Professional Documents
Culture Documents
وحبذت السنة التجارة تارة وحثت على الزراعة تارة أخرى ،
وأصبحت المدينة المنورة مركزا ً اقتصاديا ً رغم فقر المؤمنين
المهاجرين الذين آخى الرسول بينهم وبين أهل المدينة ،في اندماج
ً )(59
اقتصادي وتكافل اجتماعي ما عرف له الزمان مثيل .
وشجعت السنة على تربية الخيل كقوة دفاعية عن الرسالة والمة ،
وأمر المسلمين على استغلل الرض وزراعتها ،بل ارتبطت دعوة
السلم في كثير من الحيان بالحركة التجارية في المعمورة وحمل
جار المسلمين أخلق الدعوة إلى العديد من البلد المجاورة، ت ّ
ومازال التاجر المسلم في كثير من المناطق عنوان الصدق والمانة
)(60
التي طالبها به رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم.
ومما يعزز المفاهيم السابقة الحاديث النبوية التية:
-1عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال التاجر الصدوق المين مع النبيين والصديقين والشهداء ".
)(61
-2وعن ابن مسعود قال قال :رسول الله صلى الله عليه وسلم أيها
الناس ليس من شيء يقربكم إلى الجنة ويباعدكم من النار إل قد
أمرتكم به وليس شيء يقربكم من النار ويباعدكم من الجنة إل قد
نهيتكم عنه وإن الروح المين وفي رواية وإن روح القدس نفث في
روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل رزقها أل فاتقوا الله وأجملوا
في الطلب ول يحملنكم استبطاء الرزق أن تطلبوه بمعاصي الله فإنه
)(62
ل يدرك ما عند الله إل بطاعته ".
-3روى مسلم عن عقبة بن عامر رضي الله عنه ،أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال ):المؤمن أخو المؤمن فل يحل
للمؤمن أن يبتاع على بيع أخيه ول يخطب على
)(63
خطبة أخيه حتى يذر ".
-4قال صلى الله عليه وسلم :رحم الله امرءا اكتسب طيبا وأنفق
)(64
قصدا وقدم فضل ليوم فقره وحاجته ".
-5قال صلى الله عليه وسلم " :طلب الحلل مثل مقارعة البطال في
سبيل الله ومن بات عييا من طلب الحلل بات والله تعالى عنه راض
)(65
"
المطلب الثالث :القوة القتصادية في التوكل وعدم
التواكل:
شاءت إرادة المولى عز وجل أن تكون الجزيرة العربية مهبط
الوحي ونشر الخير على البشرية بعدما طغى الظلم واستبد الجهل
وساد الشر ،كما أراد المولى عز وجل بعد انتهاء دولة الخلفة وانتشار
المذاهب المادية بكل عناصرها أن تكون الجزيرة العربية مرة أخرى
مصدر القوة القتصادية للدنيا بأجمعها ،وهذا يعني أن خصوصية
المنطقة في مركزية العالم وحمل رسالة الهداية ،معززة من قبل
المولى عز وجل ومؤيدة بأهم عناصر القوة الروحية ووسائل التقدم
المادية ،ورغم تراجع المة على كثير من الصعدة العلمية والصناعية
والسياسة إل أن قوة الدفع الذاتية المتمثلة في أهم رسالة للبشرية
وعنوانها القرآن الكريم أعطت عناصر البقاء وإمكانية الوجود رغم
عوامل التعرية ،ومما عزز عنصر البقاء التوكل على الله الذي لزمه
عطاء قل نظيره في الدنيا ولكنه يحتاج إلى نهضة علمية واستغلل
لطاقات المة البشرية التي ارتحلت كما ارتحل ما لها إلى بلد بعيدة
صديقة وغير صديقة ،كبرت على حساب الغير و تركت الفرقة عنصر
المد والجزر لتبقى لها السيطرة والسيادة على بلد أنهكتها الحروب ،
وبدل أن تكون ثروتها عامل من عوامل نهضتها أصبحت مغرما ً ل تحسد
)(66
عليه إل في بعض النواحي التي يخشى عليها.
المطلب الرابع :البنوك النتاجية والمشاركة في الربح
والخسارة .
آن للبنوك في العالم العربي والسلمي أن تقترب من المواطن ول
تبتعد عن الوطن لتترسم معالم القتصاد العالمي المرتبط بالشركات
العملقة والدول المتقدمة حفاظا ً على رأس المال واحتكارا ً للسوق
والرباح ،بعيدا ً عن النتاج وجلب فرص العمل خوفا ً من الخسارة
والربح على المضمون ،والوعاء البنكي الذي ل يعرف بناء المسكن أو
إنشاء المصنع أو تحسين المنتج ودعم المشاريع المحلية يبقى في محل
الشك والريب في انتمائه وأداء رسالته ناهيك عن منهجيته في التعامل
)(67
والحرص على الكسب.
البنوك على هذه الشاكلة تعتبر أوعية حافظة وسالبة لرادة رأس
المال الوطني وشريكة في عملية الحتكار المبرر أحيانا ً من قبل فتاوى
ربحية بحتة ل تعرف للمال وظيفة إل الجمع ،والصل في المال و
أوعيته أن تكون خادمة ل مخدومة والمال في كثير من البنوك يغامر
ويقامر في السواق العالمية ،ولكنه يحجم عن أي مرابحة مشروعة
في السواق المحلية إل بعض البنوك التي ظهرت على استحياء هنا
وهناك تؤدي بعض المهمة ولكنها وسط البنوك مازالت قليلة وقوتها
)(68
ضعيفة ،فمالية المة مسلوبة
فعلى البنوك لكي تؤدي رسالتها وترضي ربها المهمات
التية:
أن .1
تمول وتشارك في إنشاء كل المشاريع الوطنية.
أن ل .2
تكون أوعية للمال فقط بل تستخدم المال في النتاج الحقيقي.
أن .3
تشارك المواطن في الحث على الكسب الحلل.
أن تعلن .4
عن مشاريع طويلة المدى وقصيرة المدى.
وأخيرا ً ل بد من دور وطني وإسلمي وأخلقي لهذه البنوك وعليها أن
تبتعد بكل ما تستطيع عن دوائر الكسب الحرام منه الربا المدمر،
والحتكار المخرب ،وإل كانت أداة ووسيلة ليغر الوطن ،ودارا ًَ لغير
المسلمين ،وحفاظا ً على مصالح فئة ل هم لها إل الكسب والكسب
)(69
فقط على حساب الخرين.
الخاتمة
وفي الختام فإن نظرية السلم القتصادية تحتاج إلى موسوعة
مستقلة تجمع شتات مفردات المصطلحات وتعد البرامج اللزمة ،
وتحضر لبنك معلومات ومحطات تعتني بكل توجيه للجمهور المسلم
الذي يبتغي رضا الله في محور من أهم محاور الدعوة ،و ركيزة من
أهم ركائز الصحوة ،وركن من أقوى أركان الدولة السلمية ،ويقطع
ألسنة القائلين بعدم البديل السلمي لحجز المشروع السلمي ،وعلى
كل حال فبنك المعلومات السلمي والمجامع الفقهية تسعى بجدية
لكمال مشروع النهضة ،وعلى الجامعات والمؤسسات السلمية أن
تتجه نحو المنحى الهم لتوعية المراكز القتصادية والمشاريع النتاجية
إلى أهمية العودة إلى مرتكزات اليمان والكسب والعطاء والبذل ،
وحتى نحو المدخرات ،والتكافل بين الشعوب والدول السلمية لكي
تتحقق لنا رؤيا واضحة ومعالم بارزة ل لبس فيها نحو النتاج والبداع
وتسخير المال ليكون طاعة وعبادة تسعد بها المة ول تشقى ،ويرضى
لها الرب ول يسخط فإنه نعم المولى ونعم المجيب.
نتائج البحث
يحتاج .1
البحث القتصادي من الناحية السلمية لمزيد من الدراسة
والتنقيح والتقنين.
نصوص .2
الشريعة السلمية غنية بالدليل الواضح والدللت القطعية على
نظرية متكاملة في هذا الجانب المهم .
الجانب .3
الشرعي المالي مرتبط بالجانب التعبدي من وجهة النظر
السلمية .
نظرية .4
التكافل المالي ل بد أن تتجه إلى مجال النتاج أي التكافل
النتاجي وليس التكافل الستهلكي .
ينطوي .5
المشروع المالي على بدائل تحمل الحلول الشافية على همجية
العولمة المستغلة .
من أهم .6
أسباب تأخر المة عدم ارتكازها على مفاهيم المال وكسبه من
الناحية الشرعية .
العقيدة .7
السلمية ل بد تنتج عقلية إنتاجية إبداعية في مجال العمل .
- 1كتاب الموال لبي عبيد القاسم بن سلم تحقيق وتعليق محمد خليل هراس ،دار الفكر
ومكتبة الكليات الزهرية سنة 1981م.
-2أصول النظام الجتماعي في السلم ص " "197 ،195محمد الطاهر ابن عاشور
الطبعة الثانية – الشركة التونسية للتوزيع -تونس
- 3المقاصد العامة للشريعة السلمية ص " " 467وما بعدها د .يوسف حامد العالم
الطبعة الولى 1991م – المعهد العالمي للفكر السلمي – الوليات المتحدة
المريكية
- 4خصائص التشريع السلمي في السياسة والحكم ص " " 299وما بعدها فتحي
الدريني
الطبعة الولى 1982م مؤسسة الرسالة – بيروت.
- 5انظر مختار الصحاح محمد بن أبي بكر الرازي ص 639دار الحديث –
القاهرة
وانظر المصباح المنير أحمد بن على المقري ص 302المكتبة العصرية –
بيروت
طبعة الولى 1996
- 6سورة )آل عمران(14 :
- 7انظر آفاق استثمار الموال وطرقها في السلم نصر فريد محمد واصل -مكتبة الصفا
- 8أصول النظام الجتماعي في السلم ص 195
- 9سورة ) البقرة الية(77 :
- 10سورة )البقرة الية(215 :
- 11رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح
- 12رواه مسلم وأبو داود وغيره
-13سورة ) الفرقان الية(66 :
- 14سورة ) التوبة آية(17 :
- 15سورة ) آل عمران آية(96 :
- 16سورة ) المعارج آية(24-23 :
- 17سورة ) النفال آية(59 :
- 18سورة ) النساء آية(3 :
- 19سورة ) البقرة آية(232 :
- 20موسوعة أصول الفكر السياسي والجتماعي والقتصادي ص .46خديجة النبراوي
الطبعة الول 2004م دار السلم – القاهرة.
- 21سورة ) النساء آية(4 :
- 22تفسير القرآن العظيم ص ) 452إسماعيل بن كثير دار المعرفة – بيروت – لبنان
طبعة 1969م(
- 23أصول الفتاء والجتهاد التطبيقي في نظريات فقه الدعوة السلمية ص 337وما
بعدها
)محمد أحمد الراشد دار المحراب (.
- 24سورة ) البلد آية(13 :
- 25سورة ) النسان آية(7 :
-رواه الطبراني بإسنادين رواة أحدهما ثقات وابن أبي الدنيا 26
الجامع
-تحقيق اللباني ) :ضعيف( انظر حديث رقم 3104 :في صحيح 64
الجامع
- 65تحقيق اللباني ) :ضعيف( انظر حديث رقم 3621 :في صحيح الجامع
- 66انظر مقدمة كتاب ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين ص ) 102لبي حسن
الندوي،
مكتبة اليمان "المنصورة أمام جامعة الزهر"(
- 67انظر البنوك السلمية مالها وما عليها ص ) 16أبو المجد حرك ،دار الصحوة ط
،1القاهرة(
- 68بيع المرابحة للمر الشراء كما تجريه المصارف السلمية )ص ، 3يوسف القرضاوي،
مكتبة وهبة ،الطبعة الثانية 1987م(.
- 69انظر السلم والربا )ص ،140أنور إقبال قرشي ترجمة فاروق حلمي ،مكتبة مصر(
وانظر حكم ودائع البنوك وشهادات الستثمار في الفقه السلمي )ص ،7علي أحمد
السالوسي،
مجلة الزهر شعبان 1402هـ(.وانظر الكفالة وتطبيقاتها المعاصرة دراسة في الفقه
السلمي
مقارن بالقانون )علي أحمد السالوسي ،مكتبة الفلح-الكويت(.