Professional Documents
Culture Documents
-2أصلهم :
ليس بالمكان العتماد مطلقًا على دراسة )إثنوس( لليهود الحاليين من أجل معرفة أصلهم الول .فبالرغم من الفكرة الشائعة -خطًا –
بأن اليهود قد حافظوا على أنفسهم خلل العصور وفي مختلف البيئات ؟ فإن الواقع يثبت ,بجانب الدلة التاريخية العديدة ,إن اليهود ل
يكونون الن مجموعة عرقية واحدة ول خليطًا عرقيًا متجانسًا وإنما هم فرقة دينية ل أكثر.
وأما الصل القدم لليهود فليس لدينا من مصدر يتحدث عنهم إل ) سفر التكوين( من التوراة وهو مصدر يهودي وباللغة العبرية ل
نستطيع الركون اليه .
والمصدر إن يدل على أن أصل اليهود ) سامي( و إنهم أحد الفروع التي تفرعت عن ترك المجموعة من الشعوب التي يدعوها العلماء
باسم الشعوب السامية ويربطون بعضها مع بعض برابطة اللغة ل برابطة التشابه العرقي ,واتفاق الملمح ,وينسبونها إلى سام بن نوح
الذي يذكر سفر التكوين أنه جد كل الشعوب.
ل ذا قيمة لدى علماء الثنوس .وليس أكثر من قرينة قد تصيب وقد تخطئ ,كما أنا سفر التكوين ليس على أن الدليل اللغوي ل يعتبر دلي ً
بحجة تاريخية نهائية لختلط السطورة بالواقع وقد تعمد اليهود القدمين إقصاء بعض الشعوب عن أن تذكر فيه لسباب دينية
وسياسية .ولهذا يظل البحث عن أصل اليهود غير مستند إلى حقيقة نهائية دومًا ويعتمد فيه على آراء العلماء.
1
ويقول المؤرخ اليهودي )لويس فينكلشتاين ( رئيس المؤتمر اليهودي الدائم بأمريكا الشمالية في كتابه ) اليهود ,تاريخهم ,دينهم,
ثقافتهم ( إن الشعب اليهودي في أصله قبيلة من قبائل الجزيرة العربية.
ويؤكد المستشرق مرجيلوث )) إن أصل اليهود من بلد اليمن ,وإنهم جاءوا بلغة سبأ ,كما أن العادات الجتماعية والخلقية والدينية
مشتركة بين سبأ و إسرائيل((
ويقول الدكتور إسرائيل ولفنستون ) أو أبو ذئب ( كما أطلق عليه الدكتور طه حسين )) :لم تكن لغة اليهود تعرف بالعبرية ,وإنما باللغة
الكنعانية ((
وهذه الراء تنتهي طبعًا إلى القول بأن اليهود من أصل سامي ,والرأي الغالب بين جميع الجناس أن الجزيرة العربية هي المهد الول
لما يسمى بالعرق السامي ,ومن هذه الرض العربية تدفقت الهجرات الولى في التاريخ القديم ,إلى بين النهرين وسوريا وفلسطين ثم
إلى الحبشة ووادي النيل ,والقائلون بهذا الرأي ,يعمدون في جملة ما يعتمدون ,على هذا التقارب اللغوي الظاهر ,مما يؤلف وحدة لغوية
بين القوام العربية في جزيرة العرب وبين الشعوب التي استقرت في الهلل الخصيب ,كالبابليين القدمين والكنعانيين.
فإبراهيم الذي انحدر من) بلد مابين النهرين( ,حيث العنصر السامي يؤلف نصف السكان ,إلى فلسطين الكنعانية -السامية -العربية ,هو
بالتأكيد سامي ,وهو إلى ذلك ,رغم الدعوة الدينية الجديدة التي حملها معه ,لم يعش غريبًا في فلسطين الكنعانية ,ولكن ذلك ل يعني أبدًا,
أن الذين يدينون بفكرته الدينية حتى الذين عاصروه ,هم من ذريته ,أو قومه أو عشيرته ,إذا أن كثيرًا آمن من غير الساميين ,كالحثيين
ل.
والفلسطينيين القدماء ,وقد اعتنقوا دينه وآمنوا به ,فصاروا عبريين دينيًا ل أص ً
وقد استمر توسع المجموعة اليهودي وتزايدها قائم على أساس الدين اليهود خلل مختلف العصور والمكنة .وقد ظل باب) التهويد (
مفتوحًا على مصراعيه لكل راغب في اعتناق اليهودية يدل ذلك على وجود)حكماء وكهان( في بني إسرائيل كانوا يتحرجون ويضيقون
بالداخلين الجدد ويصدونهم عن اعتناق الدين اليهودي ,ومنهم الربي )شماي( رئيس إحدى فرقتي الطائفة ) الفريسية (السرائيلية
المعروفة ,و كان شماي الذي عاش قبل ميلد المسيح يرد الراغبين في دخول الدين اليهودي ويراه مقتصرا على اليهود أنفسهم ,بعكس
الحكيم )هلل( زميله ومعاصره ,الذي كان متسامحًا مع الجانب والغيار في اعتناقهم اليهودية .
ل بالعرب وبشعوب الجزيرة العربية وإذا كان اليهود الذين يعيشون في العالم وهكذا فإذا كان أصل اليهود القدمين ) ساميًا ( متص ً
العربي منذ آلف السنين ساميين أو عربًا ,كيهود اليمن والعراق والحجاز ,لنهم أبناء البلد الصليين أو هم على القل ممن غادروا
فلسطين في الهجرة الولى أو الثانية ,فإن المر مختلف جدًا بالنسبة لليهود الجانب أو الشكنازيين الذين تهودوا في فترات زمنية
لحقة ,رغم قدمها وتطاولها ,ول تربطهم بإبراهيم أو السباط إل الرابطة الدينية فقط.
يقول الكاتب اليهودي المعروف ) آلفريد ليلينتال (في كتابه ) :ثمن إسرائيل (" ....)) :وقد استطاعت اليهودية ,لكونها الديانة الوحيدة
الموحدة في عالم وثني ,أن تضم إليها أتباعًا جددًا في بلدان جديدة ,ووجدت تحقيقًا لها في البعثات التبشيرية ,فقد نشر التجار اليهود
دينهم شرقًا حتى الهند والصين ,ونشره البعض غربًا حتى إيطاليا وفرنسا ,وهكذا تحول اليهود شيئًا فشيئًا من مجموعة عرقية إلى فرقة
دينية موزعة بين بلد العالم وقد تكثر أو تقل حسب الظروف ول تحتاج في التدليل على ذلك غير دراسة اليهود الوروبيين دراسة
إثنولوجية سريعة .فإن هذه الدراسة تبين أن يهود شرقي أوروبا يشبهون في رؤوسهم المستديرة وقاماتهم المربوعة وشعرهم الغامق,
)الروس السلف الحاليين( ,كما أن يهود فرنسا و إنجلترا شقر الشعر زرق العيون ومن الزمرة الطويلة الرأس والقامة .وهم يختلفون
اختلفًا كليًا عن يهود الهند الذين هم جزء من ) الدرافيديين ( وعن اليهود في البلد العربية الذين ل يختلفون في ملمحهم عن العرب
في كل قطر.
عقائد اليهود:
من الملحظ أن قصة الخليقة عند المم القديمة ,تتشابه في كثير من عناصرها وتفصيلها ,فل تختلف قصة التكوين اليهودية عنها في
الساطير )السومرية والكلدانية والبابلية والفرعونية( ,إلى من حيث أن سفر التكوين قد اتجه إلى وحدانية الله ,وأعطى الزلية إلى
الخالق الواحد )الرب( الذي سبق المادة ,بينما نجد الساطير الدينية عند تلك المم جعلت عنصر الماء هو المادة الزلية ,وهناك شيء
أساسي ,يلفت النظر في) التوراة( ,وهو أنها خلت من نص صريح في ذكر البعث أو الحياة الثانية بعد الموت ,فخروج آدم من الجنة كما
يفهم من التوراة هو خروج نهائي ,أي لن يعود إليها هو وأولده ثانيًة ,بينما الشرائع الدينية الخرى قد أشارت إلى وجود حياة ثانية بعد
الموت.
و)يهوى( هو السم الذي اختاره النبي أبرام أو إبراهيم للرب ,ويعتقد اليهود أن يهوى هم إلههم فقط ,وإنهم شعبه المختار ,وبوحي هذا
العتقاد أجازوا لنفسهم ارتكاب أفظع الجرائم ,مبررين اقترافهم لهذه الجرائم المنكرة ,بأن ال هو الذين يريدهم أن يرتكبوها من أجل
مصلحتهم وخيرهم لنهم صفوة خلقه وقدس أقداسه!! فقد جاء في سفر التثنية ) إصحاح 20عدد ( 17- 10ما يلي :
>حين تقترب من مدينة لكل تحاربها استدعها إلى الصلح ,فإن أجابتك وفتحت لك ,فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير ويستعبد,
وإن لم تسالمك بل عملت معك حربًا فحاصرها وإذا دفعها الرب إلهك إلى يدك ,فاضرب جميع ذكورها بحد السيف ,وأما النساء والطفال
والبهائم وكل ما في المدينة فتغتنمه لنفسك ,التي يعطيك الرب إلهك نصيبًا فل تبق منها نسمة ما !! ((...
وفي التوراة كثير من هذه الوامر الفظيعة الوحشية التي يؤمن بها اليهود ,وتتألف منها عقيدتهم الدينية ,وتقوم عليها أخلقهم
وسلوكهم مع الخرين .فإله إسرائيل تصوره كتب اليهود المقدسة ,إله ظالم ل يعرف الشفقة ,ويأمر بنكث العهد والنهب ويجيز لهم ما ل
يجيز لغيرهم من التآمر والفتك وهضم حقوق الشعوب الخرى < !!
ويعتقد اليهود إن ال أعطاهم أرض الميعاد ,وأنه كرر لهم هذا الوعد أكثر من مرة ,وعد بها إبراهيم واسحق ويعقوب أيضًا ,وكرر
وعوده هذه إلى موسى ويشوع وداود وسليمان وغيرهم..
ل >لنسلك أعطي هذه الرض من نهر ورد في سفر التكوين ) 15:1و 15-1 – 16:1و ( 7-2 : 21:1يخاطب الرب نبيه إبراهيم قائ ً
مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات < !!..
فشريعة موسى تعطي التفوق في الحق لليهود ,لنهم شعب ال الخاص ,قد اختاره ال دون كل الشعوب والمم ,وإنه لم يخلق البشر إل
ليكونوا عبيدًا لسرائيل !!
وهكذا نجد على حسب اعتقادهم أن أرض الميعاد الممتدة من )النيل إلى الفرات( ,هي ملك أيدي اليهود ,كما وعدهم ال بلسان أنبيائهم,
وكما نصت عليه كتبهم المقدسة ,ومن هنا كان اليهود ينظرون إلى سكان الرض الفسيحة من غير اليهود نظرهم إلى عدو مغتصب,
2
فهو إذًا عدو حرب ,وعدو الحرب في عقيدتهم الدينية يجب إبادته والقضاء عليه ,ويعتقدون أن هذا التسجيل اللهي ل يمكن أن يبطل,
ول يسري عليه مرور الزمن ,فهم مطالبون من قبل الرب باستعادة هذه الرض وعدم التخلي عنها ,وعدم تسليمها لليهود من قبل
سكانها هو تمرد على ال ,وجزاء التمرد على ال هو القتل ,ل فرق بين رجل و امرأة ,أو شيخ وطفل!!..
يقول موسى )) :تحب قريبك وتبغض عدوك (( ...والقريب في نظر اليهودية كل يهودي يقيم خارج فلسطين ,وينتهي نسب القرابة في
يعقوب بن اسحق بن إبراهيم ,أما كلمة الخ فتعني كل يهودي يقيم في فلسطين ,وأما العدو الذي توصي اليهودية بكرهه فهو كل إنسان
ل يدين بالهوسوية !!
وورد في الصحاح 61من سفر إشعيا أحد كتب اليهود المقدسة > :ويقف الجانب ويرعون غنمكم ,أما أنتم فتدعون كهنة الرب,
تأكلون ثروة المم وعلى مجدهم تتآمرون < !!
وفي الصحاح > :34اقتربوا أيها المم لتسمعوا ,وأيها الشعوب أصغوا ..إن للرب سخطًا على كل المم وقدم حرمهم ) أي هدر دمائهم
ودعا إلى استباحتهم ( ,دفعهم للذبح ,فقتلهم تطرح ,وجيفهم تصعد نتانتها وتسيل الجبال بدمائهم ,لن للرب يوم انتقام وسنة جزاء من
دعوى صهيون!! <...
وفي التوراة إن موسى بعد أن صمم على الخروج من مصر ,هو وقومه ,أمر نساء بني إسرائيل بناء على طلب الله يهوى إله إسرائيل,
أن يذهبن إلى جاراتهن المصريات ,ويزعمن لهن أنهن ورجالهن سيحتفلون بالعيد في الصحراء على بعد ثلثة أيام من مدينتهم,
ويستعرن حليهن ليتجملن به في الحتفال ,وهكذا كان وهربت النساء العبريات بالحلي والمصاغ إلى سيناء ...وكانت هذه السرقة و
الجريمة قدر ارتكبت بطلب من موسى أثر توصية له من إله إسرائيل!!
وقد ذكرت هذه الحادثة في سفر الخروج إصحاح 22عدد . 3
وكتب اليهود الدينية طافحة بالمخازي والمثالب والمنكرات التي ارتكبها أنبياؤهم ,فلم يسلم نبي واحد من الصفات المنكرة والشنيعة
والوقائع الرهيبة الشائنة التي اقترفها هؤلء النبياء تذكرها أسفارهم ومزاميرهم ,وتتحدث عنها كتبهم المقدسة بهدوء عجيب وتصوير
فاضح.
ففي سفر التكوين الصحاح 12عدد 14إن إبراهيم جد إسرائيل عرض امرأته الحسناء على فرعون وأصبح إبراهيم من وراء ذلك
)غنيًا جدًا في المواشي والذهب والفضة(!!
ولم يكتف سفر التكوين بذلك بل قال :إن النبي أبرام ) إبراهيم ( عرض زوجته كذلك على أبيمالك حاكم بئر السبع )ت )12:11فأعطاه
أبيمالك أيضًا غنمًا وبقرًا وعبيدًا وإماء وألفًا من الفضة ورد إليه زوجته سارة
وفي سفر التكوين ) الصحاح 19عدد (31:37أن ابنتي لوط سقتا أباهما خمرًا واضطجعتا معك بالمناوبة ,فحملتا منه فولدت الكبيرة
ابنًا أسمته موآب وهو أبو الموآبيين ,وولدت الصغيرة ابنًا وسمته )بني عمي ( وهو أبو بني عمون !!
وذكر سفر التكوين ) الصحاح 26عدد ( 11:أن النبي إسحاق حذا حذو أبيه إبراهيم فقد زوجته الجميلة رفقة إلى ملك جرار
كما جاء في سفر التكوين ) الصحاح 38عدد (16:أن يهوذا بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ,صادف أرملة ابنه ثامار في الحقل وقال
ك فأولدها غارص سفاحًا عن طريق الزنا ,وغارص هذا ,هو الذي ذكره متى في إنجيله ,بأنه الجد العلى للملك لها :هاتي أدخل علي ِ
داوود والنبي سليمان ..وكافة أنبياء إسرائيل !!
ومثله جاء في التوراة ) 11-5ص.ث( أن النبي داوود تسلط على بيتشبع زوجة أوريا صديقه وخادمه ,فحملت منه سفاحًا ,ثم أرسل
زوجها إلى الحرب وقتل ظلمًا ,ثم زواج داوود منها رسميًا ..فولدت له النبي سليمان!!
ومنها أن راحيل كانت تقود النساء إلى زوجها يعقوب المعروف بإسرائيل ! وأن أبشالوم ابن داوود زنى بنساء أبيه على السطحة بينما
كانت الموسيقى الدينية تشنف آذانه ,وأن أمنون بن داوود عشق أخته ) تامار ( وافترسها ) سفر التثنية – إصحاح 13عدد , ( 5ثم
بعد ذلك ,قالت له )) لماذا أذللتني هكذا ,أما كان بإمكانك أن تطلبني من أبي ,وأنا واثقة بأنه ما كان يمنعنا عن بعضنا (( !!!
وهناك أشياء أخرى ,وحوادث كثيرة من هذا النوع ,وردت كلها في الكتب الدينية اليهودية ,ل يتسع المقام لسردها..
وبعد ,فتلك هي عقيدة اليهود كما جاءت في شريعتهم الدينية ,وتشبعت بها نفوسهم تشبعًا غريبًا :إله ظالم حاقد ,اختص بني إسرائيل
برحمته دون غيرهم من المم ,لنهم شعبه الخاص ,وأنبياء يدعون إلى القتل والبغضاء والغدر والتآمر والتدمير ,ويرتكبون أخس
العمال ,ويقترفون أفظع الرذائل و الجرائم ..ولقد تمكنت هذه العقيدة من نفوس بني إسرائيل ,وخالطت كل ذرة في دمائهم ..إنهم الشعب
السيد ,وكل ما في العالم حل لهم ,ووقف عليهم ..هكذا أوحى لهم الرب يهوى إلههم الخاص ,وبذلك بشرهم أنبياؤهم !!..
الفصل الثاني
مملكة سليمان وأقصى ما وصلت إليه من التساع-وهل امتدت من الفرات إلى النيل – انقسام مملكة سليمان
استطاع داوود ,ملك إسرائيل الذي خلف شاؤول ,أن يتغلب بعد حروب طويلة على الفلسطينيين القدماء الذين وفدوا إلى فلسطين من
الجزر اليونانية وجزر بحر إيجة ,واستوطنوا الساحل ,وأهم مدنهم غزة وعسقلن ,واتخذ داوود ,عاصمة لدولته مدينة قديمة ,اسمها
)يبوس( أطلق عليها اسم ) أورشليم ( أي مدينة السلم.
وخلفه سليمان ,الذي بلغت مملكة إسرائيل في عهده أوجها ,مع أن حدود هذه المملكة لك تكن تتجاوز أرض فلسطين وحدها ,إذ أن كلمة
ملك كانت تطلق يومئٍذ على كل من تزعم قبيلة أو طائفة ,و من دراسة العهد القديم كتاب اليهود المقدس ,نجد أنه كان في فلسطين ,فقط
نحو خمسين ملكًا !
ومن هنا أطلق على سليمان اسم ملك ,وعلى رقعة الرض الصغيرة المحدودة التي كان يحكمها اسم مملكة ,ولن بني إسرائيل لم يعرفوا
الستقرار والتجمع والستيطان ,فقد وجدوا مملكة سليمان أقصى ما كانوا يحلمون به ,ورأوا فيها عهدهم الذهبي قياسًا على ما لقوه قبل
ذلك ,من تشتت وتشرد واستضعاف ,فكان هذا النوع من الستقرار الجزئي كافيًا في نظرهم ,لن يكون أمرًا عظيمًا وخطيرًا بالنسبة لهم,
وكل ما استطاع سليمان إتيانه هو المحافظة على هذه المملكة الصغيرة بمزيج من الحكمة والدين والسياسة وشيء من القوة ,فكان
صديقًا لفرعون مصر ,ولحيرام ملك صور .وكان ملك دمشق الرامي خصمًا له طوال حكمه ,لم يستطع سليمان إخضاعه والتغلب عليه.
وكان يجاوره خصوم آخرون ,كالدوميين في أريحا ,والمديانيين على ضفاف الردن ,والحوريين في نابلس ,والموريين واليبوسيين في
الداخل ...فأين هي مملكة سليمان العظمى التي تمتد من النيل إلى الفرات كما يزعم اليهود؟!
3
إذ كان سليمان بالفعل قد قضى على طوائف ) الملوك ( في المدن والقرى ,وعلى جيرانه المراء الصغار من الكنعانيين في فلسطين,
فإنه لم يستطع إخضاع الموآبيين و الموريين في الجنوب ,ول الراميين في الشام ) كما جاء في سفر الملوك – إصحاح ( 11فهم قد
تمردوا عليه ووقفوا في وجهه ,ويذكر سفر التثنية إصحاح 9عدد 6أن سليمان التمس من حيرام ملك صور الكنعاني أن يمده ببعض
الخشاب ,مما يدل دللة واضحة صريحة قاطعة على أن مدينة صور وكل ما جاورها لم تدخل أبدًا في مملكة سليمان أيضًا ,فقد أشارت
الناجيل إلى أن بني إسرائيل قد استفظعوا ظهور المسيح ودعوته لنه من مدينة الناصرة التي لم تكن من مدن إسرائيل ولم تدخل في
مملكة سليمان وأنكروا أن تختار السماء مخلصًا من غير جبال اليهودية.
ولكن السبب في تلك الهمية السطورية التي نسجها اليهود حول سليمان ومملكة سليمان ,هو حرمانهم من مظاهر الملك والعظمة,
فراحوا يبالغون بإفراط ,في سلطته وعظمه ملكه وثرائه وفي عهده إجماًل الذي لم يستمر ,مع كل ذلك سوى خمسة وثلثين عامًا 970
935ق.م
وقد عجز سليمان أن يفرض سيطرته على مملكته الصغيرة في آخر أيامه ,فقد كان ينفق الموال الضخمة في تشييد البنية والقصور
والترف وبناء الحصون ,فاضطر إلى أن يفرض ضرائب كبيرة على السكان باستثناء قبيلة يهوذا التي هو منها ,فأوغر صدور سكان
الشمال ونقموا عليه وشقوا عصا الطاعة.
وانقسمت المملكة بسرعة ,عقب وفاته ,إلى حكومتين :الحكومة السرائيلية ,وتضم عشرة أسباط من بني إسرائيل ومركزها السامرة
) نابلس ( ثم حكومة يهوذا وتحتوي على سبطين فقط ,هما يهوذا وبنيامين ومركزها أورشليم.
وكان سكان الشمال ,الذين ألفوا الحكومة السرائيلية ,يعملون للنفصال قبل وفاة سليمان ,بسبب الضرائب الفادحة التي فرضها عليهم,
ونتيجة لسياسة التمييز في فرض هذه الضرائب ,يضاف إلى ذلك أنهم أكثر تحضرًا من سكان الجنوب ,بني يهوذا وأكثر ماًل بعد أن
اتصلوا بجيرانهم الفينيقيين وتفاعلوا بهم واستفادوا منهم ,فبنوا المدن الكبيرة ,وشادوا القصور ,وحسنت أحوالهم المادية
والجتماعية ,بينما كان بني يهوذا أقرب إلى الحياة البدائية في مناطقهم الجبلية.
وكثيرًا ما كانت النزاعات والحروب تقع بين هاتين الحكومتين اليهوديتين بعد انشقاقهما ,فأدى ذلك بالطبع إلى إضعافهما ,وتخلى ملك
إسرائيل عن اليهودية ,وأمر ببناء المعابد الوثنية ,وأقام عجلين من الذهب ,ولم يعترف هو وشعبه بفضل أورشليم ومكانتها الدينية,
وأنشأ ديانة جديدة أساسها عبادة الصنام والعجول الذهبية مدعيًا أنه يعمل بما جاء في شريعة موسى الحقيقية.
وفي الوقت نفسه تحول ملوك يهوذا تدريجيًا عن الدين اليهودي فعبدوا الوثان والتماثيل ,وطغت على هذه الدويلة ,كذلك موجة إلحاد
وثنية.
وكانت الفتن خلل ذلك قائمة بين الدويلتين والنزاعات مستمرة كما أن الخلفات الداخلية في مملكة إسرائيل قد أدت إلى إضعافها,
فسيطرت عليها حكومة دمشق الرامية.
السبي البابلي -اليهود في العراق -انتشار الدين اليهودي بين بعض الشعوب:
استمرت النزاعات بين المملكتين اليهوديتين :مملكة إسرائيل التي اتخذت السامرة عاصمة لها ,ومملكة يهوذا وعاصمتها أورشليم أو
بيت المقدس ,وكان هذا النقسام وتلك الخلفات سببًا أوليًا في إضعاف شأنهم وعدم استطاعتهم إيذاء غيرهم ,وفي غمرة هذا النزاع
المتصل ,استطاع )فتح بن رمليا ملك إسرائيل أن يغزوا أورشليم عاصمة يهوذا ,وأن يحولها إلى دم ونار ..فاستنجد آحاز ملك يهوذا
بملك آشور ,فزحف على السامرة وأخضعها وفرض عليها الجزية.
ثم غزاها مرة ثانية ,سرجون الثاني ,ملك آشور ودخلها عنوة ,وسبى السباط العشرة ,وشتت أكثر من 27ألف إسرائيلي ,وأسكن بدًل
عنهم في السامرة أسرى آخرين جاء بهم من بابل ,وجعل من مملكة إسرائيل مقاطعة آشورية ,وبذلك انقرضت الدولة السرائيلية
وزالت نهائيًا من الوجود 720ق.م ولم يبق في فلسطين إل سبط يهوذا وحده.
وفي سنة 702ق.م هاجم سنحاريب مملكة يهوذا واستولى على ستة وأربعين مدينة من مدن اليهود ,وأسر أكثر من 200ألف يهودي.
وفي سنة , 585أعلن صدقيا ملك اليهود العصيان ضد بابل ,فانقض عليه البابليون بقيادة الملك نبوخذ نصر ,وتغلبوا عليهم,
واستباحوا ديارهم وسبوا جميع السكان اليهود ,وزالت معالم مملكة يهوذا من الوجود وعرف هذا الحدث التاريخي بـ ) السبي البابلي (
وأصبح مضرب مثل في التفرق والتشتت والدمار.
ونزل اليهود فترة في أرض ما بين النهرين ,وتفرقوا في بلد بابل وآشور وانضموا إلى بين قومهم الذين سبقوهم إلى تلك البلد ,ثم
ابتاعوا الراضي هناك وزرعوها ,وأقاموا القرى على ضفاف النهر ,وتعاطى فريق منهم التجارة واشتغل فريق آخر بالمهن اليدوية
والصناعات..
واستطاع اليهود ,في البلد التي تشتتوا فيها ,أن يضموا إلى ديانتهم طوائف من الناس ,فمنذ خراب الهيكل الثاني ,أو قبل ذلك ,استقر
اليهود في بلد العرب ,وأدخلوا شعوب اليمن العربية في ديانتهم كالحميريين ,كما أنهم استطاعوا تهويد بعض القبائل العربية في
الحجاز كخيبر و قريظة و النضير .ووصلوا إلى الحبشة ونشروا اليهودية هناك ,وفي بلد الحبشة وجدت الجماعة اليهودية المعروفة
باسم هابالشيم .
وبعد عودتهم إلى فلسطين ,ظلوا يتحينون الفرص ويتربصون بالسلوقيين حكام سوريا الجنوبية ,حتى غدروا بهم وتخلصوا منهم,
فأسس اليهود الدولة المكابية ,التي لم يرق لها كالعادة ,أن تعايش جيرانها بسلم ,فانقضت على هؤلء الجيران ومنهم السلوقيون,
وراح اليهود يفتكون بهم ,ويخيرونهم بين القتل أو اعتناق الدين اليهودي! والذي اعتنق كان أن اعتنق اليهودية كثير منهم..
مما يدل على أن اليهود كانوا يعملون بشتى الطرق على تهويد الخرين ,وفي حال انتصارهم يخيرون المغلوبين بين الموت وبين
اعتناق الدين اليهودي!
وبقيت حركة التبشير اليهودية ناشطة في كل مكان ,حتى ظهور المسيحية التي أصابتها بما يشبه الشلل ,وفي أيام الرومان التي كان
عدد معتنقي الدين اليهودي في العالم أضعاف ما في فلسطين ,وكثير من العائلت الرومانية العريقة احتضنت تعاليم اليهودية وآمنت
بها.
4
وحتى بعد ظهور المسيحية والسلم أيضًا ,لم توقف الحركة التبشيرية اليهودية نشاطها ,ففي العراق إبان الحكم الساساني ,في القرن
الخامس الميلدي قام حاخامات العراق المعروفين باسم المورائيين بنشاط ديني كبير وأصبح العراق آنذاك مركزًا دينيًا يهوديًا خطيرًا,
وهاجرت طوائف منهم إلى فارس والهند حتى الصين ,ينشرون تعاليم دينهم ويبشرون بها ويدعون إليها.
وفي مملكة الخزريين في أوربا الشرقية ,المعاصرة للخلفة العباسية في بغداد ,قوي التأثير اليهودي الديني ,واتسعت حركتهم
التبشيرية إلى الحد الذي تهودت معه السرة المالكة هناك.
العهد القديم
العهد القديم هو الكتاب المعروف بالتوراة ,ولقد ترجم إلى أكثر اللغات الحية ,و أشهر ترجماته هي الكاثوليكية و البروتستانتية ,و هو
مقسم إلى أسفار ) أجزاء أو ُكتب ( .و تنتسب أسفاره الخمسة الولى إلى موسى ,وهي التكوين و الخروج ,و اللويين ,و العدد ,و التثنية.
وفيه تسعة عشر سفرًا غلب عليها الطابع التاريخي ,و إن كانت ل تخلو من البحاث الدينية و التشريعية و الخلقية ,أما أسفاره الباقية
فتتسم بالطابع الديني و التشريعي و الخلقي بصورة أبرز.
و تتكون الترجمة البروتستانتية من تسعة وثلثين سفرًا .أما الترجمة الكاثوليكية فيزيد عدد أسفارها الولى بستة أسفار وهي طوبيا ,و
يهوديت ,و الحكمة ,و يسوع ابن سيراخ ,و باروك ,وسفر المكابيين الول والثاني .و أول أسفار التوراة هو سفر التكوين ويبحث عن قصة
الخليقة ,و نوح و عن السللت البشرية بصورة مقتضبة جدًا حتى يصل بها إلى أبرام ) إبراهيم ( ابن تارح حفيد سام ,فيفرد له و لذريته
أربعة أخماس حجمه ,حيث يروي فيها نشأته ,و نزوحه إلى بلد كنعان ,و ما وقع له من الحداث ,ومن ثن ينتقل إلى أحفاده ,ويقص,
) يروي( عن كل فرد منهم بشكل مفصل ,وينتهي بسرد قصة يوسف بن يعقوب .و يليه سفر الخروج الذي يروي لنا قصة منشأ موسى و
ظهوره على مسرح الحداث ,و ما وقع له في مصر ,و خروجه منها على رأس بني إسرائيل ,وما في ذلك من أحداث إلى أن يصل بنا إلى
احتلل فلسطين و ارتحال موسى .أما السفار ثلث الباقيات و المنسوبات إليه أيضًا فتبحث عن أمور دينية و اجتماعية و مواعظ ووصايا
و تشريعات .و ما تبقى من أسفار العهد القديم خليط عجيب من الروايات و القصص التاريخية و الجتماعية و الخلقية و السياسية تفتقر
بمجملها للمانة و الجدية.
منذ ظهور التاريخ و غاية علماء التاريخ هي البحث عن مصدره ,و تقصي حقيقة ما ورد فيه ,وكان الحافز بهم لذلك ما يزخر به هذا
الكتاب من قصص و روايات بلغت من الغرابة حد الساطير غير أن مساعي العصور القديمة لم يكتب لها النجاح لفتقار أصحابها آنذاك
لوسائل البحث و التنقيب ,فلم يكن لهم بد من التسليم بالمر الواقع .و الذي زاد الطين بله فيما بعد :هو احتضان الكنيسة للتوراة ككتاب
مقدس يمنع المس به و مناقشة محتوياته .و موقف الكنيسة هذا عصم التوراة لقرون من نقد علماء التاريخ ,ورسخ أقدامه في العالم
المسيحي.
وعندما كثرت المكتشفات العلمية الحديثة ,و ظهرت للوجود حقائق تاريخية كانت مجهولة في الماضي ,كالمكتشفات المصرية و الشورية
والكلدانية ,لم يعد في إمكان جهابذة التاريخ السكوت عن المتناقضات العلمية ,مما دفع فئة خيرة منهم لتضع النقاط على الحروف ,و تنير
ما كان مظلمًا منها .فانكشف الستار عن كثير من الحداث التاريخية التي كانت في نظر الناس منزهة عن كل شك أو شبهة .فانهارت تلك
القصور المشيدة على الرمال ,و منها الكثير مما أشاده اليهود عبر الزمان.
تزعم المصادر اليهودية أن منشأ بني إسرائيل هو في بلد الكلدان ,باعتبار أن مسقط رأس جدهم أبرام هو أور إحدى المدن الكلدانية ) أور
كلدان ( ويعتمد اليهود في زعمهم هذا على ما جاء في سفر التكوين ,ولكن الدعاء يفتقر إلى أدلة تاريخية وبراهين علمية .و علماء
التاريخ ينفونه بصورة تكاد تكون جازمة ,و آراؤهم في هذا الموضوع تختلف كليًا عما ذهبت إليه المصادر اليهودية ,إذ لكل عالم منهم
رأيه الخاص في هذا المنشأ .وبغية إطلع القارىء على هذا البحث ندون فيما يلي آراء و اجتهادات بعض علماء التاريخ الذين تطرقوا لهذا
الموضوع .ومن بين هؤلء العلماء يحدثنا العالم المريكي جورج بارتون عن اليهود فيقول :إنهم من القبائل السامية الرحل التي كانت
تتجول في صحاري شبه الجزيرة العربية منذ أقدم العصور .ولقد عرفت باحتراف تربية المواشي والتنقل الدائم ,ولم ُيعرف لها قط بلد أو
ل من المؤرخين روجر و بورني. وطن ,حتى ظهرت في فلسطين قبل مولد المسيح بقرون .ولقد أيده في هذا الرأي ك ً
أما العالم الفرنسي موره فيقول إن منشأ السامية هو في البلد الواقعة شمالي شرقي أرمينيا ,وليس شبه الجزيرة العربية .ولكنه يجاري
بارتون فيما يتعلق باليهود أو الهابيرو ) (Habiruويقر معه بكونهم من القبائل الُرحل التي عاشت دوما في صحاري شبه الجزيرة
العربية .و هناك بعض العلماء كالسيد كلي يصرون على أن منشأ السامية هو في سوريا بالذات ,ولهذه الفئة عدد كبير من المؤيدين
والنصار كالسادة دورمند و بلت.
ولقد تطرق أبو التاريخ هيرودوت لبحث الهابيرو ولكن دون أن يذكر شيئًا عن منشأهم الصلي .وبين علماء التاريخ ندر من بحث عنهم
قبل احتللهم فلسطين اللهم إل مانيتون ) (Manethonكاهن هيليو بوليس الذي ذكر أن بعض القبائل سبق أن غزت تخوم فلسطين في
عهد الفراعنة ,و كانت تدعى بقبائل الهابيرو ) (Habiruو يفترض أنها ربما كانت أسلف القبائل التي اجتاحت فيما بعد بلد فلسطين.
5
و من العلماء الذين توسعوا في هذا البحث نذكر العالم الفرنسي المعاصر أدولف لودس الذي اعتمدنا على مؤلفاته في أكثر أبحاثنا المتعلقة
بالتاريخ اليهودي القديم ,لما فيها من معلومات قيمة دقيقة جمعها من مصادر مختلفة .ولقد اشتهر لودس بتجرده في جميع أبحاثه ,ولذا
ندون فيما يلي بعض من ما قاله في هذا الموضوع رغبة في قضية توضيح منشأ اليهود.
إن لودس في بحثه عن اليهود ل يعترض على أنهم كانوا قبائل رحل تجوب الصحاري العربية ,لكنه يشك كثيرًا في نسبتهم إلى السامية,
ويحبذ انتماءهم للرامية .ويدعم نظريته هذه بدلله عما بين اليهود و الراميين من تقاليد مشتركة ,كتطبيق كل من الشعبين نظام الضريبة
العشرية التي تقدم لللهة ,أو على ما في التراتيل اليهودية القديمة من الشارة إلى قرابة اليهود من الراميين و يستشهد لذلك بالترتيل
ل آخر هو التقارب الوثيق الكائن ما بين اللغتين .ويستخلص من كل هذااليهودي القائل ) :كان أبي آراميًا تائهًا ( ,ويضيف إلى ما سبق دلي ً
فكرة نفي السامية عن اليهود.
وفي مكان آخر من كتابه يقول إن اللغة الصلية التي كان يستعملها اليهود قبل غزوهم فلسطين كانت إحدى اللهجات الرامية أو الكلدانية
حتمًا ,أما اللغة العبرانية فكانت لغة أهل فلسطين ,تعلمها اليهود منهم و تبنوها مع هجائها و اتخذوها لسانًا لهم بعد أن تمركزوا في
فلسطين ,ويدلل على صحة قوله بما جاء في المخطوطات الثرية التي اكتشفت في فلسطين مؤخرًا .ولهذا يطلق عليهم لودس اسم
العبروآراميان ) (Hebiru-Aramientخلفًا لكل التسميات السابقة.
وفي غمار البحث عن أصل اليهود تناول بعضهم البحث عن مدينة أور التي قيل أنها مسقط رأس أبرام ,وقد تعددت الراء في تحديد
موقعها الجغرافي ,فقال بعضهم إنها كانت ي منتصف البلد السورية ,وقال آخرون أنها كانت في أقصى الجزيرة .وقال أفرام السرياني إنها
أورفا التي كانت تسمى على حد زعمه بأورهي .أما أدولف لودس فيقول أنها على الظهر أم قير المسماة حاليًا بالمغائر ,والواقعة في
منتصف الطريق ما بين بابل و مصب نهر الفرات .و قصة هجرة أبرام أيضًا موضع خلف ليس فقط بين المؤرخين المعاصرين فحسب ,بل
بين مختلف ترجمات التوراة ,وأنصارها من الكهنة ورجال الدين .وعلى سبيل اليضاح نذكر أن الترجمة السبعينية التي تقول أن الهجرة
حصلت عام 1017بعد الطوفان .بينما تروي الترجمة العبرانية حدوثها عام 367بعد الطوفان.
ويقول الب مور أنها كانت عام 2145قبل الميلد أي عندما احتل العيلميون بلد الكلدان .وبالمر يقول أن أبرام هاجر من أور عام 2055
قبل الميلد.
أما المؤرخ اليهودي )يوسف( فلم يكتفي بما ورد في السفار عن هذه الهجرة ,ول بما قاله عنها أنصار التوراة ,بل أضاف إليها شيئًا
جديدًا :زاعمًا أن أبرام لم يذهب مباشرة إلى شكيم )نابلس( بل عرج في طريقه إلى دمشق واحتلها وحكمها حقبة من الزمن ,ويدلل على
ل عن أحد مؤرخي الرومان الذي صدق فريته بما ورد في كتاب نقول الدمشقي ,أحد معاصري القرن الخير لما قبل مولد السيد المسيح ,نق ً
أورد اسمًا مشابهًا لبرام ,هو أبراموس ,بين ملوك دمشق عند بحثه عنهم ,فاتخذ )يوسفيوس ( هذا السم حجة ليثبت احتلل جده الكبر
دمشق .و كتاب التوراة نفسه ,وكل المصادر اليهودية القديمة ,خالية من الشارة إلى قصة مماثلة ,فل نرى حاجة لدحض هذه الفرية ,لنها
صادرة عن مسيلمة اليهود يوسفيوس.
يبدو أن علماء التاريخ و نقاده لم يأخذوا بوجهة النظر اليهودية القائلة بنزول السفار على موسى ,أو كتابته إياها ,إذ نرى أكثر العلماء
المعاصرين متفقين على القول بأنها كتبت بعد قرون عديدة من عهد موسى .وليضاح مذهبهم هذا نورد فيما يلي رأي السيد لودس في
منشأ السفار السداسية الذي كونه على ضوء آراء العديد من العلماء و تحرياته الخاصة ويقول لودس :اعتاد بعض علماء الثار النظر
باحتقار لكل مصدر يبحث عن أحداث سابقة عن عصر مؤلفه ولو كان البحث بقصد التقريظ أو الجدل و ذلك لعتقادهم بأن ما يكتب عن
حدث بعد مرور الزمن على حدوه تحوم الشكوك حول صدق ما كتب عنه ,وفي أكثر الحيان تكون الكتابة محرفة ول تستحق البحث ول
ل بنظريتهم هذه جنح أكثر العلماء إلى عدم الخذ بما ورد في التوراة عن الحداث التاريخية التي يرويها .و أنا يجوز العتماد عليها .وعم ً
ل .فعليه أرى عند التحقيق في أجزاء و إن كنت ل أتعصب كليًا لهذه النظرية ,إل أني ل ٌاقر بتاتًا ما أولي هذا الكتاب من الثقة العمياء طوي ً
التوراة آخذ كل قسم منه على حدة ,و التدقيق فيه مع مراعاة ظروف تأليفه و زمن صدوره ,لن بعض هذه الجزاء تبحث عن أمور قريبة
الشبه ببعض أحداث التاريخ ,و أخرى مطابقة تمامًا لحداث معينة .و من هنا يتضح لنا استحالة نبذه كليًا ,وضرورة إخضاع أقسامه
للتدقيق التقليدي المعمول به عند التحري عن كنه المصادر القديمة ,أي أخذ مضمون النص المراد تدقيقه ,و مقارنته مع مضمون كل نص
مماثل ,ليس في الترجمة العبرانية فحسب بل في الترجمات الخرى ,و على الخص الترجمات اليونانية ,واللتينية ,والسريانية ,التي نقلت
عن المخطوطات اليدوية القديمة التي تختلف نسبيًا عن الترجمة العبرانية التي كتبها الماسورت ) ماسورت :ناقل نصوص التوراة ( وفي
نتيجة هذه المقارنة تظهر للناقد نقاط الختلف بين الترجمات ,ويتضح له أمر هذه الكتاب ووضعه الراهن ,مما يشير بجلء إلى أن جميع
فقراته التاريخية مكونة من قصص قديمة ,اختارها محرروا السفار و دونوها تقريبًا بصيغتها الحرفية ,متبعين الطريقة المبسطة المجردة
من كل زخرف أدبي و تحقيق تاريخي ,هذه الطريقة التي اعتمدها مؤرخو الشور و العرب و بعض ُكّتاب القرون الوسطى .و يبدو أن هّم
كل منهم كان محصورًا في حشر أكبر عدد ممكن من هذه القصص في مجموعة واحدة .و من ثم نقلها كتبة التوراة ) ( la scribesبدورهم
بأمانة مشبعة بالتعصب الديني ,دون الهتمام لما في هذه المجموعات من تناقض بين بعضها أو لما في مفرداتها من ازدواجية النصوص,
أو التكرار و العادة للحدث الواحد .و ازدواجية نص قصة الخليقة الوارد في مطلع الفصل الول من سفر التكوين )ف – – 1فقرة 4- 2 -1
آ ( و المكرر في فصله الثاني )ف – 2فقرة 4ب ( الذي اكتشفه الناقد فيترينكا ) (Vetringaعام 1683و من بعده الناقد فيتر )
(Vitterعما 1711و الذي أثبته أخيرًا الناقد آستروك ) ( Astrucعام ,1753يؤيد ما ذهبنا إليه في وصفنا للطريقة التي اتبعت في
تكوين التوراة ,و هذه الزدواجية في النص ليست الوحيدة في التوراة ,إذ يلحظ أن حادثة اقتياد زوجة أحد الباء إلى حريم أمير أجنبي
تتكرر ثلث مرات في سفر التكوين )فصل ( 26-20- 12مع اختلف شكلي بسيط في سردها .وحادثة عفو داوود عن اغتيال شاؤول أيضًا
تتكرر مرتين دون تغير ملحوظ في تفاصيلها ,أو الكلمات التي تبادلها الغريمان )سفر صمؤيل فصل – 1فقرة – 24و ( 26كما أننا نلحظ
كثيرًا من التناقض في وصف عمليات الحتلل ,وحوادث الفتح في مختلف السفار ,و إذا أضفنا إلى ما سبق ما تتميز به السفار من تعدد
6
في أساليب الكتابة ,و طرق النشاء ,حتى في السفر الواحد و تكرر المفردات في مختلف السفار ,و آثار التنقيح و التصحيح الظاهرة في
أكثرها .لبان لنا جليًا مشاركة اليدي العديدة في مجموعات التوراة و الخذ بما أجمع عليه جميع النقاد منذ عهد آستروك ,وهو أن هذه
السفار ُكتب من قبل أرع فئات معينة لكل منها مدرستها و عصرها ,ولقد أطلق النقاد على كل منها تسمية خاصة باليهوائية )
( Yahvistesلصطلحها على تسمية الخالق بيهوى و زعمها أنه كان يدعى كذلك منذ القدم ,و يوافق ظهورها للقرن التاسع قبل الميلد,
وينسب إليها كتابة سيرة الباء ,ويرمز إليها بالحرف ) (Jو الثانية هي المسماة باللوهيمية ) (Elohistesلزعمها أنا الخالق كان يدعى
قبل عهد موسى بإلوهيم .و ظهرت للوجود بعد زمن قصير من ظهور اليهويست و واختصت أيضًا بسير الباء و يرمز لها بحرف ) (Eو
الفئة الثالثة هي التنيوية Deutéronomistesنسبة لسفر التثنية الذي اختصت بكتابته ولها آثار ظاهرة في عمليات التصليح و التنقيح
في السفار الخرى .وساهم أفرادها في الصلحات التي أدخلت على الديانة اليهودية في عهد يوشيا ,و ظهرت للوجود نحو عام 622قبل
الميلد و يرمز لها بالحرف ) (Dو الفئة الرابعة هي التي ظهرت في عهد المنفى و اختصت في كتابة الشرائع والقوانين .وسميت بمدرسة
الكهنوت ) (Ecole Sacerdotaleو يرمز لها بالحرف ) ,(Pوهي التي أوجدت ما يسمى بقوانين الكهنوت ) (Code Sacerdotalتحت
إشراف النبي حزقيال.وهذه الفئات الربع هي التي كتبت جميع السفار الباحثة عن العهود السابقة لعهد المنفى...
فسفر القضاة يحمل طابع فئتي E, Jمثل السفار الخرى تمامًا ,كما يحتوي سفر صموئيل على قصص تحمل طبائع كتاب ) (E-Jأيضًا
كونه منسوبًا لمن يحمل اسمه ,و الجدير بالذكر عن هذا السفر هو ذكره لستعمال الكتابة و الوثائق الخطية لول مرة في التوراة.
يضاف إلى ما سبق ما يلحظ تقريبًا في تكوين أكثر السفار من تعدد أساليب النشاء ,وتجانس مفردات بعضها البعض الخر ,وما فيها من
أخطاء تكشف زيف مزاعم نسبتها لشخاص أو عهود معينة مثل خلو سفر التكوين الذي نسب إلى موسى ,حتى من عبارة واحدة تشير إلى
علقته به أو تدوينه إياه ,كما تزخر السفار الربعة الخرى بعبارات توحي بأنها لم تكتب من قبل موسى ,خلفًا لما زعمته المصادر
اليهودية .أما مظاهر الزيادات و النواقص الغريزية في نصوص السفار المكرر لبعض التشاريع ,فهي تدل صراحة على تعدد اليدي التي
عملت فيها ,وما يصح القول عن في هذه السفار الخمسة ,يصح أيضًا في كافة السفار الخرى .و من هنا يتضح بجلء أن أكثرها كتب في
عهود متأخرة عما تبحث عنه ,و من قبل الفئات التي سبق ذكرها ,تجنبًا لوقوع الباحث في اللتباس عن مصدر السفار ,ننصح له بضرورة
المعان في تحديد المسافة الزمنية الفاصلة في عهد المروي وعصر المؤلف و ميوله الشخصية ,إذ ثبت لجميع النقاد ما لهذه النواحي من
أهمية عند تقصي الحقائق التاريخية من خلل قصص السفار .أما فيما يتعلق بأهمية السفار في التطور الديني و الجتماعي والسياسي
لهذا الشعب ,فل مجال لنكارها ,وعلى الخص أهمية ما كتب منها في العهود اللحقة لجلء اليهود عن فلسطين.
يقول لودس :يخال على المرء وهو يتصفح سفر التكوين ,إنه يملك عن اليهود من المصادر التاريخية أكثر مما يملكه عن أي شعب آخر ,و
مرد هذا الوهم إلى ما يجده القارئ فيه من القصص العديدة التي تبحث عمن أسماهم اليهود بآبائهم الولين .و لكن بعد التدقيق في
محتوياته ,و التحقيق عن مصدره و عهد ظهوره يفضح لنا أنه من المجموعة السداسية التي كتبت من قبل الفئة اليهوائية )
( Yahvistesو التي ظهرت للوجود نحو فترة 760-850قبل الميلد ,بينما نراه يبحث عن أحداث يزعم أن وقوعها قبل ألفي سنة من
مولد المسيح ,أي ألف و مائتي عام قبل ظهور ُكّتابه للوجود .و هذا إن اعتبرنا أن من كتبه كان من أقدم كتاب فئة ) (Jو هذه المسافة
الزمنية التي تفصل الكاتب عن زمن الحداث التي يرويها دون أي برهان أو مصدر سابق ,تعادل الزمن الذي يفصل عهد فرانسوا الول عن
عهد المسيح ,أو الزمن الذي يفصلنا عن زمن الميروفنجيان ) .( Merovinginesفلو فرضنا أن أحد كتاب عهد فرانسوا أقدم على كتابة
عهد المسيح دون العتماد على مصادر خطية سابقة ,فهل كان أحد يصدقه من معاصري فرانسوا الول ؟ أو لو أقدم أحد معاصرينا اليوم
للبحث عن الميروفنجيان دون أن يمتلك مصادر قديمة يعتمدها في بحثه ,فهل يفكر أحدنا مجرد التفكير في تصديق ما يكتبه .فإذا جاز لنا
أخد ما كتبه معاصر فرانسوا أو معاصرنا محمل الصدق ,لجاز عندئذ فقط أخذ ما ورد في سفر التكوين من قصص مأخذ الصدق.
المعروف عن القصص الشفهية أنها تفقد أصالتها بمجرد مرور حيل واحد على قصها لول مرة ,وذلك لما يطرأ عليها من التعديلت كلما
انتقلت من راو إلى آخر .إذ المعهود في القصاصين أن يزيفوا و يحرفوا كل ما يسمعونه ,إما سهوًا أو عمدًا ,وكلما طال الزمن على انتشار
القصة ,زاد انحرافها عن أصلها ,حتى تصبح في غضون بضعة أجيال قصة أخرى و كأنها لم يكن لها يومًا علقة بتلك القصة القديمة.
فإذا كانت هذه حالة القصة التي مر عليها بضعة أجيال ,فما بالنا بحالة القصص التي مر عليها مئات الجيال ,قبل أن تصل إلى كتاب
السفار؟ و الجواب على ذلك هو أن هذه القصص كانت قد خرجت منذ أمد بعيد عن محاورها الصلية و لم تعد على ما كانت عليه في
مستهل قصها ,فكيف يمكننا في هذه الحالة أن ننظر إليها نظرة الجد طالما عرفنا منشأها و عهد كتابتها ,و على الخص و نحن نرى اليوم
التناقص البين بين ما كتبه حكماء الميشنا ) ( Dr. de la Michnaعن الحروب اليهودية التي وقعت في منتصف القرن الثاني الميلدي
وبين ما كتبه عنها المؤرخون من غير اليهود.
وهذا التناقض وحده يكفينا لتحديد مدى الثقة التي يمكننا أن نوليها قصص سفر التكوين و مؤلفيها ,و التي تنعدم تمامًا عندما نفاجأ في آخر
سفر التكوين بسكوت كتاب السفار المطبق عن أحداث شعبهم في المدة الفاصلة بين نهاية قصة يوسف وبداية قصة الخروج و الباقة
أربعمائة و ثلثين عامًا .و هذا السكوت إن دل على شيء فإنما يدل على جهل مؤلفي السفار لكل ما يتعلق بتاريخ قومهم ,ليس لهذه
الحقبة من الزمن فحسب ,بل لكل العصور السابقة لعهد تمركزهم في فلسطين ,كما أنه يؤيد ما ذهب إليه النقاد في وصف تصرفهم لبناء
السفار ,وهي أنهم التقطوا من أفواه الرواة ما تيسر لهم من القصص ,و احتكروها باسم شعبهم دون التقيد بأي اعتبار تاريخي أو أدبي.
فلو لم تكن هذه هي الحقيقة .لكان الحرى بهم أن يبحثوا عما جرى لشعبهم في تلك الحقبة القريبة من عصرهم بدًل من البحث عن
معجزات خيالية زعموا وقوعها لبائهم قبل عشرات القرون.
وهكذا نرى أن هذه الثغرة الزمنية الواسعة التي تركوها فاغرة فاها في تسلسلهم القصصي ,تدينهم بصراحة بالستنباط ,و تفقد أسفارهم
كل قيمة علمية وتاريخية.
ولكن بعض أنصار السفار كالسيد شامبو ) ( Champaultمن تلمذة مدرسة بلي ) ( Ecole de la playيرفضون المنطق السليم و
يحاولون من وقت لخر إثبات أصالة قصص العهد القديم عن طريق العتماد على ما جاء فيها من الروايات الوصفية ,مثل وصف حياة
الباء الولين الواردة في السفار ,وذلك الوصف الذي يندهش السيد شامبو من دقة مطابقته لوصاف الحياة البدوية اليوم ,ويعتبره كافيًا
7
لثبات أمانة مؤلفي السفار و صدق ما ورد في قصصهم .ويبدوا أن السيد شامبو فاته أن نظريته هذه تحمل في طياتها تفسيرًا يخالف ما
أراد إثباته ,ويؤيد نظرية النقاد القائلة بأن هذه القصص لم تكتب ولم تأخذ شكلها النهائي إل بعد تمركز اليهود في فلسطين ,لما فيها من
دقة الوصف للنواحي الجتماعية و الجغرافية المطابق للحقيقة الراهنة ,والتي تثبت أنهم كانوا يكتبون ما يشاهدونه و ما يسمعونه
ويضفون على ذلك أوصاف الحياة التي كانوا يعيشونها ,وعلى الخص حياة الرحل الممثلة لحياة الرجل البدائي التي تخيلوا أن آبائهم لبد
أن عاشوها ,هذه الحياة التي لم تتبدل منذ الخليقة إلى يومنا هذا ,و التي كان بإمكانهم أن يروها كل يوم كما نراها نحن اليوم ,ومن ثم
يصفونها على حقيقتها دون أن يحتاجوا لكثر من أن ينسجموا مع ما يكتبونه .ولهذا نرى أن أمانتهم في وصف حياة البدو البدية و
الوصف الجغرافي للبلد ,ل تبرهن قطعًا على صدق قصصهم السطورية .بل العكس هو الصحيح ,إذ أنها تدينهم بالستنباط كما سبق وقلنا,
و تؤكد نظرية كونهم كتبوا أسفارهم بعد أن تم تمركزهم نهائيًا في فلسطين.
ويعود لودس للبحث عن هذه القصص ,ويؤكد أنها كانت في الصل قصص صغيرة مستقلة ,لكل منها لونها أو مآلها و مغزاها التثقيفي أو
التحذيري الخاص بها ,ثم جمعت كلها وضمت لبعضها في سلسلة من النسب الصطناعي ,ومن ثم أخرجت و كأنها قصة واحدة .وللتحري
عن أصلها و تحديد مغزاها ,ننصح بأن يجرد كل منها مما اصطنع لها من أنساب وروابط ,و أن تتخلص مما كون عنها من الفكار القديمة
و من ثم المبادرة للتنقيب عما قصد منها رواتها الولون ,وما رمى إليه ناقلوها فيما بعد ,عندها سيتبين للباحث أن أكثر هذه القصص كان
الغرض منها تثقيف و توجيه الشعب أو السامع ,فلما حطت رحالها في أسماع كتاب السفار ,سارع هؤلء ‘إلى تثبيتها ضمن نطاق معين و
ل قصة يعقوب و عيسو التي ربما كانت في الصل قدر رويت لتحذير القوي المعتمد على اتجاه قومي محدود .و على سبيل المثال لنأخذ مث ً
قواه البدنية و المستخف بالعقل و الذكاء ,من الريب الضعيف ,المخادع .فأخذها كتاب السفار و جعلوا من يعقوب الريب المتمسك بتقاليد
قومه ,و من عيسو القوي الخارج عليها ,فأظهروه و قد أضحى فريسة لخداع أخيه الريب رغم قوته ,و أهالوا على يعقوب أنبل الصفات,
وقالوا عنه أنه تحمل المشاق والعذاب الطويل و مخاطر الطريق ليتفادى الوقوع في الخطيئة التي وقع فيها شقيقه عيسو ,وهي القتران
بامرأة أجنبية هذه الخطيئة التي أغضبت يهوى ,وأدت إلى انتصاره ليعقوب ,كما كانت الحافزة لمه للتخلي عنه و مساعدة أخيه عليه مع
العلم أن قضية زواج عيسو من أجنبية لم يشر إليها إل بعد أن أتم يعقوب كل خدائعه .وذلك بغية تغطية تحيز أمه و تبرير خداع يعقوب ,و
تسلط نسله على الدوميين نسل عيسو ذلك التسلط الذي حدث بعد قرون عديدة من أحداث القصة المزعومة ,و كل ذلك بقصد اليحاء إلى
اليهود بفداحة جرم التزوج من أجنبية ,و هذا الجرم الذي يغضب الرب و الوالدين و يجعل من يقدم عليه فريسة لضعف الناس و يذل نسله
حتى بعد أجيال.
و القصة الطويلة التي تروي ما حدث للخوين إسماعيل و إسحاق و ما كان من عداء بينهما ,و تحيز أبرام وزوجته وانتصارهما لسحاق,
و مؤازرة القوى العلوية لسارة ضد إسماعيل و أمه هاجر ,لم ترو هي أيضًا مع كل ما فيها من سخف و أمور غريبة إل لليحاء بما
لليهودي الصيل من أفضلية و ميزات على المولد و سواه.
أما إصرار الكتاب على تدوين أتفه العمال و القوال التي نسبت للباء الولين ,فلقد قصد منه اليحاء بأن كل كلمة أو حركة أو سكنة
صدرت عن أحدهم لها مدلولها و أهميتها ليس على صاحبها أو ذريته فحسب بل على مستقبل و مصير القبيلة التي تنحدر و تتناسل منه .و
على سبيل المثال نذكر أن زعامة قبيلة أفرائيم التي سادت السباط الخرى بعد موت سليمان تعزو المصادر اليهودية تحققها إلى رؤيا
جدها يوسف الواردة في سفر التكوين )فصل -37فقرة .( 11 -5
وقصة البار السبعة التي زعم حفرها إسحاق لم ترد إل للشارة إلى حق إسرائيل بملكية هذه البار اعتمادًا على نص اعتراف بملك
صاحبها السبق بشرعية هذه الملكية ,كما أن مرد زعم سكنى الباء أو مقابلتهم للرب في بعض المكنة ,كشكيم و بيت إيل و حبرون,
وبئر السبع ,و سواها هو تغطية لقيام اليهود بإنشاء المذابح و المعابد في هذه المراكز التي كانوا يمارسون فيها طقوسهم الدينية خلفًا
لتعاليم الثنية ) ( Deuteronomeالتي صدرت في القرن السادس قبل الميلد ,وحرمت العبادة وتقديم القرابين إل في ) خباء المحضر (,
وذلك لنفي تهمة تعدد المعابد المخالفة عن اليهود ,و تعليل سبب إقامتها بحجة تخليد ذكرى الباء الولين ,و حتى ل يقال أنا اليهود كانوا
يخالفون تعاليم الثنية المنسوبة لموسى.
بقي أن نعرف الدافع الساسي لكتاب السفار ليجاد كل هذا العدد الوفير من القصص ,يقينًا أن سر ذلك يكمن في صلب مواضيع القصص
إياها ,التي نلحظ دورانها حول محاور قبلية و اجتماعية معينة .و من هنا نستنتج أنها عصارة مخيلة الدباء و القصاصين التي تبحث عن
عادًة عما يهم الناس معرفته و يستسيغه كل فرد من أفرد الشعب.
ولما كان النسان منذ أقدم العصور تواقًا لسماع و معرفة ما يتعلق بالماضي المجهول ,و ما له من علقة بحاضره ,وعلى الخص المور
الباحثة عن أصله و فصله ,فإنه من البديهي أن يستثمر كتاب السفار هذه النوازع ,فانكبوا على كل ما توفر لهم من القصص القديمة
يحورونها و يطورونها مع ما يشبع فضول و نهم أفراد الشعب اليهودي الذي كان يجهل كل شيء عن ماضيه السحيق دون أن يفوتهم
إيجاد الروابط بين الماضي و الحاضر لتبرير ما كان عليه وضع اليهود آنذاك أو لثبات صحة ما أوردوه في قصصهم .و على سبيل المثال
نذكر أن الغاية من استباط قصة غضب سام على ابنه كنعان الواردة في الفقرات 20و 27من سفر التكوين ) و القائلة أن سام دعا على
ذرية كنعان بأن تذل من قبل ذرية أخيه أبرام ( جاءت لتبرير تسلط إسرائيل على كنعان و احتلل بلده ,و إيهام الطرفين بقدسية الباء
الولين ,وسموا مكانتهم لدى يهوى ,بدليل تحقيقه لرغباتهم حتى بعد عشرين قرنًا ,أو مهما طال الزمن.
ل إن نظريات النقاد حول ما يتعلق بها هي أكثر عددًا من أن تحصى بسهولة و ويثابر لودس في بحثه عن منشأ هذه القصص ,ويضيف قائ ً
مع هذا سنعتمد فيما يلي على ذكر أقربها للمنطق ,بغية تنوير القارىء قدر المستطاع – و من جملة هذه النظريات ما اعتمدها السادة
ل وصف لتنقلت و تحركات بعض القبائل بورني ( ( Burmeyو ستوار أنجل ) – (Steuarangleو القائلة أن هذه القصص هي أص ً
العبرانية الرحل التي كانت تدعى بالسماء التي زعم كتاب السفار كونها لفراد من أسلفهم الولين ,وقد أضفوا على من أسموهم بهالت
الكبار و التقديس ,ونسبوا لكل منهم أعماًل و مناقب و مغامرات خيالية لتحقيق أغراض معينة من ورائها .و أصحاب هذه النظرية
يعتمدون في مذهبهم على ما لهؤلء الشخاص أو البطال في لك القصص من السماء واللقاب المزدوجة ,والتي كانت ترمز أكثرها إلى
ل ,الذين يعني أولهما شعب إسرائيل و ثانيهما بلد آدوم .ويقولون أن أسماء ليه, قبائل وشعوب أو بلد و مناطق ,كإسرائيل و آدوم مث ً
وراشيل ,و روبيكا هي أيضًا أسماء قبائل آرامية نزحت من بلدها و التحقت بقبيلة اسحق العبرانية و اندمجت معها و خرج من هذا
الندماج قبيلتي آدوم و يعقوب ,فوقع خلف بينهما ,فهربت قبيلة يعقوب من جور آدوم إلى البلد الرامية ,حيث اصطدمت بقبيلة لبان
الرامية ,فكرت راجعة إلى فلسطين تبحث لنفسها عن مقام جديد ولدعم نظريته هذه يقول :إن هذه الحقيقة تظهر للعيان بكل وضوح عندما
ل منها.
يقد الناقد على تجريد هذه القصص مما أضافه كتاب السفار إليها من مغامرات فردية و حوادث عائلية ,ولم تكن أص ً
8
وهناك نظرية أخرى ,يقرها الكثيرين من النقاد ,تقول إن هذه القصص ليست سوى تحريف لبعض القصص القديمة المعروفة كانت تروي
منذ أجيال عديدة .ويدللون على صحة نظريتهم بما في قصة عيسى ويعقوب من أحداث و معان مشتركة مع قصة الصياد العنيف والراعي
المخادع ) ,( Ulyss et polyphémiوبما في قصة يوسف من وحدة المعنى و المآل مع القصة المصرية الواردة في ببروس أوربيني )
,( Papyrus Orbineyو ما في حادثة الملئكة و أبرام من التوافق و النسجام مع محتويات قصة فليمون وبوسي ) Philémon et
( Baucisالشهيرة.
و النظرية الثالثة هي نظرية السيد كونكل ) ( M.Gunkelالقائلة إن هذه القصص لم تكن في الصل إل قصص قبائل وثنية انقرض
أصحابها قبل القرن الخامس عشر ) قبل الميلد ( رواها رواة الوثنية ((Ethnologuesو تناقلها الناس إلى أن وصلت إلى كتاب السفار
فاحتضنوها لحسابهم الخاص.
و النظرية الرابعة :هي التي يعتمد عليها كل من السادة إدوارد مايير ) ( Edouard mayerو ريمون واي ) ( Rymond weille
وبيرنارد لوثر ) (Bernhard lutherو القائلة إن أكثر السماء التي أطلقها كتاب السفار على أبطال قصصهم هي في الصل أسماء
بعول ) آلهة أسطورية ( كنعانية عرف كل منها بإقامته في إحدى المكنة التي أقام اليهود فيها معابدهم فيما بعد ,و تكريمًا لصحابها الذين
اتخذهم كتاب السفار أسلفًا لهم .ولتأكيد نظريتهم هذه يزعمون أن بعل حبرون كان يدعى بأبرام كما أن بعل بئر السبع كان يدعى إسحاق
وبعل شكيم يعقوب .ويختمون نظريتهم بالقول إن اليهود حاكوا هذه اللهة و أمكنة سكناها ما شاء لهم الهوى من القصص و الساطير و
احتكروها باسم أسلفهم المزعومين.
و من خلل آراء هؤلء العلماء يتضح لنا بجلء استحالة العتماد من الوجهة التاريخية على كل ما ورد في كتاب السفار من القصص و
الروايات عن العهود السابقة للقرن السادس قبل الميلد ,مما يهدم كل مزاعم المصادر اليهودية المتعلقة بمحتدهم القومي أو العرقي.
ذكرت السفار على أنه إثر مجاعة حدثت في أرض كنعان نزح عنها يعقوب و أبناء عشيرته إلى البلد المصرية ,حيث أقاموا مدة أربعمائة
و ثلثين عامًا ,و من ثم هربوا تحت زعامة موسى ,على أعقاب ما أصابهم من ظلم و جور فرعونها ,و حطوا رحالهم في صحراء سيناء و
أقاموا فيها أربعين عامًا .ومن ثم أقدموا على احتلل فلسطين ,وتمركزا فيها في عهد يوشع خليفة النبي موسى .و هذا الوصف التاريخي
المقتضب لحداث أربعة قرون و نيف من حياة الشعب السرائيلي ,دفع بعلماء التاريخ إلى التحري عما كانت عليه حياة هذا الشعب في
غضون تلك الزمنة ,و ما لهذا الزعم من نصيب في دنيا الحقائق التاريخية ,و لقد أدلى أكثرهم بدلوه في هذا الموضوع ,و أطالوا البحث و
التنقيب ,ولكنهم فشلوا جميعًا في سبر حقيقة هذه القامة ,فذهبوا إلى تعليل ما ورد عنها في السفار شتى المذاهب.
فمن قائل كالسيد مورة الفرنسي أن ما عثر عليه من المخطوطات واللوائح الثرية المصرية ,و إن كان بعضها يشير أو يرمز إلى الفراعنة
كانوا يقبلون في بلدهم بعض الحيان من يلجئ إليها من السيويين ,إل أنها ل تؤكد قطعًا وجود اليهود بين هؤلء الغراب .إلى قائل أن
حرفي ) (P-Rالواردان في بعض أوراق البردي ,و الرامزين إلى هوية أناس كانوا يقومون بأعمال السخرة في مصر ليسا سوى إشارة
إلى أن هؤلء المسخرين كانوا من اليهود باعتبار أن حرف Pو حرف Rيمثلن كلمة أبيريو ) (Apiriuالتي تعني لدي المصريين:
العبرانيين ) .(Habiriu ou Hebreuxو مترجموا هذين الحرفين إلى كلمة آبيريو ,التي استخلصوا منها البرهان على إقامة اليهود في
مصر هم السادة ,شاباس ) (Chabasو هومل ) (Hommelو سكينر ) (Skinerو كريكلنجر ).(Kreglinger
ولكن لودس يعترض على مذهبهم هذا ,ويقول :إنه و إن كان ما ورد في هذه المكتشفات ينسجم بعض الشيء مع ما جاء عن إقامة اليهود
في مصر المذكورة في السفار إل أن الستعاضة بحرف Pاللتيني بدًل عن حرف Bالكائن في كلمة هبرو ) ( Hebreuxهو أمر صعب
القبول لما بين الحرفين من فرق كبير في اللفظ .ولهذا نرى قبول كلمة آبيريو ) (Apiriuبدًل عن كلمة ) (Hebreuxهبرو يكاد يكون
ل .هذه من ناحية ,و من ناحية أخرى فإننا نلحظ أن تاريخ أوراق البردي التي أشارت إلى قيام البييريو بأعمال السخرة يعود إلى مستحي ً
عهد رمسيس الرابع ,أي لزمن متأخر عن العصر الذي زعمت المصادر اليهودية حدوث الخروج فيه .وهذا الختلف البين في التأريخ
يطيح كليًا بادعاء السيد شاباس و زملئه.
كما أنه ل يمكن العتماد على القصة التي رواها ماينوتون ) (Manethonكاهن هيليو بوليس في القرن الثالث قبل الميلد و القائلة إن
العبرانيين هم أحفاد المصابين بالجذام و ذوي العاهات الخرى من سكان مصر ,والذين كان فرعون مصر أمينوفيس ) (Aménophisقد
عزلهم عن الناس و أرغمهم على القامة في مقالع خاصة حفظًا للصحة العامة .و أن موسى لم يكن سوى كاهن مصري أصيب بالجذام
فعزل في المقلع مع الخرين .ولما طالت عليه العلة و يأس من الشفاء ,فتمرد على آلهة مصر و اتصل بالهكسوس سرًا ,وطلب مساعدتهم,
لوومن ثم حرض رفاقه المرضى على التمرد ,فعلم فرعون مصر بأمره ,وقرر تأديبه .فلما شعر موسى بالخطر لذ و أنصاره بالفرار لي ً
ل على إقامة اليهود في مصر لن مانيتون ختمها بالعتراف اعتصموا في صحراء سيناء .نقول أن هذه القصة أيضًا ل يمكن اعتبارها دلي ً
بأنها من القصص المنقولة عن قيل وقال .كما أن سكوت المصادر المصرية المطبق عن هذه القامة يدل صراحًة على قصتها ملفقة تلفيقًا
يهوديًا محضًا ,دون أن يكون لها أساس تاريخي .وينهي لودس هذا البحث من كتابه بالموافقة المبدئية على نظرية العالم ) Hugo
(winklerهوكو فونكلر القائلة إن ادعاء السفار بإقامة اليهود في مصر ما هو إل نتيجة خطأ جغرافي .ويظن السيد هوكو أن كتاب
السفار استعملوا كلمة مصر أو ميشرائم ) (Mesraimللتدليل على صحراء سيناء و ما جاورها من تخوم البلد الواقعة شمال شبه
الجزيرة العربية ,أسوة بالبابليين الذين كانوا يطلقون على المناطق الواقعة جنوب غزة بوادي مشرائيم ) (Torrant Mesraimرغم
قرب من مدينة غزة.
و انطلقًا من هذا الرأي يقول هوكو :ربما أقامت بعض القبائل اليهودية في هذه المنطقة و تكاثر عدد أفرادها مع الزمن فزحفت منها إلى
فلسطين في أواخر القرن الثالث عشر قبل الميلد .ويعلل سكوت المصادر المصرية عن هذه القامة بعدم علقتها بهذا القطاع من البلد
المتاخمة لبلدها و إن كانت تحمل نفس السم ,فلو كان لها بعض العلقة به أو بالقامة المزعومة في مصر لما كان يعقل سكوتها عن ذلك
مهما كان التعليل.
9
وفيما يتعلق بقصة مولد موسى و نشأته ,فإن لودس يشبهها بقصة الملك ساركون الكادي ) ( Sargon D’Agadéالتي أثبتت
المكتشفات الحديثة صحتها و أن صاحبها كان يحكم مدينة آكاد ) (Akkadنحو عام 2850قبل الميلد أي قبل عشرة قرون من مولد
موسى .أما عن المعجزات التي نسبت إلى موسى ,فيقول عنها :إنها من مبتكرات كتاب القرن الثامن قبل الميلد الذين كانوا يعرفون الشيء
ل أنالكثير عن أحوال مصر الطبيعية والجغرافية ,فلم يصعب عليهم أن يختلفوا المزاعم القريبة مما حدث عادة في مصر ,فهم يعرفون مث ً
مياه النيل تصطبغ باللون الحمر كلما فاض النهر ,من جزاء ما تجرفه المياه من التربة ,ويعرفون أن الضفادع تكثر على أثر انحسار
المياه بعد الفيضان في الربيع حيث يكون موسم تكاثر الضفادع .كما يتكاثر البعوض في نفس الوقت في المستنقعات التي يخلفها الفيضان,
و هذه العوارض معروفة في مصر ول تزال تحدث حتى اليوم ,فاتخذها كتاب اليهود متكًأ ليبنوا عليها قصصهم السطورية ,و أظهروها و
ل كانت تعتبر خارقة في نظر اليهود الذين كانوا يقطنون في القرن التاسع قبل الميلد في أعالي الجبال
كأنها أشياء خارقة للطبيعة ,وهي فع ً
الفلسطينية ,حيث ل فيضانات ول بعوض ول ضفادع .لهذا كان من البديهي أن يعتبروها من المعجزات طالما كانوا يجهلون كل شيء عن
البلد المصرية.
ولنهاء موضوع القامة يقول لودس :بعد فشل الجهود الكثيرة التي بذلت للعثور على أدلة تثبت صحة هذا الموضوع نرى ضرورة اللجوء
إلى ما نملكه من المصادر المصرية التي تشير إلى قبول الفراعنة لقبائل الرحل في ضيافتهم ضمن شروط معينة ,ومن هذه المصادر بردى
بيترسبورغ ) (Papyrus Petersbourgالذي يعود تاريخه لعهد ملوك هيركلوبوليس ) (Heracléopolisأي لما بين 2160-2360
قبل الميلد ,وهو يبحث عن عشائر رحل التمست الدخول إلى مصر لتأمين الماء لمواشيها .و لوحة بني حسن ولوح حار محب )
) (Harmhebمؤسس الدولة التاسعة عشر نحو عام ( 1321-1345اللتان عثر عليها عام 1900تشير إلى أناس طردوا من بلدهم و
ل بما اعتادوا عليه منذ أيام آباء الباء ) الجملة الحرفية لترجمة المخطوط( .كما أن بعض التقارير
أتوا لمصر يطلبون حق اللجوء إليها عم ً
التي كان يرفعها عسس الحدود إلى الفراعنة عن أحوال مناطقهم يشير أيضًا إلى قبولهم القبائل الرحل في تخوم قطاعاتهم .مثل التقرير
المرفوع إلى الفرعون ميرنبتاح ) (Merneptahنحو عام 1224-1233والذي يشير بدوره فيه كاتبه إلى سماحه لقبيلة من الساسو )
(Sasouأي الرحل بالدخول إلى وادي ثوميلت بغية رعي مواشيها فيه.
و من هذه الوثائق نستدل على أن القبائل الرحل كانت ترتاد التخوم المصرية منذ أقدم العصور ,فل يستبعد أن تكون بعض العشائر العبرانية
كمنس و أفرائيم و بنيامين هجرت مرابعها القديمة على أثر قحط أو غزو و التجأت إلى منطقة كوشان ) (Gochanالواقعة قرب وادي
ثوميلت ,ومن ثم التحقت بها عشائر أخرى و تمركزت كلها في تلك المنطقة الواقعة على الحدود ,تعيش بمنجى عن الختلط مع الغراب.
ولكن عندما طلب منها القيام ببعض العمال مقابل هذه القامة ,بادرت إلى التمرد و نزحت عنها بقيادة موسى ,وحطت رحالها في صحراء
سيناء التي اعتادت القامة فيها ,ويبدو أن هذه القامة المؤقتة )إن صحت ( هي التي تسميها المصادر اليهودية بالقامة في مصر وهي في
الواقع إقامة على حدود مصر ل فيها.
يلقي سفر التكوين على الحياة الخلقية والجتماعية عند العبرانيين قديما ,أضواًء قوية ,فيصور النحطاط الكبير الذي تردى فيه هذا
النفر ,من قتل وغدر ونهب وزنا ..حتى إنه يلصق مثالب ومنكرات فظيعة بالنبياء أنفسهم ,ناهيك بالعامة والفراد العاديين!
أما حياتهم القتصادية ,فيمكن القول أنها كانت على شيء كثير من العسر والضيق والضطراب ,شأن كل جماعة ما برحت بعد في طور
البداوة و الحياة القبلية ,لنعدام الكيان السياسي ,وبعدها عن الستقرار.
كانوا يرتادون بعض أقاليم فلسطين عقب هجرتهم من أور الكلدان ,وتضيق بهم أساليب الرزق ,ثم يهاجرون إلى مصر ,ويغدو إبراهيم
غنيًا ,ثم يعود معهم إلى فلسطين ,ويرحلون ثانية إلى مصر ,وعلى رأسهم يعقوب أو إسرائيل ,حيث ابنه يوسف ,وقد أصبح وزيرًا
خطيرًا لفرعون ,ويعيشون هناك برخاء.
وحوالي عام 1600ق.م تغلب فراعنة طيبة في مصر العليا على الفراعنة الهكسوس في مصر السفلى ,وكان هذا التبدل السياسي نكبة
كبرى على بني إسرائيل ,الذي كانوا موضع اضطهاد المصريين فيما بعد ,وراح اليهود يحيكون الدسائس ويكيدون للمصريين فأمعن
هؤلء في اضطهادهم واستخدموهم كالعبيد في بناء المدن والعمال العنيفة الشاقة ,حتى خرجوا من مصر بقيادة موسى ..يبغون
فلسطين أرض الميعاد.
وتاه اليهود في صحراء سيناء فترة من الزمن ,قيل أنها أربعون سنة ,تخلوا فيها عن معتقداتهم ,واستبدلوا العجل الذهبي بالله يهوى,
وعمل موسى كثيرًا لصلحهم وهدايتهم ,ووضع خلل التيه الوصايا العشرة ,التي تشبه إلى بعيد ,أحكام الديانة المصرية السائدة يوم
ذاك ,مع تحوير بسيط يتفق والوضاع الدينية والجتماعية والخلقية في بني إسرائيل.
ل تناحر الملوك ومات موسى قبل أن يحقق أمنيته في احتلل فلسطين ,فكان ذلك على يد خلفه يوشع بن نون حوالي 1451ق.م ,مستغ ً
والزعماء في فلسطين ,فقضى عليهم واحدًا بعد واحد ,وتقول التوراة أنه قتل منهم 31ملكًا واستولى على أراضيهم تدريجيًا ..بسبب
الخلفات التي كانت قائمة بينهم !!
ثم رأى صموئيل ضرورة إيجاد كيان سياسي لبني إسرائيل ,ينقذهم من الحياة القبلية ,ويثبت أقدامهم في فلسطين ,فاختار شاؤول فكانا
هذا أول ملك لسرائيل ! واستطاع شاؤول أن ينتزع رويدًا رويدًا جميع المدن من الفلسطينيين أصحاب البلد الشرعيين !! وجاء بعده
داوود ثم سليمان ...وعندما سيطر اليهود على فلسطين بلد الكنعانيين وموطنهم ,تأثروا بالحضارة الكنعانية ,واستعانوا بالخبراء
والصناع من أهل كنعان في تشييد الهياكل و المساكن والقصور ,وعولوا عليهم في الصناعة والتجارة ,وفي سفر الملوك أن الملك
سليمان أرسل إلى حيرام ملك الكنعانيين يرجوه أن يأمر بقطع الخشب لبناء الهيكل )) :إنك تعلم أن ليس بيننا واحد يعرف قطع الخشب
كالصيدونيين ((.
في الصحاح 27من سفر حزقيال أن اليهود كانوا يتاجرون بالحنطة والعسل والزيت والبلسان والحلوى وغيرها من منقولت المم
الخرى.
ولم يقف تأثر اليهود بالكنعانيين عند حد التجارة والصناعة والبناء ,وإنما اعتمدوا عليهم في الشؤون الثقافية ,فنقلوا عنهم الكتابة
وأوزان الشعر وأناشيد الصلوات ,حتى إن اليهود من سكان شمال فلسطين كالجليل والسامرة تخلوا عن كثير من عاداتهم وآرائهم,
10
واتخذوا اللغة الرامية لغة لهم ,كما تأثروا أيضًا بالفرس والهند وسكان العراق ,للتقائهم المستمر بأبناء هذه البلد الوافدين مع
القوافل.
وفي عام 320ق.م ذهب عدد كبير من اليهود إلى مصر واستوطنوا السكندرية التي ضمت أكبر عدد من اليهود باستثناء أورشليم ,لن
عددًا كبيرًا من اليهود ,كان قد هرب إلى مصر منذ الغزو البابلي ,واستقر هذا العدد الكبير من اليهود في السكندرية ,ولم يفكروا في
العود إلى أورشليم ,لقد استوطنوا هناك ,وتأثروا بالبيئة اليونانية المحيطة بهم ,كما أثروا هم أيضًا بالبيئة اليونانية ,بما حملوه من أفكار
دينية وتعاليم وعادات ..وكان من نتائج هذا الختلط والتفاعل ,أن ترجمت التوراة إلى اللغة اليونانية لن اليونانية كانت قد حلت محل
الرامية والعبرية بين يهود مصر في ذلك الحين.
أما الفترة الخيرة من تاريخ اليهود تحت الحكم الروماني فقد تميزت بطابع خاص ,وهو الخلف الشديد بين كهنتهم حول المحافظة على
تعاليم الدين اليهودي ونصوصه وحرفيته ,أو مسايرة التطور.
ولكن اهتمام اليهود قديمًا كان في الواقع يرمي إلى الخلص من النير الروماني وكان أكثر من اهتمامهم بالصلح الديني ولذلك ساروا
وراء عدد من أدعياء النبوة ,وهم في حقيقتهم كما يقول الكاتب اليهود المعروف ألفريد ليلينتال محترفو سياسة يتسترون بستار الدين.
وكنتيجة لظهور هؤلء الدعياء ,قام اليهود بعدة ثورات ضد روما ,كان مصيرها الفشل .وأما خلل الحكم الروماني الثاني ,فكان اقتتال
حكام اليهود وزعمائهم على السلطة ,هو الشغل الشاغل لهتمام اليهود.
وعندما هزم الملك الفارسي كورش ,نبونيد آخر ملوك بابل ,سمح لسبايا اليهود 538ق.م بالعودة إلى فلسطين ,وإعادة بناء المعبد في
أورشليم ,وعاد قسم منهم ,ولكن الكثرية العظمى ,آثرت البقاء هناك ,بعد أن ازدهرت أحوالها القتصادية وارتقت أوضاعها
الجتماعية ,واعتادت بالضافة إلى ذلك أن تقيم طقوسها الدينية في غير معبد أورشليم .والذين عادوا من السبي إلى فلسطين ,هم الذين
حملوا معهم جرثومة الوطن القومي اليهودي وشعب ال المختار!
وفي العصر الذي ولد فيه المسيح ,كانت الحالة السياسية في فلسطين سيئة جدًا ولكن الوضع الجتماعي والقتصادي كان أكثر سوءًا ,
نتيجة للضرائب الفادحة المفروضة على اليهود,فقد كان اليهودي يدفع ضريبتين الولى للهيكل والثانية للدولة ,ومن السباب في سوء
الوضاع الجتماعية والقتصادية والسياسية الثورات العديدة التي قام بها اليهود ,ومنها ثورة الغلة السرائيليين على الرومان بسبب
الحصاء العام المعروف.
وتأثرت الطوائف اليهودية بالمذاهب الفكرية والفلسفية السائدة ,في عصر الميلد ,كالمذهب الروماني ,الذي يقول بالصبر على الشدائد
والعفة عن الشهوات ,وإن ل سعادة للنسان من غير نفسه وضميره ,كالمذهب البيقوري الذي يتلخص بأن السرور هو غاية الحياة,
ولكنه السرور الذي ل يعقب ندمًا أو ألمًا ..وإنه ل وجود لغير المادة.
اليهود في فلسطين
و الن بعد أن أسهبنا في شرح آراء العلماء حول منشأ السفار السداسية و ما تزخر به من أمور خارقة للطبيعة ,التي ل يرجى من
الخوض في تفصيلت أكثر مواضيعها أي فائدة علمية أو تاريخية ,نرى الجدر بنا أن نأخذ القسم الخير منها وهو الباحث عما سمي بغزو
فلسطين ,باعتباره الجزء الفريد بين أجزاء هذه السفار الذي يمكننا فرضه بحثًا تاريخيًا إن صحت التسمية ,وهو القسم المسمى بسفر
ل ,بأن اليهود احتلوا فلسطين في غضون جيل واحد و قضوا على سكانها الصليين و يشوع ,و إليه يعود الفضل في العتقاد الذي ساد طوي ً
امتلكوها لكثر من عشرة قرون.
ويبدو أن هذه العتقاد ما هو إل وليد جهل العامة لتفاصيل ما سمي بالغزو اليهودي ,أو بسبب إحجام الناس عن التمعن في مختلف أقسام
السفار الباحثة عن هذا الغزو ,فلو أن الناس دققوا في محتويات سفري التثنية و العدد ) و هما أقدم من سفري الخروج ويشوع ( و في
سفر القضاة ,لوضح لهم ما في سفر اليشوع من مغالة في وصف سرعة الغزو و أهميته و بينا نرى سفر يشوع يصف هذا الغزو بأنه كان
ل لكل فلسطين و في آن واحد ,و يبحث عن تقسيم البلد بين السباط ,دون أن يترك أي جزء منها بل توزيع ,نلحظ أن بعض عامًا شام ً
فقرات سفر التثنية و العدد تقول أن اليهود بعد أن اجتازوا نهر الردن و احتلوا أريحا و جلجال حيث أقاموا فيهما مدة من الزمن ,شرعت
كل عشيرة منهم بعد ذلك بالبحث عن أرض لها ,فأغارت يهودا وشمعون على مدينة القدس و تمكنتا من احتللها والتمثيل بملكها ,كما
أغارت قبيلة كالب على حبرون ,و احتلتها واستوطنت فيها .و هذه القوال تناقض كلياً ما جاء في سفر يشوع ) فصل -10فقرة ( 12من
القول بأن احتلل القدس و حبرون و يرموك ولكش وعجلون حدث في عهد صاحب السفر إذ لو كان حقًا أن يشوع احتل هذه المدن لما
كانت السفار الخرى ذكرت احتللها مجددًا ,و على الخص سفر القضاة الذي يروي الحداث التي وقعت لليهود بعد عهد يشوع .و من هنا
يتضح أن نسب احتلل عموم فلسطين إلي يشوع في سفره ما هو إل تلفيق أراد الكتاب منه تعظيم شأن صاحب السفر لغرض في نفسه.
ل حتى يلتبس المر على القارئ و يعجز عن تفريق ويبدو أن كتاب السفار تجاهلوا التاريخ و الترتيب في هذا الغزو إما عمدًا أو جه ً
مراحله و كيفية سيره .ولكن المذكر اليضاحية لسفر القضاة الواردة في الترجمة اللتينية تفضح هذا اللتباس و تلقي الضوء على حقيقة
سير الغزو عندما تقول :إن القبائل اليهودية بعد احتللها أريحا و جلجال عمدت إلى اقتسام فلسطين فيما بينها عن طريق القرعة .و من
هذا يتضح أن اليهود اعتمدوا طريقة القرعة ,لتحديد منطقة العمل لكل قبيلة قبل البدء في عمليات الغزو ,و من هنا رأيناهم قد عادوا إلى
العمل ضمن نطاق القبلية ,فتكونت منهم مجموعات من العشائر لتتعاون فيما بينها في المعارك ,مثل المجموعة الولى من الغزاة تكونت
من شمعون و يهوذا ,والمجموعة الثانية التي كان قوامها عشائر أفرائيم و منسي و بنيامين التي أغارت بدورها على بيت إيل و ما
جاورها من دساكر و قرى ,و من مجموعات الغزو الخرى المذكورة في السفار و التي توالت حتى عهد سليمان.
ورغم أن عمليات الغزو دامت عدة قرون ,فإن اليهود لم يتمكنوا من احتلل سوى أربع مقاطعات جبلية في أرض فلسطين ,وهي المرتفعات
الواقعة في شرق الردن ,ومنطقة الجليل ,و جبل أفرائيم ,و جبل يهوذا ,أما أسباب عجزهم عن احتلل جميع البلد ,فتعود إلى المقاومة
الضارية التي كانوا يلقونها من سكان السهول ,وعلى جهلهم بأساليب القتال في النهار ,و افتقارهم لسلحة معارك السهول كالعربات و
ل حيث يقل المدافعون .و لما كانت الخيول ,وعجزهم عن عمليات الحصار .إذ أنهم كانوا يعتمدون في حروبهم على المباغتة ,التي تسهل لي ً
11
المناطق الجبلية و قراها أقل سكانًا من المناطق الساحلية أو السهلية فقد هان على اليهود مهاجمتها ,لستحالة التعاون فيما بين سكان
قراها من جراء وعورة المسالك وبعد القرى عن بعضها البعض .ولهذا تمكنوا من احتلل المرتفعات و فرض سيطرتهم عليها ..و حتى
ل عن هذه السيطرة في الجبال لم تكن كاملة لن مناطقهم الربع كانت مفصولة عن بعضها بواسطة القلع الكنعانية التي عجز اليهود طوي ً
احتللها و التي ظلت تحول دون اتصالهم ببعضهم البعض حتى عهد داوود.
و في السفار ظاهرة أخرى تكذب زعم احتلل اليهود بالقوة للمناطق التي أقاموا فيها ,وهي أن سفر القضاة يذكر في فصله الثالث )فقرة 5
و ( 6أن قبيلتي آشير و نفتالي كانتا تقيمان بين الكنعانيين .وهذا القول يعني صراحة أن القبائل اليهودية كانت تخضع للكنعانيين ,وتقطن
بينهم كلجئين أو أتباع .ولقد ذهب أكثر النقاد إلى الخذ بهذه النظرية اعتمادًا على المخطوطات الثرية التي عثر عليها في تل العمارنة
والتي تشير إلى أن بعض حكام فلسطين كانوا يستخدمون العبرانيين لمصالحهم الخاصة أي أنهم كانوا يستأجرونهم للستعانة بهم سواًء
في حروبهم من جيرانهم أو لعمال أخرى .ويقول لودس أنه ربما كانت قبيلتا آشير و نفتالي من القبائل التي سبق لحد أمراء فلسطين
استئجارهما ,ومن ثم استساغتا العيش في كنفه وظلتا تحت حمايته.
و مما سبق توضيحه ,يتبين أن قصة الغزو العام ل تستند على أي أساس متين .كما أن زعم كون الغزو كان من جهة الشرق و دفعة واحدة
الذي يدعيه سفر اليشوع ,ينهار بطبيعة الحال عندما نلحظ ما يقوله سفر القضاة عن احتلل كالب لمدينة حبرون .و المعروف عن كالب
أنها إحدى القبائل التي كانت تقطن في جنوب حبرون مباشرة ,فل يعقل أن تقدم على دورة كاملة و تقطع مسافات شاسعة لتأتي وتهاجم
حبرون من الشمال بمفردها .طالما كانت بمتناول يدها من أقصر الطرق و أسهلها .ومن هنا يتضح أن الغزو كان على مراحل ,و على نطال
قبلي أو عشائري ومن جهات مختلفة.
و زعم التمركز النهائي في عهد يشوع تدحضه الفقرة الثامنة عشرة من الفصل السابع من سفر القضاة التي تروي لنا حادثة فرار قبيلة
دان من منطقتها إلى المناطق الشمالية .كما تدحضه بقوة الفقرة الرابعة عشرة من نفس الفصل و السفر ,التي تحدثنا عن نزوح سبط
منسي من غرب الرض إلى شرقها .و من فحوى هذه القصص يفهم أن اليهود لم يتمكنوا من تثبيت أقدامهم في المناطق التي زعموا
احتللها .و كانوا دائمًا معرضين لخطر الطرد و التهجير منها .أما ادعاء سفر القضاة )فصل -3فقرة (2بأن بطئ سير الغزو نتج عن
رغبة يهوى في إطالة أمد الحروب حتى يوفر للجيال اليهودية المتعاقبة فرص التمرس على أساليب القتال ,و مزاعم سفري الخروج و
التثنية )س -خ فصل 23فقرة – 30- 29و س ت .فصل 7فقرة ( 22القائلة بأن يهوى أطال أمد الفتح حتى يحول دون تفريغ البلد من
سكانها قبل أن يتكاثر عدد اليهود ليملوا الفراغ أو حتى ل تتكاثر الوحوش الكاسرة و تصبح خطرًا على اليهود ,أو ليحول دون أن تصبح
البلد صحراء قاحلة بعد خلوها من السكان ,فذلك كله ليس إل من قبيل الستدراك لتغطية فشل اليهود في فتح البلد ,أراد كتاب السفار من
استنباطها تمويه وشطط سفر يشوع في وصفة المغلوط لهذا الغزو المزعوم.
أطلق كتاب السفار على الزمن الفاصل بين موت يشوع ) إن صح ووجد يومًا ( و قيام المملكة اليهودية ,اسم عهد القضاة ,و تقدر هذه
المرحلة الزمنية من تاريخ الشعب اليهودي بما يزيد عن الثلثة قرون ونصف ,عاش اليهود خللها في المقاطعات الربعة التي سبق
البحث عنها ,دون أن يكون بين مقاطعاتهم أي ارتباط سياسي أو اجتماعي من جراء بقاء السيطرة الكنعانية في المناطق التي كانت تفصلها
عن بعضها .و هذا الوضع أعادهم إلى القبلية الضيقة ,فأصبحت كل عشيرة من عشائرهم مستقلة في شؤونها ,تعيش على هواها ,و تختار
آلهتها بنفسها ,خصوصًا بعد أن اختلطت اليهود مع سكان البلد الصليين ,واقتبسوا عاداتهم و عباداتهم ,و طاب لهم عيش الستقرار و
تعاطي الزراعة .و هذه التفرقة و الستكانة لرغد العيش ,أحيتا آمال الكنعانيين في إمكان التخلص منهم ,فشرعوا تدريجيًا بمناوأتهم .ولما
شعر اليهود بالخطر الذي يهددهم عمدوا إلى توحيد قيادتهم في كل منطقة ليتمكنوا من مجابهة أعدائهم .فكانوا يختارون واحدًا من بينهم,
و يسلمونه قيادتهم ,ويطلقون عليه لقب قاض أو حاكم ).(Judge
و لكن كتاب السفار أبو أن يكون أمر اختيار القضاة بهذه البساطة المجردة من المعجزات و الساطير ,و دون تدخل يهوى به ,فزعموا أن
هؤلء القضاة كانوا ممن اختارهم الرب يهوى و سخرهم لقيادة شعبه و إنقاذه من أعدائه ,و إعادته لمعتقداته الصلية .ولتحقيق بغيتهم
هذه استنبطوا لكل منهم قصة مليئة بالمعجزات التي أدت إلى انتقائه ,وفندوا أسباب اختياره ,و عددوا أعماله و مناقبه .ولكن جوهر
القصص ظل تقريبًا واحدًا ,لنها جميعًا تبدأ بالبحث عن تمرد اليهود لوامر يهوى و اعتناقهم أديان الغرباء و مصاهرتهم الجانب ,و
تقاعسهم عن إكمال تحقيق وعود يهوى و هذه الشياء كانت تؤدي على حد زعمهم إلى غضب يهوى عليهم ,فكان يسلط عليهم بعض
ملوك و أمراء المنطقة ,فيذلوهم و يخضعونهم للجزية أو لعقوبات أخرى ,فيسارع اليهود إلى إعلن التوبة و يستنجدون بيهوى ,ليعود
فيرضى عنهم ,ويختار لهم منقذًا من بينهم ,فيهب المختار إلى قيادة اليهود و يقود معاركهم التي تنتهي في كل القصص بانتصارهم على
أعدائهم ,و استتباب المر لهم لمدة معينة ,يعود بعدها اليهود إلى التمرد والعصيان و تتجدد الحداث على نفس الوتيرة ,دون أي جديد في
المر ,ويذكر سفر القضاة أن عدد من تعاقب حكام بني إسرائيل هذه الفترة من الزمن يبلغ الربعة عشر قاضيًا .كان أكثرهم من الخارجين
عن القانون وقطاع الطرق و المنبوذين.
و يقول لودس عن قصص القضاة أنها عبارة عن قصص خيالية ل تمت إلى الحقيقة بأي صلة ,وهي من بنات أفكار كتاب السفار ,و ل
يمكن العتماد على ما جاء فيها باستثناء قصة دبورة التي تتميز بعض الشيء بطابع الجد بفضل ما تزخر به قصيدتها الشهيرة التي تبحث
عن أمور اجتماعية توحي بعض الثقة في كنه القصة.
12
وضع اليهود السياسي في عهد القضاة
من المعلوم أن آشور و مصر كانتا تتنازعان على بلد كنعان منذ أمد بعيد ,و كانت كل منهما تعمل على لطرد الخرى منها كلما شعرت في
نفسها القدرة على ذلك ,لكن موقفهما السلبي من غزو اليهود لم ينبئ أنهما كانتا أضعف من أن تحول دون هذا الغزو و الدليل على ذلك هو
سكوت الطراف المعنية الثلث عن كل ما يشير إلى حدوث صدام بينهم .كما أن السهولة التي سارت بها العمليات الحربية تؤكد أن اليهود
لم يصطدموا في غزوهم إل بالكنعانيين وحدهم ,مع العلم أن المصادر المصرية تبحث في هذه الفترة على قيام مرنبتاح ) ( Merneptach
بحملة عسكرية على عسقلون لقمع الضطرابات التي حدثت فيها نحو عام 1224-1235قبل الميلد كما أنها تذكر قيام رعمسيس الثالث )
( Ramses IIIبحملة مماثلة لصد هجمات القبائل الفلسطينية نحو عام 1119قبل الميلد .والمصادر الشورية أيضًا تحدثنا عن قيام
الملك تيكلت بليسر الول ) ( Tiglat Pileserباحتلل بعض المناطق السورية .و مع كل هذا ظلت المصادر المصرية و الشورية ساكتة
عن كل ما يتعلق بغزو اليهود لفلسطين .و من هنا يتضح لنا عدم تدخل كل من مصر و آشور فيما جرى للكنعانين مع اليهود .أما زعم
بعض المفسرين بكون كوشان آرام النهرين ) (Couchan Aramهو أحد ملوك مصر فل يستند على أي دليل مادي و هو قول باطل .و
الشيء الكيد هو أن مصر كانت قد فقد سيطرتها على أكثر البلد الواقعة خارج حدودها في أواخر القرن الحادي عشر قبل الميلد .وخير
دليل على ذلك هو نص التقرير الذي رفعه أون عمون ) (Ouon-Amounممثل رعمسيس الرابع ) (Ramses IVعند عودته من جبيل
و فيه يوضح لملكه ما أصابه من الهانة و عن كيفية طرده من قبل الملك اللبناني الذي كان يومًا من أتباع مصر .فلو أن مصر كانت على
ل و من خلل موقف قوتها السابقة لما تجرأ عميلها ملك جبيل على إهانة ممثلها ,ولما كانت مصر سكتت عن هذه الهانة مثلما حدث فع ً
مصر من هذه الحادثة يظهر لنا جليًا أنها كانت في شغل شاغل عم يجري خارج بلدها.
وهكذا نرى أن اليهود استفادوا من ضعف كل من مصر و آشور وباغتوا أهل كنعان الضعفاء ,فاحتلوا بعض أجزاء من وطنهم .ولكن كما
سبق وقلنا دب الفساد و التفرقة فيما بعد بينهم ,و انفرط عقد تجمعهم المصطنع وعادوا للعيش على الساليب القبلية الضيقة بعد أن ظنوا
أن المر استتب لهم ,واكتفوا بما أحرزوه من نصر في بعض المناطق الفلسطينية .كما قامت المنازعات فينا بينهم ,فتمزق شملهم و لم يعد
لهم ما يسمى بالوحدة القومية أو وحدة الهدف .فلما لحظ الراميون ضعف اليهود بادر أحد أمرائهم المدعو كوشان إلى احتلل منطقة
يهودا ,وأخضع أهلها للجزية ,وكانوا يرسلونها له كل عام .ولقد دام هذا الحتلل باعتراف السفار مدة تسعة عشرة سنة قم تخلصوا منه
على يد القاضي عيتنائيل ) إن صحت الرواية( .ولكن آثار هذا الحتلل كانت أخطر مما تصورها اليهود إذا أنها أيقظت الكنعانيين من
سباتهم العميق .و دفعتهم للنضال مجددًا .فتنادوا فيما بينهم و أقاموا تحالفًا عسكريًا قويًا لمقاتلة اليهود اسندوا قيادته لسيسر أحد قواد
الملك يابين ) (Yabinو من ثم غزوا منطقة الجليل و أفرائيم حيث كانت تقطن أقوى السباط اليهودية ,تغلبوا على أهلها و أخضعوهم
لحكم يابين لمدة عشرين عامًا .ولم يتخلص اليهود من الستعباد الكنعاني إل عندما ظهرت دبورة للميدان واستلمت قيادة اليهود وثارت في
وجه قوات يابين وحررت بني قومها من حكمه.
والجدير بالذكر في قصة دبورة هو اعترافها الصريح في قصائدها بتقاعس السباط عن مساعدة بعضها البعض ,وإحجام أكثرها عن مقاتلة
الكنعانيين ,وهذا العتراف يوضح بحد ذاته ما كان عليه اليهود من التمزق وعدم التعاون ,و بالتالي يفسر لنا سبب خضوع السباط لحكم
القبائل الكنعانية وسواها بعد أن كان اليهود غزاة البلد.
و تخبرنا السفار أيضًا أن الملك عجلون الموآبي احتل المنطقة اليهودية في شرقي الردن و أخضع أهلها لمدة ربع قرن تقريبًا ,ولول أن
اغتاله القاضي اليهودي إيهود بن جير لظلت المنطقة خاضعة له إلى النهاية ولما تيقنت القبائل الرحل كالمدينيين و العرب من ضعف
اليهود بادرت هي أيضًا إلى الغارة على المنطقة الشرقية ,و أرغمت أهلها على اللجوء إلى الجبال و المرتفعات ,كما أن العمونيين انقضوا
أيضًا على منطقة يهوذا وبنيامين وأخضعوا سكانها لمدة ثمانية عشر عامًا .و على فحوى هذه العترافات اليهودية يتبين لنا ,أن سكان
فلسطين ثابروا على مقاومة اليهود طيلة قرون عديدة و أذلوهم أكثر من مرة .و لول تعنت اليهود و سعيهم الدائم إلى تحريض أبناء قومهم
على متابعة القتال بغية تحقيق وعود يهوى المزعومة ,التي كان اليهود يؤمنون بصحتها لكثرة ما كان زعماؤهم و قضاتهم يرددونها على
مسامعهم ,لكان اليهود ذابوا في البوتقة الكنعانية منذ القرن الول لدخولهم إلى فلسطين ولكن مثابرة القضاة على حثهم لمتابعة القتال كانت
تجدد عزائمهم و تحيي في نفوسهم أحلم السلف .و تدفعهم لمتابعة العراك واعتماد أبشع الساليب من غدر و حيلة ,و تطبيق شريعة
القتال العام مع من ينتصرون عليه بغية إرهاب من ينوي مناوأتهم من العداء .بيد أن هذا السلوب لم يثمر مع سكان فلسطين ,ولم
ترهبهم همجية اليهود ,فظلوا يقارعونهم حتى أواخر القرن السادس قبل الميلد.
في القرن الثاني عشر قبل الميلد تعرضت سواحل أوروبا الجنوبية إلى الغزو الري الرهيب .فارتاعت القبائل التي كانت تقطن تلك
السواحل و فرت من وجه الغزو الري و اتجهت إلى سواحل إفريقيا الشمالية وسوريا و كانت القبائل الفلسطينية من جملة القبائل
المهاجرة التي اتجهت نحو الساحل الفلسطيني ,حيث حطت رحالها ولم تتمكن مصر من طردها .فتمركزت في بداية المر في مرفأ دور )
(Dorو من ثم توسعت تدريجيًا و أنشأت خمسة مراكز جديدة لعشائرها هي عسقلون ,و إشدود ,و عقرون ,و غزة ,و جث ,و نصبت على
كل منها أميرًا يدير شؤونها ,ويخضع بدوره إلى أمير جث الذي كانت جميع القبائل الفلسطينية تدين له بالولء ) حتى إن المصادر اليهودية
تطلق عليه ملك جث أو ملك الفلسطينيين ( و بعد أن سيطر الفلسطينيون على الساحل وازداد عددهم بادروا إلى التوسع نحو الشرق ,أي
13
ل .لكنهم تمكنوا في النهاية من دحر اليهود و
باتجاه المرتفعات التي كان اليهود قد سبقوهم لحتللها .فاصطدموا بهم واقتتلوا طوي ً
إخضاعهم لسلطانهم بعد أن احتلوا منطقة يهودا و من ثم شمعون ,و الجليل ,و أفرائيم .و المنطقة الشرقية و دمروا كثيرًا من مدنهم مثل
شيلو التي انتزعوا منها خباء المحضر و تابوت العهد .وأقاموا مكانها معبدًا خاصًا للهتهم ,و أرغموا اليهود على تقديم الطاعة لها .كما
أقاموا في كل مدينة يهودية مخفرًا عسكريًا لمراقبة أهلها و منعهم من التمرد .و هكذا سيطروا على كل المقاطعات اليهودية قرابة قرن
كامل .ولكن المصادر اليهودية تزعم أن هذه السيطرة لم تدم إل مدة عشرين عامًا في الوقت الذي تعترف فيه بأن الصراع بين الطرفين دام
من عهد القاضي يفتاح حتى عهد داوود .و هذه المدة التي تعترف المصادر اليهودية بدوام الصراع فيها تربو على القرن .و من هنا يتبين
لنا أن سيطرة الفلسطينيين دامت أكثر مما تعترف المصادر اليهودية بها ,أما أسباب انهزام اليهود أمام الفلسطينيين فتعزي إلى التفرقة
التي كانت تسود صفوفهم و تقاعسهم عن معاونة بعضهم بعضًا .
اختلف كتاب سفر القضاة في وصفهم لقيام الملكية المزعومة في المناطق اليهودية ,فقال رواة الفصول 12-10-7إن قيامها كان رغمًا عن
اليهود و خلفًا لنصوص الشريعة الموسوية التي تحرم النظام الملكي.
بينما قال رواة الفصول 15-11-9من نفس السفر أن قيامها كان بناًء على رغبة اليهود ويهوى معًا .و اختلف الرواة هذا ,أدى إلى
اختلف النقاد حول تحديد الظروف التي أحاطت بقيام هذا النظام الجديد فمن قائل إن انتصار شاوول غير المنتظر على الفلسطينيين كان
السبب للتفاف اليهود حوله ,ومن ثم المناداة به ملكًا على المنطقة.
بينما قال آخرون إن قيام الملكية استلزم كثيرًا من الجهود التي بذلها مفكرو اليهود لقناع شعبهم بضرورة تأييدها لمجابهة الخطار التي
تحيط بهم من جراء تمزقهم و تفرق شملهم.
ونحن إن كنا ل نختلف مع لودس على المبدأ ,إل أننا ننزع إلى الخذ بالنظرية الخيرة التي تنسجم مع منجزات القاضي صمؤيل ابن القانة
) صاحب السفر( الذي اشتهر بتعصبه القومي ,و تعلقه بالنظام و التنظيم ,و إذا دققنا فيما حققه من المور نجد أنه كان خلف عملية إقرار
النظام الملكي بين اليهود .و الدليل على ذلك هو كونه أول من بحث في الموضوع و خطط له .وأبرزه للشعب ,ثم وضع له الدستور الذي
حدد علقة الملك بالشعب و حقوق وواجبات كٍل منهما نحو الخر .وهذه المنجزات ما أظهره من الهتمام لحداثها ,تشير بوضوح إلى
عظمة الدور الذي لعبه في إحداث النظام الملكي ,وبالتالي تكشف عن مدى علقته به ,و من هنا ندرك أن صمؤيل بذل جهودًا جبارة
لرساخ فكرة الملكية في عقول اليهود قبل أن يتنازل لشاوول و يعلنه ملكًا على اليهود.
ل بمجرد إعلن شاوول ملكًا و الن و بعد أن أوضحنا ملبسات قصة النظام الملكي المزعوم ,بقي أن نعرف إذا كانت الملكية قد قامت فع ً
على اليهود ,و الجواب على هذا السؤال يكمن في طيات سفر الملوك الول الذي يبحث عن شاوول ,ويصفه بأنه كان شجاعًا مقدامًا تغلب
على بعض رجال القوات الفلسطينية بمفرده و أعلن عصيانه عليهم ,و كون جيشًا من رجال قبيلته منسي ليقاتل الفلسطينيين ,وكان يداهم
ل ,و يلوذ مع رجاله نهارًا إلى الجبال المحيطة بمسقط رأسه جبعة ,كما كان محبًا لليهود ل يحجم عن مساعدة كل من المخافر الفلسطينية لي ً
يستنجد به منهم ,فذاع صيته ,وعظم شأنه لدى السباط ,والتف حوله خيرة شباب اليهود أمثال داوود .و انتصر على ضويا و على
الموآبيين ,وطارد القبائل الرحل التي كانت تعتدي على اليهود ,واشتبك مرارًا مع الفلسطينيين.
لم يتخذ لنفسه قصرًا ولم يعين لمملكته عاصمة ,ولم يصك نقودًا ,ولم يفرض قط ضرائب و أتاوات .عاش طيلة حياته في الجبال مع
أنصاره ,انتابه مرض خبيث في أواخر أيامه ,فصار يشك في أقرب الناس إليه فانفض عنه أكثر رجاله .ولقد قتل أولده في موقعة جزرائيل
حيث اشتبك مع الفلسطينيين في قتال مرير أسفر عن هلكه و أولده و انهزام جيشه وانقراض دولته.
ومن خلل هذه القوال نستنتج أن زعم قيام الملكية في فلسطين في عهد شاوول ما هو إل زعم باطل أراد كتاب السفار إخراجه لتعظيم
شأن شاوول الذي اشتهر بورعه وانصياعه لرجال الدين الذين ينتسب كتاب السفار إليهم .فعمدوا إلى مكافئته عن طريق تسميته ملكًا في
الوقت الذي لم يكن فيه إل رئيس عصابة صغيرة ,تمردت على السلطات الفلسطينية ,واعتصمت بالجبال ,و كانت تقوم ببعض الغارات
الليلية على المراكز الفلسطينية بقصد مباغتتها و سلب ما تحويه من سلح ومال.
أما ما زعمته فصول السفر من النتصارات التي حققها على الموآبيين و ملوك الراميين و قبائل الرحل فتدحضه نتائج الحداث التي وقعت
لليهود مع ملك صويا و الموآبيين في أيام شاوول فحسب بل في العهود التي كان لليهود فيها ممالك و جيوش ,و أسفار الملوك المختلفة
تروي صراحة حوادث اندحار اليهود أمام ملوك أراميا و أمام ضربات الموآبيين و القبائل الرحل ,ولذا نعتقد أن هذه النتصارات لم تحدث
قط في عهد شاوول وليس لها نصيب من الصحة ,و ما هي إل من مستبطات كتاب السفار.
و الحداث التي أعقبت وفاته و التي تحدثنا عن استيلء داوود الطريد على عرش شاوول المزعوم ,رغم وجود وريثه الشرعي أشبوست
على قيد الحياة ,وفرار هذا الخير من حبرون ) التي زعم اليهود أنها كانت عاصمة شاوول الرمزية ( لعجزه عن ردع داوود من احتلل
مركز أبيه لهو أكبر دليل على كذب المصادر اليهودية القائلة بقيام الملكية في عهد شاوول فلو كانت هناك مملكة ودولة و جيوش ) تغلبت
على عدة قبائل و شعوب ( كما زعمت تلك المصادر ,لوجد أشبوست على القل بعض النصار و لعملوا معه على طرد داوود المعتدي الذي
ل ,و من كل هذا ,يتضح جليًا أنه لم يكن في ذاك العهد لدى اليهود ل ملك ول مملكة ,و إن كل ما قيل في هذا لم يكن معه سوى ستين رج ً
الصدد ل يخرج عن كونه من قبيل التلفيق الرخيص.
14
إمعانًا في التركيز على زعم قيام الملكية قبل عهد داوود و استدراكًا لللتباسات الكائنة في قصة شاوول ,تعود المصادر اليهودية و تذكر
لنا ,أنه على أثر مقتل شاوول ,انقسم اليهود إلى فئتين ,تناصر إحداها داوود و الخرى تدعم أشبوست ابن شاوول ,وتنهي قصة هذا
النقسام بذكر انتصار داوود و إعلنه ملكًا على حبرون بدًل من أشبوست الوريث الشرعي لشاوول ,والذي فر على إثره إلى المنطقة
الشرقية و أعلن انفصالها عن حبرون و نصب نفسه ملكًا عليها واتخذ قرية محنائيم عاصمة لها .و هكذا أصبح لليهود ) على زعم السفار
( دويلتان و عاصمتان وهم ما زالوا تحت السيطرة الفلسطينية ,و من ثم تتابع السفار و تروي لنا قيام الحرب بين الدويلتين ,وتذكر أنها
دامت سبعة أعوام ,وانتهت بانتصار داوود ) بفضل مساعدة الفلسطينيين ,وحدوث النشقاق و التمرد في صفوف أشبوست و مقتله على يد
قواده الذين خانوه لحساب داوود (.
و تزعم السفار أن داوود بمجرد انتصاره و انتهائه من توحيد شقي المملكة اليهودية ,عمد إلى التخلص من الفلسطينيين و أعلى الحرب
ل تحولعليهم ,و بعد صراع طويل تمكن من تقليص ظلهم عن المقاطعات اليهودية ,ثم بادر إلى تصفية القواعد الكنعانية التي ظلت طوي ً
دون توحيد المناطق اليهودية ,وبدأ بمهاجمتها على مراحل ,و إزالتها من الوجود و كانت القدس آخر هذه المعاقل و نقل إليها خباء
المحضر و تابوت العهد وأعلنها عاصمة لملكه.
و يعزو كتاب السفار اتخاذ داوود مدينة القدس عاصمة لمكله إلى كونه رغب في إبعاد شبهة التحيز ليهودا عن نفسه ,و لذا اختار إحدى
المدن الكنعانية ,ليكون لها هي أيضًا طابع الحياد و التجرد بوصفها عاصمة لملكه.
و تثابر السفار على سرد قصة داوود و تقول أنه بويع من قبل جميع السباط وأصبح سيد اليهود دون منازع ,ولما استتب له المر باشر
بتنظيم دولته ,فعين لها الوزراء ,ورؤساء الدواوين ,وكون جيشًا من المتطوعة و آخر من أفراد الشعب ,ونصب عليهما المراء والقادة,
كما نظم الكهنوت ورجال الدين و حدد الطقوس الدينية.
ولقد اشتهر داوود بالتقوى ,واحترام رجال الدين و العمل بسنن الشريعة ,و مع هذا عرف بحبه للبذخ والترف .فذكرت المصادر اليهودية
أنه بنى القصور و القلع لزوجاته وقواد جيشه ,واكتنز الموال الطائلة .و فيما يتعلق بانتصاراته العسكرية تقول السفار أنه أخضع
العمونين و الموآبيين ,وتحالف مع الفلسطينيين و الفينيقيين ,و اجتاح الممالك و الدول حتى أصبحت مملكته تشمل كافة القطار الواقعة
مابين النيل و الفرات .وفي وصف مناقبه لم يدخر كتاب السفار وسعًا ,حتى القلم اليوم يعجز عن تسطير كل ما قيل عنه ويزعم اليهود أن
عهده كان خير ما عرفوه من العهود ,لذا فهم يطلقون عليه اسم العهد الذهبي ,ويحلمون حتى اليوم بعودته.
و من كل هذا المديح الذي يكيله السفر لداوود ,و يعود ليروي لنا في فقرات أخرى ,تآمره مع الفلسطينيين على شاوول و قومه و إقدامه
على إعدام من بشره بوفاة غريمه شاوول ,وقتله الذين ألحقوا به مملكة عدوه أشبوست ,واغتصابه نساء أتباعه و تحريضه سليمان على
قتل أعدائه الذين سبق و أن عفى عنهم .ومن خلل هذه القوال يتضح أن داوود لم يكن ليحجم عن ارتكاب الخيانة القومية ,ول عن الغدر
بمن أخلصوا له ,ولم يكن منزهًا عن الهوى و الحقد .وهذه الخصال تناقض كل ما أضفي عليه من المناقب في الفقرات السابقة.
و هذا التناقض البارز في السفر فيما يتعلق بشخص داوود ,نلحظ وجوده أيضًا في البحث عن مملكته ,لن السفر الذي وصف مملكته بأنها
كانت تشمل جميع البلد الواقعة بين الفرات و النيل ,يعود في بعض فصوله ليؤكد لنا تحالف داوود مع الراميين ) أي مع المارات التي
كانت تطوق الجبال الفلسطينية من الشرق وعلى طول نهر الردن (.
و مع الفينيقيين ) أي مملكة صور التي كانت حدودها تلمس حدود منطقة الجليل ( و مع الفلسطينيين ) أي سكان المناطق الساحلية (
ومن فحوى البحث عن هذه التحالفات يتضح لنا أن مملكته كانت واقعة في البقعة المحصورة ما بين لبنان من الشمال ونهر الردن من
الشرق ,و السواحل الفلسطينية من الغرب ,والدولة المصرية من الجنوب .وبكلمة أوضح المنطقة الجبلية من فلسطين فقط ,و من هنا
يظهر بجلء مدى ما وصل إليه كتاب السفار من حب المغالة و التلفيق ,و استخفافهم بكل القيم الخلقية و الدبية والتاريخية فيما كتبوه
عن شعبهم و ماضيه ,ومدى الثقة التي يمكن للقارئ أن يولي المصادر اليهودية عند بحثها عن تاريخ شعبها ,فما أحوج اليهود إلى الرثاء
ما دام هذه هي صفات كتابهم و هذا هو تاريخهم !؟
على إثر تمرد أبشالوم ,و احتلله القدس ,واعتدائه على سراري أبيه الذي هرب من عاصمة ملكه خشية بطش المتمرد و ما تعرض له من
الذل أثناء فراره ,فقد داوود ثقته بأكثر أولده ووعد زوجته بتشايع التي كان قد اغتصبها من أوريا الحثي بأن يورث ابنها سليمان العرش
من بعده ,ولما علم أولده الخرون بهذا المر ,عادوا إلى التآمر عليه .و على الخص أدونيا الذي كان يسعى لزاحة سليمان ليحل مكانه.
وعندما شاخ داوود ,وقرب أجله ,جزعت بتشايع من أن يفاجئه الموت ,فيستولي أدونيا على العرش ويحرم سليمان منه ,فتقدمت برفقة
ناتان النبي تطالب زوجها بتحقيق وعده لها وتنصيب سليمان على العرش قبل فوات الوان.
فلبى داوود طلبها ,وأجلس سليمان على العرش ,وهو ما زال على قيد الحياة ,ثم زوده بالرشادات ,حذره من أعدائه و أوصاه بأن يثأر من
شمعي و كل من أساء له في الماضي.
ويبدو أن سليمان كان بحق ابن أبيه ,فدشن أعماله باليعاز لقائد جيشه بانايا بأن يقتل كل من أدونيا ,ويوآب و شمعي ,و لما تم له ذلك ,أمر
بعزل أبياتار ) الحبر العظم ( من منصبه ,وأبعد عن مراكز النفوذ كل من ناصر أدونيا في الماضي.
ولما تخلص من أعدائه ,سارع إلى تجديد المحالفات مع جاراته ,وأعاد تسليح وتنظيم جيشه ,وأحدث قانون السخرة وفرضه على غير
ل بإرشادات صديقه حيرام صنف العمال إلى أستاذة و معلمين و أجراء ) يقول بعض النقاد ,إن حيرام هذا ,هو أول اليهود من أتباع .وعم ً
من أوجد فكرة الماسونية ,و إن تنظيماتها الحالية انبثقت عن التصنيف المبحوث عنه في سيرة سليمان( .ثم بنى هيكله الشهير ,وأحدث
أسطوًل تجاريًا فخمًا .بيد أن اليهود لم يستسيغوا التجارة البحرية ففشلت مساعي سليمان في الميدان التجاري وخابت آماله فيه.
وتذكر المصادر اليهودية أن سليمان كان مزواجًا ,اتخذ لنفسه عشرات الزوجات من مختلف الشعوب ,وبنى لكل منهن معبدًا خاصًا للهتها
لتمارس فيه طقوسها الدينية ,و بعض هذه المصادر اليهودية تزعم أن سليمان كان يشارك بعضهن في عبادة الوثان ,وتتهمه بالوثنية,
وذكر عن سليمان أنه فرض ضرائب فادحة على أفراد الشعب ليتمكن من تغطية نفقاته الكثيرة .مما أدى إلى تذمر الشعب و اتهامه
بالسراف و إنفاق أمواله على قبيلته يهودا و تحيزه لها.
15
وتذكر السفار أن قبيلة أفرائيم تمردت تحت زعامة ياربعام ابن نباط على سليمان بسبب هذه التهم المنسوبة إليه ولكن جنود سليمان
تمكنوا من قمع الثورة بسرعة فاضطر زعيمها على الفرار إلى مصر.
ويبدو أن سليمان لم يكن مقدامًا مثل أبيه فلم تحدث في عهده معارك هامة أو فتوحات ذات بال ,وجل ما تذكره السفار في هذا الصدد ,ل
يعدو قصة اصطدامه مع المير هدد الدومي الذي عاد في عهده إلى البلد وأعلن انفصال بني قومه عن مملكة سليمان ,بعد أن كانت قبائله
تخضع لليهود منذ عهد داوود .وتروي السفار أيضًا وقوع حرب بين سليمان و ملك صويا ,انتهت دون أن ينتصر أحد الطرفين.
أما المزاعم اليهودية المتعلقة بسعة ملكه و عظمة سطوته فل أساس لها من الصحة .وقصة احتلله لحماة وما جاورها من البلد ,وإقدامه
على بناء تدمر و بعلبك فهي أيضًا عارية عن الحقيقة .لن كافة المصادر التاريخية أجمعت على أن سليمان لم يخض معارك حربية ضد
الدول المتاخمة لحدوده وفي الحالة هذه كيف كان يمكنه أن يخوض معارك ضارية في البلد الواقعة خلف حدود جاراته؟ وعلى الخص في
منطقة حماة التي تفصله عنها مملكة صور و إمارات آرامية عديدة ,وللوصول إليها كان المفروض به أن يجتاز بلد صويا و المارات
الرامية ,التي سبق أن عجز عن إخضاعها تمامًا مثلما عجز عن إخضاع الدوميين الذين استردوا منه حريتهم دون أن يجرأ على
مقاتلتهم ,فلو كان قادرًا على فتح حماة و ما جاورها من البلد ,لكان الجدر به أن يخضع آدوم و صويا القريبتين منه .بدًل من أن يزج
جيشه في ميادين حربية بعيدة تفصله عنها دول عدوة عديدة .أما ما ذكرته السفار عن بنائه لتدمر وبعلبك ,فل يستحق التعليق عليه ,لن
هذه الفرية يكذبها واقع المدينتين المذكورتين وما يعلمه العالم أجمع عنهما.
أما شهر سليمان الفلسفية والدبية التي انبثقت عن سفره الذي اتفق جميع النقاد على أنه كتب في القرن التاسع قبل الميلد أي بمئة
وثلثين عامًا بعد وفاته فهي تحتاج إلى كثير من الدلة والثباتات لدعم نسبتها إلى سليمان الذي قضى نحبه قبل تلك المدة الطويلة التي
سبقت عهد كتابة السفر المنبثقة عنه.
ولقد قال النقاد أيضًا عن هذا السفر بأنه كتب في القرن التاسع قبل الميلد ,وهو وإن كان ل يخلو من بعض الوقائع التاريخية الصحيحة ,إل
أن أكثر ما جاء فيه يتألف من القصص الخيالية ,و الحاديث ,و المثال الشعبية ,التي ل تمت إلى الحقيقة بصلة.
أما ما نسب فيه إلى سليمان من التعمق في الحكمة والتضلع في الدب ,فيبدو أنها من بنات أفكار كتاب العهود التي أعقبت عهد سليمان و
مملكته ,و من خلل الراء يتضح للقارئ مدى ما وصل إليه كتاب السفار من حبل التلفيق و التضليل .مما يؤدي بنا إلى الشك في كل ما
قالوه و ما كتبوه و بالتالي إلى عدم الخذ بكل أثر لهم.
أما فيما يتعلق بالتنظيمات الداخلية التي قيل أن سليمان حققها ضمن دولته فقد أجمع النقاد على أنها كانت رائعة إذ أبرزت اليهود لول مرة
في التاريخ بصورة الشعب ذي الكيان الموحد وأضفت على دولتهم صفات الدولة الحقيقية.
ومن العدل أن نعترف بأن عهد سليمان كان العهد الفريد الذي يحق لليهود أن يقولوا عنه أن كان لهم فيه دولة ,وإن لم تدم إل أربعين عامًا
ثم هوت مثلما قامت.
سبق وقلنا إن سفر الملوك اتهم سليمان بالسراف والتحيز ,وفرضه الضرائب الفادحة على الشعب ,وذكرنا أن أفرائيم ثارت عليه ,و لكنه
قمع ثورتها و أرغمها على الرضوخ لمشيئته ,وهذه الحادثة أثارت ضده حفيظة أكثر القبائل اليهودية فأضمرت له و ليهوذا الشر ,وصارت
تتحين الفرصة المواتية لتنقض عليهما.
ولما وافاه الجل نحو عام 935قبل الميلد سارع ياربعام ابن نياط زعيم ثورة أفرائيم الذي كان لجئًا لدي شيشنك ) (Chéchangفرعون
مصر بالعودة إلى أفرائيم وبادرة بإثارة أهلها على ورثة سليمان فلقت دعوته هوى في نفوس أسباط اليهود ,فتمنعت عن مبايعة رحبعام
ابن سليمان ,إل بعد أن يلغي الضرائب التي فرضها سلفه عليها و أن ينشر التساوي بينها ,و يعلن عدم تحيزه ليهودا .ولكن رحبعام أبى أن
ينصاع لمطالب زعماء اليهود ,فثار الشعب عليه في أفرائيم ,فلم يسع رحبعام إل الهرب إلى القدس ,تاركًا أنصاره بين أفراد الشعب الذين
فتكوا بهم بإيعاز من ياربعام ,ومن ثم أعلن سكان أفرائيم انفصالهم عن القدس ,و اختيارهم ياربعام ملكًا على سبطهم ,وتسميه مملكتهم
الجديدة بإسرائيل.
ولما رأت السباط الخرى ما قام أفرائيم به ,انضمت بدورها إليها ,و لم يبقى منها مع يهودا التي كانت تشايع ورثة سليمان إل سبط
بنيامين .و هكذا انقسمت مملكة سليمان إلى دويلتين ,ولقد تم هذا النشقاق بكل هدوء وسكينة ولم يعقبه أي رد فعل من قبل رحبعام ابن
سليمان الذي فضل السكوت وقنع بأن يصبح ملكًا على سبطين بعد أن كان يملك السباط الثني عشر اليهودية.
وهذا التخاذل الذي بدل من رحبعام و الذي تعترف السفار به إن دل على شيء فإنما يدل على كذب كتاب السفار الذين زعموا أن مملكة
سليمان تمتد حتى الفرات و أنه كان يملك الجيوش الجرارة ,و كان له العديد من النصار و الولة الخ .فلو كان لسليمان قليل مما ذكره
كتاب السفار لما كان رحبعام قبل بهذا المصير ولكان استنجد بالقوات والجيوش التي زعمت المصادر اليهودية أنها كانت تدين لسليمان
بالولء ,ولكان أخمد عن طريقها ثورة سليمان و أخضعها إلى طاعته .ولكن عدم وجود تلك الجيوش الجرارة إل في مخيلة كتاب السفار,
أرغم رحبعام على ابتلع الهانة و القبول في المر الواقع ,وهذه النتيجة تدحض بكل بساطة قول المصادر اليهودية عن عظمة مملكة
سليمان ,وتظهر أنه لم يكن يملك إل السباط اليهودية وحدها ,وإن نفوذه لم يتعد قط القوقعة اليهودية الصغيرة.
ولقد علق لودس على هذا النقسام بقوله أنها كانت بداية النهاية إذا قضى على العهد الذهبي القصير الذي مازال اليهود يتغنون بقيامه
حتى اليوم .و يبدو أن لودس أصاب كبد الحقيقة في قوله هذا ,باعتبار أن السفار تعترف بأن الفلسطينيين عادوا على إثر وقوع النقسام
إلى مهاجمة المناطق اليهودية و أعادوا نفوذهم حتى مشارف القدس و الخليل ,كما أنها تعترف أن الحرب كانت سجاًل بين الدولتين طيلة
قرون عديدة ,وكان زعماء كلتيهما ل يتورعون عن الستنجاد بالغراب ليناصروا إحداها ضد الخرى ,كما كانت كل واحدة منهما تتآمر
على شقيقتها مع الدول المجاورة ,وتعمل للقضاء عليها .و من هذا القبيل تحدثنا السفار عن أن ياربعام ملك إسرائيل حرض مضيفة
السابق شيشنك على يهودا .فجاء شيشنك واحتل يهودا و إسرائيل معًا و أخضع كلتيهما لنفوذه .وتروي السفار أيضًا أن آسا ملك يهودا,
استنجد بأمير دمشق على إسرائيل ,فلبى الملك الرامي دعوته وجاء إلى إسرائيل و دمر عدة مدن فيها وقتل العديد من سكانها ثم عاد إلى
قواعده سالمًا غانمًا.
16
و رغم اعتراف السفار بهذا التمزق القومي الشنيع الذي أصاب قومها ,تأبى إل أن تخلق له النتصارات و إن كانت وهمية فتزعم عند
ل ,و تضيف قائله إنه انتصر على زيراح ملك الشوريين ,و كأن بحثها عن آسا ملك يهودا بأن كان يملك جيشًا قويًا قوامه المليون رج ً
كتابها لم يسبق و أن اعترفوا باستنجاده بأمير دمشق لينصره على إسرائيل الصغيرة .وفيما يتعلق بهذه المزاعم يقول النقاد إنها محض
تلفيق بدليل عدم وجود ملك آشوري في التاريخ يحمل اسم زيراح ولعدم ذكر المصادر الشورية و المصرية شيئًا عن حدوث حرب في عهد
آسا .وخلو المكتشفات و المخطوطات الثرية التي عثر عليها عما يشير لزيراح أو لحرب وقعت في عهد آسا مع مصر أو آشور .و من هذا
ندرك أن قصة انتصار آسا ليست سوى فرية يهودية تضاف إلى قائمة الفضائح اليهودية التاريخية.
كما أن اعتراف السفار باستنجاد آسا بملك دمشق ثم اعترافها بغزو القبائل الرحل لمدينة القدس و لمنطقة يهودا وتخاذل اليهود أمام
صويا و آدوم تكفي لتوصم كتاب السفار بالتلفيق والكذب.
ومما سبق شرحه يتضح أن يهودا و إسرائيل كانتا بعد النقسام بمثابة ولية تابعة للمنتصر بين الدولتين الكبيرتين مصر و آشور ) ومن
ثم الكلدان ( اللتين كانتا تتنازعان السيطرة على ربوع الشرق الوسط ,أما الوضاع الداخلية لكل من دولتي اليهود فكانت على ما تقوله
السفار متردية بصورة دائمة من جراء التطاحن الذي دام بينهما ,و كثرة النقلبات ,وحوادث الغتيال والقتل ,ولهذا كانت كل من مصر و
آشور تنظر إليهما نظرة منبع الضطراب و القلق في المنطقة ,ولما احتلت آشور فلسطين بعد أن هزمت مصر ,كانت تراقب الدويلت
اليهودية بعين الحذر و اليقظة ,لكن إسرائيل لم تكن تركن إلى الهدوء فتعمدت إلى التمرد على آشور ,نحو عام 721قبل الميلد فما كان إل
من ) تجلت فلصر ( ملك آشور إل أن اجتاحها بجيوشه الجرارة ودمر عاصمتها السامرة ,و أجلى أهلها إلى بلد ما بين النهرين و قضى
على آثارها إلى البد.
ولما رأت يهودا ما حل بصنوها جنحت إلى الحذر واليقظة حتى إن قامت دولة الكلدان التي خلفت آشور ,فبادرت يهودا عام 596إلى إعلن
عصيانها على الدولة الجديدة فأذاقها ) بختنصر ( الكلداني من الكأس الذي شربت منه إسرائيل ,فدمر القدس وأجلى أهلها إلى بابل و هكذا
قضى على إسرائيل بدورها.
ل من الديانتين
منذ أقدم العصور والعتقاد السائد هو أن الديانة اليهودية كانت دائمًا وحدانية ,و هذا العتقاد هو الذي أوهم الناس بأن ك ً
النصرانية و السلمية انبثقت عنها ,و الشيء الذي دعم هذه النظرية هو قول المسيح بأنه أتى ليكمل ما بدأ به وليس ليهدمه ,ومن ثم
احتضان الكنيسة التوراة بوضعه الراهن أي بعد أن دخلت اصطلحات عهد يوشيا و المنفى و ما أعقبهما من عهود ,و كان من الطبيعي أن
تتقبله الكنيسة بعد هذه الصطلحات و أن تعتبره كتاب توحيد ل غبار عليه ,وهكذا نجح أنبياء المنفى ومن سبقهم من مصلحي القرن
السادس قبل الميلد في إبراز التوراة وكأنه كتاب توحيد عام .و لكن إذا دققنا في نصوص السفار الباحثة عن العهود السابقة لعهد المنفى
و تمعنا جيدًا فيما تذكره عن الطقوس الدينية التي كان يتبعها اليهود قبل القرن السادس ,لتضح لنا أن اليهود لم يكونوا موحدين
Monotheistesقبل عهد يوشيا قطعًا .إذ المعروف هو أن فئة الثنيويين هي التي صاغت التوراة على شكله الراهن في عهد يوشيا أي
فيما 696و 622قبل الميلد وهي التي أظهرته للوجود لول مرة ,و زعمت أنها عثرت على نسخة الكلمة الصلية في خباء المحضر,
وراحت تروجه بين اليهود و مسلكها هذا ,أثار عليها بعض أنبياء اليهود مثل إرميا Jeremieالذي اتهمها بتحريف الكلمة أي التوراة,
وزعم أن الكلمة يجب أن تظل شفهية ,وأن تصدر فقط عن النبياء ,ولكن وقوع الكارثة وجلء اليهود إلى المنفى أبدل رأي أنبياء المهجر
في المر ,فاعتمدوا الكلمة المكتوبة ,وأدخلوا على التوراة مفاهيم جديدة تفوق المفاهيم الثنيوية بكثير ,وأضفوا على ألوهية يهوى
العمومية و الشمول ,وبدأوا يعرفونه بأنه رب العالمين ,وليس رب إسرائيل فقط .ولقد تميز في سلوك هذا النهج الجديد النبي حزقيال الذي
كان يدعو أفراد شعبه إلى التمسك بيهوى وعدم الخروج عن طاعته ,ويزعم أن المصائب التي نزلت بهم ,ما كانت إل عقابًا لهم لتمردهم
في الماضي على يهوى الذي اختصهم بين الشعوب بحمايته و أنه سوف يعفو عنهم بمجرد أن يعلنوا التوبة ,ويحقق لهم جميع ما وعدهم
به.
وهذه التوعية الجديدة التي بنيت على الوحدانية ,هي التي صورت اليهود للناس وكأنهم كانوا أبدًا وحدانيين ,وهي نفسها التي حدت
بالمسيح ليقول أنه جاء ليكمل وليس ليهدم ,ونحن وإن كنا نعترف بأن الشريعة اليهودية ) ( Judaismeالقائمة حاليًا هي وحدانية ,إل أنه
ل يسعنا التسليم بأنها كانت دائمًا كذلك ,لن نصوص سفر الخروج في هذا الموضوع هي أصرح من أن تكون موضع جدل ,إذ أنها تقول أن
اليهود كان يعتبرون يهوى الرب الخاص بهم ,ولهذا أطلقوا عليه لقب رب إسرائيل .كما أنها تشير إلى أنهم كانوا يعتقدون بوجود آلهة
أحرى اختصت بالقوام المختلفة ,ويقولون إن يهوى كان يناصرهم على القوام العدوة و آلهتها معًا .وسفر القضاة يذكر هو الخر أن
اليهود كانوا يتخذون أسماء اللهة الغريبة ليتباركوا بها تحسبًا لنقمتها وغضبها .كما أن يهود مصر ) في العهد الفارسي( كانوا يشركون
البعول و اللهة المصرية مع يهوى في مذبحه .ويقدمون لها الذبائح والقرابين على قدم المساواة معه .و كل هذا إن دل على شيء فإنما
يدل على أن اليهود لم يكونوا قط موحدين بل إنهم كانوا يعبدون يهوى في المرتبة الولى و يشركون به آلهة أخرى أو على القل يعترفون
بوجودها و هذه العبادة تسمى بالعبادة التفضيلية ) (Monolatrieوهي نوع من الشرك أي ).(Polytheisme
ل ,ولذا كانوا يلجأون إليهولقد أجمع النقاد على أن اليهود كانوا يعتبرون يهوى الرب الخاص بهم ,ولكن لنواح وأمور معينة كالحرب مث ً
في الملمات الحربية و السياسية فقط ,وفيما عدا ذلك كانوا يعتمدون على آلهة البلد التي كانت بزعمهم ترعى شؤونهم الخرى ,كالزراعة
و المعيشة بصورة عامة ,وهذه المعتقدات هي التي كانت تدفعهم إلى عبادتها و إقامة المذابح لها ,كما رأيناها في أكثر قصص سفر القضاة,
وفي عند دويلة إسرائيل خاصة ,ولقد ظل اليهود على معتقداتهم هذه إلى أن انقرضت دويلة إسرائيل ,وجل أهلها إلى المنفى ,وعندها فقد
اليهود تمامًا ثقتهم بيهوى ,فخرج أكثرهم عن طاعته ,واتبعوا آلهة المنتصرين .هذا الموقف الجديد هو الذي دفع الثنيويون إلى السراع
في إدخال الصطلحات على المعتقدات القديمة ,والدعاء بعثورهم على التوراة المنسوب إلى موسى ,والسعي لتعميمه بين أفراد الشعب
أملً بتقوية معنوياته ومنعه من الخروج على يهوى .ولكن القدر أبي إل أن يلحق يهودا بشقيقتها إسرائيل ,فوقع ما كانا يخشاه
المصلحون ,فانبرى أنبياء المهجر يتصدون للوضع الجديد ,فأحدثوا المفاهيم العامة التي بحثنا عنها ,واستنبطوا الحجج لتبرير فشلهم في
فلسطين ,ونسبوه إلى الخطاء التي ارتكبها الشعب ,ومن ثم عمدوا إلى تطمينه بإيهامه أن يهوى ) رب العالمين ( سيعود لحمايته و
17
إخراجه من مأزقه .ومن ثم عمدوا إلى تلقينه المفاهيم التي أوجدوها و المكونة مما تحتويه الشريعة اليهودية الحالية المسماة بـ)
(Judaismeوهكذا أصبح اليهود موحدين.
ويا ليت اليهود ظلوا على ما كانوا عليه ,لن اعترافهم بأن يهوى هو الرب الوحد العام مع الحتفاظ بفكرة تخصصه بهم جعلت مطامعهم
السياسية موازية مع هذه الفكرة ,التي شرع زعماؤهم و كتابهم بتعميمها على أفراد شعبهم و حثهم على العتقاد بأنهم سادة البشر و
أحفاد من اختيروا لتوجيه البشرية وقيادة الشعوب الخرى .ومن هنا تكونت لدى اليهود فكرة التفوق العنصري ورسخت في أذهانهم نزعة
السيادة اليهودية العالمية ودأبوا على السعي لتحقيقها منذ ظهور شريعتهم الجديدة.
وهكذا نلحظ أن أنبياء المهجر ومن ثم حكماء التلمود استمدوا القوة من نكستهم التي أضعفتهم و خرجوا على بني قومهم بفكرة السيادة
العالمية هذه التي يعمل اليهود اليوم على تحقيقها بكل ما أوتوا من قوة اقتدار.
ملحظة :إن ما أوردناه فيما سبق عن المعتقدات اليهودية نقلناه عن كتاب تطور البشرية -إسرائيل من البداية حتى منتصف القرن الثامن
قبل الميلد ( للسيد أدولف لودس .ولقد أدرجناه حسبما ورد فيه بغية إعطاء فكرة سطحية للقارئ الكريم عن تطور المعتقدات اليهودية
ل في أغراض مؤلفنا هذا. دون أي إضافة ,لعدم علقته أص ً
أجمع النقاد على أن المصادر اليهودية هي أفضل المصادر قاطبة للحكم على المسلك السياسي والجتماعي الذي كان يسلكه اليهود تجاه
الشعوب الخرى لنها تصف علقاتهم مع الشعوب التي عايشوها بكل دقة وأمانة وعلى صورة فريدة من نوعها ,فهم تارة أناس طيبون,
وينزعون للهدوء ,و يحتكمون للحق و يتقبلون المنة ) إشارة إلى مسلك إبراهيم في مستهل حياته وقبل أن يصبح مالك عبيد وأموال(
وأخرى يظهرون وقد استأسدوا وتنكروا للفضل والمروءة ) إشارة إلى موقفهم من شكيم و أهل نابلس وما ارتكبوه من وحشية ( ثم يعودا
ليتظاهروا بالخضوع والخنوع )إشارة لمسلكهم مع أهل مصر وفرعونها ( ليصلوا إلى مقاصدهم ,ومرة أخرى وإذا بهم يصبحون جبابرة
عتاة ل يعترفون بالحق ول يعفون حتى عن الطفل الرضيع والحيوان العجم ) إشارة لتطبيقهم سنة القتل العام في فلسطين( فهم دائمًا
متقلبون يتفاعلون مع أوضاعهم السياسية ,فعندما يشعرون بالقوة بأنفسهم ل يعترفون بأي قيمة معنوية ,وفي حالة العجز و الضعف
يتعلقون بكل المثل والقيم التي عرفت منذ الخليقة ليحتموا خلفها .و مسلكهم هذا دفع نقاد التاريخ إلى وصفهم بأنهم وحوش ضارية,
متعطشة للدماء ديدنها الحقد والغدر .ل تعترف بالحق ,ول تحفل بالوفاء.
وخصالهم هذه هي التي أفقدت ثقة الشعوب القديمة بهم ,وأرغمتها على التألب عليهم وتمزيق شملهم و تشتيت جمعهم,لتتخلص من
مؤامراتهم و دسائسهم و تتجنب شرورهم.
أما ما زعمه المؤرخ اليهودي يوسفيوس من أن اليهود كانوا على شيء من الحضارة الثقافية كتضلعهم في علم الفلك أو سواه ,فإنه
يحتاج إلى براهين كثيرة ,لن النقاد أجمعوا على القول بأن كل أوجده اليهود في التلمود من العلوم أخد عن الشوريين و الكلدانيين في
عهد المنفى ,وجل ما أورثه اليهود للنسانية من مناقب فيلخص بإحداثهم القطاعية ) التي أوجدها يوسف في مصر( و استنباطهم
الجاسوسية ,وابتكارهم سنة القتل العام الشنيعة.
و الن وبعد أن أوجزت آراء علماء ونقاد التاريخ في المجموعة السداسية وما يتبعها من السفار ,أرى أن أدلى بدلوي معهم ,و أشرح ما
استنتجته بدوري من قصص هذه السفار بعد أن اطلعت على عدة ترجمات للعهد القديم ) الكاثوليكية والبروتستانتية و التركية ( وتصفحت
العشرات من كتب النقاد,وأجريت المقارنات العديدة بين ما قالته السفار عن أبطال قصصها ) كإبراهيم وإسماعيل وإسحاق و يعقوب
ويوسف و موسى ( و ما قالته عنهم الكتب الدينية الخرى ,وما لمسته من التوافق العجيب الكائن بين محتويات قصصها ومسلك اليهود
السياسي والجتماعي عبر التاريخ.
وقبل الخوض في صميم الموضوع ,أرى لزامًا علي أن اعترف بأنني على وفاق تام مع النقاد في كل ما يتعلق بهذه السفار ,اللهم إل في
نقطة واحدة :هي أن النقاد أجمعوا على أن البدء بتأليفها كان في منتصف القرن التاسع قبل الميلد ,بينما نرى أن بعد قدماء و مؤرخي
التاريخ كالسيد سكردر مؤلف ) التاريخ و العهد القديم صفحة ( 245والب مور ) من كتاب مجلة البحاث الدينية ( و الب فيكتور مؤلف )
الكتاب المقدس و المكتشفات الحديثة ( ويوسفوس مؤلف ) التاريخ اليهودي( و المطران ديس )مؤلف تاريخ سوريا ( يذكرون ) دون أن
يتطرقوا لبداية تأليف السفار( إن أول من اعتمد الكتابة من أفراد الشعب اليهودي هو القاضي صمؤيل ,وينسبون إليه وضع الدستور
الخطي لشاوول ,وتأليف سفري الملوك الول والثاني .و السفار بدورها تشير إليه بكونه أول من استعمل الكتابة بين رجالت اليهود ,مع
التمسك طبعًا بزعم نزول السفار السابقة لعهده على موسى ) هذا الزعم الذي أوضحنا آراء العلماء فيه ,والذي تدحضه كل القرائن(.
و بما أن الفارق الزمني بين العهد الذي حدده النقاد لبدء كتابة السفار وبين عهد صمؤيل ) الذي أجمع المؤرخون والسفار على أنه أول
من اعتمد الكتابة من اليهود( ليس له الهمية الزمنية بالقدر الذي يعرض التقديرات التاريخية للخلل ,وخاصة بعد كل ما لحظناه من
الفوضى التاريخية ) أي فوضى تحديد الزمن( في تحديد أحداث السفار ,فإننا نرى أن اعتبار البدء بكتابة السفار في عهد صمؤيل ,هو
أقرب للصواب ,ليس أخذًا بما قاله سكردر وأنصاره أو ما ذكرته السفار فحسب بل لسباب عدة أخرى ,منها انفراد صمؤيل بين أترابه
القضاة ) إذ كان خير ما فيهم جاهل غر ,أو قاطع طريق ,أو طريد عدالة ( بسعة العلم التي حصل عليها بفضل إقامته منذ طفولته في كنف
الكاهن عالي الحبر الذي كان اليهود يعتبرونه حجتهم في العلم والمعرفة ,وما أظهره صمؤيل من الفطنة والذكاء إبان مزاحمته لستاذه
على زعامة اليهود ,و ما بدر عنه من الحنكة الدارة بعد أن أصبح قاضيًا عليهم,وما حققه من تنظيمات ذات أثر طويل المد على سير
الحكم في إسرائيل,و ما ابتدعه من أساليب التدريس ,ما أوجده من المعاهد التي كانت تخرج القادة و النبياء .وهذه المنجزات الصموئيلية
و ما اختص به من المؤهلت هي التي تدفعني لتخاذه منطلقًا لتحليلي الخاص,وتشجعني على العتقاد بأنه هو الذي استنبط قصص
السفار الباحثة عن السلف الولين ,ما يتبعها من روايات ,بغية تحقيق أهداف معينة لصالح بني قومه ,الذي كانوا بأمس الحاجة آنذاك
18
لمن يرفع من معنوياتهم ,ويجعلهم قادري على النهوض من الكبوة التي كانت تزيلهم من الوجود ,بعد اندماجهم مع الشعوب الخرى و
خضوعهم لها ,هذا الخضوع الذي ولدته التفرقة التي سادت صفوفهم ,بعد أن تم تمركزهم في فلسطين ,و التي كانت أقامت كل عشيرة من
عشائرهم في ناحية منها ,وانقطع التصال فيما بينها وذلك بعد أن زالت السباب التي حققت وحدتها المفتعلة في عهد موسى ) البحث عن
مجال حيوي للعيش( فعادت كل واحدة منها لما كانت عليه في سابق عهدها من الستقلل في شؤونها ,والتنكر لشقيقاتها ) على حد قول
بعض النقاد الذين قالوا بوجود قبائل آرامية و مدينية بين القبائل العبرانية( ,واحتقار بعضها لبعضها الخر بزعم وجود تفاوت عنصري
فيما بينها ) مثل احتقار أفرائيم ليهودا وكالب بزعم أنهما أنصاف يهود( الشيء الذي أدى إلى قيام المنازعات العديدة و حتى إلى القتتال
الوحشي بينها ) مثل القتال الذي قام بين بنيامين و العشائر الخرى (.
وهذه العوامل هي التي حدت بأكثرها لن تلوذ بالعزلة وتتناسى الخريات,و من ثم تنحدر رويدًا رويدًا نحو النصهار مع الكنعانيين أو
سواهم .ويبدو أن صمؤيل لحظ كل هذه المساوئ ,وقدر المخاطر التي كانت تهدد بني قومه ,ولما سنحت له الظروف أن يتزعم اليهود
تخيل أن في قدرته جمع صفوفهم باستغلل الرابطة الدينية ,التي كانت مازالت قائمة بينهم ,فباشر يدعوهم إلى الرجوع إلى يهوى والكف
عن معصيته ,والمتناع عن مصاهرة الكنعانيين ,ونبذ ما اقتبسوه عنهم من المعتقدات والتقاليد .ولكن سرعان ما تبين له أن دعوته ل تلقى
الترحيب الكافي .فتجاوزها واتجه إلى تحقيق فكرته عن طريق إحداث النظام الملكي بين اليهود ) أسوة بالشعوب المجاورة( ولكنه خشي
معارضة الشعب لقيام هذه النظام المحرم من قبل الشريعة الموسوية ,وتجنبًا لهذه العقبة باشر سرًا في التمهيد له ,بينما كان يتظاهر
بمناهضته ,ويقول علنا أنه يؤدي بالحاكم إلى الغطرسة والستبداد ,وبالشعب إلى الذل والخضوع .وفي نفس الوقت يصرح بأن
الفلسطينيين والكنعانيين يدينون بانتصاراتهم العديدة للنظام الملكي السائد عندهم ,ويعزو هزائم اليهود المتكرر لفتقارهم إلى وحدة القيادة
و التفرقة التي كانت تسود عشائرهم.
وإزاء هذه القوال المتضاربة التي كانت تصدر عن صمؤيل ,احتار اليهود في تفسير الحكمة من تحريم الشريعة الموسوية لقيام الملكية
التي كانت على زعم صمؤيل ملذهم الوحيد للتخلص من أعدائهم.
وبعد أن طال الجدال حول هذه الموضوع قرر اليهود قبول النظام الملكي على أن يحتاطوا لشروره التي تكهن بها صمؤيل بأن يكلفوه
بوضع الترتيبات للحيلولة دون حدوثها.
وهكذا نجح صمؤيل في جر الشعب إلى المطالبة بإقامة النظام الملكي ) المحرم بموجب الشريعة الموسوية ( وحصل على التفويض لوضع
الشروط و اللتزامات اللزمة لقيامه.فسارع بوضع دستوره الذي حدد فيه علقة كل من الملك والشعب بالخر.
ثم أخضعهما لمراقبة رجال الدين الذين كان يعتبرهم صمؤيل خير من يمكنهم تسيير أمور اليهود ضمن إطار الدين ) الرابطة الوحيدة التي
كانت تجمعهم( ولما أتم هذه الجراءات تبين له أن نظامه الجديد مازال ناقصًا لفتقاره إلى المقومات الساسية التي يتطلبها كيان كل أمة.
ل من أصول مختلفة ,وتنتسب إلى أقوام عدة ل وهي وحدة المنشأ ,والتراث و الماضي واللغة ,ولما كانت العشائر اليهودية تنحدر أص ً
تربطها ببعضها البعض أيًا من هذه المقومات .استعصى المر على صمؤيل فالتجئ إلى التلفيق و الستنباط و انهال على أشهر القصص
التي كانت اللسن تتداولها منذ أقدم العصور واختار منها باقة معينة وحورها بما يتناسب مع التقاليد والعادات الجتماعية اليهودية ثن
ضمها إلى بعضها وجعلها قصة مسلسلة ,وباشر بتلقينها لتلميذه زاعمًا أنها سيرة أسلفه التي نزلت على موسى ,ومن بعده تكفل تلميذه
ل تلقن للشعب رغم ما تحويه من أمور مخجلة نسبت إلى أناس زعم اليهود بأنهم أسلفهم ) كإبراهيم بنشرها ,ويبدو أنها ظلت طوي ً
وأحفاده( و الذين نزهتهم الكتب الدينية عن أتفه الشوائب ,و أضفت عليهم آيات التقديس و الكبار ,بينما راحت المصادر اليهودية ترميهم
بأبشع التهم و تعزو إليهم أحط العمال .حتى أنها ذكرت عن إبراهيم الذي قالت عنه أنه هاجر حران تنفيذًا لمر الرب الذي وعده بأن
يمنحه وذريته أرض كنعان ) هذا الوعد الذي تكرره السفار في سيرة كل فرد من أحفاد إبراهيم وتزعم تجدده من قبل الرب لكل واحد
منهم( بأنه أقدم في مصر على الكذب والخداع .وتنكر للقيم الخلقية ,ولم يتورع عن التفريط بعرضه بغية الحصول على بعض المال ,ولم
يأنف من التذلل والستجداء للحصول على قطعة أرض .وتوصفه أيضًا بالعنصري المتطرف الذي حّرم على ابنه الزواج من أجنبية,
وتتهمه بالتحيز لزوجته اليهودية سارة و ابنها اسحاق ضد زوجته الثانية المصرية هاجر و ابنها اسماعيل لنتسابهما لصل أجنبي ,و
تنسب إليه حرمان زوجاته الجنبيات وأولدهن من إرثه ومنح إسحاق كل ما كان يملكه .و من ثم تقول عنه أنه انتصر لبن أخيه لوط
وأنقذه من أسر كدرلعومر العيلمي بعد أن هزمه بفضل العبيد والموال التي حصل عليها من المغامرات التي أقدمت عليها زوجته سارة
في مصر وأم جرار .و أخيرًا تنتهي القصة بما يوهم القارئ أن كل ما نسب لبراهيم وزوجاته مما ورد ذكره حصل بأمر من الرب وبوحي
منه.
ومن ثم تنسب لخلفه إسحاق وزوجته ارتكاب الموبقات التي ارتكبها سلفه وعند بحثها عن يعقوب تؤكد إقدامه على نفس المخازي
وتضيف إليها تعاطيه السرقة ,و تتهم أولده بالغدر والوحشية )قصة إفنائهم عن شكيم ( و اعتداء أحدهم على زوجة أبيه ,و الثاني بإباحة
زوجة ابنه المتوفى لنفسه و إلى أبنائه الخرين ) قصة يهودا و تمارا( و كما تذكر تحريض موسى قومه للستيلء على أموال المصرين,
وتشجيعه التجسس و تشريعه لسنة القتل العام .وتنسب ارتكاب الرشوة لكثر القضاة ,واعتداء بعض الملوك على أعراض أتباعهم وتروي
مئات المور المخزية الخرى تنسبها لبطال قصصها دون رادع أو وازع و كأنها مدار فخر واعتزاز وهذا المسلك الغريب الذي سلكه كتاب
السفار في وصف من أسموهم بأسلفهم الولين ,يدفع بالقارئ إلى التساؤل عن السباب التي قضت عليهم بأن يتخذوا من أبطال قصصهم
ل .و عن السر في إبقاء هذه هذا الموقف المشين ,مع أنهم كانوا أحرار في وصفهم بمثل ما يحلو لهم طالما كانت القصص ملفقة أص ً
القصص على صيغتها الولى من قبل الكتاب الذين تعاقبوا على كتابة السفار .رغم كثرة عددهم التي تبدوا من خلل آثار التنقيح و
التصحيح الواضحة في مختلف السفار ,وعن الحكمة في امتناعهم عن تحوير تلك الوصاف المعيبة إلى ما يشرف و يعز أسلفهم
المزعومين.
ل و معقوًل ,والمخرج الوحيد في هذا المضمار, ل كما يظنه البعض .فيما إذا أريد له أن يكون معل ً
والجواب على هذه السئلة ليس سه ً
العودة لنصوص القصص ذاتها ومناقشة محتويات كل منها على حدة ,التحقيق في مغزاها ,وما أسفر عنه من نتائج عبر الزمان ,عندها
ل قصة يمكن أن يتوصل الناقد إلى إيجاد الجوبة المعقولة للسئلة العديدة التي تدور حول هذه القصص وانطلقًا من هذه القاعدة ,لنأخذ مث ً
أبرام ) إبراهيم ( التي لخصناها ,ولنتمعن في مغزى كل فقرة من فقراتها.
عندها نجد أنها عبارة عن قصة رجل هجر مسقط رأسه ,فتشعبت الروايات في تعليل أسباب هذه الهجرة ,فقالت المصادر اليهودية عنها
أنها حدثت بأمر ووحي الرب الذي أراد أن يملك إبراهيم وذريته أرض كنعان .وقالت بعض المصادر التاريخية ) مثل مجلة البحاث
الكاثوليكية التي كانت تصدر في القرن السابق ,والتي بحثت عن هذه الهجرة في أعدادها التي أصدرتها في 15آب و 15أيلول و 15
19
تشرين الثاني عام 1893بقلم الب مور ( أنها حدثت في أعقاب احتلل العيلميين لبلد الكلدان بينما تروي المصادر الدينية غير اليهودية
أنها حدثت على أثر اختلف إبراهيم التقي الورع مع ذويه وقومه المشركين.
وهذه المصادر الخيرة هي الوحيدة التي تضفي على إبراهيم أحسن الصفات و أنبلها ,وتعزو إليه القيام بدعوة الناس لعبادة ال حتى آخر
أيامه .ومن هنا نرى أن مغزى الرواية الولى للهجرة ينحصر في ناحية مادية محضة وهي أن يهوى أراد منح إبراهيم وذريته أرض
كنعان ,وطرد أهلها منها دون أي مبرر أو سبب اللهم إل لتفضيله إبراهيم جد اليهود عليهم .ومغزى الرواية الثانية ل يخرج عن الزعم بأنه
كان هاربًا من العيلميين الغزاة .أما مغزى الرواية الثالثة فهو مغزى علوي و معلل ,وأقرب الثلثة للعقل و المنطق ) .ومع كل هذا نترك
امر تفصيل المغزى للقارئ ,تجنبًا للخوص فينا يخرجنا عن أهداف هذا الكتاب( .
ومما أوضحناه يتبين لنا أن الفصل الوارد في السفر هو الوحيد الذي يحتاج لتفسير المغزى ,ليس لبهام أسبابه فحسب ولكن للتناقض
الكائن بينه وبين النصوص الخرى الباحثة عن هذه الهجرة ,لان الفقرة الخيرة من الفصل الحادي عشر من سفر التكوين تقول إن هذه
الهجرة كانت مقررة بين إبراهيم و أبيه تارح ,قبل نزوحهما من أور إلى حران ,ومن ثم يعود السفر في الفقرة الولى من الفصل الثاني
عشر ليقول أنها حدثت بأمر يهوى ليمنح منفذها أرض كنعان ,مع تجاهل السفر التام لذكر وأسباب هذه المنحة وأسباب الغضب الرباني
على كنعان ,فإذا حاول الناقد أن يستنتج معنى الموضوع من خلل صيغة القصة الجامدة و كما وردت في السفار لصطدم حتمًا بالمستحيل
ولذهبت محاولته سدى.
أما إذا عرف أن هذه القصة كتبت بفلسطين بعد أن تمركز اليهود فيها بزمن طويل ,وفي أحرج أيامهم فيها ,لوضح له المر تمامًا ,وهو أن
القاص أراد من هذه الفقرة إيهام اليهود بأن احتلل فلسطين كان حقًا و عدًل باعتباره جرى وفقًا لرغبات ووعود الرب ,لذلك يبرر أسباب
هذا العتداء ,يحث اليهود على إكماله .ومن الناحية الثانية ليثبك عزائم غير اليهود ,ويمنعهم من مجابهته,بزعم أنه يجري تنفيذًا .لمر
إلهي ل فائدة من محاولة إيقافه ,وأكبر دليل على ذلك هو زعم تجدده من قبل يهوى لكل من خلفاء إبراهيم) ,دون هوادة( بغية إيهام اليهود
بإصرار يهوى على تنفيذه.
أما المزاعم الخرى الواردة في نفس القصة كإقدام إبراهيم وذريته على خداع فرعون ومن أبيملك,لبتزاز المال منهما بأبشع أسلوب,
وإظهار يهوى بمظهر من يقر هذا السلوب ,ويتدخل لحماية معتمديه لينقذهما من مغبة عملهما ,ويخرجهما منه بالمغانم و المكاسب ,فإنها
ما ذكرت إل بقصد اليحاء لليهود بشرعية كل عمل مدر للمال مهما كان السلوب المتبع فيه ,ومن ثم تحريضهم عند الضرورة على
الستخفاف بالقيم المعنوية للوصول إلى بغيتهم ,هذه القيم التي كان لها في تلك العصور قيمة كبرى .و البرهان على ذلك ,هو أن تراجع
فرعون و أبيملك عن الحتفاظ بسارة بمجرد أن عرف كل منهما بأنها زوجة أبرام ,واعتذارهما له مع تقديمهما الترضيات السخية .ومن
هنا يخيل إلينا أن الكاتب أراد من سرد قصته هذه تشجيع أبناء شعبه على تخطي القيم الخلقية و المعنوية عندما تحول دونهم و ما
يبتغون ,أو لكي ل تردعهم العقبات الخيالية والرمزية من الحصول على المكاسب المادية ذات الثر الفعال في مصيرهم.
ولثبات فضائل المال راح الكاتب يكمل القصة بالبحث عن كيفية انتصار إبراهيم على )كدرلعومر( العيلمي الذي اشتهر بشدة البأس و
سعة السلطان وصوره لنا مغلوبًا على أمره أمام أبرام الذي هزمه بالموال والرجال التي حصل عليه من مغامراته في مصر ,أي أن الكاتب
أراد أن يفهمنا بأنه لول أن أقدم إبراهيم على تلك التضحية المعنوية التي ل أثر ملموس لها ول ذيول لما كان له أن ينتصر على
)كدرلعومر( الجبار ,ولما أنقذ ابن أخيه لوط من أسره .وليوهمنا بأنه حقق كل هذه النتصارات بفضل الثمن المعنوي البخس الذي ل يغني
ول يسمن من جوع.
والفقرات الخرى من القصة كإصرار إبراهيم على اقتران ابنه من يهودية أصلية و انتصاره لسارة على هاجر ,وخصه إسحاق بكل ثروته
دون أولده الخرين ,وزعم انتصار يهوى لسارة على هاجر ,وإرغامه إبراهيم على الخضوع لرادة سارة ,وسواها من المور,فيبدوا أنها
هي أيضًا ذكرت بغية منع اليهود من الختلط و النصهار في القوميات الخرى ,ولظهار ما لليهودي أو اليهودية من فضل على الخرين.
وحث اليهود على عدم التفريط بالثروة القومية ومنع تسربها إلى أيد غير يهودية عن طريق التزاوج ,وبمعنى أصرح بث التعصب
العنصري في أعماق اليهود بحجة كونه إحدى رغبات يهوى.
والغريب في الموضوع هو أن جميع قصص السفار و التكوين تدور حول هذه النقاط الربع المكونة من الصرار على تجدد الوعود
اليهوائية ,والتحريض على اللأخلقية و الباحية ,وتنمية نزعة الجشع المادي ,وبث التطرف العنصري.
أما المور الخرى الواردة في بعض القصص كإقدام أولد يعقوب على الفتك بأهل شكيم بحجة الثأر لشرفهم المثلوم ,أو قبول يهودا أولد
تمارا في كنفه أو ما شابه ذلك ,فل تخرج هي أيضًا عن النطاق العالم للمسلك اليهودي ,إذ نجد أن ثورة أبناء يعقوب تنتهي بالسلب
والنهب ,وإنسانية يهودا تدور في فلك النعرة القومية الصرف.
وقصص تكرار اعتداء اليهود على أعراض بعضهم البعض التي تنتهي كلها بسلم وأمان ,أريد منها هي أيضًا تقوية الواصر و الوشائج
القومية ,و تمرين اليهود على ضبط النفس ,وإخفاء كل ما يقع في أوساطهم من المخازي عن الغراب حتى ل تؤثر على سمعتهم القومية,
ل بالمثال الصالحة التي سار عليه الولون.وذلك عم ً
وفحوى هذه القصص هو الذي أوحى إلينا بهذا التحليل ,والسبب هو ما عرف به اليهود منذ أقدم العصور من التمسك في النواحي التي
أشرنا إليها و التي استنتجناها من قصص سفر التكوين.
ل ما زالوا يدعون أنهم شعب ال المختار ,و أنهم أصحاب الحق في الرض الموعودة ) مع العلم أن جميع المصادر التاريخية و فهم مث ً
العلمية أجمعت على أن اليهود ما كانوا يومًا أصحابها حتى عهد داوود و سليمان الذي أسموه بعهدهم الذهبي ,إذ طلت مملكتهم فيه
منحصرة في المقاطعات الجبلية الربعة فقط أي ما يعادل ثلث مساحة فلسطين ( ,كما أنهم اشتهروا عبر تاريخهم الطويل بتسخير نسائهم
في كل أمر ذي بال ) من قصص أستر ,يهوديت,زينب المشك وسواهن من اللواتي يزخر التاريخ بأسمائهن( .وعرفوا أيضًا بتزمتهم
العنصري و إحجام رجالهم عن القتران بالجنبيات ,وتمنعهم عن النصهار بالشعوب الخرى بحجة الحفاظ على نقاء الدم اليهودي ) هذه
العنصرية المتطرفة التي يتبجح أكثر رجالتهم بالحفاظ عليها – انظر باب القوال اليهودية ( و أخيرًا شهرتهم في عبادة المال التي طبقت
الفاق.
وهذا التوافق الغريب الكائن بين مقاصد قصص السفار و مسلك اليهود عبر التاريخ هو الذي يدعونا إلى العتقاد بأن كتاب السفار لم
يقصدوا من محتويات سفر التكوين ,إل التوجيه السياسي و القومي و الجتماعي صاغوه في قالب تاريخي لم تكن الغاية منه ,إل التضليل
و التمويه و اعتبروا ما في قصصه من المخازي ,أجل نفعًا و أكبر مردودًا منها ,ويستعبدونها عن مفاهيمهم العامة في الحياة .لهذا تعمدوا
إبقاءها على صيغتها القديمة ,لتكن منهاجًا لجيالهم المتعاقبة وهي في مجموعها ل تعدوا عن كونها مأخوذة عن قدماء الرواة ,زور اليهود
20
محتوياتها بما يتناسب مع أغراضهم الخاصة ,دون التقيد بأي اعتبار علمي أو تاريخي في هذا التزوير.و أخيرًا أرجو أن أكون قد وفقت في
كشف بعض المقاصد الخفية الكامنة في قصص السفار التي حيرت أكثر النقاد .
اليهود في المنفى
في مستهل القرن السادس قبل الميلد ,اجتاح بختنصر البابلي تخوم فلسطين,وفرض سيطرته على يهودا ,ولكنه لما يشأ أن يزيلها من
الوجود مثل شقيقتها إسرائيل .فعمد إلى التساهل معها و اكتفى بفرض ضريبة عليها دون أن يمس كيانها ,ولكن يهودا التي اعتادت على
التمر ,ما لبثت أن ثارت على بابل ,وطردت ممثليها من القدس ,فبادر بختنصر إلى مهاجمتها ,وحاصر عاصمتها التي سقطت بعد ثمانية
عشر شهرًا من المقاومة الضارية .فقام بختنصر بسلب جميع كنوز معبدها و من ثم دمرها و أزال معالمها من الوجود ,ونفى ملكها
)صدقيا( و طليعة أهلها إلى بابل حيث عاقب الملك بفقء عينيه ,وإعدام أولده جزاء لعصيانه وعلى إثر هذا الحتلل البابلي الذي حدث
عما 586قبل الميلد أزيلت دولة يهودا نهائيًا من الوجود.
ولقد أسفر انقراض يهودا إلى تفرق اليهود إلى ثلثة فئات فالفئة الولى هي التي تكون ممن أجلوا إلى بابل ,والثانية هي فئة من بقي منهم
في فلسطين ,والفئة الثالثة هي التي تكونت ممن نزحوا في أعقاب مختلف الحداث التي توالت على فلسطين) مثل الهجرة التي حدثت على
إثر مقتل جدليا ,وهجرة من نزحوا من البلد برفقة النبي إرميا وبنات الملك السابق صدقيا ( و الذين انتشروا في القطار المجاورة ومن ثم
في مختلف أقطار الرض ,وهذه الفئة هي التي سميت بفئة المشردين ) (Diasporaو التي أقامت في المستعمرات اليهودية العديدة حيث
انتشرت ,ولقد اشتهرت في التاريخ بعض المستعمرات مثل مستعمرة إلفانتين ) (Eléphantineو معبد ياهو) (Yahouهي التي تحدثنا
عنها المخطوطات المصرية.
و المصادر اليهودية عند بحثها عن ذيول هذا الحتلل وما آلت إليه أحوال الفئات اليهودية ,تزعم أن الجلء كان عامًا ,حتى إن المناطق
اليهودية أصبحت شبه خالية اللهم إل من الفقراء والعجز الذين عجزوا عن النزوح .و فيما يتعلق بالفئة التي أجليت إلى بابل تزعم أنها
تعرضت للذل و العذاب وسلب منها كل ما كانت تملكه .في حين أن المصادر الكلدانية تؤكد أن الفئة التي ظلت في فلسطين حاولت مرارًا
العصيان والتمرد .و أن أحد أفرادها الذي كانت ينتسب للعائلة المالكة السابقة أقدم على اغتيال جدليا ممثل بختنصر ,وأن النبي إرميا وبنات
الملك صدقيا نزحوا عن فلسطين على إثر هذا الحادث بالذات,و إن عدة فئات يهودية عمدت إلى الهجرة في أعقاب الحداث التي وقعت بعد
زمن الحتلل بعدة أعوام.
و المصادر اليهودية نفسها ل تعترض على هذه القوال الكلدانية .ومن هنا يتضح أن مزاعم المصادر اليهودية في وصف ذيول الحتلل
البابلي ما هي إل من قبيل ذر الرماد في العين لظهار الكلدانيين بمظهر العتاة المتوحشين.
كما أن وصف المظالم التي زعمت المصادر اليهودية وقوعها على السرى يفتقر هو أيضًا للثباتات والدلة ,إذ أن أكثر المصادر اليهودية,
تعترف بما روته المصادر الكلدانية ,وهو أن بختنصر سمح للسرى بأن يصحبوا عائلتهم ,وينقلوا معهم ما كانوا يملكونه من المواشي و
الموال.
أما الحداث التي زعم اليهود وقوعها في فلسطين و التي قالوا عنها أنها أدت إلى طرد الفلول اليهودية من ممتلكاتهم ,ومنع اليهود من
القتراب من موارد المياه ,وإرغامهم على شراء مياه الشرب فهي أمور حدثت بعد أن تفاقمت الهجرات وقل عدد اليهود في البلد فزحفت
القبائل الخرى لتحتل المناطق اليهودية التي كانت قد خلت من سكانها ,فكان من الطبيعي أن يتعرض من بقي من اليهود لضطهاد تلك
ل من العتداءات اليهودية في الماضي. القبائل التي تألمت طوي ً
والجدير بالذكر من ذيول الحتلل البابلي .هو الحظ الوافر الذي أصاب من أجلوا إلى بابل ,إذ تذكر المصادر التاريخية الموثوقة ,إن
بختنصر وهب اليهود أخصب مقاطعاته ,ومنحهم أوسع الحريات في العمل والحل و الترحال وتعترف المصادر اليهودية بأن اليهود أصبحوا
في غضون مدة وجيزة أغنى أهل بابل ,إن السلطات الحاكمة كانت تعاملهم على أحسن وجه .وإنها خلت سبيل ملكهم السابق ,و أسكنته في
قصر منيف ,وأطلقت عليه زعيم الجالية المجلية وأشركته في المائدة الملكية.
ويعزوا نقاد التاريخ سبب هذا الكرم الكلداني ,إلى أن الكلدان كانوا يبتغون من إجلء طلئع المم التي كانوا ينتصرون عليها ,إل لغرضين ل
ثالث لهما ,وهما الول حرمان الشعوب المغلوبة من العناصر القادرة على النهوض و المناهضة مجددًا ,ومن ثم الستفادة من خبرات أفراد
تلك الطلئع في بلد الكلدان حيث ل مجال لتآمر الجانب وتألبهم على الدولة.
و لقد استفاد اليهود كثيرًا من الميزات التي منحهم إياها الكلدان ,وأصبح في صفوفهم من تمرس على أساليب الحكم و السياسة ومن أتقن
الحرف و الصناعات المختلفة ,وعظم شأنهم بين البابليين .ولول أنبياء المهجر أمثال حزقيال الذين كانوا ل ينفكون عن تنبيه اليهود ,إلى
أخطار النصهار ,ومساوئ التمرد على يهوى ,و حثهم على ضرورة التفكير التام في العودة إلى يهودا ,لكان اليهود انتهوا بالنصهار التام
في الشعب الكلداني بسبب ما توفر لهم من رغد العيش ,والمن و الستقرار.
ولكن التوعية التي كانوا يتلقونها من أنبيائهم ,جعلتهم يتمسكون بقوميتهم و ينشدون العودة إلى فلسطين ,ولتحقيق ذلك عمدوا إلى إحداث
الجمعيات السرية لتعمل على انتزاع الستقلل من الكلدانيين ,ولما تولى العرش الملك البابلي أمل مردوك )ِ (Amal Mardoukالذي
كان يعتبر نصيرًا لليهود ,توسعت آمال اليهود وتخيلوا أنه سوف يعيدهم إلى فلسطين ,مثلما أعاد أحيرام الثالث ملك صور إلى بلده عام
542قبل الميلد بعد أن احتجزه مدة طويلة في بابل.
ولكن مردوك خيب آمالهم ,ولم يحقق لهم هذه المنية الغالية,ففقد بعض شبابهم المتحمس الصبر ,وقرروا الثورة المسلحة فسارعت
القوات الكلدانية إلى إخمادها ,وأعادت المن إلى البلد.
وهذه الحادثة أفقدت الكلدان ثقتهم بالجالية اليهودية ,وجعلت اليهود على يقين تام بأن ل أمل لهم بالعودة إلى فلسطين إل بعد انهيار الدولة
الكلدانية.
ولما كانوا أضعف من أن يحققوا بمفردهم هذا الهدف المنشود .عمدوا إلى أساليبهم المعتادة ,أي التآمر مع أعداء البلد و التجسس
لمصلحتهم .والسعي لضعاف ثقة الشعب بالدولة القائمة ,عن طريق إطلق الشائعات وافتعال الدسائس.
وشاءت القدار أن يعتلى العرش آنذاك نابونيد الضعيف) (Nabonidوأن تتوالى حوادث العصيان في المستعمرات الكلدانية ,وأن تتوزع
قوى الدولة على عدة جبهات,وأن يظهر للميدان كورش ) (Cyrusالفارسي ويعلن تمرده على بابل و جارها أستاماكوس )(Istamagus
21
ويتمكن من دحر هذه الخير ,ويبادر إلى تهديد بابل,التي كانت تظن نفسها أقوى من أن يجرؤ أحد على تحديها .وإزاء هذا الخطر الجديد,
لم يسع نابونيد إل التحالف مع مصر و إسبارطة ) عام ( 547-546قبل الميلد لمجابهة فارس الفتية ,ولكن كورش تمكن بسرعة على
التغلب على حلفاء نابونيد ومن ثم مقارعته في عقر داره مدة ستة أعوام ,تمكن اليهود خللها من التصال به والتعامل معه سرًا ,ونتج عن
تحالف اليهود معه ,ازدياد الدسائس الداخلية في البلد ,و انتشار الشائعات النهزامية,و تكاثؤ الضطرابات ,مما أدى إلى انهزام الجيش
الكلداني ودخل كورش إلى عاصمة الكلدان عام 539قبل الميلد.
ولقد كافئ كورش اليهود على خدماتهم هذه بأن ولهم أمور أهل بابل ,وأجزل لهم العطاء ثمنًا لما قدموه له من المساعدات القيمة,أثناء
حربه مع نابونيد وهكذا ساهم اليهود في تدمير بابل.
تجنب الفرس إتباع سياسة النفي والتشريد ,واعتمدوا أساليب المهادنة مع الشعوب التي انتصروا عليها ,وكانوا يكتفون في كل بلد
بتنصيب مراقب سياسي من قبلهم لمراقبة الدارة المحلية التي كانت غالبًا تسند إلى أحد أبناء البلد,ويقيمون في كل منطقة حامية مسلحة
مهمتها بسط نفوذهم العسكري ,أما المور الداخلية فكانوا يتركونها لبناء البلد ,ول يتدخلون في شؤونهم الدينية والمحلية بصورة قاطعة,
حتى أنهم أعادوا لكثير من الشعوب التي سبق للكلدان أن سلبوها تحفها و آلهتها ما سلب منها .و جل هم الفرس في فتوحاتهم كان
منحصرًا في الكثار من الطرق العسكرية ,بغية تحقيق المن والستقرار في مناطق نفوذهم .وهذه السياسة التي أوحت إلى كورش أن يفكر
في إعادة اليهود إلى فلسطين ,وعلى الخص بعد الخدمات التي أدوها له في قتاله مع نابونيد ,هذا عدا الوسائل المعنوية التي استعملوها
معه للتغرير به) كزعم تكهن أنبيائهم بانتصاراته مقدمًا( و ما قدموه له ولجيوشه من الوسائل المادية و الترفيهية فكان من الطبيعي أن
يتأثر كورش بما أظهره اليهود نحوه من الخلص و التبعية ,فأصدر أمره بعودته إلى فلسطين ورد ما سلب من هيكلهم ومن ثم إعادة
بنائه.
أما ما ما يزعمه اليهود من إكرام كورش لهم وتسميته إياهم بالضيوف المقيمين و ما شابه ذلك من أمور ,فل أصل لها بتاتًا ,ما قيلت إل
ليهام الناس بأن الفرس كانوا يحترمونهم لما لمسوه لدى أنبيائهم من سعة العلم و المعرفة .والواقع أن اليهود دفعوا ثمن ذلك من أموالهم
و ما يملكونه من الشياء الخرى ,وبفضل هذا الثمن الباهظ ,تمكنوا من إيفاد القافلة الولى التي زودت بالمليين من الذهب بغية إعادة
بناء الهيكل وإقامة نواة الجالية اليهودية في القدس.
ويقول بعض المؤرخين عن المبالغ التي جمعت من اليهود لتزويد قافلتهم الولى أنها بلغت ما يعادل أربعين مليون فرنك ذهب .و من هنا
يتضح للقارئ مدى ما وصل إليه اليهود من الغنى الفاحش في بابل رغم ضآلة عددهم وقصر الزمن الذي قضوه فيها ,و مع كل هذا
خانوها وأهلها في أول فرصة سنحت لهم ,وانحازوا لفاتحها الجديد ,وتنكروا لما اغترفوه من نعمها دون وازع من ضمير ,ثم راحوا
يمرغون وجوههم التي جبلت من تراب الخيانة والغدر على أعقاب كورش الفارسي ليرضوه بأبهظ الثمان حتى يعيدهم إلى فلسطين.
وتحدثنا المصادر اليهودية عن هذه العودة ,وتشيد بعظمة المراسم والحفلت التي أقيمت بمناسبتها ,ولكنها تختلف كعادتها على بعض
تفاصيلها كتحديد زمن بناء الهيكل ,و أسماء من أشرفوا على البدء به ,فبينما تذكر بعض السفار أن هذا البدء كان في العام الثاني من
عودة القافلة و تحت إشراف زوروبابل ) (Zorobabelو الكاهن اليهودي الكبر ,نرى أن سفر أسدرا يذكر أن البدء كان تحت إشراف )
(Sabassarولم تتوقف أعمال البناء فيه حتى النهاية ) سفر أسدرا – فصل – 5فقرة (16-14ولكنه يعود في مكان آخر ليذكر أن أعمال
البناء توقفت مرارًا بسبب العقبات التي كان يفتعلها السامريون .و الجدير بالذكر أن سفر أسدرا كتب في عهد داريوس الثالث الذي عاصر
السكندر المقدوني ,بدليل أنه يبحث عنهما معًا ويصف ما قام به كل منهما .
وفي نفس الموضوع يحدثنا أحد أنبياء اليهود الذي عاصر زمن عودة القافلة الولى وهو المدعو إكجة ) (Aggéeويقول إن البدء في
إقامة الهيكل كان في الشهر التاسع مع العام الثاني لحكم داريوس ,أي بعد ثمانية عشر شهرًا من عودة القافلة ,وهذا التناقض إن دل على
شي فإنما يدل على مدى شطط المصادر اليهودية ومؤلفيها .ولقد ذكرناها بقصد التلميح إلى هذه النقطة الهامة في الحكم على قيمة السفار
من الوجهة التاريخية ,وعلى كل نرى أن هذا الشطط مما عودنا عليه كتاب المصادر اليهودية ,فل ضير من تجاوزه ,واعتباره مثل غيره
من البحاث الماضية التي نوهنا إلى اللتباسات الواردة فيها.
ومن خلل البحث عن عودة القافلة الولى نستنتج أن العودة كانت على دفعتين :الولى بقيادة زوروبابل و الثانية بقيادة ساباسار ,كما
نستنتج أن الخلف كان ل يزال قائمًا بين أهل السامرة و العائدين ,ونفهم أن أكثرية العائدية كانت من الفقراء ,بدليل ذكر المصادر اليهودية
قصة جمع الموال لهم قبيل سفرهم ,وافتعال أهل السامرة العقبات لمنع استيطانهم .وهذه العترافات تعني صراحة ,إن القيادة اليهودية في
بابل لم تكن تروم العودة إلى فلسطين بعد أن أثرت في بابل و تغيرت مفاهيمها الدينية والسياسية ,واتسعت مطامعها القومية ,ولكن عمدت
إلى التغرير بكورش وإيهامه بأنها تطالب بالعودة ,بغية ستر مقاصدها الخرى فلما وافق كورش على التماسها ,دفعت بدهمائها إلى
فلسطين ,وظلت هي قابعة على أموالها وثابرت على الغتراف من كنوز الغالب والمغلوب ,لعتقادها أن أول أسلحة نضالها في المستقبل
هو المال والمال وحده هذا المعبود اليهودي القديم الذي ارتضوا في سبيله زعم ارتكاب أسلفهم أحط العمال و أقذر الفعال ,والذي في
سبيله تنكروا لهل مصر و موسى فل نعجب أن نراهم متمسكين به بالمس و اليوم وفي الغد ,لنه في نظرهم الهدف الول ,و الرائد
الوحد.
أما زعم تمسكهم في العودة إلى فلسطين ما هو إل من قبيل الدعم لدعائهم الباطل القديم بكونها منشأهم .وهو في الواقع أمر ثانوي
بالنسبة إليهم ,لنهم أدرى الناس بأنها لم تكن يومًا لهم ,وإن المدة التي قضوها في ربوعها كان أقصر الماد التي عاشوها في مختلف
مهاجرهم عبر التاريخ ,وادعائهم بملكيتها ليس سوى أمر رمزي أرادوا منه في البداية أن يكون مخلب قط ليظل السوقة متعلقين به و من
ورائه بالقادة والموجهين ثم أصبح مع الزمن حجة لستدرار العطف و الشفقة ,ولم يكن في يوم من عقيدة راسخة إل في عقول الرعاع
اليهود الذين ثابر القادة على التغرير بهم ,رغم التطور الذي أدخلوه في مفاهيمهم السياسية في عهد المنفى ,والذي أصبحت بموجبه
الدعوة اليهودية عالمية عامة ,ولم تعد موضعية وقبلية مثلما كانت من قبل ,وذلك بعد أن أعلن أنبياء المهجر أن يهوى أصبح ربًا عالميًا.
و أنه اختار اليهود من بين الشعوب لسيادة وقيادة العالم ,وجعل من القدس مركزًا لقيادتهم باعتبارها مدينة الهيكل و مقر خباء المحضر .و
22
من خلل المستنبطات اليهودية الجديدة,ومسلك اليهود حيالها منذ إطلقهم إياها و ما افتعلوه ضمن إطارها من الحداث و ما حققوه من
الهداف عبر التاريخ ,يتضح لنا بجلء أن دعوة المهجر المغلفة بإطار مزخرف بالشعارات الدينية و القومية و مزاعم وطنية كانت تخفي
ورائها مئات الغراض اليهودية الخطرة ,وفي مقدمتها السيطرة على العالم صنفت ضمن منهاج خاص مشبع بروح التسلط العام على
ل ,وأغراض هذا المنهاج هي التي حدت بوجهاء اليهود مقدرات العالم ,ذو مراحل تنفيذية ,ل علقة له بتاتًا بالمطالب اليهودية الباطلة أص ً
في بابل إلى البقاء فيها ,وعدم النزوح مع السوقة ,ويبدو من خلل مسلك اليهود منذ ذاك العهد أو أولى هذه الغراض كان السعي
للستيلء على أموال الشعوب بدليل أن اليهود تمكنوا من الستيلء على أكثر ثروات الشعوب التي عايشوها
منذ ذاك الزمن و الغرض الثاني كان للتسلل من وراء الستار إلى مقاليد الحكم في البلد التي تمركزوا فيها وذلك عن طريق إحداث هيئات
أو جمعيات تتظاهر برفع الشعارات التي يستسيغها سكان تلك القطار ليلتفوا حولها و يناصروها ,بينما هي تقودهم خفية إلى الطريق
المؤدي لتحقيق الغراض اليهودية ,و الظاهر إن اليهود تمكنوا من تحقيق هذا الغرض أيضًا ,أما العوامل التي أوصلتهم إلى هذه الغراض
فتتكون من المؤثرات المعنوية التي انبثقت عن العهد القديم ,وما يتبعه من الخرافات الدينية التي نشرها اليهود بين الناس على أوسع
نطاق .والتي أدت إلى إيهام الناس بصحتها والوقوف منها موقف الرهبة والحترام ,أما العناصر التي عملت و تعمل لهم فليست سوى
عناصر غبية أو انتهازية.
تمكن اليهود مرارًا من تحقيق أغراضهم الحفية بفضل غباء و انتهازية عملئهم ,دون أن ينقطعوا عن المناداة بشعاراتهم التقليدية ,التي ل
يؤمنون بها ,ول يهتمون بتحقيقها ,ولكنهم يثابرون على المناداة بها ,للتمويه على مآربهم وبغية التضليل ويدفعون بالسوقة من أفراد
شعبهم بين حين وآخر إلى المطالبة بالعودة إلى الوطن المزعوم أو التسلل إليه مثلما فعلوا في عهد كورش ,أو في كل مرة تعرضوا فيها
لنقمة الشعوب ) مثل حوادث 1845-1840التي وقعت في روسيا وبولونيا و التي طالبا اليهود على إثرها السماح لهم بالهجرة إلى
فلسطين( بينما يقبع الزعماء والثرياء حيث هم لمتابعة برامجهم المهجرية ,وعودة اليهود السوقة في عهد كورش إلى فلسطين كانت
أولى المناورات اليهودية تنفيذًا للمنهاج البابلي المذكور .وهكذا عاد اليهود إلى فلسطين مرة أخرى لينغصوا عيش أهلها.
أما الثرياء الذين ظلوا في بابل كان المفروض عليهم أن يخلصوا لكورش مقابل لفتته الكريمة ,فإنهم ما لبثوا أن جنحوا إلى الشغب ,إذ
تغلبت عليهم نزعات الغدر و الخيانة التي تزخر بها قلوب اليهود .فانقلبوا على الفرس و شرعوا يتآمرون مع البابليين عليهم في عهد
الملك أرتخسش Arataxercesفشعر بمكائدهم الوزير هامان فأمر رجالة بمراقبتهم و اعتقال كل يهودي يشتبه فيه .فجزع اليهود من
مغبة تصدي هامان لهم ,فسارعوا إلى تدبير مكيدة له على يد إحدى بناتهم التي توصلوا إلى تزويجها من الملك ) إستر الشهيرة( و التي
كانت فائقة الجمال .فأوعزوا إليها أن توغر صدر زوجها على هامان ,فكان لهم ما أرادوا بفضل جمال إستر التي أسرت قلب الملك ,فأمر
بإعدام هامان و من يلوذ به ,وكلف اليهود بتنفيذ هذا المر فما كان منهم إل أن صبوا جام غضبهم على الشعب البابلي ,واقتادوا سبعين ألفًا
من أفراده إلى ساحات الموت دون أي ذنب اللهم إل تعطش اليهود لسفك الدماء وإكرامًا لسواد عيون إستر.
والمضحك في قصة إستر هذه التي تسببت في موت آلف الناس,والتي كانت زوجة مجوسي ملحد ,هو أن العهد القديم اعتبرها قديسة
وأفرد لها سفرًا ,والنكى من ذلك هو اعتراف الكنيسة بقدسيتها بدورها ,و اعتبار سفرها كتابًا مقدسًا .و كأنها لم تكن قاتلة ألوف وقرينة
ملحد فما أعجب أمر اليهود ما أفظع كيدهم؟؟
وبعد زوال هامان من الوجود اشتدت شوكة اليهود في الدولة الفارسية بفضل إستر ,وأصبحت لهم ميزات خاصة ,حتى إن ملوك فارس
كانوا يهتمون بشأن المستعمرات اليهودية التي كانت منتشرة في مملكتهم ,وكانوا يقدمون لسكانها العون ,ويعينون من أبنائها من يشرف
على أحوالها .كما أنهم اتخذوا من اليهود رقباء على الشعوب التي أخضعوها ,وشكلوا منهم قوات خاصة تتساوى في الحقوق و الميزات
مع القوات الفارسية الصيلة .و مع كل هذا .ظل اليهود على ما كانوا عليه .يكيدون لسيادهم كلما سنحت لهم بذلك الظروف ,حتى إنهم
ساهموا في الثورة المصرية التي قامت ضد الفرس عام 358قبل الميلد ,ودعموها بثورة أخرى أشعلوا نارها في نفس الوقت بمدينة
أريحا ,فسارع أرتخسش الثالث Aetaxerces IIIللقضاء على كل الثورتين ونفى زعماء اليهود إلى بلد الخزر.
وفي عهد خسرو ) (Yerxésأثار اليهود أهل بابل ضد الفرس مجددًا ,فقمع خسرو هذه الحركة بكل شدة ,وكان وقودها أهل بابل الذين
غرر بهم اليهود .و مع هذا لم يركن اليهود إلى الهدوء .فلما شعروا بأن فارس بدأت تميل إلى النهيار ) أمام بزوغ فجر السكندر المقدوني
( بادروا إلى التصال بالسكندر وعقدوا معهم اتفاقية سرية للكيد بفارس.
ولما تم النصر للسكندر سارع يهود القدس لستقباله بالترحاب وإيهامه بأن أنبيائهم سبق وأن تنبأوا بنصره هذا .
ويهود بابل لم يكونوا أقل لؤمًا من إخوانهم في فلسطين إذ يذكر لنا التاريخ أنهم بدورهم تآمروا على سابور الثاني ) (Saborو ناصروا
الرومان عليه عام ) 226قبل الميلد( .ولكن الفرس ظلوا على معاملتهم الحسنة مع اليهود رغم كل المساوئ التي ارتكبها السرائيليون
تجاههم.والمؤسف حقًا هو موقف المصادر اليهودية من الفرس لنها بدًل من أن تكيل لهم المديح نرى التلمود يحمل عليهم يصف عاهلهم
فيروز ) الذي حكم بين (457-484بالمستبد الظالم ,ويتهمه العهد بقتل نصف اليهود في مملكته ,ويزعم أنه كان يسبي أطفالهم ويسجنهم
في المعابد المجوسية ليلقنهم عبادة النار ,ويذكر لنا أيضًا أن فيروز أقدم على هذه المذابح بحجة قتل اليهود لثنين من كهنة المجوس.
وينهي الحديث عن مظالم هذا العاهل بالقول إن جميع اليهود الذين سلموا من المذبحة فروا إلى البلد العربية والهندية .ويزعم المؤرخ
اليهودي فلفيوس جوزيف ) مسيلمة اليهود و مؤلف كتاب الشعب اليهودي( إن اليهود تعرضوا لضطهاد أهل بابل والفرس معًا بحجة
ل :وأمام هذه المظالم اضطر اليهود إلى الفرار من بابل إلى بلدانتماء بعض الثوار في بلد الكلدان لهم بصلة الدم والدين .ويزيد قائ ً
اليونان تاركين خلفهم أموالهم الطائلة .والمصادر اليهودية الخرى تزعم أن الفرس منعوا اليهود من التعطيل أيام السبت ,ومن تقديم
القرابين,وأنهم أخرجوا عظام موتى اليهود من القبور وأحرقوها ,كما أحرقوا جميع المعابد اليهودية في المملكة الفارسية ,وذلك في عهد
أزدشير الول ) (226-241قبل الميلد.
ل من أقبح التهم ,ول يعترفون إل بقليل من الرعاية يدعون أنها صدرت عن أربعة ملوك فقط نحو وهكذا نجد أن اليهود يكيلون للفرس سي ً
أبناء شعبهم .والظاهر أن مرد هذا المسلك المشين من قبل المصادر اليهودية نحو فارس ,هو رغبتها في تغطية مواقف الشعب اليهودي
المعيبة في وقفها حيال فارس التي أحسنت إليهم .ونحن نعذر اليهود ومصادرهم في مسلكهم هذا ,لنه ليس بمقدورهم أن يعترفوا بأي
إحسان أو جميل ,لن هذه الصفات ليست منهم في شيء,وليس لها معهم أي علقة .أليسوا أحفاد من اشتهروا بتمردهم على موسى و
يهوى بعد أن أنقذاهم من ظلم وتعسف فرعون؟ وأليسوا أحفاد شاوول وجنده الذين تنكروا لعهود أسلفهم لهل جبعة,وقتلوهم عن بكرة
أبيهم؟ فلماذا إذًا تجنح مصادرهم للتلفيق؟ .ويقينًا أنها ليست بحاجة إليها ,فاليهود فعلوا بما اعتادوه ,حسب تقاليدهم و أعرافهم فكافأوا
الفرس بما استحقوه ,وعلى نفسها جنت براقش.
23
اليهود في ظل اليونان
شاءت القدار أن تنهار دولة فارس على يد السكندر المقدوني ,بعد أن انتصر عليها في معركتي السكندرونة و إربل وخيم على ربوع
الشرق ظل اليونان بعد أن كانت تخفق عليها بنود فارس ,وعلى إثر انهزام دارا الثالث دخل السكندر مدينة القدس وغيرها من مدن
ل ,فسجد الشرق ,فاستقبله اليهود أعظم استقبال عام 332قبل الميلد ) .يزعم اليهود أن اسكندر تأثر جدًا من استقبالهم له استقباًل حاف ً
أمام الكاهن الكبر إجلًل له .وأصدر أمره بإعفاء الشعب اليهودي من دفع الجزية والضرائب في العوام السبتية ( .وتصف المصادر
اليهودية هذا الستقبال بأنه كان فريدًا من نوعه ,إذ قدم فيه اليهود ولئهم وإخلصهم للسكندر ,وأظهروا سرورهم بمقدمه كفاتح ,رغم أنه
حطم جيوش حماتهم فارس.
ويعلق المؤرخ لودس على مزاعم المصادر اليهودية بشأن هذا الستقبال ويقول :المعروف عن اليهود في تلك الحقبة من الزمن بأنهم
كانوا ينظرون لكل الدول المحيطة به نظرة حقد وكراهية ,كما كانوا يعتبرون جميع الشعوب المحيطة به كافرة ملحدة ,فل يعقل أن يقدموا
على استقبال السكندر بكل هذه البهة التي تذكرها مصادرهم ,ولهذا نرى أن ما ورد فيها عن استقبال السكندر مبالغ فيه ,إذ أننا نعلم أن
اليهود قد اعتادوا النظر إلى المغلوب بعين الشماتة وللغالب بعين الحقد والحسد متمنين أو يروه بدوره مغلوبًا على أمره.
وفي دخول السكندر إلى القدس أصبحت المقاطعة اليهودية إحدى ممتلكات الدولة المقدونية .ولما مات السكندر عام 323قبل الميلد قام
النزاع الشهير بين قواده الثلثة ,وانتهى بانقسام مملكته إلى دولتين إحداهما في مصر تحت زعامة بتولومة ) (Ptoléméeو سميت بدولة
اللجيد ) (Lagidesتيمنًا باسم والد مؤسسها لكوس ) (Lagusو كانت تخومها تشمل مصر وفلسطين .والثانية في وادي دجلة والفرات
أسسها السيلوكوسيين ) (Seleucusو اعتلى عرشها عام 312قبل الميلد نيكاتور الول ) (Nicator 1erوسميت بدولة السيلوسيد
تيمنًا باسم العائلة أو القبيلة التي أسستها .و كانت تخومها تشمل بابل وسورية الشمالية ,وهذا النقسام بين اليونان أعاد سوريا إلى
وضعها القديم ,وأصبحت محور الخلف الدائم بين الدولتين مثلما كانت في عهد مصر و آشور .وكانت كل من الدولتين تسعى للسيطرة على
ل ,واستعمل في معاركهما أحط أنواع السواحل السورية لتكون على اتصال أرضي مع اليونان الوطن الم .ولقد دام النزاع بينهما طوي ً
السلحة و الساليب من غدر وخيانة ولجوء إلى الغتيالت ,وفي عام 198قبل الميلد تغلبت سيلوسيد على اللجيد و انتزعت منها
فلسطين .ويبدو أن النزاع بين الدولتين كان من حظ اليهود رغم ما يزعمه يوسفيوس من إقدام بتولومة على تهجير بعض اليهود إلى
ل من الدولتين كانت تسعى لخطب ود اليهود و تفتح لهم مصر عند احتلل مدينة القدس إذ أن المصادر التاريخية العامة أجمعت على أن ك ً
أبواب مدنها و مقاطعاتها ,حتى أن أنطيوشس الثالث ) (Antiochus IIIالذي لقب بالكبير ,نقل من اليهود ألفي عائلة إلى منطقة فريجي
) (Phrygieوليدي ) (Lydieلحمايتها من عبث الغزاة .كما أن ديمتريوس الول ) (Démitrius 1erالتمس من الكاهن الكبر أن يمده
بثلثين ألف رجل ليجعل منهم حراسه ورجال ثقته ! والمعروف أن اليونان كانوا يعاملون اليهود على قدم المساواة مع أبناء قومهم وتذكر
المصادر اليهودية إن ملوك الدولة اليونانية منحت اليهود في المدن الحديثة كل الميزات التي كان يتمتع بها المقدونيون ,والشائع أن
المقدونيين كانوا يعتبرون في ذاك العصر من سادة القبائل اليونانية .و الظاهر أن اليهود استغلوا هذه الميزات على أوسع نطاق ممكن,
فانتشروا في أنحاء المملكة اليونانية ,يؤسسون المستعمرات في مدنها ,وينشئون المعابد الخاصة بهم ,ول يتورعون على دعوة الناس إلى
الدخول في مذهبهم علنًا.
كما أقاموا في كل بلد مجتمعًا خاصًا بهم .وأوجدوا سبل الرتباط والتصال بين مختلف مستعمراتهم ,ليحافظوا على وحدتهم ومصالحهم
المشتركة .وبفضل هذه الحرية التي منحهم إياها اليونان ,ازداد نفوذهم في المبراطورية وكثر أنصارهم ,وأصبح لهم شأن عظيم,
فراودتهم الطماع ,وعلى الخص عندما شاهدوا ظهور الرومان على مسرح السياسة الدولية ,فبادروا إلى التصال السري بهم .وتآمروا
معهم على اليونان إبان غزوهم مصر في عهد أنطيوشس الرابع ,وساعدوا الرومان على السيلوسيد .فخشي أنطيوشس أن يعمد يهود
فلسطين بدورهم على خيانته كما فعل يهود مصر ,فقرر صهرهم في بوتقة الحضارة اليونانية ليضمن ولئهم ,ولك اليهود أبوا قبول هذا
القتراح وثارت ثائرتهم وأعلنوا سخطهم وتمردهم على اليونان ,فلم يكن بد لنطيوشس من تأديبهم ,وإعادة المن إلى نصابه .ومع هذا
عاد اليهود في العام التالي إلى إعلن عصيانهم مجددًا .فزحف أنطيوشس على منطقتهم مرة أخرى وأخمد ثورتهم ,وقتل كل من شهر في
وجهه السلح منهم ,كما أمر بنهب محتويات هيكلهم ,وأقام على مدخله تمثاًل لزيوس ) (Zeusوأرغم يهود القدس على تقديم الذبائح له,
إمعانًا في إذللهم جزاء خيانتهم وتمردهم .أما المستعمرات اليهودية التي لم تحرك ساكنًا فلم يمسسها أنطيوشس بسوء.
وهذه المعاملة المزدوجة جعلت اليهود ينقسمون إلى فئتين ,إحداهما مناصرة لليونان و الخرى مناوئة لهم .وكان عدد المناوئين أكثر كم
الفئة الثانية عددًا ,ولذا ظلت الكثرية الساحقة معادية لليونان وكان يتزعمها الكاهن أونياس ) (Oniasفعمد اليونان إلى إرهاب أونياس
هذا .فلذ بالفرار إلى مصر ,ونصب اليونان بدًل عنه الكاهن مينالوس ) (Ménalousفلم يرق هذا التدخل اليوناني اليهود في شؤونهم ,
وأصروا على مناصرة أونياس و إتباع تعاليمه و إرشاداته التي كان يبعثها من منفاه في مصر و موقف أهل القدس من اليونان دفع بيهود
المستعمرات الخرى إلى التآمر على الدولة ,فتكونت من سكانها عصابات مسلحة اعتصمت في الجبال و أعلنت عصيانها تحت زعامة
الكاهن ماناتياس ,وبعد عام واحد مات الكاهن وخلفه على زعامة العصاة ابنه يهودا الذي لقب بالمكابي ) (Maccabéeوثابر البن على
مقاتلة اليونان و أحرز عليهم بعض النتصارات ,فتفاقمت أطماعه وأراد السراع في القضاء على اليونان ,فهاجم جيشهم ولكنه فشل في
مبتغاه ,وقتل في المعركة تاركًا قيادة جماعته لشقيقه جوناثان ) ,(Jonathanوشاء القدر أن تنشغل الدولة السيلوسيدية ببعض أمورها
الداخلية ,وتضطر لمهادنة العصاة ,ومنحهم في يهوذا ما يشبه الحكم الذاتي ,ولما وجد جوناثان نفسه محاطًا برعاية بني قومه ظن أن
بإمكانه الستفادة من الفرصة وطرد اليونان نهائيًا من مقاطعته ,فاصطدم مجددًا بالجيش السوري ودارت الدائرة عليه وقتل في المعركة,
فخلفه على قيادة الثوار شقيقه سيمون الذي لقى حتفه عام 135تاركًا القيادة لبنه جان هيركان ) (Jean Hyrcanالذي عمد إلى مهادنة
اليونان وأعلن خضوعه لهم ,ولما قتل الملك اليوناني أنطيوشس سيديتس ) (A.Sidétésعلى يد البارتيين ) (Parthesسارع جان
هيركان إلى إعلن استقلل مقاطعته ونصب نفسه ملكًا عليه باسم أريستوبول ) (Atistobuleوذلك عام 104قبل الميلد ,ولكن هذا ل
24
ل يحكم المنطقة بصفة ملك ,بل بقي كزعيم عصابة خرج على القانون وأتاحت له الظروف أن يحصل على حريته يعني أن هيركان أصبح فع ً
مستفيدًا مما كانت عليه الدولة اليونانية حينذاك من الفوضى والتخاذل.
ولكن المصادر اليهودية كعادتها ,غالت في وصف هذه الحداث وسمت ثورة المكابي بالثورة الكبرى ومعاركها المحلية بالنتصارات
العظيمة ,والحكم الذاتي الذي منحه جان هيركان ,بالستقلل التام وقيام الدولة اليهودية ,وأضفت على هذا الحدث المحلى التافه صفاتًا و
مناقب تفتقر إليها سير أعظم الدول التي عرفت في التاريخ ,بينما الواقع ل يعدو أكثر من قيام مشيخة صغيرة في بقعة محدودة من أرض
فلسطين ,تعمدت المصادر اليهودية إظهارها بمظهر الدولة الكبرى لنها كانت يهودية فحسب.
والظاهر أن كل ما قالته المصادر اليهودية عن عظمة هذه الدولة الكرتونية ) التي قامت في عهد أريستوبول الول على أعقاب ثورة قيل
أنها دامت ثلثة وستين عامًا( لم يكن صحيحًا ,بدليل أنها انهارت بمجرد موت جان هيركان على إثر النزاع الذي قام بين هيركان الثاني
وأريستوبول الثاني وريث أرستبوبول الول اللذين عجزا عن تسوية المر بينهما فاستنجدا بروما ) التي كانت تراقب منذ أمد بعيد ما
يجري بالقرب من تخومها ( لتحل نزاعهما ,فدخلت الجيوش الرومانية منطقة القدس ونفت خصمه إلى روما ,ومن ثم أعلنت ربط يهوذا
نهائيًا بروما .وهكذا خابت آمال اليهود وزالت المملكة الهزمونية ) (Hasmonieneمن الوجود ,ولم تعمر إل ربع قرن ) رغم كل ما
حاكت المصادر اليهودية حولها من الساطير والخرافات التي بلغت حد الهوس والجنون(.
وبانتهاء العهد الهزموني انتهت علقة اليهود بالدولة اليونانية وأصبحوا من أتباع روما اعتبارًا من عام 63قبل الميلد الموافق لعهد
المبراطور بومبي ) . (Pompée
ويتضح من خلل الحوادث التي أوردناها أن حظ اليونان من اليهود لم يكن أحسن من حظ الفرس ,لن اليهود لم يتورعوا عن سقي اليونان
من نفس الكأس الذي سقوا منه الفرس) كأس الغدر و الخيانة( ,فتآمر عليهم الشعب المختار مثلما تآمر من قبلهم على الفرس ,وبادلهم
الحسان بالساءة و المكيدة ,ولم يشفع لهم لديه كل ما كان لهم عليه من أياد بيضاء ,وكل ما أولوه من ثقتهم و ما قدموا له من نعم ,
وليت اليهود اكتفوا بهذا القدر من الساءة لليونان ,إذ أن نزعة الشر و نكران الجميل دفعت بمصادرهم إلى النيل منهم حتى بعد أن طعنوهم
من الخلف -فراح فلفيوس )مسيلمة اليهود( يصف أنطيوشس أبي فاني بأنه كان ملحدًا كافرًا قتل اليهود البرياء دون رحمة أو شفقة
منهم واتهم كاتب سفر المكابيين زعماء اليونان بتحريضهم أنطيوشس سيديتس على أن يحمل على اليهود ويفنيهم جميعًا ليطهر أرض
فلسطين من أحفاد أسقط الشعوب ,وسلله الجذام الحاقدين على النسانية جمعاء .أما لوفسكي فيزعم أن اليونان كانوا يحتقرون اليهود
وينعتون موسى بالساحر الدجال ,مع العلم أن أكثر المصادر القديمة تشهد بما كان لليهود من حظوة عند اليونان ما اكتسبوه من الميزات
في مختلف البلد التي كانت تحكم من قبل السيلوسيد ,ولكن المصادر اليهودية جنحت إلى اتهامهم بغية تبرير مواقف بني قومهم المخزية
نحو الشعب اليوناني الذي أكرمهم وأولهم ثقته.
اليهود في ظل روما
تمكن الرومان بسرعة من سبر أغوار العقلية اليهودية و تفهم طبائع اليهود ,ولذا عمدوا عند احتللهم المنطقة على تولية أمورها لغريب
عنها ,حتى ل ينجرف خلف مناورات أهلها الذين عرفوا بإتقان المؤامرات والنزوع إلى الغدر والخيانة ,فكان أن عين هيرود بن أنتيباتير )
(Hérode Antipaterملكًا على اليهود من قبل روما وقيل إنه كان من أصل غير يهودي ,منحته الطبيعة الشيء الكثير من الذكاء
وسرعة الخاطر والذوق السليم كما اشتهر إبان حكمه بولئه لروما ,وحبه لحضارتها ,وميله للبناء والعمار ,ولقد ظل حاكمًا ليهودا طيلة
حياته ,رغم أنه عين عام 47قبل الميلد من قبل المبراطور قيصر ) (Céserوتقلب عليه العديد من الملوك ,ولكن إخلصه لروما وولئه
لسادتها جعل الباطرة الذين تعاقبوا على الحكم يولونه ثقتهم ,ويتركونه في مركزه المرموق ,رغم الحملت اليهودية التي كان يتعرض لها.
والمصادر التاريخية غير اليهودية تذكر له العديد من الفضائل والحسنات خلفًا لما تذهب إليه المصادر اليهودية من ذمه وتشويه سمعته,
ويكفي أن نعلم أن عهده كان عهد استقرار وهدوء في هذه البقعة التي لم تعرف الهدوء قبل عهده أبدًا بسبب الفساد والشقاق الذي كان
ل بوصيته وأصبحت منطقة يهودا من نصيب أرشيلوس ) اليهود يبثونها فيها .ولما مات هيرود اقتسم أولده الثلثة تركته بينهم عم ً
(Archélousوالجليل من نصيب آنتيبا ) (Antipasو منسي من نصيب فيليب ) (Philippeفحقد اليهود على أولهم وطلبوا من روما
عزله وإلحاق منطقته بسوريا ,فعزلته روما وأسندت حكم منطقته إلى حاكم روماني ليديرها مباشرة ,حتى تقطع الطريق على اليهود و من
ثم نفت آرشيلوس إلى فيينا .
أما آنتيبا فقد خشي مغبة مناوأة اليهود ,وجنح إلى ممالتهم و تقديم القرابين لمذبحهم ,فرضي عنه الشعب ,وهو الذي اشتهر في التاريخ
باقترانه بهيروديا ) التي ينسب إليها ولبنتها سالومي قصة مقتل الرسول حنا ( ,والذي كان يحكم اليهود عند ظهور المسيح ,ويبدو أن
مشايعته لليهود لم تكن لصالحه ,إذ عرضته لنقمة روما على إثر وشاية قدمها بحقه هيرود أغريبا فأقالته روما ونفته بدوره إلى مدينة
ليون حيث قتل ,وعينت بدًل عنه حاكمًا رومانيًا ليدير شؤون المنطقة مباشرًة وهكذا لم يبقى من أولد هيرود على الحكم إل فيليب ,والفضل
في بقاءه يعود لهل منطقته الذين لم يكونوا يهودًا بل كانوا من الغراب ) (Goyimالذين ل يتقنون أساليب الدس والوشاية.
على إثر إقالة أرشيلوس و آتيبا ,أصبحت المنطقة اليهودية تابعة مباشرة للحكم الروماني ولم يعد إليها أي ميزة خاصة ,وكان الحكام
الرومان يدعون بالوكلء ) (Procuratorويقيم كل منهم في عاصمة المنطقة المولج بشؤونها ,فحاكم يهودا يقيم في القيصرية )
25
(Césaréeالمدينة الساحلية التي بناها هيرود الكبير عام 19قبل الميلد ,وكانت السلطات المدنية و العسكرية في المنطقة تخضع لسلطته
مباشرًة ,وكان يحتفظ بألبسة الكهنوت الرسمية في أحد الحصون التابعة له ليحول دون قيام اليهود بالحفلت الدينية الكبرى بل موافقته
المسبقة ,وبهذا يتضح بجلء أن الحاكم الروماني كان السيد الول في المنطقة ,وعليه تقع تبعات و تسيير جميع أمورها ,وهذه المسؤوليات
الواسعة لم تكن سهلة كما يتبادر لذهن القارئ ,على الخص في المنطقة اليهودية التي كانت آهلة بنوع خاص من السكان أعني اليهود
الذين اعتادوا على التشكك في كل شيء ,وأتقنوا أساليب الدس والفساد والخداع .ولهذا كان الوكيل الروماني دائم الحذر بتجنب كافة
المور المثيرة لحفيظة اليهود خاصة وإن الجيش الذي كان تحت إمرته ل يزيد عدده عن الثلثة آلف مقاتل كان أكثر أفراده ممن تطوعوا
محليًا ,وإزاء هذه العقبات كان الوكلء يميلون إلى مهادنة اليهود تفاديًا لثارة القلقل ,ولقد اتبع أكثر الوكلء الذين تعاقبوا على حكم
المنطقة سياسة الرضاء واللين ,بقصد كسب حب الهلين ,فكانوا يصكون النقود الصغيرة المتداولة في البلد محليًا ول ينقشون عليها
صور الباطرة كما كان المتبع آنذاك ,ويحرمون جنود الرومان الذين يدخلون القدس مسبقًا من شعاراتهم حتى ل يستفزوا شعور اليهود-
كما كانت القطعات الرومانية المتجولة في المنطقة تمنع من دخول القدس و الماكن المقدسة ,وعلى الرغم من هذه الحتياطات التي اتخذها
وكلء الرومان وإتباع سياسة اللين والرضاء فإن أيًا منهم لم يوفق لكتساب رضى اليهود و مصادرهم التاريخية ,والمصادر الرومانية
تروي لنا مئات الحوادث المشيرة عن تذمر اليهود من وكلء روما ,وكان اليهود يتقدمون بالشكاوى لتفه السباب مع العلم أن كل
الوظائف الحكومية عدا وظيفة الوكيل كانت تشغل من قبلهم ,خلفًا لما عرف عن نظام الحكم الروماني في البلد الخرى حيث أن الرومان
كانوا يستأثرون بكل الوظائف الحكومية – أما في يهودا فقد كانت الية معكوسة ,إذ لكل مدينة يهودية مجلسها البلدي يرأسه ممثل
المجلس الكهنوتي العلى ) (Sanhédrinويلي هذا المجلس لجنة مكونة من صغار رجال الدين والكتبة تتلخص مهمتها بمساعدة
المجلس البلدي في إدارة البلدة ,ولم يكن الوكيل يتدخل في شؤون هذه المجالس واللجان إل بصفة المراقب فحسب ,حتى إن المجلس
البلدي في مدينة القدس هو الذي كان يجبي الضرائب من المواطنين حتى يظل الرومان بعيدًا عن مخالطة أهلها ,إذ كان قصد الرومان هو
أن يسود المن وتدفع الضرائب في حينها أما المور الخرى فيبتعدون عنها ,طالما كان متوفرًا لهم ذلك.
بيد أن اليهود بدًل من أن يركنوا إلى الستقرار ,نزعوا كعهدهم إلى التآمر ,بعد أن كانوا يتذللون لروما لتنقذهم من هيرود الكبير و خلفه
أرشيلوس ,ولقد وجدوا الفرصة سانحة لعلن غضبتهم وذلك عند قدوم حاكم سورية برفقة الوكيل الجديد كوبونيوس ) (Copniusإلى
المنطقة لتفقد أحوالها وإجراء إحصاء عام فيها بغية تنظيم أمر الضرائب فاتخذ اليهود من هذا الحصاء ذريعة لعلن عصيانهم بقيادة
يهودا الملقب بالجليلي ) (J. le Galiléenوزميله الفريسي صدوق ) (Saddoukفسارع الجيش الروماني وأخمد الثورة ,ولكن ذيولها و
آثارها ظلت قائمة فظهرت جماعة الزيلوت على المسرح -وشرعت بتحريض الناس على مقاومة الرومان ,وعدم الخضوع لهم ,واتهمت
كل متعاون معهم بالكفر و اللحاد ,كما أصدر الكهنة رأيًا بعدم جواز الخضوع للحكم الروماني المدنس للشعائر الدينية ,فازداد تذمر اليهود
من وكلء روما ,فعمدت روما إلى المهادنة مجددًا ,ووحدت المقاطعات اليهودية الثلث وأسندت وليتها )عام 41م ( إلى اليهودي هيرود
أغريبا إرضاًء لليهود ,ولكن اليهود ظلوا على عدائهم السافر لروما ,وسفهوا عمل المبراطور كلود ) (Claudeالذي عين هيرود.
وثابروا على مناوئة السلطات وعلى الخص عندما تبنى المجلس الكهنوتي العلى جماعة الزيلوت ) ,هذا المجلس الذي أصبح بعد عهد
المنفى أعلى مرجع يهودي بسبب الصلحات التي أدخلت على الشريعة اليهودية في عهد أنبياء المنفى( التي ازدهرت وقويت شوكتها,
فتعددت في البلد أعمال القتل و الغتيال –وسادت الفوضى ,ولما عجز أغريبا عن إعادة المن إلى نصابه ,انحاز إلى صف اليهود رغم أنه
كان حفيد هيرود الكبير الذي اشتهر بإخلصه لروما ,وكرهه لكل من ينتسب إلى العائلة الهزمونية التي أفنى جده أفرادها جميعًا أيام حكمه
للمقاطعات اليهودي ,كما أن أغريبا عاش وترعرع في روما وفي كنف المبراطور تيبير ) (Tibéreباعتباره صديق إبنه دروسس )
,(Drususولما مات دروسس اضطر أغريبا للعودة إلى فلسطين والتجأ إلى عمه آنتيبا الذي عينه مراقبًا لمدينة طبريا التي كان يبنيها
الحاكم إكرامًا للمبراطور تيبير .ولكن سوء سلوك آغريبا جعله يختلف مع عمه ,فقفل راجعًا إلى روما ,وهنا أيضًا تعرض لنقمة
المبراطور تيبير بسبب المساوئ التي أقدم عليها ,وزجه في السجن ,وشاء القدر أن يموت تيبير مخلفًا العرش إلى ابنه كاليكول )
(Caligolaالذي كان صديقًا لغريبا فأفرج عنه وعينه ملكًا على يهودا مثلما سبق أن نوهنا عنه ,ولما سمع أنتيبا بهذا التعيين سارع إلى
رما و التمس من المبراطور أن يعامل بمثل ما عومل به أغريبا ,ولكن المبراطور خيب أمله بناًء على وشاية أغريبا به ,وجرده من
وظيفته وألحق مقاطعته بمملكة أغريبا ,ومن ثم نفاه إلى ليون ) (Lyonولم يعد له أثر إل عندما يذكر التاريخ قصة سالومي و حنا .وهكذا
أصبح أغريبا سيدًا على المناطق اليهودية ,ورغم هذه المساعدات الرومانية ,وإكرام كاليكول له لو يتورع عن خيانة روما والتحيز لليهود,
لن الدم اليهودي يجري في عروقه كان أكثر فاعلية من دماء جده الدومي ,وعندما تيقن عن عجزه في التغلب على اليهود ,رضخ
لرادتهم وانحاز في صفهم ,وضرب بالصداقة الرومانية عرض الحائط ,ولكن الرومان لم ينتبهوا إلى تحيزه الخفي هذا بل ظلوا على ثقتهم
به ,فعظم شأنه واتسع نفوذه ,وساهم بقسط وافر ليوصل المبراطور كلود إلى العرش خلفًا لكاليكول .فكافأه المبراطور الجديد ووسع من
سلطانه ,فعمد أغريبا إلى الستفادة من الظروف وأقام القلع والحصون وأعاد بناء سور القدس ,وعقد المحالفات السرية مع حكام البلد
المجاورة له ,بغية التمرد يومًا على روما ,كما انه تقرب من المجلس الكهنوتي العلى وكان ينفذ كل مطالبه ,ويقدم له العون والمساعدة,
وفي أواخر أيامه ازداد نشاطه في المنطقة مما أدى إلى انتباه الرومان لما كان يبيته لهم ,ولكن الموت عاجله قبل أن يحقق أطماعه ,فعادت
روما إلى إعادة الحاكم الروماني المباشر على المناطق اليهودية بعد أن تأكدت لها استحالة الوثوق باليهود.
وسيطرة خيبة المل على اليهود مجددًا وعادوا إلى أعمال الشغب وإظهار التذمر ,والعتداء على موظفي الدولة ,والمتناع عن دفع
الضرائب ,فتفاقمت المور ولم يعد بإمكان الحاكم الروماني السكوت فطلب من أهل القدس دفع ما ترتب عليهم من الضرائب ,فاتخذ اليهود
من هذا العلن ذريعة لعلن العصيان ,مع أن الضريبة المطلوبة لم تكن لتزيد عن بضعة جنيهات في مجملها .ومع هذا ثار اليهود
وداهموا الحامية الرومانية التي كان متمركزة في حصن أنطونيا ,وقتلوا أفرادها عن بكرة أبيهم ,وأعلنوا تمنعهم عن إقامة الشعائر
الرومانية في هيكلهم,أي أنهم أعلنوا الحرب السافرة على روما ,فاضطرب حبل المن في البلد ودامت الثورة أربعة أعوام ,بسبب انشغال
روما بشؤونها الداخلية ,ويقول تارود إن أربعة أباطرة تعاقبوا على حكم روما في هذه الحقبة من الزمن ,وعندما اعتلى العرش الروماني
فاسباسيان ) (Vaspasienحاكم سوريا السابق كلف ابنه الكبر تيتوس ) (Titusبقمع الثورة اليهودية فقام هذا الخير بحملة واسعة
على الثوار ودحرهم في مختلف أنحاء المنطقة,فلذ من بقي منهم بمدينة القدس حيث تجمعت عصاباتهم فيها ,فعم الفساد في المدينة بسبب
المنافسات التي كانت تقع بين العصابات المختلفة إذ كانت كل منها تريد فرض سيطرتها على المدينة ,وكثرت الغتيالت وعمليات السلب
والنهب ,ويذكر فلفيوس إن عدد سكان القدس ارتفع في ذلك الوقت إلى مليون نسمة مما أدى إلى بقاء الناس في الشوارع و الحقول لعدم
وجود المساكن الكافية لستيعاب هذا العدد الكبير ,ولما وصل تيتوس إلى تخوم المدينة وضرب الحصار حولها لم يشأ أن يسيء لهلها
26
إكرامًا للميرة اليهودية بيرينيس ) (Béréniceابنة الملك السابق أغريبا التي كان مولعًا بها ,فأرسل يعرض عليهم الستسلم مقابل
البقاء على أرواحهم ,لكن العصاة رفضوا العرض ,فشدد تيتوس الحصار ,حتى فتك الجوع بأكثر سكان المدينة وامتلت المدينة بجثث
الموتى ,وتفشت الوبئة في المدينة ,فعاد تيتوس يعرض الصلح عليهم للمرة الثانية ,وبعد مدة عاد للمرة الخيرة فعرض عليهم الصلح,
فأبى العصاة الرضوخ لطلبه ,فلم يسع تيتوس إل أن يحمل على المدينة حملة صادقة .فدخلها قوة واقتدارًا ,بعد أن دمر سورها وأحرق
هيكلها ,وقتل من قتل من الزيلوت والسكير ) (Sicairesودمر ما تبقى من المدينة حتى جعلها قاعًا صفصفًا ,وسبى أهلها وأمر ببيعهم في
أسواق النخاسة ,وحرم دخول القدس على اليهود ,ثم تعقب فلول العصابات التي لجأت إلى حصن الماكارونت ) (Machéronteالذي بناه
هيرود الدومي على الضفة الشرقية لنهر الردن,والذي يبعد عن البحر الميت مسافة عشرة كيلومترات ,فحاصر تيتوس المتمردين
والمعتصمين فيه مدة من الزمن ,وفي النهاية تمكن قائد جيشه باسوس ) (Bassusمن اعتقال زعيم العصاة ,الذي حاول التسلل من
الحصن ,فخير باسوس العصاة أن يسلموه شريطة البقاء على أرواحهم أو أن يشاهدوا زعيمهم معلقًا على حبل المشنقة ,فرضخ العصاة
لمره واستسلموا حسب الشروط التي عرضها عليهم الرومان ,ولما تم لتيتوس ما أراده في المكارونت أرسل جيشه لمحاصرة حصن
ماسادة ,الذي اعتصمت فيه عصابة السكير ,ولقد طال الحصار عدة أشهر ,فقرر الرومان احتلل الحصن مهما كلفهم المر ,وتمكنوا من
فتح ثغرة في إحدى جدرانه ,ثم قاموا بهجوم مفاجئ -ولكنهم فوجئوا بدورهم بعدم وجود أي مقاومة ,ولما دخلوا الحصن لم يجدوا فيه
أحدًا ,وبينما كانوا يبحثون عن سبب ذلك عثروا على إمرأة خرجت عليهم مع أطفالها من كون في بطن الرض ولما سألوها عن مصير
السكير ,أفادتهم أن العصاة تأكدوا من الغلبة ,فقرروا فيما بينهم النتحار ,واختاروا عشرة من بينهم وكلفوهم بقتل الخرين وبعد أن تم ذلك
عمد العشرة إلى قتل بعضهم حتى لم يبق منهم إل واحد ,فأشعل النار في الحصن وتأكد صدق أقوال المرأة هكذا قضي على فلول آخر
عصابة يهودية-وتذكر المصادر اليهودية إن عدد هؤلء العصاة كانوا تسعمائة شخص انتحروا جميعًا لكي يتفادوا ذل السر و مظالم
الرومان القساة.
ولما تم لتيتوس تطهير فلسطين من العصاة عاد إلى روما مصطحبًا معه الغنائم والسرى الذين كان في طليعتهم كل من سيمون بارجيورا
وجان جيشال ) (Simon bar-Giora et Gischalaرأسي الفتنة ,فاستقبلته روما استقبال الفاتحين ,وبعد أن انتهت مراسيم العرض
ل بتقاليد ذلك العصر ,وأودع جان ورفاقه السجن حتى العسكري الذي أقيم بهذه المناسبة أعدم سيمون رميًا من على قمة صخرة عالية عم ً
ماتوا جميعًا ,ولقد أصدرت روما بهذه المناسبة نقودًا جديدة نقش عليها صورة إمرأة يهودية تبكي تحت ظل نخلة باسقة وذلك تخليدًا
لذكرى انتصار تيتوس على اليهود ,لنه رفض أن يمنح لقب فاتح يهودا ) (Judiensتقززًا لما كان لها سمعة سيئة في العالم ) ,وتقضي
التقاليد الرومانية بمنح القائد لقب البلد التي ينتصر عليها( ,وهذه المنحة كانت تعتبر من أرقى المراتب التي تعطى للقواد المنتصرين,
ولكن بمجرد كونها تحمل اسم يهودا دفع بتيتوس إلى رفضها وحرمان نفسه منها.
وفي أعقاب هذا النصر ,ظن الرومان أنهم تخلصوا نهائيًا من الشغب اليهودي ,ولكن الحداث أثبتت لهم خطل ظنهم هذا ) ,لن اليهود لن
يركنوا إلى الهدوء والسكينة طالما كانت وراءهم أبالسة المجلس الكهنوتي العلى ,هؤلء الكهنة الذين ما زالوا منذ عهد المنفى يعملون
دون هوادة لتحريض أتباعهم على افتعال المصائب وسفك الدماء حرصًا على تحقيق أحلمهم الشيطانية (
فبمجرد أن استكان اليهود في ربوع فلسطين بدأ المجلس الشيطاني بتحريض أتباعه في المستعمرات الخرى ,فقامت التصالت بين
الجاليات اليهودية,ووضعت المخططات السرية اللزمة لمناوئة الرومان ,حتى كان عام 130م ,وإذا بثورة يهودية عامة تندلع نيرانها فجأة
في كافة أنحاء الشرق من الفرات حتى ليبيا ,أقدم اليهود فيها على مباغتة الجاليات الرومانية ,والدساكر غير اليهودية وأعملوا فيها القتل
و الذبح ونشروا فيها الخراب والدمار ,وأظهر اليهود في هذه الثورة وحشيتهم المعروفة حتى الذروة ,وتفننوا في تعذيب ضحاياهم
والتمثيل بهم,ولقد ذكرت المصادر الرومانية إن يهود ليبيا تحت إمرة أندرياس ) (Anderéasكانوا يقتلعون قلوب ضحاياهم من صدورهم
ويأكلونها كالوحوش الضارية ويتخذون من أمعائهم وآذانهم قلئد يتزينون بها إمعانًا في إظهار حقدهم ,وتذكر المصادر نفسها أن عدد
القتلى على أيدي اليهود في ليبيا وحدها بلغ مائتين وخمسين ألف قتيل ,وقد فعلوا مثل ذلك في كافة البلد التي تمكنوا من أهلها ,ويقال إن
ثورتهم هذه دامت ثلثة أعوام ,أذاقوا في أثنائها العالم القديم أبشع أنواع الهمجية والوحشية ,والغريب في هذه الثورة هو بقاء يهود
فلسطين بمعزل عنها حتى النهاية,
فلما رأى الرومان أمر اليهود وتفاقم واستحالة السكوت عنهم ,أصدر المبراطور تراجان ) (Trajanأمره إلى الجيوش الرومانية لقمعها,
فقامت المقاطعات الرومانية بواجبها على الوجه الكمل وقضت على الثورة و الثائرين بأقصى الشدة ,وانتهى أمر هذا التمرد ,وعاد المل
يراود الرومان بتخلصهم نهائيًا من اليهود ,فجنحوا مرة أخرى إلى مهادنتهم فرفعوا القيود التي كانت مفروضة على القدس ,وسمحوا
لليهود بحرية التنقل ,والعمل,وأعادوا إليهم حقوقهم السابقة,حتى إن المبراطور أدريان ) (Adrianالذي خلف تراجان على العرش
الروماني ,أمر وكلؤه في فلسطين بإعادة بناء الهيكل اليهودي على نفقة الدولة,ولقد جمعت المواد اللزمة لبنائه وكاد العمل يبدأ لول أن
عدل أدريان عن أمره خشية أن يصبح مركز للتآمر اليهودي ,لنه لحظ أن اليهود عادوا إلى تجمعهم ورص صفوفهم وأظهروا كثيرًا من
التفاؤل بعودة مجدهم الزائل ,بمجرد أن سمعوا أن أدريان قرر إعادة بناء الهيكل كما قام المجلس اليهودي بدوره بدعوة اليهود للترابط و
التآخي مجددًا ,وإزاء هذا النشاط المريب ,ألغى المبراطور أمره السابق ,فاغتاظ اليهود من موقفه وقرروا العودة للنضال المسلح ,فبادر
رجال الدين إلى تهيئة الفكار لحمل السلح ,والسعي الجماعي لطرد الرومان من المنطقة اليهودية .فلما خيل لهم أنهم قادرون على مناوئة
الرومان أعلنوا الثورة العامة في فلسطين بقيادة كاهن طبريا المدعو ربي عقيبا ) (Akibaوتابعه المدعو باركوشبا )(Barcochba
فعمت الفوضى في البلد ,وكثر عدد الثوار وتمكنوا من النتصار على بعض القطعات الرومانية ,فشعرت روما بالخطر الداهم ,فأرسل
أدريان أحسن قواده جول سيفير ) (Jules sevéresلتأديب العصاة ,وكان له ما أراد و أخمدت الثورة ,بعد أن دامت ثلثة أعوام ارتكب
فيها اليهود عشرات اللوف من الجرائم بحق السكان غير اليهود ,ولما استتب المر للرومان اعتقلوا عقبيا ,ولكنهم لم يعثروا على
مساعده كوشبا ,ومن ثم بادر جول بمحو كل أثر للهيكل و المدينة المقدسة ,وأقام مكانها مدينة جديدة سماها باوليا كبابيتولينا )Polea
(Captilinaتبركًا بعائلة المبراطور أدريان ,وأقام في وسط المدينة تمثالين لجوبتر وفينوس ,وهكذا زال عن القدس كل طابع يهودي ,ثم
قضى على عصابات عقيبا التي كان أفرادها يدعون بقدرتهم على طرد الرومان بأقلمهم التي كانوا يكتبون بها التلمود.
ورغم هذا ظل اليهود على ترابطهم القومي وتعصبهم العنصري ,وأعادوا جمع صفوفهم بفضل المساعي التي كان يبذلها مجلسهم العلى,
ثم عمدوا إلى تغيير أساليبهم في مخاصمة أعدائهم ,فنبذوا فكرة استعمال القوة واستعاضوا عنها بالدس وإطلق الشائعات أو التملق
للرومان ,وتسخير نسائهم في حل المور المستعصية ,تنفيذًا لتعاليم المجلس الكهنوتي العلى التي كانت تصدر إليهم بصورة سرية,
وبفضل هذه الساليب الجديدة تمكنوا من التقرب إلى الرومان فأصبح منهم لدى الباطرة مستشارون وأصحاب سيطرة ونفوذ ,كما توصل
27
بعضهم لحتلل مراكز مرموقة في أجهزة الدولة المختلفة ,وكان هدفهم هذه المرة محاربة النصرانية التي شعروا بخطرها ,وتفاقم أمرها,
وعلى الخص أنهم كانوا يعتبرون النصارى في البداية عناصر موالية لهم .ولكن عندما أوقعت الفرقة بينهما ) عندما وقف النصارى
موقف الحياد من خصام اليهود والرومان ( آلوا على أنفسهم أن يوجد الخصام بين الرومان و النصارى بغية إضعاف الطرفين حتى يتمكنوا
منهما فيما بعد ,وتذكر لنا المصادر التاريخية أن اليهود نجحوا في إيذاء النصارى وألحقوا بهم أضرار جسيمة حتى إن المستشار اليهودي
جحودا ) (R.Jehoudaتمكن من التغرير بالمبراطور أنتونان التقي ) (Antonin le Pieuxو أقنعه بأن سبب نزول الطاعون بأهل
روما هم الناصريون وحرضه على إفنائهم حتى يبعد الطاعون عن البلد ولقد استجاب المبراطور الغبي لطلبه وأمر بقتل جميع العازاريين
عام 155م .كما أن القيافا اليهودي ) القيافا= مشاور( ساهموا في قتل العازاريين عام 177م ) في عهد المبراطور مارك أوريل )Marc
( (Auréleولقد أكد سفر حادوروت اليهودي )ٍ (Sépher Hadorothوقوع الحوادث كما روتها المصادر غير اليهودية,
ويروي لنا سفر جوشاسن اليهودي ) (Sepher Juchasinأن المبراطور ديوكليتيان ) (Diocletienأقدم على إعدام عدد كبير من
النصارى ضمنهم البابا كايوس ) (Caiusوالبابا مارسلينوس ) (Marcelinusإرضاًء لصدقائه ومرابيه من اليهود ,هذا عدا عما ترويه
المصادر الرومانية من الشرور و المذابح التي حدثت بفضل دسائس اليهود ,ولكن هذا لم يمنع المسيحية من الزدهار و النتشار وتقويض
الدعائم اليهودية ,والفوز عليها.
عندما احتل الرومان المقاطعة اليهودية لم يجنحوا إلى سلب اليهود ما كان لهم من ميزات في عهد اليونان بل عمدوا إلى تحسين وضعهم
وتوسيع المجال الحيوي لهم,و عاملوهم بشكل خاص يختلف عن كل ما عرف عن الرومان في معاملتهم للشعوب التي تغلبوا عليها ,و منها
أنهم تركوا لليهود ما كان لهم من الستقلل الذاتي ,ومنحوهم حرية التنقل والعمل ,وحرية ممارسة طقوسهم الدينية ,وحرموا المس
باليهود في أيام السبت حتى أن المحاكم كانت تغلق في هذه اليام احترامًا لمشاعر اليهود وكانوا يشركونهم في كل الحفلت الرسمية دون
أن يرغموهم على حضورها أو القيام بأداء شعائر الولء للمبراطور التي كانت مفروضة على كل أتباع روما دون استثناء وسمحوا لهم
بإيجاد التعاونيات و تشكيل الجمعيات و إجراء النتخابات وإقامة المؤسسات ,وبناء المعابد الخاصة بهم ,وتعاطي بيع وشراء الملكيات
سواًء للفراد أو الجماعات ,وتركوا لمعابدهم حرية تلقي الهبات المالية والعينية ,وجباية الموال لغراض خاصة بهم ,كما كان لهم حق
إيفاد الوفود والرسائل إلى روما لعرض قضاياهم على المسؤولين أو المبراطور بالذات ,وأبقوا لهم أيضًا محاكمهم الخاصة ,وأطلقوا أيدي
زعمائهم في الدارة المحلية.
أي أنهم كانوا شبه دويلة ضمن دولة الرومان الكبرى ,ولم يكن لروما من الحقوق عليهم سوى دفع الجزية المتفق عليها ,مقابل أن تحميهم
من الغزاة و الطامعين ,وهي لم تجبرهم على العتراف بالمبراطور أو ل ,وهذه الميزة أفادتهم كثيرًا فكان واحدهم ل يتورع عن ارتكاب
أكبر جريمة ممكنة سرًا ,ومن ثم يقسم بألوهية المبراطور ليبرئ نفسه من التهمة ) ,وبما أن اليهود كانوا ل يعتقدون بألوهية المبراطور,
فقد كانوا يستعملون القسم باسمه أداة لنقاذ رؤوسهم من الخطر( ,كما أنهم كانوا أحرارًا في القيام بالتقاليد الرومانية أو عدمه ,ولذا كانوا
يحضرون المناسبات الرسمية التي كانت لصالحهم ويعزفون عن سواها .وبكلمة أوضح كانوا يستفيدون من كل الميزات الممنوحة
للمواطن الروماني.
أما حياتهم الجتماعية فكانت متفاوتة إذ كان فيهم الثري الكبير ,والفقير المعوز ,وتذكر المصادر الرومانية أن التسول في الوساط
اليهودية كان شائعًا )حتى في إيطاليا( ,ويستغرب كتاب التاريخ هذه الظاهرة التي ل تنسجم مع ما عرف من اليهود من تبادل المعونة ,إذ
اشتهروا بمؤازة بعضهم البعض ,وكان لهم في كل مستعمرة تنظيم خاص يتكلف أفراده بمعاونة من يفد إلى المستعمرة من الفقراء و
المعوزين .ولكن بعد التحري عن أسباب كثرة المتسولين في المستعمرات اليهودية تبين أنها لم تكن ناتجة عن الفقر ,بل كانت في أكثر
الحيان لسباب دينية وسياسية ,إذ كان المجلس الكهنوتي يعمد إلى معاقبة كل خارج عليه بطرده من المجتمع اليهودي و حتى من عائلته,
يحرمه العمل لمدة معينة ,فيضطر هؤلء التعساء إلى التسول بغية الحفاظ على أرواحهم ,وكان المجلس يعيدهم إلى حرمه بعد انتهاء مدة
العقوبة وإعلن التوبة ,وطلب الغفران ,والغريب إن هؤلء المنبوذين كانوا يظلون على صمتهم ويخفون أمرهم حتى عن أقرب الناس
إليهم.
وتساهل الرومان مع اليهود فاق كل تقدير وتفكير ,إذ كانوا يسمحون لليهود بتشكيل النقابات الحرفية ,وإجراء النتخابات العمالية والدينية
بيمنا كانوا يحرمونها في البلد الخرى على أتباعهم ,وهذه الحريات الواسعة هي التي مكنت اليهود من تنظيم شؤونهم القومية والدينية,
وتوثيق صلتهم بالمستعمرات رغم انتشارها في جميع أنحاء المبراطورية الرومانية الواسعة .وفيما يتعلق بتنظيماتهم العامة ,كانت مدينة
القدس لهم بمثابة العاصمة المقدسة التي يحج إليها سنويًا ألوف من زعماء المستعمرات للتداول في شؤونهم العامة مع أعضاء المجلس
الكهنوتي العلى ,وبصدد هذه الجتماعات يزعم فلفيوس اليهودي أن عدد من كانوا يحضرونها من المستعمرات كان يبلغ في بعض
السنين مليوني نسمة ,ويذكر أن العام السابق لثورتهم الكبرى بلغ عدد من قدم إلى القدس ثلثة مليين نسمة .وفي نفس الموضوع يقول
المؤرخ السكندراني فيلون ) (Philonإن عدد زوار القدس سنويًا كان يتجاوز بضعة مئات من اللوف .ومن هنا يتضح أن الرومان لم
يمنعوا قط اليهود عن أي نوع من الجتماعات أو العمال القومية الخاصة بهم.
وتذكر لنا المصادر التاريخية ,أنه كان لليهود صندوق قومي يشرف عليه المجلس الكهنوتي العلى ,وكانت أمواله تجبى من اليهود وكان
على كل يهودي بلغ العشرين من عمره دفع سنويًا لهذا الصندوق ما فرض عليه من المال ,وهذه الضريبة كانت تجبى من جميع اليهود
وبصورة جبرية وعلنية ,حتى إن جباة الرومان في المناطق التي كانوا يكلفون رسميًا أحيانًا بإيصال الموال المجباة من يهود المستعمرات
إلى مقر المجلس الكهنوتي ,وكانت السلطات الرومانية تقدم الجنود لحماية هذه الموال في طريقها إلى الصندوق العام ,وهذه الموال
تسمى بالموال المقدسة واكن الرومان أنفسهم يعتبرونها كذلك.
وكانت روما تعترف رسميًا بسلطة المجلس الكهنوتي على كل اليهود القاطنين في إمبراطوريتها ,وترغم كل من يجرؤ على التمرد عليه
بالعودة إلى إمرته ,حتى إن يهود بابل وفارس كانوا يقدمون له ولئهم ويرسلون ما فرضه عليهم من الضرائب سنويًا أسوة بالمستعمرات
الخرى و هذه التنظيمات هي التي سهلت للمجلس الشراف على شؤون اليهود و مراقبة سلوكهم القومي والجتماعي ,وإصدار التعليمات
والرشادات إليهم ,وتوثيق صلتهم القومية وتقويتها يومًا بعد يوم ,لن الجميع كانوا يخضعون لنفس التعليمات و الرشادات التي كانت
28
تصدر إليهم في البداية من القدس و من ثم من طبريا التي أصبحت المركز الديني الول بعد خراب القدس ,وتمركز السنهدران فيها ,وكان
له في كل مستعمرة معتمد يشرف مباشرة على شؤونها ضمن مخططات المجلس ,وكل هذا الفيض من الحريات الجتماعية التي منحها
الرومان لليهود سهلت لهم الظروف لقامة الهيئات السياسية و الجتماعية ,ومكنتهم من دراسة أمورهم المختلفة وإيجاد الحلول المناسبة
لها ,ضمن وحدة الرأي والهدف ,وبفضلها أصبحت لهم في العصور التي توالت هيئات و مؤسسات مختلفة تعمل ضمن المخططات القومية
التي وضعها لهم المجلس العلى اليهودي.
وهذه التسهيلت الرومانية وهذا الحترام الذي أبداه الرومان نحو اليهود وهذه الحريات و المساعدات التي منحوهم إياها ,لم تشفع لهم
لدى اليهود ومؤرخيهم ,إذ ظلوا على حقدهم السود على الرومان وعمدوا إلى تشويه سمعتهم ,ووصمهم بالظلم و التعسف ,واتهامهم بقتل
البرياء من بني قومهم ,والعتداء على أعراضهم ,وبغية التشنيع في حكمهم ,ذكرت المصادر اليهودية أن الرومان أقدموا على طرد
ممثلي شمعون المكابي من روما بحجة أنهم أقاموا فيها بالتبشير لشريعتهم ,ومنذ ذاك اليوم أصبحوا ينظرون إلى اليهود نظرة الشك
والريبة ,و إن الرومان كانوا يحتقرون الشعائر اليهودية ودللت على ذلك بزعم تقديم المبراطور أوكتاف ) (Octaveالتهاني لبنه البكر
لمتناعه عن تقديم ولئه لرب أورشليم عند زيارته لها ,وإن المبراطور تيبير شرد أربعة آلف يهودي لنه كان يكرههم ,وادعت أن
المبراطور كاليكول كان ينوي قتل جميع سكان القدس لقدام بعض الثوار على نزع الشعارات الرومانية عن مدخل الهيكل وقتلهم وقتل
رجال حامياتها ,ولكن موته فجأة حال دون تحقيق رغبته هذه ووصف تيتوس بالطاغية لحراقه الهيكل وتدميره القدس ولخماده ثورة
الزيلوت والسكير ,وزعمت أن كل هذه المظالم كانت بسبب حقد الرومان عليهم.
فهل في الدنيا أسخف من هذه التهم وأتفه من هذا الستنتاج.؟ هل كان المفروض بروما أن تسمح لمن أتوها التوسل و الستعطاف أن
ينددوا بمعتقداتها في عقر دارها ,ويدعوا إتباعها لعتناق مذهبهم ,وتظل هي مكتوفة اليدي.؟ أو أن ترجوهم أن يثابروا على نشاطهم
المعادي لها ,ومن ثم ترحب بمقدمهم غير العزيز؟ والحق يقال إن روما كانت أكثر كرمًا مما يستحقه هؤلء الفجار ,فلو أنها عاملتهم بما
كانوا يستحقونه لكان أقل جزاء لهم هو الطاحة برؤوسهم العفنة ,ولكن يبدو أن روما عزفت عن ذلك تعففًا و تعاليًا ,أما قولهم بأن أوكتاف
هنأ ولده لعدم تقديمه الولء لرب أورشليم لنه يحتقر كان يحتقر اليهود فهو أيضًا قول عجيب واستنتاج غريب ,هل من المنطق أن يقدم
أمير روماني يحكم والده المقاطعة اليهودية التي لم تكن سوى بقعة تافهة في بحر المبراطورية الرومانية ,خضوعه لرب أورشليم
المغلوب على أمره والذي ل يعتقد به ول تربطه به أية رابطة ,ولماذا يلومون كاليكول على التفكير بمعاقبة قتلة جنوده!؟ أكان المطلوب
منه أن يمنحهم الوسمة لنهم سفكوا دماء جنوده ,ولماذا يتجنون على تيتوس؟ أما عرض عليهم الصلح مرارًا وبأحسن الشروط؟ أكان
المفروض عليه أن يتركهم وشأنهم بعد أن ثابروا على العصيان والتمرد عدة أعوام ,وقتلوا اللوف من جنوده ومواطنيه ,ومن ثم أبوا
الستسلم .؟ ولماذا يستعظمون إقدامه على حرق الهيكل وتدمير القدس؟ أما سبقه أجداد اليهود في هذا المضمار ,هل غاب عن بالهم ما
تذكره السفار عن المذابح العامة التي قام بها أسلفهم ,وما قاموا به من تدمير المدن والدساكر) وزرع أرضها ملحًا( ,فما هي حجتهم في
التشنيع بالجيوش الرومانية ,أما سبقوها في هذه العمال ,ولكن ما الفائدة من تذكير لوفسكي وأترابه ,طالما كانوا من أحفاد من تذمروا
حتى من الخالق ,وتنكروا لمنقذهم موسى.
إن ما يقوله سلومون ريناخ عن التزمت العنصري لبني قومه هو الحقيقة بعينها ,ولقد عرف عن اليهود منذ عهد النفي و ما أعقبه من
الهجرات اليهودية المتتالية ,أنهم يتجمعون على بعضهم في كل البلد التي ينزحون إليها و ينعزلون عن أهلها ,وكأنهم لم يأتوها ,إل
للنفراد بأنفسهم ,مع أن أكثر هجراتهم كانت بغية الحصول على الحياة الفضل ,فإذا ما دخلوا مدينة سارعوا إلى بناء حي فيها خاص بهم,
تجنبًا للختلط بأهلها ,وإبقاء اتصالتهم ببعضهم البعض ,وليحافظوا على تقاليدهم وشعائرهم الدينية ,وأول ما يبنونه في حيهم هو الكنيس
)أي المعبد( الذي يعتبرونه بمثابة مقر لمجلسهم الديني والنيابي ,الذي يمدهم بالتعليمات الضرورية لهم في عيشهم اليومي وسلوكهم مع
أهل البلد الذي توطنوا فيه ,وكل فرد منهم ينتظر التعليمات التي يصدرها المجلس قبل أن يقدم على أي عمل ديني أو دنيوي مهما عظم
شأنه ,ولما كان المجلس الديني حريصًا على عدم الختلط , ,وينبههم إلى تحريم الشريعة اليهودية له ,وهذا التوجيه الدائب المقرون
29
بالمراقبة الشديدة ,جعل اليهود في مستعمراتهم يعيشون منعزلين تمامًا عن الغراب ,وهذا النعزال وثق الروابط العنصرية بين اليهود
وهيأ لهم ظروف العيش وكأنهم أمة ,وكان من البديهي أن يتساءل المواطنون عن أسباب انعزالهم الدائم ,ولما عجزوا عن كشف الستار
عنه ,عمدوا في كل بلد إلى التكهن و الستنتاج ,فتعددت القوال و كثر اللغط حول أسباب هذا النعزال فتضخم عدد القصص الخيالية التي
كانت تروى عن أسباب انعزال اليهود عن الناس ,ولكن اليهود أصموا آذانهم عن سماع تلك القصص وما رافقها من الشائعات ,وثابروا
على عيشهم الذي اختاروه لنفسهم بملء حريتهم ,بغية الحتفاظ بتقاليدهم الدينية و مناهجهم العنصرية بعيدة عن الغراب ,إذ أن فكرة
كونهم شعب ال المختار كانت تأصلت في نفوسهم ,وزعم انحدارهم من أصل أعرق من أصول الشعوب الخرى أصبح لديهم عقيدة
راسخة ,كما أن فرية اقتراب اليوم الموعود الذي سيصبحون فيه سادة العالم انطلت عليهم ,فامتلت نفوسهم غرورًا و تيهًا ,فلم يعد
بإمكانهم قبول الختلط مع الشعوب الخرى ,خاصة وإن المجلس الكهنوتي العلى كان ل ينفك عن تقوية هذه النوازع في نفوس أتباعه,
ليحملهم على الولء له ,والنصياع لكل أوامره ورغباته.
فلما طال انعزال اليهود ,ازدادت الشاعات حول هذا النعزال ,عمدت الكنيسة إلى جعله إجباريًا بعد أن اختاره اليهود لنفسهم ,فأصدرت
تعليماتها إلى الدول التي كانت تتبعها ,وطلب إليها عدم السماح لليهود بالنتشار في الحياء المسيحية ضمن بلدها ,رغم أنها كانت تحميهم
وتمنع الساءة عنهم ,ولكن المصادر اليهودية عزت أسباب هذا الموقف الجديد من قبل الكنيسة على أنها كانت ترمي من ورائه منع اليهود
من نشر مذهبهم بين النصارى ,مع أن اليهود كانوا قد انقطعوا منذ أمد بعيد عن التبشير بعقائدهم ,واكتفوا بالنعزال عن العالم أجمع ,و
أكبر دليل على كذب هذه المصادر موقف الكنيسة من المستعمرات اليهودية التي كانت ضمن ممتلكاتها ,مثل مستعمرتي روما ,وأفنينون
اللتين اشتهرتا بما كان لهما من ميزات واسعة في العيش تحت ظل الكنيسة ,ويبدو أن اليهود لم يستاؤوا من هذه التعليمات الجديدة التي
أصدرتها الكنيسة إليهم ,لنها كانت في مصلحتهم ,وبموجبها أصبحت كل دولة أوروبية مسؤولة عن أمنهم ,وأصبحوا أحرارًا في مزاولة
بعض العمال المربحة التي كانت محرمة على أتباع الكنيسة كتجارة الذهب وممارسة الربى و أعمال الرتهان ,وكانت هذه العمال أقصى
ما يتمناه اليهود ,لنها تدر عليهم المرابح الطائلة ,وتحيج إليهم عظماء الناس ,ول تربطهم بأرض أو وطن ,وتسهل لهم التنقل و الهجرة
عند الزمات مما مكن اليهود من الحصول على السيطرة و النفوذ في كافة أقطار أوربا ,وجعلهم أصحاب الحل والربط في أكثر الدول في
زمن قصير.
وهذه القيود الكنسية الجديدة مهدت لليهود سبل تنظيم شؤونهم الداخلية في العيش ,فوضعوا نظامًا سريًا خاصًا لكل حي يعتمد في تفاصيله
الدارية على النظام الديمقراطي ,وكانت لهم في كل حي هيئة مكونة من العيان ورجال الدين تدعى بجروسيا ) (Geraussiaيرأسها من
يطلق عليه اسم الجروسيارك ) ,(Géroussiarqueوكان لهم مجلس آخر مهمته التصال و تنفيذ ما يعهد إليه من قبل الهيئة ,وكان
اليهود يطلقون عليه اسم آباء وأمهات الكنيس ) (Patres et matres synagogueويختارونهم بموجب انتخابات سرية يشترك فيها
جميع أفراد الحي .ومما سبق يتضح للقارئ مدى ما كان عليه اليهود من التنظيم الداخلي في مستعمراتهم ,وتشير المعلومات القليلة التي
تسربت إلى أسماع المؤرخين إلى أنها كانت في غاية الدقة و التقان ,ويبدو أن اليهود اكتسبوا مهاراتهم هذه في التنظيم بعد التجارب
المريرة التي تعرضوا لها ,فاتخذوا منها عبرة وعظة ,كما أن المجلس الكهنوتي العلى ساهم في هذه التنظيمات بقسط كبير وافر جدًا ,إذ
كان أعضاؤه يدونون كافة الحداث التي يتعرضون لها ,ويعمدون إلى دراسة شعبهم لمثيلتها في المستقبل ,ولقد أنارت نتائج هذه
الدراسات المجتمع اليهودي وجعلته يتفادى بدوره التفرقة التي كانت تسود صفوفه .والنعزالية التي اشتهروا بها كانت نتيجة لهذه
الدراسات ,إذ أيقنوا بصلحها للبقاء على وحدتهم العنصرية ولبتعادهم عن مساوئ الختلط ,ولذا نجد أن كتابهم يتفاخرون بها و كأنها
فضيلة خاصة بهم.
في الحقيقة إن اليهود يعتمدون منذ أقدم العصور على كتبهم الدينية في كل ما يتعلق بكيانهم القومي والسياسي والجتماعي ويعتبرون
نصوصها أساسًا لكل عمل ديني أو دنيوي ,وتعلقهم الشديد بهذه الكتب حذا بمؤرخي التاريخ إلى الجماع على استحالة التفريق بين الدين
و القومية لدى اليهود ,ولقد أثبتت الحداث أن اليهودي يظل يهوديًا مهما ادعى التعلق بمذهب آخر أو تظاهر باللحاد لنه ينشأ منذ نعومة
أظفاره في جو مشبع بأحاديث التوراة ومشتقاته التي ل حصر لها ,ويعتاد العيش في هذه القوقعة الغريبة الغنية بشتى الحاديث المثيرة
فيتفاعل مع ما يسمعه منها و تنقش في ذاكرته وتتأصل جذورها في أعماقه ,والتربية اليهودية تبتدئ بتعريف الطفل على هويته ومنشأ
أسلفه حسبما جاء في نصوص التوراة العديدة ,ثم يباشر بتلقينه الغرور القومي من خلل العمال المجيدة والفتوحات العديدة التي تزعم
السفار بأن اليهود قاموا بها ,قم تقص عليه ما أصاب قومه من النفي والتشريد على أيدي الكفرة غير اليهود ويلقن الحقد والكراهية لكل
ل عن الطوق يتلقفه الكاهن ليحقنه بدوره بما وردمن ل ينتسب لشعبه ,ويدرب على الحتراز منهم وعدم مخالطتهم ,وعندما يشب قلي ً
بالتوراة من القصص الخرافية عن أسلفه وقومه ,في جو مشبع بالنعزالية والتعصب العنصري .فينشأ الطفل وقد امتلت جوارحه حقدًا
على البشرية ,التي يعتبرها عدوته لنحداره من أعرق الصول ,لنتسابه إلى من اختارهم الخالق ليكونوا سادتها ,فيعمد بطبعه إلى تجنب
30
الفجار ) (Goyimsوالبتعاد عنهم و المتناع عن الخذ بما يقولونه وما يفعلونه ,فينزع إلى التفكير بالنتقام منهم و النيل من مصالحهم,
ل يجد أمامه أغنى مصدر في الوجود لحل كل ما يعترض الفرد اليهودي من العقبات الدينية و الدنيوية وهو التلمود ,هذا وعندما يشب قلي ً
الكتاب العجيب الحاوي لمختلف العلوم و المناهج الذي يعتمد عليه اليهود أكثر من التوراة لزعمهم أنه التفسير الكامل للعهد القديم ,وتروي
المصادر التاريخية عنه أنه ساهم في كتابته عده آلف من كهنة اليهود وانتهى بالقرن الرابع وهو يحوي البحاث التاريخية والدينية ,وقد
أفرد بقسم كبير منه للقصص الخرافية وآخر المناقشات الفلسفية ,واللهوت,كما أنه يحوي أبحاثًا في علم النفس ,والقانون ,والتشريع,
وبعض الفكار المبهمة التي تكاد تكون عبارة عن هذيان محموم ,والخلصة فإن فيه الشيء الكثير مما ل يعقل ول يفهم.
وهذا الكتاب هو المصدر العلمي الثاني الذي يلقاه المراهق اليهودي في مستهل حياته ,فينهل منه ما شاء من المبادئ الخاصة باليهود,
والداعية إلى ضرورة اعتماد المكر و الخداع ,والتسلح بالحقد والكره ,واحتقار الشعوب و المم ماديًا وأدبيًا بغية إعادة المجد اليهودي
الزائل واسترداد حقهم السليب ,وبهذه التوعية الشريرة يحق الشاب اليهودية قبل وصوله إلى مرحلة الدراسة الجامعية ,فعندها يكون قد
فاته الوقت لستيعابه المبادئ الجديدة فيكتفي بالتفرغ للعلوم العامة ,وإذ صدف وكان قادرًا على اكتشاف زيف بعض ما تلقنه من المبادئ
اليهودية وفرضنا أنه نبذ ما ثبت له بطلنه فإنه يبقى لديه رصيد هائل من الفكار التي تعمقت جذورها في أعماقه ,وأصبحت غير قابلة
للستئصال فيظل قانعًا بها مهما كلفه ذلك.
وهكذا يظل اليهودي يهوديًا قبل كل شيء ,ويتضح من هذا بطلن زعم إمكانية التفريق بين القومية اليهودية ,والشريعة اليهودية ,أو
الزعم بأن الصهيونية شيء واليهودية شيء آخر ,والثابت أن العلقة القومية بين اليهود تتلخص بوحدة المذهب وطريقة التربية ,إذ ليس
ل من مقومات القومية اللهم إل وحدة الدين ,ولهذا جعلوا لديهم روابط قومية بالمعنى المفهوم لدى الشعوب الخرى لنهم ل يملكون أص ً
منه منذ القدم المحور الساسي الذي تدور حوله دعوتهم القومية ,وعلى أساسه وضعوا تنظيماتهم الشعبية و السياسية ,في سبيل تقوية
النزعة القومية لدى النشء اعتمدوا على هذه الرابطة الوحيدة فركزوا جميع جهودهم عليها ,ومن هنا أصبح الدين العامل القوي الوحيد
لتحقيق وجود ما يسمى بالشعب اليهودي ,فلوله لما كان في الوجود ما يسمى بالشعب السرائيلي رغم ما يظهرون نحوه من اللمبالة
العلنية ,بغية التغرير بالشعوب المتحضرة.
ولليهود كتب توعية أخرى عديدة منها الكتاب المسمى بالقبال ) (Cabaleالذي ألفه الكاهن موسى ليون ) (Moise Léonباللغة
الكلدانية القديمة ,ولكنه أنكر تأليفه ,وزعم أنه عثر عليه في إحدى خزائن الكنيس القديمة ,ادعى أنه من أقدم الكتب الدينية التي يعود
عهدها لزمن ظهور موسى.
والغريب في المر أن اليهود قبلوا مزاعم موسى ليون عند منشأ هذا الكتاب وأدخلوه ضمن مجموعة كتبهم المقدسة السرية ,التي ل يجوز
للغراب الطلع عليها ,والسبب أن اليهود كانوا منقسمين على بعضهم في القرن الرابع العشر )عهد ظهور القبال( لختلفهم حول تلمود
موسى ميموند ,فوجدوا في القبال مخرجًا يقيهم من عثرات هذا الخلف ولقد حدثنا كل من السادة فاسلين وبيير هيبس وتارود عن محتويا
هذا الكتاب وأجمعوا بالقول على أنه كتاب شيطاني ,يبحث عن أمور مختلفة ,وعلى الخص عن الخرافات و السحر و التنجيم وأمور قذرة
أخرى ,بينما يدعي مؤلفه أنه التفسير الحقيقي للتوراة اعتمادًا على الزعم القائل بأن للتوراة تسعة وأربعين نوعًا من المعاني المختلفة,
وانطلقًا من هذا القول يزعم موسى ليون أن قصص السفار الباحثة عن السلف ل تعني ما ظهر من نصوصها بل إنها رمزية ولكل حرف
من حروفها مدلول سري يرمز لمعجزة معينة ,ويذهب بالزعم بأن الحروف البجدية كانت في الصل أحرفًا من نور محفورة على تاج
يهوى ,سقطت على الرض عندما أمال يهوى رأسه إلى المام )بينما كان مشغوًل بتكوين العالمين( ولما وجدت الحرف نفسها في
الحضيض توسلت إلى يهوى أن يحمل لكل منها ميزة و معنى فيما يكونه ,فاستجاب يهوى لرغبتها ,وجعل كل منها رمزًا لشيء معين...
ولثبات خرافاته راح ينسب لكل حرف معنى خاصًا ,فقال إن طرفي حرف اللف يرمزان إلى الحكمة والسلطان ,وطرفي حرف الباء إلى
الذكر والنثى ,وهكذا استنبط لكل حرف مدلوًل معينًا .واختتم أكاذيبه بقوله :لول وجود هذه السرار في القبال لما كان لوجود قصص
التوراة أي مبرر أو معنى.
ورغم ما يحتويه هذه الكتاب من السخافات و الترهات تلقفه اليهود كالجياع .واعتمدوا عليه في كثير من أمورهم ,حتى أصبح له مريدون
يجلونه أكثر من أي كتاب آخر ,ويتعصبون لنصوصه .ولقد اشتهر هؤلء القباليست بأنهم أشد اليهود تعصبًا وخطرًا.
وهذا عدا ما لليهودي من كتب التوعية السرية التي استنبطها علماؤهم عبر التاريخ .وهذه الكتب ل تخرج في أبحاثها عن مضمون التلمود
والقبال إل فيما يتعلق بالمور التنفيذية التي يتوخى علماؤهم أن تكون متجانسة مع عقلية و متطالبات العصر الذي يصدرون فيه كتبهم
هذه .ونرى أن اليهود ينزعون دومًا إلى تغيير مناهجهم وأساليبهم ليظلوا على إنسجامهم التام مع الزمن والمكان.
وهذا ل يعني أنهم يحيدون عن مبادئهم الصلية قيد أنملة .لن ما يتلقونه في عهد صباهم وشبابهم من التوعية على أيدي رجال الدين يظل
ل في نفوسهم حتى الممات .ولذا تجدهم يتقلبون في أحضان المعسكرات والمبادئ المختلفة دومًا ,حسب مقتضيات مصالحهم القومية متأص ً
وليس إيمانًا منهم بتلك المعسكرات ومبادئها كما يدعون ,فهم ينظرون إلى المور من زاوية مصالحهم ,فإذا وجدوا أنها تقضي بالتزام
جانب مبدأ أو معسكر ما معين يسارعون في الوقوف في صفه ,ضاربين عرض الحائط بكل العتبارات السابقة الخرى ,ولذا رأيناهم مرارًا
عبر التاريخ يباركون في الحاضر من لعنوه في الماضي ,ويهدمون اليوم ما بنوه بالمس ,فهم رأسماليون حيث تروج الرأسمالية,
وشيوعيون حيث تؤمن الشيوعية مصالحهم ,ودعاة سلم إذا حقق السلم لهم مآربهم ,وأنصار حرب إذا عادت عليهم بالفائدة ,وكل ذلك
بفضل التوعية المطاطة التي يتلقونها منذ نعومة أظفارهم ,ومن هنا يتأكد لنا أن اليهودي هو يهودي مهما كان مبدؤه أو اتجاهه.
31
يعتقد بعض النقاد أن الديانة اليهودية تعرضت بعد عهد المنفى إلى النقسام المذهبي ) (Orthodoxieوسبب هذا العتقاد ,هو كثرة
التسميات الدالة على الفئات اليهودية التي ظهرت للوجود بعد انقراض الدويلة اليهودية مثل السدوسية ,والفريسية,والسينية ,والزيلوت.
وفي الواقع إن هذه الفئات ل تشكل المذهبية بالمعنى الصحيح ,وهي ليست سوى جماعات تفاوتت درجات التصوف التلمودي فيها بينها,
وهذا التفاوت المزعوم بينها ل يكاد يبلغ الخلف الكائن بين المذاهب السنية الربعة ,لنها في الصل متفقة على جميع المور الجوهرية,
وخاصة فيما يتعلق بالنواحي القومية و العنصرية ,وتدور جميع هذه الفئات في فلك نصوص التوراة ,ولو اختلفت في تفسير بعض
نصوص التلمود.
والشائع عن الفريسيين بأنهم أقل تعصبًا في المعتقدات الدينية والعنصرية من الفئات الخرى .وإذا بالستاذ لويس فنكل اليهودي مدرس
التاريخ القديم في جامعة فيلدلفيا يتحفنا عام 1946بكتابه الباحث عن المعتقدات اليهودية ,ويكشف لنا فيه خطأ المزاعم القائلة بوجود
الخلفات بين الفئات اليهودية ,ويظهر لنا الفريسية على حقيقتها من خلل أقواله التي دونها في مطلع هذا البحث.
ومن تصريحات الستاذ فينكل يتضح لنا أن الخلف بين اليهود ضئيل جدًا ,وحول بعض النصوص التلمودية فقط .وجميعهم تلموديون بل
استثناء.
يقوم المؤرخ جواد إتيلهان بصدد التلمود والقبال ,إن أول من باشر بكتاب التلمود هو عزريا ثم ساهم في إكماله سبعة آلف كاهن ومثقف
يهودي ,وله عدة ترجمات ,و جميعها ناقصة عن الصل لن المترجمين اليهود حذفوا من نصوصه الصلية الشياء التي تتعارض مع
مفاهيم الغراب التي يخشون إطلعهم عليها ,وهي النصوص السرية التي كتبت من قبل كهنة معهد سفري ) (Sépharisفي طبريا و ما
كتب منها من قبل كهنة المعهد البابلي ) (Nehrodea Suraتعتبر أيضًا سرية للغاية ومحرمة على الكفار وبعد هذه المقدمة الموجزة
ينتقل بنا إتيلهان إلى البحث عما جاء في التلمود من التعاليم والوامر فيقول إن أغرب ما يحويه هذا الكتاب من البحوث ,هو تحديد
العقوبات التي يجب أن تفرض على الغراب الذين يجرؤون على ارتكاب ما تحرمه الشرائع اليهودية ,وعلى سبيل المثال يذكر لنا بعض
الفقرات من بحوث هذا الكتاب ندونها فيما يلي كما وردت في مؤلف إتيلهان.
جاء في الصفحة 400من باب الكهنوت من التلمود وعلى لسان الحاخام جوهانان ,إن أدنى عقوبة يجب أن تفرض على الذين يجسرون
الطلع على السرار التي وردت في التلمود ,هي الموت دون تعذيب.
وجاء في فصل باباميزيا قوله (Baba Mizia) :ل ترفع الغريب إلى مستواك ول تعتبره من بني البشر ,وإن فعلت فلن يرضى عنك
يهوى .وجاء في فصل المحرمات قوله ,حرم عليكم أكل وشرب ما مسه غير اليهودي الدنس الذي يفسد كل ما يلمسه.ويقضي المر رقم
56من فصب جتين ) (Gittinبإعدام كل من يسخر من التلمود.
وجاء في المر رقم 54من فصل باباقاما قوله (Baba Kama) :احتفظ بما تعثر عليه من أموال غير اليهود ,ول تحاول ردها لهلها.
ل منها بقصة نسبت إلى أحد مشاهير رجال الدين اليهودي به وينهجوا نهجه وفيما يلي وللتدليل على شرعية هذه الوامر ,يدعم التلمود ك ً
ندون ترجمة بعض هذه القصص التي أوردها السيد إتيلهان في مؤلفة السابق الذكر.
يقول التلمود :لقي القاضي صمؤيل يومًا أحد الكفار يعرض وعاء من الذهب الخالص للبيع ,ظنًا منه أنه من النحاس العادي ,وكان صموئيل
خبيرًا بالمعادن فتعرف على معدن الوعاء ,وساوم البائع على ثمنه ,فاتفقا على أن يدفع له ثلثمائة قرشًا لجل مسمى ,فأخذ صمؤيل
الوعاء وانصرف ,ولما حان وقت سداد ما بذمته ,ادعى بعدم صلح الوعاء ,ولم يدفع له إل مئتي قرش فقط .وهكذا استغل صموئيل البائع
مرتين ,إحداهما عندما أخفى عنه نوع ما ابتاعه و الثانية لما بخس ثمن بضاعته ,وخرج بصفقة رابحة.
وإمعانًا في التشجيع على السرقة ,يروي التلمود أيضًا ,أنها بيمنا كان القاضي عشى مارا برفقة خادمه ,بالقرب من كرمة للعنب هفت نفسه
لبعض من ثمارها ,فأوفد خادمه ليسأل صاحبها ,وأوصاه بأن يبتاع منه شيئًا من العنب إن كان يهوديًا أما إذا كان من الكفار ,فليعد حاًل
وقبل أن يأتي صاحب الكرمة ,ليسرقا من الكرمة حاجتهما ,دون دفع الثمن .والتلمود يبحث أيضًا في المسائل الجنسية )فصل الكهنوت
المر رقم )58ولكننا نعزف عن ذكرها تقززًا ,ويكفي أن يعلم القارئ بأنه يسمح بتبادل الزوجات بين اليهود ولفترة معينة بناء على اتفاق
الطرفين.
ويخبرنا السيد أتيلهان عن القبال بأن يتألف من جزئين :الول سفر زوراح )(Sépher Zorah
ويبحث عن الشياطين والجن ,والتنجيم والسحر و الشعوذة ,والثاني سفر ياتريراح ) (Sépher Yatrirahويبحث في الطقوس الدينية
السرية ,وشؤونها ,مثل الخبز المعجون بدم أعداء اليهود ,وأساليب القتل والتعذيب وعبادة العجل الذهبي وما شابه ذلك.
والمؤسف هو أن اليهود يبحثون في هذه المور حتى في أيامنا هذه ,كما كانوا في عهد اليونان ,وتدفعهم وقاحتهم إلى الزعم بأنهم
ينتسبون لمة مجيدة في الماضي والحاضر ,وهذه المعلومات التي نقلناها من كتاب السيد إتيلهان هي غيض من فيض ,بالنسبة لما قاله
كتاب الغرب عما يحويه التلمود .ولما اكتشف العالم المسيحي ما يحويه هذا الكتاب من التعاليم النابية ,عمدت حكوماته والكنيسة إلى
إحراقه بغية التخلص منه ,فأصدر البابا إينوسان ) (Innocentعام 1244أمرًا بإحراقه ,فأحرق في كل من إيطاليا وفرنسا في عهد لويس
التاسع .وفي عام 1248أحرق بأمر الكاردينال لوكات أودو ) .(L.Odoوفي عام 1299أحرقه الملك فيليب الجميل الذي طرد اليهود من
فرنسا ,كما أمر البابا جوهان الثاني والعشرون ) (John XXIIفي عام 1322بحرقه في جميع القطار الوروبية .وفي عهد البابا
جوليوس الثالث عام 1533أحرق خمس مرات متتالية ,ورغم كل هذا عاش التلمود ,لن اليهود كانوا يعيدون نسخه كلما قلت أعداده ,ولما
هل عصر النهضة على أوروبا وازدهرت أيام اليهود عمدوا إلى طبعه ونشره على أوسع نطاق .وهكذا انتصر هذا الكتاب وتحدى أعداءه
في عقر دارهم.
إن الهيئة المسماة اليوم بالمجلس الكهنوتي لم تكن موجودة قبل عهد المنفى ,إذ أن المصادر السابقة له ل تذكر شيئًا عن وجود مثل هذا
المجلس ,أما المصادر التي ظهرت بعده فتختلف على تحديد الزمن الذي ظهر فيه ,فينما يقول التلمود بقدمه وانحداره من المجمع السبعيني
الذي كان أعضاؤه يجتمعون بموسى في خباء المحضر لتلقي الكلمة ) و التلمود يعتمد هذا الزعم على ما ورد في الفصل 11و 16من سفر
العدد( .نجد أن سفري ناحومي وأسدرا يذكران قيام مجلس للشيوخ في عهد الفرس ,دون أن يشيرا إلى أن كان يسمى بالسنهدران.
32
أما فلفيوس جوزيف فيذكر أن الشؤون اليهودية في الماضي كانت تدار من قبل لجنة الجيروسيا أي لجنة النبلء ,ومن إغفال هذه
المصادر لسم السنهدران يتضح لنا جليًا أن هذا المجلس لم يكن قائمًا في تلك العهود .و إل لكانت أشارت إليه ولو بكلمة عابرة.
أما افتراض وجوده في عهد موسى فل يعقل القبول به ,فلو كان موجودًا في عهد القضاة لما احتاج اليهود لنتقاء من يتولى شؤونهم من
بين أحط طبقة من شعبهم ,و لكانت السفار الباحثة في هذا العهد أشارت إليه بمناسبة ما ,ولهذا يظن أنه وجد بعد عودة اليهود من بابل.
ولقد تصدى المؤرخ الكبير كينيوبير ) (Guinebertلمزاعم التلمود في هذا الموضوع وقال إن ما جاء في التلمود عن قدم هذا المجلس
هو اختلق محض ,وما هو في الحقيقة إل مجلس الجيروسيا الذي بحث عنه فلفيوس وقال إنه تشكل في عهد اليونان ,ويبدو أن اليهود
أبدلوا اسمه في عهد الرومان ,وصادر يدعي بالسنهدران ) (Sanhedrinالذي اشتهر حينذاك بالشراف على شؤون اليهود العامة.
ويدلل كينوبير على صدق نظريته ,بما أوردته المصادر اليهودية عن هذا المجلس في عهد هيرود الكبير من قصص وروايات مثل قصة
اختلفه مع الملك على نافذة الهيكل ,وإقدام الملك على إعدام أكثر أعضائه في أعقاب خلف نشب بينهما أو الحوادث التي ورد ذكر اسم هذا
المجلس فيها ,ويستخلص من كل هذا أن هذا المجلس تكون لول مرة في عهد اليونان ,أو على أقل تقدير قبل احتلل الرومان لفلسطين.
ولقد أجمع النقاد على أن عضوية هذا المجلس كانت في البداية وقفًا على النبلء ورجال الدين ) (Sacerdotalأي على من عرفوا بأصالة
العرق .وكان يرأسه الكاهن الكبر أو الناسي )(Nasi
وينقسم إلى ثلثة لجان وهي اللجنة التنفيذية ,والتشريعية ,ولجنة الحكماء المكونة من صغار الكهنة و الكتبة .وتقول بعض المصادر
اليهودية إن هذا المجلس يضم بين أعضائه بعض المثقفين و الزعماء السياسيين ويشمل نفوذه كافة اليهود في العالم ,ويعتبر بمثابة
حكومتهم أو مجلسهم النيابي معا ,و تعليماته واجبة التنفيذ على كل يهودي بدون استثناء.
من الثابت في التاريخ أن اليهود كانوا يرتادون التخوم العربية منذ أقدم العصور ,وذلك بحكم معيشتهم البدوية التي كانت تتطلب التنقل
الدائم بحثًا عن الماء و الكل ,وكان العرب يحسنون معاملتهم عند نزولهم في مرابعهم ,ويسمحون لهم بعبور تخومهم ,رحمة بضعفهم,
وقلة عددهم ,وبفضل هذا الكرم العربي توطدت الصلت بين بعض سكان التخوم الشمالية من العرب و بين اليهود ,وأصبح اليهود أحرارًا
في تنقلتهم ضمن المناطق العربية ,ونزحت قبائلهم من البلد الشمالية حيث كان الراميون يعتدون عليها ,إلى التخوم العربية ومنها إلى
صحراء سيناء وما بعدها من البلد ,وهكذا تجمع اليهود في التخوم المصرية ,ومن ثم عادوا يغزون البلد الفلسطينية ,فما استتب لهم
لو المر فيها جزئيًا ,عمدوا إلى التضييق على القبائل العربية التي كانت تقيم فيها ,فقام الصرع بين اليهود والعرب في فلسطين ودام طوي ً
كان القتال بينهما سجاًل ,وانتهى بعهد داوود بخضوع سعير و بعض العشائر العربية إلى النفوذ اليهودي مؤقتًا ,ولما دارت الدوائر على
اليهود وانهارت دويلتهم الهزيلة وتشتتوا في القطار المجاورة ,التجأ قسم كبير منهم إلى القبائل العربية دون حرج وكأنهم ما تنكروا يومًا
لها و ساموا إخوتها في القومية سوء العذاب ,ولكن العرب تناسوا مواقف اليهود المخزية وإرهاق دماء عشرات اللوف من إخوتهم الذين
قتلهم القاضي جدعون وسواه من اليهود ,وعملوا حسب تقاليدهم العريقة التي تحضهم على مناصرة الملهوف ,فقبلوهم في ضيافتهم
وكأنهم أخلص الصدقاء فأصبحت البلد العربية من المناطق التي كان اليهود يعتبرونها ملذًا لهم ,يتوافدون عليها كلما مسهم الضر في
مكان آخر ) ,مثل هجرتهم إليها من فارس عندما اضطهدهم فيروز الفارسي ( وهكذا تكاثر عددهم في شبه الجزيرة العربية وخاصة في
نجران واليمن ,وبدًل من أن يستكينوا و يبحثوا فيها عن الستقرار ,عمدوا إلى إثارة القلقل في مناطقها ,وبذر بذور الشقاق بين قبائلها,
كما نشروا الخرافات و الكاذيب بين أهلها و لم يحجموا عن دعوة أهلها لعتناق المذهب اليهودي ,بحجة أنهم والعرب من أصل واحد ,أي
أحفاد سام بن نوح ) ,وهذا الزعم المأخوذ عن سفر التكوين يفتقر إلى الدليل والبرهان ويخالف نظريات علم الجناس( وبغية ترسيخ جذور
هذا الدعاء الباطل في أذهان العرب ,زعموا أن العرب المستعربة تناسلوا من ثابت وقيدار حفيدي اسماعيل ويبدو أن العرب صدقوا هذا
الزعم ,فأخذ كتابهم أمثال ابن الثير و أبي الفداء وابن خلدون يثبتونها في مؤلفاتهم وينسجون حولها القصص ,وكأنها أمور ثابتة بالدليل
البرهان أو مأخوذة من عن مصادر خطية قديمة ,وفي الواقع لم يكن يملك أحدهم أي مصدر قديم يعتمد عليه أو برهان يقدمه ,إل ما ورد
عن ذلك في سفر التكوين ,وما تناقلته اللسن من القصص التي أشاعها اليهود ,فلو كان لهذه المزاعم بعض الحظ من الصحة لكان من
المفروض بالمصادر المصرية و الشورية و الكلدانية أن تشير إليها ولو بإشارة ما ,أما أن نثق بها لمجرد أنها وردت في التوراة ,هذا
المصدر اليهودي الذي أجمع النقاد على أنه كتب في القرن السادس قبل الميلد و من قبل مئات القلم ,فذلك يعني النسياق العمى وراء
سراب الضاليل اليهودية والستخفاف بنعم ال عز وجل التي وهبها لنا من الميزات الخيرة كالعقل و البصيرة والمنطق السليم ,كما أن
ل ,لن أكثر المكتشفات الحديثة أثبتت التدليل على وحدة المنحدر العرقي بين العرب واليهود لما بين لغتيهما من التشابه والتقارب باطل أص ً
أن لغة اليهود الصلية كانت عبارة عن لهجة كلدانية صوتية ,كما أجمع النقاد على أن اليهود تعلموا اللغة الكنعانية القريبة من العربية بعد
أن تمركزوا في فلسطين ,وهذا يعني صراحة انهيار نظرية المنحدر المشترك التي تورط فيها كتاب العرب ,فلو جاز الخذ بها لكان علينا أن
نقول بأن الكلدانيين والشوريين و الراميين هم من نفس المنحدر أيضا ,لما بين لغاتهم واللغة العربية من التشابه والتقارب ,ولنهم سكان
المناطق الواقعة في شرق و جنوب أرمينيا التي زعم بعض المؤرخين بأنها منشأ السامية الصيل ,وإذا أخذنا بهذه النظرية في التحقيق
عن القوميات حق لنا الدعاء بأن كل الشعوب التي قطنت في الشرق الوسط قبل عهد موسي كانت أيضًا من المنحدر المشترك المبحوث
عنه ,وبالتالي ننتهي إلى النظرية العامة القائلة بانحدار البشرية جمعاء من أصل واحد ,وفي هذه الحالة ل يحق لحد البحث في القوميات,
أن نستنتج من هذا أن الصلت العرقية المزعومة بين العرب و اليهود ليست بأوثق مما هي عليه بين العرب و الشور و الكلدان ,وهي
تعود لما قبل التاريخ ,ونرى من ناحية ثانية اختلف العادات والتقاليد بين العرب و اليهود ,يشكل بحد ذاته عنصرًا أساسيًا في دحض
نظرية المنحدر المشترك ,هذا الخلف الذي يؤكده التوراة بما ينسبه لصحابه من العادات والتقاليد التي يندى لذكرها الجبين ,والتي ل
يمكن أن تلتقي مع ما عرف عن العرب من التمسك بالفضائل والمكارم عبر التاريخ.
وأخيرًا ماورد في قصص التوراة عن إصرار أسلف اليهود وخاصة إبراهيم بتزويج أبنائهم من بنات قومهم المشتركات اللواتي كن يسكن
في بلد الكلدان البعيدة بدًل من تزويجهم من بنات العرب القاطنات بالقرب منهم و ما في ذلك من توفير للمال واجتناب للمشقة والخطار,
لهو وحده كاف لتكذيب بدعة وحدة المنحدر ,لنه كان من المفروض على إبراهيم الذي ولد عما 292بعد الطوفان أن يكون عالمًا بهذه
الصلة العرقية ,وأن ل يفرق بين بنات الكلدان ,وبنات العرب المنحدرات ) على زعم التوراة ( من صلب قحطان شقيق جده الرابع ) الحفيد
ل يعتقد أن العرب هم من الثالث لسام ,والذي عاش قبل قرن واحد من ميلد إبراهيم ( باعتبارهن جميعًا من صلب سام ,فلو كان إبراهيم فع ً
33
أحفاد قحطان لما فرق بين بناتهم وبنات الكلدان ,و لكان وفر على قيم بيته مشقة السفر الطويل ,وعلى ابنه تبذير المال الوفير لو سمح له
بالقتران بعربية ,أما وأنه لم يفعل ,فهذا يدل صراحة على أن اليهود كانوا ل يعترفون قبل ظهور التوراة بهذه الصلت ول يعلمون بها ولم
تكن في يوم موضوع بحث لديهم ,إل عندما أصبحت لهم فيها مآرب فابتدعوها لربط مصير العشائر العربية كآدوم وسعير و كالب
بمصيرهم لغراض سياسية ,ومنها إرغام هذه العشائر العربية على التعاون معهم وإبقاؤها تحت سيطرتهم ,بيد أن هذه العشائر العربية
أحجمت عن النسياق وراء هذه المزاعم ,فظلت على مقاومة اليهود ودام النزاع بينهما حتى عهد الرومان ) المعارك بين آدوم وسعير من
جهة واليهود من جهة أخرى ( ويظهر جليًا مما سبق عقم نظرية المنحدر المشترك ,ولكن ما حيلتنا فالقضية أصبحت شبه مسلم بها لما
مر عليها من الزمن الطويل وما أحاطها من التباس وغموض اعتقد أنه مفتعل ومقصود بغية التمويه عن الجرائم التي اقترفها اليهود في
شبه الجزيرة بحق العرب و العروبة مثل جريمة تهويد الملك العربي ذو نوار و شعبه وتحريضه على محوا عرب نجران من الوجود
وإرغامهم على اعتناق اليهودية والمذابح العربية التي أقدم عليها القاضي جدعون ومن تولى من أترابه القضاء في إسرائيل من بعده.
اليهود وظهور السلم
يا أبناء إسرائيل اعلموا أننا لن نفي محمد حقه من العقوبة التي يستحقها حتى ولو سلقناه في قدر طافح بالقذار و ألقينا عظامه النخرة إلى
الكلب المسعورة لتعود كما كانت نفايات كلب لنه أهاننا وأرغم خيرة أبنائنا وأنصارنا على اعتناق بدعته الكاذبة وقضى على أعز آمالنا
في الوجود ولذا يجب عليكم أن تلعنوه في صلواتكم المباركة أيام السبت وليكن مقره في جهنم و بئس المصير
من سفر حازوحار الذي طبع بالفرنسية عام -1907الجزء الثاني -الصحيفة 88
)( Sepher Hazohar- Edition Francaise -2éme partie page 88- Paris 1957
إن الفترة الزمنية الفاصلة بين بداية عهد المنفى و بداية عند ازدهار المسيحية و المقدرة بستة قرون تعتبر بحق عصر تقدم اليهود ,رغم
ما تذكره المصادر اليهودية عنه ,إذ فيه أدخلت الصلحات الجذرية على الشريعة القديمة التي أدت إلى ظهور اليهودية الجديدة )
(Judasimeوكثر في صفوفهم القادة و المثقفين ,بفضل ما اقتبسوه من الثقافات المختلفة كالبابلية والرومانية اليونانية ومن العلوم
والساليب الدارية والسياسية ,وفيه أصابهم الخير المادي الوفير ,فأصبحوا أغنى شعوب المنطقة وأكثرها نفوذًا ,وعندما منحهم اليونان
المزيد من حرية التنقل والعمل ,عمدوا إلى إصلح شؤونهم العامة ,فظهر للوجود مجلسهم الكهنوتي الذي نظم أحوالهم الدينية والسياسية
والقومية والمعاشية في جميع مستعمراتهم المنتشرة في أكثر بقاع العالم القديم.
ثم راحوا يبشرون بشريعتهم على نطاق واسع دون أن يعترضهم أحد فكثر عدد أنصارهم في كل أرض وصقع ,وراودتهم المال باسترجاع
أمجادهم المزعومة فقاموا بعدة ثورات منيت كلها بالفشل ,ومع هذا ظلوا على اعتقادهم بقرب اليوم الموعود ,ولكن ظهور المسيحية جمد
نشاطهم التبشيري وأثار البلبلة في صفوفهم إذ كثرت الجتهادات بين كهنتهم حول المذهب الجديد فكان فيهم من يدعوا إلى الجمع بينه
وبين اليهودية باعتبار وليدها وصاحبها من أبنائها ,ولكن شاءت القدار أن يتفاقم الخلف بين الرومان واليهود ,وتشتعل نيران ثورة لهبة
جديدة ,يقف منها أنصار المسيح موقف المتفرج الشامت فيغتاظ اليهود منهم وتتوسع شقة الخلف بينهم ,ويعقبها ازدياد نشاط النصارى,
الذي أدى إلى انتصار المسيحية الكاسح و انهزام اليهود الذين لم يفقدوا المل بالفوز يومًا على النصرانية لما كان بين المذهبين من فرق
ضئيل ),على حد زعم المصادر اليهودية( واعتمادًا على وشائج القربى التي كانت تربطهم بصاحب المذهب الجديد وحواريه.
وفي خضم هذا الصراع القائم بين اليهود والنصارى فوجئ اليهود بصوت مدوي ينطلق من أم القرى ,صوت الحق البلج الذي أطلقه محمد
المين ,داعيًا الناس دون تفريق أو تمييز إلى دين العلي القدير ,ويهيب بهم أن يتآخوا ويتحابوا وأن ينبذوا الباطل و المنكر وينصروا الحق
والفضيلة ,ويصبحوا سواسية ل سيد ول مسود ,ولما كان صاحب الدعوة ممن اتصفوا بالصدق والمانة والجدية و الرزانة ,التف حوله
خيرة شباب قومه ,وأيدوه في دعوته للحق وناصروه في نضاله مع الباطل ,فاشتد عوده سريعًا و أصبح له في الجزيرة العربية شأن
يخشى جانبه.
ولما سمع اليهود بأمره فزعوا من مغبة دعوته ,فتنادوا فيما بينهم لمجابهة هذا الخطر الجديد ,وناصرهم بعض زعماء الجزيرة الذين
نفروا من الدعوة الرامية إلى القضاء على الصنام والمتألهين -,فاستثمر اليهود حماس هذه الفئة الضالة من قريش و غيرها من القبائل
ووقفوا خلفها يدفعونها لمخاصمة محمد )صلعم( والقضاء على دعوته التي تفضح مزاعمهم ,وتدحض أكاذيبهم ,فقام صراع غير متكافئ
ل ,وكان أنصار محمد ) صلعم( فئة قليلة ذات إمكانيات محدودة بينما كان أعداؤه على وفرة في العدد والعدة, بين الحق و الباطل ودام طوي ً
يناصرهم اليهود بما لديهم من قوة وقدرة ,وبما أتقنوه من أساليب التشنيع والتسفيه لكل ما ل يتناسب مع مصالحهم وغرائزهم ,ولكن أنى
للباطل أن ينتصر على الحق ,فصمد محمد )صلعم( وأتباعه ,إلى أن أقاموا لهم في المدينة المنورة مركزًا قويًا ومنطلقًا عسكريًا أقض
مضجع اليهود ,وسلب أمنهم ,وتيقنوا أن ل حيلة لهم مع محمد عن طريق الحرب والقراع فصمموا على محاربته بأساليب المكر و الخداع
لعلهم يفلحون فيما يبتغون.
رغم العداء الذي أشهره اليهود على محمد )صلعم( ,لم ينزع إلى إطالة الخصام معهم بل عمد إلى مهادنتهم و معاملتهم بالحسنى ليهديهم
إلى طريق الحق والصواب ,ولتحقيق هذا الهدف لم يكن يحجم عن زيارتهم وتكرار دعوته لهم ,ولكن اليهود ظلوا على تعنتهم وحقدهم
عليه وحاكوا مؤامرة لغتياله والتخلص منه فأرسلت إله نادر ) إحدى القبائل اليهودية( تدعوه لزيارتها ,فلبى الرسول الدعوة وعندما
وصل إليها طلب شيوخها منه مجالستهم في ظل حائط من الحجر ,فامتثل لطلبهم ,بينما كان يتحدث إليهم و إذا بصخرة كبيرة تنفصل عن
الحائط لتهوي على محمد )صلعم( ولول أنها حاد عن مسقطها في الوقت المناسب لقضت عليه وعندما سأل الرسول عن سبب سقوط
الصخرة قيل له أنها انزلقت تحت ثقل أحد الطفال الذين صعدوا إلى أعلى الحائط ليشاهدوه عن قرب ولكن محمد )صلعم( أدرك ما قصدوا,
ومع هذا عاد إلى مقره دون أن يشعرهم بأنه اكتشف أمرهم ,فعمد اليهود إلى خدعة جديدة وكلفوا زينب زوجة سالم بني المشك النادري ,
بأن تجهز طعامًا ممزوجًا بالسم وتقدمه لمحمد )صلعم( .فلبت اللعينة طلبهم ,ثم ذهبت تقدم هديتها للرسول في حضور بعض أنصاره ,فلم
يشأ الرسول أن يخذلها أمامهم ,فقبل هديتها شاكرًا .ولما هم وأصحابه الطعام منها ,شعر بما بيت له فصاح برفاقه أن اعزفوا عنها ,ولكن
سبق السيف العزل وأكل أحدهم لقمة منها وفارق الحياة.
34
ولما سئلت عمن دفعها لفعلتها المشينة أجابت :بأن التلمود يذكر أن النبياء أصحاب الرسالت السماوية ,يعلمون الغيب ويعرفون ما يضمر
لهم في الخفاء ,ولذا أردت أن أمتحن محمد )صلعم( لتحقق من صدق رسالته ,ففعلت ما فعلت ,فأمر الرسول الكريم بإخلء سبيلها دون أن
تمس بسوء.
عندها أيقن اليهود بفشل محاولتهم ,وقرروا محاربته علنًا ,فاتصلت نادر مع العشائر اليهودية وبعض القبائل العربية التي كانت تكره
محمد )صلعم( واتفقت معها على مقاتلته ,فعلم الرسول بأمرها ,فأغار عليها وأذلها جميعًا ,ولما أراد معاقبتهم استجارت به ,فعفى عنها,
بعد أن عاهدته على أن تبقى على الحياد من صراعه مع القبائل العربية الخرى ,ولكنها خانت عهودها في معركة بدر وانضمت لعداء
الرسول ,ولما نصر ال نبيه على المشركين ,عاد وحمل على من خانت العهد من العشائر اليهودية ,وشتت شملها ,ولم يمس التي ظلت
منها على الحياد .وقبيل معركة أحد عادت عشيرة بني نادر لمناصبته العداء وألبت عليه العشائر المجاورة .فلما هزم في أحد .زحف عليها
و أرغمها على الستسلم .فجردها من أسلحتها ,وأوقع الجزاء بمحرضيها ,وجل ما تبقى منها خارج أرض الحجاز.
ومع هذا ظل اليهود على غطرستهم وعدائهم ,وبعد فترة وجيزة عادوا لجمع جموعهم وانضموا إلى أقوى قبائلهم قريظة التي تكاثر عدد
أفرادها بعد أن التجأ إليها خلسة بعض أفراد القبائل اليهودية التي طردت خارج الحجاز ,فقام زعماؤها بعقد حلف مع زعماء قريش,
واتفقوا على احتلل المدينة المنورة ,والقضاء على المسلمين ,فجمعوا جموعهم ,وحاصروا المدينة وظلت قريظة في المؤخرة لتكون القوة
الحتياطية للمعتدين .ولما اشتد الحصار على المسلمين ظنت قريظة أن الوقت قد حان لتشترك في المعركة ,وتجهز على محمد )صلعم(
وأنصاره فسارعت إلى النضمام لشريكاتها ,ولكن خاب فألها ,وصمد المسلمون للبلء واعتصموا بالصبر ,ولما طال أمد الحصار ,دب الملل
في صفوف المعتدين ,وتفرق شملهم ,وانسحبت القبائل المعتدية إلى منازلها ,دون أن تتمكن من المسلمين.
ولما انكشفت الغمة عن المسلمين ,قرر الرسول الكريم معاقبة قريظة الخائنة ,فهاجمها وأرغمها على الستسلم ,فسارع زعماؤها إلى
التوسل للرسول ,بأن يكتفي بفرض عقوبة مناسبة على قبيلتهم ,وفوضوه بتعيينها ,ولكن الرسول أبى إل أن يبرهن لهم عن تمسكه الدائم
بالعدالة والشهامة .فقبل التماسهم على أن يختاروا حكمًا بأنفسهم ليحتكم الطرفان إليه ,فبادر اليهود إلى انتقاء سعد بن معاذ لما كان بينه
وبين اليهود من الصداقة والثقة المتبادلة ,ولما أخبروه بقرارهم ,خيرهم بيم أحكام القرآن والتلمود ,فاختاروا نصوص هذا الخير ليحتكموا
إليها ,فلم يعترض الرسول الكريم على ذلك .عندها راجع سعت تلك النصوص فوجد أنها تقضي بقتل كل من حمل السلح ضد المسلمين.
وحجز أمواله وتوزيعها على المنتصرين ,فطبقت الحكام بحذافيرها على من ثبت عليه القيام بمهاجمة المسلمين.
) والغريب هو إحدى النساء اليهوديات كانت من بين من طبقت عليه هذه العقوبة ,لنها تميزت بين المقاتلين بشراستها وحبها لسفك
الدماء (.
وفي أعقاب القضاء على قريظة ,عاد الهدوء إلى البلد الحجازية وتطهرت من اليهود .والمدهش في أمر هذه الحداث هو سكوت المصادر
اليهودية التام عنها ,وعدم الشارة إليها ,وكأنها لم تسمع بها .ول شأن لليهود فيها .مع العلم أن اليهود ل يقدمون على عمل إل بعد أخذ
رأي مجلسهم فيه .والمعروف أن هذا المجلس كان قائمًا قبل ظهور السلم ,وكان يهود العالم يدينون له بالولء منذ عهد اليونان ,
ويرسلون له ضريبتهم السنوية بانتظام حتى من أبعد مستعمراتهم .فل يعقل أن يكون يهود البلد العربية أقل ولء لهم من الخرين ,وعلى
الخص أنهم كانوا أقرب جالياته إليه.
ولهذا نعتقد أن الثورات والمؤامرات الكثيرة التي قام بها اليهود في فجر السلم كانت من وحي وتدبير هذا المجلس ,والدليل القاطع على
ذلك هو ما يزخر به التلمود من حملت على السلم و المسلمين ,كما أن المصادر اليهودية الخرى ,ل تخلوا أيضًا من حملت شعواء على
محمد ) صلعم( وأتباعه ,والنكبات التي افتعلها اليهود في مختلف القطار السلمية عبر التاريخ تشهد بعمق العداوة اليهودية نحو العرب
بصورة خاصة و المسلمين بصورة عامة.
بعد أن أيد ال المسلمين بنصر من عنده ,وانتشرت دعوتهم السمحاء وتعرف الناس على فلسفتهم النسانية النبيلة التي ل تفرق بين
البشر ,وتدعو لمعاملة الناس سواسية ,دون تمييز بين إنسان وآخر .وتشجب الغطرسة و التعالي .وتنشد الفضيلة والعدالة ,كان من
ل كؤوس الذل على أيدي المتألهين ,ودعاة التمييز العنصري أمثال اليهود .فبدأ الناس
البديهي أن يجتذب الناس إليها ,بعد أن تجرعوا طوي ً
يدخلون في دين ال أفواجًا ,وفي زمن قياسي ساد السلم ربوع الجزيرة العربية ,وانتشر في القطار المجاورة بفضل رواد السلم الول
الذين انطلقوا في مشارق الرض و مغاربها يدعون الناس إلى اعتناق مذهبهم النساني الحنيف .هذا المذهب الذي ما عرف له العالم مثي ً
ل
لما يحويه من المشاعر النبيلة ,ولما يزخر به من الدعوة و الخير و الحسان ,وفي غضون بضعة أعوام غمر لواء السلم أكثر أقطار
الشرق ,واستتب المر فيها للعرب ,رواد الدين الحنيف وذلك بفضل ما أوتوه من الصبر على المكاره ,وقوة اليمان برسالتهم النسانية
فاندفعوا في نشرها ,وإعلء كلمتها ل يخشون في الحق لومة لئم .ول يحجمون عن الفداء و التضحية ,وهذه الصفات النبيلة دفعت
بالشعوب المجاورة لهم لللتفاف حولهم والتسابق لنيل شرف النضواء تحت لوائهم .اللهم إل فئة واحد وقفت ترقب ما يدور حولها والغيظ
يفري قلبها .وهذا الفئة لم تكن سوى فئة اليهود التي كانت تنتظر حدوث معجزة ما .تطيح بالسلم بعد أن عجزت هي عن النيل منه .وكان
تعلل النفس بشتى المال متوهمة ظهور الصخرة التي ستتحطم عليها الوثبة العربية التي انطلقت كالعصار تكتسح في طريقها كل باطل
وبهتان ,ولما تيقنت من خيبة آمالها ,قررت أن تبحث عن أساليب جديدة لمقارعة هذا العدو الذي كشف أضاليلها ,وأثبت أنها ليس كما
تدعى الفئة المختارة لدى ال وبرهن على أن الناس سواسية عند الخالق وأن أحسنهم عند ال أتقاهم .واتهمها بتحريف التوراة وبتزوير
ما جاء به موسى ,وكذب مزاعمها المختلفة ,واتهمها بالوحشية والهمجية وبقتلها النفس التي حرم ال قتلها بغير حق ,وفند ل أخلقيتها,
وبكلمة أصح جردها من كل أسلحتها وفضح بهتان هالت التقديس والكبار التي كانت تحيط بها ,وأوضح للناس حقيقتها ,وبذلك أساء إليها
أكثر مما أساءت النصرانية لها والتي ظلت على شيء من المحاباة لها بعد احتضنت توراتها المزور ,ومن هنا كان السلم أخطر عدو
اعترض طريق اليهودية واليهود.
35
ولذا عمد اليهود إلى استعمال أسلحتهم التقليدية ضده وهي الغدر و الحيلة .وراح مجلسهم العلى يدرس الوضع ويخطط لمعركته المقبلة
مع السلم .فتفتق ذهنه )الوقاد( عن الوسيلة التي ظن أنها ناجعة لمجابهة السلم .وهي مقارعته من الداخل ,فأوعز إلى المثقفين من
أتباعه في البلد العربية أن يتظاهروا باعتناق السلم ,ليتمكنوا بسهولة من تنفيذ ما يعهد إليهم من المهام .وعلى الثر بادر بعض اليهود
إلى اعتناق السلم ,ولما كان الدين الحنيف ل ضن على أحد بشرف النتساب إليه دون أي شرط سوى العتراف بال ورسوله تسلل الكثير
من مثقفي اليهود إلى صفوف أتباعه وأصبحوا معهم سواسية في الحقوق والواجبات .وهكذا دخل بعض أنصار المجلس اليهودي إلى
الصفوف السلمية وبدأوا يعملون خفية للنيل من السلم والمسلمين ولقد بزر من بين هؤلء المخربين ,المدعو عبد ال بن سبأ وكان من
يهود اليمن فاعتنق السلم ,واستوطن في المدينة المنورة ,و تفقه على أيدي علمائها ,وكان ذا ذكاء وقاد ,ومحدثًا لبقًا ,قوي الحجة,
اشتهر بالتقوى ,يثور لتفه مخالفة للسنة .قام بعدة جولت في الوليات العربية ,حيث كان يعقد الحلقات ,ويحاضر في الناس ,حتى أصبح
له دعاة ومؤيدون ينتمون لبدعة جديدة ظلت سرًا حتى عهد عثمان بن عفان ,هذا الصحابي العف ,الذي كان يعمل لخرته أكثر مما كان
يعمل لدنياه ,أو للدولة التي كان مسؤوًل عنها .فانتاب الحكم في عهده بعض الضعف ,وظهر في أجهزته بعض الخلل ,فأيقن ابن سبأ أن
ساعة نشاطه قد دنت ,فبادر إلى توجيه النقد لحكم عثمان واتهمه بالتحيز لعشيرته ,واختياره الحكام منهم دون الخرين ليوفر لهم فرص
الثراء غير المشروع كما اتهم الحكام بدورهم بإساءة المانة واستغلل مراكزهم لمصالحهم الخاصة .ومن ثم راح يسفه حق عثمان في
الخلفة ولتهمه بالتآمر مع أبي بكر و عمر لسلب حق علي في الخلفة ,ويحرض عائلة بني هاشم لتثأر من المويين لعتدائهم على
حقوقها في حكم المسلمين .وكان يدعم مزاعمه بقوله :إنه من المألوف أن يكون لكل نبي وزير يختاره من بين أنصاره حتى إذا مات هو
ثابر وزيره على إتمام رسالته وإكمال دعوته .وإن عليًا كان وزير محمد )صلعم( ,فكان المفروض أن يتولى هو شأن المسلمين بعد ارتحال
الرسول ,ولكن عثمان ومن سبقه من الخلفاء احتالوا عليه وانتزعوا منه هذا الحق .وعلى المسلمين اليوم أن يعيدوا هذا الحق إلى نصابه,
وذلك بأن يولوا عليًا على أنفسهم بدًل من عثمان ,فلما علم عثمان بما يدبره ابن سبأ نفاه إلى ولية مصر حيث تفرغ كليًا لثارة الفكار ضد
عثمان ,وإشاعة التفرقة بين المسلمين ,والجدير بالذكر هو أن كل ما كان يقوله هذا المدعي في مصر عن الخليفة والخلفة ,يلقي الرواج
في وليتي الكوفة و البصرة ,وفي نفس الوقت كان أتباعه في العراق يتلقون تعليماته ,ويشيعونها حالً بين الناس.
ويروى عنه ,أنه زار عليًا بعد توليه الخلفة ,وقدم له الطاعة والولء ,ومن ثم قال له مفاخرًا :أنت لها لنك العلي القدير )أي أنه أضفى
عليه صفات اللوهية( .فساء هذا القول علي بن أبي طالب ,فأمر بنفيه إلى مدائن صالح حيث عاش حتى ارتحال الخليفة .ومن ثم خرج
مجددًا على دنيا العرب لينشر فيها بدعته التي كانت تتلخص بتأليه علي ,والزعم بأنه حي لم يمت لنه من روح ال ,وأنه ل يلبث أن يعود.
وأن روحه تتقمص الئمة ليثابروا على هداية الناس حتى عودته ,وانه الله الخالد الزلي.
ويبد أن ابن سبأ اعتمد في تأليه علي بن أبي طالب على إحدى اليات القرآنية التي تصف ال عز وجل بالعلي القدير أو العلي العظيم
واتخذها حجة وزعم أنها موجهة إلى علي بن أبي طالب.
والمؤسف في سيرة هذا الدعي هو أن الجراء الذي اتخذه عثمان حياله أتى متأخر جدًا .إذ كانت بدعة ابن سبأ انتشرت في عرض البلد
وطولها ,وتكاثر أنصاره في جناحي الوطن العربي ,وتشكلت منهم أحزاب وفئات في كل من مصر والعراق ,يعملون للنيل من الخليفة
والخلفة ليل نهار ,وينشرون الضاليل ,ويدسون على الولة والحكام .ويدعون الناس من وراء الستار للتذمر و التشكي ويوفدون الوشاة
الكاذبين إلى الخليفة ,ليقصوا عليه كل ما هب ودب من الشاعات .حتى انطلت على الخليفة بعض هذه الدسائس ,وعمد إلى التحقيق
والتحري عن أسبابها .فاختار لهذه المهمة خيرة رجاله فأوفد محمد ابن مسلمة إلى الكوفة ,وعزام ابن زيد للبصرة ,وعبد ال ابن عمر
لمصر ,وأوصاهم بان يقوموا بأوسع تحقيق ممكن مع الولة والمواطنين ,ويعودوا إليه بالخبر اليقين .وقام هؤلء السادة بالمهمة خير
قيام ,ولكنهم لم يشاهدوا أو يسمعوا ما يستحق الهتمام ,فعادوا ليعلموا الخليفة بخطل ما نقل إليه .ولكن عثمان أراد التدقيق في المر,
فأرسل أمرًا إلى ولته بأن يوفدوا في موسم الحج كل من له شكوى إلى الكعبة ليعرضها بنفسه على الخليفة ,كما طلب منهم جميعًا أن
يحضروا في الموعد المحدد إلى الحجاز.
) يبدو أن هذا البادرة كانت زلة عالم ,التي شبهوها بانكسار السفينة لتغرق و يغرق معها خلق كثير( .ولما حان موعد الحج تقاطرت الوفود
إلى الكعبة وكان بينها وفد من الكوفة يتألف من ألف رجل من أتباع ابن سبأ ,وألف آخر من أهل البصرة تحت زعامة محمد بن أبي بكر و
محمد بن قذيفة ,وذلك بناء على اتفاق مسبق بينهم ,و تنفيذًا لخطة وضعها ابن سبأ ,حين علم بما أصدره الخليفة من التعليمات ,وهكذا
اجتمع في مكة ثلثة آلف رجل من أتباع ابن سبأ ,تحت زعامة محمد بن أبي بكر ومحمد بن قذيفة الحاقدين على عثمان ,لحرمانه ك ً
ل
منهما مما كان قد علل نفسه بها من الوظائف الكبرى في الدولة.
وفي يوم الحج أمر الخليفة أن ينادي المنادي من له شكوى ,فتكرر النداء ولم يتقدم أحد للشكوى .عندها قام الخليفة وخطب في الناس,
وفصل الغرض من الجتماع ,ومن ثم ختم أقواله بأن شدد على الولة بضرورة إنصاف المظلوم ومعاقبة الظالم ,ثم أعلن أمام المل بأنهم
مسؤولون أمام ال و أمامه عن كل ظلمة تلحق بأحد المواطنين .وهكذا انتهى الجتماع ,وعاد الخليفة إلى المدينة المنورة ,فلحق به
المتآمرون واجتمعوا به في المسجد حيث كان يؤدي الصلة ,وأفصحوا عن نواياهم ,وطلبوا منه أن يتنازل عن الخلفة ,فرد عثمان
عرضهم و أجابهم بأنه لن يخلع قميصًا ألبسه إياه رب العالمين إل بأمر منه وحده .فهاج المتآمرون وحملوا عليه يرومون قتله ,فانتصر له
سعد بن أبي وقاص وحسن ابن علي ابن أبي طالب و زيد ابن ثابت وأبو هريرة ,وأنقذوه من براثنهم وعادوا إلى به إلى داره .ولكن
المتآمرين كانوا قد قرروا القضاء عليه فأتوا يحاصرون دار الخلفة .ولما أراد سعد ورفاقه مقاتلتهم منعهم الخليفة عن ذلك ,فلم يرتد
المتآمرون بل شددوا الحصار ومنعوا عن الخليفة الزاد والماء ,حتى أنهم صدوا زوجة الرسول أم حبيب عن زيارته .وفي النتيجة داهموا
الدار من الخلف في غفلة عن حراسه ,فقام القتال في صحن الدار ,وفي أثناء ذلك تمكن ثلثة من المتمردين وهم :فطيرة والغافقي
وسويدان من ولوج مخدع الخليفة حيث كان يقرأ القرآن الكريم ,ولطخت الية السابعة والثلثين من سورة البقرة القائلة ,فسيكفيكهم ال
وهو السميع العليم.
وكان هذا الدم الطاهر المسفوك أول دم مسلم عربي سفك بأيدي عربية مسلمة.
وبعد أن ارتكب المتمردون جريمتهم هذه ,قام النزاع بينهم على من يولوه الخلفة ,إذ كانت الفئة المصرية ترشح لها علي بن أبي طالب,
والفئة الكوفية طلحة ,بينما كانت فئة البصرة تصر على الزبير .ولما طال الجدل بينهم ,أجمعوا على علي بن أبي طالب .وهكذا انتهى
موضوع الترشيح وزال الخلف الظاهري في المر .ولكن ذيول هذا الحادث الليم كانت أطول من أن تنتهي بمقتل عثمان ,وجذور أهدافه
أعمق من أن تجتث بعزل الخليفة وتوليه آخر ,وعوامله السياسية كانت أبعد مرمى مما ظنها العرب و المسلمون ,لن ابن أبي سبأ ومن
خلفه أرادوا منه النيل من العرب و تمزيق شملهم ,وتدمير دولتهم ,فكان لهم نسبيًا ما أرادوا ,فانقسم العرب على بعضهم البعض,
36
واستشرى الخلف في صفوفهم ,وأصبحوا شيعًا وأتباعًا بعد أن كانوا أمة واحدة كالبنيان المرصوص .فقامت المعارك بينهم .وسفكت
الدماء الغزيرة دون أي سبب ,اللهم إل إرضاًء لنصار ابن سبأ الذين كانوا يسارعون ليقاظ الضغائن كلما شعروا بفتورها ,فتكاثرت
الفواجع في صفوف العرب ,حتى كانت فاجعة علي و أبنائه وفاجعة الخوارج ,فاتسعت الشقة وعظم الخطب ,وتلتها فاجعة المويين ,التي
عرضت نجم العرب إلى الفول ,ومزقت دولتهم ,أضعفت شوكتهم ,كل هذا والعرب سادرون في غيهم ,ل يلوون أي شيء ,وهم كل منهم
ينحصر في إلقاء النكبة على صاحبه ,بينما تسيل الدماء الذكية وتذرف الدموع الغزيرة ودولة العرب تتقلص يومًا بعد يوم ,حتى كادت
المعجزة التي حققوها في بضعة أعوام والتي أبهرت العالم أجمع وجعلت المم تنظر إليهم بخشوع وإكبار أن تزول من الوجود ,لول فلسفة
السلم ,وصلبة دعوته التي انغرست جذورها في العماق ,لزال العرب و السلم من الوجود على إثر نكبة 35هجرية وما أعقبها من
نكبات .مع أن العرب لم يكن لهم فيها ناقة ول جمل ,لم يفكر أحدهم بإيقاد نارها ,ولكنها افتعلت ,وغرر بهم,فاندفعوا وراء القبلية البغيضة,
وانساقوا خلف دعايات ابن سبأ المغرضة دون وعي وإدراك .والتبست عليهم أغراضه السياسية البعيدة المدى ,فوقعوا فيما نصب لهم من
الفخاخ ,وسيقوا إلى حتفهم كالنعام ,فلو أنهم فكروا مليًا في نتائج دعايات ابن سبأ ,لما انجرفوا خلفها ولما وقع ما وقع,ولما وصل العرب
إلى ما وصلوا إليه من التفرقة والتمزق.
وأكثر ما في هذه النكبة من مرار هي أن تعيش آثارها حتى اليوم ,وأن يكون لها من يتفاعل معها حتى هذه الساعة .إذ أن بعض العرب
خاصة والمسلمين بصورة عامة ,ما زالوا يتناقشون في أصولها وجذورها بنفس العقلية و المنطق المعوج .ويحاولون من حين لخر
إثارتها والتردي في مهاويها بنفس الغباء والطيش الذي ساد تفكير أسلفهم قبل ثلثة عشر قرن ونصف ,وكأنني بهم نسوا مآسي الماضي
و ما تكبده العرب و المسلمون من جراء تلك النكبة وما سفكوه من دماء ودموع في سبيل تحقيق أهداف أعداء أمتهم ووطنهم.
وكأنني بهؤلء ل يشعرون أننا نعيش في القرن العشرين عصر النور والمدنية ,حيث انكشف الستر عن كل مجهول ,وأزيلت الحجب عن
كل مبهم ولم يع مكان للغباء والطيش في عالم السياسة ,فما بال أصحابنا ل ينبذون رواسب الماضي ويثابرون على إذكاء نار الحقد كلما
خبت ,أليس الجدر بهم أن يطلقوا لعقولهم وأبصارهم العقال بحثًا عن الحقائق الراهنة ,بدًل من التعلق بأفكارهم الهزيلة وأنني أنصحهم
بأن يبادروا إلى الكتب والمصادر التاريخية ويبحثوا بأمانة في بطونها ,عن أسرار نكبة 35هجرية ,لتتضح لهم المور ويلمسوا ما تورط
فيه أسلفهم منذ أكثر من ثلثة عشر قرنًا .
يا قوم آن لنا أن نتقي ال في أمتنا ووطننا وآن لنا أن نتكاتف ونتحد لمجابهة ما يحيط بنا من المخاطر و الهوال و أن نتمعن فيما يحاك لنا
مجددًا من الدسائس والمؤامرات على أيدي أحفاد أساتذة ابن سبأ ,الذين اقتطعوا في المس القريب أعز جزء من وطننا ,ونكلوا بمليين
من إخوتنا ,وألصقوا بنا العار أمام العالم أجمع.
يا قوم كفانا أنانية وفردية ,كفانا غرورًا ,يا قوم لن يشفع لنا التاريخ لمجر كوننا أحفاد صانعي أكبر معجزاته ,ولن يرحمنا لننا أحفاد أرحم
فاتحيه ,فالحذار الحذار قبل أن تسبقنا الحداث فلنعد لنفسنا ,ولنعترف بأن مصيرنا ومصير أجيالنا المقبلة مرتبط بمسكلنا اليوم ,فلنبادر
إلى توحيد صفوفنا وضم جموعنا ,وتوحيد أهدافنا ,لنكن أمة واحدة مثل المس .ولتكن لنا راية مشتركة وعزيمة موحدة ,لنواجه العالم كتلة
متراصة الصفوف .لنسترجع حقنا السليب و نستعيد كرامتنا و مكاننا تحت قبة الفلك فالوحدة الوحدة قبل فوات الوان وحلول الندامة حيث
ل تنفع.
اليهود في أوربا
إذا أردنا معرفة أسباب النكبات التي تعرض أو سيتعرض لها العالم والتي أسفرت أو ستسفر عن مذابح رهيبة و نكبات اقتصادية عامة
وعمليات التخريب المتقنة للنظم و الفكار الجتماعية لوجب علينا أن نتعلم البحث عن مدى ما في ظاهرها ونتائجها من الطابع والثر و
المبادهة اليهودية ومقدار توافقها مع الغراض الصهيونية و إذا أردنا تجنب التعرض لمثيلتها في المستقبل لوجب علينا أن نتقن أصول
كشف اللوان والساليب و الضاليل التي تعتمدها اليهودية والماسونية والتي تتخلل جميع شؤوننا اليومية ولذا كان لزامًا علينا أن نسبر
أغوار الشاعات و الترهات والدسائس التي تهمس في آذاننا وأن ل نتسرع في الحكم لها أو عليها إل بعد أن نتأكد من صحتها إذ ربما كان
اليهودي الغادر يكمن خلفها ويتربص بنا الدوائر وهذا الخصم الذي نراه تارة مستضعفًا كدودة الرض وأخرى شرسًا مثل أسد الغاب والذي
يدفعه تعصبه العنصري العمى لفتعال الكوارث و المصائب لينزلها على البشرية جمعاء.
) من أقوال الكاتب الكبير ف .سولين(
على إثر الموقف الحيادي الذي وقفه النصارى من المعارك التي وقعت بين اليهود والرومان ,اغتاظ اليهود منهم ,وصاروا يشتمونهم في
صلواتهم اليومية الثلث ,ويتوسلون إلى يهوى أن يقضي على العازاريين وأتباعهم ويزيل أثرهم من الوجود .ولما علم النصارى بهذه
الحملت اليهودية المركزة ,بادروا إلى الرد عليها بالمثل ,فقامت المعارك بين الطرفين ,وعلى الخص بعد عام 80ميلدي ,وساهمت روما
في إذكاء نار الحقد بين المتخاصمين ,فكانت تقف تارة بجانب إحداهما وتارة بجانب الخر ,حتى تعدل الكفة بينهما ,ليظل الصراع قائمًا.
ولقد استعمل المتخاصمان شتى السلحة وعلى الخص سلح الوشاية الذي اعتمدا عليه لتحريض الرومان على بعضهما ,وكان الرومان
يتقبلون الوشاية من حيث أتت لستثمارها عند الحاجة ضد الطرفين ليفرضوا سلطانهم عليهما.
ولقد دام هذا الصراع إلى أن انتصرت المسيحية و سيطرت على الموقف ,ومع هذا ثابر اليهود على النضال و تحملوا أعباءه الشاقة طوي ً
ل
) ولول الكنيسة التي كانت تنجدهم دائمًا في الوقت المناسب ,لكانوا حتمًا زالوا من الوجود في أوربا ( وكلما فقدوا جولة ,بادروا إلى
التأهب لخوض جولة أخرى .وهذا العناد في النضال مكنهم في النهاية من الفوز في أكثر أنحاء أوروبا .بعد أن صرعوا أكثر أعدائهم,
ويعود الفضل في صمودهم الطويل إلى المجلس الكهنوتي العلى الذي يبتدع لهم الساليب الجديدة لمواجهة أعدائهم الكثر.
أما عداوة الكنيسة لهم فلم تكن تتعدى حدود منعهم من المثابرة على التبشير بشريعتهم ,ثم إقناعهم بالنضمام إليها ,وفيما عدا ذلك كانت
تقف بجانبهم باعتبار أنهم أتباع التوراة و إخوة المسيح وحواريه.
أما اليهود فكانوا يعاكسون هذا الرأي ,ويرون في النصارى القدماء ,خوارج يستحقون أشد العقوبات ,وفي النصارى من الوربيين كفارًا
وأعداء لدينهم وقوميتهم ,وهذه الفكار كانت تلقن إليهم من قبل المجلس الكهنوتي العلى ) العدو التقليدي للكنيسة ( الذي دأب على نشر
37
التعليمات المناوئة للكنيسة و تقويتها في الوساط اليهودية .ولما أيقنت الكنيسة أن ل فائدة من مهادنة اليهود ومجلسهم الكهنوتي ,عمدت
إلى عزل أتباعها عن اليهود ,وأزالت المعابد اليهودية من الحياء المسيحية ,وأمرت بحرق التلمود وما شابهه من المصادر اليهودية.
فرد المجلس الكهنوتي العلى ,على إجراءات الكنيسة ,بأن أوعز إلى أنصاره أن يشتموا الكنيسة في صلواتهم مثل السابق وحضهم على
التعاون مع الفئات المناوئة لها ,و العمل عل تهديم المجتمع المسيحي ,وإحداث الجمعيات السرية الداعية إلى اللحاد وإلى الخروج على
ل بالنسبة لليهود لقلة عددهم ,وكثرة ما فرض عليهم من قيود .ومع هذا ثابر اليهود على الكنيسة ,والحق يقال إن هذا الصراع لم يكن سه ً
الصراع وأن كانت الغلبة في البداية وأكثر الحيان للمسيحية.
ولما تعددت هزائم اليهود لجؤوا إلى الستكانة والصبر ريثما تأتيهم الظروف المناسبة .ولقد أتت هذه الظروف ,مع حمى الفتح والكتشاف
الذي ساد أوروبا ,بعد أن اكتشف كولومبس القارة الجديدة ,هذا الكتشاف الذي قلب الوضاع القتصادية في أوربا رأسًا على عقب ,ونقل
النشاط التجاري من موانئ البحر البيض إلى موانئ المحيط الطلسي الواقعة على السواحل السبانية ,فاختل الميزان التجاري في البلد
التي كانت تعتمد على الموانئ القديمة ,وطغى على حكوماتها جنون الفتح ,وراحت تناوئ إسبانيا التي أصبحت حينذاك أقوى الدول
ل ,وقضت على اقتصاديات الوروبية اقتصاديًا و سياسيًا ,فاندلعت الحروب التي سميت في التاريخ بالحروب الوروبية ,والتي دامت طوي ً
أكثر الدول المتخاصمة ,واضطرتها إلى فرض ضرائب فادحة على شعوبها ,لتتمكن من تمويل جيوشها ,فارتفعت أسعار الحاجيات,
وتضاءلت المواد الغذائية ,وانتشرت البطالة ,وأصيبت أكثر الدول الوروبية بالتضخم المالي ,فعم البلد طبقات الشعوب المختلفة ,فالقطاع
فقد فلحيه الذين التحقوا بميادين القتال ,ومستأجري أملكه الذين أصيبوا بالفلس ,وأفلس التاجر لستحالة التصدير والستيراد ,وتضاءل
دخل ذوي الفعاليات المحلية لضيق ذات يد الناس ,فتوقفت العمال ,وتفشت الوبئة ,وهجر القرويون قراهم إلى المدن ,واختلط الحابل
بالنابل ,وقلت موارد الدول ,ولم يعد لها بد من البحث عن موارد غير الضرائب ,فطرحت سندات الدين العام ,ولجأت إلى بيع أملكها ,ولكن
كل هذه السبل باءت بالفشل ولم تف بالغرض المنشود .ولم يبقى أمام حكامها سوى البحث عن عمن يقترضون منه ما يحتاجونه من المال,
ولما كانت جميع الدول الوروبية متخاصمة آنذاك استحال عليهم الحصول على قروض دولية ,فاستنجدوا بأثرياء بلدهم ,الذي كان
أكثريتهم الساحقة من اليهود الذين كانوا يراقبون ما يدور حولهم عن كثب,ويتدارسون دقائق الوضاع ,ويحصون مختلف المور و
الفرضيات ويضعون لكل فرضية ما يناسبها من الحلول .ويحددون الساليب الناجعة لمجابهة كل حدث جديد .ويرسون المناهج اليلة إلى
تحقيق أهدافهم الخاصة والعامة .فلما شاهدوا ما آلت إليه الوضاع أيقنوا أن رياحهم هبت ,فسارعوا إلى التأهب لستغللها على أوسع
نطاق ممكن .وفي خضم هذه المصائب التي نزلت بالدول الوروبية ,ظهر في الفق حدث جديد ,لم يكن أقل خطرًا على الكنيسة وأنظمة
الحكم التي كانت سائدة آنذاك ,من الحروب التي كانت قائمة ,وهذا الحدث لم يكن سوى انطلق المبادئ الحديثة التي خرجت من قلب قلعة
المسيحية الولى إيطاليا ,وانتشرت في مختلف أقطار أوربا بسرعة مذهلة ,وكان أصحابها ممن سموا أنفسهم بأعضاء جمعية المثقفين .أما
أغراض هذه المبادئ فكانت تتلخص بدعوة الناس إلى الخروج على الكنيسة ونبذ تعاليمها ,والنعتاق من العقائد والتقاليد المسيحية.
والعودة إلى الدب العقائد والدب الروماني ,والتخلي عن المعيشة النصرانية الداعية لحياة الخنوع والتقشف واستبدالها بمفهوم الحياة
الرومانية المرحة ,وفلسفتها المتفائلة الباعثة للسعادة والمال.
ويبدو أن هذه الفلسفة الجديدة لقت هوى في نفوس الجماعات الوروبية التي كانت ترزح آنذاك تحت كابوس الحروب و ضيق العيش و
تزمت الكنيسة ,فسارع أكثر البائسين إلى اعتناقها والدعوة لها ,وهكذا أصبحت الكنيسة والحكومات أمام عقبة جديدة تتطلب اليقظة و
ل من ورائها ,منذ أمد بعيد الحذر .أما اليهود الذين كانوا على أتم الستعداد لمواجهة كل طارئ ,رحبوا بهذه المبادئ الجديدة التي كانوا أص ً
) إذ المعروف أنهم غزوا أوربا بالفلسفات الشرقية القديمة والجديدة التي كانت تقريبًا جميعها مناوئة للكنيسة وتقاليدها( .كما رحبوا
بالتجاء الكنيسة والحكومات للستدانة منهم ,فتحركت رؤوسهم المفكرة ) أعضاء مجلس الكهنوت العلى (Sanhedrinتعمل بسرعة و
انتظام .وأوعزت إلى الثرياء من أتباعها باستغلل لجوء الكنيسة والحكام إليهم ,وأمرت المثقفين بأن يندمجوا في جمعيات المنورين التي
كانت قيد التشكيل في أكثر القطار الوروبية وإلى المرابين أن يفردوا أكياسهم ليرتهنوا أكبر عدد من الملك ,ويشاركوا أكبر عدد ممكن
من التجار و أصحاب العمال ,وإلى صعاليكهم بأن ينتظموا في مختلف الصفوف ليتمكنوا من تعميم ما تصدر إليهم من التعليمات .ولما كان
اليهود على أهبة العمل ,بفضل التنظيمات الداخلية التي كانت قائمة في أحيائهم منذ فجر التشرد ,لبوا سريعًا دعوة المجلس .وهكذا خرج
المارد اليهودي من قمقمه وأخذ يسعى في طول أوربا وعرضها .وفي زمن قياسي وبفضل ما نثروه من الموال سيطر اليهود على جمعيات
المنورين ,وكانوا يمدونها بكل ما حوته كتبهم من الفلسفات والبدع المناوئة للكنيسة كما سيطر المرابون منهم على مقدرات التجار
والصناع والملك بفضل ما قدموه لهم من القروض .أما صعاليكهم فلم يدخروا وسعًا في تعميم كل ما صدر إليهم من التعليمات المسفهة
للكنيسة ورجال الدين .بينما عمد أثرياؤهم إلى إقامة تحالف مالي بينهم ,تحت زعامة المالي اليهودي يعقوب فوجر )(Jacob Fugger
الذي أسس المصارف العديدة في أكثر العواصم الوروبية .ومن ثم عمد إلى التقرب من الكنيسة التي كانت بحاجة ملحة للمال .فرحبت
بتودده إليها ,آملة أن تحصل منه على ما هي بحاجة إليه من المال ,فلم يخيب فوجر رجاءها .وقدم لها ما طلبته مقابل أن يتولى عنها جباية
ضرائبها وبيع ممتلكاتها في كافة القطار الوربية.
وبذلك أصبح هذا اليهودي قيمًا على الكنيسة ,ومن ثم راح يعين أبناء قومه جباة لموالها ,وعين لكل كنيسة وأبرشية محاسبًا من
أتباعه.وهكذا سيطر على الكنيسة برمتها وأصبح أقوى رجال عصره .فخطب الملوك وده وقربوه من مجالسهم واستعانوا به على أمورهم.
ولقد استدان منه كل من شارلكان -وماكسيمليان وغيرهما من الملوك ,حتى أنه تمكن أكثر من مرة من تمويل ملكين متخاصمين في آن
واحد ,فعظم شأنه في أكثر الممالك الوربية ,ويقال إنه كان يعين بنفسه أكثر وزراء المالية ,ورؤساء الخزائن في الدول التي كانت
تستقرض منه .ويبدو أن هذه الدول كانت ترحب بتدخل فوجر في شؤونها المالية ,لنه كان يضع تحت تصرف من كان يعينهم في أجهزتها
جميع أموال المصارف التابعة له ,وبفضل هذه الساليب الشيطانية أصبح اليهود يهيمنون على أكثر الدول الوربية وشعوبها .
ودخلوا المجتمع الوربي من بابه الواسع ,وتوصل بعضهم إلى مراكز النفوذ ,وآخرون حصلوا على اللقاب الضخمة التي ابتاعوها من
الملوك والمراء ,فتوسعت أطماعهم فعمدوا إلى السيطرة على السواق المالية ) البورصة( وسرعان ما تم لهم الستيلء عليه ثم وجهوا
اهتمامهم إلى الميادين السياسية والتوجيهية ,وتسللوا إلى الجمعيات الثقافية والسياسية مثل جمعية النسانيين ) (Humanistesالتي
كانت تتعثر في تقدمها ,فدعموها بأموالهم الوفيرة ,فنشطت تلك الجمعيات لتعمل لحسابهم ,فابتاعوا لها دور النشر وافتتحوا لها دور
الطباعة الخاصة ,ليسهلوا لها سبل النشر و التوجيه ضمن مخططاتهم الرامية إلى تحقيق الغراض اليهودية .ولقد تمكنت هذه الجمعيات
من إغراق السواق الفكرية في بحر من مبتكراتها التي كانت تستوحيها من اليهود ,وهكذا أصبح اليهود يسيطرون على الرأي العام,
وخاصة في فرنسا التي افتتحوا فيها معهد قراءة الملك ) (Lecteurs Royauxبمساعدة اليهودي بودي ) (Budéالذي كان يدير المكتبة
38
الملكية بباريس عاصمة الدولة الفرنسية التي كانت تلقب بابنه الكنيسة البكر ,ولقد اشتهر هذه المعهد بمناهجه المهودة ,التي كان يلقنها
لتلمذته مثل الدب العبراني واللهوت و دراسة اللغات القديمة وخاصة العبرانية ,وكان جميع أساتذته من اليهود وأفراد الجمعيات
المهودة مثل جمعية النسانيين التيس يعترف التاريخ لفرادها ببعض الخدمات العلمية التي قدموها للنسانية ولكنه يؤكد تبعيتها لليهود,
والمؤرخون يجمعون على أن النسانيين كانوا خلف جميع المبادئ والنظريات الهدامة التي انتشرت في القرن الثامن عشر ,والتي كانت
تدعوا إلى تحرير الفرد من قيود الروابط العائلية ,وتحرض على هدم وحدتها ,وتشجع على الباحية المفرطة ,وتحث على مناوئة الكنيسة
والخروج عن المثل العليا التي كان المجتمع الوربي يقدسها .والظاهر أن هذه التعاليم لقت رواجًا في أكثر القطار الوربية,و خاصة في
فرنسا التي استهدفها اليهود قبل سواها من البلد الوربية ,وهكذا تحقق لليهود تمزيق وحدة العائلة ,ومن ثم وحدة الشعب ,وذلك بعد أن
خرج الفرد على نفوذ عائلته ,وتحرر من قيود وتعاليم الكنيسة التي كانت تفرض عليه من قبلها ,مما أدى إلى هزيمة الكنيسة الهرمة أمام
الهرطقية اليهودية ,التي احتلت مكانها في المجتمعات الوروبية ,وخلى لها الجو لتنشر تعاليمها الجديدة على أوسع نطاق ,وتبث في
الشعوب الوربية مبادئها المعادية للدين المسيحي وللمثل العليا القديمة.
وزاد الطين بله ظهور لوثر المفاجئ في ألمانيا ,وانشقاق كنيسته الجديدة عن الكنيسة الكاثوليكية ,الذي أسفر عن تدخل المراء في
المقاطعات اللمانية بشؤون الدين ,وإعلن تمردهم على البابا.
فهلل اليهود لهذا الحدث الجديد ,وبغية توسيع شقة الخلف بين البابا والمراء اللمان ,سارعوا إلى وضع أموالهم تحت تصرف المراء
المناهضين للكنيسة القديمة وحرضوهم على مقاومتها واندلعت نيران الحروب الدينية ,التي أسفرت عن أضرار جسيمة لكل من اشترك
فيها وانتهت عام 1526باعتراف شارلكان باستقلل المارات اللمانية وكنائسها عن البابا .ولكن اليهود أبو أن يقبلوا بعودة السلم,
فعمدوا من جديد إلى إذكاء نيران الحقد بين الكاثوليك و البروتستانت ,فعادت الحروب بينهما وعلى الخص بعد موت شارلكان ,ودامت
حتى عام 1555م ,ولما عقد الصلح بين المراء اللمان وفرديناد ,كانت المقاطعات اللمانية قدر خرجت تمامًا عن طاعة الكنيسة و
أصبحت مستقلة في شؤونها الدينية والسياسية ,وأطلقت حرية الديان.
وأعقب هذه الحداث ,ظهور كالفين في فرنسا ,وقيام المذابح الرهيبة بني أنصاره و أنصار الكنيسة القديمة التي أدت إلى إضعاف نفوذ
البابا في فرنسا ,وعلى الخص عندما أعلن هنري الثامن تمرده عليه .وهذه الحداث المتتالية ,قضت على هيبة الكنيسة ,وأضعفت نفوذها
في أكثر أقطار أوربا ,بينما كانت اليهودية الحاقدة ) التي كانت خلف أكثرها ( ,تعمل دون كلل على رض صفوفها ,ضد أنصار الكنيسة
استعدادًا لجولتها المقبلة ,لتجهز عليها في أول فرصة سانحة وإزاء هذه الحالة لم يكن بد للكنيسة القديمة من المقامرة بالورقة الخيرة,
فشرعت تضمد جراحاتها وتتأهب بدورها لمجابهة اليهود وأنصارهم .ولما تمت استعداداتها ,أحدثت محاكم التفتيش وأصدرت قوائم
التحريم ثم أوعزت إلى فرق اليسوعيين ) (La Jésuitesبأن تباشر هجومها المضاد الذي عرف بالتاريخ باسم الصلح المعاكس )
, (Contre Reformeفوقعت في البلد الوربية أحداث عديدة وخاصة في فرنسا ,فسالت الدماء الغزيرة ,واستعمل فيها المتخاصمون
أبشع الساليب وأحطها ,ودامت إلى أن اعتلى هنري الرابع العرش الفرنسي فناصر الكنيسة على استعادة هيبتها ,وأرغم الكهنوت
للستكانة ...وفرض على اليهود قيودًا شديدة ,وشل بذلك حركاتهم المناوئة للكنيسة وبكلمة أوضح أعاد الحية اليهودية الرقطاء إلى
جحرها .ولما خلفه الملك لويس الرابع عشر على العرش ازدادت القيود المفروضة على اليهود ,ولكنهم صمدوا لها بفضل معاونة الماسون
والجمعيات المناصرة لهم .وشاءت القدار أن يموت لويس الرابع عشر ويخلفه ابنه لويس الخامس عشر الذي اشتهر باللمبالة و
الستهتار ,فعاد اليهود مجددًا لنشاطهم السابق ,وعندما اعتلى لويس السادس عشر العرش الفرنسي ,تفاءل اليهود خيرًا لما كانوا يعرفونه
من ضعف العاهل الجديد ,فوسعوا نشاطهم أكثر من ذي قبل ,وحرضوا الشعب على المطالبة بإعادة الحكم الدستوري الذي كان قد ألغاه
الوزير السابق موبو ) (Maupeauفكان لهم ما أرادوا وأعيد المجلس الوطني ,وقيدت تدريجيًا سلطات الملك ,فخرج المر من يده,
وعمت البلد الفوضى ,وضعفت شوكة الملكية فيها ,بينما كان النفوذ اليهودي يزداد يومًا عن يوم ,وتوسعت مطامعهم ,فبدؤا يعملون
للطاحة بالملكية علنًا يدفعون الماسون وجمعيات النسانيين التي كانوا يمولونها ,للعمل على تشويه سمعة الحكم وتحريض الناس على
المطالبة بالمزيد من الحريات ,فتفاقمت المور ,وتعددت الحزاب والشيع المناوئة للملكية والكنيسة ,مثل جماعة المنورين )La
(Illuminéeوجماعة الفضيلة ) ,(Vértueuxواتسعت الشقة بين الملك والشعب ,وأيقن اليهود أن الساعة المنتظرة منذ أمد بعيد ,قد
دنت وحان زمن النتقام من فرنسا ,والجهاز على الملكية و الكنيسة ,وتصفية ما لهم من ثأر قديم عندهما .فهبوا مع أنصارهم لشعال نار
الثورة التي أطاحت بالملكية إلى البد.
ل,
منذ عام ,1789والعالم مازال مخدرًا بما سمعه وقرأه عن الثورة التي قامت في فرنسا ,وسميت بالكبرى زورًا وبهتانًا وبالفرنسية باط ً
ولكن ما حيلتنا ,والعالم مبهور بما سمعه عمن أسموا بأبطالها و ما أضفي عليهم من آيات الكبار والعجاب ,وما أحيطت به شعاراتها
ومبادئها من التقديس والتكريم ,حتى غدا أبطالها قدوة يقتدي بهم كل من يكرس نفسه في الميادين القومية والسياسية ,وأصبحت شعاراتها
ورموزها خالدة تدور في أفلكها الحركات التحررية في هذه الدنيا.
ل تحررية؟ ومن استفاد فهل كانت هذه الثورة فرنسية خالصة؟ وهل كانت اليدي التي خططت لها فرنسية صادقة؟ وهل كانت أهدافها فع ً
منها بعد كل الدماء التي أرهقها الشعب الفرنسي؟ وأخيرًا هل كانت أمينة على المصالح الفرنسية؟ حتى تستحق أن نسميها بالفرنسية؟
والجوبة على هذه السئلة ,تكمن في طيات حوادث هذه الثورة وما أسفرت عنها نتائجها ,التي ظلت خافية على أكثر الناس .وبغية
اليضاح سنعمد فيما يلي إلى إلقاء الضوء عليها ,لنكشف للقارئ الكريم ما غمض من أسرار هذه الثورة.
سبق أسهبنا في شرح الحالة العامة التي كانت تسود أوربا في أواخر القرن الثامن عشر ,وخاصة في فرنسا إذ كانت المور فيها تسير من
سيء إلى أسوأ من جراء ضعف عاهلها ,وازدياد انتشار الراء والمبادئ المختلفة فيها ,وتدهور حالتها القتصادية و تعدد مذاهبها
السياسية ,وعلى الخص بعد أن تعمقت في أرضها جذور الماسونية التي انتشرت مبادئها في كل بقعة من الرض الفرنسية ,بفضل
39
المساعي التي بذلها محفل الخوات التسع ) (La neuf Sæursالذي تأسس في عام 1721والذي تفرع عن المحفل البريطاني الكبير
الذي أسسه اليهود عام ,1717واختاروا العاهل البريطاني لرآسته ,ليستفيدوا من نفوذه الدول و يسخروه لمصالحهم الخاصة .فكان من
البديهي أن يخضع المحفل الفرنسي للسيطرة اليهودية طالما كان يخضع للمحفل البريطاني المحدث من قبل اليهود والذي كان من أبرز
أعضائه أمثال دوللند ) (De lalandeوبنيامين فرانكلين ).(B.Franklin
ولقد وفق اليهود في ضم خيرة رجال البلد الفرنسية أمثال فولتير ) (Voltaireوسواه إلى هذا المحفل ,فاشتد عوده وتقاطر عليه النبلء
والمثقفون ينضوون تحت لوائه ,ولكي يصبح في حرز حريز ,عمد اليهود إلى إسناد رئاسته للمير لويس فيليب دورلن ) Louis
(Philippe D’Orleãntوبذلك أصبح هذا المحفل قوة يرهب جانبها ,ول يجرؤ أحد على المس بأعضائه .عندها شرع اليهود بدفعه في
التجاهات التي تحقق أغراضهم ,فبدأ المحفل بنشر مبادئه المناوئة للكنيسة ,وللحكم المطلق ,وانتشر أعضاؤه في كل مكان يرددون على
مسامع الناس ما تلقنوه من التعاليم الماسونية ,ويحرضون الشعب على المطالبة بإعادة الدستور,وإلغاء الحكم المطلق ,وإطلق الحريات
العامة ,وتقليص سيطرة الكنيسة وإلغاء الضرائب الجمركية ,والسماح بحرية التجارة ,والترخيص باقتناء العقارات ,وكانت الجمعيات
الخرى كجمعية النسانيين تساند أيضًا الماسون ,ويكتب أعضاؤها المقالت الطويلة في الصحف تحرض الشعب على تأييد مطالب
ل من الحرية والعدالة ,بينما كانالماسون .وهكذا غرر اليهود وأنصارهم بالشعب الفرنسي ,فانساق خلف أضاليلهم ,وتوهم أنه محروم فع ً
في الحقيقة ,يمتلك حريته أكثر من الشعوب الوربية الخرى ,وخاصة بعد أن أطلقت لفراده الحرية الدينية ) على إثر الحروب الدينية(
ولكن إصرار الماسون والنسانيين على إيهامه ,بأنه مهضوم الحقوق ,جعله ينجرف في تيار دعاياتهم ,ويميل إلى مناصرتهم ويهب لثارة
الفوضى والشغب ,وعندما أعيد الحكم الدستوري إلى البلد وتفاقم المر ,ازداد نشاط الماسون في تحريض الشعب ,فانقاد إليهم دون وعي
وإدراك ,فقامت المظاهرات الصاخبة في أنحاء البلد ,وتعددت أعمال الشغب و العتداء على رجال الدولة والكنيسة ,بينما كانت الدولة
غارقة في مباهجها وملذاتها ,رغم أنها قد أخبرت عام 1781من قبل رئيس دير ويلهلمسباد ) (Wilhemsbadفي فرانكفورت ,بأن
اليهود والماسون يعملون سرًا للطاحة بها ,كما أن الشرطة البافارية أبلغتها عام 1785بأنها اكتشفت في مقر المحفل الماسوني الذي كان
يرأسه اليهودي ماندلسون ) (Mandelsonوثائق ومخططات سرية تشير إلى أن اليهود والماسون يسعون لقلب نظام الحكم في فرنسا,
بغية السيطرة عليها ,ومن ثم على أوربا بأكملها ,ولكن الدولة الفرنسية أهملت هذه المعلومات ,وظلت سادرة في غفلتها وكأن المر ل
يعنيها.
وهذا الهمال شجع اليهود وشركائهم على التمادي في أعمالهم التخريبية ,كما أدى إلى إرهاب المخلصين من الفرنسيين ,فوقفوا من
الحداث موقف المتفرج ,ولم يجرؤ أحد على رفع صوته ,وتنبيه الشعب الذي تردى في المتاهات اليهودية ,وسار خلفهم وكأنه قطيع غنم.
وزاد الطين بلة ,انجراف بعض رجال الدين وطبقة النبلء مع التيار ,وانتسابهم للماسونية ,وللجمعيات التي كانت تساندهم ,قم قيام البعض
منهم بتحريض الشعب على الكنيسة والدولة أسوة باليهود والماسون ,والمطالبة بإنصاف اليهود ) إخوة المسيح( المضطهدين .وأمام هذا
السيل الجارف من المعارضين ,تخاذلت الدولة ,فخرج المر من يدها ,وتضاءلت هيبتها ,فاندلعت الثورة ,وأطاحت بالملكية ,واستعاضت
عنها بحكومة ائتلفية ,شكلت من أعضاء الجمعية الوطنية التي كانت مكونة من خليط عجيب ,وجلهم من الماسون ,والمهودين,
والنتهازيين الذين يعملون في خدمة اليهود ,ول هم لهم ,إل إرضاء سادتهم ,والتسابق للتقرب منهم ,بغية الحصول على أكبر قدر ممكن
من المكاسب المادية و المعنوية على حساب الشعب الفرنسي التعس.
ولقد اتخذ أعضاء الجمعية الوطنية قاعة مجلس النواب ,منبرًا ليتباروا فيه في شتم الملكية والكنيسة ,ويلصقوا بهما شتى أنواع المخازي
والموبقات ,بقصد كسب ود اليهود الذين كانوا يسيرون آنذاك أمور الدولة والشعب معًا.
ولقد استغل اليهود ,الموقف المخزي لعضاء الجمعية الوطنية ,أحسن استغلل ,فكانوا يغدقون الوعود المعسولة على كل عضو منهم,
ليدفعوه إلى التفاني في خدمتهم ,وكان هؤلء المرتزقة عند حسن ظن اليهود ,فلم يدخر أحدهم وسعًا في تحقيق أغراضهم .حتى أن المير
فيليب رئيس المحفل الماسوني كان السّباق في تقديم مشروع قانون حقوق النسان ) الذي وضعه اليهود والماسون( وأصر على التصويت
عليه وإقراره في أول جلسة للمجلس الوطني.
ولما عرض هذا المشروع على الجمعية الوطنية ,هبت الكثرية الساحقة من أعضائها ,تدافع عنه ,وفي مقدمتها ميرابو الشهير بخطيب
الثورة ,الذي أشاد بالمشروع وأثنى على واضعيه ,ووصفه بأنه خير تشريع أوجده النسان منذ الخليقة.
ومن ثم تقدم النبيل الماسوني دوبور ) (De portبمشروع قانون يقضي بإلغاء كافة القيود التي كانت مفروضة على اليهود ,منحهم جميع
الحقوق المدنية والسياسية ,فسارع كل من الئتلفي روبيسبير و الماركيز المهود لفاييت .و الماسوني مونيه ,والراهب الكاثوليكي سيس
والزعيم تالليران للدفاع عن المشروع الجديد ,وأخيرًا الراهب الكاثوليكي غريغوار الذي أنهى دفاعه بقوله:
أيها السادة ,ل تعتقدوا بأنه يكفي اليهود أن تهبوهم حق الحياة ,دون أن تمنحوهم الوسائل التي تجعلها محتملة بعد كل ما تحمله اليهود من
ظلمكم في الماضي ,وأرجو أل تورثوا أحفادكم ,الحقاد السوداء التي حملتموها ضد اليهود ,أيها السادة كفى ما تحمله اليهود من مظالمكم,
وآن لكم أن تكفروا عما ألحقتموه بهم من المآسي في الماضي ,وأخيرًا أهيب بكم أن تعيدوا إليهم حقوقهم ,وأن تعاملوهم بعد اليوم على
أساس الخاء والمساواة والعدالة.ولم يكد الخطيب ينهي كلمته حتى كانت الجمعية أقرت المشروع ,وأصبح اليهود يملكون جميع الحقوق
الممنوحة للمواطنين الفرنسيين.
وعلى الثر ظهر اليهود على مسرح الحداث على حقيقتهم ,ودون خوف أو رهبة ,وبادروا إلى استثمار الفرصة بأقصى سرعة ,فأغاروا
على مناصب الدولة الحساسة يحشرون فيها أبناء قومهم ,وفي زمن قياسي أصبحوا يقبضون على زمام المور في أكثر أجهزة الدولة
الدارية والتشريعية و التنفيذية ,وبذلك غدوا أولي المر والنهي في جميع أنحاء البلد الفرنسية ,ومن ثم شرعوا بالستيلء على كنوز
وتحف القصور و الكنائس ,فابتاعوا ما عرض عليهم بأبخس الثمان واغتصبوا الباقي بمختلف الطرق والساليب ,وبعد أن انتهوا من هذه
القضايا ,شعروا بقوتهم ,فجاهروا بما كانوا يخفونه من مشاعر الحقد نحو الكنيسة والمسؤولين الذين أحرقوا التلمود في الماضي ,وقرروا
فيما بينهم إرهاب الشعب الفرنسي حتى ل يجسر أحد في المستقبل على مناوأتهم أو النيل منهم ,والغريب أنهم كانوا يعلنون عن رغباتهم
هذه ,فل يعترضهم أحد ,ويسير الشعب في ركابهم وكأنه مخدر ل يعني ول يفقه ما يدور حوله ,وينفذ ما يؤمر به دون تفكير أو مناقشة,
ولقد استغل اليهود هذا الغباء الذي سيطر على الشعب الفرنسي ,واستغلوا زمام المبادرة في البلد .وانتشروا في كل مكان ,يعملون دون
هوادة لرهاب الفراد وإذلل الجماعات ,والشعب ينفذ مآربهم .ويضرب الفئات المناوئة لليهود ,ويحرق المدن المعادية لهم ,ويهدم الكنائس
والمعابد المسيحية ويقتل القسس والرهبان ,ويدنس الشعائر الدينية ,كل ذلك نزوًل عند رغبة اليهود وإرضاء لنزواتهم وتحقيقًا لهدافهم
الرامية للقضاء على المعتقدات المسيحية ,والستعاضة عنها بشعارات ربيبتهم الماسونية ذات الحدين ,والتي كان اليهود والماسون آخر
40
من يؤمن بها ,ولكنهم نادوا بها لتحقيق أغراضهم الخاصة ,وتظاهروا باعتناقها ,لستخدام حديها لتحقيق أهدافهم المتناقضة التي
تستلزمها المصلحة اليهودية ,أما الفرنسيون فاتخذوها بمدلولها العام الظاهر .فكانت الحرية التي سمعوا اليهود ينادون بها ,يعني لديهم,
الحرية التي كافح النسان منذ أقدم العصور ,وما زال يكافح للحصول عليها ,والتي كانوا يعتبرونها حقًا مكتسبًا لكل إنسان ,بينما كان
اليهود والماسون ينادون بها للتغرير بالفرنسيين ,ليساعدوهم على استرداد حريتهم التي كانت الكنيسة قد قيدتها ,على أثر الجرائم التي
ارتكبوها بحقها وحق الشعوب التابعة لمذهبها.
وكان الفرنسي يفهم من المطالبة بالخوة إيجاد التعاون والتفاهم بين مختلف طبقات المة ,والقضاء على المتيازات الخاصة ,أما اليهود,
فكانوا يرومون من المناداة بها جر الفرنسيين إلى المطالبة بإزالة الفوارق التي كانت تقيد اليهود وتعتبرهم على حقيقتهم أغرابًا عن
المجتمع الفرنسي.
كما كان الفرنسي يقصد من مجاراة اليهودي في المطالبة بالمساواة تحقيق التساوي بين أفراد المة في الحقوق والواجبات ,وإزالة
الفوارق الطبقية ,واحترام تكافؤ الفرص .في الوقت الذي قصد اليهود منها ,استعادة حقوقهم السياسية والمدنية عن طريق تحريض الشعب
إلى المطالبة بتحقيقها ضمن مفهومها العام ,حتى ل يلفتوا النظار ,إلى مآربهم الخفية التي كانت ترمي إلى الطاحة بالملكية والطبقة
الحاكمة واحتلل مراكزها في الحكم وإدارة البلد بفضل مساعدة الشعب ,ومن ثم إخضاعه بدوره قبل أن يستيقظ من سباته العميق الذي
غرق فيه بفضل المخدر الماسوني الذي حقن به.
والحق أن اليهود نجحوا في تنفيذ مخططاتهم على أكمل وجه ,واستغفلوا الشعب الفرنسي الطيب,و جروه إلى حيث أرادوا ,دون أن ينتبه
لغراضهم ,وألقموه شعاراتهم المزيفة ) التي تسفهها بروتوكولتهم صراحة ,وتنفي جدواها ,وتسميها بطعوم البلهاء والغبياء( فتبناها,
ودافع عنها ,وضحى في سبيلها بما كان يملكه من الحرية النسبية ,والمثل العليا ,ورضي أن يسير في ركاب من أطلقوها معتقدًا بنبل
أقوالهم وأهدافهم ,يقتل ويذبح ويدمر ويحرق ,وهو فخور بما يعمل ,ل هّم له إل تنفيذ ما يؤمر به.
وهكذا أصبح عبدًا مسخرًا في عقر داره ,ل يملك من أمره شيئًا إل الطاعة العمياء ,أما النتائج التي حصل عليها ,والمكاسب التي حققها من
ثورته هذه ,فإننا نترك أمر تقديرها للقارئ الكريم ,الذي نعرض عليه فيما يلي تفاصيل الحداث ونتائجها ,ليتبين لنا بعد مطالعتها ,مدى
المكاسب التي جناها الفرنسيون من المذبحة الهائلة التي أسموها بالثورة.
بعد قيام حكومة الثورة واستتباب المر لها ,توغل اليهود في أجهزتها ,عمد بعد بعض ثوار مدينة باريس إلى مطالبة الحكومة بالحد من
مغالة اليهود في احتكار الوظائف والمكاسب .فسارع اليهود إلى إثارة الشغب في المدينة ليقدموا على قطع الطريق على خصومهم ,فقامت
فيها المظاهرات الصاخبة وبادر النائب اليهودي رونو دو سن جوان وانجلي ) (Regnaul de saint jean D’anglyالذي لقب من قبل
كافة مؤرخي التاريخ بحامي إسرائيل ,إلى طلب استعمال الشدة في قمع المظاهرات .واقترح أن يكلف اليهودي هيربر ) (Herbertبقيادة
حملة التأديب هذه فوافقت الحكومة على مقترحاته ,وعين هربر لهذه المهمة ,فكان عند حسن ظن ابن قومه به رونو,فبطش بالناس دون
تمييز ,وأهدر الدماء دون حساب ,واكتسب بحق لقب بطل المذبحة ,التي اشتهرت في التاريخ باسم مذبحة أيلول .كما أنه خدين ابن شعبه
مارا ) (Maratالذي لقب بجلد الشعب .ويقول ب .هيبس عن مارا هذا إنه يهودي أصيل وابن طبيب يهودي معروف من مواطني سردينيا
استوطن مدينة بوندي ) (Bondyوأقام فيها تحت اسم مارا اعتنق في شبابه الكاثوليكية ,ومن ثم أصبح بروتستانتيًا ,وتزوج من يهودية
سويسرية تدعى كابول Cabouleفولدت له مارا الصغير الذي لقب فيما بعد بجلد الشعب ,والذي اغتالته شارلوت كورداي )
(Charlotte Cordayeعام 1793انتقامًا للجرائم و الفظائع التي ارتكبها بحق الشعب الفرنسي.
وعلى إثر المذابح التي حققها هربر لسكان باريس ,أصبحوا ل يجرؤون على رفع أصواتهم ,فثابر اليهود على اقتراف جرائمهم في جو من
المن والطمئنان ,ثم حاولوا الستيلء على رئاسة الجمعية الوطنية ,ورشحوا لها النائب اليهودي كراديس ) ,(Cradisولكن شهرته في
تطرفه العنصري ,حالت دون مبتغاهم ,رغم الجهود والموال التي بذلها الخوان سيرف وإسحاق باعر ) (Cerf et Isaac Beerاللذان
كلفا بالدعاية لكراديس.
فاغتاظ الشعب اليهودي من موقف الشعب الفرنسي حيال كراديس ,وصمموا على الثأر ,فوقع اختيارهم على الطفل المعتقل لويس السابع
عشر ) ولي العهد ( لينتقموا بشخصه من الفرنسيين ,وأوعزوا إلى سجانه اليهودي سيمون ,بأن ل يدخر وسعًا في إهانة سجينه علنًا,
فبادر سيمون إلى استنباط الهانات ,واستهلها بأن منع المعتقل من ارتداء ملبس الحداد بمناسبة إعدام والده ,وإمعانًا في إذلله ,أرغمه
على ارتداء ملبس المهرجين وطرطور أحمر ,ليضحك الناس منه ,ومن ثم عوده على تعاطي الخمرة بكثرة ليظل مخمورًا ل يعي ما يقول
و ما يفعل ,وعندما قدمت والدته للمحاكمة لقنه بحقها شهادة شائنة ,وأرغمه على الدلء بها أمام محكمة الثورة ,وأخيرًا أجبر على ارتداء
ملبس الحداد بمناسبة مقتل اليهودي مارا ,الذي أعدم والديه ,وسبب قتل مئات اللوف بني قومه ,حتى يظهر أمام الشعب وكأنه حزين
على موت جلد والديه ,وكان يتقصد أن يراه الناس كلما أنزل به إحدى إهاناته ليجعله محل تندر للعامة.
ل من الهانات العلنية لولي عهدهم وسليل بناة مجدهم الثيل .بينما وقف الشعب وهكذا انتقم اليهود لكراديس من الفرنسيين ,ووجهوا سي ً
الفرنسي مشدوهًا ,ل يحرك ساكنًا ,مثلما وقف في مستهل الثورة .عندما شاهد اليهود يعلنون الفراح ويقيمون صلوات الشكر لندلعها,
ويجاهرون بأنها ثورتهم الخاصة ,وينشدون ترانيم النشاد اليهودية ) (Enshaimعلى نغمات المارسيلييز ) (Marseillaiseالنشيد
القومي الفرنسي المعروف إثباتًا ليهودية الثورة.
وهذه المسكنة التي حلت بالشعب الفرنسي ,أطمعت اليهود ,ودفعتهم إلى التمادي في استثمار ظروف الثورة لتحقيق مصالحهم لقصى حد
ممكن ,فحرضوا المجلس الوطني على إصدار قوانين اقتصادية و مالية جديدة تناسبهم دون الناس وتسهل لهم أمر امتلك أطيان الجهات
المغضوب عليها ,ولما صدرت تلك القوانين ,انهالوا على ممتلكات الكنيسة والعائلة المالكة والنبلء ,وكل من أعدم ,أو اعتقل من قبل
الثورة ,ويبتاعونها بأبخس الثمان مرة ,وأخرى يستولون عليها بشتى أساليب الغش والخداع ,ولتحقيق هذا الغرض الخير شكلوا شبكات
التجسس و التهام وكانت تعمل بزعم خدمة الثورة و لليقاع بأعداء اليهود و من يمتنع عن بيعهم أملكه ,فراح أفراد هذه الشبكات يكيلون
للناس التهم الملفقة ,فتقدم السلطات على اعتقال من يوشون بهم ,دون تحقيق وتدقيق ,ثم تحجز أملكهم وتعرضها للبيع ,فيبتاعها اليهود
بأثمان رمزية ,وبهذا السلوب تمكن اليهود من تجريد الفرنسيين أكثر ممتلكاتهم ,وأصبحوا في برهة وجيزة أغنى أهل البلد بعد أن كانوا
ل يملكون فيها شبرًا واحدًا من الرض.
ولقد اشتهر من بين ملفقي التهم في عهد الثورة اليهودي زاكيد هورفيتز ) ,(Zakid Haurwitzالذي أرسل بمفرده أكثر من مائتي
كاهن وقس إلى المقصلة بموجب تهم ملفقة.
41
وفي هذا الصدد يحدثنا القس ليمان ) (Abbé Lémannفي كتابه المسمى ) السيطرة اليهودية( )(la Prépondérance Juive
ويقول :بعد أن تسلح اليهود بقانون حقوق النسان ,انقضوا كخفافيش الظلم على خليا الشهد التي عملت الجيال الفرنسية العديدة على
إملئها يمتصون رحيقها دون رحمة أو شفقة ,بينما كانوا يكيلون لصحابها أقذر الشتائم والسباب .مثل التي وجهها اليهودي لمبير )
(Alexandre lambertإلى الشعب الفرنسي في خطابه الذي ألقاه في المحفل المسمى بمعبد الحقيقة ),(Temple de la Verité
وقال فيه :إن كل الديان عدا الدين العبراني ,هي ديانات مخادعة ومعيبة ,ومهينة للقيم النسانية ,ومذلة للرب نفسه ,ولقد ألقيت هذه
الشتائم المهينة للشعب الفرنسي في أكبر قاعات العاصمة الفرنسية ,ووجهت للشعب الفرنسي بحضور مئات اللوف من أبنائه وتحت سمع
وبصر حكومته ,ومع هذا لم يجسر أحد على الرد عليه ,أو طلب معاقبة شاتم المة بأسرها ,وهكذا أهينت فرنسا ,ولم يجرؤ أحد للدفاع عنها
خشية بطش اليهودي الدخيل الذي أصبح سيدها.
والجدير بالذكر ,في موضوع الثورة الفرنسية ,هو توافق مراحلها وشعاراتها و نتائجها وكل أحداثها ,مع نصوص البروتوكولت
الصهيونية ) (Le Protocoles Des Sages De Sionالتي تعتبر المنهاج السياسي لليهودية العالمية ,والذي ظهر للوجود لول مرة
في أواخر القرن التاسع عشر .وذهب أكثر النقاد على الظن بأنه من مبتكرات اليهودية للقرن الذي ظهر فيه ,مع العلم أن تاريخ كتابة ما
يحويه ظل مجهوًل حتى اليوم ,وكل ما يعرف عنه ,أن أحد أقطاب الصهيونية كان يحاضر ,في زملئه بما يحويه هذا المنهاج ,في
المؤتمرات التي كانوا يعقدونها في مختلف المدن الوروبية .ومن هنا يخيل إلي ,أن هذه البروتوكولت أو هذا المنهاج ,هو أقدم مما ظنه
الناس ,لربما كان من المبتكرات اليهودية في القرن الثامن عشر ,إل لما كان هذا التوافق الملف للنظار بين نصوصه ,وسير الحداث في
الثورة الفرنسية .لن أكثر فقراته تشير صراحة إلى أن ما يحويه كان من القضايا المقررة قبل الثورة .وللتدليل على صحة نظريتنا هذه,
نذكر فيما يلي نص الفقرة الواردة في الصحيفة الثامنة والثلثين حرفيًا:
عندما أطلقنا الشعارات ) الحرية و المساواة والخوة( لول مرة في التاريخ ,أحاطت بنا زمرة من الببغاوات العجماء ,تلقفتها من أفواهنا,
واتخذتها شعارات مقدسة لنفسها ,دون أن تدرك هدفنا من إطلقها .ومن ثم راحت ترددها دون هوادة ,حتى حرمت العالم استقراره,
ل وحموها من عبث الطغاة و الوباش. وأفقدت الناس حرياتهم التي دافعوا عنها طوي ً
والغريب هو أن هذه الببغاوات التي تدعي الذكاء والفطنة ,لم تنتبه إلى ما يحيط هذه الشعارات من الغموض ,لما تحتويه كل منها من
المغزى المناقض لمغزى الشعارات الخرى ,كما أنها لم تدرك ما في بعضها من المخالفة لقوانين الطبيعة ,فلو أنها كانت على شيء من
الفطنة ,لدركت أن التساوي مفقود في عرف الطبيعة الخلقة ذاتها التي صنعت كل مخلوقاتها دون أن تخضعها للتساوي فيما بينها ,فهي
ل لم تجعل البشر متساوين في الذكاء و القوة ,أو المظهر والقدرة البدنية ,أو الطول والعرض ,كما أنها لم تخلق الحيوانات الخرى بنفس مث ً
الطريقة ,حتى كادت المساواة تعتبر من المظاهر الشاذة والخارجة عن الطبيعة ,فكيف يمكنها إذًا أن توجد بين البشر؟ ومن ثم فات هؤلء
الغبياء أن ) الجماهير ( ليست سوى كتل عمياء ,ل تفقه من أمور السياسة والحكم إل ما تسمعه ,وهي ل يمكنها أن تمارس الحكم بجدار,
لنها لم تهيأ لهو إن أي فرد ممن أهلوا لمتهان السياسة والحكم وقيادة الشعوب ,يظل أقدر على ممارسة الحكم من عباقرة الجماهير.
وهذه الحقائق الراهنة التبست على ببغاواتنا الجاهلة ,فأخذت ما تلقنتها من الشعارات مأخذ الجد ,وتطوعت لخدمتنا دون تبصر وإدراك.
ومن فحوى هذه الفقرة ,يتضح بجلء أن المنهاج اليهودي هو أقدم مما ظنه الناس ,وإل لما كان هذا النسجام الغريب بين فحوى هذه
الفقرة وما حدث في الثورة الفرنسية .ومن ثم لما قالت الفقرة أننا أطلقنا...الخ آخر.
ومن هنا يظهر لنا أن المنهاج كان موجودًا قبل الثورة الفرنسية ,طبق لول مرة لتحقيقها .إذ أن مراحلها تتفق تمامًا مع ما جاء في هذه
الفقرات والفقرات التي تليها في مجمل المنهاج.
وبغية اليضاح نقول :إن اليهود خططوا لهذه الثورة ,منذ أمد بعيد ,وسخروا الماسون وأراد الجمعيات السرية التي كانت في خدمتهم,
لتنفيذ مراحل مخططها ,في مقدمتها ,إطلق الشعارات المزيفة الرامزة إليها ,فلما سمعها الشعب اعتقد بإخلص المنادين بها ,فناصرهم
حتى النهاية ,وانهار الحكم المطلق في البلد ,وأصبح المر والني بين أيدي غلة المتطرفين ,الذين كانت تنقصهم المؤهلت اللزمة
لممارسة الحكم ,فكان من البديهي أن يقعوا فريسة سهلة في أحابيل اليهود الذين احتاطوا مسبقًا ,لكل عقبة تعترض طريقهم ,ولما أيقنوا
من خلوا الميدان مما يخشى جانبه ,انطلقوا مثلما روينا على سجيتهم ,وسيطروا على القمة والقاعدة معًا.
أما تبعة هذا الكارثة التي أنزلها اليهود في فرنسا ,فتقع كليًا ,على عاتق عاهلها الضعيف لويس السادس عشر الذي تقاعس عن واجباته
ولم يهتم لشؤون شعبه ,ويليه في حمل المسؤولية طبقة المثقفين ,التي ظلت تخضع لليهود حتى بعد أن تبين لها سوء نواياهم نحو الشعب
الفرنسي ,وإذا أضفنا إلى هذا ما كانت تعرفه الدولة الفرنسية والطبقة المثقفة التي ساندت اليهود في إشعال نار الثورة عما كان اليهود
يبيتونه لبلدهم ,لتبين لدى ما يقع على عاتق الملك والطبقة المثقفة من المسؤولية .
ويبدو أن الحكومة البريطانية كانت عالمة أيضًا بما كان اليهود يسعون إليه في فرنسا ,بدليل أن التقارير المفصلة المحفوظة في ملفات
ودوائر مخابراتها عن تلك الحقبة من الزمن تحمل اسم الوثائق السرية للجمعيات الخفية )Secret Societies and Subversive
(Mouvementتشير بوضوح إلى نوعية هذه المساعي ,والظاهر أن الدولة البريطانية تجاهلت معرفتها لتلك المعلومات ,وأمسكت عن
نشرها في حينها ,خشية الصطدام باليهود وخاصة في المحفل الماسوني الذي كان يرأسه العاهل البريطاني بالذات ,والذي كان أكثر النبلء
ينتسبون إليه ,أي أن الملك والنبلء كانوا يحالفون اليهود باعتبارهم سادة المحفل الذي ينتسبون إليه ,ويمنعون الدولة عن فضح أسرارهم
المشتركة مع اليهود.
ويعزوا النقاد سبب خضوع مثقفي فرنسا لرادة اليهود إلى أنهم كانوا ,من النتهازيين المرتزقة الذين ل يبالون إل بمصالحهم الخاصة.
ولذا أطلقوا يد اليهود في بلدهم مقابل منافع شخصية دنيئة حصلوا عليها منهم.
أما اليهود ,فل ينكرون مسؤوليتهم في إشعال نار الثورة ,ويعترفون صراحة بأنها من مبتكراتهم ,ويتبجحون بالتخطيط لها و إخراجها
بالشكل الذي أرادوه .والدلة على ذلك أكثر من أن تحصى .وعلى سبيل المثال نذكر أن اليهود صرحوا في مؤتمرهم الذي عقدوه في
بروكسل عام 1910بأن الثورة الفرنسية قامت على أكتافهم .وأن حلفاؤهم الماسون عملوا لتثبيت أقدامهم على الرض الفرنسية .كما
أعلن اليهود في هذا المؤتمر بأن الماسونية ليست سوى مؤسسة يهودية وضعت قواعدها و مبادئها في المعابد اليهودية .وهي دائمًا وأبدًا
في ركابهم .ومن هنا يتضح أن اليهود كانوا خلف كل أحداث الثورة .أما الجرائم التي ارتكبوها لحسابهم الخاص فهي تفوق هوًل حد
التصور .إذ لم يشفقوا حتى على من كانوا يومًا من حلفائهم .مثل الميرة لمبال ) (Lamballeالتي غرروا بها يوم كانت في أوج عزها.
وأسندوا لها رئاسة محفل الخوات التسع الماسوني.وبعد أن ناصرتهم عدة أعوام ,اتضح لها خطأ مسلكها ,فتركت المحفل والتجأت إلى أحد
42
الديرة تستغفر ربها على ما قدمته لهم من الخدمات ,فحقد اليهود عليها ,ولما قامت الثورة بادروا إلى اعتقالها ,ومن ثم قادوها في 16
تشرين سنة 1793إلى المقصلة داخل عربة نقل قذرة ,فقطع رأسها الجميل جزاء تخليها عن رفاق الشر و السوء.
وليت الحقد اليهودي السود وقف عند هذا الحد .فمع كل أسف شمل كل أنحاء الرض الفرنسية ,فكالت فرق التفتيش عن الجثث التي
شكلها اليهود تجوب الشوارع للبحث عن جثث أعداء اليهود ,وحين تعثر على جثة أحد هؤلء يعمد أفرادها على اعتقال قلب الميت من
صدره وأمعائه من بطنه ,فيأكلون القلب ,ويتقلدون بالمعاء تشفيًا وانتقامًا من الميت ,وكم مرة شاهد أهل باريس أفراد هذه الفرق الذين
كان أكثرهم من اليهود ,يهينون الموتى ,ويركلونهم بأقدامهم ,ويجلسون بينهم ليعاقروا الخمرة ,ويجامعون النساء العاهرات وكأن ما
يعملوه هو مدرار فخر واعتزاز.
و المذابح الجماعية التي افتعلها اليهود فحدث عنها ول حرج .وعلى سبيل المثال يذكر لنا السيد جان بليبر Jean pleyberأحد معاصري
الثورة ,إن على إثر فشل التحاديين ) (Fédéralistesعام ,1793قررت حكومة الثورة الئتلفية ) (Conventionتأديب مدينتي ليون
ل من كوتون ) (Couthonودوبواكرانسيه Dubois Crancéعلى رأس الحملة ,لتأديب خصومها في المدينتين وطولون .فأوفدت ك ً
المذكورتين ,ويبدو أن الجراءات التي اتخذاها لم ترضي اليهود ,بالرغم من أنهما أعدما في غضون أسبوع واحد أكثر من ثلثين وجيهًا
فعزل ,وأرسل بدًل عنهما اليهوديان فوشه ) (Fouchéو كوللو ديربوا ) (Collot D’herboisاللذان عرفا بالوحشية والغلظة.
و بمجرد وصولهما إلى المقاطعة ,أمر فوشه باحتلل الكنائس والمعابد ,وسلب ما كان فيها من الموال والتحف ,وتحويلها إلى مواخير
وإسطبلت ,ثم تدنيسها و تدمير ما كان فيها من صلبان وشعارات دينية ,ومن ثم أمر بأن يؤتي بحمار ويلبس ثوب الكهنوت ,ويعد أن نفذت
أوامره علق في رقبة الحمار مجموعة من الناجيل وربط بذيله صورة المسيح .وطوفه في شوارع المدينة ,ولما وصل الحمار إلى تيرو )
(Terreauxحيث جمع الهلين ,سقاه أمام الناس بالكأس المقدس -ومن ثم أحرق الناجيل و صورة المسيح في الميدان المذكور -وألقى
على الناس خطابًا ندد فيه بالمسيح والمسيحية بأقذر اللفاظ و أحقرها.
ل إلى ساحة العدام ,وأعدمهم رميًا بالرصاص .ومن ثم أمر وبعد يومين أي في 4كانون الول عام , 1793ساق أربعة وستين معتق ً
جنوده بأن يجهزوا عليهم بالسيوف .فقطعت رؤوس الضحايا و علقت في واجهات الكنائس ونواصي الشوارع .وفي اليوم الثاني نفذ حكم
العدام بمئتين أخريين بنفس الصورة .هذا عدا عن قتل كل من الهلين أثناء عمليات التحري و التفتيش ومن ثم أمر بهدم المدينة وجعلها
قاعًا صفصافًا .وأطلق عليها اسم المدينة المحررة ) (La ville Affranchieبعد أن كانت تدعى بليون .ومن ثم رفع تقريرًا بمنجزاته
هذه إلى الجمعية العمومية ,جاء فيه أنه كان يشعر بلذة وسعادة مفرطة .حينما كان يقوم بهذه العمال التي خصته بها الجمعية الوطنية
بشرف تنفيذها.
والظاهر أن شهرة سفك الدماء طغت على مشاعر جنود الثورة ,بدليل أن تقاريرهم التي وجهوها لذويهم وأصدقائهم ,والتي عثر عليها فيما
بعد ,تشير إلى مدى تفاخر كتابها ,بما ارتكبوه من الفظائع والجرائم ,ولقد جاء في واحد منها :لم يبقى في أزقة مدينة شوان )(Chouan
التي اجتحناها سوى جثث النساء العاريات التي قتلناهن بعد العتداء عليهن.في كتاب آخر قال كاتبه :كم كنت أتمنى أن تشاهد الجزاء
العادل الذي أنزلناه في ألوف من المجرمين .وهذه المذابح التي قادها اليهود وعمت فرنسا بأكملها لم تنج منها مدينة واحدة ,وتذكر
المصادر المعاصرة للثورة عن فظائعها ما يشيب لهولها الرضيع ,وتروي أن اليهودي فريرون الذي كان مكلفًا بإدارة مدينة طولون أفنى
من سكانها عشرات اللوف حتى هبط تعدادهم من ثلثين ألف نسمة إلى سبعة آلف فقط ,ومن ثم أمر بتدميرها وجعلها قاعًا صفصافًا.
ويروى أن حكومة الثورة أمرت بإبادة جميع ساكن مدينة مانس ) (Mansدون سبب وجيه ,ثم راحت تتبجح بفعلتها هذه دون حياء أو
خجل .وفي مدينة أنجة أقدم أحد المحققين اليهود على إعدام تسعين وجيهًا ,من غير أن يستجوب أحدًا منهم ومن دون أي مبرر.
كما قامت الفرق اليهودية في مدينة رين ) (Rhinnesبقتل المئات من البرياء ,واعتدى أفرادها على مئات النساء ,وبقروا بطون الحبالى
منهن بحجة اشتراكهن في المظاهرات المعادية للثورة.
والغريب في أمر هذه المذابح الرهيبة هي أن أبطالها وخاصة من برز منهم كانوا من اليهود والماسون .ويبدو أنهم كانوا يرتكبون فظائعهم
بناًء على منهج معين أرادوا من تطبيقه إرهاب الشعب الفرنسي ,وإخضاعه لمشيئتهم وبغية تحقيق هذا الغرض ,برز القادة اليهود أترابهم
في استنباط أساليب الترهيب و التعذيب ,وبرزت فئة منهم في هذا المضمار حتى بلغت الذروة ,وكان اليهودي فيليكس ) رئيس لجنة الثورة
لمدينتي لمين وأنجو () (La maine et Anjouمن أشهر أفرادها ,ويحكى عنه ,أنه كان يرسل ضحاياه إلى ساحات الموت ,دون أن
يكلف نفسه مشقة التحقيق معهم ,ويكتفي بأن يشير بالحرف ) (Fإلى أسماء من يروم إعدامهم رميًا بالرصاص ,وحرف ) (Gإلى أسماء
من يروم قتلهم بواسطة المقصلة ,ولتبرير تعسفه هذا كان يقول إن اجراءات التحقيق هي مضيعة للوقت.
أما اليهودي كاريير ) (Carrierحكام مدينة نانت ) (Nanteفكان يقتل ضحاياه ,بإلقائهم في قاع نهر اللوار ,بعد أن يثقل أقدامهم
بالحجارة لتحول دون طواف جثثهم.
وتعزوا المصادر الرسمية إليه قتل ستة آلف نسمة بهذه الطريقة ,وتضيف أنه ,لما لحظ عجز نهر اللوار عن استيعاب جميع ضحاياه,
صار يخيرهم بين الموت بالرصاص ,أو إعدامًا بالمقصلة ,وعندما فرغ من مجازره ,رفع تقريره إلى المسؤولين ,واختتمه بالشادة بنهر
اللوار ,وقال عنه يا له من نهر ثوري عظيم ,إشارة إلى العدد الهائل من الضحايا التي ألقيت فيه.
وامتاز اليهودي فاسترمان ) رئيس لجنة حماية الثورة في منطقة سافوناي ( ) (Savenayبتطبيق قانون الحرام اليهودي )(Harem
القاضي بإفناء حتى الماشية ,ويذكر عنه أنه قتل جميع سكان المنطقة وأفنى ماشيتها ,ومن ثم رفع تقريرًا إلى لجنة السلمة العامة )
(Comité de salut Publicقال فيه :تنفيذًا لتعليماتكم ,لقد حطمنا جماجم جميع أطفال المنطقة تحت سنابك خيولنا ,وقتلنا رجالها و
نسائها جميعًا ,ولم يبقى فيها أحد يمكنه أن ينجب في المستقبل من ينزع لمناوئة الثورة ,حتى أفنينا السرى ,الذين استسلموا من العصاة
عن بكرة أبيهم .وقد أصبحت الزقة والشوارع تعج بجثث الموتى ,وسدت مفارق الطرق ,بأكوام الجماجم التي جمعت على شكل أهرامات
ضخمة ,فلتطمئن لجنتكم الموقرة ,ولتكن على ثقة ,بأنني لم أترك في المنطقة ما يسبب لي تأنيب الضمير أو الندم في المستقبل.
و في منطقة فاندة ) (Vendéeحدثت مذابح مروعة كان بطلها الماسوني مارلين ) (Marlinالذي كان يفخر بما ارتكبه من الوحشية
المفرطة ويقول :لقد قضينا على سكان المنطقة ,وأغرقناها في الدماء ,حتى غدت وكأنها كومة رماد مبللة بالدماء.
ومع هذا ,أوفد المجلس الوطني إليها ,الجنرال اليهودي توررو ) (Turreuxليعيد تطهيرها لن اليهود زعموا أنها ظلت موبوءة بأعداء
الثورة.
ومن غرائب أحداث هذه الثورة ,هو جنوح قادتها اليهود وأنصارهم إلى الستهتار المهين بالقيم و الخلق النسانية ,في معاملتهم لسكان
المدن والدساكر التي كلفوا بإدارة شؤونه ,وخاصة الذين كانوا يعتقلونهم .إذ كانوا يعمدون إلى إهانتهم وتعذيبهم قبل الجهاز عليهم.
43
ويحدثنا السيد هيبس في هذا الصدد ويقول :عن اليهودي كوميير ) (Commaireآمر حامية إيزني وباللو )(Aiznay et Palluau
استنبط طريقة شاذة لتفقد مقدرة جنوده وأسلحتهم للقتال ,وهي أنه كان ينتزع أطفال المنطقة من ذويهم ,ليتخذ من رقابهم أهدافًا )بدًل عن
دمى التمرين المعتادة( لسيوف جنوده.ويحكى أن الماسوني بريبور كان يتسلى في مدينة شوان بقتل السكان بالجملة ,ويرفض شكوى
ضحاياه ,مهما كانت الشكوى وجيهة.
ولقد اشتهر اليهودي آمي ) (Ameyممثل الثورة في مدينتي مونتورناي وابيس Montournay et Epessesبإعدامه النساء
والطفال حرقًا في أفران المدينة وفي رابعة النهار ,بزعم تسلية جنوده بهذه المشاهد المفجعة.
أما الماسوني سن جوست ) (s’aint Justeآمر حاميتي آنجة و كليسون ) (Angée et Classonفلم تعجبه هذه الساليب البسيطة في
الثأر من المواطنين فابتدع طريقة سلخ جلود ضحاياه ,ومرن جنوده عليها ,ولما سئم منها ,استبدلها بإذابة جثث ضحاياه من النساء في
قدور خاصة ليستخرج منها الشحوم ,ويذكر هيبس عنه أنه مل عدة براميل من هذه الشحوم الدمية ,وأرسلها إلى المجلس الوطني ليبرهن
عن عبقريته .وتفانيه في خدمة هذه الثورة التي قيل أنها كانت فرنسية.
وهذه الجرائم المروعة التي روينا تفاصيلها فيما سبق ل تعادل في الحقيقة إل جزءًا يسيرًا جدًا من الجرائم والمذابح التي ارتكبها اليهود
في مستهل الثورة الفرنسية ,إذ أن المصادر المعاصرة تزخر بمئات القصص التي تروي ما اقترفه اليهود من الفظائع في فرنسا .ويكفي أن
نعلم أن عدد من قتلوا على أيدي اليهود في باريس وحدها وفي غضون يوم واحد بلغ اللف قتيل ,ولخذ فكرة صحيحة عما وصل إليه
الحقد اليهودي في فرنسا ,ومدى تفاخرهم بما قاموا به إبان هذه الثورة,يكفي القارئ أن يزور حاليًا أحد قصور أغنياء اليهود في باريس,
ليشاهد فيه اللوحات الزيتية التي تمثل ما فعله اليهود من المجازر الرهيبة ,ويسمع أصحابها وهم يتحدثون عنها وعما ترمز إليها كل
واحدة منها ,وعمن رسمها ,أحاديث تفاخر واعتزاز المشبعة بروح التشفي و النتقام ,ليتضح له مدى علقة اليهود بهذه الثورة و ما
اكتسبوه من إشعال نيرانها.
وعند التحري عن أسباب هذه الوحشية المشوبة بروح الحقد التي أظهرها اليهود إبان الثورة ل يسع المرء إل أن يعزوها إلى غرضين:
الثأر من الكنيسة وأتباعها ,وإرهاب الشعب الفرنسي ,حتى ل يجسر في المستقبل على التفكير بمناهضة سادته الجدد ,وعرقلة مشاريعهم,
التي كانت ترمي إلى السيطرة التامة على مقدرات الشعب الفرنسي المالية ,والفكرية ومن ثم تسخيره ,لتحقيق أغراضهم العديدة في البلد
الوروبية الخرى.
والواقع إن اليهود نجحوا منذ فجر الثورة في تحقيق أغراضهم إلى أبعد حد ,وغدوا سادة فرنسا بكل معنى الكلمة ,وحافظوا على هذه
السيادة ,رغم المحاولت العديدة ,التي قام بها بعض الساسة والحكام الفرنسيين للطاحة بسيطرتهم.
والظاهر أن نابليون بونابرت كان أول من تصدى لليهود ,فعندما استلم مقاليد الحكم في بلده ,راعه ما لمس فيها من نفوذهم فبادر في 30
نيسان 1806إلى الجتماع بوزراء حكومته ,وبحث معهم موضوع السيطرة اليهودية ومن ثم وقف يخطب فيهم وقال:
لن يسع الحكومة الفرنسية السكوت بعد الن عن استهتار اليهود بوجودها ,ولن تسمح لهم أن يثابروا على اقتراف جرائمهم القذرة بحق
شعبها ,ولن ترضى بعد اليوم أن يظل نفوذهم مخيمًا على أجمل مقاطعاتها ) اللزاس( المتاخمة للحدود الشرقية ,أيها السادة إن الوضع
الحالي لهذا الشعب الحقير في بلدنا ,هو وضع دولة ضمن دولة ,يعمل ما يرغب وما يشاء ,ولذا أرى أن تسارع الدولة إلى تجريده من
ملكية هذه المقاطعات الغالية ,ومنع مرابيه من تعاطي امتهان ارتهان الراضي .هذه المهنة الرهيبة التي مكنته من الستيلء على أكثر
الملك الفرنسية .أيها السادة ,إن هناك قرى عديدة أخليت من سكانها ,وسلمها القضاء لليهود ,مقابل دريهمات قليلة كان أصحابها
الفلحون قد استدانوها منهم بفوائد خيالية .ولما عجزوا عن سدادها في وقتها المحدد ,قاضاهم اليهود ,وسلخوا عنهم أملكهم ,ومن ثم
طردوهم من أرض آبائهم وأجدادهم .فهل يعقل أن تسكت الحكومة عن هذا الحتيال القذر؟ وهل ترضون أن يترك حبل الخداع اليهودي
على غاربه حتى اليوم الذي لم يبقى فيه فرنسي واحد في الوطن الفرنسي .أيها السادة أل تشعرون معي بهذا الخطر؟ أل يضيركم أن تظل
مفاتيح اللزاس و سترازبورغ في أيدي هذه الشعب المؤلف من الخونة والجواسيس الذين ل صلة لهم بهذا البلد .لهذه السباب ,وضنًا
بسلمة أمتنا أطلب إليكم أن توافقوني على اقتلع جذور هذا الشعب اللئيم عن أرض وطننا المفدى.
ولكن مع كل أسف ما لبث نابليون أن عاد عن قراره هذا ,ولم يتمكن من الصمود في وجه الطغمة اليهودية التي عبثت ببلده,فوقع سريعًا
في أحابيلهم الشيطانية حتى رأيناه يستنجد بمجلسهم العلى ) (Sanhrdrinويكلفه بوضع القوانين الخاصة بهم .ويطلق يده في
تشريعاتها .بالشكل الذي يرتضيه ,ويناسب أتباعه ,ومن ثم أدخل ما وضعه اليهود من القوانين في صلب الدستور الفرنسي وضمن لهم
بموجبها ما كان ينقصهم من حقوق ,وراح يتزلف إليهم ويصادق على كل القوانين المقدمة إليه ,ويعلن بل حياء أو خجل ,بأنه سوف يعمل
ما بوسعه ليمكن اليهود من المحافظة على مكاسبهم ,ليتسنى لهم العيش بسلم حتى ينسوا آلمهم القديمة الناتجة عن فراقهم لرض
كنعان.
والغريب أن نابليون حقق لليهود كل ما وعدهم به ,ونفذ جميع رغباتهم ,حتى أصبحت فرنسا في عهده مزرعة يهودية بكل معنى الكلمة,
ويعزو بعض النقاد تراجعه المشين عن تصريحاته القديمة ,إلى ما كان للماسون وتعاليمهم من تأثير فعال عليه .باعتباره ماسونيًا قديمًا.
بينما يقول البعض الخر :إن حاجته الملحة للمال لتمويل جيوشه التي كانت تقاتل في عدة جبهات هي التي أرغمته على هذا التراجع,
وأنزلته عن كبريائه وألجأته إليهم ,فقضى بذلك على أحلم المخلصين من رجالت أوربا الذين عقدوا عليه المال الكبيرة في توحيد أوربا
وإنقاذها من سيطرة اليهود.
وفي هذا الموضوع كتبت المجلة الكاثوليكية في نشرتها التي صدرت عام 1952فقالت :إن نابليون بونابارت كان أمل المخلصين من
مفكري أوربا أمقال الكاتب الكبير هيللر بللوك ) (Hillaire Béllocفي توحيد أوربا ,وإنقاذها من النفوذ اليهودي ,عندما علم بتراجعه
ومهادنته لهذه الطغمة الفاسدة أسف جدًا وقال :فقد أوربا أملها الوحيد ,في تحقيق وحدتها ,والتخلص من نفوذ الدخلء ,بانضمام نابليون
إلى المعسكر اليهودي.
ولقد أكد اليهود بعد انتصارهم على نابليون بأنهم لن يسمحوا بتقليص نفوذهم لحد ,حتى لو كان إمبراطورًا.
أما نابليون الذي هادن اليهود ,وانحاز لمعسكرهم ,فلم ينتفع من مهادنته شيئًا ,لن سبق وأن كشف لهم أوراقه عندما أعلن رغبته في
توحيد أوربا تحت العلم الفرنسي ,المر الذي ل يقبله اليهود بأية حال من الحوال ,رغم كونه موازيًا لهدافهم التي كانت ترمي بدورها إلى
توحيد أوربا ولكن تحت سيطرة المجلس الكهنوتي العلى دون سواه ومن هنا وجدوا في نابليون مناوئًا خطيرًا على أهدافهم ,فصمموا منذ
البداية الكيد له لزاحته عن طريقهم ,وتمكنوا منه في النهاية ,مثلما تمكنوا فيما بعد من هتلر الذي استهدف توحيد أوربا.
44
وهكذا فهم دائمًا بالمرصاد لكل من يسعى لتحقيق الغراض الموازية لغراضهم ,وعداوتهم الحالية للمعسكر الشتراكي تنبعث هي أيضًا
من هذه الزاوية ,لنه يسعى لتوحيد النظم الوربية ,والقضاء على أوكار الصهيونية العالمية وأنصارها فيها.
وإذا بحثنا العوامل التي أدت إلى انتصار اليهود على نابليون بونابارت وعلى كل من نهج نهجه ,نجد أنها تكمن في المحافل الماسونية
المنتشرة في جميع أقطار أوربا ,والتي كان ومازال من ينتسب إليها صفوة رجال الفكر والسياسة في كل بلد.
وعلى سبيل المثال نذكر أنه في عهد نابليون كان ينتسب إلى الماسونية أكبر قواده أمثال ,ماسينا ,ومورا ,ولسوبيد ,وكاللرمان ,ولوفيبر,
و مئات الخرين ,وكانوا جميعًا يعملون لمصلحة اليهود .دون أن يشعروا ,وذلك عن طريق تنفيذهم لتعليمات الماسون أنصار اليهود وكان
النتساب إلى الماسونية في ذاك العصر ,من الشروط الساسية للفوز بالسيطرة السياسية ,حتى أن جوزيف الول ) (Jpséph 1erشقيق
نابليون انتسب إليها ليكسب دعم محفلها في مملكته الجديدة.
ويبدو أن نابليون وقادته الماسون دفعوا ثمن اعتمادهم على المحافل الماسونية ,إذ أن اليهود بمجرد أن سنحت الفرصة لهم بالنيل منهم,
أوعزوا إلى المحافل الماسونية بأن تتخلى عنه ,وإلى الرأسمالية اليهودية بقطع معوناتها المالية عن جيوشه ,ومن ثم باعوا أسراره التي
حصلوا عليها بواسطة الماسون إلى أعداءه ,وأخيرًا أطاحوا به وبحكمه وغدا وكأنه ورقة جافة في مهب الريح.
ومن خلل مسلك نابليون مع اليهود ,يبدو أنه كان يعتبرهم مجرد فئة مذهبية ,يمكن صهرها في البوتقة الوروبية ,على أن تمنح جميع
الحريات و الحقوق الممنوحة للعموم .أي أنه اعتمد على نفس الفكرة الخاطئة التي تورط بها جميع ساسة أوربا الذين تعاقبوا على الحكم
قبل وبعد نابليون ,وفاته كما فات الخرون ,أن اليهود يعتبرون الدين أداة للمحافظة على قوميتهم ,ويتخذونه سببًا للترابط فيما بينهم لنه
العامل الوحيد الذي يجمعهم ,ويتعصبون لتعاليمه ومناسكه ليتميزوا بها عن سواهم من البشر يستمدون من نصوص كتبه ,غرورهم
القومي ,وحجة تمسكهم بالنعزالية ,وامتناعهم عن الختلط بالقوميات الخرى .وبكلمة مقتضبة ,نقول أنهم يتخذون الدين كمحور أساسي
تدور حوله قواعد دعوتهم القومية ,بينما يتظاهرون أمام الناس بالتحرر منه والنعتاق من قيوده.
وهذه المظاهر التي أوهمت الساسة بأنهم مجرد أتباع فئة مذهبية مثل سواها ,جعلتهم يتخيلون إمكانية صهرهم في البوتقة الوربية عن
طريق منحهم المزيد من المكاسب والحقوق .فراح كل منهم يزيدهم المنح والهبات ,حتى أصبحوا يمتازون عن الناس في كل قطر وبلط,
ولما لحظوا أن نابليون انساق بدوره إلى خلف الوهام والتخيلت التي تورط فيها من سبقه من الساسة .عمدوا إلى استغلل موقفه منهم.
وتظاهروا بالولء له ,و مناصرته في كل بلد دخلتها جيوشه ,فتأثر نابليون من حفاوتهم به ,وأغدق عليهم المزيد من الخيرات ,حتى
أصبحوا في غضون مدة وجيزة أغنى أهل أوربا .وسيطروا على المقاليد المالية في أكثر مدنها واستحقوا بجدارة أن يطلق على بعض
عائلتهم اسم العائلت المالكة إشارة لنفوذها المالي في أوربا.
ولقد كتب المؤرخ الشهير شيراك ) (Auguste Chiracعن هذه العائلت ووصفها بأنها كانت أكثر نفوذًا وسيطرة من العائلت المالكة.
وكانت أشهر هذه العائلت هي عائلة .هيرش .روتشيلد .وماير وبامبرغ .وافروسي .وكاموند .ولقد تقاسمت فيما بينها المجال القتصادي
في أوربا ,لتعمل كل منها في منطقة خاصة بها .وعلى سبيل المثال نذكر أن )أنسلم ماير ( تمركز في مدينة فرانكفورت اللمانية ليمثل
الرأسمالية اليهودية في المنطقة اللمانية ,وسولومون ماير في فيينا ,وكانت منطقة نفوذه النمسا و ما جاورها من الدول الصغيرة ,وتمركز
ناتان في بريطانيا لنفس الغرض ,وشارل في نابولي )إيطاليا( أما جيمس فكانت منطقة نفوذه هي فرنسا .وهكذا سيطر اليهود على أهم
المراكز التجارية و القتصادية في أنحاء أوربا ,بفضل طيش نابليون ,وتفكيره العوج.
وفي غضون أقل من ربع قرن وضع اليهود أيديهم على كافه الثروات الوربية ,حتى إن ثروة البارون روتشيلد كانت تقدر وحدها بكل ثروة
فرنسا و مصارفها العديد .أما نفوذه السياسي فقد بلغ حد إسقاط الوزارات و تشكيلها كلما عن له ذلك على بال .ويقال أنه كان وراء سقوط
حكومة ) .(Thiersولم يجرؤ كاتب أو ناقد واحد في فرنسا إلى التلميح لروتشيلد و عصابته ولو بكلمة واحدة .حتى إنه كان يراقب وضع
نابليون السياسي ساعة فساعة ,عن طريق ما يملكه من سائل الستعلمات الخاصة .ولما شعر بدو انهيار المبراطورية ,سارع إلى شراء
كل أنواع السندات التي كان مقررًا لها أن ترتفع بمجرد سقوط نابليون .ولما وقع ما تنبأ به ,ربح من هذه السندات في غضون أربعة
وعشرين ساعة ,ما يزيد عن ثلثمائة وخمسين مليون فرنكًا من الذهب ,كما هيأ لخوته فرصة ربح مبالغ مماثلة في ظرف أسبوع واحد
ل :إن اليهود كانوا يتجسسون على نابليون ,ويحصون تحركات جيوشه ,ويخبرون أعدائه بما يعده من خطط, فقط ,ويضيف شيراك قائ ً
بينما كانوا يتظاهرون بصداقته ,ويقدمون له ما يحتاجه من المال والمعلومات المحلية.
وفيما يتعلق بمسلك اليهود في أوربا ,يحدثنا السيد هيبس أسوة بغيره من نقاد التاريخ ويقول :إن اليهود بنوا مجدهم في أوربا على أنقاض
الملكية الفرنسية التي ورثوها برمتاها ,بعد أن أطاحوا بها ,أصبح لهم في فرنسا من النفوذ أضعاف ما كان لملوكها ,ولما ظهر نابليون
على مسرح السياسة ,سارع اليهود إلى إحاطته بالرعاية اللزمة لخضاعه لمشيئتهم ,ولما تم لهم ذلك ,دفعوا به إلى لجج المعارك
الطاحنة ,التي سفكت فيها دماء مئات اللوف من الفرنسيين ,بغية تحرير القليات اليهودية التي كانت تقيم في البلد الوربية ,وأوهموا
نابليون بأنهم يساعدونه لرفع شأن فرنسا ,في الوقت الذي أطلقوا فيه أبواقهم في البلد المعادية لنابليون لتوهم الرأي العام العالمي بأن
نابليون يعمل لحاسبه الخاص ,وهكذا حققوا هدفهم المزدوج الرامي إلى تحرير يهود أوربا من جهة ,وتدمير سمعة نابليون من جهة
أخرى .إضافًة إلى تسخير صداقته لتحقيق أغراضهم المالية.
ولما انتهوا منه عمدوا إلى إثارة القلقل وإحداث الثورات ليستثمروا تطوراتها الخاصة ,ولثبات ذلك يكفي أن نلقي نظرة واحدة على
مجرى الحداث التي سبقت عودة الملكية ) (La restauration Monrachiو من ثم إحداث ثورة 1848التي اندلعت نيرانها ضد
اليهود وعودة الملكية والتي أجهضتها الحكومة المؤقتة .بفضل مساعدة الرأسمالية اليهودية ,ومساعي السياسي اليهودي الشهير أدولف
كريميو ) (Adolphe Crémieuxمؤسس التحاد اليهودي العالمي ) (A.Israélite Universelleو نتمعن في نتائجها لنتعرف من
خللها على غرض اليهود من مؤازرة الحكومة على قمع الثورة الذي أسفر عن عودة الملك لويس فيليب ) (Louis Philippeالصديق
الودود للشعب اليهودي إلى العرش الذي بادر حاول عودته إلى إلغاء جميع المؤسسات الجتماعية والسياسية الفرنسية الخالصة ,وسمح
لليهود بأن يؤسسوا في ممكلته ,ما شاءت أهواءهم من المؤسسات الخاصة بهم دون رادع أو مانع ,ثم أصدر التشاريع والقوانين
لحمايتهم ,وفي نفس الوقت ,كم الفواه وجمد القلم الفرنسية المعادية لليهود.
ومن الخدمات الكبرى التي قدمها لويس فيليب إلى اليهود في فرنسا .هي تعين الكاهن أنفاتان ) (La pére Enfantinاليهودي الصل
رئيسًا لمعهد سيمونيان ) (Saint Simonnienneالديني ,الذي كان معتبرًا من أصلب القلع الكاثوليكية المناوئة لليهود .فلما تسلط عليه
اليهودي القدم أنفانتان أخرجه عن أغراضه الدينية ,وجعله معهدًا مهودًا و ملحدًا يسير في ركاب اليهود ,وكأنه من مؤسساتهم الخاصة.
ولما انهزمت فرنسا عام 1871عمد لويس فيليب إلى تعيين اليهودي ألفونس روتشيلد ) (Alphonse Rothchildeليمثل فرنسا في
45
مباحثات الصلح مع ألمانيا ,وكأن فرنسا خلت من الفرنسيين ,ولم يعد فيها من يمثلها سوى اليهودي روتشيلد! .والجدير بالذكر ,هو أن هذه
التنازلت الفرنسية لم تكن كما يتبادر في ذهن القارئ اختيارية من قبل الحكام ,بل كانت إجبارية لعجز هؤلء الحكام عن مناوئة و مقاومة
اليهودي الذين سيطروا على كل شيء في فرنسا بعد الثورة التي أطاحت بلويس السادس عشر.
ومن المنجزات العجيبة التي حققتها الثورة لليهود في فرنسا ثورة باريس التي قامت عام ,1871وأطاحت بحكومة تيير ) (Thiers
وتتلخص بأن هذه الحكومة تولت المور بعد كارثة ,1870وبدأت تحد من نشاط وغلوء اليهود في فرنسا ,فهالهم المر وقرروا التخلص
منها.
بعد أن اتخذوا الحتياطات الكفيلة بتأمين خط رجعتهم ,فانقسموا إلى قسمين ,وبادر القسم الول إلى تحريض الشعب على الحكومة بشتى
الحجج والساليب ,بينما وقف القسم الثاني في صف الحكومة يتظاهر لها بالخلص و التفاني ,وفي 14آذار 1871اندلعت الثورة في
باريس وانهارت حكومة تيير و قامت مكانها السلطة المحلية ) .(La Communeفسارع اليهود إلى استثمار الموقف وهاجموا القصور
والدوائر الحكومية وأعملوا السلب و النهب فيها .ثم حددوا الشخاص الذين يجب التخلص منهم ,وأوعزوا إلى أنصارهم بإلقاء القبض
عليهم وإيداعهم في سجن لروكيت ) .(La Roquetteالذي كان يديره الرائد اليهودي ماير ويشرف على التحقيق فيه اليهودي داكوستا
) (Dacostaالمدير السابق لشرطة باريس الذي انضم إلى الثوار فعينوه نائبًا عامًا للمدينة ,فأوعز اليهود إليهما بإعدام المعتقلين حال
وصولهم السجن ,فنفذا ما طلب منهما دون إبطاء ,وقتل مئات الفرنسيين المعتقلين أمثال الجنرال لو كونت ) (Le Conteوالمطران
داربوا ) (Darboisوالطبيب بونجان ) (Bonjantوعشرات الخرين من خيرة رجال باريس ,وعندما شعروا بالخطر فرا إلى بريطانيا
حيث هيأ لهما اليهود الملجأ المين والعيش الرغيد.
وفي اليوم الثاني فوجئت باريس بدخول الجنرال اليهودي كاليفه ) (Calliffetإليها على رأس جيش الحكومة وبادر حاًل على اعتقال
الفرنسيين الذين غرر اليهود بهم ,وأعن الحكام العرفية في المدينة ,وأذل كرامها ,وقتل خيرة شبابها وأهان شيوخها ,وكأنه فاتح أجنبي
أتى ليثأر من أهل باريس ,ولم يمس أحد من اليهود بسوء.
ويقول السيد هيبس عن الجنرال كاليفيه بأنه يهودي الصل منحدر من عائلة يهودية هاجرت كاربانترا ) (Carpentrasعام 1581و
استوطنت في الضواحي واتخذت اسم كاليفيه ,بعد أن كانت تدعى بيرون كوله ) (Perron Couletتمويهًا لصلها اليهودي.
ل ,ولكن اليهود كانوا يعلمون كل شيء عنه ,ولذا كانوا يساعدونه ويوصون به أصدقائهم وكانت الحكومة تجهل أصله وتظنه فرنسيًا أصي ً
من ذوي السلطة خيرًا.
وهم الذين اقترحوا على الدولة تعيينه لقيادة الجيش الذي دخل باريس .وكان غرضهم من السعي لتعيينه يهدف لمرين مهمين بالنسبة
إليهم ,وهما الستعانة به لفساح المجال أمام اليهود الذين اشتركوا في الثورة ليتمكنوا من الفرار .ومن ثم الحيلولة دون اكتشاف السلطات
الفرنسية لدورهم المزدوج الذي مثلوه فيها .وأخيرًا إرغام المطلعين على السكوت عليه.
وهكذا أسدل ستار هذه المهزلة الليمة التي مثل اليهود بطولة أكثر أدوارها ,وقطفوا في النهاية ثمارها التي دفع الباريزيون ثمنها دون أن
يجرؤ أحدهم على الحتجاج أو العتراض ,مع أن الجميع كان يعرف مدى علقة اليهود في أحداثها وذلك تجنبًا للصطدام معهم.
وهذه التمثيلية التي قام اليهود بأدوارها المزدوجة ليست الوحيدة من نوعها في تاريخهم ,وخاصة الجزء المعاصر منه ,إذ أن الدوار
المزدوجة التي مثلها كل من تروتسكي ,بلل كوم ,وبيريا ,و باكوس على مسرح السياسة في العالم الشيوعي ما زالت ماثلة في الذهان
هذه الطغمة اليهودية المضللة ,التي زعمت التخلي عن عنصريتها و معتقداتها في سبيل سعادة النسانية ,وادعت بأنها أقسمت أن تظلل
جموعها برايات الحرية ,وتنشر فيها العدالة الجتماعية ,وتظاهرت بالستماتة في دروب هذه الغايات النبيلة ,فانخدع بأقوالها و مظاهرها
مناضلوا الشعوب المتطلعة لهذه الهداف الغالية ,والتفوا حولها ,وساروا تحت زعامتها ,وهكذا اندست هذه الزمرة الخادعة في طليعة
صفوف المعسكر الشتراكي ,وراحت تمل الدنيا بالضجيج و الدعاء الباطل لتثبت ولءها لهذا المعسكر ,بينما كانت تسعى سرًا لجر شعوبه
إلى الوقوف بجانب غاياتها الخفية .لتستخدم أبنائها وقودًا للمعارك التي يتطلبها تحقيق هذه الغايات التي لم تكن سوى غايات معسكرها
الحقيقي معسكر الصهيونية العالمية اللإنساني المتطرف في عنصريته ,ولكن شاءت القدر أن ينكشف ما كانت تخفيه ,وفلقي أفرادها
جزاءهم العادل فقتل من قتل وتوارى عن النظار من تمكن من الفرار.
وفي البحث عن غدر اليهود بالشعوب التي عايشوها عبر التاريخ يقول السيد هيبس :الغريب في أمر اليهود رغم شهرتهم المزمنة في
العتماد على الغدر والخيانة ,هو أن نجد من يعطف عليهم ويناصرهم كلما ألم بهم مكروه ,مثل الذين انبروا أثناء الحرب الكونية الثانية,
ليتباكوا على مصيرهم ويدافعوا عنهم ويتهمون هتلر بالظلم والتعسف ,مع أن أكثر هؤلء كان يعلم حق العلم ,كل ما ارتكبه اليهود من
الجرائم بحق الشعب الفرنسي ,عبر الزمن وقبل أن يخلق هتلر ,وعلى سبيل التذكير أسوق إلى هؤلء ,ما كتبته صحيفة الشمال )La
(nordالفرنسية في عددها الذي صدر في 12آب 1871بصدد موقف اليهود من الشعب الفرنسي إبان حرب السبعين فقالت :إننا لم ندخر
وسعًا في تذكير السلطات بضرورة مراقبة اليهود ,والحد من نشطاهم ,بعد أن ثبت أن أكثر الجواسيس الذين اعتقلوا في اللزاس والذين
ثبت عمالتهم للدولة اللمانية كانوا منهم ) أي اليهود( ولكن السلطات أصمت آذانها ,ولم تتعظ ,فوقعت الكارثة ,وكانت ضحيتها فرنسا
المضيافة.
ولقد أثبت القائد اللماني الكبير مولتكة في مذكراته فيما بعد صحة ما ذهبت إليه صحيفة الشمال الفرنسية وذلك بقوله فيها :في الواقع إن
رئاسة الركان الحربية اللمانية ,لم تضع لعمليات حرب السبعين أي مخطط مسبق ,إذ كانت تعتمد في توجيه عملياتها على التقارير التي
كانت تصلها من جواسيسها اليهود في المنطقة الفرنسية ,وتسير قطعاتها بناء على مقتضياتها .وأننا نعرف صراحة بأن الفضل في
انتصارنا على الجيش الفرنسي يعود برمته إليها و إلى مرسليها.
ومع كل هذا لم يجسر فرنسي واحد منذ فجر الثورة إلى يومنا هذا ,على رفع إصبع التهام في وجه اليهود لن الساسة الذين تعاقبوا على
الحكم في فرنسا بعد ثورتها كانوا جميعًا من الماسون أو المهودين ,أو ممن اعتمدوا على نفوذ اليهود ,أو من الذين عاشوا على فتات
موائدهم ,مثل الحزب الجمهوري الذي كان جل أعضاءه من الفئات الثلث ,والذي اكتسح ساحة النتخابات عام 1879حتى أصبح ثلثا
المجلس الوطني من أفراده ,وهو الذي أقر بأن يكون يوم 14تموز عيدًا قوميًا ,بناًء على اقتراح السيد ماك ماهون ) رئيس المحفل
الماسوني آنذاك ( الذي أراد أن يحتفل الشعب الفرنسي بهذا اليوم الذي تحقق فيه النصر لبني قومه اليهود سادة الماسون .فخضع الشعب
الفرنسي لرادته واتخذ الرابع عشر من تموز عيدًا قوميًا له ,رغم أنه فقد فيه شخصيته ,وكرامته,و حريته,و حتى وطنه ,وأصبح يسير في
ل :إنركاب أحفاد دبورة و جدعون الذين غرروا به وأذلوه .ويثابر السيد هيس في بحثه عن السيطرة اليهودية في فرنسا ويضيف قائ ً
مثقفي فرنسا كانوا في طليعة من سببوا خذلن الشعب أمام السيطرة اليهودية ,لن أكثرهم كان من خريجي المعاهد التي كان اليهود
46
يشرفون عليها ,ويمولونها ,ولهذا كانت أكثرها مهودة ,توجه طلبها ضمن البرامج الموضوعة من قبل الماسون ,فكان من البديهي أن
تخرج أناسًا مهودين قلبًا وقالبًا ,بعد أن تجردهم من معتقداتهم ومثلهم وتمل أدمغتهم الفارغة بالمبادئ الماسونية ,الداعية للباحية
والنحلل واللقومية واللوطنية .فغدوا وكأنهم آلت صماء تنتظر أن تحركها اليدي المهودة التي صنعتها و ثقفتها .ومن هؤلء كان
تتكون الحزاب السياسية التي تعددت في فرنسا حتى أصبح عددها في وقت من الوقات يربو عن الخمسة عشرة حزبًا ,لكل منها منهاجها
و مشربها الخاص المناوئ لمنهج ومشرب الحزب الخر ,مع أنها كانت جميعًا تدور في الفلك اليهودي الصرف .وكان اليهود يوقعون
بعضها ضد البعض ,ليخلوا لهم الجو لتحقيق ما يشاؤنه من المكاسب على حساب الشعب الفرنسي .ولكي يشغلوا الشعب بالتفاهات ,كانوا
يوعزون إلى الصحافة التي كانت ملكًا لهم ,أن تثابر على تمجيد الثورة وشعاراتها وأن تنادي دون انقطاع بمبادئها ومكتسباتها.
حتى إن اليهودي كامبير أو الكامبر ) (Camber ou Elgamberالذي عرف فيما بعد باسم كامبيتا ) (Gembettaولم يتورع عن
تشجيع النائب ألفرد ناكيه ) (Alfred Naquetعلى أن يتقدم إلى الجمعية الوطنية بمشروع قانون يجير الطلق في فرنسا ,والمؤسف أن
الجمعية الوطنية أقرت هذا المشروع المخالف للتعاليم المسيحية ,دون أن تبحث عن الغراض التي دفعت بكامبيتا لثارته .أما غرض
كامبيتا ,فلم يكن سوى طعن الكنيسة الكاثوليكية في الصميم ,وتجريدها من آخر أسلحتها ,ومن ثم تمزيق وحدة العائلة الفرنسية عن طريق
تسهيل الطلق ,ودفع الشعب إلى اللأخلقية ,والباحية ,ليسهل على اليهود قيادته وتوجيهه حسبما يحلو لهم .ومن خلل الوقائع التي
أوردها السيد هيبس يتضح للقارئ الكريم مدى ما كان لليهود من تأثير على المجلس الوطني في فرنسا.
وتذكر المصادر المختلفة على أثر صدور هذا القانون شاع اسم كامبيتا بين الوساط الشعبية وكأنه محرر عظيم ,فراحت الصحافة تطبل له
وتزمر .وتضفي عليه آيات التمجيد والكبار حتى أصبح اسمه على كل لسان .فتسابقت الحزاب لخطب وده ,وطالبت الجمعية الوطنية
بتخليد اسمه .فسارعت البلديات إلى إقامة النصاب التذكارية له ,ولتسمية أكبر الشوارع باسمه ,وكأنه من صنف نابليون وسواه من أبطال
التاريخ.
ولما تأكد اليهود من قدرتهم على إرغام الفرنسيين ,لتنفيذ رغباتهم عمدوا إلى تهوديهم نهائيًا ,وأوحوا للحكومة بأن تفصل الدين عن
الدولة ,وتعلن أن السلطة الفرنسية هي سلطة ل دينية ,وتمكنوا من جر المجلس الوطني إلى إقرار مشروعهم بأهون السبل ,ثم أوعزوا
للصحافة بأن تندد بالكنيسة وشعاراتها ,مما أدى إلى احتلل النجمة السداسية مكان الصليب في أكثر واجهات المعابد ,بحجة تزيينها بشكل
هندسي ,وكأن هذه النجمة هي أجمل شكل هندسي بالعالم ,وارتفعت الشعارات الماسونية في المكنة الرسمية ,وكثر عدد الرهبان ذوي
الميول الهرطقية في المعابد ,وخاصة بعد أن شاع في الوساط الدينية قبول شباب اليهود في المعاهد الكنسية .فصار اليهودي ل يرى
غضاضة من اعتناق النصرانية وامتهان الرهبنة ,ومن ثم إعلن عودته لمعتقداته اليهودية الصلية حينما يشاء ودون حرج .وعلى سبيل
المثال ,نذكر قصة اليهودي بويير الشهيرة في التاريخ ) .(Bauerوهي أن هذا اليهودي اعتنق النصرانية ومن ثم انتسب إلى الكهنوت
وبرهن عن ذكاء حاد ,وميزات عديدة أخرى لفتت انتباه الملكة أوجيني ) (Eugénieفقربته من نفسها وجعلته كاهنها الخاص ,وكان ل
يفارقها مطلقًا ,فأصبح مستشارها الديني والدنيوي ,ول تطيق فراقه ول ساعة من الزمن .ولكن شاءت القدار أن تنهزم فرنسا في حرب
السبعين على أيدي الخونة من اليهود ,و تنهار المبراطورية الثانية ,وتذهب أوجيني إلى غير رجعة ,فخرج بويير من القصر تاركًا وراءه
أوجيني وذكراها و اللباس الكهنوتي معها .وعاد يعمل في سوق المضاربات المالية بفضل الموال التي جمعها من تجسسه لحساب اللمان,
وما ابتزه من الملكة التي لم تكن تضن عليه بشيء .ولما جمع ثروة كبيرة من مضارباته المالية ,هاجر إلى بروكسل حيث أعلن عودته
للموسوية بعد أن بلغ السبعين من العمر.
وبويير ليس اليهودي الوحيد الذي تظاهر بالنصرانية ومن ثم عاد إلى يهوديته ,وهناك الكثيرون منهم وعلى الخص طبقة مؤلفي الكتب
الداعية إلى اللحاد و الباحية .فأكثر مؤلفيها كانوا و مازالوا من اليهود الذي تظاهروا باعتناق المسيحية ,أو ممن اتخذوا لنفسهم أسماء
مسيحية ليخفوا ورائها هوياتهم الحقيقية .وهذه الخدعة الحقيرة أثرت على نطاق واسع في أخلق الناشئة الفرنسية ,وأهدرت القيم
الخلقية والدينية بين مختلف الطبقات الوروبية ,واستثمر اليهود شهرتهم في معرفة علم القتصاد على أكمل وجه في نهب أموال الناس,
إذ كانت أكثر البيوتات الفرنسية تنتقي محاسبيها و منظمي سجلتها منهم .بعد أن يطلعوا على أسرار البيوتات الفرنسية كانوا يبيعونها إلى
المحافل المالية اليهودية ,التي كانت تبادر إلى العمل لهدم تلك المؤسسات والحلول في أمكنتها .كما أن اليهود استغلوا شهرة أطبائهم الذين
يدخلون أكبر المقامات والبيوتات ويطلعون على أسرارهم بحكم مهنتهم .ثم يفشون لشعبهم لستخدامها لتأمين المصالح اليهودية .ويذكر
التاريخ أن انزلق الكنيسة في المهاوي اليهودية كان على يد احد أطبائهم الذي أصبح طبيب البابا الخاص.
وهذه العوامل أوصلت اليهود في فرنسا وغيرها من البلد الوربية إلى السيطرة والنفوذ ,حتى أصبحوا ل يرهبون أحدًا ول يبالون بأي
قرار أو قانون يصدر خلفًا لمشيئتهم .مثل القانون الذي أصدره نابليون في 20تموز سنة ,1808والذي كان يقضي بالسماح للرجل
اليهودي بالزواج من مسيحية ,وإرغام اليهود على إبدال أسماءهم القديمة بأسماء فرنسية ,فلما علم اليهود بنصوصه أقاموا الدنيا و
أقعدوها .ومن ثم أعلن مجلسهم العلى رفضه التام السماح لليهود أن يتزوجوا من المسيحيات .بزعم مخالفته للشرائع الموسوية,
ولضرره بالقومية اليهودية .باعتبار أنه عملية انصهار واختلط .أما فيما يتعلق بالفقرة الثانية التي كانت في مصلحتهم ,لنها كانت تسهل
لهم عملية إخفاء هوياتهم عند اللزوم ,فقد أعلن المجلس موافقته عليها ,فلم يسه نابليون الضعيف إل النزول عند رغبة المجلس والخذ
برأيه .والمؤسف هو أن نابليون قبل بوجهة نظر المجلس رغم ما نص كتاب هذا الخير من الوقاحة والبذاءة .إذ ذكر المجلس في جوابه
بأنه يرفض ما جاء في الفقرة الولى من القانون ,لمخالفته الصريحة لنص فقرة التوراة القائلة بأن يهوى يرفض في ملكوته حتى نسل
الجيل العاشر المنحدر من السفاح .فابتلع نابليون هذه الشتيمة الفظيعة ,وترك لليهود حرية الخذ بما يناسبهم من القانون المذكور .وهكذا
أصبح هذا القانون سلحًا فتاكًا بيد اليهود ,بعد أن كان الغرض منه أن يكون سلحًا عليهم .ولقد نتج عنه مساوئ ل حد لها .ومنها أن
اليهودي كان يغير اسمه بكل سهولة عندما يرى حاجة لذلك .كما أن اليهودية تمكنت بموجبه أن تدخل البيوتات الفرنسية كزوجة شرعية,
وتصبح سيدة البيت وأم أطفال فتنهي وتأمر و تفسد العقائد و التقاليد ,وتهود أفراد العائلة ما شاء لها من التهويد ,دون أن تجرؤ الكنيسة
أو أي سلطة أخرى على ردعها ,بينما ظل المجتمع اليهودي نقيًا ,باعتبار أن المسيحية منعت حتى من وضع قدميها في أحقر كوخ يهودي.
وهكذا كثر عدد الفرنسيين الذين تزوجوا من بنات اليهود ,وعلى الخص في عهد نابليون ,حيث عم الفقر وأفلس أكثر أغنياء فرنسا
ونبلئها .وكانت فرصة اليهود الذهبية ليزوجوا بناتهم من شباب أعرق العائلت الفرنسية التي أصابها الضيق المالي من جراء الحروب و
النكبات .وبهذه الوسيلة هود اليهود كثيرًا من العائلت الفرنسية العريقة التي كانت تعتبر في وقت ما من طليعة أعداء اليهود في فرنسا.
وهذا القانون ليس المأساة الوحيدة التي خلفها نابليون لبلده ,بل له مآسي عديدة من هذا النوع ومنها أنه جعل خزينة بلده مدينة إلى
أغنياء اليهود أجياًل عديدة .مع العلم أنه كان السبب الساسي في إثراء اليهود إبان حكمه .إذ جعل منهم رفاق دروبه ومستودعات أسراره,
47
ومنابع تموين جيوشه ,فاستثمروه على أوسع نطاق ممكن .ولما زال حكمه كان في فرنسا ألوف من اليهود الذين يملكون المليين ,أمثال
روتشيلد ) (Rothschildوبلجرادر ) (Bleichraderو آمار ) (S.Amarو كوهن ) (Kuhnولوب ) (Loebوجافة )(Japhet
وفينالي ) (Finalyودريفوس ) (Dreyfusوباروخ ) (Baruchوستيرن ) (Sternولزار ) (Lazardوكوهين ) (Cohenو
زاخاروف ) (Zaharofوسليكمان ) (Sleigmanوفاربورغ) (Warburgوهؤلء الذين أطلق عليهم العالم فيما بعد اسم ملوك الذهب.
وهم أنفسهم الذين سيطروا على كافة مناجم أوربا و كانوا ومازالوا حتى اليوم يتلعبون بمقدرات المواد الخام في العالم ,ويسيطرون
عليها حيثما وجدت .وهم الذين سيطروا على مصائر الحروب والثورات منذ عهد نابليون وحتى يومنا هذا.
أما نفوذهم في فرنسا ,فهو أمر مفروغ منه ,ول يمكن أن يشك فيه عاقل واحد .ولقد برهنوا في المس القريب عن مداه بكل وضوح .وذلك
عندما قامت الثورة في الهند الصينية ,هذه الثورة التي لم تكن لمصلحة فرنسا قطعًا ,و ما كان لها أن تقاتل من قام بها ,وكان كل فرنسي
شريف يطالب بإيقاف تلك الحرب القذرة ,ومنح أهلها الستقلل الذي ينشدونه .و لكن فرنسا ثابرت على الحرب برغم علمها أنها ليست من
مصلحتها ,وبرغم سماعها احتجاج المخلصين من أبنائها لنها كانت مرغمة على المثابرة وكل ذلك لن الرأسمالية اليهودية كانت تروم
سحب آخر قرش سيكوني ) (Piastre Saigonaiseوتهريبه باعتباره من النقد النادر المكفول من قبل المصارف اليهودية ,ولهذا تحالفت
الرأسمالية اليهودية مع بعض الساسة من صنائعهم أمثال راماديه ) (Ramadiéeواليهودي جول موك ) (Jule Mochو ماير )
.(R.mayerواليهودي أيضًا بيدو ) (Bidaultو موتر ) ,(Mutterفأطالوا أمد الحرب حتى فرغوا من أغراضهم الخاصة ,وفي هذه
الثناء كان الشعب الفرنسي التعس يدفع النفقات الباهظة ,ويهرق الدماء الذكية ,دون أن يكون له في المر حيلة .ولقد انتشرت المعلومات
الخفية عن أسباب هذه الحرب ,وأزكمت رائحة الخيانة أنوف المواطنين ,وتعرضت بعض الصحف لهذا الموضوع ,ولكن أولى المر و
النهي في فرنسا كانوا في شغل شاغل عن هذه الحقائق المؤلمة .لن مهمتهم لم تنته ,فكان عليهم أن ينهوها ,و إل طردوا من الحكم كأحقر
آذن في جهاز الدولة.
وفي صدد نفوذ اليهود المالي في فرنسا وما اعتمدوه من الساليب الشيطانية لمتصاص دم الشعب الفرنسي ,يحدثنا الكاتب الفرنسي الكبير
السيد توسسونيل ) (Toussenelويقول :إن في فرنسا مصرفًا أطلق عليه اسم مصرف فرنسا المركزي ,وهو مخول بصك النقود و إصدار
أوراق النقد والسندات المالية باسم فرنسا ,كما منح حق استثمار كافة العمال المصرفية من تداول النقد النادر وسواه .مع العلم أن الدولة
الفرنسية والشعب الفرنسي أو أي فرد من أبناء هذا الشعب الذي يعمل المصرف باسمه ,ل يملك فيه شيئًا ول يستفيد منه بنسًا واحدًا .فهو
و ما يجنيه من الموال الكثيرة ملك خاص لثرياء اليهود .وكلما تكدست فيه الموال يسارع أصحابه إلى تحويلها إلى نيويورك أو أوتاوا,
فتقع البلد في البلبلة المالية ,ويسيطر الجزع على الوساط الحكومية والتجارية فيقوم صنائع اليهود من حكام فرنسا إلى تدارك المر
بفرض ضرائب جديدة لتغطية العجز المالي الحاصل بسبب تلعب اليهود بمقدراتنا المالية فيدفع الشعب المسكين صاغرًا الضرائب الجديدة
من عرق جبينه وكد يمينه ,عندها يعود اليهود من جديد إلى أساليبهم القذرة لسلب الموال الفرنسية مرة أخرى ,وهلم جرا.
وهكذا تتابع هذه المصارف ,المسماة زورًا وبهتانًا بالفرنسية أو النجليزية أو التحادية ,امتصاص دماء و أموال شعبنا المغلوب على
أمره ,وتقدمها للرأسمالية اليهودية الغادرة لقمة سائغة .والتي تعمد من حين لخر على تغير مركز أموالها بموجب ما تقتضيه الظروف
السياسية الدولية .ففي القرون الوسطى كان مركزها المالي الكبير في أمستردام ) ,(Amesterdameومن ثم نقلته إلى لندن ,ومن بعدها
إلى باريس ,والن اتخذت نيويورك و أوتاوا -تجمع أموالها التي تسرقها من الشعوب الوربية .ومن ثم تعود لتفتح للدول المتخلفة باب
القتراض منها ,لتزعم للعالم أنها تقدم له الخدمات النسانية .والمؤسف حقًا .هو أن نرى أكثر هذه الدول تنساق وراء ألعيبها القذرة,
وتهرول خلفها لتقترض منها الموال التي تعرضها تحت مختلف السماء الدولية ,كالبنك الدولي و ما شابه ذلك ,لكي تقع في براثنها
المجرمة ,وتدفع لها الفوائد الباهظة التي ربما أودت بها إلى النزلق في مهاوي الستعمار والتبعية .وبغية إنقاذ هذه الدول والشعوب من
الستثمار اليهودي ,ننصحها بأن تتعامل فيما بينها ,على أساس تبادل السلع و المواد .فحبذا لو اعتمدت الدول النامية هذه الطريقة لتقضي
ل ,بعد ما وصل إليه اليهود من السيطرة الرهيبة على على الساليب اليهودية القاتلة .ولكن يبدو أن تطبيق هذه القاعدة أصبح مستحي ً
اقتصاديات العالم أجمع.
وتأكيدًا رأي توسسونيل في سيطرة اليهود المالية ,يقول الستاذ فيرمس سومبر ) ) (Warms Sombertأستاذ علم القتصاد في جامعة
برلين ( إن كافة المؤسسات المالية وتنظيماتها الحديثة حاليًا ,هي من المستنبطات اليهودية ,ومهما كانت مسمياتها ,وألوانها فهي تصب
في النهاية في مستنقعهم المالي العام.
وفي مجال البحث عن هذا الموضوع بالذات يقول الكاتب بيير هيبس :إن اليهود ل يخفون قوة نفوذهم المالي في العالم .وهم يعلنون
صراحة أن جميع بنوك العالم تعمل لصالحهم ,وأنها توحد جهودها في خدمتهم كلما احتاج المر .وإن المحاور الكبرى لنشاط هذه
المصارف ,توجد الن في كل من لندن ونيويورك ,قلعتي الصهيونية العالمية.
لقد صرح الزعيم الصهيوني المعرف دوستوفيسكي ) (Dostoveskyمؤخرًا :في حال تبدد الثروة الوربية بأجمعها سيبقى لتا المصرف
اليهودي ,الذي سينجدنا بكل الموال اللزمة لتحقيق أغراضنا.
ولقد تطرق القس يوسف لومان لهذا البحث فقال ) إن القوانين التي أصدرها نابليون ,صهرت المصالح الفرنسية في المصلحة اليهودية,
وألبست الثروة والمصير الفرنسي قفطان سام ) ويعني القفطان اليهودي( الذي التصق بالجسم الفرنسي ,ولم يعد في المكان نزعه عنه,
اللهم إل إذا نزعنا عنه اللحم والجلد الفرنسي ,إن هذا اللتحام الذي فرضه نابليون علينا ,قبل مئة عام ,جعلنا نعيش جنبًا إلى جنب مع
اليهود ,فامتزجت تقاليدنا وعاداتنا ,مع تقاليدهم وعاداتهم ,وتوحدت مآسينا و مسراتنا مع مآسيهم ومسراتهم ,واستحال علينا التخلص
منهم .وهكذا أصبنا بهذه النكبة البدية بفضل القوانين التي أوجدها نابليون .
وتعرض أدولف هتلر بدوره لنفوذ اليهود في فرنسا ,فكتب في كتابه ) كفاحي( ) (Mein Kampfيقول :إن السبب في عداوة الشعب
الفرنسي لنا ,هو نفوذ الرأسمالية اليهودية المسيطرة على مقدرات الشعب الذي غدا ل يملك من أمره شيئًا ,إل بقدر ما يسمح له اليهود
والماسون به.
وهؤلء هم الذين يدفعوه لمناصبتنا العداء .وخاصة بعد أن امتزجت دماؤه بدماء اليهود الذين تدفقوا إلى بلده من منطقة الراين )(Rhin
التي اتخذوها منذ القدم نقطة انطلق لغزو البلد الوربية باعتبار أنها نقطة متوسطة .فلما سنحت لهم الفرصة انطلقوا منها إل البلد
المجاورة يلوثون دماء شعوبها بدمائهم القذرة ,وعن طريق تزويج بناتهم لبناء تلك الشعوب وكان الشعب الفرنسي أول من تورط معهم,
فتلوثت دماؤه بدمائهم ,ولم يعد بإمكانه التنصل منهم ,وبهذه الوسيلة أصبح اليهود يحكمونه ,ويفعلون في بلده ما يشاؤون كأنهم أصحاب
البلد الحقيقيين ,ولقد سخروا أبناءه أكثر من مرة للدفاع عنهم ,والسير في ركابهم لتحقيق مآربهم الرامية إلى السيطرة على العالم ,فلما
48
شعروا أننا نقف في طريق أطماعهم عمدوا إلى إثارة الشغب الفرنسي ضدنا ,ليدفعوا بأبنائه لمقاتلتنا ,ونحن نعلم ما يرمون إليه ,ولذا نعلن
للعالم أجمع ,أننا لسنا أعداء الشعب الفرنسي المغلوب على أمره منذ فجر ثورته التي أسفرت عن خضوعه التام للطغمة اليهودية الخادعة.
أجمع النقاد والمراقبون ,على أن اليهود تمكنوا في غضون أقل من نصف قرن ) بعد الثورة ( أن يسيطروا على زمام المور في الوطن
الفرنسي برمته ,وذلك بفضل الساليب و الخطط الشيطانية التي وضعوها بالشتراك مع أنصارهم الماسون ,لخضاع الشعب الفرنسي,
وكانت هذه الساليب تتلخص بتجريد الفرد الفرنسي من معتقداته ومثله و تقاليده ,فحالفهم التوفيق و انجراف الفرنسي في تيار
مستنبطاتهم ,وأصبح ملحدًا و تنكر لمثله وتقاليده ,وخرج عن النظمة والعادات ,واعتنق المادية وتعلق بمعيشته ,ووضعها فوق كل
اعتبار ,وغدا عبد شهواته التي شجعه اليهود على التردي فيها بفضل الكتب والمصادر الدبية الملحدة و الداعية إلى الباحية التي أغرق
اليهود الشعب الفرنسي في بحرها والذي استعاض بها عن كتبه الدينية القديمة ,وأخذ يقرؤها بنهم,حتى أضحت لديه أعز ما في الوجود.
وكان كل كتاب من هذه الكتب القذرة يطبع عدة مرات لكثرة الطلب عليها ,مثل كتاب ليون بلوم المسمى بالزواج ) (La marriageالذي
بلغت نسخه التي بيعت في فرنسا وحدها السبعة مليين نسخة ,أما سبب رواجه ,فل يخرج عن كونه عريق في قذارة موضوعه الباحث
عن كل ما تشمئز منه النفس .مع أن مؤلفه كان من أشهر رجال السياسة والحكم في فرنسا وهو في الحقيقة يهودي ولد في بلغاريا ,وكان
يدعى بليو كار فلونكلستين ) (Léo Kartfunklesteinوهجرها إلى فرنسا حيث أبدل اسمه بليون بلوم ,ومن ثم بزغ نجمه فجأة,
وأصبح من ساستها المرموقين ,بفضل مساندة الماسون واليهود له ,ثم توصل إلى أن يكون رئيسًا للوزارة الفرنسية أكثر من مرة .كما
اشتهر بين كتابها بالجرأة والصراحة ,ومع كل هذا لم يتورع عن وضع هذه الكتاب ذو الموضوع المعيب ,وللتدليل على قذارته ندون فيما
يلي بعض من فقراته بغية إعطاء فكرة صحيحة للقارئ الكريم عن الساليب التي استعملها اليهود للفتك بأخلق الشعب الفرنسي ,ومما
جاء في هذا الكتاب بغية تحقيق هذه الغاية السافلة ,قوله :إن على الفتاة الفرنسية أن تنفق طاقتها الجنسية في حينها ,وتطلق لرغباتها
العنان قبل الزواج ,وأن ل تحرم نفسها من الستفادة من المغامرات عندما تتوفر لها .لن فترة المراهقة هي فرصتها الحقيقية لغتراف
الملذات .فعليها أن تستغلها على أوسع نطاق ,وأن ل تتردد على التعرف بأكبر عدد ممكن من الرجال لتطفئ الشهوة العارمة التي تتأجج
عادة في هذه الفترة في أعماقها ,والفتاة الذكية هي التي تعرف كيف تنتقي الرجال الذين يمكنها أن تتمرس على أيديهم ,فعليها أن ل
تتقاعس في البحث عنهم,و إل أضاعت على نفسها أطيب ملذات العمر .إن الفتاة المتزمتة ,التي تسعى لرضاء ذويها على حساب ملذاتها
فتاة خائبة ,وعلى كل فتاة أن تنبذ السخافات والوهام ,وتضرب عرض بالتقاليد البالية ,مثل احترام العذرية عرض الحائط ,وإن تحلق في
أجواء شبابها بمجرد أن تشعر بقدرتها على التحليق بمفردها ,فعندما تشعر بالميل لحد الشبان عليها أن تهبه نفسها من دون تردد و إل
تكون قد أضاعت إحدى فرصها الذهبية ,ولتعلم الفتاة المراهقة أن خير التجارب التي تحتاجها عند زواجها هي التي تتعلمها في أحضان
الرجال المجربين ,فلتتعلم كيف تختارهم في بداية تمرسها ,إن منع الفتاة من الحمل لم يعد عسيرًا ,فلماذا إذًا نعمد إلى حرمانها من
ملذاتها.؟ ولماذا نمنع التصال الجنسي بين الخوة .ما هو الغرض من التمسك بهذه السخافات؟ ولذا أقول صراحة :إنه من الظلم على أن
نفرض على شبابنا تقاليد وأعراف باطلة ,لتغني ول تسمن ,فلنطلق إذًا لشهواتهم العنان انسجامًا مع الطبيعة...الخ.
وإن ما ذكرناه من هذا الكتاب المكون من ثلثمئة وخمسة وأربعين صفحة ,هو غيض من فيض ,وهو في مجموعه مؤلف من نصائح
وأقوال غاية في القذارة والباحية ,وهو ليس الكتاب الفريد من نوعه ,إذ أن كتاب اليهود في أوربا ينشرون مئات المؤلفات المماثلة,
لتحقيق أغراضهم الهدامة التي ترمي إلى حقن الشبيبة العالمية باللأخلقية و الباحية ,ومن المؤسف أن نعترف بأن اليهود نجحوا في
تحقيق هذا الهدف في أكثر البلدان الوربية بدليل استهجان الوربيات لفكرة تقديس العذرية ,واستخفافهن بها ,وبهذه الساليب القذرة
تمكن اليهود من تقويض المجتمع الفرنسي ,وانغمس المواطن الفرنسي في الملذات ,ولم يعد يهتم بشؤون بلده الحيوية ,وانساق خلف
المادة التي توفر له شهواته الحيوانية بينما راح اليهود يغرفون من خيرات بلده على هواهم ,ويستولون على مرافقها التجارية و
الصناعية ,دون أن يعترضهم معارض ,وبفضل اللمبالة الفرنسية ,أصبحوا في فترة وجيزة أصحاب كل مصادر الزرق في فرنسا ,ولما
كان الفرنسي بحاجة دائمة إلى المال للتمادي في ملذاته وجد نفسه مرغمًا ,للتسكع على أبواب اليهود ,ليحصل منه على عمل ,أو على ما
يؤمن له احتياجاته المعاشية وبسبب ذلك رضخ لكل الرغبات اليهودية ,وهكذا فقد شخصيته و حريته ,بعد أن فقد أخلقه ,وأصبح عبدًا
ذليلً في عقر داره .وهنا وجد اليهود الطريق معبدًا أمامهم ,فوضعوا أيديهم على كل شيء في فرنسا ,وفي مقدمتها الصحافة التي تعتبر
الزاوية الساسية في التوجيه ,والتوعية القومية ,فأسسوا وكالة هاشيت ) (La Messageries Hachetteعام ,1851التي كان يديرها
قبل الحرب الخيرة اليهودي هوراس فينالي ) (Horaçe Finalyووكالة هافاس التي تعتبر منذ العام 1835الوكالة الرسمية للدولة
الفرنسية التي تدفع لها ثلثين مليون من الفرنكات سنويًا .وكان يديرها قبل الحرب اليهودي سافاردين شارل لويس هافاس )
(Séphardine Charle Louis Havasومنذ ذلك التاريخ أصبحوا يتحكمون بالصحافة الفرنسية تمامًا.
وفي صدد ما يملكه اليهود حاليًا في فرنسا يحدثنا السيد هيبس ويقول :إن الحصاء الخير للمرافق العامة أثبت أن اليهود يملكون %90
من صناعة السينما و التمثيل وصالت الترفيه ,و %75من مؤسسات الطباعة والنشر و الدعاية و %100من المؤسسات الصحفية وإن
%88من نجوم السينما والتلفزيون هم من اليهود .أما ما يملكونه في الميدان القتصادي فيعادل %92من صناعة المعادن الثقيلة و
%90من تجارة التحف الثرية ,و %98من أموال سوق المضاربات ) البورصة( و %95من مصانع أجهزة الراديو و التلفزيون و
%79من أموال المصارف ,و %75من مؤسسات الترانزيت و الوساطة و %55من المرافق التجارية المختلفة ,و %50من
الصناعات الثقيلة.
وتشير جداول إحصاء الحصائيين إلى أن نسبة اليهود بين مختلف المهن المحترمة مثل الطب و المحاماة ,والهندسة المعمارية مرتفعة
جدًا ,وهي تعادل %60من مجموع الخصائيين في فرنسا .هذا عدا المراكز الحكومية المرموقة التي يحتلونها.
وتملك المؤسسات التجارية اليهودية في باريس أكثر من خمسة عشر ألف وكالة منتشرة في أنحاء البلد ,واليهود يملكون ستة خطوط
ل التي كانتل للسلحة من أصل 240معم ً حديدية من أصل سبعة خطوط عاملة ,وفي الحرب العالمية الولى ,كانوا يملكون 238معم ً
تملكها البلد ,وكان اليهودي باروخ ) (Barouchهو الذي يمول هذه المعامل اليهودية.
49
وهذه السيطرة الصناعية ,حققت لهم السيطرة السياسية المطلقة ,باعتبار أنهم يستخدمون في مصانعهم ومؤسساتهم عدة مليين من
المواطنين و يتصرفون بآرائهم النتخابية ,وهذه القوة النتخابية التي يملكونها ,ترضخ لمشيئتهم أكثر رجال السياسة في البلد.
ولقد قدرت المرابح اليهودية للفترة الفاصلة بين الحربين بأربعمائة مليار فرنك من الذهب في فرنسا وحدها ,وهرب بأكملها في الوقت
المناسب إلى أمريكا ,وقدرت ثروتهم قبل الحرب في فرنسا بسبعمائة وخمسين مليار فرنك ذهب من أصل ألف مليار فرنك كانت تمتلكها
فرنسا,وفي أعقاب الحرب الخيرة حصل اليهود على تعويضات عما أصابهم من الضرار أثناء الحرب بلغت مائة وأربعين مليار فرنك,
ويقول علماء القتصاد إن اليهود يملكون حاليًا ما يعادل %90من الثروة الفرنسية.
ومن فحوى الحصاءات التي رواها السيد هيبس ,يظهر جليًا أن اليهود لم يهدروا وقتهم سدى في فرنسا ,بل استثمروا اللمبالة و
الستكانة الفرنسية لقصى حد ممكن ,وأصبحوا يمتلكون ما كان فيها من الخيرات.
إن الساليب العجيبة التي اعتمدها اليهود ,لتحقيق أغراضهم العديدة في فرنسا ,هي أساليبهم التقليدية التي استعملوها ,عبر تاريخهم
الطويل والتي أوصلتهم مرارًا لهدافهم ,وهي مستمدة من التوعية اليهودية المنبثقة عن تعاليم التوراة والتلمود.
و أعجب ما في أمرها ,هو أن كل الناس يدركون أنها مبنية على الغش والخداع ,ومع هذا يؤخذون بها ,ويقعون في أحابيلها ,وكأنها
ل نابليون بونابرت ,برهن في البداية أنه كان يعرف كل شيء عن أساليبهم ,وما نتج عنها من الكوارث في تسحرهم ,وتشل تفكيرهم .فمث ً
بلده ,وفند الخطار التي يمكن أن تنتج عن التساهل معهم ,وطالب بالحد من حريتهم و نشاطهم .وإذ به ينقلب فجأة إلى صديق حميم لهم,
ويناصرهم حتى بعد أن أقدم يهود ليتوانيا و استونيا ,على ذبح جنوده الذين أصيبوا في المعارك الروسية ,والذين كانوا في ضيافة اليهود,
عندما كان الجيش الفرنسي منتصرًا ,ولكن لما هزم وتراجع عجز المصابون عن اللحاق بهم ,فانقض اليهود عليهم ,وجردوهم من
أسلحتهم ,وذبحوهم عن بكرة أبيهم ,وألقوا بجثثهم تحد أقدام الجنود الروس ,الذين احتلوا ليتوانيا ,ليبرهنوا للروس عن إخلصهم,
ويكفروا عما ارتكبوه بحقهم إبان الحتلل الفرنسي و مع ذلك ظل نابليون على صداقته لليهود ,وثابر على معاونتهم ,ومنع عنهم كل سوء,
ولكن صداقته المفرطة هذه لم تشفع له لدى اليهود إذ بمجرد أن سنحت لهم الفرص ,تنكروا له ,وانحازوا لعدائه ,لما سقط ,أسدلوا الستار
عن علقتهم السابقة به ,ثم راحوا يبررون خيانتهم له ,بأنها كانت بغية إنقاذ الثروة الفرنسية التي كان نابليون يبذرها ,للنفاق على
فتوحاته التي كان يرمي من ورائها تحقيق مصالحه الشخصية .مع أن العالم أجمع كان يعرف أن اليهود هم الذين دفعوه لخوض تلك
المعارك ,التي استثمروها على أوسع نطاق ,وخرجوا منها بالثروات الطائلة ,عدا المكاسب المعنوية التي حققوها ,ولكن عندما أصبحت
ثروات أوربا بين أيديهم ولم يعد أحد يملكها سواهم ,انقلبوا عليه ,حتى ل ينفقها ,في سبيل ما لم يبق فيه مأرب أو مكسب ,و زعموا أنهم
تخلوا عنه لنقاذ الثروة الفرنسية ,والغريب أنهم تجاهلوا في التهم التي وجهوها لنابليون ,ذكر مئات اللوف من الشبان الفرنسيين الذين
ضحى بهم نابليون على مذبح الهداف اليهودية ,وركزوها على الناحية المالية فقط ,وادعوا أنهم فعلوا ما فعلوه ضنًا بالثروة الفرنسية
وهذا التجاهل المقصود لذكر الدماء الفرنسية التي سفكت في سبيلهم يدينهم صراحة بنكران الجميل ,ويكشف خيانتهم للشعب الفرنسي
الذي لم يضن بشيء لسعادهم .ومع ذلك لم يتطرقوا في التهم التي وجهوها لنابليون ذكر دماء أبناء الشعب ,وكأنها ل تهمهم فاكتفوا بأن
ل تحجج ل أص ًيتباكوا على الثروة الفرنسية التي أصبحت برمتها ملكهم .و حتى هذا الزعم الخير يفتقر إلى الجدية .لنه في الواقع كان باط ً
به اليهود لذر الرماد في العيون ,لنهم في الحقيقة تخلوا عن نابليون ,وعملوا عل اسقاطه عندما أيقنوا أن سقوطه ,سوف يزيد من
مكاسبهم المادية.
فلو لم يكن سقوط نابليون من مصلحتهم ,لكانوا وجودا ألف سبيل للحيلولة دون وقوعه فكيف ل وهم الذين برعوا في إيجاد الحجج المعللة,
كلما شعروا بدنو الخطر على مصالحهم ,مثل الحجة التي استنبطها النائب اليهودي فاندل ) (Vandelعام ,1914والتي زعم فيها ,أن
معامل مدينة بريس اللمانية ) (Brecyهي من الممتلكات الفرنسية ,ليمنع قصف المدفعية الفرنسية عنها ,بينما كانت في الصل تخص
اليهود وحدهم ,ولم يكن لي فرنسي أقل علقة بها ,والدهى من ذلك هو أن اللمان كانوا يصنعون فيها طائراتهم التي كان تزرع الموت
والدمار في فرنسا ,ومع هذا ضرب فاندل بحياة و ممتلكات الشعب الفرنسي عرض الحائط ,وتقدم بطلب وقف القصف عن المدينة العدوة,
وبرر طلبه بتلك الحجة الباطلة ,والمؤسف هو أن كليمانصو ) (Clémanceauالشهير بالنمر الفرنسي رضخ لمشيئة فاندال وأصدر أمره
بوقف القصف عن تلك المدينة تحت تأثير ضغط وزمرة الثعالب اليهودية التي كانت تحيط به ,أمثال ,ماندل ) (Mandelو فورمس )
(Wormçو ماردوك ) (Mardocqوميسيمي ) (Missimyوليؤن ليفي ) ( Léon Levyوسواهم من الذين كان كليمنصو الخرف
يعتمد عليهم في إدارة شؤون الدولة التي كان يرأسها و من فحوى هذه الحادثة التي يرويها السيد هيبس يتضح لنا أن اليهود كانوا قادرين
دائمًا على استنباط الحجج والدلة اليلة لنقاذ مصالحهم كلما تعرضت للخطر ,وكما أننا نفهم منها بأن الحكام الفرنسيين كانوا على أتم
الستعداد لتلبية ما يطلبه اليهود منهم مهما كان الطلب محرجا ,ومهما كانت حججه واهية .والظاهر أن الحكام في فرنسا كانوا أعجز من
أن يدحضوا ما يزعمه اليهود و إل لما رضخ كليمنصو بتلك السهولة لرادة فاندل مع ما فيها من الضرر لبلده.
وتأكيدًا لقدر اليهود على استنباط الساليب الوصولية العجيبة ,نروي فيما يلي قصة اليهودي ) أرلنجر( وهي تتلخص بأن هذا اليهودي
الدعي ,الذي اشتهر فيما بعد بالبارون أرلنجر ,لم يكن في الصل سوى يهودي فقير ,ولد في الحي اليهودي لمدينة فرانكفورت اللمانية و
ضاقت به سبل العيش فيها ,فهجرها إلى فرنسا ,حيث تظاهر بالنصرانية ,وافتتح في باريس حانوتًا حقيرًا ليعتاش منه ,وإذ به يصبح من
أثرياء باريس فجأة ,ويذهل الناس بما يظهر عليه من آثار الجاه و العظمة ,ولدى التحري عن مصدر هذه الثروة التي هبطت عليه يتبين:
إن أرلنجر تمكن بصورة ما من التصال مع طرفي النزاع في الحروب المريكية ) حروب الشمال والجنوب( التي كانت قائمة آنذاك ,
وتوصل إلى كسب ثقة كل منهما ,فاعتمده كل طرف سرًا عن الخر ,ليمثلها في فرنسا ,وفي عام ,1860كلفته حكومة الجنوبيين بأن يطرح
باسمها سندات القروض الشعبية ,فلبى أرلنجر طلبها ,وأغرق فرنسا بسندات الجنوب ,حتى جمع منها 75مليون فرنك دون أن يلفت انتباه
أحد ,فلما علمت حكومة الجنوبيين بذلك ,أوفدت اثنين من أنصارها لستلم المال من أرلنجر ولكن شاء القدر أن تسقط حكومة الجنوبيين
وتستسلم في الوقت الذي وصل فيه الموفدان إلى باريس ,فتنكر أرلنجر لهما ,ورفض أن يسلمهما قرشًا واحدًا ,فالتجأ الموفدان لمقاضاته,
ولكن القضاء رد الدعوة بحجة عدم وجود الجهة التي يمثلنها ,عندها اضطرا لمهادنة آرلنجر ,واتفقا معه ,وظهر فيما بعد أنهما كانا أيضًا
من اليهود ,بدليل أن أحدهما المدعو سليدل ) (Dlidellتزوج من ابنة أرلنجر وتكلل عليها في الكنيس اليهودي.
50
وأغرب ما في قصة أرلنجر هو أن الحكومة الفرنسية التي كانت تدعي الحرية والخوة والمساواة ,لم تعترض على مشروع السندات التي
طرحها أرلنجر في السواق الفرنسية ,رغم أنها كانت ترمي إلى جمع المال لصالح حكومة ديكتاتورية ,متزمتة ,في تمسكها بإبقاء الرق
والعبودية في بلدها ,مثل حكومة الوليات الجنوبية ,كما أنها لم ترغم أرلنجر على إعادة ما سرقه من شعبها ,حتى بعد أن افتضح أمره
والصحافة الفرنسية تجاهلت بدورها حدوث هذه المهزلة التي مثلت فصولها على أرض الحرية والمساواة والخوة المزعومة .وهذا
السكوت المخزي من قبلها إنما يدل على ما كان لليهود من النفوذ الواسع في فرنسا.
وليت قصة أرلنجر انتهت عند هذا الحد ,إذ كانت ذيولها أثر غرابة من مستهلها ,فبعد وقوع هذه المهزلة فوجئت فرنسا بخبر تعيينه من
ل عامًا لها في باريس .وعلمت بأن الحكومة التونسية أيضًا اقترضت منه أربعة مليين فرنك باعتباره أحد قبلة المملكة اليونانية قنص ً
أثرياء الجمهورية الفرنسية ,ولما حان موعد سداد المبلغ تلكأت تونس عن الوفاء بوعدها ,وإذ بالدولة اللمانية تنذرها بالحتلل إن لم تف
لرلنجر بما عليها من ديون في الوقت المحدد ,وتبرر تدخلها بأن أرلنجر من أتباعها ,وممن منحوا لقب البارونية من قبل عاهلها ,فلم يسع
باي تونس إل الرضوخ ,ودفع ما ترتب عليه ,أما فرنسا فسارعت هي أيضًا لتكريم هذا الفاك ومنحته وسام جوقة الشرف من درجة القادة
العظام.
وأرلنجر ليس باليهودي الوحيد الذي توصل إلى الثروة والجاه عن طريق الساليب الملتوية ,فهناك اليهودي بيشوفشيم ,الذي ولد في
هولندا ,وعاش في ألمانيا ,ودخل فرنسا عام 1880فقيرًا معدمًا ,ومع هذا تمكن في غضون عام واحد من الحصول على الجنسية الفرنسية
و الشتراك في النتخابات النيابية عام 1881عن منطقة نيس ) (Niceونجح فيها و أصبح عضوًا في الجمعية الوطنية الفرنسية ,وشرع
في ممارسة عمله كممثل عن الشعب الفرنسي الذي انتسب إليه قبل بضعة أشهر فقط !.
وقصة اليهودي مانهينر ) (F.MaunHeinerليست أقل غرابة من سابقتيها ,وتتلخص بأن مانهينر اللماني الجنسية هرب إلى فرنسا
بعد أن ارتكب في مسقط رأسه عدة جرائم سرقة ,وظل لجئًا في فرنسا حتى قيام الحرب عام ,1914فطرد منها باعتباره من أتباع العدو.
وعاد إلى ألمانيا و تمكن بصورة ما ,من أن يصبح فيها مديرًا لكبر مصنع للحديد .وهو مازال في السابعة والعشرين .ولما انهارت
ألمانيا ,فر منها إلى هولندا ,حيث اشترك في عمليات التلعب بالمارك اللماني مع مصرف مندلسون اليهودي .ونجح في الحصول على
ل من فرنسا وبلجيكا اقترضنا منه عدة مليين .ومنحته ثروة هائلة .من وراء ألعيبه .واشتهر أمره بسرعة في الوساط الدولية ,حتى أن ك ً
فرنسا جنسيتها وأصبح من أكبر متنفذيها .ولم يعالجه الموت لبز البارون أدمون روتشيلد وسواه من ذوي النفوذ فيها.
وإذا أردنا متابعة البحث في الساليب الوصولية التي اعتمدها اليهود لسلب ثروات الشعب الفرنسي لطال بنا البحث إلى ما ل نهاية .ولذا
اقتصرنا على سرد بعض الوقائع المعينة التي اشتهرت في الوساط الفرنسية ,بغية إظهار مدى استغفال اليهود للشعب الفرنسي الطيب.
إن فرنسا أصبحت مستعمرة صهيونية ولم يعد لنا مجال للتفكير في التخلص من سادتنا اليهود إن كل فكرة تمرد أو نزوع للخروج عليهم
أصبحت فاشلة مسبقا خضع لهم برمته بعد أن جعلوه ل يفكر إل بالمادة وحدها وبعد أن دفعوا به إلى الدمان على الكحول الذي أودى به
إلى الكسل و التقاعس ومن ثم إلى الفاقة و التسول وهو الن مهدد بالنقراض باعتباره شعبًا قليل النسل ودائم التعرض لخوض الحروب
التي يفتعلها سادته ويسوقون أفراده إلى مذبحها لتحقيق مطامعهم القذرة بحجة الدفاع عن فرنسا التي ل يملك شعبها من خيراتها أي
.شيء بعد أن سلب اليهود كل ما كان فيها واستعبدوا أهلها
الكاتب الفرنسي االدكتور فيرديناد سيلين
L. F. Celine
مما ل شك فيه هو أن السيطرة اليهودية بلغت أوجها في فرنسا بعد الحرب العالمية الولى ,وأصبح اليهود يملكون فيها كل شيء ويسيرون
أمورها وفق أهوائهم ,بينما كان الشعب الفرنسي غارقًا في الخمور و الفجور وهو يلعق جراحاته التي خلفتها المعارك الطاحنة التي
خاضها في الحرب العالمية الولى .وكان الماسون و اليهود يشجعونه على التمادي في هذه المهاوي ,حتى يخلوا لهم الجو لتحقيق
أغراضهم و إمعانًا في إلهائه ,يختلقون كل يوم ما يشغله عن مراقبتهم ,فكانت الصحافة اليهودية ودور النشر المهودة ,تثابر على تشجيعه
في حياته اللأخلقية ,وفي الحقل السياسي تبث في صفوفه التفرقة وتحرض فئاته على التناحر ,حتى تعددت أحزابه لدرجة غير عادية,
وقام النزاع الشديد بينها على أتفه المور ,مع أنها كانت جميعها تسير في ركاب اليهود ,وفي خضم هذا النزاع الحزبي الذي ساد فرنسا
بين ) (1940-1920ظهر في ألمانيا الحزب الشتراكي الوطني ) الحزب النازي( فاتجهت إليه النظار في أكثر القطار الوربية ,وعلى
الخص في فرنسا ,حيث كانت الفئة الوطنية المخلصة المغلوب على أمرها ,ل تجرؤ على القيام بما يشعر به الناس بوجودها ,فبدأت تهلل
لهتلر وحزبه الذي أشهر الحرب على اليهود ,سادة فرنسا وألد أعداء الفئة الوطنية .فخشي اليهود من أن تعمد هذه الفئة إلى التمثل بهتلر
وحزبه ,وأن تتمكن من إيقاظ الشعور القومي في الوطن الفرنسي ,هذا الشعور الذي كان اليهود يخشونه أكثر من أي أمر آخر لنه كان
حتمًا سيؤدي إلى تجريدهم من مكاسبهم ومن ثم اضمحلل نفوذهم ,فهداهم فكرهم الشيطاني إلى قطع الطريق على كل نزعة قومية أو
وطنية ,وانكبوا على تحقيق الوسيلة الناجعة لفكرتهم الجديدة .وإذا فجأة يظهر في فرنسا حزب جديد يتزعمه أحد الضباط القدماء العقيد
دولرك
وينادي بنفس المبادئ التي نادى بها هتلر ,ويطلق على نفسه اسم حزب الصلبان النازية ,وكان اسم رئيسه ينبأ عن كونه من أفراد الطبقة
النبيلة التي اشتهرت بعدائها لليهود ,مما أوحى الثقة به للناس ,فسارع أكثر الفرنسيين قومية ووطنية إلى النضمام إليه واللتفاف حوله.
فبدأ دولرك يعقد الجتماعات ويلقي الخطب القومية الرائعة ,على غرار هتلر و موسوليني ,داعيًا الناس إلى النخراط في صفوف حزبه
الشتراكي الوطني ,واعدًا المواطنين بإنقاذ فرنسا من كبوتها حالما تدق ساعة الصفر .فظنه الناس الديكتاتور المقبل الذي سينقذ البلد من
اليهود و الرأسمالية الصهيونية .فمالوا إليه وعلى الخص بعد أن شكل فرق الصلبان الحديدية ,على غرار الفرق الفاشية ,واشترى جريدة
يومية تدعى بالجريدة الصغيرة La Petit Journalتنطق بلسانه .وكانت تصدر كل يوم وهي طافحة بالمقالت القومية الشتراكية فهلل
لها الشعب الفرنسي وكبروا .ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان فوقعت في باريس عام 1934بعض أعمال الشغب والعنف ضد اليهود,
وقع أثنائها كثير من القتلى والجرحى ,واعتقل مئات الفرنسيين ,ولم يكن بين القتلى و المعتقلين أحد من أتباع دولروك الذين كان الشعب
يعتبرهم من ألد أعداء اليهود .فلفت غيابهم عن الساحة أنظار الناس و تساءلوا عن أسبابه ولما غاب عنهم المر ,بدأوا ينظرون إلى هذا
51
الحزب بعين الريبة والشك .كما أنا بعض الوساط الصحفية لحظت وجود صداقة وثيقة بين دولروك والوزير الماسوني المهود تارديو )
,(M. Tardieuفاستغربت المر .وعمدت إلى البحث عن سر هذه الصداقة ,فكان أسبق الصحفيين في كشف أسرار هذه الصداقة
المريبة هو العقيد المتقاعد كبليوم ,مدير صحيفة الصدمة ) (La Chocالذي أعلن للناس صراحة بأن دولروك هو أحد أتباع تارديو
واليهود ,وأنه يتقاضى مقابل خدماته له عشرين ألف فرنك شهريًا من وزير الداخلية ,ولما قرأ دولروك هذا الخبر في صحيفة الصدمة,
قرر اغتيال كبليوم ,فأرسل بعض أتباعه إلى مدينة سن سيرفان ) (Saint Serventحيث كان يقيم خصمه ,ليعتدوا عليه .ولقد وقع
ل ,ولكن رجال دولروك هربوا من المعركة دون أن يتمكنوا من الجهاز على كلبيوم ,الذي خرج من المعركة بعاهة دائمة, العتداء فع ً
وسارع إلى إقامة الدعوى على المعتدين و زعيمهم ,فألقت الشرطة القبض على رجال دولروك وأحالتهم إلى القضاء ,حيث اعترفوا
بذنبهم ,وبأنهم كانوا موفدين بهذه المهمة من قبل دولروك .فصدر الحكم على المعتدين ,وتوارى دولروك عن النظار ,و على الثر طلب
الشعب من الحكومة ,أن توضح السباب التي دفعت بالوزير تارديو أن يقدم لدولروك المبالغ التي ذكرها كليبوم في صحيفته ,فاضطر
تارديو أن يعترف بالمر ,وأن يبرر ذلك بسبب قيام دولروك بخدمات خاصة للدولة .فقام دولروك بدوره بتقديم دعوى قذف وتجني ضد
الوزير تارديو .وقدم لذلك شاهدًا ,من أعضاء حزبه ومن النبلء الفرنسيين المدعو دوق بوزو ) .(Due Pozzoالذي سمع تارديو وهو
يصرح بتقديم الموال لدولروك ,وكانت المحكمة ذات الختصاص للنظر في الدعوى هي محكمة الجزاء الثانية .فعقدت الجلسة ,واستدعي
كل من تارديو والشاهد بوزو للدلء بأقوالهما.
وكان أول من سأل عن القضية هو تارديو ,الذي صرح بأنه كان يدفع لدولروك شهريًا مبلغ عشرين ألف فرنك مقابل الخدمات التي كان
يقدمها ,وإن مجموع ما قبضه كان قد بلغ حتى شهر تموز عما 1936مئتين وخمسين ألف فرنك وقدم الدلة و الثباتات الدامغة لقواله.
ولما سأل بوزو شاهد دولروك ,أجاب وهو ينتحب بأنه لم يعد يشك في صدق أقوال الوزير ,ونعت رئيسه السابق بالخداع الخائن الذي باع
ضميره ووطنه مقابل بضعة فرنكات ,وعلى الثر أصدرت المحكمة قرارها برد دعوى دولروك .وتغريمه المصاريف والنفقات .وهكذا
انكشف أمر دولروك لول مرة .ولما تعمقت الصحافة في التحقيق عن أمره ,تبين أن السباب الساسية لقيام هذا الحزب كانت غير ما
ظنها الناس وكان دولروك متزوجًا من يهودية ,وكان ماسونيًا ومن أعضاء الحزب الجمهوري المهود .وقد كلف بتشكيل هذا الحزب من
قبل اليهود و كانوا يمولونه بصورة دائمة ,وإن معاونه الذي كان يدعى هنري مالهرب ) (Hanri Malherbeلم يكن سوى يهودي قلبًا
وقالبًا ,وأنه كان يدعى في الصل كرونوولد ) .(Grunnwoldو أنه يدعو اليهود إلى النتساب للحزب بصورة علنية .حتى أنه خطب في
ل :أنا أدعوكم للنضمام إلى حزبنا لنه منكم الجتماع الحزبي الذي عقد في مدينة ليون عام 1934و دعى يهودها إلى مساندة حزبه قائ ً
وإليكم ,وصفوفه اليوم تعج بالمئات من أبناء قومكم ,وهم الن في نظرنا أعز العضاء وأحسنهم.
ولقد ظهر فيما بعد أن هنري مالهرب لم يقل إل ما كان حقًا ,وإن كثيرًا من أعضاء الحزب في باريس كانوا من اليهود المجهولي الصل.
كما تبينت أسباب عدم اشتراك الحزب في الحوادث التي وقعت عام 1934و انكشفت أسباب الصداقة التي كانت سائدة بين دولروك ومدير
شرطة باريس السيد بونفوي سيبور . Bonnefay sibourولما ظهرت كل هذه المخازي ,انفض الناس عن الحزب ورئيسه وتوارى
دولروك نهائيًا عن النظار ,كما ألغي حزبه إلى البد.
ولكن مع كل هذا نجح اليهود في لعبتهم على أكمل وجه ممكن ,وخرجوا منها بالمكاسب التالية:
أول -أبعدوا أعدائهم من الفرنسيين عن التطلع إلى محور مع هتلر و موسوليني ,وجعلهم يلتفون حول دولروك الذي كان يتظاهر بالعداء
لليهود والنازية معًا ,ويدعو أنصاره للتزمت في فرنسيتهم و الحتراز من اللمان.
ثانيا -كشفوا أعدائهم في مختلف أنحاء البلد الفرنسية ومن ثم أزاحوهم عمن طريقهم في الوقت المناسب.
ثالثا -عمقوا جذور العداوة بين مختلف الفئات الفرنسية
رابعا -بعد أن انهار دولروك وحزبه على يد نصيرهم تارديو ,فقد الفرنسيون الثقة بكل زعيم جديد وكل أمل في التحرر من النفوذ
اليهودي.
خامسا -تمكن اليهود من القضاء على جميع أعدائهم دون أن يخشوا انتصار الشعب لهم.
وهكذا نجحت لعبتهم القذرة وعظم شأنهم قبل الحرب الخيرة ,وأتلو بليون بلوم إلى الحكم في أواخر عام 1936أي بعد أن انكشف أمر
دولروك على صفحات جريدة الصدمة .فشكل بلوم وزارته من زمرة يهودية شاملة أمثال بوريس للوميير )(Boris La lumiére
واليهودي مانديل ) (Mandelو اليهودي دريفوس ) (Dreyfusو روتشيلد وسارو ) (Sarrautوجيمي شميت )(Jammy Schimit
ورينو ) (Reynaudو فينالي ) (H. Finalyو مارسيل بلوخ ) (Marcel Blochمن يهود سالونيك وتوريز ) (Torrésو جول موك )
(Jules Mochوالذي تجنس فيما بعد بالجنسية السرائيلية .وكوهن ) (Cohensوسولومون ) (Solomonو مارسيل أبراهام )
(Marcel Abrahameو ماير ) (Mayerوهس ) (Hessوداكوستا ) (Dacostaوكايزر ) (De kayserوهيريو )(Heriot
المتزوج من يهودية معروفة.
وهؤلء و إن لم يشتركوا جميعًا في وزارة بلوم ,تعاقب أكثرهم على الوزارات التي شكلت قبل الحرب الكونية الثانية ومن بعدها ,عدا عن
مئات الخرين من اليهود الذين تعاقبوا على كراسي الحكم في فرنسا.
وهذه الفئة المكونة من أغنى رجالت اليهود ,كانت تتحكم في الطبقة العاملة قبل أن تتحكم بغيرها ,باعتبار أن بعض أفرادها أمثال ليوم
بلوم ,وتورز وسواهم كانوا يتظاهرون بالشتراكية ,و يترأسون فروع حزبها في المدن الفرنسية ,وسيطرتهم على هذا الحزب هو الذي
ل ,ليون بلوم ل ينفك عن تهديد الدولة ,بتحريك العمال كلما عن له ذلك على بال ,وهذه السيطرة كان يوصلهم إلى مقاعد الوزارة ,إذ كان مث ً
على الطبقة العاملة ,هي التي قوت عزائم اليهود ,وجرأتهم على تحدي أعدائهم ,وكم أفواه مناوئيهم ,بينما كانوا يعملون من وراء الستار
لتضخيم ثرواتهم يومًا بعد يوم ,دون أن يشعر بهم أحد وكانت الصحافة تسكت عن كل ما يتعلق بهم وتمتنع عن نشر ما يسيء إليهم .و إذا
جرب أحد الكتاب الحرار التصدي لهم ,تغلق في وجهه جميع أبواب الصحف ودور النشر .ويحرم من كل عمل أدبي ,ويعجز عن إصدار
نشرة واحدة مهما فعل أو دفع من المال ,إذ أن الصحافة أفهمت من قبل اليهود ,بأن مصير كل من يتعرض لهم ,سيكون مثل مصير فرانسوا
كوتي ) (François Cotyو كوستاف تيري ) (Gustave Teryاللذين أبعدا نهائيًا عن ميدان الصحافة لمناوأتهم الغراض اليهودية.
وهكذا يتحكم اليهود في مصير فرنسا ,دون أن يجرؤ أحد على الوقوف في وجههم .وهذه السيطرة اليهودية الواسعة بلغت أوجها بعد
مجيء دوميرغ ) (Doumergueالماسوني إلى الحكم ,الذي أسند أكبر وظائف الدولة إلى إخوته الماسون واليهود إبان حكمه للبلد ,ومنذ
ذاك التاريخ ورث اليهود فعليًا الحكم في فرنسا.
52
اليهودي يتحدى الفرنسي في عقر داره
برغم كل ما حصل عليه اليهود من الميزات ,ومالهم من السيطرة والنفوذ في فرنسا ,ل يتورع أحدهم ,ولو من قبيل التندر عن توجيه
الهانة للفرنسيين متى خطرت له على بال ,ول يحجم عن إذلل الفرنسي كلما سنحت له الفرصة ,ومن الهانات التاريخية التي وجهها
اليهود إلى الشعب الفرنسي ,هي الهانة التي كان بطلها اليهودي جان زاي ) (Jean Zayأحد أساتذة جامعة باريس ,وهذه الهانة
اشتهرت في فرنسا باسم قصيدة العلم لجان زاي ,نشرها بول درو ) (Paul Dreuxفي كتابه المسمى بالحترامات ) (Le Respectsو
تتلخص ترجمة هذه القصيدة اليهودية المهينة لفرنسا بما يلي:
)) لقد قتل مليون ونصف في سبيل هذه القطعة القذرة من القماش -مليون ونصف من أبناء بلدي ,ومليين من أبناء البلد الخرى -.نعم
مليون ونصف شاب سفكوا دمائهم من أجل هذه الخرقة ذات اللوان الثلثة الحقيرة .وكان لكل قتيل زوجة أو عشيقة أو منزل ينتظر
عودته ,ولكن لم يعد منهم أحد ,وسكنت قلوبهم إلى البد ,يا لها من ممسحة أعقاب دنسه هذه الخرقة التي ذهبت المليين فداًء لها .أيتها
الخرقة المنحطة .أحتقرك و أكرهك لما سببتيه من ويلت و شقاء .إن دماء مليين القتلى تنبثق من ثناياك كلما رفرفت أيها الممسحة
الدنسة .نعم أكرهك ,وأكره كل من يحترمك من هؤلء النذال أولد العاهرات أنصارك ,إن لونك الحمر يذكرني بالدماء التي سفكت من
أجلك ,وأزدري لونك الزرق المسروق من لون السماء ,أما لونك البيض الذي تخفين خلفه ضميرك القذر ,فأحتقره .أيتها الخرقة القذرة يا
رمز الجرام ,دعيني لحزاني أبكي قتلي وحدي ,و اعلمي برغم كل ما لك من أنصار ,وما تعلو هامتك من أوسمة الفخار ,ليست عندي إل
ممسحة أعقاب....الخ(( .
ولقد اكتفينا بهذا القدر من الشتائم الموجهة إلى العلم الفرنسي في هذه القصيدة ,لكون ما بقي منها من أبيات تتسم بالبذاءة أكثر من التي
أوردناها ولذا نمسك عن المضي فيها .وهذه القصيدة التي نشرت في 6آذار سنة ,1924قرأها الفرنسيون ,ومع هذا لم يجسر أحد منهم
على رفع صوته ضدها أو ضد مؤلفها .كما أن هذه الشتائم العديدة لم تمنع صاحبها من احتلل المقاعد الوزارية خمس مرات متوالية.
كانت آخرها هي التي انهارت فرنسا في عهدها أمام جيوش هتلر.
وأغرب ما في الموضوع ,هو أن صاحب هذه القصيدة التي تنضح أبياتها بالكره والحقد على الحروب وأهلها ,كان أثناء وجوده في آخر
وزارة من أشد أعضائها حماسة لدخول فرنسا الحرب ,وكان لبد أن يتوقف عن الصرار على مهاجمة ألمانيا منذ أول لحظة تفاقمت فيها
الوضاع في أوربا .أما سبب حماسه هذا فلم يكن سوى أن هذه الحرب .كانت لصالحه بني قومه اليهود .لنقاذهم من هتلر الذي حكم على
اليهودية بالفناء .ولذا كانت الحمية تأخذه ,فيثور ويعربد مطالبًا زملئه بإقرار مهاجمة ألمانيا حاًل .ولما هزمت فرنسا في غضون خمسة
عشر يومًا .كان أول من ركب البحر ولذ بالفرار على متن الباخرة ماسيليا ) ,(Massiliaالتي اعتقلتها السلطات بمجرد وصولها إلى
الرباط فأنزل منها ركابها وكان جان زاي من بينهم ,فأودعتهم الحكومة جميعًا في السجن بتهمة الفرار أمام العدو.
وهكذا عوقب زاي على خسته ونكرانه للجميل ,ولكن ليس على يد من أهانهم بل على يد اللمان .ولول النهيار الفرنسي لعاد زاي مرة
أخرى .بل مرات إلى الوزارة دون أي ممانعة من قبل الفرنسيين .
وللتحدي اليهودي في فرنسا حوادث عديدة .ومنها :أنه عندما تفاقمت الحوال عام 1937في فرنسا .وساد الفساد أجهزة الدولة ,وبدأ
الشعب يتساءل عن مصيره ,أراد بعض النواب مناقشة الدولة عن أسباب النحطاط العام ,وفي أثناء المناقشة ,تبين للنواب أن الوزارة
البلومية تحاول التلمص من الجواب على أسئلة النواب ,وعندها قام النائب فالل ) (K- Vallatوطلب من الوزارة أن تكون صريحة في
أجوبتها ,ولكن أبت الوزارة إل المراوغة والتلعب ,فلم يسع فالل إل أن يصرح أمام الجمعية الوطنية ) بأنه ليس بإمكان المجلس أن يثابر
على تحمل الوزارة المراوغة ,والتي يرأسها ليون بلوم اليهودي الدخيل الذي ل يهمه مصير البلد ,ول يربطه فيها أي رباط .ولذا يرى أن
ل ليصال الوطن إلى شاطئ المان ,طالما كان ل يؤمن بهذا الوطن وشعبه( .و من ثم طلب من رفاقه حجب الثقة عن ليون بلون ليس أه ً
الوزارة البلومية ,عند ذلك هب النواب اليهود و أنصارهم ,وهاجموا فالل بصورة قذرة وأسكتوه ,ومن ثم تابع المجلس مناقشة المواضيع
المدرجة في جدول أعماله ,وكان من بينها مشروع فرض ضريبة جديدة على صغار التجار والباعة ,تقدم به الوزير اليهودي بول رينو )
. (Paul Renaudفأعترض أحد النواب على المشروع وقال عنه إنه سيصيب الفقراء وحدهم بالكارثة ,بينما سيظل كبار أصحاب
العمال يثابرون على امتصاص دم الشعب ,دون أن تفرض عليهم من الضرائب ما يناسب مرابحهم .لن الحكومة تميل دائمًا إلى حمايتهم,
لنهم ينتسبون لنفس الفئة التي ينتسب إليها رئيس الوزراء و أكثر أعضاء وزارته .وأردف يقول ) :أيها السادة إن منحكم هذه الوزارة كل
هذه الصلحيات ,يعني أنكم تضعون الشعب الفرنسي الذي انتخبكم ,تحت رحمة رئيسها المنتسب لفئة معينة ل يربطها في هذا البلد رباط
سوى ما يمكنها من نهب أمواله .وهذه الفئة هي التي تتحكم في الجمهورية منذ إنشاءها.
ل ,ومنذل بهذا الشعب ,لقد غررتهم بنا طوي ً ومن ثم التفت إلى مقصورة الوزراء ووجه خطابه إليهم وقال :أما أنتم فكفاكم غشًا وتضلي ً
أجيال أنتم تزعمون أنكم منحتمونا الحرية والمساواة ,بينما في الواقع لم نحصل على شيء سوى العبودية والذل .كفى ,نحن ل نريد خوض
حروب أخرى لحسابكم ,ول ننشد إل العمل والسلم واسترداد حريتنا منكم((.
ولما انتهى من خطابه ,قام أحد نواب البروتون وحيا فرنسا ,وسقط اليهود واليهودية المجرمة ,وعند ذلك هاج النواب اليهود ,وقامت
قيامتهم على البروتوني .وانبرى له أحد نواب اليهود المدعو ماكس دارمي ) (Max Darmayوقال له :إن اليهود هم أكثر إخلصًا لهذا
البلد من البروتون ,وأكثر نفعًا لهذا الوطن من سواهم .فاشتبك النواب على إثر الحادث ,وتبادلوا الشتائم والسباب ,فتدخل الحرس بالمر.
ومع كل هذا أقر المشروع المقدم من قبل الحكومة ,ولم تؤخذ اعتراضات النواب بعين العتبار ,وكل ما حصلوا عليه لم يتعد الهانات
المشينة التي وجهت إليهم.
ل عندما نجح ليون بلون باستلم الحكم ,سارع اليهود إلى إقامة ل .فمث ً
واليهود في فرنسا ل يخفون شماتتهم بالشعب كلما وجدوا لذلك سبي ً
الزينات والفراح ,ورفعوا على واجهات محلتهم التجارية وفي الحياء التابعة لهم ,لفتات تحيي بلوم ,وتعّيش الشعب ,دون أن يذكروا من
هو الشعب الذي يعّيشوه .إذ كانت اللفتات تحمل جملة تعيش المة ) (Viva La Nationفقط ,وكانوا يقصدون منها المة اليهودية طبعًا.
ومع كل هذا ظل الشعب الفرنسي مستكينًا أمام اليهود ,لنهم أرهبوه وأذلوه بكل ما في هذه الكلمات من معنى الرهاب والذل.
53
من أبرز المتناقضات التي سادت فرنسا في القرن العشرين هو السكوت عن الجرائم التي يرتكبها اليهود مهما تعددت ومهما كانت بشعة
ويقابل هذا السكوت المعيب حيال الجرائم اليهودية ,التهويل والترعيب للمخالفات التي يرتكبها غيرهم من المواطنين .وللتدليل على غرابة
ما وصل إليه هذا التناقض ,نروي فيما يلي تفاصيل بعض الجرائم التي ارتكبها اليهود في فرنسا ,وما آلت إليه نتائجها.
اعتدت عائلة روتشيلد اليهودية على إحدى المؤسسات التجارية الفرنسية ,وانتزعت منها ملكيتها لمناجم النيكل التي اشتهرت فيما بعد
باسم مناجم روتشيلد إخوان .ولما يئست المؤسسة الفرنسية من استعادة مناجمها بالطرق السلمية ,قررت مقاضاة روتشيلد ,وأوفدت
رئيس إدارتها لمقابلة المحامي الشهير بوانكاره ) (R. Poincaréليفاوضه في شأن استلم وكالة المؤسسة صاحبة الدعوى ,ولما فاتح
مدير المؤسسة بوانكاره بالموضوع وأفهمه بأن المؤسسة على أتم استعداد لدفع أي تعويض يطلبه ,فوجئ برفض بوانكاره استلم
الدعوى .فلما أصر المفاوض على معرفة أسباب الرفض ,أجابه بوانكاره ,بأنه عين أول مرة في الوزارة الفرنسية بفضل إشارة صغيرة
صدرت عن روتشيلد ,وأنه يأمل اليوم أيضًا أن يعود إلى الوزارة مرة أخرى بإشارة مماثلة تصدر عنه ,ولهذا فهو يرفض الوكالة المقترحة
ويعمل مسبقًا بأن الدعوى خاسرة مهما كان لدى المؤسسة الفرنسية من الدلة والثباتات القاطعة بأن المناجم المختلف عليها هي ملكها.
فاضطرت المؤسسة إلى أن تعهد بأمرها لمحام آخر .ولكن النتيجة أسفرت عن انهزامها أمام القضاء وانتصار روتشيلد نهائيًا .رغم أن
أكثر أفراد الشعب الفرنسي كانوا يثقون بعدالة شكوى المؤسسة الفرنسية ,ومع هذا انتصر روتشيلد .وانتهى الموضوع دون أي ضجة.
وملفات الشرطة الفرنسية تزخر بقصص الجرائم اليهودية التي أوعز إليها بحفظها ,ومن هذه الجرائم جريمة مطعم ماكسيم الشهير )
(Chez Maximوتتلخص بأن الشرطة أبلغت بتعاطي كل من لويس ليون ) (Louis Léonاليهودي وزميله شابات )(Chabat
اليهودي أيضًا تجارة المخدرات في مطعم ماكسيم فداهم رجالها المطعم المذكور واعتقلوا الشخصين المذكورين بالجرم المشهود و مع
كميات كبيرة من المخدرات .وساقوهما إلى القضاء ,ولكن الشرطة فوجئت في اليوم التالي بالفراج عن المجرمين ,وصدور الوامر بحفظ
الملف الخاص بهما.كما أن الشرطة أمرت بحفظ الملف العائد للمجرم اليهودي آلبير أوري ) (Albert Uryوعصابته ,بعد أن اعتقلت
جميع أفراد العصابة ,بالجرم المشهود إذ كانوا يقومون بتهريب اليهود إلى فلسطين بصورة غير شرعية ,مع هذا أفرج عنهم جميعًا دون
أن يسمع أحد بالقضية من المواطنين.
وحفظ أيضًا ملف المجرم ليشانوفيكي ) (Leichanoveikiالذي اعتقلته الشرطة مع شقيقه بجرم إدخال اليهود إلى البلد وتأمين الهويات
المزورة لهم ,وإخفاء بعض مجرمي اليهود في منزلهما ,وأفرج عن الشقيقين رغم الثباتات التي قدمتها الشرطة.
ومن الجرائم اليهودية الشهيرة في فرنسا ,الجريمة التي كان بطلها الحاخام إسحاق ليفر ) (Issac Leiferحفيد حاخام نيويورك الكبر.
الذي كان يتردد على البلد الوربية وخاصة على فرنسا ,واشتهر عنه شراء الراضي لحساب الوكالة اليهودية في فلسطين ,وكان يشغل
بعد الحرب وظيفة رسول المجلس اليهودي العلى ,لدى الحاخاميات المختلفة في أوروبا .وبحجة هذه المهمة كان دائم السفر بين أوروبا
وأمريكا .وفي إحدى سفراته مع شريكه اليهودي كوتيير اشتبهت الشرطة بأمره وفتشت أمتعته التي كانت عبارة عن مجموعة ضخمة من
نسخ التلمود ,فوجدت ضمن الكتب مخابئ لمادة الهيروئين ,ولما أحصت الكمية تبين أنها بلغت ثمانية عشر كيلوغرامًا من هذه المادة
السامة ,فاعتقلتهما الشرطة ,ولدى التحقيق معهما اعترفا بأنهما أقدما عدة مرات على تهريب الهيروئين بهذه الطريقة .وإن المبالغ التي
ربحاها تجاوزت عدة مليين من الجنيهات ,وعلى الثر أحيل على القضاء ,ولكن القضاء أخلى سبيلهما حاًل .وحفظت إضبارة الجريمة,
وأرغمت الشرطة على السكوت التام.
أما الجرائم الخلقية التي ارتكبها اليهود في فرنسا فإحصاؤها مستحيل .والجريمة التي فاقت في بشاعتها كل جريمة سواها هي الجريمة
التي يرويها لنا السيد هيبس في كتابه الخير ,والتي يسرد تفاصيلها بما يلي:
يقول السيد هيبس صدر العدد المؤرخ في 1939\6\16من الجريدة الرسمية لبلدية باريس وهو يحمل في طياته قرارًا صادرًا عن رئاسة
بلدية نانسي ) (Nancyالواقعة على الحدود ,ينص مايلي :نظرًا لستفحال أمر ممارسة اللواط في المدينة ) هذه التجارة التي يتعاطاها
الغرباء الذين وفدوا إلى البلد على أثر تفاقم الوضع ما بيننا و الجارة اللمانية ( ولعجز السلطات عن وضع حد لهذا المرض المشين فقد
قررت البلدية تطبيق نظام البغاء النسائي الساري المفعول على هؤلء الغرباء .وإخضاعهم لنصوص هذا النظام تمامًا مثل النسوة
الخاضعات له .ومن ثم السماح لهم بتعاطي مهنتهم ضمن متطلبات النظام المذكور ,على أن تعمل الشرطة المحلية على اجتثاث جذور هذا
الداء الوبيل من البلد بأقصى سرعة ممكنة ...ولدى التحري عن المقصودين من هذا القرار تبين أنهم اليهود الذين أجلهم هتلر عن بلده
إثر إصداره قانون تحريم اللواط في البلد اللمانية ,ومعاقبة ممارسيه بأشد العقوبات فهرب اليهود من ألمانيا وأتوا إلى فرنسا ينشرون
هديتهم الجديدة للشعب الفرنسي المغلوب على أمره.
والجرائم السياسية التي ارتكبها اليهود في فرنسا إبان الحتلل اللماني كانت أشد هوًل على الشعب الفرنسي من كل ما سبقها من الجرائم.
وعلى سبيل المثال نذكر قصة اليهودي جوانوفيجي ) (Joinoviciالتي كشف الستار عنها بعد الحرب العالمية الثانية .و تتلخص بأن
ل من مواليد كيتشنييف ) (Kitchnefمن أعمال بساربيا ) (Bassarbieالتجأ إلى فرنسا عام ,1925ولما احتل جوانوفيجي هذا كان أص ً
اللمان باريس .تظاهر بالتطرف الوطني و انضم إلى المقاومة السرية ,واشتهر في صفوفها بالقدام والخلص ,حتى أسندت إليه رئاسة
إحدى حلقاتها .ولكن بعد الجلء اللماني ,تقدم أحد المواطنين إلى القضاء وطالب بالتحقيق مع جوانوفيجي بتهمة اغتياله أحد أولد
المواطف سكافا ) (Scaffaفاستلم القضاء الدعوى .كما أثيرت القصة في المجلس الوطني ,وتبنى تحريكها النائب لويس رولن )louis
(Rollinوطالب الحكومة بإجراء تحقيق دقيق في الموضوع .و معاقبة جوانوفيجي بأقصى شدة إن ثبتت التهمة عليه .وعلى أثر ذلك
توسع القضاء في التحقيق فتبين أن جوانوفيجي كان يعمل لدى اللمان طيلة أيام الحتلل كجاسوس تحت اسم مستعار هو إيفان )(Ivan
و أنه هرب إل ألمانيا آلف الطنان من الرصاص والنحاس التي كان يجلبها من المنطقة غير المحتلة .وأنه أثرى من هذا العمل حتى أصبح
يعتبر من كبار الثرياء .كما ثبت عليه تعامله مع الشرطة والغستابو ,وإخبار اللمان عن مخبأ بونيه ولفون ),(Bonnyet et laffont
والوشاية برهبان بروس مونتسو ) (Brosse Montecauالثمانية عشر الذين أعدمتهم السلطات اللمانية .وإيقاع سبعة عشر مقاومًا
في أيدي اللمان وإعدامهم في غابة مون مورانس ) .(Monmorencyومع كل هذه التهم الثابتة لم يحكم القضاء عليه إل بخمسة أعوام.
ل قوميًا رغم أنفومن ثم أفرج عنه بعد سنتين من اعتقاله .وأعيد إليه اعتباره ,فأقام اليهود له الحفلت والفراح وأشهروه بصفته بط ً
الشعب الفرنسي .في الوقت الذي كان القضاء الفرنسي ل يتورع فيه عن إعدام أي فرنسي بتهمة ل تبلغ جزءًا من مئة مما اتهم به جوانو
اليهودي .وكم من فرنسي أعدم فقط لتعاطيه التجارة العلنية مع سلطات الحتلل ,وكم من امرأة أهينت واعتدي عليها ,ومن ثم أعدمت
بمجرد كونها شوهدت أيام الحتلل مع أحد الضباط اللمان.
54
وإزاء كل هذه الجرائم اليهودية كانت الصحافة دائمًا وأبدًا ساكتة وكأنها ل ترى ول تعي ,أما عندما تقع جريمة غير يهودية فإن الصحافة
تسارع إلى إعطاء أدق التفاصيل عنها وعن مرتكبها و تهول بفظاعتها ,ولكي توهم الشعب أنها تهتم بأمنه وسلمته ,أما إذا كان بطل
الجريمة من الشعب المختار فإنها تقف في صفه مثلما حدث في قصة دريفوس الخائن الذي ساهمت %90من القلم اليهودية
والماسونية في الدفاع عنه والتشنيع بمن اكتشفوا أمره حتى أن إميل زول لم يتورع في المساهمة في الدفاع عن الضابط الخائن ,وهكذا
انطلقت البواق اليهودية تزلزل الرض و من عليها إلى أن تمكنت من إنقاذ دريفوس الحقير ,وإعادة العتبار له .لن الرأسمالية اليهودية
وأنصارها كانت خلفه كما هي دائمًا وراء كل ما يعود على اليهود واليهودية بالخير والمنفعة
في أعقاب الحرب العالمية الولى ,استفحل النفوذ اليهودي في فرنسا ,واضطرت الصحف الحرة إلى توجيه النتقادات المرة لليهود و
تطالب الحكومة بالحد من نشاطات مؤسساتهم وشطط أفرادهم .فجزعت المحافل الماسونية واليهودية ,من مسلك هذه الصحف,ولهجة
كتابها الحرار.
و أوعزت للصحافة المهودة بأن ترد عليها قبل فوات الوان ,فسارعت هذه إلى مطالبة الحكومة بوضع حد لحملت الصحافة الحرة التي
لقبتها بالصحافة النازية الهدامة ,وإحداث قوانين رادعة تحرم النيل من القليات الوطنية ضنًا بوحدة المة ,وصونًا للمصلحة الوطنية,
وليت هذا الصراع الصحفي ظل محليًا ,ولكنه سرى إلى الصحافة اليهودية في الدول المجاورة ,فراحت تحرض الدولة الفرنسية على ضرب
الصحافة الفرنسية الحرة ,وتطالبها بوقف الحملت التي تسميها بالظالمة على الشعب اليهودي ,وخاصة عندما شكل اليهودي ليون بلوم
الوزارة الفرنسية ,إذ هبت الصحافة اليهودية في أوربا تطالبه وتلح عليه بأن يسكت الصحافة المناوئة لليهود ,وكانت أشدها إلحاحًا,
المجلة السبوعية التي تصدر في لندن باللغة اليديشية ) (Yiddishفكتبت تقول )) :إن على السيد ليون بلوم أن يصدر قانونًا صارمًا
يقطع دابر الصحافة اللسامية في فرنسا((.
ولكن ليون بلوم لم يجرؤ على تلبية رغباتها ,أو بالحرى فضل سلوك طريقة أخرى وجدها أكثر فعالية ,وأقل إلفاتًا للنظار وهي العتماد
على حزبه الذي كان يسيطر عليه تمامًا ,ويسيره حسب مفاهيم البروتوكولت الصهيونية ,وخاصة مفاهيم الفقرات 7-6-5-4-3-2من
البروتوكول الول .فأوعز إلى أفراده بالتصدي لصحاب الصحف الحرة ,فكان له ما أراد ,وقامت المشاحنات بين أعضاء حزبه والمناوئين
لليهود ,فاستغل بلوم ظروف الحكم ,وضرب بعض أخصام اليهود ,بحجة مناوئتهم للحزب الحاكم ,وأبعد البعض الخر عن البلد ,بنفس
الحجة ,واستتب له المر ,ولكن الصحافة اليهودية ثابرت على مطالبتها لصدار القوانين الرادعة ,حتى استلم الماسوني دولديه الحكم عام
1939فلم يطل المر .فأصدرت الحكومة الجديدة في 21نسيان سنة 1939قرارها المشؤوم الذي أذاعه على المة الفرنسية اليهودي
يربعام مانديل ) (Jéroboam Mandelأمين عام رئاسة مجلس الوزراء وكان هذا القرار ينص على تغريم كل من يعتدي على أحد
اليهود بعشرة آلف فرنك وسجنه سنة كاملة .وذلك خلفًا للقانون الفرنسي الذي كان ينص على من يعتدي على أحد المواطنين ) دون
تمييز( بألفي فرنك وسجنه ستة أشهر فقط .ولكن دولديه ضرب بالقانون الفرنسي عرض الحائط -وأصدر قراره الذي اعتبر اليهودي
الواحد مساوية لخمسة من الفرنسيين من الوجهة الدبية و المادية .وهكذا اعترفت الحكومة الفرنسية بموجب وثيقة رسمية تفوق اليهود
على أهل البلد ماديًا ومعنويًا.
فهللت الصحافة اليهودية لهذا القرار وباركت الحكومة التي أصدرته فكتب اليهودي دوكيريللس ) (Dekerillisفي صحيفة العصر La
ل أساسيًا في الحد من Epoqueيمتدح هذا القرار ويقول :أخيرًا أصدرت الحكومة الحالية الرشيدة هذه القرار الحكيم الذي سيكون عام ً
نشاط دعاة العنصرية والتفرقة ,ولقد أوضحنا مرارًا أن هذه المقالت التي تنضح بالعنصرية المتطرفة و التي تزين صدور بعض الصحف
من حين لخر ليست سوى مقالت مأجورة وهي تنهج في أسلوبها نهج كوبلز القذر ) (Dr. Gobbelzداعية ألمانيا الول .ثم قالت فليعلم
أصحاب هذه الصحف المأجورة وأسيادهم ,أننا أقوياء ,والعالم بأجمعه يعترف بقوتنا .والدول الديمقراطية تسير في ركابنا ,وتعمل
لمصلحتنا ,وإذا قدر لفرنسا أن تنحاز للمعسكر المعادي لنا ,فستجد نفسها معزولة عن العالم ,ولن يكون مصيرها إل النهيار تحت أقدام
الجيوش اللمانية ,دون أن ينتصر لها أحد ,ولذا نقول لمن يشتموننا وأسيادهم ,أننا ل نأبه بهم ,فسيان عندنا إن صادقونا أو كرهونا.
ولقد استاء السيد بللو بواكس صاحب جريدة فرنسا المقيدة ) (La France Enchainéeمن فحوى المقال اليهودي دوكيريللس ورد
عليه بما كان يستحقه ,ودعاه إلى التحلي بالدب والكياسة عمد بحثه عن الشعب الذي آواه وأطعمه يوم دخل البلد فقيرًا معدمًا .وبدًل من
أن يرتدع دوكيريللس عن مهاتراته الصحفية ثابر عليها ,ومن الناحية الثانية أقام دعوى بحق صاحب جريدة فرنسا المقيدة ,فأصدرت
المحكمة حكمها الجائر بحق السيد بللو بواكس بموجب قرار دولديه ,وأغلقت صحيفته لمجرد وصفها دوكيريللس بالذي دخل البلد معدمًا
فقيرًا ,في الوقت الذي كانت الصحافة المهودة فيه ,ل تتورع عن توجيه أقذر الشتائم والسباب للشعب الفرنسي و معتقداته ,دون رادع أو
حرج ,فعلى سبيل المثال يذكر لنا السيد هيبس في مؤلفه ) الكتاب المقدس الحديث( ما كتبته صحيفة اليهودي ليون بلوم المسماة بالصحيفة
الشعبية ) (la populaireبمناسبة احتفال المسيحيين بعيد المرفع ,التي قالت ساخرة :إن من المضحك حقُا أن نرى في القرن العشرين
ل ريشته البيضاء, أناسًا مازالوا يعتقدون بعد كل هذا الزمن الطويل أن المسيح ما زال يقوم كل سنة من مرقده ,لبسًا قفطانه البيض ,وحام ً
ليصعد إلى السماء ,وكأنني بهؤلء البلهاء يرومون إيهام الناس بصدق خرافتهم البالية ,التي لم تعد تنطلي على أحد ,أما آن لهم أن
يريحوننا منها؟
ومع كل ما يحويه المقال اليهودي من سخرية مؤلمة للفرنسيين لم يعترضه أحد .وهو ليس الوحيد من هذا القبيل ,إذ كان للصحافة
اليهودية جولت موفقة عديدة في هذا المضمار وكانت الحكومات المهودة التي تعاقبت على الحكم ,ل ترى غضاضة فيها ,وكان الشعب
المستكين يبتلعها صابرًا ,خشية نقمة اليهود والسلطات الحاكمة التي كانت تساندهم.
وعندما يجسر أحد الفرنسيين بالرد على اليهود ,أو مهاجمتهم ,أو انتقاد الحكومة لمساندتها إياهم ,والسير في ركابهم كانت تقوم الدنيا
وتقعد ,وتزلزل الرض على رأس المتجاسر ,وتسارع الصحافة اليهودية ومن ورائها الحكومة لسكاته و تدميره أبديًا .مثلما حدث للسيد
55
بللو بواكس الذي تجرأ على إعلن رأيه في الحكومة الفرنسية التي كانت تحكم البلد قبل الحرب الخيرة ,والتي وقعت تدافع عن اليهود
ضد هتلر ,وتجازف بالمصير الفرنسي في سبيلهم ,فكتب في صحيفته فرنسا المقيدة 12كانون الول 1939يقول:
)) مالنا وللناس؟ ولم نتدخل فيما ل يعنينا؟ أليس الجدر بنا أن نهتم بشؤوننا الخاصة ,وأن ننقذ بلدنا من النحلل واللأخلقية التي غرق
في بحرها؟ أليس الولى بنا أن ننشل شعبنا من الفساد الذي غرق فيه حتى الذقون؟ أل نرى بأم أعيننا كيف يتآمر على بلدنا ومدخراته
أنصار ستافيسكي ) (Staveskiوناتان ) (Nathanخريجي الحي اليهودي ,ومن ينهج نهجهم من وزرائنا القابعين في المواخير
اليهودية؟ إلى متى سنظل تحت رحمة اليهود الحاقدين أمثال مانديل .وإلى متي سيظل شبابنا تحت إشراف اليهود أمثال جان زاي الذي
تفاخر بإذلل علمنا .وأهدر كرامتنا القومية .أما آن للشعب الفرنسي أن يبرأ من علة فقدان الذاكرة ,ويستيقظ من كبوته التي طال أمدها
وينفض الغبار عنه غبار الخضوع والخنوع ,ليرى بوضوح ما صنع اليهود به ؟ إن فقدان الذاكرة الذي أصاب الشعب الفرنسي أفقدنا كل
ل هكذا ل يدرك ول يفقه ما يدور حوله ,وطالما أفراده ل يحاولون مجابهة الواقع إل باللمبالة أمل في النجاة ,وطالما ظل الشعب غاف ً
والستكانة ,فمصيرنا هو الفناء دون شك ,وعلى الخص على أيدي ساستنا الجبناء المخدوعين الذين يقودون هذا الشعب المسلوب الرادة
إلى حتفه دون وازع من ضمير أو رادع من تفكير .لقد جعل اليهود من هذا الشعب قطيعًا من الحيوانات البهيمة التي ل هم لها إل الحصول
على حاجتها الحيوانية البدنية .ولم يعد فيه رجل واحد يشعر بالرجولة والشهامة حتى في الوقات الحرجة التي وصل فيها الوطن فيها إلى
حافة الهاوية ,فيا ويل فرنسا من نكبتها هذه(( .
ولما صدرت الصحيفة بهذه المقالة سارعت السلطات إلى مصادرة أعدادها,و إغلق إدارتها ,وسحب رخصتها ,ومن ثم اعتقلت صاحبها
وحكم عليه بالسجن لمدة عامين ,وبإلغاء رخصته إلى البد ,وكان هذا الجر ,نصيب كل من يجرؤ على التصدي لليهود ,وهذا السلوب
الوحشي في قمع الحركات المناوئة لليهود أرهب الشعب الفرنسي وأرغمه على الستكانة ,فخضع دون احتجاج أو تذمر ,حتى غدا وكأنه
عبد خلق لخدمة اليهود ,ومما يحز في النفس ,هو أن يرى النسان ما وصل إليه اليهود في فرنسا من السيطرة والنفوذ ,بعد الحرب الكونية
الثانية ,ولقد توسعت سلطتهم بعد الكارثة ,بفضل تغلغلهم في قيادات الجيش الفرنسي الحر الذي تكون في إنجلترا والمستعمرات .حتى إن
أكثر ضباط الركان كانوا من اليهود والماسون ,الذين انتسبوا للجيش الفرنسي أيام محنته ,وعندما كان بحاجة لي فرد ,ولما انهارت
ألمانيا ,وانسحبت من فرنسا ,وعاد إليها جيشها الحر هلل الشعب الفرنسي وكبر ,ولكنه سرعان ما ندم ,إذ تبين له أن أبناءه في صفوف
هذا الجيش كانوا أضعف من أن يحموه من طغيان بعض اليهود الذين كانوا يتقلدون فيه أكبر القيادات والمراكز .ولما استتب المر للعائدين
جنح اليهود إلى إبعاد كل ضابط فرنسي أصيل من صفوف الجيش ,وكل من توسموا فيه الخطر عليهم .وبهذا السلوب سيطروا على هذا
الجيش العريق الذي كان يومًا سياج الشعب الفرنسي ومدار فخره ,وبعد أن تمت لهم السيطرة العسكرية في البلد أصبح الجيش الفرنسي
وكأنه جيش مهود ,من جراء العدد الهائل من ضباط اليهود الذين كانوا يسيرونه ,وفي عام 1953قيل أنه كان يحوي أكثر من ستة آلف
ضابط يهودي من الضباط العوان عدا الضباط المراء والقادة.
ويقول السيد هيبس إن عدد الضباط اليهود برتبة فريق كان يفوق الربعين ,ويعدد أسماؤهم ونحن نكتفي بدورنا بتدوين بعض هذه السماء
بغية التذكير ,وهم الجنرال بوريس ) (Borisوالجنرال سبيتز ) (Spitzوالجنرال بلوك ) (Blochو الجنرال أوبرمان )(Oppermann
والجنرال ) (Altmayerالجنرال هيرش ) (Hirshفلما رأى الشعب الفرنسي أن اليهود أخضعوا الجيش لرادتهم ثبطت عزيمته ,ولم يعد
أحد من أبنائه يفكر بإنقاذه من براثنهم وعلى الخص بعد أن رأى الجميع ما حل بالكاتب الكبير فيرديناد سيلين ) (Dr. F. Celineالذي
غامر بحياته وتصدى لليهود فكتب يقول :لو قدر لي أن أصبح يومًا حاكمًا على فرنسا لرأى الناس أشياء غريبة في إبان حكمي ,لنني أعلم
الناس بحاجات بلدي .إن الشعب الفرنسي ليس بحاجة لثورة أو عشرات الثورات بقد ما هو بحاجة ملحة للستمتاع بنعمة الهدوء
والستقرار ومزية الستماع وإدراك ما يدور حوله ,والقلع عن إدمان الخمر و العودة لشرب الماء القراح ,ليتقيأ الكحول التي داوم على
تعاطيها منذ فجر عام ,1793هذه الكحول التي شلت تفكيره وقضت على وعيه وهدت جسمه .عندئذ فقط يصبح الشعب قادرًا على استيعاب
ما يوجه إليه من الهانات ,وإدراك ما يسامه من الذل و العبودية ,كتسميتهم إياه بالشعب المخمور غير الواعي ,وتسخيرهم إياه لتحقيق
مصالح الغرباء عنه .عندها فقط سيرى الناس كيف سينهض شعبي من كبوته ويعود شعبًا جبارًا عظيمَا مثلما كان قبل أن يبتلى بطغمة عام
,1793أما إذا ظل على ما هو عليه يتعاطى الخمور التي تفتك بجسمه وعقله ,وإذا لم ينفض من دماغه الجراثيم التي أدخلها الماسون
واليهود فيه ويتخلص من سحرهم ,فلن يكون له بعد اليوم مكان بين الشعوب والمم .وسيظل يسبح في بحر القذارة اليهودية إلى ما لنهاية
,يحق لنا أن نتساءل عمن سيكون في النهاية أقذر من الخر .وهل سيظل اليهود على شهرتهم في القذارة أن الشعب الفرنسي الذي سمي
زورًا وبهتانًا بالشعب المتحضر هو الذي سيثبت أنه أكثر قذارة من اليهود .ويقيني أن التفريق بينهما سيكون من المور المستحيلة.
ولما صدر مقاله هذا قامت السلطة باعتقاله والستيلء على ممتلكاته .وحوكم بتهمة مناهضة الرأسمالية القومية ,اليهودية ,وحكم عليه
بالسجن لمدة خمسة أعوام والنفي عن وطنه ,والتجريد من حقوقه المدنية ,وهذا الظلم الذي أصاب السيد سيلين ,أرهب أعداء اليهود ,وكم
أفواههم إلى البد ,فاستتب المر لليهود في طول البلد وعرضها ,بينما أصبح الفرنسي الذي ثار قبل مئة وسبعين عامًا في سبيل استعادة
ل لليهود الدخلء على وطنه ,ولم يعد يملك من سيادته القومية إل اسمها ,وغدا مستخدمًا عندهم ل حول له ول حريته المسلوبة ,عبدًا ذلي ً
قوة بعد أن كان يطاب بمساواتهم مع الملوك والمراء ,وإذ به يقف بعد مضي أكثر من قرن ونصف على ثورته على أبواب اليهود الذين
غرروا به ودفعوه إلى الثورة على أباطرة بلده يلتمس العون منهم ,بعد أن منحهم الحرية والمساواة وأطلق أيديهم في سلب خيرات بلده
وسخر نفسه للدفاع عنهم ,حتى أوصلهم إلى أوج السلطة النفوذ ,ليسلبوه حريته ويفقروا بلده ,ويستبيحوا دمائه على مذبح أغراضهم
الدنيئة ويخرجوه عن مثله ومعتقداته ,ويحرموه من كل ما كان يملكه قبل أن يخدعوه ويسيروه في ركاب مطامعهم الخاصة.
وهكذا فقد الفرنسي كل شيء بعد تلك الثورة التي سفك دماءه في سبيل إنجاحها ,واحتل اليهودي مكانه في كل شيء ,وكأنه المواطن
الصيل .والقلم الماسونية و المأجورة هي التي قلبت هذه الحقائق إلى خيالت وأوهام ,وأوهمت العالم بأنه هذه الثورة كانت فرنسية مئة
بالمئة وأنها أورثت الشعب الفرنسي الحرية والمساواة وأغرقته في الخير والبركات ,وأضفت على أبطالها ومبادئها آيات العجاب والثناء,
فانطلت أكاذيبها على الفرنسيين قبل سواهم ومن ثم على العالم أجمع ,وذلك بفضل إصرار الماسون على ترديد المناقب الباطلة التي
أضفوها على الثورة وأبطالها بينما في الحقيقة لم تكن الثورة إل ثورة يهودية ,ولم يستفد منها الشعب الفرنسي في شيء ,اللهم إل الذل
والعار ,وسفك الدماء الغزيرة لتحقيق الغراض اليهودية ,ولم تسفر إل عن شر مستطير للفرنسيين ,ومن هنا أطلقنا عليها اسم الفرية
اليهودية الكبرى بدًل من تسميتها الرسمية ) الثورة الفرنسية الكبرى(
ومما يحز في النفس ,هو أن نجد اليوم بين مثقفي البلد العربية من يعتقد بأن هذه الثورة ,كانت ثورة تحررية قامت في سبيل إسعاد
شعبها ,ويتصورها قومية فرنسية أصيلة ,ويبارك أبطالها وكأنهم كانوا رجال تضحية وفداء في سبيل أمتهم وبلدهم ,ويتخيل أن بإمكاننا
56
أن نعتمد على مساعد أحفاد أبطال تلك الثورة ,لحل قضايانا التحررية والقومية ,باعتبار أنهم من نسل رواد الحرية والمساواة ,وكأنني
بهؤلء ل يعلمون أن الشعب الفرنسي النبيل الذي أسال دمائه بغية استرداد حقه في الحياة الحرة الكريمة ,فقد كل ما كان يملكه من الحرية
غداة ثورته وفقد معها زمام أمره ,وأصبح يخضع لمن غرروا به ,وغدا مطية سهلة لغراضهم ,ولم يعد بإمكانه الخروج على إرادتهم,
وهؤلء السادة الذين يتحكمون بمقدرات فرنسا منذ أكثر من قرن ونصف ليسوا سوى اليهود الذين يحاربوننا بكل ما أوتوه من قوة ,فلن
يسمحوا للشعب الفرنسي بمديد العون لنا أو لسوانا ,إل إذا كان هذا العون في صالحهم ,فالشعب الفرنسي نفسه يتلهف ليرى اليوم الذي
يتحرر فيه من السيطرة اليهودية ,والمخلصون من أفراده يبتهلون إلى ال أن يمكننا نحن العرب من اليهود .لننقذهم من نيرهم ,فما بال
بعض الساسة يتعامون عن الحقيقة ,ويأملون العون من فرنسا المغلوبة على أمرها ,وإلى هؤلء أقول اتركوها وشأنها ,لتلعق جراحاتها
العميقة ,وانبذوا الوهام ,واعتمدوا فقط على السواعد السمر لسترداد حقنا ,وإنقاذ العالم من شرور أحفاد جدعون ودبورة .
اليهود في روسيا
على إثر انقراض الدويلة اليهودية في القرن السادس قبل الميلد ,وجل نخبة أهلها إلى بابل ,شرد اليهود في القطار المجاورة لفلسطين,
وعندما قامت الدولة الفارسية التي احتلت مكان آشور وبابل في الشرق ,انتشر اليهود في البلد التي خضعت لحكم فارس ,ولما خيم ظل
اليونان على ربوع الشرق ومنح اليهود بعض المتيازات ,توسعوا في انتشارهم نحو الشمال واستوطنوا في البلد التي كانت تخضع للدولة
الجديدة ,وفي ظل روما التي حكمت العالم القديم أصبح لهم في كل بلد جالية ذات كيان خاص ,تخضع في شؤونها الدينية والدنيوية,
للمجلس الكهنوتي العلى الذي اعترفت روما بسلطته التامة على جميع الجاليات اليهودية في إمبراطوريتها الواسعة ,فاستغل المجلس هذه
المنحة الرومانية ,وانهمك في تنظيم شؤون جالياته ,وإحداث سبل الترابط والتصال بينها ,ولما حقق هذه الغراض ,وأيقن من ولء
اليهود له في كل بلد ,أصدر إليهم المر بوجوب المباشرة في التبشير لشريعتهم ,والعمل على إدخال أكبر عدد ممكن من الناس في
الموسوية ,وكادت اليهودية أن تنجح في مختلف أقطار المبراطورية ,لول أن ظهرت المسيحية في الوقت المناسب لتقف في طريقها,
فاحتدم الصراع بينهما ,إلى أن انتصرت المسيحية في النهاية ,وانطوت اليهودية على نفسها ,بانتظار الفرص الملئمة ,لتعود إلى صراعها
مع النصرانية من جديد ,وبغية تحقيق هذا الهدف ظلت تراقب بيقظة و انتباه ما يدور حولها.
ولما ظهر السلم ) في النصف الثاني من القرن السادس( وانهمكت المسيحية في محاربته ,استفاد اليهود من هذا الظرف ,وعمد مجلسهم
العلى إلى توجيههم وجهة جديدة ,وهي أن يتسللوا إلى المناطق التي كانت بعيدة عن النفوذ المسيحي ,ليعملوا فيها على تهويد أهلها,
لتصبح لهم في المستقبل مركز النطلق لمحاربة المسيحية والسلم معًا ,فبادر اليهود لتنفيذ مخططهم الجديد ,فزحف يهود اليونان
وأوروبا الوسطى إلى المناطق السلفية الشرقية التي كانت على الفطرة واللحاد ,بينما تسلل يهود فارس وبابل إلى البلد الواقعة على
سواحل بحري الخزر والسود ,والتحقوا بجاليتهم التي سبق أن أجلتها فارس إلى بلد الخزر في أعقاب ثورة أريحا و الليفانتين ,فبدأ
الجميع بالتبشير والدعوة لمذهبهم حيثما حلوا ,ويبدوا أن حظ من استوطن منهم بلد الخزر كان أحسن من حظ الخرين ,فتمكنوا بالتعاون
مع من سبقوهم إليها ,بتهويد كافة القبائل التي كانت تقطن ما بين نهري الفولغا ودينيبر ,وأصبحت المنطقة برمتها يهودية قبل القرن
التاسع الميلدي .وفي منتصف القرن التاسع تمكن أحد أمراء الخزر المهودين المدعو بولون ) (Boulonمن فرض سيطرته على جميع
القبائل الخزرية وأعلن نفسه ملكًا عليها ومن ثم سمى منطقة نفوذه بمملكة الخزر اليهودية ,وباشر بالتوسع على حساب المناطق
المجاورة ,وكان يفرض الشريعة الموسوية على أتباعه بالقوة ,وهذه المملكة كانت أول دولة تقوم في البلد الروسية ,التي كانت حتى ذاك
التاريخ تعيش حياة القبلية والبداوة ,وقيام هذه المملكة اليهودية أحيا آمال اليهود في تهويد روسيا بكاملها واستخدام شعوبها في صراعها
المرتقب مع النصرانية والسلم.
ولكن شاءت القدار أن يستيقظ بعد أمراء الروس وينزعوا إلى تقليد البلد الغربية ,فقام المير السكندونافي رودريك )Vilkig
(Rudrikبتأسيس أول إمارة روسية واتخذ لها مدينة نوفوكورد ) (Novogorodمركزًا رئيسيًا ليشرف منها على المناطق التابعة
لمارته.وحذا المراء الخرون حذوا رودريك ,فقام في كييف المارة الروسية الثانية تحت زعامة المير أوليك ) (Olegالذي اشتهر في
التاريخ بعقد أو محالفة مع بيزنطا في آواخر القرن العاشر بعد الميلد.
وهذه التطورات حدثت في البلد السلفية ,أرعبت اليهود الذين كانوا يعللون أنفسهم بتهويد الروس وضمهم إلى مملكة الخزر اليهودية قبل
أن تمتد يد النصرانية إليهم ,ولكن قيام المارات المنظمة التي أخرجت الروس من عيش البداوة و الفوضى ,واقتراب أوليك من بيزنطا
الخاضعة للكنيسة الشرقية التي كان اليهود يعتبرونها أشد خطرًا عليهم من الكنيسة الغربية ,أطارت صوابهم ,فقرروا الكيد لهذه المارات
الروسية الناشئة,والطاحة بها قبل أن يستفحل أمره ,أو أن تنضم تحت نفوذ عدوتهم الكنيسة الشرقية ,ولكن مشاريعهم باءت بالفشل طيلة
حياة المير أوليك صديق بيزنطا الذي كان يحتقر اليهود ويبعدهم عن محيطه.
ولما توفي أوليك ,وخلفه إمارة كييف ) (Kievالمير الشاب إيغور ) (Igorتوصل اليهود إلى التغرير به ,وأطمعوه في ثروات بيزنطا التي
كانت مشهورة آنذاك بغناها الخيالي ,وانجرف إيغور في تيار الضاليل اليهودية ,وصمم على غزو بيزنطا وإخضاعها لسلطانه ,فأمر ببناء
أسطول بحري ضخم وجهزه بكل السلحة التي كانت سائدة آنذاك وأبحر في مستهل عام 922قاصدًا القسطنطينية ,ولما وصل إليها
وحاصر مداخلها البحرية تخيل نفسه أنه من النصر قاب قوسين أو أدنى ,ولكن الروم الذين كانوا على علم بما كان إيغور يبيته لهم ,تركوا
أسطوله يقترب من الساحل وفاجئوه بالنيران اليونانية ) (Feu Grégeoiseودمروا أسطوله فعاد يجر أذيال الخيبة ,وبعد ثلثة أعوام
ل ,ولكنه عجز عن فتحها ,فرضي بأن يتفق مع الدولة البيزنطية على ضريبة مقطوعة ليكف عن أعاد الكرة وحاصر القسطنطينية طوي ً
حصارها ,ولما قتل إيغور في إحدى معاركه مع قبائل دريفلياني ) (Drevlianéخلفته المارة زوجته الميرة أولغا )(Olga- ou Elga
السكندونافية وكانت ذات همة و حمية فأقسمت أن تنتقم لزوجها ,فقامت تطارد القبائل المجاورة لمارتها حتى أخضعتها لرادتها,
فتوسعت إمارتها وقويت شوكتها ,فاستتب لها المر ,فسارعت بيزنطا لخطب ودها ,وعقدت معها حلفًا عسكريًا أسفر عن دخول النصرانية
إلى إمارتها ,ففقد اليهود بذلك نفوذهم في المنطقة ,واحتاروا في أمرهم ,ولكنهم اعتصموا بالصبر بانتظار الظروف ,وفي عام 1157توفي
المير جورج وخلفه المير أندريه ) (Andréالذي كان نصرانيًا متعصبًا .بنى مدينة فلديمير ) (Vladmirو أكثر فيها المعابد والكنائس
واتخذها لنفسه عاصمة دائمة ,ومن ثم شرع في طرد اليهود من منطقته ,ويظن أنه هو الذي قضى على دول الخزر اليهودية ,وإن كان
التاريخ الرسمي ل يذكر شيئًا عن محاربته للخزر ولكن الوثيقة التي عثر عليها في القرن السادس عشر والتي تبحث عن انهيار الدولة
57
الخزرية تشير إلى أن المير الروسي الذي قضى على الدولة الخزرية كان من أمراء القرن الحادي عشر .ومن فحوى هذه الوثيقة
المحفوظة حاليًا في المتحف الروسي ,يعتقد النقاد بأن المير المشار إليه هو أندريه نفسه .كما أن بعض مؤرخي التاريخ يعتقدون أن أولغا
هي التي قضت على دولة الخزر .وهم يعتمدون في قولهم هذا على ما اشتهرت به أولغا من شدة البأس ,والتعلق في الكنيسة
الرثوذكسية .و على كل حال كان لقضاء الروس على الدويلة الخزرية ,أكبر الثر في نفوس اليهود ,فحطمت آمالهم ,وعلى الخص بعد
أن انتشرت المسيحية في روسيا على يد المير أندريه .فاغتاظ اليهود من هذا المير الذي قضى على أحلمهم فقرروا اغتياله .وفي إحدى
الليالي قام اليهودي الخزري أفرام مونزيك ) (Efrem Monzingو زميله اليهودي أيضًا المدعو آنبال ) (Anbalعلى رأس عصبة من
الخدم والحشم وداهموا قصر المير أندريه وقتلوه في مخدعه .ومن ثم ألقوا جثته من على شرفة القصر ,وأعلنوا حكمهم على عاصمة
إمارته ,وقتلوا كل من كان يناصر المير ,ومنعوا الهلين من مواكبة جنازته والصلة عليها.
ولما علم أخوه المير فسيفالد ) (Vsévaladبمقتل أندريه سارع إلى مدينة فلدمير ,وحاصرها ,ولما دخلها قضى على المتمردين ومن
ساعدهم من اليهود ,وأعاد المياه إلى مجاريها ,وعلى إثر هذه الحادثة أصبح الشعب الروسي ينظر إلى اليهود نظرة شك واحتقار ,فتحول
اليهود إلى العمل خفية للثأر من الروس ,واتخذوا التجارة مع البلد الواقعة في شرق المارات الروسية ) ,أي مع القبائل التترية و
المغولية ( وسيلة للوصول إلى النيل من الشعب الروسي ,وكانوا يعتمدون في تحقيق هذا الغرض على ما كان لهم من العلقات القديمة مع
تلك القبائل عن طريق دولة الخزر التي أبادها الروس والتي كانت لها اتصالت وثيقة مع الشرق .فصار اليهود يترددون على القبائل
المغولية ,فتوثقت علقاتهم معها بصورة جدية ,وفكروا باستثمارها لمصالحهم الخاصة ,وبدأوا يحرضون المغول على اجتياح البلد
الروسية الغنية ,ولما ظهر جنكيزخان الجبار في القرن الثالث عشر على مسرح التاريخ ,أيقن اليهود بقرب يوم الثأر من الروس ,وازداد
نشاطهم في إلفات أنظار جنكيزخان نحو التخوم الغربية .وأخيرًا تمكنوا من تحقيق مآربهم عد يد المير باتي ) (Batyiالمغولي الذي غزا
البلد الروسية عام ,1236وقضى على المارات الروسية ,وأخضع البلد برمتها إلى سيطرة جنكيزخان ,وهكذا رد اليهود الصفعة إلى
الروس الذين كانوا في طريق تكوين وحدتهم وإقامة كيانهم القومي .وتذكر بعد المصادر التاريخية أن اليهود حصلوا من المغول أو التتر
على ميزات عديدة لما كان بينهم من الصداقات ,ولوجود بعض المهودين في صفوف الغزاة .فصار اليهود يدعون الروس علنًا لدخول
مذهبهم ,ويناوؤون الكنيسة الرثوذكسية بشراسة ظاهرة .ولكن كل ذلك لم يمنع الرثوذكسية من النتشار ,حتى عمت البلد ,كما أن
القومية الروسية بدأت بالتبلور ,ومع الزمن ,قام النزاع مجددًا بين الروس والغزاة ,وتشكلت في المناطق بعض المارات الروسية من
جديد .وبدأ ظل التتار بالتقلص حتى أزيل نهائيًا عن الربوع الروسية ,وقامت فيها دويلت محلية ,ثم أصبحت إمبراطورية واسعة الرجاء,
بعد أن توحدت جمهوريات الشمال ) (La Républiques Du Nordمع المارة الموسكوفية ) (La Moscovieعلى يد الجمعية
الوطنية ) ,(Velikyi Zemskyi Soborالتي أقرت توحيد البلد ,وقيام القيصرية تحت زعامة ميشيل رومانوف عل 11حزيران عام
1613و عند ذلك فقد اليهود نهائيًا أملهم في تهويد الروس وإذللهم .ولكن شاءت الظروف أن تنتصر اليهودية في الغرب ,بعد أحداث
كرومويل في إنجلترا و قيام الثورة الفرنسية ,وانتشار المحافل الماسونية في أكثر القطار الوربية ,وانطلق جيوش حليفهم نابليون في
أوربا .فعادت الحلم الذهبية تراود اليهود من جديد .وعلى الخص بعد اغتيال الملك بول ) (Paulعام ,1801استلم اسكندر زمام المور
في البلد ,فبادر اليهود إلى توسيع نشاطهم اعتمادًا على سفارات الدول الغربية التي كانت تساعدهم على الكيد للروس ,ومن ثم أم ً
ل
بالمساعدة التي كانوا ينتظرونها من القيصر الجديد الذي كانت تربطه صداقة وطيدة باليهود منذ طفولته إذ كان من تلمذة اليهودي
السويسري لوهارب ) (Le Harpeولكن عندما توضحت للسكندر المور ,وتيقن من اشتراك اليهود في اغتيال والده بول ,ولحظ ما كان
اليهود وأنصارهم يرمون إليه من وراء دعايتهم التحررية ,وما قاموا به من مناصرة نابليون عام ) 1814إبان احتلل هذا الخير
لروسيا( .شعر بخطرهم وقرر أن يتخلص منهم بصهرهم في البوتقة الروسية .فأصدر أمره بمنحهم الراضي الزراعية ,وقبول أطفالهم في
ل في شؤونهم الدينية ورفضوها برمتها. المدارس الروسية ,وإرغامهم على ارتداء الملبس العادية ,فاعتبر اليهود أوامره هذه تدخ ً
وعادوا مجددًا يكيدون له مثل كيدهم لبيه من قبل .ولما توفي السكندر عمت الفراج جالياتهم مع أن السكندر لم يسئ إليهم ولقد اعترف
كاتبهم الشهير كراتس ) (Graetzبخطأ اليهود عندما كتب في مجلة الدراسات اليهودية ) (Le Studes Juivesيقول إن شعبنا أخطأ
عندما رفض مقترحات اسكندر الول .التي كانت في مصلحته ولسعادته.
ولما اعتلى اسكندر الثاني العرش الروسي ,أراد مساعدة اليهود باعتبار أنه كان ماسونيًا معروفًا ,فجدد اقتراحات سلفه عليهم ووعدهم
بالكثار من المتيازات لهم .ولكن اليهود ظلوا على تعنتهم .وراحوا يعلنون الحرب السافرة على القيصر دون سبب ظاهر ,سوى أنه أراد
أن يمنحهم الصفة الروسية ,عندها لم يكن بإمكان القيصر تحمل الشطط اليهودي ,فتخلى عن ماسونيته ,ليصبح حرًا في تصرفاتهم نحو من
بادروه العداء .ومن ثم أعلن بدوره الحرب على الماسونية ,وجمعية المثقفين اليهودية ,والكتاب اليهود و جمعية النهليست )(Nihiliste
وشدد على اليهود بعد أن تم له النصر في الحروب القفقاسية التي ورطه فيها اليهود .ولكي ينتصر عليهم ,عين الجنرال لوريس ميليكوف
) (Loris Mélikoffمسؤوًل عن المن الداخلي ,وكان لوريس ميليكوف أذكى القواد الروس ,تمكن بسرعة من اكتشاف الكثير من
ل إلى أن تمكن اثنين من فوضويي اليهود من المؤامرات اليهودية ,ولكن اليهود كانوا أعند من أن يلقوا السلح بسهولة ,فدام الصراع طوي ً
اغتيال القيصر عام ,1881وهكذا تحققت نبوءة الشيخ شامل الذي قال للقائد الروسي الذي انتصر عليه ) :قل لقيصرك إن لم ينتصر علينا
بقوة جيوشه وتعدد أسلحته ,بل بفضل المؤامرات اليهودية التي غذاها في ربوعنا ,فليحذرهم بدوره لنهم سينالونه يومًا ,دون أي ريب(
وهنا تأكد للروس مدى الخطر الكامن في مهادنة اليهود.
فقامت الشرطة الروسية بحملة واسعة ضد اليهود ومؤسساتهم ,واعتقلت العناصر المشبوهة .وطردت من كان ينتسب إلى الدول الجنبية,
وحددت إقامة ونشاط من اعتبر خطرًا منهم ,ولكن هذه الجراءات أتت متأخرة جدًا ,إذ كان اليهود تمكنوا من السيطرة على طبقة العمال
التي غرروا بها ,وعن طريقها ثابروا على نشاطهم ومن الجهة الثانية استفحل أمر الجامعات بفضل أساتذتها من اليهود ,وفي عام 1897
تمكن اليهود من إقامة أول مؤتمر عمالي باسم مؤتمر عمال اليهود الشتراكيين .وتوسعوا في نشاطهم بصورة سافرة ,فعم الفساد في
طول البلد وعرضها ,وزاد الطين بلة انهزام الروس في معركة بورت آرتور ) (Port Arthurالشهيرة التي أضعفت هيبة الروس في
العالم أجمع ,فسارعت الرأسمالية اليهودية لستثمار هذا النهزام ,وأشاعت البلبلة في الوساط القتصادية في البلد ,فعمد الثرياء إلى
تهريب أموالهم إلى خارج البلد ,مما أدى إلى انهيار روسيا اقتصاديًا وسياسيًا ,وعمت الفاقة في أنحاء البلد ,فكانت الفرصة الذهبية
لليهود والماسون .فقامت المظاهرات الصاخبة ,وتعددت الضرابات العمالية ,وعمت الفوضى في المدن والدساكر ,ولم تعد الدولة قادرة
على إعادة المن إلى نصابه ,كما عمدت السفارات الغربية إلى تغذية الحوادث بما كانت تشيعه من الضاليل .فاضطر القيصر نقول الثاني
ل بأن ينقذ البلد من ورطتها فخيل للكونت أن خير دواء لحل إلى استدعاء الكونت ميرسكي ) (S.Mirskyiوقلده رئاسة الوزارة أم ً
58
الزمة ,هو إعطاء اليهود وأنصارهم مطالبهم ,فأطلق لليهود الحرية الدينية ,وأعاد إلى البلد من طرد منهم ,وأفرج عن سجنائهم ,ومنحهم
ل بأن يعودوا إلى الهدوء والسكينة.
حرية القول والكتابة أم ً
بيد أن ميرسكي أخطأ التقدير وأفسح المجال أمام اليهود ليتوسعوا في نشاطهم ,واتصلوا بالهيئات و المنظمات اليهودية في الخارج,
وطلبوا مساعدتها ,فانهالت عليهم المساعدات المالية من مختلف أنحاء العالم ,ولما توفر لهم ما كانوا بحاجة إليه ,خاضوا معركتهم
الفاصلة مع القيصرية واقتلعوها من جذورها بعد ثلثة عشر عامًا من الصراع .
ليس في الماضي فحسب بل اليوم أيضًا تجد بعض المتحذلقين الذين يستهجنون القول بتدخل الرأسمالية اليهودية في الثورة الروسية,
ويعتمدون في استهجانهم على ما بين النظامين من خلف وتناقض في المفاهيم ,ويدللون على إثبات نظريتهم بتفاقم النزاع بين الرأسمالية
واليهودية والدولة الروسية يومًا بعد يوم.
ل ,وفئة أخرى مغرضة لحد وهؤلء المتحذلقون ينقسمون إلى فئتين ,فئة جاهلة لما أحاط بالثورة الروسية من اللتباس ,فتعذر فع ً
السببين ...ولذا فهي تنكر الحقيقة ,وتتجاهل ما تعلم ,ونحن هنا ل يهمنا أمر هؤلء الناس ,بقدر ما يهمنا توضيح المور التي سبقت
الثورة ,وما اكتنف سيره أحداثها من الملبسات.
وبغية الفصاح ,ل بد لنا من تفصيل العوامل التي أدت إلى تدخل اليهود في هذه الثورة وتحديد الغراض التي توخوها من هذا التدخل,
وإمعانًا في التفصيل نذكر القارئ ,بأن اليهودية تمركزت في روسيا قبل أن تدخلها المسيحية ,أسست فيها دولتها الخزرية ,وظنت أنها
أرسخت أقدامها فيها ,وعللت نفسها بتهويد شعوبها ,ومنع النصرانية من دخولها ,واتخاذها في المستقبل مركز النطلق ,ومحور الرتكاز
لمقارعة النصرانية والسلم .ولكن خاب فألها ,وقامت المارات الروسية ,ثم قضت على دويلة الخزر اليهودية ,وأدخلت النصرانية إلى
روسيا ,وسيطرت كنيستها الرثوذكسية على جميع الشعوب السلفية ,ثم انسحب المغول ,وقامت القيصرية ,فقضي على أحلم اليهود,
فرضخوا لحكم القدر على مضض ,دون أن يتخلوا عن السعي لتحقيق مآربهم عندما تسمح لهم الظروف بذلك ,فقبعوا في جحورهم
ينتظرون ما ستتمخض عنه اليام.
وفي أعقاب ثورة كرومويل التي أعادت نفوذ اليهود إلى بريطانيا ,والثورة الفرنسية التي أدت إلى انتصارهم الساحق على الكنيسة
الكاثوليكية ,وتسلطهم على مقدرات كل من الدولتين المذكورتين ,عادت الحلم تراودهم في السيطرة على الروس والطاحة بالقيصرية
والكنيسة الرثوذكسية اللتين قضتا في الماضي على الدولة الخزرية ,وحالتا دون تهويد الشعب الروسي ,وبغية تحقيق ذلك ,بدأ اليهود
بتطبيق البرامج التخريبية التي طبقوها في البلد الغربية ,أي السعي لخراج الشعب الروسي عن طاعة الكنيسة ,ودفعه نحو اللحاد و
اللأخلقية ,وإثارة النعرات الطائفية و الطبقية في صفوفه ,وتحريضه على الدولة .فأشاعوا الضاليل و الدسائس في كل مكان ,ولقد
شجعهم على ذلك ,تعدد القوام و الشعوب في البلد الروسية ,وللوصول إلى هذه الغراض ,أغرقوا البلد بشتى مصادر الفلسفات والراء
التي سبق وأشاعوها في الغرب.
ولما كانت الكنيسة الرثوذكسية والقيصرية تعلمان ما فعله اليهود في الغرب ,وقفتا بوجههم ,وساندهما الشعب في البداية فأحبطت بعض
المؤامرات اليهودية ,وحدث عام 1880في كل من مدينة إليزافيت غراد ) (Elisavetgradوكييف ) (Kievو أوديسا ) (Odessaبعض
العتداءات الشعبية على اليهود ,فاستغلتها المحافل اليهودية في الغرب ,ونادت بالويل والثبور ,وطالبت الحكومة الروسية بالكف عن
اضطهاد اليهود ,وراحت الصحافة المهودة تهول المر ,وتطالب الدول الغربية بالتدخل لصالح اليهود .وهكذا جعل اليهود من هذه الحوادث
الفردية الداخلية ,قضية دولية ,واستثمروها على أوسع نطاق.
وطالب بعض زعمائهم وكتابهم أمثال بنكسر ) (Pinskerوجوزيف سلفادور ) (Joseph Salvadorو موسى هيس )(Moise Hess
وديزرائيلي ) (Disraéliبالسماح لبني قومهم للعودة إلى فلسطين ,وأيدهم بعض كتاب الغرب المهودين في هذا الطلب ,فأصبحت بذلك
القضية اليهودية ,قضية الساعة في أواخر القرن التاسع عشر.
ولكن الحكومة الروسية أصمت آذانها عن سماع هذه الترهات ,ولم تعرها الهمية التي كان اليهود ينتظرونها ,فتنادت محافلهم السياسية
المختلفة ,وعقدت عام 1884أول اجتماع قومي لها في مدينة كاتوفيس ) (Katoviceتحت رئاسة بنسكر ,وبحث المجتمعون الشؤون
اليهودية العامة ,وتدارسوا الفرضيات المختلفة التي يمكن أن تعترض هدفهم السمى ) السيطرة على العالم ( الذي يحلمون بتحقيقه منذ
عهد المنفى ,فوضعوا لها الحلول التي استنبطوها ,وكان في مقدمتها القضاء على الدول التي تعارض تحقيق أغراضهم ,ولقد جاء تصنيف
المبراطورية الروسية الثاني في قائمة الدول التي اعتبروها مناوئة لمخططاتهم ,ولقد تأكد لهم صدق حدسهم فيما بعد ,عندما اصطدم
الزعيم الصهيوني هرتزل )عام )1896بمعارضة الروس الشديدة لعودة اليهود إلى فلسطين.
وعلى الثر قرر اليهود تدمير المبراطورية الروسية وكنيستها مهما كلفهم المر ,فثابروا مثلما ذكرنا على تطبيق مناهجهم في روسيا.
وشاءت الظروف و القدار أن تكون مواتية لهم ,واعتلى العرش الروسي نقول الثاني ,الذي عرف باستهتاره بمقاليد الحكم ,وترك أمر
إمبراطوريته الواسعة في أيدي الرستقراطية الفاسدة ,التي كانت تعتبر نفسها من طينة أعلى من طينة الشعب .فراحت تستهين بمصالح
المة ,وتحتقر الشعب ,وتنهب أمواله بخسة ودنائه ,وتستبيح أعراضه و تنكر عليه إخلصه الذي برهن عنه إبان محنة الدولة الروسية مع
نابليون ,والتي دافع فيها الشعب من مليكه وإمبراطوريته أحسن دفاع ,وبذل المال والدماء دون حساب .ولكن هذه الطغمة الرستقراطية
الفاجرة ,تنكرت له وسامته سوء العذاب بدًل من أن تكرمه و تهتم بشؤونه ,فكان من الطبيعي أن يفقد الشعب الروسي النبيل إيمانه بهذه
الطبقة اللئيمة التي حرمته حق الحياة ,والكنيسة التي تخلت عنه ,رغم أنها كانت في الماضي عزاءه الوحيد الذي يرجع إليه في الملمات,
59
لتواسيه وتشد أزره .فأضمر الشعب لهما الحقد بحق ,وبادر يبحث عن مخرج ليتخلص منهما ,فانتهز اليهود هذه الفرصة ,وهبوا يبحثون
عن طريقة تمكنهم من السيطرة على البلد و الثأر من القيصرية والكنيسة الرثوذكسية ,ولما كانوا يراقبون الوضاع منذ أمد طويل,
ويبحثون فيما يجب عليهم عمله ,وجدوا أن السبيل الوحيد لجر الشعب الروسي خلفهم هو التلويح له بالعدالة الجتماعية والحياة الحرة
الفاضلة التي كان الشعب الروسي يتوق إليهما ,وفي أعقاب مؤتمر بال قويت شوكة اليهود في روسيا بفضل المساعدات التي تلقوها من
اليهود في الغرب ) وبعد أن وحد مؤتمر بال جميع هيئاتهم ,وصهر مختلف محافلهم السياسية اليمينية و اليسارية في بوتقة العمل الموحد
لصالح القومية اليهودية( فشددوا النكير على الدولة ,ودفعوا العمال للشغب و التمرد فاضطر نقول الثاني لمهادنتهم ,وأوعز لرئيس وزرائه
بالتساهل مع العمال الذين كان اليهود يحرضونهم ,فسمح لهم بتأسيس حزب العمال اليهودي الذي بحثنا عنه ,فساءت الحالة ,وتسارعت
الحداث في طول البلد وعرضها ,ومن جراء إهمال القيصر لشؤون شعبه ,وتعنت الطبقة الرستقراطية المجرمة التي أصمت آذانها عن
سماع شكاوى الشعب ,والتي كانت ترد على كل صوت شاك بأسنة الرماح وأزيز الرصاص.
ففقد الشعب صبره ولم يعد يحتمل الظلم والضطهاد أكثر مما تحملهما سيما واليهود كانوا يدفعونه بشتى الوسائل إلى مناهضة السلطات
الحاكمة ,فقامت المظاهرات الصاخبة تطالب الدولة بالسماح للطبقة العاملة بتكوين المجلس العمالي العلى الذي كان اليهود يتوخون من
إيجاده السيطرة التامة على طبقة العمال ,فلم تنجح الدولة في الحد من نشاط اليهود ,وأرغمت على التنازل لمطالبهم ,وأصدر ميرنسكي
قرارًا يجيز للعمال تشكيل مجلسهم ,فسارع اليهود إلى تكوينه بالشكل المناسب لغراضهم ,وأسندوا رئاسته إلى اليهودي نوزار )(Nosar
الذي عرف في التاريخ بلقب خروستاليف ) (Khoroustaliefوعينوا لمانة سره اليهودي برونستين ) (Brounesteinمن مواليد
أوديسا والذي اشتهر فيما بعد في الوساط الثورية التي ناوأت القيصرية باسم تروتسكي ) .(Troteskyiوهو الذي أحدث التشكيلت
العمالية التي سميت بالتشكيلت الحربية ) (L’Organisation De Combatوأسس إتحاد الفلحين ).(L’Union Des Paysans
ولما كانت الحكومة ميالة إلى المهادنة فلم تعترض على إحداث هذه التنظيمات التي كانت تخضع اليهود ,فأيقن اليهود من عجز الحكومة
ودفعوا بمنظماتهم الجديدة إلى العصيان عام ) (1905فاصطدمت هذه الفئات المسيرة ضد السلطات الحاكمة بقوات الجيش والشرطة.
ودامت المعارك بين الطرفين لمدة أسبوعين قتل في أثنائها عم القيصر سيرج ) (La Grand Sergeكما قتل كثيرون من أفراد الطبقة
الحاكمة وموظفي الدولة وعشرات اللوف من العمال الفقراء والمواطنين .وانتهت الحوادث على أثر تشكيل المجلس النيابي وإقامة الحكم
الدستوري .والغريب في أحداث عام 1905إن جميع القتلى كانوا من الروس وحدهم بينما لم يمس أحد من اليهود بسوء ,رغم أنهم كانوا
يقودون ويحرضون الجماهير .وتوقف الحوادث في أعقاب قيام الدوما لم يكن يعني ,إنجاز الغراض اليهودية أو عدولهم عن الثورة,
فظلت النار كامدة تحت الرماد ,وثابر اليهود على تغذيتها ,وعلى الخص في ظل الحكم الدستوري الضعيف ,وفي هذه الثناء أعادت
الصهيونية العالمية النظر في تطور المور بروسيا .فقررت إطلق يد أحد أعضائها البارزين في الشؤون الروسية ,وكان هذا المختار
الجديد هو يعقوب شيف ) (Jacob Schieffeالذي كان منذ أمد بعيد يعمل لتدمير المبراطورية الروسية ,كما قررت الصهيونية أن يكون
البارون هيرش ) (Hircheالمعتمد المالي للشؤون الروسية .وكان هذا البارون أكثر الزعماء تعصبًا لليهودية .وهو الذي شكل الفرق
الحربية اليهودية ,وأقام شركة المستعمرات اليهودية في عهد الملك إدوار السابع الذي ورطه في الموافقة على مشروع هيرش مستشاره
اليهودي ارنست كاسل ) .(Sir Ernest Casselولقد رصد هيرس لمشروعه هذا 275مليون فرنك من الذهب من ثروته الطائلة التي
جمعها من التلعب بأسعار الصكوك العثمانية ) (La Bons Ottomanويقول هيبس عن هيرش بأنه مول جميع المستعمرات اليهودية
في فلسطين ,فلما عهد إليه تمويل الثوار اليهود في روسيا ,افتتح فرعًا خاصًا لشركته القديمة في أمريكا ووضعه تحت تصرف يعقوب
شيف .وبدأت عمليات التمويل تسير بصورة منتظمة .وبعد ثورة عام 1905وضع شيف مخططًا جديدًا للثورة البلشفية ,يتلخص بأن يمول
الثوار بالمال والرجال والعتاد ,فبادر إلى جمع المغامرين اليهود الذين سبق وإن طردوا من روسيا ,وبدأت مراكز التدريب التي افتتحها
بأمريكا بتدريبهم وتأهيلهم على أعمال القتل والغتيال .ومن ثم افتتح اكتتابًا ماليًا لمساعدة الثورة .فتبرع جميع أثرياء اليهود إلى شيف
بمبالغ كبيرة ,لنه كان قد أقنعهم بأن روسيا ستصبح بعد نجاح الثورة دولة يهودية ,باعتبار أن الطبقة الحاكمة والمسيرة للمور فيها
ستكون من اليهود الذين سيقودون الشعب الروسي لتحقيق السيطرة على العالم أجمع .فانهالت التبرعات اليهودية على مؤسسة شيف,
وتقدم آلف من الشباب اليهودي للتطوع في المنظمة الجديدة .فكان شيف يدرب هؤلء الشباب ومن ثم يزودهم بجوازات سفر أمريكية
وبأموال طائلة وبالتعليمات اللزمة ويرسلهم بعد ذلك إلى البلد الروسية,ليعملوا في صفوف تروتسكي وأنصاره .ومن جراء هذه العملية
المتقنة ازداد عدد اليهود في روسيا ,وتغلغلوا في صفوف العمال والفلحين يعملون ليل نهار لتحريضهم على مناوئة السلطة ,ويبثون فيهم
الفكار المعارضة لتعاليم الكنيسة والتقاليد ,ويدفعونهم نحو اللحاد و الباحية .ولما كانت طبقة العمال الروسية تعيش في فقر مدقع
) القريب بطبيعة الحال من الكفر ( يفقد النسان معه معنوياته ومثله بسهولة .فلم يصعب على اليهود إقناع هذه الفئات بصحة نظرياتهم,
ل مرارة الذل والعبودية والظلم والفقر ,وعلى الخص أن اليهود كانوا يظهرون نحوها كل حب وتقدير ويقدمون لها العون بعد أن ذاقت طوي ً
المادي والمعنوي بكل سخاء .وكان من الطبيعي أن يقوم تحالف وثيق بين اليهود العارفين غرض كل كبيرة وصغيرة مما يعملون وبين
جماهير الشعب التي كان همها الوحيد أن تتخلص من حكامها العتاة ,على أمل أن تجد بعد ذلك حياة أفضل .فانساقت خلف اليهود دون قيد
أو شرط ,إذ كانت تنظر إليهم نظرة منقذيها من نكبتها التي طال أمدها .لهذا تركت لهم مراكز القيادة ,ومهام التخطيط .وهكذا أصبح اليهود
يمثلون الشعب الروسي في الجبهة المعارضة للدولة ,ولما تفاقم أمرهم عمدت القيصرية إلى منع دخول المزيد من اليهود إلى بلدها.
وأوعزت إلى سلطات التنفيذ بمنع كل يهودي من دخول البلد .ولكن هذا الجراء جاء متأخرًا جدًا .إذ كان اليهود قد تغلغلوا في كل مكان.
ولم يعد لهذا الجراء أي قيمة فعلية .والمر الغريب في الموضوع هو أن القيصرية كانت قد أخبرت بالمخطط اليهودي بعد أن عثرت
السلطات على نسخة من بروتوكولت صهيون ) المنهج الصهيوني ( ولكن القيصرية ظلت على تعنتها في تسيير أمور الدولة ,ولم تجنح
إلى تحسين الوضاع أو التقرب من الشعب ومعاملته بالحسنى أو منحه حقوقه .وهذا الموقف الشائن جعل الكثرية الساحقة في البلد
تنضم إلى المعارضة .وحتى الذين لم ينضموا إليها كانوا ضمنًا أكثر تحيزًا لها على أمل أن تتحسن الحوال على يديها بعد أن قطعوا كل أمل
في النظام القيصري.
ولما علم اليهود أن السلطات القيصرية منعت اليهود من دخول بلدها .دفعوا بالحكومة المريكية للحتجاج على هذا الجراء الروسي.
فقامت المباحثات بين الدولتين .و أصرت أمريكا على أخذ موافقة القيصر بالسماح لليهود من الجنسية المريكية بالدخول لروسيا ,حتى إن
رئيس جمهوريتها تيودور روزفلت ) (Téodor Rosevelteتدخل شخصيًا بالمر وكتب إلى الكونت وايت ) (La conte Witteرئيس
الوزارة الروسية كتابًا خاصًا جاء فيه مايلي:
عزيزي الكونت وايت:
60
أقدم لكم ربطًا هذه الصورة التذكارية مع تحياتي المخلصة .وأشكركم لتحويلكم لنا برقية صاحب الجللة التي يؤكد لنا فيها مشاعره النبيلة,
وحفاظه على الصلت الوثيقة بين شعبينا, ,ونحن بدورنا نؤكد لكم تمسكنا بهذه العلقات الطيبة ,ونرجوكم إبلغ ذلك مع أعمق احتراماتنا
لصاحب الجللة.
أما بعد .فقد رجوتكم في مباحثاتنا السابقة ,أن تسهلوا لمواطنينا الشراف أمر دخولهم إلى بلدكم.
نحن ل نطلب بأن يسمح لغير المرغوب فيهم بدخول بلدكم ,ولكننا نرجو أن ل يكون المنع مرتكزًا على التمييز العنصر أو الديني ونأمل أن
تعمد حكومتكم الموقرة إلى السماح لمواطنينا من اليهود الشراف بالدخول إلى روسيا أسوة بالمواطنين الخرين من سكان أمريكا .وأرى
أن هذا الحل هو النسب لخير شعبينا .وأخيرًا أبعث إليكم بأحر التهاني بمناسبة عقدكم الصلح ,وأرجوا أن تقبلوا أصدق الماني القلبية,
في 10أيلول 1905أوسترباي )(Oster bay
التوقيع :تيودور روزفلت
ومن فحوى هذا الكتاب يتضح لنا للقارئ مدى ما كانت تعلقه أمريكا من الهمية على دخول اليهود إلى البلد الروسية .ولكن القيصر ظل
مصرًا على عدم دخول اليهود إلى بلده رغم المحاولت التي قام بها وفد شيف سليكمان ) (Schiffe-Sligmanمع الكونت وايت الذي
حاول مرارًا إقناع القيصر ,ولما فشلت مساعي الوفد وعاد إلى أمريكا أعلن تيودور روزفلت إلغاء المعاهدة التجارية التي كانت قائمة بين
الدولتين ,وهكذا قطعت أمريكا آخر علقاتها مع الدولة الروسية إكرامًا لليهود.
ومع هذا ظل اليهود على اتصال دائم بأنصارهم في البلد الروسية يمولونهم دون انقطاع ,فسارت المور في روسيا من سيء لسوأ ,حتى
حدثت الكارثة العالمية واندلعت الحرب الولى التي عمل لها اليهود بكل ما أوتوا من قوة واقتدار .وعندها ازداد مجددًا نشاط شيف
وعصبته وهيأوا أنفسهم للتدخل في الشؤون الروسية في الوقت المناسب .وبدأت الشاعات تتردد عن وجود ثورة في روسيا القيصرية.
والغريب في المر هو أن المخابرات المريكية ) (Secret Serviceهي التي كانت تنشر هذه الشاعات و تؤكد تمويل شيف ومصرف
كوهن لوب ) (La Banque K.loebلهذه الثورة .وفي 8آذار فوجئ العالم باندلع الثورة في كافة أرجاء روسيا .فتنازل نقول الثاني
عن العرش للمير ميشيل الذي رفض استلم الحكم .فسارع الثوار إلى تشكيل حكومة من أعضاء الدوما ,وهكذا ظهرت للوجود أو حكومة
مؤقتة انبثقت عن الجمعيات السرية اليهودية التي أشار لها ديزرائيلي .
واستلم الحكم اليهودي كيرنسكي ) (Kérnskyوشكل وزارة جديدة كان أكثر أعضاؤها من اليهود أمثال مليوكوف ) (Miliokoffولفوف
) (Lvoffو كوتخوكوف ) .(GouthKoffعند ذلك بادر شيف بمطالبة كيرنسكي بإعطاء اليهود الحقوق السياسية أسوة بفرنسا ,ولكن
كيرنسكي لم يجرؤ على منح اليهود الحقوق السياسية بوجود المجلس النيابي ,وتآمر مع شيف على العمل لزاحة هذا المجلس .فقررا فيما
بينهما الطاحة به .فبادر شيف إلى التصال بالمالي اليهودي برفوس هلفاند ) ( Parvus Helphandالذي كان تربطه بالمستشار
اللماني بتمان هالفيك ) (Betman Hallwegصداقة متينة ,وطلب منه أن يسعى لدى الحكومة اللمانية للحصول منها على السماح
للثوار اليهود بالدخول إلى روسيا عبر حدودها ,ولقد نجح بيرفوس في مسعاه ,لن الحكومة اللمانية ,كانت راغبة بالحد من الضغط
الروسي على جبهتها الشرقية وكان خير وسيلة لذلك هي اتساع نطاق الثورة بسرعة لكي ينهار الجيش الروسي ,ويختفي من ساحة
القتال.
فسمحت الحكومة اللمانية بمرور القطار المغلق الشهير ) المرصوص ( عبر حدودها الذي كان يضم تسعة وعشرين ثائرًا من أشهر ثوار
اليهود تحت قيادة قطب الشيوعية لينين إيليانوف ) .(Linine Aulianofوفي الوقت ذاته وصل تروتسكي إلى البلد ) بعد أن تدخلت
الحكومة المريكية بشأنه لدى السلطات البريطانية التي كانت قد احتجزته مع الباخرة التي تقله مع فئة أخرى من متطرفي الشيوعية(
وهكذا تمكن شيف من جمع رهط كبير من غلة ثوار اليهود تحت تصرفه .ومن ثم أطلق أيديهم في العمل ,وفي مستهل شهر تشرين عمد
رجال شيف إلى مهاجمة مجلس الدوما والحكومة واشتبكوا مع القطعات التي كانت تحرس مقر الحكومة الثورية التامة .وشكلوا أول
مجلس شيوعي ,تكون من خمسمائة و سبعة وأربعين عضوًا .و كان أربعمائة و سبعة وأربعون منهم من اليهود المعروفين لدى الجميع,
ورغم قيام القتال في المدن والشوارع بعد انهيار الجيش في الجبهات ,ثابر المجلس الجديد على ترتيب أموره ,وتشكلت الحكومة في 7
تشرين الثاني 1917تحت رئاسة تروتسكي وعضوية زينوفيف ) (Zenovievو أورتسكي ) (Uritskyiوسواردلوف )(Swerdlov
وفايرمان ) (Faermannو ميخائيل ) .(Michaëlودشنت هذه الحكومة باكورة أعمالها بإصدار قرار يمنح اليهود بموجبه كافة الحقوق
السياسية دون قيد أو شرط .ربما إن دوائر الدولة والتشكيلت الشعبية كانت منذ أمد بعيد قد امتلت باليهود فلم يصعب عليهم الستيلء
على ما تبقى في البلد من المراكز الحساسة ,وعلى الخص بعد أن أصبحت الكثرية الساحقة في المجلس الشيوعي و مجلس الوزراء
منهم ,وفي فترة قياسية أصبحوا يسيطرون على الدولة الجديدة برمتها ,دون أي معارضة .ومن ثم عمدوا إلى قمع كل حركة مناوئة لهم
بأقصى شدة حتى استتب لهم المر .وتبوأوا مكان الصدارة في البلد الروسية .ولقد قال عنهم فيما بعد قطب الثورة الروسية لينين :بأن
الفئة اليهودية المثقفة هي ذخر المة في الملمات ,ودرعها الواقي ,وهي الفئة الوحيدة القادرة على إدارة دفة الدولة والنهوض بالمة.
ولو أن هذه الفئة المختارة لم تثب في الوقت المناسب لما تحقق النصر للبلشفية أبدًا .ولقد اشتهر تروتسكي بين الشخصيات اليهودية التي
عرفت بالسيطرة والنفوذ بعد سقوط القيصرية ,وهو الذي أسس الجيش الحمر .وكان يعتز به عندما كان صاحب المر و النهي ,ولما طرد
من روسيا ,تنكر لكل شيء .ووصف هذا الجيش الذي كان في الماضي يتفاخر بكونه مؤسسه ,بأنه مكون من قردة دون أذيال .وإن ضباطه
مغرورون بالمعلومات الضئيلة التي ل تسمن ول تغني من جوع ,وإنهم يتظاهرون بالرجولة مع أنهم أجبن من على الرض ..وهكذا وبدون
خجل انقلب تروتسكي على الجيش الحمر الذي أسسه بنفسه ,ونحن ل نستغرب هذا الموقف من تروتسكي لسبب بسيط وهو أنه من صميم
العنصر السرائيلي.
وعدا عن تروتسكي فقد اشتهر اللوف من اليهود بالسيطرة والنفوذ في روسيا ,نذكر منهم :كامانيف روزينفيلد ) (Kamanefودان
كورفيتش ) (Don Gourvitchوكانيتزكي فورستنبرغ ) (Ganéteskyi Furstenbergو إسرائيل لزاروفيتش )Israël
(Lazarowichو بوهرين ) (Bohrinو مارتينوف ) (Martinoffوليتنفوف ).(Litvinoff
ساهموا جميعهم في إخضاع الشعب الروسي للمشيئة اليهودية بكل همجية وقسوة بحجة تطبيق النظام الجديد بينما كان غرضهم في الواقع
هو إرهاب الشعب الروسي ,ومنعه من التصدي لتوسع نفوذهم.
61
الدلة الدافعة لتحالف الرأسمالية اليهودية مع اليسار اليهودي المتطرف
عندما شاعت تفاصيل الثورة الروسية ,استغرب الناس الشاعات والقوال التي كانت تشير إلى مساعدة الرأسمالية اليهودية للبلشفيك.
وكان أكثرهم يميل إلى تكذيبها رغم صدورها عن المخابرات المريكية الرسمية ,حليفة اليهود ,ورغم تصريحات شيف وأقطاب اليهودية
العالمية الواضحة و التي كان شيف و زملؤه يتبجحون فيها بمساعدتهم السافرة للبلشفية .ولكن العالم بأسره وقف مبهور النفاس عندما
قرأ البرقية التي نشرتها مؤسسة الخبار الشعبية ) (Committee of Public Informationفي نشرتها الرسمية في مستهل عام
,1918وكانت البرقية المذكورة موجهة من فورستنبرغ ) (Furestenbergوكيل أعمال المالي اليهودي الكبير ماكس فاربورغ )Max
(Warbourgإلى السيد رافائيل شولك هاباران ) (Raphël Scholak Haparanفي أمريكا.
أما فحوى البرقية فكانت بالحرف الواحد .كما يلي:
ستوكهولم 21أيلول سنة 1917إلى السيد رافائيل شولك هاباران .رفيقي العزيز ,تنفيذًا لنص البرقية المرسلة إلينا من النقابي المالي
فاستيفان رينلند ) (W .Rhinlandيعلمكم مصرف ماكس فاربورغ وشركاه ,بفتح العتماد اللزم لعمال الرفيق تروتسكي -انتهى .
توقيع مدير المصرف ي .فورسيتنبرغ ). (Y. Furestenberg
وعلى إثر نشر هذه البرقية اقتنع الناس بما كانت تذيعه المخابرات المريكية ,وعلى الخص بعد أن أذاع يعقوب شيف على صفحات
الجرائد بأنه وزملئه أثرياء اليهود والمصارف اليهودية وقفوا جميعًا مع الثورة الروسية وقدموا لها المال وما تحتاجه من الدعم لتنجح.
كما أن انتشار ترجمة البروتوكولت الصهيونية ,والدعوة التي حركها اليهود على الصحافة السويسرية لنشرها تلك البروتوكولت والتي
خسرها اليهود وربحتها الصحافة السويسرية زادت يقين الناس باشتراك الرأسمالية اليهودية في إشعال نار الثورة.
ويبدو أن هولندة كانت أسبق الدول الوربية غير المهودة لكتشاف تحالف الرأسمالية مع البلشفية ,وإدراك خطر اليهود .ولهذا أمرت وزير
ل عنخارجيتها السيد أودنديك بإعلم إنجلترا بتفاصيل المؤامرة اليهودية .ولقد أرسل أودنديك ) (M. Oudendykeتقريرًا مفص ً
الموضوع إلى وزير الخارجية النجليزية قال فيه:
) إن أعتبر القضاء على الثورة الروسية أكثر أهمية للعالم من كسب الحرب الحالية ,ولذا اقترح إيقاف الحرب حالً وتوجيه اهتمامنا جميعًا
إلى روسيا و القضاء على ثورتها ,لن هذه الثورة إن تمكنت من ترسيخ جذورها في البلد الروسية فسوف تكون وباًل على العالم أجمع ,ل
لكونها اشتراكية ول لنها روسية ,بل لكونها يهودية خالصة ,تسير من قبل اليهود ,ووفق إرادتهم .ونجاحها لن يكون إل لصالح اليهود
وحدهم وإذا قدر لهم السيطرة على الروس ,فسوف يعملون على توسيع نفوذهم وتحقيق برامجهم ,إن هؤلء اليهود الذين ل وطن لهم
يسعون منذ أقد العصور لتدمير الشعوب الخرى ليقيموا على أنقاضها مجدهم الذين يحلمون به .فالحذار الحذار ,ول تجنحوا إلى القول بأن
هذه الفئة القليلة العدد من اليهود لن تتمكن من السيطرة على روسيا العظيمة فكيف لها أن تتحكم في العالم بأسره .أنتم أدرى من سواكم
بكيفية تحكم بضعة مئات من النجليز بالقارة الهندية منذ عدة أجيال رغم أن الهند تحوي على أكثر من ثلئمائة و خمسين مليونًا من
البشر.
ل على اليهود ,ما هو ممكن للنجليز؟ لذا أرجوا أل تنكروا هذه الحقيقة الناصعة ,وإن تتيقنوا من وجود الخطر اليهودي فلماذا يكون مستحي ً
على العالم ,وأخيرًا أكرر رجائي بأن تولوا الموضوع الهمية اللئقة به ,وتعلمونا قراركم.
التوقيع :أودنديك
والظاهر أن أودنديك كان يجهل هوية من أرسل إليه التقرير .وإل لما أقدم على ذلك ,لن وزير خارجية إنجلترا آنذاك لم يكون سوى بلفور )
(Balfourاليهودي المعروف بتعصبه القومي ).صاحب الوعد المشؤوم( وكان حتمًا على علم بما يعنيه اليهود أكثر من سواه .عد عن
أنه كان على استعداد ليدمر العالم بأسره في سبيل تحقيق أصغر هدف يهودي ,ولهذا تجاهل التقرير الهولندي ,فثابرت بريطانيا على
الحرب ,كما ثابر اليهود على إيقاد نار ثورتهم في روسيا ,حتى حدث ما حدث.
وفي صدد تحالف الرأسمالية اليهودية مع اليسار اليهودي ,ظهرت عدة مقالت في بعض الصحف الوربية بعد أن انكشفت ألعيب اليهود.
وكان أكثرها توفيقًا ودقة في البحث عن هذا الموضوع ,مجلة المواطن النجليزية الحرة التي كتبت تقول) :بفضل الضواء التي ألقيت على
الحداث التي وقعت في روسيا ,والتي كانت تكتنفها الغموض سابقًا ,بدأنا نفهم سبب اللقاء الغريب بين الرأسمالية المجرمة و الثورة
الروسية البلشفية ,وهي أن الرأسمالية اليهودية ظهر مجدها و تكونت ثرواتها على أعقاب الثورات والحروب ) بفضل قوة الستنتاج
المسبق لمصائر الثورات والحروب التي يمتلكها اليهود دون الناس أجمعين ,ولما تتحلى به هذه الفئة المجرمة من قدرة التخمين الصحيح
لمئات الحداث ( (
ولذا فهي تضع المخططات القتصادية المضمونة العواقب ,لتعتمدها إبان الثورات والحروب التي تنوي افتعالها ,وبما أنها قد تمرست منذ
أجيال عديدة على تحقيق هذه النتائج ,فإنها تؤمن إن الثورات والحروب هي الوسيلة الوحيدة لتضخيم ثرواتها التي تكتنزها لتحقيق
مشاريعها البعيدة المدى ,ولهذا فهي على ثقة دائمة من نجاحها في أعقاب كل ثورة أو حرب تفتعلها ,فلماذا تحجم إذًا عن افتعالها .مع أنها
واثقة من أن الضرابات الجتماعية و الطبقية التي تخلق الضطرابات القتصادية والمالية ,ومن ثم تؤول إلى فقدان الثقة في الستقرار
المالي ,وتنتهي إلى هبوط قيمة النقد في البلد المضطرب فيعمد الناس إلى تهريب أموالهم إلى الخارج ,حيث تكون الرأسمالية اليهودية لهم
ولموالهم بالمرصاد .وتتلقف ما أخرجوه من المال بأبخس السعار التي تكون قد حددتها هي بنفسها باعتبار أنها المسيطرة على كافة
أسواق النقد في العالم.
ولهذه السباب فهي دائمًا وراء كل ثورة أو حرب أو اضطراب .وهي أبدًا على استعداد لتنفق بسخاء على كل عمل أو مشروع من هذا
القبيل ) طبعًا بعد الدراسة العميقة( لنها تعمل مسبقًا ما سيدر عليها من المكاسب المالية والسياسية.
62
والحرب العالمية الولي التي عمل اليهود بكل قواهم لشعال نارها,ما كانت لتقوم لم يكن لليهود فيها أكثر من غرض .ومما ل شك فيه أن
غرضهم الول كان تضخيم ثرواتهم ,والغرض الثاني تحقيق أهدافهم السياسية ,وبما أنهم يلقون في البلد الديمقراطية المهترئة آذانًا
صاغية لكل ما يقولونه ,فلم يجدوا صعوبة لزجها في تلك الحرب ,التي حققت لهم كل ما كانوا يرجونه من المكاسب المادية والسياسية.
وهم أيضًا خلف الصراع القائم حاليًا بين البرجوازية وطبقة العمال ,لنهم هم الذين يمولون الطبقة البرجوازية ,مقابل فوائد خيالية .فتضطر
البرجوازية العمياء إلى السعي خلف المكاسب غير المشروعة ,لتتمكن من سداد ديونها لليهود وتأمين معيشتها ,وفي سبيل ذلك تعتمد
البرجوازية إلى التقتير على العمال ورفع السعار ,فيعجز العمال عن تأمين معيشتهم ,وتصطدم طبقتهم بالطبقة البرجوازية المرغمة على
الظهور بمظهر الجشع .فتتفاقم المور بين الطبقتين المنسوبتين للشعب الواحد ,فيسارع عندها اليهود لذكاء نار الفتنة ,عن طريق نشر
المبادئ المادية بين طبقة العمال بغية إحالتهم إلى قطيع مادي ل هم له إل قوت يومه ومعاداة بني قومه ,ومن الناحية الثانية يوعز إلى
البرجوازية ) المرغمة على إطاعتهم بسبب ما لهم بذمتها( أن تظل على تعنتها ,حتى يبقى الخلف والتفرقة سائدة.
وهكذا نجد أن اليهود في البلد الديمقراطية يستثمرون البرجوازية و العمال معًا .وعندما تتفاقم الحوال ينقضون على ما تبقى من الموال
في البلد .ومن ثم يقفون في صفوف المتفرجين بانتظار الفرص الخرى.
أما أساليبهم في البلد الشتراكية تختلف تمامًا ,فهم هناك دعاة عدالة ,وحماة الطبقة الكادحة ,وأعداء التمييز العنصري ,وأنصار السلطات
القائمة ,وكل ذلك بغية التسلل إلى الحكم والستيلء على مقاليد المور ,وعندما يتوصلون إلى الحكم يعمدون إلى نشر المبادئ المناوئة
للمثل والتقاليد والديان ,ليجعلوا من الشعب كتلة مهلهلة منحدرة نحو المادية المطلقة .ومن ثم يبدأون بتروضيه عل الخضوع للنظمة
التي يستنبطونها بحجة تأمين المصلحة الجماعية ,وحتى يصبح الشعب بأكمله طوع بنانهم ,ولهم لهم سوى تنفيذ مآربهم ,فعندما
يشرعون بنشر الدعوة لتحقيق الدولة العالمية الواحدة أمل النسانية ) على حد زعمهم( في إقرار السلم .وكل ذلك بغية ما سوقه عندما
تدق الساعة إلى الميدان الذي اختاروه له ضمن مخططهم العام.
وألد أعداء اليهود هو النظام المقرون باحترام القومية والوطنية ,سواء كان ديمقراطياً أو اشتراكيًا ,لن البلد التي تطبق النظمة
الشتراكية المقرونة باحترام القومية والوطنية ,تقطع عليهم طريق استثمار شعوبها ,باعتبار أنها تنظم اقتصادياتها ضمن إطار المصلحة
القومية ,ومن الناحية الثانية تحرمهم من التسلل إلى الحكم والسيطرة ,لن أنظمتها تكون عادة منسجمة مع المفاهيم القومية والوطنية
التي ل تسمح للغراب بحكم البلد .لذا فهم يحاربون أمثال هذه النظم والحكومات ويعملون كل ما بقدرتهم لتعطيلها.
وفيما يتعلق بتعاون الرأسمالية اليهودية مع البولشفيكية صدرت في أوربا عدة كتب تبحث كل منها مطولً عن الدلة والثباتات التي تدين
الرأسمالية اليهودية ,فكان أشهرها كتاب السيد هنري بوزو ) ,(Hanri Pozzoالذي منع من التداول في كافة البلد الوربية لما كان فيه
من الحقائق المذهلة ,ويذكر بوزو من هذه الحقائق ,قضية البارون روتشيلد الذي كان يهرب مادة النيكل إلى ألمانيا ,وذلك بشحنها من
مناجم ) (Calidoniكاليدوني إلى مرفأ برست ) (Brestالفرنسي و منه إلى ألمانيا ,ويدلل على صحة ذلك باعتقال السلطات للباخرة
روفانديت ) (Reventidtالتي كانت تخص روتشيلد ,بينما كانت متجهة إلى ألمانيا ,التي كانت في حروب مع دولة صاحب الباخرة أي مع
فرنسا.
كما يؤكد بوزو تدخل المليونير برفوس اليهودي لدى السلطات اللمانية ,لتسهيل مرور الثوار اليهود إلى البلد الروسية ,مع العلم أن
ألمانيا كانت تحارب الروس آنئذ على حدودهم .ويعزو بوزو سماح المستشار اللماني لليهود بالمرور من بلده ,إلى أنه ارتشى بمبالغ
طائلة دفعها له المليونير بارفوس ) (Parvusالذي جمع ثروته من عمليات تهريب الفحم الدانماركي إلى البلد العدوة .وفي كتاب بوزو
) المجرمون ( مئات الثباتات لتحالف الرأسمالية اليهودية مع اليسار اليهودي ,وكلها معروفة الن في جميع أقطار أوربا .ولهذا لم تعد
المسألة سرية ولم يعد حولها أي جدال أو نقاش .وخصوصًا بعد أن اعترفت الرأسمالية نفسها بهذا التحالف.
بعد أن نجحت الثورة الروسية ,بادرت الصحافة اليهودية في العالم ,إلى حملة دعائية واسعة ,وراحت تشيد بالنظام الجديد ,ومكاسبه
الشعبية ,وتشنع بالعهد البائد ,وتروي ألوف القصص عن مظالمه ,وكان الناس يصدقون ما يقرؤونه ,لما كانوا يعرفوه عن مساوئ العهد
القيصري ,وما سمعوا وقرأوا عن إنسانية النظام الشتراكي ,وتعلقه بالعدالة الجتماعية ,والحياة الفضل ,ولكن الحقيقة التي سادت روسيا
في بداية العهد البلشفي كانت غير ما زعمته الصحافة اليهودية ,التي كانت تروم تمويه ما كان يجري في روسيا على أيدي زبانية
الصهيونية الذين تنكروا كالعادة لمن سار خلفهم وأوصلهم إلى مراكز المر والنهي ,فصبوا جام غضبهم على الشعب الروسي الذي وثق
بهم ,وناضل معهم حتى أطاح بالقيصرية ,وراحوا ينتقمون منه ,بعد أن سخروه للثأر من الطبقة الرستقراطية والكنيسة ,فطبقوا عليه
قوانين أشد قساوة من القوانين القيصرية ,وأبعد ما تكون عل مفهوم الشيوعية والنسانية ,وذلك ليرهبوه نهائيًا ,حتى ل يعترض طريق
أهدافهم العنصرية التي خططوا لها منذ أمد بعيد ,وللتغرير بالروس و منعهم من المجابهة راحوا يلوحون لهم بقصة الدولة العالمية
الموحدة في ظل النظام السوفييتي ,حتى يطمعوهم في عظمة المستقبل الذي يهيؤه لهم ,بينما في الواقع كانوا يتوخون من قسوتهم
وأضاليلهم ,وإخضاع الشعب ,كي يسخروه لتحقيق الدولة العالمية الموحدة في ظل الصهيونية العالمية ,التي يعملون لها منذ أكثر من
عشرين قرنًا ,وهذه الغاية التي وحدت صفوفهم في مؤتمر بال ,وجعلت كل يهودي ,يرتبط بالقيادة الصهيونية مهما كانت نزعنه وميوله.
63
ولهذا أوعزت الرأسمالية اليهودية إلى صحافتها ,أن تعمد إلى التطبيل والتزمير مثلما ذكرنا بغية إيهام الناس بأن المور في روسيا تسير
وفق النظريات الشتراكية النسانية ,بينما كان الشعب الروسي يتعرض بجميع طبقاته وأفراده دون تمييز أو تفريق لبشع العمليات
النتقامية ,وأقسى أساليب التنكيل و التعذيب ,على أيدي اليهود الذين كانوا يعتبرون كل من ل يرضخ لرادتهم من أعداء الثورة ,مهما كان
عريقًا في ثوريته ,ومهما كان قديمًا في مناوئة القيصر والتعسف .ولهذا كان كل روسي معرضًا للخطر طالما يأبى العبودية السرائيلية.
ومن جراء هذه الفلسفة اليهودية المستمدة من حقد اليهود السود ,سقط مئات اللوف من الرؤوس البريئة ,وعلى الخص بعد أن قضي
على العائلة المالكة وأنصارها ,وكان بين الضحايا ألوف العمال وصغار التجار والفلحون ,الذين ناضلوا منذ عهد كاترينا )La Grande
(Catherineضد الطغيان والتعسف .ومع كل هذا لم ينلهم في مستهل الثورة إل القتل والتنكيل وحتى صغار الرهبان أمثال القس كابون )
,(Gaboneالذي كان أول من أعلن الضراب على رأس خمسة وعشرين ألف عامل عام 1905وتعرض مع رجاله للمذبحة الرهيبة التي
وقعت في 22كانون الثاني التي مازال الناس يذكرونها .هم أيضًا لم ينجوا من الطغيان اليهودي.
نحن ل ننكر أن البلد الروسية كانت بحاجة للعدالة الجتماعية ,وإن الشعب الروسي كان منذ عدة أجيال عديدة يرزح تحت نير عبودية فئة
ضالة ل ترضخ للحق والمنطق ,وإنه كان يتعجل الخلص منها ومن العائلة المالكة الغبية ,فكان من البديهي أن يقضي عليهما بمجرد أن
سنحت له الظروف بذلك.
ل نفس المصير السود في ظل العهود القيصرية ,وناضلت معًا للتخلص منها ,إلى أما أن تعمد مختلف الطبقات الكادحة التي لقت طوي ً
القتتال فيما بينها بمجرد قيام الثورة وأن تترك لليهود ) الذين ساهموا في امتصاص دمائها في العهود المظلمة( دون أن تمس أحدًا منهم
بسوء فل يسعنا إل أن نعللها بأن الزعامة اليهودية هي التي حمت أبناء شعبها ,بينما كانت تحرض بأساليبها المعهودة أفرد طبقات الشعب
الروسي على القتتال لتتأصل العداوة بينهم ,وتحول دون وحدة كلمتهم ,حتى ل ينزع في المستقبل أحد منهم إلى التفكير بالتخلص من
سيطرتهم .ولهذه السباب كان اليهود و أنصارهم يختلقون التهم ويلصقونها بالفئات التي يشتبهون بإخلصها للزعامة اليهودية ,ثم
ينقضون عليها ,دون أن يعترضهم أحد من أعضاء المجلس السوفييتي الذي كانوا يسيطرون عليه ,ولذلك كانوا يفعلون في البلد الروسية
ما يحلو لهم ,فيحمون من شاؤوا ,ويذلون خصومهم بكل حرية وأمان .وفي الوقت نفسه كانوا يتعاونون مع زعمائهم من الرأسمالية
والماسون في الغرب ,وينفذون كل تعليمات شيف و عصابته المجرمة ,وهذه السيطرة اليهودية التامة دامت عدة أعوام ذاق فيها الشعب
الروسي أمر أنواع العذاب .فالنساء الروسيات التي كن يحلمن منذ أجيال بساعة الخلص من آل رومانوف ,وليركن وأفراد عائلتهن إلى
العمل والسلم .أصبن بأعظم خيبة أمل في هذه الثورة التي كانت حلمهن .وذلك من جراء تنكيل اليهودي بأفراد أكواخهن .ولكن لم يكن لهن
في المر حيلة سوى الصبر والنتظار.
وتفاصيل الحوادث التي وقعت في روسيا تشير أكثرها بأصابع التهام إلى اليهود و تدمغهم بالحقد و الجرام .ولكن الناس حينها لم يكونوا
ليجرؤا ,على التصريح بذلك .إذ كان الرعب مسيطرًا على الجميع لن اليهود استعملوا كافة الساليب الرهابية و على الخص علم النفس
الذي سخروه للتأثير على أعضاء المجلس العلى .فكم شهدت قاعات الكرملين المجرم تروتسكي يثور فيها ويعربد ويهدد رفاقه في
المجلس ,ويؤكد لهم تطرفه في خدمة الثورة والشعب الروسي ) كبش الفداء ( ,وكم من مرة رآه الناس وهو يخرج منتصرُا على العضاء
الذين كانوا يطالبونه بمعاملة المواطنين البرياء بقليل من الرحمة والشفقة ,وكم من مرة سمعه الناس وهو يرفع عقيرته صائحًا بزملئه.
ل إن الدواء الوحيد للتخلص من البرجوازية هو الشدة والقسوة .وإن الوسيلة الفريدة لستئصال جذورها هي ذبحها وإفناؤها .وإن وقائ ً
الرحمة والشفقة فيها سوف تهيأ لها ظروف التصال مع البرجوازية الغربية و التحالف معها .ومن ثم انقضاضها علينا وعلى ثورتنا,
ولهذا يجب إفناؤها ,وإن من ل يؤمن منكم بنظريتي هذه ,فهو إما فاقد العقل والبصر .وإما مخادع خائن يجب إعدامه حاًل.
وهذه القوال المقرونة بالتهديد التي كانت تصدر عن الزعيم تروتسكي كانت تزرع الخوف والرعب في قلوب مستمعيه ,إذ أن كلمة واحدة
ضد الثورة كانت تكفي للقضاء على قائلها مهما كانت له من الخدمات للثورة .ولذا كان الناس يفضلون السكوت وعدم العتراض
لتروتسكي وزمرته الحاقدة .وكان اليهود أمثال سفيورلوف وبوركوفينش يستعملون لهجة رئيسهم تروتسكي ويرددون أقواله ,ليرهبوا بها
الناس ,وكأنها من صميم أقوال موسى.
ولكن القدر أبى إل أن يظهر تروتسكي وشلته على حقيقتهم ,وانكشفت خيانتهم واتصالهم بالغرب وتآمرهم على الشعب الروسي وتواطئهم
من الرأسمالية اليهودية ,فسارعت الحكومة السوفييتية إلى الحد من سيطرتهم .فهرب تروتسكي من البلد وأبعد زينوفيف )(Zénoviv
سلنسكي عن الحكم ,وأحيلوا جميعًا إلى القضاء .وطهرت أجهزة الجيكا ) (G.P.Uمن المشتبه بهم ,واعتقل رئيسها يوكودا )(Yogoda
و أودع إحدى الزنزانات حيث قضى نحبه غير مأسوف عليه.
وعلى إثر ذلك عمد اليهود على القلل من غلوائهم حتى ل ينكشف أمر من بقي منهم في مراكز الجاه والسلطان .ولكي يخفوا عن الشعب
مآربهم الدنيئة ,سارع أدباؤهم وكتابهم إلى شن الحملة على تروتسكي وزملئه ,وصبوا عليه جام غضبهم ليوهموا الناس أنهم وحدهم
الخونة بين أفراد الشعب المختار .فصدقهم الشعب الروسي الطيب القلب ,وعادت المياه إلى مجاريها بالنسبة لليهود .ولما تيقنوا أن
الروس نسوا تروتسكي وزمرته الخائنة ,عادوا من جديد يصبون غضبهم على الشعب الروسي ,فقام حاييم آبتر ) (Haime Apeter
المدير العام للسجون السوفييتية و معاونه اليهودي ماندل بيرمان ) (Mandel Bermannو رجال السجون من اليهود يشددون على
المعتقلين الروس ويسومونهم سوء العذاب ويحرمونهم من الغذاء ,انتقامًا لتروتسكي و عصابته.
حتى مات المليين من المعتقلين دون أي ذنب ,اللهم إل كونهم أبناء قوم اكتشف خيانة تروتسكي .ومن الناحية الثانية هب بريا )(Beria
الذي عين بدًل من يوكودا يوسع نشاطه البوليسي ,ويعتقل البرياء من الفلحين والعمال بحجة مناوئتهم للنظام الجديد ,ويقتل المعتقلين في
أعماق السجون ,دون أن يشعر به أحد .مثل الجنرال كوتييبوف ) (Koutiépoffالذي اختطف وقتل جزاء انتقاده لتروتسكي .وهكذا عاد
اليهود من جديد إلى مسرح أعمال القتل و الذبح بدافع عنصريتهم المتطرفة .ولقد دامت هذه الحوال حتى عام 1940وعندما تحالف
ستالين مع ألمانيا ,بادر إلى تطهير أجهزة الدولة الحساسة من اليهود ليس لرضاء اللمان فحسب بل لن الوساط الشيوعية الروسية
كانت قد أيقنت من خيانة اليهود وجنوحهم إلى العنصرية المتطرفة .واكتشفت تعاملهم مع الغرب .ولذا أبعد موسى كاكانوفيتش )Lazar-
(Moise Kaganovichعن المانة العامة للحزب الشيوعي .وميشيل موسى كاكانوفيتش ) (Michelعن عضوية الجمعية العمومية,
وجول موسى كاكانوفيتش ) (Julesعن أمانة سر الحزب في منطقة كوركي ) (Corkiو هارون موسى كاكانوفيتش عن عضوية الحزب
في كييف ) ,(Haronورزائي كاكانوفيتش ) (Rosaiعن رئاسة الصليب الحمر الروسي .و س م كاكانوفيتش عن مديرية صناعة
النسيج .و ب م كاكانوفيتش عن مديرية تموين الجيش الحمر وقيادة الشرطة الداخلية .كما أبعد مئات الخرين من اليهود عن المراكز
الحكومية الهامة .ولكن مع كل هذا ظل ألوف اليهود متغلغلين في أجهزة الدولة و من خلل هذه التسريحات التي شملت العشرات من أفراد
64
عائلة يهودية واحدة يتضح للقارئ الكريم مدى ما كان عليه التغلغل اليهودي في الدولة و مدى سيطرتهم على الشعب الروسي ,مع العلم
أن كل واحد من هؤلء كان يحتل أكثر من وظيفة هامة في الدولة الروسية .ولقد أسفرت هذه التسريحات عن إطلق ألسنة الناس .وبدأ
الشعب يستيقظ من غفلته التي دامت قرابة ربع قرن .ويطالب بصورة لبقة أن تضع الدولة حدًا للسيطرة اليهودية التي طال أمدها ,وصار
الناس يسمعون النتقادات الموجهة لستالين لعتماده على أمثال مرافقه اليهودي الكولونيل يعقوب روبيور )(Jacob Ropport
وليتيفينوف ) (Litivinovاليهودي الذي كان يشغل منصب وزير خارجية البلد ,هذا اليهودي الوضيع الذي اعتقل عدة مرات في باريس
لرتكابه جرائم السرقة والجرائم المخلة بالداب العامة ,ولم يشترك قط في النضال الثوري وكل ميزاته ولم تكن سوى إتقانه لساليب
التزلف والخداع .وهذه النتقادات كانت وليدة اليقظة القومية في صفوف الشعب الروسي .فشعر اليهود بخطرها .وراحوا يعملون لدى
ستالين ليحد من شيوعها .ولقد تمكنوا من إقناعه على إصدار قوانين جازمة لردع من يمس باليهود .وعلى إثر ذلك عادت الطمأنينة لقلوب
اليهود وثابروا على مؤامراتهم الحفية .وقرروا التخلص من ستالين بعد أن أيقنوا أنه لم يعد يثق بهم كالسابق .وإذ بالعالم يفاجأ بموت
ستالين دون سابق إنذار وبنفس الداء والصورة التي مات عليها الزعيم لينين .هكذا قضى اليهود على ستالين ,ولم تشفع له كل الخدمات
التي قدمها لهم في غضون خمسة وعشرين عامًا من سني رئاسته للدولة ,أما السبب الساسي لغتياله لم يكن سوى عمليات التطهير التي
قام بها عام .1940
ولما اكتشفت السلطات الروسية سر مقتل ستالين ,أمرت باعتقال جميع اليهود الذين اشتركوا بالجريمة ,وأحالتهم إلى القضاء .وهنا انبرت
الصحافة اليهودية العالمية مرة أخرى لتدافع عن اليهود المعتقلين وتدس أنفها في شؤون روسيا الداخلية .وكانت حملتها هذه أشد
الحملت قاطبة ,فانهالت على الروس تتهمهم بالظلم والتعسف واضطهاد اليهود الفقراء! ,وتطالب مالنكوف بالفراج عنهم ,وتصفهم
بالمتهمين البرياء ,وتكيل للشعب الروسي الشتائم والسباب ,وتصف النظام السوفييتي بالفساد .ولقد دامت هذه الحملة اليهودية الشعواء
عدة أسابيع دون هوادة بينما كان الضغط اليهودي في الداخل يشتد على مالنكوف يوماً بعد يوم ,حتى استسلم مالكنوف وأفرج عن القتلة
اليهود ,فانتصر اليهود مرة أخرى ,رغم كل التسريحات و التطهيرات الستالينية ,التي كانت في الواقع تسريحات جزئية ليس لها تأثير كبير
على النفوذ اليهودي الذي كان شبه عام شامل ,وللتدليل على قوة اليهود يذكرنا هيبس بأنهم كانوا حتى أواخر عام 1954مسيطرين على
أكثر المرافق الحساسة في الدولة السوفيتية ,ويدعم ذلك بالسماء والرقام .ويقول إن عدد مفوضي الشعب من اليهود عام 1954كان
يربو على أربعة عشر مفوضًا .ويعدد أسماؤهم ووظائفهم كما يلي :
لوسوفيسكي ) (Losowskyمفوض شعب ووكيل وزارة الخارجية بيريا ) (Beriaمفوض شعب ,والوكيل الثاني للخارجية ,جيكشوك )
(Tchikchukمفوض شعب و الوكيل الثالث لوزارة الخارجية ,ويزر ) (Weizerمفوض شعب ,جوكولوف ) (Jokowlovمفوض
شعب ,روشينوفيج ) (Ruchinowichsمفوض شعب ,بارنام ) (Barnammeمفوض شعب ,كيزبورغ ) (Guizburgميشلي )
(Michilisليفين ) (Levineكارفال ) , (Karawalروزنهولز ) (Rosenholzالسيدة شملياشكا ) (Semliachkaو جميعهم من
الذين كانوا يشرفون على مختلف وزارات الدولة.
وفي بحثه عن الصحافة الروسية آنذاك يقول إن أكثر المشرفين عليها كانوا من اليهود أمثال ثال ) (Thalو منكس ) (Menkesو نيلفر )
(Nilvirالذين كانوا يحررون جريدة اسفيستيا ) (Iswestiaو ميشلي ) (Michilisوجلفان ) (Gelfandوأولجين ) (Olginالذين
يشرفون على تحرير البرافدا.
كما أن السلك الخارجي السوفييتي كان يضم عددًا من اليهود أمثال ماليسكي الياس ستمان ) (Maliski Alias Steimannالسفير
الروسي في بريطانيا .وستين ) (Steinالسفير الروسي في إيطاليا ,وجيكي ) (Gaikisالسفير الروسي في إسبانيا ,هذا عدا ما كان لليهود
من العناصر المتنفذة في أجهزة الدولة الخرى كالشرطة والجيش وأجهزة الستخبارات و الدعاية و العلم.
أما الميادين الثقافية التوجيهية فكانت تخضع تقريبًا بكليتها لكتاب اليهود ولقد اشتهر منهم كل من روزمبلت ) (Rosemblatteو إليا
اهرمبورغ ) (E. Ehremburgو سيكولوفيتش ) (Segolowichو كولزوف ) (Kolzowوفريلدند ) (Freidlandو بورودين )
(Borodinو ماندلسون ) (Mandelsonو مئات الخرين.
وهذا العدد الهائل من اليهود المتربعين على كراسي الحكم ,كان بكل تأكيد قادرًا على التأثير على مالنكوف أو سواه ليغير رأيه ,وهذه
الزمرة اليهودية هي التي أرغمت السلطات الروسية للوقوف بجانب إسرائيل ,عندما أثيرت قضية فلسطين العربية ,وهي نفسها دفعت
ببعض الدول الشتراكية لمؤازرة عصابة بن غوريون عام . 1948إذ كان الكتاب اليهود يكتبون المقالت المثيرة عن العرب ويختلقون
سيلً من الكاذيب لتضليل الجماهير الشتراكية وجعلها معادية للعرب والعروبة .ومن ثم يمتدحون اليهود ويشيدون بما كانا لهم من
الفضائل المزعومة على الشعوب الشتراكية .ويكيلون المديح والثناء في الوقت نفسه على الحكومات الشتراكية وزعمائها ,ليوهمهم
بصداقة اليهود البدية لهم .وبفضل هذا التدجيل غرروا بهم وساقوهم خلف مقاصدهم وأهوائهم .ولكن لكل أمر نهايته ,فبعد أن ظهرت
إسرائيل المجرمة انكشف أمر اليهود في روسيا ,ولم تعد أكاذيبهم تنطلي على أحد .وعلى الخص عندما أظهروا تحيزهم السافر لدويلتهم
وبدأوا يعلنون تفضيلهم لها على كل ما عداها ,واستيقظ الزعماء الروس من غفلتهم وبادروا إلى وضع حد للشطط اليهودي وقرروا إخراج
أمتهم من شبكة الضاليل اليهودية ,فعمدت الدولة إلى إحداث هيئات التوجيه القومي ,وأوضحت أهدافها بما يلي:
العمل على تقوية المبادئ الشتراكية -2توضيح السياسة الداخلية والخارجية لفراد الشعب -3إيقاظ الشعور -1
القومي والوطني في صفوف الشعب -4تزويد الشعب بالمصادر العلمية والثقافية الصحيحة -5مكافحة النظريات المناوئة
للدولة و لمبادئها العلمية -6نبذ الفكار الجنبية.
ولما بدأت هذه الهيئة بنشر تعاليمها الجديدة ارتاع اليهود من عواقبها ,وأوعزوا إلى صحافتهم في الداخل والخارج للتشنيع بهذه الهيئة
ل التخلص من هذه الطغمة الخادعة .فبادرت إلى إبعاد ليتفنوف وتعاليمها ,ولكن الدولة السوفييتية كانت هذه المرة قد قررت فع ً
ولوزوفسكي و مالسكي من وزارة الخارجية ,فحاول اليهود أن يردوا على الدولة بإثارة الشغب والقلقل في أوكرانيا .فلم يتجاوب الشعب
ل ,فتدخلتمعهم بل بالعكس ارتد عليهم بعد أن شعر بتخلي الدولة عنهم ,وأعمل مخالبه في أعناق اليهود الوكرانيين الذين أذلوه طوي َ
الحكومة بالمر وأجلت اليهود من المنطقة الوكرانية إلى منطقة بيروبيجان ) (Birobijanاليهودية وهنا كانت الطامة الكبرى بالنسبة
لليهود ,فقامت صحافتهم في الغرب وشرعت تطالب الدول الغربية في التدخل بالشؤون السوفييتية ,وإنقاذ اليهود من جحيمها ,وتحركت
أقلمهم في الداخل تطالب الدولة بوقف تعسفها ,فردت السلطة على هذا التحدي بإغلق الصحف اليهودية مثل صحيفة بريستيرف )
(Brestifgffوالتيكيت ) (Etiquetteوسواهما .و منعت المطبوعات اليهودي الخاصة من النتشار في البلد الروسية ,وهذه الصفعة
الخيرة أطارت صواب الصحافة اليهودية والحافل الماسونية فاندلعت جميعها ,تنادي بالويل والثبور وعظائم المور .فصارت كل صحيفة
65
بالغرب ل هم لها إل التشنيع بالنظام السوفييتي و شتم الشعب الروسي ,وتحريض الناس على الشيوعية والشيوعيين .وذهب بعضها
للتهديد والوعيد مثل صحيفة حصن الحراس ) (La tour de Gardeالفرنسية المهودة التي سبق لها أن شتمت السيد ستولبين )
(Stolpineو نعتته بالنازي العريق و الخائن الحقير و طلبت من السلطات الفرنسية إخراجه من البلد لنه تجرأ وقال إن التطهير الجزئي
الذي أجراه ستالين عام 1940لن ينقذ الروس من براثن الشعب المختار .ومهما أحاط ستالين هذه التطهير بمظاهر الهمية فل يؤثر بتاتًا
على السيطرة اليهودية ,وسيظل اليهود قابضين على دفة المور بقوة وصلبة ,ولن يتمكن ستالين أو سواه من دحرهم ,خاصة بعد أن
أصبحوا سادة البلد بكل معنى الكلمة ,وإذ قدر للروس يومًا أن يفكروا في التخلص منهم ,فعندها لن يتورع اليهود من ضرب روسيا و
محوها من الوجود .والواقع إن اليهود أخرجوا البلد عن طابعها الروسي ,وجعلوا منها دولة يهودية صرفة يسيطرون على كل شيء فيها.
والذين ينكرون هذه الحقيقة فهم ل شك ل يفقهون.
وإذ هذه الصحيفة بالذات تكتب في عددها الذي صدر في 15تشرين الثاني سنة 1951افتتاحية طويلة تشتم فيها الروس والشيوعية
مطوًل و من ثم تشفعها بالتهديدات فتقول:
ل أيها الخوة ) مخاطبًا اليهود( وليعلم هؤلء الروس الكفار إن نبوءة دانيال سوف تتحقق ,وإن الرب سوف يقيم مملكته البدية التي مه ً
ستحطم جميع الممالك والدول ,وتبقى وحدها على أنقاض تلك الدول ,ولن تؤخر قيامها قوى الرض قاطبًة .فعندها سنتبوأ عرش الدنيا.
واعلموا أن ساعة تتحقق النبوءة أصبحت قريبة جدًا ,وسنخرج من هذه اليام الحالكة بالنصر المبين ,وسوف يظهر مسيحنا الذي سننضم
إلى لوائه ,وسنخوض معًا معركة النصر النهائية ,وسننتصر دون شك بفضل أبطالنا التقياء مهما كانت قوة أعدائنا ,وعند ذلك سنفرض
إرادتنا على العالم أجمع ,نحن ل نطالب اليوم أحدًا بإنصافنا ,رغم كل ما يكال لنا من التهامات و الضربات لننا واثقون بأن الحق البلج
سيكون قريبًا بجانبنا ,وسنكافأ على الجهود التي نبذلها لقامة مملكة الرب التي ستدمر مملكة اللحاد والكفر الشيوعية والدول الديمقراطية
العفنة .وعند ذلك سنقيم دولتنا العالمية الواحدة تنفيذًا لرادة السماء ,ونحن نعلن بكل صراحة وإخلص قرب قيام دولتنا ,ننذر أعدائنا بأنه
ليس في العالم من يمكنه الحيلولة دون تحقيق نصرنا الكيد.
وهكذا بدأت الصحافة اليهودية لهجتها ,ولم تعد ترى غضاضة في شتم السوفييت ,وسب الروس,و لعن الشيوعية ,بعد أن كانت تقيم الدنيا
و تقعدها على من يجرؤ على المس بالشيوعية ,وكل ذلك لن الروس طلبوا من اليهود أن يخففوا من غلوائهم وأن يكفوا عن الساءة لهم.
ولنهم أبعدوا السارقين والقتلة منهم عن مراكز النفوذ والسلطان ,ومنعوا صحفهم القذرة عام 1950عن الصدور وتسميم أفكار الشعب
الروسي الساذج الطيب.
ولما شعر اليهود أن صحافتهم لم تعد قادرة على التأثير في توجيه سياسة الدولة الروسية ,عمدوا إلى التآمر على قلب نظام الحكم في بلد
السوفييت وتنادوا عام 1951ليعقدوا مؤتمرًا عامًا مع الروس البيض في مدينة شتوتغارت اللمانية ,ولكن بعد عدة جلسات انفرط عقدهم
دون أن يعثروا على الوسيلة المؤدية لغراضهم ,والمر الذي لفت انتباه العالم في هذا المؤتمر .هو ظهور اليهودي كيرنسكي بين أعضائه
,هذا هو نفسه الذي تآمر عام 1918على الدولة الروسية مع تروتسكي و سلمه الحكم وفر هاربًا وكأنه معصوم عن الخيانة ,وظل أكثر
من ثلثين عامًا دون أن ينبس بكلمة واحدة ضد السوفييت ,ولكن عندما تدهورت أحوال أبناء قومه في روسيا سارع إلى النضمام للزمرة
الحاقدة ليعمل معها على الطاحة بالدولة الروسية مثلما عمل في صباه على الطاحة بالقيصرية ,ولكن غاب عن بال هذا الخرف بأن
الروس لم يعودوا كالمس ,وأنهم عرفوا اليهود على حقيقتهم وإن أكاذيبهم لك تعد تنطلي عليهم .وإنهم قرروا ,العمل بقول و رأي هنري
بوزو مؤلف كتاب ) ترهات لحداث مذبحة ( و اختاروا الشيوعية دون اليهود ,والشتراكية دون الطغمة الحاقدة.
وفي أعقاب فشل مؤتمر شتوتغارت أيقن اليهود أن دورهم في بلد السوفييت قد انتهى وأن حلمهم في خلود سلطتهم على الروس قد
تبخر .وإن آمالهم في تسخير الشعب الروسي لتحقيق سيطرتهم العالمية قد زالت ,وعلى الخص بعد أن انبرت لهم صحيفة برافدا )
(Bravdaو أوضحت للعالم أجمع الساليب و الجرائم القذرة التي اعتمدها اليهود في روسيا ,والعمال الوحشية التي ارتكبوها ,وفضحت
مؤامراتهم القذرة الرامية لقامة دولتهم العالمية ,وتحيزهم الوقح لسرائيل التي يعتبرونها نواة دولتهم العالمية المرتقبة وأظهروا
عداوتهم السافرة لروسيا ,وعمدت صحافتهم على تحريض الشعوب على الدولة الروسية ,وجنحوا لخيانتها وكثر عدد العلماء والموظفين
والسياسيين اليهود الذين هربوا من البلد الشيوعية ,أمثال فيشنكو صاحب و مؤلف كتاب ) اخترت الحرية ( J’ai Choisi Libertéو
ازداد عدد الكتاب الذين هاجموا النظام الشيوعي ,ونعتوا روسيا بالسجن الكبير و الجحيم الواسع .فأغرقوا العالم بالمؤلفات المحرضة على
الروس يكيلون لهم الشتائم والسباب بل حساب ,وكأنهم ما كانوا يزعمون بالمس القريب أن روسيا هي جنة ال في أرضه وأن شعبها
أرقى شعوب العالم ,ونسوا أيضًا أنهم أضاعوا صوابهم عندما سمعوا السيد سولونيوفيتش ) ) (Solonievitchصاحب صحيفة كولوس
روسيا ) (Colosse Russiaالذي هرب من روسيا ( يقول للجنرال الفرنسي تاركول ) ) (Tarkoulالذي طرده ليون بلوم من فرنسا
لمناوئته اليهود ( إنه فر من روسيا الشيوعية بعد أن عاش في دوامة الضاليل و الكاذيب اليهودية سبعة عشر عامًا من حياته ,وشاهد
بأم عينه المذابح الوحشية التي أقدم عليها اليهود في بلده ,بحجة صيانة مكاسب الثورة و الخلص لمبادئها ,مع أن القتلى كانوا في أكثر
الحيان من أشد أنصار الشتراكية ,وممن عملوا أعوامًا طويلة لتحقيقها ,ولكن رفضوا الخضوع للزعامة اليهودية فكان جزائهم القتل,
بحجة أنهم أعداء الثورة ,وهكذا كان اليهود يذبحون أبناء قومي ,الذين ثاروا للخلص من الظلم والستعباد وإذ بهم يقعون بأشر المور
وهو الحكم اليهودي ,لنهم فكروا في بداية الثورة بالمور الثانوية ودافعوا عن أغراض رخيصة بينما أهملوا الدفاع عن وطنهم وقومهم
وحتى أنفسهم وتركوا مقاليد كل ذلك بأيدي أحد أنواع البشر ) أي اليهود( فأذلونا واستعبدونا فلم يعد بإمكاني التحمل فهربت من براثنهم.
اليهود في بريطانيا
بعد أن هيمنت الصهيونية المسماة بالكريت روسل ستريت )(Creat Russel Streetعلى رئاسة المخابرات downin street 10التي
تشرف بدورها على المخابرات النجليزية ) (Intelligence serviceالتي تعتبر أهم وأقوى أجهزة الدولة )منذ عهد مؤسسه كرومويل(
والتي تتدخل حتى في شؤون التاج البريطاني لم يعد النفوذ اليهودي محصورًا في الحزاب السياسية فحسب بل تعداها إلى السيطرة التامة
على مقدرات المة بأسرها وهكذا أصبح اليهود في بلدنا فوق الجميع.
من الصحيفة النجليزية الحرة ) (Free Press
ل على الكتاب المقدس الجديد للشعوب المغلوبة على أمرها لمؤلفه هيبس),صفحة .(282 نق ً
66
يستهل التاريخ بحثه عن اليهود في الجزيرة البريطانية ,بذكر حادثة طردهم عام 1290من قبل الملك إدوار الول )(Edouard 1erوهو
إن كان ل يشير لحوالهم فيها قبل هذه الحادثة ,إل أن الجراء الذي اتخذه الملك يعني صراحة أنه كان لليهود في المملكة البريطانية شيء
من الهمية والتأثير ,أساؤوا التصرف فتعرضوا للطرد.
ومن سير الحداث التي وقعت في عهد هنري الثامن ) (Hanry VIIIيتضح أن هذا الطرد لم يكن كما زعمته المصادر اليهودية ,و إل لما
وجدت جمعية النسانيين المشهورة بتحيزها لليهود والتي ساندت الملك الذي كان يتذوق فلسفتها في صراعه مع الكنيسة مع ما كان لها و
لمبادئها من اللون والطابع اليهودي ,والنتائج التي أسفرت عنها الحداث تشير أيضًا إلى آثار الصابع اليهودية التي ساهمت فيها ,لن
الشخاص الذين اعتمدهم هنري الثامن لقيادة الحملة على الكنيسة كانوا جميعًا من مجهولي الصل و المنبت والمشكوك في قوميتهم أمثال
توماس كرومويل ) (T.Cromwelleتاجر الصوف المغبون الذي كانت جميع الدلئل تشير إلى أنه يهودي الصل رغم ادعائه بأنه
إنجليزي ,والذي كلفه هنري الثامن بقيادة الحملة ضد الكنيسة لما اشتهر به من الكفر واللحاد ,وكان كرومويل عند حسن ظن الملك .فطغى
في البلد ,وأحرق الكنائس ,وقتل الرهبان دون رحمة أو شفقة حتى استحق عن جدارة لقب جزار الرهبان بعد أن كان جزار الخراف الحقير
ويلحظ من ذلك أن التأثير اليهودي في بريطانيا كان قويًا منذ البداية.
ومن غرائب الصدف التي تجعل المراقب التاريخ ل يستبعد احتمال انتساب كرومويل إلى اليهودية ,هو ظهور سمي له ) بعد قرن من الزمن
يتميز مثله بغموض الصل ( على مسرح السياسة البريطانية ,وهو النائب أوليفير كرومويل ) (Olivier Cromwelleالذي اشتهر بين
أترابه بالميل والنطواء على النفس .بزغ نجمه فجأة وقاد ثورة المجلس ضد الملك شارل ) (Charles 1erوخلعه عن العرش ,ثم ثار
مجددًا على رأس الجيش ضد المجلس وأعلن قيام الحكم الجمهوري ,بعد أن زعم أن يهوى أوحى له بذلك باعتباره رسولً أوفده لينقذ
الشعب البريطاني من الخطيئة .وكان يتشبه بالقاضي اليهودي جدعون ) (Gédéonويلقب جنوده بجنود يهوى ,ويستمد نظرياته من
تعاليم التوراة و التلمود ,وينادي في المناسبات العامة بحرية الدين ,بينما كان يعصب ضمنًا لتعاليم التوراة ,وينكل بمناوئها ,كان اشتهر
باحتقاره للناجيل وأتباعها ,والعتماد فقط على البوريتان ) (Puritainesأصحاب التوراة.
وهو الذي أصدر أمرًا بعودة جميع اليهود إلى بريطانيا و منحهم جميعًا الحقوق التي كانت ممنوحة للبيروتان ) الطبقة المختارة ( وادعى
النبوة وقال إنه خليفة النبي حزقيال ,وإن مخمور بحب يهوى مثله ,ونفى أن يكون إله الناجيل إلهًا صادقًا ,ومنع البوريتان من العتراف
به ,وأمرهم بأن ل يعترفوا أيضًا بالمسيح ,وأن ل يحترموا سوى يهوى إله الجنود .ثم أصدر قانونًا حرم بموجبه العمل على المسيحيين أيام
السبت ,وأرغمهم على قراءة التوراة أيام الحد .وألغى جميع الطقوس الدينية المسيحية وحرم على الناس دخول الكنائس ,وقتل كل من
دخلها ,وجرب إقامة مجلس كهنوتي أعلى على غرار المجلس اليهودي ) (Sanhedrinليطبق شريعة التوراة الحرفية في البلد ,ويجعل
ل عن إسرائيل لتقوم بتحقيق الوعود التي وعدها لليهود ,وكان طيلة بريطانيا دولة يهودية تامة ,وكان يدعي أن الرب اختار بريطانيا بدي ً
أيام حكمه التي دامت حتى عام 1660يطبق في البلد الشرائع اليهودية بحذافيرها ,ولقد ذاقت البلد إبان حكمه أمر العذاب ,إلى أن فيض
ال لها بعودة النظام الملكي من جديد.
وهذا المسلك اليهودي الصرف الذي سلكه أوليفير كرومويل والذي يتفق مع مسلك توماس كرومويل و تشابه اسميهما و توافق أصليهما,
يوحي إلى الناقد بانحدارهما من أصل يهودي واحد ,أو انتسابهما لحدى العائلت اليهودي التي أعلنت اعتناقها النصرانية لتنجو من الطرد
من البلد ,ومن هنا يستنتج أن طرد اليهود في عهد إدوارد الول لم يكن إل عملية تطهير جزئية ,نجا منها الكثيرون من اليهود الذين
عادوا لشريعتهم الصلية بمجرد اختلف هنري الثامن مع الكنيسة ومن ثم عمقوا جذورهم في الرض النجليزية بصورة جدية في عهدي
المجلس النيابي و جمهورية كرومويل.
فلما عادت الملكية مجددًا إلى البلد كان اليهود قد رسخوا أقدامهم في جميع مرافقها ,واستعادوا نفوذهم في سوق المضاربات ) البورصة(
الذي مكنهم من السيطرة على مقدرات البلد المالية ,فاحتاجت إليهم الدولة والطبقة الرستقراطية التي كانت أحداث هنري الثامن وأحداث
كرومويل الدامية هدت قواها ,واستنفذت مواردها المالية ,وسلبتها أكثر أملكها ,فاضطرت في عهد شارل الثاني ) (Charles IIأن
تستنجد بأثرياء اليهود ,لتقترض منهم المال اللزم لها ,فتقربت إليهم تسترضيهم و تخطب ودهم ,فلبى اليهود مطالبها مقابل فوائد خيالية,
عجزت فيما بعد أكثر أفرادها من سداد ديونهم ,فاضطر بعضهم للتخلي عن ممتلكاته لليهود ,وأرغم البعض الخر على تسوية ديونه بقبول
مصاهرة اليهود والندماج في مجتمعهم ,بعد أن كانوا يحتقرونهم ,ويعزفون عن القتران ببناتهم اللواتي كان اليهود يسعون دائمًا
لتزويجهن من نبلء النجليز ,بغية تهويدهم عرقيًا ,بعد أن هودهم كرومويل فكريًا ودينيًا .فلما وجدوا النبلء المفلسين بحاجة إليهم
استعملوا جميع وسائل الغراء والتهديد ليرغموهم على القتران ببناتهم ,فلم يسع النبلء إل الرضوخ للمر الواقع ,فكثر عدد النبلء الذين
تزوجوا من يهوديات ,وهكذا دخلت اليهودية أعرق البيوتات النجليزية ,وأصبحت فيها المرة الناهية ,وأم أطفالها سادة مستقبلها.
وبفضل هذه المصاهرات منح بعض اليهود أضخم اللقاب ,وحصل البعض الخر عليها عن طريق رشوة الملوك و المراء ,واختلطت
الدماء اليهودية بدماء نبلء النجليز ,وسيطروا على مقدرات هذه الطبقة حتى لم يعد لها خلص من نفوذهم إلى البد.
وفي هذا الصدد يحدثنا الكاتب النجليزي الكبير هيللر بلوك ) (Hilaire Bellocويقول :إن تهويد النجليز وخاصة طبقة النبلء منهم بلغ
حدًا ,استعصى معه الفريق بين النبيل النجليزي و اليهودي العادي ,حتى أنه عندما يسافر أحد النبلء إلى خارج البلد ,يظنه الناس يهوديًا
لما في شكله ,ومنظره من الطابع اليهودي الشهير المغاير لكل ما عرف عن شكل ومظهر النبيل النجليزي العريق ,ولهذا أصبح التفريق
ل .أما النبلء الخالون من الدماء اليهودية فهم أندر وجودًا من العنقاء في القرن العشرين .ومما يحز في نفس بينه وبين اليهودي مستحي ً
النسان هو أن يسمع اليهود يتبجحون بهذا النصر الذي أحرزوه على النجليز ,ويفاخرون ببقائهم عن معزل من الختلط بهم ,مثل الوزير
اليهودي ديزرائيلي الذي فاخر بقوميته و كتب يقول :إن أي شعب أو قوم ل يمكنه الحفاظ على تراثه ومناقبه الصيلة ,وخصائصه القومية
و تقاليده الجتماعية والوطنية ,إل إذا حافظ على دمائه نقية ,و ظل بمنأى عن الختلط بالقوام الخرى.
لن عناصر التفوق العرقي تكمن في الدماء الخاصة النقية .والميزات العرقية تنتقل إلى الجيال عن طريق الوراثة ,وعندما تتعرض دماء
الجيال إلى الختلط بدماء غريبة ,تفقد خصائص قومها ,وتجرد مقوماتها المميزة لها عن سواها ,والشعوب الوربية التي تلوثت دماء
أجيالها بمختلف الدماء الغريبة فقدت كل أصالتها ,وأضاعت ما كان لها من ميزات ولم يبقى لها ما يفرقها عن سواها .أما نحن اليهود
الذين حافظنا على دمائنا نقية من غير شائبة ,و امتنعنا عن الختلط بالخرين ,ل زلنا نملك كل المقومات الخاصة بنا.
ومع العلم أن ديزرائيلي كان يتظاهر باعتناق النصرانية ,ويمثل الشعب البريطاني بصفته وزيرًا في دولته ,ومع ذلك لم يتورع من التفاخر
بأصله والتبجح بقوميته بكل لؤم وقحة ,وليت تعصب ديزرائيلي ليهوديته وقف عند حد التبجح بها ,ولكنه تعداه إلى فتح جميع أبواب
67
الدولة البريطانية ,أمام أبناء قومه ,حتى أحال الدوائر الحكومية إلى منطقة نفوذ يهودي ,وكأن اليهود أصحاب البلد الحقيقيين ,بينما سد
أبواب الزرق في وجه الشباب النجليز ,وحرمهم حق العمل في الدولة ,ومع كل هذا لم يجرؤ أحد على معارضته ,لن الطبقة الرستقراطية
المهودة كانت تناصره ,وتخرس من ينتقد أعماله.
وبفضل مؤازرة هذه الطبقة المهودة لديزرائيلي ,وعدم اهتمامها بشؤون الدولة ,سيطر اليهود على جميع مرافق الدولة البريطانية ,واتسع
نفوذهم فيها ,بينما انطوى البريطانيون على أنفسهم ,واستكانوا للقدر المحتوم,
وفي الربع الول من القرن الثامن عشر أحدث اليهود أول محفل ماسوني في لندن ,وأسندوا رئاسته للعاهل النجليزي بالذات ليستغلوا
نفوذه لتحقيق غاياتهم الخاصة.
ويحدثنا السيد هيبس عن نتائج قبول الملك لرعاية هذا المحفل ويقول :إنه منذ ذاك اليوم لم يعد بين رجالت بريطانيا السياسيين
والبارزين من لم ينتسب لهذا المحفل ,الذي يوجهه اليهود حسب أغراضهم وأهوائهم.
وفيما يخص النفوذ اليهود في بريطانيا يحدثنا الكاتب الشهير لمبولن ) (Lambelinفي مؤلفه المسمى ) مملكة اليهود في بلد
النجلوساكسون ( يقول :لقد توصل اليهود عام 1922إلى أن يكون لهم في بريطانيا 26بارونًا و 6كينكت ) (Knigthsو 6مستشارين
لدى البلط ,و 6أعضاء في مجلس بلدية لندن ,وهذا عدا مئات و اللوف من الكتاب والدباء المشهورين ,وأصحاب الشركات ووكالت
ل إن ثلثة من النباء ,وأصحاب الصحف ,أمثال جوزيفات بئير ) (Joséphat Beerمؤسس وكالة رويتر ) (Reuterوسواه .ويضيف قائ ً
اليهود شغلوا مركز نائب الملك في الهند وحكموا تلك القارة الواسعة مدة ربع قرن ,باسم المة البريطانية ,وهم ,مانتاكو )
(M.Mantagoوويليام ماير ) (S. W. Mayerوالكونت ريدنك ).(Le conte Reading
وفي نفس الموضوع يحدثنا السيد موريس بلؤلوك في كتابه المسمى ,على أبواب القضاء الخير )Maurice Pléologue) (Aux
(Porte de Judgment dernierويقول :إن المير آلبير ) (Prince Albertزوج الملكة فيكتوريا وجد جميع أمراء بريطانيا ,كان
ابنًا غير شرعيًا لحد اليهود ,وإن أمير الغال ) (Prince des Gallesالذي أصبح فيما بعد ملكًا على بريطانيا باسم إدوارد السابع )
(Edouard VIIكان يقترض الموال الطائلة من أثرياء اليهود دون فائدة ,ول يردها لهم ,بل يعدهم بتحقيق مآربهم عند اعتلئه العرش.
ولما أصبح ملكًا اضطر أن يفي لليهود بوعوده الكثيرة السابقة ,فمنح أكثر دائنيه اللقاب الضخمة مثل اليهود ليفي لفسون )Levy
(Lawsonالذي منح لقب لورد وأصبح يعرف باسم اللورد برونهام ) (Burenhamوأنعم أيضًا على اليهودي أرنست كاسل )
(E.Casselبلقب البارونية ,وزوج ابنته لحد اللوردات النجليز ليقوي له مركزه السياسي ,ثم عينه أمينُا عامًا لشؤون البلط المالية.
ويبدو أن نفوذ اليهود في بريطانيا بلغ أوجه في عهد جورج الخامس الذي كان يعتمدهم في كل شؤونه ,حتى إنه كان يقول عن اليهودي
مونتفيور ) (Monte Fioreبأنه أعظم شخصية في إمبراطوريته.
ولقد تجلى نفوذ اليهود قبيل الحرب العالمية الولى ,إذ أصبح تسعة منهم أعضاء في مجلس العرش الذي يضم اثني عشر عضوًا فقط ,وهو
أعظم سلطة في البلد بعد الملك مباشرًة ,كما أن المجلس الستشاري العلى كان يضم عددًا كبيرًا من اليهود و يرأسه اليهودي موريس
هانكي ).(Maurice Hankey
وفي مجلس اللوردات كان لهم أحد عشر لوردًا وعلى رأسهم اليهودي هور بليشا ) (Sir Hore Bélichaوالسيدة سمبسون )
(Simpsonالتي اقترن بها إدوارد الثامن كانت هي أيضًا يهودية معروفة.
والغريب أن النفوذ اليهودي في بريطانيا ازداد يومًا عن يوم حتى إن المرشحين لرئاسة بلدية لندن عام 1942كانا من اليهود وهما
صموئيل جوزيف ) (Samuel Joséphو فرانك بوليتزر ) (Frank Politzirو كأن لندن خلت من النجليز ولم يعد فيها سوى اليهود.
وفي عام 1951أرغم اليهود السير تشرشل على تعيين اليهودي شارفيل ) (Charwellesوزيرًا لشؤون الطاقة الذرية رغم معارضة
أكثرية أعضاء المجلس لهذا التعيين لما لهذا المركز من الهمية والقومية والوطنية.
ومما سبق يتضح للقارئ الكريم مدى ما وصل إليه اليهود من السيطرة والنفوذ في بريطانيا ,وكل ذلك بفضل كرومويل توماس ,الذي
قضى على الكنيسة الكاثوليكية ,وسميه أوليفير كرومويل الذي تمكن فيما بعد من محو أثر النصرانية من الجزيرة ,بإرغامه النجليز على
اتخاذ التوراة بدًل من النجيل و فتحة أبواب بريطانيا لفراد الشعب اليهودي ومساعدته إياهم لتهويد البلد بالشكل الذي سبق شرحه,
وهكذا أصبحت المة النجليزية مهودة برمتها ,ولهذا نجدها اليوم وغدًا تسير في ركابهم ,ول تتخلى عنهم مهما كان المر ,وهي التي
حققت لهم أكر رغباتهم منذ أكثر من مائتي عام خلت حتى اليوم.
68
في مستهل القرن السادس عشر ) عهد النهضة( شرعت جمعية النسانيين بنشر آرائها ومبادئها في المقاطعات اللمانية أسوة بالبلد
الوروبية الخرى وأصدرت مئات المصادر الداعية لللحاد ,والباحية فانهال الناس عليها يقرأونها بنهم زائد ,وبادر اليهود بدورهم إلى
ل ,أكثر من ذي قبل ,فغرق الناس في بحر نشر النظريات المنبثقة عن التوراة والتلمود بعد أن ظهرت الطباعة و أصبح الطبع سه ً
المطبوعات المناوئة لتعاليم الكنيسة القديمة ,ينهلون من الفلسفات الشرقية المضادة للنجيل واللهوت المسيحي ,فسادت الفوضى الفكرية
والدينية ألمانيا ,وحار الناس في أمورهم الدينية التقليدية ,وضعف إيمانهم بالكنيسة التي كانت حينها ترزح تحت سيطرة الرأسمالية
اليهودية ,التي تسللت إلى حرمها ,بواسطة المالي اليهودي يعقوب فوجر ) (Jacob Fuggerالذي فرض نفوذه عليها ,وأصبح يتحكم
بمقدراتها المالية ,بعد أن أقرضها المال الكثير في محنتها ,فعجزت الكنيسة حينًا من الزمن عن تسديد ما بذمتها ,وهكذا رضخت لمشيئة
اليهود ,واستكانت لرغباتهم فاستغلوا ضعفها ,وسارعوا إلى نشر كل ما كان يسيء لها وللنصرانية.
وفي خضم هذه البلبلة الفكرية التي سيطرت على اللمان ,ظهر على مسرح الحداث المصلح لوثر ) (Lutherالذي اعترض على الكنيسة
لصدارها صكوك الغفران بغية سداد ديونها ,فقام النزاع بين لوثر وقداسة البابا ليون العاشر ) (Léon Xوفي عام 1515تفاقمت المور
مدة طويلة ,ثم أسفرت عن خروج لوثر وكنيسته عن الكنيسة الكاثوليكية وأعلن لوثر قيام الكنيسة اللمانية المستقلة التابعة للحواريين
بطرس و أوغوستين ) (Saint Paul et saint Augustinمما أدى إلى التفاف أمراء المقاطعات اللمانية حول الكنيسة الجديدة ,تهربًا
من تعسف الكنيسة القديمة ,فاندلعت نيران الحروب الدينية بين أنصار المصلح لوثر ,والملك شارلكان ) (Charles Quinteحامي
الكنيسة القديمة فوجد اليهود في هذه الحروب فرصتهم الذهبية ليدمروا الكنيسة القديمة ) عدوتهم التقليدية ( ويحققوا المكاسب المادية,
فسارعوا إلى وضع أموالهم تحت تصرف لوثر ومن شايعه من المراء ,مقابل فوائد خيالية ,ولما كان لوثر وأنصاره بحاجة للمال ,رحبوا
بالمساعدة اليهودية ,بغية معاملتهم بالمثل ضمنوا حمايتهم ,ومنحوهم كافة الحقوق الممنوحة لللمان وسهلوا لهم أمورهم التجارية ,حتى
إن لوثر كان ينتقد البابا وكرادلته في معاملتهم لليهود ويقول :إن الساليب التي اتبعها البابا وكرادلته لدخال اليهود في النصرانية ,هي
أساليب همجية بربرية ل تمت إلى الدين المسيحي بصلة ,إذ كانوا يسومونهم سوء العذاب ويضطهدونهم ليرغموهم على الدخول في
طاعتهم ,في الوقت الذي كان عليهم أن يحسنوا معاملتهم ويدعونهم بالرفق واللين والقناع إلى اعتناق النصرانية .فلو كنت يهوديًا وطلب
مني اعتناق النصرانية بمثل هذه الساليب الوحشية لفضلت أن أكون خنزيرًا على أن أعتنق المسيحية .وهذه العطف الذي بدر من لوثر
نحو اليهود أطمعهم في الشعب اللماني ,فاستغلوه لقصى حد ممكن فأمنوا مصالحهم الخاصة ,واستولوا على أكثر الصناعات والعمال
الحرة تحت حماية لوثر و المراء ,ثم وسعوا أعمالهم المصرفية وافتتحوا المصارف وأسواق البورصة في أكثر المدن اللمانية فسيطروا
على النقد في جميع أنحاء البلد .ومن الناحية الخرى ازداد نشاطهم في نشر اللحاد واللأخلقية بين أفراد الشعب اللماني ,وعاونهم
الماسون وأعضاء الجمعية النسانية على أوسع نطاق ,فانهارت الخلق العامة ,وازداد استخفاف العامة في المثل العليا كالوطنية
والقومية ,وأصبح الفرد اللماني يستهجن تعاليم الكنيسة ,ويسخر منها ,ويستعيض عنها بالفلسفات الجديدة المنبثقة عن التلمود و
المصادر المعادية للدين المسيحي.
ولما انتهت الحروب الدينية واستولى المراء على ممتلكات الكنيسة القديمة ,بادر اليهود إلى المطالبة بديونهم مع فوائدها العالية ,فعجز
أكثر المراء عن تسديدها ,فاضطروا على التخلي لليهود عن جميع الملك التي أخذوها من الكنيسة الكاثوليكية ,مقابل ديونهم ,مع أن تلك
الملك كانت تساوي عشرات أضعاف الموال التي اقترضوها من اليهود.
وهكذا خرج اليهود من الحروب الدينية بحصة السد ,وحققوا جميع الهداف التي توخوها من هذا النزاع الذي دام عدة أعوام ,دفع الشعب
اللماني في مئات اللوف من الضحايا على مذبح الشهوات اليهودية.
ولما وجد اليهود أن الشعب اللماني بدأ يميل إلى التخلي عن الكنيسة عمدوا إلى دعوة الناس للدخول في شريعتهم ,واستعملوا في دعوتهم
كل أساليب التغرير المادية والمعنوية ,ولما تفاقم أمر دعوتهم ,لحظ لوثر جسامة الخطأ الذي ارتكبه في حماية اليهود ,فقام بعمل مضاد,
ودعاهم بدوره لعتناق مذهبه ,واستعمل في ذلك جميع الساليب النسانية اللبقة ,ولكن اليهود ردوه على أعقابه خاسرًا ,لم يقبل أحد منهم
الدخول في مذهبه ,وسخروا من دعوته بكل قحة ,فاضطر لعلن رأيه فيهم مثلما أوردنا في مطلع هذا البحث ,ومن ثم أمر حكام المقاطعات
التابعة لكنيسته بجمع نسخ التلمود و حرقها,وفرض على اليهود القيود الصارمة لمنعهم من التبشير بشريعتهم الخاصة.
فرضخ اليهود للمر الواقع ,وخففوا من غلوائهم ,وتظاهر بعضهم أمثال سبينوزا ) (Spinozaبالسعي للتوفيق بين اليهود واللمان ,ودعا
بني قومه للخروج عن عزلتهم ,والختلط بالشعب اللماني ,وإعادة النظر في تعاليم التلمود وجعلها منسجمة مع تعاليم المذهب
البروتستانتي المنبثق عن التوراة ,لزالة الفوارق الكائنة بين الدينية باعتبارهما مشتقين من نفس الكتاب ,وكان يهدف من دعوته هذه
التغرير باللمان و إيهامهم بنزوع اليهود للنصهار في بوتقتهم ,ليوفر على بني قومه بعضًا من الضطهاد الذي تعرضوا له ,ريثما تسمح
لهم الفرصة للعودة إلى إكمال مشاريعهم الرامية إلى السيطرة على الشعوب التي يعايشونها ,ولكن غلة اليهود رفضوا مقترحاته ,وظلوا
على تمسكهم بالنعزالية ففشلت مخططات سبينوزا رغم جهوده الواسعة.
وفي مستهل القرن الثامن عشر ,عمد اليهود إلى إبدال أساليبهم القديمة ,وظهر في ألمانيا اليهودي موسى ماندلسون )Moise
(Mandelsonالذي أتى من الريف إلى مدينة برلين معدمًا فقيرًا ,وفي بضعة أعوام أصبح من أشهر أغنياء العاصمة اللمانية ,وترجم
قسمًا من التلمود إلى اللغة اللمانية ,وحوره بما يتناسب مع أغراضه القومية ,وبما يوحي بعدم وجود الفوارق المذهبية بين الشريعة
اليهودية ,واللوثرية ,ثم اتفق مع أعضاء الجمعيات المهودة مثل الماسونية و النسانيين والمثقفين ,وافتتح لهم الندوات الدبية العديدة,
ليجتمعوا فيها مع نخبة من شباب اللمان لينشروا بينهم الفلسفات الشرقية المناوئة للدين المسيحي ,ويخرجوهم عن معتقداتهم وتقاليدهم
القديمة ,ويقتلوا فيهم روح القومية والوطنية .وأقام على إدارة هذه القاعات الدبية ,التي أغدق عليها الكثير من أمواله الطائلة ,أجمل
السيدات اليهوديات أمثال اليهودية هانريت هيرز ) (Hanritte Hirzالتي اشتهر بجمالها وثقافتها العالية ,وتهتكها رغم أنها ابنة أحد
الحاخامات ,و تلقت داراستها في مدارس الراهبات الكاثوليك ,وتزوجت من يهودي تلمودي ثم طلقته ,وانضمت إلى ماندلسون لتدير أشهر
ندواته الدبية وتبشر بين أفراد الشعب اللماني باللحاد و الفسق والفجور ,تتصيد خيرة شبابه و توقعهم في حبائلها لتلفظهم فيما بعد وقد
أصبحوا ل يملكون شيئًا من المثل والقيم التي شبوا عليها ,سوى السجود تحت أقدامها ,وأقدام أترابها من الفاسقات اللواتي كنت يعملن
معها ,حتى إن أكثر شباب اللمان كانوا يلقبونها بربة الدب الحزينة.
ولقد اشتهرت ندوتها بأنها مركز الماسونية ,ومنبع الفكار الثورية المناوئة للدولة اللمانية ,وناشرة الباحية و اللأخلقية ,وبؤرة الفساد
والخلعة ,وكان يرتادها أشهر رجالت أوروبا المناصرين لليهود ليجتمعوا فيها بزعماء الماسون والصهيونية ,ويتدارسون معهم
المخططات الرامية إلى قلب الوضاع الوربية ,حتى إن ميرابوا)خطيب الثورة الفرنسية ( الشهير زارها بمهمة رسمية ,وتدارس مع
69
الماسون تفاصيل الثورة الفرنسية التي كان اليهود والماسون يعملون ليقاد نيرانها .ولما عاد إلى فرنسا راح يمتدح المشرفة عليها يثني
على اليهود أمام رفاقه الفرنسيين ويقول :إذا شئتم أن يصبح اليهود أناسًا خيرين ,أفسحوا لهم المجال ,وافتحوا لهم جميع البواب,
وأدخلوهم في مجتمعكم دون أن تأخذوا عليهم انتسابهم للشريعة الموسوية عندها سترون أنهم من خيار الناس.
ونحن ل نستغرب هذا الدفاع عن اليهود ,من ميرابوا ,باعتبار أنه كان ماسونيًا عريقًا يعيش على خيرات اليهود أمثال ماندلسون الذين
كانوا يمولونه ,ويوجهونه حسب إرادتهم ,ويأتمر بأمرهم ليدافع عن حقوقهم في المجلس الوطني الفرنسي ,حتى أوصلهم إلى جميع
غاياتهم السياسية ,ولم يكتسب شهرته بأنه خطيب الثورة إل بفضل الدعايات اليهودية التي كانت تنطلق لتمل الدنيا كلما قام ليخطب في
الجمعية الوطنية دفاعًا عن اليهود وذودًا عن حقوقهم ,وهو في الواقع لم يكون سوى خطيب اليهود على حد قول أكثر نقاد التاريخ.
سبق وقلنا إن ندوة هانريت لم تكن الوحيدة في ألمانيا بل كانت هناك ندوات مماثلة عديدة تعمل جميعها لنشر المبادئ الداعية لللحاد
والتهتك ,وتبشر بإنصاف اليهود ,وتدعوا لمعاملتهم على قدم المساواة مع اللمان ,ولكن السواد العظم من الشعب اللماني أبى أن ينجرف
في تيار دعايات هذه الندوات ,وخاصة بعد أن رأى موقف اليهود المعادي للمذهب اللوثري ,وبعد أن كشف لوثر الستار عن محتويات
التلمود ,وأوضح للشعب اللماني كنه الشريعة التلمودية وعدائها المكين للمسيح والمسيحية .ولذا ظل اليهود تحت المراقبة الشعبية حتى
اندلعت الثورة الفرنسية ,وحصل اليهود في فرنسا على حقوقهم السياسية ,فهبت صحافتهم و محافلهم تطالب الدول الوربية بمنح اليهود
في بلدها حقوقهم السياسة أسوة بفرنسا ,ومع هذا ظلت الدولة اللمانية حذرة في معاملة اليهود لعدم ثقتها بهم .ولكن ظهور نابليون على
مسرح السياسة الوربية ,وانحيازه لليهود ,وانطلق جيوشه لفتح البلد الوربية بتحريض من اليهود ,أفسح المجال أمام زعماء اليهود
ليحرروا أبناء قومهم في البلدان الوربية من القيود التي كانت مفروضة عليهم وذلك بفضل تحكمهم بشؤون نابليون المالية .ولما دخلت
جيوش نابليون ألمانيا ,سارع نابليون إلى منح اليهود الحقوق المدنية والسياسية ,وأصبحوا سواسية مع أهل البلد ,ثم بادروا إلى
استغلل صداقة نابليون لهم ,وفرضوا إرادتهم على الشعب اللماني مثلما فرضوها على الشعوب الوربية الخرى في عهد سيطرة نابليون
على أوربا.
وهكذا كانت فتوحات نابليون وباًل على الشعوب الوربية بقد ما درت الخير والبركة على اليهود الذين طعنوا نابليون من الخلف فيما بعد.
وفي الوقت المناسب ,أي عندما استنفذوا كل أغراضهم من مناصرته.
ولقد استغل اليهود سيطرة نابليون في ألمانيا على نطاق واسعة ,وتمكنوا من الستيلء على مقدراتها المالية و القتصادية واحتلوا مراكز
الجاه والسلطان في كافة مرافقها ,فأصبح منهم مستشارون في الدولة ,وامتهنوا الحرف الحرة ,حتى بلغت نسبة الطباء منهم %80و
نسبة المحامين %70و سيطروا على الميادين الصحية والعدلية ,وتركوا أحياءهم القديمة ليعيثوا في الحياء المسيحية فسادًا وفسقًا,
ويستولوا على أسواق البورصة والتجارة الخارجية ,ووسعوا عملياتهم المصرفية ,لدرجة غدت ألمانيا معها شبه مزرعة يهودية .وفي
صدد نفوذ اليهود في ألمانيا يحدثنا السيدان تارود قائلين :رغم أن نابليون منح اليهود في ألمانيا جميع الحقوق السياسية ,إلى أن الدولة
اللمانية منعتهم من ممارستها جزئيًا ,ولما اندلعت ثورة 1848التي أسفرت عن ازدياد نفوذ اليهود في فرنسا ,عمدوا إلى الضغط على
حكومتها للتوسط لدى الدولة اللمانية لمنح اليهود الحقوق السياسية ,فانصاعت الحكومة الفرنسية لمطالبهم ,وتوسطت في الموضوع,
والمؤسف هو أن الدولة اللمانية استجابت لرغبة فرنسا و منحت اليهود مطالبهم ,ولم يعد محرمًا عليهم إل قيادات الجيش ومراكز وزارة
الخارجية العليا ,أما مراكز الدولة الخرى فأصبحت في متناول أيديهم ,والدليل على ذلك أن غليوم الثاني ) (Guillaume IIعين اليهود
بالن ) (Ballinمستشارًا للتجارة الخارجية ,وأسند إلى اليهودي إميل روتونة ) (Emile Rothenauمهمة الشراف على أكبر شركة
كهربائية ,وسمح لليهودي فورستنبرغ ) (Furestenbergبإنشاء الشركة الصناعية العامة ) (B-Hاللمانية ,وأسند إلى اليهودي
ديرنبورغ ) (DerenBurgالمانة العامة للمستعمرات اللمانية ,وعهد إلى اليهودي فريد لندر ) (Frid Laenderبتأسيس شركة
مناجم سيليسيا الكبرى .ومن ثم عينه عضوًا في مجلس المراء ,وأنعم على اليهود سفاباخ ) (Swabachبرتبه قائد في الحرس
المبراطوري .وهكذا تسلل اليهود في ألمانيا إلى مراكز الجاه بفضل التدخل الفرنسي .وانتشروا في دوائر الدولة يعملون في تخريب
أجهزتها ,ومع ذلك لم يكفوا قط عن التذمر من معاملة اللمان لهم ,لنهم كانوا يحرمونهم من المناصب الوزارية ,ولقد تفنن اليهود في
تهويل هذا المر حتى أقنعوا الرأي العام بمعذوريتهم ,فصارت الصحافة الوربية تتناول من وقت لخر قصة حرمان اليهود في ألمانيا من
المناصب الوزارية ,وتصف سلوك الدولة اللمانية في هذا الصدد بالظلم والتعسف ,أو التطرف غير النساني إلخ..
وهذه الحملت الصحفية الظالمة هي التي أرغمت الشعب والدولة على التساهل مع اليهود ,فتركت لهم أبواب جميع المرافق الخرى
مفتوحة للتعويض عليهم عن حرمانهم من المناصب الوزارية .ولقد أدى هذا التساهل اللماني إلى استيلء اليهود على مرافق المة
الحساسة كالصحافة ,والطب ,والفنون والثقافة ,وإدارة الجامعات ووكالت النباء ,إلى أن أصبحوا وكأنهم الكثرية الساحقة في البلد,
ل لدرجة أن أصبح الناس يتندرون به ساخرين )) :إذا فكر اليهود يومًا أن يهجروا برلين, وكان عدد اللمان العاملين في هذه الحقول ضئي ً
فستصبح هذه المدينة الكبرى وكأنها صحراء قاحلة ,إذ لن يجد فيها المرء بعد هجرة اليهود أثرًا للطب و المحاماة والصحافة ,ل حتى ناديًا
أو مسرحًا أو سينما ,ولن تبقى في البداية حركة بيع أو شراء ((.
ومن مغزى هذه النكتة يتضح للقارئ ما وصل إليه اليهود في ألمانيا من السيطرة على حياة شعبها ,ومدى ما كانوا يجنونه من خيرات
أهلها ,ومع هذا ثابروا على التذمر من اللمان وتحينوا الفرص للنقضاض عليهم.
ولما هزمت ألمانيا عام ,1918وانهارت معنويات شعبها الذي غلب على أمره ,انكمش على نفسه ,خاصة بعد أن شاهد اندلع الثورة التي
أطاحت بالقيصرية ,واستبدلتها بالجمهورية التي أعلنت أعقاب مؤتمر فيمار اليهودي ) (Assemblé Wémarوالتي لم يتحمس لقيامها
اللمان لمعارضتها لنظام الحكم الذي اعتادوه ,فوقفوا مبهوري النفاس يراقبون ما يدور حولهم بقلوب واجفة على مستقبل بلدهم التي
مزقتها أيدي الحلفاء واليهود الحاقدين .فهنا احتلل و هناك ثورة ,وفي منطقة أخرى انفصال زد على ذلك الغرامات الحربية الطائلة التي
فرضت عليهم دون أن يؤخذ رأيهم فيها أو ُيستشاروا في أمرها وإزاء كل هذه المصائب وحد اللمان أنفسهم وكأنهم أيتام في مأدبة اللئام
ولم يسعهم إل الصبر والنتظار.
وفي هذه الثناء كان اليهود يعملون بسرعة فائقة لستثمار النهيار اللماني قبل أن يستيقظ اللمان من صدمتهم فأرسلوا إلى يهود بولونيا
ليسارعوا بالعودة إلى ألمانيا ,ليحتلون المراكز التجارية والصناعية التي شغرت من أصحابها اللمان ,وفي ظل حراب الدول الغربية
انقضوا على المصانع والمتاجر اللمانية التي استولى الحلفاء عليها ليبتاعوها بأبخس الثمان ,ويعيدون تسييرها من جديد تحت سيطرة
الحلفاء ,وحصلوا من مدينيهم على فوائد خيالية مما اضطر أكثرهم للتخلي عن كل ما يملكه لليهود ثم راحوا يستولون على جميع الحرف
70
العالية في البلد ,ويمنعون اللمان من ممارستها بدعم من الجيوش الحليفة ,وفي زمن قياسي تضاعف عددهم في البلد و أصبحوا يملكون
%90من الثروة اللمانية فازدادت أطماعهم وعمدوا إلى إذلل اللمان و تحقيرهم دون خوف أو وجل.
ولكن لكل أمر نهاية ,فاستيقظ اللمان من الصدمة ,وهالهم ما وجدوه من السيطرة اليهودية في البلد وما وصل إليه اليهود من التحكم في
شؤونهم ,وعلى الخص عندما شاهدوا اليهودي كورت إيزنير ) (Kurt Eisnerالدخيل يقتطع لنفسه المنطقة البافارية التي كانت منذ
اثني عشر قرنًا إمارة ألمانية تعتز بألمانيتها ,ويفصلها عن الوطن الم و يعلنها جمهورية مستقلة ,ويتخذ من ميونخ عاصمة لجمهوريته,
وينصب نفسه رئيسًا عليها ,ويحشد اليهود فيها ويطلق يدهم في إدارة شؤونها وكأنها إمارة يهودية.
كما شاهدوا الفوضوية اليهودية روزا لوكسانبورغ ) (Rosa LuxenBurgو زميلها كارل ليبكنيت ) (Karl Liebknechtيعيثان في
عاصمة بلدهم فسادًا ,ويتحكمان في شؤونها ,ويفتعلن فيها المظاهرات الصاخبة,ويدفعان بأهلها إلى القتتال في الشوارع دون وعي أو
إدراك وتحت مسمع وبصر الحكومة المركزية التي خلقها اليهود بعد مؤتمر فيمار الذي عقب انهيار ألمانيا .فاستاء الشعب من موقف
الحكومة المخزي .وأعلن استنكاره ,فخشيت السلطات عاقبة تذمر الشعب ,وبادرت إلى قمع المظاهرات واعتقلت روزا لوكسانبورغ
وزميلها ,فأحيل إلى القضاء الذي أصدر قراره بإعدامهما ,فأعدما في اليوم الثاني.
وفي نفس الوقت تفاقمت الحوال في الجمهورية البافارية ,من جراء استفزاز رئيسها كورت لشعور أهلها ,فأقدم أحد نبلء بافاريا المدعو
كونت آركوفاللي ) (La Conte Arco-Vallyعلى اغتيال اليهودي كورت ,ولكن اليهود سارعوا إلى إسناد رئاسة الجمهورية إلى
اليهودي اللجئ أوجين لوفينيه ) (Eugene Levinéأحد زعماء ثورة عام 1905الروسية الفاشلة ,وكان منذ دخوله إلى البلد يعمل
للقضاء على دولتها.
فلما استلم الحكم عمد إلى إملء مراكز الدولة باليهود المتطرفين في عنصريتهم ,وأطلق يدهم في إذلل الشعب اللماني فوقف الشعب
يناهضه فسادت الفوضى في أنحاء بافاريا ,فم يسع الحكومة المركزية إل التدخل في المر ,وأرسلت قواتها إلى ميونخ واحتلتها ,بعد أن قتل
أوجين ,وأعادت ربط بافاريا مجددًا بحكومة برلين.
ولكن الشعب اللماني لم يفته أن الحكومة المركزية التي انبثقت عن مؤتمر فيمار ,لم تكن إل صنيعة اليهود ,الذي قرروا إحداثها لتكون
وسيلة لتنفيذ مخططاتهم ,لن الناس كانوا يعلمون أن أكثر أعضاء المؤتمر كانوا من اليهود أمثال والتر راتينو )(Walther Rathenau
الذي أصر على قيام الجمهورية المركزية ,واختار لدارتها الماسون وأتباع اليهود .كما كانوا يعرفون أن جمهورية بافاريا كانت من صنع
اليهود أمثار كورت ,وماكس لوفنبورغ ) (Max Loewenburgو ماكس روتشيلد ),(Max Rothschildكما شاهدوا أن مفتعلي
المظاهرات الصاخبة الرامية إلى تقسيم البلد ,كانوا أيضًا من اليهود ,ومن جهة ثانية لحظوا أن الرأسمالية التي كانت تتحكم في لقمة
عيش الشعب كانت يهودية برمتها أيضًا ,فتبين أن جميع العناصر التي كانت تتحكم في مصير بلدهم تنتسب إلى اليهود ,وأنها تتعاون فيما
بينها على أوثق شكل ممكن ,رغمًا عن اختلف مبادئها ,وتفاوت مظاهرها ,فأيقن اللمان أن اليهود أحكموا الطوق حولهم ,وإن جميع
فئاتهم تتعاون فيما بينها لتدمير شعبهم ,خاصة بعد أن رأوا خضوع الحكومة المركزية التام لرغبات الحلفاء واعتمادها على الرأسمالية
اليهودية دون سواها لتغطية الغرامات الحربية مقابل فوائد خيالية ,وسيرها في ركاب أثرياء اليهود دون تردد ,كما شاهدوا كورت
وأنصاره يقدمون اللوف من العمال اللمان للحفاء لتسخيرهم في إنشاء الطرقات الفرنسية التي دمرت أثناء الحرب ,ومن ثم يعتذرون
للمنتصرين بصورة مذلة عما بدر من الجيش اللماني إبان الحرب ويتبرعون بإلصاق التهم المشينة بالمة اللمانية التي زعموا تمثيلها
رغمًا عنها ,فكان من الطبيعي أن يقف الشعب اللماني من كل هذه الفئات المشبوهة موقف اليقظة والحذر ويفقد ثقته بالماريشال
هندنبورغ ) (Hindenburgالذي انزلق في متاهات اليهود ,وبنعته بالخرف و من ثم يبادر للبحث عن مخرج لورطته ,التي جعلت مليينه
الثمانين تخضع لمشيئة ستمائة ألف يهودي دخيل.
ولكن القدر سد المخارج في وجهه ,إلى أن ظهر أدولف هتلر الذي كان يراقب منذ أمد بعيد أعمال اليهود ,فانبرى لهم وشرح لبني قومه
مخططاتهم ,وكشف الستار عن مراميهم ,فالتف الشعب حوله ,وأسلمه قياده ,فشكل الحزب الشتراكي الوطني ,الذي تصدى لليهود ,وحطم
آمالهم في استعباد ألمانيا وأنقذ وطنه من شرورهم إلى حين.
لقد أسهبنا في أبحاثنا السابقة في الحديث عن الحداث التي تعرض لها اليهود منذ القرن السادس قبل الميلد ,والتي أسفرت عن انتشارهم
تباعًا في البلد الواقعة على سواحل البحر البيض المتوسط ,ونوهنا عن سلوكهم حيثما حلوا ,وفصلنا وقائع جرائمهم ضد المسيحية في
القرون الولى ,وخاصة في شمال إفريقيا ,حيث تضاعف تعدادهم رغم الضربات القاسية التي تلقوها في العهد الروماني وما تله من
العهود ومع ذلك ظل اليهود متغلغلين في أكثر أقطار إفريقيا ,ويعاودون من وقت لخر لمصارعة النصرانية التي انتصرت عليهم ,ولم
يقطعوا المل قط في التغلب عليها ,إلى أن ظهر السلم الذي طهر جزيرة العرب من أدرانهم ودفع بهم بعيدًا عن منطقة نفوذه ,ولما اندفعت
جحافل العرب نحو إفريقيا الشمالية تكتسح ما يعترضها من القوى المعادية ,تجددت آمال اليهود في استعادة مجدهم الزائل ,عن طريق دفع
العرب نحو البلد الوربية التي كانت مركز الثقل النصراني ,آملين أن يطول النزاع بين المسيحية التي كان اليهود يتربصون لها منذ عدة
قرون و السلم العدو الجديد الذي قلم أظافرهم في المشرق العربي ,ويخرج الطرفان من نزاعهما منهوكي القوى ,لينقضوا عليهما معًا
ويزيلوهما من الوجود فبادر اليهود إلى التطوع لنصرة العرب والظهور بمظهر من يروم فوزهم ,وتقربوا منهم ) كأنهم لم يتآمروا بالمس
على سيد العرب ومفجر ثورتهم( ووضعوا أنفسهم تحت تصرفهم ,يمدونهم بالمعلومات عن النصرانية و يتجسسون على تحركاتها ,فرحب
العرب بمساعيهم وقربوهم ,واعتمدوهم في كثير من الشؤون ,فصار اليهود يحرضونهم على فتح إسبانيا ويطمعونهم بخيراتها ,ومع
الزمن اختمرت الفكرة في رؤوس القادة العرب إذ كان غرضهم من الفتوحات نشر المبادئ السامية النبيلة ,وتعميم الدين الحنيف ,فقرروا
اجتياز المضيق الذي سمي فيما بعض بمضيق طارق بن زياد ,وحطوا رحالهم على شواطئ إسبانيا ,ومن ثم اندفعوا كالعصار نحو الشمال
واحتلوا شبه الجزيرة السبانية في مدة وجيزة ) عام ( 711ودانت لهم البلد ,فبادر اليهود إلى المطالبة بثمن خدماتهم ,فأطلق لهم العرب
حرية العمل والتمركز في تلك البلد ,فراح اليهود يؤسسون الجاليات اليهودية في كل بلد وينشؤون المعابد الخاصة بهم ,ومن ثم استولوا
على مرافق إسبانيا ,وتمكنوا بفضل مساعدة العرب لهم من الثراء بصورة فاحشة ,حتى غدوا يمتلكون جميع ثروات البلد.
71
وبغية الثأر من النصارى امتهنوا تجارة الرقيق التي كانت تؤمن لهم النتقام الوحشي من المسيحية من جهة والكسب المادي الكبير من
جهة أخرى ,ولتحقيق هذا الهدف المزدوج ,عمدوا إلى مواكبة الجيوش العربية التي اندفعت نحو المناطق الشمالية ,وكانوا يبتاعون منها
السرى من الفرنج ,ليعودوا ببيعهم بأسعار باهظة في القطار الخرى ,أو إعادتهم لقربائهم مقابل أتاوات خيالية ,وفي أكثر الحيان كانوا
يذيقون السرى شتى أنواع العذاب قبل بيعهم ,وحتى أنهم يقدمون على قتل البعض منهم تشفيًا وانتقامًا ,رغم أن العرب كانوا يمنعونهم من
الساءة للسرى و يفرضون على من يسيء إليهم أشد العقوبات ,ولكن اليهود كانوا أمكر من يقعوا تحت طائلة العقاب ,لذا عمدوا إلى
التنكيل بالسرى الفرنج سرًا وفي المكنة الخافية عن عيون العرب.
ولما استتب المر للعرب ,ازداد تقرب اليهود منهم ,وتظاهروا بالخلص اللمتناهي ,فتورط أمراء العرب في احتضانهم ,وأسندوا إليهم
المناصب المرموقة ,وحتى المناصب الوزارية ,والتاريخ السباني يذكر لنا أن اليهودي هيسدائي بن شبروط ) Hasdai ben
(Chaproutكان من أبرز شخصيات الدولة الندلسية وأنه ظل طيلة حياته وزيرًا للمالية ,رغم تعصبه العنصري.
ويبدوا أن اليهود كانوا في الندلس أكثر وطُأ وأشد تأثيرًا على السبان من العرب ,حتى إن المصادر التاريخية الغير رسمية ,تنسب إليهم
ارتكاب ألوف الجرائم بحق أهل البلد ,كما تعزو إليهم أسباب تذمر السبان من الحكم العربي ,والظاهر أن اليهود لحظوا هذه الناحية,
فبادروا نحو عام 1000ميلدي إلى التقرب من السبان حفظًا لخط الرجعة ,ولما قامت ثورة الموزار ) (Almouzarاتصلوا به سرًا
وتحالفوا معه ,ومدوه بالمعلومات عن جيوش الخليفة ,فشعر العرب بخيانتهم ,واحتاطوا لغدرهم ولكن مع كل أسف بعد فوات الوان ,إذ
ازدادت حوادث التمرد في البلد ,وتداعت المارات العربية الواحدة تلو الخرى.
وقامت مكانها المارات السبانية ,ولما تمكنت البرتغال من تحرير نفسها ,أسفر اليهود عن نواياهم وانحازوا علنًا للسبان ,وفي القرن
الرابع عشر اتفقوا مع المارات السبانية الحديثة ,وانقضوا على آخر إمارة عربية إمارة الكاستيل ) (Castilleالتي ظلت تقارع السبان
وحدها ,فتغلبوا عليها ,وهكذا أزاحوا آخر دولة عربية من إسبانيا.
وبفضل خدعتهم المزدوجة هذه منحهم السبان نفس الميزات التي كانت لهم في عهد العرب ,ولكي يستغلوا النصارى ,وضعوا أموالهم
الطائلة تحت تصرف المراء السبان ,الذين قربوهم من أنفسهم ,حتى أن إيزابيل الراغونية أسندت وزارة المالية لحدهم المدعو إسحاق
أبربانال ) (Issac Abrabanalو اتخذته أمينًا لسرارها ,ثم أغدقت على اليهود الخيرات والميزات ,فغدوا سادة البلد ,وكان أحدهم
يعرف بين العشرات من السبان بما يلبسه من الثياب الغالية التي تميزهم عن باقي أفراد الشعب الفقير ,ولكن أمورهم بدأت تتدهور عندما
انسحب العرب كليًا من البلد ,وعاد السبان بالذاكرة إلى الجرائم التي ارتكبها اليهود بحقهم إبان الفتح العربي ,فجنح بعض المراء إلى
التضييق عليهم ,فهالهم المر ,وشعروا بالخطار المقبلة ,فسارع أكثرهم إلى التظاهر باعتناق المسيحية ,وبدأوا يترددون على الكنائس
الكاثوليكية ويشاركون النصارى في شعائرهم الدينية ,بالوقت الذي كانوا فيه خفية على ممارسة شعائرهم الخاصة ,ويلقنون أطفالهم سرًَا
الشعائر الموسوية ,ويوصونهم بالتظاهر أمام السبان باعتناق النصرانية ,كما أنهم تظاهروا بقطع علقتهم مع اليهود الخرين مع أنهم
ظلوا على اتصال وثيق مع جميع جالياتهم في البلد الخرى ,والغالب أن هذه الخدعة انطلت على السبان مدة طويلة من الزمن ,تمكن
اليهود في أثنائها من التسلل إلى صفوف الرهبان ,فأصبح منهم البطاركة و المطارنة الذين كانوا يتظاهرون بالتعصب للمسيحية بينما كانوا
ينشرون في صفوف النصارى المبادئ الهرطقية سرًا ,ومع الزمن انكشف أمرهم وشعرت الملكة إيزابيل بخدعتهم فأوعزت إلى الكنيسة
بمراقبتهم والحد من شططهم,فقامت الكنيسة بفضح ألعيب هذه الفئة التي عرفت بالتاريخ باسم المرتدين ) ,(La Marranesوأحدثت
محكمة خاصة لمحاكمة أفرادها سميت بمحكمة التفتيش وأسند أمرها إلى المدعو توركمادو ) (Torquemadoالذي اشتهر بعدائه لليهود
فاعتقل عشرات اللوف من المرتدين ,وأثبت على أكثرهم تهمة خداع الكنيسة ,وممارسة المعتقدات الموسوية سرًا ,فأعدم من أعدم ,وفر
من البلد من سنح له الهرب.
ثم أصدرت الدولة أمرًا يقضي بتنصير جميع اليهود الذين يريدون العيش في إسبانيا ,وتهجير من يرفض اعتناق النصرانية ,وعلى الثر
هاجر منهم ثلثمائة ألف ,ورحلوا إلى البلد الهولندية والتركية ,حاملين معهم كنوز الشعب السباني التي جمعوها في غضون ستة قرون
من دماء هذا الشعب المسكين ,ولما حطوا رحالهم في هولندا وتركيا ,تظاهروا من جديد بالستكانة والستقامة ,فاكتسبوا شفقة وثقة
أصحاب البلد ,فأطلقت لهم حرية العمل في كل من هولندة وتركيا ,فاستغل اليهود كالمعتاد هذه الثقة و بادروا في هولندة إلى الستيلء
تدريجيًا على أسواق المضاربات المالية ثم وضعوا أيديهم على تجارة التحف والمجوهرات ,وفي غضون عامين أصبحوا يتلعبون في
مقدرات هولندة المالية بكل معنى الكلمة.
أما في تركيا تمكنوا من السيطرة على التجارة البحرية في نفس المدة واستولوا على جميع المرافق التجارية في مدينتي إزمير و أدرنة ,
ولقد أدت سيطرتهم المالية هذه فيما بعد إلى السيطرة السياسية في كل من البلدين المذكورين.
ولكن تنصير اليهود و تهجيرهم من إسبانيا لم ينقذ السبان من شرورهم ,ولم يمنعا اليهود من المثابرة على الكيد للسبان حتى بعد عدة
قرون ,إذ أنهم أبو النهزام ,وآلو على أنفسهم أن يثأروا من السبان ولو بعد حين ,ولهذا رأيناهم في عهد نابليون يضعون أمواله تحت
تصرفه ليحتل إسبانيا ويساعدون شقيقه جوزيف الول ليمهدوا له طريق اعتلء عرشها ,ويسندون إليه رئاسة محفل الماسون ليستغلوا
نفوذه في النيل من السبان وامتصاص دمائهم.
وفي القرن العشرين رأيناهم مجددًا يظهرون على مسرح الحداث في إسبانيا ,ويقدمون المساعدات للثوار الذين دفعوهم لمقاتلة الملكية
والكنيسة ,ويؤلبون على دولتها جميع الدول المهودة التي كانت تخضع لمشيئتهم ,رغم تنافر مبادئها ,واختلف أنظمتها .ولقد رأينا
بريطانيا ذات النظام الملكي تساعد الثوار وترحب بأن يقام في عاصمتها مؤتمر اشتراكي تحت زعامة هريو ,رئيس مجلس النواب
الفرنسي السبق ليتداول المؤتمرون فيه شؤون الثورة السبانية ,وكل ذلك نزوًل عند رغبة اليهود ومجلسهم العلى وأنصارهم الماسون
المتحكمين الفعلين في مقدرات هذه الدولة الرأسمالية العريقة.
كما رأينا الحكومة الفرنسية تساهم في معاونة الثوار السبان وتسمح لليهود بتزويدهم بالسلح والرجال وعند فشل الثورة تحتضن
الهاربين وتفتح لهم جميع البواب لينزلوا في بلدها على الرحب والسعة والدولة الروسية التي كانت آنذاك تحت رحمة زمرة كاكانوفيتش
وليتفنوف ) (Kaganovitch et Litvinovشاهدناها هي أيضًا تقدم السلح والرجال لثوار إسبانيا ,وتستقبل الفارين منهم في بلدها
على أحسن صورة ,لنها كانت في حينه غير قادرة على رفض رغبات اليهود الذين كانوا يسيطرون على مقدراتها.
ولقد استغرب العالم آنذاك من هذا التحالف الغريب الذي قام بين تلك الدول المتنازعة .وتساءل الناس عما دفع بالدولة البريطانية لترضى
بأن يعقد في أرضها مؤتمر مناوئ لمبادئها وأن تسمح لها بأن يصدر للثوار السبان التعليمات المعادية للمسيحية ,والرامية إلى القضاء
على المعابد النصرانية ورجالها ,ومحي كل أثر يرمز إلى المسيحية في إسبانيا و أن يستعاض عن كل ذلك بشعائر الماسون والشيوعية.
72
كما تساءلوا عن أسباب مساعدة الجمهورية الفرنسية الكاثوليكية ثوار السبان رغم عداءهم السافر للكاثوليك ,واستغربوا أيضاً موقف
الروس من تلك الثورة وتعاونهم لنجاحها مع بريطانيا وفرنسا اللتان كانتا تتنازعان مع الروس في جميع الميادين الخرى ,وفات العالم
آنذاك أن اليهود كانوا يسيطرون على هذه الدول ويسيرونها حسب أهوائهم ,وكان لهم ثأر قديم مع السبان فاستغلوا الفرصة ,وأشعلوا في
بلدهم نيران تلك الثورة ,وراحوا يغذونها من جميع الجهات ,ويقودون سيرها ,ويحرضون الشعوب الخرى على مناوئة الدولة السبانية,
كما أرغموا الدول التي بحثنا عنها على مساعدة الثوار الذين كانوا يخضعون للزعامة اليهودية ويعملون تحت إشرافها وتوجيهها ,لينتقموا
لها من السبان ويحققوا مصالحها الخاصة في بلدهم وفي طليعتها الطاحة بالنظام الملكي الذي طردهم في الماضي من البلد السبانية,
وتمزيق وحدة شعبه وإخراجه عن معتقداته وإفقاره وسلب أمواله و من ثم إخضاعه لنظام من صنعهم يرحب بالنضمام لمعسكر الدول
الغربية الدائرة في فلك الهداف اليهودية الرامية إلى السيطرة على العالم.
ل من فرنسا وإنجلترا للسير في الدروب المؤدية إليها وأم ً
ل ) هذه السيطرة التي عمل اليهود ما عملوه بغية التأهب لتحقيقها حتى أّهلوا ك ً
بتمهيد الطريق لهذا الهدف أشعل اليهود في مستهل القرن العشرين نار الحرب الكونية الولى ليستفيدوا من نتائجها .وفي سبيل نفس
الغاية ,زعم اليهود نبذ تقاليدهم ومعتقداتهم القديمة ,وتظاهروا باعتناق المبادئ الشتراكية في روسيا ليغرروا بشعبها ويجروه إلى
المعسكر الموالي لهم ,وكادوا أن ينجحوا لول أن ظهرت للوجود دويلتهم إسرائيل التي تمخضت الحرب الكونية الثانية عنها ,والتي أطارت
صواب اليهود فرحًا ,وحركت كوامن نفوسهم الطافحة بالتعصب العنصري والتطرف القومي ,وأسقطت عن وجوههم القنعة المزيفة التي
خدعوا الروس بها ,فاتضح تحيزهم العلني لسرائيل ومن أوجدوها ,فخانوا الشتراكيين والشتراكية ,وانكشف تحالف غلة الدعاة
للشتراكية منهم من الرأسمالية اليهودية ,فأيقن الروس بخطر العتماد عليهم ,فأبعدوهم عن مناصب النفوذ والجاه وحدث بينهما ما حدث
كما سبق البحث عنه (.
ولكن خاب فأل اليهود وفشلت الثورة السبانية التي دعموها و فوجئ العالم باعتراف إنجلترا و فرنسا بنظام فرانكو الجديد ,وكأنهما ما
كانتا بالمس تساعدان الثوار و تسمحان لهيريو و اليهود بعقد المؤتمرات لتوجيه تلك الثورة ومدها بالسلح والعتاد .فاستغرب الناس هذا
التحول غير المنتظر ,وتساءلوا عن أسبابه التي لم تكن سوى إرادة اليهود الذين أرادوا ستر تدخلهم بالثورة الفاشلة التي لم يحققوا منها
إل الشطر الول من أغراضهم ,والذي تمثل بفوزهم بالقضاء على الملكية ,وتمزيق وحدة الشعب السباني وإخراجه عن معتقداته وإفقاره
على يد عصابة تهريب السلحة التي أحدثوها في فرنسا تحت زعامة اليهوديين سيرف ) (Cerfو كولدبرغ ) (Goldbergوالتي كان
يمولها اليهودي ناتان ) (Nathanويحميها ليون بلوم رئيس الوزارة الفرنسية آنذاك ,الذي سمح لبناء قومه اليهود أن يؤسسوا مكاتب
الدعاية الرسمية للثورة السبانية في فرنسا ,وسهل لهم أمر إدخال النشرات المعادية لفرانكو عبر حدود بلده.
وعصابة السلحة هذه هي التي أفقرت إسبانيا ,إذ كانت ترسل للثوار مختلف أنواع السلحة والعتاد مقابل أثمان خيالية ,يسددها الثوار
بالتحف والمجوهرات التي كانوا يسلبونها من الكنائس والديرة ,ومن أموال خزائن الدولة في المدن والدساكر التي سيطروا عليها ,أو من
التاوات التي كانوا يفرضوها على أفراد الشعب السباني ,حتى إن جميع ما كانت تملكه الكنائس السبانية التي اشتهرت بثرائها أصبح في
أعقاب الثورة ملكًا خاصًا لليهود ,أما الزمرة اليهودية التي كانت تدير المكاتب التي كانت تصدر النشرات المحرضة على الثورة و تدعوا
السبان لمناوئة الكنيسة وتشجعهم على اللحاد والباحية ,فكانت مكونة من إدوارد هيريو الذي كان يترأسها واليهودي ليون بلوم رئيس
الحكومة الفرنسية ,واليهودي ميدلرسكي ) (Midlarskyوكان مقرها في قصر المليونير اليهودي ناتان الذي كان يمول عصابة تهريب
السلحة ,وكان الجميع يجتمعون في هذا القصر ويتداولون شؤون الثورة السبانية ويخططون لها حول مائدة تزخر بأطيب المآكل
والمشارب المبتاعة بدماء الشعب السباني التعس الذي تورط في المتاهات اليهودية وارتضى طائعًا مختارًا أن يسفك دماءه على مذبح
شهواتهم الدنيئة.
وهذه الزمرة هي التي أوعزت إلى فرنسا وإنجلترا بأن تعترفا بفرانكو ,بعد أن أيقنت بفشل الثورة ,لتغطي على جرائمها العديدة التي
ارتكبتها بحق الشعب السباني ,فاكتفت مؤقتًا بما حققته من المرابح المادية الطائلة والنتقام البشع من النظام الملكي والشعب السباني,
بانتظار الفرصة المواتية لتعود لتحقيق الشطر الخير من أغراضها وهو بسط نفوذ اليهود على الدولة السبانية في المستقبل وجرها إلى
معسكر الدول المهودة.
ولكن افتضاح أمر اليهود في روسيا السوفييتية قضى على مطامعهم في إسبانيا وأيقن شعبها مثلما أيقن الشعب الروسي فيما بعد بعدم
جدوى الوثوق باليهود وتبين لهم أن اليهود هم قبل كل شيء يهود وما زالوا على تقاليدهم القديمة الداعية إلى التعالي والغطرسة ,وعلى
معتقداتهم المبنية على التعصب العنصري ,وعلى الحقد وحب السيطرة ,وإنهم ل يؤمنون بكل ما عداها من المبادئ .وما تظاهروا
بالشتراكية في إسبانيا إل لتحقيق مصالحهم التغرير بشعبها مثلما غرروا بالشعب الروسي في البداية.
ولقد احتاط فرانكو منذ البداية لمرهم وقطع دابر ألعيبهم في بلده قبل أن يكتشف أمرهم في بلد الروس و هكذا تخلص منهم ولم يقع في
أحابيلهم ,ومن ثم خرجت روسيا من نطاق نفوذهم وأظهرتهم على حقيقتهم للعالم أجمع وهكذا تمزقت أستار أحابيلهم في بلد السوفييت.
ل لجدعون ودبورة مثلما ورغم كل ذلك ظل النفوذ اليهود يتفاقم يومًا عن يوم في الدول الغربية حتى أصبحت هذه الدول وكأنها تنتسب أص ً
كان يزعم أوليفيه توماس ) أوليفر كرومويل ( في بريطانيا .ومن هنا يخال لنا أن هذه الدول ستظل تدور في فلك اليهود إلى أن تنهار يوم
تنهض شعوبها من كبوتها و التخلص من المخدر الصهيوني فتنقض على اليهود والمهودين لتمحوا أثرهم من الوجود.
وقبل أن نختم هذا البحث نذكر القارئ الكريم بأن اليهود حققوا في الثورة السبانية إحدى أهدافهم المقدسة وهو جمع المال ,هذا الهدف
الذي قال عنه أحد مشاهيرهم المدعو ليفي إليفاس ) (Maitre E. Lavyإنه غاية سعادة النسان التي يكمن فيها مزيتان إلهيتان ,العظمة
والقدرة على العطاء.
على أثر معاهدة فيرساي ) (Versillesالتي قضت بتمزيق دولة المجر ,تعددت في ربوعها الحزاب وتطاحنت فيما بينها للفوز بمقاعد
الحكم ,فتدهورت الحالة العامة وسادت الفوضى أرجاء البلد وتخاذل رئيس حكومتها كارولي ) (Karoliوانهارت هيبة الحكم.
ل ,فوحدوا جهودهم للقيام بما يؤمن مصالحهم العامة ,أرسلوا يستنجدون بتروتسكي )
فانتهز اليهود هذه الفرصة التي ترقبوها طوي ً
(Torteskyليمدهم بالعون والمشورة ,فأوفد إليهم عشرين مفوضًا من خيرة أنصاره تحت قيادة اليهودي المعروف بلكون )Bela
(kunلمناصرة يهود المجر في الوصول إلى الحكم.
73
ولما وصل بلكون إلى المجر وجد الجو مناسبًا لثارة أعمال الشغب والفوضى ,فعهد بذلك إلى أشهر مساعديه من غلة الثورة في روسيا
أمثال الصحفي السابق اليهودي تيبور سيزمااولي ) (Tibor Szmueliالذي كان يلقب بالضبع السود ) (L’hyéne Noireوندل
الفنادق الشهير اليهودي رابينوفيتش ) (Rabimovitchواليهودي فاكا ) (Vagaو اليهودي بلفاركا ) (Bela Vargaواليهودي
ديزسو بيرو وبوكاني ) (Poganyو ماتياس راكوزي ) (Mathias Rakosiفقام هؤلء بدراسة الوضع ووضعوا المخططات اللزمة
لنجاح عملهم و من ثم جمعوا أنصارهم وحددوا لكل منهم منطقة عمله وزودهم بالمال والرجال ومن ثم باشروا أعمالهم التخريبية بحجة
حماية اليهودي الذين لم يكن يتجاوز عددهم %15من مجموع السكان وبغية إرهاب المواطنين أصدر هارون كوهن الملقب ببلكون
أوامره إلى أنصاره باغتيال زعماء الحزاب المناوئة ,واستعمال القسوة والوحشية في قتالهم مع الخرين ,فشرع هؤلء الوباش بأعمال
القتل و الغتيال على أوسع نطاق ,وأرهبوا الحزاب الخرى فتوارت كل منها بدورها عن الساحة ,وتضاءل نفوذ الحكومة .فأعلن بلكون
عليها الثورة فانهارت تحت ضرباته الوحشية ,وانتزع الحكم من كارولي ,وتربع على عرش المجر يحيط به زبانيته اليهود والمغرر بهم.
وهكذا بدأ الحكم اليهودي في المجر أول شهر مارس عام 1919وبادر بلكون إلى إعلن المجر دولة تابعة لتروتسكي ,فالتف حوله
الماسون يدعمونه بالمال والنصار ,ويشجعونه على البطش والتنكيل بالشعب المجري دون تمييز ,فغدت البلد جحيمًا ل يطاق .إذ عمت
المجازر الرهيبة كافة أوساط الشعب وشملت حتى الشتراكيين من غير اليهود ,وحرمت المظاهرات على الطلب ,ومنع العمال من
الحتجاج أو النزوع إلى الضراب وكان جزاء من يقدم على الضراب أو الحتجاج هو العدام شنقًا دون سؤال أو جواب.
ولقد برهن اليهود في حينه على أنهم مازالوا على وحشيتهم التي تدمغهم توراتهم بها ,فقتلوا ألوف العمال والفلحين ,واقتلعوا عيون
أخصامهم ,وبقروا بطون نساء معارضيهم فامتلت أقبية السجون و المعتقلت و حتى قاعات المجلس النيابي بجثث ضحاياهم.
وكان اليهودي كلن كارفن ) (Klen carvinالذي يدير المباحث المجرية ل يتورع عن إصدار أوامره لنصاره بأن يجردوا نساء أخصام
الحكم من ثيابهن أمام الناس وفي رابعة النهار ويعتدوا على عفافهن على مشهد من المواطنين ومن ثم يقتلن بالرصاص كالكلب
المسعورة في قارعة الطريق.
كما أن ضفاف الدانوب شهدت إبان حكم بلكون من المآسي الوحشية ما يعجز عنه القلم واللسان ,إذ كان اليهود يقودون نساء الفلحين
ليلً إلى رياض الدانوب و يغتصبونهم أما أزواجهن وأطفالهن ويقتلعون عيون أقربائهن وأطفالهن أمامهن ,وللحيلولة دون سماع الناس
استغاثاتهن ,كان يديرون المحركات الكبيرة ليغطي هديرها ,أصوات استغاثة ضحاياهم التعساء.
وكان أشعر اليهود في الوحشية والهمجية هو تيبور الملقب بالضبع السود ,الذي أضاف إلى كل هذه الجرائم ,جريمة جديدة كان يرمي من
ورائها إلى إظهار عبقريته في فنون التعذيب والقتل ,والترفيه عن رجاله قبل انتهاء سهراتهم الصاخبة ,وهي أنه بعد أن يطل العنان لرجاله
بالعتداء على النساء وبقر البطون وقلع العيون ,كان يأمرهم بأن يجمعوا الحياء من هؤلء التعساء الذين اقتلعت عيونهم ,ويجرب فيهم
مختلف العقد المعروفة لحبال المشانق ,ويحصي الزمن الذي تستلزمه كل عقدة منها لنهاء حياة الضحية ,ثم يعمد بعدها إلى تفسير أسباب
الزمن الذي اقتضته كل عقدة لنهاء الدقائق الخيرة للضحية التعيسة.
فكان من الطبيعي أن يستكين الشعب العزل أمام هذه القسوة والوحشية ,فاستغل اليهود استكانته ,فأغاروا على مقدساته يدنسونها دون
رهبة أو خجل ,فقتلوا الرهبان وأحرقوا الناجيل والكنائس ,ونهبوا محتويات المعابد ,فلم يعد في إمكان الشعب المجري تحمل هذه المآسي
فعمد إلى المقاومة ولكنه كان أعجز من أن يتغلب على اليهود بمفرده فاستنجد بالشعب الروماني الذي كان يراقب ما يجري في المجر
بعيون ملؤها الحزن والسى فاضطرت الدولة الرومانية تحت ضغط شعبها للتدخل في المر وأرسلت جيشها بقيادة الميرال هورتي لنقاذ
المجر من تعسف بلكون وأتباعه ,ولما شعر اليهود باقتراب الخطر أشاروا على بلكون بأن يتوارى عن النظار قبل وصول الجيش
الروماني إلى البلد ,فسارع إلى جمع الموال والتحف التي سلبها من الشعب المجري والتي قدرت أثمانها بمائتي مليون كورون وفر هاربًا
مع أتباعه إلى خارج المجر ,بعد أن حكمها مدة مئة وثلثة وثلثين يومًا أذاق فيها الشعب المجري أمر أنواع العذاب وقتل من أفراده أكثر
من ثلثين ألف شخص.
بيد أن خروج بلكون لم ينقذ الشعب المجري المسكين من السيطرة اليهودية ,إذ كان اليهود منذ أقدم العصور قد تغلغلوا في صفوفه
وعمقوا جذور قواعدهم في أرضه ,وسيطروا منذ أمد بعيد على كافة مرافقه الصناعية والتجارية وامتلكوا صحافته وزمام كل الحرف
الحرة الفنية كالطب والمحاماة ,لن الشعب المجري كان يعزف بطبيعته عن امتهان هذه العمال لنه كان منذ القدم منقسمًا إلى ثلث فئات
ل ,وهذه الفئات كانت فئة المزارعين الذين ل يتعاطون إل الزراعة ,وفئة العمال اليدويين
تمتهن كل منها حرفة معينة ول تقبل عنها بدي ًَ
الذين كانوا يمارسون العمال اليدوية التقليدية ,وفئة المتحضرين الذين كانوا يمتهنون الجندية والسياسة فقط ,ولذا تمكن اليهود بكل
سهولة من احتلل المرافق الهامة الخرى التي أصبحت في مستهل القرن العشرين المقومات الساسية لكل بلد ,ولهذا ظل نفوذهم قائمًا
حتى بعد فرار بلكون وعصبته من المجر.
ولكن أعمال بلكون الوحشية أيقظت الشعب المجري ودفعت به إلى التفكير بالتخلص من اليهود ,فشرعت بعض الحزاب بدراسة الطرق
المؤدية إلى التخلص من اليهود والحد من سيطرتهم ,فقام بعض الساسة أمثال سنراللسي ) (Szallassyالذي كان يترأس الحزب
الشتراكي الوطني بشن حملة واسعة ضد اليهود وطالب الدولة بأن تجردهم من الموال التي سلبوها من الشعب المجري عبر الزمان,
وأن تؤمم مصانعهم التي أنشأوها بدماء اليد العاملة المجرية ,فالتف الناس حوله وخاصة طبقة العمال لما اشتهر عن سنراللسي من
طهارة اليد وصدق العزيمة و الخلص لبلده فاشتد ساعده فخشي اليهود مغبة حملته عليهم ,فاعترضوا طريقه ,وحملت صحافتهم عليه
واتهمته بالنازية واختلقت الكاذيب عنه لتغرر بالحكومة والمواطنين ,فجزع أولوا المر من نفوذ سنراللسي وتحالفوا مع اليهود ,وافتعلوا
حادثة إلقاء قنبلة على كنيس يهودي بالتفاق مع اليهود ,فاتهمت الصحافة أنصار سنراللسي بإلقائها ,فبادرت الحكومة إلى اعتقاله وحل
حزبه وتشريد أنصاره ,ولم تقد له بعدها قائمة .وهذه الحادثة أرهبت أعداء اليهود الخرين ,فركنوا إلى الهدوء ,وسلم اليهود رغم كل
الجرائم التي ارتكبوها في عهد بلكون.
وفي أعقاب الحرب الكونية الثانية ,واحتلل الجيش الروسي لبلد المجر عادر اليهود مجددًا لتهام سنراللسي بالنازية والتعاون مع هتلر,
ولفقوا عليه مئات التهم الخرى فاعتقلته السلطات الروسية,وسلمته إلى اليهود ,الذين عذبوه أمر العذاب ثم شنقوه في إحدى ساحات
العاصمة المجرية وكأنه مجرم أثيم ,ومع أن سنراللسي لم يسئ قط لليهود ,وجل جريمته تتلخص بالدعوة للشتراكية الوطنية التي ل
تناسب اليهود فحقدوا عليه فلما هبت رياحهم ألقوا القبض عليه وأعدموا ليتخلصوا منه.
74
الجرائم اليهودية في بولونيا
مع أن التاريخ لم يحدد الزمن الذي بدأ فيه اليهود تمركزهم في بولونيا ,إل أننا نستنتج من التلميحات العابرة الواردة عنهم في المصادر
الباحثة عن أوروبا الشرقية ,بأنهم كانوا منتشرين في أكثر القطار السلفية ,وخاصة في المناطق التي كانت تعتبر آنذاك متخلفة فكريًا
ودينيًا.
ومن هنا يبدو أنهم دخلوا بولونيا قبل أن تنتشر النصرانية في ربوعها ,كما أن المصادر التاريخية المختلفة تشير إلى أن اليهود هاجروا
إلى بولونيا من مختلف القطار الوروبية وعلى مراحل عدة .فمنهم من دخلها مع جيوش الغازي المغولي باتي ) ) (Batyولربما هؤلء
من يهود الخزر الذين كانت تربطهم بالمغول روابط الجوار ( ,ومنهم من أتى إليها من ألمانيا على أثر ظهور الوباء السود في أوروبا ) في
القرون الوسطى ( ,وآخرون لجئوا إليها في أعقاب الغزو التركي لبيزنطا ,ومنهم من نزح إليها أيضًا من ألمانيا بعد أن اختلفوا مع مصلحها
لوثر.
وهذه الهجرات المتوالية ضاعفت تعداد اليهود في بولونيا التي كانت متخلفة عن سواها من القطار الوروبية ,لنها كانت مازالت بعيدة
عن التطورات الدينية والفكرية التي بدأت تجتاح أوروبا منذ مستهل القرن الخامس عشر .عدا عن أن شعبها كان على الفطرة ينقسم إلى
فئتين ل ثالث لهما ,فئة السادة أصحاب الطيان الواسعة وفئة المسخرين الذين يعملون في الحقول التابعة للفئة الولى ,وهذا الوضع
الجتماعي ناسب اليهود جدًا إذ سمح لهم أن يكونوا بمثابة همزة الوصل بين الطرفين لما كانت لهم من شهرة في العمال المالية
والمحاسبة,التي كان رجال القطاع بأمس الحاجة إلى من يتقنها لضبط مواردهم والشراف على نفقات أطيانهم ,فرحبوا بمقدم اليهود منذ
البداية ,وأسندوا إليهم إدارة أمورهم المالية ,فاستثمر اليهود ثقة السادة على أوسع نطاق ,وانتشروا في كافة أنحاء البلد ,فجنحوا إلى
الظلم والتعسف ,خاصة في عهد المير كازمير لديسلس ) (Casimir Ladislasالملقب بسيجيزموند ) (Sigismondالذي أجرهم
الكنائس والمعابد ,وعهد إليهم جباية الضرائب العامة من الشعب وأطلق لهم الحرية التامة في الحصول على عائدات الدولة ,فانقض اليهود
يغترفون من خيرات البلد دون رادع أو حساب ,واستولوا على جميع مرافقها التجارية والصناعية ,فتكدست على خزائنهم الموال ,
وأصبحوا يضاهون سادة البلد في الثراء والجاه وبغية تقويه مركزهم الجتماعي استدعوا كثيرًا من يهود ألمانيا و البلد المجاورة ,ثم
عمدوا إلى إقامة المعابد الخاصة بهم ,وأوجدوا في كل مدينة بولونية حيًا خاصًا بهم ولما أيقنوا أنهم في غفلة من المراء باشروا بالتبشير
بشريعتهم ودعوا الناس لعتناق مذهبهم ,بينما كان السادة يغطون في سباتهم العميق ,ول يهتمون إل بما يجنونه من الموال التي كان
اليهود يجبونها لحسابهم.
ولكن البولونيين أبوا أن ينجرفوا خلف الدعايات اليهودية فعمد اليهود إلى رفع نسب الضرائب المفروضة على الشعب ,ومن ثم استحوذوا
ضرائب جديدة باسم الكنيسة ليثقلوا بها كاهل الشعب ,ويحولوا دونه وممارسة الشعائر الدينية التي أصبحت باهظة التكاليف بعد كل
الضرائب التي استحدثوها ,ومع هذا قاومهم الشعب ورفض إتباع شريعتهم ,فجنحوا إلى تحريض أصحاب الطيان على الفلحين ,حتى
تورط الملك وخفضوا حصص الفلحين من الغلل إلى نصف ما كانت عليه سابقًا ) ,هكذا شرع اليهود بتطبيق أسلوبهم القديم الذي
استنبطه أحد أسلفهم يوسف بن يعقوب في القرن السابع عشر قبل الميلد و طبقه في مصر ليرغم أهلها على عبادة سيده فرعون ( ومع
ذلك ظل الشعب البولوني يقاوم اليهود فترة طويلة رغم ما ساموه من الذل والعذاب ,ما فرضوه عليه من المكوس والضرائب الغريبة
كضريبة العبادة ,وضريبة ارتياد الكنائس وسواها.
فاستاء اليهود من مقاومتهم الضارية ,وشددوا عليه النكير ,ففقد البولونيون الصبر ولم يعد بإمكانهم تحمل الشطط اليهودي وعلى الخص
ل فهبت هذه العشائر وأعلنت الثورة على الدولة واليهود معًا ,وهاجمت المدنعشائر القوزاق التي سامها اليهود الذل والهوان طوي ً
ل ,وقتلوا فيها الكثير من اليهود,والدساكر تحت قيادة زعيمها شملنيكي ) (Chemelnikiوساعدها الشعب فدامت ثورة القوزاق طوي ً
فعجزت الحكومة عن قمع ثورتهم ,فتخلت نسبيًا عن حماية اليهود ,مما اضطرهم على الفرار من بولونيا حاملين معهم الموال الكثيرة التي
نهبوها من الشعب البولوني الذي رحب بمقدمهم وآواهم في بلده عدة قرون.
وهكذا أنقذت بولونيا من شرورهم مؤقتًا ,ولكن ظهور نابليون على مسرح الحداث الوروبية ,أعاد لهم مجدهم الزائل في بولونيا ,فعادوا
إليها مع جيوشه ,واستولوا على كل ما راق لهم فيها ,وفرضوا سيطرتهم التامة على شعبها ,ثم اتخذوها مركزًا لدسائسهم ومؤامراتهم ضد
الشعوب الوروبية الخرى ,فكانوا يعقدون في مدنها أشهر مؤتمراتهم الصهيونية ويهيئون في مجتمعاتها مخططاتهم القومية الخاصة
علنًا حتى سميت بولونيا قبل الحرب العالمية الولى بجنة اليهود في أوروبا الشرقية ,وفي الفترة الفاصلة بين الحربين وصلوا فيها إلى
أوج السيطرة والنفوذ ,ومن خلل المعلومات التي تتناقلها الذاعات الن يستنتج بأنه مازال لهم بعض النفوذ فيها.
طيلة مدة الحكم القيصري في روسيا ,كان اليهود يعتبرون رومانيا ملجأهم المين الذي يلوذون به كلما تعرضوا لنقمة السلطات القيصرية,
إذ كانوا يجدون فيها الترحيب والمساعدة ,ويحتمون بحكومتها التي يسيطر عليها الماسون و أعضاء الجمعيات المناصرة لهم .فلما فشلت
ثورة 1905في روسيا التجأ اليهود الذين اشتركوا فيها بالدولة الرومانية فحمتهم ,وقدمت لهم المساعدات الكثيرة رغم أن الشعب
الروماني كان يكرههم ول يرضى عن سلوك حكومته معهم لنه كان يعرف الكثير عن مساوئهم ,ولقد ازداد حقده عليهم بعد الحرب
العالمية الولى عندما شاهد ما صنعه بلكون بالشعب المجري الشقيق ,ففكر بالحد من نشاط اليهود الذي بدأ يزداد في بلده بعد أن أصبح
عددهم فيها يربو على المليون نسمة ,ولكن سيطرة الماسون في البلد ,حالت دون الشعب الروماني وما أراده .وفي عهد حكومة
الماسوني تيتو لسكو ) (Titilescoازداد نشاط اليهود و تعاظمت سيطرتهم فامتلكوا الطيان الواسعة بأساليبهم المعروفة واستولوا على
المصارف ومرافق التجارة الخارجية ,وأخضعوا الصحافة برمتها لمشيئتهم ,وفتح تيتو لسكو لهم أبواب دوائر الدولة فاحتلوا أحسن
المراكز فيها ,وسيطروا على مقدرات الشعب الروماني بأكملها ,وباشروا بتطبيق الخناق على أهل البلد ليذلوهم ويخضعوهم لرادتهم,
فدامت سيطرتهم هذه على الرومان حتى وقعت الحرب العالمية الولى ,فعمدوا إلى التخفيف من غلوائهم ريثما تنجلي غبار الحرب ,ولما
انتهت الحرب عادوا لسيطرتهم بصورة أشد وأقسى ,فلم يسع الرومان تحمل ظلمهم واستيقظ الشعور القومي في صفوفهم ,فبادروا إلى
مقارعة الماسون واليهود حتى تمكنوا من إيصال السيد كوكا أوكتافيا ) (Coga Octaviaالذي اشتهر بحبه لوطنه وبني قومه إلى الحكم.
75
فبادرت الحكومة الجديدة أخذ الترتيبات اللزمة للحد من غلواء اليهود إرضاء لرغبات الكثرية الساحقة من المواطنين ,ولكنها فشلت في
مبتغاها ,لما لقته من عناد الماسون في محاربتها ,وما كان لليهود من سيطرة على الصحافة الرومانية التي هبت برمتها تهاجم رئيس
الحكومة كوكا ,وتشنع بسيرته وأعماله ,وتصفه بالعنصري المتطرف والعرقي المتوحش ,وتتهمه باضطهاد اليهود وتنعته بجلد اليهود,
وحرضت عليه الصحافة الغربية التي سارعت بدورها إلى العزف على نغم الصحافة الرومانية ,وطالبت حكومتها بالتدخل لصالح اليهود,
وإرغام حكومة كوكا على احترام نصوص معاهدة باريس ) (1919القاضية بمنح اليهود كافة الحقوق السياسية في جميع البلد الموقعة
عليها ,فباشرت الدول الغربية بالتضييق على الحكومة الرومانية ,فاتصل سفراؤها بكوكا وطالبوه باسم حكوماتهم بالكف عن اضطهاد
اليهود ومنحهم الحقوق التي نصت عليها معاهدة باريس باعتبار أن حكومته كانت إحدى الدول الموقعة على المعاهدة المذكورة.
وليت المر وقف عند هذا الحد ,ولكنه تعداه إلى حد تدخل جمعية المم بالموضوع فطالبت بدورها رومانيا بمراعاة نصوص معاهدة ضمان
حقوق القليات اليهودية ,وتدخلت الحكومة الفرنسية أيضًا بالمر فأوفدت وزير خارجيتها دلبوس ) (Delbosإلى بوخارست ليباحث
ل من ألبير لوبرن و دولديه ) (A- Lebrun et Deladierلتتوقف عن اضطهاد اليهود المزعوم .ولدى مغادرته حكومتها باسم ك ً
رومانيا عهد بملحقة الموضوع لسفيره أدريان تييري ) (Adrien Thierryصهر البارون اليهودي روتشيلد ,والذي لم يكتف بمطالبة
الحكومة الرومانية بعدم حرمان اليهود مما نصت عليه معاهدة باريس فحسب بل طالبها بأن تمنح نفس الحقوق لكل لجئ يهودي جديد
يرد إلى رومانيا ,فرفض كوكا هذا الطلب ,وبرهن عن كذب مزاعم اليهود قم طلب بدوره من الحكومات الغربية ,أن توقف سيل الهجرة
اليهودية إلى بلده ,واقترح أن يوفد اليهود إلى أوغندة أو أي بلد آخر ليتخلص منهم.
عندها فكر اليهود بطريقة أخرى للتخلص من كوكا العنيد ,فاتصلوا بزعماء الماسون وطلبوا منهم أن يقنعوا الملك كارول الروماني الذي
كان ينتسب للماسونية ,بضرورة إسقاط وزارة كوكا المعادية لليهود ,ولكن كارول لم يجسر على تلبية هذه الرغبة.
ولما شعر كوكا بما يحاك له من المؤامرات ,استنجد بهتلر وطلب منه إيقاف هجرة اليهود من بلده إلى رومانيا ,ولكن هتلر خيب رجاءه,
وأجابه بأنه وإن كان يؤلمه أن يرى اليهود يتكاثرون في رومانيا إل أنه يفضل ذلك على بقائهم في بلده.
واتصال كوكا بهتلر كان وباًل عليه ,إذ أوغروا صدر الملك عليه ,فتحالف مع بريطانيا وفرنسا للكيد لكوكا ,فازداد ضغط هذه الدول المهودة
على رومانيا ,نشطت محافل الماسونية والصحافة اليهودية من جديد ,وشنت هجومًا ضاريًا على حكومة كوكا وثابرت عليه إلى أن أسقطت
كوكا ,وعادت السيطرة اليهودية للبلد ,وباشر اليهود عمليات الثأر ممن ساندوا كوكا ,وتابعوا حملتهم الصحفية عليه ,ولكن كوكا ظل
على عناده في مقارعة اليهود ولما ألحق هتلر النمسا بالرايخ الثالث ,ألقى كوكا بهذه المناسبة محاضرة توجيهية على بني قومه في جامعة
بوخارست أعن فيها رأيه في اليهود وقال إن إلحاق النمسا بالدولة اللمانية يعتبر هزيمة لبني إسرائيل ,وإنقاذًا لعاصمتها فيينا )(Vienne
التي ترزح تحت كابوس اليهود منذ عدة أجيال حتى كادت أن تصبح مدينة يهودية أصيلة ,أما المسؤولية في هذا اللتحاق فتقع كليًا على
عاتق اليهود ,الذين أبوا التوقف عن جرائمهم وجشعهم في النمسا و دفعوا بشعبها إلى أحضان هتلر لينقذه من الطغمة اليهودية الفاجرة,
والواقع أنه أنقذه ,وضمد جراحاته ,بطرده اليهود من بلده ,كم أتمنى أن أرى بلدي تحذو حذو هتلر وتطهر نفسها من هذا الوباء الوبيل.
وفي أعقاب هذا التصريح نقم اليهود عليه أكثر من ذي قبل ,بعد بضعة أيام عثر عليه جثة هامدة في إحدى غرف منزله ,ولم يعرف قاتله,
وهكذا ذهب ضحية إخلصة لبلده وقومه ,ولم يتمكن أحد من الثأر له من اليهود المجرمين ولكن نضال كوكا لم يذهب سدى ,بل أثمر وأينع
في رومانيا ,واستيقظ الشعور القومي في صفوف أبنائه ,وكثر عدد الشباب الذين حقدوا على اليهود ,ولقد بزر من بينهم كودريانو )
(Codréanuالذي انحدر من عائلة فقيرة ,كانت تجاور اليهود ,فشب كودريانو في الوسط اليهودي ,وشاهد بأم عينيه كثيرًا من جرائمهم
التي ارتكبها اليهود بحق شعبه وشعر كرههم وحقدهم على بني قومه ,فنذر نفسه لمحاربتهم ,ولما شب عن الطوق,شرع بمناوئة اليهود,
وتزعم حزبًا سياسيًا فكثر عدد أفرداه لثقتهم بزعيمه الذي اشتهر بإخلصه لبلده ,واشترك في النتخابات النيابية ,ونجح نجاحًا باهرًا,
ومثل حزبه في المجلس خير تمثيل ,فالتف الناس حوله ,فجزع اليهود من عواقب فوزه الكاسح وأثره بقلوب المواطنين فعمدوا إلى اليقاع
به ,فحرضوا أحد أنصارهم المدعو مانسان ) (Mancinالذي كان يشغل آنذاك وظيفة مدير الشرطو في بوخارست على العتداء عليه,
فأقدم مانسان على شتم وصفع كودريانو أمام الناس ,فلم يحتمل كودريانو الهانة ,فأخرج مسدسه وأفرغه في غريمه المأجور فقتل حاًل,
أحيل كودريانو إلى القضاء ,فبرأ القضاء ساحته معتبرًا عمله دفاعًا مشروعًا عن النفس ,وعلى إثر هذه الحادثة ازداد أنصاره وأصبح
أقوى زعماء رومانيا بأسرها ,فخشيت السلطات الحاكمة من تفاقم أمره ,وتحالفت مع اليهود والماسون على إزاحته من الطريق فدبرت له
المكائد والمؤامرات لعلها تناله ,ولكن مساعيها بائب بالفشل ,إذ كان كورديانو أجرأ من أن يتخاذل فرد على العنف بالعنف ,وعلى التحدي
بالتحدي ,ولما تكاثر أعداؤه بادر إلى إيجاد تشكيلت حربية ضمن حزبه وأطلق عليها اسم الحرس الحديدي ) عام )1938فلم ترق هذه
التشكيلت للماسوني دوكا ) (Ducaالذي كان يترأس الدولة الرومانية آنذاك ,وأصدر أمره إلى قوات المن بحل هذه المنظمة )خلفًا
للقانون( و تشتيت شمل أفرداها بالقوة ,وليجاد المبررات لجراءه المعادي لكودريانو ,أوعز إلى ستيلسكو ) (Stélescoزعيم أحد
الحزاب المناصرة لليهود وعميل الرأسمالية اليهودية ,بأن يأمر أنصاره بالعتداء على أنصار كودريانو فسارع ستيلسكو وأنصاره إلى
العتداء على الحرس الحديدي ,فتدخلت السلطات في النزاع بحجة حماية المن ونكلت بأنصار كودريانو ,فقام كودريانو بهجوم مضاد,
وهزم أنصار ستيلسكو ,ومن ثم أمر رجاله باغتيال الرئيس دوكا ,فقتلوه في رابعة النهار كما قتلوا بعده ستيلسكو وشتتوا حزبه .وغدا
كودريانو رجل الساعة ,ولكن الرئيس كالينسكو ) (Calinescoأضمر له الشر مثل سلفه ,وتحالف مع الماسون واليهود وشرعوا يهولون
للملك كارول أمر كودريانو ,يخيفونه من نواياه ويرفعون له التقارير الكاذبة الملفقة بحقه وفي النهاية سلطوا عليه عشيقته اليهودية
السيدة لوبسكو ) (Lupescoابنة اليهودي المعروف ) ( Wolffالتي كان لها نفوذ قوي على الملك .فرضخ لمشيئتها ,ورضي أن يذل بني
قومه إكرامًا لخت أستر الشهيرة فأصدر في 27شباط 1938مرسومًا ملكيًا بإعلن الحكام العرفية في البلد وحل المجلس النيابي وجميع
الحزاب الرومانية وعطل الدستور.
ثم أطلق يد كالنسكو العور في إدارة شؤون البلد وتنفيذ المرسوم المذكور ,فاستهل كالنسكو باكورة أعماله الجديدة بإصدار المر إلى
جميع قوى المن بمطاردة الحرس الحديدي وإغلق مقر حزبهم واعتقال من يعترض على هذه الجراءات .فاعترض كودريانو على هذه
التعليمات ,فاعتقلته السلطان وزجته في السجن بتهمة مقاومة السلطات ,ثم بادر كالنسكو إلى طرد جميع أنصاره من الوظائف الحكومية
والجيش وقوى المن بحجة انتسابهم للمنظمات المعادية للدولة واستبدلهم بموظفين من اليهود والماسون.
ولما حوكم كودريانو جند كالنسكو ضده الشهود من كل فج ,فاتهموه بتحريض المواطنين على الثورة فأدين بجرم الخيانة العظمى وحكم
عليه بالسجن عشرة أعوام مع الشغال الشاقة وحرمانه من حقوقه المدنية.
76
وبعد أن تخلص كالنسكو من كودريانو ثابر على التنكيل بكل من انتسب لحزبه ,حتى ظن الملك وأعداء الشعب من الماسون واليهود أن
المر استتب له ,ولكنهم أخطأوا التقدير ,وتبين لهم أن الشعب استيقظ من غفلته ,وسيثابر على مقاومتهم طالما كان كودريانو وأنصاره في
الوجود ,فانطلق الملك مع اليهود على إزاحة سجينهم عن الطريق ,فعمدوا إلى تهيئة الجو المناسب لتنفيذ مآربهم ,فدفعوا ببعض الرعاع
من أنصارهم إلى العتداء على اليهودي عميد الجامعة ,كما أوعزوا إلى فئة أخرى أن تلقي قنبلة على إحدى الراقصات اليهوديات ,ثم
ادعوا أن أنصار كودريانو هم الذين أقدموا على هذه الجرائم بغية إيهام الشعب بأن هؤلء ليسوا سوى قتلة ,وأوباش ,ليصرفوه عن
مناصرة كودريانو ولقد تخيلوا أن سواد الشعب اقتنع بمزاعمهم ,فأمر الملك أن يبعد كودريانو و رفاقهم المساجين إلى إحدى المعتقلت
البعيدة ,وفي نفس الوقت جهز كالنسكو زمرة من أنصاره أوعز إليهم بأن يتظاهروا بمهاجمة قافلة السجن وكأنهم يهدفون لنقاذ كودريانو,
حتى إذا أخرجوه من السيارة ,نصحوه أن يهرب في اتجاه معين ,بينما هم يهربون في التجاه المعاكس ,ولقد تمت تمثيليتهم مثلما أرادوها,
وهوجمت قافلة السجن من أتباع كالنسكو ,وأخرجوا كودريانو ورفاقه من السيارات وأوعزوا إليهم بالهرب إلى جنوب الطريق ,بينما هم
لذوا بالفرار نحو الشمال ,فقام رجال الدرك بملحقة كودريانو و أطلقوا عليهم النار فقتلوهم عن بكرة أبيهم .وفي اليوم التالي خرجت
الصحف اليهودية على الشعب تصف له الحادث بالصورة التي رسمها كارول وزمرة اليهود المجرمة ,وألقوا تبعة المجزرة على عاتق
أنصار كودريانو ,وهكذا أسدل الستار على هذه الجريمة القذرة التي مثل أدوار البطولة فيها الملك كارول الذي استباح دماء قومه على
مذبح المآرب اليهودية فاستحق شكر عشيقته والصحافة اليهودية مقرونًا بلعنة الجيال الرومانية.
ولكن بعد فترة وجيزة انكشف أمرهم ولم تنطل خدعتهم على الشعب ,فعاد لمقارعة اليهود وأنصارهم إذ كانت ثمار المبادئ التي زرعها
كودريانو في قلوب أبناء شعبه قد أينعت وراحت بعض الصحف الحرة تسخر من سذاجة تمثيلية كارول و تطلق عليها رواية الملك الهزلية,
وتحض الشعب على المطالبة بمحاكمة قتلة كودريانو ,فتدهورت الحوال ,فجنحت الحكومة إلى البطش بالشعب ,فتكاثرت الشتباكات بين
اليهود وأفراد الشعب ,فكان يسقط كل يوم عشرات القتلى من أفراد الشعب العزل ,ومع ذلك أبى هذا الشعب أن يرضخ لمشيئة اليهود رغمًا
عن عمليات النتقام الوحشية التي تعرض لها ,وأساليب التعذيب التي طبقت عليه والدماء الغزيرة التي أهرقها في سبيل إنقاذ وطنه من
السيطرة اليهودية .وعمد إلى توسيع نطاق مساعداته إلى الدكتور بارسيل كريستيسكوس ) (Barsil Cristescusخليفة كودريانو,
فازدادت الحالة سوءًا فقام الحكومة بحملة واسعة النطاق على جماعة كودريانو ,واعتقلت الدكتور بارسيل و أعدمته دون محاكمة مع
عشرات الخرين من مساعديه ,ومع ذلك ظل الشعب على ولئه لكودريانو ,وتابع مقاومته دون خوف أو وجل ,ولما اشتد ضغط الرئيس
ل ,وسارعت السلطات إلى اعتقال المهاجمين ,ولما كالنسكو على أنصار كودريانو ,نفذ صبرهم و هاجموه في رابعة النهار وأردوه قتي ً
سئلوا عن السباب التي دفعتهم إلى قتل كالنسكو ,اعترفوا بأنهم من أنصا كودريانو ,ومن المنتسبين لفرقة الموت التي أقسم أفرادها على
الثأر لكودريانو ,وبرأ بقسمهم قتلوا الرئيس كالنسكو الذي دبر مقتل زعيمهم ,فأعدمتهم السلطات وثابرت على مطاردة فلول وقتل من يعثر
عليه منهم ودون رحمة أو شفقة ,ومثلت بجثثهم وعرضتها على المواطنين بقصد إرهابهم ,ومع كل ذلك رفض أنصار كودريانو
الستسلم ,حتى إنهم هاجموا في إحدى المرات قطار الملك كارول بقصد قتله ولكنهم لم يعثروا عليه ,لنه اختبئ مع عشيقته في حّمام
حافلته ,ونجى بذلك من الموت بأعجوبة.
ولما اندلعت نيرات الحرب الكونية الثانية ,واحتل الجيش اللماني البلد الرومانية ,فر الملك كارول مع عشيقته اليهودية إلى البلد الغربية
و مات في المنفى عام 1953غير مأسوف عليه.
و عندما هزمت ألمانيا و اجتاح الجيش الروسي رومانيا ,اغتنم اليهود الفرصة ,عادوا مجددًا للتنكيل بالشعب الروماني ,فقتلوا خيرة
شبابه ,وصلبوا رجال الدين على أبواب الكنائس ,وهتكوا أعراض نساءه المصونات ,حتى بلغ عدد من قتلوا في غضون بضعة أشهر عدة
مئات اللوف.
وإمعانًا في الثأر طلب آنا بوكر ) (Anna Poukerالتي كانت تشرف على الشؤون الرومانية ,من السلطات الروسية أن تطلق يدها في
تطهير رومانيا من المناوئين للنظام الجديد ,فرفضت السلطات الروسية طلبها ,فنزعت هذه اليهودية الحقودة ,إلى الستئثار بالحكم,
فشعرت الدولة الروسية بتمردها ,فأمرت ممثليها برومانيا بأن يزيلوها من الوجود ,فلقت آنا بوكر جزاءها العادل ,وعاد السلم لربوع
البلد الرومانية.
عاش اليهود في المبراطورية التركية ,تحت ظل تعاليم الدين السلمي الحنيف التي كانت تفرض على الحاكم حماية أتباعه دون تمييز,
وبفضل هذه التعاليم انتشر اليهود في أكثر مدن المبراطورية يعيشون فيها بسلم وأمان ولما بدأت الكنيسة الكاثوليكية باضطهاد اليهود
) على حد زعم مصادرهم( وإجبارهم على اعتناق النصرانية أو الهجرة من بلدها ,طلب اليهود من العاهل التركي مراد الثاني أن يقبلهم
ل بالتقاليد السلمية ,وحبًا بالمبادئ النسانية ,فدخل اليهود في تركيا وانتشروا في المدن
في بلده ,فأجارهم مراد دون شرط أو قيد عم ً
الساحلية حيث رحب بهم التراك وأحسنوا وفادهم ,بزعم أنهم لجئون مساكين ) ,حتى إن بعد المصادر التاريخية أثنت على مراد الثاني
لعطفه على اليهود ولقبته بالرجل النساني الكبير (.
فاستغل اليهود هذا العطف ,وتسللوا إلى المرافق التجارية الهامة التي طغت على تجارة المواطنين الصليين .وزحفوا على كل المشاريع
التي توسموا فيها الخير زحف الجراد ,وفي فترة وجيزة غدوا أصحاب اكبر المحلت التجارية في إزمير و سلنيك وحتى في استنبول
نفسها .والغريب أن الساسة التراك وعلماء الدين كانوا يعرفون الشيء الكثير عن أخطار تكاثر اليهود في أي بلد كان ,كما كانوا يعرفون
حق المعرفة أن اليهود هم الذين حاولوا في الماضي اغتيال السلطان محمد الفاتح ومع هذا لم يعترضوا على السماح لليهود بأن يستوطنوا
في بلدهم ,ولم ينبس أحدًا منهم ولو بكلمة احتجاج واحدة ) وهكذا وبكل بساطة استوطن المواطن اليهودي في تركيا رغم كل الجرائم التي
ارتكبوها بحق السلم في عهد الرسول قم في العهود العباسية والفاطمية ,و في مستهل قيام المبراطورية العثمانية ,وأعجب من هذا ,هو
ثناء بعض المصادر التاريخية على مراد الثاني لتحقيقه هذا الغزو اليهودي ,وترحيبه بهذا الوباء الذي ما زال يفتك في مقومات الشعب
التركي منذ ذاك التاريخ إلى يومنا هذا ,فيا ليت مراد الثاني لقي وجه ربه قبل ارتكابه هذه الجريمة النكراء ,التي أثقلت كاهل التراك يومًا
بعد يوم ,وأضعفت معتقداتهم وتقاليدهم وجعلتهم أنصارًا للدول الحانية على الصهيونية المجرمة ( وكأن المر ل يعنيهم.
بينما كان اليهود يفكرون بكل كبيرة وصغيرة ويحتاطون لكل الفرضيات الممكنة ولهذا أوعز مجلسهم العلى إلى بعض أتباعه بأن يتمثلوا
بالمرتدين في إسبانيا ) (Marranesويتظاهروا باعتناق السلم ,ليسهل عليهم التغرير بالتراك وكسب ثقتهم ,بغية التسلل إلى مراكز
77
الجاه والسلطان ,حتى يتمكنوا في المستقبل من حماية أبناء شعبهم و تحقيق أهدافهم العامة ,فبادر أبرز أفراد اليهود إلى التظاهر باعتناق
السلم ,وبدلوا أسمائهم بأسماء إسلمية ,ثم اندمجوا في صفوف الشعب ,وراحوا يعملون في الخفاء لتحقيق أغراضهم القومية ,تحت
ستار التظاهر بالسلم .ولقد جندوا لمناصرتهم الكثير من التراك أصحاب الضمائر القذرة ,واستخدموهم فيما يعود على المصالح
الصهيونية بالخير والفائدة.
وفيما يتعلق بالجرائم التي ارتكبها اليهود والدونما ) اليهود المتظاهرون بالسلم( بحق الشعب التركي يحدثنا المؤرخ التركي الكبير السيد
جواد إتيلهان ويقول :حال وصول اليهود إلى تركيا بادروا إلى ترويج الشاعات وإطلق الضاليل والكاذيب للتشنيع بالدولة العثمانية التي
رحبت بقدومهم ,فاستنبطوا القصص الخيالية لتشويه سمعة السلطين والحط من قدر السلم والمسلمين ,وكانوا يرسلون تلك الخبار
الملفقة والقصص المختلفة إلى صحافتهم المهودة في أوروبا لتنشرها على أوسع نطاق بغية الساءة لمن أحسنوا إليهم.
ثم عمدوا إلى تأسيس المحافل الماسونية في مختلف أنحاء البلد ,وورطوا خيرة رجال المة في النتساب إليها ,كما أسسوا عدة جمعيات
سرية للتغرير بالطلب التراك في الداخل والخارج وإدماجهم في صفوف الماسون و الهيئات السياسية العاملة لمصلحتهم ومن ثم أحدثوا
جمعية تركيا الفتاة ) (Jeune Turquesالتي رعوها ,ومولوها حتى اشتد عودها ,عندها دفعوا بها لعلن تمردها الشهير ,الذي أسفر
عن انقلب 31آذار ,وإعلن المشروطية ,وإشهار الشعارات الماسونية ,والجدير بالذكر هو أن زعماء هذه الحركة كانوا من يهود الدونما
الذين أقدموا في الماضي ) (1876تحت زعامة الدونما مدحت باشا على اغتيال السلطان عبد العزيز ,واستبدلوه بمراد الخامس المعتوه في
أحرج أيام المبراطورية العثمانية التي كانت جيوشها تقاتل آنذاك في البوسنة والهرسك ,ولكن الدونما ضربوا بمصالح المبراطورية
عرض الحائط ,وساروا خلف مصالحهم الخاصة التي قضت بإزاحة السلطان عبد العزيز الذي كان يفضل الرمن على اليهود ,ويبعدهم عن
المراكز الحساسة في الدولة ,فاستاء اليهود منه وتآمروا عليه ,وأزاحوه عن طريقهم مع العلم أنه كان حفيد مراد الثاني الذي أنقذهم من
جور وظلم الكنيسة الكاثوليكية.
وعندما استلم عبد الحميد الثاني ,أصدر أمره باعتقاد مدحت الخائن ونفاه من البلد ,ولكن هذا الجراء جاء متأخرًا ,إذ كان يهود الدونما
تغلغلوا في البلد ,وتفشت المبادئ الماسونية بين صفوف الشعب خاصًة بعد أن أحدث فيها عدة محافل ماسونية تعمل جميعها لصالح
اليهود ,فاضطر عبد الحميد للتراجع نسبيًا ,أما اليهود فثابروا على تنفيذ مشاريعهم ,وكان في مقدمتها الستيلء على اقتصاديات تركيا التي
كان الرمن يتحكمون فيها فقام بينهما صراع مرير دام عدة سنوات ,لحظ اليهود في نهايته عجزهم عن النيل من الرمن في ميدان
الصراع المكشوف فتحولوا إلى الصراع الخفي واعتمدوا فيه على المحفل الماسوني في سلنيك الذي كان يضم أشهر رجالت البلد من
التراك والدونما ,فأوعزوا إليه بأن يكلف أعضاءه بالدس على الرمن لدى البلط والمقامات المسؤولة ,وانصاع أعضاء المحفل للتعليمات
التي صدرت إليهم ,وراحوا يطلقون الشاعات المسيئة للرمن ,ويختلقون الضاليل ويلصقونها بهم .كما تطوع بعضهم لخدمة القصر و
تزويده بالمعلومات الكاذبة المضللة لتحريض الملك وأولي المر على الرمن ,ولقد اشتهر من بين هؤلء الجواسيس ,المحامي أمانوئيل
قره صو الذي كان يقدم يوميًا عشرات التقارير للملك يتهم فيها الرمن بالتجسس أو بالتأهب لغتياله ,أو بتهريب الموال إلى الخارج...الخ
وبغية نشر الشقاق بين المواطنين ركز هؤلء الجواسيس جهودهم على تلفيق المؤامرات الخيالية ,وكانوا يشيعون أن الرمن يتأهبون
للقيام بثورة قومية لتحرير أنفسهم من النير العثماني ,ومرة أخرى يزعمون أن العرب اتصلوا بالدول الجنبية ,وطلبوا مؤازرتها للقيام
بعصيان عام بغية طرد التراك من بلدهم وعندما كانت السلطات تقوم بالتحقيق عن كنه هذه الشائعات يسارع اليهود وأنصارهم دون
وصول المحققين إلى معرفة الحقيقة ,وعندما كانوا يعجزون عن تضليل التحقيق ,يعمدون إلى رشوة المحققين ,ليطمسوا الحقيقة كي يظل
الشك قائمًا ,وإمعانًا في بلبلة الفكار ,وزرع بذور التفرقة وعدم الثقة بين التراك والطوائف الخرى في البلد.
ولرغام الطلب على النضمام لصفوفهم عمدوا إلى رشوتهم وتمويلهم ,وعندما كانوا يصطدمون بمن يعزف عن المال والرشوة ويأبى
النضمام إليهم ,يلفقون عليه تهمة النتساب لجمعيات سرية مناهضة للملكية ,ليوقعوا به حتى يكون عبرة لسواه من الطلب الذين
يرفضون النضمام إليهم .ومن جراء هذه الوشايات اليهودية الملفقة أعيد كثير من الطلب الذين كانوا يدرسون في الخارج وفرضت عليهم
العقوبات الصارمة ,وسجن اللوف من المواطنين البرياء دون ذنب اللهم إل لتمردهم على اليهود.
وهذا المسلك اليهودي الغادر أوقع الدولة العثمانية في أكثر من مأزق .مثل إقدامها على اضطهاد الرمن والطوائف الخرى بناًء على
الوشايات اليهودية المضللة ,التي كان اليهود يختلقونها لليقاع بين التراك والطوائف المختلفة التي كانت تعيش تحت ظل المبراطورية
العثمانية ,ولقد نجح اليهود في بغيتهم ,واضطهدت الدولة الطائفة الرمنية وأبعدتها عن الميادين القتصادية ,فهب اليهود ليحتلوا مكانها
في المرافق القتصادية ,وخاصة في استنبول و إزمير و سلنيك.
ومع أن تكالب اليهود على احتلل مراكز الرمن في البلد التركية فضح حقيقة مراميهم ,إل أن الدولة العثمانية ظلت سادرًة في غفلتها
حتى ظهر للميدان الزعيم الصهيوني هرتزل ,الذي شرع بمطالبة الدول الغربية بإنشاء وطن قومي لليهود بناًء على القرارات التي انبثقت
عن مؤتمرهم الول ) في مدينة بال السويسرية( الذي اشترك فيه جميع زعماء اليهود في العالم ,وفوضوا هرتزل بالعمل على تحقيق
مقرراتهم وفي مقدمتها الستيلء على فلسطين .وبعد أن تداول هرتزل الموضوع مع الدول الغربية ,وفد إلى استانبول وقابل السلطان عبد
الحميد ,وطلب منه أن يتنازل لليهود عن فلسطين مقابل أي شرط أو أي مبلغ يحدده ثمنًا لفلسطين ,فرفض السلطان عروض هرتزل ,وأمر
بطرده حاًل من تركيا ,وهنا قامة قيامة اليهود في العالم ,وأشهروا الحرب على السلطان عبد الحميد ,فباشرت صحافتهم بمهاجمته ,وتلفيق
التهم إليه ,وتحريض الدول الغربية والشعوب الخاضعة لنفوذه كما ازداد في داخل البلد العثمانية نشاط الماسون والحزاب الموالية
لليهود ,وعلى رأسها جمعية تركيا الفتاة التي كانت تدعى بجمعية التحاد والترقي ,والتي دعت الشعب إلى التمرد على عبد الحميد,
فتدهورت الحالة العامة في البلد ,وفي الوقت نفسه تمكن الماسون من التغرير بمحمود شوكت باشا قائد الجيش التركي في سلنيك
) مركز الثقل اليهودي( وحرضوه على التمرد ,فقام القائد محمود شوكت باحتلل العاصمة ) تموز (1908واعتقل السلطان ونفاه إلى
سلنيك ,فسارعت الدول الغربية إلى العتراف بالنقلبيين .وخاصة بعد أن نشر في فرنسا مضمون التقرير الذي قدمه الصحفي التركي
الماسوني الخائن الدكتور رفيق نوزت إلى الحكومة الفرنسية وصف فيه المظالم التي زعم أن السلطان ارتكبها ,وفي مقدمتها إعدام توفيق
نوزت شقيق صاحب التقرير الذي دافع عن هرتزل وعصابته وطلب من السلطان إعطائهم فلسطين ,فاعتبر السلطان عبد الحميد مسلكه
خيانة وطنية وأمر بإعدامه ,ونفذ الحكم في جزاًء وفاقًا.
فاستغلت الصحافة المهودة فحوى هذا التقرير واعتبرته كافيًا لدانة عبد الحميد ,وطالبت حكوماتها بالعتراف في الوضع التركي الجديد ثم
أشفقت على مرت توفيق نوزت ولقبته بالشهيد البريء ,وكأن الخيانة ل تعتبر خيانة عندما تكون لصالح سادة الماسون والديمقراطيات
الخاضعة للطغمة اليهودية المجرمة.
78
وفي أعقاب اعتقال السلطان ,استلم الحكم في البلد أعضاء التحاد والترقي ,وكلفوا ثلثة من غلة الماسون بالشراف على أمور الدولة
وتنفيذ شعاراتها الجديدة وكانوا جلهم من اليهود الدونما وهم ,جاويد ,وقره صو ,والمتر سالم ,فلم يرق انتقاؤهم للقائد محمود شوكت
الذي لم يكن ماسونيًا ول خائنًا ,فاصطدم بهم ,فأوعزوا إلى أنصارهم باغتياله ,وفي الوقت نفسه افتعلوا مذبحة بين الرمن والتراك,
وزعموا أن الحادث كان من فعل أنصار الماضي .بينما سهلوا الفرار لقتلة محمود شوكت ,وقمعوا الشتباك الشعبي بكل شدة ووحشية
ليرهبوا المواطنين ,ويمنعوهم من معارضة النظام الجديد ,وفي أثناء التحقيق في الحادث الشعبي ,أظهروا تحيزهم السافر للتراك,
ليوغروا صدور الرمن عليهم ,لعلهم يقدمون على حماقات تبرر للماسون واليهود إقدامهم على التخلص نهائيًا منهم لحلل اليهود في
مراكزهم.
ولتوطيد حكمهم أوفدوا إلى باريس وفدًا مكونًا من الماسون ليعرض صداقتهم على الدولة الفرنسية ,فنجحت لعبتهم بفضل مساعدة المحفل
الفرنسي لوفدهم ,ودعمت فرنسا حكمهم ,فاستتب لهم المر ,وكلفوا طلعت و أنور باستدعاء محمد رشاد و مفاوضته ضمن شروطهم
الخاصة لقبول العرش ,فكان لهم ما أرادوه ,واعتلى محمد رشاد العرش عام ) )1909دون أن يكون له من السلطة و النفوذ إل بقدر ما
تسمح له بذلك جمعية التحاد والترقي التابعة للماسون ,وهكذا سيطر اليهود على مقدرات الدولة العثمانية من وراء الستار ,ومن ثم زجوا
بها في تلك الحرب الضروس بعد أن اختاروا لها الجانب الذي استنسبوه بناًء على مقررات المؤتمر الصهيوني الثاني التي قضت بإزالتها
من الوجود ,وتمزيق ولياتها و تقسيمها بين الدول التي قدر المؤتمرون انتصارها ,ليسهل عليهم الستيلء على فلسطين ,وفي الوقت
نفسه أشاع اليهود وأنصارهم البلبلة داخل المبراطورية ,ودفعوا بأنصارهم من أمثال أنور وجمال لرتكاب الجرائم والحماقات ,ليستفزوا
شعور الناس ) وخاصة العرب( ضد الدولة العثمانية ,فقام هؤلء بدورهم خير قيام ,فقتلوا المئات واللوف وظلموا الشعوب التي كانت
تخضع لسلطانهم ,فغدت كلها معادية لتركيا ,وكان اليهود يغذون العداء في كل مكان ,فتمرد بعض الرمن على الدولة فاتخذوها الدونما
حجة للفتك بالرمن وإحلل اليهود في مكانهم ,كما دفعت وحشيتهم العرب إلى النحياز للمعسكر الحليف ,فقضى على الصداقة التركية
ل دون احتلل اليهود لفلسطين. العربية ,وانهارت الدولة العثمانية وتمزقت إمبراطوريتها التي حالت طوي ً
هذا الحتلل الذي كان اليهود يعتبرونه هدفهم السمى ,فلما عارضهم عبد الحميد في تحقيقه ناصبوه العداء ,وقرروا القضاء عليه وعلى
إمبراطوريته ,وفي سبيل ذلك بذروا بذور العداء بين الرمن و التراك ليستولوا على مراكز الرمن في تركيا ,لينفردوا بخيراتها ولينفقوها
على التأهب لتحقيق حلمهم المذكور .وفي سبيله أوجدوا التفرقة بين العرب والتراك ,ليحولوا دون اتفاقهما في المستقبل حتى يخلوا لهم
الجو لبلوغ غايتهم هذه.
وفي صدد الجرائم التي ارتكبها اليهود بحق الشعب التركي يزيدنا السيد إتيلهان علمًا ويقول :إن الثورة التي انفجرت عام 1914في
كرواتيا و الجبل السود ,كانت من صنع اليهود ,وبتحريض منهم ,ومولت من قبلهم.
ويؤكد أن المالي اليهودي يعقوب شيف هو الذي مول هذه الثورة وأشرف على إدارتها ,ولقد أرسل تعليماته لشعال نارها مع نصف مليون
دولر إلى اليهودي أفرام بنرويا A.Bonaroyaالذي كان يرأس المحفل البلغاري وأمره بالمباشرة في إيقاد نيرانها ,فقام بنرويا بجولة إل
سلنيك ,و أدرنة ,وسلوفينيا و ألبانيا حيث أبلغ تعليمات شيف إلى رؤساء فروع محفله وزودهم بالمال اللزم وأوعز إليهم بإعلن التمرد
في تركيا.
ل من ثورتي وفي عام 1915أرسل إليهم مجددًا مبلغ سبعمائة وخمسين ألف دولر ليثابروا على مقاومة التراك ,كما أن بنرويا قاد ك ً
اليونان وألبانيا ,وكان شيف هو الذي يموله فيهما .
وفي بحثه عن الثورات في بلد البلقان يذكر إتيلهان في مكان آخر من كتابه بأن جميع زعامات الثورة البلقانية كانوا من الماسون
ل من كومولكا ) البولوني ( و آنا بوكر الرومانية ,وأمري واليهود .ويقول إن بلكون اليهودي الماسوني هو الذي دربهم جميعًا ,وإن ك ً
ناجي و كادار المجريين يدينون بالولء لستاذهم بلكون جلد المجر ,كما أنه يؤكد بأنهم جميعًا من اليهود المعروفين بعدائهم للشعوب
النصرانية.
وفي بحثه عن الحرب العالمية الكبرى الولى في تخوم مصر يذهب إلى القول بأن اليهود في مصر كانوا يحرضون المصريين على مقاتلة
التراك ,ويقدمون لهم المغريات المالية والعينية ,ليشجعوهم على التطوع في الجيش البريطاني ,أما في فلسطين حيث كان السيد إتيلهان
رئيس الشعبة الثانية في الجيش التركي فيعزو اندحار التراك إلى الجاسوسية اليهودية ويسرد مئات الحوادث التي أقدم فيها اليهود على
التجسس لحساب الحلفاء ,ويذكر أنه بنفسه أوقف عشرات الجواسيس اليهود أمثال سارة ,و سرشون ,و سوزي ,وسيمون ,ونعمان
بلكنت ,وجوزيف طوبن ,وكمياس ,و موسس ,وسواهم والذين كان له شرف استجوابهم وإحالتهم إلى القضاء الذي أدانهم جميعًا,
وأعادهم إليه ليعدمهم جزاء خيانتهم.
ومن ثم يقول إتيلهان إن جميع الخطاء التي ارتكبها التراك في البلد العربية في مستهل القرن العشرين كانت وليدة دس الماسون
واليهود على العرب ,ويزعم بأن الخطاء التي ارتكبت بالمقابل من قبل العرب بحق التراك كانت ناتجة عن تحريض اليهود لهم ,وتشويه
الحقائق التاريخية التي كانت تربط العرب بالتراك إذ كانوا يزعمون للعرب بأنهم معهم ليوصلوهم إلى الحرية والستقلل ,بينما كانوا في
أوروبا يعملون دون هوادة لرسم الخطط لتمزيق البلد العربية ,بعد الحرب والستيلء على فلسطين ,في الوقت الذي يكون العرب في شغل
شاغل عنهم.
ويختتم بحثه بالقول بأن اليهود استغفلوا العرب والتراك وخانوهما معًا واستولوا في غفلة منهما على فلسطين ,أما تبعة ذلك فيقع على
عاتق السلطان مراد الثاني الذي أجار اليهود ,ليصبحوا فيما بعد وباًل على أمته وبلده.
وبعد كل ما رويناه عن جرائم اليهود في تركيا ,يظهر لنا أن اليهود مازالوا حتى اليوم يسيطرون عليها مثلما كانوا يسيطرون على
مقدراتها في المس ,و لربما أكثر ,إذ أن الزائر المراقب لتركيا يلحظ بوضوح تغلغل الدونما في جميع مرافقها ,يمكنه أيضًا أن يلمس
سيطرتهم على صحافتها لمس اليد ,أما اقتصادياتها فتخضع تقريبًا برمتها للدونما مع أن الشعب التركي برمته يكرههم ,ويحقد عليهم,
ولكنه أعجز من أن ينالهم لن السيطرة الماسونية تقف وتتصدى لكل من يجرؤ على المس باليهود ,ويبدو أن الدولة التركية نفسها أضحت
بعض الشيء تحت رحمتهم ,ولهذا فهي تتسامح معهم في ما يرتكبونه من المساوئ والجرائم بحق شعبها.
79
يبدو أن الخطيئة التي ارتكبها السلطان مراد الثاني ,بترحيبه بمجيء اليهود إلى بلده لم تكن الفريدة في سجل سلطين التراك ,إذ أن
التاريخ يذكر لنا أن السلطان سليم الثاني أقدم أيضًا على رعونة مماثلة ,وذلك عندما أجار الثري اليهودي إلياس يوسف ناسي Elias
Joseph Nassiالذي فر من البندقية وجاء يحتمي في تركيا وهو يهودي من أتباع إسبانيا ,هرب منها قبل بضعة أعوام واحتمى بمدينة
أنفرس ) (Anversحيث تمكن بفضل أمواله الطائلة من التقرب من الملكة ماري دوهونكري ) (Marie De Hongrieوتوثقت الصداقة
بينهما و اتخذته الملكة أمينًا لسرارها ,وفوضته بعقد التفاقات باسمها مع شارلكان ,و هنري الثاني . Hanri II
فذاع صيته في المحافل الماسونية حتى استنجد به الملوك أمثال سيجموند Sigimondeالبولوني و هنري الثاني الفرنسي ,واقترضوا
منه الموال الطائلة ,فتعاظم شأنه بين الدول ,وكان يهوديًا متعصبًا لقوميته ل يتورع عن إظهار تعصبه في أية مناسبة ,ومن أعماله الدالة
على تطرفه العنصري ,إقدامه بكل وقاحة على كتابة صيغة المعاهدة التي وقعت بين فرنسا وتركيا عام 1569باللغة العبرية ,والتي حفظت
في ملفات وزارتي الخارجية في كل من تركيا وفرنسا.
وقبل التجائه إلى تركيا ,هجر ناسي أنفرس واستولى على البندقية ,واتخذها مركزًا لتصالته مع الجاليات اليهودية التي كان يقدم لها
العون المادي و الدبي ,ولقد أكرمته جمهورية البندقية ,وأطلقت يده في الشراف على الجالية اليهودية في بلدها ,فطمع في المزيد من
السلطة ,ونزع إلى البحث عن إقامة دولة يهودية في إحدى جزر البحر البيض المتوسط ,ولما شعرت البندقية بنواياه وضعته تحت
المراقبة ,فأحس بالخطر ,ففر من البندقية والتجئ كما ذكرنا إلى السلطان سليم الثاني.
وفي تركيا تمكن بسرعة فائقة من كسب ود السلطان ,وغدا مستشاره الول ,فعادت مطامعه تراوده من جديد ,فصار يباحثه بضرورة
احتلل قبرص لنها تشكل خطرًا على سلمة مملكته ,وتعهد له بالنفاق على الحملة ,فيما إذا وافق السلطان على مقترحاته.
وكان سليم الثاني مولعًا بالخمرة فاستغل ناسي إحدى ساعات أنسه ,وورطه بإقرار غزو قبرص ,بعد أن أخذ منه وعدًا بتنصيبه ملكًا عليها
ل أنه سيصبح من الملوك ,وأعلن لقبه تحت اسم دوق دو ناكسون صاحب البحر البيض ,أو جوزيف الول ملك قبرص ,عندها تخيل فع ً
الجديد على العالم ,وثابر على تحريض السلطان على تحقيق قراره ,حتى انصاع سليم الثاني لصراره ,وأرسل عام ) (1570أسطوله
لحتلل قبرص ,وحاصرها مدة من الزمن ,ثم احتل التراك مدينة فاماكوستا واستسلم قائدها براكادينو ) ,(Bragadinoولكن الدول
الوروبية سارعت لنجدة قبرص ,واشتبكت كل من إسبانيا و البندقية والفاتيكان بحرب طويلة مع التراك ,انتهت كما هو معروف ,دون أن
يستفيد منها أحد ,بعد أن أهرقت فيها الدماء من الطرفين ,على مذبح الغراض اليهودية القذرة.
عندما اكتشفت أمريكا وفاضت خيراتها على أوربا .بهر بريق ذهبها أبصار اليهود ,وفكروا بوسيلة تنيلهم حصتهم من هذا المعبود اليهودي
القديم ,ولما أعيتهم الحيل ,قرروا المغامرة ,فاندس غلة مغامريهم في قوافل المهاجرين بشتى الساليب والحجج فوصلوا إلى القارة
الجديدة ,حيث انهمك رفاقهم بشتى العمال بينما استهدف اليهود جمع المال واكتنازه دون سواه ,وفي زمن قياسي حصلوا منه على
أضعاف ما حصل عليه الخرون .وهذه المكاسب الوفيرة السهلة أطمعت إخوانهم في أوروبا ,فبادروا إلى اللحاق بهم ,فتضاعف عددهم,
وبدأ المهاجرون يشعرون بوطأتهم ,ولكنهم عجزوا عن إبعادهم عن القارة ,بفضل ما قدموه من الرشاوى لحكام المستعمرات الذين كانوا
أبدًا بحاجة لمزيد من المال.
ولما اندلعت نيران الثورة المريكية ,ازداد طمع اليهود فاستثمروا أحداث الثورة على أوسع نطاق ,فتاجروا بالسلحة وتجسسوا لحساب
الطرفين ,فدرت عليهم هذه العمال المال الوفير ,واحتاج إليهم المتقاتلون فاستغل اليهود الفرصة الجديدة ,وعمدوا إلى تمويل الجهتين
بالمال والمعلومات ,بغية إطالة أمد الحرب لتزيد فوائد أموالهم التي كانوا يقرضونها للمتخاصمين ,وكان المثقفون من المريكيين يعلمون
ما يرمون إليه اليهود ,ولكنهم فضلوا السكوت عنهم ,خشية أن ينحازوا لعدائهم البريطانيين .ولما حصلت أمريكا على استقللها ,واجتمع
مجلسها التأسيسي ) (The Constitutional Conventionعام ,1789تطرق المجتمعون إلى البحث في وضع اليهود في بلدهم,
فقام بنيامين فرانكلن بطل التحرير المريكي ,وأبرز أعضاء المؤتمر وألقى كلمة تحذيرية في المجتمعين قال فيها:
)) أيها السادة ل تظنوا أن أمريكا نجت من الخطر بمجرد أنها نالت استقللها فهي ما زالت مهددة بخطر جسيم ,ل يقل خطورة على
الستعمار ,وهذا الخطر سوف يأتينا من تكاثر عدد اليهود في بلدنا ,وسيصيبنا ما أصاب البلد الوروبية التي تساهلت مع اليهود بمجرد
تمركزهم في تلك البلد عمدوا إلى القضاء على معتقدات وتقاليد أهلها ,وقتلوا معنويات شبابها بفضل سموم الباحية واللأخلقية التي
نفثوها فيهم ,ثم أفقدوهم الجرأة على العمل ,وجعلوهم ينزعون إلى التقاعس والكسل بما استنبطوه من الحيل لمنافستهم في كسب لقمة
عيشهم ,وبالتالي سيطروا على اقتصاديات البلد ,وهيمنوا على مقدراتها المالية ,فأذلوا أهلها ,وأخضعوهم لمشيئتهم ,ومن ثم أصبحوا
سادة عليهم مع أنهم يرفضون الختلط بالشعوب التي يعايشونها ,حتى بعد أن يكتموا أنفاسها فهم يدخلون على كل بلد بصفة دخلء
مساكين ,وما يلبثون أن يمسكون بزمام مقدراتها ,ومن ثم يتعالون على أهلها ,وينعمون بخيراتها ,دون أن يجرؤ أحد على صدهم عنها,
ولقد رأينا في الماضي كيف أذلوا إسبانيا والبرتغال ,وما يفعلونه اليوم في بولونيا وسواها من البلد ,ومع كل هذا جعلوا التذمر شعارهم
حيثما وجدوا والتشكي دينهم ,فهم يزعمون أنهم مضطهدون طالما كانوا مشردين ,ويطالبون بالعودة لفلسطين مع أنهم لو أمروا بالعودة
إليها لما عاد واحد منهم إلى فلسطين ,ولظلوا جميعًا حيث هم ,أتعلمون أيها السادة لماذا؟ لنهم أبالسة الجحيم وخفافيش الليل ,ومصاصو
80
دماء الشعوب ,فل يمكنهم أن يعيشوا مع بعضهم البعض ,لنهم لن يجدوا فيما بينهم من يمتصون دمه ,ولهذا يفضلون البقاء مع الشعوب
الشريفة التي تجهل أساليبهم الشيطانية ,ليثابروا على امتصاص دم أبنائها ,ولينهبوا خيراتها ,للسباب التي أوضحتها لمجلسكم الموقر
أتوسل إليكم أيها السادة أن تسارعوا باتخاذ هذا القرار ,وتطردوا هذه الطغمة الفاجرة من البلد قبل فوات الوان ,ضنًا بمصلحة المة
وأجيالها القادمة .و إل سترون بعد قرن واحد أنهم أخطر مما تفكرون ,وستجدونهم ولقد سيطروا على الدولة والمة ودمروا ما بنيناه
بدمائنا وسلبوا حريتنا ,وقضوا على مجتمعنا ,وثقوا بأنهم لن يرحموا أحفادنا ,بل سيجعلونهم عبيدًا في خدمتهم ,بينما هم يقبعون خلف
مكاتبهم يتندرون بسرور بالغ لغبائنا ,ويسخرون من جهلنا وغرورنا.
أيها السادة أرجو أل يجنح مجلسكم الموقر إلى تأجيل هذا القرار ,و إل حكم على أجيالنا القادمة بالذل والعناء ,أيها السادة ل تظنوا أن
اليهود سيقبلون يومًا النصهار في بوتقتكم ,أو الندماج في مجتمعكم .فهم من طينة غير طينتنا ,ويختلفون عنا في كل شيء ,وأخيرًا أهيب
بكم أن تقولوا كلمتكم الخيرة ,وتقرروا طرد اليهود من البلد ,وإن أبيتم فثقوا أن الجيال القادمة ستلحقكم بلعناتها وهي تأتن تحت أقدام
اليهود (( .
ولكن المجلس التأسيسي رد هذا المشروع ولم يقره ليس لعدم قناعته بوجاهة ما قاله فرانكلن ,بل لعدم اتفاق أعضائه على هذا الجراء,
لن بعضهم كان من الماسون ,والبعض الخر كان قد ارتشى مسبقًا ,فرفض هؤلء الموافقة على القرار المقترح .كما أن الحكومة كانت
غير راضية عن هذا القرار لنها كانت بحاجة ماسة للمال ,وكان اليهود قد وعدوها بتلبية رغبتها إن هي حاولت دون إقرار المشروع .كما
أن الجمعيات المحلية كانت تساند اليهود لن أكثرها كانت تعيش على أموالهم ,فتضافرت جميع الجهود وإسقاط القرار من حساب المجلس.
وهكذا انتصر اليهود وظلوا مقيمين في أمريكا بأمان ,ولقد برهنت اليام على أن فرانكلن كان على حق في كل ما قاله وللتأكد من ذلك يكفي
أن نلقي نظرة على حالة أمريكا اليوم ,ليظهر لنا جليًا صدق نبوءة فرانكلن ,ومدى ما كان عليه من إخلص لقومه وبلده ,إذ أن واقع أمريكا
اليوم ينبأ بأن اليهود هم سادتها دون ريب ,وليس فيها من يجرؤ على رفع إصبعه في وجههم ,والعالم أجمع يشهد بأن أمريكا هي قلعة
الصهيونية الحصينة ,ومركز الرأسمالية اليهودية ,وهي ليست أقل تهودًا من بريطانيا ,وهما يعتبران بحق مركزي الثقل للصهيونية
العالمية,و على الخص بعد أن تبع النكلوساكسون العهد القديم دون سواه من الكتب المقدسة .وقوة اليهود في أمريكا ليست موضع
نقاش .فهم يتحكمون في أكثر مرافقها الحيوية ,ويسيرونها حسب أهوائهم وأغراضهم ,وسيطرتهم على النتخابات النيابية أصبحت مضرب
مثل في العالم فهم يرفعون إلى سدة الرئاسة الولى من يريدونه ,وكم من مرة تمكنوا من رفع أحد أبناء جلدتهم إليها.
وعلى سبيل المثال نذكر أن السيد فرانكلن روزفلت الذي حكم أمريكا أثناء الحرب العالمية الثانية ,لم يكن في الصل إل يهوديًا ,انحدر من
عائلة يهودية هجرت إسبانيا عام 1620وتشرد أفرادها في القطار الوربية حقبة من الزمن ,ثم انتهى بهم المطاف إلى أمريكا وكانت
عائلته تدعى في الصل بروزكامبو ) (Rossocompoثم أصبحت تدعى روزنبرغ ) (Rosenbergوفيما بعد روزنفلت )(Rosenvelt
وأخيرًا روزفلت ) (Roseveltكما أن زوجته يهودية أيضًا معروفة تدعى سارة دولدنو ) (Sara Delanoeعرفت طيلة حياتها بالعمل
لصالح اليهود ,أما روزفلت فقد دلل مرارًا على تمسكه بعنصريته وتحيزه لليهود والصهيونية.
وكان إبان حكمه يوجه بمناسبة عين رأس السنة العبرية تهانيه إلى يهود العالم علنًا ,ويرسل للحاخام الكبر الهدايا الكثيرة ويتقبل بركاته
بصفته أحد أتباعه ,ولقد بادله اليهود الحب والتقدير ,وللتعبير عنهما ,أهداه مؤتمر الشباب اليهودي الثاني أقدم نسخة للتوراة عربونًا
لولئه له ,بينما قدم له اليهود في مدينة نيويورك وسامًا من الذهب نقشت على أحد وجهيه صورة روزفلت وعلى وجهه الثاني النجمة
السداسية ولقد كتبت في منتصفها باللغة العبرية الجملة التالية ) الرفاه والحكمة لفرنكلن روزفلت ,نبينا الجديد الذي سيعيدنا إلى الرض
الموعودة في ظل خاتم سليمان ابن داوود ( وذلك اعترافًا بفضله ,وإشارة لما وعدهم به.
وكان روزفلت ل يعتمد في إدارة شؤون أمريكا إل على اليهود ,ولقد أحاط نفسه بزمرة منهم أمثال فيليكس فرانكفورتر )Felix Frank
(Furterو كوردل هول ) (Cordell Hullالمهود صهر المالي اليهودي الشهير كوهين لوب ) (Kuhin loebومستشاره الخاص
صموئيل روزنمان ) (Samuel Rose Nmannوالقاضي برانديس ) (Brandeisو المستشار الثاني صموئيل أنترماير )Samuel
(Untermayerو برنار باروخ ) (Bernard Barochsصاحب كتاب الدولة اليهودية .وهنري مورجانترو )Hanry
(Morgenttrauوكيل خزانته ,وجيس شتراوس ) (Jesse Straussوليو فولمان ) (Leo Wallmanرئيس رابطة أصحاب العمل في
القصر الجمهوري ,ول غوارديا ) (La Guardiaمحافظ نيويورك السابق .ومئات الخرين من أشهر رجالت اليهود في أمريكا .وكانوا
جميعًا يعملون في تخطيط شؤون الدولة وكأنها دولتهم .أما مهمة روزفلت فكانت تنحصر في إقرار وتوقيع ما يشرعه هؤلء اليهود و
الشراف على تنفيذه.
والنفوذ اليهودي في أمريكا ل يقتصر على التحكم في شؤون الدولة فحسب بل يتعداه إلى السيطرة التامة على كافة أحزاب البلد حتى
اليسارية منها .ومن هنا رأينا المظاهرات التي قامت في أعقاب الحرب الكونية يقودها زعماء اليهود من أمثال هيرش ) (Hircheو
إيدلمان ) (Adelmanوهاري بريدج ) (Harry Bridgeجوزيف كوهين ) (Joseph Cohenو جوزيف جاكوب )(Joseph Jacob
وغليكشتاين ) (Gleckesteinولهمان ) (Lehmannوصول نيتزبيرغ ) (Sol Nitezbergوجلهم من أصحاب العمال المعروفين في
أمريكا .وكانت التبرعات السخية تنهال تشجيعًا لهم وللمتظاهرين من كافة الجهات اليهودية وعلى الخص سادة صناعة السينما التي تعتبر
خامس الصناعات المريكية ,إذ يقدر رأسمال العاملين فيها بعدة مئات من المليين .واليهود يملكون منها %95وأكثر العاملين فيها هم
أيضًا من اليهود .وهم يحاربون كل من يتجرأ لمناوئتهم في ميدانها .ولقد منعوا أكثر الشركات غير اليهودية من العمل فيها ,وذلك عن
طريق التضييق عليها تدريجيًا و من ثم دفعها نحو الفلس وإرغامها على النسحاب من ساحة صناعة السينما نهائيًا .ولقد ضجت بعض
الصحف من هذا المسلك اليهودي .فكتبت صحيفة الخبار المسيحية الحرة ) (Christian Free Newsتقول ) :إن صناعة السينما في
أمريكا هي يهودية بأكملها ,ويتحكمون فيها دون أن ينازعهم في ذلك أحد .ويطردون منها كل من ل ينتمي إليهم ,وجميع العاملين فيها هم
إما من اليهود أو من صنائعهم .وهوليود تعبر اليوم سدوم العصر الحديث ,حيث تنحر الفضيلة,وتنشر الرذيلة وتسترخص العراض,وتنهب
الموال دون رادع أو وازع .والمشرفون عليها يرغمون كل من يعمل لديهم على تعميم ونشر مخططهم الجرامي تحت أستار خادعة كاذبة.
وبهذه الساليب القذرة أفسدوا الخلق في البلد وقضوا على مشاعر الرجولة والحساس وعلى المثل العليا لدى الجيال المريكية.
فأوقفوا هذه الصناعة المجرمة لنها أضحت أعظم سلح يملكه اليهود لنشر دعاياتهم المضللة الفاسدة.
ومجلة الخبار المسيحية الحرة هذه تصدر من مدينة لوس أنجلوس ) (Los Angelesوهي تكتب في أكثر الحيان عن الفضائح اليهودية
بنفس القوة الظاهرة في مقالها النف الذكر الذي ورد في عددها الصادر في مستهل شهر تشرين الول لعام 1938ولكن مع كل أسف ,فإن
صراحتها الدواية ذهبت سدى ,لن أمريكا خلت ممن يجرؤ على الوقوف في وجه اليهود أو من يتصدى لما يعملونه.
81
وقوة اليهود في أمريكا تتجلى خاصة أيام النتخابات إذ نرى المرشحين يتسابقون في خطب ودهم ,ويغدقون عليهم الوعود ويأخذون على
أنفسهم العهود تجاههم ,وكأنني بهم يمتثلون بيهوى والتوراة ,والغريب في المر هو أن اليهود ينجحون دائمًا مرشحيهم ويسقطون
خصومهم بكل يسر وسهولة ,رغمًا عن أن عددهم في أمريكا ل يربو عن العشرة مليين .ومع هذا رفعوا روزفلت في الماضي إلى سدة
الرئاسة ,وهم الذين ساندوا هاري ترومان الماسوني على الفوز بعد أن قدم ولءه لوايزمان الذي زار في حينه أمريكا .لقد أهداه نسخة من
التوراة ,إشارة لتحالفهما .كما أن اليهود كانوا خلف فوز آيزنهاور ,وإيصاله إلى سدة الحكم ,وعندما جرت النتخابات التي فاز بها
آيزنهاور ,شاهد الناس رجال الدين اليهود يتجولون في شوارع نيويورك,ويدعون لمؤازرة آيزنهاور فاستغرب الناس هذا الحماس
اليهودي الغير منتظر ,ولكن المور اتضحت بعد أن نجح آيزنهاور ,وعرف أن اليهود دعموا آيزنهاور لنه وعدهم بتخفيف الحكم عن
الجاسوس اليهودي روزنبرغ الذي اعتقل في عهد ترومان بتهمة التجسس لحساب الروس ,وكان اليهود يسعون لدى السوفييت في نفس
الوقت لنقاذ بعض اليهود الذين اعتقلوا في روسيا بتهمة التجسس لحساب الغرب ,فاشترط الروس تخفيف الحكم عن روزنبرغ )
(Rosenbergمقابل تخفيفهم الحكام على اليهود المعتقلين في بلدهم ,فساوم اليهود آيزنهاور واتفقوا معه على أن يساعدوه في
النتخابات مقابل أن يخفف الحكم عن روزنبرغ ,فقام كل من الطرفين بتعهده على أكمل وجه ,وأنقذ اليهود المجرمين في كل من روسيا
وأمريكا وهكذا انتصر اليهود على أعظم دولتين ,وحالوا دونهما وإنزال العقاب بأبناء قومهم الخونة.ومما يؤسف له ,هو أن الشعب
المريكي يشعر بوضوح وطأة اليهود على حياته ومصيره ,ولكنه يعجز عن وضع حد لسيطرة اليهود عليه ,لنه أيقن أن ل جدوى من
معارضة اليهود في ظل نظامه الحالي ,وخاصة بعد أن رأى فشل كل من نزع إلى مخاصمة اليهود من أبنائه.
ل :إنولقد سئل الصناعي المريكي الكبير السيد هنري فورد ) (Hanry Fordعن سر توسع النفوذ اليهودي في بلده فأجاب قائ ً
المسؤول الول عن توسع نفوذ اليهود في بلدنا هو طراز الحكم فيها ) يعني الحكم الديمقراطي ( ,هذا الحكم الذي يتساوى في ظله جميع
المواطنين بصرف النظر عن أصلهم ,ويحق لكل فرد أن يكتب ويقول ويعمل ما يحلو له ,وهذه الحرية المطلقة استثمرها اليهود على أحسن
وجه ,فاختاروا العمل الجماعي ضمن مفاهيم التعاون والتآخي فيما بينهم ,فتكتلوا منذ البداية ,وتعاونوا فيما بينهم منذ الساعة التي حطوا
فيها رحالهم بهذه البلد ,بينما تمسك الخرون بفرديتهم ,وعمل كل منهم بمفرده دون معين ,ولذا نجح اليهود أكثر من سواهم بفضل
اتحادهم الذي يتمسكون به لمجابهة الشعوب الخرى ,لنهم يعرفون أن الجميع يكرههم ويحقد عليهم بسبب ما افتعلوه من الكوارث منذ
فجر التاريخ ,وما اصطنعوه من مآس في كل من فرنسا و ألمانيا وما ارتكبوه من الجرائم في روسيا والبلقان ,ولذا فهم يخافون من نقمة
الناس عليهم ,وهذا الخوف هو الذي يرغمهم على التعاون الوثيق فيما بينهم ,وبالتالي يحضهم على تجنب الخرين وعدم الثقة بهم.
ل بهذه التعاليم البينة ,أغار اليهود على
وشرائحم أسهمت كثيرًا في نجاحهم إذ أنها تنصحهم بأن ل يعزفوا عن أي عمل مدر للمال ,وعم ً
العمال التي يأنف سواهم عن تعاطيها و العمال التي تحرمها الشرائع السماوية الخرى ,فمارسوها بكل شجاعة وقحة ,واعتمدوا في
حرية ممارستها على ما يتقنونه من أساليب الغش والخداع لمجابهة القوانين والنظمة الرادعة عن تعاطي هذه الحرف المعيبة ,ولقد درت
عليهم هذه الحرف الحقيرة أضعاف ما تدره المهن الشريفة على الخرين ,ولما توفر لهم المال ,تسللوا إلى حرم الصناعات الثقيلة
والمرافق الحيوية ,وبفضل تعاونهم الوثيق تمكنوا من الستيلء عليها ,وهكذا حققوا ما لهم اليوم من النفوذ في البلد.
ويبدو أن السيطرة اليهودية في أمريكا ليست محصورة في نطاق الحزاب ,والتصرف في مجرى النتخابات ,ول في امتلك زمام المصارف
والبنوك ,ول في التحكم في صناعة السينما وحرفة الصحافة ,بل تعد كل هذا ,ووصلت إلى حد المقدرة التامة على إزالة كل من يعترض
طريقها مهما سما مركزه أو عظم شأنه .وللتدليل على ذلك ,وعلى سبيل المثال نذكر مقتل السيناتور ماك آرتي ) (R. Mc Cartyأمين
سر لجنة الدفاع المريكية ,الذي اشتهر بمناوئة اليهود ,لما كان يعرفه عن جرائمهم وخياناتهم وكان يفضح أسرارهم ويعلنها للمواطنين
بقصد تقليص نفوذهم ,فجزع اليهود من موقفه المعادي لهم ,وقرروا فيما بينهم القضاء عليه في أحد أيام حزيران عام ,1957وجد ماك
آرتي مقتوًل في فراشه في المستشفى الذي أدخله على إثر وعكة خفيفة ألمت به ,ولدى التحقيق لم يعرف سبب الوفاة ,وطويت قضيته مع
أن الجميع كان يعرف أن ماك آرتي اغتيل بيد اليهود.
والمتتبع للحداث التي سبقت مقتل ماك آرتي ,ولما نشرته الصحافة عنه قبل وبعد مقتله ل يسعه إل أن يعترف بأنه ذهب ضحية غدر
اليهود وهذه الحملت وما نشرته الصحافة عنه تتلخص بما يلي:
في أعقاب إحدى حملت ماك آرتي على اليهود ,عقد زعماؤهم اجتماعًا ضم كل من فريدكير شفاي ,وفيكتور برنستين صاحبي جريدة المة
) (The Nationوليونيل سيمون صاحب صحيفة العرض ) (Exposeومدير صحيفة الصوت اليهودي بكاليفورنيا )The California
(Jewish Voiceو مدير صحيفة الشعب في لوس أنجلوس المدعو آل ريتشموند ) (Al Richmondوشريكه هاري كرامر )Hary
(Kramerوماير ) (Mayerصاحب صحيفة بريد واشنطن ).(Washington Post Times Herald
وأصحاب الجريدة الرسمية لجمعية بني بريد اليهودية الشهيرة بالبولتان ) (A.DL Buletinوصاحب صحيفة الحياة اليهودية )Jewish
(Lifeوماكس اسكوبي ) (Max Ascobiصاحب صحيفة المخبر ).(The Reporter
والمليونير اليهودي آرثر سوليزبيرجر وشريكه جوليوس آدلر ) (Arthur Sulzberger And Julius Adlerصاحبي جريدة
نيويورك تايمز ) (The Newyork Timesوعشرات الزعماء الخرين .وبعد تداول أمر السيد ماك آرتي قرروا فيما بينهم محاربته حتى
النهاية .وعلى الثر بدأت المقالت النارية في الصحافة اليهودية تنهال على ماك آرتي .كما شرع بعض زعماء اليهود بتوجيه النذارات
إليه .ولقد كتبت الصحيفة اليهودية بني بريت ميسيجر ) (Bne Breith Messagerفي إحدى أعدادها تقول :لسنا من محبي التكهنات
ولكن سلوك ماك آرتي وأعماله توحي لنا بأن نهايته ستكون سيئة جدًا .ولربما مات بصورة تدهش العالم كما مات النائب هوي لونغ )
(Huey Longالذي كان يسير على غراره.
كما صرح الزعيم الصهيوني المعروف فوستر ) (W.Z. Fosterبأن على مارك آرتي أن يبتعد عن الميدان السياسي متطوعًا وإل أبعد
عنه قسرًا وإذا عجز الخرون عن إقناعه فسأضطر لتنظيف الساحة السياسية منه نهائيًا.
ولكن لم تلن قناة ماك آرتي الصلبة أمام تهديدات اليهود وثابر على محاربتهم واتهامهم بالخيانة .ولقد كتبت صحيفة لوك ) (Lookفي
عددها الصادر في 17تشرين الثاني سنة 1955تقول :إن جميع السماء التي يقدمها ماك آرتي إلى مجلس العيان ويتهم أصحابها
بالخيانة جلهم من اليهود ...وفي أعقاب هذه المقالة اشتد الصراع بين ماك آرتي واليهود ,ودام إلى اليوم الثالث من حزيران عام 1957
الذي فوجئ العالم فيه بنعي ماك آرتي من قبل جريدة مانشستر يونيون ليدر ) (Manchester Union leaderببعض الكلمات
المقتضبة .اختتمتها بقولها :قتل ماك آرتي في المستشفى وانتهى المر.
82
وفي 12حزيران سنة 1957علقت صحيفة نيويورك ساندي نيوز ) (Newyork Sunday Newsعلى مقتل ماك آرتي وقالت :إن
الرجال الشجعان آمثال ماك آرتي يرهبون اليهود ولذا يتعرضون لسخطهم ,وعندما تتأكد دوائرهم السرية الخاصة من تفاقم خطر هؤلء
الرجال يسارع اليهود إلى القضاء عليهم وإزاحتهم على الطريق مهما كلف المر.
وفي 23تموز سنة 1957صدرت صحيفة بتسبروغ سن تليغراف ) (Pittsburg Sun Télegraphلتعلن للناس على لسان الكاتب
اليهودي لويس بورتس ) (Louis Bortezأن أطباء البحرية المريكية لم يتمكنوا من معرفة أسباب موت ماك آرتي.
ومع كل هذا ظلت السلطات المسؤولة تتجاهل الموضوع رغم أنها كانت تعلم أن السيد جورج برن ) (George Bernسبق وأن نشر عام
1954أسماء ثلثمائة جمعية ومئات من رجالت اليهود في صحف نيويورك واتهمهم بالتآمر على حياة ماك آرتي .كما أنها قد اطلعت على
ما نشرته جريدة ديلي سن ) (Daily Sunاليهودية التي تصدر في لوس أفاكاس والتي قالت صراحة بأن جمعية )The Cmmitte for
(an Effective Congresseالمكونة من ثمانمائة عضو )سبعمائة وخمسون منهم من اليهود( هي التي عملت على إزاحة ماك آرتي
عن مسرح السياسة المريكية ,كما أنها استمعت إلى شهادة السيناتور جورج ممثل جورجيا و زميله فيركيزون نائب مقاطعة ميتشيغان,
اللذين شهدا بأن بريد ماك آرتي كان يفتح يوميًا من قبل رجال المنظمات اليهودية وبصورة منتظمة .ولكن هذه التصريحات والشهادات
ظلت في نظر السلطات وكأنها لم تكن وطويت قضية ماك آرتي وكأنها من أتفه القضايا.
والغرب من ذلك نرى أن التاريخ يعيد نفسه .وتظهر لنا السلطات المريكية بنفس المظهر .وبنفس العجز أمام السلطات اليهودية ,وذلك
في قضية مقتل الرئيس جون كندي الذي اغتاله اليهودي أوزوولد ) (Oswooldالذي فوجئنا بمقتله بدوره ,وطويت القضية وكأن
أوزوولد كان المسؤول الوحيد عن هذه الجريمة التي هزت مشاعر الناس.
بينما العالم أجمع يعلم أن أياد عريقة في الجرام كانت وراء أوزوولد دأبت العمل في الخفاء ,دون أن تترك ورائها من الثار إل القليل جدًا,
ولكن هذا القليل كان دائمًا وأبدًا يكفي ليشير إليها في النهاية ,ولكن بعد فوات الوان.
ومسألة إتقان اليهود إخفاء أكثر جرائمهم في أمريكا في غنى عن البيان ول تحتاج إلى نقاش ,وذلك بفضل ما يملكونه من الجمعيات
السرية التي يدفعونها للقيام بأعمال القتل والغتيال ,ولقد اشتهرت من بينها جمعية القباللو ) (Caballoالتي يدين أعضاؤها بكتاب
القبال ,وهذه الجمعية تقوم في أمريكا مكان جمعية الهسقال ) (Hascalaاليهودية التي تعمل في البلد الشتراكية ,وكلتاهما تأتمران بأمرة
منظمة الكحال اليهودية العالمية.
ولجمعية القبال شروط ومواصفات لقبول العضاء ,منها أنها تنتقي أعضائها من بين أطفال العائلت العريقة في يهوديتها ,وتأخذهم منذ
الصغر تحت رعايتها ,وتنشئهم ضمن نظام معين وتلقنهم مبادئ خاصة بها,ومن ثم تعينهم في منظمتها ,حسب ميول وغرائز كل منهم
وتنقسم منظمتها إلى فئات ,لكل فئة اختصاصها ,فمنها من تخصصت في الشؤون العلمية ,ومنها من تخصصت بأعمال القتل والغتيال,
وينتظم الطفال في هذه الفئات ويكملون في صفوفها تدريبهم الخاص بالفئة التي انتسبوا إليها.
ولقد اشتهر أعضاء الجمعية بتعصبهم القومي ,وتطرفهم العنصري ,وهم أخطر أفراد الشعب اليهودي قاطبة ,ل مكان للرحمة عندهم ,ولقد
قاموا في أمريكا بعدة جرائم تميزت بقسوتها ,وفي هذا الصدد يحدثنا السيد إتيلهان ويروي لنا إحدى قصص القبال ويقول :كان لعائلة
يهودية غنية في شيكاغو المريكية ابن يدعى فرانك بولى ,فوقع اختيار القباللو عليه لضمه إلى الجمعية,وكلف بأن يعمل مع يهوديين
آخرين وهما ناتان ليوبولد ,وريشارد لوب وكانا مثله من أبناء الغنياء ,فنفذ فرانك التعليمات وباشر بعمله معهما ,لكنه فوجئ بعد مدة
بغرابة التعاليم التي كانت تلقن إليهم ,إذ لحظ تعارضها مع المبادئ النسانية ,وخروجها على سنن الخلق والشرف ,وتحريضها على
الشر والعداء للنسانية جمعاء ,ونزوعها إلى الرهاب والوحشية والقسوة اللمتناهية.
ولما كانت فرانك محبًا للخير ,و يعترف بفضل أمريكا والمريكيين عليه وعلى بني قومه ,وأقرب إلى النصرانية منه إلى اليهودية هاله
المر ,وأظهر امتعاضه من هذه التعاليم الداعية إلى للحقد والكراهية ,وصرح بأنها عقيمة ولن تجدي اليهود شيئًا لن أهدافها خيالية
وقذرة .ونصح رفاقه بالعدول عنها ,واكتساب صداقة النصارى والتقرب إليهم .فعلمت قيادة الجمعية بتذمره ,فعمدت إلى تنبيهه ,وإرجاعه
إلى النسجام مع تعاليمها .ولكن فرانك أبى إل أن يثابر على دعوته للخير والنسانية ,فأمرت الجمعية باعتقاله في مكان سري حيث عذب
مرارًا .وفي إحدى المرات لحظ جلدوه أنه يحمل معه أيقونة مسيحية ,فجن جنونهم فقتلوه وأذابوا جثته في الحماض ) أسيد ( ,جراء
اعتناقه النصرانية ,ولكن شاء القدر أن تكشف الشرطة جثته ,فظهرت الجريمة .وكلف المفوض ريكس واتسون ) (Rex Watsonأشهر
ل ,وكما كان يتلقىرجال شرطة شيكاغو بالتحقيق عن القضية .ولما بدأ واتسون تحقيقاته تعرض لحملت الصحافة اليهودية طوي ً
التهديدات ,ولكنه ثابر على عمله ,وتمكن من اعتقال قاتلي فرانك ,وأحيل إلى القضاء واعترفا بما جنته أيديهما ,ولكن دون أن يبوحا
بأسماء شركائهما .ولقد دامت محاكمتهما مدة طويلة )بدأت عام 1920و انتهت عام ,( 1925وكان واتسون يمنع من حضور أكثر
جلسات المحكمة حتى يحال بينه وبين إثبات الجريمة على اليهود .وأخيرًا صدر الحكم القاضي بسجن قاتلي فرانك التعس بضعة أعوام رغم
بشاعة جريمتهما .أما الصحافة المريكية فظلت صامتة طيلة مدة المحاكمة ولم تشر ولو بكلمة واحدة إلى القضية المروعة.
ل لتفاصيل هذه الجريمة البشعة .كما أن المفوض واتسون لم ينج من انتقام اليهود وفوجئ بالتسريح من وهكذا ظل الشعب المريكي جاه ً
الخدمة بمجرد انتهاء القضية ,مع أنه كان لم يزل في شرخ شبابه وبعد فترة وجيزة أنقذ المجرمان .وهكذا انتصر اليهود وهزم واتسون
الشريف الذي ناصر العدالة ,ليضع حدًا للجرائم اليهودية في وطنه.
وهذه الجريمة ليست الوحيدة من نوعها بين الجرائم العديدة التي ارتكبها أعضاء القاباللو .ففي أعقاب الحرب العالمية الثانية فوجئت
أمريكا بجريمة أخرى :وهي أن الشرطة عثرت على الملياردير اليهودي سيرج روبنشتاين ) (serge Rubinesteinمقتوًل في منزله
بصورة محيرة .إذ لم يترك الجناة ورائهم أي أثر يشير إلى هوياتهم .فكلف المفوض الشهير روبير لويد ) (Robert Lioyedفي
التحقيق عن الحادث .ورغم الساليب التي استعملها لم يجد أي أثر ينم عن القتلة .اللهم إل أيقونة غريبة عثر عليها في كف القتيل ,وهي
من البلتين وعليها صورة شيطان يرقص طربًا على شعلة من النار.
وكان وجهها الثاني يحوي كلمة عبرانية عجز مفتش الشرطة على قراءتها ولكنه أيقن أن لهذه اليقونة علقة وثيقة بمقتل سيرج لما كان
يبدو على القتيل من مظاهر الخوف والهلع الذي تعرض لهما قبل أن يلفظ أنفاسه الخيرة .فحمل روبير اليقونة وذهب لعند السيد آلن
كودبريج ) (Allen Good Bridgeأستاذ اللغة العبرية في الجامعة .وطلب منه أن يترجم له معنى الكلمة المنقوشة على اليقونة .فلما
شاهد ما نقش عليها كاد يقع صريع الرعب ,وبعد أن استرد وعيه قال للمفتش إنها تعني العدام ) (Haremباللغة العبرية ,وإن طرفها
الثاني يرمز إلى منظمة القاباللو الشهيرة وإن اليقونة تعني أن المنظمة حكمت على سيرج بالعدام ,ونفذته.
83
وإزاء هذه المعلومات الصريحة لم يسع السلطات إل متابعة التحري عن القضية ,فتبين أن سيرج كان من يهود روسيا وأنه انتسب منذ
نعومة أظفاره إلى جمعية القاباللو .وقدم لها خدمات جلى مما أدى إلى ترقيته إلى أعلى المراتب في صفوفها ,حتى أضحى أحد زعمائها
الكبار ,كما تضخمت ثروته بصورة عجيبة حتى اعتبر من أكبر أغنياء أمريكا .وهذه المعلومات اكتشفتها الشرطة من أوراقه الخاصة التي
عثرت عليها في قصره الكائن في إحدى ضواحي مدينة من مدن ولية كولورادو ) (Coloradoوالتي كانت نصف محترقة مع مفكرة
صغيرة خاصة به تحوي الجمل التالية:
))يبدو أننا أصبحنا نحكم كل شيء في الوجود ولم يعد في العالم من هو قادر على مجابهتنا ,وإن كل قوى الرض أعجز من أن تقاومنا...
إن التعليمات التي أصدرها إسحاق نفذت حرفيًا ,وهذا يعني أننا لن نصطدم بأي عقبة حتى في المرحلة الخيرة ....إن أوضاع أستر تبدو
مضطربة بعض الشيء ...نعم إن القباللو هي فوق الجميع ولكن سيرج روبنشتاين أعني أنا سأكون في قمتها وسأحكمها مع العالم أجمع.
ل .ماذا بإمكانهم أن يفعلوا معي؟ فأنا أعرف جميع أسرارهم وسأبوح بها إن هم وقفوا في وجهي...وهم يجهلون كل شيء عني ل أم آج ً
عاج ً
...وهم يفشون لي أعظم أسرارهم ...ربما وقع ما لم يكن بالحسبان يجب أن أكون حذرًا ...يجب أن أحتاط لسلمتي تمامًا ,وأن أموه جميع
برامجي عنهم ...إن أحد الممثلين الثلثة بدا يشك بي ولكن سأسعي قريبًا لزالته ...إن عدم ورود الخبار عن صديقي الكائن في الشرق
يزعجني بعض الشيء ولكن آمل أن تسير المور على ما يرام ...يقول جاك ) إن الوضع يتطلب السرعة( ...غدًا سأذهب مع مارغريت إلى
البحر ) البلج( وفيما بعد ربما بعد غد سأتوجه إلى جاك ...إن الشيء المهم .هو تدخل نيكسون في الوقت المناسب ولكن نيكسون ...وهذه
أيضًا مفاجًاة سارة ...يا ترى لماذا تاه نيكسون ...قبل كل شيء هذه القضية(( ....
ومن فحوى هذه المقاطع .استنتج أن سيرج بعد أن أصبح أغنى رجال القاباللو ,غره الطمع ونزع إلى التمرد على الجمعية وفرض سيطرته
عليها .فعلمت الجمعية بمراميه ,وحكمت عليه بالزوال قبل أن يتمكن من إخضاعها.
ورغم تحريات الشرطة,وانكشاف المر فقد حفظت قضية سيرج ضد مجهول وأهملت السلطات تعقب أعضاء القاباللو .وذهب سيرج ضحية
غروره ) على الصح ضحية طبيعته اليهودية التي ل تحجم عن الغدر حتى بأبناء قومه (.
ذهب سيرج وقضي أمره ولكن الصحافة اليهودية لم تكتف بإزالته بل تعمدت النتقام منه بعد موته .فكتبت صحيفة الملحظة )
ل منحط الخلق ,بقدر ل له .كان ساف ً
(Observationاليهودية تقول عنه وبكل شماته :إن هذا المخادع الذي لم يسبق للعالم أن رأى مثي ً
ما كان غنيًا .ولقد طرد من فرنسا وإنجلترا لسوء سيرته وانحراف سلوكه ,ولما عزم اللتجاء لمريكا ,غرر بأحد نبلء البرتغال ,وحصل
منه على وثائق تثبت أنه ولده بالتبني ,مقابل أن يدفع له في المستقبل بعض المال.
ولكن أين لسيرج أن يفي بوعده وهو الذي اشتهر بالدناءة .فعوضًا من أن يتوارى عن النظار بعد أن حصل على بغيته ,عمد إلى التغرير
بابنة البرتغالي الذي أحسن إليه واعتدى على عفافها ثم لذ بالفرار ودخل أمريكا .فلما علم البرتغالي بالمر فقد صوابه وانتحر وامتثلت به
ابنته أيضًا .وهكذا قضى سيرج على هذه العائلة المسكينة بسفالته وغدره .وكانت الفتاة قد كتبت قصتها مع سيرج وأرسلتها إلى السلطات
في أمريكا ,ولما حقق معه في الموضوع ,أنكر سيرج القصة .وأثبت أمام القضاء عن طريق استئجار شهود زور من أبناء قومه بأنه البن
غير الشرعي لهذا النبيل البرتغالي من إمرأة يهودية ,وهكذا لم يتورع هذا القذر من اتهام والدته المتوفية بالرذيلة أمام القضاء لينقذ نفسه
من التهمة الحقة الموجهة إليه .ولقد قال عنه القاضي ماك جوكي ) (Mac Gokeyالذي حقق معه إنه من أسفل المجرمين الذين رأتهم
عيناي طيلة حياتي.
وهذا السافل أتى إلى فرنسا في شرخ شبابه ,وبفضل اتقانه أساليب الخداع تمكن من أن يكون مديرًا عامًا للمصرف اليهودي في فرنسا,
وهو في الرابعة والعشرين من عمره .وبعد مدة وجيزة أخبر لفال ) (Lavalأن سيرج يقوم بأعمال غير شرعية فطرده من فرنسا .فالتجئ
سيرج إلى بريطانيا حيث تمكن مجددًا من لفت النظار إليه .فأسندت إليه مديرية مصرف تشوسن ليمتيد ) .(Choson LTDوبعد فترة
وجيزة اختلس أموال المصرف وأعلن إفلسه .ولم يتمكن أحد من إثبات الختلس عليه ,فطردته الحكومة البريطانية من الجزيرة وخرج
ل مليينه العديدة وساخرًا من غباء النجليز .فوصل إلى أمريكا بالشكل الذي سبق ذكره وتضخمت ثروته بسرعة وأصبح قبلة منها حام ً
النظار حتى إن روزفلت اتخذه صديقًا و مستشارًا خاصًا له .ولقد اتهم سيرج عدة مرات بجريمة العتداء على القاصرات ولكنه كان ينجو
كل مرة من العقوبة بفضل نفوذه وأمواله .حتى كانت نهايته بالمس بالصورة التي استحقها.
وهكذا لحقت الصحافة اليهودية المغدور سيرج بعد موته ,لتصرف الرأي العام عن الهتمام بمقتله وكأنه لم يكن يومًا من زعماء القاباللو
ومن أشهر أعضائها ,وهذا المسلك اليهودي المشين إن دل على شيء فإنما يدل على مدى ما يصل إليه الحقد اليهودي السود على من
يعترض طريقهم ,حتى وإن كان منهم ,ومن الناحية الثانية تشكف عن مدى سيطرة القاباللو في أمريكا.
ولجمعية القاباللو في أمريكا نشاط سياسي واسع ,بلغ حد إصدار النشرات التوجيهية الدورية و توزيعها سرًا على اليهود بغية تشجيعهم
على التمسك بقوميتهم وحضهم على متابعة النضال تحت إشراف الجمعية الكحال .وفيما يتعلق بهذه النشرات يحدثنا السيد إتيلهان عنها
مطوًل في كتابه ) السلم وبني إسرائيل( ويقول إنه تلقى عددًا من هذه النشرات التي أرسلها إليه بعض أصدقاءه من المريكان المخلصين
لبلدهم .ولقد ترجم السيد إتيلهان بعض هذه النشرات ودونها في مؤلفه النف الذكر.
ونظرًا لما تحويه هذه النشرات من المور الغريبة التي تفضح الكثير من أسرار اليهود ,وتوخيًا لتنويه القارئ الكريم ,ندون فيما يلي
ترجمة إحداها كما أوردها السيد إتيلهان .وهي تبدأ بالنداء التالي الموجه لليهود.
)) يا أبناء الشعب المختار ,تحياتنا الصادقة ومن ثم نقول :نحن على يقين بأنكم تلتهبون شوقًا لبلوغ اليوم الذي سيلتئم فيه شملنا ,ونسترد
فيه هويتنا الصلية ,هذا اليوم الذي سيتعرف فيه العالم على سادته الحقيقيين ,لبد أنكم مللتم النتظار الطويل ,وفرغ صبركم ,وتسرب
اليأس إلى نفوسكم ولكن ثقوا أيها الخوة ,إننا نعمل ليل نهار وبدون كلل ,لنقود العالم إلى حيث يجب أن يقاد ,واعلموا أن جهودنا و
ل أيها الخوة نحن ننتظر أيضًا مثلكم مساعينا لن تذهب سدى ,وسترون عما قريب كيف أن شعوب العالم ستخر ساجدًة على أقدامنا .فمه ً
بزوغ فجر اليوم الذي سنعلن فيه سيادتنا على الدنيا ,فل تيأسوا واعلموا أن الموعد قد اقترب ,فأبشروا بالخلود ,وعما قريب ستشاهدون
ملك صهيون وقد امتلك زمام الرض قاطبة وسترونه قد وضع على مفرقه تاج عرش الدنيا ,عندها سنتهي انتظاركم الممل البغيض,
وستستعيضون عنه بالسعادة البدية ,وكل هذه بفضل المناهج والدراسات التي وضعها لنا حكماؤنا ) يعني حكماء صهيون( والتي بدأت
تتحقق شيئًا فشيئًا .واعلموا ان العهود المظلمة التي عشنا فيها تحت ظل العبودية والظلم قد ولت إلى البد ,وإن قطعان الماشية التي تسمي
نفسها شعوب العالم ) يعني الشعوب الغير يهودية( بدأت أخيرًا تخضع لنا وتنحني لرغباتنا .أيها الرفاق ل تظنوا أننا وحدنا في هذا الصراع
المرير فلنا عدد ل يحصى من النصار والتباع في صفوف تلك القطعان ,وهم ممن غررنا بهم وأخضعناهم لرغباتنا ,فأصبحوا لنا أتبع من
ظلنا ,فانتشروا في القارات الخمس يعملون لتحقيق مآربنا ,ونشر تعاليم منظماتنا التي ينتسبون إليها ,ويخلصون لنا لدرجة العبادة حتى إن
84
واحدهم ل يحجم عن بذل دمه في سبيل إرضائنا ,لننا سلبناهم الرادة ,وغدوا ل يفقهون شيئًا ,ول يهتمون إل بتنفيذ أوامرنا ,وإذا اقتضى
المر ل يتورعون عن القتتال فيما بينهم صونًا لهدافنا ,أيها الخوة ألم تروا كيف أوقعنا بين أفراد الحزب الواحد في المجر ,حتى اقتتلوا
فيما بينهم؟ أما شاهدتموهم وهم ينفذون مخططاتنا التي تقضي بإضعاف ثقة الناس ببعضهم البعض حتى وإن كانوا أفراد حزب واحد أو
إخوة أشقاء؟ وذلك كي ل يسود التفاهم بينهم ويعمدوا في المستقبل لمناهضتنا .ثقوا أيها الخوة بأننا سنحول دون أي تفاهم أو اتفاق بين
الشعوب والفئات لتغذية هذا النزاع بينها سيثابر مصنع أضاليلنا على ابتكار المزيد من المبادئ المتضاربة التي سنلقمها إلى هذه الشعوب
والفئات كل على حدة ,وستتبناها كالعادة وكأنها وحي يوحى ,وسيقوم كل شعب أو فئة بالدعوة لمبادئه ,ويتمسك بوجهة نظره ,وسيحتدم
الصراع بينه وبين الشعوب الخرى ,وهكذا سيظل الصراع قائمًا إلى البد بين الشعوب ,وسنعمد إلى إبقاء الكفة متعادلة بين المتقاتلين
حتى ل ينتهي الصراع بانتصار فئة على أخرى ,وبهذا السلوب سنطيل القتال سجاًل إلى ان يعجز الجميع عن القراع ,وتضمحل قواهم,
وتتمزق وحدة الفئات والشعوب من جراء تعدد الكوارث والنكبات ,فتسود الفردية والمادية في كل بلد ,ويفقد الناس الثقة ببعضهم البعض,
ويعم الفقر والفاقة ,فيتنكر الولد لبيه و الخ لخيه وعندها ستفقد الشعوب مقوماتها الساسية ,وسيصبح كل أفرادها ماديين ,ل يعيش
واحدهم إل لنفسه ,كمثل الحيوان العجم الذي ل غاية له سوى البحث عما يمل معدته الخاوية ,وهكذا سنعيد البشر إلى ما كانوا عليه قبل
ألوف السنين.
وفي هذا الوقت نكون نحن قد وصلنا إلى أوج القوة والعظمة بفضل تعاوننا على تنفيذ مناهجنا القويمة ,ومحافظتنا على وحدتنا القومية
وتمسكنا بتقاليدنا ومعتقداتنا ,عندئذ سيهون علينا إعلن سيطرتنا على العالم ,ولكي نقترب من هذا اليوم ,نتوسل إليكم أن ترصوا صفوفكم
وتوحدوا جهودكم ,وثقوا أيها الخوة أننا سنصل إلى غاياتنا ,لننا وهبنا ميزة التقدير الصحيح والتفكير العميق ,التي حرمتها الطبيعة على
سوانا من البشر ,ولذا فهم لن يشعروا بما نبيته لهم ,فهم دائمًا كما عهدتموهم أغبياء سذج يصدقون كل ما يقال لهم لنهم عاجزون عن
التفكير والتقدير ,ولهذا فهم دائمًا بحاجة إلينا ,لنستنبط لهم المبادئ ونوجد لهم الشعارات ليؤخذوها عنا ويتبنوها وكأنها صالحة ,دون ان
يناقشوها ويتحرروا من مراميها ,مع أننا نلقنهم إياها لنقودهم في دروبها إلى حتفهم فلو علموا ما نرمي إليه منها لعزفوا عنها ,ولكنهم
يجهلون مقاصدنا ,ولن يعرفوا أبدًا ما نرومه ,لنهم عاجزين عن التفكير والتقدير .ولذا نقول لكم أيها الخوة لتخشوا النتائج ,وكونوا
أقوياء ,وانبذوا الوهام والمخاوف ,وثقوا بنا وبالمستقبل الباهر الذي ينتظرنا ,واعلموا أن تقديراتنا ل تخطئ أبدًا.
أما رأيتم كيف أوجدنا قضية الزنوج في أمريكا ,ليتصارع السود والبيض ,يلتهوا بمصيبتهم عن مراقبة ما نفعله وما نحققه من مصالحنا
الخاصة ,أنسيتم كيف زججنا بدول العالم الغبية في الحرب العالمية الولى لتتذابح شعوبها مدة أربع أعوام ,دون أن يكون لها في هذا
الصراع غرض إل تحقيق غاياتنا ,وهل غاب عنكم أننا عدنا في المس القريب إلى دفع الشعوب مرة أخرى لتسفك دماء أبنائها على مذبح
أهدافنا التي أراد هتلر و موسوليني ومن كان معهم أن يمنعونا من الوصول إليها ,أما شاهدتم بأم أعينكم ما فعلته هذه الشعوب المسخرة
بهتلر وموسوليني ,أل تتساءلون أين أصبح هتلر وشعبه الجبار وأين موسوليني وجيوشه الجرارة ,نعم أين هم جميعًا ,لقد ذهبوا مع الريح
لنهم وقفوا في وجهنا ,ثقوا أيها الخوة أن الوباش ) غير اليهود( ل مناص لهم من تنفيذ رغباتنا ,فهم يجهلون أننا نحكم أكثر دولهم,
وهم يختارون دائمًا لحكم بلدهم من نرشحه من أتباعنا .حتى المنظمات العمالية تخضع لمشيئتنا وأفرادها يختارون ممثليهم من بين
أتباعنا الذين هيئناهم منذ أمد بعيد لهذه المهام .والتعليمات التي تصدر تباعًا هي التي تكفل لهم النجاح بين أترابهم .وهذه التعليمات تصدر
إليهم بصورة غير مباشرة ومن وراء الستار حتى ل ينتبه أحد إلى كونها صادرة عنا وهي تصلهم مع المعونات المادية عن طريق أفراد
من جنسهم ,وهكذا نسيطر على الجميع دون أن يشعر أحد بذلك.
أيها الرفاق لقد زعم بعض سياسيي أمريكا أنهم اكتشفوا بأننا نسيطر على الحزبين المريكيين ,ولهذا عمدوا إلى تشكيل وإيجاد حزب ثالث
على أن يكون خاليًا من أنصارنا ,فاعلموا أن هذا الحزب الجديد سيكون أيضًا تحت سيطرتنا ,وسيخضع مثل سواه لمشيئتنا.
أيها الخوة كونوا على يقين ,أن كل من يجرؤ على التدخل في شؤوننا سنلحقه بالسيناتور ديس ) (Diesوالسيناتور ماك آرتي والسيناتور
استلند ) (Eastlandوالسيناتور فورستال ) (Forstalالذي قضينا عليه مؤخرًا بقذفه من إحدى نوافذ منزله .أما ما فعلناه بمناوئنا
اللدود الجنرال ماك آرثر ) ,(Mc Arthurفهو في غنى عن البيان وكلكم يعرفه حق المعرفة.
أيها الخوة كان الغبياء )غير اليهود( يصفوننا بالجبناء ,ولكنهم واهمون ,نحن اليوم أقوياء ,ونمتلك القوة الذرية في كل البلد التي تدعي
ملكيتها ,والمستقبل سوف يكشف لم كانوا يزعمون أننا جبناء,نحن نعمل بدون كلل ,ولقد سلبنا شعوب الرض أكثر أموالها .وسنسلب ما
تبقى منها لديهم بحجة توطيد نظام التكامل المالي والقتصادي الذي استنبطناه .واعلموا أيها الخوة أننا أعددنا لكل شيء عدته .وبفضل
فرية السلمة العامة ,التي جعلناها بمثابة الصلة اليومية للنسانية جمعاء ,لكثرة ما تحدثت عنها إذاعاتنا ,سوف نحطم أعصاب البشرية
برمتها ,وسنركز جهدنا على تذكير الناس بالهوال المرتقبة من الحروب ,لنرهبهم ونجعلهم يلتمسون تجنبها مهما كان الثمن .عندها
سنخرج عليهم بفكرة الدولة العالمية الواحدة ,بحجة أنها الوسيلة الفريدة للحيلولة دون قيام الحرب ,بينما سيكون هدفنا الحقيقي منها,
التمهيد لزالة الفوراق العنصرية والدينية ,لتنصرف الشعوب المعادية لنا عن مراقبتنا والتحري عن خفايا مناهجنا ,ومن ثم إضعاف
القومية والوطنية بين افرادها ,وليهامها بنبل مقاصد دعوتنا ,سنروج لفكرة التعاون القتصادي بين الدول بحجة السعي لرفع مستوى
الشعوب المتخلفة ,وسنشجع الدول الرأسمالية الخاضعة لنا على منح القروض للدول الخرى ,ولغفالها عن مراقبتنا سنبادر إلى السهام
بقسم من هذه القروض ,ومن المؤكد أن الدول الكبرى ستلبي دعوتنا لتظهر بمظهر المحبة للخير والنسانية ,ومن جهة ثانية لتسيطر
بزعمها على الدول التي ستتلقى منها القروض ) إن صح زعمها هذا فتكون في الواقع أخضعت تلك الدول لمشيئتنا بصورة غير مباشرة
باعتبار أنها هي نفسها خاضعة لها( وبهذه الطريقة سنوزع ما تبقى من الثروات في حوزة الشعوب الخرى )دون أي أمل في تحقيق الغاية
القتصادية المرجوة من هذا التوزيع على العالم(.
أما نحن فسنسترد أموالنا التي ساهمنا بها مضاعفة ,بفضل مصانعنا التي بلغت نسبتها %90من مجموع مصانع العالم,و التي ستضطر
الدول النامية لبتياع ما ستحتاجها من الدوات اللزمة لقامة المصانع وقطع تبديلها عنها.
بينما الدول الدائنة ستفقد حتمًا أموالها ,لن الدول المدينة لن تتمكن من رد فلس واحد منها ,لنها ستفقد أموالها دون أن تتوصل إلى
تطوير صناعاتها التي ستصطدم بمنافسة مصانعنا ,فتنهار اقتصادياتها أكثر من ذي قبل.
وفي نفس الوقت تكون أجهزتنا الخرى ,قد توصلت إلى تعميم المبادئ والفكار الداعية لللحاد ,واللأخلقية ,والمسفهة للنزعات القومية
والوطنية ,والمشجعة على المادية والفردية ,وهكذا سنتوصل إلى تجريد العالم من ثرواته ومعتقداته ومثله ,ونغرقه في المادية والفردية,
ليصبح جاهزًا لتقبل سيادتنا في الوقت الذي سنختاره بأنفسنا.
85
وثقوا أيها الخوة أننا خطونا في تحقيق هذه المناهج خطوات واسعة خاصة بعد أن فزنا بثقة الكفرة ) يعني غير اليهود( في الميادين
العلمية,بفضل العلماء العباقرة أمثالر سيغموند فرويد )(Sigmund Freudو آلبيرت أينشتاين ) (Albert Einsteinوجوناس سالك
الذين أوجدناهم وهم اليوم يعتبرون من قبل الجيال الصاعدة آلهة العلم والعبقرية ,لنها تجهل حقيقتهم ,أما نحن فنعرف كيفد ولماذا
أوجدناهم ,لننا قدرنا بإمكانهم التأثير عن طريق العلم على معتقدات الشعوب وإضعافها وذلك بإجراء مقارنات بين النظريات العلمية
الملموسة وبين النظريات الروحية المبهمة ,لثبات وضوح نظرياتهم أمام الناشئة بغية دفع الشباب إلى التشكك بالنظريات الروحية
وبالتالي إلى نبذها ,والتعلق بالنظريات المادية.
ومن خلل النتائج التي توصلنا إليها أيقنا أن نجاحنا في هذا المضمار كان واسعًا جدًا ,بدليل أن الكفرة الغبياء عمدوا إلى نبذ كل معتقد
غير ملموس انسجامًا مع ما تلقنوه من علمائنا الذي يعتبروهم أكثر قدرة على الخلق والبداع من خالق الطبيعة ,ومن هنا انزلقوا في
متاهات الكفر واللحاد ,وانهارت معتقداتهم وأخلقهم ,وشرعوا ينظرون إلى رسلنا العصريين نظرة إجلل وإكبار ,ول يرون غضاضة في
احترمنا وتقديرنا باعتبارنا أبناء الشعب الذي أنجب هؤلء الرسل.
ومن الجهةالثانية تمكنا بفضل صعاليكنا أمثال بيكاسو ,وجيرتراند ستي ,وجاكوب أبستين من إفساد الذوق الفني لهذه الشعوب ,ومحو أثر
الفنون اليونانية و الرومانية العريقة التي ل تمت إلينا ,مع أن فنانينا ما هم إل صعاليك معتوهين ,أبعد كل هذا يمكن لحد أن يشك في قدرتنا
على سيادة الشعوب؟ أيها الخوة أننا لم نعد نخشى أحدًا ,ولن يجرؤ أحد بعدا اليوم على مناصبتنا العداء ,ولو قدر لحد الغبياء أن يتصدى
لنا ,لما احتجنا لكثر من أن نوعز لصحافتنا لتشهر به ,وتوصمه بالنازي ,واللسامي العنصري فل يلبث أن يجد نفسه محتقرًا منبوذًا من
قبل العالم أجمع ,فيضطر للتواري عن النظار قبل أن تحل به الكارثة التي حلت بسواه ,ولقد نجحنا مرارًا في إتباع هذا السلوب القديم,
وأيقنا أنه من أمضى أسلحتنا .أتدرون لماذا؟ لن الكفرة ) غير اليهود( تخلوا لنا نهائيًا عن حقهم في التفكير والتوجيه ,وعلى الخص بعد
أن سيطرنا على كافة وسائل العلم والصحافة ولهذا هم دائمًا بانتظار ما نقوله ونوجههم إليه .فيتخذون أقوالنا ليرددوها دون وعي أو
إدراك ,ويتقبلون توجيهاتنا دون تحقيق أو جدال .والبرهان على غفلة الكفرة هو أن الروس اكتشفوا منذ نصف قرن نوايانا ,وذلك عندما
عثروا عن منهاجنا السري ) بروتوكولت الصهيونية ( ) .(Les Protocoles de sionفلما عمدوا إلى تعميمه ,أنكرناه وكذبنا انتسابنا
إليه .وتوصلنا إلى إيهام الناس أنه من مستنبطات أعدائنا فصدقنا العالم وكذب من عثروا عليه .وهكذا طمسنا معالم الجريمة ,قبل أن يشعر
أحد بخطرها ,وكل ذلك لن الغبياء ل يرون إل بأعيننا ,ول يفكرون إل بما نوحيه إليهم .ومسلكهم هذا هو أكبر برهان على صدق قول
التلمود الذي نستمد منه مناهجنا ,هذا الكتاب المقدس الذي نعتهم بالحيوانات المسخرة لنا.
أيها الخوة فكروا جيدًا ,أل يحق لكم بعد كل هذا أن تفاخروا بكونكم منا ,نحن الذين نمتلك الصحافة والمطبوعات في العالم ,ونوجه ثقافة
الشعوب ,ونسيطر على السينما والراديو ) الذاعة( وجميع وسائل العلم ,ثقوا بأننا نوجه العالم حيث نشاء .فالشعوب تصفق لمن نصفق
له ,وتحتقر من نحتقره ,ول تفكر إل بما نفكر به ,انظروا إلى هذه الكتل الحيوانية كيف تتصارع لتقضي على النزعات الوطنية والقومية.
واسمعوا كيف يتبارى خطباؤها للنيل من كل ما يسمى بالقومية والوطنية .وكيف ينعتون المناهج القومية العنصرية بالمناهج البغيضة,
وكيف يصفون التقوى بالتعصب الديني الكريه ,وكل ذلك لنهم سمعونا نقول بعدم إنسانية المبادئ اللسامية ,ورأونا نساند حقوق النسان,
ونندد بكل من يخالف أقوالنا ,فراحوا ينادون بما سمعوه كالببغاوت العجماوات دون أن يدركوا أن تنديدنا باللسامية كان لحماية أنفسنا,
وترويجنا للفكار المعارضة لها ما كان الغرض منه إل استرداد حقوقنا السياسية في بلدهم التي ل يربطنا بها أي رباط منه ولكن عجزهم
ل أن بعض عن التمييز جعلهم يتطوعون لخدمتنا هكذا وبدون تفكير .إن السيطرة التوجيهية التي نمتلكها ل حد لها .فعندما نلحظ مث ً
أساليبنا المالية التي أوجدناها في الماضي لم تعد في مصلحتنا ,نسارع إلى التنديد بها و نستبدلها فل يلبث العالم أن يندد بالساليب القديمة
وينبذها ,ويتبنى ما أحدثناه مجددًا .و كأن ما نقوله وحي يوحى .وعندما يتصدى لنا أحد الزعماء أو إحدى الفئات ,نبادر إلى قرع أجراس
الخطر ,فتهب صحافتنا ووسائل التوجيه التي نملكها إلى مقارعة التصدي و تنهال عليه و على مبادئه بالتقريع والتكذيب و التشويه
والتسفيه ,ونلفق له ولمبادئه كل ما يحط من قدره وقدرها .ونصر على ترديد ما يشين المتصدي دون كلل أو ملل ,حتى يقف العالم أجمع
في صفنا .فيتحطم المتجاسر وينهار إلى البد.
ثقوا أيها الخوان أن الجيال الصاعدة هي ملك أيدينا ,ولقد وجهناها حسب رغباتنا ,فهي اليوم ل تهتم إل بما لقناها إياه .وأفرادها ل
يعملون إل لتحقيق النتصارات الشخصية الهزيلة .وواحدهم ل يفكر إل بمصلحته الخاصة ,كالحيوان العجم تمامًا .فلم يعد للمسائل القومية
والوطنية أو الجماعية أي قيمة لدى الفراد .فهم يسيرون وفق المثل القائل :لكل امرئ ما جناه .إن المناهج الدراسية التي وضعناها و
تبنتها كافة الشعوب هي ل تناسب إل مقاصدنا وحدها ,والكتب الحاوية عليها وضعت وفق توجيهاتنا .ولهذا تجدون إن الطلب يقضون
ستة عشر عامًا من حياتهم في مطالعة ودراسة وما أردناهم أن يطلعوا عليه .ولما كانت المناهج خالية من كل أنواع التوعية ,أو الداعية
إلى دقة التفكير ,فإن الطلب يتخرجون من معاهدهم ,وأدمغتهم محشوة بعلوم ومبادئ معينة ,أرغموا على تعلمها واعتناقها ,فل يسعهم
فيما بعد إل السير ضمن النطاق الذي شبوا فيه ,ومن هنا يصبحون مسيرين ,ل ينزعون إلى التفكير و الحداث ,بل التقليد والقتباس,
وهكذا يظلون حيث خططنا لهم ,بينما أولياؤهم الغبياء الذين صرفوا عليهم ما ملكت أيديهم ,ينظرون إليهم بفخر واعتزاز كلما سمعوهم
يتشدقون بالمبادئ والكلمات الجوفاء التي ملنا أدمغتهم الصغيرة بها,وبفضل هذه النتائج أصبحت الجيال المتعاقبة تعيش ضمن نطاق
مفاهيمنا.
أيها الرفاق إن سيطرتنا على النتخابات في الوليات المتحدة تشير بوضوح إلى مدى تأثيرنا على المجتمع المريكي .فعندما نساند أحد
المرشحين يبادر المواطنون لنتخابه تأييدًا لمزاعمنا .وبهذا السلوب ,وبفضل قوة وسائل دعايتنا رفعنا روزفلت إلى سدة الرئاسة في
الماضي .ويجب علينا الن أن نسلك نفس السبيل وأن نختار مرشحنا من بين من نثق بهم حتى ل نصاب بخيبة أمل.
أيها الخوة كنا في الماضي نوجه إليكم نشراتنا باللغة اليديشية ) اليهودية العامة( ,ولكننا لحظنا أن أكثركم يجهل هذه اللغة ,لهذا قصدنا
هذه المرة أن نوجه إليكم نشرتنا بالنجليزية بغية تعميمها على الجميع .وبما أنه من الممكن أن تسقط بين أيدي أعدائنا ,نوصيكم أن تكونوا
حريصين على إخفائها ,وإذا صدف أن اشتهر أمرها ,نطلب إليكم أن تنكروا نسبتها إليكم ,وتعلنوا إنها مدسوسة عليكم من قبل اللساميين
وأعداء اليهود ,وثقوا أن الناس سيصدقونكم لننا عودناهم على حسن الظن بنا.
وأخيرًا يا أبناء إسرائيل ,اسعدوا واستبشروا خيرًا لقد اقتربت الساعة التي سنحشر فيها هذه الكتل الحيوانية ) غير اليهود( في اسطبلتها.
وسنخضعها لرادتنا ,ونسخرها لخدمتنا .ومن المعتقد أن يظهر الشعب المريكي نحونا بعض العداء في المستقبل .ولكن سوف نتغلب عليه
ونروضه عن طريق إقامة الدولة العالمية الواحدة ,دولة بني إسرائيل العالمية .واعلموا أننا قريبون جدًا من تحقيق هدفنا هذا .وسنكون في
القريب العاجل سادة الرض وسينتشر السلم في الدنيا تحت ظل علمنا ,فرددوا معنا ,عاشت أمتنا(( .
86
التوقيع
ملك الصهيونية المنتصرة على العالم
87
ل يا إلهي لقد تأخرنا كثيرًا ,إن زوجتي العزيزة هي الن حتمًا قلقة لغيابي الطويل .فأجابه رفيقنا شارل ومن ثم نظر إلى ساعته وهتف قائ ً
مبتسمًا :عزيزي توني ,إن كل من يتزوج حديثًا يكون على شاكلتك ,ولكن ل بأس سوف تعتاد ,وسنتسى زوجتك في المستقبل عندما تكون
منهمكًا في عملك في المكتب .ولكن كل هذا ل ينفي أننا تأخرنا أكثر من المعتاد فهلموا بنا إلى منازلنا .وفي هذه الثناء بالذات رن الهاتف
على المكتب المجاور بشدة مزعجة ,فتوقفنا نحن الثلثة نحملق بوجوه بعضنا البعض ,ونتسائل من يمكن ان يكون هذا الهاتف المتأخر.
ولكن اللة ظلت على رنينها المتواصل ,وعندها تقدم منها أكبرنا سنًا بكل وقار ورفع السماعة إلى أذنه ,واستمع إلى الصوت ,المردد
ل :نعم هنا إدارة الصليب لكلمة ) :ألو ألو هل هنا إدارة الصليب والعلم أرجوكم الجواب ,أجيبوا من هنا ( فعندئٍذ رد عليه زميلنا الوقور قائ ً
والعلم ,ولكن كيف علمت أننا في هذه الساعة المتأخرة ما زلنا هنا؟
فرد صاحب الصوت المجهول ,أنه عرف ذلك من الضوء القليل المتسرب من خلل فتحات الستائر ,ومن ثم أردف قائل :وعلى كل ليس هذا
ل جدًا .فأجابه بالمر المهم ,ولكن الهم هو أنني أروم مقابلة السيد جيرالد سميث ) (Gerald Smithلعرض عليه أمرًا هامًا و مستعج ً
رفيقنا :إن صاحب مجلة الصليب و العلم سميث هو الذي يحادثكم .وتغصن وجهه وهو يلقي هذا الجواب ,لنه تبين أن محدثه يحدثه بلهجة
أهل غاليسيا ) (Galicieومن ثم أردف يقول :فماذا تريد مني .
فأجابه الصوت المتردد :أروم مقابلتك حاًل لعطيت معلومات تتعلق بما تبيته روسيا ضد أمن أمريكا.
عند ذلك أجابه سميث دون تردد :تعال فأنا بانتظارك.
ومن ثم ترك الهاتف والتفت إلينا وقال:
يبدو أن هناك أمرًا هامًا نحن الن على وشك اكتشافه .فإما أننا سنوفق لكتشاف منجم ذهب ,أو أن هناك من نصب لنا كمينًا فإذا شئتما
البقاء فل مانع لدي ,وعلى الخص المر يتعلق بالموضوع الذي تدارسناه الن .
وعلى الثر قرر الشابان العودة إلى مقعديهما .بانتظار وصول الشخص المجهول.
وبعد انتظار طال تقريبًا أكثر من ربع ساعة ,ظن خللها الجماعة أن رجلهم المنتظر عدل عن الحضور .وبدأوا يتساءلون عن سبب تأخره,
وإذا الباب بالباب الخارجي فجأة يفتح ويدلف منه رجل يسير بخطى مترددة ,وأنفاس لهثة سمعت عبر الباب الخارجي .ودخل الغرفة .فمل
شاهد فيها ثلثه رجال اصفر لونه وكان أن يكر راجعًا .فبادره سميث بصوته الجهوري بالدعوة للدخول ,معلنًا أن الموجودين هم من رفاقه
وزملئه ,وإن بإمكانه أن يثق بهم ثقته به .فلم يعد بدًا للزائر من الدخول ,والتوجه إلى المقعد الذي عين له .فتهالك عليه وهو يلهث بشكل
ل .وعلى الثر ل :إنني صعدت الدرج خشية ان ألتقي أحدًا في المصعد ولهذا أراني متعبًا قلي ً يلفت النظار .وبدون أن يرفع نظره أسرع قائ ً
قدم له سميث رفيقيه بصوت حنون وقال له:
هما مساعداي طوني سكوت ) (Tony Scottو شارل روبرتسون ) .(Charles. F .Robertsonو من ثم قدم طوني للزائر زجاجة
من الكوكا المثلجة .فتقبلها بنظرات الشكر والمتنان .وفكر في قرارة نفسه ,إنه في حضرة أناس طيبين ,خلفًا لما قيل عنهم إنهم من
ل )) :إنني أحد أثرياء الوحوش الكاسرة أعداء اليهود .وبعد ذلك أجال نظره في وجود الحاضرين ,ولما اطمأن لمصاحبتهم ,بدأ حديثه قائ ً
اليهود الذي أتوا إلى البلد من أوروبا ,وكنت في بلدي القديمة سعيدًا في حياتي ومحترمًا من قبل الجميع ,ولكن المجلس اليهودي العلى
في وطني قرر الطاحة باقتصاديات البلد ,تنفيذًا لمخططاته السرية ,ولما كنت منهم وكانوا يحرصون على أل أصاب بما سيصاب به أغنياء
النصارى ,أمرني المجلس أن أغادر البلد مع أموالي وأتمركز في أمريكا .فكان من البديهي أن أنفذ التعليمات .فأتيت إلى أمريكا ,وأصيبت
اقتصاديات بلدي بما بيتوه لها ,وسلمت أنا وأترابي من أغنياء اليهود .ويبدو أن المجلس العلى كان له غرض آخر من إرسالنا إلى هنا,
وهو تكديس الرأسمال اليهودي في هذه البلد بالذات .ومنذ أربعة عشر عامًا وأنا هنا في أمريكا أعيش تحت سيطرة هذا المجلس ,وألبي
كافة طلباته أسوة بغيري من أغنياء اليهود ,فالمجلس يطلب منا دائمًا معونات مالية يرسلها إلى للجهات المتعددة بزعم مساعدة المناضلين
من أبناء قومنا .وحتى عندما قامت المعارك في فلسطين فرض المجلس علي مبلغًا ضخمًا من المال قدمته حاًل ,والحق يقال إنني استفدت
كثيرًا من هذه البلد ,ولقد عوملت من قبل أهلها منذ فجر وصولي إليها بأحسن المعاملة .وكنت سعيدًا ,حتى أرغمت على النضمام إلى
المجلس اليهودي العلى و أسندوا لي فيه مركزًا مرموقًا جدًا .ومن ثم فرض المجلس علينا اجتماعات دورية نعقدها في مقر المجلس حيث
تلقى علينا المحاضرات السياسية المتعلقة بإقامة الدولة اليهودية العالمية ,ويشرحون لنا المور السرية المنبثقة عن بروتوكولت
صهيون ,وينفثون في نفوسنا مبادئ الحقد والكره للشعوب غير اليهودية ,ويدربوننا على الساليب المعادية لغير اليهود ,ويؤكدون لنا أن
ليس لليهود أصدقاء سوى أبناء جلدتهم .ولذا يطلبون منا عدم الثقة بغيرهم ,والعمل على تدمير كل ما يخص الشعوب الخرى من المور
المادية والمعنوية .كما انهم أرغمونا على حفظ مواد البروتوكولت عن ظهر قلب .وجميع أثرياء اليهود ملزمين بحضور هذه المحاضرات
للستماع إليها ,حتى يتأصل في نفوسنا بزعم كوننا أمة فوق المم .ونعمل لتحقيق سيادتنا على العالم أجمع .وهكذا كانوا يلقنوننا الحقد
والكراهية نحو الشعوب الخرى .وهذه النوع من التوعية السخيفة عملت في نفوس أكثرنا عملها ,وبدا الكثير منا يظنها حقيقة واقعة,
ولكن أنا شخصيًا كنت منزعجًا منها .وكم من مرة قررت النقطاع عن حضور هذه الجتماعات لنها تلقننا مبادئ اللأخلقية ,وتطالبنا
بنكران الجميل والتنكر لهذه البلد التي آوتنا ولبناءها الذين أحسنوا معاملتنا ,وحمونا من غوائل الدهر وأعدائنا .ومن ثم فكرت بولدي
البكر الذي قتل في الحرب العالمية الثانية دفاعًا عن أمريكا وتحت علمها ,وتخيلته وهو يعاتبني على انجرافي خلف هذه الفئة اللئيمة
الحاقدة التي تكيد لهذا البلد الذي أقمنا فيه بكل اعتزاز وفخر والتي سفك ابني دمه في سبيل نصرتها .فانتابني الخجل ,وقلت أحاسب نفسي:
أليس الحرى بنا أن نصادق أبناء هذا البلد الكريم وأن نخلص له ونقاتل مع أبنائه لنصرته.
لنفي بعض ما له ولهله من فضل علينا ,كي ينظروا إلينا بالحب والتقدير بدًل من أن نعمد إلى الغدر به وبأهله دون أي وازع من ضمير .أو
أي اعتراف بالجميل .عندها كبر المر في نظري ,واحتقرت نفسي.
وفي إحدى المسيات وبعد خروجي من الجتماع قررت أن أعود لنسانيتي ,وأعمل للحيلولة بين المجلس العلى وما يروم تحقيقه .ولكنني
كنت أجهل السبيل إلى ذلك ,لنني كنت على ثقة إن إفشاء أسرار بني قومي إلى الصحافة هو أمر غير قابل للتحقيق ,لن الصحافة هي ملك
أيديهم ,ومجرد البوح لها بما اعتزمت عليه ,كان يكفي للقضاء علي دون أن تتسرب كلمة واحدة مما سأقوله لها إلى الشعب .وبما أنني
وحيد ل معين لي ,وأخصامي يعدون باللف بل بالمليين احترت في أمري .ومع هذا ظللت على إصراري في عمل شيء مهما كان المر.
وكتمت أمري هذا بانتظار الوقت المناسب .وفي أحد اليام حدث ما لم يكن في الحسبان ,هو أن بنيامين شولتز )(Benjamin Schultz
حاخام مدينة نيويورك وأحد أعضاء المجلس اليهودي ,خرج على المجلسو أعلن الحرب السافرة عليه ,وجمع حوله لفيف من أنصاره,
ومن ثم أصدر بيانيًا يشجب فيه المبادئ الهدامة وتعليمات البروتوكولت ,وقضية التعاون الصهيوني الشيوعي ,وطلب في بيانه من جميع
اليهود في العالم ,أن يخلصوا للبلد التي يقطنون فيها..
88
وبصدور بيان شولتز ,جن جنون الصحافة العالمية المهودة ,ونادت بالويل والثبور .وكالت لشولتز التهم جزافًا ,ووصفته بصديق هتلر
القديم ,والنازي العريق ,والمرتشي من المحافل النازية السابقة ,والفاشي القذر ,المستحق لقسى العقوبات لوقاحته وسفالته .وشتمه
شعب ال المختار..الخ
ولكن شولتز لم يجزع ولم تخر عزيمته ,وتصدى للتحدي بالتحدي ,ووسع نشاطه المناوئ للمجلس العلى .فسرى الرعب في الوساط
اليهودية .واصدر المجلس أمره بعقد اجتماع عام ,ولبينا جميعًا رغبته وانعقد الجتماع الذي حضره خلق كثير وكان على رأس المجتمعين
مئتان وخمسون شخصًا من أغنى رجال اليهود في البلد .وكان المكان واسعًا جدًا و محاطًا بسور مرتفع أحيط برجال مدججين بالسلحة
الرشاشة ,يراقبون بدقة تامة كل كبيرة وصغيرة .وبعد أن اكتمل عقد المجتمعين ,اعتلى زعيمنا المنصة يرافقه شخص آخر قدمه لنا باسم
ل:
السيد موغين شتيرن ) ,(Morgensternومن ثم أردف قائ ً
إن السيد مورغن شتيرن هو موفد اللجنة الروسية المختصة في مراقبة الشؤون المريكية ,وهو حضر لمريكا ليتطلع عن كثب لما توصلنا
إليه .كما أنه أشهر أخصائيي روسيا في شؤون الدعاية المضادة .وهو من خيرة إخواننا اليهود .وسيتحدث إليكم الن بشأن الهانة التي
لحقت بنا جميعًا على يد المارق المدعو شولتز.
وهنا تقد مورغن شتيرن من المذياع ,واتخذ لنفسه موقف الرجل العالم بكل شيء ..وانتفخت أوداجه تيهًا واعتزازًا بنفسه ,ومن ثم تنحنح
ل كمن يروم إصلح أوتار صوته ,وبدأ حديثه بقوله: طوي ً
اعلموا أن شولتز هو أحد أبناء إسرائيل تجاسر على توجيه الهانة إلى بني قومه بكل وقاحة وسفالة .وموقفه هذا أغضب المشرفين على
دائرة ) (M.V.Dودفع بهم إلى الهتمام بالمر .ونحن بدورنا سارعنا إلى اتخاذ كافة الحتياطات الواجبة لمجابهة موقف شولتز هذا.
ومن بينها أننا دسسنا بين أتباعه بعض رجالنا ,لنكون على علم مسبق بكل ما يدبره لنا من المكائد.
ومن ثم انتقل الخطيب فجأة إلى الحديث عن التعاون بين الصهيونية والشيوعية ,ومتانة هذا التعاون ,والنصر اليهودي المنتظر الذي
سيحققه هذا التعاون .وعن المكاسب التي سيظفر بها اليهود على إثر هذا النصر المرتقب .وأنهى خطابه بالبحث عن قرب قيام الدولة
اليهودية العالمية نتيجة لهذا التعاون القائم بين الصهيونية العالمية والشيوعية .وبعد هذا الخطاب الفارغ انفض الجتماع .وخرجنا من
القاعة واليأس يأخذ مني كل مأخذ .لنني كنت قبل أن أسمع تصريحات مورغن شتيرن مزمعًا على النتساب لجماعة شولتز ولكن بعد أن
سمعت بوجود الخونة في صفوفه .خارت عزيمتي فلم يسعني إل العدول عن النتساب إليه,واكتفيت بأن بعثت له رسالة شرحت فيها كل ما
سمعته وأسباب عدولي عن النتساب لجماعته .وأعتقب هذا الجتماع عدة اجتماعات أخرى دعينا إليها كالعادة .كما عقد المجلس عدة
اجتماعات مماثلة في جميع المستعمرات اليهودية ,حيث ألقيت الخطب الرنانة ووجهت التهديدات بسحق كل من ينضم إلى شولتز.
ومع كثرة التهديدات التي كانوا يسمعوننا إياها ,كانت عزيمتي تشتد أكثر فأكثر ,لن ضميري لم يعد يحتمل كل هذا السيل من المساوئ بحق
النسانية .ولكنني كنت عاجزًا عن العثور على المخرج المناسب لتحقيق رغبتي .وفي غضون هذه اليام العصيبة كنت أسمع حولى همسًا
يدور حول وجود خطة سرية ,فلفت هذا الهمس انتباهي وصرت أبحث عن الوصول إلى حقيقة الموضوع الذي يدور حوله الهمس .وكان
الناس عند بحثهم عن هذه الخطة السرية التي أطلقوا عليها اسم الخطة ) (Pيخفضون أصواتهم ويخرجون الكلمات من أفواههم وهي أشبه
بالفحيح منها بالكلمات ,وذلك خشية أن يتسرب أمر خطتهم إلى خارج المحيط اليهودي ,وكنت أتسائل عن كنه هذه الخطة .وأقول في
سري ,أهي خطة لزالة شولتز من الوجود ,أم أنها خطة لتدمير بعض المنشأت الميركية المناوئة لمصالح بني قومنا.
وبعض الحيان كنت أظن أنها ترمي إلى القيام بعمليات تخريبية واسعة ,أو البحث عن وثائق تتعلق بالسلحة النووية .أو ربما كانت تعني
عمليات تجسس واسعة النطاق ,ولكن تكهناتي كلها ذهبت سدى .وعلمت فيما بعد أن الخطة ليست إحدى هذه المور ,بل هي في مظهرها
تافهة جدًا ولكن في مراميها كانت أشد خطرًا من كل ما تكهنا به جميعًا.
وهنا وقف محدثنا ) الذي أطلقنا عليه اسم رافائيل فيتزجيرالد Rafaël Fitzgeraldصونًا لحياته وإخفاء لهويته الصلية( عن الكلم,
ل أزيح عن كاهله .وكنا طيلة حديثه نستمع ل من الكوكا كول ,فظهرت على محياه علئم الرتياح وكأن عبئًا ثقي ً وتنفس عميقًا ورشف قلي ً
إليه وكأن على روؤسنا الطير .فلما توقف بادره سميث بقوله :نحن نعلم أنك يهودي ,ومع ذلك نرى أنك تفشي لنا أسرار خطيرة أنت أدرى
من سواك ما يترتب عليك من الخطار فيما إذا أفشيت هذه السرار فلماذا تحدثنا عنها وترمي نفسك بالتهلكة.
فأجابه رافائيل دون تردد:
أوًل إنني واثق كل الثقة منكم ,ومن ثم أعلم حق العلم أنكم لن تتخلوا عن ولدي وزوجتي فيما إذا حدث لي مكروه.
فسارع شارل ليقول له:
ل تحزن يا صديقي ليس في هذا المر ما تخشاه ,وإذا وقع ما لم يكن في الحسبان فلن نكون وحدنا بل ستهب أمريكا بأسرها لتحميك من كل
شر .وعلى الخصوص ستبقى هويتك مجهولة ,ولن يعرفها أحد وسنحرص على سلمتك بكل ما أوتينا من قوة وعزيمة.
ل:
فرد عليه رافائيل قائ ً
على كل حال أرى من واجبي أن أعطيكم اسمي وعنواني الكاملين ,حتى تتمكنوا من التصال بشخصي عندما تجدون أنفسكم بحاجة إلى
ذلك.
فلما قدم لنا هويته أخذنا العجب إذ تعرفنا عليه جميعًا ,وهو من أشهر الثرياء اليهود وصاحب مؤسسات تجارية معروفة في طول البلد
وعرضها.
ومن ثم تابع اليهودي حديثه وقال:
هل تمكن أحدكم من استنتاج ما تعنيه الخطة ) (Pأو قدر ما يمكن أن يرمز إليه الحرف ) (Pفأرجوا أن تحزروا إن كنتم أذكياء .فبدأ ثلثتنا
نعدد له كل الكلمات النجليزية التي تبدأ بحرف الـ Pوالتي خطرت لبال كل منا ,ولما استنفذنا ما نملكه من الكلمات البادئة بحرف Pالتفت
اليهودي إلى طوني وسأله ,إن كان يفطن ما هي الكلمة الثانية من بين الكلمات التي عددها ,فأجابه طوني باليجاب ,وقال إنها كانت )
.(Peaceفقال رافائيل هي بالذات التي يرمز إليها الحرف , Pوهنا انتابنا شعور من الستغراب ,ونظر كل منا للخر ,وكأننا نتسائل عما
إذا كان هذا اليهودي جادًا أم أنه يسخر منا .ويبدو أن رافائيل شعر بما يجول في خواطرنا .وتابع حديثه:
نعم خطة السلم السرية أو عملية السلم ,أو إذا شئتم فسموها خطة السلم القاتلة ,أو خطة إفناء الشعوب .نعم إنها هكذا .ولقد عرفناها
منذ ثلثة أيام فقط .وذلك عندما دعينا لجتماع عام ,وكان المكان محاطًا أكثر من المعتاد بالحراس المسلحين .فلما دخلنا قاعة الجتماع.
وجدت فيها كثيرًا من الوجوه المعروفة لدي ,والتي ما كانت سابقًا ترتاد اجتماعاتنا ,كما أن العضاء الدائمين كانوا جميعًا في القاعة .وكان
السكوت يخيم على الحضور في جو مشبع بالخطورة .وبعد مضي فترة وجيزة ,أغلقت البواب .ومن ثم دخل القاعة الحاخام جوهاشيم برنز
89
تحيط به زمرة من الرجال الشداء .فقمنا جميعًا احترامًا له .وأنشدنا النشيد الصهيوني المعروف بهاتيكفا ) (Hatikvahومن ثم أشار إلينا
ل:الحاخام جوهاشيم بزنز ) (Rabbi Joachim Prinzبالجلوس ومن ثم اعتلى منصة الخطابة وبدأ حديثه قائ ً
)) أيها السادة كلكم يعرف مدى الصداقة الكائنة بيننا وبين اليهود في روسيا وما لهم من أياد بيضاء في مساعدتنا .وعلى سبيل المثال
أذكركم بموقفهم منها إبان حرب فلسطين ,هذا الموقف الذي عدل كفتنا ,ومكننا من طرد العرب الفاتحين عن أرض وطننا المقدسة ,ولو لم
تكن السلحة التي أمدونا بها والتي نقلتها إلينا طائرات أصدقائهم في الوقت المناسب لما قامت إسرائيل أبدًا .والسلحة التي ندافع بها اليوم
عن حدودنا في إسرائيل هي مما أرسله لنا إخواننا اليهود الموجودين هناك هذا عدا عن أن روسيا كانت على رأس الدول التي اعترفت
باستقللنا ,كما أنها أقامت منطقة بيروبيجان ) (Birobejianاليهودي في أخصب بقعة من بلدها ,وهي التي سمحت بالتحاق اللوف من
يهود بلدها في القوات السرائيلية ليساعدونا في معارك التحرير .ومع كل هذا لم تزل تساعدنا حتى اليوم ,نظرًا لما قدمناه لها من خدمات
عظيمة في ثورتها ,وتنظيم شؤونها ,وتثبيت دعائم الشيوعية في أرجائها .وهذه الخدمات المتبادلة هي التي تربطنا بها بأوثق الروابط عدا
عن أننا نعتبرها المركز الرئيسي لتحقيق سيطرتنا الكونية .ولهذا فهي بمثابة وطن ثان لنا .لن نظامها ودولتها من صنع أيدينا.
أما إسرائيل فليست حتى الن سوى مركزًا دينيًا و أدبيًا ,ومنطلقنا لمبادئنا و تعاليمنا التي نصدرها للشعوب الخرى ,مع أنني ل أذكر ما لها
من أهمية استراتيجية ) أهمية عسكرية وسياسية( لوقوعها على سواحل البحر البيض المتوسط ,هذا البحر الذي سيكون يومًا بحرنا ,لن
من يمتلك إسرائيل يسهل عليه امتلك البحر البيض المتوسط والبلد الواقعة على سواحله ,شريطة أن يحسن التأهب لذلك .والن أيها
الرفاق لنعود إلى موضوعنا الساسي .هو أن الرفاق في بلد السوفييت اتفقوا على المثابرة لتبادل المعونة فيما بيننا وهذا يعني العمل
الدائب لمصلحتنا ,لن انتصار السوفييت في الوضع الراهن هو انتصار لنا .ولقد اتفق الجانبان على مخطط موحد ,وأرسلت التفصيلت
إلينا ,لنقوم بدورنا بما يترتب علينا .والتخطيط المتفق عليه هو بسيط في مظهره ,وسهل التنفيذ ول يعرض العاملين لتحقيقه لي نوع من
الخطر .وكل ما في المر يتلخص في كتمان الغرض من الدعوة لهذا المخطط حتى ل يكتشفه أحد .ول يطلب منا سوى اللحاح والمثابرة
على الدعوة للحفاظ على السلم .والغرض منه ينقسم إلى جزأين .الجزء الول :هو الحصول على الوقت اللزم لنا و لحلفائنا لكي نتمكن
من تسليح جيوشنا وتقوية أجهزتنا الحربية ,لننا في الواقع لسنا حاليًا على استعداد لخوض حرب عالمية ثالثة تكفل لنا النصر.
والجزء الثاني هو إيقاف سباق التسلح السائد حاليًا في ربوع الدول المناوئة لنا ولحلفائنا .وإرغامها على تدمير أسلحتها الذرية وتقليص
عدد جيوشها الجرارة ,وقتل الروح العسكرية في الوساط الشعبية .ودفع الجماهير إل اللجندية ,بينما سنثابر نحن وحلفائنا على التسلح
لبعد مدى ممكن .ولكي نتوصل إلى هذه الهداق عليكم العمل دون هوادة على دعوة الناس لمناصرة السلم .وتسفيه كل منهاج أو رأي
ينادي بالتسلح ,والتنديد بكل من يناصر الجندية .وإثارة الفكار ضد كل مشروع دفاعي .وتحريض الناس على التمنع عن المساهمة في
الغراض العسكرية ,والتنديد بكل نفقة مالية تصرف للغراض الحربية ,ومن ثم الدعوة للمبادئ الشيوعية الدولية .فإذا أجدنا دورنا في
هذا المضمار ,سوف ترون في المستقبل القريب أن جميع الدول ستنساق خلف هذه البدعة -و تنبذ مشاريعها الحربية وتقلص من عدد
قطاعاتها العسكرية ,كما ستشاهدون الشعوب وقد انجرفت بدوها في هذا التيار وأصبحت مناوئة للجندية والتسلح ,ودب الفساد الخلقي في
أفرادها .وتنكرت لمبادئها وتقاليدها ,وضربت صفحًا على المفاهيم الوطنية والقومية ,وانساقت في متاهات الصراع الطبقي والحزبي
ل من نصرنا الكيد .وأضاعت كل مقوماتها الوطنية والقومية ,وعندئذ فقط نكون اقتربنا فع ً
أيها الخوة ,ربما استغرب أحدكم انقلبنا المفاجئ ,وتساءل عن السباب التي حدت بنا لنكون دعاة سلم ,بعد أن كنا دعاة حروب وثورات,
واعلموا أن السباب التي دفعتنا في الماضي لشعال نار الثورة الفرنسية ثم الثورة الروسية ولفتعال الحربين العالميتين ,هي نفسها
السباب التي تحضنا اليوم على الدعوة للسلم لول مرة في التاريخ ,وهذه السباب ما هي إل ما تعرفونه من أهدافنا الخاصة ,والتي
يتطلب تحقيقها تجريد أخصامنا من أسلحتهم ريثما نتمكن من التسلح و التأهب لجولتنا القادمة .والن بعد أن شرحت لكم المر ,أرجو أن
يعمل كل فرد منكم بكل قدرته على الدعوة للسلم ,وبغية تعميم الفكرة أطلب إليكم أن تنقشوا على مصنوعاتكم ما يرمز إلى فضائل السلم
ما يحبذ الحفاظ عليه .فلتصنع مصانعكم كبريت السلم ,وصابون السلم ,و أقلم السلم....الخ .حتى نغرق العالم في جو السلم و لتقم
أجهزة إعلمكم وصحافتكم بالصرار على الدعوة للسلم و تشيد بفضائله و حسناته ,وتندد بالحرب و تعدد مساوئها و تهول بويلتها ,وكي
نخيف الناس من الحرب في كل مكان ,ونحرضهم على من يبحث عنها ,وفي نفس الوقت ,نكون نحن قد أتممنا استعداداتنا ,ووسعنا شبكات
تجسسنا في أجهزة الدول المعادية لنا ,وأوصلنا أتباعنا إلى مراكز الجاه والنفوذ في كل مكان واستولينا على إدارات المؤسسات المختلفة,
وهكذا ستصبح جميع أسرار أعدائنا في متناول أيدينا ,كما ستكون مقدرات بلدهم بين أيدي أنصارنا ,عندها سنختار الزمان والمكان لزج
العالم في حربه الثالثة ,إذ يكون ميزان القوى قد اختل تمامًَا ,وأصبح التفوق في العدد والعتاد رهن إشارتنا ,وعندما تحين ساعة الصفر,
سنوعز للحزاب التابعة لنا في كل مكان أن تهب لنشر الفوضى ,وتعميم الصراع الطبقي في كل بلد طبقًا لتعاليمنا و أوامرنا ,كما ستعمد
أجهزتنا الخفية إلى توسيع نطاق الدعايات الرامية إلى اللحاد والباحية والمسفهة للمثل والقيم الخلقية ,وعندما نتيقن من نجاح
مخططاتنا هذه تكون ساعة الصفر قد أزفت ,فتزحف جيوشنا إلى الميادين المعينة لها وتقضي سريعًا على مقاومة أعدائنا ,التي ستكون
حتمًا هزيلة ونزيل الدول المنهارة عن طريقنا ,ثم نعلن للعالم انتصارنا ,ونفرض عليه سيادتنا تحت ظل الدولة العالمية الموحدة وعلمها ذو
النجمة المقدسة ) .(Mogen Davidوبعد ذلك سنمحوا كل أثر للمدنيات العريقة ,وتحرق المؤلفات غير اليهودية دون استثناء وسنفرض
على العالم ثقافتنا .ومن ثم سنقضى على كافة اللغات المستعملة حاليًا .وسنرغم الشعوب على دراسة اللغة اليديشية وحدها ) اللغة
اليهودية العامية التي تتكون من مفردات اللغات المختلفة كاللمانية وسواها مع العبرانية( التي ستكون اللغة العالمية لكافة الشعوب,
وسنختص نحن باللغة العبرانية الصيلة ) لغة السادة والشعب المختار( وسنمنع استعمال اللغات الخرى ,ونلقن العالم تاريخنا وحده ,أما
ما تبقى من الحضارات والمؤلفات فسندمرها عن بكرة أبيها ,حتى ل يبقى في العالم سوى حضارتنا .وفي غضون بضعة أجيال سوف لن
يبق في الكون سوانا )شعب ال المختار( و الشعب اليديشي الجديد ) الشعب المستعبد(
وحال انتصارنا سوف نقاضي جميع مجرمي الحرب والقادة والمثقفين ,وكل من ناوئنا عبر الزمان .وسنقضي عليهم القضاء المبرم,
ل المصريين إلى إيطاليا ,والطليان إلى مصر, ) أسوة بما فعلناه بمحاكمات نورنبغ ( .ثم سنعمد إلى إجراء تبادل بين سكان البلد .فننقل مث ً
لنقضي على نزعة تعلق الشعوب بأوطانهم .كما أننا سننظم طريقة لتنشئة الجيال على أسس جديدة ,وذلك بأخذ الطفال من أقربائهم في
سن معين ,وتدريبهم على تقبل عبوديتنا ,والنصياع لرغباتنا .وهكذا سنزيل من أدمغة الجيال القادمة كل ميل للتفكير والستنتاج .ونلقنها
نظريتنا الحديثة ,حتى ل يبق في العالم من ينزع للتفكير في مقاومتنا أو من يجرؤ على الدعاء بوجود جنسية أو قومية غيل القومية
اليهودية.
90
والجدير بالذكر هو أننا أوعزنا إلى عملئنا في أروقة المم المتحدة أن يعملوا ضمن هذا المخطط .وبما أن أكثرهم يحتل المراكز الحساسة
في هذه المؤسسة التي تعتبر النواة الولى لمؤسستنا العالمية المقبلة ,فإنهم جميعًا الن على أتم الستعداد لنشر مبادئنا الجديدة والعمل
لنجاحها .ويبدو أنهم خطوا في هذا المضمار خطوات واسعة ,لن البوادر تشير إلى أن الدعوات القومية والوطنية في المم المتحدة
أصبحت مكروهة من قبل الجميع ,وتمجها نفوس أكثر أعضاء هذه المؤسسة .كما أننا نلحظ أن المم المتحدة أصبحت تحبذ الختلط بين
الشعوب ,وتعمل لصهر القوميات في بعضها البعض .وبالتالي تدعو لقيام الدولة العالمية الواحدة انسجامًا مع مخططاتنا ,ولقد تبنت ألوان
علمنا لتشكل منها علمها الذي يظلل ممثلي دول العالم ,ومع كل هذا لم ينتبه أحد إلى سلوكها ولم يخطر ببال ممثلي دولها ,أن دعوتها
لقامة الدولة العالمية الموحدة ,وسعيها لتوسيع نفوذها على العالم هي مما أوحي إليها من قبل الرئيس روزفلت) نبينا ونصيرنا في القرن
العشرين (وإن تحقيقها لن يفيد أحدًا سوانا ,وهؤلء الغبياء يظنون أن الدعوة لقامة الدولة العالمية والسعي لبسط نفوذ مؤسسة المم
المتحدة ستقودانهم إلى إنشاء دولة أممية ,وإن الدعوة للسلم هي الوسيلة الوحيدة لنشائها .مع أن الدولة العالمية التي ينشدونها لن
تكون سوى دولتنا ,والدعوة للسلم هي السلح الخطير الذي سيخضعهم في النهاية إلى سيادتنا )سيادة بني إسرائيل( لنهم ل يعلمون أن
هذه الدعوة هي المخدر الذي نستعمله لتنويمهم لنتمكن من إكمال استعداداتنا التي ستقضي على وجودهم وسيرون أي سلم سعوا لتحقيقه
وإدامته ,وذلك عندما سيدفعون ثمن غفلتهم هذه غاليًا.
وثقوا أيها الخوة ,إن هذه المرة لن يتمكن أحد من شل تقدمنا نحو أهدافنا ,ولن نسمح بعد اليوم لناس أمثال هتلر وموسوليني ومن وقف
بجانبهما في الماضي ,أن يعكروا صفو أيامنا المقبلة.
ولذا أرجوكم أن تضاعفوا الجهود ,وتتوسعوا في الدعوة للسلم ,حتى نصل بسرعة إلى أهدافنا ونرضي يهوى الذي منحنا بركاته ,وقيض
لنا هذه المناهج القويمة التي وضعها حكماؤنا لتحقيق رغباتنا.
أيها الرفاق إن أسلفنا جاهدوا آلف السنين لتطبيق تعاليم حكمائنا ,وضحوا في سبيلها بدمائهم ,وعرضوا أنفسهم للمخاطر والعذاب,
وتحملوا من اللم ما تنوء تحت ثقلها الجبال .وكل ذلك ليمهدوا لنا لقاء هذا اليوم السعيد.
فيا بني إسرائيل إن يومنا الموعود في متناول أيدينا ,ولن تمنعنا قوى الرض مجتمعة عن اللقاء به ,إن وجب المر فلن نتردد عن إرهاق
مليين الرواح من غير اليهود ,وتدمير آلف المدن بقنابلنا الذرية في سبيل تحقيقه .ولهذا يحسن بنا أن نسرع في تجريد أعدائنا من
قواهم الدفاعية ليصبحوا لنا لقمة سائغة.
أيها الرفاق هنيئًا لكم بقرب تحقق وعود يهوى وأدوناي الكبير ) (Adonayرب الرباب .هذه الوعود هي أكثر مما نستحق ,فلنتضرع إلى
اللهة لتستجيب دعائنا .يا بني إسرائيل إنني أرى وأشعر قرب قيام مجد عجلنا الذهبي ,فلترتفع أصوات أبواقنا .لتنهار قلع العداء
أمامنا((.
وهنا رفع الجميع عقيرته بترتيل دعاء الشكر .وتعالت الصوات الصاخبة ,وبدأت الحركات الهستيرية تحت قيادة الحاخام جوآشام برنز و
فجأة تعالت أصوات البواق من كل حدب وصوب ,فكنت ترى الحضور يتعانقون ويتبادلون القبل .وبعضهم طفرت الدموع من مآقيه فرحًا.
وهكذا ساد المكان نوعًا من الهرج الجنوني وأصبح خانقًا للنفاس .أما المظاهر الهستيرية التي سادت المجتمعين كانت مما تمجه النفوس.
فلو حضر هذه الجلسة موسى نفسه ,لما وجد خيرًا من أن يبصق في وجوه الحاضرين ,لنهم ل يستحقون أكثر من هذا .أما أنا فلم أحتمل
ل هذا الجو وانسللت خارجًا حتى ل ألفت انتباه الخرين .ولما وجدت نفسي خارج القاعة لعنت الساعة التي انتسبت فيها لهذه الزمرة طوي ً
الفاجرة.
والن ولقد سنحت لي الفرصة في أن أقابلكم فإنني أخبركم بالواقع .إرضاًء لضميري واعترافًا بجميل هذا البلد ,وأخيرًا حفاظًا على الجنس
البشري و إنقاذه مما تبيته له هذ الطغمة الكافرة من الشرور الرامية لتدمير كل شيء في هذا الوجود .وعلى الخص لهذا البلد الذي
أكرمني والذي سفك ابني البكر دمه دفاعًا عنه .وبعد أن أعلمتكم بكل شيء أرجو ,أن تبادروا إلى إيقاظ أمريكا والعالم أجمع ,وأن تفهموا
الدنيا كلها أنه كفاها غفوة وغفلة ,وأن تدفعوا بالشعوب لتضع حدًا لشرور هذه الفئة الضالة المضللة ,وأخيرًا أرجو أن تبقوا هويتي
مجهولة .ولكن إذا اقتضى المر مقابلة أي مسؤول في هذا البلد فاعلموا أنني على أتم الستعداد لتلبية أي طلب .كما أنني أرجوا أل تظنوا
أن جميع اليهود هم على شاكلة هذه الزمرة الجاحدة .فإن بيننا العديد من الطيبين ,الذين يرمون ليقاف جوآشيم وأنصاره عند حدهم ,لننا
نعلم أنهم يقودوننا في الطريق الذي رسمه لهم شيطانهم الكبر هرتزل .وإننا نتمنى اليوم الذي نقضي فيه عليهم وعلى مخططاتهم ,ولذا
أرجوا أن تساعدونا ,وبما أنني قد أزحت عن كاهلي عبء هذا الواجب المقدس ,وألقيته على كواهلكم أنتم الثلثة فأرجوا أن تسمحوا لي
بالعودة إلى عائلتي بسلم.
عندها أجابه السيد سميث أننا هنا أربعة مواطنين أمريكيين لنك واحد منا .و إننا سنعمل سويًا للقيام بواجبنا نحو وطننا المشترك .ومن ثم
خرجنا جميعًا وأوصلنا رافائيل إلى منزله ,وعدنا لنخبر العالم بهذا الحدث الخطير.
ومما سبق ودوناه في هذا الفصل ,يتضح للقارئ الكريم مدى ما وصل إليه اليهود في أمريكا من النفوذ والسيطرة .وهول الطماع التي
ينادون بها .وكل ذلك نتيجة لهمال أهلها لنصيحة المغفور له بنيامين فرانكلن ,التي قدمها في مستهل استقلل بلدهم .ومن ثم لستخفافهم
بأصوات التحذير التي أطلقها المواطنون الشرفاء أمثال ماك آرثي ,وهذا الهمال و الستخفاف أديا إلى وقوع الميركان في براثن
الصهيونية العالمية حتى أنه لم يعد بإمكانهم اليوم أن يأتوا بحركة أو سكنة دون موافقة اليهود.
أما قصة رافائيل التي ترويها مجلة الصليب والعلم ,يبدو أن حوادثها وقعت قبل حدوث النفور بين اليهود و السوفييت ,أو بالحرى قبل أن
يشعر الشيوعيون بما كان اليهود يبيتونه لهم .وقبل أن يعمدوا إلى تطهير بلدهم و أجهزة الحكم فيها من زبانية هذا الشعب الخؤون.
والبرهان على ذلك هو ما تحويه خطبة الحاخام برنز من الكلمات والجمل المعسولة الموجهة للسوفييت ,والتي تشعر بأن التحالف كان
مازال قائمًا بينهما .ومن هنا نؤكد أن عهد هذه القصة يعود إلى الزمن الذي كان اليهود يظنون فيه أنهم سادة الكرملين ,أي العهد الذي خيل
لهم فيه أنهم قضوا على ما يسمى لدى الروس بالقومية والوطنية .وأنهم أصبحوا سادتهم وموجهيهم ,إذ كانت المحافل اليهودية قبل
الحرب العالمية الثانية تعتبر الشعب الروسي مجرد أداة مسخرة لتنفيذ رغباتها ,وكانت تظن أن بإمكانها تسييره إلى البد في ركابها .وهذه
الظنون و الحلم هي التي دفعت بها إلى مساعدة الحركة البلشفية ,وبذل الموال الوفيرة بغية إنجاحها.
وفي صدد أمريكا واليهود ,لنا كلمة صغيرة عابرة لبد من قولها .وهي أن مع كل ما نعرفه عن النفوذ اليهودي في أمريكا ما زال هناك
بعض العرب الداعين ليجاد نوع من الصداقة معها .فلو أن أمريكا كانت محررة من السيطرة اليهودية لكان بالمكان أن يؤخذ بنظرية
91
هؤلء المغرر بهم أما وأنها على ما هي عليه من الرضوخ للمشيئة الصهيونية ,فالجدر بنا أن نترحم على كل زعم بإمكان قيام الصداقة
بينها وبين العرب.
يظهر أن الدولة اليونانية انفردت بين الدول واتعظت بالحداث التاريخية و الستفادة من التجارب القديمة .ولذا نراها دائمة اليقظة والنتباه
لكل مستنبط أو بدعة يهودية .ثم يبدوا أنها مازالت تتذكر مواقف اليهود المخزية منها ,ورغم كل التسهيلت والميزات التي قدمتها لهم إبان
عيشهم في ظلها .ومع أنها قطعت كل علقاتها بهم منذ عدة قرون فهي دائمة الحذر من غدرهم لما تعرفه عن مكرهم العظيم .ولهذا فهي
تراقبهم ول تغفل عن أبسط حركاتهم ,وإمعانًا في اليقظة ,تثابر وبصورة رسمية على تذكير أبنائها ,وعلى الخص رجال جيشها ,بتفاصيل
كل الحداث التي افتعلها اليهود ,والتي تظن أنهم سيفعلونها ,وذلك عن طريق إصدار نشرات دورية ورسمية ,تبحث هذه الناحية بالذات
بغية تنوير الشعب وتنبيهه إلى كل ما يشتم منه رائحة غدر أحفاد المكابيين؟.
وعلى سبيل إحاطة القارئ الكريم علمًا بالمنهج المتبع من قبل الدولة اليونانية في مضمار التوعية القومية الرائعة ,ندون فيما يل نص
المقال التوجيهي الذي صدر في شهر آب عام 1951عن قيادة الجيش اليوناني والقائل حرفيًا:
إن عام 1917كان عام شؤم وبلء نسبة لمم الرض قاطبة ,إذ فيه انتصرت زمرة من المغرر بهم من قبل أعداء ال و النسانية على
الشعب الروسي وأطاحت بالنظام القيصري ,وقتلت جميع أفراد العائلة المالكة بصورة مفجعة ,ومن ثم سلمت الحكم إلى الوحش الصهيوني
ذوي الرؤوس الستة ) أي أنصار النجمة السداسية المسماة بنجمة داوود ( ليورثنا سلسلة من الجرائم المتتابعة التي عمت العالم منذ ذاك
اليوم المشؤوم.
إن أحفاد إسرائيل الذين تعرضوا منذ أجيال عديدة إلى عقوبات صارمة جراء ما اقترفوه من الجرائم البشعة بحق النسانية في كل زمان
ومكان ,لم يرتدعوا عن غيهم ,ومازالت أوهامهم تسيطر على مجتمعهم الخسيس .واليوم يركضون خلف أهدافهم الخيالية أكثر من أي وقت
مضى ,لنهم يحلمون بالسيطرة على العالم وإخضاع شعوبه .وهم في سبيل ذلك لن يتورعوا عن خلق السباب التي يظنوها مفيدة
لمراميهم ,ولو أدت إلى سفك دماء المليين من بني البشر .وهم اليوم أكثر تفاؤًل من أي وقت مضى بقرب انتصارهم ,اعتمادًا على السذج
الذين غرروا بهم ,و ما جندوه في خدمتهم من العناصر الحاقدة الملحدة ,التي أحسنوا تدريبها وعودوها على تنفيذ تعليماتهم دون تفكير أو
مناقشة ,وأخطر هذه الفئات الضالة :هي فئة الماسون التي أصبحت أكثر ملكية من الملك ,في خدمة اليهود .فهم دائمًا خلف المستنبطات
اليهودية ,فكلما استنبط اليهود مبدأ أو فكرة يسارع الماسون لعتناقه ,ويدعون الناس لتبنيه ,ويروجون له وكأنه أنزل عليهم من السماء.
والكارثة التي حلت بالشعب الروسي كان سببها الماسون وحدهم .إذ هم الذين باشروا في نشر تعاليم ماركس في الوساط الروسية .ولقد
آمن الشعب الروسي ببدعتهم لنه كان يجهل أنهم من خدم اليهود وأنصارهم ,ومن الناحية الثانية كانت الرض الروسية صالحة لتقبل هذا
النوع من المبادئ بسبب ما كان يسودها من فساد الحكم والتعسف القطاعي واللمبالة القيصرية .وهكذا أينعت جهود الماسون وجاء
اليهود عام 1918ليقطفوا ثمارها .وفرضوا سيطرتهم على الشعب الروسي بزعم أنهم يحققون له الحرية والمساواة .وانطلت خدعتهم
على الروس واستكانوا لها .ومن ثم راح الوحش الصهيوني ذو الرؤوس الستة يمتص تباعًا دمائهم .وكلما فرغ من امتصاص دماء فئة ,
لعق شفتيه ,وراح يطلب المزيد من الدماء الروسية البريئة .ولما استتب له المر في روسيا ,أغار على بلد البلقان وأعمل في شعوبها
القتل والذبح بغية إخضاعها وضمها إلى معسكر عبيده وضحاياه.
وفي هذا الوقت بالذات فوجئنا في سالونيك بقيام حزب جديد أطلق على نفسه اسم الحزب الشتراكي .ولما بحثنا عن أسرار قيام هذا
الحزب تبين لنا أن أثرياء اليهود و الماسون أوعزوا إلى يهود هذه المدينة المشؤومة بتشكيل هذا الحزب وقدموا لهم أموالً طائلة ليغرروا
بها العمال الكادحين ويجتذبوهم إلى حزبهم الجديد .ولما كان أكثر سكان هذه المدينة من اليهود هان عليهم تحقيق ما يعود على شعبهم
بالخير .وهكذا قام هذا الحزب ,ودشن باكورة أعماله في مهاجمة الحكومة ,والمطالبة بإلغاء الملكية وإقامة النظام البروليتاري بدًل عنها.
وفي عام 1920أعلن الحزب رسميًا انضمامه لموسكو .وغير اسمه السابق وأطلق على نفسه الحزب الشيوعي اليوناني ) (K.K.Eو
توسع في نشر دعوته فعمت الفوضى البلد ,وبادر اليهود إلى شراء الضمائر في ظل إرشادات اليهودي البلغاري أورآم بنارويا )
(Aorram Bénoroyasالذي أدخل الشيوعية إلى اليونان .الذي كان يشغل في فارنا ) (Varnaرئاسة المحفل الماسوني من الدرجة )
. (33وكان ممن يعملون تحت قيادة المليونير اليهودي يعقوب شيف ) (Jacob Chiffزعيم التنظيمات الثورية اليهودية الذي قاد
عمليات الثورة الروسية .وأوفد أنصاره إلى مختلف البلدان البلقانية ,ليحدثوا فيها الثورات والفتن حتى تنضم بدورها إلى البلد الروسية
التي كان اليهود يعتبرونها مركزًا للنطلق نحو هدفهم السمى ) أي السيطرة على العالم وإقامة دولة إسرائيل العالمية (
أما صلت بنارويا بالمالي شيف فتعود في الواقع إلى عام .1914إذ كان شيف قد كلفه منذ ذاك التاريخ بتأليف أحزاب شيوعية في مختلف
البلد البلقانية ,على أن تكون تحت إشراف الماسون واليهود .وأرسل له مع أحد اليهود من أمريكا نصف مليون دولر والتعليمات السرية
اللزمة ,ليحقق له ما طلبه ,فلم يحيب بنارويا أمل شيف ,بل سارع إلى المدن الرئيسية في البلقان ,وأوجد في كل منها نواة حزب شيوعي
ومنها حزب سالونيك اليوناني .وفي نفس الوقت أوفد شيف إلى تركيا أحد انصاره وهو لفرانتي بيريا ) (Bériaالشهير بمهمة مماثلة
ل,لمهمة بنارويا .ولقد ظهر بيريا اليهودي التفليسي ) (Tiflisفي استانبول عام 1915بعد أن تمكن من الفلت من روسيا حيث كان معتق ً
فاحتضنه كل من جاويد اليهود ) (Javidالدونما ) يعني المرتد( وزميله ميتر سالم ) (Maitre Salemالمحامي اليهودي .ومن ثم اتصل
بالماسون واليهود الدونما في إزمير .واشترك الجميع في وضع المخططات اليلة إلى إشعال نار الثورة في تركيا .ولما انتهت مهمته في
تركيا تسلل منها إلى سالونيك مزودًا بألف ليرة ذهبية قدمها له جاويد الدونما .ومن ثم التحق ببنارويا ليعمل معًا في كل من ألبانيا واليونان
فاتصل بكافة أقطاب الماسون أمثال يوركي ديميتروف وآبوستولوس كروسوس .ومن ثم عاد بيريا إلى روسيا ,حيث لمع نجمه وأصبح من
أكبر الزعماء والسادة حتى ظهرت خيانته للسوفييت مؤخرًا و أعدم جزاء ما جنت يداه.
وفي عام 1924ازدادت الحوال سوءًا في اليونان حتى كاد أن يقع النفجار ,لول أن كشفت الدولة اليونانية المؤامرة الدنيئة التي كان قد
أعدها كل من يني يوانيدي ) (Yani Yua Nidiو دوسان داسكولوف ) (Dusan Daskolovزعيم الحزب الشيوعي البلغاري ورئيس
92
المحفل الماسوني فيها ,والصحفي الدونما صباح الدين علي والدكتور كمال اليهودي من زعماء الماسون في تركيا .وكان مؤامرتهم تهدف
ل بالتعليمات التي تلقوها من يعقوب شيف ,ولكن يقظة الشعوب والحكومات الثلث أحبطت إلى إعلن الثورة في البلد الثلثة معًا ,عم ً
المؤامرة في مهدها بفضل المعلومات التي قدمتها دوائر المخابرات اليونانية ,ولكن اليهود لم ييأسوا من آمالهم وظلوا يثابرون على تمويل
حزب سالونيك ودعمه محليًا ودوليًا .إذ أنهم يعتقدون أن جميع ما جاء في التلمود من الوعود الكاذبة سوف تتحقق .وإن جميع مناهج
البروتوكولت الصهيونية ) (La Protocoles de Sages de Sionستنجح فيما إذا طبقت بدقة وإصرار ,وعلى الخص بعد أن تحقق
بعض هذه المناهج ازداد اعتنادهم بها ,وظنوا أنها ستنجح جميعها طالما ثابروا على العمل لتجسيدها ,وهذا العتقاد هو الذي يدفعهم منذ
أقدم العصور على الصرار على محاولة تطبيقها .وخاصة بعد أن توسع نفوذهم في مستهل الثورة الروسية وأصبح لهم في مجلسها
العلى 447عضوًا من أساس 547عضو سوفييتي .وإصرار الماسون واليهود على تحقيق مناهجهم هو الذي جعل البلد اليونانية تتخبط
في ظلمات الفوضى طيلة العوام التي سبقت الحرب الكونية الثانية .إذ كان اليهود في أثنائها -يثابرون على تحريض الناس ضد أمن
الدولة .ويجندون السذج أمثال أبوستولوس كروزوس ) (Apostolos Grozosو ماركوس فوليادس ) (Markos Volyadisو نقول
زخريادس ) (Nicolaos Zahariyadisويوفدونهم إلى معاهدهم الخاصة في روسيا ,ليدربوهم على أساليب نشر الدعايات المضللة في
البلد .حتى ل يقعوا في أيدي اللمان .وهكذا ترك عبيد اليهود الشقاء مخيمًا على الشعب ولذوا بالفرار ,وكأن ل ناقة لهم ولجمل في هذا
الوطن.
ولما تحررت البلد ,عادوا إليها يعيثون فيها الفساد من جديد .فافتعلوا الضرابات وحرضوا الشعب على التمرد والعصيان فاندلعت الثورة
عام 1946وأعلن زعيمها ينني يوانيدس انفصاله عن اليونان ,وقيام الجمهورية الشيوعية شمال البلد وعين نفسه رئيسًا عليها .وهكذا
أصيبت البلد بكارثة جديدة .ودام القتال الهلي حتى كان عام 1949فرحف المارشال باباغوس على الثوار وانتصر عليهم في موقعة
كراموس فيتشي ) (Cramos Vitchiفهرب زعماؤهم ومئات اللوف من أنصارهم إلى روسيا .حيثوا أودعوا في معسكرات خاصة.
وهكذا أنقذ الوطن من شرور اليهود ,واستتب فيه المن من جديد.
أما أغراض اليهود في دعم الحركات الشيوعية فتتلخص بأن اليهود كانوا يتخيلون دوام سيطرتهم على روسيا .وعن طريقها كانوا يعللون
أنفسهم بالسيطرة على البلد الخرى ,وفرض نفوذهم عليها ,ولذا سعوا لنشر الشيوعية في البلد البلقانية ليضموها إلى محور موسكو
ويسخروها معًا لتحقيق أهدافهم التي ل حصر لها ,ولذا عمدوا إلى إثارة القلقل في أنحاء العالم كله بحجة السعي لخير النسانية وإيصالها
إلى أسمى درجات العيش الكريم ,وبغية إيهام الناس بصدق عزيمتهم جندوا العناصر التي ذكرناها ,وأوهموها بأنها طليعة جيش العدالة
الجتماعية ,ودفعوا بأفرادها للعمل في ظل الشعارات الماسونية ,التي ل يؤمن اليهود بها ,رغم كونها من مستنبطاتهم ,وهم ما انفكوا
يروجون لها منذ قرون عديدة ,مع أنهم يصرحون في مناهجهم أنها وهمية ,وغير قابلة للتحقيق اللهم إل بعد إيصال النسانية جمعاء إلى
أعلى درجات الثقافة والدراك ,واعتناق كل فرد من البشر للمبادئ الداعية لتقديس النسان والنسانية ذاتها ,وعلى أساس تبني الفرد للقيم
الروحية ,وتقديسه للمثل النسانية العليا ,وابتعاد الفرد والمجتمع عن المادية وعن كل ما يشوه جمال جلل النسانية .ولهذا فهم يبشرون
بها على طريقتهم المعاكسة تمامًا للمبادئ والمقومات اللزمة لتحقيقها ,ويزعمون إمكان الوصول إليها عن طريق الستهانة بالفرد
والمجتمع .وبذر بذور الحقد والكراهية بين فئات الشعب ,وتشجيع المبادئ المغايرة للمثل العليا بزعم السعي لزالة الخرافات البالية
والطبقية البغيضة ويعتمدون في ذلك على القسوة وإراقة الدماء ,ونشر المادية واللأخلقية التي يعلمون أنها ستودي بالنسانية إلى
التطاحن المستمر ثم إلى التمزق والضمحلل ,وأخيرًا إلى قبول الذل والعبودية في سبيل تأمين لقمة العيش التي ستحتل بعد هذا الصراع
الطويل المكان الول في تفكير النسان .فعندها ستصبح البشرية قطيعًا كبيرًا ل هم له إل المرعى ) على حد زعم البروتوكولت
الصهيونية( فيخضع لرادة اليهود ) الغاية التي يسعون لتحقيقها منذ أقدم العصور (.
ونعود الن إلى إكمال نص مقال قيادة الجيش اليوناني ,الذي يبحث عن نشاط اليهود الهدام في العالم ويقول:
إن اليهود لم يكتفوا بما صنعوه في أوروبا ,لن برامجهم التخريبية هي أوسع من أن تنحصر في قارة واحدة من العالم ,ولذا توسعوا في
ل بأن يخضعوها هي الخرى لمشيئتهم ,ويربطوها بعجلة المبادئ المنبعثة عن تعاليمهم التي تلزم مريديها نشاطهم حتى بلد الصين ,أم ً
بإطاعتهم ) على زعم اليهود سابقًا ( والسير في ركابهم .والنضمام في المستقبل تحت لواء الصهيونية الموحدة .ولتحقيق ذلك أوفدت
هيئة السينو -ماسونو-كومينيست ) (Siyono-Maçonno-Communisteالتي كان يتزعمها يعقوب شيف أحد أتباعها المدعو
شيشنكي ) (Chichinquiعام 1920إلى بلد الصين لينشر فيها المبادئ المشتركة .ويبدو أن شيشنكي هذا فشل في مهمته فأوفدت
ل آخر عام 1926وهو المدعو أدولف زوف ) (Adolf-Zoffفتمكن هذا الخير من القيام بمهمته .وجند الكثير من شبان الهيئة عمي ً
الصين وأوفدهم إلى روسيا و دربهم على أيدي أكبر أساتذة الماسون والصهاينة .ومن العمال التي قام بها جوف هو اتصاله بالدكتور سن
يات سن ) (Sun-yat-Sunوجرب أن يضمه إلى الجبهة الصهيونية الجديدة .بيد أن سن يات سن أبى الستماع إليه مع كونه كان
ماسونيًا معروفًا ,ولكن الظاهر أنه لم يقتنع بالمنهج الجديد ,أو أن وطنيته تغلبت عليه ,فرفض السير في ركاب السيونو كومينيست ) ولهذا
اعتب جوف موت الدكتور سن يات سن فيما بعد بمثابة نصر شخصي له ( ولكن جوف تابع نشاطه .فأوفد له يعقوب شيف نصيرًا آخر ,
وهو المدعو كروسنبرغ ) ) (Grusenburgالصديق المخلص ليعقوب شيف ,وخريج جامعة نيويورك وأحد مشاهير الماسون كومينيست
في أمريكا( وهو الذي سبق واعتمده شيف ,ليوصل إلى الزعيم لينين 312مليون دولر أمريكي لينفقها على مشاريعه بعد أن اجتاز الحدود
اللمانية بالقطار المغلق المشهور وكروسنبرغ هذا هو الذي لقن الشباب التركي أولى مبادئ السينو كومينيست وكما أوفده شيف إلى
الصين وفتح له اعتمادًا غير محدود .وهو الذي عرف فيما بعد باسم ميشيل بورودين ) (Michel-Borodinوالذي اشتهر بنشاطه في كل
من الصين وروسيا .وبوصول بورودين إلى الصيح أصبح فيها ثلثة من أكبر أقطاب الماسونية المجرمة .أما ثالثهم فكان اليهودي اللماني
) أحد زعماء الماسونية سابقًا في بلده( الذي اشتهر في الصين باسم لي –ته ) (Li- theوكان قبل الثورة الروسية من أقرب الناس إلى
القيصر ,بينما كان يعمل خفية على تقويض الملكية .ولقد أوفد إلى الصين ليشرف على تنظيم الجيش الصيني من قبل لينين .وفيما بعد
أسندت إليه رئاسة الشعبة الثانية في الجيش الصيني الكبير .وإلى هؤلء الثلثة يعود الفضل في جر الصين إلى المعكسر الشيوعي .وهكذا
نرى أن الصهيونية والماسونية تعملن جنبًا إلى جنب لتنفيذ المخططات اليهودية في كل بقاع الرض .والماسون هم الذين يباشرون عادة
عمليات التخريب في مستهل المر .وعندما يتحقق لهم النصر يبادر اليهود إلى قطف ثمار الجهد الماسوني والتربع على مقاعد الحكم
والسلطان ,مثلما حدث في المجر .فالماسون هو الذين أسسوا الحزب الشيوعي المسمى بالفو ) (A.V.Oفلما تمكن الحزب من السيطرة
ترك الماسون مقاليد أمره في أيدي اليهود ,وأنزووا وكأنهم لم يكونوا .فلما تحققت السلطة لليهود سارعوا إلى طرد ألوف المثقفين من أهل
البلد ليخلوا لهم الجو وحدهم.
93
والماسون الذين أوجدوا هيئة الديفانسيا البولونية ) (Défençiaكما أوجدوا الحزب الشيوعي اليطالي ) .(Ovroوفي عهد بيريا كانت
مصلحة المخابرات الروسية ) (N.K.V.Dتعج بهم إذ كان ثلثة أخماس موظفيها من الماسون ,وثلثة أرباع مستخدميها من النساء من
الصل اليهودي .ولهذا كانت سيطرة بيريا في بلد السوفييت أوسع من سيطرة أي زعيم آخر.
ل من المعسكرين الشرقي والغربي يثق بهم .ويعتمدهم في تمثيله ,وعلى سبيل وتزخر أروقة المم المتحدة أيضًا باليهود والماسون ,لن ك ً
المعلومات نذكر أن ببلر ) (Beblerممثل يوغوسلفيا ومينوفلينسكي ) (Ménovlineskiممثل أوكرانيا ,ونوفارا ) (Nevarahممثل
بلغاريا .وأكثر ممثلي البلد الغربية هم جميعًا من اليهود .وهكذا نرى أن النسان يصادف حيثما كان وفي أي زمان أحد هؤلء اليهود
أمامه .فهم كالسرطان في جسم النسانية ,وهم جميعًا يعملون لخلق المبراطورية الثيوقراطية ) (Théocratiqueالسرائيلية ,فمهما
كانت نزعاتهم أو ألوانهم وفي أي معسكر كانوا فهم دائمًا وأبدًا يهود قبل كل شيء ,وأعداء الشعوب الخرى مهما أظهروا من التزلف
والخداع .وهم الن يسيطرون على المعسكرين معًا .وسيطرتهم هذه هي التي أنجحت أقذر مؤامرة يهودية اشترك العالم بأجمعه لتحقيقها
لصالح اليهود على حساب الشعب العربي العزل بحجة تحقيق وعد سابق صدر عن وزير يهودي )آرثر بلفور ( )(Arthur-Balfor
كان يمثل بريطانيا في الحرب الكونية الولى التي افتعلها اليهود .ولما نشب القتال بين اليهود والعرب في فلسطين سارع كل من
المعسكرين يمد يده إلى اليهود بالعون المادي المعنوي ,بينما كان العرب يبحثون عن طلقة واحدة ليردوا بها على أسلحة اليهود العديدة.
ومن ثم وقفت المم المتحدة وبكل خسة لتفرض على العرب رغبات اليهود الذين ضربوا بمقرراتها عرض الحائط .وتشكلت اللجنة الثلثية
من الماسون واليهود لحل النزاع .فكان من البديهي أن تنتصر هذه اللجنة المهودة لصدقائها اليهود .حتى إن تركيا الدولة المسلمة التي
اشتركت في عضوية هذه اللجنة كان ممثلها من أعتى اليهود ,وهو حسين مجاهد الذي عرف في تركيا بتطرفه لعنصريته اليهودية .وهكذا
انتصر اليهود على العرب رغم حق العرب الصريح ,ورغم أنف الواقع والتاريخ ,بفضل أنصارهم في المم المتحدة وغفلة شعوب العالم.
وقضية فلسطين هي أكبر برهان على سيطرة اليهود على العالم ,كما أنها أكبر دليل على عدم جدوى وجود المم المتحدة ,اللهم إل لتحقيق
المصالح اليهودية والنتصار لليهود الذين يعتبرونها نواة لدولتهم المنتظرة في مستقبل اليام.
التوقيع
رئيس تحرير المجلة العسكرية اليونانية )(Stratiotika-nea
وهذه المجلة ليست الوحيدة التي تسعي في بلد اليونان ليقاظ شعبها وتحذيرهم من اليهود ,بل هناك مجلت وصحف عديدة تتبع هذا
النهج القويم ومنها المجلة المسماة ) بمجلة المسيحيين الديمقراطيين ( ) (Hiristianika Dimokratiasالتي كتبت في عددها الصادر
في أواخر عام 1955مقاًل تحت عنوان الزمرة الحاقدة فقالت:
لريب أن اليهود كانوا خلف كل المصائب التي حلت بالشعب اليوناني الباسل ,منذ أقدم العهود ,وهم الذين دفعوا قواد السكندر إلى ارتكاب
أبشع الجرائم بحق المة اليونانية ,وهم أول من خانها في الماضي ,وفي المس القريب أتوا بأساليب جديدة ,ليستغلوا بها شعبنا العريق,
ولقد تستروا خلف أسماء يونانية وتظاهروا باعتناق المسيحية ,ومن ثم راحوا يغررون بالبسطاء من أبناء شعبنا ,ويسخرونهم لتحقيق
أغراضهم المشؤومة .ومما يؤسف حقًا ,هو أنهم توصلوا إلى توريط عدد كبير من مواطني هذا البلد ,ولقد اشتهر من بين هؤلء التعساء :
نقول زخرياديس ) (Nicolaos Zahariyadisالذي ولد في أدرنة عام 1903من أبوين مشبوهي الصل .ولما بلغ سن الحادية عشرة
من عمره ,ربط مصيره بالجاسوس اليهودي هازداي ) (Hazdayالذي كان يعمل لحساب الحكومة البلغارية ,فأوفده أستاذه إلى استانبول
عام 1918ليتصل بالمهاجرين البلغار ,ويحصل منهم على معلومات خاصة يرسلها بدوره إلى السيد هازداي ,ولما شب عن الطوق تمامًا
انتسب إلى يعقوب شيف ,وأصبح يعمل حسب توجيهاته ,وهو الذي كان يمول السينوكومينيست في تركيا بالموال التي كان يتلقاها من
شيف .وفي عام 1935تقلد رئاسة المحفل الماسوني في بيرة ) . (Piréوبعد ذلك أسندت إليه أمانة سر الحزب الشيوعي اليوناني ,وقاد
بعض حركاته .ومن ثم عين رئيسًا لوزارة الحكومة الجبلية عام . 1949 -1936ولما انهارت الجمهورية هرب من أنصاره إلى تيران,
ومنها إلى روسيا حيث اتصل مع الشيوعيين اليونان الذين كانوا يقيمون في معسكرات طاشقند ,وطلب منهم أن يعيدوا انتخابه رئيسًا
عليهم ,ولكن هؤلء الفقراء الذين غرر بهم في الماضي ,أبوا أنو يولوه ثقتهم مرة أخرى ,فاحتدم الجدال بينهم حتى كادوا أن يفتكوا به.
فلذ بالفرار من هناك ,ومن ثم اعتقلته السلطات السوفييتية وأودعته سجن لوبي يانكو ) (Lupiyankoمع خمسة عشر من أنصاره.
أما زعيم الحزب الشيوعي اليوناني الحالي المدعو أبوستولوس كروسوس ) ( Apostolos Grozosفهو من مواليد عام 1891و ابن
المدعو ) (Grozosبائع الخضر ,ووالدته كانت تدعى إليزابيت ) (Elizabetوهي يهودية بلغارية ,ولقد عمل أبوستولوس في مستهل
ل في مصانع التبغ ,ومن ثم أصبح نقابيًا ,وفي عام 1920انتخب أمينًا عاماً للحزب الشيوعي في البلد .وبعد ذلك أوفد إلىحياته عام ً
روسيا حيث تلقى التدريب المهني ثلثة أعوام .عاد بعدها واسندت إليه رئاسة محفل الكافال ) . (Cavalaوهؤلء ومن لف لفهم هم جميعًا
من صنائع اليهود .وهم الذين اضلوا الخمسة وسبعين ألف مواطن يوناني الذين يقيمون اليوم في المعسكرات القريبة من طاشقند ,مع
عشرات اللوف من السذج ,غرباء عن بلدهم يسومهم الكولونيل اليهودي ) (Issacسوء العذاب بحجة تدريبهم.
واليهود هم الذين خرجوا من كل هذه الجرائم بالمكاسب ,وهم يعتقدون أنهم سيتمكنون من ارتكاب الجرائم بواسطة هؤلء وأمثالهم في كل
قطر وبلد ,وبنفس السهولة التي ارتكبوا فيها فظائعهم إبان الثورة الفرنسية ,حيث قتلوا آلف الرهبان ,واعتدوا على ألوف الفتيات
القاصرات,بزعم نشر الحرية والعدالة ,ولكنهم كانوا على خطأ ,إذ أن ألعيبهم اكتشفت منذ اليوم الذي طردهم فيه السلطان عبد الحميد من
قصره .هذا العاهل التركي الذي أوضح للعالم أجمع نوايا اليهود الخبيثة .ومنعهم من التوطين في فلسطين ,فراح اليهود يعملون ضده حتى
أزاحوه عن طريقهم بعد أن قاومهم مدة ربع قرن من الزمن ,بواسطة حزب التحاد والترقي الذي موله اليهود وأقاموه في الوطن التركي
ليثور في 31آذار ويطيح بالدولة العثمانية ,ومن ثم يحطم الوحدة التركية ,وبنشر الفساد والدمار في أنحاء المبراطورية العثمانية ,وهذه
المؤامرة كلفت تركيا ستين ألف ضحية بريئة ,عدا مئات البرياء التراك الذين قتلهم يهود مقدونية ,وهكذا تمكن اليهود من ترسيح أقدامهم
في الوطن التركي ,مثلما سبق لهم ترسيخها في فرنسا .وتوجوا كل هذا الجرائم بجريمتهم الكبرى التي ارتكبوها في روسيا .هذه الجريمة
التي ذهب ضحيتها مليين البرياء ,الذين كانوا ينتظرون النعتاق من العبودية القيصرية منذ عدة أجيال .وإذ بهم يقعون في براثن اليهود
الذين غرروا بهم بالتلويح لهم بالصداقة الخوة والعمل المشترك لستعادة الحرية المفقودة .أما الطليعة في تحقيق كل هذه النتصارات
اليهودية دائمًا وأبدًا الماسونية التابعة لهم منذ عدة قرون ,والماسون هم المسؤولون عن كل هذه النكبات التي حلت بالعالم .لهذا ننصح
أبناء شعبنا بالبتعاد عن مكائدهم ,لننا نعتبرهم جميعهم جواسيس إسرائيل دون تمييز أو تفريق .وبانتظار استيقاظ الشعب الروسي
94
والشعوب الخرى من غفلتها التي سوف تمحو اليهودية وأنصارهم من الوجود .نرجوا أل نخدع مرة أخرى مثلما خدعنا مرارًا في
الماضي.
في أعقاب انهيار النظام الملكي في الصين ,أشارت بعض الصحف اليابانية من طرف خفي إلى تدخل اليهود والماسون في أحداث الصين,
فانبرى بعض السذج ليسفهوا رأيها .ولما ظهرت طلئع ثوار الشيوعيين على مسرح الحداث الصينية ,و اشتبكت مع الجيوش اليابانية
التي كانت تقاتل آنذاك الجيوش الصينية ) بقيادة تشانكاي تشيك ( ,عادت الصحافة اليابانية من جديد إلى اتهام السيونو ماسون )Siono-
(Maçonneبالعمل مع كل من الشيوعيين والجمهوريين ,فاستهجن الناس هذه التهامات ,وعزوها إلى تحامل اليابان على الماسون
لنهم تخلوا عنها بعد أن تحالفوا معها في حربها مع روسيا القيصرية ,ودللوا على وجاهة رأيهم بالتناقض الكائن بين النظام الجمهوري ,
والنظام الذي كان الثوار يريدون تطبيقه في الصين.
وساندت الصحافة الغربية المهودة هذا الرأي ,وسفهت أقوال الصحافة اليابانية ,فأهمل الناس الموضوع ولم يهتموا بما قالته الصحافة
اليابانية ,مع أن الحداث التي سبقت انهيار الملكية ,و التي رافقت النظام الجمهوري وما أعقبه من البوادر المشيرة إلى ازدياد النشاط
الماسوني في الشرق ,ومساندة اليهون لسن يات سن وإلى خلفه تشانكاي تشك ,والمساعدات العلنية التي قدموها لكل الجبهتين معًا ,تؤيد
كل ما قالته الصحافة اليابانية عن تدخلهم في الصين ,كما ان بعض المراقبين كانوا متفقين مع الصحافة اليابانية في وجهة نظرها ,ولقد
اعتمدوا في ذلك على الوقائع التي سبقت ورافقت أحداث الصين.
وفي هذا الصدد يحدثنا السيد هيبس ويقول :إن الدلة التي تدمغ اليهود بالتدخل في شؤون الصين ,هي أكثر مما يظنها المدافعون عن
البراءة اليهودية ,ومنها :النشاط المعادي للملكية الذي قام به السيونوماسون في الصين في أعقاب المؤتمر الصهيوني 1897الذي
اشترك فيه زعماء اليهود في الشرق القصى ,وازدياد عدد الجمعيات السرية المعادية للمبراطورية ,والعطف الذي كانت تظهره بريطانيا
نحو أعضاء هذه الجمعيات ,إذ كانت تحمي اللجئين منهم إلى بلدها .مثل الدكتور سن يات سن الذي تدخل العاهل البريطاني شخصيًا
) باعتباره عميد الماسونية في بريطانيا ( لنقاذه من براثن السفارة الصينية التي اختطفته لتعيده إلى بلده ,وإذا أضفنا إلى هذا إسراع
أمريكا و بريطانيا تحت ضغط السيونوماسون إلى العتراف بحكومة سن يات سن ,ومن ثم مساعدة اليهود لخلفه تشنكاي تشيك الذي
اعتمد على اليهود في إدارة جميع شؤون بلده ,حتى إنه اتخذ الطباخ السابق اليهودي ويليام دونالد) (William Donaldمساعدًا
ومستشارًا خاصًا له ,وأسند إلى اليهودي هوغو لستيغ ) (Hugo-Lustingإدارة جميع المصانع الحربية.
كما أسند إلى اليهودية آنا إيركسماير ) (Anna Irexmaierمهمة تموين جيوشه بالذخائر ,ثم تكليفه مئات اليهود الخرين على الشراف
في أمور دولته وأخيرًا منحه الميزات اليهود في بلده ,فيتضح لنا من كل هذا مدى ما كان للسيونوماسون من العلقة الوثيقة في الحداث
الصينية.
وفيما يتعلق بدور اليهود في التطورات التي وقعت في الصين ,يحدثنا السيد جواد إتيلهان ويقول :لم يعد خافيًا على أحد بأن اليهودي
بورودين ) (Borodinوزميله أدولف جوف أوزوف ) (A.Joffeويهودي ثالث ) لم يذكر الكاتب اسمه ,واكتفى بالقول عنه إنه كان من
الماسونيين المقربين من القيصر وتعاون مع اليهود الثائرين ( هم الذين نظموا شؤون الفرق الشيوعية الصينية ,وقادوها في نضالها ضد
كل من اليابان و جيوش تشانكاي تشيك ,الذي فر أمامهم والتجأ إلى جزيرة فورموزا.
أما أسباب تخلي اليهود عن اليابان فتعود إلى أنهم استنفذوا أغراضهم من تحالفهم معها والتي لم تكن سوى القضاء على القيصرية
الروسية ,فلما زالت السباب ,عادوا مجددًا للكيد لليابان ,والتفوا إلى الصين التي كانوا يسعون لضمها إلى أحد معسكريهم ولذا لجأوا إلى
طريقتهم المعهودة,وهي أنهم انقسموا إلى فئتين ,يعمل كل منها في إحدى الجبهتين الصينيتين ,على أن تعمل كل منهما لضم الصين إلى
المعسكر التي تتظاهر بالنتساب إليه ) المعسكر الغربي الذي كان يمثله كل من يعمل مع تشانكاي تشيك والمعسكر الشرقي الذي كان يمثله
بورودين وزملؤه ( لن اليهود كانوا واثقين من بقاء الغرب مواليًا لهم إلى البد ,كما كانوا يعتقدون ببقاء سيطرتهم على الروس ,هذا
العتقاد الذي انهار فيما بعد وأفقدهم جميع آمالهم التي كانوا يعقدونها على المعسكر الشيوعي.
ويبدو أن نواياهم الدنيئة انكشفت للشيوعيين في الصين,فأبعدوا عن التدخل في شؤونها بمجرد أن استتب المر للنظام الشيوعي فيها ,ومع
هذا خرج اليهود من الصين بالمليارات العديدة التي سلبوها من أموال الشعب الصيني ,بفضل مؤازرة ومساعدة تشانكاي لهم .هذا عدا عن
أنهم تمكنوا من إشغال القوات اليابانية مدة طويلة ,وكبدوها خسائر فادحة من جراء إرغامها على القتال في جبهتين ,ومن ثم أوجدوا
لمصانعهم الحربية في أمريكا و إنجلترا أسواقًا عديدة في الشرق وعلى الخص في الصين التي كانت تبتاع جميع ذخائرها عن طريق آنا
إيركسماير التي كانت تتعامل مع المصانع اليهودية في الغرب.
ويبدو أن اليابان كانت على علم وثيق بما يدبره اليهود في الصين .حتى صرحها ممثلها السيد فوجيفارا ) (M.Fujiwaraأمام لجنة
المن والتوعية القومية بما يلي :من المسلم به أن ليس في اليابان حاليًا يهودي يحملون الجنسية اليابانية ,ولكن أساتذة الجامعات,
والطباء والموسيقيين اليهود الذي طردهم هتلر من ألمانيا ,بدأوا يفدون بكثرة ويتمركزون فيها .دون ضجة وبكل هدوء .مثلما تفعل
الجراثيم عند غزوها جسم النسان .فهمي تنسل بهدوء إلى المعاء حيث تعشش فيها ,ومن ثم تنتشر في أنحاء الجسم لتفتك به دون إنذار
مسبق .وأكبر دليل على بدئهم بالتخريب ,هو هذا السيل الكاسح من الكتب والنشرات الوروبية التي أوجدها اليهود والتي بدأت تكتسح
المجتمع الياباني ,وهذه النشرات والكتب هي التي تنفث في مجتمعنا المبادئ الفتاكة بالقيم الخلقية ,والممزقة للوحدة القومية ,والداعية
95
للنزاع الداخلي والطبقي ,وهم بذلك يرومون تحطيم اليابان وتدمير تقاليدها ومثلها .كما حدث في الصين التي دفعوها إلى مقاتلتنا ليتمكنوا
من سلبها ثرواتها و امتصاص دمائها عن طريق بيع سلع مصانعهم التي تكتظ بها البلد الغربية .ولهذ ادعوكم أيها السادة إلى اليقظة
النتباه لكل الحركان والسكنات اليهودية .والحرب الدائرة اليوم بيننا ,ليست في الواقع بيننا وبين الصين الجارة العظيمة ,بل هي حرب
اليابان مع السيونوماسون الممثلة بشانكاي تشيك ومستشاره اليهودي ويليام دونالد ,وإننا إذ نصرح بهذه الحقيقة ,نأمل منها إلفات نظر
الشعوب المغرر بها من قبل وكالت النباء اليهودية ,ونزجوا أن تتفهم واقع الحداث الدموية ,وتتأكد من أن هذه الحرب القائمة ,هي من
وضع و تصميم اليهودية العالمية ,وأنها فرضت على الجبهتين المتقاتلتين من قبلها وحدها ,لتحقق لنفسها المكاسب المادية الفورية و
المكاسب السياسية بعيدة المدى ,ولهذا نعلن أننا سنثابر على القتال رغم أننا سفكنا فيه حتى اليوم دماء ستين ألف مواطن ياباني ,إلى أن
ننتصر على هذه الطغمة الفاجرة ,لعل تضحياتنا تنفع الشعب الصيني ,ويتخلص من هذا الغول ذي الرؤوس الستة المسمى بالسيونو
ماسون.
ومما أوردناه يظهر بجلء أن الصهيونية العالمية كانت قد أقرت منذ مؤتمرها الول ,إدخال الصين ضمن مخططاتها ,وعمدت إلى نشر
الماسونة فيها ,ولما قويت شوكتها سارعت ضرب الملكية واستبدلتها بالجمهورية .وبعد أن حصلت على هدفها الول .وهو امتصاص
ثرواتها عن طريق إشعال نار الحرب الصينية اليابانية ,عادت ودفعت بها في دروب مخططها الجديد ,وهو اخضاعها للشيوعية واتباعها
للدولة السوفييتية ,التي كانت تسيطر عليها في ذلك الوقت سيطرة كاملة ,لتسخرها بدورها في تحقيق حلمها الكبير ,وهو إقامة الدولة
اليهودية العالمية عن طريق النظام البروليتاري الذي كان اليهود يتخيلون بقاء سيطرتهم عليها.
ولكن الرياح جرت على غير ما اشتهوها ,وتخلصت كل من روسيا والصين من نفوذهم ,ولهذا نرى أن الماسونية والصهيونية كانت
تعارض وتصر على عدم ادخال الصين إلى المم المتحدة .وتتمسك بالقزم الصهيوني تشانكاي تشيك ,لتظل الصين منقسمة على نفسها.
ل منظمًا ,ومقسمًا إلى مراحل موقوتة بدقة ومن هنا نرى أن التدخل اليهودي في الشرق كان أكثر من تدخل عادي فحسب ,بل كان تدخ ً
متناهية.
ومما يجب ذكره هو أن اليهود لم يغفروا لليابات مناوئتها لهم واحتراسها منهم ,وتحريض الشعب المريكي ببلغاتها عليهم ,ولذا أنزلوا
بها الكارثة الذرية عندما سنحت لهم الفرصة ,وذكل على يد يشوعهم ترومان خليفة موساهم الجديد روزفلت ,وهكذا دفعت اليابان ثمنًا
ليقظتها من المناورات اليهودية مئات الولوف من الضحايا البريئة.
إن أكبر خطيئة ارتكبها موسوليني في مستهل حياته السياسية ,هي مجاهرته باحتقار الماسون وعداؤه لليهود .إذ أن تسرعه كشف نواياه
نحو السيونو -ماسون ) (Siono-Maçonneجعل أفراد هذا التحاد يحتاطون للمستقبل ,فلما تقد موسوليني مقاليد المور ,عمدت
الرأسمالية الصهوينية إلى تهريب ثرواتها من البلد ,لخلق الضائقة المالية التي عمت إيطاليا في بداية حكم موسوليني .كما أوعزتإلى
خلياها السرية بالعمل خفية ضد النظام الجديد .وإمعانًا في الحذر أمرت الماسون وعلى الخص القادة والضباط منهم أن يسلكوا مع
موسوليني مسلك المهادنة والترحيب بنظامه .فعلم موسوليني بمخططاتهم جميعها .غير أنه غفل عن لعبة الماسون ,ووثق بهم واعتبرهم
من أنصاره المخلصين .وبعد أن سوى أمور البلد القتصادية ونجح في تحطيم المؤامرة اليهودية بالقدر الكافي لغاظة مدبريها ,أسفر عن
وجهه في مخاصمة اليهود ,وعلى الخص إبان حرب الحبشة وثورة إسبانيا ,التي كان اليهود يعملون في كلتيهما لحباط مساعيه
ولتحريض الدول الغربية المهودة عليه .مما أدى إلى فرض العقوبات القتصادية على إيطاليا .ولما اندلعت نيران الحرب الكونية الثانية,
شمر الماسون) حلفاء اليهود ( عن سواعدهم وبدأوا بأعظم عملية تخريب في الجيش اليطالي ,كي يحولوا دون انتصاره في إفريقيا
الشمالية وعندما اندحرت الجيوش الحليفة في طبرق ,هال اليهود المر وسارعوا إلى إصدار أمرهم إلى أنصارهم الماسون أمثال بادوكليو
) (Badoglioو كراندي ) (Grandiو فيدورزوني ) (Federzoniو ألبيني ) (Albiniأن يشددوا النكير على الجيش فعمد هؤلء إلى
تقنين المحروقات الللزمة للعمليات الحربية ,وحرموا الجيش من الثياب الموسمية .وزودوه بالذخائر الفاسدة ,وانقصوا من غذاءه
ولوازمه الطبية ,رغم إلحاح الجيش في طلب هذه المواد الحيوية .ولما تفاقم النقص في التجهيزات الحربية بدأ الجوع والمرض يفتكان في
أفراد الجيش ,فانهارت معنوياته ,وتضاءلت مقاومته أمام ضربات الجيوش الحليفة ,وانتهى به المر إلى إلقاء السلح والستسلم ,واعقب
ذلك انهيار إيطاليا برمتها واعتقال موسوليني ولكن شاءت القدار أن ينقذه المقدم اللماني سكروزني ) (Skrozenyوأن يتمكن
موسوليني من العودة إلى النضال ,ويعتقل بعض هؤلء القادة الخونة ,ويحقق معهم ,وأن يعترفوا له بأنهم خانوه بناء على التعليمات التي
تلقوها من محافلهم .ولكن الظروف لم تسمح لموسوليني أن يستعيد نفوذه .وانهزمت قواته مرة أخرى في شمال إيطاليا ,فاضطر إلى
الهرب مع لفيف من أنصاره إلى مدينة دونكو ) (Dongoالواقعة على شاطئ بحيرة كومه ) (Coméحيث حاصرته العناصر اليهودية
المساعدة لجيوش الحلفاء ,والتي كانت تعمل تحن إمرة اليهودي كارلواورتيللي ) ,(Carlo-Ortelliالذي قاد فيما بعد إحدى كتائب
الهاجانا ) (Haganaفي فلسطين واشترك في معركة ماسوت هامال ) .(Masut-Hamalaوكان يساعده كل من اليهودي توكايي )
(Tugayiو بيدرو ) (Pedroالذي كان يلقب ببليني ستيل ) (Bellini-Stelleوناري ) (Nariأشهر كتاب اليهود في إيطاليا ولينو
ساندرينو ) (Lino-Sandrinoوبونزانكيو ) (Bonzanigoولقد تمكنت هذه العصابة اليهودية من أسر موسوليني فاقتيد مع أنصاره
إلى الجبل حيث شرع اليهود بتعذيبه مع رفاقه .ولما علم الجنرال المريكي باتون بالمر ,أرسل كتيبة من مدرعاته إلى مكان الحادث لتنقذ
موسوليني من أيدي اليهود ,ولكن العصاة علموا بأمر باتون فسارعوا إلى تنفيذ الحكم بموسوليني ,فأعدمه اليهودي فالتر أوديزيو )
(Walter-Audozioالملقب بفاليريو ) (Valerioقبل أن تصل كتيبة باتون بمدة وجيزة جدًا.
وهكذا انتقم اليهود من موسوليني زعيم إيطاليا في القرن العشرين .والمصادر اليهودية ل تنكر هذه الجريمة بل بالعكس تتبجح بها بأنها
إحدى بطولتهم .حتى إن صحيفة كرونيكل اليهودية ) (The Jewish Chroniclالتي تصدر في لندن ,رددت تفاصيل مقتل موسوليني
عدة مرات ,وتفاخرت بأن من قاموا باعتقاله والذين نفذوا حكم العدام به ,كانوا من أبناء قومها.
وكأنها كانت تقصد بها إيهام الرأي العام بأن هذه الجريمة هي السبب في كسب الحلفاء الحرب العالمية الثانية.
96
محكمة نورنبرغ ) (Nurnbergأو ضريح العدالة
منذ فجر التاريخ وللحروب أعراف وتقاليد يحترمها المتقاتلون ,ويعملون بمقتضاها,وإن كانت تتبدل من حين لخر ,ولكنها تظل أبدًا ضمن
نطاق المثل العليا ,وتدور دائمًا حول محور الشرف والرجولة ,ولذا كان المفروض بالمنتصر ,الذي استعمل أثناء المعركة أشد أنواع
البطش والوحشية ,أن يعمد بعدها إلى التعالي عن الصغائر ويتصف بالحلم والشهامة ,وأن يعف عن خصمه المغلوب ,ويرد عنه كل منكر.
والتاريخ يحفل بالحداث الشيقة التي تروي لنا ما كان عليه أبطال العصور الغابرة من النبل والرجولة ,ومنها مواقف الفراعنة الكريمة من
أعدائهم بعد النصر ,إذ كانوا يعاملونهم أكرم معاملة ويجلونهم عن الذل والمسكنة ,تقديرًا لما أظهروه من البطولت في المعركة .ومنها
أيضًا موقف أبطال الفرس واليونان والرومان على من تغلبوا عليهم ,وهذه المواقف التي كانت تبلغ حد إعادة الملك للمغلوب إلى عرشه,
والقائد المهزوم إلى قيادته ,وإذ كان من المفهوم السائد آنئٍذ هو إكرام البطل الشجاع إن غالبًا أو مغلوبًا .أما ما يرويه التاريخ عن النبي
محمد) صلعم( في هذا المضمار فهو من أروع المثال ,في كل ما قيل وسيقال عن مواقف الشهامة والشرف .إذ يقول :إنه عندما انتصر
نصره النهائي على اليهود ) الذين سبق له وأن عفى عنهم أكثر من مرة فنكلوا به وخانوا عهده مرارًا( ,جاؤوا إليه يلتمسون حلمه,
ويسألونه أن يفرض عليهم ما يشاء من العقاب والجزية ,على أن ل يعودوا بعد ذلك إلى الغدر به .فلم يكن من الرسول العربي إل أن
استجاب لطلبهم ,شريطة أن ل يكون هو الخصم والحكم ,ومنحهم حق اختيار من يثقون به ليحتكم وإياهم إليه .وكل ذلك ليثبت لهم عن مدى
تمسكه بأهداب العدالة حتى مع من خانوه أكثر من مرة .كما أن موقفه الرائع من عدوه أبي سفيان عند انتصاره على قريش ,ما كان إل
ليذكر الناس بأن ل انتقام ول تشفي في الستسلم .أما صرخة عمر بن الخطاب التي أطلقها في وجه قواده ليحد من غلوائهم ,والتي قال
لهم فيها ) متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهن أحرارًا(وهذه الصرخة مازالت حتى اليوم تعتبر آية من اليات في سجل التاريخ ,إن
دلت على شيء فإنما تدل على ما كان عليه سادة العرب من الحترام لحقوق الناس و التقديس لكرامة النسان .حتى وإن كانوا من
خصومهم في المس .وهذه المواقف الرائعة ومثيلتها التي يزخر بها التاريخ العربي ,هي التي دفعت بكرام المؤرخين إلى العتراف بأن
التاريخ لم يشهد فاتحًا أعدل من العرب.
وعلى العموم إن كافة المم والشعوب التي بحث عنها التاريخ القديم ,كانت تراعي هذه التقاليد والعراف ,وتعمل بموجبها ,اللهم إل من
ل من قبل .هذا الشعب هو شعب واحد انفرد بين شعوب الرض في إنكارها ,واستنبط سننًا وشرائع خاصة به لم يشهد التاريخ لها مثي ً
الشعب اليهودي الذي يتفاخر مؤرخوه بأنه كان يدمر المدن التي يحتلها .ويعذب كل من يقع في أسره ويطبق شريعة القتل العام عن جميع
سكانها ,وهي تعترف بأن اليهود احتلوا الجبال الفلسطينية بفضل تطبيقهم لهذه الساليب الوحشية التي تستنكرها جميع شعوب الرض.
حتى إن القرون الوسطى وما أعقبها من الزمان ,صقلت نفوس الشعوب أكثر فأكثر .ودفعت بها إلى إحداث قواعد وشروط تحدد العلقات
بين الغالب والمغلوب.
وفي العهود الخيرة ,أضيفت إلى تلك الشروط اتفاقات جنيف الربعة المشهورة ,المحددة لحقوق السرى و المصابين .وأسوأ هذه المفاهيم
ما كانت تتعدى فرض استعمار الغالب على المغلوب .وكل ذلك كان بغية إبقاء الشرائع الحربية ضمن نطاق المفاهيم المتجانسة مع تطور
الحضارة والثقافة النسانية .ولم يكن في تفاصيل هذه الشروط الحربية ما يشير إلى إباحة محاكمة قادة الجيوش المهزومة أو معاقبة
السرى ,وإساءة معاملتهم أو قتلهم والتنكيل بهم .ولهذا رأينا بريطانيا تعامل نابليون بعد انتصارها عليه وأسره في ساحة القتال ,أكرم
معاملة رغم كل ما أذاقها من الهزائم.كما أن الروس بعد انتصارهم على القائد التركي عثمان باشا ,الذي كبدهم أعظم الخسائر ,عاملوه
ل .وفي الحرب الكونية الولى لم يقع ما يغاير هذه التقاليد العريقة ,ولهذا معاملة البطال تقديرًا لشجاعته وصموده في وجههم أمدًا طوي ً
كان العالم يظن إبان الحرب الكونية الثانية أن هذه التقاليد هي التي ستنظم المور بعد انتهائها .ولكن الناس فوجئوا قبيل انتهاء الحرب
بجنوح أمريكا إلى سنة القتل العام ,وذلك عندما ألقت قنابلها الذرية على اليابان ,وفتكت بمئات اللوف من العزل البرياء في غضون ثواني
معدودات .فهالهم المر .واستعظموا إقدام المريكان على هذه الجريمة النكراء .وقبل أن يتنهوا من التفكير بها ,إذ بهم يفاجأون بأخرى أشد
هوًل ,وأكثر خطرًا على مستقبل ومصير النسانية ,أل وهي جنوح الحلفاء إلى محاكمة المغلوب ,وكأنه مجرم أفاك .وظهرت للوجود ما
أسماها الحلفاء محكمة نورنبرغ ,او محاكمات نورنبرغ .وعلى إثرها سمع الناس عن الناس الذين أطلق عليهم اسم مجرمي الحرب تأتي
بهم هذه المحكمة الغريبة من نوعها ,ليمثلوا أمامها مكبلين بالصفاد ,وكالقتلة ,وقطاع الطرق .فتقاضيهم على مسلكهم في جبهات القتال,
وعلى الخدمات والتضحيات التي قدموها لمتهم وبلدهم ,وتعتبر كل فضائلهم ومناقبهم جرائم واعتداءات ,وتصدر بحقهم الحكام الجائرة
بموجب قوانين ما أنزل ال بها من سلطان ,وتعدم وتشنق ,وتعذب وتنكل ,وتهدر الكرامة النسانية دون وازع أو رادع ,كأن قضاتها و
منفذيها زبانية الجحيم انطلقت من سقر لتصب جام غضبها على الشعب اللماني ومن ورائها على النسانية جمعاء.
ل يتساءل عن السباب التي حدت بالحلفاء إلى وإزاء هذه البدعة الجديدة وهذه المحكمة الفريدة ,وهذه العدالة الغريبة ,وقف العالم طوي ً
سلوك هذا المسلك المشين .رغم ما يدعونه من الحضارة و المدنية ,والتمسك بالقيم الخلقية والنسانية ,وعن الذي دفعهم إلى تبني هذه
البدعة الوحشية ,ومن استنبطها ,وعن الظروف التي جعلتها شريعة تؤخذ بها بين عشية وضحاها .ولكن الجواب على كل هذه السئلة ,ظل
مجهوًل .حتى انتهت مهزلة نورنبرغ ,وسقطت الحجب عن كنه خفاياها.وانجلت الحقائق ناصعة للعالم ,بعد أن خاض الكثير من الكتاب في
البحث عنها ,وظهرت أسرارها للعالم عارية مخزية ومن بين النقاد الذين أوفوا هذا البحث حقه من التدقيق والتفصيل ,المؤرخ التركي
الجنرال إتيلهان مؤلغ كتب ) أيها التركي اعرف عدوك -السلم بني إسرائيل -جرائم اليهود في الحرب الكونية الولى( وعشرات سواها.
ونظرًا لما في أبحاثه من الدقة والتفصيل عن قضية نورنبرغ ,أضع فيما يلي بعض ما جاء في مؤلفاته من المعلومات في متناول يد القارئ
الكريم بغية إيضاح هذه القضية.
ل لمحاكمة من ويقول إتيلهان ,يخطئ من يظن أن الحلفاء أوجدوا محكمة نورنبرغ أو فكروا في إيجادها ,أو أن هذه المحكمة وجدت فع ً
خرجوا عن التقاليد والعراف والقوانين الحربية ,لن الحلفاء لم يكن لهم مع اللمان أي حساب سوى حساب الغالب مع المغلوب .ولم يكن
بين القادة اللمان من يمكن اعتباره خارجًا على القوانين والتقاليد ,أثناء حربه مع الحلفاء .ولكن محكمة نورنبرغ كانت من جملة الهداف
التي حددها مؤتمر عام 1897الصهيوني ,وسعى أعضاؤه وحلفائهم أكثر من نصف قرن لبلوغها ,أما السباب التي دفعتهم لقامة هذه
المحكمة فتتلخص :بأن الصهيونية كانت قد تدارست في هذا المؤتمر جميع المور المتعلقة في تحقيق هدفها العلى ,وهو إقامة الدولة
اليهودية العالمية ,التي قرر اليهود أن تكون نواتها في فلسطين .ولقد عمدوا إلى دراسة العقبات الساسية التي تعترض طريقهم .ومن ثم
وضعوا المناهج و المخططات التفصيلية ,لزالة تلك العقبات وحددوا المراحل والساليب للعمل على تحقيقها .وكانت العقبة الرئيسية
بالنسبة لهم هي الدولة العثمانية ,التي كانت ترفض مساوماتهم العديدة للستيلء على فلسطين ,والعقبة الثانية الدولة الروسية زعيمة
97
الكنيسة الرثوذكسية ,التي كانت تدعي الوصاية على البلد المقدسة وتمانع في امتلك اليهود لها ,ولقد تمكن اليهود في مستهل القرن
العشرين ,ومن إزاحة كل من الدولة العثمانية والروسية ,وذلك بعد الطاحة بالمبراطورية العثمانية وتقليص ظلها ضمن الحدود
الناضولية ,وتمزيق العالم العربي إلى دويلت مستعمرة خاضعة للستعمار الغربي المهود ,ثم القضاء على الكنيسة و القيصرية في الوطن
ل للقضاء عليهاالروسي ,وإخضاع شعبه لمشيئتهم حتى المس القريب .والعقبة الثالثة ,كانت هي الدولة اللمانية التي سعوا طوي ً
وتمزيقها ,لما كانت تبديه لهم من عدم التقدير والحترام ,بسبب ما كانت تعرفه عن مكائدهم ومراميهم .وفي الوقت الذي تمكنوا فيه من
القضاء على الدولتين الكبيرتين تركيا ,وروسيا ) في أعقاب الحرب الكونية الولى( كادوا أن يتمكنوا من القضاء على ألمانيا أيضًا ,ولكن
القدار حالت دون مقاصدهم ,وظهر على المسرح اللماني أدولف هتلر ,الذي اشتهر بعدائه لليهود ,بعد ما شاهد أفعالهم في ثورتي برلين
وبافاريا في أعقاب الحرب العالمية الولى .فسارع هتلر إلى انقاذ بلده من براثنهم ,وأقام دولته الشتراكية الوطنية ,التي كانت طيلة
حياتها عدوة اليهود اللدودة .والتي قلمت أظافرهم ليس في ألمانيا فحسب بل في روسيا نفسها ) على إثر التفاق السوفييتي – اللماني عام
(1940كما حالت دونهم ودون الهجرة إلى فلسطين طيلة السنين التي فصلت ما بين الحربين العالميتين )راجع فصل أسرار
وبلهلمستراس( ومن جراء هذا الموقف اللماني الصلب تأخر مشروع إقامة الدويلة الكرتونية اليهودية مدة عشرين عامًا .هذا عدا ما كان
يخلقه لهم هتلر من المتاعب السياسية في كافة أنحاء العالم ,وعلى الخص عندما انحسب مع إيطاليا من عضوية جمعية المم التي أوجدها
اليهود والماسون في أعقاب الحرب الكونية الولى التي كان اليهود يسمونها ) حرب التحرير اليهودية( إشارة لما لهم منها من المكاسب,
وما حققوه من الهداف وفي مقدمتها وعد بلفور الذي انتزعوه من بريطانيا وحليفاتها وفي نهايتها.
وعلى إثر هذا النسحاب قرر الفوهرر وضح حد للشطط اليهودي ,فقرر اليهود الهجرة ولكن هتلر لم يسمح لهم بذلك إل على أساس ترك
ممتلكاتهم وأموالهم الكثيرة التي اكتنزوها ,بوسائل الخداع والدسائس وعلى حساب الشعب اللماني الكادح .وهنا قامة قائمة اليهود,
وباشروا بالعزف على سمفونياتهم الخالدة ,واحدة تلو الخرى وبدأوها بالسمفونية رقم واحد ,التي توحي بالكثار من الدموع التمساحية
وبث الشائعات عن الضطهاد الذي يتعرضون له .ومن ثم تعلو النغام السمفونية الثانية وتباشر الصحافة اليهودية بالتظلم والتشكي
وتطالب الرحمة والشفقة لهذا الشعب الطريد الشريد من إخوة المسيح .وتهب الصحافة المهودة في أقطار العالم وعلى الخص البلد
الغربية المهودة لتنادي بالويل والثبور ,وتحض الشعوب التي تدعي الحرية للسعي إلى انقاذ اليهود المساكين من جلديهم .وعندها يسارع
الكتاب الماسون واليهود و المهودون أمثال إميل زول ,والفلسفة أمثال رسل ) (Russelإلى مطالبة الحكومات بالتدخل وإنقاذ الشعب
الشهيد .وهذا ما حدث تمامًا في السنين التي سبقت الحرب الكونية الثانية ,فقامت الدول الغربية وصحافتها وجمعية المم بمطالبة هتلر
بالكف على الذى المزعوم وإطلق الحرية لليهود .ولكن هتلر أصم أذنيه عن سماع هذه الراجيف وظل على موقفه مع اليهود .ولما تيقن
اليهود بعزم هتلر على معارضتهم حتى النهاية لم يكن لهم بد من السراع في محاربته .فشرعوا في تحريض الشعوب الوروبية والقارة
الجديدة على ألمانيا .كما كان أنصارهم في البلد الغربية وروسيا يعملون ليل نهار للحيلولة دون حصول ألمانيا على المجال الحيوي الذي
كان تطالب به .وإشاعات الصحافة المهودة بأن ألمانيا تتأهب لكتساح العالم وفرض سيطرتها على أوروبا ,فانتشر الرعب والهلع وعاد
سباق التسلح إلى الميدان .وفي الوقت نفسه كانوا يدفعون بأتباعهم الماسون في داخل ألمانيا لغتيال هتلر,ويحرضون الشعب اللماني
على الثورة عليه .كما عمدوا إلى تأسيس المنظمات السرية المناوئة لهتلر وزودوها بالمال والتعليمات ,ومع كل هذا ظل هتلر على إصراره
بضرورة التخلص منهم ,واكتشف بعض مؤامراتهم ) مثل مؤامرة الجنرالت الماسون( وقضى على أكثر أتباعهم .ولكنه شعر بالخطر من
جراء ما لمسه من تكتل الغرب واليهود ضده .فسارع إلى احتلل البلدالشرقية التي كانت تعج باليهود ,ومن ثم عقد حلفًا مع ستالين ليؤمن
مؤخرته ,ولكن أين لهتلر وستالين أن يبلغا في الذكاء والخداع الشيطاني مبلغ اليهود ,أو يتمكنا من معرفة ما كانوا يبيتونه .ولهذا لم تكن
جميع الجراءات التي اتخذها ضد اليهود في ألمانيا وروسيا كافية للحد من شرورهم ,وظل كثير منهم متغلغلين في أروقة الكرملين,
ويعملون بهدوء وسكينة لفصم الصداقة بين هتلر وستالين .بغية تحقيق هذا الغرض عمد يهود روسيا إلى الدس وإشاعة الخبار الملفقة
عن نوايا هتلر في مهاجمة روسيا وحال تصفية حساب الغرب ,وبالوقت نفسه كانت الوساط اليهودية في خارج روسيا تشيع أخبارًا مماثلة
ل منهما يتحين الفرص للنقضاض على الخر. ل من هتلر وستالين يبيت الشر للثاني وأن ك ً
وتزعم أن ك ً
وكانت سفارات كل من البلدين في الخارج تتلقف هذه الشاعات المتقنة ,وترسلها إلى برلين وموسكو وكأنها معلومات وثيقة .كما أن
الوساط الماسونية والحزاب المهودة السرية في ألمانيا كانت تنشر أضالين مماثلة في الداخل .وبسبب هذه الخبار الملفقة بدهاء خارق
فقد كل من ستالين وهتلر ثقته بالخر ,بينما كان اليهود يضعون البرامج الجديدة لما بعد الحرب مع نبيهم في القرن العشرين )روزفلت
رئيس أمريكا ( .وكانت من بينها إيجاد محكمة نورنبرغ .هذه المؤسسة التي عهد إليها بتصفية المقاومة اللمانية .والقضاء على العقبة
الثالثة في طريق أهداف اليهود .ولكي تكون محكمة نورنبرغ جاهزة ومحققة لغراض إيجادها كلف بوضع مخططاتها اليهودي صاموئيل
روزنمان ) (Samuel I. Rosenmanالذي كان يشغل وظيفة المستشار القانوني للرئيس روزفلت ,فخط لها المنهاج ,وانتقى لها القضاة
والمنفذين .وكانوا جميعًا حتى الجلد من اليهود الموثوقين من قبل الرئيس روزفلت بالذات .فلما انهارت ألمانيا بعد أن تورطت في حربها
مع الروس التي اندلعت بفضل الدسائس اليهودية ,سارع اليهود إلى إقامة محكمتهم التي كانوا قد اشترطوا إقامتها ضمن الشروط التي
انبثقط عن مؤتمر مالطا.
ولقد كتب عن هذه المحكمة الكثير من الكتاب في البلد الغربية وأجمعوا على أن كافة أعضاءها كانوا من اليهود .وقال الكاتب موريس
بارديش ) (Maurice Bardicheفي كتابه المسمى ) محاكمات نورنبرغ( بأن رئيسها المدعو روبير جاكسون )Robert- J.
(Jacsonكان مزودًا من قبل روزنمان بأسماء من يجب عليه محاكمتهم وبعدد ونوع العقوبات التي كان عليه أن يفرضها بحق كل منهم.
وروزنمان هو الذي عينه لرآسة هذه المحكمة لعلمه الكيد بحب جاكسون لليهود ,باعتباره ابن أشهر مدافع عن اليهود في أمريكا .وعين
له كمستشار حقوقي اليهودي شولدن جلوك ) (Sheldon Gluckالذي اشتهر بعداوته لللمان .واختار لهما الماسوني فالش )(Walsh
كمساعد في أمور التحقيق .ولقد اشتهر هذا الخير بثرائه الفاحش بعد عودته من ألمانيا.
واختير الكولونيل اليهودي أندروس ) (B. Jc. Androsرئيسًا للهيئة التنفيذية وهو بدوره اختار جميع مساعديه من اليهود .كما أن
الطباء الذي عينوا لمساعدة الدائرة القضائية أمثال الدكتور دوجلس موردخاي كيلي ) (Douglas Mordokhay-Kellyوليون
كلدنشون ) (Léon N. Gldenshonوكاتز ) (R. Katzكانوا جميعًا من اليهود الحاقدين على كل ألماني في الوجود ,وهكذا أصبح
مصير قادة اللمان بل مصير ألمانيا بأسرها بين أيدي هؤلء اليهود .ولما كان غرضهم الساسي هو الثأر والذلل وليس التحقيق أو إقامة
العدالة فقد أذاقوا القادة اللمان كل أنواع العذاب .حتى إن أكثر المعتقلين كانوا ينتظرون ساعة الموت بلهفة ليتخلصوا مما كانوا يتعرضون
له من الظلم والمهانة على أيدي جلديهم اليهود .ولقد روى لنا السيد جوليوس ستريش ) (Julius Streichالزعيم اللماني المعروف
98
قصة اعتقاله وتفاصيل معاملته في السجن وقال :عندما اعتقلت في 26نيسان 1946وزججت في السجن جردني اليهود من كل ثيابي
وظللت أربعة أيام عاريًا تمامًا وعندما كنت أريد النوم كان ينهال علي اليهود ضربًا بالسياط ليمنعوني من الراحة ,وإمعانًا في الهانة ,كانوا
يرغمونني على تقبيل أقدام خدمهم من الزنوج ,يقطعون الماء عني ,فلما أعطش وأطلب الماء يأتون لي بكأس مليئة بصاقًا ويقدمونها إلي,
ل ومن ثم يفتحون فمي بقطعة من الحديد ويقذفون فكان من البديهي أن تمج نفسي هذا الشراب وأرفضه ,فينهالون علي ضربًا ورك ً
بمحتويات الكأس في فمي .وكم من مرة قدموا لي البول بدًل من الماء فلما كنت أرفض عطاءهم كانوا يقذفونه في وجهي ويقولون لي أنني
ل أستحق شرابًا خيرًا منه.
ولما قرروا إعدامه سيق إلى باحة السجن ورفع إلى منصة العدام حيث لف الجلد اليهودي وود ) (Woodsالحبل حول عنقه وعند ذلك
رفع جوليوس قامته الجبارة ,واتجه نحو المتفرجين وصاح بصوته الجهوري الذي هز جنبات السجن فقال :انظروا كيف ينتقم قضاة
نورنبرغ ) المثلث اليهودي( مني ,وكيف يطبقون تعاليم التلمود ,إن حقدهم السود هو الذي يدفعهم لقتلي دون حق ,فلتكن مشيئة السماء,
وكل ما أرجوه هو أن يحفظ ال ألمانيا من كيدهم .ولكن الجلد اليهودي لم يترك له فرصة لكمال حديثة فقذفه في الفراغ ,ومن أغرب
الجرائم التي ارتكبها اليهود في ألمانيا هي إعدامهم الجنرال دوستلر ) (Dostlerفي ساحة القتال بعد أسره بحجة أنه عذب بعض اليهود
في إحدى المعتقلت عام .1943
والماريشال كايتل ) (Kaytelالقائد العلى للجيش اللماني تعرض أيضًا لبشع أنواع العذاب في سجنه حتى إن اليهود كانوا يأمرون
الزنوج بضربه ورميه بالقذار .ولقد شج رأسه عدة مرات قبل أن يعدم .ولم ينقذه من براثنهم إل هذه الخاتمة المفجعة .وأعمال الضرب
والهانة في سجن نورنبرغ أكثر من أن تحصى حتى إن الكتاب يعتبرونها إحدى التقاليد اليومية التي كانت سائدة في معتقلت نورنبرغ.
أما معاملة السرى فلم تكن أحسن من معاملة من أسموهم بمجرمي الحرب .وفي هذا الصدد يروي لنا المخبر الصحفي الحربي البريطاني
ليونار موسلي ) (M. Léonard O.Moslyالحادثة التالية .فيقول :عندما كنت في شهر نيسان عام 1945في مدينة بلسن )(Belsen
طلبت زيارة معتقلت السرى من جنود الصاعقة ) (S.Sوكانت هذه المعتقلت تخضع لقيادة الضباط اليهود .وسمح لي بذلك .وصدف أن
مات في ذلك اليوم المشؤوم بعض السرى على أثر التعذيب الوحشي الذي تعرضوا له من قبل ضباط اليهود .فأمر الضباط السرى من
رفاقهم الحياء بأن ينقلوهم حيث يوارون بالجملة ,ودعيت لمشاهدة عملية هذا التسخير المفجع .وكان الجنود قد أمروا بأن ينقلوا كل
جثتين معًا ولما كان هؤلء التعساء منهوكي القوى من أثر الجوع و التعذيب وغير قادرين على جمل جثتين معًا فقد عمدوا إلى جمل الجثث
على ظهورهم ورغم ذلك كان بعض الجثث تفلت من أيديهم وتقع على الرض ,عندها كان اليهود ينهالون عليهم بالسياط والقضبان
الحديدية ضربًا ولكزًا ,وأحيانًا يطعنونهم بالحراب ,ولقد قتل كثير من هؤلء السرى من جراء هذه المعاملة وأصيب أكثرهم بعاهات
مستديمة.
ويتضح لنا مما سبق ورويناه من الحاديث أن اليهود كانوا قد صمموا أمر إذلل الشعب اللماني منذ أمد بعيد ,ولما حانت الفرصة راحوا
يتفننون في أعمال التعذيب والفناء تحت ظل محكمة أضفوا عليها الصفة الشرعية بفضل مؤازرة الرئيس روزفلت لهم.
أما الغراض البعيدة المدى التي توخوا تحقيقها من بدعة محاكمة القادة والحكام هي أخطر بكثير من كل ما يخطر على بال .وتتلخص هذه
الغراض بأن اليهود أرادوا أوًل إرهاب القادة العسكريين في المستقبل حتى ل يعمدوا إلى مناوئة مخططاتهم الرامية إلى استعباد الشعوب,
وثانيًا ليسهل عليهم شراء القادة وإخضاعهم لمآربهم ,باعتبار أن القادة سوف يفكرون مرارًا قبل أن يقدموا على القتال الذي يعني الموت
المؤكد في حالة النهزام .ولما كان اليهود في أعقاب الحرب الثانية قد ضمنوا السيطرة على كافة الشعوب الغربية وأمريكا ,كما كانوا
يعتبرون هذه السيطرة مضمونة لهم في روسيا أيضًا فقد نزعوا إلى تطبيق هذه البدعة ليحدوا من نشاط ما تبقى من قادة الشعوب والمم,
ويخضعوهم لمشيئتهم على حساب الشعب اللماني الذي قدر له أن يسقط صريع دسائسهم ومناوراتهم الخادعة .ولكن اليهود كانوا على
خطأ في تقديرهم هذا ,لن بدعتهم هذه هي سلح ذو حدين ,فكما هي أداة إرهاب للجبناء والمتخاذلين وهي بالوقت ذاته أداة لشحذ الهمم
ودفع المقاتلين إلى الصمود حتى الموت باعتباره المصير المحتوم لكل مهزوم .ولذلك سوف يعمد القادة في الحروب المقبلة على استعمال
كافة ما لديهم من أدوات القتل والدمار دون رحمة أوشفقة ,حتى يضمنوا لنفسهم النصر الذي أصبح المنقذ الوحيد لقادة الجيوش والمم
الذين سيتورطون في إحدى الحروب .وفي هذه الحالة سيكون مصير النسانية بأسرها على كف عفريت ,بفضل هذه البدعة اليهودية
القذرة التي تبنتها الشعوب المهودة والتي ستكون وقودًا للحروب المقبلة ,فعندها سوف يعض اليهود و من من ناصرهم في إيجاد هذه
البدعة على النواجذ حيث ل ينفع العض والندم.
وفيما يتعلق بالبحث عن محاكمات نورنبرغ .نرى أن الكاتب البرتغالي الستاذ جواس داس راكراس ) (Prof Joas-Das-Ragras
مؤلف كتاب ) دعوة ( أو قضايا نورنبرغ كان أكثر توفيقًا من سواه في بحثه عنها إذ قال :وإن كانت التحقيقات التي اعتمدتها محكمة
نورنبرغ في إصدار أحكامها هي من المور المستحيلة على الفهم والدراك ,إل أن السباب والغراض التي تكمن خلف أحكامها ليست من
الغموض بالقدر الذي يظنه بعض النقاد ,ويقينًا أنها جد واضحة ,وهي ل تخرج عن كون العالم الغربي المسمى بالديمقراطي المتحضر,
والمتخوم بالثروات الطائلة والمسير من قبل أخس أنواع البشر ,ولم يعد يحتمل أن يرى نصب عينيه ,وجود الدولة اللمانية الشامخة
ل,
الممثلة لنبل المم تفكيرًا ,وأمتنها عقيدة ,وأصلبها عودًا في الدفاع عن حقها في الحياة الكريمة .والتي تمردت على سادة الغرب طوي ً
وسارت في دروب العلم والحضارة ,رافعة الرأس عالي الجبين ,ل تنظر إلى مخازي الغرب إل بكل ازدراء .ولذا انقض عليها الغرب
المهود بكل ما لديه من إمكانيات مادية ,مع كل ما يجيش في صدور سادته من الحقد و التعطش للدماء ولما قيض القدر الغاشم له النصر
عليها ,ضرب بكل المفاهيم والمثل عرض الحائط ,وراح يلوغ في الدماء اللمانية بكل لذة وتشف .ويعدم قادتها ويقتل علماؤها ويمحوا
أخيارها ومثقفيها ,ليفسح المجال لسادته اليهود أصحاب الظفر الحقيقي بهذا الصراع المحزن.
وهكذا قضى اليهود على العقبة الثالثة ,ومن ثم فرضوا على العالم إرادتهم وأسسوا نواة دولتهم عام 1948التي يأملون النطلق منها إلى
ما تبقى لهم من الهداف التي أقرت في مؤتمر .1897
وبغية تنوير القارئ عن العوامل التي أدت إلى البقاء على وحدة ما يسمى اليوم بالشعب اليهودي مع افتقاره منذ القدم إلى المقومات
الضرورية لتكوين وبقاء الشعوب رغم ما تعرض له من النفي والتشريد .لبد لنا من العودة إلى أقدم عصوره لنرى معًا ما كان عليه
99
مجتمعه البدائي الذي بحث عنه كتاب التوراة بكل تفصيل ودقة ,ووصفه بالمجتمع القبلي الضيق الذي كان أفراده يعيشون حياة البداوة
المعهودة.
ومن هنا يتضح أن اليهود ) أي العشائر التي اتخذت هذا السم فيما بعد رغم اختلف أصول أفرادها( كانوا يعيشون مثل سواهم من أفراد
العشائر الرحل .يدينون فقط بالولء لزعيم العشيرة ويتبعونه في الحل والترحال ,ولم يكن لهم من الغراض سوى البحث عن الماء والكل,
وعندما اكتظت صحراء سيناء بهم ,ولم تعد مرابعها تكفي لرعي مواشيهم ,أرغموا على البحث عن مجال حيوي آخر يقيهم شر الفاقة
والتناحر على المرعى ,وفلم يجدوا خيرًا من التوجه إلى أرض كنعان التي استضفوا سكانها ,ولتحقيق فكرتهم هذه كان لبد لهم من توحيد
كلمة مختلف العشائر التي كانت تجوب سيناء ومن ثم إيجاد زعيم يقودهم ,ويبدو أن موسى تمكن من توحيد صفوفهم ) بعد أربعين عامًا
من النضال المرير( وجمع شمل تلك العشائر المختلفة التي أطلق عليها فيما بعد اسم بني إسرائيل ,ومن ثم أغار معهم على أرض كنعان
واقتطعوا قسمًا منها ,واستوطنوا فيه ,ولما كانت الغاية الوحيدة التي جمعت هذه الكتل البشرية قد تحققت ,عادت كل فئة من بني إسرائيل
إلى قبيلتها الضيقة وقطعت صلتها مع الفئات الخرى ,وهكذا انفرط عقد اليهود واستكانوا مدة من الزمن إلى عيشهم الجديد.
ولما ازداد عليهم الضغط الذي تعرضوا له من قبل السكان الصليين ودام عدة قرون ,وجدوا أن ل مفر لهم من العودة إلى توحيد صفوفهم,
فعمدوا إلى اللتفاف حول شاوول الذي أطلقوا عليه لقب ملك وعلى عهده عهد الملكية ,ولكن عمق جذور التفرقة التي كانت تسود صفوفهم
حال دون دوام هذا النظام ,فانهار بعد نصف قرن وانشطرت مملكتهم إلى دويلتين يهودا وإسرائيل :ودام الصراع بينهما إلى أن انتهيا إلى
مصيرهما المعروف ,وشرد أتباعها في مختلف أقطار الرض ,ومع هذا ظلت فكرة التفوق العنصري ,وذكرى المجاد الغابرة تحتل المكان
الول في مخيلة اليهود وذلك بفضل مثابرة رجال الدين على ترديد هذه الفكار والدعوة لها ,حتى رسخت في نفوس اليهود وأصبحت جزءًا
من كيان ووجود كل فرد منهم حيثما كان .وهذه الفكار هي التي دفعتهم مرارًا إلى التمرد والعصيان على السلطات التي تعاقبت على حكم
العالم القديم ,ورغم النكسات التي أصابتهم كانوا يعاودون التجربة كلما وجدوا إليها السبيل,ويبدوا أنهم أيقنوا في النهاية أن ل أمل لهم في
النجاح طالما كانت التفرقة تسود أوساطهم ,وطالما كانوا يفتقرون إلى وحدة القيادة) إذ أن جميع الثورات اليهودية كانت محلية وغير عامة
( فقرروا في العهد الروماني أن يوحدوا صفوفهم وقيادتهم ,وبما انهم ل يملكون من المقومات اللزمة لتحقيق هذا الهدف إل الدين اتخذوه
بمثابة منطلق لتحقيق وحدتهم ,واعتمدوا رجاله لتكوين القيادة المرجوة باعتبارهم كانوا نواة المقاومة اليهودية منذ عهد المنفى وهكذا
ظهر للوجود المجلس الكهنوتي العلى ) (Sanhedrinولكي يكون نفوذه قويًا على العامة زعموا أنه ينحدر عن المجلس السبعيني الذي
رافق موسى لتلقي الكلمة ,والذي كان كلفه يهوى بالشراف على شعبه المختار وإدارة شؤونه الدينية والدنيوية ,ولما كان اليهود يعتبرون
التوراة وكل ما ينسب لموسى الحكم الفصل في وجودهم ,انطلت عليهم الفرية ,وأعلنوا خضوعهم وجميع مستعمراتهم لسلطة المجلس
الكهنوتي وبايعوه بالطاعة والولء ,فاعترفت الدولة الرومانية رسميًا بسلطته على شؤون اليهود العامة ,وساندته في مهامه وحتى عاونته
في جباية العشر من اليهود في جميع المستعمرات الرومانية.
ولقد استغل المجلس اليهودي اعتراف روما بسلتطه وسارع إلى توثيق عرى الوحدة القومية بين اليهود ,ودرس أوضاع جالياتهم
واستعرض الفرضيات المختلفة ,ووضع الحلول المناسبة لها ,ومن ثم بدأ بكتابة التلمود وتوزيعه على أتباعه باعتباره المنهج الساسي
الذي يجب عليهم السير بموجبه.
وفي أواخر العهد الروماني وسع نشاطه الداري وأوجد منه هيئة الميشنا ) (La Docteurs de Michnaلتثابر على كتابة التلمود
وتساعد في الشراف على شؤون الشعب ومن ثم ألحق بهيئة أخرى سميت بهيئة الكهنة أو الكتاب ) (La Srcribesلتساعد حكماء
الميشنا في المناطق والقاليم .ولما أيقن المجلس باتساع مجال نفوذه وأعماله أوجد هيئة الكحال السرية ) (Kohalوكلفها في أواخر
القرون الوسطى بإدارة الشؤون السياسية والعنصرية ,وهذه الهيئة السرية تتكون من الثرياء و العلماء ,والفلسفة ,والكهنة ,والكتاب,
والعمال ,والخصائيين,والسياسيين,من مختلف النزعات ولكن أسماءهم ظلت مجهولة حتى من قبل اليهود ,إل أن السيد هيبس يؤكد أن
أبرز أعضائها بعد الحرب العالمية الولى كانوا من الثرياء أمثال روتشيلد ) (Rothchildوفاربورغ ) (Warburgوساسون )(Sason
ويعقوب شيف ) (Jacob Chiffو وولف ) (Wolfولوب ) (Loebومن هذا السماء يظهر لنا جليًا أن أعضاء هذه الهيئة كانوا خليطًا
من أنصار اليمين واليسار .ويلي مجلس الكحال مجلس آخر يدعى بالهابورا ) (Haburatيختص في توثيق الروابط العامة بين اليهود
وله خمسة فروع تضم كافة يهود العالم.وهي فرع إخوة العلماء والمثقفين وإخوة رجال الدين وإخوة الكادحين ,والخوة العامة ,أخيرًا
أخوة أبناء العهد القديم ) (Bnai-Birthالتي أسست عام 1843في نيويورك من قبل إثني عشر يهوديًا من أبرز أعضاء المحفل
الماسوني .وهذه الخوة يخضع لها كافة يهود العالم النكلوساكسوني .
والظاهر أن اليهود لم يكتفوا بهذه التنظيمات ,فعمد مجلسهم العلى إلى إحداث جمعيات أخرى في مختلف أقطار العالم ,بغية مراقبة كل ما
يجري فيها ,من المور المتعلقة بالمجالت السياسية والقتصادية ,للعمل على ضوء المعلومات التي تصله منها.
وأهم هذه الجمعيات الخاضعة للكحال ,هي جمعية الماسون التي استطاعت منذ القرون الوسطى أن تسيطر على أكثر الجمعيات المحلية في
كل بلد ,مثل جمعيات المثقفين والنسانيين المنتشرة في البلد الوربية .كما أوجد اليهود في بعض البلد منظمات رئيسية علنية لدارة
شؤون اليهود فيها مثل المنظمة الكائنة في إنجلترا ,والمسماة بالمجلس النيابي اليهودي ) (Jewish Boord Debutiesأو الكونغرس
اليهودي في أمريكا ) (American Jewish Congresseوهذه المنظمات هي بمثابة دول ضمن الدول ,ل تجرؤ أي دولة منها أن تقرر
أمرًا يتعلق باليهود إل عن طريقها ,وكان لليهود في روسيا جمعيات مماثلة أسست عام 1845وكانت تسمى بجمعية حكماء صهيون ولقد
اشتهرت بتحريض اليهود على الهجرة إلى الديار المقدسة .كما كان لهم جمعية سرية عرفت باسم جمعية النهيليست ) (Nihilistesقامت
بكثير من العمال الجرامية في عهد القيصر .ولليهود جمعيتان عالميتان ,هما التحاد السرائيلي العالمي )Alliance Israèlite
(Universelleوالجمعية الصهيونية العالمية التي انبثقت عن المؤتمر اليهودي الذي عقد في مدينة بال السويسرية في 20آب ,1897
ولهم سلطات اقتصادية منتشرة في أكثر البلد وكل هذه السلطات رغم تعددها و اختلف أسمائها تعمل جميعًا تحت إشراف الكحال ,وكل ما
يقال عن وجود خلفات بينها ,هو محض افتراء من قبيل ذر الرماد في العيون ,لن ليس في دنيا اليهود من يجرؤ على الخروج عن إرادة
الحكال أبدًا.
100
من أقوال الستاذ الكبر لمحفل لسينك في مؤلفه عن الماسونية صفحة -0:(1) 119ه ص 246
منذ عدة أجيال والعالم يسمع بالجمعية الماسونية ,ومحافلها المنتشرة في أكثر بلد العالم .والكل يتساءل عن سر وجودها وعن الغرض من
إحداث محافلها ,ولكن الكثر الساحقة تجهل عنها كل شيء ,لنها منذ ظهورها تحيط نفسها و محافلها والمنتسبين إليها بغيوم كثيفة تحجب
عن الناس كل مقاصدها الحقيقية .ولهذا كانت ومازالت موضع تكهن واستنتاج بالنسبة لكثر المواطنين في كلد بلد ,فراح كل فرد يروي
عنها ما نقل إليه أو ما يظنه هو بها .فمن قائل إنها جمعية إنسانية ذات أغراض نبيلة ومن قائل إنها جمعية ملحدة مشركة أو أنها مؤسسة
ذات أغراض سياسية ,وأغرب ما في أمرها هو جهل المنتسبين إليها لغراضها الحقيقية ,وعلى الخص الشرقيين منهم .فهم يزعمون أنها
جمعية شبه تعاونية تعمل لخير النسانية جمعاء ولتحرير النسان من الظلم والستعباد وعلى هذا الساس يخضعون لتعاليمها ,وينفذون
أوامرها ,ويسيرون في ركابها دون تردد أو تساؤل .فهم ينظرون إليها من زاوية تسميتها ذات الطابع البسيط وهي جمعية البنائين الحرار
) (Franc Maçonnesالتي ل توحي إلى النسان بما يلفت النتباه أو ما يوقط الشك في نفسه.
ولكن هذه التسمية البسيطة تخفي في طياتها أبشع أنواع المقاصد الخبيثة ,كما أن فلسفتها الخاصة التي تبدو في مظهرها العلني ,وكأنها
عبارة عن نظرية فكرية تعتمد على العقل والمنطق ,وتنطوي على أخس أنواع التخريب للمفاهيم والعراف وللتقاليد التي ناضل النسان
ل.
في سبيلها طوي ً
ل ,تسخر من المعتقدات السماوية وتدعو أصحابها للتفكير ومناقشة تفصيلتها قبل اعتناقها ,وتبشر ومن الشياء المعروفة عنها ,أنها مث ً
بالمادية الملموسة بدًل عنها ,لما فيها مما يتفق مع العقل والمنطق ,بالوقت الذي تزعم فيه إن كل المعتقدات السماوية تناقض العلم وتفتقر
إلى القرائن المنطقية والحسية .ومما لريب فيه هو أن الماسونية في نقاشها على هذه السس المادية لكل ما يتعلق بالمعتقدات الدينية
تخرج ظافرة في أكثر الحيان مع الكثرية الساحقة من الناس ,وحتى مع بعض المثقفين المفتقرين إلى ميزة التوسع في مناقشة المور
على ضوء المدارك الصحيحة ,أوالذين يفتقرون إلى قوة الستنتاج والمقارعة ,أو الفئة المحدودة الذكاء والتي ل رصيد لديها من المثل
العليا ,أو الجماعات النتهازية العابدة للمادة .وهي في الواقع ل تروم من دعوتها إلى الساءة للمعتقدات السماوية بقدر ما ترمي من
ورائها إلى اجتذاب الناس إلى المادية ,التي تودي بهم إلى اللمبالة في كل شيء ما عداها.
ومن المور التي اشتهرت بها الماسونية أيضًا دعوتها للحرية والمساواة والخوة ,هذه الشعارات التي تعتبر من أقدس أهداف النسان منذ
فجر الخليقة .ومن البديهي أن يبارك السامع هذه الشعارات ,وينظر بعين الرضى والحترام لكل من ينادي بها ,ولكن هناك معضلة كبرى
تتعلق بهذه الشعارات ,وهي إن مفهومها يختلف عند الناس ,لنه يرتبط بأوثق الوشائج في نفسية كل فرد من بني البشر ,لن لكل إنسان
ل إن مفهوم الحرية عند النسان الكامل هو أن يكون كل مواطن حرًا في إبداء رأيه ,وفي عمله ,وفي مفهومه الخاص في هذا المضمار .فمث ً
معتقداته ,وتصرفاته ,وعلى أن ل يسيء في كل هذا إلى سواه من المواطنين أو إلى المجتمع ,وعلى أن تكون هذه الحرية ضمن نطاق
المصلحة الجماعية ,ومع مراعاة الواجبات المفروضة على الفرد نحو كافة المثل العليا المتفق عليها في البيئة والمحيط العام .والمساواة
في مفهوم النسان الكامل هي أن يكون الجميع متساويين في الحقوق والواجبات العامة ,وأن تؤمن للفرد حياة كريمة ضمن إطار إمكانياته
الخاصة دون شطط أو إسراف ,حتى ل تكون على حساب الفرد الخر أو المجتمع ,وأن تؤمن حياة مماثلة لمن أعجزته الطبيعة عن العمل
على أن ل يتعدى حدود مفاهيم القدسية النسانية ,وأن تراعى في كل ذلك مصلحة المجتمع الذي ينتسب إليه الفرد .كما أن مفهوم الخوة
لدى النسان الكامل تعني الخوة الصادقة التي ينظر كل فرد إلى الفرد الخر من زاويتها وأن يراعي الجميع القدسية النسانية بأجلى
مظاهرها ,وبكل ما فيها من المعاني النبيلة كالمحبة والخوية ,والتعاون الخوي والشعور الخوي ,والتفاعل مع شعور وحس كل إنسان
في المجتمع .أما أن تكون الحرية مطلقة دون قيد أو شرط ,والمساواة مطلقة دون وازع أو رادع ,وأن تكون الخوة خاصة ومنحصرة,
فهذا يعني الخروج عن العقل والمنطق ,واستبدال المفاهيم المتحضرة بمفاهيم حياة الغاب.
يظن بعض الناس أن الحرية تعني أن يفعل النسان ما يشاء ولو أدى عمله هذه إلى إيذاء الخرين سواء في مصالحهم أو مفاهيمهم أو
مثلهم أو معتقداتهم .وهناك من يظن أن المساواة تعني أن يكون النسان متساويًا في كل شيء مع الخرين ,فيطالب بما يعجز عن القيام به
أو بما يؤدي إلى الساءة للغير والمجتمع بحجة أن زيدًا هو كذا .أو له كذا فلما ل يكون لي مثله ,وله مثلما لزيد؟ دون إدراك الفارق في
المؤهلت والميزات .وبعض الناس يفهم الخوة والقدسية النسانية على أنها منة ودلل ,فيجنح إلى الشطط حتى يكفر الناس بمفهوم
ل على أساس الحرية والمساوة والخوة أن نأتي بمجنون ونسلمه مقاليد المة بحجة أنه إنسان الخوة والقدسية النسانية ,فهل يعقل مث ً
مثل غيره ,وأخ للخرين؟ وعندما يعمد إلى الفتك بالناس أن نغفر له ذلك بزعم أنه حر في تصرفاته؟ أو أن نسمح لجاهل بأن يشرف على
وزارة التربية لكونه مساويًا في الحقوق مع أكثر الناس ثقافًة وإدراكًا؟ وأن نتركه يعلم الناشئة الميسر والفجور بزعم أنه حر أن يفعل ما
يشاء؟ وأن نسمح لفاجر جاهل بإيذاء الناس بأعماله الشاذة اللأخلقية لننا نؤمن بالحرية والمساواة والخوة؟ طبعًا ليس من المنطق أن
ل ليس فيها ما يسمى بالمساواة أو التساوي. نقبل بهذه المور الغير طبيعية ,والطبيعية الخلقة نفسها ل تقر ببعض هذه الشعارات ,فهي مث ً
فلو أننا راقبنا تطور حبتين متساويتين في الشكل والوزن من القمح زرعتا في نفس الثانية وفي نفس الرض ونابهما القدر المتساوي من
الرعاية المشروطة ,لوجدنا أن نمو كل منهما يختلف عن الخرى كما يختلف لون أوراقهما .وعند الحصاد ,نرى أن لكل واحد منها
منتوجها الخاص ,ولكل حبة من حباتهما شكلها ووزنها الخاص بها .وإذا أخذنا بيضتين من وزن وشكل واحد ,ووضعناهما في وقت واحد
في المفرخة الكهربائية ,نرى أنهما أخرجتا فرختين غير متساويتين في الوزن والتكوين .وإذا تابعنا تطورهما في المحضن لشاهدنا اختلفًا
في تطورهما ونموهما ,رغم العتناء المتعادل في نفس الزمن المحدد .ويبدو أن الذرات المكونة للجماد هي أيضًا تختلف في تكوينها
الخاص .فلو أننا أخذنا قطعة من الصخر الصم منتظمة الشكل من حيث المقاييس الهندسية ,وعرضناها لضغط متساو حتى تتفتت إلى
ذرات ,نتبين ,عندما نضع هذه الذرات تحت المجهر مقدار الختلف الكائن بين هذه الذرات من حيث الشكل والوزن الخاص ,وما يقال عن
المثلة الثلثة ,يقال عن كل شيء في هذا الكون ,إذا أخضع لحدى هذه التجارب .وهذا الختلف في تكوين كل شيء في هذا الكون .هو
السر في تكوين جمال عالمنا وكماله .إذ أن هذه الختلفات التي ل حصر لها ,هي التي تكمل الشياء لتكون مثلما نراها .أما التساوي
المطلق فهو معدوم في الوجود .وفي الطبيعة نفسها .وإذا وجد في بعض الحالت فيعتبر شاذًا ,ليمكن اعتماده .فكيف يمكننا إذًا أن نطبق
التساوي المطلق بين البشر؟ اللهم إل إذا خالفنا سنن الطبيعة ,ودون قناعة وجدانية .وأكبر برهان على استحالة تطبيق المساواة المطلقة
هو ما يجري اليوم في بعض البلد المتحضرة التي اتخذت المساواة شعارًا لها ,فلما عمدت إلى تطبيقها عجزت كل العجز عن تحقيقها,
برغم ما بذلته من الجهود في هذا المضمار ,ويستحيل تطبيق المساواة بين شخصين نال كل منهما العناية والرعاية المتساوية ,و تزودا
101
بالثقافة والتدريب الموحد ,وفي النهاية نجد أن كل منهما ظل مختلفًا عن الخر .فبينما أصبح إحادهما فارع الطول ,قوي البنية ,حاد
الذكاء ,عبقريًا بكل معنى الكلمة ,ظل الخر ضعيف البنية ,محدود الذكاء ,في الميدان العلمي غدا الول موجهًا والخر تابعًا ,أي أن كلً
منهما أصبح في المكان الذي اختارته له الطبيعة .ومما اوضحناه تظهر صعوبة تحقيق هذه الشعارات إن لم نقل كلها ,اللهم إل بعدد محدود
ضمن إمكانيات الفرد واحتياجات المجتمع .فهي إذًا خاضعة لمقاييس وقواعد علمية واجتماعية خاصة.
وهذا ل يعني أنا الماسون يدعون لما يجهلونه ,والعكس هو الصحيح ,لنهم خير من يعرف هذه الحقيقة ,بدليل أن سادتهم اليهود يسخرون
من هذه الشعارات ويعترفون بعدم إيمانهم بها .ويدللون على سخافتها في منهاجهم العام ) البروتوكولت الصهيونية( ,ويبررون أسباب
نشرها بين سائر البشر بكل جرأة وقحة .فهل يعقل أن يجهل أتباعهم آراء سادتهم فيها؟ ولكن لهذه الشعارات لدى الماسون مفهومًا خاصًا,
ولطلقها والصرار على ترديدها أهداف خاصة ,فهم عندما يدعون للحرية يرمون من ورائها ,أن تعطى الحرية لهم ,وأن تهدم العقبات
التي كانت قائمة في بعض البلدان بين اليهود والحرية السياسية ,باعتبار أنهم أغراب عن تلك البلد .ولنهم كانوا يمتنعون عن الختلط
والنصهار مع أهلها .ولكي يتمكنوا مع سادتهم على نشر الحرية التي خصصوها في منهاجهم لغير اليهود .وهي حرية الباحية
واللأخلقية ,التي يدفعون إليها الناس بشتي المغريات الفكرية والمادية التي هيأوها مسبقًا ,بغية تهديم الكنيسة والديان بصورة عامة,
وجعل البشر قطعانًا كالماشية ل تفقه ول تدرك إل ما يوفق غرائزها البهيمية ,وما تطلبها معدها الخاوية ,حتى يسهل قيادها بعد أن تجردت
من كل ما كان لها من المثل العليا والتقاليد والعراف .وهم عندما يدعون للتساوي أو المساواة .فهم يرومون منها اعتراف المجتمع
بمساواة اليهودي بغيره للحصول على ما يبتغيه من الحقوق دون الواجبات ,باعتبار أن الواجبات تفرض على المواطن وليس على
الغراب .وفي الوقت نفسه يرومون من وراء هذه الدعوة ,تشجيع الشطط لدى المواطنين ,والمغالة في المطالب ,بقصد تعقيد المور,
والخلل بميزان المفاهيم ,وإرهاب المسؤولين ,وفقدهم الثقة بأنفسهم,وإرغامهم على التخبط مع ميول ومطالب الشعب المختلفة
والمناقضة لمصلحة المجتمع أو المة ,ليعم الفساد من جراء تردد القادة وشطط المواطنين .فيخلوا لهم الجو ) أي للماسون واليهود(
ليتسلموا مقاليد المور أو ناصية التوجيه .فيدفعوا بالمة حيث شاءت مناهجهم وأغراضهم.
أما دعوتهم للخوة ,وفل علقة لها بالخوة النسانية الحقة ,لنها دعوة مادية محضة أريد منها إزالة الفوارق التي كانت تقيد سادتهم
اليهود في بعض البلد وتخول دون حصولهم على الحقوق السياسية العامة ,وتمنعهم من التسلل إلى حرم الفئات الواعية التي كانت
تتجنبهم .ولقد نجح الماسون في الترويج لهذه البدعة الخادعة التي مكنت اليهود من تحقيق أغراضهم وهكذا انطلت أكاذيبهم على هذا
العالم الذي ما زال بعيدًا جدًا عن إدراك المفاهيم النسانية الحقة لكي يحول دون انتشار المبادئ الماسونية المادية الخادعة التي تجتذب
إليها ضعاف النفوس الذين فقدوا إيمانهم بإنسانية مجتمعهم المضطرب ,والجاهلين لقدسية الخوة النسانية الصلية ,مثلما يجتذب النور
أسراب الفراشات لتحترق بناره فمصيرها هذا هو مصير من يخدعون بالخوة الماسونية الزائفة ,إذ يصبحون وشعبهم وقودًا لنيران نورها
المضلل ,ليغدوا عبيدًا أرقاء لليهودية الباغية.
ويبدو أن سحر شعارات الماسون كان أكثر فعالية في شرقنا عما كان عليه في الغرب ,والفضل في ذلك يعود لما تقدمه الماسونية من العود
المادي و الدبي للمنتسبين إليها .ولما توفرها لهم من الساليب الموصلة للمآرب الخاصة .مثل الحكم وإشباع الغرائز البهيمية .ومن هنا
كان خضوع الشرقيين المنتسبين إليها خضوعًا تامًا دون حد أو حدود ,حتى أصبحوا عبيدًا لها ,ل يفكرون إل بتنفيذ ما تتطلبها من
ل بإحدى شعاراتهم المشهورة .والقائلة ,انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا .ومن المور التي تبهر الناس في الغراض مهما كان نوعها .عم ً
المجتمع الماسوني ,هو ما يتميز به أعضاؤها ,من علو المقام ,وسعة الجاه و الثروة ,ولكن جميعهم من الفئة النتهازية .وهذا المظهر
الخارجي هو الذي يوهم الناس بأنها من أرقى الجمعيات ,وإن أعضائها هم خيرة الناس .ومنتسبو الماسونية ينقسمون في الواقع إلى ثلث
فئات:
فالولى هي فئة السادة الموجهين وأكثرهم من اليهود ,والفئة الثانية هي فئة الوصوليين والنتهازيين التي تدرك غايات وأهداف الجمعية,
ولكنها تتجاهلها مع ما فيها من الساءة لوطانها وللنسانية ,لن همها ينحصر في الوصول إلى مآربها الخاصة عن طريقها ضاربة
ل ,والتي تجهل كل شيء عن أهداف ومرامي الجمعية الخفية بالمفاهيم الخرى عرض الحائط .أما الفئة الخيرة فهي فئة المغرر بهم فع ً
عند انتسابه إليها .ولهذا تعمل في البداية ضمن نطاق الشعارات العلنية ,ومن ثم تشرع الجمعية في تدريبها وتوعيتها لحصر المفاهيم
العامة ضمن نطاق أفراد الجمعية ,وذلك عن طريق إيهام أفراد هذه الفئة ,بعدم جدوى تعميمها على المجتمع فعليًا قبل تطبيقها بين أفراد
الجمعية أنفسهم .ولما كان التأثير على المجتمع ليس من المور السهلة ,فيقنع هؤلء الغرار بأن خير وسيلة لتعميم هذه الشعارات ,هي
البدء بتطبيقها في وسطهم الخاص ,وعندها تبدأ الجمعية بتوعية جديدة ,تتلخص باليحاء إليهم بأنهم من الطبقة المختارة التي يمكنها
وحدها فهم كنه هذه الشعارات ,وإن المجتمع مازال بعيدًا عن مستوى تفهمها ,وإن الخير كل الخير في إبقاء التعامل بها محصورًا بين
الماسون وحدهم .إلى أن يصلوا بالتعاون والتساند ,إلى السيطرة على الجماهير التي سيعمدون إلى تنظيمها حسب مفهوم هذه المبادئ التي
ستصبح من الزمن مفهومة من قبل العامة وبهذا يتحقق أمنية الماسون الكبرى ,وهذه التوعية الخادعة تؤدي بأغرار الماسون إلى أن
يصبحوا أكثر تزمتًا في التمسك بعقائدهم ,وأكثر تعصبًا لبعضهم البعض فيعتزلون الناس تدريجيًا ,ويجنحون إلى العمل السري فيما بينهم,
ظنًا منهم أن قوة تماسكهم وتعاضدهم هي التي ستحقق المل المنشود لتحقيق أغراض شعاراتهم في المجتمع النساني .ومع الزمن تصبح
هذه الفئة أخطر الفئات الثلث ,وأكثرها تعلقًا بالماسونية ,فتنفذ مراميها و مقاصدها الثمة دون وعي وإدراك .وبفضل التدريب و التأهيل
الدائم الذي يتلقونه ,يغدون كآلت صماء ل ترى إل بعين الماسونية ,ول تفهم إل بما دربت عليه وأهلت له .وهكذا يبدأ الفرد الماسوني
عمله في هذه الجمعية على أساس المفاهيم النسانية الواسعة ,وينتهي بأن يصبح عاجزًا عن إدراك كل ما يخرج عن مفهوم الحزبية
الماسونية الضيقة.
وللماسون طقوس خاصة .ولهم طريقة معينة لتكريس العضاء .ويبدو أن طريقة التكريس هذه ,فيها الكثير من التجارب السخيفة
والمفزعة ,ويحدثنا بصددها السيد إتيلهان ويقول:
إن خطاب التكريس الذي يلقبه الستاذ المكرس للعضو الجديد ,هو عبارة عن سرد قصة حياة مؤسس هذه الجمعية حيرام ,الذي أوفده ملك
ل في عهد سليمان بن داوود .وقصة حيرام التي حولها الماسون إلى خطاب تكريس تتلخص بما يلي: صور إلى مملكة اليهود ليبني لها هيك ً
بعد أن عظم شأن سليمان بن داوود ,وشملت سطوته كثيرًا من الصقاع ,وذاع صيته واشتهر بالحكمة ورجاحة العقل ,عمد إلى إقامة معبد
كبير لتخليد عظمة ربه يهوى ,الذي حباه بكل هذه النعم دون العالمين .فكلف بتحقيق أمنيته هذه المدعو حيرام ,الذي أوفده إلى حليفه ملك
صور الحاكم بأمر الله مولوه ) .(Molohوكان حيرام غريب الطوار عبقريًا فذًا ,ذا ذكاء خارق ,فرض احترامه على سكان القدس,
وكانوا يعتبرونه كائنًا فوق البشر .إذ كان يعلم كل شيء ,ويحل جميع المشاكل المعقدة ,والمعضلت العميقة مهما بلغت من البهام .ولهذا
102
أطلق عليه أهل القدس اسم الستاذ ,وكانت كلمته لديهم ل ترد ,ويحترمونه ,ويطأطئون رؤوسهم أمامه ,وأحاديثه كانت محيرة للعقول,
وعندما كان يتحدث إلى الناس كان يطفح وجهه بتعابير وعوامل عميقة تلفت انتباه سامعيه فيتعلقون بحديثه الحزين المشبع بأحاسيس
المروءة والنسانية ويشع من جبينه العريض النور ويعكس الدهاء الشيطاني على صفحة وجهه المرمري ,أما خصاله هذه فقد اكتسبها
حيرام عن طريق التفكير العميق الدائم ,الذي كان يتفرغ له عن انزوائه في المقابر الخربة القديمة .وبفضل مزاياه ولمعرفته لكل السرار,
التف العمال حوله ,وبلغ عددهم أكثر من ثلثمائة ألف رجل أتوا إليه من مختلف القطار ,يخضعون لمشيئته ,ويعملون بوحيه ,رغم اختلف
لغاتهم وتباين أفكارهم .فكان فيهم الليبي ,والصيني ,والمصري و الهندي ,وكان حيرام يتحكم بكل هذه الكتل البشرية وكأنها دمى فتنصاع
لقل إشارة منه وتلبي رغباته دون إبطاء .ولما زارت الملكة بلقيس ) ملكة اليمن ( مملكة سليمان الذائعة الصيت ,أعجبت جدًا بالهيكل
وبنائه .فطلبت من سليمان أن تتعرف على بانيه ,فلبى سليمان طلبها على مضض وجاء حيرام لمقابلة الملكة ,وبعد أن قدم لها آيات
الحترام ,اتجه نحو مخرج المعبد ,وصعد على صخرة من الكرانيت ,ورفع يده بإشارة خاصة ,إذ بعماله الذين كانوا يعملون كالنحل,
يجمدون في أمكنتهم ,وتتعلق أنظارهم به وكأن على رؤوسهم الطير ,وعندها رفع حيرام ذراعه ورسم خطًا أفقيًا ,ومن ثم خطين
عاموديين ,وهكذا كّون في الفضاء شكل حرف التاء السريانية .فهاجت الكتل البشرية وماجت .وفي سرعة البرق ,اجتمعت واندمجت في
ثلثة صفوف تكونت منها ثلثة أرتال منتظمة ,يرأس كل منها قائد خاص ,بدأت جميعها بالزحف وكأنها في استعراض عسكري تتقدمها فئة
الساتذة ,تليها فئة الصناع ,وأخيرًا جموع العمال ,وكان الكل يسير بخطى قوية ورصينة تهتز الرض تحت وطأ أقدامهم ,وهكذا تقدمت هذه
الكتل البشرية وكأنها أمواج صاخبة ,فساد المكان الصمت ولم يعد يسمع فيه إل صوت ارتطام القدام وجرس اصطدام الجسام في الهواء,
وهيمنت الرهبة على الحاضرين نظرًا لما كان عليه منظر هذه الجموع من العظمة والوقار ,فانتابت الفكار السوداء سليمان بن داوود
وخشي أن يعصف الغضب بهذه الرتال البشرية و تثابر على زحفها نحوه فتسحقه ومن معه ,فلحظ حيرام ارتباك المليك وسارع إلى رفع
ساعده مشيرًا لتباعه بالوقوف ,فجمدت الرتال المندفعة في أمكنتها وكأنها قدت من الصخر.
ويعلق إتيلهان على مغزى هذا الخطاب التكريسي ويقول :إن الماسون يتوخون من إلقائه على مسامع المنتسب الغر اليحاء له بقدسية
حيرام ,وإيهامه بقوة وسطوة منظمتهم ,وتعريفه على هويتها اليهودية وإفهامه ضرورة التعاون مع زملئه الماسون لستعادة أمجادهم
وفرض سيطرتهم على الشعوب الخرى وإخضاعها للماسونية مثلما كان مؤسسها حيرام يخضعها لمشيئته.
ويبدو أن النقاد يجهلون تاريخ ظهور الماسون ,وإن كانوا مجمعين على القول بقدمها ,والمعروف عنها أنها جمعية ذات طقوس خاصة.
تقدس حيرام وتلقبه بمهندس الكون العظم ,ولعضائها مراتب ودرجات وأنظمة خاصة يخضعون لها ,ولها شعارات سرية ل يعرف عنها
إل القليل أما شعاراتها العلنية فهي الحرية والمساواة والخوة ,ولقد اشتهرت منذ القدم بمحالفتها لليهود ,والحداث التاريخية أثبتت هذا
التحالف ,كما أنها متحالفة مع الجمعيات السرية والعلنية التي عرفت بتبعيتها لليهود مثل جمعية النسانيين ,وجمعية المفكرين الحرار
المنتشرة في أكثر أقطار العالم والتي تتعاون مع الماسون حيثما وجدت ويخضع أفرادها لمشيئة المحافل الماسونية رغم عددهم الكبير
البالغ ستة مليين نسمة ,والمعروف عن هذه الجمعية أنها مكلفة بنشر الدعايات الصهيونية ,وتنفيذ مواد المناهج اليهودية المشهورة
ببروتوكولت حكماء صهيون ) .(Le Protocoles des Sages de Sionوفيما يتعلق بتبعيتها للماسون يحدثنا السيد هيبس ويقول :إن
جمعيات المفكرين الحرار هي جمعيات يهودية قلبًا وقالبًا ,وهي مكلفة من قبل الصهيونية العالمية بنشر التعاليم المناوئة للكنيسة,
والمشجعة على اللحاد والباحية ,وجل أعضائها هم من اليهود وأتباع الصهيونية والذين يرأسونها في القطار الوربية ينتمون جميعهم
للشعب اليهودي ,وعلى سبيل الحصر نذكر أن جمعية المفكرين في روسيا كان يرأسها اليهودي جارولفسكي كوبلمان )Jarolaveskyi
(Gubelmannالذي قاد الحملة ضد الكنيسة الرثوذكسية.
وفي سويسرا كان أحد الفنانين اليهود يشرف على هذه الجمعية .أما في فرنسا فهي مندمجة مع جمعية النسانيين المعروفة بتبعيتها
لليهود وكان الكاتب اليهودي المعروف بليون فوشتفانجر Léon Feuchtwangerيشرف على هذه الجمعيات ويوجه نشاطها.
أما في أمريكا التي تعتبر مركز التجمع للمفكرين الحرار فيرأس جمعيتها اليهودي روبسون ) (Robsonويمولها المالي اليهودي أنطوان
كوهين ) (Antoine Chohenالذي اشتهر بتمويل مشاريع التوطين اليهودية في فلسطين.
وتعتبر هذه الجمعيات حيثما وجدت القوة التنفيذية التي تعمل تحت إشراف المحافل الماسونية ,وهي مكلفة من قبل الماسون للترويج
لمبادئها وفلسفتها و الصحافة المهودة تعتمد على أفراد هذه الجمعيات لنشر المبادئ التي تستنبطها الصهيونية العالمية ,فهم بمثابة رسلها
لدعوة الناس للباحية واللقومية.
ومن المور المستغربة هو موقف الكنيسة من هذه الجمعية إذ أنها ل تعترض طريقها ولتعمل للحد من شرورها رغم حملتها على
المسيحية والمسيح.
وفيما يتعلق بالماسونية يقول هيبس إن اليهود ل ينكرون أنها حليفتهم وأنهم مؤسسوها ,وأكثر أقطاب اليهود يعلنون صراحة عن وجود
صلت وثيقة بينهم وبين الماسون ,ولقد قال الحاخام الكبر إسحاق وايز ) :(Issac Wiseإن الماسونية مأخوذة من مصادرنا فهي منا
ولنا من البداية حتى النهاية.
وقال الحاخام الكبر بن موزيع ) (Ben Mozeghفي مقالة نشرتها له المجلة اليهودية الواسعة النتشار في فرنسا والمسماة ) بإسرائيل
والنسانية ( ) (Israél et L’humanitéردًا على بعض اليهود الذي تنكروا للتحالف اليهودي الماسوني ,واستغربوا اكتشاف أمره:
لماذا الهلع والنكار ,إن الماسونية تنتسب إلينا ,ومبادئها مشتقة من مبادئنا ,وقواعد اللهوت ) (Théologieوعلم المغالطة )
(Théosophieالتي تعتمدها ,مأخوذة عن القبال والمصادر اليهودية الخرى .ونحن نعترف بأننا أوجدناها ,ورعينا نموها وتطورها,
فلماذا الستغراب والنكار إذًا؟
والمناهج الصهيونية) (Les Protocoles des Sages de Sionأيضًا تعترف بكل صراحة بأن الماسونية حليفة اليهود ونصيرتهم.
وتقول:
)) لماذا أوجدنا أساليبنا السياسية المعقدة .إن لم تكن بغية تلقينها للخوارج الغبياء الذين ل يدركون عن أغراضها الخفية أي شيء ,كل
يكتفون بالتعلق بظواهرها؟ لقد اعتمدنا أساليب الغش والخداع في الوصول إلى أهدافنا لننا أعجر من أن نصل إليها بالقوة .وعندما أحدثنا
الماسونية جعلنا معرفة أغراضها الحقيقية وقفًا على أنفسنا .ولهذا يظل الغراب المنتسبون إليها جاهلين لغراضها الحقيقية ,ولقد نجح
أسلوبنا أكثر مما نتوقعه .فاجتذب إلى الماسونية ,رغم ما يحيطها من الغموض والبهام ,كثيرًا من الخوارج ...الذين أخذوا بظواهرها
البراقة ,فجعلناهم في خدمتنا ,دون أن نشعرهم بأهدافنا الخفية ,وهم الن يعملون بكل حماس ,ليقاد نيران الثورات والحروب التي ستقضى
على الدول والنظمة قريبًا ,عندها سنفرض عليها سيطرتنا الكونية العامة ,ومن ثم سنسحق كل من يقف في وجهنا دون رحمة أو شفقة,
103
وسيكون جهابذة الماسون في مقدمة القافلة الغير مرغوب فيهم .وريثما يتحقق ذلك .سنكثر من المحافل الماسونية ,وسنضم إليها أكبر عدد
ممكن من الوصوليين والنتهازيين .وسنوصلهم إلى مراكز الجاه والسلطان ,ليوفروا لنا بدورهم الفرص المواتية لننفث جراثيمنا الفتاكة
في نفوس شعوبهم ,ومن ثم سنفرض عليها سطوتنا ونحقق مآربنا ((.
أما البراهين على أن الماسونية هي جزء ل يتجزأ من اليهودية العالمية فهي أكثر من أن تحصى ,ولقد رأينا العديد من رجالت العالم
يتطرقون للبحث عنها و عن مساوئها ,ولقد ألقى السيد روبير رادو ) (Mr. Robert Vallery Radoكلمة بمناسبة افتتاح نادي جوان
) (Cercle Jouinعام 1938تعرض فيها للتسط الماسوني في فرنسا وقال :إبان الليالي التي افتتح فيها المعرض الدولي بباريس ,شاهد
العالم أجمع النجمة السداسية رمز بني إسرائيل وأمير البالسة مثبتة على رأس المثلث اليهودي القابع في قمة عمود الحرية القائم في
منتصف ساحة الترويكاديرو ) (Tocadéroتشع منها النوار بزعم أنها ترمز إلى السلم السائد حاليًا في العالم ,فأنا أقول إن هذا السلم
الذي يعنيه الماسون واليهود ,ليس إل سلم مؤتمرات موسكو وجنيف ,سلم الماسونية واليهودية أصحاب النجمة السداسية والمثلث
الشيطاني .إن رفع هذه الشعارات في أكبر ساحات العاصمة الفرنسية ,إن دل على شيء إنما يدل أوًل ,على ما لصحابها من أياد ملوثة
بالدماء ,هذه اليادي التي افتعلت أسباب الصراع الدموي القائم بينهم وبين كل من شعوب فرنسا وروسيا وإسبانيا ,وكأنني أرى الدماء
التي تهدر في تلك البلد تنبثق حارة مع خيوط النور المنطلقة من تلك النجمة وقاعدتها .وتصارحنا أنه لم يعد بالمكان الوقوف منها على
الحياد ,وقريبًا سيجد كل منا نفسه مرغمًا على أن يختار طريقه إزاءها وأن يدخل الصراع إما معها أو بجانب ضحاياها .إن إقامة هذا
العمود مع الشعارات التي على قمته ليس سوى تحد صريح للمسلة المسيحية التي أقيمت في ساحة القديس بطرس في روما تخليدًا
لصلبه ,وبمعنى أصح أنه تحد وقع من قبل اليهودية لكل مشاعر المسيحية.
نحن معشر النصارى ل نفكر بالقدر الكافي لنفهم الماسونية و أغراضها ول نحمل أنفسنا مشقة التعمق في أسرارها و مراميها فلو فكرنا
فيها جديًا لرأيناها تعمل لقتل النوازع غير العادية في النسان ,وتجرده مما اكتسبه من القيم العلوية بفضل إيمانه ,وتسمم معتقداته ,وتقتل
جوهره النساني ,وغرضها من ذلك هو القضاء على شعلة اليمان بال في نفوس الناس ,وسوقهم نحو اللحاد والكفر و المادية القذرة,
لتغرق العالم في بحر الظلمات ,يتخبط فيه دون هدف وبل أمل ,حتى يسقط تحت أقدامهم دون حراك.
إن المعنى الحقيقي لما يرمز إليه المثلث الماسوني ,ليس هو مضمون الشعارات الثلثة التي اشتهر بها أبدًا .والماسون وسادتهم اليهود,
هم آخر من يفكر في اعتناق المبادئ المعنية بهذه الشعارات ,ولكنهم أطلقوها تحديًا للثالوث المسيحي القدس ) الب والبن والروح
القدس ( .وغرضهم منها هو إحللها محل هذا الثالوث ,وتدنيس قدسيته وإضعاف إيمان الناس به.
والماسونية هي أكثر من حزب سياسي ولو أنها تسخر بعض الحزاب لتحقيق قسم من أغراضها .وأهم مقاصدها هو السيطرة على تفكير
الناس و ضمائرهم .وهي تعمل دائمًا في الخفاء وكأنها قوة علوية ملهمة .وإلهامها هذا ل شك شيطاني المنشأ بفضل سرية مخططاتها التي
تمكنت من بث سمومها في كل مكان ,وحارت العقول في البحث عن أساليبها .إن هدف الماسونية هو تعرية النسان من معتقداته ومبادئه
و مثله العليا .ولقد خطت خطوات واسعة في ميدان إضعاف اليمان لدى المسيحية في أوروبا ,كما تمكنت من قتل روح القومية والوطنية
لدى شباب شعوبها .وقضت على مفهوم الناس في التقاليد والعراف الموروثة ,كالشرف و العرض و المانة والخلق وما شابه ذلك.
وهي الن في طريقها لسدال حجاب الكفر و اللحاد والحيوانية المطلقة على العالم أجمع ,ليعيش في مهاوي الرذيلة واللإنسانية التي
حارب مئات القرون ليتخلص منها.
والغريب أن ليس في العالم حاليًا من يقف في طريقها ,ول من يتنبه لمقاصدها .وكأنني بالعالم مخدر بما امتصته روحه من سمومها .ولهذا
أصارحكم إن مقاومة هذه العدو الشيطاني الجبار واجب علينا ,يقع على عاتقنا نحن النصارى المؤمنين بال .وعلينا أن نتضافر و أن نتحد
لمحاربته ,إنقاذ ما تبقى من تراث النسانية من شرورها .
ومع كل ما يعرفه الناس عن مساوئ الماسونية و تحالفها الوثيق مع اليهود ,مازال أتباعها وبتكاثر وأنصارها بتزايد .والسبب في هو ما
لها من القوة والنفوذ التي تجذب الوصوليين وضعفاء النفوس ,الذين يعللون النفس بتحقيق مآربهم عن طريق النضمام إليها ,والخلص
في خدمتها .والذي يغيظ حقًا هو أن نرى أن العالم العربي الذي بينه وبين اليهود ما صنع الحداد ,يضم بين أبنائه عددًا محترمًا من أتباع
اليهودية الماسونية ,وكأنني بهم تماثيل جامدة فقدت كل حس وشعور ,وهم في هذا المضمار على قول المثل )) ل حياة لمن تنادي ((!
اليهود و الفاتيكان
وموضوع اعتناق اليهود النصرانية
104
حالما يحين الوقت للتخلص من الفاتيكان سوف يرتفع إصبع يد مجهولة وتشير إلى الشعوب بالنقضاض على الياقة البابوية وعند ذلك
سنسارع إلى نجدة الفاتيكان محاولين إيقاف سفك الدماء وبهذه الوسيلة سندخل الباحة المقدسة ولن نخرج منها إل بعد أن ندمرها ونعلن
سيطرنا ملكنا عليها ونسميه حبرًا أعظم للكنيسة العالمية.
مناهج عقلء صهيون
Les Protocoles des Sages de Sion
من المسلم به أن بداية الصراع بين الكنيسة الكاثوليكية ,والمجلس العلى اليهودي كان شاقًا و مريرًا ,إذ كان كل من الطرفين يجهد لدخال
أكبر عدد ممكن من أفراد الشعوب الوروبية في مذهبه .ولكن عندما انتصرت الكنيسة نهائيًا تطور الخلف وأصبح ضيقًا جدًا ومحصورًا
بين الكنيسة والمجلس العلى فقط دون أن يتأثر اليهود كشعب أو أفراد بهذا الصراع .لن الكنيسة كانت تأمل دائمًا باجتذابهم إلى أحضانها
ولهذا كانت تعاملهم بالرفق واللين في كل البلد الخاضعة لنفوذها .وكان تتدخل لصالحهم كلما تعرضوا لخطر جماعي من قبل النصارى.
بينما كان المجلس اليهودي يسعى بكل قوته للمحافظة على أتباعه وحمايتهم ,لذلك كان يرغمهم على السكنى في أحياء خاصة ,ويمنعهم
من الختلط بالغراب تمامًا مثل العهد اليهودي الول .وينظم أمورهم الدنيوية ويربطها بالمور الدينية على أدق صورة ,وبفضل هذه
المراقبة و التنظيم الدقيق ظل اليهود على مذهبهم ل يقبلون عنه بديل.
ل ولكنها كانت تتجمل بالصبر ظنًا منها أنه لبد وأن يأتي يوم يعتنق فيه اليهود الديانة النصرانيةوهذا التزمت اليهودي أعجز الكنيسة طوي ً
ولهذا كانت تولى اهتمامًا فوق التصور عندما يأتيها من حين لخر يهودي يطلب اعتناق النصرانية ,فتسارع إلى إعلن هذا النصر المبين
وتطلب من الشعب الحتفال بهذه المناسبة السعيدة فتزدان المدينة وتقام فيها أقواس النصر وكأنها في عيد عظيم.
وفي هذا الصدد تروي المصادر التاريخية أمورًا غريبة منها أن البابا كان يحضر بنفسه حفلت العمادة وكأنها من المور العظيمة .ويذكر
الكاتب لوفسكي ) (Loveskyأن البابا عمد بنفسه أحد اليهود عام 1566وإن روما بأسرها لبست حلل الزينة والفراح بهذه المناسبة التي
أصبحت فيما بعد تقليدًا كنسيًا رسميًا .وإن بعض الملوك والمراء أمثال إيزابيل ,وفريديناند والكونت فرانك البولوني كانوا يتفاخرون بعدد
اليهود الذين عمدوا تحت إشرافهم أوالذين وقفوا لهم شهودًا أثناء العماد .وكأن المر أضحى من المور العظيمة التي تشرف الملوك
والمراء .ومن هنا يبدو أن عدد اليهود الذين اعتنقوا النصرانية في القرون الميلدية الولى كان نادرًا جدًا ,ومع كل هذا ظلت الكنيسة تعلل
نفسها بالمال ,وتثابر على معاملة اليهود بالحسنى .ولكن عندما عمدت إسبانيا إلى إرغام اليهود على اعتناق النصرانية قسرًا ,اهتدى
اليهود إلى فكرة شيطانية لم يسبقهم إليها أحد .وهي الرضوخ للمر الواقع والتظاهر بالمسيحية وجني ثمرات الفرص التي تسنح لهم
باعتناق المذهب الجديد لصالح بني قومهم .وهكذا ظهرت في إسبانيا فئة المرتدين التي أطلق عليها اسم الماران ) .(Marrantوكان
أفرادها يتظاهرون بالنصرانية ,ويملون منازلهم بالصلبان والشعائر المسيحية ,ويداومون يوميًا على الكنائس إمعانًا في التضليل ,بينما
ل حتى أصبح كانوا يمارسون الطقوس الدينية اليهودية سرًا ,ويلقونها لولدهم خفية .ولقد تمكنوا بهذه الوسائل من تضليل السبان طوي ً
منهم الوزراء وذوو السلطان و حتى كهنة ورهبان .ويبدو أن هؤلء اليهود ,لم يقبلوا التظاهر بالمسيحية بناًء على فكرة جماعية طارئة.
بل قبلوا بها بعد أن أخذوا رأي مجلسهم الكهنوتي العلى الذي كان يقيم آنذاك في استنبول .ولقد أوضح لنا السيد هيبس تفاصيل هذه
الخدعة اليهودية فقال :عندما بدأ المير فيرديناند بحملته الشهيرة على اليهود وخيرهم بين الجلء عن إسبانيا دون مال ومتاع ,وبين
اعتناق النصرانية ,هالهم المر وعلى الخص ,أنهم أغنى أهل إسبانيا بفضل ما كسبوه من المال في عهد الدولة العربية ,وبعد تكفير طويل,
استقر رأيهم على استشارة الرئيس العلى للمجلس الكهنوتي ) (Sanhedrinفأرسلوا إليه كتابًا يستشيرونه في أمرهم .فسارع الرئيس
بالرد عليهم ,وكان يتلخص بالترجمة التالية:
إلى يهود إسبانيا ,إخوتي العزاء:
وصلنا كتابكم الذي تصفون به ما أنتم عليه من ضيق ,من جراء ما أصابكم من ظلم وحيف ,فثقوا أن ألمنا كان عظيمًا .وحزت أحزانكم
نفوسنا ,ولكن ما الحيلة ,ونحن أعجز من أن نخرجكم من ورطتكم هذه .ولذا ننصحكم بأن تقبلوا عرض الملك وتتظاهروا باعتناق
النصرانية على أن تظلوا على عقيدتكم ,وتمارسوا طقوسها خفية ,وأن تلقنوها لولدكم ,وتوصوهم بعدم الجهر بها .أما فيما يتعلق
بأموالكم وأملككم المعرضة لخطر الستيلء أو السلب ,فإننا نشير عليكم أن تعمدوا من الن لتعليم أولدكم على إتقان أصول التجارة .حتى
إذا أقدم السبان على تجريدكم مما تملكون ,تمكن أولدكم من تدبير معيشتهم .ومن ثم استرداد ما سلب منكم مع الزمن ,ولكي تتمكنوا من
الثأر في المستقبل من الذين يعتدون عليكم ,علموا أولدكم مهنة الطب ليثأروا لكم من هؤلء الوباش بقتلهم دون أن يشعر أحد بما
يفعلونه .وانتقامًا لما أصاب معابدكم على يد النصارى ,أدخلوا بعض أولدكم في مدارس الكهنوت المسيحي ليتعلموا فيها ,ويتخرجوا منها
كهنة ورهبانًا ليضللوا النصارى ويخرجوهم عن عقائدهم وليتمكنوا من تدنيس كنائسهم بكل حرية وأمان .ولكي تردوا للنصارى ما
يلحقونه بكم من الهانة ,علموا أولدكم القانون حتى يصبحوا حكامًا لهم الحق بأن يقضوا بين النصارى بما يسمح لهم بإهانتهم عند
الحاجة ,وليردوا لهم الصاع صاعين .ومن ثم يتوصل أولدكم إلى مراتب الحكم والسيطرة التي تخولهم تأديب من يتجرأ عليكم .وإرغام
الكل على احترامكم .وأخيرًا نطلب إليكم التقيد بهذه الرشادات والتجمل بالصبر حتى يتحقق لكم ما أشرنا إليه.
ويضيف السيد هيبس أن نص هذا الكتاب ورد حرفيًا في المؤلف السباني السمى بسيلفا كوريزا دو خوليو مادرانو )La Siliva
(Curisa de Julio de Medranoالذي صدر في القرن السادس عشر والمحفوظ في المكتبة الرسمية لبلدية مدينة توليدو السبانية.
ويفهم مما جاء في هذا الكتاب ,إن المجلس اليهودي لم يكن يحرم على أتباعه التظاهر باعتناق النصرانية ,بغية تضليل الكنيسة ,وتحقيق
أهدافه القومية .ويبدو أن اليهود بعد أن تقبلوا فكر التظاهر بالنصرانية استفادوا الكثير منها .إذ تحدثنا المصادر التاريخية السبانية عن
توصل بعض اليهود في إسبانيا إلى المراكز الهامة ,حتى إنه كان منهم الوزراء و البطارقة والحكام ,كما حدث في العهد العربي الذي
استثمره اليهود لصالحهم على أوسع نطاق .وبفضل هذه الخدعة تمكنوا من التسلل إلى الكنيسة ,وحماية شعبهم من الضطهاد في عهد
الصلح المعاكس الذي تعهده الجيزويت أعداء اليهودية .ومن المؤكد أن اليهود كانوا معرضين لخطار جسيمة في عهد الجيزويت لو لم
يكن بين الكهنة بعض اليهود ,ولو لم يكن في قصور الحكام بعض الطباء والمتنفذين منهم ,حتى إن بعض أطباء الكنيسة كانوا أيضًا من
اليهود ,ولهذا رأينا الكنيسة تأخذهم في أكثر الحيان باللين ,وتسبغ عليهم حمايتها ,ولما قامت الحروب الوروبية والمذهبية ,استغلها
105
اليهود أحسن استغلل ,حتى أنهم أصبحوا ,كما قلنا في بحثنا عنهم في أوربا ,من أقرب الناس إلى الكنيسة وإلى الملوك والمراء ,وعند
ذلك انطلقوا على سجيتهم يعيثون في أوربا فسادًا .وعندما قامت الثورة وأعقبها اعتلء نابليون العرش الفرنسي ,أصبح اليهود يمتلكون
ناصية المور تمامًا .وبفضل القوانين التي أصدرها نابليون وفيليب وسواهما من حكام أوربا ,تمكنوا من تنظيم أمورهم على أحسن وجه.
وأخضعوا حتى الكنيسة لمآربهم ,حتى رأيناها تغير لهجتها التي استعملتها إبان النهضة المعاكسة ,وتجنح إلى حمايتهم وتطلق عليهم اسم
إخوة السيد المسيح .وتشجب اللسامية وتدعو الناس إلى معاملتهم بالحسنى .وهذا التساهل من قبل الكنيسة بعد القرون الوسطى جر
عليها وعلى الشعوب المسيحية في أوربا أكبر المصائب وأشد النكبات ,إذ مهد السبيل لليهود بأن يضعوا مناهجهم الشريرة بكل أمان.
فأخرجوا للميدان فلسفاتهم المناوئة للكنيسة والتي كانت مشتقة من الفلسفات الشرقية و اليونانية والرومانية ,وعلى الخص التلمودية
فنشرتها جمعياتهم السرية مثل الماسونية وسواها حتى تكاثرت بعد الثورة الفرنسية على أوسع نطاق .فتفاقم أمرها و كثر أتباعها ,وكان
أشد أنصار هذه المبادئ الملحدة هم اليهود المتظاهرون بالنصرانية واللذين كانوا يقبعون خلف أسماء مستعارة ,اتخذوها بموجب القانون
النابوليوني .ومع انتشار هذه المبادئ بدأ ظل الكنيسة يتقلص يومًا بعد يوم إلى أن أصبحت الكنيسة عاجزة تمامًا عن ردع اليهود
ومنظماتهم عن الساءة لها ولمذهبها .ولقد رأينا الماسون يعقدون مؤتمرًا في مدينة بروكسل في عهد بي الحادي عشر ) (Pie XIبعد
الحرب العالمية الثانية ,ويقررون في اجتماعهم مناوئة الكنيسة و القضاء عليها .ويعلنون قراراتهم هذه على العالم أجمع .ولكن البابا و
كنيسته لم يحركا ساكنًا ,وكأن المر ل يخصهما .ولقد استغرب العالم هذا الموقف الغريب في حينه من قبل قداسة راعي الكنيسة.
وفي مكان آخر من كتابه يحدثنا السيد هيبس عن البابا بي الحادي عشر ) (Pie XIويقول إن قداسته كان ينحدر من صلب السيدة ليبمان )
(Lipmannاليهودية .انتسب منذ الصغر إلى الكنيسة وتدرج في مناصب الكهنوت حتى انتخب حبرًا أعظمًا لسبعمائة مليون كاثوليكي
وإنه كان على أوثق الصلت مع كبير الحاخامات في مدينة ميلن ) (Milanالذي علمه العبرانية ,وإنه كان يتبادل معه التهاني في
المناسبات .وإنه اعترض على قرار الحكومة اليطالية الذي كان يقضي بمنع الطليان من التزوج بالفتيات اليهوديات .وقال عنه قرار خاطئ
مبني على النظريات الكاذبة الخطرة .إنه منع الكاهن المريكي كولجن ) (Coulginالذي كان يترأس الحزب المسيحي )Christian
(Frontالمريكي عن مهاجمة اليهود .وإنه قبل موته أوصى الكرادلة بانتخاب الكاردينال باسللي ) (Pacelliخلفًا له .لنه كان من أنصار
اليهود وإنه كان يهاجم الدولة اليطالية على ل ساميتها ,وامتنع عن الموافقة على القرارات التي كانت تمس مصالح اليهود .وإن هتلر
رفض مقابلته عند زيارته لروما لما كان يعرف عن أصله وشدة مناصرته لليهود.
ومن المعلومات التي يقدمها هيبس عن الفاتيكان ويؤكد صحتها ,هي وجود خمسة كرادلة بين أتباعها ينحدرون من الصل اليهودي
) ولكنه مع كل أسف لم يذكر أسماءهم( ويضيف هؤلء الكرادلة لهم لهم إل العمل لتقريب وجهات النظر بين اليهود و الكنيسة الكاثوليكية.
ومن خلل هذه المعلومات ومواقف الكنيسة الغريبة حيال القضايا اليهودية وعلى الخص في أيامنا هذه ,يخيل لنا أن الكنيسة بدأت فع ً
ل
تتراجع منهزمة أمام النفوذ اليهودي .وإنها على وشك إخلء الميدان لليهود .أما السباب الحقيقية التي أضعفت الكنيسة تكمن في الواقع
خلف السماح لليهود باعتناق النصرانية ,والقوانين التي صدرت إبان الثورة الفرنسية وبعدها .هذه القوانين التي سهلت لليهود أمر التستر
وراء السماء المسيحية ,والتظاهر باعتناق النصرانية ,وهي التي مكنتهم من التسلل إلى الكنيسة قلب النصرانية النابض ,وإن ما كان
يعتبره النصارى فوزًا لهم ,أصبح وباًل عليهم وعلى كنيستهم ,ونصرًا أكيدًا لليهودية واليهود ,وهكذا ثبت صدق قول السيد إدوارد
دورمونت ) (Edouard Drumontالقائل :إن كلما تعمد يهودي زاد عدد النصارى واحدًا دون أن ينقص من عدد اليهود أحد .لن
اليهودي يظل يهوديًا مهما غير مذهبه أو مظهره.
وكل ما ربحته الكنيسة من جراء قبولها اليهود في صفوف أتباعها ,ل يتعدى أمر فقدان المراقبة على أعمال هؤلء الخونة ,وتمكينهم من
العمل ليهوديتهم بكل أمان في ظل النصرانية .وجل ما يرجوه العرب ,هو أن ل يكون موضوع المجمع المسكوني السائد اليوم ,خدعة
يهودية ترمي إلى تقويض أسس الكنيسة المقدسة ,وجرها إلى الموقف الذي أشارت إليه المناهج اليهودية.
عندما يعمد الناقد إلى التعمق في دراسة العوامل التي أدت إلى الحرب العالمية الولى وظروف الدول التي اشتركت فيها ,يقف حائرًا أمام
الجرأة اللمتناهية التي كان يتصف بها قادة تلك الدول ,وأمام الستهتار الفاضح الذي أظهروه نحو مصير شعوبهم بإقدامهم على زجها في
أتون تلك الحرب الضروس.
وإيضاحًا لذلك نعود بذاكرة القارئ إلى الظروف الدولية التي كانت سائدة في أواخر القرن التاسع عشر ,فالمعروف أن إنجلترا وقفت من
حرب السبعين موقف المتفرج الشامت ,بينما كانت روسيا تساند ألمانيا ,وتدفع بسمارك إلى التضييق على فرنسا .أي إن فرنسا لم تكن
حليفة إنجلترا .ومما يؤيد هذه الفكرة استئثار الخيرة عام 1880بالشؤون المصرية وإبعادها فرنسا عن تلك المنطقة .مما أدى إلى احتلل
تونس من قبل الفرنسيين بحجة تقوية الحدود الشرقية للجزائر .المر الذي دفع بإيطاليا إلى أن تدخل الحلف اللماني النمساوي عام 1882
وكان من الطبيعي أن تخشى روسيا مغبة هذا التكتل الوسكى فسارع السكندر إلى طلب التفسير من ألمانيا لموقفها المؤيد للنمسا التي
كانت تسعي بكل قواها للتوسع في المناطق السلفية ,ولقد أجاب السيد شفينتز ) (Schweintzعلى هذا الستفسار ,بأن بسمارك لم يعط
النمسا إل حق الحياة .ولكن روسيا كانت تعلم حق العلم بأن هذا التحالف الثلثي عقد على أساس إطلق يد النمسا في اتجاه تركيا تمهيدًا
لحتلل البوسفور ومن ثم السيطرة على آسيا الصغرى تحت زعامة ألمانيا التي وعدت بتسوية الخلفات بين إيطاليا وصديقتها النمسا
ولذلك عمدت روسيا إلى التقرب للغرب مرة أخرى وتحالفت مع فرنسا التي كانت شبه متفاهمة مع بريطانيا على قضايا الساعة ,وهكذا قام
التحالف النكلوروسو-الفرنسي ,ولكن الوقائع فيما بعد أثبتت عدم جدية هذا التحالف ,إذ رأينا فرنسا وإنجلترا إبان الصراع الروسي
النمساوي تقفان موقف الحياد .كما أن الثقة بين فرنسا وإنجلترا كانت مفقودة ,أول لما كان بينهما من عداء قديم ,وثانيًا النزاع الذي قام
بينهما حول القضية المصرية .أما الصلت بين تركيا و ألمانيا فهي أيضًا لم تكن قوية .إذ تذكر المصادر التركية بأن السلطان عبدالحميد
كان يشك في نوايا غليوم الثاني ) (Guillaume IIوعلى الخص بعد زيارته لتركيا التي أصر فيها على البدء في إنشاء خط بغداد كما انا
ل من فرنساتركيا كانت تعرف نوايا الروس المتعلقة بقضيتي البوسفور و استانبول .ومن خلل المعلومات المقتضبة يظهر جليًا ,أن ك ً
وإنجلترا كانتا مختلفتين على قضايا شمال إفريقيا ,والصداقة بين فرنسا وروسيا يشوبها الشك والحذر .وروسيا غير واثقة من صداقة
106
إنجلترا لعلمها أن مصارفها تتعامل مع اليابان ,ولما كانت تعرفه منذ حروب إبراهيم باشا بطمعها في المضايق التركية .كما ان ألمانيا لم تعد
على وفاق مع الروس والتراك بعد أن انكشف أمر إطلق فرانسوا جوزيف ) (Francois Josephفي المنطقة السلفية وتركيا
الوروبية ,الذي أقر أثناء المعاهدة التي وقعها كل من بسمار ) (Bismarckوأندراساي ) (Andrassayالنمساوي .ومن المسلم به أيضًا
أن إيطاليا فقدت ثقتها بألمانيا بعد أن رأتها مرارًا تساعد النمسا في العتداء عليها .ومن كل هذا نعلم أن الخلف كان سائدًا بين أكثر الدول
الوروبية وحتى التي كانت تزعم بوجود معاهدات فيما بينها .ولكن مع كل هذا شاهدنا في مستهل القرن العشرين ظهور كتلتين خرجتا
فجأة من هذه التشكيلة المتنافرة ,وأوقدتا نار حرب طاحنة لمدة أربعة أعوام قاسية ذاق خللها العالم المرين .والشيء الذي يحير الناقد في
أمر تلك الحرب هو إدراك العوامل التي أدت إلى زوال الخلفات بين أعضاء الكتلتين بتلك السرعة ,وقيام الثقة بينهما وكأنها لم تكن في يوم
ما مختلفة متنازعة .وبغية تنوير القارئ بقدر المستطاع نرى أن نلقي نظرة عابرة على الحداث التي سبقت ظهور هاتين الكتلتين لنصل
من خللها إلى بعض المور التي كان لها تأثير كبير على خلق الكتلتين المذكورتين ,مع أن كثرة النقاد مروا عليها مرور الكرام ,وكأنها
بعيدة عن السباب التي قيل عنها إنها كانت العوامل الساسية لندلع الحرب .ومن هذه المور ,التحول الفجائي الذي طرأ على السياسة
النجليزية نحو فرنسا ,والذي حدث في أعقاب تولي بلفور ) (Balfourوزارة خارجية بريطانيا خلفًا للسيد ) (Salisburyالذي كان
يعتبر مناوئًا للسياسة الفرنسية في شمال إفريقيا ,فلما استلم بلفور دفة المور سارع إلى إنهاء الحرب البويرية ) (Boérsعام 1902ومن
ثم التفت إلى فرنسا وعقد معها معاهدة عسكرية عام 1904تنازلت بموجبها إنجلترا عن معارضتها لحتلل فرنسا لمراكش )(Maroc
والذي أتمه الماريشال ليوتي عام .1907
وفي نفس الوقت دخلت روسيا عضوًا في هذه المعاهدة الثنائية ,رغم أنها كانت قد خذلت من قبل كل من إنجلترا وفرنسا عام 1905إبان
حربها مع اليابان مع أنهما كانتا متحالفتين معها بموجب معاهدة . 1894
وفي عام 1908عقد اجتماع ثنائي في مدينة روفال ) (Revalضم إدوارد السابع ) (Edouard VIIو القيصر نقول الثاني أقر فيه
مطالبة السلطان عبد الحميد بمنح الستقلل لثوار مقدونيا الذين تمردوا على تركيا عام 1903دون أي سبب وكان من الطبيعي أن يرفض
عبد الحميد هذا التدخل الغريب في شؤون بلده.
وفي 24تموز 1908أي بعد مرور أربع وأربعين يومًا على اجتماع نيقول الثاني ) (Nicolas IIو إدوارد السابع اندلعت الثورة في
استانبول وأرغم السلطان عبد الحميد على التخلي عن العرش ,واستلم حزب التحاد والترقي و حزب تركيا الفتاة زمام الحكم في البلد.
وفي تشرين الول 1908أعلن الرشيدوق فرانسوا جوزيف ) (Archiduc Josephإلحاق منطقتي البوسنة والهرسك )Bosnie et
(Herzégovineاليوغوسلفيتين بالدولة النمساوية وفي نفس الوقت أعلن فيرديناند البلغاري تمرده على تركيا ,وبدأت الثورات تشغل
كافة أنحاء البلد البلقانية ,ودامت حتى اندلعت نيران الحرب الكونية الولى.
وفي أعقاب هذه الحداث المفاجئة ظهرت للوجود كل من الكتلتين ووقفتا وجهًا لوجه متحفزتين للقتال وكأن زبانية الجحيم كانت تدفعهما
أما السباب التي يقدمها كل من الطرفين لتبرير دخوله الحرب ,فهي في نظرنا ثانوية .لن أكثرها حدث قبل اندلع الحرب بعدة أعوام
واعتبرت منتهية ,وهي تتلخص حسب زعم الحلفاء بأن ألمانيا كانت تريد الحرب للسيطرة على العالم ولذلك ,عمدت إلى التحرش بالدول
الوربية لتثيرها وتدخلها في الحرب ,فقام عاهلها غليوم عام 1905وأعلن ضمانه لستقلل مراكش وأمر مناطيده باختراق حرمة الجواء
الفرنسية ,وفي عام 1907عندما انتهت فرنسا من احتلل مراكش دعم ثوارها وهدد بإرسال بارجة حربية إلى موريتانيا ليشل التجارة
البحرية البريطانية ويطعن الجيش الفرنسي في ظهره .كما أنه فرض سيطرته على تركيا وانتزع منها حق إنشاء خط بغداد ليتسلل عبره
بعد احتلل المضائق في النمسا إلى الخليج العربي ومنها إلى فارس ليطرد النجليز من الهند .وأنه شجع فرانسوا جوزيف لحتلل وليتي
البوسنة والهرسك تمهيدًا لحتلل سلنيك و استنبول .ومن ثم دعمه في قتاله مع الروس حتى أرغمهم على وقف القتال عام 1909وأنه
المسؤول عن الثورة البلقانية .أما اللمان فيزعمون أن إنجلترا كانت تروم تطويق ألمانيا والحد من نشاطها التجاري والصناعي ,فعمدت
إلى إقامة الحلف .وحاصرتها من جميع الجهات لتقضي عليها .وإن حلفها مع النمسا لم يكن إل نوع من التحالف بين دولتين من عرق
وقومية واحدة .ولم يكن قط موجهًا ضد أي دولة من الدول ,ولكن إنجلترا هي التي كانت تروم الحرب فتتحرش بمصالحها في تركيا
والكونغو بشتى الحجج الواهية حتى ترغمها على الحرب .ومن جملة أعمالها العدائية إيعازها إلى صحيفة ديلي تلغراف )Daily-
(Telegraphفي 28تشرين الول عام 1908بأن تنشر قصة إقدام غليوم على وضع المخطط الحربي لمعركة ترانسفال )(Transvaal
وتقديمه لجدته فيكتوريا ملكة بريطانيا هذا الخبر الذي أثار الشعب اللماني على الملك ,وكان أن يعصف بعرشه.
هذه هي السباب التي يقدمها كل من الطرفين ,وهي كما نعلم أسباب تعود لمور حدثت منذ زمن بعيد ,مثل قضية مراكش التي وقعت قبل
عشر سنين وسويت بعد فترة وجيزة ,ولم تعد موضوع بحث ,وقضية إلحاق البوسنة والهرسك هي أيضًا سويت في حينها بين الروس
والنمساويين دون أن يتدخل بها الغرب .أما إذا عمدنا إلى مقارنة هذه السباب مع السباب التي عودنا التاريخ على تقديمها لتبرير نشوب
الحروب في الماضي لتبين لنا تناقضًا تامًا فيما بينها ,إذ المعروف أن الحروب كانت تقع في الماضي لسباب دينية أو اقتصادية ,ونادرًا ما
تكون بسبب وقوع اعتداء مباشر من قبل دولة على أخرى .أما أن تحدث بين دولتين متجاورتين ل إحداهما اعتدت على دولة ثالثة دون أن
يكون للثانية مصالح دينية أو اقتصادية مشتركة في الدولة المعتدى عليها ,فهو أمر قلما ذكر التاريخ حدوثه ,وقضية اشتراك عدة دول في
حرب طاحنة لسباب ل علقة لكثرها بها ,فلم يحدث تقريبًا قط.
والدول التي اشتركت في الحرب عام 1914لم يكن بينها خلف ديني معين ولم يكن لي منها مبرر قومي أو اقتصادي يجيز لها دخول هذه
المغامرة الرهيبة .إذ ليس بخاف على أحد أن القتصاد البريطاني كان قبل الحرب العالمية الولى على أحس حال بدليل أنها كانت تستنجد
بالصناعة اللمانية لسد العجز في تموين مستعمراتها الواسعة باللت والدوات .والصناعة الفرنسية كانت بدورها رائجة جدًا باعتبارها
صناعة زينة وزخارف تتلقفها السواق الوربية بدون مساومة ,والقتصاد اللماني كان أيضًا في أوج عظمته بدليل الرقام الكبيرة التي
سجلها في جدول الميزان القتصادي للعوام التي سبقت الحرب.
أما روسيا فكانت أحوالها القتصادية على نقيض ذلك ,إذ الحرب اليابانية قد هدت قواها العسكرية و القتصادية معًا .وثورة عام 1905
مزقت شعبها شر ممزق .وصراعها مع النمسا عام 1909أتى على ما تبقى لها من القوى .وباعتبار أنها دولة زراعية وبعيدة عن
المجالت الصناعية .فلم يكن لها مصالح اقتصادية خارج حدودها .ولهذا لم تكن لها أية مصلحة في دخول الحرب ,وكان الجدر بها أن
تبادر إلى لم شعثها ,وتضميد جراحها و تنظيم أمورها الداخلية.
وأوضاع تركيا الداخلية لم تكن بأحسن حال من وضع روسيا ,إذ ان ثورة عام 1908قضت على وحدتها القومية ,واضطرم فيها الصراع ما
بين مختلف فئاتها ,وكانت الثورات البلقانية قد مزقت قواها العسكرية ,والشطط الطوراني أبعد عنها كافة الشعوب التي كانت تخضع لها.
107
أما اقتصادها فقد كان منهارًا منذ أمد بعيد من جراء كثرة الحروب التي دخلتها والتي شلت اليد العاملة الزراعية وقضت على المحاصيل
السنوية التي كانت المورد الساسي للدولة العثمانية .إذا فهي أيضًا لم تكن بحاجة إلى دخول تلك الحرب وكان الجد بها أن تظل بعيدة
ل من بريطانيا وروسيا وألمانيا تطمع في بلدها أي أنها كانت عنها ,وتهتم بتسوية أمورها الداخلية ,وعلى الخص أنها كانت تعلم أن ك ً
تلقي بكيانها ووجودها بين فكي أحد الوحشين المتصارعين بمجرد دخولها الحرب.
ومع كل هذا وقعت الحرب وخاضتها أكثر الدول الوربية التي لم تكن لها أية علقة بالسباب التي قدمتها الدول الكبرى لتبرير نشوب هذه
الحرب.
أفل يحق بعد أن يتساءل الناقد عما دفع بزعماء تلك الدول على المجازفة بمقدرات شعوبهم ومصير بلدهم لسباب واهية كالتي قدموها
عند كشف الحساب .كما أن أحدًا منهم لم يسطر للتاريخ شيئًا عن السباب التي حدت ببريطانيا إلى التحول المفاجئ نحو الصداقة الفرنسية
بعد ما كان بينهما من العداوة والجفاء ) في الحروب المريكية و الطمع في شمال إفريقيا ( .هذا التحول الذي تحقق في ظروف خاصة تلفت
النتباه .وكذلك أسباب الصداقة العفوية التي قامت بين إدوارد ونيقول ظلت أيضًا مجهولة ,وكما ان الروح النسانية التي هبطت عليهما
فجأة ,ودفعتهما إلى مطالبة تركيا بمنح الستقلل لثوار مقدونيا بعد عدة سنين من قيام تلك الثورة كانت أيضًا مدار استغراب العالم .وقيام
الثورة المفاجئة بتركيا والطاحة بعبد الحميد عن العرش العثماني بمجرد رفضه لطلب العاهلين كانت أيضًا من المور التي ظلت أسبابها
مجهولة مدة طويلة .ودوافع انجراف تركيا في ركاب غليوم مع علمها بمطامعه ونواياه .وانحياز روسيا و دخولها الحرب في صف
بريطانيا مع كل ما كانت تعرفه عن المؤامرات التي يحيكها سفراؤها في موسكو ضد آل رومانوف ,في أيضًا من المسائل التي لم تتضح
أسرارها حتى اليوم .وخروج فرانسوا المباغت عن النصائح اللمانية وإقدامه على احتلل المناطق السلفية ,ووقوف ألمانيا معه رغم
ضربه بنصائحها عرض الحائط هو أيضًا من الشؤون الغريبة ,وإزاء كل هذه المعميات التي تتجمع في ذاكرة التاريخ والسئلة التي تتزاحم
في مخيلته ,يقف حائرًا عن العثور على أجوبة مقنعة لها في طيات الوثائق الرسمية.
أما إذا تحرى عن الحداث التي وقعت في أوربا منذ 1862دون استثناء وربط بين بعض الحداث الخاصة الغير دولية .والحداث الدولية
الرسمية ,وتحرى عن شخصيات أبطالها جميعًا ,لوجد أن الحداث الرسمية كانت تدور حول محور الحداث الغير رسمية وتستمد قوتها
واتجاهها منها ,وعندما يربط الحداث ونتائجها في أغراض مدبريها تنكشف له أكثر السباب الغامضة المتعلقة في خفايا الحرب العالمية
الولى.
وبغية إيضاح ذلك لنعد إلى عام 1862ونبحث عن الحوادث التي وقعت في أوربا في ذاك العام والعوام التي تلته حتى قيام الحرب الكونية
الولى و من المسلم به أن القرن التاسع عشر كان عهد السيطرة اليهودية المالةي والسياسية على كافة القطارالوربية .إذ كان اليهود
فيه مسيطرين على فرنسا وإنجلترا .كما كانت أمورهم في كل من ألمانيا والنمسا و روسيا تسير على أحسن حال .وهذه السيطرة دفعت بهم
إلى المجاهرة بأحلمهم القديمة .وبدأ كتابهم أمثال ديزرائيلي ) (Disraéliوجوزيف سلفادور ) (Joseph Silvadorو موسى هس )
(Moise Hessو مؤلف كتاب روما والقدس ) (Rome et Jerusalemيقومون بدعاية واسعة لنشر الفكرة أو البدعة الصهيونية في
أنحاء أوربا ,ولقد لقت دعايتهم هذه بعض التشجيع من قبل مشاهير كتاب الغرب أمثال هنري دونان ) (Henri Dounanوجورج إليوت
) (Georges Eliotوانتشرت الفكرة بسرعة وعمت أكثر القطار الوربية دون أن يحاول أحد مناهضتها .مما أدى إلى جعلها المحور
الذي يلتف حوله اليهود في كل بلد وأن يبنوا عليه آمالهم الواسعة ,وبدأت أحلم الدوق ناكسون وساباتاي سيفي )(Sabbatai Sevi
تتجسد لهم من جديد ولكن بوغتو بأحداث حدثت عام 1880في ألمانيا و 1881في المناطق الجنوبية الروسية ) كييف وأوديسيا( هذه
الحداث التي أدت إلى مقتل بعض اليهود من قبل أهل البلد ,فهالهم المر ,وانبرى أحد زعمائهم المدعو ليليان بلوم )(Lilien Blum
ودعى كافة اليهود للهجرة إلى فلسطين وأعقب نداء ليليان بلوم ,نداء آخر أطلقه عام 1882الزعيم اليهودي ليون بنسكر )Léon
(Pinskerودعى فيه اليهود أيضًا إلى الهجرة ,وعلى إثر ذلك تكونت في خاركوف ) (Kharkovجمعية بيلو ) (Biluالتي دعت إلى
إقامة مستعمرات زراعية يهودية في فلسطين ,وفي أوديسيا تشكلت جمعية عشاق صهيون ) (Amants de Sionلتمويل المستعمرات
المزمع تكوينها .وهكذا بدأت الصهيونية تنتشر بسرعة وبكل حرية ,وفي عام 1884تنادت المحافل الصهيونية وأقامت مؤتمرها الول في
مدينة كاتوفيس ) (Katoviceالبولونية وانبثقت عنه مبادئ جمعية عمومية يهودية برآسة ليون بنسكر وعضوية ليليان بلوم.
وروتشيلد .ومن مونتيفيور ) (Sir Moise Montefiorsورئيس التحاد السرائيلي العام ورئيس جمعية عشاق صهيون .وهذه الجمعية
هي التي أقامت سبعة عشر مستعمرة يهودية في فلسطين بين عامي 1870و 1896و كان غرضها هو تهجير اليهود تدريجيًا إلى
فلسطين بزعم أنها وطنهم الول.
ولكن شاءت القدار أن ينتبه السلطان عبد الحميد إلى أغراض اليهود ويصدر أمره بإيقاف الهجرة اليهودية إلى فلسطين ,فلم يكن أمام
اليهود إل الصبر مؤقتًا وعلى الخص أنهم كانوا في فرنسا في مأزق رهيب من جراء انكشاف خيانة دريفوس ) (Dreyfusعام 1894
فوجهوا كافة قواهم إلى هذه القضية .وحالما شعروا بقرب انتصارهم فيها ,عادوا إلى نشاطهم السابق .فبادر أحد كتابهم المدعو تيودور
هرتزل إلى نشر مقالت سياسية تحرض اليهود على إيجاد كيان لهم متخذًا من قضية دريفوس ذريعة لتبرير سياسته هذه .ولقد أثمرت
دعاية هيرتزل ) (Téodore Hérzélسريعًا وأقيم عام 1897مؤتمر صهيوني في مدينة بال السويسرية حضره مئتا شخصية من أكبر
أثرياء العالم اليهودي ,وتداولوا فيه موضوع إيجاد وطن قومي لليهود .وبعد ثلثة أيام أعلنوا على العالم أجمع أنهم قرروا اتخاذ فلسطين
ملجأ لليهود على أن توفر لهم فيه كافة الحقوق العامة .ويبدو أن المؤتمرين اتخذوا مقررات سرية أخرى ظلت طي الكتمان حتى ظهرت
بروتوكولت صهيون وانكشف أمرها.
وفي العام الثاني عاد اليهود إلى الجتماع في بال مرة أخرى ,وأقروا فيها تسوية كافة خلفاتهم المذهبية .وأعلنوا تحالفهم العام لتحقيق
سياسة هزتزل ووضعوا تحت تصرف الموال اللزمة لنجاح مساعيه ,وأسندوا أمر تمويله إلى بنك المستعمرات اليهودية ,ومصرف
الودائع القومية اليهودية ) (Les Fonds National Juifوفي غضون عام انضم إلى الحركة الصهيونية مئة ألف نسمة من أثرياء
اليهود أمثال البارون هيرش ) (B. Hirschوإدموند روتشيلد ) (B E. Rothschildهذا عدا عن أقطاب الماسون الذين انضموا إليهم
أمثال الدوق فريدريك الكبير ) (La Grand Duc F. de Badeالذي توسط لهزتزل عام 1901لدى السلطان عبد الحميد .ومرة أخرى
لدى الصدر العظم ليبحث معهما موضوع الديار المقدسة ,ولما تمت المقابلة بين هزتزل والسلطان عام 1901ولم تسفر عن نتائج
مرضية كما هو معلوم عمد هزتزل إلى ملقاة الصدر الصدر العظم ولما خيب الصدر العظم آماله مرة أخرى ,عاد هرتزل وأعلم المجلس
الصهيوني بالمر.
108
فأيقن اليهود أن ل مناص لهم إل بالتخلص من الكنيسة الرثوذكسية والقيصرين الروسية ,ومن ثم سحق تركيا التام إن هم أرادوا التوصل
إلى تحقيق أهدافهم في فلسطين .إذ كانوا يعلمون بعد أن أخضعوا الكنيسة الغربية لرادتهم ,أن الكنيسة الشرقية سوف تعترض طريقهم
وستكون القيصرية خلفها ,وإن تركيا طالما ظلت على قوتها لن تمكنهم من احتلل فلسطين ,وربما أن البيئة التركية لم تكن صالحة لتقبل
بدعتهم التي اعتمدوها للقضاء على الكنيسة الشرقية والقيصرية في روسيا ,قرروا اتباع منهاج خاص فيها .وهي نشر المبادئ الماسونية
والتعصب للطورانية ,لخلق الخلف بين مختلف شعوبها .وإشعال نيران الثورات في المناطق الوربية الخاضعة لنفوذها .ومن ثم زجها في
حرب مع الدول المناصرة لسحقها نهائيًا وتحقيق أحلمهم على أنقاضها.وفي سبيل تحقيق هذه الهداف شرعوا في العمل كما ذكرنا في
روسيا و تركيا ,فكان لهم ما أرادوا في البلد القيصرية عن طريق نشر المبادئ التي توافق البيئة الروسية .أما في تركيا ,فركزوا جهدهم
على مناوئة الملكية عن طريق خلق حزب تركيا الفتاة الذي كانوا يمولونه ,وجندوا له النصار من الطلب التراك الذين كانوا يدرسون في
المعاهد الوربية وزرعوا بذور التعصب القومي في نفوسهم .واحتقار الشعوب الغير تركية في الدولة العثمانية .مما أدى إلى قيام خلف
عميق الثر بين التراك والشعوب السلمية التي كانوا يحكمونها .ومن الناحية الثانية أوجدوا في سلنيك حزب السيونو كومينيست مثلما
أوضحنا تفاصيله في بحثنا عن تركيا .ولقد تمكن هذا الحزب فيما بعد من إشعال نيران الفتن في مقدونيا وسواها من المناطق البلقانية .هذه
الفتن التي هدت قوى السلطنة العثمانية .ولكن مع كل هذا ظل السلطان عبد الحميد على إصراره في عدم منح اليهود أي امتياز خاص في
فلسطين .وهنا لم يكن لليهود مخرج سوى العمل السري لخلق ظروف الحرب ,ولما كانت قواعد قواتهم متمركزة في البلد الغربية ,بادروا
إلى تهيئة الجو فيها قبل سواها .وفي هذا الوقت بالذات تم لهم النصر في فرنسا ,وتسلم رئاسة الجمهورية السيد لوبه ),(Loubet
وعهدت وزارة الخارجية إلى دلكاسه ) (Delcasséالماسوني ووزارة الحربية إلى الجنرال كاليفه ) (Galliffetاليهودي.
وعلى أثر ذلك ظهرت المفاجأة الولى من المفاجآت التي سبق وأن أشرنا إليها .وحدثت المعجزة وقامت المعاهدة بين إنجلترا وفرنسا عام
1904ومنحت فرنسا بموجبها حق احتلل مراكش -ولما احتجت ألمانيا على هذا العتداء ,وقفت الدولتان في وجهها وكأنهما كانتا دائمًا
متفقتين.
وتلت تلك المفاجأة واحدة أخرى عام 1908بتحالف القيصر مع إدوارد السابع رغم معارضة الكثرية الساحقة من أعضاء الدوما لهذا
التحالف .ولكن إصرار الكونت وايت زوج الراقصة اليهودية وصديق روزفلت واليهود أرجح الكفة و تم التوقيع على التحالف الثلثي.
ومن ثم حدثت المفاجأة الثالثة باندلع الثورة على السلطان عبد الحميد من سالونيك قاعدة اليهود القوية برعامة الجنرال محمود شوكت
الذي غرر به كل من اليهودي المتر سالم وقره صو و الدونما جاويد ,وبهذا سيطر اليهود على تركيا أيضًا .وأوفدوا أنصارهم عام 1909
إلى باريس لخطب ودها .بينما كانوا الوقت نفسه يتفاوضون مع ألمانيا باسم تركيا لينتقوا لها الطرف الذي سيؤدي بها إلى المصير الذي
أقروه لها.
والمفاجأة الرابعة كانت إقدام فرانسوا جوزيف على مغامرة احتلل البوسنة والهرسك والتحرش بالصرب .رغم كل ما كان يعرفه عن
خطورة هذا العمل .وهذ المغامرة أيضًا كانت من نسج اليدي اليهودية القذرة التي كان كل همها إشعال الحرب مهما كان الثمن .والثر
اليهودي هنا وإن لم يكن بارزًا تمامًا غير أن الظروف الخاصة لحياة فرانسوا جوزيف تدمغه بالتهام من طرف خفي ,إذ معروف عن
فرانسوا أنه كان يعاشر النبلء والثرياء اليهود الذين كانت تعج بهم فيينا آنذاك ,ولقد اشتهر بمقاسمتهم لعبة الطاروق ) (Tarokفي
منزل السيدة شارت ) (Mme Scharttالتي كان الرشيدوق مولعًا بها.
ومما سبق يتضح لنا أن هذه المفاجآت التي خلقت الكتل والحداث لم تكن بريئة من مسؤولية وقوع الكارثة ,مع العلم أن ظهورها على
المسرح السياسي لم يكن له أي مبرر منطقي .بدليل أن المعاهدة التي قامت بين فرنسا وإنجلترا والتي تجلى فيها الكرم البريطاني على
حساب مراكش العربية ,لم يقدم لقيامها أي مبرر سوى القول بأنها حدثت للتعويض على الدولة الفرنسية عما أصابها من الغبن قبل أربعة
عشر عامًا عند تصفية المسألة المصرية ,أي أنها قامت لن الضمير النجليزي استيقظ بعد تلك المدة الطويلة ,فعوض على فرنسا بعض
مما فقدتها من المكاسب في البلد المصرية.
كما أن تدخل إدوارد السابع ونيقول الثاني في شؤون الثورة المقدونية بعد ستة أعوام برز أيضًا بأنه محض تدخل إنساني أريد منه حقن
الدماء أي أنه كان من المور النسانية التي يهتم بها الضمير البريطاني.
والتحالف الروسي البريطاني الذي تعهدت فيه بريطانيا ومن ثم فرنسا بمساعدة القيصر الذي طعنتاه أكثر من مرة قام هو أيضًا على سبيل
التكفير عن إساءات الماضي.
ومن خلل المبررات الضعيفة التي ليس لها أي معنى جوهري ,يظهر بجلء أن بريطانيا كانت تتقصد من ترضياتها وكفاراتها غير ما كانت
تدعيه والجدير بالذكر هو ن الضمير البريطاني لم يصح من سباته العميق إل عندما استيقظت الصهيونية ,واشتد عودها في كل من فرنسا
و روسيا و بدأت أصابعها القذرة تعيث فسادًا بمقدرات الشعوب البلقانية وتركيا.
وظاهرة استيقاظ الضمير البريطاني مع الحداث اليهودية ليست بغريبة على العالم ,بعد أن جعلها كرومويل وقفًا على الرادة اليهودية,
ولقد لمسها العالم إبان الثورة الفرنسية لمس اليد .ولهذا ظل هذا الضمير الحي يغط في نومه العميق إلى أن استتب المر في فرنسا لليهود
من جديد بعد كارثة دريفوس .وأينعت ثمار مستنبطاتهم في الربوع الروسية بعد ثورة , 1905ولكن عناد السلطان عبد الحميد أفقدهم
الصبر .وقرروا تنفيذ مخططاتهم التي كانت تقضي في حال رفض عبد الحميد تسليمهم فلسطين ,بأن يسرعوا في سحق تركيا ,وتدمير
الكنيسة الرثوذكسية مع أنصارها .وإذلل ألمانيا التي كانت تشكل خطرًا عليهم وتزاحمهم في بدعة العرق أوالجنس المتفوق وخرافة
الشعب المختار .فلما اصطدموا بإصرار عبد الحميد لم يعد لهم بد من تحريك بيادقهم التي كانت تتحكم في مصائر بريطانيا وفرنسا وروسيا.
فسارع إدوارد السابع عميد الماسونية ووزير خارجيته اليهودي بلفور بناء على طلب السيد موسى مونتفيور مؤسس الصهيونية ) الذي
كان ملوك بريطانيا يعتبرونه أعظم شخصية في إمبراطوريتهم( إلى خطب ود فرنسا والتقيا مع لوبه الجمهوري ودلكاسه الماسوني
وكاليفه اليهودي الذي حركهم البارون روتشيلد ) ,الذي تعترف المصادر الفرنسية بأنه كان قابضًا على زمام كافة المور السياسية في
فرنسا( وتم التفاهم السريع بين الطرفين ,وقام التحالف الذي انضمت إليه روسيا فيما بعد تحت تأثير الكونت وايت صهر الصهيونية
العزيز ,والسفير الفرنسي اليهودي موريس بوليولوك ) .(Maurice Poléologueوبعد أن تم لهم تشكيل الجبهة الغربية أطلقوا العنان
لصحافتهم التي بدأت بالتمهيد للحرب .فكانت تذيع في الغرب أن ألمانيا وحليفتها النمسا تريدان السيطرة على العالم وفي ألمانيا والنمسا
كانت تروج لفكرة تطويق الغرب للمانيا وخنقها في قوقعتها ,وفي روسيا تشيع أن اللمان يعملون للسيطرة على المناطق السلفية وتدلل
على ذلك بإقدام النمسا على احتلل البوسنة والهرسك ,وفي تركيا تزعم أن الروس والنجليز اتفقوا على احتلل المضائق والممتلكات
العثمانية الخرى ,وفي البلد العربية عم أنصارهم إلى الدس والوقيعة وشيعوا أن حزب تركيا الفتاة سيفرض قانون التتريك على شعوبها,
109
مثلما أذاعوا في الوساط التركية نزوع العرب إلى النقضاض عليهم ,ومن ثم أوعزوا إلى مصارفهم وبنوكهم في كل دولة أن تضع
مواردها تحت تصرف حكوماتها لتشجيعها على خوض الحرب دون خشية الفتقار إلى المال ,وحتى إن ألمانيا وقعت مثل سواها في الفخ
بفضل الصداقة التي كانت تربط اليهودي الثري بارفوس هيلفاند ) (Parvus Helphandبالمستشار اللماني بيثمان هالفيك )
,(Bethman Hallwegفلم تضن على اليهود بتلبية بعض مطالبهم مقابل حصولها على قروض من مصارفهم.
وهكذا هيأ اليهود العالم بأسره لخوض المعركة .فلما أيقنوا أن الوقت قد حان كلفوا اليهودي برنزيب ) (Prinzipباغتيال الرشيدوق
فرانسوا ,واندلعت نيران الحرب التي عملوا لها .وظلت شرورها جاثمة على صدر البشرية مدة أربعة أعوام عصيبة ,ولما انحسرت الغبار
عن ساحات المعارك ,تبين للعالم أجمع أن الطرفين المتخاصمين خرجا منها بأعظم الخسائر ولم يستفد منها إل اليهود وحدهم ,إذ قويت
شوكتهم في جميع أنحاء العالم ,وانتزعوا من أتباعهم الوعد المشؤوم على يد وزيرهم بلفور الذي تعامى قصدًا عن إنذار الخطر الذي
وجهه له وزير خارجية هولندا ,هذا النذار الذي طلب منه فيه أن يوقف الحرب ,ليواجه العالم خطر الصهيونية الذي بدأ بتهديم الشعوب,
ل وقوًل ,ولذا قدم المليين من أبناء
ولكن بلفور تجاهل المل لنه كان خير من يعلم أسرار المؤامرات اليهودية إذ كان مشتركًا فيها فع ً
الشعوب قرابيين لتحقيق مآربهم وخدمة مصالحهم فكان ماكان.
ومن الدلة التي تدمغ اليهود بافتعال الحرب الولى ومشاركة الحكومة البريطانية لهم هي تلك القصة التي روتها مجلة المواطن البريطانية
) (The Patriotوالتي قالت فيها :إن أحد الكهنة أسر لمديرها العام عام 1898بأن أحد اليهود النجليز قال له ,إننا نحن اليهود سنحتل
قريبًا فلسطين ونجعلها وطنًا لنا .ولما سأله الكاهن النجليزي عن سبب تفاؤله هذه وعن العوامل التي يعتمد عليها لتحقيق روايته هذه,
ل :أنتم تتخيلون أن الملوك والجيوش هي التي تفتعل الحروب ,ولكن الواقع هو عكس ذلك ,إذ أن الموال والصحافة هي أجابه اليهودي قائ ً
التي تشعل نيران الحروب .ولما كنا نحن اليهود نملك المصارف والصحافة ,سوف نوعز إليها في الوقت اللزم لتخلق السباب اليلة إلى
حرب عالمية .وإذا أوجب المر لعدة حروب عالمية .وسنعمل على إطالة الحرب أو الحروب حتى نتأكد من أن الطرفين قد هلكا .ولم يعد
بإمكانهما معارضتنا .عندها سنفرض الصلح مثلما نكون قد فرضنا الحرب ,فيضطر كل كم الطرفين إلى استجابة رغبتنا ,لن المغلوب
سيكون عليه أن يدفع التعويضات الحربية المترتبة عليه ,بينما سيحاول الغالب الحصول على تلك التعويضات بأسرع ما يمكن ,وبما أننا
سنكون الطرف القادر وحده لمد المغلوب بالمال لكي يحصل الغالب عليه ,وسيضطر كلهما لرضائنا ,عند ذلك سنفرض عليهما شروطنا,
وفي مقدمتها احتلل فلسطين ,وأمام المر الواقع سيتنازل لنا العالم عنها وهكذا سنحقق آمالنا.
ولقد نشرت المجلة هذه القصة وتحققت السلطات من صحتها ,ولكن ظنها الجميع نوعًا من التخرصات اليهودية ,حتى إن وقعت الواقعة
وظهر صدقها بعد الحرب العالمية الولى.
ورغم كل هذه الدلة التي تدين اليهود بافتعالهم الحرب ظلت الوثائق الرسمية على إصرارها بإلقاء تبعاتها على اللمان ,والسبب في ذلك
هو النفوذ اليهودي الذي سيطر على جمعية المم التي أوجدها اليهود بعد الحرب وفرضوا بواسطتها كل ما أرادوه من التبديل والتزوير
على الوثائق التاريخية ,وهكذا طمسوا الحقائق التي كانت تدينهم بشكل واضح وانتهى المر.
بينما كانت الصهيونية العالمية وحليفاتها من الدول الغربية تتأهب لتنفيذ مخططاها السرية الرامية إلى توطين اليهود في الديار المقدسة,
كان العرب ينتظرون بفارغ الصبر انتهاء الحرب العالمية الولى ) التي ساهمت الصهيونية بقسط وافر في إشعال نارها( آملين أن يبر
الغرب بوعوده التي قطعها على نفسه مقابل العون الكبير الذي تلقاه من العرب إبان محنته مع ألمانيا وحليفاتها ,وفيما كان العرب يعللون
النفس بالمال الكبيرة ,وإذا بإنجلترا تفاجئهم في 2تشرين الثاني عام 1917بإعلن وعدها المشؤوم لليهود ,فاستفظع العرب نكث
بريطانيا بوعودها وارتفعت أصوات الحتجاج من كل حدب وصوب ,ولكن بريطانيا أصمت آذانها عن سماعها ,وردت عليه بأن اعتقلت
المير الهاشمي ونفته من الجزيرة العربية وسلت سيف التعسف والرهاب على رؤوس العرب ,فساد الوجوم دنيا العرب ,وتمكنت في غفلة
منهم من انتزاع موافقة فرنسا على الجراء البريطاني ) في 14شباط (1918ومن ثم عمدت إلى إدخال قرار الوعد في صلب المعاهدة
التي انبثقت عن مؤتمر ) سان رمو ( الذي أسفر عن تمزيق الوطن العربي و تقسيمه إلى دويلت تخضع لمختلف أنواع الستعمار
كالنتداب والحماية.
وفي الفترة الواقعة بين إعلن الوعد وصدور مقررات سان رمو ) أي من 1917\11\2إلى )1922\9\16لم تقف إنجلترا مكتوفة اليدي
بل سارعت منذ 1920إلى تعيين اليهودي هربرت صموئيل ) (Sir Herbert Samuelمفوضًا ساميًا في فلسطين ليمهد الطريق أمام
المهاجرين اليهود وينسق العمال الضرورية لتهويد البلد بأقصى سرعة ممكنة ,ولقد استهل هربرت عمله بإحداث الوكالة اليهودية
وإشراكها في حكم البلد كي تعاونه في توطين اليهود ولما أيقن أن الوقت قد حان أوعز إلى اليهود بالهجرة إلى فلسطين فتدفقت جموعهم
على الربوع المقدسة وشرعوا بسلب الممتلكات العربية وطرد أصحابها منها تساندهم الدارة وحراب الجيش البريطاني المحتل.
وهكذا انصبت المصائب على الشعب العربي في فلسطين جزاء وفائه ومساعدته لبريطانيا في محنتها ,ولم يعد يطيق تحمل هذا الظلم
الفاضح فهب بعض رجالته للدفاع عن أرضهم وحقوقهم التي كانت تسلب وتنهب تحت سمع وبصر العالم ,وكان في طليعة المدافعين
المجاهد الكبير الشيخ أمين الحسيني الذي أعلن تشكيل اللجنة العربية العليا ,فالتف حوله نخبة من شباب العرب وجاهر بمعارضته
للجراءات البريطانية ,فعمدت السلطات المنتدبة إلى الرهاب والتنكيل واصطدمت مع أنصار الشيخ المجاهد عام 1920في مدينة القدس
ل لم
حيث وقعت عدة حوادث مفجعة انتهت مؤقتًا على إثر الوعود المعسولة الكاذبة التي قدمتها سلطات النتداب للمعارضين ,والتي أص ً
تنطل على المجاهد الكبير الشيخ أمين الحسيني فثابر على المطالبة بإيقاف الهجرة اليهودية وإنصاف العرب فعمدت السلطات إلى التسويف
110
مما أدى إلى اصطدام جديد عام 1921وأيقنت السلطات على إثره بعدم جدوى سياسة البطش والرهاب ,فسلكت طرق الخداع السياسي مع
العرب كسبًا للوقت حتى تتمكن من جعل اليهود أكثرية ساحقة في البلد لكي تتخذها ذريعة لتحقيق بنود وعدها المشؤوم.
وبموجب هذه الخطة أصدرت عام 1923قرارًا يقضي بتشكيل محلس تشريعي مشترك بين العرب واليهود يكلف بوضع ميثاق مشترك
لتقرير مصير البلد .فرفض العرب الشتراك في هذا المجلس الذي أرادت منه بريطانيا أن تجعله مخلب فقط للتسويف والمماطلة ,فاشتد
الخلف مرة أخرى واضطر العرب لحمل السلح دفاعًا عن حقوقهم واندلعت ثورة عام 1929التي أعجزت النتداب عن فرض سيطرته
بالقوة فعاد مجددًا إلى المراوغة وأدخل على مشروع المجلس التشريعي القديم بعض التعديلت التي طلبها العرب شريطة أن تقترن
بموافقة مجلس اللوردات البريطاني الذي كان أكثريته من اليهود ومن البديهي أن ل يوافق المجلس عليها طالما كانت في صالح العرب,
ل بأن يمل العرب وينزعون إلى الرضوخ والستكانة .ولقد فشل في مبتغاه لن الشيخ ولكنه كان يتوخى التسويف وإضاعة الوقت أم ً
المجاهد ورفاقه كانوا يعرفون مصير المجلس المقترح مسبقًا ,فأبوا إلقاء السلح ولقد صدق ظنهم وأهمل مجلس اللوردات أمر القرار
المرفوع إليه وظل معلقًا ,فبادر العرب إلى تدويل قضيتهم ,ونجحوا في إسماع صوتهم وإيصاله إلى جمعيه المم حيث ظهرت للوجود كتلة
معارضة للمخططات الصهيونية تزعمتها ألمانيا وإيطاليا اللتان أبديتا معارضتهما لقيام الدولة اليهودية ,فجزعت بريطانيا من مغبة هذه
المعارضة ,واتجهت إلى الغدر والخداع مرة أخرى ووعدت بتسوية القضية وأصدرت كتابها البيض الشهير ,وتظاهرت بتشكيل لجان
حيادية صورية لدراسة المسألة الفلسطينية ,وخرجت على العالم بلجنة شاف ) (Shawوادعت بتكليفها في النظر بإيجاد الحلول المناسبة
لنهاء المعضلة ,ودامت هذه التمثيليات حتى عام , 1936وظهر للعالم أجمع بطلن المزاعم النجليزية وفقد العرب المل في إنهاء
قضيتهم بالطرق السلمية ,وأعلنوا الثورة على بريطانيا فعمت الضطرابات جميع أنحاء البلد ,وتعددت المعارك بين العرب والنجليز الذين
استعملوا فيها أشد أنواع السلحة الفتاكة وأقسى أساليب القمع ومع هذا باؤوا بالفشل ,فضجت المحافل الدولية من قسوة الساليب
البريطانية ,وطالبت ألمانيا بوقف الجراءت التعسفية النجليزية ,وأعلنت معارضتها لقيام الكيان السرائيلي ,ومنعت يهود بلدها من
الهجرة إلى فلسطين ,وانبرت بعض الصحف الوربية الشريفة للدفاع عن العرب ,فاضطرت بريطانيا مرة أخرى إلى المماطلة والتسويف
ل شكلت اللجنة وأسندت رئاستها إلى اللورد بيل ) (Peelووعدت بتشكيل لجنة جديدة ليجاد الحل المناسب للقضية الفلسطينية ,وفع ً
ل ومن ثم قدمت تقريرها الذي نص على تقسيم البلد إلى ثلث دويلت إحداها عربية والخرى فباشرت هذه اللجنة عملها الذي دام طوي ً
يهودية و الخيرة تخضع للنتداب البريطاني وهنا توضحت نوايا بريطانيا ,وأيقنت المحافل الدولية أنها تتقصد عرقلة سير القضية كسبًا
للوقت لتتمكن من تحقيق أهدافها الصلية ,فانبرت ألمانيا لتعلن رفضها لمقترحات بيل ولكل مشروع يرمي إلى إيجاد كيان سياسي لليهود,
وبررت معارضتها بأن بريطانيا استنبطت هذه الحلول الغريبة ,لتقيم الدولة اليهودية التي ستعادي ألمانيا في المجال السياسي ومن ثم
لتحقق لنفسها قاعدة عسكرية في شرق البحر البيض المتوسط لتكون بمثابة رأس حربة تهدد المصالح اللمانية في الشرق .وحذت
إيطاليا حذوها وأعلنت تضامنها مع العرب .كما أن الحكومتان العراقية والمصرية اتفقتا على إثارة القضية في جمعية المم وطالبتا بمنح
فلسطين استقللها التام على أن يعيش فيها اليهود كمواطنين عاديين أسوة بالطوائف والقليات الخرى وأن تتوقف هجرتهم إليها حاًل.
وهذا التجاه الدولي الجديد أرعب الصهيونية ,فسارعت إلى العمل لدى الدول السكندونافية لتضمن مؤازرتها في جمعية المم ,وأوعزت
إلى اليهود في أمريكا ليشددوا الضغط على حكومتها لتتدخل في المر ,وأمرت صحافتها المنتشرة في أقطار العالم لتلح في المطالبة بإنشاء
الدولة اليهودية ,فنجحت مساعيهم إلى حد بعيد وكثر أنصارهم في المحافل الدولية ,وتدخلت أمريكا لصالحهم وطالبت بريطانيا بأن تسرع
في تحقيق وعدها.
ولكن بريطانيا التي كانت تعرف مدى معارضة العرب للمر ,فضلت سلوك طريق القناع والتغرير بعد أن عجزت جيوشها الجرارة من
فرض إرادتها بالقوة ,فاتصلت سرًا ببعض المحافل السياسية العربية في فلسطين و بالملك عبد ال بغية إقناعهم بحسنات مشروع اللورد
بيل ,ولكنها اصطدمت برفضهم التام للمساومة بحقوق العرب المقدسة وفي نفس الوقت أعلن الشيخ أمين الحسيني معارضة العرب لكل
حل ل يعترف بعروبة فلسطين الكاملة .وأيدته الحكومة العراقية والمصرية والسعودية رغم النفوذ البريطاني الذي كان يخيم على بلدها.
وانبرت الصحافة العربية للدفاع عن القضية ,وألهبت الحماس في الوساط الشعبية ,فبادرت فئة من الشباب العربي المؤمن إلى اللتحاق
بالثورة واتسع النشاط السياسي العربي واتصلت الدولة السعودية والهيئات السياسية في سورية بكل من ألمانيا وإيطاليا لتعمل للحد من
الهجرة اليهودية إلى فلسطين.
وعلى الثر فرضت ألمانيا شروطًا قاسية على هجرة اليهود من بلدها ,فتضاءل عدد النازحين منهم إلى فلسطين ,فقامت قيامة الصحافة
اليهودية ,وطالبت الدول الغربية بالتوسط لدى ألمانيا لتسمح لليهود بمتابعة الهجرة ,فلبت الدول الغربية كعادتها رغبة اليهود ,وتوسطت
لدى ألمانيا ,ولكن هتلر أبى الرجوع عن قراره ,وأعلن أنه لن يسمح بهجرة اليهود ,إل إذا تخلوا عن ثرواتهم التي نهبوها عبر الزمان من
الشعب اللماني بشتى الساليب الملتوية ,والتي تضاعفت بعد الحرب العالمية التي افتعلها اليهود لتحقيق أغراضهم والتي دفع الشعب
اللماني الغرامات عنها ,دون أن يشترك اليهود ببنس واحد من هذه الغرامات رغم ما جنوه من الموال أثناء الحرب ,هذا عدا عن أن
خروج الثروات سيؤدي إلى انهيار القتصاد اللماني باعتبارها جزءًا ل يتجزأ من الثروة الوطنية كما أن ألمانيا اشترطت شرطاً آخر في
حال قبول اليهود بالشرط الول ,هو أن ينزح إلى فلسطين واحد من كل أربعين يهوديًا يخرجون من ألمانيا وأن تمتص البلد الغربية ما
تبقى منهم.
وهذا الموقف اللماني الصلب أجبر الدول الغربية لعقد مؤتمر في مدينة إيفيان ) (Evianعام 1938لتتداول في المر بغية إيجاد حل
ل في شؤونها الداخلية .ففشل المؤتمر لن ممثلي الدول الغربية كانوا للمسألة اليهودية ,فرفضت ألمانيا حضور المؤتمر ,واعتبرته تدخ ً
غير راغبين في احتضان اليهود المفلسين في بلدهم كما أن اليهود كانوا يأملون بإيجاد حل أنسب لهم ,فانفض المؤتمر دون التوصل إلى
نتيجة ما اللهم إل إقرار تكليف السيد روبلي ) (Rubleeالمريكي ) ممثل لجنة مساعدة اليهود التي شكلت في لندن ( بالتصال بالدولة
اللمانية والسعي لقناعها بضرورة الفراج عن الموال اليهودية.
ولقد اتصل السيد روبلي عشرات المرات بالدولة اللمانية ,ولكنه في كل مرة يعود بخفي حنين.
وهنا أيقن اليهود أن ل أمل لهم بإخراج ثرواتهم ,فاستكان أغنياؤهم بينما عمد الفقراء إلى الهجرة خلسة من ألمانيا يبدو أن السلطات
اللمانية أهملت مراقبتهم فتدفقوا على البلد المجاورة ,حتى شعرت تلك البلد بوطأتهم لنهم كانوا يصبحون عالة عليها بمجرد اجتيازهم
لحدودها ,حتى أن سويسرا وجدت نفسها عاجزة عن امتصاص سيل المهاجرين اليهود فاحتجت على ألمانيا لتساهلها في الهجرة اليهودية,
ومما أدى إلى إصدار قرار إلى سلطات الحدود بالتشدد في مراقبة التسلل اليهودي.
111
ولما علم اليهود بالقرار الجديد انتابهم اليأس فأقد أحد اليهود الفرنسين في مستهل تشرين الثاني عام 1938على اغتيال السيد ارنست
رات ) (Ernest Rathأمين سر المفوضية اللمانية في باريس ,ولما شاع الخبر في ألمانيا هاج الشعب اللماني ووقعت أحداث جسيمة
في برلين أسفرت عن إصابة مئات المحلت التجارية بخسائر فادحة ) .في 10-9تشرين الثاني (1938فتدخلت السلطات في المر
وأعادت المن إلى نصابه ,ولكن الشعب أصر على طرد اليهود من البلد وتغريم اليهود بالخسائر المذكورة ,فسارعت الدول الغربية لنجدة
اليهود كما هبت الصحافة المهودة لمناصرتهم مطالبة دولها بإنقاذ اليهود من براثن هتلر .عندها قررت ألمانيا التخلص من اليهود,
واستدعى المارشال غورنغ المندوب المريكي روبلي وأبلغه موافقة ألمانيا على هجرة اليهود من بلدها شريطة أن تقبلهم الدول الغربية
في بلدها كما أفهمه أن حكومة ألمانيا مستعدة للدخول في مباحثات مع الغرب ليجاد الحلول المناسبة للقضايا المالية اليهودية .ومن ثم
عين الدكتور شاخت للتداول مع الدول الغربية ومع لجنة إنقاذ اليهود في بريطانيا ,ودامت المباحثات عدة أشهر ولكنها فشلت في النهاية
لن الدول الغربية تمنعت عن قبول اليهود في بلدها دون أن يصطحبوا معهم أموالهم .إذ كانت جميعها تدرك أن دخول اليهود إلى بلدها
يعني تعريض اقتصادياتها للنهب والسلب وتجويع مواطنيها .حتى إن فرنسا طالبت عام 1938بالحد من الهجرة اليهودية إلى بلدها ,كما
احتجت هولندا والنروج والمجر على الهجرة اليهودية إلى بلدها ,أما اليونان فكادت أن تحدث فيها مذابح مروعة بين اليهود والمواطنين.
وإزاء التذمر الذي ساد البلد الوربية قررت أمريكا أن تتفق مع بريطانيا وألمانيا ليجاد حل للقضية اليهودية ,واتصلت بهما ,واتفقوا على
تشكيل أربع لجان لدراسة أحوال اليهود في ألمانيا والنظر بإمكانية نقلهم إلى الفلبين و روديسيا أو غينيا ,وفي نفس الوقت تظاهرت
بريطانيا بمنع اليهود من الهجرة إلى فلسطين ذرًا للرماد في العيون ,لنها كانت واثقة من قرب اندلع الحرب الكونية الثانية ,فعمدت إلى
ل أثمرت خداعها واستكان العرب نسبيًا ,أما اللجان الربع فلم تقم بأي عمل التغرير بالعرب وكسب ودهم وتظاهرت بمناوئة الهجرة ,وفع ً
إيجابي اللهم إل نشر التصريحات ونثر الوعود والحلول الكاذبة ولكن الشيخ المجاهد كان قد تمرس على أساليب الخداع البريطاني ورأى
بثاقب نظره ما كانت تبيته للعرب ,ففر من فلسطين إلى العراق حيث جدد النضال حين اندلع الحرب ,ولكن أبت القدار إل أن تفشل ثورة
رشيد عالي الكيلني ,فاضطر الشيخ المجاهد الذي حمل لواء النضال مدة ربع قرن أن يلتجئ إلى ألمانيا ليثابر فيها مع رفاقه على محاربة
اليهود وأنصارهم بقدر المستطاع وهكذا جمدت القضية الفلسطينية نسبة العرب طيلة مدة الحرب ,ولقد استفاد اليهود من ظروف الحرب
ومما نالهم من العطف العام بفضل دعاياتهم الخادعة ,فأغرقوا فلسطين بالمهاجرين الذين وفدوا إليها من كل حدب وصوب وتضاعف
عددهم عشرات المرات عن ذي قبل ,و استولوا على التخوم العربية التي كانت خالية من السكان فأنشأوا عليها القرى والمزارع المسلحة
أحسن تسليح ,وشرعوا يتأهبون لجولتهم القادمة مع العرب ,بينما كان العرب ينتظرون ما ستحمله اليام لهم دون ان ينتبهوا لما كان يعده
اليهود ومع الزمن انحلت منظماتهم في فلسطين وانفرط عقد تجمعهم السابق .فلما وضعت الحرب أوزارها ,سارعت الوكالة اليهودية إلى
احتضان أفراد الفيلق اليهودي الذي ساهم في الحرب العالمية الثانية ,كما استدعت كل اليهود الذين تمرسوا على أساليب القتال ,وفي فترة
وجيزة تمكنت من جمع أكثر من مئة ألف مقاتل عدا ما كان تحت إمرتها من القوى الحربية التي سبق تركيزها في المستعمرات وهكذا
تأهب اليهود لتحقيق أغراضهم تحت سمع وبصر بريطانيا التي وثق العرب للمرة الثانية بعهودها ووعودها ولما أيقن اليهود وأنصارهم
بقرب انهيار المحور ,سارعوا إلى عقد المؤتمر الصهيوني الواحد والعشرين حيث اتخذوا القرارات اللزمة لتحقيق أهدافهم في فلسطين,
وكان من بينها التمثيلية التي فوجئ بها العالم في أواخر عام , 1943وهي أن حوادث العنف فجأة اندلعت بين النجليز واليهود في
فلسطين وتعددت المعارك بينهما والتي وصفت بالضارية ,ودامت أكثر من عامين ,ظهرت إبانها بريطانيا العظمى التي قهرت ألمانيا بمظهر
العاجزة عن تأديب قبضة من صنائعها اليهود .وإذ بأمريكا تتدخل بالموضوع وتقترح على المتخاصمين الحل الذي أطلق عليه مشروع
موريسون ) (Morrisonفيرفضة العرب واليهود معًا ,فيعود النجليز إلى خدعة جديدة ,ويدعون العرب واليهود إلى ما سموه بمؤتمر
الطاولة المستديرة الذي رفضه العرب ,فترفع القضية مرة أخرى ) إلى هيكل سليمان ( إلى المم المتحدة للنظر في أمر الخلف الذي تجدد
بين العرب العزل الذين كانوا ومازالوا يصارعون الستعمار في أكثر أقطارهم وبين اليهود الذين كانوا منذ أمد بعيد قد تأهبوا لدخول
الصراع المنتظر .
ولما أصبح الصراع منوطًا بقرار الجمعية العمومية ) المجلس الكهنوتي اليهودي العلى( تقدمت بريطانيا بقرارها للتخلي عن النتداب
لتسهل للجمعية مهمتها في إقرار التقسيم ,وهكذا اكتملت تمثيليتها التي مثلتها قرابة ربع قرن ,وأقر التقسيم وانسحبت بريطانيا من الميدان
بعد أن سلحت اليهود بكل ما كان لديها من أسلحة ,فسارعت قوات الهاغانا إلى احتلل البلد وفرض سيطرتها على كافة الربوع الفلسطينية
في غفلة عن العرب ,وحدث ما حدث وأسفرت الخيانة الغربية عن وجهها وإذا به ملطخ بدماء عشرات اللوف من الطفال والنساء العرب
الذين قتلهم اليهود بوحشية ضارية ,وموشوم بلعنات مليون متشرد ,ولم يكن لهم من ذنب إل الوفاء لبريطانيا وحليفاتها وهكذا أسدل
الستار على أقذر جريمة إنسانية عرفها التاريخ.
112
عن التلمود:
كان على المسيحين أن يزيلوا من الوجود منهاج أبالسة الجحيم المسمى بالتلمود والشبيه بالصخرة الملساء التي تحفي تحتها وكر الثعابين
القاتلة ,قبل أن ترسخ تعاليمه السامة في عقول اليهود ,وتحولهم إلى أفاع تتربص للنقضاض على العالم كلما وجدت إلى ذلك سبيل.
من القوال الواردة في كتاب )سفر التكوين للقرن التاسع عشر الصادر عام 1913لمؤلفه هـ .س .شامبرلن (
( H.S Chamberlin – Auteur de (Genése de 19 me Siecle
عن صحيفة الحارس المريكية التي تصدر في مدينة شيكاغو ) عدد 24أيلول (1936
(The Sentinel-Chicago (24-9-1936
113
تخرصات يهودية
من العار على هتلر أن يسعى لفنائنا بعد أن تبنى شعاراتنا الداعية للتطرف العنصري ,والتي يتغنى بها وكأنها من مبتكراته الخاصة ,فهل
غاب عنه أن دعوة العرق الممتاز والعنصر المختار هي من صميم تقاليدنا ومعتقداتنا المعروفة
من أقوال بنيامين قاردوكا ) (M. Benjamin Cardogaعضو الكونغرس المريكي السابق
***
يزعم بعض السخفاء من أبناء قومنا أنهم إنجليز وألمان أو ما شابه ذلك بحكم إقامتهم في بلد تلك القوام .مع أن إقامتهم في بلد معينة أو
انتسابهم لجنسية معينة ل يخولهم قطعًا أن يصبحوا من مواطنيها طالما يعتنقون الموسوية المبنية على العنصرية والقومية المتطرفة التي
ل تقبل أي انصهار أو اندماج ,ولذا فهم يهود قبل كل شيء وسيظلون يهودًا مهما زعموا وحيثما كانوا.
من أقوال الزعيم الصهيوني المعروف نعوم سوكولوف )(N.Sokolov
ليست القضية اليهودية قضية اجتماعية أو أدبية مثلما يدعي بعض الغبياء ,بل هي قضية قومية واضحة يجب العتراف بها ,وأن تدرس
على صعيد السياسة الدولية كقضية مسلم بها
من أقوال تيودور هرتزل ) (T. Herzelمؤلف كتاب الدولة اليهودية.
***
نحن يهود ,ولنا ملء الحق في أن نكون كذلك ,وأن نجاهر بإصرار على إعلنه الن أكثر من أي يوم مضى ,ونقول بكل فخر واعتزاز أننا
أمة رغم أنف العالم.
من أقوال الصهيوني المعروف روخوموفسكي )(S.Rokhomovesky
التي نشرت في صحيفة الشعب اليهودي ) (Le Peuple Juif
***
نحن لسنا ألمانًا ول إنجليز ول فرنسيين ,فهويتنا معروفة ونحن يهود بكل صراحة ,فمعتقداتكم المسيحية ليست من معتقداتنا ,نحن أمة
خاصة ,ولقد أكدها لكم هزتزل ,فعليه نحن نرفض النصهار.
من أقوال الصهيوني ماكس نوردو ) (Max Nordauالتي نشرت في صحيفة الشعب اليهودي الفرنسية
***
وأدلى الزعيم الصهيوني المعروف برنارد لزار ) (Bernard Lazareبتصريح في المؤتمر اليهودي الذي عقد في 7آذار 1897بمدينة
موسكو قال فيه :إن الوشائج القومية هي التي دفعت بنا إلى اللتقاء بكم ,ووحدة الدم والعنصر التي تربطنا بكم هي التي تجعلنا ببحث عن
كل يهودي حيثما كان .وبفضلها فقط يمكننا أن نصبح أمة يعترف بها العالم
***
وكتبت صحيفة جويش كرونيكل ) (Jewish Cronicleفي عددها الذي صدر في 28نيسان 1911تصريحًا للحاخام الكبر م .شندلر )
(M.Schindlerيقول فيه :ظللت خمسين عامًا من أنصار النصهار .وكنت أعتقد بإمكانية توحيد اليهود والنصارى ,ولكن تبين لي الن
أن البوتقة المريكية غير أهل لصهر أي يهودي فيها.
***
من أقوال الزعيم الصهيوني ليفي بنك )(Lavy Bing
إن الدين اليهودي مبني بأكمله على أغراض قومية.
***
ومن التصريحات اليهودية الشهيرة التي كان لها صدى مزعج في بعض الوساط الفرنسية ,هو قول الحاخام موريس جوزيف ) Morris
(Josephلكي يتمكن النسان من تجاهل القومية اليهودية ينبغي عليه أوًل أن ينكر وجود اليهود من الرض.
إن زعم كون اليهودية عبارة عن فكرة دينية فقط هو باطل بقدر زعم عدم وجود الكاثوليكية و البروتستانتية في هذا العالم
من أقوال الزعيم الصهيوني الفرنسي ليون سيمون )(Léon Simon
***
ومن أقوال الكاتب الصهيوني جيس سمبتر )(Jesse E . Sempter
إن كلمة يهودية تعني الديانة الخاصة بهم ,مأخوذة من التعريف القومي ,ولهذا إن كل يهودي حتى الملحد أو المرتد هو يهودي مثل غيره
وقبل كل شيء آخر
***
وكتب لودفيغ لوفيسون ) (Ludwing-Lewisohnمؤلف إسرائيل ) (Israélيقول:
ل .مهما كاناليهودي يظل يهوديًا ,وانصهاره وانسجامه مع الغير هو من المور المستحيلة التحقيق ,لن اليهودي ل يقبل عن تقاليده بدي ً
المر يظل متمسكًا بها ,لنه يهودي فحسب .إن هذه الحقيقة الراهنة اكتشفها الجميع ولم يعد بعدها إمكان لنكارها ,وليس للمر مخرج
آخر ,سوى العتراف بوجودنا ,والتسليم بكياننا.
***
وقال الكاتب اليهودي ج.ب.ستيرن ) (G.B.Sternمؤلف )(Débatable-Ground
نحن أمة خاصة ,حتى لو لم يكن بيننا وبين النصارى خلفات مذهبية ودينية .إن إبدال الكنيس بالكنيسة لن يغير تقاليدنا أو أعرافنا
ونزعاتنا الخاصة ,التي تخالف أعراف ونزعات المم الخرى .ولذا سنظل أمو خاصة.
114
إن مظهرنا وتكويننا الجسماني ,والنف الخنى الذي نتميز به دون سائر الناس ,هي أدلة كافية لثبات كوننا من عنصر آخر .ولقد برهنا
عبر قرون رغم تشردنا على أننا أكثر المم تمسكًا بوحدتنا القومية وأكثرها تعصبًا لعنصرنا الخاص.
***
وكتب السياسي جيرالد سومان ) (S. Gerald Somanفي صحيفة العالم اليهودي النجليزية يقول:
نحن ل يمكن أن نكون إنجليزًا ,لننا ننتسب لعنصر خاص ,وعقليتنا اليهودية تختلف عن عقليتهم ,كفانا الخداع ,لنعلن صراحة أننا يهود
قبل كل شيء
***
وكتبت صحيفة البريد اليهودي ) (Jewish Courierفي عددها الصادر 17كانون الثاني 1942تقول:
نعم لقد قبلنا زي ولغة البلد التي أقمنا فيها ,ولكن لن نقبل قطعًا أن نكون جزءًا من أهلها.
***
وفي 11أيار 1923كتبت المجلة اليهودية ) (Jewish Choronicleتقول إن من أهم الواجبات القومية والوطنية هي الحفاظ على
العرق والعنصر فعلى اليهود أن يظلوا حريصين عليهما.
***
وفي 14كانون الول 1924كتبت جريدة العالم اليهودي ) (Jewish Worldتقول:
اليهودي يظل يهوديًا حتى لو اعتنق النصرانية ,تمامًا مثل النجليزي الذي يعتنق الموسوية فهو يظل إنجليزيًا دائمًا ,إن الصفات الخاصة
التي يملكها اليهود ل علقة لها بالشريعة الموسوية ,لنها والشريعة من صميم مشتقات القومية .ولهذا ل يعدو عن العتراف بأن اليهودي
الملحد أو الحر التفكير ,هو يهودي بقدر أكبر حاخاك يهودي.
وفي 22أيلول 1915كتبت نفس الصحيفة تقول:
ليس من المنطق أن نسمي الهندي الذي ولد في بريطانيا من أبوين هنديين إنجليزي لنه ولد فيها ,ولذا ل يمكن أن نزعم بأن اليهودي
الذي يولد في إنجلترا هو إنجليزي ,فهو يظل يهوديًا وسيظل إلى البد كذلك.
***
وفي نفس المجلة كتب اليهودي ج .فاوسكي ) (J.Wadisalwskiفي 1950\1\1
لننزع أقنعتنا ,ولنقف موقف أسد يهوذا ,ولنغير أساليبنا القديمة ,ولنرمي بعيدًا بجنسياتنا المزيفة ,ولنعلن للعالم أننا يهود ول وطن لنا
سوى فلسطين ول نعترف بوطن سواه.
***
وفي 26أيلول 1915كتبت صحيفة الصهيونية ) (Zionistتقول:
سواء كنا نحمل الجنسية النجليزية أو ل نحملها ,فلن نكون قط إنجليز ,نحن ننتسب للمة اليهودية لنا عرفنا ومذهبنا ,وشعورنا الخاص
ولذ لسنا سوى يهود.
***
وفي الملفات اليهودية ) (Archives Israélitesالمؤرخة في 24آذار سنة 1864جاء ما يلي:
إنها معجزة حقًا ,هذه المة التي تدعى باليهودية والتي شردت في كافة أنحاء العالم منذ ألفي عام .لنها ظلت تحتفظ بوحدتها وكيانها دون
ان تنصهر في الخرين .وذلك بفضل تمسك أفرادها بتقاليدهم وعنصريتهم ومذهبهم.
***
وفي 7شباط 1930كتبت الصحيفة اليهودية ) (Israél Messagerالتي كانت تصدر في شانغهاي تقول:
إن اليهودية ) (Judaismeوالقومية يسيران جنبًا إلى جنت لنهما تشكلن وحدة كاملة .لهذا ظل اليهود متماسكين رغم تشرهم .إن العرق
اليهودي هو عرق أصيل ل يقبل المتزاج .وتقاليده لم تتصدع قط .وكل يهودي يتمسك بعضويته في صفوف المة مهما كانت نزعته.
وهنا يكمن سر بقاء هذا الشعب وسر استحالة انهزامه رغم كال ما تألبت عليه من القوى.
***
وفي 15أيار عام 1918كتبت صحيفة دنيا اليهود ) (Univers Israélitesتقول:
يزعم بعض المغفلين أن الشريعة اليهودية ليست سوى رباط ديني مع العلم أنها كانت دائمًا وأبدًا رباطًا قوميًا وعنصريًا محضًا ولهذا
تطالب اليهودية بحقوقها القومية التي تنبع من أصالتها العنصرية ,إن يهود روسيا أو فرنسا أو إنجلترا ليسوا روسًا ول فرنسيين ول
إنجليز هم يهود ,ويهود فقط.
انتهى
115