحايط و غيره الخلل و الجمع ثلم مثل غرفة و غرف و ) الخطههر ( محّركههة‬
‫سبق اّلذى يتراهن عليه ‪ ،‬و خطر الّرجههل خطههرا وزان شههرف شههرفا إذا ارتفههع قهدره و‬‫ال ّ‬
‫طائفههة مههن الّنههاس و تحهّزب القههوم‬
‫منزلته فهو خطير و ) الحزاب ( جمع حزب و هههو ال ّ‬
‫صاروا أحزابا ‪ ،‬و يوم الحزاب هو يوم الخندق و ) كفات ( الناء قلبته و أكفههأته مثلههه و‬
‫سطوة كأبطشههه ‪ ،‬و البطههش الخههذ‬ ‫) بطش به ( من باب نصر و ضرب أخذه بالعنف و ال ّ‬
‫ل شيء و ) تناهوا عن المنكر ( نهي بعضهم بعضا ‪.‬‬ ‫الشديد في ك ّ‬

‫ععععععع‬

‫ن ‪ ،‬و في من قوله فيمهها‬


‫قال الشارح المعتزلي ‪ :‬الباء في قوله ‪ :‬بنعمة ‪ ،‬متعّلقة بقوله ‪ :‬امت ّ‬
‫عقد بينهم متعّلقة بمحذوف و موضعها نصب على الحال ‪ ،‬انتهى‬

‫]‪[4‬‬

‫ن بنعمههة حاصههلة فيمهها‬ ‫ن ذا الحال هو قههوله ‪ :‬بنعمههة ‪ ،‬أى امته ّ‬


‫و الظاهر من سياق كلمه أ ّ‬
‫عقدآه ‪ ،‬و ل يضّر تقّدمها عليه لكونها ظرفا يغتفر فيه ما ل يغتفر في غيره ‪ ،‬و يجوز أن‬
‫ن علههى جماعههة هههذه الّمههة حههالكونهم ثههابتين‬ ‫يكون ذو الحال قوله ‪ :‬على جماعههة إى امته ّ‬
‫مستقّرين فيما عقد بينهم ‪.‬‬

‫و قوله ‪ :‬الّنار و ل العار منصوبان بفعل مضمر ‪ ،‬أى ادخلوا الّنههار و ل تلههتزموا العههار ‪،‬‬
‫و انتهاكا مفعول لجله لقوله ‪ :‬تريدون ‪ ،‬أو لقوله ‪ :‬تكفؤا ‪ ،‬و الثاني أظهر و أقرب ‪.‬‬

‫شههارح المعههتزلي ‪ :‬الّروايههة‬


‫و قههوله ‪ :‬ل جبرئيههل و ل ميكائيههل و ل مهههاجرين قههال ال ّ‬
‫المشهورة هكذا بالّنصب و هو جائز على التشبيه بالّنكرة كقههولهم معضههلة و ل أبهها حسههن‬
‫لها ‪ ،‬انتهى ‪.‬‬

‫أقول ‪ :‬قال نجم الئمة بعد اشتراط كون اسم ل الّنافية للجنس نكرة ‪:‬‬

‫و اعلم أّنه قد يؤول العلم المشتهر ببعض الخلل بنكرة فينتصب و ينزع منه لم التعريف‬
‫إن كهان فيهه ‪ ،‬نحهو ل حسهن فهي الحسهن البصهرى ‪ ،‬و ل صهعق فهي الصهعق ‪ ،‬أو فيمها‬
‫اضيف إليه نحو ل امرء قيس و ل ابن زبير ‪ ،‬و لتههأويله بههالمنكر وجهههان ‪ :‬إّمهها أن يقهّدر‬
‫غله في البهام ‪ ،‬و إّما أن يجعل العلم لشههتهاره‬ ‫مضاف هو مثل فل يتعّرف بالضافة لتو ّ‬
‫ن معني قض هّية و ل أبهها حسههن‬ ‫بتلك الحّلة كاّنه اسم جنس موضوع لفادة ذلك المعني ‪ ،‬ل ّ‬
‫سلم كان فيصل في الحكومات على ما قال الّنبي صّلى ا ّ‬
‫ل‬ ‫لها ل فيصل لها إذ هو عليه ال ّ‬
‫ي ‪ ،‬فصار اسههمه كههالجنس المفيههد لمعنههي الفصههل و القطههع‬ ‫عليه و آله و سّلم ‪ :‬أقضاكم عل ّ‬
‫كلفظ الفيصل ‪ ،‬انتهى ‪.‬‬
‫و عليه فالّتاويل في كلمه أن يراد بقوله ل جبرئيههل و ل ميكائيههل أّنههه ل ناصههر لكههم و ل‬
‫معاون ‪ ،‬هذا ‪.‬‬

‫و على الّرواية الغير المشهورة فالّرفع في الجميع بالبتداء على أن ل ملغاة عن العمههل ‪،‬‬
‫ل‪،‬و‬ ‫ل با ّ‬
‫و هو أحد الوجوه الخمسة اّلتي ذكرها علماء الدب في نحو ل حول و ل قّوة إ ّ‬
‫ى تقدير فالخبر محذوف و جملة ينصرونكم وصف أو حال و الّول أظهر و أولههى‬ ‫على أ ّ‬
‫شارح البحراني ‪.‬‬
‫من جعلها خبرا أيضا كما ذهب إليه ال ّ‬

‫سيف ‪ ،‬يروى بالنصب و بالّرفع‬


‫ل المقارعة بال ّ‬
‫و قوله ‪ :‬إ ّ‬

‫]‪[5‬‬

‫أّما الّنصب فعلي أّنه اسههتثناء مههن السههماء الواقعههة بعههد لء الّتبريههة لعمومههها بعههد تأويههل‬
‫ن الكلم بعد التأويل المذكور بمنزلة ل عوان و ل‬ ‫الّولين منها بالّنكرة حسبما عرفت ‪ ،‬فا ّ‬
‫ل المقارعههة ‪ ،‬و يجههوز جعههل المسههتثنى منههه ضههمير الجمههع فههي‬ ‫ناصههرين ينصههرونكم إ ّ‬
‫ن السههتثناء مّتصههل‬ ‫ظههاهر أ ّ‬
‫ى تقههدير فال ّ‬
‫ينصرون العايد الى السماء المذكورة ‪ ،‬و على أ ّ‬
‫بعد ارتكاب التاويل المذكور ل منقطع كما قاله الّراوندى ‪.‬‬

‫و أّما الّرفع فعلي أّنه بدل من السماء المذكورة على روايتها بالّرفع ‪،‬‬

‫أو من ضمير ينصرون على روايتههها بالّنصههب ‪ ،‬و الّرفههع هههو المختههار كمهها قهاله علمههاء‬
‫ل فههي كلم غيههر‬ ‫ل قليل ‪ ،‬أى فيما إذا وقع المستثنى با ّ‬ ‫ل قليل و إ ّ‬
‫الدب في مثل ما فعلوه إ ّ‬
‫موجب و ذكر المستثنى منه أّنه يجوز الّنصب و يختار البدل ‪.‬‬

‫خرا مههن‬ ‫و مرادهم بالكلم الغيههر المههوجب كمهها قهاله نجههم الئمههة أن يكههون المسههتثنى مههؤ ّ‬
‫ضمير الّراجع قبههل السههتثناء بهها ّ‬
‫ل‬ ‫المستثنى منه المشتمل عليه نفى أو نهى ‪ ،‬فيدخل فيه ال ّ‬
‫على اسم صالح لن يبدل منه معمول للبتدا أو أحد نواسخه نحو قولك ما أحد ضربته إ ّ‬
‫ل‬
‫ل زيدا ‪ ،‬فقههد اشههتمل‬ ‫ن المعني ما ضربت أحدا إ ّ‬ ‫زيدا يجوز لك البدال من هاء ضربته ل ّ‬
‫النفى على هذا الضمير من حيث المعنى ‪،‬‬

‫ل زيههدا ‪ ،‬فههاّنه بمنزلههة‬


‫و كذلك إذا كان الضمير فى صفة المبتداء نحو ما أحد لقيته كريم إ ّ‬
‫ل زيدا ‪.‬‬
‫ما لقيت أحدا كريما إ ّ‬

‫سههلم صههفة أو خههبرا ل يههوجب‬


‫ن جعهل جملهة ينصهرون فههي كلمهه عليههه ال ّ‬ ‫فعلهم بههذلك ا ّ‬
‫التفاوت في البدال من الضمير اّلذي فيه ‪.‬‬
‫قال نجم الئمة ‪ :‬و البدال من صاحب الضمير أولى لّنه الصل و ل يحتاج الههى تاويههل‬
‫آه ‪.‬‬

‫سههلم‬
‫فان قلت ‪ :‬فعلى البدال يكون بدل غلط فكيههف بههه فههى كلم أميههر المههؤمنين عليههه ال ّ‬
‫اّلذي هو أفصح الكلم ؟‬

‫ن نصرة جبرئيل و ميكائيل و المهاجر و النصههار لمهها‬ ‫ل بل هو بدل اشتمال ‪ ،‬ل ّ‬‫قلت ‪ :‬ك ّ‬
‫سيوف حسن ذلك للبدال ‪ ،‬هذا ما يقتضيه النظر الجلى ‪.‬‬ ‫كان بمقارعة ال ّ‬

‫و أّما الذى يقتضيه النظر الّدقيق فهو أن جعل انتصاب المقارعة على رواية النصب‬

‫]‪[6‬‬

‫بالمصدر كما قاله الشارح المعتزلي أولى ‪ ،‬لفادته الّدوام و الثبوت ‪.‬‬

‫ن المصدر إذا وقع مثبتا بعد نفي داخههل علههى اسههم ل يكههون خههبرا‬ ‫بيان ذلك أنهم قد قالوا إ ّ‬
‫ل سههيرا ‪ ،‬و‬
‫ل مجازا لكونه صاحب هذا المصدر يحذف عامله قياسا نحو مهها زيههد إ ّ‬ ‫عنه إ ّ‬
‫ن سيرا ل يجوز جعله خيرا عن زيد ‪ ،‬ل ّ‬
‫ن‬ ‫ل سيرا ‪ ،‬فا ّ‬
‫ل تقّلبا ‪ ،‬و ما كان زيد إ ّ‬
‫ما الّدهر إ ّ‬
‫ح جعل تقّلبا خبرا عن دهر ‪ ،‬فل بّد من‬ ‫زيدا صاحب السير ل نفس السير ‪ ،‬و هكذا ل يص ّ‬
‫ل يسير سيرا ‪،‬‬ ‫أن يكون العامل محذوفا أى ما زيد إ ّ‬

‫ل تقههارعوا المقارعههة‬
‫ل يتقّلب تقّلبا ‪ ،‬و فيما نحن فيه ل أنصههار ينصههرونكم إ ّ‬
‫و ما الّدهر إ ّ‬
‫بالسيف ‪.‬‬

‫ن المقصود من هذا الحصههر وصههف الشههيء‬ ‫قال نجم الئمة ‪ :‬و إّنما وجب حذف الفعل ل ّ‬
‫بدوام حصول الفعل منه و لزومه له ‪ ،‬و وضع الفعههل علههى الحههدوث و التجهّدد فلمها كههان‬
‫المراد التنصيص على الّدوام و اللهزوم لههم يسهتعمل العامهل أصههل لكههونه إمهها فعل و هههو‬
‫موضع على التجّدد ‪ ،‬أو اسم فاعل و هو مع العمل كالفعل لمشابهته ‪ ،‬فصار العامل لزم‬
‫ل سهير كمهها‬‫الحذف ‪ ،‬فان أرادوا زيادة المبالغة جعلوا المصدر نفسه خبرا نحهو مهها زيهد إ ّ‬
‫ذكرنا فى المبتداء في قولنا إنما هي أقبال و إدبار ‪ ،‬فينمحى إذا عن الكلم معني الحههدوث‬
‫أصل لعدم صريح الفعل و عدم المفعول المطلق الّدال عليه ‪ ،‬انتهى ‪.‬‬

‫و به يعلم أنه على رواية الّرفع يجوز أن يكون ارتفاعه علههى الخههبر قصههدا إلههى المبالغههة‬
‫ل سير ‪ ،‬فافهم جّيدا ‪.‬‬
‫كما فى ما زيد إ ّ‬
‫عععععع‬

‫اعلم أّنه لّما أمههر المخههاطبين فههي الفصههل السههابق بالعتبههار بحههال بنههي إسههماعيل و بنههى‬
‫سههابقة بقّلههة‬
‫إسرائيل ‪ ،‬عاد في هذا الفصل إلى تقريعهم و توبيخهم كما فى أكثر الفصول ال ّ‬
‫طاعة و أخذ طريق الجاهلّية فقال ‪:‬‬ ‫ال ّ‬

‫طاعههة ( و التعههبير بلفههظ الّنفههض دون الههترك‬


‫) أل و اّنكههم قههد نفضههتم أيههديكم مههن حبههل ال ّ‬
‫ن من يخلى الشىء من يده‬ ‫للشارة إلى طرحهم له و إعراضهم عنه ‪ ،‬فا ّ‬

‫]‪[7‬‬

‫ثّم ينفض يده منه يكون أشّد تخلية ممن ل ينفضها ‪ ،‬بل يقنع بتخليته فقط ‪.‬‬

‫ن الحبل آلة الوصلة‬


‫شبه أ ّ‬
‫و تشبيه الطاعة بالحبل من تشبيه المعقول بالمحسوس و وجه ال ّ‬
‫ل سههبحانه بالعتصههام‬‫بين الشيئين و الطاعة سبب الّتصال بقرب الخالق ‪ ،‬و لذلك أمر ا ّ‬
‫ل جميعا و ل تفّرقوا « ‪.‬‬
‫به فى قوله » و اعتصموا بحبل ا ّ‬

‫ل للسلم ‪،‬‬
‫ل المضروب عليكم بأحكام الجاهلّية ( استعار حصن ا ّ‬
‫) و ثلمتم حصن ا ّ‬

‫ن الحصههن سههبب‬ ‫و رشح بذكر المضروب ‪ ،‬و الجامع بين المستعار منه و المستعار لههه أ ّ‬
‫سلمة من ش هّر العههداء فههي الهّدنيا و‬ ‫الحفظ و الوقاية من شّر العداء ‪ ،‬و السلم سبب ال ّ‬
‫صهنين فيهه‬ ‫من حّر الّنار في الخرة ‪ ،‬يعني أّنكهم كسهرتم حصهن السهلم اّلهذى كنتهم متح ّ‬
‫متحّفظين به بأحكام الجاهلّية و هي التفّرق و الختلف و العصبّية و الستكبار ‪.‬‬

‫غبهم في العتصام‬ ‫و لّما وّبخهم على ترك الطاعة و ثلم السلم بالفتراق و الختلف ر ّ‬
‫ل سبحانه بها على عبههاده و‬
‫بحبل اليتلف و الجتماع بالّتنبيه على أّنه أعظم نعمة أنعم ا ّ‬
‫هو قوله ‪:‬‬

‫ن عليههم ) فيمها عقهد بينههم مهن‬


‫ن على جماعة هذه الّمة ( أى م ّ‬ ‫ل سبحانه قد امت ّ‬
‫نا ّ‬
‫)واّ‬
‫حبل هذه اللفة اّلتي ينتقلون ( و في بعض النسخ يتقّلبون ) في ظّلها و يأوون إلى كنفها (‬
‫أى ينزلون و يسكنون إلى جانبها و ناحيتها ‪.‬‬

‫و المراد بحبل اللفة هو السلم المههوجب لليتلف و الرتبههاط بينهههم اسههتعار لههه الحبههل‬
‫لذلك ‪.‬‬

‫ن عليهههم بنعمههة عظيمههة ) ل يعههرف أحههد مههن المخلههوقين لههها قيمههة ( و‬


‫) بنعمة ( أى امت ّ‬
‫المراد بتلك النعمة نفس هذه اللفة أو السلم الموجب لههها ‪ ،‬فاّنههها نعمههة عظيمههة يههترّتب‬
‫عليها من المنافع الّدنيوّية و الخروية ما ل تحصى ‪ ،‬و يندفع بها من المضار الّدنيويههة و‬
‫الخروّية ما ل تستقصى ‪.‬‬

‫له‬
‫و في هذه الفقرات تلميح إلى قوله تعالى في سورة آل عمران يا اّيها اّلذين آمنوا اّتقوا ا ّ‬
‫له جميعهها و ل تفّرقههوا و‬ ‫ل و أنتههم مسههلمون ‪ .‬و اعتصههموا بحبههل ا ّ‬
‫نإ ّ‬
‫ق تقاته و ل تموت ّ‬
‫حّ‬
‫ل عليكم اذ كنتم أعداًء فأّلف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته‬ ‫اذكروا نعمة ا ّ‬

‫]‪[8‬‬

‫سههكوا بحبههل‬
‫إخوانا و كنتم على شفا حفرة من الّنار فأنقذكم منها ‪ 1‬قال الطبرسي ‪ :‬أي تم ّ‬
‫ل و السلم قاله ابن عّباس ‪،‬‬ ‫ل و هو دين ا ّ‬‫ا ّ‬

‫ل اّلههذي أمركههم فيههه بلههزوم الجماعههة و اليتلف‬


‫و ل تفّرقوا معناه و ل تتفّرقوا عن دين ا ّ‬
‫على الطاعة و اثبتوا عليه ‪.‬‬

‫ل عليكم إذ كنتم أعداء فأّلف بين قلوبكم ‪.‬‬


‫و اذكروا نعمة ا ّ‬

‫قيل ‪ :‬أراد ما كان بين الوس و الخزرج من الحروب اّلتي تطاولت مههأة و عشههرين سههنة‬
‫ل بين قلوبهم بالسلم فزالت تلك الحقاد ‪.‬‬
‫إلى أن أّلف ا ّ‬

‫له و منتههه‬‫و قيل ‪ :‬هو ما كان بين مشركى العرب من الطوائل ‪ ،‬و المعنى احفظوا نعمة ا ّ‬
‫عليكم بالسلم و باليتلف ‪ ،‬و رفع مها كهان بينكهم مهن التنهازع و الختلف ‪ ،‬فههذا ههو‬
‫النفع الحاصل لكم فى العاجل مع مهها أعهّد لكههم مههن الثههواب الجزيههل فههى الجههل ‪ ،‬إذ كنتههم‬
‫أعداء فأّلف بين قلوبكم ‪ ،‬بجمعكم على السلم و رفع البغضاء و الشحناء عن قلوبكم ‪.‬‬

‫ل ه إخوانهها متواصههلين و أحبابهها متحههاّبين ‪ ،‬بعههد أن كنتههم‬


‫فأصههبحتم بنعمتههه ‪ ،‬أى بنعمههة ا ّ‬
‫متحاربين متعادين ‪.‬‬

‫ل عليه و آله و سّلم‬


‫و كنتم على شفا حفرة من النار ‪ ،‬أى و كنتم يا أصحاب محّمد صّلى ا ّ‬
‫على طرف حفرة‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬ه هه ه ه ههه ه هههه هه ه ه هه ه ه ههه ه هه‬
‫ههههه ه هه ‪ :‬هههه ه ‪ :‬هههه ه ههههه ه ه ههههه‬
‫ه هههههه ‪.‬‬
‫هه هه ههههه ه ‪ :‬هه ه هههه ه ه ه ه ههه هه‬
‫هه ههههه هههه هههههههه ه‬
‫ههههههههه ه ه هه‬

‫هه هههه هه هههه ه ه ههه ه هه ه هه ههه ه ه‬


‫ه هه‬
‫ههه ه ه ه‬
‫هه ههه هه هههه هههه هههه ه هه ههه‬ ‫هه‬
‫ه ههه ههههه هه ههه ههههه ‪.‬‬

‫هه هههه ه هههه هه ههه ههه‬ ‫ه ههه ههههههه ‪ :‬هه‬


‫هه ه ه ه هه ه ه ه هه هه ه ه هه ه ه ه هه ه هه ه‬
‫هه ههه هه ههههه هههه‬ ‫هههه ه ه ههه ههه ه ه هه‬
‫ههههههه ه هههههه ‪.‬‬

‫هه هه ههه ههه ههههه ه ههه هه ه هه هههه ه‬


‫ههههه ه هه هه ههههه هه ه ههههه ه ه ههه ههه‬
‫هه ه هههههه ه ه ههه ه ههه ههه ه ههه ه هه ه‬
‫ههه هه ) ه ( ههه ه هه ههه ه هه ههه ه ه هههه‬
‫ههه ه هههه هه ههههه ه هههه ه ه ههه ههههه ه‬
‫ههه ‪.‬‬

‫]‪[9‬‬

‫ل الموت ‪.‬‬
‫من جهّنم لم يكن بينكم و بينها إ ّ‬

‫ل منها بأن أرسل إليكم رسول و هداكم لليمان و دعاكم إليه فنجوتم باجابته مههن‬
‫فأنقذكم ا ّ‬
‫النار ‪.‬‬

‫و انما قال ‪ :‬فأنقذكم منها و إن لم يكونوا فيها ‪ ،‬لنهم كانوا بمنزلة من هو فيها حيث كانوا‬
‫مستحّقين لها ‪.‬‬

‫ن هذه النعمة أعنى نعمة اللفة و المحاّبة على السلم أعظههم نعمههة‬
‫و بما ذكرنا كّله علم أ ّ‬
‫ل يعرف أحد من المخلوقين لها قيمة ‪.‬‬

‫) لّنها ( موجبة لسعادة النشأتين و عّز الّدارين و للنقاذ مهن النهار و الهّدخول فهى جّنهات‬
‫ل ثمن ( كما يشههير‬
‫تجرى من تحتها النهار و النزول فى منازل البرار و ) أرجح من ك ّ‬
‫ل ألف بينهم‬
‫اليه قوله تعالى » لو أنفقت ما فى الرض جميعًا ما أّلفت بين قلوبهم و لكن ا ّ‬
‫ل خطر ( و شرف و مزّية لجمعها جميع أقسام الشرف ‪،‬‬ ‫ل من ك ّ‬
‫) و أج ّ‬
‫إذ بها يتمّكن من دركها و تحصيلها و الوصول إليها ‪.‬‬

‫) و اعلموا أنكم صرتم بعد الهجرة أعرابا ( قال الشارح المعتزلى ‪ :‬العراب علههى عهههد‬
‫ل عليه و آله و سّلم من آمن به من أهل البادية و لم يهاجر إليه ‪ ،‬و هههم‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫رسول ا ّ‬
‫حشهههم و تشهّتتهم فههي بعههد مههن‬ ‫ناقصوا المرتبههة عههن المهههاجرين لجفههائهم و قسههوتهم و تو ّ‬
‫له عليههه و آلههه و سهّلم ‪ ،‬و فيهههم انههزل ‪» :‬‬
‫مخالطة العلماء و سماع كلم الرسول صهّلى ا ّ‬
‫ل على رسوله « و ليست‬ ‫العراب أشّد كفرًا و نفاقًا و أجدر أن ل يعلموا حدود ما أنزل ا ّ‬
‫صة ببعضهم ‪ ،‬و هم اّلههذين كههانوا حههول المدينههة و‬ ‫ل العراب بل خا ّ‬ ‫هذه الية عاّمة في ك ّ‬
‫هم ‪ :‬جهنية ‪ ،‬و أسلم ‪ ،‬و أشجع ‪،‬‬

‫لعههراب منههافقون « و كيههف‬ ‫و غفار ‪ ،‬و اليهم أشار سبحانه بقوله » و مّمن حههولكم مههن ا َ‬
‫ل و اليههوم‬
‫ل العراب مذموما و قهد قههال تعههالى » و مههن العههراب مههن يههؤمن بهها ّ‬ ‫يكون ك ّ‬
‫له « و صههارت هههذه الكلمههة جاريههة مجههرى المثههل ‪،‬‬ ‫الخر و يّتخذ ما ينفق قربات عنههد ا ّ‬
‫انتهى و قال الشهيد الثاني ‪ :‬المراد بالعراب من أهل البادية و قد أظهر الشهههادتين علههى‬
‫وجه حكم باسههلمه ظههاهرا و ل يعههرف مههن معنههي السههلم و مقاصههده و أحكههامه سههوى‬
‫الشهادتين آه ‪.‬‬

‫] ‪[ 10‬‬

‫إذا عرفت ذلك فأقول ‪:‬‬

‫ن حقيقة المهاجرة هو الهجرة إلى‬ ‫قد ظهر لك في شرح الخطبة المأة و الثامنة و الثمانين أ ّ‬
‫جة لمعرفته و العلم بوجوب اطاعته و امتثال أحكامه ‪ ،‬و على هذا فمقصههوده‬ ‫حضور الح ّ‬
‫سلم بقوله ‪ :‬صرتم بعد الهجرة أعرابا ‪ ،‬توبيخهم على أّنهم بعد مهها كههانوا عههارفين‬ ‫عليه ال ّ‬
‫سلم و وجههوب طههاعته و عههالمين بأحكههام الشههرع و آدابههه و وظههايف‬ ‫به و بمقامه عليه ال ّ‬
‫السلم كما هو شأن المهههاجر ‪ ،‬قههد تركههوا ذلههك كّلههه و صههاروا مثههل العههراب اّلههذين ل‬
‫له «‬
‫ل » أجدر أن ل يعلموا حدود مهها انههزل ا ّ‬ ‫ل ظاهر السلم كما قال عّز و ج ّ‬ ‫يعرفون إ ّ‬
‫ل في الفرايض و السنن و الحلل و الحرام ‪.‬‬ ‫أى أحرى بأن ل يعلموا حدود ا ّ‬

‫يعنههي أنكههم قههد صههرتم بالعصههبّية و السههتكبار و العنههاد و إثههارة الفتههن بمنزلههة العههراب‬
‫الجاهلين بما لهم و ما عليهم بعد ما كنتم عارفين بذلك كّله ‪.‬‬

‫) و بعههد المهوالت أحزابهها ( أى بعههد اللفههة و الجتمهاع أحزابهها متعاديهة متشهّتتة مختلفههة‬
‫ل منكم يخالف آخرين ‪،‬‬ ‫الراء ‪ ،‬أى صرتم حزبا حزبا و طائفة طائفة ك ّ‬

‫ل حزب بما لديهم فرحون ‪.‬‬


‫وكّ‬
‫ل رسهمه ( لمها جعلهههم‬ ‫ل باسهمه و ل تعرفههون مههن اليمههان إ ّ‬
‫) ما تتعّلقهون مههن السهلم إ ّ‬
‫أعرابهها أحزابهها اتبعههه بهههذه الجملههة و لكمههال الّتصههال بينهمهها وصههلها بسههابقته و تههرك‬
‫العاطف ‪.‬‬

‫ل اسمه فيسهّمون باسههم المسههلم ‪ ،‬و ل‬


‫و المراد أّنهم لم يأخذوا من السلم و أحكامه شيئا إ ّ‬
‫ل صورته دون ماهّيته و حقيقته ‪ ،‬و في بعض النسخ ل تعقلون بدل‬ ‫يعرفون من اليمان إ ّ‬
‫ل تعرفون ‪ ،‬و المقصود واحد ‪.‬‬

‫) تقولون الّنار و ل العار ( كلمة جارية مجههرى المثههل يقولههها أهههل الحمّيههة و النفههة مههن‬
‫صههته استنهاضهها و الهابهها‬
‫تحمل الضيم و الّذل على نفسه أو من ينسب إليه من قومه و خا ّ‬
‫ق كان ثوابا و إذا قيلت في باطل كان خطاء ‪.‬‬ ‫بها إلى النضال و الجدال فاذا قيلت في ح ّ‬

‫و لّما كان غرض المخاطبين منههها هههو الشهّر و الفسههاد و إثههارة الفتنههة المخالفههة لوظههايف‬
‫السلم شّبه حالهم في أعمالهم و أقوالهم بقوله ‪:‬‬

‫] ‪[ 11‬‬

‫) كأّنكم تريدون أن تكفؤا السلم على وجهه ( بأّنهم يريههدون أن يكّبههوا و يقلبههوا السههلم‬
‫على وجهه ‪ ،‬تشبيها له بالناء المقلوب على وجهه فكما أّنههه بعههد قلبههه ل يبقههي فيههه شههيء‬
‫أصل و يخرج ما كان فيه من حّيههز النتفههاع ‪ ،‬فكههذلك السههلم اّلههذى لههم يههراع حههدوده و‬
‫احكامه كأّنه لهم يبهق منهه شهيء ينتفهع بهه ‪ ،‬و ههو مهن السهتعارة المكنّيهة و ذكهر الكفهاء‬
‫تخييل ‪.‬‬

‫ن فعلكم ذلك كاشف عن كون غرضههكم منههه النتهههاك‬ ‫و قوله ) انتهاكا لحريمه ( أراد به أ ّ‬
‫ل إبطال السلم و هتههك حريمههه‬ ‫كالكّفار و المنافقين و أعادى الّدين الذين ل غرض لهم إ ّ‬
‫) و نقضا لميثههاقه ( و هههى حههدوده و شههرايطه المقهّررة و وظههايفه المههأخوذة فيههه ) الههذى‬
‫ل لكم حرما في أرضه ( لمنعه الخذين به و المواظبين له من الّرفث و الفسههوق‬ ‫وضعه ا ّ‬
‫و الجدال ‪.‬‬

‫ل منهههم إلههى‬
‫) و أمنا بين خلقه ( أى سبب أمن أى أمانا لهم من شّر العداء و من تعّدى ك ّ‬
‫الخر ‪.‬‬

‫ل به أن يوصههل ‪ ،‬و‬‫و المراد بنقضهم ميثاقه تركهم لوظايفه المقّررة ‪ ،‬و قطعهم لما أمر ا ّ‬
‫له‬
‫سعيهم في إثارة الفتنة و الفساد و القتل و القتال ‪ ،‬قال سبحانه » اّلذين ينقضههون عهههد ا ّ‬
‫له بههه أن يوصههل و يفسهدون فههي الرض أولئك ههم‬ ‫من بعد ميثههاقه و يقطعهون مها أمههر ا ّ‬
‫الخاسرون « ‪.‬‬
‫ل وصّيته‬ ‫ل ‪ ،‬أى يهدمونه أى ل يفون به ‪ ،‬و عهد ا ّ‬ ‫ي ‪ :‬الذين ينقضون عهد ا ّ‬ ‫قال الطبرس ّ‬
‫إلى خلقه على لسان رسوله بما أمرهم به من طاعته و نهيهم عنه من معصيته و نقضهههم‬
‫صافي ‪ :‬أى تغليظه و أحكامه و يقطعون ما‬ ‫لذلك تركهم العمل به من بعد ميثاقه قال في ال ّ‬
‫ي و المههؤمنين فقطعههوهم ‪ ،‬و‬ ‫ي ‪ :‬معناه امروا بصلة النب ّ‬ ‫ل به أن يوصل قال الطبرس ّ‬ ‫أمر ا ّ‬
‫قيل ‪ :‬امروا بصلة الّرحم و القرابههة فقطعوههها و قيههل ‪ :‬امههروا بههأن يصههلوا القههول بالعمههل‬
‫ففّرقوا بينهما بأن قالوا و لم يعملوا و قيل ‪ :‬معناه المر بوصل‬

‫] ‪[ 12‬‬

‫ل بصلته من أوليائه و القطع و البرائة من أعدائه ‪ ،‬و هذا أقوى لّنه أعّم ‪.‬‬
‫ل من أمر ا ّ‬
‫كّ‬

‫صافي أقول ‪ :‬و يدخل في الية التفريق بين النبياء و الكتب في التصديق و تههرك‬ ‫و في ال ّ‬
‫موالة المؤمنين و الجمعة و الجماعات المفروضة و ساير ما فيه رفض خيههر أو تعههاطى‬
‫ل وصههل و‬‫ل و بين العبد اّلتى هى المقصههودة بالههذات مههن كه ّ‬
‫شّر لّنه يقطع الوصلة بين ا ّ‬
‫فصل ‪.‬‬

‫ل معصههية تعهّدى ضههررها إلههى‬


‫و يفسدون في الرض قيل ‪ :‬نقضهم العهد ‪ ،‬و قيل أراد ك ّ‬
‫غير فاعلها ‪.‬‬

‫صههافي يفسههدون بسههبب قطههع مهها فههي وصههله نظههام العههالم و صههلحه اولئك هههم‬ ‫و فههي ال ّ‬
‫الخاسرون الههذين خسههروا أنفسهههم بمهها صههاروا إلههى النيههران و حرمههوا الجنههان ‪ ،‬فيهها لههها‬
‫خسارتا لزمتهم عذاب البد و حّرمتهم نعيم البد ‪.‬‬

‫ثّم حّذرهم و خّوفهم بقوله ) و إّنكم إن لجأتم إلى غيره حاربكم أهل الكفر ( يعنهي أّنكهم إن‬
‫سكتم بغيره من حميههة أو جماعههة‬ ‫قطعتم حبل السلم العاقد بينكم و الجامع لجمعّيتكم و تم ّ‬
‫ن ذلههك يههوجب أن‬‫أو كثرة عشيرة مع الخروج عن طاعة سلطان السلم و التفّرق فيه فهها ّ‬
‫يطمع فيكم الكّفار و يحاربونكم ‪.‬‬

‫) ثّم ل جبرئيل و ل ميكائيل و ل مهاجرين و ل أنصار ينصرونكم ( كما كانوا ينصرون‬


‫ل المقارعهة ( أى المضههاربة و قهرع‬
‫له عليهه و آلهه و سهّلم ) إ ّ‬
‫في زمن الّرسههول صهّلى ا ّ‬
‫ل بينكم ( و بينهم بغلبة أحد الفريقين على الخر ‪.‬‬ ‫سيف حّتى يحكم ا ّ‬ ‫بعضكم بعضا ) بال ّ‬

‫ثّم ذّكرهم بالعقوبات الّنازلة على المم الماضية في القرون الخالية بخروجهم عههن طاعههة‬
‫ل سبحانه فقال ‪:‬‬‫ا ّ‬

‫ل لكم بأهل القرون الماضية كما قال » و لقد أنزلنا‬ ‫ن عندكم المثال ( اّلتي ضربها ا ّ‬
‫)واّ‬
‫اليكم آيات بّينات و مثل من اّلذين خلوا من قبلكم و موعظههة للمّتقيههن « و قههال أيضهها » و‬
‫ل ضههربنا لههه المثههال و ك ّ‬
‫ل‬ ‫عادًا و ثمود و أصحاب الّرس و قرونًا بين ذلك كههثيرًا ‪ .‬و ك ّ‬
‫تّبرنا تتبيرًا «‬

‫] ‪[ 13‬‬

‫ل ( و عذابه لهم ) و قوارعه ( أى دواهيه و افزاعه اّلتي كانت تقرع القلههوب‬ ‫) من بأس ا ّ‬
‫ل فيها من القرون الولى ‪.‬‬
‫بشّدتها ) و أّيامه ( اّلتي انتقم ا ّ‬

‫له‬
‫ل ‪ :‬معناه و أمرناه ‪ 1‬بأن يذّكر قومه وقههايع ا ّ‬
‫ي في قوله ‪ :‬و ذّكرهم بأّيام ا ّ‬
‫قال الطبرس ّ‬
‫في المم الخالية و اهلك من أهلك منهم ليحذروا ذلك ‪.‬‬

‫أقول ‪ :‬و من تلك اليام ما اشير إليه في قوله » اّنا ارسلنا عليهم ريحًا صرصرًا فههي يههوم‬
‫نحس مستمّر ‪ .‬تنزع الناس كأّنهم أعجاز نخل منقعر « و في قوله » فأخههذهم عههذاب يههوم‬
‫الظّلة إّنه كان عذاب يوم عظيم « و في قوله » و أّما عاد فاهلكوا بريح صرصر عاتيههة ‪.‬‬
‫خرها عليهم سبع ليال و ثمانية أّيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأّنهم أعجاز نخههل‬ ‫سّ‬
‫خاوية « ‪.‬‬

‫شديدة و عقوباته الواقعة بالعاصين المتمّرديههن كمهها اشههير اليههها‬


‫) و وقايعه ( أى نوازله ال ّ‬
‫ل أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليهه حاصههبًا و منهههم مههن أخهذته‬ ‫ل » فك ّ‬
‫في قوله عّز و ج ّ‬
‫ل ه ليظلمهههم و لكههن‬‫الصيحة و منهم من خسفنا به الرض و منهم من أغرقنا و مهها كههان ا ّ‬
‫كانوا أنفسهم يظلمون « ‪.‬‬

‫سههلم مههن التههذكير بهههذه المثههال توعيههد المخههاطبين و تهديههدهم مههن أن‬
‫و غرضه عليه ال ّ‬
‫يقارفوا ما قارف أهل القرون المتقّدمة من الّذنوب و الثام ‪ ،‬فتنزل عليهم ما نزل بهم من‬
‫البأس و العذاب ‪ ،‬و لذلك فّرع عليه قوله ‪:‬‬

‫) فل تستبطؤا وعيده ( أى ل تعّدوا ما أوعدكم به من العذاب بطيئا بعيدا فهاّنه قريهب كمها‬
‫قال » إّنهم يرونه بعيدًا و نريه قريبا « ‪.‬‬

‫ن إبطههاءه يههوجب ذهههابه ‪ ،‬و إمهههاله يههوجب‬ ‫و ل تبطؤا إبطاءه للعههذاب طمعهها منكههم فههي أ ّ‬
‫ن تأخيره غالبا يوجب عههدم وقههوعه إّمهها‬ ‫إهماله كما هو الغالب في وعيد غيره سبحانه ‪ ،‬فا ّ‬
‫لحصول الغفلههة و النسههيان مههن الموعههد ‪ ،‬أو لنههه رّبمهها يفههوته مههن طلههب أو يعجههزه مههن‬
‫شديد فهاّنه لبالمرصهاد و ل‬ ‫ى القّيوم القّهار ذو القّوة المتين و البأس ال ّ‬
‫ل الح ّ‬‫هرب ‪ ،‬و أّما ا ّ‬
‫يخلف الميعاد ‪ ،‬و المخاطبون لما قاسوه عّز شأنه بغيره و وعيده بوعيد‬

‫‪-----------‬‬
‫هه هههه هه ههههه ه‬
‫) ‪ ( 1‬هه هههه هههههه‬
‫] ‪[ 14‬‬

‫غيره استبطؤه لذلك و انما وقعوا في هذا الّزعم الفاسد ‪.‬‬

‫ن جهلكههم بمؤاخههذته الشههديدة ‪ ،‬و‬


‫) جهل بأخذه و تهاونا ببطشه و يأسا من بأسهه ( يعنههى أ ّ‬
‫تهاونكم ببطشه الناشى من تأخير وقوعه ‪ ،‬و يأسكم من بأسه الناشي من طول مّدة البههأس‬
‫صار عّلة للستبطاء فأوجب ذلك جسارتكم على اقتراف الجرائم و اقتحامكم في ورطات‬
‫الثام ‪.‬‬

‫ن أهل القرون الولى قد وقعوا في الهلك الّدائم و استحقوا العذاب الليم أيضهها مههن‬ ‫كما أ ّ‬
‫قو‬‫له حه ّ‬‫ن وعههد ا ّ‬
‫الجهالة بأخذه كما اشير إليه في الكتاب الكريم في قههوله » و إذا قيههل إ ّ‬
‫ل ظنًا و ما نحن بمستيقنين « ‪.‬‬ ‫نإ ّ‬
‫الساعة ل ريب فيها قلتم ما ندرى ما الساعة إن نظ ّ‬

‫و من التهاون ببطشه كما حكاه سبحانه عنهم بقوله عقيب هذه الية » و بدا لهم سيئآت ما‬
‫عملوا و حاق بهم ما كانوا به يستهزؤن « و بقوله » و لقد استهزء برسل من قبلك فحههاق‬
‫بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزؤن « ‪.‬‬

‫و من اليأس من بأسه كما اخبر عنهم بقوله » فعقروا الناقة و عتوا عن أمر رّبهم و قههالوا‬
‫يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت مهن المرسهلين ‪ .‬فأخههذتهم الصههيحة فأصهبحوا فهي دارهههم‬
‫جاثمين « ‪.‬‬

‫و أما أهل العرفههان و اليقههان فيعرفههون بنههور اليمههان و اليقيههن بمهها أخههبر بههه النبيههاء و‬
‫ن وعده عّز و جلّ و وعيههده واقعههان ل محالههة و أ ّ‬
‫ن‬ ‫المرسلين و شهد به الكتاب المكنون أ ّ‬
‫ق محّقق ل ريب فيه كمهها قههال » و ل يههرّد بأسههنا عههن‬ ‫أخذه و بطشه و بأسه و إن تأخر ح ّ‬
‫القوم المجرمين « و قال » و ل يزال الذين كفههروا تصههيبهم بمهها صههنعوا قارعههة أو تحه ّ‬
‫ل‬
‫ل ل يخلههف الميعههاد ‪ .‬و لقههد اسههتهزء برسههل مههن‬ ‫نا ّ‬
‫لإّ‬ ‫قريبًا من دارهم حتى يأتي وعد ا ّ‬
‫قبلك فأمليت لّلذين كفروا ثّم أخذتهم فكيف كان عقاب « ‪.‬‬

‫له‬
‫جهل ‪ 1‬ا ّ‬
‫ن التأخير و المهال في العقاب لقتضهاء الحكمهة اللهّيهة و لهو يع ّ‬‫و يعلمون أ ّ‬
‫للّناس الشّر استعجالهم بالخير لقضى إليهم أجلهم ‪.‬‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬هههه هه ه ه هههه ه ه ه ه ههه ه ههه ) ه (‬
‫) ههه (‬

‫] ‪[ 15‬‬
‫و لكنههه يمهههل المههؤمنين مههن بههاب الّلطههف حّتههى يتوبههوا و يتههداركوا ال هّذنوب بالنابههة و‬
‫الستغفار ‪.‬‬

‫و يمهل الظالمين و يذر الذين ل يرجون لقائه في طغيانهم يعمهههون مههن بههاب السههتدراج‬
‫ن الذين كفههروا انمهها نملههى لهههم خيههر لنفسهههم انمهها نملههى لهههم‬
‫كما قال تعالى » و ل يحسب ّ‬
‫ليزدادوا اثما و لهم عذاب مهين « هذا ‪.‬‬

‫له سههبحانه أردفههه‬


‫و لما ذّكرهم بأمثال الذين خلوا من قبل و نهههاهم عههن اسههتبطاء وعيههد ا ّ‬
‫بالتنبيه على عمدة سبب الستحقاق القرون الخالية للطعن و العتههاب و الّلعههن و العقههاب و‬
‫هو ارتفاع الّركههن العظههم مههن السههلم أى المههر بهالمعروف و النهههى عهن المنكههر مهن‬
‫بينهم ‪ ،‬و غرضه بذلك تحذير المخاطبين و تنبيههم على أنهههم مثلهههم فههي اسهتحقاق الّلعهن‬
‫لرتفاع هذه الخصلة العظيمة من بينهم أيضا و لذلك أتى بالفاء التفريعّية فقال ‪:‬‬

‫ل سبحانه لههم يلعههن القههرون الماضههية ( و لههم يحرمهههم مههن رحمتههه الواسههعة ) إلّ‬
‫نا ّ‬
‫) فا ّ‬
‫لتركهم المر بالمعروف و النهى عن المنكر ( كمهها اشههير إليههه فههي قههوله سههبحانه » لعههن‬
‫الذين كفروا من بني اسرائيل على لسان داود و عيسى بن مريم ذلك بما عصههوا و كههانوا‬
‫يعتدون ‪ .‬كانوا ل يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون « ‪.‬‬

‫ي ‪ :‬أخبر تعالى عما جرى على أسلفهم فقال ‪ :‬لعن الذين كفروا الية ‪ ،‬معناه‬
‫قال الطبرس ّ‬
‫لعنوا على لسان داود فصاروا قردة و على لسان عيسى فصاروا خنازير ‪.‬‬

‫سلم و أما داود فانه لعن أهل ايلة لما اعتدوا في سههبتهم‬ ‫قال و قال أبو جعفر الباقر عليه ال ّ‬
‫و كان اعتداؤهم في زمهانه فقهال ‪ :‬الّلههم البسهههم اللعنههة مثههل الهّردا و مثههل المنطقهة علهى‬
‫سلم فانه لعن الذين انزلت عليهم المائدة‬ ‫ل قردة ‪ ،‬فأّما عيسى عليه ال ّ‬ ‫الحقوين ‪ ،‬فمسخهم ا ّ‬
‫ن لهههم‬
‫ي ‪ :‬و انما ذكر اللعن على لسههانهما إزالههة للبهههام بههأ ّ‬ ‫ثّم كفروا بعد ذلك قال الطبرس ّ‬
‫ل تعالى حالهم فقال ‪ :‬كانوا ل يتنههاهون‬ ‫منزلة بولدة النبياء تنجيهم من العقوبة ‪ ،‬ثّم بّين ا ّ‬
‫عن منكر فعلوه ‪ ،‬أى لم يكن ينهى بعضهم بعضا و ل ينتهون أى ل يكّفون عما نهوا عنه‬

‫] ‪[ 16‬‬

‫سبت ‪ ،‬و فرقة نهوهم و‬‫قال ابن عباس ‪ :‬كان بنو اسرائيل ثلث فرق ‪ :‬فرقة اعتدوا في ال ّ‬
‫لكن لم يدعوا مجالستهم و ل مؤاكلتهم ‪ ،‬و فرقة لما رأوههم يعتهدون ارتحهل عنههم و بقهى‬
‫الفرقتان المعتدية و الناهية المخالطة فلعنوا جميعا ‪.‬‬

‫ن عههن‬
‫ن بههالمعروف و لتنهه ّ‬‫له عليههه و آلههه و سهّلم ‪ :‬لتههأمر ّ‬
‫ل صهّلى ا ّ‬
‫و لذلك قال رسول ا ّ‬
‫له قلههوب‬
‫نا ّ‬‫ق اطههراء أو ليضههرب ّ‬
‫المنكر و لتأخذن على يد السفيه و لتاطرنه ‪ 1‬على الحه ّ‬
‫بعضكم على بعض و يلعنكم كما لعنهم ‪.‬‬
‫سههلم‬
‫ي بن شعبة في تحف العقههول عههن الحسههين عليههه ال ّ‬ ‫و فى الوسائل عن الحسن بن عل ّ‬
‫ل ه بههه أوليههاءه مههن‬
‫سلم ‪ :‬اعتبروا أيها الناس بمهها وعههظ ا ّ‬‫ي عليه ال ّ‬ ‫قال ‪ :‬و يروى عن عل ّ‬
‫سوء ثنائه على الحبار إذ يقول ‪ » :‬لو ل ينهيهم الّرّبانّيون و الحبار عههن قههولهم الثههم «‬
‫و قال » لعن الذين كفروا من بني إسرائيل إلى قوله لبئس ما كانوا يفعلون « و إنما عههاب‬
‫ل عليهم لنهم كانوا يرون من الظلمة المنكر و الفساد فل ينهونهم عهن ذلههك رغبههة فيمها‬ ‫ا ّ‬
‫ل يقول ‪ » :‬فل تخشوا النههاس و اخشههوني‬ ‫كانوا ينالونه منهم ‪ ،‬و رهبة مما يحذرون ‪ ،‬و ا ّ‬
‫« و قال ‪ » :‬المؤمنون بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف و ينهههون عههن المنكههر «‬
‫ل بالمر بالمعروف و النهى عن المنكر فريضة منه لعلمه بأنها إذا اّديت و اقيمههت‬ ‫فبدء ا ّ‬
‫ن المههر بههالمعروف و النهههى عههن‬ ‫استقامت الفرايض كّلها و هّينههها و صههعبها ‪ ،‬و ذلههك إ ّ‬
‫المنكر دعاء إلى السلم مع رّد المظالم ‪ ،‬و مخالفة الظالم ‪ ،‬و قسههمة الفىء و الغنههايم ‪ ،‬و‬
‫أخذ الصدقات من مواضعها و وضعها في حّقها ‪.‬‬

‫و قد تقّدم هذا الحديث مع حديث آخر مناسب للمقام و بعض الكلم في المههر بههالمعروف‬
‫و النهى عن المنكر في شههرح الفصههل الثههاني مههن المختههار المههأة و الخههامس و الخمسههين‬
‫ل السفهاء ( أى الجّهال ) لركوب المعاصي و الحلماء ( أى ذوى العقول و الناة‬ ‫) فلعن ا ّ‬
‫و في بعض النسخ الحكماء بدله ) لترك التناهى (‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬ههههه ههه ههههه ه ه‬

‫] ‪[ 17‬‬

‫و هذه الجملة إّما اخبارّية أتى بها أيضاحا للجملة المتقّدمة أعنى قوله ‪:‬‬

‫ل لتركهم اه ‪ ،‬و يؤّيده إضمار فاعههل لعههن و إسههقاط لفههظ‬‫ل لم يلعن القرون الماضية إ ّ‬‫نا ّ‬
‫إّ‬
‫سلم أتى بها قياما منههه بههوظيفته‬
‫الجللة في بعض الّنسخ و إّما انشائّية دعائية منه عليه ال ّ‬
‫ن لعنه عليهم نهى لهم عن المنكر و هو مقتضى وظيفة المامة ‪.‬‬ ‫لزمة ‪ ،‬فا ّ‬
‫ال ّ‬

‫سفهاء و الحلماء سفهاء القرون الماضية و حلماءهم‬


‫فعلى الحتمال الّول يكون المراد بال ّ‬
‫‪.‬‬

‫و علههى الحتمههال الثههاني سههفهاء المخههاطبين و حلمههاءهم ‪ ،‬و أوضههح اسههتحقاقهم لّلعههن و‬
‫دخولهم في زمرة الملعونين بقوله ‪:‬‬

‫) أل و قد قطعتم قيههد السههلم ( أى حبههل اللفههة عليههه بههالعتزاء و العصههبّية ) و عطلتههم‬


‫حههدوده ( أى تركتههم وظههايفه المق هّررة اّلههتي لههم يجههز الّتع هّدى و الّتخطههي منههها ) و أمّتههم‬
‫أحكامه ( أى أبطلتم أحكامه التي كان يلزم عليكم إحياؤها و العمل بها ‪.‬‬
‫و قد كان من جملة تلك الحدود و الحكام المتروكة المعطلههة أمرهههم بههالمعروف و نهيهههم‬
‫ن القيام بهما غالبا شأن الّرؤساء و الكبراء ‪ ،‬و قد كهانوا قهائمين بخلفهه و‬
‫عن المنكر ‪ ،‬فا ّ‬
‫كانوا يأمرون بالمنكر و ينهون عن المعروف و لذلك حّذر عههن طههاعتهم و متههابعتهم فههي‬
‫الفصل الثالث من هذه الخطبة و قال ‪ :‬إّنهم قواعد أساس العصبّية و دعائم أركان الفتنة و‬
‫سيوف اعتزاء الجاهلّية ‪.‬‬

‫ععععععع‬

‫آگاه باشيد بدرستى كه شما بتحقيههق افشههاندهايد دسههتهاى خههود را از ريسههمان اطههاعت و‬
‫بالمّره اعراض كردهايد از آن ‪ ،‬و خراب نمودهايد حصار خدا را كه زده شده است بههر‬
‫شما با أحكام جاهلّيت ‪ ،‬و بدرستى خداى تبارك و تعالى مّنت نهاده بر جماعت اين اّمههت‬
‫در آنچه منعقد ساخته در ميان ايشان از ريسمان اين الفت ‪،‬‬

‫چنان الفتى كه بر مىگردند در سايه آن ‪ ،‬و نازل ميشوند در پناهگاه آن با نعمتى‬

‫] ‪[ 18‬‬

‫كه نمىشناسد احدى از مخلوقان قيمت آن را ‪ ،‬از جهت اينكه آن افزونههتر اسههت از هههر‬
‫بهائى ‪ ،‬و بزرگتر است از هر منزلت و مزّيتى ‪.‬‬

‫و بدانيد بدرستى كه شما گرديديد بعد از مهاجرت و معرفت برسومات و آداب شههريعت‬
‫مثل عربان باديه نشين بىمعرفت ‪ ،‬و بعههد از دوسههتى و مههوالة طوايههف مختلفههه متعّلههق‬
‫نمىشهههويد از اسهههلم مگهههر اسهههم آن را ‪ ،‬و نمىشناسهههيد از ايمهههان مگهههر رسهههم آن را‬
‫مىگوئيهد ‪ :‬النهار و ل العهار ‪ ،‬داخههل آتهش بشهويد قبهول ننههگ و عههار ننمائيهد گويها كههه‬
‫مىخواهيد برگردانيد اسلم را بر روى آن بجهههت هتههك احههترام آن ‪ ،‬و بجهههت شكسههتن‬
‫پيمان آن چنان اسلمى كههه نهههاده اسههت آن را خههداى تعههالى بههراى شههما حههرم در زميههن‬
‫خود ‪ ،‬و ايمنى در ميان خلقان خود ‪.‬‬

‫و بدرستى كه اگر شما ملتجى بشويد بسوى غير آن يعنى اگر اعتماد نمائيد بر غير ديههن‬
‫اسلم محاربه مىكنند بهها شههما كّفههار ‪ ،‬بعههد از آن نههه جبرئيههل اسههت و نههه ميكائيههل و نههه‬
‫مهاجرين و نه انصار كه نصرت كنند شما را مگر كوفتن يكههديگر بهها شمشههير آبههدار تهها‬
‫آنكه حكم كند خداوند متعال در ميان شما ‪.‬‬

‫و بدرستى كه در نزد شما اسهت داسهتانها از شهّدت عهذاب خهدا و عقوبهات كوبنهده أو و‬
‫روزهاى سخت او و واقعههاى نكال او ‪ ،‬پس بعيد نشماريد وعده عذاب او را از جهههت‬
‫جهالت شما بمؤاخذه او ‪ ،‬و از جهت استخفاف بعنف و سطوت او ‪ ،‬و از جهت نوميدى‬
‫از عذاب او ‪.‬‬
‫پس بدرستى كه خداوند لعنت نفرمود قرنهاى گذشته را مگر بجهت تههرك كههردن ايشههان‬
‫امهر بمعهروف و نههى از منكهر را ‪ ،‬پهس لعنهت كهرده خهدا سهفيهان را بجههت ارتكهاب‬
‫معصيتها ‪ ،‬و دانايان را بجهت ترك نهى كردن از مناهى ‪ ،‬آگاه باشيد بدرسهتى كهه شهما‬
‫بريديد بند محكم اسلم را ‪ ،‬و معطل كرديد حّدهاى نظههام او را و فههانى نموديههد و باطههل‬
‫كرديد أحكام او را ‪.‬‬

‫] ‪[ 19‬‬

‫ععععع عععععع‬

‫ل بقتال أهل البغي و الّنكث و الفساد في الرض فأّما الّناكثون فقد قاتلت‬ ‫أل و قد أمرني ا ّ‬
‫‪ ،‬و أّما القاسطون فقد جاهدت ‪ ،‬و أّما المارقة فقد دّوخت ‪ ،‬و أّما شيطان الّردهة فقد كفيته‬
‫جة صدره ‪ ،‬و بقبت بقّية من أهل البغي و لئن أذن ا ّ‬
‫ل‬ ‫بصعقة سمعت لها وجبة قلبه ‪ ،‬و ر ّ‬
‫ل ما يتشّذر في أطراف البلد تشّذرا ‪.‬‬
‫ن منهم إ ّ‬
‫في الكّرة عليهم لديل ّ‬

‫صغر بكلكل العرب ‪ ،‬و كسرت نواجم قرون ربيعة و مضر ‪.‬‬
‫أنا وضعت في ال ّ‬

‫ل عليه و آله و سّلم بالقرابة القريبة ‪،‬‬


‫ل صّلى ا ّ‬
‫و قد علمتم موضعي من رسول ا ّ‬

‫و المنزلة الخصيصة ‪ ،‬وضعني في حجره و أنا وليد ‪ ،‬يضّمني إلى صدره ‪،‬‬

‫شيء ثّم يلقمنيه‬


‫سني جسده ‪ ،‬و يشّمني عرفه ‪ ،‬و كان يمضغ ال ّ‬
‫و يكنفني في فراشه ‪ ،‬و يم ّ‬
‫‪ ،‬و ما وجد لي كذبة في قول ‪ ،‬و ل خطلة في فعل ‪.‬‬

‫له عليههه و آلههه و سهّلم مههن لههدن أن كههان فطيمهها أعظههم ملههك مههن‬
‫ل به صّلى ا ّ‬
‫و لقد قرن ا ّ‬
‫ملئكته ‪ ،‬يسلك به طريق المكارم ‪ ،‬و محاسههن أخلق العههالم ليلههه و نهههاره ‪ ،‬و لقههد كنههت‬
‫ل يوم من أخلقه علما ‪ ،‬و يههأمرني بالقتههداء‬ ‫أّتبعه اّتباع الفصيل أثر أّمه ‪ ،‬يرفع لي في ك ّ‬
‫به ‪ ،‬و لقد كان يجاور في‬

‫] ‪[ 20‬‬

‫كلّ سنة بحراء فأراه و ل يراه غيري ‪ ،‬و لم يجمههع بيههت واحههد يههومئذ فههي السههلم غيههر‬
‫ل عليه و آله و خديجة و أنا ثالثهما ‪ ،‬أرى نههور الههوحي و الّرسههالة ‪ ،‬و‬
‫ل صّلى ا ّ‬ ‫رسول ا ّ‬
‫أشّم ريح الّنبّوة ‪.‬‬

‫ل عليه و آله و سّلم ‪ ،‬فقلت ‪:‬‬


‫شيطان حين نزل الوحي عليه صّلى ا ّ‬
‫و لقد سمعت رّنة ال ّ‬

‫شيطان قد أيس من عبادته ‪،‬‬


‫ل ما هذه الّرنة ؟ فقال ‪ :‬هذا ال ّ‬
‫يا رسول ا ّ‬
‫ي ‪ ،‬و لكّنههك وزيههر ‪ ،‬و إّنهك لعلهى‬
‫ل أّنك لست بنب ّ‬
‫إّنك تسمع ما أسمع ‪ ،‬و ترى ما أرى ‪ ،‬إ ّ‬
‫خير ‪.‬‬

‫ععععع‬

‫ل و ) الّردهة ( وزان تمرة حفرة في الجبههل يجتمههع فيههها المههاء و الجمههع رده‬
‫) دّوخه ( ذ ّ‬
‫كتمر قال في القاموس ‪ :‬و شبه اكمة خشنة و جمعه رده محّركة و ) كفيته ( بالبنههاء علههى‬
‫ل مؤنته قتله أو دفع عّنى شّره و ) صعق ( صعقا و صعقا و صههعقة‬ ‫المفعول من كفانى ا ّ‬
‫صههاعقة المههوت و ك ه ّ‬
‫ل‬ ‫صههوت و ال ّ‬‫صعق محّركة شّدة ال ّ‬‫غشى عليه فهو صعق ككتف و ال ّ‬
‫عذاب مهلك و صيحة العذاب ‪.‬‬

‫جههة ( الحركههة و الزلزلههة و ) أدلههت (‬‫و ) الوجبة ( وزان تمرة الضطراب للقلب و ) الّر ّ‬
‫مههن فلن غلبتههه و قهرتههه أى صههرت ذادولههة و ) تش هّذر ( تب هّدد و تف هّرق و ) الكلكههل (‬
‫صدور و الواحد الكلكل و ) النواجم ( جمع ناجمة مههن نجههم الشههيء أى طلههع و ظهههر و‬ ‫ال ّ‬
‫) القرن ( من الحيوان الّروق و موضعه من رأسنا أو الجانب العلى من الّرأس و الجمع‬
‫قرون ‪.‬‬

‫و ) ربيعة و مضر ( وزان صرد قبيلتان من قريش معروفتان يضرب لهما المثل‬

‫] ‪[ 21‬‬

‫في الكثرة نسبتهما إلى أبويهما و هما ربيعة و مضرابنا نزار بن معهّد بههن عههدنان و يقههال‬
‫ن ربيعههة اعطههي الخيههل مههن‬‫للّول ربيعة الفرس و للثاني مضههر الحمههراء بالضههافة ‪ ،‬ل ّ‬
‫ميراث أبيه و مضر اعطى الّذهب ‪.‬‬

‫صبي و المولود و ) يكنفنى ( أى يجعلني في كنفه و الكنف محّركة الحههرز‬ ‫و ) الوليد ( ال ّ‬


‫سهتر ‪ ،‬و كنهف الطهاير جنهاحه و ) العهرف ( وزان فلهس الرائحهة و أكهثر‬ ‫و الجهانب و ال ّ‬
‫استعماله في الطيبة و ) الخطلة ( بالفتح المّرة من الخطل محّركة و هو الخّفة و السههرعة‬
‫و الكلم الفاسد الكثير فهو خطل ككتف أى أحمق عجل ‪.‬‬

‫ي يعتزل إليههه و يتعّبههد‬


‫و ) حراء ( بالكسر و المّد وزان كتاب جبل بمّكة فيه غار كان الّنب ّ‬
‫ن إليه أصغى ‪.‬‬ ‫ن رنينا صاح و ر ّ‬ ‫ن ير ّ‬
‫أّياما يذّكر و يؤنث و ) الرّنة ( الصوت ر ّ‬

‫ععععععع‬

‫ن جههواب‬‫له ‪ ،‬للقسههم و المقسههم بههه محههذوف و قههوله ‪ :‬لديله ّ‬


‫الواو فههي قههوله ‪ :‬و لئن اذن ا ّ‬
‫القسم ‪ ،‬و الباء فههى قههوله ‪ :‬وضههعت بكلكههل العههرب ‪ ،‬زائدة و قههال الشههارح البحرانههى و‬
‫يحتمل أن تكون لللصاق أى فعلت بهم الوضع و الهانة ‪ ،‬و ربيعة و مضر بالفتح لمنههع‬
‫الصرف بالّتأنيث و العلمّية ‪ ،‬و جملة وضعنى فى حجره استينافّية بيانّية ‪.‬‬

‫عععععع‬

‫سلم لما لم المخاطبين فى الفصول السابقة و وّبخهم على مخالفة شههرايع‬ ‫اعلم أّنه عليه ال ّ‬
‫ل سبحانه بالحكمة و الموعظههة الحسههنة ‪ ،‬و‬ ‫الّدين و ترك مراسم السلم ‪ ،‬و دعاهم إلى ا ّ‬
‫نصههحهم بههالتى هههى أحسههن ‪ ،‬أردف بهههذا الفصههل المسههوق لبيههان فضههايله و منههاقبه و‬
‫صههة و علهّو شهأنه و رفعهة مقهامه ‪ ،‬تنبيهها بههذلك علههى أّنههه إمهام مفههترض‬
‫خصايصه الخا ّ‬
‫طاعة ‪،‬‬ ‫ال ّ‬

‫ل عليه و آله فههى أوامههره و نههواهيه ‪ ،‬و‬


‫ل صّلى ا ّ‬
‫و أّنه فيما يأمر و ينهى بمنزلة رسول ا ّ‬
‫غرضه بذلك جذب قلوب المخاطبين إلى قبههول مههواعظه و نصههايحه و امتثههال أوامههره و‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫ل‬ ‫نواهيه ‪ ،‬و صّدر الفصل بالشارة إلى أعظم تكليف كان مكّلفا به بعد رسول ا ّ‬
‫عليه و آله و إلى قيامه به‬

‫] ‪[ 22‬‬

‫على أبلغ وجهه و هو قوله ‪:‬‬

‫ل بقتال أهل البغى ( و المهراد بههم المجهاوزون عهن الحهّد و العهادلون‬ ‫) أل و قد أمرنى ا ّ‬
‫له عليههه و آلههه مههن الفههرق‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫سلم بعد رسول ا ّ‬
‫عن القصد الخارجون عليه عليه ال ّ‬
‫الثلث الذين يصرح بهم تفصيل ‪.‬‬

‫ل سبحانه له بقتالهم إّما بما أنزله سبحانه في ضمن آيات كتابه العزيههز مثههل قههوله‬ ‫و أمر ا ّ‬
‫ن بك فاّنا منهم منتقمون « ‪.‬‬ ‫تعالى » فاّما نذهب ّ‬

‫ل عليه‬‫فقد روى فى غاية المرام عن يونس بن عبد الّرحمن بن سالم عن أبيه عن أبيعبد ا ّ‬
‫له‬
‫سلم يههوم البصههرة و هههو اّلههذى وعههد ا ّ‬
‫ى عليه ال ّ‬
‫ل انتقم بعل ّ‬
‫سلم فى هذه الية قال ‪ :‬ا ّ‬‫ال ّ‬
‫رسوله ‪.‬‬

‫ى بن ثابت قال ‪ :‬سمعت ابن عباس يقول ‪ :‬ما حسدت قريش عليا بشههىء‬ ‫و فيه عن ‪ 1‬عد ّ‬
‫له عليههه و آلههه و سهّلم‬
‫له صهّلى ا ّ‬
‫مما سبق له أشّد مما وجدت يوما و نحههن عنههد رسههول ا ّ‬
‫فقال ‪ :‬كيف أنتم يا معشر قريش لو كفرتم بعدى و رأيتمونى فى كتيبههة أضههرب وجههوهكم‬
‫ل أو على ‪.‬‬ ‫نا ّ‬
‫ل أو على فقال إ ّ‬
‫نا ّ‬‫بالسيف ‪ ،‬فهبط جبرئيل فقال ‪ :‬قل ا ّ‬
‫له النصههارى‬ ‫و فيه عن الشيخ فى أماليه باسناده عن محّمد بن على عن جهابر بههن عبههد ا ّ‬
‫جة الوداع فقال ‪ :‬لعرفنكم ترجعههون بعههدى كفههارا‬ ‫ل فى ح ّ‬ ‫قال ‪ :‬إّنى لدناهم من رسول ا ّ‬
‫ل ه لئن فعلتموههها لتعرفههونى فههى الكتيبههة الههتى‬‫يضههرب بعضههكم رقههاب بعههض ‪ ،‬و أيههم ا ّ‬
‫ن جبرئيههل‬ ‫ي ثلثهها ‪ ،‬فرأينهها أ ّ‬
‫ي أو عله ّ‬
‫ي أو عله ّ‬
‫تضاربكم ‪ ،‬ثّم التفت إلى خلفه فقال ‪ :‬أو عل ّ‬
‫ى أو نريّنهك الهذى‬ ‫ن بهك فاّنها منههم منتقمهون بعله ّ‬
‫ل عّز و جل » فامها نهذهب ّ‬‫غمزه فأنزل ا ّ‬
‫وعدناهم فاّنا عليهم مقتدرون « ‪.‬‬

‫و مثهل قهوله سهبحانه » و ان طائفتهان مهن المهؤمنين اقتتلهوا فأصهلحوا بينهمها فهان بغهت‬
‫ل فان فائت فأصلحوا بينهما‬
‫احديهما على الخرى فقاتلوا التى تبغى حتى تفىء الى أمر ا ّ‬
‫ب المقسطين « ‪.‬‬
‫ل يح ّ‬
‫نا ّ‬‫بالعدل إ ّ‬

‫ى عن الصادق عن‬
‫ى بن إبراهيم القم ّ‬
‫روى فى الصافى من الكافى و التهذيب و عل ّ‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬هه هه هههههه ه ههههه ههه هههههه ه‬
‫هههههه هه ههه هههه ههههه ههههه ه ههه‬

‫] ‪[ 23‬‬

‫ل عليه و آله ‪ :‬إنّ‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫سلم فى حديث لما نزلت هذه الية قال رسول ا ّ‬ ‫أبيه عليهما ال ّ‬
‫ل عليههه‬‫منكم من يقاتل على التأويل كما قاتلت على التنزيل ‪ ،‬فسئل من هو ؟ فقال صّلى ا ّ‬
‫سههلم ‪ ،‬فقههال عمههار بههن ياسههر ‪ :‬قههاتلت‬ ‫و آله ‪ :‬خاصف النعل يعنى أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫ل لو ضهربونا حّتهى‬ ‫ل عليه و آله ثلثا و هذه الّرابعةو ا ّ‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫بهذه الّراية مع رسول ا ّ‬
‫سيرة فيهههم‬‫ق و أّنهم على الباطل و كانت ال ّ‬ ‫يبلغوا بنا السعفات من هجر لعلمنا أنا على الح ّ‬
‫ل عليه و آله يوم فتح مكة ‪ ،‬فاّنه لم يسب‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫من أمير المؤمنين ما كان من رسول ا ّ‬
‫منهم ذرّية و قال ‪ :‬من أغلق بابه فهو آمن ‪ ،‬و من ألقى سلحه فهو آمن ‪ ،‬و من دخل دار‬
‫سلم يوم البصرة نادى فيهههم ‪ :‬ل‬ ‫أبى سفيان فهو آمن ‪ ،‬و كذلك قال أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫تسبوا لهم ذرّية ‪ ،‬و ل تجهزوا على جريح و ل تتبعوا مههدبرا ‪ ،‬و مههن أغلههق بههابه و ألقههى‬
‫سلحه فهو آمن ‪.‬‬

‫سلم إّنما جاء تأويههل هههذه اليههة يههوم البصههرة و هههم‬‫و فيه من الكافي عن الصادق عليه ال ّ‬
‫سههلم فكههان الههواجب عليهههم‬‫أهل هذه الية ‪ ،‬و هم الذين بغوا على أمير المههؤمنين عليههه ال ّ‬
‫سلم فيما‬ ‫ل ‪ ،‬و لو لم يفيئوا لكان الواجب عليه عليه ال ّ‬ ‫قتلهم و قتالهم حتى يفيئوا إلى أمر ا ّ‬
‫ل أن ل يرفع السيف عنهم حّتى يفيئوا و يرجعوا عن رأيهم ‪ ،‬لّنهم بايعوا طههائعين‬ ‫انزل ا ّ‬
‫له عهّز و جههل ‪ ،‬فكههان الههواجب علههى أميههر‬ ‫غير كارهين ‪ ،‬و هى الفئة الباغية كمهها قههال ا ّ‬
‫له‬
‫له صهّلى ا ّ‬ ‫سلم أن يعدل فيهم حيث كان ظفر بهم كمهها عههدل رسههول ا ّ‬ ‫المؤمنين عليه ال ّ‬
‫ن عليهم و عفى ‪ ،‬و كذلك صنع أمير المؤمنين عليههه‬ ‫عليه و آله و سّلم فى أهل مّكة إّنما م ّ‬
‫ل عليههه و آلههه بأهههل مّكههة‬
‫ى صّلى ا ّ‬
‫سلم بأهل البصرة حيث ظفر بهم بمثل ما صنع النب ّ‬ ‫ال ّ‬
‫حذو النعل بالنعل ‪.‬‬

‫له بقههوم‬
‫و مثل قوله تعالى » يا أّيها الذين آمنوا مهن يرتهّد منكهم عههن دينههه فسهوف يههأتي ا ّ‬
‫يحّبهم و يحّبونه أذّلة على المؤمنين أعّزة على الكافرين « ‪.‬‬

‫قال في مجمع البيان في تفسير الية قيل ‪ :‬هم أميههر المههؤمنين و أصههحابه حيههن قاتههل مههن‬
‫قههاتله مههن الّنههاكثين و القاسههطين و المههارقين ‪ ،‬و روى ذلههك عههن عمههار و حذيفههة و ابههن‬
‫سلم قال و روى‬ ‫ل عليه ال ّ‬
‫سلم و أبي عبد ا ّ‬ ‫ى عن أبي جعفر عليه ال ّ‬ ‫عّباس ‪ ،‬و هو المرو ّ‬
‫ل ما قوتل أهل هذه الية حّتى اليوم ‪.‬‬ ‫سلم اّنه قال يوم البصرة ‪ :‬و ا ّ‬
‫ي عليه ال ّ‬
‫عن عل ّ‬

‫‪-----------‬‬
‫ههه ه ه‬
‫) ‪ ( 1‬هههه هه هه‬

‫] ‪[ 24‬‬

‫و سيأتي لهذه الية مزيهد تحقيههق و تفصههيل بعههد الفهراغ مههن شهرح هههذا الفصههل فههي أّول‬
‫التنبيهات التية ‪.‬‬

‫له عليهه و آلهه و سهّلم فههي ضهمن الخبهار‬


‫و إّما ‪ 1‬بما صدر عن لسان الّرسههول صهّلى ا ّ‬
‫الّنبوّية من الوامر النشائية و الجملت الخبرّية اّلتي في معنى النشاء ‪ ،‬حسبما عرفتههها‬
‫في شرح الفصل الخامس من المختار الثالث ‪ ،‬و شرح المختار المأة و الثامن و الربعين‬
‫‪،‬‬

‫و شرح الفصل الثاني من المختار المأة و الخامس و الخمسين في الّتنبيه الّول منه ‪،‬‬

‫و قد عرفت في الّتنبيه الثاني منه و في شرح المختار الثالث و الثلثين تحقيههق الكلم فههي‬
‫ن مراجعتهها‬‫كفر البغاة و ساير أحكامهم ‪ ،‬فليراجع إلهى المواضهع اّلهتي اشهرنا إليهها ‪ ،‬فها ّ‬
‫يوجب مزيد البصيرة في المقام ‪.‬‬

‫سههلم‬
‫ن أهل البغى اّلذين كان أمير المؤمنين عليههه ال ّ‬
‫و تعرف بما أوردناه هنا و فيما تقّدم أ ّ‬
‫مأمورا بقتالهم هم الناكثون و القاسطون و المارقون كما أوضحه بقوله ‪:‬‬

‫صههلهم بقههوله ) فأّمهها الّنههاكثون ( أى الّناقضههون مهها‬


‫) و الّنكث و الفسههاد فههي الرض ( و ف ّ‬
‫عقدوه من البيعة و هم أصحاب الجمل ) فقد قاتلت ( و قد مضى تفصيل قتالهم فههي شههرح‬
‫المختار الحادى عشر ‪.‬‬
‫ق و الّدين و هم أصحاب معاوية و صّفين ) فقههد‬ ‫) و أّما القاسطون ( أى العادلون عن الح ّ‬
‫جاهدت ( و مضههي تفصههيل جهههادهم فههي شههرح المختههار الخههامس و الثلثيههن و المختههار‬
‫الحادى و الخمسين و المختار الخامس و الستين ‪.‬‬

‫) و أّما المارقة ( و هم خوارج النهروان اّلذين مرقههوا مههن الهّدين أى جههازوا منههه مههروق‬
‫سههادس و الثلثيههن‬ ‫سهم من الرمية حسبما عرفته في التذييل الّول من شههرح المختههار ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ى ذّللتهم و قهرتهم حسبما عرفته في التذييل الثههانى منههه ) و أّمهها شههيطان‬
‫) فقد دّوخت ( أ ّ‬
‫ل من شّره ) بصعقة سمعت لها وجبة قلبه ( و اضطرابه )‬ ‫الّردهة فقد كفيته ( أى كفانى ا ّ‬
‫جة صدره ( و زلزاله ‪.‬‬ ‫ورّ‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬هه ه هه ه هههه ه ه هه ه ههه ه ه ههههه ه ه‬
‫ههه هههه هه ه هه ه هههه ه ه ههههه ه ه ه هه‬
‫هههه ههههه ه ههه ‪.‬‬

‫] ‪[ 25‬‬

‫ن المههراد بههه ذو الّثديههة رئيههس‬


‫و قد اختلف القوال فى شيطان الّردهههة فقههد قههال قههوم ‪ 1‬إ ّ‬
‫ن ‪ ،‬و أّمهها إضههافته‬
‫ل قائد ضللة مثل شيطان الج ه ّ‬ ‫شيطان لكونه ضا ّ‬ ‫الخوارج و تسميته بال ّ‬
‫إلى الّردهة فلما عرفته في التذييل الثانى من شرح المختار السادس و الثلثين من أّنه بعد‬
‫سلم فى القتلى فوجده بعد جّد أكيههد فههى حفههرة داليههة‬ ‫الفراغ من قتل الخوارج طلبه عليه ال ّ‬
‫سلم إليها لذلك ‪.‬‬‫فنسبه عليه ال ّ‬

‫صههاعقة و هههى‬
‫ن المههراد بههها ال ّ‬
‫سلم عنههه بههها فقههد قيههل ‪ :‬إ ّ‬
‫و أّما الصعقة اّلتي كفى عليه ال ّ‬
‫ن علّيا لّما قابل القوم صاح بهم فكان ذو الّثدية مّمههن هههرب مههن‬ ‫صيحة العذاب لما روى أ ّ‬
‫صيحته حّتى وجد قتيل فى الحفرة المذكورة ‪.‬‬

‫ل بصاعقة من السماء فهلك بها و لم يقتل بالسيف ‪ ،‬و قيل ‪:‬‬


‫و قيل إّنه رماه ا ّ‬

‫سلم بالسيف غشى عليه فمات ‪.‬‬


‫إّنه لما ضربه عليه ال ّ‬

‫ن شيطان الّردهة أحد البالسة المردة مههن أولد ابليههس الّلعيههن قههال الشههارح‬ ‫و قال قوم ‪ :‬إ ّ‬
‫ل عليه و آله و أّنه كان يتعّوذ منههه ‪ ،‬و‬ ‫المعتزلى ‪ :‬ورووا فى ذلك خبرا عن الّنبى صّلى ا ّ‬
‫ب العقبههة هههو‬
‫ب العقبههة اى شههيطانها و لعههل أز ّ‬
‫ل عليه و آله هههذا أز ّ‬
‫هذا مثل قوله صّلى ا ّ‬
‫شيطان الّردهة بعينه فتارة يعّبر بهذا اللفظ و اخرى بذلك ‪.‬‬
‫ن و يكون الشارة بهذا الكلم إلى ما وقع‬
‫أقول ‪ :‬و الظهر أن يكون المراد به شيطان الج ّ‬
‫سلم فى بئر ذات العلم ‪.‬‬
‫منه عليه ال ّ‬

‫سههند السهّيد هاشههم البحرانههى فههى كتهاب مدينههة المعههاجز عههن ابههن شهههر‬
‫فقد روى السهّيد ال ّ‬
‫له بهن الحهارث عهن أبيهه ‪ ،‬عهن ابهن‬ ‫آشوب ‪ ،‬عن محّمد بن إسحاق ‪ ،‬عن يحيى بن عبد ا ّ‬
‫عّباس و عن أبي عمر و عثمان بن أحمد عن محّمد بن هههارون باسههناده عههن ابههن عبههاس‬
‫ل عليه و آله‬‫ى صّلى ا ّ‬‫فى خبر طويل أّنه أصاب الّناس عطش شديد فى الحديبّية فقال الّنب ّ‬
‫سقاة إلى بئر ذات العلم فيأتينا بالمههاء و أضههمن لههه علههى‬
‫و سّلم هل من رجل يمضى مع ال ّ‬
‫ل الجّنة ؟‬
‫ا ّ‬

‫شجر و البئر سمعوا‬


‫فذهب جماعة فيهم سلمة بن الكوع فلّما دنوا من ال ّ‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬ههه ههه ههه هههه هه هههه ه ه ه هه ه هه ه‬
‫هه ه ههههه هه ه هههههههه هه هه ه هه هه ه‬
‫هههه هه ه هههه ههههه ه ه ه هه هه ه ههههه ه ‪:‬‬
‫ههههه ه هههه هه ه ه هههه ه هه هههه ههه ه‬
‫ههه هه ه ه هه ه ه ه ههه هه ه ) ه ( هه ه هه ه هه‬
‫هههههه هههه ههههه هههههه ه ههه‬

‫] ‪[ 26‬‬

‫سا و حركة شديدة و قرع طبول و رأوا نيرانا تتقد بغير حطب فرجعوا خههائفين » خ ل‬‫حّ‬
‫خائبين « ‪.‬‬

‫سقاة يأتينا بالماء أضمن له‬


‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬هل من رجل يمضى مع ال ّ‬
‫ثّم قال صّلى ا ّ‬
‫ل الجّنة ؟ فمضى رجل من بنى سليم و هو يرتجز و يقول ‪:‬‬ ‫على ا ّ‬

‫ظهههههههههههههههاهر نحهههههههههههههههو السهههههههههههههههلم‬ ‫أمهههههههههههههههن غريهههههههههههههههف ‪1‬‬


‫جههههههههههههههههههههه خيهههههههههههههههههههر المهههههههههههههههههههم‬
‫ينكهههههههههههههههههههل مهههههههههههههههههههن و ّ‬

‫مهههههههههههههههههههن قبهههههههههههههههههههل أن يبلهههههههههههههههههههغ آبهههههههههههههههههههار العلهههههههههههههههههههم‬


‫فيسههههههههههههههههههههههتقى و الليههههههههههههههههههههههل مبسههههههههههههههههههههههوط الظلههههههههههههههههههههههم‬

‫و يههههههههههههههههههههههههأمن الههههههههههههههههههههههههّذم و توبيههههههههههههههههههههههههخ الكلههههههههههههههههههههههههم‬


‫و صاحب السيف لسيف منهدم‬
‫س رجعوا وجلين ‪.‬‬
‫فلّما وصلوا إلى الح ّ‬

‫سههقاة إلههى الههبئر ذات العلههم‬


‫ل عليه و آله ‪ :‬هل من رجههل يمضههي مههع ال ّ‬
‫ي صّلى ا ّ‬
‫فقال الّنب ّ‬
‫ل الجّنة ؟ فلم يقم أحد ‪ ،‬و اشتّد بالّناس العطش و هم صيام ‪.‬‬ ‫فيأتينا بالماء أضمن له على ا ّ‬

‫سلم ‪ :‬سر مع هؤلء السقاة حّتى تههرد بئر‬ ‫ي عليه ال ّ‬


‫ل عليه و آله و سّلم لعل ّ‬
‫ثّم قال صّلى ا ّ‬
‫سلم قائل ‪:‬‬
‫ي عليه ال ّ‬
‫ل فخرج عل ّ‬ ‫ذات العلم و تستقى و تعود إنشاء ا ّ‬

‫أعههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههوذ بههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههالّرحمن أن أميل‬


‫ن أظهههههههههههههههروا تههههههههههههههأويل‬
‫جهههههههههههههه ّ‬ ‫مههههههههههههههن غههههههههههههههرف ‪2‬‬

‫و أوقههههههههههههههههههههههههههههههههدت نيرانههههههههههههههههههههههههههههههههها تغههههههههههههههههههههههههههههههههويل‬


‫و قرعت مع غرفها الطبول‬

‫سلم إلينا و قال ‪ :‬اّتبعههوا أثههري‬‫ي عليه ال ّ‬


‫قال فداخلنا » خ ل فتداخلنا « الّرعب فالتفت عل ّ‬
‫ل‪.‬‬
‫و ل يفزعّنكم ما ترون و تسمعون فليس بضائركم إنشاء ا ّ‬

‫شجر فاذا بنيران تضطرم بغيهر حطههب و أصههوات هائلهة و رؤوس‬ ‫ثّم مضى فلّما دخلنا ال ّ‬
‫جة و هو يقول ‪ :‬اّتبعوني و ل خوف عليكم و ل يلتفت أحد منكم يمينهها و ل‬ ‫طعة لها ض ّ‬ ‫مق ّ‬
‫شمال ‪.‬‬

‫شجر و وردنا الماء فأدلى البراء بن عازب دلههوه فههي الهبئر فاسههتقى دلههوا و‬
‫فلّما جاوزنا ال ّ‬
‫دلوين ثّم انقطع الّدلو فوقع فى القليب ‪ ،‬و القليب ضّيق مظلم بعيد القعر ‪،‬‬

‫فسمعنا في أسفل القليب قهقهة و ضحكا شديدا ‪.‬‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬هههههه ههههه ههههه هههههه هههههه هه‬
‫ههه ههه هه هههههه هه ههههه ه ههههه ه ههه‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 2‬ههههه ههه هههه هه ه ههه‬

‫] ‪[ 27‬‬

‫سلم ‪ :‬من يرجع الى عسكرنا فيأتينا بدلو و رشا ؟ ‪ 1‬فقال أصحابه عليه‬
‫ي عليه ال ّ‬
‫فقال عل ّ‬
‫سلم ‪:‬‬
‫ال ّ‬
‫ل علههوا و جعههل‬
‫من يستطيع ذلك ‪ ،‬فائتزر بمئزر و نزل في القليب و مهها تههزداد القهقهههة إ ّ‬
‫سلم ينحدر في مراقي القليب إذ زّلت رجله فسقط فيه ‪ ،‬ثّم سههمعنا وجبههة شههديدة و‬ ‫عليه ال ّ‬
‫ى عليههه الصههلة و‬‫اضههطرابا و غطيطههاكغطيط المخلههوق » المخنههوق ظ « ثهّم نههادى عله ّ‬
‫ل ‪ ،‬هلّموا قربكم‬
‫ل و أخو رسول ا ّ‬ ‫ل أكبر أنا عبد ا ّ‬
‫ل أكبر ا ّ‬
‫السلم و التحّية و الكرام ‪ :‬ا ّ‬
‫فأفعمها و أصعدها على عنقه شيئا فشيئا و مضى بين أيدينا فلم نر شيئا فسمعنا صوتا ‪.‬‬

‫أى فههههههههههههههههههههههههتى ليههههههههههههههههههههههههل أخههههههههههههههههههههههههي روعههههههههههههههههههههههههات‬


‫ى سههههههههههههههههههههههههههههههههّباق إلههههههههههههههههههههههههههههههههى الغايههههههههههههههههههههههههههههههههات‬
‫وأ ّ‬

‫لههههههههههههههههههههههههههههههههه دّر الغهههههههههههههههههههههههههههههههههرر السهههههههههههههههههههههههههههههههههادات‬


‫ّ‬
‫مهههههههههههههههههههههههن هاشهههههههههههههههههههههههم الهامهههههههههههههههههههههههات و القامهههههههههههههههههههههههات‬

‫لههههههههههههههههههههههه ذى اليهههههههههههههههههههههههات‬
‫مثهههههههههههههههههههههههل رسهههههههههههههههههههههههول ا ّ‬
‫ي كاشههههههههههههههههههههههههههههههههف الكربههههههههههههههههههههههههههههههههات‬
‫أو كعلهههههههههههههههههههههههههههههههه ّ‬

‫كذا يكون المرء في حاجات‬

‫سلم‬
‫فارتجز أمير المؤمنين عليه ال ّ‬

‫الليههههههههههههههههههههههههل هههههههههههههههههههههههههول يرهههههههههههههههههههههههههب المهيبهههههههههههههههههههههههها‬


‫جع اللبيبههههههههههههههههههههههههههههههههها‬
‫و مهههههههههههههههههههههههههههههههههذهل المشههههههههههههههههههههههههههههههههه ّ‬

‫و اّننهههههههههههههههههههههههههي اههههههههههههههههههههههههههول منهههههههههههههههههههههههههه ذيبههههههههههههههههههههههههها‬


‫و لسهههههههههههههههههههههت أخشهههههههههههههههههههههي الهههههههههههههههههههههّردع و الخطوبههههههههههههههههههههها‬

‫صههههههههههههههههههههههههههههههارم القضههههههههههههههههههههههههههههههيبا‬
‫إذا هههههههههههههههههههههههههههههههززت ال ّ‬
‫أبصرت منه عجبا عجيبا‬

‫له عليههه و آلههه ‪ :‬مههاذا رأيههت فههي‬


‫ل صّلى ا ّ‬
‫ي و له زجل ‪ 3‬فقال رسول ا ّ‬ ‫و انتهى إلى الّنب ّ‬
‫ن اّلههذي رأيتههه مثههل‬
‫ل عليه و آله و سّلم إ ّ‬
‫طريقك يا علي ؟ فأخبره بخبره كّله فقال صّلى ا ّ‬
‫سلم ‪ :‬اشههرحه لههي يهها‬ ‫ي عليه ال ّ‬
‫ل لي و لمن حضر معي في وجهي هذا ‪ ،‬قال عل ّ‬ ‫ضربه ا ّ‬
‫ل‪.‬‬
‫رسول ا ّ‬

‫جة و للسههنتها لجلجههة ‪،‬‬‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬أّما الّرؤوس اّلتي رأيتم لها ضه ّ‬
‫فقال صّلى ا ّ‬
‫ل منهههم صههرفا و ل‬ ‫فذلك مثل قومي معي يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم و ل يقبل ا ّ‬
‫عدل و ل يقيم لهم يوم القيامة وزنا ‪.‬‬
‫و أما النيران بغير حطب ففتنة تكون في أمتي بعدي القائم فيها و القاعد سواء‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬ههههه هههه ه هه هه هه ههه ه ه ههه هه ه ه‬
‫ههههه ه ههه‬

‫‪-----------‬‬
‫هه‬
‫) ‪ ( 2‬ههههه ه ه هه ههه ههه ههههه هه ه ههه‬
‫هههه ههه هههه ههه ههههه هه هههه ه ههه‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 3‬ههههه هههههه ههههههه ههههه ه ههه ‪.‬‬

‫] ‪[ 28‬‬

‫ل لهم عمل و ل يقيم لهم يوم القيامة وزنا ‪.‬‬


‫ل يقبل ا ّ‬

‫و أّما الهاتف اّلذى هتف بك فذلك سلقعة و هو سملقة » كذا « بن غههداف الههذى قتههل عههدّو‬
‫ل مسعرا شيطان الصنام اّلذى كان يكّلم قرين منها و يشرع في هجائي ‪ ،‬هذا ‪.‬‬ ‫ا ّ‬

‫سلم ) و بقيت بقّية من أهل البغي ( أراد به معاوية و أصحابه لنه لم يكههن‬‫و قوله عليه ال ّ‬
‫أتى عليهم بأجمعهم ‪ ،‬بل بقيت منهم بقّية بمكيدة التحكيم حسبما عرفته في شههرح المختههار‬
‫الخامس و الثلثين ‪.‬‬

‫ل في الكّرة عليهههم ( هههذا بمنزلههة التعليههق‬


‫) و ( الذى فلق الحّبة و برء النسمة ) لئن أذن ا ّ‬
‫ل سبحانه لي الّرجوع إليهم بأن يمّد لى في العمر و يفسح في الجل و‬ ‫بالمشّية أى إنشاء ا ّ‬
‫ن منهم ( أى ليكون الّدولة و الغلبة لي عليهم ‪.‬‬ ‫يهّيأ أسباب الّرجوع ) لديل ّ‬

‫لم و نون التوكيد لتأكيد تحّقق الدالة و ثبوته ل محالههة بعههد‬


‫و التيان في جواب القسم بال ّ‬
‫ق فههي‬
‫صههادق و قههوله الح ه ّ‬
‫حصول الذن و المشّية منه سبحانه ‪ ،‬و ذلك بمقتضي وعههده ال ّ‬
‫ى عزيز « ‪.‬‬ ‫ل لقو ّ‬
‫نا ّ‬
‫ل من ينصره إ ّ‬
‫نا ّ‬‫كتابه العزيز » و لينصر ّ‬

‫ل سههبحانه فههي الكهّرة‬


‫سلم قد كان عالما بعدم اذن ا ّ‬ ‫و بعد هذا فلقائل أن يقول ‪ :‬إّنه عليه ال ّ‬
‫له‬‫ل سبحانه و اخبار رسوله صّلى ا ّ‬ ‫عليهم و الدالة منهم ‪ ،‬و ذلك لما كان يعلمه باخبار ا ّ‬
‫سلم نفسه أخبر بذلك‬ ‫ن بنى امّية يملكون البلد ألف شهر ‪ ،‬و قد كان عليه ال ّ‬ ‫عليه و آله بأ ّ‬
‫ل أو تخضب هذه من هذه و يتلعب بها‬ ‫حين شاع فى الكوفة خبر موت معاوية بقوله ‪ :‬ك ّ‬
‫ابن آكلة الكباد ‪ ،‬فى الّرواية اّلتي تقّدمت فى شرح المختار السادس و الخمسههين ‪ ،‬و مههع‬
‫ل فى الكّرة اه ؟‬
‫سلم ‪ :‬و لئن أذن ا ّ‬
‫ذلك كّله فما معنى قوله عليه ال ّ‬

‫سهلم بعهدم وقهوع مضهمونها لربهط‬


‫قلت ‪ :‬التيان بهذه الجملة الشرطية مع علمهه عليهه ال ّ‬
‫جاش المخاطبين و تقوية قلوبهم ‪.‬‬

‫ى بن حههاتم و كههان معههه‬ ‫ي بن إبراهيم بسنده عن عد ّ‬ ‫سلم عل ّ‬ ‫و نظيره ما رواه عنه عليه ال ّ‬
‫سلم فى مردبه » كذا « أن عليا قال ليلة الهريههر بصهّفين حيههن التقههى مههع معاويههة‬ ‫عليه ال ّ‬
‫له‬
‫ن معاوية و أصحابه ‪ ،‬ثّم قال فى آخر قوله ‪ :‬إنشاء ا ّ‬ ‫رافعا صوته يسمع أصحابه ‪ :‬لقتل ّ‬
‫تعالى ‪ ،‬يخفض بها صوته ‪ ،‬و كنت قريبا منه فقلت ‪ :‬يا أمير المؤمنين إّنك حلفت‬

‫] ‪[ 29‬‬

‫ن الحرب خدعة و أنا عنههد‬ ‫سلم ‪ :‬إ ّ‬


‫على ما قلت ثّم استثنيت فما أردت بذلك ؟ فقال عليه ال ّ‬
‫أصحابى صدوق فأردت أن اطمع أصحابى كيل يفسئوا » يفشلواظ « و ل يفّروا ‪ ،‬فههافهم‬
‫ل ‪ ،‬هذا ‪.‬‬
‫فانك تنتفع بهذه بعد اليوم انشاء ا ّ‬

‫ل ما يتشّذر فى أطراف الرض تشّذرا ( كلمة ما هنا بمعنى مههن‬ ‫سلم ‪ ) :‬إ ّ‬
‫و قوله عليه ال ّ‬
‫ل من يتفّرق فى أطرافها تفّرقا ممنّ لم يتههّم‬
‫كما فى قوله ‪ » :‬و السماء و ما بناها « ‪ ،‬أى إ ّ‬
‫أجله ثّم نّبه على نجدته و شجاعته بقوله ‪:‬‬

‫) أنا وضعت فى الصغر بكلكل العرب ( استعار لفههظ الكلكههل للكههابر و الرؤسههاء مههن‬
‫العرب و أشراف القبايل اّلذين قتلهم في صدر السلم ‪ ،‬و الجامع للستعارة كونهم سبب‬
‫ن الكلكههل للجمههل كههذلك سههبب‬
‫قّوة العرب و مقّدميهم و بهم انتهاضهههم إلههى الحههرب كمهها أ ّ‬
‫لنهوضه و قيامه و قوته و مقدم أجزائه ‪.‬‬

‫و يجوز أن يكون من باب الستعارة بالكناية ‪ ،‬بأن يشبه العرب بجمههال مسههتجلت ذوات‬
‫الصدور و الكلكل في القّوة ‪ ،‬فيكون اثبات الكلكل تخييل ‪ ،‬و الوضع ترشيحا ‪.‬‬

‫ن إناخة الجمل‬
‫سلم بوضعه لهم إلى قهرهم و إذللهم كما أ ّ‬‫ي تقدير فأشار عليه ال ّ‬
‫و على أ ّ‬
‫يستلزم قهره و إذلله قال الشاعر ‪:‬‬

‫ل مناخهههههههههههههههههههههههة‬
‫كإ ّ‬
‫مراجيهههههههههههههههههههههههح مههههههههههههههههههههههها تنفههههههههههههههههههههههه ّ‬
‫على الحتف أو ترمى بها بلدا قفرا‬

‫و إن شئت أن تعرف انموزجا من قتله و قتاله و إذلله للكلكههل و الشههجعان فاسههتمع لمهها‬
‫سلم في أّول غزاة كانت في السلم و هي غزوة بدر ‪ ،‬و قههد كههانت تلههك‬ ‫وقع منه عليه ال ّ‬
‫الغزوة على رأس ثمانية عشر شهرا من الهجرة كما في كشف الغمة و كههان عمههره عليههه‬
‫سلم إذ ذاك سبعة و عشرين سنة ‪.‬‬
‫ال ّ‬

‫قال المفيد في الرشاد ‪ :‬و أما الجهاد اّلذى ثبتههت بههه قواعههد السههلم ‪ ،‬و اسههتقّرت بثبههوته‬
‫سلم بما اشتهر ذكره في‬ ‫صص منه أمير المؤمنين عليه ال ّ‬ ‫شرايع المّلة و الحكام ‪ ،‬فقد تخ ّ‬
‫ص و العاّم ‪ ،‬و لم يختلف فيههه العلمههاء ‪ ،‬و ل تنههازع‬
‫النام ‪ ،‬و استفاض الخبر به بين الخا ّ‬
‫ل غفل لم يتأّمل في الخبار ‪ ،‬و ل دفعه أحد مّمن نظر‬ ‫ك فيه إ ّ‬
‫في صحته الفهماء ‪ ،‬و ل ش ّ‬
‫ل معاند بّهات ل يستحيي من العار ‪.‬‬ ‫في الثار إ ّ‬

‫] ‪[ 30‬‬

‫سلم في غزاة البدر المذكورة في القرآن ‪ ،‬و هي أّول حههرب‬


‫فمن ذلك ما كان منه عليه ال ّ‬
‫كان به المتحان ‪ ،‬و ملت رهبة صدور المعدودين من المسلمين في الشجعان ‪،‬‬

‫و راموا التأخر عنها لخوفهم منها و كراهتهم لها على ما جاء به محكم الّذكر فى التبيان ‪.‬‬

‫ن المشهركين حضهروا بهدرا مصهّرين علهى القتهال ‪،‬‬ ‫و كان من جملهة خهبر ههذه الغهزاة إ ّ‬
‫مستظهرين فيه بكثرة الموال ‪ ،‬و العدد و العّدة و الّرجال ‪ ،‬و المسلمون إذ ذاك نفر قليههل‬
‫عدد هناك ‪ ،‬و حضرته طوايف منهم بغيههر اختيههار ‪ ،‬و شهههدته علههى الكراهههة منههها لههه و‬
‫الضطرار ‪.‬‬

‫فتحّدتهم قريش بالبراز و دعتهههم إلههى المصههافة و النههزال و اقههترحت ‪ 1‬فههي اللقههاء منهههم‬
‫ل عليه و آله من ذلههك فقههال‬
‫ي صّلى ا ّ‬‫الكفاء ‪ ،‬و تطاولت النصار لمبارزتهم فمنعهم النب ّ‬
‫لهم ‪:‬‬

‫ن القوم دعوا الكفاء ‪.‬‬


‫إّ‬

‫ثّم أمر علّيا أمير المؤمنين بالبروز إليهم ‪ ،‬و دعهها حمههزة بههن عبههد المطلههب و عبيههدة ابههن‬
‫ل عليهما أن يبرزا معه ‪ ،‬فلّما اصطفوا لهههم لههم يثبتهههم ‪ 2‬القههوم لنهههم‬
‫الحارث رضوان ا ّ‬
‫كانوا قد تغّفروا فسألوهم من أنتم ‪ ،‬فانتسبوا لهم ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬أكفاء كههرام ‪ ،‬و نشههبت الحههرب‬
‫بينهم ‪.‬‬

‫سلم فلم يلبثه حّتى قتله ‪ ،‬و بارز عقبة حمههزة رضههي‬ ‫و بارز الوليد أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫له فهاختلفت بينهمها ضهربة قطعهت‬ ‫ل عنهه فقتلههه حمهزة ‪ ،‬و بهارز شههيبة عبيهدة رحمهه ا ّ‬
‫ا ّ‬
‫سلم بضربة بدر بها شههيبة فقتلههه ‪ ،‬و‬‫إحداهما فخذ عبيدة ‪ ،‬فاستنقذه أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫شركه فى ذلك حمزة ‪.‬‬
‫فكان قتل هؤلء الثلثة أّول وهن لحق المشركين ‪ ،‬و ذلّ دخل عليهم ‪ ،‬و رهبههة اعههتراهم‬
‫بها الّرعب من المسلمين ‪ ،‬و ظهر بذلك امارات نصر المسلمين ‪.‬‬

‫ثّم بارز أمير المؤمنين العاص بن سعيد بن العاص بعد أن أحجم عنه من سواء‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬هه هههه‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 2‬هه هه هههههه هه ههههههه ه ههه‬

‫] ‪[ 31‬‬

‫فلم يلبثه أن قتله ‪ ،‬و برز إليه حنظلة بن أبي سفيان فقتله ‪ ،‬و بههرز إليههه طعيمههة بههن عههدى‬
‫فقتله ‪ ،‬و قتل بعده نوفل بن خويلد و كان من شياطين قريش ‪.‬‬

‫سلم يقتل واحدا منهم بعد واحد حّتى أتى على شطر المقتولين منهههم ‪ ،‬و‬ ‫و لم يزل عليه ال ّ‬
‫كانوا سبعين رجل توّلى كاّفة من حضر بدرا من المسلمين مع ثلثههة آلف مههن الملئكههة‬
‫سلم قتل الشطر الخر وحههده‬ ‫المسّومين قتل الشطر منهم ‪ ،‬و توّلى أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫ل له و تأييده و توفيقه و نصره و كان الفتح له بذلك على يديه ‪.‬‬ ‫بمعونة ا ّ‬

‫ل عليه و آله كّفا من الحصى فرمي بها في وجههوههم و‬


‫و ختم المر بمناولة الّنبي صّلى ا ّ‬
‫قال لهم ‪:‬‬

‫له المهؤمنين‬
‫ل وّلهى الهّدبر بهذلك منهزمها ‪ ،‬و كفهى ا ّ‬
‫شاهت الوجوه ‪ ،‬فلم يبق أحهد منههم إ ّ‬
‫صة الّرسول عليههه و‬
‫سلم و شركائه في نصرة الّدين من خا ّ‬ ‫القتال بأمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫آله السلم و من أّيدهم به من الملئكة الكرام ‪.‬‬

‫صة معا أسماء اّلذين توّلى أمير المؤمنين عليهه‬ ‫قال المفيد ‪ :‬و قد أثبتت رواة العامة و الخا ّ‬
‫سلم قتلهم ببدر من المشركين على اّتفاق فيمهها نقلههوه مههن ذلههك و اصههطلح فكههان مّمههن‬ ‫ال ّ‬
‫سّموه ‪ :‬الوليد بن عتبة كما قّدمناه و كان شههجاعا جرئيهها و قاحهها فاتكاتههها بههه الّرجههال ‪ ،‬و‬
‫العاص بن سعيد و كان هول عظيمهها تهها بههه البطهال ‪ ،‬و ههو اّلههذى حهاد عنههه عمههر بهن‬
‫ى بهن نوفهل و كهان مهن رؤوس أههل الضهلل ‪ ،‬و نوفهل ابهن‬ ‫طاب ‪ ،‬و طعيمة بن عد ّ‬ ‫الخ ّ‬
‫له عليههه و آلههه و سهّلم و كههانت‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫خويلد و كان من أشّد المشركين عداوة لرسول ا ّ‬
‫ظمه و تطيعه و هو اّلههذى قههرن أبهها بكههر و طلحههة قبههل الهجههرة بمكههة و‬ ‫قريش تقّدمه و تع ّ‬
‫له‬
‫أوثقهما بحبل و عّذبهما يوما إلى الليل حّتههى سههئل فههي أمرهمهها و لّمهها عههرف رسههول ا ّ‬
‫ل أن يكفيه أمههره فقههال ‪ :‬الّلههّم اكفنههي نوفههل بههن‬
‫ل عليه و آله حضوره بدرا سأل ا ّ‬ ‫صّلى ا ّ‬
‫سلم ‪.‬‬‫خويلد ‪ ،‬فقتله أمير المؤمنين عليه ال ّ‬

‫و زمعة بن السود ‪ ،‬و عقيل بن السود ‪ ،‬و الحارث بهن زمعهة ‪ ،‬و النضهر بهن الحهارث‬
‫ل ‪ ،‬و عثمههان ‪ ،‬و‬ ‫ابن عبد الّدار ‪ ،‬و عمير بن عثمان بن كعب بن تيم عّم طلحة بن عبيد ا ّ‬
‫ل ‪ ،‬و مسعود بن أبي امّية بههن المغيههرة ‪ ،‬و قيههس‬ ‫ل أخوا طلحة بن عبيد ا ّ‬
‫مالك ابنا عبيد ا ّ‬
‫بن الفاكهة ابن المغيرة ‪ ،‬و حذيفة بن أبى حذيفة بن المغيههرة ‪ ،‬و أبههو قيههس بههن الوليههد بههن‬
‫المغيرة ‪،‬‬

‫] ‪[ 32‬‬

‫و حنظلة بن أبي سفيان ‪ ،‬و عمرو بن مخذوم ‪ ،‬و أبو المنذر بن أبي رفاعههة ‪ ،‬و منيههة بههن‬
‫سهمي ‪ ،‬و العاص بن منية ‪ ،‬و علقمة بن كلدة ‪ ،‬و أبو العاص بن قيس بن عدى‬ ‫الحجاج ال ّ‬
‫ل ه بههن المنههذر بههن‬
‫‪ ،‬و معاوية ابن المغيرة بن أبي العاص ‪ ،‬و لوذان بن ربيعة ‪ ،‬و عبههد ا ّ‬
‫أبي رفاعة ‪،‬‬

‫و مسعود بن امّية بن المغيرة ‪ ،‬و حاجب بن السايب بن عويمر ‪ ،‬و اوس بن المغيههرة بههن‬
‫لوذان ‪ ،‬و زيد بن مليص ‪ ،‬و عاصم بن أبي عوف ‪ ،‬و سعيد بن وهب حليف بنى عامر ‪،‬‬
‫سههائب‬‫ل بن جميل بن زهير بن الحارث بن أسههد ‪ ،‬و ال ّ‬ ‫و معاوية ابن عبد القيس ‪ ،‬و عبد ا ّ‬
‫بن مالك ‪ ،‬و أبو الحكم بن الخنس ‪ ،‬و هشام بن أبي امّية بن المغيرة ‪.‬‬

‫سهلم فيهه‬
‫فذلك ستة و ثلثون رجل سوى من اختلف فيه أو شرك أمير المههؤمنين عليهه ال ّ‬
‫غيره ‪ ،‬و هم أكثر من شطر المقتولين ببدر على ما قّدمناه ‪.‬‬

‫سلم ببههدر قههال اسههيد يههن ايههاس يحههرض‬


‫قال المفيد ‪ :‬و فيما صنعه أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫مشركى قريش عليه ‪:‬‬

‫ل مجمهههههههههههههههههههع غايهههههههههههههههههههة أخزاكهههههههههههههههههههم‬‫فهههههههههههههههههههى كههههههههههههههههههه ّ‬


‫جههههههههههههههههههذع أبههههههههههههههههههّر علههههههههههههههههههى المههههههههههههههههههذاكى القههههههههههههههههههّرح‬

‫لهههههههههههههههههههههههههه دّركههههههههههههههههههههههههههم الّمهههههههههههههههههههههههههها تنكههههههههههههههههههههههههههروا‬


‫ّ‬
‫قههههههههههههههههههد ينكههههههههههههههههههر الحههههههههههههههههههّر الكريههههههههههههههههههم و يسههههههههههههههههههتحى‬

‫ههههههههههههههههههههذا ابهههههههههههههههههههن فاطمهههههههههههههههههههة الهههههههههههههههههههذى أفنهههههههههههههههههههاكم‬


‫ذبحههههههههههههههههههههههها و قتل قعصهههههههههههههههههههههههة لهههههههههههههههههههههههم يذبهههههههههههههههههههههههح‬
‫اعطههههههههههههههههههههههوه خرجهههههههههههههههههههههها و اّتقههههههههههههههههههههههوا تضههههههههههههههههههههههريبه‬
‫فعهههههههههههههههههههل الهههههههههههههههههههّذليل و بيعهههههههههههههههههههة لهههههههههههههههههههم تربهههههههههههههههههههح‬

‫ل دعامههههههههههههههههههة‬
‫أيههههههههههههههههههن الكهههههههههههههههههههول و أيههههههههههههههههههن كهههههههههههههههههه ّ‬
‫فههههههههههههههههى المعضههههههههههههههههلت و ايههههههههههههههههن زيههههههههههههههههن البطههههههههههههههههح‬

‫أفنههههههههههههههههههههههاهم قعصهههههههههههههههههههههها و ضههههههههههههههههههههههربا يعههههههههههههههههههههههترى‬


‫بالسيف يعمل حّده لم يصفح‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬ههههه ه ههههه ه ه ه ههه هه ههه هه‬
‫ههه هه ه هه ه هههه ه هههه ه ه ه ههه هههه ه ه‬
‫ههههه هههه هه ههه هههه ه هه ه ههههه ه ه هه‬
‫هه ههههه ه ه هههههه هههه هه ههههه هههههه‬
‫ه هههه ههههه هه هه ه ه ههه ه هههه ه ه هه ه ه‬
‫هههه ه هه هه هه ههههه هه ههه هه ه ه هه ههه‬
‫هه هه ههه ه هه ههه ه ه هههه ه ه هههه هه هه ه‬
‫ههه ه هه هه ه ههه ههههههه ه هه ه ههههههه ه‬
‫ههه هه ه‬‫ههه هههههه ههه‬ ‫هه ههههههه ه هههه هه‬
‫هه ه ه ههه ههه ه ههه ه هههه ههه ه هههه ه ه‬ ‫هه‬
‫ههه هه هه ه ه هههههه ه ه ههههه هه ه‬
‫هههه‬‫ههههههه ه ه ههههه ههههه هه‬

‫] ‪[ 33‬‬

‫) و كسرت نواجم قرون ربيعة و مضههر ( و السههتعارة فههي هههذه القرينههة مثههل اّلههتي فههي‬
‫سابقتها ‪ ،‬فتحتمل الستعارة التحقيقية بأن يراد تشبيه رؤساء القبيلههتين و انجههادهم بقههرون‬
‫ن القههرن آلههة الحههرب و‬ ‫صولة و المحاربة للقبيلتين كما أ ّ‬
‫الحيوان ‪ ،‬لّنهم أسباب القّوة و ال ّ‬
‫صيال للكبش ‪.‬‬‫النطح و ال ّ‬

‫و تحتمل الستعارة المكنّية بأن يراد تشبيه القبيلتين بالكبش ذوات القرون في الصّههولة و‬
‫القّوة ‪ ،‬فيكون اثبات القرن تخييل ‪ ،‬و الكسر و الّنواجم ترشههيحا ‪ ،‬و المههراد بكسههره عليههه‬
‫ن الكبش اذا انتطح بكبش آخر فانكسههر قرنههه‬ ‫سلم نواجم قرونهم قهرهم ‪ ،‬و اذللهم ‪ ،‬ل ّ‬ ‫ال ّ‬
‫يغلب و يهرب ‪.‬‬
‫ل عليه‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫سلم من ربيعة و مضر فى مجاهداته بين يدى رسول ا ّ‬ ‫و قد قتل عليه ال ّ‬
‫و آله و سّلم و بعده في الجمل و صّفين جما غفيرا يكاد أن يكون أغزر من قطر المطر و‬
‫شجر ‪ ،‬و لنعم ما قال كاشف الغّمة ‪:‬‬
‫أكثر من عدد النجم و ال ّ‬

‫ي مقامهههههههههههههههات عرفهههههههههههههههن بهههههههههههههههه‬


‫سهههههههههههههههل عهههههههههههههههن علههههههههههههههه ّ‬
‫ل و مرتحهههههههههههههل‬ ‫شهههههههههههههّدت عهههههههههههههرى الهههههههههههههّدين فهههههههههههههي حههههههههههههه ّ‬

‫بههههههههههههههههههدرا واحههههههههههههههههههدا و سههههههههههههههههههل عنههههههههههههههههههه هههههههههههههههههههوازن‬


‫فهههههههههههي أوطهههههههههههاس و اسهههههههههههأل بهههههههههههه فهههههههههههي وقعهههههههههههة الجمهههههههههههل‬

‫و اسههههههههههههههههأل بههههههههههههههههه إذ أتههههههههههههههههي الحههههههههههههههههزاب يقههههههههههههههههدمهم‬


‫عمرو و صّفين سل أن كنت لم تسل‬

‫ثّم ذكر المخاطبين بمناقبه الجميلة و مفاخره الجليلة ‪ ،‬و عّد منههها تسههعا الولههى مهها أشههار‬
‫له عليههه و آلههه و سهّلم بالقرابههة‬
‫له صهّلى ا ّ‬
‫اليه بقوله ) و قد علمتم موضعى مههن رسههول ا ّ‬
‫ل و أبا طالب أخوان لب و أّم ‪ ،‬دون غيرهمهها مههن بنههي عبههد‬ ‫ن أبويهما عبد ا ّ‬
‫القريبة ( ل ّ‬
‫سلم زوج ابنتههه فاطمههة‬ ‫المطلب فهما ابنا عّم مضافا إلى علقة المصاهرة و كونه عليه ال ّ‬
‫ل عليها ‪.‬‬
‫سلم ا ّ‬

‫و الى هذه القرابة اشيرت في قوله سبحانه » هو اّلذى خلق من الماء بشرًا فجعله نسههبًا و‬
‫صهرًا « ‪.‬‬

‫روى في غاية المرام عن المالكي في فصول المهّمة عن محّمد بن سيرين فههي هههذه اليههة‬
‫له و‬‫ي بن أبيطالب ابن عهّم رسهول ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم و عل ّ‬
‫أّنها نزلت في الّنبي صّلى ا ّ‬
‫زوج ابنته فاطمة فكان نسبا و صهرا ‪.‬‬

‫ل عليههه‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫و فيه عن الشيخ فى أماليه بسنده عن انس بن مالك قال ‪ :‬ركب رسول ا ّ‬
‫و آله‬

‫] ‪[ 34‬‬

‫ذات يوم بغلته فانطلق الى جبل آل فلن و قال ‪ :‬يا أنس خذ البغلههة و انطلههق إلههى موضههع‬
‫كذا و كذا تجد علّيا جالس يسّبح بالحصى ‪ ،‬فاقرءه منى السلم و احمله على البغلة و ايت‬
‫ى‪.‬‬‫به إل ّ‬

‫ل عليه و آله و سّلم ‪ ،‬فأتيت بهه‬


‫ل صّلى ا ّ‬
‫قال أنس ‪ :‬فذهبت فوجدت علّيا كما قال رسول ا ّ‬
‫عليه ‪،‬‬
‫له ‪ ،‬قهال ‪ :‬و عليههك‬
‫ل قال ‪ :‬السههلم عليههك يهها رسهول ا ّ‬ ‫سلم برسول ا ّ‬ ‫فلّما أن نظر عليه ال ّ‬
‫ن هذا موضع قد جلس فيه سبعون نبّيا مرسل ما جلس فيههه‬ ‫السلم يا أبا الحسن اجلس ‪ ،‬فا ّ‬
‫ي أخ لههه مهها جلههس فيههه مههن الخههوة‬
‫ل نههب ّ‬
‫ل و أنا خير منه ‪ ،‬و قد جلس ك ّ‬ ‫أحد من النبياء إ ّ‬
‫ل و أنت خير منه ‪.‬‬ ‫واحد إ ّ‬

‫له‬
‫قال أنس ‪ :‬فنظرت إلى سحابة قد أظّلتهما و دنت مههن رؤوسههيهما ‪ ،‬فمهّد الّنههبى صهّلى ا ّ‬
‫ي و قههال ‪ :‬كههل‬
‫عليه و آله و سّلم يده إلى السحابة فتناول عنقود عنب فجعله بينه و بين عل ّ‬
‫يا أخي ‪.‬‬

‫ل خلههق مههاء تحههت‬ ‫له عهّز و جه ّ‬


‫نا ّ‬‫ي أخوك ؟ قال ‪ :‬إ ّ‬ ‫ل ‪ :‬صف كيف عل ّ‬ ‫قلت ‪ :‬يا رسول ا ّ‬
‫العرش قبل أن يخلق آدم بثلثة آلف عام ‪ ،‬و اسكنه في لؤلؤة خضراء فى غامض علمههه‬
‫إلى أن خلق آدم ‪ ،‬فلّما خلق آدم نقل ذلك الماء من اللؤلههؤة فههأجراه فههى صههلب آدم إلههى أن‬
‫ل ‪ ،‬ثّم نقله فى صلب شيث فلم يزل ذلههك المههاء ينتقههل مههن ظهههر إلههى ظهههر حّتههى‬ ‫قبضه ا ّ‬
‫له بههن عبههد‬
‫ل نصفين نصههف فههى أبههى عبههد ا ّ‬ ‫ل عّز و ج ّ‬‫طلب ‪ ،‬ثّم شّقه ا ّ‬
‫صار فى عبد الم ّ‬
‫ي أخي‬ ‫ى من النصف الخر ‪ ،‬فعل ّ‬ ‫طلب و نصف فى أبيطالب فأنا من نصف الماء و عل ّ‬ ‫الم ّ‬
‫ل عليه و آله » و هو الذى خلق من المههاء‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫في الّدنيا و الخرة ‪ ،‬ثّم قرء رسول ا ّ‬
‫بشرًا فجعله نسبًا و صهرًا و كان رّبك قديرا « ‪.‬‬

‫له‬
‫له صهّلى ا ّ‬
‫ل قال ‪ :‬سمعت علّيا ينشههد و رسههول ا ّ‬
‫و فى كشف الغمة عن جابر بن عبد ا ّ‬
‫عليه و آله و سّلم يسمع ‪:‬‬

‫ك فههههههههههههههي نسههههههههههههههبي‬‫أنهههههههههههههها أخههههههههههههههو المصههههههههههههههطفى ل شهههههههههههههه ّ‬


‫معههههههههههههههههههه رّبيههههههههههههههههههت و سههههههههههههههههههبطاه همهههههههههههههههههها ولههههههههههههههههههدي‬

‫لهههههههههههههههههه منفههههههههههههههههههرد‬
‫جههههههههههههههههههّدي و جههههههههههههههههههّد رسههههههههههههههههههول ا ّ‬
‫و فههههههههههههههههههههههاطم زوجههههههههههههههههههههههتى ل قههههههههههههههههههههههول ذي فنههههههههههههههههههههههد‬

‫لهههههههههههههههههه شههههههههههههههههههكرا ل شههههههههههههههههههريك لههههههههههههههههههه‬


‫فالحمههههههههههههههههههد ّ‬
‫البّر بالعبد و الباقى بل أمد‬

‫ي الثانيههة مهها أشههار‬


‫ل عليه و آله و سّلم و قال ‪ :‬صدقت يا عل ّ‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫سم رسول ا ّ‬
‫قال فتب ّ‬
‫إليه بقوله ) و المنزلة الخصيصة ( أي الخاصة و المخصوصة بي‬

‫] ‪[ 35‬‬
‫و شرحها بقوله ) وضعني في حجره ( و رّباني ) و أنا وليد ( طفل صغير ) يضّمني إلى‬
‫سني جسههده و يش هّمني‬ ‫صدره و يكنفني ( أي يضّمنى إلى كنفه و حضنه ) في فراشه و يم ّ‬
‫عرفه ( أى ريحه الطّيب ) و كان يمضغ الشىء ثّم يلقمنيه ( و هههذا كّلههه إشههارة إلههى شهّدة‬
‫ل عليه و آله له و قيامه بأمره و يوضههحه مها رواه الشههارح المعهتزلى عههن‬ ‫تربيته صّلى ا ّ‬
‫طبرى فى تاريخه قال ‪ :‬حّدثنا ابن حميد قال حّدثنا سلمة قال ح هّدثني محّمههد بههن إسههحاق‬ ‫ال ّ‬
‫ل بن نجيح عن مجاهد قال ‪:‬‬
‫قال حّدثنى عبد ا ّ‬

‫ل له و أراد به مههن الخيههر‬ ‫ي بن أبيطالب و ما صنع ا ّ‬ ‫ل على عل ّ‬‫ل عّز و ج ّ‬‫كان من نعمة ا ّ‬
‫ل ه ص هّلى‬
‫ن قريشا أصابتهم أزمة ‪ 1‬شديدة و كان أبو طالب ذا عيال كثير فقال رسههول ا ّ‬ ‫أّ‬
‫ن أخاك أبا طالب كههثير العيههال‬ ‫ل عليه و آله و سّلم للعّباس و كان من أيسر بني هاشم ‪ :‬إ ّ‬‫ا ّ‬
‫و قد ترى ما أصاب الّناس من هذه الزمة فانطلق بنا فنخّفف عنه من عياله آخذ من بنيههه‬
‫واحدا و تأخذ واحدا فنكفيهما عنه ‪ ،‬فقال العّباس ‪ :‬نعم ‪ ،‬فانطلقا حّتى أتيا أبهها طههالب فقههال‬
‫له ‪ :‬إّنا نريد أن نخّفف عنك من عيالك حّتى ينكشف عن الناس ما هم فيه ‪،‬‬

‫ل عليههه و آلههه‬‫ل صّلى ا ّ‬‫فقال لهما ‪ :‬إن تركتما لي عقيل فاصنعا ما شئتما ‪ ،‬فأخذ رسول ا ّ‬
‫ي بههن أبههي طههالب‬ ‫و سّلم عليا فضّمه إليه ‪ ،‬و أخذ العّباس جعفرا فضّمه إليه ‪ ،‬فلم يزل عله ّ‬
‫سههلم‬‫ي عليههه ال ّ‬
‫له نبّيهها ‪ ،‬فهاتبعه عله ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم حّتى بعثه ا ّ‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫مع رسول ا ّ‬
‫فأقّر به و صّدقه ‪ ،‬و لم يزل جعفر عند العّباس حّتى أسلم و استغنى عنه ‪.‬‬

‫و رواه كاشف الغّمة عن الخطيب الخوارزمي عن محّمد بن إسحاق نحوه ‪.‬‬

‫له‬‫شارح المعتزلي عن الفضل بن عبههاس قههال ‪ :‬سههألت أبههي عههن ولههد رسههول ا ّ‬ ‫و روى ال ّ‬
‫ل عليههه و آلههه و سهّلم أشهّد‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم الّذكور أّيهم كان رسول ا ّ‬ ‫صّلى ا ّ‬
‫ب إليههه مههن‬
‫ي بن أبيطالب ‪ ،‬فقلت ‪ :‬سألت لك عن بنيه ‪ ،‬فقال ‪ :‬إّنه كان أح ّ‬ ‫حّبا ‪ ،‬فقال ‪ :‬عل ّ‬
‫ل أن يكههون فههي سههفر‬ ‫بنيه جميعا و أرءف ما رأيناه زايلة يوما من الّدهر منذ كههان طفل إ ّ‬
‫شههارح ‪ :‬و‬ ‫ي له قال ال ّ‬
‫ي و ل ابنا أطوع لب من عل ّ‬ ‫لخديجة و ما رأينا أبا أبّر بابن منه لعل ّ‬
‫روى جبير بن مطعم قال ‪ :‬قال أبي مطعم بن عدي لنا و نحن‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬ه هه ههههه ههههههه ) ههه (‬

‫] ‪[ 36‬‬

‫لت‬
‫ب هذا الغلم يعني علّيا لمحّمد و اّتبههاعه لههه دون أبيههه و ال ّ‬
‫صبيان بمّكة ‪ :‬أل ترون ح ّ‬
‫و العّزى لوددت أّنه ابني بفتيان بني نوفل جميعا ‪.‬‬
‫سلم قال ‪ :‬سمعت زيههدا‬ ‫ي بن الحسين عليه ال ّ‬‫شارح ‪ :‬و روى الحسين بن زيد بن عل ّ‬ ‫قال ال ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم يمضغ الّلحمة و التمرة حّتههى تليههن‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫أبي يقول ‪ :‬كان رسول ا ّ‬
‫ي و هو صغير في حجره ‪.‬‬ ‫و يجعلهما في فم عل ّ‬

‫الثالثة ما أشار إليه بقوله ) و ما و جد لي كذبة في قول و ل خطلة في فعههل ( أى لههم تجههد‬
‫مّنى كذبا و خطاء أبدا و لو مهّرة واحههدة ‪ ،‬لوجههود العصههمة المانعههة فيههه و فههي زوجتههه و‬
‫ل عليهم أجمعين من القههدام علههى الهّذنوب صههغيرها و كبيرهها‬ ‫الطّيبين من أولده سلم ا ّ‬
‫باّتفاق المامّية و حكم آية الّتطهير و غيرها ‪ ،‬فل يقع منهم ذنب أصلل عمدا و ل نسيانا‬
‫و ل خطاء ‪.‬‬

‫روى في البحار من الخصال قال ‪ :‬قوله تعالى » ل ينال عهدى الظههالمين « عنههى بههه أنّ‬
‫ل طرفهة عيههن و إن أسهلم بعههد‬ ‫المامة ل تصلح لمن قد عبهد صهنما أو وثنها أو أشهرك بها ّ‬
‫ل»‬ ‫ل عّز و جهه ّ‬
‫شرك قال ا ّ‬ ‫ذلك ‪ ،‬و الظلم وضع الشيء في غير موضعه و أعظم الظلم ال ّ‬
‫شرك لظلم عظيم « و كذلك ل تصلح لمن قد ارتكب من المحارم شههيئا صههغيرا كههان‬ ‫ن ال ّ‬
‫اّ‬
‫أو كبيرا و إن تاب منه بعد ذلك ‪ ،‬و كذلك ل يقيم الحّد من في جانبه حّد ‪.‬‬

‫ل عليههه علههى‬
‫ل ع هّز و ج ه ّ‬
‫صا ّ‬
‫ل بن ّ‬
‫ل معصوما ‪ ،‬و ل تعلم عصمته إ ّ‬ ‫فاذا ل يكون المام إ ّ‬
‫ن العصههمة ليسهت فهى ظههاهر الخلقهة فههترى‬ ‫له عليهه و آلهه و سهّلم ‪ ،‬ل ّ‬
‫لسان نبّيه صهّلى ا ّ‬
‫لم الغيوب ‪.‬‬ ‫ل بتعريف ع ّ‬‫سواد و البياض و ما أشبه ذلك و هى مغيبة ل تعرف إ ّ‬ ‫كال ّ‬

‫و قد مضى وجههوب عصههمة المههام بتقريههر آخههر فههي مقهّدمات الخطبههة الثالثههة المعروفههة‬
‫شقشقّية ‪.‬‬
‫بال ّ‬

‫ل عليه و آله و سهّلم لتكههون تمهيههدا و تههوطئة‬


‫ل صّلى ا ّ‬
‫ثّم نّبه على منقبة عظيمة لرسول ا ّ‬
‫سلم الرابعة فقال ‪:‬‬
‫لمنقبته عليه ال ّ‬

‫ل عليه و آله من لدن كان فطيما أعظم ملك من ملئكتههه يسههلك‬


‫ل به صّلى ا ّ‬
‫) و لقد قرن ا ّ‬
‫به‬

‫] ‪[ 37‬‬

‫طريق المكارم و محاسن أخلق العالم ليله و نهاره ( ‪.‬‬

‫ي البههاقر عليهمهها‬
‫ن بعض أصحاب أبي جعفر محّمد بن عل ّ‬ ‫شارح المعتزلي ‪ :‬روى ا ّ‬‫قال ال ّ‬
‫ل من ارتضى مههن رسههول ‪ ،‬فههاّنه يسههلك مههن بيههن‬ ‫ل»إ ّ‬ ‫ل عّز و ج ّ‬
‫سلم سأله عن قول ا ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ل بأنبيائه ملئكههة يحصههون أعمههالهم و‬ ‫سلم يوّكل ا ّ‬‫يديه و من خلفه رصدًا « فقال عليه ال ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم ملكهها عظيمهها منههذ‬‫يؤّدون إليه تبليغهم الرسالة ‪ ،‬و وّكل بمحّمد صّلى ا ّ‬
‫فصههل عههن الّرضهها ) ع ( يرشههده إلههى الخيههرات و مكههارم الخلق و يسهّده عههن الشهّر و‬
‫ل و هههو شهها ّ‬
‫ب‬ ‫سلم عليك يا محّمد يا رسول ا ّ‬
‫مساوى الخلق ‪ ،‬و هو الذي كان يناديه ال ّ‬
‫ن ذلك من الحجر و الرض فيتأّمل فل يرى شيئا ‪.‬‬ ‫نأّ‬ ‫لم يبلغ درجة الّرسالة بعد فيظ ّ‬

‫ظاهر على ما يستفاد من الخبار و اشير إليه في غير واحدة مههن اليههات ‪ :‬إنّ‬ ‫أقول ‪ :‬و ال ّ‬
‫له عليههه و آلههه و سهّلم و‬
‫ي صهّلى ا ّ‬
‫المراد بهذا الملك هههو روح القههدس المخصههوص بههالنب ّ‬
‫عترته الطهار الخيار ‪.‬‬

‫ي بهن إبراهيهم فهي‬ ‫لمة المجلسي » ره « فى البحار مهن تفسهير عله ّ‬ ‫فقد روى المحّدث الع ّ‬
‫قوله » و يسئلونك عن الّروح قل الّروح من أمر رّبي « حّدثنى أبي عههن ابههن أبههي عميههر‬
‫سلم قال ‪ :‬هو ملك أعظم من جبرئيل و ميكائيل كان‬ ‫ل عليه ال ّ‬
‫عن أبي بصير عن أبيعبد ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سهّلم و هههو مههع الئمههة ‪ ،‬و فههى خههبر آخههر هههو مههن‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫مع رسول ا ّ‬
‫الملكوت ‪.‬‬

‫و فيه منه فى قوله تعالى » اولئك كتب فى قلوبهم اليمان « هم الئمههة » و أّيههدهم بههروح‬
‫ل عليههه و آلههه‬
‫ل صّلى ا ّ‬‫منه « قال ‪ :‬ملك أعظم من جبرئيل و ميكائيل و كان مع رسول ا ّ‬
‫سلم ‪.‬‬
‫و سّلم و هو مع الئمة عليهم ال ّ‬

‫و فيه من كتاب الختصاص و بصائر الّدرجات بسندهما عن أبى بصير قال ‪:‬‬

‫ل تبارك و تعالى » و كههذلك أوحينهها إليههك روحهاً‬‫سلم عن قول ا ّ‬‫ل عليه ال ّ‬‫سألت أبا عبد ا ّ‬
‫له أعظهم مهن‬‫من أمرنا ما كنت تدرى ما الكتهاب و ل اليمهان « قهال ‪ :‬خلهق مهن خلهق ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم يخبره و يسّدده و هههو‬‫ل صّلى ا ّ‬‫جبرئيل و ميكائيل ‪ ،‬كان مع رسول ا ّ‬
‫مع الئمة من بعده ‪.‬‬

‫سههلم‬
‫له عليههه ال ّ‬
‫و فيه من البصاير مسندا عن سماعة بن مهران قههال ‪ :‬سههمعت أبهها عبههد ا ّ‬
‫ل ه عليههه و‬
‫ل صّلى ا ّ‬ ‫ن الّروح خلق أعظم من جبرئيل و ميكائيل كان مع رسول ا ّ‬ ‫يقول ‪ :‬إ ّ‬
‫آله و سّلم‬

‫] ‪[ 38‬‬

‫يسّدده و يرشده و هو مع الوصياء من بعههده و فيههه مههن البصههاير عههن الههبرقى عههن أبههى‬
‫ل»‬ ‫سلم رجل و أنا حاضر عن قول ا ّ‬ ‫ل عليه ال ّ‬‫الجهم عن ابن اسباط قال ‪ :‬سأل أبا عبد ا ّ‬
‫و كذلك أوحينا إليك روحًا من أمرنا « فقال ‪:‬‬

‫له عليههه و آلههه لههم يصههعد إلههى السههماء و أنههه‬


‫ل ذلك الّروح على محّمد صّلى ا ّ‬
‫منذ أنزل ا ّ‬
‫لفينا ‪.‬‬
‫و فيه من الختصاص و البصاير عن ابن يزيد عن ابن أبى عمير عن هشام بن سالم قال‬
‫سلم يقول » يسئلونك عن الّروح قل الّروح مههن أمههر رّبههى «‬
‫ل عليه ال ّ‬
‫‪ :‬سمعت أبا عبد ا ّ‬
‫قال ‪ :‬خلق أعظم من خلق جبرئيل و ميكائيهل لهم يكهن مهع أحهد مّمهن مضهى غيهر محّمهد‬
‫ل عليه و آله و سّلم و هو مع الئّمة يوفقهم و يسّددهم ‪ ،‬و ليس كّلما طلب وجد ‪.‬‬‫صّلى ا ّ‬

‫و الخبههار فههى هههذا المعنههى كههثيرة و ل حاجههة إلههى الكثههار و الطالههة ‪ ،‬و المسههتفاد مههن‬
‫سههلم فيههها ‪ :‬و‬
‫سههلم و قههوله عليههه ال ّ‬
‫ي و الئمة عليهههم ال ّ‬
‫الّرواية الخيرة اختصاصه بالنب ّ‬
‫سههر‬
‫ن حصول تلههك المرتبههة الجليلههة و المنقبههة العظيمههة ل يتي ّ‬ ‫ليس كّلما طلب وجد معناه أ ّ‬
‫ل يوتيه من يشاء ‪.‬‬ ‫بالطلب بل ذلك فضل ا ّ‬

‫الرابعة ما أشار إليه بقوله ) و لقد كنت اّتبعه اّتباع الفصيل ( و هو ولد الناقة ) أثر اّمههه (‬
‫و هو اشارة إلى فرط ملزمته له و عدم مفهارقته إّيههاه ليلههه و نهههاره سهفرا و حضهرا فهي‬
‫خلواته و جلواته ‪.‬‬

‫ل عليه و آله و سّلم كان مؤّيدا مسّددا بروح القدس‬ ‫ل صّلى ا ّ‬


‫ن رسول ا ّ‬
‫و لّما عرفت آنفا أ ّ‬
‫من حين الطفولية إلى آخر عمره الشريف ملهما إلههى الخيههرات موفقهها بتأييههد الهّروح إلههى‬
‫سلوك طريق المكارم و محاسن أخلق العالم ‪.‬‬

‫سلم إذا كان ملزما له غيههر مفههارق منههه يكههون‬‫ن أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫تعرف من ذلك أ ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم في سههلوك مسههالك مكههارم الخصههال و محامههد الفعههال‬‫تاليا له صّلى ا ّ‬
‫مقتبسا من أنواره مقتفيا لثاره كما أوضحه بقوله ‪:‬‬

‫ل يوم علما ( وراية ) من أخلقه ( الفاضلة ) و يأمرنى بالقتههداء بههه ( و‬


‫) يرفع لى فى ك ّ‬
‫المتابعة له ‪.‬‬

‫] ‪[ 39‬‬

‫ل سنة بحراء ( و يعتزل عههن الخلههق‬ ‫الخامسة ما أشار إليه بقوله ) و لقد كان يجاور فى ك ّ‬
‫و يتخّلههى للعبههادة ) فههأراه و ل يههراه ( أحههد ) غيههرى ( قههال الشههارح المعههتزلى ‪ :‬حههديث‬
‫له عليههه و آلههه كههان‬
‫مجاورته بحراء مشهور ‪ ،‬قد ورد فههى الكتههب الصههحاح أنههه صهّلى ا ّ‬
‫ل سههنة شهههرا ‪ ،‬و كههان يطعههم فههى ذلههك الشهههر مههن جههاءه مههن‬
‫يجههاور فههى حههراء مههن كه ّ‬
‫المساكين ‪ ،‬فاذا قضى جواره من حراء كان أّول مهها يبههدء بههه إذا انصههرف أن يههأتي بههاب‬
‫ل من ذلك ثّم يرجع إلى بيتههه حههتى‬ ‫الكعبة قبل أن يدخل بيته فيطوف بها سبعا أو ما شاء ا ّ‬
‫ل فيها بالّرسالة ‪ ،‬فجاور فى حراء شهههر رمضههان و معههه أهلههه‬ ‫جائت السنة التى أكرمه ا ّ‬
‫ل عليه و آله‬ ‫ي بن أبيطالب و خادم لهم ‪ ،‬فجاءه جبرئيل بالّرسالة قال صّلى ا ّ‬ ‫خديجة و عل ّ‬
‫‪ :‬جائنى و أنا نائم بنمط فيه كتاب فقال ‪ :‬اقرء ‪ ،‬قلت ‪ :‬ما أقرء ؟ فغشني حّتههى ظننههت أّنههه‬
‫الموت ‪ ،‬ثّم أرسلني فقال » اقرء باسم رّبك اّلذي خلق » إلى قههوله « عّلهم النسهان مهها لهم‬
‫يعلم « ‪ ،‬فقرأته ثّم انصرف عّنى ‪ ،‬فنّبهت من نومي و كأّنما كتب فى قلبي كتاب الحههديث‬
‫ي بههن إبراهيههم و ابههن شهههر‬
‫ي عههن عله ّ‬‫لمههة المجلسه ّ‬
‫و في كتاب حيوة القلوب للمحّدث الع ّ‬
‫ل ه ص هّلى‬‫ن رسول ا ّ‬ ‫سرين أ ّ‬‫آشوب و الطبرسي و الّراوندي و غيرهم من المحّدثين و المف ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم كان قبل مبعثه يعتزل عن قومه و يجاور الحراء و يفرغ لعبادة رّبه‬ ‫ا ّ‬
‫صههادقة و‬‫ل يسّدده و يهديه و يرشده بههالّروح القههدس و الرؤيهها ال ّ‬ ‫سبحانه ‪ ،‬و كان عّز و ج ّ‬
‫أصوات الملئكة و اللهامات الغيبية ‪ ،‬فيدرج فههي مههدارج المحّبههة و المعرفههة ‪ ،‬و يعههرج‬
‫إلى معارج القرب و الّزلفي ‪ ،‬و كان سبحانه يزّينه بالفضههل و العلههم و محامههد الخلق و‬
‫محاسن الخصال و ل يراه أحههد فههي أّيههام مجههاورته بههه و خلل تلههك الحههوال غيههر أميههر‬
‫سلم و خديجة ‪.‬‬ ‫المؤمنين عليه ال ّ‬

‫له‬
‫السادسة ما أشار إليه بقوله ) و لم يجمع بيت واحههد يههومئذ فههي السههلم غيههر رسههول ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم و خديجههة و أنها ثالثهمهها ( هههذا الكلم صههريح فهي سههبقه علهى‬ ‫صّلى ا ّ‬
‫جميههع مههن سههواه مههن الّرجههال بالسههلم ‪ ،‬و نظيههره قههوله فههي المختههار المههأة و الحههد و‬
‫الثلثين ‪ :‬الّلهم إّني أّول من أناب و سمع و أجاب‬

‫] ‪[ 40‬‬

‫صلة ‪.‬‬
‫ل عليه و آله بال ّ‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫ل رسول ا ّ‬
‫لم يسبقني إ ّ‬

‫و قد تقّدم في شرح المختار المههذكور تحقيههق تقهّدمه بالصّههلة و السههلم كمهها هههو مههذهب‬
‫المامية تفصيل و أبطلنا تقّدم اسلم أبي بكر عليه كما ذهب إليه شرذمة مههن العثمانّيههة و‬
‫أوردنا ثّمة من الدّلة و الخبار و الشعار في هذا المعنى ما ل مزيد عليه و أقتصههر هنها‬
‫على روايتين تقّدمتا هناك اجمال و نرويهما هنا تفصيل ‪.‬‬

‫احداهما عن كاشف الغّمة عن عفيف الكندي قال ‪ :‬كنت امرءا تاجرا فقدمت الح هجّ فههأتيت‬
‫له إنهى لعنهده‬‫العّباس بن عبد المطلب لبتاع منه بعض الّتجارة ‪ ،‬و كان امرءا تاجرا فو ا ّ‬
‫بمنى إذ خرج رجل من خباء قريب منه ‪ ،‬فنظر إلى الشمس فلّما رآها قد مالت قام يصّلى‬
‫‪.‬‬

‫قال ‪ :‬ثّم خرجت امرأة من الخباء اّلذى خرج منه ذلههك الّرجههل فقههامت خلفههه فصهّلت ‪ ،‬ثهّم‬
‫خرج غلم حين راهق الحلم من ذلك الخباء فقام معه فصّلى ‪.‬‬

‫طلههب ابههن‬
‫ل بن عبد الم ّ‬
‫قال ‪ :‬فقلت للعباس ‪ :‬من هذا يا عّباس ؟ قال ‪ :‬هذا محّمد بن عبد ا ّ‬
‫أخي قال ‪ :‬فقلت ‪ :‬من هذه المرأة ؟ قال ‪ :‬امرأته خديجة بنت خويلد قال ‪:‬‬
‫ي بن أبيطالب ابن عّمه فقلت له ‪ :‬مهها هههذا الههذى يصههنع ؟‬‫فقلت ‪ :‬من هذا الفتي ؟ قال ‪ :‬عل ّ‬
‫ل امرأته و ابن عّمه هههذا الفههتي و‬‫ي و لم يتبعه على أمره إ ّ‬
‫قال ‪ :‬يصّلي و هو يزعم أّنه نب ّ‬
‫هو يزعم أّنه سيفتح عليه كنوز كسرى و قيصر ‪ ،‬و كان عفيف و هو ابن عّم الشعث بن‬
‫ل السلم يههومئذ فههأكون‬ ‫قيس يقول بعد ذلك و هو أسلم و حسن إسلمه ‪ :‬لو كان رزقني ا ّ‬
‫سلم ‪.‬‬ ‫ي عليه ال ّ‬
‫ثانيا مع عل ّ‬

‫قال كاشف الغمة ‪ :‬و قد رواه بطوله أحمد بن حنبل فى مسنده ‪ ،‬نقلته مهن اّلهذى اختهاره و‬
‫جمعه عّز الّدين المحّدث ‪ ،‬و تمامه من الخصايص بعد قوله ثّم استقبل الّركن و رفع يههديه‬
‫فكّبر ‪ ،‬و قام الغلم و رفع يديه و كّبر ‪ ،‬و رفعت المرأة يديها فكّبههرت و ركههع و ركعهها و‬
‫سجد و سجدا و قنت و قنتا ‪ ،‬فرأينا شيئا لم نعرفه أو شيئا حدث بمّكة فأنكرنا ذلك و أقبلنهها‬
‫على العّباس فقلنا له يا أبا الفضل الحديث بتمامه ‪.‬‬

‫و الرواية الثانية قّدمناها هناك من البحار من مناقب ابن شهر آشوب من‬

‫] ‪[ 41‬‬

‫طههبرى‬‫كتاب محّمد بن إسحاق و أرويها هنا بتفصيل من شرح المعتزلي رواها هنا عن ال ّ‬
‫عن ابن حميد عن سلمة عن محّمد بن إسحاق ‪ ،‬و رواها أيضا في تاسع المختار من بههاب‬
‫سيرة و المغازى لمحّمد بن إسحاق قال الشارح المعهتزلي ‪ :‬فهاّنه كتههاب‬ ‫الكتب من كتاب ال ّ‬
‫معتمد عند أصحاب الحديث و المؤّرخين ‪ ،‬و مصّنفه شيخ الّناس كّلهم قال ‪:‬‬

‫ل و رسالة محّمد أحد مههن‬ ‫سلم إلى اليمان با ّ‬‫قال محّمد بن إسحاق ‪ :‬لم يسبق علّيا عليه ال ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪.‬‬‫ل صّلى ا ّ‬
‫ل أن تكون خديجة زوجة رسول ا ّ‬ ‫الّناس ‪ ،‬الّلهّم إ ّ‬

‫سههلم مسههتخفيا مههن‬


‫ي عليههه ال ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم يخرج و معه عل ّ‬
‫قال ‪ :‬و قد كان صّلى ا ّ‬
‫ل أن‬‫صلة في بعض شعاب مكة ‪ ،‬فاذا أمسيا رجعا فمكثا بذلك ما شاء ا ّ‬ ‫الّناس فيصّليان ال ّ‬
‫يمكثا ل ثالث لهما ‪.‬‬

‫ل عليه و آله و سّلم يا‬ ‫ن أبا طالب عثر عليهما يوما و هما يصّليان فقال لمحّمد صّلى ا ّ‬ ‫ثّم إ ّ‬
‫ل و دين‬ ‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬أى عّم هذا دين ا ّ‬ ‫ابن أخي ما هذا اّلذى تفعله ؟ فقال صّلى ا ّ‬
‫ل ه بههه رسههول إلههى‬ ‫ل عليه و آله بعثنى ا ّ‬ ‫ملئكته و رسله و دين أنبيائه أو كما قال صّلى ا ّ‬
‫ي ما هذا اّلذى تصنع قال‬ ‫سلم أى بن ّ‬‫ي عليه ال ّ‬‫العباد » إلى أن قال « فزعموا أّنه قال ‪ :‬لعل ّ‬
‫ل و رسوله و صههدقته فيمهها جههاء بههه و صههليت إليههه و اّتبعههت قههول نههبّيه‬‫‪ :‬يا أبتاه آمنت با ّ‬
‫ل إلى خير فالزمه ‪.‬‬ ‫فزعموا أّنه قال له أما اّنه ل يدعوك أو لن يدعوك إ ّ‬

‫ل عليه و آلههه فكههان أّول‬


‫ل صّلى ا ّ‬
‫قال ابن إسحاق ‪ :‬ثّم أسلم زيد بن حارثة مولى رسول ا ّ‬
‫ي بن أبيطالب ‪ ،‬ثّم أسلم أبو بكر بن أبي‬ ‫ل عليه و آله بعد عل ّ‬
‫من أسلم و صّلى معه صّلى ا ّ‬
‫قحافة فكان ثالثا لهما ‪ ،‬ثّم اسلم عثمان بن عّفان و طلحة و الّزبير و عبد الّرحمههن و سههعد‬
‫بن أبى وّقاص فصاروا ثمانية ‪ ،‬فهم الّثمانية اّلذين سبقوا الّناس إلى السلم بمّكة ‪.‬‬

‫السابعة ما أشار إليه بقوله ) أرى نور الوحى و الّرسالة و أشّم ريح الّنبوة ( قههال الشههارح‬
‫البحرانى و هذه أعلى مراتب الولياء ‪ ،‬و استعار لفظ النور لما يشاهده بعين بصيرته من‬
‫أسرار الوحي و الّرسههالة و علههوم التنزيههل و دقههايق الّتأويههل و اشههراقها علههى لههوح نفسههه‬
‫له إليههه مههن‬
‫القدسّية ‪ ،‬و وجه الستعارة كههون هههذه العلههوم و السههرار هاديههة فههي سههبيل ا ّ‬
‫طرق المحسوسة ‪ ،‬و رشح‬ ‫ظلمات الجهل كما يهدى النور من ال ّ‬

‫] ‪[ 42‬‬

‫ظ البصر و كذلك استعار لفههظ الّريههح لمهها أدركههه‬ ‫ن النور ح ّ‬


‫تلك الستعارة بذكر الرؤية ل ّ‬
‫ظ القّوة الشامة ‪ ،‬انتهى ‪.‬‬ ‫ن الّريح ح ّ‬
‫من مقام الّنبوة و أسرارها و رشح بذكر الشّم ل ّ‬

‫أقول ‪ :‬و لقائل أن يقول ‪ :‬ل مانع من ظهور نور محسوس عند نزول الوحي أو في ساير‬
‫سههلم بقهّوة قهّوتيه‬
‫الوقات أيضهها ‪ ،‬و كههذلك عههرف طيههب يههدركه أميههر المههؤمنين عليههه ال ّ‬
‫س بهه غيهره و ل حاجهة علهى ذلهك إلهى الّتأويهل اّلهذى‬ ‫شاّمة و إن لم يكن يح ّ‬
‫الباصرة و ال ّ‬
‫ذكره ‪.‬‬

‫ى بههن محّمههد‬
‫و يشهد بما ذكرته ما رواه فى البحار من أمههالى الشههيخ عههن المفيههد عههن عله ّ‬
‫البّزاز عن زكريا بن يحيى الكشحى عن أبى هاشم الجعفرى قههال ‪ :‬سههمعت الّرضهها عليههه‬
‫شيطان لها نصيب ‪.‬‬ ‫سلم يقول ‪ :‬لنا أعين ل تشبه أعين الّناس ‪ ،‬و فيها نور ليس لل ّ‬ ‫ال ّ‬

‫سههلم قههال ‪ :‬كههان علهيّ‬ ‫و فى شرح المعتزلى روى عن جعفر بن محّمد الصادق عليهما ال ّ‬
‫له عليههه و آلههه قبههل الّرسههالة الضههوء و يسههمع‬
‫له صهّلى ا ّ‬
‫سلم يههرى مههع رسههول ا ّ‬ ‫عليه ال ّ‬
‫ل عليه و آله لو ل أّنى خاتم النبياء لكنت شريكا فههى الّنبههوة فههان‬ ‫صوت ‪ ،‬و قال صّلى ا ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ي و وارثه بل أنت سّيد الوصياء ‪.‬‬ ‫ي نب ّ‬‫ل تكن نبّيا فانك وص ّ‬

‫له‬
‫الثامنة ما أشار إليه بقوله ) و لقد سمعت رّنة الشيطان حين نزل الههوحي عليههه صهّلى ا ّ‬
‫شههيطان قههد‬
‫صههوت ) فقههال هههذا ال ّ‬
‫ل ما هذه الّرنههة ( و ال ّ‬
‫عليه و آله و سّلم فقلت يا رسول ا ّ‬
‫أيس من عبادته ( أى من أن يعبد له ‪.‬‬

‫ل على كمال قّوته السهامعة أيضها و سهماعه مها ل يسهمعه‬


‫سلم تد ّ‬
‫و هذه المنقبة له عليه ال ّ‬
‫غيره ‪.‬‬
‫ي بههن‬
‫ي عن أبيه عن الحسن ابن عل ه ّ‬ ‫ي بن إبراهيم القم ّ‬‫و أما رنين هذا الّلعين فقد روى عل ّ‬
‫ن رنينا لما بعث ا ّ‬
‫ل‬ ‫ن إبليس ر ّ‬
‫سلم قال ‪ :‬إ ّ‬ ‫ل عليه ال ّ‬
‫ى بن عقبة عن أبيعبد ا ّ‬
‫فضال عن عل ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم على حين فترة من الّرسل و حين انزلت أّم الكتاب ‪.‬‬ ‫نبّيه صّلى ا ّ‬

‫صادق عليه‬
‫صدوق عن ال ّ‬
‫ي في كتاب حيوة القلوب عن ال ّ‬ ‫لمة المجلس ّ‬
‫و روى المحّدث الع ّ‬
‫ن أربع رّنهات ‪ :‬يهوم لعهن ‪ ،‬و يهوم اهبهط إلهى الرض ‪ ،‬و حيهن بعهث‬
‫ن ابليس ر ّ‬
‫سلم أ ّ‬
‫ال ّ‬
‫محّمد على حين فترة من الّرسل ‪ ،‬و حين نزلت اّم الكتاب ‪.‬‬

‫] ‪[ 43‬‬

‫سلم قال ‪:‬‬


‫ي بن أبيطالب عليه ال ّ‬
‫و فى شرح المعتزلى من مسند أحمد بن حنبل عن عل ّ‬

‫ل عليه و آله و سّلم صبيحة الليلة اّلههتى اسههرى بههه فيههها و هههو‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫كنت مع رسول ا ّ‬
‫بالحجرة يصّلي فلّما قضى صلته و قضيت صلتى سمعت رّنة شديدة فقلت ‪ :‬يها رسههول‬
‫ل ما هذه الرّنة ‪ :‬قال ‪:‬‬
‫ا ّ‬

‫أل تعلم هذه رّنة الشيطان علم أّني اسرى فى الليلة إلى السماء فآيس من أن يعبد فههى هههذه‬
‫الرض ‪.‬‬

‫التاسعة ما أشار إليه بقوله ) إّنك تسمع ما أسمع و ترى ما أرى ( ظههاهر هههذا الكلم يفيههد‬
‫ن المام يسمع صوت الملك و يعاينه كالّرسول ‪.‬‬ ‫أّ‬

‫أّما سماع الصوت فل غبار عليه و يشهد به أخبار كثيرة ‪.‬‬

‫ل عليه بعض الخبار ‪.‬‬


‫و أّما المعاينة فيد ّ‬

‫ل ه عليههه‬
‫مثل ما فى البحار من أمالى الشيخ باسناده عن أبى حمزة قال ‪ :‬سمعت أبا عبههد ا ّ‬
‫ن مّنا لمن يسمع‬ ‫ن مّنا لمن يؤتي في منامه و إ ّ‬
‫ن مّنا لمن ينكت فى قلبه و إ ّ‬ ‫سلم يقول ‪ :‬إ ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ن مّنا لمن يأتيه صورة أعظم مههن جبرئيههل و‬ ‫طشت و أ ّ‬ ‫صوت مثل صوت السلسلة فى ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫سلم ‪ :‬مّنا من ينكت فهي قلبههه ‪ ،‬و مّنهها مهن يخهاطب ‪ ،‬و‬ ‫ل عليه ال ّ‬
‫ميكائيل و قال أبو عبد ا ّ‬
‫سلم ‪:‬‬ ‫قال عليه ال ّ‬

‫ن مّنهها لمههن يسههمع‬


‫ن مّنا لمن ينقر في قلبه كيههت و كيههت ‪ ،‬و إ ّ‬
‫ن مّنا لمن يعاين معاينة و إ ّ‬
‫إّ‬
‫سلسلة في الطشت ‪ ،‬قال ‪ :‬قلت ‪ :‬و اّلذى يعاينون ما هههو ؟ قههال ‪ :‬خلههق أعظههم مههن‬ ‫كوقع ال ّ‬
‫جبرئيل و ميكائيل ‪.‬‬
‫صههوت و ل يعهاين ‪ ،‬و مههن ذلههك‬ ‫ن المههام يسههمع ال ّ‬
‫و لكن الظههاهر مههن الخبههار الكههثيرة أ ّ‬
‫لمة المجلسي » ره « بعد رواية هذه الّرواية إلى تأويلها بقوله ‪:‬‬ ‫اضطّر المحّدث الع ّ‬

‫و المراد بالمعاينة معاينة روح القدس و هو ليس مههن الملئكههة مههع أّنههه يحتمههل أن يكههون‬
‫المعاينة في غير وقت المخاطبة ‪ ،‬انتهى ‪.‬‬

‫ل فى الّتنبيه الثانى من التنبيهات التية ‪ ،‬هذا ‪.‬‬


‫و تمام الكلم إنشاء ا ّ‬

‫ل عليه و آله اّنهك تسههمع مها أسههمع و تههرى مها أرى موهمها‬
‫و لما كان ظاهر قوله صّلى ا ّ‬
‫ل أّنك لسههت‬
‫ل عليه و آله استدرك ذلك بقوله ) إ ّ‬‫سلم و بينه صّلى ا ّ‬ ‫للمساوات بينه عليه ال ّ‬
‫سلم و هو ‪:‬‬‫ي ( و نظير هذا الستدراك قد وقع في كلم الصادق عليه ال ّ‬ ‫بنب ّ‬

‫] ‪[ 44‬‬

‫سههلم‬‫ي السائي قال ‪ :‬سألت الصادق عليههه ال ّ‬


‫ما رواه في البحار من البصاير بسنده عن عل ّ‬
‫عن مبلغ علمهم ‪ ،‬فقهال ‪ :‬مبلهغ علمنهها ثلثههة وجهوه ‪ :‬مهاض ‪ ،‬و غههابر ‪ ،‬و حهادث ‪ ،‬فأّمها‬
‫سهر ‪ ،‬و أّمها الغهابر فمزبهور ‪ ،‬و أّمها الحهادث فقهذف فهي القلهوب و نقهر فهي‬
‫الماضي فمف ّ‬
‫ي بعد نبّينا ‪.‬‬
‫السماع و هو أفضل علمنا و ل نب ّ‬

‫سلم ‪:‬‬
‫ن الّنكث و الّنقر لما كانا مظّنة لن يتوّهم السائل فيهم الّنبّوة قال عليه ال ّ‬
‫فا ّ‬

‫ي بعد نبّينا ‪ ،‬و يّتضح لك معني هذا الحههديث مّمهها نهورده فهي الّتنههبيه الثههاني إنشههاء‬
‫و ل نب ّ‬
‫ل‪.‬‬
‫ا ّ‬

‫ثّم إّنه لّما نفي عنه الّنبوة أثبت له الوزارة و هي عاشر المناقب فقههال ) و لكّنههك لههوزير و‬
‫صالح لتدبير أمور الّرسالة و المعاون‬ ‫شره بالوزارة و نّبه به على أّنه ال ّ‬ ‫إّنك لعلى خير ( ب ّ‬
‫ل عليههه و آلههه و سهّلم فههي نظههم امههور الهّدين و تأسههيس قواعههد شههرع المههبين و‬
‫له صّلى ا ّ‬
‫اصلح امور السلم و المسلمين ‪ ،‬ثّم شهد به أّنه على خير و أشار به علههى اسههتقراره و‬
‫ثباته على ما هو خير الّدنيا و الخرة ‪ ،‬و أّنه مجانب لما هو شّر الّدنيا و الخرة ‪.‬‬

‫سلم جامعا لجميع الكمالت و المكارم الّدنيوّيههة و‬


‫و هذا معني عام متضّمن لكونه عليه ال ّ‬
‫صورّية و المعنوّية و كونه راسخا فيها غير متزلزل و ل متكّلف ‪،‬‬ ‫الخروّية و المحامد ال ّ‬
‫هذا ‪.‬‬

‫ل مسائل الّرسالة و المامة‬


‫ن هذا الفصل من الخطبة الشريفة لّما كان متضّمنا لج ّ‬
‫و اعلم أ ّ‬
‫شريفة و التحقيقات اللطيفة بما هو مقتضههي‬
‫حسبما عرفته أتيت في شرحه من الّروايات ال ّ‬
‫شههارح‬
‫مذهب الفرقة الّناجية المامّية ‪ ،‬و أضربت عن روايات عامّيههة ضههعيفة أوردههها ال ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم بالملئكة ‪.‬‬
‫المعتزلي في بيان عصمة الّنبي صّلى ا ّ‬

‫شارح البحراني له في ايراد بعض هذه الخبار مع أّنها مضافة إلى‬ ‫و العجب من مبالغة ال ّ‬
‫أّنها خلف اصول المامّية مّما تشمئّز عنها الطباع و تنفر عنههها السههماع كمهها هههو غيههر‬
‫ي على من لحظ الشرحين بنظر الّدقة و العتبار ‪.‬‬ ‫خف ّ‬

‫ثّم لما بقي هنا بعض مطالب محتاجة إلى بسط من الكلم أردت ايرادها و تحقيههق مهها هههو‬
‫ل التوفيق ‪:‬‬
‫محتاج إلى التحقيق في ضمن تنبيهات ثلثة فأقول و با ّ‬

‫] ‪[ 45‬‬

‫ععععععع ععععع‬

‫له‬
‫سهلم فهي فاتحهة هههذا الفصهل ‪ :‬أل و قهد أمرنههي ا ّ‬ ‫اعلم أّنا قد قلنا في شرح قوله عليه ال ّ‬
‫ن من جملة الوامر المرة بقتاله لهم قوله » يهها أّيههها اّلههذين آمنههوا مههن‬ ‫بقتال أهل البغى ‪ :‬إ ّ‬
‫ل بقوم يحّبهم و يحّبونه أذّلة على المههؤمنين أعهّزة علههى‬ ‫يرتّد منكم عن دينه فسوف يأتي ا ّ‬
‫ل يؤتيه من يشههاء و‬ ‫ل و ل يخافون لومة لئم ذلك فضل ا ّ‬ ‫الكافرين ‪ .‬يجاهدون في سبيل ا ّ‬
‫ل واسع عليم « ‪.‬‬ ‫ا ّ‬

‫ن الية نههاظرة‬
‫صبين من المعتزلة و الشاعرة زعموا أ ّ‬ ‫لكن جمعا من العاّمة العمياء المتع ّ‬
‫صههب‬
‫حة إمامته ‪ ،‬و قد أفرط فههي هههذا المعنههى الّناصههب المتع ّ‬‫إلى أبي بكر و داّلة على ص ّ‬
‫ل تعالى و حشره مع أوليائه المرتّدين فأحببت أن اورد‬ ‫فخر المشّككين و المضّلين خذله ا ّ‬
‫مقالهم و اعّقبه بالتنبيه على خطائهم و ضللهم فأقول ‪:‬‬

‫شارح المعتزلي في شرح هذا الفصل ‪:‬‬


‫قال ال ّ‬

‫حة إمامة أبي بكر بهذه الية ‪ ،‬قال قاضههي القضههاة‬ ‫ن أصحابنا قد استدّلوا على ص ّ‬ ‫و اعلم أ ّ‬
‫ل تعالى و ل بّد أن يكون كائنا على مهها أخههبر بههه ‪ ،‬و الههذين‬
‫في المغنى ‪ :‬و هذا خبر من ا ّ‬
‫ل سبحانه بقوله‬ ‫قاتلوا المرتّدين هم أبو بكر و أصحابه فوجب أن يكونوا هم اّلذين عناهم ا ّ‬
‫‪ :‬يحّبهم و يحّبونه ‪ ،‬و ذلك يوجب أن يكون على صواب ‪ ،‬انتهى و قال الفخر الّرازي في‬
‫ن اولئك القوم من هم ‪،‬‬ ‫تفسير الية ‪ :‬اختلفوا في أ ّ‬

‫ي بههن أبيطههالب و الحسههن و القتههادة و الضههحاك و ابههن جريههح ‪ :‬هههم أبههو بكههر و‬
‫فقهال عله ّ‬
‫ل ه عليههه‬
‫ل صّلى ا ّ‬ ‫أصحابه لنهم هم الذين قاتلوا أهل الّرّدة ‪ ،‬قالت عايشة ‪ :‬مات رسول ا ّ‬
‫و آله و سّلم و ارتّدت العرب و اشتهر النفاق و نزل بأبي مهها لهو نهزل بالجبهال الّراسههيات‬
‫لهاضها ‪.‬‬
‫و قال السدى ‪ :‬نزلت الية فى النصار ‪ ،‬لّنهم هم اّلذين نصروا الّرسول و أعههانوه علههى‬
‫اظهار الّدين ‪.‬‬

‫ل عليههه و آلههه و سهّلم‬‫ي صّلى ا ّ‬


‫ن النب ّ‬
‫و قال مجاهد ‪ :‬نزلت في أهل يمن و روى مرفوعا أ ّ‬
‫لما نزلت هذه الية أشار إلى أبي موسى الشعري و قال ‪ :‬هم قوم هذا ‪.‬‬

‫] ‪[ 46‬‬

‫ل عليه و آله و سهّلم لمهها سههئل عههن‬ ‫ي صّلى ا ّ‬‫ن النب ّ‬


‫و قال آخرون ‪ :‬هم الفرس لنه روي أ ّ‬
‫هذه الية ضرب بيده على عاتق سلمان و قال ‪ :‬هذا و ذووه ثّم قال ‪ :‬لو كان ال هّدين معّلقهها‬
‫بالثرّيا لنا له رجال من أبناء فارس ‪.‬‬

‫ل عليه وجهان ‪:‬‬


‫سلم و يد ّ‬
‫ي عليه ال ّ‬
‫و قال قوم ‪ :‬إنها نزلت في عل ّ‬

‫سههلم يههوم‬
‫ي عليههه ال ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم لمهها دفههع الّرايههة إلههى عله ّ‬
‫الوجه الّول أنه صّلى ا ّ‬
‫ل و رسههوله ‪ ،‬و هههذا‬ ‫ل و رسوله و يحّبه ا ّ‬ ‫با ّ‬ ‫ن الّراية غدا إلى رجل يح ّ‬ ‫خيبر قال ‪ :‬لدفع ّ‬
‫هو الصفة المذكورة فى الية ‪.‬‬

‫ل و رسههوله اليههة ‪ ،‬و‬ ‫و الوجه الثانى أنه تعالى إنما ذكر بعد هذه الية قوله ‪ :‬إنما ولّيكم ا ّ‬
‫سههلم ‪،‬‬
‫سلم فكان الولى جعل مهها قبلههها أيضهها فههى حّقههه عليههه ال ّ‬‫ي عليه ال ّ‬
‫ق عل ّ‬
‫هذه فى ح ّ‬
‫فهذه جملة القوال فى هذه الية ‪ ،‬و لنا فى هذه الية مقامات ‪:‬‬

‫ل الّدلئل على فساد مذهب المامّية من الّروافض ‪.‬‬


‫ن هذه الية من أد ّ‬
‫المقام الول أ ّ‬

‫ن اّلذين أقّروا بخلفة أبى بكر و امامته كّلهم كفروا و صاروا مرتّدين ‪،‬‬
‫و تقرير مذهبهم إ ّ‬
‫سلم ‪.‬‬
‫ي عليه ال ّ‬
‫ي على إمامة عل ّ‬
‫ص الجل ّ‬
‫لّنهم أنكروا الن ّ‬

‫ق‬
‫ل تعالى بقوم يحاربهم و يقهرهههم و يرّدهههم إلههى الهّدين الحه ّ‬‫فنقول ‪ :‬لو كان كذلك لجاء ا ّ‬
‫له بقهوم ‪ ،‬اليههة ‪ ،‬و كلمههة مههن فهى‬‫بدليل قوله ‪ :‬من يرتهّد منكهم عهن دينهه فسهوف يهأتى ا ّ‬
‫له‬
‫نا ّ‬ ‫ل من صار مرتّدا عن دين السههلم فهها ّ‬ ‫نكّ‬‫ل على أ ّ‬
‫معرض الشرط للعموم ‪ ،‬فهي تد ّ‬
‫يأتى بقوم يقهرهم و يرّدهم و يبطل شوكتهم فلو كان الذين نصبوا أبا بكههر للخلفههة كههذلك‬
‫ل بقوم يقهرهم و يبطل مذهبهم ‪ ،‬و لما لم يكن المر كذلك بل‬ ‫لوجب بحكم الية أن يأتى ا ّ‬
‫ن الّروافض هم المقهورون الممنوعون مههن إظههار مقهالتهم الباطلههة أبههدا‬ ‫المر بالضّد فا ّ‬
‫منذ كانوا علمنا فساد مذهبهم و مقالتهم ‪ ،‬و هذا كلم ظاهر لمن أنصف ‪.‬‬

‫ق أبههي بكههر و الهّدليل‬


‫ن هذه الية يجب أن يقال ‪ :‬إّنها نزلت في حه ّ‬
‫المقام الثانى إّنا نّدعي أ ّ‬
‫عليه وجهان ‪:‬‬
‫] ‪[ 47‬‬

‫صة بمحاربة المرتّدين ‪ ،‬و أبو بكر هو الذي توّلى محاربههة‬ ‫ن هذه الية مخت ّ‬ ‫الوجه الول أ ّ‬
‫ل عليه و آله و س هّلم ‪ ،‬لنههه لههم‬
‫المرتّدين ‪ ،‬و ل يمكن أن يكون المراد هو الّرسول صّلى ا ّ‬
‫له ‪ ،‬و هههذا للسههتقبال ل‬ ‫يّتفق له محاربة المرتّدين ‪ ،‬و لنههه تعههالى قههال ‪ :‬فسههوف يههأتى ا ّ‬
‫للحال ‪،‬‬

‫فوجب أن يكون ذلك القوم غير موجودين فى وقت نزول هذا الخطاب ‪.‬‬

‫ن أبا بكر كان موجودا فى ذلك الوقت ‪.‬‬


‫فان قيل ‪ :‬هذا لزم عليكم ‪ ،‬ل ّ‬

‫قلنا ‪ :‬الجواب من وجهين ‪:‬‬

‫ن القوم الذين قاتل بهم أبو بكر أهل الرّدة ما كانوا موجههودين فههى الحههال و الّثههانى‬ ‫الول أ ّ‬
‫له بقههوم ‪ ،‬قههادرين متمّكنيههن مههن هههذا‬
‫له تعههالى قههال ‪ :‬فسههوف يههأتى ا ّ‬
‫نا ّ‬
‫ن معنى اليههة أ ّ‬ ‫أّ‬
‫ل فهى ههذا‬ ‫ل أنهه مها كهان مسهتق ّ‬
‫الحراب ‪ ،‬و أبو بكر و إن كان موجودا فى ذلهك الهوقت إ ّ‬
‫الوقت بالحراب و المر و الّنهى ‪ ،‬فزال السؤال فثبت أنه ل يمكن أن يكون هههو الّرسههول‬
‫ن عليهها لههم‬
‫سههلم ل ّ‬
‫ى عليه ال ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم و ل يمكن أن يكون المراد هو عل ّ‬ ‫صّلى ا ّ‬
‫يّتفق له قتال مع أهل الرّدة فكيف تحمل هذه الية عليه ‪.‬‬

‫ل من نازعه فى المامة كان مرتّدا ‪.‬‬


‫نكّ‬
‫فان قالوا ‪ :‬بل كان قتاله مع أهل الرّدة ‪ ،‬ل ّ‬

‫قلنا ‪ :‬هذا باطل من وجهين ‪:‬‬

‫ن اسم المرتّد إنما يتناول من كان تاركا للشرايع السلمّية ‪ ،‬و القوم الذين نازعوا‬ ‫الول أ ّ‬
‫ي لههم‬
‫علّيا ما كانوا كذلك فى الظاهر ‪ ،‬و ما كان أحد يقول إّنهم خرجوا عن السلم و عل ه ّ‬
‫له بهههت علههى جميههع‬
‫يسّمهم البّتة بالمرتّدين ‪ ،‬فهذا الذى يقههوله هههؤلء الّروافههض لعنهههم ا ّ‬
‫سلم أيضا ‪.‬‬ ‫ي عليه ال ّ‬
‫المسلمين و على عل ّ‬

‫ل من نازعه في المامة مرتّدا لزم فى أبى بكر و فى قومه أن يكونههوا‬ ‫الثانى أنه لو كان ك ّ‬
‫ل بقوم يقهرونهم و يرّدونهههم‬
‫مرتّدين ‪ ،‬و لو كان كذلك لوجب بحكم ظاهر الية أن يأتي ا ّ‬
‫ي فى المامههة ل يكههون‬
‫ن منازعة عل ّ‬ ‫إلى الّدين الصحيح ‪ ،‬و لما لم يوجد ذلك البّتة علمنا أ ّ‬
‫ي لّنها نازلة فيمن يحارب المرتّدين ‪.‬‬‫رّدة ‪ ،‬و إذا لم تكن رّدة لم يمكن حمل الية على عل ّ‬

‫] ‪[ 48‬‬
‫و ل يمكن أيضا أن يقال ‪ :‬إّنها نازلة في أهل فارس أو في أهل اليمن ‪ ،‬لّنهم لم يّتفق لهههم‬
‫محاربة مع المرتّدين ‪ ،‬و بتقدير أّنه اّتفقت لهم هذه المحاربة و لكنهم كانوا رعّية و أتباعها‬
‫ن حمل اليههة‬ ‫و أذنابا ‪ ،‬و كان الرئيس المطاع المر في تلك الواقعة هو أبوبكر و معلوم أ ّ‬
‫على من كان أصل في هذه العبادة و رئيسا مطاعا فيها أولى مههن حملههها علههى الّرعيههة و‬
‫صة بأبي بكر ‪.‬‬ ‫ن هذه الية مخت ّ‬‫التباع و الذناب ‪ ،‬فظهر بما ذكرنا من الّدليل الظاهر أ ّ‬

‫صة بأبي بكر هو ‪:‬‬


‫ن هذه الية مخت ّ‬
‫و الوجه الثاني في بيان أ ّ‬

‫ن علّيا قد كان حارب المرتّدين ‪ ،‬و لكن محاربههة أبههى بكههر مههع المرتهّدين‬
‫إّنا نقول ‪ :‬هب أ ّ‬
‫ي مع من خههالفه فههى المامههة و‬ ‫كانت أعلى حال و أكثر موقعا فى السلم من محاربة عل ّ‬
‫ل عليه و آلههه و سهّلم لّمهها تههوّفى اضههطربت العههراب و‬
‫ذلك لّنه علم بالتواتر أّنه صّلى ا ّ‬
‫ن أبا بكر هو اّلذي قهر مسيلمة و طليحة ‪ ،‬و هو الذى حارب مههانعي الّزكههاة ‪،‬‬ ‫تمّردوا و أ ّ‬
‫و لّما فعل ذلك استقّر السلم و عظمت شوكته و انبسطت دولته ‪.‬‬

‫شرق و الغههرب و صههار ملههوك‬ ‫ى فكان السلم قد انبسط فى ال ّ‬


‫أّما لما انتهى المر إلى عل ّ‬
‫ن محاربههة‬
‫الّدنيا مقهورين و صار السلم مستوليا على جميع الديههان و الملههل ‪ ،‬فثبههت أ ّ‬
‫سلم ‪.‬‬
‫ي عليه ال ّ‬‫أبى بكر أعظم تاثيرا فى نصرة السلم و تقويته من محاربة عل ّ‬

‫ن المقصود من هذه الية تعظيم قوم يسعون فى تقوية الّدين و نصرة السههلم ‪،‬‬
‫و معلوم أ ّ‬
‫و لما كان أبو بكر هو المتوّلى لذلك وجب أن يكون هو المراد بالية ‪.‬‬

‫حة إمامة أبى بكر ‪ ،‬لما‬ ‫المقام الثالث فى هذه الية و هو أّنا نّدعى دللة هذه الية على ص ّ‬
‫صة به ‪ ،‬فنقول ‪ :‬إّنههه تعههالى وصههف الههذين أرادهههم بهههذه‬
‫ن هذه الية مخت ّ‬
‫ثبت بما ذكرنا أ ّ‬
‫الية بصفات ‪:‬‬

‫ن قههوله يحّبهههم و‬
‫ن المراد بهذه الية هو أبههو بكههر ثبههت أ ّ‬
‫ل ‪ ،‬فلّما ثبت أ ّ‬
‫أّولها أّنهم يحّبهم ا ّ‬
‫ل تعالى بههذلك يمتنههع أن يكههون ظالمهها ‪ ،‬و ذلههك‬ ‫يحّبونه وصف لبى بكر ‪ ،‬و من وصفه ا ّ‬
‫ل على أنه كان محّقا في إمامته ‪.‬‬ ‫يد ّ‬

‫] ‪[ 49‬‬

‫و ثانيها قوله ‪ :‬أذّلة على المؤمنين أعّزة على الكافرين ‪ ،‬و هو صفة أبي بكر أيضا للّدليل‬
‫اّلذي قّدمناه ‪.‬‬

‫ل عليه و آله و سّلم قههال ‪ :‬أرحههم اّمههتي‬


‫و يؤّكده ما روى في الخبر المستفيض أّنه صّلى ا ّ‬
‫باّمتي أبو بكر ‪ ،‬فكان موصوفا بالّرحمة و الشفقة على المؤمنين ‪ ،‬و بالشّدة مع الكّفار ‪.‬‬
‫ل عليه و آله و سّلم فههي مّكههة و كههان‬‫ن في أّول المر حين كان الّرسول صّلى ا ّ‬ ‫أل ترى أ ّ‬
‫ل عليههه و آلههه و س هّلم و كيههف كههان‬
‫ب عن الّرسول صّلى ا ّ‬ ‫في غاية الضعف كيف كان يذ ّ‬
‫يلزمه ‪ ،‬و يخدمه ‪ ،‬و ما كان يبالي بجبابرة الكّفار و شياطينهم و فههي آخههر المههر أعنههى‬
‫وقت خلفته كيف لم يلتفت إلى قول أحد و أصّر على أنه ل بّد مههن المحاربههة مههع مههانعى‬
‫الزكاة حتى آل المر إلى أن خههرج إلههى قتههال القههوم وحههده حههتى جههاء أكههابر الصههحابة و‬
‫تضّرعوا إليه و منعوه من الذهاب ‪.‬‬

‫ل ذلك مبدء لدولة السلم ‪،‬‬


‫ثّم لما بلغ بعث العسكر إليهم انهرموا و جعل ا ّ‬

‫ل به ‪.‬‬
‫فكان قوله ‪ :‬أذّلة على المؤمنين أعّزة على الكافرين ‪ ،‬ل يليق إ ّ‬

‫ل و ل يخافون لومة لئم ‪ ،‬فهذا مشترك فيه بيههن أبههى‬‫و ثالثها قوله ‪ :‬يجاهدون فى سبيل ا ّ‬
‫ظ أبى بكر فيه أتّم و أكمل ‪.‬‬
‫نح ّ‬
‫لأّ‬
‫ىإ ّ‬
‫بكر و عل ّ‬

‫ن مجاهدة أبى بكر مع الكفار كان فى أّول البعث ‪ ،‬و هناك السلم كان فى غاية‬ ‫و ذلك ل ّ‬
‫ب عههن‬
‫الضعف ‪ ،‬و الكفر كان فى غاية القّوة ‪ ،‬و كان يجاهههد الكفههار بمقههدار قههدرته و يههذ ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم بغاية وسعه ‪.‬‬
‫ل صّلى ا ّ‬‫رسول ا ّ‬

‫سلم فانه إنما شرع فى الجهاد يوم بدر و أحد ‪ ،‬و فى ذلك الههوقت كههان‬
‫ي عليه ال ّ‬
‫و أما عل ّ‬
‫السلم قوّيا و كانت العساكر مجتمعة ‪.‬‬

‫سلم من وجهين ‪:‬‬


‫ي عليه ال ّ‬
‫ن جهاد أبى بكر كان أكمل من جهاد عل ّ‬
‫فثبت أ ّ‬

‫الّول أنه كان متقّدما عليه فى الّزمان لقوله تعههالى ‪ :‬ل يسههتوى منكههم مههن أنفههق مههن قبههل‬
‫ى كههان فههي‬
‫الفتح و قاتل و الثاني جهاد أبي بكر كان في وقت ضعف الّرسول و جهاد عل ه ّ‬
‫وقت القّوة ‪.‬‬

‫ل يؤتيه من يشاء ‪ ،‬و هذا ليق بأبي بكر لّنه متأّكد‬


‫و رابعها قوله ‪ :‬ذلك فضل ا ّ‬

‫] ‪[ 50‬‬

‫ن هذه الية في أبي بكههر و‬ ‫سعة ‪ ،‬و قد بّينا أ ّ‬ ‫بقوله تعالى ‪ :‬و ل يأتل ُاولو الفضل منكم و ال ّ‬
‫ن هههذه اليههة ل بهّد و أن‬
‫صفات لبي بكههر أنهها بّينهها بالهّدليل أ ّ‬
‫ن جميع هذه ال ّ‬ ‫ل على أ ّ‬
‫مّما يد ّ‬
‫صههفات ل ب هّد و أن تكههون لبههي‬ ‫تكون في أبي بكر ‪ ،‬و متى كان المر كذلك كانت هههذه ال ّ‬
‫حة امهامته ‪ ،‬إذ لهو كهانت باطلهة لمها كهانت ههذه‬ ‫بكر ‪ ،‬و إذا ثبهت ههذا وجهب القطهع بصه ّ‬
‫صفات لئقة به ‪.‬‬‫ال ّ‬
‫صفات حال حياة الّرسول ثّم بعههد‬
‫فان قيل ‪ :‬لم ل يجوز أن يقال ‪ :‬إنه كان موصوفا بهذه ال ّ‬
‫صفات و بطلت ‪.‬‬‫وفاته لما شرع في المامة زالت هذه ال ّ‬

‫ل بقوم يحّبهم و يحّبونه ‪،‬‬


‫قلنا ‪ :‬هذا باطل قطعا ‪ ،‬لّنه تعالى قال ‪ :‬فسوف يأتي ا ّ‬

‫ل بهم في المستقبل ‪ ،‬و ذلك يههدلّ علههى‬ ‫صفات حال اتيان ا ّ‬


‫فأثبت كونهم موصوفين بهذه ال ّ‬
‫صفات حال محاربته مههع أهههل الهّردة ‪ ،‬و ذلههك هههو حههال‬‫ل بكونه موصوفا بهذه ال ّ‬
‫شهادة ا ّ‬
‫حة امامته ‪.‬‬
‫امامته ‪ ،‬فثبت بذلك الية دللة الية على ص ّ‬

‫له‬
‫سههلم بههدليل أّنههه صهّلى ا ّ‬
‫ي عليه ال ّ‬
‫ق عل ّ‬
‫ن هذه الية في ح ّ‬ ‫لإّ‬‫أّما قول الّروافض لعنهم ا ّ‬
‫ل و رسوله و يحّبه ا ّ‬
‫ل‬ ‫با ّ‬
‫ن الّراية غدا رجل يح ّ‬ ‫عليه و آله و سّلم قال يوم خيبر ‪ :‬لعطي ّ‬
‫سلم ‪.‬‬
‫ي عليه ال ّ‬
‫و رسوله ‪ ،‬و كان ذلك هو عل ّ‬

‫فنقول ‪ :‬هذا الخبر من باب الحاد و عندهم ل يجوز الّتمسك بهه فهي العمههل فكيهف يجهوز‬
‫الّتمسك به في العلم ‪.‬‬

‫سلم ل يوجب انتفاءها عههن أبههي بكههر و بتقههدير‬ ‫ي عليه ال ّ‬‫ن اثبات هذه الصفة لعل ّ‬ ‫و أيضا إ ّ‬
‫ل على انتفاء ذلههك المجمههوع عههن أبههي بكههر و مههن جملههة تلههك‬ ‫ل على ذلك لكّنه ل يد ّ‬ ‫أن يد ّ‬
‫الصفات كونه كّرارا غير فّرار فلّمها انتفهى ذلهك عهن أبهى بكهر لهم يحصهل مجمهوع تلهك‬
‫صفات له فكفى هذا في العمل بدليل الخطاب ‪ ،‬فأّما انتفاء جميع تلك الصههفات فل دللههة‬ ‫ال ّ‬
‫صههفة المهذكورة فههى ههذه اليههة حهال اشههتغاله‬‫فى الّلفظ عليه فهو تعالى إّنمهها أثبهت ههذه ال ّ‬
‫ن تلك الصفة مهها كههانت حاصههلة فههي ذلههك الههوقت فلههم‬ ‫بمحاربة المرتّدين بعد ذلك ‪ ،‬فهب أ ّ‬
‫يمنع ذلك من حصولها في الّزمان المستقبل ‪.‬‬

‫سك بالخبر المذكور‬


‫سك بظاهر القرآن و ما ذكروه تم ّ‬
‫ن ما ذكرناه تم ّ‬
‫ولّ‬

‫] ‪[ 51‬‬

‫المنقول بالحاد ‪.‬‬

‫ل محّبهها لههه‬‫ل و رسوله و كون ا ّ‬ ‫و لّنه معارض بالخبار الّدالة على كون أبى بكر محّبا ّ‬
‫ل ه عليههه و‬‫ق أبى بكر ‪ :‬و لسوف يرضى و قههال ص هّلى ا ّ‬ ‫و راضيا عنه ‪ ،‬قال تعالى فى ح ّ‬
‫لهه عليههه و‬ ‫صة ‪ ،‬و قال صّلى ا ّ‬ ‫ل يتجّلى للناس عاّمة و يتجّلى لبى بكر خا ّ‬‫نا ّ‬‫آله و سّلم إ ّ‬
‫ل ذلههك يهد ّ‬
‫ل‬ ‫ل و صّبه فى صدر أبهى بكههر ‪ ،‬و كه ّ‬ ‫ل شيئا فى صدرى إ ّ‬ ‫با ّ‬
‫آله و سّلم ما ص ّ‬
‫ل و رسوله ‪.‬‬
‫ل و رسوله و يحّبه ا ّ‬‫با ّ‬
‫على أّنه كان يح ّ‬
‫و أما الوجه الثانى و هو قولهم ‪ :‬الية الههتى بعههد هههذه اليههة داّلههة علههى امامههة علهيّ عليههه‬
‫ي‪.‬‬‫سلم فوجب أن تكون هذه الية نازلة في عل ّ‬ ‫ال ّ‬

‫فجوابنا أنا ل نسّلم دللة الية التي بعد هذه الية على امامته ‪ ،‬و سنذكر الكلم فيه ‪ ،‬فهههذا‬
‫ل أعلم ‪ ،‬انتهى كلمه هبط مقامه ‪.‬‬
‫ما فى هذا الموضع من البحث و ا ّ‬

‫جه عليه وجوه من الكلم و ضروب من الملم ‪:‬‬


‫و يتو ّ‬

‫ن نسبته كون المراد بقوم يحّبهم و يحّبونه هو أبوبكر و أصهحابه إلهى علهيّ‬ ‫الوجه الول أ ّ‬
‫سلم و عن حذيفة و عّمار و ابههن‬‫ي عنه عليه ال ّ‬ ‫سلم بهت و افتراء ‪ ،‬و إنما المرو ّ‬‫عليه ال ّ‬
‫سلم و أصحابه ‪.‬‬ ‫ن المراد به هو عليه ال ّ‬
‫عباس حسبما تعرفه أ ّ‬

‫ن الية الواقعة بعد هذه الية عنى‬ ‫الثانى ما ذكره من الوجه الثانى من استدلل المامية بأ ّ‬
‫سلم فكان الولى جعل ما قبلها أيضا فى حقّههه‬ ‫ي عليه ال ّ‬‫ق عل ّ‬‫ل ‪ ،‬فى ح ّ‬
‫قوله ‪ :‬إنما ولّيكم ا ّ‬
‫ل فى حّقه لكّنهم لم يسههتدّلوا بههذلك علههى‬ ‫ن أصحابنا و إن قالوا بكون انما ولّيكم ا ّ‬ ‫فاسد ‪ ،‬ل ّ‬
‫سههلم و إّنمهها اسههتدّلوا علههى ذلههك‬ ‫ل بقوم ‪ ،‬فيه عليه ال ّ‬ ‫كون هذه الية أعني ‪ :‬فسوف يأتى ا ّ‬
‫بالوجه الّول اّلذى حكاه عنهم و يأتي توضهيحه ‪ ،‬و بمها روي عهن أميهر المهؤمنين عليهه‬
‫ل ما قوتل أهل الية حّتى اليوم و تلها ‪ ،‬و بما روي عن‬ ‫سلم من قوله يوم البصرة و ا ّ‬ ‫ال ّ‬
‫سههلم كمهها قههاله‬
‫وجوه الصحابة مثل حذيفة و عّمار و ابن عّباس مههن نزولههها فيههه عليههه ال ّ‬
‫المرتضى في الشافي ‪،‬‬

‫ي بن أبيطالب ‪.‬‬
‫ل بقوم الية ‪ ،‬هو عل ّ‬
‫و مثلهم الثعلبى قال فى تفسير قوله ‪ :‬فسوف يأتى ا ّ‬

‫ن استدلله على فساد مذهب المامّية بقوله ‪ :‬و تقرير مذهبهم إلى قوله ‪:‬‬
‫الثالث أ ّ‬

‫و لما لم يكن كذلك علمنا فساد مذهبهم ‪ ،‬سخيف جّدا ‪ ،‬لّنا ل ننكر ارتداد أبي بكر‬

‫] ‪[ 52‬‬

‫ل مههن صههار مرتهّدا عههن‬


‫ن كه ّ‬
‫و من تبعه حسبما نشير اليه ‪ ،‬و لكن نمنع دللة الية على أ ّ‬
‫له يههأتى بقههوم يرّدهههم إلههى السههلم و إفههادة مههن للشههرط و العمههوم ل‬
‫نا ّ‬
‫دين السلم ‪ ،‬فا ّ‬
‫يقتضى ذلك ‪.‬‬

‫له بقههوم يجاهههدهم و‬


‫و ذلك لنه سبحانه لم يقل مههن يرتهّد منكههم عههن دينههه فسههوف يههأتى ا ّ‬
‫له‬
‫ق كما زعمه هذا الناصههب ‪ ،‬و إنمها قههال فسههوف يهأتى ا ّ‬ ‫يقهرهم و يرّدهم الى الّدين الح ّ‬
‫بقوم يحّبهم و يحّبونه آه ‪.‬‬
‫ي بهم يجاهدون هؤلء المرتّدين بل ظاهر معنههى اليههة‬ ‫ن القوم المأت ّ‬
‫و ل دللة فيها على أ ّ‬
‫ن من يرتّد منكم عن دينه فلن يضّر دينه شههيئا و ل‬ ‫و مساقها مع قطع النظر عن الخبار أ ّ‬
‫صههفات ينصههرونه‬ ‫يوجب ارتداده ضعفه و وهنه لّنه سبحانه سوف يأتي بقوم لهههم هههذه ال ّ‬
‫على أبلغ الوجوه ‪ ،‬و بهم يحصل كمال قّوته و شوكته ‪.‬‬

‫ل رسول قد خلت من قبله الّرسههل أ‬ ‫فيكون مساق هذه الية مساق قوله تعالى و ما محّمد إ ّ‬
‫له شههيئًا و‬
‫فان مات أو قتههل انقلبتههم علههى أعقههابكم و مههن ينقلههب علههى عقههبيه فلههن يضهّر ا ّ‬
‫ل الشاكرين « ‪.‬‬ ‫سيجزى ا ّ‬

‫و قد روى ابن شهر آشوب من طريق العاّمة باسناده عن سعيد بن جبير عههن ابههن عبههاس‬
‫ي بن أبيطالب و بالمرتّدين على أعقابكم هم الذين ارتّدوا‬
‫في هذه الية يعني بالشاكرين عل ّ‬
‫سلم ‪.‬‬
‫عنه عليه ال ّ‬

‫له بمههن يههرّده عههن‬


‫ل من ارتّد ل بّد و أن يأتي ا ّ‬
‫نكّ‬ ‫ن الية ل تقتضى أ ّ‬ ‫فقد علم بما ذكرنا أ ّ‬
‫ارتداده إلى دين السلم كما توّهمه الّرازى ‪ ،‬كيف ؟ و لو كان مفهومها ذلك لوجب أن ل‬
‫ل و لههه قههاهر يقهههره و راّد يههرّده إلههى ديههن السههلم ‪ ،‬و المعلههوم المشههاهد‬
‫يوجههد مرت هّد إ ّ‬
‫ن العالم ملء من المرتّدين و ليس لهم دافع و ل رادع ‪.‬‬ ‫بالتجربة و الوجدان عدمه ‪ ،‬فا ّ‬

‫و قد اعترف الرازى بخبطه من حيث ل يشعر ‪ ،‬فاّنه نقل قبل مهها حكينهها عنههه مههن كلمههه‬
‫سههان قههوم‬
‫شههاف و ارتضههاه أنّ مههن جملههة المرتهّدين غ ّ‬
‫في جملة كلم نقله عن صاحب الك ّ‬
‫جبلة بن اليهم على عهد عمر ‪ ،‬و ذلك أ ّ‬
‫ن‬

‫] ‪[ 53‬‬

‫جبلة أسلم على يد عمر و كان ذات يوم جاّرا رداءه فوطىء رجههل طههرف ردائه فغضههب‬
‫ل أن يعفو عنه فقال ‪:‬‬
‫فلطمه ‪ ،‬فتظّلم الّرجل إلى عمر فقضي له بالقصاص عليه إ ّ‬

‫أنا اشتريها ‪ 1‬بألف فأبى الّرجل فلم يزل يزيد في الفداء إلى أن بلغ عشرة آلف ‪،‬‬

‫ل القصاص ‪ ،‬فاستنظر عمر فأنظره فهرب إلى الّروم و ارتّد ‪ ،‬انتهى ‪.‬‬
‫فأبى الّرجل إ ّ‬

‫له بقههوم يقهرونهههم و‬


‫ن هؤلء كانوا مرتّدين بعد إسلمهم فلههم لههم يههأتي ا ّ‬
‫فأقول للّرازى ‪ :‬إ ّ‬
‫يرّدونهم إلى السلم على ما زعمت ‪ ،‬فعلم فساد ما قاله في معني الية ‪.‬‬

‫صة بمحاربة المرتّدين و أبو بكر هو اّلذى توّلى محاربتهم‬


‫ن هذه الية مخت ّ‬
‫الرابع قوله ‪ :‬إ ّ‬
‫‪ ،‬قد علمت عدم دللة الية على محاربتهم فضل عن اختصاصها بها ‪.‬‬
‫و على التنّزل و تسليم الّدللة و الختصاص فنمنع اختصههاص أبههي بكههر بمحههاربتهم لنّ‬
‫من جملة المرتّدين الناكثين و القاسههطين و المههارقين و قههد حههاربهم أميههر المههؤمنين عليههه‬
‫سلم ‪.‬‬
‫ال ّ‬

‫و من جملتهم بنو مدلج و رئيسهههم ذو الحمههار و هههو السهود العنسهي و كهان كاهنهها اّدعها‬
‫له‬
‫له منههها فكتهب رسهول ا ّ‬ ‫النبّوة في اليمن و استولى على بلدها و أخرج عّمال رسول ا ّ‬
‫ل ه علههى يههد فيههروز‬
‫ل عليه و آله و سّلم إلى معاذ بن جبل و سادات اليمن فأهلكه ا ّ‬ ‫صّلى ا ّ‬
‫له صهّلى‬ ‫ل بقتله ليلة قتل ‪ ،‬فسّر المسلمون و قبض رسول ا ّ‬ ‫الّديلمي فقتله و اخبر رسول ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم من الغد ‪ ،‬و أتههى خههبره فههي آخههر شهههر ربيههع الّول روى ذلههك فههي‬‫ا ّ‬
‫شاف و حكاه عنه الّرازى أيضا ‪.‬‬ ‫الك ّ‬

‫صة بأبي بكر فلههم ل يجههوز أن يكههون المقصههود باليههة هههؤلء‬


‫و إذا لم يكن المحاربة مخت ّ‬
‫المحاربون بالمرتّدين ل أبو بكر و أصحابه ‪.‬‬

‫ل عليه و آله و سّلم لم يّتفق له محاربة المرت هّدين قههد‬


‫ل صّلى ا ّ‬
‫ن رسول ا ّ‬
‫الخامس قوله ‪ :‬إ ّ‬
‫علمت بطلنه ‪.‬‬

‫ل بنفسههه جهههاد بنههي مدلههج ‪ ،‬و إّنمهها أنفههذ‬


‫ل عليه و آله و سّلم لم يتههو ّ‬
‫فان قلت ‪ :‬إّنه صّلى ا ّ‬
‫ل بنفسه ‪.‬‬ ‫إليهم سرّية قلت ‪ :‬أبو بكر أيضا لم يتو ّ‬

‫ل بقوم ‪ ،‬و هذا للستقبال ل للحال‬


‫السادس قوله ‪ :‬و لنه تعالى قال ‪ :‬فسوف يأتي ا ّ‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬هه هههههه ه ههه‬

‫] ‪[ 54‬‬

‫فوجب أن يكون هذا القوم غير موجودين في وقت نزول الخطاب فيه أّنه مسّلم و لكّنههه ل‬
‫له‬
‫له صهّلى ا ّ‬ ‫ن محاربههة رسههول ا ّ‬ ‫ينافي كون المراد بالمرتّدين بنو مدلج أو قوم مسيلمة فا ّ‬
‫ي نزول الخطاب و في آخر عمره الشههريف ‪ ،‬أّمهها بنههو مدلههج‬ ‫عليه و آله لهم كان بعد مض ّ‬
‫له عليههه و آلههه لقتلههه‬‫له صهّلى ا ّ‬‫فقد عرفت ‪ ،‬و أّما مسيلمة فقد اّدعى الّنبوة فأنفذ رسههول ا ّ‬
‫جماعة من المسلمين و أمرهم أن يفتكوا بههه إن أمكنهههم غيلههة ‪ ،‬و اسههتقّر عليههه قبايههل مههن‬
‫ل ه عليههه و آلههه و‬ ‫ل ص هّلى ا ّ‬‫العرب و قتل على يدى وحشي قاتل حمزة بعد موت رسول ا ّ‬
‫سّلم ‪.‬‬

‫ن القوم اّلذين قاتل بهم أبو بكر أهل الرّدة ما كانوا موجودين في الحال ‪.‬‬
‫السابع قوله ‪ :‬إ ّ‬
‫ن المرتهّدين‬ ‫فيه أّول أّنه رجم بالغيب فمن أين له إثبات عدم وجهودهم ‪ ،‬بهل بّيهن الفسهاد ل ّ‬
‫ل عليه و آله و سهّلم مثههل خالههد بههن الوليههد و أبههو‬
‫هم الذين كانوا في زمن الّرسول صّلى ا ّ‬
‫سير ‪.‬‬‫قتادة النصارى و نظرائهم و جّلهم كان جيش اسامة كما يظهر من كتب ال ّ‬

‫ن عدم وجودهم ل ينفع بحال أبي بكر على ما زعم مع كههونه موجههودا‬ ‫و ثانيا بعد التنّزل أ ّ‬
‫بل يدخل المقاتلون معه في عموم الية لعدم كههونهم موجههودين و يخههرج هههو بنفسههه عنههه‬
‫لكونه موجودا ‪ ،‬فافهم جّيدا ‪.‬‬

‫ل بقوم قههادرين متمّكنيههن مههن هههذا‬


‫ل قال ‪ :‬فسوف يأتي ا ّ‬
‫نا ّ‬
‫ن معنى الية إ ّ‬
‫الثامن قوله ‪ :‬إ ّ‬
‫الحرب » إلى قوله « و المر و النهي ‪.‬‬

‫ن أميههر المههؤمنين أيضهها كههان‬


‫فيه إذا كان البناء في معنى الية على ذلك فلنهها أن نقههول ‪ :‬إ ّ‬
‫موجودا في ذلك الوقت و فى زمان أبى بكر لكّنه لم يكههن متمّكنهها مههن الحههرب و المههر و‬
‫ل بالمر ‪ ،‬فقاتل المرتّدين من الّناكثين و القاسطين و المههارقين ‪ ،‬غايههة‬ ‫النهي إلى أن استق ّ‬
‫له عليههه و‬
‫له صهّلى ا ّ‬‫ق و هو رسول ا ّ‬ ‫ن عدم استقلل أبي بكر بوجود الرئيس الح ّ‬ ‫المر إ ّ‬
‫سههلم بوجههود رئيههس الباطههل أعنههي الغاصههبين‬ ‫آله و عدم استقلل أمير المههؤمنين عليههه ال ّ‬
‫للخلفة مع عدم المعاون التاسع قوله ‪ :‬فثبت أّنههه ل يمكههن أن يكههون المههراد هههو الّرسههول‬
‫ل عليه و آله و سّلم قد علمت فساده و امكان إرادته ‪.‬‬ ‫صّلى ا ّ‬

‫] ‪[ 55‬‬

‫العاشر قوله ‪ :‬اسم المرتّد إنما يتناول من كان تاركا للشرايع السلمّية اه ‪.‬‬

‫ن مهانعي الزكههاة لههم يكونههوا تههاركين‬ ‫فيه أّنه إن أراد به تركه لجميعههها فيتعههرض عليههه بهأ ّ‬
‫ل علههى مهها ذكرنهها مههن‬‫للجميع و اّنما منعوا الّزكاة فحسب فكيف حكمتم بارتههدادهم ‪ ،‬و يههد ّ‬
‫عدم تركهم للجميع ‪ ،‬مضافا إلى ما يأتي قول قاضي القضاة في المغنهي حيهث قهال ‪ :‬فهان‬
‫قال قائل فقد كان مالك يصّلي ‪ ،‬قيل له ‪ :‬و كذلك ساير أههل الهّردة و الكفهر و إّنمها كفهروا‬
‫بالمتناع من الّزكاة و اعتقاد إسقاط وجوبها دون غيره ‪.‬‬

‫ن المحاربين لمير المههؤمنين عليههه‬ ‫و إن اراد به تناول السم و لو بترك بعضها فنقول ‪ :‬إ ّ‬
‫سلم قد كانوا تاركين للبعض ‪ ،‬حيث اّنهم قد كانوا يسههتحّلون قتههاله و قتلههه و قتههل سههاير‬ ‫ال ّ‬
‫ي و نقضهم لبيعته ‪.‬‬ ‫ص الجل ّ‬
‫سلم فضل عن إنكارهم الن ّ‬ ‫المؤمنين التابعين له عليه ال ّ‬

‫و استحلل قتل المؤمنين و سفك دمائهم فضل عن أكابرهم و أفاضلهم أشّد من اسههتحلل‬
‫الخمر و شربه قطعا ‪ ،‬فيكونوا كّفارا مرتّدين ‪.‬‬
‫سلم بل خلف بين أهل النقههل ‪ :‬يهها‬ ‫ل عليه و آله و سّلم قال له عليه ال ّ‬
‫ن الّنبي صّلى ا ّ‬
‫مع أ ّ‬
‫ل التشهبيه فهي‬ ‫ن المقصهود بهه ليهس إ ّ‬ ‫ي حربك حربي و سهلمك سهلمي ‪ ،‬و نحهن نعلهم أ ّ‬ ‫عل ّ‬
‫الحكام ‪ ،‬و من أحكام محاربي الّنبي الكفر و الرتداد بالّتفاق ‪.‬‬

‫سلم‬
‫ي عليه ال ّ‬
‫ق محاربي عل ّ‬
‫ن الّردة اّلتي نقولها في ح ّ‬
‫صل المرام أ ّ‬
‫خص الكلم و مح ّ‬ ‫و مل ّ‬
‫ق مانعي الزكاة حرفا بحرف ‪.‬‬ ‫هي بعينها مثل الّردة اّلتي تقولونها في ح ّ‬

‫قال شارح صحيح مسلم في المنهاج في كتاب اليمان كلمهها استحسههنه مههن الخطههابي مهها‬
‫هذا لفظه قال بعد تقسيم أهل الّردة إلى ثلثة أقسام ‪:‬‬

‫فأّما مانعوا لزكاة منهههم المقيمههون علههى أصههل الهّدين فههاّنهم أهههل بغههي و لههم يسهّموا علههى‬
‫النفراد منهم كفارا و إن كانت الرّدة قد اضيفت إليهم لمشاركتهم المرتّدين في منع بعض‬
‫ل مههن انصههرف عههن أمههر‬ ‫ىوكّ‬ ‫ن اسم الّردة اسم لغو ّ‬ ‫ما منعوه من حقوق الّدين ‪ ،‬و ذلك ا ّ‬
‫كان مقبل عليه فقد ارتّد عنه ‪ ،‬و قههد وجههد مههن هههولء القههوم النصههراف و منههع الحههق و‬
‫انقطع عنهم اسم الثناء و المدح بالّدين و عّلق بهم اسم القبيح لمشاركتهم القهوم اّلهذين كهان‬
‫ارتدادهم حّقا ‪ ،‬انتهى ‪.‬‬

‫] ‪[ 56‬‬

‫ن مانعي الزكاة كانوا مقيميههن علههى أصههل الهّدين لكّنههه‬


‫و هذا الكلم كما ترى صريح في أ ّ‬
‫اطلق عليهم اسم المرتّد لترك بعض حقوق الّدين الواجبة ‪ ،‬هذا ‪.‬‬

‫شارح المعتزلي لرتدادهم أعنى الناكثين و القاسطين و المارقين بههأّنهم ل‬ ‫و أما استبعاد ال ّ‬
‫يطلق عليهم لفظ الّردة ‪.‬‬

‫أّما اللفظ فباالّتفاق مّنا و من المامّية و ان سّموهم كفارا ‪.‬‬

‫ن من ارتّد و كان قد ولد على فطرة السلم بههانت امرأتههه‬


‫ن فى مذهبهم أ ّ‬
‫و أّما المعنى فل ّ‬
‫منه و قسم ماله بين ورثته و كان على زوجته عّدة المتوفى عنها زوجها ‪،‬‬

‫ن أكثر المحاربين لمير المؤمنين قد ولدوا فههى السههلم و لههم يحكههم فيهههم بهههذه‬
‫و معلوم أ ّ‬
‫الحكام ‪.‬‬

‫ن المامّية ل يطلقون عليهم اسم المرتّد و من أخبارهم المشهورة ‪:‬‬


‫ففيه منع أ ّ‬

‫ل ثلثة أو أربعة ‪.‬‬


‫ل عليه و آله إ ّ‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫ارتّد الّناس بعد رسول ا ّ‬
‫ن من ارتّد و كان قد ولد علههى الفطههرة اه ‪ ،‬فهههو حهقّ‬‫ن مذهبهم أ ّ‬‫و أّما ما حكاه عنهم من ا ّ‬
‫ن منههم‬‫ن أحكام الكّفار كما أّنها مختلفة و إن كان شملهم اسم الكفهر ‪ ،‬فها ّ‬‫لكن نجيب عنه بأ ّ‬
‫ل بسبب طار غير الكفر‬ ‫من يقتل و ل يستبقى ‪ ،‬و منهم من يؤخذ منهم الجزية و ل يقتل إ ّ‬
‫‪ ،‬و منهم من ل يجوز نكاحه علههى مههذهب أكههثر المسههلمين ‪ ،‬فكههذلك مههن الجههايز اختلف‬
‫ن حكمهم مخالف لحكام ساير الكفههار و المرتهّدين إلههى فعلههه‬ ‫أحكام الرتداد و يرجع فى أ ّ‬
‫سلم و سيرته فيهم ‪.‬‬ ‫عليه ال ّ‬

‫له‬
‫ل ص هّلى ا ّ‬
‫و لذلك قال الشافعي ‪ :‬أخذ المسلمون السيرة فى قتال المشركين من رسول ا ّ‬
‫سلم ‪.‬‬
‫ي عليه ال ّ‬
‫عليه و آله و سّلم ‪ ،‬و أخذوا السيرة فى قتال البغاة من عل ّ‬

‫سلم كفارا مرتّدين لما حاربهم أميههر المههؤمنين‬‫و بالجملة فلو لم يكن الباغون عليه عليه ال ّ‬
‫له عليههه و‬
‫ل تعالى و من رسهوله صهّلى ا ّ‬ ‫ل سفك دمائهم و لم يكن مأمورا من ا ّ‬ ‫و ل استح ّ‬
‫له‬
‫آله و سّلم بقتالهم على ما صّرح به فى أّول هذا الفصل من كلمه بقوله ‪ :‬و قد أمرنى ا ّ‬
‫بقتال أهل البغي اه ‪.‬‬

‫سلم ثبت‬
‫إذ المسلم ل يجوز سفك دمه و استحلل قتله فلّما حاربهم أمير المؤمنين عليه ال ّ‬

‫] ‪[ 57‬‬

‫بذلك كفرهم و ارتدادهم ‪.‬‬

‫و لّما لم يسر فيهم بسيرة ساير الكفار من سبيهم و سبي ذراريهم و غنيمة أموالهم و اّتباع‬
‫موّليهم و إجهاز جريحهم ‪ ،‬و لم يسههر فيهههم بسههيرة سههاير المرتهّدين مههن إبانههة امرأتهههم و‬
‫تقسيم أموالهم و غيرها من الحكام ‪ ،‬علمنا بذلك اختلف أحكامهم مع أحكام ساير الكفار‬
‫له عليههه و‬
‫جة مّتبعة مثل الّرسههول صهّلى ا ّ‬ ‫ن فعل المام و سيرته كقوله ح ّ‬ ‫و المرتّدين ‪ ،‬فا ّ‬
‫آله و سّلم ‪.‬‬

‫و ان شئت مزيد تحقيق لهذا المقام ‪.‬‬

‫سلم كائنهها مههن كههان مههن الغاصههبين للخلفههة أو‬


‫ن ارتداد المنحرفين عنه عليه ال ّ‬
‫فأقول ‪ :‬إ ّ‬
‫سلم و اطلق اسم المرتّد عليه قد ورد فى الّروايات العامّية كوروده‬ ‫الباغين عليه عليه ال ّ‬
‫صة ‪.‬‬
‫فى أخبار الخا ّ‬

‫ل بههن حامههد بههن محّمههد أخبرنهها أحمههد بههن‬


‫ففى غاية المرام عن الثعلبى قال ‪ :‬أخبرنا عبد ا ّ‬
‫محّمد بن الحسن حّدثنا محّمد بن شبيب حّدثنا أبي عن يونس ‪ ،‬عن ابن شهاب ‪،‬‬
‫له عليهه و آلهه و‬
‫له صهّلى ا ّ‬
‫عن ابن المسّيب عن أبى هريرة أّنه كان يحّدث عن رسههول ا ّ‬
‫ى يوم القيامة رهط من أصحابى فيجلون عن الحوض ‪ ،‬فأقول ‪ :‬يهها ر ّ‬
‫ب‬ ‫سّلم قال ‪ :‬يرد عل ّ‬
‫أصحابى ‪ ،‬فيقال ‪:‬‬

‫إّنك ل علم لك بما أحدثوا أّنهم ارتّدوا على أدبارهم القهقرى ‪.‬‬

‫و فيه من صحيح البخارى في الجزء الخامس على حّد ثلثه الخيههر فههى تفسههير قههوله » و‬
‫كنت عليهم شهيدًا ما دمت فيهم « قال ‪:‬‬

‫حّدثنا شعبة قال أخبرنا المغيرة بن النعمان قال سمعت سعيد بن جبير عههن ابههن عّبههاس »‬
‫ل عليه و آله و سّلم قال يا أّيها الّنههاس إّنكههم محشههورون‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫رض « خطب رسول ا ّ‬
‫ل حفاة عزل ‪ ،‬ثّم قال ‪ :‬كما بدئنا أّول خلق نعيده وعدا علينهها إنهها كّنهها فههاعلين » إلههى‬ ‫إلى ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم أل و إنّ أّول الخليههق يكسههى يههوم القيامههة‬ ‫آخر الية « ثّم قال صّلى ا ّ‬
‫سلم أل و انه يجاء برجال من أمتى فيؤخههذ بهههم ذات الشههمال فههأقول ‪ :‬يهها‬ ‫إبراهيم عليه ال ّ‬
‫ربّ أصحابى ‪ ،‬فيقال إنك ل تدرى ما أحدثوا بعهدك ‪ ،‬فهأقول كمها قهال العبهد الصهالح ‪ :‬و‬
‫كنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلّما توّفيتني كنههت أنههت الّرقيههب عليهههم و أنههت علههى كه ّ‬
‫ل‬
‫ن هؤلء لم يزالوا مرتّدين على أعقابهم منذ فارقتهم ‪.‬‬ ‫شىء شهيد ‪ ،‬فقال ‪ :‬إ ّ‬

‫] ‪[ 58‬‬

‫و رواه فيه من صحيح مسلم فى الجزء الثالث من أجزاء ثلثة من ثلثه الخير بسنده عههن‬
‫ابن عباس نحوه ‪.‬‬

‫و فيه من البخارى من حديث الّزهرى عن سعيد بن المسّيب عن أبي هريرة كههان يح هّدث‬
‫عن بعض أصحاب الّنبي قال ‪ :‬يرد على الحوض رجال من اّمتي فيجلون عنههه فههأقول يهها‬
‫ب أصههحابي ‪ ،‬فيقههال ‪ :‬إّنههك ل علههم لههك بمهها أحههدثوا بعههدك إّنهههم ارتهّدوا علههى أدبههارهم‬
‫ر ّ‬
‫القهقرى ‪.‬‬

‫له عليهه و آلهه و‬


‫ن جماعة من اّمتهه صهّلى ا ّ‬ ‫فان قلت ‪ :‬غاية ما يستفاد من هذه الّروايات أ ّ‬
‫سههلم و المخههالفون‬‫سّلم ارتّدوا بعده ‪ ،‬و ل دللة على أّنهم مبغضو أمير المؤمنين عليههه ال ّ‬
‫له ‪.‬‬

‫ى المّتفق عليه بالنقل البالغ حّد الستفاضة ‪ :‬علههيّ‬


‫قلت ‪ :‬الجواب أول أّنه قد ورد في النبو ّ‬
‫ي يدور معه ‪ ،‬و من جملة طرقه الّزمخشههرى فههي ربيههع البههرار‬ ‫ق مع عل ّ‬‫ق و الح ّ‬
‫مع الح ّ‬
‫قال ‪:‬‬
‫ل عنها فقالت ‪ :‬مرحبهها بههك‬‫سلم على اّم سلمة رضي ا ّ‬ ‫ي عليه ال ّ‬
‫استأذن أبو ثابت مول عل ّ‬
‫ي ‪ ،‬فقالت ‪:‬‬
‫يا أبا ثابت أين طار قلبك حين طارت القلوب مطائرها ؟ قال ‪ :‬تبع عل ّ‬

‫ق و القههرآن‬
‫ي مع الح ّ‬‫ل عليه و آله يقول ‪ :‬عل ّ‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫و اّلذي نفسي بيده سمعت رسول ا ّ‬
‫سههلم‬
‫ق و القرآن معه و لن يفترقا حّتى يردا على الحوض و من المعلوم أنه عليه ال ّ‬ ‫و الح ّ‬
‫إذا كان معهما و كانا معه مصاحبين حّتى يردا على الحوض يكههون مخههالفوه المنحرفههون‬
‫ل ذلههك فيكههون‬
‫ق و القرآن ‪ ،‬مفترقين عنهما البتة و ليس معنى الرتداد إ ّ‬
‫عنه مخالفين للح ّ‬
‫المرتّدون المجلون عن الحوض هم هؤلء ‪.‬‬

‫و بمعناه ما رواه إبراهيم بن محّمد الحمويني مسندا عن العمش عن إبراهيم عههن علقمههة‬
‫و السود قال ‪:‬‬

‫له تعههالى أكرمههك بنههبّيه حيههث كههان‬‫نا ّ‬‫ى و قلنا له ‪ :‬يا أبهها أّيههوب إ ّ‬
‫أتينا أبا أّيوب النصار ّ‬
‫سلم تقاتل أهل ل إله‬ ‫ي عليه ال ّ‬ ‫ضلك بها أخبرنا بمخرجك مع عل ّ‬ ‫لف ّ‬ ‫ضيفا لك فضيلة من ا ّ‬
‫ل عليه و آله فى هذا الههبيت اّلههذى‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫ل لقد كان رسول ا ّ‬ ‫ل ‪ ،‬قال ‪ :‬اقسم لكما با ّ‬
‫لا ّ‬
‫إّ‬
‫ي جههالس عههن‬ ‫ل عليههه و آلههه و عله ّ‬
‫ل صّلى ا ّ‬‫أنتما فيه معى ‪ ،‬و ما فى البيت غير رسول ا ّ‬
‫يمينه و أنا جالس عن‬

‫] ‪[ 59‬‬

‫ل عليه و آله و س هّلم ‪:‬‬


‫ل صّلى ا ّ‬ ‫يساره و أنس قائم بين يديه ‪ ،‬إذ حّرك الباب فقال رسول ا ّ‬
‫ل ه ص هّلى‬‫افتح لعّمار الطّيب المطّيب ‪ ،‬ففتح الّناس الباب و دخل عمار فسّلم على رسول ا ّ‬
‫حب به ثّم قال لعمار ‪ :‬إنههه سههيكون فههي أّمههتي بعههدي هنههاة حههتى يختلههف‬ ‫ل عليه و آله فر ّ‬
‫ا ّ‬
‫السيف فيما بينهم و حتى يقتل بعضهم بعضا ‪ ،‬فاذا رأيههت ذلههك فعليههك بهههذا الصههلع عههن‬
‫ى و اديهها فاسههلك‬
‫ي بن أبيطالب ‪ ،‬فاذا سههلك النههاس كّلهههم واديهها و سههلك عله ّ‬
‫يمينى يعني عل ّ‬
‫ن علّيا ل يرّدك عن هدى و ل يدّلك علههى ردى ‪،‬‬ ‫ل عن الّناس ‪ ،‬يا عمار إ ّ‬‫يوخّ‬ ‫وادى عل ّ‬
‫ل‪.‬‬ ‫ل عّز و ج ّ‬ ‫ي طاعتي و طاعتي طاعة ا ّ‬ ‫يا عمار طاعة عل ّ‬

‫و دللته على المّدعى غير خفّية ‪.‬‬

‫ن المرتّدين المطرودين عن‬ ‫ل عليه و آله و سّلم بأ ّ‬


‫و ثانيا انه قد وقع التصريح منه صّلى ا ّ‬
‫سلم في ما رواه موفق بههن أحمههد أخطههب خههوارزم بسههنده عههن‬ ‫الحوض مبغضوه عليه ال ّ‬
‫ي بهن أبيطهالب‬‫ي بن الحسين بههن عله ّ‬ ‫ل بن العل عن أبيه عن زيد بن عل ّ‬ ‫إبراهيم ابن عبد ا ّ‬
‫ل عنه قال ‪:‬‬‫ي بن أبيطالب رضي ا ّ‬ ‫عن أبيه عن جّده عن عل ّ‬

‫ل عليه و آله يوم فتح خيبر ‪ :‬لو ل أن يقول فيههك طوايههف مههن أمّههتي مهها‬
‫ي صّلى ا ّ‬
‫قال النب ّ‬
‫قالت النصارى فى عيسى بن مريم لقلت اليههوم فيههك مقههال بحيههث ل تمهّر علههى ملء مههن‬
‫ل أخذوا من تراب رجليك و فضل طهورك ‪ ،‬يستشفعون به و لكههن حسههبك أن‬ ‫المسلمين إ ّ‬
‫ل أّنههه ل نههب ّ‬
‫ي‬ ‫تكون مّني و أنا منك ترثني و أرثك و أنت مّني بمنزلة هارون من موسى إ ّ‬
‫ي أنت تؤّدي ديني و تقاتل على سّنتي و أنت في الخرة أقههرب الّنههاس مّنههي و‬ ‫بعدي يا عل ّ‬
‫ي غدا على الحوض خليفههتي تههذود عنههه المنههافقين ‪ ،‬و أنههت أّول مههن يههرد علههى‬
‫إّنك يا عل ّ‬
‫ن شههيعتك علههى منههابر مههن نههور رواء‬ ‫الحوض و أنت أّول داخل في الجّنة من أّمتي ‪ ،‬و إ ّ‬
‫ن أعههداءك‬‫ضة وجوههم حولي أشفع لهم فيكونون في الجّنة غدا جيراني ‪ ،‬و إ ّ‬ ‫مروّيين مبي ّ‬
‫غدا ظماء مظمئين مسّودة وجوههم يتقحمون مقمعون يضربون بالمقامع و هى سياط من‬
‫نار مقتحمين ‪ ،‬حربك حربي و سلمك سلمي و سّرك سّري و علنيتك علنيتي و سههريرة‬
‫ن ولدك ولدي و لحمك لحمي و دمك دمى‬ ‫صدرك كسريرة صدري و أنت باب علمى و ا ّ‬
‫ق على لسانك و في قلبك و بين عينيك ‪ ،‬و اليمان‬ ‫ن الحق معك و الح ّ‬‫‪،‬وأّ‬

‫] ‪[ 60‬‬

‫شههرك أّنههك‬
‫ل أمرني أن أب ّ‬
‫ل عّز و ج ّ‬
‫نا ّ‬
‫خالط لحمك و دمك كما خالط لحمي و دمي ‪ ،‬و ا ّ‬
‫أنت و عترتك في الجّنة ‪ ،‬و عّدوك في النار ل يرد على الحوض مبغض لك ‪ ،‬و ل يغيب‬
‫ب لك ‪.‬‬
‫عنه مح ّ‬

‫ي من السههلم‬
‫ل تعالى و حمدته على ما أنعم به عل ّ‬‫سلم فخررت ساجدا ّ‬ ‫ي عليه ال ّ‬
‫قال عل ّ‬
‫و القرآن و حّببنى إلى خاتم الّنبّيين و سّيد المرسلين ‪.‬‬

‫و قد أوردت هذه الّرواية بطولها لتضّمنها وجوها من الّدللة على الم هّدعى كمهها ل يخفههى‬
‫ن المحهاربين لهه عليهه‬‫على المنصف المجانب عن العصبّية و الهوى فقد علم بهذلك كّلهه أ ّ‬
‫ي و منكههر ارتههدادهم‬
‫ي و الوص ه ّ‬ ‫ل ه و النههب ّ‬
‫سلم كالمنتحلين للخلفة مرتّدون على لسان ا ّ‬
‫ال ّ‬
‫ي‪.‬‬‫منكر للّنص الجل ّ‬

‫ن ارتههدادهم مسهّلم‬
‫ل مههن نههازعه فههي المامههة مرتهّدا اه فيههه إ ّ‬
‫الحاد يعشر قوله ‪ :‬لو كان كه ّ‬
‫ل بقوم يقهرونهم بحكم الية غيههر لزم ‪ ،‬لمهها عرفههت‬ ‫حسبما عرفت و لكن وجوب إتيان ا ّ‬
‫ل بقوم يحّبهم و يحّبونه و‬ ‫أيضا من عدم اقتضاء الية ذلك لنه سبحانه قال فسوف يأتي ا ّ‬
‫صحيح ‪.‬‬ ‫لم يقل يقهرونهم و يرّدونهم إلى الّدين ال ّ‬

‫سلم كما حههارب‬


‫ل يقال ‪ :‬لو كان أبو بكر و قومه مرتّدين لحاربهم أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫الّناكثين و القاسطين و المارقين ‪.‬‬

‫لّنا نقول ‪ :‬نعم و لكن تركه لمحاربتهم لّنه لم يجد عونا له على الحرب كمهها أشههار عليههه‬
‫سلم إلى ذلك في الخطبة الثالثههة بقههوله ‪ :‬و طفقههت أرتههاي بيههن أن أصههول بيههد جهّذاء أو‬
‫ال ّ‬
‫أصبر على طخية عمياء فصبرت و في العين قههذى و فههي الحلههق شههجى ‪ ،‬و فههى الفصههل‬
‫ل أهل بيتي فضههننت‬ ‫سادسة و العشرين ‪ :‬فنظرت فاذا ليس لي معين إ ّ‬‫الثاني من الخطبة ال ّ‬
‫شجى و صبرت علههى أخههذ الكظههم‬ ‫بهم عن الموت و أغضيت على القذى و شربت على ال ّ‬
‫و على أمّر من طعم العلقم ‪.‬‬

‫له‬
‫سير أّنه قال عقيب وفاة رسههول ا ّ‬
‫و مّما رواه عنه نصر بن مزاحم و كثير من أرباب ال ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬لو وجدت أربعين ذوى عزم‬
‫صّلى ا ّ‬

‫] ‪[ 61‬‬

‫ل أخبرنى عن عل هيّ‬ ‫سلم قال ‪ :‬فقلته يا ابن رسول ا ّ‬


‫و قد سأل الّرماني عن الّرضا عليه ال ّ‬
‫ل عليه و آلههه‬‫ل صّلى ا ّ‬‫بن أبيطالب لم لم يجاهد أعداءه خمسا و عشرين سنة بعد رسول ا ّ‬
‫ل فههي تركههه جهههاد المشههركين بمّكههة‬
‫ثّم جاهد في أّيام وليته ؟ فقال ‪ :‬لّنه اقتدى برسول ا ّ‬
‫ثلثة عشر سنة بعد النبّوة و بالمدينة تسعة عشر شهرا ‪ ،‬و ذلك لقّلة أعوانه عليهم ‪.‬‬

‫ل عليه و آله مع تركه الجهههاد لههم تبطههل وليههة عل هيّ‬ ‫ل صّلى ا ّ‬


‫فلّما لم تبطل نبّوة رسول ا ّ‬
‫سلم بتركه الجهاد خمسا و عشرين سنة إذ كههانت العّلههة المانعههة لهمهها عههن الجهههاد‬‫عليه ال ّ‬
‫واحدة ‪.‬‬

‫ن حمل الية على الرئيس المطاع أولى ‪.‬‬


‫الثانى عشر قوله ‪ :‬و معلوم أ ّ‬

‫فيه منع الولوية أّول و منع اقتضاء الولوّية على فرض تسليمه للختصاص ثانيا ‪.‬‬

‫الثالث عشر قوله ‪ :‬و لكن محاربة أبي بكر مع المرتّدين كانت أعلى حههال » إلههى قههوله «‬
‫وجب أن يكون هو المراد بالية ‪.‬‬

‫ل ه عليههه و آلههه و س هّلم و‬‫ل صّلى ا ّ‬ ‫ن محاربة أبي بكر كانت عقيب وفاة رسول ا ّ‬ ‫فيه أّول إ ّ‬
‫كان النصهار و المههاجرون و سهاير المسهلمين رغبهاتهم متهوافرة و أيهديهم متناصهرة و‬
‫آرائهم مّتفقة و أبدانهم مجتمعة و أهوائهم مّتحدة و كلمتهم واحدة فههي حمايههة ال هّدين و فههي‬
‫ذبّ الكفار عن شرع سّيد المرسلين ‪ ،‬و كان المرتّدون شرذمة قليلين ‪ ،‬فحههارب أبههو بكههر‬
‫هؤلء الجماعة الكثيرة المّتفقة ذوي الحمّية و العصبّية هههذه الشههرذمة القليلههة مههع مهها بيههن‬
‫الطرفين من عداوة الّدين و تضاّد المذهب على رأى المجاهدين المقتضى للج هّد و الثبههات‬
‫سلم فقد كان بعد السنين المتطاولة و تعههّود‬ ‫في الحرب و أما حرب أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫سلم فيهم بخلف‬ ‫الناس على محدثات المتخّلفين الثلثة و بدعاتهم مع كون سيرته عليه ال ّ‬
‫سيرة الشيخين الموجب لتقاعدهم عنه و مخالفتهم له ‪ ،‬و كون هههوى أكههثرهم فههى البههاطن‬
‫سلم و رأيهم مخالفا لرأيه ‪.‬‬ ‫خلف هوى أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫ل عايشة و جهاد قوم هم من‬ ‫ك و ترّدد من جواز قتال حرم رسول ا ّ‬
‫بل كان أكثرهم فى ش ّ‬
‫أهل القبلة على ظاهر السلم و قوم لهم ثفنات فى مسهاجدهم كثفنههات البعيهر أجههد منهههم‬
‫عبادة و أكمل قرائة ‪.‬‬

‫] ‪[ 62‬‬

‫فقاتل بهؤلء الجماعة المختلفة الهواء و المشّتتة الراء الضعفاء العتقاد المرتّدين على‬
‫كثرتهم بمقتضى تصّلبه في الّدين من دون أن يأخذه لومة لئم غير هائب و ل محتشم ‪.‬‬

‫فحارب مع من حالهم ذلك بالناكثين و قد بلغوا تسعة آلف و بالقاسطين و قد كانوا زهههاء‬
‫مأتي ألف ‪ ،‬و بالمارقين و كانوا اثنى عشر ألفا فى أّول أمرهههم و أربعههة آلف فههى آخههره‬
‫فانظر ماذا ترى ‪.‬‬

‫ق بههالتعظيم و أن تقصههد‬
‫سلم و الحههال بمهها وصههفت أولههى و أحه ّ‬ ‫هل كان محاربته عليه ال ّ‬
‫ل بمحض المههر‬ ‫ن محاربة أبى بكر لم تكن إ ّ‬‫بالية الشريفة أم محاربة أبى بكر ؟ و ثانيا إ ّ‬
‫سرايا ‪ ،‬و قد كان جالسا فى كسر بيتههه و حههوله المهههاجر و‬ ‫و النهى و انهاض الجيش و ال ّ‬
‫النصار فى أمن و راحة و طيب عيش و دعة على مصداق قوله ‪:‬‬

‫أل طعهههههههههههههههههههههههههههههههان أل فرسهههههههههههههههههههههههههههههههان عاديهههههههههههههههههههههههههههههههة‬


‫أل تجشوكم حول التنانير‬

‫سلم فقد كان شاهرا سيفه واضعا له على عههاتقه فههى حههروب‬ ‫و أما أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫يضطرب لها فؤاد الجليهد ‪ ،‬و يشهيب لههو لهها فههود الوليهد ‪ ،‬و يهذوب لتسهّعر بأسهها زبهر‬
‫الحديد ‪ ،‬و يجب منها قلب البطل الصديد ‪.‬‬

‫سهلم الحهرب بنفسهه النفيسهة فخهاض غمارهها و اصهطلى نارهها ‪ ،‬و دّوخ‬ ‫فتولى عليهه ال ّ‬
‫أعوانها و أنصارها و أجرى بالّدماء أنهارها ‪ ،‬و حكههم فههى مهههج النههاكثين و القاسههطين و‬
‫المارقين فجعل بوارها ‪ ،‬فصارت الفرسان تتحاماه إذا بههدر ‪ ،‬و الشههجعان تلههوذ بالهزيمههة‬
‫ل فارقت جسدها ‪ ،‬و ل كافح كتيبة إ ّ‬
‫ل‬ ‫إذا زأر عالمة أنه ما صافحت صفحة سيفه مهجة إ ّ‬
‫افترس ثعلب رمحه أسدها ‪.‬‬

‫و هذا حكم ثبت له بطريق الجمال و حال اّتصف به بعموم الستدلل ‪.‬‬

‫و أما تفصيله فليطلب من مظانه من الكتاب ‪ ،‬فانه ل يخفههى علههى ذوي البصههاير و أولههى‬
‫اللباب ‪.‬‬

‫ل هل مجاهدة ذلك أجدر و أحرى بالمجمدة و الثناء ؟ أم محاربة‬


‫فانشدك با ّ‬
‫] ‪[ 63‬‬

‫ل خير الجزاء من تجّنب العصبّية و الهوى الرابع عشر قوله ‪ :‬فلما ثبهت‬ ‫هذا ؟ ‪ 1‬جزى ا ّ‬
‫ن قوله ‪:‬‬
‫ن المراد بهذه الية أبو بكر ثبت أ ّ‬
‫أّ‬

‫يحّبهم و يحّبونه وصف له ‪.‬‬

‫ن الستدلل على اّتصاف أبي بكر بهذا الوصههف و مهها يتلههوه مههن الوصههاف بسههبب‬ ‫فيه أ ّ‬
‫اختصاص الية به أشبه شيء بالكههل مههن القفههاء ‪ ،‬إذ المناسههب لرسههم المنههاظرة أن يقيههم‬
‫ن الية فى حّقه ل‬ ‫ل بذلك على أ ّ‬‫الدليل أول على اّتصاف أبي بكر بهذه الوصاف ثّم يستد ّ‬
‫بالعكس ‪.‬‬

‫مع أنك قد علمت عدم دللة الية على خلفته فضل عن الختصههاص فلههم يثبههت اّتصههافه‬
‫بها بما زعمه من الدليل ‪ ،‬بل قد علمت بمهها ذكرنهاه و نهذكره نزولهها فهى أميههر المههؤمنين‬
‫سلم و أنه المّتصف بهذه الوصاف ل غير ‪.‬‬ ‫عليه ال ّ‬

‫ل بذلك يمتنع أن يكون ظالما ‪.‬‬


‫الخامس عشر قوله ‪ :‬و من وصفه ا ّ‬

‫هذا مسّلم لكن ظلمه محّقق فاّتصافه به ممتنع فمبطلّيته في المامة محّققة ل غبار عليها ‪.‬‬

‫ل و عبادة الوثان كما قال عّز من قههائل » إنّ‬‫ن أعظم الظلم الشرك با ّ‬
‫أما تحّقق ظلمه فل ّ‬
‫الشرك لظلم عظيم « و أبو بكر قد كان مشركا مّدة مديدة و زمنا طويل من عمره فيكههون‬
‫ق المامة بمقتضى قههوله سههبحانه ‪ :‬ل ينههال عهههدى‬
‫ظالما البتة ‪ ،‬و من كان كذلك ل يستح ّ‬
‫الظالمين ‪.‬‬

‫روى أبو الحسن الفقيه ابن المغازلي الشافعي مسندا حذفت السههناد للختصههار عههن مينهها‬
‫له عليههه‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫ل بن مسعود قال ‪ :‬قال رسول ا ّ‬
‫مولى عبد الّرحمن بن عوف عن عبد ا ّ‬
‫ل و كيف صرت دعوة أبيك إبراهيم ؟ قال‬ ‫و آله أنا دعوة أبي إبراهيم ‪ ،‬قلت ‪ :‬يا رسول ا ّ‬
‫‪:‬‬

‫ف إبراهيهم الفههرح قهال عليههه‬‫ل إليه إّنى جاعلههك للنههاس إمامهها ‪ ،‬فاسههتخ ّ‬
‫ل عّز و ج ّ‬
‫أوحى ا ّ‬
‫ل إليه أن يهها إبراهيههم إّنههى ل اعطيههك‬
‫ل عّز و ج ّ‬
‫سلم و من ذّريتى أئّمة مثلي ‪ ،‬فأوحى ا ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ب ما العهد الذي ل تفى لى به ؟ قال ‪ :‬اعطيك عهدا لظههالم‬ ‫عهدا ل أفى لك به ‪ ،‬قال ‪ :‬يا ر ّ‬
‫من‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬هه ههه ههه‬
‫] ‪[ 64‬‬

‫ب إّنهن أضللن كثيرًا مههن‬ ‫ى ان نعبد الصنام ر ّ‬ ‫ذّريتك قال إبراهيم عندها ‪ :‬و اجنبنى و بن ّ‬
‫ي لههم يسههجد أحههدنا‬
‫ي و إلههى عله ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم فانتهت إله ّ‬
‫عبادك ‪ ،‬فقال النبي صّلى ا ّ‬
‫لصنم قط فاّتخذنى نبيا و اّتخذ عليا وصيا ‪.‬‬

‫ن فههي ذّريتههه‬
‫و قال الواحدي في تفسير قوله تعههالى ‪ :‬ل ينههال عهههدى الظههالمين ‪ :‬اعلمههه أ ّ‬
‫الظالم قال و قال السدى عهدى نبّوتى يعنى ل ينال ما عهدت إليههك مههن النب هّوة و المامههة‬
‫فى الّدين من كان ظالما فى ولدك ‪.‬‬

‫قال و قال الفراء ‪ :‬ل يكون للناس إمام مشرك ‪.‬‬

‫ق للمامة و ل كلم فههى شههرك أبههي بكههر‬


‫و قد ظهر بذلك كون المشرك ظالما غير مستح ّ‬
‫فى أّول أمره فظلمه فى بداية حاله ثابت ‪ ،‬و أما ظلمه بعد إسلمه فكذلك ‪،‬‬

‫لنه لم يكن معصوما بالّتفاق حتى يكون له قّوة العصمة المانعة من الظلههم علههى نفسههه و‬
‫ن لي شيطانا يعهترينى فهاذا ملهت فسهّد دونهى ‪ ،‬فمهن‬ ‫على غيره ‪ ،‬و قد قال على المنبر ‪ :‬إ ّ‬
‫كان محتاجا إلى تسديد الغير عند الميل و النحراف عن الّرشاد كيف يكون مسّددا لغيههره‬
‫على ما هى وظيفة المامة ‪.‬‬

‫سههلم مههن بيتههه‬


‫و من ظلمه العظيم غصبه للخلفة و حكمه باخراج أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫ملّببا للبيعة و انتزاع الفدك من يد الصّديقة الطاهرة حسبما عرفت و تعرف فى تضاعيف‬
‫الشرح ذلك كّله بالدّلة القاطعة و البراهين الساطعة ‪.‬‬

‫و من عظيهم ظلمهه الهذي صهار عليهه مهن أعظهم المطهاعن مضهافا إلهى مطهاعنه الخهر‬
‫محاربته مانعي الزكاة مع عدم كونهم مرتّدين و تركه إقامة الحهّد و القهود علهى خالهد بهن‬
‫الوليد و قد قتل مالك بن نويرة و ضاجع المرئة من ليلته و أشار إليه عمر بقتله و عزله ‪،‬‬
‫ل على أعدائه و قال عمر مخاطبا لخالد ‪:‬‬ ‫ل سّله ا ّ‬
‫فقال ‪ :‬اّنه سيف من سيوف ا ّ‬

‫لن وّليت المر لقيدّنك له ‪.‬‬

‫و قد روى تفصيل ذلك أرباب السير و رواه أصحابنا فى جملة مطاعن أبي بكر‬

‫] ‪[ 65‬‬

‫و ل حاجة بنا في هذا المقام إلى ذكر الّتفصيل و إّنما نورد ما له مزيههد مههدخل فههي إثبههات‬
‫المّدعى فأقول ‪:‬‬
‫ن مهن‬ ‫روى الطبري في تاريخه و رواه غيره أيضا في جملة مها رواه مهن تلهك القضهّية أ ّ‬
‫سرية المبعوثة إلى بني يربوع قوم مالك بن نههويرة أبهها قتههادة الحههارث ابههن ربعههي‬ ‫جملة ال ّ‬
‫فكان مّمن شهد أّنهم قد أّذنوا و أقههاموا و صهّلوا ‪ ،‬فحههدث أبههو قتههادة النصههاري خالههد بههن‬
‫ن لهم أمانا ‪ ،‬فلم يلتفت خالد إلههى قههوله و أمههر بقتلهههم و‬ ‫ن القوم ماذوا بالسلم و أ ّ‬ ‫الوليد بأ ّ‬
‫قسم سبيهم ‪ ،‬فحلف أبو قتادة أن ل يسير تحت لواء خالد في جيههش أبههدا ‪ ،‬و ركههب فرسههه‬
‫صة و قال ‪ :‬إّني نهيت خالدا عن قتله فلم يقبل قولي و أخههذ‬ ‫شاّدا إلى أبي بكر و أخبره بالق ّ‬
‫ن عمر لّما سمع ذلك تكّلم فيه عنههد أبههي بكههر‬ ‫بشهادة العراب اّلذين غرضهم الغنائم ‪ ،‬و أ ّ‬
‫ن القصههاص قههد وجههب عليههه ‪ ،‬و لمهها أقبههل خالههد بههن الوليههد قههافل دخههل‬ ‫فأكثر ‪ ،‬و قال ‪ :‬إ ّ‬
‫المسجد و عليه قباء له عليه صداء الحديد معتجرا بعمامة له قد غرز فههي عمههامته أسهههما‬
‫ي نفسههه‬‫فلما دخل المسجد قام إليه عمر فنزع السهم عن رأسه فحطمها ث هّم قههال ‪ :‬يهها عههد ّ‬
‫ل لنرجمّنههك بأحجههارك ‪ ،‬و خالههد‬ ‫عدوت على امرء مسلم فقتلته ثّم نزوت على امرأته و ا ّ‬
‫ن رأي أبي بكر مثل ما راى عمر فيه ‪ ،‬حّتى دخل إلى أبي بكههر و‬ ‫لأّ‬‫نإ ّ‬‫ل يكّلمه و ل يظ ّ‬
‫اعتذر إليه فعّذره و تجاوز عنه ‪.‬‬

‫شرح و في غير ذلك المقام و قال عقيب ذلك ‪:‬‬


‫شارح المعتزلي أيضا في ال ّ‬
‫و قد رواه ال ّ‬

‫ص منه بدل مالك ‪،‬‬


‫فكان عمر يحّرض أبا بكر على خالد و يشير عليه أن يقت ّ‬

‫فقال أبو بكر إيها يا عمر ما هو بأّول من أخطأ فارفع لسانك عنهم ‪ ،‬ثّم ودى ذلك من بيت‬
‫مال المسلمين ‪ ،‬انتهى ‪.‬‬

‫ل سبحانه و محّبا له ‪.‬‬


‫ن أبا بكر كان ظالما فكيف يكون محبوبا ّ‬
‫فقد علم بذلك أ ّ‬

‫ص المحّبة بالرئيس فقط‬


‫ى بهم بالمحّبة و لم يخ ّ‬‫ل وصف القوم المأت ّ‬
‫نا ّ‬
‫ثّم ل يخفى عليك إ ّ‬
‫و من جملة المحاربين للمرتّدين على زعمهم خالد بن الوليد اّلذي‬

‫] ‪[ 66‬‬

‫عرفت حاله من هتكه لناموس السلم و تضييعه لشرع سّيد النههام أفههترى مههن نفسههك أن‬
‫ل و محّبه ؟ حاشا ثّم حاشا ‪.‬‬
‫تحكم بأّنه محبوب ا ّ‬

‫السادس عشر قوله ‪ :‬أذّلة على المؤمنين أعهّزة علههى الكههافرين ‪ ،‬صههفة لبههي بكههر للهّدليل‬
‫اّلذي قّدمناه ‪.‬‬

‫فيه أول أّنك قد عرفت عدم تمامية الهّدليل و عههدم اختصهاص اليههة بهأبي بكهر ‪ ،‬و الخهبر‬
‫جههة‬
‫اّلذي رواه من قوله ‪ :‬أرحم أّمتي باّمتي أبو بكر ‪ .‬مما تفّرد العاّمة بروايته ل يكههون ح ّ‬
‫علينا ‪.‬‬
‫ل عليههه‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫ب عن رسول ا ّ‬‫ن في أّول المر كيف كان يذ ّ‬‫ن قوله ‪ :‬أل ترى ا ّ‬ ‫و ثانيا أ ّ‬
‫ل عليه و آله و لم يكن له نسب‬
‫ب منه عنه صّلى ا ّ‬
‫و آله و سّلم فيه أّنه لم يسمع إلى الن ذ ّ‬
‫معروف ‪،‬‬

‫و ل حسب مشهور ‪ ،‬و ل فضل مأثور ‪ ،‬و ل صيت مذكور ‪ ،‬و لم يكن يومئذ مّمن يعتنى‬
‫له ‪ ،‬أ لهم يكهن يهومئذ مثهل شهيخ‬ ‫ب عن رسهول ا ّ‬ ‫بشأنه و يعبأ به في عداد الّرجال حّتى يذ ّ‬
‫ل الغالب أمير المؤمنين‬ ‫ل حمزة و ذي الجناحين جعفر و أسد ا ّ‬ ‫بطحاء أبي طالب و أسد ا ّ‬
‫ل عليه و آلههه و س هّلم‬
‫و ساير فتية بني هاشم و أنجاد بني عبد مناف محدقين حوله صّلى ا ّ‬
‫حامين له ذاّبين عنه حّتى يكون الّذاب عنه مثل أخي تيم الجلف الجافي الّرذل ‪ ،‬و لو كهان‬
‫ل عليه و آله عن إبلغ سورة برائة ‪.‬‬ ‫ل صّلى ا ّ‬
‫له تلك المقام و المنزلة لم يعزله رسول ا ّ‬

‫و ثالثا قوله ‪ :‬و في آخر المر أصّر على المحاربة مع مانعي الّزكاة ‪.‬‬

‫ن مانعي الّزكاة لم يكونوا من المرتّدين بل كانوا مسلمين و لذلك صههار‬


‫فيه أنك قد علمت أ ّ‬
‫ق بذلك عقابا و نكال ‪ ،‬و صار لههه وزرا و‬‫محاربته معهم من أعظم المطاعن عليه فاستح ّ‬
‫وبال ‪.‬‬

‫و رابعا قوله حتى جاء أكابر الصحابة و تضهّرعوا إليههه و منعههوه مههن الهّذهاب النّكههة فههي‬
‫حته أّنههم قهد كهانوا عهارفين بجبنهه ‪ ،‬عهالمين بضهعف قلبهه ‪،‬‬ ‫منعهم منهه علهى تقهدير صه ّ‬
‫مجّربين له في المعارك و المهالك ‪ ،‬و أّنه و صاحبه عمر عند منازلة الشجعان و مبارزة‬
‫القران كان شيمتهما الفرار ‪ ،‬و سجّيتهما عدم الحماية للّذمار ‪ ،‬و قد فّرا يوم خيبر و احد‬
‫و الحزاب و غزوة ذات السلسلة و غيرها على أقبح الوجوه كما أثبتته‬

‫] ‪[ 67‬‬

‫شههارح المعههتزلي‬
‫شعراء و الموّرخين شاع و اشههتهر قههال ال ّ‬‫سير ‪ ،‬و على لسان ال ّ‬
‫أرباب ال ّ‬
‫سبع العلوّيات ‪:‬‬‫ص فرارهما في قصايد ال ّ‬
‫في اقتصاص غزوة خيبر يق ّ‬

‫و مهههههههههههههههههها أنههههههههههههههههههس ل أنههههههههههههههههههس الّلههههههههههههههههههذين تقههههههههههههههههههّدما‬


‫و فّرهمهههههههههههههههههها و الفههههههههههههههههههّر قههههههههههههههههههد علمهههههههههههههههههها حههههههههههههههههههوب‬

‫و للرايهههههههههههههههههة العظمههههههههههههههههههى و قهههههههههههههههههد ذهبههههههههههههههههها بههههههههههههههههههها‬


‫ل فوقههههههههههههههههههههههههههههههها و جلبيههههههههههههههههههههههههههههههب‬ ‫ملبههههههههههههههههههههههههههههههس ذ ّ‬

‫يشههههههههههههههههههههههّلهما مههههههههههههههههههههههن آل موسههههههههههههههههههههههى شههههههههههههههههههههههمر دل‬


‫سهههههههههههههههههيف أجيهههههههههههههههههد يعبهههههههههههههههههوب‬
‫طويهههههههههههههههههل نجهههههههههههههههههاد ال ّ‬
‫ج منونهههههههههههههههههههههههها سههههههههههههههههههههههههيفه و سههههههههههههههههههههههههنانه‬
‫يمهههههههههههههههههههههههه ّ‬
‫و يلهههههههههههههههههههههههب نههههههههههههههههههههههارا غمههههههههههههههههههههههده و النههههههههههههههههههههههابيب‬

‫احضههههههههههههههههههههرهما أم حضههههههههههههههههههههرا خههههههههههههههههههههرج خاضههههههههههههههههههههب‬


‫اذان همههههههههههههههههههههها ام نهههههههههههههههههههههاعم الخهههههههههههههههههههههّد مخضهههههههههههههههههههههوب‬

‫ن الحمههههههههههههههههههههههههههههههام لمبغههههههههههههههههههههههههههههههض‬
‫عههههههههههههههههههههههههههههههذرتكما أ ّ‬
‫ن بقاء النفس للّنفس مطلوب ‪1‬‬ ‫واّ‬

‫فكان تضّرع الصحابة له في الّرجوع و الياب مخافة أن يذهب فيهرب بمجرى عههادته و‬
‫ل شههرع سهّيد النههام فتضهّرعوا إليههه‬
‫مجرب شيمته ‪ ،‬فيبطل بالمّرة دين السلم و يضههمح ّ‬
‫بلسان المقال ‪ ،‬و قالوا له بلسان الحال ‪:‬‬

‫دع المكههههههههههههههههههههههههههههههارم ل ترحههههههههههههههههههههههههههههههل لبغيتههههههههههههههههههههههههههههههها‬


‫و اقعد فانك أنت الطاعم الكاسى‬

‫ي و لههم‬
‫و يشهد بما ذكرنا أنه لو كان عرف فى نفسه البأس و النجههدة لص هّر علههى المض ه ّ‬
‫سلم لما عههزم علههى المسههير إلههى‬‫يصغ إلى تضّرعهم ‪ ،‬و كان مثل أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫البصرة تضّرع إليه ابنه الحسن بأن ل يتبع طلحة و الزبير و ل يرصد لهما القتال و بكى‬
‫و قال أسألك أن ل تقدم العراق و ل تقتل بمضيعة ‪.‬‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬ههه هه هههه ه ه ههههه ه ههههه ه ههه ه‬
‫هه هه ههه ه » ه « ه ههههههه ه هه ه ههههه هه ه‬
‫هههه هه هههههه ه ه ه هه‬‫ه ه هههههه ه ه هه ه‬
‫ههه ه هه ه ه ههه هه هههه هه ه ه ههه هههه‬
‫هههه ه ههه هه ههه هه ه هههه ه ه ههه ه ه‬
‫هههههه هههه هههه ه ه ه ه هههه ه ه ههههه هه‬
‫ههه هه ههه ههه ههه هه ه ههه ه ههه هه ه‬
‫هههه هه ههه هه ‪ .‬ه هههه ه ههه هه ه هههه هه‬
‫هه ه هههه هه ه ههههه ه هه هه هه ه ههههه ه‬
‫ههههه ههههه هه ه ه ههه ههه ه ههه هه هههه ه‬
‫هههه ه هه ه‬
‫هه هههههه ه هههه ‪ :‬هههه هههه ههه‬
‫هههههه هههه ههه ههه ههههه ه هه ههههههه ه‬
‫ههههه هه ههههههه ههههه ه ههه ه ههه ههههه‬
‫هه ه ههههههه ) ههه (‬
‫هههه ه ههه ههه‬

‫] ‪[ 68‬‬

‫ل ل أكون كالضبع تنام على طول الّلدم حّتى يصههل‬ ‫سلم ‪ :‬و ا ّ‬‫فقال أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫ق المههدبر عنههه ‪ ،‬و‬
‫إليههها طالبههها و يختلههها راصههدها ‪ ،‬و لكّنههي أضههرب بالمقبههل إلههى الحه ّ‬
‫بالسامع المطيع العاصى المريب أبدا حتى اتى علي يومي ‪ ،‬على ما عرفههت تفصههيله فههي‬
‫شرح سادس المختار في باب الخطب ‪.‬‬

‫ظ أمير المههؤمنين عليههه‬


‫ن هذه المنقبة الشريفة أعنى العّزة على الكافرين هو ح ّ‬
‫و لعمري إ ّ‬
‫سلم ل غير ‪ ،‬و استمع ما قاله الديب النحرير الشاعر الماهر و الستاد الفاضل ‪.‬‬ ‫ال ّ‬

‫بهههههههههههههههدر لهههههههههههههههه شهههههههههههههههاهد و الشهههههههههههههههعب مهههههههههههههههن احهههههههههههههههد‬


‫و الخنهههههههههههههههههههههدقان و يهههههههههههههههههههههوم الفتهههههههههههههههههههههح إن علمهههههههههههههههههههههوا‬

‫و خيهههههههههههههههههههههههبر و حنيهههههههههههههههههههههههن يشههههههههههههههههههههههههدان لهههههههههههههههههههههههه‬


‫و فهههههههههههههههههههي قريظهههههههههههههههههههة يهههههههههههههههههههوم صهههههههههههههههههههيل قتهههههههههههههههههههم‬

‫ل نائبهههههههههههههههة‬
‫مهههههههههههههههواطن قهههههههههههههههد علهههههههههههههههت فهههههههههههههههي كههههههههههههههه ّ‬
‫على الصحابة لم اكتم و إن كتموا‬

‫سلم ذليل على المؤمنين فلما عرفههت فههى تضههاعيف الشههرح و تعرفههه‬ ‫و أما كونه عليه ال ّ‬
‫أيضهها مههن مكههارم أخلقههه و محامههد خصههاله الههتى أقهّر بههها المخههالف كههالمؤلف ‪ ،‬و نقلههه‬
‫ب و المبغض‬
‫صة و العاّمة و تصدقها المح ّ‬ ‫المنحرف كالمعترف ‪ ،‬و اعترف بها الخا ّ‬

‫لهههههههههههههههههههه شهههههههههههههههههههرف فهههههههههههههههههههوق النجهههههههههههههههههههوم محّلهههههههههههههههههههه‬


‫أقّر به حّتى لسان حسوده‬

‫ضههبي علههى معاويههة‬


‫حّدث الّزبير بن بكار عن رجاله قههال دخههل محفههن بههن أبههي محفههن ال ّ‬
‫فقال ‪:‬‬

‫يا أمير المؤمنين جئتك مههن عنههد ألم العههرب » و أبخههل العههرب ظ « و أعيههى العههرب و‬
‫ي بههن أبيطههالب ‪ ،‬قههال معاويههة ‪:‬‬
‫أجبن العرب قال ‪ :‬و من هو يا أخا بني تميم ؟ قههال ‪ :‬عله ّ‬
‫اسمعوا يا أهل الشام ما يقول أخوكم العراقي ‪ ،‬فابتدروه أّيهم ينزله عليههه و يكرمههه ‪ ،‬فلّمهها‬
‫تصّدع الّناس عنه قال له ‪ :‬كيف قلت ؟ فأعاد عليه ‪ ،‬فقال له ‪ :‬ويحك يا جاهل كيف يكون‬
‫ل ‪ ،‬و أّنههى‬ ‫ألم العرب و أبوه أبو طالب و جّده عبد المطلب و امرأته فاطمة بنت رسول ا ّ‬
‫ل لو كان له بيتان بيت تبن و بيت تبر لنفذ تبره قبههل تبنههه و أّنههى‬‫يكون أبخل العرب فو ا ّ‬
‫ل كان فارسهم غير مدافع ‪،‬‬ ‫طإ ّ‬
‫ل ما التقت فئتان ق ّ‬
‫يكون أجبن العرب فو ا ّ‬

‫له لههو ل مها تعلههم‬


‫ن البلغهة لقريههش غيههره ‪ ،‬فههو ا ّ‬
‫ل مها سه ّ‬
‫و أّنى يكون أعيى العرب فو ا ّ‬
‫ل و العود إلى مثل هذا ‪.‬‬
‫لضربت اّلذى فيه عيناك فاّياك عليك لعنة ا ّ‬

‫جة بشهادة الخصم أوكد و إن‬


‫فقد أقّر بفضله العنود الحسود ‪ ،‬و قيام الح ّ‬

‫] ‪[ 69‬‬

‫شهود ‪.‬‬
‫تعددت ال ّ‬

‫و مليحهههههههههههههههههههههههة شههههههههههههههههههههههههدت لهههههههههههههههههههههههها ضهههههههههههههههههههههههّراتها‬


‫و الفضل ما شهدت به العداء‬

‫ظ أبي بكر فيه أتّم » إلى قوله « يوم بدر واحد ‪.‬‬
‫نح ّ‬
‫لأّ‬
‫السابع عشر قوله ‪ :‬إ ّ‬

‫صههب كيههف أعمتههه العصههبّية إلههى أن‬ ‫أقول ‪ :‬ل يكاد ينقضي عجبي من هذا الّناصب المتع ّ‬
‫جح ابن أبي قحافههة علههى أبههي تههراب‬ ‫جاوز حّده و خرج عن زّيه و تكّلم فوق قدره حّتى ر ّ‬
‫سراب إلههى الشههراب و أ ّ‬
‫ي‬ ‫ي نسبة لل ّ‬
‫فواعجبا عجبا كيف يقاس التراب بالتبر المذاب ‪ ،‬و أ ّ‬
‫ي تطههابق بيههن الشههجاع المبههارز الغههالب‬
‫سيف و العصا ‪ ،‬و أ ّ‬ ‫شبه بين الّدّر و الحصى و ال ّ‬
‫ل الثعالب و هذا مقام التمثيل بقول أبي العلء ‪:‬‬ ‫ل غالب ‪ ،‬و الجبن من ك ّ‬ ‫على ك ّ‬

‫طهههههههههههههههههههههائي بالبخهههههههههههههههههههههل مههههههههههههههههههههها در‬ ‫إذا وصهههههههههههههههههههههف ال ّ‬


‫سهههههههههههههههههههههههها بالفهاهههههههههههههههههههههههههة باقههههههههههههههههههههههههل‬
‫و عّيههههههههههههههههههههههههر ق ّ‬

‫و قهههههههههههههههههال السههههههههههههههههههيل للشهههههههههههههههههمس أنهههههههههههههههههت خفّيهههههههههههههههههة‬


‫صهههههههههههههههههبح لونهههههههههههههههههك حهههههههههههههههههائل‬
‫و قهههههههههههههههههال الهههههههههههههههههّدجى لل ّ‬

‫سههههههههههههههههههههههههههههماء ترّفعهههههههههههههههههههههههههههها‬
‫و طههههههههههههههههههههههههههههاولت الرض ال ّ‬
‫و طهههههههههههههههههههههاول شههههههههههههههههههههههبا الحصهههههههههههههههههههههى و الجنهههههههههههههههههههههادل‬

‫ن الحيههههههههههههههههههههههاة ذميمههههههههههههههههههههههة‬
‫فيهههههههههههههههههههههها مههههههههههههههههههههههوت زر إ ّ‬
‫ن دهرك هازل‬ ‫و يا نفس جّدي إ ّ‬

‫ى جهههاد كههان قبههل‬


‫لغي اّلههذي ل ينفعههل مههن لغههوه و هههذيه ‪ :‬أ ّ‬
‫فيقال لهذا الخابط الهازل ال ّ‬
‫ب نقل عن أبي بكر ؟ و لو كان منه قدرة الهّذب و الهّدفاع لنقههل شههيء‬ ‫ىذ ّ‬ ‫غزوة بدر ؟ و أ ّ‬
‫منها في محاربات الّرسول المختههار مههع الكّفههار ‪ ،‬و لنههزل فيههه مهها نههزل فههي أبههي الحسههن‬
‫ل ذو‬
‫ي و ل سههيف إ ّ‬ ‫ل عله ّ‬ ‫له المههؤمنين القتههال « و ل فههتى إ ّ‬ ‫الكّرار ‪ ،‬من مثل » و كفههى ا ّ‬
‫الفقار ‪.‬‬

‫و قد كانت العساكر في هذه المعارك حسبما قال مجتمعة ‪ ،‬و الصفوف متلصقة ‪،‬‬

‫و الكتائب مترادفة ‪ ،‬فاختار هو و صاحبه عمر و الحال هذه الفّر على الكّر ‪،‬‬

‫ب عههن سهّيد النههام حيههن ضههعف‬


‫و ولّيا عن العدّو الّدبر ‪ ،‬فمن كان هذه حاله كيف كان يذ ّ‬
‫السلم مع عدم العساكر ‪ ،‬و ل معين و ل ناصر ‪.‬‬

‫الثامن عشر قوله ‪ :‬إّنه كان متقّدما عليه في الّزمان ‪.‬‬

‫فيه اّنه إن أراد تقّدمه عليه من حيث الجهاد فقد عرفت بطلنه ‪ ،‬إذ أّول‬

‫] ‪[ 70‬‬

‫غههزوة فههي السههلم غههزوة بههدر و قههد كانهها كلهمهها حاضههرين فيههها معهها ‪ ،‬ث هّم فيمهها بيههن‬
‫ن أبا بكر لم ينقل منه فيها فرد قتيل ‪ ،‬و أّما أميههر‬ ‫حضوريهما من التفاوت ما ل يخفى ‪ ،‬فا ّ‬
‫ن قتله فيها شطر جميههع المقتههولين و‬ ‫سلم فقد روى جمهور المؤّرخين أ ّ‬ ‫المؤمنين عليه ال ّ‬
‫كانوا سبعين ‪.‬‬

‫ن الّزمان اّلههذى تقهّدم بههه علههى أميههر المههؤمنين عليههه‬


‫سن ففيه إ ّ‬
‫و إن أراد تقّدمه عليه في ال ّ‬
‫شههرك‬‫سلم عليه بالسلم و مع كونه فيما تقّدم به عليه مههن أهههل ال ّ‬ ‫سلم مع سبقه عليه ال ّ‬‫ال ّ‬
‫ي خير فيه و منفعة ‪.‬‬ ‫ي شرف لهذا التقّدم أو منقبة ‪ ،‬أّم أ ّ‬ ‫و عبدة الصنام ‪ ،‬فأ ّ‬

‫التاسع عشر قوله ‪ :‬جهاد أبي بكر في وقت ضعف الّرسول ‪.‬‬

‫ل غزوات مختصههرة‬ ‫فيه إّنك قد عرفت فساده لّنه لم يكن قبل غزوة بدر غزوة معروفة إ ّ‬
‫مثل غزوة بواد بواط و عشيرة و غزوة بدر الصغرى ‪ ،‬و لم ينجّر المر فيها إلههى القتههال‬
‫ن حضههور أبههي بكههر فيهها و غيههاب عله ّ‬
‫ي‬ ‫فيجاهد أبو بكر و يقعد عنه أمير المؤمنين مههع أ ّ‬
‫عنها غير ثابت ‪.‬‬

‫و أيضا لم يكن الّرسول عند المسير إليها ضعيفا ‪ ،‬و إن أراد أّنه كان لبي بكر جهاد قبههل‬
‫تلك الوقايع فهو مّما تفّرد به و لم ينقله عن غيره ‪.‬‬

‫ن أمير المؤمنين كان سابقا بالجهاد لّنه جاهد الكّفهار صهبيحة ليلههة بههات فيهها‬
‫نعم لو قلنا إ ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم لما ذهب إلى الغار ‪ ،‬و جاهههدهم أيضهها‬ ‫ل صّلى ا ّ‬
‫على فراش رسول ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم من مّكة إلى المدينة لّما أرادت‬
‫عند الهجرة بأهل بيت الّرسول صّلى ا ّ‬
‫سير ‪ ،‬و ورد في صحيح الخبر ‪.‬‬ ‫قريش المنع منها ‪ ،‬لقلنا مقال رواه أرباب ال ّ‬

‫ظه فيه الوفههر أبيههن‬


‫ل و كون ح ّ‬
‫سلم في سبيل ا ّ‬‫و كيف كان فجهاد أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫من الشمس في رابعة الّنهار ‪ ،‬و لنعم ما قيل ‪:‬‬

‫لههههههههههههههههههه‬
‫ي شهههههههههههههههههههّيدت معهههههههههههههههههههالم ديهههههههههههههههههههن ا ّ‬ ‫بعلههههههههههههههههههه ّ‬
‫و الرض بالعنههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههاد تمههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههور‬

‫لههههههههههههههههههه‬
‫و بهههههههههههههههههههه أيهههههههههههههههههههّد اللهههههههههههههههههههه رسهههههههههههههههههههول ا ّ‬
‫إذ ليههههههههههههههههههههههههس فههههههههههههههههههههههههي النههههههههههههههههههههههههام نصههههههههههههههههههههههههير‬

‫أسههههههههههههههههههد مهههههههههههههههههها لههههههههههههههههههه إذا اسههههههههههههههههههتفحل النههههههههههههههههههاس‬


‫سههههههههههههههههههههههههوى رّنههههههههههههههههههههههههة السههههههههههههههههههههههههلح زئيههههههههههههههههههههههههر‬

‫ثههههههههههههههههههههههابت الجههههههههههههههههههههههاش ل يردعههههههههههههههههههههههه الخطههههههههههههههههههههههب‬


‫و ل يعتريه فتور‬

‫] ‪[ 71‬‬

‫عزمهههههههههههههههههات أمضهههههههههههههههههى مهههههههههههههههههن القهههههههههههههههههدر المحتهههههههههههههههههوم‬


‫يجرى بحكمه المقدور‬

‫ن مصداق قوله سبحانه فى الية الشههريفة اذّلههة علههى المههؤمنين أعهّزة‬‫فقد ظهر بذلك كّله أ ّ‬
‫سلم ‪.‬‬‫ل هو أمير المؤمنين عليه ال ّ‬ ‫على الكافرين يجاهدون فى سبيل ا ّ‬

‫و أّما قوله سبحانه ل يخافون لومة لئم فيظهر كونه مصداقا لهه و يصهّدقه قهوله صهريحا‬
‫ل لومة لئم ‪.‬‬
‫في الفصل التي ‪ :‬و اّني لمن قوم ل يأخذهم فى ا ّ‬

‫ي من قتال من خالف‬
‫سلم فى المختار الّرابع و العشرين ‪ :‬و لعمرى ما عل ّ‬‫و قوله عليه ال ّ‬
‫ي من إدهان و ل ايهان ‪.‬‬ ‫ق و خابط الغ ّ‬‫الح ّ‬

‫سلم في المختار الحادى و التسعين لما اريد على البيعة بعد قتل عثمان ‪:‬‬
‫و قوله عليه ال ّ‬

‫دعوني و التمسوا غيرى فانا مستقبلون أمههرا لههه وجههوه و ألههوان ل تقههوم لههه القلههوب و ل‬
‫تثبت عليه العقول » إلى قوله « و اعلموا إن أجبتكم ركبت بكم مهها أعلههم و لههم أصههغ إلههى‬
‫قول القائل و عتب العاتب ‪.‬‬
‫سلم في المختار المأة و السادسة و العشرين لما عوتب علههى التسههوية فههي‬ ‫و قوله عليه ال ّ‬
‫ل ما أطور به مها سهمر‬ ‫العطاء ‪ :‬أ تأمروّني أن أطلب النصر بالجور فيمن وّليت عليه و ا ّ‬
‫سماء نجما ‪.‬‬
‫سمير و ما أّم نجم في ال ّ‬

‫ل يؤتيه من يشاء و هذا لئق بههأبي بكههر متأّكههد بقههوله و ل‬ ‫العشرون قوله ‪ :‬و ذلك فضل ا ّ‬
‫ن هذه الية في أبي بكر ‪.‬‬ ‫يأتل اولوا الفضل منكم و السعة اه و قد بّينا أ ّ‬

‫صههحابة‬
‫ض عّما روي عن ابن عباس و غيره من أّنها نزلت في جماعة مههن ال ّ‬
‫فيه بعد الغ ّ‬
‫أقسموا على أن ل تتصّدقوا على رجل تكّلم بشيء من الفك و ل يواسوهم ‪،‬‬

‫ن إحههدى اليههتين ل‬ ‫سههرين ‪ ،‬ا ّ‬‫و البناء على نزولها في أبي بكر كما هو قول جمع مههن المف ّ‬
‫ن المراد بالفضل فى الية الثانية هو الغنى و الههثروة ‪ ،‬و بههه فههي‬ ‫ارتباط لها بالخرى ‪ ،‬فا ّ‬
‫له و ليهن‬‫ن محّبتههم ّ‬ ‫له إ ّ‬
‫الية الولى الّلطف و التوفيق ‪ ،‬و معنههى قههوله ‪ :‬و ذلهك فضههل ا ّ‬
‫ل و توفيق و لطف منههه و مههن جهتههه‬ ‫جانبهم للمؤمنين و شّدتهم على الكافرين فضل من ا ّ‬
‫ن به على من يشاء من عباده ‪.‬‬‫يم ّ‬

‫] ‪[ 72‬‬

‫الحادى و العشرون قوله ‪ :‬انا بّينا بالّدليل ‪.‬‬

‫فيه أّنك قد عرفت عدم تمامّية الّدليل بما ل مزيد عليه ‪.‬‬

‫الثانى و العشرون قوله ‪ :‬هذا الخبر من باب الحاد ‪.‬‬

‫فيه منع كههونه مههن الخبههار الحههاد اّلههتي ل يعهّول عليههها ‪ ،‬بههل هههو خههبر مسههتفيض رواه‬
‫المخههالف و المؤالههف معتضههد مضههمونه بأخبههار كههثيرة قطعيههة ‪ ،‬و نقتصههر علههى بعههض‬
‫جة الخصم ‪.‬‬ ‫الخبار العامّية لكونه أدحض لح ّ‬

‫ل بن أحمد بهن حنبهل بسهنده عهن سهعيد بهن المسهّيب أنّ الّنهبي‬ ‫ففى غاية المرام عن عبد ا ّ‬
‫له و رسههوله و‬ ‫ن الّراية إلى رجل يحّبه ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم قال يوم خيبر ‪ :‬لدفع ّ‬‫صّلى ا ّ‬
‫ل و رسوله ‪ ،‬فدعا علّيا و أّنه لرمد ما يبصر موضع قدميه ‪ ،‬فتفههل فههي عينيههه ثهّم‬ ‫با ّ‬‫يح ّ‬
‫ل عليه ‪.‬‬
‫دفعها إليه ففتح ا ّ‬

‫ل بن أحمد بن حنبل عن عبد الّرحمن أبي ليلى و عههن علهيّ عليههه‬ ‫و رواه أيضا عن عبد ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪.‬‬
‫ل صّلى ا ّ‬ ‫سلم عن رسول ا ّ‬‫ال ّ‬
‫ل عليههه و آلههه و س هّلم و عنههه‬
‫ل صّلى ا ّ‬ ‫ل بن بريدة عن أبيه عن رسول ا ّ‬
‫و عنه عن عبد ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سهّلم و عنههه بسههند آخههر أيضهها عههن‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫عن أبي هريرة عن رسول ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪.‬‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫ل بن بريدة عن أبيه بريدة السلمي عن رسول ا ّ‬‫عبد ا ّ‬

‫ل عليه و آله و سّلم ‪.‬‬


‫ل صّلى ا ّ‬
‫و عنه عن سهل بن سعد عن رسول ا ّ‬

‫و رواه أيضا من صحيح البخاري من الجزء الّرابع في رابع كراسههه عههن سههلمة الكههوع‬
‫ل عليه و آله و من الجزء الّرابع مههن صههحيح البخههارى أيضهها فههي‬‫ل صّلى ا ّ‬
‫عن رسول ا ّ‬
‫ل عليه و آله و من الجزء الخامس‬ ‫ي عن سلمة عنه صّلى ا ّ‬ ‫ثلثه الخير في باب مناقب عل ّ‬
‫ل عليه و آله و من صحيح البخاري عههن سهههل بههن سههعد‬ ‫منه أيضا عن سلمة عنه صّلى ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪.‬‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫عن رسول ا ّ‬

‫و رواه أيضا من صحيح مسلم من الجزء الرابع في نصف الكراس من أّوله باسهناده عههن‬
‫ل عليه و آله و سّلم إلههى عل ه ّ‬
‫ي‬ ‫ل صّلى ا ّ‬
‫عمر بن الخطاب بعد قتل عامر أرسلني رسول ا ّ‬
‫سلم و هو أرمد‬‫عليه ال ّ‬

‫] ‪[ 73‬‬

‫ل و رسوله ‪ ،‬الحديث ‪.‬‬


‫ل و رسوله و يحّبه ا ّ‬
‫با ّ‬
‫ن الّراية رجل يح ّ‬
‫و قال ‪ :‬لعطي ّ‬

‫له‬
‫و من صحيح مسلم في آخر كراس من الجزء الرابع منه عن أبي هريرة عن رسههول ا ّ‬
‫ل ه ص هّلى‬
‫ل عليه و آله و سّلم و من صحيح مسلم عن سهل بن سعد عههن رسههول ا ّ‬‫صّلى ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪.‬‬‫ا ّ‬

‫ل عليه و آله و سّلم ‪.‬‬


‫ل صّلى ا ّ‬
‫و من صحيح مسلم عن سلمة بن الكوع عن رسول ا ّ‬

‫و رواه أيضا من تفسير الثعلبي في تفسير قههوله » و يهههديك صههراطًا مسههتقيمًا « باسههناده‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪.‬‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫عن رسول ا ّ‬

‫و رواه أيضا من مناقب ابن المغازلي بسند يرفعه إلى أياس بن سهلمة عههن أبيههه فههي ذكهر‬
‫ن الّرايههة اليههوم رجل يحه ّ‬
‫ب‬ ‫ل عليه و آله و سّلم لعطي ّ‬
‫ي صّلى ا ّ‬
‫حديث خيبر قال فقال الّنب ّ‬
‫ل و رسوله ‪.‬‬ ‫ل و رسوله و يحّبه ا ّ‬
‫ا ّ‬

‫و من مناقبه أيضا عن أبيطالب محّمد بن عثمان يرفعه إلى عمران بن الحصين قال ‪:‬‬

‫له عليههه و آلههه و‬


‫ل عليه و آله عمر إلى خيبر فرجع فقال صهّلى ا ّ‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫بعث رسول ا ّ‬
‫ل و رسوله ليس بفّرار ‪.‬‬
‫با ّ‬
‫سّلم لعطين الّراية غدا رجل يح ّ‬
‫و من المناقب أيضا عن القاضي أبو الخطاب يرفعه إلههى عمههران بههن الحصههين قههال قههال‬
‫له و رسههوله و يحّبههه‬
‫با ّ‬‫ن الّرايههة رجل يحه ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم لعطي ّ‬‫ل صّلى ا ّ‬
‫رسول ا ّ‬
‫ل خيبر به ‪.‬‬
‫ل عّز و ج ّ‬
‫ل و رسوله ‪ ،‬فأعطاها علّيا ففتح ا ّ‬
‫ا ّ‬

‫ل عليههه‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫و من المناقب عن سعيد بن المسّيب عن أبي هريرة قال ‪ :‬بعث رسول ا ّ‬
‫ن الرايهة‬
‫و آله أبا بكر إلى خيبر فلم يفتح عليه ثّم بعث عمر فلم يفتهح عليهه فقهال ‪ :‬لعطيه ّ‬
‫ل و رسوله ‪.‬‬ ‫ل و رسوله و يحّبه ا ّ‬
‫با ّ‬
‫رجل كّرارا غير فّرار يح ّ‬

‫و من المناقب عن أحمد بن محّمد بن عبد الوهاب بن طاران يرفعه إلى أبههي هريههرة قههال‬
‫ل و رسههوله‬ ‫با ّ‬
‫ن الراية غدا رجل يح ّ‬ ‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬لعطي ّ‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫قال رسول ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم فدفعها إلى عل ّ‬
‫ي‬ ‫ل صّلى ا ّ‬
‫ل فاستشرف لها أصحاب رسول ا ّ‬ ‫و يحّبه ا ّ‬
‫بن أبيطالب ‪.‬‬

‫ي بن الميمههوني و أحمههد بههن محّمههد بههن‬


‫و من المناقب قال ‪ :‬أخبرنا أبو القاسم عمر بن عل ّ‬
‫عبد الوهاب بن طاران الواسطيان بقرائتى عليهما فأقّرا به يرفعه إلى أبي سعيد الخههدري‬
‫ل عليه و آله و سّلم حيث كان أرسل عمههر بههن الخطههاب إلههى‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫قال ‪ :‬قال رسول ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم فبات تلك الّليلههة و‬
‫ل صّلى ا ّ‬‫خيبر هو و من معه فرجعوا إلى رسول ا ّ‬
‫به من الغّم غير قليل فلما أصبح‬

‫] ‪[ 74‬‬

‫لو‬ ‫ل و رسوله و يحّبه ا ّ‬ ‫با ّ‬‫ن اليوم رجل يح ّ‬ ‫خرج إلى الّناس و معه الّراية فقال ‪ :‬لعطي ّ‬
‫له‬
‫ل ه ص هّلى ا ّ‬
‫رسوله غير فّرار ‪ ،‬فتعّرض لها جميع المهاجرين و النصار فقال رسول ا ّ‬
‫ل هو أرمد ‪ ،‬فأرسل إليه أباذر و سلمان فجههاء و‬ ‫ي ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬يا رسول ا ّ‬
‫عليه و آله أين عل ّ‬
‫هو يقاد ل يقدر على أّنه يفتح عينيه ‪ ،‬ثّم قال ‪ :‬الّلهّم اذهب عنههه الّرمههد و الحهّر و الههبرد و‬
‫ب رسولك » خ ل رسوله « غير‬ ‫انصره على عدّوه و افتح عليه فاّنه عبدك و يحّبك و يح ّ‬
‫سههان بههن‬
‫سههلم و اسههتأذنه ح ّ‬‫ل عليه و آله و سّلم الّراية إليههه عليههه ال ّ‬
‫فّرار ‪ ،‬ثّم دفع صّلى ا ّ‬
‫ثابت في أن يقول فيه شعرا ‪،‬‬

‫ل عليه و آله و سّلم له ‪ :‬قل ‪ ،‬فأنشأ يقول ‪:‬‬


‫فقال صّلى ا ّ‬

‫ي أرمههههههههههههههههههد العيههههههههههههههههههن يبتغههههههههههههههههههي‬‫و كههههههههههههههههههان علهههههههههههههههههه ّ‬


‫س مههههههههههههههههههههههههداويا‬
‫دواء فلّمهههههههههههههههههههههههها لههههههههههههههههههههههههم يحهههههههههههههههههههههههه ّ‬

‫لههههههههههههههههههه منهههههههههههههههههههه بتفلهههههههههههههههههههة‬


‫شهههههههههههههههههههفاه رسهههههههههههههههههههول ا ّ‬
‫فبهههههههههههههههههههههههورك مرقّيههههههههههههههههههههههها و بهههههههههههههههههههههههورك رافيههههههههههههههههههههههها‬
‫و قههههههههههههههال سههههههههههههههأعطي اليههههههههههههههوم رايههههههههههههههة صههههههههههههههار مهههههههههههههها‬
‫كمّيههههههههههههههههههههههها محّبههههههههههههههههههههههها للّرسهههههههههههههههههههههههول محاميههههههههههههههههههههههها‬

‫ب إلهههههههههههههههههههههههههي و اللههههههههههههههههههههههههه يحّبههههههههههههههههههههههههه‬


‫يحهههههههههههههههههههههههه ّ‬
‫لهههههههههههههههههه الحصههههههههههههههههههون الوابيهههههههههههههههههها‬ ‫بههههههههههههههههههه يفتههههههههههههههههههح ا ّ‬

‫فأصهههههههههههههههههههههههفى بهههههههههههههههههههههههها دون البرّيهههههههههههههههههههههههة كّلهههههههههههههههههههههههها‬


‫علّيا و سّماه الوزير المؤاخيا‬

‫له عليههه و آلههه و‬


‫ل صّلى ا ّ‬
‫ن رسول ا ّ‬‫ل بن بريدة عن أبيه أ ّ‬
‫و من المناقب أيضا عن عبد ا ّ‬
‫له‬
‫ل و رسوله و يحّبههه ا ّ‬ ‫با ّ‬
‫ن الّلواء رجل يح ّ‬ ‫سّلم نزل بحضرة أهل خيبر و قال ‪ :‬لعطي ّ‬
‫و رسوله ‪ ،‬فلّما كان من الغد صادف أبا بكر فدعا علّيا و هو أرمد العين فأعطاه الّراية ‪.‬‬

‫و من المناقب بسند مرفوع إلى عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال سمعت رسههول‬
‫له و رسهوله و‬
‫با ّ‬
‫ن الّرايهة رجل يحه ّ‬
‫ل عليه و آله يقول يوم الخيهبر ‪ :‬لعطيه ّ‬
‫ل صّلى ا ّ‬ ‫ا ّ‬
‫ل و رسوله ‪.‬‬‫يحّبه ا ّ‬

‫صحاح الستة باسناده عن سهل بن سعد عن أبيه قال ‪:‬‬


‫و فيه من الجمع بين ال ّ‬

‫ل عليه و آله فههي غههزوة خيههبر فلحههق ‪ ،‬فلمّهها أتينهها‬


‫ل صّلى ا ّ‬
‫ي تخّلف عن رسول ا ّ‬ ‫كان عل ّ‬
‫ن غههدا‬ ‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬لعطي ه ّ‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫الّليلة اّلتي فتحت في صبيحتها قال رسول ا ّ‬
‫ل و رسوله ‪.‬‬ ‫ل و رسوله و يحّبه ا ّ‬ ‫با ّ‬
‫ل على يديه يح ّ‬
‫الّراية رجل يفتح ا ّ‬

‫صحاح السهّتة مههن الصههحيح الترمههدى قههال بالسههناد عههن سههلمة قههال ‪:‬‬‫و من الجمع بين ال ّ‬
‫ن الّراية رجل‬ ‫ي و هو أرمد فقال ‪ :‬لعطي ّ‬ ‫ل عليه و آله إلى عل ّ‬‫ل صّلى ا ّ‬
‫أرسلني رسول ا ّ‬

‫] ‪[ 75‬‬

‫ل و رسوله ‪.‬‬
‫ل و رسوله و يحّبه ا ّ‬
‫با ّ‬
‫يح ّ‬

‫ل ه النصههاري فههي ذكههر‬


‫و فيه عن إبراهيم بن محّمد الحمويني مسندا عن جابر بن عبههد ا ّ‬
‫له و‬
‫ن غههدا رجل يحهبّ ا ّ‬‫ل عليه و آلههه ‪ :‬لبعثه ّ‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫حديث خيبر قال ‪ :‬فقال رسول ا ّ‬
‫رسوله ل يوّلي الّدبر ‪ ،‬هذا ‪.‬‬

‫و اقتصرنا على مورد الحاجة في أكثر هذه الّروايات و حذفنا اسناد أكثرههها للختصههار ‪،‬‬
‫و تركنا الخبار الخاصهّية الههواردة فههي هههذا المعنههى حههذرا مههن الطالههة و دفعهها لمكههابرة‬
‫صة من طريههق العاّمههة‬
‫الخصم و عناده ‪ ،‬و اّدعى صاحب غاية المرام تواتر الخبر في الق ّ‬
‫صة ‪.‬‬
‫و الخا ّ‬

‫أقول ‪ :‬و هذه الخبار اّلتى رواها المخالفون في كتبهم فضل عن أخبار الموالين لههه عليههه‬
‫سلم كافية لمن راقب العدل و النصههاف ‪ ،‬و جههانب الّتعصههب و العتسههاف فههي إثبههات‬ ‫ال ّ‬
‫له عليههه و آلههه و سهّلم‬
‫له و رسههوله صهّلى ا ّ‬
‫ل و رسوله و كههون ا ّ‬
‫سلم محّبا ّ‬
‫كونه عليه ال ّ‬
‫محّبين له ‪.‬‬

‫صههب الجاحههد‬ ‫و لكّني أضيف إلى هذه الخبار على رغههم الناصههب المعانههد الهّرازى المتع ّ‬
‫ل عليه و آلههه ‪ :‬الّله هّم اعطنههي » ايتنههى ظ «‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫حديث الطير اّلذى قال فيه رسول ا ّ‬
‫ب الناس إليك و في بعض روايته ‪ :‬إليك و إلى رسولك يأكههل معههى فجههاء عل هيّ عليههه‬ ‫بأح ّ‬
‫سلم و أكل معه و قد رواه في غاية المرام بسّتة و ثلثين طريقا مههن طههرق العاّمههة ‪ ،‬و‬ ‫ال ّ‬
‫سدى عن أنس بن مالههك‬ ‫صحابة عن ال ّ‬ ‫من جملتها أبو المظفر السمعاني في كتاب مناقب ال ّ‬
‫قال ‪:‬‬

‫ب خلقك إليك يأكل معههي مههن هههذا الطيههر فجههاء‬


‫ي طير فقال ‪ :‬الّلهم ائتني بأح ّ‬
‫كان عند النب ّ‬
‫سلم فأكل معه ‪.‬‬ ‫ي عليه ال ّ‬
‫عل ّ‬

‫سجسههتاني و‬ ‫صحاح السّتة لرزيههن مههن مسههند أبههي داود ال ّ‬


‫و قد روى ذلك في الجمع بين ال ّ‬
‫له عليههه و‬
‫له صهّلى ا ّ‬‫رواه أحمد بن حنبل بطريق واحد من طريق السفينة مولى رسول ا ّ‬
‫آله و سّلم ‪.‬‬

‫و رواه ابن المغازلي الشافعي الواسطي من عشرين طريقا ‪.‬‬

‫و من جملة طرق غاية المرام أيضا القاصم لظهر المكابرين و الّراغهم لنههوف الناصههبين‬
‫ما أورده من كتاب المناقب الفاخرة في العترة الطاهرة ‪ ،‬روى أبو جعفر بن‬

‫] ‪[ 76‬‬

‫له الباكنههاني عههن‬


‫محّمد بن أحمد بن روح مولى بني هاشم قال ‪ :‬حّدثني العباس بن عبههد ا ّ‬
‫محّمد بن يوسف السري عن الوزاعي عن يحيى بن أبي كثير قال ‪ :‬ح هّدثني أبههي صههميم‬
‫حوثن بن عدي عن أبي ذّر ره قال ‪:‬‬

‫ي ‪ ،‬فلّما وضههع‬ ‫ل عليه و آله إذا هدي إليه طائر مشو ّ‬ ‫ل صّلى ا ّ‬
‫بينا نحن قعود مع رسول ا ّ‬
‫ل عليه و آلههه حّتههى‬‫ل صّلى ا ّ‬‫بين يديه قال لنس ‪ :‬انطلق به إلى المنزل ‪ ،‬و تبعه رسول ا ّ‬
‫ي يديه نحو السههماء و قههال ‪ :‬اللههّم‬
‫إذا دخل المنزل وضع أنس الطاير بين يديه ‪ ،‬فرفع النب ّ‬
‫ب الّناس اليك تحّبه أنت و يحّبه من فههي الرض و مههن فههي السههماوات حّتههى‬ ‫ى بأح ّ‬
‫ايت إل ّ‬
‫يأكل معي من هذا الطير ‪ ،‬قال أنس ‪ :‬فقلت ‪ :‬اللهّم اجعله من قومي و قالت عايشة ‪ :‬اللهمّ‬
‫سههلم فقههال لههه‬
‫ي عليههه ال ّ‬
‫اجعله أبي و قالت حفصة ‪ :‬اللهّم اجعله أبي فما لبثنا حتى أتى عل ّ‬
‫أنس ‪:‬‬

‫سلم ثلث مّرات ‪.‬‬


‫ي عليه ال ّ‬
‫ل عليه و آله فى حاجة حتى أتى عل ّ‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫ن رسول ا ّ‬
‫إّ‬

‫ل عليه و آله علههى ركبههتيه و رفههع يهديه إلهى السهماء حّتههى بهان بيههاض‬
‫فجثا الّنبي صّلى ا ّ‬
‫ب الساعة الساعة ‪ ،‬فما لبثنا أن قرع الباب فقال أنس ‪ :‬من ذا ؟‬ ‫إبطيه و قال ‪ :‬حاجتي يا ر ّ‬

‫ل عليه و آله صوته فقال افتح ‪ ،‬ففتحته ‪ ،‬فلما دخههل و‬ ‫ي صّلى ا ّ‬ ‫ي و سمع النب ّ‬
‫فقال ‪ :‬أنا عل ّ‬
‫ل عليههه‬‫ي صّلى ا ّ‬ ‫ن أنس أنه قد أنفذ يده من ظهره ‪ ،‬فلما بصر به النب ّ‬ ‫كز أنس بيده حتى ظ ّ‬
‫سلم‬ ‫و آله وثب قائما و قّبل عينيه و قال ‪ :‬ما الذي أبطاك عّني يا قّرة عيني ‪ ،‬فقال عليه ال ّ‬
‫ل ه عليههه و آلههه و‬
‫ل ص هّلى ا ّ‬‫ل قد أقبلت ثلثا و يرّدني أنس ‪ ،‬فصفق رسول ا ّ‬ ‫‪ :‬يا رسول ا ّ‬
‫سّلم و كان ل يصفق حّتى يغضب ‪ ،‬فقال ‪:‬‬

‫ل إنههي أحببههت أن يكههون رجل مههن قههومي‬ ‫يا أنس حجبت عّني حبيبي ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا رسول ا ّ‬
‫ب قههومه ‪ ،‬إ ّ‬
‫ن‬ ‫ن المرء يح ّ‬ ‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬يا أنس أما علمت أ ّ‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫فقال رسول ا ّ‬
‫ل ‪ ،‬يا أنس إّني و عليا لم نههزل ننقلههب‬ ‫ل يحّبه و الملئكة تحّبه و يحّبه ا ّ‬ ‫نا ّ‬
‫عليا يحّبني و إ ّ‬
‫ى فههي صههلب أبههي طههالب و‬ ‫إلى مطّهرات الرحام حّتى نقلنا إلى عبد المطلب فصههار عل ه ّ‬
‫ي الوليههة و الوص هّية‬‫ي الّنبوة و في عل ّ‬‫ي ‪ ،‬فصارت ف ّ‬ ‫ل عّم عل ّ‬ ‫صرت أنا في صلب عبد ا ّ‬
‫ي اسما فس هّماني أحمههد‬‫ق لى اسما من أسمائه و لعل ّ‬ ‫ل اشت ّ‬‫ل عّز و ج ّ‬ ‫نا ّ‬
‫أما علمت يا أنس أ ّ‬
‫ي سّماه عليا ‪ ،‬يا أنس كما حجبت عّني عليا ضربك ا ّ‬
‫ل‬ ‫ل العل ّ‬
‫ي فا ّ‬
‫لتحمدني اّمتي و أما عل ّ‬
‫ل متبرقع الوجه ‪.‬‬ ‫بالوضح ‪ ،‬و كان ل يدخل المسجد بعد الّدعوة إ ّ‬

‫] ‪[ 77‬‬

‫ي ص هّلى‬
‫و هذه الّرواية كما ترى ظاهرة بل صريحة من جهات عديدة في فرط محّبة النههب ّ‬
‫ل له ‪.‬‬
‫ل و محّبة ا ّ‬
‫ل عليه و آله له و محّبته ّ‬
‫ا ّ‬

‫ل و إلى رسوله متجاوزة عن حّد الحصاء ‪،‬‬


‫ب الناس إلى ا ّ‬
‫و الخبار فى كونه أح ّ‬

‫و لو أردنا أن نجمع ما نقدر عليه منها لصار كتابا كبير الحجم و لكن اورد منها روايههتين‬
‫اختم بهما المقام ليكون ختامه مسكا فأقول ‪:‬‬

‫ل بن عمر قال ‪:‬‬


‫روى فى كشف الغمة من مناقب الخوارزمي عن عبد ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سئل بأي لغة خاطبك ربك ليلة المعراج ‪ ،‬قههال ‪:‬‬ ‫ل صّلى ا ّ‬
‫سمعت رسول ا ّ‬
‫ي ؟ فقههال ‪ :‬يهها‬
‫ب أنت خاطبتني أم عل ّ‬ ‫ي بن أبيطالب فألهمني أن قلت يا ر ّ‬‫خاطبني بلغة عل ّ‬
‫أحمد أنا شيء ل كالشياء و ل أقاس بالناس و ل اوصف بالشباه ‪ ،‬خلقتك مههن نههوري و‬
‫ي بههن‬‫ب مههن عله ّ‬‫خلقت عليا من نورك فاطلعت على سرائر قلبههك فلههم أجههد إلههى قلبههك أحه ّ‬
‫أبيطالب ‪،‬‬

‫ن قلبك ‪.‬‬
‫فخاطبتك بلسانه كيما يطمئ ّ‬

‫و فيه من المناقب قال ‪:‬‬

‫و أخبرنا بهذا الحديث عاليا المام الحافظ سههليمان بههن إبراهيههم الصههفهاني مرفوعهها إلههى‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪ ،‬و هو فههى بيههتي لّمهها حضههره‬
‫ل صّلى ا ّ‬‫عايشة ‪ ،‬قالت ‪ :‬قال رسول ا ّ‬
‫ل عليه و آله ث هّم‬
‫ل صّلى ا ّ‬ ‫ي حبيبي ‪ ،‬فدعوت أبا بكر فنظر إليه رسول ا ّ‬ ‫الموت ‪ .‬ادعوا إل ّ‬
‫له‬
‫ي بن أبيطههالب فههو ا ّ‬
‫ي حبيبي فقلت ‪ :‬ويلكم ادعوا له عل ّ‬ ‫وضع رأسه ‪ ،‬ثّم قال ‪ :‬ادعوا إل ّ‬
‫ما يريد غيره ‪ ،‬فلما رآه فرج الثوب الذى كان عليه ثّم ادخله فيه فلهم يههزل يحتضهنه حّتهى‬
‫قبض و يده عليه ‪.‬‬

‫إذا عرفت هذا فأقول ‪:‬‬

‫قهههههههههههههههال فيهههههههههههههههه البليهههههههههههههههغ مههههههههههههههها قهههههههههههههههال ذو العهههههههههههههههيّ‬


‫ل بفضهههههههههههههههههههههههههههههههههههله منطيهههههههههههههههههههههههههههههههههههق‬‫فكههههههههههههههههههههههههههههههههههه ّ‬

‫و كههههههههههههههههههذاك العههههههههههههههههههدّو لههههههههههههههههههم يعههههههههههههههههههد أن قههههههههههههههههههال‬


‫ب الصديق‬ ‫فيه جميل كما قال المح ّ‬

‫ل إلى سلوك صراطه المستقيم إلى الرازى و استمراره على‬ ‫و مع ذلك كّله فانظر هداك ا ّ‬
‫ق الليههح ‪ ،‬و تنّكبههه الجههدد‬
‫صههبه ‪ ،‬و مكههابرته الحه ّ‬
‫غّيه ‪ ،‬و غرقههه فههى سههبيل نصههبه و تع ّ‬
‫ق أبي الحسن ‪ ،‬و إرادته‬ ‫الواضح ‪ ،‬و عدوله عن السنن ‪ ،‬و بقائه على غمط ‪ 1‬ح ّ‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬ههه هه هههه هههه ه‬

‫] ‪[ 78‬‬

‫له عههن‬
‫ستر الشمس المجّللة بنورها للعالم بالنقاب ‪ ،‬و النير العظههم بالحجههاب ‪ ،‬فجههزاه ا ّ‬
‫ل عليهما شّر الجزاء ‪.‬‬
‫رسوله و عن أمير المؤمنين سلم ا ّ‬
‫له و‬
‫الثالث و العشرون قوله ‪ :‬و لنه معارض بالخبار الّدالة على كون أبههي بكههر محّبهها ّ‬
‫ل محّبا له اه ‪.‬‬
‫رسوله و كون ا ّ‬

‫ج بههه علههى‬
‫له لههه يحته ّ‬
‫له أو محّبههة ا ّ‬
‫فيه أّول إّنه ليس هنا خبر متضهّمن لمحّبههة أبههي بكههر ّ‬
‫المامّية فضل عن الخبار ‪ ،‬و ما رووه فههي هههذا المعنههى مّمهها تفهّردوا بروايتههه ل يكههون‬
‫جة علينا ‪.‬‬‫حّ‬

‫ب الّنههاس إلههى‬
‫سلم أحه ّ‬‫ي عليه ال ّ‬
‫و مع ذلك فمعارض بالخبار الكثيرة المتضّمنة لكون عل ّ‬
‫ل ه و إلههى رسههوله المستفيضههة بههل المتههواترة معنههى مههن طرقهههم حسههبما عرفههت فههي‬
‫ا ّ‬
‫العتراض الثاني و العشرين ‪ ،‬و هي أقههوى منههها سههندا و أظهههر دللههة فل يكههاد تكههافوء‬
‫الخبار الولة على تقدير وجودها لها كما ل يخفى صدق المّدعى علههى أهههل البصههيرة و‬
‫ق أبي بكر و لسوف يرضى ‪.‬‬ ‫النهى الرابع و العشرون قوله ‪ :‬قال تعالى في ح ّ‬

‫غير مسّلم نزولها في أبي بكر و لما نزله الرازى عن ابن الّزبير و عن أبي بكر الباقلني‬
‫سرين خلفه ‪ ،‬فقههد روى الواحههدي بالسههناد المّتصههل المرفههوع عههن‬ ‫ي عن المف ّ‬
‫‪ ،‬و المرو ّ‬
‫عكرمة عن ابن عّباس أّنها نزلت في رجل من النصار ‪ ،‬و عن عطاء قال ‪ :‬اسم الّرجههل‬
‫سههلم و قهال بعههض‬ ‫ي عليههه ال ّ‬‫أبو الّدحداح ‪ ،‬و في بعههض روايههات أصههحابنا أّنههها فههي عله ّ‬
‫له مههن‬
‫قا ّ‬ ‫ل مههن يعطههي حه ّ‬ ‫سرين ‪ :‬الولى إبقاؤها على العموم فيرجع الضمير إلى ك ّ‬ ‫المف ّ‬
‫ل يتجّلههي‬
‫نا ّ‬ ‫ماله ابتغاء وجه رّبه ‪ ،‬و إذا جاء الحتمال بطل الستدلل و قوله ‪ :‬و قال ‪ :‬إ ّ‬
‫صة أنت خهبير بهأّنه ل غبهار فهي كهونه مهن الحهاديث‬ ‫للناس عامة و يتجّلي لبي بكر خا ّ‬
‫سهم مخهالف‬ ‫الموضوعة ‪ ،‬لّنه إن أريد من تجّليهه سهبحانه تجّليهه بهذاته فههو مسهتلزم للتج ّ‬
‫ساطعة ‪ ،‬و إن اريد تجّليه ببّره و فضله و عناياته‬ ‫للصول المحكمة و البراهين القاطعة ال ّ‬
‫ن التجّلههى بهههذا المعنههى لعمههوم‬ ‫و لطفه المقّرب إلى طاعته و المبعد عن معصيته ‪ ،‬ففيههه أ ّ‬
‫الّناس غير جايز إذ فيهم المؤمن و المنافق و المسلم و الكافر ‪ ،‬فكيف يتصّور التجّلى فههي‬
‫ق الكافر المنافق‬
‫حّ‬

‫] ‪[ 79‬‬

‫ن مههن جملههة المههؤمنين‬


‫جه عليههه أ ّ‬
‫ظههاهر يتههو ّ‬
‫ص بالمؤمنين فهو مع كونه خلف ال ّ‬
‫و إن خ ّ‬
‫النبياء و الّرسل و فيهم اولو العزم و غيرهم فيلزم أن يكون أبو بكر أعلههى شههأنا منهههم و‬
‫هو باطل بالتفاق ‪.‬‬

‫ش الشههيطان و قههد قههال مخههبرا عههن‬


‫ل سبحانه على قلب أبي بكر و هو ع ّ‬ ‫ثّم كيف يتجّلى ا ّ‬
‫ن لي شيطانا يعتريني فان اسههتقمت فههأعينوني و إن زغههت فقّومههوني و قههوله ‪ :‬و‬ ‫نفسه ‪ :‬إ ّ‬
‫ل و صّبه في صدر أبي بكر ‪.‬‬ ‫ل شيئا في صدر إ ّ‬
‫با ّ‬
‫ل عليه و آله ‪ :‬ما ص ّ‬‫قال صّلى ا ّ‬
‫ن النكرة في سياق النفي مفيههد للعمههوم ‪ ،‬و مههن جملههة مهها‬
‫هو كسابقه أيضا في الوضع ‪ ،‬ل ّ‬
‫ي نور النبّوة و الوحي و اللهام و علم مهها كهان و مهها يكهون و مها هههو‬
‫ب في صدر الّنب ّ‬
‫ص ّ‬
‫ب في قلب أبي بكر فضل عن جميعها و لههو‬ ‫كائن و نحوها ‪ ،‬فهل ترى شيئا من ذلك ينص ّ‬
‫ب الخههامس و العشههرون قههوله ‪ :‬إّنهها ل‬‫ب لم يخف عليه معنى الكللههة و ال ّ‬ ‫ح ذلك الص ّ‬
‫صّ‬
‫نسّلم دللة الية اّلتي بعد هذه الية على امامته و سنذكر الكلم فيه اه ‪.‬‬

‫ل الية على إمامهة أميهر المهؤمنين بمها ذكهره مهن‬ ‫يريد عدم تسليم دللة الية إّنما ولّيكم ا ّ‬
‫الوجوه السخيفة في تفسير هذه الية ‪ ،‬و أنت قد عرفههت تمامّيههة دللتههها علههى امههامته فههي‬
‫شقشقّية ‪ ،‬كما عرفت بطلن ما ذكره من الدّلة ‪ ،‬لعدم‬ ‫مقّدمات الخطبة الثالثة المعروفة بال ّ‬
‫تمامّيتها بما ل مزيد عليه ‪.‬‬

‫له أن يثبههت مهها‬


‫ل ‪ ،‬و أسههأل ا ّ‬‫ل اّلذي هدانا لهذا و ما كّنا لنتهدي لو ل أن هدينا ا ّ‬
‫و الحمد ّ‬
‫ي يوم حشر الّوليههن‬ ‫أوردناه هنا في رّد الّرازي الّناصب في صحائف أعمالي ‪ ،‬و يرّده إل ّ‬
‫صههب لههه مههن‬
‫له و احّبههه و أتع ّ‬‫و الخرين ‪ ،‬و يثّقل به ميزاني ‪ ،‬و يحشههرني مههع مههن أتههو ّ‬
‫محّمههد و آلههه الطّيههبين الطههاهرين ‪ ،‬و أن يكتههب مهها أورده الّناصههب الهّرازي فههي صههحيفة‬
‫صب لههه مهن أوليههائه الظههالمين فهي‬ ‫أعماله ‪ ،‬و يرّده إليه ‪ ،‬و يحشره يوم القيامة مع من تع ّ‬
‫ل عليهم و عليه أجمعين إلى يوم الّدين ‪.‬‬ ‫ق آل الّرسول ‪ ،‬صّلى ا ّ‬ ‫حّ‬

‫] ‪[ 80‬‬

‫ععععععع عععععع‬

‫سلم ‪ :‬إّنك تسمع ما أسمع و ترى ما أرى ‪ ،‬أّنه ظاهر فههي‬ ‫قد أشرنا في شرح قوله عليه ال ّ‬
‫ي من الملك و رؤيته له مثله ‪ ،‬قد اختلفت الخبار في ذلك فمما‬ ‫سماع المام ما يسمعه النب ّ‬
‫ل على سماعه و رؤيته حديث المالى المتقّدم فى شرح الفقرة المذكورة و منه أيضا ما‬ ‫يد ّ‬
‫سههلم يقههول ‪ :‬إّنهها‬
‫له عليههه ال ّ‬
‫في البحار من البصاير عن أبي بصير قال ‪ :‬سمعت أبا عبد ا ّ‬
‫نزاد فى الّليل و النهار و لو ل أّنا نزاد لنفد ما عندنا ‪ ،‬فقال أبو بصير ‪ :‬جعلههت فههداك مههن‬
‫يأتيكم ؟ قال ‪ :‬إنا منا لمن يعاين معاينة ‪ ،‬و مّنا من ينقر فى قلبه كيت و كيت ‪ ،‬و منهها مههن‬
‫ل فداك من يأتيكم بذاك‬ ‫يسمع باذنه وقعا كوقع السلسلة فى الطست ‪ ،‬قال ‪ :‬قلت ‪ :‬جعلنى ا ّ‬
‫؟ قال ‪ :‬هو خلق أكبر من جبرئيل و ميكائيل ‪.‬‬

‫سههلم فههى حههديث‬ ‫و من كتاب المحتضر للحسن بههن سههليمان باسههناده عههن الّرضهها عليههه ال ّ‬
‫سههلم فههى كلم لههه ‪ :‬و ان شههئتم أخههبرتكم بمهها هههو‬ ‫طويل قال ‪ :‬قال أمير المؤمنين عليههه ال ّ‬
‫له‬
‫سلم ‪ :‬كنت ذات ليلة تحت سقيفة مههع رسههول ا ّ‬ ‫أعظم من ذلك قالوا ‪ :‬فافعل قال عليه ال ّ‬
‫ل وطئة مههن‬ ‫له عليههه و آلههه و انههي لحصههي سههتا و سهّتين وطئة مههن الملئكههة كه ّ‬ ‫صهّلى ا ّ‬
‫الملئكة أعرفهم بلغاتهم و صفاتهم و أسمائهم و وطئهم ‪.‬‬
‫ل على السماع فقط من دون الّرؤية مثل مهها فههى الحتجههاج قههال ‪ :‬كههان الصههادق‬ ‫و مما يد ّ‬
‫سلم يقول ‪ :‬علمنا غابر و مزبور و نكت فى القلوب و نقههر فههى السههماع ‪ ،‬فسههئل‬ ‫عليه ال ّ‬
‫سلم ‪ :‬أما الغابر فالعلم بما يكون ‪ ،‬و أما المزبور فالعلم‬ ‫عن تفسير هذا الكلم فقال عليه ال ّ‬
‫بما كان ‪ ،‬و أما النكت فى القلوب فهو اللهام ‪ ،‬و أما النقر فى السههماع فحههديث الملئكههة‬
‫نسمع كلمهم و ل نرى أشخاصهم ‪.‬‬

‫ي و المام و المحدث ‪.‬‬


‫و مثله الخبار الكثيرة الفارقة بين الّرسول و النب ّ‬

‫ل ه ع هّز و‬
‫سلم عههن قههول ا ّ‬
‫مثل ما رواه فى الكافى عن زرارة قال سألت أبا جعفر عليه ال ّ‬
‫جّ‬
‫ل‬

‫] ‪[ 81‬‬

‫ي الذي يرى فى منامه و‬ ‫سلم النب ّ‬‫ي ؟ قال عليه ال ّ‬


‫و كان رسول نبيًا ‪ ،‬ما الّرسول و ما النب ّ‬
‫يسمع الصوت و ل يعاين الملك ‪ ،‬و الّرسههول الههذى يسههمع الصههوت و يههرى فههى المنههام و‬
‫يعاين الملك ‪ ،‬قلت ‪ :‬المام ما منزلته ؟ قال ‪ :‬يسمع الصوت و ل يههرى و ل يعههاين الملههك‬
‫ي و ل محدث ‪.‬‬ ‫ثّم تل هذه الية ‪ :‬و ما أرسلنا من قبلك من رسول و ل نب ّ‬

‫ل»‬ ‫سلم في قوله عّز و ج ّ‬ ‫ل عليهما ال ّ‬ ‫و فيه عن بريد ) زيد خ ( عن أبي جعفر و أبيعبد ا ّ‬
‫ي و ل محهّدث ‪ ،‬قلهت جعلههت فهداك ليسهت ههذه‬ ‫و ما ارسلنا من قبلك مهن رسههول و ل نههب ّ‬
‫ي و المحّدث قال ‪ :‬الّرسول اّلذي يظهر له الملك فيكّلمه و الّنههب ّ‬
‫ي‬ ‫قرائتنا فما الّرسول و النب ّ‬
‫هو اّلذي يرى في منامه و ربما اجتمعت النبّوة و الّرسالة لواحد ‪ ،‬و المحّدث الههذى يسههمع‬
‫ن الههذي رأى فههي النههوم‬ ‫ل كيف يعلم أ ّ‬ ‫صورة ‪ ،‬قال ‪ :‬قلت ‪ :‬أصلحك ا ّ‬ ‫الصوت و ل يرى ال ّ‬
‫ل بكتابكم الكتب و ختم بنههبّيكم‬ ‫ق و أّنه الملك ؟ قال ‪ :‬يوفق لذلك حّتى يعرفه و لقد ختم ا ّ‬ ‫حّ‬
‫يو‬ ‫سههلم عههن الّرسههول و النههب ّ‬ ‫النبياء و فيه عن الحول قههال ‪ :‬سههألت أبهها جعفههر عليههه ال ّ‬
‫سلم ‪ :‬الّرسول الذي يأتيه جبرئيل قبل فيراه و يكّلمه فهههذا الّرسههول ‪،‬‬ ‫المحّدث قال عليه ال ّ‬
‫سههلم و نحههو مهها كههان رأى‬ ‫ي فهو اّلذي يرى في منامه نحو رؤيا إبراهيم عليه ال ّ‬ ‫و أّما الّنب ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم من أسباب النبّوة قبل الوحي حّتى أتاه جبرئيل عليه‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫رسول ا ّ‬
‫له عليهه و آلهه حيهن جمهع لهه‬ ‫ل بالّرسالة و كان محّمد صّلى ا ّ‬ ‫ل عّز و ج ّ‬ ‫سلم من عند ا ّ‬ ‫ال ّ‬
‫سههلم يكّلمههه بههها‬
‫ل يجيئه بها جبرئيههل عليههه ال ّ‬ ‫ل عّز و ج ّ‬ ‫الّنبوة و جاءته الّرسالة من عند ا ّ‬
‫قبل ‪ ،‬و من النبياء من جمع له النبّوة و يرى في منامه و يأتيه الهّروح و يكّلمههه و يحههدثه‬
‫من غير أن يكون يرى في اليقظة ‪ ،‬و أّما المحّدث فهو اّلذي يحهّدث فيسههمع و ل يعههاين و‬
‫ل يرى في منامه ‪.‬‬

‫سهلم فقهال إّنهه يسهمع‬


‫له عليهه ال ّ‬
‫و عن محّمد بن مسلم قال ‪ :‬ذكر المحّدث عند أبي عبهد ا ّ‬
‫شخص ‪ ،‬قلت له ‪ :‬جعلت فداك كيف يعلم أّنه كلم الملك ؟‬ ‫صوت و ل يرى ال ّ‬‫ال ّ‬
‫سكينة و الوقار حّتى يعلم أّنه كلم ملك‬
‫قال ‪ :‬إّنه يعطى ال ّ‬

‫عععع‬

‫سكينة اطمينان القلب و عدم التزلزل ‪ ،‬و الوقار الحالة اّلتي بها يعلم أّنه كلم الملك‬
‫ال ّ‬

‫] ‪[ 82‬‬

‫سههلم قههال ‪ :‬قلههت ‪ :‬كيههف يعلههم أّنههه كلم مههن‬


‫ل عليههه ال ّ‬
‫و فى رواية زرارة عن أبي عبد ا ّ‬
‫شخص ؟ قهال ‪ :‬إّنهه يلقهى عليهه‬ ‫شيطان إذا كان ل يرى ال ّ‬ ‫الملك و ل يخاف أن يكون من ال ّ‬
‫شههيطان‬
‫سكينة فيعلم أّنه من الملههك و لههو كههان مهن الشهيطان اعههتراه فهزع ‪ ،‬و إن كهان ال ّ‬
‫ال ّ‬
‫بازراره ل يتعّرض لصاحب هذا المر ‪.‬‬

‫سلم قال ‪ :‬كان عليّ‬ ‫ل عليه ال ّ‬


‫شيخ عن أبي بصير عن أبي عبد ا ّ‬ ‫و فى البحار من أمالي ال ّ‬
‫سههلم ‪ :‬يههأتيه ملههك‬
‫محّدثا و كان سلمان محّدثا ‪ ،‬قال ‪ :‬قلت ‪ :‬فما آية المحّدث ؟ قال عليه ال ّ‬
‫فينكت في قلبه كيت و كيت ‪.‬‬

‫له‬
‫له صهّلى ا ّ‬
‫سهلم قهال ‪ :‬قهال رسهول ا ّ‬
‫و من البصاير عن حمران عن أبي جعفر عليه ال ّ‬
‫عليه و آله و سّلم ‪ :‬من أهل بيتي اثنى عشر محّدثا ‪.‬‬

‫سلم يقههول الثنههى عشههر الئمههة‬‫و من البصاير عن زرارة قال ‪ :‬سمعت أبا جعفر عليه ال ّ‬
‫ل عليه و آلههه و‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫سلم كّلهم محّدث من ولد رسول ا ّ‬ ‫من آل محّمد عليه و عليهم ال ّ‬
‫ي هما الوالدان ‪ ،‬فقال عبد الّرحمن بههن زيههد‬‫ل و عل ّ‬
‫سلم فرسول ا ّ‬ ‫ي عليه ال ّ‬
‫سّلم و ولد عل ّ‬
‫سلم لّمه ‪ ،‬فضرب أبو جعفههر‬ ‫ي بن الحسين عليهما ال ّ‬ ‫و أنكر ) ذكر ( ذلك و كان أخا لعل ّ‬
‫سلم فخذه فقال أّما ابن اّمك كان أحدهم ‪.‬‬ ‫عليه ال ّ‬

‫ي عليههه‬
‫سلم قال ‪ :‬سههمعته يقههول ‪ :‬كههان عله ّ‬
‫ل عليه ال ّ‬
‫و منه عن أبي بصير عن أبي عبد ا ّ‬
‫ل ملكا يوقر‬ ‫ل قال ‪ :‬يبعث ا ّ‬ ‫ل محّدثا ‪ ،‬قال ‪ :‬قلت له ‪ :‬اشرح لي ذلك أصلحك ا ّ‬‫سلم و ا ّ‬‫ال ّ‬
‫في اذنه كيت و كيت و كيت ‪.‬‬

‫ن علّيهها‬
‫سلم ‪ :‬أ لسههت ح هّدثتني أ ّ‬
‫و منه عن حمران بن أعين قال ‪ :‬قلت لبي جعفر عليه ال ّ‬
‫سلم كان محّدثا ؟ قال ‪ :‬بلى قلت ‪ :‬من يحّدثه ؟ قال ‪ :‬ملك يحّدثه ‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫عليه ال ّ‬

‫ي أو رسول ؟ قال ‪ :‬ل بل مثله مثههل صههاحب سههليمان و مثههل صههاحب‬ ‫قلت ‪ :‬فأقول إّنه نب ّ‬
‫سلم سئل عن ذى القرنين فقالوا كان‬ ‫ن علّيا عليه ال ّ‬
‫موسى و مثل ذى القرنين ‪ ،‬أما بلغك أ ّ‬
‫ل فناصحه فهذا مثلههه و بمعناههها‬
‫ل فأحّبه ‪ ،‬و ناصح ا ّ‬ ‫با ّ‬
‫نبّيا ؟ قال ‪ :‬ل ‪ ،‬بل كان عبدا أح ّ‬
‫أخبار كثيرة احر تركنا ذكرها حذرا من الطالة‬
‫] ‪[ 83‬‬

‫عععع‬

‫المراد بصاحب موسى إّما يوشع بن نون كما صّرح به في بعض الخبار ‪،‬‬

‫ل علههى عههدم نبهّوة واحههد‬


‫سلم كما في البعض الخر ‪ ،‬فيههد ّ‬ ‫أو الخضر على نبّينا و عليه ال ّ‬
‫منهما و يمكن أن يكون المراد عدم نبّوته في تلك الحال فل ينافي نبهّوته بعههد فههي الّول و‬
‫سهلم إّمها‬
‫نبّوته قبل في الّثاني ‪ ،‬هكذا قال في البحار ‪ ،‬و المراد بصهاحب سهليمان عليهه ال ّ‬
‫سلم أو آصف بن برخيا ‪.‬‬ ‫خضر عليه ال ّ‬

‫ي في البحار بعهد ايهراد ههذه الخبهار مها ههذا لفظهه اسهتنباط‬


‫لمة المجلس ّ‬
‫قال المحّدث الع ّ‬
‫ي و المام من تلك الخبار ل يخلو من إشكال ‪ ،‬و كذا الجمههع بينههها مشههكل‬ ‫الفرق بين النب ّ‬
‫ي قد‬
‫ن المام ل يرى الحكم الشرعي في المنام و النب ّ‬ ‫جّدا ‪ ،‬و اّلذي يظهر من أكثرها هو أ ّ‬
‫يراه فيه ‪.‬‬

‫ي قد يراه فيه ‪.‬‬


‫في المنام و النب ّ‬

‫ن الّرسول يرى الملك عند إلقاء الحكم‬ ‫ي و المام و بين الّرسول هو أ ّ‬‫و أّما الفرق بين الّنب ّ‬
‫و الّنبي غير الّرسول و المام ل يريانه في تلك الحال و ان رأياه فههي سههاير الحههوال ‪ ،‬و‬
‫سلم و يعّم الحوال لكن فيههه أيضهها‬ ‫ص الملك اّلذي ل يريانه بجبرئيل عليه ال ّ‬ ‫يمكن أن يخ ّ‬
‫منافاة لبعض الخبار ‪.‬‬

‫ل الفرق بين الئمههة و غيههر اولههى العههزم مههن النبيههاء أنّ‬ ‫و مع قطع النظر من الخبار لع ّ‬
‫ل بالنيابههة و أّمهها‬
‫له عليههه و آلههه ل يبّلغههون إ ّ‬
‫سههلم نهّواب للّرسههول صهّلى ا ّ‬
‫الئمة عليهم ال ّ‬
‫النبياء و إن كانوا تابعين لشريعة غيرهم لكّنهم مبعوثون بالصالة و إن كانت تلك النيابة‬
‫أشرف من تلك الصالة ‪.‬‬

‫سلم أنبياء و بأّنهم أشرف و أفضههل مههن‬ ‫و بالجملة ل بّد من الذعان بعدم كونهم عليهم ال ّ‬
‫سلم من النبياء و الوصياء ‪ ،‬و ل نعرف جهة لعههدم اّتصههافهم‬ ‫غير نبّينا عليه و عليهم ال ّ‬
‫ل عليه و آله ‪ ،‬و ل يصل عقولنا إلى فرق‬ ‫ل رعاية جللة خاتم النبياء صلوات ا ّ‬ ‫بالّنبّوة إ ّ‬
‫ل ه تعههالى يعلههم حقههايق‬
‫بّين بين النبّوة و المامة ‪ ،‬و ما دّلت عليه الخبار فقد عرفته ‪ ،‬و ا ّ‬
‫له عليههه فههي كتههاب‬
‫ل و سههلمه عليهههم أجمعيههن و قهال المفيههد رحمههة ا ّ‬‫أحوالهم صلوات ا ّ‬
‫ن العقل ل يمنع من نزول‬ ‫المقالت ‪ :‬إ ّ‬

‫] ‪[ 84‬‬
‫ل إلههى‬ ‫ل ع هّز و ج ه ّ‬ ‫ل عليهم و إن كانوا أئمة غير أنبياء فقد أوحى ا ّ‬ ‫الوحى اليهم صلوات ا ّ‬
‫حة ذلك بالوحي و عملت عليه و لم تكههن رسههول‬ ‫أّم موسى أن أرضعيه الية ‪ ،‬فعرفت ص ّ‬
‫صههالحين ‪ ،‬و إّنمهها منعههت نههزول الههوحي‬ ‫و ل نبّيا و ل إماما ‪ ،‬و لكّنها كانت مههن عبههاده ال ّ‬
‫إليهم و اليحاء بالشياء إليهم للجماع على المنع من ذلك و التفاق على أنه من زعم أ ّ‬
‫ن‬
‫ل عليه و آله يوحى اليه فقد أخطههأ و كفههر ‪ ،‬و لحصههول العلههم بههذلك‬ ‫أحدا بعد نبّينا صّلى ا ّ‬
‫ي بعههد نبّينهها‬
‫ن العقل لههم يمنههع مههن بعثههة نههب ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم كما أ ّ‬‫ي صّلى ا ّ‬‫من دين النب ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم و نسخ شرعنا كمهها نسههخ مهها قبلههه مههن شههرايع النبيههاء عليهههم‬ ‫صّلى ا ّ‬
‫ل ه عليههه و آلههه و‬ ‫ي ص هّلى ا ّ‬‫سلم و إنما منع ذلك العلم و الجماع ‪ ،‬فانه خلف دين النههب ّ‬ ‫ال ّ‬
‫سّلم من جهة اليقين و ما يقارب الضطرار ‪ ، 1‬و المامّية جميعا علههى مهها ذكههرت ليههس‬
‫بينها على ما وصفت خلف ‪.‬‬

‫ل عليه فى شرح عقايد الصدوق عليههه الّرحمههة ‪ :‬أصههل الههوحي هههو الكلم‬ ‫و قال رحمة ا ّ‬
‫ل شيء قصد به إفهام المخاطب علههى السههتر لههه عههن غيههره و‬ ‫ي ‪ ،‬ثّم قد يطلق على ك ّ‬
‫الخف ّ‬
‫ص بههه الّرسههل‬
‫ل تعالى كان فيما يخه ّ‬ ‫التخصيص له به دون من سواه ‪ ،‬و إذا اضيف إلى ا ّ‬
‫ل عليه و آله و س هّلم »‬ ‫ي صّلى ا ّ‬ ‫صة دون من سواهم على عرف السلم و شريعة النب ّ‬ ‫خا ّ‬
‫ح تههأويله و يثبههت حّقههه ‪ ،‬لكّنههه ل‬
‫ل فى منامه خلقا كثيرا ما يصه ّ‬ ‫إلى أن قال « و قد يرى ا ّ‬
‫ل علهى‬ ‫طلعه ا ّ‬ ‫يطلق بعد استقرار الشريعة عليه اسم الوحي و ل يقال في هذا الوقت لمن ا ّ‬
‫ل عليه و آلههه‬ ‫ل تعالى يسمع الحجج بعد نبّيه صّلى ا ّ‬ ‫نا ّ‬
‫علم شىء أنه يوحى إليه و عندنا أ ّ‬
‫و سّلم كلما يلقيه إليهم أى الوصياء فى علم ما يكون لكّنه ل يطلق عليه اسم الوحى لمهها‬
‫ل عليه و آلههه و س هّلم ‪،‬‬‫قّدمناه من إجماع المسلمين على أنه ل وحي لحد بعد نبّينا صّلى ا ّ‬
‫له تعههالى أن يبيههح اطلق الكلم‬ ‫و أنه ل يقال في شيء مما ذكرناه أنه وحي إلى أحد ‪ ،‬و ّ‬
‫احيانا ‪ ،‬و يحظره احيانا فأما المعانى فانها ل تتغير عن حقايقها ‪ ،‬انتهى كلمه رفع مقامه‬

‫‪-----------‬‬
‫هه ه ههه‬
‫) ‪ ( 1‬هههه ههه هههه هه هههه ههههه‬

‫] ‪[ 85‬‬

‫ععععععع عععععع‬

‫صههة و‬
‫سلم و هى كثيرة جههدا مهن طهرق الخا ّ‬ ‫في ذكر الخبار الواردة في وزارته عليه ال ّ‬
‫ل التوفيق ‪:‬‬
‫العاّمة و لنقتصر على بعضهما حذرا من الطالة فأقول و با ّ‬

‫فى غاية المرام من مسند أحمد بن حنبل بسنده عن النسيم قههال ‪ :‬سههمعت رجل مههن خثعههم‬
‫ل عليهه و آلهه و سهّلم يقهول ‪ :‬اللههّم إّنهي أقهول كمها قهال‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫يقول ‪ :‬سمعت رسول ا ّ‬
‫موسى ‪:‬‬
‫اللهّم اجعل لي وزيرا من أهلى عليا أخي اشدد به أزري و أشركه في أمري كههي نسهّبحك‬
‫كثيرا و نذكرك كثيرا إنك كنت بنا بصيرا ‪.‬‬

‫ل ه ص هّلى‬
‫و فيه عن أبى نعيم الحافظ باسناده عن رجاله عن ابن عباس قال ‪ :‬أخذ رسول ا ّ‬
‫سلم و بيدي و نحن بمكة و صّلى أربههع‬‫ي بن أبيطالب عليه ال ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم بيد عل ّ‬
‫ا ّ‬
‫ركعات ‪،‬‬

‫سههلم سههألك فقههال‬


‫ن نبّيك موسى بن عمههران عليههه ال ّ‬ ‫ثّم مّد يديه إلى السماء و قال ‪ :‬الّلهم إ ّ‬
‫ب اشههرح لههي‬‫سر لي أمرى الية ‪ ،‬و أنا محّمد نبّيك أسألك ‪ :‬ر ّ‬ ‫ربّ اشرح لي صدرى و ي ّ‬
‫سر لي أمرى و احلل عقدة من لسههاني يفقهههوا قههولي و اجعههل لههي وزيههرا مههن‬ ‫صدرى و ي ّ‬
‫أهلي علّيا أخي اشدد به أزرى و أشههركه فههي أمههرى ‪ ،‬قههال ابههن عّبههاس ‪ :‬فسههمعت مناديهها‬
‫ينادى ‪ :‬قد اوتيت ما سألت ‪.‬‬

‫و فيه عن أبي الحسن الفقيه من طريق العاّمة باسناده عن الباقر عن أبيه عن جّده الحسين‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬عل ّ‬
‫ي‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫سلم قال ‪ :‬قال رسول ا ّ‬ ‫ي بن أبيطالب عليهم ال ّ‬‫بن عل ّ‬
‫له و بههابي ‪،‬‬
‫جتي ‪ ،‬و باب ا ّ‬
‫لوحّ‬ ‫جة ا ّ‬‫ل و خليفتي ‪ ،‬و ح ّ‬
‫سلم خليفة ا ّ‬‫بن أبيطالب عليه ال ّ‬
‫ل و سيفي‬ ‫ل و خليلي ‪ ،‬و سيف ا ّ‬ ‫ل و حبيبي ‪ ،‬و خليل ا ّ‬‫ل و صفّيي ‪ ،‬و حبيب ا ّ‬ ‫يا ّ‬
‫و صف ّ‬
‫‪ ،‬و هو أخي و صاحبي ‪ ،‬و وزيرى ‪ ،‬و محّبه محّبي ‪ ،‬و مبغضه مبغضي ‪ ،‬و ولّيه ولّيي‬
‫‪ ،‬و عدّوه عدّوي ‪،‬‬

‫و زوجته ابنتي ‪ ،‬و ولده ولدى ‪ ،‬و حزبه حزبي ‪ ،‬و قوله قههولي ‪ ،‬و أمههره أمهري ‪ ،‬و ههو‬
‫سّيد الوصّيين و خير اّمتي و فيه عن ابن شهاذان مهن طريهق العاّمهة بحهذف السهناد عهن‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬اللهّم اجعل لي وزيرا‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫سعيد بن المسّيب قال ‪ :‬قال رسول ا ّ‬
‫من أهل السماء ‪ ،‬و وزيرا من أهل‬

‫] ‪[ 86‬‬

‫ل إليه أني قد جعلت وزيرك من أهل السماء جبرائيل ‪ ،‬و وزيرك مههن‬‫الرض ‪ ،‬فأوحى ا ّ‬
‫سلم ‪.‬‬
‫ى بن أبيطالب عليه ال ّ‬‫أهل الرض عل ّ‬

‫و أقنع من غاية المرام بهذه الحههاديث الربعهة ‪ ،‬و قهد روى فيهه مههن طهرق العاّمهة أحههد‬
‫صة بخلفتههه و‬ ‫صة أحدا و عشرين حديثا ‪ ،‬جّلها بل كّلها نا ّ‬
‫عشر حديثا ‪ ،‬و من طرق الخا ّ‬
‫صلة و السلم ‪.‬‬
‫وصايته عليه ال ّ‬

‫ي بههن‬
‫ل بههن عّبههاس عههن عله ّ‬
‫و روى الشارح المعتزلي عن الطبرى في تاريخه عن عبد ا ّ‬
‫سلم قال ‪:‬‬
‫أبيطالب عليه ال ّ‬
‫ل عليه و آله و‬ ‫ل صّلى ا ّ‬
‫لّما نزلت هذه الية » و أنذر عشيرتك القربين « على رسول ا ّ‬
‫ل أمرنى أن انههذر عشههيرتك‬ ‫نا ّ‬
‫ىإّ‬ ‫ل عليه و آله و سّلم لى ‪ :‬يا عل ّ‬
‫سّلم دعاني فقال صّلى ا ّ‬
‫القربين فضقت بذلك ذرعا و إّني علمت متى انههاديهم بهههذا المههر أرى منهههم مهها أكههره ‪،‬‬
‫سلم فقال ‪ :‬يا محّمهد إّنهك إن لهم تفعهل مها امهرت بهه‬ ‫ت حّتى جاءنى جبرئيل عليه ال ّ‬ ‫فصم ّ‬
‫سا من لبن‬ ‫يعّذبك رّبك ‪ ،‬فاصنع لنا صاعا من طعام و اجعل عليه رجل شاة و املء لنا ع ّ‬
‫ي عبد المطلب حّتى اكّلمهم و ابّلغهم ما امرت به ‪ ،‬ففعلت ما أمرنى بههه ‪ ،‬ثهّم‬ ‫‪ ،‬ثّم اجمع بن ّ‬
‫دعوتهم و هم يومئذ أربعون رجل يزيدون رجل أو ينقصونه و فيهم أعمامه ‪ :‬أبو طههالب‬
‫و حمزة و العباس ‪ ،‬و أبو لهب ‪.‬‬

‫ل عليه و آله و سّلم دعا بالطعام اّلذى صنعت لهههم ‪ ،‬فجئت بههه ‪،‬‬‫فلما اجتمعوا إليه صّلى ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم بضعة من اللحم فشّقها بأسنانه ‪،‬‬
‫ل صّلى ا ّ‬‫فلّما وضعته تناول رسول ا ّ‬
‫ثّم ألقاها فى نواحى الصحفة ‪،‬‬

‫ل فأكلوا حّتى ما لهم إلى شىء من حاجههة ‪،‬‬ ‫ل عليه و آله و سّلم كلوا باسم ا ّ‬‫ثّم قال صّلى ا ّ‬
‫ي بيده أن كان الّرجل الواحد منهههم ليأكههل مهها قهّدمته لجميعهههم قههال‬‫ل اّلذى نفس عل ّ‬ ‫و أيم ا ّ‬
‫ل عليه و آله ‪:‬‬
‫صّلى ا ّ‬

‫ل ه ان كههان‬
‫س فشربوا منه حّتى رووا جميعهها و أيههم ا ّ‬
‫ي ‪ ،‬فجئتهم بذلك الع ّ‬
‫اسق القوم يا عل ّ‬
‫الّرجل الواحد منهم ليشرب مثله ‪.‬‬

‫ل عليه و آله و سّلم أن يكّلمهم بدر أبو لهب إلى الكلم فقههال ‪:‬‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫فلّما أراد رسول ا ّ‬
‫له عليههه و آلههه ‪،‬‬
‫له صهّلى ا ّ‬
‫لشّد ما سحركم صاحبكم ‪ ،‬فتفّرق القوم و لم يكّلمهههم رسههول ا ّ‬
‫ن هذا الّرجل قد سبقني إلى ما سمعت من القول فتفّرق القههوم قبههل‬ ‫يإّ‬‫فقال من الغد ‪ :‬يا عل ّ‬
‫أن اكّلمهم فعدلنا‬

‫] ‪[ 87‬‬

‫اليوم إلى ما سمعت بالمس ثّم اجمعهم لى ‪ ،‬ففعلت ثّم جمعهم ‪ ،‬ثّم دعانى بالطعام فقربتههه‬
‫لهم ففعل كما فعل بالمس فأكلوا حّتى ما لهم بشىء حاجة ‪ ،‬ثّم قال ‪ :‬اسقهم فجئتهههم بههذلك‬
‫س فشربوا منه جميعا حّتى رووا ‪.‬‬
‫الع ّ‬

‫له مها‬
‫ي عبههد المطلههب إّنههي و ا ّ‬ ‫ل عليه و آله و سّلم فقال ‪ :‬يها بنه ّ‬‫ل صّلى ا ّ‬‫ثّم تكّلم رسول ا ّ‬
‫ن شابا في العرب جههاء قههومه بأفضههل مّمهها جئتكههم بههه ‪ ،‬إّنههي جئتكههم بخيههر الهّدنيا و‬‫أعلم أ ّ‬
‫ل أن أدعوكم اليه فأّيكم يوازرني علههى هههذا المههر علههى أن يكههون‬ ‫الخرة ‪ ،‬و قد أمرني ا ّ‬
‫أخي و وصّيي و خليفتي فيكم ؟‬
‫فأحجم القوم عنها جميعا و قلت أنا و إّني لحدثهم سّنا و أرمصهم عينا و أعظمهم بطنا و‬
‫ل أكون وزيرك عليه ‪.‬‬ ‫أحمشهم ساقا ‪ :‬أنا يا رسول ا ّ‬

‫ل عليه و آله و سّلم القول فأمسكوا و أعدت ما قلت ‪.‬‬


‫فأعاد صّلى ا ّ‬

‫ل عليه و آله و سّلم برقبتي ثّم قال لهم ‪ :‬هذا أخهي و وصهّيي و خليفههتي فيكهم‬
‫فأخذ صّلى ا ّ‬
‫فاسمعوا له و أطيعوا ‪ ،‬فقام القوم يضحكون و يقولون لبهي طههالب ‪ :‬قهد أمهرك أن تسههمع‬
‫لبنك و تطيع ‪.‬‬

‫ل عليههه و آلههه و س هّلم مههن‬


‫ل صّلى ا ّ‬ ‫ي رسول ا ّ‬ ‫ل على أّنه وص ّ‬ ‫قال الشارح المعتزلي و يد ّ‬
‫ل تبارك و تعالى و اجعل لههي وزيههرا مههن أهلههي هههرون أخههي‬ ‫سنة قول ا ّ‬
‫ص الكتاب و ال ّ‬‫ن ّ‬
‫له عليههه و آلههه و سهّلم فههي الخههبر‬‫اشدد به أزرى و أشركه في أمرى و قال الّنبي صهّلى ا ّ‬
‫ل أّنههه‬
‫المجمع على روايته بين ساير فرق السلم ‪ :‬أنت مّني بمنزلة هارون من موسههى إ ّ‬
‫ي بعدي ‪ ،‬فأثبت له جميع مراتب هارون و منازله عن موسى فاذا هو وزيههر رسههول‬ ‫ل نب ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم و شاّد ازره ‪ ،‬و لههو ل أّنههه خههاتم النههبّيين لكههان شههريكا فههي‬‫ل صّلى ا ّ‬ ‫ا ّ‬
‫أمره ‪.‬‬

‫سلم و وزارته و خلفته حسههبما‬ ‫أقول و هذه الخبار كما ترى صريحة في إمامته عليه ال ّ‬
‫عرفت تحقيقه في مقّدمات الخطبة الثالثة المعروفة بالشقشقية ‪.‬‬

‫سلم بحديث المنزلة ‪ :‬فأوجب له‬ ‫قال المفيد في الرشاد بعد الستدلل على إمامته عليه ال ّ‬
‫الوزارة و التخصيص بالموّدة و الفضل على الكاّفة له و الخلفة عليهم فههي حيههاته و بعههد‬
‫له عهّز و جه ّ‬
‫ل‬ ‫سههلم ‪ ،‬قههال ا ّ‬
‫وفاته لشهادة القرآن بذلك كّله لهارون مههن موسههى عليهمهها ال ّ‬
‫سلم » و اجعل لي وزيرًا من أهلى هرون أخى اشدد بههه ازرى‬ ‫مخبرا عن موسى عليه ال ّ‬
‫و أشركه‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬هه هههه‬

‫] ‪[ 88‬‬

‫له تعهالى قهد‬


‫فى امرى كى نسّبحك كثيرًا و نذكرك كهثيرًا اّنهك كنهت بنها بصهيرًا « قهال ا ّ‬
‫اوتيت سؤلك يا موسى ‪.‬‬

‫سلم في الّنبههوة و وزارتههه علههى تأديههة الّرسههالة و شهّد‬


‫فثبت لهارون شركة موسى عليه ال ّ‬
‫ازره به فى النصرة ‪.‬‬
‫و قال فى استخلفه له ‪ » :‬و اخلفنى فى قومى و أصلح و ل تّتبع سبيل المفسدين « فثبههت‬
‫ل عليه و آله و سّلم لمير المؤمنين‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫له خلفته بمحكم التنزيل فلّما جعل رسول ا ّ‬
‫سلم فى الحكههم‬ ‫سلم جميع منازل هارون من موسى على نبّينا و عليه ال ّ‬ ‫صلة و ال ّ‬ ‫عليه ال ّ‬
‫له عليههه و آلههه و سهّلم و شهّد الزر‬‫ل الّنبههوة وجبههت لههه وزارة الرسههول صهّلى ا ّ‬
‫له منههه إ ّ‬
‫بالنصرة و الفضل و المحّبة لما تقتضيه هذه الخصال من ذلك فى الحقيقة ثّم الخلفههة فههى‬
‫صريح و بعد الّنبوة بتخصيص الستثناء لما اخههرج منههها ‪ 1‬بههذكر البعههد ‪ ، 2‬و‬ ‫الحياة بال ّ‬
‫أمثال هذه الحجج كثيرة يطول بذكرها الكتاب ‪.‬‬

‫سههلم الغنّيههة لشهههرتها و‬


‫و قال » ره « فى موضع آخر من الرشاد ‪ :‬فأّما منههاقبه عليههه ال ّ‬
‫تواتر النقل بها و اجماع العلماء عليها عن ايههراد أسههانيد الخبههار بههها فهههى كههثيرة يطههول‬
‫بشرحها الكتاب و فى رسمنا منها طرفا كفاية عن ايراد جميعها ‪.‬‬

‫صههة أهلههه و عشههيرته فههى ابتههداء‬ ‫ل عليه و آلههه و سهّلم جمههع خا ّ‬‫ن الّنبي صّلى ا ّ‬
‫فمن ذلك أ ّ‬
‫الدعوة إلى السلم فعرض عليهم اليمان و استنصرهم علهى الكفهر و العهدوان و ضهمن‬
‫ل أميههر‬‫لهم على ذلك الخطوة ‪ 3‬فههى الهّدنيا و الشههرف و ثههواب الجنههان فلههم يجبههه منهههم إ ّ‬
‫سلم فنحله ‪ 4‬بذلك تحقيق الخّوة و الوزارة‬ ‫صلة و ال ّ‬
‫ى ابن أبيطالب عليه ال ّ‬‫المؤمنين عل ّ‬
‫و الوصّية و الوراثة و الخلفة ‪ ،‬و أوجب له به الجّنة ‪.‬‬

‫حته نّقاد الثار حين جمع‬


‫و ذلك فى حديث الّدار اّلذي أجمع على ص ّ‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬هه ههههههه ه‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 2‬هه هههه هه ههه هههه ه‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 3‬هه ههههههه ه ههههههه‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 4‬هه ههههه‬

‫] ‪[ 89‬‬

‫ل عليه و آله و سّلم بنى عبد المطلب فى دار أبى طالب و هههم أربعههون‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫رسول ا ّ‬
‫رجل يومئذ يزيدون رجل أو ينقصون رجل فيما ذكره الّرواة ‪.‬‬
‫ل عليه و آله و سّلم أن يصنع لهم طعاما فخذ شاة مع مّد من بهّر و يعهّد لهههم‬
‫و أمر صّلى ا ّ‬
‫ضأن ما له سههنة‬ ‫صاع من الّلبن ‪ ،‬و قد كان الّرجل منهم معروفا بأكل الجذعة و هو من ال ّ‬
‫كاملة فى مقام واحد ‪ ،‬و يشرب الفرق ‪ 1‬من الشراب فى ذلك المقعد ‪.‬‬

‫فأراد عليه و آله السلم باعداد قليههل الطعههام و الشههراب لجمههاعتهم إظهههار اليههة لهههم فههى‬
‫شبعهم و رّيهم مما كهان ل يشهبع واحهدا منههم و ل يرويهه ثهّم أمهر بتقهديمه لههم ‪ ،‬فهأكلت‬
‫الجماعة كّلها من ذلك اليسير حتى تملوا منه و لم يبن ما أكلوه منه و شربوه فيههه فبهرهههم‬
‫ل تعالى فيه ‪.‬‬
‫‪ 2‬بذلك و بّين لهم آية نبّوته و علمة صدقه ببرهان ا ّ‬

‫له‬
‫نا ّ‬ ‫ثّم قال لهم بعد أن شبعوا من الطعام و رووا مههن الشههراب ‪ :‬يهها بنههى عبههد المطلههب إ ّ‬
‫صة فقال و انذر عشيرتك القربين و أنهها أدعههوكم‬ ‫بعثنى إلى الخلق كاّفة و بعثنى إليكم خا ّ‬
‫إلى كلمتين خفيفتين على الّلسان ثقيلتين فى الميزان تملكون بهما العرب و العجههم و تنقههاد‬
‫لهه ‪ ،‬و‬‫لا ّ‬‫لكم بهما المم و تدخلون بهما الجّنة و تنجون بهما من الّنار ‪ :‬شهادة أن ل إله إ ّ‬
‫ل ‪ ،‬فمن يجيبنى إلى هذا المر و يوازرنى عليه و على القيام به يكههون أخههى‬ ‫أّنى رسول ا ّ‬
‫و وصّيى و وزيرى و خليفتى من بعدى ‪.‬‬

‫سلم فقمت بين يديه من بينهم و‬ ‫صلة و ال ّ‬


‫فلم يجبه أحد منهم ‪ ،‬فقال أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫له‬
‫أنا إذ ذاك أصغرهم سنا و أحمشهم ‪ 3‬سههاقا و أرمصهههم عينهها فقلههت ‪ :‬أنهها يهها رسههول ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬اجلس ‪.‬‬ ‫اوازرك على هذا المر ‪ ،‬فقال صّلى ا ّ‬

‫ل عليه و آلهه القهول علهى القهوم ثانيهة فاصهمتوا ‪ ،‬فقمهت أنها و قلهت مثهل‬
‫ثّم أعاد صّلى ا ّ‬
‫مقالتى الولى ‪،‬‬

‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬اجلس ‪.‬‬


‫فقال صّلى ا ّ‬

‫‪-----------‬‬
‫هه هه ه هههه‬
‫) ‪ ( 1‬ههه ههههه هههههههه ه هه هه‬
‫هه هههه ه‬
‫ه هه ههه‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 2‬هه ههههه ه‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 3‬ههه ههههه هههه ههه هههه ههه هههه هه ه‬
‫ههه ه ه ه هههه ه هههه هه هه هه هههه ه ه ه‬
‫ههههه ههههه هههه ههه هههه ه ه ه هههه ه ه ه‬
‫ههه ههههه ه ههه‬
‫] ‪[ 90‬‬

‫ثّم أعاد على القوم ثالثة فلم ينطق أحد منهم بحرف فقمت و قلت ‪ :‬أنهها أوازرك يهها رسههول‬
‫ل على هذا المر ‪.‬‬ ‫ا ّ‬

‫ل عليه و آله ‪ :‬اجلس فانت أخى و وصّيى و وزيرى و وارثى و خليفتى مههن‬ ‫فقال صّلى ا ّ‬
‫بعدى فنهض القوم و هم يقولون لبي طالب ‪ :‬يا أبا طالب ليهنئك اليوم ان دخلت فى ديههن‬
‫ابن اخيك فقد جعل ابنك أميرا عليك ‪.‬‬

‫صههلة‬
‫قال المفيد قّدس سّره العزيز ‪ :‬و هذه منقبة جليلة اختصّ بها أمير المؤمنين عليههه ال ّ‬
‫سلم و لم يشركه فيها أحد من المهاجرين و النصار و ل أحد مههن أهههل السههلم ‪ ،‬و‬ ‫و ال ّ‬
‫سلم عدل لها من الفضل و ل مقارب على حال ‪.‬‬ ‫ليس لغيره عليه ال ّ‬

‫ل ه عليههه و آلههه و‬
‫سلم تمّكن الّنبي ص هّلى ا ّ‬
‫صلة و ال ّ‬
‫ن به عليه ال ّ‬
‫و فى الخبر بها ما يفيد أ ّ‬
‫سّلم من تبليغ الرسالة و إظهار الّدعوة و الصدع بالسههلم ‪ ،‬و لههوله لههم تثبههت المّلههة و ل‬
‫استقّرت الشريعة و ل ظهرت الّدعوة ‪.‬‬

‫ل‪،‬‬
‫ل عّز و ج ّ‬
‫سلم ناصر السلم و وزيره الّداعى اليه من قبل ا ّ‬
‫صلة و ال ّ‬
‫فهو عليه ال ّ‬

‫ي الهدى عليه و آله السلم النصرة ‪ ،‬تّم له فى الّنبوة ما أراد و في ذلههك مههن‬
‫و بضمانه لنب ّ‬
‫ل‪.‬‬‫الفضل ما ل توازنه الجبال فضل ‪ ،‬و ل تعادله الفضايل كّلها مح ّ‬

‫ععععععع‬

‫اين فصل از خطبههه شههريفه مسوقسههت در بيههان منههاقب جليلههه و فضههايل جميلههه خههود آن‬
‫بزرگوار ميفرمايد ‪:‬‬

‫آگاه باشيد كه بتحقيق امر فرمود خداوند متعال مرا بقتال و جههدال أههل ظلههم و طغيههان و‬
‫أهل نقض بيعت و أهل فساد در زمين ‪ ،‬پس أما ناقضان بيعت كه أهل جمههل بودنههد پههس‬
‫ق كههه أهههل صههفين بودنههد پههس‬
‫بتحقيق مقاتله كردم با ايشان ‪ ،‬و أّما عدول كنندكان از حه ّ‬
‫بتحقيق جهاد كردم با ايشان ‪ ،‬و أّما بيرون روندگان از دين كه أهل نهههروان بودنههد پههس‬
‫بتحقيق كه ذليل گردانيدم ايشان را ‪ ،‬و أما شيطان ردهه پس بتحقيق كفايت كرده شدم از‬
‫او بآواز مهيبى كه شنيدم بجهت شّدت آن آواز اضطراب‬

‫] ‪[ 91‬‬
‫قلب و حركت سينه او را ‪ ،‬و باقى مانده بقّيه از أهل ستم كه معاويه و أهل شههام اسههت و‬
‫أگر اذن بدهد خداى تعالى در رجوع بر ايشان هر آينه البته غالب مىشوم بههر ايشههان و‬
‫باز گيرم دولت را از ايشان مگر اينكه متفّرق شود در اطراف زمين متفّرق شدنى ‪.‬‬

‫من پست كردم رؤساى عرب را ‪ ،‬شكستم شاخهاى ظاهر شده قبيله ربيعه و مضر را ‪،‬‬

‫ل عليه و آلههه و‬
‫و بتحقيق كه شما دانستهايد مرتبه و مقام مرا در نزد رسول خدا صّلى ا ّ‬
‫سّلم با قرابت نزديك و با رتبه و منزلت مخصوصه ‪ ،‬نهاد مرا در كنار تربيت خههود در‬
‫حالتى كه طفل بودم ‪ ،‬مىچسباند مرا بسهينه خهود ‪ ،‬و ضهّم مىكهرد مهرا در رختخهواب‬
‫س مىكرد بمن بدن شريف خود را ‪ ،‬و مىبوئيد مرا بوى معطر خود را ‪ ،‬و‬ ‫خود ‪ ،‬و م ّ‬
‫بود كه مضغ مىفرمود چيزى را از طعام پس مىخوراند بمن آنرا ‪.‬‬

‫پس بتحقيق كه مقرون گردانيد بآن بزرگههوار از وقههتى كههه فطيههم و از شههير واشههده بههود‬
‫أعظم ملكى را از ملئكه خود كه مىبرد آنرا براه مكرمتها و خوبترين خلقهاى عالم در‬
‫شب و روز او ‪ ،‬و بتحقيق كه تبعّيت مىنمودم او را مثل تبعّيت شتر بچه در عقب مادر‬
‫خود ‪ ،‬بلند مىگردانيد از براى من در هر روز رايتى از خلقهاى عظيمه خود ‪،‬‬

‫و امر ميفرمود مرا به پيروى كردن بخود ‪.‬‬

‫لم مجههاور مىشههد هههر سههال بكههوه‬ ‫ل الملك الع ّ‬


‫و هر آينه بود آن سّيد أنام عليه صلوات ا ّ‬
‫حرا پس مىديدم من او را و نمىديد او را احدى غير از مههن ‪ ،‬و جمههع نكههرده بههود يههك‬
‫له عليههه و آلههه و سهّلم و خهديجه كههبرى‬
‫خانه آن روز در اسلم غير رسول خههدا صهّلى ا ّ‬
‫ل ه و مههن ثههالث ايشههان بههودم ‪ ،‬مىديههدم نههور وحههى را و مىبوئيههدم بههوى‬
‫عليههها سههلم ا ّ‬
‫پيغمبرى را ‪.‬‬

‫و بتحقيق شنيدم ناله شيطان را در وقت نزول وحى بر آن بزرگوار پس گفتم يهها رسههول‬
‫ل اين چه ناله است ؟ پس فرمود كه ‪ :‬اين شيطانست بتحقيق نا اميد شده است از اينكههه‬
‫ا ّ‬
‫عبادت و اطاعت كنند مردمان او را ‪.‬‬

‫بدرستى كه تو اى على مىشنوى آنچه كه مىشنوم من ‪ ،‬و مىبينى آنچه كه مىبينم من‬
‫‪ ،‬مگر آنكه تو پيغمبر نيستى ‪ ،‬و لكن تو وزير منى ‪ ،‬و بدرستى كه تو ثههابت هسههتى بههر‬
‫خير دنيا و آخرت ‪.‬‬

‫] ‪[ 92‬‬
‫ععععع عععععع‬

‫ل عليه و آله و سّلم لّما أتاه الملء من قريش ‪ ،‬فقالوا له ‪:‬‬


‫و لقد كنت معه صّلى ا ّ‬

‫يا محّمد إّنك قد إّدعيت عظيما لم يّدعه آباؤك و ل أحد مههن بيتههك و نحههن نسههئلك أمههرا إن‬
‫ي و رسول و إن لم تفعل علمنا أّنك ساحر كّذاب ‪.‬‬ ‫أجبتنا إليه و أريتناه علمنا أّنك نب ّ‬

‫ل عليه و آله و سّلم لهم ‪ :‬و ما تسئلون ؟‬


‫قال صّلى ا ّ‬

‫ل عليه و آله‬‫شجرة حّتى تنقلع بعروقها و تقف بين يديك فقال صّلى ا ّ‬ ‫قالوا ‪ :‬تدع لنا هذه ال ّ‬
‫ق؟‬‫ل ذلههك بكههم أ تؤمنههون و تشهههدون بههالح ّ‬
‫ل شيء قدير فإن فعل ا ّ‬
‫ل على ك ّ‬ ‫نا ّ‬ ‫و سّلم ‪ :‬إ ّ‬
‫قالوا ‪ :‬نعم ‪ .‬قال ‪ :‬فإّني ساريكم ما تطلبون ‪ ،‬و إّنى لعلم أّنكم ل تفيئون إلى خيههر ‪ ،‬و أ ّ‬
‫ن‬
‫فيكم من يطرح في القليب ‪ ،‬و من يحّزب الحزاب ‪.‬‬

‫ل و اليوم الخههر و‬
‫شجرة إن كنت تؤمنين با ّ‬ ‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬يا أّيتها ال ّ‬
‫ثّم قال صّلى ا ّ‬
‫ل‪.‬‬‫ي بإذن ا ّ‬
‫ل فانقلعي بعروقك حّتى تقفى بين يد ّ‬ ‫تعلمين أّني رسول ا ّ‬

‫ي شديد و قصف كقصههيف أجنحههة‬ ‫ق لنقلعت بعروقها و جائت و لها دو ّ‬


‫و اّلذي بعثه بالح ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫طير ‪ ،‬حّتى وقفت بين يدي رسول ا ّ‬‫ال ّ‬

‫] ‪[ 93‬‬

‫ل عليه و آله و سّلم ‪ ،‬و ببعههض‬


‫ل صّلى ا ّ‬‫مرفرفة ‪ ،‬و ألقت بغصنها العلى على رسول ا ّ‬
‫ل عليه و آله ‪.‬‬
‫أغصانها على منكبي ‪ ،‬و كنت عن يمينه صّلى ا ّ‬

‫فلّما نظر القوم إلى ذلك قالوا علّوا و اسههتكبارا ‪ :‬فمرههها فليأتههك نصههفها و يبقههى نصههفها ‪،‬‬
‫له‬
‫ف برسههول ا ّ‬‫فأمرها بذلك ‪ ،‬فأقبل إليه نصفها كأعجب إقبال و أشهّده دوّيهها ‪ ،‬فكههادت تلته ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪ ،‬فقالوا كفرا و عتّوا فمر هذا الّنصف فليرجع إلى نصههفه كمهها‬ ‫صّلى ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم فرجع ‪.‬‬‫كان ‪ ،‬فأمره صّلى ا ّ‬

‫شجرة فعلت‬ ‫ن ال ّ‬
‫ل و أّول من أقّر بأ ّ‬‫ل فإّني أّول مؤمن بك يا رسول ا ّ‬
‫لا ّ‬‫فقلت أنا ‪ :‬ل إله إ ّ‬
‫ل تعالى ‪ ،‬تصديقا لنبّوتك و إجلل لكلمتك ‪ ،‬و قال القوم كّلهم ‪ :‬بل سههاحر‬ ‫ما فعلت بأمر ا ّ‬
‫ل مثل هذا يعنونني و إّنههي لمههن‬ ‫سحر خفيف فيه و هل يصّدقك في أمرك إ ّ‬ ‫كّذاب عجيب ال ّ‬
‫صّديقين ‪،‬‬‫ل لومة لئم ‪ ،‬سيماهم سيما ال ّ‬
‫قوم ل تأخذهم في ا ّ‬

‫سكون بحبههل القههرآن ‪ ،‬يحيههون‬


‫و كلمهم كلم البرار ‪ ،‬عّمار الّليل ‪ ،‬و منار الّنهار ‪ ،‬متم ّ‬
‫ل و سنن رسوله ل يستكبرون ‪،‬‬ ‫سنن ا ّ‬
‫و ل يعلون ‪ ،‬و ل يغلّون ‪ ،‬و ل يفسدون ‪ ،‬قلوبهم في الجنان ‪،‬‬

‫و أجسادهم في العمل ‪.‬‬

‫] ‪[ 94‬‬

‫ععععع‬

‫) القليههب ( الههبئر يههذّكر و يههؤّنث أو العادّيههة القديمههة منههها و ) الحههزاب ( جمههع الحههزب‬
‫الطائفة و جماعة الناس و تحّزبوا صاروا أحزابا و حّزبتهم تحزيبا جعلتهم حزبا حزبهها و‬
‫) القصف و القصيف ( الصوت ‪ ،‬و في بعض النسخ قصههف كقصههف أجنحههة الطيههر ‪ ،‬و‬
‫الجميع بمعنى واحد و ) رفرف ( الطاير بجنههاحيه إذا بسههطهما عنههد السههقوط علههى شههيء‬
‫ل مههن بههاب قعههد‬
‫ل ( يغه ّ‬
‫سيما ( بالقصر و المهّد العلمههة و ) غه ّ‬
‫يحوم عليه ليقع فوقه ) و ال ّ‬
‫ل مههن بههاب ضههرب أى حقههد‬ ‫لغ ّ‬‫ل أو مطلههق الخيانههة و غه ّ‬
‫غلول إذا خان في الغنيمة كأغ ّ‬
‫حقدا ‪.‬‬

‫ععععععع‬

‫قوله ‪ :‬مرفرفة بالنصب حال من فاعل وقفت ‪ ،‬و قوله ‪ :‬و ألقت عطف على وقفت ‪،‬‬

‫و علّوا و استكبارا منصوبان على المفعول لجله ‪ ،‬و دوّيا منصوب على التميز ‪ ،‬و كفرا‬
‫و عتّوا أيضها منصهوبان علهى المفعهول لهه ‪ ،‬و كهذلك تصهديقا و اجلل ‪ ،‬و عّمهار الّليهل‬
‫بالّرفع خبر لمبتدء محذوف ‪ ،‬قوله ‪ :‬و أجسادهم فى العمل ‪ ،‬الواو فيههه للعطههف و تحتمههل‬
‫الحال ‪.‬‬

‫عععععع‬

‫سلم لّما نّبه فى الفصل السابق على علّو مقامه و رفعة شههأنه و‬ ‫صلة و ال ّ‬
‫اعلم أّنه عليه ال ّ‬
‫شرف محّله ‪ ،‬و ذكر المخاطبين بمناقبه الجميلة و عّد فيه منها تسههعا أردفههه بهههذا الفصههل‬
‫ل عليه و آله و سّلم و تصههديقه‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫تذكيرا لهم بمنقبته العاشرة و هو ايمانه برسول ا ّ‬
‫ل و سلمه عليه فى الشجرة لّما كفر بههه غيههره و نسههبوه‬ ‫بالمعجزة الظاهرة منه صلوات ا ّ‬
‫سلم ‪:‬‬‫صلة و ال ّ‬
‫سحر و الكذب و هو قوله عليه ال ّ‬ ‫إلى ال ّ‬

‫ل عليه و آلههه و سهّلم لّمهها أتههاه الملء مههن قريههش ( أى الجماعههة‬


‫) و لقد كنت معه صّلى ا ّ‬
‫منهم ) فقالوا له يا محّمد إّنك قد اّدعيت أمرا عظيما ( و هو الّنبههوة و الّرسههالة ) لههم يهّدعه‬
‫آباؤك ( أى القربون منهم و إن كان البعدون أنبياء و مرسههلين كاسههماعيل و إبراهيههم و‬
‫غيرهما ) و ل أحد من ( أهل ) بيتك و نحن نسألك أمرا ( خارقا للعادة ) إن أجبتنا إليههه (‬
‫و أتيت به ) و أريتناه‬

‫] ‪[ 95‬‬

‫ي و رسول ( لتيانههك بمهها أتهى بههه سهاير النبيههاء و الّرسههل مّمهها يعجهز عنههه‬ ‫علمنا أّنك نب ّ‬
‫غيرهم من اليات البّينات المصهّدقة لرسههالتهم و نبهّوتهم ) و ان لههم تفعههل علمنهها ( بطلن‬
‫ن عدم فعلك لما نسههأله كاشههف عههن عجههزك مههن معههاجزة‬ ‫دعواك و اّنك ساحر كّذاب ( ل ّ‬
‫الّنبوة و دلئل الّرسالة ‪.‬‬

‫ل عليه و آله ) و ما تسألون ( ‪.‬‬


‫ف ) قال لهم ( الّنبي صّلى ا ّ‬

‫) قالوا تدع لنا هذه الشجرة حّتى تنقلع بعروقها ( من الرض و تأتى ) و تقف بين يديك (‬
‫ل شيء قدير ( ل يعجزه شههيء و‬ ‫ل على ك ّ‬‫نا ّ‬
‫ل عليه و آله إ ّ‬
‫إجابة لدعوتك ) فقال صّلى ا ّ‬
‫ل ذلك بكم ( و أجاب إلى مسئولكم ) أ تؤمنون ( به‬ ‫ل يقصر قدرته عن شيء ) فان فعل ا ّ‬
‫ل و لم ينسبه إلى نفسههه تنبيههها لهههم علههى أ ّ‬
‫ن‬ ‫ق ( و إّنما نسب الفعل إلى ا ّ‬
‫) و تشهدون بالح ّ‬
‫سههلم‬
‫له سههبحانه و هههو عليههه ال ّ‬‫ل عليه و آله فاّنما هو فعل ا ّ‬
‫ما يفعله و يصدر منه صّلى ا ّ‬
‫له رمههى و لههذلك ذكههر أّول عمههوم‬ ‫نا ّ‬
‫مظهر له كما قال تعالى و ما رميت اذ رميت و لكه ّ‬
‫ل ذلك ‪،‬‬‫قدرته تعالى و فّرع عليه قوله ‪ :‬فان فعل ا ّ‬

‫ن ما تسألونه من انقلع الشجرة من مكانههها و وقوفههها بيههن أيههديهم أمههر يعجههز‬


‫ايماء إلى أ ّ‬
‫ل شىء ‪ ،‬فقال لهم ‪:‬‬ ‫عنه المخلوق الضعيف و يقدر عليه الخالق القاهر القادر على ك ّ‬

‫فان فعلت ذلك مع كونى بشرا مثلكم فاّنما هو بكونى مبعوثهها مههن عنههده خليفههة لههه و كههون‬
‫ل‪.‬‬
‫ل و أّنى رسول ا ّ‬ ‫لا ّ‬
‫فعلى فعله أ تؤمنون حينئذ و تشهدون بأن ل إله إ ّ‬

‫ل عليه و آله و سّلم فاّنى سههاريكم مهها تطلبههون ( أسههند الرائة إلههى‬
‫) قالوا نعم قال صّلى ا ّ‬
‫ل ‪ ،‬لما ذكرناه من النكتة ) و إّني لعلم أنكهم ل تفيئون‬ ‫نفسه القدسى بعد اسناد الفعل إلى ا ّ‬
‫إلى خير ( أى ل ترجعون إلى السلم الجامع لخير الّدنيا و الخرة و فى تصدير الجملههة‬
‫ق و بقائهم على الكفر و الضههلل محقّههق‬ ‫ن عدم رجوعهم إلى الح ّ‬ ‫لم تنبيها على أ ّ‬
‫ن و ال ّ‬
‫با ّ‬
‫ن فيكههم مههن ( يبقههى‬
‫ك و ريههب ) و ا ّ‬
‫ل عليه و آله بعلم اليقين ليس فيه ش ه ّ‬ ‫معلوم له صّلى ا ّ‬
‫على كفره و يقتل و ) يطرح فى القليب ( قليب بدر ) و من ( يستمّر على غّيه و ) يحّزب‬
‫الحزاب ( و يجمع جموع الكّفار و المشركين على‬

‫] ‪[ 96‬‬

‫محاربتى و جهادى ‪.‬‬


‫ل عليه و آله و قههد وقههع المخههبر بههه‬
‫و هذه الخبر من أخباره الغيبّية و دلئل نبّوته صّلى ا ّ‬
‫على طبق الخبر ‪ ،‬فمّمن طرح فى القليب بعد قتلهم عتبة و شيبة ابنى ربيعة و أبههى جهههل‬
‫و امّية ابن عبد شمس و الوليد بن المغيرة و غيرهم ‪ ،‬و مّمن حّزب الحزاب أبههو سههفيان‬
‫بن حرب و عمرو بن ود و صفوان بن امّية و عكرمة بن أبى جهل و سهل بههن عمههرو و‬
‫غيرهم ‪.‬‬

‫ل و اليوم الخر و‬ ‫ل عليه و آله و سّلم يا أيتها الشجرة إن كنت تؤمنين با ّ‬ ‫) ثّم قال صّلى ا ّ‬
‫ل علهى أّنهها صههارت‬ ‫شهجرة بخطههاب ذوي العقههول يههد ّ‬ ‫له ( خطههابه لل ّ‬
‫تعلمين أّنى رسول ا ّ‬
‫جه نفسه القدسههى إليههها شهاعرة مدركههة قابلههة للخطههاب كسههاير ذوى العقههول المّتصههفة‬ ‫بتو ّ‬
‫ل ه شههيئا‬
‫ل ه و إذا أراد ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم مشههية ا ّ‬
‫ن مشّيته صّلى ا ّ‬ ‫بالحساس و الحياة ل ّ‬
‫أن يقول له كن فيكون ‪.‬‬

‫ل سبحانه للرض و السماء بقوله » يا ارض ابلعى مههاءك‬ ‫و نظير هذا الخطاب خطاب ا ّ‬
‫ل و اليههوم الخههر ‪ ،‬دللههة علههى أ ّ‬
‫ن‬ ‫و يا سماء اقلعى « و فههي قههوله ‪ :‬ان كنههت تههؤمنين بهها ّ‬
‫للنبات و الجماد تكليفا كساير المكّلفين ‪ ،‬و قد مّر بعض الكلم فى ذلك فى شههرح المختههار‬
‫المأة و التسعين ‪.‬‬

‫له‬
‫ى باذن ا ّ‬ ‫شجرة و قال لها ) فانقلعى بعروقك حّتى تقفى بين يد ّ‬ ‫و كيف كان فقد خاطب ال ّ‬
‫ى شههديد (‬ ‫ق ( نبّيا ) لنقلعت بعروقها و جائت و لها دو ّ‬ ‫( و مشّيته ف ) و اّلذى بعثه بالح ّ‬
‫صوت كصوت الّريح ) و قصف كقصيف ( أى صوت مثل صوت ) أجنحة الطير حههتى‬
‫له عليههه و آلههه و سهّلم ( ممتثلههة لمههره منقههادة لحكمههه‬
‫له صهّلى ا ّ‬‫وقفت بين يدى رسول ا ّ‬
‫ل عليههه و آلههه‬‫ل صّلى ا ّ‬‫) مرفرفة ( رفرفة الطير ) و ألقت بغصنها العلى على رسول ا ّ‬
‫و سّلم ( متثلة لمر منقادة لحكمههه ) مرفوعههة ( رفرقههة الطيههر ) و ألقههت بغضههها العلههى‬
‫ل عليه و اله و سهّلم ( إجلل لهه و إعظامها ) و ببعهض أغصهانها‬ ‫ل صّلى ا ّ‬
‫على رسول ا ّ‬
‫ل عليههه و آلههه و سهّلم‬
‫على منكبى ( تكريما و تعظيما ) و كنت ( واقفا ) عن يمينه صّلى ا ّ‬
‫له عليهه و آلهه و سهّلم ) علهوا و‬‫فلّما نظر القوم إلى ذلك ( العجهاز ) قهالوا ( لهه صهّلى ا ّ‬
‫استكبارا ( ل اهتداءا و استرشادا ) فمرها فليأتك نصههفها و يبقههى نصههفها فأمرههها بههذلك (‬
‫جة و اكمال للبّينة ) فأقبل إليه نصفها كأعجب إقبال و أشّده دويا ( و هههو كنايههة‬ ‫إتماما للح ّ‬
‫عن سرعة إجابتها لمره ) فكادت تلت ّ‬
‫ف‬

‫] ‪[ 97‬‬

‫له عليههه و آلههه و سهّلم‬


‫ل عليه و آله و سّلم ( بمزيد دنّوها منههه صهّلى ا ّ‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫برسول ا ّ‬
‫ل عليه‬ ‫) فقالوا ( ثالثة ) كفرا و عتّوا ( و تمّردا و اعتلء بقصد تعجيزه و افحامه صّلى ا ّ‬
‫ل عليههه و آلههه و‬
‫و آله و سّلم ) فمر هذا الّنصف فليرجع إلى نصفه كما كان فأمره صّلى ا ّ‬
‫سّلم ( قطعا للعذر و حسما لماّدة المكابرة ) فرجع ( إلى الّنصف الخر و انضّم اليه ‪.‬‬
‫ل فاّنى أّول مؤمن بههك (‬
‫لا ّ‬
‫قال أمير المؤمنين لما شاهد هذه المعجزة ) فقلت أنا ‪ :‬ل إله إ ّ‬
‫ل ( و اذنه )‬
‫ن الشجرة فعلت ما فعلت بأمر ا ّ‬ ‫ل و أّول من أقّر بأ ّ‬
‫أى برسالتك ) يا رسول ا ّ‬
‫تصديقا لنبّوتك و إجلل لكلمتك ( و إجابة لمرك ‪.‬‬

‫) فقال القوم كّلهم بل ساحر كّذاب ( أى أنت ممّوه مههدّلس ل حقيقههة لمهها فعلتههه و إّنمهها هههو‬
‫تمويه و تخييل ل أصل له و أّنك كّذاب فيما تدعوننا إليه من التوحيد و اليمان ‪.‬‬

‫ل عنهههم ذلههك بقههوله فههي سههورة ص و عجبههوا أن جههاءهم منههذر منهههم و قههال‬
‫و قد حكى ا ّ‬
‫ن هذا لشيء عجاب ‪.‬‬ ‫الكافرون هذا ساحر كّذاب ‪ .‬اجعل اللهة إلها واحدا إ ّ‬

‫ن أشهراف قريهش و هههم خمسههة و‬ ‫سهرون ‪ :‬إ ّ‬


‫قال الطبرسي في وجه نزول الية ‪ :‬قال المف ّ‬
‫ي و امّية ابنا خلههف و عتبهة‬ ‫عشرون منهم الوليد بن المغيرة و هو أكبرهم و أبو جهل و أب ّ‬
‫و شيبة ابنا ربيعة و النضر بن الحارث أتوا أبا طالب و قالوا أنههت شههيخنا و كبيرنهها و قههد‬
‫أتيناك لتقضى بيننا و بين ابن اخيك فاّنه سّفه أحلمنا و شتم آلهتنا ‪ ،‬شيخنا و كبيرنا و قههد‬
‫أتيناك لتقضى بيننا و بين ابن اخيك فهاّنه سهّفه أحلمنها و شهتم آلهتنها ‪ ،‬فهدعى أبهو طهالب‬
‫ل عليه و آله و سّلم و قال ‪ :‬يا ابن أخ هؤلء قومك يسألونك ‪ :‬فقال ‪ :‬ما‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫رسول ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم أ تعطههونني‬ ‫ذا يسألونني قالوا دعنا و آلهتنا ندعك و إلهك فقال صّلى ا ّ‬
‫ل أبههوك نعطيههك ذلههك و عشههر‬ ‫كلمة واحدة تملكون بها العرب و العجم ‪ ،‬فقال أبو جهل ‪ّ :‬‬
‫ل‪،‬‬‫لا ّ‬
‫أمثالها فقال ‪ :‬قولوا ‪ :‬ل إله إ ّ‬

‫فقاموا و قالوا ‪ :‬أ جعل اللهة إلها واحدا ‪ ،‬فنزلت هذه اليات ‪ ،‬هذا ‪.‬‬

‫ل عليه و آله و سّلم ساحر و لم يكونوا شاهدين مثل ما أتى ص هّلى‬ ‫و لّما قالوا ‪ :‬إّنه صّلى ا ّ‬
‫سحر ( لّنه قههد‬
‫ل عليه و آله و سّلم به من غيره أعظموا أمره و وصفوه بأّنه ) عجيب ال ّ‬ ‫ا ّ‬
‫أتى بما يعجز عنه غيره و بأّنه ) خفيف فيه ( لّنه فعل ما فعههل سههريعا مههن دون تههراخ و‬
‫تأخير ‪.‬‬

‫ل مثل هذا (‬
‫ثّم قالوا استحقارا و استصغارا ‪ ) :‬و هل يصّدقك ( و يؤمن بك ) فى أمرك إ ّ‬
‫ن ) يعنوننى ( و قد حذا حذو هؤلء الكّفار أتباعهم اّلذين‬
‫الغلم الحدث الس ّ‬

‫] ‪[ 98‬‬

‫ن ابههن أبههي قحافههة‬


‫سههلم حيههث قههالوا ‪ :‬إ ّ‬
‫ضلوا ابن أبي قحافة على أمير المؤمنين عليههه ال ّ‬
‫ف ّ‬
‫ى أسلم و هو حههدث و لههم يبلههغ الحلههم فكههان إسههلم الّول‬ ‫أسلم و هو ابن أربعين سنة و عل ّ‬
‫أفضل و قد نقل تفصيل مقالهم الشارح المعتزلي من كتاب العثمانّية للجاحظ ‪،‬‬
‫له‬
‫و تفصيل الجواب عن ذلك من كتههاب نقههض العثمانيههة لبههي جعفههر السههكافي تغّمههده ا ّ‬
‫شارح المعتزلي له مؤنههة النقههل هنهها ‪ ،‬مههن أراد الطلع فليراجههع‬ ‫بغفرانه ‪ ،‬و كفانا نقل ال ّ‬
‫شرحه ‪.‬‬

‫صلها بقوله ) و اّنى لمن قوم ل تأخههذهم فههي‬ ‫سلم إلى مناقب له اخرى و ف ّ‬
‫ثّم اشار عليه ال ّ‬
‫ل لومة لئم ( أى ل تأخذهم في سلوك سبيله و التقّرب إليه سبحانه و اقامة أحكههام الهّدين‬‫ا ّ‬
‫و اعلء كلمة السلم ‪ ،‬ملمة لئم و وصف هؤلء القوم بعشرة أوصاف ‪:‬‬

‫ى فههي تفسههير‬ ‫صديقين ( أى علمتهم علمة هؤلء قال الطبرس ّ‬ ‫ن ) سيماهم سيما ال ّ‬ ‫أولها أ ّ‬
‫له عليهههم مههن النههبّيين و‬
‫له و الّرسههول فههاولئك مههع الههذين أنعههم ا ّ‬
‫قوله تعالى ‪ :‬مههن يطههع ا ّ‬
‫له بههه و بأنبيههائه ل يههدخله‬
‫ل ما أمر ا ّ‬ ‫صديق إّنه المصّدق بك ّ‬ ‫صديقين ‪ ،‬قيل ‪ :‬في معنى ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫صههديقون و قههال‬ ‫ل و رسوله اولئك هههم ال ّ‬ ‫ك و يؤّيده قوله تعالى و اّلذين آمنوا با ّ‬‫في ذلك ش ّ‬
‫في قوله ‪ :‬و اذكر في الكتاب إبراهيم إّنه كههان صهّديقا نبيهًا أى كههثير التصههديق فههي امههور‬
‫ل‪.‬‬‫الّدين ‪ ،‬و قيل ‪ :‬صادقا مبالغا في الصدق فيما يخبر عن ا ّ‬

‫صدق مبالغا فيه ‪ ،‬و ذلههك‬‫أقول ‪ :‬مقتضى كون الصّديق من أبنية المبالغة أن يكون كثير ال ّ‬
‫مستلزم لكون عمله مطابقا لقوله مصّدقا له غير مكّذب أى صادقا في أقواله و أفعاله ‪.‬‬

‫ل و اليوم الخههر و الملئكههة و‬‫صادقين » و لكن البّر من آمن با ّ‬ ‫قال سبحانه فى وصف ال ّ‬
‫الكتاب و النبّيين و آتى المال على حّبه ذوى القربى و اليتامى و المساكين و ابن السبيل و‬
‫صههلة و آتههى الزكههاة و الموفههون بعهههدهم إذا عاهههدوا و‬
‫السههائلين و فههى الّرقههاب و أقههام ال ّ‬
‫الصابرين فى البأساء و الضّراء و حين البأس ُاولئك الذين صدقوا و ُاولئك هم المّتقون «‬
‫سلم‬ ‫و فى البحار عن بصاير الّدرجات عن بريد العجلى قال ‪ :‬سألت أبا جعفر عليه ال ّ‬

‫] ‪[ 99‬‬

‫سههلم اّيانهها‬
‫صادقين « قال عليه ال ّ‬‫ل و كونوا مع ال ّ‬‫ل » يا أّيها الذين آمنوا اّتقوا ا ّ‬
‫عن قول ا ّ‬
‫سلم عن هذه الية‬ ‫عنى و فيه من البصاير عن أحمد بن محّمد قال ‪ :‬سألت الّرضا عليه ال ّ‬
‫قال ‪ :‬الصادقون الئمة الصّديقون بطاعتهم ‪.‬‬

‫و فيه من كنز جامع الفوايد عن عباد بن صهيب عههن جعفههر بههن محّمههد عههن آبههائه عليهههم‬
‫ى ليقّبهل يهده ‪ ،‬فقههال لهه‬‫ي ملك له عشرون ألف رأس فوثب النب ّ‬ ‫سلم قال ‪ :‬هبط على النب ّ‬ ‫ال ّ‬
‫سماوات و أهل الرضهين‬ ‫ل من أهل ال ّ‬ ‫ل أكرم على ا ّ‬
‫الملك ‪ :‬مهل مهل يا محّمد فأنت و ا ّ‬
‫ل محّمد رسول ا ّ‬
‫ل‬ ‫لا ّ‬ ‫أجمعين و الملك يقال له ‪ :‬محمود ‪ ،‬فاذا بين منكبيه مكتوب ل إله إ ّ‬
‫ل ه عليههه و آلههه و‬
‫ى ص هّلى ا ّ‬ ‫صديق الكبر ‪ ،‬فقال له الّنب ّ‬
‫ى ال ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم عل ّ‬
‫صّلى ا ّ‬
‫له أبههاك بههاثنى‬
‫سّلم ‪ :‬حبيبى محمود كم هذا مكتوب بين منكبيك ؟ قال ‪ :‬من قبل أن يخلق ا ّ‬
‫عشر ألف عام ‪.‬‬

‫ن المراد بالصّديقين خصوص الئمة أو العهّم منهههم و مههن سههاير‬ ‫فقد علم بما ذكرنا كّله أ ّ‬
‫سلم ‪.‬‬
‫ى تقدير فرئيسهم هو أمير المؤمنين عليه ال ّ‬‫المّتقين ‪ ،‬و على أ ّ‬

‫ل المحسنين فى أفعالهم قال تعالى‬ ‫ن كلمهم كلم البرار ( أى المطيعين ّ‬ ‫) و ( الثانى ) أ ّ‬


‫لبرار يشربون من كأس كان مزاجها كههافورًا قههال الحسههن فههى تفسههيره هههم الههذين ل‬ ‫نا َ‬
‫اّ‬
‫لزمههة و الّنافلههة قههال‬
‫يؤذون الّذر و ل يرضون الشّر و قيل هم اّلههذين يقضههون الحقههوق ال ّ‬
‫ن المههراد‬ ‫سلم و موافقوهم و كثير من مخالفيهم أ ّ‬ ‫ي و قد أجمع أهل البيت عليهم ال ّ‬ ‫الطبرس ّ‬
‫سلم ‪ ،‬و الية مع ما بعههدها متعّينههة فيهههم‬ ‫ى و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم ال ّ‬ ‫بذلك عل ّ‬
‫ي معنههى‬ ‫و أيضا فقد انعقد الجماع على أنهم كانوا أبرارا و فى غيرهم خلف ‪ ،‬و على أ ّ‬
‫ق و المههر بهالمعروف و النهههى عههن المنكههر و‬ ‫فالمراد بكلمهم الههذكر الههدائم و قههول الحه ّ‬
‫صههلة و تلوة القههرآن ) و ( الرابههع‬ ‫الثالث أّنهم ) عّمار الّليل ( أى بالّدعاء و المناجاة و ال ّ‬
‫أّنهم ) منار الّنهار ( يعنى أّنهم يفرغون بالّليل لعبادة الخالق و يقومون فههى الّنهههار بهدايههة‬
‫ضللة كما يهتدي بالمنار فى غيههاهب‬ ‫الخليق فالّناس يهتدون بهم من ظلمات الجهالة و ال ّ‬
‫الّدجى ‪.‬‬

‫سكون بحبل القرآن ( قال الشارح البحراني استعار‬


‫الخامس أّنهم ) متم ّ‬

‫] ‪[ 100‬‬

‫لفظ الحبل للقرآن باعتبار كونه سببا لمتعّلميه و متدّبريه إلى الترّوى من ماء الحياة الباقية‬
‫كالعلوم و الخلق الفاضلة كالحبل هو سبب الرتواء و الستسقاء مههن المههاء أو باعتبههار‬
‫سك به صاعدا من دركات الجهل إلى أقصى درجههات العقههل كالحبههل‬ ‫كونه عصمة لمن تم ّ‬
‫ن تشبيهه بالحبل لّنه حبل ممههدود مههن‬ ‫يصعد فيه من السفل إلى العلو ‪ ،‬انتهى و الظهر أ ّ‬
‫السماء إلى الرض كما فى أخبار الثقلين ‪ :‬من اعتصم به فاز و نجا و ارتقى به إلى مقههام‬
‫ل و غوى و فى مهواة المهانة هوى ‪.‬‬ ‫القرب و الزلفى ‪ ،‬و من تركه و لم يعتصم به ض ّ‬

‫ل عليه و آلههه و س هّلم ( أى يقومههون‬ ‫ل و سنن رسوله صّلى ا ّ‬ ‫السادس أّنهم ) يحيون سنن ا ّ‬
‫شرع المبين بههأقوالهم و أعمههالهم السههابع أّنهههم‬ ‫بنشر آثار الّدين و يواظبون على وظايف ال ّ‬
‫) ل يستكبرون و ل يعلون ( لما قههد علمههوا مههن مخهازي الكههبر و الّترفههع و مفاسههده الههتى‬
‫تضّمنتها هذه الخطبة الشريفة و غيرها من الخطب المتقّدمة ) و ( الثامن أّنهم ) ل يغلون‬
‫( أى ل يحقدون و ل يحسدون علما منهم برذايل الحقد و الحسهد المتكفلههة لبيانهها الخطبههة‬
‫صههفة و دنائتههها أخرجههها سههبحانه مههن‬ ‫الخامسههة و الثمههانون و شههرحها ‪ ،‬و لرذالههة هههذه ال ّ‬
‫ل « أى أخرجنا‬ ‫صدور أهل الجّنة كما قال فى وصفهم » و نزعنا ما فى صدورهم من غ ّ‬
‫ما في قلوبهم من حقد و حسد و عداوة في الجّنة حّتههى ل يحسههد بعضهههم بعضهها و إن رآه‬
‫أرفع درجة منه ‪ ،‬و على كون يغلههون مههن الغلههول فههالمراد براءتهههم مههن وصههف الخيانههة‬
‫لمعرفتهم برذالتها ‪.‬‬

‫سههاق و المنههافقين‬
‫) و ( التاسع أّنهم ) ل يفسدون ( أى ل يحدثون الفساد لّنه من صههفة الف ّ‬
‫لرض قههالوا اّنمهها نحههن مصههلحون اليههة قههال‬
‫كما قال تعالى و إذا قيل لهم ل تفسدوا في ا َ‬
‫ي ‪ :‬معناه إذا قيل للمنافقين ل تفسدوا في الرض بعمههل المعاصههي و ص هّد النههاس‬ ‫الطبرس ّ‬
‫ن فيه توهين السلم أو بتغيير المّلة و تحريف الكتاب ‪.‬‬ ‫عن اليمان أو بممايلة الكفار فا ّ‬

‫جهههة إلههى‬
‫ن قلههوبهم متو ّ‬
‫ن ) قلوبهم في الجنان و أجسادهم فههي العمههل ( يعنههي أ ّ‬
‫و العاشر أ ّ‬
‫صههله‬
‫الجنان مشتاقة إلى الّرضوان ‪ ،‬فهم و الجّنة كمن قد رآها و هم فيها منّعمون ‪ ،‬و مح ّ‬
‫ن نفوسهم بكّليتها معرضة عن الّدنيا مقبلة إلى الخرة ‪،‬‬ ‫أّ‬

‫] ‪[ 101‬‬

‫ن أجسادهم مستغرقة في العبادة و أوقاتهم مصروفة بالطاعة ‪.‬‬


‫و الحال أ ّ‬

‫و على كون الواو للعطف يكون قوله ‪ :‬و أجسادهم في العمل الوصف الحههادى عشههر ‪ ،‬و‬
‫على الحتمالين فالمراد واحد ‪.‬‬

‫ععععع‬

‫ل عليه و آله قد روي في ضمن معاجزه على أنحههاء‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫حديث الشجرة مع رسول ا ّ‬
‫مختلفة ل حاجة بنا إلى روايتها ‪ ،‬و لكّني أحببت أن اورد رواية مروّية في تفسههير المههام‬
‫ل عليه و آله و سّلم أوجب مشاهدتها لمشههاهدها علمهها‬ ‫متضمنة لمعجزة شجرية له صّلى ا ّ‬
‫ل كفههرا‬‫سلم لم يزد كّفار قريش إ ّ‬ ‫ن مشاهدة ما رواه أمير المؤمنين عليه ال ّ‬ ‫و ايمانا ‪ ،‬كما أ ّ‬
‫سلم و أّمهها دعههاؤه‬‫ي بن محّمد عليهما ال ّ‬ ‫و عتّوا و طغيانا فاقول ‪ :‬في تفسير المام قال عل ّ‬
‫ب الّناس يقال له حارث بن كلههدة‬ ‫ن رجل من ثقيف كان أط ّ‬ ‫ل عليه و آله الشجرة فا ّ‬‫صّلى ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم فقههال يهها محّمههد جئت اداويههك مههن‬
‫ل صّلى ا ّ‬ ‫الّثقفي ‪ ،‬جاء إلى رسول ا ّ‬
‫ل عليه و آلههه ‪:‬‬‫ل صّلى ا ّ‬ ‫جنونك فقد داويت مجانين كثيرا فشفوا على يدي ‪ ،‬فقال رسول ا ّ‬
‫يا حارث أنت تفعل فعل المجانين و تنسبني إلى الجنون ‪ ،‬قال الحارث ‪ :‬و ما ذا فعلته من‬
‫أفعال المجانين ‪ ،‬قال ‪ :‬نسبتك إّياى إلى الجنون من غيههر محنههة منههك و ل تجربههة و نظههر‬
‫في صدقي أو كذبي ‪ ،‬فقال الحارث ‪:‬‬

‫ل عليه و‬ ‫أو ليس قد عرفت كذبك و جنونك بدعويك الّنبّوة التي ل تقدر لها ‪ ،‬فقال صّلى ا ّ‬
‫آله و سّلم و قولك ل تقدر لها ‪ ،‬فعل المجههانين ‪ ،‬لّنههك لههم تقههل لههم قلههت كههذا و ل طههالبتني‬
‫جة فعجزت عنها ‪ ،‬فقال الحارث ‪ :‬صدقت و أنهها أمتحههن أمههرك بآيههة اطالبههك بههها ‪ ،‬إن‬ ‫بح ّ‬
‫شههجرة و أشههار بشههجرة عظيمههة بعيههد عمقههها فههان أتتههك علمههت أّنههك‬
‫كنت نبّيا فادع تلك ال ّ‬
‫ل فأنت المجنون اّلذي قيل لي ‪.‬‬ ‫ل و شهدت لك بذلك ‪ ،‬و إ ّ‬ ‫رسول ا ّ‬

‫شجرة و أشار إليها أن تعههالى ‪،‬‬‫ل عليه و آله و سّلم يده إلى تلك ال ّ‬ ‫ل صّلى ا ّ‬
‫فرفع رسول ا ّ‬
‫شجرة باصولها و عروقههها و جعلههت تخهّد فههي الرض اخههدودا عظيمهها كههالنهر‬ ‫فانقلعت ال ّ‬
‫ل عليه و آلههه و سهّلم فههوقفت بيههن يههديه و نههادت بصههوت‬
‫ل صّلى ا ّ‬‫حّتى دنت من رسول ا ّ‬
‫ل ما تأمرني ؟ ‪.‬‬ ‫فصيح ‪ :‬ها أنا ذا يا رسول ا ّ‬

‫] ‪[ 102‬‬

‫لهه‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬دعوتك لتشهد لي بالنبّوة بعد شهادتك ّ‬
‫ل صّلى ا ّ‬‫فقال لها رسول ا ّ‬
‫ي هههذا بالمامههة و أّنههه سههندي و ظهههري و عضههدي و فخههرى ‪ ،‬و‬
‫بالتوحيد ثم تشهدي لعل ّ‬
‫ل شيئا مّما خلق ‪.‬‬‫لوله لما خلق ا ّ‬

‫ل وحده ل شريك لههه ‪ ،‬و أشهههد أّنههك يهها محّمههد عبههده و رسههوله‬ ‫لا ّ‬ ‫فنادت أشهد أن ل إله إ ّ‬
‫ن علّيهها ابههن‬
‫ل باذنه و سراجا منيرا ‪ ،‬و أشهههد أ ّ‬ ‫ق بشيرا و نذيرا و داعيا إلى ا ّ‬ ‫أرسلك بالح ّ‬
‫ظا ‪ ،‬و أجز لهم من السههلم نصههيبا ‪،‬‬ ‫ل من الّدين ح ّ‬‫عّمك هو أخوك في دينك أوفر خلق ا ّ‬
‫و أّنه سندك و ظهرك قاطع أعدائك و ناصر أوليائك ‪ ،‬باب علومك في امتك ‪ ،‬و أشهد أ ّ‬
‫ن‬
‫أولياءك اّلذين يوالونه و يعادون أعداءه حشو الجّنة ‪ ،‬و أن أعداءك الذين يوالون أعههداءك‬
‫و يعادون أولياءك حشو الّنار ‪.‬‬

‫ل عليه و آله إلى الحارث بن كلدة فقال ‪ :‬يا حارث أو مجنونا تعدّ‬ ‫ل صّلى ا ّ‬
‫فنظر رسول ا ّ‬
‫ب العهالمين و‬
‫ل ‪ ،‬و لكّنههي أشهههد أّنهك رسهول ر ّ‬
‫ل يا رسول ا ّ‬
‫من هذه آياته ؟ فقال ‪ :‬ل و ا ّ‬
‫سّيد الخلق أجمعين و حسن اسلمه ‪.‬‬

‫سلم فههي شههرح الفصههل الّول مههن‬


‫و قد مضى نظير هذه المعجزة لمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫الخطبة المأة و السابعة فتذكر ‪.‬‬

‫سبعة الول من هذه الخطبة الشريفة كمهها كههانت‬ ‫ن الفصول ال ّ‬‫ل عنه ‪ :‬إ ّ‬‫قال الشارح عفى ا ّ‬
‫قاصعة للمستكبرين المتجّبرين ‪ ،‬راغمة لنفهم ‪ ،‬لطمة لرأسهم بمقامع التوبيخ و الّتقريههع‬
‫سههلم مههن‬ ‫و التهديد ‪ ،‬فكذلك الفصل الثامن و التاسع منها قاصعان للمنحرفين عنه عليههه ال ّ‬
‫سههلم فيهمهها مههن‬ ‫صههله عليههه ال ّ‬
‫غاصبي الخلفة و الّنههاكثين و القاسههطين و المههارقين بمهها ف ّ‬
‫سلم ‪:‬‬‫مناقبه و مفاخره ‪ ،‬فتلك المناقب الجميلة له عليه ال ّ‬

‫علههههههههههههههههههى قمههههههههههههههههههم مههههههههههههههههههن آل صههههههههههههههههههخر ترّفعههههههههههههههههههت‬


‫سيل من عل‬ ‫طه ال ّ‬ ‫كجلمود صخر ح ّ‬
‫ععععععع‬

‫اين فصل آخر از خطبه شهريفه بههاز در ذكههر مفهاخر و منههاقب خهود آن بزرگههوار اسهت‬
‫ميفرمايد ‪:‬‬

‫] ‪[ 103‬‬

‫ل عليه و آله و سّلم وقتى كه آمدند نههزد‬ ‫و بتحقيق بودم من با حضرت رسالتمآب صّلى ا ّ‬
‫آنحضرت جماعتى از كفههار قريههش پههس گفتنههد او را ‪ :‬أى محّمههد بدرسههتى كههه تههو اّدعهها‬
‫كردى أمر عظيمى را كه اّدعا نكرده بود آنرا پدران تو و نه أحدى از خانواده تههو و مهها‬
‫خواهش مىكنيم از تو كاريرا اگههر اجههابت كههردى مهها را بههآن كههار و نمههودى آن را بمهها‬
‫مىدانيم كه تو پيغمبر مرسلى ‪ ،‬و اگر اجابت نكردى مىدانيم كههه تههو جههادوگر و بسههيار‬
‫دروغ گوئى ‪.‬‬

‫پس فرمود آن حضرت بايشان چه خواهش داريد گفتند كه بخوانى بجهت ما اين درخت‬
‫را تا پر كنده شود با ريشههههاى خههود و بايسههتد پيههش تههو ‪ ،‬پههس فرمههود آن حضههرت كههه‬
‫خداى تعالى بهر چيز قادر است پس اگر بكند خداوند عالم بجهههت شههما آن را آيهها ايمههان‬
‫ميآوريد و شهادت ميدهيد بحق ؟ پس گفتند ‪ :‬بلى فرمود پس بدرستى كههه بهزودى بنمهايم‬
‫من بشما آن چيزيرا كه طلب مىكنيد و حال آنكه بدرستى كه يقيههن منسهت كهه شههما بههاز‬
‫نمىگرديد بسوى اسلم كه خير دنيا و آخرت اسههت ‪ ،‬و بدرسههتيكه در ميههان شههما اسههت‬
‫كسى كه انداخته مىشود در چاه بدر ‪ ،‬و كسيكه جمع سازد لشكرهاى كّفار را بمحههاربه‬
‫من ‪.‬‬

‫بعد از آن فرمود آنحضرت بطريق خطاب بدرخت كه اى درخت اگر هسههتى كههه ايمههان‬
‫دارى بخداى تعالى و بروز آخرت و مىدانى كههه منههم پيغمههبر خههدا پههس بركنههده شههو بهها‬
‫ريشههاى خود تا اينكه بايستى پيش من با اذن خدا ‪.‬‬

‫پس قسم بخدائى كه مبعوث فرمود او را بحق هر آينه بر كنهده شههد بها رگ و ريشههههاى‬
‫خود و آمد بسوى آن حضرت در حالتى كه مر او را صداى سخت بود ‪،‬‬

‫و آوازى بود مانند آواز بالهاى مرغان ‪ ،‬تا اينكه ايستاد پيش حضرت رسههالتمآب ص هّلى‬
‫ل عليه و آله حركت كنان مثل مرغ بههال زنههان ‪ ،‬و انههداخت شههاخه بلنههدتر خههود را بههر‬
‫ا ّ‬
‫پيغمبر خدا و بعض شاخهاى خهود را بههر دوش مهن ‪ ،‬و بهودم مههن در جهانب راسهت آن‬
‫حضرت ‪.‬‬

‫پس وقتى كه نظر كردند آن جماعت بآن معجزه گفتند از روى تكّبر و گردن كشههى پههس‬
‫أمر كن تا بيايد بسوى تو نصف آن و باقى ماند بر جاى خود نصف‬
‫] ‪[ 104‬‬

‫ديگر آن ‪ ،‬پس أمر فرمود آن را باين پس پيههش آمههد بسههوى او نصههف آن درخههت ماننههد‬
‫عجبتريههن روى آوردن و سههختترين آن از روى آواز پههس نزديههك شههد كههه پيچيههده شههود‬
‫بحضرت رسول خدا پس گفتند آن ملعين از روى كفر و ستيزهگى پههس أمههر كههن ايههن‬
‫نصف را برگردد بسوى آن نصف ديگر چنانكه در اصل بههود ‪ ،‬پههس أمههر فرمههود او را‬
‫پس برگشت ‪.‬‬

‫ل ه و أّول‬
‫ل بدرستى كه من أّول ايمان آورندهام بتو يا رسههول ا ّ‬
‫لا ّ‬
‫پس گفتم من ‪ :‬ل إله إ ّ‬
‫كسى هستم كه ايمان آورد باينكه آن درخت كرد آنچه كرد بفرمان خدا از جهت تصديق‬
‫پيغمبرى تو و تعظيم فرمايش تو ‪.‬‬

‫پس گفتند آن كّفار شقاوت آثار جميعا كه تو جادوگر دروغ گوئى عجيب و غريب اسههت‬
‫سحر تو چابك و سبك دستى در آن ‪ ،‬و تصديق نميكند تو را در پيغمبرى تههو مگههر مثههل‬
‫اين و قصد ميكردند در اين حرف مرا و بدرستى كه من از قومى هستم كه اخذ نمىكند‬
‫ايشانرا در راه خدا ملمت هيچ ملمت كننده كه علمت ايشان علمت صّديقين اسههت ‪،‬‬
‫و كلم ايشان كلم نيكوكاران ‪ ،‬آباد كنندگان شبند بعبادت ‪ ،‬و منارهاى روزند بهدايت ‪،‬‬
‫چنگ زنندگانند بريسمان محكم قرآن ‪،‬‬

‫زنههده ميكننههد شههريعت إلهههى و سههّنت رسههالت پنههاهى را ‪ ،‬تكّبههر نمىنماينههد ‪ ،‬بلنههدى‬
‫نمىجويند ‪ ،‬حقههد و حسههد نمىكننههد ‪ ،‬در راه فسههاد نميپوينههد ‪ ،‬قلبهههاى ايشههان در بهشههت‬
‫صلة على محّمد‬ ‫ل و ال ّ‬
‫ب العالمين ‪ ،‬و الحمد ّ‬ ‫برينست و بدنهاى ايشان مشغول عبادت ر ّ‬
‫و آله ‪.‬‬

‫قال الشارح المحتاج إلى غفران رّبه ‪:‬‬

‫سادس‬ ‫ل المجلد ال ّ‬‫هذا آخر المجّلد الخامس ‪ 1‬من مجّلدات منهاج البراعة ‪ ،‬و يتلوه إنشاء ا ّ‬
‫سههابغ اتمههامه بعههد‬
‫ل بفضله الواسههع ختههامه ‪ ،‬و بكرمههه ال ّ‬
‫سر ا ّ‬‫بتوفيق منه سبحانه ‪ ،‬و قد ي ّ‬
‫حصول الياس و تفّرق الحواس و اضطراب الّناس و اختلل الحال بداهية دهيا ‪ ،‬و بلّية‬
‫ل أهل بلدنا بها في هذه اليام ‪،‬‬‫عظمى ‪ ،‬و زلزلة شديدة أّدب ا ّ‬

‫‪-----------‬‬
‫هه هه ه ه ه ه ه ههههه ه‬
‫هه ه ه‬
‫) ‪ ( 1‬ههه هههههه هه‬
‫هههههه‬

‫] ‪[ 105‬‬
‫يا لها رجفة ما رأيت مثلها و قد جاوزت خمسين درجة أخذتهم نصههف الليههل بينمهها كههانوا‬
‫راقدين فقاموا من مضاجعهم ذعريهن مرعهوبين كهأّنهم مهن الجهداث إلهى رّبههم ينسهلون‬
‫ت الكباد ‪ ،‬و تصّدع القلوب ‪ ،‬و تقشعّر الجلود ‪،‬‬
‫بهول ترتعد منه الفرائص ‪ ،‬و تف ّ‬

‫و كان الّناس سكارى من مهول البل ‪.‬‬

‫فلو ل أن تداركنا رحمته السابقة على غضبه سبحانه لم يكن لحههد منههها النجههاة و ل لههذى‬
‫روح طماعية في الحياة ‪ ،‬و قد حرمنا منذ ليههال مههن سههبت الّرقههاد ‪ ،‬و خرجنهها مههن تحههت‬
‫سههقوط و النهههدام ‪ ،‬و اّتخههذنا الخبيههة مسههكنا و‬
‫البنية و العروش بعد ما أشرفت علههى ال ّ‬
‫المظلة أكنانا ‪ ،‬و الّرجفة في هذه المّدة و قد مضت منذ ظهرت عشرة أّيام تطرقنهها سههاعة‬
‫بعد ساعة ‪.‬‬

‫ل أن ل يخاطبنهها بههذنوبنا و ل يؤاخههذنا‬‫ل سههبحانه مههن غضههبه و نسههأله عهّز و جه ّ‬ ‫نعوذ بهها ّ‬
‫بأعمالنا و ل يقايسنا بأفعالنا ‪ ،‬و أن يرفع عنا هذه البلية ‪ ،‬و ينجينا من تلك الرزّية بمحّمههد‬
‫ن الكريم و الّرؤف الّرحيم ‪.‬‬ ‫و آله خير البرية ‪ ،‬فاّنه ذو الم ّ‬

‫و قد وقع الفراغ منه ثالث عشر شهر ذى القعدة الحرام من سنة سبع عشرة و ثلثمأة بعد‬
‫اللف و هذه هى النسخة الصل كتبتها بيمينى و أسأله سبحانه أن يحشرني فههي أصههحاب‬
‫ل عليهم أجمعين ‪.‬‬
‫اليمين بجاه محّمد و آله الطاهرين صلوات ا ّ‬

‫عع عععععع عععععع‬


‫ععع ععع‬

‫ل اّلذى شرح صدور المؤمنين بمصابيح العرفان و اليقين ‪ ،‬و نهّور قلههوب المّتقيههن‬ ‫الحمد ّ‬
‫جة البيضاء و لزموا الشرع المههبين ‪ ،‬و سههلكوا‬ ‫بأنوار التقوى فى الّدين ‪ ،‬فاهتدوا إلى المح ّ‬
‫سكوا بالحبل المتين ‪ ،‬و فاز العههارفون منهههم بعظيههم الزلفههى و حسههن‬ ‫الجاّدة الوسطى و تم ّ‬
‫المآب ‪ ،‬و خرجت أرواح الواصلين منهم من أبدانهم خوفا من العقاب و شوقا إلى الثواب‬
‫‪.‬‬

‫سلم على أشرف الّولين و الخرين محّمد سّيد النبياء و المرسلين‬


‫صلة و ال ّ‬
‫و ال ّ‬

‫] ‪[ 106‬‬

‫و وصّيه و وزيره الوارث لعلمه ‪ ،‬و الحامل لسّره ‪ ،‬و بههاب مدينههة علمههه ‪ ،‬و دار حكمتههه‬
‫ي أمير المؤمنين و سّيد الوصههيين ‪ ،‬و آلهمهها الخائضههين فههي بحههار أنههوار الحقههايق ‪ ،‬و‬
‫عل ّ‬
‫الغائصين في لجج تّيار الّدقائق ‪ ،‬أئمة المسلمين الهداة المههدّيين الطيهبين النجهبين الغهّر‬
‫الميامين ‪:‬‬
‫ههههههههههههههههههههم ههههههههههههههههههههداة الهههههههههههههههههههورى و ههههههههههههههههههههم اكهههههههههههههههههههرم‬
‫الّنههههههههههههههههههههههاس أصههههههههههههههههههههههول شههههههههههههههههههههههريفة و نفوسهههههههههههههههههههههها‬

‫معشههههههههههههههههههههههههر حّبهههههههههههههههههههههههههم يجّلههههههههههههههههههههههههي الهمههههههههههههههههههههههههوم‬


‫و مزايههههههههههههههههههههههههههههههههاهم تحّلههههههههههههههههههههههههههههههههي طروسهههههههههههههههههههههههههههههههها‬

‫كرمههههههههههههههههههههههوا مولههههههههههههههههههههههدا و طههههههههههههههههههههههابوا اصههههههههههههههههههههههول‬


‫و زكههههههههههههههههههههههوا محتههههههههههههههههههههههدا و طههههههههههههههههههههههالوا غروسهههههههههههههههههههههها‬

‫ملؤا بههههههههههههههههههههههههههههههههالولء قلههههههههههههههههههههههههههههههههبي رجههههههههههههههههههههههههههههههههاء‬


‫و بمدحى لهم ملئت الطروسا‬

‫سادس من مجّلدات منهاج البراعة في شهرح نههج البلغهة إملء‬ ‫أما بعد فهذا هو المجّلد ال ّ‬
‫ل بن محمد بن هاشم الهاشمي العلوى الموسوى « وّفقههه‬ ‫راجي عفو رّبه الغني » حبيب ا ّ‬
‫ي الحسههان و الكريههم المّنههان ‪ .‬قههال‬
‫ل لما يتمّنههاه و جعههل عقبههاه خيههرا مههن اوله إّنههه وله ّ‬
‫ا ّ‬
‫الشريف الرضى قدس سّره العزيز ‪:‬‬

‫ع ع ع ععع ع ع ع ععع ع ععع ععع ع ع ع ععع عع ع‬


‫ععععععع ع ععععععع ع ع ععععع عع ع ع ع عع‬
‫ععععع‬

‫و هي مروّية في الكافي في باب علمات المؤمن و صفاته باختلف كثير تطلع عليه بعههد‬
‫الفراغ ‪ ،‬من شرح ما أورده السّيد » ره « في المتن ‪.‬‬

‫سلم يقال له هّمام ‪ :‬كان رجل عابدا‬ ‫ن صاحبا لمير المؤمنين عليه ال ّ‬ ‫قال » قده « روى أ ّ‬
‫سههلم‬
‫فقال له ‪ :‬يا أمير المؤمنين صف لى المّتقين حّتى كأّني أنظر اليهههم ‪ ،‬فتثاقههل عليههه ال ّ‬
‫سلم يا هّمام ‪:‬‬
‫عن جوابه ثّم قال عليه ال ّ‬

‫] ‪[ 107‬‬

‫ل مع اّلذين اّتقوا و اّلذينهم محسنون ‪،‬‬


‫نا ّ‬
‫ل و أحسن فإ ّ‬
‫إّتق ا ّ‬

‫ل و أثنى عليه و صّلى على الّنبي ص هّلى‬


‫فلم يقنع هّمام بذلك القول حّتى عزم عليه فحمد ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم ثم قال ‪:‬‬
‫ا ّ‬

‫ل سبحانه خلق الخلق حين خلقهم غنّيا عن طاعتهم ‪،‬‬


‫نا ّ‬
‫أّما بعد فإ ّ‬
‫آمنا من معصيتهم ‪ ،‬لّنه ل تضّره معصية مهن عصههاه ‪ ،‬و ل تنفعهه طاعههة مهن أطهاعه ‪،‬‬
‫سم بينهم معيشتهم ‪ ،‬و وضعهم من الّدنيا مواضعهم ‪.‬‬
‫فق ّ‬

‫صههواب ‪ ،‬و ملبسهههم القتصههاد ‪ ،‬و مشههيهم‬


‫فالمّتقون فيههها هههم أهههل الفضههائل ‪ ،‬منطقهههم ال ّ‬
‫ل عليهم ‪،‬‬ ‫ضوا أبصارهم عّما حّرم ا ّ‬ ‫الّتواضع ‪ ،‬غ ّ‬

‫و وقفوا أسماعهم على العلم الّنافع لهم ‪ ،‬نزلت أنفسهم منهههم فههي البلء كاّلههذي نزلههت فههي‬
‫ل لهم لم تسههتقّر أرواحهههم فههي أجسههادهم طرفههة عيههن‬
‫الّرخاء ‪ ،‬و لو ل الجل اّلذي كتب ا ّ‬
‫شوقا إلى الّثواب و خوفا عن العقاب ‪.‬‬

‫عظم الخالق في أنفسهم فصغر ما دونه في أعينهم ‪ ،‬فهم و الجّنة كمن قههد رآههها فهههم فيههها‬
‫منّعمون ‪ ،‬و هم و الّنار كمن قد رآها فهم فيههها معهّذبون ‪ ،‬قلههوبهم محزونههة ‪ ،‬و شههرورهم‬
‫مأمونة ‪ ،‬و أجسادهم نحيفة ‪،‬‬

‫و حاجاتهم خفيفة ‪ ،‬و أنفسهم عفيفة ‪ ،‬صبروا أّياما قصيرة أعقبتهم راحة طويلههة ‪ ،‬تجههارة‬
‫سرها لهم رّبهم ‪ ،‬أرادتهم الّدنيا فلم‬
‫مربحة ي ّ‬

‫] ‪[ 108‬‬

‫يريدوها ‪ ،‬و أسرتهم ففدوا أنفسهم منها ‪.‬‬

‫أّما الّليل فصاّفون أقههدامهم تههالين لجههزاء القههرآن يرّتلههونه تههرتيل يحّزنههون بههه أنفسهههم و‬
‫يستثيرون به دوآء دآئههم ‪ ،‬فهإذا مهرّوا بآيهة فيهها تشهويق ركنهوا إليهها طمعها ‪ ،‬و تطّلعهت‬
‫نفوسهم إليها شوقا ‪ ،‬و ظّنوا أّنها نصب أعينهههم ‪ ،‬و إذا م هّروا بآيههة فيههها تخويههف أصههغوا‬
‫ن زفير جهّنههم و شهههيقها فههي أصههول آذانهههم ‪ ،‬فهههم حههانون‬‫إليها مسامع قلوبهم ‪ ،‬و ظّنوا أ ّ‬
‫على أوساطهم ‪ ،‬مفترشون لجباههم ‪ ،‬و أكّفهم و ركبهم و أطراف أقدامهم ‪ ،‬يطلبههون إلههى‬
‫ل تعالى في فكاك رقابهم ‪.‬‬ ‫ا ّ‬

‫و أّما الّنهار فحلماء ‪ ،‬علماء ‪ ،‬أبرار ‪ ،‬أتقياء ‪ ،‬قد براهم الخوف برى القداح ‪ ،‬ينظر إليهههم‬
‫الّناظر فيحسبهم مرضى و ما بالقوم من مرض ‪،‬‬

‫و يقول ‪ :‬قد خولطوا و قههد خهالطهم أمههر عظيههم ‪ ،‬ل يرضههون مههن أعمههالهم القليههل ‪ ،‬و ل‬
‫يستكثرون الكثير ‪ ،‬فهم لنفسهم مّتهمون ‪ ،‬و من أعمالهم مشفقون ‪ ،‬إذا زّكي أحدهم خاف‬
‫مّما يقال له فيقول أنا أعلم بنفسي من غيري و رّبي أعلم مّني بنفسهي ‪ ،‬أّللههّم ل تؤاخهذني‬
‫بما يقولون ‪ ،‬و اجعلني أفضل مّما يظّنون ‪ ،‬و اغفر لي ما ل يعلمون ‪.‬‬

‫فمن علمة أحدهم أّنك ترى له قّوة في دين ‪ ،‬و حزما في لين ‪،‬‬
‫] ‪[ 109‬‬

‫و إيمانا في يقين ‪ ،‬و حرصا في علم ‪ ،‬و علما في حلم ‪ ،‬و قصدا في غنى ‪،‬‬

‫و خشوعا في عبادة ‪ ،‬و تجّمل في فاقة ‪ ،‬و صبرا فهي شهّدة ‪ ،‬و طلبها فهي حلل و نشهاطا‬
‫صالحة و هو على وجل ‪ ،‬يمسي و هّمههه‬ ‫في هدى ‪ ،‬و تحّرجا عن طمع ‪ ،‬يعمل العمال ال ّ‬
‫شكر ‪ ،‬و يصبح و هّمه الّذكر ‪ ،‬يبيت حذرا ‪،‬‬
‫ال ّ‬

‫و يصبح فرحا ‪ :‬حذرا لما حّذر من الغفلة ‪ ،‬و فرحا بما أصاب من الفضل و الّرحمة ‪ ،‬إن‬
‫ب ق هّرة عينههه فيمهها ل يههزول ‪ ،‬و‬
‫استصعبت عليه نفسه فيما تكره لم يعطها سؤلها فيما تح ه ّ‬
‫زهادته فيما ل يبقى ‪ ،‬يمزج الحلم بالعلم ‪،‬‬

‫و القول بالعمل ‪.‬‬

‫تراه قريبا أمله ‪ ،‬قليل زل ‪ ،‬خاشعا قلبه ‪ ،‬قانعة نفسه ‪ ،‬منزورا أكله » أكلههه خ « ‪ ،‬سهههل‬
‫أمره ‪ ،‬حريزا دينه ‪ ،‬مّيتة شهوته ‪،‬‬

‫شّر منه مأمون ‪ ،‬إن كان فههي الغههافلين كتههب فههي‬


‫مكظوما غيظه ‪ ،‬الخير منه مأمول ‪ ،‬و ال ّ‬
‫الّذاكرين ‪ ،‬و إن كان في الّذاكرين لم يكتب من الغافلين ‪ ،‬يعفو عّمن ظلمه ‪ ،‬و يعطي مههن‬
‫حرمه ‪ ،‬و يصل من قطعه ‪،‬‬

‫بعيدا فحشه ‪ ،‬لّينا قوله ‪ ،‬غائبا منكره ‪ ،‬حاضرا معروفه ‪ ،‬مقبل خيههره مههدبرا ش هّره ‪ ،‬فههي‬
‫الّزلزل وقور ‪ ،‬و في المكاره صبور ‪ ،‬و في الّرخآء شكور ل يحيف على مههن يبغههض ‪،‬‬
‫ب ‪ ،‬يعترف بالحق‬ ‫و ل يأثم فيمن يح ّ‬

‫] ‪[ 110‬‬

‫قبل أن يشهد عليه ‪ ،‬ل يضّيع ما استحفظ ‪ ،‬و ل ينسى ما ذّكر ‪ ،‬و ل ينابز باللقاب ‪ ،‬و ل‬
‫ق‪.‬‬‫يضاّر بالجار ‪ ،‬و ل يشمت بالمصائب ‪ ،‬و ل يدخل في الباطل ‪ ،‬و ل يخرج من الح ّ‬

‫إن صمت لم يغّمه صمته ‪ ،‬و إن ضحك لم يعل صوته ‪ ،‬و إن بغي عليه صبر حّتى يكون‬
‫ل تعالى هو اّلذي ينتقم له ‪ ،‬نفسه منهه فهي عنههاء و الّنهاس منهه فههي راحهة ‪ ،‬أتعهب نفسهه‬
‫ا ّ‬
‫لخرته ‪ ،‬و أراح الّناس من نفسه ‪،‬‬

‫بعده عّمن تباعد عنه زهد و نزاهة ‪ ،‬و دنّوه مّمن دنا منه لين و رحمة ‪،‬‬

‫ليس تباعده بكبر و عظمة ‪ ،‬و ل دنّوه بمكر و خديعة ‪ .‬قال ‪ :‬فصعق همههام صههعقة كههانت‬
‫سههلم ‪:‬‬
‫ل لقد كنت أخافها عليه ‪ ،‬ث هّم قههال عليههه ال ّ‬
‫نفسه فيها ‪ ،‬فقال أمير المؤمنين ‪ :‬أما و ا ّ‬
‫هكذا تصنع المواعظ البالغة بأهلها ‪ ،‬فقال له قائل ‪ :‬فما بالك يا أمير المؤمنين ؟ فقال عليه‬
‫ل أجل وقتا ل يعدوه ‪ ،‬و سببا ل يتجهاوزه فمهل ل تعهد لمثلهها فانمها‬ ‫ن لك ّ‬
‫سلم ‪ :‬ويحك إ ّ‬
‫ال ّ‬
‫نفث الشيطان على لسانك ‪.‬‬

‫ععععع‬

‫) عزم ( على المر يعزم من باب ضرب عزما و معزما و عزمانا و عزيما و عزيمة و‬
‫عزمة أراد فعله و قطع عليه أوجّد فيه فهو عازم و عزم المر نفسههه عههزم عليههه و عههزم‬
‫علههى الّرجههل اقسههم و ) القتصههاد ( ضهّد الفههراط و ) صههغر ( مههن بههاب شههرف و فههرح‬
‫ط قدره فهههو صههغير كحقيههر لفظهها و‬‫صغارة و صغرا و صغرا و صغرانا أى حقر و انح ّ‬
‫معنا و ) ثار ( ثورا و ثورانا أى هاج و أثار الغبار و استثاره هّيجه ‪.‬‬

‫و ) تطّلع ( الى وروده استشرف و ) صغى ( إلى الشىء كرضى مال إليه و أصغى اليههه‬
‫سمعه أى أماله نحوه و ) حنيت ( العود حنوا و حناء عطفتههه فههانحنى و تحّنههى ‪ ،‬و حنههت‬
‫ل مهها فيههه اعوجههاج مههن البههدن كعظههم الّلحههى و‬
‫الناقة على ولدها حنوا عطفههت و يقههال لكه ّ‬
‫الضلع و نحوهما‬

‫] ‪[ 111‬‬

‫الحنو بالكسر و الفتح ‪.‬‬

‫سهم و العود و القلم يبريها بريا نحتها و ) القداح ( جمع القدح بالكسر فيهمهها‬
‫و ) برى ( ال ّ‬
‫سهم قبل أن يراش و ينصل و ) اختلط ( فلن و خولط في عقلههه أى فسههد عقلههه و‬ ‫و هو ال ّ‬
‫ل فهو خلط بّين الخلطة أى أحمق ‪ ،‬و خالطه مخالطة مازجه و خالطه الههّداء خههامره‬ ‫اخت ّ‬
‫و ) تجمل ( فلن تزّين و تكّلف الجميل و ) نزر ( الشيء ككرم نههزرا و نههزارة و نههزورا‬
‫قلّ فهو نزر و نزير و منزور أى قليل ‪.‬‬

‫و ) اكلة ( في بعض النسخ بفتح الهمهزة و سههكون الكهاف فيكهون مصهدرا و فههي بعضهها‬
‫ظ من الهّدنيا فيكههون اسههما و ) الحريههز ( الحصههين يقههال هههذا‬
‫بضّمهما و هو الّرزق و الح ّ‬
‫حرز حريز أى حصن حصين و الحريزة من البل اّلتي ل تبههاع نفاسههة و ) المنههابزة ( و‬
‫التنابز الّتعاير و التداعى باللقاب و ) صعق ( صعقا كسمع و صعقا بالتحريههك و صههعقة‬
‫غشى عليه و الصعق بالتحريك أيضا شّدة الصوت و ) نفههث ( ينفههث مههن بههاب ضههرب و‬
‫نصر نفخ ‪.‬‬

‫ععععععع‬

‫قوله ‪ :‬حين خلقهم ظرف زمان ‪ ،‬و في بعض النسخ حيث خلقهم بدله ‪ ،‬و قوله ‪:‬‬
‫شراح فههي اعههراب قههوله‬ ‫نزلت أنفسهم منهم في البلء كاّلذي نزلت في الّرخاء ‪ ،‬اختلف ال ّ‬
‫كالذي ‪ ،‬فقال الشارح المعتزلي تقدير الكلم من جهة العراب ‪ :‬نزلت أنفسهههم منهههم فههي‬
‫حال البلء نزول كالنزول الذي نزلت منهم في حال الّرخاء ‪ ،‬فموضع كاّلذي نصب لّنههه‬
‫صفة مصدر محذوف ‪ ،‬و الذي الموصههول قههد حههذف العايههد اليههه و هههو الهههاء فههي نزلتههه‬
‫كقولك ‪ :‬ضربت اّلذي ضربت أى ضربت الذي ضربته ‪.‬‬

‫شارح البحراني حيث قال ‪ :‬و اّلذي خلقه مصههدر محههذوف و الضههمير‬ ‫و تبعه على ذلك ال ّ‬
‫العايد إليه محذوف أيضا ‪ ،‬و التقدير ‪ :‬نزلت كالّنزول اّلذى نزلتههه فههي الّرخههاء ثهّم احتمههل‬
‫وجها آخر و قال ‪:‬‬

‫و يحتمل أن يكون المراد بالذي الذين فحذف الّنون كما في قوله تعههالى كاّلههذي خاضههوا و‬
‫يكون المقصود تشبيههم حال نزول أنفسهم منهم في البلء باّلذين نزلت أنفسههم منههم فهي‬
‫الّرخاء ‪.‬‬

‫] ‪[ 112‬‬

‫ح‪،‬‬
‫ن تشبيه الجمع بالواحد ل يص ّ‬
‫و قال بعضهم ‪ :‬إّنه ل بّد من تقدير مضاف ل ّ‬

‫ل واحد منهم إذا نزلت في البلء يكون كالّرجل الذي نزلت نفسه في الّرخاء و نحوه‬ ‫أى ك ّ‬
‫قوله تعالى مثل اّلذين كفروا كمثل اّلذي ينعق ‪.‬‬

‫سليم مضافا إلى ما فى الهوجه‬‫ن هذه كّلها تكّلفات يأبي عنها الّذوق ال ّ‬ ‫أقول ‪ :‬و أنت خبير بأ ّ‬
‫ن المنسههاق‬
‫الخر الذي احتمله البحراني و كذلك الوجه الخير الذي حكيناه عن بعضهههم أ ّ‬
‫سلم تشههبيه إحههدى حههالتى المّتقيههن بحههالتهم الخههرى ل تشههبيههم‬
‫من ظاهر كلمه عليه ال ّ‬
‫بغيرهم من أهل الّرخاء ‪.‬‬

‫ض عن ذلك و البناء على ما ذكر فل حاجة في تصهحيح تشهبيه الجمهع بهالمفرد‬ ‫ثّم بعد الغ ّ‬
‫حلهه الّول ‪ ،‬أو‬‫إلى تأويل ما هو المفرد ظاهرا بالجمع و المصير إلى حذف النون كمها تم ّ‬
‫شهمه الخهر ‪ ،‬لجهواز تقهدير‬ ‫تأويل الجمع بالمفرد بالمصهير إلهى تقهدير المضهاف كمها تج ّ‬
‫موصوف الذي لفظ الّرهط و الجمع و نحوهما مّما يكون مفردا لفظا و جمعا في المعنى ‪،‬‬
‫و يكون المعنى نزلت أنفسهم منهم في البلء كالّرهط أو الجمع الههذي نزلههت نفسهههم منهههم‬
‫في الّرخاء ‪.‬‬

‫قال نجم الئمة بعد ما قال بأنه قد يحذف نون الذين مستشهدا بقول الشاعر ‪:‬‬

‫ل القوم يا اّم خالد‬


‫ن اّلذي حانت بفيح دمائهم ‪ .‬هم القوم ك ّ‬
‫وإّ‬
‫و يجوز في هذا أن يكون مفردا وصههف بههه مقهّدر مفههرد الّلفههظ مجمههوع المعنههي أى و انّ‬
‫ن الجيش اّلذى كقوله تعالى كمثل اّلذى استوقد نارًا فحمههل علههى الّلفههظ أى‬ ‫الجمع اّلذى و ا ّ‬
‫الجمع اّلذى استوقد نارا ‪ ،‬ثّم قال ‪ :‬بنورهم فحمل على المعني و لو كان فههي اليههة مخّففهها‬
‫ضههمير العايههد إليههه و كههذا قههوله تعههالى و اّلههذى جههاء بالصّههدق و‬
‫من اّلذين لم يجز إفراد ال ّ‬
‫صّدق به ُاولئك هم المّتقون و هذا كثير أعني ذكر اّلذي مفههردا موصههوفا بههه مقهّدر مفههردا‬
‫لّلفظ مجموع المعنى و أّما حذف الّنون من اّلذين فهو قليل ‪ ،‬انتهى ‪.‬‬

‫و بعد ذلك كّله فالقرب عندي أن يجعل اّلذى مصدرّيا بأن يكون حكمه حكم‬

‫] ‪[ 113‬‬

‫ل عبههاده‬
‫شر ا ّ‬
‫ماء المصدرّية كما ذهب اليه يونس و الخفش في قوله سبحانه ذلك اّلذى يب ّ‬
‫ل و كذلك قال في قوله تعالى و خضتم كاّلذى خاضوا و على‬ ‫اّلذين آمنوا أى ذلك تبشير ا ّ‬
‫هذا فيكون المعني ‪ :‬نزلت أنفسهم منهم فى البلء مثل نزولها في الّرخهاء و ههذا ل تكّلهف‬
‫فيه أصل ‪.‬‬

‫و قوله ‪ :‬تجارة مربحة ‪ ،‬بهالّرفع علههى أّنههه خهبر محههذوف المبتهداء ‪ ،‬أى تجههارتهم تجهارة‬
‫مربحة ‪ ،‬و في بعض النسخ بالنصب على المصدر أى اّتجروا تجارة ‪.‬‬

‫و قوله ‪ :‬أّما الليل فصافون ‪ ،‬بالنصب علههى الظههرف ‪ ،‬و الناصههب ‪ ،‬إمهها لتضهّمنها معنههي‬
‫الفعل أو الخبر كما في نحو قولك ‪ :‬أما اليوم فأنا ذاهب و أّما إذا قلت اما في الّدار فزيههد ‪،‬‬
‫فالعامل هو أما ل غير كما فى قولهم أما العبيد فذو عبيد ‪ ،‬أى مهما ذكرت العبيد فهههو ذو‬
‫عبيد ‪ ،‬هذا ‪.‬‬

‫و يروى بالّرفع على البتداء فيحتاج إلى العايد في الخبر أى صاّفون أقدامهم فيها و قههوله‬
‫‪ :‬تالين حال من فاعل صاّفون أو من الضمير المجرور بالضههافة فههي أقههدامهم ‪ :‬و الول‬
‫أولى ‪ ،‬و جملة يرّتلونه حال من فاعل تههالين ‪ ،‬و فههي بعههض النسههخ يرّتلونههها ‪ ،‬فالضههمير‬
‫عايد إلى أجزاء القرآن ‪ ،‬و نصب أعينهم بنصب النصب على الظرفية ‪،‬‬

‫ن و المصدر بمعني المفعول ‪.‬‬


‫و يروى بالّرفع على أنه خبر ا ّ‬

‫ل في فكاك رقابهم ‪ ،‬تعدية الطلب بحرف الجّر أعني إلى لتضمينه‬‫و قوله ‪ :‬يطلبون إلى ا ّ‬
‫معني التضرع و في للظرفية المجازية ‪ ،‬أى يتضّرعون إليه سبحانه في فكاك رقابهم ‪.‬‬

‫ن الكلم على الحقيقة مقّدر فيههه حههال محذوفههة يتعّلههق‬


‫و أما ما قاله الشارح المعتزلى من أ ّ‬
‫ن طلبههت ل يتعهّدى بحههرف‬ ‫ل سائلين فى فكاك رقابهم ل ّ‬ ‫بها حرف الجّر أى يطلبون الى ا ّ‬
‫ن تأويل الطلب بالسؤال ل ينهض باثبات ما رامه كما ل يخفى ‪.‬‬ ‫الجّر فليس بشىء ل ّ‬
‫و فى في قوله ‪ :‬و قّوة في دين ‪ ،‬ظرف لغو متعّلق بقّوة ‪ ،‬و فههي قههوله ‪ :‬و حزمهها فههي ليههن‬
‫ظرف مستقّر متعّلق بمقّدر صفة لقوله حزما ‪ ،‬و فى المعطوفات بعد ذلك في بعضها‬

‫] ‪[ 114‬‬

‫ظرف لغو و فى بعضها ظرف مستقّر وصف لسابقه ‪ ،‬فتدّبر تفهم ‪.‬‬

‫عععععع‬

‫ن صاحبا لمير المؤمنين ( أى رجل من أصحابه و شيعته و مههواليه‬‫اعلم أنه قد ) روى أ ّ‬


‫) يقال له همام ( بالتشديد ‪ ،‬و هو كما في شرح المعتزلي همام بن شريح بن يزيد بن مّرة‬
‫بن عمر بن جابر بن يحيى بن الصهب بن كعب بن الحارث بن سعد ابن عمرو بن ذهل‬
‫بن سيف بن سعد العشيرة ‪.‬‬

‫و في البحار و الظهر أنه همام بن عبادة بن خهثيم ابهن أخ الّربيهع بهن خهثيم أحهد الّزههاد‬
‫الثمانية كما رواه الكراجكي في كنزه ‪.‬‬

‫و كيف كان فقد ) كان رجل عابدا ( زاهدا ناسكا ) فقال لهه يهها أميهر المهؤمنين صههف لههى‬
‫المّتقين ( و اشرح لي حالهم ) حّتههى كههأنى أنظههر إليهههم ( و ابصههر بهههم لقتفههي آثههارهم و‬
‫أقتبس أنوارهم ‪.‬‬

‫سههلم عههن الجههواب‬‫سلم عن جوابه ( قال الشارح المعتزلى تثاقله عليههه ال ّ‬


‫) فتثاقل عليه ال ّ‬
‫سلم مههن ل يح ه ّ‬
‫ب‬ ‫ن المصلحة فى تأخير الجواب ‪ ،‬و لعّله كان فى مجلسه عليه ال ّ‬ ‫لعلمه بأ ّ‬
‫ن تثهاقله عنهه يزيهد شهوق‬ ‫أن يجيب و هو حاضر ‪ ،‬فلما انصهرف أجهاب ‪ ،‬أو لّنهه رأى أ ّ‬
‫همام إلى سماعه فيكون أنجع فى موعظته ‪ ،‬أو أنه تثاقل عنههه لههترتيب المعههانى و نظمههها‬
‫فى ألفاظ مناسبة ثّم النطق بها كما يفعله المترّوي في الخطبة و القريض ‪.‬‬

‫سلم تثاقل عنه لمهها رأى مههن اسههتعداد‬‫و الولى ما قاله الشارح البحرانى ‪ :‬من أنه عليه ال ّ‬
‫ل إلى انزعاج نفسه و صعوقها ‪.‬‬ ‫نفسه لثر الموعظة و خوفه عليه أن يخرج به خوف ا ّ‬

‫سلم بعد تثاقله عن الجواب و وصف حال المّتقين تفصههيل لمهها رآه مههن‬ ‫) ثّم ( إنه عليه ال ّ‬
‫لو‬ ‫المصلحة المقتضية لترك التفصيل أجابه بجواب إجمالى و ) قال ( له ) يا همام اّتق ا ّ‬
‫ن الفرض عليك القيام بالتقوى و الخذ بها على قدر ما حصل لك المعرفة‬ ‫أحسن ( يعنى أ ّ‬
‫به من معناها و حقيقتها من الكتاب و السنة ‪ ،‬و تبين لك إجمال مههن ماهّيتههها كمهها يعرفههها‬
‫جميع المؤمنين ‪ ،‬و الزايد عن ذلك غير مفروض عليك و ل يجب البحث عنه‬

‫] ‪[ 115‬‬
‫و قد تقهّدم شههرح معناههها و حقيقتههها و بعههض مهها يههترّتب عليههها مههن الثمههرات الدنيوّيههة و‬
‫صههادق عليههه‬‫الخروّية في شرح الخطبة الّرابعة و العشههرين ‪ ،‬و قههد روينهها هنههاك عههن ال ّ‬
‫ل حيث أمرك و ل يراك حيث نهاك ‪ ،‬هذا ‪.‬‬ ‫سلم اّنه قال في تفسيرها ‪ :‬أن ل يفقدك ا ّ‬ ‫ال ّ‬

‫ن اللزم عليك الخذ بالتقوى و‬


‫و المراد بقوله ‪ :‬و أحسن هو الحسان في العمل ‪ ،‬يعني أ ّ‬
‫صالحة ‪.‬‬
‫القيام بالحسنى من العمال ال ّ‬

‫له‬
‫ن معني كلمه أّنههه أمههره بتقههوى ا ّ‬
‫و هذا اّلذى قلنا أولى مّما قاله الشارح البحراني من أ ّ‬
‫أى في نفسه أن يصيبها فادح بسبب سؤاله ‪ ،‬و أحسن أى أحسن إليها بههترك تكليفههها فههوق‬
‫طوقها ‪.‬‬

‫ل مع اّلذين اّتقوا و اّلذين هههم‬


‫نا ّ‬
‫و كيف كان فلّما أمره بالّتقوى و الحسان عّلله بقوله ) فا ّ‬
‫محسنون ( ترغيبا له إلى القيام بهما ‪ ،‬و هو اقتباس من الية الشريفة خاتمة سورة النحههل‬
‫‪ ،‬يعني أّنه سبحانه مع اّلذين اّتقوا ما حّرم عليهم و أحسههنوا فيمهها فههرض عليهههم أى معيههن‬
‫لهم و ناصر لهم و هو ولّيهم فى الّدنيا و الخرة ‪.‬‬

‫سلم ( و أقسم‬
‫) فلم يقنع هّمام بذلك القول ( و لم يكتف بالجمال ) حّتى عزم عليه عليه ال ّ‬
‫ح في السؤال ‪.‬‬ ‫و أل ّ‬

‫ل ) و أثنى عليه‬‫ل ( عّز و ج ّ‬


‫سلم مسئوله و أنجح مأموله و ) حمد ا ّ‬ ‫) ف ( أجاب عليه ال ّ‬
‫ل سبحانه خلق الخلههق حيههن‬‫نا ّ‬‫ي و آله ثّم قال أما بعد فا ّ‬
‫( بما هو أهله ) و صّلى على النب ّ‬
‫خلقهم غنيا عن طاعتهم آمنا من معصيتهم ( ‪.‬‬

‫ل عليه و آله و سّلم لما كان بصدد شرح حال المتقيههن‬ ‫و انما مّهد هذه المقّدمة لنه صّلى ا ّ‬
‫ن مها يهأتى بهه‬ ‫تفصيل حسبما اقهترحه همهام و كهان ربمها يسهبق إلهى الوههام القاصهرة أ ّ‬
‫ل سبحانه به من محامههد الخصههال و‬ ‫المّتقون من مزايا العمال و الصالحات و ما كّلفهم ا ّ‬
‫القربات من أجل حاجة منه تعالى عههن ذلههك إليههها ‪ ،‬قهّدم هههذه المقّدمههة تنبيههها علههى كههونه‬
‫سبحانه منّزها عن ذلك ‪ ،‬متعاليا عن صفات النقص و الحاجة في الزل كما في البد ‪ ،‬و‬
‫أنه لم يكن غرضه تعالى من الخلق و اليجاد تكميل ذاته بجلههب المنفعههة و دفههع المض هّرة‬
‫كما فى ساير الصناع البشرية يعملون الصنايع لفتقارهم إليههها و اسههتكمالهم بههها بمهها فههي‬
‫ذاتهم‬

‫] ‪[ 116‬‬

‫ى الكامل المطلق في ذاته و صههفاته‬


‫ي القّيوم فهو الغن ّ‬
‫ل الح ّ‬
‫من النقص و الحاجة ‪ ،‬و أّما ا ّ‬
‫و أفعاله و لم يخلق ما خلقه لتشديد سهلطان و ل تخهّوف مهن عهواقب زمهان و ل اسهتعانة‬
‫على نّد مثاور و ل شريك مكائر و ل ضهّد منههافر حسههبما عرفتههه فههي الخطبههة الّرابعههة و‬
‫السّتين و شرحها بما ل مزيد عليه ‪.‬‬

‫و هذا معنى قوله ) لنه ل تضّره معصية من عصاه و ل تنفعه طاعة من أطههاعه ( و قههد‬
‫ن غرضه من الخلههق و اليجههاد و مههن‬ ‫تقّدم فى شرح الخطبة المأة و الخامسة و الثمانين أ ّ‬
‫المر بالطاعة و النقيههاد هههو ايصههال النفههع إلههى العبههاد و إكمههالهم بالتكههاليف الشههرعّية و‬
‫رفعهم بالعمل بها إلى حظاير القدس و محافل النس ‪.‬‬

‫سم بينهم معايشهم و وضعهم من الّدنيا مواضعهم ( تفريع على قوله ‪:‬‬
‫و قوله ) فق ّ‬

‫خلق الخلق ل تقرير و تاكيد ‪ ،‬لغناه المطلق كما قاله الشارح البحراني ‪.‬‬

‫سم بينهم معيشتهم أى ما يعيشون بههه‬ ‫ل شىء خلقه ثّم هدى و ق ّ‬‫و المراد أنه تعالى أعطى ك ّ‬
‫فههى الحيههاة الهّدنيا مههن أنههواع الهّرزق و الخيههر و المنههافع و النعمههاء ‪ ،‬و وضههع كل منهههم‬
‫ليق بحاله من الفقر و اليسار و الغنى و الفتقههار و السههعة و القتههار علههى مهها‬ ‫موضعه ال ّ‬
‫ل نحههن‬‫يقتضيه حكمته البالغة و توجبه المصلحة الكاملة كما اشير اليه فى قوله ع هّز و ج ه ّ‬
‫قسمنا بينهم معيشتهم فى الحياة الّدنيا و رفعنا بعضهم فوق بعض درجات هذا ‪.‬‬

‫سلم هذه الجملة على ما سبق و عّقبه بها لتكون توطئة و تمهيدا بقههوله‬ ‫و انما فّرع عليه ال ّ‬
‫ن معهايش الخلهق فهى الهّدنيا لمها كهانت بحسهب‬ ‫) فالمّتقون فيها هم أهل الفضايل ( يعنهي أ ّ‬
‫ل سههبحانه و اقتضههاء حكمتههه اقتضههى العنايههة اللهيههة و النظههم الصههلح فههى حه ّ‬
‫ق‬ ‫تقسيم ا ّ‬
‫المّتقين بمقتضههى كههونهم مههن أهههل السههبق و القربههى أن يكههون عيشهههم فههى الهّدنيا بخلف‬
‫معايش ساير الخلق و يكون حركههاتهم و سههكناتهم و حههالتهم وراء حههالت أبنههاء الهّدنيا ‪،‬‬
‫صهلها‬
‫فاّتصفوا بالفضايل النفسانية و تزّينوا بمكهارم الخلق و محامهد الوصهاف اّلهتي ف ّ‬
‫سلم بالبيان البديع و التفصيل العجيب ‪.‬‬ ‫عليه ال ّ‬

‫ن ) منطقهم الصواب ( و هو ضهّد الخطهاء يعنههى أنهههم ل يسههكتون عمهها ينبغهى أن‬
‫اولها أ ّ‬
‫يقال فيكونون مفّرطين ‪ ،‬و ل يقولون ما ينبغى أن يسكت عنه فيكونون مفرطين‬

‫] ‪[ 117‬‬

‫سههر‬
‫صلة على نههبّيه و بههه ف ّ‬ ‫ل تعالى و تمجيده و ال ّ‬
‫و يحتمل أن يراد به خصوص توحيد ا ّ‬
‫ل من أذن له الّرحمن و قال صوابًا ‪.‬‬‫في قوله سبحانه ل يتكّلمون إ ّ‬

‫سط بين الفراط و التفريههط ‪ ،‬و فههي السههناد‬ ‫ن ) ملبسهم القتصاد ( أى التو ّ‬ ‫) و ( الثانى أ ّ‬
‫ن لباسهم ليس بثمين جدا مثل لباس المههترفين المتكّبريههن ‪ ،‬و ل بذلههة كلبههاس‬ ‫سع يعنى أ ّ‬‫تو ّ‬
‫سط بين المرين ‪.‬‬ ‫سة و الّدنائة بل متو ّ‬
‫أهل البتذال و الخ ّ‬
‫سههع ‪ ،‬يعنههى أنهههم ل يمشههون‬‫ن ) مشيهم التواضع ( و فههى السههناد أيضهها تو ّ‬
‫) و ( الثالث أ ّ‬
‫ل سبحانه عن المشى على هذا الوجه فى قوله‬ ‫على وجه الشر و البطر و الخيلء لنهى ا ّ‬
‫ل و أمههره‬
‫لرض و لههن تبلههغ الجبههال طههو ً‬ ‫لرض مرحًا إنك لن تخههرق ا َ‬ ‫» و ل تمش فى ا َ‬
‫بخلفه فى قوله » و اقصد فى مشيك « ‪.‬‬

‫سلم قال ‪:‬‬


‫ل عليه ال ّ‬
‫و قد روى فى الكافي عن عمرو بن أبي المقدام عن أبيعبد ا ّ‬

‫ل المتواضعون كههذلك أبعههد‬


‫ن أقرب الناس من ا ّ‬
‫ل إلى داود ‪ :‬كما أ ّ‬
‫ل عّز و ج ّ‬
‫فيما أوحى ا ّ‬
‫ل المتكّبرون ‪.‬‬
‫الناس من ا ّ‬

‫ل عليهههم ( امتثههال لمههره تعههالى بههه فههى‬


‫ضوا أبصارهم عّما حّرم ا ّ‬ ‫) و ( الرابع أنهم ) غ ّ‬
‫ضههوا‬
‫ضوا من أبصارهم و يحفظههوا فروجهههم ذلههك أزكههى لهههم أى يغ ّ‬ ‫قوله قل للمؤمنين يغ ّ‬
‫ل لهم النظر اليه ‪.‬‬
‫أبصارهم عما ل يح ّ‬

‫ل ثلثههة‬
‫ل عين باكيههة يههوم القيامههة إ ّ‬
‫سلم ك ّ‬
‫ل عليه ال ّ‬
‫و فى الوسائل من الكافى عن أبيعبد ا ّ‬
‫له ‪ ،‬و عيهن بكهت فهي‬ ‫ل ‪ ،‬و عيهن سههرت فهي طاعهة ا ّ‬ ‫ضت عن محارم ا ّ‬ ‫أعين ‪ :‬عين غ ّ‬
‫ل‪.‬‬‫جوف الّليل من خشية ا ّ‬

‫) و ( الخامس أّنهم ) وقفوا أسماعهم على العلم النافع لهم ( في الهّدنيا و الخههرة المههوجب‬
‫لكمال القّوة النظرية و الحكمة العملّية ‪ ،‬و أعرضوا عن الصههغاء إلههى الّلغههو و الباطيههل‬
‫ل سبحانه بذلك فههي قههوله »‬ ‫كالغيبة و الغناء و الفحش و الخناء و نحوها ‪ ،‬و قد وصفهم ا ّ‬
‫و اّلذينهم عن الّلغههو معرضههون « و فههي قههوله » و اّلههذين ل يشهههدون الهّزور و إذا مهّروا‬
‫بالّلغو مّروا كرامًا « ‪.‬‬

‫و السادس أّنهم ) نزلت أنفسهم منهم في البلء كاّلذى نزلت في الّرخاء ( يعني‬

‫] ‪[ 118‬‬

‫ضههراء‬
‫سههراء و ال ّ‬
‫ل في حّقهم من الشّدة و الّرخاء و ال ّ‬
‫طنون أنفسهم على ما قّدره ا ّ‬‫أّنهم مو ّ‬
‫صله وصفهم بالّرضاء بالقضاء ‪.‬‬ ‫سعة و المنحة و المحنة و مح ّ‬ ‫ضيق و ال ّ‬‫و ال ّ‬

‫سلم قال ‪ :‬قلت له ‪:‬‬


‫ل عليه ال ّ‬
‫روى في الكافي عن ابن سنان عّمن ذكره عن أبيعبد ا ّ‬

‫ل و الّرضا فيما ورد عليه‬


‫سلم ‪ :‬بالتسليم ّ‬
‫ي شىء يعلم المؤمن بأّنه مؤمن ؟ قال عليه ال ّ‬
‫بأ ّ‬
‫من سرور أو سخط ‪.‬‬
‫له‬
‫صههبر و الّرضهها عههن ا ّ‬
‫ل ال ّ‬
‫سلم قال ‪ :‬رأس طاعة ا ّ‬ ‫و فى رواية أخرى فيه عنه عليه ال ّ‬
‫ل كان خيرا له فيمهها‬‫ب أو كره إ ّ‬‫ل فيما أح ّ‬
‫ب العبد أو كره ‪ ،‬و ل يرضى عبد عن ا ّ‬‫فيما أح ّ‬
‫ب أو كره ‪.‬‬
‫أح ّ‬

‫ل صّلى الّ‬ ‫سلم قال ‪ :‬بينا رسول ا ّ‬ ‫و عن محّمد بن عذافر عن أبيه عن أبي جعفر عليه ال ّ‬
‫ل ه ‪ ،‬فقههال ‪ :‬مهها‬
‫سلم عليك يا رسول ا ّ‬ ‫عليه و آله في بعض أسفاره إذ لقيه ركب فقالوا ‪ :‬ال ّ‬
‫أنتم ؟ فقالوا ‪:‬‬

‫ل‪،‬‬
‫ل ‪ ،‬قال ‪ :‬فما حقيقة ايمانكم ؟ قالوا ‪ :‬الّرضا بقضاء ا ّ‬
‫نحن المؤمنون يا رسول ا ّ‬

‫له عليههه و آلههه و سهّلم ‪:‬‬


‫ل صّلى ا ّ‬
‫ل ‪ ،‬فقال رسول ا ّ‬ ‫ل ‪ ،‬و التسليم لمر ا ّ‬ ‫و التفويض الى ا ّ‬
‫علماء حكماء كههادوا أن يكونههوا مههن الحكمههة أنبيههاء ‪ ،‬فههان كنتههم صههادقين فل تبنههوا مهها ل‬
‫ل اّلذى إليه ترجعون ‪.‬‬ ‫تسكنون ‪ ،‬و ل تجمعوا ما ل تأكلون ‪ ،‬و اّتقوا ا ّ‬

‫ل لهم لم تستقّر أرواحهم فههي أجسههادهم طرفههة‬ ‫) و ( السابع أنه ) لو ل الجل اّلذى كتب ا ّ‬
‫عين شوقا إلى الثواب و خوفا من العقاب ( و ههو إشهارة إلهى غايهة نفرتههم عهن الهّدنيا و‬
‫فرط رغبتهم إلههى الخههرة لمهها عرفههوا مههن عظمههة وعههده و وعيههده ‪ ،‬يعنههي أّنهههم بكلّيتهههم‬
‫جهون إلى العقبى مشتاقون إلى النتقال إليها شّدة الشتياق ‪ ،‬ل مانع لهم مههن النتقههال‬ ‫متو ّ‬
‫ل الجال المكتوبة و عدم بلوغها غايتها ‪.‬‬ ‫إّ‬

‫سههلم ‪ :‬مههن‬
‫له عليههه ال ّ‬
‫روى في الوسائل من الكافي عن أبي حمزة قههال ‪ :‬قههال أبههو عبههد ا ّ‬
‫ل سخت نفسه عن الّدنيا ‪.‬‬ ‫ل و من خاف ا ّ‬‫ل خاف ا ّ‬‫عرف ا ّ‬

‫و الثامن أّنه ) عظم الخههالق فههي أنفسهههم فصههغر مهها دونههه فههي أعينهههم ( علمهها منهههم بههأّنه‬
‫سبحانه موصوف بالعظمة و الكبريهاء و الجلل غههالب علهى الشهياء كّلههها ‪ ،‬قهادر قهاهر‬
‫ل من سواه مقهور تحت قدرته داخر ذليل في قيد عبودّيته ‪ ،‬فهو‬ ‫نكّ‬‫عليها ‪ ،‬و ا ّ‬

‫] ‪[ 119‬‬

‫ل المكان مفتقر اليه ل يقدر على‬


‫سبحانه عظيم السلطان عظيم الشأن و غيره أسير في ذ ّ‬
‫ل باذنه ‪.‬‬
‫شيء إ ّ‬

‫ن اعتصههامهم‬
‫سلم بهذا الوصف إلى شّدة يقين المّتقين و غايههة تههوّكلهم و أ ّ‬
‫و أشار عليه ال ّ‬
‫في جميع امورهم به و توكلهم عليه و أنهم ل يهابون معه مّمن سواه ‪.‬‬

‫ل و له حّد‬
‫سلم قال ‪ :‬ليس شىء إ ّ‬ ‫ل عليه ال ّ‬
‫روى في الكافي عن أبى بصير عن أبي عبد ا ّ‬
‫قال ‪ :‬قلت ‪ :‬جعلت فداك فما حّد التوّكل ؟ قال ‪ :‬اليقين ‪ ،‬قلت ‪ :‬فما حّد اليقين ؟‬
‫ل شيئا ‪.‬‬
‫ل تخاف مع ا ّ‬
‫قال ‪ :‬أ ّ‬

‫ل إلى داود ‪ :‬ما اعتصههم‬


‫ل عّز و ج ّ‬
‫سلم قال ‪ :‬أوحى ا ّ‬ ‫ل عليه ال ّ‬
‫و عن مفضل عن أبيعبد ا ّ‬
‫بي عبد من عبادى دون أحد من خلقي عرفت ذلك من نّيته ثّم تكيده السههماوات و الرض‬
‫ن ‪ ،‬و ما اعتصم عبد من عبادى بأحد من خلقي‬ ‫ل جعلت له المخرج من بينه ّ‬ ‫ناّ‬‫و من فيه ّ‬
‫ل قطعت أسباب السماوات من يده و أسخت الرض من تحتههه و لههم‬ ‫عرفت ذلك من نّيته إ ّ‬
‫ي واد هلك ‪ ،‬هذا ‪.‬‬ ‫ابال بأ ّ‬

‫و لما ذكر في الوصف السابع شّدة اشتياق المّتقين إلى الجّنة و خههوفهم مههن العقههاب أتبعههه‬
‫بقوله ) فهم و الجّنة كمن قد رآها فهم فيها منّعمون و هم و النار كمن قد رآههها و هههم فيههها‬
‫معّذبون ( إشارة إلى أنهم صاروا فههى مقههام الّرجههاء و الشههوق إلههى الثههواب و قهّوة اليقيههن‬
‫س بصههره الجّنههة و سههعادتها ‪ ،‬فتنّعمههوا فيههها و‬
‫بحقايق وعده سبحانه بمنزلة مههن رأى بحه ّ‬
‫التّذوا بلذائذها ‪ ،‬و فى مقام الخوف من النار و العقاب و كمال اليقين بحقايق وعيده تعالى‬
‫بمنزلة من شاهد الّنار و شقاوتها فتعّذبوا بعذابها و تأّلموا بآلمها ‪.‬‬

‫صله جمعهم بين مرتبتي الخوف و الّرجاء و بلوغهم فيه إلى الغاية القصوى ‪،‬‬
‫و مح ّ‬

‫سههلم مخههبرا عههن نفسههه ‪ .‬لههو كشههف الغطههاء مهها‬


‫و هي مرتبة عين اليقين كما قال عليههه ال ّ‬
‫ازددت يقينا ‪،‬‬

‫ل الوحدي من الّناس ‪.‬‬


‫و هذه المرتبة أعني مرتبة عين اليقين مقام جليل ل يبلغه إ ّ‬

‫سلم يقول ‪:‬‬


‫ل عليه ال ّ‬
‫و قد روى في الكافي عن إسحاق بن عّمار قال ‪ :‬سمعت أبا عبد ا ّ‬

‫له عليههه و آلههه و سهّلم صهّلى بالّنههاس الصههبح فنظههر إلههى شههاب فههي‬
‫ل صّلى ا ّ‬‫ن رسول ا ّ‬
‫إّ‬
‫المسجد و هو يخفق و يهوى برأسه مصفّرا لونه قد نحف جسمه و غارت عيناه في رأسه‬
‫ل عليه و آله ‪:‬‬‫ل صّلى ا ّ‬ ‫‪ ،‬فقال له رسول ا ّ‬

‫] ‪[ 120‬‬

‫له‬
‫ل صهّلى ا ّ‬ ‫ل موقنا ‪ ،‬فعجب رسول ا ّ‬ ‫كيف أصبحت يا فلن ؟ قال ‪ :‬أصبحت يا رسول ا ّ‬
‫ن يقينهي يها‬‫ل يقيهن حقيقهة فمها حقيقهة يقينهك ؟ فقهال ‪ :‬إ ّ‬
‫ن لكه ّ‬
‫عليه و آله من قوله و قال ‪ :‬إ ّ‬
‫ل هو اّلذى أحزنني و أسهر ليلى و أظمأ هو اجرى فعزفت نفسي عن الّدنيا و ما‬ ‫رسول ا ّ‬
‫فيها حّتى كأّني أنظر إلى عرش رّبي و قد نصههب للحسههاب و حشههر الخليههق لههذلك و أنهها‬
‫فيهم ‪ ،‬و كاّني أنظر إلى أهل الجّنة يتنّعمون في الجّنة و يتعارفون على الرائك يتكئون ‪،‬‬
‫و كأّنى أنظر إلى أهل الّنار و هم فيها معّذبون مصههطرخون ‪ ،‬و كههأّنى الن أسههمع زفيههر‬
‫له‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬هذا عبههد ن هّور ا ّ‬‫ل صّلى ا ّ‬
‫الّنار يدور فى مسامعى ‪ ،‬فقال رسول ا ّ‬
‫شاب ‪ :‬ادع‬ ‫ل عليه و آله و سّلم له ‪ :‬الزم ما أنت عليه ‪ ،‬فقال ال ّ‬‫قلبه باليمان ثّم قال صّلى ا ّ‬
‫ل ه عليههه و آلههه و‬
‫ل صّلى ا ّ‬‫ل أن ارزق الشهادة معك ‪ ،‬فدعا له رسول ا ّ‬ ‫ل لى يا رسول ا ّ‬ ‫ا ّ‬
‫سّلم فلم يلبههث أن خههرج فههي بعههض غههزوات الّنههبي فاستشهههد بعههد تسههعة نفههر و كههان هههو‬
‫العاشر ‪.‬‬

‫و قد مّر هذا الحديث فى شرح الخطبة المأة و الثالثة عشر ‪ ،‬و رويناه هنا أيضا لقتضههاء‬
‫المقام كما هو ظاهر ‪.‬‬

‫ن ) قلوبهم محزونة ( لما غلب عليهم من الخوف ‪.‬‬


‫و التاسع أ ّ‬

‫سههلم قههال ‪ :‬صهّلى أميههر‬


‫روى فى الكافى عن معروف بن خربههوز عههن أبيجعفههر عليههه ال ّ‬
‫سلم بالناس الصبح بالعراق فلما انصرف و عظهههم فبكههى و أبكههاهم مهن‬ ‫المؤمنين عليه ال ّ‬
‫ل ه عليههه‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫ل لقد عهدت أقواما على عهد خليلى رسول ا ّ‬ ‫ل ثّم قال ‪ :‬أما و ا ّ‬
‫خوف ا ّ‬
‫و آله و سّلم و أنهم ليصبحون و يمسون شعثا غبرا خمصهها بيههن أعينهههم كركههب المعههزى‬
‫جدا و قياما ‪،‬‬
‫يبيتون لرّبهم س ّ‬

‫ل لقد رأيتهههم‬
‫يراوحون بين أقدامهم و جباههم ‪ ،‬و يناجون فى فكاك رقابهم من النار ‪ ،‬و ا ّ‬
‫مع هذا و هم خائفون مشفقون ‪.‬‬

‫سلم قال ‪ :‬صّلى أمير المؤمنين عليههه‬ ‫ي بن الحسين عليهما ال ّ‬ ‫و فيه عن أبى حمزة عن عل ّ‬
‫سلم الفجر و لم يزل فى موضعه حّتى صههارت الشههمس علههى قههدر رمههح و أقبههل علههى‬ ‫ال ّ‬
‫ل لقد أدركت أقوامهها يههبيتون لرّبهههم سههجدا و قيامهها يخههالفون بيههن‬ ‫الناس بوجهه فقال ‪ :‬و ا ّ‬
‫ل عنههدهم مههادوا كمهها يميههد الشههجر‬‫ن زفير النار فى آذانهم ‪ ،‬إذا ذكر ا ّ‬ ‫جباههم و ركبهم كأ ّ‬
‫سلم ‪ :‬ثّم قام فما رئي ضاحكا حّتى قبض ‪.‬‬ ‫كأّنما القوم باتوا غافلين ‪ ،‬قال عليه ال ّ‬

‫] ‪[ 121‬‬

‫ن مبههدء الشههرور و المفاسههد كّلههها و رأس كهلّ‬


‫ن ) شههرورهم مأمونههة ( ل ّ‬
‫) و ( العاشههر أ ّ‬
‫ب الّدنيا ‪ ،‬و المّتقون زاهدون فيها معرضههون عنههها مجهانبون عههن شهّرها و‬ ‫خطيئة هو ح ّ‬
‫فسادها ‪.‬‬

‫ن ) أجسههادهم نحيفههة ( ل تعههاب أنفسهههم بالصههيام و القيههام و قنههاعتهم‬


‫) و ( الحاديعشههر أ ّ‬
‫بالقدر الضرورى من الطعام ‪.‬‬

‫ن ) حاجاتهم خفيفة ( لقتصارهم من حوائج الهّدنيا علههى ضههرورّياتها و‬


‫) و ( الثانيعشر أ ّ‬
‫عدم طلبهم منها أكثر من البلغ ‪.‬‬
‫ن ) أنفسهم عفيفة ( أى مصونة عن المحّرمات لكسرهم سههورة الق هّوة‬
‫) و ( الثالث عشر أ ّ‬
‫الشهوّية ‪.‬‬

‫سلم قال ‪:‬‬


‫روى في الوسائل من الكافى عن منصور بن حازم عن أبيجعفر عليه ال ّ‬

‫ل من عّفة فرج و بطن ‪.‬‬


‫ما من عبادة أفضل عند ا ّ‬

‫سلم قال ‪ :‬كان أمير المؤمنين عليههه‬ ‫ل عليه ال ّ‬


‫ل بن ميمون القداح عن أبيعبد ا ّ‬
‫و عن عبد ا ّ‬
‫سلم يقول ‪ :‬ما من عبادة أفضل من عّفهة بطهن و فهرج و الرابهع عشهر أّنههم ) صهبروا‬ ‫ال ّ‬
‫أياما قصيرة أعقبتهم ( تلك الّيام القصيرة ) راحهة طويلهة ( يعنهى أنههم صهبروا فهى دار‬
‫الّدنيا على طوارق المصائب و على مشاق الطاعات و عن لهّذات المعاصههى بههل احتملههوا‬
‫جميع مكاره الّدنيا و استعملوا الصبر فى جميع أهوالها فأوجب ذلههك السههعادة الدائمههة فههى‬
‫الّدار الخرة ‪.‬‬

‫سههلم‬
‫ل على ذلك ما رواه فى الكافى عن حمزة بههن حمههران عههن أبههى جعفههر عليههه ال ّ‬
‫و يد ّ‬
‫قال ‪:‬‬

‫الجّنة محفوفة بالمكاره و الصبر ‪ ،‬فمن صبر على المكاره فى الّدنيا دخل الجّنة ‪،‬‬

‫و جهّنم محفوفة بالّلذات و الشهوات فمن أعطى نفسه لّذتها و شهوتها دخل النار ‪.‬‬

‫سلم ‪ :‬من ابتلههى مههن المههؤمنين‬


‫ل عليه ال ّ‬
‫و فيه عن أبي حمزة الثمالي قال ‪ :‬قال أبو عبد ا ّ‬
‫ببلء فصبر عليه كان له مثل أجر ألف شهيد ‪.‬‬

‫له عليههه و‬
‫له صهّلى ا ّ‬ ‫سلم قههال ‪ :‬قههال رسههول ا ّ‬ ‫ل عليه ال ّ‬‫و فيه عن العزرمي عن أبيعبد ا ّ‬
‫ل بالقتههل و الّتجّبههر ‪ ،‬و ل الغنههى إ ّ‬
‫ل‬ ‫آله ‪ :‬سههيأتي علههى الّنههاس زمههان ل ينههال فيههه الملههك إ ّ‬
‫بالغصب و البخل ‪،‬‬

‫] ‪[ 122‬‬

‫ل باستخراج الّدين و اتباع الهوى ‪ ،‬فمن أدرك ذلك الّزمان فصبر على الفقر‬ ‫و ل المحّبة إ ّ‬
‫و هو يقدر على الغنى ‪ ،‬و صبر على البغضة و هههو يقههدر علههى المحّبههة ‪ ،‬و صههبر علههى‬
‫له ثههواب خمسههين صهّديقا مّمههن صهّدق بههي ‪ ،‬هههذا و فههي‬
‫الّذل و هو يقدر على العّز آتههاه ا ّ‬
‫وصف أّيام الصبر بالقصر و الّراحة بالطول تحريص و ترغيب اليه ‪ ،‬و أّكد ذلك بقوله )‬
‫شههح بلفههظ‬
‫تجارة مربحة ( استعار لفظ التجارة لكتسابهم الّراحة في مقابههل الصههبر ‪ ،‬و ر ّ‬
‫الّربح ‪.‬‬
‫صههبر علههى المكههاره و طههول مهّدة الّراحههة و فنههاء‬‫و كونها مربحههة باعتبههار قصههر مهّدة ال ّ‬
‫سههعادات الخروّيههة مضههافة إلههى خساسههة‬ ‫شهوات الّدنيوّيههة و الّلههذائذ الّنفسههانّية و بقههاء ال ّ‬
‫ال ّ‬
‫الولى في نفسها و حقارتها ‪ ،‬و نفاسة الّثانية و شرافتها ‪.‬‬

‫سههعادة‬
‫ن فههوزهم بتلههك الّنعمههة العظمههى و ال ّ‬
‫سرها لهم رّبهههم ( يعنههي أ ّ‬
‫و أّكد ثالثا بقوله ) ي ّ‬
‫جه العنايهة‬‫له سهبحانه و تأييهده و لطفهه ‪ ،‬ففيهه ايمهاء إلهى تهو ّ‬ ‫الّدائمة قهد حصهل بتوفيهق ا ّ‬
‫له و كرامتههه و‬ ‫الّربانّية إليهم و شمول اللطاف اللهّية عليهم و إلى كونهم بعيههن رحمههة ا ّ‬
‫الخامس عشر أّنهم ) أرادتهم الّدنيا فلههم يريههدوها ( أى أرادت عجههوزة الهّدنيا أن تفتنهههم و‬
‫تغّرهم و أن يتزّوجوا بها ‪ ،‬فأعرضوا عنها و زهدوا فيها بما كانوا يعرفونه مههن حالههها و‬
‫أّنها قّتالة غّوالة ظاهرة الغرور كاسفة الّنور يونههق منظرههها و يوبههق مخبرههها قههد تزّينههت‬
‫بغرورها و غّرت بزينتها ل تفي بأحد من أزواجها الباقية كما لم تف بأزواجها الماضية ‪.‬‬

‫ن الهّدنيا ) أسههرتهم ففههدوا أنفسهههم منههها ( الشههبه أن يكههون المههراد‬


‫) و ( السههادس عشههر أ ّ‬
‫بقوله ‪ :‬أسرتهم ‪ ،‬هو الشههراف علههى السههر ‪ ،‬يعنههي أّنهههم بمقتضههى المههزاج الحيههواني و‬
‫القوى الّنفسانّية اّلتي لهم كاد أن تغّرهم الّدنيا فيميلوا إليها و يقعوا في قيههد اسههره و سلسههلة‬
‫ق المعرفههة و غلههب عقلهههم علههى‬ ‫رقّيته ‪ ،‬لكّنهم نظروا إليها بعين البصههيرة و عرفوههها حه ّ‬
‫شهوتهم فرغبوا عنها و زهدوا فيها و أعرضوا عن زبرجها و زخارفها ‪ ،‬فههالمراد بفههداء‬
‫أنفسهم منها هو العراض عن الّزخارف الّدنيوّية ‪ ،‬فكأّنهم بذلوا تلك الّزخارف‬

‫] ‪[ 123‬‬

‫لها و خلصوا أنفسهم منها ‪.‬‬

‫و إّنما أتى بالواو في قوله ‪ :‬أرادتهم الّدنيا و لم يريدوها ‪ ،‬و بالفاء في قوله ‪:‬‬

‫و أسههرتهم ففههدوا أنفسهههم منههها ‪ ،‬لعههدم الّترتيههب بيههن الجملههتين المتعههاطفتين فههى القرينههة‬
‫ن الفدية مترّتبة على السر كما ل يخفى ‪.‬‬ ‫سابقة ‪ ،‬بخلف هذه القرينة فا ّ‬ ‫ال ّ‬

‫جههد و قيههام الليههل و إليههه أشههار بقههوله ) أّمهها الليههل فصههاّفون‬


‫و السابع عشر اّتصههافهم بالته ّ‬
‫صلة علما منهم بما فيه من الفضل العظيهم و الجهر الخطيهر و قهد مهدح‬ ‫أقدامهم ( فيها لل ّ‬
‫سههجود «‬‫ل القيام فيها و القائمين في كتابه الكريم بقوله » سيماهم في وجوههم من أثر ال ّ‬ ‫ا ّ‬
‫‪.‬‬

‫صلة و بقوله » أّمن هو قانت آناء‬ ‫سهر في ال ّ‬‫سلم في تفسيره ‪ :‬هو ال ّ‬‫صادق عليه ال ّ‬
‫قال ال ّ‬
‫ن ناشئة الليههل‬
‫الليل ساجدًا و قائمًا يحذر الخرة و يرجو رحمة رّبه « و قال تعالى أيضا إ ّ‬
‫هي أشّد وطًا و أقوم قيل « ‪.‬‬
‫لل‬
‫ل تعالى ع هّز و ج ه ّ‬
‫سلم فيه قيام الّرجل عن فراشه يريد به وجه ا ّ‬
‫صادق عليه ال ّ‬‫قال ال ّ‬
‫يريد به غيره ‪.‬‬

‫و كفى فى فضله ما رواه في الفقية عن جابر بن إسماعيل عن جعفر بههن محّمهد عهن أبيههه‬
‫سههلم‬ ‫ي بن أبيطالب عن قيام الّليل بالقرآن ‪ ،‬فقههال عليههه ال ّ‬
‫ن رجل سأل عل ّ‬
‫سلم أ ّ‬
‫عليهما ال ّ‬
‫ابشر ‪:‬‬

‫ل لملئكته ‪ :‬اكتبوا لعبدي هذا‬


‫ل قال ا ّ‬
‫من صّلى من الليل عشر ليلة مخلصا ابتغاء ثواب ا ّ‬
‫ل قصبة و خههوص‬ ‫من الحسنات عدد ما انبت في الليل من حّبة و ورقة و شجرة و عدد ك ّ‬
‫و مرعى ‪.‬‬

‫ل كتابه بيمينه ‪.‬‬


‫ل عشر دعوات مستجابات و أعطاه ا ّ‬
‫و من صّلى تسع ليلة أعطاه ا ّ‬

‫ل أجر شهيد صابر صادق الّنية و شّفع في أهل بيته ‪.‬‬


‫و من صّلى ثمن ليلة أعطاه ا ّ‬

‫و من صّلى سبع ليلة خرج من قبره يوم يبعث و وجهه كالقمر ليلة البدر حتى‬

‫] ‪[ 124‬‬

‫يمّر على الصراط مع المنين و من صّلى سدس ليلة كتب من الوابين و غفر له ما تق هّدم‬
‫خر ‪.‬‬
‫من ذنبه و ما تأ ّ‬

‫و من صّلى خمس ليلة زاحم إبراهيم خليل الّرحمن في قّبته ‪.‬‬

‫و من صّلى ربع ليلة كان في أّول الفائزين حتى يمّر علههى الصههراط كالريههح العاصههف و‬
‫يدخل الجنة بل حساب ‪.‬‬

‫ى أبههواب‬
‫له و قيههل ادخههل مههن أ ّ‬
‫ل غبطه لمنزلتههه مههن ا ّ‬
‫و من صّلى ثلث ليلة لم يلق ملكا إ ّ‬
‫الجنة شئت ‪.‬‬

‫و من صّلى نصف ليلة فلو اعطى ملؤ الرض ذهبا سههبعين ألههف مهّرة لههم يعههدل جههزاه و‬
‫سلم ‪.‬‬‫ل أفضل من سبعين رقبة يعتقها من ولد إسماعيل عليه ال ّ‬ ‫كان له بذلك عند ا ّ‬

‫و من صّلى ثلثي ليلة كان له من الحسنات قدر رمل عالج أدناها حسنة أثقل من جبل احههد‬
‫عشر مّرات ‪.‬‬

‫ل راكعا و ساجدا و ذاكرا اعطى مههن الثههواب مهها أدنههاه‬ ‫و من صّلى ليلة تاّمة تاليا لكتاب ا ّ‬
‫له مهن الحسهنات و مثلههها‬ ‫يخرج من الذنوب كما ولدته اّمه ‪ ،‬و يكتهب لهه عههدد مها خلههق ا ّ‬
‫درجات و يثبت الّنور في قبره و ينزع الثم و الحسد من قلبه ‪ ،‬و يجار من عذاب القبر و‬
‫ب لملئكتههه يهها ملئكههتي انظههروا‬ ‫يعطى براءة من الّنار و يبعث من المنين ‪ ،‬و يقول الر ّ‬
‫إلى عبدى أحيا ليله ابتغاء مرضاتي اسكنوه الفردوس و له فيهها مههأة ألههف مدينههة فههى كه ّ‬
‫ل‬
‫مدينة جميع ما تشتهى النفس و تلّذ العين و لم يخطر على بال سوى ما أعددت لههه مههن‬
‫الكرامة و المزيد و القربة ‪ ،‬هذا ‪.‬‬

‫صلة في الّليل أشار إلى قراءتهم و وصف قراءتهم تفصيل بقههوله‬ ‫و لما وصف قيامهم بال ّ‬
‫سهماء كمها‬‫ن الهبيوت اّلهتي يتلهى فيهها القهرآن تضهيء لههل ال ّ‬ ‫) تالين لجزاء القرآن ( فها ّ‬
‫تضيء الكواكب لهل الرض كما روى في غيههر واحههد مههن الخبههار و تكههثر بركتههها و‬
‫له‬
‫شياطين كما رواه في الكافي عن ابن القداح عن أبيعبد ا ّ‬ ‫تحضرها الملئكة و تهجرها ال ّ‬
‫سلم ‪.‬‬
‫سلم عن أمير المؤمنين عليه ال ّ‬ ‫عليه ال ّ‬

‫] ‪[ 125‬‬

‫) يرّتلونه ترتيل ( قال في مجمع البحرين ‪ :‬الّترتيل في القههرآن الّتههأني و تههبيين الحههروف‬
‫سامع من عّدها ‪.‬‬
‫بحيث يتمّكن ال ّ‬

‫ل ع هزّ‬ ‫سلم عن قول ا ّ‬ ‫ل عليه ال ّ‬


‫ل بن سليمان قال ‪ :‬سألت أبا عبد ا ّ‬
‫و فى الكافي عن عبد ا ّ‬
‫سلم ‪ :‬بّينه تبيانا و ل تهّذه هّذ‬‫ل و رّتل القرآن ترتيل قال ‪ :‬قال أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫وجّ‬
‫شعر ‪ ،‬و ل تنثره نثر الّرمل ‪ ،‬و لكن افزعوا قلوبكم القاسههية و ل يكههن ه هّم أحههدكم آخههر‬‫ال ّ‬
‫سورة ‪.‬‬
‫ال ّ‬

‫سلم ‪ :‬ترتيل القرآن حفظ الوقوف و بيان‬ ‫و فى مجمع البحرين عن أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫سر الوقوف بالوقف التاّم و هو الوقوف على كلم ل تعّلق لههه بمهها بعههده ل‬ ‫الحروف ‪ ،‬و ف ّ‬
‫صفات المعتبرة‬ ‫سر الثاني بالتيان بال ّ‬
‫لفظا و ل معنا ‪ ،‬و بالحسن و هو اّلذي له تعّلق ‪ ،‬و ف ّ‬
‫عند القراءة من الهمس و الجهر و الستعلء و الطباق ‪.‬‬

‫سلم الترتيل أن تتمكث فيه و تحسن به صوتك ‪ ،‬و إذا مررت بآية‬ ‫صادق عليه ال ّ‬
‫و عن ال ّ‬
‫ل من النار ‪.‬‬
‫ل الجنة ‪ ،‬و إذا مررت بآية فيها ذكر النار فتعّوذ با ّ‬
‫فيها ذكر الجنة فاسأل ا ّ‬

‫سلم ) يحزنون به أنفسهم ( أى يقرؤنه بصوت حزين ‪.‬‬


‫و قوله عليه ال ّ‬

‫سههلم قههال ‪ :‬إ ّ‬


‫ن‬ ‫له عليههه ال ّ‬
‫روى في الكافي عن ابن أبي عمير عّمن ذكره عههن أبههي عبههد ا ّ‬
‫القرآن نزل بالحزن فاقرؤه بالحزن ‪.‬‬
‫و فى الوسائل من الكافي عن حفص قال ‪ :‬ما رأيت أحدا أشّد خوفا على نفسه من موسههى‬
‫سلم و ل أرجى للناس منه ‪ ،‬و كانت قراءتههه حزنها ‪ ،‬فهاذا قههرء فكهأنه‬
‫بن جعفر عليهما ال ّ‬
‫يخاطب إنسانا ‪.‬‬

‫ن المراد بدائهم هو داء الّذنوب المهوجب‬ ‫و قوله ‪ ) :‬و يستثيرون به دواء دائهم ( الظاهر أ ّ‬
‫للحرمان من الجّنة و الّدخول في الّنار ‪ ،‬و بدوائه هو الّتدّبر و التفّكر الموجب لقضههاء مهها‬
‫ق و سؤال الجّنة و طلب الّرحمة و المغفرة و التعهّوذ مهن الّنههار عنههد قهراءة‬ ‫عليهم من الح ّ‬
‫آيتي الوعد و الوعيد ‪.‬‬

‫كما أوضحه و شرحه بقوله ) فاذا مّروا بآية فيها تشويق ( إلى الجّنة ) ركنوا (‬

‫] ‪[ 126‬‬

‫أى مالوا و اشتاقوا ) إليها طمعا و تطلعت ( أى أشرفت ) نفوسهم إليها شوقا و ظّنوا أّنهها‬
‫ن تلك الية أى الجّنة الموعودة بها معّدة لهم بين أيديهم و إنمهها‬
‫نصب أعينهم ( أى أيقنوا أ ّ‬
‫ن بمعني اليقين لما قد مّر من اّتصافهم بعين اليقين و أنهم و الجّنة كمن قد رآههها‬ ‫جعلنا الظ ّ‬
‫فهم فيها منّعمون ‪.‬‬

‫) و إذا مّروا بآية فيها تخويف ( و تحذير من النار ) أصههغوا ( أى أمههالوا ) إليههها مسههامع‬
‫ن زفير جهّنم و شهيقها ( أى صههوت توقههدها ) فههى اصههول‬ ‫قلوبهم و ظّنوا ( أى علموا ) أ ّ‬
‫آذانهم ( أو المراد زفير أهلها و شهيقهم ‪ ،‬و الّزفير إدخال النفس و الشهيق إخراجه ‪،‬‬

‫صدر و الشهيق مههن‬


‫ن الّزفير أّول الصوت و الشهيق آخره ‪ ،‬و الّزفير من ال ّ‬ ‫و منه قيل ‪ :‬إ ّ‬
‫الحلق ‪ ،‬و كيف كان فالمراد أنهم و النار كمن قد رآها فهم فيها معّذبون ‪.‬‬

‫ن المّتقين يقرؤن القههرآن بالّترتيههل و الصههوت الحسههن الحزيههن و يشههتّد‬


‫و محصل المراد أ ّ‬
‫رجاؤهم عند قراءة آيات الّرجا و خوفهم عند تلوة آيات الخوف ‪.‬‬

‫روى في الوسائل عن الشيخ عن البرقي و ابن أبي عمير جميعا عن بعض أصحابنا عههن‬
‫سلم قال ‪ :‬ينبغي للعبد إذا صّلى أن يرّتل في قراءته فاذا مّر بآية فيههها‬ ‫ل عليه ال ّ‬
‫أبي عبد ا ّ‬
‫ل من النار ‪ ،‬و إذا مّر بيا أيها الناس و يهها‬
‫ل الجنة و تعّوذ با ّ‬
‫ذكر الجّنة و ذكر النار سأل ا ّ‬
‫أيها اّلذين آمنوا يقول لّبيك رّبنا ‪.‬‬

‫سهلم ينبغههي لمههن‬


‫له عليهه ال ّ‬
‫و عنه عن عثمان بن عيسى عن سماعة قال ‪ :‬قال أبو عبهد ا ّ‬
‫قرء القرآن إذا مّر بآية فيها مسألة أو تخويف أن يسأل عند ذلههك خيههر مهها يرجههو و يسههأل‬
‫العافية من النار و من العذاب ‪.‬‬
‫سههلم إذا‬
‫ي بههن الحسههين عليهمهها ال ّ‬
‫و فيه عن الكليني عن الّزهرى في حديث قال ‪ :‬كان عل ّ‬
‫قرء مالك » ملك « يوم الّدين يكّررها حتى يكاد أن يموت ‪ ،‬هذا ‪.‬‬

‫سلم وصف قيامهم و قراءتهم أشار إلى ركوعهم بقوله ) فهم حههانون (‬ ‫و لما ذكر عليه ال ّ‬
‫أى عاطفون ) على أوساطهم ( يعني أّنهههم يحنههون ظهرهههم فههى الّركههوع أى يميلههونه فههي‬
‫استواء من رقبتهم و من ظهرهم من غير تقويس ‪.‬‬

‫و أشار إلى سجودهم بقوله ) مفترشون لجباههم واه كّفهم و ركبهم و أطراف أقدامهم (‬

‫] ‪[ 127‬‬

‫أى باسههطون لهههذه العضههاء السههبعة فههي حالههة السههجدة علههى الرض قهال سههبحانه و ان‬
‫ل أحدا ‪.‬‬‫ل فل تدعوا مع ا ّ‬‫المساجد ّ‬

‫ي بههن موسههى الّرضهها‬


‫ن المعتصم سأل أبا جعفر محّمد بن عل ه ّ‬ ‫قال في مجمع البيان روى أ ّ‬
‫سلم ‪ :‬هي العضاء السبعة التي يسجد عليها ‪.‬‬ ‫سلم عن هذه الية فقال عليه ال ّ‬‫عليه ال ّ‬

‫سلم قههال رسههول‬‫و فى الوسائل عن الشيخ باسناده عن زرارة قال ‪ :‬قال أبو جعفر عليه ال ّ‬
‫ل عليه و آله ‪ :‬السجود على سبعة أعظم ‪ :‬الجبهة ‪ ،‬و اليدين ‪ ،‬و الّركبتين ‪،‬‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫ا ّ‬

‫و البهامين من الّرجلين ‪ ،‬و ترغم بأنفك إرغاما أّما الفرض فهذه السههبعة و أّمهها الرغههام‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪.‬‬
‫ي صّلى ا ّ‬
‫بالنف فسّنة من النب ّ‬

‫ل تعالى في فكاك رقابهم ( إشارة إلى العّلة الغائّية لهم‬ ‫سلم ) يطلبون إلى ا ّ‬‫و قوله عليه ال ّ‬
‫حههون فههي فكههاك رقههابهم مههن‬
‫من عباداتهم الليلية ‪ ،‬يعنى أنهم يتضّرعون اليه سههبحانه و يل ّ‬
‫النار و ادخالهم الجنة ‪.‬‬

‫و الثامن عشر اّتصافهم بأوصاف يطلع عليها الّناظرون لهههم نهههارا ‪ ،‬و إليههه أشههار بقههوله‬
‫) و أّما الّنهار فحلماء علماء أبرار أتقياء ( يعني أّنهههم مّتصههفون بههالحلم و العلههم و الههبّر و‬
‫الّتقوى ‪.‬‬

‫سطة بيهن رذيلهتي المهانهة و الفهراط فهي الغضهب ‪ ،‬و ههو مهن‬ ‫أما الحلم فهو فضيلة متو ّ‬
‫ي فههي الكههافي‬
‫سفه و هو من جنود الجهل ‪ ،‬كما فههي الحههديث المههرو ّ‬‫جنود العقل و يقابله ال ّ‬
‫سلم ‪.‬‬‫ل عليه ال ّ‬‫عن أبي عبد ا ّ‬
‫قال صدر المتألهين في شرح الكافي ‪ :‬الحلم الناة و هو من شعب العتدال في الغضب ‪،‬‬
‫و السفه الخّفة و الطيش ‪ ،‬و سفه فلن رأيه إذا كان مضههطربا ل اسههتقامة لههه فيكههون مههن‬
‫شعب الفراط في الغضب ضّد الحلم الذي من شعب العتدال فيه ‪.‬‬

‫و قال بعض شّراح الكافي ‪ :‬الحلم الناة و التثّبت في المور ‪ ،‬و هو يحصل عن العتدال‬
‫فى القّوة الغضبية و يمنع من النفعال عن الواردات المكروهة المؤذية ‪ ،‬و من آثاره عدم‬
‫جزع النفس عند المور الهايلة و عدم طيشها فى المؤاخذة و عدم صدور‬

‫] ‪[ 128‬‬

‫حركات غير منتظمة منها و عدم إظهار المزية على الغير و عههدم التهههاون فههى حفههظ مهها‬
‫يجب حفظه شرعا و عقل ‪.‬‬

‫أقول و يشهد بفضل هذا الوصف ‪:‬‬

‫له‬
‫له صهّلى ا ّ‬
‫سهلم قهال ‪ :‬قهال رسههول ا ّ‬‫ما رواه فى الكافى عن جابر عن أبيجعفر عليه ال ّ‬
‫ي الحليم العفيف المتعّفف ‪.‬‬
‫ب الحي ّ‬
‫ل يح ّ‬
‫نا ّ‬
‫عليه و آله و سّلم إ ّ‬

‫سلم قال ‪ :‬إذا وقع بيههن رجليههن منازعههة نههزل‬ ‫ل عليه ال ّ‬


‫و عن سعيد بن يسار عن أبيعبد ا ّ‬
‫ملكان فيقولن للسفيه منهمهها ‪ :‬قلههت و قلههت و أنههت أهههل لمهها قلههت سههتجزى بمها قلههت ‪ ،‬و‬
‫له لههك إن أتممههت ذلههك ‪ ،‬قههال ‪ :‬فههان رّده‬
‫يقولن للحليم منهما ‪ :‬صبرت و حلمت سيغفر ا ّ‬
‫الحليم عليه ارتفع الملكان ‪ ،‬هذا ‪.‬‬

‫سلم فحلماء ‪ :‬فحكماء بالكاف فيفيد اّتصافهم بالحكمههة‬


‫و فى بعض النسخ بدل قوله عليه ال ّ‬
‫و هو أيضا من جنود العقل ‪ ،‬و يقابله الهوى و هو من جنود الجهل كما فى الحديث الههذي‬
‫أشرنا إليه ‪.‬‬

‫قال صدر المتألهين فى شرح هذا الحديث من الكافى ‪ :‬الحكمة هى العلههم بحقههايق الشههياء‬
‫كما هى بقدر الطاقة و العمل على طبقه ‪ ،‬و الهوى الّرأى الفاسد و اّتباع النفههس شهههواتها‬
‫الباطلة ‪ ،‬و يحتمل أن يكون المراد بالحكمة ما يستعمل فههى كتههب الخلق و هههو التوسههط‬
‫فى القّوة الفكرّية بين الفراط الذي هو الجربزة و التفريط الذى هو البلهة فيكون المههراد‬
‫بالهوى الجربزة بما يلزمها من الراء الفاسدة و العقايد الباطلة ‪ ،‬لّنها تضاّد الحكمة التى‬
‫بهذا المعنى ‪ ،‬و كل المعنيين من صفات العقل و ملكاته و مقابلتهما من صفات الجهل و‬
‫توابعه ‪.‬‬
‫و أما العلم فهو أيضهها مههن جنههود العقههل ‪ ،‬و يقههابله الجهههل كمهها فههى الحههديث المتقهّدم إليههه‬
‫الشارة ‪ ،‬و المراد بكونهم علماء كمهها لهههم فههي القهّوة النظريههة بههالعلم النظههرى الههذي هههو‬
‫معرفة الصانع و صفاته و العلم الشرعى الذى هو معرفة تكاليفه و أحكامه ‪.‬‬

‫و أما البر فقد يطلق و يراد به الصادق ‪ ،‬و قد يطلق على الذى من عادته الحسان‬

‫] ‪[ 129‬‬

‫ص البرار بالولياء و الّزهههاد و‬ ‫سر قوله » اّنه هو البّر الّرحيم « و كثيرا ما يخ ّ‬


‫و بهما ف ّ‬
‫لبرار لفي نعيم أى الوليهاء المطيعهون فهي الهّدنيا و قهال‬ ‫نا َ‬‫سر قوله تعالى ا ّ‬‫العّباد و به ف ّ‬
‫ن البرار يشربون مههن كههأس كهان مزاجههها كهافورًا هههو‬ ‫في مجمع البيان في تفسير قوله ا ّ‬
‫ل المحسن في أفعاله ‪ ،‬و قهال الحسهن ‪ :‬ههم اّلهذين ل يهؤذون الهّذر و ل‬ ‫جمع البّر المطيع ّ‬
‫يرضون الشّر و قيل ‪ :‬هم الذين يقضون الحقوق اللزمة و الّنافلة ‪.‬‬

‫له تعههالى و تههاركون جميههع‬


‫و اما التقوى فالمراد به هنا الخوف ‪ ،‬يعنى أّنهم خائفون من ا ّ‬
‫القبايح البدنّية و النفسانّية ‪.‬‬

‫و أشار إلى كمال خوفهم بقوله ) قد بريهههم الخههوف بههرى القههداح ( أى نحتهههم مثههل نحههت‬
‫سهام و صههاروا مثلههها فهي الّدقههة و النحافههة و إّنمها يفعههل الخهوف ذلهك لشهتغال الّنفههس‬‫ال ّ‬
‫شهههوّية و الغاذيههة عههن أداء‬
‫المدّبرة للبدن به عن النظر في صلح البدن و وقوف الق هّوة ال ّ‬
‫بدل ما يتحّلل ‪.‬‬

‫ل سبحانه و نحول البدن من شّدته مأثورا‬


‫و قد كان هذا الوصف أعني كمال الخوف من ا ّ‬
‫سلم ‪.‬‬‫ي بن الحسين عليهما ال ّ‬
‫عن عل ّ‬

‫ي بههن الحسههين‬‫سههلم قههال ‪ :‬كههان عله ّ‬


‫فقد روى المفيد في الرشاد عههن أبههي جعفههر عليههه ال ّ‬
‫سنبلة ‪.‬‬
‫سلم يصّلى في اليوم و الّليلة ألف ركعة و كانت الّريح تميله بمنزلة ال ّ‬ ‫عليهما ال ّ‬

‫ي بن الحسههين عليهمهها السّههلم إذا‬‫ل بن محّمد القرشي قال ‪ :‬كان عل ّ‬ ‫و فيه أيضا عن عبد ا ّ‬
‫ضأ يصفّر لونه فيقول له أهله ‪ :‬ما هههذا اّلههذي يغشههاك ؟ فيقههول ‪ :‬أ تههدرون لمههن أتههأّهب‬‫تو ّ‬
‫للقيام بين يديه ‪.‬‬

‫ي بههن‬
‫سههلم فههي حههديث مههدح فيههه عله ّ‬ ‫صادق عليه ال ّ‬‫و فيه أيضا عن سعيد بن كلثوم عن ال ّ‬
‫أبيطالب بما هو أهله و أطراه إلى أن قال ‪ :‬و ما أشبهه من ولده و ل أهل بيته أحد أقههرب‬
‫سلم ‪ ،‬و لقد دخل ابنه أبههو جعفههر‬ ‫ي بن الحسين عليهما ال ّ‬ ‫شبها به في لباسه و فقهه من عل ّ‬
‫سهههر و رمصههت‬ ‫عليه فاذا هو قد بلغ من العبادة ما لم يبلغه أحد فرآه قد اصفّر لونه مههن ال ّ‬
‫سجود و ورمت ساقاه و قدماه من‬ ‫عيناه من البكاء و دبرت جبهته و انخرم أنفه من ال ّ‬
‫] ‪[ 130‬‬

‫صلة قال أبو جعفر ‪ :‬فلم أملك حين رأيته بتلك الحال البكاء فبكيههت رحمههة لههه‬
‫القيام في ال ّ‬
‫الحديث ‪.‬‬

‫سلم أيضا مّتصفون بذلك ‪.‬‬


‫و قد كان شيعتهم عليهم ال ّ‬

‫كما رواه في الوسايل من الخصال عن عمرو بن أبي المقدام عن أبيه قههال ‪ :‬قههال لههي أبههو‬
‫شههاحبون الّنههاحلون الهّذابلون ‪ ،‬ذابلههة‬
‫ى ال ّ‬
‫سلم يهها أبهها المقههدام إّنمهها شههيعة عله ّ‬
‫جعفر عليه ال ّ‬
‫شههفاههم خميصههة بطههونهم متغّيههرة ألههوانهم مصههفّرة وجههوههم ‪ ،‬إذا جّنهههم الّليههل اّتخههذوا‬
‫الرض فراشا و استقبلوا الرض بجباههم ‪ ،‬كثير سجودهم كثيرة دموعهم كثير دعههاؤهم‬
‫كثير بكاؤهم يفرح الّناس و هم محزونون ‪.‬‬

‫ن أمير المههؤمنين خههرج ذات ليلههة مههن المسههجد و‬


‫و فيه من أمالي ابن الشيخ قال ‪ :‬روى ا ّ‬
‫كانت ليلة قمراء فأّم الجبانة و لحقه جماعة يقفون أثره فوقف عليههم ثهّم قهال ‪ :‬مهن أنتهم ؟‬
‫قالوا ‪ :‬شيعتك يا أمير المؤمنين ‪ ،‬فتفّرس في وجوههم قال ‪ :‬فما لى ل أرى عليكههم سههيماء‬
‫الشيعة ؟ قالوا ‪ :‬و ما سيماء الشيعة يا أميهر المهؤمنين ؟ قهال ‪ :‬صهفر الوجهوه مهن السههر‬
‫عمش العيون من البكاء حدب الظهور من القيام خمص البطهون مهن الصهيام ذبهل الشههفاه‬
‫من الّدعاء عليهم غبرة الخاشعين ‪ ،‬هذا ‪.‬‬

‫و لغلبة الخوف عليهم و نحول أجسادهم و انحلل أعضائهم و شحب ألوانهم مههن الج هّد و‬
‫الجتهاد في العبادة ) ينظر إليهم الناظر فيحسبهم مرضى و ( الحال أنه ) مهها بههالقوم مههن‬
‫جه نفوسهم بالملء العلى ‪ ،‬و خروج أفعالهم عن المعتههادة المتعارفههة بيههن‬ ‫مرض و ( لتو ّ‬
‫ل عقلهههم و فسههد ) و ( الحههال أنههم‬
‫الناس ) يقول ( الناظر لهم إنهم ) قد خولطوا ( أى اخت ّ‬
‫ما خولطوا بل ) قد خالطهم ( أى مازجهم ) أمر عظيم ( من الخوف فتولهوا لجله ‪.‬‬

‫التاسع عشر أّنهم ) ل يرضون من أعمالهم القليل ( أى ل يقنعون بالقليههل لعلمهههم بشههرف‬
‫الغايات المقصودة من العبادات و عظم ما يترّتب عليها من الثمههرات ‪ ،‬و هههو العتههق مههن‬
‫ل الههذي هههو أعظههم الّلههذات و أشههرف‬
‫النار و الّدخول فى الجنة و الوصول إلى رضوان ا ّ‬
‫الغايات ‪.‬‬

‫] ‪[ 131‬‬

‫ن أولياء الّدين و أئمة التقوى و اليقين كان هممهم مقصورة على الجّد و الجتهاد‬
‫و لذلك أ ّ‬
‫و التفّرغ للعبادة ‪.‬‬
‫ل عليه و آله و سّلم كما فى رواية الحتجاج عن الكههاظم عههن‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫و لقد قام رسول ا ّ‬
‫سلم عشههر سههنين علههى أطههراف أصههابعه حههتى‬‫أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم ال ّ‬
‫ل تعههالى » طههه‬
‫توّرمت قدماه و اصفّر وجهه يقوم الّليل أجمع حتى عوتب فى ذلك فقال ا ّ‬
‫ما انزلنا عليك القرآن لتشقى « بل لتسعد به ‪.‬‬

‫له‬‫ل صّلى ا ّ‬ ‫سلم قال ‪ :‬كان رسول ا ّ‬ ‫و فى رواية الكافى عن أبى بصير عن الباقر عليه ال ّ‬
‫ل لم تتعب نفسك و قد غفههر لههك مهها‬ ‫عليه و آله و سّلم عند عايشة ليلتها فقالت ‪ :‬يا رسول ا ّ‬
‫ل عليههه و آلههه و سهّلم ‪ :‬يها عايشهة أل أكههون عبهدا‬‫خر ؟ فقال صّلى ا ّ‬ ‫تقّدم من ذنبك و ما تأ ّ‬
‫سلم يصّلي فى اليوم و الّليلههة ألههف ركعههة ‪ ،‬و كههذلك‬ ‫شكورا و كان أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫سلم حسبما عرفت آنفا ‪.‬‬ ‫ي بن الحسين عليهما ال ّ‬ ‫ولده عل ّ‬

‫ي بن الحسههين عليهمهها‬
‫و روى فى الوسايل من العلل عن أبى حمزة قال ‪ :‬سألت مولة لعل ّ‬
‫سلم فقالت ‪ :‬اطنههب أو‬ ‫ى بن الحسين عليهما ال ّ‬
‫سلم بعد موته فقلت ‪ :‬صفى لى امور عل ّ‬
‫ال ّ‬
‫اختصر ؟‬

‫ط‪.‬‬
‫ط و ل فرشت له فراشا بليل ق ّ‬
‫فقلت ‪ :‬بل اختصري ‪ ،‬قال ‪ :‬ما أتيته بطعام نهارا ق ّ‬

‫ن الّرضهها‬
‫و روى فيه أيضا من العيون عن عبد السههلم بههن صههالح الهههروى فههى حههديث ا ّ‬
‫سلم كان ربما يصّلى فى يومه و ليلته ألف ركعة ‪ ،‬و انما ينفتل من صلته سههاعة‬ ‫عليه ال ّ‬
‫فى صدر النهار و قبل الّزوال و عند اصفرار الشمس ‪ ،‬فهو فههى ههذه الوقههات قاعههد فههى‬
‫صلة » مصله ظ « يناجى ربه ‪.‬‬

‫سههلم ‪ ،‬و كفههى فههى تأكههد‬


‫إلى غير ذلك من الخبار الواردة فى وصف عبههاداتهم عليهههم ال ّ‬
‫ل ليعبدون ‪.‬‬‫ن و النس إ ّ‬ ‫المداومة على العبادة و التفّرغ لها بقوله سبحانه و ما خلقت الج ّ‬

‫له عليههه‬
‫روى فى الوسههايل مههن العلههل بسههنده عههن جميههل بههن دّراج قههال ‪ :‬قلههت لبيعبههد ا ّ‬
‫ل ليعبدون ؟‬ ‫ن و النس إ ّ‬ ‫ل و ما خلقت الج ّ‬ ‫ل عّز و ج ّ‬‫سلم ‪ :‬جعلت فداك ما معنى قول ا ّ‬ ‫ال ّ‬

‫فقال ‪ :‬خلقهم للعبادة ‪.‬‬

‫] ‪[ 132‬‬

‫سلم قال فى التوراة مكتوب يهها‬ ‫ل عليه ال ّ‬


‫و فيه عن الكلينى عن عمر بن يزيد عن أبيعبد ا ّ‬
‫ى أن أسهّد فاقتههك و‬
‫ابن آدم تفرغ لعبادتى أملء قلبك غنههى و ل أكلههك إلههى طلبههك ‪ ،‬و عله ّ‬
‫أملء قلبك خوفا مّنى ‪.‬‬
‫ل عليههه و‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫سلم قال ‪ :‬قال رسول ا ّ‬ ‫ل عليه ال ّ‬
‫و عن عمر بن جميع عن أبى عبد ا ّ‬
‫آله و سّلم ‪ :‬أفضل الّناس من عشق العبادة فعانقها و أحّبها بقلبه و باشرها بجسده و تفههرغ‬
‫لها فهو ل يبالى على ما أصبح من الّدنيا على عسر أم يسر ‪.‬‬

‫ل تبارك و تعههالى ‪ :‬يهها عبههادى‬


‫سلم ‪ :‬قال ا ّ‬
‫ل عليه ال ّ‬
‫و عن أبى جميلة قال ‪ :‬قال أبو عبد ا ّ‬
‫صديقين تنّعموا بعبادتى فى الّدنيا فاّنكم تنّعمون بها فى الخرة ‪.‬‬
‫ال ّ‬

‫) و ( العشرون أّنهم ) ل يستكثرون ( من أعمالهم ) الكثير ( أى ل يعجبون بكثرة العمههل‬


‫ن ما أتههوا بههه‬
‫و ل يعّدونه كثيرا و ان أتعبوا فيه أنفسهم و بلغوا غاية جهدهم ‪ ،‬لمعرفتهم بأ ّ‬
‫من العبادات و إن بلغت في كثرتها غاية الغايات زهيدة قليلة في جنههب مهها يههترّتب عليههها‬
‫من الّثمرات ‪ ،‬كما أشار إليه في الخطبة الثانية و الخمسين بقوله ‪:‬‬

‫ل لو حننتهم حنيههن الههوله العجههال و دعهوتهم بههديل الحمهام و جهأرتم جهؤار المتبّتلههي‬
‫فو ا ّ‬
‫ل من المههوال و الولد التمههاس القربههة اليههه فههي ارتفههاع درجههة‬‫الّرهبان و خرجتم إلى ا ّ‬
‫عنده أو غفران سيئة أحصتها كتبه و حفظها رسله ‪ ،‬لكان قليل فيما أرجو لكههم مههن ثههوابه‬
‫و أخاف عليكم من عقابه ‪ ،‬هذا ‪.‬‬

‫مع ما في استكثار العمل من العجب المههوجب لهبههاطه و للوقههوع فههي الخههزى العظيههم و‬
‫العذاب الليم ‪.‬‬

‫سلم قال ‪ :‬ثلث‬


‫روى في الوسائل من الخصال عن سعد السكاف عن أبي جعفر عليه ال ّ‬
‫ظهر ‪ :‬رجل استكثر عمله ‪ ،‬و نسى ذنوبه ‪ ،‬و أعجب برأيه ‪.‬‬
‫قاصمات ال ّ‬

‫سلم قال ‪ :‬قال ابليههس ‪:‬‬


‫ل عليه ال ّ‬
‫و من الخصال عن عبد الّرحمن بن الحجاج عن أبيعبد ا ّ‬
‫إذا استمكنت من ابن آدم في ثلث لم ابال ما عمل فاّنه غير مقبول ‪ :‬إذا استكثر عمله ‪ ،‬و‬
‫نسى ذنبه ‪ ،‬و دخله العجب ‪.‬‬

‫سلم يقول ‪ :‬ل تستكثروا‬


‫و فيه عن الكليني عن سماعة قال ‪ :‬سمعت أبا الحسن عليه ال ّ‬

‫] ‪[ 133‬‬

‫الخير و ل تستقّلوا قليل الّذنوب ‪.‬‬

‫سلم قال ‪ :‬قال رسههول‬ ‫ل عليه ال ّ‬


‫و عن الكليني عن يونس عن بعض أصحابه عن أبيعبد ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سهّلم فههي حههديث ‪ :‬قهال موسههى بههن عمههران لبليههس ‪ :‬أخههبرني‬‫ل صّلى ا ّ‬
‫ا ّ‬
‫بالّذنب اّلذى إذا أذنبه ابن آدم استحوذت عليه قال ‪ :‬إذا أعجبته نفسه ‪ ،‬و استكثر عمله ‪ ،‬و‬
‫صغر في عينه ذنبه ‪.‬‬
‫صديقين ‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫شر المذنبين و أنذر ال ّ‬
‫ل لداود ‪ :‬يا داود ب ّ‬
‫ل عّز و ج ّ‬
‫و قال ‪ :‬قال ا ّ‬

‫شههر المههذنبين أنههي أقبههل التوبههة و‬


‫شر المذنبين و أنذر الصّديقين ؟ قههال ‪ :‬يهها داود ب ّ‬
‫كيف اب ّ‬
‫أعفو عن الّذنب ‪ ،‬و أنذر الصّديقين أن ل يعجبوا بأعمالهم فاّنه ليس عبد أنصههبه للحسههاب‬
‫ل هلك و لّما ذكر عدم رضاهم بالقليل و اعجابهم بالكثير فّرع عليه قوله ) فهههم لنفسهههم‬ ‫إّ‬
‫مّتهمون و من أعمالهم مشفقون ( يعني أّنهم يّتهمون أنفسهم و ينسبونها إلى التقصههير فههي‬
‫العبادة ‪.‬‬

‫سههلم‬ ‫روى في الوسائل عن الكليني عن سعد بن أبي خلف عن أبي الحسن موسى عليه ال ّ‬
‫ي عليك بالجّد و ل تخرجنّ نفسك من حّد التقصير في عبههادة‬
‫قال ‪ :‬قال لبعض ولده ‪ :‬يا بن ّ‬
‫ق عبادته ‪.‬‬
‫ل ل يعبد ح ّ‬ ‫نا ّ‬‫ل عّز و جل فا ّ‬
‫ا ّ‬

‫سههلم قهال ‪ :‬أكهثر مهن أن تقهول ‪ :‬الّلهههم ل‬ ‫و عن الفضل بن يونس عن أبي الحسن عليه ال ّ‬
‫تجعلني من المعارين و ل تخرجنههي مههن التقصههير ‪ ،‬قهال ‪ :‬قلههت لههه ‪ :‬أّمهها المعههارون فقههد‬
‫ن الّرجل يعار الّدين ثّم يخرج منه ‪ ،‬فما معني ل تخرجني من التقصير ؟‬ ‫عرفت إ ّ‬

‫ن الّناس كّلهم فههي أعمههالهم‬


‫صرا عند نفسك فا ّ‬
‫ل فكن فيه مق ّ‬
‫ل عمل تريد به وجه ا ّ‬ ‫فقال ‪ :‬ك ّ‬
‫ل‪.‬‬
‫ل من عصمه ا ّ‬ ‫صرون إ ّ‬
‫ل مق ّ‬‫فيما بينهم و بين ا ّ‬

‫ل عليه و‬‫ل صّلى ا ّ‬ ‫سلم قال ‪ :‬قال رسول ا ّ‬ ‫و عن أبي عبيدة الحذاء عن أبي جعفر عليه ال ّ‬
‫ل ‪ :‬ل يّتكل العاملون لي على أعمالهم اّلتي يعملونها لثوابي ‪،‬‬ ‫ل عّز و ج ّ‬‫آله و سّلم ‪ :‬قال ا ّ‬
‫صههرين غيهر بهالغين فههي‬‫فاّنهم لو اجتهدوا و أّتعبوا أنفسهم أعمارهم في عباداتي كههانوا مق ّ‬
‫عبادتهم كنه عبادتي فيما يطلبون عندى من كرامتي و النعيم في جّناتي و رفيع ال هّدرجات‬
‫العلي في جوارى و لكن برحمتي فليّتقوا » فليثقواظ « ‪ ،‬و فضلي فليرجوا ‪ ،‬و الى حسههن‬
‫ن بي فليطمئّنوا و أّما اشفاقهم من أعمالهم فخوفهم من عدم قبولها أو مههن عههدم كونههها‬ ‫الظ ّ‬
‫جامعة‬

‫] ‪[ 134‬‬

‫له‬
‫صحة و الكمال على الوجه اّلذي يليق به تعههالى فيؤاخههذوا بههه ‪ ،‬و قههد مههدح ا ّ‬
‫لشرايط ال ّ‬
‫سبحانه المؤمنين بذلك في قوله » و اّلذين يؤتون ما آتوا و قلوبهم وجلة « ‪.‬‬

‫سلم أّنه سئل عن هذه الية فقال ‪:‬‬


‫روى فى الصافى من الكافى عن الصادق عليه ال ّ‬

‫له و يرجهون أن‬


‫هى اشفاقهم و رجاؤهم يخافون أن تهرّد عليههم أعمهالهم إن لهم يطيعهوا ا ّ‬
‫تقبل منهم ‪.‬‬
‫سلم ‪ :‬معناه خائفة أن ل يقبل منهم ‪.‬‬
‫ل عليه ال ّ‬
‫و فى مجمع البيان قال أبو عبد ا ّ‬

‫له عليهه‬
‫و فى الوسائل من الكافى عن عبد الّرحمهن بهن الحجهاج قهال ‪ :‬قلهت لبهي عبهد ا ّ‬
‫سلم الّرجل يعمل العمل و هو خائف مشفق ثّم يعمل شيئا من البّر فيههدخله شههبه العجههب‬ ‫ال ّ‬
‫سلم ‪ :‬هو فى حاله الولى و هو خائف أحسن حال منه فى حال عجبه ‪.‬‬ ‫به فقال عليه ال ّ‬

‫الحههادى و العشههرون أّنههه ) إذا زكههي أحههدهم ( أى وصههف و مههدح بمهها فيههه مههن محامههد‬
‫الوصاف و مكارم الخلق و مراقبة العبادات و مواظبة الطاعات ) خاف مما يقال له (‬
‫و اشمئّز منه ) فيقول أنا أعلم بنفسى ( أى بعيوبها ) من غيري و رّبي أعلم مّني بنفسي (‬
‫و إّنما يشمئّز و يخاف من الّتزكيهة لكهون الّرضها بهها مظّنهة العجهاب بهالنفس و الدلل‬
‫بالعمل ‪.‬‬

‫ل سبحانه عن تزكيههة النفههس قهال تعههالى فل تزّكههوا أنفسههكم هههو‬


‫و لهذه الّنكتة أيضا نهى ا ّ‬
‫أعلم بمن اّتقى أى ل تثنوا عليها بزكاء العمل و زيادة الخير و الطهههارة مههن المعاصههى و‬
‫الّرذائل ‪ ،‬فاّنه يعلم الّتقى و غيره منكم قبل أن يخرجكم من صلب آدم ‪.‬‬

‫ظموها و ل تمدحوها بما ليس لها فاّنى أعلم بها ‪،‬‬


‫قال فى مجمع البيان ‪ :‬أى ل تع ّ‬

‫و قيل ‪ :‬معناه ل تزكوها بما فيها من الخير ليكون أقرب إلى النسههك و الخشههوع ‪ ،‬و أبعههد‬
‫من الّريا هو أعلم بمن بّر و أطاع و أخلص العمل ‪.‬‬

‫سلم أّنه سئل عنها قال ‪ :‬يقول ‪:‬‬


‫صادق عليه ال ّ‬
‫و روى فى الصافى من العلل عن ال ّ‬

‫ل عهّز و جههل أعلههم بمههن‬


‫نا ّ‬
‫ل يفتخر أحدكم بكثرة صلته و صيامه و زكاته و نسكه ‪ ،‬ل ّ‬
‫اّتقى منكم ‪.‬‬

‫و قوله ) اللهّم ل تؤاخذنى بما يقولون و اجعلنى أفضل مما يظّنون و اغفر لى‬

‫] ‪[ 135‬‬

‫ما ل يعلمون ( أى ل تؤاخذنى بتزكية المزكين التى هى مظنة العجاب الموجب للسهخط‬
‫و المؤاخذة ‪ ،‬و اجعلنى أفضل مما يظّنون فى الّتقوى و الههورع ‪ ،‬و اغفههر لههى الهفههوات و‬
‫الثام التى أنت عالم بها و هى مستورة عنهم و على ما ذكرنا فهههذه الجملههة الّدعائيههة متهّم‬
‫سلم عنهم ‪ ،‬يعنههى إذا زكههي أحههدهم يخههاف منههه و يجيههب‬ ‫كلم المّتقين الذى حكاه عليه ال ّ‬
‫المزّكى بقوله ‪ :‬أنا أعلم بنفسى اه ‪،‬‬

‫و يدعو ربه بقوله ‪ :‬اللهّم ل تؤاخذني اه ‪.‬‬


‫ن هذه الجملة من كلم أمير المؤمنين نفسه ل‬ ‫و العجب من الشارح المعتزلى حيث زعم أ ّ‬
‫حكاية عن المّتقين قال ‪ :‬و قوله ‪ :‬اللهّم ل تؤاخههذنى بمهها يقولههون ‪ ،‬إلههى آخههر الكلم مفههرد‬
‫سلم أنه قهاله لقهوم مهّر عليههم و ههم مختلفهون فهى أمهره‬ ‫ل بنفسه منقول عنه عليه ال ّ‬ ‫مستق ّ‬
‫فمنهم الحامد له و منهم الّذام فقال ‪ :‬اللهّم ل تؤاخذنى اه ‪ ،‬و معناه ‪ :‬اللهّم إن كان ما ينسبه‬
‫ى من الفعال الموجبة للذّم حقا فل تؤاخذنى بذلك ‪ ،‬و اغفر لههى مهها ل يعلمههونه‬ ‫الّذامون إل ّ‬
‫ي ‪ ،‬انتهى ‪.‬‬‫من أفعالى ‪ ،‬و ان كان ما يقوله الحامدون حقا فاجعلنى أفضل مما يظّنونه ف ّ‬

‫و الظهر ما ذكرنا كما ل يخفى ‪ ،‬هذا ‪.‬‬

‫و لما ذكر جملة من أوصافهم الجميلة أردفها بساير أوصافهم الههتى بههها يعرفههون و قههال ‪:‬‬
‫) فمن علمة أحدهم أنك ترى له قّوة فى دين ( أى تراه متصّلبا فيههه ل يههؤّثر فيههه تشههكيك‬
‫المشكك و ل ينخدع بخداع الناس ‪.‬‬

‫) و حزما في لين ( أى يكون لينه عن حزم و تثّبت ل عن مهانة و قال الشارح البحرانههي‬
‫يكون له الحزم في المور الّدنيوية و الّتثّبت فيها ممزوجا بالّلين للخلق و عدم الفظاظههة ‪،‬‬
‫و هي فضيلة العدل في المعاملة مع الخلق ‪.‬‬

‫صههانع و الّرسههول و‬‫ن اليمان و هو معرفههة ال ّ‬ ‫) و ايمانا في يقين ( أى ايمانا مع يقين ‪ ،‬فا ّ‬
‫ضعف ‪ ،‬فتههارة يكههون عههن وجههه‬ ‫ل لما كان قابل للشّدة و ال ّ‬ ‫الّتصديق بما جاء به من عند ا ّ‬
‫التقليههد و هههو العتقههاد المطههابق ل لمههوجب ‪ ،‬و اخههرى عههن وجههه العلههم و هههو العتقههاد‬
‫ل كههذلك و هههو‬
‫المطابق لموجب هو الّدليل ‪ ،‬و ثالثة عن العلم به مع العلههم بههأّنه ل يكههون إ ّ‬
‫ن علمهم باصول العقايد علم يقين ل يتطّرق إليه احتمال‬ ‫علم اليقين ‪ ،‬أراد أ ّ‬

‫] ‪[ 136‬‬

‫ن اليمههان‬
‫سلم ‪ :‬يهها أخهها جعفههي ا ّ‬
‫ل عليه ال ّ‬
‫و فى الكافي عن جابر قال ‪ :‬قال لي أبو عبد ا ّ‬
‫ن اليقين أفضل من اليمان ‪ ،‬و ما من شيء أعّز من اليقين ‪.‬‬ ‫أفضل من السلم و إ ّ‬

‫ي بن إبراهيم عن محّمد بن عيسى عهن يهونس قهال ‪ :‬سهألت أبها الحسهن الّرضها‬ ‫و عن عل ّ‬
‫سلم ‪ :‬إّنما هههو السههلم و‬ ‫سلم عن اليمان و السلم فقال ‪ :‬قال أبو جعفر عليه ال ّ‬ ‫عليه ال ّ‬
‫اليمان فوقه بدرجة و التقوى فوق اليمان بدرجة ‪ ،‬و اليقين فوق التقههوى بدرجههة ‪ ،‬و لههم‬
‫ى شيء اليقين ؟ قههال ‪ :‬التوّكههل علههى‬ ‫ل من اليقين ‪ ،‬قال ‪ :‬قلت ‪ :‬فأ ّ‬ ‫سم بين الّناس شيء أق ّ‬‫يق ّ‬
‫ل ‪ ،‬قلت ‪ :‬فما تفسير ذلك ؟ قال‬ ‫ل ‪ ،‬و التفويض إلى ا ّ‬‫ل ‪ ،‬و الّرضا بقضاء ا ّ‬ ‫ل و التسليم ّ‬ ‫ا ّ‬
‫سلم ‪.‬‬‫‪ :‬هكذا قال أبو جعفر عليه ال ّ‬

‫قال بعض شهّراح الكههافي فههي شههرح هههذا الحههديث ‪ :‬السههلم هههو القههرار و اليمههان إمهها‬
‫التصديق أو الّتصديق مع القرار ‪ ،‬و على التقديرين فهو فوق السههلم بدرجههة أمهها علههى‬
‫ن التصديق القلبي أفضل و أعلى من القههرار الّلسههاني‬ ‫الثاني فظاهر و أّما على الّول فل ّ‬
‫ن التقههوى هههو التجّنههب‬
‫ن القلب أفضل من الّلسان ‪ ،‬و التقوى فوق اليمان بدرجههة ل ّ‬ ‫كما أ ّ‬
‫ن التقهوى قهد ل‬ ‫عّما يضّر في الخرة و إن كان ضرره يسيرا ‪ ،‬و اليقيهن فهوق التقههوى ل ّ‬
‫سلم بقوله ‪:‬‬‫يكون في مرتبة اليقين ‪ ،‬و هي اّلتي أشار إليها أمير المؤمنين عليه ال ّ‬

‫لو كشف الغطاء لما ازددت يقينا ‪.‬‬

‫) و حرصا في علم ( أى و حرصا في طلب العلم الّنافع فههى الخههرة و الزديههاد منههه ) و‬
‫علما فى حلم ( أى علما ممزوجا بالحلم و قد مّر توضههيحه فههى شههرح قههوله و أّمهها الّنهههار‬
‫فعلماء حلماء ‪.‬‬

‫) و قصدا فى غنى ( يحتمل أن يكون المراد اقتصاده فى طلب المال و تحصيل الههثروة ‪،‬‬
‫يعنى أّنه ل يجاوز الحّد فى كسب المال و تحصيل الغنى بحيث يؤّدى إلى فوات بعض ما‬
‫عليه من الفرايض كما هههو المشههاهد فههي أبنههاء الهّدنيا ‪ ،‬و أن يكههون المههراد أّنههه مههع غنههاه‬
‫ن غنههاه لههم يههوجب‬ ‫مقتصد فى حركاته و سكناته و مصارف ماله بل جميع أفعههاله يعنههى أ ّ‬
‫ن النسههان ليطغهى ان‬ ‫طغيانه و خروجه عن القصد و تجاوزه عن الحّد كمها قهال تعههالى ا ّ‬
‫رآه استغنى ‪.‬‬

‫] ‪[ 137‬‬

‫ل المؤمنين بذلك‬ ‫) و خشوعا فى عبادة ( أى خضوعا و تذلل فى عباداته ‪ ،‬و قد وصف ا ّ‬


‫فههى قههوله » اّلههذين هههم فههى صههلوتهم خاشههعون « قههال فههى مجمههع البيههان أى خاضههعون‬
‫متواضعون متههذّللون ل يههدفعون أبصههارهم عههن مواضههع سههجودهم و ل يلتفتههون يمينهها و‬
‫شمال ‪.‬‬

‫ل عليه و آله و سّلم رأى رجل يعبث بلحيتههه فههي صههلته فقههال ‪:‬‬
‫ي صّلى ا ّ‬
‫ن الّنب ّ‬
‫و روى أ ّ‬
‫أما اّنه لو خشع قلبه لخشعت جوارحه ‪.‬‬

‫صلة يكون بالقلب و بالجوارح ‪ ،‬فأّما بههالقلب فهههو‬ ‫ن الخشوع في ال ّ‬ ‫و في هذا دللة على أ ّ‬
‫أن يفرغ قلبه بجميههع الهّمههة لههها و العههراض عّمهها سههواها فل يكههون فيههه غيههر العبههادة و‬
‫ض البصر و القبال عليها و ترك اللتفات و العبث قال‬ ‫المعبود ‪ ،‬و أّما بالجوارح فهو غ ّ‬
‫ابن عّباس خشع فل يعرف من على يمينه و من على يساره ‪.‬‬

‫سههؤال و يسههتر مهها‬


‫) و تجّمل في فاقة ( أى يتعّفف و يظهر الغنى في حال فقره و يترك ال ّ‬
‫هو عليه من الفقر ‪ ،‬و أصل التجّمل هو تكّلف الجميل ‪.‬‬
‫ل سبحانه أصحاب الصفة بذلك في قوله » يحسبهم الجاهل أغنياء من التعّفف‬ ‫و قد مدح ا ّ‬
‫تعرفهم بسيماهم ل يسئلون الّناس الحافا « و كانوا نحوا من أربعمأة من فقراء المهاجرين‬
‫ل عليه و آله و سّلم يسههتغرقون أوقههاتهم بههالتعّلم و‬‫ل صّلى ا ّ‬ ‫يسكنون صّفة مسجد رسول ا ّ‬
‫له عليههه و آلههه و سهّلم‬
‫له صهّلى ا ّ‬
‫ل سههرّية يبعثههها رسههول ا ّ‬‫العبادة و كانوا يخرجون في ك ّ‬
‫يظّنهم الجاهل بحالهم و باطن امورهم أغنياء من التعّفف أى من أجل التعّفههف و المتنههاع‬
‫سههتر لمهها ههم عليهه مههن الفقههر و سههوء الحهال طلبهها‬
‫سؤال و التجّمهل فهى الّلبههاس و ال ّ‬‫من ال ّ‬
‫ل و جزيل ثوابه تعرفهم بسيماهم أى تعرف حالهم بما يرى فههى وجههوههم مههن‬ ‫لرضوان ا ّ‬
‫علمة الفقر من رثاثة الحال و صفرة الههوجه ل يسههئلون الّنههاس أصههل فيكههون إلحههاح أى‬
‫سالبة بانتفاء الموضوع مثل قولك ‪ :‬ما رأيههت مثلههه و‬ ‫سؤال ‪ ،‬فهو من قبيل ال ّ‬ ‫إصرار فى ال ّ‬
‫ن له مثل ما رأيته ‪.‬‬ ‫أنت تريد أّنه ل مثل له فيرى ‪ ،‬ل أ ّ‬

‫ب أن يرى أثر نعمته على عبده‬


‫ل يح ّ‬
‫نا ّ‬
‫قال فى مجمع البيان فى الحديث ‪ :‬إ ّ‬

‫] ‪[ 138‬‬

‫سههائل‬
‫ب الحليههم المتعّفههف مههن عبههاده و يبغهض البههذى ال ّ‬
‫و يكره البؤس و الّتباؤس ‪ ،‬و يحه ّ‬
‫الملحف ‪ ) 1 .‬و صبرا فى شّدة ( أى يتحّمل على شههدايد الهّدنيا و مكارهههها و يسههتحقرها‬
‫صابرين فى كتابه‬ ‫شر به من عظيم الجر لل ّ‬ ‫ل و بما ب ّ‬‫بجنب ما يتصّوره من الفرحة بلقاء ا ّ‬
‫سي و التباع للسلف الصالحين من النبيههاء و المرسههلين‬ ‫المبين مضافا إلى ما فيه من الّتأ ّ‬
‫و أولياء الّدين ‪.‬‬

‫سلم ‪ :‬يا حفص إنّ‬ ‫ل عليه ال ّ‬


‫روى فى الكافى عن حفص بن غياث قال ‪ :‬قال لى أبو عبد ا ّ‬
‫ن مههن جهزع جههزع قليل ‪ ،‬ثهّم قههال ‪ :‬عليهك بالصهبر فههى جميهع‬ ‫من صههبر صههبر قليل و ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم فأمره بالصبر و الّرفق‬ ‫ل بعث محّمدا صّلى ا ّ‬ ‫ل عّز و ج ّ‬
‫نا ّ‬‫امورك فا ّ‬
‫فقال و اصبر على ما يقولون و اهجرهم هجرًا جميل ‪ .‬و ذرنى و المكّذبين ُاولههى النعمههة‬
‫ى حميم و‬ ‫و قال تبارك و تعالى ادفع بالتى هى أحسن فاذا الذي بينك و بينه عداوة كأّنه ول ّ‬
‫له عليههه‬ ‫ل صهّلى ا ّ‬ ‫ظ عظيم فصبر رسول ا ّ‬ ‫ل ذو ح ّ‬ ‫ل الذين صبروا و ما يلّقيها إ ّ‬ ‫ما يلّقيها إ ّ‬
‫ل و لقههد‬‫له عهّز و جه ّ‬ ‫و آله و سّلم حتى نالوه بالعظايم و رموه بها ‪ ،‬فضاق صدره فأنزل ا ّ‬
‫نعلم انك يضيق صدرك بما يقولون فسهّبح بحمهد رّبهك و كهن مهن السهاجدين ثهّم كهّذبوه و‬
‫ل قد نعلم انه ليحزنك الذى يقولون فانهم ل يكههذبونك‬ ‫ل عّز و ج ّ‬ ‫رموه فحزن لذلك فأنزل ا ّ‬
‫ل يجحدون ‪ .‬و لقد كّذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كّذبوا و‬ ‫و لكن الظالمين بآيات ا ّ‬
‫له عليههه و آلههه و سهّلم نفسههه الصههبر فتعهّدوا‬‫ى صهّلى ا ّ‬ ‫اوذوا حتى أتيهم نصرنا فألزم النههب ّ‬
‫ل تعالى و كّذبوه فقال ‪ :‬قد صبرت فى نفسى و عرضى و ل صبر لى على ذكر‬ ‫فذكروا ا ّ‬
‫لرض و ما بينهما فى س هّتة أيههام و مهها‬ ‫ل و لقد خلقنا السموات و ا َ‬ ‫ل عّز و ج ّ‬
‫إلهى فأنزل ا ّ‬
‫له عليههه و آلههه و سهّلم فههى‬‫ى صهّلى ا ّ‬
‫سنا من لغوب ‪ .‬فاصبر على ما يقولون فصبر النههب ّ‬ ‫مّ‬
‫ل ثنههاؤه » و جعلنههاهم‬
‫جميع أحواله ثّم بشر فى عترته بالئمة و وصفوا بالصههبر فقههال جه ّ‬
‫أئمة يهدون بأمرنا‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬ه ه ههه ههه ‪ :‬هه ههه ه هه ه هههه هه ه‬
‫ههههه ه ه ههه ه ههه هه ه هههه ههه ه ه هه‬
‫ههه ههه ههه هه هههه ه ه ههههه ه هه هه ه ه‬
‫ههه ه هههههه ه ه ه ه هه هههه ههه هه ههه ‪:‬‬
‫هههه ههه هههه ههه ه هه ه هه ههه ه هههه ههه‬
‫هههههه ه ههههه ه ههه ‪.‬‬

‫] ‪[ 139‬‬

‫له عليههه و آلههه الصههبر مههن‬


‫لما صبروا و كانوا بآياتنهها يوقنههون « فعنههد ذلههك قهال صهّلى ا ّ‬
‫ل و تّمههت‬
‫ل ه عهّز و جه ّ‬‫ل ذلك لههه فههأنزل ا ّ‬
‫ل عّز و ج ّ‬‫اليمان كالّرأس من الجسد ‪ ،‬فشكر ا ّ‬
‫كلمة رّبك الحسنى على بنى إسرائيل بما صبروا و دّمرنا ما كان يصنع فرعههون و قههومه‬
‫ل عهّز و‬‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬إنه بشرى و انتقام فأباح ا ّ‬ ‫و ما كانوا يعرشون فقال صّلى ا ّ‬
‫ل له قتال المشركين فأنزل اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم و خذوهم و احصههروهم و‬ ‫جّ‬
‫له‬
‫ل صهّلى ا ّ‬‫ل على يدى رسول ا ّ‬ ‫ل مرصد و اقتلوهم حيث ثقفتموهم فقتلهم ا ّ‬ ‫اقعدوا لهم ك ّ‬
‫جل له ثواب صبره مع ما اّدخههر لههه فههى الخههرة ‪ ،‬فمههن صههبر و‬ ‫عليه و آله و أحبائه و ع ّ‬
‫ل عينه فى أعدائه مع ما اّدخر له فى الخرة ‪.‬‬ ‫احتسب لم يخرج من الّدنيا حتى يقّر ا ّ‬

‫) و طلبا فى حلل ( أى يطلب الّرزق من الحلل و يقتصر عليه و ل يطلبه من الحرام ‪.‬‬

‫سههلم‬‫ى باسناده عن أبى حمزة الثمالى عن أبى جعفر عليههه ال ّ‬ ‫روى فى الوسايل عن الكلين ّ‬
‫ن الّروح المين نفث فههى‬ ‫ل عليه و آله فى حجة الوداع ‪ :‬أل إ ّ‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫قال ‪ :‬قال رسول ا ّ‬
‫ل و أجملوا فى الطلب و ل يخفنكههم‬ ‫روعى أنه ل تموت نفس حتى تستكمل رزقها فاّتقوا ا ّ‬
‫سههم الرزاق‬ ‫ل تبارك و تعههالى ق ّ‬ ‫نا ّ‬ ‫ل ‪ ،‬فا ّ‬
‫استبطاء شىء من الّرزق أن تطلبوه بمعصية ا ّ‬
‫ل برزقه من حّله و من هتك‬ ‫سمها حراما ‪ ،‬فمن اّتقى و صبر آتاه ا ّ‬ ‫بين خلقه حلل و لم يق ّ‬
‫ص بههه مههن رزقههه الحلل و حوسههب‬ ‫حجاب السّر » كذا « و عجل فأخذه من غير جّله ق ه ّ‬
‫سهلم الهّرزق‬ ‫عليه يوم القيامة و فيه عهن المفيهد فهى المقنعههة قهال ‪ :‬قهال الصهادق عليهه ال ّ‬
‫مقسوم على ضربين أحدهما واصل إلى صاحبه و ان لم يطلبه ‪ ،‬و الخر معّلههق بطلبههه ‪،‬‬
‫سههم لههه بالسههعى فينبغههى أن‬‫ل حال آتيه و إن لم يسع له ‪ ،‬و الههذى ق ّ‬ ‫سم للعبد على ك ّ‬
‫فالذى ق ّ‬
‫ل له دون غيره ‪ ،‬فههان طلبههه مههن جهههة الحههرام فوجههده‬ ‫يلتمسه من وجوهه و هو ما أحّله ا ّ‬
‫حسب عليه برزقه و حوسب به ‪.‬‬
‫له‬
‫) و نشاطا فى هدى ( أى خفة و اسراعا فيه ‪ ،‬و بعبارة اخرى أن يكون سلوكه لسبيل ا ّ‬
‫ل سبحانه بطيب النفس‬
‫و اتيانه بالعبادات المشروعة الموصلة إلى رضوان ا ّ‬

‫] ‪[ 140‬‬

‫و على وجه الخّفة و السهولة ل عن الكسل و التغافل ‪ ،‬و ذلك ينشههأ عههن قهّوة اليقيههن فيمهها‬
‫ل المّتقين من الجزاء الجميههل و الجههر العظيههم بخلف أهههل الّريهها فههاّنه يكسههل فههى‬
‫وعد ا ّ‬
‫الخلوة و ينشط بين الناس ‪.‬‬

‫سلم قال ‪:‬‬


‫ل عليه ال ّ‬
‫ي عن أبيعبد ا ّ‬
‫ى عن السكون ّ‬
‫كما روى فى الوسايل عن الكلين ّ‬

‫سلم ‪ :‬ثلث علمات للمرائى ‪ :‬ينشط إذا رأى الناس ‪ ،‬و يكسل‬ ‫قال أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫ب أن يحمد فى جميع اموره ‪.‬‬‫إذا كان وحده ‪ ،‬و يح ّ‬

‫) و تحّرجا عن طمع ( أى تجّنبا عنه أى ل يطمع فيمهها فههي أيههدى الّنههاس لعلمههه بههأّنه مههن‬
‫الّرذايل الّنفسانّية و منشأ المفاسد العظيمة لّنه يورث الّذل و الستخفاف و الحقد و الحسد‬
‫و العداوة و الغيبة و ظهور الفضايح و المداهنة لههل المعاصههي و الّنفهاق و الّريها و سهّد‬
‫ل و الّتضرع إليه و عههدم‬ ‫باب الّنهى عن المنكر و المر بالمعروف و ترك الّتوّكل على ا ّ‬
‫الّرضا بقسمه إلى غير ذلك مّما ل يحصى ‪.‬‬

‫سلم قال قلت لهه ‪ :‬اّلهذى يثبهت اليمهان‬


‫ل عليه ال ّ‬
‫روى في الكافي عن سعدان عن أبيعبد ا ّ‬
‫في العبد ؟ قال ‪ :‬الورع و الذى يخرجه منه قال ‪ :‬الطمع ‪.‬‬

‫سلم ‪ :‬رأيت الخير كّله قد اجتمهع فهي‬


‫ي بن الحسين عليهما ال ّ‬
‫و عن الّزهري قال ‪ :‬قال عل ّ‬
‫قطع الطمع مما في أيدى الناس ‪.‬‬

‫سلم قال ‪ :‬بئس العبد عبد له طمع يقوده و بئس العبد‬


‫و فيه مرفوعا عن أبي جعفر عليه ال ّ‬
‫عبد له رغبة تذّله ‪.‬‬

‫) يعمل العمال الصالحة و هو على و جل ( أى على خوف من رّدها و عدم قبولها لعدم‬
‫اقترانها بالشرايط المقتضية للقبول كما قال تعالى و اّلذين يؤتون ما آتوا و قلوبهم وجلة و‬
‫سههلم مههن هههذه الخطبههة ‪ :‬و مههن أعمههالهم‬
‫قد مضى توضيح ذلههك فههي شههرح قههوله عليههه ال ّ‬
‫مشفقون ‪.‬‬

‫) يمسي و همه الشكر و يصبح و همه الّذكر ( قال الشارح البحراني أى يكون هّمههه عنههد‬
‫له‬
‫له ليههذكره ا ّ‬
‫المساء الشكر على ما رزق بالنهار و ما لم يرزق ‪ ،‬و يصبح و هّمه ذكر ا ّ‬
‫فيرزقه من الكمالت النفسانية و البدنّية كما قال تعالى فاذكروني‬
‫] ‪[ 141‬‬

‫أذكركم و اشكروا لى و ل تكفرون أقول ‪ :‬ما ذكره ) ره ( قاصر عههن تأديههة المههراد غيههر‬
‫واف بافادة نكتة تقييد الهتمام بالذكر بالصباح و الهتمام بالشههكر بالمسههاء ‪ ،‬فههالولى أن‬
‫يقال ‪:‬‬

‫ل عليههه مهها‬
‫أما كون هّمه مقصورا على الّذكر في الصباح فلتأّكد استحباب الذكر فيه و يههد ّ‬
‫رواه في الوسايل من مجالس الصدوق باسناده عن عمير بن ميمون قههال ‪ :‬رأيههت الحسههن‬
‫سلم يقعد في مجلسه حين يصّلى الفجر حتى تطلع الشههمس ‪ ،‬و سههمعته‬ ‫ي عليهما ال ّ‬
‫بن عل ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم يقول ‪ :‬من صّلى الفجر ث هّم جلههس فههي‬ ‫ل صّلى ا ّ‬
‫يقول سمعت رسول ا ّ‬
‫له مههن‬‫ل مهن النههار سههتره ا ّ‬
‫ل من النار ستره ا ّ‬
‫ل حتى تطلع الشمس ستره ا ّ‬ ‫مجلسه يذكر ا ّ‬
‫النار ‪.‬‬

‫ل عليه و آلههه و‬
‫ل صّلى ا ّ‬‫و فيه أيضا من المجالس عن أنس في حديث قال ‪ :‬قال رسول ا ّ‬
‫له حههتى يطلههع‬
‫سّلم لعثمان ابن مظعون ‪ :‬من صهّلى الفجههر فههي جماعههة ثهّم جلههس يههذكر ا ّ‬
‫الشمس كان له في الفردوس سبعون درجة بعد مها بيهن درجهتين كحضهر الفهرس الجهواد‬
‫المضمر سبعين سنة ‪.‬‬

‫سلم قال ‪ :‬سمعت أبههي عل هيّ‬ ‫ي عليهما ال ّ‬‫و فيه عن الشيخ عن ابن عمر عن الحسن بن عل ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬أيمهها امههرء‬‫ل صّلى ا ّ‬‫سلم يقول ‪ :‬قال رسول ا ّ‬ ‫بن أبي طالب عليه ال ّ‬
‫ل حتى تطلههع الشههمس كههان لههه مههن الجههر‬ ‫له الذي صّلى فيه الفجر يذكر ا ّ‬ ‫جلس في مص ّ‬
‫ل و غفر له ‪.‬‬ ‫كحجاج بيت ا ّ‬

‫ل سبحانه لما خلق النهار لتحصيل المعاش و طلب الههّرزق‬ ‫نا ّ‬


‫و النكتة الخرى في ذلك أ ّ‬
‫سكون و الراحههة و النههوم و كههان للههذكر‬ ‫و البتغاء من فضله كما أّنه خلق الّليل للّدعة و ال ّ‬
‫عند الصباح مدخل عظيم في الّرزق ل جرم كان اهتمامهم بالذكر فيه أما أن خلهق النههار‬
‫للّرزق و المعاش فلقوله سبحانه و جعلنا نومكم سباتًا ‪.‬‬

‫ن الّذكر فى الصبح جالب للّرزق ‪.‬‬


‫و جعلنا الليل لباسًا ‪ .‬و جعلنا النهار معاشًا و أما أ ّ‬

‫سههلم قههال ‪ :‬الجلههوس بعههد صههلة الغههداة فههي‬


‫فلما رواه فى الوسائل عههن الصههادق عليههه ال ّ‬
‫التعقيب و الدعاء حتى تطلع الشمس أبلغ في طلب الّرزق من الضرب في الرض و فيههه‬
‫سلم يقول ‪:‬‬ ‫ل عليه ال ّ‬
‫عن الكليني عن حماد بن عثمان قال ‪ :‬سمعت أبا عبد ا ّ‬

‫لجلوس الّرجل فى دبر صلة الفجر إلى طلوع الشمس أنفذ في طلب الرزق من‬

‫] ‪[ 142‬‬
‫سلم ‪ :‬يدلج فيها و‬
‫ركوب البحر ‪ ،‬قلت ‪ :‬قد يكون للرجل الحاجة يخاف فوتها فقال عليه ال ّ‬
‫ل فانه في تعقيب ما دام على وضوئه ‪.‬‬
‫ل عّز و ج ّ‬
‫ليذكر ا ّ‬

‫و بمعناهما أخبار اخر ل نطيل بروايتها ‪.‬‬

‫صباح و إذا كان طلب الههّرزق و‬‫ن المساء ضّد ال ّ‬


‫و اما كون هّمه بالشكر عند المساء ‪ ،‬فل ّ‬
‫استنزال النعمة بالّذكر فى أّول الّنهار حسبما عرفت ‪ ،‬فناسب أن يكون الشكر علههى النعههم‬
‫الّنازلة فى الّنهار فى آخره كما هو واضح ‪.‬‬

‫) يبيت حذرا و يصبح فرحا ( الظاهر عدم القصد إلى تخصيص الحذر بالبيههات و الفههرح‬
‫صباح ‪ ،‬و إّنما المراد أّنه يبيت و يصبح جامعا بيههن وظيفههتى الخههوف و الّرجهها ‪ ،‬فعّبههر‬
‫بال ّ‬
‫عن الخوف بالحذر و عن الّرجاء بالفرح لكونه موجبا للفرح و السرور ‪.‬‬

‫و أشار إلى عّلتهما بقوله ) حذرا لمهها حهّذر ( منههه ) مههن الغفلههة ( و التقصههير فههى رعايههة‬
‫وظايف العبوديهة ‪ ،‬لمها عرفهت فهى شهرح قهوله ‪ :‬فههم لنفسههم مّتهمهون و مهن أعمهالهم‬
‫مشفقون ‪ ،‬من عدم جواز إخراج الّنفههس مههن حهّد الّتقصههير فههى عبههادته تعههالى و إن بولههغ‬
‫فيها ‪.‬‬

‫ل سبحانه‬ ‫و بقوله ) و فرحا بما أصاب من الفضل و الّرحمة ( أى بما وّفق له من فضل ا ّ‬
‫سههلم و مهها أتههى‬
‫ضل به عليه من دين السلم و موالة محّمد و آل محّمد عليهههم ال ّ‬ ‫و ما تف ّ‬
‫لو‬‫ن ذلك كّله فضل منههه ع هّز و ج ه ّ‬ ‫ل عليه و آله و سّلم به من شرايع الحكام ‪ ،‬فا ّ‬
‫صّلى ا ّ‬
‫ل يؤتيه مههن يشههاء و‬ ‫رحمة يوّفق له من يشاء من عباده كما قال تعالى قل انّ الفضل بيد ا ّ‬
‫ل ذو الفضل العظيم ‪.‬‬ ‫ص برحمته من يشاء و ا ّ‬
‫ل واسع عليم ‪ .‬يخت ّ‬ ‫ا ّ‬

‫و يحتمهل أن يكهون المهراد بمها أصهاب خصهوص مها أتهى بهه مهن الفروعهات العملّيهة و‬
‫ل و رحمته عليه فى الخرة ‪ ،‬فيكون محصههل المههراد‬ ‫العبادات الشرعية الموجبة لفضل ا ّ‬
‫بهذه الجملة سروره و فرحه بحسناته ‪ ،‬لما فيها مههن رجههاء الجههر و الثههواب ‪ ،‬و بالجملههة‬
‫السابقة مساءته و خوفه من الغفلة لما فيها من الوزر و العقاب ‪.‬‬

‫سلم قال ‪:‬‬


‫ل عليه ال ّ‬
‫روى فى الوسائل عن الكلينى ‪ ،‬عن مسعدة بن صدقة عن أبيعبد ا ّ‬

‫من سّرته حسنته و ساءته سّيئته فهو مؤمن ‪.‬‬

‫] ‪[ 143‬‬
‫له عليههه و‬
‫سلم قال ‪ :‬سئل الّنههبى صهّلى ا ّ‬ ‫و عن سليمان عّمن ذكره عن أبى جعفر عليه ال ّ‬
‫آله عن خيار العبههاد فقههال ‪ :‬اّلههذين إذا احسههنوا استبشههروا ‪ ،‬و إذا أسههاؤا اسههتغفروا ‪ ،‬و إذا‬
‫اعطوا شكروا ‪،‬‬

‫و إذا ابتلوا صبروا ‪ ،‬و إذا غضبوا غفروا ‪.‬‬

‫ب ( لمهها كهان مههن شهأن‬ ‫) ان استصعبت عليه نفسه فيما تكههره لههم يعطههها سهؤلها فيمهها تحه ّ‬
‫المّتقى كراهته للمعاصى و محّبته للحسنات ‪ ،‬و من شأن نفسه المارة بالسوء عكس ذلههك‬
‫ن نفسههه إن لههم تطعههه و لههم‬
‫سههلم إ ّ‬
‫أى كراهته للحسنات و محّبته للمعاصههى يقههول عليههه ال ّ‬
‫يتمّكن له فى إتيان العبادات و الحسنات التى تكرهها و كان ميلها و محّبتههها فههي السههيئآت‬
‫ب‪،‬‬ ‫لم يعطها سؤلها و ل يطاوعها فيما تريد ‪ ،‬بل يقهرها على خلف ما تكره و تح ّ‬

‫صله أّنه يجاهد نفسه لعلمه بأّنها عدّو له ‪.‬‬


‫و مح ّ‬

‫له‬
‫روى فى الوسائل عن الكلينى عن أحمد بن محّمد بن خالد رفعه قههال ‪ :‬قههال أبههو عبههد ا ّ‬
‫سلم لرجل ‪ :‬اجعل قلبك قرينا بهّرا و ولههدا واصههل و اجعههل علمههك والههدا تتبعههه و‬
‫عليه ال ّ‬
‫اجعل نفسك عدّوا تجاهده و اجعل مالك عارية ترّدها ‪.‬‬

‫شههديد مههن غلههب‬


‫ل عليه و آله ‪ :‬ال ّ‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫صدوق قال ‪ :‬و من ألفاظ رسول ا ّ‬
‫و فيه عن ال ّ‬
‫نفسه ‪.‬‬

‫سهلم ‪:‬‬ ‫صادق جعفر بهن محّمهد عليهمها ال ّ‬ ‫ضل بن عمر قال قال ال ّ‬
‫صدوق عن المف ّ‬‫و عن ال ّ‬
‫من لم يكن له واعظ من قلبه و زاجر من نفسه و لم يكن لههه قريههن مرشههد اسههتمكن عههدّوه‬
‫من عنقه ‪.‬‬

‫له عليههه و آلههه و سهّلم‬


‫ل صّلى ا ّ‬ ‫و هذا الجهاد أعنى مجاهدة النفس هو اّلذى سّماه رسول ا ّ‬
‫بالجهاد الكبر كما مّر فى الحديث اّلذى رويناه فى شههرح الخطبههة الخامسههة و الثمههانين و‬
‫مضى هنالك أيضا بعض الخبار المناسبة لهذا المقام فلينظر ثّمة ‪.‬‬

‫) ق هّرة عينههه فيمهها ل يههزول ( أى سههروره و ابتهههاجه المسههتلزم لق هّرة عينههه فههى الباقيههات‬
‫الصالحات و السعادات الخروّية الباقية ‪.‬‬

‫) و زهادته فيما ل يبقى ( أى زهده فى الّدنيا و زخارفها الفانية ‪.‬‬

‫) يمزج الحلم بهالعلم ( قهد مهّر الوصهف بهالحلم و العلهم فهى قهوله ‪ :‬و أمها النههار فحلمهاء‬
‫سههلم‬
‫علماء ‪ ،‬و قّدمنا هناك تفسير معناهما و ل حاجههة إلههى العههادة و إّنمهها أعههاد عليههه ال ّ‬
‫الوصف بهما‬
‫] ‪[ 144‬‬

‫قصدا إلى أّنه قد خلط حلمه بعلمه يعنى قد تزّين مع علمههه بههالحلم و الوقههار و ليههس بعههالم‬
‫سفيه جّبار ‪.‬‬

‫سلم فى رواية الكافى ‪ :‬اطلبوا العلههم و تزّينههوا معههه بههالحلم و‬ ‫ل عليه ال ّ‬


‫كما قال أبو عبد ا ّ‬
‫الوقار و تواضعوا لمههن تعّلمههونه العلهم و تواضهعوا لمهن طلبتهم منهه العلههم ‪ ،‬و ل تكونهوا‬
‫علماء جّبارين فيذهب باطلكم بحّقكم ‪.‬‬

‫ل عليه السلم قههال ‪ :‬كههان أميههر المههؤمنين‬‫و فيه باسناده عن معاوية بن وهب عن أبيعبد ا ّ‬
‫صمت ‪،‬‬ ‫ن للعالم ثلث علمات ‪ :‬العلم ‪ ،‬و الحلم ‪ ،‬و ال ّ‬ ‫سلم يقول ‪ :‬يا طالب العلم إ ّ‬ ‫عليه ال ّ‬
‫و للمتكّلف ثلث علمات ‪ :‬ينههازع مههن فههوقه بالمعصههية ‪ ،‬و يظلههم مههن دونههه بالغلبههة ‪ ،‬و‬
‫ظلمة ‪.‬‬
‫يظاهر ال ّ‬

‫سههفه‬
‫سههلم ل يكههون ال ّ‬
‫سلم قال ‪ :‬قال عليه ال ّ‬
‫و فيه بسند مرفوع عن أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫و الغّرة في قلب العالم ‪ ،‬هذا ‪.‬‬

‫و قال بعض الشارحين ‪ :‬معنى قوله يمزج الحلم بالعلم أّنه يحلم مع العلم بفضيلة الحلههم ل‬
‫كحلم بعض الجاهلين عن ضعف النفس و عدم المبالت بما قيل له و فعل بهه ‪ ،‬و ل بههأس‬
‫به ‪.‬‬

‫) و ( يمزج ) القول بالعمل ( أى يكون عمله موافقا لقههوله بههأن يههأمر بههالمعروف و يههأتي‬
‫به ‪ ،‬و ينهى عن المنكر و يتناهي عنه ‪ ،‬و يعد و يفي بوعده ل أن يقول ما ل يفعل و يعههد‬
‫ق بذلك السخط العظيم و المقت الشههديد قههال تعههالى يهها اّيههها اّلههذين آمنههوا لههم‬ ‫فيخلف فيستح ّ‬
‫ل أن تقولوا ما ل تفعلون « و قال » فكبكبوا فيههها هههم‬ ‫تقولون ما ل تفعلون كبر مقتًا عند ا ّ‬
‫و الغاون ‪.‬‬

‫سلم في هههذه اليههة قههال ‪ :‬هههم قههوم‬


‫روى في الكافي عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه ال ّ‬
‫وصفوا عدل بألسنتهم ثّم خالفوه إلى غيره ‪.‬‬

‫ب الّدنيا و نسيان الخرة ‪،‬‬


‫ن بعد المل و طوله ينشأ من ح ّ‬
‫) تراه قريبا أمله ( ل ّ‬

‫حسبما عرفته تحقيقا و تفصيل في شرح الخطبهة الثانيهة و الربعيهن ‪ ،‬و المهؤمن المّتقهي‬
‫لزهده في الّدنيا و نفرته عنها و اشتياقه إلى الخرة ل يطول له المل البّتة كما‬

‫] ‪[ 145‬‬
‫هو ظاهر ) قليل زل ( أى خطاه و ذنبههه لمهها لههه مههن ملكههة العدالههة المانعههة مههن ارتكههاب‬
‫الكبائر و إصرار الصغائر ‪.‬‬

‫ل جلله ) قانعة نفسههه‬


‫ب المتعال ج ّ‬
‫) خاشعا قلبه ( أى خاضعا ذليل من تصّور عظمة الر ّ‬
‫ل تعالى في حّقه راضية بالقسم المقسوم مستغنية عن الناس ‪.‬‬
‫( بما قّدره ا ّ‬

‫ل صههّلى‬
‫سلم قال ‪ :‬قال رسول ا ّ‬
‫روى في الكافي باسناده عن جابر عن أبي جعفر عليه ال ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪:‬‬
‫ا ّ‬

‫ل أوثق منه بما في يد غيره ‪.‬‬


‫من أراد أن يكون أغني الّناس فليكن بما في يد ا ّ‬

‫سلم قال ‪ :‬مكتهوب فهي التههوراة يها‬ ‫ل عليه ال ّ‬


‫و فيه عن عمر بن أبي المقدام عن أبي عبد ا ّ‬
‫له منههه‬
‫ل بالقليل مههن الهّرزق قبههل ا ّ‬
‫ابن آدم كن كيف شئت كما تدين تدان من رضي من ا ّ‬
‫اليسير من العمل ‪ ،‬و من رضي باليسير من الحلل خّفت مؤنته و زكت مكسبته و خههرج‬
‫من حّد الفجور ‪.‬‬

‫سههلم قههال ‪ :‬مههن لههم يقنعههه مههن‬


‫و فيه عن محّمد بن عرفة عن أبي الحسن الّرضهها عليههه ال ّ‬
‫ل الكثير ‪ ،‬و من كفاه من الّرزق القليل فاّنه يكفيه من‬ ‫ل الكثير لم يكفه من العمل إ ّ‬
‫الّرزق إ ّ‬
‫العمل القليل ‪.‬‬

‫ن الجوع و التقليل مهن الطعهام يهورث رّقهة القلهب و صهفاء‬ ‫) منزورا اكله ( أى قليل ‪ ،‬فا ّ‬
‫الهّذهن و انفهاذ البصههيرة و ايقههاد القريحهة و السهتعداد للهّذة المناجهات و التههأّثر بالهّذكر و‬
‫الموعظة ‪ ،‬مضافا إلى ما فيه من المنافع الكثيرة اّلتي أشرنا إليها في شرح الفصل الثههاني‬
‫من الخطبة المأة و التاسعة و الخمسين ‪.‬‬

‫سههلف الصههالحين مههن النبيههاء و المرسههلين و الئمههة‬


‫سههيا بال ّ‬
‫ن فيههه تأ ّ‬
‫و كفههى فههي فضههله أ ّ‬
‫المعصومين و أصحابهم الكرمين حسبما عرفت فههي شههرح الخطبههة المههذكورة فليراجههع‬
‫ثّمة ‪.‬‬

‫ن شّر الخوان من يتكّلف لههه‬


‫) سهل أمره ( أى خفيف المؤنة ل يتكّلف لحد و ل يكّلفه فا ّ‬
‫‪.‬‬

‫شبه لرسوخه و كونه عن علم‬


‫) حريزا دينه ( أى محرزا محفوظا من تطّرق الشكوك و ال ّ‬
‫اليقين المانع من عروض الحتمال و الخلل حسبما عرفت في شرح قوله‬

‫] ‪[ 146‬‬
‫و ايمانا في يقين ‪.‬‬

‫) ميتة شهوته ( قال الشارح البحراني لفظ الموت مستعار لخمود شهوته عمها حهّرم عليهه‬
‫و يعود إلى العّفة ‪.‬‬

‫ل صّلى‬ ‫سلم قال ‪ :‬قال رسول ا ّ‬ ‫ل عليه ال ّ‬‫سكوني عن أبيعبد ا ّ‬ ‫أقول روى في الكافي عن ال ّ‬
‫لت‬ ‫ن على امتى بعدي ‪ :‬الضللة بعد المعرفههة ‪ ،‬و مضه ّ‬ ‫ل عليه و آله و سّلم ثلث أخافه ّ‬‫ا ّ‬
‫الفتن ‪ ،‬و شهوة البطن و الفرج و فيه عههن ميمههون القههداح قههال ‪ :‬سههمعت أبهها جعفههر عليههه‬
‫سلم ‪ :‬يقول ‪ :‬ما من عبادة أفضل من عّفة بطن و فرج ‪.‬‬ ‫ال ّ‬

‫سلم قال ‪ :‬كان أمير المؤمنين عليههه‬


‫ل عليه ال ّ‬
‫ل بن ميمون القداح عن أبيعبد ا ّ‬‫و عن عبد ا ّ‬
‫سلم يقول ‪ :‬أفضل العبادة العفاف ‪.‬‬
‫ال ّ‬

‫سههلم فههى وص هّيته لمحّمههد‬


‫صدوق باسناده عن أمير المؤمنين عليههه ال ّ‬
‫و فى الوسائل عن ال ّ‬
‫ابن الحنفّية قال ‪ :‬و من لم يعط نفسه شهوتها أصاب رشده ‪.‬‬

‫) مكظوما غيظه ( أى محبوسا و كظم الغيظ حبسه و تكّلف الحلم عند هياج الغضب قههال‬
‫تعالى و الكاظمين الغيظ و العافين عهن الّنهاس مهدحهم بههذه الصهفة يعنهي أّنههم يحبسهون‬
‫غيظهم و يتجّرعونه عند القدرة ‪.‬‬

‫ي بن إبراهيم عن أبيه عن بعض أصحابه عههن مالههك بههن حصههين‬ ‫روى في الكافي عن عل ّ‬
‫له عهّز و‬
‫ل زاده ا ّ‬
‫سلم ‪ :‬ما من عبههد كظههم غيظهها إ ّ‬ ‫ل عليه ال ّ‬‫سكوني قال ‪ :‬قال أبو عبد ا ّ‬‫ال ّ‬
‫ل و الكههاظمين الغيهظ و العهافين عهن‬ ‫له عهّز و جه ّ‬
‫جلّ عّزا في الّدنيا و الخرة و قد قهال ا ّ‬
‫ل مكان غيظه ذلك ‪.‬‬ ‫ب المحسنين و أثابه ا ّ‬‫ل يح ّ‬‫الّناس و ا ّ‬

‫سلم ‪ :‬ما من جرعههة يتجّرعههها‬ ‫ل عليه ال ّ‬


‫و فيه باسناده عن أبي حمزة قال ‪ :‬قال أبو عبد ا ّ‬
‫ل من جرعة غيظ يتجّرعها عند ترّددها في قلبه إّمهها بصههبر و‬ ‫ل عّز و ج ّ‬
‫ب إلى ا ّ‬
‫العبد أح ّ‬
‫إّما بحلم ‪.‬‬

‫سههلم يقههول ‪ :‬مههن كظههم‬ ‫له عليههه ال ّ‬


‫و عن سيف بن عميرة قال ‪ :‬حّدثنى من سمع أبا عبد ا ّ‬
‫ل قلبه يوم القيامة رضههاه و عههن أبههي حمههزة عههن‬ ‫غيظا و لو شاء أن يمضيه أمضاه مل ا ّ‬
‫له عليههه و آلههه و سهّلم ‪ :‬مههن‬‫له صهّلى ا ّ‬ ‫سلم قال ‪ :‬قال رسول ا ّ‬‫ي بن الحسين عليهما ال ّ‬ ‫عل ّ‬
‫ل جرعتههان ‪ :‬جرعههة غيههظ ترّدههها بحلههم و جرعههة مصههيبة‬ ‫ل عهّز و جه ّ‬
‫ب السبيل إلى ا ّ‬
‫أح ّ‬
‫ترّدها بصبر ‪.‬‬

‫] ‪[ 147‬‬
‫و الخبار في فضله كثيرة و قد عقد في الكافي بابا عليه و ما أوردناها كافية في المقام ‪.‬‬

‫صادرة منه و غلبتها الموجبة لن يرجههى و يؤّمههل‬


‫) الخير منه مأمول ( لكثرة الخيرات ال ّ‬
‫منه خيره ‪.‬‬

‫) و الشّر منه مأمون ( لملكة الّتقوى المانعة من إقدامه على الشرور الباعثههة علههى المههن‬
‫من شّره ‪.‬‬

‫شارح المعتزلي و البحراني و غيرهمهها ‪:‬‬


‫) ان كان في الغافلين كتب في الذاكرين ( قال ال ّ‬
‫ل و في عدادهم كتب في الذاكرين لكونه ذاكرا ّ‬
‫ل‬ ‫يعنى أّنه إن كان مع الغافلين عن ذكر ا ّ‬
‫بقلبه و إن لم يذكره بلسانه ‪.‬‬

‫ن الغرض به الشارة إلى دوام ذكره ‪ ،‬يعني أّنههه مههع كههونه بيههن‬ ‫أقول ‪ :‬و الظهر عندى أ ّ‬
‫ل كغفلتهم عنه ‪ ،‬بل يداوم عليه و يكتب‬ ‫الغافلين و في مجلسهم ل يغفل عن ذكره عّز و ج ّ‬
‫ن الّذكر في الغافلين يوجب مزيد الجر ‪.‬‬
‫في زمرة الّذاكرين لعلمه بأ ّ‬

‫ي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن الحسين بن‬ ‫و يدل عليه ما في الكافي عن عل ّ‬
‫ل فههي الغههافلين كالمقاتههل فههي‬
‫له عهّز و جه ّ‬
‫سلم قال ‪ :‬الّذاكر ّ‬
‫ل عليه ال ّ‬
‫مختار عن أبيعبد ا ّ‬
‫المحاربين ‪.‬‬

‫سلم ‪ :‬قال ‪ :‬قال رسول‬ ‫ل عليه ال ّ‬


‫سكوني عن أبي عبد ا ّ‬ ‫و عنه عن أبيه عن الّنوفلي عن ال ّ‬
‫ل في الغافلين كالمقاتههل عههن الفههاّرين ‪ ،‬و المقاتههل‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬ذاكر ا ّ‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫ا ّ‬
‫له‬
‫عن الفاّرين له الجّنة و فى الوسائل عن الشيخ باسناده عن أبههي ذر عههن الّنههبي صهّلى ا ّ‬
‫ل‪.‬‬‫عليه و آله و سّلم ‪ :‬قال ‪ :‬يا أباذر الذاكر في الغافلين كالمقاتل في الفاّرين في سبيل ا ّ‬

‫له فههي‬
‫له عليهه و آلهه و سهّلم ‪ :‬مهن ذكههر ا ّ‬
‫و فيه من عّدة الّداعي قال ‪ :‬قال الّنهبي صهّلى ا ّ‬
‫ل له يههوم‬
‫ل له ألف حسنة و غفر ا ّ‬ ‫السوق مخلصا عند غفلة الناس و شغلهم بما فيه كتب ا ّ‬
‫القيامة مغفرة لم تخطر على قلب بشر ‪.‬‬

‫) و إن كان في الذاكرين لم يكتب من الغافلين ( لعههدم غفلتههه عههن الهّذكر ‪ ،‬لنههه مههع عههدم‬
‫غفلته عنه مع كونه بين الغافلين كما عرفت آنفا فعدم غفلته عنه إذا كان في‬

‫] ‪[ 148‬‬

‫الّذاكرين بطريق اولى ‪ ،‬و يجوز أن يراد به معني آخر و هو الشارة إلى كون ذكره عن‬
‫وجه الخلوص و القربة و عدم كتبه من الغافلين لجل ذلك ‪ ،‬و أّما غيره فربما يكتههب مههن‬
‫الغافلين و إن كان ذاكرا لعدم كون ذكههره عهن وجهه الخلص بهل بقصههد الّريهها كمهها قهال‬
‫صههلة قههاموا‬
‫له و هههو خههادعهم و إذا قههاموا إلههى ال ّ‬
‫ق المنافقين » يخههادعون ا ّ‬
‫تعالى في ح ّ‬
‫ل قليل « ‪.‬‬
‫لإ ّ‬‫كسالي يراؤن الّناس و ل يذكرون ا ّ‬

‫ل فهههو‬
‫ل ما رّده ا ّ‬
‫سرين ‪ :‬إّنما وصف الّذكر بالقّلة لّنه سبحانه لم يقبله و ك ّ‬
‫قال بعض المف ّ‬
‫قليل ‪.‬‬

‫له‬
‫روى الطبرسي في مجمع البيان عن العياشي باسناده عن مسعدة بن زياد عههن أبيعبههد ا ّ‬
‫له عليههه و آلههه و سهّلم سههئل فيههم‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫ن رسول ا ّ‬
‫سلم أ ّ‬
‫سلم عن آبائه عليهم ال ّ‬ ‫عليه ال ّ‬
‫الّنجاة غدا ؟ قال ‪:‬‬

‫ل يخدعه و نفسه يخدع لو شعر ‪،‬‬


‫ل فيخدعكم فاّنه من يخادع ا ّ‬
‫الّنجاة أن ل تخادعوا ا ّ‬

‫ل ثّم يريد به غيره ‪ ،‬فاّتقوا الّريهها فههاّنه‬


‫ل ‪ ،‬قال ‪ :‬يعمل بما أمره ا ّ‬
‫فقيل ‪ :‬إّنه فكيف يخادع ا ّ‬
‫ن المرائي يدعى يوم القيامة بأربعة أسماء ‪ :‬يا كافر ‪ ،‬يا فاجر ‪ ،‬يا غههادر ‪ ،‬يهها‬ ‫لإّ‬ ‫شرك با ّ‬
‫خاسر ‪ ،‬حبط عملك و بطل أجرك و ل خلق لك اليوم فالتمس أجرك مّمن كنت تعمل بههه‬
‫‪.‬‬

‫ن الهّذكر المشههوب بالّريهها غيهر مكتهوب فهي صههحايف الحسههنات بهل فههي‬
‫فقد ظهر بهذلك أ ّ‬
‫صحايف السّيئآت ‪ ،‬و الّذاكر كذلك مكتوب في الخائبين الخاسرين فضههل عههن الغههافلين ‪،‬‬
‫هذا ‪.‬‬

‫و ل يخفى حسن المقابلة و المطابقة بين هذه القرينههة و القرينههة السههابقة مههن كلمههه عليههه‬
‫سلم و هي من مقابلة الثلثة بالثلثة ‪.‬‬
‫ال ّ‬

‫صههفات الثلث مههن‬ ‫) يعفو عّمن ظلمه و يعطههي مههن حرمههه و يصههل مههن قطعههه ( هههذه ال ّ‬
‫مكارم الخلق و محامد الخصال ‪ ،‬فالولى مندرجة تحت الشههجاعة ‪ ،‬و الثانيههة مندرجههة‬
‫تحت السخاء ‪ ،‬و الثالثة مندرجة تحت العّفة ‪ ،‬و قد ورد الخبار في فضلها كثيرا ‪.‬‬

‫سههلم قههال ‪:‬‬


‫ل عليه ال ّ‬
‫ل بن سنان عن أبي عبد ا ّ‬
‫منها ما رواه في الكافي باسناده عن عبد ا ّ‬
‫ل عليه و آله في خطبههة ‪ :‬أل أخههبركم بخيههر خليههق » أخلق خ «‬ ‫ل صّلى ا ّ‬
‫قال رسول ا ّ‬
‫الّدنيا و الخرة ‪ :‬العفو عّمن ظلمك‬

‫] ‪[ 149‬‬

‫و تصل من قطعك ‪ ،‬و الحسان إلى من أساء إليك ‪ ،‬و إعطاء من حرمك ‪.‬‬
‫سلم قال ‪ :‬سمعته يقول ‪ :‬إذا كههان‬ ‫ي بن الحسين عليهما ال ّ‬ ‫و عن أبي حمزة الثمالي عن عل ّ‬
‫ل تبارك و تعالى الّولين و الخرين في صعيد واحد ثّم ينادى مناد أين‬ ‫يوم القيامة جمع ا ّ‬
‫أهل الفضل ‪ ،‬قال ‪ :‬فيقوم عنق من الّناس فتلّقاهم الملئكة فيقولون ‪ :‬و مهها كههان فضههلكم ؟‬
‫فيقولون ‪ :‬كّنا نصل من قطعنا و نعطى من حرمنا و نعفو عمن ظلمنا ‪ ،‬قال ‪:‬‬

‫سههلم قههال ‪ :‬ثلث ل‬ ‫فيقال لهم ‪ :‬صدقتم ادخلوا الجّنة و عن جابر عن أبههى جعفههر عليههه ال ّ‬
‫صهلة لمههن‬
‫صفح عّمن ظلمه ‪ ،‬و إعطهاء مههن حرمههه ‪ ،‬و ال ّ‬ ‫ل عّزا ‪ :‬ال ّ‬
‫ن المرء إ ّ‬
‫ل به ّ‬
‫يزيد ا ّ‬
‫قطعه ‪.‬‬

‫و الخبار في هذا المعنى كثيرة أوردها الكليني في باب العفو من الكافي و ل مهّم بنا إلى‬
‫الطالة ‪ ،‬هذا ‪.‬‬

‫ص العفو بمههن ظلمههه لقهّوة الهّداعي الههى النتقههام عنههه و حاجههة العفههو حينئذ إلههى‬
‫و اّنما خ ّ‬
‫مجاهدة نفسانّية كاملة و كذلك إعطاء من حرمه وصلة من قطعه ‪.‬‬

‫ظلم و الّتجاوز عههن المسههيء ‪ ،‬و‬ ‫قال بعض شّراح الكافي ‪ :‬من صفات الكرام العفو عن ال ّ‬
‫من صفات الّلئام النتقام و طلب الّتشفي و المعاقبههة لهدفع الغيههظ و ههو آفههة نفسهانية تغّيههر‬
‫ل ما يخالف هواها ‪.‬‬ ‫الجّهال و الّناقصين من أجل تأّثر نفوسهم عن ك ّ‬

‫و أّما إعطاء من حرمك فالمقصود به أّنه إذا أحسنت إلى أحد و لم يقابل إحسانك باحسههان‬
‫أو قابلك بالساءة و الكفران ‪ ،‬فل ترغب عن احسانه بكفرانههه ‪ ،‬فههاّنه إذا لههم يشههكرك فقههد‬
‫ب المحسنين كما نطق به الكتاب المبين ‪ ،‬و‬ ‫ل يح ّ‬
‫نا ّ‬
‫يشكرك غيره و لو لم يشكرك أحد فا ّ‬
‫كفى شرفا و فضل بأن تخاطب بخطاب أين أهل الفضل يوم حشر الّولين و الخرين ‪.‬‬

‫و أّما صلة من قطعك فالمراد بها وصله بالمههال و اليههد و الّلسههان و مراقبههة أحههواله بقههدر‬
‫المكان ل سيما إذا كان من الرحام حسبما عرفت في شرح الفصههل الثههاني مههن الخطبههة‬
‫الّثالثة و العشرين على بسط و تفصيل ‪.‬‬

‫ب و بذاءة الّلسان فل بّد‬


‫) بعيدا فحشه ( إن اريد بالفحش معناه الظاهر أى الس ّ‬

‫] ‪[ 150‬‬

‫من صرف لفظ البعيد عن ظاهره و جعله كناية عن العدم ‪ ،‬و إن ابقى البعد علههى ظههاهره‬
‫المفيد لقدامه على الفحش احيانا فل بّد من ارتكاب التأويل في لفظ الفحش و جعل المراد‬
‫ل ينههافى ملكههة العدالههة و‬
‫به فضول الكلم و القول القبيح الغيههر البههالغ إلههى حهّد الحههرام لئ ّ‬
‫الّتقوى اّلتى للمّتقى ‪.‬‬
‫و كيف كان فالفحش بمعناه الظاهر من الموبقات العظيمة ‪ ،‬و قههد حهّذر منههه فههى الخبههار‬
‫حاش بالّنار ‪.‬‬
‫شر الف ّ‬
‫الكثيرة و ب ّ‬

‫سههلم قههال ‪ :‬مههن علمههات‬


‫ل عليه ال ّ‬
‫مثل ما فى الكافى باسناده عن أبى بصير عن أبيعبد ا ّ‬
‫ك فيه أن يكون فحاشا ل يبالى بما قال و ل بما قيل له ‪.‬‬ ‫شيطان اّلذى ل يش ّ‬‫شرك ال ّ‬

‫له عليههه و‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫سلم قال ‪ :‬قال رسول ا ّ‬ ‫ل عليه ال ّ‬
‫ل بن سنان عن أبيعبد ا ّ‬
‫و عن عبد ا ّ‬
‫آله و سّلم ‪ :‬إذا رأيتم الّرجل ل يبالى ما قال و ل ما قيل له فاّنه لغّية أو شرك شيطان ‪.‬‬

‫ل عليه و‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫سلم قال ‪ :‬قال رسول ا ّ‬ ‫و عن سليم بن قيس عن أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫ي قليل الحياء ل يبالى ما قال و ل ما قيل‬ ‫حاش بذ ّ‬ ‫لفّ‬‫ل حّرم الجّنة على ك ّ‬
‫نا ّ‬‫آله و سّلم ‪ :‬إ ّ‬
‫له و فههى الّنههاس‬
‫ل لغّية أو شههرك شههيطان قيههل ‪ :‬يهها رسههول ا ّ‬
‫له ‪ ،‬فاّنك إن فّتشته لم تجده إ ّ‬
‫ل عّز و جههل‬ ‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬أما تقرء قول ا ّ‬ ‫ل صّلى ا ّ‬
‫شرك شيطان ؟ فقال رسول ا ّ‬
‫و شاركهم فى الموال و الولد قال ‪ :‬و سأل رجل فقيها هل فى الّنههاس مههن ل يبههالى مهها‬
‫قيل له ؟ قال ‪ :‬من تعّرض الّناس بشتمهم و هو يعلم اّنهم ل يتركونه فذلك ل يبالى ما قههال‬
‫و ل ما قيل له ‪.‬‬

‫ل عليه و آلههه ‪ :‬إ ّ‬


‫ن‬ ‫ل صّلى ا ّ‬
‫سلم ‪ :‬قال ‪ :‬قال رسول ا ّ‬
‫ل عليه ال ّ‬
‫و عن سماعة عن أبيعبد ا ّ‬
‫ل من تكره مجالسته لفحشه ‪.‬‬ ‫من شّر عباد ا ّ‬

‫سلم ‪ :‬قال ‪ :‬البذاء من الجفاء و الجفاء فى الّنار ‪.‬‬


‫ل عليه ال ّ‬
‫و عن أبى عبيدة عن أبيعبد ا ّ‬

‫ن الّرفق فى القول يوجب المحّبة و‬ ‫) لّينا قوله ( أى يتكّلم بالّرفق و ل يغلظ فى كلمه ‪ ،‬فا ّ‬
‫يجلب اللفة و يدعو إلى الجابة عند المر بالمعروف و النهى عههن المنكههر و لههذلك أمههر‬
‫سلم عند بعثهما إلى فرعون بأن يقههول لههه قههول‬ ‫ل عّز و جل موسى و هارون عليهما ال ّ‬ ‫ا ّ‬
‫لّينا ليكون أسرع إلى القبول و أبعد من الّنفور ‪.‬‬

‫سلم قال ‪ :‬كان‬


‫ل عليه ال ّ‬
‫ساباطى عن أبيعبد ا ّ‬
‫و روى فى الكافى باسناده عن عّمار ال ّ‬

‫] ‪[ 151‬‬

‫سلم يقول ‪ :‬ليجتمع فى قلبك الفتقار إلى الّناس و الستغناء عنهم ‪،‬‬
‫أمير المؤمنين عليه ال ّ‬

‫فيكون افتقارك اليهم فى لين كلمك و حسن بشرك ‪ ،‬و يكون استغناؤك عنهههم فههى نزاههة‬
‫عرضك و بقاء عّزك ‪.‬‬
‫) غائبا منكره حاضههرًا معروفههه ( أى مفقههودا أعمههاله القبيحههة المحّرمههة موجههودا أعمههاله‬
‫الحسنة المتضّمنة للّرجحان الشرعى من الواجبات و المندوبات ‪.‬‬

‫) مقبل خيره مدبرا شّره ( يعنى أّنه من الخيار كثير الخير قليل الشّر كمهها وصههفه سههابقا‬
‫بقوله ‪ :‬الخير منه مأمول و الشّر منه مأمون ‪.‬‬

‫ن خيره فى إقبال يزيد شيئا فشيئا و شّره فى إدبار ينقص شههيئا فشههيئا إذ‬‫صل معناه أ ّ‬
‫و مح ّ‬
‫ن كههثرة أحههد المتضههاّدين‬
‫بقدر الزيادة فى طلب الخير يحصل الّنقيصة فى جههانب الشهّر ل ّ‬
‫ضاد قّلة الخر كما هو ظاهر ‪.‬‬
‫توجب بمقتضى الت ّ‬

‫شههدايد و الحههوادث العظيمههة الموجبههة‬ ‫) في الهّزلزل وقههور ( يعنههي أّنههه فهي النههوازل و ال ّ‬
‫سههكينة و الّثبههات كالجبههل ل تحّركههه‬
‫لضطراب الّناس مّتصف بشّدة الوقار و الّرزانة و ال ّ‬
‫العواصف ‪ ،‬و الوقار من جنود العقل و يقابله الخّفههة و هههي الطيههش و العجلههة مههن جنههود‬
‫الجهل ‪.‬‬

‫ن اليمههان نصههفان ‪ :‬نصههف صههبر و‬ ‫) و فههي المكههاره صههبور و فههي الّرخههاء شههكور ( ل ّ‬
‫ل ه عليههه و آلههه و‬
‫نصف شكر كما في الحديث المرفوع في احياء العلوم عن الّنبي صّلى ا ّ‬
‫سّلم و المّتقي بما له من وصف الّتقوى و اليمان قد أكمل بأخذهما كل شطرى اليمان ‪.‬‬

‫ن اليمان الكامل حسبما عرفت فيما تقّدم هو ما تضّمن العلههم‬‫و إّنما كانا نصف اليمان ل ّ‬
‫ل ما يلقيه العبد من العمال ينقسم الى ما ينفعه في الّدنيا و الخرة و إلههى‬
‫و العمل ‪ ،‬و ك ّ‬
‫ما يضّره فيهما ‪ ،‬و له بالضافة إلى ما يضّره و يكرهه طبعههه حههال الصههبر و بالضههافة‬
‫الى ما ينفعه حال الشكر ‪.‬‬

‫) ل يحيف على من يبغض ( أى ل يظلمه مع قهّوة الهّداعي إلههى الحيههف و هههو البغههض و‬
‫ب ( مع قيام الّداعي إلى الثم و هو المحّبة ‪.‬‬‫العداوة ) و ل يأثم فيمن يح ّ‬

‫ب و البغض عن تكليفه الشرعي‬


‫صل هاتين الفقرتين أّنه ل يخرجه الح ّ‬
‫و مح ّ‬

‫] ‪[ 152‬‬

‫إلى ما يخالفه كما هو شأن قضاة السوء و امراء الجور و وظيفة أهل الهوى و العصبّية ‪.‬‬

‫ن مسههيس الحاجهة إلههى الشهههاد إّنمها يكههون فههي‬


‫ق قبههل أن يشهههد عليهه ( ل ّ‬
‫) يعترف بالح ّ‬
‫صورة النكار و إنكار الحق كذب صريح مناف للّتقوى و العدالة ‪.‬‬
‫له بمحههافظته مهن الصههلوات الخمههس و‬ ‫) ل يضّيع مها اسهتحفظ ( أى ل يضهّيع مها أمههر ا ّ‬
‫صلوات و الصلوة الوسطى و قههال أيضهها‬ ‫نحوها من الطاعات قال سبحانه حافظوا على ال ّ‬
‫شههر الحههافظين لههها‬
‫و اّلذين يؤمنون بالخرة يؤمنون به و هم على صلتهم يحههافظون و ب ّ‬
‫في سورة المؤمنين بقوله و اّلذينهم على صلواتهم يحافظون ‪ .‬اولئك هههم الوارثههون اّلههذين‬
‫يرثون الفردوس هم فيها خالدون و فهي سهورة المعهارج بقهوله و اّلهذينهم علهى صهلواتهم‬
‫يحافظون ‪ .‬اولئك في جّنات مكرمون ‪.‬‬

‫و المراد بمحافظتها محافظة أوقاتها و حدودها و مراعات آدابها و شههرايطها و المداومههة‬


‫عليها ‪ ،‬و ضّد المحافظة الّتهاون و الّول من جنود العقل ‪ ،‬و الثاني من جنود الجهل كمهها‬
‫في حديث الكافي ‪ ،‬و المراد بالتضييع هنا العّم من الترك و التهاون و الخلل بالحههدود‬
‫الموظفة ‪.‬‬

‫) و ل ينسى ما ذكهر ( التهذّكر و الّنسهيان أمهران متقهابلن ‪ ،‬و الول مهن جنهود العقهل و‬
‫الّثاني من جنود الجهل ‪.‬‬

‫ن الدراك فينهها عبههارة عههن حصههول‬ ‫و توضيح معناهما حسبما أوضحه بعض المحّققين أ ّ‬
‫سية فهي قهّوة مهن قوانها ‪ ،‬و تلهك القهّوة ههى المسهّماة بالمدركهة ‪ ،‬و‬ ‫صورة العقلّية أو الح ّ‬
‫ال ّ‬
‫صههورة فههي قهّوة اخههرى فوقهها هههى المسهّماة بالخزانههة و‬
‫الحفظ عبارة عههن وجههود تلههك ال ّ‬
‫صههورة مهّرة اخههرى مههن الحافظههة بعههد‬
‫الحافظة ‪ ،‬و الّتذّكر عبارة عههن استحضههار تلههك ال ّ‬
‫اختزانها فيها ‪ ،‬و الّنسيان عبههارة عههن زوالههها عههن المدركههة و الحافظههة بمهها هههى حافظههة‬
‫سهو عبارة عن زوالها من المدركة فقط ل من الحافظة ‪.‬‬ ‫جميعا ‪ ،‬و ال ّ‬

‫له‬
‫ن المراد بقوله ل ينسى ما ذكر أّنه ل ينسى المّتقى مهها ذكههره ا ّ‬
‫إذا عرفت ذلك فأقول ‪ :‬إ ّ‬
‫سبحانه بآيات كتابه الكريم من الفرايض و الحكام و العبر و المثههال و غيرههها مّمهها فيههه‬
‫تذكرة و ذكرى لولى اللباب ‪ ،‬بل يعمل بها و يداوم على ملحظتها‬

‫] ‪[ 153‬‬

‫و يكثر من اخطارها بباله و ل يغيبها عن نظره ‪.‬‬

‫) و ل ينابز باللقاب ( لكون الّنبز منهّيا عنه في الكتاب الحكيم قهال سهبحانه و ل تنههابزوا‬
‫باللقاب بئس السم الفسوق بعد اليمان أى ل يههدعو بعضههكم بعضهها بههاللقب السههوء مثههل‬
‫قول الّرجل للّرجل يا كافر يا فاسق يا منافق بئس الشىء تسميته باسم الفسوق يعني الكفر‬
‫بعد اليمان ‪ ،‬و النكتة فى النهى عنه كونه موجبا للتباغض و العداوة و إثارة الفتن ‪.‬‬

‫ف الذى عن الجار كما صهّرح بههه فههي غيههر واحههد مههن‬


‫) و ل يضاّر بالجاّر ( لوجوب ك ّ‬
‫الخبار ‪.‬‬
‫ل عن أبيه عليهمهها‬‫روى في الوسائل عن الكليني باسناده عن طلحة بن زيد عن أبي عبد ا ّ‬
‫ل عليه و آله و‬‫ل صّلى ا ّ‬‫سلم انّ رسول ا ّ‬ ‫ي عليه ال ّ‬
‫سلم قال ‪ :‬قال ‪ :‬قرأت في كتاب عل ّ‬
‫ال ّ‬
‫ن الجههار كههالنفس‬
‫سّلم كتب بين المهاجرين و النصار و من لحق بهم مههن أهههل يههثرب ‪ :‬ا ّ‬
‫غير مضاّر و ل اثم و حرمة الجار على الجار كحرمة امه ‪.‬‬

‫له‬‫ل ص هّلى ا ّ‬ ‫ن رسول ا ّ‬ ‫سلم في حديث ا ّ‬ ‫ل عليه ال ّ‬


‫و عن عمرو بن عكرمة عن أبي عبد ا ّ‬
‫عليه و آله و سّلم أتاه رجل مههن النصههار فقههال ‪ :‬إنههي اشههتريت دارا مههن بنههي فلن و ا ّ‬
‫ن‬
‫له‬
‫أقرب جيراني مّنى جوارا من ل أرجههو خيههره و ل آمههن شهّره ‪ ،‬قههال ‪ :‬فههأمر رسههول ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم عليا و سلمان و أباذر و نسيت آخر و أظنهه المقهداد أن ينهادوا‬ ‫صّلى ا ّ‬
‫في المسجد بأعلى صوتهم بأنه ‪ :‬ل ايمان لمن لم يأمن جاره بوايقه ‪ ،‬فنههادوا بههها ثلثهها ثهّم‬
‫ل أربعين دارا من بين يديه و من خلفه و عن يمينه و عن شماله ‪.‬‬ ‫اومى بيده إلى ك ّ‬

‫سههلم يقهول ‪ :‬المههؤمن مههن آمههن جهاره‬


‫له عليههه ال ّ‬
‫و عن أبي حمزة قال ‪ :‬سمعت أبا عبههد ا ّ‬
‫بوايقه ‪ ،‬قلت ‪ :‬ما بوايقه ؟ قال ‪ :‬ظلمه و غشمه ‪.‬‬

‫و فيه عن الصدوق باسناده عن شعيب بن واقد عن الحسين بن زيد عن الصادق عن آبائه‬


‫له عليهه و آلهه و سهّلم فهي حهديث المنهاهي‬
‫ل صهّلى ا ّ‬
‫سلم عن رسول ا ّ‬ ‫ي عليهم ال ّ‬
‫عن عل ّ‬
‫ل عليه ريح الجنة و مأواه جهّنم و بئس المصير ‪ ،‬و من ضّيع‬ ‫قال ‪ :‬من أذى جاره حّرم ا ّ‬
‫ق جاره فليس مّنا و ما زال جبرئيل يوصيني بالجهار حّتهى ظننهت أنهه سهيورثه ‪ ،‬و مها‬ ‫حّ‬
‫زال يوصيني بالمماليك‬

‫] ‪[ 154‬‬

‫حههتى ظننههت أنههه سههيجعل لهههم وقتهها إذا بلغههوا ذلههك الههوقت اعتقههوا ‪ ،‬و مهها زال يوصههيني‬
‫بالسواك حتى ظننت أنه سيجعله فريضة ‪ ،‬و ما زال يوصيني بقيام الّليل حههتى ظننههت أ ّ‬
‫ن‬
‫خيار امتي لن يناموا ‪.‬‬

‫ل و قدر‬
‫ل عّز و ج ّ‬
‫ن المصائب النازلة إنما هى بقضاء من ا ّ‬
‫) و ل يشمت بالمصائب ( ل ّ‬
‫و الشامت بسبب نزولها بغيره في معرض أن تصيبه مثلها فكيف يشمت و يفرح بمصيبة‬
‫نزلت به ‪.‬‬

‫سههلم قههال ‪ :‬ل‬


‫له عليههه ال ّ‬
‫روى في الكافي باسناده عن أبان بن عبد الملك عههن أبههي عبههد ا ّ‬
‫ل و يصّيرها بك ‪.‬‬
‫تبدى الشماتة لخيك فيرحمه ا ّ‬

‫سلم من شمت بمصيبة نزلت بأخيه لم يخرج من الّدنيا حتى يفتتن ‪ ،‬هذا ‪.‬‬
‫و قال عليه ال ّ‬
‫ن فههى الشههماتة بههالمؤمن كسههرا لقلبههه و إدخههال للحههزن عليههه ‪ ،‬و هههو خلف‬
‫مضافا إلى أ ّ‬
‫غرض الشارع ‪.‬‬

‫له و ل‬ ‫ل عليه و آلهه و سهّلم إذا رأيتهم أههل البل فاحمهدوا ا ّ‬‫ل صّلى ا ّ‬‫و لذلك قال رسول ا ّ‬
‫له عليههه‬
‫ن ذلك يحزنهم رواه فههى الكههافي عههن حفههص بههن عمههر عههن أبيعبههد ا ّ‬ ‫تسمعوهم فا ّ‬
‫ق(‬ ‫ل عليه و آله و سّلم ) و ل يدخل فههى الباطههل و ل يخههرج مههن الحه ّ‬ ‫سلم عنه صّلى ا ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ل‪،‬‬ ‫ق كّلمهها يقههرب منههه عهّز و جه ّ‬
‫ل تعالى ‪ ،‬و بالح ّ‬
‫الولى أن يراد بالباطل كّلما يبعد من ا ّ‬
‫فالمعنى أنه ل يخرج عن سمت الهدى إلى مسلك الضلل و الّردى ‪.‬‬

‫ل مههن الصههمت و الكلم‬ ‫) إن صمت لم يغمه صمته ( لنه بمقتضى عقله و كماله يضع ك ّ‬
‫ليق به و مقامه المناسب لههه ‪ ،‬فل يكههون داع إلههى التكّلههم فههى مقهام مقتهض‬
‫فى موضعه ال ّ‬
‫للصمت حتى يكون إمساكه عن التكّلم موجبا لغتمامه ‪.‬‬

‫و بعبارة اخههرى الغتمههام بالصههمت إنمهها يكههون ممههن تعههود لسههانه بالهههذر أى الهههذيان و‬
‫فضول الكلم و اعتاد الخوض فيما ل يعنى ‪ ،‬و أهل التقوى لعلمهم بما فههى الصههمت مههن‬
‫الثمرات الّدنيوية و الخروية ‪ ،‬و بما فى الكلم من المفاسد و الفات الكههثيرة كالخطههاء و‬
‫الكذب و الغيبة و النميمة و الّريا و النفاق و الفحش و الجدال و تزكية النفس و الخوض‬

‫] ‪[ 155‬‬

‫فى الباطل و الفضول و التحريف و الّزيادة و النقصهان و إيههذاء الخلههق و هتههك العهورات‬
‫إلى غير هذه من الفات اعتادوا أن ل يزيدوا فى كلمهم علههى قههدر الحاجههة ‪ ،‬و الههتزموا‬
‫ل فى مقام الضرورة ‪.‬‬
‫الصمت إ ّ‬

‫ل عليه و آله و سّلم طوبى لمن أمسك الفضل من‬


‫ل صّلى ا ّ‬
‫و الى ذلك ينظر قول رسول ا ّ‬
‫لسانه و أنفق الفضل من ماله ‪.‬‬

‫ضة فأيقن أن السكوت مههن ذهههب و‬ ‫سلم إن كان كلمك من ف ّ‬ ‫و قال أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫قيل ‪ :‬أليق شىء يكون فى السجن هو اللسان ‪ ،‬و قيل ‪ :‬اللسان صغير الجرم عظيم الجههرم‬
‫قال أبوبكر بن عياش ‪ :‬اجتمع أربعة ملوك ‪ :‬ملك الهند و ملك الصين و كسرى و قيصههر‬
‫فقال أحدهم ‪ :‬أنا أندم على ما قلت و ل أندم على ما لم أقل ‪ ،‬و قال الثانى ‪ :‬إنى إذا تكّلمت‬
‫بكلمة ملكتنى و لم أملكها و إذا لم أتكّلم بها ملكتها و لم تملكنههى ‪ ،‬و قههال الثههالث ‪ :‬عجبههت‬
‫للمتكّلم إن رجعت عليه كلمته ضّرته و إن لم ترجع لم تنفعه ‪ ،‬و قال الرابع ‪ :‬أنا علههى رّد‬
‫ما لم أقل أقدر منى على رّد ما قلت ‪.‬‬

‫و قد ورد فى مدح الصمت و ذّم التكّلم من الخبار ما هو غير محصور ‪.‬‬


‫مثل ما فى الكافى باسناده عن أحمد بن محّمد بن أبى نصههر قهال ‪ :‬قهال أبههو الحسههن عليههه‬
‫ن الصمت باب من أبواب الحكمههة إ ّ‬
‫ن‬ ‫سلم ‪ :‬من علمات الفقه العلم و الحلم و الصمت إ ّ‬‫ال ّ‬
‫ل خير ‪.‬‬‫الصمت يكسب المحبة انه دليل على ك ّ‬

‫ل عليه و آله ‪ :‬أمسك لسانك فانها صههدقة‬


‫ل صّلى ا ّ‬
‫و عن الحلبى رفعه قال ‪ :‬قال رسول ا ّ‬
‫تصدق بها على نفسك ثّم قال ‪ :‬و ل يعرف عبد حقيقة اليمان حتى يخزن من لسانه ‪.‬‬

‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬نجاة المههؤمن‬


‫ل صّلى ا ّ‬
‫و عن الحلبى أيضا رفعه قال ‪ :‬قال رسول ا ّ‬
‫من حفظ لسانه ‪.‬‬

‫سلم يقول ‪ :‬كان أبو ذر يقول ‪ :‬يا مبتغههى‬ ‫و عن أبى بصير قال ‪ :‬سمعت أبا جعفر عليه ال ّ‬
‫ن هذا اللسان مفتاح خير و مفتاح شّر فاختم علههى لسههانك كمهها تختههم علههى ذهبههك و‬
‫العلم إ ّ‬
‫ورقك ‪.‬‬

‫سلم ‪ :‬قال ‪ :‬كان المسيح يقول ‪ :‬ل تكثروا‬


‫ل عليه ال ّ‬
‫و عن عمر بن جميع عن أبيعبد ا ّ‬

‫] ‪[ 156‬‬

‫ل قاسية قلههوبهم و لكههن ل‬


‫ن الذين يكثرون الكلم فى غير ذكر ا ّ‬
‫ل فا ّ‬
‫الكلم فى غير ذكر ا ّ‬
‫يعلمون ‪.‬‬

‫سلم يقههول ‪ :‬كههان الّرجههل مههن بنههى إسههرائيل إذا‬


‫و عن الوشا قال ‪ :‬سمعت الّرضا عليه ال ّ‬
‫أراد العبادة صمت قبل ذلك عشر سنين ‪.‬‬

‫سلم قال ‪ :‬فى حكمة آل داود ‪ :‬على العاقل‬ ‫ل عليه ال ّ‬


‫و عن منصور بن يونس عن أبيعبد ا ّ‬
‫أن يكون عارفا بزمانه مقبل على شأنه ‪ ،‬حافظا للسانه ‪.‬‬

‫سههابعة و‬
‫إلى غير هذه مّما لم نطل بروايتههها ‪ ،‬و قههد مضههى بعضههها فههي شههرح الخطبههة ال ّ‬
‫سبعين ‪.‬‬
‫ال ّ‬

‫سههم و القهقهههة مههن الشههيطان كمهها‬


‫ن ضههحك المههؤمن الّتب ّ‬‫) و إن ضحك لم يعل صوته ( ل ّ‬
‫سلم ‪.‬‬ ‫ل عليه ال ّ‬
‫رواه في الوسائل من الكافي عن أبي عبد ا ّ‬

‫شيخ عن هارون بن عمرو بن عبد العزيز عن محّمد بههن جعفههر‬ ‫و فيه أيضا من مجالس ال ّ‬
‫سههلم قههال ‪ :‬كههان ضههحك النههب ّ‬
‫ي‬ ‫ي عليهههم ال ّ‬
‫ل عن آبائه عههن عله ّ‬ ‫بن محّمد عن أبيه أبيعبد ا ّ‬
‫سم ‪ ،‬فاجتاز ذات يوم بفتية من النصار و إذا هم يتحهّدثون‬ ‫ل عليه و آله و سّلم الّتب ّ‬
‫صّلى ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬مه يا هؤلء من غ هّره منكههم‬ ‫و يضحكون مل أفواههم ‪ ،‬فقال صّلى ا ّ‬
‫صر به في الخير عمله فليطلع القبههور و ليعتههبر بالّنشههور و اذكههروا المههوت فههاّنه‬ ‫أمله و ق ّ‬
‫له عليههه‬‫صدوق بسنده عن معاوية بن عّمههار عههن أبههي عبههد ا ّ‬ ‫هادم الّلذات و من مجالس ال ّ‬
‫طههال يضهحك الّنهاس فقهال ‪ :‬قههد أعيهانى ههذا الّرجههل أن‬ ‫سلم قال كهان بالمدينههة رجهل ب ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ي بن الحسين عليهمهها‬ ‫سلم ‪ ،‬الحديث و فيه إن عل ّ‬ ‫ي بن الحسين عليهما ال ّ‬ ‫اضحكه يعني عل ّ‬
‫ل يوما يخسر فيه المبطلون ‪.‬‬ ‫ن ّ‬‫سلم قال ‪ :‬قولوا له ‪ :‬إ ّ‬‫ال ّ‬

‫سهلم قهال ‪ :‬قهال‬ ‫و من عيون الخبهار عهن الّرضها عهن أبيهه موسهى بهن جعفهر عليههم ال ّ‬
‫سلم ‪ :‬كم مّمن أكثر ضحكه لغيا يكههثر يههوم القيامههة بكههاؤه ‪ ،‬و كههم مّمههن‬
‫صادق عليه ال ّ‬
‫ال ّ‬
‫كثر بكاؤه على ذنبه خائفا يكثر يوم القيامة في الجّنة ضحكه و سروره ‪.‬‬

‫ل هو اّلذي ينتقم له ( يعني إن ظلمه أحد‬


‫) و إن بغي عليه صبر حّتى يكون ا ّ‬

‫] ‪[ 157‬‬

‫ل حّتى ينتقههم لههه مههن البههاغي‬ ‫ل عّز و ج ّ‬‫و تعّدى عليه صبر على ذلك و فّوض أمره إلى ا ّ‬
‫لّنه تعالى قد وعد له النصرة في كتابه العزيز بقوله » و من عاقب بمثل ما عوقب به ث هّم‬
‫له‬
‫ل « أى من جازى الظالم بمثل ما ظلمه ثّم ظلههم عليههه لينصههرّنه ا ّ‬ ‫بغى عليه لينصرّنه ا ّ‬
‫أى المظلوم اّلذي بغى عليه ل محالة ‪ ،‬و إّنما يصبر المّتقى على بغى الباغي و ل يجازيه‬
‫عمل بقههوله سههبحانه و ان عههاقبتم فعههاقبوا بمثههل مهها عههوقبتم بههه و لئن صههبرتم لهههو خيههر‬
‫صابرين يعني إن أردتم معاقبة غيركم على وجه المجههازاة و المكافههاة فعههاقبوا بقههدر مهها‬ ‫لل ّ‬
‫عوقبتم به و ل تزيدوا عليه و لئن تركتم المكافاة و القصاص و جرعتههم مرارتههه لهههو أى‬
‫صابرين لما فيه من جزيل الثواب ‪.‬‬ ‫صبر خير و أنفع لل ّ‬ ‫ال ّ‬

‫) نفسه منه في عناء و الّناس منه في راحة ( أى نفسه منه في تعب و مشّقة لمجاهدته لهها‬
‫ب كما عرفت فهي شههرح‬ ‫و مخالفته لهواها و حمله إّياها على ما تكره و ردعه لها عّما تح ّ‬
‫ب ‪ ،‬كه ّ‬
‫ل‬ ‫سلم ‪ :‬إن استصعبت عليه نفسه فيما تكره لم يعطها سههؤلها فيمهها تح ه ّ‬ ‫قوله عليه ال ّ‬
‫سوء و أّنها له عدّو مبين ‪ ،‬و لذلك كههان الّنههاس منههه فههي راحههة ‪،‬‬
‫ذلك لعلمه بأّنها أّمارة بال ّ‬
‫ن ايذاء الّناس من هوى النفس فههاذا كههان قههاهرا لههها علههى خلف هواههها يكههون الّنههاس‬ ‫لّ‬
‫مأمونين من شّرها مستريحين من أذاها ) أتعب نفسه لخرته و أراح الّناس من نفسه ( و‬
‫سابقة ‪ ،‬لّنه لما قال هناك ‪ :‬نفسه منه في‬ ‫هذه الجملة في الحقيقة تعليل و توضيح للجملة ال ّ‬
‫ن إتعابه لنفسه إّنما هو لجل آخرته ‪.‬‬ ‫عناء ‪ ،‬عّلله هنا بأ ّ‬

‫سلم ‪:‬‬
‫صادق عليه ال ّ‬
‫صدوق عن شعيب العرقوفي عن ال ّ‬
‫فقد روى في الوسائل عن ال ّ‬

‫قال ‪ :‬من ملك نفسه إذا رغب و إذا رهب و إذا اشتهى و إذا غضب و إذا رضي حّرم ا ّ‬
‫ل‬
‫جسده على الّنار ‪.‬‬
‫ن اسههتراحتهم مههن شههرور نفسههه‬
‫و لّما قال ثّمة ‪ :‬الّناس منههه فههي راحههة ‪ ،‬أوضههحه هنهها بههأ ّ‬
‫لمجاهدته لها ‪.‬‬

‫سهلم فهي‬‫كما روى في الوسائل عن الصهدوق عهن جعفهر بهن محّمهد عهن آبهائه عليههم ال ّ‬
‫سلم ‪ :‬قال ‪ :‬يها علههى أفضههل الجههاد‬‫ى عليه ال ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم لعل ّ‬
‫وصّية الّنبي صّلى ا ّ‬
‫من أصبح ل يهّم بظلم أحد‬

‫] ‪[ 158‬‬

‫) بعده عّمن تباعد عنه زهد و نزاهة ( يعنى بعده عن أهل الّدنيا و عن مجالسهم من بههاب‬
‫الّزهد و التباعد عن مكروههم و أباطيلهم ‪.‬‬

‫) و دنّوه مّمن دنا منه لين و رحمة ( أى قربه من المؤمنين من باب التعاطف و التواصل‬
‫ل و اّلذين آمنوا معه أشّداء على الكّفار رحماء بينهم ‪.‬‬
‫كما قال تعالى محّمد رسول ا ّ‬

‫قال فى مجمع البيان ‪ :‬قال الحسن ‪ :‬بلغ تشّددهم على الكّفار أن كانوا يتحّرزون من ثيههاب‬
‫س أبدانهم ‪،‬‬
‫المشركين حّتى ل يلتزق بثيابهم ‪ ،‬و عن أبدانهم حّتى ل تم ّ‬

‫ل صافحه و عانقه ‪.‬‬


‫و بلغ تراحمهم فيهما بينهم أن كان ل يرى مؤمن مؤمنا إ ّ‬

‫سلم يقول‬
‫ل عليه ال ّ‬
‫روى فى الكافى باسناده عن شعيب العقرقوفى قال ‪ :‬سمعت أبا عبد ا ّ‬
‫ل متواصلين متراحمين تزاوروا و‬ ‫ل و كونوا اخوة بررة متحاّبين فى ا ّ‬‫لصحابه ‪ :‬اّتقوا ا ّ‬
‫تلقوا و تذاكروا أمرنا و أحيوه ‪.‬‬

‫سلم قال ‪ :‬تواصلوا و تبههاّروا و تراحمههوا و‬


‫ل عليه ال ّ‬
‫صيداوى عن أبيعبد ا ّ‬‫و عن كليب ال ّ‬
‫ل‪.‬‬‫ل عّز و ج ّ‬‫كونوا اخوة بررة كما أمركم ا ّ‬

‫سلم قال ‪ :‬تواصلوا و تباّروا و تراحمههوا و كههانوا‬


‫ل عليه ال ّ‬
‫و عن أبى المعزا عن أبيعبد ا ّ‬
‫ل‪.‬‬‫ل عّز و ج ّ‬
‫اخوة بررة كما أمركم ا ّ‬

‫ق علههى المسههلمين الجتهههاد فههى‬‫سههلم قههال ‪ :‬يحه ّ‬


‫له عليههه ال ّ‬
‫و عن أبى المعزا عن أبيعبد ا ّ‬
‫التواصل و التعاون على التعاطف و المواساة لهل الحاجة و تعاطف بعضهم على بعض‬
‫ل رحماء بينهم متراحمين مغتمين لما غاب عنكم مههن‬ ‫ل عّز و ج ّ‬ ‫حّتى تكونوا كما أمركم ا ّ‬
‫ل ه عليههه و آلههه و‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫أمرهم على ما مضى عليه معشر النصار على عهد رسول ا ّ‬
‫سّلم ‪.‬‬
‫ن تباعده و تدانيه عّمن تباعههد عنههه و دنههى منههه مههن بههاب المواظبههة علههى‬
‫فقد ظهر بذلك أ ّ‬
‫الوظههايف و الداب الشههرعّية و أّنههه ) ليههس تباعههده بكههبر و عظمههة و ل دن هّوه بمكههر و‬
‫خديعههة ( كمهها هههو فعههل أبنههاء الهّدنيا و ذوى الغههراض الفاسههدة و مههن شههأن أهههل النفههاق‬
‫ل و هو خادعهم ‪ ،‬و إذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمّنهها و اذا خلههوا الههى شههياطينهم‬ ‫يخادعون ا ّ‬
‫قالوا إّنا معكم إنما نحن مستهزؤن ‪.‬‬

‫) قال ( الّراوى للحديث ) فصعق همام صعقة ( أى غشى عليه غشوة من فههزع مهها سههمع‬
‫سلم صعقا أى مغشيا عليه من هههول مهها رأى‬‫من الموعظة البالغة كما خّر موسى عليه ال ّ‬
‫) كانت نفسه فيها ( أى مات فى تلك الغشوة و خرج روحه من بدنه‬

‫] ‪[ 159‬‬

‫ن الوجد أمر شريف قد اختلف الناس فيه فقالت الحكماء فيه‬


‫قال الشارح المعتزلى ‪ :‬اعلم أ ّ‬
‫أقوال ‪ ،‬و قالت الصوفية فيه أقوال ‪.‬‬

‫أما الحكماء فقالوا ‪ :‬الوجد حالة تحدث للنفس عند انقطاع عليقها عن المحسوسههات بغتههة‬
‫إذا كان قد ورد عليها وارد مشّوق ‪ ،‬و قال بعضهههم ‪ :‬الوجههد هههو اّتصههال النفههس بمباديههها‬
‫المجّردة عند سماع ما يقتضي ذلك الّتصال ‪.‬‬

‫صوفّية فقد قال بعضهم ‪ :‬الوجد رفع الحجاب و مشاهدة المحبوب و حضور الفهم‬ ‫و أّما ال ّ‬
‫و ملحظة الغيب و محادثة السّر و هو فناؤك من حيث أنت أنت ‪ ،‬و قال بعضهم ‪ :‬الوجد‬
‫ق يوجب الفناء ‪ ،‬و القوال فيه متقاربههة المعنههى و‬
‫ل عند العارفين و مكاشفة من الح ّ‬ ‫سّر ا ّ‬
‫ل العبارة ‪ ،‬انتهى ‪.‬‬
‫ان اخت ّ‬

‫شرع ما فيه للخبار ‪.‬‬


‫و هي كّلها مخالفة لمذاق أهل ال ّ‬

‫ل لقد كنت أخافها ( أى تلك الصعقة‬ ‫سلم أما و ا ّ‬‫و كيف كان ) فقال أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫سلم ‪ :‬هكههذا تصههنع المههواعظ البالغههة بأهلههها ‪،‬‬
‫اّلتي فيها موت هّمام ) عليه ثّم قال عليه ال ّ‬
‫فقال له قائل ‪ :‬فما بالك يا أمير المؤمنين ( ل تصنع موعظتك بك ما صنعت بهّمام ) فقال‬
‫‪:‬‬

‫خر عنههه‬
‫ل أجل ( محتوم ) وقتا ( معّينا ) ل يعههدوه ( أى ل يتجههاوزه و ل يتههأ ّ‬ ‫ن لك ّ‬
‫ويحك إ ّ‬
‫خر ) و سببا ( أى عّلههة معّينههة ) ل يتجههاوزه ( أى‬
‫ل إذا جاء ل يؤ ّ‬‫ن أجل ا ّ‬
‫كما قال تعالى إ ّ‬
‫ل يتجاوز عنه إلى سبب آخر ‪.‬‬

‫ل انسان له أجل حتمههى مقهّدر و وقههت معّيههن لمههوته ل يتقهّدم و ل‬


‫نكّ‬
‫صل الجواب أ ّ‬
‫و مح ّ‬
‫خر و عّلة معّينة لجله ل تتبّدل و ل تتغّير كما قال تعالى و ما كان لنفس ان تمههوت ا ّ‬
‫ل‬ ‫يتأ ّ‬
‫جل و على ذلك فاّنما مات هّمام باسههتماع الموعظههة البالغههة لّنههه قههد تهمّ‬ ‫ل كتابا مؤ ّ‬‫باذن ا ّ‬
‫عمره و بلغت مّدة حياته اّلتى قّدرت فى حّقه غايتها مع حصول السبب المعيههن المكتههوب‬
‫فى اّم الكتاب لموته و هو النفعال بالموعظة و أما أنا فلم يكمل أيامى بعد و لم يبلغ أجلى‬
‫غايته و السبب المقّدر فى حقى غير هذا السبب و ههو مها أنتظهره مهن ضهربة ابهن ملجهم‬
‫المرادى عليه الّلعنة و العذاب ‪.‬‬

‫ل قد تعّلق بموت همام عن سببه الذى حصل‬


‫ل و اذنه عّز و ج ّ‬
‫ن مشية ا ّ‬
‫و الحاصل أ ّ‬

‫] ‪[ 160‬‬

‫و لم يتعّلق بعد بموتى و لم يحصل سببه ‪ ،‬و ان شئت مزيد توضههيح لههذلك فعليههك بههالكلم‬
‫الحادى و السّتين و شرحه ‪ ،‬هذا ‪.‬‬

‫سلم عن اعتراض القائل نهاه عن العود إلى مثههل ذلههك بقههوله ) فمهل‬ ‫و لما أجاب عليه ال ّ‬
‫ل تعد لمثلها ( أى ل ترجع إلى مثل تلك الكلمههة ) فانمهها نفههث الشههيطان ( أى نفههخ و تكّلههم‬
‫) على لسانك ( ‪.‬‬

‫ععععع‬

‫ن هذه الخطبة الشريفة حسبما اشرت اليه سابقا مروّيههة فههي الكههافي بههاختلف كههثير‬ ‫اعلم أ ّ‬
‫سند اّلذى فيه و اتباعها ببيان غرايب ألفاظههها فههأقول و بهها ّ‬
‫ل‬ ‫جّدا اقتضى المقام روايتها بال ّ‬
‫التوفيق ‪:‬‬

‫ل روحه عن محّمد بن يحيى عن جعفر‬ ‫روى ثقة السلم محّمد بن يعقوب الكليني قّدس ا ّ‬
‫ل بن زاهر عن الحسن بن يحيى عن قثم بههن أبههي قتههادة‬ ‫عن محّمد بن إسماعيل عن عبد ا ّ‬
‫سلم قال ‪:‬‬
‫ل عليه ال ّ‬
‫ل بن يونس عن أبي عبد ا ّ‬ ‫الحّراني عن عبد ا ّ‬

‫سههلم و هههو‬‫قام رجل يقال له هّمام و كان عابدا ناسكا مجتهدا إلى أمير المههؤمنين عليههه ال ّ‬
‫سلم ‪:‬‬ ‫يخطب ‪ ،‬فقال يا أمير المؤمنين صف لنا صفة المؤمن كأّننا ننظر إليه فقال عليه ال ّ‬

‫يا همام المؤمن هو الكّيس الفطههن ‪ ،‬بشهره فههي وجههه ‪ ،‬و حزنههه فههي قلبهه ‪ ،‬أوسههع شهيء‬
‫ل حسن ‪ ،‬ل حقود ‪،‬‬ ‫ل فان ‪ ،‬حاض عن ك ّ‬ ‫ل شيء نفسا ‪ ،‬زاجر عن ك ّ‬ ‫صدرا ‪ ،‬و أذ ّ‬

‫و ل حسود ‪ ،‬و ل وّثاب ‪ ،‬و ل سّباب ‪ ،‬و ل عّياب ‪ ،‬و ل مغتاب ‪ ،‬يكره الّرفعة ‪ ،‬و يشههنأ‬
‫صمت ‪ ،‬وقور ‪ ،‬ذكور ‪ ،‬شكور ‪،‬‬ ‫السمعة ‪ ،‬طويل الغّم ‪ ،‬بعيد الهّم ‪ ،‬كثير ال ّ‬
‫مغمهوم بفكهره ‪ ،‬مسهرور بفقهره ‪ ،‬سههل الخليقههة ‪ ،‬ليههن العريكهة ‪ ،‬رصههين الوفهاء ‪ ،‬قليههل‬
‫الذى ‪ ،‬ل متأّفك ‪ ،‬و ل متهّتك ‪ ،‬إن ضحك لم يخرق ‪ ،‬و إن غضههب لههم ينههزق ‪ ،‬ضههحكه‬
‫سم ‪ ،‬و استفهامه تعّلم ‪ ،‬و مراجعته تفّهم ‪ ،‬كثير علمه ‪ ،‬عظيم حلمه ‪ ،‬كثير الّرحمة ‪،‬‬ ‫تب ّ‬

‫ل يبخل ‪ ،‬و ل يعجل ‪ ،‬و ل يضجر ‪ ،‬و ل يبطر ‪ ،‬و ل يحيف في حكمه ‪ ،‬و ل يجور فههي‬
‫علمه ‪،‬‬

‫أصلب من الصلد ‪ ،‬و مكادحته أحلى من الشهد ‪ ،‬ل جشع ‪ ،‬و ل هلع ‪ ،‬و ل عنف ‪ ،‬و ل‬

‫] ‪[ 161‬‬

‫صههلف ‪ ،‬و ل متكّلههف ‪ ،‬و ل متعّمههق ‪ ،‬جميههل المنازعههة ‪ ،‬كريههم المراجعههة ‪ ،‬عههدل إن‬
‫غضب ‪،‬‬

‫رفيق إن طلب ‪ ،‬ل يتهّور ‪ ،‬و ل يتهّتك ‪ ،‬و ل يتجّبر ‪ ،‬خالص الوّد ‪ ،‬وثيق العههد ‪ ،‬و فهيّ‬
‫ل ‪ ،‬مخههالف‬
‫ل عّز و ج ه ّ‬
‫العقد ‪ ،‬شفيق وصول ‪ ،‬حليم خمول ‪ ،‬قليل الفضول ‪ ،‬راض عن ا ّ‬
‫لهواه ‪،‬‬

‫ل يغلظ على من دونه ‪ » ،‬يؤذيه خ « و ل يخوض فيما ل يعنيههه ‪ ،‬ناصههر لل هّدين ‪ ،‬محههام‬
‫عن المؤمنين كهههف للمسههلمين ‪ ،‬ل يخههرق الثنههاء سههمعه ‪ ،‬و ل ينكههى الطمههع قلبههه ‪ ،‬و ل‬
‫يصههرف الّلعههب حكمههه ‪ ،‬و ل يطلههع الجاهههل علمههه ‪ ،‬قهّوال ‪ ،‬عمههال ‪ ،‬عههالم ‪ ،‬حههازم ‪ ،‬ل‬
‫حاش ‪ ،‬و ل بطّياش ‪،‬‬ ‫بف ّ‬

‫وصول في غير عنف ‪ ،‬بذول في غير سرف ‪ ،‬ل بخّتار ‪ ،‬و ل بغّدار ‪ ،‬و ل يقتفى اثرا ‪،‬‬
‫و ل يحيف بشرا ‪ ،‬رفيق بالخلق ‪ ،‬ساع فى الرض ‪ ،‬عون للضعيف ‪ ،‬غوث للملهههوف ‪،‬‬
‫ل يهتك سترا ‪ ،‬و ل يكشف سّرا ‪ ،‬كثير البلوى ‪ ،‬قليل الشكوى ‪ ،‬إن رأى خيرا ذكههره ‪ ،‬و‬
‫ان عاين شّرا ستره ‪ ،‬يستر العيب ‪ ،‬و يحفظ الغيب ‪ ،‬و يقيههل العههثرة ‪ ،‬و يغفههر الّزّلههة ‪ ،‬ل‬
‫ي‪،‬‬‫ي ‪ ،‬نقه ّ‬‫يطلع على نصح فيذره ‪ ،‬و ل يدع جنح حيف فيصههلحه ‪ ،‬أميههن ‪ ،‬رصههين ‪ ،‬تق ه ّ‬
‫ي‪،‬‬‫زك ّ‬

‫ن ‪ ،‬و يّتهم على العيب نفسه ‪،‬‬


‫ي ‪ ،‬يقبل العذر ‪ ،‬و يجمل الّذكر ‪ ،‬و يحسن بالّناس الظ ّ‬
‫رض ّ‬
‫ل بحزم و عزم ‪ ،‬ل يخرق به فههرح ‪ ،‬و ل يطيههش‬ ‫ل بفقه و علم ‪ ،‬و يقطع في ا ّ‬
‫ب في ا ّ‬‫يح ّ‬
‫به مرح ‪،‬‬

‫ل سههعى أخلههص‬‫مذّكر للعالم ‪ ،‬معّلم للجاهل ‪ ،‬ل يتوّقع له بائقة ‪ ،‬و ل يخاف له غائلة ‪ ،‬ك ه ّ‬
‫ل نفس أصلح عنده من نفسه ‪ ،‬عالم بعيبه ‪ ،‬شاغل بغّمه ‪،‬‬ ‫عنده من سعيه ‪ ،‬و ك ّ‬
‫له‬
‫ل و يجاهد فههى ا ّ‬‫ب في ا ّ‬‫ل يثق بغير رّبه ‪ ،‬غريب » خ ل قريب « ‪ ،‬وحيد حزين ‪ ،‬يح ّ‬
‫ليّتبع رضاه ‪ ،‬و ل ينتقم لنفسه بنفسه ‪ ،‬و ل يوالى فى سخط رّبه ‪ ،‬مجههالس لهههل الفقههر ‪،‬‬
‫ق ‪ ،‬عههون للغريههب ‪ ،‬أب لليههتيم بعههل للرملههة ‪،‬‬
‫صدق ‪ ،‬موازر لهل الحه ّ‬‫مصادق لهل ال ّ‬
‫ل كريهة ‪ ،‬مأمول لكل شّدة ‪،‬‬‫حفي بأهل المسكنة ‪ ،‬مرجو لك ّ‬

‫سام ‪ ،‬دقيق النظر ‪،‬‬


‫ظام ‪ ،‬ب ّ‬
‫ساس ‪ ،‬صليب ‪ ،‬ك ّ‬
‫شاش ‪ ،‬ل بعّباس ‪ ،‬و ل بج ّ‬
‫شاش ‪ ،‬ب ّ‬
‫هّ‬

‫عظيم الحذر ‪ ،‬ل يبخل ‪ ،‬و إن بخل عليه » خ ل عنه « صبر ‪ ،‬عقل فاستحيي ‪،‬‬

‫و قنع فاستغنى ‪ ،‬حياؤه يعلو شهوته ‪ ،‬و وّده يعلو حسده ‪ ،‬و عفوه يعلو حقده ‪،‬‬

‫ل القتصاد ‪ ،‬مشيه الّتواضع ‪ ،‬خاضع لرّبه بطاعته ‪،‬‬‫ل ينطق بغير صواب ‪ ،‬و ل يلبس إ ّ‬
‫ش و ل خديعة ‪،‬‬
‫راض عنه في كل حالته ‪ ،‬نّيته خالصة ‪ ،‬أعماله ليس فيها غ ّ‬

‫] ‪[ 162‬‬

‫نظره عبرة ‪ ،‬و سكوته فكرة ‪ ،‬و كلمه حكمة ‪ ،‬مناصحا ‪ ،‬متبادل ‪ ،‬متواخيا ‪ ،‬ناصح فههى‬
‫السّر و العلنية ‪ ،‬ل يهجر أخاه ‪ ،‬و ل يغتابه ‪ ،‬و ل يمكر به ‪ ،‬و ل يأسف على مها فهاته ‪،‬‬
‫و ل يحزن على ما أصابه ‪ ،‬و ل يرجو ما ل يجوز له الّرجا ‪ ،‬و ل يفشههل فههي الش هّدة ‪ ،‬و‬
‫ل يبطر في الّرخا ‪ ،‬يمزج العلم بالحلم ‪ ،‬و العقل بالصبر ‪ ،‬تراه بعيدا كسله ‪ ،‬دائما نشاطه‬
‫‪ ،‬قريبا أمله ‪ ،‬قليل زل ‪ ،‬متوقعا لجله ‪ ،‬خاشعا قلبههه ‪ ،‬ذاكهرا رّبهه ‪ ،‬قانعههة نفسهه ‪ ،‬منفيهها‬
‫جهله ‪ ،‬سهل أمره ‪ ،‬حزينا لذنبه ‪ ،‬ميتة شهوته ‪ ،‬كظوما غيظه ‪ ،‬صافيا خلقههه ‪ ،‬آمنهها منههه‬
‫جاره ‪ ،‬ضعيفا كبره ‪ ،‬قانعا بالذى قّدر له ‪ ،‬مبينا » متينا خ « صبره ‪ ،‬محكما أمره كههثيرا‬
‫ذكره ‪ ،‬يخالط الّناس ليعلم ‪ ،‬و يصمت ليسلم ‪ ،‬و يسأل ليفهم ‪ ،‬و يّتجههر ليغنههم ‪ ،‬ل ينصههب‬
‫للخير ليفخر به ‪ ،‬و ل يتكّلم ليتجّبر به على من سواه ‪ ،‬نفسه منه في عناء ‪ ،‬و النههاس منههه‬
‫في راحة ‪ ،‬أتعب نفسه لخرته فأراح الّناس من نفسه ‪ ،‬إن بغي عليه صبر حتى يكون ا ّ‬
‫ل‬
‫اّلذي ينتصر له ‪ ،‬بعههده مّمههن تباعههد منههه بغههض و نزاهههة ‪ ،‬و دنهّوه مّمههن دنهها منههه ليههن و‬
‫رحمة ‪ ،‬ليس تباعده تكّبرا و ل عظمة ‪ ،‬و ل دنّوه خديعة و ل خلبة ‪ ،‬بل يقتدى بمن كان‬
‫قبله من أهل الخير ‪ ،‬فهو إمام لمن بعده من أهل البّر ‪.‬‬

‫سههلم ‪ :‬أمهها و‬
‫قال ‪ :‬فصاح هّمام صيحة ثّم وقع مغشيا عليه ‪ ،‬فقال أمير المههؤمنين عليههه ال ّ‬
‫ل لقد كنت أخافها عليه و قهال ‪ :‬هكهذا تصهنع الموعظهة » المهواعظ خ « البالغهة بأهلهها‬ ‫ا ّ‬
‫ل أجل‬ ‫ن لكه ّ‬
‫سههلم ‪ :‬إ ّ‬ ‫سلم قائل ‪ :‬فما بالك يا أمير المؤمنين ؟ فقههال عليههه ال ّ‬
‫فقال له عليه ال ّ‬
‫لن » ل خ « يعدوه و سببا ل يجاوزه ‪ ،‬فمهل ل تعد فانما نفث على لسانك شيطان ‪.‬‬
‫عععع‬

‫» الكيس « العاقل من الكيس وزان فلس خلف الحمق و قيل ‪ :‬جودة القريحة و قوله ‪» :‬‬
‫و ل وثاب « أى ليس بخفيههف مههن وثههب وثوبهها قههام بسههرعة قههوله ‪ » :‬وقههور « أى كههثير‬
‫الوقار في المور الموجبة لضطراب الّناس ‪.‬‬

‫طبيعة قههوله » رصههين الوفههاء «‬


‫قوله » لين العريكة « أى سلس مطيع منقاد و العريكة ال ّ‬
‫ى بحاجة صاحبه من رصنه أى أحكمه‬ ‫صاد المهملة الحكم الثابت و الحف ّ‬
‫بال ّ‬

‫] ‪[ 163‬‬

‫ق فاه حّتى يبلغ ضحكه القهقهة قوله » إن‬ ‫و أكمله قوله » إن ضحك لم يخرق « أى لم يش ّ‬
‫غضب لم ينزق « أى ل يأخههذه الخّفههة و الطيههش عنههد الغضههب قههوله » و ل بطههر « مههن‬
‫البطر و هو الطغيان عند النعمة ‪ .‬و قيل الّتجّبر و شّدة النشاط ‪.‬‬

‫صههلب‬
‫صههلد الحجههر ال ّ‬
‫صلد « أى ل يدخل قلبه ريب و ل جرع ‪ ،‬و ال ّ‬ ‫قوله » أصلب من ال ّ‬
‫الملس قوله » مكادحته « أى عمله و سعيه أحلى من العسل قوله » ل جشع و ل هلههع «‬
‫طعام و أسوئه ‪ ،‬و الهلع أفحش الجزع قوله » و ل عنف و ل‬ ‫الجشع أشّد الحرص على ال ّ‬
‫صههلف‬
‫صلف « العنف وزان كتف من ل رفق له فههي قههوله و فعلههه ‪ ،‬و العنيههف مثلههه و ال ّ‬
‫ككتف أيضا من ل يتكّلم بما يكرهه صهاحبه و يمهدح نفسهه و ل خيهر عنهده يقهال سهحاب‬
‫صلف أى قليل الماء كثير الّرعد ‪.‬‬

‫قوله » ل يتهّور و ل يتهّتك « الّتههّور الوقههوع فههي المههر بقّلههة مبههالة ‪ ،‬و التهّتههك خههرق‬
‫ستر و الفتضاح قوله » خمول قليل الفضول « أى خامل الذكر و قليههل فضههول كلمههه‬ ‫ال ّ‬
‫ل ه ل للّنههاس ‪ ،‬فل يههؤّثر فيههه ثنههاؤهم و‬
‫قههوله » ل يخههرق الّثنههاء سههمعه « لكههون أعمههاله ّ‬
‫مدحهم ‪.‬‬

‫قوله ‪ » :‬و ل ينكى الطمع قلبه « أى ل يجرحه و ل يؤّثر فيه تأثير الجههرح قههوله » عههالم‬
‫حازم « في بعض الّنسخ بالحاء المهملة من الحزم و هو التثّبههت فههي عههواقب المههور ‪ ،‬و‬
‫في بعضها بالجيم قوله » و ل بطّياش « الطيش الّنزق و الخّفة قههوله » و ل بخّتههال « أى‬
‫بخّداع من الختل و هو المخادعههة قههوله » و ل يهدع جنههح حيهف فيصههلحه « أى ل يهترك‬
‫ظلم ظلم و اصلحه قوله » ل يخرق بههه فههرح « مههن الخههرق بالخههاء المعجمههة و الهّراء‬
‫المهملة و هو الحمق و الجهل و ضعف العقل قوله » و ل يطيش به مرح « المههرح ش هّدة‬
‫الّنشاط و الفرح ‪.‬‬

‫شهديدة و الشهّر و الّداهيهة و » الغائلهة « الفسهاد و الشهّر و قهوله »‬


‫و » البائقة « الّنازلة ال ّ‬
‫شههاش « مههن الهشاشههة و هههو طلقههة‬‫شههاش ب ّ‬
‫ى بأهل المسكنة « أى باّر معين قوله » ه ّ‬ ‫حف ّ‬
‫الوجه قوله » ل يهجر أخاه « الهجر الهذيان و يحتمل أن يكههون مههن الهجههر أى الههترك و‬
‫المفارقة قوله » و يّتجر ليغنم « أى يّتجر للخرة ‪.‬‬

‫] ‪[ 164‬‬

‫لم‬
‫قههوله » و ل دنهّوه خديعههة و ل خلبههة « الخلبههة بكسههر الخههاء المعجمههة و تخفيههف ال ّ‬
‫الخديعة باللسان بالقول اللطيف من خلبه يخلبه من باب قتل و ضرب خدعه ‪،‬‬

‫و السم الخلبة و الفاعل خلوب كرسول ‪.‬‬

‫ععععععع‬

‫از جمله خطب شريفه آن امام دين است در وصف متقين ‪.‬‬

‫سلم همههام نههام كههه شههخص‬‫روايت شده كه مصاحبى بود از براى أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫عابدى بود پس گفت بآنحضرت كه يا أميهر المهؤمنين وصهف كهن از بهراى مهن پرهيهز‬
‫كاران را تا اينكه گويا من نگاه مينكم بسههوى ايشههان ‪ ،‬پههس سههنگينى ورزيدنههد و درنههگ‬
‫كردند آنحضرت از جواب او ‪ ،‬و بعد از آن فرمود اى هّمام بپرهيز از خدا و كههار نيههك‬
‫بكن پس بدرستى كه خدايتعالى يار پرهيز كارانست و با نيكو كاران ‪.‬‬

‫پس قناعت نكرد همام باين جواب تا اينكه سوگند داد بر حضههرت در جههواب گفتههن پههس‬
‫حضرت حمد و ثناى خدا را بجا آورد و صلوات فرستاد بر پيغمبر و آل او پس گفت ‪:‬‬

‫أما بعد پس بتحقيق كه خداوند سبحانه ايجاد فرمود مخلوقات را وقتى كههه ايجههاد فرمههود‬
‫ايشان را در حالتى كه بى نياز بود از طاعت ايشههان ‪ ،‬و ايمههن بههود از ضههرر معصههيت‬
‫ايشان ‪ ،‬از جهت اينكه ضرر نمىرساند او را معصيت كسى كه معصيت نمود ‪،‬‬

‫و منفعت نمىبخشد او را اطاعت كسى كه اطاعت نمود ‪ ،‬پههس قسههمت فرمههود در ميههان‬
‫مخلوقات معيشتها و گذرانى ايشان را ‪ ،‬و گذاشت ايشانرا از دنيا در جايگههاه ايشههان كههه‬
‫ليق شأن و مناسب حال هر يكى باشد ‪.‬‬

‫پس پرهيز كاران در دنيا ايشانند أهل فضيلتها ‪ ،‬گفتار ايشان راست و درست ‪،‬‬

‫و لباس ايشان حّد وسههط اسههت ‪ ،‬و رفتههار ايشههان تواضههع و فروتنههى اسههت ‪ ،‬پوشههيدهاند‬
‫چشمهاى خود را از چيزى كه خدا حرام كرده برايشان ‪ ،‬و واداشتهاند گوشهاى خود را‬
‫بر شنيدن علم منفعت بخشنده از براى ايشان ‪ ،‬نازل شد نفسهاى ايشان از ايشان‬

‫] ‪[ 165‬‬
‫در بل و شهّدت مثههل نههزول آنههها در رفههاه و فراخههى يعنههى ايشههان رضهها بقضهها دارنههد و‬
‫ق ايشان مقّدر شده اگر نبههود أجههل معّينههى كههه نوشههته‬
‫شاكرند بطيب نفس بآنچه كه در ح ّ‬
‫شده است از براى ايشان هر آينه قههرار نمىگرفههت روحهههاى ايشههان در بههدنهاى ايشههان‬
‫لحظه از جهت اشتياق بثواب و ترسيدن از عقاب ‪.‬‬

‫بزرگ شد خالق تعالى در پيش نفسهاى ايشان پس كوچك شد مهها سههواى خههالق در نظههر‬
‫ايشان پس حال ايشان با بهشت حال كسى است بهها رأى العيههن ديههده باشههد او را پههس در‬
‫آنجا بناز و نعمت گذرانده باشد ‪ ،‬و حال ايشان با جهنم حهال كسهى اسهت كهه ديهده باشهد‬
‫آنرا پس در آنجا معّذب باشهد يعنهى ايشهان در امهر بهشهت و جهنهم اعتقهاد يقينهي دارنهد‬
‫بمنزله مشاهده ‪.‬‬

‫قلبهاى ايشان غمگين و محزونست و مردم از شرهاى ايشان آسوده و ايمنند ‪،‬‬

‫و بدنهاى ايشان لغر و ضعيف ‪ ،‬و حاجت و خاهشات ايشان سهبك و خفيهف ‪ ،‬نفسههاى‬
‫ايشان با عفت است ‪ ،‬صبر و تحمل كردند بههر زحمههات چنههد روز كوتههاه كههه عههاقبت آن‬
‫راحت و آسايش دراز گرديد ‪ ،‬تجارت با منفعتى است كه ميسر ساخت از بههراى ايشههان‬
‫پروردگار ايشان ‪.‬‬

‫خواست ايشان را دنيا پس نخواستند ايشان دنيا را ‪ ،‬و اسير كرد ايشان را دنيا پس دادند‬
‫نفسهاى خودشان از دنيا يعني بمقتضاى شههوت و غضهب جبلهى انسهانى كهه در ايشهان‬
‫بود نزديك بود كه ايشهان مفتههون دنيهها باشهند و أسههير شهههوات نفسهانيه آن شهوند و ليكهن‬
‫ايشان بمقتضاى قّوه عقلنيهه تهرك لذايهذ دنيهويه كهرده خودشهان را از قيهد اسهيرى دنيها‬
‫خلص نمودند أما حالت ايشان در شب پس صف زنندگانند بپاهاى خودشههان در حههالتى‬
‫كه تلوت كنندگان باشند جزئهاى قرآن را در حالتى كه نيك قههرائت مىكننههد آن را نيههك‬
‫قرائت كردنى ‪ ،‬با تأّنى و حفظ وقوف و أداء حروف ‪ ،‬محزون مينمايند بسبب قههراءة آن‬
‫نفسهاى خودشان را ‪ ،‬و بهيجان مىآورند با آن دواء درد خودشان را پهس اگهر بگذرنهد‬
‫در اثناى قرائت آن بآيه كه در آن تشويقى باشد بسوى بهشت‬

‫] ‪[ 166‬‬

‫اعتماد مىكنند بآن و مايل مىشههوند بسههوى آن آيههه از جهههت طمههع آن بشهارت و مطلههع‬
‫باشد نفسهايشان بسوى آن از روى شوق و گمان كنند كه آن آيه يعنههى وعههده بهشههت كههه‬
‫مضمون آن آيه است پيش چشم ايشان است ‪.‬‬

‫و اگر بگذرند بآيه كه در آن ترساندن از عذاب باشد متوجه باشند بسوى آن با گوشهههاى‬
‫قلبهاى خودشان ‪ ،‬و گمان مىكنند كه صداى افروخته شههدن جهنههم و شههيون اهههل آن در‬
‫بيخهاى گوشهاى ايشانست ‪ ،‬پس ايشههان خههم شههوندگان باشههند بههر كمرهههاى خههود ‪ ،‬پهههن‬
‫سازندگان باشند مر پيشانيهاى خههود را و كفهههاى دسههت خههود را و زانوهههاى خههود را و‬
‫سرهاى پاهاى خودشان را ‪ ،‬تضّرع مىكنند بسوى خدا در وا كههردن گردنهههاى ايشههانرا‬
‫از زنجير عذاب ‪.‬‬

‫و أما حالت ايشان در روز پس صاحبان حلم و علمند ‪ ،‬نيكو كارانند ‪ ،‬پرهيههز كاراننههد ‪،‬‬
‫بتحقيق كه باريك كرده و كاهانده است ايشان را ترس خدا مثل باريههك شههدن چههوب تيههر‬
‫تراشههيده شههده ‪ ،‬نگههاه مىكنههد بسههوى ايشههان نگههاه كننههده پههس گمههان مىكنههد كههه ايشههان‬
‫مريصانند و حال آنكه نيست در اين جماعت مرضى ‪ ،‬و مىگويد كه خبههط آوردهانههد و‬
‫حال آنكه هر آينه آميخته بايشان امر بزرگى كه اشتياق و عشق بلقاء خدا باشد ‪.‬‬

‫راضى نمىشوند در عبادات و عملهاى خودشان بأندك ‪ ،‬و بسيار نمىشمارند بسههيار را‬
‫‪ ،‬پس ايشان هميشه بنفسهاى خود تهمت مىزنند بجهت قصور در بنههدگى و از عبههادات‬
‫خود ترسنا كند ‪ ،‬اگر تزكيه كرده شود يكى از ايشان مىترسههد از آنچيههزى كههه در بههاره‬
‫او گفته شده پس مىگويد كه ‪ :‬من داناترم بنفس خودم از غيههر خههودم و پروردگههار مههن‬
‫داناتر است از من بنفس من ‪ ،‬با خدايا مؤاخذه مكن مرا بسبب آنچه گفتنهد دربههاره مههن ‪،‬‬
‫و بگردان مرا بهتر از آنچه گمان بردند در حق من ‪ ،‬و بيامرز از براى مههن گنههاهى را‬
‫كه ايشان نمىدانند ‪.‬‬

‫پس از علمت يكى از ايشانست اين كه تو مىبينى از براى او قّوتى در دين ‪،‬‬

‫و احتياطى در نرمى ‪ ،‬و ايمانى در كمال يقين ‪ ،‬و حرصى در تحصههيل علههم ‪ ،‬و علمههى‬
‫در‬

‫] ‪[ 167‬‬

‫غههايت حلههم ‪ ،‬و ميههانه روى در بههى نيههازى ‪ ،‬و خضههوع و خشههوعى در عبههادت ‪ ،‬و‬
‫اسههتغنائى در عيههن فقههر ‪ ،‬و صههبرى در حههالت شههّدت ‪ ،‬و طلههبى در كسههب حلل ‪ ،‬و‬
‫خوشحالى در هدايت ‪ ،‬و كناره جوئى از طمع ‪ ،‬مىكنههد عملهههاى نيكههو را و حههال آنكههه‬
‫ترسناك است ‪ ،‬روز را بشب مىآورد و حال آنكه هّمههت او مصههروف بشههكر اسههت ‪ ،‬و‬
‫شب را بصبح ميرساند و حال آنكه همتش مصروف ذكر است ‪.‬‬

‫بيتوته مىكند در حالتى كههه ترسههناك اسههت ‪ ،‬صههباح مىكنههد در حههالتى كههه خوشههحال ‪،‬‬
‫ترسناكى از جهت آنچههه كههه ترسههانده شههده از غفلههت در عبههادت ‪ ،‬و خوشههحالى بجهههت‬
‫آنچيزى كه رسيده است از فضل و رحمت ‪ ،‬أگر دشوار بگيرد بر او نفس او در چيزى‬
‫كه ناخوش دارد نمىبخشد بنفس خود خواهش او را در چيزى كه دوست دارد آنرا ‪.‬‬
‫چشم روشنى او در نعيم آخرت جاودانيست ‪ ،‬و زهد او در لذت دنياى فانى ‪،‬‬

‫مخلوط ميكند حلم را بعلم ‪ ،‬و گفتار را بكردار ‪ ،‬مىبينى او را كه نزديكست آرزوى او‬
‫‪ ،‬اندك است لغزش او ‪ ،‬ترسانست قلب او ‪ ،‬قانعست نفس او ‪ ،‬اندكست اكل او آسانسههت‬
‫كار او ‪ ،‬محفوظست دين او ‪ ،‬مرده است شهوت او ‪ ،‬فرو نشانده شده است خشم او ‪.‬‬

‫خير از او اميد گرفته شده است ‪ ،‬و شّر از او أيمههن شههده ‪ ،‬اگههر در ميههان غههافلن باشههد‬
‫نوشته مىشود از ذكر كنندكان ‪ ،‬و اگر در زمره ذاكران باشد نوشته نمىشود از غفلت‬
‫كنندگان ‪ ،‬عفو ميكند از كسى كه ظلم نمايد او را ‪ ،‬و عطا ميكند بكسى كه محروم نمايههد‬
‫او را ‪ ،‬و صله رحم بجا مىآورد با كسى كه قطع صله رحم او كرده است ‪.‬‬

‫دور است از مردم فحش گفتن او ‪ ،‬نرم و مليمست گفتار او ‪ ،‬غايب اسههت از مردمههان‬
‫بدى او ‪ ،‬حاضر است از براى ايشان نيكى او ‪ ،‬اقبال كننده است خير او ‪،‬‬

‫ادبار كننده است شّر او ‪.‬‬

‫و در شدايد روزگار صاحب تمكين و وقار است ‪ ،‬و در مصايب صبر كننده و بردبار ‪،‬‬
‫و در حالت وسعت شاكر ‪ ،‬ظلم نمىكند بر كسى كه دشمن دارد ‪ ،‬و مرتكب‬

‫] ‪[ 168‬‬

‫گناه نمىشود درباره كسى كه دوست دارد ‪ ،‬اقههرار بحههق ميكنههد پيههش از اينكههه شهههادت‬
‫داده شههود بضههرر او ‪ ،‬ضههايع نمىسههازد چيههزى را كههه طلههب شههده در او حفههظ آن ‪ ،‬و‬
‫فراموش نمىكند چيزى را كه ياد آورى او شده ‪ ،‬و نمىخواند مردم را بلقبهههاى بههد ‪ ،‬و‬
‫ضرر نميرساند به همسايه ‪ ،‬و شههماتت نمىكنههد بمصههيبتها ‪ ،‬و داخههل نمىشههود در امههر‬
‫باطل ‪،‬‬

‫و بيرون نميرود از حق ‪.‬‬

‫اگر ساكت شود غمگين نسههازد او را سههكوت او ‪ ،‬و اگههر بخنههدد بلنههد نشههود آواز او ‪ ،‬و‬
‫اگر مظلوم شود صبر ميكند تا اينكه باشد خههداى تعههالى او انتقههام مىكشههد از بههراى او ‪،‬‬
‫نفس او از او در رنج و مشّقت است ‪ ،‬و مردمان از او در آسودگى و راحت ‪،‬‬

‫بمشّقت انداخته نفس خود را از براى راحت آخرت ‪ ،‬و راحت كرده مردمان را از ش هّر‬
‫نفس خود ‪.‬‬
‫دورى او از كسى كه دورى جسته از او از بابت زهد و پههاكى اسههت ‪ ،‬و نزديكههى او از‬
‫كسى كه نزديك شده باو از بابت مليمت و دلسوزيست ‪ ،‬نيست دورى جسههتن او بسههبب‬
‫كبر و بزرگى ‪ ،‬و نه نزديكى او بسبب مكر و خدعه ‪.‬‬

‫گفت رواى حديث ‪ :‬پس صيحه زد هّمام صيحه كه بود روح او در آن صيحه ‪،‬‬

‫سهلم ‪ :‬آگههاه باشهيد سههوگند بخهدا كهه هههر آينهه بهودم‬


‫پهس فرمهود أميهر المهؤمنين عليههه ال ّ‬
‫مىترسيدم آن صيحه را بر او ‪ ،‬يعني از اينجهت تثاقل ميكههردم در جههواب ‪ ،‬پههس از آن‬
‫فرمود همچنين تاثير ميكند موعظههاى كامل بأهلش ‪.‬‬

‫پس گفت بآن حضرت گوينده ‪ :‬پس چگونه است حال تو أى أمير المؤمنين ؟‬

‫يعنى چرا به تو اين تأثير نكرد ‪.‬‬

‫پس فرمود ‪ :‬واى بر تو از براى هر مرگى مّدت معّيني است كه تجهاوز نميكنهد از آن ‪،‬‬
‫پس فرمود ‪ :‬ترك كن اين كلم را و رجههوع مكههن بعههد از ايههن بمثههل آن ‪ ،‬پههس جههز ايههن‬
‫نيست كه دميده شيطان ملعون اين كلم را بر زبان تو يعنى اعتراض به امهام از إغهواء‬
‫شيطانست ‪.‬‬

‫] ‪[ 169‬‬

‫ع ع ع ععع ع ع ع ععع ع ععع ععع عع ع ععع ع‬


‫عععع ععععع ع ع ع ععع عع ع عععععع ع ع‬
‫ععععععع عع ععععععع عع ععع ععععع‬

‫طاعة ‪ ،‬و ذاد عنه مههن المعصههية ‪ ،‬و نسههئله لمّنتههه تمامهها ‪ ،‬و‬
‫نحمده على ما وّفق له من ال ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم عبده و رسوله ‪،‬‬ ‫ن محّمدا صّلى ا ّ‬
‫بحبله اعتصاما ‪ ،‬و نشهد أ ّ‬

‫صة ‪ ،‬و قههد تل هّون لههه الدنههون ‪ ،‬و‬


‫لغ ّ‬
‫ل غمرة ‪ ،‬و تجّرع فيه ك ّ‬‫لكّ‬‫خاض إلى رضوان ا ّ‬
‫تأّلب عليه القصون ‪ ،‬و خلعت إليه العرب أعّنتها ‪،‬‬

‫و ضربت إلى محاربته بطون رواحلها ‪ ،‬حّتى أنزلت بساحته عداوتها من أبعد الههّدار ‪ ،‬و‬
‫أسحق المزار ‪.‬‬

‫ضههاّلون المضهّلون ‪ ،‬و‬


‫له ‪ ،‬و أحهّذركم أهههل الّنفههاق ‪ ،‬فههإّنهم ال ّ‬
‫له بتقههوى ا ّ‬
‫أوصيكم عباد ا ّ‬
‫ل عمههاد ‪ ،‬و‬
‫الّزاّلههون المزّلههون ‪ ،‬يتلّونههون ألوانهها ‪ ،‬و يفتّنههون افتنانهها ‪ ،‬و يعمههدونكم بكهه ّ‬
‫ل مرصاد ‪ ،‬قلههوبهم دوّيههة ‪ ،‬و صههفاحهم نقّيههة ‪ ،‬يمشههون الخفههاء ‪ ،‬و يههدّبون‬‫يرصدونكم بك ّ‬
‫ضراء ‪ ،‬وصفهم دوآء ‪،‬‬‫ال ّ‬

‫و قولهم شفآء ‪ ،‬و فعلهم الّدآء العياء ‪ ،‬حسدة الّرخآء ‪ ،‬و مؤّكدوا‬

‫] ‪[ 170‬‬

‫ل شهجو‬
‫ل قلب شهفيع ‪ ،‬و لكه ّ‬
‫ل طريق صريع ‪ ،‬و إلى ك ّ‬ ‫البلء ‪ ،‬و مقّنطوا الّرجاء ‪ ،‬لهم بك ّ‬
‫دموع ‪ ،‬يتقارضون الّثنآء ‪ ،‬و يتراقبون الجزاء ‪،‬‬

‫إن سئلوا ألحفوا ‪ ،‬و إن عذلوا كشفوا ‪ ،‬و إن حكموا أسرفوا ‪،‬‬

‫ي قاتل ‪،‬‬
‫لح ّ‬
‫ل قائم مائل ‪ ،‬و لك ّ‬
‫ق باطل ‪ ،‬و لك ّ‬
‫لح ّ‬
‫قد أعّدوا لك ّ‬

‫صلون إلى الطمع باليأس ليقيموا به أسواقهم‬ ‫ل ليل مصباحا ‪ ،‬يتو ّ‬ ‫ل باب مفتاحا ‪ ،‬و لك ّ‬ ‫و لك ّ‬
‫طريههق ‪ ،‬و‬
‫‪ ،‬و ينّفقوا به أعلقهههم ‪ ،‬يقولههون فيشهّبهون و يصههفون فيمّوهههون ‪ ،‬قههد هّيههؤا ال ّ‬
‫شههيطان أل إ ّ‬
‫ن‬ ‫شههيطان ‪ ،‬و حّمههة الّنيههران ‪ ،‬أولئك حههزب ال ّ‬
‫أضلعوا المضههيق ‪ ،‬فهههم لّمههة ال ّ‬
‫شيطان هم الخاسرون ‪.‬‬ ‫حزب ال ّ‬

‫ععععع‬

‫ي النهاية ‪ :‬قد تكّرر في الحديث ذكر الّنفاق و ما تصّرف منههه اسههما و فعل ‪،‬‬ ‫قال في محك ّ‬
‫و هو اسم لم يعرفه العرب بالمعنى المخصوص ‪ ،‬و هو اّلذي يستر كفره و يظهههر ايمههانه‬
‫و ان كان أصله فهي اللغهة معروفها يقهال نهافق ينهافق منهافقه و نفاقها ‪ ،‬و ههو مهأخوذ مهن‬
‫النافقاء إحد جحرتي اليربوع إذا طلب من واحد هرب إلى الخر و خرج منه ‪،‬‬

‫سرب اّلذى يستتر فيه لستره كفره انتهى ‪.‬‬


‫و قيل من النفق و هو ال ّ‬

‫سرب فههي‬
‫و قال الطريحي ‪ :‬المنافق هو اّلذي يستر الكفر و يظهر غيره من الّنفق و هو ال ّ‬
‫سرب ‪.‬‬‫الرض أى يستتر بالسلم كما يستتر في ال ّ‬

‫طرد و الّدفع و ) خاض ( في المر دخل فيه و أصل الخوض دخول‬


‫و ) الّذود ( ال ّ‬

‫] ‪[ 171‬‬

‫ل دخههول فيههه اذى و‬‫طيههن ‪ ،‬ثهّم كههثر اسههتعماله فههي كه ّ‬


‫القدم فيما كان مايعهها مههن المههاء و ال ّ‬
‫) الغمههرة ( الش هّدة و غمههرات المههوت شههدائده ‪ ،‬و فههي القههاموس غمههرة الشههيء ش هّدته و‬
‫صة ( الشجي في الحلق و الجمع غصص و ) سحق ( المكان فهو سحيق‬ ‫مزدحمه و ) الغ ّ‬
‫لصحاب السههعير أى بعههدا و ) المههزار (‬ ‫مثل بعد فهو بعيد لفظا و معنا قال تعالى فسحقًا َ‬
‫ل ( فلن عههن المههر أخطههاه و‬ ‫المكان اّلذى يزار منه أو فيههه ‪ ،‬و المههراد هنهها الّول و ) ز ّ‬
‫أزّله غيره أوقعه في الخطاء ‪.‬‬

‫شههارح‬
‫ل عمههاد ( قههال ال ّ‬‫و رجل ) مفنن ( ذو فنههون فههي القههول و غيههره ) و يعمههدونكم بكه ّ‬
‫ل عماد أى بأمر‬ ‫المعتزلي ‪ :‬أى يفدحونكم و يهّدونكم يقول عمده المرض يعمده أى هّده بك ّ‬
‫فادح و خطب مؤلم ‪ ،‬انتهى ‪.‬‬

‫أقول ‪ :‬و يجوز جعل يعمدونكم بمعنى يقصدونكم و ) رصدته ( رصههدا مههن بههاب قتههل إذا‬
‫قعدت له على طريقه تترقبه ‪ ،‬و قعد فلن بالمرصد وزان جعفر و بالمرصاد بالكسههر أى‬
‫ب(‬ ‫بطريق الرتقاب و النتظار و ) خفى ( الشههىء يخفههى خفههاء بالفتههح إذا اسههتتر و ) د ّ‬
‫شههجر الملتههف‬ ‫الّنمل دبيبا مشى مشيا رويدا و ) الضراء ( بالفتح و تخفيف الراء و الم هّد ال ّ‬
‫فى الوادى و ) الّداء العياء ( اّلذى أعيا الطّباء و لم ينجع فيه الّدواء و ) نفق ( البيع نقاقهها‬
‫سلعة تنفيقا رّوجها كأنفقها و ) العلق ( جمع علق كأحبار و حههبر‬ ‫كسحاب راج و نّفق ال ّ‬
‫ضههة أو ذهههب و‬ ‫ل شيء و ) التمويه ( الههتزيين و م هّوه الشههيء طله بف ّ‬ ‫و هو النفيس من ك ّ‬
‫تحته نحاس ليزّينه به ‪.‬‬

‫قوله ) قد هيؤا الطريق ( في بعض النسخ هّيؤا بالهمزة من التهّياء ‪ ،‬و في بعههض بههالّنون‬
‫سهل فكاّنه منقول مههن الههواو إلههى اليههاء ‪ ،‬و الصههل هّونههوا الطريههق أى‬
‫من الهّين و هو ال ّ‬
‫سّهلوها و ) أضلع ( الشيء أماله و جعلهه معوجها و ضهلع الشهيء ضهلعا مهن بهاب تعهب‬
‫أعههوج و ) الّلمههة ( بضههّم اللم و فتههح الميههم مخففههة الجماعههة و بالتشههديد الصههاحب و‬
‫سفر و المونس يستعمل في الواحد و الجمع و ) حّمههة النيههران ( بالتشههديد‬ ‫الصحاب في ال ّ‬
‫معظم حّرها و بالّتخفيف سّم العقرب ‪.‬‬

‫] ‪[ 172‬‬

‫ععععععع‬

‫ضههمير فههي لههه و عنههه عايههد إلههى‬


‫من في قوله ‪ :‬من الطاعة و من المعصية بيان لما ‪ ،‬و ال ّ‬
‫جههها‬
‫ل إلى متعّلق بمقّدر حال من فاعل خههاض أى متو ّ‬ ‫ما ‪ ،‬و قوله ‪ :‬خاض إلى رضوان ا ّ‬
‫ظرفّية المجازّية ‪.‬‬ ‫ضراء منصوبان على ال ّ‬ ‫إلى رضوانه ‪ ،‬و الخفاء و ال ّ‬

‫عععععع‬

‫ي » قد « بهههذه الخطبههة‬
‫سابقة لما كانت في وصف المّتقين عّقبها الّرض ّ‬ ‫ن الخطبة ال ّ‬
‫اعلم أ ّ‬
‫سلم فيها المنافقين ملحظة لحسههن الّنظههم و بههديع ترتيههب الكتههاب ‪ ،‬و‬
‫اّلتي يصف عليه ال ّ‬
‫المنافق حسبما عرفت آنفا هو اّلذى يبطن الكفر و يظهر اليمان كما قال الشاعر ‪:‬‬
‫للمهههههههههههههههههههههههههههههههههؤمنين أمهههههههههههههههههههههههههههههههههور محزيهههههههههههههههههههههههههههههههههة‬
‫و للمنافق سّر دونه نفق‬

‫سهنة ‪ ،‬و المسهتفاد مهن بعهض‬


‫و اطلق المنافق بهذا المعنى هو المعروف في الكتهاب و ال ّ‬
‫الخبار أّنه قد يطلق على الناقص اليمان ‪.‬‬

‫مثل ما رواه في الكافي في باب أصول الكفر و أركانه عن عّدة مههن أصههحابنا عههن سهههل‬
‫سلم قال ‪:‬‬ ‫ل عليه ال ّ‬
‫ل بن سنان عن أبيعبد ا ّ‬
‫بن زياد عن بعض أصحابه عن عبد ا ّ‬

‫ن فيههه كههان منافقهها و إن صههام و‬


‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬ثلث مههن كه ّ‬
‫ل صّلى ا ّ‬‫قال رسول ا ّ‬
‫صّلى و زعم أّنه مسلم ‪:‬‬

‫ل قههال فههي كتههابه‬


‫ل عّز و ج ّ‬ ‫نا ّ‬
‫من إذا ائتمن خان ‪ ،‬و إذا حّدث كذب ‪ ،‬و إذا وعد أخلف إ ّ‬
‫ل عليه ان كان من الكاذبين و في قوله عّز و ج ّ‬
‫ل‬ ‫ن لعنة ا ّ‬
‫ب الخائنين و قال ا ّ‬
‫ل ل يح ّ‬
‫نا ّ‬
‫اّ‬
‫و اذكر في الكتاب اسمعيل اّنه كان صادق الوعد و كان رسول نبّيا ‪.‬‬

‫سلم‬
‫ي بن الحسين عليهما ال ّ‬
‫و فيه في باب النفاق و المنافق باسناده عن أبي حمزة عن عل ّ‬
‫قال ‪:‬‬

‫صلة اعترض ‪ ،‬قلت ‪:‬‬


‫ن المنافق ينهى و ل ينتهى و يأمر بما ل يأتي ‪ ،‬و إذا قام إلى ال ّ‬
‫إّ‬

‫سهلم ‪:‬‬
‫له عليهه و آلهه و سهّلم و مها العهتراض ؟ قهال عليهه ال ّ‬
‫له صهّلى ا ّ‬
‫يا ابن رسهول ا ّ‬
‫اللتفات و إذا ركع ربض ‪ ،‬يمسى و هّمه العشاء و هو مفطر ‪ ،‬و يصهبح و هّمهه النهوم و‬
‫لم يسهر ‪ ،‬إن حّدثك كذبك و إن ائتمنته خانك ‪ ،‬و إن غبت اغتابك ‪ ،‬و إن وعدك أخلفك ‪.‬‬

‫] ‪[ 173‬‬

‫سلم قبل أن يأخذ فى وصف المنافقين افتتح كلمه بمهها‬ ‫إذا عرفت ذلك فأقول ‪ :‬إّنه عليه ال ّ‬
‫له تعههالى و تعظيمههه و تمجيههد‬‫جرى عادته على الفتتاح به فى بههاب الخطابههة مههن ثنههاء ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم فقال ) بحمده على ما وفق لههه مههن الطاعههة و ذاد عنههه‬ ‫رسوله صّلى ا ّ‬
‫من المعصية ( أى نحمده على ما وّفقنا له من طاعههاته الموصههلة الههى جنههانه و المحصههلة‬
‫لرضوانه ‪ ،‬و على ما أبعدنا منه من سيئآته المؤدية الى نيرانه ‪ ،‬و الموجبة لخذلنه ‪.‬‬

‫سههلم بمهها أفههاض عليههه مههن القهّوة‬


‫ل فههي حقههه عليههه ال ّ‬
‫و حصول هذا التوفيق منه عّز و ج ّ‬
‫العاصمة و ملكة العصمة الّداعية إلى المعروف و الّرادعة عن المنكر ‪.‬‬
‫ق غيره الذين شّركهم ‪ 1‬معه في ثنائه فبالوامر و النواهى الواردة فى الكتاب‬
‫و اما فى ح ّ‬
‫سنة و اجتماع شرايط الطاعة و انقطاع أسباب المعصية ‪.‬‬ ‫و ال ّ‬

‫ل أن يتهّم علينها نعمتهه ‪ ،‬فهاّنه المّنهان الهذى‬


‫) و نسأله لمّنته تماما ( أى نسأل منه عّز و جه ّ‬
‫يبدء بالنوال قبل السؤال ‪.‬‬

‫و المراد بنعمته التى سأل تمامها إما خصوص نعمة التوفيق المذكورة فى الجملة السههابقة‬
‫أو العّم منها ‪ ،‬و الّول أولى بسبق العهد ‪ ،‬و الثانى أنسب بمقام السؤال فههان قلههت ‪ :‬نعههم‬
‫ل ل تحصههوها « فكيههف‬ ‫ل سبحانه غير متناهية كما قال عّز من قائل » ان تعّدوا نعمة ا ّ‬‫ا ّ‬
‫ل عن أن تستقصى و أعظم من أن تستتّم ‪.‬‬ ‫سأل تمامّيتها و هى أج ّ‬

‫قلت ‪ :‬إن اريد بمّنته خصوص نعمة التوفيق فل إشكال ‪ ،‬و يراد حينئذ بتمامّيتها كمالههها و‬
‫استمرارها إلى آخر العمر ‪ ،‬و إن اريد العّم فيراد بتمامّيتها أن ينضّم ما أنعم به عليه فى‬
‫الّدنيا إلى نعمة الخرة أى يصل نعمة الّدنيا بنعمة الخرة كما قههاله بعههض المفسههرين فههى‬
‫قوله تعالى و يتّم نعمته عليك و على آل يعقوب كما أتّمها على ابويك مههن قبههل إبراهيههم و‬
‫ن المراد بقوله يتّم نعمته أن يصل نعمة الّدنيا بنعمة الخرة بأن يجعلهم أنبياء‬ ‫إسحاق من أ ّ‬
‫و ملوكا ثّم ينقلهههم إلههى نعيههم الخههرة و الهّدرجات العلههى مههن الجّنههة ) و ( نسههأله ) بحبلههه‬
‫ل المتين‬‫سكا بكتابه المبين ‪ ،‬فاّنه حبل ا ّ‬
‫اعتصاما ( أى تم ّ‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬هه ه ه هه ‪ :‬ههه هه هه ههه هههههه ه ه ه‬
‫ههههه ههه‬

‫] ‪[ 174‬‬

‫سههلم بههذلك فههى الخطبههة المههأة و الخامسههة و السههبعين و كههذلك وصههفه‬


‫كما وصفه عليه ال ّ‬
‫ل عليه و آله أيضا به فى حديث الثقلين الههذى قهّدمنا روايتههه فههى شههرح‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫رسول ا ّ‬
‫الخطبة السادسة و الثمانين ‪.‬‬

‫له جميعها و ل‬
‫و استعير عنه أيضا فهى الكتهاب العزيهز فهى قهوله » و اعتصهموا بحبهل ا ّ‬
‫ن العتصهام و التمسهك بالحبهل الوثيهق‬
‫تفّرقوا « على أحد تفاسيره ‪ ،‬و وجهه السهتعارة أ ّ‬
‫المحكم كما أنه سبب النجههاة مههن المههاوى و المهالهك ‪ ،‬فكهذلك بالتمسهك بهالقرآن يحصههل‬
‫النجاة من الكفر و الضلل الموجب للهلك الّدائم و الخزى العظيم ‪.‬‬

‫سلم قال ‪ :‬المام مّنها‬ ‫ى بن الحسين عليهما ال ّ‬‫و روى الطريحى فى مجمع البحرين عن عل ّ‬
‫ل معصههوما و ليسههت العصههمة فههي ظههاهر الخلقههة فتعههرف ‪ ،‬قيههل ‪ :‬فمهها معنههى‬
‫ل يكههون إ ّ‬
‫ل هو القههرآن ل يفترقهان إلههى‬
‫ل ‪ ،‬و حبل ا ّ‬
‫سلم ‪ :‬المعتصم بحبل ا ّ‬
‫المعصوم ؟ قال عليه ال ّ‬
‫يوم القيامة ‪.‬‬

‫ن جعل المراد بالحبل في المتن هو القرآن أولى و أظهر مههن تفسههيره‬


‫و بما ذكرناه ظهر أ ّ‬
‫بالّدين القويم كما في شرح البحراني ‪ ،‬هذا ‪.‬‬

‫ل بما هو أهله عّقبه بالشهههادة بالّرسههالة فقههال ) و نشهههد أنّ محّمههدا‬


‫ل عّز و ج ّ‬
‫و لّما حمد ا ّ‬
‫ن مرتبههة الّرسههالة‬
‫ل عليه و آله و سّلم عبده و رسوله ( قد مّر بيان معنى العبد و أ ّ‬ ‫صّلى ا ّ‬
‫فوق مرتبة العبودّية في شرح الخطبة الحدى و السبعين فليتذكر ‪.‬‬

‫ل عليه و آله و سّلم حين أداء الّرسالة فقال )‬ ‫و لّما شهد برسالته اتبعه بشرح حاله صّلى ا ّ‬
‫ل غمرة ( استعار لفظ الغمرة عن غمرة الماء و هههي معظمههه و‬ ‫لكّ‬‫خاض إلى رضوان ا ّ‬
‫ن غمهرة‬ ‫مزدحمه للشدائد و المكاره اّلههتى ابتلههى بههها حيهن بعثتههه ‪ ،‬و الجههامع للسهتعارة أ ّ‬
‫ل جانب فكذلك تلك المكاره و الشدائد حسههبما‬ ‫الماء كما تغمر و تغطى الخائض فيها من ك ّ‬
‫شههح السههتعارة‬‫ل طههرف ‪ ،‬و ر ّ‬ ‫ل عليه و آله و سّلم مههن كه ّ‬ ‫تعرف كانت محيطة به صّلى ا ّ‬
‫بذكر لفظ الخوض ‪.‬‬

‫جههها إلههى منتهههى‬


‫ل مكههروه تو ّ‬
‫ل عليه و آلههه و سهّلم تحمههل كه ّ‬
‫صل المراد اّنه صّلى ا ّ‬
‫و مح ّ‬
‫صة ( أى تجّرع الغصههص فههي تحصههيل رضههوانه‬ ‫لغ ّ‬ ‫ل ) و تجّرع فيه ك ّ‬‫رضاه عّز و ج ّ‬
‫تعالى ‪ ،‬أى ابتلعها جرعة بعد جرعة و أراد بالغصص الغموم و الهموم العارضة له مههن‬
‫مزيد أذى المشركين‬

‫] ‪[ 175‬‬

‫و سوء فعالهم ‪.‬‬

‫) و قد تلّون له الدنون ( أى تغّير له أقاربه من قريش ألوانا ) و تههأّلب عليههه القصههون (‬


‫جهههة ) اليههه (‬
‫أى تجّمع على حربه الباعد منههه نسههبا مههن أقصههى البلد ) و خلعههت ( متو ّ‬
‫معاشر ) العرب أعّنتها و ضربت إلى محاربته بطون رواحلها ( قال الشارح البحراني ‪:‬‬

‫ن أقوى عدو الخيل إذا خلعت أعّنتههها و‬ ‫هذان مثلن كّني بهما عن المسارعة إلى حربه ل ّ‬
‫أقهوى عهدّو الّرواحهل إذا ضهربت بطونهها و فيهه ايمهاء إلهى أّنههم أتهوه فرسهانا و ركبانها‬
‫مسرعين إلى حربه ‪.‬‬

‫) حتى انزلت بساحته ( و منزله ) عداوتها ( أى حربها و اطلقها عليههه مههن بههاب اطلق‬
‫ل عليه و آله ) من أبعد الههّدار و‬
‫اسم السبب على المسبب ‪ ،‬أى أسرعوا إلى حربه صّلى ا ّ‬
‫ن الظعن إلى الحرب مههن مكههان بعيههد‬‫أسحق المزار ( و فيه إشارة إلى غاية عداوتهم ‪ ،‬ل ّ‬
‫ل عن اهتمام أكيد و عناد عنيد و عداوة شديدة ‪.‬‬‫ل يكون إ ّ‬

‫ل عليههه و آلههه‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫سير علم ما لقى رسول ا ّ‬ ‫قال الشارح المعتزلي ‪ :‬من قرء كتب ال ّ‬
‫ل من المشّقة و استهزاء قريش به في أّول الّدعوة و رميهم إّياه بالحجههارة حههتى‬‫في ذات ا ّ‬
‫أدموا عقيبه و صياح الصبيان به و القاء فههرث الكههرش علههى رأسههه ‪ ،‬و فتههل الثههوب فههى‬
‫عنقه ‪،‬‬

‫و حصره و حصر أهله في شعب بني هاشم سنين عديدة محّرمهة معهاملتهم و مبهايعتهم و‬
‫ن بعض من كان يحنو عليهههم لرحههم‬ ‫مناكحتهم و كلمهم حتى كادوا يموتون جوعا لو ل أ ّ‬
‫أو لسبب غيره فهو يسرق الشىء القليل من الّدقيق أو التمر فيلقيه إليهم ليل ‪.‬‬

‫ثّم ضربهم أصحابه و تعذيبهم بالجوع و الوثاق في الشمس و طردهم إياه عن شعاب مكة‬
‫ل عليه و آله مسههتجيرا منهههم تههارة‬
‫حتى خرج من خرج منهم إلى الحبشة و خرج صّلى ا ّ‬
‫بثقيف ‪ ،‬و تارة ببنى عامر ‪ ،‬و تارة بربيعة الفرس و بغيرهم ‪.‬‬

‫ثّم أجمعوا إلى قتله و الفتك به ليل حتى هرب منهم لئذا بالوس و الخزرج ‪،‬‬

‫تاركا أهله و أولده و ما حوته يده ‪ ،‬ناجيا بحشاشة نفسه حتى وصل إلى المدينة ‪،‬‬

‫فناصبوه الحرب و رموه بالمناسر و الكتائب ‪ ،‬و ضربوا له آباط البل ‪.‬‬

‫] ‪[ 176‬‬

‫ل تعالى و أّيده و نصر دينه‬


‫و لم يزل منهم في عناء شديد و حروب متصلة حتى أكرمه ا ّ‬
‫و أظهره ‪ ،‬انتهى ‪.‬‬

‫له عليهه و آلهه قههد كابهد الشههدايد و قاسهى الهمهوم و تجهّرع‬


‫صهل الكلم أنههه صهّلى ا ّ‬
‫و مح ّ‬
‫الغصص لتأسيس أساس السلم و تشييد قوائم الّدين ‪ ،‬هذا ‪.‬‬

‫سلم تلك المقّدمة أعني مقّدمة البعثة لّنه لما كان غرضه الصههلى مههن‬ ‫و انما مّهد عليه ال ّ‬
‫هذه الخطبة التحذير من المنافقين الذين كهان هّمهههم فههي إبطهال الهّدين و ترويههج الباطهل ‪،‬‬
‫أراد أن ينّبه على مزيههد خبههث طينتههم المهوجب لمزيهد الحهذر منهههم حيههث إنههم يريهدون‬
‫ل ‪ ،‬و يبطلوا الّدين القويم الذى قد قوسي فيه هذه المكاره ‪،‬‬ ‫ليطفؤا نور ا ّ‬

‫و احتمل تلك المشاق الكثيرة ‪.‬‬


‫له‬
‫و قبل التحذير منهم أوصى المخاطبين بما ل يزال يوصى بههه فقههال ) اوصههيكم عبههاد ا ّ‬
‫ل ( و التصّلب في الّدين ) و أحّذركم ( من كيد ) أهل النفاق ( و خديعههة الخههائنين‬
‫بتقوى ا ّ‬
‫أى الذين أظهروا السلم و أبطنوا الكفر ‪.‬‬

‫سههلم منههه التعريههض علههى معاويههة و عمههرو بههن العههاص و‬


‫ن غرضه عليه ال ّ‬
‫و الظاهر أ ّ‬
‫سلم في عهده التي في المتههن‬ ‫أمثالهما من المنتحلين للسلم ‪ ،‬و يشعر بذلك قوله عليه ال ّ‬
‫إلى محّمد بن أبي بكر حين قّلده مصر حيث قال فيه متعّرضا على معاوية ‪:‬‬

‫ي ‪ ،‬و لقد قال لي رسههول‬ ‫ي و عدّو النب ّ‬


‫ي النب ّ‬
‫فانه ل سواء إمام الهدى و إمام الّردى ‪ ،‬و ول ّ‬
‫ل عليه و آله إني ل أخاف على امتى مؤمنا ‪ ،‬و ل مشركا ‪ ،‬أّما المؤمن فيمنعه‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫ا ّ‬
‫ل منافق الجنان ‪،‬‬‫ل بشركه ‪ ،‬و لكّني أخاف عليكم ك ّ‬ ‫ل بايمانه ‪ ،‬و أّما المشرك فيقمعه ا ّ‬
‫ا ّ‬

‫عالم الّلسان ‪ ،‬يقول ما تعرفون ‪ ،‬و يفعل ما تنكرون ‪.‬‬

‫و لما حّذر عن المنافقين اتبعه بذكر مذاّمهم و مثالبهم تنفيرا عنهم و قال ) فاّنهم الضاّلون‬
‫( عن الصراط المستقيم و النهج القويم ) المضهّلون ( لغيرههم عنههه بالشهبه و التمههويه ) و‬
‫الّزالون المزّلون ( أى الخاطئون الموقعون لغيرهم فى الخطاء أيضا ‪.‬‬

‫) يتلّونون ألوانا ( أى يتغّيرون فى أقوالهم و أفعالهم من حال إلى حال بحسب‬

‫] ‪[ 177‬‬

‫تبّدل أهوائهم الفاسدة فيلقون كل بوجه و لسان غير الخر ‪.‬‬

‫) و يفتنون افتنانا ( أى يتشّعبون بأنحاء مختلفة فى القول و العمل علههى مقتضههى اختلف‬
‫آرائهم الباطلة ‪.‬‬

‫ل أمر فههادح ثقيههل و خطههب مههؤلم علههى وجههه‬


‫ل عماد ( أى يقصدونكم بك ّ‬
‫) و يعمدونكم بك ّ‬
‫الخدعة و الحيلة ‪.‬‬

‫ل أمر فههادح ثقيههل و خطههب مههؤلم علههى وجههه‬


‫ل عماد ( أى يقصدونكم بك ّ‬
‫) و يعمدونكم بك ّ‬
‫الخدعة و الحيلة ‪.‬‬

‫ل طريههق مع هدّ‬‫ل مرصههاد ( أى يههترّقبونكم و يقعههدون منتظريههن بك ه ّ‬‫) و يرصههدونكم بك ه ّ‬


‫للرتقاب ‪ ،‬يعني أّنهم ل يغفلون عنكم و ل يههدعون مراقبتكههم و يهّيئون وجههوه الحيههل فهي‬
‫ل مكروه ‪.‬‬‫اضللكم و إصابتكم بك ّ‬
‫) قلوبهم دوّية ( أى فاسدة من داء أصابها و هو الّداء الّنفساني الموجب لمرضههها كالحقههد‬
‫له سههبحانه أيضهها‬
‫شك و الرتياب ‪ ،‬قد وصههفهم ا ّ‬‫و الحسد و العداوة و البخل و الّنفاق و ال ّ‬
‫ل مرضا ‪.‬‬
‫بهذا الوصف حيث قال » في قلوبهم مرض فزادهم ا ّ‬

‫ن المههرض هههو‬ ‫قال الطبرسههى فهى تفسههير اليهة ‪ ،‬إنمها سههمى الشهك فهي الهّدين مرضهها ل ّ‬
‫الخروج عن حّد العتدال ‪ ،‬فالبدن ما لم تصبه آفة يكون صحيحا سوّيا ‪ ،‬و كذلك القلب ما‬
‫ك يكون صحيحا ‪ ،‬و قيل ‪ :‬المرض هو الفتور فهو فههي القلههب فتههوره‬ ‫شّ‬‫لم يصبه آفة من ال ّ‬
‫ق كما أّنه في البدن فتور العضاء ‪.‬‬ ‫عن الح ّ‬

‫) و صههفاحهم نقّيههة ( أى صههفحات وجههوههم طههاهرة نظيفههة ‪ ،‬و هههو كنايههة عههن اّتصههاف‬
‫صداقة خلف ما في باطنهم مههن الش هّر‬ ‫ظاهرهم بالبشر و البشاشة و المحّبة و الّنصح و ال ّ‬
‫و الفساد و الّلدد و العناد ‪.‬‬

‫) يمشههون ( فههي ) الخفههاء ( أى مختفيهها قههال الشههارح البحرانههي ‪ :‬و هههو كنايههة عههن كههون‬
‫حركاتهم القولّية و الفعلّية فيما يريدونه في خفاء أفهام الّناس ‪.‬‬

‫ب لههه‬
‫ضراء ( و هو مثل يضرب لمن أراد أن يختل صههاحبه يقهال ‪ :‬فلن يههد ّ‬‫) و يدّبون ال ّ‬
‫شههجر الملتههف‬‫ضراء إذا أراد بصاحبه سوء و أذى من حيث ل يعلم ‪ ،‬كمن يمشى فههي ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫الساتر للصطياد ‪.‬‬

‫) وصفهم دواء و قولهم شفاء و فعلهم الّداء العياء ( يعني أّنهم يّتصفون ظاهرا‬

‫] ‪[ 178‬‬

‫بأوصاف أهل اليمان أو أّنهم يصفون من الطاعههات و الخيههرات مهها ههو دواء المهراض‬
‫النفسهانية كهالمؤمنين ‪ ،‬و يقولهون مههن القهوال الحسهنة و المههواعظ البالغهة مها هههو شهفاء‬
‫صدور كالّناسكين و الّزاهدين ‪ ،‬و يفعلون فعل الفاسقين الفاجرين اّلذى هو الهّداء الكههبر‬‫ال ّ‬
‫المعيي للطباء من العلح ‪.‬‬

‫ل أنّ‬
‫صههله أّنهههم يّتصههفون ظههاهرا بصههفات المههؤمنين ‪ ،‬و يتكّلمههون بمثههل كلمهههم إ ّ‬
‫و مح ّ‬
‫أفعالهم خلف أقوالهم ‪ ،‬و باطنهم مناف لظاهرهم كما قال تعههالى فههي وصههفهم » يقولههون‬
‫ل أعلم بما يكتمون « و قال أيضا » و إذا لقوا اّلذين آمنوا‬ ‫بأفواههم ما ليس في قلوبهم و ا ّ‬
‫قالوا آمّنا و إذا خلوا إلى شياطينهم قالوا اّنا معكم اّنما نحن مسههتهزؤن « و فههي سههورة آل‬
‫لنامهل مهن الغيهظ قهل موتهوا‬ ‫ضهوا عليكهم ا َ‬
‫عمران » و إذا لقوكم قالوا آمّنا و إذا خلهوا ع ّ‬
‫صدور « ‪.‬‬ ‫ل عليم بذات ال ّ‬ ‫نا ّ‬‫بغيظكم ا ّ‬
‫ل سبحانه بههها‬
‫) حسدة الّرخاء ( أى إن رأوا لحد سعة و رفاهّية في العيش و نعمة أنعم ا ّ‬
‫عليه يحسدونه و يحزنونه به كما قال تعالى ان تمسسكم حسنة تسؤهم و إن تصههبكم سههيئة‬
‫يفرحوا بها ) و مؤّكدوا البلء ( يعني إذا وقع أحد في بلء و مكروه يسعون في تأكيههده و‬
‫سهعاية و النميمهة و سهاير أسهباب التشهديد ‪ ،‬و ل يسهعون فهي دفعهه و رفعهه و‬
‫تشهديده بال ّ‬
‫لم و هو ظاهر ‪.‬‬‫اصلحه و في بعض الّنسخ و موّلدوا البلء بال ّ‬

‫) و مقنطوا الّرجاء ( قال البحرانههي ‪ :‬أى إذا رجهها راج أمههرا ففههي طبههاعهم أن يقنطههوه و‬
‫يؤيسوه ‪ ،‬و هكذا شأن المنافق الكّذاب أن يبّعد القريب و يقّرب البعيد أقول ‪ :‬و يحتمههل أن‬
‫لو‬ ‫له عهّز و جه ّ‬‫يكون المراد أّنهم بمقتضى خبثهم الباطني يقّنطون الّراجين مههن رحمههة ا ّ‬
‫ضههلل كمها قهال‬ ‫ي و ال ّ‬ ‫يؤيسونهم منها ‪ ،‬و ذلك لقنوطهم في أنفسهم منها بمها لهههم مههن الغه ّ‬
‫ظههاهر أ ّ‬
‫ن‬ ‫ل طريههق صههريع ( ال ّ‬ ‫ضههاّلون ) لهههم بكه ّ‬
‫ل ال ّ‬
‫تعالى و من يقنط من رحمههة رّبههه إ ّ‬
‫ل طريق من طرق البّر صرعى أى هلكى لضللهم الّناس عنهها ‪،‬‬ ‫ن لهم في ك ّ‬
‫المراد به أ ّ‬
‫شارح البحراني ‪ :‬إّنه كنايههة عههن كههثرة مههن يقتلههونه أو يههؤذونه بخههديعتهم و كّنههى‬ ‫و قال ال ّ‬
‫ل مقصد‬ ‫طريق إّما عن ك ّ‬ ‫بال ّ‬

‫] ‪[ 179‬‬

‫ل حيلة احتالوها و مكر مكروه ‪ ،‬فاّنه ل بّد أن يستلزم أذى و الظهر مهها‬
‫قصدوه أو عن ك ّ‬
‫قلناه ‪.‬‬

‫ل قلب نحوهم و عطفه إليهم وسيلة و واسههطة ‪،‬‬ ‫ل قلب شفيع ( أى إلى صرف ك ّ‬ ‫) و إلى ك ّ‬
‫طف و الّتههؤدد و الّتملههق أو المههراد أ ّ‬
‫ن‬ ‫و هى خلبة ألسنتهم و ملقهم و ما يظهرونه من الّتل ّ‬
‫ى تقدير فههالمراد بههه الّتنههبيه‬
‫ق شفيع ‪ ،‬و على أ ّ‬ ‫ل قلب و إضلله عن الح ّ‬ ‫لهم إلى تحريف ك ّ‬
‫ى نحو كان ‪.‬‬ ‫على شّدة استيلئهم على القلوب و تمّكنهم من الّتصّرف فيها بأ ّ‬

‫ل محههزون و‬ ‫ل شجو دموع ( يعني أّنهههم يسههكبون دمههوعهم و يبكههون ريههاء عنهد كه ّ‬ ‫) و لك ّ‬
‫صههل إلههى‬
‫مصههاب تخييل بههأّنهم مشههاركوهم فههي الحههزن و السههف و قصههدهم بههذلك التو ّ‬
‫حصول أغراضهم الفاسدة ‪.‬‬

‫) يتقارضون الّثناء ( أى يثنى أحدهم على الخر ليثنههى الخههر عليههه كههأّنه يقههرض الثنههاء‬
‫ليأخذ عوضه ‪.‬‬

‫ل واحد منهم جهزاء محمهدته و ثنهائه مهن صهاحبه إذا‬


‫) و يتراقبون الجزاء ( أى يترّقب ك ّ‬
‫أثنى عليه و ينتظر أن يجزيه بمثل ثنائه أو بغيره من وجوه الجزاء ‪.‬‬

‫) إن سألوا ألحفوا ( أى أسّروا في سهؤالهم و ألحهّوا فيهه ) و إن عهذلوا كشهفوا ( يعنهي إن‬
‫لموا أحدا ببعض المعايب كشفوا عيههوبه عنههد الجههانب و القههارب ‪ ،‬و ربمهها يظهرونههها‬
‫عنهد مهن ل يرضههى بالظهههار عنههده ‪ ،‬و ذلههك لعهدم كهون نصهحهم عهن وجههه الصهدق و‬
‫الخلوص حتى يناصحوه في الخلوة ل فى الملء ‪.‬‬

‫) و ان حكموا أسرفوا ( أى إذا ولى أحدهم ولية أسرف فيها بههالظلم و الطغيههان و أفههرط‬
‫في الكل و الشرب و النهماك فى شهوات نفسه كما فعل معاوية في ولية الشام ‪.‬‬

‫و يحتمل أن يراد به أنهم إذا فّوض إليهم الحكم تعّدوا فيههه و تجههاوزوا عههن العتههدال كمهها‬
‫صدر عن عمرو بن العاص و أبي موسى الشعري في قضّية التحكيم ‪.‬‬

‫ق شبهة فاسدة باطلة ليمّوهوا‬


‫ق باطل ( أى هّيؤا لبطال الح ّ‬
‫لح ّ‬
‫) قد أعّدوا لك ّ‬

‫] ‪[ 180‬‬

‫ن فيههه دعابههة ‪ ،‬و تبعههه‬


‫سلم بههأ ّ‬
‫بها كما اعتذر المنافق الثاني في زوى الخلفة عنه عليه ال ّ‬
‫سههلم عنههه فههي المختههار الثههالث و‬ ‫على ذلك عمرو بن العههاص الّلعيههن كمهها حكههى عليههه ال ّ‬
‫ي دعابة و إّني امرء تلعابة ‪.‬‬ ‫نف ّ‬ ‫الثمانين بقوله ‪ :‬عجبا لبن النابغة يزعم لهل الشام إ ّ‬

‫ل أمههر صههحيح مسههتقيم ليههس بههه اعوجههاج مهها يههوجب‬


‫ل قائم مههائل ( أى أعهّدوا لكه ّ‬
‫) و لك ّ‬
‫شبه و التمويهات ‪.‬‬‫اعوجاجه من ال ّ‬

‫ى قاتل ( يحتمل أن يراد به خصوص ذى الحياة من نوع النسان فيراد بالقاتل‬ ‫لح ّ‬ ‫) و لك ّ‬
‫ل ما له قههوام و ثبههات مههن امههور‬‫معناه المعروف و أن يراد به معناه المجازى أى هيؤا لك ّ‬
‫سههلم فههي المختههار المههأة و السههابع و‬
‫الهّدين مهها يههوجب فسههاده و إبطههاله كمهها قههال عليههه ال ّ‬
‫العشرين ‪ ،‬و انما حكم الحكمان ليحييا ما أحيى القرآن و يميتا ما أمههات القههرآن و إحيههاؤه‬
‫الجتماع عليه و إماتته الفتراق عنه ‪.‬‬

‫ل باب من أبواب الضلل مفتاحا من وجههوه التههدبير و الحيههل‬‫ل باب مفتاحا ( أى لك ّ‬


‫) و لك ّ‬
‫يفتحونه به على الناس لضللهم ‪.‬‬

‫ل أمر مظلم يعيي فيه رأيا يستضاء به فيه و يهتدى بههه إليههه‬
‫ل ليل مصباحا ( أى لك ّ‬
‫) و لك ّ‬
‫كما دّبره ابن العاص عند ضيق الخناق على أهل الشام بصّفين من رفع المصههاحف علههى‬
‫الّرماح صبيحة ليلة الهرير ‪ ،‬فأنجاهم بتلك الحيلة و المكيدة عن هذه الورطة العظيمة ‪.‬‬

‫ل المراد أنهم يتزّهدون و يظهرون اليأس و الستغناء‬ ‫صلون إلى الطمع باليأس ( لع ّ‬
‫) يتو ّ‬
‫عما في أيدى الناس و صلة بهه إلهى مطهامعهم ‪ ،‬و محصهله أنههم يهتركون الهدنيا للهّدنيا و‬
‫يستغنون عن الناس تزويرا ‪.‬‬
‫) ليقيموا به أسواقهم و ينفقوا به أعلقهم ( شبههم فى قصدهم إلى إضلل النههاس بالتههاجر‬
‫الذي يجلس في السوق و يعرض متاعه على المشههترين و يرغبهههم إليههه بحسههن المعاملههة‬
‫قصدا إلى رواج متاعه ‪ ،‬فجعلهم بمنزلة التاجر ‪ ،‬و ما عندهم مههن متههاع الضههلل بمنزلههة‬
‫المبيع ‪ ،‬و من يريدون إضلله بمنزلة المشترى ‪ ،‬و ما عنده من الهدى بمنزلة الثمن ‪.‬‬

‫] ‪[ 181‬‬

‫صل المعنى أنهم يظهرون اليأس من الناس جلبا لقلوبهم إليهم ‪،‬‬
‫فيكون مح ّ‬

‫و توصل بههه إلههى مهها يطمعههونه منهههم مههن الضههلل و الغههواء و غرضهههم بههذلك إقامههة‬
‫أسواقهم أى انتظام معاملتهم معهم و ترويج ما لديهم من متاع الضلل الذي يزعمون أنههه‬
‫متاع نفيس مع أنه خبيث خسيس ‪.‬‬

‫) يقولون فيشبهون ( أى يقولههون قههول فاسههدا فيوقعههون بههه الشههبهة فههي قلههوب الخلههق ) و‬
‫ق‪.‬‬
‫يصفون فيمّوهون ( أى يصفون الباطل و يزّينونه بصورة الح ّ‬

‫ل المراد به أنهم جعلهوا الطريهق المهؤّدى إلهى‬‫) قد هّينوا الطريق و أضلعوا المضيق ( لع ّ‬
‫الضهلل سههل هينها لمهن أرادوا اسهلكهم فيهه بالخهدع و التمويههات ‪ ،‬و جعلهوا المسهلك‬
‫الضيق معوجا لمن أراد الخروج من ورطة الضلل بعد تورطه فيههها ‪ ،‬فسهههولة الطريههق‬
‫بالنسبة إلى الوارد ‪ ،‬و الضيق و العوجاج بالنسبة إلى الخارج ‪.‬‬

‫) فهم لمة الشيطان ( أى جماعته و أصحابه و أتباعه ) وحمة النيران ( أى معظههم حّرههها‬
‫و قال الشارح البحراني مسههتعار لمعظههم شههرورهم ‪ ،‬و وجههه المشههابهة اسههتلزامها للذى‬
‫البالغ و كذلك حمة التخفيف ‪.‬‬

‫ن حزب الشيطان‬ ‫) اولئك حزب الشيطان ( لضللهم الناس عن الهدى إلى الّردى ) أل إ ّ‬
‫هم الخاسرون ( اقتباس من الية الشريفة في سورة المجادلههة قههال تعههالى اسههتحوذ عليهههم‬
‫ل اولئك حزب الشيطان الية ‪.‬‬‫الشيطان فانسيهم ذكر ا ّ‬

‫قال الطبرسي في تفسيره ‪ :‬أى استولي عليهم يعني المنافقين و غلب عليهم لش هّدة اتبههاعهم‬
‫ل ه و ل يههذكرونه ‪ ،‬اولئك حههزب الشههيطان أى‬ ‫ل ه حههتى ل يخههافون ا ّ‬
‫ايههاه فأنسههاهم ذكههر ا ّ‬
‫ن حههزب الشههيطان هههم الخاسههرون ‪ ،‬يخسههرون الجّنههة و يحصههل لهههم بههدلها‬ ‫جنههوده ‪ ،‬أل ا ّ‬
‫النار ‪.‬‬

‫أقول ‪ :‬و بعبارة أوضح أنهم فّوتوا على أنفسهم النعيم المؤّبد و عرضوها للعههذاب المخّلههد‬
‫بما اّتصفوا به من صفة النفاق ‪.‬‬
‫سلم‬
‫روى في الكافي باسناده عن محّمد بن الفضيل قال ‪ :‬كتبت إلى أبي الحسن عليه ال ّ‬

‫] ‪[ 182‬‬

‫ل ه و هههو خههادعهم و إذا‬


‫ن المنههافقين يخههادعون ا ّ‬
‫يإّ‬
‫سلم إل ّ‬
‫أسأله عن مسألة فكتب عليه ال ّ‬
‫ل قليل مذبههذبين بيههن ذلههك‬
‫لإ ّ‬
‫صلة قاموا كسالى يراؤن الّناس و ل يذكرون ا ّ‬ ‫قاموا إلى ال ّ‬
‫ل فلن تجد له سههبيل ‪ ،‬ليسههوا مههن الكههافرين و‬
‫ل إلى هؤلء و ل إلى هؤلء و من يضلل ا ّ‬
‫ليسوا من المؤمنين و ليسههوا مههن المسههلمين يظهههرون اليمههان و يصههيرون إلههى الكفههر و‬
‫ل‪.‬‬
‫التكذيب لعنهم ا ّ‬

‫ععععععع‬

‫از جمله خطب شريفه آن حضرتست كه وصف فرموده در آن منافقين را ميفرمايد ‪:‬‬

‫حمههد ميكنههم خههدا را در مقابههل آن چيههزى كههه توفيههق داد مههر آن چيههز را در طههاعت و‬
‫فرمانبردارى ‪ ،‬و دفع و منع فرمود بندگان را از آن از معصيت و گردن كشى ‪،‬‬

‫و در خواست مىكنيم از او تمام كردن مر مّنههت او را ‪ ،‬و چنهگ زدن بريسهمان محكههم‬
‫او كه عبارتست از اسلم يا قرآن ‪.‬‬

‫و گواهى ميدهيم اينكه محّمد بنده پسنديده و فرستاده او است ‪ ،‬فرو رفههت در هههر شههدايد‬
‫صه در تحصههيل رضههاى إلهههى‬ ‫جه برضاى خدا ‪ ،‬و جرعه جرعه نوشيد هر غ ّ‬ ‫بجهت تو ّ‬
‫و حال آنكه متغّير و متلّون الحال شدند از براى او نزديكان و خويشان ‪ ،‬و جمههع گشههتند‬
‫بر عداوت او بيگانگان ‪ ،‬و كندند طايفه عرب بسوى حرب او لجامهاى خود را و زدنههد‬
‫بر شكمهاى شتران باركش خودشان بجهت رفتن بسوى جنگ او تا آنكههه فههرود آوردنههد‬
‫در فضاى خانه و منزل او دشمنى خودشان را از دورترين خانه و دورتريههن زيارتگههاه‬
‫وصّيت مىكنم شما را اى بندگان خدا به پرهيزكارى خدا و مىترسههانم شههما را از أهههل‬
‫نفاق ‪ ،‬پس بدرستيكه منافقان گمراهان و گمراه كنندگانند ‪ ،‬و لغزندگان و لغزانندگاننههد ‪،‬‬
‫رنگ برنگ و مختلف الحال مىشوند و خلق را تفتين مىكنند ‪،‬‬

‫قصد مىكنند شما را بهر أمر سنگين ‪ ،‬و انتظار شما را مىكشند در هر گذر گاهى ‪،‬‬

‫] ‪[ 183‬‬

‫قلبهاى ايشههان فاسههد اسههت ‪ ،‬و صههفحه روهههاى ايشههان پههاك و نظيههف ‪ ،‬راه مىرونههد در‬
‫پنهانى و حركت مىكنند در طرق اذّيت و اضرار ‪.‬‬
‫صفت ايشان دواء است ‪ ،‬و گفتار ايشان شفاء اسههت ‪ ،‬و كههردار ايشههان درد بههى درمههان‬
‫حسد كنندگان رفاهّيتند ‪ ،‬و محكم كنندگان بل و معصيبت ‪ ،‬و مههأيوس كننههدگان اميدنههد ‪،‬‬
‫ايشان را است در هر راهى افتاده ‪ ،‬و بسوى هر قلبى واسطه ‪ ،‬و از براى هر انههدوهى‬
‫اشك چشمى ‪ ،‬بقرض ميدهند بيكديگر ثنا و سهتايش را ‪ ،‬و منتظهر مىباشهند از يكهديگر‬
‫جزا و احسان را ‪.‬‬

‫اگر سؤال نمايند اصرار مىكنند ‪ ،‬و اگر ملمت نمايند پرده درى مىكنند ‪،‬‬

‫و اگر حاكم نمايند ايشان را در حكومتى اسراف مىنمايند ‪ ،‬بتحقيق كههه مهّيهها سههاختهاند‬
‫از براى هر حق باطلى را ‪ ،‬و از براى هر راست كجى را ‪ ،‬و از براى هر زنده قاتلى‬
‫را ‪ ،‬و از براى هر در كليدى را و از براى هر شب چراغى را ‪.‬‬

‫صههل مىكننههد بسههوى طمههع بها‬


‫يعنى صاحبان أنواع و أقسام حيله و خدعه مىباشهند ‪ ،‬تو ّ‬
‫اظهار يأس از مردم تا اينكه بر پهها كننههد بسههبب اظهههار يههأس بههازار كههار خودشههان را و‬
‫رواج دهند متاع خهود را ‪ ،‬حهرف مىزننهد پهس مشهتبه مىسهازند خلهق را ‪ ،‬و تعريهف‬
‫مىكنند پههس زينههت مىدهنههد و آسهان مىگرداننههد راه باطههل را بجهههت داخليههن ‪ ،‬و كههج‬
‫مىكنند راه تنگ را بجههت خهارجين ‪ ،‬پهس ايشهان جمهاعت شهيطانند ‪ ،‬و چشهمه آتشهند‬
‫ايشان دسته شيطانند ‪ ،‬آگاه باش بدرستى دسته شيطان ايشانند زيانكاران ‪.‬‬

‫ع ع ع ععع ع ع ع ععع ع ععع ععع ع ع ع ععع عع ع‬


‫ععععععع ع ععععععع ع ع ععععع عع ع ع ع عع‬
‫ععععع‬

‫ل اّلذي أظهر من آثار سلطانه و جلل كبريائه ما حّير‬


‫الحمد ّ‬

‫] ‪[ 184‬‬

‫مقل العيون من عجآئب قدرته ‪ ،‬و ردع خطرات هماهم الّنفوس عن عرفان كنه صههفته ‪،‬‬
‫ل شهادة إيمان و إيقان ‪،‬‬
‫لا ّ‬
‫و أشهد أن ل إله إ ّ‬

‫ن محّمدا عبده و رسوله ‪ ،‬أرسله و أعلم الهههدى دارسههة ‪،‬‬ ‫و إخلص و إذعان ‪ ،‬و أشهد أ ّ‬
‫ق ‪ ،‬و نصههح للخلههق و هههدى إلههى الّرشههد ‪ ،‬و أمههر‬
‫و مناهج الهّدين طامسههة ‪ ،‬فصههدع بههالح ّ‬
‫ل عليه و آله ‪.‬‬
‫بالقصد صّلى ا ّ‬

‫ل أّنه لم يخلقكم عبثهها ‪ ،‬و لههم يرسههلكم همل ‪ ،‬علههم مبلههغ نعمههه عليكههم ‪ ،‬و‬
‫و اعلموا عباد ا ّ‬
‫أحصى إحسانه إليكم ‪ ،‬فاستفتحوه ‪ ،‬و استنجحوه ‪،‬‬
‫و اطلبوا إليه ‪ ،‬و استمنحوه ‪ ،‬فما قطعكم عنه حجاب ‪ ،‬و ل أغلق عنكم دونه باب ‪ ،‬و إّنههه‬
‫ل حين و أوان » زمان خ « ‪،‬‬
‫ل مكان ‪ ،‬و في ك ّ‬ ‫لبك ّ‬

‫ن ‪ ،‬ل يثلمه العطاء ‪ ،‬و ل ينقصه الحبهآء ‪ ،‬و ل يسهتنفده سههائل ‪ ،‬و ل‬
‫ل إنس و جا ّ‬
‫و مع ك ّ‬
‫يستقصيه نائل ‪ ،‬و ل يلويه شخص عن شخص ‪،‬‬

‫و ل يلهيه صوت عههن صهوت ‪ ،‬و ل تحجهزه هبهة عههن سههلب ‪ ،‬و ل يشههغله غضهب عههن‬
‫ظهههور ‪ ،‬و ل يقطعههه‬
‫رحمة ‪ ،‬و ل تولهه رحمههة عههن عقههاب ‪ ،‬و ل يجّنههه البطههون عههن ال ّ‬
‫ظهور عن البطون ‪ ،‬قرب فناى ‪ ،‬و عل فدنى ‪،‬‬ ‫ال ّ‬

‫و ظهر فبطن ‪ ،‬و بطن فعلن ‪ ،‬و دان و لم يدن ‪ ،‬لم يذرء الخلق باحتيال و ل اسههتعان بهههم‬
‫لكلل ‪.‬‬

‫] ‪[ 185‬‬

‫سهكوا بوثائقهها ‪ ،‬و اعتصهموا‬


‫له ‪ ،‬فإّنهها الّزمهام و القهوام ‪ ،‬فتم ّ‬
‫ل بتقهوى ا ّ‬
‫أوصيكم عباد ا ّ‬
‫سهعة ‪ ،‬و معاقههل الحهرز ‪ ،‬و منهازل‬‫بحقائقها ‪ ،‬تههؤل بكههم إلهى أكنهان الّدعهة ‪ ،‬و أوطهان ال ّ‬
‫العّز ‪ ،‬في يوم تشخص فيه البصار ‪،‬‬

‫ل مهجههة ‪،‬‬
‫صور فتزهق ك ّ‬
‫طل فيه صروم العشار ‪ ،‬و ينفخ في ال ّ‬ ‫و تظلم له القطار ‪ ،‬و تع ّ‬
‫شوامخ ‪،‬‬
‫شّم ال ّ‬
‫ل ال ّ‬
‫ل لهجة ‪ ،‬و تذ ّ‬
‫و تبكم ك ّ‬

‫صّم الّرواسخ ‪ ،‬فيصير صلدها سرابا رقرقا ‪ ،‬و معهدها قاعا سملقا ‪،‬‬
‫و ال ّ‬

‫فل شفيع يشفع ‪ ،‬و ل حميم يدفع ‪ ،‬و ل معذرة تنفع ‪.‬‬

‫ععععع‬

‫) المقل ( جمع مقلة كغرف و غرفة و هى شحمة العين اّلههتي تجمههع سههوادها و بيضههها و‬
‫صههدر‬
‫) الهمهمة ( الكلم الخفي أو صوت يسمع و ل يفهم محصوله و ترّدد الزئير فههي ال ّ‬
‫من الههّم و نحهوه ‪ ،‬قهاله فهي القهاموس أقهول ‪ :‬و الزئيهر مهأخوذ مهن الهزئر و ههو ترديهد‬
‫صوت في الجوف ثّم مّده ‪،‬‬ ‫ال ّ‬

‫ل صوت فيه بحح كصوت الفيلة و‬


‫و يطلق الزئير على صوت السد من صدره و على ك ّ‬
‫نحوها ‪.‬‬

‫و ) طمست ( الشيء طمسها محههوته و طمههس هههو يتعهّدى و ل يتعهّدي و طمهس الطريههق‬
‫ن و ) استمنحوه ( بالّنون من المنحههة و هههى‬
‫ن و أبو الج ّ‬
‫ن ( اسم جمع للج ّ‬
‫درست و ) الجا ّ‬
‫العطّية و في بعض الّنسخ باليههاء يقههال اسههتمحت الّرجههل طلبههت عطههاءه و محههت الّرجههل‬
‫أعطيته و ) الّثلمة ( في الحههايط و غيههره الخلههل و الجمههع ثلههم كغرفههة و غههرف و ) نفههد (‬
‫الشىء ينفد من باب تعب نفادا فنى و انقطع و أنفدته أفنيته و ) الّنائل (‬

‫] ‪[ 186‬‬

‫سههلب بالتحريههك‬
‫العطاء كالنوال و الّنال و ) سلبت ( ثههوب زيههد مههن بههاب قتههل أخههذته و ال ّ‬
‫الختلس و اسم لما يسلب و منه الحديث من قتل قتيل فله سلبه ‪.‬‬

‫و قوله ) و ل يجنه البطون عههن الظهههور و ل يقطعههه الظهههور عههن البطههون ( هكههذا فههي‬
‫شارح المعهتزلي بتههذكير الفعليههن ‪ ،‬و عليهها فهالبطون و الظههور مصهدر بطههن و‬ ‫نسخة ال ّ‬
‫ظهر ‪ ،‬و في بعض الّنسخ بتأنيثهما و على ذلك فل بّد من جعلهما جمعهها للبطههن و الظهههر‬
‫كما هو مقتضى القواعد الدبّية ‪.‬‬

‫و ) الّدين ( الجزاء و منه الحديث كما تدين تدان أى كما تجازى تجازى بما فعلت و يقهال‬
‫سلم دّيههان هههذه‬
‫ي عليه ال ّ‬
‫أيضا على القهر و الغلبة قال ابن الثير ‪ :‬و منه الحديث كان عل ّ‬
‫طاعة و في القاموس الّدين الحساب و القهر و الغلبة و الستعلء‬ ‫الّمة أى قاهرهم على ال ّ‬
‫سلطان و الملك و الحكم ‪.‬‬‫و ال ّ‬

‫ستر يستر من الحّر و الههبرد‬‫و ) الكلل ( العجز و العياء و ) الكنان ( جمع كن و هو ال ّ‬


‫قال تعالى و من الجبال أكنانا و ) المعاقل ( جمع معقل و هو الملجأ ‪.‬‬

‫صروم ( إّما جمع صرمة بالكسر القطعة من البل ما بين العشههرة إلههى الربعيههن و‬ ‫و ) ال ّ‬
‫سحاب و تجمههع علههى صههرم مثههل سههدرة و سههدر و إّمهها جمههع صههرم و هههى‬
‫القطعة من ال ّ‬
‫طائفة المجتمعة من القوم ينزلون بابلهم ناحية من الماء و يجمع على أصرام مثههل حمههل‬ ‫ال ّ‬
‫و أحمال ‪ ،‬أو جمع صرماء و هى الّناقة القليلة الّلبن ‪ ،‬و تجمههع علههى صههرم وزان قفههل و‬
‫الخير أظهر ‪.‬‬

‫و ) العشار ( من البل الّنوق أتى عليها من يوم ارسل الفحل فيها عشرة شهر فزال عنههها‬
‫اسم المخاض و ل يزال ذلههك اسههمها حّتههى تضههع ‪ ،‬و الواحههدة عشههراء ‪ ،‬و قههال الفيههروز‬
‫آبادى و العشراء من الّنوق اّلتى مضى لحملها عشرة أشهر أو ثمانية أو هى كالّنفساء من‬
‫النساء و الجمع عشراوات و عشار ‪ ،‬أو العشار اسم يقع على الّنوق حّتى تنتههج بعضههها و‬
‫بعضها ينتظر نتاجها ‪.‬‬

‫) و الشّم ( جمع اشم يقول جبل اشم أى فيه شمم و ارتفاع و رجههل اشههم أى بههأنفه ارتفههاع‬
‫سراب بالضم ما ترقرق منه أى تحّرك‬ ‫قال في القاموس و ) رقرقان ( ال ّ‬
‫] ‪[ 187‬‬

‫و الّرقراقة التى كان المهاء يجهرى فهى وجههها و ) القهاع ( الرض السههلة المطمئنهة قهد‬
‫انفرجت عنها الجبال و الكام و ) السملق ( الصفصف و هى المستوى من الرض ‪.‬‬

‫ععععععع‬

‫قوله و اطلبوا إليه ‪ ،‬تعدية الطلب لتضمينة معنى التضّرع ‪ ،‬و قوله ‪ :‬تؤل ‪،‬‬

‫بالجزم لوقوعه في جواب المر كمها فههي نسهخة الشههارح المعهتزلي ‪ ،‬و فهي أكههثر النسههخ‬
‫بالرفع و الظاهر أنه على الستيناف البياني ‪ ،‬و قوله ‪ :‬فههي يههوم تشههخص ‪ ،‬متعّلههق بقههوله‬
‫تؤل ‪ ،‬و الفاء في قوله ‪ :‬فتزهق ‪ ،‬و قوله ‪ :‬فيصير ‪ ،‬و قوله ‪ :‬فل شفيع ‪ ،‬كّلها فصيحة ‪.‬‬

‫عععععع‬

‫ن هذه الخطبة الشريفة مسوقة للنصح و الموعظة و المر بالتقوى مع التنههبيه علههى‬ ‫اعلم أ ّ‬
‫ل ‪ ،‬و افتتحههها بحمههده و الثنههاء‬
‫له عهّز و جه ّ‬
‫جملة من صفات الكمال و العظمههة و الجلل ّ‬
‫عليه و الشهادة بالتوحيد و الّرسالة فقال ‪:‬‬

‫ل الذي أظهر ( في الملك و الملكوت و النفس و الفاق و الرض و السههماوات‬ ‫) الحمد ّ‬


‫) من آثار سلطانه و جلل كبريائه ما حّير مقل العيون ( و ابصار البصاير ) من عجايب‬
‫قدرته ( و بدايع صنعته و قد تقّدم الشارة إلى بعضههها فههي شههرح الخطههب المسههوقة لهههذا‬
‫الغرض و مّر فصل واف منها في الخطبة التسعين و شرحها فانظر ما ذا ترى ‪.‬‬

‫ن الثههار العظيمههة و المبههدعات‬


‫و نسههبة عجههائب القههدرة إلههى سههلطانه و جلل كبريههائه ل ّ‬
‫سلطنة اللهّية و الجلل اللهى ‪.‬‬ ‫المحكمة المتقنة إنما يناسب صدورها بال ّ‬

‫) و ردع خطههرات همههاهم النفههوس عههن عرفههان كنههه صههفته ( أى دفههع و منههع الفكههار و‬
‫الّرويات التي تخطر بالنفوس و توجب همهمتها عن معرفة كنه صفات جماله و جللههه و‬
‫يحتمل أن يراد بالهماهم نفس تلك الفكار على سبيل الستعارة لترّددها في الجههوف مثههل‬
‫ترّدد الهماهم ‪.‬‬

‫] ‪[ 188‬‬

‫و كيف كان فالغرض منه التنبيه على عجز العقههول و المشههاعر الظههاهرة و الباطنههة عههن‬
‫إدراك حقيقته و ذاته حسبما عرفته فى شرح الفصههل الثههاني مههن الخطبههة التسههعين و فههي‬
‫شهادة بتوحيده فقال ‪:‬‬
‫شرح مرارا ‪ ،‬و أردف الّثناء عليه تعالى بال ّ‬
‫تضاعيف ال ّ‬
‫ل ( و قد مضى الكلم في تحقيههق معناههها و الخبههار الههواردة فههي‬ ‫لا ّ‬ ‫) و أشهد أن ل إله إ ّ‬
‫فضلها بما ل مزيد عليههه فههي شههرح الفصههل الثههاني مههن الخطبههة الثانيههة ‪ ،‬و وصههفها هنهها‬
‫بأوصاف أربعة ‪:‬‬

‫أحدها كونها ) شهادة ايمان ( أى يطابق القول فيها للعقد القلبي ‪.‬‬

‫) و ( ثانيها كونها شهادة ) ايقان ( أى صههادرة عههن علههم اليقيههن ل عههن وجههه التقليههد و ل‬
‫ل هو مع اعتقاد أّنه ل يمكههن أن يكههون ذلههك المعتقههد إ ّ‬
‫ل‬ ‫ل باعتقاد أن ل إله إ ّ‬
‫تكون كذلك إ ّ‬
‫كذلك ‪.‬‬

‫) و ( ثالثها أن تكون عههن ) اخلص ( أى جعلههها خالصهها عههن شههوب غيههره مههن الّريهها و‬
‫ل أمههر عههن درجههة‬ ‫شههارح البحرانههي ‪ :‬هههى أن يحههذف عههن ذلههك المعتقههد كه ّ‬‫نحوه و قال ال ّ‬
‫العتبار و ل يلحظ معه غيره ‪ ،‬انتهى و قد مّر له معنى آخر فههي الخبههار المتقّدمههة فههي‬
‫ل‪.‬‬‫ل عّما حّرم ا ّ‬ ‫لا ّ‬‫ن إخلصها أن حجزه ل إله إ ّ‬ ‫شرح الخطبة الثانية من أ ّ‬

‫) و ( رابعها أن تكون متلّبسة ب ) اذعان ( و انقياد لما هو من توابعها و مقتضههياتها مههن‬


‫الّتكاليف و الحكام ‪.‬‬

‫و أردفها بالشهادة بالّرسالة لما عرفت في الخبار المتقّدمة في شرح الخطبههة الّثانيههة مههن‬
‫فضل المقارنة بينهما فقال ‪:‬‬

‫ن محّمههدا عبههده ( المرتضههى ) و رسههوله ( المصههطفى ) أرسههله ( إلههى الخلههق‬ ‫) و أشهد أ ّ‬


‫ق على حين فترة من الّرسل و طههول هجعههة مههن المههم و انتقههاض مههن‬ ‫بالهدى و دين الح ّ‬
‫ن ) أعلم الهدى دارسههة ( اسههتعارها للنبيههاء و المرسههلين و أوليههاء‬ ‫المبرم ) و ( الحال أ ّ‬
‫طههرق ‪ ،‬و‬ ‫له كمهها يهتههدى بههالعلم فههي ال ّ‬
‫الّدين اّلذين يهتدى بأنوارهم فههي سههلوك سههبيل ا ّ‬
‫ل عليه و آلههه و س هّلم ) و مناهههج‬
‫دروسها بما كانت من الفترة بعد عيسى إلى بعثه صّلى ا ّ‬
‫الّدين طامسة ( أى طرق المعارف الحّقة اللهّية مندرسة منمحية بطول المّدة و بعد العهد‬
‫و غلبة الغفلة ‪.‬‬

‫] ‪[ 189‬‬

‫ل فاصهدع بمها تهؤمر و أصهل‬ ‫ق ( امتثال لما كان مامورا به بقوله عّز و جه ّ‬ ‫) فصدع بالح ّ‬
‫صدع عبارة عن كسههر الّزجاجههة و شهّقها و تفريقههها ‪ ،‬فاسههتعير عنههه للبيههان الواضههح و‬ ‫ال ّ‬
‫التبليغ الكامل ‪ ،‬و الجامع التأّثر ‪.‬‬

‫ن معناها أبن المر إبانة ل تنمحى كما ل يلتئم كسر الّزجاجههة‬ ‫و قد قيل في تفسير الية ‪ :‬أ ّ‬
‫ق جماعاتهم بالّتوحيد أو بالقرآن ‪.‬‬
‫ق و الباطل ‪ ،‬و قيل ‪ :‬ش ّ‬‫‪ ،‬و قيل ‪ :‬أفرق بين الح ّ‬
‫) و نصح للخلق ( بصرفهم عن الّردى إلهى الههدى و رّدههم عهن الجحيهم إلهى النعيهم ) و‬
‫سهداد فهي القههول و العمههل ) و أمهر بالقصههد ( أى‬ ‫صهواب و ال ّ‬‫هدى إلى الّرشد ( أى إلى ال ّ‬
‫بالعدل في المور المصون عن الفراط و الّتفريط ‪ ،‬و يحتمل أن يكههون المههراد بههه قصههد‬
‫ل عليههه و آلههه ( و س هّلم ث هّم نّبههه‬
‫صراط المستقيم ) صّلى ا ّ‬‫ق أى ال ّ‬
‫السبيل الموصل إلى الح ّ‬
‫المخاطبين على عدم كونه تعالى في خلقهم و ايجادهم لغيا عابثا فقههال ) و اعلمههوا عبههاد‬
‫ل أّنه لم يخلقكم عبثا ( تعالى عن ذلك علّوا كبيرا ‪ ،‬و انما خلقكم للمعرفة و العبودّية كما‬ ‫ا ّ‬
‫ل ليعبدون « ‪.‬‬‫ن و النس إ ّ‬
‫قال » و ما خلقت الج ّ‬

‫) و لههم يرسههلكم همل ( أى لههم يههترككم سههدى مهمليههن كالبهههايم و النعههام ‪ ،‬و إّنمهها كّلفكههم‬
‫بالتكاليف و الحكام ) علم مبلغ نعمه ( و مقدارها كّما و كيفا ) عليكم و أحصى إحسانه (‬
‫و فضله ) إليكم ( ليبلوكم أ تشكرونه أم تكفرون و من شكر فاّنما يشكر لنفسه و مههن كفههر‬
‫ى كريم ) فاستفتحوه ( أى اطلبوا منه فتح أبواب الّنعم ) و استنجحوه ( أى اطلبههوا‬ ‫فاّنه غن ّ‬
‫منه نجاح عوائد المزيد و القسم ) و اطلبوا ( منه متضّرعين ) إليه ( أن يصرف عنكم ما‬
‫ل يصرفه أحد غيره من عذاب الّنار و سخط الجّبار ‪.‬‬

‫) و استمنحوه ( أى اطلبوا منههه أن يعطيكههم مهها ل يعطيههه أحههد غيههره مههن فههوز الجنههان و‬
‫رضى الّرحمن ‪ ،‬و طلب ذلك كّله منه سبحانه إنما هو بالقيههام بمراسههم الحمههد و الشههكر و‬
‫طاعات و القربههات اّلههتي بههها يسههتعّد لفاضههة الّرحمههة و نههزول‬‫بالمواظبة على وظايف ال ّ‬
‫الخيرات ‪ ،‬هذا ‪.‬‬

‫] ‪[ 190‬‬

‫غبههم إليهه بهالّتنبيه علهى‬


‫سؤال أردفه بما يشهّوقهم إلهى ذلهك و ير ّ‬
‫طلب و ال ّ‬
‫و لّما أمرهم بال ّ‬
‫سؤالت و الطلبات إليه و عدم رادع و مانع من وصولها إليه و هو قوله ‪:‬‬ ‫انتهاء جميع ال ّ‬

‫ن بههابه مفتههوح لمههن دعههاه و‬


‫) فما قطعكم عنه حجاب و ل اغلق عنكم دونه باب ( يعنههي أ ّ‬
‫ليس بينه و بين خلقه حجاب مانع و ل باب مغلق يمنع مههن الوصههول إليههه و مههن عههرض‬
‫جابا و بّوابا ‪ ،‬ل ّ‬
‫ن‬ ‫سلطين يأخذون لنفسهم ح ّ‬ ‫الحوايج و المقاصد عليه كساير الملوك و ال ّ‬
‫ل تعههالى موصههوف بالعظمههة و‬ ‫ذلك من أوصاف الجسام و صفات الّنقص و المكان و ا ّ‬
‫الجلل منّزه عن الحّيز و المكان فل يتصّور أن يكون له باب أو عنده حجاب كما أفصههح‬
‫عن ذلك بقوله ‪:‬‬

‫ل مكان ( بالعلم و الحاطة ل بالتحّيز و الحوايههة ‪ ،‬فل يخفههى عليههه شههيء مههن‬ ‫) و اّنه لبك ّ‬
‫سائلين و إّنما منظره فى القرب و البعد سواء ‪ ،‬لم يبعد منه قريب و لم يقرب منه‬ ‫حوائج ال ّ‬
‫بعيد ‪ ،‬و ل يحويه مكان و ل يحيط به مكان حّتههى إذا كههان فههي ذلههك المكههان يحجههب عنههه‬
‫أخبار ساير المكنة و المكانّيات ‪.‬‬
‫يوضح ذلك ما رواه في الكافي باسناده عن عيسى بن يونس قال ‪ :‬قال ابههن أبههي العوجههاء‬
‫ل فأحلت على غههايب فقههال‬ ‫سلم في بعض ما كان يحاوره ‪ :‬ذكرت ا ّ‬ ‫ل عليه ال ّ‬‫لبي عبد ا ّ‬
‫سلم ‪ :‬ويلك كيف يكون غائبا من هو مع خلقه شاهد و اليهم أقرب من‬ ‫ل عليه ال ّ‬‫أبو عبد ا ّ‬
‫حبل الوريد ‪ ،‬يسمع كلمهم و يرى أشخاصهم و يعلم أسرارهم ‪ ،‬فقال ابن أبى العوجههاء أ‬
‫ل مكان أ ليس إذا كان في السماء كيف يكون في الرض و إذا كان فههي الرض‬ ‫هو في ك ّ‬
‫سههلم ‪ :‬إنمهها وصههفت المخلههوق الههذي إذا‬
‫ل عليه ال ّ‬
‫كيف يكون في السماء ؟ فقال أبو عبد ا ّ‬
‫انتقل عن مكان اشتغل به مكان و خل منه مكان فل يدرى في المكان الذي صار إليههه مهها‬
‫ل العظيم الشأن الملك الّديان فل يخلو منه مكههان و‬ ‫حدث في المكان الذى كان فيه ‪ ،‬فأما ا ّ‬
‫ل يشتغل به مكان و ل يكون إلى مكان أقرب منه إلى مكان ‪.‬‬

‫و قد مّر هذا الحديث في شرح الفصل السادس من الخطبة الولى و مّر تحقيق الكلم فههي‬
‫تنّزهه سبحانه من المكان في شرح الفصل الخامس منها فليراجع ثّمة‬

‫] ‪[ 191‬‬

‫ن هناك مطالب نفيسة ‪.‬‬


‫فا ّ‬

‫ل أردفه بالتنّبه على عههدم خلهّو الزمنههة منههه‬


‫و لما نّبه على عدم خلّو المكنة منه عّز و ج ّ‬
‫فقال ‪:‬‬

‫ن الكههون فيههه‬‫ل حين و زمان ( بالعلم و الحاطة أيضا ل بمعنى ظرفّيته لههه ‪ ،‬ل ّ‬ ‫) و في ك ّ‬
‫بمعنى الظرفية مستلزم للحدوث المنافي للوجوب ‪ ،‬فالواجب الّول تعالى منّزه عن ذلك ‪،‬‬
‫ل إنههس‬ ‫و قد تقّدم مزيد تحقيق لذلك في شرح الخطبة المأة و الخامسة و الثمانين ) و مع ك ّ‬
‫ن ( ل معّية بالقتران بل بمعنى كونه عالما بهم شاهدا عليهم غير غههايب عنهههم كمهها‬ ‫و جا ّ‬
‫لرض مهها يكههون مههن‬ ‫ل يعلم ما فههى السههموات و مهها فههي ا َ‬‫نا ّ‬
‫قال عّز من قائل » أ لم تر أ ّ‬
‫ل هههو‬‫ل هو سادسهم و ل أدنى من ذلك و ل أكثر إ ّ‬ ‫ل هو رابعهم و ل خمسة إ ّ‬ ‫نجوى ثلثة إ ّ‬
‫ل شيء عليههم « و قههد مهّر مزيههد‬ ‫ل بك ّ‬
‫نا ّ‬
‫معهم أينما كانوا ثّم ينّبئهم بما عملوا يوم القيامة ا ّ‬
‫تحقيق لهذا المعنى في شرح الفصل الخامس و السادس من الخطبة الولى ‪ ،‬هذا ‪.‬‬

‫و لما شّوق المخاطبين إلى الطلب و السؤال بالتنبيه على عموم علمه بحههالت السههائلين و‬
‫حاجات الطالبين و عدم خفاء شيء منها عليه أكد تشويقهم بالتنبيه على سعة جوده فقال ‪:‬‬

‫) ل يثلمه العطاء و ل ينقصه الحباء ( أى ل يهوجب كهثرة عطهائه و مزيههد حبهائه خلل و‬
‫نقصا في خزانة كرمه و بحر جوده ‪ ،‬و ذلك لعدم تناهى مقدوراته ‪.‬‬

‫سلم قال ‪:‬‬


‫ل عليه ال ّ‬
‫ي فى الكافي عن أبيعبد ا ّ‬
‫و يوضح ذلك ما فى الحديث المرو ّ‬
‫ن أهل سماواتي و أهل أرضي أّملوا جميعا ثّم أعطيههت ك هلّ‬
‫ل يقول ‪ :‬فلو أ ّ‬
‫ل عّز و ج ّ‬
‫نا ّ‬
‫إّ‬
‫واحد منهم مثل ما أّمل الجميع ما انتقص من ملكي مثل عضو ذّرة ‪ ،‬و كيف ينتقص ملههك‬
‫أنا قّيمه ‪ ،‬فيابؤسا للقانطين من رحمتي ‪ ،‬و يا بؤسا لمن عصانى و لم يراقبنى ‪.‬‬

‫و بذلك الحديث أيضا اّتضح معنى قههوله ) ل يسههتنفده سههائل و ل يستقصههيه نههائل ( أى ل‬
‫ينفى جوده سائل و إن بلغ الغايههة فههى طلبههه و سههؤاله ‪ ،‬و كههذا ل يبلههغ القصههوى و الغايههة‬
‫عطاؤه و نواله بل لو وهب ما تنّفست عنه معادن الجبال و ضحكت عنه أصههداق البحههار‬
‫من فلّز الّلجين و العقيان و نثارة الّدر و حصيد المرجان ما أّثر ذلك فى جوده و ل‬

‫] ‪[ 192‬‬

‫أنفد سعة ما عنده ‪ ،‬و لكان عنده من ذخاير النعام ما ل تنفده مطالب النام ‪ ،‬لّنه الجههواد‬
‫حين حسبما مّر في الخطبة الّتسعين‬ ‫خله إلحاح المل ّ‬
‫سائلين ‪ ،‬و ل يب ّ‬
‫اّلذى ل يغيضه سؤال ال ّ‬
‫‪.‬‬

‫) و ل يلويه ( أى ل يصرفه ) شخص عن شخص و ل يلهيه ( أى ل يشغله ) صوت عن‬


‫صرف و الّلهو يستلزمان الغفلة عن أمر و الفطنة لغيره بعد الغفلة عنههه و‬
‫ن ال ّ‬
‫صوت ( ل ّ‬
‫هما من عوارض المزاج الحيواني و توابع المكان ‪.‬‬

‫) و ل تحجزه هبة عن سلب ( أى ل يمنعه البذل و النعام عههن سههلب المههال و أخههذه قههال‬
‫ن الواحههد مّنهها يصههرفه اهتمههامه بعطّيههة عههن‬
‫شارح المعتزلي ‪ :‬أى ليس كالقادرين مّنا فا ّ‬
‫ال ّ‬
‫ن اشتغال القلب بأحد المرين يشههغله‬ ‫سلب مال عمرو حال ما يكون مهتّما بتلك العطّية ل ّ‬
‫عن الخر ‪ ،‬انتهى ‪.‬‬

‫صله أّنه تعالى ل يشغله شأن عن شأن ‪ ،‬و يحتمهل أن يهراد بهه أّنهه تعهالى ل‬ ‫أقول ‪ :‬و مح ّ‬
‫يمنعه هبته لحد و إنعامه عليه عن سلب نعمة اخرى عنههه كالواحههد مّنهها إذا وهههب يمنعههه‬
‫هبته عن سلبه ‪ ،‬لستلزام الهبة فينا التلطهف و العطهف ‪ ،‬و اسهتلزام السهلب فينها الغيهظ و‬
‫الغضب ‪ ،‬و هما أمران متضاّد ان ل يمكن اجتماعهما في شخص واحد في حالة واحدة ‪،‬‬
‫فل يكون الواهب حال ما هو واهب سالبا و بالعكس ‪ ،‬و أّما الواجب تعههالى فلّمهها لههم يكههن‬
‫منشأ هبته و سلبه العطف و الغضب لكونهمهها مههن عههوارض المههزاج الحيههوانى و تنّزهههه‬
‫عنها جاز اّتصافه بهما معا ‪.‬‬

‫و هذان الحتمههالن يأتيهان فههي قهوله ) و ل يشهغله غضهب عهن رحمهة ( و المهراد بهمها‬
‫غايتهما ‪ ،‬أى العقاب و الحسان ل معناهما المعروف المستلزم للحدوث و الّنقصان ‪.‬‬

‫و أّمها قهوله ) و ل تهولهه رحمهة عهن عقهاب ( فقهد قهال الشهارح المعهتزلي أى ل يحهدث‬
‫ق‪،‬و‬‫الّرحمة لمستحقها عنده ولها و هو التحّير و الههترّدد و يصههرفه عههن عقههاب المسههتح ّ‬
‫ن الواحد مّنا إذا رحم انسانا حدث عنده رّقة خصوصا إذا توالت منه الّرحمههة لقههوم‬‫ذلك ل ّ‬
‫متعّددين فانه يصير الّرحمة كالملكة عنده فل يطيق فى تلك الحال أن ينتقم‬

‫] ‪[ 193‬‬

‫و البارى سبحانه بخلف ذلك ‪ ،‬لّنه ليس بذى مزاج سبحانه ‪ ،‬هذا ‪.‬‬

‫ظهههور ( قههد تقهّدم مّنهها فههي شههرح الخطبههة الّتاسههعة و‬


‫و قههوله ) و ل يجّنههه البطههون عههن ال ّ‬
‫ستين ما هو كاف في شرح معنى هذه الفقههرة و مهها يتلوههها‬ ‫الربعين و الخطبة الّرابعة و ال ّ‬
‫من الفقرات التية إلى قوله ‪ :‬و بطن فعلن ‪.‬‬

‫ق‬
‫ن الغرض بهذه الجملت جميعهها الّتنههبيه علههى كمههال الحه ّ‬ ‫و أقول هنا مزيدا للّتوضيح ‪ :‬إ ّ‬
‫ن البطون في الخلق مههانع مهن‬ ‫ل و على تنّزهه من صفات المخلوقين ‪ ،‬فا ّ‬ ‫المتعال عّز و ج ّ‬
‫الظهور ‪ ،‬و الظهور من البطون ‪ ،‬و القرب من البعد ‪ ،‬و البعد من القههرب ‪ ،‬و العل هّو مههن‬
‫صفات بمعناه المعروف مضادا للخههر ‪ ،‬فل‬ ‫ل من هذه ال ّ‬
‫الّدنّو ‪ ،‬و الّدنّو من العلّو لكون ك ّ‬
‫ل واحد على‬ ‫يمكن اّتصاف شخص واحد بهما معا في حالة واحدة و ل اجتماعهما في مح ّ‬
‫ما هو مقتضى الّتضاّد ‪.‬‬

‫ل جللههه فيّتصههف بهمهها جميعهها بمعنههى آخههر وراء ذلههك المعنههى‬


‫ى القّيههوم جه ّ‬
‫له الحه ّ‬
‫أّمهها ا ّ‬
‫المعروف ‪ ،‬فهو تعالى ظاهر باطن قريب بعيد عال دان ‪.‬‬

‫و على ذلك فل يجّنه البطون عن الظهور ‪ ،‬أى ل يستره خفاؤه بذاته عن ظهوره بآيههاته ‪،‬‬
‫أو ل يستره اختفاؤه عن البصار عن ظهههوره للعقههول و البصههاير ‪ ،‬أو ل يحجبههه خفههاؤه‬
‫عن البصار و الوهام بذاته عن قهره و غلبته للشياء بسلطانه و قدرته ‪.‬‬

‫صله أّنه ليس بطونه بلطافههة أو اجتنههان ‪ ،‬و ل ظهههوره برؤيههة و عيههان حّتههى يكههون‬
‫و مح ّ‬
‫اّتصافه بأحدهما حاجبا و مانعا عن الخر كما في المخلوق ‪.‬‬

‫و على ما في بعض الّنسههخ مههن روايهة ل تجّنهه بصههيغة الّتهأنيث ‪ ،‬فهالمراد أّنههه ل تسهتره‬
‫ن علمههه‬
‫بههواطن الشههياء عههن ظواهرههها أى ل تحجههب علمههه بطونههها عههن ظهورههها ‪ ،‬ل ّ‬
‫ببواطن الشياء ليس على وجه الستبطان و الغور فيها ‪ ،‬و ل علمه بظواهر الشياء مههن‬
‫ظهور عن البطون كما فينا ‪.‬‬ ‫ظهور و ال ّ‬ ‫أجل كونه فوقها حّتى تحجبه البطون عن ال ّ‬

‫و يحتمل أن يكون المراد أّنه تعالى حين ما هو عالم بالباطن عالم بالظاهر لكمال علمههه و‬
‫عموم إحاطته ‪ ،‬و ليس كالمخلوق حين علمه بأحدهما يغفل عههن الخههر لنقصههان علمههه و‬
‫قصوره ‪.‬‬
‫] ‪[ 194‬‬

‫ظهههور عههن البطههون ( و أّمهها قههوله‬‫) و ( بذلك كّله ظهر أيضا معنى قوله ‪ ) :‬ل يقطعههه ال ّ‬
‫) قرب فنأى ( فالمراد به أّنه قرب من الخلق بالعلم و الحاطة و بالّرحمة و الفاضههة ‪ ،‬و‬
‫بعد عنهم بالّذات و الحقيقة و ليس قربه قربهها مكانّيهها حّتههى ينههافي لبعههده ‪ ،‬و ل بعههده بعههدا‬
‫مكانّيا بتراخى مسافة حّتى ينافي لقربه ‪.‬‬

‫) و عل فدنا ( أى عل بحوله و قدرته و غلبته و سلطانه و دنا بطوله و فضههله و مننههه و‬


‫سلم في الخطبة الّثانيههة و الثمههانين ‪ ،‬و يجههوز أن‬ ‫احسانه كما مّر التصريح به منه عليه ال ّ‬
‫يراد علّوه على الشياء بجلله و عّزته و دنّوه منها بعلمهه و احهاطته ‪ ،‬و أن يهراد بهالعلّو‬
‫العلّو بالعلّية و بالّدنّو قربه من الشياء قرب العّلة من معلولها ‪ ،‬و هذا هو الولى بالرادة‬
‫هنا و أنسب بعطفه الّدنّو على العلّو بالفاء المفيدة لتفريعههه عليههه فههافهم جّيههدا و قههد مضههى‬
‫تحقيق ذلك في شرح الخطبة الّتاسعة و الربعين ‪.‬‬

‫) و ظهر فبطن ( أى ظهر على الشياء بسلطانه و عظمته ‪ ،‬و بطن في الشياء بعلمههه و‬
‫معرفته ) و بطن فعلن ( أى خفى بذاته و كنهه و ظهر بآثاره و آياته ‪ ،‬و هاتههان الفقرتههان‬
‫تأكيدتان للفقرتين المتقّدمتين ‪ ،‬فاّنه لّما نّبه فيهما على عهدم حجهب بطهونه عهن ظهههوره و‬
‫ظهوره عن بطونه نّبه هنا على ما يستلزمه عدم الحجب و هو اّتصافه بهما معا روى في‬
‫له تعهالى و أسهماء المخلهوقين عههن‬ ‫الكافي في باب الفرق بين المعاني اّلتي تحت أسهماء ا ّ‬
‫سلم قال ‪ :‬قال ‪:‬‬ ‫ي بن محّمد مرسل عن أبي الحسن الّرضا عليه ال ّ‬‫عل ّ‬

‫و أّما الظاهر فليس من أجل أّنه عل الشياء بركوب فوقها و قعود عليها و تسّنم لذراها ‪،‬‬
‫و لكن ذلك لقهره و غلبته الشياء و قدرته عليها ‪ ،‬كقول الّرجل ظهههرت علههى أعههدائى و‬
‫له علههى الشههياء ‪ ،‬و‬ ‫ل على خصمى ‪ ،‬يخبر عن الفلج و الغلبة فهكههذا ظهههور ا ّ‬ ‫أظهرنى ا ّ‬
‫ى ظههاهر‬ ‫ل ما برء فأ ّ‬‫ظاهر لمن أراده و ل يخفى عليه شيء و أّنه مدّبر لك ّ‬ ‫وجه آخر أّنه ال ّ‬
‫جهت و فيههك مههن‬ ‫ل تبارك و تعالى ‪ ،‬لّنك ل تعدم صنعته حيثمهها تههو ّ‬ ‫أظهر و أوضح من ا ّ‬
‫ظاهر مّنا البارز بنفسه و المعلوم بحّده فقد جمعنا السم و لم يجمعنهها‬ ‫آثاره ما يغنيك ‪ ،‬و ال ّ‬
‫المعنى ‪.‬‬

‫] ‪[ 195‬‬

‫و أّما الباطن فليس على معنى الستبطان في الشياء بههأن يغههور فيههها ‪ ،‬و لكههن ذلههك منههه‬
‫على استبطانه للشياء علما و حفظا و تدبيرا كقول القائل أبطنتههه يعنههي خههبرته و علمههت‬
‫مكتههوم سهّره ‪ ،‬و البههاطن مّنهها الغههايب فههي الشههيء المسههتتر و قههد جمعنهها السههم و اختلههف‬
‫المعنى ‪.‬‬
‫) و ( أّما قوله ) دان و لم يدن ( فأراد به أّنه جزى العباد بأعمههالهم إن خيههرا فخيههرا و إن‬
‫شّرا فشّرا ‪ ،‬و لم يجز ‪ ،‬أو أّنه حاسب و لم يحاسههب ‪ ،‬أو أّنههه اسههتعل عليهههم و لههم يسههتعل‬
‫ل ما سواه و لم يسّلط عليه ‪ ،‬أو أّنههه ملههك جميههع الخليههق و لههم‬ ‫عليه ‪ ،‬أو أّنه تسّلط على ك ّ‬
‫ل إليه و استغنائه عنهم و لم يقهر عليه ‪.‬‬ ‫ل و غلبهم بافتقار الك ّ‬‫يملك ‪ ،‬أو أّنه قهر الك ّ‬

‫سلم في الحديث اّلذى قّدمناه آنفا ‪:‬‬


‫قال الّرضا عليه ال ّ‬

‫و أما القاهر فاّنه ليس على معنى علج و نصب » و تصهّلب خ « و احتيههال و مههداراة و‬
‫مكر كما يقهر العباد بعضهم بعضا و المقهور منهم يعود قاهرا و القاهر يكون مقهههورا ‪،‬‬
‫ن جميع ما خلق ملبس به الّذل لفههاعله و قّلههة المتنههاع‬
‫ل على أ ّ‬
‫ل عّز و ج ّ‬
‫و لكن ذلك من ا ّ‬
‫لما أراد به لم يخرج منه طرفة عين أن يقول له كن فيكون ‪ ،‬و القاهر مّنا على ما ذكههرت‬
‫و وصفت فقد جمعنا السم و اختلف المعنى ‪.‬‬

‫) لم يذرء الخلق باحتيال ( أى لم يخلقهم باستخراج وجوه الحيههل و إجالههة الهّرأى و الفكههر‬
‫ن الفكههرة و الحركهة القلبيهة‬‫في استخراجها كما ههو شهأن البشهر فهي صههنعهم ‪ ،‬و ذلههك ل ّ‬
‫صة بذوى الضماير ‪ ،‬و جلل البارى تعالى شأنه منّزه عنه و إنما أمره إذا أراد شههيئا‬ ‫مخت ّ‬
‫أن يقول له كن فيكون ‪.‬‬

‫ن منشههأ العيههاء تنههاهي الق هّوة الجسههمية‬


‫) و ل استعان بهم لكلل ( أى لعجز و اعياء ‪ ،‬ل ّ‬
‫المخصوصة بذوى الجسام ‪ ،‬و طلب العون و الحاجة إلى المعين من ضعف القههدرة ‪ ،‬و‬
‫إذ ل ضعف و ل عجز لكمال ذاته سبحانه قّوة و قدرة فل يتصّور في حقه الستعانة ‪.‬‬

‫ق المتعال بما هو أهله و تنزيهه عن صفات النقص‬


‫و لما فرغ من تمجيد الح ّ‬

‫] ‪[ 196‬‬

‫و الفتقار أردفه باليصاء بما ل يزال يوصى به فقال ‪:‬‬

‫حم المهالههك الجههاذب‬ ‫ل فانها الّزمام ( للنسان المانع له عن تق ّ‬


‫ل بتقوى ا ّ‬
‫) اوصيكم عباد ا ّ‬
‫إلى أقوم المسالك و الصارف له عن الّردى إلى الهدى و عن الجحيههم إلههى النعيههم كمهها أ ّ‬
‫ن‬
‫الّزمام للخيل مانع لها عن اقتحام الهلكات و توّرط الورطات ) و ( هههي أيضهها ) القههوام (‬
‫أى قوام الّدين و نظام وظايف الشرع المبين ‪.‬‬

‫) فتمسكوا بوثائقها ( أى بعريها الوثيقة و حبالها المحكمة مههن الطاعههات و القربههات الههتي‬
‫هي جزؤها ‪.‬‬

‫) و اعتصموا بحقايقها ( أى باصولها الثابتة الموافقة للواقع و المطابقة لغرض الشارع ‪.‬‬
‫و أشار إلى ثمرة التمسك و العتصام بها بقوله ) تؤل بكم ( أى ترجعكم و تقههودكم ) إلهى‬
‫أكنههان الّدعههة ( و مههواطن الّراحههة متكئيههن فيههها علههى الرائك ل يههرون فيههها شمسهها و ل‬
‫زمهريرا ‪ ،‬و دانية عليهم ظللها و ذللت قطوفها تذليل ‪.‬‬

‫) و أوطان السعة ( أى جنة عرضها السموات و الرض مع عيش سهعيد و أكهل رغيهد ‪،‬‬
‫فالّداخل فيها في عيشة راضية في جنة عالية قطوفها دانية كلوا و اشربوا هنيئا بما أسلفتم‬
‫في اليام الخالية ‪.‬‬

‫ل ذى ثلث شههعب‬
‫) و معاقل الحرز ( المانعة من عذاب النار و من غضب الجبههار و ظ ه ّ‬
‫ل ظليل و ل يغنى من الّلهب ‪.‬‬

‫) و منازل العّز ( أى حظاير القدس و مجالس النس مع النبّيين و الصّديقين و الشهداء و‬


‫الصالحين من السادة البرار و القادة الخيار في جنات تجرى من تحتههها النهههار ‪ ،‬و إذا‬
‫رأيت ثّم رأيت نعيما و ملكا كبيرا عاليهم ثياب سندس خضههر و اسههتبرق و حّلههوا أسههاور‬
‫ن هذا كان لكم جزاء و كههان سههعيكم مشههكورا و‬ ‫ضة و سقيهم رّبهم شرابا طهورا ‪ ،‬إ ّ‬
‫من ف ّ‬
‫غب فيها بههالتنبيه علههى مالههها مههن‬
‫لما أوصى بالتقوى و أمر بالتمسك و العتصام بها و ر ّ‬
‫المنفعة العظيمة و هى إرجاعها إلى جّنة النعيم أّكد ذلك الترغيب بانجائها‬

‫] ‪[ 197‬‬

‫من الهول العظيم و أشار إلى ذلك بقوله ‪.‬‬

‫) في يوم ( أى اعتصموا بالتقوى تؤل بكم إلى مساكن المههن و الع هّز و السههعة و الراحههة‬
‫في يوم القيامههة و مهها أعظههم شههدايدها و أهوالههها ‪ ،‬و قههد زلزلههت الرض فيههها زلزالههها و‬
‫أخرجت الرض أثقالها و قال النسان ما لها ‪.‬‬

‫) تشخص فيه البصار و تظلم له القطار ( أمهها شههخوص البصههار فههي ذلههك اليههوم فهههو‬
‫ل عمهها يعمههل‬‫له غههاف ً‬
‫نا ّ‬‫ص الكتههاب الكريههم قههال تعههالى فههى سههورة إبراهيههم و ل تحسههب ّ‬
‫ن ّ‬
‫خرهم ليوم تشخص فيه البصار ‪ .‬مهطعين مقنعى رؤسهم ل يرتّد إليهههم‬ ‫الظالمون انما يؤ ّ‬
‫طرفهم و أفئدتهم هواء ‪.‬‬

‫خر عقابهم إلى يوم القيامة و هو اليوم الذي تكههون البصههار‬


‫ي ‪ :‬معناه إنما يؤ ّ‬
‫قال الطبرس ّ‬
‫فيه شاخصة عن مواضعها ل تغمض لهول ما ترى في ذلههك اليههوم و ل تطههرف ‪ ،‬و قيههل‬
‫تشخص أبصارهم إلى إجابة الّداعي حين يهدعوهم ‪ ،‬و قيهل ‪ :‬تبقهى أبصهارهم مفتوحهة ل‬
‫تنطبق للتحير و الّرعب ‪.‬‬

‫مهطعين أى مسرعين ‪ ،‬و قيل ‪ :‬يريد دائمى النظر إلى ما يرون ل يطرفون ‪.‬‬
‫مقنعى رؤسهم ‪ ،‬أى رافعى رؤوسهم إلى السماء حتى ل يرى الّرجل مكان قدمه من ش هّدة‬
‫رفع الّرأس ‪ ،‬و ذلك من هول يوم القيامة ‪.‬‬

‫ل يرتّد إليهم طرفهم ‪ ،‬أى ل يرجع إليهم أعينهم و ل يطبقونها و ل يغمضونها ‪،‬‬

‫و إنما هو نظر دائم ‪.‬‬

‫و أما ظلمة القطار فقد اشير إليها و إلى ما تقّدم أيضا في قوله تعالى فاذا برق البصههر و‬
‫خسف القمر و جمع الشمس و القمر يقول النسان يومئذ أين المفّر ‪.‬‬

‫صافي عن القّمي قال ‪ :‬يبرق البصر فل يقدر أن يطرف و قرء بفتح الّراء و هو لغة‬
‫في ال ّ‬
‫‪ ،‬أو من البريق من شّدة شخوصه ‪ ،‬و خسف القمر ذهب ضوءه و نوره ‪،‬‬

‫ي ‪ :‬أى جمههع بينهمهها فههي ذهههاب ضههوئهما بالخسههوف‬


‫شمس و القمر قال الطبرس ّ‬
‫و جمع ال ّ‬
‫ل أحد بغير نور و ضياء ‪.‬‬ ‫ليتكامل ظلم الرض على أهلها حّتى يراهما ك ّ‬

‫ل عليه و آله و سهّلم اّنههه سههئل عههن قههوله »‬


‫صافي من الحتجاج عن الّنبي صّلى ا ّ‬
‫و في ال ّ‬
‫يوم تبّدل‬

‫] ‪[ 198‬‬

‫لرض « و قيل له ‪ :‬فأين الّناس يومئذ ؟ فقال ‪ :‬في الظلمة دون المحشر ‪.‬‬
‫الرض غير ا َ‬

‫) و تعطل فيه صروم العشار ( قد مّر تفسيرهما في بيان الّلغة ‪ ،‬و قد ص هّرح بتعطيلههها و‬
‫شمس كّورت ‪.‬‬ ‫اشير إلى ظلمة القطار كليهما في قوله تعالى إذا ال ّ‬

‫و إذا الّنجههوم انكههدرت ‪ .‬و إذا الجبههال سهّيرت ‪ .‬و إذا العشههار عطلههت قههال أميههن السههلم‬
‫شمس ك هّورت ‪ ،‬أى ذهههب‬ ‫ل سبحانه عن القيامة و شدائدها فقال ‪ :‬إذا ال ّ‬‫ي ‪ :‬أخبر ا ّ‬‫الطبرس ّ‬
‫ضوءها و نورها فاظلمت و اضمحّلت ‪ ،‬و إذا الّنجوم انكدرت ‪ ،‬أى تساقطت و تناثرت ‪،‬‬
‫و إذا الجبال سّيرت ‪ ،‬عن وجه الرض فصارت هباء منبّثها ‪ ،‬و إذا العشههار عطلهت ‪ ،‬أى‬
‫الّنوق الحوامل اّلتي أتت عليها عشرة أشهر ‪ ،‬و هو أنفس مههال عنههد العههرب تركههت همل‬
‫بل راع ‪ ،‬هذا ‪.‬‬

‫صور‬
‫و لّما ذكر جملة من أوصاف يوم القيامة و أهاويلها تحذيرا منها أردفها بذكر نفخ ال ّ‬
‫الذى هو من أشراط الساعة و علماتها الّدالة على قربها تهويل به أيضا فقال ‪:‬‬

‫صور ( و قههد مضههى شههرح وصههفه و تفصههيل كيفّيههة النفههخ فيههه فههي شههرح‬ ‫) و ينفخ في ال ّ‬
‫الفصل الّثالث من الخطبة الّثانية و الثمانين بما ل مزيد عليه ‪.‬‬
‫ل لهجههة ( أى‬‫ل مهجههة و تبكههم كه ّ‬
‫ل عليه قوله ‪ ) :‬فتزهق كه ّ‬
‫و أراد به الّنفعة الولى كما يد ّ‬
‫ل لسان ‪ ،‬و هو كناية عن هلك العموم ‪ ،‬و قد اشههير‬ ‫ل قلب و تخرس ك ّ‬ ‫ل و تهلك ك ّ‬ ‫تضمح ّ‬
‫صور فصعق من في السموات و من في الرض ‪.‬‬ ‫إليه في قوله تعالى و نفخ في ال ّ‬

‫شههامخات العاليههات‬
‫شوامخ ( أى الجبال الّراسيات ال ّ‬ ‫شم ال ّ‬
‫ل ال ّ‬
‫ل عليه أيضا قوله ) و تذ ّ‬
‫و يد ّ‬
‫ك بعضههها بعضها‬‫صم الّرواسخ ( أى الثابتات المحكمهات الّراسههيات و أراد بههذّلتها د ّ‬ ‫) و ال ّ‬
‫ل و مخوف سلطنته ‪.‬‬ ‫من هيبة جلله عّز و ج ّ‬

‫صور نفخة واحدة ‪.‬‬


‫و قد اشير إلى ذلك في قوله تعالى فاذا نفخ في ال ّ‬

‫لرض و الجبال فدّكتا دّكة واحدة ‪ .‬فيومئذ وقعت الواقعة ‪ .‬قههال السهّيد المحهّدث‬ ‫و حملت ا َ‬
‫ن النفخة الولى اّلتي هى للهلك تأتى‬ ‫الجزائرى ‪ :‬إ ّ‬

‫] ‪[ 199‬‬

‫صههور تقطعههت‬‫الّناس بغتة و هم فههي أسههواقهم و طلههب معايشهههم ‪ ،‬فههاذا سههمعوا صههوت ال ّ‬
‫ل جللههه فيههأمر عاصههفة‬
‫قلوبهم و أكبادهم من شّدته فيموتوا دفعة واحدة ‪ ،‬فيبقى الجّبار ج ّ‬
‫فتقطع الجبال من أماكنها و تلقيها في البحار ‪ ،‬و تفور مياه البحههار و كّلمهها فههي الرض و‬
‫تسطح الرض كّلها للحساب ‪ ،‬فل يبقى جبل و ل شجر و ل بحر و ل وهههدة و ل تلعههة ‪،‬‬
‫فتكون أرضا بيضاء حّتى أّنه روي لو وضعت بيضة في المشرق رأيت في المغرب ‪.‬‬

‫سههراب‬
‫و إلى ذلك أشار بقوله ) فيصير صلدها سههرابا رقرقهها ( أى يصههير صههلبها مثههل ال ّ‬
‫المترقرق المتحّرك ‪.‬‬

‫) و معهدها قاعا سملقا ( أى ما كان منها معهدا للّناس و منزل لهم أرضا خالية صفصههفا‬
‫مستوية ليس للجبل فيها أثر ‪.‬‬

‫و قد اشير إلى هذين في قوله تعالى و يسئلونك عن الجبال فقل ينسفها رّبههى نسههفًا فيههذرها‬
‫سا فكانت هباًء منبثًا‬ ‫ست الجبال ب ّ‬ ‫قاعًا صفصفًا ل ترى فيها عوجًا و ل أمتًا و في قوله و ب ّ‬
‫ل و قههد مضههى تفسههير هههذه‬ ‫لرض و الجبال و كانت الجبال كثيبًا مهي ً‬ ‫و قوله يوم ترجف ا َ‬
‫اليات و جملة مّمهها ينفههع فههي هههذا المقههام فههي شههرح الفصههل الثههالث مههن الخطبههة المههأة و‬
‫الثامنة ‪ ،‬هذا ‪.‬‬

‫و لّما ذكر جملة من أهوال يوم القيامة و أفزاعها و شههدائدها رّتههب علههى ذلههك قههوله ) فل‬
‫شفيع يشفع و ل حميم يدفع و ل معذرة تنفع ( تنبيها بذلك على أنه ل ملجأ من أهاويلههها و‬
‫ل منجا ترغيبا به على ملزمة التقوى اّلتي هى الغرض الصلى من سوق هذا الفصل و‬
‫النتيجة لتمهيد تلك المقّدمات لّنها المعاذ و الملذ و الملجاء و المنجهها مههن هههذه الهاويههل‬
‫سهعة و غرفهات الجنهان و‬ ‫القائدة للخذ بها و الملزم عليها إلى أكنهان الّدعهة و أوطهان ال ّ‬
‫منازل الّرضوان كما قال تعالى و أنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلههى رّبهههم ليههس لهههم‬
‫ى و ل شفيع لعّلهم يّتقون و قد اشير إلى عدم الشفيع و الحميم في قههوله تعههالى‬ ‫من دونه ول ّ‬
‫ل بقلب سليم ‪ .‬و ازلفت الجّنههة‬ ‫ل من اتى ا ّ‬
‫في سورة الشعرا يوم ل ينفع مال و ل بنون ‪ .‬إ ّ‬
‫للمتقين ‪ .‬و بّرزت ‪ .‬الجحيم للغاوين إلى قوله حكاية عن الغاوين فما لنهها مههن شههافعين ‪ .‬و‬
‫ل صديق حميم‬

‫] ‪[ 200‬‬

‫ي ‪ :‬أى ل ينفههع المههال و البنههون أحههدا إذ ل يتهّيههأ لههذى مههال أن‬


‫قال أمين السلم الطبرسه ّ‬
‫يفتدى من شدائد ذلك اليوم به ‪ ،‬و ل يتحّمل من صاحب البنين بنوه شيئا مههن معاصههيه إ ّ‬
‫ل‬
‫ك‪.‬‬‫شرك و الش ّ‬ ‫ل بقلب سليم من ال ّ‬
‫من أتى ا ّ‬

‫ب الهّدنيا ‪ ،‬و يؤّيهده‬


‫سلم أنه قال ‪ :‬هو القلب الذى سلم مهن حه ّ‬ ‫و روى عن الصادق عليه ال ّ‬
‫ل خطيئة ‪.‬‬‫ب الّدنيا رأس ك ّ‬
‫ل عليه و آله ‪ :‬ح ّ‬
‫قول النبي صّلى ا ّ‬

‫و ازلفت الجّنة للمتقين أى قربت لهم ليدخلوها ‪ ،‬و بّرزت الجحيم للغاوين ‪.‬‬

‫ق و الصواب ‪.‬‬
‫أى أظهرت و كشف الغطاء عنها للضالين عن طريق الح ّ‬

‫ثّم أظهر الغاوون الحسرة فقالوا ‪ :‬فما لنا من شافعين يشفعون لنا و يسألون فى أمرنهها ‪ ،‬و‬
‫ل صديق حميم أى ذى قرابة يهّمه أمرنهها أى مهها لنهها شههفيع مههن الباعههد و ل صههديق مههن‬
‫القارب ‪ ،‬و ذلك حين يشفع الملئكة و الّنبيون و المؤمنون ‪.‬‬

‫و اشير إلههى عههدم نفههع المعههذرة فههى سههورة الهّروم بقههوله » فيههومئذ ل ينفههع الههذين ظلمههوا‬
‫معذرتهم و ل هم يستعتبون « أى ل ينفع الظالمين اعتذارهم لعدم تمكنهم مههن العتههذار ‪،‬‬
‫ق‪،‬‬‫و لو اعتذروا لم يقبل عذرهم و ل يطلب منهم العتاب و الّرجوع إلى الح ّ‬

‫و فى سورة المؤمن » يوم ل ينفع الظالمين معذرتهم و لهم اللعنة و لهم سوء الههّدار « أى‬
‫ان اعتذروا من كفرهم لم يقبل منهم و إن تابوا لم ينفعهم الّتوبة ‪.‬‬

‫ى ‪ :‬و انما نفى أن ينفعهم المعذرة فى الخرة مع كونها نافعة فههى دار الهّدنيا ‪،‬‬‫قال الطبرس ّ‬
‫ن الخرة دار اللجاء إلى العمل و الملجأ غير محمود علههى العمههل الههذى الجهأ اليههه ‪ ،‬و‬ ‫لّ‬
‫لهم اللعنة و البعد من الّرحمة ‪ ،‬و لهم سوء الّدار جهّنم و بئس القرار ‪،‬‬

‫ل من غضب الجبار ‪.‬‬


‫نعوذ با ّ‬
‫ععععع‬

‫ن ظاهر قوله ‪ :‬فل شفيع يشفع و ل حميههم يههدفع ‪ ،‬عمههوم انتفههاء النتفههاع بالشههفيع و‬ ‫اعلم أ ّ‬
‫الحميم يوم القيامة على ما هو مقتضى القاعههدة الصههولية المقهّررة مههن إفههادة الّنكههرة فههي‬
‫سنة قد قامت‬‫سياق النفى للعموم ‪ ،‬لكن الدلة القاطعة من الكتاب و ال ّ‬

‫] ‪[ 201‬‬

‫ل سبب و نسههب‬
‫نكّ‬ ‫على التخصيص أّما القرابة فقد ورد في الخبار الكثيرة المستفيضة أ ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم و نسبه ‪.‬‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫ل سبب رسول ا ّ‬ ‫منقطع يوم القيامة إ ّ‬

‫ى ديههن س هّيد النههام أ ّ‬


‫ن‬ ‫و أّما الشفاعة فل خلف بين علماء السلم بل صار مههن ضههرور ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم يشفع يوم القيامة لّمته بل لساير المم أيضا ‪.‬‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫رسول ا ّ‬

‫صههة‬‫شفاعة هل هى لطلب مزيد الجر و جلب زيادة المنفعة فمخت ّ‬ ‫ن ال ّ‬


‫و إّنما الخلف في أ ّ‬
‫بههالمؤمنين المطيعيههن المسههتحّقين للّثههواب فقههط ‪ ،‬أو لههدفع مضههّرة العقوبههة أيضهها فتعههّم‬
‫المجرمين المستحّقين للعقاب ‪.‬‬

‫فأكثر العاّمة على عهدم اختصاصهها بأحهد الفريقيهن ‪ ،‬و ذههب الخهوارج و الوعيدّيهة مهن‬
‫المعتزلة إلى اختصاصها بالفرقة الولى ‪.‬‬

‫له عليههم مهن دون خلف بينههم ههو عههدم‬ ‫و الذى ذهبت إليه أصحابنا المامّية رضوان ا ّ‬
‫الختصاص ‪ ،‬و قالوا ‪ :‬إّنه تنال الشفاعة للمذنبين من الشيعة و لو كان من أهل الكبههاير و‬
‫ل عليههه و آلههه و‬
‫ل صّلى ا ّ‬ ‫الذى دلت عليه أخبارهم أيضا عدم اختصاص الشفيع برسول ا ّ‬
‫ل عليها و عليهم تترى‬ ‫صديقة الكبرى سلم ا ّ‬ ‫سّلم بل الئّمة الهداة من ذّريته و كذا ابنته ال ّ‬
‫شيعة و الصالحين منهههم‬ ‫أيضا شفعاء دار البقاء بل المستفاد من بعض الخبار أنّ علماء ال ّ‬
‫أيضا يشفعون ‪.‬‬

‫إذا عرفت ذلك فل بأس بايراد بعض اليات و الخبار الواردة في هذا الباب فأقول ‪:‬‬

‫قال أمين السلم في مجمهع البيهان فههي تفسهير قهوله تعههالى عسهى أن يبعثهك ربهك مقامهًا‬
‫لّولون و الخرون ‪،‬‬ ‫محمودًا معناه يقيمك ربك مقاما محمودا يحمدك فيه ا َ‬

‫شفاعة تشرف فيه على جميع الخليق تسأل فتعطى و تشفع فتشفع ‪.‬‬
‫و هو مقام ال ّ‬
‫شفاعة ‪ ،‬و هو المقام الههذى يشههفع‬
‫ن المقام المحمود هو مقام ال ّ‬‫سرون على أ ّ‬‫و قد أجمع المف ّ‬
‫فيه للّناس ‪ ،‬و هو المقهام الهذى يعطهى فيهه لهواء الحمهد فيوضهع فهي كّفهه و يجتمهع تحتهه‬
‫النبياء و الملئكة فيكون أّول شافع و أّول مشّفع ‪.‬‬

‫ي بن إبراهيم في تفسير هذه الية ‪:‬‬


‫و قال عل ّ‬

‫سلم قال ‪ :‬سألته‬


‫ل عليه ال ّ‬
‫حّدثنى أبي عن الحسن بن محبوب عن سماعة عن أبيعبد ا ّ‬

‫] ‪[ 202‬‬

‫ل عليهه و آلهه و سهّلم يهوم القيامهة قهال يلجهم النهاس يهوم القيامهة‬ ‫ي صّلى ا ّ‬ ‫عن شفاعة النب ّ‬
‫سهلم ‪،‬‬‫سهلم يشهفع لنها ‪ ،‬فيهأتون آدم عليهه ال ّ‬ ‫بالعرق فيقولون انطلقوا بنها إلهى آدم عليهه ال ّ‬
‫سههلم ‪،‬‬
‫ن لههى ذنبهها و خطيئة فعليكههم بنههوح عليههه ال ّ‬
‫فيقولون اشفع لنهها عنههد ربههك فيقههول ‪ :‬إ ّ‬
‫فيأتون نوحا فيردهم إلى من يليه ‪،‬‬

‫سههلم فيقههول ‪ :‬عليكههم بمحّمههد‬


‫ي إلى من يليه حّتى ينتهوا إلى عيسى عليه ال ّ‬ ‫ل نب ّ‬
‫و يرّدهم ك ّ‬
‫له عليههه و آلههه و سهّلم ‪ ،‬فيعرضههون أنفسهههم عليههه و يسههألونه فيقههول ‪:‬‬
‫ل صهّلى ا ّ‬‫رسول ا ّ‬
‫انطلقوا فينطلق بهم إلى باب الجّنة و يستقبل باب الّرحمن و يخّر سههاجدا فيمكههث مهها شههاء‬
‫ل‪:‬‬
‫ل فيقول ا ّ‬
‫ا ّ‬

‫ل عهّز و جههل عسههى أن يبعثههك ربههك‬


‫ارفع رأسك و اشفع تشّفع و سل تعط ‪ ،‬و ذلك قول ا ّ‬
‫مقامًا محمودًا ‪.‬‬

‫ي بن إبراهيم أيضا عن أبيه عن محّمد بن أبي عمير عن معاوية و هشههام عههن‬ ‫و روى عل ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬لو قد قمت المقام‬‫ل صّلى ا ّ‬
‫سلم قال ‪ :‬قال رسول ا ّ‬‫ل عليه ال ّ‬
‫أبيعبد ا ّ‬
‫المحمود لشفعت في أبي و اّمى و عّمي و أخ كان لى في الجاهلّية ‪.‬‬

‫شفاعة ‪.‬‬
‫سلم في هذه الية قال ‪ :‬هى ال ّ‬
‫و فى الصافى عن العياشي عن أحدهما عليهما ال ّ‬

‫ل عليه و آله و سّلم قال ‪ :‬هههو المقههام الههذى‬


‫و فيه عن روضة الواعظين عن الّنبي صّلى ا ّ‬
‫أشفع لّمتي ‪.‬‬

‫ل عليه و آله إذا قمت المقام المحمود تشّفعت في أصههحاب الكبههاير مههن‬ ‫قال و قال صّلى ا ّ‬
‫ي فههي قههوله‬
‫له ل تشههفعت فيمههن أذى ذّريههتى و قههال الطبرسه ّ‬ ‫ل فيهم ‪ ،‬و ا ّ‬
‫اّمتي فيشفعنى ا ّ‬
‫ل لمههن رضههيه‬ ‫له إ ّ‬
‫شفاعة عند ا ّ‬
‫ل لمن أذن له إّنه ل تنفع ال ّ‬
‫تعالى و ل تنفع الشفاعة عنده إ ّ‬
‫ل و ارتضاه و أذن له في الشفاعة مثل الملئكة و النبياء و الولياء ‪ ،‬و يجوز أن يكون‬ ‫ا ّ‬
‫ل لمههن ارتضههى و‬ ‫ل في أن يشفع له فيكون مثل قوله و ل يشههفعون إ ّ‬ ‫ل لمن أذن ا ّ‬
‫المعنى إ ّ‬
‫له زلفههى و هههؤلء‬
‫ن الكفار كانوا يقولون نعبدهم ليقّربونهها إلههى ا ّ‬
‫إّنما قال سبحانه ذلك ‪ ،‬ل ّ‬
‫ل ببطلن اعتقاداتهم ‪.‬‬‫ل ‪ ،‬فحكم ا ّ‬
‫شفعاؤنا عند ا ّ‬

‫له و رسههله يههوم‬‫ى بن إبراهيم في هذه الية قال ‪ :‬ل يشفع أحد من أنبيههاء ا ّ‬ ‫و فى تفسير عل ّ‬
‫له قههد أذن لههه‬
‫نا ّ‬
‫له عليههه و آلههه و سهّلم فهها ّ‬
‫ل صهّلى ا ّ‬
‫ل رسول ا ّ‬
‫ل له إ ّ‬
‫القيامة حّتى يأذن ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم و للئمة من ولههده ‪،‬‬ ‫شفاعة من قبل يوم القيامة و الشفاعة له صّلى ا ّ‬‫ال ّ‬
‫ثّم بعد ذلك للنبياء صلوات‬

‫] ‪[ 203‬‬

‫ل عليهم و على محّمد و آله قال ‪ :‬حّدثنى أبي عن ابن أبى عمير عن معاويههة بههن عّمههار‬ ‫ا ّ‬
‫عن أبي العّباس المكّبر قال ‪:‬‬

‫سلم يقههال لههه أبههو‬‫سلم على أبيجعفر عليه ال ّ‬ ‫ي بن الحسين عليهما ال ّ‬ ‫دخل مولى لمرأة عل ّ‬
‫أيمن فقال ‪ :‬يا أبا جعفر تغتّرون الناس و تقولون شفاعة محّمد شفاعة محّمد ‪ ،‬فغضب أبو‬
‫ف بطنههك و‬ ‫سلم حّتى تربد وجهه ثّم قال ‪ :‬ويحك يهها أبها أيمههن أغهّرك أن عه ّ‬ ‫جعفر عليه ال ّ‬
‫ل عليهه و آلهه و‬ ‫فرجك أما لو قد رأيت أفزاع القيامة لقد احتجت إلى شفاعة محّمد صّلى ا ّ‬
‫ل لمن وجبت له الّنار ‪ ،‬ثّم قال ‪ :‬ما أحد من الّولين و الخريههن إلّ و هههو‬ ‫يلك فهل يشفع إ ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم يوم القيامة ث هّم قههال أبههو جعفههر عليههه‬ ‫محتاج إلى شفاعة محّمد صّلى ا ّ‬
‫ل عليه و آلههه و سهّلم الشههفاعة فههي اّمتههه و لنهها شههفاعة فههي‬
‫ل صّلى ا ّ‬‫ن لرسول ا ّ‬ ‫سلم ‪ :‬إ ّ‬
‫ال ّ‬
‫ن المؤمن ليشفع فههي مثههل‬ ‫سلم ‪ :‬و إ ّ‬ ‫شيعتنا ‪ ،‬و لشيعتنا شفاعة في أهاليهم ‪ ،‬ثّم قال عليه ال ّ‬
‫ق خدمتى كان يقينى‬ ‫بح ّ‬ ‫ن المؤمن ليشفع حّتى لخادمه و يقول ‪ :‬يا ر ّ‬ ‫ربيعة و مضر ‪ ،‬و إ ّ‬
‫الحّر و البرد ‪.‬‬

‫ل من اّتخذ عند الّرحمن عهدًا أى‬ ‫ل ل يملكون الشفاعة إ ّ‬ ‫ي فى قوله عّز و ج ّ‬‫و قال الطبرس ّ‬
‫ل يقدرون على الشههفاعة فل يشههفعون و ل يشههفع لهههم حيههن يشههفع أهههل اليمههان بعضهههم‬
‫ن تلك الشفاعة على وجهين ‪ :‬أحدهما أن يشفع للغير ‪،‬‬ ‫لبعض ‪ ،‬ل ّ‬

‫ن ههؤلء الكفههار ل تنفههذ‬ ‫و الخر أن يستدعى الشفاعة مهن غيهره لنفسهه ‪ ،‬فههبّين سههبحانه أ ّ‬
‫ل مههن اّتخههذ عنههد‬
‫شفاعتهم لغيرهم و ل شفاعة لهم لغيرهم ‪ ،‬ثهّم اسههتثنى سههبحانه فقههال ‪ :‬إ ّ‬
‫ل لهههؤلء و العهههد هههو‬ ‫ل هؤلء ‪ ،‬و قيل ‪ :‬ل يشفع إ ّ‬ ‫الّرحمن عهدا ‪ ،‬أى ل يملك الشفاعة إ ّ‬
‫ل تعالى و تصديق أنبيائه ‪ ،‬و قيل ‪ :‬ههو شههادة أن ل إلهه إ ّ‬
‫ل‬ ‫اليمان و القرار بوحدانّية ا ّ‬
‫ل‪.‬‬
‫لا ّ‬ ‫ل من الحول و القّوة و ل يرجو إ ّ‬ ‫ل و أن يتبّرء إلى ا ّ‬
‫ا ّ‬

‫ل بولية أمير المؤمنين و‬


‫ل من دان ا ّ‬
‫سلم إ ّ‬
‫و فى الصافى من الكافي عن الصادق عليه ال ّ‬
‫ل‪.‬‬
‫سلم من بعده فهو العهد عند ا ّ‬
‫الئّمة عليهم ال ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم أنه قال لصحابه ذات يوم ‪:‬‬
‫ي صّلى ا ّ‬
‫و فيه من الجوامع عن النب ّ‬

‫] ‪[ 204‬‬

‫له عههدا ؟ قهالوا ‪ :‬و كيهف ذاك ؟ قهال ‪:‬‬ ‫ل صباح و مسهاء عنهد ا ّ‬ ‫أ يعجز أحدكم أن يّتخذ ك ّ‬
‫شهادة إني أعهههد إليههك بههأّنى أشهههد‬
‫سموات و الرض عالم الغيب و ال ّ‬ ‫يقول ‪ :‬الّلهّم فاطر ال ّ‬
‫له عليههه و آلههه و س هّلم عبههدك و‬
‫ن محّمدا صّلى ا ّ‬ ‫ل أنت وحدك ل شريك لك و أ ّ‬ ‫أن ل إله إ ّ‬
‫رسولك و أّنك إن تكلني إلى نفسى تقربنى من الشّر و تباعدنى من الخير ‪ ،‬و أّنههى ل أثههق‬
‫ل برحمتك ‪ ،‬فاجعل لى عندك عهدا توفينه يوم القيامة إّنهك ل تخلههف الميعههاد ‪ ،‬فهاذا قهال‬ ‫إّ‬
‫ذلك طبع عليه بطابع وضع تحت العرش ‪ ،‬فاذا كان يوم القيامة نادى مناد أين الههذين لهههم‬
‫ل عهد فيدخلون الجّنة ‪.‬‬ ‫عند ا ّ‬

‫ي في قوله تعالى فما لنا من شافعين و ل صديق حميههم فههي الخههبر المههأثور‬ ‫و قال الطبرس ّ‬
‫له عليههه و آلههه و سهّلم يقههول ‪ :‬إ ّ‬
‫ن‬ ‫له صهّلى ا ّ‬
‫ل قال ‪ :‬سههمعت رسهول ا ّ‬
‫عن جابر بن عبد ا ّ‬
‫ل تعههالى ‪ :‬أخرجههوا‬ ‫الّرجل يقول في الجّنة ما فعل صديقى و صديقه في الجحيم ‪ ،‬فيقول ا ّ‬
‫له صديقه إلى الجّنة ‪ ،‬فيقول من بقى في الّنار ‪ :‬فما لنا من شافعين و ل صديق حميم ‪.‬‬

‫له‬
‫سههلم قههال ‪ :‬و ا ّ‬
‫له عليههه ال ّ‬
‫ي عن حمههران بههن أعيههن عههن أبيعبههد ا ّ‬ ‫و قال و روى العياش ّ‬
‫ن لشيعتنا حّتى يقول الّناس ‪:‬‬ ‫ل لنشفع ّ‬‫ن لشيعتنا ‪ ،‬و ا ّ‬‫ل لنشفع ّ‬
‫ن لشيعتنا ‪ ،‬و ا ّ‬
‫لنشفع ّ‬

‫ن لنا كّرة فنكههون مههن المهؤمنين ‪ ،‬و فههي روايهة‬


‫فما لنا من شافعين و ل صديق حميم فلو أ ّ‬
‫اخرى حّتى يقول عدّونا ‪.‬‬

‫ن المههؤمن ليشههفع يههوم‬


‫سلم يقههول ‪ :‬إ ّ‬ ‫ل عليه ال ّ‬
‫و عن أبان بن تغلب قال ‪ :‬سمعت أبا عبد ا ّ‬
‫ب خويههدمى‬ ‫القيامة لهل بيته فيشفع فيهم حّتى يبقى خادمه فيقول و يرفع سّبا بههتيه ‪ :‬يهها ر ّ‬
‫كان يقيني الحّر و البرد ‪ ،‬فيشفع فيه ‪.‬‬

‫صههديق مههن‬
‫شههافعون الئّمههة و ال ّ‬
‫سههلم ال ّ‬
‫و فى الصافى من المحاسن عن الصههادق عليههه ال ّ‬
‫ن من المذنبين في شيعتنا حّتى يقول أعداؤنا إذا رأوا ذلك ‪:‬‬ ‫ل لنشفع ّ‬
‫المؤمنين ‪ ،‬و ا ّ‬

‫فما لنا من شافعين و ل صديق حميم ‪.‬‬

‫شفاعة لمقبولة و ل تقبل في ناصب ‪،‬‬


‫ن ال ّ‬
‫سلم و ا ّ‬
‫و فيه من الكافي عن الباقر عليه ال ّ‬

‫ف عّنههى الذى‬
‫ب جارى كان يك ه ّ‬
‫ن المؤمن ليشفع في جاره و ما له حسنة فيقول ‪ :‬يا ر ّ‬ ‫وإّ‬
‫ق من كافي عنك فيدخله‬
‫ل تبارك و تعالى ‪ :‬أنا رّبك و أنا أح ّ‬
‫فيشفع فيه فيقول ا ّ‬
‫] ‪[ 205‬‬

‫ن أدنى المؤمنين شفاعة ليشفع لثلثين إنسانا فعند ذلههك يقههول‬ ‫ل الجّنة و ماله حسنة ‪ ،‬و إ ّ‬‫ا ّ‬
‫أهل النار ‪ :‬فما لنا من شافعين و ل صديق حميم و لنقتصر بذلك فههي هههذا المقههام و نسههأل‬
‫سلم أن يثبتنهها علههى القههول الّثههابت‬‫ل عليه و آله الكرام عليهم ال ّ‬
‫ل سبحانه بمحّمد صّلى ا ّ‬ ‫ا ّ‬
‫في الحياة الّدنيا ‪ ،‬و أن يخرجنهها منههها إلههى الهّدار الخههرى بمههوالة أئّمههة الهههدى ‪ ،‬و أن ل‬
‫ل مههن‬
‫يحرمنا من شفاعتهم الكبرى يوم ل ينفع مال و ل بنههون و ل يههدفع صههديق حميههم إ ّ‬
‫ل بقلب سليم ‪ ،‬إّنه الغفور الرحيم ذو الفضل العظيم ‪.‬‬ ‫أتى ا ّ‬

‫ععععععع‬

‫از جمله خطب شريفه آن بزرگوار اسههت در حمههد و ثنههاى إلهههى و وصهّيت بههه تقههوى و‬
‫پرهيزكارى ميفرمايد ‪:‬‬

‫سههپاس خههدا راسههت آنچنههان خههدائى كههه آشههكار كههرد از آثههار پادشههاهى خههود و بزرگههى‬
‫بزرگوارى خود آن چيزى را كه متحّير گردانيد ديدهاى عقلههها را از مقههدورات عجيبههه‬
‫خههود ‪ ،‬و دفههع نمههود خطههورات فكرهههاى نفسههها را از شناسههائى حقيقههت صههفت خههود و‬
‫شهادت ميدهم باينكه معبود بحقى نيست مگر خدا شهههادتى از روى اعتقههاد جههازم ثههابت‬
‫له‬
‫خالص از شوب ريا ملزم طاعات و عبادات ‪ ،‬و شهادت ميدهم كه محّمههد بههن عبههد ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم بنده خالص اوست و پيغمبر اوست فرستاد او را در حههالتيكه‬ ‫صّلى ا ّ‬
‫نشانهاى هدايت مندرس بود ‪ ،‬و راههاى دين محو شده بود ‪ ،‬پس آشكار كههرد حههق را و‬
‫نصيحت كرد خلق را و هدايت نمود براه راست ‪ ،‬و امر نمود بعههدل و قسههط ‪ ،‬صههلوات‬
‫خدا بر او و بر أولد او باد ‪.‬‬

‫و بدانيد اى بندگان خدا كه بتحقيق خدا خلق نفرموده شما را عبث و بيفايده و رها نكرده‬
‫شما را سر خود ‪ ،‬دانسته است مقدار نعمتهاى خود را بههر شههما ‪ ،‬و شههمرده اسههت انعههام‬
‫خود را بر شما ‪ ،‬پس طلب فتح و نصههرت كنيههد از او و طلههب فههوز بمقصههود نمائيههد از‬
‫جه شويد بسوى او در مطالب ‪ ،‬و طلب بخشش او كنيد ‪ ،‬پس‬ ‫او ‪ ،‬و متو ّ‬

‫] ‪[ 206‬‬

‫نبريده است شما را از او پرده ‪ ،‬و بسته نشده است از شما نزد او هيچ درى ‪،‬‬

‫و بدرستى كه او در هر مكان و در هر وقت و زمان حاضر ‪ ،‬و بهها هههر انسههان و جهها ّ‬
‫ن‬
‫مصاحب ‪.‬‬
‫صدمه نميرساند كرم او را بخشش و عطا ‪ ،‬و نقصههان نمىرسههاند خزانههه احسههان او را‬
‫كههرم او ‪ ،‬و تمههام نمينمايههد بحههر عطههاى او را هيههچ سههؤال كننههده ‪ ،‬و بپايههان نمىرسههاند‬
‫نعمتهههاى او را هيههچ عطيههه ‪ ،‬پيچيههده نمينمايههد او را شخصههى از شخصههى ‪ ،‬و مشههغول‬
‫نميگردانهد او را آوازى از آوازى ‪ ،‬و مهانع نميشههود او را بخششهى از ربهودنى ‪ ،‬و رو‬
‫گردان نميسازد او را غضبى از رحمتى ‪ ،‬و حيران نميگرداند او را رأفتى از عههذابى ‪،‬‬
‫و پنهان نميدارد پنهانى ذات او از آشكارى آثار او ‪ ،‬و منقطع نميسازد ظهور آثار او از‬
‫خفاء ذات او ‪ ،‬نزديك شد بمخلوقات با علم و قيومّيت پس دور شد از ايشان بحسب ذات‬
‫‪ ،‬و بلند شد بهمه چيز با اسههتيل و سههلطنت پههس نزديههك شههد بايشههان بهها علههم و احههاطه و‬
‫ظاهر شد پس از كثرت ظهور خفا بهم رساند ‪ ،‬و مخفههى گشههت پههس در خفههايش آشههكار‬
‫گرديد ‪ ،‬و لنعم ما قيل ‪:‬‬

‫از همهههههههههههه كهههههههههههان بهههههههههههى نيهههههههههههاز و بهههههههههههر همهههههههههههه مشهههههههههههفق‬


‫و ز همه عالم نهان و بر همه پيدا‬

‫و جزا داد بهمه عباد و جزا داده نشد ‪ ،‬و خلق نفرمود خلق را با جولن فكههر و تههدبير ‪،‬‬
‫و طلب اعانت نجست از ايشان بجهت عجز و ضعفى ‪.‬‬

‫وصّيت ميكنم شما را اى بندگان خدا بتقوى و پرهيزكارى خدا پس بدرستى كه آن تقوى‬
‫افساريست مانع از دخول هلكتها ‪ ،‬و قوام دين شما با اوست ‪ ،‬پس بچسبيد بريسمانهاى‬
‫محكم او ‪ ،‬و چنك بزنيد بحقيقتهاى آن يعنى اعتقادات حقه يقينيه كه راجههع ميسههازد شههما‬
‫را بمكانهاى راحههت و وطنهههاى بهها وسههعت و حصههارهاى محكههم و منزلهههاى عههزت در‬
‫روزى كه شاخص ميشود در آن ديدها ‪ ،‬و تاريك ميشود بسههبب شههدت آن روز اطههراف‬
‫عالم ‪ ،‬و معطل و بى صاحب ميماند در آن روز شتران كم شير كه از مدت حمههل او ده‬
‫ماه گذشته باشد و نزديك بزائيدن شود ‪.‬‬

‫و دميده شود در صور اسرافيل پس مضمحل و هلك مىشود هر قلب ‪ ،‬و لل ميشود‬

‫] ‪[ 207‬‬

‫هر زبان ‪ ،‬و ذليل مىشههود كوههههاى بلنههد بههال و سههنگهاى سهخت محكههم پههس مىگههردد‬
‫سنگهاى صلب آنها مثل سراب متحّرك ‪ ،‬و قرارگاههاى آنها زمين خالى هموار بى بلند‬
‫و پست ‪ ،‬پس نباشد شفيعى كه شفاعت نمايههد ‪ ،‬و نههه خويشههى كههه دفههع عههذاب كنههد و نههه‬
‫عذرى كه منفعت بخشد ‪.‬‬
‫ع ع ع عععع ع ع ععع ع ععع ععع ع ع ع ععع عع ع‬
‫ععع ععع ع عععع ععع ع ع ععععع عع ع ع ع عع‬
‫ععععع‬

‫بعثه حين ل علم قائم ‪ ،‬و ل منار ساطع ‪ ،‬و ل منهج واضح ‪.‬‬

‫ل ‪ ،‬و أحّذركم الّدنيا فإّنها دار شخوص ‪،‬‬


‫ل بتقوى ا ّ‬
‫أوصيكم عباد ا ّ‬

‫سههفينة بأهلههها ‪،‬‬


‫و محّلة تنغيص ‪ ،‬ساكنها ظاعن ‪ ،‬و قاطنههها بههائن ‪ ،‬تميههد بأهلههها ميههدان ال ّ‬
‫تقصفها العواصف في لجج البحار ‪ ،‬فمنهم الغرق الوبق ‪،‬‬

‫و منهم الّناجي على متون المواج ‪ ،‬تحفزه الّرياح بأذيالها ‪ ،‬و تحمله على أهوالههها ‪ ،‬فمهها‬
‫غرق منها فليس بمستدرك ‪ ،‬و ما نجى منها فإلى مهلك ‪.‬‬

‫ل الن فاعملوا و اللسن مطلقة ‪ ،‬و البدان صحيحة ‪،‬‬


‫عباد ا ّ‬

‫و العضاء لدنة ‪ ،‬و المنقلب فسيح ‪ ،‬و المجال عريههض ‪ ،‬قبههل إرهههاق الفههوت ‪ ،‬و حلههول‬
‫الموت ‪ ،‬فحّققوا عليكم نزوله ‪ ،‬و ل تنتظروا قدومه ‪.‬‬

‫] ‪[ 208‬‬

‫ععععع‬

‫) العلم ( محّركة ما ينصب فى الطريق ليهتدى به و يقال أيضا للجبل أو الجبل المرتفع و‬
‫الجمع أعلم و ) المنار ( موضع النههور و المسههرجة كالمنههارة و أصههلها منههورة و جمعههه‬
‫مناور و ذو المنار أبرهة تّبع بن الّرايهش لّنهه أّول مهن ضهرب المنهار علهى طريقهه فهي‬
‫مغازيه ليهتدى به إذا رجع ‪.‬‬

‫و ) سطع ( الشيء من باب منع سطوعا ارتفع و ) شخص ( من باب منع أيضا شخوصا‬
‫خرج من موضع إلى غيره و ) نغص ( الّرجل من باب فرح لم يتّم مراده ‪،‬‬

‫ل عليه العيش و نّغصه كّدره فتنّغصت معيشته تكّدرت ‪.‬‬


‫و البعير لم يتّم شربه و أنغص ا ّ‬

‫صههفق و‬‫و ) قصفه ( يقصفه قصفا كسره ‪ ،‬و في بعض الّنسخ تصفقها بدل تقصفها مههن ال ّ‬
‫ضرب يسمع له صوت ‪ ،‬و منه صفق يده على يههده صههفقا و صههفقة أى ضههرب يههده‬ ‫هو ال ّ‬
‫على يده ‪ ،‬و ذلك عند وجوب البيع ‪.‬‬
‫جة و هي معظم البحر و ) غرق ( غرقا مههن بههاب فههرح فهههو غههرق و‬ ‫و ) الّلجج ( جمع ل ّ‬
‫) وبق ( من باب وعد و وجل و ورث و بوقا و موبقا هلك فهو وبههق و ) حفههزه ( يحفههزه‬
‫من باب ضرب دفعه من خلفه و بالّرمح طعنه و عن المر أزعجه و أعجله و حفز الّليل‬
‫ل شيء و الجمع لدان ولدن بالض هّم ‪ ،‬و الفعههل‬‫الّنهار ساقه و ) الّلدن ( و الّلدنة الّلين من ك ّ‬
‫لدن من باب كرم لدانة ولدونة أى لن و ) رهقه ( من باب فرح غشيه و لحقه أو دنا منههه‬
‫سواء أخذه أو لم يأخذه ‪ ،‬و الرهاق أن يحمل النسان على ما ل يطيقه ‪.‬‬

‫ععععععع‬

‫ل الّنصب على الحال من الّناجي ‪ ،‬و قوله ‪ :‬فالى مهلك‬


‫جملة تحفزه في مح ّ‬

‫] ‪[ 209‬‬

‫ظهرف مقهّدم علهى عهامله و ههو‬ ‫متعّلق بمقّدر خبر ما ‪ ،‬و قوله ‪ :‬الن ‪ ،‬منصهوب علهى ال ّ‬
‫قوله ‪ :‬فههاعلموا ‪ ،‬و جملههة ‪ :‬و اللسههن مطلقههة ‪ ،‬مههع الجملت الربههع الّتاليههة فههي موضههع‬
‫الّنصب حال من فاعل فاعملوا ‪ ،‬و قوله ‪ :‬قبههل ارهههاق الفههوت ‪ ،‬يجههوز تعّلقههه بعريههض و‬
‫بقوله فاعلموا ‪ ،‬و الّول أقرب لفظا ‪ ،‬و الثاني أنسب معنا ‪.‬‬

‫عععععع‬

‫ن هذه الخطبة مسوقة للوصّية بههالّتقوى و التنفيههر مههن الهّدنيا بههذكر معايبههها المنفههرة‬ ‫اعلم أ ّ‬
‫صالحة و المبادرة إليها قبل لحههوق الفههوت و نههزول المههوت ‪ ،‬و‬ ‫عنها و للمر بالعمال ال ّ‬
‫ل عليه و آله لكونها أعظم مهها‬ ‫قبل أن يشرع في الغرض افتتح بذكر بعثة الّرسول صّلى ا ّ‬
‫ل به على عباده حيث إّنها مبدء جميع اللء و الّنعماء في الخرة ‪ ،‬و منشأ السههعادة‬ ‫نا ّ‬‫مّ‬
‫سلم ‪:‬‬‫الّدائمة فقال عليه ال ّ‬

‫) بعثه حين ل علم ( من أعلم الّدين ) قائم ( و استعاره للنبياء و المرسلين لّنههه يسههتدلّ‬
‫شههرع‬‫ل بالعلم فههي طههرق الهّدنيا ) و ل منههار ( لل ّ‬
‫بهم في سلوك طريق الخرة كما يستد ّ‬
‫المبين ) ساطع ( استعاره لولياء الّدين و قادة اليقين لّنه يهتدى بهم و يقتبس من علومهم‬
‫و أنوارهم في ظلمات الجهالة كما يهتدى بالمنار في ورطات الضللة ‪.‬‬

‫و أشار بعدم سطوع المنار و قيام العلم إلى خلّو الرض من الّرسههل و الحجههج و انقطههاع‬
‫سههلم فههي‬
‫ل عليه و آله ‪ ،‬لّنه كان زمههان فههترة كمهها قههال عليههه ال ّ‬‫الوحى حين بعثه صّلى ا ّ‬
‫الخطبة الثامنة و الثمانين ‪ :‬أرسله على حين فترة من الّرسل و طول هجعههة مههن المههم »‬
‫إلى قوله « و الّدنيا كاسهفة الّنههور ظههاهرة الغههرور ‪ ،‬و قهد مضهى فههي شهرحها مها ينفعههك‬
‫المراجعة إليه في هذا المقام ‪.‬‬
‫ق و انطمههاس طريههق‬
‫) و ل منهج ( لليقين ) واضح ( و أشار بههه إلههى انههدراس نهههج الحه ّ‬
‫ل و كون الّناس في خبط و ضللة و غفلة و جهالة ‪.‬‬ ‫سلوك إلى ا ّ‬
‫ال ّ‬

‫] ‪[ 210‬‬

‫ل ( فاّنههها‬‫ل بتقوى ا ّ‬‫ثّم شرع بالوصّية بالتقوى و الّتحذير من الّدنيا فقال ) اوصيكم عباد ا ّ‬
‫ل زائل وضوء‬ ‫اليوم الحرز و الجّنة و غدا الطريق إلى الجّنة ) و أحّذركم الّدنيا فاّنها ( ظ ّ‬
‫آفل و سناد مائل ) دار شخوص ( و ارتحال ) و محّلههة تنغيههص ( و تكههدير لتكهّدر عيشههه‬
‫سههاكن‬ ‫ن ال ّ‬
‫باللم و السقام ) ساكنها ظاعن ( مرتحههل ) و قاطنههها بههائن ( مفههترق يعنههي ا ّ‬
‫فيها ليس بساكن في الحقيقة ‪ ،‬و المقيم بها منتقل عنها البّتة و ذلك لما بّينهها فههي تضههاعيف‬
‫سابقة أنها في الحقيقة سفر الخرة و هى الوطن الصلي للنسان فهو من‬ ‫شرح الخطب ال ّ‬
‫أّول يوم خرج من بطن اّمه و وضههع قههدمه فههي هههذه النشههأة دائمهها فههي حركههة و ازيههال و‬
‫ازداف و انتقال و ينقضى عمره شيئا فشيئا يبعد من المبدء و يقرب من المنتهى فسههكونها‬
‫نفس زوالها ‪ ،‬و اقامتها نفهس ارتحالهها ‪ ،‬و بقاؤهها عيهن انتقالهها و وجودهها حهدوثها ‪ ،‬و‬
‫تجّددها فناؤها ‪ ،‬فاّنها عند ذوى العقول كفىء الظل ‪ ،‬بينا تراه سابغا حّتى قلص ‪ ،‬و زايدا‬
‫حّتى نقص ‪.‬‬

‫سههفينة بأهلههها ( حالكونههها‬


‫ثّم ضرب للّدنيا و أهلها مثل عجيبا بقوله ) تميد بأهلها ميههدان ال ّ‬
‫) تقصفها ( القواصف و تصفقها ) العواصف ( من الّرياح ) في لجج البحار ( الغههامرات‬
‫المتلطمة التّيار المتراكمة الّزخار ‪ ،‬و هو من تشههبيه المركههب بههالمركب علههى حهّد قههول‬
‫الشاعر ‪:‬‬

‫ن أجهههههههههههههههههههههههرام النجهههههههههههههههههههههههوم طوالعههههههههههههههههههههههها‬


‫و كهههههههههههههههههههههههأ ّ‬
‫درر نشرن على بساط أزرق‬

‫سفينة الّتي في الّلجج حالكونها تضربها الّرياح الشديدة العاصههفة‬ ‫سلم الّدنيا بال ّ‬‫شّبه عليه ال ّ‬
‫سههفينة ‪ ،‬و شههبه تقّلباتههها بأهلههها بههالهموم و الحههزان و الغمههوم و‬
‫و شّبه أهل الّدنيا بأهل ال ّ‬
‫المحن بميدان السفينة و اضطرابها بأهلها ‪ ،‬و شّبه المراض و اللم و العلههل و السههقام‬
‫و نحوها مهن البتلءات الّدنيوّيهة الموجبهة للهمهوم و الغمهوم بالّريهاح العاصهفة الموجبهة‬
‫سفينة في لجج البحار الغامرة عنههد هبههوب‬ ‫ن راكبى ال ّ‬ ‫شبه أ ّ‬
‫سفينة ‪ ،‬و وجه ال ّ‬ ‫لضطراب ال ّ‬
‫الّريح العاصفة و الزعزع القاصفة كما ل ينفّكون من علههز القلههق و غصههص الجههرض ‪،‬‬
‫فكذلك أهل الّدنيا ل ينفّكون من مقاسات الشدايد و ألم المضض ‪.‬‬

‫] ‪[ 211‬‬

‫سفينة بعد ما انكسرت بالقواصف على قسمين ‪:‬‬


‫ن راكبى ال ّ‬
‫و أيضا ) ف ( كما أ ّ‬
‫قسم ) منهم الغرق الوبق ( الهالك في غمار البحر ) و ( قسم ) منهم الّناجي ( مههن الغههرق‬
‫سههفينة و ألواحههها ) علههى متههون المههواج ( المتلطمههة المتراكمههة‬
‫علههى بعههض أخشههاب ال ّ‬
‫) تحفزه ( و تدفعه ) الّرياح ( العاصفة و الّزعههازع القاصههفة ) بأذيالههها ( مههن جنههب إلههى‬
‫جنب ) و تحمله على أهوالها ( و تسوقه من رفع إلى خفض و من خفض إلى رفع ‪.‬‬

‫فكذلك أهل الّدنيا ينقسههم إلههى قسههمين ‪ :‬أحههدهما الهالههك عههاجل بغمههرات اللم و طههوارق‬
‫الوجاع و السقام ‪ ،‬و الّثاني الّنههاجي مههن الهلك بعههد مكابههدة تعههب المههراض و مقاسههاة‬
‫مرارة العلل ‪.‬‬

‫سههفينة و أراد بههه الغريههق مههن أهلههها‬


‫ن ) مهها غههرق منههها ( أى مههن ال ّ‬
‫و أيضا ) ف ( كما أ ّ‬
‫مجازا ) فليس بمستدرك ( أى ممكن التدارك ) و مهها نجههى منههها ( أى الّنههاجي مههن أهلههها‬
‫) ف ( عاقبته ) إلى مهلك ( أى إلى الهلك و إن عاش يسيرا ‪.‬‬

‫فكذلك أهل الّدنيا من مات منهم ل يتدارك و ل يعود ‪ ،‬و من حصل له البرء و الشفاء مههن‬
‫مرضه و نجا من الموت عاجل فمآله إليه ل محالة آجل و إن تراخى أجله قليل ‪.‬‬

‫و الغرض من هذه التشبيهات كّلها الّتنفير عن الّدنيا و التنبيه علههى قههرب زوالههها و تكهّدر‬
‫عيشها و مرارة حياتها ليرغب بذلك كّله إلى العمل للّدار الخرة ‪،‬‬

‫و لذلك فّرع عليه قوله ‪:‬‬

‫ل الن فاعملوا ( أى بادروا العمل و اسهتقربوا الجههل و ل يغّرّنكهم طهول المهل‬ ‫) عباد ا ّ‬
‫) و اللسن مطلقههة ( متمكنههة مههن الّتكلههم بمهها هههو فرضههها مههن القههراءة و الههذكر و المههر‬
‫بالمعروف و النهى عن المنكر و نحوها قبل ثقلها و اعتقالها بالمرض الحايل بينها و بيههن‬
‫منطقها كما في حالة الحتضار ‪.‬‬

‫شهرعّية قبهل سهقمها و عجزهها‬


‫) و البدان صهحيحة ( مقتهدرة علهى التيهان بالتكهاليف ال ّ‬
‫منها ‪.‬‬

‫حة قادرة على‬


‫شباب و غضارة الص ّ‬
‫) و العضاء ( و الجوارح ) لدنة ( لينة ببضاضة ال ّ‬

‫] ‪[ 212‬‬

‫القيام بالطاعات و الحسنات قبل يبسها بنوازل السقم و عجزها بحوانى الهرم ‪.‬‬

‫ن الخنههاق مهمههل و الههروح‬


‫ل النقلب و التصّرف وسههيع ‪ ،‬ل ّ‬
‫) و المنقلب فسيح ( أى مح ّ‬
‫مرسل في راحة الجساد و باحة الحتشاد ‪.‬‬
‫) و المجال عريهض ( لنفسهاح الحوبهة و إمكهان تهدارك الهذنوب بالتوبهة قبهل الضهنك و‬
‫الضيق و الّروع و الزهوق ‪.‬‬

‫و ) قبههل إرهههاق الفههوت ( و قههدوم الغههائب المنتظههر ) و حلههول المههوت ( و أخههذة العزيههز‬
‫المقتدر ‪.‬‬

‫) فحّققوا عليكم نزوله ( و ل تستبطئوه ) و ل تنتظروا قدومه ( و ل تسّوفوه ‪ ،‬و هو أمههر‬


‫ن المههوت قههد أظلكههم و‬‫بالستعداد للموت و المبادرة الى أخذ الّزاد له و لما بعههده يقههول ‪ :‬إ ّ‬
‫ن بكم المد‬ ‫أشرف عليكم فكأّنه قد أدرككم و نزل إلى ساحتكم فل يغّرنكم المل و ل يطول ّ‬
‫صههالحات و اسههتبقوا الخيههرات و سههارعوا إلههى مغفههرة مههن رّبكههم و جّنههة‬ ‫‪ ،‬فبادروا إلى ال ّ‬
‫ل سبحانه أن يجعلنا و إياكم مّمن ل يغّره المههال ‪،‬‬ ‫عرضها الرض و السموات ‪ ،‬نسأل ا ّ‬
‫و ل تلهيه المنّيات ‪ ،‬اّنه الموّفق و المعين ‪.‬‬

‫ععععععع‬

‫از جمله كلم بلغت نظام آن حضرتست در اشارت به بعثت و وصّيت بتقوى و تحذير‬
‫از دنيا ميفرمايد ‪:‬‬

‫مبعوث فرمود حضرت پروردگار رسول مختار را در زمانيكه نبود هيچ علمى بر پهها ‪،‬‬
‫و نه مناره بلند ‪ ،‬و نه راهههى روشههن وصهّيت مىكنههم شههما را أى بنههدگان خهدا بتقههوى و‬
‫پرهيزكارى خههدا ‪ ،‬و ميترسههانم شههما را از دنيههاى بيوفهها ‪ ،‬پههس بدرسههتيكه آن دنيهها خههانه‬
‫رحلت است و محّله كدورت ‪،‬‬

‫ساكن او كوچ كننده است ‪ ،‬و مقيهم او جهدا شهونده ‪ ،‬مضهطرب ميشهود بأههل خهود مثهل‬
‫اضطراب كشتى در حالتيكه سخت بوزد به آن كشتى تنههد بادههها در گردابهههاى درياههها ‪،‬‬
‫پس‬

‫] ‪[ 213‬‬

‫بعضى از اهل آن كشتى غرق و هلك شونده باشههد ‪ ،‬و بعضههى ديگههر نجههات يابنههده بههر‬
‫بالى موجها در حالتيكه براند او را بادها با دامنهاى خود ‪ ،‬و بر دارد او را به جاهههاى‬
‫هولناك دريا ‪ ،‬پس كسيكه غرق شده از آن كشتى درك نميشههود ‪ ،‬و كسههيكه نجههات يههافته‬
‫از آن پس عاقبت كار او بهلكت است ‪.‬‬

‫اى بندگان خدا پس مواظب عمل باشيد اين زمان در حههالتيكه زبانههها سههلمت اسههت ‪ ،‬و‬
‫بدنها صحيح است ‪ ،‬و عضوها تر و تازه ‪ ،‬و مكان تصّرف وسيع است و مجال عبادت‬
‫فراخ ‪ ،‬پيش از احاطه وفات و حلول ممات ‪ ،‬پس محقق انكاريد بخودتان حلههول آن را ‪،‬‬
‫و منتظر نباشيد بقدم و آمدن آن ‪.‬‬

‫ع ع ع ععع ع ع ع ععع ع ععع ععع ع ع ع ععع عع ع‬


‫ععععععع ع ععععععع ع ع ععععع عع ع ع ع عع‬
‫ععععع‬

‫لهه و ل‬‫ل عليه و آله أّني لم أرّد على ا ّ‬‫و لقد علم المستحفظون من أصحاب محّمد صّلى ا ّ‬
‫ط ‪ ،‬و لقد واسيته بنفسي في المواطن اّلهتي تنكهص فيهها البطهال ‪ ،‬و‬ ‫على رسوله ساعة ق ّ‬
‫ل عليه و آلههه و‬‫ل صّلى ا ّ‬
‫ل بها ‪ ،‬و لقد قبض رسول ا ّ‬ ‫خر فيها القدام ‪ ،‬نجدة أكرمني ا ّ‬ ‫تتأ ّ‬
‫ن رأسه لعلى صدري ‪ ،‬و لقد سالت نفسه في كّفي ‪ ،‬فأمررتها على وجهي ‪ ،‬و لقد وّليههت‬ ‫إّ‬
‫جت الّدار و الفنية ‪ ،‬ملء يهبههط ‪ ،‬و‬ ‫ل عليه و آله و الملئكة أعواني ‪ ،‬فض ّ‬ ‫غسله صّلى ا ّ‬
‫ملء يعرج ‪ ،‬و ما فارقت سمعي هينمة منهم ‪ ،‬يصّلون عليه حّتى و اريناه في ضههريحه ‪،‬‬
‫ق به مّني حّيا و مّيتا ‪ ،‬فانفذوا‬
‫فمن ذا أح ّ‬

‫] ‪[ 214‬‬

‫ل هو إّني لعلى جاّدة‬


‫على بصآئركم ‪ ،‬و لتصدق نّياتكم في جهاد عدّوكم ‪ ،‬فو اّلذي ل إله إ ّ‬
‫ق ‪ ،‬و إّنهم لعلى مزّلة الباطل ‪ ،‬أقول ما تسمعون ‪،‬‬
‫الح ّ‬

‫ل لي و لكم ‪.‬‬
‫و أستغفر ا ّ‬

‫ععععع‬

‫) المستحفظون ( بصيغة المفعول من استحفظه الشيء أى أودعههه عنههده و طلههب منههه أن‬
‫يحفظه فهو مستحفظ و ذاك مستحفظ و ) واسيته ( من المواسههاة يقههال واسههيته و آسههيته و‬
‫بالهمزة أفصح و ) نكص ( عن الشيء نكوصا من باب قعد أحجم عنه ‪،‬‬

‫و نكص على عقبيه رجع قال تعالى فلّما ترائت الفئتان نكص على عقبيه « ‪.‬‬

‫و ) الّنجدة ( البأس و الشّدة و الشجاعة و ) النفس ( بسكون الفاء ال هّدم و بالتحريههك واحههد‬
‫النفاس و ) فناء ( الّدار وزان كساء ما اّتسع أمامها أو ما امتّد من جوانبها و الجمع أفنية‬
‫صهوت‬ ‫صياح عند المكروه و الجهزع و ) الهينمهة ( بفتهح الههاء ال ّ‬ ‫و فنى و ) الضجيج ( ال ّ‬
‫ق وسههطه و الول هههو‬ ‫ضههريح ( القههبر أو الشه ّ‬
‫ى ل يفهههم و ) ال ّ‬
‫ى و قيههل الكلم الخفه ّ‬
‫الخفه ّ‬
‫ل فيه قدم النسان كالمزلفة‬ ‫المراد هنا و ) المزّلة ( الموضع الذى تز ّ‬
‫ععععععع‬

‫لم‬
‫الواو في قوله ‪ :‬و لقههد فههي المواضههع الخمسههة كّلههها للقسههم و المقسههم بههه محههذوف و ال ّ‬
‫شهارح‬ ‫جواب القسم ‪ ،‬قوله ‪ :‬نجدة ‪ ،‬منصهوب علهى المفعهول لهه و العامهل واسهيته قهال ال ّ‬
‫المعتزلي ‪ :‬منصوب على المصدر و العامل محذوف و الّول أظهر ‪.‬‬

‫و قههوله ‪ :‬ملء يهبههط و ملء يعههرج ‪ ،‬مرفوعههان بالبتههداء و ل يض هّر كونهمهها ‪ :‬نكرتيههن‬
‫ل النصههب علهى الحهال مههن فاعهل‬ ‫لتضّمن الفايدة العظيمة ‪ ،‬و جملة و ما فارقت ‪ ،‬في مح ّ‬
‫ل على الحال‬ ‫يهبط و يعرج ‪ ،‬و جملة يصّلون استينافّية بيانّية و تحتمل النتصاب مح ّ‬

‫] ‪[ 215‬‬

‫من هينمة أى ما فارقت سمعى هينمتهم حالكونهم يصّلون ‪ ،‬و الّول أولى لحتياج الّثههاني‬
‫إلى نوع تكّلف و قوله ‪ :‬حّيا و مّيتا ‪ ،‬حههالن مههن الضههمير المجههرور فههي بههه و الفههاء فههي‬
‫قوله ‪ :‬فانفذوا ‪ ،‬فصيحة‬

‫عععععع‬

‫صة‬‫ن هذه الخطبة الشريفة مسوقة لبيان جملة من مناقبة الجميلة و خصايصه المخت ّ‬ ‫اعلم أ ّ‬
‫ل عليه و آله و س هّلم و قربههه منههه اسههتدلل‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫به المفيد لمزيد اختصاصه برسول ا ّ‬
‫ل عليه و آله و أّنه علههى الح ه ّ‬
‫ق‬ ‫ق و أولى بالخلفة و القيام مقامه صّلى ا ّ‬
‫بذلك على أّنه أح ّ‬
‫و غيره على الباطل ‪ ،‬و غرضه منه تنبيه المخاطبين على وجههوب إطههاعته فيمها يههأمرهم‬
‫به من جهاد العداء المبطلين ‪.‬‬

‫إذا عرفههت ذلههك فههأقول ‪ :‬إّنههه ذكههر خمسهها مههن فضههايله و صهّدر كل بالقسههم البههاّر تأكيههدا‬
‫ق ل يعههتريه ريههب و ل‬ ‫ن اّتصافه بها جميعهها حه ّ‬
‫للغرض المسوق له الكلم و تنبيها على أ ّ‬
‫ك‪.‬‬
‫يدانيه ش ّ‬

‫ل ه عليههه و‬
‫اولها ما أشار إليه بقوله ) و لقد علم المستحفظون من أصحاب محّمههد ص هّلى ا ّ‬
‫ط ( المراد بالمستحفظون خيار الصحابة‬ ‫ل و ل على رسوله ساعة ق ّ‬ ‫آله اّنى لم أرّد على ا ّ‬
‫له عليهه و آلهه و سهّلم و سهيرته و معجزاتهه و‬ ‫له صهّلى ا ّ‬
‫المطلعون على أسرار رسول ا ّ‬
‫له عليههه و آلههه و سهّلم و‬‫كراماته و عهوده و مواثيقه و الملحم الواقعة في زمانه صهّلى ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪ ،‬في نفسه و في أوصيائه و أتباعه من‬ ‫نحو ذلك مّما يتعّلق به صّلى ا ّ‬
‫المور المعظمة اّلتي يهتّم بها في الشريعة و لههها مههدخل فههي قههوام أركههان الهّدين و إعلء‬
‫لواء الشرع المبين الذين كّلفوا بحفظ ذلك كّله و امههروا بههأن يبلغوههها و يؤّدوههها فههي مقههام‬
‫الضرورة و الحاجة ‪.‬‬
‫ن هههؤلء بمقتضههى تصهّلبهم‬
‫ص علم ما ذكره بهؤلء مع عدم اختصاصههه بهههم ل ّ‬ ‫و إّنما خ ّ‬
‫في الهّدين ل يكتمههون الشهههادة و ل يغّيرونههها و ل يبهّدلونها فههي مقهام الحاجههة للغههراض‬
‫الّدنيوّية الفاسدة كما كتمها جمع منهم مثل زيد بن أرقم و أنس بن مالك و نظرائهم ‪.‬‬

‫] ‪[ 216‬‬

‫له‬
‫كما روى في البحار من الخصال و المهالى عهن جهابر الجعفهي عهن جهابر بهن عبههد ا ّ‬
‫النصارى قال ‪:‬‬

‫ل و أثنى عليه ثّم قال ‪:‬‬


‫ي بن أبيطالب عليه الصلة و السلم فحمد ا ّ‬
‫خطبنا عل ّ‬

‫ل عليه و آله و سّلم‬


‫ن قدام منبركم هذا أربعة رهط من أصحاب محّمد صّلى ا ّ‬ ‫أّيها الناس إ ّ‬
‫منهم انس بن مالك و البراء بن عازب النصارى و الشعث بن قيس الكندى و خالههد بههن‬
‫يزيد البجلى ثّم أقبل بوجهه على أنس بن مالك فقال ‪:‬‬

‫ل عليه و آله يقول ‪ :‬من كنت مههوله فهههذا علهىّ‬ ‫ل صّلى ا ّ‬


‫يا أنس إن كنت سمعت رسول ا ّ‬
‫ل حّتى يبتليك ببرص ل تغطيههه العمامههة و‬ ‫موله ثّم لم تشهد لي اليوم بالولية فل أماتك ا ّ‬
‫له عليههه و آلههه و سهّلم و هههو‬
‫له صهّلى ا ّ‬
‫أّما أنت يا أشعث فان كنت سههمعت مههن رسههول ا ّ‬
‫ى موله الّلهّم وال من واله و عاد من عاداه ثّم لم تشهد لى‬ ‫يقول ‪ :‬من كنت موله فهذا عل ّ‬
‫ل حّتى يذهب بكر يمتيك ‪.‬‬ ‫اليوم بالولية فل أماتك ا ّ‬

‫ل عليه و آله و س هّلم يقههول ‪:‬‬


‫ل صّلى ا ّ‬
‫و أّما أنت يا خالد بن يزيد إن كنت سمعت رسول ا ّ‬
‫ى موله الّلهّم وال من واله و عاد من عاداه ثّم لم تشههد لهى اليهوم‬
‫من كنت موله فهذا عل ّ‬
‫ل ميتة جاهلّية ‪.‬‬
‫لإ ّ‬‫بالولية فل أماتك ا ّ‬

‫ل عليه و آلههه يقههول ‪ :‬مههن‬ ‫ل صّلى ا ّ‬


‫و أّما أنت يا براء بن عازب إن كنت سمعت رسول ا ّ‬
‫ى موله الّلهّم وال من واله و عاد من عاداه ثّم لههم تشهههد لههى بالوليههة‬
‫كنت موله فهذا عل ّ‬
‫ل حيث هاجرت منه ‪.‬‬ ‫لإ ّ‬‫فل أماتك ا ّ‬

‫ل النصارى ‪:‬‬
‫قال جابر بن عبد ا ّ‬

‫ل لقد رأيت أنس بن مالك قد ابتلى ببرص يغطيه بالعمامة فما يستتره ‪.‬‬
‫وا ّ‬

‫ل الذى جعل دعههاء‬ ‫و لقد رأيت الشعث بن قيس و قد ذهبت كريمتاه و هو يقول ‪ :‬الحمد ّ‬
‫ى بالعههذاب فههي‬
‫سلم بالعمى فى الّدنيا و لم يدع عل ّ‬
‫ى بن أبيطالب عليه ال ّ‬
‫أمير المؤمنين عل ّ‬
‫الخرة فأعّذب ‪.‬‬
‫و أّما خالد بن يزيد فاّنه مات فأراد أهله أن يدفنوه و حفر له في منزله فسمعت بذلك كنههدة‬
‫فجائت بالخيل و البل فعقرتها على باب منزله فمات ميتة جاهلية ‪.‬‬

‫] ‪[ 217‬‬

‫له معاوية اليمن فمات بها و منها كان هاجر ‪.‬‬


‫و أّما البراء بن عازب فاّنه و ّ‬

‫ن المستحفظين هم المكّلفون بحفظ المور المهّمة المعتّد بها في أمر الدين‬


‫فقد ظهر بذلك أ ّ‬
‫ن تخصيصهم بالعلم لعدم كتمانهم لما حملوه لو رجع الخاطئون اليهم ‪.‬‬ ‫‪،‬وأّ‬

‫ل و رسوله أبدا فهو معلوم محّقق ل خفاء فيههه بههل مههن‬


‫سلم ما رّد على ا ّ‬
‫و اما أّنه عليه ال ّ‬
‫ل عليه و آله‬ ‫ل و لرسوله صّلى ا ّ‬
‫ضرورّيات المذهب لملكة العصمة المانعة من مخالفته ّ‬
‫‪.‬‬

‫لول‬ ‫سلم ‪ :‬لم أرّد على ا ّ‬ ‫شارح المعتزلي ‪ :‬و الظاهر أّنه يرمز في قوله عليه ال ّ‬ ‫و قال ال ّ‬
‫على رسوله ساعة قط ‪ ،‬إلى أمور وقعت من غيههره كمهها جهرى يههوم الحديبّيهة عنهد سههطر‬
‫ل أ لسنا المسلمين ؟‬ ‫ن بعض الصحابة أنكر ذلك ‪ ،‬و قال ‪ :‬يا رسول ا ّ‬ ‫صلح ‪ ،‬فا ّ‬
‫كتاب ال ّ‬

‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬بلى قال ‪ :‬أ و ليسوا الكافرين ؟ قال ‪ :‬بلى ‪ ،‬قال ‪ :‬فكيههف‬ ‫قال صّلى ا ّ‬
‫ل لو أجد أعوانا لم أعط الّدنية أبدا ‪ ،‬فقال أبو بكر لههذا القهائل ‪:‬‬ ‫نعطي الّدنية من دنيانا و ا ّ‬
‫ل ل يضيعه ‪ ،‬ثّم قال له ‪ :‬أ قال لك أّنههه‬ ‫نا ّ‬ ‫لوإّ‬ ‫ل إّنه لرسول ا ّ‬
‫ويحك الزم غرزه ‪ 1‬فو ا ّ‬
‫ل ه عليههه و آلههه و‬
‫ي ص هّلى ا ّ‬
‫سيدخلها هذا العام ؟ قال ‪ :‬ل ‪ ،‬قال ‪ :‬فسيدخلها ‪ ،‬فلّما فتح الّنههب ّ‬
‫سّلم مّكة و أخذ مفاتيح الكعبة دعاه فقال ‪ :‬هذا اّلذى وعدتم به ‪.‬‬

‫ن هههذا الخههبر صههحيح ل ريههب فيههه ‪ ،‬و الّنههاس كّلهههم رووه و ليههس‬
‫شارح ‪ :‬و اعلم أ ّ‬
‫قال ال ّ‬
‫ل عليههه و آلههه‬
‫ل صّلى ا ّ‬‫عندى بقبيح و ل بمستهجر أن يكون سؤال هذا الشخص رسول ا ّ‬
‫ل ه تعههالى‬
‫و سّلم عما سأله عنه على سبيل السترشاد و التماسا لطمأنينة الّنفس ‪ .‬فقد قال ا ّ‬
‫ن قلبى ‪.‬‬
‫لخليله إبراهيم أو لم تؤمن قال بلى و لكن ليطمئ ّ‬

‫ل عليههه و آلههه و سهّلم فههي المههور و تسههأله‬


‫ل صّلى ا ّ‬‫و قد كانت الصحابة يراجع رسول ا ّ‬
‫ل‪.‬‬
‫عّما يثبتهم عليها و تقول له أ هذا منك أم من ا ّ‬

‫ل عليه و آله ‪ ،‬فاّنما هههو‬‫ل صّلى ا ّ‬‫ل اّنه لرسول ا ّ‬


‫و أّما قول أبي بكر له ‪ :‬الزم غرزه فو ا ّ‬
‫ل تعالى لنبّيه‬‫شك فقد قال ا ّ‬‫ل ذلك على ال ّ‬‫تاكيد و تثبيت على عقيدته اّلتي في قلبه ‪ ،‬و ل يد ّ‬
‫ل أحههد ل‬‫ل عليه و آله » و لو ل أن ثّبتناك لقد كدت تركن إليهم شههيئا قليل « و ك ه ّ‬ ‫صّلى ا ّ‬
‫يستغنى عن زيادة اليقين و الطمأنينة ‪.‬‬
‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬هه ههههه ه ههه ‪.‬‬

‫] ‪[ 218‬‬

‫قال ‪ :‬و قد كانت وقعت من هذا القههائل أمههور دون هههذا القصههة ‪ ،‬كقههوله ‪ :‬دعنههى أضههرب‬
‫ي ‪ ،‬و قوله ‪ :‬دعنى أضههرب‬ ‫ل ابن أب ّ‬
‫عنق أبي سفيان ‪ ،‬و قوله ‪ :‬دعنى أضرب عنق عبد ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم عن الّتسرع إلى ذلك‬ ‫عنق حاطب بن أبي بلتعة ‪ ،‬و نهي الّنبي صّلى ا ّ‬
‫ل عليه و آله حين قههام علههى جنههازة ابههن سههلول يصهّلى و‬‫ل صّلى ا ّ‬‫و جذبه ثوب رسول ا ّ‬
‫قوله ‪ :‬تستغفر لرأس المنافقين ‪.‬‬

‫ل على وقوع القبيههح منههه و إّنمهها كههان الّرجههل مطبوعهها علههى‬


‫و ليس في ذلك جميعه ما يد ّ‬
‫شراسة و الخشونة و كان يقول ما يقول على مقتضى السجّية اّلتي طبع عليهها ‪،‬‬ ‫الشّدة و ال ّ‬
‫ي حال كان فلقد نال السلم بوليته و خلفته خيرا كثيرا ‪ ،‬انتهى ‪.‬‬ ‫و على أ ّ‬

‫أقول ‪ :‬مراد الشارح بهذا الّرجل الذى حكى عنه هذه الباطيل هو عمر بههن الخطههاب ‪ ،‬و‬
‫سلم ‪:‬‬‫إّنما ترك الّتصريح باسمه ملحظة لجانبه ‪ ،‬و لقد عكس في شرح قوله عليه ال ّ‬

‫له‬‫ي ص هّلى ا ّ‬
‫فصّيرها في حوزة خشناء ‪ ،‬من الخطبة الثالثة و قال هناك ‪ :‬قههال عمههر للّنههب ّ‬
‫له‬‫عليه و آله و سّلم لم تقل لنا ستدخلونها فى ألفاظ نكره حكايتها حّتى شكاه النبى ص هّلى ا ّ‬
‫لهه‬
‫ل إنه لرسول ا ّ‬ ‫عليه و آله و سّلم إلى أبى بكر و حتى قال له أبو بكر ‪ :‬الزم بغرزه فو ا ّ‬
‫ل عليه و آله ‪ ،‬انتهى ‪.‬‬
‫صّلى ا ّ‬

‫فصّرح باسمه و طوى عن تحصيل مقاله و فضول كلمه استكراها و استهجانا لما صدر‬
‫له عليههه و آلههه و اسههتحياء‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫منه من الّرّد و المخالفة و إساءة الدب على رسول ا ّ‬
‫سلم ‪.‬‬‫منه عليه ال ّ‬

‫ن شناعة ما صدر مههن هههذا‬


‫ى على المنصف البعيد عن العصبّية و الهوى أ ّ‬ ‫و لكن غير خف ّ‬
‫الّرجل ل يمكن أن يتدارك بالسههتر و الكتمههان و البهههام عههن اسهمه تهارة و الجمههال عهن‬
‫هذيانه اخرى ‪ ،‬و نعم ما قيل ‪:‬‬

‫و لن يصلح العطار ما أفسد الّدهر‬

‫فلقد صدر منه من القول الشنيع القبيح ما هو أشّد و أعظم من ذلك ‪ ،‬و هو ما قاله لرسول‬
‫ل عليههه و آلههه ‪ :‬ائتههونى‬
‫ل عليه و آله فى مرضه الذى مات فيه لما قال صّلى ا ّ‬ ‫ل صّلى ا ّ‬
‫ا ّ‬
‫ن الّرجل ليهجر ‪.‬‬ ‫بكتف و دواة اكتب لكم كتابا ل تضّلوا بعده أبدا ‪ ،‬فقال عمر ‪ :‬إ ّ‬
‫] ‪[ 219‬‬

‫ل عليه و آله‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫ن رسول ا ّ‬
‫و فى البحار من المجّلد الثانى من صحيح مسلم فقال ‪ :‬إ ّ‬
‫يهجر ‪.‬‬

‫و أما ما اعتذر به الشارح عن مثالبه بأنه ليههس بقبيههح أن يكههون سههؤال هههذا الّرجههل علههى‬
‫سبيل السترشاد و التماسا لطمأنينة النفس ‪.‬‬

‫ى صّلى الّ‬ ‫ففيه أنه لو كان غرضه السترشاد دون العتراض ل كتفى بما سمعه من النب ّ‬
‫له عليههه و آلههه و سهّلم حههتى‬
‫عليه و آله له و أمسك عن فضول كلمه و لم يغضبه صّلى ا ّ‬
‫يشكو إلى أبى بكر ‪ ،‬فعلم بذلك أنه أراد التعريض و العتراض كما علم عدم جواز قياس‬
‫سلم الذى كان غرضه منه الطمأنينة كمها صهّرح بههه بقهوله ‪:‬‬ ‫سؤاله بسؤال الخليل عليه ال ّ‬
‫ن قلبى ‪،‬‬
‫بلى و لكن ليطمئ ّ‬

‫و ستعرف مزيد توضيحه بما نحكيه من البحار فى التنبيه التى ‪.‬‬

‫ل عليه و آله في المور و قههولهم لههه ‪ :‬أ هههذا مههن‬


‫صحابة عنه صّلى ا ّ‬
‫و أما سؤال ساير ال ّ‬
‫ل أو منك ‪.‬‬
‫ا ّ‬

‫له‬
‫ن سؤالهم ذلك أيضا كان ناشيا عن جهالتهم ‪ ،‬لّنهم لو كانوا معتقدين بمهها أنههزل ا ّ‬ ‫ففيه أ ّ‬
‫ن جميههع‬
‫ل وحى يوحى ‪ ،‬و مههذعنين بههأ ّ‬ ‫في حّقه من قوله ‪ :‬و ما ينطق عن الهوى إن هو إ ّ‬
‫ل ‪ ،‬لهم يكهن لههم حاجهة إلهى‬ ‫ل سهبحانه و اذن منهه عهّز و جه ّ‬ ‫ما يقوله و يفعله بوحى من ا ّ‬
‫سؤال ‪ ،‬و لسّلموا في جميع أفعاله و أقواله تسليما ‪.‬‬ ‫ال ّ‬

‫ك عن عمر بقوله تعالى و لو ل أن ثّبتناك لقد كدت تركن اليهم‬


‫شّ‬
‫و أما الّتمثيل على نفى ال ّ‬
‫شيئا قليل ‪.‬‬

‫ل عليه و آله قد قامت الدّلة القاطعة من العقل و النقل على عصمته‬ ‫ن الّنبي صّلى ا ّ‬
‫ففيه أ ّ‬
‫و على رسوخه في الّدين ‪ ،‬و اليههة و إن كههان الخطههاب فيههها ظههاهرا متوجههها إلههى الّنههبي‬
‫ن المراد بها اّمته من قبيل اّياك أعنى و اسمعى يا جاره ‪.‬‬ ‫لأّ‬‫ل عليه و آله و سّلم إ ّ‬
‫صّلى ا ّ‬

‫له عليههه و آلههه ‪ ،‬هههو تثههبيته بههالّنبوة و‬‫و على إبقائه على ظههاهره فههالمراد بتثههبيته صهّلى ا ّ‬
‫العصمة و اللطاف الخفّية اللهّية ‪ ،‬لما قد دللنا على أنه كان معصوما ‪ ،‬و أّما عمههر فههأ ّ‬
‫ى‬
‫ل إنه لرسول ا ّ‬
‫ل‬ ‫ن قول أبي بكر له ‪ :‬فو ا ّ‬ ‫دليل على أّنه لم يكن شاكا في الّدين حّتى يقال إ ّ‬
‫ك بل لتثبيته على عقيدته ‪ ،‬فافهم جّيدا ‪.‬‬ ‫‪ ،‬لم يكن لجل الش ّ‬

‫] ‪[ 220‬‬
‫صههلة علههى ابههن‬
‫له عليههه و آلههه حيههن إرادتههه ال ّ‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫و اما دنس جذبه بثوب رسول ا ّ‬
‫س‪.‬‬
‫سلول فل يطهره الّنيل و ل الّر ّ‬

‫إذ فيه من القباحة و المخالفة و العتراض و سوء الدب و الّتعريض ما ل مزيد عليه ‪.‬‬

‫ل ه عليههه و آلههه و‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫مضافا إلى قوله ‪ :‬كيف تستغفر لرأس المنافقين أ كان رسول ا ّ‬
‫شههرعى فعّلمههه عمههر ‪ ،‬و قههد كههان معههالم الهّدين منههه ظهههرت و‬
‫ل جاهل بتكليفه ال ّ‬
‫العياذ با ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم شارعها و صادعها ‪.‬‬ ‫شرع المبين منه اخذت ‪ ،‬و هو صّلى ا ّ‬ ‫أحكام ال ّ‬

‫ل بن‬
‫ق ولده و هو عبد ا ّ‬
‫و قيامه على جنازة ابن سلول و صلته عليه إّما من جهة أداء ح ّ‬
‫ل بن أبي سلول فلقد كان مؤمنا ‪.‬‬
‫عبد ا ّ‬

‫حما له بل دعا عليه بالنههار‬


‫ل عليه و آله و سّلم صّلى عليه ل تر ّ‬
‫و إّما من جهة أّنه صّلى ا ّ‬
‫و العذاب و لم يكن به بأس ‪.‬‬

‫ل عليه و آله ‪ ،‬مخّيرا بين الستغفار و‬


‫ل عليه و آله فلكونه صّلى ا ّ‬
‫و أّما استغفاره صّلى ا ّ‬
‫عدم الستغفار ‪.‬‬

‫ي بن إبراهيم عن أبيه عههن ابههن أبههي عميههر‬ ‫و يوضح ما ذكرته ما رواه في الكافي عن عل ّ‬
‫ل بن أبههي‬
‫سلم قال ‪ :‬لّما مات عبد ا ّ‬ ‫ل عليه ال ّ‬
‫عن حماد بن عثمان عن الحلبي عن أبيعبد ا ّ‬
‫له ‪ :‬يهها رسههول‬
‫ل عليه و آله و سّلم جنازته فقال عمر لرسول ا ّ‬ ‫ي صّلى ا ّ‬‫سلول حضر الّنب ّ‬
‫له أن تقههوم‬
‫له أ لههم ينهههك ا ّ‬
‫ل أن تقوم على قبره ؟ فسكت فقال ‪ :‬يا رسول ا ّ‬ ‫ل أ لم ينهك ا ّ‬
‫ا ّ‬
‫على قبره ؟ فقال له ‪:‬‬

‫ويلك و ما يدريك ما قلت إّنى قلت ‪ :‬اللهّم احش جوفه نارا و املء قبره نارا و اصله نارا‬
‫ل عليه و آله و سهّلم مها‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫ل عليه ‪ :‬فأبدى من رسول ا ّ‬
‫ل صلوات ا ّ‬‫‪ ،‬قال أبو عبد ا ّ‬
‫كان يكره ‪.‬‬

‫ي بن إبراهيم في قوله تعالى استغفر لهم او ل تستغفر لهههم ان‬ ‫و فى الصافى من تفسير عل ّ‬
‫ل عليههه و‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫ل لهم اّنها نزلت لّما رجع رسول ا ّ‬ ‫تستغفر لهم سبعين مّرة فلن يغفر ا ّ‬
‫ي صهّلى‬ ‫ل مؤمنا فجاء إلههى الّنههب ّ‬
‫ل بن أبي و كان ابنه عبد ا ّ‬ ‫آله إلى المدينة و مرض عبد ا ّ‬
‫ل بأبي أنت و اّمي إن لم تأت أبي كان‬ ‫ل عليه و آله و أبوه يجود بنفسه فقال ‪ :‬يا رسول ا ّ‬ ‫ا ّ‬
‫ل عليه و آلههه و سهّلم و المنههافقون عنههده ‪،‬‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫ذلك عارا علينا ‪ ،‬فدخل عليه رسول ا ّ‬
‫ل استغفر له ‪ ،‬فاسههتغفر لههه ‪ ،‬فقههال عمههر ‪ :‬أ لههم‬ ‫ل ‪ :‬يا رسول ا ّ‬ ‫ل بن عبد ا ّ‬‫فقال ابنه عبد ا ّ‬
‫ل أن‬
‫ينهك يا رسول ا ّ‬

‫] ‪[ 221‬‬
‫ل عليه و آله ‪ ،‬فأعاد عليههه‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫تصّلي عليهم أو تستغفر لهم ؟ فأعرض عنه رسول ا ّ‬
‫ل يقول استغفر لهم أو ل تستغفر لهم ‪ ،‬الية ‪.‬‬
‫نا ّ‬
‫‪ ،‬فقال له ‪ :‬ويلك إّنى خّيرت إ ّ‬

‫ل عليه و آله فقال ‪ :‬بأبي أنت و اّمههي يهها‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫ل جاء ابنه إلى رسول ا ّ‬ ‫فلّما مات عبد ا ّ‬
‫له عليههه و آلههه و سهّلم و قههام‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫ل أ رأيت تحضر جنازته فحضر رسول ا ّ‬ ‫رسول ا ّ‬
‫ل أن تصّلى على أحد منهم مات أبههدا‬ ‫ل أ و لم ينهك ا ّ‬‫على قبره فقال له عمر ‪ :‬يا رسول ا ّ‬
‫ل عليه و آله ‪ :‬ويلك و هل تدرى ما قلت‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫و أن تقوم على قبره ؟ فقال له رسول ا ّ‬
‫له صهّلى‬ ‫‪ ،‬إّنما قلت ‪ :‬اللهّم احش قبره نارا و جوفه نارا و اصله النار ‪ ،‬فبدا من رسههول ا ّ‬
‫ب‪.‬‬‫ل عليه و آله و سّلم ما لم يكن يح ّ‬
‫ا ّ‬

‫ل ه عليههه و آلههه و سهّلم‬‫ي صّلى ا ّ‬ ‫ن النب ّ‬


‫سلم أ ّ‬
‫و فى الصافى عن العياشي عن الباقر عليه ال ّ‬
‫ي اذا فرغت من أبيك فأعلمنى ‪ ،‬و كان قد توّفى فأتاه فأعلمه فأخههذ‬ ‫ل بن أب ّ‬‫قال لبن عبد ا ّ‬
‫ل تعالى ‪:‬‬ ‫ل عليه و آله و سّلم نعليه للقيام فقال له عمر ‪ :‬أ ليس قد قال ا ّ‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫رسول ا ّ‬
‫له عليههه و آلههه لههه ‪:‬‬
‫ل على أحد منهم مات أبدا و ل تقم على قبره ‪ ،‬فقال صهّلى ا ّ‬ ‫و ل تص ّ‬
‫ويلك أو ويحك إّنما أقول ‪ :‬اللهّم املء قبره نارا و املء جوفه نارا ‪ ،‬و اصله يوم القيامههة‬
‫نارا و فى رواية اخرى أّنه أخذ بيد ابنه في الجنازة فمضى فتصّدى له عمر ثّم قههال ‪ :‬أمهها‬
‫نهاك ربك عن هذا أن تصّلي على أحد منهم مات أبدا أو تقوم على قبره ؟ فلم يجبه ‪ ،‬فلما‬
‫له عليههه و آلههه‬‫ي صهّلى ا ّ‬ ‫كان قبل أن ينتهوا به إلى القبر أعاد عمر ما قاله أّول ‪ ،‬فقال النب ّ‬
‫لعمر عند ذلك ‪ :‬ما رأيتنا صّلينا له على جنازة و ل قمنا له على قبر ‪.‬‬

‫ق علينهها أداء‬
‫ن ابنه رجههل مههن المههؤمنين و كههان يحه ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬إ ّ‬
‫ثّم قال صّلى ا ّ‬
‫حّقه ‪ ،‬فقال عمر ‪:‬‬

‫ل‪.‬‬
‫ل و سخطك يا رسول ا ّ‬
‫ل من سخط ا ّ‬
‫أعوذ با ّ‬

‫صافي بعد ايراد هذه الّروايات ‪:‬‬


‫قال فى ال ّ‬

‫ل‪:‬‬
‫ل ع هّز و ج ه ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم حييا كريما كما قال ا ّ‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫أقول ‪ :‬و كان رسول ا ّ‬
‫ق ‪ ،‬فكان يكره أن يفتضح رجل من أصحابه مّمن‬ ‫ل ل يستحيى من الح ّ‬ ‫فيستحيى منكم و ا ّ‬
‫يظهر اليمان ‪،‬‬

‫ل ه عليههه و آلههه‬
‫و كان يدعو على المنافق و يوّرى أّنه يدعو له ‪ ،‬و هذا معنى قوله صّلى ا ّ‬
‫لعمر ‪ :‬ما رأيتنا صّلينا له على جنازة و ل قمنا له على قبر ‪ ،‬و كذا معنى قوله في حههديث‬
‫سلم باختيار الستغفار‬‫القّمي ‪ :‬خّيرت فاخترت ‪ ،‬فوّرى عليه ال ّ‬

‫] ‪[ 222‬‬
‫ل عليه و آله و سّلم فيه ‪ :‬فاستغفر له فلعّله استغفر لبنه لّما سههأل لبيههه‬
‫و أّما قوله صّلى ا ّ‬
‫ل على ما قلنا قوله ‪ :‬فبدا من رسههول‬ ‫الستغفار و كان يعلم أنه من أصحاب الجحيم ‪ ،‬و يد ّ‬
‫ب ‪ ،‬انتهى ‪.‬‬
‫ل عليه و آله و سّلم ما لم يكن يح ّ‬‫ل صّلى ا ّ‬‫ا ّ‬

‫ل عليه و آله على قههبر ابههن‬


‫ل صّلى ا ّ‬
‫ل الوضوح نكتة قيام رسول ا ّ‬‫فقد اّتضح بما ذكرنا ك ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم من الستغفار ‪.‬‬‫سلول و صلته عليه ‪ ،‬و عّلة ما صدر منه صّلى ا ّ‬

‫له عليههه و آلههه أعلههم بعلههل مها يقههول و يفعههل ‪ ،‬و‬


‫ض عن ذلك أيضا فهو صهّلى ا ّ‬
‫و مع الغ ّ‬
‫ق للجلف الجافى ابن حنتمههة و أمثههاله‬ ‫بوجوه المصالح الكامنة فيما يأتي و يأمر به ‪ ،‬فل ح ّ‬
‫لم عليههه و آلههه آلف‬‫من الوغاد الطعام أن يعترضوا على سّيد النام و رسول الملههك الع ّ‬
‫التحّية و الكرام ‪.‬‬

‫ن الّرجههل كههان مطبوعهها علههى الشهّدة و‬


‫و أما ما اعتذر به الشارح المعههتزلي أخيههرا مههن أ ّ‬
‫الشراسة و الخشونة و كان يقول ما يقول على مقتضى سجّيته التي طبع عليها ‪.‬‬

‫فقد تقّدم جوابه في شرح الفصل الثاني من الخطبة الشقشقية ‪.‬‬

‫ن خشونة سجّيته و جفاوة طبيعته إن كانت بالغهة إلهى مرتبهة لهم‬


‫صل ما قلناه هناك إ ّ‬ ‫و مح ّ‬
‫ف عن هجره و‬ ‫يبق له معها اختيار في المساك عن فضول كلمه و سقطات لسانه و الك ّ‬
‫ن من كان كذلك يعّد في زمرة المجانين فكيف يصلح لمامة المههة‬ ‫جه عليه أ ّ‬‫هذيانه ‪ ،‬فيتو ّ‬
‫و خلفة النبّوة ‪.‬‬

‫و إن لم تكن بالغة إلى تلك المرتبة فذلك العتذار ل يدفع عنه العار و الشنار كما لم يههدفع‬
‫عن ابليس استحقاق النار و سخط الجّبار ‪ ،‬و لم يرفههع عنههه لههؤم السههتكبار حيههن اسههتكبر‬
‫بمقتضى الجبلة النارية و اعتذر به في قههوله ‪ :‬خلقتنههي مههن نههار و خلقتههه مههن طيههن ‪ ،‬بههل‬
‫ق الّلعنة و البعاد إلى يوم الّدين و خّلد في الجحيم أبد البدين ‪.‬‬‫استح ّ‬

‫ى حال كان فلقد نال السلم بوليته و خلفته خيرا كثيرا ‪.‬‬
‫و أما قول الشارح و على أ ّ‬

‫ن إنهاض الجيوش و بعث العساكر و فتح بعض البلد كان في زمان‬


‫فيه أنه هب أ ّ‬

‫] ‪[ 223‬‬

‫خلفته و بأمره ‪ ،‬و لكن إذا كان أصل الخلفة باطلة حسبما عرفته في تضههاعيف الشههرح‬
‫ي له في هذه الخيرات النائلة منه إلى السلم علههى فههرض تسههليمها‬ ‫ي ثمر اخرو ّ‬ ‫مرارا فأ ّ‬
‫ل ما صدر منههه فههي أّيههام وليتههه و خلفتههه و‬
‫ل إّنما يتقّبل من المّتقين ‪ ،‬بل ك ّ‬
‫لّنه عّز و ج ّ‬
‫ل و لرسوله كان عليه وزرا و وبال دون أن يكون له ثوابا و نوال‬ ‫مخالفته ّ‬
‫كمطعمههههههههههههههههههة الّرمههههههههههههههههههان مّمهههههههههههههههههها زنههههههههههههههههههت بههههههههههههههههههه‬
‫جههههههههههههههههههههههههههههههرت مثل للخههههههههههههههههههههههههههههههائن المتصههههههههههههههههههههههههههههههّدق‬

‫فقههههههههههههههههههال لههههههههههههههههههها أهههههههههههههههههههل البصههههههههههههههههههيرة و الّتقههههههههههههههههههى‬


‫لك الويل ل تزنى و ل تتصّدق‬

‫بل لو قيست سيئة من سيئآته و هي غصب الخلفة من آل بيت الّرسههول و إحراقههه لبههاب‬
‫ابنته البتول و ما كان بههأمره مههن كسههر ضههلعها و سههقوط جنينههها ‪ ،‬و مهها نشههأت مههن تلههك‬
‫طههف اّلههذي ل يتص هّور ظلههم‬ ‫ظلم في وقعة ال ّ‬
‫الشجرة الملعونة الخبيثة و ثمرته من أعظم ال ّ‬
‫فوقه ‪،‬‬

‫إلى سّيئآت جميع الّمة لرجحت عليها فضل عن ساير جرايمه و بدعاته و محدثاته الههتي‬
‫ن أوزارها كاملههة‬
‫بقيت على صفحات اليام ‪ ،‬و استمّرت إلى يوم القيامة و القيام ‪ ،‬فليحمل ّ‬
‫ى منقلب ينقلبون ‪.‬‬‫و من أوزار اّلذين بها يعملون ‪ ،‬و سيعلم الذين ظلمو آل محّمد حّقهم أ ّ‬

‫الثانية ما أشار إليههه بقههوله ) و لقههد واسههيته فههي المههواطن اّلههتي تنكههص ( و ترجههع ) فيههها‬
‫له‬
‫خر فيها القدام ( من أجل ) نجههدة ( و شههجاعة ) أكرمنههى ا ّ‬ ‫البطال ( و النجاد ) و تتأ ّ‬
‫بها ( و جعلها مخصوصة بي و آثرني بها على غيري ‪.‬‬

‫سلم بفضيلته غير مدافع‬‫شارح المعتزلي ‪ :‬و هذا يعني المواساة مّما اختصّ عليه ال ّ‬ ‫قال ال ّ‬
‫ثبت معه يوم احد و فّر الّناس و ثبت معه يوم حنين و فّر الّناس ‪ ،‬و ثبت تحت رايته يههوم‬
‫خيبر حّتى فتحها و فّر من كان بعث من قبله ‪.‬‬

‫أقول ‪ :‬أّول مواساته عليه و آله آلف التحّية و الثناء مبيته على فراش خاتم النبيهاء حهتى‬
‫ل تعالى و بذلها لنههبّيه المصههطفى و بههات علههى‬
‫ل به ملئكة السماء ‪ ،‬فوهب نفسه ّ‬ ‫باهى ا ّ‬
‫فراشه لينجو به من كيد العداء ‪ ،‬و يتّم له بذلك السلمة و البقاء ‪ ،‬و ينتظم له به الغرض‬
‫ل عليه و آله و بقههائه‬
‫ى صّلى ا ّ‬
‫في الّدعاء إلى الحنيفّية البيضاء ‪ ،‬فكان ذلك سبب نجاة النب ّ‬
‫و حقن دمه حتى صدع بأمر رّبه ‪.‬‬

‫] ‪[ 224‬‬

‫له عليهه و آلهه و سهّلم التبليهغ و الداء و ل‬ ‫ل صهّلى ا ّ‬ ‫سلم لما تّم لرسول ا ّ‬‫و لوله عليه ال ّ‬
‫استدام له العمر و البقاء و لظفر به الحسدة و العداء فلما أصبحوا و عرفوا تفّرقههوا عنههه‬
‫و انصرفوا و قد ضّلت لهم الحيل و انقطههع بهههم المههل و انتقههض مهها بنههوه مههن التههدبير و‬
‫خابت لهم الظنون ‪.‬‬

‫و كان بذلك انتظام اليمان و إرغام الشيطان و خذلن أهل الكفر و العدوان ‪،‬‬
‫سلم فيها أحد من أهل السلم و قد انزل فيه محكههم التبيههان‬‫و هذه منقبة لم يشركه عليه ال ّ‬
‫ل رؤف بالعبههاد و أمهها‬ ‫لوا ّ‬‫ل و من الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضات ا ّ‬ ‫و هو قول ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم في مواطن جهاده ‪ ،‬و مواطن ج هّده و اجتهههاده ‪ ،‬و‬‫مواساته له صّلى ا ّ‬
‫مقامات جداله بالسنة السنة و جلده ‪ ،‬فهو فوق حّد الحصاء ‪ ،‬متجههاوز عههن ح هّد العههدّو‬
‫الستقصاء ‪.‬‬

‫منها غزوة بدر التي هّدت قوى الشرك ‪ ،‬و قذفت طواغيته في قليب الهلك ‪،‬‬

‫و دّوخت مردة الكفار ‪ ،‬و سقتهم كاسات الّدمار و البوار ‪ ،‬و نقلتهم من القليب إلى النار ‪.‬‬

‫ل فيه من أحسن فضله ‪،‬‬


‫فيومها اليوم الذى لم يأت الّدهر بمثله ‪ ،‬و أفاض ا ّ‬

‫أنزل فيه الملئكة لتأييد رسوله تفضيل له على جميع رسله ‪ ،‬و حباه من علّو القدر ما لههم‬
‫ينله أحد من قبله ‪ ،‬و أشرب صناديد قريههش كههاس أسههره و قتلههه ‪ ،‬و جبرئيههل ينههادى أقههدم‬
‫حيزوم لظهار دينه على الّدين كّله ‪ ،‬و أمير المؤمنين كان فهارس تلهك الملحمهة فمها تعهّد‬
‫السد الغضاب بشسع نعله ‪ ،‬و مسّعر تلك الحرب العوان ينصب علههى العههداء انصههباب‬
‫السحاب و وبله ‪ ،‬و نار سطوته و نجدته تتسّعر تسعر النار في دقيق الغضا و جزله ‪.‬‬

‫ن نصههف‬‫و قد عرفت في شرح الفصل الثههامن مههن الخطبههة المههأة و الحاديههة و التسههعين أ ّ‬
‫القتلي في تلك الوقعة و كانوا سبعين رجل كههان قههتيله باشههر بنفسههه قتلههه مههن دون شههركة‬
‫غيره له ‪.‬‬

‫و منها غزوة أحد قال في كشف الغّمة في حديث عمران بن حصين قال ‪:‬‬

‫سههلم متقّلههدا‬
‫ي عليههه ال ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم جاء عله ّ‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫لّما تفّرق الّناس عن رسول ا ّ‬
‫بسيفه حّتى‬

‫] ‪[ 225‬‬

‫ل عليههه و آلههه و سهّلم لههه ‪ :‬مها لههك لههم تفهّر مههع‬


‫قام بين يديه فرفع رأسه إليه و قال صّلى ا ّ‬
‫الّناس ؟ فقال ‪:‬‬

‫ل أرجع كافرا بعد إسلمي فأشار إلى قوم انحدروا مههن الجبههل ‪ ،‬فحمههل عليهههم‬ ‫يا رسول ا ّ‬
‫ل قد عجبت الملئكة من حسههن مواسههاة عل ه ّ‬
‫ي‬ ‫فهزمهم فجاء جبرئيل ‪ ،‬و قال ‪ :‬يا رسول ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬ما يمنعه من ذلههك و هههو مّنههي و‬
‫ل صّلى ا ّ‬‫لك بنفسه ‪ ،‬فقال رسول ا ّ‬
‫أنا منه فقال جبرئيل ‪ :‬و أنا منكما ‪.‬‬
‫له‬
‫له صهّلى ا ّ‬ ‫و فيه عن زيد بن وهب قال ‪ :‬قلت لبن مسعود ‪ :‬انهزم الّناس عن رسههول ا ّ‬
‫سلم و أبو دجانة و سهل ؟ قال ‪ :‬انهزم‬ ‫ي عليه ال ّ‬
‫ل عل ّ‬
‫عليه و آله و سّلم حّتى لم يبق معه إ ّ‬
‫ل عليه و آله نفر كههان أّولهههم عاصههم‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫ي وحده ‪ ،‬و ثاب إلى رسول ا ّ‬ ‫ل عل ّ‬
‫الّناس إ ّ‬
‫له ‪ ،‬فقلههت لههه ‪ :‬فههأين‬
‫بن ثابت و أبو دجانة و سهل بن حنيف ‪ ،‬و لحقهم طلحة بههن عبيههد ا ّ‬
‫كان أبو بكر و عمر ؟‬

‫حى ‪ ،‬فقلت ‪ :‬فأين كان عثمان ؟ قال ‪ :‬جاء بعد ثالثة من الوقعة فقههال لههه‬‫قال ‪ :‬كانا فيمن تن ّ‬
‫ل عليه و آله ‪ :‬لقد ذهبت فيها عريضة ‪ ،‬قلت ‪ :‬فأين كنت ؟ قال ‪ :‬فيمههن‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫رسول ا ّ‬
‫حى ‪ ،‬قلت ‪ :‬فمن حّدثك بهذا ؟ قال ‪ :‬عاصم بن ثابت و سهل بن حنيف ‪ ،‬قلت ‪:‬‬ ‫تن ّ‬

‫جبههت منههه الملئكههة أمهها‬


‫ي في ذلك المقام لعجب ‪ ،‬قال ‪ :‬إن تعجب منه فقههد تع ّ‬ ‫ن ثبوت عل ّ‬ ‫إّ‬
‫ل ذو الفقههار ل‬‫سههماء ‪ :‬ل سههيف إ ّ‬ ‫ن جبرئيل قال في ذلك اليوم و هو يعههرج إلههى ال ّ‬ ‫علمت أ ّ‬
‫ن جبرئيل قال ذلك ؟ قال ‪ :‬سمع الّناس الّنداء بذلك و‬ ‫ي ‪ ،‬فقلنا ‪ :‬و من أين علم أ ّ‬‫ل عل ّ‬‫فتى إ ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪.‬‬
‫ي صّلى ا ّ‬‫أخبرهم به النب ّ‬

‫قال كاشف الغمة ‪ :‬و روى عن عكرمة قال ‪ :‬سمعت علّيا يقههول ‪ :‬لّمهها انهههزم الّنههاس عههن‬
‫ل عليه و آله و سّلم يوم احد لحقنى من الجزع عليه ما لم أملك نفسي و‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫رسول ا ّ‬
‫له‬
‫ل ه ص هّلى ا ّ‬
‫كنت أضرب بسيفي بين يديه فرجعت أطلبه فلم أره فقلت ‪ .‬ما كان رسول ا ّ‬
‫سههماء ‪ ،‬فكسههرت‬ ‫عليه و آله و سّلم ليفّر و ما رأيته في القتلي و أظّنه رفع من بيننهها إلههى ال ّ‬
‫جفن سيفي و قلت ‪:‬‬

‫ل ه عليههه و‬
‫ل ص هّلى ا ّ‬‫ن به حّتى اقتل ‪ ،‬و حملت على القوم فأفرجوا فاذا أنا برسول ا ّ‬ ‫لقاتل ّ‬
‫ي ؟ قلت ‪ :‬كفههروا‬ ‫ى و قال ‪ :‬ما فعل الّناس يا عل ّ‬ ‫آله و سّلم و قد وقع مغشّيا عليه ‪ ،‬فنظر إل ّ‬
‫ل و وّلوا الّدبر و أسلموك ‪ ،‬فنظههر إلههى كتيبههة قههد أقبلههت فقههال ‪ :‬رّدهههم عّنههي ‪،‬‬
‫يا رسول ا ّ‬
‫فحملت‬

‫] ‪[ 226‬‬

‫ل عليه و آله ‪ :‬أما تسمع مديحك فههي‬ ‫عليهم أضربهم يمينا و شمال حّتى فّروا فقال صّلى ا ّ‬
‫ي ‪ ،‬فبكيههت‬
‫ل عل ه ّ‬
‫ل ذو الفقههار و ل فههتى إ ّ‬
‫ن ملكا اسمه رضوان ينادى ‪ :‬ل سيف إ ّ‬ ‫سماء إ ّ‬
‫ال ّ‬
‫ل على نعمته ‪.‬‬
‫سرورا و حمدت ا ّ‬

‫سير قتلى احد من المشركين و كان جمهورهم قتلي أميههر المههؤمنين‬ ‫قال ‪ :‬و قد ذكر أهل ال ّ‬
‫له عليههه و آلههه إلههى‬
‫ي صهّلى ا ّ‬
‫سلم و انصرف المشركون إلى مّكة و انصرف النب ّ‬ ‫عليه ال ّ‬
‫المدينة فاستقبلته فاطمة و معها إناء فيه ماء فغسل به وجهه ‪ ،‬و لحقه أمير المؤمنين عليه‬
‫سلم ‪،‬‬ ‫ال ّ‬
‫سههيف‬
‫و قد خضب الّدم يده إلى كتفه و معه ذو الفقار ‪ ،‬فناوله فاطمة و قال ‪ :‬خههذى هههذا ال ّ‬
‫سلم ‪:‬‬
‫فقد صدقنى اليوم و قال عليه ال ّ‬

‫سههههههههههههههههههيف غيههههههههههههههههههر ذميههههههههههههههههههم‬ ‫أفههههههههههههههههههاطم هههههههههههههههههههاك ال ّ‬


‫فلسههههههههههههههههههههههههههههههههت برعديههههههههههههههههههههههههههههههههد و ل بمليههههههههههههههههههههههههههههههههم‬
‫‪1‬‬
‫أميطههههههههههههههههههى دمههههههههههههههههههاء الكفههههههههههههههههههر عنههههههههههههههههههه فههههههههههههههههههاّنه‬
‫سههههههههههههههههههقا آل عبههههههههههههههههههد الههههههههههههههههههّدار كههههههههههههههههههاس حميههههههههههههههههههم‬

‫لعمههههههههههههههرى لقههههههههههههههد أعههههههههههههههذرت فههههههههههههههي نصههههههههههههههر أحمههههههههههههههد‬


‫ب بالعباد عليم‬ ‫و طاعة ر ّ‬

‫ل عليه و آله ‪ :‬خذيه يا فاطمة فقد أّدى بعلك ما عليه ‪ ،‬و قههد قتههل‬
‫ل صّلى ا ّ‬‫و قال رسول ا ّ‬
‫ل صناديد قريش بيده ‪.‬‬
‫ا ّ‬

‫و منها غزوة الحزاب المعروفة بغزاة خندق قال المفيد فههي الرشههاد ‪ :‬و قههد روى قيههس‬
‫سعدى قال ‪ :‬أتيت حذيفة بن اليمههان‬ ‫بن الّربيع قال ‪ :‬حّدثنا أبو هارون العبدى عن ربيعة ال ّ‬
‫سههلم و منههاقبه فيقههول لنهها أهههل البصههرة ‪:‬‬ ‫ي عليه ال ّ‬
‫ل إّنا لنتحّدث عن عل ّ‬
‫فقلت يا أبا عبد ا ّ‬
‫سلم ‪ ،‬فهل أنت تحّدثنى بحديث فيه قال حذيفة ‪ :‬يهها ربيعههة‬ ‫إّنكم لتفرطون في على عليه ال ّ‬
‫له‬
‫ى فو الذى نفسى بيده لو وضع جميع أعمال أصحاب محّمد صّلى ا ّ‬ ‫و ما تسألنى عن عل ّ‬
‫ل محّمدا إلى يوم الناس هذا ‪ ،‬و وضع عمههل‬ ‫عليه و آله و سّلم في كّفة الميزان منذ بعث ا ّ‬
‫سههلم علههى جميههع أعمههالهم ‪،‬‬ ‫ى عليه ال ّ‬ ‫سلم في الكّفة الخرى لرجح عمل عل ّ‬ ‫ى عليه ال ّ‬
‫عل ّ‬
‫فقال ربيعة ‪ :‬هذا الذى ل يقام و ل يقعد ‪ ،‬فقال حذيفة ‪ :‬يا لكع و كيف ل يحمل و أين كههان‬
‫ل عليه و آلهه و سهّلم يهوم عمهرو‬ ‫أبو بكر و عمر و حذيفة و جميع أصحاب محّمد صّلى ا ّ‬
‫بن عبدود و قد دعا إلى المبارزة فأحجم الناس كّلهم ما خل‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬هههههه ه هههه هه ه ههههه ه هه هه ههههه‬
‫ههه هه هههه ههه ه ه ‪.‬‬

‫] ‪[ 227‬‬

‫ل على يده ‪ ،‬و الذى نفس حذيفة بيده لعملههه ذلههك‬ ‫سلم ‪ ،‬فاّنه برز إليه و قتله ا ّ‬
‫علّيا عليه ال ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم إلى يوم القيامة قههال‬ ‫اليوم أعظم أجرا من عمل أصحاب محّمد صّلى ا ّ‬
‫له عليههه و آلههه قههال حيههن بههارز‬
‫ي صّلى ا ّ‬‫ن النب ّ‬
‫في كشف الغّمة ‪ :‬رأيت في بعض الكتب أ ّ‬
‫ى عمرو بن عبدود ‪ :‬خرج السلم كّله إلى الشرك كّله ‪.‬‬ ‫عل ّ‬
‫ل المؤمنين القتههال بعل هىّ و كههان‬
‫ل بن مسعود كان يقرء ‪ :‬و كفى ا ّ‬
‫ن عبد ا ّ‬
‫قال ‪ :‬و روى أ ّ‬
‫ل قوّيا عزيزا ‪.‬‬
‫ا ّ‬

‫قال ‪ :‬و في قتل عمرو يقول حسان بن ثابت ‪:‬‬

‫أمسههههههههههههههى الفههههههههههههههتى عمههههههههههههههرو بههههههههههههههن عبههههههههههههههد يبتغههههههههههههههى‬


‫بجنههههههههههههههههههوب يههههههههههههههههههثرب غههههههههههههههههههارة لههههههههههههههههههم تنظههههههههههههههههههر‬

‫فلقهههههههههههههههههههههههد وجهههههههههههههههههههههههدت سهههههههههههههههههههههههيوفنا مشههههههههههههههههههههههههورة‬


‫و لقههههههههههههههههههد وجههههههههههههههههههدت جيادنهههههههههههههههههها لههههههههههههههههههم تقصههههههههههههههههههر‬

‫و لقههههههههههههههههههد رأيههههههههههههههههههت غههههههههههههههههههداة بههههههههههههههههههدر عصههههههههههههههههههبة‬


‫ضههههههههههههههههربوك ضههههههههههههههههربا غيههههههههههههههههر ضههههههههههههههههرب المحشههههههههههههههههر‬

‫أصههههههههههههههههههههههبحت ل تههههههههههههههههههههههدعى ليههههههههههههههههههههههوم عظيمههههههههههههههههههههههة‬


‫يا عمرو أو لجسيم أمر منكر‬

‫قال ‪ :‬و لّما بلغ شعر حسان بنى عامر أجابه فتى منهم فقال يرّد عليه فخره ‪:‬‬

‫لههههههههههههههههههههههه ل تقتلوننههههههههههههههههههههههها‬
‫كهههههههههههههههههههههههذبتم و بيهههههههههههههههههههههههت ا ّ‬
‫و لكهههههههههههههههههههههن بسهههههههههههههههههههههيف الهاشهههههههههههههههههههههمّيين فهههههههههههههههههههههافخروا‬

‫لهههههههههههه أحمههههههههههههد فههههههههههههي الوغهههههههههههها‬


‫بسههههههههههههيف ابههههههههههههن عبههههههههههههد ا ّ‬
‫ى نلتههههههههههههههههههههههم ذاك فاقصههههههههههههههههههههههروا‬ ‫ف علهههههههههههههههههههههه ّ‬
‫بكهههههههههههههههههههههه ّ‬

‫فلهههههههههههههههههم تقتلهههههههههههههههههوا عمهههههههههههههههههرو بهههههههههههههههههن وّد و ل ابنهههههههههههههههههه‬


‫ف الجسههههههههههههههههههههههور الغضههههههههههههههههههههههنفر‬‫و لكنههههههههههههههههههههههه الكهههههههههههههههههههههه ّ‬

‫ى الهههههههههههههههذى فهههههههههههههههي الفخهههههههههههههههر طهههههههههههههههال بنهههههههههههههههاؤه‬


‫علههههههههههههههه ّ‬
‫فل تكهههههههههههههههههههههثروا الهههههههههههههههههههههّدعوى علينههههههههههههههههههههها فتحقهههههههههههههههههههههروا‬

‫ببهههههههههههههههههههههههدر خرجتهههههههههههههههههههههههم للهههههههههههههههههههههههبراز فرّدكهههههههههههههههههههههههم‬


‫خروا‬ ‫شههههههههههههههههههههههيوخ قريههههههههههههههههههههههش جهههههههههههههههههههههههرة و تههههههههههههههههههههههأ ّ‬

‫فلمهههههههههههههههههههههههها أتههههههههههههههههههههههههاهم حمههههههههههههههههههههههههزة و عبيههههههههههههههههههههههههدة‬


‫ى بالمهّنهههههههههههههههههههههههد يخطهههههههههههههههههههههههر‬
‫و جهههههههههههههههههههههههاء علههههههههههههههههههههههه ّ‬
‫فقههههههههههههههههههالوا نعههههههههههههههههههم أكفههههههههههههههههههاء صههههههههههههههههههدق و أقبلههههههههههههههههههوا‬
‫إليهههههههههههههههههههههههم سههههههههههههههههههههههراعا إذ بغههههههههههههههههههههههوا و تجّبههههههههههههههههههههههروا‬

‫ى جولههههههههههههههههههههههههة هاشههههههههههههههههههههههههمّية‬
‫فجههههههههههههههههههههههههال علهههههههههههههههههههههههه ّ‬
‫فههههههههههههههههههدّمر هههههههههههههههههههم لمهههههههههههههههههها عتههههههههههههههههههوا و تكّبههههههههههههههههههروا‬

‫فليهههههههههههههههههههس لكهههههههههههههههههههم فخهههههههههههههههههههر علينههههههههههههههههههها بغيرنههههههههههههههههههها‬


‫و ليس لكم فخر يعّد و يذكر‬

‫و منها غزوة وادى الّرمل و تسمى غزوة ذات السلسلة ‪.‬‬

‫سلم خاصة بعههد أن كههان فيههها مههن غيههره مههن‬ ‫و قد كان الفتح فيها لمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫له عليههه و آلههه و سهّلم سههورة و العاديههات‬
‫ي صّلى ا ّ‬ ‫الفساد ما كان ‪ ،‬و فيها نزل على النب ّ‬
‫فتضّمنت ذكر ما‬

‫] ‪[ 228‬‬

‫فعله أمير المؤمنين فيها ‪.‬‬

‫ل عليه و آلههه و سهّلم قههائل فههي‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫يا ّ‬‫قال المفيد ‪ :‬روى عن اّم سلمة قالت ‪ :‬كان نب ّ‬
‫له جههارى لكههن هههذا‬ ‫ل جههارك قههال ‪ :‬صههدقت و ا ّ‬ ‫بيتى إذ انتبه فزعا من منامه فقلت له ‪ :‬ا ّ‬
‫سههلم‬ ‫ن علينا قادم ‪ ،‬ثّم خرج إلى الناس فأمرهم أن يستقبلوا عليا عليه ال ّ‬ ‫جبرئيل يخبرنى أ ّ‬
‫له عليههه و آلههه و سهّلم ‪ ،‬فلمهها بصههر النههب ّ‬
‫ى‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫فقام المسلمون له صّفين مع رسول ا ّ‬
‫جل عن فرسه و أهوى إلى قههدميه يقبلهمهها ‪ ،‬فقههال لههه عليههه‬ ‫ل عليه و آله و سّلم تر ّ‬
‫صّلى ا ّ‬
‫سههلم‬‫ل تعالى و رسوله عنك راضيان فبكى أميههر المههؤمنين عليههه ال ّ‬ ‫نا ّ‬
‫سلم ‪ :‬اركب فا ّ‬ ‫ال ّ‬
‫له‬
‫فرحا و انصرف إلى منزله ‪ ،‬و تسّلم المسلمون الغنايم » إلى أن قال « ثّم قهال صهّلى ا ّ‬
‫عليه و آله له ‪ :‬يا على لو ل أننى أشفق أن تقول فيك طوايف من امتى ما قالت النصارى‬
‫ل أخههذوا الههتراب مههن تحههت‬ ‫فى عيسى بن مريم لقلت فيك اليوم مقال ل تمّر بملء منهم إ ّ‬
‫قدميك ‪.‬‬

‫و منها غزوة الحديبّية ‪.‬‬

‫ل عليه و آلههه و سهّلم فقههال لههه يهها محّمههد إنّ‬


‫ى صّلى ا ّ‬‫و فيها أقبل سهيل بن عمرو إلى النب ّ‬
‫له حّتههى تههبّين الغضههب فههى وجهههه ثهّم‬ ‫أرقاءنا لحقوا بك فارددهم علينا ‪ ،‬فغضب رسول ا ّ‬
‫ل قلبه باليمههان يضههرب‬ ‫ل عليكم رجل امتحن ا ّ‬ ‫نا ّ‬
‫ن يا معاشر قريش أو ليبعث ّ‬
‫قال ‪ :‬لتنته ّ‬
‫له أبههو بكههر ذلههك الّرجههل ؟ قههال ‪:‬‬
‫رقابكم على الدين ‪ ،‬فقال بعض من حضر ‪ :‬يا رسول ا ّ‬
‫ل ‪ ،‬قال ‪ :‬فعمر ‪ ،‬قال ‪:‬‬

‫ل ‪ ،‬و لكنه خاصف النعل فى الحجرة ‪ ،‬فتبادر الناس إلههى الحجههرة ينظههرون مههن الّرجههل‬
‫سلم رواه المفيد فههى الرشههاد ‪ ،‬و رواه‬ ‫ى بن أبى طالب عليه ال ّ‬
‫فاذا هو أمير المؤمنين عل ّ‬
‫فى كشف الغمة و صحيح الترمذى نحوه ‪.‬‬

‫و منها غزوة خيبر قال المفيد ‪ :‬ثّم تلت الحديبّية خيبر و كان الفتههح فيههها لميههر المههؤمنين‬
‫سلم بل ارتياب فظهر من فضله فى هذه الغزاة ما أجمع عليه نقلة ال هّرواة و تف هّرد‬ ‫عليه ال ّ‬
‫فيها مناقب لم يشركه فيها أحد من الناس ‪.‬‬

‫و قال كاشف الغمة ‪ :‬قال ابن طلحة ‪ :‬و تلخيص المقصد فيها على ما ذكره أبو محّمد عبد‬
‫الملك بن هشام فى كتاب السيرة النبوّية يرفعه بسنده عن ابن الكوع قال ‪:‬‬

‫] ‪[ 229‬‬

‫ل عليه و آله و سّلم أبا بكر برايته و كانت بيضاء إلههى بعههض حصههون‬ ‫ى صّلى ا ّ‬
‫بعث النب ّ‬
‫خيبر فقاتل ثّم رجع و لم يكن فتح و قد جهد ‪ ،‬ثّم بعث عمر بن الخطاب فكان كذلك ‪ ،‬فقال‬
‫له و رسهوله و‬ ‫با ّ‬‫ن الراية غههدا رجل يحه ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬لعطي ّ‬‫ل صّلى ا ّ‬
‫رسول ا ّ‬
‫ل على يديه ليس بفّرار ‪ ،‬قال سلمة ‪ :‬فدعا علّيا و هو أرمد فتفههل‬ ‫ل و رسوله يفتح ا ّ‬‫يحّبه ا ّ‬
‫له عليهك ‪ ،‬فخهرج يههرول و أنها‬ ‫في عينيه ثم قال ‪ :‬خذ هذه الّراية فامض بها حّتى يفتهح ا ّ‬
‫خلفه نتبع أثره حتى ركز رايته فههي رضههم ‪ 1‬مههن حجههارة تحههت الحصههن ‪ ،‬فههاطلع عليههه‬
‫ى من الحصن فقال ‪:‬‬ ‫يهود ّ‬

‫ى بههن أبيطههالب فقههال اليهههودى ‪ :‬علههوتم حصههننا و مهها انههزل علههى‬


‫من أنت ؟ قال ‪ :‬أنا عله ّ‬
‫ل على يديه ‪.‬‬
‫موسى أو كما قال ‪ ،‬فما رجع حّتى فتح ا ّ‬

‫و منها فتح مّكة ‪.‬‬

‫سلم ‪ ،‬في قتل من قتل من‬ ‫قال المفيد ره ‪ :‬و فيما ذكرناه من أعمال أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫ل عليههه و آلههه و س هّلم علههى‬
‫ل صّلى ا ّ‬‫ل بمكة و إخافة من أخاف و معونة رسول ا ّ‬ ‫أعداء ا ّ‬
‫له عهّز و جه ّ‬
‫ل‬ ‫ل و قطع الرحام في طاعة ا ّ‬ ‫تطهير المسجد من الصنام و شّدة بأسه في ا ّ‬
‫أّول دليل على تخصيصه من الفضل بما لم يكن لحد منهم سهم فيه حسبما قدمناه ‪.‬‬

‫و منها غزوة حنين ‪.‬‬


‫له‬
‫ل صهّلى ا ّ‬ ‫ل عليه و آله بكثرة الجمع ‪ ،‬فخرج رسول ا ّ‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫فاستظهر فيها رسول ا ّ‬
‫ن أكههثرهم أنهههم لههن يغلبههوا لمهها‬
‫عليه و آله و سهّلم و معههه عشههرة آلف مههن المسههلمين فظه ّ‬
‫شاهدوا من كثرة جمعهم و عددهم و عّدتهم و أعجب أبا بكر الكثرة يومئذ فقال لههن نغلههب‬
‫اليوم من قّلة فكان المر بخلف ما ظّنوه و عانهم ‪ 2‬أبو بكر ‪.‬‬

‫له عليههه و آلههه و سهّلم إلّ‬


‫ي صّلى ا ّ‬‫فلّما التقوا لم يلبثوا و انهزموا بأجمعهم فلم يبق مع النب ّ‬
‫له و ثبههت الّتسههعة‬
‫تسعة مههن بنههي هاشههم و عاشههرهم أيمههن بههن اّم ايمههن ‪ ،‬و قتههل رحمههه ا ّ‬
‫سههلم و رجعههوا بعههد ذلههك و تلحقههوا و كههانت‬ ‫الهاشمّيون رئيسهم أمير المههؤمنين عليههه ال ّ‬
‫ل في إعجاب أبي بكر بالكثرة و يوم حنيههن إذ أعجبتكههم‬ ‫الكّرة لهم على المشركين فأنزل ا ّ‬
‫كثرتكم‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬ههههه ه هههههه هههه هههه ههه ه ههه هه‬
‫ههه ههه هه ههههههه ه ههه ‪.‬‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 2‬هه هههههه هههه هههه ههه ههه هه ه ههه ‪.‬‬

‫] ‪[ 230‬‬

‫له‬
‫فلم تغن عنكم شيئا و ضاقت عليكم الرض بما رحبههت ثهّم وّليتههم مههدبرين ‪ .‬ثههم أنههزل ا ّ‬
‫سلم و من ثبت معه من بني هاشم‬ ‫سكينته على رسوله و على المؤمنين يريد علّيا عليه ال ّ‬
‫‪.‬‬

‫سلم في‬ ‫قال كاشف الغّمة بعد شرح هذه الغزوة ‪ :‬فانظر إلى مفاخر أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫هذه الغههزاة و منههاقبه ‪ ،‬و جههل بفكههرك فههي بههدايع فضههله و عجههايبه ‪ ،‬و احكههم فيههها بههرأى‬
‫شجاع على أعقابه ‪ ،‬و لههم ينظههر فههي‬ ‫صحيح الّراى صايبه ‪ ،‬و أعجب من ثباته حين فّر ال ّ‬
‫صحبة حين لههم يههر مفارقههة صههاحبه ‪ ،‬و‬ ‫ق بال ّ‬‫سلم أح ّ‬‫المر و عواقبه ‪ ،‬و اعلم أّنه عليه ال ّ‬
‫ح ذلك عندك بههدليله و‬ ‫تيّقن أّنه إذا حّم الحمام لم ينتفع المرء بغير أهله و أقاربه ‪ ،‬فاذا ص ّ‬
‫ن ثبات من ثبت مههن نتايههج ثبههاته ‪ ،‬و أّنهههم‬ ‫بّيناته ‪ ،‬و عرفته بشواهده و علماته ‪ ،‬فاقطع أ ّ‬
‫ن رجوع من رجع من هزيمته فاّنما كان عند ما‬ ‫كانوا أتباعا له في حروبه و مقاماته ‪ ،‬و أ ّ‬
‫بان لهم من الّنصر و أماراته ‪.‬‬

‫قال الشارح الفقير ‪ :‬هذا قليهل مهن كهثير و يسهير مهن جهم غفيهر مهن منهاقبه و مفهاخره و‬
‫له عليههه و آلههه و سهّلم أوردتهه باقتضهاء المقههام و‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫مجاهداته و مواساته لرسول ا ّ‬
‫سلم ‪ :‬و لقد واسيته في المههواطن اّلهتي تنكهص فيهها البطههال و‬ ‫شرحا لمعنى قوله عليه ال ّ‬
‫سلم من الثار و المناقب و الخبههار اّلههتي ل تسههتر ‪ ،‬و‬ ‫تتأخر فيها القدام و كم له عليه ال ّ‬
‫سير ‪ ،‬و كم له من المزايهها‬ ‫المفاخر و الفضائل و المجاهدات المثبتة في كتب التواريخ و ال ّ‬
‫سههلم ‪ ،‬هههذه الفعههال إ ّ‬
‫ل‬ ‫و الخلل و البلء المذكور في الّنزال ‪ ،‬و ل صدرت منه عليه ال ّ‬
‫ل لديها الهوال ‪ ،‬و ل تقوم بوصههفها القلم و‬ ‫ل لها البطال ‪ ،‬و تق ّ‬ ‫عن نجدة و شجاعة تذ ّ‬
‫شم السههتدلل ‪ ،‬و علههى الجملههة و التفصههيل فمقههام‬ ‫القوال ‪ ،‬و ل يحتاج في اثباتها إلى تج ّ‬
‫ضلل ‪.‬‬‫ل ال ّ‬‫قإ ّ‬‫بأسه و نجدته ل ينال و ما ذا بعد الح ّ‬

‫ن رأسههه‬ ‫ل عليه و آله و سّلم و ا ّ‬


‫ل صّلى ا ّ‬‫الثالثة ما أشار إليه بقوله ) و لقد قبض رسول ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم إلى صههدره عنههد‬ ‫سلم أسنده صّلى ا ّ‬
‫لعلى صدرى ( قيل ‪ :‬لعّله عليه ال ّ‬
‫ل ه عليههه و آلههه ‪،‬‬
‫اشتداد مرضه ‪ ،‬و قيل ‪ :‬اّنه كان رأسه على ركبته فيكون رأسه ص هّلى ا ّ‬
‫في صدره عند اكبابه عليه ‪ ،‬و الول أظهر ‪.‬‬

‫سلم قال ‪ :‬كنت‬


‫شيخ عن أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫و يؤيده ما في البحار عن أمالي ال ّ‬

‫] ‪[ 231‬‬

‫ل عليه و اله و سّلم في مرضه اّلذى قبههض فيههه و كههان رأسههه فههي‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫عند رسول ا ّ‬
‫ل عليه و آله ‪ ،‬فاغمى عليه اغمههاء ث هّم‬ ‫ل صّلى ا ّ‬
‫ب عن وجه رسول ا ّ‬ ‫حجرى و العّباس يذ ّ‬
‫ل اقبل وصّيتى و اضمن دينههى و عههداتى ‪ ،‬فقههال‬ ‫فتح عينه فقال ‪ :‬يا عّباس يا عّم رسول ا ّ‬
‫ل أنت أجود من الّريح المرسلة و ليس في مالى وفاء لدينك و عداتك‬ ‫العباس ‪ :‬يا رسول ا ّ‬
‫ل ذلك يجيبههه‬‫ل عليه و آله و سّلم ذلك ثلثا يعيده عليه و العّباس فى ك ّ‬ ‫‪ ،‬فقال الّنبي صّلى ا ّ‬
‫بما قال أّول مّرة ‪.‬‬

‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬لقولّنها لمن يقبلها و ل يقول يا عّباس مثههل‬


‫ي صّلى ا ّ‬
‫قال ‪ :‬فقال النب ّ‬
‫مقالتك ‪ ،‬فقال ‪:‬‬

‫يا على اقبل وصّيتى و اضمن دينى و عداتى ‪.‬‬

‫ل عليههه و آلههه‬
‫ل صّلى ا ّ‬ ‫قال ‪ :‬فخنقتنى العبرة و ارتج جسدى و نظرت إلى رأس رسول ا ّ‬
‫و سّلم يذهب و يجىء في حجرى فقطرت دموعى على وجهههه و لههم اقههدر أن اجيبههه ‪ ،‬ثهّم‬
‫ثّنى فقال ‪:‬‬

‫اقبل وصّيتى و اضههمن دينههى و عههداتى قههال ‪ :‬قلههت ‪ :‬نعههم بههأبي و اّمههى قههال ‪ :‬اجلسههنى ‪،‬‬
‫فأجلسته فكان ظهره في صدرى فقال ‪ :‬يا على أنت أخي في الّدنيا و الخههرة ‪ ،‬و وص هّيى‬
‫و خليفتى في أهلي ‪.‬‬
‫ل عليه و آله ‪ :‬يا بلل هلّم سيفى و درعى و بغلههتى و سههرجها و لجامههها و‬ ‫ثّم قال صّلى ا ّ‬
‫منطقتي اّلتي أشّد بها على درعى ‪ ،‬فجاء بلل بهذه الشياء فوقف بالبغلة بين يدى رسول‬
‫ل عليه و آله و سّلم فقههال ‪ :‬يهها علههى قههم فههاقبض ‪ ،‬فقههال ‪ :‬قمههت و قههام العّبههاس‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫ا ّ‬
‫فجلس مكاني فقمت فقبضت ذلك ‪ ،‬فقال ‪ :‬انطلق به إلى منزلك ‪ ،‬فانطلقت ثهّم جئت فقمههت‬
‫ى ثّم عمد إلى خههاتمه فنزعههه‬ ‫ل عليه و آله و سّلم قائما فنظر إل ّ‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫بين يدى رسول ا ّ‬
‫ص من بنههي هاشههم‬ ‫ي هذا لك فى الّدنيا و الخرة و البيت غا ّ‬ ‫ى فقال ‪ :‬هاك يا عل ّ‬ ‫ثّم دفعه إل ّ‬
‫و المسلمين ‪.‬‬

‫ي هاشم يا معشر المسلمين ل تخالفوا علّيا فتضّلوا و ل تحسهدوه فتكفهروا ‪ ،‬يها‬ ‫فقال ‪ :‬يا بن ّ‬
‫سلم ‪ ،‬فقال ‪ :‬تقيم الشيخ و تجلههس الغلم ؟ فأعادههها ثلث‬ ‫ي عليه ال ّ‬
‫عّباس قم من مكان عل ّ‬
‫مّرات فقام العّباس فنهض مغضبا و جلست مكانى ‪.‬‬

‫له ل اخههرج مههن‬


‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬يها عّبههاس يهها عهّم رسههول ا ّ‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫فقال رسول ا ّ‬
‫الّدنيا و أنا ساخط عليك فيدخلك سخطى عليك الّنار فرجع و جلس ‪.‬‬

‫سلم في حديث قال ‪:‬‬


‫و من المالي أيضا عنه عليه ال ّ‬

‫] ‪[ 232‬‬

‫ل عليههه و آلههه و سهّلم يهها علههي أجلسههني ‪ ،‬فأجلسههته و أسههندته إلههى‬‫ل صّلى ا ّ‬‫فقال رسول ا ّ‬
‫له عليههه و آلههه و سهّلم ليثقههل‬
‫ل صّلى ا ّ‬ ‫سلم ‪ :‬فلقد رأيت رسول ا ّ‬ ‫ي عليه ال ّ‬
‫صدرى قال عل ّ‬
‫ن أخهي و وصهّيي و وزيهري و‬ ‫ضعفا و هو يقول يسمع أههل الهبيت أعلههم و أدنهاهم ‪ :‬إ ّ‬
‫سلم ‪،‬‬‫ي بن أبيطالب عليه ال ّ‬ ‫خليفتي في أهلي عل ّ‬

‫يقضي ديني و ينجز وعدي ‪ ،‬يهها بنههي هاشههم يهها بنههي عبههد المطلههب ل تبغضههوا علّيهها و ل‬
‫تخالفوا عن أمههره فتضهّلوا ‪ ،‬و ل تحسههدوه و ترغبههوا عنههه فتكفههروا ‪ ،‬أضههجعنى يهها علههي‬
‫فأضجعته ‪ ،‬الحديث ‪.‬‬

‫ي بههن أبيطههالب عليههه‬


‫و فى البحار من المالي أيضا باسناده عههن ابههن أبههي رافههع عههن عله ّ‬
‫سلم قال ‪:‬‬
‫ال ّ‬

‫ل و هو مريض فاذا رأسه في حجر رجل أحسن ما رأيت مههن الخلههق و‬ ‫يا ّ‬
‫دخلت على نب ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪ ،‬قال الّرجل ‪ :‬ادن إلى ابن عّمههك‬‫الّنبي نائم ‪ ،‬فلّما دخلت عليه صّلى ا ّ‬
‫ق به مّنى ‪ ،‬فههدنوت منهمهها فقههام الّرجههل و جلسههت مكههانه و وضههعت رأس النههب ّ‬
‫ي‬ ‫فأنت أح ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم في حجرى كما كان فههي حجههر الّرجههل ‪ ،‬فمكههث سههاعة ثهّم إ ّ‬
‫ن‬ ‫صّلى ا ّ‬
‫ل عليه و آله استيقظ فقال ‪ :‬أين الّرجل اّلذى كان رأسى في حجره ؟‬ ‫الّنبي صّلى ا ّ‬
‫ق به مّنههى ثهّم قههام‬
‫فقلت ‪ :‬لّما دخلت عليك دعانى إليك ثّم قال ‪ :‬ادن إلى ابن عّمك فأنت أح ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬فهل تدرى من الّرجل ؟ قلت ‪ :‬ل‬ ‫فجلست مكانه ‪ ،‬فقال الّنبي صّلى ا ّ‬
‫ل عليههه و آلههه و سهّلم ‪ :‬ذاك جبرئيههل كههان يحهّدثنى حّتههى‬‫بأبي و اّمى ‪ ،‬فقال الّنبي صّلى ا ّ‬
‫ف عّنى وجعى و نمت و رأسى في حجره ‪.‬‬ ‫خ ّ‬

‫ع عع ع عععع ع عع ععع ع عععع ععع ع ع ع عععع‬


‫عععع ع ععع‬

‫صدوق باسناده عن ابن عّباس قال ‪:‬‬


‫ففى البحار من امالي ال ّ‬

‫ل عليه و آله و سهّلم و عنههده أصههحابه ‪ ،‬قههام إليههه عّمههار بههن‬


‫ل صّلى ا ّ‬
‫لّما مرض رسول ا ّ‬
‫ياسر فقال له ‪:‬‬

‫ي ابههن‬
‫ل فمن يغسلك مّنا إذا كههان ذلههك منههك ؟ قههال ‪ :‬ذلههك عله ّ‬
‫فداك أبي و اّمي يا رسول ا ّ‬
‫ل أعانته الملئكة على ذلك ‪.‬‬ ‫أبيطالب لّنه ل يهم بعضو من أعضائي إ ّ‬

‫ل فمن يصّلى عليك مّنا إذا كان ذلك‬


‫فقال له ‪ :‬فداك أبي و اّمي يا رسول ا ّ‬

‫] ‪[ 233‬‬

‫ل‪.‬‬
‫منك ؟ قال ‪ :‬منه رحمك ا ّ‬

‫سلم ‪ :‬يا ابن أبيطالب إذا رأيت روحى قههد‬


‫ي عليه ال ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم لعل ّ‬
‫ثّم قال صّلى ا ّ‬
‫ى هذين أو في بياض مصر حههبرة‬ ‫فارقت جسدى فاغسلنى و انق غسلى و كفنى في طمر ّ‬
‫و برديمان ‪،‬‬

‫و ل تغال في كفنى و احملونى حّتى تضعونى على شفير قبرى ‪ ،‬فأّول مههن يص هّلى عل هيّ‬
‫ل جللههه مههن فههوق عرشههه ‪ ،‬ثهّم جبرئيههل و ميكائيههل و إسههرافيل فههي جنههود مههن‬‫الجّبار ج ّ‬
‫ل و عهّز ثهّم الحهاّفون بهالعرش ثهّم سهّكان أههل سهماء‬ ‫لجّ‬ ‫لا ّ‬‫الملئكة ل يحصى عددهم إ ّ‬
‫ل أهل بيتي و نسائي القربون فالقربون يؤمههون ايمههاء و يسههلمون تسههليما ل‬ ‫فسماء ثّم ج ّ‬
‫ي بالناس ‪ ،‬فههاجتمع‬‫يؤذونى بصوت نادبة » نائحة خ « و ل مرّنة ثّم قال ‪ :‬يا بلل هلّم عل ّ‬
‫صهبا بعمهامته متههوكئا علههى قوسهه حّتههى‬
‫ل عليه و آله متع ّ‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫الناس فخرج رسول ا ّ‬
‫ل و أثني عليه ثّم قال ‪:‬‬‫صعد المنبر فحمد ا ّ‬

‫ي كنت لكم ؟ أ لم اجاهد بين أظهركم ؟ أ لم تكسهر ربهاعّيتي ؟ أ لهم‬


‫ى نب ّ‬
‫معاشر أصحابي أ ّ‬
‫يعفر جبيني ؟ أ لم تسل الّدماء على حّر وجهى حّتى كنفت ‪ 1‬لحيتى ؟ أ لم اكابههد الش هّدة و‬
‫له‬
‫الجهد مع جّهال قومى ؟ أ لم أربط حجر المجاعة على بطنى ؟ قالوا ‪ :‬بلى يهها رسههول ا ّ‬
‫ل ناهيا ‪،‬‬
‫ل صابرا ‪ ،‬و عن منكر بلء ا ّ‬ ‫ل عليه و آله و سّلم و لقد كنت ّ‬
‫صّلى ا ّ‬

‫ل عّنا أفضل الجزاء ‪.‬‬


‫فجزاك ا ّ‬

‫ل حكههم و اقسههم أن‬ ‫ن رّبي عّز و ج ّ‬


‫ل ثّم قال ‪ :‬إ ّ‬
‫ل عليه و آله ‪ :‬و أنتم فجزاكم ا ّ‬ ‫قال صّلى ا ّ‬
‫ل قهام‬
‫ى رجههل منكهم كهانت لههه قبهل محّمههد مظلمهة إ ّ‬ ‫لأ ّ‬ ‫ل يجوزه ظلم ظالم ‪ ،‬فناشدتكم بهها ّ‬
‫ى مههن القصههاص فههي دار الخههرة علههى‬ ‫ب إله ّ‬
‫ص منههه فالقصههاص فههي دار الهّدنيا أحه ّ‬‫فليقت ّ‬
‫رؤوس الملئكة و النبياء ‪.‬‬

‫فقام إليه رجل من أقصى القوم يقال له ‪ :‬سوادة بن قيههس فقههال لههه ‪ :‬فههداك أبههي و اّمههى يهها‬
‫له إّنههك لّمهها أقبلههت مههن الطههايف اسههتقبلتك و أنههت علههى ناقتههك الغضههباء و بيههدك‬
‫رسول ا ّ‬
‫القضيب الممشوق ‪ ،‬فرفعت القضيب و أنت تريد الّراحلة فأصاب بطنههى فل أدرى عمههدا‬
‫أو خطاء ‪.‬‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬هه ههههه ه هههه ‪.‬‬

‫] ‪[ 234‬‬

‫ل أن أكههون تعّمههدت ‪ ،‬ثهّم قهال ‪ :‬يهها بلل قههم إلههى‬


‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬معاذ ا ّ‬
‫فقال صّلى ا ّ‬
‫منزل فاطمة فائتنى بالقضيب الممشوق ‪.‬‬

‫فخرج بلل و هو ينادى في سكك المدينة ‪ :‬معاشر النههاس مههن ذا الههذى يعطههى القصههاص‬
‫ل عليه و آله يعطى القصاص مههن نفسههه قبههل‬ ‫من نفسه قبل يوم القيامة فهذا محّمد صّلى ا ّ‬
‫يوم القيامة ‪.‬‬

‫سلم و هو يقول ‪ :‬يا فاطمههة قههومى فوالههدك يريههد‬ ‫و طرق بلل الباب على فاطمة عليها ال ّ‬
‫سلم و هى تقههول ‪ :‬يهها بلل و مهها يصههنع والههدى‬ ‫القضيب الممشوق فأقبلت فاطمة عليها ال ّ‬
‫ن والههدك قههد صههعد‬
‫بالقضيب و ليس هذا يوم القضيب ‪ ،‬فقال بلل ‪ :‬يا فاطمة أما علمههت أ ّ‬
‫سههلم و قهالت ‪ :‬و اغمههاه‬ ‫المنبر و هو يوّدع أهل الّدين و الّدنيا ‪ ،‬فصاحت فاطمههة عليههها ال ّ‬
‫له و حهبيب القلهوب ‪ ،‬ثهّم‬ ‫لغمك يا أبتاه من للفقراء و المسهاكين و ابهن السهبيل يها حهبيب ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪.‬‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫ناولت بلل القضيب ‪ ،‬فخرج حّتى ناوله رسول ا ّ‬

‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬أين الشيخ ؟ فقال الشيخ ‪ :‬ها أنا ذا يا رسههول‬‫ل صّلى ا ّ‬ ‫فقال رسول ا ّ‬
‫ص مّنههى حههتى ترضههى ‪ ،‬فقههال الشههيخ ‪ :‬فاكشههف لههى عههن‬
‫ل بأبي أنت و اّمى فقال ‪ :‬فاقت ّ‬
‫ا ّ‬
‫ل أ تههأذن‬
‫ل ‪ ،‬فكشف عن بطنه فقال الشيخ ‪ :‬بأبي أنت و اّمى يا رسول ا ّ‬ ‫بطنك يا رسول ا ّ‬
‫لى أن أضع فمى على بطنك ؟ فأذن له فقال ‪ :‬أعوذ بموضع القصههاص مههن بطههن رسههول‬
‫ل عليه و آله و سّلم من النار ‪.‬‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫ا ّ‬

‫ص ؟ فقههال ‪:‬‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪ ،‬يا سوادة بن قيس أ تعفههو أم تقته ّ‬‫ل صّلى ا ّ‬‫فقال رسول ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬اللهّم اعف عن سوادة بن قيههس‬ ‫ل ‪ ،‬فقال صّلى ا ّ‬ ‫بل أعفو يا رسول ا ّ‬
‫كما عفى عن محّمد نبيك ‪.‬‬

‫سههر‬‫ب سّلم امههة محّمههد مههن النههار و ي ّ‬


‫ل فدخل بيت اّم سلمة و هو يقول ‪ ،‬ر ّ‬ ‫ثّم قام رسول ا ّ‬
‫له مهها لههي أراك مغمومهها متغّيههر اللههون فقههال‬
‫عليهم الحساب ‪ ،‬فقالت اّم سلمة ‪ :‬يا رسول ا ّ‬
‫ل عليه و آله ‪ ،‬نعيت إلى نفسى هذه الساعة فسلم لك فههي ال هّدنيا فل تسههمعين بعههد‬ ‫صّلى ا ّ‬
‫هذا اليوم صوت محّمد أبدا ‪ ،‬فقالت أّم سلمة ‪ :‬واحزنههاه حزنها ل تههدركه الندامههة عليههك يهها‬
‫له عليههه و آلهه و سهّلم ‪ :‬ادع لهي حبيبههة قلههبي و قهّرة عينهي فاطمههة ‪،‬‬
‫محّمد ثّم قال صّلى ا ّ‬
‫فجائت فاطمة و هي تقول ‪:‬‬

‫نفسى لنفسك الفداء و وجهى لوجهك الوفاء يا أبتههاه أل تكّلمنههى كلمههة فههانى أنظههر إليههك و‬
‫أراك مفارق الّدنيا و أرى عساكر الموت تغشاك شديدا ‪.‬‬

‫ل عليه و آله و سّلم لها ‪ :‬يا بنية إّنى مفارقك فسههلم عليههك مّنههى ‪ ،‬قههالت ‪ :‬يهها‬
‫فقال صّلى ا ّ‬
‫أبتاه فأين‬

‫] ‪[ 235‬‬

‫ل عليه و آله ‪ :‬عند الحساب ‪ ،‬قهالت ‪ :‬فهان لهم ألقهك عنهد‬


‫الملتقى يوم القيامة ؟ قال صّلى ا ّ‬
‫الحساب ؟ قال ‪ :‬عند الشفاعة لمتى ‪ ،‬قالت ‪ :‬فان لم ألقك عند الشفاعة لمتك ؟ قال ‪ :‬عند‬
‫الصراط جبرئيل عن يميني و ميكائيل عن يسارى و الملئكة خلفى و قّدامى ينادون ر ّ‬
‫ب‬
‫سر عليهم الحساب ‪ ،‬قالت فاطمة ‪ :‬فأين والدتى خديجة ؟‬ ‫سلم امة محّمد من النار و ي ّ‬

‫قال ‪ :‬في قصر له أربعة أبواب إلى الجنة ‪.‬‬

‫صههلة‬
‫ل عليه و آلههه و سهّلم فههدخل بلل و هههو يقههول ‪ :‬ال ّ‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫ثّم اغمى على رسول ا ّ‬
‫ل‪،‬‬
‫رحمك ا ّ‬

‫صلة ‪.‬‬
‫ل عليه و آله و سّلم و صّلى بالّناس و خّفف ال ّ‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫فخرج رسول ا ّ‬

‫ل عليه و آلههه‬‫ي بن أبيطالب و اسامة بن زيد ‪ ،‬فجاءا فوضع صّلى ا ّ‬ ‫ثّم قال ‪ :‬ادعوا لى عل ّ‬
‫ي و الخرى على اسامة ثّم قال ‪ :‬انطلقا بي إلههى فاطمههة ‪ ،‬فجههاءا‬
‫و سّلم يده على عاتق عل ّ‬
‫به حتى وضهع رأسهه فهي حجرهها فهاذا الحسههن و الحسههين يبكيهان و يصهطرخان و همها‬
‫يقولن ‪ :‬أنفسنا لنفسك الفداء و وجوهنا لوجهك الوقاء ‪.‬‬

‫سههلم ‪ :‬ابنههاك‬
‫ي ؟ فقههال عليههه ال ّ‬
‫ل عليههه و آلههه ‪ :‬مههن هههذان يهها عله ّ‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫فقال رسول ا ّ‬
‫الحسن و الحسين ‪،‬‬

‫ف يهها‬
‫ل عليه و آله ‪ :‬ك ه ّ‬
‫سلم أشّد بكاء فقال صّلى ا ّ‬ ‫فعانقهما و قّبلهما و كان الحسن عليه ال ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪.‬‬
‫ل صّلى ا ّ‬‫حسن فقد شققت على رسول ا ّ‬

‫سلم يا ملك الموت لههي‬


‫ل قال ‪ :‬و عليك ال ّ‬
‫فنزل ملك الموت قال ‪ :‬السلم عليك يا رسول ا ّ‬
‫له ؟ قههال ‪ :‬حههاجتي أن ل تقبههض روحههى حههتى‬
‫يا ّ‬
‫إياك حاجة ‪ ،‬قال ‪ :‬و ما حاجتك يهها نههب ّ‬
‫ى و اسلم عليه ‪.‬‬ ‫يجيئني جبرئيل فتسلم عل ّ‬

‫فخرج ملك الموت و هو يقول ‪ :‬يا محّمداه ‪ ،‬فاستقبله جبرئيل فى الهواء فقال ‪:‬‬

‫يا ملك الموت قبضت روح محّمد ؟ قال ‪ :‬ل يا جبرئيههل سهألنى أن ل أقبضههه حهتى يلقههاك‬
‫فتسلم عليه و يسلم عليك ‪ ،‬فقال جبرئيل ‪ :‬يا ملك الموت أمهها تههرى أبههواب السههماء مفّتحههة‬
‫ل عليه و آله و سّلم أما ترى الحور العين قد تزّين لروح محّمد صّلى‬ ‫لروح محّمد صّلى ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪.‬‬
‫ا ّ‬

‫ثم نزل جبرئيل فقال ‪ :‬السلم عليك يا أبا القاسم فقال ‪ :‬و عليك السلم يا جبرئيل ادن منى‬
‫حبيبى جبرئيل ‪ ،‬فدنا منه ‪ ،‬فنزل ملههك المهوت فقهال لههه جبرئيهل ‪ :‬يها ملههك المههوت احفههظ‬
‫ل في روح محّمد ‪ ،‬و كان جبرئيل عن يمينه و ميكائيل عن يساره و ملك الموت‬ ‫وصية ا ّ‬

‫] ‪[ 236‬‬

‫له عليههه و آلههه نظههر إلههى‬


‫له صهّلى ا ّ‬
‫آخذ بروحه ‪ ،‬فلما كشف الثههوب عههن وجههه رسههول ا ّ‬
‫ل نفههس‬‫جبرئيل فقال له عند الشدائد تخذلني ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا محّمد إنك مّيت و انهم مّيتههون ‪ ،‬كه ّ‬
‫ذائقة الموت ‪.‬‬

‫ل عليههه و آلههه و سهّلم فهى ذلههك المههرض كهان‬‫ل صّلى ا ّ‬‫ن رسول ا ّ‬ ‫فروى عن ابن عباس أ ّ‬
‫يقول ‪ :‬ادعوا الى حبيبى فجعل يدعا له رجل بعد رجل فيعرض عنه فقيههل لفاطمههة عليههها‬
‫ى عليههه‬‫ي ‪ ،‬فبعث فاطمة إلى عل ّ‬ ‫ل يريد غير عل ّ‬ ‫ى فما نرى رسول ا ّ‬ ‫سلم امضى إلى عل ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم عينيه و تهّلل وجهه ثههم قههال ‪:‬‬‫ل صّلى ا ّ‬‫سلم فلما دخل فتح رسول ا ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم يدنيه حتى أخذه بيده و أجلسهه‬ ‫ي يا علي فما زال صّلى ا ّ‬ ‫ي يا علي إل ّ‬
‫إل ّ‬
‫سهلم يصهيحان و يبكيهان حههتى‬ ‫عند رأسه ثّم اغمى عليه فجاء الحسن و الحسين عليهما ال ّ‬
‫له‬
‫ى أن ينحيهما عنههه ص هّلى ا ّ‬‫ل عليه و آله و سّلم ‪ ،‬فأراد عل ّ‬‫ل صّلى ا ّ‬ ‫وقعا على رسول ا ّ‬
‫ل عليه و آله ثّم قههال يهها علههى دعنههى أشهّمهما و‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫عليه و آله و سّلم فأفاق رسول ا ّ‬
‫له‬
‫يشّمانى و أتزّود منهما و يتزّودان مّني أما أنهما سيظلمان بعدي و يقتلن ظلما فلعنههة ا ّ‬
‫على من يظلمهما يقول ذلك ثلثا ‪.‬‬

‫ى فجذبه إليه حتى أدخله تحت ثوبه الذى كان عليههه ‪ ،‬و وضههع فههاه علههى‬
‫ثّم مّد يده إلى عل ّ‬
‫ل عليه و آله ‪.‬‬
‫فيه و جعل يناجيه مناجاة طويلة حتى خرجت روحه الطيبة صلوات ا ّ‬

‫له إليههه ‪،‬‬


‫له اجههوركم فههى نههبّيكم فقههد قبضههه ا ّ‬ ‫ى من تحت ثيابه و قههال ‪ :‬اعظههم ا ّ‬ ‫ل عل ّ‬
‫فانس ّ‬
‫سلم ‪ :‬مهها الههذى ناجههاك‬ ‫فارتفعت الصوات بالضجة و البكاء فقيل لمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم حين أدخلك تحت ثيابه ؟ فقال ‪ :‬عّلمنى ألف باب‬ ‫ل صّلى ا ّ‬
‫به رسول ا ّ‬
‫ل عنه ‪ :‬ما فى هههذا الحههديث مههن قصههة سههوادة‬ ‫كلّ باب يفتح ألف باب قال الشارح عفى ا ّ‬
‫منههاف للصههول المحكمههة و الدلههة القاطعههة العقليههة و النقليههة الّدالههة علههى كههون النبيههاء‬
‫معصومين من السهو و الخطاء و النسيان كعصمتهم من المعاصى مطلقا حسههبما عرفتههه‬
‫تفصيل فى شرح الفصل الثانى عشر من الخطبة الولى ‪ ،‬فل بّد من تأويله على وجههه ل‬
‫ل الصدوق رواه بناء علههى‬ ‫ينافى العصمة أو رّده لمخالفته لصول مذهب المامّية ‪ ،‬و لع ّ‬
‫ي كما صّرح به فى الفقيه و غيره ‪.‬‬ ‫مذهبه من تجويزه السهو على النب ّ‬

‫و فى كشف الغمة من كتاب أبى إسحاق الثعلبى قال ‪:‬‬

‫له مههتى‬
‫ل عليه و آله و سّلم و قد ثقل فقههال ‪ :‬يهها رسههول ا ّ‬
‫ى صّلى ا ّ‬
‫دخل أبو بكر على النب ّ‬
‫الجل ؟‬

‫ل المستعان علههى ذلههك فههالى‬


‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬قد حضر ‪ ،‬قال أبو بكر ‪ :‬ا ّ‬
‫قال صّلى ا ّ‬
‫ما المنقلب ؟‬

‫] ‪[ 237‬‬

‫ل عليه و آلههه و سهّلم ‪ :‬إلههى السههدرة المنتهههى و الجنههة المههأوى و إلههى الرفيههق‬
‫قال صّلى ا ّ‬
‫ى ‪ ،‬قال أبو بكر ‪ :‬فمن يلى غسههلك ؟ قههال ‪ :‬رجههال‬ ‫العلى و الكاس الوفى و العيش المهن ّ‬
‫ي أو فى حّلة يمانية‬‫أهل بيتى الدنى فأدنى قال ‪ :‬ففيم نكفنك ؟ قال ‪ :‬فى ثيابى هذه التي عل ّ‬
‫أو في بياض مصر قال ‪ :‬كيف الصلة عليك ؟ فارتجت الرض بالبكاء ‪.‬‬

‫له عنكههم إذا غسهلت فكفنههت‬


‫له عليهه و آلهه و سهّلم ‪ :‬مهل عفههى ا ّ‬
‫ى صهّلى ا ّ‬
‫فقال لهههم النههب ّ‬
‫ل تبارك و‬‫فضعونى على سريرى فى بيتى على شفير قبرى ثّم اخرجوا عنى ساعة فان ا ّ‬
‫ى ‪ ،‬فأّول من ينزل جبرئيل ثههّم‬ ‫صلة عل ّ‬‫ي ثّم يأذن الملئكة في ال ّ‬‫تعالى أّول من يصّلي عل ّ‬
‫سلم فى جنود كثير من الملئكة بأجمعها ‪ ،‬ثّم‬ ‫إسرافيل ثّم ميكائيل ثّم ملك الموت عليهم ال ّ‬
‫ي و سلموا تسليما و ل تؤذونى بتزكية ‪ 1‬و ل رّنة ‪ ،‬و‬ ‫ى زمرة زمرة فصّلوا عل ّ‬‫ادخلوا عل ّ‬
‫ى الدنى فالدنى من أهل بيتى ‪ ،‬ثّم النساء ‪ ،‬ثّم الصبيان زمرا ‪.‬‬‫ليبدء بالصلة عل ّ‬

‫قال أبو بكر ‪ :‬فمن يدخل قبرك ؟ قال ‪ :‬الدنى فالدنى من أهل بيتى مع ملئكة ل ترونهم‬
‫‪ ،‬قوموا فأّدوا عّنى إلى من ورائكم فقلت للحههارث بههن مهّرة ‪ :‬مههن حهّدثك بهههذا الحههديث ؟‬
‫ى صهّلى‬‫سلم قال ‪ :‬كان جبرئيل ينزل على النههب ّ‬ ‫ي عليه ال ّ‬
‫ل بن مسعود عن عل ّ‬
‫قال ‪ :‬عبد ا ّ‬
‫ل يوم و ليلة فيقههول ‪ :‬السههلم عليههك‬‫ل عليه و آله و سّلم فى مرضه الذى قبض فيه فى ك ّ‬ ‫ا ّ‬
‫ن رّبك يقرؤك السلم فيقول ‪ :‬كيف تجدك و هو أعلم بك و لكنه أراد أن يزيدك كرامة و‬ ‫إّ‬
‫شرفا إلى ما أعطاك على الخلق و أراد أن يكون عيادة المريض سنة فى امتك ‪.‬‬

‫ل عليه و آله و سّلم إن كان وجعا ‪ :‬يا جبرئيل أجدنى وجعا ‪ ،‬فقههال‬‫ى صّلى ا ّ‬‫فيقول له النب ّ‬
‫ل لم يشدد عليك و ما من أحد من خلقه أكرم عليههه منههك ‪ ،‬و‬‫نا ّ‬
‫له جبرئيل اعلم يا محّمد أ ّ‬
‫لكنه أح ّ‬
‫ب‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬هه ه ههه ه ه هه هههه ه ه هههه ههه ه هه ه‬
‫ههه ه هه ه ه ههه ه ههه ههه هه ه ه هه ههه‬
‫هههههه ه ه هههه ههه ه هههههه ه هه هههه ه‬
‫ههه ه ه هه ه ههه هه ههه ه ه هه هه ه ه‬‫ه هه هه ه‬
‫هههه هه هه هه ‪ :‬ه ههه هه ه ه هههه هه ه ه هه‬
‫هه هه ه ه ههه ههه ه هه ‪ :‬ههههه ه هه هه هه ه‬
‫هههه ه ههه ههههه ههه هه ) ه ( هه ههه هههه ه ‪:‬‬
‫هههه ) ههه ( ‪.‬‬
‫ههههه ههههههه ه ههههه هههه‬

‫] ‪[ 238‬‬

‫أن يسمع صوتك و دعاءك حّتى تلقاه مستوجبا للّدرجة و الثواب الذى أعّد لههك و الكرامههة‬
‫و الفضيلة على الخلق ‪.‬‬

‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬أجدني مريحا في عافيههة قههال لههه ‪ :‬فاحمههد‬ ‫ي صّلى ا ّ‬‫و إن قال له الّنب ّ‬
‫ب أن‬‫ب أن تحمده و تشكره ليزيههدك إلههى مهها أعطههاك خيههرا فههاّنه يحه ّ‬‫ل على ذلك فاّنه يح ّ‬ ‫ا ّ‬
‫يحمد و يزيد من شكر ‪.‬‬

‫سههلم‬‫ي عليههه ال ّ‬
‫سه فقههال عله ّ‬‫قال ‪ :‬و اّنه نزل عليه في الوقت الذى كان ينزل فيه فعرفنا ح ّ‬
‫ن رّبههك يقههرؤك السههلم و‬ ‫فخرج من كان في البيت غيرى ‪ ،‬فقال له جبرئيل ‪ :‬يهها محّمههد إ ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬أجدني مّيتا‬ ‫ي صّلى ا ّ‬ ‫يسألك و هو أعلم بك كيف تجدك ؟ فقال له النب ّ‬
‫له إّنمهها أراد أن يبّلغههك بمهها تجههد مهها أعهّد لههك مههن‬
‫نا ّ‬
‫‪ ،‬قال له جبرئيل ‪ :‬يا محّمد ابشر فهها ّ‬
‫ي فأذنت له فدخل و‬ ‫ن ملك الموت استأذن عل ّ‬ ‫ل عليه و آله ‪ :‬إ ّ‬ ‫الكرامة قال له الّنبي صّلى ا ّ‬
‫ن ربك إليك مشتاق فما استاذن ملك المههوت‬ ‫استنظرته مجيئك فقال له جبرئيل ‪ :‬يا محّمد إ ّ‬
‫ل عليه و آلههه و س هّلم ‪ :‬ل‬ ‫على أحد قبلك و ل يستأذن على أحد بعدك فقال له الّنبي صّلى ا ّ‬
‫تبرح يا جبرئيل حّتى يعود ‪.‬‬

‫ثّم أذن للنساء فدخلن عليه فقال لبنته ‪ :‬ادني مّني يا فاطمة فههأكّبت عليههه فناجاههها فرفعههت‬
‫رأسها فعيناها تهملن دموعهها ‪ ،‬فقههال لههها ‪ :‬ادنههي مّنههي فههدنت منههه فههأكّبت عليههه فناجاههها‬
‫فرفعت رأسها و هي تضحك ‪.‬‬

‫جبنا لما رأينا ‪ ،‬فسألناها فأخبرتنا أّنه نعى إليها نفسه فبكت فقال لها يا بنّيههة ل تجزعههي‬
‫فتع ّ‬
‫ل أن يجعلك أّول أهل بيتي لحاقا بي فأخبرني أّنه قد اسههتجاب لههي فضههحكت‬ ‫فاّني سألت ا ّ‬
‫سههلم فقّبلهمهها و‬
‫ل عليه و آله و سّلم الحسن و الحسين عليهما ال ّ‬‫قال ‪ :‬ثّم دعا الّنبي صّلى ا ّ‬
‫شّمهما و جعل يترشفهما و عيناه تهملن ‪.‬‬

‫ل عنه ‪ :‬و لقد كنت عند نقلي هذه الّرواية للثعلبي كههاد أن يشههرح قلههبي‬
‫قال الشارح عفى ا ّ‬
‫سكاكين مّما تضّمنه صدرها من شههنيع فعهل أبههي بكهر و إصهراره فهى سههؤال الّرسهول‬ ‫بال ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم و من أجله و غسله و دفنه و كفنه و منقلبه فى هذه الحال مههن‬ ‫صّلى ا ّ‬
‫شّدة‬

‫] ‪[ 239‬‬

‫مرضههه و ضههعفه ‪ ،‬و قههد أحههاطت بههه غمههرات اللم ‪ ،‬و غشههيته طههوارق الوجههاع و‬
‫السقام ‪،‬‬

‫جههت الرض بالبكههاء و‬ ‫سؤال حّتههى ارت ّ‬


‫و كيف تمالك نفسه و لم تخنقه عبرته و بالغ فى ال ّ‬
‫ل حياء الّرجل و‬
‫ل ما أق ّ‬
‫ل عليه و آله إلى ردعه بقوله ‪ :‬مهل ‪ ،‬فيا ّ‬ ‫ل صّلى ا ّ‬
‫ألجأ رسول ا ّ‬
‫أسوء أدبه و أقسى قلبه و أقبح فعله ‪.‬‬

‫و فى البحار من المناقب عن سهل بن أبي صالح عن ابههن عّبههاس أّنههه اغمههى علههى النههبىّ‬
‫ق بابه ‪ ،‬فقالت فاطمة ‪ :‬من ذا ؟ قال ‪ :‬أنا رجل غريههب‬ ‫ل عليه و آله فى مرضه فد ّ‬
‫صّلى ا ّ‬
‫له لحاجتههك‬ ‫ل أ تأذنون لي في الّدخول عليه ؟ فأجابت امض رحمههك ا ّ‬ ‫أتيت أسأل رسول ا ّ‬
‫ل عنك مشغول ‪.‬‬ ‫فرسول ا ّ‬

‫ل عليه و آله و‬ ‫ل صّلى ا ّ‬


‫ق الباب و قال ‪ :‬غريب يستأذن على رسول ا ّ‬ ‫فمضى ثّم رجع فد ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم من غشيته و قال ‪ :‬يهها‬
‫ل صّلى ا ّ‬‫سّلم أ تاذنون للغرباء ؟ فأفاق رسول ا ّ‬
‫ل ‪ ،‬قال ‪ :‬هذا مفهّرق الجماعههات و منقههض »‬ ‫فاطمة أ تدرين من هذا قالت ‪ :‬ل يا رسول ا ّ‬
‫ل على أحد قبلى و ل يستأذن على أحههد‬ ‫منغص « الّلذات ‪ ،‬هذا ملك الموت ما استأذن و ا ّ‬
‫ل ه ‪ ،‬فههدخل كريههح‬ ‫ل ائذنى له فقالت ‪ :‬ادخل رحمك ا ّ‬ ‫ي لكرامتي على ا ّ‬‫بعدى ‪ ،‬استأذن عل ّ‬
‫ل ه عليههه و آلههه و‬
‫ي ص هّلى ا ّ‬‫ل ‪ ،‬فأوصى النههب ّ‬
‫هفافة و قال ‪ :‬السلم على أهل بيت رسول ا ّ‬
‫سلم بالصبر عن الّدنيا و بحفظ فاطمة و بجمع القرآن و بقضاء دينه‬ ‫ي عليه ال ّ‬
‫سّلم إلى عل ّ‬
‫و بغسله و أن يعمل حول قبره حايط و بحفظ الحسن و الحسين ‪.‬‬

‫ي الوفاة استأذن عليه‬


‫سلم قال ‪ :‬لّما حضرت النب ّ‬ ‫و فى كشف الغمة عن أبى جعفر عليه ال ّ‬
‫له‬
‫سلم فقال ‪ :‬ما حاجتك ؟ قال ‪ :‬اريد الّدخول على رسول ا ّ‬ ‫ي عليه ال ّ‬
‫رجل فخرج إليه عل ّ‬
‫ى ‪ :‬لست تصل إليه فما حاجتك ؟ فقال الّرجل ‪ :‬إنه ل بّد من الّدخول عليه ‪،‬‬ ‫فقال عل ّ‬

‫ل عليه و آله و سّلم فههاذن لههه فههدخل فجلههس‬‫ي صّلى ا ّ‬‫سلم فاستأذن الّنب ّ‬‫ى عليه ال ّ‬
‫فدخل عل ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪.‬‬ ‫ل صّلى ا ّ‬
‫عند رأس رسول ا ّ‬

‫ل أنت ؟ قال ‪ :‬أنا ملك الموت‬ ‫ي رسل ا ّ‬ ‫ل إليك ‪ ،‬قال ‪ :‬و أ ّ‬


‫ل إّني رسول ا ّ‬‫يا ّ‬‫ثّم قال ‪ :‬يا نب ّ‬
‫ل عليه و آله و‬
‫ي صّلى ا ّ‬
‫أرسلنى إليك يخّيرك بين لقائه و الّرجوع إلى الّدنيا ‪ ،‬فقال له النب ّ‬
‫سّلم فامهلنى حّتى ينزل جبرئيل فأستشيره ‪.‬‬

‫] ‪[ 240‬‬

‫ل الخرة خيهر لهك مهن الولهى و لسهوف يعطيهك ربهك‬ ‫و نزل جبرئيل فقال ‪ :‬يا رسول ا ّ‬
‫سلم لقاء رّبي خير لى فههامض لمهها امههرت بههه ‪،‬‬
‫ل خير لك ‪ ،‬فقال عليه ال ّ‬
‫فترضى ‪ ،‬لقاء ا ّ‬
‫فقال جبرئيل لملك الموت ‪ :‬ل تعجل حتى أعرج الى السههماء » ربههى خ « و أهبههط ‪ ،‬قههال‬
‫ملك الموت ‪:‬‬

‫لقد صارت نفسه في موضع ل أقدر على تأخيرها ‪ ،‬فعند ذلك قال جبرئيل ‪ :‬يا محّمد هههذا‬
‫آخر هبوطى إلى الّدنيا إنما كنت أنت حاجتى فيها ‪.‬‬

‫سههلم ‪ :‬قههال جبرئيههل ‪ :‬يهها محّمههد‬


‫و فى البحار من كتاب اعلم الورى قال الصادق عليه ال ّ‬
‫هذا آخر نزولى إلى الّدنيا إنما كنت أنت حاجتى منها ‪ ،‬قهال ‪ :‬و صههاحت فاطمههة و صههاح‬
‫له عليههه و آلهه و سهّلم لليلههتين‬
‫المسلمون و يضعون التراب على رؤوسهم و مات صهّلى ا ّ‬
‫بقيتا من صفر سنة عشر من الهجهرة ‪ ،‬و روى أيضها لثنهى عشهر ليلهة مهن ربيهع الّول‬
‫ل عليه و آله و سّلم تسليما كثيرا ‪.‬‬
‫صّلى ا ّ‬

‫الرابعة ما أشار إليه بقههوله ) و لقههد سههالت نفسههه فههي كفّههى فأمررتههها علههى وجهههى ( قههال‬
‫ل عليه و آلههه و س هّلم قههاء‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫ن رسول ا ّ‬ ‫الشارح البحراني ‪ :‬أراد بنفسه دمه يقال ‪ :‬إ ّ‬
‫سههلم مسههح بههذلك الهّدم وجهههه ‪ ،‬و ل ينههافي ذلههك‬
‫ن عليهها عليههه ال ّ‬
‫وقت موته دما يسيرا و إ ّ‬
‫صص دم الّرسول كما روى أن أباطيبة الحجام شرب دمه صّلى‬ ‫نجاسة الّدم لجواز أن يخ ّ‬
‫له عليههه و آلههه و سهّلم إذا ل ينجههع بطنههك ‪،‬‬
‫ل عليه و آله و سّلم حين حجمه فقال صّلى ا ّ‬
‫ا ّ‬
‫انتهى كلمه ‪ ،‬و مثله الشارح المعتزلي ‪.‬‬

‫ل عليه و آله و سّلم فل ريب فيها كما قال الشاعر ‪:‬‬


‫ي صّلى ا ّ‬
‫أقول ‪ :‬أّما طهارة دم النب ّ‬

‫فهههههههههههههههههههان تفهههههههههههههههههههق النهههههههههههههههههههام و أنهههههههههههههههههههت منههههههههههههههههههههم‬


‫ن المسك بعض دم الغزال‬ ‫فا ّ‬

‫له عليههه و آلههه و‬


‫و يشهد بها آية التطهير فان قلت ‪ :‬لو كان طاهرا لم حّذر النههبي صهّلى ا ّ‬
‫سّلم أبا سعيد الخدرى من شربه كما رواه في البحار من تفسير المههام فههي حههديث طويههل‬
‫قال فيه ‪:‬‬

‫ل عليه و آله احتجم مّرة فدفع الّدم الخارج منه إلههى أبههى‬ ‫ل صّلى ا ّ‬
‫ن رسول ا ّ‬‫و أما الّدم فا ّ‬
‫ل عليه و آله لههه ‪ :‬مهها صههنعت‬ ‫سعيد الخدرى و قال له ‪ :‬غّيبه ‪ ،‬فذهب فشربه فقال صّلى ا ّ‬
‫ل ‪ ،‬قال ‪ :‬أ لم أقل لك غّيبه ؟ فقههال لههه ‪ :‬غّيبتههه فههي وعههاء‬‫به ؟ قال له ‪ :‬شربته يا رسول ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬إّياك‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫حريز ‪ ،‬فقال رسول ا ّ‬

‫] ‪[ 241‬‬

‫ل قد حّرم على الّنار لحمك و دمك لما اختلط بلحمى و‬


‫نا ّ‬
‫و أن تعود لمثل هذا ‪ ،‬ثّم اعلم أ ّ‬
‫دمى ‪.‬‬

‫ل تحذيره عن شربه لجل حرمته ل لجل الّنجاسة ‪.‬‬


‫قلت ‪ :‬لع ّ‬

‫سلم ‪ :‬و لقد سالت نفسه بمعنى الّدم فل يخفهى بعهده بهل‬ ‫و أّما حمل النفس في قوله عليه ال ّ‬
‫ضعفه ‪ ،‬و القوى عندى أن يراد بالّنفس نفسه الّناطقههة القدس هّية اّلههتي هههي مبههدء الفكههر و‬
‫الّذكر و العلم و الحلم و الّنباهة ‪ ،‬و لها خاصّية الحكمة و الّنزاهة ‪،‬‬

‫ن روحه الطيبة الكاملة اّلتي هى المصداق الحقيقى لقوله ‪:‬‬


‫صل المراد بالكلم أ ّ‬
‫فيكون مح ّ‬
‫قل الّروح من أمر رّبى ‪ ،‬و المقصود الصلى بقوله ‪ :‬و نفخت فيه من روحى ‪،‬‬

‫لما فارقت جسده الطاهر فاضت بيدى فمسحت بها على وجهى ‪.‬‬

‫ن المراد بسههيلن الّنفههس هبههوب النفههس عنههد انقطههاع النفههاس ‪،‬‬


‫ل هذا مراد من قال إ ّ‬
‫و لع ّ‬
‫هذا ‪.‬‬

‫و اّنما مسح بها على وجهه إما تيّمنا أو لحكمة عظيمة ل نعرفها ‪.‬‬
‫ل عليه و آله و سّلم كما رواه فههي البحههار‬ ‫سلم ذلك بوصّية منه صّلى ا ّ‬ ‫و انما فعل عليه ال ّ‬
‫ن عايشههة دعههت‬ ‫سههلم أ ّ‬
‫من مناقب ابن شهر آشوب قال ‪ :‬و من طريقة أهل البيت عليهم ال ّ‬
‫أباها فأعرض عنه و دعت حفصة أباها فأعرض عنه و دعت أّم سلمة علّيا فناجاه طويل‬
‫سلم يصيحان و يبكيههان حّتههى وقعهها علههى‬ ‫ثّم اغمى عليه فجاء الحسن و الحسين عليهما ال ّ‬
‫حيهما عنههه ‪ ،‬فأفههاق رسههول‬ ‫سلم أن ين ّ‬
‫ى عليه ال ّ‬ ‫ل عليه و آله و أراد عل ّ‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫رسول ا ّ‬
‫ي دعهما أشّمهما و يشّماني و أتزّود منهما و‬ ‫ل عليه و آله و سّلم ثّم قال ‪ :‬يا عل ّ‬‫ل صّلى ا ّ‬‫ا ّ‬
‫يتزّودان مّني ‪.‬‬

‫سلم تحت ثوبه و وضع فاه على فيه و جعههل ينههاجيه ‪ ،‬فلّمهها حضههره‬ ‫ثّم جذب علّيا عليه ال ّ‬
‫ل فاذا فاضت نفسى فتناولها‬ ‫الموت قال له ‪ :‬ضع رأسى يا على في حجرك فقد جاء أمر ا ّ‬
‫ى أّول الّنههاس و ل‬
‫ل عل ه ّ‬‫ل أمرى و ص ّ‬ ‫جهنى إلى القبلة و تو ّ‬
‫بيدك و امسح بها وجهك ثّم و ّ‬
‫ل‪.‬‬
‫ل عّز و ج ّ‬
‫تفارقنى حّتى توارينى في رمسى و استعن با ّ‬

‫ى برأسه فوضعه في حجره فاغمي عليه فبكت فاطمة فأومى إليها بالههدنّو منههه ‪،‬‬ ‫و أخذ عل ّ‬
‫صة ‪.‬‬
‫فأسّر إليها شيئا تهّلل وجهها الق ّ‬

‫] ‪[ 242‬‬

‫سههلم يههده اليمنههى تحههت حنكههه‬


‫ل عليه و آله و مّد أمير المههؤمنين عليههه ال ّ‬
‫ثّم قضى صّلى ا ّ‬
‫جهههه و مهّد عليههه ازاره و اسههتقبل‬‫ففاضت نفسه فيها ‪ ،‬فرفعها إلى وجهه فمسحه بها ثهّم و ّ‬
‫بالّنظر في أمره ‪.‬‬

‫له عليههه و آلههه و سهّلم و يههد‬


‫ل صّلى ا ّ‬‫و فى البحار من كتاب اعلم الورى قضى رسول ا ّ‬
‫أمير المؤمنين اليمنى تحت حنكه ‪ ،‬ففاضت نفسه فيها فرفعها إلههى وجهههه فمسههحه بههها ثهّم‬
‫جهه و غّمضه و مّد عليه ازاره و اشتغل بالّنظر في أمره ‪.‬‬
‫وّ‬

‫له عليههه و آلههه و‬


‫الخامسة ما أشار إليه بقوله ) و لقد وليت ( أى باشرت ) غسههله صهّلى ا ّ‬
‫سّلم و الملئكة أعوانى ( باطنا ‪ ،‬و الفضل بن عباس يعينه ظاهرا و كان مباشرته بغسههله‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪.‬‬
‫ل عليه و آله أيضا بوصّيته صّلى ا ّ‬
‫صّلى ا ّ‬

‫كما يدل عليه ما رواه في البحار من المناقب عن أبان بن بطة قال يزيد بن بلل قال علىّ‬
‫ل طمسههت‬‫سله أحد غيههرى فههاّنه ل يههرى عههورتى أحههد إ ّ‬‫ل يغ ّ‬
‫سلم ‪ :‬أوصى النّبي أ ّ‬ ‫عليه ال ّ‬
‫ل كأّنمهها يقّلبههه معههى ثلثههون رجل حههتى فرغههت مههن‬
‫عيناه ‪ ،‬قال ‪ :‬فمهها تنههاولت عضههوا إ ّ‬
‫غسله ‪.‬‬
‫سههلم غسههله اسههتدعا الفضههل بههن عبههاس ليعينههه و كههان‬ ‫ى عليههه ال ّ‬
‫و روى أّنه لّما أراد عله ّ‬
‫سههلم بههذلك إشههفاقا عليههه مههن العمههى ‪ ،‬و فههي هههذا‬
‫ى عليههه ال ّ‬‫مشدود العينين و قد أمره عله ّ‬
‫المعنى قال العبدى ‪:‬‬

‫مهههههههههههههههههههن ولهههههههههههههههههههى غسهههههههههههههههههههل الّنهههههههههههههههههههبي و مهههههههههههههههههههن‬


‫لّفقه من بعد في الكفن‬

‫و قال آخر ‪:‬‬

‫سههههههههههههههههههههههههله إمههههههههههههههههههههههههام صههههههههههههههههههههههههدق طههههههههههههههههههههههههاهر‬


‫غّ‬
‫مهههههههههههههههههن دنهههههههههههههههههس الشهههههههههههههههههرك و أسهههههههههههههههههباب الغيهههههههههههههههههر‬

‫لههههههههههههههههههههههههه علّيههههههههههههههههههههههههها علمهههههههههههههههههههههههههه‬


‫فهههههههههههههههههههههههههأورث ا ّ‬
‫و كان من بعد إليه يفتقر‬

‫شههيخ عيسههى بههن‬


‫و فى البحار من كتاب الطرف لبن طاووس نقل مههن كتههاب الوص هّية لل ّ‬
‫سلم قال ‪:‬‬
‫ضرير عن موسى بن جعفر عن أبيه عليهما ال ّ‬
‫المستفاد ال ّ‬

‫ل عليه و آله ‪ :‬يا على أضمنت دينى تقضيه عّنى ؟ قال ‪ :‬نعم ‪ .‬قال‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫قال رسول ا ّ‬
‫‪ :‬الّلهّم فاشهد ‪ ،‬ثّم قال ‪ :‬يا على تغسهلنى و ل يغسههلنى غيههرك فيعمههى بصهره ‪ ،‬قهال عله ّ‬
‫ى‬
‫ل ؟ قال ‪ :‬كذلك قال جبرئيل عههن رّبههى أّنههه ل يههرى عههورتى‬
‫سلم و لم يا رسول ا ّ‬ ‫عليه ال ّ‬
‫ل عمى‬ ‫غيرك إ ّ‬

‫] ‪[ 243‬‬

‫سلم فكيف أقوى عليك وحدي ؟ قال ‪ :‬يعينك جبرئيل و ميكائيل‬ ‫ي عليه ال ّ‬
‫بصره ‪ ،‬قال عل ّ‬
‫و اسرافيل و ملك الموت و إسماعيل صاحب السماء الّدنيا ‪ ،‬قلت ‪ :‬فمن يناولنى الماء ؟‬

‫ل لههه و ل لغيههره مههن‬ ‫قال ‪ :‬الفضل بن العباس من غير أن ينظر إلى شيء مّنى فاّنه ل يح ّ‬
‫الّرجال و النساء النظر إلى عورتى ‪ ،‬و هى حرام عليهم ‪ ،‬فاذا فرغت من غسلى فضعنى‬
‫ى من بئرى بئر غرس أربعين دلوا مفّتحههة البههواب أو قههال أربعيههن‬ ‫على لوح و أفرغ عل ّ‬
‫قربة شككت أنا في ذلك ثهّم ضههع يههدك يهها علههى علههى صههدرى و احضههر معههك فاطمههة و‬
‫سلم من غير أن ينظروا إلى شيء مههن عههورتى ث هّم تفّهههم عنههد‬ ‫الحسن و الحسين عليهم ال ّ‬
‫ل‪.‬‬
‫ذلك تفهم ما كان و ما هو كائن إنشاء ا ّ‬

‫له عليههه و آلههه‬


‫له صهّلى ا ّ‬
‫ن رسههول ا ّ‬‫سههلم ‪ :‬إ ّ‬
‫و من كتاب فقه الّرضا و قال جعفر عليه ال ّ‬
‫ل من ينههاولني‬ ‫سلم ‪ :‬يا رسول ا ّ‬ ‫ى عليه ال ّ‬‫ى أن ل يغسلنى غيرك ‪ ،‬فقال عل ّ‬ ‫أوصى إلى عل ّ‬
‫الماء و اّنههك رجههل ثقيههل ل اسههتطيع أن اقلّبههك ؟ فقهال ‪ :‬جبرئيههل معههك يعاونههك و يناولههك‬
‫ل انفقههات عينههاه ‪،‬‬
‫ط عينيه فاّنه ل يرى أحههد عههورتى غيههرك إ ّ‬ ‫الفضل الماء ‪ ،‬و قل له فليغ ّ‬
‫سله ‪.‬‬
‫ى يغ ّ‬
‫قال ‪ :‬كان الفضل يناوله الماء و جبرئيل يعاونه و عل ّ‬

‫جت الّدار و الفنية ملء يهبط و ملء يعرج ( نسههبة الضههجيج إلههى الههدار و‬ ‫و قوله ) فض ّ‬
‫سع ‪ ،‬و السناد إلى المكان ‪ ،‬و المراد به ضههجيج الملئكههة الّنههازلين فيهمهها‬‫الفنية من التو ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم و بكاؤهم عليه مثل ضجيج ساير الحاضرين لديه ‪.‬‬ ‫حين موته صّلى ا ّ‬

‫و يشهد بذلك ما في البحههار مههن كتههاب الطههرف لبههن طههاووس فههي الحههديث الههذى قهّدمنا‬
‫ل عليه و آله تفهم ما كان و ما هو كائن ‪ :‬أقبلت يا عل ّ‬
‫ي‬ ‫روايته آنفا و فيه بعد قوله صّلى ا ّ‬
‫؟‬

‫قال ‪ :‬نعم قال ‪ :‬الّلهّم فاشهد ‪.‬‬

‫ي ما أنت صانع لو قههد تههأّمر القههوم عليههك بعههدي وتقهّدموا عليههك و بعههث إليههك‬
‫قال ‪ :‬يا عل ّ‬
‫شارد من البل مذموما مخههذول‬ ‫طاغيتهم يدعوك إلى البيعة ثّم لّببت بثوبك تقاد كما يقاد ال ّ‬
‫ل‪.‬‬‫محزونا مهموما و بعد ذلك ينزل بهذه الّذ ّ‬

‫ل عليه و آله و سّلم صرخت و بكههت ‪،‬‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫قال ‪ :‬فلّما سمعت فاطمة ما قال رسول ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم لبكائها و قال ‪ :‬يهها بنّيههة ل تبكيههن و ل تههؤذين‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫فبكى رسول ا ّ‬
‫جلساءك من الملئكة ‪ ،‬هذا جبرئيل‬

‫] ‪[ 244‬‬

‫سههماوات‬
‫ل إسرافيل ‪ ،‬يا بنية ل تبكين فقهد بكيههت ال ّ‬
‫بكى لبكائك و ميكائيل و صاحب سّر ا ّ‬
‫و الرض لبكائك ‪.‬‬

‫ل انقاد للقوم و أصبر على ما أصابنى مههن غيههر بيعههة‬ ‫سلم ‪ :‬يا رسول ا ّ‬ ‫ي عليه ال ّ‬
‫فقال عل ّ‬
‫له عليههه و آلههه ‪ :‬الّلههّم‬
‫له صهّلى ا ّ‬
‫لهم ما لم اصب أعوانا لم اناجز القههوم ‪ ،‬فقههال رسههول ا ّ‬
‫اشهد ‪.‬‬

‫ضرير عن موسى بههن جعفههر‬


‫و فيه من الكتاب المذكور أيضا من كتاب الوصّية لعيسى ال ّ‬
‫سلم قال ‪:‬‬
‫عن أبيه عليهما ال ّ‬

‫ل عليه و آله فى صبيحتها دعى علّيهها و فاطمههة و‬ ‫ي صّلى ا ّ‬


‫لّما كانت الّليلة اّلتي قبض الّنب ّ‬
‫سلم و اغلق عليه و عليهم الباب ‪ ،‬و قال ‪ :‬يهها فاطمههة و أدناههها‬ ‫الحسن و الحسين عليهم ال ّ‬
‫ى و معه الحسن و الحسين و أقاموا‬ ‫منه فناجاها من الّليل طويل ‪ ،‬فلّما طال ذلك خرج عل ّ‬
‫ى و معه ابناه ‪.‬‬
‫بالباب و الناس خلف الباب و نساء الّنبي ينظرون إلى عل ّ‬

‫ل عليههه و آلههه و خل بههابنته دونههك‬


‫ل صّلى ا ّ‬
‫فقالت عايشة ‪ :‬لمر ما أخرجك منه رسول ا ّ‬
‫ساعة ؟‬
‫في هذه ال ّ‬

‫سلم قد عرفت الذى خل بها و أرادها لههه و هههو بعههض مهها كنههت فيههه و‬ ‫ى عليه ال ّ‬
‫فقال عل ّ‬
‫سههلم ‪ :‬فمها‬
‫ي عليههه ال ّ‬
‫أبوك و صاحباه مّما قد سّماه ‪ ،‬فوجمت أن ترّد عليههه كلمههة قههال عله ّ‬
‫ل عليههه و آلههه و هههو يجههود‬
‫سلم فدخلت على الّنبي صّلى ا ّ‬ ‫لبثت أن نادتني فاطمة عليها ال ّ‬
‫بنفسه فبكيت و لم أملك نفسى حين رأيته بتلك الحال يجود بنفسه ‪.‬‬

‫ل عليه و آله و سّلم لي ‪ :‬ما يبكيك يهها علهى ليهس ههذا أو ان البكههاء فقهد حهان‬ ‫فقال صّلى ا ّ‬
‫ل يا أخى فقد اختار لي رّبي مهها عنههده ‪ ،‬و إنمهها بكههائي و‬‫الفراق بينى و بينك فاستودعك ا ّ‬
‫غّمي و حزنى عليك و على هذه أى فاطمة أن تضيع بعدى ‪ ،‬فقد أجمع القوم على ظلمكههم‬
‫ي قد أوصيت فاطمة ابنههتي بأشههياء و أمرتههها‬ ‫ل و قبلكم مّنى وديعة يا عل ّ‬
‫و قد استودعكم ا ّ‬
‫صادقة المصّدقة ‪.‬‬‫أن تلقيها إليك فأنفذها فهي ال ّ‬

‫ثّم ضمها إليه و قّبل رأسها و قال ‪ :‬فداك أبوك يا فاطمة ‪ ،‬فعل صوتها بالبكههاء ثهّم ضههمها‬
‫ن لغضبك ‪ ،‬فالويل ثّم الويل للظالمين ثّم بكههى‬
‫ل رّبي و ليغضب ّ‬
‫نا ّ‬‫ل لينتقم ّ‬
‫إليه و قال ‪ :‬و ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم‬‫ل صّلى ا ّ‬ ‫رسول ا ّ‬

‫] ‪[ 245‬‬

‫ل ه عليههه و‬
‫ل لقد حسبت بضعة مّني قد ذهبت لبكائه صّلى ا ّ‬ ‫سلم ‪ :‬فو ا ّ‬ ‫ي عليه ال ّ‬
‫و قال عل ّ‬
‫آله حّتى هملت عيناه مثل المطر حّتى بّلت دموعه لحيته و ملءة كانت عليه و هههو يلههتزم‬
‫فاطمة ل يفارقها و رأسه على صدرى و أنا مسههنده و الحسههن و الحسههين يقبلن قههدميه و‬
‫ن جبرئيههل فههي الههبيت لصههدقت‬ ‫سلم ‪ :‬فلو قلههت إ ّ‬ ‫ي عليه ال ّ‬‫يبكيان بأعلى أصواتهما قال عل ّ‬
‫ك فيههها ‪،‬‬
‫لّنى كنت اسمع بكاء و نغمة ل أعرفها و كنت أعلم أّنها أصوات الملئكة ل أش ّ‬
‫له عليههه و آلههه ‪ ،‬و لقههد رأيههت‬
‫ي صهّلى ا ّ‬ ‫ن جبرئيل لم يكن في مثل تلك الّليلة يفارق الّنب ّ‬ ‫لّ‬
‫سماوات و الرضين قد بكت لها ‪.‬‬ ‫ن ال ّ‬
‫بكاء منها أحسب أ ّ‬

‫ل خليفتي عليكم و هو خير خليفة ‪.‬‬


‫ثّم قال لها ‪ :‬يا بنّية ا ّ‬

‫سههماوات و‬
‫له و مهها حههوله مههن الملئكههة و ال ّ‬
‫ق لقد بكى لبكائك عرش ا ّ‬
‫و اّلذى بعثني بالح ّ‬
‫الرضون و ما بينهما ‪.‬‬
‫ق لقد حّرمت الجّنة علههى الخليههق حّتههى أدخلههها و أّنههك لّول‬
‫يا فاطمة و الذى بعثني بالح ّ‬
‫ل يدخلها بعدى كاسية حالية ناعمة ‪ ،‬يا فاطمة هنيئا لك ‪.‬‬‫خلق ا ّ‬

‫ن جهّنههم‬
‫قإّ‬
‫ق إّنك لسّيدة من يههدخلها مههن الّنسههاء ‪ ،‬و اّلههذى بعثنههي بههالح ّ‬
‫و الذى بعثني بالح ّ‬
‫ل صعق ‪ ،‬فينادى إليها أن يا جهّنم يقول‬ ‫ى مرسل إ ّ‬ ‫لتزفر زفرة ل يبقى ملك مقّرب و ل نب ّ‬
‫لك الجّبار اسكني بعّزى و استقّرى حّتى تجوز فاطمة بنت محّمههد إلههى الجنههان ل يغشههيها‬
‫قتر و ل ذّلة ‪.‬‬

‫ن حسن و حسين ‪ ،‬حسهن عهن يمينهك و حسهين عهن يسهارك و‬ ‫ق ليدخل ّ‬


‫و الذي بعثني بالح ّ‬
‫ى بهن‬
‫له فهى المقهام الشهريف و لهواء الحمهد مهع عله ّ‬
‫ن من أعلى الجنان بيهن يهدى ا ّ‬‫لتشرف ّ‬
‫أبيطالب يكسى إذا كسيت و يحبى إذا حبيت ‪.‬‬

‫ن قوم أخذوا حّقك و قطعوا موّدتههك‬ ‫ن لخصومة أعدائك و ليندم ّ‬ ‫ق لقوم ّ‬


‫و اّلذي بعثني بالح ّ‬
‫ن دوني فأقول ‪ :‬اّمتى اّمتى ‪ ،‬فيقههال ‪ :‬اّنهههم بههدلوا بعههدك و صههاروا‬
‫و كذبوا علّيا و ليختلج ّ‬
‫سعير ‪.‬‬‫إلى ال ّ‬

‫ل عنه ‪ :‬و إّنما أوردت هذه الّرواية بتمامها و طولها مع كههون موضههع‬
‫قال الشارح عفى ا ّ‬
‫الحاجة منها بعضها كأكثر الخبار المتقّدمة في شرح هذه الخطبة ‪،‬‬

‫] ‪[ 246‬‬

‫لكونها متضّمنة مثل ساير ما تقّدم للغرض اّلذى سوق ههذه الخطبهة لجلهه مؤّكهدة لهه ‪ ،‬و‬
‫ل عليه و آله و سّلم و قرباه منه‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫سلم برسول ا ّ‬‫هو إفادة مزيد اختصاصه عليه ال ّ‬
‫له‬
‫‪ ،‬على أنا أحببنا أن يكون شرح هذه الخطبة متكفل لجمل أخبار وفاة الّرسههول ص هّلى ا ّ‬
‫عليه و آله ‪.‬‬

‫و قوله ) و ما فارقت سمعى هينمة منهم ( أى لم يغب أصههواتهم عههن سههمعى و لههم تخههف‬
‫ل عليه عمهوم الخبهار المفيههدة لكهونه محههدثا يسهمع صههوت الملهك و ل يهرى‬ ‫ى ‪ ،‬و يد ّ‬
‫عل ّ‬
‫شخصه ‪ ،‬و قد تقّدمت جملة منها فى التنبيه الثانى من شههرح الفصههل الثههامن مههن الخطبههة‬
‫المأة و الحادية و التسعين ‪.‬‬

‫سلم لهم أيضا فههى تلههك الحههال مهها رواه‬ ‫ل على رؤيته عليه ال ّ‬
‫و يدل عليه خصوصا بل يد ّ‬
‫فى البحار من كتاب بصاير الّدرجات عن أحمد بن محّمد و أحمد بن اسههحاق عههن القاسههم‬
‫سلم قال ‪:‬‬
‫ل عليه ال ّ‬‫بن يحيى عن بعض أصحابنا عن أبي عبد ا ّ‬

‫ل عليه و آله و سّلم هبههط جبرئيههل و معههه الملئكههة و الهّروح‬


‫ل صّلى ا ّ‬
‫لما قبض رسول ا ّ‬
‫الذين كانوا يهبطون فى ليلة القدر ‪ ،‬قال ‪ :‬ففتح لمير المؤمنين بصههره فرآهههم فههى منتهههى‬
‫له مها‬
‫ي معه و يصّلون عليه معه و يحفههرون لههه ‪ ،‬و ا ّ‬ ‫سلون النب ّ‬
‫السماوات إلى الرض يغ ّ‬
‫حفر له غيرهم حتى إذا وضع فى قبره نزلوا مع من نزل ‪ ،‬فوضعوه فتكّلم ‪ ،‬و فتح لمير‬
‫سلم و سههمعهم يقولههون ل نههالوه جهههدا و‬ ‫المؤمنين سمعه فسمعه يوصيهم به فبكى عليه ال ّ‬
‫ل أنه ليس يعايننا ببصره بعد مّرتنا هذه ‪.‬‬‫انما هو صاحبنا بعدك إ ّ‬

‫سههلم مثههل ذلههك‬


‫سلم رأى الحسن و الحسين عليهمهها ال ّ‬
‫حّتى إذ مات أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم يعين الملئكة مثل الذى صنعوا بالنب ّ‬
‫ي‬ ‫ي صّلى ا ّ‬ ‫الذى رأى و رأيا النب ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪.‬‬‫صّلى ا ّ‬

‫ل عليههه‬
‫ي صّلى ا ّ‬
‫سلم رأى منه الحسين مثل ذلك و رأى النب ّ‬‫حّتى اذا مات الحسن عليه ال ّ‬
‫سلم يعينان الملئكة ‪.‬‬‫و آله و عليا عليه ال ّ‬

‫سهلم منهه مثهل ذلهك و‬


‫ي بن الحسين عليهمها ال ّ‬
‫سلم رأى عل ّ‬ ‫حتى إذا مات الحسين عليه ال ّ‬
‫سلم يعينون الملئكة ‪.‬‬‫ل عليه و آله و سّلم و عليا و الحسن عليهما ال ّ‬
‫ي صّلى ا ّ‬
‫رأى النب ّ‬

‫ي مثههل ذلههك و رأى النههب ّ‬


‫ى‬ ‫سلم رأى محّمد بن عل ّ‬‫ي بن الحسين عليهما ال ّ‬
‫حّتى إذا مات عل ّ‬
‫سلم يعينون الملئكة ‪.‬‬ ‫ل عليه و آله و عليا و الحسن و الحسين عليهم ال ّ‬
‫صّلى ا ّ‬

‫] ‪[ 247‬‬

‫سلم مثل ذلك و رأى النبيّ‬ ‫سلم رأى جعفر عليه ال ّ‬‫ى عليهما ال ّ‬
‫حتى إذا مات محّمد بن عل ّ‬
‫سههلم يعينههون‬
‫ى بن الحسين عليهم ال ّ‬‫ل عليه و آله و عليا و الحسن و الحسين و عل ّ‬
‫صّلى ا ّ‬
‫الملئكة ‪.‬‬

‫سلم منه مثل ذلك ‪ ،‬هكذا يجري إلهى‬ ‫سلم رأى موسى عليه ال ّ‬
‫حّتى إذا مات جعفر عليه ال ّ‬
‫آخر و قوله ) يصّلون عليه ( صريح في صلة الملئكة ‪ ،‬و قد مّر فههي شههرح قههوله عليههه‬
‫سلم ‪:‬‬‫ال ّ‬

‫ن أّول مههن يصهّلى‬


‫ل عليه و آله و سّلم في روايههة المههالي إ ّ‬
‫ل صّلى ا ّ‬‫و لقد قبض رسول ا ّ‬
‫ل سبحانه ثّم الملئكة ‪ ،‬ثّم المسلمون ‪.‬‬
‫عليه هو ا ّ‬

‫سهلم قهال ‪ :‬لمها قبهض النهبيّ‬ ‫و روى في الكافي بسنده عن جابر عهن أبهي جعفهر عليهه ال ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم صّلت عليه الملئكة و المهاجرون و النصههار فوجهها فوجهها و‬ ‫صّلى ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سهّلم يقههول‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫سلم سمعت رسول ا ّ‬ ‫قال ‪ :‬قال أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫لهه و‬ ‫ل لى ‪ :‬إنّ ا ّ‬
‫صلة بعد قبض ا ّ‬ ‫ى في ال ّ‬‫حته و سلمته ‪ :‬إّنما انزلت هذه الية عل ّ‬ ‫في ص ّ‬
‫ي يا أّيها اّلذين آمنوا صّلوا عليه و سّلموا تسليما ‪.‬‬
‫ملئكته يصّلون على الّنب ّ‬
‫و فى البحار من الحتجاج و في رواية سليم بن قيس الهللى عن سلمان الفارسي أّنه قال‬
‫‪:‬‬

‫له عليههه و آلههه و سهّلم و قهد كههان‬


‫له صهّلى ا ّ‬
‫سلم و هو يغسههل رسههول ا ّ‬ ‫أتيت علّيا عليه ال ّ‬
‫سلم و أخبر عنه أّنه ل يريد أن يقّلب منه عضو إ ّ‬
‫ل‬ ‫ي عليه ال ّ‬
‫أوصى أن ل يغسله غير عل ّ‬
‫له عليهه و آلهه و سهّلم ‪ :‬مهن يعيننهى‬ ‫ل صهّلى ا ّ‬
‫قلب له ‪ ،‬و قد قال أمير المؤمنين لرسول ا ّ‬
‫ل ؟ قال ‪ :‬جبرئيل ‪.‬‬ ‫على غسلك يا رسول ا ّ‬

‫سهله و كّفنهه أدخلنههى و أدخههل أبها ذر و المقههداد و فاطمههة و حسهنا و حسهينا عليهههم‬
‫فلّما غ ّ‬
‫سلم فتقّدم و صففنا خلفه و صّلى عليه ‪ ،‬و عايشة فى الحجرة ل تعلههم قههد أخههذ جبرئيههل‬ ‫ال ّ‬
‫ببصرها ثّم ادخل عشرة عشرة من المهاجرين و النصار فيصّلون و يخرجون ‪ ،‬حتى لم‬
‫ل صّلى عليه ‪ ،‬الخبر ‪.‬‬
‫يبق أحد من المهاجرين و النصار إ ّ‬

‫سلم قال قههال‬ ‫و من كتاب اعلم الورى قال أبان ‪ :‬و حّدثنى أبو مريم عن أبيجعفر عليه ال ّ‬
‫ل عليههه و آلههه‬‫ل صّلى ا ّ‬‫سلم ‪ :‬إنّ رسول ا ّ‬‫ي عليه ال ّ‬
‫الناس ‪ :‬كيف الصلة عليه ؟ فقال عل ّ‬
‫و سّلم إمامنا حيا و ميتا فدخل عليه عشرة عشرة فصّلوا عليهه يهوم الثنيهن و ليلهة الثلثهاء‬
‫حّتى صّلى عليه كبيرهم و صغيرهم و ذكرهم و انثاهم و ضواحي المدينة بغير إمام ‪.‬‬

‫] ‪[ 248‬‬

‫ى عليههه‬ ‫سههلم قههال النههاس ‪ :‬كيههف الصههلة ؟ فقههال عله ّ‬‫و من المناقب قال أبو جعفر عليه ال ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم إمام حيا و ميتا فدخل عليه عشرة عشرة‬ ‫ل صّلى ا ّ‬
‫سلم إن رسول ا ّ‬ ‫ال ّ‬
‫صباح و يوم الثلثاء حّتى صّلى عليه القرباء‬ ‫فصّلوا عليه يوم الثنين و ليلة الثلثاء حتى ال ّ‬
‫سلم أنفذ اليهههم بريههدة ‪ ،‬و إّنمهها‬
‫ي عليه ال ّ‬‫و الخواص ‪ ،‬و لم يحضر أهل السقيفة و كان عل ّ‬
‫صههلة علههى‬ ‫سههلم كيههف كههانت ال ّ‬ ‫تّمت بيعتهم بعد دفنه و من المناقب و سئل الباقر عليه ال ّ‬
‫جاه و ادخههل‬ ‫ل عليه و آله و سّلم ؟ فقال لّما غسله أمير المؤمنين و كّفنه و س ّ‬ ‫ي صّلى ا ّ‬‫النب ّ‬
‫له‬
‫نا ّ‬ ‫سلم في وسطهم فقههال ‪ :‬إ ّ‬ ‫عليه عشرة فداروا حوله ‪ ،‬ثّم وقف أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫و ملئكته ‪ ،‬الية فيقول القوم مثل ما يقول حّتى صّلى عليه أهل المدينة و أهل العوالى ‪.‬‬

‫قال المحّدث العلمة المجلسي ) قد ( بعد إيراد هذه الخبار في البحار ‪:‬‬

‫لها‬
‫سلم صه ّ‬ ‫صلة الحقيقّية هي التي كان أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫ن ال ّ‬
‫يظهر من مجموعها أ ّ‬
‫أّول مع الستة المذكورين في خبر سليم ‪ ،‬و لم يدخل في ذلك سوى الخواص من أهل بيته‬
‫ل يتقّدم أحد من لصههوص الخلفههة فههي الصههلة أو يحضههر أحههد مههن هههؤلء‬ ‫و أصحابه لئ ّ‬
‫المنههافقين فيههها ‪ ،‬ثهّم كههان يههدخل عشههرة عشههرة مههن الصههحاب فيقههرء اليههة و يههدعون و‬
‫يخرجون من غير صلة ‪.‬‬
‫و قوله ) حّتى و اريناه في ضريحه ( روى فى البحار من المنههاقب قههال ‪ :‬و اختلفههوا أيههن‬
‫يدفن فقال بعضهم ‪ :‬في البقيع ‪ ،‬و قال آخرون ‪ :‬في صحن المسجد ‪ ،‬فقال أمير المههؤمنين‬
‫ل في أطهههر البقههاع فينبغهي أن يههدفن فهي البقعههة الههتى‬
‫ل لم يقبض نبيا إ ّ‬
‫نا ّ‬
‫سلم ‪ :‬إ ّ‬
‫عليه ال ّ‬
‫قبض فيها ‪ ،‬فاّتفقت الجماعة على قوله و دفن في حجرته ‪.‬‬

‫سلم فلما أن فرغ من غسله و كفنه أتههاه‬ ‫سلم و قال جعفر عليه ال ّ‬‫و من فقه الّرضا عليه ال ّ‬
‫ل ه عليههه و آلههه و‬
‫ي ص هّلى ا ّ‬ ‫ن الناس قد اجتمعوا على أن يدفن النههب ّ‬‫يإّ‬ ‫العباس فقال ‪ :‬يا عل ّ‬
‫سلم إلى الناس فقههال ‪:‬‬ ‫ى عليه ال ّ‬ ‫سّلم فى بقيع المصّلى و أن يؤّمهم رجل منهم ‪ ،‬فخرج عل ّ‬
‫ل عليههه‬‫ل إمامنا حيا و ميتا و هل تعلمون أنه صّلى ا ّ‬ ‫ن رسول ا ّ‬
‫يا أيها الناس أما تعلمون أ ّ‬
‫له إلههها و لعههن مههن كسههر‬ ‫و آله و سّلم لعن من جعل القبور مصّلى ‪ ،‬و لعن من جعل مع ا ّ‬
‫ق لثته ‪ ،‬قال ‪ :‬فقالوا ‪ :‬المر إليك فاصنع ما رأيت قال ‪ :‬و إنى أدفههن رسههول‬ ‫رباعّيته و ش ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم فى البقعة التى قبض فيها ‪ ،‬الحديث ‪.‬‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫ا ّ‬

‫] ‪[ 249‬‬

‫سلم قال ‪ :‬و خاض المسلمون فى موضع دفنههه‬ ‫و من أعلم الورى عن أبى جعفر عليه ال ّ‬
‫لو‬ ‫ل لم يقبههض نبيهها فههى مكههان إ ّ‬
‫نا ّ‬
‫سلم ‪ :‬إ ّ‬
‫ى عليه ال ّ‬ ‫ل عليه و آله و سّلم فقال عل ّ‬
‫صّلى ا ّ‬
‫ارتضاه لرمسه فيه ‪ ،‬و إنى دافنه فى حجرته التى قبض فيها ‪ ،‬فرضى المسلمون بذلك ‪.‬‬

‫فلما صّلى المسلمون عليه أنفذ العباس إلى أبى عبيدة بن الجراح و كان يحفههر لهههل مكههة‬
‫و يضههرح ‪ ،‬و أنفههذ إلههى زيههد بههن سهههل أبههي طلحههة و كههان يحفههر لهههل المدينههة و يلحههد‬
‫ل ه صهّلى‬‫فاستدعاهما و قال ‪ :‬اللهّم خر لنبيك ‪ ،‬فوجد أبو طلحة فقيل له ‪ :‬احفههر لرسههول ا ّ‬
‫سههلم و العبههاس و‬ ‫ي عليههه ال ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم فحفر له لحدا و دخل أمير المؤمنين عله ّ‬ ‫ا ّ‬
‫له عليههه و آلههه و سهّلم ‪ ،‬فنههادت‬‫له صهّلى ا ّ‬‫الفضل و اسامة بن زيد ليتوّلههوا دفههن رسههول ا ّ‬
‫له‬
‫ل ه صهّلى ا ّ‬‫ل و حّقنا اليوم مههن رسههول ا ّ‬ ‫النصار من وراء البيت ‪ :‬يا على إنا نذكرك ا ّ‬
‫ل ه ص هّلى‬
‫ظ به من مواراة رسول ا ّ‬ ‫عليه و آله و سّلم أن يذهب ادخل مّنا رجل يكون لنا ح ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪ ،‬فقال ليدخل أوس بن خولى رجهل مهن بنهى عهوف بهن الخهزرج و‬ ‫ا ّ‬
‫سلم ‪ :‬انههزل القههبر فنههزل ‪ ،‬و وضههع عله ّ‬
‫ى‬ ‫ي عليه ال ّ‬
‫كان بدريا ‪ ،‬فدخل البيت و قال له عل ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم على يديه ثّم وله فى حفرته ‪ ،‬ث هّم قههال لههه ‪ :‬اخههرج‬ ‫ل صّلى ا ّ‬
‫رسول ا ّ‬
‫جههها‬
‫سلم فكشف عن وجهههه و وضههع خهّده علههى الرض مو ّ‬ ‫ى عليه ال ّ‬ ‫فخرج ‪ ،‬و نزل عل ّ‬
‫إلى القبلة على يمينه ثّم وضع عليه اللبن و أهال عليه التراب ‪.‬‬

‫ل و سلمه عليه و آله ‪:‬‬


‫سلم في رثائه صلوات ا ّ‬
‫و من الّديوان المنسوب إليه عليه ال ّ‬

‫أ مههههههههههههههههههن بعههههههههههههههههههد تكفيههههههههههههههههههن الّنههههههههههههههههههبي و دفنههههههههههههههههههه‬


‫بههههههههههههههههههأثوابه آسههههههههههههههههههى علههههههههههههههههههى هالههههههههههههههههههك ثههههههههههههههههههوى‬
‫لههههههههههههههه فينههههههههههههههها فلهههههههههههههههن نهههههههههههههههرى‬
‫رزئنههههههههههههههها رسهههههههههههههههول ا ّ‬
‫بهههههههههههههههذاك عهههههههههههههههديل مههههههههههههههها حيينههههههههههههههها مهههههههههههههههن الهههههههههههههههّردى‬

‫و كهههههههههههههههههان لنههههههههههههههههها كالحصهههههههههههههههههن مهههههههههههههههههن دون أهلهههههههههههههههههه‬


‫لههههههههههههههه معقههههههههههههههل حههههههههههههههرز حريههههههههههههههز مههههههههههههههن الههههههههههههههّردى‬

‫و كّنههههههههههههههههها بمهههههههههههههههههرآه نهههههههههههههههههرى الّنهههههههههههههههههور و الههههههههههههههههههدى‬


‫صهههههههههههههههههههههباحا مسهههههههههههههههههههههاء راح فينههههههههههههههههههههها أو اغتهههههههههههههههههههههدى‬

‫لقهههههههههههههههههههد غشهههههههههههههههههههيتنا ظلمهههههههههههههههههههة بعهههههههههههههههههههد مهههههههههههههههههههوته‬


‫نههههههههههههههههههارا فقهههههههههههههههههد زادت علهههههههههههههههههى ظلمهههههههههههههههههة الهههههههههههههههههّدجى‬

‫فيهههههههههههههها خيههههههههههههههر مههههههههههههههن ضههههههههههههههّم الجوانههههههههههههههح و الحشهههههههههههههها‬


‫و يههههههههههههها خيهههههههههههههر ميهههههههههههههت ضهههههههههههههّمه الهههههههههههههترب و الهههههههههههههثرى‬

‫ن امههههههههههههههههههور النههههههههههههههههههاس بعههههههههههههههههههدك ضههههههههههههههههههّمنت‬


‫كههههههههههههههههههأ ّ‬
‫سههههههههههههفينة مههههههههههههوج حيههههههههههههن فههههههههههههي البحههههههههههههر قههههههههههههد سههههههههههههما‬

‫و ضههههههههههههههههههههاق فضههههههههههههههههههههاء الرض عنهههههههههههههههههههههم برجههههههههههههههههههههة‬


‫لههههههههههههههه إذ قيهههههههههههههههل قهههههههههههههههد مضهههههههههههههههى‬
‫لفقهههههههههههههههد رسهههههههههههههههول ا ّ‬

‫فقهههههههههههههههههههههههد نزلهههههههههههههههههههههههت بالمسهههههههههههههههههههههههلمين مصهههههههههههههههههههههههيبة‬


‫كصدع الصفا ل شعب للصدع في الصفا‬

‫] ‪[ 250‬‬

‫ل النههههههههههههههههههاس تلههههههههههههههههههك مصههههههههههههههههههيبة‬‫فلههههههههههههههههههن يسههههههههههههههههههتق ّ‬


‫و لههههههههههههههم يجههههههههههههههبر العظههههههههههههههم الههههههههههههههذى منهههههههههههههههم و هههههههههههههههى‬

‫ل وقههههههههههههههههههت للصههههههههههههههههههلة يهيجههههههههههههههههههه‬ ‫و فههههههههههههههههههي كهههههههههههههههههه ّ‬


‫بلل و يههههههههههههههههههههههدعو باسههههههههههههههههههههههمه كّلمهههههههههههههههههههههها دعهههههههههههههههههههههها‬

‫و يطلههههههههههههههههههههههب أقههههههههههههههههههههههوام مههههههههههههههههههههههواريث هالههههههههههههههههههههههك‬


‫و فينا مواريث الّنبوة و الهدى‬
‫ل عليه و آله أيضا ‪:‬‬
‫سلم في رثائه صّلى ا ّ‬
‫و قالت فاطمة عليها ال ّ‬

‫إذا اشهههههههههههههههههههههتّد شهههههههههههههههههههههوقى زرت قهههههههههههههههههههههبرك باكيههههههههههههههههههههها‬


‫أنهههههههههههههههههههههههههههههوح و أشهههههههههههههههههههههههههههههكو ل أراك مجهههههههههههههههههههههههههههههاوبي‬

‫صهههههههههههههههههحراء عّلمتنهههههههههههههههههي البكههههههههههههههههها‬


‫فيههههههههههههههههها سهههههههههههههههههاكن ال ّ‬
‫و ذكهههههههههههههههههههههرك أنسهههههههههههههههههههههاني جميهههههههههههههههههههههع المصهههههههههههههههههههههائب‬

‫فههههههههههههههان كنههههههههههههههت عّنههههههههههههههى فههههههههههههههي الّتههههههههههههههراب مغّيبهههههههههههههها‬


‫فما كنت عن قلب الحزين بغائب‬

‫ل و سلمه عليها أيضا ‪:‬‬


‫و لها صلوات ا ّ‬

‫ل ذكههههههههههههههههههره‬ ‫إذا مههههههههههههههههههات يومهههههههههههههههههها مّيههههههههههههههههههت قهههههههههههههههههه ّ‬


‫لههههههههههههههه أزيهههههههههههههههد‬
‫و ذكهههههههههههههههر أبهههههههههههههههي قهههههههههههههههد مهههههههههههههههات و ا ّ‬

‫تههههههههههههههههههذّكرت لّمهههههههههههههههههها فههههههههههههههههههرق المههههههههههههههههههوت بيننهههههههههههههههههها‬


‫لهههههه عليههههههه و آلههههههه و سههههههّلم‬ ‫فعّزيههههههت نفسههههههي بههههههالّنبي محّمههههههد صههههههّلى ا ّ‬

‫ن الممهههههههههههههههههههههههات سهههههههههههههههههههههههبيلنا‬
‫فقلهههههههههههههههههههههههت لهههههههههههههههههههههههها إ ّ‬
‫و من لم يمت في يومه مات في غد‬

‫و لها أيضا ما اشتهر في اللسنة و الفواه ‪:‬‬

‫مههههههههههههههها ذا علهههههههههههههههى مهههههههههههههههن شهههههههههههههههّم تربهههههههههههههههة أحمهههههههههههههههد‬


‫أن ل يشههههههههههههههههههههههّم مههههههههههههههههههههههدى الّزمههههههههههههههههههههههان غواليهههههههههههههههههههههها‬

‫ى مصههههههههههههههههههائب لههههههههههههههههههو أّنههههههههههههههههههها‬


‫صههههههههههههههههههّبت علهههههههههههههههههه ّ‬
‫صّبت على اليام صرن لياليا‬

‫له‬
‫ل ه صهّلى ا ّ‬‫سلم المقدمات المفيدة لمزيههد اختصاصههه برسههول ا ّ‬
‫هذا ‪ ،‬و لّما مّهد عليه ال ّ‬
‫عليه و آله و قربه منه في حال حياته و حين ممههاته حسههبما عرفتههه تفصههيل تحقيقهها فهّرع‬
‫على ذلك قوله ‪:‬‬

‫ق به منى حّيا و ميتا ( و هو استفهام على سههبيل النكههار و البطههال يقتضههى‬


‫) فمن ذا أح ّ‬
‫ق بالخلفههة و‬
‫ن مّدعيه كاذب فيفيد كونه أولى به في حياته و أح ه ّ‬
‫ن ما بعده غير واقع و أ ّ‬
‫أّ‬
‫ق ل ريهب فيهه علههى رغههم الناصهب الجاحهد و المبغههض‬
‫الوصهاية بعههد مهوته ‪ ،‬و ههو حه ّ‬
‫المعاند ‪.‬‬

‫) فانفذوا ( أى أسرعوا إلى قتال عدّوكم مستقّرين ) على بصائركم ( و عقايدكم الحّقة ) و‬
‫لتصدق نياتكم في جهاد عدّوكم ( أى أنهضوا إلى عدّوكم بنّيههات صههادقة و قلههوب طههاهرة‬
‫سالمة من اعتراض الشك و الّريب و الشبهة و ل يوسوسنكم‬

‫] ‪[ 251‬‬

‫الشيطان بكونهم من أهل القبلة و السلم غير جايز قتلتهم و قتهالهم ‪ ،‬لنكههم اتبههاع المههام‬
‫قو‬ ‫ل هههو إّنههى لعلههي جههاّدة الحه ّ‬
‫ل ) الذى ل إله ا ّ‬
‫ق و هم تابعوا المام الباطل ) فو ( ا ّ‬
‫الح ّ‬
‫قو‬ ‫ى مههع الح ه ّ‬‫اّنهم لعلى مزّلة الباطل ( كما يشهد به الّنبوى المعروف بين الفريقين ‪ :‬عل ه ّ‬
‫ى‪.‬‬
‫ق مع عل ّ‬‫الح ّ‬

‫ق و بين مزّلة الباطههل كمهها ل يخفههى لطههف إضههافة‬ ‫و ل يخفى حسن المقابلة بين جاّدة الح ّ‬
‫ق لما كان واضحا جليا ثابتا‬ ‫ن طريق الح ّ‬ ‫ق و إضافة المزّلة إلى الباطل ‪ ،‬ل ّ‬ ‫الجاّدة إلى الح ّ‬
‫بالبّينة و البرهان يوصل سالكها إلى منزل الزلفههى و جّنههات النعيههم و طريههق الباطههل لمهها‬
‫ل فيههه قههدم سههالكه و يزلههق فيهههوى إلههى دركههات‬‫كان تمويههها و تدليسهها مخالفهها للواقههع يههز ّ‬
‫الجحيم ‪.‬‬

‫ل لي و لكم ( ‪.‬‬
‫ق و كلم صدق ) و أستغفر ا ّ‬
‫) أقول ما تسمعون ( من قول ح ّ‬

‫ععععععع ‪ :‬ععععع‬

‫له عليههه و‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫صة وفاة رسول ا ّ‬
‫روى الشارح المعتزلي في شرح هذه الخطبة من ق ّ‬
‫صههبين‬‫ص في الطعن على المتخّلفين المنتحلين للخلفة و على المتع ّ‬‫آله ما هو ظاهر بل ن ّ‬
‫خص ما أورده مما يطعن بههه‬ ‫لهم السالكين لطريقتهم من العاّمة العمياء أحببت أن أذكر مل ّ‬
‫عليهم فأقول ‪:‬‬

‫شههكاة اّلههتي‬
‫سلم أنه عرضت له ال ّ‬
‫ل عليه ال ّ‬
‫صة وفاة رسول ا ّ‬ ‫قال الشارح ‪ :‬قد روى من ق ّ‬
‫عرضت في أواخر من سنة إحدى عشرة للهجرة فجّهز جيش اسامة بن زيد بالمسير إلههى‬
‫البلقاء حيث أصيب زيد و جعفر من الّروم ‪.‬‬

‫ل عليه و آله في تلك الّليلة إلى البقيع و قههال ‪ :‬إّنههى قههد امههرت بالسههتغفار‬‫و خرج صّلى ا ّ‬
‫ل عليه و آله ‪ :‬يا أهل القبور ليهنكم ما أصبحتم فيه ممهها أصههبح النههاس‬ ‫عليهم فقال صّلى ا ّ‬
‫فيه أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع آخرها أّولها ثّم استغفر لهل البقيع طويل ‪.‬‬
‫ثّم انصرف إلى بيته ‪ ،‬فخطب الناس في غده و أعلمهم بموته ثّم نزل فصّلى‬

‫] ‪[ 252‬‬

‫بالناس صلة حفيفة ‪ ،‬ثّم دخل بيت اّم سلمة ‪.‬‬

‫ثّم انتقل إلى بيهت عايشهة يعّللههه النسههاء و الّرجهال ‪ ،‬أّمهها النسهاء فهأزواجه و بنتهه ‪ ،‬و أمها‬
‫سههلم و العبهاس و الحسهن و الحسهين و كانهها غلميهن يهومئذ و كهان‬ ‫ي عليه ال ّ‬
‫الّرجال فعل ّ‬
‫الفضل بن العباس يدخل احيانا إليهم ‪.‬‬

‫ثّم حدث الختلف بين المسلمين أّيام مرضه ‪.‬‬

‫فأّول ذلك التنازع الواقع يوم قال ‪ :‬ايتوني بدواة و قرطاس ‪ ،‬و تلههى ذلههك حههديث التخّلههف‬
‫عن جيش اسامة ‪ ،‬ثّم اشتّد به المرض و كان عند خّفة مرضه يصّلي بالناس بنفسه ‪ ،‬فلمهها‬
‫اشتّد به المرض أمر أبا بكر أن يصّلي بالناس ‪.‬‬

‫ل صلة واحدة و هى الصلة‬ ‫ل بهم إ ّ‬‫و قد اختلف في صلته بهم فالشيعة تزعم أنه لم يص ّ‬
‫ي و الفضههل فقههام فههي‬
‫له عليههه و آلههه فيههها يتهههادى بيههن عله ّ‬
‫ل صهّلى ا ّ‬
‫التي خرج رسول ا ّ‬
‫خر أبو بكر ‪ ،‬و الصحيح عنهدى و ههو الكهثر الشههر أنهها لهم تكهن‬ ‫المحراب مقامه و تأ ّ‬
‫ن أبا بكر صّلى بالناس بعد ذلك يومين ‪.‬‬ ‫آخر الصلة في حياته بالناس جماعة و أ ّ‬

‫ل عليه و آله فمن قائل يقول توّفي لليلتين بقيتا من شهر صفر و هو الههذى‬ ‫ثّم مات صّلى ا ّ‬
‫ى أيههام منههه ‪ ،‬و قههد‬
‫تقوله الشيعة ‪ ،‬و الكثرون أنه توّفى فههى شهههر ربيههع الّول بعههد مضه ّ‬
‫اختلفت الّرواية في موته فأنكر عمر ذلك و قال ‪ :‬إنه لههم يمههت و إنههه غههاب و إنههه سههيعود‬
‫فثناه أبو بكر هذا القول و تلى عليه اليههات المتضهّمنة أنههه سههيموت ‪ ،‬فرجههع إلههى قههوله و‬
‫سههلم أشههار بههذلك فقبلههوه و أنهها‬
‫ن عليا عليه ال ّ‬
‫صّلوا عليه ارسال ل يؤّمهم أحد ‪ ،‬و قيل ‪ :‬إ ّ‬
‫ن الصلة عليه كانت بعد بيعة أبي بكر فما الذى منهع مهن أن يتقهّدم أبهو‬ ‫أعجب من ذلك ل ّ‬
‫بكر فيصّلي عليه إماما و تنازعوا في تلحيده و تضههريحه فأرسههل العبههاس عّمههه إلههى أبههي‬
‫عبيدة بن الجراح و كان يحفر لهل مكة و يضرح على عهادتهم رجل و أرسهل إلهى أبهي‬
‫طلحة النصهارى و كهان يلحهد لههل المدينهة علهى عهادتهم ‪ ،‬رجل و قهال ‪ :‬اللههّم اخهتر‬
‫لنبّيك ‪ ،‬فجاء أبو طلحة فلحد له و ادخل في اللحد و تنازعوا فيمن ينههزل معههه القههبر فمنههع‬
‫ى الناس أن ينزلوا معه و قال ‪ :‬ل ينزل‬
‫عل ّ‬

‫] ‪[ 253‬‬

‫جت‬
‫قبره غيرى و غير العباس ‪ ،‬ثّم أذن في نزول الفضل و اسامة بن زيد مولهم ثّم ضهه ّ‬
‫النصار و سألت أن ينزل منها رجل في قبره فانزلوا أوس بن خولى و كان بدريا ‪.‬‬
‫ب عليه الماء ‪ ،‬انتهى ما أهّمنا نقلههه مههن‬
‫له بيده و كان الفضل يص ّ‬‫ن علّيا تو ّ‬‫فأّما الغسل فا ّ‬
‫كلمه و وجوه الطعن في تلك القضّية على ما صههدر مههن أهههل الخلفههة غيههر خفّيههة علههى‬
‫ل أنا ننّبه على بعضها لكونها أشّد تشنيعا و طعنا ‪.‬‬‫الفطن العارف إ ّ‬

‫أولها ما أشار إليه الشههارح بقههوله ‪ :‬فههأّول ذلههك التنههازع الواقههع يههوم قههال ايتههونى بههدواة و‬
‫له عليههه و آلههه و سهّلم أراد فههي‬ ‫ن الّنههبي صهّلى ا ّ‬
‫قرطاس ‪ ،‬فقد روت العاّمههة و الخاصههة أ ّ‬
‫ل يضهّلوا بعههده و ل يختلفههوا ‪ ،‬فطلههب دواة و كتفهها أو نحههو‬ ‫مرضه أن يكتب لّمته كتابا لئ ّ‬
‫ذلك فمنع عمر من احضار ذلههك و قههال ‪ :‬إنههه ليهجههر ‪ ،‬أو مهها يههؤّدى هههذا المعنههى ‪ ،‬و قههد‬
‫ل وحيهها يههوحى ‪ ،‬و كههثر‬ ‫ن كلمههه ليههس إ ّ‬
‫ل سبحانه بأنه ل ينطق عههن الهههوى و أ ّ‬ ‫وصفه ا ّ‬
‫جر فقال بعضهههم ‪ :‬احضههروا مهها طلههب ‪ ،‬و‬ ‫اختلفهم و ارتفعت أصواتهم حّتى تسأم و تز ّ‬
‫ل سبحانه و ما كههان لمههؤمن و ل مؤمنههة إذا‬ ‫قال بعضهم ‪ :‬القول ما قاله عمر ‪ ،‬و قد قال ا ّ‬
‫ل ه و رسههوله فقههد‬ ‫ل و رسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم و مههن يعههص ا ّ‬ ‫قضى ا ّ‬
‫ل مبينًا و قال تعالى فل و رّبك ل يؤمنون حتى يحّكموك فيما شجر بينهم ث هّم ل‬ ‫ل ضل ً‬ ‫ضّ‬
‫يجدوا في انفسهم حرجا مّما قضيت و يسّلموا تسليمًا روى في البحار من كتاب الطرايف‬
‫ل عنه أّنه قال ‪ :‬من أعظم طرايف المسلمين أّنهههم شهههدوا‬ ‫ي بن طاووس رضى ا ّ‬ ‫للسّيد عل ّ‬
‫ن عمههر بههن‬ ‫ن نبّيهم أراد عند وفاته أن يكتب لهم كتابهها ل يضهّلون بعههده أبههدا ‪ ،‬و أ ّ‬ ‫جميعا أ ّ‬
‫ل مههن اّمتههه و سههبب‬ ‫الخطاب كان سبب منعههه مههن ذلههك الكتههاب و سههبب ضههلل مههن ضه ّ‬
‫اختلفهم و سفك الّدماء بينهم و تلف الموال و اختلف الشريعة و هلك اثنيههن و سههبعين‬
‫فرقة من أصل فرق السلم و سبب خلود من يخلد في النار منهههم ‪ ،‬و مههع هههذا كّلههه فهها ّ‬
‫ن‬
‫أكثرهم أطاع عمر بن الخطاب الذى قد شهدوا عليه بهذه الحوال في الخلفههة و عظمههوه‬
‫و كّفروا بعد ذلك من يطعن فيه و هم من جملة الطاعنين ‪ ،‬و ضّللوا مههن يههذّمه و هههم مههن‬
‫ضالين ‪،‬‬
‫جملة ال ّ‬

‫] ‪[ 254‬‬

‫و تبّرءوا ممههن يقّبههح ذكههره و هههم مههن جملههة المقّبحيههن فمههن روايتهههم فههي ذلههك مهها ذكههره‬
‫حته مههن‬‫الحميدى في الجمع بين الصحيحين في الحديث الّرابع مههن المتفههق عليههه فههي صه ّ‬
‫له عليههه و آلههه و سهّلم و فههي بيتههه‬
‫ل بن عباس قال ‪ :‬لّما احتضر الّنبي صّلى ا ّ‬ ‫مسند عبد ا ّ‬
‫ل عليههه و آلههه و سهّلم ‪ :‬هلّمههوا أكتههب لكههم‬
‫رجال فيهم عمر بن الخطاب فقال النبي صّلى ا ّ‬
‫كتابا لن تضّلوا بعده أبدا ‪ ،‬فقال عمههر بههن الخطهاب ‪ :‬إنّ الّنههبي قههد غلبهه الوجهع و عنهدكم‬
‫القرآن حسبكم كتاب ربكم ‪.‬‬

‫ن الّرجل ليهجر ‪.‬‬


‫و في رواية ابن عمر من غير كتاب الحميدى قال عمر ‪ :‬إ ّ‬

‫و في كتاب الحميدى قالوا ما شأنه هجر ‪.‬‬


‫ل عليه و آله يهجر ‪.‬‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫ن رسول ا ّ‬
‫و في المجّلد الثاني من صحيح مسلم فقال ‪ :‬إ ّ‬

‫ل عليه و آله فبعضهم يقول ‪ :‬القههول‬ ‫ي صّلى ا ّ‬‫قال الحميدى ‪ :‬فاختلف الحاضرون عند النب ّ‬
‫ل عليه و آله فقّربوا إليه كتابا يكتب لكم ‪ ،‬و منهم مههن يقههول ‪ :‬القههول‬
‫ما قاله النبي صّلى ا ّ‬
‫ما قاله عمر ‪.‬‬

‫ل عليه و آله ‪ :‬قومههوا عّنههى فل‬


‫ي صّلى ا ّ‬ ‫فلّما اكثروا اللفظ » الّلغط « و الختلط قال النب ّ‬
‫ل دمههوعه الحصهها و يقههول ‪ :‬يههوم‬
‫ينبغى عندى التنازع ‪ ،‬فكان ابههن عبههاس يبكههى حّتههى يبه ّ‬
‫الخميس و ما يوم الخميس ‪.‬‬

‫ل بن عباس يههوم‬
‫قال راوى الحديث فقلت ‪ :‬يا ابن عباس و ما يوم الخميس ؟ فذكره عبد ا ّ‬
‫لهه‬
‫ل الّرزية ما حال بين رسول ا ّ‬
‫ل من ذلك الكتاب ‪ ،‬و كان يقول ‪ :‬الّرزية ك ّ‬ ‫منع رسول ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم و بين كتابه ‪.‬‬
‫صّلى ا ّ‬

‫ن أبا بكر و عمر و عثمان كانوا من جيشههه ‪،‬‬‫و ثانيها حديث التخّلف عن جيش اسامة ‪ ،‬فا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم لّما اشتّد مرضه المهر بتجهيهز جيشهه و‬
‫ل صّلى ا ّ‬‫و قد كّرر رسول ا ّ‬
‫خروا عنه و اشتغلوا بعقد البيعة فى سقيفة بني ساعدة و خالفوا أمره‬‫لعن المتخّلف عنه فتأ ّ‬
‫‪ ،‬و شملهم الّلعن و ظهر أّنهم ل يصلحون للخلفة ‪.‬‬

‫قال أصحابنا ‪ :‬و لو تنّزلنا عن هذا المقام و قلنا بما اّدعاه بعضهم من عدم كون أبههي بكههر‬
‫ن عمر منهم ‪ ،‬و قد منعه أبو بكر من الّنفههوذ معهههم ‪ ،‬و هههذا‬‫من الجيش نقول ‪ :‬ل خلف أ ّ‬
‫ل عليه و آله ‪،‬‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫كالّول في كونه معصية و مخالفة لرسول ا ّ‬

‫] ‪[ 255‬‬

‫شافي بطرق كثيرة من العاّمة ‪.‬‬


‫اما اّنهم كانوا من جيش اسامة ‪ ،‬فقد رواه علم الهدى في ال ّ‬

‫ن كون أبي بكر في جيش أسامة قد ذكره أصحاب السير و التواريخ ‪.‬‬
‫قال ره ‪ :‬إ ّ‬

‫ضبط و برىء من ممائلة‬ ‫قال ‪ :‬و قد روى البلدرى فى تاريخه و هو معروف ثقة كثير ال ّ‬
‫ن أبا بكههر و عمههر كانهها معهها فههي جيههش اسههامة و اورد روايههات اخههر مههن أراد‬
‫الشيعة ‪ :‬إ ّ‬
‫الطلع عليها فعليه بالمراجعة إلهى الكتهاب المهذكور ‪ ،‬و سههتطلع عليهه مّمها نحكيههه عهن‬
‫المفيد في الرشاد في الطعن التى ‪.‬‬

‫و أما تخّلفهم عن الجيش فل ينازع فيه أحد ‪.‬‬


‫ن ذلك قادح في خلفتهم و موجب للطعن عليهم ‪ ،‬فلستحقاقهم بسبب التخلف لّلعن‬ ‫و أما أ ّ‬
‫ل و من رسوله ‪ ،‬و الملعون ل يصلح للمامة ‪.‬‬
‫صريح من ا ّ‬ ‫ال ّ‬

‫ل عليه و آله بعد تأكيده و تكريره‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫ل فاّنهم لّما خالفوا أمر رسول ا ّ‬
‫أّما اللعن من ا ّ‬
‫ل ه فههي ال هّدنيا و‬
‫ل و رسوله لعنهههم ا ّ‬‫ن الذين يؤّذون ا ّ‬
‫آذوه فيدخلون في عموم قوله تعالى إ ّ‬
‫له‬
‫له صهّلى ا ّ‬ ‫ل لهم عذاب أليم و أّما لعن رسههول ا ّ‬ ‫الخرة و قوله و الذين يؤذون رسول ا ّ‬
‫عليه و آله فلما رواه الشهرستانى في كتاب الملل و الّنحل عنههد ذكههر الختلفههات الواقعههة‬
‫ل عليه و آله ‪ :‬الخلف الثاني أنه قال جّهههزوا جيههش اسههامة لعههن‬ ‫في مرض الّنبي صّلى ا ّ‬
‫ل من تخّلف عن جيش اسامة ‪ ،‬فقال قوم ‪ :‬يجب علينا امتثال أمره و اسامة قههد بههرز مههن‬ ‫ا ّ‬
‫المدينة ‪ ،‬و قال قوم ‪ :‬قد اشتّد مرض الّنبي فل تسع قلوبنا لمفارقته و الحال هذه ‪ ،‬فنصههبر‬
‫ى شيء يكون من أمره ‪.‬‬ ‫حتى نبصر أ ّ‬

‫ل عليههه و آلههه عليههها دليههل‬


‫ل صّلى ا ّ‬
‫و ثالثها صلة أبي بكر بالناس و عدم إقرار رسول ا ّ‬
‫على عدم قابلّيته للمامة في الصلة فكيف بامامة الّمة ؟ قههال المفيههد فههي كتههاب الرشههاد‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪:‬‬
‫صة وفاة الّنبي صّلى ا ّ‬
‫في ق ّ‬

‫صههبح و رسههول‬ ‫و استمّر به المرض في بيت عايشة أّياما و ثقل فجاء بلل عنههد صههلة ال ّ‬
‫ل ه ‪ ،‬فههاوذن‬
‫ل عليه و آله و سّلم مغمههور بههالمرض فنههادى ‪ :‬الصههلة رحمكههم ا ّ‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم بندائه فقال ‪ :‬يصّلي بالناس بعضهههم فههاّني مشههغول‬‫ل صّلى ا ّ‬‫رسول ا ّ‬
‫بنفسي فقالت عايشة ‪ :‬مروا أبا بكر ‪،‬‬

‫] ‪[ 256‬‬

‫له عليههه و آلههه و سهّلم حيههن سههمع‬ ‫له صهّلى ا ّ‬


‫و قالت حفصة ‪ :‬مروا عمر ‪ ،‬فقال رسول ا ّ‬
‫له‬
‫ل واحدة منهما على التنويه بأبيها و افتنانهما بذلك و رسول ا ّ‬ ‫كلمهما و رأى حرص ك ّ‬
‫سههلم‬‫ن صههويحبات يوسههف ثهّم قههام عليههه ال ّ‬ ‫ي ‪ :‬اكففههن فههاّنك ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم ح ّ‬ ‫صّلى ا ّ‬
‫مبادرا خوفا من تقّدم أحد الّرجلين ‪ ،‬و قد كان أمرهما بالخروج مع اسامة و لههم يههك عنههده‬
‫خران عهن أمهره ‪،‬‬ ‫أّنهما قد تخّلفا ‪ ،‬فلّما سمع من عايشة و حفصة ما سهمع علهم أنهمها متهأ ّ‬
‫ل علههى الرض‬ ‫شبهة فقام عليه الصلة و السلم و أنههه ل يسههتق ّ‬ ‫ف الفتنة و إزالة ال ّ‬
‫فبدر لك ّ‬
‫ي بن أبيطالب و الفضل بههن العبههاس فاعتمههد عليهمهها و رجله‬ ‫ضعف ‪ ،‬فأخذ بيده عل ّ‬ ‫من ال ّ‬
‫ضعف ‪.‬‬ ‫تخطان الرض من ال ّ‬

‫خر عنههه ‪،‬‬ ‫فلّما خرج إلى المسجد وجد أبا بكر قد سبق إلى المحراب فأومأ إليه بيههده أن تههأ ّ‬
‫ل عليه و آله مقامه ‪ ،‬فكّبر و ابتدء الصههلة اّلههتي‬ ‫ل صّلى ا ّ‬
‫خر أبو بكر ‪ ،‬و قام رسول ا ّ‬
‫فتأ ّ‬
‫كان قد ابتدأها و لم يبن على ما مضى من أفعاله ‪ ،‬فلّما سّلم انصرف إلى منزله ‪.‬‬
‫و استدعا أبا بكر و عمر و جماعة مّمن حضر بالمسجد من المسلمين ثّم قال ‪:‬‬

‫خرتم عههن‬ ‫له ‪ ،‬قههال ‪ :‬فلههم تههأ ّ‬


‫أ لم آمركم أن تنفذوا جيش اسامة ؟ فقالوا ‪ :‬بلههى يهها رسههول ا ّ‬
‫أمرى ؟ قال أبو بكر ‪ :‬إني خرجت ثّم رجعت لجّدد بك عهدا ‪ ،‬و قههال عمههر ‪ :‬يهها رسههول‬
‫ل ه عليههه و آلههه‬‫ب أن أسأل عنك الّركب ‪ ،‬فقال الّنبي ص هّلى ا ّ‬ ‫ل إّنى لم أخرج لّننى لم أح ّ‬
‫ا ّ‬
‫نّفذوا جيش اسامة يكّررها ثلث مرات ‪.‬‬

‫ثّم اغمي عليه من الّتعب الذى لحقه و السههف الههذى ملكههه فمكههث هنيئة مغمههى عليههه ‪ ،‬و‬
‫بكى المسلمون و ارتفع النحيب من أزواجه و ولده و ساء المسههلمين و جميههع مههن حضههر‬
‫ل عليه و آله و سّلم فنظر إليهم ‪.‬‬‫ل صّلى ا ّ‬
‫من المسلمين ‪ ،‬فأفاق رسول ا ّ‬

‫ثّم قال ‪ :‬ايتونى بدواة و كتف لكتب لكم كتابا ل تضّلوا بعههده أبههدا ‪ ،‬ثهّم اغمههى عليههه فقههام‬
‫بعض من حضره يلتمس دواة و كتفا فقال له عمر ‪ :‬ارجع فههاّنه يهجههر فرجههع و نههدم مههن‬
‫حضر على ما كان منهم من الّتضجيع ‪ 1‬في احضار الّدواة و الكتف و تلومههوا بينهههم و‬
‫ل و إّنا إليه راجعون لقد أشفقنا من خلف رسول‬ ‫قالوا ‪ :‬إّنا ّ‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬هه ههههههه ‪.‬‬

‫] ‪[ 257‬‬

‫ل عليه و آله و سّلم ‪.‬‬


‫ل صّلى ا ّ‬
‫ا ّ‬

‫ل عليه و آله و سّلم ؟‬


‫ل صّلى ا ّ‬
‫فلما أفاق قال بعضهم ‪ :‬أ ل نأتيك بدواة و كتف يا رسول ا ّ‬
‫فقال ‪ :‬أ بعد الذى قلتم ؟ ل ‪ ،‬و لكّني اوصيكم بأهل بيتى خيرا و أعرض بوجهه عن القوم‬
‫فنهضوا ‪،‬‬

‫ل عنه ‪.‬‬
‫انتهى ما أهّمنا نقله من كلمه رضي ا ّ‬

‫و قد ذكرناه بطوله لّنه قد ثبت أنه ثقة مقبول الكلم عند العامة و الخاصههة ل مغمههز فيههه‬
‫لحد و ل يطعن بالعصبّية و الهوى ‪.‬‬

‫ثّم أقول ‪ :‬يا اولى البصار انظروا بنظر النصاف و العتبار إلى سههوء حركههات هههؤلء‬
‫ل ه فههي تلههك الحههال و قههد اسههتولت عليههه غمههرات‬
‫الوغههاد الشههرار كيههف آذوا رسههول ا ّ‬
‫المههراض و اللم و طههوارق الوجههاع و السههقام ‪ ،‬و لههم يههتركوه و حههاله ليسههتريح فههي‬
‫فراشه و يشغل بنفسه ‪ ،‬حتى ألجأوه إلى الخروج إلى المسجد و رجله يخطان الرض و‬
‫كابدوه الغصص بالتخلف عن الجيههش و نسههبوه إلههى الهههذيان عنههد طلهب الكتهف و الههدواة‬
‫ل و أبعدهم و عّذبهم عذابا أليما ‪.‬‬
‫لعنهم ا ّ‬

‫ل عليه و آله و سّلم و بلوغه في الجهل إلى حيث لم يعلههم‬‫رابعها إنكار عمر لموته صّلى ا ّ‬
‫ل نفس ذائقة الموت و أنه يجوز الموت عليه و أّنه اسوة النبياء في ذلك ‪ ،‬فقههال ‪ :‬و‬ ‫نكّ‬ ‫بأ ّ‬
‫ل ع هّز و‬‫ل ما مات حّتى يقطع أيدي رجال و أرجلهم ‪ ،‬فقال له أبو بكر أما سمعت قول ا ّ‬ ‫ا ّ‬
‫ل رسول قد خلت من قبله الّرسههل أ‬ ‫ل إّنك مّيت و إنهم مّيتون و قوله تعالى و ما محّمد إ ّ‬
‫جّ‬
‫فان مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ‪.‬‬

‫قال ‪ :‬فلّما سمعت ذلك أيقنت بوفاته و سقطت إلى الرض و علمت أنه قد مههات فمههن بلههغ‬
‫من غاية الجهل إلى هذه المرتبة كيف يليق بالخلفة الكّلية و الّرياسة اللهّية ؟‬

‫عععععع‬

‫لما كان هذه الخطبة الشريفة التي نحن في شرحها مسوقة لذكر مناقبه‬

‫] ‪[ 258‬‬

‫ق و أولههى بالخلفههة و المامههة مههن‬ ‫و خصايصه الجميلة المخصوصة به المفيدة لكونه أح ّ‬


‫ل كراماته و بينههاته الههتي لههم يشههركه فيههها أحههد‬
‫غيره ‪ ،‬أحببت أن اورد رواية متضمنة لج ّ‬
‫تأكيدا للغرض المسوق له الخطبة الشريفة و تكميل له و هو ‪:‬‬

‫ما رواه في البحار من الخصال عن القطان و السنان و الدقاق و المكتب و الوراق جميعا‬
‫عن ابن زكرّيا القطان عن ابن حبيب عن ابن بهلول عن سليمان بههن حكيههم عههن ثههور بههن‬
‫سههلم ‪ :‬لقههد علههم‬
‫ى بههن أبيطههالب عليههه ال ّ‬
‫يزيد عن مكحول قههال ‪ :‬قههال أميههر المههؤمنين عله ّ‬
‫ل عليه و آله أنه ليس فيهم رجههل لههه منقبههة‬ ‫ي محّمد صّلى ا ّ‬ ‫المستحفظون من أصحاب النب ّ‬
‫ل و قد شركته فيها و فضلته ‪ ،‬و لى سبعون منقبة لم يشركنى فيها أحد منهم ‪ ،‬قلههت ‪ :‬يهها‬ ‫إّ‬
‫سلم ‪:‬‬‫ن فقال عليه ال ّ‬
‫أمير المؤمنين فأخبرني به ّ‬

‫لت و العّزى و الثانية أّني لههم‬


‫ل طرفة عين و لم أعبد ال ّ‬
‫ن أول منقبة لي أّني لم اشرك با ّ‬
‫إّ‬
‫ط‪.‬‬‫أشرب الخمر ق ّ‬

‫ل عليه و آله استوهبنى من أبى فههي صههباى فكنههت أكيلههه و‬


‫ل صّلى ا ّ‬ ‫ن رسول ا ّ‬
‫و الثالثة أ ّ‬
‫شريبه و مونسه و محّدثه ‪.‬‬

‫و الرابعة أّني أّول الناس ايمانا و اسلما ‪.‬‬


‫ل عليه و آله قال ‪ :‬يا علي أنت مّنى بمنزلة هارون من‬ ‫ل صّلى ا ّ‬
‫ن رسول ا ّ‬ ‫و الخامسة ‪ :‬أ ّ‬
‫له‬
‫له صهّلى ا ّ‬
‫ي بعدي و السادسة أّني كنت آخر الناس عهههدا برسههول ا ّ‬‫ل أنه ل نب ّ‬‫موسى إ ّ‬
‫عليه و آله و وليته في حفرته ‪.‬‬

‫ل عليه و آله أنا مني على فراشه حيث ذهب إلى الغههار و‬ ‫ل صّلى ا ّ‬
‫ن رسول ا ّ‬
‫و السابعة أ ّ‬
‫جانى ببرده فلما جاء المشركون ظّنههوني محّمههدا فهأيقظوني و قهالوا ‪ :‬مها فعهل صههاحبك‬
‫سّ‬
‫فقلت ‪ :‬ذهب في حاجته ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬لو كان هرب لهرب هذا معه ‪.‬‬

‫ل عليه و آله و سّلم عّلمني ألههف بههاب مههن العلههم يفتههح‬


‫ل صّلى ا ّ‬
‫ن رسول ا ّ‬‫و أما الثامنة فا ّ‬
‫ل باب ألف باب ‪ ،‬و لم يعّلم ذلك أحدا غيري ‪.‬‬ ‫كّ‬

‫له‬
‫ي إذا حشههر ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم قال لههي ‪ :‬يهها عل ه ّ‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫ن رسول ا ّ‬
‫و أما التاسعة فا ّ‬
‫عّز و جل الّولين و الخرين نصب لي منبرا فوق منابر الّنبّيين و نصب لك منههبرا فههوق‬
‫منابر الوصّيين‬

‫] ‪[ 259‬‬

‫ل عليه و آله و س هّلم يقههول ‪ :‬ل‬


‫ل صّلى ا ّ‬
‫فترتقى عليه و أما العاشرة فاّني سمعت رسول ا ّ‬
‫ل سألت لك مثله ‪.‬‬
‫اعطى في القيامة شيئا إ ّ‬

‫ل عليه و آله و سّلم يقول ‪ :‬أنت أخههي‬


‫ل صّلى ا ّ‬
‫و أما الحادية عشرة فاّني سمعت رسول ا ّ‬
‫و أنا أخوك يدك في يدي حّتى ندخل الجّنة ‪.‬‬

‫ي مثلههك فههي‬
‫ل عليه و آله يقول ‪ :‬يا عله ّ‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫و أما الثانية عشرة فاّني سمعت رسول ا ّ‬
‫اّمتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجى و من تخّلف عنها غرق ‪.‬‬

‫ل عليه و آله عّممني بعمامة نفسه بيههده و دعههى‬


‫ل صّلى ا ّ‬
‫ن رسول ا ّ‬‫و أما الثالثة عشرة فا ّ‬
‫ل‪.‬‬‫ل عّز و ج ّ‬
‫ل فهزمتهم باذن ا ّ‬
‫لي بدعوات الّنصر على أعداء ا ّ‬

‫له عليهه و آلهه أمرنهى أن امسهح يهدي علهى‬ ‫له صهّلى ا ّ‬


‫ن رسهول ا ّ‬
‫و أما الرابعة عشرة فا ّ‬
‫ي فعلههك‬
‫ل بههل امسههح أنههت ‪ ،‬فقههال ‪ :‬يهها عله ّ‬
‫ضرع شاة قد يبس ضرعها فقلت ‪ :‬يا رسول ا ّ‬
‫فعلي ‪،‬‬

‫ل عليه و آله شههربة ‪ ،‬ثهمّ‬‫ل صّلى ا ّ‬ ‫ى من لبنها فسقيت رسول ا ّ‬‫فمسحت عليها يدي فدّر عل ّ‬
‫ل أن يبههارك‬‫له عهّز و جه ّ‬
‫ل ‪ :‬اّنى سألت ا ّ‬‫أتت عجوز فشكت الظماء فسقيتها فقال رسول ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم أوصى إل ّ‬
‫ي‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫ن رسول ا ّ‬
‫فى يدك ففعل و أما الخامسة عشرة فا ّ‬
‫ي ل يلي غسلي غيرك ‪ ،‬و ل يواري عورتي غيرك ‪ ،‬فاّنه إن رأى عههورتي‬‫و قال ‪ :‬يا عل ّ‬
‫غيرك تفقأت عيناه ‪،‬‬

‫ل ه مهها أردت أن اقّلههب‬


‫ل ؟ فقال ‪ :‬إّنك ستعان ‪ ،‬فههو ا ّ‬
‫فقلت له ‪ :‬كيف لي بتقليبك يا رسول ا ّ‬
‫ل قلب لي ‪.‬‬
‫عضوا من أعضائه إ ّ‬

‫ىخ«‬ ‫سههلم فنههوديت ‪ :‬يهها أخ » وصه ّ‬


‫و أما السادسة عشرة فاّنى أردت أن أجّرده عليههه ال ّ‬
‫صههه بالرسههالة‬
‫ل الذي أكرمه بالّنبوة و خ ّ‬
‫محّمد ل تجّرده فغسلته و القميص عليه ‪ ،‬فل و ا ّ‬
‫ل بذلك من بين أصحابه ‪.‬‬ ‫صنى ا ّ‬
‫ما رأيت له عورة خ ّ‬

‫ل زّوجني فاطمة و قد كان خطبها أبو بكر و عمر ‪،‬‬ ‫ل عّز و ج ّ‬‫نا ّ‬‫و أما السابعة عشرة فا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬هنيئا لك‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫ل من فوق سبع سماواته فقال رسول ا ّ‬ ‫فزّوجنى ا ّ‬
‫ل قد زّوجههك فاطمههة سهّيدة نسههاء أهههل الجّنههة و هههي بضههعة مّنههى‬
‫ل عّز و ج ّ‬‫نا ّ‬
‫يا علي فا ّ‬
‫ي أنت مّنههى و أنهها منههك كيمينههي مههن‬‫ل أ و لست منك ؟ قال ‪ :‬بلى يا عل ّ‬ ‫فقلت ‪ :‬يا رسول ا ّ‬
‫شمالي ل أستغنى عنك‬

‫] ‪[ 260‬‬

‫في الّدنيا و الخرة ‪.‬‬

‫ي أنت صههاحب‬ ‫ل عليه و آله و سّلم قال ‪ :‬يا عل ّ‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫ن رسول ا ّ‬ ‫و أما الثامنة عشرة فا ّ‬
‫لواء الحمد في الخرة و أنت يوم القيامة أقرب الخليق مّني مجلسا يبسط لي و يبسط لههك‬
‫فأكون في زمرة الّنبّيين و تكون فى زمرة الوصّيين ‪ ،‬و يوضع على رأسك تههاج الّنههور و‬
‫ل من حساب الخليههق و‬ ‫ل عّز و ج ّ‬ ‫اكليل الكرامة يحف بك سبعون ألف ملك حّتى يفرغ ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم قال لي ‪ :‬سههتقاتل الّنههاكثين و‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫ن رسول ا ّ‬ ‫أما التاسعة عشرة فا ّ‬
‫ل رجهل منهههم شههفاعة فههي مهأة ألههف مههن‬ ‫ن لك بكه ّ‬ ‫القاسطين و المارقين فمن قاتلك منهم فا ّ‬
‫ل فمن النههاكثون ؟ قههال ‪ :‬طلحههة و الزبيههر سههيبايعانك بالحجههاز و‬ ‫شيعتك فقلت يا رسول ا ّ‬
‫ن فههي قتالهمها طهههارة لههل الرض ‪ ،‬قلههت ‪:‬‬ ‫ينكثانك بالعراق فاذا فعل ذلك فحاربهما فها ّ‬
‫فمن القاسطون ؟ قال ‪ :‬معاوية و أصههحابه ‪ ،‬قلههت ‪ :‬فمههن المههارقون ؟ قههال ‪ :‬أصههحاب ذو‬
‫ن فههي قتلهههم فرجهها‬‫سهم مههن الرميههة فههاقتلهم فهها ّ‬ ‫الّثدية و هم يمرقون من الّدين كما يمرق ال ّ‬
‫ل يوم القيامة ‪.‬‬ ‫ل عّز و ج ّ‬ ‫جل عليهم و ذخرا لك عند ا ّ‬ ‫لهل الرض و عذابا مؤ ّ‬

‫ل عليه و آله و سّلم يقول ‪ :‬مثلك في امههتي‬ ‫ل صّلى ا ّ‬


‫و أما العشرون فاّني سمعت رسول ا ّ‬
‫ل ه ع هّز و‬
‫مثل باب حطة في بني إسرائيل فمن دخل في وليتك فقد دخل الباب كما أمره ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سهّلم يقههول ‪:‬‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫ل و أما الحادية و العشرون فاّني سمعت رسول ا ّ‬
‫جّ‬
‫ي إّنك سترعى‬
‫ل من بابها ‪ ،‬ثّم قال ‪ :‬يا عل ّ‬
‫ي بابها و لن يدخل المدينة إ ّ‬‫أنا مدينة العلم و عل ّ‬
‫ذّمتي و تقاتل على سّنتي و تخالفك اّمتي ‪.‬‬

‫ن الّ‬‫ل عليه و آله و سّلم يقول ‪ :‬إ ّ‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫و أما الثانية و العشرون فاّني سمعت رسول ا ّ‬
‫ي الحسههن و الحسههين مههن نههور ألقههاه إليههك و إلههى فاطمههة ‪ ،‬و همها‬
‫تبارك و تعالى خلق ابن ّ‬
‫يهتّزان كما يهتّز القرطان إذا كانا في الذنين ‪ ،‬و نورهما متضههاعف علههى نههور الشهههداء‬
‫ل قد وعدني أن يكرمهما كرامة ل يكههرم بههها‬ ‫ل عّز و ج ّ‬‫نا ّ‬‫يإّ‬‫سبعين ألف ضعف ‪ ،‬يا عل ّ‬
‫أحدا ما خل النبّيين و المرسلين ‪.‬‬

‫ل عليه و آله أعطاني خههاتمه فههي حيههاته و‬


‫ل صّلى ا ّ‬
‫ن رسول ا ّ‬
‫و أما الثالثة و العشرون فا ّ‬
‫صههني‬
‫درعه و منطقه و قّلدني سيفه و أصحابه كّلهم حضور و عّمي العّباس حاضر ‪ ،‬فخ ّ‬
‫ا ّ‬
‫ل‬

‫] ‪[ 261‬‬

‫ل بذلك دونهم ‪.‬‬


‫عّز و ج ّ‬

‫ل أنههزل علههى رسههوله يهها أّيههها اّلههذين آمنههوا إذا‬ ‫ل عّز و جه ّ‬‫نا ّ‬ ‫و أما الرابعة و العشرون فا ّ‬
‫ناجيتم الّرسول فقّدموا بين يدي نجويكم صدقة فكان لي دينار فبعته بعشههرة دراهههم فكنههت‬
‫ل ما فعل هذا أحد من أصههحابه قبلههي‬ ‫ل اصدق قبل ذلك بدرهم ‪ ،‬و و ا ّ‬ ‫إذا ناجيت رسول ا ّ‬
‫ل ء أشفقتم أن تقهّدموا بيههن يههدي نجههويكم صههدقات فههاذ لههم‬ ‫ل عّز و ج ّ‬ ‫و ل بعدي ‪ ،‬فأنزل ا ّ‬
‫ل مههن ذنههب كههان و أمهها الخامسههة و‬ ‫له عليكههم اليههة فهههل تكههون الّتوبههة إ ّ‬‫تفعلههوا و تههاب ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم يقول ‪ :‬الجّنههة محّرمههة علههى‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫العشرون فاّني سمعت رسول ا ّ‬
‫له‬
‫نا ّ‬ ‫النبياء حّتى أدخلها أنا و هي محّرمة على الوصياء حتى تدخلها أنههت ‪ ،‬يهها علههي إ ّ‬
‫شههرني بأنههك سهّيد الوصههياء و‬ ‫شر بها نبيا قبلي ب ّ‬ ‫شرني فيك ببشرى لم يب ّ‬ ‫تبارك و تعالى ب ّ‬
‫ن ابنيك الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة يوم القيامة ‪.‬‬ ‫أّ‬

‫ن جعفههرا أخههي الطيههار فههي الجّنههة مههع الملئكههة المزّيههن‬


‫و أمهها السادسههة و العشههرون فهها ّ‬
‫بالجناحين من دّر و ياقوت و زبرجد ‪.‬‬

‫و أما السابعة و العشرون فعّمى حمزة سّيد الشهداء ‪.‬‬

‫ل ه تعههالى‬
‫نا ّ‬‫ل عليه و آله و س هّلم قههال ‪ :‬إ ّ‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫ن رسول ا ّ‬
‫و أما الثامنة و العشرون فا ّ‬
‫وعدني فيك وعدا لن يخلفه ‪ ،‬جعلني نبيا و جعلك وصيا ‪ ،‬و ستلقى من اّمتي من بعدي ما‬
‫لقى موسى من فرعون فاصبر و احتسب حتى تلقانى ‪ ،‬فههاوالي مههن والك و اعههادى مههن‬
‫ل عليه و آلههه يقههول ‪ :‬يهها‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫عاداك و أما التاسعة و العشرون فاّني سمعت رسول ا ّ‬
‫ي أنت صاحب الحوض ل يملكه غيرك و سيأتيك قوم فيستسقونك فتقول ‪ :‬ل و ل مثل‬ ‫عل ّ‬
‫ذّرة ‪ ،‬فينصرفون مسههوّدة وجههوههم و سههترد عليههك شههيعتي و شههيعتك فتقههول رّووا رواء‬
‫مروّيين فيردون مبّيضة وجوههم ‪.‬‬

‫ل عليه و آله و سهّلم يقههول ‪ :‬يحشههر امههتي يههوم القيامههة‬


‫و أما الثلثون فاّني سمعته صّلى ا ّ‬
‫ي راية فرعون هذه المة و هو معاوية ‪ ،‬و الثانيههة‬ ‫على خمس رايات ‪ :‬فأّول راية ترد عل ّ‬
‫مع سامرى هذه المة عمرو بن العاص ‪ ،‬و الثالثة مع جاثليق هذه المة و هو أبو موسهى‬
‫الشههعري و الرابعههة مههع أبههى العههور السههلمى ‪ ،‬و أمهها الخامسههة فمعههك يهها علههى تحتههها‬
‫المؤمنون و أنت‬

‫] ‪[ 262‬‬

‫ل تبارك و تعالى للربعههة ‪ :‬ارجعههوا ورائكههم فالتمسههوا نههورا فضههرب‬ ‫إمامهم ‪ ،‬ثّم يقول ا ّ‬
‫بينهم بسور له باب باطنه فيههه الّرحمههة ‪ ،‬و هههم شههيعتى و مههن والنههي و قاتههل معههي الفئة‬
‫الباغية و الناكثة عهن الصهراط ‪ ،‬و بهاب الرحمهة ههم شهيعتى ‪ ،‬فينهادى ههولء أ لهم نكهن‬
‫معكم ؟‬

‫له‬
‫ي حّتى جههاء أمههر ا ّ‬‫قالوا ‪ :‬بلى و لكنكم فتنتم أنفسكم و ترّبصتم و ارتبتم و غّرتكم المان ّ‬
‫ل الغرور ‪ ،‬فاليوم ل يؤخذ منكم فدية و ل من الذين كفههروا مههأويكم النههار هههى‬ ‫و غّركم با ّ‬
‫ل عليه و‬ ‫موليكم و بئس المصير ثّم ترد امتي و شيعتي فيروون من حوض محّمد صّلى ا ّ‬
‫آله و بيدي عصا عوسج اطرد بها أعدائي طرد غريبة البل ‪.‬‬

‫له عليههه و آلههه يقههول ‪ :‬لههو ل أن‬


‫ل صهّلى ا ّ‬
‫و أما الحادية و الثلثون فانى سمعت رسول ا ّ‬
‫يقول فيك الغالون من امتي ما قالت النصارى في عيسى بن مريم لقلت فيك قههول ل تم هّر‬
‫ل أخذوا التراب من تحت قدميك يستشفون ‪.‬‬
‫بملء من الناس إ ّ‬

‫لهه‬
‫نا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم يقول ‪ :‬إ ّ‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫و أما الثانية و الثلثون فاّني سمعت رسول ا ّ‬
‫تبارك و تعالى نصرنى بالّرعب فسألته أن ينصرك بمثله فجعل لههك مههن ذلههك مثههل الههذي‬
‫جعله لى ‪.‬‬

‫ل عليه و آله و سّلم التقم اذني و عّلمني مهها‬


‫ل صّلى ا ّ‬‫ن رسول ا ّ‬
‫و أما الثالثة و الثلثون فا ّ‬
‫ل ذلك إلى لسان نبّيه ‪.‬‬ ‫ل عّز و ج ّ‬
‫كان و ما يكون إلى يوم القيامة فساق ا ّ‬

‫جههك فيههه‬
‫ل فمههن حا ّ‬
‫ل عّز و ج ّ‬ ‫ن النصارى اّدعوا أمرا فأنزل ا ّ‬ ‫و أما الرابعة و الثلثون فا ّ‬
‫من بعد ما جائك من العلم فقل تعالوا ندع أبنائنهها و أبنههائكم و نسههائنا و نسههائكم و أنفسههنا و‬
‫له عليههه و آلههه و سهّلم ‪ ،‬و النسههاء فاطمههة و‬‫له صهّلى ا ّ‬ ‫أنفسكم فكانت نفسي نفس رسول ا ّ‬
‫البناء الحسن و الحسين ‪ ،‬ثّم ندم القوم فسههألوا العفههاء فأعفههاهم ‪ ،‬و الههذى أنههزل التههوراة‬
‫على موسى و الفرقان على محّمد لو باهلوا لمسخوا قردة و خنازير ‪.‬‬
‫جهنى يوم بدر فقال ‪:‬‬
‫ل عليه و آله و ّ‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫ن رسول ا ّ‬
‫و أما الخامسة و الثلثون فا ّ‬

‫ف حصياة مجموعة فى مكان واحد ‪ ،‬فأخههذتها ثهّم شههممتها فهاذا هههي طيبههة تفههوح‬ ‫ايتنى بك ّ‬
‫منها رايحة المسك ‪ ،‬فأتيته بها فرمى بها وجوه المشركين و تلك الحصيات أربع منها كن‬
‫من الفردوس و حصاة من المشرق و حصاة من المغرب و حصاة من تحت العههرش مههع‬
‫ل بههذه الفضهيلة أحههدا قبهل و ل‬ ‫له عهّز و جه ّ‬ ‫ل حصاة مأة ألف ملك مددا لنا ‪ ،‬لم يكههرم ا ّ‬‫كّ‬
‫بعد ‪.‬‬

‫] ‪[ 263‬‬

‫ل عليه و آله و سّلم يقول ‪ :‬ويههل‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫و أما السادسة و الثلثون فاّني سمعت رسول ا ّ‬
‫ن عههرش الّرحمههن ليهههتّز لقتلههك فابشههر يهها‬ ‫لقاتلك انه أشقى من ثمود و من عاقر الناقة و إ ّ‬
‫على فانك فى زمرة الصديقين و الشهداء و الصالحين ‪.‬‬

‫صنى من بين أصحاب محّمد صههّلى‬ ‫ل تبارك و تعالى قد خ ّ‬


‫نا ّ‬‫و أما السابعة و الثلثون فا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم بعلم الّناسخ و المنسوخ و المحكم و المتشابه و الخههاص و العههام ‪ ،‬و‬‫ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم و قال لي الّرسول ‪ :‬يها‬
‫ي و على رسوله صّلى ا ّ‬ ‫ل به عل ّ‬
‫نا ّ‬‫ذلك مّما م ّ‬
‫ق عله ّ‬
‫ى‬ ‫ل أمرني أن ادنيك و ل أقصيك ‪ 1‬و اعلمك و ل أجفوك و ح ّ‬ ‫ل عّز و ج ّ‬‫نا ّ‬‫يإّ‬‫عل ّ‬
‫ق عليك أن تعى ‪.‬‬ ‫أن اطيع رّبي و ح ّ‬

‫ل عليه و آله و سّلم بعثنى بعثهها و دعهها لههى‬‫ل صّلى ا ّ‬ ‫ن رسول ا ّ‬


‫و أما الثامنة و الثلثون فا ّ‬
‫ل عليه و آله‬‫بدعوات و اطلعنى على ما يجري بعده ‪ ،‬فحزن لذلك بعض أصحابه صّلى ا ّ‬
‫له بههالطلع علههى ذلههك‬ ‫و قال ‪ :‬لو قدر محّمد أن يجعل ابن عّمه نبّيهها لجعلههه ‪ ،‬فشهّرفنى ا ّ‬
‫على لسان نبّيه ‪.‬‬

‫ل عليه و آله و سّلم يقول ‪ :‬كههذب‬‫ل صّلى ا ّ‬ ‫و أما التاسعة و الثلثون فاّنى سمعت رسول ا ّ‬
‫ل عههّز‬
‫نا ّ‬
‫ل في قلب مؤمن ‪ ،‬إ ّ‬ ‫من زعم أّنه يحّبنى و يبغض علّيا ‪ ،‬ل يجتمع حّبى و حّبه إ ّ‬
‫ل جعل أهل حّبى و حّبك يا علي فهي أّول زمهرة السهابقين إلهى الجّنهة ‪ ،‬و جعهل أههل‬ ‫وجّ‬
‫بغضى و بغضك في أّول الضاّلين من اّمتى إلى النار ‪.‬‬

‫جهنههى فههي بعههض الغههزوات‬ ‫ل عليه و آله و سهّلم و ّ‬ ‫ل صّلى ا ّ‬


‫ن رسول ا ّ‬ ‫و أما الربعون فا ّ‬
‫ي فاذا ليس فيه مههاء ‪ ،‬فرجعههت إليههه فههأخبرته ‪ ،‬فقههال ‪ :‬أ فيههه طيههن ؟ فقلههت ‪ :‬نعههم‬
‫إلى رك ّ‬
‫ي فألقيته فاذا المههاء قههد‬
‫فقال ‪ :‬ايتني منه ‪ ،‬فأتيت منه بطين فتكّلم فيه ثّم قال ‪ :‬ألقه في الّرك ّ‬
‫ي و ببركتههك نبهع‬ ‫ي ‪ ،‬فجئت إليه فأخبرته فقال لي وّفقت يا عله ّ‬ ‫نبع حّتى امتل جوانب الّرك ّ‬
‫صة لي من دون أصحاب الّنبي ‪.‬‬ ‫الماء ‪ ،‬فهذه المنقبة خا ّ‬
‫له عليههه و آلهه و سهّلم يقههول ‪:‬‬‫له صهّلى ا ّ‬ ‫و أما الحادية و الربعون فاّني سمعت رسهول ا ّ‬
‫له تبههارك و تعههالى‬
‫نا ّ‬‫سلم أتانى فقههال لههي ‪ :‬يهها محّمههد إ ّ‬
‫ن جبرئيل عليه ال ّ‬
‫ي فا ّ‬
‫ابشر يا عل ّ‬
‫نظر إلى أصحابك فوجد ابن عّمههك و ختنههك علهى ابنتهك فاطمههة خيهر أصهحابك ‪ ،‬فجعلههه‬
‫وصّيك و المؤّدي عنك ‪.‬‬

‫‪-----------‬‬
‫ههه ه هه ههههه ه ههه ‪.‬‬
‫) ‪ ( 1‬هه ههه‬

‫] ‪[ 264‬‬

‫ل عليه و آله و سّلم يقول ‪ :‬ابشههر‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫و أما الثانية و الربعون فاّني سمعت رسول ا ّ‬
‫ن منزلك في الجّنة مواجه منزلي ‪ ،‬و أنت معههي فههي الّرفيههق العلههى فههي أعلههى‬ ‫ي فا ّ‬
‫يا عل ّ‬
‫ل و ما أعلى علّيون ؟ فقال ‪ :‬قّبههة مههن دّرة بيضههاء لههها سههبعون‬
‫علّيين ‪ ،‬قلت ‪ :‬يا رسول ا ّ‬
‫ألف مصراع مسكن لي و لك يا علي ‪.‬‬

‫ل رسخ‬‫ل عّز و ج ّ‬‫نا ّ‬


‫ل عليه و آله قال ‪ :‬إ ّ‬
‫ل صّلى ا ّ‬‫ن رسول ا ّ‬‫و أما الثالثة و الربعون فا ّ‬
‫حّبي في قلوب المؤمنين ‪ ،‬و كذلك رسخ حّبك يا علي في قلوب المؤمنين و رسخ بغضههي‬
‫ل منافق كافر ‪.‬‬
‫ل مؤمن تقي ‪ ،‬و ل يبغضك إ ّ‬ ‫و بغضك في قلوب المنافقين ‪ ،‬فل يحّبك إ ّ‬

‫ل عليه و آله و سهّلم يقههول ‪ :‬لههن‬


‫ل صّلى ا ّ‬
‫و أما الرابعة و الربعون فاّني سمعت رسول ا ّ‬
‫ل سلقلقية ‪.‬‬‫ي ‪ ،‬و ل من النساء إ ّ‬
‫ل شق ّ‬
‫ى ‪ ،‬و ل من العجم إ ّ‬
‫ل دع ّ‬
‫يبغضك من العرب إ ّ‬

‫ل عليه و آله و سهّلم دعههاني و أنهها رمههد‬


‫ل صّلى ا ّ‬
‫ن رسول ا ّ‬‫و أما الخامسة و الربعون فا ّ‬
‫ل ه مهها‬
‫العين فتفل في عينى و قال ‪ :‬الّلهّم اجعل حّرها في بردها و بردها في حّرها ‪ ،‬فههو ا ّ‬
‫ساعة ‪.‬‬ ‫اشتكت عيني إلى هذه ال ّ‬

‫له عليههه و آلههه و سهّلم أمههر أصههحابه و‬


‫ل صهّلى ا ّ‬
‫ن رسول ا ّ‬‫و أما السادسة و الربعون فا ّ‬
‫ل ‪ ،‬فليس لحد منقبة مثل منقبتي ‪.‬‬ ‫ل عّز و ج ّ‬
‫عمومته بسّد البواب و فتح بابي بأمر ا ّ‬

‫ل عليه و آله و سّلم أمرنههي فههي وص هّيته‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫ن رسول ا ّ‬ ‫و أما السابعة و الربعون فا ّ‬
‫له قههد علمههت أّنههه ليههس عنههدي مههال ‪ ،‬فقههال ‪:‬‬
‫بقضاء ديونه و عداته ‪ ،‬فقلت ‪ :‬يهها رسههول ا ّ‬
‫ل لي حّتى قضههيت ديههونه‬ ‫سره ا ّ‬ ‫ليّ‬‫ل فما أردت أمرا من قضاء ديونه و عداته إ ّ‬ ‫سيعينك ا ّ‬
‫و عداته و أحصيت ذلك فبلغ ثمانين ألفا و بقى بقّية فأوصيت الحسن أن يقضيها ‪.‬‬

‫ل عليه و آله أتاني في منزلههي و لههم يكههن‬ ‫ل صّلى ا ّ‬


‫ن رسول ا ّ‬‫و أما الثامنة و الربعون فا ّ‬
‫ي هل عندك من شيء ؟ فقلت ‪ :‬و الذى أكرمك بالكرامههة‬ ‫طعمنا منذ ثلثة أيام فقال ‪ :‬يا عل ّ‬
‫له‬
‫و اصطفاك بالّرسالة ما طعمت و زوجتى و ابناى منهذ ثلثههة أّيههام فقههال الّنهبي صهّلى ا ّ‬
‫عليه و آله و سّلم ‪ :‬يا فاطمة ادخلي البيت و انظري هههل تجههدين شههيئا ‪ ،‬فقههالت ‪ :‬خرجههت‬
‫له ‪ ،‬فههدخلت فههاذا بطبههق‬
‫له أدخلههه أنهها ؟ فقههال ‪ :‬ادخههل باسههم ا ّ‬
‫الساعة فقلت ‪ :‬يهها رسههول ا ّ‬
‫موضوع‬

‫] ‪[ 265‬‬

‫ل عليه و آله ‪ :‬يا علههي‬


‫ل فقال صّلى ا ّ‬‫عليه رطب و جفنة من ثريد ‪ ،‬فحملتها إلى رسول ا ّ‬
‫رأيت الرسول الذى حمل هذا الطعام ؟ فقلت ‪ :‬نعم ‪ ،‬فقههال ‪ :‬صههفه لهي ‪ ،‬فقلهت ‪ :‬مهن بيهن‬
‫ل عليه و آله و سهّلم ‪ :‬تلههك خطههط جنههاح جبرئيههل‬
‫أحمر و أخضر و أصفر ‪ ،‬فقال صّلى ا ّ‬
‫ل خدش أيدينا و أصابعنا ‪،‬‬ ‫مكّللة بالدّر و الياقوت ‪ ،‬فأكلنا من الثريد حتى شبعنا فما راى إ ّ‬
‫ل بذلك من بين أصحابه » الصحابة « ‪.‬‬ ‫ل عّز و ج ّ‬
‫صني ا ّ‬ ‫فخ ّ‬

‫صهني النهبيّ‬
‫ل تبهارك و تعهالى خهصّ نهبّيه بهالّنبوة ‪ ،‬و خ ّ‬ ‫نا ّ‬
‫و أما التاسعة و الربعون فا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم بالوصّية ‪ ،‬فمن أحّبنههى فهههو سههعيد يحشههر فههي زمههرة النبيههاء‬
‫صّلى ا ّ‬
‫سلم ‪.‬‬
‫عليهم ال ّ‬

‫ل عليه و آله و سّلم بعث ببرائة مع أبي بكر ‪ ،‬فلّمهها‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫ن رسول ا ّ‬‫و أما الخمسون فا ّ‬
‫جهني علههى‬ ‫ل أنت أو رجههل منههك ‪ ،‬فههو ّ‬
‫مضى أتى جبرئيل فقال ‪ :‬يا محّمد ل يؤّدي عنك إ ّ‬
‫ل بذلك منه ‪.‬‬ ‫ل عّز و ج ّ‬‫صني ا ّ‬
‫ناقتة الغضباء ‪ ،‬فلحقته بذي الحليفة فأخذتها منه ‪ ،‬فخ ّ‬

‫ل عليه و آله و سهّلم أقههامني للّنههاس كاّفهة‬


‫ل صّلى ا ّ‬
‫ن رسول ا ّ‬
‫و أما الحادية و الخمسون فا ّ‬
‫ى موله ‪ ،‬فبعدا و سحقا للقوم الظالمين ‪.‬‬ ‫يوم غدير خم فقال ‪ :‬من كنت موله فعل ّ‬

‫له عليههه و آلههه و سهّلم قههال ‪ :‬يهها علههي أل‬


‫ل صهّلى ا ّ‬
‫ن رسول ا ّ‬
‫و أما الثانية و الخمسون فا ّ‬
‫ن جبرئيل ؟ فقلت ‪ :‬بلى ‪ ،‬قال ‪ :‬قههل » يها رازق المقّليههن و يهها راحههم‬ ‫اعّلمك كلمات عّلمنيه ّ‬
‫سههامعين و يهها أبصههر الّنههاظرين و يهها أرحههم الّراحميههن ارحمنههي و‬
‫المساكين و يا أسههمع ال ّ‬
‫ارزقني « ‪.‬‬

‫ل تبارك و تعالى لن يذهب بالّدنيا حّتى يقوم مّنا القائم يقتههل‬


‫نا ّ‬
‫و أما الثالثة و الخمسون فا ّ‬
‫و ل يقبل الجزية و يكسر الصليب و الصنام و يضع الحرب أوزارها ‪،‬‬

‫سوية و يعدل في الّرعية ‪.‬‬


‫و يدعو إلى أخذ المال فيقسمه بال ّ‬

‫له عليههه و آلههه يقههول ‪ :‬يهها علهىّ‬‫ل صّلى ا ّ‬‫و أما الرابعة و الخمسون فاّني سمعت رسول ا ّ‬
‫سههلم لعنهههم‬‫ل لعنة ألف لعنة ‪ ،‬فاذا قام القائم عليههه ال ّ‬
‫سيلعنك بنو امّية و يرّد عليهم ملك بك ّ‬
‫أربعين سنة ‪.‬‬
‫ل عليه و آله و سّلم قال ‪ :‬سيفتتن‬‫ل صّلى ا ّ‬
‫ن رسول ا ّ‬ ‫و أما الخامسة و الخمسون سمعت أ ّ‬
‫ل لم يخلف شيئا فبما ذا أوصى علّيهها ‪ ،‬أو ليههس‬‫ن رسول ا ّ‬‫فيك طوايف من اّمتى فتقول ‪ :‬إ ّ‬
‫ق لن لم تجمعه باتقان‬ ‫ل ‪ ،‬و الذي بعثني بالح ّ‬‫ل عّز و ج ّ‬
‫كتاب رّبي أفضل الشياء بعد ا ّ‬

‫] ‪[ 266‬‬

‫صحابة ‪.‬‬
‫ل بذلك من دون ال ّ‬
‫ل عّز و ج ّ‬
‫صني ا ّ‬
‫لم يجمع أبدا ‪ ،‬فخ ّ‬

‫ص بههه أوليههاءه و أهههل‬


‫صههني بمهها خه ّ‬
‫ل تبارك و تعالى خ ّ‬‫نا ّ‬
‫و أما السادسة و الخمسون فا ّ‬
‫ل عليه و آله فمن ساءه ساءه ‪ ،‬و من سّره سههّره ‪،‬‬ ‫طاعته ‪ ،‬و جعلني وارث محّمد صّلى ا ّ‬
‫و أومى بيده نحو المدينة ‪.‬‬

‫ل عليه و آلهه كههان فهي بعههض الغهزوات‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫ن رسول ا ّ‬ ‫و أما السابعة و الخمسون فا ّ‬
‫ل انفجري إل ّ‬
‫ي‬ ‫صخرة و قل ‪ :‬أنا رسول رسول ا ّ‬ ‫ي قم إلى هذه ال ّ‬
‫ففقد الماء فقال لي ‪ :‬يا عل ّ‬
‫ل الذي أكرمه بالّنبوة لقد أبلغتها الّرسالة فاطلع منها مثل ثدي البقههر فسههال مههن‬ ‫ماء ‪ ،‬فو ا ّ‬
‫له عليههه و آلههه فههأخبرته‬
‫ي صهّلى ا ّ‬
‫ل ثدي منها ماء ‪ ،‬فلّما رأيت ذلههك أسههرعت إلههى الّنههب ّ‬ ‫كّ‬
‫ي فخذ مههن المههاء ‪ ،‬فجههاء القهوم حّتههى ملؤا قربههم و أدواتههم و سهقوا‬ ‫فقال ‪ :‬انطلق يا عل ّ‬
‫صحابة ‪.‬‬ ‫ل بذلك من دون ال ّ‬ ‫ل عّز و ج ّ‬‫صني ا ّ‬‫ضؤا ‪ ،‬فخ ّ‬‫دوابهم و شربوا و تو ّ‬

‫له عليهه و آلهه و سهّلم أمرنهي فهي بعهض‬ ‫ل صّلى ا ّ‬


‫ن رسول ا ّ‬ ‫و أما الثامنة و الخمسون فا ّ‬
‫غزواته و قد نفد الماء و قال ‪ :‬يا علي ايت بثههور ‪ ،‬فههأتيته بههه فوضههع يههده اليمنههى و يههدي‬
‫معها في الثور ‪،‬‬

‫فقال ‪ :‬انبع ‪ ،‬فنبع الماء من بين أصابعنا ‪.‬‬

‫جهني إلههى خيههبر ‪،‬‬ ‫ل عليه و آله و سّلم و ّ‬


‫ل صّلى ا ّ‬
‫ن رسول ا ّ‬
‫و أما التاسعة و الخمسون فا ّ‬
‫فلما أتيته وجدت الباب مغلقا فزعزعته شديدا فقلعته و رميت به أربعين خطههوة فههدخلت ‪،‬‬
‫جه رجليههن‬ ‫ي و حملت عليه و سقيت الرض دمه ‪ ،‬و قد كان و ّ‬ ‫ي مرحب فحمل إل ّ‬
‫فبرز إل ّ‬
‫من أصحابه فرجعا منكسفين و أما الستون فاّني قتلت عمرو بن عبدود و كههان يع هّد بههألف‬
‫رجل ‪.‬‬

‫ل عليه و آله و سّلم يقول ‪ :‬يا عليّ‬ ‫ل صّلى ا ّ‬


‫و أما الحادية و الستون فاّني سمعت رسول ا ّ‬
‫ل أحد ‪ ،‬فمن أحّبك بقلبه فكأّنما قرء ثلث القرآن ‪ ،‬و من أحّبك‬ ‫مثلك في اّمتي مثل قل هو ا ّ‬
‫بقلبه و أعانك بلسانه فكأّنما قرء ثلثي القرآن ‪ ،‬و من أحّبك بقلبههه و لسههانه و نصههرك بيههده‬
‫فكأّنما قرء القرآن كّله ‪.‬‬
‫له عليههه و آلههه و سهّلم فههي جميههع‬
‫ل صهّلى ا ّ‬
‫و أما الثانية و الستون فاّني كنت مع رسول ا ّ‬
‫المواطن‬

‫] ‪[ 267‬‬

‫و الحروب و كانت رايته معي ‪.‬‬

‫ل سههقيت الرض‬
‫ط ‪ ،‬و لم يبارزني أحد إ ّ‬
‫و أما الثالثة و الستون فاّني لم أفّر من الّزحف ق ّ‬
‫من دمه ‪.‬‬

‫ي مههن‬
‫ل عليه و آله و سّلم اتي بطيههر مشههو ّ‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫ن رسول ا ّ‬‫و أما الرابعة و الستون فا ّ‬
‫له تعههالى للهّدخول‬
‫ب الخلههق إليههه ‪ ،‬فههوّفقني ا ّ‬
‫ل أن يدخل عليه أح ّ‬ ‫ل عّز و ج ّ‬
‫الجّنة فدعى ا ّ‬
‫عليه حتى أكلت معه من ذلك الطير ‪.‬‬

‫و أما الخامسة و الستون فههاّني كنههت اصهّلي فههي المسههجد فجههاء سههائل فسههأل و أنهها راكههع‬
‫له و رسههوله و اّلههذين‬
‫ل تبارك و تعالى إّنمهها ولّيكههم ا ّ‬
‫فناولته خاتمي من اصبعي ‪ ،‬فأنزل ا ّ‬
‫صلوة و يؤتون الّزكوة و هم راكعون ‪.‬‬ ‫آمنوا الذين يقيمون ال ّ‬

‫شمس مّرتين و لم يرّدههها علههى‬


‫ي ال ّ‬
‫ل تبارك و تعالى رّد عل ّ‬
‫نا ّ‬
‫و أما السادسة و الستون فا ّ‬
‫ل عليه و آله غيري ‪.‬‬
‫أحد من اّمة محّمد صّلى ا ّ‬

‫ل عليه و آله أمر أن ادعى بامرة المؤمنين‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫ن رسول ا ّ‬ ‫و أما السابعة و الستون فا ّ‬
‫ن رسول ا ّ‬
‫ل‬ ‫في حياته و بعد موته ‪ ،‬و لم يطلق ذلك لحد غيري و أما الثامنة و الستون فا ّ‬
‫ي إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العههرش ‪ :‬أيههن‬ ‫ل عليه و آله قال ‪ :‬يا عل ّ‬
‫صّلى ا ّ‬
‫سّيد النبياء ؟ فأقوم ‪ ،‬ثّم ينادي أين سّيد الوصياء فتقوم و يأتيني رضوان بمفاتيههح الجّنههة‬
‫ل جلله أمرنا أن ندفعها إليك و يههأمرك أن‬ ‫لجّ‬ ‫نا ّ‬
‫و يأتيني مالك بمقاليد الّنار فيقولن ‪ :‬إ ّ‬
‫ي بن أبيطالب ‪ ،‬فتكون يا علي قسيم الجّنة و الّنار ‪.‬‬ ‫تدفعها إلى عل ّ‬

‫له عليههه و آلههه و سهّلم يقهول ‪:‬‬


‫له صهّلى ا ّ‬
‫و أما التاسعة و السبعون فاّني سهمعت رسهول ا ّ‬
‫لولك ما عرف المنافقون من المؤمنين ‪.‬‬

‫ل عليه و آله و سّلم نام و نههوّمنى و زوجهتى فاطمهة‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫ن رسول ا ّ‬‫و أما السبعون فا ّ‬
‫ل تبارك و تعالى إّنمهها يريههد‬
‫ي الحسن و الحسين و ألقى علينا عباءة قطوانّية فأنزل ا ّ‬‫و ابن ّ‬
‫ل ليذهب عنكم الّرجس أهل البيت و يطّهركم تطهيرا و قال جبرئيل ‪ :‬أنا منكم يهها محّمههد‬ ‫ا ّ‬
‫فكان سادسنا جبرئيل ‪.‬‬

‫] ‪[ 268‬‬
‫ععععععع‬

‫از جمله خطب شريفه آن امام مبين است در ذكر مزيد اختصاص خود بحضرت رسول‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪ ،‬و أولوّيت خود بخلفت ميفرمايد ‪:‬‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫ا ّ‬

‫و البته دانستهاند مطلعان بأسرار رسالت كههه مههامور بحفههظ آن بودنههد أز صههحابه محّمههد‬
‫ل عليه و آله اينكه بدرستى من رّد ننمودهام بر خداى تعالى و بر رسههول او هههر‬ ‫صّلى ا ّ‬
‫ساعتى فرمايش آنها را ‪ ،‬و بتحقيق مواسات نمودم من بهها آن بزرگههوار بنفههس خههودم در‬
‫مواردى كه پس برميگشتند در آنها شجاعان ‪ ،‬و تأخير مينمودنههد در آنههها قههدمها بجهههت‬
‫سطوت و شجاعتيكه گرامى داشته بود خداى تعالى مرا بآن ‪.‬‬

‫ل عليه و آله و س هّلم در‬‫و بتحقيق كه قبض شد روح پر فتوح حضرت رسالتمآب صّلى ا ّ‬
‫حالتيكه سر مبارك او بالى سينه من بود ‪ ،‬و بتحقيق كه سيلن نمود نفهس نفيهس آن بهر‬
‫گزيده پروردگار در دست من ‪ ،‬پس كشيدم من آن را بر روى خودم ‪.‬‬

‫له عليههه و آلههه و سهّلم در حههالتيكه‬


‫و بتحقيق مباشر شدم غسل آن سهّيد أبههرار را صهّلى ا ّ‬
‫ملئكه معين من بودند ‪ ،‬پس ناله نمود خانه و اطراف خانه ‪ ،‬جماعتى هبوط ميكردند و‬
‫جماعتى عروج مينمودند ‪ ،‬و مفههارقت نكههرد قهّوه سههامعه مههن از صههوت ايشههان ‪ ،‬نمههاز‬
‫ميكردند بر آن تا اينكه دفن كرديم و پنهان نموديم آن برگزيده ناس را در قبر خههود پههس‬
‫كيست كه أولى باشد بأوأز من در حالت زندگى او و در حالت مردگى او ؟ پس بشههتابيد‬
‫بر بصيرتهاى خودتان و بايد كه با صدق رفتار نمائيد در جهاد دشمن خودتان ‪.‬‬

‫پس قسم بپروردگارى كه نيست معبود بحقى غير از او ‪ ،‬بدرستيكه مههن بههر راه راسههت‬
‫ل لغههزش باطلنههد ‪ ،‬ميگههويم آن چيههزى را كههه ميشههنويد و‬
‫حّقم و بدرستيكه ايشان بههر محه ّ‬
‫ل از براى خود و از براى شما ‪.‬‬ ‫طلب مغفرت ميكنم از پروردگار عّز و ج ّ‬

‫] ‪[ 269‬‬

‫ع ع ع ععع ع ع ع ععع ع ععع ععع ع ع ع ععع عع ع‬


‫ععععععع ع ععععععع ع ع ععععع عع ع ع ع عع‬
‫ععععع‬

‫و شرحها في فصول ثلثة ‪:‬‬

‫ععععع ععععع‬

‫يعلم عجيج الوحوش في الفلوات ‪ ،‬و معاصي العباد في الخلوات ‪،‬‬


‫و اختلف الّنينان في البحار الغامرات ‪ ،‬و تلطم الماء بالّرياح العاصفات ‪،‬‬

‫ل و سفير وحيه ‪،‬‬


‫ل عليه و آله نجيب ا ّ‬
‫ن محّمدا صّلى ا ّ‬
‫و أشهد أ ّ‬

‫و رسول رحمته ‪.‬‬

‫ل اّلذي ابتههدء خلقكههم ‪ ،‬و إليههه يكههون معههادكم ‪ ،‬و بههه نجههاح‬
‫أّما بعد فإّني أوصيكم بتقوى ا ّ‬
‫طلبتكم ‪ ،‬و إليه منتهى رغبتكم ‪ ،‬و نحههوه قصههد سههبيلكم ‪ ،‬و إليههه مرامههي مفزعكههم ‪ ،‬فههإ ّ‬
‫ن‬
‫ل دوآء دآء قلوبكم ‪،‬‬
‫تقوى ا ّ‬

‫و بصر عمى أفئدتكم ‪ ،‬و شفاء مرض أجسادكم ‪ ،‬و صلح فساد صدوركم و طهور دنس‬
‫أنفسكم ‪ ،‬و جلء غشاء أبصاركم ‪ ،‬و أمن فزع جاشكم ‪،‬‬

‫و ضياء سواد ظلمتكم ‪.‬‬

‫] ‪[ 270‬‬

‫ل شعارا دون دثاركم ‪ ،‬و دخيل دون شعاركم ‪،‬‬


‫فاجعلوا طاعة ا ّ‬

‫و لطيفا بين أضلعكم ‪ ،‬و أميرا فوق أموركم ‪ ،‬و منهل لحين ورودكم ‪،‬‬

‫و شفيعا لدرك طلبتكم ‪ ،‬و جّنة ليوم فزعكم ‪ ،‬و مصابيح لبطون قبوركم ‪ ،‬و سههكنا لطههول‬
‫وحشتكم ‪ ،‬و نفسا لكرب مواطنكم ‪.‬‬

‫ل حرز من متالف مكتنفة ‪ ،‬و مخاوف متوّقعة ‪ ،‬و أوار نيههران موقههدة ‪ ،‬فمههن‬ ‫ن طاعة ا ّ‬
‫فإ ّ‬
‫شههدايد بعههد دنّوههها ‪ ،‬و احلههولت لههه المههور بعههد‬
‫أخذ بالّتقوى غربت » عزبت خ « عنه ال ّ‬
‫صعاب بعههد انصههابها ‪ ،‬و‬ ‫مرارتها ‪ ،‬و انفرجت عنه المواج بعد تراكمها ‪ ،‬و أسهلت له ال ّ‬
‫جههرت عليههه‬ ‫هطلت عليه الكرامة بعد قحوطها ‪ ،‬و تحّدبت عليه الّرحمة بعد نفورها ‪ ،‬و تف ّ‬
‫الّنعم بعد نضوبها ‪ ،‬و وبلت عليه البركة بعد إرذاذها ‪.‬‬

‫ن عليكههم بنعمتههه ‪ ،‬فعّبهدوا‬


‫ل اّلذي نفعكهم بمهوعظته ‪ ،‬و وعظكههم برسههالته ‪ ،‬و امته ّ‬
‫فاّتقوا ا ّ‬
‫ق طاعته ‪.‬‬
‫أنفسكم لعبادته ‪ ،‬و اخرجوا إليه من ح ّ‬

‫ععععع‬

‫جا من باب ضرب و عجيجا أيضا رفع صوته بالّتلبية ‪ ،‬و منههه الحههديث أفضههل‬ ‫ج(عّ‬ ‫)عّ‬
‫ج إسههالة ال هّدماء مههن‬
‫صوت في الّتلبيههة ‪ ،‬و الث ه ّ‬
‫ج رفع ال ّ‬
‫ج ‪ ،‬فالع ّ‬
‫ج و الث ّ‬
‫ل الع ّ‬
‫العمال إلى ا ّ‬
‫الّذبح و النحر في الضاحي ‪.‬‬
‫و ) الّنينان ( جمع نون و هو الحوت قال تعالى و ذا الّنون اذ ذهب مغاضبا‬

‫] ‪[ 271‬‬

‫طيه و يستره ‪ ،‬و غمههره البحههر مههن‬‫و نهر ) غامر ( أى كثير الماء يغمر من يدخله أى يغ ّ‬
‫لم ما طلبته ‪.‬‬
‫باب نصر أى إذا عله و غطاه و ) الطلبة ( بكسر ا ّ‬

‫و ) غشاء ( أبصاركم في بعض النسخ بالغين المعجمة و المّد وزان كسههاء و هههو الغطههاء‬
‫قال تعالى فأغشيناهم فهم ل يبصرون أى جعلنهها علههى أبصههارهم غشههاوة و غطههاء و فههي‬
‫بعضها بالعين المهملة و القصر سوء البصر بالليههل و الّنهههار مصههدر عشههى يقههال عشههى‬
‫عشى من باب تعب ضعف بصره فهو أعشى و المرأة عشواء ‪ ،‬و ) الجاش ( القلب ‪.‬‬

‫شعار ( الّثوب الملصق للبدن و هو الههذي يلههي شههعر الجسههد و ) الهّدثار ( مهها فههوق‬
‫و ) ال ّ‬
‫شعار من الثياب و ) دخلة ( الّرجل و دخله و دخيلته و دخيلههه نّيتههه و مههذهبه و خلههده و‬ ‫ال ّ‬
‫لم‬
‫) المنهل ( المشرب و الشههرب و الموضههع الههذى فيههه المشههرب و ) الطلبههة ( بكسههر ال ّ‬
‫كالطلب محّركة اسم من طالبه بحقه مطالبة ‪ ،‬و قال الشارح المعتزلي ‪ :‬الطلبة مهها طلبتههه‬
‫من شيء فيكون اسم عين ‪.‬‬

‫و ) النفس ( محّركة اسم وضع موضع المصدر الحقيقي من نفس تنفيسا و نفسا أى فههّرج‬
‫شمس و العطههش و اللهههب و‬ ‫تفريجا و ) الوار ( بضّم الهمزة وزان غراب حّر الّنار و ال ّ‬
‫سماء تهطل من باب ضرب امطرت هطل و هو بالفتح تتابع المطههر المتفهّرق‬ ‫) هطل ( ال ّ‬
‫العظيم القطر و المطر الضعيف الدائم و ) نضب ( الماء نضوبا غار و ) وبلت ( السههماء‬
‫تبل امطرت وابل و هو المطر الشديد الضههخم القطههر و ) ارّذت ( السههماء بتشههديد الههذال‬
‫ضعيف أو الساكن الدائم الصههغار‬ ‫المعجمة أمطرت رذاذا ‪ ،‬و هو بالفتح كسحاب المطر ال ّ‬
‫القطر كالغبار ‪.‬‬

‫ععععععع‬

‫الباء في قوله ‪ :‬بالّرياح سببّية و نحوه منصههوب بنههزع الخههافض ‪ ،‬و الفههاء فههي قههوله فهها ّ‬
‫ن‬
‫ل للتعليل ‪ ،‬و في قوله ‪ :‬فاجعلوا فصيحة ‪.‬‬‫تقوى ا ّ‬

‫] ‪[ 272‬‬

‫عععععع‬

‫ن الغرض الصلى من هذا الفصل من الخطبة الشههريفة هههو النصههح و الموعظههة و‬ ‫اعلم أ ّ‬
‫الوصية بالتقوى و الطاعة و الترغيب عليهما بالتنبيه علههى عظههم مهها يههترتب عليهمهها مههن‬
‫الثمرات و المنافع المّرغبة ‪ ،‬و صّدر الفصل باقتضاء صههناعه البلغههة و رعايههة براعههة‬
‫ل ل يخفههى‬ ‫الستهلل بذكر إحاطة علمه بجزئيات الموجودات تنبيها به على أنه عّز و ج ّ‬
‫سلم ‪:‬‬‫عليه طاعة المطيعين و معصية المذنبين فقال عليه ال ّ‬

‫) يعلم عجيج الوحوش في الفلوات ( أى صياحها فيها بالتسبيح و رفع أصههواتها إلههى عهّز‬
‫جنهابه تبهارك و تعهالى بالّتقهديس و تضهّرعها إليهه سهبحانه فهي إنجهاح طلباتهها و تنفيهس‬
‫كرباتها و سؤالها منه لدفع شدايدها ‪.‬‬

‫سؤال و الّتضّرع و البتهههال و النابههة إليههه ع هّز و‬


‫ث للمخاطبين على الطلب و ال ّ‬
‫و فيه ح ّ‬
‫ل حال ‪ ،‬لنهم أولى بذلك من الحيوانات العجم ‪.‬‬
‫عل على ك ّ‬

‫ج‪.‬‬
‫ج و الث ّ‬
‫ل الع ّ‬
‫و يشهد بذلك الحديث الذي قّدمناه ‪ :‬أفضل العمال إلى ا ّ‬

‫له‬
‫ن رسههول ا ّ‬ ‫ى فى الوسايل من الكههافي عههن حريههز رفعههه قههال ‪ :‬إ ّ‬ ‫و فى حديث آخر مرو ّ‬
‫ج ‪ ،‬و العه ّ‬
‫ج‬ ‫ج و الثه ّ‬
‫ل عليه و آله لّما أحرم أتاه جبرئيل فقال له ‪ :‬مر أصحابك بالعه ّ‬ ‫صّلى ا ّ‬
‫ج نحر البدن ‪.‬‬
‫صوت بالتلبية ‪ ،‬و الث ّ‬
‫رفع ال ّ‬

‫و فى الكافي في كتاب الّدعاء باسناده عن حنان بن سدير عن أبيه قال ‪ :‬قلت لبههي جعفههر‬
‫ل مههن أن‬‫له عهّز و جه ّ‬
‫ى العبادة أفضل ؟ قال ‪ :‬ما من شههيء أفضههل عنههد ا ّ‬
‫سلم ‪ :‬أ ّ‬
‫عليه ال ّ‬
‫ل مّمن يستكبر عههن عبههادته و‬ ‫ل عّز و ج ّ‬
‫يسأل و يطلب مّما عنده ‪ ،‬و ما أحد أبغض إلى ا ّ‬
‫ل يسأل ما عنده ‪.‬‬

‫سههلم قههال‬
‫ل ه عليههه ال ّ‬
‫ي بن إبراهيم عن أبيه عن حّماد بن عيسى عن أبيعبد ا ّ‬ ‫و فيه عن عل ّ‬
‫ل ه ع هّز و جه ّ‬
‫ل‬ ‫نا ّ‬ ‫ن الّدعاء هو العبادة إ ّ‬
‫سمعته يقول ‪ :‬ادع و ل تقل قد فرغ من المر ‪ ،‬فا ّ‬
‫ن الذين يستكبرون عن عبادتى سيدخلون جهّنم داخرين و قال ‪:‬‬ ‫يقول إ ّ‬

‫ادعوني أستجب لكم ‪.‬‬

‫] ‪[ 273‬‬

‫سلم قال ‪ :‬قال لي ‪ :‬يا ميسههر‬


‫ل عليه ال ّ‬
‫و فيه بسنده عن ميسر بن عبد العزيز عن أبيعبد ا ّ‬
‫ل بمسألة ‪،‬‬
‫ل منزلة ل تنال إ ّ‬
‫ل عّز و ج ّ‬ ‫ن عند ا ّ‬
‫ن المر قد فرغ منه ‪ ،‬إ ّ‬
‫ادع و ل تقل إ ّ‬

‫ن عبدا سّدفاه و لم يسأل لم يعط شيئا فاسأل تعط ‪ ،‬يا ميسر إنه ليس من بههاب يقههرع‬
‫و لو أ ّ‬
‫ل يوشك أن يفتح لصاحبه ‪.‬‬ ‫إّ‬
‫) و ( يعلم ) معاصى العباد في الخلوات ( بمقتضى عموم علمههه بالس هّر و الخفّيههات و مهها‬
‫سههماوات ‪ ،‬و فيههه تحههذير للسههامعين عههن ارتكههاب‬ ‫تحههت الههثرى و فههوق الرضههين و ال ّ‬
‫ث لهم عن الزعاج مههن السههيئآت و تخصيصههها بههها لكههون الخلههوة مظّنههة‬ ‫الخطيئات و ح ّ‬
‫الوقوع في المعصية بعدم وجود الّرادع و الحاجز ‪.‬‬

‫) و اختلف النينان في البحار الغامرات ( أى ترّددها فيها و سبحها في البحهر صهعودا و‬


‫هبوطا طول و عرضا ) و تلطم الماء بالّرياح العاصفات ( أى اضطراب ماء البحههار و‬
‫شديدة الهبوب ‪ ،‬ثّم عّقب بالشهادة بالّرسالة فقال ‪:‬‬
‫تراكم أمواجها بالّرياح ال ّ‬

‫له ( أى الكريهم الحسهيب أفضهل‬


‫ل عليه و آله و سهّلم نجيهب ا ّ‬
‫ن محّمدا صّلى ا ّ‬‫) و أشهد أ ّ‬
‫ل تعالى بهذا الوصف الشامخ و اختاره به من خلقه ‪.‬‬ ‫الناس حسبا و نسبا شّرفه ا ّ‬

‫ل رحمة للعالمين‬ ‫) و سفير وحيه و رسول رحمته ( كما قال عّز من قائل و ما أرسلناك إ ّ‬
‫سعادة الدائمههة و‬‫ن ما بعث به سبب لصلح معاشهم و معادهم موجب لل ّ‬ ‫أى نعمة عليهم ل ّ‬
‫كونه رحمة للكّفار أمنهم به من الخسههف و المسههخ و عههذاب الستيصههال قههال فههي مجمههع‬
‫البيان ‪ :‬قال ابن عباس ‪ :‬رحمة للبّر و الفاجر و المؤمن و الكافر فهو رحمههة للمههؤمن فههي‬
‫الدنيا و الخرة و رحمة للكافر بأن عوفى مّما أصاب المم من الخسف و المسخ ‪.‬‬

‫سهلم لمها نزلههت‬ ‫ل عليه و آله و سّلم قهال لجبرئيههل عليههه ال ّ‬


‫ن الّنبي صّلى ا ّ‬
‫قال ‪ :‬و روي أ ّ‬
‫هذه الية ‪ :‬هل أصابك من هذه الّرحمة شيء ؟ قال ‪ :‬نعم إّنههى كنههت أخشههى عاقبههة المههر‬
‫ن الههوجه‬
‫ى بقوله » ذى قّوة عند ذى العهرش مكيههن « و قيهل ‪ :‬إ ّ‬ ‫ل عل ّ‬
‫فامنت بك لما أثنى ا ّ‬
‫في أّنه نعمة على الكافر أّنه عّرضه لليمان و الّثواب الدائم و هداه و إن لم يهتد كمن قّدم‬

‫] ‪[ 274‬‬

‫الطعام إلى جائع فلم يأكل فاّنه منعم عليه و إن لم يقبل ‪.‬‬

‫له الههذى‬
‫ل ) ب ( ما ل أزال اوصيكم به أعنههى ) تقههوى ا ّ‬ ‫) أّما بعد فاّنى اوصيكم ( عباد ا ّ‬
‫ابتدء خلقكم ( و فى التيان بهذه الجملة و ما يتلوها مههن الجملت الوصههفية تعظيههم لشههأنه‬
‫ن العلم باّتصههافه بهههذه الصههفات يههوجب‬‫ل و تأكيد للغرض المسوق له الكلم ‪ ،‬ل ّ‬ ‫عّز و ج ّ‬
‫مزيد الملزمة بالتقوى و المواظبة على أوامره و نواهيه عّز و تعالى ‪.‬‬

‫ل الذى حباكم خلعة الخلقة و أخرجكم من العدم و أفاض عليكههم‬ ‫نا ّ‬


‫و المراد بهذه الجملة ا ّ‬
‫نعمة الوجود اّلتي هى أصل جميع الّنعم صههغيرها و كبيرههها و جليلههها و حقيرههها أحههرى‬
‫بأن يخشى منه و يّتقى و ل يقابل نعمه العظام بالكفران و آلئه الجسام بالّتمّرد و الطغيان‬
‫‪.‬‬
‫ل إليههه‬
‫ن الكه ّ‬
‫) و إليه يكون معادكم ( أى عودكم و رجههوعكم يههوم حشههركم و نشههركم ‪ ،‬فها ّ‬
‫راجعون فيجازيهم بما كانوا يعملون ‪ ،‬و أّما الذين اّتقوا ‪ ،‬فاولئك هم الفائزون و أما الذين‬
‫ظلموا فل ينفع معذرتهم و ل هم يستعتبون كما قال عّز من قائل ‪ :‬إن المّتقين في ظلل و‬
‫عيون ‪ .‬و فواكه مّما يشتهون ‪ .‬كلوا و اشربوا هنيئًا بما كنتم تعملون ‪.‬‬

‫إّنا كذلك نجزى المحسنين ‪.‬‬

‫) و به نجاح طلبتكم و إليه منتهى رغبتكم ( أى الظفر بمطالبكم و قضاء مقاصدكم و نيههل‬
‫حوائجكم ‪ ،‬فاّنه تعالى قاضى حوائج السائلين و منجح طلبات الّراغبين ‪ ،‬و مههن كههان هههذا‬
‫شأنه يجب أن يطاع و يعبد ل أن يعصى لحكمه و يتمّرد ‪.‬‬

‫) و نحوه قصد سبيلكم ( لّنه منتهى سير السالكين و غاية مراد المريدين ‪،‬‬

‫فل بّد من سلوك صراطه المستقيم المؤّدى إلى قربه و زلفههاه ‪ ،‬و هههو صههراط الملزميههن‬
‫لطاعته و تقواه و أّما غيرهم فاّنهم عن الصراط لناكبون ‪ ،‬و عن لقائه محرومون ‪.‬‬

‫) و إليه مرامى مفزعكم ( يعنى إذا دهمكم الخوف و الفزع ترميكم الفزاع نحوه ‪،‬‬

‫لنه يجيب المضطّر إذا دعاه و يكشف السوء عنه إذا ناداه ‪.‬‬

‫له مرمههى ‪ ،‬قههال الطريحههي ‪ :‬أى مقصههد ترمههى إليههه المههال و‬‫و فى الحديث ليس وراء ا ّ‬
‫سهام ‪ ،‬و إذا كان شأنه العزيز اّنههه‬
‫يوجه نحوه الّرجاء ‪ ،‬تشبيها بالهدف اّلتي ترمى إليها ال ّ‬
‫سكم الضّر فاليه تجأرون ‪ ،‬فل بّد‬‫إذا فاجاكم الفزع فاليه تضّرعون ‪ ،‬و إذا م ّ‬

‫] ‪[ 275‬‬

‫من أن يطاع و ل يعصى و يذكر و ل ينسى ‪.‬‬

‫ل عّز و عل بأوصاف توجب منه الّتقاء أردفه بالتنبيه على منافع الّتقوى‬ ‫ثّم لّما وصف ا ّ‬
‫ث و الترغيب إليها فقال ‪:‬‬‫و الثمرات المترّتبة عليها في الّدين و الّدنيا لمزيد الح ّ‬

‫ل دواء داء قلوبكم ( يعنى أّنها رافعة للمراض القلبّية و ال هّرزائل الّنفسههانية‬
‫ن تقوى ا ّ‬
‫) فا ّ‬
‫الموبقة من البخل و الحسد و النفاق و العداوة و البغضاء و غيرها ‪ ،‬لنها مضاّدة لها كما‬
‫ن حصول وصف العمى للعمى‬ ‫ن الدواء ضّد الّداء ) و بصر عمى افئدتكم ( بيان ذلك أ ّ‬
‫أّ‬
‫لّما كان موجبا لعجزه عن إدراكه للمحسوسات ‪ ،‬و سههببا لضههلله عههن الطريههق ‪ ،‬فكههذلك‬
‫حصول هذا الوصف للفئدة الناشي من اّتباع الهوى و النهماك فههي الشهههوات ‪ ،‬مههوجب‬
‫لقصورها عن إدراك المعقولت ‪ ،‬و عن الهتدا إلى الصراط المستقيم ‪.‬‬
‫س البصههر يرتفههع عمههى البصههار الظههاهرة و يحصههل إدراك المحسوسههات‬ ‫ن بحه ّ‬‫و كما أ ّ‬
‫فكذلك بالتقوى يرتفع عمى الفئدة و يتمّكن من إدراك المعقولت و يهتهدى إلهى الصهراط‬
‫المستقيم ‪ ،‬لكونها مانعة من متابعة الهوى و انهماك الشهههوات الموجههبين لعماههها ‪ ،‬و هههذا‬
‫معنى كونها بصرا لعمى أبصار الفئدة ‪.‬‬

‫روى في الصافي في تفسير قوله تعالى أ فلم يسيروا في الرض فتكون لهم قلوب يعقلون‬
‫بها أو آذان يسمعون بها فانها ل تعمى البصار و لكن تعمههى القلههوب اّلههتي فههي الصههدور‬
‫ن للعبد أربع أعين ‪ :‬عينههان يبصههر بهمهها‬ ‫سلم أ ّ‬
‫من التوحيد و الخصال عن السجاد عليه ال ّ‬
‫له لههه‬
‫ل بعبههد خيههرا فتههح ا ّ‬
‫أمر دينه و دنياه ‪ ،‬و عينان يبصر بهما أمر آخرته ‪ ،‬فاذا أراد ا ّ‬
‫ل به غير ذلههك تههرك‬ ‫العينين الّلتين في قلبه فأبصر بهما الغيب و أمر آخرته ‪ ،‬و إذا أراد ا ّ‬
‫القلب بما فيه ‪.‬‬

‫سلم إّنما شيعتنا أصحاب الربعة أعين ‪ :‬عينان فههي‬ ‫و فيه من الكافي عن الصادق عليه ال ّ‬
‫ل فتههح‬
‫له عهّز و جه ّ‬
‫نا ّ‬
‫لأّ‬
‫ن الخليههق كّلهههم كههذلك إ ّ‬
‫الّرأس ‪ ،‬و عينان فههي القلههب ‪ ،‬أل و إ ّ‬
‫أبصاركم و أعمى أبصارهم ‪.‬‬

‫ن عمدة سبب المرض هو‬


‫) و شفاء مرض أجسادكم ( هذا وارد مورد الغالب ‪ ،‬ل ّ‬

‫] ‪[ 276‬‬

‫الشبع و البطنة و أهل التقوى لكونه مّتصفا بقّلة الكهل و قنهاعته بههالحلل حسههبما عرفهت‬
‫في الخطبة المأة و الثانية و الّتسعين و شرحها يسلم جسده غالبا من المراض و السقام ‪.‬‬

‫ن حكيمهها نصههرانيا دخههل‬ ‫و يرشد إلى ذلك ما رواه المحّدث الجزائرى فههي زهههر الّربيههع أ ّ‬
‫سلم فقال ‪ :‬أ فى كتاب رّبكم أم فى سّنة نبّيكم شيء من الطب ؟ فقال‬ ‫على الصادق عليه ال ّ‬
‫‪ :‬أمهها فههي كتههاب رّبنهها فقههوله تعههالى كلههوا و اشههربوا و ل تسههرفوا و أمهها فههي سهّنة نبّينهها ‪:‬‬
‫ل دواء ‪.‬‬ ‫ل داء و الحمّية منه أصل ك ّ‬‫السراف في الكل رأس ك ّ‬

‫سلم أنه لو سئل أهل القبور عن السههبب و العّلههة فههي مههوتهم لقههال‬
‫و فيه أيضا عنه عليه ال ّ‬
‫اكثرهم ‪ :‬التخمة ‪.‬‬

‫ن المهؤمن ياكهل فههي معهاء واحههد و الكههافر يها كههل فهي سههبعة‬
‫و فيه أيضا قهال ‪ :‬و روى أ ّ‬
‫أمعاء ‪.‬‬

‫و قد تقّدم في شرح الفصل الثاني من الخطبة المأة و التاسعة و الخمسين فصههل واف فههي‬
‫شبع فليراجع ثمة ‪.‬‬
‫فوايد الجوع و آفات ال ّ‬
‫ن فساد الصدور و هو كونها سههاقطة عههن العتبههار خاليههة‬ ‫) و صلح فساد صدوركم ( ل ّ‬
‫ل و الحقههد و الحسههد و نحوههها مههن‬
‫عن المنفعة إّنما ينشأ مههن طريههان مهها يفسههدها مههن الغه ّ‬
‫الوساوس الّنفسانية عليها ‪ ،‬و بالتقوى يرتفع هذه كّلها و يحصههل صههلحها ‪ ،‬و بههه يظهههر‬
‫أيضا معنى قوله ‪:‬‬

‫ن هذه الطوارى أيضا أوساخ موجبة لتدّنس الّنفههوس بههها ‪ ،‬و‬


‫) و طهور دنس أنفسكم ( ل ّ‬
‫التقوى مطهرة لذلك الّدنس و الوسخ ‪.‬‬

‫ن الّتقههوى تجلههو و تكشههف غطههاء أبصههار البصههاير و‬ ‫) و جلء غشاء أبصاركم ( يعنههى أ ّ‬
‫ن الباصههرة إذا ارتفههع حجابههها و انجلههى غشههاوتها‬
‫تستعّد بذلك لدراك المعقولت ‪ ،‬كمهها أ ّ‬
‫تصلح لدراك المبصرات ‪.‬‬

‫) و أمن فزع جاشكم ( إذ بها تحصل قّوة القلب فهي الهّدنيا ‪ ،‬و ههى أمهان مهن أفهزاع يهوم‬
‫القيامة و أخاويفها كما قال تعالى في سورة العراف فمن اّتقى و أصلح‬

‫] ‪[ 277‬‬

‫فل خوف عليهم و ل هم يحزنون و في سورة الّنمل من جاء بالحسنة فله خير منها و هههم‬
‫من فزع يومئذ آمنون و في سورة النبياء ل يحزنهم الفزع الكبر و تتلّقيهم الملئكة هههذا‬
‫ن المراد بالظلمة هههو ظلمهة‬ ‫يومكم الذى كنتم توعدون ) و ضياء سواد ظلمتكم ( الظاهر أ ّ‬
‫ن المعاصى تههوجب ظلمههة‬ ‫القلوب الحاصلة لها من اكتساب الثام و انهماك الشهوات ‪ ،‬فا ّ‬
‫القلب و اسوداد الوجه ‪ ،‬و بالّتقوى و الطاعة يحصل لههه نههور و ضههياء و اسههتعداد لقبههول‬
‫الفاضات اللهّية ‪ ،‬هذا ‪.‬‬

‫سههبع مههن حسههن المطابقههة و‬


‫و ل يخفى ما في هذه الفقرة و ما تقّدمت عليها من الفقرات ال ّ‬
‫لطفها ‪.‬‬

‫غب فيها بالتنبيه على ما يترّتب عليها من الثمرات العظيمة أّكد‬


‫و لّما أوصى بالّتقوى و ر ّ‬
‫صلة لها و بالغ في المواظبة عليها فقال ‪:‬‬
‫ذلك بالمر بملزمة الطاعة المح ّ‬

‫شههعار الملصههق للبههدن ل الهّدثار‬ ‫ل شعارا دون دثههاركم ( أى بمنزلههة ال ّ‬ ‫) فاجعلوا طاعة ا ّ‬
‫الههذى فههوق الشههعار ‪ ،‬و هههو إشههارة إلههى المواظبههة عليههها باطنهها ل ظههاهرا فقههط ‪ ،‬و أّكههد‬
‫استبطانها بقوله ‪:‬‬

‫) و دخيل دون شعاركم ( أى داخل فههي بههاطنكم تحههت الشههعار ‪ ،‬و بقههوله ) و لطيفهها بيههن‬
‫أضلعكم ( و هو غاية المبالغة في ادخالها في الباطن ‪ ،‬و آكد دللههة عليههه مههن سههابقيه و‬
‫الغرض منه جعلها مكنونا في الخلد متمّكنا في القلوب ‪.‬‬
‫و قوله ‪ ) :‬و أميرا فوق اموركم ( أى يكههون ورودكههم و صههدوركم فههي امههوركم الدنيوّيههة‬
‫بأمره و نهيه كساير المراء بالّنسبة إلى الّرعّية ‪.‬‬

‫) و منهل لحين ورودكم ( أى مشهربا تشهربون مهن صهفوها و عهذبها حيهن الهورود يهوم‬
‫ن البرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورًا ‪.‬‬‫القيامة كما قال عّز من قائل ا ّ‬

‫جرونها تفجيرًا ‪.‬‬


‫ل يف ّ‬
‫عينًا يشرب بها عباد ا ّ‬

‫) و شفيعا لدرك طلبتكم ( أى واسطة و وسيلة لدراك مطالبكم الّدنيوّية و الخروية‬

‫] ‪[ 278‬‬

‫له يجعههل لههه‬‫إذ بالّتقوى و الطاعة يحصل الستعداد لدركها كمهها قهال تعههالى و مههن يّتههق ا ّ‬
‫له بههالغ أمههره‬
‫نا ّ‬‫ل فهو حسههبه ا ّ‬ ‫مخرجًا و يرزقه من حيث ل يحتسب و من يتوّكل على ا ّ‬
‫ل قوله ‪ :‬يجعل له مخرجا ‪ ،‬علههى أّنههها حصههن حصههين و حههرز حريههز بههها يحصههل‬ ‫فقد د ّ‬
‫الّنجاة من الشدايد و الوقاية من المكاره ‪ ،‬و قوله ‪ :‬و يرزقه من حيث ل يحتسب على أّنها‬
‫له فهههو‬‫كنز كاف بها يههدرك المطههالب و يفههاز بالمههآرب ‪ ،‬و قههوله ‪ :‬و مههن يتوكههل علههى ا ّ‬
‫حسبه ‪ ،‬على أّنه تعالى كاف لمهن توّكهل عليهه و اكتفهاه ‪ ،‬قهادر علهى إنجهاح مها يبتغيهه و‬
‫يتمّناه ) و جّنة ليوم فزعكم ( أى وقاية يوم القيامههة مههن الّنههار و غضههب الجّبههار كمهها قههال‬
‫جي اّلذين اّتقوا ‪.‬‬
‫تعالى ثّم نن ّ‬

‫صالح يضىء قبر صههاحبه‬


‫ظلمة ‪ ،‬و العمل ال ّ‬
‫ن القبر بيت ال ّ‬
‫و مصابيح لبطون قبوركم ( فا ّ‬
‫كما يضيء المصباح الظلمة على ما جاء في الخبر ‪.‬‬

‫) و سكنا لطول وحشتكم ( أي في القبور فاّنها بيت الغربة و الوحدة و الوحشة و العمال‬
‫صالحة كما ورد في أخبار كثيرة تتصّور في صور حسنة يستأنس بها صاحبها و يسكن‬ ‫ال ّ‬
‫إليها و يطيب بها نفسه و يرفع عنه وحشة القبر ‪.‬‬

‫لو‬
‫سلم قال ‪ :‬ما من موضع قههبر إ ّ‬ ‫ل عليه ال ّ‬
‫روى في الكافي بسنده عن سالم عن أبيعبد ا ّ‬
‫ل يوم ثلث مّرات ‪ :‬أنا بيت التراب أنا بيت البل أنا بيت الّدود ‪.‬‬‫هو ينطق ك ّ‬

‫ل لقد كنت احّبك و أنههت‬


‫سلم ‪ :‬فاذا دخله عبد مؤمن قال مرحبا و أهل أما و ا ّ‬
‫قال عليه ال ّ‬
‫تمشي على ظهري فكيف إذا دخلت بطنى فسترى ذلك ‪.‬‬

‫قال ‪ :‬فيفسح له مّد البصر و يفتح له باب يرى مقعده من الجّنة ‪.‬‬
‫ل مهها رأيههت‬
‫ط أحسن منه فيقول ‪ :‬يا عبد ا ّ‬
‫قال ‪ :‬و يخرج من ذلك رجل لم تر عيناه شيئا ق ّ‬
‫صالح اّلههذى كنههت‬
‫شيئا قط أحسن منك فيقول ‪ :‬أنا رأيك الحسن اّلذى كنت عليه و عملك ال ّ‬
‫تعمله قال ‪ :‬ثّم يؤخذ روحه فتوضع في الجّنة حيث رأى منزله ثّم يقال له ‪ :‬نم قرير العين‬
‫فل تزال نفحة من الجّنة يصيب جسده و يجد لّذتها و طيبها حّتى يبعث ‪.‬‬

‫] ‪[ 279‬‬

‫سلم قال ‪ :‬إذا مات‬ ‫و فى البحار من المحاسن باسناده عن أبي بصير عن أحدهما عليها ال ّ‬
‫ن هيئة و‬
‫ن وجها و أبهههاه ّ‬ ‫ن صورة أحسنه ّ‬‫العبد المؤمن دخل معه في قبره سّتة صور فيه ّ‬
‫ن صورة ‪.‬‬‫ن ريحا و أنظفه ّ‬
‫أطيبه ّ‬

‫قال ‪ :‬فيقف صورة عن يمينه و اخرى عههن يسههاره و اخههرى بيههن يههديه و اخههرى خلفههه و‬
‫ن فههوق » رأسههه ظ « ‪ ،‬فههان اتههى عههن يمينههه‬ ‫اخرى عند رجله ‪ ،‬و تقف اّلتى هههي أحسههنه ّ‬
‫ت قههال ‪ :‬فتقههول أحسههنه ّ‬
‫ن‬ ‫سه ّ‬ ‫منعته اّلتى عن يمينه ‪ ،‬ثم كذلك إلى أن يههؤتى مههن الجهههات ال ّ‬
‫ل خيرا ؟ فتقول اّلتى عن يساره ‪ :‬أنهها الزكههاة ‪ ،‬و تقههول اّلههتي‬ ‫صورة ‪ :‬و من أنتم جزاكم ا ّ‬
‫ج و العمرة ‪ ،‬و تقول اّلتي عند رجليه ‪:‬‬ ‫صيام ‪ ،‬و تقول اّلتي خلفه ‪ :‬أنا الح ّ‬
‫بين يديه ‪ :‬أنا ال ّ‬
‫أنا بّر من وصلت من إخوانك ‪ ،‬ثّم يقلن ‪ :‬من أنت فههأنت أحسههننا وجههها و أطيبنهها ريحهها و‬
‫ل عليهم أجمعين ‪.‬‬ ‫أبهانا هيئة ؟ فتقول ‪ :‬أنا الولية لل محّمد صلوات ا ّ‬

‫) و نفسا لكرب مواطنكم ( أى سعة و روحا لكرب منازل الخرة و مواقف القيامة ) فههانّ‬
‫ل حرز من متالف مكتنفة ( أى عوذة من المهالك المحيطة ) و مخاوف متوّقعههة (‬ ‫طاعة ا ّ‬
‫أى مخاوف الخرة المنتظره الوقوع ) واوارنيران موقدة ( أراد به حّر نار الجحيم ‪.‬‬

‫شههدائد بعههد‬
‫) فمن أخذ بالّتقوى ( و عمل صههالحا ) غربههت ( أى بعههدت و غههابت ) عنههه ال ّ‬
‫ن المّتقههى بقنههاعته و‬‫دنّوها ( أى شدايد الخرة و أهاويلها ‪ ،‬و يجوز أن يراد بههها العهّم ل ّ‬
‫شههدايد‬
‫خّفة مؤنته و اعتزاله من مخالطة أبناء الّدنيا و مجالستهم سالم غالبا من المحن و ال ّ‬
‫و ايذاء أبناء الّنوع ‪.‬‬

‫) و احلولت له المور بعد مرارتها ( أى صارت المرار الّدنيوية و الخروية حلوا لههه ‪،‬‬
‫أّما الّدنيوية كضيق العيش و الجوع و الفقر و العرى و مهها ضههاهاها فلمهها لههه مههن الّرضهها‬
‫ق الطاعات و العبادات فلكونها أحلى و ألّذ عنده مههن ك ه ّ‬
‫ل‬ ‫بالقضاء ‪ ،‬و أما الخروية كمشا ّ‬
‫ن هههذه‬‫شيء و إن كان مّرا في ذوقه في مبدء السلوك ‪ ،‬و ذلك لمهها لههه مههن علههم اليقيههن بههأ ّ‬
‫المشّقة القليلة توجب راحة طويلة ‪ ،‬و تلك المرارة اليسيرة تجلب لّذة دائمة ‪.‬‬

‫] ‪[ 280‬‬
‫) و انفرجهت عنهه المهواج بعهد تراكمهها ( أى انكشهفت عنهه أمهواج الفتهن الّدنيويهة بعهد‬
‫ن الخذ بالتقوى لكونه بمعزل مههن الهّدنيا و أهلههها سههالم مههن‬ ‫تراكمها و كثرتها ‪ ،‬و ذلك ل ّ‬
‫الفتن و المحن التي ابتلي بها أهلها ‪.‬‬

‫صعاب بعد انصبابها ( أى صارت المههور الصههعبة و المشههاق النفسههانية‬ ‫) و أسهلت له ال ّ‬


‫ن المّتقههى‬
‫سهلة له بعد ايقاعها ايههاه فههي النصههب و التعههب ‪ ،‬و ذلههك لمهها عرفههت آنفهها مههن أ ّ‬
‫لمعرفته بعظم ما يترّتب علههى طههاعته و تقههواه مههن الثمههرات الخرويههة يسهههل عليههه كه ّ‬
‫ل‬
‫له سههبحانه‬ ‫خطب و يهون له الشدايد ) و هطلت عليه الكرامة بعد قحوطها ( شبه كرامة ا ّ‬
‫الشاملة للمتقى بالمطر العظيم القطههر المتتههابع علههى سههبيل السههتعارة المكنيههة ‪ ،‬و إثبههات‬
‫الهطل تخييل و القحوط ترشيح ‪ .‬و نظيرههها الفقرتههان المتقهّدمتان فانهمهها أيضهها مههن قبيههل‬
‫الستعارة المكنية التخييلية الترشيحية ‪.‬‬

‫له العزيههز عهّز و جهلّ‬ ‫ن أهل التقوى انصبت عليه و تتابعت فههي حقههه كرامههة ا ّ‬ ‫و المراد أ ّ‬
‫بسبب اتصافه بالتقوى بعد احتباسها و منعها عنه ‪ ،‬و ذلههك قبههل أن يسههتعّد بههالتقوى لههها و‬
‫له‬
‫ن أكرمكم عند ا ّ‬ ‫يشهد بذلك أي بافاضة كرامته على المتقي صريحا نصّ قوله سبحانه ا ّ‬
‫اتقيكم ‪.‬‬

‫) و تحدبت عليه الرحمة بعد نفورههها ( أى تعطفههت عليههه الرحمههة اللهيههة بعههد مها كهانت‬
‫نافرة عنه حين ما لم يكن متصفا بالتقوى و مستعدا لها ‪ ،‬و هذه الفقرة أيضا مثل سههوابقها‬
‫حيث شههبه الرحمههة بالناقههة العاطفههة علههى ولههدها علههى سههبيل السههتعارة بالكنايههة و أثبههت‬
‫التحّدب تخييل و النفور ترشيحا ‪.‬‬

‫جرت عليه الّنعهم بعهد نضهوبها ( إّمها اسهتعارة مكنيهة مثهل مها مهّرت تشهبيها للنعهم‬ ‫) و تف ّ‬
‫جههر و النضههوب تخييل و ترشههيحا ‪ ،‬أى‬ ‫بالينههابيع الجاريههة المنفجههرة ‪ ،‬فيكههون ذكههر التف ّ‬
‫انفجرت عليه ينابيع النعم بعد اغورارها ‪.‬‬

‫و يجوز أن يراد بالتفجر التتابع بعلقة الملزمههة فيكههون مجههازا مرسههل ‪ ،‬و النعههم قرينههة‬
‫التجوز أو اريد بالتفجر الفاضة و الجامع التتابع و الدوام فيكههون اسههتعارة تبعيههة و علههى‬
‫هههذين الحتمههالين فيههراد بالنضههوب الفقههدان مجههازا و ل يخفههى علههى المتههدّبر أنّ هههذين‬
‫خرة أعنى قوله ‪:‬‬ ‫الحتمالين يأتيان أيضا في بعض القراين المتقّدمة كالقرينة المتأ ّ‬

‫] ‪[ 281‬‬

‫) و وبلت عليه البركة بعد ارذاذها ( فيجوز أن تكون الستعارة بالكناية بأن يشبه البركههة‬
‫بالمطر الشديد العظيم القطهر و الوبهل و الرذاذ تخييهل و ترشهيح ‪ ،‬و أن تكهون اسهتعارة‬
‫تبعية بأن يستعار الوبل للفيض الكثير و الجامع الكثرة ‪ ،‬و أن يكون مجازا مرسل و يراد‬
‫بالوبل النزول ‪ ،‬و على التقديرين فيراد بالرذاذ القّلة و الضعف مجازا ‪.‬‬

‫ثّم بعد التنبيه على جملة من ثمرات التقهوى و المنهافع العظيمهة المترّتبهة عليهها عهاد إلهى‬
‫المر بها تأكيدا و تقوية لما قّدم فقال ‪:‬‬

‫ل الذي نفعكم بموعظته ( و هى ما وعظكم بههها فههي كتههابه المههبين و لسههان نههبّيه‬ ‫) فاّتقوا ا ّ‬
‫ى منفعة أعظم من هذه و أنفع ‪.‬‬ ‫المين و هداكم بها إلى الجّنة و أنقذكم بها من النار و أ ّ‬

‫) و وعظكم برسالته ( التي بعث بها رسله و لم يبق عذر لعاذر بعد مواعظهم البليغة فههي‬
‫ترك التقوى و الطاعة ‪.‬‬

‫ن عليكههم بنعمتههه ( الغيههر المحصهاة الهتي ل يجهوز للعاقههل أن يقابلههها بهالكفران و‬


‫) و امته ّ‬
‫يكافئها بترك التقوى و الطاعة و العصيان ‪.‬‬

‫) فعّبدوا أنفسكم لعبادته ( أى ذللوها لحمل أثقال العبادة ‪.‬‬

‫ق طاعته ( أى من طاعته التى هو حق عليكم و ثابت في ذمتكههم ‪،‬‬ ‫) و اخرجوا إليه من ح ّ‬


‫ل أى اخرجههوا إليههه مههن كمهال طههاعته الهتي يليهق‬
‫أو من طاعته التي حقيهق بههه عهّز و جه ّ‬
‫بحضرته ‪.‬‬

‫ععععععع‬

‫ميداند خداوند تبارك و تعالى صداى وحشهيان را در بيابانهها ‪ ،‬و معصهيتهاى بنهدگان را‬
‫در مكههان خلههوت ‪ ،‬و تههرّدد ماهيههان را در درياهههاى گههود ‪ ،‬و تلطههم آب درياههها را بهها‬
‫ل و سههلمه عليهه‬ ‫بادهاى تند و زنده ‪ ،‬و شهادت مىدهم باينكه محّمد مصطفى صلوات ا ّ‬
‫و آله بنده نجيب خداست و ايلچى وحى او و پيغمبر رحمت اوست ‪.‬‬

‫اما پس از ثناى خدا پس بدرستى كه مههن وص هّيت ميكنههم شههما را بتقههوى و پرهيزكههارى‬
‫خداوندى كه ايجاد فرموده خلقت شما را و بسوى اوست بازگشت شما‬

‫] ‪[ 282‬‬

‫و با عنايت اوست رسيدن مطالب شما و بطرف اوست قصههد راه شههما و بسههوى اوسههت‬
‫نشانگاه فزع و خههوف شههما پههس بدرسههتيكه تقههوى دواى درد قلبهههاى شماسههت ‪ ،‬و چشههم‬
‫كورى دلهاى شما ‪ ،‬و شفاى ناخوشى بدنهاى شما ‪ ،‬و صلح فساد سينهاى شما ‪،‬‬
‫و پاكيزگى كثافت نفسهاى شماست ‪ ،‬و جلى پردهاى بصرهاى شما ‪ ،‬و خههاطر جمعههى‬
‫خوف قلبهاى شما ‪ ،‬و روشنى سياهى تاريكى قلب شما است ‪.‬‬

‫پس بگردانيد طاعت و عبادت پروردگار را لباس بههاطنى خودتههان نههه لبههاس ظههاهرى و‬
‫داخل در باطن خود نه شعار ظاهرى ‪ ،‬و چيههزى لطيههف در ميههان دنههدهاى خودتههان ‪ ،‬و‬
‫أمير حكمران بالى جميع كارهاى خودتان و محل آب خور از بههراى زمههان ورود آن ‪،‬‬
‫و واسطه از براى درك مطالب خودتان ‪ ،‬و سپر از براى روز فزع خود و چراغههها از‬
‫براى بطون قبرهاى خود ‪ ،‬و مايه انس از براى طول وحشت خههود ‪ ،‬و فههرج و راحههت‬
‫از براى أندوه و محنت مواطن خودتان ‪.‬‬

‫پس بدرستيكه طاعت خدا حرز است ‪ ،‬از مهلكههههاى محيطههه و از محّلهههاى خههوفى كههه‬
‫متوقعست و از حرارت آتشهاى روشن شده ‪ ،‬پس كسيكه اخذ نمود تقههوى را غههايب شههد‬
‫از آن شدتها بعد از نزديكى آنههها بههاو ‪ ،‬و شههيرين شههد از بههراى او كارههها بعههد از تلخههى‬
‫آنها ‪ ،‬و منكشف شد از او موجها بعد از تراكم و تلطم آنههها ‪ ،‬و آسههان شههد از بههراى او‬
‫كارهاى صعب بعد از مشقت انداختن آنها ‪ ،‬و باريد باو بارانهاى كرامت بعد از قحطهى‬
‫آن ‪ ،‬و برگشت با مهربانى بر او رحمهت خهدا بعهد از رميهدن آن ‪ ،‬و منفجهر شهد بهر او‬
‫چشمهاى نعمتها بعد از نايابى آنها ‪ ،‬و باريد بأو باران بركت با شهّدت بعههد از ضههعف و‬
‫قّلت آن ‪.‬‬

‫پس پرهيز نمائيد از خدا چنان خداوندى كه نفع بخشيد بشما بهها مههوعظه بههالغه خههود ‪ ،‬و‬
‫موعظه فرمود بشما با رسالت رسولن خود ‪ ،‬و منت گذاشت بر شما بها نعمههت فههراوان‬
‫خود ‪ ،‬پس ذليل نمائيد نفسهاى خودتان را با بار عبادت او ‪ ،‬و خارج شويد بسوى او از‬
‫حق اطاعت او كه ليق حضرت او است ‪.‬‬

‫] ‪[ 283‬‬

‫ععععع عععععع‬

‫ل اّلذي اصطفاه لنفسه ‪ ،‬و اصطنعه على عينههه ‪ ،‬و أصههفاه خيههرة‬ ‫ن هذا السلم دين ا ّ‬‫ثّم إ ّ‬
‫ل الديان بعّزته ‪ ،‬و وضههع الملههل برفعههه ‪ ،‬و أهههان‬ ‫خلقه ‪ ،‬و أقام دعائمه على محّبته ‪ ،‬أذ ّ‬
‫ضهللة بركنهه ‪ ،‬و سهقى مهن‬ ‫أعدائه بكرامته ‪ ،‬و خذل محاّديه بنصهره ‪ ،‬و ههدم أركهان ال ّ‬
‫عطش من حياضه ‪ ،‬و أتاق الحياض بمواتحه ‪.‬‬

‫ك لحلقته ‪ ،‬و ل انهدام لساسه و ل زوال لدعائمه ‪ ،‬و‬ ‫ثّم جعله ل انفصام لعروته ‪ ،‬و ل ف ّ‬
‫ل انقلع لشجرته ‪ ،‬و ل انقطههاع لمهّدته ‪ ،‬و ل عفههاء لشههرايعه ‪ ،‬و ل جهّذ لفروعههه ‪ ،‬و ل‬
‫ضنك لطرقههه ‪ ،‬و ل وعوثههة لسهههولته و ل سهواد لوضههحه ‪ ،‬و ل عهوج لنتصهابه ‪ ،‬و ل‬
‫جه ‪ ،‬و ل انطفآء لمصابيحه ‪ ،‬و ل مرارة لحلوته ‪.‬‬
‫عصل فى عوده ‪ ،‬و ل وعث لف ّ‬

‫ق أسناخها ‪ ،‬و ثّبههت لههها أساسههها ‪ ،‬و ينههابيع غههزرت عيونههها ‪ ،‬و‬
‫فهو دعائم أساخ في الح ّ‬
‫مصابيح شّبت نيرانها ‪ ،‬و منار اقتدى بها سّفارها ‪،‬‬

‫ل فيه منتهى رضوانه ‪ ،‬و‬


‫و أعلم قصد بها فجاجها ‪ ،‬و مناهل روى بها وّرادها ‪ ،‬جعل ا ّ‬
‫ذروة دعائمه ‪ ،‬و سنام طاعته ‪.‬‬

‫] ‪[ 284‬‬

‫ل وثيهق الركهان ‪ ،‬رفيهع البنيهان ‪ ،‬منيهر البرههان ‪ ،‬مضهىء الّنيهران ‪ ،‬عزيهز‬


‫فهو عند ا ّ‬
‫سلطان ‪ ،‬مشرف المنار ‪ ،‬معوز المثار ‪ ،‬فشّرفوه ‪،‬‬ ‫ال ّ‬

‫و أّدوا إليه حّقه ‪ ،‬وضعوه مواضعه ‪.‬‬

‫ععععع‬

‫) اصطنعه على عينه ( افتعال من الصنع و الصنع اّتخاذ الخير لصههاحبه كههذا فههي مجمههع‬
‫البيان ‪ ،‬و قيل ‪ :‬من الصنيعة و هى العطية و الحسان و الكرامة يقال اصههطنعتك لنفسههى‬
‫اخترتك لمر أسههتكفيكه و اصهطنع خاتمهها أمهر أن يصهنع لههه قهال تعهالى فهي سههورة طهه‬
‫سلم و اصطنعتك لنفسى ‪ .‬اذهب أنت و أخههوك بآيههاتى ‪ .‬و ل تنيهها‬ ‫مخاطبا لموسى عليه ال ّ‬
‫في ذكرى ‪.‬‬

‫و قال الشارح المعتزلى ‪ :‬اصطنعه على عينه كلمههة يقههال لمهها يشههتّد الهتمههام بههه ‪ ،‬تقههول‬
‫صههنعة الههتي تصههنعها و أنهها‬‫للصانع ‪ :‬اصنع لى خاتما على عينى ‪ ،‬أى اصنعه صههنعة كال ّ‬
‫حاضر اشاهدها ‪.‬‬

‫و قال الّزمخشرى في الكشاف في تفسير قوله تعالى و لتصنع على عينى لتربى و يحسن‬
‫إليك و أنها مراعيهك و راقبهك كمها يرعهى الّرجهل الشهىء بعينهه إذا اعتنهى بهه ‪ ،‬و تقهول‬
‫ل تخهالف بهه عهن مهرادى و ) الخيهرة ( بفتهح‬ ‫للصانع اصنع هذا على عينى أنظر إليك لئ ّ‬
‫اليههاء وزان عنبههة كههالخيرة بسههكونها اسههم مههن اخههترت الّرجههل أى فضههلته علههى غيههره و‬
‫) الّدعائم ( جمع الّدعامة بالكسر عماد البيت و الخشههب المنصههوب للتعريههش و ) حههاّده (‬
‫محاّدة عاّده و غاضبه و خالفه مأخوذ من الحدد و هو الغضب قال تعالى يواّدون من حاّد‬
‫ل و رسوله ‪.‬‬
‫ا ّ‬
‫و ) تئق ( الحوض من باب فرح امتل مههاء و أتههاق الحيههاض ملههها و ) المواتههح ( جمههع‬
‫الماتح و هو الذى يستقى بالّدلو من المتح و هو الستقاء يقال متحت الّدلو‬

‫] ‪[ 285‬‬

‫أى استخرجتها و ) عروة ( الكوز مقبضههه و ) الجههذ ( بال هّذال المعجمههة القطههع أو القطههع‬
‫المستأصل ‪ ،‬و في بعض النسخ بالحاء المهملة و هو القطع و في بعضههها بهالجيم و الهّدال‬
‫المهملة و هو القطع أيضا و الفعل في الجميع كمّد ‪.‬‬

‫ق علهى السهالك فهههو وعهث و‬‫و ) وعث ( الطريق و عوثة من بهاب قههرب و تعهب إذا شه ّ‬
‫ق من تعههب و‬
‫ل أمر شا ّ‬
‫قيل ‪ :‬الوعث رمل دقيق تغيب فيه القدام فهو شاق ‪ ،‬ثّم استعير لك ّ‬
‫أثم و غير ذلك ‪ ،‬و منه و عثاء السفر أى شّدة النصب و التعب ‪.‬‬

‫جهة الطريهق و ) العصهل ( محّركهة‬ ‫و ) الوضح ( محّركهة بيهاض الصهبح و القمهر و مح ّ‬


‫العوجاج في صلبة و منه العصههال بالكسههر و هههو السهههم المعهّوج و ) الفههج ( الطريههق‬
‫الواسع بين الجبلين و ) ساخت ( قوائمه في الرض أى غابت و سهاخت بههم الرض أى‬
‫ل و ) الينبوع ( العين ينبع منه الماء أى يخرج و‬ ‫خسفت و يعدى بالهمزة فيقال ‪ :‬أساخه ا ّ‬
‫قيل ‪ :‬الجدول الكثير الماء و هو أنسب و ) غزر ( الماء بضّم الّزاء المعجمة غزارة كههثر‬
‫فهو غزير و ) شبت نيرانها ( بضّم الشين بالبناء على المفعول أى اوقههدت و ) وّرادههها (‬
‫جمع وارد قال الشارح المعههتزلى ‪ :‬و روى رّوادههها جمههع رائد و هههو الههذى يسههبق القههوم‬
‫فيرتاد لهههم المههاء و الكلء و ) ذروة ( الشههيء بالكسههر و الضهّم أعله و ) سههنام ( بالفتههح‬
‫وزان سحاب أيضا أعله و ) عوز ( الشيء عوزا من باب تعب عّز فلم يوجد ‪ ،‬و عههزت‬
‫الشيء أعوزه من باب قال احتجت إليه فلم أجده ‪ ،‬و أعوزنى مثل أعجزنى وزنا و معنى‬
‫‪ ،‬و أعههوز الّرجههل إعههوازا افتقههر ‪ ،‬و أعههوزه الهّدهر أفقههره و ) ثههار ( الغبههار يثههور ثههورا‬
‫وثورانا هاج ‪ ،‬و ثار به الناس أى وثبوا عليه ‪ ،‬و فلن أثههار الفتنههة أى هّيجههها ‪ ،‬و المثههار‬
‫مصدر أو اسم للمكان ‪.‬‬

‫ععععععع‬

‫قوله ‪ :‬على عينه ظرف مستقّر حال من فاعل اصطنع ‪ ،‬و قهوله ‪ :‬علهى محّبهة يحتمهل أن‬
‫له ‪ ،‬و أن يكههون ظرفهها مسههتقّرا‬
‫يكون ظرف لغو متعّلق بقوله أقام فالضمير راجههع إلههى ا ّ‬
‫حال من فاعل أقام أو من الضمير في دعائمه ‪ ،‬فالضمير فيه على الّول‬

‫] ‪[ 286‬‬

‫لم‬
‫ل ‪ ،‬و على الثانى فيعود إلى السلم ‪ ،‬و يجوز جعل علههى بمعنههى ال ّ‬‫أيضا راجع إلى ا ّ‬
‫ل على ما هديكم و على ههذا فايضهها ظهرف لغهو و‬
‫للتعليل كما فى قوله تعالى و لتكّبروا ا ّ‬
‫سههببّية ‪ ،‬و‬
‫ل و إلى السلم فتدّبر ‪ ،‬و الباء فهي قههوله ‪ :‬بعّزتههه لل ّ‬
‫ح عوده إلى ا ّ‬‫ضمير يص ّ‬‫ال ّ‬
‫قوله ‪ :‬ثهّم جعلههه ل انفصههام لعروتههه المفعههول الّثههاني لجعههل محههذوف و جملههة ل انفصههام‬
‫لعروته صفة له ‪.‬‬

‫عععععع‬

‫طاعة أردفههه بهههذا الفصههل‬


‫سابق بالّتقوى و ال ّ‬
‫سلم لّما أوصى في الفصل ال ّ‬
‫اعلم أّنه عليه ال ّ‬
‫المتضّمن لشرف السلم و فضايله لكونهما من شئونه فقال ‪:‬‬

‫ل سوى السلم و هههو الّتوحيههد و‬ ‫ى عند ا ّ‬‫ل ( أى ل دين مرض ّ‬ ‫ن هذا السلم دين ا ّ‬ ‫) ثّم إ ّ‬
‫ل عليه و آله و سهّلم كمهها قههال تعههالى انّ الهّدين‬
‫شرع اّلذي جاء به محّمد صّلى ا ّ‬ ‫الّتدّرع بال ّ‬
‫ل السلم و قال و من يبتغ غير السلم دينًا فلن يقبههل منههه و هههو فههي الخههرة مههن‬ ‫عند ا ّ‬
‫الخاسرين أى من يطلب غيره دينا يدين به لن يقبل منه بل يعاقب عليه و هو من الهالكين‬
‫ن الّدين و السلم واحد و هما عبارتان عن معبر واحههد ‪،‬‬ ‫في الخرة ‪ ،‬و فيه دللة على أ ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪.‬‬‫ي صّلى ا ّ‬‫و هو الّتسليم و النقياد بما جاء به النب ّ‬

‫ل و اختاره من بين ساير الديان ) لنفسه ( أى لن يكون طريقا‬‫و هو ) اّلذي اصطفاه ( ا ّ‬


‫إلى معرفته و طاعته مؤّديا إلى جّنته ‪.‬‬

‫) و اصطنعه على عينه ( أى اّتخذه صنعة و اختههاره حههالكونه مراعيهها حافظهها لههه مراقبهها‬
‫عليه مشاهدا اّياه ‪ ،‬و يجوز جعل العين مجهازا فهي العلهم فيكهون المعنهى أّنهه اصهطنعه و‬
‫سس قواعده على ما ينبغههى و علههى علههم منههه بهه أى حهالكونه عالمهها بهدقايقه و نكهاته أو‬‫أّ‬
‫بشرفه و فضله ‪.‬‬

‫و يحتمل أن يكون معنههى اصههطنعه أّنههه طلههب صههنعته أى اّنههه أمههر بصههنعته و القيههام بههه‬
‫ن مههن صهنع لغيهره شههيئا و ههو‬ ‫حالكونه بمرئى منه أى كالمصنوع المشاهد له ‪ ،‬و ذلهك أ ّ‬
‫ب و ل يتهّيأ له خلفه أو أّنه أمر بأن يصنع أي بصنعه‬ ‫ينظر إليه صنعه كما يح ّ‬

‫] ‪[ 287‬‬

‫و صنيعته أى بكرامته و التيان به على وجه الكمال ‪.‬‬

‫صههنعة و الصههنع و الصههنيعة المكّلفههون‬


‫صههانع لههه أى المههأمور بال ّ‬
‫و على هذا الحتمال فال ّ‬
‫المطلوب منهم السلم ‪.‬‬
‫سرون في قوله تعالى و لتصههنع علههى عينههي علههى قههراءة لتصههنع‬ ‫و هذا نظير ما قاله المف ّ‬
‫ن المعنى ليصنعك غيرك أى لههترّبى و تغ هّذى و يحسههن إليههك‬ ‫بلفظ المر مبنّيا للمفعول ‪ .‬إ ّ‬
‫بمرئى مّني أى يجرى امرك على ما اريد من الّرفاهة ‪.‬‬

‫ل عليه و آلههه‬
‫) و أصفاه خيرة خلقه ( أى آثر و اختار للبعثة به خيرة خلقه محّمدا صّلى ا ّ‬
‫و سّلم ‪ ،‬أو جعل خيرة خلقه خالصا لتبليغه دون غيره ‪.‬‬

‫ن مههن أحّبههه‬
‫) و أقام دعائمه على محّبته ( أى أثبت أركان السلم فوق محّبته تعالى ‪ ،‬فهها ّ‬
‫سبحانه أسلم له ‪ ،‬أو أّنه قام دعائم حالكونه تعالى محّبا له أو حالكون السههلم محبوبهها لههه‬
‫تعههالى ‪ ،‬أو لجههل حّبههه إيههاه ‪ ،‬أو لجههل محبههوبّيته عنههده علههى الحتمههالت المتقّدمههة فههي‬
‫العراب ‪.‬‬

‫سههلم فههي أوائل بههاب‬


‫ثّم المراد بدعائمه إما مطلق أركانه التي يأتي تفصههيلها منههه عليههه ال ّ‬
‫المختار من حكمه و هو النسب ‪.‬‬

‫ي في البحار من أمالى الصههدوق بسههنده عههن‬


‫أو خصوص ما اشير إليه في الحديث المرو ّ‬
‫صلة ‪،‬‬
‫سلم قال ‪ :‬بني السلم على خمس دعائم ‪ :‬على ال ّ‬ ‫المفضل عن الصادق عليه ال ّ‬

‫له‬
‫ج ‪ ،‬و ولية أمير المههؤمنين و الئّمههة مههن ولههده صههلوات ا ّ‬
‫و الّزكاة ‪ ،‬و الصوم ‪ ،‬و الح ّ‬
‫ل الديان بعّزته ( أراد بذّلتها نسخها أو المراد ذّلة أهلها علهى حهذف المضهاف‬ ‫عليهم ) أذ ّ‬
‫و يحتملهما قوله ) و وضع الملل برفعه ( و يصّدق هاتين القرينتين صههريحا قههوله تعههالى‬
‫ق ليظهره على الّدين كّله ‪.‬‬
‫ارسل رسوله بالهدى و دين الح ّ‬

‫) و أهان أعداءه بكرامته ( أى أهان أعداء السلم و هم اليهود و النصارى و المشركون‬


‫ل من عانده و لم يتدّين به من أهل الملل المتقّدمة ‪ ،‬و إهههانتهم بالقتههل و الستيصههال و‬‫وكّ‬
‫صغار ‪.‬‬
‫ل و ال ّ‬ ‫أخذ الجزية و الذ ّ‬

‫) و خذل محاّديه بنصره ( أى ترك نصرة المخالفين للسلم المحاّدين له و أخزاهم‬

‫] ‪[ 288‬‬

‫بنصرته للسلم و أهله ‪.‬‬

‫ضللة بركنه ( ركن الشيء جانبه اّلذى يستند إليه و يقوم بههه ‪ ،‬فاسههتعار‬ ‫) و هدم أركان ال ّ‬
‫ضههللة أو الصههنام ‪ ،‬و أراد بركنههه‬ ‫أركههان الضههللة للعقايههد المض هّلة أو رؤسههاء أهههل ال ّ‬
‫أصوله و قواعده أو الّنبي أو كلمة التوحيد ‪.‬‬
‫) و سقى من عطش من حياضه ( المراد بمن عطش الجاهل بقواعد السلم المبتغي له ‪،‬‬
‫ل عليهم المملوون بمياه العلوم الحّقة ‪ ،‬أو العّم الشامل‬ ‫و بالحياض الّنبي و الئّمة سلم ا ّ‬
‫للعلماء الّراشدين أيضا و يسقيه هدايته له إلى السهتفادة و أخههذ علهوم الهّدين عنهههم عليههم‬
‫سلم ‪.‬‬
‫ال ّ‬

‫سلم مههن زلل المعههارف‬ ‫) و أتاق الحياض بمواتحه ( أى مل صدور اولى العلم عليهم ال ّ‬
‫له تعهالى مهن الملئكهة و روح القهدس و‬ ‫الحّقة و العلهوم الّدينيهة بوسهاطة المبّلغيهن مهن ا ّ‬
‫اللهامات اللهّية ‪ .‬و إن اريد بالحياض العّم الشامل للعلماء فيعّمم المواتح للئمههة لنهههم‬
‫سههلم و قيههل هنهها ‪:‬‬
‫سههلم و يستضههيئون بههأنوارهم عليهههم ال ّ‬ ‫يستفيدون من علومهم عليهم ال ّ‬
‫معان اخر ‪ ،‬و الظهر ما قلناه ‪.‬‬

‫ي فمن يكفههر‬
‫) ثّم جعله ( وثيقا ) ل انفصام لعروته ( كما قال تعالى قد تبّين الّرشد من الغ ّ‬
‫ل فقد استمسك بالعروة الوثقى ل انفصام لها ‪.‬‬ ‫بالطاغوت و يؤمن با ّ‬

‫ق من الباطل ‪،‬‬
‫قال أمين السلم الطبرسي » قد « قد ظهر اليمان من الكفر و الح ّ‬

‫سهك و اعتصهم‬ ‫ل و بمهها جهاءت بههه رسهله فقههد تم ّ‬‫ل و يصدق با ّ‬‫فمن يكفر بما خالف أمر ا ّ‬
‫بالعصمة الوثيقة و عقد لنفسه من الّدين عقدا وثيقهها ل يحّلههه شههبهة ‪ ،‬ل انفصههام لههها أى ل‬
‫سك باليمان ‪،‬‬ ‫انقطاع لها كما ل ينقطع من تمسك بالعروة كذلك ل ينقطع أمر من تم ّ‬

‫قو‬
‫ن من اعتصم بعروة السلم فهي تؤّديه إلى غاية مقصده من رضاء الحهه ّ‬‫صله أ ّ‬
‫و مح ّ‬
‫رضوانه و نزول غرفات جنانه لّنها وثيقة ل ينقطع و ل تنفصم ‪.‬‬

‫شارح البحراني ‪ :‬كناية عن عدم انقهار أهلههه و‬


‫ك لحلقته ( قال ال ّ‬
‫) و ( جعله محكما ) ل ف ّ‬
‫جماعته ‪.‬‬

‫] ‪[ 289‬‬

‫سههنة‬
‫) و ( مشّيدا ) ل انهدام لساسه ( قال البحرانههي ‪ :‬اسههتعار لفههظ السههاس للكتههاب و ال ّ‬
‫اّلذين هما أساس السههلم ‪ ،‬و لفههظ النهههدام لضههمحللهما انتهههى ‪ ،‬و ل بههأس بههه ‪ ،‬و قهد‬
‫سر في بعض الّروايات بالولية ‪.‬‬ ‫يف ّ‬

‫و هو ما رواه في البحار من أمالي الشيخ باسناده عن جابر بن يزيد عن أبي جعفر محّمههد‬
‫له‬
‫له صهّلى ا ّ‬ ‫سلم قال ‪ :‬لّما قضى رسول ا ّ‬ ‫ي بن الحسين عن أبيه عن جّده عليهم ال ّ‬ ‫بن عل ّ‬
‫جة الوداع ركب راحلته و أنشأ يقول ‪ :‬ل يههدخل الجّنههة إ ّ‬
‫ل‬ ‫عليه و آله و سّلم مناسكه من ح ّ‬
‫ل و ما السلم ؟ فقههال ص هّلى‬ ‫من كان مسلما ‪ ،‬فقام اليه أبو ذر الغفارى فقال ‪ :‬يا رسول ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬السههلم عريههان و لباسههه التقههوى ‪ ،‬و زينتههه الحيههاء ‪ ،‬و ملكههه ‪1‬‬
‫ا ّ‬
‫ل شيء أسههاس و أسههاس السههلم حّبنهها أهههل‬
‫الورع و كماله الّدين ‪ ،‬و ثمرته العمل ‪ ،‬و لك ّ‬
‫البيت ‪.‬‬

‫) و ( ثابتا ) ل زوال لدعائمه ( قال البحراني ‪ :‬استعار لفظ الهّدعائم لعلمههائه أو للكتههاب و‬
‫السنة و قوانينهما ‪ ،‬و أراد بعدم زوالها عدم انقراض العلماء أو عدم القههوانين الشههرعّية ‪،‬‬
‫انتهى ‪.‬‬

‫سلم فههي أوائل بههاب المختههار مههن‬


‫و الولى أن يراد بالّدعائم ما يأتي تفصيلها منه عليه ال ّ‬
‫سلم و هو ثالث أبواب الّنهج ‪.‬‬ ‫حكمه عليه ال ّ‬

‫) و ( راسخا ) ل انقلع لشجرته ( الظاهر أّنه من قبيهل اضههافة المشهّبه بههه علهى المشهّبه‬
‫ن السلم كشجرة ثابتة أصلها ثابت و فرعها فههى السههماء‬ ‫كما في لجين الماء ‪ ،‬و المراد أ ّ‬
‫كما اشير اليه في قوله مثل كلمة طّيبة كشجرة طّيبة الية ‪.‬‬

‫ل كشههجرة زاكيههة‬
‫لا ّ‬‫قال الطبرسي ‪ :‬قال ابن عّباس ‪ :‬هي كلمة التوحيد شهادة أن ل إله إ ّ‬
‫نامية راسخة اصولها فى الرض عالية أغصانها ‪ ،‬و ثمارها في السماء ‪،‬‬

‫صل من الصل إلى‬


‫ل أنه يتو ّ‬
‫و أراد به المبالغة في الّرفعة و الصل سافل و الفرع عال إ ّ‬
‫الفرع ‪.‬‬

‫قال ‪ :‬و قيل ‪ :‬اّنه سبحانه شّبه اليمان بالّنخلة لثبات اليمان في قلب المؤمن كثبات النخلة‬
‫في منبتها ‪ ،‬و شّبه ارتفاع عمله إلى السماء بارتفاع فروع النخلة ‪،‬‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬هه ههههه ه ههههه ه‬

‫] ‪[ 290‬‬

‫ل وقههت و حيههن بمهها ينههال مههن‬


‫و شّبه ما يكسبه المؤمنون من بركة اليمان و ثوابه فههي كه ّ‬
‫سنة كّلها من الّرطب و الّتمر ‪.‬‬
‫ثمرة النخلة في أوقات ال ّ‬

‫و فى البحار من علل الشرايع باسناده عن معّمر بن قتادة عن أنههس بههن مالههك فههي حههديث‬
‫ن مثل‬‫سلم ‪ :‬إ ّ‬‫ل عليه و آله و سّلم قال حبيبي جبرئيل عليه ال ّ‬ ‫ل صّلى ا ّ‬
‫قال ‪ :‬قال رسول ا ّ‬
‫صههلة ‪ ،‬عروقههها ‪ ،‬و الّزكههاة ماؤههها ‪ ،‬و‬
‫هذا الّدين كمثل شجرة ثابتة اليمان أصلها ‪ ،‬و ال ّ‬
‫ف عن المحارم ثمرها ‪ ،‬فل تكمل شجرة إ ّ‬
‫ل‬ ‫صوم سعفها ‪ ،‬و حسن الخلق ورقها ‪ ،‬و الك ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ف عن المحارم ‪.‬‬ ‫ل بالك ّ‬
‫بالثمر كذلك اليمان ل يكمل إ ّ‬
‫) و ( متماديا ) ل انقطاع لمّدته ( لستمراره و بقائه إلى يوم القيامة ‪.‬‬

‫له منههه لعبههاده و ل انمحههاء‬


‫) و ( جديدا ) ل عفاء لشههرايعه ( أى ل انههدراس لمهها شههرع ا ّ‬
‫لطرقه و شعبه اّلتي يذهب بسالكها إلى حظاير القههدس و محافههل النههس ) و ( زاكيهها ) ل‬
‫جّذ لفروعه ( أى ل ينقطع ما يتفّرع عليه من الحكام اّلتي يستنبطها المجتهدون بأفكارهم‬
‫سنة ‪ ،‬و يحتمل أن يراد بها ما يتفّرع عليه من الّثمههرات و المنههافع‬ ‫السليمة من الكتاب و ال ّ‬
‫الدنيوّية و الخروية ‪.‬‬

‫سالكين سلوكه ‪،‬‬ ‫ق على ال ّ‬


‫) و ( وسيعا ) ل ضنك لطرقه ( أى ل ضيق لمسالكه بحيث يش ّ‬
‫سابقة ‪.‬‬
‫و المراد أنها مّلة سمحة سهلة ليس فيها ثقل على المكّلفين كما كان في الملل ال ّ‬

‫ي اّلذى يجدونه مكتوب هًا عنههدهم فههي التوريههة و‬‫قال تعالى اّلذين يّتبعون الّرسول الّنبي الم ّ‬
‫ل لهههم الطّيبههات و يحهّرم عليهههم‬
‫النجيل يأمرهم بههالمعروف و ينهيهههم عههن المنكههر و يحه ّ‬
‫الخبائث و يضع عنهم اصرهم و الغلل اّلتي كانت عليهم ‪.‬‬

‫قال أمين السلم الطبرسي ‪ :‬معناه يبيح لهم المستلّذات الحسنة و يح هّرم عليهههم القبايههح و‬
‫ل لهم ما اكتسبوه من وجه طّيب و يحّرم عليهم مهها اكتسههبوه‬ ‫ما تعافه النفس ‪ ،‬و قيل ‪ :‬يح ّ‬
‫ل لهم ما حّرمه عليهم رهبانّيهم و أحبارهم و ما كان يحّرمههه‬ ‫من وجه خبيث ‪ ،‬و قيل ‪ :‬يح ّ‬
‫أهل الجاهليههة مههن البحههائر و السههوائب و غيرههها ‪ ،‬و يحهّرم عليهههم الميتههة و الهّدم و لحههم‬
‫الخنزير و ما ذكر معها ‪.‬‬

‫و يضع عنهم إصرهم أى ثقلهم شّبه ما كان على بني إسرائيل من التكليف الشديد‬

‫] ‪[ 291‬‬

‫ل سبحانه جعل توبتهم أن يقتل بعضهم و جعل توبهة ههذه الّمهة النهدم‬ ‫بالثقل ‪ ،‬و ذلك إن ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪.‬‬
‫بالقلب حرمة للّنبي صّلى ا ّ‬

‫و الغلل اّلتي كانت عليهم قيل ‪ :‬يريد بالغلل ما امتحنوا به من قتل نفوسهم في التوبة‬
‫سبت و تحريم العروق‬ ‫و قرض ما يصيبه البول من أجسادهم و ما أشبه ذلك من تحريم ال ّ‬
‫و الشحوم و قطع العضاء الخاطئة و وجوب القصاص دون الّدية انتهى ‪.‬‬

‫و قيل ‪ :‬الصر الثقل اّلذى يأصر حامله أى يحبسه فى مكانه لفرط ثقله ‪.‬‬

‫حة‬
‫و قال الّزمخشرى ‪ :‬هو مثل لثقل تكليفهم و صعوبته نحو اشتراط قتل النفس فههى ص ه ّ‬
‫شههاقة نحههو بههت القضههاء‬
‫توبتهم ‪ ،‬و كذلك الغلل مثل لما كان فى شرايعهم من الشياء ال ّ‬
‫بالقصاص عمدا كان أو خطاء من غير شرع الّدية ‪ ،‬و قطع العضاء الخاطئة ‪،‬‬
‫و قرض موضع الّنجاسة من الجلد و الثوب و إحراق الغنايم ‪ ،‬و تحريم العروق فى الّلحم‬
‫و تحريم السبت ‪.‬‬

‫و عههن عطهها كههانت بنههو اسههرائيل إذا قههامت تص هّلى لبسههوا المسههوح و غّلههوا أيههديهم إلههى‬
‫سههارية‬
‫سلسههلة و أوثقههها إلههى ال ّ‬
‫العناق ‪ ،‬و رّبما ثقب الّرجل ترقوته و جعل فيها طرف ال ّ‬
‫يحبس نفسه على العبادة ‪.‬‬

‫) و ( سهل ) ل وعوثة لسهولته ( يعني أّنه على حّد العتدال من السهولة ‪ ،‬و ليس سهل‬
‫ق المشى فيه لرسوب القدام ‪.‬‬‫سر سلوكه و يش ّ‬ ‫مفرطا كالوعث من الطريق يتع ّ‬

‫ن بياضه ل يشوبه الظلم كما قال الّنههبى صهّلى‬


‫) و ( واضحا ) ل سواد لوضحه ( يعنى أ ّ‬
‫ل عليه و آله ‪:‬‬
‫ا ّ‬

‫بعثت اليكم بالحنيفّية السهمحقة السهههلة البيضههاء ‪ ،‬و بياضهه كنايههة عههن صهفائه عهن كههدر‬
‫الباطل ‪.‬‬

‫) و ( مستقيما ) ل عوج لنتصابه ( أى ل اعوجاج لقيامه كما قال تعالى قل اّننههى هههدانى‬
‫رّبى الى صراط مستقيم ‪ .‬دينًا قيمًا مّلة إبراهيم حنيفًا و مها كهان مهن المشهركين و المهراد‬
‫له تعههالى ليههس فيههه عههوج و ل‬
‫أّنه صراط مستقيم مؤّد لسههالكه إلههى الجّنههة ‪ ،‬و رضههوان ا ّ‬
‫أمت ‪.‬‬

‫ق‪.‬‬
‫) و ( مستويا ) ل عصل فى عوده ( و هو أيضا كناية عن استقامته و ادائه إلى الح ّ‬

‫ج مطلق الطريق مجازا من إطلق المقّيد‬


‫جه ( أراد بالف ّ‬
‫) و ( يسيرا ) ل وعث لف ّ‬

‫] ‪[ 292‬‬

‫على المطلق و يمكن إرادة المعنهى الحقيقهى و يكهون النظهر فهى التشهبيه إلهى أنهه الجهاّدة‬
‫ج هو الطريق الواسع بين الجبلين ‪.‬‬ ‫ن الف ّ‬
‫الوسطى بين طرفى الفراط و التفريط ‪ ،‬كما أ ّ‬

‫ن المهراد بمصهابيحه أئمهة الهّدين و أعلم‬‫) و ( مضيئا ) ل انطفاء لمصابيحه ( الظهاهر أ ّ‬


‫اليقين الذينهم مصابيح الهّدجى و منههار الهههدى ‪ ،‬و أراد بعههدم انطفائههها عههدم خلهّو الرض‬
‫سلم ‪.‬‬
‫منهم عليهم ال ّ‬

‫ل حلههو ‪ ،‬و‬
‫) و ( حلوا ) ل مرارة لحلوته ( لنه أحلى و ألّذ فههى أذواق المتههدّينين مههن ك ه ّ‬
‫لذيذ ل يشوبه مرارة مشّقة التكليف ‪.‬‬

‫سلم في قوله تعالى يا ايها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام ‪:‬‬
‫كما قال الصادق عليه ال ّ‬
‫لّذة ما فى النداء أزال تعب العبادة و العناء ‪.‬‬

‫ن السلم دعائم العبودّيههة فل ينههافى حملههها‬


‫ق أسناخها ( يعنى أ ّ‬
‫) فهو دعائم أساخ فى الح ّ‬
‫عليه هنا لما تقّدم سابقا من إضافتها إليه فى قوله ‪ :‬أقام دعائمه على محّبته ‪،‬‬

‫ن ظهور الضافة في التغاير ‪.‬‬


‫و قوله ‪ :‬و ل زوال لدعائمه ‪ ،‬نظرا إلى أ ّ‬

‫ن الغرض فيما سبق تشبيه السلم و ال هّدين بههالبيت فههأثبت لههه الهّدعائم‬
‫وجه عدم المنافاة أ ّ‬
‫على سبيل الستعارة المكنّية التخييلية ‪ ،‬فهو ل ينافى كون السلم نفسه أيضا دعائم لكههن‬
‫للعبودّية ‪.‬‬

‫ن المههراد بههدعائم السههلم إّمهها‬


‫و يمكن دفع المنافاة بوجه آخر و هو أّنا قد بّينا فيما سههبق أ ّ‬
‫سههلم فههي بههاب المختههار مههن حكمههه أو خصههوص‬ ‫الدعائم اّلتي يأتي تفصيلها منههه عليههه ال ّ‬
‫ج و الولية حسبما اشير إليههه فههي‬ ‫صوم و الح ّ‬‫العبادات الخمس أعنى الصلة و الّزكاة و ال ّ‬
‫الحديث الذى رويناه من البحار و في أحاديث كثيرة غيره تركنا ذكرها ‪،‬‬

‫ى تقدير فلّما كان قوام السلم بتلك الّدعائم و ثباته عليها حّتى أّنه بدونها ل ينتفع‬
‫و على أ ّ‬
‫بشيء من أجزائه فجعله نفس تلك الّدعائم مبالغة من باب زيد عدل ‪.‬‬

‫سلم فههي حههديث‬


‫و يوضح ذلك ما في البحار من الكافي عن زرارة عن أبي جعفر عليه ال ّ‬
‫صلة عمود دينكم ‪.‬‬
‫ل عليه و آله قال ‪ :‬ال ّ‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫ن رسول ا ّ‬
‫قال ‪ :‬إ ّ‬

‫سلم قال ‪ :‬قال‬


‫ل عليه ال ّ‬
‫و فى الكافى أيضا باسناده عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد ا ّ‬

‫] ‪[ 293‬‬

‫صلة مثل عمود الفسطاط إذا ثبههت العمههود نفعههت‬


‫ل عليه و آله ‪ :‬مثل ال ّ‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫رسول ا ّ‬
‫الطناب و الوتاد و الغشاء ‪ ،‬و إذا انكسر العمود لم ينفع طناب و لوتد و ل غشاء ‪.‬‬

‫ق يعنهي أّنهه‬
‫ق أسناخها ‪ ،‬فمعناه أّنه تعالى أثبت اصولها في الحه ّ‬ ‫و أما قوله ‪ :‬أساخ في الح ّ‬
‫ق و ثبت قوائمة عليههه دون الباطههل كمهها قههال تعههالى فههأقم وجهههك‬
‫بناء محكم بني على الح ّ‬
‫له ذلهك الهّدين القّيهم أى ذلهك‬‫ل اّلتي فطر الّناس عليها ل تبديل لخلهق ا ّ‬
‫للّدين حنيفًا فطرة ا ّ‬
‫ق‪.‬‬‫الّدين المستقيم الح ّ‬

‫) و ثّبت لها أساسها ( أى أحكم لهذه الّدعائم أبنيتها ‪.‬‬

‫) و ينابيع غزرت عيونها ( يعني جداول و أنهار كثيرة ماء عيونها اّلههتى تجريههان منهها ‪،‬‬
‫ن السههلم بمهها تضهّمنه مههن الحكههام الكههثيرة‬
‫و الظاهر أّنه من الّتشبيه البليغ ‪ ،‬و المههراد أ ّ‬
‫ن الينابيع منبع ماّدة حياة البههدان‬
‫شبه أ ّ‬
‫السلمّية بمنزلة ينابيع وصفها ما ذكر ‪ ،‬و وجه ال ّ‬
‫له‬
‫و الحكههام السههلمّية منشههأ مههاّدة حيههاة الرواح ‪ ،‬إذ بامتثالههها يحصههل القههرب مههن ا ّ‬
‫صل لحياة البد ‪.‬‬‫المح ّ‬

‫و في وصف المشّبه به بغزارة العيون إشارة إلى ملحظة ذلك الوصف في جانب المشّبه‬
‫ن الحكام السلمّية صادرة عن صدر الّنبّوة و صدور الئمههة اّلههتي هههى معههادن‬ ‫أيضا ل ّ‬
‫العلوم اللهّية و عيونها ‪ ،‬و كفى بها كثرة و غزارة ‪.‬‬

‫ن السلم بما فيههه مههن‬ ‫) و مصابيح شّبت نيرانها ( و هو أيضا من الّتشبيه البليغ ‪ ،‬يعني أ ّ‬
‫طاعات و العبادات اّلتي من وظايفه مثل المصابيح الموقدة الّنيههران المشههتعلة اّلههتي هههي‬ ‫ال ّ‬
‫ن المصابيح اّلتي وصههفها ذلههك كمهها أنههها ترفههع الظلم‬ ‫شبه أ ّ‬
‫في غاية الضاءة ‪ ،‬و وجه ال ّ‬
‫المحسوسة ‪ ،‬فكذلك الطاعات الموظفة في دين السلم إذا اقيسههت عليههها تنهّور القلههوب و‬
‫تجلو ظلمتها المعقولة ‪.‬‬

‫سههاطعة و الههبراهين القاطعههة‬


‫) و منار اقتدى بها سّفارها ( يعني أّنه بما فيههه مههن الدّلههة ال ّ‬
‫ل بها العلماء في المقاصد ‪ ،‬مثل منائر يهتدى بههها المسههافرون فههي الفلههوات ‪ ،‬و‬ ‫اّلتي يستد ّ‬
‫إضافة سفار إلى ضمير المنار من الّتوسع ‪.‬‬

‫و مثله قوله ) و أعلم قصد بها فجاجها ( أى مثل أعلم قصد بنصب تلك العلم‬

‫] ‪[ 294‬‬

‫إهداء المسافرين في تلك الفجاج ‪.‬‬

‫) و مناهل روى بها وّرادها ( يعني أّنههه بمهها فيههه مههن العلههوم السههلمّية النقلّيههة و العقلّيههة‬
‫بمنزلة مشارب تروى بمائها العطاش الواردون إليها ‪.‬‬

‫ل فيه منتهى رضوانه ( أى غاية رضاه لكونه أتّم الوسايل و أكملها في اليصال‬ ‫) جعل ا ّ‬
‫إلى قربه و زلفاه كما اشههير إليههه فههي قههوله أكملههت لكههم دينكههم و اتممههت عليكههم نعمههتي و‬
‫ل السلم ‪.‬‬ ‫ن الّدين عند ا ّ‬‫رضيت لكم السلم دينًا و قوله ا ّ‬

‫ن المراد بالدعائم العبادات التي بنيت عليها بيههت العبودّيههة ‪،‬‬ ‫) و ذروة دعائمه ( الظاهر أ ّ‬
‫و لما كان دين السههلم أشههرف الديههان و أفضههلها تكههون العبههادات الموظفههة فيههه أفضههل‬
‫ل من باب الّتشههريف و التكريههم باعتبههار أّنههها‬
‫العبادات و أعلها ‪ ،‬و إضافة الدعائم إلى ا ّ‬
‫مجعولت له سبحانه أو من أجل كونها مطلوبة له تعالى ‪.‬‬
‫ن ذروة‬
‫و به يظهر أيضا معنههى قههوله ) و سههنام طههاعته ( و يسههتفاد مههن بعههض الخبههار أ ّ‬
‫السلم و سنامه هو خصوص الجهاد ‪.‬‬

‫سلم‬
‫و هو ما رواه في البحار من الكافي باسناده عن سليمان بن خالد عن أبيجعفر عليه ال ّ‬
‫قال ‪ :‬أل اخبرك بأصل السلم و فرعه و ذروة سنامه ؟ قلت ‪ :‬بلى جعلت فداك ‪،‬‬

‫صلة ‪ ،‬و فرعه الّزكاة ‪ ،‬و ذروة سنامه الجهاد ‪.‬‬


‫قال ‪ :‬أّما أصله فال ّ‬

‫سههنام الههذى‬
‫قال المحّدث العلمة المجلسي ‪ :‬الضافة في ذروة سنامه بيانّيههة أو لمّيههة إذ لل ّ‬
‫هو ذروة البعير ذروة أيضا هو أرفع أجزائه ‪ ،‬و إنما صارت الصلة أصل السههلم لنههه‬
‫بدونها ل يثبت على ساق ‪ ،‬و الّزكاة فرعه لنه بدونها ل تتّم ‪ ،‬و الجهاد ذروة سنامه لنه‬
‫سبب لعلّوه و ارتفاعه ‪ ،‬و قيل ‪ :‬لنه فوق كل بّر كما ورد في الخههبر و كيههف كههان ) فهههو‬
‫ل وثيق الركان ( لبتنائه على أدّلة محكمة و اصول متقنة ) رفيههع البنيههان ( كنايههة‬ ‫عند ا ّ‬
‫عن علّو شأنه و رفعة قدره على ساير الديان ‪.‬‬

‫) منير البرهههان ( أى الهّدليل الهّدال علههى حقّيتههه مههن اليههات و المعجههزات البههاهرة منيههر‬
‫واضح ‪.‬‬

‫) مضيء النيران ( كناية عن كون أنواره أى العلوم و الحكم الثاقبة التي فيه في غاية‬

‫] ‪[ 295‬‬

‫الضياء بحيث ل تخفى على الناظر المتدّبر ‪.‬‬

‫ن سلطنته غالبة على سههاير الديههان كمهها قههال‬


‫جته قوّية أو أ ّ‬
‫نحّ‬ ‫) عزيز السلطان ( يريد أ ّ‬
‫تعالى ليظهره على الّدين كّله ‪.‬‬

‫) مشرف المنار ( أى مرتفع المنارة قههال الشههارح البحرانههي ‪ :‬و كنههى بههه عههن علهّو قههدر‬
‫علمائه و أئمته و انتشار فضلهم و الهداية بهم ‪.‬‬

‫) معوز المثار ( قيل ‪ :‬أى يعجز الناس ازعههاجه و إثههارته لقهّوته و ثبههاته و متههانته و قههال‬
‫البحراني ‪ :‬أى يعجز الخلق إثارة دفائنه و استخراج ما فيه من كنوز الحكمة و ل يمكنهههم‬
‫استقصاؤها ‪ ،‬و في بعض النسخ معوز المثال أى يعجز الخلق عن التيههان بمثلههه ‪ ،‬و فههي‬
‫بعضها معوز المنال أى يعجزون عن النيل و الوصول إلى نكاته و دقائقه و أسراره ‪.‬‬

‫ظموه و عّدوه شريفا و اعتقدوه كذلك ) و اّتبعههوه و أّدوا إليههه حّقههه ( أى‬
‫) فشّرفوه ( أى ع ّ‬
‫ف عن تغيير أحكامه و العلم‬ ‫ما يحّقه من الّتباع الكامل ) و ضعوه مواضعه ( أراد به الك ّ‬
‫ل له ‪ ،‬أو العمل بجميع ما تضّمنه من الوامر و النههواهي ‪،‬‬
‫بمرتبته و مقداره الذى جعله ا ّ‬
‫ل عليه و عليهم ‪.‬‬
‫ل لذلك بجاه محّمد و آله سلم ا ّ‬
‫و ّفقنا ا ّ‬

‫ععععععع‬

‫فصل ثانى از اين خطبه شريفه در وصف اسلم است و ذكر فضايل آن ميفرمايد ‪:‬‬

‫پس بدرستى اين اسلم دين خداست كه پسند فرمههوده آنههرا از بههراى خههودش و برگزيههده‬
‫آنرا در حالتى كه عالمست بفضيلت آن ‪ ،‬و خالص گردانيده بأو بهترين خلق خود را كه‬
‫ل عليه و آله باشد ‪ ،‬و بر پا داشته سههتونهاى آن را بههر بههالى‬
‫پيغمبر آخر الّزمان صّلى ا ّ‬
‫محّبت خود ‪ ،‬ذليل نموده دينها را بسبب عزيهزى آن ‪ ،‬و پسهت فرمهوده مّلتهها را بجههت‬
‫بلندى آن ‪ ،‬و خوار نمهوده دشهمنهاى خهود را بجههت گرامهى داشهتن آن ‪ ،‬و ذليهل كهرده‬
‫معاندين خود را با يارى كههردن آن ‪ ،‬و خههراب كههرده أركههان ضههللت و گمراهههى را بهها‬
‫ركن آن ‪ ،‬و سيراب فرموده تشنگان را از حوضهاى آن ‪ ،‬و پر كرده حوضها را‬

‫] ‪[ 296‬‬

‫با آب كشندگان آن ‪.‬‬

‫پس گردانيده آن را كه گسيخته نمىشود جاى دسههتگير آن ‪ ،‬و فههك نميشههود حلقههه آن ‪ ،‬و‬
‫خرابى نيست اساس آن را و زوال نيست ستونهاى آن را ‪ ،‬و بر كنههدگى نيسههت درخههت‬
‫آن را ‪ ،‬و انقطههاع نيسههت م هّدت او را ‪ ،‬و انههدراس نيسههت شههريعتهاى او را و بريههدگى‬
‫نيست شاخهاى او را ‪ ،‬و تنگى نيست راههاى آنرا ‪ ،‬و دشوارى نيست أز براى سهولت‬
‫آن ‪ ،‬و سههياهى نيسههت از بههراى سههفيدى آن ‪ ،‬و كجههى نيسههت أز بههراى اسههتقامت آن و‬
‫اعوجاج نيست از براى چوب آن ‪ ،‬و صعوبت نيست از براى راههاى آن ‪،‬‬

‫و خاموشى نيست چراغهاى آن را ‪ ،‬و تلخى نيست شيريني آنرا ‪.‬‬

‫ق اصهلهاى آنهها را ‪ ،‬و‬ ‫پس آن اسلم ستونهائيسهت كهه ثهابت و محكهم كهرده خهدا در حه ّ‬
‫بغايت مستحكم نموده از براى آنها بنيانهههاى آنههها را ‪ ،‬و نهرهههاى پههر آبيسههت كههه زيههاده‬
‫اسههت آبهههاى چشههمهاى آنههها ‪ ،‬و چراغهائيسههت كههه أفروختههه شههده آتشهههاي آنههها و‬
‫منارههائيست كه هدايت يافته با آنها مسافران آنها ‪ ،‬و علمهائيست كه قصد كرده شده با‬
‫آنها راه روندگان گدوكهاى آنها ‪ ،‬و سرچشمهائيست كه سيراب شده با آنها واردين بآنها‬
‫‪ ،‬گردانيده است خداوند تبارك و تعالى در او غايت رضاى خود را ‪ ،‬و بلندتر ستونهاى‬
‫خود را ‪ ،‬و كوهان طاعت خود را ‪.‬‬
‫پس او است در نزد خدا كه محكم است ركنهاى آن ‪ ،‬و بلند است بنائى آن نورانى است‬
‫دليل آن ‪ ،‬روشن است آتشهاى آن ‪ ،‬عزيز اسهت سهلطنت آن ‪ ،‬بلنهد اسهت منهاره آن ‪ ،‬نها‬
‫يابست معارضه گرى آن ‪ ،‬پس مشّرف و گرامى داريد او را ‪ ،‬و تبعّيت نمائيههد بههآن ‪ ،‬و‬
‫ق او را و بگذاريد او را جائيكه ليق او است ‪.‬‬
‫أدا كنيد بأو ح ّ‬

‫] ‪[ 297‬‬

‫عع‬
‫ععععع عععععع ع عععععع عع عععع ععععع ع ع‬
‫عع ع عع ع ع ع عع ععع‬
‫ععع ع ععع ع ع عع ع ع ع ع‬
‫عععععع‬

‫له عليههه و آلهه حيههن دنها مههن الهّدنيا النقطهاع ‪ ،‬و أقبههل مههن‬
‫ل بعث محّمدا صّلى ا ّ‬
‫نا ّ‬
‫ثّم إ ّ‬
‫طلع ‪ ،‬و أظلمت بهجتها بعههد إشهراق ‪ ،‬و قهامت بأهلههها علهى سهاق ‪ ،‬و خشهن‬ ‫الخرة ال ّ‬
‫منها مهاد ‪ ،‬و أزف منها قياد ‪ ،‬في انقطاع من مّدتها ‪،‬‬

‫و اقهتراب مهن أشهراطها ‪ ،‬و تصهّرم مهن أهلهها ‪ ،‬و انفصهام مهن حلقتهها ‪ ،‬و انتشهار مهن‬
‫له‬
‫شههف مههن عوراتههها ‪ ،‬و قصههر مههن طولههها جعلههه ا ّ‬ ‫سببها ‪ ،‬و عفآء من أعلمههها ‪ ،‬و تك ّ‬
‫سبحانه بلغا لرسالته ‪ ،‬و كرامههة لّمتههه ‪ ،‬و ربيعهها لهههل زمههانه ‪ ،‬و رفعههة لعههوانه ‪ ،‬و‬
‫شرفا لنصاره ‪.‬‬

‫ثّم أنزل عليه الكتاب نورا ل تطفا مصابيحه ‪ ،‬و سراجا ل يخبههو توّقههده و بحههرا ل يههدرك‬
‫ل نهجه ‪ ،‬و شعاعا ل يظلم ضههوئه و فرقانهها ل يخمههد برهههانه ‪ ،‬و‬
‫قعره ‪ ،‬و منهاجا ل يض ّ‬
‫بنيانا ل تهدم أركانه ‪ ،‬و شفآء ل تخشى أسقامه و عّزا ل تهزم أنصاره ‪ ،‬و حّقهها ل تخههذل‬
‫أعوانه ‪.‬‬

‫فهو معدن اليمان و بحبوحته ‪ ،‬و ينابيع العلههم و بحههوره ‪ ،‬و ريههاض العههدل و غههدرانه و‬
‫ق و غيطانه ‪ ،‬و بحر‬ ‫ي السلم و بنيانه ‪ ،‬و أودية الح ّ‬
‫أثاف ّ‬

‫] ‪[ 298‬‬

‫ل ينزفه المستنزفون » المنتزفون خ ل « ‪ ،‬و عيون ل ينضبها الماتحون ‪،‬‬

‫ل نهجههها المسههافرون ‪ ،‬و أعلم ل يعمههى‬


‫و مناهل ل يغيضها الواردون و منههازل ل يضه ّ‬
‫سايرن ‪ ،‬و آكام ل يجوز عنها القاصدون ‪.‬‬
‫عنها ال ّ‬

‫صلحاء ‪ ،‬و دوآء‬‫ج لطرق ال ّ‬‫ل رّيا لعطش العلمآء ‪ ،‬و ربيعا لقلوب الفقهاء ‪ ،‬و محا ّ‬
‫جعله ا ّ‬
‫ليس معه » بعهده خ ل « داء ‪ ،‬و نهورا ليهس معههه ظلمهة و حبل وثيقها عروتههه ‪ ،‬و معقل‬
‫له ‪ ،‬و سلما لمن دخله ‪ ،‬و هدى لمن ائتّم بههه ‪ ،‬و عههذرا لمههن‬ ‫منيعا ذروته ‪ ،‬و عّزا لمن تو ّ‬
‫ج بهه ‪ ،‬و حهامل‬ ‫انتحله ‪ ،‬و برهانا لمن تكّلم به ‪ ،‬و شاهدا لمن خاصم به ‪ ،‬و فلجا لمن حها ّ‬
‫سههم ‪ ،‬و جّنههة لمههن اسههتلم ‪ ،‬و علمهها لمههن‬
‫لمن حمله ‪ ،‬و مطّية لمن أعمله ‪ ،‬و آيههة لمههن تو ّ‬
‫وعى ‪ ،‬و حديثا لمن روى ‪ ،‬و حكما لمن قضى ‪.‬‬

‫ععععع‬

‫سهاق‬ ‫شهّدة قهال تعهالى و التّفهت ال ّ‬‫سهاق ( ال ّ‬‫) الطلع ( الشراف مهن موضهع عهال و ) ال ّ‬
‫بالساق أى اّتصلت آخر شّدة الّدنيا بأّول شّدة الخرة و ) المهاد ( بالكسههر كالمهههد موضههع‬
‫صبي و الفراش و ) قاد ( الّرجل الفرس قودا مههن بههاب قههال و قيههادا بالكسههر و هههو‬ ‫يهّيا لل ّ‬
‫سهوق أن‬ ‫سوق قال الخليل ‪ :‬القود أن يكون الّرجل أمام الّدابهة آخهذا بقيادهها ‪ ،‬و ال ّ‬ ‫نقيض ال ّ‬
‫يكون خلفها ‪ ،‬فان قادها لنفسه قيل ‪ :‬اقتادها ‪ ،‬و المقود بالكسههر الحبههل يقههاد بههه ‪ ،‬و القيههاد‬
‫مثله مثل لحاف و ملحف ‪.‬‬

‫ل أمر يستحى منه و ) الطول ( المتداد يقول طال الشيء‬


‫و ) العورة ( السوءة و ك ّ‬

‫] ‪[ 299‬‬

‫طول بالضّم امتّد و خلف العرض ‪ ،‬و في بعههض النسههخ مههن طولههها وزان عنههب و هههو‬
‫حبل تشّد به قائمة الّدابة أو تشّد و تمسك طرفه و ترسلها ترعى ‪ ،‬و طال طولك و طيلههك‬
‫و طيالك أى عمرك أو مكثك أو غيبتك ‪.‬‬

‫ل نهجههه ( المنهههاج و النهههج وزان فلههس الطريههق الواضههح ‪ ،‬و نهههج‬


‫) و منهاجهها ل يض ه ّ‬
‫ل من باب الفعههال و فههي بعههض النسههخ بصههيغة‬‫الطريق نهجا من باب منع سلكه ‪ ،‬و يض ّ‬
‫المجّرد ‪.‬‬

‫و ) الغدران ( جمع الغدير و هو النهر و ) الثافي ( بفتههح الهمههزة و تشههديد اليههاء كاثههاف‬
‫جمع الثفية بالضّم و بالكسر و هو الحجر يوضع عليه القدر و الثافي الحجار الموضع‬
‫عليها القدر على شكل مثّلث و ) نضب ( الماء نضوبا من بههاب قعههد غههار فههي الرض و‬
‫ينضب بالكسر من باب ضرب لغة ‪.‬‬

‫له بتعهّدى و ل يتعهّدى‬


‫ل ‪ ،‬و غاضههه ا ّ‬
‫و ) غاض ( الماء غيضا من باب سار نضههب و قه ّ‬
‫فالماء مغيض قال الشارح المعتزلي و روى ل يغيضها بالضّم على قول من قال أغضت‬
‫الماء و هي لغة غير مشهورة ‪.‬‬

‫ل ‪ ،‬و قيل ‪ :‬شرفة كالّرابية و هههو مهها اجتمههع مههن الحجههارة فههي‬
‫و ) الكمة ( بالتحريك الت ّ‬
‫مكان واحد ‪ ،‬و رّبما غلظ و الجمع اكم و اكمات مثل قصبة و قصههب و قصههبات و جمههع‬
‫الكم اكام مثل جبل و جبال ‪ ،‬و جمع الكام اكم بضّمتين مثل كتاب و كتب و جمع الكههم‬
‫أكام مثل عنق و أعناق هكذا قال الفيومي ‪.‬‬

‫ضم اسم من الفلج و هههو الظفهر و الفههوز‬


‫جة ( بالفتح جاّدة الطريق و ) الفلج ( بال ّ‬‫و ) المح ّ‬
‫جته أظهرها و ) وعى ( الحههديث وعيهها مهن بهاب وعههد‬ ‫لحّ‬ ‫جته أثبتها ‪ ،‬و أفلج ا ّ‬
‫و فلج بح ّ‬
‫حفظه و جمعه و تدّبره ‪.‬‬

‫ععععععع‬

‫قوله ‪ :‬في انقطاع من مّدتها ظرف لغو متعّلق بقوله أزف و فههي بمعنههى مههع و يحتمههل أن‬
‫يكون ظرفا مستقّرا متعّلقا بمقّدر حال من قياد ‪ ،‬و قوله ‪ :‬نورا بدل من الكتاب ‪ ،‬و قوله ‪:‬‬
‫ل نهجه إن كان من باب الفعال فنهجه منصوب على‬ ‫و منهاجا ل يض ّ‬

‫] ‪[ 300‬‬

‫المفعول و الفاعل ضههمير مسههتكن راجههع إلههى منهاجهها ‪ ،‬و إن كههان بصههيغة المجهّرد فهههو‬
‫مرفوع على الفاعل و اسههناد الفعههل اليههه مههن المجههاز العقلههي أو المصههدر بمعنههى الفاعههل‬
‫ي و السناد حينئذ على حقيقته ‪.‬‬ ‫فمجاز لغو ّ‬

‫عععععع‬

‫سابق فضل السلم و شرفه أردفه بهذا الفصل‬ ‫سلم لّما ذكر في الفصل ال ّ‬
‫اعلم أّنه عليه ال ّ‬
‫و أشار فيه إلى بعثة من جاء بالسلم ‪ ،‬و شرح حال زمان البعثة تنبيها بذلك علههى عظههم‬
‫ل عليه و آله و سّلم من الفوائد العظيمة ‪ ،‬ثّم عّقب بذكر أعظههم‬
‫ما ترّتب على بعثه صّلى ا ّ‬
‫ل به على عباده ببعثه و هو تنزيل الكتاب العزيز و ذلك قوله ‪:‬‬ ‫نعمة أنعم ا ّ‬

‫ق ) حيههن دنهها مههن‬ ‫ل عليه و آله و سّلم ( بالهدى و دين الح ّ‬‫ل بعث محّمدا صّلى ا ّ‬
‫) ثّم إن ا ّ‬
‫ن المراد به قههرب انقطههاع دنيهها كه ّ‬
‫ل‬ ‫الّدنيا النقطاع و أقبل من الخرة الطلع ( الظاهر أ ّ‬
‫اّمة و إقبال آخرتهم بحضور موتهم حسبما عرفت تفصيله فى شرح قههوله ‪ :‬أّمهها بعههد فهها ّ‬
‫ن‬
‫ن الخههرة قههد أقبلههت و أشههرفت بههاطلع ‪ ،‬مههن الخطبههة‬ ‫الّدنيا قد أدبرت و آذنت بوداع و أ ّ‬
‫الثامنة و العشرين ‪.‬‬

‫و يحتمل أن يراد به قرب زوالها بالكّلية و إشراف الخرة و القيامة الكبرى بناء علههى أ ّ‬
‫ن‬
‫ما مّر من عمر الّدنيا أكثر مّما بقى ‪ ،‬و يعضده بعض الخبار ‪.‬‬

‫ي ابن الحسين‬
‫مثل ما رواه في البحار من البرسي في مشارق النوار عن الثمالي عن عل ّ‬
‫ل خلق محّمدا و علّيا و الطّيبين من ذرّيتهما مهن نههور عظمتههه و‬
‫نا ّ‬
‫سلم قال ‪ :‬إ ّ‬
‫عليهما ال ّ‬
‫له لقههد‬
‫ل لم يخلههق خلقهها سههواكم بلههى و ا ّ‬
‫نا ّ‬
‫نإّ‬‫أقامهم أشباحا قبل المخلوقات ‪ ،‬ثّم قال الظ ّ‬
‫ل في آخر تلك العوالم ‪.‬‬ ‫ل ألف ألف آدم و ألف ألف عالم و أنت و ا ّ‬ ‫خلق ا ّ‬

‫ن موسى سأل‬ ‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬إ ّ‬


‫ل صّلى ا ّ‬
‫و فيه أيضا من جامع الخبار قال رسول ا ّ‬
‫ل إلى موسههى تسههألني‬ ‫ل عّز و ج ّ‬
‫ل أن يعّرفه بدء الّدنيا منذكم خلقت فأوحى ا ّ‬
‫رّبه عّز و ج ّ‬
‫ب أن أعلم ذلك ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا موسى خلقههت ال هّدنيا منههذ‬ ‫ب أح ّ‬
‫عن غوامض علمي فقال ‪ :‬يا ر ّ‬
‫مأة ألف ألف عام عشر مرات و كانت خرابا خمسين ألف عهام ‪ ،‬ثهّم بهدءت فهي عمارتهها‬
‫فعمرتها خمسين ألف عام ‪ ،‬ثّم خلقت فيها خلقا على مثال البقر ياكلون رزقى‬

‫] ‪[ 301‬‬

‫و يعبدون غيرى خمسين ألف عام ‪ ،‬ثّم امّتهم كّلهههم فههي سهاعة واحههدة ‪ ،‬ثهّم خربههت الهّدنيا‬
‫خمسين ألف عام ‪ ،‬ثّم بدءت في عمارتها فمكثت عامرة خمسين ألف عام ‪ ،‬ثّم خلقت فيههها‬
‫بحرا فمكث البحر خمسين ألف عام ل شيء مجاجا من الّدنيا يشههرب ‪ ،‬ث هّم خلقههت داّبههة و‬
‫سّلطتها على ذلك البحر فشربه بنفس واحد ‪ ،‬ثّم خلقت خلقهها أصههغر مههن الّزنبههور و أكههبر‬
‫ق فسّلطت ذلك الخلق على هذه الّداّبة فلدغها و قتلها ‪ ،‬فمكثت الّدنيا خرابهها خمسههين‬ ‫من الب ّ‬
‫ألف عام ‪ ،‬ثّم بدءت في عمارتها فمكثت خمسين ألف سههنة ‪ ،‬ثهّم جعلههت الهّدنيا كّلههها آجههام‬
‫سلحف و سّلطتها عليها فأكلتها حّتى لم يبق منههها شههيء ‪ ،‬ث هّم أهلكتههها‬ ‫القصب و خلقت ال ّ‬
‫في ساعة واحدة فمكثت الّدنيا خرابا خمسين ألههف عههام ‪ ،‬ثهّم بههدءت فههي عمارتههها فمكثههت‬
‫عامرة خمسين ألف عام ‪ ،‬ثّم خلقت ثلثين آدم ثلثين ألف سنة من آدم إلى آدم ألف سنة ‪،‬‬
‫ضههة البيضههاء ‪ ،‬و‬ ‫فأفنيتهم كّلهم بقضائي و قدرى ‪ ،‬ثّم خلقت فيها ألف ألههف مدينههة مههن الف ّ‬
‫ل مدينة مأة ألف ألف قصهر مهن الهّذهب الحمهر ‪ ،‬فملئت المهدن خهردل عنهد‬ ‫خلقت في ك ّ‬
‫الهواء يومئذ ألّذ من الشهد و أحلى من العسل و أبيض من الثلج ‪ ،‬ثّم خلقت طيرا أعمى و‬
‫ل ألف سنة حّبة من الخردل أكلها كّلها حّتى فنيت ‪ ،‬ثّم خّربتها فمكثت‬ ‫جعلت طعامه في ك ّ‬
‫خرابا خمسين ألف عام ثّم بدءت في عمارتها فمكثت عامرة خمسين ألف عام ‪ ،‬ثّم خلقههت‬
‫أباك آدم بيدى يوم الجمعة وقت الظهر و لم أخلق من الطين غيره ‪ ،‬و أخرجت من صلبه‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪.‬‬
‫ي محّمدا صّلى ا ّ‬‫النب ّ‬

‫و هذان الخبران كما ترى يعضدان ما ذكرناه من كون الغابر من الّدنيا أكثر من الباقي ‪.‬‬

‫لكن العلمة المجلسي » قد « قال في المجّلد التاسع من البحار بعد ايراد رواية البرسههي ‪:‬‬
‫ل أعتمد على ما تفّرد بنقله ‪ ،‬و قال في المجّلد الّرابع عشر بعد روايههة الخههبر الثههاني مههن‬
‫جامع الخبار ‪ :‬هذه من روايات المخالفين أوردها صاحب الجامع فأوردتههها و لههم أعتمههد‬
‫عليها ‪.‬‬

‫فعلى ذلك ل يمكن التعويل عليهما مع منافاتهما لما رواه المحّدث الجزائرى‬
‫] ‪[ 302‬‬

‫ن عمر الّدنيا مأة ألف سنة يكون منها عشرون ألف‬ ‫فى النوار عن ابن طاووس » ره « أ ّ‬
‫له‬
‫سنة ملك جميع أهل الّدنيا ‪ ،‬و يكون ثمانون ألف سنة منها مهّدة ملههك آل محّمههد صهّلى ا ّ‬
‫سلم هذا ‪.‬‬‫ل و الّراسخون فى العلم عليهم ال ّ‬‫عليه و آله و سّلم و الولى رّد علم ذلك إلى ا ّ‬

‫ل عليههه و‬‫و قوله ) و أظلمت بهجتها بعد اشراق ( أراد به أّنه سبحانه بعث محّمدا صّلى ا ّ‬
‫آله و سّلم على حين فترة من الّرسل بعد ما كانت الّدنيا مبتهجة بوجودهم مشههرقة مضههيئة‬
‫بأنوار هههدايتهم ‪ ،‬فههأظلمت بهجتههها أى ذهههب حسههنها و نضههارتها بطههول زمههان الفههترة و‬
‫تمادى مّدة الغفلة و الضللة ‪.‬‬

‫) و قامت بأهلها على ساق ( قد مضى تحقيق معنى هذه الجملة في شرح الخطبة المههأة و‬
‫صل المراد بلوغها حين بعثته إلى غاية الشّدة بأهلههها‬ ‫الثامنة و الثلثين فليراجع ثّمة و مح ّ‬
‫ضههر و الحههروب و القتههل و الغههارة و‬ ‫لما كانت عليه العرب حينئذ من ضههيق العيههش و ال ّ‬
‫سادسههة و‬ ‫سههلم فههي الخطبههة ال ّ‬
‫إثارة الفتههن و تهييههج الشههرور و المفاسههد كمهها قههال عليههه ال ّ‬
‫ل عليههه و آلههه و سهّلم نههذيرا للعههالمين و أمينهها علههى‬ ‫ل بعث محّمدا صّلى ا ّ‬ ‫نا ّ‬‫العشرين ‪ :‬إ ّ‬
‫التنزيل ‪ ،‬و أنتم معشر العرب على شّر دين و فى شّر دار منيخون بيههن حجههارة خشههن و‬
‫حيات صّم ‪ ،‬تشربون الكدر ‪ ،‬و تأكلون الجشب ‪،‬‬

‫و تسفكون دمائكم و تقطعون أرحامكم آه ‪.‬‬

‫) و خشن منها مهاد ( كناية عن عدم الستقرار بها و فقدان طيب العيش و الّراحة ‪،‬‬

‫ن ذلك إّنما يتّم بانتظام الشرايع و ثبات قوانين العدل و يرتفع بارتفاعها ‪.‬‬
‫لّ‬

‫) و أزف منها قياد ( أى قرب منها اقتياد أهلها و تعريضهم بالهلك و الفناء ‪ ،‬أو انقيادها‬
‫بنفسها للعدم و الّزوال ‪ ،‬و الثاني أظهر بملحظة الظروف اّلتي بعدها أعني قوله ‪.‬‬

‫) في انقطاع من مّدتها ( و انخراطها في سلك العدم ‪.‬‬

‫) و اقتراب من أشراطها ( أي آياتها و علماتها الّداّلة على زوالها ‪ ،‬و المراد بها أشههراط‬
‫سههاعة أن تههأتيهم بغتههة فقههد جههاء‬
‫ل ال ّ‬
‫ساعة اّلتي اشير اليها في قوله تعالى فهل ينظرون ا ّ‬ ‫ال ّ‬
‫سههماء بههدخان مههبين ‪.‬‬‫ن بها و قههوله يههوم تههأتي ال ّ‬
‫أشراطها و قوله اّنه لعلم للساعة فل تمتر ّ‬
‫يغشي الّناس هذا عذاب اليم ‪.‬‬

‫] ‪[ 303‬‬
‫ساعة لوقوعها في الّدنيا مع أّنها كما‬ ‫و اّنما جعلها من أشراط الّدنيا مع كونها من أشراط ال ّ‬
‫ل على انقطههاع الهّدنيا و تمامههها ‪ ،‬فتكههون أشههراطا لهمهها معهها ‪ ،‬و‬
‫تدلّ على قرب القيامة تد ّ‬
‫مضى تفصيل هذه الشراط في شرح الخطبة المأة و التاسعة و الثمانين ‪.‬‬

‫ساعة ‪ :‬أّول اليات الّدخان و نزول عيسى و نههار‬


‫و روى في الصافي في حديث أشراط ال ّ‬
‫تخرج من قعر عدن ابين تسوق الّناس إلى المحشر ‪.‬‬

‫له عليههه و آلههه و سهّلم أّنههه قههال ‪:‬‬ ‫و فى البحار من مجمع البيان و روى عن الّنبي صهّلى ا ّ‬
‫جال ‪ ،‬و ال هّدخان ‪ ،‬و‬ ‫بادروا بالعمال سّتا ‪ :‬طلوع الشمس من مغربههها ‪ ،‬و الّداّبههة ‪ ،‬و ال هّد ّ‬
‫خويصة أحدكم أى موته ‪ ،‬و أمر العاّمة يعني القيامة ‪.‬‬

‫) و تصّرم من أهلها ( أى انقطاع منهم ) و انفصههام مههن حلقتههها ( أى انكسههار و انههدراس‬


‫من نظام أهلها و اجتماعهم على الشريعة و الّدين ) و انتشار مههن سههببها ( أى تف هّرق مههن‬
‫حبلها و ربقتها المشدودة بها رقاب أهلها و هو حبل السلم ‪.‬‬

‫) و عفههاء مههن اعلمههها ( أى دروس منههها و هههو كنايههة عههن فقههدان النبيههاء و العلمههاء‬
‫ضللة ‪.‬‬‫صالحين الذين يهتدى بهم في ظلمات الجهالة و يستضاء بأنوارهم في بوادى ال ّ‬ ‫ال ّ‬

‫شف من عوراتها ( أى ظهور من معايبها و مساويها اّلتي كهانت مسهتورة بحجهاب‬‫) و تك ّ‬


‫الشرايع و استار السلم ‪.‬‬

‫) و قصر من طولها ( أى من تماديههها و امتههدادها أو المههراد قصههر عمرههها علههى روايههة‬


‫طاء و فتح الواو ‪.‬‬
‫طول بكسر ال ّ‬

‫له عليههه و آلههه و شههرحها و‬


‫و تعديد هذه الحالت اّلتي كان عليها الّناس حين بعثه صّلى ا ّ‬
‫ل تعالى بههه علههى‬
‫نا ّ‬
‫ن بعثه في مثل تلك الحالت أعظم من م ّ‬ ‫بسطها تذكيرا للمخاطبين بأ ّ‬
‫عباده ‪ ،‬ليؤّد السامعون بتذّكره و ذكههراه وظههايف شههكر تلههك النعمههة العظمههى ‪ ،‬و يقومههوا‬
‫ضلل ‪،‬‬ ‫ل عليه و آله من ورطات الكفر و ال ّ‬ ‫بمراسم حمده حيث أنقذهم ببعثه سلم ا ّ‬

‫و أنجاهم من العقاب و الوبال ‪.‬‬

‫ل سبحانه بلغا لرسالته ( أى تبليغا لها كما في قوله تعههالى و مهها علههى الّرسههول‬‫) جعله ا ّ‬
‫ل أداء الّرسالة و بيان الشريعة أو كفاية لها كما في قوله‬
‫ل البلغ أى إ ّ‬
‫اّ‬

‫] ‪[ 304‬‬

‫تعالى في وصف القرآن هذا بلغ للّناس و لينذروا به أى موعظة بالغة كافية ‪،‬‬
‫ل مبّلغا للرسالة‬
‫و على المعنيين فل بد من جعل المصدر بمعنى الفاعل أى جعله عّز و ج ّ‬
‫ل عليه و آله خههاتم‬
‫أو كافيا لها أى غير محتاج معه إلى رسول آخر ‪ ،‬و لذلك كان صّلى ا ّ‬
‫الّنبوة ‪.‬‬

‫له‬
‫ل بجعله رسول لهههم و جعلهههم اّمههة لههه صهّلى ا ّ‬
‫) و كرامة لّمته ( أى أكرمهم عّز و ج ّ‬
‫ضلهم بذلك على ساير المم ‪.‬‬
‫عليه و آله و ف ّ‬

‫) و ربيعا لهل زمانه ( تشبيهه بالّربيع إّما من أجل ابتهاجهم ببهجة جمههاله و بههديع مثههاله‬
‫ن أهههل زمههانه قههد خرجههوا‬ ‫كما يبتهج الّناس بالّربيع و نضراته و طراوته ‪ ،‬أو مههن أجههل أ ّ‬
‫ن النههاس يخرجههون فههي‬ ‫بوجوده الشريف من ضنك المعيشة إلههى الّرخهها و السههعة ‪ ،‬كمهها أ ّ‬
‫الّربيع من جدب الشتاء و ضيق عيشها إلى الّدعة و الرفاهة ‪.‬‬

‫ل ه كمهها فههي الفقههرة‬


‫) و رفعة لعوانه و شرفا لنصاره ( يحتمل رجوع الضميرين الههى ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم كما في الفقرتيهن الخيرتيهن ‪ ،‬و علهى أ ّ‬
‫ى‬ ‫الولى و إلى محّمد صّلى ا ّ‬
‫ل عليه و آله و‬ ‫تقدير فالمراد بالعوان و النصار المسلمون أّما كونهم أنصارا له صّلى ا ّ‬
‫ل علههى الحتمههال الول فلكههونهم‬ ‫ل عهّز و جه ّ‬
‫سّلم فواضح ‪ ،‬و أّما جعلهم أنصارا و عونا ّ‬
‫ل و أعوان رسوله ‪ ،‬أضافهما إليه تعالى تشريفا و تكريما ‪.‬‬ ‫أنصار دين ا ّ‬

‫ل تعالى المسهلمين و رفهع شهأنهم فهى الهّدنيا و الخهرة بمتهابعتهم‬


‫و كيف كان فقد شرف ا ّ‬
‫له تعهالى و عهّذبهم عهذابا‬
‫لرسوله و معاونتهم له و سّلطهم على محاّديه و جاحديه لعنهم ا ّ‬
‫أليما ‪ ،‬هذا ‪.‬‬

‫ل عليه و آله و أشار إلى بعض فوايد بعثه أردفه بذكر أعظم‬
‫و لّما ذكر بعثة الّنبي صّلى ا ّ‬
‫معجزات الّنبوة و هو الكتاب العزيز ‪ ،‬و أشار إلى جملة من أوصافه و مزاياه تنبيها على‬
‫علّو قدره و عّزة شأنه فقال ‪:‬‬

‫) ثّم أنزل عليه الكتاب ( و عّد به اثنين و أربعين منقبة ‪.‬‬

‫أولها كونه ) نورا ل تطفى مصابيحه ( أّما أّنه نور فلهتداء الّناس به من ظلمات الجهههل‬
‫ن هذا القرآن يهدى لّلتي هي أقوم‬
‫كما يهتدى بالنور المحسوس في ظلمة الّليل قال تعالى إ ّ‬
‫و أّما مصابيحه فاستعارة لطرق الهتداء و فنون العلوم اّلتي تضّمنها القرآن ‪.‬‬

‫] ‪[ 305‬‬

‫) و ( الثانية كونه ) سراجا ل يخبو توقده ( أّما أّنه سراجا فلما مّر آنفا ‪،‬‬

‫و أّما ‪ ،‬أّنه ل يخبو توّقده فالمراد به عدم انقطاع اهتداء الّناس به و استضاءتهم بنوره ‪.‬‬
‫) و ( الثالثة كونه ) بحرا ل يدرك قعره ( استعارة البحر له باعتبار اشتماله على النكههات‬
‫البديعة و السرار الخفّية و دقهايق العلهوم اّلهتي ل يهدركها بعهد الهمهم و ل ينالهها غهوص‬
‫الفطن كما ل يدرك الغائص قعر البحر العميق ‪.‬‬

‫قل‬
‫ل نهجهه ( أى طريقها واضهحا مسهتقيما إلهى الحه ّ‬
‫) و ( الرابعة كونه ) منهاجا ل يضه ّ‬
‫ل سلوكه ‪.‬‬
‫ل سالكه أو ل يض ّ‬ ‫يض ّ‬

‫ك و ريب أى ل يشههوبه‬ ‫) و ( الخامسة كونه ) شعاعا ل يظلم ضوءه ( أى حّقا ل يدانيه ش ّ‬


‫ظلمة الباطل فيغطيه و يسهتره كمها قهال تعههالى ذلهك الكتهاب ل ريهب فيههه و قهال ل يههأتيه‬
‫الباطل من بين يديه و ل من خلفه تنزيل من حكيم حميد ‪.‬‬

‫ن الباطل الشيطان و معناه ل يقدر الشيطان أن ينقص منههه حقّهها أو‬


‫قال الطبرسي ‪ :‬قيل ‪ :‬إ ّ‬
‫يزيد فيه باطل ‪ ،‬و قيل ‪ :‬ل يأتيه الباطل من جهة من الجهات فل تناقض في ألفاظه ‪.‬‬

‫و ل كذب في اخباره و ل يعارض و ل يزاد فيهه و ل يغّيههر بههل ههو محفههوظ حجهة علههى‬
‫المكّلفين إلى يوم القيامة ‪ ،‬و يؤّيده قوله تعالى اّنا نحن نّزلنا الّذكر و اّنا له لحافظون ‪.‬‬

‫ق و الباطههل و فاصههل‬
‫) و ( السادسة كونه ) فرقانا ل يخمد برهههانه ( أى فارقهها بيههن الح ه ّ‬
‫بينهما ل ينتفي براهينه الجلّية و بّيناته اّلتي بها يفرق بينهما كما قال تعالى اّنه لقول فصل‬
‫و ما هو بالهزل و قال هدى للّناس و بّينات من الهدى و الفرقان ‪.‬‬

‫) و ( السههابعة كههونه ) بنيانهها ل تهههدم أركههانه ( شهّبهه ببنيههان مرصههوص وثيههق الركههان‬
‫فاستعار له لفظه و الجامع انتظام الجزاء و اّتصههال بعضههها ببعههض ‪ ،‬و قههوله ‪ :‬ل تهههدم‬
‫أركانه ‪،‬‬

‫ن البنيان الوثيق كما أّنه مأمون من الّتهافت و الهدم‬


‫ترشيح للستعارة ‪ ،‬و فيه إشارة إلى أ ّ‬
‫و النفراج فكذلك الكتاب العزيز محفوظ من طرّو النقص و الخلل و الندراس ‪.‬‬

‫) و ( الثامنة كونه ) شفاء ل تخشى أسقامه ( يعني اّنه شفاء للبدان و الرواح ‪.‬‬

‫ص أكهثر اليهات‬
‫أّما البدان فبالتجربة و العيان مضهافا إلههى الحهاديث الهواردة فههي خهوا ّ‬
‫المفيدة للستشفاء و التعويذ بها ‪.‬‬

‫] ‪[ 306‬‬

‫سلم قال ‪:‬‬


‫ل عن آبائه عليهم ال ّ‬
‫سكوني عن أبي عبد ا ّ‬
‫مثل ما في الكافي باسناده عن ال ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم وجعا في صدره فقال ‪ :‬استشف بههالقرآن‬
‫شكى رجل إلى الّنبي صّلى ا ّ‬
‫صدور ‪.‬‬‫ل يقول ‪ :‬و شفاء لما في ال ّ‬
‫ل عّز و ج ّ‬
‫نا ّ‬
‫فا ّ‬

‫سلم يقول ‪ :‬من لههم يههبرءه الحمههد لههم‬


‫و عن سلمة بن محّرز قال ‪ :‬سمعت أبا جعفر عليه ال ّ‬
‫يبرءه شيء ‪.‬‬

‫سلم يقول ‪ :‬من قههرء آيههة الكرسههي‬‫و عن إبراهيم مهزم عن رجل سمع أبا الحسن عليه ال ّ‬
‫ل فريضة لم يضّره ذوحمة ‪.‬‬ ‫ل ‪ ،‬و من قرءها في دبر ك ّ‬ ‫عند منامه لم يخف الفالج انشاء ا ّ‬

‫له عليههه و آلههه و سهّلم قهال‬


‫ن الّنبي صهّلى ا ّ‬
‫و فى مجمع البيان من كتاب العياشي باسناده ا ّ‬
‫ل في كتههابه ؟ قههال ‪ :‬فقههال‬‫ل النصارى ‪ :‬أل اعلمك أفضل سورة أنزلها ا ّ‬ ‫لجابر بن عبد ا ّ‬
‫له جابر ‪:‬‬

‫ل عّلمنيها ‪ ،‬قال ‪ :‬فعّلمه الحمد أّم الكتاب ‪ ،‬ثّم قال ‪:‬‬


‫بلى بأبى أنت و أّمي يا رسول ا ّ‬

‫يا جابر أل اخبرك عنها ؟ قال ‪ :‬بلى بأبى أنت و اّمى فأخبرني ‪ ،‬فقال ‪ :‬هى شفاء من ك ه ّ‬
‫ل‬
‫سام الموت ‪ ،‬إلى غير هذه مّما ل حاجة إلى ايرادها ‪.‬‬‫سام ‪ ،‬و ال ّ‬
‫ل ال ّ‬
‫داء إ ّ‬

‫و أّما الرواح فلّنه بما تضّمنه من فنون العلوم شفاء لمراض الجهل ‪.‬‬

‫ل شههك و‬
‫فقد ظهر بذلك كونه شفاء للبدان من الوجاع و السقام ‪ ،‬و شفاء للقلوب من ك ه ّ‬
‫ريب و شبهة ‪ ،‬و يصدق ذلك قوله تعالى في سورة السههجدة قههل ههو لّلههذين آمنههوا ههدى و‬
‫شفاء و في سورة بني اسرائيل و ننّزل من القرآن ما هو شفاء و رحمة للمؤمنين ‪.‬‬

‫ل خسارًا ‪.‬‬
‫و ل يزيد الظالمين ا ّ‬

‫شفاء فيه من وجوه ‪:‬‬


‫قال أمين السلم الطبرسي وجه ال ّ‬

‫ك‪.‬‬
‫منها ما فيه من البيان اّلذى يزيل عمى الجهل و حيرة الش ّ‬

‫ل علهى صهدق‬ ‫و منها ما فيه من النظم و التأليف و الفصاحة البالغة حّد العجاز اّلهذى يهد ّ‬
‫ك و العمى في‬
‫ل عليه و آله و سّلم فهو من هذه الجهة شفاء من الجهل و الش ّ‬ ‫الّنبي صّلى ا ّ‬
‫الّدين و يكون شفاء للقلوب ‪.‬‬

‫ل به كهثيرا‬
‫و منها أّنه يتبّرك به و بقراءته و يستعان به على دفع العلل و السقام و يدفع ا ّ‬
‫من المكاره و المضاّر على ما يقتضيه الحكمة ‪.‬‬

‫و منها ما فيه من أّدلة التوحيد و العدل و بيان الشرايع فهو شفاء للّناس في دنياهم‬
‫] ‪[ 307‬‬

‫صههم بهذلك لّنههم المنتفعهون بهه ‪،‬‬


‫و آخرتهم ‪ ،‬و رحمة للمؤمنين أى نعمة لهم ‪ ،‬و إّنما خ ّ‬
‫انتهى ‪.‬‬

‫ن الكمالت النفسههانية الحاصههلة‬


‫صل من ذلك أّنه شفاء ل يخاف أن يعقب سقما ‪ ،‬ل ّ‬ ‫فقد تح ّ‬
‫من قراءته و تفّكره و تدّبر آياته تصير ملكات راسخة ل تتبّدل بأضدادها و ل تتغّير ‪.‬‬

‫) و ( التاسعة كونه ) عزا ل تهزم أنصاره ( أى ل تغلب و ل تقهر ‪.‬‬

‫) و ( العاشرة كونه ) حّقا ل تخذل أعوانه ( و المههراد بههأعوانه و أنصههاره هههم المسههلمون‬
‫له‬
‫ص قوله تعالى لن يجعل ا ّ‬ ‫العارفون بحّقه العاملون بأحكامه و عدم هزمهم و خذلنهم ن ّ‬
‫ل‪.‬‬‫للكافرين على المؤمنين سبي ً‬

‫قال في مجمع البيان فيه أقوال ‪:‬‬

‫ل لليهود على المؤمنين نصرا و ل ظهورا ‪.‬‬


‫ن المراد لن يجعل ا ّ‬
‫أحدها أ ّ‬

‫جة و إن جاز أن يغلبوهم بالقّوة ‪،‬‬


‫ل للكافرين على المؤمنين سبيل بالح ّ‬‫و قيل ‪ :‬لن يجعل ا ّ‬
‫جة ‪.‬‬
‫لكن المؤمنين منصورون بالّدللة و الح ّ‬

‫ل يحكم بينهم يوم‬ ‫و قيل ‪ :‬لن يجعل لهم في الخرة عليهم سبيل لّنه مذكور عقيب قوله فا ّ‬
‫ل سبحانه أّنه إن يثبت لهم سبيل على المههؤمنين فههي ال هّدنيا بالقتههل و القهههر و‬
‫القيامة بّين ا ّ‬
‫النهب و السر و غير ذلك من وجوه الغلبة فلن يجعل لهم يوم القيامة عليهم سبيل ‪.‬‬

‫و الحادية عشر ما أشار إليه بقوله ) فهو معدن اليمان و بحبوحته ( ‪.‬‬

‫ضهة و‬‫ن المعهدن عبهارة عهن منبهت الجهوهر مهن ذههب و ف ّ‬ ‫أّمها أّنهه معهدن اليمهان ‪ ،‬فل ّ‬
‫ل و رسوله جوهرا نفيسا ل جههوهر أنفههس منههه و ل أغلههى‬
‫نحوهما ‪ ،‬و لّما كان اليمان با ّ‬
‫عند ذوى العقول ‪ ،‬و كان يستفاد من القرآن و يستخرج منه جعله معدنا له ‪.‬‬

‫ن اليمان بجميع أجزائه و شرايطه و مراسمه يدور عليههه‬


‫و أّما أّنه بحبوحته و وسطه فل ّ‬
‫‪ ،‬فهو بمنزلة القطب و المركز لدائرة اليمان كما هو ظاهر ‪.‬‬

‫) و ( الثانية عشر أّنه ) ينابيع العلم و بحوره (‬

‫] ‪[ 308‬‬
‫ن العلوم بجميع أقسامه منه تفيض كالعيون الجارية منها الماء ‪.‬‬
‫أّما أّنه ينابيع العلم فل ّ‬

‫و أّما أّنه بحوره فلحتوائه بفنون العلم كاحتواء البحر بمعظم الماء ) و ( الثالثة عشر أّنههه‬
‫) رياض العدل و غدرانه ( ‪.‬‬

‫ن الّرياض عبارة عن مجامع الّنبات و الّزهر و الّرياحين اّلههتي‬ ‫أّما كونه رياض العدل فل ّ‬
‫تبتهج النفوس بخضرتها و نضرتها ‪ ،‬و تستلّذ الطباع بحسنها و بهجتها كما قههال تعههالى و‬
‫حدائق ذات بهجة فشّبه الّتكاليف الشرعّية المجعولة عن وجه العههدل و الحكمههة بههالّزهر و‬
‫النبات الحسن ليجابههها لهّذة البههد و جعههل الكتههاب العزيههز رياضهها لههها لجتماعههها فيههه و‬
‫استنباطها منه ‪.‬‬

‫ن الغدير عبارة عن مجمع الماء فشّبه الحكام العدلّية بالمههاء‬ ‫و أّما كونه غدران العدل فل ّ‬
‫ن بالماء حياة البدان و جعله غديرا لجامعّيته لها ‪.‬‬
‫لما فيها من حياة الرواح كما أ ّ‬

‫ن الثافي عبارة عههن‬ ‫ي السلم و بنيانه ( لما قد عرفت من أ ّ‬ ‫) و ( الرابعة عشر أّنه ) أثاف ّ‬
‫الحجار اّلتي عليها القدر ‪ ،‬فجعله أثافى للسلم لسههتقراره و ثبههاته عليههه مثههل اسههتقرار‬
‫القدر على الثافي ‪.‬‬

‫و بهذا العتبار أيضا جعل الصلة و الّزكاة و الولية أثافية في حديث البحار من الكههافي‬
‫سلم قال ‪ :‬أثهافي السههلم ثلثهة ‪ :‬الصهلة ‪ ،‬و الزكهاة ‪ ،‬و الوليهة ل‬‫صادق عليه ال ّ‬
‫عن ال ّ‬
‫ل بصاحبتها ‪.‬‬
‫نإ ّ‬‫ح واحدة منه ّ‬
‫تص ّ‬

‫ل على اشههتراط قبههول‬‫ي ‪ :‬و إّنما اقتصر عليها لنها أهّم الجزاء و يد ّ‬
‫لمة المجلس ّ‬
‫قال الع ّ‬
‫حة الخريين ‪.‬‬ ‫كلّ منها بالخرين ‪ ،‬و ل ريب في كون الولية شرطا لص ّ‬

‫ق إّنما يجده في هذه‬


‫ن طالب الح ّ‬
‫ق و غيطانه ( يعني أ ّ‬‫) و ( الخامسة عشر أّنه ) أودية الح ّ‬
‫الودية و الراضى المطمئنة قال الشارح البحراني ‪ :‬و الّلفظان مستعاران باعتبار كههونه‬
‫ن الكلء و الماء ‪.‬‬
‫ن الودية و الغيطان مظا ّ‬‫ق و مظّنة له ‪ ،‬كما أ ّ‬
‫معدنا للح ّ‬

‫) و ( السادسة عشر أّنه ) بحر ل ينزفه المستنزفون ( أى ل ينزحه كّله و ل يفنيه‬

‫] ‪[ 309‬‬

‫ن فيه علم مهها كههان و مهها‬


‫المستقون ‪ ،‬و هو إشارة إلى عدم انتهاء العلوم المستفادة منه ‪ ،‬فا ّ‬
‫سهابع عشهر مهن‬ ‫يكون و ما هو كائن إلى يوم القيامة حسهبما عرفهت فهي شهرح الفصهل ال ّ‬
‫الخطبة الولى ‪.‬‬
‫) و ( السابعة عشر أّنه ) عيون ل ينضبها الماتحون ( أى ل يغّيرها المستسقون ‪.‬‬

‫) و ( الثامنههة عشههر أّنههه ) مناهههل ل يغيضههها الههواردون ( أى مشههارب ل ينقههص مائههها‬


‫الواردون على كثرة ورودهم عليها ‪.‬‬

‫سههالكين‬
‫ل نهجها المسافرون ( يعنههي أّنههه منههازل ال ّ‬
‫) و ( التاسعة عشر أّنه ) منازل ل يض ّ‬
‫ل مسافروه منهاج تلك المنازل لكونه واضحا جلّيهها و جههاّدة مسههتقيمة ) و (‬ ‫ل ل يض ّ‬ ‫إلى ا ّ‬
‫سائرون ( لستنارتها و اضاءتها ‪.‬‬ ‫العشرون أّنه ) أعلم ل يعمى عنها ال ّ‬

‫شههارح البحرانههي ‪:‬‬


‫) و ( الحادية و العشرون أّنه ) آكام ل يجوز عنها القاصدون ( قههال ال ّ‬
‫استعار لفظ العلم و الكام للدّلة و المارات فيه علههى طريههق إلههى معرفتههه و احكههامه‬
‫طرق ‪.‬‬ ‫باعتبار كونها هادية إليها كما تهدى العلم و الجبال على ال ّ‬

‫ل تعالى رّيا لعطش العلماء ( ش هّبه ش هّدة اشههتياق نفههوس‬ ‫و الثانية و العشرون أّنه ) جعله ا ّ‬
‫ن الكتههاب‬
‫العلماء و حرصهم على المعههارف الحّقههة اللهّيههة بعطههش العطههاش ‪ ،‬و حيههث إ ّ‬
‫العزيز كان رافعا لغللهم جعله مروّيا لهم كما يروى الماء الغليل ‪.‬‬

‫) و ( الثالثة و العشرون أّنه جعله سبحانه ) ربيعا لقلوب الفقهههاء ( لبتهههاج قلههوبهم بههه و‬
‫استلذاذهم منه كما يبتهج الّناس بالّربيع ‪.‬‬

‫ج لطرق الصلحاء ( أى جواد واضحة مستقيمة‬ ‫) و ( الرابعة و العشرون أّنه جعله ) محا ّ‬
‫ل عوج فيها و ل خفاء ‪ ،‬لّنه يهدى لّلتي هي أقوم ‪.‬‬

‫) و ( الخامسة و العشههرون أّنههه جعلههه ) دواء ليههس معههه داء ( حسههبما عرفتههه فههي شههرح‬
‫قوله ‪ :‬و شفاء ل تخشى أسقامه ‪.‬‬

‫) و ( السادسة و العشرون أّنه جعله ) نههورا ليههس معههه ظلمههة ( أى حّقهها ل يشههوبه باطههل‬
‫حسبما عرفته في شرح قوله ‪ ،‬و شعاعا ل يظلم نوره ‪.‬‬

‫] ‪[ 310‬‬

‫سههلم ‪ :‬كههان فههي وصهّية‬


‫ل عليه ال ّ‬
‫و فى الكافى باسناده عن أبى جميلة قال ‪ :‬قال أبو عبد ا ّ‬
‫ن هذا القرآن هدى النهار و نور الّليل المظلم علههى‬ ‫سلم أصحابه ‪ :‬إ ّ‬‫أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫ما كان من جهد وفاقة ‪.‬‬
‫ن هذا القرآن فيه منار الهدى و‬ ‫سلم قال ‪ :‬إ ّ‬
‫ل عليه ال ّ‬
‫و فيه عن طلحة بن زيد عن أبيعبد ا ّ‬
‫ن الّتفّكر حياة قلب البصير كمهها‬‫مصابيح الّدجى فليجل جال بصره و يفتح للضياء نظره فا ّ‬
‫ظلمات بالنور ‪.‬‬
‫يمشي المستنير في ال ّ‬

‫) و ( السابعة و العشرون أّنه جعلههه ) حبل وثيقهها عروتههه ( ل يخشههى مههن انفصههامه مههن‬
‫سك به و اّتبع بأحكامه نجا و من تركه هلك ‪.‬‬‫تم ّ‬

‫) و ( الثامنة و العشرون أّنه جعله ) معقل منيعا ذروته ( أى ملجأ و حصنا حصينا يمنههع‬
‫الملتجى إليه من أن يناله المكروه و سوء العذاب ‪.‬‬

‫له ( يعني مههن اّتخهذه ولّيها و ألقههى إليههه‬


‫) و ( التاسعة و العشرون أّنه جعله ) عّزا لمن تو ّ‬
‫أزّمة اموره و عمل بأوامره و نواهيه فهو عّزة له في الّدارين ‪.‬‬

‫ل ) سلما لمن دخله ( قال الشارح البحراني أى أمنهها ‪ ،‬و‬


‫) و ( الثلثون أّنه جعله عّز و ج ّ‬
‫له و‬
‫دخوله الخوض في تدّبر مقاصده و اقتباسها و بذلك العتبار يكون مأمنا من عذاب ا ّ‬
‫سلم باعتبار عدم‬‫شبهات اّلتي هي مهاوى الهلك ‪ ،‬و قيل ‪ :‬استعار لفظ ال ّ‬ ‫من الوقوع في ال ّ‬
‫اذاه لمن دخله فهو كالمسالم له ‪.‬‬

‫) و ( الحادية و الثلثون أّنه جعله ) هدى لمن ائتّم به ( و هو واضح كما قال تعههالى ذلههك‬
‫الكتاب ل ريب فيه هدى للمّتقين ‪.‬‬

‫ل المراد كونه عذرا منجيا من‬ ‫) و ( الثانية و الثلثون أنه جعله ) عذرا لمن انتحله ( و لع ّ‬
‫ن مههن انتسههب اليههه بههأن‬
‫ن المههراد أ ّ‬
‫العذاب يوم القيامة لمن دان به و جعله نحلته و قيل ‪ :‬إ ّ‬
‫جعل نفسه من أهل القرآن و افتخر بذلك كان القرآن نفسه عذرا له ‪،‬‬

‫لعلّو شأنه ‪ ،‬و ما ذكرناه أقرب ‪.‬‬

‫جههة واضههحة و بيانهها جليهها‬


‫) و ( الثالثة و الثلثون أّنه جعله ) برهانا لمن تكّلم بههه ( أى ح ّ‬
‫ج به ‪.‬‬
‫لمن احت ّ‬

‫] ‪[ 311‬‬

‫ل‪.‬‬
‫) و ( الرابعة و الثلثون أنه جعله ) شاهدا لمن خاصم به ( أى دليل محكما للمستد ّ‬

‫ج به ( أى ظفرا و فوزا للمخاصم يعني‬


‫) و ( الخامسة و الثلثون أّنه جعله ) فلجأ لمن حا ّ‬
‫ج به فاز بمقصده و غلب خصمه ‪.‬‬ ‫ن من خاصم و احت ّ‬ ‫أّ‬
‫شيعة‬ ‫سلم قال ‪ :‬يا معشر ال ّ‬ ‫روى في البحار من كنز الفوايد باسناده عن أبي جعفر عليه ال ّ‬
‫له تبهارك و تعهالى‬ ‫جهة ا ّ‬‫له إّنهها لح ّ‬
‫خاصموا بسورة إّنا أنزلناه في ليلة القدر تفلجوا ‪ ،‬فو ا ّ‬
‫ل عليه و آلههه و سهّلم و إّنههها لسهّيدة دينكههم و إّنههها لغايههة‬ ‫ل صّلى ا ّ‬
‫على الخلق بعد رسول ا ّ‬
‫شيعة خاصههموا بحههم و الكتههاب المههبين فاّنههها لههولة المههر خاصههة بعههد‬ ‫علمنا ‪ ،‬يا معشر ال ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪.‬‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫رسول ا ّ‬

‫ن مههن حمههل القههرآن و‬


‫) و ( السادسة و الثلثون أنه جعلههه ) حههامل لمههن حملههه ( يعنههي أ ّ‬
‫حفظه و عمل به و اّتبع أحكامه حمله القرآن إلى دار القدس و غرفات الجنان ‪.‬‬

‫ل صههّلى‬
‫سلم قال ‪ :‬قال رسول ا ّ‬
‫روى في الكافي باسناده عن جابر عن أبي جعفر عليه ال ّ‬
‫ل عليه و آله ‪:‬‬
‫ا ّ‬

‫ل فيمها حملكهم مهن كتههابه فهاني مسههئول و انكههم‬


‫له عهّز و جه ّ‬
‫يا معاشر قّراء القرآن اّتقوا ا ّ‬
‫لو‬ ‫مسئولون ‪ ،‬إّني مسئول عن تبليغ الّرسالة ‪ ،‬و أما أنتم فتسألون عما حملتم من كتاب ا ّ‬
‫سّنتي ‪.‬‬

‫ل ه عليههه و‬
‫ل ه ص هّلى ا ّ‬
‫سلم قال ‪ :‬قال رسول ا ّ‬
‫ل عليه ال ّ‬
‫و فيه عن السكونى عن أبي عبد ا ّ‬
‫آله و سّلم ‪ :‬حملة القرآن عرفاء أهل الجّنة و المجتهدون قّواد أهل الجّنة و الّرسل سههادات‬
‫أهل الجّنة ‪.‬‬

‫له عليههه و‬
‫ل صهّلى ا ّ‬
‫سلم قال ‪ :‬قال رسول ا ّ‬
‫ل عليه ال ّ‬
‫و عن عمرو بن جميع عن أبيعبد ا ّ‬
‫آله و سّلم ‪:‬‬

‫ق الّناس فههي الس هّر و‬


‫ن أح ّ‬
‫سّر و العلنية لحامل القرآن ‪ ،‬و إ ّ‬
‫شع في ال ّ‬‫ق الّناس بالتخ ّ‬
‫ن أح ّ‬
‫إّ‬
‫صوم لحامل القرآن ‪ ،‬ثّم نادى بأعلى صوته يا حامل القرآن تواضههع‬ ‫العلنية بالصلة و ال ّ‬
‫ل‪،‬‬
‫ل و ل تعّز زبه فيذّلك ا ّ‬‫به يرفعك ا ّ‬

‫ل به ‪،‬‬
‫ل به و ل تزّين به للّناس فيشينك ا ّ‬
‫ل يزّينك ا ّ‬
‫يا حامل القرآن تزّين به ّ‬

‫من ختم القرآن فكأّنما ادرجت الّنبوة بين جنبيه و لكّنه ل يوحى إليه ‪ ،‬و من جمههع القههرآن‬
‫فنوله ل يجهل مع من يجهل عليه و ل يغضب فيمن يغضب عليه و ل يحّد فيمن‬

‫] ‪[ 312‬‬

‫يحّد عليه و لكّنه يعفو و يصفح و يغفر و يحلم لتعظيم القرآن ‪ ،‬و مههن اوتهى القهرآن فظه ّ‬
‫ن‬
‫ل‪.‬‬
‫ظم ا ّ‬
‫ل ‪ ،‬و حّقر ما ع ّ‬‫ظم ما حّقر ا ّ‬
‫ن أحدا من الّناس اوتى أفضل مّما اوتى فقد ع ّ‬
‫أّ‬
‫سير يبلههغ بمههن‬
‫) و ( السابعة و الثلثون أّنه جعله ) مطّية لمن أعمله ( أى مركبا سريع ال ّ‬
‫أعمله إلى منزله و مقصده ‪ ،‬و هو حظاير القدس و مجالس النس ‪ ،‬و المراد باعماله هو‬
‫حفظه و المواظبة عليه و عدم الغفلة عنه ‪.‬‬

‫سلم يقول ‪:‬‬


‫ل عليه ال ّ‬
‫روى في الكافي باسناده عن ابن أبي يعفور قال ‪ :‬سمعت أبا عبد ا ّ‬

‫سورة ثّم نسيها و تركها و دخل الجّنة أشرفت عليه من فههوق فههى‬ ‫ن الّرجل إذا كان يعلم ال ّ‬
‫إّ‬
‫أحسن صورة فتقول ‪ :‬تعرفني ؟ فيقول ‪ :‬ل ‪ ،‬فتقول ‪ :‬أنا سورة كذا و كذا لههم تعمههل بههي و‬
‫ل لو عملت بي لبلغت بك هذه الّدرجة ‪،‬‬ ‫تركتني أما و ا ّ‬

‫و أشارت بيدها إلى فوقها ‪.‬‬

‫ي دينهها كههثيرا و قههد‬


‫ن عله ّ‬
‫سههلم ‪ :‬إ ّ‬
‫له عليههه ال ّ‬
‫و عن يعقوب الحمر قال ‪ :‬قلت لبي عبههد ا ّ‬
‫سلم ‪ :‬القههرآن القههرآن إ ّ‬
‫ن‬ ‫ل عليه ال ّ‬‫دخلني شيء ما كاد القرآن يتفّلت مني ‪ ،‬فقال أبو عبد ا ّ‬
‫سورة لتجيء يوم القيامة حّتى تصعد ألف درجة يعني في الجّنة ‪،‬‬ ‫الية من القرآن و ال ّ‬

‫فتقول ‪ :‬لو حفظتني لبلغت بك ههنا ‪.‬‬

‫سلم ‪ :‬من نسي سورة من القرآن مّثلت لههه‬ ‫ل عليه ال ّ‬


‫و عن أبي بصير قال ‪ :‬قال أبو عبد ا ّ‬
‫في صورة حسنة و درجة رفيعة في الجّنة ‪ ،‬فاذا رآها قال ‪ :‬ما أنت ما أحسنك ليتك لههي ‪،‬‬
‫فيقول ‪ :‬أما تعرفني أنا سورة كذا و كذا و لو لم تنسني لرفعتك إلى هذا ‪.‬‬

‫سههم ( أى دللههة للمتفّكههر المعتههبر و علمههة‬


‫) و ( الثامنة و الثلثون أّنه جعله ) آية لمن تو ّ‬
‫سم هو النظر في السمة أى العلمة الّدالة قال تعههالى ا ّ‬
‫ن‬ ‫ل بها المتفّرس ‪ ،‬و أصل التو ّ‬ ‫يستد ّ‬
‫سمين أى دللت للمتفّكرين المعتبرين ‪.‬‬ ‫في ذلك ليات للمتو ّ‬

‫ل عليههه و آلههه أّنههه قههال ‪ :‬اّتقههوا فراسههة‬


‫ح عن الّنبي صّلى ا ّ‬
‫قال في مجمع البيان ‪ :‬و قد ص ّ‬
‫سهم ثهّم قهرء ههذه‬ ‫ل عبادا يعرفهون النهاس بالتو ّ‬ ‫ل ‪ ،‬و قال ‪ :‬إن ّ‬
‫المؤمن و اّنه ينظر بنور ا ّ‬
‫الية ‪.‬‬

‫) و ( التاسعة و الثلثون أنه جعله ) جّنة لمن استلم ( أى وقاية و سلحا لطالب‬

‫] ‪[ 313‬‬

‫الّدرع و السلح ‪ ،‬و المراد كههونه وقايههة لقههارئه مههن مكههاره الهّدنيا و الخههرة أمهها الخههرة‬
‫ل جلله ‪.‬‬ ‫فواضحة ‪ ،‬لنه يوجب النجاة من النار و الخلص من غضب الجبار ج ّ‬
‫ل على كونه وقاية مههن مكارهههها صههريح قههوله تعههالى و إذا قههرأت القههرآن‬
‫و أما الّدنيا فيد ّ‬
‫جعلنا بينك و بين الذين ل يؤمنون بالخرة حجابًا مستورًا ‪.‬‬

‫ي ‪ :‬و هم أبو سفيان و الّنضر بن الحرث و أبو جهل و اّم جميههل‬ ‫ي ‪ :‬قال الكلب ّ‬
‫قال الطبرس ّ‬
‫له رسههوله عههن أبصههارهم و كههانوا يههأتونه و يمهّرون بههه و ل‬
‫امرأة أبههي لهههب ‪ ،‬حجههب ا ّ‬
‫يرونه ‪.‬‬

‫ن اّم جميل امرأة أبههي لهههب أتتههه‬


‫سلم ا ّ‬
‫و فى الصافى من قرب السناد عن الكاظم عليه ال ّ‬
‫ل عليه و آله و س هّلم‬‫ل عليه و آله و سّلم حين نزلت سورة تّبت و مع الّنبي صّلى ا ّ‬ ‫صّلى ا ّ‬
‫أبو بكر بن أبي قحافة ‪ ،‬فقال ‪:‬‬

‫ل هذه اّم جميل منخفضة أو مغضبة تريدك و معها حجههر تريههد أن ترميههك بههه‬ ‫يا رسول ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬إّنها ل تراني ‪ ،‬فقالت لبي بكر ‪ :‬أين صهاحبك ؟ قهال ‪:‬‬
‫فقال صّلى ا ّ‬
‫ل‪،‬‬‫حيث شاء ا ّ‬

‫لت و العّزى إّنههي لشههاعرة ‪ ،‬فقههال أبههو‬


‫قالت ‪ :‬لقد جئته و لو أراه لرميته فاّنه هجاني و ال ّ‬
‫له بينههي و‬‫ل عليههه و آلههه و سهّلم ‪ :‬ل ‪ ،‬ضههرب ا ّ‬
‫ل لم ترك ؟ قال صّلى ا ّ‬ ‫بكر ‪ :‬يا رسول ا ّ‬
‫بينها حجابا مستورا ‪.‬‬

‫و أما ساير الّناس فيشهد بكونه جّنة لهم من المكاره ‪.‬‬

‫سلم أّنه قههال ‪:‬‬


‫ما رواه في الكافي باسناده عن الصبغ بن نباته عن أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫ق و أكرم أهل بيته ما من شيء تطلبونه من حههرز مههن حههرق أو‬ ‫و اّلذى بعث محّمدا بالح ّ‬
‫ل و هههو فههي القههرآن ‪ ،‬فمههن أراد ذلههك‬
‫غرق أو سرق أو إفلت دابة من صاحبها أو آبههق إ ّ‬
‫فليسألني عنه ‪.‬‬

‫قال ‪ :‬فقام اليه رجل فقال ‪ :‬يا أمير المؤمنين أخبرني عّما يؤمن من الحرق و الغرق فقههال‬
‫ل الذى نّزل الكتاب و هو يتوّلى الصالحين ‪.‬‬
‫سلم ‪ :‬اقرء هذه اليات ا ّ‬
‫عليه ال ّ‬

‫ق قدره الى قوله سبحانه و تعالى عما يشركون فمن قرأها فقد أمههن مههن‬
‫لح ّ‬‫و ما قدروا ا ّ‬
‫الحرق و الغرق ‪ ،‬قال ‪ :‬فقرأها رجل و اضطرمت النار في بيوت جيرانه و بيته وسههطها‬
‫فلم يصبه شيء ‪.‬‬

‫] ‪[ 314‬‬
‫ي و أنهها منههها علههى‬
‫ن دابتي استصعبت عل ه ّ‬
‫ثّم قام اليه رجل آخر فقال ‪ :‬يا أمير المؤمنين إ ّ‬
‫سموات و الرض طوعًا و كرههًا و‬ ‫وجل فقال ‪ :‬اقرء في اذنها اليمني و له أسلم من في ال ّ‬
‫اليه ترجعون فقرأها فذّلت له داّبته ‪.‬‬

‫ن السباع تغشههى منزلههي‬ ‫ن أرضي أرض مسبعة إ ّ‬ ‫و قام إليه آخر فقال ‪ :‬يا أمير المؤمنين إ ّ‬
‫و ل تجوز حتى تأخذ فريستها فقال ‪ :‬اقرء لقد جائكم رسول مههن انفسههكم عزيههز عليههه مهها‬
‫ل هههو عليههه‬‫ل ل اله إ ّ‬
‫عنّتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤف رحيم ‪ .‬فان توّلوا فقل حسبى ا ّ‬
‫ب العرش العظيم فقرأهما الّرجل فاجتنبته السباع ‪.‬‬ ‫توّكلت و هو ر ّ‬

‫ن في بطني ماء أصفر فهل من شفاء ؟‬


‫ثّم قام إليه آخر فقال ‪ :‬يا أمير المؤمنين إ ّ‬

‫فقال ‪ :‬نعم بل درهم و ل دينار و لكن اكتب على بطنك آية الكرسههي و تغسههلها و تشههربها‬
‫ل‪.‬‬‫ل ‪ ،‬ففعل الّرجل فبرء باذن ا ّ‬
‫ل عّز و ج ّ‬
‫و تجعلها ذخيرة في بطنك فتبرء باذن ا ّ‬

‫سههلم اقههرء يههس‬‫ضاّلة فقال عليههه ال ّ‬


‫ثّم قام إليه آخر فقال ‪ :‬يا أمير المؤمنين أخبرني عن ال ّ‬
‫ل عليه ضاّلته ‪.‬‬ ‫ي ضاّلتي ففعل فرّد ا ّ‬
‫في ركعتين و قل ‪ :‬يا هادى الضاّلة رّد عل ّ‬

‫سههلم ‪ :‬اقههرء » أو‬


‫ثّم قام إليه آخر فقال ‪ :‬يا أمير المؤمنين أخبرني عن البق فقال عليه ال ّ‬
‫ل له نورًا فما‬
‫ي يغشيه موج من فوقه موج إلى قوله و من لم يجعل ا ّ‬ ‫كظلمات في بحر لج ّ‬
‫له من نور « فقالها الّرجل فرجع إليه البق ‪.‬‬

‫سههرق فههاّنه ل يههزال قههد يسههرق لههي‬ ‫ثّم قام إليه آخر فقال ‪ :‬يا أمير المؤمنين أخبرني عن ال ّ‬
‫له أو ادعههوا‬
‫الشيء بعد الشيء ليل ‪ ،‬فقال له ‪ :‬اقرء إذا آويت إلى فراشههك » قههل ادعههوا ا ّ‬
‫سلم ‪ :‬من بات بأرض قفر‬ ‫الّرحمن إلى قوله فكّبره تكبيرًا « ثّم قال أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫لرض في سّتة أّيههام ث هّم اسههتوى علههى‬ ‫سموات و ا َ‬
‫ل اّلذى خلق ال ّ‬‫ن رّبكم ا ّ‬
‫فقرء هذه الية ا ّ‬
‫شياطين ‪.‬‬‫ب العالمين حرسته الملئكة و تباعدت عنه ال ّ‬ ‫لر ّ‬ ‫العرش إلى قوله تبارك ا ّ‬

‫شههياطين‬‫قال ‪ :‬فمضى الّرجل فاذا هو بقرية خراب فبات فيها و لم يقرء هذه الية فغشاه ال ّ‬
‫و إذا هههو آخههذ بخطمههه فقههال لههه صههاحبه ‪ :‬انظههره ‪ ،‬و اسههتيقظ الّرجههل فقههرء اليههة فقههال‬
‫ل أنفك احرسه الن حّتى يصبح ‪.‬‬ ‫الشيطان لصاحبه ‪ :‬ارغم ا ّ‬

‫] ‪[ 315‬‬

‫سلم فأخبره فقال له رأيت فههي كلمههك الشههفاء‬‫فلّما أصبح رجع الى أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫شياطين مجتمعا في الرض ‪.‬‬ ‫صدق و مضى بعد طلوع الشمس فاذا هو بأثر شعر ال ّ‬ ‫و ال ّ‬
‫) و ( الربعون أّنه جعله ) علما لمن وعى ( أى علما كامل بالمبدء و المعاد لمههن حفظههه‬
‫ل قلبا وعي القرآن‬‫و عقله و جعله في وعاء قلبه قال الطريحي ‪ :‬و في الحديث ل يعّذب ا ّ‬
‫‪ ،‬أى عقل القرآن ايمانا منه و عمل ‪ ،‬فأّما من حفظ ألفاظه و ضّيع حدوده فهههو غيههر واع‬
‫له ‪ ،‬و فيه ‪ :‬خير القلوب أوعاها ‪ ،‬أى أحفظها للعلم و أجمعها له ‪.‬‬

‫) و ( الحادية و الربعون أّنه جعله ) حديثا لمن روى ( قال أمين السههلم الطبرسههي فههي‬
‫ل نّزل احسن الحهديث كتابها متشهابهًا مثهاني تقشهعّر منهه جلهود اّلهذين‬ ‫تفسير قوله تعالى ا ّ‬
‫ل و الكلم سّمى حديثا كمهها‬ ‫ل حديثا لّنه كلم ا ّ‬ ‫يؤمنون رّبهم يعنى القرآن ‪ ،‬و إّنما سّماه ا ّ‬
‫ى حديثا ‪ ،‬لنه حديث التنزيل بعد ما تقّدمه من الكتب المنزلة على النبياء‬ ‫يسّمى كلم النب ّ‬
‫‪ ،‬و هههو أحسههن الحههديث لفههرط فصههاحته و لعجههازه و لشههتماله علههى جميههع مهها يحتههاج‬
‫المكّلف إليه من التنبيه على أدّلة التوحيد و العدل و بيان أحكام الشههرايع و غيههر ذلههك مههن‬
‫المواعظ و قصص النبياء و الترغيب و الترهيب ‪ ،‬كتابا متشابها يشههبه بعضههه بعضهها و‬
‫له المتقّدمهة و‬
‫يصدق بعضه بعضا ليس فيه اختلف و تناقض ‪ ،‬و قيل ‪ :‬إنه يشهبه كتهب ا ّ‬
‫ان كان أعم و أجمع و أنفع ‪.‬‬

‫) و ( الثانية و الربعون أنه جعله ) حكما لمههن قضههى ( يعنههى مههن يقضههى بيههن النههاس ‪،‬‬
‫ق و غيره باطل كمها قهال تعههالى و مهن لهم‬‫فالقرآن حكم له ل حكم له غيره لنه الحكم الح ّ‬
‫ل فاولئك هم الظالمون و فى آية اخرى فاولئك هم الفاسههقون و فههى ثالثههة‬‫يحكم بما أنزل ا ّ‬
‫فاولئك هم الكافرون ‪.‬‬

‫له إن كههان ل مهع العتقههاد فهههو إّمها ظههالم أو‬


‫ن الحاكم بغير ما أنهزل ا ّ‬
‫قيل فى توجيهه ‪ :‬إ ّ‬
‫ل فهو كافر ‪ ،‬هذا ‪.‬‬
‫فاسق ‪ ،‬و ان حكم بذلك مع اعتقاد أّنه غير ما أنزل ا ّ‬

‫و قد تقّدم في شرح الفصل السابع عشر من الخطبة الولى و غيره فصل واف في فضههل‬
‫ل سبحانه أن يجعلنا من العههارفين‬
‫الكتاب العزيز و ما يتعّلق به فليراجع هناك ‪ ،‬و نسأل ا ّ‬
‫بفضله ‪ ،‬و العاملين بأحكامه ‪ ،‬و الواعين لعلمه ‪ ،‬و الّراوين لحديثه ‪ ،‬و القاضين‬

‫] ‪[ 316‬‬

‫ل عليه و عليهم ‪.‬‬


‫بحكمه بجاه محّمد و آله سلم ا ّ‬

‫ععععععع‬

‫له و‬‫فصل سّيم و چهههارم از ايههن خطبههة در بيههان بعثههت حضههرت رسههالتمآب صههلوات ا ّ‬
‫سلمه عليه و آله و اشاره بر فوايد بعثت اسههت و ذكههر نههزول كتههاب كريههم و إشههاره بههر‬
‫مناقب آن ميفرمايد ‪:‬‬
‫ل عليههه و آلههه را بهها‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫پس بدرستيكه خداوند تعالى مبعوث فرمود محّمد بن عبد ا ّ‬
‫ق هنگامى كه نزديك شده از دنياى فانى بريده شدن آن ‪ ،‬و اقبال كرده بههود از آخههرت‬ ‫حّ‬
‫مشرف بودن آن ‪ ،‬و ظلمانى شده بود شكفتگى دنيا بعد از روشنائى آن ‪ ،‬و بر پا ايستاده‬
‫بود بأهل خود بغايت شّدت ‪ ،‬و ناهموار شده بود از آن بساط آن ‪ ،‬و نزديك شههده بههود از‬
‫آن انقياد آن بزوال در انقطاع مّدت آن ‪ ،‬و نزديكى علمتهههاى فنههاى آن ‪ ،‬و بريههده شههدن‬
‫أهل آن ‪ ،‬و گسيخته شههدن حلقههه آن ‪ ،‬و تفهّرق ريسههمان آن ‪ ،‬و انههدراس علمهههاى آن ‪ ،‬و‬
‫انكشاف قبايح آن ‪ ،‬و كوتاهى درازى آن ‪.‬‬

‫گردانيد او را حق تعالى كفايت كننده از براى رسالت خود ‪ ،‬و كرامت از براى اّمت او‬
‫‪ ،‬و بهار از براى أهل زمان او ‪ ،‬و سر بلندى بجهت اعوان او ‪ ،‬و شرف مههر يههاران او‬
‫را ‪.‬‬

‫پههس نههازل فرمههود بههر آن بزرگههوار كتههاب عزيههز خههود را نههوريكه خههاموش نميباشههد‬
‫چراغهاى آن ‪ ،‬و چراغى كه نابود نمىگردد اشتعال آن ‪ ،‬و دريائى كه درك نميشود تههه‬
‫آن ‪ ،‬و جههاده واضههحى كههه ضههللت نمىافتههد سههالك آن ‪ ،‬و شههعائى كههه تاريههك نميباشههد‬
‫روشنائى آن ‪ ،‬و فرقانى كه خههاموش نميشههود برهههان و دليههل آن ‪ ،‬و بنيههادى كههه خههراب‬
‫نميشود ركنهاى آن ‪ ،‬و شفائى كه ترسيده نميشود مرضهاى آن ‪ ،‬و عزيزى كههه مغلههوب‬
‫نميباشد ناصران آن ‪ ،‬و حقى كه خوار نمىباشد ياران آن ‪.‬‬

‫پس آن كتههاب معههدن ايمههان و وسههط او اسههت ‪ ،‬و چشههمهاى علههم و درياههاى او اسههت و‬
‫باغهاى عدالت و گودالهاى آب او است ‪ ،‬و پايهاى اسلم و بنيان او است ‪ ،‬و بيابانهاى‬

‫] ‪[ 317‬‬

‫حههق و گوديهههاى او اسههت ‪ ،‬و دريائيسههت كههه نميتوانههد بكشههد آب آن را آب كشههندگان و‬


‫چشمهائيست كه تمام نمىكند آب آنرا آب بردارندگان ‪ ،‬و سرچشمههائى است كه ناقص‬
‫نمىنمايهههد آن را واردان ‪ ،‬و منزلهائيسهههت كهههه گهههم نمىكنهههد راه آن را مسهههافران ‪ ،‬و‬
‫علمتهائيست كه نابينا نمىشود از آنها سير كنندگان ‪ ،‬و تلهائيست كه تجههاوز نمىنمايههد‬
‫از آنها قاصدان ‪.‬‬

‫گردانيد خداوند آن را سيرابى از براى تشنگى عالميان ‪ ،‬و بهار از براى قلبهاى فقيهان‬
‫‪ ،‬و راههاى روشن از براى طرق صههالحان ‪ ،‬و دوائى كههه نيسههت بعههد از آن دردى ‪ ،‬و‬
‫نورى كه نيست با وجود آن ظلمتى ‪ ،‬و ريسمانى كه محكههم اسههت جههاى دسههتگير آن ‪ ،‬و‬
‫پناهگاهى كه مانع است بلندى آن ‪ ،‬و عزيزى از براى كسى كه آنرا بجهت خود دوست‬
‫اخذ نموده باشد ‪ ،‬و أمن امان أز براى كسى كه داخل آن شود و هههدايت از بههراى كسههى‬
‫كه اقتدا نمايد بآن ‪ ،‬و عذر از براى كسى كه نسبت آنرا بخههود بدهههد ‪ ،‬و برهههان واضههح‬
‫بجهت كسيكه با آن تكّلم نمايد ‪ ،‬و شاهد صادق بجهت كسيكه مخاصههمه نمايههد بهها آن ‪ ،‬و‬
‫غلبه و ظفر براى كسيكه احتجاج كند با آن ‪ ،‬و بردارنده مر حاملن خود را ‪ ،‬و مركب‬
‫از براى كسيكه إعمال نمايد آنههرا ‪ ،‬و علمههت از بههراى كسههيكه تفكههر نمايههد ‪ ،‬و زره از‬
‫براى كسيكه طالب سلح باشد ‪ ،‬و علم كامل كسيرا كه حفظ كند آنرا ‪ ،‬و حديث صههحيح‬
‫كسى را كه روايت نمايد ‪ ،‬و حكم بحق از براى كسيكه حكم نمايد ‪.‬‬

‫ع ع ع عععع ع ع ععع ع ععع ععع ع ع ع ععع عع ع‬


‫ععع ععع ع عععع ععع ع ع ععععع عع ع ع ع عع‬
‫ععععع‬

‫ى في الكافي ببسط و اختلف كثير تطلع عليه بعد الفراغ من شههرح مهها أورده‬‫و هو مرو ّ‬
‫السّيد ) ره ( هنا‬

‫] ‪[ 318‬‬

‫صلة و حافظوا عليها ‪ ،‬و استكثروا منها ‪ ،‬و تقّربوا بها ‪ ،‬فاّنها كانت على‬ ‫تعاهدوا أمر ال ّ‬
‫المؤمنين كتابا موقوتا ‪ ،‬أل تسمعون إلههى جههواب أهههل الّنههار حيههث سههئلوا مهها سههلككم فههي‬
‫ت الههورق ‪ ،‬و تطلقههها إطلق‬ ‫ت الهّذنوب حه ّ‬ ‫سقر ‪ ،‬قالوا لم نههك مههن المصهّلين و اّنههها لتحه ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم بالحّمة تكون على بههاب الّرجههل ‪،‬‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫الّربق ‪ ،‬و شّبهها رسول ا ّ‬
‫فهو يغتسل منها في اليوم و الّليلة خمس مّرات ‪ ،‬فما عسى أن يبقى عليههه مههن ال هّدرن ‪ ،‬و‬
‫قد عرف حّقها رجال من المؤمنين اّلذين ل تشغلهم عنها زينة متاع ‪ ،‬و ل ق هّرة عيههن مههن‬
‫له َو ِإقههاِم‬
‫ن ِذْكهِر ا ِّ‬
‫عه ْ‬
‫ل ل ُتْلهيُههْم ِتجههاَرٌة َو ل َبْيهٌع َ‬ ‫ل سبحانه ‪ِ :‬رجا ٌ‬‫ولد و ل مال ‪ ،‬يقول ا ّ‬
‫صلة بعد‬ ‫ل عليه و آله و سّلم نصبا بال ّ‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫صلوِة و ِإيتاِء الّزكوِة « و كان رسول ا ّ‬ ‫ال ّ‬
‫عَلْيهها « فكهان‬ ‫طِبْر َ‬‫صه َ‬
‫صهَلوِة َو ا ْ‬
‫ك ِبال ّ‬ ‫ل سهبحانه » َو ْأُمهْر َأْهَله َ‬ ‫الّتبشير له بالجّنة ‪ ،‬لقول ا ّ‬
‫يأمر أهله و يصّبر عليها نفسه ‪.‬‬

‫صلة قربانا لهل السلم ‪ ،‬فمن أعطيها طّيب الّنفههس بههها فإّنههها‬ ‫ن الّزكاة جعلت مع ال ّ‬‫ثّم إ ّ‬
‫ن عليههها‬ ‫تعجل له كّفارة ‪ ،‬و من الّنار حجازا و وقاية ‪ ،‬فل يتبعّنها أحههد نفسههه ‪ ،‬و ل يكههثر ّ‬
‫ن من أعطاها غير طّيب الّنفس بها يرجو بها مهها هههو أفضههل منههها ‪ ،‬فهههو جاهههل‬ ‫لهفه ‪ ،‬فا ّ‬
‫ل العمل ‪ ،‬طويل الّندم ‪.‬‬
‫سّنة ‪ ،‬مغبون الجر ‪ ،‬ضا ّ‬ ‫بال ّ‬

‫] ‪[ 319‬‬

‫سههماوات المبنّيههة ‪ ،‬و‬‫ثّم أدآء المانة فقد خاب من ليس من أهلههها ‪ ،‬إّنههها عرضههت علههى ال ّ‬
‫طههول المنصههوبة فل أطههول ‪ ،‬و ل أعههرض ‪ ،‬و ل‬ ‫الرضين المههدحّوة ‪ ،‬و الجبههال ذات ال ّ‬
‫أعلههى ‪ ،‬و ل أعظههم منههها ‪ ،‬و لههو امتنههع شههيء بطههول ‪ ،‬أو عههرض ‪ ،‬أو ق هّوة ‪ ،‬أو ع هّز ‪،‬‬
‫ن ‪ ،‬و هههو‬
‫لمتنعن و لكن أشههفقن مههن العقوبههة ‪ ،‬و عقلههن مهها جهههل مههن هههو أضههعف منهه ّ‬
‫النسان إّنه كان ظلوما جهول ‪.‬‬

‫ل سبحانه ل يخفى عليه ما العباد مقترفون في ليلهم و نهارهم ‪،‬‬


‫نا ّ‬
‫إّ‬

‫لطف به خبرا ‪ ،‬و أحاط به علما ‪ ،‬أعضائكم شهوده ‪ ،‬و جوارحكم جنههوده ‪ ،‬و ضههمائركم‬
‫عيونه ‪ ،‬و خلواتكم عيانه ‪.‬‬

‫ععععع‬

‫صلة ( و روى تعّهدوا بدله يقال تعّهدت الشيء و تعاهدته ترّددت إليه و‬‫) تعاهدوا أمر ال ّ‬
‫تفّقدته و أصلحته ‪ ،‬و حقيقته تجديد العهد به ‪ ،‬و فى الّدعاء عند الحجر السود ‪:‬‬

‫له عليههه‬
‫ميثاقي تعّهدته لتشهد لي بالموافاة يوم القيامة ‪ ،‬و فههي روايههة العلههل عههن أبيعبههد ا ّ‬
‫سلم تعاهدته بدله ‪ ،‬أى جّددت العهد به ‪ ،‬قال الفيومي ‪ :‬قههال الفههارابى ‪ :‬تعّهههدته أفصههح‬ ‫ال ّ‬
‫ل مههن اثنيههن و‬‫ن التعاهههد ل يكههون إ ّ‬‫من تعاهدته ‪ ،‬و قال ابن فارس و ل يقال تعاهدته ‪ ،‬ل ّ‬
‫سههلم علههى روايههة السهّيد ‪ ،‬و دعههاء الحجههر علههى روايههة‬ ‫يرّده كلم أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫العلل و ما في الحديث من قوله ‪ :‬تعاهدوا نعالكم عند أبواب مساجدكم ‪.‬‬

‫ت ( الّرجل الورق من الشجر حتا من باب مّد أسقطه و أزاله ‪ ،‬و تحاتت‬
‫و)ح ّ‬

‫] ‪[ 320‬‬

‫شجرة تساقط ورقها و ) الّربق ( وزان عنب جمههع ربههق بالكسههر وزان حمههل حبههل فيههه‬ ‫ال ّ‬
‫ل عين فيههها‬‫ل عروة ربقة و ) الحمة ( بفتح الحاء المهملة ك ّ‬
‫عّدة عرى يشّد به البهم ‪ ،‬و ك ّ‬
‫ماء حاّر ينبع يستشفى بها العلء ‪ ،‬و في بعض الّنسخ بالجيم و هى البئر الكثيرة الماء و‬
‫) الّدرن ( محّركة الوسخ ‪.‬‬

‫صلة ( أصله إقوام مصهدر أقهوم مثهل أكهثر أكهرم إكرامها ‪ ،‬و الّتهاء فهي إقامهة‬‫و ) اقام ال ّ‬
‫ساقط بالعلل ‪ ،‬فلما اضيفت اقيمت الضافة مقام حرف الّتعههويض و‬ ‫عوض من العين ال ّ‬
‫) نصب ( نصبا كتعب وزنا و معنى فهو نصب ‪.‬‬

‫صههبر‬
‫صبر من ص هّبرته أى حملتههه علههى ال ّ‬‫و ) يصّبر عليها نفسه ( بالتثقيل أى يأمرها بال ّ‬
‫بوعد الجر ‪ ،‬و قلت له ‪ :‬اصبر و يروى بالّتخفيف أى يحبس عليههها نفسههه و ) القربههان (‬
‫ل من أعمال البّر ‪.‬‬
‫كفرقان اسم لما يتقّرب به إلى ا ّ‬
‫و قوله ) فل يتبعّنها ( بنون الّتوكيد مثّقلة من اتبعت فلنا لحقته قال تعالى فأتبعهم فرعون‬
‫ك فههي‬
‫بجنوده أى لحقهم و ) العيان ( بالكسر المعاينههة يقههال لقههاه عيانهها أى معاينههة لههم يشه ّ‬
‫رؤيته إّياه ‪.‬‬

‫ععععععع‬

‫قوله ‪ :‬على المؤمنين ‪ ،‬متعّلق بقوله ‪ :‬موقوتا قوله ‪ :‬فما عسى أن يبقى عليه مههن ال هّدرن ‪،‬‬
‫كلمة ما نافية و عسى تاّمة بمعنى كهاد ‪ ،‬و أن يبقههى عليههه ‪ ،‬فههي موضهع رفهع بههأّنه فاعههل‬
‫عسى كما في قوله تعالى عسى أن تكرهوا شيئًا و فاعل يبقى محذوف و من ال هّدرن بيههان‬
‫للفاعل المحذوف أى يبقى عليه شيء من الّدرن ‪.‬‬

‫و قوله تعالى ‪ :‬رجال ‪ ،‬فاعل يسّبح المذكور قبل ذلك ‪ ،‬قال سبحانه يسّبح له فيها بالغدّو و‬
‫الصال رجال ل تلهيهم و على قراءة يسّبح مبنّيا للمفعهول فالجههار و المجهرور أعنههي لههه‬
‫نايب عن الفاعل و رجال مرفوع بفعل محذوف يدل عليه الفعل المذكور كأّنه بعد ما قيههل‬
‫يسّبح له سئل عن المسّبح فقيل ‪ :‬رجال ‪ ،‬أى يسّبح له‬

‫] ‪[ 321‬‬

‫شاعر ‪:‬‬
‫رجال على حّد قول ال ّ‬

‫ليبهههههههههههههههههههههههك يزيهههههههههههههههههههههههد ضهههههههههههههههههههههههارع لخصهههههههههههههههههههههههومة‬


‫و مختبط مّما تطيح الطوايح‬

‫أى يبكيه ضارع ‪ ،‬و قوله ‪ :‬طّيب الّنفس ‪ ،‬منصوب على الحال من فاعل أعطى ‪،‬‬

‫و قوله ‪ :‬غير طّيب الّنفس ‪ ،‬و جملة يرجو بها منصوبان لفظا و محل أيضا على الحال و‬
‫قوله ‪ :‬ل يخفى عليه ما العباد مقترفون ‪ ،‬كلمة ما موصولة منصهوبة محل مفعهول يخفههى‬
‫و ما بعدها صلة لها و العايد محذوف أى مقترفون له ‪.‬‬

‫عععععع‬

‫شريف على فصول ثلثة الفصههل الول فههي المههر بالصّههلة و‬ ‫ن مدار هذا الكلم ال ّ‬
‫اعلم أ ّ‬
‫ث عليها و الفصل الثانى في الترغيب في الّزكهاة و اللهزام بهها و الفصهل الثهالث فهي‬‫الح ّ‬
‫التحضيض على أداء المانة و الّتحذير من المعاصي ‪.‬‬
‫ععع ععععع ععععع‬

‫فهههو قههوله ) تعاهههدوا أمههر الصههلة ( أى جهّددوا العهههد بههها و راقبههوا عليههها فههي أوقاتههها‬
‫المخصوصة و ل تضّيعوها و ل تغفلوا عنها ‪ ،‬لنها عماد الّدين ‪ ،‬و معراج المؤمنين ‪،‬‬

‫ي ‪ ،‬و أّول ما يحاسب به العبد إن قبلههت قبههل مهها سههواها و إن‬


‫ى و مؤمن نق ّ‬
‫ل تق ّ‬
‫و قربان ك ّ‬
‫رّدت رّد ما سواها ‪.‬‬

‫ل أقواما توانوا عنها و استهانوا بأوقاتها فقههال ‪ » :‬فويههل للمص هّلين الههذينهم عههن‬ ‫و قد ذّم ا ّ‬
‫سههلم فههي روايههة الخصههال ‪ :‬يعنههي أنهههم‬‫صلواتهم ساهون « قهال أميههر المههؤمنين عليههه ال ّ‬
‫غافلون استهانوا بأوقاتها ‪.‬‬

‫) و حافظوا عليها ( أى على أوقاتههها و رعايههة آدابههها و سههننها و حههدودها و مراسههمها و‬


‫شروطها و أركانها ‪.‬‬

‫] ‪[ 322‬‬

‫ل عليه و آله و سّلم من ترك صلته متعّمدا فقد هدم دينه ‪.‬‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫فلقد قال رسول ا ّ‬

‫له‬
‫ن مههن ضههيع صههلته حشههره ا ّ‬ ‫ل عليه و آله و سّلم ل تضيعوا صلتكم فا ّ‬
‫و قال صّلى ا ّ‬
‫له أن يههدخله‬
‫ل و أخزاهم و كههان حقهها علههى ا ّ‬‫تعالى مع قارون و فرعون و هامان لعنهم ا ّ‬
‫النار مع المنافقين فالويل لمن لم يحافظ على صلته ‪.‬‬

‫ن الصلة إذا ارتفعت في أّول وقتها رجعت إلى صههاحبها و‬ ‫سلم إ ّ‬


‫و قال أبو جعفر عليه ال ّ‬
‫له و إذا ارتفعههت فههي غيههر وقتههها بغيههر‬
‫هي بيضههاء مشههرقة ‪ ،‬تقههول ‪ :‬حفظتنههي حفظههك ا ّ‬
‫ل‪.‬‬‫حدودها رجعت إلى صاحبها و هى سوداء مظلمة ‪ ،‬تقول ‪ :‬ضّيعتنى ضّيعك ا ّ‬

‫صههلوات و‬
‫ل عّز و جل بمحافظتها في الكتاب العزيز بقههوله ‪ :‬حههافظوا علههى ال ّ‬
‫و قد أمر ا ّ‬
‫ل قانتين ‪.‬‬
‫الصلوة الوسطى و قوموا ّ‬

‫قال أمين السلم الطبرسى ‪ :‬أى داومههوا علههى الصههلوات المكتوبههات فههي مواقيتههها بتمههام‬
‫صههلوة الوسههطى و قههال المحهّدث‬ ‫أركانها ‪ ،‬ثّم خههص الوسههطى تفخيمهها لشههأنها فقههال ‪ :‬و ال ّ‬
‫ل بناء على كون المر مطلقا أو خصوص أمههر القههرآن للوجههوب‬ ‫لمة المجلسى ‪ :‬و يد ّ‬ ‫الع ّ‬
‫ل بههها‬
‫ل ما أخرجههها الههدليل ‪ ،‬و ربمهها يسههتد ّ‬ ‫صلوات إ ّ‬ ‫على وجوب المحافظة على جميع ال ّ‬
‫على وجوب صلة الجمعة و العيدين و اليات ‪،‬‬
‫صلوات الخمس ‪ ،‬و على تقههدير العمههوم يمكههن‬
‫ن المراد بها ال ّ‬
‫و لكن في بعض الّروايات أ ّ‬
‫تعميمها بحيث يشمل الّنوافل و الّتطّوعات أيضا ‪ ،‬فل يكون المر على الوجوب ‪،‬‬

‫سنن في الصلة الواجبة أيضا كما يفهم من بعض الخبار ‪.‬‬


‫و يشمل رعاية ال ّ‬

‫ص الصلة الوسطى بذلك بعههد التعميههم لشهّدة الهتمههام بههها لمزيههد فضههلها أو لكونههها‬ ‫وخ ّ‬
‫ضياع من بينها فهى الوسطى بين الصلة وقتا أو عددا او الفضههلى مههن قههولهم‬ ‫معرضة لل ّ‬
‫للفضل الوسط ‪.‬‬

‫ن أصههحابنا لههم يقولههوا بغيههر الظهههر و‬


‫لأّ‬
‫ل من الصلوات الخمس قوم إ ّ‬ ‫و قد قال بتعيين ك ّ‬
‫العصر كما يظهر من المنتهى و غيره ‪.‬‬

‫فقال الشيخ في الخلف ‪ :‬إّنها الظهر و تبعه جماعة من أصحابنا و به قهال زيهد بهن ثهابت‬
‫ل بن شداد ‪ ،‬لّنها بين صلتين بالّنهار ‪ ،‬و لّنها فى وسط الّنهار ‪ ،‬و لّنها‬
‫عايشة و عبد ا ّ‬
‫تقع‬

‫] ‪[ 323‬‬

‫ق‪،‬و‬ ‫فى شّدة الحّر و الهاجرة وقت شّدة تنازع النسههان إلههى الّنههوم و الّراحههة فكههانت أشه ّ‬
‫ق أنسب و أه هّم و لّنههها أّول‬
‫أفضل العبادات أحمزها ‪ ،‬و أيضا المر بمحافظة ما كان أش ّ‬
‫صلة فرضت و لنها في الساعة اّلههتي يفتههح فيهها أبههواب السهماء فل تغلههق حّتهى تصهّلى‬
‫الظهر و يستجاب فيها الّدعاء ‪.‬‬

‫له عليههه و آلههه يصهّلى‬


‫ل ه صهّلى ا ّ‬
‫و روى الجمهور عن زيد بن ثابت قال ‪ :‬كان رسههول ا ّ‬
‫ل عليه و آله‬‫ل صّلى ا ّ‬ ‫الظهر بالهاجرة و لم يكن يصّلى صلة أشّد على أصحاب رسول ا ّ‬
‫و سّلم منها فنزلت الية ‪.‬‬

‫ل ه عليههه و آلههه و سهّلم أّنههه‬


‫ل صّلى ا ّ‬
‫و روى الّترمدى و أبو داود عن عايشة عن رسول ا ّ‬
‫قرء حافظوا على الصلوات و الصلوة الوسطى و صلوة العصر ‪.‬‬

‫قال في المنتهى ‪ :‬و العطف يقتضى المغايرة ل يقال ‪ :‬الواو زايدة كما فههي قههوله تعههالى و‬
‫ل لموجب‬ ‫ل و خاتم الّنبيين لّنا نقول ‪ :‬الّزيادة منافية للصل فل يصار إليه إ ّ‬
‫لكن رسول ا ّ‬
‫و المثال الذى ذكروه نمنع زيادة الواو فيه بل هههى للعطههف علههى بابههها و قهال فهي مجمههع‬
‫سههلم و روى فيههه عههن‬ ‫ي عن الباقر و الصههادق عليهمهها ال ّ‬
‫البيان ‪ :‬كونها الظهر هو المرو ّ‬
‫سلم أّنها الجمعة يوم الجمعة و الظهر فى ساير اليام ‪.‬‬ ‫ي عليه ال ّ‬
‫عل ّ‬
‫و قال السيد المرتضى هى صلة العصهر و تبعهه جماعهة مهن أصههحابنا ‪ ،‬و بههه قهال أبهو‬
‫ضههحاك و أبههو حنيفههة و‬‫هريرة و أبههو أّيههوب و أبههو سههعيد عبيههدة السههلمانى و الحسههن و ال ّ‬
‫سههلم قهالوا لّنهها بيههن صههلتي ليههل و‬
‫ي عليههه ال ّ‬
‫أصحابه و أحمد و نقله الجمهور عن عله ّ‬
‫صلتي نهار ‪.‬‬

‫ج السيد ره باجماع الشيعة ‪.‬‬


‫و احت ّ‬

‫ل عليه و آله أّنه قال يوم الحزاب ‪ :‬شغلونا عههن‬


‫و المخالفون بما رووا عن الّنبي صّلى ا ّ‬
‫ل بيوتهم و قبورهم نارا ‪.‬‬ ‫الصلة الوسطى صلة العصر مل ا ّ‬

‫و في الوسائل بعد رواية الخبار الّداّلههة علههى أّنههها الظهههر قههال ‪ :‬و تقهّدم مهها يشههعر بأنههها‬
‫العصر ‪ ،‬و هو محمول على الّتقية في الّرواية ‪.‬‬

‫ل و أخفاها في جملة الصلوات‬


‫و قيل ‪ :‬إّنها إحدى الصلوات الخمس لم يعّينها ا ّ‬

‫] ‪[ 324‬‬

‫المكتوبة ليحافظوا على جميعها كما أخفى ليلة القدر فههي ليههالى شهههر رمضههان ‪ ،‬و اسههمه‬
‫العظم في جميع السماء ‪ ،‬و ساعة الجابههة فههي سههاعات الجمعههة لئل يتطهّرق الّتشههاغل‬
‫ل فيدرك كمال الفضل ‪.‬‬ ‫بغيرها بل يهتّم غاية الهتمام بالك ّ‬

‫ل و من شاء أكثر ‪.‬‬


‫) و استكثروا منها ( فاّنها خير موضوع فمن شاء أق ّ‬

‫روى في البحار من البصاير عن محّمد بن الحسين عن عبد الّرحمن بههن أبههي هاشههم ابههن‬
‫ن فى كتههاب‬ ‫سلم و ذكر عنده الصلة فقال ‪ :‬إ ّ‬ ‫العتبة العابدة قال ‪ :‬سمعت أبا جعفر عليه ال ّ‬
‫له ل يعهّذب علههى‬ ‫نا ّ‬‫ل عليه و آله و سهّلم إ ّ‬
‫ل صّلى ا ّ‬ ‫سلم الذى إمل رسول ا ّ‬‫ي عليه ال ّ‬
‫عل ّ‬
‫كثرة الصلة و الصيام و لكن يزيده جزاء » خيرا خ « و فى الوسايل عن الشيخ باسههناده‬
‫سلم قال ‪:‬‬‫عن محّمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه ال ّ‬

‫ل ه أن يههدخلني الجّنههة فقههال‬


‫ل عليه و آله و سّلم رجههل فقههال ‪ :‬ادع ا ّ‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫أتى رسول ا ّ‬
‫سجود ‪.‬‬ ‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬أعّنى بكثرة ال ّ‬
‫صّلى ا ّ‬

‫و فيه عن الصدوق باسناده عن أبي جعفر العطار قال ‪ :‬سمعت الصادق جعفر ابن محّمههد‬
‫له عليههه و آلههه و سهّلم فقههال ‪ :‬يهها‬
‫له صهّلى ا ّ‬
‫سلم يقول ‪ :‬جاء رجل إلى رسول ا ّ‬ ‫عليهما ال ّ‬
‫له عليههه و آلههه ‪ :‬أكههثر‬‫ل صهّلى ا ّ‬ ‫ل كثرت ذنوبى و ضعف عملى ‪ ،‬فقال رسول ا ّ‬ ‫رسول ا ّ‬
‫ت الّريح ورق الشجر ‪.‬‬
‫ط الذنوب كما تح ّ‬
‫سجود فاّنه يح ّ‬‫ال ّ‬
‫ى‪.‬‬
‫ل تق ّ‬
‫ل سبحانه فاّنها قربان ك ّ‬
‫) و تقّربوا بها ( إلى ا ّ‬

‫سلم قال‬
‫كما رواه في البحار من العيون باسناده عن محّمد بن الفضيل عن الّرضا عليه ال ّ‬
‫ى‪.‬‬ ‫ل تق ّ‬
‫‪ :‬الصلة قربان ك ّ‬

‫سلم قال ‪:‬‬


‫و فيه من ثواب العمال باسناده عن موسى بن بكر عن أبي الحسن عليه ال ّ‬

‫ل مؤمن ‪.‬‬
‫صلة الّنوافل قربان ك ّ‬

‫بل هى أفضل ما يتقّرب به إليه تعالى ‪.‬‬

‫له‬
‫ل عليه ما رواه في الكافى باسناده عن معاوية بن وهههب قههال ‪ :‬سههألت أبهها عبههد ا ّ‬ ‫كما يد ّ‬
‫سلم عن أفضل ما يتقّرب به العباد إلى رّبهههم فقههال ‪ :‬مهها أعلههم شههيئا بعههد المعرفههة‬‫عليه ال ّ‬
‫سلم قههال ‪ :‬و‬ ‫ن العبد الصالح عيسى بن مريم عليهما ال ّ‬ ‫أفضل من هذه الصلة ‪ ،‬أل ترى أ ّ‬
‫أوصانى‬

‫] ‪[ 325‬‬

‫بالصلوة و الّزكوة ما دمت حّيا ‪ ،‬هذا ‪.‬‬

‫سههلم ذلههك و عّللههه بوجههوه‬


‫و لّما أمر بتعاهدها و محافظتههها و الّتقهّرب بههها عّقههب عليههه ال ّ‬
‫مرغبة ‪.‬‬

‫أحدها قوله ) فاّنها كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ( اقتباس من الية الشريفة فى سورة‬
‫النساء ‪.‬‬

‫ن الصههلة كههانت علههى المههؤمنين واجبههة‬ ‫قال في مجمع البيان ‪ :‬اختلف في تأويله فقيههل ‪ :‬إ ّ‬
‫سههلم ‪ ،‬و قيههل ‪ :‬معنههاه فرضهها‬
‫ي عههن البههاقر و الصههادق عليهمهها ال ّ‬
‫مفروضة و هو المههرو ّ‬
‫موقوتا أى منجما تؤّدونها في أنجمها ‪.‬‬

‫سلم ‪ :‬قههوله تعههالى‬‫ل عليه ال ّ‬


‫و في الكافى باسناده عن داود بن فرقد قال ‪ :‬قلت لبي عبد ا ّ‬
‫جلهت قليل أو‬ ‫ن الصلة كانت على المؤمنين كتابًا موقوتًا قهال ‪ :‬كتابها ثابتها و ليهس إن ع ّ‬ ‫إّ‬
‫ل يقههول لقههوم‬
‫له عهّز و جه ّ‬‫نا ّ‬
‫خرت قليل بالذى يضّرك مهها لههم تضهّيع تلههك الضههاعة فهها ّ‬ ‫أّ‬
‫شهوات فسوف يلقون غّيا ‪.‬‬ ‫أضاعوا الصلوة و اّتبعوا ال ّ‬

‫سلم في هذه الية أى كتابا موجوبا » موجبا خ ل‬ ‫و فيه عن زرارة عن أبي جعفر عليه ال ّ‬
‫« هذا و تخصيص المؤمنين بالذكر في الية الشريفة لتحريصهم و ترغيبهم على حفظههها‬
‫و حفظ أوقاتها حالتى المن و الخوف و مراعاة جميع حههدودها فههي حههال المههن و ايمههاء‬
‫ن الّتسههاهل فيههها يخ ه ّ‬
‫ل‬ ‫ن ذلك من مقتضى اليمان و شعار أهله فل يجوز أن تفههوتهم و إ ّ‬ ‫بأ ّ‬
‫حتها من غيرهم ‪.‬‬
‫باليمان و اّنهم هم المنتفعون بها لعدم ص ّ‬

‫الثانى قوله ) أل تسمعون إلى جواب أهل النههار ( و السههتفهام للتقريههر بمهها بعههد الّنفههى أو‬
‫ن تههرك الصههلة يههوجب دخههول‬ ‫للتوبيخ و التقريع ‪ ،‬و الغرض منه تنبيه المخاطبين على أ ّ‬
‫النار و سخط الجبار ليتحرزوا من تركها و يحافظوا عليها ‪.‬‬

‫ل عنهم في سورة‬
‫ن أهل النار ) حين سئلوا ( أى سألهم أهل الجّنة على ما حكى ا ّ‬
‫و ذلك ا ّ‬
‫ل أصحاب اليمين ‪.‬‬‫ل نفس بما كسبت رهينة ‪ .‬ا ّ‬
‫المّدثر بقوله ‪ :‬ك ّ‬

‫في جّنات يتسائلون عن المجرمين ‪ .‬ما سلككم في سقر ‪ .‬قالوا لم نك من المصّلين‬

‫] ‪[ 326‬‬

‫و لم نك نطعم المسكين ‪ .‬و كّنا نخوض مع الخائضهين ‪ .‬و كّنها نكهّذب بيهوم الهّدين ‪ .‬حهتى‬
‫أتينا اليقين ‪.‬‬

‫ل نفهس بمها كسهبت رهينهة أى محبوسهة‬ ‫قال أمين السلم الطبرسى في تفسهير اليهة ‪ :‬كه ّ‬
‫بعملها مطالبة بما كسبته من طاعة أو معصية ‪ ،‬ثّم استثنى سبحانه أصههحاب اليميههن وهههم‬
‫سلم نحن و شيعتنا أصحاب اليمين ‪.‬‬ ‫الذين يعطون كتبهم بأيمانهم و قال الباقر عليه ال ّ‬

‫في جّنات يتسائلون ‪ ،‬أى يسأل بعضهههم بعضهها و قيههل ‪ :‬يسههألون عههن المجرميههن أى عههن‬
‫حالهم و عن ذنوبهم اّلتي استحقوا بها النار ‪.‬‬

‫ما سلككم في سقر ‪ ،‬هذا سؤال توبيخ أى تطلع أهل الجّنهة علهى أههل النهار فيقولهون ‪ :‬مها‬
‫أوقعكم في النار ‪.‬‬

‫قالوا لم نك من المصّلين ‪ ،‬أى كنا ل نصّلى الصلة المكتوبة على مهها قّررههها الشههرع ‪ ،‬و‬
‫ق به الّذم و العقاب ‪،‬‬
‫ن الخلل بالواجب يستح ّ‬
‫في هذا دللة على أ ّ‬

‫لنهم عّلقوا اسههتحقاقهم العقههاب بههالخلل بالصههلة ‪ ،‬و فيههه دللههة أيضهها علههى أنّ الكفههار‬
‫مخاطبون بالعبادات الشرعّية ‪ ،‬لنه حكايههة عههن الكفههار بههدليل قههوله ‪ :‬و كنهها نكهّذب بيههوم‬
‫الّدين ‪.‬‬

‫و قوله ‪ :‬و لم نك نطعم المسكين ‪ ،‬معناه لم نك نخرج الّزكوات اّلتى كانت واجبههة علينهها ‪،‬‬
‫و الكفارات التى وجب دفعها إلى المساكين ‪ ،‬و هم الفقراء ‪.‬‬
‫و كّنا نخوض مع الخائضين أى كّلما غوى غاو بالّدخول في الباطل غوينا معه و المعنههى‬
‫كنا نلوث أنفسنا في المرور بالباطل كتلويث الّرجل بالخوض ‪ ،‬فهؤلء لما كانوا يجههرون‬
‫ق مشيعين لهم فى القول كانوا خائضين معهم ‪.‬‬‫مع من يكّذب بالح ّ‬

‫و كنا نكّذب بيوم الّدين ‪ ،‬مع ذلك أى نجحد يوم الجزاء و هو يوم القيامة ‪.‬‬

‫حّتى أتينا اليقين ‪ ،‬أى أتانا الموت على هذه الحالة ‪ ،‬و قيل ‪ :‬حّتههى جاءنهها علههم اليقيههن مههن‬
‫ذلك بأن عايّناه ‪ ،‬هذا ‪.‬‬

‫سلم في قوله ‪ :‬لم نك من المصّلين ‪،‬‬


‫و فى الصافى عن الكافى عن الصادق عليه ال ّ‬

‫] ‪[ 327‬‬

‫ل فيهم ‪ :‬و السهابقون السهابقون اولئك‬ ‫سلم ‪ :‬لم نك من أتباع الئمة الذين قال ا ّ‬
‫قال عليه ال ّ‬
‫المقّربون ‪ ،‬أما ترى الناس يسّمون الذى يلى السابق في الحلبة مصّليا ‪ ،‬فههذلك الههذى عنههى‬
‫حيث قال ‪ :‬لم نك من المصّلين أى لم نك من أتباع السابقين ‪.‬‬

‫ي محّمد و الوصياء من بعده و لم نصهه ّ‬


‫ل‬ ‫ل وص ّ‬ ‫سلم يعنى أنا لم نتو ّ‬‫و عن الكاظم عليه ال ّ‬
‫ن المتقّدم تنزيلها وهذا تأويلها ‪.‬‬
‫عليهم ‪ ،‬و هذان ل ينافيان التفسير المتقّدم ل ّ‬

‫ت الورق ( أى تسههقطها مههن الّرقههاب سههقوط الوراق‬


‫ت الّذنوب ح ّ‬
‫) و ( الثالث ) انها لتح ّ‬
‫من الشجار ‪.‬‬

‫شههيخ باسههناده عههن سههلمان‬


‫كما وقع الّتصريح بههه فههي روايههة الوسههايل مههن مجههالس ابههن ال ّ‬
‫ل شههجرة فأخههذ غصههنا منههها‬ ‫ل عليه و آله فى ظه ّ‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫الفارسى قال ‪ :‬كّنا مع رسول ا ّ‬
‫ل صّلى‬ ‫فنفضه فتساقط ورقه فقال ‪ :‬أل تسألونى عّما صنعت ؟ فقالوا ‪ :‬أخبرنا يا رسول ا ّ‬
‫ن العبههد المسههلم إذا قهام إلههى الصههلة تحهاطت خطايههاه كمهها‬ ‫ل عليه و آله و سهّلم فقهال ‪ :‬إ ّ‬
‫ا ّ‬
‫تحاطت ورق هذه الشجرة ‪ ،‬هذا ‪.‬‬

‫سلم من قبيل تشبيه المعقول بالمحسوس ‪ ،‬و كذلك في قوله ‪:‬‬


‫و التشبيه في كلمه عليه ال ّ‬

‫) و تطلقها إطلق الّربق ( و الكلم على القلههب و المههراد أّنههها تطلههق أعنههاق النفههوس أى‬
‫تفّكها من أغلل الّذنوب إطلق أعناق البهايم من الرباق ‪.‬‬

‫ل عليههه و آلههه بالحمههة‬


‫ل صّلى ا ّ‬
‫و لّما ذكر إسقاطها للّذنوب أّيده بقوله ) و شّبهها رسول ا ّ‬
‫شبه بقوله ) فهو يغتسل منها ( و يطهر جسده‬ ‫تكون على باب الّرجل ( و أشار إلى وجه ال ّ‬
‫من الوساخ ) في اليوم و الّليلة خمس مّرات فما عسى أن يبقى عليه ( شيء ) من الّدرن‬
‫( و كذلك من صّلى الصلوات الخمس ل يبقى عليه شيء من الّذنوب ‪.‬‬

‫و قد تقّدم في شرح الخطبة المأة و التاسههعة روايههة متههن الحههديث الّنبههوى مههن الفقيههه عههن‬
‫ل عليه و آله و س هّلم إّنمهها مثههل الصههلة فيكههم‬‫سلم قال ‪ :‬قال الّنبي صّلى ا ّ‬
‫الصادق عليه ال ّ‬
‫كمثل السرى و هو النهر على باب أحدكم يخرج إليه في اليوم و الّليلة يغتسل منههه خمههس‬
‫مّرات فلم يبق الدرن على الغسل خمس مّرات ‪ ،‬و لههم يبههق الههذنوب علههى الصههلة خمههس‬
‫مّرات ‪.‬‬

‫] ‪[ 328‬‬

‫و الرابع ما أشار إليه بقوله ) و قد عرف حّقها ( و قدرها ) رجال مههن المههؤمنين ( و هههو‬
‫سهلم رئيسههم و سهّيدهم و أفضهلهم حسهبما تطلهع عليهه فهي الخبهار التيهة و ههم‬ ‫عليه ال ّ‬
‫ن المههال و‬
‫) الذين ل تشغلهم عنها زينة متاع و ل قّرة عين من ولد و ل مال ( لعلمهههم بههأ ّ‬
‫البنين زينة الحياة الدنيا و الباقيات الصالحات خير عند ربهم ثوابا و خير أمل ‪.‬‬

‫له أن ترفههع و يههذكر‬ ‫ل سبحانه ( في وصفهم في سورة الّنههور ‪ :‬فههي بيههوت أذن ا ّ‬
‫) يقول ا ّ‬
‫فيها اسمه يسّبح له فيها بالغدّو و الصال ) رجال ل تلهيهم تجارة و ل بيههع ( مههن عطههف‬
‫له و إقههام الصّههلوة و‬
‫الخاص على العام لشمول التجارة ساير أنواع المكاسب ) عن ذكر ا ّ‬
‫ايتاء الزكوة ( يخافون يوما تتقّلب فيه القلوب و البصار ‪.‬‬

‫ل عليه و آلههه و سهّلم لمهها قههرء‬


‫قال فى مجمع البيان ‪ :‬روى مرفوعا أّنه سئل الّنبي صّلى ا ّ‬
‫له‬
‫ل ص هّلى ا ّ‬ ‫ى بيوت هذه ؟ فقال ‪ :‬بيوتات النبياء ‪ ،‬فقام أبو بكر فقال ‪ :‬يا رسول ا ّ‬ ‫الية أ ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪ :‬نعم مههن‬ ‫ي و فاطمة ‪ ،‬قال صّلى ا ّ‬ ‫عليه و آله هذا البيت منها لبيت عل ّ‬
‫أفاضلها ‪.‬‬

‫و المراد بالّرفع التعظيم و رفع القدر من الرجاس و التطهير من المعاصى ‪،‬‬

‫و يذكر فيها اسمه أى يتلى فيههها كتههابه يسهّبح لههه فيههها بالغههدّو و الصههال أى يصهّلى فيههها‬
‫بالبكر و العشايا ‪ ،‬رجال ل تلهيهم ‪ ،‬أى ل تشههغلهم و ل تصههرفهم ‪ ،‬تجههارة و ل بيههع عههن‬
‫له و قيهل‬ ‫صهلة و ايتهاء الزكهاة أى إخلص الطاعهة ّ‬ ‫ل و إقام الصلة ‪ ،‬أى إقامة ال ّ‬ ‫ذكر ا ّ‬
‫يريد الزكاة المفروضة ‪.‬‬

‫و روى في كتاب غاية المرام من تفسير مجاهد و الى يوسف يعقوب بههن سههفين » كههذا «‬
‫ضوا إليها و تركوك قائم هًا إ ّ‬
‫ن‬ ‫قال ابن عّباس في قوله تعالى ‪ :‬و إذا رأوا تجارة أو لهوًا انف ّ‬
‫شههام بالمسههيرة فنههزل عنههد أحجههار الّزيههت ثهّم ضههرب‬
‫دحية الكلبي جاء يوم الجمعة مههن ال ّ‬
‫ى و الحسن و الحسين و فاطمة و سلمان‬ ‫ل عل ّ‬
‫بالطبول ليأذن بقدومه و مضوا الّناس اليه إ ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم قائما يخطب علههى‬
‫و أبوذر و المقداد و صهيب و تركوا الّنبي صّلى ا ّ‬
‫المنبر ‪،‬‬

‫ل يوم الجمعة إلى مسجدى فلو ل هههؤلء‬‫ل عليه و آله و سّلم لقد نظر ا ّ‬
‫فقال الّنبي صّلى ا ّ‬
‫الثّمانية اّلذين جلسوا في مسجدى لضطرمت المدينة على أهلها نارا و حصبوا بالحجارة‬
‫كقوم لوط ‪،‬‬

‫فنزل فيهم ‪ :‬رجال ل تلهيهم تجارة و ل بيع ‪.‬‬

‫و فيه عن محّمد بن العباس عن محّمد بن هّمام عن محّمد بن إسماعيل عن عيسى بن‬

‫] ‪[ 329‬‬

‫له عهّز و جهلّ‬ ‫سلم فههي قههول ا ّ‬ ‫داود قال ‪ :‬حّدثنا المام موسى بن جعفر عن أبيه عليهما ال ّ‬
‫له عليههه و آلههه و سهّلم بيههت‬‫ل أن ترفع الية قال ‪ :‬بيوت آل محّمد صهّلى ا ّ‬ ‫في بيوت أذن ا ّ‬
‫سههلم ‪ ،‬قلههت ‪ :‬بالغههدّو و‬‫ي و فاطمههة و الحسههن و الحسههين و حمههزة و جعفههر عليهههم ال ّ‬
‫عله ّ‬
‫صلة في أوقاتها ‪،‬‬
‫الصال ‪ ،‬قال ‪ :‬ال ّ‬

‫له و إقههام‬
‫ل عّز و جهل ‪ :‬رجهال ل تلهيههم تجهارة و ل بيهع عههن ذكههر ا ّ‬ ‫قال ‪ :‬ثّم وصفهم ا ّ‬
‫الصلوة و ايتاء الّزكوة يخافون يوما تتقّلب فيه القلوب و البصار ‪ ،‬قال ‪ :‬هههم الّرجههال لههم‬
‫له أحسهن مهها عملهوا و يزيههدهم مههن فضهله ‪،‬‬ ‫ل معهم غيرهم ‪ ،‬ثّم قال ‪ :‬ليجزيههم ا ّ‬‫يخلط ا ّ‬
‫قال ‪:‬‬

‫له يههرزق مههن‬


‫طاعة المفروضة و صهّير مههأواهم الجّنههة و ا ّ‬
‫صهم به من الموّدة و ال ّ‬
‫ما اخت ّ‬
‫يشاء بغير حساب ‪.‬‬

‫ل عليه و آله و سّلم فلقههد‬


‫ن في المحافظة على الصلة أسوة بالّنبي صّلى ا ّ‬ ‫) و ( الخامس ا ّ‬
‫ل التعب ‪.‬‬ ‫ل نصبا بالصلة ( أى تعبا بها ك ّ‬
‫) كان رسول ا ّ‬

‫له‬
‫حتى روى اّنه كان يصّلى الّليل كّله و يعّلق صدره بحبل حّتههى ل يغلبههه الّنههوم فعههاتبه ا ّ‬
‫على ذلك و أنزل عليه » طه ما أنزلنا عليههك القههرآن لتشههقى « و أمههره بههأن يخّفههف علههى‬
‫ل هذا الّتعب ‪.‬‬
‫نفسه و ذكر أّنه ما أنزل عليه الوحى ليتعب ك ّ‬

‫روى فى الصافى من الحتجاج عن الكاظم عن أبيه عن آبائه عن أميههر المههؤمنين عليهههم‬


‫له عليههه و آلههه و سهّلم عشههر سههنين علههى أطههراف‬
‫ل صهّلى ا ّ‬
‫سلم قال ‪ :‬لقد قام رسول ا ّ‬‫ال ّ‬
‫له‬
‫أصابعه حّتى توّرمت قدماه و اصفّر وجهه يقوم الّليل أجمع حّتى عوتب في ذلك فقال ا ّ‬
‫ل طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى بل لتسعد ‪.‬‬ ‫عّز و ج ّ‬
‫قيل ‪ :‬الشقاء شايع بمعنى الّتعب و منه أشقى من رايضالمهر و سّيد القوم أشقاهم ‪ ،‬و لعّله‬
‫عدل اليه للشعار بأّنه انزل إليه ليسعد ‪.‬‬

‫صههلة شههوقا إلههى‬


‫و قوله ) بعد التبشير له بالجّنة ( إشارة إلى أّنه لم يكن مههواظبته علههى ال ّ‬
‫ل التعههب‬‫الجّنة و ل خوفا من الّنار بل قد كان نصبا بها مع وجود تلههك البشههارة متحمل كه ّ‬
‫ل سبحانه ( و أمره له بالصبر عليها في سورة طه حيث قال ‪:‬‬ ‫امتثال ) لقول ا ّ‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬هه ه ههههه ه هههه ه ههههه ه هههههه ه‬
‫هههه ه ههههه ههههه ‪.‬‬

‫] ‪[ 330‬‬

‫) و أمر أهلك بالصلة و اصطبر عليها ( ل نسئلك رزقا ‪ .‬نحن نرزقك و العاقبههة للّتقههوى‬
‫‪.‬‬

‫قال في مجمع البيان ‪ :‬معناه و أمر يا محّمد أهل بيتك و أهل دينك بالصلة و اصبر علههى‬
‫فعلها ‪ ،‬و فى الصافى و داوم عليها ‪ ،‬ل نسألك أن تههرزق نفسههك و ل أهلههك ‪ ،‬بههل كّلفنههاك‬
‫العبادة و أداء الّرسالة و ضمنا رزق الجميع ‪ ،‬نحن نرزقك و إّياهم ففّرغ بالك للخرة ‪،‬‬

‫و العاقبة المحمودة لذوى التقوى ‪.‬‬

‫له‬
‫قال فى مجمع البيان روى أبو سعيد الخدرى قال ‪ :‬لّما نزلت هههذه اليههة كههان رسههول ا ّ‬
‫ل صلة فيقههول ‪ :‬الصههلة‬ ‫ي تسعة أشهر عند ك ّ‬ ‫ل عليه و آله يأتي باب فاطمة و عل ّ‬ ‫صّلى ا ّ‬
‫ل ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطّهركم تطهيرًا ‪.‬‬ ‫ل إّنما يريد ا ّ‬
‫رحمكم ا ّ‬

‫ن لهله‬
‫ص أهله دون الّناس ليعلم الّناس أ ّ‬
‫ل أن يخ ّ‬ ‫سلم أمره ا ّ‬
‫قال و قال أبو جعفر عليه ال ّ‬
‫صة ‪.‬‬‫ل منزلة ليست للّناس ‪ ،‬فأمرهم مع الّناس عاّمة ثّم أمرهم خا ّ‬‫عند ا ّ‬

‫له هههذه‬
‫صههنا ا ّ‬
‫سههلم فههي هههذه اليههة قههال ‪ :‬خ ّ‬
‫و فى الصافى من العيون عن الّرضا عليه ال ّ‬
‫له‬
‫صنا مههن دون الّمههة فكههان رسههول ا ّ‬ ‫صلة ثّم خ ّ‬ ‫الخصوصّية إذ أمرنا مع الّمة باقامة ال ّ‬
‫ى و فاطمة بعد نزول هذه الية تسعة أشهر‬ ‫ل عليه و آله و سّلم يجىء إلى باب عل ّ‬ ‫صّلى ا ّ‬
‫له‬
‫له و مهها أكههرم ا ّ‬
‫صلة رحمكههم ا ّ‬ ‫ل صلة خمس مّرات فيقول ‪ :‬ال ّ‬ ‫ل يوم عند حضور ك ّ‬ ‫كّ‬
‫صنا مههن دون جميههع أهههل‬ ‫أحدا من ذرارى النبياء بمثل هذه الكرامة اّلتي أكرمنا بها و خ ّ‬
‫بيتهم ‪.‬‬
‫ل عليه و آله و سّلم ) يأمر ( بها ) أهله و يصّبر عليها نفسههه ( أى يههأمر‬
‫) فكان ( صّلى ا ّ‬
‫نفسه بالصبر و التحّمل على تعبها ‪ ،‬هذا ‪.‬‬

‫صههلة و آدابههها و‬
‫و قد تقّدم في شرح الخطبة المأة و التاسههعة تفصههيل الكلم فههي فضههل ال ّ‬
‫أسرارها و عقاب تاركها ‪ .‬فليراجع هناك ‪.‬‬

‫ع ععع ععععع عععععع‬

‫صلة قربانا لهل السلم (‬


‫ن الزكاة جعلت مع ال ّ‬
‫فقد أشار اليه بقوله ) ثّم إ ّ‬

‫] ‪[ 331‬‬

‫صلة قربانا للمسلمين يتقّربون بها إليه تعالى ‪ ،‬جعههل الزكههاة‬


‫ل سبحانه ال ّ‬‫يعني كما جعل ا ّ‬
‫أيضا قربانا لهم مثلها ‪.‬‬

‫صلة في أكثر آيات كتههابه العزيههز بههالمر‬ ‫ل على ذلك أّنه سبحانه عّقب المر باقام ال ّ‬ ‫و يد ّ‬
‫صلة في المطلوبّية ‪.‬‬ ‫بايتاء الّزكاة ‪ ،‬فجعل الزكاة تالي ال ّ‬

‫صدوق باسههناده عههن المجاشههعي عههن الّرضهها عليههه‬


‫و يشهد به أيضا ما في الوسايل عن ال ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم قال ‪ :‬بني السلم على خمههس‬ ‫ل صّلى ا ّ‬
‫سلم عن آبائه عن رسول ا ّ‬‫ال ّ‬
‫خصال ‪:‬‬

‫شهادتين ‪ ،‬و القرينتين ‪ ،‬قيل له ‪ :‬أّما الشهادتان فقد عرفناهما ‪ ،‬فما القرينتان ؟‬
‫على ال ّ‬

‫ج الههبيت مههن‬
‫ل بالخرى ‪ ،‬و الصههيام و ح ه ّ‬
‫صلة و الّزكاة ‪ ،‬فاّنه ل يقبل إحداهما إ ّ‬
‫قال ‪ :‬ال ّ‬
‫استطاع إليه سبيل ‪ ،‬و ختم ذلك بالولية ‪.‬‬

‫و قد مضي الكلم في فضلها و عقوبة تاركها و أقسامها في شرح الخطبة المأة و التاسعة‬
‫بما ل مزيد عليه فليراجع ثّمة ‪.‬‬

‫و لما ذكر كونها قربانا لهل السلم نّبه على شرط قربانّيتها و هو كون اتيانها عن وجه‬
‫الخلوص و طيب النفس ‪ ،‬و سّر ذلك مهها قهّدمناه فههي شههرح الخطبههة اّلههتي أشههرنا اليههه ‪ ،‬و‬
‫ل و كمال توحيده عبههارة‬ ‫ب عّز و ج ّ‬
‫ن السلم موقوف على توحيد الر ّ‬ ‫صل ما قّدمناه أ ّ‬
‫مح ّ‬
‫عن الخلص له ‪ ،‬و معنى الخلص إفراده بالمعبودّية و المحبوبّية و اخلء القلههب عههن‬
‫محّبة ما سواه فل يجتمع محبة المال مع محّبته تعالى ‪.‬‬

‫ن ) من أعطاها طّيب النفس بها ( حّبها لهه تعهالى و امتثهال لمهره و‬ ‫) ف ( علم من ذلك أ ّ‬
‫ل ) فانها ( حينئذ تقّربه إليه و توجب حّبه تعههالى لههه‬
‫ابتغاء لمرضاته و تقّربا إليه عّز و ج ّ‬
‫و القرب و الّزلفى لديه و ) تجعل له ( من الّذنوب ) كفارة و من النههار حجههازا و وقايههة (‬
‫أى حاجزا مانعا من النار و وقاية من غضب الجبار ‪.‬‬

‫سههلم قههال ‪ :‬خيههاركم سههمحاؤكم و‬


‫كما يشهد به مهها رواه فههي الفقيههه عههن الصههادق عليههه ال ّ‬
‫شراركم بخلؤكم ‪ ،‬و من خالص اليمان البّر بالخوان ‪ ،‬و السعى فههى حههوائجهم ‪ ،‬و ا ّ‬
‫ن‬
‫الباّر بالخوان ليحّبه الّرحمن ‪ ،‬و في ذلك مرغمة للشيطان ‪ ،‬و تزحزح عن النيران‬

‫] ‪[ 332‬‬

‫سلم لجميل ‪ :‬يا جميل أخبر بهذا غرر ‪ 1‬أصحابك ‪ ،‬قلت ‪:‬‬
‫و دخول الجنان ثّم قال عليه ال ّ‬

‫جعلت فداك من غرر أصحابي ؟ قال ‪ :‬هم الباّرون بالخوان فى العسر و اليسر ‪ ،‬ثّم قههال‬
‫ل فى ذلك صههاحب القليههل‬ ‫ن صاحب الكثير يهّون عليه ذلك و إنما مدح ا ّ‬ ‫‪ :‬يا جميل اعلم أ ّ‬
‫فقال فى كتابه و يؤثرون علههى انفسهههم و لههو كههان بهههم خصاصههة و مههن يههوق شهحّ نفسههه‬
‫فاولئك هم المفلحون ‪.‬‬

‫لزم أن ) ل يتبعنها أحد ( من المعطين لها ) نفسه و ل يكثرنّ عليههها‬ ‫و بعد ذلك ) ف ( ال ّ‬
‫ن اتباع الّنفس و إكثههار الّلهههف كاشههف عههن محّبتههه لههها و هههو ينههافى‬ ‫سره ‪ ،‬ل ّ‬ ‫لهفه ( و تح ّ‬
‫ن مههن‬‫محّبتههه تعههالى فكيههف يتقهّرب باعطائههها إليههه و يبتغههي القههرب و الّزلفههى لههديه ) فهها ّ‬
‫أعطاها ( على وجه الكراه ) غير طّيب الّنفس بها ( و الحال أّنه ) يرجو ( و يتوّقع ) بها‬
‫ل تعالى و الخلد في جنهانه ) فههو ( كهاذب فهى دعهوى‬ ‫ما هو أفضل منها ( من رضوان ا ّ‬
‫له‬
‫سنة فى أدائها أن يكههون بطيههب النفههس ‪ ،‬و لههذلك مههدح ا ّ‬ ‫ن ال ّ‬
‫سنة ( ل ّ‬
‫المحّبة ) جاهل بال ّ‬
‫الباذلين للمال كههذلك بقههوله و يههؤثرون علههى أنفسهههم و لههو كههان بهههم خصاصههة و قههوله و‬
‫ل ه ل نريههد منكههم‬ ‫يطعمون الطعام على حّبه مسكينًا و يتيمًا و أسيرًا ‪ .‬إّنما نطعمكم لوجه ا ّ‬
‫جزاًء و ل شكورًا ‪.‬‬

‫ن الجر مترّتب على العمل ‪ ،‬فاذا كههان العمههل ل علههى وجههه الّرضهها‬‫) مغبون الجر ( ل ّ‬
‫يكون الجزاء المترّتب عليه كذلك ‪ ،‬و من هنا قيل ‪ :‬كما تدين تدان ‪ ،‬و قههد قههال سههبحانه و‬
‫ل و ما آتيتم من زكوة تريدون وجه‬ ‫ما آتيتم من ربا ليربو فى أموال الناس فل يربو عند ا ّ‬
‫ل فاولئك هم المضعفون ‪.‬‬ ‫ا ّ‬

‫ل العمل ( حيث أتا به على غير الوجه المطلوب شرعا ) طويل الّندم ( فههي الخههرة‬‫) ضا ّ‬
‫على ما فّوته على نفسه من الجر الجزيل و الجزاء الجميل‬

‫‪-----------‬‬
‫هه ههه هه ه هههه ه‬
‫) ‪ ( 1‬ههه ههه ه هه هههه ه ه ه‬
‫ه‬
‫] ‪[ 333‬‬

‫ع ععع ععععع عععععع‬

‫له المحافظههة عليههها مههن وصههف‬


‫فهو ما أشار إليه بقوله ) ثهّم أداء المانههة ( اّلههتى جعههل ا ّ‬
‫المؤمنين الموصوفين فى قوله قد أفلح المؤمنون ‪ .‬الذينهم فى صلوتهم خاشعون إلى قههوله‬
‫و الذينهم لماناتهم و عهدهم راعون و الخبار فى فضلها بالغة حّد الستفاضة ‪.‬‬

‫سلم قال ‪:‬‬


‫ل عليه ال ّ‬
‫منها ما فى البحار من الكافى عن الحسين بن أبى العل عن أبيعبد ا ّ‬

‫ل بصدق الحديث و أداء المانة إلى البّر و الفاجر ‪.‬‬


‫ل لم يبعث نبّيا إ ّ‬
‫ل عّز و ج ّ‬
‫نا ّ‬
‫إّ‬

‫سلم قال ‪:‬‬


‫و من قرب السناد عن ابن طريف عن ابن علوان عن جعفر عن أبيه عليه ال ّ‬

‫ل عليه و آله ‪ :‬المانة تجلب الغنى و الخيانة تجلب الفقر ‪.‬‬


‫ل صّلى ا ّ‬
‫قال رسول ا ّ‬

‫له و‬
‫سههلم يقههول ‪ :‬اّتقههوا ا ّ‬
‫و من المالى عن عمر بن يزيد قال ‪ :‬سمعت الصههادق عليههه ال ّ‬
‫ن قاتل أمير المؤمنين ائتمننى على أمانة لّديتها‬ ‫عليكم بأداء المانة إلى من ائتمنكم ‪ .‬فلو أ ّ‬
‫إليه ‪.‬‬

‫سههلم يقههول‬
‫سههلم قههال ‪ :‬سههمعته عليههه ال ّ‬‫ي بههن الحسههين عليهمهها ال ّ‬
‫و عههن الثمههالى عههن عله ّ‬
‫ن قاتههل أبههي الحسههين بههن‬
‫ق نبّيا لو أ ّ‬
‫لشيعته ‪ :‬عليكم بأداء المانة فو الذى بعث محّمدا بالح ّ‬
‫سلم ائمننى على السيف الذى قتله به لّديته إليه ‪.‬‬ ‫ي عليهما ال ّ‬ ‫عل ّ‬

‫سههلم عههن الّنههبي‬‫و عن أحمد بن محّمد الهمداني عن أبي جعفر الّثانى عههن آبههائه عليهههم ال ّ‬
‫جو‬
‫ل عليه و آله و سّلم قال ‪ :‬ل تنظروا إلى كثرة صلتهم و صومهم و كثرة الح ه ّ‬ ‫صّلى ا ّ‬
‫المعروف و طنطنتهم بالّليل ‪ ،‬و لكن انظروا إلى صدق الحديث و أداء المانة ‪.‬‬

‫ب العباد إلى‬
‫سلم قال ‪ :‬سمعته يقول ‪ :‬أح ّ‬ ‫و عن الحسين بن أبي العل عن الصادق عليه ال ّ‬
‫ل عليه مع أداء‬‫ل رجل صدوق في حديثه محافظ على صلته و ما افترض ا ّ‬ ‫ل عّز و ج ّ‬ ‫ا ّ‬
‫ل ألف عقدة من عنقه من‬ ‫سلم ‪ :‬من اؤتمن على أمانة فأّداها فقد ح ّ‬ ‫المانة ‪ ،‬ثّم قال عليه ال ّ‬
‫ن من اؤتمن على أمانة وّكل بههه إبليههس مههأة شههيطان‬ ‫عقد الّنار ‪ ،‬فبادروا بأداء المانة ‪ ،‬فا ّ‬
‫ل‪.‬‬‫ل عّز و ج ّ‬‫ل من عصم ا ّ‬ ‫من مردة أعوانه ليضّلوه و يوسوسوا إليه حّتى يهلكوه إ ّ‬

‫] ‪[ 334‬‬
‫) فقد ( علم من ذلك أّنه ) خاب من ليس من أهلها ( أى خسر في الدنيا و في الخههرة مههن‬
‫ن الخيانة حسبما عرفههت تجلههب الفقههر فههي‬
‫لم يكن من أهلها ‪ ،‬بل كان من أهل الخيانة ‪ ،‬فا ّ‬
‫الّدنيا و النار في العقبى و خسر أهلها خسرانا عظيما ‪.‬‬

‫و ان شئت أن تعرف عظم الخطب و مزيد ثقل الّتكليف فيها فاستمع لمهها يتلههى عليههك مههن‬
‫قوله ‪:‬‬

‫سماوات المبنّية و الرضين المهدحّوة ( المبسههوطة علههى المههاء ) و‬ ‫) إّنها عرضت على ال ّ‬
‫الجبال ( الّراسيات ) ذات الطول المنصوبة ( المرفوعههة علههى الرض و لكّنههها مههع أّنههها‬
‫ل في الكههون ) فل أطههول و ل أعههرض و ل أعلههى و ل أعظههم‬ ‫ل عّز و ج ّ‬‫أعظم ما خلق ا ّ‬
‫منها ( امتنعههن مههن حمهل هههذا التكليهف ‪ ،‬أى تكليهف المانهة و أبيههن أن يحملنهها لثقلههها و‬
‫صعوبتها ل للعظمة و الستكبار عن الطاعة ‪ ،‬بل للخوف و الشفاق من المعصية ‪.‬‬

‫ن أولههى بالمتنههاع بمهها‬


‫) و لو امتنع شيء بطول أو عرض أو قّوة أو عّز لمتنعن ( بل كه ّ‬
‫ن ) و لكن أشفقن مههن العقوبههة و غفلههن مهها‬ ‫ن من أوصاف العظمة التي ليست في غيره ّ‬ ‫له ّ‬
‫جهل من هو أضعف منهن و هو النسان ( فحملههها مههع مهها بههه مههن الضههعف و النقصههان‬
‫) اّنه كان ظلوما جهول ( قال الشارح البحرانى ‪ :‬و ذكر كون السماوات مبنّية و الرض‬
‫مههدحّوة و الجبههال بطولههها و عرضههها و عظمتههها ‪ ،‬تنههبيه للنسههان علههى جرئتههه علههى‬
‫المعاصى و تضييع هذه المانة إذا هى لها و حملها و تعجب منه في ذلك ‪ ،‬فكهأّنه يقههول ‪:‬‬
‫إذا كانت هذه الجرام العلوية التي ل أعظم منها قد امتنعهت مهن حمهل ههذه المانهة حيهن‬
‫عرضت عليها فكيف حملها من هو أضعف منها ‪.‬‬

‫أقول ‪ :‬تحقيق هذا المقام يحتاج إلى بسط الكلم ‪.‬‬

‫ل تعالى في سورة الحزاب إّنا عرضنا المانة على السههموات و الرض و الجبههال‬ ‫قال ا ّ‬
‫ل‪.‬‬‫فأبين أن يحملنها و أشفقن منها و حملها النسان اّنه كان ظلومًا جهو ً‬

‫سرين كالخبار في تفسير هذه الية في مواضع ‪:‬‬


‫و قد اختلف أقوال المف ّ‬

‫] ‪[ 335‬‬

‫ععععع‬

‫ن المراد بالمانة المعروضة ما ذا ؟‬


‫أّ‬

‫ل بههه مهن طهاعته و نهههى عنههه مهن معصهيته ‪ ،‬و بعبههارة اخهرى ههى‬
‫فقيل ‪ :‬هي ما أمر ا ّ‬
‫ل سهبحانه لمها اقتضهت عنهايته‬
‫التكاليف و الحكام الشرعّية المطلوبة من النسان ‪ ،‬فانّ ا ّ‬
‫ليجاد هذه العبادة المخصوصة ‪ ،‬و أن يجعل في الرض خليفة لعمارتها ‪ ،‬خلق النسههان‬
‫و جعله واسطة بين الملك و الحيوان ‪ .‬فهو كالحيوان في الشهههوة و الغضههب و التناسههل و‬
‫ساير القوى البدنّية المخصوصة بالحيوان ‪ ،‬و كالملك في العقل و العلم و العبههادة و سههاير‬
‫الكمالت النفسانّية ‪ ،‬فلو كان خاليا من العقل و الفهم لم يتأهل لمعرفته و عبههادته الخاصههة‬
‫كساير أصناف الحيوان ‪ ،‬و لو كان خاليهها عهن الشهههوة و الغضهب مثههل الملهك لههم يصهلح‬
‫له للملئكههة إّنههى أعلههم مهها ل تعلمههون فههاذا هههذه‬
‫لعمارة الرض و خلفته ‪ .‬و لههذلك قهال ا ّ‬
‫ل النسان ‪ ،‬و هى المراد بالمانة في الية ‪.‬‬ ‫العبادة الخاصة ل يصلح لها إ ّ‬

‫صههلة‬‫سلم إذا حضر وقت ال ّ‬ ‫ن علّيا عليه ال ّ‬


‫و يؤيد هذا القول ما في الصافى من العوالى أ ّ‬
‫يتململ و يتزلزل و يتلّون فيقال له ‪ :‬ما لك يا أمير المؤمنين ؟ فيقول ‪ :‬جاء وقههت الصههلة‬
‫له علهى السهموات و الرض و الجبهال فهأبين أن يحملنهها و أشههفقن‬ ‫وقت أمانة عرضها ا ّ‬
‫منها ‪.‬‬

‫و قيل ‪ :‬هى أمانات الناس و الوفاء بالعهود ‪.‬‬

‫له‬
‫و يؤيده ما فى البحار من مشكاة النوار نقل من كتاب المحاسن قال ‪ :‬و سئل أبو عبد ا ّ‬
‫ن؟‬‫ل إّنا عرضنا المانة الية ما الذى عرض عليه ّ‬
‫ل عّز و ج ّ‬
‫سلم عن قول ا ّ‬‫عليه ال ّ‬

‫ن المانهة بيهن النههاس‬


‫و ما الذى حمل النسان ؟ و ما كان هذا ؟ قال ‪ :‬فقال ‪ :‬عرض عليه ّ‬
‫و ذلك حين خلق الخلق ‪.‬‬

‫ي أّد المانة يسلم لههك دنيههاك و آخرتههك و‬


‫و عن بعض أصحابه رفعه قال ‪ :‬قال لبنه يا بن ّ‬
‫كن أمينا تكن غنّيا ‪.‬‬

‫ن المراد بها المامة قال فى تفسير القّمي ‪ :‬المانة هى المامة‬


‫و قيل ‪ :‬إ ّ‬

‫] ‪[ 336‬‬

‫له‬
‫نا ّ‬‫ل للئّمههة ا ّ‬
‫ل عّز و ج ّ‬
‫ن المانة هى المامة قول ا ّ‬‫و المر و الّنهى ‪ ،‬و الدليل على أ ّ‬
‫يأمركم أن تؤّدوا المانات إلى أهلها يعنى المامة ‪ ،‬فالمانة هههى المامههة عرضههت علههى‬
‫السماوات و الرض و الجبال فأبين أن يحملنها أن يّدعوها أو يغصههبوها أهلههها و أشههفقن‬
‫منها ‪ ،‬و حملها النسان ‪ ،‬يعنى الّول إّنه كان ظلوما جهول ‪ ،‬انتهى ‪.‬‬

‫و يدل على ذلك أخبار كثيرة مثل ما فى البحار من كنز الفوايد عن إسحاق ابن عّمار عن‬
‫سلم فى هذه الية ‪ ،‬قال ‪ :‬يعنى ولية أمير المؤمنين ‪.‬‬
‫ل عليه ال ّ‬
‫أبى عبد ا ّ‬
‫سههلم عههن‬
‫و من جامع الخبار و العيون عن الحسين بن خالد قال ‪ :‬سألت الّرضا عليههه ال ّ‬
‫ق فقد‬
‫ل إّنا عرضننا المانة الية قال ‪ :‬المانة الولية من اّدعاها بغير ح ّ‬
‫ل عّز و ج ّ‬
‫قول ا ّ‬
‫كفر ‪.‬‬

‫ل ه عهّز‬
‫سلم عن قول ا ّ‬‫ل عليه ال ّ‬
‫و من جامع الخبار عن أبي بصير قال ‪ :‬سألت أبا عبد ا ّ‬
‫ل إّنا عرضنا المانة الية قال ‪ :‬المانة الولية و النسان أبو الشرور المنافق ‪.‬‬
‫وجّ‬

‫له تبههارك و تعههالى إّنهها‬


‫سههلم فههي قههول ا ّ‬
‫و من البصاير عن جابر عن أبههي جعفههر عليههه ال ّ‬
‫عرضههنا المانههة علههى السههموات و الرض و الجبههال فههأبين أن يحملنههها و أشههفقن قههال ‪:‬‬
‫الولية أبين أن يحملنها كفرا بها ‪ ،‬و حملها النسان ‪ ،‬و النسهان الهذى حملهها أبهو فلن ‪.‬‬
‫إلى غير هذه مما ل نطيل بروايتها ‪.‬‬

‫سلم يكون‬ ‫ي بعد رواية هذه الّروايات ‪ :‬على تأويلهم عليهم ال ّ‬ ‫قال المحّدث العلمة المجلس ّ‬
‫اللم في النسان للعهد و هو أبو الشرور أى أبو بكر أو للجنس و مصداقه الّول في هههذا‬
‫الباب أبو بكهر ‪ ،‬و المهراد بالحمهل الخيانهة ‪ ،‬و المهراد بالوليهة الخلفهة و ادعائهها بغيهر‬
‫سماوات و الرض أو عليهما بأن يبّين لهههم عقوبههة ذلههك و‬ ‫ق ‪ ،‬فعرض ذلك على أهل ال ّ‬ ‫حّ‬
‫ل هذا المنافق و أضرابه حيث حملوا ذلك مع مهها بّيههن‬ ‫قيل لهم ‪ :‬هل تحملون ذلك ‪ ،‬فأبوا إ ّ‬
‫لهم من العقاب المترّتب عليه‬

‫عععععع‬

‫سماوات و الرض ‪.‬‬


‫اختلفوا في المراد بعرض المانة على ال ّ‬

‫] ‪[ 337‬‬

‫سههماء و إّنههه تعههالى لّمهها خلههق هههذه‬


‫ن المراد بههه عرضههها علههى نفههس الرض و ال ّ‬‫فقيل ‪ :‬إ ّ‬
‫الجرام خلق فيها فهما و قال ‪ :‬إّنى فرضت فريضهة و خلقهت جّنهة لمهن أطهاعني و نهارا‬
‫خرات لمههرك ل نحتمههل فريضههة و ل نبتغههى ثوابهها و ل‬ ‫لمن عصاني ‪ :‬فقلههن ‪ :‬نحههن مسه ّ‬
‫عقابا ‪ ،‬و لّما خلق آدم عرض عليه مثل ذلك فحمله و كان ظلوما لنفسه بتحّملههها مهها يشه ّ‬
‫ق‬
‫عليها ‪ ،‬جهول لو خامة عاقبته ‪.‬‬

‫ي عن ابن عّبههاس و يههدلّ‬


‫سماوات و الرض مرو ّ‬
‫و هذا القول أعني عرضها على نفس ال ّ‬
‫سلم في المتن حيث قال ‪ :‬و عقلن ما جهل من هو‬‫عليه ظاهر كلم أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫ن‪.‬‬
‫أضعف منه ّ‬

‫و يشهد به أيضا ما رواه فى البحار و غايهة المهرام مهن منهاقب أبهى بكهر الشهيرازى فهى‬
‫سلم بالسناد عن مقاتل عن محّمد بن حنفّية عهن أميهر‬ ‫ى عليه ال ّ‬
‫نزول القرآن فى شأن عل ّ‬
‫له أمههانتي علههى السههماوات السههبع‬ ‫المؤمنين فى قههوله » إّنهها عرضههنا المانههة « عههرض ا ّ‬
‫بالثواب و العقاب فقلن ربنا ل نحملنههها بههالثواب و العقههاب و لكنهها نحملههها بل ثههواب و ل‬
‫ل عرض أمانتي و وليتي على الطيور ‪ ،‬فأّول من آمن بها الهبزاة الهبيض‬ ‫نا ّ‬
‫عقاب ‪ ،‬و ا ّ‬
‫ل تعالى من بين الطيور ‪ ،‬فأما اليههوم‬ ‫و القنابر و أّول من جحدها البوم و العنقا ‪ ،‬فلعنهما ا ّ‬
‫له‬
‫نا ّ‬ ‫فل تقدر أن تظهر بالنهار لبغض الطيههر لههها ‪ ،‬و أمهها العنقهها فغههابت فههى البحههار و إ ّ‬
‫ل بقعة آمنت بوليتى جعلها طيبة زكية و جعههل نباتهها و‬ ‫عرض أمانتى على الرضين فك ّ‬
‫ل بقعههة جحههدت إمههامتى و أنكههرت وليههتى‬ ‫ثمرتها حلوا عذبا و جعههل ماءههها زلل ‪ ،‬و كه ّ‬
‫جعلها سبخا و جعل نباتها مّرا علقما ‪ ،‬و جعل ثمرها العوسج و الحنظل ‪ ،‬و جعهل ماءهها‬
‫ملحا اجاجا ثّم قال ‪ :‬و حملها النسان ‪ ،‬يعنى امتك يا محّمد ولية أمير المؤمنين و امامته‬
‫بما فيها من الثواب و العقاب ‪ ،‬إنه كان ظلومهها لنفسههه جههول لمههر رّبههه ‪ ،‬مهن لهم يؤّدههها‬
‫بحّقها ظلوم غشوم ‪.‬‬

‫ن المراد بالمانة التكليف بالعبودّية على وجهها و التقّرب بههها إلههى‬‫صل هذا القول أ ّ‬
‫و مح ّ‬
‫ل عبد بحسب استعداده لها ‪ ،‬و أعظمها الولية و الخلفة اللهّيههة‬ ‫ل سبحانه كما ينبغى لك ّ‬
‫ا ّ‬
‫‪ ،‬ثّم تسليم من لم يكن من أهلها لهلها و عدم اّدعاء منزلتها لنفسه ‪ ،‬ثّم ساير‬

‫] ‪[ 338‬‬

‫التكههاليف الشههرعية ‪ ،‬و المههراد بعرضههها علههى السههماوات و الرض و الجبههال اعتبارههها‬
‫ن البهاء الطهبيعى الهذى ههو عبهارة عهن عهدم الّلياقهة و‬
‫ن و بابائه ّ‬
‫بالضافة إلى استعداده ّ‬
‫الستعداد ‪،‬‬

‫و بحمل النسان قابلّيته و استعداده لها و تحّمله إياها و كونه ظلوما جهول ‪ ،‬تقصيره فههى‬
‫أدائها لما غلب عليه من القّوة الشهوّية و الغضبية ‪.‬‬

‫ن المراد العرض على أهلها فحذف المضاف و اقيم المضاف اليه مقامه ‪،‬‬
‫و قيل ‪ :‬إ ّ‬

‫ن في تضييع المانة الثم العظيم ‪ ،‬و كذلك فى تههرك‬ ‫و عرضها عليهم هو تعريفها إياهم ا ّ‬
‫ل و احكامه ‪ ،‬فبّين سبحانه جرءة النسان على المعاصههى و اشههفاق الملئكههة مههن‬ ‫أوامر ا ّ‬
‫ذلههك ‪ ،‬فيكههون المعنههى عرضههنا المانههة علههى أهههل السههماوات و الرض و الجبههال مههن‬
‫ن أن يحملوا تركههها و عقابههها و المههآثم فيههها و أشههفقن‬
‫ن و النس فابى أهله ّ‬ ‫الملئكة و الج ّ‬
‫أهلها من حملها ‪ ،‬و حملها النسان إنههه كهان ظلومهها لنفسههه بارتكهاب المعاصههى ‪ ،‬جههول‬
‫بموضع المانة فى استحقاق العقاب على الخيانة فيها ‪.‬‬

‫ن الواقع أبلغ من المقهّدر ‪،‬‬


‫ل أنه جرى عليه لفظ الواقع ‪ ،‬ل ّ‬
‫و قيل ‪ :‬إنه على وجه التقدير ا ّ‬
‫و المعنى انه لو كانت السماوات و الرض و الجبال عاقلة ثهّم عرضههت عليههها المانههة و‬
‫هى وظايف الّدين اصول و فروعا و بما فيها مهن الوعهد و الوعيهد ‪ ،‬لسهتثقلت ذلهك مهع‬
‫كبر أجسامها و شّدتها و قّوتها و لمتنعت من حملها خوفا من القصههور عههن أداء حّقههها ‪،‬‬
‫ثّم حملها النسان مع ضعف جسمه و لم يخف الوعيد لظلمه و جهله ‪.‬‬

‫عععععع‬

‫قوله ‪ :‬و حملها النسان ‪.‬‬

‫له عليههه و‬‫المراد بالنسان إّما نوع النسان أى بنو آدم ‪ ،‬أو خصوص اّمة محّمههد صهّلى ا ّ‬
‫آله و سّلم ‪ ،‬فالمراد بحملهم لها قبولهم للتيان بما كّلف عليهم من الطاعات و العبههادات و‬
‫التسليم لمامة أئمة الدين ‪ ،‬و كونه ظلوما جهول لعدم خروجهم عن عهدة التكليف و عدم‬
‫وفائهم بما حملوه من طاعة الئّمة و تقصيرهم فههي أداء المانههة ‪ ،‬و هههو وصههف للجنههس‬
‫باعتبههار أغلههب أفههراده إذ النبيههاء و الوليههاء و المؤمنههون القههائمون بوظههايف العبودّيههة‬
‫الّراعون‬

‫] ‪[ 339‬‬

‫لعهد المامة خارجون من عموم الية قطعا ‪.‬‬

‫و إّما خصوص فرد منه و هو أبو بكر حسبما تقّدم في الخبههار ‪ ،‬و عليههه فههالمراد بحملههه‬
‫للمانة أى الخلفة اّدعائه لها لنفسه من غير استحقاق و أهلّية ‪ ،‬و بعبارة اخرى خيانته و‬
‫تقصيره فيها و ظلمه على من كان مستحّقا به و جهله بمرتبة نفسه حيث وضعها موضعا‬
‫ليس له ‪.‬‬

‫سلم ‪ ،‬و اعترض عليه في مجمع البيههان بقههوله‬ ‫ن المراد بالنسان هو آدم عليه ال ّ‬
‫و قيل ‪ :‬إ ّ‬
‫ل أصطفى آدم « فكيف يكههون‬ ‫نا ّ‬
‫و ل يجوز أن يكون النسان محمول على آدم لقوله » ا ّ‬
‫ل من بين خلقه موصوفا بالظلم و الجهل ‪.‬‬ ‫من اصطفاه ا ّ‬

‫هذا تفصيل ما قيل أو يقال في تفسير الية الشريفة ‪ ،‬و قد ظهر منه اختلفهههم فههي المههراد‬
‫بالمانة المذكورة فيها على أقوال ‪.‬‬

‫ن المهراد بهها خصهوص المانهة‬ ‫سهلم فالظهاهر أ ّ‬‫و أّمها فهي كلم أميهر المهؤمنين عليهه ال ّ‬
‫ن الظههاهر ذلههك ‪،‬‬‫المعهودة بين الخلق حسبما عرفتها فى الخبار المتقّدمة ‪ ،‬و اّنما قلنا ‪ :‬إ ّ‬
‫لشعار تقديم ذكر الصلة و الزكههاة عليههها علههى عههدم كههون المههراد بههها مطلههق التكههاليف‬
‫صلة و الزكاة القسيم لهما ‪.‬‬ ‫الشرعّية ‪ ،‬بل التكليف المخصوص اّلذى في عداد ال ّ‬
‫ن وصّيته بهذا الكلم إلى أصحابه كان في مقام‬ ‫لكن الظهر بمقتضى الحال و المقام ‪ ،‬و أ ّ‬
‫الحرب مع الّنههاكثين و القاسهطين و المهارقين حسههبما تعرفهه فههى التكملهة التيهة ههو ‪ :‬أ ّ‬
‫ن‬
‫المراد بها المامة و الولية ‪ ،‬فيكون غرضه بقوله ‪ :‬ثّم أداء المانة فقد خاب من ليس من‬
‫أهلها آه الطعههن و التعريههض علههى المعارضههين لههه و الجاحههدين لههوليته و الّناصههبين لههه‬
‫العداوة من معاوية و طلحة و الّزبيههر و أتبههاعهم و أهههل النهههر و أمثههالهم بكههونهم خههائبين‬
‫خاسرين ‪ ،‬لعدم كونهم أهل للمانة أى الخلفة و الولية ‪ ،‬و بأّنهم حملوا و اّدعوا ما أبت‬
‫السماوات و الرض و الجبال على كبر أجرامهما مههن حملههها و اّدعائههها ‪ ،‬و أشههفقن مههن‬
‫سههلم حّقههه و جهلههوا‬‫ظلم و الجهههل حيههث ظلمههوه عليههه ال ّ‬ ‫ذلك ‪ ،‬و بأّنهم كانوا مّتصفين بههال ّ‬
‫بشأنه و مقامه ‪.‬‬

‫صلة و الّزكاة و أداء المانة ‪ ،‬و شّدد‬


‫و كيف كان فلّما أمر و أوصى أصحابه بال ّ‬

‫] ‪[ 340‬‬

‫صههر ظلومهها جهههول ‪ ،‬عّقبههه‬


‫الترغيب فيها و التحذير مههن مخالفتههها بكههون الخههاين أو المق ّ‬
‫ل اّلتي ل تنههام و علمههه اّلههذى ل‬
‫ل ما يفعله العباد من خير أو شّر بعين ا ّ‬‫نكّ‬ ‫بالّتنبيه على أ ّ‬
‫تخفى عليهه خافيهة لتأكيهد تحضهيض المخهاطبين بمواظبهة ههذه العبهادات الثلث و سهاير‬
‫الحسنات و تحذيرهم من مخالفتها فقال ‪:‬‬

‫ل ه سههبحانه ل يخفههى عليههه ( و ل يعههزب عههن علمههه ) مهها العبههاد مقههترفون ( أى‬
‫نا ّ‬
‫)إّ‬
‫ن الليل و النهههار‬
‫مكتسبون له من خير أو شّر حسن أو قبيح ) فى ليلهم و نهارهم ( يعني أ ّ‬
‫سّيان بالنسبة إلى علمه ‪ ،‬و ليس كغيره من مخلوقاته يكون إدراكههه للمحسوسههات بطريههق‬
‫الحساس حّتى تكون ظلمة الّليل حجابا و حجازا عن إدراكه ‪.‬‬

‫و قّدم الليل على النهار لمزيد الهتمام من حيث كونها مظّنههة لختفههاء مهها يفعههل فيههها مههن‬
‫المعاصي ‪ ،‬و أردف بالنهار لدفع توّهم الختصاص ‪.‬‬

‫) لطف به خبرا ( أراد به علمه بخفّيات أفعال العباد و خهبروّيته بهها ‪ ،‬و الّلطيههف الخهبير‬
‫حسبما تقّدم في شرح الخطبة السابقة من جملة أسمائه الحسنى عّز و عل ‪.‬‬

‫و تسميته بالّلطيف من جهة علمه بالشيء الّلطيف مثل البعوضة و أخفههى منههها و موضههع‬
‫النشوء منها و العقل و الشهوة للفساد و الحدب على نسلها و نقلها الطعام و الشههراب إلههى‬
‫أولدها في المفاوز و الودية و القفار ‪.‬‬

‫و معنى الخبير هو اّلههذى ل تعههزب عنههه الخبههار الباطنههة فل يجههرى شههيء فههي الملههك و‬
‫ل و يكون عنده خبره ‪،‬‬ ‫نإ ّ‬
‫الملكوت و ل تتحّرك ذّرة و ل تضطرب نفس و ل تطمئ ّ‬
‫ن العلههم إذا اضههيف إلههى الخفايهها الباطنههة سهّمى خههبرة ‪ ،‬و قههد مهّر‬
‫لأّ‬
‫و هو بمعنى العليم إ ّ‬
‫تفصيل نفاذ علمه في خفاء الشياء في الفصل الثامن من الخطبة التسعين ‪.‬‬

‫) و أحاط به علما ( و قد تقّدم في شرح غير واحدة من الخطب المتقّدمة كالخطبة الولههى‬
‫و الخطبة التاسعة و الربعين و الخامسة و الثمانين و غيرها تحقيق إحاطههة علمههه تعههالى‬
‫بالكّليات و الجزئيات و ل حاجة إلى العادة ‪.‬‬

‫) أعضاؤكم شهوده ( يعني أّنها تشهد على العباد بما اقترفوه من المعاصي و الثام ‪.‬‬

‫ن جنود‬
‫) و جوارحكم جنوده ( يعني أّنها تكون معينة له عليهم ‪ ،‬و ذلك ل ّ‬

‫] ‪[ 341‬‬

‫الملههك عبههارة عههن أعههوانه علههى أعههدائه فتلههك العضههاء و الجههوارح لمهها شهههدت علههى‬
‫المجرمين بما فعلوه صارت بمنزلة المعين له بذلك العتبار ‪.‬‬

‫ل تعههالى فههي سههورة يههس » اليههوم نختههم علههى‬


‫و يشهد بشهادة العضاء و الجوارح قول ا ّ‬
‫أفواههم و تكّلمنا أيديهم و تشهد أرجلهم بمهها كههانوا يكسههبون أى نسههتنطق العضههاء اّلههتي‬
‫كانت ل تنطق في الّدنيا لتشهد عليهم و نختم على أفواههم اّلههتي عههد منههها النطهق و هههذا‬
‫حقيقة الختم يوضع على أفواه الكفار بمنعها من النطق و الكلم ‪.‬‬

‫ل عّز و جل الخلق يههوم القيامههة دفههع إلههى ك هلّ‬ ‫ي بن إبراهيم القّمي قال ‪ :‬إذا جمع ا ّ‬‫قال عل ّ‬
‫انسان كتابه فينظرون فيه فينكرون أّنهههم عملههوا مههن ذلههك شههيئا ‪ ،‬فتشهههد عليهههم الملئكههة‬
‫ب ملئكتك يشهدون لك ‪ ،‬ثّم يحلفون أّنهم لههم يعملههوا مههن ذلههك شههيئا و هههو‬ ‫فيقولون ‪ :‬يا ر ّ‬
‫ل جميعًا فيحلفون له كما يحلفون لكم فاذا فعلههوا ذلههك ختههم‬ ‫ل يوم يبعثهم ا ّ‬
‫ل عّز و ج ّ‬‫قول ا ّ‬
‫صهلت و‬ ‫ل على ألسنتهم و تنطق جوارحهم بما كانوا يكسبون و قهال تعهالى فهي سهورة ف ّ‬ ‫ا ّ‬
‫ل إلى الّنار فيهم يوزعون ‪ .‬حّتى ‪ .‬إذا ما جآؤها شهد عليهههم سههمعهم و‬ ‫يوم يحشر أعداء ا ّ‬
‫له‬‫أبصارهم و جلودهم بما كانوا يعملون ‪ .‬و قالوا لجلودهم لم شهدتم علينها قههالوا أنطقنهها ا ّ‬
‫ل شيء و هو خلقكم أّول مّرة و إليه ترجعون ‪ .‬و ما كنتم تستترون أن يشهد‬ ‫اّلذى أنطق ك ّ‬
‫ل ل يعلم كثيرًا مما تعملون ‪.‬‬ ‫نا ّ‬
‫عليكم سمعكم و ل أبصاركم و ل جلودكم و لكن ظننتم أ ّ‬

‫ي ‪ :‬أى يحبس أّولهم على آخرهم ليتلحقوا و ل يتفّرقوا ‪ ،‬حّتههى‬ ‫قال أمين السلم الطبرس ّ‬
‫إذا جاؤا الّنار اّلتي حشههروا إليههها شهههد عليهههم سههمعهم بمهها قرعههه مههن الهّدعاء إلههى الحه ّ‬
‫ق‬
‫له‬
‫فأعرضوا عنه و لم يقبلوه ‪ ،‬و أبصههارهم بمهها رأوا مههن اليههات الّداّلههة علههى وحدانّيههة ا ّ‬
‫تعالى فلم يؤمنوا ‪ ،‬و ساير جلودهم بما باشروه من المعاصي و الفعال القبيحة ‪.‬‬
‫ي و يلجئههها إلههى‬
‫ل تعههالى يبّينههها بّينههة الحه ّ‬
‫نا ّ‬‫و قيل في شهادة الجوارح قولن ‪ :‬أحدهما أ ّ‬
‫ل يفعل فيها الشهادة أى يجعل فيها‬ ‫نا ّ‬
‫العتراف و الشهادة بما فعله أصحابها ‪ ،‬و الخر أ ّ‬
‫ل من جهتها ‪.‬‬ ‫كلما ‪ ،‬و إّنما نسب الكلم إليها لّنه ل يظهر إ ّ‬

‫ل تعالى يجعل‬
‫نا ّ‬
‫ن معنى شهادتها و كلمها أ ّ‬
‫و قيل فيه وجه ثالث ‪ :‬و هو أ ّ‬

‫] ‪[ 342‬‬

‫ل بها ‪ ،‬فسّمى ذلك شهادة منها كما يقال‬


‫ن أصحابها عصوا ا ّ‬
‫ل على أ ّ‬
‫فيها من اليات ما يد ّ‬
‫‪ :‬عيناك تشهدان بسهرك ‪.‬‬

‫ن المراد بالجلود الفروج ‪.‬‬


‫و قيل ‪ :‬إ ّ‬

‫سلم و مههن الفقيههه عههن‬


‫ى فى الصافى عن الكافى عن الصادق عليه ال ّ‬‫أقول ‪ :‬و هو المرو ّ‬
‫سلم ‪.‬‬
‫أمير المؤمنين عليه ال ّ‬

‫له‬
‫ل ألسنتهم فيقولون لجلودهم ‪ :‬لم شههدتم علينها ‪ ،‬فتقهول فهي جهوابهم أنطقنها ا ّ‬
‫ثّم أنطق ا ّ‬
‫ل شهيء ‪ ،‬ثهّم قهال سهبحانه ‪ :‬و ههو خلقكهم اليهة ‪ ،‬و ليهس ههذا مهن جهواب‬ ‫اّلذى أنطق كه ّ‬
‫الجلود ‪.‬‬

‫و قوله ‪ :‬و ما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم و ل أبصاركم و ل جلودكم ‪،‬‬

‫معناه و ما كنتم تستخفون أى لم يكن يتهّيههأ لكههم أن تسههتتروا أعمههالكم عههن هههذه العضههاء‬
‫ل ل يعلههم‬‫نا ّ‬
‫ل شاهدة عليكم يوم القيامة ‪ ،‬و لكن ظننتم أ ّ‬ ‫لّنكم كنتم بها تعملون ‪ ،‬فجعلها ا ّ‬
‫كثيرا مّما تعملون فههاجترأتم علههى المعاصههي لههذلك ‪ ،‬و قيههل ‪ :‬بههل معناهمهها كنتههم تههتركون‬
‫المعاصي حذرا أن يشهد عليكم جوارحكم بها لنكم ما كنتم تظّنون ذلك ‪ ،‬و لكن ظننتم أ ّ‬
‫ن‬
‫ل فهان عليكم ارتكاب المعاصي لذلك ‪ ،‬هذا ‪.‬‬ ‫ل ل يعلم كثيرا مّما تعملون ‪ ،‬لجهلكم با ّ‬‫ا ّ‬

‫سلم و ليست تشهد الجوارح على مههؤمن إّنمهها‬ ‫و فى الصافى من الكافى عن الباقر عليه ال ّ‬
‫ل ه ع هّز و‬
‫تشهد على من حّقت عليه كلمة العذاب ‪ ،‬فأّما المؤمن فيعطى كتابه بيمينه قههال ا ّ‬
‫ل«‪.‬‬ ‫ل فاّما من اوتى كتابه بيمينه فاولئك يقرؤن كتابهم و ل يظلمون فتي ً‬
‫جّ‬

‫و قوله ) و ضمائركم عيهونه ( قهال الشهارح البحرانهي ‪ :‬أي طليعهه و جواسيسهه كقهوله‬
‫تعالى و شهدوا على انفسهم اّنهم كانوا كافرين و تلك الشهادة بلسان الحال ‪،‬‬

‫انتهى ‪.‬‬
‫ن من‬
‫ن الضماير ل تخفى ما فيها من السرار و ل تكتمها عليه تعالى كما أ ّ‬‫أقول ‪ :‬يعني أ ّ‬
‫شأن الجاسوس المراقب بشيء أن ل يكتمه مّمن و كّله به ‪ ،‬و على ذلك‬

‫] ‪[ 343‬‬

‫ضههماير مهها يضههمره القلههوب مههن‬


‫ضماير القلوب ‪ ،‬و يحتمل أن يكون المراد بال ّ‬
‫فالمراد بال ّ‬
‫السرار و الخفّيات ‪.‬‬

‫و العيون جمع العين بمعنى الحاضر و هو أحد معانيه كما في القاموس و غيره ‪،‬‬

‫ن جميع ما أضمره نفوسكم فهو حاضر لديه سههبحانه غيههر محجههوب عنههه‬ ‫فيكون المعنى أ ّ‬
‫كما قال تعالى و أعلم ما تبدون و ما كنتم تكتمون و قال قل إن تخفوا ما في صههدوركم أو‬
‫ل‪.‬‬‫تبدوه يعلمه ا ّ‬

‫صل المراد أّنه ل يخفى ما في النفوس عليه عّز و جل كما يخفى على غيره ‪،‬‬
‫و مح ّ‬

‫سههلم فههي الخطبههة التسههعين ‪ :‬عههالم السهّر مههن ضههماير‬


‫فيكون مساقه مسهاق قههوله عليههه ال ّ‬
‫المضمرين و نجوى المتحافتين ‪ ،‬و قوله في الخطبة المأة و السابعة ‪ :‬خههرق علمهه بهاطن‬
‫سريرات ‪.‬‬‫غيب السترات و أحاط بغموض عقايد ال ّ‬

‫و قوله ) و خلواتكم عيانه ( قال البحراني ‪ :‬كني بالخلوات عّما يفعل فيها من معاصي الّ‬
‫مجازا ‪ ،‬و إّنما خصصها لنها مظّنة المعصية ‪ ،‬و يحتمل أن يريد بههالخلوة مصههدر قولههك‬
‫ل أى معاينة له ‪.‬‬
‫خلوت اخلو ل المكان ‪ ،‬فيكون حقيقة ‪ ،‬و ظاهر كونها عيانا ّ‬

‫ل ذلك تحذير و تنفير عن تحريك الجوارح و الخلوة بها فيما ل ينبغي من المعاصي ‪،‬‬
‫وكّ‬
‫ل التوفيق و العصمة ‪.‬‬
‫و با ّ‬

‫ععععع‬

‫سههلم فههي هههذا الكلم علههى وجههوب المحافظههة‬ ‫الية اّلتي استدل بها أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫ل بهها‬‫على الصلة أعني قوله تعالى حكاية عن المجرمين لم نك مههن المصهّلين ممها اسههتد ّ‬
‫ن الكفار مكّلفههون بههالفروع حسههبما أشههار إليههه‬
‫أكثر أصحابنا الصولّيون كالمعتزلة على أ ّ‬
‫ي » ره « أيضا في تفسير الية على ما حكيناه عنه سابقا ‪،‬‬ ‫أمين السلم الطبرس ّ‬

‫ن هذه المسألة من المسائل الغامضة المعظمة ‪ ،‬و يتفّرع عليها كثير من الحكههام‬
‫و حيث إ ّ‬
‫الشرعّية فل بأس بتحقيق الكلم و بسطه فيها لكونها حقيقا بذلك ‪.‬‬

‫] ‪[ 344‬‬
‫ل التوفيق ‪:‬‬
‫فأقول و با ّ‬

‫ن الكّفههار مكّلفههون بفههروع العبههادات كمهها‬ ‫المشهور بين أصحابنا بل كاد أن يكون اجماعا أ ّ‬
‫أّنهم مكّلفون باصول العتقادات و هههو مههذهب جمهههور العاّمههة أيضهها ‪ ،‬و لههم ينقلههوا فيههها‬
‫ل شههرذمة مههن الخبارّيههة كههالمين‬ ‫ل عن أبي حنيفة و لم أجههد مّنهها مخالفهها أيضهها إ ّ‬
‫خلفا إ ّ‬
‫ق الموافق للتحقيق ‪،‬‬ ‫السترابادى و صاحب الحدايق و صاحب الوافي ‪ ،‬و هو الح ّ‬

‫ل له بوجوه ‪:‬‬
‫و استد ّ‬

‫ل ليعبههدون‬
‫ن و النههس إ ّ‬ ‫الول عموم الدّلة على التكاليف مثل قوله تعالى و ما خلقت الجه ّ‬
‫ج البيت و قوله يا أّيها الّناس اعبدوا رّبكم و يا اّيها الّناس اّتقههوا‬
‫ل على الّناس ح ّ‬
‫و قوله و ّ‬
‫رّبكم و غيرها ‪ ،‬فاّنها يشمل الكافر مثل شمولها للمؤمن ‪.‬‬

‫و العتراض عليه بحملها على المؤمنين حمل للمطلق على المقّيد و العاّم علههى الخهها ّ‬
‫ص‬
‫كما في الحدائق فاسد ‪ ،‬لما تطلع عليه عند ذكر أدّلة الخصم ‪.‬‬

‫ن الكافر متمّكن مههن التيههان باليمههان أّول حّتههى‬


‫ن الكفر ل يصلح للمانعّية حيث إ ّ‬‫الثانى أ ّ‬
‫يصير متمّكنا من الفروع ‪.‬‬

‫و اعترض عليه صاحب الحدائق أيضا بأّنه مصادرة محضة ‪.‬‬

‫ن الكّفار مكّلفون بالعبادات و مخهاطبون بههها ‪،‬‬


‫ن المدعى أ ّ‬‫و فيه مع عدم كونه مصادرة ل ّ‬
‫جه الخطاب عليهم و من التيان بها على الوجه‬ ‫ن ما زعمه الخصم مانعا من تو ّ‬
‫و الّدليل أ ّ‬
‫الصحيح و هو الكفر ل يصلح للمانعّية فكيف يكون مصادرة ‪.‬‬

‫ل علههى التكليههف بههالفروع عههام و ل يمنههع مههن ذلههك عههدم التمكههن مههن‬
‫ن مهها د ّ‬
‫صله أ ّ‬
‫و مح ّ‬
‫ن اليمهان مهن‬ ‫ن المتنهاع بالختيهار ل ينهافى الختيهار ‪ ،‬علهى أ ّ‬ ‫الصهحيح حهال الكفهر ل ّ‬
‫شرايط الوجود اّلههتي يجههب تحصههيلها علههى المكّلههف ل شههرايط الوجههوب ‪ ،‬فل مههانع مههن‬
‫التكليف حال عدمها مع التمّكن منها ‪.‬‬

‫الثالث قوله تعالى لم نك من المصّلين فاّنه حكاية عن الكّفار و أّنهههم عّللههوا دخههولهم الّنههار‬
‫صلة على ما تقّدم تفصيله سابقا ‪.‬‬
‫بتركهم لل ّ‬

‫] ‪[ 345‬‬

‫و اعههترض صههاحب الحههدائق أيضهها مهها يحمههل علههى المخههالفين المقّريههن بالسههلم إذ ل‬
‫ي بن إبراهيم مههن تفسهيرها باّتبههاع‬
‫ل عليه ما ورد في تفسير عل ّ‬ ‫تصريح فيه بالكّفار ‪ ،‬و يد ّ‬
‫سههلم حسههبما عرفههت‬ ‫ى عن الصادق عليه ال ّ‬ ‫الئمة ‪ ،‬أى لم نك من أتباع الئمة و هو مرو ّ‬
‫ي محّمههد مههن بعههده و لههم نصه ّ‬
‫ل‬ ‫ل وصه ّ‬
‫سههلم يعنههي أّنهها لههم نتههو ّ‬
‫سابقا و عن الكاظم عليه ال ّ‬
‫عليهم ‪.‬‬

‫ن الصلة حقيقة شرعّية في الركههان المخصوصههة و ظههاهر معنههى المصهّلين هههو‬ ‫و فيه إ ّ‬
‫المقيمون للصلة أى الركههان المخصوصههة و الحمههل علههى المعنههى الّلغههوى أى التههابعين‬
‫خلف الظاهر المتبههادر منههه فل وجههه لحملههها علههى المخههالفين ‪ ،‬و إنكههار التصههريح فيههه‬
‫ن قوله حكاية عنهم ‪ :‬و كّنا نكّذب بيوم الّدين ‪ ،‬صههريح فههي كههونهم‬ ‫جب ل ّ‬ ‫بالكفار مورد تع ّ‬
‫كافرين منكريههن للمعههاد فكيههف يكونههون مقّريههن بالسههلم و أّمهها الخههبران المرّويههان عههن‬
‫سلم فل دللة فيهما ‪ ،‬لكونهما تفسيرا بالباطن كمهها قلنههاه عنههد‬ ‫صادق و الكاظم عليهما ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫شرح المتن فل يوجبان رفع اليد عن الظاهر ‪ ،‬و يشهد بذلك استدلل أمير المؤمنين عليههه‬
‫السّههلم فههي هههذا الكلم اّلههذى نحههن فههي شههرحه بظاهرههها علههى وجههوب المحافظههة علههى‬
‫الصلوات الخمس و تعاهدها ‪.‬‬

‫الرابع قوله تعالى فل صّدق و ل صّلى ‪ .‬و لكن كّذب و توّلى ‪.‬‬

‫صههلة فيههها علههى مهها دّلههت عليههه الخبههار فههي اليههة‬


‫و اعترض عليه أيضا بجواز حمل ال ّ‬
‫ن اللفظ من اللفههاظ المجملههة المتشههابهة المحتههاج فههي تعييههن المههراد منههها إلههى‬
‫الولى و أ ّ‬
‫التوقيف ‪ ،‬فالستدلل بها و الحال كذلك مردود بتصادم الحتمالت و الّدخول تحت قههوله‬
‫ي بههن‬
‫ن ما ذكرنا من المعنى هو الموجود في تفسير عل ّ‬ ‫يّتبعون ما تشابه منه الية ‪ ،‬على أ ّ‬
‫إبراهيم كما ل يخفى على من راجعه ‪.‬‬

‫و فيه أّول منع كون الية من المتشههابهات اّلههتي يّتبعههها اّلههذين فههي قلههوبهم زيههغ ‪ ،‬بههل مههن‬
‫ن اّم الكتاب ‪ ،‬و ظاهر الية كما ترى أّنه لههم يصهّدق‬ ‫المحكمات اّلتي تؤخذ بظواهرها و ه ّ‬
‫ل ه و لكههن ك هّذب بالكتههاب و الّرسههول و أعههرض عههن‬ ‫ل ه و رسههوله و ل ص هّلى ّ‬
‫بكتههاب ا ّ‬
‫اليمان ‪ ،‬و هذا وصف الكافر ل المخالف ‪.‬‬

‫] ‪[ 346‬‬

‫ل ه عليههه‬
‫ل صّلى ا ّ‬ ‫ن رسول ا ّ‬ ‫ل على ذلك ما فى مجمع البيان قال ‪ :‬و جاءت الّرواية أ ّ‬ ‫و يد ّ‬
‫و آله و سّلم أخذ بيد أبى جهل ثّم قال له ‪ :‬أولى لك ‪ 1‬فأولى ‪ .‬ثّم أولى لك فأولى فقال أبههو‬
‫ى شىء تهّددنى ل تستطيع أنت و رّبك أن تفعل بى شيئا و اّني لع هّز أهههل هههذا‬ ‫جهل ‪ :‬بأ ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم هذا ‪.‬‬‫ل صّلى ا ّ‬‫ل سبحانه كما قال له رسول ا ّ‬
‫الوادى ‪ ،‬فأنزل ا ّ‬

‫له‬
‫له صهّلى ا ّ‬‫ن رسههول ا ّ‬
‫ى بن إبراهيم من أنه كههان سههبب نزولههها أ ّ‬
‫و أّما ما فى تفسير عل ّ‬
‫ى مهها أراد أن‬
‫ى يوم غدير خم فلّما بّلغ الناس و أخبرهم فى عل ّ‬ ‫عليه و آله دعا إلى بيعة عل ّ‬
‫يخبر رجع الناس فاتكى معاوية على المغيرة بن شعبة و أبههى موسههى الشههعرى ثهّم أقبههل‬
‫له‬
‫ى أبدا و ل نصّدق محّمدا مقالته ‪ ،‬فأنزل ا ّ‬ ‫طى ‪ 2‬نحوه و يقول ‪ :‬ما نقّربا لولية لعل ّ‬ ‫يتم ّ‬
‫له عليههه و آلههه و سهّلم‬
‫له صهّلى ا ّ‬
‫ل ذكره فل صّدق و ل صّلى اليات ‪ ،‬فصعد رسول ا ّ‬ ‫جّ‬
‫ل ل تحّرك به لسههانك لتعجههل بههه فسههكت‬ ‫ل عّز و ج ّ‬‫المنبر و هو يريد البراءة منه فأنزل ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم ‪.‬‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫رسول ا ّ‬

‫ن ظاهر قوله سبحانه ‪ :‬فل صّدق و ل صّلى و لكن كّذب و توّلى ‪،‬‬
‫فالجواب عنه أ ّ‬

‫صههلة بههل كهّذب و أعههرض‬ ‫يفيد أّنه لم يصهّدق أصههل ل ظههاهرا و ل باطنهها ‪ ،‬و لههم يقههم ال ّ‬
‫ظههاهرا و باطنهها ‪ ،‬و هههذا شههأن الكههافر ل المخههالف المص هّدق ظههاهرا فقههط ‪ ،‬و المك هّذب‬
‫المعرض باطنا فقط ‪.‬‬

‫لزم ترجيح الّرواية المفيدة لكون المراد بهذه الية هو أبو جهل الكافر كما‬ ‫و على ذلك فال ّ‬
‫ن فههى الخهذ‬
‫ى المفيهد كهون المهراد بهها معاويههة ل ّ‬
‫فى مجمع البيهان علهى مها تفسهير القمه ّ‬
‫بالّرواية الولى إبقاء الية على ظاهرها و الخذ بالثانى يوجب صرفها إلى خلف ما هو‬
‫الظاهر المتبادر ‪.‬‬

‫ن هذه الية فى سورة القيامة و هى مكّية كما ص هّرح بههه‬ ‫و يؤيد كون المراد به أبو جهل أ ّ‬
‫فى مجمع البيان فى تفسير هذه السورة و رواه أيضا فى تفسير سورة هل أتى فههاّنه يقههوى‬
‫له‬
‫ق معاويههة ‪ ،‬و ا ّ‬‫ق أبههى جهههل ل فهى غههدير خهم فههى حه ّ‬
‫ن بكون نزولها بمّكة فهى حه ّ‬
‫الظ ّ‬
‫العالم ‪.‬‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬هه ههه هه ه ه‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 2‬هههههه ههههههه ه ههه‬

‫] ‪[ 347‬‬

‫ص صههريح فههي‬
‫الخامس قوله تعالى و ويههل للمشههركين الههذين ل يؤتههون الّزكههوة و هههو نه ّ‬
‫المطلوب ‪.‬‬

‫ل المكّذبين بتركهم للّركوع ‪.‬‬


‫السادس قوله تعالى و إذا قيل لهم اركعوا ل يركعون ذّم ا ّ‬

‫ل عليههه و آلههه‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫صافي ‪ :‬روي أنها نزلت في ثقيف حين أمرهم رسول ا ّ‬ ‫قال في ال ّ‬
‫صلة فقالوا ل نحنى ‪ ،‬و في رواية ل نجّبى فاّنها سّبة ‪ ،‬رواها في المجمع قال ‪:‬‬
‫و سّلم بال ّ‬
‫فقال ‪ :‬ل خير في دين ليس فيه ركوع و سجود أقول ‪ :‬أى ل نحنهى بالمهملههة و الّنهون أى‬
‫ب علههى‬
‫حههدة المشهّددة أى ل ننكه ّ‬
‫ل نعطههف ظهورنهها و علههى الّروايههة بههالجيم و البههاء المو ّ‬
‫وجوهنا و هما متقاربان ‪.‬‬

‫سههلم قههال ‪ :‬إذا قيههل لهههم توّلههوا‬


‫صههادق عليههه ال ّ‬
‫ي بن إبراهيم عههن ال ّ‬
‫و أما ما في تفسير عل ّ‬
‫المام لم يتوّلوه ‪ ،‬فهو تفسير بالباطن ل يوجب صرف اليهد عهن الظهاهر كمها ل يخفهى و‬
‫صلها صاحب الحدائق في مبحث غسل الجنابة من الكتاب‬ ‫احتج القائلون بالعدم بوجوه ‪ ،‬ف ّ‬
‫جه عليههه مههن‬ ‫ل وجههه وجههه بمهها يتههو ّ‬ ‫المذكور ل بأس بذكر عبارته على تفصيلها ثّم نتبع ك ّ‬
‫وجوه الكلم و ضروب الملم ‪.‬‬

‫فأقول ‪ :‬قال في الحدائق ‪:‬‬

‫ل عنهم بل كاد أن يكون إجماعا أّنههه يجههب الغسههل علههى‬


‫المشهور بين الصحاب رضي ا ّ‬
‫ن الكّفار مكّلفون بالفروع و لم ينقلوا في المسألة خلفا من أحد مههن الخاصههة بههل‬‫الكافر ل ّ‬
‫حة‬
‫ح منهه حهال كفهره لشهتراط الصه ّ‬ ‫ل عن أبهي حنيفهة ‪ ،‬قهالوا ‪ :‬لكهن ل يصه ّ‬‫من العامة إ ّ‬
‫صلة لخروجها بدليل خاص و ما ذكروه منظههور‬ ‫ب ال ّ‬
‫نج ّ‬ ‫بالسلم و ل يجّبه السلم و إ ّ‬
‫عندي من وجوه ‪:‬‬

‫الول عدم الّدليل على الّتكليف المههذكور و هههو دليههل العههدم كمهها هههو مسهّلم بينهههم ‪ ،‬و مهها‬
‫استدّلوا به هما سيأتى ذكره مدخول بما سنذكره ‪.‬‬

‫أقههول ‪ :‬و فيههه انههك قههد عرفههت الدّلههة المحكمههة علههى هههذا التكليههف كمهها عرفههت انههدفاع‬
‫العتراضات التي اعترض بها عليها ‪.‬‬

‫] ‪[ 348‬‬

‫الثانى الخبار الّدالة على توقف التكليهف علهى القهرار و التصهديق بالشههادتين منهها مها‬
‫سهلم ‪ :‬أخههبرني عههن‬ ‫رواه فى الكافى في الصحيح عههن زرارة قهال ‪ :‬قلهت للبههاقر عليهه ال ّ‬
‫له‬‫ل تعالى بعههث محّمههدا ص هّلى ا ّ‬ ‫نا ّ‬ ‫معرفة المام منكم واجبة على جميع الخلق ؟ قال ‪ :‬إ ّ‬
‫ل على خلقه فهي أرضهه ‪ ،‬فمهن آمهن‬ ‫جة ّ‬ ‫عليه و آله و سّلم إلى الناس أجمعين رسول و ح ّ‬
‫ن معرفههة المههام‬ ‫ل عليه و آله و سّلم و اتبعه و صهّدقه فهها ّ‬ ‫ل صّلى ا ّ‬
‫ل و بمحّمد رسول ا ّ‬
‫با ّ‬
‫ل و رسوله و لم يتبعههه و لههم يص هّدقه و يعههرف حّقهمهها‬ ‫مّنا واجبة عليه ‪ ،‬و من لم يؤمن با ّ‬
‫ل و رسوله و يعرف حّقهما الحديث ‪.‬‬ ‫فكيف يجب عليه معرفة المام ‪ ،‬و هو ل يؤمن با ّ‬

‫و هو كما ترى صريح الّدللة على خلف ما ذكروه و أنه متى لم يجب معرفة المام قبل‬
‫ل و رسوله فبالطريق الولى معرفة ساير الفروع التى هي متلّقاة مههن المههام ‪،‬‬
‫اليمان با ّ‬
‫و الحديث صحيح السند باصههطلحهم صههريح الّدللههة فل وجههه لههرّده و طرحههه و العمههل‬
‫ل مع الغفلة عن الوقوف عليه ‪.‬‬
‫بخلفه إ ّ‬

‫قال ‪ :‬و إلى العمل بالخبر المذكور ذهب المحّدث الكاشاني حيث قال في الوافي بعههد نقلههه‬
‫ن الكفار ليسههوا مكّلفيههن بشههرايع السههلم كمهها‬
‫ما صورته ‪ :‬و في هذا الحديث دللة على أ ّ‬
‫ق ‪ ،‬خلفا لما اشتهر بين أصحابنا ‪ ،‬انتهى ‪.‬‬
‫هو الح ّ‬

‫قال ‪ :‬و يظهر ذلك أيضا من المين السترابادى في الفوايد المدنّية حيث صّرح فيها بههأنّ‬
‫ل اقتضت أن يكون تعّلق التكاليف بالناس على التدريج بههأن يكّلفههوا أّول بههالقرار‬‫حكمة ا ّ‬
‫ل ه عليههه و‬
‫ي ص هّلى ا ّ‬‫بالشهادتين ثّم بعد صدور القرار عنهم يكّلفون بساير ما جاء به النب ّ‬
‫آله ‪.‬‬

‫و من الحاديث الّدالة على ذلك صحيحة زرارة في الوافي ثّم ساق الّرواية بتمامها ‪.‬‬

‫قال ‪ :‬و قال أيضا بعد نقل جملة مهن أخبهار الميثهاق المهأخوذ علهى العبهاد فهي عهالم الهّذرّ‬
‫بالتوحيد و المامة و نقل جملة من الخبار الّدالة علههى فطههرة النههاس علههى التوحيههد و أ ّ‬
‫ن‬
‫ل تعالى ما لفظه ‪ :‬أقول ‪ :‬هنا فوائد إلى أن قال ‪:‬‬
‫المعرفة من صنع ا ّ‬

‫ن مجّرد تصّور الخطاب من غير‬


‫ن ما زعمه الشاعرة من أ ّ‬
‫الثالثة أنه يستفاد منها أ ّ‬

‫] ‪[ 349‬‬

‫ن له رضا و سخطا و أنه ل بّد لههه مههن معّلههم مههن‬ ‫سبق معرفة إلهامية بحقايق العالم ‪ ،‬و بأ ّ‬
‫جهته ليعّلم الناس ما يصلحهم و ما يفسدهم كاف فههي تعّلههق التكليههف لهههم ليههس بصههحيح ‪،‬‬
‫ن الستدلل يتوقههف علههى القيههاس بطريههق الولههى ‪ ،‬و هههو‬ ‫انتهى و اعترض عليه أّول بأ ّ‬
‫ممن أنكره في مقّدمات الكتاب و أنكره أشّد النكار فكيف يجههوز لههه التمسههك بههه فههي هههذا‬
‫ق الحقيههق بالتبههاع الموافههق لليههة و‬ ‫جيته كمهها هههو الحه ّ‬
‫المقام مضافا إلى أنه مع القول بح ّ‬
‫ل في مواضع عديدة و منها هذا‬ ‫للخبار المسّلم عند كاّفة علمائنا البرار حتى عند المستد ّ‬
‫الموضع يتوّقف على ثبوت الحكم في المقيههس عليههه و مسههلمّيته و قبههوله و عههدم مخههالفته‬
‫للضرورة ‪ ،‬و المر في المقام ليس كذلك و ذلك فاّنه ل خلف و ل إشكال عند أحد حّتههى‬
‫ل نزاعههه مههع كاّفههة العلمهاء عهدا أبهي حنيفههة فههي خصهوص‬ ‫ل حيث جعههل محه ّ‬ ‫عند المستد ّ‬
‫الفروع ‪ ،‬و المامة من الصول ل من الفروع إجماعا منه و من علمائنا ‪.‬‬

‫لو‬‫ل بتصديق ا ّ‬ ‫ن مقتضى هذه الصحيحة عدم التكليف بالمامة و ساير الفروع إ ّ‬ ‫و ثانيا أ ّ‬
‫رسوله و هو حقيقة في الّتصديق و الذعههان القلههبي ل مج هّرد القههرار بالّلسههان ‪ ،‬و علههى‬
‫سلم و يعرف حّقهما ‪،‬‬ ‫تقدير تسليم العموم فالمراد هنا الّتصديق القلبي جزما لقوله عليه ال ّ‬
‫ي جزمهها و إذعههان‬ ‫صة بل هو أمر قلب ّ‬ ‫ن المعرفة ليس مّما يتوّهم فيه حصوله بالّلسان خا ّ‬ ‫فا ّ‬
‫ن المنافقين و منهم الخلفاء الثلثة لم يكونوا‬ ‫ل هذه الصحيحة على أ ّ‬ ‫ي قطعا فحينئذ تد ّ‬
‫نفسان ّ‬
‫مأمورين بالمامة و ل ساير الفروع ‪ ،‬و مقتضى هذا أّنه لم يكههن عليهههم اثههم فههي غصههب‬
‫سلم و غصههب‬ ‫الخلفة و ساير ما فعلوه بالّنسبة إلى أهل البيت من ضرب فاطمة عليها ال ّ‬
‫حّقها و إضرام الّنار حههول بيتههها و إلقههاء الحبههل علههى رقبههة مولينهها أميههر المههؤمنين عليههه‬
‫سلم و غير ذلك مّما فعلوه بالّنسبة إليهههم و إلههى غيرهههم مههن البههدع اّلههتي ابتههدعوها فههي‬ ‫ال ّ‬
‫الّدين و تضييع دين خاتم الّنبيين و سهّيد المرسههلين ‪ ،‬و كههذا مهها فعلههه يزيههد و سههاير جنههود‬
‫المخالفين مع سبط الّرسول المين و ما فعله المخالفون بالنسبة إلى شيعتهم و غير ذلههك ‪،‬‬
‫و في جميع ذلك لم يكونوا مأثومين أصل بل هههم و غيرهههم مههن الكّفههار اّلههذين لههم يصههدر‬
‫ل و رسوله ‪ ،‬و ذلك‬ ‫منهم شيء من ذلك متساويين في عقاب واحد ‪ ،‬و هو عدم اليمان با ّ‬
‫ل و رسوله و معرفة حّقهما فاّنهم‬ ‫من حيث عدم تصديقهم ّ‬

‫] ‪[ 350‬‬

‫ل أّنهم لم يصدقوهما قلبا و لم يعرفوا حّقهمهها ‪ ،‬فبمقتضههى الصّههحيحة‬ ‫و إن أقّروا بالّلسان إ ّ‬


‫ل تعههالى بالمامههة و‬ ‫ل و رسوله و معرفتهم حّقهما كيف يكّلفهم ا ّ‬ ‫نظرا إلى عدم إيمانهم با ّ‬
‫ن مجّرد القرار بالّلسان كان في ذلك ‪ ،‬و على هههذا‬ ‫ساير الفروع ‪ ،‬و ليس في الصحيحة أ ّ‬
‫سلم عن المخالفين و الخلفاء الثلثة و طعنهم و لعنهههم و إثبههات‬ ‫لم يكن لشكاويهم عليهم ال ّ‬
‫الويل عليهم و تكفيرهم من الجهات اّلتي ذكهرت و تفسهيقهم و كهذا طعهن علمائنها و منههم‬
‫ل عليهم وجه ‪ ،‬بل كان لغوا محضا و يلزمه أّنه لو فعل ذلك أو شيئا من ذلههك غيههر‬ ‫المستد ّ‬
‫المنافقين من ساير الكّفار الذين لم يقروا بالسلم بالّنسبة إلى سههادة النههام و فاطمههة بنههت‬
‫سههلم و غيرهههم مههن شههيعتهم و‬ ‫ل عليه و آله و سّلم و سبطيه عليهمهها ال ّ‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫رسول ا ّ‬
‫أولدهم و ذراريهم بالقتل و النهب و السر أّنه لم يكن عليهم في ذلك شههيء ‪ ،‬و يكونههون‬
‫لل‬ ‫ن المسههتد ّ‬‫يأّ‬ ‫هم و ساير من لم يحدث أمثال هذا عنه في العقههاب متسههاويين ‪ ،‬و قطع ه ّ‬
‫شنايع و أقبح الفضايح ‪ ،‬و هههل كههان مههراد الّنههب ّ‬
‫ي‬ ‫يقول به أيضا إذا القول بذلك من أشنع ال ّ‬
‫سلم مهن آذاهها فقهد آذانهي و غيهر ذلهك‬ ‫ق فاطمة عليها ال ّ‬ ‫ل عليه و آله بقوله في ح ّ‬ ‫صّلى ا ّ‬
‫سههلم و أولدهههم‬ ‫بالّنسههبة إليههها و إلههى غيرههها مههن الحسههنين و أميههر المههؤمنين عليهههم ال ّ‬
‫ل و لرسوله العارفين بحّقهمهها ‪ ،‬أو المههراد منههه العهّم بههل‬ ‫خصوص المؤمنين المصّدقين ّ‬
‫ل ذلههك بالّنسههبة إلههى غيرهههم فيحكههم‬ ‫ملحوظ نظههره خصههوص المخهالفين أ فيجهّوز المسههتد ّ‬
‫بجواز اسر غيرهههم للسههادات و العلوّيههات و الفاطمّيههات و قتلهههم و نهههب أمههوالهم و هتههك‬
‫ل شيء عجيب أقرب من الكفر لههو لههم‬ ‫عرضهم و غير ذلك من الّناس بل النبياء ما هذا إ ّ‬
‫يكن كفرا ‪.‬‬

‫ل كفار حقيقة بالكفر المقابل للسلم ‪،‬‬


‫ن المخالفين عند المستد ّ‬
‫و ثالثا ا ّ‬
‫فيلزمه جريان أحكامهم فيه و منها القول الذى استحدثه من عدم العقاب علههى تههرك شههيء‬
‫ن الصحيحة صههريحة فههي‬ ‫ل أمر غريب و شيء عجيب و بالجملة فا ّ‬ ‫من التكاليف ما هذا إ ّ‬
‫سلم ‪:‬‬‫عدم تكليف المخالفين بالمامة و ل بشيء من الفروع ‪ ،‬و يفصح عنه قوله عليه ال ّ‬

‫ل و رسههوله ‪ ،‬و يعههرف حّقهمهها ‪ ،‬و ذلههك‬ ‫فكيف يجب عليه معرفة المام و هو ل يؤمن با ّ‬
‫ن مقتضههاها أ ّ‬
‫ن‬ ‫بالّتقريب الذى تقّدم ‪ ،‬و نزيد حينئذ وجههه دللتههه علههى ذلههك هنهها فنقههول ‪ :‬إ ّ‬
‫ل و رسوله و هو على ما عرفوه و ورد به الخبر و قد‬ ‫الّتكليف بالمامة فرع اليمان با ّ‬

‫] ‪[ 351‬‬

‫صلة هو القرار بالّلسان و التصديق بالجنان و العمههل بالركههان و‬ ‫ذكره في أّول كتاب ال ّ‬
‫ق الخلفههاء الثلث لعههدم تصههديقهم بالجنههان ‪ ،‬هههذا أ‬ ‫ن ذلههك لههم يتحّقههق فههي حه ّ‬
‫ل ريب في أ ّ‬
‫له عليههه و آلههه و سهّلم و الكاسههرين‬‫ن الكّفار المحاربين للّنههبي صهّلى ا ّ‬ ‫فتجّوز أّيها العاقل أ ّ‬
‫ل عليه و آلههه و المتص هّدين ليقههاع البليهها و‬‫لسنانه و القاتلين للمسلمين في زمنه صّلى ا ّ‬
‫له عليهه‬‫ن دعاءه صّلى ا ّ‬ ‫المحن عليه أن يكونوا في جميع ذلك معذورين غير مأثومين و أ ّ‬
‫ن المنشأ هههو عههدم القههرار‬ ‫و آله عليهم في بعض الحروب كان عبثا و لغوا بل منشاء و أ ّ‬
‫له عليههه و آلههه و سهّلم عليهههم فههي ذلههك الحيههن خاصّههة دون‬‫مع أّنه ل وجه لدعائه صّلى ا ّ‬
‫غيرهم أولهم في غير تلك الحال ‪.‬‬

‫ن الجزية واجبة على جميع‬ ‫ن هذه الصحيحة معارضة بما في التهذيب في باب أ ّ‬ ‫و رابعا أ ّ‬
‫ي بن إبراهيههم عههن أبيههه عههن حمههاد عههن‬‫أهل الكتاب عن محّمد بن يعقوب الكليني عن عل ّ‬
‫سلم عن صدقات أهل الّذّمة و ما يؤخذ من جزيتهههم‬ ‫ل عليه ال ّ‬
‫حريز قال ‪ :‬سألت أبا عبد ا ّ‬
‫سهلم ‪ :‬عليههم الجزيهة فهي‬ ‫من ثمهن خمهورهم و لحهم خنهازيرهم و ميتتههم ‪ ،‬قهال عليهه ال ّ‬
‫أموالهم يؤخذ منهم من ثمن لحم الخنزير أو خمر كل ما أخذوا منهم من ذلههك فههوزر ذلههك‬
‫عليهم و ثمنه للمسلمين حلل ‪ ،‬يأخذونه في جزيتهم ‪.‬‬

‫و هذا الخبر ليس في سنده من يتوّقف فيه سوى إبراهيم بههن هاشههم و هههو علههى المشهههور‬
‫ل و ارتضهاه ثقهة ‪ ،‬و‬ ‫خرين كمها ذكهره المسهتد ّ‬ ‫حسن كالصحيح و عند المحّققين مهن المتهأ ّ‬
‫سند ل يتوّقف فيه صحيح ‪ ،‬هذا مع أّنههه لههم‬ ‫سند المشتمل عليه إذا كان الباقي من رجال ال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫له سهعيهم ‪ ،‬فالحهديث‬ ‫خر و أصحابنا شكر ا ّ‬ ‫يقل بهذا الصطلح الذى تصّدى لنا سلبه متأ ّ‬
‫جة عنده و لو كان راويه من أكذب البرّية و صّرح بكههذبه الئمههة و تصههحيح سههنده مّنهها‬ ‫حّ‬
‫سند بعد وقوع المعارضههة‬ ‫صحة فى ال ّ‬‫ي و سّد لباب فرار الخصم لو اّدعى مراعاة ال ّ‬ ‫تبرع ّ‬
‫حة سنده كما ترى صريح في ثبوت الوزر عليهههم فههي‬ ‫ح سنده ‪ ،‬و مع ص ّ‬ ‫بينه و بين ما ص ّ‬
‫ل ثمنه في مّلة السلم و مع ثبوت الوزر عليهم في ذلك يثبت في‬ ‫استحللهم ثمن ما ل يح ّ‬
‫سك بههها فههي اثبههات‬ ‫المعاصى اّلتي ذكرناها اّلتي هى أشّد منها و مقتضى الولوّية اّلتي تم ّ‬
‫مطلبه ثبوت الوزر عليهم في المعاصى التي هى أشّد بطريق الولوّية هذا ‪ ،‬مضههافا إلههى‬
‫عدم القول بالفصل‬

‫] ‪[ 352‬‬

‫قال المحّقق الثاني المحقق الشيخ على بعد ذكر هذا الخبر ‪:‬‬

‫ن مهها‬
‫ن الكافر يؤخذ بما يسههتحّله إذا كههان حرامهها فههي شههريعة السههلم و أ ّ‬
‫فيه دللة على أ ّ‬
‫ل حلل علينا و إن كان ذلك الخذ حراما عندنا ‪.‬‬ ‫يأخذونه على اعتقاد الح ّ‬

‫و مراده بقوله ‪ :‬يؤخذ بما يستحّله المؤاخههذة عليههه و ايجههاب ذلههك العقههاب ل أخههذ الجزيههة‬
‫لتبادر الّول من العبارة ‪.‬‬

‫و به اعترف من كتاب الّزكاة في مسألة استحباب ما سوى الّزكههاة مههن الحقههوق الههتي فههى‬
‫ضغث بعد الضغث و الحفنههة بعههد الحفنههة يههوم الجههذاذ حيههث إنههه مههن القههائلين‬ ‫المال من ال ّ‬
‫سههلم‬
‫بالستحباب مستندا إلههى روايههة معاويههة بههن شههريح قههال ‪ :‬سههمعت الصههادق عليههه ال ّ‬
‫ق تعطيه ‪.‬‬ ‫ق تؤخذ به و ح ّ‬
‫يقول ‪ :‬في الّزرع ح ّ‬

‫حيث قال ‪ :‬المتبادر من ههذه العبهارة العقهاب علهى تركهه ‪ ،‬و ههو كنايهة عهن الوجهوب و‬
‫اللزام به شرعا ‪.‬‬

‫و استشهد لذلك بما في المصباح المنير من قوله ‪ :‬و أخذ بذنبه ‪ ،‬عاقبه عليه ‪،‬‬

‫و إن كان في الستشهاد نوع تأّمل ‪.‬‬

‫ل أبهها حنيفههة علههى‬


‫صحيحة مع صراحتها في ذلك معتضههدة بعمههل كاّفههة العلمههآء إ ّ‬ ‫و هذه ال ّ‬
‫سههك بههها فكيههف يعارضههها الههتي ذكرههها‬ ‫اعترافه و معتضدة بأدّلة العقلء اّلههتي ديههدنه التم ّ‬
‫ل‪.‬‬‫المستد ّ‬

‫ل تعههالى إنمهها المشههركون نجههس فل يقربههوا‬


‫مضافا إلى معارضة الكتاب العزيز لها قال ا ّ‬
‫صهحيحة لهم‬‫ل عن القرب مههن المسهجد الحههرام و بمقتضهى ال ّ‬ ‫المسجد الحرام و قد نهاهم ا ّ‬
‫يكن لهذا الّتكليف وجه ‪ ،‬و كذا تكليفهم بالجزية و أخذها منهم و ايجابها عليهم ‪.‬‬

‫ل على أّنهم مكّلفون بشريعة السلم و فروعها زيادة على اليمان قوله عّز من قههائل‬ ‫و يد ّ‬
‫ل و ل يدينون دين‬ ‫ل و ل باليوم الخر و ل يحّرمون ما حّرم ا ّ‬
‫‪ :‬قاتلوا الذين ل يؤمنون با ّ‬
‫ق من الذين اوتوا الكتاب حّتى يعطوا الجزية عن يدوهم صاغرون‬ ‫الح ّ‬

‫] ‪[ 353‬‬
‫ل ه و الّتههدين‬
‫ل تعالى إلى ظهور هذه الية في كونهم مكّلفين بتحريم ما حّرم ا ّ‬ ‫انظر اّيدك ا ّ‬
‫بدين الحق بل و صراحتها في ذلك ‪ ،‬فاّنهم لو لههم يكونههوا مكّلفيههن بههذلك لمهها كههان لرداف‬
‫ل و ل بههاليوم الخههر و‬ ‫ل ‪ ،‬إلى آخههره بقههوله ‪ :‬ل يؤمنههون بهها ّ‬
‫قوله ‪ :‬ل يحّرمون ما حّرم ا ّ‬
‫إيراد ذلك في بيان منشاء مقابلتهم و أخذ الجزية منهم وجه ‪ ،‬إذ كان عدم اليمان كافيا في‬
‫له عههن ذلههك‬ ‫ذلك ‪ ،‬فيصير الرداف المذكور لغوا بحتا و خاليا عن الفايدة بالمّرة تعههالى ا ّ‬
‫علّوا كبيرا ‪.‬‬

‫له‬
‫ل إلها آخر و ل يقتلون الّنفهس اّلهتي حهّرم ا ّ‬ ‫و قال سبحانه أيضا و الذين ل يدعون مع ا ّ‬
‫ل بالحق و ل يزنون و من يفعل ذلك يلق أثاما ‪ .‬يضاعف لههه العههذاب يههوم القيامههة انظههر‬ ‫إّ‬
‫إلى صراحة هذه الية أيضا فجعل العذاب المضاعف جزاء لهم على الفعال المذكورة و‬
‫ن كل من المور المههذكورة يصههير سههببا لضههعف‬ ‫من جملتها قتل النفس و الّزنا ‪ ،‬فلو ل أ ّ‬
‫العذاب يوم القيامة أو المجموع من حيث المجموع لما كان لتأخير الشارة أى لفظة ذلههك‬
‫عن جميع ذلك وجه ‪ ،‬بل كان المناسب بهل اللزم دفعها لتهوّهم الشهتراك إردافهها بهالمر‬
‫سببّية ‪.‬‬
‫شرك ليفيد إنفراده في ال ّ‬‫الّول فقط و هو ال ّ‬

‫ى عاقههل‬
‫صحيحة يوجب رّدها بأجمعههها و أ ّ‬ ‫و اليات الظاهرة في ذلك كثيرة ‪ ،‬و العمل بال ّ‬
‫سهلم فهي أخبهار كهثيرة مستفيضهة بالخهذ بمها وافهق‬ ‫يرضهى بههذا و قهد أمهروا عليههم ال ّ‬
‫صحيحة الموافقة له و هى مهها‬ ‫الكتاب ‪ ،‬و هذه الخبار متلّقاة بالقبول حّتى عند المستدلّ فال ّ‬
‫جح على الصحيحة المخالفة له و هى ما ذكرها ‪.‬‬ ‫ذكرناها تر ّ‬

‫و بعد هذا كّله نقول ‪:‬‬

‫له العههالم و‬
‫ل و ذكره ‪ ،‬بههل المههراد منههها و ا ّ‬ ‫الذى يفهم من الصحيحة غير ما فهمه المستد ّ‬
‫ل و رسهوله إلهى معرفهة المههام‬ ‫ن مخاطبة الكّفار المنكرين غير المقّريههن بها ّ‬
‫قائله أعلم ‪ :‬أ ّ‬
‫الذى هو نائبه و خليفته و من تجب إطاعته و توجيه الخطهاب بههذلك إليهههم يكههاد أن يكهون‬
‫ذلك لغوا ‪ ،‬و ذلك ل يستلزم عدم إرادتها و مطلوبّيتها منهم ‪.‬‬

‫شرع كثير منه تكليف النائم و كذا الغافل و كذا فاقد‬


‫و نظير ذلك في ال ّ‬

‫] ‪[ 354‬‬

‫ل فههي الّوليههن بقضههاء الصههلة الههتي فاتتهمهها‬


‫الطهور عند المحّققين في الخير و عند الكه ّ‬
‫ن الصهلة مهرادة و مطلوبهة منههم فهي‬ ‫الذى هو عبارة عن تدارك ما فات اتفاقا ‪ ،‬فلهو ل أ ّ‬
‫تلك لحوال لما كان للمر بالقضاء معنى ‪.‬‬

‫و لذلك مثال في العرف كأن يكون لشههخص عبههد ل يطيعههه و يعصههيه فل يههأمره باطاعههة‬
‫جهههه ل يطيعههه جزمهها ‪،‬‬‫وكيله مثل ‪ ،‬و ل يوجه إليه الخطاب باطاعة الوكيل مع أّنه لههو و ّ‬
‫ن ذلههك ل يههوجب عههدم المطلوبّيههة منههه و عههدم إرادتههه علههى وجههه الوجههوب و اللههزوم‬
‫فهها ّ‬
‫ى‪.‬‬
‫ل عليه المر الخطاب ّ‬ ‫لينحصرا فيما د ّ‬

‫جه الخطاب إليه ‪.‬‬


‫سلم ‪ :‬كيف يجب عليه معرفة المام ‪ ،‬أّنه كيف يو ّ‬
‫فالمراد بقوله عليه ال ّ‬

‫ن المر بالشيء عند المحّققيهن ل يسهتلزم المهر بمها ههو مقّدمهة‬ ‫و لذلك مثال آخر و هو أ ّ‬
‫ن الخطههاب‬ ‫لوجوده ‪ ،‬و يقولون بعدم حرمته مههن حيههث إّنههها مقّدمههة و مههع ذلههك يقولههون إ ّ‬
‫بالباحة و عدم الحرمة يكون لغههوا و إن كههان مهها تضهّمنه الخطههاب حّقهها ‪ ،‬و يكههون مثلههه‬
‫ن الّنائم ل يبصر و السود الّزنجى ل يعلم الغيوب و أمثال ذلك ‪،‬‬ ‫كبيان الواضحات مثل أ ّ‬
‫جه الخطاب من حيث القبح في الصدور ل يسههتلزم عههدم مهها تضهّمنه لههو صههدر و‬ ‫فعدم تو ّ‬
‫قبحه و ذلك واضح ل يخفى ‪.‬‬

‫قال صاحب الحدائق ‪:‬‬

‫و منها ما رواه الثقة الجليل أحمد بن أبيطالب الطبرسي في الحتجاج عن أمير المههؤمنين‬
‫سلم في حديث الّزنديق الذى جاء إليه مستّدل عليه بآى القههرآن قههد اشهتبهت حيهث‬ ‫عليه ال ّ‬
‫سلم ‪:‬‬
‫قال عليه ال ّ‬

‫ل ‪ ،‬فلّما أقّروا‬ ‫لا ّ‬‫فكان أّول ما قّيدهم به القرار بالوحدانّية و الّربوبّية و شهادة أن ل إله إ ّ‬
‫ل عليههه و آلههه بههالّنبوة و الشهههادة بالّرسههالة ‪ ،‬فلّمهها انقههادوا‬
‫بذلك تله بالقرار لنبّيه صّلى ا ّ‬
‫ج ‪ ،‬الحديث ‪.‬‬ ‫لذلك فرض عليهم الصلة ثّم الصوم ثّم الح ّ‬

‫جيته بحسب السند حيث إّنه ليس من أخبار الكتب التي يدعى قطعّيتها ‪،‬‬
‫و فيه بعد تسليم ح ّ‬
‫ن التكليفات في صدر السلم و أّول البعثة صدرت تدريجا و لم ينسخ‬ ‫أّ‬

‫] ‪[ 355‬‬

‫ل النزاع في شههيء ‪،‬‬ ‫الشريعة السابقة دفعة ‪ ،‬بل إّنما نسخ شيئا فشيئا ‪ ،‬و ليس ذلك من مح ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم لههم‬ ‫فاّنه ل ريب أّنهم متعّبدون بشريعتهم السابقة ‪ ،‬و لكن الّنبي صّلى ا ّ‬
‫ينسخها عنهم دفعة بل أبقاهم فههي أّول الشههريعة علههى شههريعتهم و نسههخ منههها شههيئا فشههيئا‬
‫فأوجب عليهم بعض التكاليف تدريجا ‪ ،‬و ذلك ل يستلزم عدم كونها مكّلفين بالتكاليف فههي‬
‫شريعتنا بعد انتساخ شريعتهم ‪ ،‬قال ‪:‬‬

‫سههلم‬
‫ى بن إبراهيم القّمى في تفسيره عن الصههادق عليههه ال ّ‬
‫و منها ما رواه الثقة الجليل عل ّ‬
‫في تفسير قوله تعالى و ويل للمشركين اّلذين ل يؤتون الّزكوة و هم بالخرة هههم كههافرون‬
‫سلم ‪:‬‬‫حيث قال عليه ال ّ‬
‫ل طلب من المشركين زكاة أموالهم و هم يشركون به حيث يقههول ‪:‬‬ ‫ل عّز و ج ّ‬ ‫نا ّ‬‫أ ترى أ ّ‬
‫له العبههاد‬
‫و ويل للمشركين الذين ل يؤتون الّزكوة و هم بالخرة هم كافرون ‪ ،‬إّنما دعى ا ّ‬
‫ل و رسوله افترض عليهم الفرض ‪.‬‬ ‫لليمان به فاذا آمنوا با ّ‬

‫قال المحّدث الكاشاني في كتاب الصافي بعد نقل الحديث المذكور ‪:‬‬

‫ن الكّفههار غيههر مكّلفيههن بالحكههام‬


‫ل على ما هو التحقيق عندي مههن أ ّ‬‫أقول ‪ :‬هذا الحديث يد ّ‬
‫الشرعّية ما داموا باقين على الكفر ‪ ،‬انتهى ‪.‬‬

‫سند الحمل على الّتقّية لكونه مذهب أبي حنيفة كمهها اعههترف ‪ ،‬و هههو قههد‬
‫و فيه بعد تسليم ال ّ‬
‫سلم و من تلمههذته ‪ ،‬و مههذهبه كهان مشهههورا بينهههم‬
‫كان في زمان مولينا الصادق عليه ال ّ‬
‫في زمانه ‪.‬‬

‫و الشاهد على الحمل على الّتقّية و تعّينه أّنه مع عدم هذا الحمههل يلههزم مناقضههة مضههمون‬
‫ن المراد بالمشههركين هههم الكّفههار الههذين ل يؤمنههون‬
‫ص الية ‪ ،‬فاّنها صريحة فى أ ّ‬
‫الخبر لن ّ‬
‫بالخرة حيث وصفهم فيها بقوله ‪ :‬و هم بالخرة هم كافرون ‪.‬‬

‫ن مورد الية إّما المسلمون أو الذين ل نعرفهم أول مورد لههها ‪،‬‬ ‫و حينئذ فمقتضى الخبر أ ّ‬
‫و الخيههران بههاطلن جزمهها و كههذلك الّول لّنههه يلههزم أن يكههون المسههلمون و المؤمنههون‬
‫مشركين كافرين بيوم الخر ‪ ،‬فيحكم بنجاستهم و كفرهم و عدم قربهم من المسجد الحرام‬
‫ل في الحكم‬ ‫و غير ذلك من أحكام الكفر ‪ ،‬كما فعل ذلك المستد ّ‬

‫] ‪[ 356‬‬

‫بكفر المخالفين من حيهث إطلق الكفهر عليههم فهي الخبهار و جعلههم بهذلك كفهارا حقيقهة‬
‫بالكفر المقابل للسههلم فههاذا كههان مههؤمن ل يههؤتى الّزكههاة يلههزم الحكههم بكفههره و شههركه و‬
‫ل ‪ ،‬هذا ‪.‬‬
‫ل و عند الك ّ‬
‫ى الفساد عند المستد ّ‬ ‫نجاسته و استحقاقه للخلود في النار و هو قطع ّ‬

‫ن الشرك و الكفر بالخرة الواقعين في الية وصفا لمن ل يؤتي الزكههاة حقيقههة فيمههن‬
‫مع أ ّ‬
‫صدر عنه هذان الوصفان ‪ ،‬و ليس المسلم كذلك جزما و وجدانا ‪،‬‬

‫و حينئذ فالعمل بالخبر يستلزم إلغاء الية و عدم وجود مصداق لها أو القول بكفههر مههن ل‬
‫يؤت الّزكاة من المؤمنين و شركه و ترّتب أحكامهما عليه و ل أراه يقول به ‪.‬‬

‫و بالجملة ظاهر الخبر مناقض لصههريح اليههة و قههد قههالوا فههي أخبههار كههثيرة ‪ :‬مهها خههالف‬
‫ى مخالفة أشّد من هذه المخالفة ‪.‬‬ ‫الكتاب فاضربوه على الحائط ‪ ،‬و أ ّ‬
‫و لو قيل بكون هذا الخبر تفسيرا لها و وجوب المصير إليه لزم منه طرح تلك الخبههار و‬
‫يلزم منه أن ل يوجد مصداق تلك الخبار المرة لضرب المخالف للقرآن على الحههائط إذ‬
‫ى خبر يعلم منه‬‫ل خبر مخالف يحتمل أن يكون تفسيرا للقرآن و إن لم يرد في تفسيره فأ ّ‬ ‫كّ‬
‫المخالفة للقرآن ‪.‬‬

‫ل رأس ك ه ّ‬
‫ل‬ ‫و بمقتضى جميع ما ذكر يتعّين الحمل على التقّية اّلتي هي بههاعتراف المسههتد ّ‬
‫آفة و بلّية ‪.‬‬

‫مع أّنه يحتمل أن يكون المراد بهذا الخبر ما قّدمناه في العتراض على الخههبر الّول مههن‬
‫جه الخطاب إليهم ل ينافي مطلوبّيته منهم ‪ ،‬أو ما قهّدمناه فهي العهتراض علهى‬ ‫ن عدم تو ّ‬
‫أّ‬
‫الخبر الثاني من أّنهم فههي صههدر السههلم و أّول البعثههة لههم يههؤمروا بههذلك ‪ ،‬و إّنمهها كّلفههوا‬
‫ل ه العبههاد‬‫سلم في آخر الخبر ‪ :‬إّنما دعهها ا ّ‬ ‫بالتكاليف شيئا فشيئا ‪ ،‬و إليه يشير قوله عليه ال ّ‬
‫لليمان ‪ ،‬و على ذلك فل دللة فيه على ما رامه ‪.‬‬

‫قال صاحب الحدايق ‪:‬‬

‫له و‬
‫سلم في تفسهير قهوله تعهالى أطيعهوا ا ّ‬
‫ل على ذلك ما ورد عن الباقر عليه ال ّ‬
‫و مما يد ّ‬
‫خص في‬ ‫أطيعوا الّرسول و ُاولى المر منكم حيث قال ‪ :‬كيف يأمر بطاعتهم و ير ّ‬

‫] ‪[ 357‬‬

‫ل و أطيعوا الّرسول ‪.‬‬


‫منازعتهم ‪ ،‬إّنما قال ذلك للمأمورين الذين قيل لهم أطيعوا ا ّ‬

‫سههلم‬‫أقول ‪ :‬تمام الحديث ما رواه في الكافي عن بريد العجلى قال ‪ :‬تل أبو جعفر عليه ال ّ‬
‫ل و أطيعوا الّرسول و اولى المر منكم فان خفتم تنازعا في المر فارجعوه إلى‬ ‫أطيعوا ا ّ‬
‫خههص فههي‬ ‫ل و إلى الّرسول و إلى اولى المر منكم ‪ ،‬ثّم قال ‪ :‬كيف يأمر بطههاعتهم و ير ّ‬ ‫ا ّ‬
‫ل و أطيعوا الّرسول ‪.‬‬
‫منازعتهم إنما قال ذلك للمأمورين الذين قيل لهم أطيعوا ا ّ‬

‫صل معناه أّنههه كههان فههي‬ ‫ل بوجه ‪ ،‬بل مح ّ‬ ‫و هو كما ترى ل دللة فيه على ما رامه المستد ّ‬
‫ن قههوله‬
‫سلم فارجعوه مكان فرّدوه و يحتمل أن يكون تفسههيرا لههه كمهها أ ّ‬ ‫مصحفهم عليهم ال ّ‬
‫فان خفتم تنازعا للمر تفسير لقوله فان تنازعتم في شيء ‪ ،‬و يستفاد منههه أيضهها أّنههه كههان‬
‫ل على أّنه ل يدخل اولوا المر في المخههاطبين‬ ‫في مصحفهم و إلى اولى المر منكم ‪ ،‬فيد ّ‬
‫سرون من المخالفين ‪ ،‬فقوله ‪:‬‬ ‫بقوله ‪ :‬إن تنازعتم ‪ ،‬كما زعمه المف ّ‬

‫ل سبحانه أمههر بطههاعتهم أول‬ ‫نا ّ‬


‫خص فى منازعتهم ‪ ،‬يريد به أ ّ‬ ‫كيف يأمر بطاعتهم و ير ّ‬
‫بقههوله ‪ :‬و أطيعههوا الّرسههول و اولههى المههر منكههم ‪ ،‬و مههع ذلههك فل يجههوز إدخههالهم فههي‬
‫المخاطبين بقوله ‪ :‬فان تنازعتم إذ وجوب الطاعة ل يجتمع مع الّترخيص فههي المنازعههة‬
‫له و‬
‫فل ب هّد أن يكههون المقصههود بالخطههاب غيرهههم ‪ ،‬و هههم الههذين امههروا أّول باطاعههة ا ّ‬
‫الّرسول و اولى المر ‪ ،‬فامروا ثانيا عند الّتنازع بالّرد و الّرجوع إليهم أيضا ‪،‬‬

‫فافهم جّيدا ‪.‬‬

‫الثالث لزوم تكليف ما ل يطاق إذ تكليف الجاهل بما هو جاهل به تصّورا و تصديقا عيههن‬
‫تكليف مها ل يطهاق ‪ ،‬و ههو مّمها منعتهه الدلهة العقلّيهة و الّنقليهة لعيهن مها تقهّدم فهي حكهم‬
‫معذورية الجاهل ‪ ،‬و إليه يشير كلم الذخيرة في مسألة الصلة مع الّنجاسههة عامههدا حيههث‬
‫نقل عن بعضهم الشكال في إلحاق الجاهل بالعامد ‪ ،‬و قال بعده ‪:‬‬

‫ل لههزم تكليههف‬
‫ن التكليف متعّلق بمقّدمات الفعل كالّنظر و السعى و التعّلم ‪ ،‬و إ ّ‬
‫و الظاهر أ ّ‬
‫الغافل أو التكليف بما ل يطاق ‪ ،‬و العقاب يترّتب على ترك النظههر » إلههي أن قههال « و ل‬
‫يخفى أّنه يلزم على هذا أن ل يكون الكّفار مخاطبين بالحكام و إّنما يكونون‬

‫] ‪[ 358‬‬

‫ل عنهههم و تحقيههق‬
‫مخاطبين بمقّدمات الحكام ‪ ،‬و هذا خلف ما قّرره الصحاب رضي ا ّ‬
‫المقام من المشكلت ‪.‬‬

‫قال صاحب الحدايق بعد نقل هذا الكلم ‪:‬‬

‫ل سبحانه فيما ذكره بعد ورود الخبار بمعذورّية الجاهل حسبما مهّر ‪ ،‬و‬ ‫ل إشكال بحمد ا ّ‬
‫شهرة في جميع الحكام‬ ‫ورودها بخصوص الكافر كما نقلنا هنا ‪ ،‬و لكّنهم يدورون مدار ال ّ‬
‫و إن خلت عن الّدليل في المقام سّيما مع عدم الوقوف علههى مهها يضههاّدها مههن أخبههار أهههل‬
‫سلم ‪.‬‬‫الذكر عليهم ال ّ‬

‫ص من المّدعى ل يشمل من تصّور أحكام السلم و عرفه ‪.‬‬


‫ن هذا الّدليل أخ ّ‬
‫و فيه أّول أ ّ‬

‫و ثانيا إن كان مههراده بههذلك الجاهههل المستضههعف الههذى ل يعههرف السههلم ‪ ،‬و لههم يسههمع‬
‫صيته أصل فل كلم فيه ‪.‬‬

‫و إن أراد من سمع صيت السلم و عرفه فل نسلم أّنههه جاهههل تصهّورا و تصههديقا بههل ل‬
‫شرايع الموظفة و لو إجمال ‪.‬‬
‫ريب أّنه عالم بال ّ‬

‫نعم ليس عالما بذلك تفصيل فهو متصّور لما في السلم من شريعة و أحكام كما أّنا مثل‬
‫ن لهم شرايع و أحكامهها و إن كّنهها جههاهلين بههذلك تفصههيل ‪ ،‬و‬
‫عارفون بدين أهل الكفر و أ ّ‬
‫هذا القدر من العلم يكفى ‪.‬‬
‫ن أصحابنا ل يعذرون الجاهل في الحكام نظرا إلى علمه بذلك إجمههال و لههو لههم‬ ‫و لذلك ا ّ‬
‫ل و رسههوله بمعرفههة المههام و الفههروع أصههل‬
‫يكف هذا المقدار لزم أن ل يكّلف المقهّر بهها ّ‬
‫ج و ل يعاقب بتركها أيضا ‪ ،‬و يكون المر بالمعرفة الههواردة‬ ‫صلة و الّزكاة و الح ّ‬‫حّتى ال ّ‬
‫في الخبار ليس فيه فايدة ‪ ،‬و من الفروع وجوب تحصههيل المعرفههة بالحكههام و علههى مهها‬
‫ذكههره يلههزم أن ل يكونههوا مكّلفيههن ‪ ،‬و هههو مّمههن يقههول بوجههوب تحصههيل المعرفههة علههى‬
‫المسلمين ‪.‬‬

‫و على قوله لم يكن فرق بينها و بين ساير الواجبات و المحّرمات إذ الجهل الذى هو عّلههة‬
‫لعدم تعّلق التكليف بما وراء المعرفة من حيث استلزامه التكليف بما‬

‫] ‪[ 359‬‬

‫ل يطاق جاء في نفس المعرفة أيضا فأّنى له بالفارق ‪ ،‬هذا ‪.‬‬

‫ح ما ذكر يلزم قبح التكليف بالصول أيضا لّتحاد العّلة بل ازديادههها فيههها ‪،‬‬
‫مع أّنه لو ص ّ‬
‫ن من تيّقن بطلن السلم فضل عن أن يجهله مكّلههف بالصههول جزمهها فتكليههف‬ ‫و ذلك فا ّ‬
‫من هو جاهل بها أولى كما ل يخفى ‪.‬‬

‫و يلزم على ذلك خروج اكثر الكفههار لههو لههم يكههن كّلهههم عههن التكليههف بالسههلم لسههتحالة‬
‫ل من ش هّذ مههتيّقن بههدينه‬
‫ل من دان بدين إ ّ‬
‫نكّ‬ ‫تكليف الجاهل فضل عن العالم ‪ ،‬و ل ريب أ ّ‬
‫حته ‪ ،‬ففي حال الجزم و اليقين كيف يكّلف بههالعلم ببطلن مهها علمههه و فسههاد مهها‬ ‫جازم بص ّ‬
‫تيّقن به ‪.‬‬

‫ل ل يقول به ‪،‬‬
‫ن المستد ّ‬
‫و بذلك يظهر أّنهم ليسوا مكّلفين بالصول و الحال أ ّ‬

‫و ليت شعرى كيف ل يلتزم به مع اقتضاء دليله ذلك و جريانه فيه بل أولى بالجريان كما‬
‫عرفت ‪ ،‬هذا ‪.‬‬

‫ن الكهافر غيهر‬
‫و قد يقّرر هذا الّدليل أعني لزوم التكليف بما ل يطهاق بهوجه آخهر و ههو أ ّ‬
‫صحيحة المشروطة باليمان ‪.‬‬ ‫قادر على التيان بالعبادة ال ّ‬

‫و اجيب عنه بأّنا نقول اّنهم مكّلفون بههالفروع حههال الكفههر ل بشههرط الكفههر فههالكفر ظههرف‬
‫للّتكليف ل للمكّلف فل يلزم التكليف بما ل يطاق ‪.‬‬

‫سههلم طلههب العلههم فريضههة‬


‫الرابع الخبار الّدالة على وجوب طلب العلم كقههولهم عليهههم ال ّ‬
‫ن موردها المسلم دون مجّرد البالغ العاقل ‪.‬‬
‫ل مسلم فا ّ‬
‫على ك ّ‬
‫ن الستدلل بتلك الخبار موقوف على القول بحجّية مفهوم الّلقب و هو مههع كههونه‬ ‫و فيه أ ّ‬
‫ل أيضا فل وجه لستدلله بها على المّدعى ‪.‬‬‫خلف الّتحقيق ل يقول به المستد ّ‬

‫الخامس اختصاص الخطاب القرآنى بالذين آمنوا ‪ ،‬و ورود يا أّيها الّناس في بعض و هو‬
‫ل يحمل على المؤمنين حمل للمطلق على المقّيد و العام على الخاص كما هو القاعههدة‬ ‫الق ّ‬
‫المسّلمة بينهم ‪.‬‬

‫ن دللته من حيث مفهوم‬


‫سابق ‪ ،‬و هو أ ّ‬
‫و الجواب ما قّدمنا في الّدليل ال ّ‬

‫] ‪[ 360‬‬

‫جة عنده و عند المحّققين ‪.‬‬


‫الّلقب الذى ليس بح ّ‬

‫ععععع‬

‫ى فههي الكههافي عههن علههى ابههن‬


‫سلم حسبما أشههرنا إليههه مههرو ّ‬
‫شريف له عليه ال ّ‬
‫هذا الكلم ال ّ‬
‫ن أمير المؤمنين‬ ‫إبراهيم عن أبيه عن بعض أصحابه عن أبي حمزة عن عقيل الخزاعى أ ّ‬
‫ل عليه كان إذا حضر الحرب يوصى للمسلمين بكلمات يقول ‪:‬‬ ‫صلوات ا ّ‬

‫صلة و حههافظوا عليههها ‪ ،‬و اسههتكثروا منههها ‪ ،‬و تقّربههوا بههها فاّنههها كههانت علههى‬ ‫تعاهدوا ال ّ‬
‫المؤمنين كتابا موقوتا ‪ ،‬و قد علم ذلك الكّفار حين سئلوا ‪ ،‬ما سلككم في سقر قالوا لههم نههك‬
‫من المصّلين و قد عرف حّقها من طرقها و أكرم بها من المؤمنين الذين ل يشههغلهم عنههها‬
‫ل ‪ :‬رجال ل تلهيهم تجههارة و‬ ‫ل عّز و ج ّ‬ ‫زين متاع و ل قّرة عين من مال و ل ولد يقول ا ّ‬
‫ل عليه و آله و س هّلم منصههبا‬ ‫ل صّلى ا ّ‬ ‫صلوة ‪ ،‬و كان رسول ا ّ‬ ‫ل و إقام ال ّ‬
‫ل بيع عن ذكر ا ّ‬
‫صلوة و اصطبر‬ ‫ل ‪ :‬و أمر أهلك بال ّ‬ ‫‪ 1‬لنفسه بعد البشرى له بالجّنة من رّبه فقال عّز و ج ّ‬
‫عليها ‪ ،‬الية ‪ ،‬فكان يأمر بها أهله و يصبر عليها نفسه ‪.‬‬

‫ن الزكاة جعلت مع الصلة قربانا لهل السلم على أهل السههلم ‪ ،‬و مههن لههم يعطههها‬ ‫ثّم إ ّ‬
‫طيب الّنفس بها يرجو بها من الّثمن ما هو أفضل منها فاّنه جاهههل بالسههنة مغبههون الجههر‬
‫له‬
‫ل و الرغبهة عّمها عليههه صههالحو عبهاد ا ّ‬‫ل عّز و ج ّ‬
‫ل العمر طويل الّندم بترك أمر ا ّ‬‫ضا ّ‬
‫ل ‪ :‬و من يّتبع غير سبيل المؤمنين نوّله ما توّلى من المانههة فقههد خسههر‬ ‫ل عّز و ج ّ‬
‫يقول ا ّ‬
‫سهماوات المبنّيهة و الرض المههاد و‬ ‫ل عملههه عرضههت علهى ال ّ‬‫من ليس مهن أهلههها و ضه ّ‬
‫الجبال المنصوبة فل أطول و ل أعرض و ل أعلى و ل أعظم و لو امتنعن » امتنعههت خ‬
‫ل « من طول أو عرض أو عظم أو قّوة أو عّزة امتنعن ‪ ،‬و لكن أشفقن من العقوبة ‪.‬‬
‫ن الجهاد أشرف العمال بعد السلم ‪ ،‬و هو قوام الّدين و الجر فيه عظيم مع العههّزة‬ ‫ثّم إ ّ‬
‫شهادة و بالّرزق غدا عند الّرب‬
‫و المنعة و هو الكّرة فيه الحسنات و البشرى بالجّنة بعد ال ّ‬
‫ن الذين قتلوا‬
‫ل ‪ :‬و ل تحسب ّ‬
‫ل عّز و ج ّ‬
‫و الكرامة يقول ا ّ‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬هه ههههه ‪.‬‬

‫] ‪[ 361‬‬

‫ل أمواتًا بل أحياء ‪ ،‬الية ‪.‬‬


‫في سبيل ا ّ‬

‫ق للجهاد و المتوازرين على الضلل ضلل في‬ ‫ن الّرعب و الخوف من جهاد المستح ّ‬ ‫ثّم إ ّ‬
‫صغار ‪ ،‬و فيه استيجاب النههار بههالفرار مههن الّزحههف عنههد‬ ‫ل و ال ّ‬
‫الّدين و سلب للّدنيا مع الذ ّ‬
‫ل ‪ :‬يا أّيههها الههذين آمنههوا إذا لقيتههم الههذين كفههروا زحفهًا فل‬
‫ل عّز و ج ّ‬ ‫حضرة القتال يقول ا ّ‬
‫لدبار ‪.‬‬
‫توّلوهم ا َ‬

‫صههبر عليههها كههرم و سههعادة ‪ ،‬و‬ ‫ل في هذه المواطن اّلتي ال ّ‬ ‫ل عّز و ج ّ‬ ‫فحافظوا على أمر ا ّ‬
‫ل ل يعبأ بمهها العبههاد‬
‫ل عّز و ج ّ‬‫نا ّ‬
‫نجاة في الّدنيا و الخرة من فظيع الهول و المخافة ‪ ،‬فا ّ‬
‫مقترفون ليلهم و نهارهم لطف به علمهها ‪ ،‬و كههان » كههل خ ل « ذلههك فههي كتههاب ل يضه ّ‬
‫ل‬
‫رّبى و ل ينسى ‪ ،‬فاصبروا و صابروا و اسألوا الّنصر ‪ ،‬و وطنوا أنفسههكم علههى القتههال و‬
‫ل مع اّلذين اّتقوا و اّلذينهم محسنون ‪.‬‬
‫نا ّ‬ ‫ل ‪ ،‬فا ّ‬
‫ل عّز و ج ّ‬
‫اّتقوا ا ّ‬

‫عععع‬

‫ي في البحار من الكافي كما رويناه و قال بعد نقله ‪:‬‬


‫رواه المحّدث العلمة المجلس ّ‬

‫قوله ‪ :‬من طرقها ‪ ،‬لعّله من الطروق بمعنى التيان بالّليل أى واظب عليها فههي الّليههالى و‬
‫قيل ‪ :‬أى جعلها دأبه و صنعته من قولهم هذا طرقة رجل أى صنعته ‪.‬‬

‫و ل يخفههى مهها فيههه و ل يبعههد أن يكههون تصههحيف طهّوق بههها علههى المجهههول أى ألزمههها‬
‫طوق بقرينة اكرم بها على بناء المجهول أيضا ‪.‬‬ ‫كال ّ‬

‫قوله على أهل السلم ‪ ،‬الظاهر أّنه سقط هنا شيء قوله ‪ :‬من المانة ‪ ،‬لعّلههه بيههان لسههبيل‬
‫سههلم و هههي المانههة‬ ‫المؤمنين ‪ ،‬أى المههراد بسههبيل المههؤمنين وليههة أهههل الههبيت عليهههم ال ّ‬
‫المعروفة ‪.‬‬
‫سلم ‪ :‬و هو الكّرة ‪ ،‬أى الحملة على العدّو و هي في نفسها أمر مرغوب فيههه‬ ‫قوله عليه ال ّ‬
‫ل مّرة واحدة و حملة فيها سعادة البد ‪ ،‬و يمكن أن يقرء الكّرة بالهاء ‪،‬‬
‫اذ ليس هو ا ّ‬

‫أى هو مكروه للطباع فيكون إشارة إلى قوله تعالى ‪ :‬كتب عليكم القتال و هو كره لكم ‪ ،‬و‬
‫لعّله أصوب ‪.‬‬

‫] ‪[ 362‬‬

‫و قال الجوهرى ‪ :‬زحف إليه زحفا ‪ ،‬مشى و الّزحف الجيش يزحفون إلى العدّو ‪ ،‬و قوله‬
‫‪ :‬لطف به ‪ ،‬الضمير راجع إلى الموصول في قوله ‪ :‬ما العباد مقترقون ‪.‬‬

‫ععععععع‬

‫از جمله كلم بلغت نظام آن امام است وصّيت ميكرد با آن أصحاب خود را مىفرمود‬
‫‪:‬‬

‫مواظبت نمائيد بأمر نماز و محافظت نمائيد بر آن و بسيار كنيد از گههذاردن آن و تقهّرب‬
‫جوئيد بدرگاه پروردگار با آن ‪ ،‬پس بدرستى كه بوده است آن نمههاز بههر مههؤمنين فههرض‬
‫واجب ‪ ،‬آيا گوش نميكنيد بسوى جواب اهل آتههش وقههتى كههه سههؤال كههرده شههدند كههه چههه‬
‫باعث شد بآمدن شما در دوزخ ‪ ،‬گفتند نبوديم ما در دنيا از نماز گذارندگان ‪ ،‬و بدرستى‬
‫كه آن نماز مىريزد گناهانرا مثل ريختن برك از درختان و بر ميدارد قيد گناهان را از‬
‫گردن گناه كاران مثل برداشتن بند ريسمان از گردن حيوان ‪.‬‬

‫ل ه و سههلمه‬ ‫و تشبيه فرموده است نمازهاى پنج گانه را حضههرت رسههالتمآب صههلوات ا ّ‬
‫عليه و آله بچشمه آب گرمى كه باشد در خانه مرد پس بشويد آن مههرد بههدن خههود را در‬
‫آن چشمه در روز و شب پنچ دفعه ‪ ،‬پس نزديك نيست كه باقى ماند بر بدن او چركى و‬
‫كثافتى ‪ ،‬و بتحقيق كه شناخت قدر نماز را مردانى از مؤمنين كه مشغول نميكنههد ايشههان‬
‫را از آن نمههاز زينههت متههاع دنيهها و نههه چشههم روشههنى از اولد و نههه مههال آن ميفرمايههد‬
‫حقتعالى در شان ايشان ‪ :‬رجال ل تلهيهم الية ‪ ،‬يعنى تسبيح كند خداوند را مردانههى كههه‬
‫مشغول نمىنمايد ايشان را تجارت و خريد و فروش از ذكر پروردگار و از اقامه نماز‬
‫و از دادن زكاة و بود حضرت رسههول خههدا بغههايت متحمههل بمشهّقت و زحمههت نمههاز بهها‬
‫وجود اينكه بشارت بهشت داده بود او را بجهت فرمايش خههدا كههه خطههاب فرمههود او را‬
‫كه ‪ :‬امر كن اهل خود را بنمههاز و صههبر كههن برحمههت آن ‪ ،‬پههس بههود آن بزرگههوار امهر‬
‫مىفرمود اهل خود را و وادار مينمود نفس خود را بر آن ‪.‬‬

‫] ‪[ 363‬‬
‫پس از آن بدرستيكه زكاة گردانيده شده با نماز مايه تقّرب خدا از براى اهل اسههلم پههس‬
‫كسيكه عطا نمايد زكاة را در حالتى كه با طيب نفس بدهد آنرا پس بدرستى كه باشههد آن‬
‫از براى او كّفاره گناهان و حاجب و مانع از آتش سوزان ‪،‬‬

‫پس البّته نبايد احدى چشمش بر پشت آن بدوزد ‪ ،‬و البتهه نبايهد غمگيهن و پريشهان شهود‬
‫بآن از جهت اين كه هر كسى كههه بدهههد زكههاة را بهها وجههه إكههراه و عههدم طيههب نفههس در‬
‫حالتى كه اميههدوار باشههد بجهههت دادن آن ثههوابى را كههه أفضههل باشههد از آن پههس آن كههس‬
‫جاهلست بسّنت ‪ ،‬مغبونست در اجههرت ‪ ،‬گمراهسههت در عمههل ‪ ،‬دراز اسههت پشههيمانى و‬
‫ندامت آن ‪.‬‬

‫پههس از آن أداء أمههانت اسههت پههس بتحقيههق كههه نوميههد شههد كسههى كههه نبههوده از أهههل آن ‪،‬‬
‫بدرستيكه آن امانت اظهار شد بر آسمانهاى بنا شده ‪ ،‬و بر زمينهاى فرش شده ‪،‬‬

‫و بر كوههائى كه صاحب بلندى و منصوبست بر زمين ‪ ،‬پس نيست هيچ چيههز درازتههر‬
‫و پهنتر و بلندتر و بزرگتر از آنها ‪ ،‬و اگر امتناع مىنمههودى چيههزى بجهههت درازى يهها‬
‫پهنى يا بجهت قّوت يا عّزت هر آينه آنههها امتنههاع ميكردنههد ‪ ،‬و لكههن ترسههيدند از عههذاب‬
‫پروردگار ‪ ،‬و فهميدند چيزى را كه جاهل شههد بههآن كسههيكه ضههعيفتر از ايشههان بههود كههه‬
‫عبارت باشد از انسان ‪ ،‬بدرستى كه آن انسان بسيار ظالمست بسيار نادان ‪،‬‬

‫بدرستى كه خداى تعالى مخفى نمىماند بر او چيههزى كههه بنههدگان كسههب نماينههد آنههرا در‬
‫شب و روز خودشان ‪ ،‬لطيف خبير است بههه كههار ايشههان ‪ ،‬و محيههط اسههت بهها علههم خههود‬
‫بآن ‪،‬‬

‫أعضاء شما شاهدان اويند ‪ ،‬و جوارح شما لشكران او ‪ ،‬و قلبهاى شما جاسوسان او ‪،‬‬

‫و خلوتهاى شما آشكار است در نظر آن ‪.‬‬

‫] ‪[ 364‬‬

‫ع ع ع عععع ع ع ععع ع ععع ععع ع ع ع ععع عع ع‬


‫ععععع ع ع عععع ععع ع ع ععععع عع ع ع ع عع‬
‫ععععع‬

‫ل ما معاوية بأدهى مّني ‪ ،‬و لكّنه يغههدر و يفجههر ‪ ،‬و لههو ل كراهّيههة الغههدر لكنههت مههن‬‫وا ّ‬
‫ل غههادر لههواء يعههرف بههه‬‫ل فجرة كفرة ‪ ،‬و لكه ّ‬ ‫ل غدرة فجرة ‪ ،‬و ك ّ‬ ‫نكّ‬‫أدهى الّناس ‪ ،‬و لك ّ‬
‫شديدة ‪.‬‬
‫ل ما أستغفل بالمكيدة ‪ ،‬و ل أستغمز بال ّ‬‫يوم القيامة ‪ ،‬و ا ّ‬
‫ععععع‬

‫) الّدهي ( بسكون الهاء و الّدهاء الفكر و الرب و جودة الّرأي و ) غدر ( غدرا من باب‬
‫ضرب و نصر نقض عهده و ) فجر ( يفجر من بههاب قتههل و ) الغههدرة ( و ) الفجههرة ( و‬
‫) الكفرة ( كّلها في بعض النسخ بفتح الفاء و سكون العين وزان تمرة فالّتاء للمّرة ‪،‬‬

‫و في بعضها بتحريك الفاء و العين وزان مردة فيكون جمع غادر و فاجر و كافر ‪ ،‬و في‬
‫بعضها بضّم الفاء و فتح العين وزان همزة فالّتاء للمبالغههة أى الكههثير الغههدر و الفجههور و‬
‫الكفر ‪ ،‬فان أسكنت العين فالبناء للمفعول تقول ‪ :‬رجل سخرة ‪ ،‬كهمزة يسخر من الناس ‪،‬‬
‫و سخرة كغرفة من يسخر منه ‪.‬‬

‫) و ل أستغمز ( بالزاء المعجمة من الغمز و هو العصر باليد يقال غمزه غمزا مههن بههاب‬
‫ضرب ‪ ،‬و الغمز محّركة الّرجل الضعيف قال الشارح البحراني ‪ :‬و روى بالّراء المهملة‬
‫أى ل استجهل بشدايد المكايد ‪ ،‬انتهى ‪ .‬و لعّله من الغمر بالتحريك و هههو مههن لههم يج هّرب‬
‫المور و الّول أصوب و أنسب ‪.‬‬

‫] ‪[ 365‬‬

‫ععععععع‬

‫الباء في قوله ‪ :‬بأدهى زايدة في الخبر جىء بها لتأكيد معني الّنفي كما فههي قههوله تعههالى و‬
‫ل بغافل عّمها تعملهون و قهوله ‪ :‬بالشهديدة ‪ ،‬صهفة محذوفهة الموصهوف أى بالهّدواهى‬ ‫ما ا ّ‬
‫الشديدة و نحو ذلك ‪.‬‬

‫عععععع‬

‫ن معاويههة أجهود رأيهها و أكههثر‬


‫ن الغرض من هذا الكلم دفع توّهم من كههان معتقهدا أ ّ‬‫اعلم أ ّ‬
‫تدبيرا منه ‪ ،‬و تعّرض به على معاوية من أجل عدم تحّرزه في تدبير المههور عههن الغههدر‬
‫و الفجور ‪ ،‬و صّدر الكلم بالقسم الباّر تأكيدا للمقصود فقال ‪:‬‬

‫ل ما معاوية بأدهى مّني ( أي ليس بأجود رأيا و أحسن تدبيرا و أبعد غورا و أعمق‬ ‫)وا ّ‬
‫سههر الهّدهاء بخصههوص اسههتعمال العقههل و الهّرأى فيمهها ل‬ ‫فكرا و أشّد دهاء مّنههي ‪ ،‬و إن ف ّ‬
‫سههلم‬‫ينبغي فعله من المور الّدنيوّية المعّبر عنه بالّنكراء فل ب هّد مههن جعههل قههوله عليههه ال ّ‬
‫أدهى بمعنى أعرف بطرق الّدهاء و أبصر بها ‪ ،‬لعدم اّتصافه بالّدهاء بهذا المعنى فضههل‬
‫عن كونه أدهى ‪.‬‬
‫) و لكّنه يغدر و يفجر ( أى يستعمل الغدر فههي امههوره السّياسهّية فيزعههم أهههل الجهههل أّنههه‬
‫أدهى ‪.‬‬

‫و قوله ‪ :‬و يفجر ‪ ،‬إشارة إلى نتيجة الغدر يعنهي أّنهه مهن أجهل إقهدامه علهى الغهدر يكهون‬
‫ن الغدر مقابل الوفاء ‪ ،‬و الوفاء فضيلة داخلة تحت العّفة ‪،‬‬
‫فاجرا ‪ ،‬و ذلك ل ّ‬

‫فيكون الغدر رذيلة داخلة تحت الفجور ‪.‬‬

‫صههدق و الغههدر تههوأم الكههذب حسههبما عرفههت تفصههيل فههي الخطبههة‬


‫و أيضا الوفههاء تههوأم ال ّ‬
‫الحادية و الربعين و شرحها ‪ ،‬و الكذب من أعظم الفجور ‪.‬‬

‫سلم هناك ‪:‬‬


‫و ايضاح هذه الفقرة ما تقّدم في الخطبة المذكورة حيث قال عليه ال ّ‬

‫و لقد أصبحنا في زمان قد اّتخذ أكثر أهله الغدر كيسا و نسبهم أهل الجهل فيه إلههى حسههن‬
‫ل قد يرى الحّول القّلب وجه الحيلة و دونه‬‫الحيلة ‪ ،‬ما لهم قاتلهم ا ّ‬

‫] ‪[ 366‬‬

‫ل و نهيه فيدعها رأى عن بعد القدرة عليها و ينتهز فرصتها من ل حريجة‬


‫مانع من أمر ا ّ‬
‫له في الّدين ‪.‬‬

‫سلم قال ‪ :‬قلت له ‪:‬‬


‫ل عليه ال ّ‬
‫و روى في الكافي في حديث مرفوع عن أبيعبد ا ّ‬

‫ما العقل ؟ قال ‪ :‬ما عبد به الّرحمن و اكتسب بههه الجنههان ‪ ،‬قههال ‪ :‬قلههت ‪ :‬فاّلههذى كههان فههي‬
‫شيطنة ‪ ،‬و هي شبيهة بالعقل و ليست بالعقل ‪.‬‬ ‫معاوية ؟ فقال ‪ :‬تلك النكراء تلك ال ّ‬

‫ن اّتصاف معاوية بالّدهاء من جهة عدم مبالته بالغههدر و الفجههور ‪ ،‬عّقبههه‬ ‫و لّما نّبه على أ ّ‬
‫سلم به مع كونه أعرف و أغدر به منه فقال‬ ‫بالّتنبيه على ما هو المانع من اّتصافه عليه ال ّ‬
‫‪:‬‬

‫ش و الخيانة و الفجور المنافي‬


‫) و لو ل كراهّية الغدر ( و المكر و استلزامه للكذب و الغ ّ‬
‫ل هذه الجملة بمقتضي مفاد لو ل المتناعّية‬
‫لمرتبة العصمة ) لكنت من أدهي الّناس ( فيد ّ‬
‫على امتناع اّتصافه بالّدهاء الملزم للغدر ‪.‬‬

‫و المراد بالكراهة هنا الحرمة ل معناها المعروف في مصطلح المتشّرعة كما صهّرح بههه‬
‫في عبارته اّلتي نقلناها آنفا من الخطبة الحادية و الربعين أعني قوله ‪:‬‬
‫ل و نهيههه فيههدعها رأى عيههن بعههد‬
‫قد يرى الحّول القّلب وجه الحيلة و دونه مانع من أمر ا ّ‬
‫القدرة عليها ‪.‬‬

‫ي بن إبراهيم عن أبيه عههن ابههن أبههى عميههر عههن‬‫و أصرح منه ما رواه فى الكافى عن عل ّ‬
‫ن المكر و الخديعة فههى‬ ‫سلم ‪ :‬لو ل أ ّ‬
‫هشام بن سالم رفعه قال ‪ :‬قال أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫الّنار لكنت أمكر الّناس ‪.‬‬

‫ل فجرة كفرة ( و قد روى نظير هههذه‬ ‫ل غدرة فجرة و ك ّ‬‫و أصرح منهما قوله ‪ ) :‬و لكن ك ّ‬
‫سلم فى الكافى باسناده عن الصبغ بن نباته قال ‪ :‬قال أمير المههؤمنين‬ ‫العبارة عنه عليه ال ّ‬
‫سلم ذات يوم و هو يخطب على المنبر بالكوفة ‪ :‬أّيها الناس لههو ل كراهّيههة الغههدر‬ ‫عليه ال ّ‬
‫ن الغهدر و الفجهور و‬ ‫ل فجرة كفرة ‪ ،‬أل و إ ّ‬ ‫ل غدرة فجرة و لك ّ‬
‫ن لك ّ‬
‫كنت أدهى الّناس أل إ ّ‬
‫الخيانة فى الّنار ‪.‬‬

‫ل مفتوحة للمبالغة فى‬


‫لم فى لك ّ‬
‫ن ال ّ‬
‫قال بعض شّراح الكافى ‪ :‬الظاهر أ ّ‬

‫] ‪[ 367‬‬

‫التأكيد ‪ ،‬و قوله ‪ :‬الغدر و الخيانة فى الّنار ‪ ،‬إّما على حذف المضاف أى صاحبها ‪،‬‬

‫أو المصدر بمعنى الفاعل ‪ ،‬هذا ‪.‬‬

‫ل غههدرة فجههرة‬
‫سلم ‪ :‬و لكن ك ه ّ‬
‫فان قلت ‪ :‬استلزام الغدر للفجور المستفاد من قوله عليه ال ّ‬
‫قد عرفنا وجهه سابقا ‪ ،‬و أّما استلزام الفجور للكفر المستفاد من قوله ‪:‬‬

‫ل فجرة كفرة فما الوجه فيه ؟ ‪،‬‬


‫وكّ‬

‫ن الغههادر علههى وجههه اسههتباحة ذلههك و‬


‫شارحين ‪ :‬وجه لزوم الكفر هنا إ ّ‬‫قلت ‪ :‬قال بعض ال ّ‬
‫استحلله كما كان هو المشهور من حال عمرو بن العاص و معاوية في استباحة مهها علههم‬
‫ل عليه و آله و سّلم و جحده هو الكفر ‪.‬‬ ‫تحريمه بالضرورة من دين محّمد صّلى ا ّ‬

‫ل و سترها باظهار معصية كما هو‬


‫و قال الشارح البحراني ‪ :‬و يحتمل أن يريد كفر نعم ا ّ‬
‫المفهوم اللغوى من لفظ الكفر ‪ ،‬انتهى ‪.‬‬

‫ل غههادر كمهها هههو‬


‫ن المّدعى هو كفر ك ه ّ‬ ‫ص من المّدعى ل ّ‬ ‫جه على الّول أّول أّنه أخ ّ‬ ‫و يتو ّ‬
‫ل للغههدر فقههط ‪ ،‬و ثانيهها كههون حرمههة الغههدر مههن‬
‫ظاهر المتن ل الغههادر المسههتبيح المسههتح ّ‬
‫ضرورّيات الّدين غير معلوم ‪.‬‬

‫و على الّثاني أّنه خلف الظاهر ‪.‬‬


‫و الظهر أّنه داخل في القسم الّرابع من أقسام الكفر التي تقّدم تفصيلها في حههديث الكههافي‬
‫في شرح الفصل الثامن عشر من الخطبة الولى ‪ ،‬فقههد روينهها هنهاك عههن الكلههبي باسههناده‬
‫ل علههى خمسههة أوجههه » إلههى‬ ‫ل عّز و ج ّ‬‫سلم قال ‪ :‬الكفر في كتاب ا ّ‬ ‫ل عليه ال ّ‬
‫عن أبيعبد ا ّ‬
‫ل تعالى و إذ أخههذنا ميثههاقكم‬ ‫ل و هو قول ا ّ‬ ‫أن قال « الوجه الّرابع من الكفر ترك ما أمر ا ّ‬
‫ل تسفكون دمائكم و ل تخرجون أنفسكم من دياركم ثّم أقررتههم و أنتهم تشههدون ‪ .‬ثهّم أنتههم‬
‫هههؤلء تقتلههون أنفسههكم و تخرجههون فريقهًا منكههم مههن ديههارهم تظههاهرون عليهههم بههالثم و‬
‫العدوان و إن يأتوكم اسههارى تفههادوهم و هههو محهّرم عليكههم إخراجهههم أ فتؤمنههون ببعههض‬
‫ل و نسبهم إلى اليمان و لم يقبله منهههم و‬ ‫الكتاب و تكفرون ببعض فكفرهم بترك ما أمر ا ّ‬
‫ل خههزى فههي الحيههوة الهّدنيا و يههوم القيامههة‬
‫لم ينفعهم فقال فما جزاء من يفعههل ذلههك منكههم إ ّ‬
‫يرّدون إلى أشّد العذاب ‪.‬‬

‫] ‪[ 368‬‬

‫شارح المعتزلي ‪ :‬حديث صههحيح‬‫ل غادر لواء يعرف به يوم القيامة ( قال ال ّ‬‫و قوله ) و لك ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم أقول ‪ :‬و هو تنفير عن الغدر ‪.‬‬
‫ي صّلى ا ّ‬
‫ي عن الّنب ّ‬
‫مرو ّ‬

‫سههكوني عههن‬ ‫ى بن إبراهيم عن أبيه عن الّنههوفلي عههن ال ّ‬


‫و نحوه ما رواه في الكافي عن عل ّ‬
‫له عليهه و آلهه و سهّلم ‪ :‬يجيء كه ّ‬
‫ل‬ ‫له صهّلى ا ّ‬
‫سلم قال ‪ :‬قال رسول ا ّ‬ ‫ل عليه ال ّ‬
‫أبي عبد ا ّ‬
‫ل نههاكث بيعههة إمههام أجههذم‬
‫غادر يوم القيامة بامام مايل شدقه حّتى يدخل الّنار ‪ ،‬و يجيء ك ّ‬
‫حّتى يدخل الّنار ‪ ،‬هذا ‪.‬‬

‫ن معاوية ليس بأدهى منه و نّبه على معرفتههه بطههرق ال هّدهاء و خههبروّيته بههها‬
‫و لّما ذكر أ ّ‬
‫أّكده بقوله ‪:‬‬

‫ي ‪ ،‬لّني أحذر من الغراب‬ ‫ل ما استغفل بالمكيدة ( أى ل يطمع في اغفالي بالكيد عل ّ‬ ‫)وا ّ‬


‫ن من كان أعرف بطرق الخداع و وجوه‬ ‫و إن كان الطامع في الكيد أروغ من الّثعلب ‪ ،‬فا ّ‬
‫الّتدابير و الحيل ل يتمّكن من إغفههاله و ل يلحقههه الغفلههة عّمهها يههراد فههي حّقههه مههن الكيههد و‬
‫ضبع تنام علههى طههول‬ ‫ل ل أكون كال ّ‬ ‫سادس ‪ :‬و ا ّ‬ ‫سلم في الكلم ال ّ‬‫الخديعة كما قال عليه ال ّ‬
‫الّلدم حّتى يصل إليها طالبها و يختلها راصدها ‪.‬‬

‫شهديدة و الهّدواهي العظيمههة لّنهى‬


‫شديدة ( أى ل استضعف بههالخطوب ال ّ‬‫) و ل استغمز بال ّ‬
‫شجاع السوس ‪.‬‬‫البطل الهيس و الحازم الكيس و ال ّ‬

‫ن معاويههة كههان‬
‫ل الوضوح بما أتى به في هذا الكلم بطلن توّهم مههن زعههم أ ّ‬ ‫فقد اّتضح ك ّ‬
‫ح تدبيرا ‪.‬‬
‫سلم و أص ّ‬
‫أدهى منه عليه ال ّ‬
‫صهل‬
‫و قد بسط الكلم فى هذا المرام أبو عثمان الجهاحظ علههى أحسههن تقريهر و تبيهان و ف ّ‬
‫الشارح المعتزلى تفصيل عجيبا أحببت نقل ما قال ‪ ،‬لنه من لسانهما أحلى فأقول ‪:‬‬

‫ي كلمه ‪:‬‬
‫أما الجاحظ فقد قال في محك ّ‬

‫و ربما رأيت بعض من بطن بنفسه العقل و التحصيل و الفهم و التمييز و هو مههن العامههة‬
‫ح فكرا و أجود‬
‫ن معاوية كان أبعد غورا و أص ّ‬‫ن أنه من الخاصة يزعم أ ّ‬
‫و يظ ّ‬

‫] ‪[ 369‬‬

‫ق مسلكا ‪ ،‬و ليس المههر كههذلك و سههاري إليههك بجملههة تعههرف بههها‬
‫روّية و أبعد غاية و أد ّ‬
‫موضع غلطه و المكان اّلذى دخل عليه الخطاء من قبله ‪.‬‬

‫ل ما وافق الكتاب و السّنة ‪.‬‬


‫سلم ل يستعمل في حربه إ ّ‬
‫ي عليه ال ّ‬
‫كان عل ّ‬

‫سّنة كما يسههتعمل الكتههاب و السههنة ‪ ،‬و يسههتعمل‬


‫و كان معاوية يستعمل خلف الكتاب و ال ّ‬
‫جميع المكائد حللها و حرامها و يسير في الحرب بسيرة ملك الهند إذا لقههي كسههرى ‪ ،‬و‬
‫خاقان إذا لقي رتبيل ‪.‬‬

‫سههلم يقههول ‪ :‬ل تبههدؤا بالقتههال حّتههى يبههدؤكم ‪ ،‬و ل تتبعههوا مههدبرا ‪ ،‬و ل‬
‫ي عليههه ال ّ‬
‫و عل ه ّ‬
‫تجهزوا على جريح ‪ ،‬و ل تفتحوا بابهها مغلقهها ‪ ،‬و هههذه سههيرته فههي ذى الكلع و فههي أبههي‬
‫أعور السّلمي ‪،‬‬

‫و في عمرو بن العاص ‪ ،‬و حبيب بن مسلمة و في جميع الّرؤساء كسيرته في الحاشههية و‬


‫سفلة ‪.‬‬
‫الحشو و التباع و ال ّ‬

‫و أصههحاب الحههروب إن قههدروا علههى البيههات تههبّيتوا ‪ .‬و إن قههدروا علههى رضههخ الجميههع‬
‫خروا الحههرق إلههى وقههت‬
‫بالجندل و هم نيام فعلوا و إن أمكن ذلك فى طرفة عين ‪ ،‬و لم يؤ ّ‬
‫الغههرق ‪ ،‬و إن أمكههن الهههدم لههم يتكّلفههوا الحصههار ‪ ،‬و لههم يههدعوا أن ينصههبوا المجههانيق و‬
‫سههموم و ل‬‫س ال ّ‬
‫العههراوات و الّنقههب و الشههريب و الههّدبابات و الكميههن ‪ ،‬و لههم يههدعوا د ّ‬
‫سههعايات و تههوهيم المههور و‬
‫التضريب بين الّناس بالكذب و طرح الكتب في عساكرهم بال ّ‬
‫ل آلههة و حيلههة كيهف وقهع القتههل و كيههف دارت بههم‬ ‫ايحاش بعضهم من بعض و قتلههم بكه ّ‬
‫الحال ‪.‬‬

‫ل على ما في الكتاب و السّنة و كان قد منع نفسه الطويل‬ ‫فمن اقتصر من التدبير حفظك ا ّ‬
‫صهدق و الحههرام‬
‫العريض من التّدبير و ما ل يتناهي مههن المكايههد ‪ ،‬و الكههذب أكههثر مههن ال ّ‬
‫ق و الباطل ‪،‬‬
‫أكثر عددا من الحلل ‪ ،‬و كذلك اليمان و الكفر و الطاعة و المعصية و الح ّ‬
‫صواب و الخطاء ‪.‬‬‫سقم و ال ّ‬
‫صحة و ال ّ‬
‫و كذلك ال ّ‬

‫ل رضى ‪،‬‬
‫ل عّز و ج ّ‬
‫ل ما هو ّ‬
‫سلم كان ملجما بالورع عن جميع القول إ ّ‬
‫ي عليه ال ّ‬
‫فعل ّ‬

‫ل فيمهها يرضههاه‬ ‫ل رضى ‪ ،‬و ل يههرى الّرضههاء إ ّ‬ ‫ل ما هو ّ‬ ‫ل بطش إ ّ‬ ‫و ممنوع اليدين عن ك ّ‬


‫ل عليههه الكتههاب و السهّنة دون مهها يقههول عليههه‬
‫ل فيمهها د ّ‬
‫ل و يحّبه ‪ ،‬و ل يههرى الّرضههاء إ ّ‬
‫ا ّ‬
‫أصحاب الّدهاء و الّنكراء و المكايد و الراء ‪.‬‬

‫] ‪[ 370‬‬

‫فلّما أبصرت العوام كثرة بوادر معاوية فى المكايد ‪ ،‬و كثرة غرايبه فى الخدع ‪،‬‬

‫ن ذلههك مههن‬
‫ى ‪ ،‬ظّنوا بقصر عقولهم أ ّ‬ ‫و ما اّتفق له و تهّيأ على يده ‪ ،‬و لم يروا ذلك من عل ّ‬
‫ل رفههع‬
‫ى فقههالوا لههو لههم مهها يعهّد لههه مههن الخههدع إ ّ‬
‫رجحان عند معاويههة و نقصههان عنههد عله ّ‬
‫المصاحف ‪.‬‬

‫ي و خالف أمره ‪ ،‬فان زعمت أّنه قد نههال مهها‬ ‫ل من عصى رأى عل ّ‬ ‫ثّم انظر هل خدع بها إ ّ‬
‫أراد من الختلف فقد صدقت و ليس فى هذا اختلفنهها ‪ ،‬و ل عههن غههرارة أصههحاب عل ه ّ‬
‫ى‬
‫سلم و عجلتهم و تسّرعهم و تنازعهم دفعنا ‪ ،‬و إّنما كان قولنهها فههى التميههز بينهمهها‬ ‫عليه ال ّ‬
‫حة الّرأى و العقل ‪.‬‬
‫فى الّدهاء و النكراء و ص ّ‬

‫على أّنا ل نصف الصالحين بالّدهاء و النكراء ‪ ،‬و ل يقول أحد عنههده شههىء مههن الخيههر ‪:‬‬
‫ل عليه و آله و سّلم أدهى العرب و العجههم و أنكههر قريههش و أنكههر‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫كان رسول ا ّ‬
‫كنانة ‪.‬‬

‫ن هذه الكلمة إّنما وضعت فى مديح أصحاب الرب و من يتعّمق فى الههرأى فههى توكيههد‬ ‫لّ‬
‫أمر الّدنيا و زبرجها و تشديد أركانها ‪.‬‬

‫فأّما أصحاب الخرة اّلذين يرون الّناس ل يصلحون على تههدبير البشههر و اّنمهها يصههلحون‬
‫ل ليعطههوا أفضههل‬‫على تدبير خالق البشر ل يمههدحون بالهّدهاء و النكههراء ‪ ،‬و لههم يمنعههوا إ ّ‬
‫منه ‪.‬‬

‫و أما الشارح المعتزلى فقد قال ‪:‬‬


‫ل إذا كان يعمهل برأيهه و بمها يهرى فيهه صهلح‬ ‫سياسة البالغة إ ّ‬
‫سايس ل يتمّكن من ال ّ‬
‫ن ال ّ‬
‫إّ‬
‫سياسهة‬
‫ملكه و تمهيد أمره ‪ ،‬سواء وافق الشهريعة أو لهم يوافقهها ‪ ،‬و مهتى لهم يعمهل فهى ال ّ‬
‫بمقتضى ما قلناه فبعيد أن ينتظم أمره أو يستوسق حاله ‪.‬‬

‫سلم كان مقّيدا بقيود الشريعة ‪ ،‬مدفوعا إلى اّتباعها و رفههض مهها‬ ‫و أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫يصلح من آراء الحرب و الكيد و التدبير إذا لم يكن للشههرع موافقهها ‪ ،‬فلههم يكههن قاعههدة فههى‬
‫خلفته قاعدة غيره مّمن لم يلتزم بذلك ‪.‬‬

‫طاب ‪ ،‬و لكّنههه كههان مجتهههدا يعمههل بالقيههاس و‬


‫و لسنا زارين بهذا القول على عمر بن الخ ّ‬
‫ص بههالراء و بالسههتنباط‬ ‫الستحسان و المصالح المرسلة و يرى تخصيص عمومات الّن ّ‬
‫من اصول يقتضى خلف ما يقتضيه عموم الّنصوص ‪ ،‬و يكيد خصمه و يأمر‬

‫] ‪[ 371‬‬

‫سوط من يتغّلب على ظّنه أّنه يستوجب ذلك ‪،‬‬ ‫أمراءه بالكيد و الحيلة ‪ ،‬و يؤّدب بالّدّرة و ال ّ‬
‫ل ذلك بقّوة اجتهاده و ما يؤّديه‬
‫و يصفح عن آخرين قد اجترموا ما يستحّقون به الّتأديب ك ّ‬
‫إليه نظره ‪.‬‬

‫سلم يرى ذلك ‪ ،‬و كان يقف مع النصوص و الظههواهر و‬ ‫و لم يكن أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫ل يتعّداها إلى الجتهاد و القيسة ‪ ،‬و يطّبق امور الّدنيا على امور الّدين ‪ ،‬و يسوق الكهه ّ‬
‫ل‬
‫ص ‪ ،‬فاختلف طريقتاهما فى الخلفة‬ ‫ل بالكتاب و الّن ّ‬‫مساقا واحدا ‪ ،‬و ل يضع و ل يرفع إ ّ‬
‫سياسة ‪.‬‬
‫و ال ّ‬

‫سهلم كههثير الحلههم و الصّههفح و‬


‫ى عليهه ال ّ‬‫و كان عمر مع ذلههك شههديد الغلظهة ‪ ،‬و كهان عله ّ‬
‫التجاوز فازدادت خلفة ذلك قّوة ‪ ،‬و خلفة هذا لينا ‪.‬‬

‫ي به من فتنة عثمان اّلتى أحوجته إلى مداراة أصههحابه و جنههده‬


‫و لم يمن عمر بما منى عل ّ‬
‫و مقاربتهم للضطراب الواقع بطريق تلك الفتنة ‪.‬‬

‫ل ذلك المور مههؤثرة فههى‬ ‫ثّم تلى تلك الفتنة فتنة الجمل و فتنة صّفين ثّم فتنة الّنهروان و ك ّ‬
‫اضطراب أمر الوالى و اغلل معاقد ملكه ‪ ،‬و لم يّتفق لعمر شههىء مههن ذلههك فش هّتان بيههن‬
‫حة تدبير الخلفة ‪.‬‬‫الخلفتين فيما يعود إلى انتظام المملكة و ص ّ‬

‫ل عليه و آله و سّلم و تههدبيره أ ليههس كههان‬


‫فان قلت ‪ :‬فما قولك فى سياسة الّرسول صّلى ا ّ‬
‫ل بالّنصوص و التوقيف من الوحى ‪ ،‬فهل كان تههدبير‬ ‫منتظما سديدا مع أّنه كان ل يعمل إ ّ‬
‫سلم و سياسته كذلك ؟ ‪.‬‬‫ي عليه ال ّ‬
‫عل ّ‬
‫ل عليه و آله و سهّلم و تههدبيره فخههارج عّمهها نحههن فيههه ‪،‬‬
‫قلت ‪ :‬أّما سياسة الّرسول صّلى ا ّ‬
‫لّنه معصههوم ل يتطهّرق العّلههة إلههى أفعههاله ‪ ،‬و ليههس بواحههد مههن هههذين الّرجليههن بههواجب‬
‫العصمة عندنا » إلى أن قال « ‪:‬‬

‫و كان أبو جعفر بن أبى زيد الحسنى نقيب البصرة إذا حّدثناه فى هذا يقول ‪:‬‬

‫له عليههه و آلههه و سهّلم و سياسههة‬


‫ي صهّلى ا ّ‬
‫إّنه ل فرق عند من قرء السير بيههن سههيرة الّنههب ّ‬
‫أصحابه أّيام حياته ‪،‬‬

‫سههلم لههم‬
‫ن علّيهها عليههه ال ّ‬
‫و بين سيرة أمير المؤمنين و سياسة أصحابه أّيام حيههاته ‪ ،‬فكمهها أ ّ‬
‫يزل أمره مضطربا معهم بالمخالفة و العصيان و الهرب إلههى أعههدائه و كههثرة اختلفههه و‬
‫الحروب‬

‫] ‪[ 372‬‬

‫له عليهه و آلهه و سهّلم ممنهوا بنفهاق المنهافقين و اذاههم و خلف‬


‫ي صهّلى ا ّ‬
‫فكذلك كان الّنب ّ‬
‫أصحابه عليه و هرب بعضهم إلى أعدائه و كثرة الحروب و الفتن ‪.‬‬

‫شههكوى منهههم و الّتههأّلم‬


‫و كان يقول ‪ :‬أ لست ترى القرآن العزيز مملّوا بذكر المنههافقين و ال ّ‬
‫ي مملّو بالشكوى من منافقى أصحابه و الّتأّلم من أذاهم له ‪.‬‬ ‫ن كلم عل ّ‬
‫من أذاهم له ‪ ،‬كما أ ّ‬

‫ثّم ذكر كثيرا مهن اليهات المتضههمّنة لنفهاق المنههافقين و الشههكوى منهههم ل حاجهة بنها إلههى‬
‫ذكرها ثّم قال ‪:‬‬

‫له‬
‫ل عليه مع أصحابه كيف كانت و لم ينقلهه ا ّ‬ ‫فمن تأّمل كتاب العزيز علم حاله صلوات ا ّ‬
‫ل و هو مع المنافقين له و المظهرين خلف مهها يضههمرون مههن تصههديقه فههي‬ ‫إلى جواره إ ّ‬
‫جهاد شديد ‪ ،‬حّتى لقد كاشفوه مرارا فقال لهم يوم الحديبّية ‪ :‬احلقوا و انحروا ‪ ،‬فلم يحلقوا‬
‫و لم ينحروا و لم يتحّرك أحد منهم عنههد قههوله ‪ ،‬و قههال لههه بعضهههم و هههو يقسههم الغنههائم ‪:‬‬
‫له‬
‫اعدل يا محّمد فاّنك لم تعدل ‪ ،‬و قالت النصار له مواجهة يوم حنين أ تأخذ مهها أفشههاه ا ّ‬
‫علينا بسيوفنا فتدفعه إلى أقاربك من أهل مكة ‪ ،‬حتى أفضى إلههى أن قههال لهههم فههي مههرض‬
‫موته ‪ :‬ايتونى بدواة و كتف أكتب لكم ما ل تضّلون بعده ‪ ،‬فعصوه و لم يأتوه بذلك وليتهم‬
‫اقتصروا على عصيانه و لم يقولوا له ما قالوا و هو يسمع قال ‪:‬‬

‫و كان أبو جعفر يقول من هذا ما يطول شرحه و القليل منه ينبىء عن الكثير و كان يقول‬
‫‪:‬‬
‫ل ه عليههه و آلههه و س هّلم‬
‫ل بعد موته صّلى ا ّ‬
‫ن السلم ما جل عندهم و ل ثبت في قلوبهم إ ّ‬ ‫إّ‬
‫حين فتح عليهم الفتوح و جائتهم الغنائم و الموال و كثرت عليهههم المكاسههب و ذاقههو الهّذة‬
‫الحياة و عرفوا لّذة الّدنيا و لبسوا الناعم و أكلههوا الطيهب و تمّتعهوا بنسهاء الهّروم و ملكهوا‬
‫شههف و اللبههس الخشههن و أكههل الضههباب و القنافههذ و‬ ‫خههزائن كسههرى ‪ ،‬و تب هّدلوا بههذلك التق ّ‬
‫صوف و الكرابيس أكل الّلوز ينجههات و الفالوزجههات و لبههس الحريههر و‬ ‫اليرابيع و لبس ال ّ‬
‫حة الّدعوة و صدق الّرسالة ‪.‬‬ ‫ل عليهم و أتاخه لهم على ص ّ‬ ‫الّديباج فاستدّلوا بما فتحه ا ّ‬

‫ل عليه و آله و سّلم ‪ ،‬وعدهم بأّنه سيفتح عليهم كنوز كسرى و قيصههر ‪،‬‬
‫و قد كان صّلى ا ّ‬
‫فلما‬

‫] ‪[ 373‬‬

‫ظمهوه و أحّبهوه و‬ ‫له عليهه و آلهه و سهّلم ع ّ‬ ‫وجدوا المر قد وقع بمهوجب مها قهاله صهّلى ا ّ‬
‫انقلبت تلك الشكوى و ذلك النفاق و ذلك الستهزاء إيمانا و يقينا و إخلصا ‪ ،‬و طاب لهههم‬
‫ظمههوا ناموسههه ‪ ،‬و بههالغوا‬
‫سكوا بالدين لّنهم رأوه طريقا إلى نيل الهّدنيا ‪ ،‬فع ّ‬
‫العيش ‪ ،‬و تم ّ‬
‫في إجلله و إجلل الرسول الذى جاء به ‪.‬‬

‫ثّم انقرض السلف و جاء الخلف على عقيدة ممّهدة و أمر أخهذوه تقليهدا مهن أسهلفهم‬
‫الذين دّبوا في حجورهم ‪ ،‬ثّم انقرض ذلك القرن و جاء من بعدهم كذلك و هلم جّرا قال ‪:‬‬

‫ل تعالى إّياه و الدولة اّلتي سههاقها إليهههم ل‬


‫و لو ل الفتوح و الّنصر و الظفر الذى منحهم ا ّ‬
‫ل عليههه و آلههه و سهّلم ‪ ،‬و كههان يههذكر فههي‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫نقرض دين السلم بعد وفاة رسول ا ّ‬
‫التواريخ كما يذكر نبّوة خالد بن سنان العنسى حيث ظهر و دعا إلى الهّدين و كههان الّنههاس‬
‫يعجبون من ذلك و يتذاكرونه كما يعجبههون و يتههذاكرون أخبههار مههن نبههغ مههن الّرؤسههاء و‬
‫الملوك و الّدعاة الذين انقرض أمرهم و بقيت أخبارهم ‪ ،‬و كان يقول ‪:‬‬

‫من تأّمل الّرجلين وجدهما متشابيهن في جميع امورهما أو في أكثرها ‪.‬‬

‫له عليههه و آلههه و سهّلم مههع المشههركين كههانت سههجال‬


‫ل صهّلى ا ّ‬
‫ن حرب رسول ا ّ‬
‫و ذلك ل ّ‬
‫انتصر يوم بدر و انتصر المشركون عليه يوم احد ‪ ،‬و كان يوم الخندق كفافا خرج هههو و‬
‫هم سواء لله و ل عليه ‪ ،‬لّنهم قتلوا رئيس الوس و هو سعد بن معاذ و قتل منهم فارس‬
‫ساعة اّلتي كانت ‪،‬‬
‫قريش و هو عمرو بن عبدود و انصرفوا عنه بغير حرب بعد تلك ال ّ‬

‫ثّم حارب قريشا بعدها يوم الفتح فكان الظفر له ‪.‬‬

‫سلم انتصر يوم الجمل و خرج بينه و بين معاوية على‬


‫ي عليه ال ّ‬
‫و هكذا كانت حروب عل ّ‬
‫ل واحد من الفريقيههن‬
‫سواء قتل من أصحابه رؤساء ‪ ،‬و من أصحابه رؤساء و انصرف ك ّ‬
‫عن صاحبه بعد الحرب على مكانه ‪ ،‬ثّم حارب بعد صّفين أهل النهروان فكان الظفههر لههه‬
‫قال ‪:‬‬

‫ل عليه و آله و سّلم كانت بدرا و كان هو‬


‫ل صّلى ا ّ‬
‫ن أّول حروب رسول ا ّ‬
‫و من العجب أ ّ‬
‫المنصور‬

‫] ‪[ 374‬‬

‫سلم الجمل و كان هو المنصور ‪.‬‬


‫ي عليه ال ّ‬
‫فيها ‪ ،‬و أّول حروب عل ّ‬

‫ثّم كان من صحيفة الصلح و الحكومة يوم صههفين نظيههر مهها كههان مههن صههحيفة الصههلح و‬
‫سهلم إلهى نفسهه و تسهّمى‬ ‫ي عليهه ال ّ‬
‫الهدنة يوم الحديبّية ثّم دعا معاويهة فهي آخهر أّيهام عله ّ‬
‫له‬
‫ن مسيلمة و السود العنسى دعههوا إلههى أنفسهههما فههي آخههر أّيههام رسههول ا ّ‬ ‫بالخلفة كما أ ّ‬
‫سلم ذلك كما اشههتّد‬ ‫ي عليه ال ّ‬‫ل عليه و آله و سّلم و تسّميا بالّنبوة ‪ ،‬و اشتّد على عل ّ‬ ‫صّلى ا ّ‬
‫ل عليه و آله أمهر السهود و مسهيلمة ‪ ،‬و بطهل أمرهمها بعهد وفهاة‬ ‫ل صّلى ا ّ‬‫على رسول ا ّ‬
‫ي عليه‬‫ل عليه و آله و سّلم و كذلك بطل أمر معاوية و بني امية بعد وفاة عل ّ‬ ‫الّنبي صّلى ا ّ‬
‫سلم ‪.‬‬ ‫ال ّ‬

‫ل قريش ما عههدا يههوم‬‫ل عليه و آله و سّلم أحد من العرب إ ّ‬


‫ل صّلى ا ّ‬ ‫و لم يحارب رسول ا ّ‬
‫ل قريش ما عدا يوم الّنهروان ‪.‬‬‫سلم أحد من العرب إ ّ‬ ‫حنين ‪ ،‬و لم يحارب علّيا عليه ال ّ‬

‫ل عليههه و آلههه و س هّلم‬


‫ل صّلى ا ّ‬
‫سيف ‪ ،‬و مات رسول ا ّ‬
‫سلم شهيدا بال ّ‬
‫ى عليه ال ّ‬‫و مات عل ّ‬
‫شهيدا بالسّم ‪.‬‬

‫و هذا لم يههتزّوج علههى خديجههة اّم أولده حّتههى مههاتت ‪ ،‬و هههذا لههم يههتزّوج علههى فاطمههة أّم‬
‫أشرف أولده حّتى ماتت ‪.‬‬

‫سلم عههن‬
‫ي عليه ال ّ‬
‫ل عليه و آله عن ثلث و سّتين سنة و مات عل ّ‬
‫ل صّلى ا ّ‬
‫مات رسول ا ّ‬
‫مثلها ‪ ،‬و كان يقول ‪:‬‬

‫انظروا إلى أخلقهما و خصايصهما ‪:‬‬

‫ي جهواد و ههذا سهخ ّ‬


‫ي‬ ‫هذا شجاع و هذا شجاع ‪ ،‬و هذا فصيح و هذا فصهيح ‪ ،‬و ههذا سهخ ّ‬
‫جواد ‪،‬‬

‫و هذا عالم بالشهرايع و المهور اللهيهة و ههذا عهالم بهالفقه و الشهريعة و المهور الدقيقهة‬
‫الغامضة و هذا زاهد في الّدنيا غيرنهم عليههها و ل مسههتكثر منههها و هههذا زاهههد فههي الهّدنيا‬
‫صلة و العبادة و هذا مثلههه ‪ ،‬و هههذا‬ ‫تارك لها غير متمّتع بلّذاتها ‪ ،‬و هذا مذيب نفسه في ال ّ‬
‫ل النسههاء و هههذا مثلهه ‪ ،‬و ههذا ابههن ابههن عبههد‬
‫ب إليه شيء مهن المههور العاجلههة إ ّ‬‫غير مح ّ‬
‫المطلب بن هاشم وهذا في تعداده ‪ ،‬و أبوهما أخوان لب واحد دون غيرهما من بني عبد‬
‫ل عليه و آله و سّلم في حجههر والههده هههذا و هههو أبههو طههالب‬ ‫المطلب و رّبى محّمد صّلى ا ّ‬
‫ب و كبر استخلص من بنههي أبههي طههالب و‬ ‫فكان عنده جاريا مجرى أحد أولده ‪ ،‬ثّم لّما ش ّ‬
‫هههو غلم فرّبههاه فههي حجههره مكافههاة لصههنيع أبيطههالب بههه ‪ ،‬فههامتزج الخلقههان و تمههاثلت‬
‫سجّيتان ‪ ،‬و إذا كان القرين‬
‫ال ّ‬

‫] ‪[ 375‬‬

‫مقتديا بالقرين فما ظنك بالّتربية و التثقيف الّدهر الطويل ‪.‬‬

‫ل عليه و آله و سّلم كأخلق أبيطههالب ‪ ،‬و أن يكههون‬ ‫فوجب أن يكون أخلق محّمد صّلى ا ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم مرّبيهه و أن‬ ‫ى كأخلق أبيطالب أبيه و أخلق محّمد صّلى ا ّ‬ ‫أخلق عل ّ‬
‫ل شههيمة واحههدة وسوسهها واحههدا و طينههة مشههتركة و نفسهها غيههر منقسههمة و ل‬ ‫يكههون الك ه ّ‬
‫له اخته ّ‬
‫ص‬ ‫نا ّ‬ ‫متجزّية ‪ ،‬و أن ل يكون بين بعض هؤلء و بعض فرق و ل فصهل لههو ل أ ّ‬
‫ل عليه و آله برسالته و اصطفاه لوحيه لما يعلمههه مههن مصههالح البريههة فههي‬ ‫محّمدا صّلى ا ّ‬
‫صههك بههالّنبوة فل نبهّوة‬
‫له عليههه و آلههه و سهّلم بقههوله ‪ :‬أخ ّ‬‫له صهّلى ا ّ‬‫ذلك ‪ ،‬فامتاز رسول ا ّ‬
‫له عليههه و آلههه و سهّلم لههه أيضهها ‪ :‬أنههت مّنههي‬‫بعدى ‪ ،‬و تخصم الّناس بسبع و قال صهّلى ا ّ‬
‫ى بعدي ‪ ،‬فأبان نفسه بههالّنبوة و أثبههت لههه مهها عههداها‬ ‫ل أّنه ل نب ّ‬
‫بمنزلة هارون من موسى إ ّ‬
‫من جميع الفضايل و الخصايص مشتركا بينهما ‪.‬‬

‫شارح المعتزلي ‪:‬‬


‫قال ال ّ‬

‫صب للمذهب و‬ ‫و كان الّنقيب أبو جعفر غزير العلم صحيح العقل منصفا بالجدل غير متع ّ‬
‫شيخين و يقول ‪ :‬إنهما مّهههدا‬ ‫صحابة و يثنى على ال ّ‬
‫إن كان علويا و كان يعترف بفضايل ال ّ‬
‫له‬
‫له صهّلى ا ّ‬ ‫دين السلم و أرسيا قواعده و لقد كان شديد الضطراب في حياة رسههول ا ّ‬
‫سر للعرب من الفتههوح و الغنههايم فههي دولتهمهها و كههان‬
‫عليه و آله و سّلم و إّنما مّهداه بما تي ّ‬
‫ن الدولة فى أّيامه كانت على إقبالها و علّو جّدها بل كانت الفتههوح فههي‬ ‫يقول في عثمان ‪ :‬إ ّ‬
‫أّيامه أكثر و الغنهايم أعظهم لهو ل أّنهه لهم يهراع نهاموس الشهيخين و لهم يسهتطع أن يسهلك‬
‫ب لهلهه و اتيهح لهه مهن‬ ‫مسلكهما و كان مضعفا في أصل القاعدة مغلوبا عليه و كثير الح ّ‬
‫مروان وزير سوء ما أفسد القلوب عليه و حمل الّناس على خلعه و قتله ‪.‬‬

‫شارح ‪ :‬و كان أبو جعفر ل يجحد الفاضل فضله و الحديث ذو شجون قلت له مّرة ‪:‬‬
‫قال ال ّ‬

‫سلم و عشقهم له و تهالكهم في هواه ؟‬


‫ى بن أبيطالب عليه ال ّ‬
‫ب الّناس لعل ّ‬
‫ما سبب ح ّ‬
‫شجاعة و العلم و الفصاحة و غير ذلهك مهن الخصهايص‬ ‫و دعنى في الجواب من حديث ال ّ‬
‫ل سبحانه الكثير الطّيب منها ‪.‬‬
‫التي رزقه ا ّ‬

‫] ‪[ 376‬‬

‫ي ؟ ثهّم قهال ‪ :‬ههنها مقّدمههة ينبغهى أن تعلههم و‬


‫فضحك و قال لى ‪ :‬لم تجمع حرا ميهزك عله ّ‬
‫هى ‪:‬‬

‫ن أكثرهم محرومون ‪.‬‬


‫ن أكثر الّناس موتورون من الدنيا أّما المستحّقون فل ريب في أ ّ‬
‫إّ‬

‫سعا عليه ‪.‬‬


‫ظ له من الّدنيا ‪ ،‬و يرى جاهل غيره مرزوقا مو ّ‬
‫نحو عالم يرى أّنه ل ح ّ‬

‫بضروراته ‪ ،‬و يرى غيره و هو جبان فشل ينفر من ظّله مالكا بقطر عظيههم مههن ال هّدنيا و‬
‫قطعة وافرة من المال و الرزق ‪.‬‬

‫و عاقل سديد الّرأى صحيح العقل قد قدر عليه رزقه و هو يههرى غيههره أحمههق مايقهها تههدرّ‬
‫عليه الخيرات له أخلف الّرزق و ذى دين قويم و عبادة حسنة و اخلص و توحيد و هو‬
‫محروم ضيق الرزق و يرى غيره يهودّيا أو نصرانيا أو زنديقا كثير المههال حسههن الحههال‬
‫ن هذه الطبقات المستحّقة يحتاجون في أكثر الوقت إلى الطبقههات اّلههتي ل اسههتحقاق‬
‫حّتى أ ّ‬
‫لها ‪،‬‬

‫ل لهم و الخضوع بين أيديهم إّمهها لههدفع ضههرر أو لسههتجلب‬


‫ضرورة إلى الذ ّ‬
‫و تدعوهم ال ّ‬
‫نفع ‪.‬‬

‫جهار حهاذق أو بّنههاء‬


‫و دون هذه الطبقات من ذوى الستحقاق أيضا ما يشههاهد عيانها مهن ت ّ‬
‫عالم أو نقاش بارع أو مصّور لطيف على غاية ما يكون من ضهيق رزقههم و قّلهة الحيلهة‬
‫بهم ‪ ،‬و يرى غيرهم مّمن ليس يجرى مجراهم و ل يلحق طبقتهم مرزوقها مرغوبها كهثير‬
‫المكسب طيب العيش واسع الّرزق ‪.‬‬

‫فهذا حال ذوى الستحقاق و الستعداد ‪.‬‬

‫و أما الذين ليسوا من أهل الفضايل كحثو العاّمههة فههاّنهم أيضهها ل يخلههون مههن الحقههد علههى‬
‫الّدنيا و الذّم لها و الحنق و الغيظ منها لما يلحقهم من حسد أمثههالهم و جيرانهههم و ل تههرى‬
‫أحدا منهم قانعا بعيشه و ل راضيا بحاله يتزّيد و يطلب حال فوق حاله قال ‪:‬‬

‫] ‪[ 377‬‬
‫سلم كان مسههتحقا محرومهها بههل هههو أميههر‬ ‫ن علّيا عليه ال ّ‬
‫فاذا عرفت هذه المقّدمة فمعلوم أ ّ‬
‫ن اّلههذين يلحقهههم الّنزلههة و ينههالهم‬
‫المستحّقين المحرومين و سّيدهم و كههبيرهم ‪ ،‬و معلههوم أ ّ‬
‫صب بعضهم لبعض و يكونون البا و يدا واحدة على المرزوقيهن اّلههذين ظفههروا‬ ‫ضيم يتع ّ‬
‫ال ّ‬
‫ضهههم ‪ ،‬و اشههتراكهم فههي‬ ‫ضهههم و م ّ‬‫بالّدنيا لشتراكهم في المر الذى ألمهم و سههاءهم و ع ّ‬
‫النفة و الحمية و الغضب و المنافسة لمههن عليهههم و قهههر عليهههم و بلههغ مههن الهّدنيا مهها لههم‬
‫يبلغوه ‪.‬‬

‫صههب بعضهههم‬ ‫فاذا كان هههؤلء أعنههي المحروميههن متسههاوين فههي المنزلههة و المرتبههة و تع ّ‬
‫لبعض فما ظّنك بما إذا كان رجل عظيم القدر جليل الخطر كامل الشرف جامع للفضههايل‬
‫محتههو علههى الخصههايص و المنههاقب و هههو مههع ذلههك محههروم محههدود قههد جّرعتههه ال هّدنيا‬
‫علقمها ‪ ،‬و علته علل بعد نهل من صابها و صبرها ‪ ،‬و لقى منها برحهها بارحهها و جهههدا‬
‫جهيدا و عل عليه من هو دونه و حكم فيه و في بيته و أهله و رهطه من لم يكههن مهها نههاله‬
‫سلطان في حسابه ‪ ،‬و ل دائرا في خلده ‪ ،‬و ل خاطرا بباله ‪ ،‬و ل كان أحد‬ ‫من المرة و ال ّ‬
‫من الناس يرتقب ذلك له و ل يراء له ‪ ،‬ثم كان في آخر المر أن قتل هههذا الرجههل الجليههل‬
‫في محرابه و قتل بنوه بعده و سبى حريمههه و نسهاؤه و تّتبههع أهلههه و بنههو عّمههه بههالطرد و‬
‫سجون مع فضلهم و زهدهم و عبادتهم و سخائهم و انتفاع الخلق بهم ‪.‬‬ ‫شريد و ال ّ‬‫القتل و ال ّ‬

‫شخص و هل تستطيع أن ل تحّبههه و تهههواه‬ ‫صب البشر كّلهم مع هذا ال ّ‬


‫فهل يمكن أن ل يتع ّ‬
‫و تذوب فيه و تفنى في عشقه انتصارا له و حمّية من أجله و آنفة مّما ناله و امتعاضا مّما‬
‫جرى عليه ‪.‬‬

‫طبايع مخلوق في الغرائز كما يشاهد الّناس علههى الجههرف إنسههانا‬ ‫و هذا أمر مركوز في ال ّ‬
‫طبع البشههرى يرّقههون عليههه رّقههة‬
‫سباحة فاّنهم بال ّ‬
‫قد وقع في الماء العميق و هو ل يحسن ال ّ‬
‫شديدة ‪.‬‬

‫و قد بلغني أّنه رمى قوم منهم أنفسهم في الماء نحوه يطلبون تخليصه و ل يتوّقعون علههى‬
‫ذلك مجازاة منه بمال أو شكر و ل ثواب فهي الخهرة فقهد يكههون منهههم مهن ل يعتقهد أمههر‬
‫الخرة ‪ ،‬و لكّنها رّقة بشرّية و كان الواحد منهم يتخّيل في نفسه أّنه ذلك الغريق‬

‫] ‪[ 378‬‬

‫فكما يطلب خلص نفسه لو كان هذا الغريق كذلك يطلب تخليص من هو فههي تلههك الحههال‬
‫صعبة للمشاركة الجنسّية ‪.‬‬
‫ال ّ‬

‫صب بعضهههم‬
‫ن ملكا ظلم أهل بلد من بلده ظلما عنيفا لكان أهل ذلك البلد يتع ّ‬
‫و كذلك لو أ ّ‬
‫لبعض في النتصار من ذلك الملك و الستعداء عليه ‪.‬‬
‫شأن قد ظلمه الملك أكثر من ظلمههه إّيههاهم و‬ ‫فلو كان من جملتهم رجل عظيم القدر جليل ال ّ‬
‫أخذ أمواله و ضياعه و قتل أولده و أهله كان لياذهم به و انضوائهم إليههه و اجتمههاعهم و‬
‫طبيعة البشرّية تههدعو إلههى ذلههك علههى سههبيل اليجههاب و‬‫ن ال ّ‬
‫التفافهم به أعظم و أعظم ‪ ،‬ل ّ‬
‫الضطرار و ل يستطيع النسان منه امتناعا ‪.‬‬

‫شارح ‪ :‬هذا محصول قول النقيب أبي جعفر قد حكيته و اللفاظ لي و المعنى له ‪ ،‬و‬ ‫قال ال ّ‬
‫صحابة ما يعتقده أكثر المامّية فيهم و يسّفه رأى مههن يههذهب فيهههم إلههى‬ ‫كان ل يعتقد في ال ّ‬
‫الّنفاق و الّتكفير ‪ ،‬و كههان يقههول ‪ :‬حكمهههم حكههم مسههلم مههؤمن عصههى فههي بعههض الفعههال‬
‫ل إن شاء أخهذه و إن شهاء غفههر لهه قلهت لههه مهّرة ‪ :‬أ فتقههول إّنهمها مهن أهههل‬
‫فحكمه إلى ا ّ‬
‫الجّنة ؟‬

‫ل عنهما ابتداء أو بشفاعة الّرسههول ص هّلى‬ ‫ل أعتقد ذلك لّنهما إّما أن يعفو ا ّ‬‫فقال ‪ :‬إى و ا ّ‬
‫ى أو يؤاخذهم بعقاب أو عتاب ثّم ينقلهما إلههى الجنههة ل‬‫ل عليه و آله و سّلم أو بشفاعة عل ّ‬ ‫ا ّ‬
‫حة‬
‫له عليههه و آلههه و صه ّ‬ ‫ل صّلى ا ّ‬
‫ك في ايمانهما برسول ا ّ‬ ‫استريب في ذلك أصل و ل أش ّ‬
‫عقيدتهما فقلت له ‪ :‬فعثمان ؟‬

‫ل واحههدا مّنهها و غصههنا مههن‬


‫له عثمههان و هههل كههان إ ّ‬
‫قال ‪ :‬و كذلك عثمان ثّم قال ‪ :‬رحههم ا ّ‬
‫شجرة عبد مناف ‪ ،‬و لكن أهله كدروه علينا و أوقعوا العداوة و البغضاء بينه و بيننا قلههت‬
‫له ‪ :‬فيلزم ذلك على ما تراه في أمر هؤلء أن يجوز دخول معاوية الجّنة لنه لم تكن منههه‬
‫ي‪.‬‬‫ل المخالفة و ترك امتثال أمر النبو ّ‬
‫إّ‬

‫ن معاوية من أهل النار ل لمخالفته عليا و ل بمحاربته اّياه ‪،‬‬


‫لإّ‬
‫فقال ‪ :‬ك ّ‬

‫و لكن عقيدته لم تكن صحيحة و ل ايمانه حقا كان من رؤوس المنافقين هو و أبوه ‪،‬‬

‫ط و إنما أسلم لسانه ‪ ،‬و كان يذكر من حديث معاوية و من فلتات‬


‫و لم يسلم قلبه ق ّ‬

‫] ‪[ 379‬‬

‫قوله و ما حفظ من كلم يقتضي فساد العقيدة شيئا كثيرا ليس هنا موضع ذكههره فههأذكره و‬
‫ل أن يثبت معاوية في جريدة الشيخين الفاضلين أبههي بكههر و عمههر و‬‫قال لي مّرة ‪ :‬حاش ّ‬
‫ل كالّدرهم الزايف أو قال كالّدرهم القمي ‪.‬‬
‫ل كالّذهب البريز و ل معاوية إ ّ‬
‫ل ما هما إ ّ‬
‫ا ّ‬

‫ثّم قال لى ‪ :‬فما يقول أصحابكم فيهما ؟‬

‫قلت ‪ :‬أما الذى استقّر عليه رأى المعتزلة بعد اختلف كثير بيههن قههدمائهم فههى التفضههيل و‬
‫سلم أفضل الجماعة و إّنهم تركوا الفضل لمصلحة رأوها و إنه لههم‬ ‫ن عليا عليه ال ّ‬
‫غيره إ ّ‬
‫ص قاطع العذر و إنما كههانت إشههارة و ايمههاء ل يتضهّمن شههيء منههها صههريح‬ ‫يكن هناك ن ّ‬
‫حة‬
‫ن عليا نازع ثّم بايع ‪ ،‬و جمح ثّم اسحب ‪ ،‬و لو قام على المتناع لم نقل بصهه ّ‬ ‫صوإّ‬‫الن ّ‬
‫ل مههن‬
‫البيعة له و ل بلزومها ‪ ،‬و لو جّرد السيف كما جّرده في آخر المههر لقلنهها بفسههق كه ّ‬
‫خالفه على الطلق إنه فاسق كافر و لكن رضي بالبيعههة أخيههرا و دخههل فههى الطاعههة ‪ ،‬و‬
‫ق و المتعّين فان شههاء أخههذه‬‫ن المر كان له و كان هو المستح ّ‬‫بالجملة أصحابنا يقولون ‪ :‬إ ّ‬
‫له غيره فلما رأيناه قد وافق على ولية غيره اتبعناه و رضيناه ‪.‬‬ ‫بنفسه و إن شاء و ّ‬

‫ص و أنتم ل تذهبون إليه ؟‬


‫فقال ‪ :‬قد بقي بيني و بينكم قليل أنا أذهب إلى الن ّ‬

‫ص عندنا بطريق يوجب العلم ‪ ،‬و مهها تههذكرونه أنتههم صههريحا فههانتم‬
‫فقلت ‪ :‬إنه لم يثبت الن ّ‬
‫تنفردون بنقله ‪ ،‬و ما عدا ذلك من الخبار التي نشارككم فيها فلها تأويلت معلومة ‪.‬‬

‫له‬
‫لا ّ‬ ‫فقال و هو ضجر ‪ :‬يا فلن لو فتحنا بههاب التههأويلت لجههاز أن نتههأّول قولنهها ل إلههه إ ّ‬
‫ل ‪ ،‬دعني من التههأويلت البههاردة الههتى تعلههم القلههوب و النفههوس أنههها غيههر‬ ‫محّمد رسول ا ّ‬
‫سههفوها ‪ ،‬فانمهها أنهها و أنههت فههى الهّدار و ل ثههالث لنهها‬
‫ن المتكّلميههن تكّلفوههها و تع ّ‬
‫مههرادة و أ ّ‬
‫فيستحيى أحدنا من صاحبه أو يخافه ‪.‬‬

‫قال الشههارح ‪ :‬فلمهها بلغنهها إلههى هههذا الموضههع دخههل قههوم ممههن كههان يخشهاه ‪ ،‬فتركنهها ذلههك‬
‫السلوب من الحديث و خضنا في غيره ‪ ،‬انتهى ‪.‬‬

‫] ‪[ 380‬‬

‫له المهتين وليهة أميهر‬


‫سهك بحبهل ا ّ‬
‫ب العهالمين المتم ّ‬
‫قال الشههارح المحتههاج إلهى رحمهة ر ّ‬
‫المؤمنين ‪:‬‬

‫ل منهمها فيمها أفهاد ‪ ،‬و‬


‫ل در الشارح المعتزلي و الّنقيب أبي جعفر الحسني ‪ ،‬فلقد أجاد كه ّ‬ ‫ّ‬
‫ق بالتباع ‪،‬‬
‫ق الح ّ‬ ‫أسفرا الّنقاب عن وجه المراد ‪ ،‬و حّققا ما هو الح ّ‬

‫له عنهههم لههو ل إنكههار الّول للّنههص‬ ‫شيعة المامّية رضي ا ّ‬ ‫و أفصحا عن صريح مذهب ال ّ‬
‫ق الشيخين و قوله ‪ :‬بأّنهما من أهل الجّنههة بشههفاعة الّرسههول‬ ‫صب الّثاني في ح ّ‬
‫الجلي و تع ّ‬
‫شههيخين‬‫سلم و بعبارة اخرى عدم تبّريه من ال ّ‬ ‫ي عليه ال ّ‬
‫ل عليه و آله أو بشفاعة عل ّ‬
‫صّلى ا ّ‬
‫مع توّليه لمير المؤمنين فان كان مهها قهاله مقتضههى الّتقّيههة اّلههتي هههي شههعار المامّيههة أى‬
‫يكون ما أضههمراه خلف مهها أظهههراه ‪ ،‬فطههوبى لهههم و حسههن مهآب و جّنهات خلههد مفّتحههة‬
‫البواب ‪.‬‬

‫و إن كان سههريرتهما وفههق علنيتهمهها فويههل لهمهها مههن دّيههان الهّدين يههوم حشههر الّوليههن و‬
‫الخرين ‪.‬‬
‫ب العههالمين و‬‫و ما أدرى ما ذا يعتذران به إذا لقيا أمير المههؤمنين فههي موقههف حسههاب ر ّ‬
‫ص مع وجود الّنصوص القاطعة المتواترة العامية و الخاصّية حسبما‬ ‫كيف يمكن إنكار الن ّ‬
‫عرفت في تضاعيف الشرح و تعرف أيضا في المواقع الليقههة ‪ ،‬أم كيههف يمكههن اجتمههاع‬
‫له‬
‫سلم و محّبته في القلههب مههع محّبههة الشههيخين و مهها جعههل ا ّ‬
‫ولية أمير المؤمنين عليه ال ّ‬
‫لرجل في جوفه من قلبين و لنعم ما قال مجنون العامرى ‪:‬‬

‫و لو كان لي قلب يذوب بحّبها ‪ .‬و قلب باخرى إّنها لقلوب‬

‫و قد تقّدم في شرح الخطبهة المهأة و السهابعة و الربعيهن أخبهار كهثيرة فهى عهدم اجتمهاع‬
‫سلم مع محّبة غيره فليتذّكر ‪ ،‬هذا ‪.‬‬
‫محّبته عليه ال ّ‬

‫ص الذى هو مسّلم النقيب كما أنه مثبت لخلفة أمير المؤمنين نههاف لخلفههة‬
‫مضافا إلى الن ّ‬
‫المنتحلين المبطلين ‪ ،‬و بالجملة لزمة الولية الحّقة الثبات في عداوة الثلثة ‪.‬‬

‫و هنا لطيفة مناسبة للمقام يعجبني ذكرها و هو ‪:‬‬

‫ل بهاء المّلة و الّدين قّدس ا ّ‬


‫ل‬ ‫ن الشيخ صالح بن حسن سأل عن الشيخ الج ّ‬
‫إّ‬

‫] ‪[ 381‬‬

‫روحه و قال ‪ :‬ما قول سيدى و سههندى فههي هههذه البيههات لبعههض النواصههب فالمههأمول أن‬
‫تشرفوا بجواب منظوم يكسر سورته ‪:‬‬

‫أهههههههههههههههههههههههوى عليهههههههههههههههههههههها أميههههههههههههههههههههههر المههههههههههههههههههههههؤمنين و ل‬


‫ب أبهههههههههههههههههي بكهههههههههههههههههر و ل عمهههههههههههههههههرا‬
‫أرضهههههههههههههههههى بسههههههههههههههههه ّ‬

‫و ل أقهههههههههههههههههههههههول إذا لهههههههههههههههههههههههم يعطيههههههههههههههههههههههها فهههههههههههههههههههههههدكا‬


‫لههههههههههههههه قهههههههههههههههد كفهههههههههههههههرا‬
‫ي رسهههههههههههههههول ا ّ‬ ‫بنهههههههههههههههت النهههههههههههههههب ّ‬

‫لهههههههههههههههههههه يعلههههههههههههههههههههم مهههههههههههههههههههها ذا يأتيههههههههههههههههههههان بههههههههههههههههههههه‬


‫ا ّ‬
‫يوم القيامة من عذر إذا اعتذرا‬

‫ل بقههاك‬
‫ي أطال ا ّ‬‫ي الوف ّ‬
‫فأجابه الشيخ قّدس سّره العزيز ‪ :‬التمست أيها الخ الفضل الصف ّ‬
‫و أدام فى معارج العّز ارتقاك الجابة عما هذر به هذا المخذول فقابلت التماسههك بههالقبول‬
‫و طفقت أقول ‪:‬‬
‫ي و لههههههههههههههم‬
‫ب الوصهههههههههههههه ّ‬
‫يهههههههههههههها أيههههههههههههههها المههههههههههههههّدعي حهههههههههههههه ّ‬
‫ب أبهههههههههههههههههي بكهههههههههههههههههر و ل عمهههههههههههههههههرا‬
‫تسهههههههههههههههههمح بسههههههههههههههههه ّ‬

‫لهههههههههههههههههه فههههههههههههههههههى دعههههههههههههههههههوى محّبتههههههههههههههههههه‬


‫كههههههههههههههههههذبت و ا ّ‬
‫تّبههههههههههههههت يههههههههههههههداك ستصههههههههههههههلى فههههههههههههههي غههههههههههههههد سههههههههههههههقرا‬

‫فكيهههههههههههههههههف تههههههههههههههههههوى أميهههههههههههههههههر المهههههههههههههههههؤمنين و قهههههههههههههههههد‬


‫ب مهههههههههههههههههن عهههههههههههههههههاداه مفتكهههههههههههههههههرا‬‫أراك فهههههههههههههههههى سههههههههههههههههه ّ‬

‫فهههههههههههههههان تكهههههههههههههههن صهههههههههههههههادقا فيمههههههههههههههها نطقهههههههههههههههت بهههههههههههههههه‬


‫لهههههههههههههه مّمههههههههههههههن خههههههههههههههان أو غههههههههههههههدرا‬ ‫فههههههههههههههابرء إلههههههههههههههى ا ّ‬

‫ص فههههههههههههههههههي خههههههههههههههههههّم و بيعتههههههههههههههههههه‬


‫و أنكههههههههههههههههههر النهههههههههههههههههه ّ‬
‫لههههه عليهههههه و آلهههههه و سهههههّلم قهههههد هجهههههرا‬ ‫لههههه صهههههّلى ا ّ‬‫ن رسهههههول ا ّ‬ ‫و قهههههال إ ّ‬

‫أتيهههههههههههههههت تبغهههههههههههههههي قيهههههههههههههههام العهههههههههههههههذر فهههههههههههههههى فهههههههههههههههدك‬


‫أ نحسهههههههههههههههههب المهههههههههههههههههر فهههههههههههههههههى التمهههههههههههههههههويه مسهههههههههههههههههتترا‬

‫ق الطههههههههههههههر فاطمهههههههههههههة‬ ‫إن كهههههههههههههان فهههههههههههههى غصهههههههههههههب حههههههههههههه ّ‬


‫سههههههههههههههههههيقبل العههههههههههههههههههذر مّمههههههههههههههههههن جههههههههههههههههههاء معتههههههههههههههههههذرا‬

‫ل ذنههههههههههههههههب لههههههههههههههههه عههههههههههههههههذر غههههههههههههههههداة غههههههههههههههههد‬


‫فكهههههههههههههههه ّ‬
‫ل ظلههههههههههههههم تههههههههههههههرى فههههههههههههههى الحشههههههههههههههر مغتفههههههههههههههرا‬ ‫و كهههههههههههههه ّ‬

‫فل تقولهههههههههههههههههههههههوا لمهههههههههههههههههههههههن أّيهههههههههههههههههههههههامه صهههههههههههههههههههههههرفت‬


‫ل أو كفههههههههههههههرا‬
‫ب شههههههههههههههيخيكم قههههههههههههههد ضهههههههههههههه ّ‬ ‫فههههههههههههههى سهههههههههههههه ّ‬

‫بههههههههههههههههههههههل سههههههههههههههههههههههامحوه و قولههههههههههههههههههههههوا ل نؤاخههههههههههههههههههههههذه‬


‫عسههههههههههههههههههى يكههههههههههههههههههون لههههههههههههههههههه عههههههههههههههههههذر إذا اعتههههههههههههههههههذرا‬

‫فكيههههههههههههههههف و العههههههههههههههههذر مثههههههههههههههههل الشههههههههههههههههمس اذ بزغههههههههههههههههت‬


‫صهههههههههههههههههههههبح إذ ظههههههههههههههههههههههرا‬
‫و المهههههههههههههههههههههر مّتضهههههههههههههههههههههح كال ّ‬

‫ن إبليههههههههههههههههههههههس أغههههههههههههههههههههههواكم و صههههههههههههههههههههههّيركم‬


‫لكهههههههههههههههههههههه ّ‬
‫عميا و صّما فل سمعا و ل بصرا‬
‫ععععععع‬

‫مىفرمايد قسم بخدا نيست معاويه زيركتر از من در تدبير امورات دنيوّيه ‪،‬‬

‫] ‪[ 382‬‬

‫و لكن آن ملعون مكر و حيله ميكند و مرتكب فسق و فجور مىشود ‪ ،‬و اگر حيله كردن‬
‫حرام نمىشد هر آينه مىبودم مههن از زيركههترين خلهق و لكههن هههر حيلهه كننههده فاسهق و‬
‫فاجر است ‪ ،‬و هر فاسق و فههاجر كههافر ‪ ،‬و هههر صههاحب حيلههه را علمههى اسههت شههناخته‬
‫مىشود با او در روز قيامت ‪ ،‬بخدا سوگند طلب نمىشههود غفلههت از مههن بجهههت كيههد و‬
‫حيله و طمع نمىشود در ضعف من بجهت شدايد و سختيهاى روزگار ‪.‬‬

‫عععع ع عع ععععع عع ع ع‬
‫ع عع عععع عع عععع ععع‬
‫ععععععع عع ععع ععععع‬

‫أّيها الّناس ل تستوحشوا في طريق الهدى لقّلة أهله ‪ ،‬فانّ الّنههاس قهد اجتمعههوا علههى مههائدة‬
‫سههخط ‪ ،‬و إّنمهها‬ ‫شبعها قصير ‪ ،‬وجوعها طويل ‪ ،‬أّيها الّناس إّنما يجمع الّنههاس الّرضهها و ال ّ‬
‫ل بالعذاب لّما عّموه بالّرضا ‪ ،‬فقههال سههبحانه َفَعَقُروههها‬ ‫عقر ناقة ثمود رجل واحد فعّمهم ا ّ‬
‫سّكة المحماة في الرض‬ ‫ل أن خارت أرضهم بالخسفة خوار ال ّ‬ ‫ن فما كان إ ّ‬
‫حوا ناِدمي َ‬
‫َفَاصَْب ُ‬
‫طريق الواضح ورد الماء ‪ ،‬و من خالف وقع في الّتيه ‪.‬‬ ‫الخّوارة أّيها الّناس من سلك ال ّ‬

‫ععععع‬

‫قال الزهرى ) العقر ( عند العرب قطع عرقوب الّناقة ثّم جعل الّنحر عقرا‬

‫] ‪[ 383‬‬

‫سهههم و‬‫ن ناحر البعير يعقره ثّم ينحههره و ) الخههوار ( بالضهّم صههوت البقههر و الغنههم و ال ّ‬
‫لّ‬
‫الحور المنخفض من الرض ‪ ،‬و الرض الخّوارة الكههثيرة الخههوار و ) خسههف ( المكههان‬
‫سهكة ( بالكسهر حديهدة الفهّدان اّلهتي‬ ‫ل يتعّدى و ل يتعّدى و ) ال ّ‬
‫غار في الرض و خسفه ا ّ‬
‫تثير بها الرض و ) حميت ( الحديدة تحمى من بههاب تعههب فهههى حاميههة إذا اشههتّد حّرههها‬
‫بالّنار و يعّدى بالهمزة فيقال أحميتها فهي محماة و ) الّتيهه ( بكسهر الّتهاء المفهازة اّلهتي ل‬
‫ل عن الطريق ‪.‬‬ ‫علمة فيها يهتدى بها ‪ ،‬و تاه النسان في المفازة يتيه ض ّ‬
‫ععععععع‬

‫ثمود بالفتحة قبيلة من العرب الولى و هم قوم صالح و صالح من ولد ثمههود س هّموا باسههم‬
‫أبيهم الكبر ثمود بن عائر بن ارم بن سام بن نوح يصرف و ل يصرف ‪ ،‬فمن جعله اسم‬
‫ى أو واد صرفه لّنه حينئذ مذّكر ‪ ،‬و من جعله اسم قبيلة أو أرض لم يصرفه للّتأنيث و‬ ‫حّ‬
‫العلمّية ‪ ،‬و أرض ثمود قريبههة مهن تبههوك ‪ ،‬و لّمها عّمههوه فههي بعهض النسههخ بتشههديد الميهم‬
‫لم و تخفيف الميم فتكههون مهها مصههدرّية ‪،‬‬ ‫فتكون ظرفّية بمعني إذ ‪ ،‬و في بعضها بكسر ال ّ‬
‫و قوله ‪ :‬فأصبحوا نادمين إن كان أصبح ناقصة بمعني صار فنادمين خبرها ‪،‬‬

‫صههباح فهههو حهال مههن فاعلههها ‪ ،‬و يؤّيههد الثههاني‬


‫و إن كانت تاّمة بمعني الّدخول في وقت ال ّ‬
‫صيحة مصبحين و كذا قوله ‪ :‬فما كان ‪ ،‬يحتمل أن‬ ‫قوله تعالى في سورة الحجر فأخذتهم ال ّ‬
‫تكون كان ناقصة و اسمها مضمر فيها أى ما كان النتقام منهم ‪ ،‬و تاّمة بمعنى وقع ‪.‬‬

‫عععععع‬

‫ن الغرض من هذا الكلم ترغيهب أصههحابه علهى الّثبهات علهى مها كهانوا عليهه مهن‬ ‫اعلم أ ّ‬
‫ق ‪ ،‬و لّما كههانت العههادة جاريههة بههأن يسههتوحش الّنههاس مههن الوحههدة و قّلههة‬
‫سلوك سبيل الح ّ‬
‫الّرفيق في الطريق ل سّيما إذا كان طويل صعبا غير مأنوس فنهى عههن السههتيحاش فههي‬
‫تلك الطريق و قال ‪:‬‬

‫) أّيها الّناس ل تستوحشوا في طريق الهدى لقّلة أهله ( و كّنى به عّما عساه‬

‫] ‪[ 384‬‬

‫ق لقّلتهههم و كههثرة مخههالفيهم ‪ ،‬و أيضهها‬


‫يعرض لبعضهم من الوسوسة بأّنهم ليسوا على الح ّ‬
‫سههلم علههى‬
‫سلمة مع الكثرة فنّبههم عليههه ال ّ‬ ‫طرق الحسّية مظّنة الهلك و ال ّ‬‫قّلة العدد في ال ّ‬
‫ن طههرق الخههرة ل تقههاس بطههرق‬ ‫أنهم فى طريق الهدى و السلمة و إن كههانوا قليليههن و أ ّ‬
‫الّدنيا ‪.‬‬

‫ن أغلههب النههاس مفتونههون بحّبههها الصههارف لهههم عههن طريههق‬


‫ثّم نّبه على قّلة أهل الهدى بأ ّ‬
‫الهدى إلى طريق الّردى فقال ‪:‬‬

‫ن الناس اجتمعوا علههى مههائدة ( اسههتعارها للهّدنيا و الجههامع كونهمهها مجتمههع الّلههذات و‬‫) فا ّ‬
‫ن ) شبعها قصير وجوعها طويههل ( و كّنههى بقصههر شههبعها عههن قصههر مهّدتها و‬ ‫تفرعها بأ ّ‬
‫بطول جوعها عن استعقاب النهماك فيها للعذاب الطويل في الخرة ‪.‬‬
‫قال الشارح البحرانى ‪ :‬لفظ الجههوع مسههتعار للحاجههة الطويلههة بعههد المههوت إلههى المطههاعم‬
‫الحقيقية الباقية من الكمالت النفسانية الفانية بسبب الغفلة فى الّدنيا ‪،‬‬

‫فلذلك نسب الجوع إليها ‪.‬‬

‫و كيف كان ففيه تنفير للمخاطبين من الجتماع على تلك المائدة مع المجتمعين عليها مههن‬
‫ث لهههم علههى الجتمههاع علههى مههائدة شههبعها طويههل وجوعههها قصههير مههع‬
‫أهههل الهّدنيا و حه ّ‬
‫المجتمعين عليها من أهل الخرة ‪.‬‬

‫و انما يحصل ذلك بسلوك صراطهم المستقيم المؤّدى إلى جّنة النعيم عرضههها السههماوات‬
‫و الرض اعّدت للمتقين ‪ ،‬اولئك لهم رزق معلوم ‪ ،‬فواكه و هم مكرمون ‪،‬‬

‫على سرر متقابلين ‪ ،‬يطاف عليهم بكأس من معين ‪ ،‬بيضاء لّذة للشاربين ‪ ،‬و فاكهههة ممهها‬
‫يتخّيرون ‪ ،‬و لحم طير مما يشتهون ‪ ،‬يسقون من رحيق مختوم ‪ ،‬ختامه مسك و فههى ذلههك‬
‫فليتنافس المتنافسون ‪ ،‬هذا ‪.‬‬

‫و أما قّلة أهل الهدى فقد اشير إليها فى كثير من آيههات الكتههاب العزيههز و فههى أخبههار أهههل‬
‫ل القليل و ذّم الكثير فى كثير من آى التنزيل قههال تعههالى‬ ‫سلم ‪ ،‬و قد مدح ا ّ‬
‫البيت عليهم ال ّ‬
‫ل قليههل و قهال بههل‬
‫و قليل من عبادى الشكور و قال و قليل ما هم و قههال و مها آمههن معههه ا ّ‬
‫أكثرهم ل يعقلون و قال و اكثرهم ل يشعرون ‪.‬‬

‫] ‪[ 385‬‬

‫و الغرض منها رفع ما يسبق الى الوهام العامية من أنّ الكثرة دليل الحقّيههة و القّلههة دليههل‬
‫ن فههى أعصههار جميههع النبيههاء‬ ‫البطلن ‪ ،‬و لذا يميل أكثر الناس إلى السواد العظههم مههع أ ّ‬
‫كان أعداؤهم أضعاف أتباعهم و أوليائهم ‪.‬‬

‫روى فى البحار من الكافى باسناده عن سماعة بن مهران قال ‪ :‬قال لي عبد صههالح عليههه‬
‫له لقهد كههانت الهّدنيا و مها فيهها إ ّ‬
‫ل‬ ‫سلم يا سماعة امنوا على فرشهم و أخههافونى أمها و ا ّ‬‫ال ّ‬
‫ل عّز و جلّ إليه حيث يقول ‪:‬‬ ‫ل و لو كان معه غيره لضافه ا ّ‬‫واحد يعبد ا ّ‬

‫ل‪،‬‬
‫ل حنيفًا و لم يك من المشركين فصبر بذلك ما شاء ا ّ‬
‫ن إبراهيم كان امة قانتًا ّ‬
‫اّ‬

‫ن أهههل‬
‫ن المههؤمن لقليههل و إ ّ‬
‫له إ ّ‬
‫ل آنسه باسماعيل و إسحاق فصاروا ثلثة أمهها و ا ّ‬
‫ثّم إن ا ّ‬
‫الكفر كثير أتدرى لم ذلك ؟ فقلت ‪ :‬ل أدرى جعلت فداك ‪ ،‬فقال ‪ :‬صههيروا انسهها للمههؤمنين‬
‫يبّثون إليهم ما فى صدورهم فيستريحون إلى ذلك و يسكنون إليه ‪.‬‬
‫ي بعد نقله ‪ :‬قوله ‪ :‬و أخافوني ‪ ،‬أى بالذاعة و تههرك التقّيههة ‪،‬‬ ‫قال المحّدث العلمة المجلس ّ‬
‫و الضمير في أمنوا راجع إلى المّدعين للتشّيع اّلذين لم يطيعوا أئمتهههم فههي التقّيههة و تههرك‬
‫ن أههل الكفهر كهثير المهراد‬ ‫الذاعة و أشار بذلك إلى أّنههم ليسهوا بشهيعة لنها ‪ ،‬و قهوله و إ ّ‬
‫ل إلّ و هههم‬ ‫بههالكفر هنهها المقابههل لليمههان الكامههل كمهها قهال تعههالى و مهها يههؤمن أكههثرهم بهها ّ‬
‫مشههركون و قههوله ‪ :‬أ تههدرى لههم ذاك ؟ أى قّلههة عههدد المههؤمنين مههع أّنهههم بحسههب الظههاهر‬
‫له جعههل هههؤلء‬ ‫نا ّ‬
‫ل لم جعل هؤلء في صورة المههؤمنين ‪ ،‬و المعنههي أ ّ‬ ‫نا ّ‬ ‫كثيرون أو ل ّ‬
‫ل يستوحشوا لقّلتهم أو يكون عّلة لخروج هؤلء عههن اليمههان ‪،‬‬ ‫المتشّيعة انسا للمؤمنين لئ ّ‬
‫فالمعني أّنه جعل المخالفين انسهها للمههؤمنين فيبّثههون أى المؤمنههون إلههى المخههالفين أسههرار‬
‫أئّمتهم فبذلك خرجوا عن اليمان ‪.‬‬

‫سههلم‬
‫ى بن جعفر قال ‪ :‬سمعت أبا الحسههن عليههه ال ّ‬‫و يؤيد الحتمالت المتقّدمة ما رواه عل ّ‬
‫ل من يقول بوليتنا مؤمنا و لكن جعلوا انسا للمؤمنين ‪.‬‬
‫يقول ‪ :‬ليس ك ّ‬

‫سلم ‪:‬‬
‫و فى البحار من الكافى عن حمران بن أعين قال ‪ :‬قلت لبى جعفر عليه ال ّ‬

‫سلم ‪ :‬أل احّدثك بأعجب‬


‫جعلت فداك ما أقّلنا لو اجتمعنا على شاة ما أفنيناها فقال عليه ال ّ‬

‫] ‪[ 386‬‬

‫ل و أشار بيده ‪ 1‬ثلثة ‪ ،‬فقلههت ‪ :‬جعلههت فههداك مهها حههال‬


‫من ذلك المهاجرون و النصار إ ّ‬
‫ل عّمارا أبا اليقظان بايع و مات شهيدا ‪ ،‬فقلت فى نفسههى ‪ :‬مهها شههىء‬‫عّمار ؟ قال ‪ :‬رحم ا ّ‬
‫ى فقال ‪ :‬لعّلك ترى أّنه مثل الثلثة ايهات ايهات ‪.‬‬‫أفضل من الشهادة ‪ ،‬فنظر ال ّ‬

‫سههلم يقههول ‪ :‬المؤمنههة‬


‫ل عليه ال ّ‬
‫و فيه من الكافى عن قتيبة العشى قال ‪ :‬سمعت أبا عبد ا ّ‬
‫أعّز من المؤمن و المؤمن أعّز من الكبريت الحمر فمن رأى منكم الكبريت الحمر ؟‬

‫و الخبار في هذا المعنى كثيرة و فيما رويناه كفاية ‪.‬‬

‫سخط ( أى يجمعهم في العههذاب رضههاهم‬ ‫و قوله ) أّيها الّناس إّنما يجمع الّناس الّرضا و ال ّ‬
‫بههالمنكرات و فههي الخلص منههه سههخطهم لههها كمهها أّنههه يجمعهههم فههي الّثههواب رضههاهم‬
‫ن الّراضى بفعل قوم كالداخل معهم فيهه ‪،‬‬ ‫صالحات و في الحرمان منه سخطهم لها ‪ ،‬ل ّ‬ ‫بال ّ‬
‫ل على ذلك أخبار كثيرة ‪.‬‬ ‫و يد ّ‬

‫مثل ما في الوسايل عن البرقي في المحاسن عن محّمد بن مسلم قال ‪ :‬قال أمير المههؤمنين‬
‫سههخط فمههن رضههى أمههرا فقههد دخههل فيههه و مههن‬
‫سلم إّنما يجمع الّنههاس الّرضهها و ال ّ‬
‫عليه ال ّ‬
‫سخطه فقد خرج منه ‪.‬‬
‫سلم بن صالح الهروى قال قلت لبي الحسن‬ ‫و فيه من العيون و العلل باسناده عن عبد ال ّ‬
‫له مهها تقههول فههي حههديث روى عههن‬‫سلم يا ابههن رسههول ا ّ‬ ‫ي بن موسى الّرضا عليهما ال ّ‬ ‫عل ّ‬
‫سههلم قتههل ذرارى قتلههة الحسههين عليههه‬
‫سلم قال ‪ :‬إذا خرج القههائم عليههه ال ّ‬‫صادق عليه ال ّ‬
‫ال ّ‬
‫ل و ل تههزر وازرة وزر‬ ‫له عهّز و جه ّ‬‫سلم بفعال آبائها فقال ‪ :‬هو كذلك ‪ ،‬فقلت ‪ :‬قههول ا ّ‬ ‫ال ّ‬
‫اخرى ما معناه ؟‬

‫ل في جميع أقواله ‪ ،‬و لكههن ذرارى قتلههة الحسههين يرضههون بفعههال آبههائهم و‬ ‫قال ‪ :‬صدق ا ّ‬
‫ن رجل قتهل بالمشههرق فرضههي‬ ‫يفتخرون بها ‪ ،‬و من رضي شيئا كان كمههن أتهاه ‪ ،‬و لهو أ ّ‬
‫سلم‬‫ل شريك القاتل ‪ ،‬و إنما يقتلهم القائم عليه ال ّ‬ ‫بقتله رجل بالمغرب لكان الّراضي عند ا ّ‬
‫إذا خرج لرضاهم بفعل آبائهم ‪.‬‬

‫سلم قال ‪ :‬قلت له ‪ :‬ل ّ‬


‫ى‬ ‫و فيه من العيون و العلل بهذا السناد عن الّرضا عليه ال ّ‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬ه ههه ه هه هه هه هه ه ه هههه هه هههه ه ه‬
‫هههههه هه ههههههه هههههه ههههه هه ه هه ه‬
‫هههه ه ه ه هههه هههه هه » ه « ه ههه ههه‬
‫ههههههه ه ‪ :‬ه هههه ه ه هه ههه ه ه هههه ههه »‬
‫هههه «‬

‫] ‪[ 387‬‬

‫سههلم و فيهههم الطفههال و مههن ل‬ ‫ل الّدنيا كّلها في زمن نوح عليه ال ّ‬ ‫ل عّز و ج ّ‬ ‫عّلة أغرق ا ّ‬
‫ل عّز و جلّ أعقم أصلب قوم نههوح و أرحههام‬ ‫نا ّ‬
‫ذنب له ؟ فقال ‪ :‬ما كان فيهم الطفال ل ّ‬
‫ل ليهلك بعذابه من ل‬ ‫نسائهم أربعين عاما فانقطع نسلهم فغرقوا و ل طفل فيهم ‪ ،‬ما كان ا ّ‬
‫له نههوح عليههه السّههلم و‬
‫يا ّ‬
‫ذنب له ‪ ،‬و أّما البههاقون مههن قههوم نههوح فههاغرقوا بتكههذيبهم لنههب ّ‬
‫سائرهم اغرقوا برضاهم بتكذيب المكّذبين ‪ ،‬و من غاب عن أمههر فرضههي بههه كههان كمههن‬
‫شهده و أتاه ‪.‬‬

‫له عليههه‬‫و فيه عن العّياشي في تفسيره عن محّمد بههن هاشههم عّمههن حهّدثه عههن أبههي عبههد ا ّ‬
‫سلم قال ‪ :‬لّما نزلت هذه الية قل قد جائكم رسهل مههن قبلهي بالبّينهات و باّلههذى قلتههم فلهم‬ ‫ال ّ‬
‫له مهها قتلنهها و ل شهههدنا ‪ ،‬و إّنمهها قيههل‬
‫قتلتموهم ان كنتم صادقين و قد علم أن قد قههالوا و ا ّ‬
‫لهم ‪ :‬ابرأوا من قتلتهم ‪ ،‬فأبوا ‪.‬‬

‫سلم قال ‪ :‬تنزل الكوفة ؟ قلت ‪ :‬نعم قال ‪:‬‬


‫ل عليه ال ّ‬
‫و عن محّمد بن الرقط عن أبيعبد ا ّ‬

‫ترون قتلة الحسين بين أظهركم ؟ قال ‪ :‬قلت ‪ :‬جعلت فداك ما بقى منهم أحد ‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫ل قههل قههد جههائكم‬
‫ل من قتل أو من ولي القتل أ لم تسمع إلى قول ا ّ‬ ‫فأنت إذا ل ترى القاتل إ ّ‬
‫ى رسول قتههل الههذين‬ ‫رسل من قبلى بالبّينات و بالذى قلتم فلم قتلتموهم ان كنتم صادقين فأ ّ‬
‫ل عليه و آله و سّلم بين أظهرهم و لم يكن بينه و بين عيسى رسول ‪،‬‬ ‫كان محّمدا صّلى ا ّ‬

‫و إّنما رضوا قتل اولئك فسّموا قاتلين ‪ ،‬هذا ‪.‬‬

‫صههة ثمههود‬
‫ن الّنههاس يجمعهههم الّرضهها و السههخط استشهههد عليههه بق ّ‬
‫سلم إ ّ‬
‫و لّما ذكر عليه ال ّ‬
‫فقال ‪:‬‬

‫ل آيههة قههومه ) ثمههود رجههل واحههد ( منهههم أزرق‬


‫) و إّنما عقر ناقة ( الصالح اّلتي جعلها ا ّ‬
‫أشقر أحمر يقال له ‪ :‬قدار بن سالف ‪ ،‬و كان ولد زنا و لم يكن ابن سالف و إّنمهها ولههد فههي‬
‫صههيحة و الّرجفههة و الصههاعقة و الزلزلههة‬
‫ل بالعذاب ( و هى ال ّ‬ ‫بيته فانتسب إليه ) فغّمهم ا ّ‬
‫شديدة ) لما عموه بالّرضا ( أى أنزل العذاب على جميعهم لما كان الجميع راضين بذلك‬ ‫ال ّ‬
‫الفعل أعنى عقر الّناقة ) فقال تعالى ( فى سورة الشعراء‬

‫] ‪[ 388‬‬

‫) فعقروها ( نسب العقر إلهى جميعههم لمها ذكهر ) فأصهبحوا نهادمين ( علهى عقرهها عنهد‬
‫معاينة العذاب ‪.‬‬

‫صيحة فاصبحوا في ديارهم جاثمين ‪ 1‬و في سورة‬‫و في سورة هود و اخذ الذين ظلموا ال ّ‬
‫العراف فأخذتهم الّرجفة فأصبحوا في ديارهم جاثمين ‪.‬‬

‫صيحة ‪ ،‬و قيل ‪ :‬الّزلزلة هلكوا بههها ‪ ،‬و‬


‫قال الطبرسي في تفسير هذه الية الخيرة ‪ :‬أى ال ّ‬
‫صههاعقة ‪ ،‬و قيههل ‪ :‬كههانت صههيحة زلزلههت بههه الرض و أصههل الّرجفههة الحركههة‬ ‫قيههل ‪ :‬ال ّ‬
‫صههباح ‪ ،‬و قيههل ‪:‬‬
‫ن العذاب أخذهم عند ال ّ‬‫شديدة و إّنما قال فأصبحوا جاثمين ل ّ‬ ‫المزعجة ال ّ‬
‫صههفة ‪ ،‬و العههرب تقهول عنههد المههر العظيههم ‪ :‬و‬
‫صيحة ليل فأصبحوا علههى هههذه ال ّ‬‫أتتهم ال ّ‬
‫اسوء صباحاه ‪.‬‬

‫أقول ‪ :‬و يؤّيد الّول قوله تعالى في سورة الحجر فأخذتهم الصيحة مصههبحين و سههتعرف‬
‫ل‪.‬‬
‫صتهم و تمام الية المذكورة في المتن في الّتذنيب التى إنشاء ا ّ‬
‫تفصيل ق ّ‬

‫ل أن ( أخذتهم الّرجفهة و ) خهارت أرضههم بالخسهفة (‬ ‫) فما كان ( عقوبتهم بعد العقر ) إ ّ‬
‫سكة المحماة فههي الرض الخههوارة ( أى‬ ‫أى صوتت بسبب الخسف في الرض ) خوار ال ّ‬
‫صههلبة‬
‫مثل تصويت السكة المحّددة الههتي هههى أقههوى صههوتا و أشهّد غوصهها فههي الرض ال ّ‬
‫صوت فاريه بالمحماة المحّددة مجازا بعلقة ما كان لّنها تحمههى فههي النههار أّول‬ ‫الكثيرة ال ّ‬
‫ثّم تحّدد أو بعلقة الملزمة ‪.‬‬
‫و أبقاه الشارح المعتزلي على معناه الحقيقى و قال ‪ :‬إّنما جعلها محماة لنه يكون أبلغ في‬
‫سكة المحماة تخرق الرض بشيئين ‪:‬‬ ‫ن ال ّ‬
‫ذهابها في الرض ‪ ،‬ل ّ‬

‫ن الجسم المحّدد إذا اعتمههد عليههه فههي الرض‬ ‫أحدهما تحّدد رأسها ‪ ،‬و الثانى حرارته ‪ ،‬فا ّ‬
‫اقتضت الحرارة إعانة ذلك الطرف المحّدد على الّنفههوذ بتحليلههها مهها يلقههى مههن صههلبته‬
‫ن شأن الحرارة التحليل ‪ ،‬فيكون غوص ذلك الجسم المحّدد في‬ ‫الرض ‪ ،‬ل ّ‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬هه ه ههه هه ههه هه ههه ه هه ه ه هه ه‬
‫هههههه هههههه ههههههه ه ههه ‪.‬‬

‫] ‪[ 389‬‬

‫ن الحديد عند التسخين ملّين و الّلين يوجب ضعف النفوذ ل‬


‫الرض أسهل ‪ ،‬انتهى و فيه أ ّ‬
‫قّوته كما هو ظاهر فكيف تكون الحرارة معينة على نفوذها ‪.‬‬

‫جه عليهه أنّ‬


‫سهرها الشههارح البحرانهي بالضهعيفة ‪ ،‬فيتههو ّ‬‫سهر الخهوارة بالّلينهة و ف ّ‬
‫ثهّم إّنههه ف ّ‬
‫ل أّنها ل يكون لها صههوت و إّنمهها‬
‫الرض الّلينة الضعيفة و إن كان نفوذ السكة فيها أبلغ إ ّ‬
‫صلب من الرض ‪ ،‬و لههذلك اشههترطوا فهي خههروج‬ ‫صوت من اصطدام الحديد بال ّ‬ ‫يخرج ال ّ‬
‫الصوت مقاومة المقروع للقارع و المقلوع للقالع ‪ ،‬هذا ‪.‬‬

‫و لّما افتتح كلمه بالّنهى عن الستيحاش في سلوك طريق الهدى ‪ ،‬ختمههه بههالترغيب فههي‬
‫سلوكه بالتنبيه على ما فيه من المنافع فقال ‪:‬‬

‫) أّيها الناس من سلك الطريق الواضح ورد الماء و من خالف وقع في الّتيههه ( و هههو مههن‬
‫ن سالك الجاّدة الوسطى يصل المنزل و يرد الماء ‪ ،‬و الخههذ بههاليمين‬
‫قبيل إسارل المثل فا ّ‬
‫ل عنها و يقع في المفازة الخالية من الماء و الكلء و يهلك من العطش ‪.‬‬ ‫شمال يض ّ‬
‫و ال ّ‬

‫صراط المستقيم يصل إلى جنههات النعيههم و يشههرب‬ ‫ن ناهج المنهج القويم و ال ّ‬
‫و المراد به أ ّ‬
‫من كوثر و تسنيم ‪ ،‬و التارك له صار إلى الجحيم ‪ ،‬و وقههع فههي العههذاب الليههم و الخههزى‬
‫ل من اّتباع الهوى و من الضلل بعد الهدى ‪.‬‬ ‫العظيم ‪ ،‬نعوذ با ّ‬

‫ععععع‬

‫سلم جريا على مقتضى ظههاهره المسههوق سههوق‬ ‫ما أوردته في شرح هذا الكلم له عليه ال ّ‬
‫سلم فيه إلى أمر الخلفة و الح ه ّ‬
‫ث‬ ‫ن نظره عليه ال ّ‬ ‫العموم ‪ ،‬و الذى يقتضيه النظر الّدقيق أ ّ‬
‫ضلل ‪.‬‬ ‫على متابعته و التحذير و التنفير من متابعة أئّمة ال ّ‬
‫فيكون محصل المعنى علههى ذلههك أمههر المخههاطبين بعههدم السههتيحاش مههن متههابعته و مههن‬
‫ن النههاس المجتمعيههن علههى‬
‫تخليص اليمان بههوليته لقّلههة المههؤمنين و كههثرة المنههافقين ‪ ،‬ل ّ‬
‫عوائد أئمة الضلل و موائدهم و المنتفعون من عطّياتهم و جوائزهم‬

‫] ‪[ 390‬‬

‫ل خضم البههل نبتههة الّربيههع قههد‬ ‫ل سّيما ما كان في زمن عثمان و معاوية من خضم مال ا ّ‬
‫شههبع القصههير و‬ ‫اجتمعوا على مائدة فيها الّلذة العاجلة القليلة و الّنقمههة الجلههة الكههثيرة و ال ّ‬
‫ضلل من الظلم في حّقههه مضههافا إلههى‬ ‫الجوع الطويل ‪ ،‬و حّذرهم عن الّرضا بفعل أئّمة ال ّ‬
‫البدع و المنكرات اّلتي أحدثوها أن يعّمهم العذاب و يحيط بهم كما أحههاط بقههوم ثمههود مههن‬
‫سههلم‬‫ل و الظلم في حّقها ث هّم أّكههد عليههه ال ّ‬‫أجل رضاهم بما فعله واحد منهم من عقر ناقة ا ّ‬
‫ن سههالك‬ ‫ذلك أى وجوب متابعته و حرمة مخالفته و العدول عنه إلى غيره بههالّتنبيه علههى أ ّ‬
‫ضههلل‬ ‫سبيل وليته يشرب من الّرحيق المختوم ‪ ،‬و العادل عنه إلى غيره تاه في أوديههة ال ّ‬
‫و يسقى من الضريع و الّزقوم ‪.‬‬

‫صة ثمود في البين و ارتباط أجزاء الكلم بعضههها ببعههض و‬


‫و من ذلك علم حسن أقحام ق ّ‬
‫يزيد ذلك وضوحا ‪:‬‬

‫له عليههه و آلههه و سهّلم يها‬


‫ما رواه في البحار من الثعلبي باسناد معروف عن الّنبي صّلى ا ّ‬
‫ل و رسوله أعلم قال ‪ :‬عاقر الّناقة ‪ ،‬قههال ‪:‬‬ ‫على أ تدري من أشقى الّولين ؟ قال ‪ :‬قلت ‪ :‬ا ّ‬
‫ل و رسوله أعلههم قههال ‪ :‬قاتلههك ‪ ،‬و فههي روايههة‬‫أ تدري من أشقى الخرين ؟ قال ‪ :‬قلت ‪ :‬ا ّ‬
‫اخرى قال ‪:‬‬

‫أشقى الخرين من يخضب هذه من هذه و أشار إلى لحيته و رأسه ‪.‬‬

‫سههلم فههي‬
‫له عليههه ال ّ‬
‫و فى البحار أيضا من قصص النبياء عههن الشههحام عههن أبههي عبههد ا ّ‬
‫ل عليهما في هذه الّمة‬ ‫سلم و القائم صلوات ا ّ‬ ‫ى عليه ال ّ‬
‫حديث طويل قال ‪ :‬و إّنما مثل عل ّ‬
‫سلم ‪.‬‬ ‫مثل صالح عليه ال ّ‬

‫ععععع‬

‫صة صالح و ثمود و كيفية عقر الناقة فأقول ‪:‬‬


‫في تفصيل ق ّ‬

‫ل سبحانه ههذه القصهة فهي عهّدة سهور مهن كتهابه العزيهز فهي بعضهها إجمهال و‬ ‫قد ذكر ا ّ‬
‫بعضها تفصيل و هي سورة العراف و هههو و الحجههر و الشههعراء و النمههل و السههجدة و‬
‫شمس ‪ ،‬و نحن نورد اليات المتضمّنة لها في‬ ‫الذاريات و القمر و الحاّقة و الفجر و ال ّ‬
‫] ‪[ 391‬‬

‫شعراء تبعا للمتن ‪ ،‬و نعقبها بالخبار الواردة في تلك القصة قال تعالى ‪:‬‬
‫سورة ال ّ‬

‫كّذبت ثمود المرسلين ‪ .‬إذ قال لهم أخوهم صالح أل تّتقههون ‪ .‬إّنههي لكههم رسههول ‪ .‬أميههن ‪» .‬‬
‫له وأطيعههون ‪ .‬و ل تطيعههوا أمههر المسههرفين ‪ .‬الههذين يفسههدون فههي ‪.‬‬ ‫الى أن قال « فاّتقوا ا ّ‬
‫ل بشر مثلنا فائت بآيههة ‪.‬‬‫حرين ‪ .‬ما أنت إ ّ‬ ‫لرض و ل يصلحون ‪ .‬قالوا إّنما أنت من المس ّ‬ ‫اَ‬
‫صادقين ‪ .‬قال هذه ناقة لها شرب و لكم شرب يههوم معلههوم ‪ .‬و ل تمسّههوها ‪.‬‬ ‫إن كنت من ال ّ‬
‫بسوء فيأخذكم عذاب يوم عظيم ‪ .‬فعقروها فأصههبحوا نههادمين ‪ .‬فأخههذهم العههذاب انّ ‪ .‬فههي‬
‫ن رّبههك لهههو العزيههز الّرحيههم روى الكلينههي فههي‬ ‫ذلك لية و ما كان أكههثرهم مههؤمنين ‪ .‬و إ ّ‬
‫ى بن إبراهيم عن أبيه عن الحسن بن محبهوب عهن أبهي‬ ‫كتاب الّروضة من الكافي عن عل ّ‬
‫ل عليه و آلههه سههأل جبرئيههل‬‫ل صّلى ا ّ‬ ‫ن رسول ا ّ‬ ‫سلم قال ‪ :‬إ ّ‬‫حمزة عن أبي جعفر عليه ال ّ‬
‫ن صالحا بعههث إلههى قههومه و هههو ابههن سه ّ‬
‫ت‬ ‫كيف كان مهلك قوم صالح ؟ فقال ‪ :‬يا محّمد إ ّ‬
‫عشرة سنة ‪ ،‬فلبث فيهم حّتى بلغ عشرين و مأة سنة ل يجيبونه إلى خير ‪.‬‬

‫ل عّز ذكره فلما رأى ذلك منهم قال يهها‬ ‫قال ‪ :‬و كان لهم سبعون صنما يعبدونها من دون ا ّ‬
‫ت عشرة سنة و قههد بلغههت عشههرين و مههأة سههنة و انهها أعههرض‬
‫قوم بعث اليكم و انا ابن س ّ‬
‫ساعة و إن شئتم‬ ‫عليكم أمرين إن شئتم فاسألونى حّتى أسأل إلهي فيجيبكم فيما سألتموني ال ّ‬
‫سألت آلهتكم فان أجابتني بالذى أسألها خرجت عنكم فقد سئمتكم و سئمتمونى ‪ 1‬قالوا ‪ :‬قد‬
‫أنصفت يا صالح فاتعدو اليوم يخرجون فيه ‪.‬‬

‫قال ‪ :‬فخرجوا بأصنامهم إلى ظهرهم ‪ 2‬ثّم قّربوا طعامهم و شرابهم فأكلوا و شربوا فلمهها‬
‫أن فرغوا دعوه فقالوا يا صالح سل ‪ ،‬فدعا صالح كبير أصنامهم فقال ‪:‬‬

‫ما اسم هذا ؟ فأخبروه باسمه ‪ ،‬فناداه باسمه فلم يجب ‪ ،‬فقال صالح ‪ :‬ما له ل يجيب ‪،‬‬

‫فقالوا له ‪ :‬ادع غيره ‪.‬‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 1‬هه هههه هههه ه ههههه ههه ه ههه ‪.‬‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 2‬هه هههه ههههه ه ههه ‪.‬‬

‫] ‪[ 392‬‬
‫قال ‪ :‬فدعاها كّلها فلم يجبه منها شيء ‪ 1‬فقال ‪ :‬يا قوم قد ترون قد دعههوت أصههنامكم فلههم‬
‫ساعة فأقبلوا على أصههنامهم فقههالوا‬ ‫يجبنى واحد منهم فاسألونى حّتى أدعو إلهى فيجيبكم ال ّ‬
‫ح عّنهها و دعنهها و أصههنامنا‬
‫ن ل تجبن صالحا فلم تجب ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬يهها صههالح تنه ّ‬
‫لها ‪ :‬ما بالك ّ‬
‫قليل ‪.‬‬

‫قال ‪ :‬فرموا بتلك البسط اّلتي بسطوها و بتلك النية و نحو الّثياب و تمّرغههوا فههي الّتههراب‬
‫ن ثهّم دعههوه‬
‫و طرحوا الّتراب على رؤوسهم و قههالوا لههها ‪ :‬لئن لههم تجبههن صههالحا لنفضههح ّ‬
‫فقالوا ‪ :‬يا صالح تعالى فاسألها ‪ ،‬فعاد فسألها فلم تجبه ‪ ،‬فقال لهم ‪ :‬يا قوم قهد ذههب صهدر‬
‫النهار و ل أرى آلهتكم تجيبنى فاسألونى حّتى ادعوا إلهى فيجيبكم الساعة ‪.‬‬

‫فانتدب له منهم سبعون رجل من كبرائهم و عظمائهم و المنظور اليهههم منهههم ‪ ،‬فقههالوا يهها‬
‫صالح نحن نسألك فان أجابنا رّبك تبعنههاك و أجبنههاك و بايعههك جميههع أهههل قريتنهها ‪ ،‬فقههال‬
‫لهم ‪ :‬سلونى ما شئتم ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬تقّدم بنهها إلههى هههذا الجبههل ‪ ،‬و كههان الجبههل قريبهها ‪ ،‬فههانطلق‬
‫معهم صالح فلّما انتهوا إلى الجبل قالوا ‪ :‬يا صالح ادع لنا رّبك يخرج لنا مههن هههذا الجبههل‬
‫ساعة ناقهة حمهراء شهقراء و بهراء عشهراء ‪ 2‬بيهن جنبيهها ميهل ‪ ،‬فقهال لههم صهالح قهد‬ ‫ال ّ‬
‫ل و عّز و تعالى ‪.‬‬
‫ي و يهون على رّبي ج ّ‬ ‫سألتمونى شيئا يعظم عل ّ‬

‫ل تبارك و تعالى صالح ذلك فانصدع الجبل صدعا كادت تطير منه عقههولهم‬ ‫قال ‪ :‬فسأل ا ّ‬
‫لّما سمعوا ذلك ‪ ،‬ثّم اضطرب الجبل اضطرابا شديدا كالمرأة إذا أخذها المخاض ‪ ،‬ث هّم لههم‬
‫صدع ‪ ،‬فما استتّمت رقبتها حّتههى اجههترت‬ ‫ل و رأسها قد طلع عليهم من ذلك ال ّ‬
‫يفجاهم ‪ 3‬إ ّ‬
‫ثّم خرج ساير جسدها ثّم استوت قائمة على الرض ‪.‬‬

‫فلّما رأوا ذلك قالوا ‪ :‬يا صالح ما أسرع ما أجابك رّبك ادع لنا يخرج‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ » ( 1‬ههه هههه هههه هههه ه ه «‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 2‬ههه هههه ههه هههه هههه هه هه ههههه‬
‫ههه هههه هه ههه هههه ههه هه هه هه ه هه ه‬
‫ههههه هههه هههه ه ههه‬

‫‪-----------‬‬
‫) ‪ ( 3‬هه هه ههه ه هههه ه ه هه ه ه ههه هههه ههه‬
‫ههههه ‪ .‬ه‬

‫] ‪[ 393‬‬
‫لنا فصيلها ‪.‬‬

‫ب حولها فقال لهم ‪ :‬يا قوم أبقي شيء ؟‬


‫ل ذلك ‪ ،‬فرمت به فد ّ‬
‫ل عّز و ج ّ‬
‫فسأل ا ّ‬

‫قالوا ‪ :‬ل انطلق بنا إلى قومنا نخبرهم بما رأينا و يؤمنون » يؤمنوا « بك ‪.‬‬

‫قال ‪ :‬فرجعوا فلم يبلغ السبعون إليهم حّتى ارتّد منهم أربعة و سّتون رجل و قالوا ‪ :‬سحر‬
‫و كذب ‪.‬‬

‫ق و قال الجميع كذب و سحر ‪ ،‬قال ‪:‬‬


‫قال ‪ :‬فانتهوا إلى الجميع فقال السّتة ح ّ‬

‫فانصرفوا على ذلك ثّم ارتابت من السّتة واحد و كان فيمن عقرها ‪.‬‬

‫قال ابن محبوب ‪ :‬فحّدثت بهذا الحديث رجل من أصحابنا يقال له سعد بن يزيد فههأخبرني‬
‫ك الجبل فأّثر جنبها فيههه و جبههل‬
‫أّنه رأى الجبل اّلذى خرجت منه بالشام فرأى جنبها قد ح ّ‬
‫آخر بينه و بين هذا ميل ‪.‬‬

‫ي بن حجههرة عههن‬ ‫ي بن العّباس عن الحسن بن عبد الّرحمن عن عل ّ‬ ‫و فى الروضة عن عل ّ‬


‫سلم قال ‪ :‬قلت له كّذبت ثمود بالّنذر ‪ .‬فقالوا ‪ .‬أبشرًا مّنهها‬
‫ل عليه ال ّ‬
‫أبي بصير عن أبيعبد ا ّ‬
‫واحدًا نّتبعه إّنا إذًا لفي ضلل و سعر ‪ .‬ء القي الّذكر عليه من بيننا بل هو كّذاب أشر ‪.‬‬

‫ل قوما قط حّتى يبعث إليهم قبههل ذلههك‬ ‫سلم ‪ :‬هذا بما كّذبوا صالحا و ما أهلك ا ّ‬‫قال عليه ال ّ‬
‫له فلههم يجيبههوه و‬
‫ل إليهههم صههالحا فههدعاهم إلههى ا ّ‬‫ل عّز و ج ّ‬
‫جوا عليهم فبعث ا ّ‬‫الّرسل فيحت ّ‬
‫صخرة ناقة عشههراء ‪ ،‬و‬ ‫عتوا عليه عتّوا و قالوا ‪ :‬لن نؤمن لك حّتى تخرج إلينا من هذه ال ّ‬
‫ل سههنة و يجتمعههون‬ ‫ظمونها و يعبههدونها و يههذبحون عنههدها فههي رأس كه ّ‬ ‫صخرة يع ّ‬ ‫كانت ال ّ‬
‫عندها فقالوا له ‪ :‬إن كنت كما تزعم نبّيا رسول فادع لنهها إلهههك حّتههى يخههرج لنهها مههن هههذه‬
‫ل كما طلبوا منه ‪.‬‬ ‫صماء ناقة عشراء ‪ ،‬فأخرجها ا ّ‬ ‫صخرة ال ّ‬ ‫ال ّ‬

‫ل قد جعل لهذه الناقة من الماء‬ ‫نا ّ‬


‫ل تبارك و تعالى اليه أن يا صالح قل لهم ‪ :‬إ ّ‬
‫ثّم أوحى ا ّ‬
‫شرب يوم و لكم شرب يوم ‪ ،‬فكانت الناقة إذا كههان يههوم شههربها شههربت ذلههك اليههوم المههاء‬
‫ل شرب من لبنههها يههومهم ذلههك ‪ ،‬فههاذا كههان الليههل و‬‫فيحلبونها فل يبقى صغير و ل كبير إ ّ‬
‫أصبحوا غدوا إلى مائهم فشربوا منه ذلك اليوم و لم تشرب الّناقة ذلك اليوم ‪.‬‬

‫] ‪[ 394‬‬

‫ل و مشى بعضهم إلى بعض و قالوا ‪ :‬اعقروا‬ ‫ل ثّم إّنهم عتوا على ا ّ‬
‫فمكثوا بذلك ما شاء ا ّ‬
‫هذه الناقة و استربحوا منها ل نرضى أن يكون لنا شرب يوم و لها شرب يوم ‪ ،‬ث هّم قههالوا‬
‫ب ‪ ،‬فجاءهم رجل أحمر أشقر أزرق ولد زنا ل‬ ‫من اّلذى يلي قتلها و نجعل له جعل ما أح ّ‬
‫ي مههن الشههقياء مشههئوم عليهههم ‪ ،‬فجعلههوا لههه جعل ‪ ،‬فلّمهها‬‫يعرف له أب يقال لههه قههدار شههق ّ‬
‫جهت الناقة إلى الماء اّلذى كانت ترده تركها حّتى شربت المههاء و أقبلههت راجعههة فقعههد‬ ‫تو ّ‬
‫لها في طريقها فضربها بالسيف ضربة فلم تعمههل شهيئا فضههربها ضههربة اخههرى فقتلهها و‬
‫خّرت إلى الرض على جنبها و هرب فصيلها حتى صعد إلى الجبههل فرغهها ثلث مههرات‬
‫ل شههركه فههي ضههربته و اقتسههموا لحمههها فيمهها‬ ‫إلى السماء و أقبل قوم صالح فلم يبق أحد إ ّ‬
‫ل أكل منها ‪.‬‬‫بينهم فلم يبق منهم صغير و ل كبير إ ّ‬

‫فلما رأى ذلك صالح أقبل عليهم فقال ‪ :‬يا قوم ما دعاكم إلى ما صنعتم أعصيتم رّبكم ؟‬

‫جههة‬
‫ل ه إليهههم ح ّ‬
‫ن قومك قد طغوا و بغوا و قتلوا ناقة بعثههها ا ّ‬ ‫ل تعالى إلى صالح إ ّ‬
‫فأوحى ا ّ‬
‫عليهم و لم يكن عليهم منها ضرر و كان لهم فيههها أعظههم المنفعههة فقههل لهههم ‪ :‬إنههي مرسههل‬
‫عليكم عذابى إلى ثلثة أيام فان هم تابوا و رجعوا قبلت توبتهم و صددت عنهههم و إن هههم‬
‫لم يتوبوا و لم يرجعوا بعثت عليهم عذابى فى اليوم الثالث ‪.‬‬

‫فأتاهم صالح فقال لهم يا قوم إّني رسول ربكم اليكم و هو يقول لكم إن أنتم تبتم و رجعتههم‬
‫و استغفرتم غفرت لكم و تبت لكم ‪.‬‬

‫فلما قال لهم ذلك كانوا أعتى ما كانوا و أخبث و قالوا ‪ :‬يا صالح ائتنا بمهها تعههدنا إن كنههت‬
‫من الصههادقين قههال ‪ :‬يهها قههوم إنكههم تصههبحون غههدا و وجههوهكم مصههفّرة ‪ ،‬و اليههوم الثههانى‬
‫وجوهكم محمّرة ‪ ،‬و اليوم الثالث وجوهكم مسّودة ‪.‬‬

‫فلما أن كان أّول يوم أصبحوا و وجوههم مصفّرة فمشى بعضهم إلى بعههض و قههالوا ‪ :‬قههد‬
‫جاءكم ما قال لكم صالح فقال العتاة منهم ‪ :‬ل نسمع قول صالح و ل نقبل قههوله و إن كههان‬
‫عظيما ‪.‬‬

‫] ‪[ 395‬‬

‫فلّما كان اليوم الثاني أصبحت وجوههم محمّرة فمشى بعضهم إلى بعض فقههالوا ‪ :‬يهها قههوم‬
‫قد جاءكم ما قال لكم صالح فقال العتاة منهم ‪ :‬لو أهلكنا جميعا ما سمعنا قول صههالح و مهها‬
‫تركنا آلهتنا اّلتي كان آباؤنها يعبهدونها و لهم يتوبهوا و لهم يرجعهوا فلّمها كهان اليهوم الثهالث‬
‫أصبحوا و وجوههم مسوّدة فمشى بعضهم إلههى بعههض فقههال ‪ :‬يهها قههوم أتههاكم مهها قههال لكههم‬
‫صالح فقال العتاة منهم ‪ :‬قد أتانا ما قال لنا صالح ‪.‬‬

‫صرخة‬ ‫سلم فصرخ بهم صرخة خرقت تلك ال ّ‬ ‫فلّما كان نصف الّليل أتاهم جبرئيل عليه ال ّ‬
‫أسماعهم و فلقت قلوبهم و صدعت أكبادهم و قد كانوا في تلك الثلثههة أيههام قههد تحّنطههوا و‬
‫ن العذاب نازل بهم فماتوا أجمعين في طرفههة عيههن صههغيرهم و كههبيرهم‬ ‫تكّفنوا و علموا أ ّ‬
‫ل فأصبحوا في ديارهم و مضاجعهم‬ ‫ل أهلكه ا ّ‬‫فلم يبق منهم ناعقة و ل راعية و ل شيء إ ّ‬
‫صيحة الّنار من السههماء فههأحرقتهم أجمعيههن ‪ ،‬و‬
‫ل عليهم مع ال ّ‬
‫موتى أجمعين ‪ ،‬ثّم أرسل ا ّ‬
‫صتهم ‪.‬‬ ‫كانت هذه ق ّ‬

‫ي في البحار من الّروضة كما نقلناه ‪ .‬و قال بعد روايته ‪:‬‬


‫لمة المجلس ّ‬
‫و رواه المحّدث الع ّ‬

‫» ايضاح « قوله ‪ :‬كّذبث ثمود بالنذر ‪ ،‬بالنذارات أو المواعظ أو الّرسل ‪،‬‬

‫سره ما بعده ‪،‬‬


‫فقالوا أبشرا مّنا من جنسنا و جملتنا ل فضل له علينا ‪ ،‬انتصابه بفعل يف ّ‬

‫واحدا ‪ ،‬منفردا ل تابع له أو من آحادهم دون أشرافهم ‪ ،‬نّتبعه إذا لفي ضلل و سعر ‪،‬‬

‫كأّنهم عكسوا عليه فرّتبههوا علههى اّتبههاعهم إّيههاه مهها رّتههب علههى تههرك اّتبههاعهم لههه ‪ ،‬ء القههي‬
‫ق منه بههذلك ‪ ،‬بههل هههو ك هّذاب‬ ‫الّذكر ‪ ،‬الكتاب و الوحى ‪ ،‬عليه من بيننا ‪ ،‬و فينا من هو أح ّ‬
‫أشر ‪ ،‬حمله بطره على الّرفع علينا باّدعائه ‪.‬‬

‫و الشرب بالكسر النصيب من الماء ‪ ،‬و الشقر من الّناس ‪ ،‬من تعلو بياضه حمرة ‪،‬‬

‫ل يعرف له أب أى كان ولد زنا ‪ ،‬و اّنما كان ينسب » الى سالف ظ « لّنه كان ولد على‬
‫فراشه ‪،‬‬

‫قال الجوهرى ‪ :‬قدار بضّم القاف و تخفيف الّدال يقال له أحمر ثمود و عاقر ناقة‬

‫] ‪[ 396‬‬

‫صالح انتهى ‪.‬‬

‫ج ‪ ،‬لم يبق منهم ناعقههة و ل راعيههة أى لههم يبههق جماعههة يتههأتى‬


‫و رغا البعير صّوت و ض ّ‬
‫منهم الّنعيق و الّرعى ‪ ،‬و النعيق صوت الّراعى بغنمه ‪ ،‬و فههي بعههض النسههخ ثاغيههة و ل‬
‫راغية أى شاة و ل ناقة ‪.‬‬

‫و في مجمع البيان فاذا كان يوم الّناقة وضعت رأسها في مههائهم فمهها ترفعههه حّتههى تشههرب‬
‫ل ما فيه ثّم ترفع رأسها فتفجج لهم فيحتلبون ما شاؤا من لبن فيشربون و يّدخرون حّتههى‬ ‫كّ‬
‫يملؤا أوانيهم كّلها ‪.‬‬

‫قال الحسن بن محبوب ‪ :‬حّدثني رجل من أصحابنا يقههال لههه سههعيد بههن يزيههد قههال ‪ :‬أتيههت‬
‫أرض ثمود فذرعت مصدر الناقة بين الجبلين و رأيت أثر جنبيها فوجههدته ثمههانين ذراعهها‬
‫ج اّلذى منه وردت ‪ ،‬و ل تقدر على أن تصدر مههن حيههث تههرد‬ ‫و كانت تصدر من غير الف ّ‬
‫لّنه يضيق عنها و كانوا في سعة و دعة منههها ‪ ،‬و كههانوا يشههربون المههاء يههوم الناقههة مههن‬
‫ق ذلك عليهم و كانت مواشيهم تنفر عنها لعظمها فهّموا بقتلها ‪.‬‬ ‫الجبال و المغارات ‪ ،‬فش ّ‬

‫قالوا ‪ :‬و كانت امرأة جميلة يقال لها ‪ :‬صدوف ‪ ،‬ذات مال من إبل و بقههر و غنههم و كههانت‬
‫سلم فدعت رجل يقال له ‪ :‬مصدع بن مهرج ‪،‬‬ ‫أشّد الّناس عداوة لصالح عليه ال ّ‬

‫و جعلت له نفسها على أن يعقر الناقة ‪ ،‬و امرأة اخرى يقال لها ‪ :‬عنيزة ‪ ،‬دعت قههدار بههن‬
‫سالف و كان أحمر أزرق قصيرا و كان ولد زنا و لم يكن لسالف اّلذى يّدعى اليه و لكنههه‬
‫ى بناتي شههئت علههى أن تعقههر الناقههة و كههان قههدار‬
‫ولد على فراشه ‪ ،‬و قالت له ‪ :‬اعطيك أ ّ‬
‫عزيزا منيعا في قومه ‪ ،‬فانطلق قدار بن سالف و مصههدع فاسههتغويا غههواة ثمههود فاتبعهمهها‬
‫سبعة نفر و أجمعوا على عقر الناقة ‪.‬‬

‫قال السدى ‪ :‬و لمهها ولههد قههدار و كههبر جلههس مههع انههاس يشههربون الشههراب ‪ ،‬فههأرادوا مههاء‬
‫يمزجون به شرابهم و كان ذلك اليوم شرب الناقة فوجدوا الماء قد شربته الناقة ‪،‬‬

‫فاشتّد ذلك عليهم فقال قدار ‪ :‬هل لكم في أن أعقرها لكم ؟ قالوا ‪ :‬نعم ‪.‬‬

‫] ‪[ 397‬‬

‫ن امرأة يقال لها ‪ :‬ملكههاء كههانت قههد ملكههت ثمههود ‪،‬‬ ‫و قال كعب ‪ :‬كان سبب عقرهم الناقة أ ّ‬
‫فلما أقبل الناس على صالح و صارت الرياسة إليه حسدته ‪ ،‬فقالت لمرأة يقههال لههها قطهام‬
‫و كانت معشوقة قدار بن سالف ‪ ،‬و لمرأة اخرى يقال لها اقبال و كانت معشوقة مصدع‬
‫ل ليلة و يشربون الخمر فقالت لهما ملكههاء ‪ :‬إذا‬ ‫‪ ،‬و كان قدار و مصدع يجتمعان معهما ك ّ‬
‫ن الملكههاء حزينههة لجههل الناقههة و‬
‫أتاكما الليلة القدار و مصدع فل تطيعاهما و قول لهمهها إ ّ‬
‫لجل صالح ‪ ،‬فنحن ل نطيعكما حتى تعقرا الناقة ‪،‬‬

‫فلما أتياهما قالتا هذه المقالة لهما ‪ ،‬فقال ‪ :‬نحن نكون من وراء عقرها ‪.‬‬

‫قالوا ‪ :‬فانطلق قدار و مصدع و أصحابهما السبعة فرصدوا الناقة حين صدرت عن الماء‬
‫‪ ،‬و قد كمن لها قدار في أصل صخرة على طريقها ‪ ،‬و كمن مصهدع فهي أصهل اخهرى ‪،‬‬
‫فمّرت على مصدع فرمى بسهههم فههانتظم بههه عضههلة و خرجههت عنيههزة و أمههرت ابنتههها و‬
‫سههيف فكشههف‬ ‫كانت من أحسن النههاس فأسههفرت لقههد ارثهّم زّمرتههه ‪ 1‬فشهّد علههى الناقههة بال ّ‬
‫عرقوبها فخّرت و رغت رغاة واحدة تحههذر سههقبها » سههقيتها خ « ‪ ،‬ثهّم طعههن فههى لّبتههها‬
‫فنحرها و خرج أهل البلدة و اقتسموا لحمها و طبخوه ‪.‬‬

‫طع منهه قلههوب‬


‫فلّما رأى الفصيل ما فعل باّمه وّلى هاربا حّتى صعد جبل ثّم رغا رغاء تق ّ‬
‫القوم ‪ ،‬و أقبل صالح فخرجوا يعتذرون إليه إّنما عقرها فلن و ل ذنب لنا ‪.‬‬
‫فقال صالح ‪ :‬انظروا هل تدركون فصيلها فان أدركتموه فعسى أن يرفههع عنكههم العههذاب ‪،‬‬
‫فخرجوا يطلبونه في الجبهل فلهم يجهدوه ‪ ،‬و كهانوا عقهروا الّناقهة ليلهة الربعهاء فقهال لههم‬
‫ن العذاب نازل بكم ‪.‬‬ ‫صالح ‪ :‬تمّتعوا في داركم يعني في محّلتكم في الّدنيا ثلثة أّيام ‪ ،‬فا ّ‬

‫ثهّم قههال يهها قههوم إنكههم تصههبحون غههدا و وجههوهكم مصههفّرة ‪ ،‬و اليههوم الثههاني تصههبحون و‬
‫وجوهكم محمّرة ‪ ،‬و اليوم الثالث وجوهكم مسوّدة ‪.‬‬

‫‪-----------‬‬
‫ههه ه‬
‫هههه ه هه‬
‫) ‪ ( 1‬ههههه هه هه‬

‫] ‪[ 398‬‬

‫فلّما كان أّول يوم أصبحت وجوهم مصفّرة فقالوا جاءكم ما قال لكم صالح ‪،‬‬

‫و لّما كان اليوم الثاني احمّرت وجوههم ‪ ،‬و اليوم الّثالث اسوّدت وجوههم ‪.‬‬

‫سلم فصرخت بهم صرخة خرقههت أسههماعهم‬ ‫و لّما كان نصف الليل أتاهم جبرئيل عليه ال ّ‬
‫ن العذاب نازل‬ ‫و صدعت أكبادهم و فلقت قلوبهم ‪ ،‬و كانوا قد تحنطوا و تكّفنوا و علموا أ ّ‬
‫له منهههم ثاغيههة و ل‬‫بهم فماتوا أجمعين في طرفة عيههن صههغيرهم و كههبيرهم ‪ ،‬فلههم يبههق ا ّ‬
‫ل إليهم‬
‫ل أهلكها فأصبحوا في ديارهم موتى جاثمين ‪ ،‬ثّم أرسل ا ّ‬ ‫راغية و ل شيئا يتنّفس إ ّ‬
‫صيحة النار من السماء فأحرقتهم أجمعين ‪.‬‬ ‫مع ال ّ‬

‫ل عليهم صيحة و زلزلة فهلكوا ‪.‬‬


‫ي بن إبراهيم فبعث ا ّ‬
‫و في كتاب عل ّ‬

‫سل إليه بمحّمد و آله أن ل يؤاخذنا بأعمالنا ‪ ،‬و‬‫ل و سخطه ‪ ،‬و نتو ّ‬ ‫ل من غضب ا ّ‬ ‫نعوذ با ّ‬
‫ن ‪ ،‬و حسههن التجههاوز ‪ ،‬و وله ّ‬
‫ي‬ ‫صفح ‪ ،‬و عظيههم المه ّ‬‫أن يغفر لنا و يصفح عّنا فاّنه كريم ال ّ‬
‫ل شيء قدير ‪ ،‬و بالجابة جدير ‪.‬‬ ‫الحسان ‪ ،‬و الكرم و المتنان ‪ ،‬و على ك ّ‬

‫ععععععع‬

‫سهلم اسهت در تحريهص مردمهان بهراه‬‫از جمله كلم بلغت نظهام آن امهام أنهام عليهه ال ّ‬
‫هدايت و تحذير ايشان از طريق ضللت مىفرمايد ‪.‬‬

‫أى مردمان مستوحش نباشيد در راه هدايت بجهت كمى اهل آن پههس بدرسههتى كههه خلههق‬
‫جمههع شههدهاند بههر طعههامى كههه سههير بههودن از آن زمههانش كوتههاه و گرسههنگى آن مهّدتش‬
‫طولنيست ‪ ،‬اى مردمان بدرستي كه جمههع ميكنههد خلههق را در عههذاب الهههي رضهها شههدن‬
‫ايشان بمناهي و خشمناك بودن ايشان بطاعات ‪ ،‬و جز اين نيست كه پى نمههود نههاقه قههوم‬
‫سلم را يكنفر از ايشان ‪ ،‬پس شامل كرد خداى تعالى بجميع ايشان‬ ‫صالح پيغمبر عليه ال ّ‬
‫عذاب را وقتى كه همه ايشان راضى شدند بفعل قبيح آن يك نفههر ‪ ،‬پههس فرمههود خداونههد‬
‫در كتاب مجيد خود فعقروها فأصبحوا نادمين يعني پى كردنههد و كشههتند آن قههوم نههاقه را‬
‫پس صباح نمودند در حالتيكه پشيمان بودند ‪ ،‬پس نشد مؤاخذه‬

‫] ‪[ 399‬‬

‫و انتقام ايشان مگر اينكه صدا كرد زمين ايشههان بجهههت زلزلههه شههديده و فههرو رفتههن در‬
‫زمين مثل صداى آهن تيز شده كه زمين را با آن شخم ميكنند در زمينى كه بسيار صههدا‬
‫كننده باشد هنگههام شههخم ‪ ،‬أى مردمههان هههر كههه راه بههرود در راه آشههكار و راسههت وارد‬
‫مىشود بآب ‪ ،‬و هر كه تخّلف نمايد مىافتد بههه بيابههان گمراهههى و هلكههت ‪ .‬هنهها انتهههى‬
‫الجزء الثانى عشر من هذه الطبعة النفيسة القّيمة ‪ ،‬و قد تهّم تصههحيحه و تهههذيبه و ترتيبههه‬
‫بيد العبد السيد ابراهيم الميانجى عفى عنه و عن والديه ‪ ،‬و ذلك فى ‪ 25‬من شهر شههعبان‬
‫سنة ‪ 1382‬و يليه انشاء ال الجزء الثالث عشر و أّوله ‪:‬‬

‫له أول و‬
‫سهلم عنهد دفهن الّزههراء سهلم اله عليهها « و الحمهد ّ‬
‫» و من كلم له عليهه ال ّ‬
‫آخرا ‪.‬‬

You might also like