You are on page 1of 28

‫من أخلق النبي صلى‬

‫الله عليه و سلم‬


‫كان خلقه القرآن‬
‫حصان الرزان الصديقة بنت الصديق عائشة رضوان ال عليها‬ ‫قالت الفقيهة ال َ‬ ‫•‬
‫وهي تصف الحبيب صلى ال عليه وسلم هذا الوصف البليغ العجيب حين قالت‪:‬‬
‫) كان خلقه القرآن (‪.‬‬
‫كان قرآنًا متحركًا بين الناس‪ ،‬كان إذا أمر فهو أول من يأتمر‪ ،‬وكان إذا نهى فهو‬ ‫•‬
‫أول من ينتهي‪ ،‬وكان إذا حد فهو أول من يقف عند حدود ال تبارك وتعالى‪.‬‬
‫لما أمر بالعبادة قام متعبدًا خاشعًا خاضعًا بين يدي ال حتى تورمت قدماه‪ ،‬فلما‬ ‫•‬
‫سئل عن ذلك قال‪ ) :‬أفل أكون عبدًا شكورًا؟! (‪.‬‬
‫ولما أمر بالبذل؛ أنفق كل ما يملك‪ :‬ما سئل رسول ال صلى ال عليه وسلم على‬ ‫•‬
‫السلم شيئا إل أعطاه ‪ .‬قال فجاءه رجل فأعطاه غنما بين جبلين ‪ .‬فرجع إلى‬
‫قومه ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا قوم أسلموا ‪ .‬فإن محمدا يعطي عطاء ل يخشى الفاقة ‪) .‬صحيح‬
‫مسلم(‬
‫أمرهم بالجهاد وبذل النفس؛ فكان في مقدمة الصفوف‪ ،‬ل يجبن ول يتأخر‪ ،‬بل‬ ‫•‬
‫كان إذا اشتد الوطيس وحميت المعارك‪ ،‬وفر الشجعان‪ ،‬وصمتت اللسنة‬
‫الطويلة‪ ،‬وخطبت السيوف والرماح على منابر الرقاب؛ قام الحبيب ينادي بأعلى‬
‫صوته ويقول‪ ) :‬أنا النبي ل كذب‪ ،‬أنا ابن عبد المطلب ( صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫صفة النبي صلى ال عليه وسلم في الكتب‬
‫السماوية السابقة‬
‫• عن عطاء بن يسار قال لقيت عبد ال بن عمرو بن العاص فقلت أخبرني‬
‫عن صفة رسول ال صلى ال عليه وسلم في التوراة )لن عيسى عليه‬
‫وعلى نبينا أفضل الصلة والسلم بشر بنبينا محمدًا صلى ال عليه وسلم‪،‬‬
‫ل ِإّني‬
‫سَراِئي َ‬‫ن َمْرَيَم َيا َبِني ِإ ْ‬‫سى اْب ُ‬ ‫عي َ‬
‫ل ِ‬ ‫وكذلك نبي ال موسى‪َ } :‬وِإْذ َقا َ‬
‫ل َيْأِتي ِم ْ‬
‫ن‬ ‫سو ٍ‬ ‫شرًا ِبَر ُ‬‫ن الّتْوَراِة َوُمَب ّ‬
‫ي ِم َ‬‫ن َيَد ّ‬ ‫صّدقًا ِلَما َبْي َ‬
‫ل ِإَلْيُكْم ُم َ‬
‫ل ا ِّ‬‫سو ُ‬
‫َر ُ‬
‫ن { ]الصف‪(.[6:‬‬ ‫حٌر ُمِبي ٌ‬‫سْ‬ ‫ت َقاُلوا َهَذا ِ‬‫جاَءُهْم ِباْلَبّيَنا ِ‬‫حَمُد َفَلّما َ‬
‫سُمُه َأ ْ‬ ‫َبْعِدي ا ْ‬
‫فقال أي عبد ال بن عمروبن العاص أجل وال ‪ :‬إنه لموصوف في التوراة‬
‫ببعض صفته في القرآن يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا‬
‫وحرزا للميين أنت عبدي ورسولى سميتك المتوكل ليس بفظ ول غليظ‬
‫ول صخاب في السواق ول يدفع بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر ولن‬
‫يقبضه ال تعالى حتى يقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا ل إله إل ال‬
‫ويفتحوا بها أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا)الدب المفرد(‬
‫هدي النبي صلى ال عليه و سلم بالرفق‬
‫بالحيوان‬
‫• روى مسلم من حديث شداد بن أوس رضي ال عنه أن النبي‬
‫صلى ال عليه وسلم قال‪ ) :‬إن ال تعالى كتب الحسان على كل‬
‫شيء؛ فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة‪ ،‬وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة‪،‬‬
‫وليحّد أحدكم شفرته‪ ،‬وليرح ذبيحته (‪.‬‬
‫• في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي ال عنه أنه صلى‬
‫ال عليه وسلم قال‪ :‬بينما كلب يطيف بركية قد كاد يقتله العطش ‪.‬‬
‫إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل ‪ .‬فنزعت مزقها ‪ ،‬فاستقت له‬
‫به ‪ ،‬فسقته إياه ‪ ،‬فغفر لها به‬
‫كلب عطشان‪ ،‬وهي امرأة زانية‪ ،‬لكنها رحمته فغفر ال لها‪.‬‬
‫• إذا كانت الرحمة بالكلب تغفر الخطايا للبغايا‪ ،‬فكيف تصنع‬
‫الرحمة بمن وحد رب البرايا؟‬
‫• في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي ال عنهما أن‬
‫النبي صلى ال عليه وسلم قال‪ ) :‬دخلت امرأة النار في‬
‫هرة (‪ ،‬أي‪ :‬في قطة‪.‬‬
‫• انظر! بغي تدخل الجنة في كلب‪ ،‬وامرأة تدخل النار في‬
‫قطة‪ ،‬لماذا؟ قال صلى ال عليه وسلم‪ ) :‬حبستها ‪-‬أي‪:‬‬
‫حبست القطة‪ -‬فلم تطعمها‪ ،‬ولم تدعها تأكل من خشاش‬
‫الرض‬
‫هديه في معاملة مخالفيه‬
‫حرص النبي عليه الصلة والسلم على هداية قومه‬

‫عن عائشة رضي ال عنها أنها قالت هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد ؟ فقال لقد‬ ‫•‬
‫لقيت من قومك فكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة إذ عرضت نفسي على ابن عبد يا ليل‬
‫بن كلل فلم يجبني إلى ما أردت فانطلقت وأنا مهموم على وجهي فلم أفق إل في قرن‬
‫الثعالب فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني فقال إن‬
‫ال قد سمع قول قومك وما ردوا عليك وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم ‪.‬‬
‫قال فناداني ملك الجبال فسلم علي ثم قال يا محمد إن ال قد سمع قول قومك وأنا ملك‬
‫الجبال وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك إن شئت أطبق عليهم الخشبين فقال رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم بل أرجو أن يخرج ال من أصلبهم من يعبد ال وحده ول يشرك‬
‫به شيئا ‪) .‬متفق عليه(‬
‫ويوم أحد كان يومًا عظيمًا‪ ،‬نزف فيه دم النبي صلى ال عليه وسلم من جسده‪ ،‬وشج‬ ‫•‬
‫وجهه‪ ،‬وكسرت رباعيته‪ ،‬وتعرض النبي صلى ال عليه وسلم للموت الحقيقي‪ ،‬بل لقد‬
‫انتشر بالفعل في الميدان خبر قتل النبي صلى ال عليه وسلم‪ ،‬حتى ألقى بعض الصحابة‬
‫السلح وقالوا‪ :‬وماذا نصنع بالحياة بعد موت رسول ال صلى ال عليه وسلم؟ فقام أنس‬
‫بن النضر رضي ال عنه ‪-‬وحديثه في الصحيحين‪ -‬فقال لهم‪) :‬قوموا فموتوا على ما مات‬
‫عليه رسول ال صلى ال عليه وسلم(‪ ،‬ونزل في هذه المعركة قول ال جل وعل‪َ } :‬وَما‬
‫ن َيْنَقِل ْ‬
‫ب‬ ‫عَقاِبُكْم َوَم ْ‬
‫عَلى َأ ْ‬
‫ل اْنَقَلْبُتْم َ‬
‫ت َأْو ُقِت َ‬
‫ل َأَفِإْين َما َ‬
‫سُ‬
‫ن َقْبِلِه الّر ُ‬
‫ت مِ ْ‬
‫خَل ْ‬
‫ل َقْد َ‬
‫سو ٌ‬ ‫ل َر ُ‬ ‫حّمٌد ِإ ّ‬
‫ُم َ‬
‫ن { ]آل عمران‪.[144:‬‬ ‫شاِكِري َ‬
‫ل ال ّ‬
‫جِزي ا ُّ‬ ‫سَي ْ‬
‫ل شَْيئًا َو َ‬
‫ضّر ا َّ‬
‫ن َي ُ‬‫عِقَبْيِه َفَل ْ‬
‫عَلى َ‬ ‫َ‬
‫تصور معي أنه صلى ال عليه وسلم مشى من مكة إلى الطائف على قدميه أكثر‬ ‫•‬
‫من سبعين كيلو‪ ،‬ل توجد سيارة‪ ،‬ول دابة‪ ،‬بل مشى على قدميه المتعبتين‬
‫الداميتين‬
‫ل‪ ،‬ول جوادًا‪ ،‬ول ناقة‪ ،‬ومع ذلك‬ ‫طريق غير ممهدة‪ ،‬لم يركب حمارًا‪ ،‬ول بغ ً‬ ‫•‬
‫ف السفهاَء والصبيان على رسول ال صلى‬ ‫لما وصل إلى الطائف سلط الشرا ُ‬
‫ال عليه وسلم‪ ،‬ففعلوا به ما ل يتصور البتة أن يفعله إنسان صاحب مروءة‬
‫بإنسان غريب؛ رموه بالحجارة‪ ،‬سبوه‪ ،‬شتموه‬
‫لو كان الحبيب صلى ال عليه وسلم ممن ينتقمون لنفسهم وذواتهم وأشخاصهم‪،‬‬ ‫•‬
‫ولو كان الحبيب ممن خرج لذاته أو لمجد شخصي أو لنتفاع دنيوي حقيٍر‬
‫زائل؛ لمر النبي ملك الجبال أن يحطم هذه الرءوس الصلدة‪ ،‬والجماجم العنيدة‪،‬‬
‫ولسالت دماء من الطائف ليراها أهل مكة بمكة‪ ،‬لكن اسمع ماذا قال صاحب‬
‫الخلق الرفيع؟ اسمع ماذا قال الرحمة المهداة لملك الجبال؟ قال النبي صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ ) :‬بل أرجو ال عز وجل أن يخرج من أصلبهم من يعبد ال ول‬
‫يشرك به شيئًا ( لم يبعث لعانًا ول فحاشًا‪ ،‬وإنما كما قال هو عن نفسه صلى ال‬
‫ك ِإلّ‬
‫سْلَنا َ‬
‫عليه وسلم‪ ) :‬إنما بعثت رحمة ( ‪ ،‬وكما قال ربه جل جلله‪َ } :‬وَما َأْر َ‬
‫ن { ]النبياء‪ ،[107:‬وكما قال ابن عباس ‪ :‬هو رحمة للفاجر‬ ‫حَمًة ِلْلَعاَلِمي َ‬
‫َر ْ‬
‫والبار؛ فمن آمن به فقد تمت له النعمة‪ ،‬ومن كفر به أمن من العذاب في الدنيا‪:‬‬
‫ت ِفيِهْم { ]النفال‪.[33:‬‬
‫ل ِلُيَعّذَبُهْم َوأَْن َ‬
‫ن ا ُّ‬‫} َوَما َكا َ‬
‫نبي الرحمة يطلق ثمامة‬
‫وعن أبي هريرة قال بعث رسول ال صلى ال عليه وسلم خيل قبل نجد فجاءت‬ ‫•‬
‫برجل من بني حنيفة يقال له ثمامة بن أثال سيد أهل اليمامة فربطوه بسارية من‬
‫سواري المسجد فخرج إليه رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال ماذا عندك يا ثمامة ؟‬
‫فقال عندي يا محمد خير إن نقتل تقتل ذا دم وإن تنعم تنعم على شاكر وإن كنت تريد‬
‫المال فسل تعط منه ما شئت فتركه رسول ال صلى ال عليه وسلم حتى كان الغد فقال‬
‫له ما عندك يا ثمامة ؟ فقال عندي ما قلت لك إن تنعم تنعم على شاكر وإن تقتل تقتل‬
‫ذا دم وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت ‪ .‬فتركه رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم حتى كان بعد الغد فقال له ما عندك يا ثمامة ؟ فقال عندي ما قلت لك إن تنعم‬
‫تنعم على شاكر وإن تقتل تقتل ذا دم وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت ‪.‬‬
‫فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم أطلقوا ثمامة فانطلق إلى نخل قريب من المسجد‬
‫فاغتسل ثم دخل المسجد فقال أشهد أن ل إله إل ال وأشهد أن محمدا عبده ورسوله يا‬
‫محمد وال ما كان على وجه الرض وجه أبغض إلي من وجهك فقد أصبح وجهك‬
‫أحب الوجوه كلها إلي وال ما كان من دين أبغض إلي من دينك فأصبح دينك أحب‬
‫الدين كله إلي ووال ما كان من بلد أبغض إلي من بلدك فأصبح بلدك أحب البلد كلها‬
‫إلي ‪ .‬وإن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة فماذا ترى ؟ فبشره رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم وأمره أن يعتمر فلما قدم مكة قال له قائل أصبوت ؟ فقال ل ولكني أسلمت‬
‫مع رسول ال صلى ال عليه وسلم وال ل يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن‬
‫فيها رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ .‬رواه مسلم واختصره البخاري‬
‫ثمامة بن أثال سيد أهل اليمامة‪ ،‬وكان من أعدى أعداء النبي صلى ال عليه‬ ‫•‬
‫وسلم‪ ،‬وكان يتفنن في إيذائه‪ ،‬ويتفنن في تأليب القوم على النبي وعلى‬
‫السلم‬
‫ل ول شكورًا ول ثناًء‪.‬‬ ‫أطلقوه‪ ،‬ل نريد ما ً‬ ‫•‬
‫إذا أنت أكرمت الكريم ملكته وإذا أنت أكرمت اللئيم تمردا‬ ‫•‬
‫خر كل طاقاته‪ ،‬وقدراته‪ ،‬وإمكاناته‬ ‫انظر إلى هذا الرجل حين أسلم؛ بدأ ُيس ّ‬ ‫•‬
‫لدين ربه جل وعل‪ ،‬يوم أن خلع على عتبة اليمان رداء الشرك والكفر؛‬
‫ظف كل ما يملك لدين ال سبحانه وتعالى‪ ،‬ففرض حصارًا اقتصاديًا ‪-‬على‬ ‫وّ‬
‫سبيل التحقيق ل على سبيل المجاز‪ -‬على مكة وأهلها‪.‬‬
‫وفي رواية ابن إسحاق ‪) :‬حتى اشتدت المجاعة بهم بالفعل(؛ لن القمح كان‬ ‫•‬
‫يصل إليهم من اليمامة‪ ،‬وهو سيد أهل اليمامة؛ فمنع كل حبة قمح تصل إلى‬
‫مكة وأهلها‪ ،‬إل بعد أن يأذن رسول ال‪.‬‬
‫انظر كيف حول إحسان النبي صلى ال عليه وسلم البغض الكامن الدفين‬ ‫•‬
‫في قلب ثمامة إلى حب مشرق‪ ،‬فبالحسان تأسر القلوب‪ ،‬وبالرفق وباللين‬
‫تحول البغض إلى حب‪ ،‬وتحول الكراهية إلى قرب‪.‬‬
‫فالعنف يهدم ول يبني‪ ،‬والشدة إذا استخدمت في غير موضعها تفسد ول‬ ‫•‬
‫تصلح‪ ،‬والنبي صلى ال عليه وسلم يقول‪) :‬عليك بالرفق إن الرفق ل يكون‬
‫في شيء إل زانه ول ينزع من شيء إل شانه‪ ،‬صحيح الجامع (‬
‫نبي الرحمة مع وهب بن عمير‬
‫لما رجع وفد المشركين إلى مكة أقبل عمير بن وهب الجمحي حتى جلس إلى‬ ‫•‬
‫صفوان بن أمية في الحجر ‪ ،‬فقال صفوان ‪ :‬قبح العيش بعد قتلى بدر ‪ ،‬قال ‪ :‬أجل‬
‫وال ما في العيش خير بعدهم ولول دين علي ل أجد له قضاء وعيال ل أدع لهم شيئا‬
‫لرحلت إلى محمد فقتلته إن ملت عيني منه ‪ ،‬إن لي عنده علة أعتل بها أقول ‪:‬‬
‫قدمت على ابني هذا السير ‪ ،‬ففرح صفوان بقوله وقال ‪ :‬علي دينك وعيالك أسوة‬
‫عيالي في النفقة ل يسعني شيء ويعجز عنهم ‪ ،‬فحمله صفوان وجهزه وأمر بسيف‬
‫عمير فصقل وسم وقال عمير لصفوان ‪ :‬اكتمني أياما ‪ ،‬فأقبل عمير حتى قدم المدينة‬
‫فنزل بباب المسجد وعقل راحلته وأخذ السيف فعمد إلى رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم فدخل هو وعمر بن الخطاب رضي ال عنه فقال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم لعمر ‪ :‬تأخر ثم قال ‪ :‬ما أقدمك يا عمير ؟ قال ‪ :‬قدمت على أسيري عندكم ‪،‬‬
‫قال ‪ :‬اصدقني ما أقدمك ؟ قال ‪ :‬ما قدمت إل في أسيري ‪ ،‬قال ‪ :‬فماذا شرطت‬
‫لصفوان بن أمية في الحجر ؟ ففزع عمير وقال ‪ :‬ماذا شرطت له ؟ قال ‪ :‬تحملت له‬
‫بقتلي على أن يعول بنيك ويقضي دينك ‪ ،‬وال حائل بينك وبين ذلك ‪ ،‬قال عمير ‪:‬‬
‫أشهد أنك رسول ال ‪ ،‬إن هذا الحديث كان بيني وبين صفوان في الحجر لم يطلع‬
‫عليه أحد غيري وغيره فأخبرك ال به فآمنت بال ورسوله ‪ ،‬ثم رجع إلى مكة فدعا‬
‫إلى السلم فأسلم على يده بشر كثير‬
‫الراوي‪ :‬أنس بن مالك ‪ -‬خلصة الدرجة‪ :‬إسناده صحيح ‪ -‬المحدث‪ :‬السيوطي‬
‫قصة الذي تكلم أثناء الصلة‬
‫• عن عطاء بن يسار عن معاوية بن الحكم السلمي قال قلت ‪ :‬يا رسول ال‬
‫إنا حديث عهد بجاهلية فجاء ال بالسلم وان رجال منا يتطيرون قال ذاك‬
‫شيء يجدونه في صدورهم فل يصدنهم ورجال منا يأتون الكهان قال فل‬
‫تأتوهم قال يا رسول ال ورجال منا يخطون قال كان نبي من النبياء يخط‬
‫فمن وافق خطه فذاك قال وبينا أنا مع رسول ال صلى ال عليه وسلم في‬
‫الصلة إذ عطس رجل من القوم فقلت يرحمك ال فحدقني القوم بأبصارهم‬
‫فقلت واثكل أمياه مالكم تنظرون الي قال فضرب القوم بأيديهم على‬
‫أفخاذهم فلما رأيتهم يسكتوني لكني سكت فلما انصرف رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم دعاني بأبي وأمي هو ما ضربني ول كهرني ول سبني ما‬
‫رأيت معلما قبله ول بعده أحسن تعليما منه قال ان صلتنا هذه ل يصلح‬
‫فيها شيء من كلم الناس إنما هو التسبيح والتكبير وتلوة القرآن قال ثم‬
‫اطلعت إلى غنيمة لي ترعاها جارية لي في قبل أحد والجوانية وأني اطلعت‬
‫فوجدت الذئب قد ذهب منها بشاة وأنا رجل من بني آدم آسف كما يأسفون‬
‫فصككتها صكة ثم انصرفت إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم فأخبرته‬
‫فعظم ذلك علي فقلت يا رسول ال أفل أعتقها قال ادعها فقال لها رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم أين ال عز وجل قالت في السماء قال فمن أنا قالت‬
‫أنت رسول ال صلى ال عليه وسلم قال إنها مؤمنة فاعتقها‬
‫قال الشيخ اللباني ‪ :‬صحيح‬
‫رفقه ورحمته بأمته صلى ال عليه وسلم‬
‫ل صلى ال عليه وسلم قال‪:‬‬ ‫ل ا ِّ‬‫سو َ‬ ‫• عن أبي ُهَرْيَرَة )رضي ال عنه( َأ ّ‬
‫ن َر ُ‬
‫صلٍة(‬
‫سَواكِ مع كل َ‬‫ق على ُأّمِتي أو على الناس َلَمْرُتُهْم ِبال ّ‬ ‫ش ّ‬
‫ن َأ ُ‬
‫)َلْول َأ ْ‬
‫)متفق عليه(‬
‫تتجلى عظمة هذا الخلق النبوي حين يتخّلى الحبيب صلى ال عليه وسلم عن‬
‫استمراء أحب المور إليه‪ ,‬و أعزها لديه التي هي من جملة العبادة مخافة‬
‫المشقة على أمته !!!‬

‫لًة ول َأَتّم من‬ ‫صَ‬‫ف َ‬ ‫خ ّ‬ ‫ط َأ َ‬


‫ت َوَراَء ِإَماٍم َق ّ‬ ‫صّلْي ُ‬
‫ك قال‪):‬ما َ‬ ‫و عن َأَنس بن َماِل ٍ‬ ‫•‬
‫خاَفَة َأ ْ‬
‫ن‬ ‫ف َم َ‬
‫خّف ُ‬
‫ي َفُي َ‬
‫صِب ّ‬
‫سَمُع ُبَكاَء ال ّ‬ ‫ن كان َلَي ْ‬
‫النبي صلى ال عليه وسلم َوِإ ْ‬
‫ن ُأّمُه()متفق عليه(‬‫ُتْفَت َ‬
‫يصلي بالناس الجماعة فيحيا لذة العبادة بالوقوف و المناجاة ل رب العالمين‪،‬‬
‫تلك الصلة التي هي راحته و غاية أنسه و سعادته‪ ،‬فيخّففها عندما يسمع‬
‫بكاء الصبي رحمًة بأمه !!! و رعايًة لعاطفتها الفطرية تجاهه‪.‬‬
‫قصة العرابي الذي بال في طائفة المسجد‬
‫عن أنس بن مالك ‪:‬بينما نحن في المسجد مع رسول ال صلى ال عليه‬ ‫•‬
‫وسلم إذ جاء أعرابي ‪ .‬فقام يبول في المسجد ‪ .‬فقال أصحاب رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ :‬مه مه ‪ .‬قال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم "‬
‫ل تزرموه ‪ .‬دعوه " فتركوه حتى بال ‪ .‬ثم إن رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم دعاه فقال له " إن هذه المساجد ل تصلح لشيء من هذا البول ول‬
‫القذر ‪ .‬إنما هي لذكر ال عز وجل ‪ ،‬والصلة ‪ ،‬وقراءة القرآن " ‪ ،‬أو كما‬
‫قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ .‬قال فأمر رجل من القوم ‪ ،‬فجاء بدلو‬
‫من ماء ‪ ،‬فشنه عليه ‪ ).‬صحيح مسلم (‬
‫لحظ‪:‬‬ ‫•‬
‫أن المسجد ما كان خاليًا‪ ،‬فالنبي صلى ال عليه و سلم موجود فيه وجالس مع‬ ‫–‬
‫أصحابه‪.‬‬
‫ن َرُءو ٌ‬
‫ف‬ ‫صاحب الخلق‪ ،‬والرحمة المهداة‪ ،‬الذي قال ال في حقه‪ِ } :‬باْلُمْؤِمِني َ‬ ‫–‬
‫حيٌم { ]التوبة‪ ،[128:‬يقول لهم‪ ) :‬دعوه ل تزرموه ( يا أل )ل تزرموه( يعني‪ :‬ل‬ ‫َر ِ‬
‫تقطعوا عليه بولته‪ ،‬دعوه يكمل تبوله‪ ،‬ال أكبر! وتبول الرجل‪ ،‬ورسول ال جالس‪،‬‬
‫وإذ بصاحب الخلق الكريم ينادي عليه بعدما انتهى‪ :‬تعال‪ ،‬لكن هل شتمه‪ ،‬نهره‪،‬‬
‫ضربه‪ ،‬جرح مشاعره؟ ل وال‪ :‬فهل استهزأ به‪ ،‬سخر منه‪ ،‬تهكم عليه؟ ل وال!‬
‫فانظر ماذا قال صلى ال عليه وسلم‪ .‬قال‪) :‬إن المساجد ل تصلح لشيء من هذا(‪،‬‬
‫اسمعوا كيف الدب؟! كيف التواضع والرحمة والحكمة والخلق؟‬
‫• وجاءت رواية أخرى في كتاب الدب في صحيح البخاري‪ ،‬أن‬
‫هذا العرابي تأثر بأخلق النبي عليه الصلة والسلم‪ ،‬وبهذا‬
‫الحلم والرفق‪ ،‬فأول ما دخل الصلة خلف رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم قام يدعو ال عز وجل‪ ،‬فقال‪) :‬اللهم ارحمني ومحمدًا‪،‬‬
‫ول ترحم معنا أحدًا(‪.‬‬
‫فهل تركه رسول ال؟ ل‪ ،‬علمه درسًا آخر وبأدب فماذا قال له عليه‬
‫الصلة والسلم؟ قال ‪ ):‬لقد تحجرت واسعًا! ( أنت تضيق ما‬
‫سَع ْ‬
‫ت‬ ‫وسعه ربنا تبارك وتعالى‪ ،‬لماذا؟ ربنا يقول‪َ } :‬وَرحَْمِتي َو ِ‬
‫يٍء { ]العراف‪.،[156:‬‬ ‫ش ْ‬
‫ل َ‬
‫ُك ّ‬
‫حلمه و عفوه صلى ال عليه وسلم‬
‫• عن أبي سعيد الخدري قال‪) :‬بينا النبي صلى ال عليه وسلم يقسم ذات يوم قسما فقال ذو‬
‫الخويصرة ‪-‬رجل من بني تميم‪ :-‬يا رسول ال اعدل قال‪) :‬ويلك من يعدل إذا لم أعدل؟(‬
‫فقال عمر‪ :‬ائذن لي فلضرب عنقه‪ ،‬قال‪ :‬ل‪)(......‬صحيح البخاري(‬
‫• وعن أبي سعيد ‪-‬رضي ال عنه‪ -‬قال‪ :‬بعث علي ‪-‬رضي ال عنه‪ -‬إلى النبي صلى ال عليه‬
‫وسلم بذهيبة فقسمها‪...‬فأقبل رجل غائر العينين مشرف الوجنتين ناتئ الجبين كث اللحية‬
‫محلوق فقال‪ :‬اتق ال يا محمد‪ ،‬فقال‪) :‬من يطع ال إذا عصيت أيأمنني ال على أهل‬
‫الرض فل تأمنونني فسأله رجل قتله أحسبه خالد بن الوليد فمنعه()متفق عليه(‬
‫ظهم من المال ؛ فيناديه بفظاظة يا‬ ‫• يعترض له )ذو الخويصرة ( بجفاء وهو يقسم للناس ح ّ‬
‫رسول ال اعدل!‬
‫ل عليه يدعوه باسمه)يا محمد( مجّردا من نعت الرسالة‬ ‫• و يأتي آخر رافعًا صوته‪ ،‬متطاو ً‬
‫والصطفاء! فيقول بملء فمه )اتق ال يا محمد( فل تظلم في العطاء!‬
‫صلف في حق خير البرية صلى ال عليه وسلم و أزكاهم عند‬ ‫إنها كلمة غاية في الشناعة و ال ّ‬
‫ال تبارك وتعالى‪ ،‬المؤتمن على وحيه‪ ،‬وتبليغ رسالته‪ ،‬و بيان شرعه‪ ،‬و حلله وحرامه‪،‬‬
‫المخّير حين نبّوته بين أن يكون ملكا أو عبدا فاختار العبودية‪ ،‬أتغّره لعاعة من متاع الدنيا‬
‫فينقض عهده مع ربه! ويجرح أمانته‪ ،‬ويخالف رسالته و يهدم مبادئه العليا!!!‬
‫لقد كان لتلك الكلمات الجائرة صدى عنيفًا على سمع أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم‪،‬‬
‫فأشعلت فتيل الغضب في نفوسهم‪ ،‬و تبادروا لقتله‪ ،‬فما كان من الحبيب صلى ال عليه‬
‫وسلم إل أن منعهم ذلك‪ ،‬و اكتفى بالتأنيب والعتاب المؤثر )ويحك( و في رواية )ويلك‪،‬من‬
‫يطع ال إذا عصيت أيأمنني ال على أهل الرض فل تأمنونني(‪ ،‬وفي رواية )أو لست‬
‫أحق أهل الرض أن أطيع ال؟(‪.‬‬
‫فتح مكة‬
‫• يبلغ العفو منتهاه حينما يدخل مكة ـ حرسها ال ـ بعد‬
‫كفاح طويل في الدعوة و الجهاد في سبيل ال‪ ،‬فيجتمع‬
‫أهلها إليه في المسجد فيقول لهم‪) :‬ما ترون أني صانع‬
‫بكم؟( قالوا‪ :‬خيرا‪ ،‬أخ كريم وابن أخ كريم‪ .‬فقال‪:‬‬
‫)اذهبوا فأنتم الطلقاء()سنن البيهقي الكبرى(‬
‫• يا له من صفح جميل‪ ،‬و عفو بليغ‪ ،‬مأمول من ذلك‬
‫الرجل الكريم الذي هو أهله‪ ،‬حيث يكون سائغا‪.‬‬
‫• و حين تنتهك حرمات ال تعالى‪ ،‬فإنه يشتّد غضبه ل‬
‫حتى يرى أثره على و جهه‪ ،‬فل يعف عن منكر ل‬
‫يرضاه ال سبحانه‪ ،‬أو يحلم عن إقامة حّد من حدوده‪.‬‬
‫تواضعه و لين جناحه صلى ال عليه وسلم‬
‫ن ِلي ِإَلْيكَ‬
‫ل ِإ ّ‬
‫ل ا ِّ‬
‫سو َ‬
‫ت َيا َر ُ‬
‫يٌء َفَقاَل ْ‬
‫ش ْ‬‫عْقِلَها َ‬
‫ن ِفي َ‬‫ن اْمَرَأًة َكا َ‬‫س َأ ّ‬
‫ن َأَن ٍ‬‫عْ‬‫َ‬ ‫•‬
‫جَتك(‬
‫حا َ‬
‫ك َ‬ ‫ي َل ِ‬
‫ضَ‬
‫حّتى َأْق ِ‬‫ت َ‬ ‫شْئ ِ‬
‫ك ِ‬‫سَك ِ‬‫ي ال ّ‬ ‫ظِري َأ ّ‬ ‫ن‪ ،‬اْن ُ‬
‫لٍ‬‫ل ‪َ) :‬يا ُأّم ُف َ‬‫جًة َفَقا َ‬
‫حا َ‬
‫َ‬
‫جِتَها‪).‬رواه مسلم و‬ ‫حا َ‬
‫ن َ‬ ‫ت ِم ْ‬‫غ ْ‬ ‫حّتى َفَر َ‬
‫ق َ‬ ‫ض الطُّر ِ‬
‫ل َمَعَها ِفي َبْع ِ‬ ‫خَ‬‫َف َ‬
‫البخاري(‬

‫توافيه تلك المرأة )وفي عقلها شئ( في بعض الطرق الضيقة‪ ،‬المصطفة من‬
‫النخيل‪ ،‬المسلوكة التي ل تنفك عن مرور الناس غالًبا)‪ ،(3‬و تسأله حاجتها‪،‬‬
‫و ما ثّم لول ما آنسته من الحبيب صلى ال عليه وسلم من تمام التواضع و‬
‫القرب من المستضعفين ‪ ،‬ولينه في أيديهم ومشيه في حوائجهم‪ ،‬وتشوقِه‬
‫شؤوِنهم ‪.‬‬‫شكواُهم وقضاِء ُ‬ ‫ع َ‬‫إلى إرضاِئهم وسما ِ‬
‫فيسعها النبي صلى ال عليه وسلم بعطفه المعروف و تواضعه المألوف ‪ ،‬ملبيًا‬
‫حّتى‬
‫ت َ‬
‫شْئ ِ‬
‫ك ِ‬
‫سَك ِ‬
‫ي ال ّ‬
‫ظِري َأ ّ‬
‫ن‪ ،‬اْن ُ‬
‫لٍ‬‫رغبتها بسخاوة نفس و تقدير )َيا ُأّم ُف َ‬
‫جَتك( !!!‬
‫حا َ‬
‫ك َ‬
‫ي َل ِ‬
‫ضَ‬‫َأْق ِ‬

‫سهل‬
‫ح طّوق الوعر وال ّ‬
‫و خفض جنا ٍ‬ ‫فلّله لين ذاع في الناس صيته‬
‫ي َقِميصٌ‬ ‫علَ ّ‬
‫ل ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪َ -‬مَع َأِبي‪َ ،‬و َ‬ ‫ل ا ِّ‬ ‫سو َ‬‫ت َر ُ‬ ‫ت َأَتْي ُ‬‫سِعيٍد َقاَل ْ‬‫ن َ‬ ‫خاِلِد ْب ِ‬
‫ت َ‬ ‫خاِلٍد ِبْن ِ‬
‫ن ُأّم َ‬ ‫عْ‬ ‫َ‬ ‫•‬
‫سَنْه(‪.‬‬
‫سَنْه َ‬
‫ل ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪َ ) -‬‬ ‫ل ا ِّ‬ ‫سو ُ‬‫ل َر ُ‬ ‫صَفُر َقا َ‬‫َأ ْ‬
‫ل‪-‬‬ ‫ل ا ِّ‬‫سو ُ‬ ‫ل َر ُ‬ ‫خاَتِم الّنُبّوِة َفزَبَرِني َأِبي‪َ ،‬قا َ‬
‫ب ِب َ‬
‫ت َأْلَع ُ‬‫ت‪َ :‬فَذَهْب ُ‬ ‫سَنٌة َقاَل ْ‬‫حَ‬‫شّيِة َ‬ ‫حَب ِ‬
‫ي ِباْل َ‬
‫ل َوِه َ‬ ‫عْبُد ا ِّ‬
‫ل َ‬ ‫َقا َ‬
‫خِلِقي ُثّم َأْبِلي‬‫ل ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪َ) :-‬أْبِلي َوَأ ْ‬ ‫ل ا ِّ‬
‫سو ُ‬ ‫ل َر ُ‬ ‫عَها( ُثّم َقا َ‬ ‫صلى ال عليه وسلم ‪َ) :-‬د ْ‬
‫حّتى َذَكَر‪).‬متفق عليه(‬ ‫ت َ‬ ‫ل ‪َ :‬فَبِقَي ْ‬‫عْبُد ا ِّ‬
‫خِلِقي( َقالَ َ‬ ‫خِلِقي ُثّم َأْبِلي َوَأ ْ‬‫َوَأ ْ‬
‫ص ‪ ،‬تكّنى أم خالد‪ ،‬و‬ ‫سعْيد بن الَعا ِ‬ ‫تأتيه جارية صغيرة هي ‪ :‬أَمة )بمفتوحة وخّفة ميم( بنت خالد بن َ‬
‫تقترب منه لترسم صورة أخرى رائعة من التواضع و العطف النبوي ‪.‬‬
‫نرى فيها الّنبي المرّبي ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬و هديه القويم في رعاية الطفال‪ ،‬وقربه من الصَّغار‪،‬‬
‫صة !‪ .‬أل ترى إلى عظيم تقديره‬ ‫شر وسهولة الخلق‪ ..‬والرحابة ‪...‬وشفقته على البنات خا ّ‬ ‫وتلّقيهم بالِب ْ‬
‫لم خالد واصطفائها من سائر القوم وتشريفها بهديته ‪ ...‬بعدما سأل الحضور من أصحابه عمن‬
‫ن َأ ْ‬
‫ن‬ ‫ن َتَرَو َ‬ ‫ل‪َ) :‬م ْ‬ ‫يستحقها ‪ ...‬وسكتوا حيرة فاستشرفوا لها وكانت تلك الجارية هي الجديرة بها َقا َ‬
‫ل‪ :‬ائتوني بأّم خالٍد(‪.‬‬ ‫سَو هذه؟ فسكت القوُم‪َ ،‬قا َ‬ ‫نْك ُ‬
‫خَذ‬‫إنه يدعوها بكنيتها زيادة في إكرامها والهتمام بها وجيء بها تحمل في ‪-‬رواية– لحداثة سّنها – )َفَأ َ‬
‫صَة – وهي كساء من خّز أو صوف ‪ -‬بيده الشريفة فألبسه( إياها!‬ ‫خِمْي َ‬ ‫ال َ‬
‫ح العلم –‬ ‫سُ‬ ‫ل َيْم َ‬‫جَع َ‬
‫صلة والسلم ‪ -‬في العطف عليها والحسان إليها ‪ ..‬والّبر بها‪َ) .‬ف َ‬ ‫وبالغ ‪ -‬عليه ال ّ‬
‫حا لها مثنًيا على جمالها وروعتها ‪ ..‬هذا‬ ‫وهي ألوانها البارزة الصفراء أو الخضراء – بيده ويقول ماد ً‬
‫ي الفصيح!‬ ‫ب ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬بالحبشّية‪ ،‬وهو العرب ّ‬ ‫سَنْه( بمعنى حسن‪ ،‬وما قالها الحبي ُ‬ ‫سَنْه َ‬ ‫)َ‬
‫إل محاكاة ّللغة التي ألفتها منذ طفولتها ‪ ...‬وتطييًبا لخاطرها وطمًعا في إدخال السرور والبهجة إلى‬
‫قلبها‪.‬‬
‫ي الدافئ ليحكي مشهدا مؤّثرا من اللطف الغامر بتلك الصبية‪ ،‬دنت منه بعدما‬ ‫ن النبو ّ‬ ‫ستمّر الحنا ُ‬ ‫• وَي ْ‬
‫سها‬ ‫ت نف ُ‬ ‫اطمأّنت لتواضعه ورحمته‪ ...‬لفت نظرها خاتم النبوة البارز بين كتفيه )كزّر الحجلة(‪َ ..‬فَتاَق ْ‬
‫إلى لمسه فطفقت تلعب به‪ ،‬مما أثار حفيظة والدها الذي نهرها بقسوة‪ ،‬فنهاه النبي ‪ -‬صلى ال عليه‬
‫حا مستأنسة برضى النبي ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬مطمئنة‬ ‫وسلم ‪ -‬وقال‪) :‬دعه( فاستمرت تلهو به مر ً‬
‫ت لها مباركٍة يرددها ثلًثا ويمتّد أثرها إلى أمد ذاك اللقاء بما‬ ‫إلى سماحته‪ ،‬ثم يختم اللقاء الطيب بدعوا ٍ‬
‫يحويه من المعاني القّيمة للتواضع وخفض الجناح‬
‫عّفته و حياؤه صلى ال عليه وسلم‬
‫عن سالم بن عبد ال عن أبيه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم مّر على رجل من‬ ‫•‬
‫ن الحياء‬ ‫النصار وهو يعظ أخاه في الحياء فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪):‬دعه فإ ّ‬
‫من اليمان(‪).‬البخاري و مسلم(‬
‫عن أنس قال‪) :‬لما تزوج النبي صلى ال عليه وسلم زينب أهدت له أم سليم حيسا في تور‬ ‫•‬
‫من حجارة فقال أنس فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم اذهب فادع لي من لقيت من‬
‫المسلمين فدعوت له من لقيت فجعلوا يدخلون عليه فيأكلون ويخرجون ووضع النبي صلى‬
‫ال عليه وسلم يده على الطعام فدعا فيه وقال فيه ما شاء ال أن يقول ولم أدع أحدا لقيته‬
‫إل دعوته فأكلوا حتى شبعوا وخرجوا وبقي طائفة منهم فأطالوا عليه الحديث فجعل النبي‬
‫صلى ال عليه وسلم يستحيي منهم أن يقول لهم شيئا فخرج وتركهم في البيت فأنزل ال‬
‫غْيَر‬
‫طَعاٍم َ‬
‫ن َلُكْم ِإَلى َ‬
‫ن ُيْؤَذ َ‬
‫ي ِإّل َأ ْ‬‫ت الّنِب ّ‬
‫خُلوا ُبُيو َ‬
‫ن آمَُنوا ل َتْد ُ‬
‫عز وجل‪َ) :‬يا َأّيَها اّلِذي َ‬
‫خُلوا(‪ ،‬حتى بلغ‪َ) :‬ذِلُكمْ‬ ‫عيُتْم َفاْد ُ‬‫ن ِإَذا ُد ِ‬
‫ن ِإَناُه(‪ ،‬قال قتادة‪ :‬غير متحينين طعاما‪َ) ،‬وَلِك ْ‬ ‫ظِري َ‬‫َنا ِ‬
‫ن((‪).‬مسلم(‬ ‫طَهُر ِلُقُلوِبُكْم َوُقُلوِبِه ّ‬
‫َأ ْ‬
‫عن أبي سعيد الخدري ‪-‬رضي ال عنه‪ -‬قال‪) :‬كان النبي صلى ال عليه وسلم أشد حياء‬ ‫•‬
‫من العذراء في خدرها حدثني محمد بن بشار حدثنا يحيى وبن مهدي قال‪ :‬حدثنا شعبة‬
‫مثله وإذا كره شيئا عرف في وجهه(‪).‬متفق عليه(‬
‫• ترجمت لنا سيرته العطرة حقيقة ذلك الحياء‪ ،‬و تمّكنه من خلقه و سلوكه‬
‫العملي‪ ،‬في مواقف شتى منها زواجه من زينب بنت جحش ‪-‬رضي ال‬
‫عنها‪:-‬‬
‫فقد كان صلى ال عليه وسلم حديث عهٍد بأهله‪ ،‬و الضياف في بيته قد‬
‫حضروا وليمته‪ ،‬و طعموا حتى شبعوا‪ ،‬و ظّلوا مستأنسين بالحديث في غفلٍة‬
‫عن حال النبي صلى ال عليه وسلم و تكّدره من طول بقائهم‪ ،‬و هو يستحي‬
‫أن يواجههم بأمر الخروج من بيته‪ ،‬و النفراد بعروسه!‬
‫ص حقوق نفسه في ليلة البناء بأهله و الشوق‬‫حمله الحياء على أن يترك أخ ّ‬
‫إليهم‪ ،‬و تحّمل مشقة الحرج من أصحابه الذين أكرمهم بضيافته‪ ،‬و التناول‬
‫من مائدته‪ ،‬على أن يصارحهم بما يجول في خاطره و ما يعتمل في نفسه‬
‫إيثارًا للحياء و حرصًا على توفير الراحة و النبساط لهم‪.‬‬
‫فتوّلى الرحمن سبحانه أمره‪ ،‬و رفع عنه ما أهّمه‪ ،‬و أنزل قرآنا يتلى إلى يوم‬
‫ق العظيم من الحترام‬ ‫القيامة يصدع بما للنبي صلى ال عليه وسلم من الح ّ‬
‫و التوقير و الداب المتّعينة له على أصحابه و أمته‪.‬‬
‫و يدعونا في الوقت نفسه إلى القتداء به و التحلي بهذا الخلق الفاضل‪ ،‬فمن‬
‫استحيا من ال سبحانه حق الحياء رأى نعمه و آلءه‪ ،‬و استشعر إساءته‬
‫وتقصيره‪ ،‬و بادر بالخيرات و ترك المنكرات‪ ،‬و من استحيا من نفسه عّفها‬
‫و صانها في الخلوات‪ ،‬و من استحيا من الناس كف أذاه عنهم و ترك‬
‫المجاهرة بالقبيح و السيئات‬
‫أمانته صلى ال عليه وسلم‬
‫لقد نشأ يتيمًا مطبوعًا على المانة و الوفاء بالعهد‪ ،‬فل يكاد يعرف في قومه إل‬ ‫•‬
‫ل في نفوسهم و قلوبهم‬‫بالمين‪ ،‬فيقولون‪:‬جاء المين‪ ،‬و ذهب المين‪ ،‬و ح ّ‬
‫أعلى منازل الثقة و الرضى!!‬
‫ل على ذلك احتكامهم إليه في الجاهلية في قصة رفع الحجر السود عند‬ ‫كما د ّ‬ ‫•‬
‫بنائهم الكعبة المشرفة‪ ،‬بعد تنازعهم في استحقاق شرف رفعه و وضعه في‬
‫محله‪ ،‬حتى كادوا يقتتلون لول اتفاقهم على تحكيم أول داخل يدخل المسجد‬
‫الحرام‪ ،‬فكان هو محمد صلى ال عليه وسلم فلما رأوه قالوا‪) :‬هذا المين‪،‬‬
‫رضينا هذا محمد(‬
‫و بلغ من ثقتهم الكبيرة في أمانته و وفائه ما اعتادوا عليه من حفظ أموالهم و‬ ‫•‬
‫نفائس مّدخراتهم لتكون وديعة عنده‪ ،‬و لم يزل هذا شأنهم حتى بعد معاداته‬
‫بسبب نبّوته و دعوتهم إلى اليمان و نبذ عبادة الوثان‪ ،‬فلم يخالجهم الشك في‬
‫أمانته و وفائه! و مما يدل على ذلك ترك علي بن أبي طالب ‪-‬رضي ال‬
‫عنه‪ -‬بمكة بعد هجرته صلى ال عليه وسلم ليرد للناس ودائعهم التي كانت‬
‫عنده‪ ،‬حتى إذا فرغ منها لحق برسول ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫• لقد تحقق ذلك الخلق العظيم بأتّم معانيه‪ ،‬و أحسن مراميه بعد نبّوته صلى‬
‫ال عليه وسلم لن ال تعالى أراده خاتمًا لنبيائه و رسله إلى الناس كافة‪ ،‬و‬
‫ل ُيمّكن من ذلك إل أمين كامل المانة‪ ،‬يحظى بثقة الناس فيستجيبون له و‬
‫يؤمنون به‪.‬‬
‫و أّدى نبينا صلى ال عليه وسلم شرع ربنا تبارك و تعالى كما أراده ال عّز و‬
‫ل‪ ،‬و بّلغ آياته فلم يكتم منها حرفًا و إن كان عتابًا له و لومًا‪ ،‬و شهد له‬ ‫جّ‬
‫في كتابه بهذا البلغ الكامل حتى تّم الدين‪ ،‬و ظهر السلم قال تعالى‪:‬‬
‫سلَم ِدينًا(‬
‫ت َلُكْم اِل ْ‬
‫ضي ُ‬
‫عَلْيُكْم ِنْعَمِتي َوَر ِ‬
‫ت َ‬
‫ت َلُكْم ِديَنُكْم َوَأْتَمْم ُ‬
‫)اْلَيْوَم َأْكَمْل ُ‬
‫]سورة المائدة‪.[3:‬‬
‫• و إن من المواقف العظيمة في أمانته ما رواه سعد ‪-‬رضي ال عنه‪ -‬قال لما‬
‫كان يوم فتح مكة اختبأ عبد ال بن سعد بن أبي سرح عند عثمان بن عفان‬
‫فجاء به حتى أوقفه على النبي صلى ال عليه وسلم فقال‪ :‬يا رسول ال بايع‬
‫عبد ال‪ .‬فرفع رأسه فنظر إليه ثلثا كل ذلك يأبى فبايعه بعد ثلث‪ ،‬ثم أقبل‬
‫على أصحابه فقال‪) :‬أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حيث رآني‬
‫كففت يدي عن بيعته فيقتله( فقالوا‪ :‬ما ندري يا رسول ال ما في نفسك أل‬
‫أومأت إلينا بعينك؟ قال‪) :‬إنه ل ينبغي لنبي أن تكون له خائنة العين(‬
‫)رواه أبو داود و الحاكم و قال صحيح على شرط مسلم(‬
‫وفاؤه صلى ال عليه و سلم‬
‫أما الوفاء فله منزلة عظيمة في أخلق النبي صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فكان أوفى الناس مع‬ ‫•‬
‫ربه تبارك و تعالى‪ ،‬و مع أصحابه و أزواجه و ذويه‪ ،‬بل و أعدائه!‪.‬‬
‫و من أروع المواقف النبوية التي تتجسد فيها هذه السجية الفاضلة ؛ و فاؤه لحاطب بن أبي‬ ‫•‬
‫بلتعة ‪-‬رضي ال عنه‪ -‬مع فعلته الكبرى و هي إفشاؤه لسر النبي صلى ال عليه وسلم في‬
‫أشد المواقف خطورة‪ ،‬موقف الغزو الذي ل تغفر البشرية لمثله!لنه تجسس و خيانة‬
‫عظمى‪.‬‬
‫فقد كتب حاطب إلى أهل مكة يخبرهم بمقدم رسول ال صلى ال عليه وسلم إليهم بجيشه‬ ‫•‬
‫لفتح مكة‪ ،‬و أرسله خفية مع ظعينة له‪ ،‬فلما أطلع ال تعالى نبيه صلى ال عليه وسلم على‬
‫ذلك و مّكنه من إحباطه‪ ،‬و راوده بعض أصحابه على ضرب عنقه‪ ،‬قال صلى ال عليه‬
‫طلع على من شهد بدرًا فقال اعملوا ما‬ ‫وسلم‪) :‬إنه قد شهد بدرًا و ما يدريك لعّل ال ا ّ‬
‫شئتم فقد غفرت لكم()رواه البخاري و مسلم(‬
‫فانظر إلى مبلغ وفائه لصحابه! و إن عظمت زّلة أحدهم أو كبر خطؤه ما لم يكن في حّد‬ ‫•‬
‫من حدود ال سبحانه‪ ،‬أو تهاون بشرعه‪ ،‬و أمكن تدارك الخطر قبل و قوعه‪.‬‬
‫ب ذلك الصحابي للتوبة‬‫و لشك أن هذا الوفاء الفريد و التصرف الرشيد سيعزز ح ّ‬ ‫•‬
‫النصوح من هذا الذنب الذي ل يبرره خوفه على أهله و ذويه في مكة‪.‬‬
‫أسلوب النبي صلى ال عليه و سلم في الدعوة‬
‫لقد كان النبي عليه الصلة والسلم رحمة لكل العالمين‪ ،‬وليس كما يفهم‬ ‫•‬
‫ل‪ ،‬هو‬ ‫البعض من أنه صلى ال عليه وسلم كان رحمة للمسلمين فحسب‪ ،‬ك ّ‬
‫حَمًة‬
‫ل َر ْ‬
‫ك ِإ ّ‬
‫سْلَنا َ‬
‫رحمة للمسلمين ولغير المسلمين‪ ،‬قال ال تعالى‪َ } :‬وَما َأْر َ‬
‫ن { ]النبياء‪[107:‬؛ قال ابن عباس رضي ال عنهما‪) :‬رسول ال‬ ‫ِلْلَعاَلِمي َ‬
‫صلى ال عليه وسلم رحمة للفاجر والبار(‪ ،‬ما هذا؟ رحمة للبار؟ نعم‪.‬‬
‫لكن النبي عليه الصلة والسلم رحمة للفجار للكفار؟! لماذا؟ لنه بمجرد أن‬ ‫•‬
‫بعثه ربه تبارك وتعالى‪ ،‬وعده بأل يعذب القوم ما دام رسول ال فيهم‪ ،‬قال‬
‫ت ِفيِهْم { ]النفال‪.[33:‬‬ ‫ل ِلُيَعّذَبُهْم َوَأْن َ‬
‫ن ا ُّ‬
‫ال عز وجل‪َ } :‬وَما َكا َ‬
‫فمن آمن به تبارك وتعالى فقد اكتملت له الرحمة في الدنيا والخرة‪ ،‬ومن‬ ‫•‬
‫كفر به رحم في الدنيا‪ ،‬ونجا من عذاب الدنيا‪ ،‬وبعد ذلك يعاقبه أو يحاسبه‬
‫ربه بما شاء وكيف شاء في الخرة‪.‬‬
‫ومن ثم كان الحبيب صلى ال عليه وسلم رحمة للعالمين‪ :‬للفجار للكفار‬ ‫•‬
‫للبرار الموحدين والمؤمنين المصدقين به صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫• رسول ال صلى ال عليه وسلم بعثه ربه عز وجل رحمة‪ ،‬ولذلك قال النبي صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫ل بسند‬ ‫ل‪ ،‬إل أن الحاكم قد رواه موصو ً‬ ‫) إنما أنا رحمة مهداة ‪ (...‬الحديث‪ ،‬وإن كان قد روي مرس ً‬
‫صحيح‪ ،‬وأقر الحاكم الذهبي وغيره‪.‬‬
‫• وفي صحيح مسلم‪ ) :‬عن ابي هريرة قال قيل للنبي عليه الصلة والسلم‪ :‬ادع على المشركين! فقال‪:‬‬
‫إني لم أبعث لعانًا‪ ،‬إنما بعثت رحمة(‪،‬‬
‫• انظر إلى رحمته بالمة عليه الصلة والسلم‪ :‬النبي عليه الصلة والسلم جلس يومًا فقرأ قول ال‬
‫ن الّنا ِ‬
‫س‬ ‫ن َكِثيرًا ِم ْ‬
‫ضَلْل َ‬
‫ن َأ ْ‬
‫ب ِإّنُه ّ‬
‫تبارك وتعالى في سورة إبراهيم على نبينا وعليه الصلة والسلم‪َ } :‬ر ّ‬
‫حيٌم { ]إبراهيم‪ ،[36:‬انظر إلى كلم سيدنا الخليل‪،‬‬ ‫غُفوٌر َر ِ‬ ‫ك َ‬ ‫صاِني َفِإّن َ‬‫ع َ‬‫ن َ‬
‫ن َتِبَعِني َفِإّنُه ِمّني َوَم ْ‬
‫َفَم ْ‬
‫هذا كلم إبراهيم على نبينا وعليه الصلة والسلم‪ ،‬يقول‪) :‬رب إنهن أضللن كثيرًا من الناس(‪ ،‬يعني‪:‬‬
‫الصنام واللهة المكذوبة المدعاة‪) ،‬فمن تبعني فإنه مني‪ ،‬ومن عصاني( لم يقل‪ :‬فانتقم منه فأهلكه‪ ،‬بل‬
‫قال‪) :‬فإنك غفور رحيم(‪.‬‬
‫) فلما قرأ النبي صلى ال عليه وسلم هذه الية في حق خليل ال إبراهيم‪ ،‬وقرأ قول ال في عيسى على‬
‫حِكيُم {‬
‫ت اْلَعِزيُز اْل َ‬
‫ك َأْن َ‬‫ن َتْغِفْر َلُهْم َفِإّن َ‬
‫ك َوِإ ْ‬
‫عَباُد َ‬
‫ن ُتَعّذْبُهْم َفِإّنُهْم ِ‬
‫نبينا وعليه الصلة والسلم‪ِ } :‬إ ْ‬
‫]المائدة‪ ،[118:‬بكى‪ ،‬فقال ال عز وجل لجبريل عليه السلم‪ :‬يا جبريل! انزل إلى محمد ‪-‬صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ -‬فسله‪ :‬ما الذي يبكيك؟ فنزل جبريل عليه السلم إلى النبي صلى ال عليه وسلم وسأله‪ :‬ما‬
‫الذي يبكيك؟! فقال الحبيب صلى ال عليه وسلم‪ :‬أمتي! أمتي! يا جبريل‪ ،‬أمتي! أمتي! يا جبريل‪،‬‬
‫فصعد جبريل إلى الملك الجليل‪ ،‬فقال‪ :‬يبكي على أمته ‪-‬وهو أعلم جل جلله‪ -‬فقال ال تبارك وتعالى‬
‫لجبريل‪ :‬انزل وقل لمحمد ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ :-‬إنا سنرضيك في أمتك ول نسوءك (‪).‬رواه مسلم(‬
‫• ولذلك روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي ال عنه أن النبي صلى ال عليه وسلم‬
‫قال‪) :‬لكل نبي دعوة مستجابة(‪ ،‬أي‪ :‬كل نبي له دعوة‪ ،‬وعده ال تبارك وتعالى أن يستجيبها‪ ) ،‬لكل‬
‫نبي دعوة مستجابة‪ ،‬فتعجل كل نبي دعوته إل أنا‪ ،‬فإني قد اختبأت دعوتي شفاعة لمتي يوم القيامة‪،‬‬
‫فهي نائلة إن شاء ال تعالى من مات ل يشرك بال شيئًا (‪).‬صحيح الجامع(‬
‫نبينا محمد صلى ال عليه وسلم آية من آيات ال‪،‬‬
‫وعجيبة من عجائب الكون‪ ،‬فهو نبي الرحمة‪ ،‬والنعمة‬
‫المهداة إلى المة‪ ،‬صاحب الخلق الفاضل الرفيع‪ ،‬وقد‬
‫ظيٍم(‪،‬‬
‫عِ‬‫ق َ‬‫خُل ٍ‬
‫ك َلَعلى ُ‬
‫شهد ال تعالى له بقوله‪َ) :‬وِإّن َ‬
‫فحري بنا أن نتعرف على أخلقه صلى ال عليه وسلم‬
‫لنقتدي بها في جميع شؤون حياتنا‪.‬‬
‫• من سلسلة ايمانيات لفضيلة الشيخ محمد حسان حفظه ال‬
‫• من موقع شبكة السنة النبوية و علومها )الحلقات و‬
‫الدروس‪ ::‬الشمائل النبوية ( المشرف العام الدكتور فالح‬
‫الصغير حفظه ال‬
‫ل تنسونا و اخوانكم المسلمين في كل بقاع الرض من‬
‫الدعاء‬
‫و الحمدل رب العالمين‬
‫و أصلي و أبارك على المبعوث رحمة للعالمين و على آله‬
‫و صحبه أجمعين‬

You might also like