You are on page 1of 35

‫جمعية علم وخبر ‪/279‬اد‪/2005/‬تعديل ‪/54‬اد‪2007/‬‬

‫الفهرس‬
‫‪4‬‬ ‫أ‪ .‬صالح سالم‬ ‫اإلعجاز ‬
‫ ‬ ‫اإلفتتاحية ‪:‬بيروت تستضيف مؤمتر‬
‫ ‬
‫‪6‬‬ ‫مجموعة من االساتذة‬ ‫ ‬ ‫اإلعجاز في حديث املفاصل‬
‫ ‬
‫‪10‬‬ ‫املهندس عبد الدائم الكحيل‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫قلوب يعقلون بها‬
‫‪18‬‬ ‫محمد فرشوخ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫اإلعجاز البياني في القرآن الكرمي‬
‫ ‬ ‫ ‬
‫‪25‬‬ ‫فراس نور احلق‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫إ ّنا كل شيء خلقناه بقدر‬
‫ ‬
‫‪27‬‬ ‫أ ‪.‬عبد الرحيم الشريف‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫حكاية «العلق» مع طبيب غير مسلم‬
‫‪29‬‬ ‫د‪ .‬فراج محمد خليل محمد‬ ‫الفردية الدامغة والزوجية البالغة‬
‫‪33‬‬ ‫مارتن بيكفورد‬ ‫علماء الغرب يكتشفون الفطرة‬
‫‪35‬‬ ‫أ‪ .‬باسم وحيد الدين علي‬ ‫الرحمن علم القرآن‬
‫‪38‬‬ ‫د ‪ .‬هارون يحي‬ ‫لطائف حول معجزة النمو عند اإلنسان والنبات‬
‫‪58‬‬ ‫إ ‪ .‬د‪ .‬املهندس مصطفى محمد اجلمال‬ ‫إشارات قرآنية لتقنية حلام املعادن‬
‫‪65‬‬ ‫محمد فرشوخ‬ ‫لغة الس ّر‪-‬البعد الثالث‬

‫رئيس التحرير‪:‬ع‪.‬ر‪.‬م‪ .‬محمد فرشوخ‬


‫العالقات العامة‪:‬الدكتور نادر الغزال‬
‫االشراف الفقهي واللغوي‪:‬القاضي املهندس أسامة منيمنة‬
‫الهيئة اإلدارية لـ «منتدى اإلعجاز العلمي في القرآن والسنة « في لبنان‪:‬‬
‫نائب الرئيس واملدير املسؤول‪ :‬ع‪.‬ر‪.‬م‪ .‬محمد فرشوخ‬ ‫ ‬ ‫الرئيس‪ :‬د‪ .‬نادر الغزال‬
‫أمني الصندوق‪ :‬األستاذ باسم علي‬ ‫أمني السر‪ :‬النقيب د‪.‬غسان رعد ‬
‫مستشار‪ :‬األستاذ صالح سالم‬ ‫ ‬ ‫احملاسب‪ :‬األستاذ زهير اجلندي‬
‫مطابع اللواء‬ ‫االخراج والطباعة‬
‫يوزع هذا العدد مجان ًا‬
‫صدر هذا العدد بدعم من إدارة جريدة اللواء‪،‬‬
‫ومبؤازرة الهيئة العاملية لإلعجاز العلمي في القرآن والسنة‪.‬‬ ‫ ‬
‫للمساهمة في توسيع انتشار هذه اجمللة‪ ،‬بنك عودة رقم احلساب‪:‬‬
‫‪878 074 461 002 062 01‬‬

‫‪3‬‬ ‫العدد الثاني عشر ‪ 1431 -‬هـ ‪ -‬شتاء ‪ 2010‬م ‪.‬‬


‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬

‫كلمة العدد‬ ‫بيروت تستضيف مؤمتر اإلعجاز‬


‫في مطلع العام اجلديد و م��ع أوا ئ��ل أ ي��ام الشهر األ ّو ل يشهد ع��دد من الصروح‬
‫الثقافية في لبنان نشاط ًا استثنائي ًا حول اإلعجاز العلمي في القرآن الكرمي والسنة‬
‫استوقفني صديق لي وهو أستاذ جامعي مهتم باألبحاث والدراسات اإلجتماعية‬
‫النبوية الشريفة‪.‬‬
‫ال‪ :‬هل وجدمت جتاو ًبا فيما تقومون به من نشاطات حول اإلعجاز؟ وهل ترون‬ ‫سائ ً‬
‫حيث ي��زور لبنان عدد من أقطاب اإلعجاز من علماء العالم العربي ليحاضروا‬
‫أن اإلعجاز مادة مثيرة لإلهتمام (‪ )interesting‬قالها باإلنكليزية‪ .‬لم أدر ما إذا‬ ‫في مختلف مجاالت اإلعجاز العلمي للقرآن والسنة وذ ل��ك ضمن نشاطات الهيئة‬
‫كان يسألني بقصد االستفهام أم اإلستفزاز ولم يدر بخلدي في ذلك الوقت أن أر ّد‬ ‫العاملية لإلعجاز العلمي في القرآن والسنة مبكة املكرمة والتابعة لرابطة العالم‬
‫على السؤال بسؤال ألفهم حقيقة موقفه‪ ،‬بل بادرت بالفطرة إلى اإلجابة عن سؤاله‬ ‫اإلسالمي‪.‬‬ ‫االفتتاحية‬
‫بكل موضوعية‪ ،‬فقلت‪:‬‬ ‫وللنشاطات املذكورة دالالت إيجابية عديدة أهمها‪:‬‬ ‫أ ‪ .‬صالح سالم‬
‫‪ -‬اإلعجاز العلمي يا صديقي مادة علمية تنطلق من األبحاث والتجارب ومما‬ ‫�ام وفاعل ومالئم لكل عصر و ف��ي كل‬ ‫‪ -‬أن الدين ا ل��ذي ار ت�ض��اه الله لعباده س� ٍ‬
‫يكتشفه كبار علماء العالم دون النظر إلى أديانهم ومعتقداتهم‪.‬‬ ‫أرض‪.‬‬
‫‪ -‬واإلعجاز العلمي كما تعلم ال يسمى إعجازًا إال إذا كان له ذكر واضح في‬ ‫‪ -‬وأن مادة اإلعجاز هي مادة دينية ودعوية وثقافية‪:‬‬
‫القرآن الكرمي أو في احلديث الشريف‪ ،‬وإال لبقي في خانة العلم البحت‪.‬‬ ‫دينية ألنها تدل على روح ال موت فيها‪ ،‬ولئن خبت يوم ًا فلكي تعود إلى الظهور‬
‫‪ -‬واإلع�ج��از العلمي م��ادة حت ِّفز العقل وتدعوه إل��ى البحث والتحقق والتأمل‬ ‫أقوى وأشد وأمنت‪.‬‬
‫ودعوية ألن األوان قد حان لتعديل طرق الدعوة إلى الله‪ ،‬وتطويرها مقترنة بالعلم‬
‫واالعتبار‪.‬‬
‫وليس باألساطير وبالعقل وليس باألقاويل‪ ،‬وباإلميان وليس باألباطيل‪.‬‬
‫‪ -‬واإلعجاز العلمي يضطرك إلى تتبع اآليات الكرمية والسنن الشريفة فتزداد‬
‫و م��ادة ثقافية ألنها توسع ا مل��دارك وتدعو إلى تنمية املعارف‪ ،‬وتعميم الثقافات‬
‫عن قصد أو عن غير قصد عل ًما ومعرفة وتعم ًقا في أمور اإلميان كما في األمور‬ ‫واملكتشفات واألبحاث العلمية‪.‬‬
‫الشرعية‪.‬‬ ‫ومن الدالالت أيض ًا أنه إذا كان في األمة مثل هؤالء العلماء فإن األمة بخير‪.‬‬
‫‪ -‬واإلعجاز العلمي يا صديقي العزيز يفتح لنا با ًبا للحوار والنقاش مع أهل‬ ‫ومنها أن الدين احلق ليس الذي ُينشر بالسيف‪ ،‬بل بالكلمة السواء بني الناس‬
‫الفهم والعقل واملعرفة من بني جنسنا‪ ،‬فال منضي السهرات في الكالم الذي ال‬ ‫وبالكلمة الطيبة والعلم من الكلم الطيب‪.‬‬
‫يسمن وال يغني من جوع‪ ،‬وال فيما يعكر األمزجة ويباغض بني الساهرين‪.‬‬ ‫ومنها أن األخوة العرب ال يزالون يراهنون على أن لبنان هو بلد متميز وال يزال‬
‫أم��ا فيما يتعلق بتجاوب الناس مع فكرة اإلع�ج��از العلمي‪ ،‬أردف��ت للصديق‬ ‫فيه مكان للسلم‪ ،‬وأفق لألمل‪.‬‬
‫قائ ً‬
‫ال‪:‬‬ ‫ومنها أ ي�ض� ًا أن لبنان ه��و بلد ص��ا ل��ح حل��وار ا ل�ث�ق��ا ف��ات و ح��وار األد ي��ان وليس‬
‫فإنني أبشرك بأن هذه املادة جذابة واملمتع فيها أنها جتذب إلينا محبي العلم‬ ‫صاحل ًا لصراع املذاهب وحروب العقائد‪.‬‬
‫والثقافة واملعرفة من مختلف املشارب وجتعل بيننا وبني الذين ال يؤمنون باآلخرة‬ ‫نتمنى للوفود القادمة من اململكة العربية السعودية ومصر وسواهما من البلدان‬
‫حجا ًبا مستو ًرا‪ .‬أال يكفينا أننا وأهل العلم نزداد إميانًا مع إمياننا؟‬ ‫العربية واالسالمية إقامة طيبة مثمرة‪ .‬والشكر للهيئة العاملية ولدار الفتوى الراعي‬
‫األ ب��وي ل�ه��ذا ا ل�ن�ش��اط ا ل �ه��ام‪ ،‬وللرئيس سعد ا حل��ر ي��ري على م��ا ق��دم م��ن تسهيالت‬
‫مخلصا في سؤاله إذ راح‬‫ً‬ ‫بدت على صديقي عالمات االرتياح وعرفت أنه كان‬
‫إلجناح هذا العمل‪.‬‬
‫يردد شي ًئا من القرآن الكرمي قائ ً‬
‫ال‪ :‬ليزدادوا امينًا مع اميانهم‪.‬‬ ‫ونتمنى ملنتدى اإل ع�ج��از في لبنان املزيد من التقدم واال ن�ت��اج العلمي بإشراف‬
‫ا ل�ص��د ي��ق ا حل �ي��وي ا ل�ع�م�ي��د محمد ف��ر ش��وخ‪ ،‬و ن �س��أل ا ل�ل��ه ت�ع��ا ل��ى أن ي��رز ق�ن��ا جميع ًا‬
‫رئيس التحرير‬ ‫اإلخالص في النية والتوفيق في العمل‪ .‬إنه سميع مجيب‪.‬‬

‫‪5‬‬ ‫العدد الثاني عشر ‪ 1431 -‬هـ ‪ -‬شتاء ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫العدد الثاني عشر ‪ 1431 -‬هـ ‪ -‬شتاء ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫‪4‬‬
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫إعجاز طبي‬ ‫إعجاز طبي‬

‫ح���ل ال��ت��ن��اق��ض ال���ظ���اه���ري بضبط‬ ‫ُتن َِّحيهِ‬ ‫َّ‬


‫الش ْى ُء‬ ‫ال َ ْس ِجدِ   َت ْد فِ ُن َها َأ وِ‬
‫اع ُة فِ ى مْ‬ ‫الن َُّخ َ‬
‫جُت ِْز ئُ ال���ت���ع���ري���ف ال���ع���ل���م���ي ل���ل���م���ف���اص���ل ثم‬
‫تطبيق ذل��ك بحصر مفاصل اجلسم‬
‫الض َحى‬ ‫ُّ‬ ‫يق َف ِإ ْن لَ ْم َتقْدِ ْر   َف َر ْك َعتَا‬
‫َعن َْك » (مسند اإلمام أحمد ‪.)23700 /‬‬
‫َّ‬
‫الط ِر ِ‬ ‫َعنِ‬
‫اإلعجاز في حديث املفاصل‬
‫ا لبشر ي ‪:‬‬ ‫املعنى اللغوي‪:‬‬ ‫بحث مشترك لألخوة‪*:‬‬
‫أو الَ ‪ :‬وضع التعريف املنضبط للمفاصل‪:‬‬ ‫(مفصل) ‪ :‬ملتقى العظميني في البدن‪.‬‬ ‫أ‪.‬د‪ /‬شريف أحمد جالل‪  ،‬أ‪.‬د‪ /‬أحمد عبد املنعم العياط‪  ،‬د‪ /‬مصطفى محمد عبد املنعم‬
‫مت وض�����ع ع�������دد َا م����ن ال����ض����واب����ط العلمية‬ ‫(ال��س�لام��ى) ‪ :‬ب��ض��م ال��س�ين وت��خ��ف��ي��ف الالم‪،‬‬ ‫املتابعة واإلشراف الشرعي واللغوي  فضيلة األستاذ الدكتور ‪/‬خليل إبراهيم مال خاطر‬
‫ال��ت��ف��ص��ي��ل��ي��ة ق��ب��ل ب���دء ال��ع��د ث��م ال��ق��ي��ام بعملية‬ ‫وه��و امل��ف��ص��ل‪ .‬وج��م��ع��ه س�لام��ي��ات‪ ،‬ب��ف��ت��ح امليم ‬
‫احل���ص���ر ب���دق���ة ح���ي���ث أن أي خ���ل���ل ف���ي وضع‬ ‫وتخفيف الياء‪  .‬‬ ‫ا ل��ز ك��ا ة ) ‪  .‬‬ ‫األحاديث النبوية‪ :‬‬
‫ال��ض��واب��ط أو ف��ى دق���ة ت��ط��ب��ي��ق��ه��ا س��ي��ؤدي إلى‬ ‫وف��ى ال��ق��ام��وس‪ :‬ال��س�لام��ى ك��ح��ب��ارى‪ ،‬عظام‬ ‫‪  .3‬وفى فتح الباري شرح صحيح البخاري‬ ‫‪  .1‬روى اإلم����ام م��س��ل��م ف��ى ص��ح��ي��ح��ه قال‪:‬‬
‫اخللل فى إظهار احلقيقة الكونية املمثلة  فى‬ ‫صغار طول اإلصبع فى اليد والرجل‪ ،‬وجمعه‬ ‫يقول اإلمام ابن حجر العسقالني تعليق َا على‬ ‫ح��دث��ن��ا ح��س��ن ب��ن ع��ل��ي احل��ل��وان��ي‪ .‬ح��دث��ن��ا أبو‬
‫العدد الفعلي ملفاصل اجلسم املشار إليها فى‬ ‫سال ميا ت ‪.‬‬ ‫ه��ذا احل��دي��ث‪ :‬ق��ول��ه‪( :‬ع��ل��ى ك��ل م��س��ل��م صدقة)‬ ‫توبة الربيع ب��ن نافع‪   .‬حدثنا معاوية (يعني‬
‫احل��دي��ث ال��ش��ري��ف وب��ال��ت��ال��ي ع��دم ال��ق��درة على‬ ‫( اإلمام مسلم ‪-‬شرح النووي)‪.‬‬ ‫أي على سبيل االستحباب املتأكد أو على ما‬ ‫ابن سالم) عن زيد‪ ،‬أنه سمع أبا سالم يقول‪:‬‬
‫إظ���ه���ار م��ن��اط اإلعجاز  ك��م��ا أن ع���دم التقيد‬ ‫وهذا التعريف من العلماء األفاضل جزاهم‬ ‫ه��و أع��م من ذلك‪ ،‬وال��ع��ب��ارة ص��احل��ة لإليجاب‬ ‫ح��دث��ن��ي ع��ب��د ال��ل��ه ب��ن ف���روخ‪ ،‬أن��ه س��م��ع عائشة‬
‫ب��ض��واب��ط صحيحة ودق��ي��ق��ة علمي َا م��ن األساس‬ ‫الله خير َا فى حاجه الى مزيد ضبط وإيضاح‬ ‫واالس��ت��ح��ب��اب ك��ق��ول��ه ع��ل��ي��ه ال���ص�ل�اة والسالم‬ ‫تقول‪ :‬إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‪:‬‬
‫سيفتح باب الطعن على مجال اإلعجاز بكامله‬ ‫فى ضوء املعارف العلمية احلديثة‪  .‬‬ ‫«ع��ل��ى امل��س��ل��م ست خصال» ف��ذك��ر منها م��ا هو‬ ‫«إن��ه خ��ل��ق ك��ل إن��س��ان م��ن ب��ن��ي آدم ع��ل��ى ستني‬
‫م��س��ت��ح��ب ات��ف��ا ًق��ا‪ ،‬وزاد أب��و ه��ري��رة ف��ى حديثه‬ ‫وثالثمائة مفصل‪ .‬فمن كبر الله‪ ،‬وحمد الله‪،‬‬
‫ع��ل��ى أس����اس أن امل��ت��ص��دي��ن ل���ه ي���ل���وون أعناق‬
‫ت��ق��ي��ي��د ذل���ك ب��ك��ل يوم كما س��ي��أت��ي ف��ي الصلح‬
‫ال���ن���ص���وص الشرعية  أو احل���ق���ائ���ق العلمية‬ ‫ال����ع����وائ����ق ف����ي ت���ط���اب���ق احلقيقة‬ ‫من طريق همام عنه‪ ،‬وملسلم من حديث أبى ذر‬
‫وه��ل��ل ال��ل��ه‪ ،‬وس��ب��ح ال��ل��ه‪ ،‬واستغفر ال��ل��ه‪ ،‬وعزل‬
‫لتتوافق حسب أهوائهم‪.‬‬ ‫الكونية مع النص الشرعي‪:‬‬ ‫حج ًر ا عن طريق الناس‪ ،‬أو شوكة أو عظ ًما من‬
‫�وع��ا «ي��ص��ب��ح ع��ل��ى كل سالمى م��ن أحدكم‬ ‫م��رف� ً‬
‫والذي نعتمده في هذا البحث هو أن‪:‬‬ ‫طريق الناس‪ ،‬وأمر مبعروف‪ ،‬أو نهى عن منكر‪،‬‬
‫‪   1-‬اق��ت��ص��ار اإلش�����ارة ف���ي ف��ه��م احلديث‬ ‫ص���دق���ة» وال���س�ل�ام���ى ب��ض��م امل��ه��م��ل��ة وتخفيف‬
‫ املفصل ه��و االل��ت��ق��اء ب�ين أي عظمتني  أو‬ ‫ع��دد ت��ل��ك ال��س��ت�ين والثالثمائة السالمى‪ .‬فإنه‬
‫ع��ل��ى امل��ف��اص��ل ب�ين العظام  م��ع إه��م��ال م��ا بني‬ ‫ال�ل�ام‪ :‬امل��ف��ص��ل‪ ،‬ول��ه ف��ى حديث عائشة «خلق‬
‫عظمة وغضروف أو غضروفني في أي موضع‬ ‫ميشي يومئذ وقد زحزح نفسه عن النار»‪ .‬قال‬
‫ا لغضا ر يف ‪.‬‬ ‫الله كل إنسان من بني آدم على ستني وثلثمائة‬
‫بجسم اإلنسان  ما دام بينهما فاصل‪.‬‬ ‫مفصل‪    ».‬‬ ‫أب��و توبة‪ :‬ورمبا قال «ميسي»‪(.‬صحيح اإلمام‬
‫وه��ذا ال��ت��ع��ري��ف ال ي��ت��ع��ارض م��ع ع��ل��وم اللغة‬ ‫‪ 2-‬اخ���ت�ل�اف ال��ت��ع��ري��ف ال��ع��ل��م��ي للمفاصل‬ ‫مسلم ­‪ -‬كتاب الزكاة)‪ .‬‬
‫وال��ذي يشمل التقاء عظام أو غضاريف بدون‬ ‫‪  .4‬روى اإلم�����ام أح���م���د ف���ى م��س��ن��ده قال‪:‬‬
‫ول��ك��ن يضبط م��دل��ول كلمة (م��ف��ص��ل) بالضابط‬ ‫‪   .2‬ر و ى ا إل م��ا م ا لبخا ر ي   ف��ى صحيحه‬
‫ف��اص��ل  عن ال��ف��ه��م ال��ل��غ��وي ال���ذي ي��ش��ي��ر إلى‬ ‫ي ح َّد َثنَا َز ْي ٌد َح َّد َثنِي‬ ‫َح َّد َثنَا َع ْب ُد ال َّلهِ َح َّد َثنِي َأ ِب َ‬
‫ال��ع��ل��م��ي ال���ذي ي��ش��م��ل امل��ف��اص��ل ال��ت��ي تشارك‬ ‫ال َسمِ ْع ُت‬ ‫ُح َسينْ ٌ َح َّد َثنِي َع ْب ُد ال َّلهِ ُ ْب��ن ُب َر ْي َد ةَ  َق َ‬ ‫�س� ِل� ُم ْب ُن ِإ ْب َر ا هِ ي َم َح� َّد َث� َن��ا ُش ْع َب ُة‬ ‫ق��ا ل َح� َّد َث� َن��ا ُم� ْ‬
‫فيها الغضاريف كما ال يتعارض م��ع املراجع‬ ‫وجود فاصل بني شيئني ‪.‬‬ ‫��ن َأ ِب���ي���هِ َع ْن‬ ‫��ن َأ ِب���ي ُب���� ْر َد َة َع� ْ‬ ‫َح َّد َثنَا   َسعِ ي ُد ْب� ُ‬
‫��ول ال � َّل��هِ ‪-‬صلى‬ ‫�ت َر ُس� َ‬ ‫�ول َس��مِ � ْع� ُ‬ ‫َأ ِب���ي ُب � َر ْي � َد َة َي � ُق� ُ‬
‫العلمية احلديثة ولكن يضبطها حسب املدلول‬ ‫‪ 3-‬ض� ��رورة و ض ��ع ق��ا ع��دة ل �ل �ح��االت املتكررة‬ ‫ال��ل��ه عليه وسلم‪َ -‬ي � ُق� ُ‬ ‫ص َّلى   ا ل َّل ُه َع���لَ��� ْي���هِ َو َس َّل َم‬ ‫���ن ا ل��� َّن��� ِب���ي َ‬ ‫َج����� ِّد هِ َع� ْ‬
‫�س��انِ ِست َ‬
‫ُّون‬ ‫�ول « فِ ��ى ا ِإل ْن� َ‬
‫ال��ل��غ��وي ل��ك��ل��م��ة (م��ف��ص��ل) وال���ذي ي��ع��ن��ي وجود‬ ‫ب � ��ا جل� � �س � ��م وا ل� � � �ت�� � ��ي ق ��د‬ ‫ا ُث������مِ ������ا َئ������ةِ َم���� ْف� ِ‬
‫���ص� ٍ���ل‬ ‫َو َث���ل�� َ‬ ‫ُ‬
‫ص � َد َق � ٌة َف � َق��ا ل��و ا َيا   َن ِبي‬ ‫�س � ِل� ٍ�م َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫َق��ا َل َع �لَ��ى ك��ل ُم� ْ‬
‫(ف���اص���ل) ب�ي�ن ش��ي��ئ�ين ك��م��ا مت اع��ت��ب��ار التقاء‬ ‫ت �ت �م �ف �ص��ل ف �ي �ه��ا عظمتان لكل شيء زكاة‬ ‫��ص��� َّد قَ َع ْن‬ ‫َف َعلَ ْيهِ   َأ ْن َي��� َت� َ‬ ‫معجزة‬ ‫ا ل � َّل��هِ َف � َم� ْ�ن لَ��� ْم َي� ِ�ج � ْد َق���ا َل َي � ْع � َم� ُ�ل ِب��� َي���دِ هِ َف َي ْن َف ُع‬
‫ال واحد َا حتى لو التقيا في أكثر‬ ‫عظمتني مفص َ‬
‫وهل وزكاة املفاصل‬ ‫فى أكثر من موضع ‬ ‫ص َد َقةً‬ ‫�ص� ٍ�ل مِ � ْن� َه��ا َ‬ ‫ْ‬
‫ك��ل َم�ف� ِ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫��ج��� ْد َقا َل‬ ‫َص َّد قُ َق���ا ُل���و ا َف���� ِإ ْن لَ��� ْم َي� ِ‬ ‫َن ْف َس ُه   َو َيت َ‬
‫م��ن م��وض��ع وب��ذل��ك ت��ك��ون ال��ض��واب��ط املصاحبة‬ ‫لا وا ح� ��د َا‬‫حت �ت �س��ب م �ف �ص� َ‬ ‫»‪َ .‬قا ُلوا َف َمنِ الذي  ُي ِطيقُ‬
‫نبوية جديدة‬ ‫ني َذ ا ا لحْ َ ا َجةِ   ا مْلَلْ ُهو َف َقا ُلو ا َف ِإ ْن لَ ْم َي ِج ْد‬ ‫ُيعِ ُ‬
‫للتعريف هي‪:‬‬ ‫أو بعدد أماكن االلتقاء‪ .‬العمل واخلدمة‬ ‫ال «‬ ‫ول ال َّلهِ َق َ‬ ‫َذ ل َِك َيا َر ُس َ‬ ‫تتكشف‬ ‫لش ِّر‬ ‫��ن ا َّ‬ ‫َق���ا َل َف �لْ � َي � ْع � َم � ْل ِبا مْل َ ْع ُر و ِف   َو يمُ ْ ِس ْك َع ْ‬
‫ال ي�������درج ف�����ى ه������ذا اإلح�����ص�����اء املفاصل‬ ‫ص��� َد َق��� ٌة ( ص��ح��ي��ح ا لبخا ر ي   كتا ب‬ ‫َف � ِإ َّن � َه��ا لَ��� ُه َ‬
‫‪7‬‬ ‫العدد الثاني عشر ‪ 1431 -‬هـ ‪ -‬شتاء ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫العدد الثاني عشر ‪ 1431 -‬هـ ‪ -‬شتاء ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫‪6‬‬
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫إعجاز طبي‬ ‫إعجاز طبي‬

4- INTERCHONDRAL JOINTS 6 2- LARYNEX 8. PARIETOOCCIPITAL JOINT 1 ‫ال��غ��ض��روف��ي��ة األولية  وال��ت��ى ت��ت��ك��ون م��ن عظام‬
5- COSTO-VERTEBRAL JOINTS 12X2= 24 1- CRICOTHYROID JOINTS 2 9. INTERPARIETAL JOINT (SAGITTAL SUTURE) 1
‫يحيط بها غضروف حيث يتعظم هذا الغضروف‬
‫فى سن مبكر بحيث تلتحم  هذه العظام  متام َا‬
6- COSTO-TRANSVERSE JOINTS 10X2=20 2-CRICOARYTENOID JOINTS 2 10. TEMPRO-PARIETAL JOINTS 2
‫بغير فاصل بينها‬
66 3- ARYTENOI-CORNICULATE JOINTS 2 11. TEMPRO-SPENOID JOINTS (GREATER WING) 2

6-LOWER LIMBS 6 12. OCCIPITO-TEMPORAL JOINTS 2


: ‫مثا ل‬
1- SACROILIAC JOINT 1X2=2 3- VERTEBRAL COLUMN AND PELVIS 13. TEMPRO-SPHENOID JOINTS (GREATER
2 ‫      أ – ال��ت��ق��اء ن��ه��اي��ات ع��ظ��ام األط����راف‬
WING)
2-HIP JOINT 1X2=2 1- ATLANTO-OCCIPITAL JOINTS 2 14. TEMPRO-ZYGOMATIC JOINTS (ZYGOMATIC
‫الطويلة مع سيقانها‬
2
3-KNEE JOINT 1X2=2 2- INTERVERTEBRAL JOINTS 69
ARCH) ‫ ال��ت��ح��ام عظمة ال��وت��د ف��ي اجلمجمة‬-‫     ب‬
15. TEMPRO-MANDIBULAR JOINTS 2 ‫مع العظمة القفوية‬
4- SUPERIOR TIBIO- FIBULAR JOINT 1X2=2 3- LUBOSACRAL JOINTS 3
16. INTER OSSICULAR JOINTS 4 ‫ ل���م ي�����درج ف���ي ه����ذا اإلح����ص����اء اتصال‬1-
5- INFERIOR TIBUO FIBULAR JOINT 1X2=2 4- SACRO-COCCYGEAL JOINT 1
17. INTERMAXILLARY JOINT 1 ‫الغضروف بالعظم عندما ال يكون بينهما فاصل‬
6-ANKLE JOINT 1X2=2 5- SYMPHYSIS PUBIS 1
18. ZYGOMATICO-MAXILLARY JOINT 2
‫ول��ك��ن ي��ت��ص�لان ف��ق��ط ب��ال��ت��ئ��ام غ��ش��اء الغضروف‬
7- INTERTARSAL JOINTS 7X2=14 76 ‫  اتصال غضاريف‬:‫م��ع غ��ش��اء ال��ع��ظ��م  مثال‬
19. MAXILLO-PALATINE JOINT 1
8- TARSOMETATARSAL JOINTS 4X2=8 4-UPPER LIMBS   .‫الضلوع مع الضلوع‬
9- METATARSOPHALANGEAL JOINTS 5X2=10 1- STERNOCLAVICULAR JOINT 1X2= 2
20. NAZOMAXILLARY JOINTS 2
‫  مت اعتبار االتصال بني عظمتني كمفصل‬2-
21. MAXILLO-ETHMOID JOINTS 2 ‫واحد حتى لو مت االتصال في أكثر من موقع‬
10- INTERPHALANGEAL JOINTS 9X2=18 2- ACROMIOCLAVICULAR JOINT 1X2= 2
22. MAXILLO- LACRIMAL JOINTS 2
62 3- SHOLDER JOINT 1X2= 2
23. MAXILLO-SPHENOID JOINTS (PTERYGOID
2
: ‫مثا ل‬
PROCESS)
4- ELBO JOINT 1X2=2
:‫ب) العدد الكلي للمفاصل حسب القواعد املوضوعة‬
24. MAXILLO-CONCHAL JOINTS (INFERIOR ‫  اتصال عظمة اجلبهة فى اجلمجمة مع‬1-
‫ مفاصل اجلمجمة‬-1 2
CHONCHA)
86 5- SUPERIOR RADIO-ULNAR JOINT 1X2=2 ‫عظمة الوتد‬
25. DENTAL GOMPHOSIS 32
6 ‫ مفاصل احلنجرة‬-2 6- INFERIOR RADIO-ULNAR JOINT 1X2=2 ‫ اتصال عظمة الوتد مع عظمة امليكعة‬2-
66 ‫ مفاصل القفص الصدري‬-3 7- WRIST JOINT 1X2=2
26. SPHENO-ETHMOIDAL JOINT 1
‫ حصر مفاصل اجلسم البشرى تطبيق َا‬: ‫ثاني َا‬
27. VERMO-SPENOID JOINT (PTERYGOID
76 ‫ مفاصل العمود الفقري و احلوض‬-4 8- INTERCARPAL JOINTS 6X2=12 PROCESS)
1 :‫للقاعدة املوضوعة‬
64 )32(2 ‫ مفاصل األطراف العلوية‬-5 9- MID CARPAL JOINT 1X2=2
28. PALATO-SPHENOID JOINTS (PTERYGOID
2 :‫أ) احلصر التفصيلي‬
PROCESS)
62 )31(2 ‫ مفاصل األطراف السفلية‬-6 10- CARPOMETACARPAL JOINTS 4X2=8 29. ZYGOMATICO-SPHENOID JOINT (GREATER 1-SKULL
2
WING) 1. FRONTO PARIETAL JOINT (CORONAL
1
360 11-METACARPOPHALANGEAL JOINTS 5X2=10 30. VERMO-ETHMOIDAL JOINT (PERPINDIC - SUTURE)
1
LAR PLATE)
2. FRONTO –ETHMOID JOINT 1
‫وهكذا تتضح آية جديدة من آيات اإلعجاز العلمي‬ 12- INTERPHALANGEAL JOINTS 9X2=18
31. LACRIMO-ETHMOIDAL JOINT (LABYRINTH) 2
‫في القرآن الكرمي والسنة النبوية املطهرة ما كان‬ 64
32. JOINT BETWEEN VOMER AND HARD PA -
3. FRONTO MAXILLARY JOINTS 2
1
‫لبشر أن يحيط بها في زمن النبوة مصداق َا لقوله‬ 5- THORACIC CAGE
ATE 4. FRONTOZYGOMATIC JOINTS 2

‫ت�ع��ا ل��ى { س�ن��ر ي�ه��م آ ي��ا ت �ن��ا ف��ي األ ف ��اق و ف��ى أنفسهم‬ 1- MANUBRIO STERNAL JOINT 1
33. INTERNASAL JOINT 1
5. FRONTONASAL JOINT 1
.}‫حتى يتبني لهم أنه احلق‬ 2- XIPHISTERNAL JOINT 1
34. JOINT BETWEEN HORIZONTAL PLATES OF
PALATINE BONES
1 6. FRONTOSPHENOID (LESSER WING) JOINT 1
___________
86 7. FRONTO-LACRIMAL JOINTS 2
‫ م��ن��ق��ول ع��ن م��وق��ع ال��ه��ي��ئ��ة ال��ع��امل��ي��ة لإلعجاز‬:‫* امل��ص��در‬ 3- STERNOCOSTAL JOINTS 14
www.nooran.org ‫العلمي في القرآن والسنة‬
9 . ‫ م‬2010 ‫ شتاء‬- ‫ هـ‬1431 - ‫العدد الثاني عشر‬ . ‫ م‬2010 ‫ شتاء‬- ‫ هـ‬1431 - ‫العدد الثاني عشر‬ 8
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫إعجاز طبي‬ ‫إعجاز طبي‬

‫قلوب يعقلون بها‬


‫املهندس عبد الدائم الكحيل*‬
‫ملخص البحث‬
‫نقدم في هذا البحث العلمي رؤية جديدة للقلب البشري‪ ،‬فعلى مدى سنوات طويلة درس العلماء القلب من الناحية الفيزيولوجية واعتبروه‬
‫مجرد مضخة للدم ال أكثر وال أقل‪ .‬ولكن ومع بداية القرن احلادي والعشرين ومع تطور عمليات زراعة القلب والقلب االصطناعي وتزايد هذه‬
‫العمليات بشكل كبير‪ ،‬بدأ بعض الباحثني يالحظون ظاهرة غريبة ومحيرة لم يجدوا لها تفسير ًا حتى اآلن!‬
‫إنها ظاهرة تغير احلالة النفسية للمريض بعد عملية زرع القلب‪ ،‬وهذه التغيرات النفسية عميقة لدرجة أن املريض بعد أن يتم استبدال‬
‫قلبه بقلب طبيعي أو قلب صناعي‪ ،‬حتدث لديه تغيرات نفسية عميقة‪ ،‬بل إن التغيرات حتدث أحيان ًا في معتقداته‪ ،‬وما يحبه ويكرهه‪ ،‬بل وتؤثر‬
‫على إميانه أيض ًا!!‬
‫ووجدت بأن كل ما يكشفه العلماء حول القلب‬
‫ُ‬ ‫بدأت بجمع معظم التجارب واألبحاث واملشاهدات واحلقائق حول هذا املوضوع‪،‬‬
‫ومن هنا ُ‬
‫مفصل! وهذا يثبت السبق القرآني في علم القلب‪ ،‬ويشهد على عظمة ودقة القرآن الكرمي‪ ،‬وأنه كتاب رب‬ ‫قد حتدث عنه القرآن الكرمي بشكل ّ‬
‫العاملني‪.‬‬

‫يزود القلب عبر الدم جميع خاليا اجلسم باألكسجني‪ ،‬فاخلاليا تأخذ‬ ‫القلب ليس مجرد عضلة تضخ الدم‬ ‫مقدمة‬
‫األكسجني لتحرقه في صنع غذائها‪ ،‬وتطرح غاز الكربون والنفايات‬ ‫وعندما يصبح عمرك ‪ 70‬سنة يكون قلبك قد ضخ‬ ‫يعتقد بعض الباحثني أن القلب مجرد مضخة وأنه ال يوجد أي أثر لتغيير قلب املريض‪ ،‬بل قد حتدث تغيرات‬
‫السامة التي يأخذها الدم ويضخها عبر القلب لتقوم الرئتني بتنقية هذا‬ ‫مليون برميل من الدم خالل هذه الفترة!‬ ‫نفسية طفيفة بسبب تأثير العملية‪ .‬كما يعتقد البعض أن القلب املذكور في القرآن هو القلب املعنوي غير املرئي‬
‫الدم وطرح غاز الكربون‪ .‬طبع ًا تأخذ الرئتني األكسجني الذي نتنفسه‬
‫وتطرح غاز الكربون من خالل عملية التنفس (الشهيق والزفير)‪،‬‬
‫مثله مثل النفس والروح‪ .‬فما هي حقيقة األمر؟‬
‫إن شبكة نقل الدم عبر جسمك أي الشرايني واألوعية لو وصلت مع‬
‫عالقة الدماغ بالقلب‬ ‫واحلقيقة أننا لو تتبعنا أقوال أطباء الغرب الذين برعوا في هذا املجال‪ ،‬أي مجال علم القلب‪ ،‬نرى بأن عدد ًا‬
‫بعضها لبلغ طولها مئة ألف كيلو متر!!‬ ‫هل الدماغ يتحكم بعمل القلب كما يقول العلماء‪،‬‬ ‫منهم يعترف بأنهم لم يدرسوا القلب من الناحية النفسية‪ ،‬ولم َ‬
‫يعط هذا اجلزء الهام حقه من الدراسة بعد‪.‬‬
‫أم أن العكس هو الصحيح؟ ينبغي عليك أخي القارئ‬ ‫ُيخلق القلب قبل الدماغ في اجلنني‪ ،‬ويبدأ بالنبض منذ تشكله وحتى موت اإلنسان‪ .‬ومع أن العلماء يعتقدون أن‬
‫أن القلب هو مركز العاطفة والتفكير والعقل والذاكرة‪.‬‬ ‫الدماغ هو الذي ينظم نبضات القلب‪ ،‬إال أنهم الحظوا شيئ ًا غريب ًا وذلك أثناء عمليات زرع القلب‪ ،‬عندما يضعون‬
‫أن تعلم أن علم الطب ال يزال متخلف ًا!! وهذا باعتراف‬
‫ومنذ ثالثني عام ًا فقط بدأ بعض الباحثني مبالحظة‬
‫علماء الغرب أنفسهم‪ ،‬فهم يجهلون متام ًا العمليات‬ ‫القلب اجلديد في صدر املريض يبدأ بالنبض على الفور دون أن ينتظر الدماغ حتى يعطيه األمر بالنبض‪.‬‬
‫عالقة بني القلب والدماغ‪ ،‬والحظوا أيض ًا أن للقلب‬
‫الدقيقة التي حتدث في الدماغ‪ ،‬يجهلون كيف يتذكر‬ ‫يوجه الدماغ‬
‫وهذا يشير إلى استقالل عمل القلب عن الدماغ‪ ،‬بل يعتقد بعض الباحثني اليوم أن القلب هو الذي ّ‬
‫دور في فهم العالم من حولنا‪ ،‬وبدأت القصة عندما‬
‫اإلنسان األشياء‪ ،‬ويجهلون ملاذا ينام اإلنسان‪ ،‬وملاذا‬ ‫في عمله‪ ،‬بل إن كل خلية من خاليا القلب لها ذاكرة! ويقول الدكتور ‪ Schwartz‬إن تاريخنا مكتوب في كل خلية‬
‫الحظوا عالقة قوية بني ما يفهمه ويشعر به اإلنسان‪،‬‬
‫ينبض القلب‪ ،‬وم��ا ال��ذي يجعل ه��ذا القلب ينبض‪،‬‬ ‫من خاليا جسدنا‪.‬‬
‫وبني معدل ضربات القلب وضغط الدم والتنفس في‬
‫وأشياء كثيرة يجهلونها‪ ،‬فهم ينشرون في أبحاثهم ما‬ ‫كنت جنين ًا في بطن أمك (بعد ‪21‬‬ ‫يقوم قلبك منذ أن َ‬ ‫حقائق القلب‬
‫الرئتني‪ .‬ومن هنا بدأ بعض الباحثني يدرسون العالقة‬
‫يشاهدونه فقط‪ ،‬ليس لديهم أي قاعدة مطلقة‪ ،‬بل كل‬ ‫ال��ق��ل��ب ه��و احمل����رك ال����ذي ي��غ��ذي أك��ث��ر م��ن ‪ 300‬يوم ًا من احلمل) بالعمل على ضخ الدم في مختلف‬
‫بني القلب وال��دم��اغ‪ .‬ووج���دوا ب��أن القلب يؤثر على‬
‫شيء لديهم بالتجربة واملشاهدة واحلواس‪.‬‬
‫النشاط الكهربائي للدماغ‪.‬‬ ‫مليون مليون خلية في جسم اإلن��س��ان‪ ،‬ويبلغ وزنه أنحاء جسدك‪ ،‬وعندما تصبح بالغ ًا يضخ قلبك في‬
‫ولكننا كمسلمني لدينا حقائق‬
‫ل���م ي��ث��ب��ت ال��ع��ل��م��اء أن القلب‬ ‫(‪ )300-250‬غ���رام‪ ،‬وه��و بحجم قبضة ال��ي��د‪ .‬وفي ال��ي��وم أكثر م��ن سبعني أل��ف لتر م��ن ال��دم وذل��ك كل‬
‫ليس ل��ه ع�لاق��ة ب��ال��ع��واط��ف ب��ل ال‬
‫القلب يخفق دون أمر‬ ‫مطلقة ه��ي احلقائق ال��ت��ي حدثنا‬
‫عنها القرآن الكرمي قبل ‪ 14‬قرن ًا‬ ‫القلب املريض جد ًا ميكن أن يصل وزنه إلى ‪ 1000‬يوم‪ ،‬هذه الكمية يضخها أثناء انقباضه وانبساطه‪،‬‬
‫يستطيع أحد أن يثبت ذلك‪ ،‬ألنهم‬ ‫من الدماغ‬
‫عندما أكد في كثير من آياته على‬ ‫فهو ينقبض أو يدق كل يوم أكثر من مئة ألف مرة‪،‬‬ ‫غرام بسبب التضخم‪.‬‬
‫‪11‬‬ ‫العدد الثاني عشر ‪ 1431 -‬هـ ‪ -‬شتاء ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫العدد الثاني عشر ‪ 1431 -‬هـ ‪ -‬شتاء ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫‪10‬‬
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫إعجاز طبي‬ ‫إعجاز طبي‬

‫املستقبل أو ما نسميه احلدس‪ .‬حتى إنه فقد اإلميان‬ ‫من اعتالل في عضلة القلب‪ ،‬ولكنها أصبحت كل يوم‬ ‫املقابل!‬ ‫لم يستطيعوا كشف جميع أسرار‬
‫بالله‪ ،‬ولم يعد يبالي باآلخرة كما كان من قبل!!‬ ‫حتس وكأن شيئ ًا يصطدم بصدرها فتشكو لطبيبها‬ ‫ي��ع��ت��ق��د ال���ب���رف���س���ور  ‪Gary‬‬ ‫القلب‪ ،‬ولذلك عندما نقول إن القلب في السبعني يكون القلب قد‬
‫حتى هذه اللحظة لم يستطع األطباء تفسير هذه‬ ‫هذه احلالة فيقول لها هذا بسبب تأثير األدوية‪ ،‬ولكن‬ ‫‪ Schwartz‬اخ��ت��ص��اص��ي الطب‬ ‫ضخ مليون برميل دم‬ ‫يوجه الدماغ في عمله‪،‬‬‫هو ال��ذي ّ‬
‫ال��ظ��اه��رة‪ ،‬مل��اذا ح��دث ه��ذا التحول النفسي الكبير‪،‬‬ ‫تبني فيما بعد أن صاحبة القلب األصلي صدمتها‬ ‫ال��ن��ف��س��ي ف���ي ج��ام��ع��ة أري���زون���ا‪،‬‬ ‫فهذا الكالم منطقي وال يوجد ما‬
‫وما عالقة القلب بنفس اإلنسان ومشاعره وتفكيره؟‬ ‫سيارة في صدرها وأن آخر كلمات نطقت بها أنها‬ ‫وال��دك��ت��ورة ‪ Linda Russek‬أن للقلب طاقة خاصة‬ ‫ينافيه علمي ًا‪ ،‬واألهم من ذلك أنه يتفق مع القرآن‪.‬‬
‫يقول البرفسور ‪ Arthur Caplan‬رئيس قسم األخالق‬ ‫حتس بألم الصدمة في صدرها‪.‬‬ ‫الشيء الثابت علمي ًا أن القلب يتصل مع الدماغ بواسطتها يتم تخزين املعلومات ومعاجلتها أيض ًا‪.‬‬
‫الطبية في جامعة بنسلفانيا‪« :‬إن العلماء لم يعطوا‬ ‫م��ئ��ات وم��ئ��ات احل���االت ال��ت��ي ح��دث��ت لها تغيرات‬ ‫من خالل شبكة معقدة من األعصاب‪ ،‬وهناك رسائل وبالتالي فإن الذاكرة ليست فقط في الدماغ بل قد‬
‫اهتمام ًا بهذه الظاهرة‪ ،‬بل إننا لم ندرس عالقة العاطفة‬ ‫عميقة‪ ،‬فقد غرقت طفلة عمرها ثالث سنوات في املسبح‬ ‫مشتركة ب�ين القلب وال��دم��اغ على شكل إشارات يكون القلب محرك ًا لها ومشرف ًا عليها‪ .‬قام الدكتور‬
‫والنفس بأعضاء اجلسم‪ ،‬بل نتعامل مع اجلسم وكأنه‬ ‫املنزلي‪ ،‬وتبرع أهلها بقلبها ليتم زراعته لطفل عمره‬ ‫كهربائية‪ ،‬ويؤكد بعض العلماء أن القلب والدماغ غ��اري ببحث ضم أكثر من ‪ 300‬حالة زراع��ة قلب‪،‬‬
‫مجرد آلة»‪.‬‬ ‫تسع سنوات‪ ،‬الغريب أن هذا الطفل أصبح يخاف‬ ‫يعمالن بتناسق وتناغم عجيب ولو حدث أي خلل في ووجد بأن جميعها قد حدث لها تغيرات نفسية جذرية‬
‫القلب االصطناعي هو عبارة عن جهاز يتم غرسه‬ ‫جد ًا من املاء‪ ،‬بل ويقول لوالديه ال ترموني في املاء!!‬ ‫بعد العملية‪.‬‬ ‫هذا التناغم ظهرت االضطرابات على الفور‪.‬‬
‫في صدر املريض يعمل على بطارية يحملها املريض‬ ‫القلب مسؤول عن العواطف‬ ‫يقول الدكتور ‪ Schwartz‬قمنا بزرع قلب لطفل من‬ ‫ويقول الدكتور ‪ Armour‬إن للقلب نظام ًا خاص ًا به‬
‫بشكل دائم ويستبدلها كلما نفدت‪ ،‬هذا اجلهاز أشبه‬ ‫في معاجلة املعلومات القادمة إليه من مختلف أنحاء طفل آخر أمه طبيبة وقد توفي وقررت أمه التبرع بقلبه‪،‬‬
‫هناك أمر مثير لالهتمام‬
‫مبضخة تضخ الدم‬ ‫اجل��س��م‪ ،‬ول��ذل��ك ف��إن جن��اح زرع القلب يعتمد على ثم قامت مبراقبة حالة الزرع جيد ًا‪ ،‬وتقول هذه األم‪:‬‬
‫َحمَ لة القلوب‬ ‫وتعمل باستمرار‪،‬‬ ‫أال وه��و أن أول��ئ��ك املرضى‬ ‫القلب‬ ‫النظام العصبي للقلب امل��زروع وقدرته على التأقلم «إنني أحس دائم ًا بأن ولدي ما زال على قيد احلياة‪،‬‬
‫وإذا وضعت رأسك االصطناعية فقدوا‬ ‫الذين استبدلت قلوبهم بقلوب‬ ‫ّ‬
‫يوجه‬ ‫فعندما أقترب من هذا الطفل (الذي يحمل قلب ولدها)‬ ‫مع املريض‪.‬‬
‫ع����ل����ى ص�������در ه����ذا األحاسيس والعواطف‬ ‫اصطناعية‪ ،‬فقدوا اإلحساس‬ ‫الدماغ!‬ ‫أحس بدقات قلبه وعندما عانقني أحسست بأنه طفلي‬
‫امل��ري��ض ف�لا تسمع‬ ‫وال���ع���واط���ف وال���ق���درة على‬ ‫متام ًا‪ ،‬إن قلب هذا الطفل يحوي معظم طفلي»!‬ ‫مشاهد مثيرة!‬
‫أي دق��ات بل تسمع‬ ‫احل��ب! ففي ‪2007/8/11‬‬ ‫والذي أكد هذا اإلحساس أن هذا الطفل بدأ يظهر‬ ‫تقول املعاجلة النفسية ‪ Linda Marks‬بعد عملها ملدة‬
‫صوت محرك كهربائي!‬ ‫عشرين عام ًا في مركز القلب‪ :‬كان الناس يواجهونني عليه خلل في اجلهة اليسرى‪ ،‬وبعد ذلك تبني أن الطفل‬
‫نشرت جريدة ‪  Washington Post‬حتقيق ًا صحفي ًا‬
‫إن أول قلب صناعي مت زرعه في عام ‪ 1982‬عاش‬ ‫ب��س��ؤال‪ :‬م��اذا تعملني ف��ي ه��ذا امل��رك��ز وأن��ت تعلمني املتوفى صاحب القلب األصلي كان يعاني من خلل‬
‫حول رجل اسمه ‪ Peter Houghton‬وقد ُأجريت له‬
‫املريض به ‪ 111‬يوم‪ ،‬ثم تطور هذا العلم حتى متكن‬ ‫أن القلب مجرد مضخة للدم ليس له عالقة باحلالة في اجلانب األيسر من الدماغ يعيق حركته‪ ،‬وبعد‬
‫العلماء في عام ‪ 2001‬من صنع قلب صناعي يدعى‬ ‫عملية زرع قلب اصطناعي‪ ،‬يقول هذا املريض‪« :‬إن‬
‫وكنت أجيب بأنني أحس بالتغيير أن مت زرع هذا القلب تبني بعد فترة أن الدماغ بدأ‬ ‫ُ‬ ‫النفسية لإلنسان؟‬
‫‪ AbioCor‬وهو قلب متطور وخفيف يبلغ وزن��ه أقل‬ ‫مشاعري تغيرت بالكامل‪ ،‬فلم أعد أعرف كيف أشعر‬ ‫الذي يحصل في نفسية املريض قبل وبعد عملية زرع يصيبه خلل في اجلانب األيسر متام ًا كحالة الطفل‬
‫من كيلو غرام ( ‪ 900‬غ��رام) ويتم زرعه مكان القلب‬ ‫أو أحب‪ ،‬حتى أحفادي ال أحس بهم وال أعرف كيف‬ ‫القلب‪ ،‬وأحس بتغير عاطفته‪ ،‬ولكن ليس لدي الدليل امليت صاحب القلب األصلي‪.‬‬
‫املصاب‪ .‬أما أول قلب صناعي كامل فقد زرع عام‬ ‫أتعامل معهم‪ ،‬وعندما يقتربون مني ال أحس أنهم جزء‬ ‫ما هو تفسير ذلك؟ ببساطة نقول إن القلب‬ ‫العلمي إال م��ا أراه أم��ام��ي‪ .‬ولكن منذ‬
‫‪ 2001‬ملريض أشرف على املوت‪ ،‬ولكنه عاش بالقلب‬ ‫من حياتي كما كنت من قبل»‪.‬‬ ‫هو ال��ذي يشرف على عمل الدماغ‪ ،‬واخللل‬ ‫ملاذا تتغير‬ ‫التسعينات تعرفت على إحدى املهتمات‬
‫الصناعي أرب��ع��ة أش��ه��ر‪ ،‬ث��م ت��ده��ورت صحته وفقد‬ ‫أصبح ه��ذا الرجل غير مبال ب��أي ش��يء‪ ،‬ال يهتم‬ ‫الذي أصاب دماغ الطفل املتوفى كان سببه‬ ‫بهذا املوضوع وهي «ليندا راسك» التي‬
‫القلب‪ ،‬وبعد زرع هذا القلب لطفل آخر‪ ،‬بدأ‬
‫املريض‬ ‫نفسية‬ ‫متكنت من تسجيل عالقة بني الترددات‬
‫القدرة على الكالم والفهم‪ ،‬ثم مات بعد ذلك‪.‬‬ ‫ب��امل��ال‪ ،‬ال يهتم ب��احل��ي��اة‪ ،‬ال ي��ع��رف مل���اذا يعيش‪ ،‬بل‬
‫لقد فشل القلب الصناعي كما أكدت إدارة الدواء‬ ‫إنه يفكر أحيان ًا باالنتحار والتخلص من هذا القلب‬ ‫القلب ميارس نشاطه على الدماغ وط َّور هذا‬ ‫قلب‬ ‫زرع‬ ‫بعد‬ ‫الكهرطيسية التي يبثها القلب والترددات‬
‫وال��غ��ذاء األمريكية ألن امل��رض��ى ال��ذي��ن مت��ت إجراء‬ ‫املشؤوم! لم يعد هذا اإلنسان قادر ًا على فهم العالم‬ ‫اخللل في دماغ ذلك الطفل‪.‬‬ ‫جديد في‬ ‫الكهرطيسية التي يبثها الدماغ‪ ،‬وكيف‬
‫عمليات زرع ه��ذا القلب لهم ماتوا بعد ع��دة أشهر‬ ‫من حوله‪ ،‬لقد فقَد القدرة على الفهم أو التمييز أو‬ ‫تقول الدكتورة ليندا‪ :‬من احلاالت املثيرة‬ ‫صدره؟‬ ‫ميكن للمجال الكهرطيسي للقلب أن يؤثر‬
‫بسبب ذبحة صدرية مفاجئة‪.‬‬ ‫املقارنة‪ ،‬كذلك فقد القدرة على التنبؤ‪ ،‬أو التفكير في‬ ‫أيض ًا أن��ه مت زرع قلب لفتاة كانت تعاني‬ ‫في املجال املغنطيسي لدماغ الشخص‬
‫‪13‬‬ ‫العدد الثاني عشر ‪ 1431 -‬هـ ‪ -‬شتاء ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫العدد الثاني عشر ‪ 1431 -‬هـ ‪ -‬شتاء ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫‪12‬‬
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫إعجاز طبي‬ ‫إعجاز طبي‬

‫‪ .]74‬فقد ح ّدد لنا القرآن صفة من صفات القلب‬ ‫السبق القرآني في علم القلب‬ ‫الذاكرة عميق ًا في قلوبنا؟‬ ‫دماغ في القلب‬
‫وه��ي ال��ق��س��وة وال��ل�ين‪ ،‬ول��ذل��ك ق��ال ع��ن الكافرين‪:‬‬ ‫إن القلب بإيقاعه املنتظم يتحكم بإيقاع‬
‫القلب‬ ‫فشل‬
‫إن املشاهدات والتجارب التي رأيناها في هذا‬ ‫إن التفسير املقبول ل��ه��ذه الظاهرة الصناعي في‬
‫َاس َي ِة ُق ُلو ُب ُه ْم ِم� ْ�ن ِذ ْك��رِ ال َّل ِه ُأولَ� ِئ� َ�ك ِفي‬
‫{ َف� َ�و ْي� ٌ�ل ِللْق ِ‬ ‫ال فهو وسيلة الربط بني كل‬ ‫اجلسد كام ً‬
‫البحث تثبت لنا ع��دة نتائج في علم القلب ميكن أن‬ ‫أنه يوجد في داخل خاليا قلب اإلنسان‬
‫ِ�ين]} [ال��زم��ر‪ .]22 :‬ثم ق��ال في املقابل‬ ‫ض�َل�اَ ٍل ُم �ب ٍ‬ ‫َ‬ ‫خلية م��ن خ�لاي��ا اجل��س��م م��ن خ�لال عمله‬ ‫أداء مهمته‬
‫نلخصها في نقاط محددة‪ ،‬وكيف أن القرآن حدثنا‬ ‫برامج خاصة للذاكرة يتم فيها تخزين‬
‫عن املؤمنني‪ُ { :‬ث َّم َت ِل ُ‬
‫ني ُج ُلو ُد ُه ْم َو ُق ُلو ُب ُه ْم ِإلَى ِذ ْكرِ‬ ‫كمضخة للدم‪ ،‬حيث تعبر كل خلية دم هذا‬
‫عنها بدقة تامة‪:‬‬ ‫جميع األحداث التي مير فيها اإلنسان‪،‬‬
‫ال َّل ِه]} بالزمر‪.]23 :‬‬ ‫القلب وحتمل املعلومات منه وتذهب بها‬
‫‪ -1‬يتحدث العلماء اليوم ج ّدي ًّا عن دماغ موجود‬ ‫وتقوم هذه البرامج بإرسال هذه الذاكرة للدماغ ليقوم‬
‫‪ -4‬يؤكد العلماء أن ك��ل خلية م��ن خاليا القلب‬ ‫إلى بقية خاليا اجلسم‪ ،‬إذن القلب ال يغذي اجلسد‬
‫في القلب يتألف من ‪ 40000‬خلية عصبية‪ ،‬أي أن ما‬ ‫مبعاجلتها‪.‬‬
‫تشكل مستودع ًا للمعلومات واألحداث‪ ،‬ولذلك بدأوا‬ ‫بالدم النقي إمنا يغذيه أيض ًا باملعلومات!‬
‫نسميه «العقل» موجود في مركز القلب‪ ،‬وهو الذي‬ ‫نالحظ أن معدل نبضات القلب يتغير تبع ًا للحالة‬
‫وم���ن األب��ح��اث ال��غ��ري��ب��ة ال��ت��ي أج��ري��ت ف��ي معهد‬
‫يقوم بتوجيه الدماغ ألداء مهامه‪ ،‬ولذلك فإن الله تعالى‬ ‫النفسية والعاطفية ل�لإن��س��ان‪ ،‬وي��ؤك��د ال��دك��ت��ور ‪J.‬‬
‫«ري��اض��ي��ات ال��ق��ل��ب» ‪ HeartMath‬أنهم وج���دوا أن‬
‫جعل القلب وسيلة نعقل بها‪،‬‬ ‫‪ Andrew Armour‬أن هناك دماغ ًا شديد التعقيد‬
‫امل��ج��ال الكهربائي للقلب ق��وي ج��د ًا وي��ؤث��ر على من‬
‫يروا‬ ‫يقول تعالى‪َ { :‬أ َفلَ ْم َي ِس ُ‬ ‫القلب يرسل‬ ‫حولنا من الناس‪ ،‬أي أن اإلنسان ميكن أن يتصل مع‬
‫موجود داخل القلب‪ ،‬داخل كل خلية من خاليا القلب‪،‬‬
‫وب‬ ‫ون لَ ُه ْم ُق ُل ٌ‬‫ض َف َت ُك َ‬ ‫ِفي الأْ َ ْر ِ‬ ‫ذبذبات إلى‬ ‫ففي القلب أكثر من أربعني ألف خلية عصبية تعمل‬
‫غيره من خالل قلبه فقط دون أن يتكلم!!!‬
‫ون‬ ‫َان َي ْس َم ُع َ‬ ‫ون ِب َها َأ ْو َآذ ٌ‬ ‫َي ْع ِق ُل َ‬ ‫بدقة فائقة على تنظيم معدل ضربات القلب وإفراز‬
‫القلوب األخرى‬ ‫كما وجدوا أن دقات القلب تؤثر على املوجات التي‬
‫ار‬ ‫ص ُ‬ ‫ِب َها َف ِإ َّن َها لاَ َت ْع َمى الأْ َ ْب َ‬ ‫يبثها الدماغ (موجات ألفا)‪ ،‬فكلما زاد عدد دقات‬
‫الهرمونات وتخزين املعلومات ثم يتم إرسال املعلومات‬
‫وب ا َّل ِتي ِفي‬ ‫َولَ ِك ْن َت ْع َمى الْ ُق ُل ُ‬ ‫إلى الدماغ‪ ،‬هذه املعلومات تلعب دور ًا مهم ًا في الفهم‬
‫القلب زادت الترددات التي يبثها الدماغ‪.‬‬
‫الص ُدورِ ]} [احلج‪ .]46 :‬وهذه اآلية ح ّددت لنا مكان‬ ‫ُّ‬ ‫واإلدراك‪.‬‬
‫القلب لكي ال يظن أحد أن القلب موجود في الرأس‬
‫إذن املعلومات تتدفق من القلب إلى ساق الدماغ ثم القلب واإلدراك‬
‫وهو الدماغ‪ ،‬أو أن هناك قلب ًا غير القلب الذي ينبض‬ ‫تدخل إلى الدماغ عبر ممرات خاصة‪ ،‬وتقوم بتوجيه‬
‫في صدرنا‪ ،‬وهذه أقوال ال تعتمد على برهان علمي‪.‬‬ ‫جاء بنتيجة بحث أجراه الباحثان ‪Rollin McCraty‬‬ ‫خاليا الدماغ لتتمكن من الفهم واالستيعاب‪ .‬ولذلك‬
‫زرع القلب الصناعي ملريض‪ ،‬ويقول العلماء إن النتائج التي‬ ‫‪ -2‬يتحدث العلماء اليوم عن ال��دور الكبير الذي‬ ‫فإن بعض العلماء اليوم يقومون بإنشاء مراكز تهتم و‪ Mike Atkinson‬ومت عرضه في اللقاء السنوي‬
‫وصلوا إليها‪ ،‬واخللل الكبير في اإلدراك والفهم الذي يعاني منه‬ ‫ب��دراس��ة العالقة ب�ين القلب وال��دم��اغ وع�لاق��ة القلب للمجتمع البافلوفي عام ‪ ،1999‬أن هنالك عالقة بني‬
‫صاحب القلب الصناعي يؤكد بأن القلب له دور أساسي في الفهم‬
‫يلعبه القلب في عملية الفهم واإلدراك وفقه األشياء من‬
‫حولنا‪ ،‬وهذا ما حدثنا عنه القرآن بقوله تعالى‪( :‬لَ ُه ْم‬ ‫بالعمليات النفسية واإلدراكية‪ ،‬بعدما أدرك��وا الدور القلب وعملية اإلدراك‪ ،‬وقد أثبت الباحثان هذه العالقة‬
‫واإلدراك‪ ،‬وأن القلب هو أكثر من مضخة‪ ،‬إن قلب اإلنسان أكثر‬
‫تعقيد ًا مما نتصور!‬ ‫ون ِب َها) [األنعام‪ .]179 :‬أي أن القرآن‬ ‫ُق ُل ٌ‬
‫وب لاَ َي ْف َق ُه َ‬ ‫من خالل قياس النشاط الكهرطيسي للقلب والدماغ‬ ‫الكبير للقلب في التفكير واإلبداع‪.‬‬
‫حدد لنا مركز اإلدراك لدى اإلنسان وهو القلب‪ ،‬وهو‬ ‫أثناء عملية الفهم أي عندما يحاول اإلنسان فهم ظاهرة‬
‫ما يكتشفه العلماء اليوم‪.‬‬ ‫ما‪ ،‬فوجدوا أن عملية اإلدراك تتناسب مع أداء القلب‪،‬‬ ‫ذبذبات من القلب‬
‫‪ -3‬معظم الذين يزرعون قلب ًا صناعي ًا يشعرون‬ ‫وكلما كان أداء القلب أقل كان اإلدراك أقل‪.‬‬
‫يتحدثون عن ذاكرة القلب‪ ،‬ولذلك فإن الله تعالى أكد‬ ‫ي��ق��ول ال��دك��ت��ور ب��ول ب��رس��ال ‪ Paul Pearsall‬إن‬
‫حتجر ويحسون بقسوة غريبة‬ ‫َّ‬ ‫بأن قلبهم اجلديد قد‬ ‫إن النتائج التي قدمها معهد ري��اض��ي��ات القلب‬
‫لنا أن كل شيء موجود في القلب‪ ،‬وأن الله يختبر ما‬ ‫القلب يحس ويشعر ويتذكر ويرسل ذبذبات متكنه‬
‫في صدورهم‪ ،‬وفقدوا اإلمي��ان واملشاعر واحلب‪،‬‬ ‫مبهرة وتؤكد على أن��ك عندما تقترب من‬
‫في قلوبنا‪ ،‬يقول تعالى‪َ { :‬و ِل َي ْب َت ِل َي ال َّل ُه َما ِفي ُ‬
‫ص ُدورِ ُك ْم‬ ‫من التفاهم مع القلوب األخرى‪ ،‬ويساعد‬
‫وهذا ما أشار إليه القرآن‬ ‫إنسان آخر أو تلمسه أو تتحدث معه‪ ،‬فإن‬ ‫في القلب‬
‫الص ُدورِ ]}‬ ‫ص َما ِفي ُق ُلوب ُِك ْم َوال َّل ُه َع ِلي ٌم ِبذ ِ‬
‫َات ُّ‬ ‫َو ِل ُي َم ِّح َ‬ ‫للقلب دور في‬ ‫على تنظيم مناعة اجلسم‪ ،‬ويحتوي على‬
‫ف��ي خ��ط��اب ال��ي��ه��ود‪ُ { :‬ث َّم‬ ‫التغيرات احلاصلة في نظام دقات القلب‬
‫[آل عمران‪.]154 :‬‬ ‫تعزيز الفهم‬ ‫دماغ شديد‬ ‫معلومات يرسلها إلى كل أنحاء اجلسم‬
‫���ن َب ْع ِد‬‫��م ِم� ْ‬ ‫��ت قُ�� ُل��و ُب ُ‬
‫��ك ْ‬ ‫َق� َ‬
‫��س� ْ‬ ‫لديك‪ ،‬تنعكس على نشاطه الدماغي!! أي‬
‫‪ -5‬يؤكد بعض الباحثني على أهمية القلب في عملية‬
‫َذ ِل� َ‬ ‫واالدراك‬ ‫أن قلبك يؤثر على دماغ من هو أمامك‪.‬‬ ‫التعقيد‬ ‫م��ع ك��ل نبضة م��ن ن��ب��ض��ات��ه‪ .‬ويتساءل‬
‫السمع‪ ،‬بل إن اخللل الكبير في نظام عمل القلب يؤدي‬
‫�ار ِة َأ ْو‬‫�ج� َ‬ ‫�ي َك��الحْ ِ � َ‬ ‫��ك َف��هِ � َ‬ ‫بعض الباحثني‪ :‬هل من املمكن أن تسكن‬
‫��و ًة]} [البقرة‪:‬‬ ‫��س� َ‬‫َأ َش���� ُّد َق� ْ‬
‫‪15‬‬ ‫العدد الثاني عشر ‪ 1431 -‬هـ ‪ -‬شتاء ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫العدد الثاني عشر ‪ 1431 -‬هـ ‪ -‬شتاء ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫‪14‬‬
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫إعجاز طبي‬ ‫إعجاز طبي‬

‫‪Wisdom and Power of Our Heart Energy, New‬‬ ‫في عمليات القلب الصناعي‪ ،‬حيث نرى بأن جميع أنظمة‬ ‫التي يختزنها القلب فهي معلومات حقيقية‬ ‫إلى فقدان السمع‪ ،‬وهذا ما رأيته بنفسي‬
‫‪York, Broadway Books, 1998.‬‬
‫‪3- Linda Marks, THE POWER OF THE HEART, www.‬‬ ‫اجلسم تضطرب‪ ،‬ولذلك قال ‪( :#‬أال إن في اجلسد مضغة‬ ‫صادقة‪ ،‬وهكذا فإن اإلنسان عندما يكذب‬ ‫لقلبك‬ ‫ميكن‬ ‫عندما كان في أحد املشافي رجل لم يكن‬
‫‪healingheartpower.com, 2003.‬‬ ‫إذا صلحت صلح اجلسد كله وإذا فسدت فسد اجلسد‬ ‫بلسانه‪ ،‬فإنه يقول عكس م��ا يختزنه قلبه‬ ‫يصلي وكان يفطر في رمضان ولم يكن أن يؤثر على‬
‫‪4- Dorothy Mandel, Spirit and Matter of the Heart,‬‬
‫‪Grace Millenium, Winter 2001.‬‬ ‫كله أال وهي القلب) [متفق عليه]‪.‬‬ ‫ون‬‫من معلومات‪ ،‬ولذلك قال تعالى‪َ { :‬يقُو ُل َ‬ ‫جليسك‬ ‫يسمع نداء احلق‪ ،‬وقد أصابه احتشاء‬
‫‪5- Linda Marks, The Power of the Soul-Centered‬‬ ‫س في ُقلوبِهِ ْم]} [الفتح‪.]11 :‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ِب َألْس َنتهِ ْم َما لَ ْي َ‬ ‫بسيط ف��ي عضلة القلب ث��م ت��ط��ور هذا‬
‫‪Relationship, HeartPower Press, 2004.‬‬ ‫أفضل عالج للقلب‬ ‫فاللسان هنا يتحرك بأمر من الناصية في‬
‫يؤكد جميع العلماء على أن السبب األول للوفاة‬ ‫اخللل حتى فقد سمعه مت��ام� ًا ث��م مات‬
‫اص َي ٍة‬ ‫الدماغ‪ ،‬ولذلك وصف الله هذه الناصية بأنها‪َ { :‬ن ِ‬
‫هو اضطراب نظم عمل القلب‪ ،‬وأن أفضل طريقة‬ ‫مباشرة بعد ذل��ك‪ ،‬وكانت آخر كلمة نطقها «إنني ال‬
‫اطئ ٍَة]} [العلق‪.]16 :‬‬ ‫َك ِاذ َب ٍة خَ ِ‬
‫ل��ل��ع�لاج ه��و ال��ع��م��ل ع��ل��ى اس��ت��ق��رار ه��ذه القلوب‪،‬‬ ‫أسمع شيئ ًا»‪ ،‬ولذلك ربط القرآن بــــــــــــني القلب وبــني‬
‫‪ -8‬رأينا ذلك الرجل صاحب القلب الصناعي كيف‬
‫وقد ث ُبت أن بعض الترددات الصوتية تؤثر في‬ ‫ون]}‬ ‫السمع فقال‪َ { :‬و َن ْط َب ُع َعلَى ُق ُلوبِهِ ْم َف ُه ْم لاَ َي ْس َم ُع َ‬
‫فقد إميانه بالله بعد عملية الزرع مباشرة‪ ،‬وهذا يعطينا‬
‫[األعراف‪.]100 :‬‬
‫عمل القلب وتساعد على‬ ‫م��ؤش��ر ًا على أن اإلمي��ان يكون بالقلب وليس بالدماغ‪،‬‬
‫اس���ت���ق���راره‪ ،‬وه����ل هناك‬ ‫العقل في‬ ‫‪ -6‬يتحدث الباحثون عن دور القلب في التعلم‪ ،‬وهكذا يؤكد بعض الباحثني على أهمية القلب في اإلميان‬
‫أفضل من صوت القرآن؟‬
‫القلب وآلته‬
‫ول لاَ َي ْح ُز ْن َك‬‫الر ُس ُ‬ ‫والعقيدة‪ ،‬ولذلك قال تعالى‪َ { :‬يا َأ ُّي َها َّ‬
‫ين‬‫ولذلك قال تعالى‪{ :‬ا َّل ِذ َ‬ ‫اههِ ْم‬ ‫ون ِفي الْ ُكفْرِ ِم َن ا َّل ِذ َ‬
‫ين قَا ُلوا َآ َمنَّا ِب َأف َْو ِ‬ ‫ين ُي َسارِ ُع َ‬ ‫ا َّل ِذ َ‬
‫َآ َم��� ُن���وا َو َت� ْ�ط� َ�م � ِئ� ُّ�ن ُق ُلو ُب ُه ْم‬ ‫في الدماغ‬ ‫َولَ ْم ُتؤ ِْم ْن ُق ُلو ُب ُه ْم]} [املائدة‪.]41 :‬‬
‫ِب� ِ�ذ ْك��رِ ال� َّل� ِ�ه أَلاَ ِب� ِ�ذ ْك��رِ ال َّل ِه‬ ‫‪ -9‬بينت أبحاث القلب الصناعي أن للقلب‬
‫دور ًا أس��اس��ي � ًا ف��ي اخل���وف وال��رع��ب‪ ،‬وعندما‬
‫وب ]} [الرعد‪:‬‬ ‫َت ْط َم ِئ ُّن ا لْ ُق ُل ُ‬
‫�دت بالتجربة أن ت�لاوة ه��ذه اآلية‬ ‫س��أل��وا صاحب القلب الصناعي ع��ن مشاعره‬
‫في هذه الصورة رجل يعيش بقلب صناعي‪ ،‬إنه يرتبط بشكل‬ ‫‪ .]28‬وق��د وج� ُ‬
‫دائم بأشرطة من أجل التغذية بالبطارية‪ ،‬إن الذي جتري له عملية‬ ‫ومساء تؤدي إلى استقرار‬ ‫سبع مرات صباح ًا‬ ‫قال بأنه فقد القدرة على اخلوف‪ ،‬لم يعد يخاف‬ ‫أجرى معهد رياضيات القلب العديد من التجارب أثبت من خاللها‬
‫تركيب قلب اصطناعي يفقد اإلحساس بكثير من األشياء من حوله‬
‫ً‬ ‫أو ي��ت��أث��ر أو ي��ه��ت��م ب��ش��يء م��ن أم��ور املستقبل‪.‬‬ ‫أن القلب يبث ترددات كهرطيسية تؤثر على الدماغ وتوجهه في‬
‫وتصبح ردود أفعاله شبه منعدمة‪ ،‬وحتدث تغييرات كبيرة جد ًا في‬
‫كبير في عمل القلب‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬ ‫عمله‪ ،‬وأنه من املمكن أن يؤثر القلب على عملية اإلدراك والفهم لدى‬
‫وه��ذا م��ا س��ب��ق ب��ه ال��ق��رآن ع��ن��دم��ا أك��د ع��ل��ى أن‬
‫وأخ��ي��ر ًا ن��س��أل ال��ل��ه تعالى أن يثبت قلوبنا على‬ ‫اإلنسان‪ .‬كما وجدوا أن القلب يبث مجا ًال كهربائي ًا هو األقوى بني‬
‫شخصيته‪ .‬وهذا يثبت عمل القلب في التفكير وفي ردود األفعال‬ ‫ين‬ ‫�ون ا َّل ِذ َ‬ ‫الُ� ْؤ ِم� ُن� َ‬
‫القلوب تخاف وت��وج��ل‪ِ ( :‬إ نمَّ َ ��ا مْ‬
‫وفي توجيه الدماغ أيض ًا‪.‬‬ ‫اإلمي��ان‪ ،‬ونتذكر أكثر دعاء النبي‪( :‬يا مق ّلب القلوب‬ ‫�ت ُق ُلو ُب ُه ْم َو ِإ َذ ا ُت ِل َي ْت َعلَ ْيهِ ْم‬
‫أعضاء اجلسم‪ ،‬لذلك فهو من احملتمل أن يسيطر على عمل اجلسم‬
‫ِإ َذ ا ُذ ِك� َ�ر ال َّل ُه َو ِج�لَ� ْ‬ ‫بالكامل‪ .‬املنحني األسفل ميثل ضربات القلب‪ ،‬واملنحنيات الثالثة‬
‫(ر َّب َنا لاَ‬
‫ث ّبت قلبي على دينك)‪ ،‬وندعو بدعاء املؤمنني‪َ :‬‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫‪6- Paul Pearsall, Gary E. Schwartz, Linda G. Russek,‬‬ ‫ون )‬ ‫مي��ا ًن��ا َو َع �ل��ى َر ِّب��هِ � ْ�م َي َت َو كل َ‬ ‫��م ِإ َ‬ ‫آ َي��ا ُت � ُه َز ا َد ْت��� ُه� ْ‬ ‫فوقه متثل رد فعل الدماغ وكيف تتأثر تردداته بحالة القلب‪.‬‬
‫‪Organ Transplants and Cellular Memories, Nexus‬‬ ‫تُزِ غْ ُق ُلو َب َنا َب ْع َد ِإ ْذ َه َد ْي َت َنا َو َه ْب لَ َنا ِم ْن لَ ُد ْن َك َر ْح َم ًة ِإن ََّك‬ ‫[األن��ف��ال‪ .]2 :‬وك��ذل��ك ج��ع��ل ال��ل��ه م��ك��ان اخلوف‬
‫‪Magazine, April - May 2005.‬‬
‫‪7- Schwartz GER, Russek, LGS. The Living Energy‬‬
‫اب) [آل عمران‪.]8 :‬‬ ‫َأ ْن َت الْ َو َّه ُ‬ ‫وهذا يعتبر من أحدث األبحاث التي نشرت مؤخر ًا‪ ،‬والرعب هو القلب‪ ،‬فقال‪َ { :‬و َق َذ َف ِفي ُق ُلو بِهِ ُم‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪Universe. Charlottesville, VA: Hampton Roads‬‬ ‫الر ْع َب ]} [احلشر‪.]2 :‬‬ ‫ُّ‬
‫‪Publishing, 1999.‬‬ ‫* وللراغبني مبتابعة البحث بكامله م��راج��ع��ة امل��وق��ع ‪www.‬‬ ‫ولذلك فإن للقلب دور ًا مهم ًا في العلم والتعلم ألن‬
‫‪8- His Heart Whirs Anew, Washington Post, August‬‬ ‫‪kaheel7.com‬‬ ‫القلب يؤثر على خاليا ال��دم��اغ ويوجهها‪ ،‬ولذلك‬
‫‪11, 2007.‬‬ ‫املراجع‪:‬‬ ‫فإن القرآن قد ربط بني القلب والعلم‪ ،‬قال تعالى‪ :‬اإلعجاز في السنة النبوية‬
‫‪9- Heart, Wikipedia.‬‬ ‫‪1- Pearsall P, Schwartz GE, Russek LG, Changes in heart‬‬
‫سبق النبي األعظم عليه الصالة والسالم علماء الغرب‬
‫‪10- Science of the heart, Institute of HeartMath.‬‬
‫‪11- Rollin McCraty, The Scientific Role of the Heart in‬‬
‫‪transplant recipients that‬‬
‫‪parallel the personalities‬‬ ‫إلى احلديث عن دور القلب وأهميته في صالح‬ ‫{ َو َط��� َب��� َع ال�� َّل�� ُه َع �لَ��ى ُق � ُل��و ِب��هِ � ْ�م فَ�� ُه ْ‬
‫��م لاَ‬
‫ون]} [التوبة‪.]93 :‬‬ ‫يعلَم َ‬
‫‪Learning and Performance, Institute of HeartMath,‬‬
‫‪2003.‬‬
‫‪of their donors, School‬‬
‫‪of Nursing, University‬‬
‫القلب ال يقبل إال‬ ‫َ ْ ُ‪ -7‬تؤكد التجارب اجلديدة أن مركز زرع قلب ملحد النفس‪ ،‬بل إنه جعل للقلب دور ًا مركزي ًا فإذا‬
‫‪12- Does your heart sense your emotional state? www.‬‬ ‫‪of‬‬ ‫‪Hawaii,‬‬ ‫‪www.‬‬ ‫الصدق والدماغ‬ ‫الكذب هو في منطقة الناصية في أعلى في جسم مؤمن صلح ه��ذا القلب ف��إن جميع أج�ه��زة اجلسد‬
‫‪msnbc.msn.com, Jan. 26, 2006.‬‬ ‫‪springerlink.com, 2000.‬‬
‫‪13- Annual Meeting of the Pavlovian Society,‬‬ ‫‪2- Paul Pearsall, The Hearts‬‬ ‫يتقبل الكذب‬ ‫ومقدمة الدماغ‪ ،‬وأن هذه املنطقة تنشط يؤدي إلى إحلاده س�ت�ص�ل��ح‪ ،‬وإذا ف�س��د ف �س��وف ت�ف�س��د جميع‬
‫‪Tarrytown, NY, 1999‬‬ ‫‪Code:‬‬ ‫‪Tapping‬‬ ‫‪the‬‬ ‫أنظمة اجلسم‪ ،‬وه��ذا ما ن��راه اليوم وبخاصة‬ ‫بشكل كبير أثناء الكذب‪ ،‬أما املعلومات‬
‫‪17‬‬ ‫العدد الثاني عشر ‪ 1431 -‬هـ ‪ -‬شتاء ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫العدد الثاني عشر ‪ 1431 -‬هـ ‪ -‬شتاء ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫‪16‬‬
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫إعجاز لغوي‬ ‫إعجاز لغوي‬

‫َي ْس َم ُعونَ [‪َ ]4‬و َقا ُلوا ُق ُلو ُب َنا ِفي َأ ِك َّنةٍ مِّمَّا َت ْد ُعو َنا ِإ َل ْي ِه َو ِفي آذَا ِن َنا‬ ‫حلفت به‪ .‬ثم خرج من عنده حتى أتى أبا جهل‪ ،‬فقال‪ :‬ما‬
‫اب َف ْاع َملْ ِإ َّن َنا َعا ِم ُلونَ [‪ُ ]5‬قلْ ِإ مَّ َنا‬
‫يموا ِإ َل ْي ِه‬‫اس َت ِق ُ‬
‫ني[‪َ ... ]6‬ف ِإنْ َأ ْع َر ُضوا َفقُلْ َأ َنذ ْر ُت ُك ْم‬
‫َو ْق ٌر َو ِمن َب ْي ِن َنا َو َب ْي ِن َك ِح َج ٌ‬
‫وحى ِإ َل َّي َأ مَّ َنا ِإ َل ُه ُك ْم ِإ َل ٌه َو ِاح ٌد َف ْ‬
‫رأي��ك فيما سمعت من محمد؟ ق��ال‪ :‬م��اذا سمعت! تنازعنا‬
‫َأ َنا َب َش ٌر ِّم ْث ُل ُك ْم ُي َ‬
‫نحن وبنو عبد مناف في الشرف‪ ،‬أطعموا فأطعمنا‪ ،‬وحملوا‬
‫َو ْاس َت ْغ ِف ُرو ُه َو َو ْي ٌل ِّل ْل ُم ْش ِر ِك َ‬
‫فحملنا‪ ،‬وأعطوا فأعطينا‪ ،‬حتى إذا جتاثينا على الركب‪،‬‬
‫اإلعجاز البياني في القرآن الكرمي‬
‫َصا ِع َق ًة ِّم ْثلَ َصا ِع َق ِة َعادٍ َو َث ُمو َد[‪(.]13‬سورة فصلت)‪.‬‬ ‫وكنا كفرسي رهان‪ .‬قالوا‪ :‬منا نبي يأتيه الوحي من السماء‪،‬‬ ‫محمد فرشوخ‬
‫‪ ...‬فقام عتبة إلى أصحابه فقال بعضهم لبعض‪ :‬نحلف‬ ‫فمتى ندرك هذه‪ ،‬والله ال نؤمن به أبدا‪ ،‬وال نصدقه فقام عنه‬
‫بالله لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به! فلما‬ ‫األخنس وتركه)(‪.)1‬‬ ‫مقدمة‪:‬‬
‫والرواية الثانية‪ :‬ملا أرسلت قريش عتبة بن ربيعة (كان جلس إليهم قالوا‪ :‬ما وراءك يا أبا الوليد؟ فقال‪ :‬والله لقد‬ ‫احلمد لله وكفى‪ ،‬وسالم على عباده الذين اصطفى‪ ،‬وعلى خامتهم النبي املصطفى صلى الله عليه وسلم‪ ،‬سيد أهل‬
‫في الثمانني من عمره وكان يدعى حكيم قريش) إلى رسول تعلمون أني من أكثر قريش ماال‪ ،‬ولكني ملا قصصت عليه‬ ‫الصفا واحلب والوفا‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫القصة أجابني بشيء والله ما هو بشعر وال‬ ‫الله صلى الله عليه وسلم فقال له ‪ :‬يا ابن أخي!‬ ‫ال بد ملن أراد أن يبحث في اإلعجاز البياني في القرآن أن يكون له بالبيان باع‪ ،‬وباللغة علم واطالع‪ ،‬وال سبيل لتقدير‬
‫كهانة وال سحر؛ ث��م ت�لا عليهم م��ا سمع منه‬ ‫إنك منا حيث قد علمت من السعة في العشيرة‬ ‫أثمان اجلواهر‪ ،‬إال من كان له بها خبرا‪ ،‬وصرف في تقليبها عمر ًا ودرسها وتفحصها دهرا‪.‬‬
‫أهل البيان‬
‫إلى قوله‪“ :‬مثل صاعقة عاد وثمود” وأمسكت‬ ‫ٌ‬ ‫واملكان في النسب‪ ،‬وإنك قد أتيت قومك بأمر‬
‫بفيه(بفمه)‪ ،‬وناشدته بالرحم أن يكف‪ ،‬وقد‬ ‫على‬ ‫عيال‬ ‫عظيم فرقت به جماعتهم وسفهت به أحالمهم‬ ‫أو ًال‪-‬إذع� � � ��ان أه ��ل اجل��اه�ل�ي��ة ل �ك�لام القرآن‬ ‫يقول الله تعالى في سورة الشعراء‪:‬‬
‫القرآن‬ ‫الكرمي‪:‬‬ ‫ني[‪]193‬‬ ‫وح الأْ َ ِم ُ‬ ‫ني [‪َ ]192‬ن َز َل ِب ِه ُّ‬
‫الر ُ‬ ‫يل َر ِّب ا ْل َعا مَلِ َ‬ ‫نز ُ‬ ‫{و ِإ َّن ُه َل َت ِ‬
‫َ‬
‫علمتم أن محمدا إذا قال شيئا لم يكذب‪ ،‬فوالله‬ ‫وعبت به آلهتهم ودينهم وكفرت من مضى من‬ ‫ُ‬
‫لقد خفت أن ينزل بكم العذاب؛ يعني الصاعقة‪.‬‬ ‫آبائهم‪ ،‬فاسمع مني أعرض عليك أمورا تنظر‬
‫ِني [‪]195‬‬ ‫ِ‬
‫ِين[‪ِ ]194‬بل َس ٍان َع َرب ٍِّي ُّمب ٍ‬ ‫َع َلى َق ْلبِك ل َتكونَ م َن النذر َ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫مْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫مما يؤسف له أن بعض املدعني مبعرفة اللغة العربية‪ ،‬يرون‬ ‫ني[‪َ ]196‬أ َو َل ْم َي ُكن َّل ُه ْم آ َي ًة َأن َي ْع َل َم ُه ُع َل َماء َب ِني‬ ‫َو ِإ َّن ُه َل ِفي ُز ُب ِر الأْ َ َّو ِل َ‬
‫فيها لعلك أن تقبل منها بعضها‪ .‬فقال رسول الله صلى الله ي��ا معشر قريش أطيعوني واجعلوها ف��ي‪ ،‬خلوا ب�ين هذا‬ ‫في آي القرآن كالم ًا كسائر الكالم وصياغة كسائر الصيغ‪،‬‬ ‫ني[‪َ ]198‬فق ََر َأ ُه َع َل ْيهِ م‬ ‫ِإ ْس َرائِيلَ [‪َ ]197‬و َل ْو َن َّز ْل َنا ُه َع َلى َب ْع ِض الأْ َ ْع َج ِم َ‬
‫عليه وسلم‪ “ :‬قل يا أبا الوليد أسمع “‪ ،‬فقال‪ :‬يا ابن أخي! الرجل وبني ما هو فيه واعتزلوه‪ ،‬فوالله ليكونن لقوله الذي‬ ‫مما يدل على قصر نظر وإدعاء كبر‪ ،‬ولو أنهم درسوا األدب‬ ‫ني[‪َ ]199‬ك َذ ِل َك َس َل ْك َنا ُه ِفي ُق ُل ِ‬
‫ني[‪]200‬‬ ‫وب مْالُ ْج ِر ِم َ‬ ‫َّما َكا ُنوا ِب ِه ُم ْؤ ِم ِن َ‬
‫إن كنت إمنا تريد مبا جئت من هذا القول ماال جمعنا لك سمعت نبأ! ف��إن تصبه العرب فقد كفيتموه بغيركم‪ ،‬وإن‬ ‫اجلاهلي فحسب لوجدوا أن أهله وصنّاعه‪ ،‬قد وقفوا لدى‬
‫من أموالنا حتى تكون أكثرنا ماال‪ ،‬وإن كنت إمنا تريد شرفا يظهر على العرب فملكه ملككم وع��زه عزكم وكنتم أسعد‬
‫يم[‪َ ]201‬ف َي ْأ ِت َي ُهم َب ْغ َت ًة َو ُه ْم اَل‬ ‫اب الأْ َ ِل َ‬‫اَل ُي ْؤ ِم ُنونَ ِب ِه َح َّتى َي َر ُوا ا ْل َع َذ َ‬
‫سماع القرآن حائرين‪ ،‬ومن وقعه مرتعشني‪ ،‬أصابهم الذهول‪،‬‬ ‫َي ْش ُع ُرونَ [‪ }]202‬صدق الله العظيم‬
‫شرفناك علينا حتى ال نقطع أمر ًا دونك‪ ،‬وإن كنت تريد ملك ًا الناس به‪ ،‬قالوا‪َ :‬س َح َر َك والله يا أبا الوليد بلسانه! فقال‪:‬‬ ‫واللسان العربي املبني يعني فيما يعنيه‪ ،‬إحاطة باللغة وسلب منهم العقول‪ ،‬فسجدوا مع الساجدين‪ ،‬وانسلوا من‬
‫ملكناك علينا‪ ،‬وإن كان هذا ال��ذي يأتيك رئي ( يقال رئي هذا رأيي لكم فاصنعوا ما بدا لكم‪.‬‬ ‫بني املشركني ليسترقوا السمع‬
‫ومبعاني األلفاظ‪ ،‬وال يقدر على‬
‫والرواية الثالثة‪ :‬حني قرأ النبي صلى الله عليه وسلم‬ ‫للتابع من اجلن) تراه وال تستطيع أن ترده عن نفسك طلبنا‬ ‫لكالم رب العاملني‪.‬‬
‫لك الطبيب وبذلنا فيه أموالنا حتى يبرئك منه فإنه رمبا غلب يوم ًا‪« :‬حم‪ .‬تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم» {ب ِْس ِم الل ِه‬ ‫وقف شعراء ذل���ك إال م�ع�ج��م ض �خ��م يضم ن����ورد ف���ي ه����ذا السياق وصف الله تعالى‬
‫يم‬‫اب ِم َن ال َّل ِه ا ْل َع ِز ِيز ا ْل َع ِل ِ‬
‫يل ا ْل ِك َت ِ‬
‫نز ُ‬‫يم حم [‪َ ]1‬ت ِ‬ ‫الر ِح ِ‬ ‫من َّ‬ ‫الر ْح ِ‬
‫التابع على الرجل حتى ُي َدا َوى منه‪ ،‬أو لعل هذا الذي يأتي َّ‬ ‫اجلاهلية منه أربعة ماليني كلمة ون ّيف‪ ،‬وعليه رواي����������ات ث���ل��اث إلع���ج���اب لذاته لم يعرفه‬
‫َاب ِذي َّ‬
‫الط ْولِ اَل ِإ َل َه‬ ‫نب َو َقاب ِِل ال َّت ْو ِب شَ ِد ِيد ا ْل ِعق ِ‬‫الذ ِ‬‫به ِشع ٌر جاش به صدرك‪ ،‬وإنكم لعمري يا بني عبد املطلب [‪ ]2‬غَ ا ِف ِر َّ‬ ‫أحد من قبل‬ ‫ٌ‬ ‫أن يتصف بالفكر والنطق‪ ،‬وال املشركني بكالم القرآن‪:‬‬ ‫حائرين‬
‫يقدر على ذل��ك إال الله تعالى‪،‬‬
‫ير [‪[ }]3‬س��ورة غافر ] فسمعه الوليد بن‬ ‫تقدرون منه على ما يقدر عليه أح��د! حتى إذا سكت عنه ِإ اَّل ُه َو ِإ َل ْي ِه مْالَ ِص ُ‬ ‫األولى‪ :‬حني كان ثالثة من‬
‫ورسول الله صلى الله عليه وسلم يستمع منه قال رسول الله املغيرة يقرؤها (قال في رواي��ة‪ :‬أعد يا ابن أخي) ثم قال ‪:‬‬ ‫وعلى من يريد أن ينتقد كالم ًا وج�ه��اء ق��ري��ش‪ :‬أب��و جهل وأبو‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ”:‬أفرغت يا أبا الوليد؟ فاسمع مني”‪( ،‬والله لقد سمعت منه كالما ما هو من كالم اإلنس وال من‬ ‫ال ليسترقوا السمع‬ ‫بهذ الصفة أن يلم بالصرف والنحو والبالغة والفصاحة سفيان واألخنس بن شريق يتسللون لي ً‬
‫�س� � ِ�م كالم اجلن‪ ،‬وإن له حلالوة‪ ،‬وإن عليه لطالوة‪ ،‬وإن أعاله‬ ‫قال‪ :‬أفعل‪ ،‬فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ِ :‬ب� � ْ‬ ‫واألدب وسنحاول أن نبني في هذا العرض أن الذين يتمتعون في جوار بيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ويتلو‬
‫الل ِه ال َّر ْحمنِ ال َّر ِح ِيم‪{ :‬حم [‪ ]1‬ملثمر‪ ،‬وإن أسفله ملغدق‪ ،‬وإنه ليعلو وال يعلى عليه‪ ،‬وما‬ ‫بالقدر الكافي من العلم هم الذين أعجزهم القرآن عن نقده أو القرآن الكرمي‪:‬‬
‫يم[‪ ]2‬يقول هذا َب َشر‪.)...‬‬ ‫الر ِح ِ‬ ‫الر ْح َم ِن َّ‬ ‫يل ِّم� َ�ن َّ‬ ‫نز ٌ‬ ‫َت ِ‬ ‫ما نقد القرآن‬ ‫(فلما أصبح األخ�ن��س أت��ى أب��ا سفيان ف��ي بيته فقال‪:‬‬ ‫عن اإلتيان مبا يشبهه دون أن يتعرضوا للهزء والسخرية‪.‬‬
‫وال يدعني أح ٌد أن أهل اجلاهلية لم يكونوا ملمني بألوان‬ ‫�ت آ َي ��ا ُت� � ُه ُق� ْ�رآ ًن��ا‬
‫�اب ُف� ِّ�ص � َل� ْ‬
‫ِك� � َت � ٌ‬ ‫إال جاهل‬ ‫وسنحاول في بضعة أوراق‪ ،‬أن ندخل عالم اإلعجاز البياني أخبرني عن رأي��ك فيما سمعت من محمد‪ .‬ق��ال‪ :‬والله لقد‬
‫يرا البيان من فصاحة وبالغة وم��ن األدل��ة على ذل��ك ما ذكره‬ ‫َع َر ِب ًّيا ِّلق َْو ٍم َي ْع َل ُمونَ [‪َ ]3‬ب ِش ً‬ ‫أو متجاهل‬ ‫للقرآن الكرمي باستعراض وقعه على املشركني ثم على أهل سمعت أشياء أعرفها وأعرف ما يراد بها‪ ،‬وسمعت أشياء‬
‫َو َن ِذ ًيرا َف َأ ْع َر َض َأ ْك َث ُر ُه ْم َف ُه ْم اَل الرافعي من استدراك اخلنساء على حسان بن ثابت في‬ ‫ما عرفت معناها وال ما يراد بها‪ .‬قال األخنس‪ :‬وأنا والذي‬ ‫العلم‪ ،‬ثم نترك للقاريء الكرمي فسح ًة للتأمل واالستنتاج‪.‬‬
‫‪19‬‬ ‫العدد الثاني عشر ‪ 1431 -‬هـ ‪ -‬شتاء ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫العدد الثاني عشر ‪ 1431 -‬هـ ‪ -‬شتاء ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫‪18‬‬
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫إعجاز لغوي‬ ‫إعجاز لغوي‬

‫(ال �ب�لاغ��ة ل�ي��س مرجعها إل��ى ال�ع�ل��م ب��ال�ل�غ��ة‪ ،‬ب��ل العلم‬ ‫لذلك ما انتقد كالم القرآن إال جاهل بالبيان أو متجاهل‬ ‫فليتدبر القرآن وليتأمل علوه على سائر الكالم فمن ذلك قوله‬ ‫شعر أنشده بعكاظ‪ ،‬قال فيه‪:‬‬
‫مبواضع املزايا واخلصائص)‪ )7( .‬ولهذا حتدى املولى تعالى‬ ‫ألصوله ‪ ،‬وليس املهم أن يلم امرؤ بأبواب البيان والفصاحة‬ ‫ع ّز ذكره‪{ :‬إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا} استقاموا‬ ‫لنا اجلفنات الغر يلمعن بالضحى??‬
‫أن يأتي أحدهم بسورة ولم يقل بآية‪ ،‬فالثانية ممكنة واألولى‬ ‫والبالغة والبراعة فقط‪ ،‬فالتعبير البليغ ال يكفي إذا لم يكن له‬ ‫كلمة واحدة تفصح عن الطاعات كلها في االئتمار واالنزجار‪.‬‬ ‫وأسيافنا يقطرن من جندة دما‬
‫مستحيلة‪.‬‬ ‫معنى يسبر الغور ويخترق حجب النفس ويهز اإلحساس‪،‬‬ ‫وذلك لو أن إنسان ًا أطاع الله سبحانه مائة سنة ثم سرق حبة‬ ‫ولدنا بنى العنقاء وابن محرق?‬
‫ويستشهد بقول اجلاحظ في ذكره إلعجاز القرآن‪( :‬ولو‬ ‫ويحرك الفؤاد‪ ،‬ومن أعلم بشجون العبد ممن خلقه‪{ ،‬أال‬ ‫واحدة خلرج بسرقتها عن حد االستقامة‪ ،‬ومن ذلك قوله عز‬ ‫فأكرم بنا خاال وأكرم بنا ابنما‬
‫ال قرأ على رجل من خطبائهم وبلغائهم سورة قصيرة‬ ‫أن رج ً‬ ‫يعلم من خلق وهو اللطيف اخلبير}‪ ،‬يقول اجلرجاني‪:‬‬ ‫وجل‪ { :‬ال خوف عليهم وال هم يحزنون} فقد أدرج فيه‬ ‫فقالت اخلنساء ‪ :‬ضعف افتخارك‪ ،‬وأبرزته في ثمانية‬
‫أو طويلة‪ .‬لتبني له في نظامها ومخرجها من لفظها وطابعها‬ ‫( ومن املعلوم أن ال معنى لهذه العبارات وسائر ما يجري‬ ‫ذكر إقبال كل محبوب عليهم وزوال كل مكروه عنهم وال شيء‬ ‫مواضع ‪ ،‬قال‪ :‬وكيف؟ قالت‪:‬قلت (لنا اجلفنات) واجلفنات‬
‫أنه عاجز عن مثلها‪ ،‬ولو حتدى بها أبلغ العرب ألظهر عجزه‬ ‫مجراها مما يفرد فيه اللفظ بالنعت والصفة‪ ،‬وينسب فيه‬ ‫أض��ر باإلنسان من احل��زن واخل��وف ألن احل��زن يتولد من‬ ‫مادون العشر‪ ،‬فقللت العدد‪ ،‬ولو قلت ( اجلفان) لكان أكثر‪،‬‬
‫(‪)8‬‬
‫عنها)‪.‬‬ ‫الفضل واملزية إليه دون املعنى‪ ،‬غير وصف الكالم بحسن‬ ‫مكروه ماض أو حاضر واخلوف يتولد من مكروه مستقبل‬ ‫وقلت‪( :‬الغر) والغرة البياض في اجلبهة‪ ،‬ولو قلت (البيض)‬
‫ولهذا ظهرت حماقة مسيلمة الكذاب حني أراد أن يحاكي‬ ‫الداللة ومتامها فيما له كانت داللة‪ ،‬ثم تبرجها في صورة هي‬ ‫ف��إذا اجتمعا على ام��رئ لم ينتفع بعيشه بل يتبرم بحياته‬ ‫ل �ك��ان أك �ث��ر ات��س��اع��ا‪ ،‬وقلت‬
‫القرآن باللفظ وعجز عن املعنى ال��ذي لم يستقم له فقال‪:‬‬ ‫أبهى وأزي��ن‪ ،‬وآنق وأعجب‪ ،‬وأحق بأن تستولي على هوى‬ ‫واحلزن واخلوف أقوى أسباب مرض النفس كما أن السرور‬ ‫‪(:‬يلمعن) واللمع ش��يء يأتي روائع البيان‬
‫(إنا أعطيناك اجلواهر‪ ،‬فصل لربك وجاهر‪ ... ،‬والطاحنات‬ ‫(‪)5‬‬
‫النفس‪ ،‬وتنال احلظ األوفر من ميل القلوب‪.)... ،‬‬ ‫واألمن أقوى أسباب صحتها فاحلزن واخلوف موضوعان‬ ‫بعد الشيء‪ ،‬ولو قلت (يشرقن) ذهبت مضرب‬
‫طحن ًا‪.)..‬‬ ‫وم��ن األق ��در على اخ�ت�ي��ار التعبير األوف ��ق ب�ين كلمتني‬ ‫بإزاء كل محنة وبلية‪ .‬والسرور واألمن موضوعان بإزاء كل‬ ‫لكان أكثر‪ ،‬ألن اإلشراق أدوم‬
‫وأخطر اإلعجاز وأظهره هو في قدرة املولى وتفرده على‬ ‫تؤديان املعنى ذاته؟ أيهما أشد تأثيرا وأنسب للظرف الذي‬ ‫صحة ونعمة هنية‪.)3()....‬‬ ‫األمثال‬ ‫من اللمعان‪ ،‬وقلت‪( :‬بالضحى)‬
‫مخاطبة جمع من الناس بكالم واحد وغاية واحدة فيفهم كل‬ ‫تتحدث عنه ثم كيف تسبك اجلمل سبك ًا متتالي ًا بترتيب‬ ‫عجز إذ ص��ار معظمه مضرب‬ ‫وم��ن إيجاز ال�ق��رآن ما ُي ِ‬ ‫ولو قلت‪( :‬بالعشية) لكان أبلغ‬
‫سامع أو ق��اريء بالطريقة التي يستسيغها أو التي تهزه‪،‬‬ ‫الزمن وترتيب العمل وتتابع األحداث‪ ،‬فمن القادر غير الله‬ ‫ال جيد ًا لكن أح��د ًا ممن‬‫األمثال‪ ،‬ولرمبا أصاب أحدهم مث ً‬ ‫في املديح‪ ،‬ألن الضيف بالليل‬
‫ليشعر كل منهم أنه هو املقصود‪ ،‬وأن ال��ذي يخاطبه علم‬ ‫تعالى على أن ينظم ويجمع ويوجز ويؤثر في نفوس سامعيه‪،‬‬ ‫يتكلمون بلغة الضاد‪ ،‬لم يتمكن قطع ًا من اإلتيان مبثل هذا‬ ‫أكثر طروقا ‪ ،‬وقلت‪( :‬أسيافنا)‪ ،‬واألسياف دون العشر‪ ،‬ولو‬
‫ما في نفسه فكلمه على قدر فهمه وعلمه وعمله إحسان ًا أو‬ ‫فشتان بني من خلق األحرف واللغة يتصرف بها على أحسن‬ ‫السيل من احلكم واألمثال‪ ،‬يقول الثعالبي‪:‬‬ ‫قلت‪( :‬سيوفنا) كان أكثر‪ ،‬وقلت ‪(:‬يقطرن) فدللت على قلة‬
‫إساءة‪ .‬فهل لهذا التخاطب قائل غير الله؟‬ ‫صورة‪ ،‬وبني من يؤلف بني احلروف والكلمات‪ ،‬فإذا به كلما‬ ‫(فيما ي�ج��ري م�ج��رى امل�ث��ل م��ن أل �ف��اظ ال �ق��رآن ويجمع‬
‫القتل‪ ،‬ولو قلت‪(:‬يجرين) لكان أكثر‪ ،‬النصباب الدم‪ ،‬وقلت‬
‫{و َما َكانَ َه َـذا ا ْلق ُْرآنُ‬
‫يقول الله تعالى في سورة يونس‪َ :‬‬ ‫عطلها‪ .‬يقول اجلرجاني في املقارنة بني لفظة فصيحة‬ ‫منّقها ّ‬ ‫اإلعجاب واإلعجاز واإليجاز‪:‬‬
‫(دما) والدماء أكثر من الدم‪ ،‬وفخرت مبن ولدت‪ ،‬ولم تفتخر‬
‫يق ا َّل ِذي َبينْ َ َي َد ْي ِه َو َتفْ ِصيلَ‬
‫ون ال ّل ِه َو َل ِـكن َت ْص ِد َ‬ ‫َأن ُيفْ َت َرى ِمن ُد ِ‬ ‫ومتمكنة ومقبولة وقبيحة وقلقة ونابية ومستكرهة ‪:‬‬ ‫{وال يحيق املكر السيء إال بأهله }‪{ ،‬إمنا بغيكم على‬ ‫مبن ولدوك)(‪.)2‬‬
‫ني [‪َ ]37‬أ ْم َيقُو ُلونَ ا ْف َت َرا ُه ُقلْ‬ ‫(وهل تشك إذا فكرت في قوله تعالى‪{ :‬وقيل يا أرض ا ْل ِك َت ِ‬
‫اب َال َر ْي َب ِفي ِه ِمن َّر ِّب ا ْل َعا مَلِ َ‬ ‫أنفسكم }‪ { ،‬كل نفس مبا كسبت رهينة }‪{ ،‬كل من عليها‬ ‫واخلالصة أن شعراء اجلاهلية ونقادها‪ ،‬على بالغتهم‬
‫ون ال ّل ِه ِإن ُكن ُت ْم‬
‫ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض املاء وقضي األمر واستوت َف ْأ ُتو ْا ب ُِسو َرةٍ ِّم ْث ِل ِه َو ْاد ُعو ْا َم ِن ْاس َت َط ْع ُتم ِّمن ُد ِ‬ ‫ف��ان}‪{ ،‬كل نفس ذائقة امل��وت}‪{ ،‬لكل نبأ مستقر}‪،‬‬ ‫وإتقانهم للشعر وفنونه‪ ،‬لو وجدوا ثغرة ينفذون منها للطعن‬
‫ني [‪.}]38‬‬ ‫على اجل��ودي وقيل بعد ًا للقوم الظاملني}‪ .‬فتجلى لك منها َصا ِد ِق َ‬ ‫في القرآن ملا ترددوا‪ ،‬لكنه أعجزهم فأقعدهم عن نقده ورده‪{ ،‬قل كل يعمل على شاكلته}‪{ ،‬يا أسفي على يوسف}‪،‬‬
‫ثالث ًا‪ -‬وجوه البيان في سبك القرآن‪:‬‬ ‫اإلعجاز‪ ،‬وبهرك الذي ترى وتسمع! أنك لم جتد ما وجدت‬ ‫ومن ذلك ما سمعوه من وصف الله تعالى لذاته بأوصاف ما {وال ت�ن��س نصيبك م��ن ال��دن �ي��ا}‪{ ،‬وحت�س�ب�ه��م جميع ًا‬
‫من املزية الظاهرة والفضيلة القاهرة‪ ،‬إال ألمر يرجع إلى‬ ‫وقلوبهم شتى}‪{ ،‬فضربنا على آذانهم في الكهف}‪،‬‬ ‫سمعوا بها من قبل فأعجبتهم وأرهبتهم‪.‬‬
‫‪ -1‬إعجازه في بالغته وفصاحته‪:‬‬ ‫ارتباط هذه الكلم بعضها ببعض‪ ،‬وأن لم يعرض لها احلسن‬ ‫ثاني ًا‪-‬إعتراف أهل العلم بتفوق القرآن الكرمي وفضله‪{ :‬أغ��رق��وا فأدخلوا ن��ارا}‪{ ،‬وال ت��زر وازرة وزر أخرى}‪،‬‬
‫أنظر رحمك الله إلى‪ ،‬العبارات التي تنبه القارئ واملستمع‬ ‫والشرف إال من حيث القت األولى بالثانية والثالثة بالرابعة؟‬ ‫وق��د ع��رف أه��ل األدب العربي مسلمني وغير مسلمني‪{ ،‬وكل حزب مبا لديهم فرحون}‪{ ،‬ويحسبون كل صيحة‬
‫على ال �س��واء ك��احل��روف املقطعة ف��ي ف ��واحت بعض السور‪:‬‬ ‫وهكذا‪ ،‬إلى أن تستقريها إلى آخرها‪ ،‬وأن الفضل تناجت ما‬ ‫عليهم}‪{ ،‬ويحسبون أنهم يحسنون صنعا‪.)4(}...‬‬
‫فضل القرآن على حتصيلهم وتثقفهم‪ ،‬يقول الثعالبي في‬
‫{حم}‪{ ،‬طه}‪ { ،‬ن} ‪ ،‬أو{ويكأن} والتي فيما تعنيه‬
‫(‪)6‬‬
‫بينها‪ ،‬وحصل من مجموعها)‪.‬‬ ‫وي�ت�س��اءل أع�ل�ام اللغة العربية دوم� � ًا ‪ ،‬ع��ن ه��ذا السر‬
‫“اإلعجاز واإليجاز”‪:‬‬
‫(وي) للتندم و(كأن) للتقرير أو ويح للكافرين إذ لم يفلحوا‪،...‬‬ ‫فالكل مشترك في احلروف املفهومة لكن التفرد هو في‬ ‫املتجدد في ال�ق��رآن‪ ،‬أي��ن يكمن اإلعجاز واللغة لغة‪ ،‬وهي‬
‫( من أراد أن يعرف جوامع‬
‫وإلى عبارة {ومنكم من يرد إلى أرذل العمر} وهل كانوا من‬ ‫الكلمة املنظومة‪ ،‬حيث يجتمع املبنى واملعنى والفعل والفاعل‬ ‫في متناول اجلميع؟ ومل��اذا صمت أدب��اء العصر اجلاهلي‬
‫إعجاز‬ ‫الكلم ويتنبه على فضل اإلعجاز‬
‫قبل فيه حتى ي��ردوا إليه؟ ولكن الغاية هي إعجاز العبد عن‬ ‫واألثر واملتأثر فتعالى الله عما يصفون‪.‬‬ ‫إزاء هذا الكالم الغض‪ ،‬وقد فسحت لهم الساحات واملنابر‬
‫في اإليجاز‬ ‫واالخ �ت �ص��ار وي�ح�ي��ط ببالغة‬
‫التصرف مبصيره‪ ،‬وإلى التفريق بني حديث النفس وحديث‬ ‫يقول اجلرجاني‪:‬‬ ‫ودفعت لهم األموال وخصصت لهم األعطيات؟‬
‫اإلمي��اء ويفطن لكفاية اإليجاز‬
‫‪21‬‬ ‫العدد الثاني عشر ‪ 1431 -‬هـ ‪ -‬شتاء ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫العدد الثاني عشر ‪ 1431 -‬هـ ‪ -‬شتاء ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫‪20‬‬
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫إعجاز لغوي‬ ‫إعجاز لغوي‬

‫ب‪ -‬تفننه‪ ،‬وإبداع تنقالته من فن إلى فن بطرائق االعتراض تشير إلى حقائق علمية‪ ،‬أو نحو ذلك‪.‬‬
‫(‪)11‬‬
‫نفسها‏‪ .‬وهل هناك أوجز من‪{ :‬فانبذ إليهم‬ ‫اللسان {يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم}‪،‬‬
‫والتذييل والتنظير‪ ،‬واإلتيان باملترادفات عند التكرير جتنبا‬ ‫على سواء}‪ .‬أي قاتلهم ولكن ال تغدر بهم‪ ،‬بل‬ ‫شتان بني‬ ‫وب�ين ما حت��دق به العني وب�ين ما يضمره القلب‬
‫لثقل تكرار الكلمة‪ ،‬وإكثاره من أسلوب االلتفات‪ ،‬وهو من ‪-3‬اإلعجاز القصصي‪:‬‬ ‫أخبرهم قبل ذلك بأن عهدهم قد بطل مفعوله‪.‬‬ ‫{يعلم خائنة األعني وما تخفي الصدور}‪.‬‬
‫من خلق اللغة‬
‫ي�ع��رف اخل��ال��ق اللطيف اخلبير كيف ي��ؤث��ر ف��ي نفوس‬ ‫أعظم أساليب التفنن عند العرب‪.‬‬ ‫ثم تخ ّيل مشهد‪{ :‬خلصوا جنيا}‪ ،‬عندما‬ ‫وانظر إلى الكناية‪ ،‬حيث يختار املولى تعالى‬
‫ج‪ -‬عدوله عن تكرار اللفظ والصيغة فيما ال يقتضي خلقه؟ وللقصة في نفس ابن آدم أبلغ األث��ر‪ ،‬وال يظن أنها‬ ‫تنحى إخوة يوسف جانب ًا وحتادثوا على غير‬
‫وبني من‬ ‫ألفاظ ًا الئقة لوصف أشياء يستقبح ذكرها‪:‬‬
‫التكرار بقصد التهويل ونحوه‪ ،‬ومما عدل فيه عن التكرار لألطفال فقط‪ ،‬فاإلنسان مييل إلى تقصي األخبار ويدعوه‬ ‫مسمع من الناس‪.‬‬ ‫يكتب بها‬ ‫{أو جاء أحد منكم الغائط} والقصد قضاء‬
‫قوله تعالى‪ِ { :‬إنْ َت ُتو َبا ِإ َل��ى ال َّل ِه َفق َْد َص َغ ْت ُق ُلو ُب ُك َما} فضوله إل��ى اإلن�ص��ات والتتبع‪ ،‬فتدخل العبرة في خبايا‬ ‫وف ��ي اجل �ن��اس ح�ي��ث ت�ت�ج��ان��س األحرف‬ ‫احلاجة‪ ،‬ومن مثل‪{ :‬فأتوا حرثكم أنّى شئتم}‪،‬‬
‫(التحرمي‪ .)4:‬فجاء في اآلية لفظ قلوب جمعا مع أن املخاطب نفسه من غير قصد منه‪ .‬وفي كل قصة وموعظة في القرآن‬ ‫واأللفاظ وتختلف املعاني‪ ،‬من مثل قوله تعالى‪:‬‬ ‫{فلما تغشاها}‪ .‬فأعطى املعنى املطلوب على‬
‫خصوصية ومتيز ال تشبه سواها‪ ،‬والقصة‬ ‫امرأتان ولم يكرر الصيغة ويقل “قلبا كما” جتنبا لتعدد‬ ‫{يا أسفي على يوسف}‪{ ،‬فأدلى دلوه}‪{ ،‬وجنى اجلنتني‬ ‫خير وجه دون أن ميس احلياء أو يؤذي املشاعر‪.‬‬
‫ليست الغاية بل املوضوع هو األهم ليكشف‬
‫(‪)9‬‬
‫صيغة املثنى ‪.‬‬ ‫دان}‪{ ،‬فروح وريحان وجنة نعيم}‪.‬‬ ‫ومت ّعن في التمثيل واالس�ت�ع��ارة من مثل‪{ :‬واشتعل‬
‫ميول النفوس‪ ،‬وأمراض املجتمعات‪ ،‬وأنواع‬ ‫د‪ -‬براعته في تصريف ال�ق��ول‪ ،‬وث��روت��ه في كالم القرآن‬ ‫وف ��ي ال �ط �ب��اق ح �ي��ث ي�ج�م��ع ب�ي�ن ك�ل�م�ت�ين متضادتني‪:‬‬ ‫الرأس شيبا} في كالمه تعالى ليدلك على املطلوب في أوجز‬
‫يعلو وال يعلى امل �ع��اص��ي‪ ،‬وس��م��ات أص��ح��اب اإلرادات‬ ‫أف��ان�ين ال�ك�لام‪ ،‬إذ يبرز املعنى ال��واح��د بألفاظ‬ ‫{فليضحكوا قليال وليبكوا كثيرا}‪{ ،‬حتسبهم جميع ًا‬ ‫تعبير وأسرع تأثير ‪...‬وانظر إلى الشبهة في قوله تعالى‪:‬‬
‫العظيمة والنفوس الكبيرة‪ ،‬فيكون بعضهم‬ ‫وط ��رق مختلفة مب �ق��درة عظيمة ال ت�ب��اري�ه��ا أو‬ ‫وقلوبهم شتى}‪{ ،‬وحتسبهم أيقاظ ًا وهو رقود}‪...‬‬ ‫{فذبحوها وما كادوا يفعلون}‪ ،‬لوصف ترددهم وجهدهم‬
‫عليه‬
‫عبرة ملن يعتبر العبرة ويكون البعض اآلخر‬ ‫تقاربها مقدرة أقوى فصحاء العرب‪.‬‬ ‫وقد حسم الله تعالى األمر في هذه اآليات‪{ :‬فَلاَ ُأ ْق ِس ُم بمِ َا‬ ‫حتى فعلوا‪...‬وفي التشبيه تخيل هذا املشهد الصحراوي‬
‫القدوة واألسوة‪.‬‬ ‫( ج )‪ -‬وفي مجال تعبيره عن إباحة الفعل‬ ‫ول َك ِر ٍمي [‪]40‬‬ ‫ُت ْب ِص ُرونَ [‪َ ]38‬و َما اَل ُت ْب ِص ُرونَ [‪ِ ]39‬إ َّن ُه َلق َْو ُل َر ُس ٍ‬ ‫{وا َّل� ِ�ذي� َ�ن َك� َف� ُ�روا َأ ْع َما ُل ُه ْم َك� َ�س� َ�ر ٍاب ِب ِقي َعةٍ‬
‫بقوله تعالى‪َ :‬‬
‫وال يظنن أحد أن في ترداد قصة من القصص تكرار يدعو‬ ‫استخدم طرقا كثيرة منها‪:‬‬ ‫َو َما ُه َو ِبق َْولِ شَ ا ِع ٍر َق ِليلاً َما ُت ْؤ ِم ُنونَ [‪َ ]41‬و اَل ِبق َْولِ َكا ِه ٍن َق ِليلاً‬ ‫الظ ْمآنُ َما ًء َح َّتى ِإذَا َجا َء ُه َل ْم َيجِ ْد ُه شَ ْي ًئا َو َو َج َد ال َّل َه‬ ‫َي ْح َس ُب ُه َّ‬
‫يم ُة إلى امللل‪ ،‬وخاصة في أخبار سيدنا موسى عليه السالم وفي‬ ‫التصريح في جانبه مبادة احلل‪ُ { :‬أ ِح َّل ْت َل ُك ْم َبهِ َ‬ ‫ني [‪َ ]43‬و َل ْو َتق ََّو َل َع َل ْي َنا‬ ‫يل ِّمن َّر ِّب ا ْل َعا مَلِ َ‬ ‫نز ٌ‬‫َما َت َذ َّك ُرونَ [‪َ ]42‬ت ِ‬ ‫اب} (النور ‪.)39:‬‬ ‫يع الحْ ِ َس ِ‬ ‫ِع ْن َد ُه َف َو َّفا ُه ِح َسا َب ُه َوال َّل ُه َس ِر ُ‬
‫الأْ َ ْن َعا ِم} (املائدة‪.)1 :‬‬ ‫ِيل [‪ ]44‬لأَ َ َخ ْذ َنا ِم ْن ُه بِا ْل َي ِم ِ‬
‫أخبار بني إسرائيل‪ ،‬ألن إعادة رواية حادثة ما تركيز على‬ ‫ني [‪ُ ]45‬ث َّم َلق ََط ْع َنا ِم ْن ُه‬ ‫َب ْع َض الأْ َ َقاو ِ‬ ‫ومتعن ن ّورك الله في االستعارات التالية‪{ :‬وإنه في أم‬
‫�اغ َو اَل َع��ادٍ فَلاَ ِإث َْم جانب آخر وشاهد على املوضوع ال��ذي تعاجله السورة‪.‬‬ ‫اض ُط َّر غَ ْي َر َب� ٍ‬
‫نفي اإلثم عنه‪َ { :‬ف َم ِن ْ‬ ‫ين [‪َ ]47‬و ِإ َّن ُه َل َت ْذ ِك َر ٌة‬ ‫نكم ِّم ْن َأ َح ٍد َع ْن ُه َحاجِ ِز َ‬ ‫ني [‪َ ]46‬ف َما ِم ُ‬ ‫ا ْل َو ِت َ‬ ‫الكتاب}‪{ ،‬لتنذر به أم القرى}‪{ ،‬والصبح إذا تن ّفس}‪،‬‬
‫َع َل ْي ِه} (البقرة‪.)173:‬‬ ‫ني [‪َ ]48‬و ِإنَّا َل َن ْع َل ُم َأ َّن ِم ُ‬ ‫{فأذاقها الله لباس اجلوع واخلوف}‪{ ،‬فما بكت عليهم‬
‫ويقول الشيخ أحمد كفتارو رحمه الله‪ ،‬إن في جتزئة قصة ما‬ ‫ني [‪َ ]49‬و ِإ َُّن��ه لحَ َ ْس َر ٌة‬ ‫نكم ُّم َك ِّذ ِب َ‬ ‫ِّل ْل ُم َّت ِق َ‬
‫{و ُك ُلوا َواشْ َر ُبوا} في عدة سور‪ ،‬جتنب للتطويل‪ ،‬ومعاجلة ملوضوع ما من زاوية‬ ‫األمر به مع قرينة صارفة عن الطلب‪َ :‬‬ ‫ِاس ِم َر ِّب َك‬ ‫ني [‪َ ]51‬ف َس ِّب ْح ب ْ‬ ‫ين [‪َ ]50‬و ِإ َّن� ُه لحَ َ قُّ ا ْل َي ِق ِ‬ ‫َع َلى ا ْل َكا ِف ِر َ‬ ‫السماء واألرض}‪{ ،‬وآية لهم الليل نسلخ منه النهار}‪...‬‬
‫مختلفة‪ ،‬وتذكير للقاريء بالقصة كلها من خالل تذكيره بجزء‬
‫(‪)10‬‬
‫(البقرة‪.)187 :‬وغير ذلك كثير في هذا املجال ‪.‬‬ ‫وما ذلك إال جلعل وقع الكالم على القلب والنفس والعقل‬
‫يم [‪( }]52‬سورة احلاقة)‪.‬‬ ‫ا ْل َع ِظ ِ‬
‫هـ‪ -‬ومما متيز به أسلوب القرآن الكرمي تصرفه في حكاية منها فتستعيد ذاكرته كامل القصة عن غير قصد منه‪ .‬ناهيك‬ ‫‪-2‬إع��ج��ازه ف��ي نظمه وأس��ل��وب��ه‪ :‬يستخلص محمد‬ ‫وحتى على اجلوارح عميق ًا بليغا‪.‬‬
‫وإلى املجاز في قوله‪{ :‬فما ربحت جتارتهم}‪ .‬وانظر إلى السيد الراضي جبريل في هذا املجال ما يلي‪:‬‬
‫ومعان تسبر‬
‫ٍ‬ ‫عن احلوار الذي يدور في كل قصة بأسلوب‬ ‫أقوال احملكي عنهم‪:‬‬
‫ففي القصة امل�ك��ررةي�ج��د املتم ّعن فيها وح��دة املعنى أعماق النفوس وتهز املشاعر‪ ،‬وتترسخ في األذهان ‪.‬‬ ‫لقد تفرد أسلوب القرآن ونظمه‪ ،‬وتفوق على أساليب العرب‬ ‫قوله تعالى {إن في ذلك لذكرى ملن كان له قلب}‪ ،‬فيدلك‬
‫واختالف العبارة‪ ،‬والعجيب هذه التعابير املختلفة انها غير‬
‫وقد سبق أن أوردنا في العدد السابق من مجلة اإلعجاز‬ ‫على دور القلب الذي خلق ألجله‪ ،‬وليس على وجود القلب في ونظمهم رغم بالغتهم‪ ،‬وبلوغهم الغاية في هذا املضمار‪ ،‬ومن‬
‫مزيد ًا من التفصيل في اإلعجاز القصصي‬ ‫متناقضة بل تدقق في الوصف وتزيد املوقف‬
‫أبرز شواهد هذا التميز ما يلي ‪:‬‬ ‫صدر الناس‪.‬‬
‫واإلعجاز املوسيقي‪ ،‬وغير ذلك ونكتفي هنا‬ ‫وضوحا‪.‬‬ ‫أ‪ -‬جمع ال �ق��رآن ف��ي أسلوبه ونظمه بني‬ ‫ومت ّعن في قوله‪{:‬ولكم في القصاص حياة }‪،‬‬
‫بذكر تالؤم احلروف وأصواتها في القرآن‬ ‫حسن‬ ‫جمع‬ ‫وهكذا فإن اإلعجاز اللغوي وجه ال يتسرب‬
‫إليه الطعن بأي حالة‪ ،‬فبالغة القرآن وفصاحته النظم وعذوبة واخ �ت �ي��ار ال�ك�ل�م��ات ذات ال��وق��ع واألث���ر في‬
‫مقصدين ‪ :‬مقصد املوعظة‪ ،‬ومقصد التشريع‪،‬‬ ‫وقول الناس‪ :‬قتل البعض إحياء للمجتمع‪ ،‬وقول كيف يخاطب‬
‫أهل اجلاهلية (القتل ينفي القتل)‪ ،‬بينما يبني كالم القرآن مختلف فنظمه يفيد بظاهره السامع ما يحتاج إلى‬
‫النفس‪ ،‬مبا يجعل املعنى العام يصل إلى‬ ‫ال تخلو منها سورة من سور القرآن الكرمي‪ ،‬وال اللفظ وكثرة‬ ‫علمه‪ ،‬وهو في ذلك يشبه خطب العرب‪ ،‬ومع‬ ‫الله تعالى احلكمة من العقوبة في أنها تضمن‬
‫قلب ال �ق��اريء وعقله قبل أن ي��درك��ه بالفهم‬
‫آي��ة من آي��ات��ه‪ ،‬وه��ذا قد يخالف وج��وه اإلعجاز الفائدة وصحة‬ ‫املستويات بلغة ذلك فقد ضم معناه ما يستخرج منه العلماء‬ ‫احلياة واألمن واألمل للمجتمع بأكمله‪.‬‬
‫والدرس‪.‬‬ ‫األخ��رى التي ساقها العلماء مثل احلديث عن‬ ‫األحكام الكثيرة في التشريع‪ ،‬وف��ي اآلداب‬ ‫واحدة‬ ‫واعتبر من قوله‪{ :‬ولتجدنهم أحرص الناس‬
‫استنتاج أخير‪ :‬للقاضي عياض في ذلك‬ ‫الداللة‬ ‫األخبار املاضية وسير األول�ين‪ ،‬أو اآلي��ات التي‬ ‫وغيرها‪.‬‬ ‫على حياة}‪ ،‬أي على املزيد وليس على احلياة‬
‫‪23‬‬ ‫العدد الثاني عشر ‪ 1431 -‬هـ ‪ -‬شتاء ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫العدد الثاني عشر ‪ 1431 -‬هـ ‪ -‬شتاء ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫‪22‬‬
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫اعجاز كوني‬ ‫إعجاز لغوي‬

‫ّإنا كل شيء خلقناه بقدر‬


‫أبى سليمان اخلطابي (وإمنا يقوم الكالم بهذه‬ ‫عبارات جامعة تذكر جانبا من هذا املوقف في‬
‫األشياء الثالثة‪ :‬لفظ حامل‪ ،‬ومعنى به قائم‪،‬‬ ‫ال تكرار إال‬ ‫العجز‪ ،‬واالعتراف بإلهية املصدر القرآني‪:‬‬
‫لتستوعبه‬ ‫ق ��ال ر ح �م��ه ا ل �ل��ه ت �ع��ا ل��ى‪ ( :‬ف �ل��م ي ��زل صلى‬
‫ورباط لهما ناظم‪ ،‬وإذا تأملت القرآن وجدت‬
‫ا ل �ل��ه ع�ل�ي��ه و س �ل��م ي�ق��ر ع�ه��م أ ش ��د التقريع‪،‬‬
‫إعداد فراس نور احلق*‬ ‫هذه األمور منه في غاية الشرف والفضيلة‪،‬‬ ‫األفهام‬ ‫ويوبخهم غاية التوبيخ‪ ،‬ويسفه أحالمهم‪،‬‬
‫‪The Fingerprint of‬‬ ‫في كتابه ال��ذي بعنوان (بصمة الله ـ‬ ‫ات َوا َأل ْر ِض َو ْاخ � ِت�لا َِف ال َّل ْي ِل َوال َّن َها ِر‬ ‫{ ِإ َّن ِف��ي َخ ْل ِق ال� َّ�س� َ�م��ا َو ِ‬ ‫حتى ال ترى شيئا من األلفاظ أفصح وال أجزل‬ ‫املختلفة‬ ‫و ي �ح��ط أ ع�لا م �ه��م‪ ،‬و ي�ش�ت��ت ن�ظ��ا م�ه��م‪ ،‬ويذم‬
‫وال أع��ذب م��ن أل�ف��اظ��ه‪ ،‬وال ت��رى نظما أحسن‬
‫‪  )God‬وضع  الفلكي األمريكي (هيوج روس) حوالي ‪ 64‬بن ًدا إذا‬ ‫الس َما ِء‬ ‫اس َو َما َأ َنز َل ال ّل ُه ِم َن َّ‬‫َوا ْل ُف ْل ِك ا َّل ِتي تجَ ْ ِري ِفي ا ْل َب ْح ِر بمِ َا َينف َُع ال َّن َ‬ ‫آلهتهم وإياهم‪ ،‬ويستبيح أرضهم وديارهم‬
‫تأليفا وأش��د تالؤما وتشاكال من نظمه‪ ،‬وأما‬ ‫وأ م��وا ل�ه��م‪ ،‬و ه��م ف��ي ك��ل ه��ذا ناكصون عن‬
‫أختل أحدها زيادة أو نقصان كانت احلياة على األرض مستحيلة‬ ‫يف‬ ‫األر َض َب ْع َد َم ْو ِت َها َو َب َّث ِف َيها ِمن ُك ِّل َدآ َّبةٍ َو َت ْص ِر ِ‬ ‫ِمن َّماء َف َأ ْح َيا ِب ِه ْ‬ ‫معارضته‪ ،‬محجمون عن مماثلته‪ ،‬يخادعون أنفسهم املعاني فال خفاء على ذي عقل أنها هي التي تشهد لها العقول‬
‫وخلص إلى نتيجة أن خلق‬ ‫الس َماء َوا َأل ْر ِض آل َي ٍات ِّلق َْو ٍم َي ْع ِق ُلونَ }‬ ‫اب ا مْلُ َس ِّخ ِر َبينْ َ َّ‬
‫الس َح ِ‬ ‫اح َو َّ‬ ‫الر َي ِ‬ ‫ِّ‬ ‫بالتشغيب بالتكذيب‪ ،‬واإل غ��راء باالفتراء‪ ،‬وقولهم‪ :‬إن بالتقدم في أبوابها‪ ،‬والترقي إل��ى أعلى درج��ات الفضل من‬
‫األرض كان بغاية وقصد‬ ‫[البقرة‪]164 :‬‬ ‫ه��ذا إال س�ح��ر ي��ؤ ث��ر‪ ،‬و س�ح��ر م�س�ت�م��ر‪ ،‬وإ ف��ك افتراه‪ ،‬نعوتها وصفاتها‪ ..‬وقد توجد هذه الفضائل على التفرق‬
‫وليس عن طريق الصدفة‬ ‫ات َو َما ِفي الأْ َ ْر ِض َو َأ ْس َب َغ‬ ‫{ َأ َل ْم َت َر ْوا َأ َّن ال َّل َه َس َّخ َر َل ُكم َّما ِفي َّ‬
‫الس َما َو ِ‬ ‫وأساطير األولني‪ ،‬واملباهتة والرضى بالدنيئة كقولهم في أنواع الكالم‪ ،‬فأما أن توجد مجموعة في نوع واحد‬
‫وإل� �ي� �ك ��م ب��ع��ض البنود‬ ‫اس َمن ُي َجا ِد ُل ِفي ال َّل ِه ِب َغ ْي ِر ِع ْل ٍم َو اَل‬ ‫َع َل ْي ُك ْم ِن َع َم ُه َظا ِه َر ًة َو َب ِاط َن ًة َو ِم َن ال َّن ِ‬ ‫‪ :‬ق�ل��و ب�ن��ا غ�ل��ف ‪ ،‬و ف��ي أ ك �ن��ة مم��ا ت��د ع��و ن��ا إ ل �ي��ه ‪ ،‬وفي منه‪ ،‬فلم توجد إال في كالم العليم القدير‪ ،‬الذي أحاط‬
‫الهامة‪:‬‬ ‫اب ُّم ِن ٍير} [لقمان ‪]20 :‬‬ ‫ُه ًدى َو اَل ِك َت ٍ‬
‫(‪)13‬‬
‫آذا ن �ن��ا و ق��ر ‪ ،‬و م��ن بيننا و ب�ي�ن��ك ح�ج��اب‪ ،‬وال تسمعوا بكل شيء علما‪ ،‬احصى كل شيء عددا)‪.‬‬
‫‪   .1‬اجل ��اذب� �ي ��ة‬ ‫لهذا ا ل�ق��رآن وا ل� َغ��وا فيه لعلكم تغلبون‪ ،‬واالد ع��اء مع ‪-----------------------‬‬
‫ات َو َما ِفي الأْ َ ْر ِض َج ِميع ًا ِّم ْن ُه ِإ َّن‬ ‫الس َما َو ِ‬ ‫{ َو َس َّخ َر َل ُكم َّما ِفي َّ‬ ‫العجز بقولهم‪ :‬لو نشاء لقلنا مثل ه��ذا‪ ،‬وقد قال لهم (‪ )1‬أ خ��ر ج��ه ا ب��ن إ س�ح��ق والبيهقي ف��ي ا ل��دال ئ��ل‪ ،‬عن‬
‫الثقالية السطحية‪:‬‬ ‫الزهري رضي الله عنه‪.‬‬ ‫{و َل ْن َتفْ َع ُلوا} فما فعلوا وال قدروا‪ ،‬ومن تعاطى‬
‫�ات َّلق َْو ٍم َي َتف ََّك ُرونَ }‬ ‫ِفي َذ ِل� َ�ك لآَ َي� ٍ‬ ‫ذ ل��ك من سخفائهم كمسيلمة كشف ع��واره جلميعهم‪ )2( ،‬للمزيد من ذلك يراجع (النكت في إعجاز القرآن)‬
‫الله َ‬
‫إذا ك���ان���ت أق � ��وى‪:‬‬
‫ف��اجل��و سيحتجز كثير ًا‬ ‫[اجلاثية ‪]13 :‬‬ ‫للرماني‪ ،‬ضمن ثالث رسائل في إعجاز القرآن‪:‬‬
‫{ وكل شيء‬ ‫ص ‪ 76‬وما بعدها‪.‬‬ ‫وسلبهم ا ل�ل��ه م��ا أ ل �ف��وه م��ن فصيح ك�لا م�ه��م‪ ،‬وإال فلم‬
‫من غاز األمونيا وامليتان‪.‬‬ ‫{ا َّل ِذي َج َعلَ َل ُك ُم ا َأل ْر َض ِف َراش ًا‬ ‫يخف على أهل امليز منهم أنه ليس من منط فصاحتهم‪ )3( ،‬الثعالبي‪ ،‬اإلعجاز واإليجاز (ج ‪/1‬ص ‪)2‬‬
‫عنده مبقدار}‬
‫إذا ك��ان��ت أض �ع��ف‪ :‬جو‬ ‫الس َما ِء َما ًء‬‫الس َماء ِب َناء َو َأ َنز َل ِم َن َّ‬ ‫َو َّ‬ ‫وال جنس بالغتهم‪ ،‬بل و ّلوا عنه مدبرين‪ ،‬وأتوا مذعنني (‪ )4‬الثعالبي‪ ،‬اإلعجاز واإليجاز ‪( -‬ج ‪/1‬ص ‪)3‬‬
‫ال �ك��وك��ب س ��وف يخسر‬ ‫ات ِر ْزق ًا َّل ُك ْم َف َال‬
‫َف َأ ْخ َر َج ِب ِه ِم َن الث ََّم َر ِ‬ ‫م��ن ب�ين مهتد و ب�ين مفتون‪ ،‬و ل�ه��ذا مل��ا سمع الوليد بن (‪ )5‬اجلرجاني‪ ،‬دالئل اإلعجاز ‪( -‬ج ‪/1‬ص ‪)15‬‬
‫صورة لكتاب « بصمة الله»‬ ‫كثير ًا من املاء‪.‬‬ ‫املغيرة من النبي صلى الله عليه وسلم ‪ِ { :‬إ َّن ال َّل َه َي ْأ ُم ُر (‪ )6‬اجلرجاني‪ ،‬دالئل اإلعجاز ‪( -‬ج ‪/1‬ص ‪)16‬‬
‫تجَ ْ َع ُلو ْا ِل ّل ِه َأن� َ�داد ًا َو َأن ُت ْم َت ْع َل ُمونَ }‬ ‫�ان } (النحل‪ .)90 :‬اآل ي��ة ق��ال‪ :‬والله (‪ )7‬اجلرجاني‪ ،‬دالئل اإلعجاز ‪( -‬ج ‪/1‬ص ‪)72‬‬
‫‪   .2‬ال� �ب� �ع ��د عن‬ ‫ِب��ا ْل� َع� ْ�د لِ َو ا لإْ ِ ْح� َ�س� ِ‬
‫[البقرة ‪]22 :‬‬ ‫إن ل��ه حل�ل�اوة‪ ،‬وإن عليه ل �ط�لاوة‪ ،‬وإن أسفله ملغدق‪ )8( ،‬اجلرجاني‪ ،‬دالئل اإلعجاز ‪( -‬ج ‪/1‬ص ‪)73‬‬
‫النجم األم (الشمس)‪:‬‬ ‫وإن أ ع�لاه ملثمر‪ ،‬م��ا يقول ه��ذا بشر‪ ،‬وذ ك��ر أ ب��و عبيد (‪ )9‬ي��را ج��ع ف��ي ا مل��ز ي��د م��ن ذ ل��ك‪ :‬التحرير والتنوير‪.‬‬
‫{ ُه� َ�و ا َّل� ِ�ذ ي َخ� َل� َ�ق َل� ُ�ك��م َّم��ا ِف��ي ا َأل ْر ِض َج ِميع ًا ُث� َّ�م ْاس � َت� َ�و ى ِإ َلى‬ ‫‪117-115/1‬‬
‫إذا كان أبعد‪ :‬الكوكب سيكون بارد ًا جد ًا من أجل دورة مائية‬
‫الس َماء َف َس َّو ا ُه َّن َس ْب َع َس��م��ا َو ٍات َو ُه� َ�و ب ُِك ِّل شَ � ْ�ي ءٍ َع ِل ٌ‬ ‫�اص� َ�د ْع بمِ َ��ا ُت ْؤ َم ُر } (‪ )10‬عناية املسلمني بإبراز وجوه اإلعجاز في القرآن‬ ‫أن أ ع��را ب�ي��ا سمع ر ج�لا يقرأ ‪َ { :‬ف� ْ‬
‫يم } [البقرة منتظمة‪.‬‬ ‫َّ‬
‫(ا حل��ج��ر‪ .)94 :‬ف�س�ج��د و ق� ��ال‪ :‬س �ج��دت لفصاحته‪،‬‬
‫‪.]29 :‬‬ ‫الكرمي ‪( -‬ج ‪/1‬ص ‪62‬و‪ )63‬ويراجع في ذلك مناهل‬
‫إذا كان أقرب‪ :‬الكوكب سيكون ساخن ًا جد ًا من أجل دورة مائية‬ ‫اس َت ْي َأ ُسوا ِم ْن ُه َخ َل ُصوا‬
‫وسمع رجال آخر يقرأ { َف َل َّما ْ‬
‫العرفان للزرقاني‪321 – 319/2:‬‬
‫تشير اآليات القرآنية الكرمية إلى حقائق علمية هامة منتظمة‪.‬‬ ‫نجَ ِ ًّيا} (يوسف‪ .)80:‬فقال‪ :‬أشهد أن مخلوقا ال يقدر (‪ )11‬عناية املسلمني ب��إب��راز وج��وه اإلع�ج��از في القرآن‬
‫منها أن ال�ل��ه سبحانه وت�ع��ال��ى خلق األرض لإلنسان ‪   .3‬سمك القشرة‪:‬‬ ‫الكرمي ‪( -‬ج ‪/1‬ص ‪)66‬‬ ‫على مثل هذا الكالم) ‪.‬‬
‫(‪)12‬‬

‫إذا كانت أكثر سمك ًا‪ :‬كثير من األوكسجني سوف ينتقل من‬ ‫وجعلها مسخرة (أي ت�ق��دم خدماتها ل��ه م�ج��ان� ًا) ولقد‬ ‫خ��امت��ة‪ :‬ه ��ذا ط ��رف م��ن ب �ي��ان إع �ج��از ال��ق��رآن ف��ي نظمه (‪ )12‬القاضي عياض‪ ،‬الشفا‪220 ،219/1 :‬‬
‫وأسلوبه‪ ،‬ولو أن اإلعجاز ال يتوقف عند ما ذكرنا بل يتعداه عناية املسلمني بإبراز وجوه اإلعجاز في القرآن الكرمي‬
‫أثبتت العلوم احلديثة أن األرض خلقت حتى تكون مهيأة اجلو إلى القشرة‪.‬‬ ‫‪( -‬ج ‪/1‬ص ‪)65‬‬
‫إذا كانت أرق ‪ :‬النشاط البركاني التكتوني سيكون كبير ًا‬ ‫للحياة (حل�ي��اة اإلن�س��ان ) وأي خلل ف��ي أح��د القوانني‬ ‫إلى وجوه كثيرة‪ ،‬نفسية وأخالقية واجتماعية‪ ،‬ومن اإلعجاز (‪ )13‬عناية املسلمني بإبراز وجوه اإلعجاز في القرآن‬
‫جد ًا‪.‬‬ ‫سوف يجعل احلياة على ظهرها مستحي ً‬
‫ال‪.‬‬ ‫الكرمي ‪( -‬ج ‪/1‬ص ‪)65‬‬ ‫عجز اخللق ع��ن اإلح��اط��ة بكل اإلع�ج��از ‪ ،‬وم��ا أح�س��ن قول‬
‫‪25‬‬ ‫العدد الثاني عشر ‪ 1431 -‬هـ ‪ -‬شتاء ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫العدد الثاني عشر ‪ 1431 -‬هـ ‪ -‬شتاء ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫‪24‬‬
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫اعجاز طبي‬ ‫اعجاز كوني‬

‫‪   .11‬النشاط الزلزالي‪:‬‬ ‫‪   .4‬فترة الدوران‪:‬‬


‫حكاية «العلق» مع طبيب غير مسلم‬ ‫إذا ك ��ان أك �ب��ر‪ :‬سيتحطم ك�ث�ي��ر م��ن أشكال‬ ‫{ وخلق كل شيء‬
‫فقدره تقدير ًا‬
‫احلياة‪.‬‬
‫إذا كانت أطول‪ :‬فروق درجات احلرارة اليومية‬
‫سيكون كبير ًا جد ًا‪.‬‬
‫بقلم األستاذ عبد الرحيم الشريف*‬ ‫إذا ك ��ان أق� ��ل‪ :‬امل� ��ادة ال �غ��ذائ �ي��ة ع�ل��ى قيعان‬ ‫(الفرقان ‪} )2 -‬‬ ‫إذا كانت أقصر‪ :‬سرعات الرياح اجلوية ستكون‬
‫احمليطات (اآلتية من مقذوفات األنهار) لن تخضع‬ ‫كبيرة جد ًا‪.‬‬
‫يحكي الدكتور إبراهيم خليل في كتابه «ملاذا أسلم صديقي‪ )...( »...‬قصة طبيب مصري غير مسلم قرر أن يكتب‬ ‫للدورة املتكررة الرتفاع القارات التكتوني‪.‬‬
‫كتا ًبا ير ّد فيه على حتدي القرآن‪ ،‬يعنون له بعنوان‪« :‬وانتهت حتديات القرآن»‪.‬‬ ‫‪   .5‬التفاعل التجاذبي الثقالي مع القمر‪:‬‬
‫ين ُأو ُتوا‬ ‫{و َي َرى ا َّل ِذ َ‬
‫إذا كان أكبر‪ :‬تأثيرات املد على احمليطات واجلو ودور الدوران وصدق الله تعالى القائل‪َ :‬‬
‫اط‬ ‫ا ْل ِع ْل َم ا َّل ِذي ُأ ِنز َل ِإ َل ْي َك ِمن َّر ِّب َك ُه َو الحْ َ قَّ َو َي ْه ِدي ِإ َلى ِص َر ِ‬
‫و أما رد الفاتيكان فقد جاء فيه «بوصفنا مسيحيني فنحن ال نقبل‬ ‫و قد كتب الطبيب املصري رسالة‪ ،‬وأرسل صورة منها إلى ألفي‬ ‫سيكون قاسي ًا جد ًا‪.‬‬
‫يد }[سبأ ‪ .]6 :‬وقال الله تعالى‪َ { :‬أ َل ْم َي ْأ ِن‬ ‫ا ْل َع ِز ِيزالحْ َ ِم ِ‬
‫عالم ومعهد وجامعة ممن تخصصوا بالدراسات العربية واإلسالمية بالطبع أن يكون القرآن هو كالم الله على الرغم من إعجابنا به حيث‬ ‫إذا ك��ان أق��ل‪ :‬تغيرات ف��ي امليل امل ��داري س��وف يسبب عدم‬
‫ين آ َم ُنوا َأن تَخْ َش َع ُق ُلو ُب ُه ْم ِل ِذ ْك ِر ال َّل ِه َو َما َن َز َل ِم َن الحْ َ قِّ‬ ‫ِل َّل ِذ َ‬
‫في مختلف أنحاء العالم‪ ،‬وكان مما سطره في خطابه قوله‪« :‬القرآن يعتبر القمة في األدب العربي‪ ...‬ولقد أخبرني زميل مصري بأن أفضل‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫استقرار مناخي‪.‬‬
‫اب ِمن َق ْب ُل َف َط َ‬
‫ال َع َل ْيهِ ُم‬ ‫ين أو ُتوا ا ْل ِك َت َ‬ ‫َو اَل َيكو ُنوا َكال ِذ َ‬
‫يتحدى البشرية ف��ي جميع أن�ح��اء العالم ف��ي امل��اض��ي واحلاضر أجزاء القرآن تذكره بأجزاء من الكتاب املقدس‪ ،‬ولكن هذا بالطبع ال‬ ‫‪   .6‬احلقل املغناطيسي‪:‬‬
‫واملستقبل بشيء غريب جد ًا‪ ،‬وهو أنها ال تستطيع تكوين ما يسمى يعني أنه أوحي به من عند الله كما هو احلال في الكتاب املقدس‪ .‬وهناك‬
‫اسقُونَ } [احلديد‪:‬‬ ‫الأْ َ َم ُد َفق ََس ْت ُق ُلو ُب ُه ْم َو َك ِث ٌ‬
‫ير ِّم ْن ُه ْم َف ِ‬
‫‪.]16‬‬ ‫إذا كان أقوى‪ :‬العواصف الكهرطيسية ستكون عنيفة‪.‬‬
‫بالسورة باللغة العربية‪ ...‬كالسورة رقم ‪ ،112‬وهي من أقصر سور نقطة عملية تعوق مسألة اإلتيان بسورة من مثل القرآن‪ ،‬وهي‪ :‬من ذا‬ ‫‪---------------------‬‬ ‫إذا كان أضعف‪ :‬احلماية غير مالئمة من اإلشعاعات النجمية‬
‫القرآن‪ ،‬وال يزيد عدد كلماتها عن ‪ 15‬كلمة‪ ،‬ويتبع ذلك أن القرآن الذي سيحكم على هذه احملاولة إن متت بالفعل‪.»...‬‬ ‫* مدير موقع موسوعة اإلعجاز العلمي في القرآن والسنة‪ .‬وللراغبني مبتابعة‬ ‫القاسية‪.‬‬
‫ولذلك اع�ت��ذروا عن إجابة طلبه‪ ،‬فأعاد املراسلة جميع معاهد‬ ‫يتحدى البشرية باإلتيان بـ(‪ )15‬كلمة لتكوين سورة واحدة كالتي توجد‬ ‫البحث بكامله مراجعة املوقع ‪www.55a.net‬‬
‫‪   .7‬البيدو(نسبة ال�ض��وء املنعكسة إل��ى مجمل‬
‫ومؤسسات الفاتيكان طالب ًا إجابة التحدي‪ ،‬وعرض‬ ‫في القرآن‪ ...‬سيدي‪« :‬أعتقد أن مهاجمة هذه النقطة‬ ‫املراجع‪:‬‬
‫أن يكون هو احلكم بني القرآن والفاتيكان‪ ،‬وطلب من‬ ‫لكلمة‬ ‫يوجد‬ ‫ال‬ ‫الهامة واخلطيرة‪ ،‬وذلك باإلتيان بأكبر عدد ممكن من‬
‫‪ -‬كتاب خلق الكون ـ تأليف هارون يحيى‬ ‫كمية الضوء الساقط على السطح)‪:‬‬
‫‪ -‬كتاب بصمة الله  تأليف هيوج روس‬ ‫إذا كان كبير ًا‪ :‬ستحل عصور جليدية‪.‬‬
‫السور كالتي توجد‪ ،‬أو ‪ -‬آمل أن تكون ‪ -‬أفضل من علق أي رديف في األب «ليو» في الفاتيكان أن ينقل أي جزء مكون من‬ ‫‪The Incredible Design of the Earth and Our Solar System‬‬
‫إذا كان صغير ًا‪ :‬ستذوب الثلوج وتغرق األرض في امل��اء‪ ،‬ثم‬
‫تلك املوجودة بالقرآن سيسبب لنا جناح ًا عظيم ًا إلقناع أية لغة في العالم (‪ )15‬كلمة من الكتاب املقدس ليعارض بها القرآن‪،‬‬ ‫‪http://www.godandscience.org/apologetics/designss.html‬‬
‫تصبح جافة قاحلة‪.‬‬
‫فكانت اإلجابة مشابهة إلجابة املئات الذين لم يردوا‬ ‫املسلمني بأنا قبلنا هذا التحدي‪ ،‬بل وانتصرنا عليهم‪...‬‬
‫على الطبيب‪ ،‬بل صمت مدقع‪.‬‬ ‫فهل تتكرم يا سيدي مشكور ًا بإرسال ‪ 15‬كلمة باللغة‬ ‫‪   .8‬نسبة األوكسجني إلى النتروجني في اجلو‪:‬‬
‫وكنموذج لإلعجاز القرآني ع��رض إبراهيم خليل لكلمة «علق»‬ ‫العربية أو أكثر من املستوى البياني الرفيع مكون ًا جملة كالتي توجد‬ ‫إضمن نسختك القادمة‬ ‫إذا ك��ان��ت كبيرة‪ :‬ت��واب��ع ت�ط��ور احل�ي��اة س��وف تتقدم بسرعة‬
‫{خ َل َق الإْ ِ ْن َسانَ ِم ْن َع َل ٍق} [العلق‪ ]2 :‬فلمادة‬
‫الواردة في قوله تعالى َ‬ ‫في القرآن؟‪.»...‬‬ ‫من “اإلعجاز”‬ ‫كبيرة‪.‬‬
‫إذا كانت أص�غ��ر‪ :‬ت��واب��ع تطور احل�ي��اة س��وف تتقدم بسرعة‬
‫معنى ذكرها ابن منظور في قاموسه‬ ‫وقد أثبت إبراهيم خليل العناوين األلفني التي أرسل لها اخلطاب‪« ،‬علق» في اللغة واحد ًا وثالثني ً‬
‫وتكررت محاولة الطبيب املسيحي أربع مرات طوال سنة ‪1990‬م‪« .‬لسان العرب»‪ ،‬وهذه املعاني كما يرى إبراهيم خليل تنطبق جميع ًا على‬ ‫إذا كانت مجلة “اإلعجاز” ال تصلكم بواسطة‬ ‫بطيئة‪.‬‬
‫فكانت محصلة ثماني آالف رسالة أرسلها أن وصلت إليه ردود اعتذار اإلنسان فقد»وصفت جميع صفات اإلنسان التشريحية والفسيولوجية‬ ‫ا ل�ب��ر ي��د ‪ ، Liban Post‬و ل �ك��ي ن�ض�م��ن وصول‬ ‫‪   .9‬مستوى غاز الكربون وبخار املاء في اجلو‪:‬‬
‫باهتة عرض صورها إبراهيم خليل‪ ،‬منها‪ :‬اعتذار كلية الدراسات والنفسية والعاطفية واالجتماعية منذ كان جنين ًا في بطن أمه حتى صار‬ ‫األ ع��داد القادمة إليكم يرجى تزويدنا بعنوانكم‬ ‫إذا كانت كبيرة‪ :‬ترتفع درجة حرارة اجلو بشكل أكبر‪.‬‬
‫الشرقية واإلفريقية في جامعة لندن فقد كان ردها‪« :‬آمل أن تتفهم أن رج ًال يحب و يكره‪...‬فاإلنسان بحق من علق قد خلقه الله من السائل‬ ‫وواضحا‪.‬‬
‫ً‬ ‫كام ًال‬ ‫إذا كانت أصغر‪ :‬تنخفض درجة حرارة اجلو‪.‬‬
‫كليتنا وأعضاؤها يرفضون اخلوض في املنازعات الدينية‪ ،‬وبالتالي املنوي (العلوق)‪ ،‬وعلقت بأمه (حملت به)‪ ،‬فأصبح علقة كدودة حمراء‬ ‫ميكن إرسال العنوان بالفاكس أو عبر اإلنترنت‬ ‫‪   .10‬مستوى األوزون في اجلو‪:‬‬
‫فإنه ال ميكننا إجابة طلبك»‪ ،‬وأما رد إذاعة حول العالم (مونت كارلو) تكون في املاء تعلق بالبدن ومتتص الدم ثم إذا خرج من بطن أمه احتاج‬ ‫إذا كان أكبر‪ :‬درجة حرارة السطح ستكون منخفضة جد ًا‪.‬‬
‫أو بالبريد العادي على عناوين منتدى اإلعجاز‬
‫فكان «املوضوع الذي طرحته موضوع هام‪ ،‬لكننا كإذاعة ال نحب إلى الشراب واللنب والطعام (العليق والعلوق)‪ ،‬ويطلق العلق أيض ًا على‬ ‫إذا ك��ان أق��ل‪ :‬درج��ة ح��رارة السطح ستكون عالية جد ًا‪.‬‬
‫أن ندخل في حمى وطيس هذه املعركة‪ ،‬إذ ال نظن أنها تخدم رسالة ما يتبلغ به من العيش‪ .‬واإلنسان شديد اخلصومة محب للجدل (عالقي‬ ‫املطبوعة في املجلة‪.‬‬
‫وس �ي �ك��ون ه �ن��اك ك�ث�ي��ر م��ن اإلش� �ع ��اع ف ��وق ال�ب�ن�ف�س�ج�ي��ة عند‬
‫معالق) يكره (امرأة علوق) ويحب (علقت منه كل معلق)‪ ...‬إلى آخر تلك‬ ‫اإلجنيل‪ ،‬فرسالتنا هي رسالة محبة‪ ،‬وليست رسالة حتدي‪.»...‬‬ ‫السطح‪.‬‬
‫‪27‬‬ ‫العدد الثاني عشر ‪ 1431 -‬هـ ‪ -‬شتاء ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫العدد الثاني عشر ‪ 1431 -‬هـ ‪ -‬شتاء ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫‪26‬‬
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫اعجاز إلهي‬ ‫اعجاز طبي‬

‫عامة الناس فقرروا مواجهة حتدي القرآن‪ ،‬واتصلوا إلمتام خطتهم‬ ‫املعاني التي فصلت خصائص اإلنسان و أطوار حياته األولى‪.‬‬

‫الفردية الدامغة والزوجية البالغة‬ ‫وصدق العلماء الذين درسوا إعجاز القرآن حني قالوا‪« :‬إن القرآن بعبد الله بن املقفع(‪727‬م)‪ ،‬وكان أدي ًبا كبي ًرا وكات ًبا ذك ًيا‪ .‬يعتد بكفائته‬
‫رغم إيجازه املعجز في عدد كلماته‪ ،‬بل وفي عدد حروفه إال أن املعاني فقبل الدعوة للقيام بهذه املهمة‪ .‬وأخبرهم أن هذا العمل سوف يستغرق‬
‫التي جتيء بها كل كلمة فيها إرباء وإمناء وزيادة‪ ،‬أي أن كل كلمة تولد‪ ،‬سنة كاملة واشترط عليهم أن يتكفلوا بكل ما يحتاج إليه خالل هذه املدة‪.‬‬
‫د‪ .‬فراج محمد خليل محمد*‬ ‫ومل��ا مضى على االت �ف��اق نصف ع��ام ع ��ادوا إل�ي��ه ملعرفة م��ا حققه‬ ‫وتعطي من املعاني ما ال حصر له»‪.‬‬
‫ومرة أخرى سارع الطبيب غير املسلم إلى مراسلة كليات ومعاهد أدي �ب �ه��م مل��واج �ه��ة حت ��دي رس� ��ول اإلس��ل��ام؛ وح�ي�ن دخ �ل��وا غرفة‬
‫صل عليه وعلى آله الشرفاء‪ ,‬وعلى‬‫احلمد لله كما ينبغي له أن يحمد‪ ,‬والصالة والسالم على نبيه أحمد‪ ,‬اللهم ِّ‬
‫العالم طالب ًا منهم أن يأتوا بكلمة بديلة لـ «علق» تقوم مقامها أو تعطي األدي���ب ال�ف��ارس��ي األص���ل‪ ،‬وج���دوه ج��ال� ً�س��ا وال�ق�ل��م ف��ي ي��ده وهو‬
‫إخوانه األنبياء‪ ,‬وعلى أزواجه ذوات الطهر والنقاء‪ ,‬وعلى صحابته األتقياء النجباء‪ ,‬وعلى من اهتدى بهديه وسار على‬ ‫مستغرق ف��ي تفكير عميق‪ ،‬وأوراق الكتابة متناثرة أم��ام��ه على‬
‫نهجه إلى يوم اللقاء‪ .‬وبعد‪ :‬فهذا بحث يحمل عنوان « الفردية الدامغة والزوجية البالغة « ويتناول الزوجية والفردية‬ ‫نصف املعاني التي تعطيها كلمة «علق»‪ ،‬و مرة أخرى ال مجيب!‬
‫األرض‪ ،‬بينما ام �ت�لأت غ��رف�ت��ه ب� ��أوراق ك�ث�ي��رة كتبها ث��م مزقها‪.‬‬
‫في القرآن من منظور علمي جديد‪ .‬فإن كان هناك إحسان فمن الله وإن كان هناك تقصير فمن نفسي‪.‬‬
‫(أ)‬
‫قصة ابن املقفع ومحاولة تقليد القرآن الكرمي‬
‫لقد ح��اول هذا الكاتب العبقري أن يبذل كل مجهود‬
‫ي� �ق ��ول ال� �ل ��ه س �ب �ح��ان��ه وت� �ع ��ال ��ى ف� ��ي كتابه‬
‫َ اإلنسان من علق عساه أن يبلغ هدفه‪ ،‬وه��و ال��رد على حت��دي القرآن‬
‫من مذاهب العرب‪ِ ،‬إذ كانوا ال يتكلمون بال َّز ْو ِج ُم َو َّحد ًا في مثل قولهم‬ ‫وأب��دأ بحول الله وقوته فأقول إن الله عز وجل يقول في محكم‬ ‫املجيد‪ ...‬ولكنه أصيب بإخفاق شديد في محاولته هذه‪،‬‬ ‫العزيز‪ُ { :‬ق��ل َّل� ِئ� ِ�ن ْاج� َت� َ�م� َع� ِ�ت ا ِإلن � ُ‬
‫�س َوالجْ ِ � � ُّ�ن َعلى‬
‫مام‪ ،‬ولكنهم يثنونه فيقولون‪ :‬عندي زوجان من احلمام‪ ،‬يعنون‬ ‫التنزيل‪َ {:‬و ِمن ُك ِّل شَ ْيءٍ َخ َل ْق َنا َز ْو َجينْ ِ َل َع َّل ُك ْم َت َذ َّك ُرونَ    َف ِف ُّروا ِإ َلى ال َّل ِه‬
‫َأن َي � ْأ ُت��و ْا بمِ ِ � ْث� ِ�ل َه �ـ� َ�ذا ا ْل� � ُق � ْ�ر ِآن َال َي � ْأ ُت��ونَ بمِ ِ� ْث� ِل� ِه َو َل� ْ�و منذ تكوينه‬
‫َز ْو ُج َح ٍ‬ ‫حتى اعترف أمام أصحابه‪ ،‬واخلجل والضيق ميلكان‬
‫ذك��ر ًا و ُأنثى‪ ،‬وعندي زوج��ان من اخلفاف يعنون اليمني والشمال‪،‬‬ ‫ِإنِّي َل ُكم ِّم ْن ُه َن ِذ ٌير ُّم ِب ٌني   َو اَل تجَ ْ َع ُلوا َم َع ال َّل ِه ِإ َل ًها َآخ َر ِإنِّي َل ُكم ِّم ْن ُه َن ِذ ٌير ُّم ِب ٌني‬ ‫عليه نفسه أنه‪ ،‬على الرغم من مضي ستة أشهر حاول‬ ‫َك ��انَ َب� ْع� ُ�ض� ُه� ْ�م ِل� َ�ب� ْع� ٍ�ض َظ��هِ �ي��راً}[اإلس��راء ‪ .]88 :‬وحتى فنائه‬
‫إن أول خ��اص��ة يتنبه إل�ي�ه��ا ال�ب��اح��ث ف��ي العلوم‬
‫ويوقعون الزوجني على اجلنسني املختلفني نحو األَس��ود واألَبيض‬ ‫} (الذاريات‪.)51 - 49‬‬ ‫خاللها أن يجيب على التحدي‪ ،‬فإنه لم يفلح في أن يأتي‬
‫ال�ق��رآن�ي��ة ه��و ذل��ك ال�ت�ح��دي ال�ص��ري��ح إل��ى الناس‬
‫واحللو واحلامض‪ .‬قال ابن سيده‪ :‬ويدل على َأن الزوجني في كالم‬ ‫ات َوالأْ َ ْر ِض َج َعلَ َل ُكم ِّم ْن َأنف ُِس ُك ْم‬ ‫الس َما َو ِ‬ ‫ويقول تعالى‪َ { :‬ف ِاط ُر َّ‬ ‫بآية واحدة من طراز القرآن! وعندئذ تخلى ابن املقفع عن مهمته مغلو ًبا‬
‫كافة‪ ،‬منذ أربعة عشر قرنًا‪ ،‬وبخاصة أولئك الذين ينكرون رسالة‬
‫الذ َك َر وا ُألنثى}؛‬
‫العرب اثنان قول الله عز وجل‪{ :‬و َأنه َخ َل َق ال َّز ْو َجينْ ِ َّ‬ ‫الس ِم ُيع‬ ‫َأ ْز َو ًاجا َو ِم َن الأْ َ ْن َعا ِم َأ ْز َو ًاجا َي ْذ َر ُؤ ُك ْم ِفي ِه َل ْي َس َك ِم ْث ِل ِه شَ ْي ٌء َو ُه َو َّ‬ ‫مستخذ ًيا(‪.)3‬‬
‫ال�ق��رآن‪ ،‬ول��م يستطع أح��د من عباقرة البشر أن ي��ر ّد التحدي إلى‬
‫‪-----------------------‬‬
‫فكل واحد منهما كما ترى زوج‪ ،‬ذكر ًا كان َأو ُأنثى‪.‬‬ ‫ير}  (الشورى ‪.)11‬‬ ‫َالب ِص ُ‬ ‫اآلن‪ .‬لقد أعلن القرآن بصوت ع��ال‪ ،‬ال إبهام فيه وال غموض ‪ :‬قال * م��اج��س��ت��ي��ر ف � ��ي ع � �ل� ��وم ال� � �ق�� ��رآن وال� �ت� �ف� �س� �ي ��ر‪ .‬ول � �ل� ��راغ � �ب �ي�ن مبتابعة‬
‫‪ -‬كلمة فرد من لسان العرب للعالمة ابن املنظور‪ :‬فرد‪ :‬الله تعالى‬ ‫ول َق ْد َخ َل ْت ِمن َق ْب ِل ِه‬ ‫يح ا ْب ُن َم ْريمَ َ ِإ َّال َر ُس ٌ‬ ‫ويقول تعالى‪َّ { :‬ما ا مْلَ ِس ُ‬ ‫ال� � �ب� � �ح � ��ث ب�� �ك� ��ام�� �ل� ��ه م� � ��راج � � �ع� � ��ة امل� � � ��وق� � � ��ع ‪www.55a.net‬‬ ‫تعالى‪َ { :‬و ِإن ُكن ُت ْم ِفي َر ْي ٍب مِّمَّا َن َّز ْل َنا َع َلى َع ْب ِد َنا َف ْأ ُتو ْا ب ُِسو َرةٍ ِّمن ِّم ْث ِل ِه‬
‫وتقدس هو ال َف ْر ُد‪ ،‬وقد َت َف َّر َد باألَمر دون خلقه‪ .‬والفرد‪ :‬الوتر‪ ،‬واجلمع‬ ‫ات ُث َّم‬ ‫انظ ْر َك ْي َف ُن َبينِّ ُ َل ُه ُم اآل َي ِ‬‫الط َعا َم ُ‬ ‫الر ُس ُل َو ُأ ُّم ُه ِصدِّ ي َق ٌة َكا َنا َي ْأ ُكال َِن َّ‬ ‫ُّ‬ ‫(أ)‪ -‬املصدر‪ :‬نقال عن كتاب اإلسالم يتحدى لوحيد الدين خان‪.‬‬ ‫ون ال ّل ِه ِإنْ ُك ْن ُت ْم َصا ِد ِق َني} [البقرة ‪.]23 :‬‬ ‫اءكم ِّمن ُد ِ‬ ‫َوا ْد ُع��و ْا شُ َه َد ُ‬
‫َأفراد و ُفرا َدى‪ ،‬على غير قياس‪ ،‬ك َأنه جمع َف ْردا َن‪ .‬ابن سيده‪ :‬ال َف ْر ُد‬ ‫ُ‬
‫انظ ْر َأنَّى ُي ْؤ َفكونَ }   (املائدة ‪)75‬‬ ‫ُ‬ ‫إنه أغ��رب حتد في التاريخ‪ ،‬وأكثره إث��ارة للدهشة‪ ،‬فلم يجرؤ أحد الهوامش‪:‬‬
‫(‪ )1‬أبو محمد عبد الله املعروف بابن املقفع‪ ،‬مؤلف وكاتب من البصرة تقول بعض‬
‫نصف ال َّز ْوج‪ ،‬والفرد َأيض ًا‪ :‬الذي ال نظير له‪ ،‬واجلمع َأفراد‪ .‬يقال‪:‬‬ ‫واإلعجاز في هذه اآليات أن كل ما دون الله فهو زوج والله هو‬ ‫املصادر أن والده كان من أصل فارسي مجوسي لقب أبوه باملقفع ألنه اتهم‬ ‫من الكتاب في التاريخ اإلنساني – وه��و بكامل عقله – أن يقدم‬
‫شيء َف ْر ٌد و َف َر ٌد و َف ِر ٌد و ُف ُر ٌد ِ‬
‫وفار ٌد‪.‬‬ ‫الفرد وال فرد سواه فهو سبحانه ليس كمثله شيء في هذه الفردية‪.‬‬ ‫باالختالس ملال اخلراج‪ ،‬فضرب على يده فتشنجت‪.‬‬ ‫حتد ًيا مماث ًال‪ ،‬فكم من مؤلف ميكن أن يضع كتا ًبا‪ ،‬يستحيل على‬
‫اآلخرين أن يكتبوا مثله‪ ،‬أو خيرا منه‪ ...‬إذ من املمكن إصدار مثيل (‪Mohammad: His Life & Doetrine p.143 )2‬‬
‫(‪)...‬‬ ‫(‪ )3‬وردت فى التاريخ أمثلة أخ��رى ح��اول أصحابها مواجهة هذا التحدي‪ ,‬غير‬ ‫ً‬
‫أقوال املفسرين‪:‬‬ ‫أنهم أخفقوا إخفا ًقا ذري ًعا ومن هؤالء مسيلمة بن حبيب الكذاب‪ ,‬وطلحة بن‬ ‫م��ن أي عمل إنساني ف��ي أي م�ج��ال‪ ،‬ول�ك��ن ح�ين ي��دع��ى أن هناك‬
‫أقوال اللغويني‪:‬‬ ‫خويلد األس��دي والنضر بن احل��ارث وأب��و احلسني أحمد بن يحيى املعروف‬ ‫كال ًما ليس في إمكان البشر اإلتيان مبثله ثم تخفق البشرية على‬
‫أوالً‪ :‬في قوله تعالى‪:‬‬ ‫بابن الراوندي‪ ,‬وأبو الطيب املتنبي‪ ,‬وأبو العالء املعري‪ ,‬صاحب كتاب «الفصول‬ ‫مدى التاريخ في مواجهة هذا التحدي‪ ،‬حينئذ يثبت تلقائ ًيا أنه كالم‬
‫{ َو ِمن ُك ِّل شَ ْيءٍ َخ َل ْق َنا َز ْو َجينْ ِ َل َع َّل ُك ْم َت َذ َّك ُرونَ  َف ِف ُّروا ِإ َلى ال َّل ِه‬ ‫‪ -‬كلمة زوج من لسان العرب للعالمة ابن املنظور‪ :‬زوج‪ :‬ال َّز ْو ُج‪:‬‬ ‫والغايات فى مجاراة السور واآلي��ات» أنظر للتفصيل كتاب الرافعى ‪ :‬إعجاز‬
‫غير إنساني وأنها كلمات صدرت عن صميم املنبع اإللهي ‪Divine‬‬
‫القرآن ‪ -‬املترجم ‪.‬‬
‫ِإنِّي َل ُكم ِّم ْن ُه َن ِذ ٌير ُّم ِب ٌني  َو اَل تجَ ْ َع ُلوا َم َع ال َّل ِه ِإ َل ًها َآخ َر ِإنِّي َل ُكم ِّم ْن ُه َن ِذ ٌير‬ ‫خالف ال َف ْردِ ‪ .‬يقال‪َ :‬ز ْو ٌج َأو َف ْر ٌد‪ ،‬كما يقال َش ْف ٌع َأو وِ ْت ٌر ‪ .‬وقال تعالى‪:‬‬ ‫>‪ ،origin‬وكل ما يخرج من املنبع اإللهي ال ميكن مواجهة حتدياته‪ .‬‬
‫ُّم ِب ٌني} (الذاريات ‪.)51 ,50 ,49‬‬ ‫زوج َبهيج}؛ وكل واحد منهما َأيض ًا يسمى‬ ‫{و َأنبتنا فيها من كل ٍ‬ ‫إلـى األحـبـة الـقـراء‪:‬‬ ‫وفي صفحات التاريخ بعض الوقائع‪ ،‬غ ّر أصحابها الغرور فانطلقوا‬
‫{ومن كل شيء خلقنا زوجني} أي جميع املخلوقات أزواج سماء‬ ‫َز ْوج ًا‪ ،‬ويقال‪ :‬هما َز ْوجان لالثنني وهما َز ْو ٌج‪ ،‬كما يقال‪ :‬هما ِس َّيانِ‬ ‫يس ّر مجلة “اإلعجاز” تل ّقي كل البحوث واملقاالت الهادفة الى‬ ‫ ‬ ‫يواجهون هذا التحدي‪ .‬ومن هذه الوقائع قصة ابن املقفع(‪ )1‬فقد أوردها‬
‫وهما َسوا ٌء؛ ابن سيده‪ :‬ال َّز ْو ُج ال َف ْر ُد الذي له َق ِرينٌ ‪ .‬والزوج‪ :‬االثنان‪.‬‬ ‫تنوير املجتمع وتثقيفه بصرف النظر عن هوية الكاتب‪ ،‬ومعتقده‪،‬‬
‫وأرض وليل ونهار وشمس وقمر وبر وبحر وضياء وظالم وإميان وكفر‬ ‫املستشرق «والسنت» في كتابه وعلق عليها قائ ًال‪ . . .( :‬إن اعتداد محمد‬
‫وطائفته‪ ،‬وإنتمائه‪ .‬وال شرط لها إال أن يتقيد بأصول البحث‬
‫وموت وحياة وشقاء وسعادة وجنة ونار حتى احليوانات والنباتات‬ ‫ِعال وزوجا حمام؛ يعني ذكرين َأو ُأنثيني‪ ،‬وقيل‪ :‬يعني‬ ‫وعنده َز ْو َجا ن ٍ‬ ‫العلمي‪ ،‬والبعد عن التحريض‪ ،‬والنقد الهدام‪ ،‬وعن السياسة‪ ،‬وأن‬ ‫باإلعجاز األدبي للقرآن لم يكن على غير أساس‪ ،‬بل يؤيده حادث وقع بعد‬
‫ولهذا قال تعالى {لعلكم تذكرون} أي لتعلموا أن اخلالق واحد‬ ‫ذكر ًا و ُأنثى‪ .‬وال يقال‪ :‬زوج حمام ألَن الزوج هنا هو الفرد‪ ،‬وقد ُأولعت‬ ‫يكون هاجسه بعث األمل في نفوس الناس لتخطي آثار احلرب‬ ‫قرن من قيام دعوة اإلسالم(‪ .)2‬واحلادث كما جاء على لسان املستشرق‬
‫ال شريك له (اب��ن كثير)‪{ .‬وم��ن كل شيء خلقنا زوج�ين} لتعلموا‬ ‫به العامة‪ .‬قال َأبو بكر‪ :‬العامة تخطئ فتظن َأن الزوج اثنان‪ ،‬وليس ذلك‬ ‫وبناء املجتمع املتسامح‪.‬‬ ‫هو أن جماعة من املالحدة والزنادقة أزعجهم تأثير القرآن الكبير في‬
‫‪29‬‬ ‫العدد الثاني عشر ‪ 1431 -‬هـ ‪ -‬شتاء ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫العدد الثاني عشر ‪ 1431 -‬هـ ‪ -‬شتاء ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫‪28‬‬
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫اعجاز إلهي‬ ‫اعجاز إلهي‬

‫جل وعز بخالف صفات املخلوق؛ إذ صفاتهم ال تنفك‬ ‫أن خالق األزواج ف��رد‪ ،‬فال يقدر في صفته حركة‬
‫زوجا ألنه حوى داخله‬ ‫فيه عنصر فيصبح هذا الشيء – مهما بلغ‪ً  -‬‬ ‫بروتونًا و ‪ 146‬نيوترونًا‪ .‬وبالطبع تتساوى البروتونات واإللكترونات‬ ‫عن األغ��راض واألع��راض‪ ،‬وهو تعالى منزه عن ذلك؛‬ ‫الله هو‬ ‫وال سكون‪ ،‬وال ضياء وال ظالم‪ ،‬وال قعود وال قيام‪،‬‬
‫إلكترون و بوزيترون‪.‬‬ ‫في العدد ( ليتحقق تعادل الشحنة ) وبهذا فإن اإللكترونات عددها‬ ‫الفرد األوحد وكفى في هذا قوله احلق‪{ :‬ليس كمثله شيء}‪ .‬وقد‬ ‫وال ابتداء وال انتهاء؛ إذ عز وجل وتر {ليس كمثله‬
‫العوالم التي خلقها الله سبحانه هي عالم اإلن��س وعالم اجلن‬ ‫‪ 92‬إلكترون ًا‪ .‬في سنة ‪ ،1932‬أي سنة اكتشاف شادويك للنيوترونات‬ ‫قال بعض العلماء احملققني‪ :‬التوحيد إثبات ذات غير‬ ‫شيء} [الشورى‪( .]11 :‬القرطبي)‪( .‬ومن كل شيء)‬
‫وعالم املالئكة وعالم احليوان وعالم النبات وعالم اجلماد وال يخرج‬ ‫أكتشف كارل أندرسون‪ anti-electron‬أو مضاد اإللكترون وسماه‬ ‫مشبهة للذوات وال معطلة من الصفات‪ .‬وزاد الواسطي‬
‫وكل‬ ‫متعلق بقوله خلقنا (خلقنا زوج�ين) صنفني كالذكر‬
‫شيء من مخلوقات الله‪ ,‬فيما نعلم‪ ,‬عن هذه العوالم‪ .‬وأي مكون من‬ ‫«بوزيترون» ويختلف البوزيترون (واملشتق من كلمة ‪ - Positive -‬أي‬ ‫رحمه الله بيانًا فقال‪ :‬ليس كذاته ذات‪ ،‬وال كاسمه‬ ‫زوج‬ ‫عداه‬ ‫ما‬ ‫واألنثى والسماء واألرض والشمس والقمر والسهل‬
‫مكونات ه��ذه العوالم م��ادام قد دخ��ل فيه عنصر فهو زوج‪ .‬فمث ًال‬ ‫موجب) عن اإللكترون في كونه موجب ًا أما شحنة اإللكترون فهي‬ ‫اس��م‪ ،‬وال كفعله فعل‪ ،‬وال كصفته صفة إال من جهة‬ ‫واجلبل والصيف والشتاء واحللو واحلامض والنور‬
‫اإلنسان واحليوان تدخل فيهما عناصر عن طريق الطعام؛ والنبات‬ ‫سالبة‪ .‬وعندما نذكر البوزيترون يجب أن نذكر أنه ال ميكن أن يبقى‬ ‫والظلمة (لعلكم تذكرون) بحذف إحدى التاءين في األصل فتعلموا أن موافقة اللفظ؛ وجلت الذات القدمية أن يكون لها صفة حديثة؛ كما‬
‫تدخله العناصر عن طريق االمتصاص من التربة‪ ,‬و اجلماد مهما‬ ‫البوزيترون  موجود ًا في بيئة عادية إذ أنه ال يلبث أن يصطدم بأحد‬ ‫استحال أن يكون للذات احملدثة صفة قدمية‪( .‬القرطبي)‪)...(.‬‬ ‫خالق األزواج فرد فتعبدوه (اجلاللني)‪.‬‬
‫كان (ه��واء‪ ,‬معدن‪ ,‬خشب‪.........‬إلخ) فهو يتكون من عناصر وكل‬ ‫اإللكترونات في اجلو‪ ،‬وباصطدام إلكترون ببوزيترون نحصل على‬ ‫ثالثاً‪ :‬قوله تعالى‬ ‫عن مجاهد {والشفع والوتر} قال‪ :‬الوتر‪ :‬الله‪ ،‬وما خلق الله‬
‫عنصر كما نعرف يتكون من ذرات وكل ذرة حتتوي على عدد متساو‬ ‫أشعة جاما‪ .‬‬ ‫الر ُس ُل َو ُأ ُّم ُه‬ ‫يح ا ُ ْب��ن َم� ْ�ريمَ َ ِإ َّال َر ُس� ٌ‬
‫�ول َق ْد َخ َل ْت ِمن َق ْب ِل ِه ُّ‬ ‫{ َّما ا مْلَ ِس ُ‬ ‫من شيء فهو شفع‪ .‬وقال آخرون‪ :‬عني بذلك اخللق‪ ،‬وذلك أن اخللق‬
‫من إلكترونات سالبة وبوزيترونات موجبة‪ ,‬واإللكترون والبوزيترون ‬ ‫انظ ْر َأنَّى‬ ‫ات ُث َّم ُ‬ ‫َّ‬
‫كله شفع ووتر‪ .‬و ذكر أن احلسن قال في قوله‪{ :‬من كل شيء خلقنا ِصدِّ ي َق ٌة َكا َنا َي ْأ ُكال َِن الط َعا َم ُ‬
‫انظ ْر َك ْي َف ُن َبينِّ ُ َل ُه ُم اآل َي ِ‬
‫جسيمان متساويان في الكتلة ومتضادان في الشحنة كما بينا سابق ًا‪.‬‬ ‫حتويل الفوتون إلى جسيم ‪ Pair Production‬‬ ‫زوجني} [الذاريات‪ ]49 :‬السماء زوج‪ ،‬واألرض زوج‪ ،‬والشتاء زوج‪ُ ،‬ي ْؤ َف ُكونَ } (املائدة‪) 75‬‬
‫إذن يستحيل أن يعتبر الواحد من اإلنسان أو احليوان أو النبات أو‬ ‫مب��ا أن ال�ف��وت��ون ليس ل��ه شحنة ف��إن اجلسيم ال�ن��اجت يجب أن‬ ‫و قوله تعالى { كانا يأكالن الطعام} أي يحتاجان إلى التغذية‬ ‫والصيف زوج‪ ،‬والليل زوج‪ ،‬والنهار زوج‪ ،‬حتى يصير األمر إلى الله‬
‫اجلماد فر ًدا بل زوج بكل تأكيد‪ .‬أما عالم املالئكة فهم مخلوقون من‬ ‫يتكون من زوج من اجلسيمات مختلفة الشحنة حتى نحافظ على‬ ‫به وإل��ى خروجه منهما فهما عبدان كسائر الناس وليسا بإلهني‬ ‫الفرد الذي ال يشبهه شيء(الطبري)‪.‬‬
‫نور‪ ,‬وقد ورد في الصحيح‪« :‬خلقت املالئكة من نور‪ ،‬وخلقت اجلان‬ ‫الشحنة‪ .‬أي أنه ال ميكن حتويل الفوتون إلى إلكترون مفرد ولكن‬ ‫كما زعمت فرق ثم قال تعالى {انظر كيف نبني لهم اآلي��ات} أي‬ ‫ثانياً‪ :‬في قوله تعالى‪:‬‬
‫من م��ارج من ن��ار‪ ،‬وخلق آدم مما وصف لكم» (رواه مسلم وأحمد‬ ‫توليد الكترونيني أحدهما سالب واآلخر موجب ويسمى البوزيترون‬ ‫ات َوالأْ َ ْر ِض َج َعلَ َل ُكم ِّم ْن َأنف ُِس ُك ْم َأ ْز َو ًاج��ا َو ِم َن نوضحها ونظهرها {ثم انظر أني يؤفكون} أي ثم انظر بعد هذا‬ ‫الس َما َو ِ‬ ‫{ َف ِاط ُر َّ‬
‫عن عائشة رضي الله عنها)‪ ،‬والنور كما نعرف فهو ضوء والضوء‬ ‫‪ positron‬وذلك للحفاظ على الشحنة الكلية وه��ذه العملية تسمى‬ ‫ير}  البيان والوضوح واجلالء أين يذهبون وبأي قول يتمسكون وإلى أي‬ ‫الأْ َ ْن َعا ِم َأ ْز َو ًاجا َي ْذ َر ُؤ ُك ْم ِفي ِه َل ْي َس َك ِم ْث ِل ِه شَ ْي ٌء َو ُه َو َّ‬
‫الس ِم ُيع َالب ِص ُ‬
‫يتكون من فوتونات وبالرغم من أن الفوتونات غير مشحونة إال أنه‬ ‫‪ .electron pair production‬أقل طاقة ميكن أن ميتلكها الفوتون‬ ‫مذهب من الضالل يذهبون‪( .‬ابن كثير)‪)...(.‬‬ ‫(الشورى ‪.)11‬‬
‫عندما يفنى الفوتون ويتالشى فإنه يتحول إلى إلكترون وبوزيترون؛‬ ‫ليتحول إلى إلكترون وبوزيترون يجب أن تساوي طاقة تكوين كال من‬ ‫{جعل لكم من أنفسكم أزواجا} أي من جنسكم وشكلكم منة‬
‫واملالئكة ليسوا مخلدين فإنهم سيموتون ويفنون { َو اَل َْت��د ُع َم َع‬ ‫اجلسيمني وذلك للحفاظ على الطاقة‪.‬‬ ‫عليكم وتفض ًال جعل من جنسكم ذك ًرا وأنثى {ومن األنعام أزواجا}‬
‫ال َّل ِه ِإ َل ًها َآخ َر اَل ِإ َل َه ِإ اَّل ُه َو ُك ُّل شَ ْيءٍ َها ِل ٌك ِإ اَّل َو ْج َه ُه َل ُه الحْ ُ ْك ُم َو ِإ َل ْي ِه‬ ‫‪ .  h= 2mc2‬إذا كان الفوتون يحمل طاقة اكبر من طاقة تكوين‬ ‫أي وخلق لكم من األنعام ثمانية أزواج وقوله تبارك وتعالى {يذرؤكم الشواهد العلمية ‬
‫ُت ْر َج ُعونَ } (القصص ‪ .)88‬حتى إن ملك املوت سيأمره الله تعالى‬ ‫زوج اجلسيمات‪,‬فإن الطاقة اإلضافية ستظهر على شكل طاقة حركة‬ ‫إكتشف  طومسون وجود اإللكترون في عام ‪ ،1897‬واكتشف‬ ‫فيه} أي يخلقكم فيه أي في ذلك اخللق على هذه الصفة ال يزال‬
‫بأن يقبض نفسه فيمتثل ألمر الله‪ .‬وبذلك تنطبق الزوجية على عالم‬ ‫للجسيمان‪.‬‬ ‫يذرؤكم فيه ذكو ًرا وإنا ًثا خل ًقا من بعد {ليس كمثله شيء} أي ليس رذرفورد البروتون في عام ‪ 1919‬وفي عام ‪ 1932‬إكتشف شادويك‬
‫املالئكة أيض ًا‪ .‬أما عالم اجلن فخلقوا من مارج من نار { َو َخ َل َق الجْ َ َّان‬ ‫شرح وجه االعجاز‬ ‫كخالق األزواج كلها شيء ألنه الفرد الصمد الذي ال نظير له {وهو النيوترون‪ ،‬و بعد هذه االكتشافات الثالثة بدا للعلماء أن املادة وصلت‬
‫ِمن َّم��ار ٍِج ِّمن َّن� ٍ�ار} (الرحمن ‪ )15‬و النار تنتج من إحتراق عناصر‬ ‫تنبغي اإلش��ارة إل��ى أن جميع امل��واد املعروفة في عاملنا مؤلفة‬ ‫السميع البصير}‪( .‬ابن كثير)‪{ .‬جعل لكم من أنفسكم أزواجا} إلى صورتها النهائية‪ ،‬وال ميكن تبسيطها إلى وحدات أبسط‪ ،‬فاملركبات‬
‫فهذا العالم اجلني تنطبق عليه الزوجية أيض ًا ألنه دخله عناصر هذا‬ ‫م��ن ع �ن��اص��ر وال �ع �ن��اص��ر ت �ت �ك��ون م��ن ذرات م �ك��ون��ة م��ن جزئيات‬ ‫قيل معناه إنا ًثا‪ .‬وإمنا قال‪{ :‬من أنفسكم} ألنه خلق حواء من ضلع تتكون من عناصر والعناصر تتركب من ذرات‪ ،‬والذرات تتركب من‬
‫باإلضافة الى أن اجلن يأكلون الطعام‪ .‬عن أبي هريرة رضي الله عنه‪:‬‬ ‫صغيرة وكثيفة تشمل البروتون والنوترون وحتيط بها االلكترونات‬ ‫آدم‪ .‬وق��ال مجاهد‪ :‬نس ًال بعد نسل‪{ .‬وم��ن األنعام أزواج} يعني نواة (نيوترونات وبروتونات) وإلكترونات ت ّلف حولها‪ .‬وعادة منهجية‬
‫أنه كان يحمل مع النبي صلى الله عليه وسلم إداوة لوضوئه وحاجته‪،‬‬ ‫األق ��ل وز ًن ��ا بكثير‪ .‬ول ��ذرة ال�ه�ي��دروج�ين وه��ي األب �س��ط‪ ،‬إلكترون‬ ‫الثمانية التي ذكرها في «األنعام» ذكور اإلبل والبقر والضأن واملعز بساطة املادة حينما أعتقد ال ّكل أن املادة عبارة عن ثالث جسيمات‬
‫فبينما هو يتبعه بها‪ ،‬فقال‪( :‬من ه��ذا)‪ .‬فقال‪ :‬أنا أبو هريرة‪ ،‬فقال‪:‬‬ ‫واح� ��د ي� ��دور ح ��ول اجل �س��م ال� ��ذي ال ي�ش�م��ل اال ب ��روت ��ون واح ��د‪.‬‬ ‫وإناثها‪{ .‬يذرؤكم فيه} أي يخلقكم وينشئكم «فيه» أي في الرحم‪ .‬وال أكثر‪ ،‬أو أن ه��ذا ما ك��ان س��ائ��د ًا‪ .‬وتختلف العناصر باختالف‬
‫(ابغني أحجا ًرا أستنفض بها‪ ،‬وال تأتيني بعظم وال بروثة)‪ .‬فأتيته‬ ‫وفي بعض التفاعالت النووية والعمليات املشعة‪ ،‬ينتج جزيء يكون له‬ ‫وقيل‪ :‬في البطن‪ .‬والذي يعتقد في هذا الباب أن الله جل اسمه في جسيماتها‪ ،‬فالهيدروجني مث ًال مصنوع من بروتون واحد وإلكترون‬
‫بأحجار أحملها في طرف ثوبي‪ ،‬حتى وضعت إلى جنبه‪ ،‬ثم انصرفت‪،‬‬ ‫نفس وزن وخصائص اإللكترون‪ ،‬على سبيل املثال‪ ،‬لكن مع شحنة‬ ‫وعلي صفاته‪ ،‬ال يشبه شي ًئا واحد  (وهذا تركيب أشهر نظائر الهيدروجني ) ويعد أبسط العناصر‪.‬‬ ‫عظمته وكبريائه وملكوته وحسنى أسمائه ّ‬
‫حتى إذا فرغ مشيت‪ ،‬فقلت‪ :‬ما بال العظم والروثة؟ قال‪( :‬هما من‬ ‫عوضا عن الشحنة السالبة التي يتميز بها االلكترون‬ ‫كهربائية موجبة ً‬ ‫من مخلوقاته وال يشبه به‪ ،‬وإمنا جاء مما أطلقه الشرع على اخلالق وذرة األكسجني مث ًال تتركب من ثمانية بروتونات وثمانية نيوترونات‬
‫طعام اجلن‪ ،‬وإنه أتاني وفد جن نصيبني‪ ،‬ونعم اجلن‪ ،‬فسألوني الزاد‪،‬‬ ‫العادي‪ ،‬ويسمى اجلزيئ املضاد بوزيترون‪ .‬إذن مادام الشيء دخل‬ ‫واملخلوق‪ ،‬فال تشابه بينهما في املعنى احلقيقي؛ إذ صفات القدمي وثمانية إلكترونات‪ .‬وذرة اليوارنيوم تتركب من ن��واة حت��وي ‪92 :‬‬
‫‪31‬‬ ‫العدد الثاني عشر ‪ 1431 -‬هـ ‪ -‬شتاء ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫العدد الثاني عشر ‪ 1431 -‬هـ ‪ -‬شتاء ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫‪30‬‬
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫اعجاز عقائدي‬ ‫اعجاز إلهي‬

‫فكيف يقبل اإلنسان على نفسه أن يعبد الزوج‪ .‬وهذه قضية منطقية‬ ‫فدعوت الله لهم أن ال ميروا بعظم وال بروثة إال وجدوا عليها طعاما)‪.‬‬

‫علماء الغرب يكتشفون الفطرة‬ ‫علمية ال حتتاج إلى كون اإلنسان معتنق ًا ديانة معينة كي يقتنع بها‬
‫فهي تخضع للعقل واملنطق‪ ,‬و إال سيصبح اإلنسان‪ ,‬إذا عبد الزوج‪,‬‬
‫قد ألغى عقله ومنطقه وعلمه‪ .‬وم��ا ينطبق على من يعبدون السيد‬
‫الله جلت ذاته و صفاته هو الواحد األحد الفرد الصمد‪ ,‬الذي‬
‫رواه البخاري‪.‬‬

‫لم يدخل فيه شيء و لم ينفصل عنه شيء‪ .‬أي لم يدخل فيه سبحانه‬
‫بقلم مارتن بيكفورد*‬ ‫املسيح في هذا الصدد فإنه ينطبق على من يعبدون البقر أو النار أو‬ ‫عناصر‪ ,‬إذن فالله هو الفرد وما دون الله فهو زوج ولذلك سبحانه‬
‫�ول ا ل� َّل� ِه ‪«: #‬‬ ‫َق ��ا َل (‪َ )1‬ر ُس� ُ‬ ‫ ‬ ‫من يعبدون أشخاص ًا يعظمونهم أو من يعبدون املالئكة أو من يعبدون‬ ‫وتعالى ال يشاركه في الفردية أحد وبذلك يكون سبحانه وتعالى ليس‬
‫ود ِإ َّال ُيو لَ ُد َعلَى ا لْفِ ْط َر ةِ‬ ‫َما مِ ْن َم ْو ُل ٍ‬ ‫اجلن فكل هؤالء أثبتنا في حقهم الزوجية‪ .‬إذن وبال شك أن الله ليس‬ ‫كمثله شيء وهو السميع البصير‪ .‬وأنا أرى – مع كامل تقديري ملا‬
‫َص َر ا ِن ِه َأ ْو‬‫‪َ ،‬ف َأ َب َو ا ُه ُي َه ِّو َد ا ِن ِه َأ ْو ُين ِّ‬ ‫كمثله شيء في كونه فرد وما دونه فهو زوج‪  .‬ولذلك يأتي قول الله‬ ‫قاله املفسرون ‪ -‬أنه سبحانه و تعالى ليس كمثله شيء في هذه الفردية‬
‫يمُ َ ِّج َسا ِن ِه ‪َ ،‬ك َما ُت ْنت َُج ال َبهِ ي َم ُة َبهِ ي َم ًة‬ ‫سبحانه { لعلكم تذكرون} وجملة لعلكم تذكرون هنا جاءت في‬ ‫حيث وضحنا أن ما دون الله فهو زوج وليس كما ق��ال املفسرون‬
‫�ون فِ �ي � َه��ا مِ ْن‬‫�س� َ‬ ‫َج � ْم � َع��ا َء ‪َ ،‬ه� � ْل تحُ ِ � ُّ‬ ‫موضعها‪ ,‬نعم لكي نتذكر دائم ًا أن مادون الله فهو زوج‪.‬‬ ‫السابقون بأنه سبحانه ليس كمثله شيء مبعنى أنه ليس كذاته ذات‬
‫ول (فِ ْط َر َة ال َّل ِه ا َّلتِى‬ ‫َج ْد َعا َء ؟» ُث َّم َي ُق ُ‬
‫هذه احلقائق العلمية لم تكن معروفة قبل أربعة عشر قرن ًا‪,‬‬ ‫وال كصفاته صفات‪ ,‬نعم أنا أقول أنه سبحانه ليس كذاته ذات وال‬
‫َّاس َعلَ ْي َها الَ َت ْبدِ ي َل لخِ َ لْ ِق‬ ‫َف َط َر الن َ‬ ‫ولم يعرف الكثير منها إال في القرن املاضي والقرن احلالي ولكن‬ ‫كصفاته صفات ولكن بالنسبة للصفات فالله يسمع وأنت تسمع‪ ,‬أي‬
‫ال َّل ِه َذ ِل� َ�ك ا ل� ِّد ي� ُ�ن ا لْ� َق� ِّي� ُم ) { َف َأ ِق ْم‬
‫(‪)2‬‬
‫الدراسات العلمية احلديثة كشفت الكثير من احلقائق الناصعة‬ ‫نعم إن سمعك وال شك لن يكون كسمع الله ولكن هناك اشتراك في‬
‫�ك ِل�ل��دِّ ي� ِ�ن َح ِنيفًا ِف� ْ�ط� َ�ر َة ال َّل ِه‬ ‫َو ْج� َ�ه� َ‬ ‫التي تبني بكل وضوح وجالء اإلعجاز العلمي في اآليات البينات‬ ‫الصفة حتى وإن كان الفارق ال يقارن ولكن االشتراك في الصفة‬
‫�اس َع َل ْي َها ال َت ْب ِد يلَ‬ ‫ا َّل ِتي َف َط َر ا ل� َّن� َ‬ ‫التي توضح أن الله سبحانه وتعالى خلق من كل ش��يء زوجني‬
‫موجود‪ ,‬وكذلك صفة العلم حيث يقرر سبحانه بنفسه في القرآن‬
‫لخِ َ ْل ِق ال َّل ِه َذ ِل َك الدِّ ُ‬
‫ين ا ْل َق ِّي ُم َو َل ِك َّن‬ ‫اثنني‪ ,‬و يظل سبحانه وتعالى الفرد وحده ال شريك له في الفردية‪,‬‬
‫َأ ْك َث َر ال َّن ِ‬ ‫وح ِم ْن َأ ْم ِر َر ِّبي َو َما ُأو ِتي ُتم ِّمن‬‫الر ُ‬ ‫وح ُق ِل ُّ‬ ‫الكرمي { َو َي ْس َأ ُلو َن َك َع ِن ُّ‬
‫الر ِ‬
‫اس ال َي ْع َل ُمونَ (‪ُ )30‬م ِني ِب َ‬
‫ني‬ ‫{س ُن ِريه ِْم آ َيا ِت َنا ِفي الآْ فَاقِ َو ِفي َأنف ُِسه ِْم َح َّتى‬
‫فسبحان الله القائل َ‬
‫ِإ َل� ْ�ي� ِه َو ا َّت � ُق��و ُه َو َأ ِق�ي� ُ�م��وا ا ل� َّ�ص�لا َة َو ال‬ ‫َي َت َبينَّ َ َل ُه ْم َأ َُّن��ه الحْ ُّ َ ��ق َأ َو َل� ْ�م َي ْك ِف ب َِر ِّب َك َأ َّن� ُه َع َلى ُك ِّل شَ � ْ�يءٍ شَ هِي ٌد}‬ ‫ا ْل ِع ْل ِم ِإ َّال َق ِليال} (اإلسراء‪ )85‬فالله عليم واإلنسان أعطاه الله بعض‬
‫يقول العلماء‪( :‬إذا تركنا أطفا ًال لوحدهم على جزيرة و تربوا بأنفسهم فسيؤمنون بالله)‬ ‫العلم‪ ,‬وإن كانت هذه الصفات جميعها هي من عطاء الله‪ ,‬ولكن هناك‬
‫ني (‪. })31‬‬ ‫َت ُكو ُنوا ِم َن مْالُ ْش ِر ِك َ‬ ‫(فصلت ‪.)53‬‬
‫قال ابن كثير في تفسيره (كتاب‬ ‫‪-----------------‬‬ ‫اشتراك في هذه الصفات بني الله تعالى وبني مخلوقاته‪ .‬وتظل الصفة‬
‫باحثون يتوصلون إلى أن األطفال يولدون‬ ‫* (ع�ض��و) هيئة امل��واد ال�ن��ووي��ة‪ -‬ص‪.‬ب‪ 530 :‬امل�ع��ادي القاهرة‪.‬‬
‫تفسير القرآن العظيم البن كثير الدمشقي)‪:‬‬ ‫الوحيدة في كونه سبحانه ليس كمثله شيء وال يشاركه فيها أحد‬
‫مؤمنني بالله‬ ‫وللراغبني مبتابعة البحث بكامله مراجعة املوقع ‪www.55a.‬‬ ‫من خلقه هي أنه الفرد وما دونه فهو زوج‪ .‬ولذلك يأتي مباشرة بعد‬
‫ق��و ل��ه ت �ع��ا ل��ى‪ :‬ف �س��دد و ج �ه��ك وا س �ت �م��ر ع �ل��ى الذي‬ ‫‪net‬‬
‫«يولد األطفال مؤمنني بالله وال يكتسبون األفكار الدينية‬ ‫ّاية {ومن كل شيء خلقنا زوجني لعلكم تذكرون} (الذاريات ‪)49‬‬
‫شرعه الله لك‪ ،‬من احلنيفية ملة إبراهيم‪ ،‬الذي هداك‬ ‫املراجع‪:‬‬
‫عبر التلقي» كما يقول األكادميي الدكتور جاستون باريت‬ ‫ّاية {ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبني} (الذاريات ‪ )50‬نعم‬
‫(‪ ,)Dr Justin Barrett‬باحث متقدم في مركز علم االنسان‬ ‫الله لها‪ ،‬وكملها لك غاية الكمال‪ ،‬وأنت مع ذلك الزم‬ ‫‪ -1‬القرآن الكرمي‪.‬‬
‫فطرتك السليمة‪ ،‬ا ل�ت��ي فطر ا ل�ل��ه ا خل�ل��ق عليها‪ ،‬فإنه‬ ‫فهذا غاية التناسق واالنسجام القرآني‪ ,‬نعم يجب أن نفر إلى الفرد‬
‫والعقل في جامعة أوكسفورد‪ ,‬ويقول بأن األطفال الصغار‬ ‫‪ -2‬صحيح مسلم لإلمام مسلم‪.‬‬
‫تعالى فطر خلقه على معرفته و ت��و ح�ي��ده‪ ،‬وأ ن��ه ال إله‬ ‫‪ -3‬صحيح البخاري لإلمام البخاري‪.‬‬ ‫وال نعبد ال��زوج‪ .‬فكيف بالله يعبد الزوج من دون الله الفرد‪ .‬ولذلك‬
‫لديهم القابلية املسبقة لإلميان بـ «كائن متفوق» ألنهم يعتبرون‬ ‫هنا تأتي آية في منتهي البالغة حينما أخبر الله سبحانه و تعالى عن‬
‫‪ -4‬اجلامع ألحكام القرآن الكرمي للقرطبي‪.‬‬
‫أن كل ما في هذا العالم مخلوق لسبب‪.‬‬ ‫غيره‪ ،‬كما تقدم عند قوله تعالى‪َ { :‬و َأ ْش� َه� َد ُه� ْم َعلَى‬ ‫‪ -5‬مختصر تفسير ابن كثير للصابوني‪.‬‬ ‫يح ا ْب ُن َْم��ريمَ َ ِإ َّال َر ُس ٌ‬
‫ول‬ ‫السيد املسيح وأمه عليهما السالم { َّما ا مْلَ ِس ُ‬
‫و يقول هذا الباحث بأن األطفال الصغار لديهم إميان‬ ‫َأ ْن ُف ِسهِ ْم َأ لَ ْس ُت ِب َر ِّب ُك ْم َقا ُلوا َبلَى } [األعراف‪،]172 :‬‬ ‫‪ -6‬تفسير اجلاللني لإلمامني جالل الدين السيوطي وجالل الدين احمللي‪.‬‬
‫انظ ْر َك ْي َف‬ ‫الر ُس ُل َو ُأ ُّم ُه ِصدِّ ي َق ٌة َكا َنا َي ْأ ُكال َِن َّ‬
‫الط َعا َم ُ‬ ‫َق ْد َخ َل ْت ِمن َق ْب ِل ِه ُّ‬
‫حتى اذا لم يتم تلقيمهم ذلك عبر املدرسة أو األهل‪ ,‬و يضيف‬ ‫وفي احلديث‪« :‬إني خلقت عبادي ُحنَفاء‪ ،‬فاجتالتهم‬ ‫‪ -7‬جامع البيان عن تفسير آي القرآن لإلمام الطبري‪.‬‬
‫‪ -8‬لسان العرب للعالمة ابن املنظور‪.‬‬ ‫انظ ْر َأنَّى ُي ْؤ َف ُكونَ } (املائدة‪ .) 75‬إذن فالقرآن‬ ‫ات ُث َّم ُ‬ ‫ُن َبينِّ ُ َل ُه ُم اآل َي ِ‬
‫بأنه حتى إذا نشأو مبفردهم على جزيرة‬ ‫الشياطني عن دينهم»‪.‬‬ ‫‪ -9‬مقالة من موقع السفير على اإلنترنت عن تطور النموذج الذري‪ .‬مشاركة‪ :‬الكون‪/‬‬ ‫عبر عن السيد املسيح بتعبير غاية في الدقة واإلقناع بأن املسيح‬
‫فسيتوصلون لإلميان بالله‪.‬‬ ‫م��ض��م��ون م���ا ن���ش���ره م���وق���ع صحيفة‬
‫للطفل قابلية‬ ‫التلغراف البريطانية نتائج بحث بتاريخ‬
‫مـن الـذرة إلـى الـمجرة‪.‬‬ ‫كان يأكل الطعام ومادام كذلك فهو قد دخل فيه عناصر والعناصر‬
‫«غالبية األدلة العلمية في العقد املاضي‬ ‫‪ -10‬بحث عن أشعة جاما من اإلنترنت للمهندس ‪ /‬إبراهيم معوضة‪ .‬مشاركة‪:‬‬
‫مسبقة لإلميان أظ�ه��رت أن الكثير م��ن األش�ي��اء تدخل في‬ ‫نوفمبر ‪: 2008‬‬ ‫الكون‪ /‬مـن الـذرة إلـى الـمجرة‪.‬‬ ‫تتكون من ذرات  وال��ذرات بها عدد متساو من اإللكترونات سالبة‬
‫‪ -11‬أعداد مجلة اإلعجاز العلمي في القرآن والسنة‪.‬‬ ‫والبوزيترونات موجبة‪ ,‬وبالتالي يكون السيد املسيح زوج وليس فرد‬
‫‪33‬‬ ‫العدد الثاني عشر ‪ 1431 -‬هـ ‪ -‬شتاء ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫العدد الثاني عشر ‪ 1431 -‬هـ ‪ -‬شتاء ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫‪32‬‬
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫عالم احليوان‬ ‫اعجاز عقائدي‬

‫اإلعجاز العلمي في سؤر الهرة‬


‫إعداد الباحث محمد جلني الزين*‬
‫أكد الرسول ‪ #‬في بعض األحاديث أن القطط طاهرة غير جنسة‪ ،‬وكان يسميها من الطوافني والطوافات في‬
‫صورة عن اخلبر في موقع صحيفة التلغراف البريطانية على شبكة اإلنترنت‬
‫البيوت‪ ،‬وكان يتوضأ من املاء الذي شربت منه واعتبره طاهر ًا‪ .‬والسؤال الذي يطرح نفسه‪ :‬هل كان الرسول عليه‬
‫الصالة والسالم طبيب ًا مخبري ًا ليقول إن الهرة طاهرة وليست بنجسة‪ ،‬فقد قال إن الكلب جنس وقد عرف هذا األمر‬ ‫البنية الطبيعية لعقول األطفال أكثر مما ظننا مسب ًقا‪ ,‬مييلون لالميان باخللق وليس بالتطور‪ ,‬بغض النظر عما‬
‫اليوم وأثبت علمي ًا‪ ،‬فكيف علم بأنه ال يوجد في الهرة جراثيم‪ .‬ولذلك قمنا ببعض التجارب وكانت النتائج العلمية‬ ‫من ضمنها القابلية لرؤية العالم الطبيعي على أنه ذو سيقوله لهم املعلمون أو األهل‪.‬‬
‫مطابقة ملا جاء به النبي [ قبل أربعة عشر قرن ًا‪.‬‬ ‫ويقول الدكتور باريت بأن علماء االنسانيات قد وجدوا‬ ‫هدف ومصمم بواسطة كائن ذكي مسبب لذلك الهدف»‪,‬‬
‫كما قال لراديو ‪« BBC‬اذا تركنا أطفا ًال لوحدهم على في بعض الثقافات أطفال يؤمنون بالله مع أن التعاليم الدينية‬
‫عليكم‪ ،‬وقد رأيت رسول الله ([) يتوضأ بفضلها(‪ .)3‬‬ ‫أو ًال‪ -‬بعض احلقائق من السنة املطهرة‬ ‫جزيرة وتربوا بأنفسهم فسيؤمنون بالله»‪ ،‬وكذلك ليست ف��ي متناولهم‪« .‬ال�ع�ق��ول الناشئة بشكل طبيعي‬
‫وعن أبي قتادة رضي الله عنه ق��ال‪ :‬قال رس��ول الله‬ ‫إن س��ؤر ال �ه��رة ط��اه��ر كونها غير جن�س��ة‪ :‬فلحديث‬ ‫لألطفال جتعلهم مييلون لالميان في‬ ‫قال الباحث في محاضرة ألقاها في‬
‫[ ف��ي ال �ه��رة‪( :‬إن�ه��ا ليست بنجس إن�ه��ا م��ن الطوافني‬ ‫كبشة بنت كعب بن مالك‪ :‬أن أبا قتادة – والد زوجها ‪-‬‬ ‫معهد فاراداي في جامعة كامبردج‪ .‬يعتقد األطفال أن كل ما في خلق إلهي و تصميم ذكي بدل التطور‬
‫عليكم والطوافات رواه مالك وأحمد وأهل السنن األربع‪.‬‬ ‫دخل عليها فسكبت له وضوء ًا فجاءت هرة لتشرب منه‬ ‫ف�ه��و غ�ي��ر طبيعي ل�ل�ع�ق��ول البشرية‬ ‫روى الدكتور باريت اختبار نفسي‬
‫فالهرة إ ًذا هي طاهرة البدن‪ ،‬طاهرة الريق‪ ،‬ريقها طاهر‪،‬‬ ‫فأصغى إليها اإلن��اء حتى شربت قالت كبشة‪« :‬فرآني‬ ‫وصعب التقبل واالستيعاب‪.‬‬ ‫محدد‬ ‫لسبب‬ ‫مخلوق‬ ‫العالم‬ ‫مت القيام به على أطفال يؤكد بأنهم‬
‫فسؤرها طاهر‪ ،‬بقية شرابها‪ ،‬أو بقية ما تأكله طاهر)(‪.)4‬‬ ‫أنظر إليه فقال‪ :‬أتعجبني يا ابنة أخي؟ قالت‪ :‬قلت‪ :‬نعم‪،‬‬ ‫‪-----------------------‬‬ ‫و بشكل فردي يؤمنون بأن كل شيء‬
‫فقال‪ :‬إن النبي [ قال‪ :‬ليست بنجس إنها من الطوافني‬ ‫ * م��راس��ل ال� �ش ��ؤون ال��دي �ن �ي��ة ف��ي صحيفة‬
‫مخلوق لسبب محدد‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬بعض احلقائق العلمية والتجريبية‬ ‫ً‬ ‫عليكم والطوافات»(‪.)1‬‬
‫التلغراف‪.‬‬
‫ف��ي دراس��ة واح ��دة‪ ,‬مت س��ؤال أطفال‬
‫وللراغبني مبتابعة البحث بكامله مراجعة املوقع‬
‫ع��ن علي ب��ن احل�س�ين‪ ،‬ع��ن أن��س ب��ن م��ال��ك ق��ال‪ :‬خرج املوثقة عن الهر‪:‬‬ ‫‪www.55a.net‬‬ ‫بعمر السادسة والسابعة عن سبب وجود‬
‫الضيونُ ‪ -‬الهر ‪ -‬البس (لهجة‬ ‫ويسمى القط ‪ -‬السنور‪ّ -‬‬ ‫النبي ([) إل��ى أرض باملدينة يقال لها بطحان‪ ،‬فقال‪:‬‬ ‫الطير األول فأجابوا «الص��دار أصوات‬
‫« ي��ا أن��س اس�ك��ب ل��ي وض ��وء ًا « فسكبت ل��ه‪ ،‬فلما قضى أهل الشام) ‪ -‬املش (لهجة أهل املغرب) ‪ -‬القطاوة (أهل‬ ‫(‪َ )1‬ح َّد َثنَا َع � ْب � َدانُ َأخْ � َب� َر َن��ا َع� ْب� ُد ال� َّل� ِه َأخْ َب َرنَا‬
‫جميلة» و «لتجعل العالم يبدو جميال»‪.‬‬
‫ُس َعنِ ال ُّزهْرِ ِّى َقا َل َأخْ َب َرنِى َأ ُبو َسلَ َم َة ْبنُ‬ ‫ُيون ُ‬
‫حاجته أقبل إلى اإلناء وقد أتى هر فولغ في اإلناء‪ ،‬فوقف اجلزيرة العربية)‪.‬‬ ‫َع ْبدِ ال َّر ْح َمنِ َأنَّ َأ َب��ا ُه� َر ْي� َر َة ‪ -‬رضى الله عنه‬ ‫وأظهر اختبار آخ��ر على أطفال‬
‫من عادات القط املعروفة تنظيفه لنفسه حتى إن العالم‬ ‫النبي ([) وقفة حتى شرب الهر ثم توضأ‪ ،‬فذكرت للنبي‬ ‫– َقا َل‪...‬‬ ‫ب �ع �م��ر ‪ 12‬ب��أن��ه��م ت� �ف ��اج ��أوا عند‬
‫([) أمر الهر‪ ،‬فقال‪« :‬يا أنس إن الهر من متاع البيت لن باستور قال إن القطط حيوانات نظيفة بسبب قضائها يومها‬ ‫(‪ )2‬صحيح البخاري باب تفسير الروم‪.‬‬
‫م�ش��اه��دن�ه��م لفيلم ي�ظ�ه��ر ف�ي��ه طابة‬
‫يقذر شيئ ًا ولن ينجسه»(‪ .)2‬وقد روي عن داود بن صالح في تنظيف نفسها‪ ،‬وال يوجد منطقة في جسم القط إال ويصله‬ ‫املصدر‪:‬‬
‫التمار عن أم��ه‪( :‬أن م��والة لها أه��دت إلى عائشة صحفة هذا التنظيف(‪.)5‬‬ ‫‪Children are born belie -‬‬ ‫متدحرجة صنعت جدا ًرا منظ ًما من‬
‫ونظر ًا لتعرض جلد القط للبيئة اخلارجية هناك خاليا‬ ‫هريسة فجاءت بها وعائشة قائمة تصلي‪ ،‬فأشارت إليها‬ ‫‪ers in God, academic claims‬‬ ‫كومة قطع مبعثرة‪.‬‬
‫‪http://www.telegraph.co.uk/news/‬‬
‫أن ضيعها‪ ،‬فوضعتها وعند عائشة نسوة‪ ،‬فجاءت الهرة فيه تعمل عمل دفاعي مثل الكريات البيضاء واجللد يحوي‬ ‫و يقول الدكتور باريت بأنه يوجد دليل‬
‫‪newstopics/religion/3512686/‬‬
‫فأكلت منها أكلة‪ ،‬أو قال لقمة‪ ،‬فلما انصرفت قالت للنسوة خاليا عديدة تعدل من حساسية خاليا األدمة(‪.)6‬‬ ‫‪Children-are-born-believers-in-‬‬ ‫آخ��ر وه��و ب��أن األط �ف��ال ‪-‬ح�ت��ى ف��ي عمر‬
‫أما سطح اللسان فهو مغطى بعدد‬ ‫كلن‪ ،‬فجعلن يتقني موضع ف��م الهرة‬ ‫‪God-academic-claims.html‬‬ ‫األرب ��ع س �ن��وات‪ -‬يفهمون ب��أن��ه م��ع كون‬
‫فأخذتها عائشة ف��أدارت�ه��ا ث��م أكلتها لعق الهرة للسوائل ال يرد من النتوءات املدببة املنشارية الشكل‪،‬‬ ‫‪Why Would Anyone Believe in God‬‬ ‫بعض األش �ي��اء ه��ي م��ن صنع االنسان‪,‬‬
‫‪http://www.planetsantabarbara.‬‬ ‫صورة لغالف كتاب ‪Why Would Anyone‬‬
‫وه� ��ذه ال��ن��ت��وءات امل �ع �ق��وف��ة الكبيرة‬ ‫ً‬ ‫وقالت إن رسول ([) قال‪ :‬إنها ليست‬ ‫العالم الطبيعي مختلف عن ذلك‪.‬‬
‫املخروطية يجعلها مبرد حقيقي أو‬ ‫الكوب‬ ‫إلى‬ ‫منها‬ ‫ا‬ ‫شيئ‬ ‫بنجس‪ ،‬إنها من الطوافني والطوافات‬
‫‪com/Religion/why-would-an -‬‬
‫‪one-believe-in-god-251.aspx‬‬
‫‪( Believe in God‬ملاذا يجب على كل شخص أن‬
‫ويضيف بأن ذلك يعني بأن األطفال‬
‫يؤمن بالله ) تأليف جاستون باريت‬

‫‪51‬‬ ‫العدد الثاني عشر ‪ 1431 -‬هـ ‪ -‬شتاء ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫العدد الثاني عشر ‪ 1431 -‬هـ ‪ -‬شتاء‬ ‫‪34‬‬
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫عالم احليوان‬ ‫عالم احليوان‬

‫معقدة‪.‬‬ ‫فرشاة مفيدة ج��د ًا لتنظيف اجللد فالسطح‬


‫في اإلنسان‬ ‫اخل �ش��ن ي��زي��ل ال�ش�ع��ر امل �ي��ت وي�ن�ظ��ف الوبر‬
‫رابعا‪ -‬أقوال أطباء مختصني بعلم‬ ‫ً‬ ‫ضعف ما في‬ ‫املتبقي(‪.)8()7‬‬
‫اجلراثيم‬ ‫وليس من املستغرب أن القط يحب احلليب‬
‫ق��ال ال��دك�ت��ور ج��ورج��س مقصود (رئيس‬ ‫الهرة من جراثيم‬
‫ولكن طريقة استعماله للسانه في لعق احلليب‬
‫قسم املخابر في مشفى البيطرة)‪ :‬ن��ادر ًا ما‬ ‫من الصعب تصورها‪ ،‬وعندما تتحسس لسان‬
‫جتد جراثيم على السطح اخلارجي للقط وإن وجد فإن القط‬ ‫القط ستجد أنه مغطى بنتوءات حادة وكان البعض يظن أن‬
‫ً‬
‫مريضا‪.‬‬ ‫سيكون‬ ‫هذه النتوءات تستخدم كجيوب صغيرة لتحمل السائل إلى‬
‫تقول الدكتورة جني جوستافسن‪ :‬بعد حتليل مجموعة‬ ‫الفم لكي يتم ابتالعه(‪ )9‬إن القط يجعل بطن اللسان لسطح‬
‫من العينات للمقارنة بني اللعاب لكل من اإلنسان والكلب‬ ‫السائل أو احلليب حيث يحمل السائل عليه بطريقة ال جتعل‬
‫والقط وجدنا أن أكثر نسبة للجراثيم هي عند الكلب ثم يأتي‬ ‫أي منه يعود للوعاء‪.‬‬
‫اإلنسان مبقدار الربع للكلب ويأتي القط مبقدار النصف‬
‫بالنسبة لإلنسان‪.‬‬ ‫ً‬
‫ثالثا‪ -‬الفحوصات املخبرية‬
‫و قال الدكتور البيطري املعالج في مشفى البيطرة في‬ ‫ب �ع��د م �ج �م��و ع��ات م �خ �ت �ل �ف��ة م��ن ا ل �ع �ي �ن��ات ألعمار‬
‫دمشق سعيد رف��اه أن القطط لديها م��ادة مطهرة اسمها‬ ‫م�خ�ت�ل�ف��ة م��ن ا ل�ق�ط��ط و م��ن أ م��ا ك��ن م�خ�ت�ل�ف��ة م��ن جسم‬
‫الليزوزمي‪.‬‬ ‫ا حل �ي��وان (ا ل �ظ �ه��ر ‪ -‬ب��ا ط��ن ا ل �ك��ف وا ل �ق��دم ‪ -‬محيط‬
‫والقطط تكره املاء وتبتعد عنه ألن املاء هو موطن مثالي‬ ‫الفم ‪ -‬الذيل) حيث مت أ خ��ذ مسحات للدراسة ومت‬
‫للبكتريا وخصوص ًا إن كان راكد ًا والقطط حتافظ على درجة‬ ‫زرا ع �ت �ه��ا ع�ل��ى أو س ��اط ا ل ��زرع ا خل��ا ص��ة باجلراثيم‬
‫حرارتها ثابتة فتبتعد عن الشمس وال تقترب من املاء لكي ال‬ ‫( س�ل�ب�ي��ة غ ��رام ‪ -‬إ ي �ج��ا ب �ي��ة غ ��رام ‪ -‬و س��ط   ‪- EMB‬‬
‫تنتقل البكتيريا لها وهذا يعلل عدم وجود جراثيم على فراء‬ ‫وسط ‪ -  Moler henton‬وسط ‪ ،)Blood agar‬وقد‬
‫القطط الذي حتتفظ به جاف دائم ًا(‪.)11‬‬ ‫مت أ خ��ذ ع�ي�ن��ات خ��ا ص��ة م��ن ا جل ��دار ا ل��دا خ �ل��ي للفم‬
‫السطح اخلارجي للسان الهرة ونالحظ عليه نتوءات تسمى باحلليمات‬ ‫وسطح اللسان وتوصلنا للنتائج التالية ( ‪: )10‬‬
‫خامسا‪ -‬وجه اإلعجاز‬
‫ً‬
‫عبد الرزاق والدارقطني‪.‬‬ ‫عنه بقوله‪{ :‬وما ينطق عن الهوى إن هو إال وحي يوحى}‬ ‫من ه��ذه النتائج الطبية والتجارب التي قمنا بها في‬ ‫‪ -1‬كل النتائج امل��أخ��وذة من السطح اخلارجي كانت‬
‫(‪ )4‬ابن تيمية‪ ،‬شرح جوامع األخبار‪  -‬شرح الشيخ عبد الرحمن بن‬ ‫(النجم ‪.)4-3‬‬ ‫سلبية حتى بعد إعادة الزرع لعدة مرات‪.‬‬
‫ناصر البراك‪.‬‬ ‫املختبرات املختصة باجلراثيم يتبني لنا أن جسد الهر نظيف‬
‫‪http://www.aniwa.com/en/chat/Grand_Public/‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫‪-------------------‬‬ ‫بالكامل‪ ،‬وأن الله تعالى زود هذا القط بغدد حتمي جلده من‬ ‫‪ -2‬نسبة املزروعات التي أعطت نتيجة سلبية كانت ‪%80‬‬
‫* راجعه ودققه الباحث املهندس عبد الدائم الكحيل وقام بعمليات‬ ‫بالنسبة للعينات التي أخذت من جدار الفم‪.‬‬
‫‪liste/100292/_1/index.htm‬‬
‫التحليل املخبري األخ الطبيب املخبري سامر مفتاح خياط في‬ ‫اجلراثيم وبلسان فيه نتوءات يساعد على تنظيف اجلسد‬
‫‪http://www.aniwa.com/en/chat/Grand_Public/‬‬ ‫(‪)6‬‬
‫مخبر مشفى ح�م��دان التخصصي ف��ي مدينة دوم��ا‪ .‬وللراغبني‬ ‫ويصل إل��ى كل األماكن تقريب ًا لوحده وحتى قمة الرأس‬ ‫‪ -3‬أخ��ذت عينات م��ن سطح اللسان وك��ان��ت نتيجتها‬
‫‪liste/100352/_1/index.htm‬‬
‫مبتابعة البحث بكامله مراجعة املوقع‪www.miracweb. :‬‬ ‫ينظفه بظهر كفه وأن لعابه فيه نسبة جراثيم أقل من عند‬ ‫سلبية‪.‬‬
‫‪http://www.aniwa.com/en/chat/Grand_Public/doc u‬‬ ‫(‪)7‬‬
‫‪ment/100353/28345/index.htm‬‬ ‫‪net‬‬ ‫اإلنسان مبقدار النصف وفيه مادة معقمة ومطهرة‪ ،‬و أنه‬ ‫‪  -4‬نوع ا جل��را ث �ي��م ا ل �ت��ي ظ �ه��رت أ ث �ن��اء الدراسة‬
‫‪http://www.aniwa.com/en/chat/Grand_Public/doc u‬‬ ‫(‪)8‬‬ ‫عندما يشرب من وعاء يشرب منه اإلنسان ال يسقط شيء‬ ‫بشكل ع��ام ك��ا ن��ت م��ن ا ل��ز م��ر ا جل��ر ث��و م�ي��ة ا ل�ت��ي تعتبر‬
‫‪ment/100420/29711/index.htm‬‬ ‫الهوامش‪:‬‬ ‫من الزمر الطبيعية التي تتعايش عند اإلنسان بنسب‬
‫(‪ )9‬فيلم فيديو عن القط وهو يشرب‪:‬‬
‫من فمه في هذا الوعاء‪.‬‬
‫‪http://www.playingwithtime.org‬‬ ‫(‪ )1‬رواه الترمذي (‪ )92‬والنسائي (‪ )68‬وأبو داود (‪ )75‬وابن ماجه‬ ‫و من األحاديث النبوية الشريفة التي مرت علينا يظهر‬ ‫محددة (أنتروباكتر ‪ - enterobacter‬ستريبتوكوكس‬
‫(‪ )10‬قمنا باالختبارات الطبية في مختبرين طبيني في مشفى حمدان‬ ‫(‪ )367‬وصححه الترمذي ونقل ابن حجر في « التلخيص « تصحيح‬ ‫لنا أن النبي عليه الصالة و السالم عندما اعتبر سؤر الهرة‬ ‫‪ - streptococcus‬ستافيلوكوكس ‪)Staphylococcus‬‬
‫ومشفى اليمان بدمشق‪.‬‬ ‫البخاري له‪.‬‬ ‫طاهر و توضأ به أنه أعطانا إشارة طبية إلى طهارة هذا الهر‬ ‫و ك��ا ن��ت ب��أ ع��داد أ ق��ل م��ن ‪ 50000‬مستعمرة (خمسني‬
‫(‪ )11‬وهذه القاعدة الشرعية موجودة في منت الفقه الشافعي‪ :‬جاف على‬ ‫(‪ )2‬حديث رقم‪ - 635 :‬املعجم الصغير ‪ -‬باب العني‪.‬‬ ‫و إال ملا كان توضأ بسؤره‪ .‬فسبحان الله كيف عرف النبي‬ ‫ألف مستعمرة)‬
‫جاف طاهر بال خالف‪.‬‬ ‫(‪( )3‬سنن البيهقي الكبرى ‪ -‬كتاب الطهارة ‪ -‬باب سؤر الهرة)  ومصنف‬
‫([) أن الهر ليس بنجس لكنه رسول الله الذي عرف الله‬ ‫‪ -5‬ل��م يظهر ل��دي�ن��ا ف��ي ال��زراع��ة أي زم ��رة جرثومية‬
‫‪53‬‬ ‫العدد الثاني عشر ‪ 1431 -‬هـ ‪ -‬شتاء ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫العدد الثاني عشر ‪ 1431 -‬هـ ‪ -‬شتاء ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫‪52‬‬
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫اعجاز مناخي‬ ‫اعجاز مناخي‬

‫اجا َف َل ْو اَل َت ْش ُك ُرونَ } [سورة‬ ‫َل ْو نَشَ اء َج َع ْل َنا ُه ُأ َج ً‬ ‫منت الريح الصاعدة‪ ،‬صغيرة جد ًا بحيث ال‬

‫َ‬
‫الواقعة‪.]70-68:‬‬
‫(‪{ )4‬إنَ ِف��ي َخ � ْل� ِ�ق ال� َّ�س� َ�م��ا َوات َواأل ْر ِض‬
‫ِ‬
‫َو ْاخ ِتال َِف ال َّل ْي ِل َوال َّن َهارِوا ْل ُفل ِْك ا َّل ِتي تجَ ْ ِري ِفي‬
‫ترى إال باملجهر [امليكروسكوب]‪ ،‬وخفيفة‬
‫ج ��د ًا ل��درج��ة أن �ه��ا ت�ص�ع��د م��ع أه ��دأ تيار‬
‫هوائي‪ ..‬وتزداد أحجام هذه القطيرات شيئ ًا‬
‫إعجاز الكتاب في وصف السحاب‬
‫الس َماء‬ ‫اس َو َم��ا َأن� َ�ز َل ال ّل ُه ِ نَ َّ‬ ‫ا ْل َب ْح ِر بمِ َا َينف َُع ال َّن َ‬ ‫فشيئ ًا فتكون السحابة في النهاية مشكلة‬ ‫بقلم األستاذ الدكتور كارم غنيم*‬
‫األر َض َب ْع َد َم ْو ِت َها َو َب َّث ِف َيهامن‬ ‫ِمن َّماء َف َأ ْح َيا ِب ِه ْ‬ ‫من قطيرات ماء وهواء‪ ،‬وميثل الهواء النقي‬
‫اب ا مْلُ َس ِّخ ِر بينْ َ‬
‫الس َح ِ‬
‫اح َو َّ‬ ‫الر َي ِ‬
‫يف ِّ‬ ‫كل ِّ َدآ َّبةٍ َو َت ْص ِر ِ‬ ‫أكثر من ‪ %99‬من مكونات أية سحابة‪ .‬وينزل‬ ‫ يقول الله تعالى‪َ { :‬أ َل ْم َت َر َأ َّن ال َّل َه ُي ْزجِ ي َس َحا ًبا ُث َّم ُي َؤ ِّل ُف َب ْي َن ُه ُث َّم َي ْج َع ُل ُه ُر َكا ًما َف َت َرى ا ْل َو ْد َق َيخْ ُر ُج ِم ْن ِخلاَ ِل ِه‬
‫ُ‬ ‫ِ‬
‫ات لق َْو ٍم َي ْعقلونَ } [سورة‬ ‫ِّ‬ ‫الس َماء َوا َأل ْر ِض آل َي ٍ‬ ‫َّ‬ ‫املاء الطهور العذب بهطول السحابة وهو ما‬ ‫يب ِب ِه َمن َي َشاء َو َي ْص ِر ُف ُه َعن َّمن َي َشاء َي َكا ُد َس َنا َب ْر ِق ِه َي ْذ َه ُب ِبالأْ َ ْب َصارِ}‬ ‫يها ِمن َب َردٍ َف ُي ِص ُ‬ ‫َو ُي َن ِّز ُل ِم َن َّ‬
‫الس َماء ِمن جِ َب ٍال ِف َ‬
‫البقرة‪.]164:‬‬ ‫الس َماء‬‫أش��ار إليه القرآن العظيم في قول الله تعالى‪َ {:‬و َأ َنز ْل َنا ِم� َ�ن َّ‬ ‫[سورة النور‪.]43 :‬‬
‫كان كل الناس (حتى القرن السابع عشر امليالدي) يعتقدون بأن‬ ‫ورا} [سورة الفرقان‪َ { .]48 :‬و َج َع ْل َنا ِف َيها َر َو ِاس َي شَ ا ِمخَ ٍات‬ ‫َماء َط ُه ً‬
‫السحب عبارة عن هواء بارد سميك‪ ،‬إلى أن ظهر « ديكارت» وقال بأن‬ ‫اكم َّماء ُف َرا ًتا} [سورة املرسالت‪.]27:‬‬ ‫َو َأ ْسق َْي َن ُ‬ ‫ورد في (غريب القرآن) أن قول الله تعالى‪( :‬يزجي سحاب ًا) يعني األخرى التي أشرنا إلى أهمها من قبل‪ .‬ومما يذكر في هذا املقام أن‬
‫الهواء وبخار املاء شيئان مختلفان‪ ،‬ولكن القرآن العظيم حني نزل (في‬ ‫نعم وذل��ك ألن أشعة الشمس مبا فيها من أشعة ف��وق بنفسجية‬ ‫يسوقه بالرياح‪( ،‬ثم يؤلف بينه)‪ :‬يعني يجمع قطع السحاب‪ ،‬فيجعلها جميع السحب التي تغطي سطح األرض في وقت واح��د‪ ،‬ال حتتوي‬
‫القرن السابع امليالدي) فرق بني الرياح والسحب‪ ،‬وبني الدور الذي‬ ‫(‪ )Ultraviolet‬وأشعة حتت حمراء (‪ )infrared‬وغ��از األوزون‬ ‫سحاب ًا واحد ًا متراكم ًا ساد ًا لألفق‪( .‬ال��ودق) يعني‪ :‬املطر أو القطر‪ ،‬سوى واحد باأللف من ماء الكرة األرضية!‬
‫تقوم به الرياح في تكوين السحب وإنزال املطر والبرد منها‪.‬‬ ‫(‪ )Ozon‬وألن البرق‪ ،‬وألن املركبات الكيميائية املختلفة املوجودة في‬ ‫(يخرج من خالله) يعني‪ :‬من فتوقه‪( .‬من جبال فيها من برد) قال عامة كيف يتكون ال�س�ح��اب ‪ ...‬وك�ي��ف يتساقط منه‬
‫وكلما اكتشف العلماء حقيقة علمية أو توصلوا إلى معرفة أسرار‬ ‫طبقات اجلو العليا‪ ،‬تقوم هذه وتلك بقتل امليكروبات‪ ،‬وإعدام األحياء‬ ‫املفسرين‪ :‬إن في السماء جبا ًال من ب��رد خلقها الله فيها كما خلق البرد؟‬
‫حدث كوني أو أمر طبيعي‪ ،‬ثم طالعنا آيات القرآن العظيم‪ ،‬وجدناها قد‬ ‫الدقيقة الضارة التي حتملها الرياح ع��ادة وتدخل بها في السحب‪،‬‬ ‫لقد أفاض القرآن العظيم في وصف العوامل واألسباب التي تتدخل‬ ‫في األرض جبا ًال من حجر‪ .‬وق��ال أه��ل املعنى‪ :‬السماء ههنا الغيم‬
‫أشارت إليه‪ ،‬أو ذكرته‪ ،‬أو شرحته‪ ،‬مباشرة أو بطريقة غير مباشرة‪)...( .‬‬ ‫وبالتالي ينزل املطر مباء طاهر نظيف خال من اجلراثيم وامليكروبات‪،‬‬ ‫(السحاب) املرتفع فوق رؤوس الناس‪ ،‬واملراد باجلبال كثرتها‪ )...( ...‬في تكوين السحب‪ ،‬وهطول املطر‪ ،‬وذلك قبل أن يتوصل العلماء حالي ًا‬
‫ومنذ مدة ال تزيد على ‪ 200‬سنة فقط‪ ،‬قام « لوك هوارد « بوضع تقسيم‬ ‫وهي الكائنات التي لم يعرفها اإلنسان إال بعد أن أكتشفها العالم‬ ‫إلى معرفتها‪ .‬وأوضح القرآن أن الرياح هي التي تثير السحب وتوزع‬ ‫ما هو السحاب؟‬
‫السحب‪ ،‬وال يزال يعمل به املتخصصون إلى اآلن‪ ،‬وذلك حسب الشكل‬ ‫الفرنسي « باستير» في القرن التاسع عشر امليالدي (أي بعد نزول‬ ‫اح َف ُت ِث ُير َس َحا ًبا َف َي ْب ُس ُط ُه ِفي‬ ‫يعرف العلماء السحاب (‪ )Cloud‬بأنه بخار املاء متكاثف يتألف حملها من األمطار‪{ :‬ال َّل ُه ا َّل ِذي ُي ْر ِس ُل ِّ‬
‫الر َي َ‬
‫والسمك واالرتفاع‪ ،‬ويتضمن ثالثة أنواع‪:‬‬ ‫القرآن بنحو أثني عشر قرن ًا ميالدي ًا) ‪.‬‬ ‫الس َماء َك ْي َف َيشَ اء َو َي ْج َع ُل ُه ِك َسفًا َف َت َرى ا ْل� َ�و ْد َق َيخْ ُر ُج ِم ْن ِخلاَ ِل ِه َف ِإذَا‬ ‫من جسيمات (‪ )Particales‬متكون من قطيرات (‪َّ )Droplets‬‬
‫[‪ ]1‬السحب العالية‪:‬يتراوح ارتفاعها بني ‪ 14 -8‬كيلومتر‪ ،‬حيث‬ ‫وم��اء املطر ع��ذب «ف��رات»‪ ،‬فبالرغم من أن ما صعدت به الرياح‬ ‫اب ِب ِه َمن َيشَ اء ِم ْن ِع َبا ِد ِه ِإذَا ُه ْم َي ْس َت ْب ِش ُرونَ * َو ِإن َكا ُنوا ِمن َق ْب ِل َأن‬ ‫صغيرة احلجم من املاء السائل‪ ،‬أو بلورات (‪ )Crystals‬صغيرة من َأ َص َ‬
‫اجلو شديد البرودة‪ ،‬ويسمى السحاب املوجود على هذه االرتفاعات‬ ‫وكونت به السحب‪ ،‬إمنا هو ماء مالح من البحار واحمليطات‪ ،‬فإن الله‬ ‫الثلج‪ ،‬قطر الواحد منها ال يتجاوز عشرة أجزاء من األلف من املليمتر‪ُ ،‬ي َن َّز َل َع َل ْيهِ م ِّمن َق ْب ِل ِه مَلُ ْب ِل ِس َني} [سورة الروم‪.]49-48 :‬‬
‫(سمحاق) وتقابله اللفظة األجنبية « سيرس ‪  »Cirrus‬أي ‪ :‬ريشية‬ ‫سبحانه هيأ األسباب إلزال��ة ملوحته أثناء عملية البخر الطبيعي !!!‬ ‫ كما ف ّرق القرآن بني أنواع السحب‪ ،‬وأوضح كيف يخرج الودق [أي‬ ‫ولو ُصف ألف جسيم منها لم يتعد طوله ‪ 1.5‬سنتمتر‪ .‬يقوم الهواء‬
‫الشكل‪ ،‬كذيول اخليل‪ .‬ويظهر السحاب في السماء كالشعر األبيض‬ ‫أليس هذا إعجاز للكتاب في وصف السحاب ؟‬ ‫بحمل هذه اجلسيمات الدقيقة‪ ،‬فتظل متعلقة في اجلو‪ ،‬وميدها غالب ًا املطر] من خالل هذا الركام‪ ،‬وكيف ينهمر البرد من هذا الركام (الذي‬
‫في مساحات واسعة‪ ،‬ويظهر مع الشمس في شكل هالة‪ ،‬ويتألف من‬ ‫لدينا أربعة نصوص قرآنية تشرح ـ بالتفصيل ـ جوانب مهمة في‬ ‫يشبه اجلبال)‪ ،‬وكيف ينهمر البرد من هذا النوع فقط من السحب‪:‬‬ ‫بتيارات صاعدة (مندفعة من األسفل إلى األعلى )‪.‬‬
‫بلورات ثلج صغيرة منفصلة عن بعضها البعض‪ ،‬ولونه أبيض نهار ًا‬ ‫السحب واملطر هي ‪:‬‬ ‫يب ِب ِه َمن َيشَ اء َو َي ْص ِر ُف ُه‬ ‫الس َماء ِمن جِ َب ٍال ِف َيها ِمن َب َردٍ َف ُي ِص ُ‬ ‫ويحتوي الهواء مواد عديدة كالبكتيريا‪ ،‬وأمالح البحار‪ ،‬واألتربة { َو ُي َن ِّز ُل ِم َن َّ‬
‫وردي صباح ًا وعند الغسق (‪ ،)Dusk‬ويعقبه حدوث تقلبات جوية‬ ‫(‪{ )1‬أ َل ْم َت َر َأ َّن ال َّل َه ُي ْزجِ ي َس َحا ًبا ُث َّم ُي َؤ ِّل ُف َب ْي َن ُه ُث َّم َي ْج َع ُل ُه ُر َكا ًما‬ ‫والدخان‪ ،‬والهباب‪ ،‬والغبار‪ ،‬وحتى حبوب لقاح األزهار‪ ،‬وهي ما يطلق َعن َّمن َيشَ اء} [سورة النور‪.]43:‬‬
‫يها ِمن وأعاصير‪ ،‬ومنه سمحاق طبقي‪ ،‬وسمحاق ركامي‪.‬‬ ‫الس َماء ِمن جِ َب ٍال ِف َ‬ ‫َف َت َرى ا ْل� َ�و ْد َق َيخْ ُر ُج ِم ْن ِخلاَ ِل ِه َو ُي� َن� ِّ�ز ُل ِم َن َّ‬ ‫وكيف يحدث البرق والرعد ؟ وكيف تقوم الرياح بتلقيح السحب؟‪:‬‬ ‫عليها العلماء اسم [نوى التكاثف ‪ ]Condensation nuclei‬وهي‬
‫[‪ ]2‬السحب املتوسطة ‪:‬يترواح ارتفاعها بني ‪ 5-2‬كيلومترات‪،‬‬ ‫يب ِب ِه َمن َيشَ اء َو َي ْص ِر ُف ُه َعن َّمن َيشَ اء َي َكا ُد َس َنا َب ْر ِق ِه َي ْذ َه ُب‬ ‫َب َردٍ َف ُي ِص ُ‬ ‫الس َماء َماء َف َأ ْسق َْي َن ُاك ُمو ُه َو َما َأن ُت ْم َل ُه‬
‫اح َل َوا ِق َح َف َأ َنز ْل َنا ِم َن َّ‬ ‫مواد يتوفر وجودها في طبقات اجلو السفلى‪ ،‬وتتكثف عليها قطرات { َو َأ ْر َس ْل َنا ِّ‬
‫الر َي َ‬
‫وتسمى (السحب الركامية)‪ ،‬وهي تقابل اللفظة األجنبية « كيوميولس‬ ‫ِبالأْ َ ْب َصارِ}[سورة النور‪.]43:‬‬ ‫ِبخَ ا ِز ِن َني}[سورة احلجر‪.]22 :‬‬ ‫امل��اء الصغيرة ج��د ًا ف��ي السحب‪ ،‬فتزداد‬
‫الس َماء ‪« Cumulus‬وي�ب��دأ تكون ه��ذه السحب في فترة الضحى أو قبيل‬ ‫اح َف ُت ِث ُير َس َحا ًبا َف َي ْب ُس ُط ُه ِفي َّ‬ ‫(‪{ )2‬ال َّل ُه ا َّل ِذي ُي ْر ِس ُل ِّ‬
‫الر َي َ‬ ‫وأص �ب��ح م��ن امل �ع �ل��وم اآلن أن السحب‬ ‫أحجامها‪ ،‬ويتألف منها املطر بعد أن تصعد‬
‫اب ِب ِه العصر‪ ،‬ويزداد منوها رأسي ًا مع اقتراب املساء‪ ،‬وترتفع حتى يصل‬ ‫َك ْي َف َيشَ اء َو َي ْج َع ُل ُه ِك َسفًا َف َت َرى ا ْل َو ْد َق َيخْ ُر ُج ِم ْن ِخلاَ ِل ِه َف ِإذَا َأ َص َ‬ ‫تتكون حينما يبرد الهواء‪ ،‬ويصل إلى نقطة‬ ‫الرياح احلارة املشبعة ببخار املاء إلى طبقات‬
‫َمن َيشَ اء ِم ْن ِع َبا ِد ِه ِإذَا ُه ْم َي ْس َت ْب ِش ُرونَ * َو ِإن َكا ُنوا ِمن َق ْب ِل َأن ُي َن َّز َل سمكها إلى ‪ 5‬كيلومترات‪ .‬ويصحب هذه السحب ح��دوث عواصف‬ ‫الندى(‪ ،)Dew Point‬أو درج��ة التشبع‬ ‫اجلو العليا وتتكون منها السحب‪.‬‬
‫واضطرابات جوية‪ ،‬كالرعد والبرق‪ ،‬وخصوص ًا‬ ‫ين}[س��ورة الروم‬ ‫َع َل ْيهِ م ِّم��ن َق ْب ِل ِه مَلُ� ْ�ب� ِل� ِ�س� َ‬ ‫(‪ ،)Saturation‬فتقل قدرته على حمل بخار‬ ‫وأما املصدر الطبيعي للملح في اجلو‪،‬‬
‫طهورا مع بداية هطول املطر منها‪ ،‬وق��د يصحب هذا‬ ‫‪.]49-48‬‬ ‫املاء (‪ )water vapour‬فيتحول إلى نقطة‬ ‫فإن الرياح حيت تلطم سطح البحر صباح‬
‫ً‬ ‫املاء في الغيوم يصبح‬ ‫ماء‪ ،‬أو إلى بلورات ثلج‪ ،‬حسب درجة حرارة‬ ‫مساء حتمل رذاذه احململ بجزيئات امللح‬
‫املطر سقوط (برد) ‪..‬‬ ‫(‪َ { )3‬أ َف َر َأ ْي ُت ُم ا مْلَ��اء ا َّل� ِ�ذي َت ْش َر ُبونَ *‬
‫تتنوع السحب الركامية إلى‪ :‬سحب بيضاء‬ ‫الشمس‬ ‫أشعة‬ ‫بفضل‬ ‫َأ َأن ُت ْم َأ َنز ْل ُت ُمو ُه ِم َن ا مْلُ ْز ِن َأ ْم َن ْح ُن ا مْلُ ِنز ُلونَ *‬ ‫تلك املنطقة من اجلو هذا وقد أشرنا إلى أن‬ ‫إلى اجلو‪ ،‬وترتفع في طبقاته‪ ،‬وتعمل كنوى‬
‫القطيرات املائية‪ ،‬التي تتصاعد محمولة على‬ ‫تكاثف في السحب‪ ،‬إضافة إلى الشوائب‬
‫‪55‬‬ ‫العدد الثاني عشر ‪ 1431 -‬هـ ‪ -‬شتاء ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫العدد الثاني عشر ‪ 1431 -‬هـ ‪-‬‬ ‫‪54‬‬
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫اعجاز مناخي‬ ‫اعجاز مناخي‬

‫[‪{ ]1‬إن في خلق السماوات واألرض}‪ ،‬أي في إبداعها وإبداع‬ ‫َعن َّمن َيشَ اء َي َكا ُد َس َنا َب ْر ِق ِه َي ْذ َه ُب ِبا لأْ َ ْب َصا رِ} كيف أن القرآن‬ ‫ففي النص القرآني األول يوضح املولى جل جالله أنه يزجي‪،‬‬ ‫وسحب ممطرة‪ ،‬وغيرها‪.‬‬
‫العظيم سبق العلم احلديث بإشارته إلى أن السحاب الركامي الدقة واإلحكام فيهما‪ ،‬والسموات واألرض هما الكون كله ـ عموم ًا ـ مبا‬ ‫ويتألف السحاب الركامي من ثالث طبقات‪ ،‬بعضها فوق بعض أي‪« :‬ي �س��وق» ق�ط��ع ال�س�ح��اب ب��رف��ق ن�ح��و بعضها ال�ب�ع��ض‪ ،‬ث��م «‬
‫ه��و ا ل �ن��وع ا ل��و ح�ي��د م��ن ا ل�س�ح��ب ا ل��ذي ي�ن��زل م�ن��ه (ا ل �ب��رد)‪ .‬أما فيه من أجرام فلكية‪ ،‬وليس املدلول اللفظي للكلمات فقط‪ ،‬وذكرهما يدل‬ ‫يؤلف بينه» أي‪ :‬يتم التجاذب فيما بينها نظر ًا الختالف شحناتها‬ ‫هي ‪:‬‬
‫ا جل��ز ئ�ي��ة ا ل�ت��ي أ ع�ق�ب��ت ت�ل��ك ا جل��ز ئ�ي��ة ف��ي ن�ف��س ا ل�ن��ص القرآني‪ :‬أيض ًا على ما بينهما من مخلوقات‪.‬‬ ‫الكهربائية ‪.‬‬ ‫أ ـ منطقة عليا ‪ :‬وحتتوي بلورات ثلجية ناصعة البياض‪.‬‬
‫[‪{ ]2‬واختالف الليل والنهار} أي ‪ :‬حدوثهما وتعاقبهما وعدم‬ ‫{فيصيب ب��ه م��ن يشاء ويصرفه ع��ن م��ن ي�ش��اء} تفيد ب��أن الله‬ ‫وهكذا فإن الفعل‪ :‬يؤلف  يشير إلى التجاذب الكهربائي بني‬ ‫ب ـ منطقة وسطى‪ :‬وحتتوي خليط ًا من نقطة املاء الزائدة البرودة‬
‫يصيب بالبرد أ ن��ا س� ًا ‪ ،‬ويقي آخرين منه‪ ،‬أي أن تأثيره محلي ًا تساوي مدتيهما يومي ًا ‪ .‬وي��دل هذا ضمن ًا على دوران األرض حول‬ ‫(‪ ،)over cold‬وبلورات الثلج املتساقطة من أعلى بفعل اجلاذبية السحب ال��رك��ام�ي��ة‪ .‬وأم��ا كيف ت�ت��راك��م الشحنات املتشابهة مع‬
‫وليس عاملي ًا ‪ ،‬بل و ق��د يكون في البلد الواحد حقل يسقط عليه محورها أمام الشمس ‪ .‬وال شك أن طول كل منهما يختلف في املكان‬ ‫بعضها البعض في مكان واحد‪ ،‬فغير معلوم على وجه الدقة حتى‬ ‫األرضية (‪.)Gravity‬‬
‫ا ل�ب��رد و ح�ق��ل آ خ��ر ال يسقط ع�ل�ي��ه‪ .‬و م��ن ن��ا ف�ل��ة ا ل�ق��ول إن التنبؤ الواحد من فصل إلى آخ��ر‪ ،‬كما يختلف طول كل منهما في الفصل‬ ‫ً‬
‫ج ـ منطقة سفلى‪ :‬وحتتوي على نقطا من املاء أو بلورات من الثلج اآلن‪ ،‬فقد تكون السحابة الركامية مثال موجبة الشحنة عند القمة‪،‬‬ ‫ً‬
‫الواحد حسب خط عرض املكان‪.‬‬ ‫مبوعد سقوط البرد أمر غير متاح بدقة حتى اآلن ‪!!...‬‬ ‫على أهبة االستعداد للسقوط إل��ى األرض‪ ،‬ولونها معتم غير منفذ ثم سالبة الشحنة في وسطها‪ ،‬ثم موجبة الشحنة عند قاعدتها‪ ،‬ثم‬
‫[‪{ ]3‬وال �ف �ل��ك ال �ت��ي جت��ري ف��ي ال�ب�ح��ر مب��ا ينفع‬ ‫وأم ��ا اجل��زئ�ي��ة األخ �ي��رة ف��ي ه��ذا ال�ن��ص الكرمي‪،‬‬ ‫تولد ه��ذه الشحنة شحنة أخ��رى سالبة حتتها ‪...‬‬ ‫للضوء ‪.‬‬
‫الناس}‪ .‬وفي هذا إنعام من الله على اإلنسان‪ ،‬أن خلق‬
‫تعالى‬ ‫الله‬ ‫ق‬ ‫فر‬
‫ّ‬ ‫فتتحدث عن « البرق « وهو حدث فيزيائي ينشأ كشرارة‬ ‫وبذلك ف��إن الفعل « يؤلف « امل��ذك��ور في اآلي��ة يفيد‬ ‫[‪ ]3‬السحب املنخفضة‪ :‬ال يزيد ارتفاعها على مراحل تراكم‬
‫خلدمته ظاهرة الطفو على سطح املاء‪ ،‬ليركب اإلنسان‬ ‫في اجل��و نتيجة مختلفتني‪ ،‬ف��إذا مت ه��ذا التفريغ بني‬ ‫التأليف بني السحاب ـ ضمن إفاداته األخ��رى ـ من‬ ‫‪ 600‬م�ت��ر ف��وق س�ط��ح األرض‪ ،‬وت�س�م��ى (السحب السحاب لم‬
‫السفن‪ ،‬ويتنقل هنا وهناك ويدير حركة التجارة البحرية‬ ‫سحابة وبني جسم موجود على سطح األرض (كجبل بني السحب‬ ‫حيث الشحنات الكهربائية‪ ،‬أي‪ :‬جتميع الشحنات‬
‫في‬ ‫كما‬ ‫تعرف‬ ‫الطبقية) أو (السحب البساطية )‪ ،‬وتقابل باألجنبية‬
‫أو شجرة مثال) سمى الناجت عن هذا التماس [صاعقة] املمطرة والسحب وغير ذلك من شئون احلياة‪.‬‬ ‫امل�ت�ش��اب�ه��ة وامل�خ�ت�ل�ف��ة داخ���ل ال �س �ح��اب��ة الركامية‬ ‫(‪ )Stratiform Clouds‬تتكون هذه السحب في‬
‫[‪{ ]4‬وما أنزل الله من السماء من ماء}‪ ،‬هو املطر‪،‬‬ ‫‪ ..‬وعند حدوث‬ ‫الواحدة واجلملة القرآنية {ثم يجعله ركاماً} تعني‬ ‫منذ‬ ‫إال‬ ‫القرآن‬ ‫اجلو املستقر‪ ،‬وال يصاحبها حدوث عواصف رعدية‪،‬‬
‫واملطر هو املصدر األساسي مل��اء األرض‪ ،‬وه��و ـ في‬ ‫د‬ ‫رَ‬‫ب‬‫َ‬ ‫ال‬ ‫حتمل‬ ‫التي‬ ‫التفريغ الكهربائي يرتفع فوق اجلهد لدرجة جتعل‬ ‫‪ 200‬سنة فقط أن ال�ل��ه يهيئ ال �ظ��روف ل�ت��راك��م قطع السحب فوق‬ ‫أو سقوط برد‪ ،‬ولذلك يرحب بها الناس عادة‪.‬‬
‫األحوال الطبيعية العادية ـ عذب فرات صالح للشرب‪.‬‬ ‫لا للكهرباء ألن ذرات ��ه ق��د تأينت فتمر‬ ‫ال �ه��واء م��وص� ً‬ ‫ً‬
‫بعضها البعض فتصبح « ركاما « ويشبه اجلبال‪،‬‬ ‫والسحب املمطرة (املزن) في جو األرض قليلة إذا‬
‫إذ ًا {فأحيا به األرض بعد موتها} وإحياء التربة‬ ‫الشرارة ويحدث البرق في زمن قليل قد ال يتعدى جزء‬ ‫ولذلك جاء في نفس اآلية القرآنية قول الله سبحانه‬ ‫قوبلت بالسحب غير املمطرة‪ ،‬وهي كثيفة قامتة‪ ،‬وليس‬
‫هو إنباتها للنبات‪ ،‬فيظهر لها رونق وجمال ونضرة‪ ،‬وتدب احلياة فيها‬ ‫من الثانية‪...‬‬ ‫لها شكل معني‪ ،‬وحوافها مهلهلة‪ ،‬وينهمر منها املطر أو الثلج بصفة ‪{ :‬وينزل من السماء من جبال فيها من برد } فالسحب الركامية‬
‫والرعد يصاحب « البرق « وذلك ألن درجة حرارة شرارة البرق وعليها‪.‬‬ ‫ضخمة وعالية ومتراكبة‪ ،‬أي أنها متراكمة في أحجام اجلبال‪ ،‬كما‬ ‫مستمرة‪.‬‬
‫[‪{ ]6‬وب��ث فيها من كل دابة}‪،‬لفظة « بث « تعني ف��رق ونشر‬ ‫تصل إلى أكثر من ‪ 1000‬درجة مئوية‪ ،‬فيسخن الهواء ويتمدد وحتدث‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫والسحاب الثقال ذكرها القرآن بقول الله تعالى ‪ُ { :‬ه َو ال ِذي ُي ِريك ُم عبرت اآليات القرآنية املعجزة ‪.‬‬
‫الفرقعة املدوية‪ .‬وإذا نظر اإلنسان في وجه البرق الشديد الضياء فإنه ووزع‪ ،‬والدابة هي كل ما يدب على األرض وأغلب استعمالها في اللغة‬ ‫وفي قول الله تعالى‪{ :‬فترى الودق يخرج من خالله } يعني املطر‬ ‫َال} [س��ورة الرعد‪.]12:‬‬ ‫اب ال ِّثق َ‬ ‫الس َح َ‬ ‫ا ْل َب ْر َق َخ ْوفًا َو َط َم ًعا َو ُي ْن ِش ُئ َّ‬
‫ال بد وأن يصاب بالعمى املؤقت‪ ،‬لذلك قال الله في نفس اآلية القرآنية‪ :‬حليوانات الركوب واألحمال‪.‬‬ ‫اح ُب ْش ًرا َبينْ َ َي َد ْي َر ْح َم ِت ِه َح َّتى ِإذَا ذي القطرات الكبيرة تهبط من الفتوق التي حتدث بالتراكم من هذه‬ ‫وبقوله تعالى‪َ { :‬و ُه َو ا َّل ِذي ُي ْر ِس ُل ِّلر َي َ‬
‫[‪{ ]7‬تصريف الرياح} يعني توجيهها وتيسيرها وتوزيعها بقدرة‬ ‫{يكاد سنا برقه يذهب باألبصار}‪.‬‬ ‫َأ َق َّل ْت َس َحا ًبا ِثقَا ًال ُس ْق َنا ُه ِل َب َل ٍد َّم ِّي ٍت َف َأ َنز ْل َنا ِب ِه ا مْلَاء َف َأ ْخ َر ْج َنا ِب ِه ِمن ُك ِّل اجلبال‪ ،‬أي ‪ :‬اجلبال السحبية‪ .‬وأما « البرد « الذي جاء ذكره في قول‬
‫ويشير النص القرآني الذي أثبتناه في الفقرة السابقة [اآلية ‪ 48‬من الله‪.‬‬ ‫الله تعالى ‪{ :‬وينزل من السماء من جبال فيها من برد } فقد تكلمنا‬ ‫ات َك َذ ِل َك نُخْ ِر ُج ا مْل ْو َتى َل َع َّل ُك ْم َت َذ َّك ُرونَ } [األعراف‪.]75:‬‬‫لث ََّم َر ِ‬
‫[‪{ ]8‬وال�س�ح��اب املسخر ب�ين السماء واألرض} أي‪ :‬السحب‬ ‫سورة الروم] إلى تكوين السحب البساطية‪ ،‬وكيف أنها تكون (كسفا)‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وهذا السحاب الثقال منط من السحب‪ ،‬يرتفع غلى ‪ 20‬كيلومترا عن نشأته آنفا‪ ،‬وعلينا اآلن أن نعرف آثاره املدمرة‪ ،‬إذ يسقط في شكل‬
‫أي ‪ :‬طبقة رقيقة فوق طبقة رقيقة‪ ،‬أي كتلة أفقية تنمو دائم ًا أفقي ًا وليست التي تسير وفق إرادة الله فهي مسخرة في نشأتها وفي حركتها وفي‬ ‫عن سطح األرض‪ ،‬ويصل قطره إلى ‪ 400‬كيلومتر ًا‪ ،‬وحمولته ‪ 500‬طن حبيبات ثلجية كروية‪ ،‬تتكون من طبقات شفافة ومعتمة‪ ،‬تشبه البصلة‪،‬‬
‫وجهتها‪ ،‬تبع ًا إلرادة الله‪ ،‬إذ لو بقي السحاب معلق ُا في  الهواء لكثر‬ ‫رأسي ًا (كما هو احلال في السحب الركامية) ‪.‬‬ ‫من املاء‪ ،‬ومحتواه احلراري يكفي لسد حاجيات دولة كبرى كالواليات ويصل وزن الواحدة رط ًال وثلث الرطل‪.‬‬
‫وأما النص الثالث [اآليات ‪68‬ـ ‪70‬من سورة الواقعة]‪ ،‬فيشير إلى وتعاظم وزادت أحجامه واتسعت مساحاته وحجب ضوء الشمس عن‬ ‫وقد حدث أن سقط البرد في نبراسكا في يوليو ‪1928‬م وسقط‬ ‫املتحدة من الكهرباء‪ ،‬لثلث ساعة تقريب ًا ‪.‬‬
‫السحب املمطرة باللفظ «امل��زن «‪ ،‬وكيف أن الله أن��زل امل��اء الصالح املخلوقات‪ ،‬وفي هذا ضرر شديد‪ ،‬وإذا تكاثر السحاب ودام الستمر‬ ‫في كانساس في سبتمبر ‪1970‬م‪ ،‬وكانت‬ ‫ويسقط املطر على سطح األرض وسطح‬
‫للشرب للمخلوقات احلية من هذه السحب املمطرة‪ ،‬وأنه قادر على جعله هطول األمطار وغرقت األرض‪ ،‬وفي هذا أيض ًا ضرر شديد ‪.‬‬ ‫حبات ال�ب��رد ح�ين تسقط تسبب خسائر‬ ‫ال �ب �ح��ار واحمل �ي �ط��ات‪ ،‬فيعيد م��ا س�ب��ق أن‬
‫لكن الله يسوق الرياح فتحرك السحاب وتقوده إلى حيث يشاء الله‪،‬‬ ‫ملح ًا أجاج ًا بدل أن يجعله عذاب ًا فرات ًا ‪.‬‬ ‫ً‬
‫اقتصادية خطيرة أحيانا‪ ،‬فلقد خسرت‬ ‫أخذته الرياح منها‪ ،‬من ماء وطاقة حرارية‪،‬‬
‫و ن�ص��ل إ ل��ى ا ل�ن��ص ا ل�ق��رآ ن��ي األ خ �ي��ر [اآل ي ��ة ‪164‬من سورة وينزل منه املطر في الوقت واملكان اللذين حتددهما املشيئة اإللهية‪،‬‬ ‫ال��والي��ات املتحدة في إح��دى الفترات ما‬ ‫ثم امتصاصها بالتبخير إلى طبقات اجلو‬
‫ا ل �ب �ق��رة]‪ ،‬و ه��و ن��ص ج��ا م��ع ش��ا م��ل ل�ل�ع��د ي��د م��ن األ م ��ور الكونية التي شاءت أيض ًا أن ينزل هذا القرآن هداية للناس ومنهاج ًا لصالح‬ ‫قيمته ‪ 300‬مليون دوالر بسبب سقوط‬ ‫العليا‪ ،‬ثم ميتص املاء والطاقة احلرارية مرة‬
‫واأل ح� ��داث ا ل�ط�ب�ي�ع�ي��ة‪ ،‬ث��م ي�خ�ت��م ا مل��و ل��ى ج��ل ج�لا ل��ه ه��ذا النص دنياهم وآخرتهم ‪.‬‬ ‫البرد على البالد‪.‬‬ ‫أخرى‪ ،‬ثم يعيدها املطر مرة أخرى‪ ،‬وهكذا‬
‫ب��إ ظ�ه��ار ا حل�ك�م��ة م��ن إ ي���راده‪ ،‬و ه��ي أن ا ل�ل��ه خ�ل��ق و ص�ن��ع وقدر ‪----------------‬‬ ‫و ه �ك��ذا ي�ت�ب�ين م��ن ه��ذه ا جل��ز ئ �ي��ة ‪:‬‬ ‫في دورة مستمرة‪ ،‬عبر عنها القرآن املجيد‬
‫وأحكم كل الظواهر واألشياء لكي يتفكر اإلنسان فيها ويتدبر * رئيس جمعية اإلعجاز العلمي للقرآن في القاهرة‪ .‬وللراغبني مبتابعة‬ ‫�ال ِف َيها‬ ‫{ َو ُي � َن� ِّ�ز ُل ِم� َ�ن ا ل� َّ�س� َ�م��اء ِم��ن جِ � َ�ب� ٍ‬ ‫بقول الله تعالى‪{ :‬والسماء ذات الرجع}‬
‫البحث بكامله مراجعة املوقع ‪www.55a.net‬‬ ‫عظمة اخلالق جل جالله ‪ ..‬و مما ورد فيه‪:‬‬ ‫يب ِب ِه َمن َيشَ اء  َو َي ْص ِر ُف ُه‬ ‫ِمن َب� َ�ر دٍ َف ُي ِص ُ‬ ‫‪.‬‬
‫‪57‬‬ ‫العدد الثاني عشر ‪ 1431 -‬هـ ‪ -‬شتاء ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫العدد الثاني عشر ‪ 1431 -‬هـ ‪-‬‬ ‫‪56‬‬
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫اعجاز تقني‬ ‫اعجاز تقني‬

‫ورش �ت��ه‪ ،‬حيث اع�ت��اد أن ي��وص��ل مل ًفا كهربائ ًيا‬ ‫وضعي ًفا‪ .‬وتتج ّلى مقدرة الله عز وجل في إعطاء‬
‫ه��ذا اجل�س��م ال�ب��ال��ي مناعة خ��ال��دة ف��ي أن ذي االنصهار يعطي مبسمار ويضع امللف داخل كو ًبا من املاء‪ ،‬وعندما‬
‫استخدم ك��و ًب��ا معدن ًيا ب��د ًال م��ن ال�ك��وب اخلزفي‬
‫الذي اعتاد أن يستخدمه ونسي أن يفصل امللف‬
‫ًا‬
‫ب‬ ‫صل‬ ‫ا‬ ‫ً‬
‫معدن‬ ‫القرنني أتى بالقطر وصبه وهو سبيكة النحاس‬
‫املنصهر‪-‬كما جاء بتفسير الطبراني وإبن كثير‬
‫إشارات قرآنية لتقنية حلام املعادن‬
‫عن الكهرباء‪ ،‬وما أن غلى املاء حتى رفع امللف دون‬ ‫يصدأ‬ ‫ال‬ ‫وامليسر وغيرهم ‪ -‬وال��ذي يحتوي على تسعة‬ ‫األستاذ الدكتور املهندس مصطفى محمد اجلمال*‬
‫فصل التيار‪ ،‬فإذا به يالحظ أن هناك شرارة تولدت‬ ‫وثالثني عنص ًرا كيميائ ًيا مثل القصدير والنيكل‬
‫والفانديوم والثورميوم والنيوبيوم والكروم والتيتانيوم وغيرها عند قمة رأس املسمار وأحدثت إنصهار ًا جلزء من املسمار‪.‬‬ ‫ال َآ ُتو ِني ُأ ْف ِرغْ‬
‫ال ا ْنفُخُ وا َح َّتى ِإذَا َج َع َل ُه َن ًارا َق َ‬ ‫ قال الله تعالى‪َ { :‬آ ُتو ِني ُز َب َر الحْ َ ِد ِيد َح َّتى ِإذَا َس َاوى َبينْ َ َّ‬
‫الص َد َفينْ ِ َق َ‬
‫وظل هذا املوضوع في طي النسيان حتى عام ‪ 1921‬حينما‬ ‫من العناصر الكيميائية وجميعها عناصر تعطي السبيكة املناعة‬ ‫ال َه َذا َر ْح َم ٌة ِم ْن َر ِّبي َف ِإذَا َجا َء َو ْع ُد َر ِّبي َج َع َل ُه َد َّكا َء‬ ‫َع َل ْي ِه ِق ْط ًرا (‪َ )96‬ف َما ْاس َطا ُعوا َأنْ َي ْظ َه ُرو ُه َو َما ْاس َت َطا ُعوا َل ُه َنقْ ًبا (‪َ )97‬ق َ‬
‫والقوة وتكسبها اخلواص الالزمة ملقاومة الصدأ‪ .‬وهذه في حد ق��ام أح��د أساتذة الرياضيات باجلامعة اإلمبراطورية بلندن‬ ‫َو َكانَ َو ْع ُد َر ِّبي َح ّقًا (‪( })98‬سورة الكهف)‪.‬‬
‫ذاتها معجزة أخرى سنتناولها ببعض التفصيل في هذا املقال بوضع تفسير رياضي ومعادالت قام بوضع صيغتها العالم‬
‫«دافيد روزنتال» األب والتي كانت بالصعوبة مبكان مما جعل‬ ‫العلمي الديني الثقافي والله سبحانه وتعالى أعلم‪.‬‬ ‫ وعن ض��رورة مساواة حافتي اللوحني في منطقة اللحام‬ ‫س��وف ن�ت�ن��اول ف��ي ه��ذا امل �ق��ال ه��ذه اآلي ��ات ال�ت��ي  شملت‬
‫ج��اء ف��ي تفسير اجل�لال�ين ع��ن اآلي��ة رق��م (‪{ : )96‬آتوني «دافيد روزنتال» اإلبن الى تبسيط معادالت والده وزاد عليها‬ ‫في حالة أن يكون اللوحني أي اجلبلني غير متساويني فيجب‬ ‫الكثير من العلوم الهندسية وذات تطبيقات عالية التقنية نقوم‬
‫زبر احلديد} قطعة على قدر احلجارة التي يبنى بها فبنى بها حساب معدل التبريد وعالقته بالتغيرات امليتاليرجية وكان ذلك‬ ‫م�س��اواة احل��واف بعضها ببعض حتى يكون البناء قوي ًا وال‬ ‫بتدريسها في سبعة عشر عل ًما من قمم العلوم الهندسية في‬
‫وجعل بينها احلطب والفحم (حتى إذا ساوى بني الصدفني) خالل عام ‪.1938‬‬ ‫يحدث فيه شروخ أو يحدث فيه إنحراف ًا يؤدي إلى تكون ظاهرة‬ ‫كليات الهندسة مثل ‪:‬‬
‫ وما أن بدأت احلرب العاملية الثانية خالل عام ‪ 1939‬حتى‬ ‫بضم احلرفني وفتحهما وضم األول وسكون الثاني أي جانبي‬ ‫اإلجهادات املتبقية مما يجعل من املنشأ الهندسي بناء ًا ً‬
‫هشا‬ ‫‪ -‬علوم السبائك املعدنية وعلوم تشكيل املعادن‪ - .‬علوم‬
‫اجلبلني بالبناء ووضع املنافخ والنار حول ذلك (قال انفخوا) حدث نقص شديد في عنصر الرجال والذين حملوا السالح‬ ‫قطع امل �ع��ادن وهندسة ال�ل�ح��ام‪ - .‬علوم ال�ف�ل��زات والتعدين‪.‬‬
‫فنفخوا (حتى إذا جعله) أي احلديد (ن��ارا) أي كالنار (قال ولم يبقى سوى عنصر السيدات‪ .‬وملا كانت احلاجة إلى بناء‬ ‫‪ -‬خواص املواد وإختبارها‪ - .‬علوم فحص الوصالت وحتديد‬
‫آتوني أفرغ عليه قطرا) هو النحاس املذاب تنازع فيه الفعالن عدد ثمانية آالف من السفن ضرورية وملا كانت السفن آنذاك‬ ‫درجات اجلودة ودرجات التوكيد‪ - .‬علوم التحاليل الكيميائية‪.‬‬
‫وح��ذف من األول إلعمال الثاني فأفرغ النحاس امل��ذاب على يتم تصنيعها بطريق البرشام وال��ذي يشكل عب ًئا ثقي ًال على‬ ‫‪ -‬علوم التقسية للمعادن‪ - .‬علوم زحف املعادن‪ - .‬علوم تغطية‬
‫احلديد احملمي فدخل بني زب��ره فصار شي ًئا واح�� ًدا‪ .‬ويقول السيدات نتيجة تكوينهم اجلسدي وضعف حيلتهم في رفع وزن‬ ‫املعادن مبعادن أخري‪ - .‬علوم تصنيع احلديد الزهر‪ - .‬علوم‬
‫التفسير امليسر‪ »:‬أعطوني قطع احلديد‪ ،‬حتى إذا ج��اؤوا به ثقيل يتمثل في وزن املطرقة والتي تصل إلى ‪ 30‬كيلوجرا ًما في‬ ‫تصنيع الفوالذ‪ - .‬علوم تسييل وصهر وسباكة احلديد‪ - .‬علوم‬
‫أججوا النار‪ ،‬الرقعة الواحدة‪ ،‬لذلك فلم يكن هناك من بديل سوى إستخدام‬ ‫ووضعوه وحاذوا به جانبي اجلبلني‪ ،‬قال للعمال‪ِّ :‬‬ ‫الصدأ‪ - .‬علوم تقنيات مقاومة الصدأ‪ - .‬علوم تقنيات املواد‪.‬‬
‫نحاسا ُأفرغه اللحام كوسيلة من وسائل بناء السفن‪ .‬وظلت التصميمات‬ ‫ً‬ ‫حتى إذا صار احلديد كله ن��ا ًرا‪ ،‬قال‪ :‬أعطوني‬ ‫‪ -‬علوم كلل وحساب أعمار التشغيل اآلمن للمنشأت الهندسية‪.‬‬
‫عليه‪ ».‬وعن تفسير األي��ة رقم (‪ )97‬فيقول تفسير اجلاللني ‪ :‬الهندسية كما هي دون ح��دوث تغيير مبا يتناسب مع حقيقة‬ ‫‪ -‬حساب مكائن الشروخ وكيفية تقليل اإلنهيار الهش املفاجئ‬
‫«(‪( - 97‬فما اسطاعوا) أي يأجوج وم��أج��وج (أن يظهروه) املوقف الهندسي آنذاك‪ .‬وما أن مت بناء الثمانية آالف من هذه‬ ‫والشروخ‪)...( .‬‬
‫يعلوا ظهره الرتفاعه ومالسته (وما استطاعوا له نقبا) خرقا السفن‪ ،‬والتي مت إطالق اسم «سفن احلرية» عليها بعدد ثالثة‬
‫لصالبته وسمكه‪ .‬بينما يقول تفسير امليسر‪ « :‬فما استطاعت آالف سفينة لنقل البضائع اجلافة كالطعام والذخيرة وعدد‬ ‫إعجاز اآلي��ات في كلمات وصف أهم خصائص‬
‫يأجوج ومأجوج أن تصعد فوق السد؛ الرتفاعه ومالسته‪ ،‬وما خمسة آالف كسفن لنقل السوائل مثل النفط وال��وق��ود فيما‬ ‫السبائك املعدنية احلديدية‪:‬‬
‫بني دول احللفاء‪ ،‬حتى كان يحدث صوت شديد ثم يعقب هذا‬ ‫استطاعوا أن ينقبوه من أسفله لبعد عرضه وقوته‪)...( ».‬‬ ‫أجمعت كتب التفاسير ومنها اجلاللني وابن كثير والطبري‬
‫أه��م م��ا ت��وص��ل إل��ي��ه علماء احل��اض��ر م��ن تقنيات الصوت حدوث إنشطار الوحدة ثم غرقها‪ .‬وكان منطق ًيا آنذاك‬ ‫والقرطبي والبيضاوي وامليسر وغيرها من أن املقصود بزبر‬
‫خصائص حل��ام وص���دأ احل��دي��د وسبائكه والعالقة أن يتم إلقاء الالئمة على األملان وحلفائهم‪ ،‬لدرجة أن الظنون‬ ‫احلديد هو قطع احلديد السابق إستخدامها وه��و ما يعرف‬
‫كانت تشير إلى أعمال تخريب وأعمال إرتطام بألغام بحرية‬ ‫بينهما‪:‬‬ ‫باسم احلديد املطروق ملا له من خواص ميكانيكية أهمها أنه عند‬
‫أو نتيجة إطالق طوربيد من إحدى الغواصات املتواجدة في‬ ‫نبذة تاريخية ع��ن إكتشاف عصر‬ ‫إختزاله داخل أحد األفران فإنه يتحول إلى الفوالذ أي الصلب‬
‫املنطقة‪ .‬ول��م ي��در في خلد احللفاء ودول احملور‬ ‫وهو مادة متينة وقوية ومعمرة‪ .‬أما حافتي الصدفني فاملقصود‬
‫على حد س��واء أن يكون بنهاية احل��رب العاملية‬ ‫حلام املعادن احلديدية‪:‬‬ ‫بهما حافتي اجلبلني أي حافتي اللوحني وعملية املساواة بني‬
‫الثانية وخالل عام ‪ 1944‬أن عدد السفن الباقية‬ ‫ُأ ُكت ِْش َف اللحام بالصدفة في نهاية القرن زبر احلديد‬ ‫صورة لتمثال في إيران للملك الفارسي كورش‪ ،‬والذي يعتقد أنه هو ذو‬ ‫حافتي اجلبلني أو اللوحني هي ضرورة من الضرورات الهندسية‬
‫ال�ت��اس��ع عشر حينما ك��ان أح��د ع�م��ال املطاط قطع مستعملة كان ثالثة سفن فقط من جملة الثماني آالف التي‬ ‫القرنني‪ ،‬ظهر فيه كورش‪ ،‬وعلى جانبيه جناحان‪ ،‬كجناحي العقاب‪ ،‬وعلى‬ ‫وه��ذا هو ما نعرفه نحن اآلن باسم «شطف حافتي اللوحني»‬
‫كان قد مت بناؤها‪.‬‬ ‫البريطانيني يقوم بإعداد كو ًبا من الشاي في‬ ‫رأسه قرنان كقرني الكبش‪(.‬الرأي للمؤلف)‬ ‫وهذا هو أحد البديهيات املستخدمة في عمليات اللحام‪.‬‬
‫‪59‬‬ ‫العدد الثاني عشر ‪ 1431 -‬هـ ‪ -‬شتاء ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫العدد الثاني عشر ‪ 1431 -‬هـ ‪ -‬شتاء ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫‪58‬‬
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫اعجاز تقني‬ ‫اعجاز تقني‬

‫‪1-‬‬ ‫‪EL-GAMMAL, M.M.: “Corrosion‬‬ ‫وقوة معمرة ال يضاهيها في هذه اخلواص أي‬ ‫ت��زاوج بني املعدنني [ن��راه في قوله تعالى{أفرغ‬ ‫وم��ا أن ج��اء ع��ام ‪ 1948‬حتى شهد العالم‬
‫‪Prediction and Methods of Elimination‬‬
‫”‪with Applications to Offshore Structure,‬‬ ‫مادة هندسية أخ��رى‪ .‬فقد يكون ظهور الشئ التلحيم يفشل‬ ‫عليه قطراً}]‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬ ‫ف��اج�ع��ة ه�ن��دس�ي��ة مت�ث�ل��ت ف��ي ح ��دوث انفصال لم تكتشف هذه‬
‫‪AMPT'95, International Conference,‬‬ ‫يعني وال �ل��ه أع�ل��م إخ�ض��اع��ه جل �ب��روت القوى‬ ‫‪ -4‬ض� ��رورة ال�ت�ح�ك��م ف��ي م �ع��دالت التبريد‬ ‫ف��ي أح��د السفن وال�ت��ي سبق وأن بنيت بنفس‬
‫‪Dublin City University, Ireland, 1995.‬‬ ‫تساو‬
‫القوية وجبروت القوى الطاغية الباغية كقوله إذا لم ِ‬ ‫والتخلص من اجليوب الهوائية والعيوب الداخلية‬
‫عام‬ ‫إال‬ ‫التقنية‬ ‫التصميم وب��اس�ت�خ��دام طريقة ال�ل�ح��ام‪ ،‬والتي‬
‫‪2- EL-GAMMAL, M.M.: “Scheme of Coating‬‬
‫‪and Surface Treatment for Improving‬‬ ‫تعالى ‪« :‬إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدكم بني الصدفني‬ ‫في الوصلة امللحومة وكذلك ض��رورة تقليل آثار‬ ‫‪1948‬م‬ ‫كان مقد ًرا إنزالها وتدشينها يوم ‪ 19‬أغسطس‬
‫‪Corrosion Resistance with Application to‬‬
‫‪Marine Structures,” Advances in Surface‬‬ ‫(احلافتني)‬ ‫في ملتهم ولن تفلحوا إذن أبدا»‪.‬‬ ‫التحول الفلزي عند درج��ات احل��رارة احلرجة‪،‬‬ ‫عام ‪ ،1948‬وقبل أن تذهب ولية العهد – والتي‬
‫‪Engineering, vol.3, Royal Society of‬‬
‫‪Chemistry, London, U.K., 1997‬‬
‫كما جاء بتفسير البيضاوي من أن ظهور‬ ‫[نراها في قوله تعالى {قال أنفخوا}‪{ ،‬حتى‬ ‫أص�ب�ح��ت فيما ب�ع��د ملكة إجن�ل�ت��ر‪ -‬ك��ي ترطم‬
‫‪EL-GAMMAL, M.M.: ”Relationship between Arc-Welding -3‬‬
‫الشيء يعني قهره وإخضاعه للقوة الطاغية‬ ‫مقدمة السفينة بزجاجة الشمبانيا وتقول لها «سيري على إذا جعله نارا}]‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬
‫‪Processes and the Evolution of Corrosion in Welded Joints:‬‬ ‫وه��ذا أق��رب إل��ى تفسير أن الظهور يعني هنا وال�ل��ه أعلم‬ ‫وهكذا فإن التقنيات احلديثة نراها وقد جتلت في ثنايا كلمات‬ ‫بركة الله»‪ ،‬حتى حدث ظهر اليوم السابق لعملية التدشني أن‬
‫‪Reasons & Remedies,” 7th. International Conference on‬‬ ‫إخضاع السبيكة حلدوث اخلضوع الذي يؤدي إلي اإلنهيار‬ ‫حدث صوت يشبه الرعد  فقد إنفصل اجلزء اخللفي عن اجلزء الله‪ ،‬ونرى هذه الكلمات حتمل اخلير لكافة البشر على صنوف‬
‫‪Production Engineering, Design and Control, PEDAC'01,‬‬
‫‪.Alexandria, Egypt, February 2001‬‬ ‫والكسر‪.‬‬ ‫األمامي للسفينة‪ .‬وغرق النصف األخير من السفينة بينما ظل ألوانهم وتباين ألسنتهم وإختالف علومهم وما ميتلكونه من‬
‫بعض أهم التطبيقات الهندسية احلديثة لسبيكة ‪EL-GAMMAL, M.M.: “Fatigue Life Prediction in the Pre s -4‬‬ ‫النصف األمامي كما هو على رصيف البناء‪ .‬مما حدا الهيئات تقنيات حسب ما يتاح لهم‪ ،‬وجند اآليات في طي هذه الكلمات‬
‫‪ence Inherited Defects and Corrosion with Marine Applic -‬‬
‫‪tions,” IMERASET, Proceedings Part B No. B3, Journal of‬‬ ‫الصلب املغطي بالقطر‬ ‫البريطانية واألمريكية آنذاك ونتيجة تكرار نفس الظاهرة ولكن‬
‫‪.Marine Design and Operations, 2003‬‬ ‫م��ن هنا فقد مت تطبيق إس�ت�خ��دام ه��ذه السبيكة ف��ي قاع‬ ‫في الواليات املتحدة األمريكية هذه املرة حيث إنقسمت السفينة‬
‫الزوارق السريعة والتي نعرفها نحن اآلن باسم سفن السطح ‪KEY TO STEEL: “Brittle Fracture and Impact Testing: Part -5‬‬ ‫الناقلة «شيناكتادي» وهي مازالت على رصيف التجهيزات‬
‫‪One,” http://www.key-to-steel.com/Articles/Art136.htm‬‬
‫املتأثر والتي يتطلب فيها أن تكون مقاومة البدن لقوى تصادم‬ ‫مبيناء بورتالند بوالية أوريجون‪ .‬إلى إختيار عالم وأستاذ املواد‬
‫‪METALLURGICAL CONSULTANTS: “Ductile and Brittle -6‬‬
‫‪Metal Characteristics,”http://www.materialsengineer.com/‬‬ ‫األمواج كبيرة ونتيحة الضغوط واجهادات التلهث وإجهادات‬ ‫باجلامعات البريطانية (البروفيسور موت) كي يدرس املشكلة‬
‫‪CA-ductbrit.htm‬‬ ‫الدق الرأسية والتي تتولد نتيحة الطفرة في زيادة السرعة من‬ ‫ويعترف باحلقيقة املذهلة وهي ضرورة أن يتم مساواة حافتي‬
‫‪ 35‬عقدة إل��ى أن تصبح ‪ 120‬عقدة وأكثر عند نفس القدرة ‪POWELLS: “Engineering Damage Mechanics: Ductile, -7‬‬ ‫اللوحني في منطقة اللحمة والتي أشارت إليها اآليات الكرمية‪.‬‬
‫‪Creep, Fatigue and Brittle Failures,” http://www.powells.‬‬
‫‪com/cgi-bin/biblio?inkey=4-3540215034-0‬‬ ‫احملركة وبعد حدوث الوسادة الهوائية والتي تضخ الهواء أسفل‬ ‫{حتى إذا ساوي بني الصدفني} أي احلافتني‪ ،‬كما أشار‬
‫قاع املقدم مما يعني ضرورة إستخدام مواد قوية وخفيفة في ‪RAJ K. KRISHNASWAMY: “Analysis of Ductile and Brittle -8‬‬
‫البروفيسور موت الى عدة حقائق وتوصيات جميعها يتماشي‬
‫‪Failures from Creep Rupture Testing of Hdpe Pipes,” Friday,‬‬ ‫ذات الوقت‪ ،‬وهذا ال يتأتى سوى بإستخدام هذه املادة ملا تتمتع‬ ‫مع ما مت ذكره في طي كلمات اآلية منها على سبيل املثال‪:‬‬
‫‪4 November 2005, http://aiche.confex.com/aiche/2005/‬‬ ‫‪ -1‬ضرورة تقليل معدل التبريد والتحكم في درجات اإلنتقال‬
‫‪techprogram/P17320.HTM‬‬ ‫به من خواص املقاومة الديناميكية‪  .‬‬
‫وهكذا فإن التقنيات احلديثة تشير الى إستخدام الصلب ‪BRITTLE FAILURES, http://composite.about.com/library/ -9‬‬
‫صورة توضح السفينة «شيناكتادي» وقد انقسمت الي شطرين‬ ‫وع��دم ح��دوث إن�ح��راف وم��ن ث��م تقليل ظ��اه��رة تكون الشروخ‬
‫‪glossary/b/bldef-b797.htm‬‬ ‫املغطى بطبقة من القطر نظ ًرا ملناعة هذا املعدن ضد عوامل‬ ‫وهي مازالت راسية علي رصيف حوض التجهيزات بأحد‬ ‫وحدوث اإلجهادات املتبقاة [نراها في قوله تعالى {حتى إذا‬
‫الكسر واإلنهيار املفاجئ من ناحية ولشدة متناته الكبيرة من ‪ATRCOMPOSITES:“Automotive Industry,” http://www. -10‬‬ ‫ترسانات بناء السفن بالواليات املتحدة األمريكية‬ ‫جعله نارا}]‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬
‫‪atrgroup.it/ATRCOMPOSITES/index.htm‬‬
‫ناحية أخرى‪)...( .‬‬ ‫‪ -2‬ضرورة عمل تدريج في منطقة اللحمة فيما بني سمكي‬
‫‪DUCTILE AND BRITTLE FAILURES: http://www.nps.‬‬ ‫‪-11‬‬
‫‪navy.mil/avsafety/gouge/structures/tsld004.htm‬‬
‫‪----------------‬‬ ‫املعدنني املختلفي السمك مع ضرورة أن تكون وصلة اللحام تثبت حقيقة علمية مؤكدة وهي إستخدام الصلب املغطى بطبقة‬
‫* أستاذ في كلية الهندسة‪ ،‬جامعة اإلسكندرية‪ ،‬جمهورية مصر العربية‪.‬‬ ‫من النوع التناكبي وليس من النوع التراكبي‪ ،‬حيث أن الوصلة من القطر نظ ًرا ملناعة هذه السبيكة ضد عوامل الكسر واإلنهيار‬
‫‪WIKIPIDIA: “Fracture‬‬ ‫‪,” http://en.wikipedia.org/wiki/ -12‬‬ ‫وللراغبني مبتابعة البحث بكامله مراجعة املوقع ‪www.55a.net‬‬
‫‪Brittle_failure‬‬ ‫امللحومة ف��ي ح��ال��ة ال�ت��راك��ب تصبح ف��ي ح��ال��ة ق��ص واللحام املفاجئ من ناحية ولشدة متانتها الكبيرة من ناحية أخرى‪.‬‬
‫أهم املصادر واملراجع العلمية‪:‬‬
‫‪METALLURGICAL CONSULTANTS:”Welding,” http:// -13‬‬ ‫ لذلك فقد مت تطوير وإستخدام سبيكة الصلب بسمك‬ ‫ضعيف املقاومة ملثل هذا النوع من التحميل [نراها في قوله‬
‫‪.www.materialsengineer.com/A-failue.htm‬‬ ‫‪METALLURGICAL CONSULTANTS: “Materials Failure -1‬‬
‫‪/Analysis,” http://www.materialsengineer.com‬‬ ‫تعالى ‪»:‬حتى إذا ساوى بني الصدفني»] فلفظ «حتى» هنا يعني يصل ال��ى ‪5‬ر‪ 9‬مم ووض��ع طبقة قشرة خارجية من القطر‬
‫‪SOUTH WEST RESEARCH INSTITUTE: “Gas Turbine -14‬‬
‫‪Technology-Root Cause Failure Diagnosis,” http://www.‬‬ ‫‪EL-GAMMAL,‬‬ ‫‪M.M.:‬‬ ‫‪-2‬‬ ‫من الناحية الهندسية ضرورة عمل هذا التدريج حتى تصبح أعلى السطح بسمك يصل إلى ‪5‬ر‪ 0‬مم ليكون الناجت من هذه‬
‫‪swri . edu /4 org / d 18/ mechflu / planteng / gasturb / failure .‬‬ ‫‪“Verses of Ferrous A -‬‬ ‫الوصلة امللحومة متينة وقوية ويعطي الوصلة مناعة ضد حدوث السبيكة هو ‪10‬مم‪ ،‬وتتمتع ه��ذه السبيكة املعدنية مبقدرة‬
‫‪htm#Forensic%20Investigation‬‬ ‫قطرا‬
‫يفرغ عليه ً‬ ‫‪loys Stated within the Holy‬‬
‫‪Book,” Book to be published,‬‬ ‫هندسية خارقة من ناحية متانة الكسر حيث كانت خمسمائة‬ ‫الشروخ‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬
‫‪METALS: “Properties and uses of metal,” Book published -15‬‬ ‫‪.2006/2007‬‬
‫‪.in 2005‬‬ ‫(نحاسا) حتى‬
‫ً‬ ‫‪TWI: “Schenectady T2 tan k -3‬‬
‫‪ -3‬ض��رورة عمل نظام وقائي حلماية املعدن املنصهر من ضعف النحاس و‪ 250‬مرة قدر متانة الصلب‪ .‬وهذا تصفه‬
‫‪Facilities and Equipment Maintenance, http://www.co n -166‬‬ ‫ال يصدأ‬ ‫‪er,” http://www.twi.co.uk/‬‬ ‫عوامل اجل��و مثل الصدأ وزي��ادة تفاعله مع املعدن املصهور اآلية الكرمية بلفظ «فما أسطعوا أن يظهروه» فالتاء هنا قد‬
‫‪structionmaintenance.org/index.htm‬‬ ‫‪j32k/index_abo.xtp‬‬ ‫من مادة البنية األساسية ملعدن اللوحني مبا يؤدي الى عملية مت إختزالها تتيجة ما تتمتع به هذه السبيكة من متانة خارقة‬
‫‪61‬‬ ‫العدد الثاني عشر ‪ 1431 -‬هـ ‪ -‬شتاء ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫العدد الثاني عشر ‪ 1431 -‬هـ ‪ -‬شتاء ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫‪60‬‬
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫اعجاز خلقي‬ ‫اعجاز خلقي‬

‫إن قيام هرمون النمو بإصدار أوام��ره لبعض اخلاليا بالنمو السماوات واألرض وهو العزيز احلكيم}‪( .‬سورة الروم ‪. )27-26‬‬
‫حج ًما ولبعضها باالنقسام هو معجزة بذاته‪ ،‬ألن الهرمونات التي‬
‫تصل لكال اخلليتني هي نفسها‪ ،‬لكن كتب على الشفرة اجلينية للخلية معجزة النمو لدى البذور‬
‫التي تتلقى األوامر كيف يجب عليها أن تتحرك‪ ،‬وهرمون النمو يأمر‬
‫لطائف حول معجزة النمو عند اإلنسان والنبات‬
‫إن البذور التي هي أجسام مبظهر قطع خشبية جافة‪ ،‬عندما‬ ‫بالنمو ومكتوب في تلك اخللية كيف يتم ذلك‪ .‬يثبت هذا مرة أخرى‬ ‫د‪ .‬هارون يحيى*‬
‫تتوفر لها الظروف املالئمة تتبرعم بشكل محير وتنبت أنواع النبات‪.‬‬ ‫مدى القدرة والعظمة في خلق كل نقطة في جسم اإلنسان‪.‬‬ ‫الغدة النخامية وإذا وجب عليها النمو تنمو‪ ،‬وإذا وجب عليها التكاثر‬ ‫معجزة النمو لدى اإلنسان‬
‫إن تأثير هرمون النمو على كل خاليا اجلسم معجزة عظيمة‪ .‬ترى ما الذي مييز هذه األجسام الصغيرة اجلافة عن قطع اخلشب‬ ‫باالنقسام تكاثرت‪.‬‬
‫ولو أطاعت بعض اخلاليا هرمون النمو وعصته البعض منها لكانت ؟‬ ‫مثال قلب الطفل عند والدته يكون بحجم جزء من ‪ 16‬جز ًءا من‬ ‫يتحكم اإلنسان جزئ ًيا في جزء يسير ج ًدا من جسمه‪ ،‬فهو مث ًال‬
‫هناك صفات مهمة ج��دا متيز ال�ب��ذور عن األج�س��ام األخ��رى ‪.‬‬ ‫النتيجة مصيبة‪ .‬مثال إذا منت خاليا القلب بالشكل الذي أمرها به‬ ‫يستطيع املشي واحلديث أو القيام بعمل باستخدام يديه‪ ،‬ولكن آالف حجمه عند الكبر تقري ًبا‪ ،‬ومع ذلك فإن إجمالي عدد اخلاليا بنفس‬
‫هرمون النمو‪ ،‬ورفضت خاليا القفص الصدري التكاثر والنمو‪ ،‬ماذا إن البذور هي أجسام حتتوي في داخلها على كل املعلومات التي‬ ‫العمليات الكيميائية والفيزيائية التي جتري في أعماق جسمه تتم عدد خاليا قلوب الكبار‪ ،‬وهرمون النمو يؤثر على كل خاليا القلب في‬
‫كان سيحدث؟ بالتأكيد سينحشر القلب النامي في القفص الصدري تتعلق بأي نبتة‪ ،‬أي معلومات حول كل غصن وكل ورقة وعدد وشكل‬ ‫مرحلة النمو‪ ،‬وهكذا فإن كل خلية تنمو بقدر ما أمرها هرمون النمو‪.‬‬ ‫بدون علمه وإرادته‪ ،‬ولنتناول عملية منو اجلسم كمثال على ذلك‪.‬‬
‫أوراق النبتة التي تنتمي إليها‪ ،‬وما سيكون لون وسمك حلائها‪ ،‬وعدد‬ ‫الصغير وتكون النتيجة موت اإلنسان‪.‬‬ ‫ إن رضي ًعا في العام األول من عمره يبلغ وزن��ه ضعفي وزنه وهكذا أيضا ينمو القلب ليصبح قلب إنسان ناضج‪.‬‬
‫أو إذا منا عظم األنف وتوقف جلده عن النمو‪ ،‬فإن عظم األنف وعرض اجلذور التي حتمل املاء والغذاء إليها‪ ،‬وماذا سيكون طول‬ ‫يكتمل تكاثر خاليا األعصاب في نهاية الشهر السادس والطفل‬ ‫عند والدت��ه تقري ًبا وطوله يزيد بنسبة ‪ ،%50‬وم��ع م��رور السنوات‬
‫سيمزق جلد األن��ف وي�خ��رج‪ .‬إن ك��ل العضالت وال�ع�ظ��ام واجللد النبتة وهل ستثمر أم ال‪ ،‬وإذا أثمرت ما سيكون طعم ورائحة وشكل‬ ‫ي ��زداد وزن��ه وط��ول��ه بشكل س��ري��ع‪ .‬ه��ذا النمو املعجز يتحقق عن في رحم أمه‪ ،‬ويبقى عدد خاليا األعصاب ثابتًا في الفترة من هذه‬
‫واألعضاء تنمو بشكل متناسق‪ ،‬وه��ذا االنسجام التام يتم نتيجة ولون هذه الفاكهة‪.‬‬ ‫طريق التواصل البديع بني اخلاليا‪ ،‬ويدار جسمنا عن طريق نظام املرحلة حتى ال��والدة ومن ال��والدة حتى الكبر‪ .‬وهرمون النمو يأمر‬
‫تتكون البذور في بنيتها األساسية من الغالف اخلارجي ومخزن‬ ‫طاعة كل اخلاليا لهرمون النمو‪.‬‬ ‫أيضا بالنمو حج ًما‪ ،‬وهكذا يأخذ نظام األعصاب‬ ‫اتصاالت كيميائي‪ ،‬وعناصر هذا النظام الناقلة لألوامر واملسماة خاليا األعصاب ً‬
‫الغذاء واجلنني الذي تتواجد فيه املعلومات‪ ،‬ولكن وعلى الرغم من‬ ‫شكله النهائي مع انتهاء مرحلة النمو‪.‬‬ ‫الهرمونات تنقل أوامر استمرار حياتنا بني اخلاليا‪ ،‬وعن طريق هذا‬
‫تشابه التركيبة األساسية لها جمي ًعا‪ ،‬إال أن حجم‬ ‫واخل�ل�اي ��ا األخ � ��رى ف ��ي اجل �س��م ‪-‬م �ث��ل خاليا‬ ‫التواصل يتحقق منو متزن في جسمنا‪ .‬إن الطفل‬
‫مخزن الغذاء ونوع وسمك الغشاء احلافظ احمليط‬ ‫قطعة حلمية‬ ‫التطور املعجز للعظام‬ ‫يكبر ويصبح بوزن ‪ 80-70‬كغم وبطول ‪ 180-170‬آالف العمليات‬
‫العضالت والعظام‪ -‬تتكاثر باالنقسام طوال مرحلة‬
‫بالبذرة وشكل وطعم الفاكهة التي تنمو عليه مختلف‬ ‫يأمر هرمون النمو بتطور أنسجة العظم اللينة بحجم حبة‬ ‫�ض��ا ال��ذي يبلغ هذه‬‫سم في ظرف عشرين إلى خمس وعشرين سنة‪ ،‬أما الكيمائية تتم ت�ط��وره��ا‪ ،‬وه��رم��ون النمو ه��و أي� ً‬
‫في أطراف العظام‪ ،‬وهذا العظم اللني يشبه قلب طفل احلمص تتحكم ج� ًَدا‪ ،‬ويكون تنوع شكل ولون وم��ادة غالف البذرة‬ ‫الذي يؤمن ذلك فهو تلك املادة املعجزة التي تفرزها داخل اإلنسان اخلاليا الكم الذي يجب أن تنقسم إليه‪.‬‬
‫وف ًقا للنوع والظرف الذي تعيش فيه النبتة ‪.‬‬
‫وعند الدراسة من هذه الناحية فإن كل البذور‬ ‫خاليا‬ ‫بكل‬ ‫ولد حدي ًثا‪ ،‬وطاملا ال ينمو العظم اللني ال ينمو الطفل‪،‬‬
‫واخلاليا املوجودة هنا تنمي العظام طول ًيا‪ ،‬ولكن كيف‬
‫وف��ي ه��ذه احل��ال��ة يجب علينا أن نسأل السؤال‬ ‫تأثيرات دون علمه ودون‬ ‫الغدة النخامية أي هرمونات النمو‪ ،‬ولنرى‬
‫هرمونات النمو في اجلسم عن طريق التعرف على‬
‫التالي‪ :‬كيف ميكن للغدة النخامية أن تعرف املعادلة‬
‫تظهر أمامنا كأعجوبة في التصميم‪ ،‬واآلن لنرى‬ ‫اإلنسان‬ ‫تعرف هذه اخلاليا املوجودة ض��رورة تنمية العظام‬ ‫الالزمة النقسام اخلاليا أو منوها؟ إن ه��ذا إعجاز‬ ‫إرادته‬ ‫الغدة النخامية أو ًال‪.‬‬
‫اختالفات التصميم هذه عن طريق األمثلة‪ .‬توجد بذرة‬ ‫طول ًيا؟ إذا منت ه��ذه العظام جانب ًيا ف��إن الفخذ لن‬ ‫ألن قطعة حلمية بحجم حبة احل�م��ص تتحكم بكل‬ ‫الغدة النخامية هي قطعة حلمية زهرية اللون‬
‫يطول‪ ،‬حتى أن عظم الفخذ عندها سيمزق اجللد في هذه املنطقة واحدة في املشمش ‪ ،‬وهذه البذرة حتفظ جي ًدا داخل القشرة الصلبة‪،‬‬ ‫صغيرة بحجم حبة احلمص‪ ،‬مرتبطة عن طريق مستقيم صغير اخلاليا املوجودة في اجلسم وتؤمن منو أو انقسام هذه اخلاليا‪.‬‬
‫وي�خ��رج‪ .‬ولكن كل شئ مت حسابه ومت وض��ع املعلومات اخلاصة أما اجلزء الالحم فهو حلو املذاق ومناسب لألكل‪ ،‬وهذا اجلزء غذاء‬ ‫مبنطقة هيباتاالموس املوجودة حتت الدماغ‪ ،‬وعن طريق هذا االرتباط‬
‫بهذا احلساب في الشفرة اجلينية للخلية‪ ،‬وعن طريق هذه املعلومات جيد للناس والطيور والقوارض واحلشرات واحليوانات األخرى‪.‬‬ ‫تتلقى األوام��ر املباشرة من الهيباتاالموس حيث تنتج الهرمونات‬
‫أيضا للنبات‪ ،‬ألنه مع أكل‬‫تعرف كل خاليا العظام كيف يجب عليها أن تتصرف‪ ،‬وبالتالي تنمو لكن تكون الفاكهة من قسمني فرصة جيدة ً‬ ‫الالزمة وف ًقا لهذه األوامر‪ ،‬وتؤمن القيام بالترتيبات التي يحتاجها عظمة خلق الله‬
‫الفاكهة تظهر النواة التي على شكل بذرة قاسية‪ ،‬وتتبرعم البذرة في‬ ‫العظام طول ًيا‪.‬‬ ‫اجلسم‪ .‬ومنو اجلسم هو من الترتيبات التي تقوم بها الغدة النخامية‬
‫يجب أن ال ننسى عند دراسة نشاطات هرمون النمو أن جناحها مكان مناسب وحتصل على إمكانية النمو كشجرة جديدة‪.‬‬ ‫في هذه النقطة يظهر الكمال في خلق الله‪ ،‬فاخلاليا املوجودة‬ ‫في اجلسم‪  .‬‬
‫وكمثال آخر لنأخذ الكيوي الذي هو فاكهة تؤكل بذورها ً‬
‫أيضا‬ ‫في منطقة صغيرة‪ ،‬تؤمن منو أو انقسام تريليونات اخلاليا ضمن‬
‫ناجت عن توحد مجموعة من الذرات وأنها جزيئات جامدة ال شعور‬ ‫نظام معني‪ .‬مع أن هذه اخلاليا ال ميكنها رؤية جسم اإلنسان من‬
‫بعكس املشمش‪ ،‬ولهذا السبب ف��إن ب��ذور الكيوي عديدة وليست‬ ‫وال يد وال عني وال دماغ لها‪.‬‬
‫إن كل هذه التفاصيل املتعلقة بهرمون النمو وكل هذه التوازنات واحدة‪ ،‬وبذور الكيوي تكون على شكل أعداد كبيرة داخل الفاكهة‪،‬‬ ‫اخلاليا التي تتحرك وفقا ألوامر الغدة النخامية اخلارج وال معرفة مدى ضرورة منو اجلسم وعند أي مرحلة يجب أن‬
‫احلساسة املتداخلة تظهر حقيقة واحدة‪ :‬أن اإلنسان خلقه الله دفعة وهي صغيرة عمو ًما ولكن لكونها مجمعة وكثيرة‪ ،‬فلو أكلت فاكهة‬ ‫إن عملية منو جسم اإلنسان تتم بشكلني مختلفني أحدهما عن يتوقف‪ .‬إن هذه اخلاليا الالشعورية تنتج هرمون النمو بدون معرفة‬
‫واح��دة وبشكل متكامل‪ ،‬والله ذك��ر قدرته على اخللق في القرآن واحدة فقط يزداد احتمال أن تتحول واحدة من البذور إلى نبتة‪.‬‬ ‫طريق زيادة حجم بعض اخلاليا‪ ،‬أما اآلخر فعن طريق تكاثر بعض حتى ماذا يفعلن في غياهب اجلسم‪ ،‬واألدهى أنهن يوقفن اإلنتاج‬
‫اخلاليا باالنقسام‪ ،‬وهرمون النمو هو الذي يؤمن ويتحكم بهاتني في الوقت الواجب توقفهن عنده‪ .‬كما يالحظ أن نظا ًما بدي ًعا خلق‬
‫وإلى جانب مثل هذه الفروق في التصميم العام للبذور‪ ،‬خلقت‬ ‫الكرمي كما يلي‪{ :‬وله من في السماوات واألرض كل له قانتون ‪.‬‬ ‫العمليتني‪ .‬يؤثر هرمون النمو الذي تفرزه الغدة النخامية على كل في اجلسم‪ ،‬لدرجة أن كل مرحلة من النمو وإفراز الهرمونات تكون‬
‫وهو الذي يبدأ اخللق ثم يعيده وهو أهون عليه وله املثل األعلى في أغشية البذور احلافظة للجنني مبميزات تلبي االحتياجات بالكامل ‪.‬‬ ‫خاليا اجلسم‪ ،‬وكل خلية تفهم معنى التعليمات التي تصلها من حتت السيطرة‪.‬‬
‫‪39‬‬ ‫العدد الثاني عشر ‪ 1431 -‬هـ ‪ -‬شتاء ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫العدد الثاني عشر ‪ 1431 -‬هـ ‪ -‬شتاء ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫‪38‬‬
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫إعجاز قانوني‬ ‫اعجاز خلقي‬

‫السميكة ج� ًدا‪ ،‬وهو أنه قد يتسبب في بعض املشاكل عند خروج‬ ‫املعلومات املخفية في البذرة ‬
‫سورة يوسف ‪ -‬لطائف قانونية‬ ‫اجلنني‪ .‬أما البذرة ذات القشرة الضعيفة فقد تفسد بسرعة أكثر‬
‫بسبب الكثير من املؤثرات اخلارجية‪ ،‬ولذلك فإن كل البذور تتميز‬
‫بسمك القشرة األنسب حمليطها‪.‬‬
‫إن اجلنني الذي يحتوي املعلومات داخل البذور قيم ج ًدا‪ .‬ولهذا‬
‫السبب جتب احملافظة على هذا اجلنني بعناية حتى تتطور النبتة‬
‫من هنا يظهر بوضوح أن البذور ذات املظهر اخلارجي البسيط‪،‬‬ ‫بشكل تام‪ ،‬وهذه احملافظة توفرت عن طريق أغلفة البذور التي تتغير‬

‫‪ -‬قواعد ومبادئ للتحقيق في اجلرائم‬ ‫لها في األصل تصميم تفصيلي‪ ،‬فمواصفات كل البذور من نسب‬
‫املواد التي حتتويها إلى ما بداخلها وحتى األغلفة اخلارجية احلافظة‪،‬‬
‫تختلف فيما بينها وفقا للظروف املناخية والبيئية التي تتواجد فيها‪،‬‬
‫وفقا لنوع النبات‪ .‬وبقدر متانة املادة املكونة لغالف البذرة‪ ،‬بقدر ما‬
‫حتمى البذرة من املؤثرات السلبية للجو اخلارجي‪ ،‬واملواد املكونة‬
‫للغالف اآلخر تكون عوامل مؤثرة في بقاء البذور فوق سطح املاء‬
‫احملامي أبو يوسف الكردي*‬ ‫ولكن كيف ظهر هذا التنوع وهذه التفاصيل ؟‬ ‫وفي طيرانها مع الرياح‪.‬‬
‫لنجيب على هذا السؤال باملثال التالي‪ :‬لنفترض أنكم ذهبتم‬ ‫تتصف األغلفة اخلارجية للبذور مبواصفات متعددة وملفتة‬
‫س��ورة يوسف من السور الرائعة في القرآن ب��ي��ان ق��واع��د وم���ب���ادئ ق��ان��ون��ي��ة راق��ي��ة يعتمدها‬ ‫للنظر‪ ،‬فبعض األغشية اخلارجية تكون مغلفة مبادة مرة من أجل‬
‫ال��ك��رمي – وال��ق��رآن ك��ل��ه ع��ظ��ي��م ‪ -‬وذل���ك مل��ا فيها احملققون في كل األزمنة واألمكنة من أجل كشف‬ ‫إلى معرض للرسم ورأيتم الصالة مليئة بصور البذور‪ ،‬وليكن في‬
‫كل ص��ورة رس��م لتفاصيل متعلقة ببذور نبتة مختلفة‪ ،‬ولنفترض‬ ‫إبعاد األع��داء أما البعض اآلخر فيكون غن ًيا مبادة حتد من فساد‬
‫اجل��ن��اة ف��ي اجل��رائ��م اجل��ن��ائ��ي��ة ف��ي كل‬ ‫من معاني ودالالت ‪ -‬تربوية‪ ,‬دعوية‪,‬‬ ‫أيضا أنكم سألتم صاحب املعرض عمن رس��م كل ه��ذه الرسوم‬ ‫ً‬ ‫اجلذور‪.‬‬
‫العالم‪ ،‬مسلمني وغير مسلمني! حتى‬ ‫اجتماعية‪ ,‬قانونية‪ ,‬اقتصادية ‪ -‬إلى ضرورة القيام‬ ‫املختلفة‪ ،‬فإذا أجابكم هذا الشخص بأن ال رسام لهذه الرسومات‬ ‫وعلى اجلانب اآلخ��ر تكون األغلفة اخلارجية احلافظة للبذور‬
‫ن��ع��رف روع����ة م��ع��ان��ي ال���ق���ران الكرمي‬ ‫بالتحقيق‬ ‫ح��د وصفها ال��ل��ه ع��ز وج��ل بأنها من‬ ‫وأنها صممت عن طريق التطور ومبساعدة الصدف‪ ،‬فماذا تفكرون؟‬ ‫قاسية ع��ادة‪ ،‬وه��ذه اخلاصية حتمي البذرة في مواجهة املؤثرات‬
‫وب��داع��ت��ه وش��م��ول��ه لكل ن��واح��ي احلياة‬ ‫اخلارجية‪ .‬فمث ًال تتراكم مادة شمعية متينة على األسطح اخلارجية‬
‫أح��س��ن القصص ف��ي ال��ق��رآن الكرمي واالستعانة‬ ‫بالتأكيد تفهمون أن مثل هذه اإلجابة غير منطقية وغير عقالنية باملرة‪،‬‬
‫لبعض ال�ب��ذور في املرحلة األخ�ي��رة لتطورها‪ ،‬وع��ن طريقها تقاوم‬
‫التي يحتاجها اإلنسان ويتبني ذلك من‬ ‫ل��ق��ول��ه ت��ع��ال��ى { ن �ح��ن ن �ق��ص عليك‬ ‫وتصرون على وجود رسام لها‪.‬‬
‫خالل النقاط التالية‪:‬‬
‫باخلبراء‬ ‫أ ح��س��ن ا ل �ق �ص��ص مب ��ا أو ح��ي��ن��ا إليك‬ ‫ون �ظ � ًرا ألنكم ل��ن تصدقوا التصميم ال�ت�ط��وري لصور البذور‬ ‫البذور تأثير املاء والغاز‪ .‬وقد تكتسي أغلفة البذور مبواد مختلفة‬
‫اجلامدة‪ ،‬فإنكم لن تصدقوا كذلك نفس األمر فيما يتعلق بالبذور‬ ‫وف ًقا لنوع النبات‪ ،‬فكما في حبة الفاصولياء تكتسي بغشاء رقيق‪،‬‬
‫‪ .1‬بقع ال��دم امل��وج��ودة ف��ي مسرح‬ ‫ه ��ذا ا ل��ق��رآن وإن ك �ن��ت م��ن ق�ب�ل��ه ملن‬ ‫وكما في ب��ذرة الكرز تكتسي بقشرة صلبة كاخلشب‪ .‬أما قشور‬
‫لا م��ه� ًم��ا ف��ي ك��ش��ف اجلرائم‬ ‫ا ل �غ��ا ف �ل�ين} (س����ورة ي��وس��ف آي���ة ‪ )3‬وذل���ك ألنها اجل��رمي��ة تعتبر دل��ي� ً‬ ‫التي حت��وي ك��ل املعلومات املتعلقة بنبتة حية‪ ،‬وال�ت��ي تتبرعم في‬
‫الظروف واألجواء املناسبة‪ ،‬وتنبت األشجار الضخمة ومئات الفواكه‬ ‫البذور الواجب أن تكون مقاومة للمياه فتكون أكثر صالبة وسم ًكا‬
‫احتوت على جميع فنون القصة وعناصرها من و مر تكبيها ‪.‬‬ ‫والزهور املختلفة‪ .‬كما يالحظ أن األصل هنا هو وجوب اإلجابة على‬ ‫من غيرها‪.‬‬
‫كما بينّ ذلك قوله تعالى {وجاءوا على قميصه‬ ‫التشويق وتصوير األح��داث وال��ت��راب��ط املنطقي‪،‬‬ ‫تساؤالت مثل‪ :‬من الذي صنع هذا التصميم وكيف؟ وكيف جعلت‬ ‫لنقدم مثا ًال على التصميم في البذور من حبة الفاصولياء التي‬
‫أمر ا فصبر‬
‫بدم كذب قال بل سولت لكم أنفسكم ً‬ ‫كما يقول علماء القصص‪.‬‬ ‫النبتة مناسبة لهذا التصميم وكيف مت ترسيخ ذلك؟‬ ‫تعودنا عليها في حياتنا اليومية‪ .‬حتاط حبة الفاصولياء بغالف أو‬
‫فعلى سبيل امل��ث��ال جن��د أن ال��ق��ص��ة ق��د بدأت جميل والله املستعان على ما تصفون } (سورة‬ ‫والنتيجة أن تركيبة البذور حتتوي على تصميم وخطة واضحة‬ ‫غالفني وفقا لنوعها‪ .‬وهذا الغالف يحمي البذرة من ظروف اجلو‬
‫ب��ح��ل��م أو رؤي���ا ل��ن��ب��ي ال��ل��ه ي��وس��ف ع��ل��ي��ه السالم يوسف آية ‪.)17‬‬ ‫متا ًما‪ ،‬وال ميكن إيضاحها أبً��دا بإدعاءات الصدفة التي يطرحها‬ ‫اخلارجية مثل البرد واجلفاف واملؤثرات األخرى‪ .‬والغالف هو املكان‬
‫أيضا أن هذه اخلطة هي ليست‬ ‫أصحاب نظرية التطور‪ .‬وبالتأكيد ً‬ ‫ال��ذي جتري فيه كل التعامالت مع احمليط اخلارجي‪ ،‬وباختصار‬
‫‪ .2‬التحقيق واخلبراء وهو السبيل الوحيد‬ ‫وانتهت بتحقيق وتفسير ذل��ك احل��ل��م‪ .‬ون��رى أن‬
‫نتاج الصدف الفارغة وال مسببات أخرى‪ .‬وكما لكل رسم رسام‪،‬‬ ‫يلعب الغالف دو ًرا مه ًما في منو البذور‪ .‬فعند قطف حبة الفاصولياء‬
‫قميص يوسف الذي استخدم كدليل لبراءة أخوته للتحقق من األدلة واألقوال‪.‬‬ ‫من مكانها يالحظ وجود أثر بيضاوي‪ ،‬وهذه هي نقطة ارتباط احلبة‬
‫ومت��ت ت��ب��رئ��ة ي��وس��ف عليه ال��س�لام م��ن جرمية‬ ‫كان هو نفسه الدليل على خيانتهم‪ .‬وإن قميصه‬ ‫فإن لكل تصميم وخطة صانع‪ .‬أما التصميم الرائع في البذور فهو‬
‫لله تعالى املبدع والقادر‪ .‬إن التخطيط والتنفيذ الذي نراه في كل‬ ‫مع النبتة األم‪ ،‬وعند تفحصها بدقة يالحظ وجود ثقب صغير هنا‬
‫اآلخر استخدم بعد ذلك كدليل لبراءته من تهمة االع��ت��داء اجلنسي على ام��رأة العزيز ع��ن طريق‬ ‫مراحل حياة النبات‪ ،‬هو من األدلة الواضحة على أن الله صاحب‬ ‫يسمى «الفويهة»‪ ،‬وميكن تشبيه هذا الثقب بالصرة لدى املواليد حيث‬
‫ال��ت��ع��دي ع��ل��ى ام���رأة ال��ع��زي��ز‪ .‬وم��ن ث��م استخدم احمل��ق��ق اخل��ب��ي��ر ال���ذي دق��ق ف��ي م��س��رح اجلرمية‬ ‫القوة العظيمة هو خالقها‪.‬‬ ‫مير من داخل هذا املمر اخلاص أنبوب يفيد في تلقيح خلية التكاثر‬
‫قميصه الثالث كشفاء لعيني وال��ده يعقوب عليه ل��ق��ول��ه ع��ز وج���ل { ق ��ال ه��ي راود ت��ن��ي ع��ن نفسي‬ ‫{هو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر فيه‬ ‫األنثوية في داخل البويضة‪ .‬وعندما يحني الوقت كذلك مير املاء عبر‬
‫وشهد شاهد من أهلها ان كان قميصه‬ ‫الكشف‬ ‫السالم‪ .‬كل هذا يبني روعة هذه القصة‬ ‫هذا الثقب ليؤدي إلى تبرعم البذرة‪ .‬إن سمك قشرة البذور يتكون تسيمون ‪ .‬ينبت لكم به ال��زرع والزيتون والنخيل واألعناب ومن‬
‫قدّ من قبل فصدقت وهو من الكاذبني‬ ‫وم��ع��ان��ي��ه��ا وأح���داث���ه���ا‪ ،‬أم���ا القارئ‬ ‫وف ًقا لنوع النبتة ‪ -‬كما ذكرنا قبل قليل‪ ،-‬وقشرة البذور لكل نبتة ك��ل الثمرات إن ف��ي ذل��ك ألي��ة لقوم يتفكرون}‪( .‬س��ورة النحل‬
‫وان ك��ان قميصه ق��دّ م��ن د ب��ر فكذبت‬ ‫مسرح‬ ‫على‬ ‫وك��أن��ه ي��راه��ا ب��ال��ص��وت والصورة‪...‬‬ ‫لديها الكفاية للتطور في الوسط الذي تتواجد فيه‪ ،‬فال تكون سميكة ‪.)11-10‬‬
‫ج � ًدا وال رقيقة ج � ًدا ألن البذرة ذات القشرة السميكة ج � ًدا ميكن ‪---------------‬‬
‫واألع���ج���ب أن ه���ذه ال��ق��ص��ة تتضمن اجلرمية واألدلة و ه��و م��ن ا ل�ص��اد ق�ين } (س���ورة يوسف‬ ‫أن تعيش في كل الظروف الصعبة‪ .‬ولكن ثمة أمر سلبي للقشرة * وللراغبني مبتابعة البحث بكامله مراجعة املوقع‪www.harunyahya.com:‬‬

‫‪41‬‬ ‫العدد الثاني عشر ‪ 1431 -‬هـ ‪ -‬شتاء ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫العدد الثاني عشر ‪ 1431 -‬هـ ‪ -‬شتاء ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫‪40‬‬
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫قرآن‬ ‫إعجاز قانوني‬

‫املجرم في ارتكاب اجلرمية‪.‬‬ ‫آية ‪.)26‬‬

‫الرحمن علم القرآن‬ ‫اآلية (‪{ )18‬و جاءوا على قميصه بدم كذب‬
‫ق��ال ب��ل سولت لكم أنفسكم أ م� ً�ر ا فصبر جميل‬
‫‪ .3‬االع��ت��راف ي��ع��ت��ب��ر س��ي��د األدل����ة ف��ي كشف‬
‫اجلناة واملجرمني في اجلرائم اجلنائية‪.‬‬
‫ويتبني ذلك بوضوح من خالل اآليتني (‪ )52-51‬والله املستعان على ما تصفون} التي تتضمن‬
‫باسم وحيد الدين علي‬
‫‪ -12‬فواحت السور‬
‫اللتني تنصان على اعتراف نسوة املدينة وامرأة كذب أخوة يوسف على أبيهم بشأن أكل يوسف‬
‫التي احلروف منها‪ ،‬كقوله‪ :‬فقلت لها قفي فقالت قاف أي وقفت‪.‬‬
‫العزيز لقوله تعالى {قال ما خطبكن إذ راودتن من قبل الذئب‪.‬‬
‫وف��ي احل��دي��ث‪( :‬م��ن أع��ان على قتل مسلم بشطر كلمة) قال‬
‫وك���ذب ام���رأة ال��ع��زي��ز ب��ش��أن م��ح��اول��ة اعتداء‬ ‫يوسف عن نفسه قلن حاش لله ما علمنا عليه من‬
‫شقيق‪ :‬هو أن يقول في أقتل‪ :‬أقْ ‪ ،‬كما ق��ال عليه السالم (كفى‬ ‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫س��وء ق��ا ل��ت ا م��رأة العزيز اآلن حصحص ا حل��ق انا ي��وس��ف ع��ل��ي��ه��ا‪ .‬ك��م��ا ف��ي اآلي���ة (‪{ )25‬واستبقا‬
‫يعرف الرحمن الذي علم القرآن‪ ،‬وهو الذي بخلقه أعلم بالسيف شا) معناه‪ :‬شافيا‪.‬‬
‫وأحكم‪ ،‬كيف يخاطبهم وكيف ينبههم وكيف يدلهم على ما‬
‫الباب و ق��دت قميصه من د ب��ر وألفيا سيدها لدا‬ ‫راودته عن نفسه وانه ملن الصادقني} ‪.‬‬
‫وك���ذل���ك اآلي���ت�ي�ن (‪ )97-91‬ال��ل��ت�ين تشمالن الباب قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوءا إال أن‬
‫ثالث ًا‪ -‬ما هو القصد منها ومل��اذا أحجم الصحابة‬ ‫يفيدهم ويصلحهم وينجيهم‪ ،‬فيفتتح السور القرآنية مبا‬
‫يجذب السامع ويشد انتباه القاريء بأساليب متنوعة بتنوع‬ ‫اعتراف أخوة يوسف لقوله تعالى {قالوا تالله يسجن أو عذاب أليم} ‪.‬‬
‫وحتى املشركني عن مناقشة أمرها مع النبي صلى الله‬ ‫‪ .6‬األدوات ال��ت��ي اس��ت��ع��م��ل��ت ف��ي ارتكاب‬ ‫لقد اثرك الله علينا وان كنا خلاطئني }‪{ ،‬قالوا‬
‫العقول واألفهام والرغائب‪ .‬فيبدأ بعضها باحلمد وبعضها‬
‫عليه وسلم؟‬ ‫بالتسبيح‪ ،‬وآخر بالنداء والقسم واألمر واالستفهام والدعاء‬ ‫اجلرمية ومتثيل اجلرمية‬ ‫ي��ا ا ب��ا ن��ا ا س �ت �غ �ف��ر ل �ن��ا ذ ن��و ب �ن��ا إ ن ��ا كنا‬
‫(ه��ي إش��ارة إل��ى ح��روف الهجاء أعلم الله بها ال�ع��رب حني‬ ‫والشرط‪ ،‬واإلخبار‪...‬‬ ‫كما ف��ي اآلي��ة (‪ )18‬وال��ت��ي تشير‬ ‫خاطئني} ‪.‬‬
‫لكن أكثر ما يلفت النظر هو حروف الهجاء املقطعة التي‬ ‫إل����ى أن أخ�����وة ي���وس���ف استعملوا‬
‫أي إن ن����س����وة امل����دي����ن����ة‪ ،‬وام������رأة ضرورة متثيل‬
‫حتداهم بالقرآن أنه مؤتلف من حروف هي التي منها بناء كالمهم‪،‬‬
‫ليكون عجزهم عنه أبلغ في احلجة عليهم إذ لم يخرج عن كالمهم‬ ‫افتتحت بها تسع وعشرون سورة من القرآن الكرمي‪ ،‬فيقرأ‬ ‫العزيز‪ ،‬وأخوة يوسف اعترفوا ببراءته اجلرمية بأدواتها قميصه امللطخ بدم كذب لكي يقنعوا‬
‫في أوائ��ل عدد من السور حرف ًا أو حرفني أو أكثر من مثل‪:‬‬ ‫أباهم بقتل يوسف عليه السالم‪.‬‬ ‫وارتكابهم جرائم بحقه‪.‬‬
‫‪ ...‬كانوا ينفرون عند استماع ال�ق��رآن‪ ،‬فلما سمعوا‪{ :‬الم}‬
‫{ق} و{حم} و{ألم} و{أملص} و{كهيعص} وغيرها‪.‬‬ ‫ومتزيق قميص يوسف في قضية‬ ‫‪ .4‬ال���ك���ش���ف ع���ل���ى م���ك���ان وق����وع‬
‫و{املص} استنكروا هذا اللفظ‪ ،‬فلما أنصتوا له صلى الله عليه‬
‫وقد أجمع أهل العلم على تسميتها « فواحت السور»‪.‬‬ ‫جرمية االع��ت��داء اجلنسي من قبل ام��رأة العزيز‬ ‫اجلرمية وال بد من ذلك لتصور الواقعة‪.‬‬
‫وسلم أقبل عليهم بالقرآن املؤتلف ليثبته في أسماعهم وآذانهم‬ ‫ورب سائل‪ ،‬ما معنى هذه األحرف؟ وما هو القصد منها؟‬ ‫كما في آية (‪ )15‬التي تتضمن مكان ارتكاب (آية ‪. )25‬‬
‫ويقيم احلجة عليهم‪ .‬وقال قوم‪ :‬روي أن املشركني ملا أعرضوا عن‬ ‫وهل عرف العرب من قبل مثل هذه التعابير؟ وماذا قالوا فيها؟‬ ‫وصواع امللك في قضية السرقة {قالوا نفقد‬ ‫جرمية الشروع بقتل يوسف خارج البيت لقوله‬
‫سماع القرآن مبكة وقالوا‪{ :‬ال تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه}‬ ‫ولم أنزلها الله تعالى؟‬ ‫تعالى {فلما ذهبوا به واجمعوا أن يجعلوه في صواع امللك وملن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم}‬
‫[فصلت‪ ]26 :‬نزلت ليستغربوها فيفتحون لها أسماعهم فيسمعون‬
‫غيابة ا جل��ب وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا (آية ‪.)72‬‬
‫القرآن بعدها فتجب عليهم احلجة)(‪ .)2‬والدليل على ذلك أن أغلبها‬ ‫أو ًال‪ -‬هي حروف وليست كلمات‪:‬‬ ‫وم��ن خ�لال م��ا ت��ق��دم يتبني لنا ب��راع��ة وإعجاز‬ ‫وهم ال يشعرون } ‪.‬‬
‫نزل في مكة املكرمة وقبل الهجرة لكي تسترعي انتباه املشركني‬ ‫فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من قرأ حرفا من‬ ‫واآلية (‪ )23‬التي تبني ارتكاب جرمية االعتداء ال��ق��رآن ال��ك��رمي ف��ي ك��ل ن��واح��ي احل��ي��اة وصالحه‬
‫إلى الدين اجلديد‪.‬‬ ‫كتاب الله فله به حسنة‪ ،‬واحلسنة بعشرة أمثالها‪ .‬ال تقول {ألم}‬ ‫اجلنسي داخ��ل بيت ام��رأة العزيز أي في منزل ل��ك��ل األزم��ن��ة واألم��ك��ن��ة وب��ي��ان��ه ف��ي ه��ذه السورة‬
‫وروى أنس أن أعرابيا سأل النبي صلى الله عليه وسلم‪ :‬ما‬ ‫حرف‪ ،‬ولكن ألف حرف‪ ،‬والم حرف‪ ،‬وميم حرف(‪.)1‬‬ ‫ال��زوج��ي��ة ل��ق��ول��ه ت��ع��ال��ى {وراود ت� ��ه ا ل �ت��ي ه��و في امل��ب��ارك��ة أه���م امل��ب��ادئ األس��اس��ي��ة ف��ي التحقيق‬
‫{حم} فإنا ال نعرفها في لساننا؟ فقال النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم‪( :‬ب��دء أسماء وف��واحت س��ور)‪ .‬وق��ال الضحاك والكسائي‪:‬‬ ‫بيتها عن نفسه وغلقت األبواب وقالت هيت لك ف��ي اجل��رائ��م اجل��ن��ائ��ي��ة‪ ،‬ع��ل� ًم��ا أن ال��ق��رآن الكرمي‬
‫ث��ان �ي � ًا‪ -‬ع��رف ال �ع��رب اخ�ت�ص��ار ب�ع��ض الكلمات‬ ‫ق��ال معاذ الله ا ن��ه ر ب��ي أحسن م�ث��واي ا ن��ه اليفلح يحتوي على مبادئ قانونية أخرى‪ .‬و {ما فرطنا‬
‫معناه قضي ما هو كائن‪ .‬كأنه أراد اإلشارة إلى تهجي {حم}؛‬ ‫الظاملون} ‪.‬‬
‫ألنها تصير حم بضم احلاء وتشديد امليم؛ أي قضي ووقع‪.‬‬
‫واس�ت�ع�م�ل��وه��ا‪ ،‬لكنهم م��ا وق �ف��وا ع�ل��ى م�ث��ل هذه‬ ‫في الكتاب من ش��يء} أي تطرق القرآن الكرمي‬
‫مما دفع باملشركني إلى التخوف من اخلوض مبا سمعوا ال‬ ‫األحرف‪:‬‬ ‫ألن مكان ارتكاب اجلرمية وصفة املرتكب لهما إلى كل جوانب احلياة إما بشكل مباشر أو غير‬
‫جلهلهم بل لبالغتهم ومعرفتهم بأن مثل هذه الصيغ ليست من‬ ‫قال الزجاج‪ :‬أذهب إلى أن كل حرف منها يؤدي عن معنى‪،‬‬ ‫أهمية في تشديد أو تخفيف العقوبة في القانون مباشر و»اللبيب من اإلشارة يفهم» ‪.‬‬
‫‪--------------------‬‬ ‫اجلنائي ‪.‬‬
‫قول البشر‪.‬‬ ‫وقد تكلمت العرب باحلروف املقطعة نظما لها ووضعا بدل الكلمات‬ ‫‪ .5‬كشف الكذب وال��ذي يعتبر طريقة لكشف * وللراغبني مبتابعة البحث بكامله مراجعة املوقع ‪www.55a.net‬‬

‫‪35‬‬ ‫العدد الثاني عشر ‪ 1431 -‬هـ ‪ -‬شتاء ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫العدد الثاني عشر ‪ 1431 -‬هـ ‪ -‬شتاء ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫‪42‬‬
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫قرآن‬ ‫قرآن‬

‫خامتة‪:‬‬ ‫إحداهما نارا ليال فتصبح سوداء مظلمة‪ ،‬فتحرق كلها كأنها لم‬ ‫واخلامت واملاحي والعاقب واحلاشر‪ e،‬وزعم سيف أن أبا جعفر‬ ‫وأما سكوت الصحابة عن ذلك فلم يكن إال إميان ًا وتصديقا‬
‫تكن مكانها؛ فتصبح صاحبتها متعجبة‪ ،‬كيف قلبت! فما هو إال‬ ‫قال‪ :‬اإلسمان الباقيان {طه} و{يس}‪.‬‬ ‫وإذعانا وتبجيال فقد وقرت هيبة الله وهيبة رسوله في نفوسهم ولم‬
‫نستنتج مما سبق أن ه��ذا الترميز للحروف املقطعة‪ ،‬يشد‬
‫بياض يومها حتى يجتمع فيها كل جبار عنيد‪ ،‬ثم يخسف الله بها‬ ‫وقيل‪ :‬هذا في شأن النبي صلى الله عليه وسلم فـ «احلاء»‬ ‫تكن معاني هذه احلروف لتزيد شيئ ًا في إميانهم‪ .‬فعن أنس قال‪:‬‬
‫االنتباه ويفتح األذه��ان ويدعو إلى التفكر‪ ،‬ويشعر العبد بهيبة‬
‫اخلالق وبإعجاز كالمه وعجز اخللق عن مجاراته‪ ،‬حتى أن بعض‬ ‫وبهم جميعا؛ فذلك قوله‪" :‬حم‪ .‬عسق" أي عزمة من عزمات الله‪،‬‬ ‫حوضه امل��ورود‪ ،‬و»امليم» ملكه املمدود‪ ،‬و»العني» عزه املوجود‪،‬‬ ‫( ُكنّا َن َت َمنّى أن َيأتي األ ْع َرا ِب ّي ال َعاقِ ُل َف َي ْس َأ َل ّ‬
‫النبي صلى الله عليه‬
‫وفتنة وقضاء حم‪ :‬حم‪" .‬ع"‪ :‬عدال منه‪" ،‬س"‪ :‬سيكون‪" ،‬ق"‪ :‬واقع‬ ‫و»ال�س�ين» سناه املشهود‪ ،‬و»ال�ق��اف» قيامه في املقام احملمود‪،‬‬ ‫وسلم ون َْح ُن عِ ْن َد ُه‪.)...،‬‬
‫الباحثني وجد في فواحت السور املقطعة سر إيقاع السورة وتردد‬
‫في هاتني املدينتني(‪.)7‬‬ ‫وقربه في الكرامة من امللك املعبود‪ .‬وقال ابن عباس‪ :‬ليس من نبي‬ ‫رابع ًا‪-‬كيف تأولها بعض الصحابة والتابعني ومن بعدهم من‬
‫أحرفها ووقعها على األسماع‪.‬‬
‫صاحب كتاب إال وقد أوحي إليه‪« :‬حم‪ .‬عسق»؛ فلذلك قال‪« :‬يوحي‬ ‫علماء املسلمني؟‬
‫ونختم بهذه املالحظة العميقة واملؤثرة التي وردت عن الربيع‬
‫خامس ًا‪-‬كيف تعامل معها الورعون؟‬ ‫إليك وإلى الذين من قبلك» املهدوي‪ :‬وقد جاء في اخلبر أن («حم‪.‬‬ ‫أ‪-‬ق��ال��وا هي من أسماء الله تعالى‪ :‬عن اب��ن عباس في قوله‬
‫بن خيثم‪:‬‬
‫عسق» معناه أوحيت إلى األنبياء املتقدمني)‪.‬‬ ‫(الر) و(حم) و(ن) قال‪ :‬حروف الرحمن مفرق‪ ،‬وعن عامر أنه‬
‫(إن الله تعالى أنزل هذا القران فاستأثر منه بعلم ما‬ ‫قال الشعبي لداود بن أبي هند عن فواحت السور‪ :‬يا داود إن‬ ‫و‪ -‬وقيل هي اختصار أسماء وكلمات‪:‬‬ ‫سئل عن ف��واحت السور نحو {أل��م} و{ال��ر} ق��ال‪ :‬هي أسماء‬
‫شاء‪ ،‬وأطلعكم على ما شاء‪ ،‬فأما ما استأثر به لنفسه‬ ‫لكل كتاب سر ًا‪ ،‬وإن سر هذا القرآن فواحت السور‪ ،‬فدعها وسل‬ ‫روى نافع ع��ن اب��ن ع�ب��اس‪« :‬احل ��اء» حلمه‪ ،‬و»امل �ي��م» مجده‪،‬‬ ‫من أسماء الله مقطعة الهجاء‪ ،‬فإذا وصلتها كانت من أسماء الله‬
‫فلستم بنائليه فال تسألوا عنه‪ ،‬وأما الذي أطلعكم عليه‬ ‫عما بدا لك(‪.)8‬‬ ‫و»العني» علمه‪ ،‬و»السني» سناه‪ ،‬و»القاف» قدرته؛ أقسم الله بها‪.‬‬ ‫تعالى وقال عكرمة‪ :‬قال النبي صلى الله عليه وسلم‪«( :‬حم» اسم‬
‫فهو الذي تسألون عنه وتخبرون به‪ ،‬وما بكل القرآن‬ ‫ومع ذلك فقد أخذت هذه األمور حيز ًا كبيرا من اهتمامات علماء‬ ‫وعن محمد بن كعب‪ :‬أقسم الله بحلمه ومجده وعلوه وسناه وقدرته‬ ‫من أسماء الله تعالى وهي مفاتيح خزائن ربك)‪.‬‬
‫تعلمون‪ ،‬وال بكل ما تعلمون تعملون‪ .‬قال أبو بكر‪ :‬فهذا‬ ‫املسلمني وغيرهم‪ ،‬كما ظهرت في نصف القرن األخير دراسات‬ ‫أال يعذب من عاذ بال إله إال الله مخلصا من قلبه‪.‬‬ ‫وعن ابن عباس في قوله {ألم} قال‪ :‬أنا الله أعلم‪ ،‬وفي قوله‬
‫يوضح أن حروفا من القرآن سترت معانيها عن جميع‬ ‫إحصائية ورقمية لفواحت السور ولغيرها كاألسماء احلسنى وبقية‬ ‫وورد أن النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬كان إذا صلى قام على‬ ‫{الر} قال‪ :‬أنا الله أرى‪ ،‬وعن محمد بن كعب {طه} قال‪ :‬الطاء‬
‫العالم‪ ،‬اختبارا من الله عز وجل وامتحانا‪ ،‬فمن آمن‬ ‫حروف القرآن الكرمي(‪.)9‬‬ ‫رجل ورفع األخرى‪(،‬من شدة التعب)‪ ،‬فأنزل الله {طه} يعني طأ‬ ‫من ذي الطول‪ ،‬وعن ابن عباس في قوله {ألم} قال‪ :‬هو اسم الله‬
‫بها أثيب وسعد‪ ،‬ومن كفر وشك أثم وبعد)(‪.)10‬‬ ‫األرض يا محمد‪{ ،‬ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى}‪.‬‬ ‫األعظم‪.‬‬
‫وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال‪( :‬ما آمن مؤمن‬ ‫سادس ًا‪ -‬هل النظر فيها مباح؟‬ ‫ز‪-‬كما قيل أن بعضها معروف في لغات أخرى‪:‬‬ ‫ب‪ -‬وقالوا هي من أسماء القرآن الكرمي‪ :‬عن قتادة في قوله‬
‫أفضل من إميان بغيب)‪ ،‬ثم قرأ‪{ :‬الذين يؤمنون بالغيب} [البقرة‪:‬‬ ‫عن ابن عباس في قوله‪{ :‬طه} بالنبطية أي {طا} يا رجل(‪.)6‬‬ ‫{ألم} قال‪ :‬اسم من أسماء ألقرآن(‪.)3‬‬
‫من خ�لال تنوع اآلراء في ه��ذه احل��روف جند إجماع ًا أكثر‬
‫‪ .]3‬واحلمد لله رب العاملني‪.‬‬ ‫وقيل باللغة السريانية‪ .‬وأخرج احلاكم‪ ،‬عن ابن عباس رضي الله‬ ‫وكذلك قاله مجاهد ‪.‬‬
‫ً ً‬
‫مما جند اختالفا حادا على أن هذه احلروف تدخل في املتشابه ‪-------------------‬‬ ‫عنهما في قوله‪{ :‬طه} قال‪ :‬هو كقولك يا محمد بلسان احلبش‪.‬‬ ‫ج‪ -‬وقالوا هي من أسماء السور‪ :‬عن زي��د بن أسلم قال‬
‫وحكمه‪ ،‬وأن في البحث فيها فوائد جمة تلفت االنتباه وتنير العقل (‪ )1‬أخرجه البخاري في تاريخه والترمذي وصححه وابن الضريس ومحمد‬
‫بن نصر وابن األنباري في املصاحف واحلاكم وصححه وابن مردويه وابو‬ ‫ح‪-‬وقيل أنها أسرار ال يعلمها إال الراسخون في العلم‪:‬‬ ‫{ألم} ونحوها أسماء السور‪ .‬مثل {ألم} السجدة و{حم}‬
‫وحت��ث على الفهم‪ ،‬وذل��ك ملن أراد الله به خيرا‪ ،‬وأم��ا الذين في‬
‫ذر الهروي في فضائله والبيهقي في شعب اإلميان عن ابن مسعود‪.‬‬ ‫وذكر القشيري‪ ،‬واللفظ للثعلبي‪ :‬أن النبي صلى الله عليه وسلم‬ ‫الدخان‪.‬‬
‫قلوبهم مرض فال يزيدهم مثل هذا األمر إال زيغ ًا في قلوبهم وشتات ًا (‪ )2‬القرطبي في تفسير اآلية ‪ 1‬من سورة البقرة‪.‬‬
‫(‪ )3‬أخرجه عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حامت‬
‫ملا نزلت هذه اآلية عرفت الكآبة في وجه؛ فقيل له‪ :‬يا رسول الله‪،‬‬ ‫د‪ -‬منها ما أقسم به الله تعالى‪)4( :‬عن ابن عباس في قوله‬
‫في أفكارهم‪.‬‬ ‫ما أحزنك؟ قال‪" :‬أخبرت بباليا تنزل بأمتي من خسف وقذف ونار‬
‫(‪ )4‬أخرجه ابن جرير وابن املنذر وابن أبي حامت وابن مردويه والبيهقي في كتاب‬ ‫(ألم) و(املص) و(الر) و(املر) و(كهيعص) و(طه) و(طسم)‬
‫األسماء‪.‬‬ ‫قال القرطبي‪ :‬قال جمع من العلماء كبير‪ :‬بل يجب أن نتكلم‬ ‫حتشرهم وريح تقذفهم في البحر وآيات متتابعات متصالت بنزول‬ ‫و(ط��س) و(ي��س) و(ص) و(ح��م) و(ق) و(ن) ق��ال‪ :‬هو قسم‬
‫فيها‪ ،‬ويلتمس الفوائد التي حتتها‪ ،‬واملعاني التي تتخرج عليها‪ )5( ،‬أخرجه ابن مردويه‪ ،‬عن أبي الطفيل قال‪:‬‬
‫(‪ )6‬وأخرج احلارث بن أبي أسامة وابن أبي حامت‪،‬‬
‫عيسى وخروج الدجال"‪.‬‬ ‫أقسمه الله‪ ،‬وهو من أسماء الله‪.‬‬
‫واختلفوا في ذلك على أقوال عديدة‪ ،‬فروي عن ابن عباس وعلي (‪ )7‬أخرجه ابن جرير‪ ،‬وابن أبي حامت‪ ،‬ونعيم بن حماد‪ ،‬واخلطيب‪ ،‬عن أرطاة‬ ‫قال إبن عباس‪ :‬وك��ان علي رضي الله عنه يعرف الفنت بها‪،‬‬ ‫القسم أن العرب إذا أراد بعضهم أن يؤكد كالمه‬
‫واحلكمة من َ‬
‫بن املنذر ‪.‬‬ ‫أيضا‪ :‬أن احلروف املقطعة في القرآن اسم الله األعظم‪ ،‬إال أنا ال‬ ‫وق��ال رج��ل الب��ن عباس وع�ن��ده حذيفة ب��ن ال�ي�م��ان‪ :‬أخبرني عن‬ ‫أقسم على كالمه‪ ،‬والله تعالى أراد أن يؤكد عليهم احلجة فأقسم‬
‫(‪ )8‬أخرجه ابن املنذر وأبو الشيخ بن حبان في التفسير عن داود بن أبي‬
‫هند‪.‬‬
‫نعرف تأليفه منها‪.‬‬ ‫تفسير قوله تعالى‪" :‬ح��م‪ .‬عسق" ؟ فأعرض عنه حتى عاد عليه‬ ‫أن القرآن من عنده‪.‬‬
‫وروي عن محمد بن علي الترمذي أنه قال‪ :‬إن الله تعالى أودع (‪ )9‬أحمد عبد ال�ه��ادي الصغير‪ ،‬األح��رف النورانية وأس��راره��ا الربانية‪ ،‬دار‬ ‫ثالثا فأعرض عنه‪ .‬فقال حذيفة بن اليمان‪ :‬أنا أنبئك بها‪ ،‬قد عرفت‬ ‫هـ‪-‬وقيل أن منها أسماء للنبي صلى الله عليه وسلم‬
‫اإلميان‪ ،‬دمشق ‪1429‬هـ‪2008/‬م‪.‬‬ ‫جميع ما في تلك السورة من األحكام والقصص في احلروف التي‬ ‫لم تركها؛ نزلت في رجل من أهل بيته يقال له عبداإلله أو عبدالله؛‬ ‫وصفاته‪:‬‬
‫(‪ )10‬ذكره أبو بكر األنباري‪ :‬حدثنا احلسن بن احلباب حدثنا أبو بكر بن أبي‬
‫طالب حدثنا أبو املنذر الواسطي عن مالك بن مغول عن سعيد بن مسروق‬ ‫ذكرها في أول السورة‪ ،‬وال يعرف ذلك إال نبي أو ولي‪ ،‬ثم بني ذلك‬ ‫ينزل على نهر من أنهار املشرق‪ ،‬يبني عليه مدينتني يشق النهر‬ ‫ق��ال رس��ول الله [ إن لي عشرة أسماء عند رب��ي ق��ال أبو‬
‫عن الربيع بن خثيم‪.‬‬ ‫في جميع السورة ليف ّقه الناس‪.‬‬ ‫بينهما شقا‪ ،‬فإذا أراد الله زوال ملكهم وانقطاع دولتهم‪ ،‬بعث على‬ ‫الطفيل‪ :‬حفظت منها ثمانية‪ :‬محمد وأحمد وأبو القاسم والفاحت‬
‫‪37‬‬ ‫العدد الثاني عشر ‪ 1431 -‬هـ ‪ -‬شتاء ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫العدد الثاني عشر ‪ 1431 -‬هـ ‪ -‬شتاء ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫‪36‬‬
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫اعجاز هندسي‬ ‫اعجاز هندسي‬

‫إن ه��ذا يعني أن ال�ط��واف ح��ول الكعبة املشرفة‬ ‫إنسان يطوف بجوار حوائط الكعبة متام ًا‪ ،‬وهذا‬
‫(سبع أش ��واط) كما رف��ع ق��واع��ده��ا سيدنا ابراهيم‪،‬‬

‫واح��د‪ ،‬مما يعني أن وص��ف السعي بالطواف أيض ًا‬


‫السبعة‬
‫ً‬
‫األشواط‬ ‫مجموع‬
‫محيط الكعبة املشرفة (أي مجموع أطوال حوائطها حول الكعبة يعادل شوطا يساوي السعي ما بني جبلي الصفا وامل��روة لشوط‬
‫واحدا من السعي‬ ‫ً‬
‫يعني من الناحية احلسابية أن هذه املسافة تساوي‬

‫في املسقط األفقي)‪.‬‬


‫العالقة الهندسية بني الطواف والسعي‬
‫ال يدل فقط على اشتراك احلركتني في أصل املعنى‬ ‫لقد أورد األزرق��ي في كتابه «أخبار مكة»‬
‫(‪)5‬‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬يحيى وزيري*‬
‫أبعاد املسقط األفقي حلوائط الكعبة املشرفة كمايلي ‪..« :‬فبنى البيت وجعل اللغوي‪ ،‬ولكن أيض ًا لوجود عالقة حسابية محكمة ودقيقة‪ ،‬وهو ما ميكن اعتباره‬
‫(‪)6‬‬

‫طوله في السماء تسعة أذرع‪ ،‬وعرضه في األرض اثنني وثالثني ذراع ًا من الركن من اآليات البينات املوجودة في املسجد احلرام‪ ،‬والتي أشار لها القرآن صراحة‬ ‫مقدمة‬
‫نبه املولى سبحانه وتعالى فى القرآن الكرمي إلى أن البيت احلرام فيه آيات بينات‪ ،‬مصداق ًا لقوله‪{ :‬إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مبارك ًا وهدى للعاملني‪،‬‬
‫األس��ود إلى الركن الشامي الذي عند احلجر من وجهه‪ ،‬وجعل عرض ما بني في سورة آل عمران‪)...( .‬‬ ‫فيه آيات بينات مقام ابراهيم} (آل عمران‪ .)97 ،96 :‬وإن الطواف حول الكعبة املشرفة هو أحد أركان مناسك احلج أوالعمرة‪ ،‬مصداق ًا لقوله تعالى‪{ :‬ثم ليقضوا‬
‫ذراع ًا‪ ،‬وجعل اخلالصة‪:‬‬ ‫الركن الشامي إلى الركن الغربي الذي فيه احلجر اثنني وعشرين‬ ‫تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق} (احلج‪ :‬آية ‪ .)29‬ومن خصوصيات املسجد احلرام الطواف حول الكعبة املشرفة سبعة أشواط‪ ،‬بد ًال من أداء‬
‫أوضحت الدراسة أنه توجد عالقة هندسية (حسابية) ما بني الطواف حول‬ ‫طول ظهرها من الركن الغربي إلى الركن اليماني أحد وثالثني ذراع ً��ا‪ ،‬وجعل‬ ‫ركعتي حتية املسجد كما في باقي مساجد األرض األخرى‪ .‬والسعي ما بني جبلي الصفا واملروة من أركان احلج أو العمرة أيض ًا‪ ،‬كما أنه ال جناح على أي مسلم‬
‫عرض شقها اليماني من الركن األسود إلى الركن اليماني عشرين ذراع ًا‪ ،»..‬أى‬ ‫أن يسعى بينهما في أي وقت شاء‪ ،‬مصداق ًا لقوله سبحانه وتعالى‪{ :‬إن الصفا واملروة من شعائر الله‪ ،‬فمن حج البيت أو اعتمر فال جناح عليه أن يطوف بهما‪ ،‬ومن‬
‫الكعبة املشرفة والسعي بني جبلي الصفا وامل��روة‪ ،‬وهو ما يعني أن الوصف‬ ‫تطوع خير ًا فان الله شاكر عليم} (البقرة‪ :‬آية ‪.)158‬‬
‫أن املقاسات األصلية للكعبة املشرفة تكون كمايلى‪:‬‬
‫القرآني للسعي بأنه طواف أيض ًا ال يقتصر ذلك على اشتراك السعي والطواف‬ ‫ً‬
‫يالحظ من اآلي��ات الكرمية السابقة أن القرآن الكرمي‪ ،‬قد وصف السعي بني الصفا وامل��روة بأنه طواف أيضا‪ ،‬فهل هذا الوصف القرآني الدقيق يلفت‬
‫• مقاس احلائط الشمالى الشرقى يساوى ‪ 32‬ذراعا‪.‬‬ ‫أنظارنا لوجود عالقة ما بني «الطوافني»؟‪ ،‬أي الطواف حول الكعبة والطواف بني الصفا واملروة‪ .‬إن الهدف من هذه الدراسة‪ :‬هو محاولة كشف العالقة الهندسية‬
‫في املعنى اللغوي (‪.)...‬‬
‫‪-----------------------‬‬ ‫• مقاس احلائط الشمالى الغربى يساوى ‪ 22‬ذراعا‪.‬‬ ‫(احلسابية)‪ ،‬بني الطواف حول الكعبة املشرفة والسعى ما بني جبلي الصفا واملروة‪ ،‬انطالق ًا من التنبيه القرآني الذي سبق االشارة إليه‪.‬‬
‫* مدير عام املجلس االسالمى العاملى للدعوة واالغاثة‪ .‬وللراغبني مبتابعة البحث بكامله‬ ‫• مقاس احلائط اجلنوبى الغربى يساوى ‪ 31‬ذراعا‪.‬‬
‫مراجعة املوقع ‪55a.net.www‬‬ ‫• مقاس احلائط اجلنوبى الشرقى يساوى ‪ 20‬ذراعا‪.‬‬ ‫فاخلالصة‪ :‬أن الطواف ال يعني الدوران وإمنا يعني الذهاب واإلياب من‬ ‫أو ًال‪ :‬الطواف والسعي لغة وشرع ًا‪:‬‬
‫وهذا يعني أن محيط الكعبة األصلي (أي مجموع أطوال الكعبة املشرفة)‬ ‫شيء إلى شيء مهما كانت حالة ذلك الشيء‪ ،‬والسعي يعني املشي بجد وك ًال من‬
‫يساوي ‪ 104‬ذراع ًا‪ ،‬ونظر ًا إلى أن اإلنسان الذي يسير بجوار احلائط يجب الهوامش‪:‬‬ ‫املعنيني موجود في الطواف بالبيت والصفا واملروة‪ ،‬فبداية الطواف بالبيت وبني‬ ‫الطواف في اللغة‪( :‬الطاء وال��واو والفاء‪ ،‬أص ٌل واح ٌد صحيح يدل على‬
‫أن يبتعد عنه على األقل مسافة (‪10‬س��م) حتى اليحتك كتفه بهذا احلائط‪ )1( ،‬خالد عبد الله الشمراني (‪1428‬هجرى)‪ .‬املكث بعد طواف الوداع في احلج‪ .‬منقول عن‬ ‫الصفا واملروة نعبر عنه باملشي أو السعي وإذا تكرر كان طواف ًا فكل طواف هو‬ ‫دوران الشيء على الشيء‪ ،‬وأن َي ُح َّف به ثم يحمل عليه‪ ،‬يقال‪ :‬طاف به وبالبيت‬
‫املوقع األلكتروني التالي‪:‬‬ ‫مضاف ًا إليها نصف عرض جسم اإلنسان (أي ‪25‬سم)‪ ،‬فإن هذا يعني أن‬ ‫سعي ومشي(‪.)4‬‬ ‫يطوف َط ْوف ًا و َط َواف ًا‪ ،‬وأطاف به)‪ ،‬أما في الشرع فهو‪ :‬التعبد لله بالدوران حول‬
‫‪www.almoslim.net/node/84279‬‬
‫احملور الرأسي الذي مير مبنتصف جسم اإلنسان الذي يطوف حول الكعبة‬ ‫ولكن اذا كان املعنى اللغوي يحتمل أن يصف القرآن الكرمي السعي بني‬ ‫الكعبة على صفة مخصوص ًة‪.‬‬
‫(‪ )2‬عن كتاب‪« :‬تاريخ احلرمني»‪ ،‬نسخة إلكترونية موجودة على موقع احلج والعمرة التالي‪:‬‬ ‫وصفة الطواف املشروع‪« :‬أن يبتدئ طوافه من الركن الذي فيه احلجر‬
‫‪www.tohajj.com‬‬ ‫يبتعد مبسافة (‪35‬سم) أي حوالى (‪ 0.68‬ذراع ًا‪ ،‬حيث أن الذراع يساوي‬ ‫الصفا واملروة بالطواف‪ ،‬حتى ولو كانت احلركة بينهما ترددية في خط مستقيم‪،‬‬
‫وليست دائرية أو بيضاوية كما في حالة الطواف حول الكعبة املشرفة‪ ،‬فهل‬ ‫األسود‪ ،‬فيستقبله‪ ،‬ويستلمه‪ ،‬ويقبله إن لم يؤذ الناس باملزاحمة‪ ،‬فيحاذي بجميع‬
‫‪51‬سم في حالة قياسات الكعبة ) عن حوائط الكعبة املشرفة‪ ،‬أي أنه يجب (‪ )3‬أوضح فضيلة الشيخ الشعراوي هذا املعنى لي‪ ،‬عند لقائي به ليكتب مقدمة ملؤلفي األول‬
‫(‪)7‬‬
‫حل َجر ‪ ...‬بحيث يصير جميع احلجر عن ميينه ويصير منكبه األمين‬ ‫بدنه جميع ا َ‬
‫عام ‪1990‬م حتت عنوان‪« :‬خواطر الشيخ الشعراوي حول عمران املجتمع االسالمي»‪،‬‬ ‫إضافة هذه املسافة على كل ضلع من أضالع الكعبة من طرفيه‪ ،‬حتى تكون‬ ‫الوصف الذي يجمع ما بني احلركتني لغوي فقط؟‪ ،‬أم أن بينهما عالقة هندسية‬
‫مكتبة التراث االسالمي‪ ،‬القاهرة‪.‬‬ ‫احلسابات واقعية ودقيقة‪.‬‬ ‫(حسابية)‪ ،‬ميكن أن تعتبر من اآليات البينات املوجودة في املسجد احلرام؟‬ ‫حل َجر ‪ ...‬ثم يبتدئ طوا َفه مار ًا بجميع بدنه على جميع احلجر‪ ،‬جاع ًال‬
‫عند طرف ا َ‬
‫إذن أقل مسافة للطواف = محيط الكعبة األصلي بالذراع ‪ )4( = )0.68*8( +‬للمزيد من التفاصيل انظر املوقع اإللكتروني التالي‪:‬‬ ‫يساره إلى جهة البيت‪ ،‬ثم ميشي طائف ًا بالبيت‪ ،‬ثم مير وراء احلِ جر‪ -‬بكسر احلاء‬
‫‪http://www.ahl-alquran.com/arabic/‬‬ ‫ث��ان�ي� ًا‪ :‬ال�ط��واف ح��ول الكعبة املشرفة ف��ي زم��ن سيدنا‬ ‫‪ -‬ويدور بالبيت‪ ،‬فيمر على الركن اليماني‪ ،‬ثم ينتهي إلى ركن احلجر األسود‪،‬‬
‫‪ 109.44 = 5.44 + 104‬ذراع ًا‪.‬‬
‫‪show_article.php?main_id=982‬‬
‫ف��إذا كان الطواف حول الكعبة املشرفة محدد ًا بسبعة أش��واط‪ ،،‬فإن أقل‬ ‫ابراهيم‪:‬‬ ‫وهو احملل الذي بدأ منه طوافه‪ ،‬فتتم له بهذا طوف ًة واحدة‪ ،‬ثم يفعل كذلك‪ ،‬حتى‬
‫(‪ )5‬ابو الوليد االزرقي (‪ . )1983‬اخبار مكة وما جاء فيها من اآلثار (ط‪ )3‬دار االندلس ‪،‬‬
‫مسافة للطواف حول الكعبة سبع مرات تساوي ‪ 766‬ذراع ًا‪.‬‬ ‫ظلت الكعبة املشرفة بنفس املقاسات من حيث أطوال حوائطها وعلى نفس‬ ‫يتمم سبع ًا»(‪.)1‬‬
‫بيروت ‪ ،‬ص‪. 66‬‬
‫قواعدها األصلية حتى عهد قريش‪ ،‬وذلك ألن قريش ًا عند اعادة بنائها للكعبة‬ ‫أما السعي في اللغة‪ :‬يطلق على املشي‪ ،‬والقصد إلى الشيء‪ ،‬والعدو‪،‬‬
‫(‪ )6‬املرجع نفسه ‪،‬ص‪64‬‬
‫(‪ )7‬طول الذراع في حالة قياسات الكعبة املشرفة هو ‪ 51‬سم‪ ،‬وذلك ألن املسافة بني الركن‬
‫راب �ع � ًا‪ :‬ال�ع�لاق��ة الهندسية (احل�س��اب�ي��ة) ب�ين الطواف‬ ‫املشرفة أنقصت عدة أذرع من جهة احلجر ولم ترفعه كباقي ج��دران الكعبة‬ ‫والتصرف في األعمال‪ ،‬واصطالح ًا‪ :‬املشي بني الصفا واملروة‪ ،‬وقد يطلق على‬
‫اليماني وركن احلجر األسود تساوي حسبما ورد في كتاب األزرقي ‪ 20‬ذراع ًا‪ ،‬وتساوي‬ ‫والسعي‪:‬‬ ‫وم��ع ذل��ك فقد استمر الطواف ح��ول الكعبة املشرفة بعد أن ف��رض على األمة‬ ‫السعي الطواف والتطوف‪ ،‬كما في قوله تعالى‪{ :‬ف�لا جناح عليه أن يطوف‬
‫حسب قياسات مركز أبحاث احلج احلديثة ‪10.18‬م‪ ،‬وهذا يعني أن الذراع في حالتنا‬ ‫اتضح لنا باحلسابات مما سبق أن أقل مسافة للطواف حول الكعبة املشرفة‬ ‫االسالمية يشمل حجر اسماعيل أيض ًا‪ ،‬ويعتبر الفقهاء أن من دخل في طوافه من‬ ‫بهما}‪ ،‬أي يسعى بينهما(‪.)2‬‬
‫هذه يساوي ‪ 51‬سم (املعروف أن املسافة بني الركنني األسود واليماني لم تتغير منذ أن‬ ‫(مبقاساتها األصلية) سبع مرات (أشواط)‪ ،‬تساوي ‪ 766‬ذراع ًا‪.‬‬ ‫داخل حجر إسماعيل فقد أصبح طوافه باط ًال‪ ،‬لوجود جزء من الكعبة في حجر‬ ‫وقد أوضح فضيلة الشيخ الشعراوي رحمه الله‪ ،‬أن الطواف يعني أن تبدأ‬
‫رفع سيدنا ابراهيم قواعد الكعبة‪ ،‬لذلك مت االعتماد عليها ملعرفة طول الذراع)‪.‬‬ ‫إسماعيل‪ ،‬واملطلوب هو الطواف بكل الكعبة ال باجلزء املسقوف منها فقط‪)...( .‬‬ ‫من نقطة (أو مكان) ثم تعود إليها(‪ ،)3‬فاملسلم فى طوافه حول الكعبة يبدأ من أمام‬
‫(‪ )8‬مت التأكد أيض ًا من هذه املسافة عن طريق استخدام القياسات املتوفرة في‬ ‫فإذا عرفنا أن املسافة ما بني جبلي الصفا وامل��روة‪ ،‬وهي مسافة السعي‬
‫بينهما شوط ًا واحد ًا تساوي ‪ 766.50‬ذراع ًا(‪ ،)8‬كما ورد في كتاب «أخبار مكة»‬ ‫ركن احلجر األسود ويطوف حول الكعبة راجع ًا إليه فيحسب هذا شوط ًا‪ ،‬كما أن‬
‫برنامج «جوجل ايرث» باستخدام صور األقمار الصناعية‪ ،‬حيث يوجد فرق‬ ‫ثالث ًا‪ :‬حساب أقل مسافة للطواف حول الكعبة املشرفة‪:‬‬ ‫املسلم في السعي يبدأ من عند جبل الصفا ذاهب ًا إلى جبل املروة ثم يعود للصفا‪،‬‬
‫حوالي ‪ 4‬أمتار فقط بني القياس الوارد في كتاب األزرقي وقياس طول املسعى‬ ‫لألزرقي في باب «ذكر ذرع ما بني الركن األسود الى الصفا وذرع ما بني الصفا‬ ‫مما سبق يتضح لنا أن أقل مسافة للطواف حول الكعبة املشرفة مبقاساتها‬
‫حالي ًا ‪.‬‬ ‫واملروة»‪.‬‬ ‫وهكذا تتكرر احلركة ما بني اجلبلني فتكون طواف ًا‪.‬‬
‫األصلية‪ ،‬كما رفع قواعدها سيدنا ابراهيم وابنه اسماعيل‪ ،‬حتسب على أساس‬
‫‪45‬‬ ‫العدد الثاني عشر ‪ 1431 -‬هـ ‪ -‬شتاء ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫العدد الثاني عشر ‪ 1431 -‬هـ ‪ -‬شتاء ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫‪44‬‬
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫مقال حر‬ ‫مقال حر‬

The Guidance was an example of one of these people in the early history of Islam. As he went with the intention to kill his sister and his brother in law for
converting to Islam, he was touched by the truth in the words of the Quran, which caused him to change his course and become a leading
Muslim with great faith. There is goodness in everyone, including you. Let this inherent goodness pull you from the rubble of broken
lives and damaging circumstances.
Dr. Maher Hathout* Direct Communication from God:
God guided humankind with the ability to think, ponder and contemplate, as well as the ability to discern, compare, deduce, judge, store
and retrieve memory and information. Humankind was given the ability to build up knowledge based on personal experiences as well as A message carried by messengers, and sometimes documented in scriptures. God Almighty at different stages in time, sent
on the experience of others, the ability to learn, develop language and record ideas. In addition, humankind has the power of expression messages in forms suitable for each stage, through a series of Prophets and messengers. All messengers, from Adam to Muhammad (peace
and communication, as well as the ability to teach and make judgment. be upon all of them), dealt with a social context and moved within a circle at a historical time. Some messages were for a specific group
of people at a specific location, while others were at large. Some were Biblical Prophets and messengers who were also mentioned in the
God says in the Quran: “Read-for thy Lord is the Most Bountiful One who has taught [humanity] the use of the pen - taught humanity Quran, while others were mentioned only in the Quran. Yet, the Quran describes about all messengers certain realities:
what they did not know!” (96:3-5)
1. They were all sent by God for the benefit and guidance of people.
“Consider the pen, [therewith]!” and all that they write (68:1) “The Most Gracious has imparted this Quran [unto humanity]. He has
created humanity: He has imparted unto them articulate thought and speech.” (55:1-4) 2. They were all chosen and molded by God to be exemplary models for their people, and had the integrity and credibility to be
followed and emulated.
Reading, writing and research - that is the glorious gift of the human brain. Interestingly, when modern scientists mapped the anatomy
and physiology of the human brain, where every organ is represented, they found that the largest area of the cerebral cortex is occupied by 3. We know only some of them, mainly as told in the Bible and Quran, but this list is not exhaustive. As God reminds us in the
the tongue and the hand, the organs of expression and execution. Quran:
This gift, the faculty of thinking, is glorified and protected in Islam. Anything that may remove the role of the brain is either 4. “And, indeed, [0 Muhammad,] We sent forth apostles before thy time; some of them We have mentioned to thee, and some of
prohibited or at least abhorred. Some examples of canceling the role of the brain include intoxicants and brain tampering them We have not mentioned to thee. And it was not given to any apostle to bring forth a miracle other than by Gods leave. Yet when Gods
substances, coercion and all forms of compulsion at personal or social levels, superstition, black magic, and addictive games will becomes manifest, judgment will [already] have been passed in all justice, and lost will be, then and there, all who tried to reduce to
like gambling. The use of the brain can further be abandoned through actions such as brainwash and behavior control, fear and nothing [whatever they could not understand].” (40:78)
intimidation, blind following and imitation, succumbing to anger, deprivation of basic needs and all forms of irrational behavior. 5. We are not to set distinctions among the messengers.”The Apostle, and also the believers, believed in what has been bestowed
The language of Islam is directed to those who think. It is astounding to see the frequency that the thinking brain, thinking process, upon him from on high by his Lord: all believed in God, and His angels, and His revelations, and His apostles, making no distinction
pondering reflection, contemplation, observation and wisdom are mentioned in the Quran. This serves as a reminder to you to always between any of His apostles; and they say: ‘We have heard, and we pay heed. Grant us Thy forgiveness, 0 our Lord, for with Thee is all
think and use the gift of intellect that God has given you. You must remember to have the utmost appreciation, full utilization, and extreme journeys ‘end!” (2:285)
protection of this precious gift. Do not yield it or allow anybody - not the dazzling orators, the feverish writings, the charismatic leaders, 6. We honor and believe in all of the messengers.
the demagoguery of the crowd or the magnets of conformity - to rob you of this faculty. 7. Some messengers brought with them scriptures so as to have the message in a documented form, including the Torah, the Psalms
The intellectual faculty is God given. You are accountable to Him for the gift of your intellectual capacity which makes you special and of David, the Gospel of Jesus, and the Quran.
unique. All that is asked of you is a clear intention and the objectivity of a conscience. Is the role of the intellect compatible with the concept These scriptures were collected and documented in different ways, in various languages that either virtually disappeared or
of gheib (i.e. what is behind human perception)? Yes, scientific thinking tells us so. You see this everyday around you. There are sounds in became antiquated. The Quran is the only exception to this case, as it was the only document that was collected and reviewed during
your room that your cat hears while to you it is gheib. There are colors in flowers that bees can see that you cannot see. Bacteria was gheib the lifespan and under the supervision of the Messenger, Prophet Muhammad. The language in which the Quran was revealed is still
before the microscope was invented, the mathematical concept of infinity is gheib, and anything beyond the speed of light is completely alive, written and spoken by more than 100 million people around the world. Muslims believe in all the messengers, as well as in the
unknown, which does not negate its existence. Yet, this knowledge serves as a reminder to be humble and accept human limitations. basic conceptual truth in all previous scriptures. While there may be debates about translations, interpretations, omissions or additions
Therefore, the more you stretch the mind, the more you see reality. Those who tell you to be scientific, modern and progressive that might have happened, wittingly or unwittingly, any side of the debate may be proven partially right or partially wrong conceptually.
hence deny all that is not seen, touched, weighed or calculated scientifically, they are sinking in the deep pit of absolute materialism. In Ultimately, the essence of the scriptures, the basic goodness and truth, the moral code and ethical teachings, are the same and Muslims
addition, these ideas reduce life to mere biology, depriving it of meaning, purpose and morality. This absolute thinking is unscientific and believe in them, not out of tolerance, but as a matter of religious obligation. All the scriptures share the common description of being
contradictory to unbiased and progressive thinking. The absolute materialistic claim is as old as the struggle for humanity to seek the truth. a guiding light to mankind. God says in the Quran: “0 you who have attained to faith! Hold fast unto your belief in God and His Apostle,
It is recorded in the Quran: “And yet they say: ‘There is nothing beyond our life in this world. We die as we come to life, and nothing but and in this divine writ which He has bestowed from on high upon His Apostle, step by step, as well as in the revelation which He sent down
time destroys us. ‘But of this they have no knowledge whatever: they do nothing but guess. “(45:24) aforetime: for he who denies God, and His angels, and His revelations, and His apostles, and the Last Day, has indeed gone far astray. “
Human Intuition: (4:136)
The spiritual compass that God embedded in human beings in a mysterious way. Since the beginning of civilization, humanity Additionally, in regards to the messengers, the Quran speaks to Muhammad about previous messengers as models for mankind:
has looked for God, in order to establish a standard of good vs. evil, beauty vs. ugliness, justice vs. injustice. Ancient Indian, Egyptian, “To those whom God has guided. Follow, then, their guidance, [and] say: ‘No reward do I ask of you for this [truth]: behold, it is but an
Greek, Persian, African civilizations all testify to this reality. There is an innate compass in human beings searching for God, almost a admonition unto all mankind! (6:90)
genetic coding recognizing God even in a state of unawareness. Muslims believe in the message that came from God to humanity, in accordance to the stages of its development within a
God says in the Quran: “And whenever thy Lord brings forth their offspring from the loins of the children of Adam, He [thus] calls historical backdrop of human experiences. The final form of the message was placed in the hands of the last of the Prophets, Muhammad,
upon them to bear witness about themselves: ‘Am I not your Lord?’ - to which they answer: ‘Yea, indeed, we do bear witness thereto!’ [Of and documented in the Quran.
this We remind you,] lest you say on the Day of Resurrection, ‘Verily, we were unaware of this” (7:172) ______________________________
The internal sensation that makes you feel good when you do something good, or conversely feel rotten when you trespass and * Maher Hathout is a leading spokesperson for the American Muslim community, is a retired physician best known for his tireless commitment to public service. He
transgress is the voice of the conscience which is in the innermost of all people regardless of their religion or whether they have a is also the author of “In Pursuit of Justice: The Jurisprudence of Human Rights in Islam” and Jihad vs Terrorism. He serves as the senior advisor to the Muslim Public
religion. Even the most abhorrently behaving people will have their moments, rare as they may be, when this voice of conscience Affairs Council (MPAC).
will speak to them loud and clear. As a result, some individuals will even transform, repent and change their course. Omar ibn Al Khattab, Complete article is found on the web site www.IslamiCity.com, excerpted from the book “Islam 2.0” 7/17/2009 - Religious Social - Article Ref: IC0906-3881.

63 . ‫ م‬2010 ‫ شتاء‬- ‫ هـ‬1431 - ‫العدد الثاني عشر‬ . ‫ م‬2010 ‫ شتاء‬- ‫ هـ‬1431 - ‫العدد الثاني عشر‬ 62
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫عالم احلشرات‬ ‫عالم احلشرات‬

‫الرحيق إل��ى أن تتحول إل��ى جمع حبوب‬ ‫وفي اليوم (‪ )7-4‬تتناول غذاءها‬
‫قل فرز الرحيق (وبالعكس) دون‬ ‫اللقاح إذا ّ‬
‫أن تستسلم للراحة واإلن�ت�ظ��ار‪ .‬ويسمح‬
‫العشرين‬
‫إال‬ ‫املعلومات‬
‫الشريف‬
‫القرن‬
‫هذه‬
‫حلول‬

‫احلديث‬
‫ترد‬
‫في‬
‫قبل‬
‫لم‬
‫بنفسها وتلتهم ك�م�ي��ات ك�ب�ي��رة من‬
‫حبوب اللقاح فيكتنز جسمها وتقوم‬ ‫اإلعجاز النبوي في ذكر عمر النحل‬
‫للشغالة بجمع الرحيق وحبوب اللقاح مع ًا‬ ‫بتغذية كبار اليرقات بالعسل وحبوب‬
‫د‪ .‬لقمان ابراهيم القزاز*‬
‫من زهرة واحدة‪ ،‬إذا ساعد تركيبها على‬ ‫اللقاح‪.‬‬ ‫ال يزال ُيطلق على (النحل) حتى هذا اليوم‬
‫و في اليوم (‪ )11-8‬تنضج غددها البلعومية وتفرز غذا ًء ذلك‪ ،‬لتعود إلى اخللية مح ّملة بوجبة غذاء كامل‪.‬‬ ‫لفظ (ذباب) في بعض األوساط الريفية العربية وغير العربية‪.‬‬
‫تعيش النحلة ه��ذه املرحلة الشاقة نحو ثالثة أسابيع‪،‬‬ ‫ملكي ًا تغذي به امللكة وصغار اليرقات‪.‬‬ ‫معان[‪ ،]1‬من هذه املعاني ما يدل‬
‫و لهذا اللفظ في اللغة عدة ٍ‬
‫وفي اليوم (‪ )21 -12‬تضمر غددها البلعومية وتنمو غددها ويتوقف طول عمرها على ما تبذل من مجهود ضخم وعمل‬ ‫على حشرات طائرة منها النحل‪ .‬جاء في تفسير ابن كثير‬
‫الشمعية فتبني أق��راص الشمع ث ّم تغطي نخاريب العسل دؤوب يؤدي إلى إرهاق ومن َث ّم إلى هالك عدد غفير منها وملّا‬ ‫لسورة النحل‪ :‬ق��ال اب��و يعلى املوصلي‪ :‬حدثنا شيبان بن‬
‫ال عما تتعرض له في اجل ّو من‬ ‫الناضج بطبقة شمعية رقيقة‪ ،‬وتكتمل غددها اللعابية فتستلم تكد تتم أسبوعها الثالث‪ ،‬فض ً‬ ‫فروخ حدثنا مكني بن عبد العزيز عن أبيـه عن أنس رضي‬
‫الرحيق من النحل احلقلية وتعمل على إنضاجه وخزنه في أخطار جسيمة ج ّراء انتشار املفترسات من طيور وحشرات‪.‬‬ ‫الله عنه ق��ال‪ :‬قال رس��ول الله صلى الله عليه وسلم‪« :‬عمر‬
‫النخاريب اخلاصة به‪ ،‬وتعجن حبوب اللقاح بالعسل وجتعلها وبذلك ال يتعدى مجموع عمرها ستة أسابيع‪ ،‬إبتدا ًء من يوم‬ ‫الذباب أربعون يوم ًا والذباب كله في النار إال النحل»[‪ .]2‬قيل‪:‬‬
‫خروجها من النخروب وإنتها ًء بيوم هالكها‪ ،‬و تكون فترة‬ ‫في نخاريبها على هيئة أقراص بعضها فوق بعض‪.‬‬ ‫كونه في النار ليس بعذاب‪ ،‬إمنا ليعذب به أهل النار بوقوعه‬
‫وفي هذه الفترة تغادر اخللية بعد الظهر يومي ًا في (طيران األربعني يوم ًا التي ذكرت في احلديث الشريف أسلم تقدير‬ ‫عليهم‪.‬‬
‫توجيه) تتدرب فيه على الطيران‪ ،‬و تتعرف املعالم اخلارجية ميكن إعتماده ملعدل عمر النحل‪ .‬وصدق رسول الله صلى‬ ‫ُيفهم م��ن احل��دي��ث الشريف أن املقصود ب��ال��ذب��اب هي‬
‫من أشجار ومعالم ومدخل اخللية وموقعها في املنحل‪ ،‬وتعمل الله عليه وسلم‪.‬‬ ‫احلشرات املجنحة الصغيرة احلجم التي ت��ؤذي اإلنسان‬
‫على تنظيف اخللية من الفضالت والنحل الهالكة واألجسام‬ ‫في طريقة تقسيم العمل‪ ،‬ذلك أن اإلنسان عندما يتخصص‬
‫واحليوان‪ ،‬وأن النحل صنف ينتمي إلى هذا النوع من األحياء‪،‬‬
‫الغريبة‪ .‬وقبل ختام هذه املرحلة بثالثة أيام تقوم بحراسة وجه اإلعجاز ‪:‬‬ ‫بعمل ما فإنه يظل عليه حتى آخر العمر‪ ،‬بينما تغ ّير النحلة‬
‫و يتميز عنها بسلوك مختلف ينفع الناس فال يالقي املصير‬
‫اخللية‪ ،‬تنتشر أمام مدخلها حلمايتها من النحل السارقة‬ ‫نشاطها كلما تقدمت في السن‪ ،‬طِ بق ًا خلطة ثابتة‪ ،‬متارس‬
‫في احلديث الشريف يحدد الرسول صلى الله عليه‬ ‫امل��ذك��ور‪ .‬واحلديث ُيع ّد ضعيف ًا عند بعض رج��ال احلديث‬
‫من خاللها جميع أعمال الطائفة‪ ،‬تبدأ حياتها عاملة نظافة‬
‫والزنابير‪ ،‬وتهاجم من يقترب منها من إنسان أو حيوان‪ .‬وس �ل��م ع�م��ر ال�ن�ح��ل ب��أرب�ع�ين ي��وم � ًا‪ ،‬وه��و حت��دي��د واضح‬ ‫وتنتهي جامعة غذاء‪ .‬كما الحظوا أن حياة النحلة في األحوال‬
‫وحسن ًا أو صحيح ًا عند آخرين[‪ ،]3‬و ّ‬
‫لكل ما يرجع اليه‪.‬‬
‫وبذلك تنتهي املرحلة املنزلية من حياة النحلة و قد استغرقت‬ ‫كل ما كان ُيعرف عن النحل في عصر‬ ‫علينا أن نتذكر أنّ َّ‬
‫ثالثة أسابيع‪.‬‬ ‫اإلعتيادية في موسم وضع البيض وفيض العسل في الربيع‬
‫الرسالة وما قبله ال يخرج عن معلومات قليلة مستمدة من‬
‫والصيف تشتمل على مرحلتني‪ ،‬األول��ى‪ :‬تقوم فيها النحل‬
‫النحالني واألط�ب��اء‪ ،‬تتناول تربية النحل في خاليا محلية‪،‬‬
‫املرحلة احلقلية ‪:‬‬ ‫بأعمال منزلية داخل اخللية أطلقوا عليها (املرحلة املنزلية)‪،‬‬
‫وانتشارها في اجلبال والبراري‪ ،‬وعسلها وأثره في الدواء‬
‫وفي الثانية‪ :‬متارس أعما ًال خارج اخللية في احلقول أطلقوا‬
‫تغادر النحل خليتها في بداية‬ ‫والغذاء‪ ،‬وشمعها الذي غلب إستخدامه في اإلضاءة‪ ،‬وإبرها‬
‫عليها (املرحلة احلقلية)‪.‬‬
‫األسبوع الرابع من عمرها‪ ،‬تسرح‬ ‫التي تدافع بها عن نفسها وتلسع بها من يقترب من خليتها‬
‫في احلقول بحث ًا عن الغذاء‪ ،‬وقد‬ ‫من إنسان أو حيوان‪.‬‬
‫ميتد طيرانها مسافة (‪ )8‬أميال‪،‬‬
‫املرحلة املنزلية‪:‬‬ ‫دام احلال هكذا حتى القرن العشرين حني متكن العاملان‬
‫تنصرف فئة منها إلى جمع الرحيق‬ ‫تبدأ املرحلة األولى منذ أول خروج النحلة من نخروبها‪،‬‬ ‫(‪ C. A . Rosch‬و ‪ )Karl Von Frisch‬من الوصول إلى معرفة‬
‫و ُأخ��رى إل��ى حبوب اللقاح وثالثة‬ ‫حيث تكون رطبة اجلسم باهتة اللون‪ ،‬وفي خالل ساعات يجف‬ ‫دقائق حياة النحل من خالل دراساتهم و مراقباتهم التي‬
‫إل��ى امل��اء وراب�ع��ة إل��ى العِ ك ِبر[‪،]5‬‬ ‫جسمها ويصفو لونها وتباشر نشاطها من اليوم (‪ )3-1‬في‬ ‫[‪]4‬‬
‫ُطبقت على طوائف نحل في خاليا ذات واجهات زجاجية‬
‫وال ُيعرف النظام الذي يت ّم مبوجبه‬ ‫تنظيف نخاريب احلضنة وصقلها الستقبال البيض اجلديد‪،‬‬ ‫مت وضع عالمات مميزة على عدد منها فور خروجها‬ ‫بعد أن ّ‬
‫حتديد هذه الواجبات وتوزيعها على‬ ‫وتنتشر فوق احلضنة حتافظ على دفئها‪ ،‬و في الوقت نفسه‬ ‫من نخاريب احلضنة‪.‬‬
‫بيض جديد في نخاريب احلضنة‪ ،‬تظهر بعض البيوض اجلديدة‬
‫الفئات األربع‪ ،‬ولكنه يدفع جامعات‬ ‫مت ّد خرطومها إلى النحالت األكبر سن ًا مل ّدها بالعسل‪.‬‬ ‫الحظ العلماء أن هناك فر ًقا أساسي ًا بني االنسان والنحل‬
‫‪47‬‬ ‫العدد الثاني عشر ‪ 1431 -‬هـ ‪ -‬شتاء ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫العدد الثاني عشر ‪ 1431 -‬هـ ‪ -‬شتاء ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫‪46‬‬
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫سيرة‬ ‫عالم احلشرات‬

‫يزعجها ويقلل من أعدادها إال التك ّور الشتوي[‪]6‬‬

‫خير خلق الله‬ ‫الذي تسببه ش ّدة إنخفاض درجات احلرارة في‬
‫اخلارج‪ ،‬فإذا أقبل الربيع تسلم األمانة إلى اجليل‬
‫اجلديد وتختفي‪.‬‬
‫بقلم أ‪.‬ع‪.‬‬ ‫‪--------------------‬‬
‫ع�ص��اب��ة م��ن امل�ه��اج��ري��ن ج��ال�س��ا م�ع�ه��م‪ ،‬وإن‬ ‫وعن األس��ود‪ ،‬قال‪ :‬سألت عائشة‪ :‬ما كان‬ ‫‪-12‬من أخالقه [‬ ‫* ول �ل��راغ �ب�ين مب �ت��اب �ع��ة ال �ب �ح��ث ب �ك��ام �ل��ه م��راج �ع��ة املوقع‬
‫بعضهم يستتر ببعض من العري‪ ،‬وق��ارئ لنا‬ ‫رسول الله [ يصنع في أهله ؟ فقالت‪« :‬كان‬ ‫‪www.55a.net‬‬
‫كان رسول الله [ كثير التبسم للناس‪:‬‬
‫يقرأ علينا‪ ،‬فكنا نستمع إلى كتاب الله تعالى‪،‬‬ ‫يكون في مهنة أهله» ‪ .‬قال‪ :‬يعني في خدمة أهله‬ ‫عن عبد الله بن احلارث بن جزء‪ ،‬أنه قال‪ :‬ما‬ ‫الهوامش‪:‬‬
‫فقال النبي [‪« :‬احلمد لله الذي جعل من أمتي‬ ‫‪ .‬وإذا حضرت الصالة خرج إلى الصالة «رواه‬ ‫رأيت أحد ًا أكثر تبسم ًا من رسول الله [(‪.)1‬‬ ‫[‪ ]1‬تاج العروس ج ‪ 2‬ص ‪ .428 – 419‬ومن معانيها‪ :‬حافتا‬
‫من أم��رت أن أصبر معهم نفسي» ‪ .‬ق��ال‪ :‬ثم‬ ‫البخاري في الصحيح‪ ،‬عن آدم‪.‬‬ ‫وكان ميازح أصحابه بلطف فيقول ألحدهم‬ ‫السيف‪ .‬جبل باملدينة‪ .‬بقية الشيء‪ .‬اجلنون‪ .‬نكتة في جوف‬
‫جلس رسول الله [ وسطنا ليعدل بيننا نفسه‬ ‫وقيل لعائشة‪ :‬م��ا ك��ان يعمل رس��ول الله‬ ‫مث ًال‪»:‬يا ذا األذنني» (‪ ،)2‬و َمن مِ ن الناس ليس له‬ ‫حدقة الفرس وغيرها‪.‬‬
‫فينا‪ ،‬ث��م ق��ال بيده ه�ك��ذا‪ ،‬ف��اس�ت��دارت احللقة‬ ‫[ في بيته؟ قالت‪ :‬كان رس��ول الله [ بشرا‬ ‫أذن�ين؟ واحتضن النبي أحد صحابته وجعل‬ ‫[‪ ]2‬تفسير ابن كثير لسورة النحل اآلية ‪ . 69‬ج‪ 2‬ص‪. 576‬‬
‫وب��رزت وجوههم ‪ .‬ق��ال‪ :‬فما عرف رس��ول الله‬ ‫م��ن البشر يفلي ث��وب��ه‪ ،‬ويحلب ش��ات��ه‪ ،‬ويخدم‬ ‫يقول‪« :‬م��ن يشتري ه��ذا ال�ع�ب��د؟»(‪ ،)3‬و َم��ن مِ ن‬ ‫وتاج العروس ج‪ 2‬ص‪...422‬‬
‫[‪ ،‬أحدا منهم غيري ‪ .‬فقال رسول الله [‪:‬‬ ‫نفسه(‪.)8‬‬ ‫املؤمنني ليس عبد ًا لله تعالى؟‬ ‫[‪ ]3‬ض ّعفه ابن عدي في فتح الباري شرح صحيح البخاري‬ ‫صورة لنحالت وهي تعود بالرحيق إلى اخللية‬
‫«أب�ش��روا معاشر صعاليك املهاجرين بالنور‬ ‫وكان شديد احلياء على الرغم من‬ ‫وق� ��ال ب�ع��ض ال �ص �ح��اب��ة‪ :‬ي��ا رس� ��ول الله‬
‫(كتاب الطب)‪ ،‬وصححه األلباني في صحيح اجلامع (‪)3442‬‬
‫التام يوم القيامة‪ ،‬تدخلون اجلنة قبل األغنياء‬ ‫شدة رجولته وقوة شخصيته‪:‬‬ ‫من حديث أنس‪.‬‬ ‫وص��ري��ح‪ ،‬تتفق معه النتائج ال�ت��ي ت��وص��ل اليها البحث‬
‫إنك تداعبنا! ق��ال‪« :‬نعم‪ ،‬غير أني ال أق��ول إال‬ ‫[‪ ]4‬يقول القرطبي في تفسير اآلية ‪ 69‬من سورة النحل‪ :‬قد صنع ارسطو‬
‫بنصف يوم‪ ،‬وذلك خمسمائة عام»(‪.)11‬‬ ‫وعن أبي سعيد اخل��دري‪ ،‬أنه سمع يقول‪:‬‬ ‫حقا»(‪.)4‬‬ ‫العلمي‪ .‬و املعروف أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم‬
‫طاليس بيت ًا من زجاج لينظر الى كيفية ما تصنع (النحل)‪ ،‬فأبت أن‬
‫وكان يختار للناس أيسر األمور‪« :‬ك��ان رس��ول الله [‪ ،‬أش��د حياء من العذراء‬ ‫تعمل حتى لطخت باطن الزجاج بالطني‪ .‬وفي هذا إش��ارة الى قِ دم‬ ‫يكن من رجال الدراسات والبحوث‪ ،‬ولم يسبق له أن راقب‬
‫يسبق حلمه جهله‪ ،‬وال تزيده شدة‬ ‫ع��ن عائشة أم املؤمنني رض��ي الله عنها‪ ،‬ف��ي خ��دره��ا‪ ،‬وك��ان إذا ك��ره شيئا عرفناه في‬ ‫احملاولة‪...‬‬ ‫النحل وهي تطير من خالياها وإليها‪ ،‬ولم تكن املعلومة‬
‫اجلهل عليه إال حلم ًا‪:‬‬ ‫أنها قالت‪« :‬ما خير رسول الله [ بني أمرين وجهه»(‪.)9‬‬ ‫[‪ ]5‬العِ ك ِبر (بكسر العني و الباء)‪ :‬مادة صمغية جتمعها النحل من براعم‬ ‫هذه شائعة في عصره صلى الله عليه وسلم وال قبل ذلك‪،‬‬
‫قال زيد بن سعنة (صحابي كان من أحبار‬ ‫إال أخ��ذ أيسرهما‪ ،‬ما لم يكن إثما‪ ،‬ف��إن كان وك� � ��ان خ� �ل ��وق� � ًا م� ��ع مجالسيه‬ ‫األشجار تُستخدم في عدة أغ��راض منها‪ :‬ملء الشقوق في داخل‬
‫بدليل أن التاريخ لم يذكر أن أحد ًا من القائمني على تربية‬
‫اليهود فأسلم بعد ذلك)‪ :‬ما من عالمات النبوة‬ ‫إثما كان أبعد الناس منه‪ ،‬وما انتقم رسول الله ومحدثيه إلى أبعد احلدود‪:‬‬ ‫اخللية و صقل النخاريب و تعقيمها و تضييق فتحة املدخل قبل حلول‬
‫النحل أو الع ّرافني أو الكهنة زعم أن النحلة تعيش هذا‬
‫الشتاء‪ ،‬وفي حتضير بعض األدوية‪.‬‬
‫شيء إال وقد عرفتها في وجه محمد [ حني‬ ‫وعن أنس بن مالك‪ ،‬قال‪« :‬كان رسول الله‬ ‫[ لنفسه‪ ،‬إال أن تنتهك حرمة الله تعالى» زاد‬ ‫[ ‪ ]6‬التك ّو ر الشتوي هو جتمع النحل شتا ًء على هيئة عنقود‬ ‫الك ّم من األيام‪ ،‬فال بد من أن يكون من وراء هذه احلقيقة‬
‫نظرت إليه‪ ،‬إال اثنتني لم أخبرهما منه‪ :‬يسبق‬ ‫[‪ ،‬إذا صافح‪ ،‬أو صافحه الرجل‪ ،‬ال ينزع يده‬ ‫القطان في روايته‪« :‬فينتقم لله بها(‪.»)5‬‬ ‫غ�لا ف��ه م��ن ن �ح��ل رؤو س �ه��ا م �ت �ج �ه��ة ا ل��ى ا ل��دا خ��ل‪ ،‬تنخفض‬
‫وم ��ا آذى أح � ��د ًا م ��ن خ��دم��ه ولو من يده حتى يكون الرجل ينزع‪ ،‬وإن استقبله‬ ‫العلمية تدبير إلهي يمُ لي على ال��رس��ول صلى الله عليه‬
‫حلمه جهله‪ ،‬وال تزيده شدة اجلهل عليه إال حلم ًا‬ ‫در ج��ة ا حل ��رارة ف �ي��ه ا ل��ى ‪ 8‬در ج ��ات م �ئ��و ي��ة‪ ،‬و ف��ي الداخل‬
‫‪.‬‬ ‫ب��وج �ه��ه ال ي �ص��رف��ه ع �ن��ه ح �ت��ى ي �ك��ون الرجل‬ ‫بكلمة‪:‬‬ ‫ح ّيز تتحرك فيه النحل‪ :‬إما أن جتري مسرعة بدون هدف‪،‬‬ ‫وسلم ما ينطق به‪ ،‬ليكون إعجاز ًا يشهد على صدق حديثه‬
‫[فكنت ألَ ِّطف له ألن أخالطه فأعرف حلمه‬ ‫وعنها أيض ًا رضي الله عنها‪ ،‬قالت‪« :‬ما ينصرف‪ ،‬ولم ير مقدما ركبته بني يدي جليس‬ ‫أو ت �ه � ّز ب �ط��و ن �ه��ا مي �ن��ة و ي �س��رة ل��ر ف��ع در ج ��ة ا حل� ��رارة الى‬ ‫باق في ضمير الغيب‬ ‫ورسالته‪ ،‬إن لم يظهر في حينه فإنه ٍ‬
‫من جهله]‪ .‬قال زيد بن سعنة‪ :‬فخرج رسول الله‬ ‫ضرب رسول الله [ بيده شيئا قط‪ :‬ال امرأة له(‪.»)10‬‬ ‫‪ 32‬م�ئ��و ي��ة‪ .‬و ي�ت�ب��ادل ا ل�ف��ر ي�ق��ان ا ل��دا خ��ل وا خل��ار ج��ي األمكنة‬ ‫حتى يأذن الله به‪.‬‬
‫[ يوم ًا من احلجرات ومعه علي بن أبي طالب‬ ‫وال خادما‪ ،‬إال أن يجاهد في سبيل الله ‪ .‬وال نيل وك� ��ان ي �ج��ال��س ال �ف �ق��راء ويجبر‬ ‫با ستمر ا ر ‪.‬‬
‫ُيع ّبر ه��ذا اإلع�ج��از النبوي ع��ن عمر النحلة ف��ي موسم‬
‫رضي الله عنه‪ ،‬فأتاه رجل على راحلة كالبدوي‬ ‫منه (من كرامته) شيء قط فينتقم من صاحبه‪ ،‬بخواطرهم‪:‬‬ ‫النشاط والعطاء‪ ،‬حيث يظهر العمل احلقيقي للنحلة وتأثيره‬
‫املراجع ‪:‬‬
‫فقال‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬لي نفر في قرية بني فالن‬ ‫وج��اء ف��ي جلوسه م��ع الفقراء واملساكني‬ ‫إال أن ينتهك شيء من محارم الله تعالى‪ ،‬فينتقم‬ ‫‪ -1‬تاج العروس من جواهر القاموس‪ .‬محمد مرتضى الزَبيدي ‪.1965‬‬ ‫البالغ في البيئة واإلنسان‪ ،‬وذلك حني تتفتح أنواع األزهار‬
‫قد أسلموا ودخلوا في اإلسالم‪ ،‬وكنت حدثتهم‬ ‫أهل الصفة وبذلك أمره ربه ونهاه عن طردهم ‪.‬‬ ‫لله»(‪.)6‬‬ ‫الكويت‪.‬‬ ‫متأل األرج��اء طلب ًا للتلقيح‪ ،‬وتنمو طوائف النحل وتتكاثر‪،‬‬
‫إن أسلموا أتاهم ال��رزق رغ��د ًا‪ ،‬وقد أصابتهم‬ ‫وعن أنس رضي الله عنه‪ ،‬قال‪« :‬لقد خدمت قال الله تعالى‪ :‬واصبر نفسك مع الذين يدعون‬ ‫‪ -2‬تربية النحل وإدارة امل�ن��اح��ل‪ .‬أح�م��د لطفي عبد ال �س�لام ‪.1968‬‬
‫رس��ول الله [ عشر سنني‪ ،‬فوالله ما قال لي ربهم بالغداة والعشي ي��ري��دون وجهه(سورة‬ ‫القاهرة‪.‬‬ ‫ويتدفق العسل غ��زي��ر ًا ف��ي املناحل و ُيجمع ال�غ��ذاء امللكي‬
‫سنة وش��دة وقحط من الغيث‪ ،‬فأنا أخشى يا‬
‫رسول الله أن يخرجوا من اإلسالم طمع ًا كما‬ ‫أف قط‪ ،‬وال قال لشيء فعلته‪ :‬لم فعلت كذا ؟ وال الكهف‪ ،)28-‬وقال تعالى‪{ :‬وال تطرد الذين‬ ‫‪ -3‬تفسير ابن كثير‪ .‬اسماعيل بن كثير القرشي ‪ .1987‬بيروت‪.‬‬ ‫الس ّم و ُيؤخذ العِ ك ِبر و ُيقشط الشمع‪ ،‬أما فيما‬ ‫و ُيستخلص ُ‬
‫يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه}‬ ‫‪ -4‬مختصر تفسير اب��ن كثير‪ .‬إختصره أحمد بن شعبان ومحمد بن‬ ‫تشح مصادر الغذاء ويتبدل الطقس وتتقلص‬
‫دخلوا فيه طمع ًا‪ ،‬ف��إن رأي��ت أن ترسل إليهم‬ ‫لشيء لم أفعله‪ :‬أال فعلت كذا»(‪.)7‬‬ ‫عيادي ‪ .2004‬القاهرة‪.‬‬
‫عدا ذلك‪ ،‬حني ّ‬
‫بشيء تغيثهم ب��ه فعلت‪ .‬فنظر إل��ى رج��ل إلى‬ ‫وكان يعني أهله في أعمال البيت (سورة األنعام‪.)52-‬‬ ‫‪ -5‬النحل الراقص‪ .‬كارل فون فريش‪ .‬ترجمة أحمد حسن كاشف‪ .‬سلسلة‬ ‫احلضنة ويقل السروح وحيث ال إرهاقَ وال نِتاج حينئذ ميكن‬
‫جانبه‪-‬أراه علي ًا ‪ -‬فقال‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬ما بقي‬ ‫وع��ن أب��ي سعيد اخل ��دري‪ ،‬ق��ال‪ :‬كنت في‬ ‫ولم يكن خج ًال من ذلك‪:‬‬ ‫األلف كتاب ‪ .1967‬القاهرة‪.‬‬ ‫للنحل أن متكث في خالياها أغلب أيام اخلريف والشتاء‪ ،‬ال‬
‫‪49‬‬ ‫العدد الثاني عشر ‪ 1431 -‬هـ ‪ -‬شتاء ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫العدد الثاني عشر ‪ 1431 -‬هـ ‪ -‬شتاء ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫‪48‬‬
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫سيرة‬

‫الطير وإذا تكلم سكتوا‪ ،‬وإذا سكت تكلموا‪،‬‬ ‫أكثرها ما ًال ‪ -‬صدقة على أمة محمد [‪ .‬قال‬ ‫منه شيء‪ .‬فوجد زيد بن سعنة الفرصة سانحة‬
‫وال يتنازعون عنده احل��دي��ث م��ن تكلم عنده‬ ‫عمر‪ :‬أو على بعضهم‪ ،‬فإنك ال تسعهم؟ قلت‪ :‬أو‬ ‫الختبار رسول الله [ فأقرضه إلى وقت معلوم‬
‫أنصتوا له حتى يفرغ‪ ،‬حديثهم عنده حديث‬ ‫على بعضهم‪.‬‬ ‫واعطى رسول الله املال إلى الرجل‪ :‬فدنوت إليه‬
‫أولهم يضحك مما يضحكون منه‪ ،‬ويتعجب‬ ‫فرجع عمر وزيد إلى رسول الله [‪ ،‬فقال‬ ‫فقلت‪ :‬يا محمد‪ ،‬هل لك أن تبيعني متر ًا معلوم ًا‬
‫مما يتعجبون منه ويصبر للغريب على اجلفوة‬ ‫زيد‪ :‬أشهد أن ال إله إال الله وأشهد أن محمد ًا‬ ‫في حائط بني فالن إلى أجل معلوم‪ ،‬وقال‪« :‬اغد‬
‫(‪)16‬‬
‫في منطقه ومسألته‪...‬‬ ‫عبده ورسوله‪ .‬وآمن به وصدقه وبايعه وشهد‬ ‫عليهم وأغثهم بها»‪.‬‬
‫‪---------------------‬‬ ‫معه مشاهد كثيرة‪ ،‬ثم توفي في غ��زوة تبوك‬ ‫قال زيد بن سعنة‪ :‬فلما كان قبل محل األجل‬
‫(‪ )1‬أخ��رج��ه ال�ت��رم��ذي ف��ي سننه –أبواب املناقب عن‬ ‫مقب ًال غير مدبر‪ ،‬رحم الله زيد ًا(‪.)12‬‬ ‫بيومني أو ثالث‪ ،‬خرج رسول الله [ ومعه أبو‬
‫رسول الله [‪.‬‬ ‫بكر وعمر وعثمان في نفر من أصحابه‪ ،‬فلما‬
‫(‪ )2‬الترمذي في الشمائل عن أنس‪.‬‬ ‫ساعد جمال أخالقه في اعتناق‬ ‫صلى على اجلنازة ودنا إلى اجلدار ليجلس إليه‬
‫(‪ )3‬الترمذي عن أنس‪.‬‬ ‫الكثيرين لإلسالم‪:‬‬ ‫أتيته فأخذت مبجامع قميصه وردائ��ه ونظرت‬
‫(‪ )4‬الترمذي في الشمائل عن أبي هريرة‪.‬‬ ‫إليه بوجه غليظ‪ ،‬قلت له‪ :‬يا محمد‪ ،‬أال تقضيني‬
‫وعن جرير أن رج ًال أتي به إلى النبي [‪،‬‬
‫(‪ )5‬رواه البخاري في الصحيح‪ ،‬عن عبد الله بن مسلمة‬ ‫حقي؟ فوالله ما علمتم بني عبد املطلب ملطل‪،‬‬
‫فأرعد من هيبته فقال «ه��ون الله عليك فلست‬
‫القعنبي‪ ،‬ورواه مسلم‪ ،‬عن يحيى بن يحيى‪ .‬وفي‬ ‫ولقد ك��ان مبخالطتكم علم‪ .‬ونظرت إل��ى عمر‬
‫دالئل النبوة للبيهقي ‪( -‬ج ‪/1‬ص ‪.)280‬‬ ‫َمبلِك‪ ،‬إمنا أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل‬ ‫وعيناه تدوران في وجهه كالفلك املستدير‪ ،‬ثم‬
‫(‪ )6‬رواه مسلم في الصحيح‪ ،‬عن أبي كريب‪ ،‬عن أبي‬ ‫القديد»(‪.)13‬‬ ‫رماني ببصره فقال‪ :‬يا عدو الله‪ ،‬أتقول لرسول‬
‫أسامة‪.‬‬ ‫وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال‪ :‬لم‬ ‫الله [ ما أسمع وتصنع به ما أرى؟ فوالذي‬
‫(‪ )7‬رواه مسلم في الصحيح‪ ،‬عن سعيد بن منصور‪،‬‬ ‫يكن النبي [‪ ،‬سباب ًا‪ ،‬وال فحاش ًا‪ ،‬وال لعان ًا‪،‬‬ ‫نفسي بيده‪ ،‬لوال ما أحاذر فوته لضربت رأسك‬
‫وأبي الربيع عن حماد وفي دالئل النبوة للبيهقي ‪-‬‬ ‫كان يقول ألحدنا عند املعتبة (معاتب ًا)‪ « :‬ما له‬ ‫بسيفي‪ .‬ورسول الله [ ينظر إلي في سكون‬
‫(ج ‪/1‬ص ‪)283‬‬ ‫ترب جبينه؟ «(‪.)14‬‬ ‫وتؤدة‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫(‪ )8‬دالئل النبوة للبيهقي ‪( -‬ج ‪/1‬ص ‪ 308‬و‪)309‬‬ ‫وعن أنس‪ ،‬قال‪ :‬كنت أمشي مع النبي [‪،‬‬ ‫« يا عمر‪ ،‬أنا وهو كنا أحوج إلى غير هذا‪،‬‬
‫(‪ )9‬رواه البخاري في الصحيح‪ ،‬عن بندار ورواه مسلم‪،‬‬ ‫وعليه برد غليظ احلاشية‪ ،‬فأدركه أعرابي فجبذ‬ ‫أن تأمرني بحسن األداء وتأمره بحسن اتباعه‪،‬‬
‫عن زهير بن ح��رب وغيره‪ ،‬كلهم عن عبد الرحمن‬ ‫بردائه جبذ ًا شديد ًا‪ ،‬حتى نظرت إلى صفحة‬ ‫اذهب به يا عمر فأعطه حقه وزده عشرين صاع ًا‬
‫بن مهدي وفي دالئل النبوة للبيهقي ‪( -‬ج ‪/1‬ص‬ ‫عاتق رسول الله [‪ ،‬قد أثرت بها حاشية البرد‬ ‫من متر مكان ما رعته»‪( .‬أي أخفته)‪.‬‬
‫‪)290‬‬ ‫من شدة جبذته ‪ .‬ثم قال‪ :‬يا محمد مر لي من‬
‫(‪ )10‬دالئل النبوة للبيهقي ‪( -‬ج ‪/1‬ص ‪)295‬‬
‫ق��ال زي��د‪ :‬فذهب ب��ي عمر فأعطاني حقي‬
‫مال الله الذي عندك ‪ .‬قال‪ :‬فالتفت إليه رسول‬ ‫وزادني عشرين صاع ًا من متر‪ ،‬فقلت‪ :‬ما هذه‬
‫(‪ )11‬دالئل النبوة للبيهقي ‪( -‬ج ‪/1‬ص ‪ 346‬و‪.)347‬‬
‫الله [‪ ،‬فضحك‪ ،‬ثم أمر له بعطاء(‪.)15‬‬ ‫الزيادة يا عمر؟ قال‪ :‬أمرني رسول الله [ أن‬
‫(‪ )12‬روى ابن ماجة منه طرف ًا‪ ،‬ورواه الطبراني ورجاله‬
‫ويختصر سيدنا علي رضي الله عنه أخالق‬ ‫أزيدك مكان ما رعتك‪ .‬قال‪ :‬وتعرفني يا عمر؟‬
‫ثقات‪ .‬وفي دالئل النبوة ألبي نعيم األصبهاني –(ج‪1‬‬
‫‪/‬ص ‪.)58‬‬
‫النبي [ بقوله‪:‬‬ ‫ق��ال‪ :‬ال [م��ن أن ��ت؟] ق�ل��ت‪ :‬أن��ا زي��د ب��ن سعنة‪.‬‬
‫(‪ )13‬أخرجه احلاكم من حديث جرير وقال صحيح على‬
‫ك��ان رس��ول الله [ دائ��م البشر‪ ،‬سهل‬ ‫ق��ال‪ :‬احلبر؟ قلت‪ :‬احل�ب��ر(أي العالِم الكبير)‪.‬‬
‫شرط الشيخني‪.‬‬ ‫اخل�ل��ق‪ ،‬ل�ين اجل��ان��ب ليس بفظ وال غليظ وال‬ ‫ق��ال‪ :‬فما دع��اك إلى أن فعلت برسول الله [‬
‫(‪ )14‬أخرجه البخاري عن أنس‪ .‬ومعنى ترب جبينه أي‬ ‫ص �خ��اب وال ف �ح��اش وال ع �ي��اب وال مداح‪،‬‬ ‫ما فعلت‪ ،‬وقلت له ما قلت؟ قلت‪ :‬يا عمر‪ ،‬لم يكن‬
‫أصابه التراب من أثر السجود فكان دعا ًء له بالطاعة‬ ‫يتغافل عما ال يشتهى وال يوئ ِّيس منه راجيه‬ ‫من عالمات النبوة شيء إال وقد عرفت في وجه‬
‫وليس دعا ًء عليه ‪.‬‬ ‫وال يخ َّيب فيه‪ ،‬قد ترك نفسه من ثالث‪ :‬املراء‪،‬‬ ‫رس��ول الله [ حني نظرت إليه‪ ،‬إال اثنتني لم‬
‫(‪ )15‬رواه البخاري في الصحيح عن اب��ن أب��ي أويس‬ ‫أو اإلك �ث��ار‪ ،‬وم��ا ال يعنيه‪ .‬وت��رك ال�ن��اس من‬ ‫أخبرهما منه‪ :‬يسبق حلمه جهله‪ ،‬وال تزيده شدة‬
‫وأخرجه مسلم من وجه آخر عن مالك‪ ،‬وفي دالئل‬ ‫ثالث‪ ،‬كان ال يذم أحدا وال يعيره‪ ،‬وال يطلب‬ ‫اجلهل عليه إال حلم ًا‪ ،‬وقد اختبرتهما‪ ،‬فأشهدك‬
‫النبوة للبيهقي ‪( -‬ج ‪/1‬ص ‪.)293‬‬ ‫ع��ورت��ه‪ ،‬وال يتكلم إال فيما رج��ا ث��واب��ه‪ ،‬وإذا‬ ‫يا عمر أني قد رضيت بالله رب ًا وباإلسالم دين ًا‬
‫(‪ )16‬الترمذي عن احلسني بن علي رضي الله عنهما‪.‬‬ ‫تكلم أط ��رق ج�ل�س��اؤه ك��أمن��ا ع�ل��ى رؤوسهم‬ ‫ومبحمد نبي ًا‪ ،‬وأشهدك أن شطر مالي ‪ -‬فإني‬
‫العدد الثاني عشر ‪ 1431 -‬هـ ‪ -‬شتاء ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫‪50‬‬
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬ ‫والسنة‬ ‫في القرآن‬
‫مقال حرّ‬ ‫مقال حرّ‬

‫األك��وان‪ ،‬تستطلع األماكن قبل حلول األجساد فيها‪ ،‬وتستشرف مجالس الطيب قبل‬
‫لغة الس ّر‪-‬البعد الثالث‬ ‫علي كرم الله وجهه‪ ( :‬أرواح املؤمنني تلتقي قبل يوم وليلة من لقاء‬ ‫انعقادها‪ ،‬يقول اإلمام ّ‬
‫أجسادهم)‪ ،‬وتشعر بخطط املكر قبل اعتمادها‪ ،‬وتلهم صاحبها مبا ينبغي وما ال ينبغي فعله‬
‫في صباح يوم أحد ممطر‪ ،‬اجتمع في بيت الرجل احلكيم ج ٌم غفير من الناس فيهم‬ ‫وقوله‪ ،‬وفي احلديث‪»:‬إذا أراد الله بعبد خير ًا جعل له وازع ًا من نفسه يأمره وينهاه»‪.‬‬
‫الذكور واإلناث والفتية والشيوخ‪ ،‬جاؤوا من مناطق مختلفة‪ ،‬على غير موعد‪ ،‬بعد أن مني‬ ‫وعندما تنطلق الروح وينشرح الصدر ويطمئن القلب‪ ،‬البحر كله ال يروينا والكون كله‬
‫إليهم خبر وعكة صحية أملّت باملعلم‪ .‬وما أن أبلغ بخبر احلشد يتجمع في الردهة الواسعة‬ ‫ال يسعنا‪ ،‬وفي احلديث القدسي‪{ :‬ما وسعني أرضي وال سمائي ولكن وسعني قلب عبدي‬
‫حتى حتامل على مرضه وخرج إليهم متكئ ًا على عاتقي ولديه‪ ،‬أطل مبتسم ًا متمتم ًا بالسالم‬ ‫املؤمن}‪.‬‬
‫مرحبا‪ ،‬وأنصت اجلميع فأتي باملذياع إذ كان صوته خافت ًا وضعيف ًا جد ًا‪.‬‬ ‫والدعاء ثم جلس ّ‬ ‫العلي القدير قلوب عباده النقية الصافية وأرواحهم السامية بلغة خاصة ‪ ،‬ال‬ ‫ّ‬ ‫ميتع الله‬
‫قال‪:‬‬ ‫أهمية فيها للمكان وال للزمان‪ ،‬جتتمع بأرواح من سبق ومبن قد يأتي ‪ ،‬ال شأن لها باألسماء‬
‫يقول الله تعالى‪{ :‬ولقد كرمنا بني آدم}‪ ،‬ويقول‪{ :‬لقد خلقنا اإلنسان في أحسن‬ ‫ونقاء وارتقاء‪ .‬تتبادل التحيات ويقتبس بعضها‬ ‫ً‬ ‫وال باألشكال‪ ،‬عالقتها مع مثيالتها سمو ًا‬
‫تقومي}‪ ،‬إذ من آياته أنه أودع فيه من اآلالت ما يح ّير العقول‪ :‬أجهزة تعمل بنظام بديع وغدد‬ ‫من أنوار بعض ويرتاح بعضها إلى بعض‪ ،‬ويتعلم بعضها من بعض‪.‬‬
‫مواد وتغ ّير مبعدالتها حسب العمر واحلاجة والظرف‪ ،‬وغدد أخرى تأمر‬ ‫تفرز ما يناسب من ٍ‬ ‫وينعكس ما تعلمته على صاحبها‪ ،‬ثق ًة بالله وسع ًة في الصدر ‪ ،‬وطمأنين ًة في القلب‪،‬‬
‫سري يعمل بال ضجة وال كلل وال منّة‪ .‬فإذا‬ ‫الغدد األولى وتنظم لها برامج أعمالها‪ ،‬في عالم ّ‬ ‫وصفاء في الروح‪ ،‬وخير ًا في القول‪ ،‬وعزمي ًة في السواعد وهم ًة في‬ ‫ً‬ ‫وسكين ًة في النفس‪،‬‬
‫حان األجل صدر أمر واحد يتوقف عنده كل شيء‪.‬‬ ‫األرجل واألقدام‪ ،‬وعلم ًا وحلم ًا‪ .‬الروح القوية حتمل اجلسد الضعيف‪ ،‬وجسد العاصني‬
‫ومن املؤسف أن يعيش املرء ثم ينتقل إلى عالم البرزخ ثم إلى العالم اآلخر ليكتشف أنه‬ ‫يثقل كواهل أرواحهم وينهكها‪.‬‬
‫كان مزود ًا بجهاز عظيم خارق وفاعل ومؤثر لكن بعد أن فات أوان استعماله ويا لألسف‪.‬‬ ‫لغة األرواح ال حتتاج إلى حروف‪ ،‬والكالم املنمق ال يجدي عندها‪ ،‬كلماتها األحاسيس‬
‫أن نعيش باجسادنا فهذا أول استعمال وأقله أثر ًا‪ ،‬وأن نعيش بعقولنا وفكرنا فهذه حياة‬ ‫وأوامرها اإللهام وحدودها شرع الله واألحكام‪ ،‬تستبشر بأقرانها وتضيق بأقران السوء‪،‬‬
‫أفسح وأسعد‪ ،‬أما أن نحيا بقلوبنا وأرواحنا فهذه حياة خالدة ال موت بعدها‪ ،‬يجمع العبد‬ ‫وفي احلديث‪ « :‬األرواح جنود مجندة‪ ،‬ما تعارف منها إئتلف‪ ،‬وما تناكر منها اختلف»‪.‬‬
‫بها سعادة الدنيا وفرح اآلخرة‪.‬‬ ‫ال تقولوا صوفية إنها آيات قرآنية وأحاديث نبوية‪ .‬إنه البعد الثالث لإلنسانية‪ ،‬البعد‬
‫ُغمض عني الرأس ويستغرق العبد في التفكر والتذكر والتدبر‪ ،‬تفتح عني القلب‬ ‫حني ت َ‬ ‫القوي عند املتعلقني بذي القوة املتني‪.‬‬
‫ّ‬ ‫اخلفي‬
‫التي تدعى البصيرة‪ ،‬وهي التي تعي حقيقة احلقيقة وما وراء األحداث‪ ،‬واحلكمة من كل‬ ‫إذا خففنا عالئق املادة دون مبالغة‪ ،‬خفت أثقالنا‪ ،‬وانقشعت ظلمات قلوبنا فصارت‬
‫فعرفها مصلحتها‪ ،‬حني تخلت عن النقائص رفعها وكشف لها األرقى‬ ‫أمر‪ ،‬ألنها عرفت الله ّ‬ ‫أرواحنا رشيقة‪ ،‬في الكون طليقة‪.‬‬
‫واألسمى‪.‬‬ ‫ع ّدل احلكيم من جلسته ونظر مبتسم ًا وقال‪:‬‬
‫حني ُيظهِ ر العبد في بداية أمره طاعة لله وتسليما‪ ،‬ينقله من باب االنقياد إلى باب احلب‪:‬‬ ‫كنت قبل حضوركم غير قادر على احلراك وال على الكالم‪ ،‬وحني علمت مبجيئكم شكوت‬
‫{وال يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه}‪ ،‬فيفتح له مجا ًال جديد ًا رحب ًا وفسيح ًا‪،‬‬ ‫إلى الله عجزي وضعفي وناجيته‪ :‬يا رب إن لكل ضيف ِقرى (هدية)‪ ،‬وهؤالء ضيوفك ّ‬
‫فتكرم‬
‫يحسن له أخالقه‪ ،‬ويصلح له باله‪ ،‬ويطمئن له قلبه‪ ،‬ويجعله شامة بني الناس‪ ،‬قال تعالى في‬ ‫ّ‬ ‫يا أكرم األكرمني‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ان َم ْي ًتا َف َأ ْح َي ْي َنا ُه َو َج َع ْل َنا َل ُه ُن ً‬
‫ورا يمَ ْشي ِبه في ال َّن ِ‬
‫اس كَ َمن َّم َث ُل ُه في‬ ‫سورة األنعام‪َ { :‬أ َو َمن كَ َ‬ ‫أرج��و الله تعالى أن يكون ق��راه لنا اليوم‪ ،‬صفح ًا عن ذنوبنا السالفة وري � ًا لقلوبنا‬
‫الظل َُم ِ‬
‫ات ل َْي َس ِب َخار ٍِج ِّم ْن َها؟}‬ ‫ُّ‬ ‫العطشى‪ ،‬ونور ًا منشي به في الناس‪ ،‬ونور ًا يضيء لنا الصراط يوم القيامة وصلى الله‬
‫ال يروي ظمأ القلب إال احلب وال يشفي الع ّلة إال اخل ّلة‪ ،‬بأهل العلم واإلميان واإلحسان‪،‬ثم‬ ‫على سيدنا محمد واحلمد لله رب العاملني‪.‬‬
‫بالله ‪ ،‬حيث يفتح باب الوصال ويدوم االتصال‪.‬‬ ‫خرج احلكيم من املجلس ووقف اجلمع له احترام ًا‪ ،‬لكن دهش ًة علت الوجوه‪ ،‬إذ خرج‬
‫الروح محلها القلب وإذا أطلقت من عقالها مت اتصالها‪ ،‬فتصبح مطلقة سيارة‪ ،‬جتوب‬ ‫ميشي منتصب القامة‪ ،‬ال يتكيء على أح��د! وم��ن استوعب ما ُذ ِك��ر أع�لاه فهم ما ُك ِتب‬
‫أدناه‪.‬‬

‫‪65‬‬ ‫العدد الثاني عشر ‪ 1431 -‬هـ ‪ -‬شتاء ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫العدد الثاني عشر ‪ 1431 -‬هـ ‪ -‬شتاء ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫‪66‬‬
‫بـسـم الله الـرحـمـن الـرحـيـم‬
‫برعاية‬ ‫بـسـم الله الـرحـمـن الـرحـيـم‬
‫دار الفتوى في اجلمهورية اللبنانية‬ ‫برعاية‬
‫دار الفتوى في اجلمهورية اللبنانية‬
‫وبالتعاون مع‬
‫منتدى اإلعجاز العلمي في القرآن والسنة في لبنان‬ ‫وبالتعاون مع‬
‫منتدى اإلعجاز العلمي في القرآن والسنة في لبنان‬
‫تقيم‬
‫الهيئة العاملية لإلعجاز العلمي في القرآن والسنة‬ ‫تقيم‬
‫التابعة لرابطة العالم اإلسالمي‬ ‫الهيئة العاملية لإلعجاز العلمي في القرآن والسنة‬
‫ندوة اإلعجاز العلمي في لبنان‪:‬‬ ‫التابعة لرابطة العالم اإلسالمي‬
‫« نحو بيئة علمية ودينية متجددة‬ ‫ندوة اإلعجاز العلمي في لبنان‪:‬‬
‫مبنية على حقائق علمية في القرآن والسنة «‬ ‫« نحو بيئة علمية ودينية متجددة‬
‫مبنية على حقائق علمية في القرآن والسنة «‬
‫وذلك في قاعة الرئيس الشهيد رفيق احلريري‬
‫في مسجد خامت األنبياء واملرسلني محمد األمني صلى الله عليه وسلم‬ ‫وذلك في قاعة الرئيس الشهيد رفيق احلريري‬
‫في وسط بيروت‬
‫أيام اجلمعة والسبت واألحد في ‪ 8‬و‪ 9‬و‪ 10‬ك‪2010 2‬‬ ‫في مسجد خامت األنبياء واملرسلني محمد األمني صلى الله عليه وسلم‬
‫مساء‬
‫ً‬ ‫حفلة االفتتاح يوم اجلمعة في ‪ 8‬ك‪ 2‬الساعة ‪7:00‬‬ ‫في وسط بيروت‬
‫تليها احملاضرة األولى للشيخ الدكتور عبد الله املصلح‬ ‫أيام اجلمعة والسبت واألحد في ‪ 8‬و‪ 9‬و‪ 10‬ك‪2010 2‬‬
‫رئيس الهيئة العاملية‬ ‫مساء‬
‫ً‬ ‫حفلة االفتتاح يوم اجلمعة في ‪ 8‬ك‪ 2‬الساعة ‪7:00‬‬
‫الدعوة عامة للرجال والنساء ويولى اهتمام خاص‬ ‫تليها احملاضرة األولى للشيخ الدكتور عبد الله املصلح‬
‫باجلامعيني والطالب الثانويني‬ ‫رئيس الهيئة العاملية‬
‫وللراغبني بالتزود مبعلومات وشروحات ومستندات إضافية‬ ‫الدعوة عامة للرجال والنساء ويولى اهتمام خاص‬
‫باجلامعيني والطالب الثانويني‬
‫وللراغبني بالتزود مبعلومات وشروحات ومستندات إضافية‬
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬

‫بريد القراء‬

‫هذه عملية حسابية ملعرفة رقم الصفحة في القرآن الكرمي بسرعة عن طريق رقم اجلزء ‪:‬‬
‫لو سألنا أحد من الناس ما رقم الصفحة التي يبدأ فيها اجلزء التاسع مث ًال نقوم بعملية بسيطة‪:‬‬
‫اجلزء التاسع أي رقم تسعه‪ ،‬تسعة ناقص واحد = ثمانية‪ ،‬ثمانية ضرب اثنني = ‪ ،16‬ثم نضيف دائ ًما‬
‫اثنني إلى ميني الرقم ‪ 16‬فيصبح ‪ ،162‬هذا هو رقم الصفحة التي يبدأ بها اجلزء التاسع‪.‬‬
‫أكرر لكم مثا ًال آخر‪:‬‬
‫اجلزء الواحد والعشرون‪ 21 ،‬ناقص ‪ 20 ،20 = 1‬ضرب ‪ ،40 = 2‬نضيف اثنان ميني الرقم ‪ ،40‬يصبح‬
‫‪ ،402‬اجلزء الواحد والعشرون يبدأ في الصفحة رقم ‪.402‬‬
‫‪mhdnaffi@hotmail.com‬‬

‫عزيزي القارئ‪،‬‬
‫ضع هذه املجلة في املكتب أوفي البيت واترك املجال ملن حتب لكي ّيطلع عليها‪ .‬وال تهملها أو تخزنها‬
‫باك ًرا‪ ،‬فقد يكون لك فيها أجر تذكير الناس بالله ع ّز وج ّل‪ .‬قال تعالى {كال انها تذكرة فمن شاء ذكره}‪.‬‬

‫“ اإلعـجـاز “‬
‫• دينية علمية غير سياسية‪.‬‬
‫• تبحث في إعجاز َْي القرآن الكرمي والسنة النبوية الشريفة‪.‬‬
‫• يساهم في إعدادها باحثون ومفكرون لبنانيون وغيرهم‪.‬‬
‫• ال تتوخى الربح واالشتراك فيها مجاني‪.‬‬
‫• ما على الراغبني باحلصول على نسخة منها سوى مراجعة مركز املنتدى وتزويده باسم الشخص أو‬
‫املؤسسة وعدد النسخ املطلوبة مع ذكر العنوان ورقم الهاتف‪.‬‬
‫اشترك مجا ًنا في مجلة اإلعجاز تصل إلى عنوانك‪.‬‬

‫‪61‬‬ ‫العدد الثاني عشر ‪ 1431 -‬هـ ‪ -‬شتاء ‪ 2010‬م ‪.‬‬ ‫‪64‬‬
‫والسنة‬ ‫في القرآن‬

‫*‬ ‫قصة إسالم الصحفية البريطانية إيفون ريدلي‬


‫وأيضا‪" :‬إن اجلنة حتت أقدام األمهات"‪.‬‬ ‫هو األم‪ ،‬ثم األم‪ ،‬ثم األم‪ً .‬‬ ‫ُولِدت سنة ‪1959‬م‪ ،‬وهي صحفية بريطانية وسياسية معروفة‪،‬‬
‫إن األفضلية ف��ي اإلس�ل�ام ه��ي على أس��اس التقوى‪ ،‬وليس‬ ‫عملت في أكبر الصحف البريطانية (اإلندبندنت) و(األوبزرفر)‬
‫اجلمال أو الثروة أو القوة أو املركز االجتماعي أو اجلنس‪ .‬ويقول‬ ‫و(صانداي تاميز) و(صانداي إكسبرس)‪ ،‬كما أنها تُع ُّد من أنشط‬
‫لي اإلسالم‪ :‬إنني أملك احلق في التعليم‪ ،‬وإن واجبي أن أخرج‬ ‫الصحفيني البريطانيني املتابعني للملفات الدولية عن قرب‪ ،‬اعتنقت‬
‫طل ًبا للعلم‪ ،‬س��وا ٌء أكنت متزوجة أو غير متزوجة‪ .‬وفي الشريعة‬ ‫طويلة بدأت بالعداء لإلسالم (‪.)...‬‬ ‫رحلة ٍ‬‫اإلسالم بعد ٍ‬
‫اإلسالمية لم ُيذ َكر في أي مكان أننا كنساء يتوجب علينا أن نقوم‬ ‫"كنت أق��وم بالتغطية الصحفية‬ ‫حتكي قصة إسالمها قائلة‪ُ :‬‬
‫بأعمال النظافة أو غسل املالبس أو الطبخ للرجال‪ ،‬لكن الرجال‬ ‫محاولة لرصد‬ ‫ٍ‬ ‫جلريدة (صانداي إكسبرس) في أفغانستان في‬
‫املسلمني ليسوا هم الوحيدين الذين هم في حاجة إلى تقدير املرأة‬ ‫احلركات اإلسالمية هناك‪ ،‬وحتدي ًدا جماعة طالبان احلاكمة‪ ،‬وكان‬
‫في بيوتهم"‪)...( .‬‬ ‫ذلك قبل أحداث ‪ 11‬سبتمبر‪ ،‬إال أنه بعد هذه التفجيرات وحتدي ًدا في‬
‫وعن إسهاماتها عن عملها بعد اإلسالم قالت‪" :‬بعد إسالمي‬ ‫علي في أفغانستان من‬ ‫يوم ‪ 28‬من سبتمبر ‪2001‬م َّمت إلقاء القبض َّ‬
‫وأكتب اآلن‬
‫ُ‬ ‫إسالمية باللغ ِة اإلجنليزية‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫�ات‬
‫حتدثت كثي ًرا إلذاع� ٍ‬
‫ُ‬ ‫بطريقة غير شرعية أو قانونية‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫جانب حكومة طالبان بسبب دخولي‬
‫أيضا‪ ،‬ومنها مقال عن (احلجاب) في‬ ‫لإلعالم الغربي ً‬
‫ِ‬ ‫مقاالت‬
‫ٍ‬ ‫كنت أخشى أن‬ ‫أيام ُمخيفة؛ حيث ُ‬ ‫وظللت رهين َة االعتقال مد َة عشرة ٍ‬ ‫ُ‬
‫جيدة مع أصدقاء‬
‫عالقة ٍ‬‫زلت على ٍ‬ ‫جريدة الـ(واشنطن بوست)‪ ،‬وما ُ‬ ‫ُأقتل في أي وقت‪ .‬وفي اليوم السادس فوجئت بزيارة أحد الشيوخ‬
‫غير مسلمني‪ ،‬وأعمل اآلن في قنا ِة اجلزيرة باللغة اإلجنليزية‪ ،‬وقد‬ ‫فقلت‪ :‬إنه مستحيل[‪.]1‬‬
‫علي أن أدخل اإلسالم‪ُ ،‬‬ ‫لي‪ ،‬وعرض َّ‬
‫كنت أعمل فيها منذ أن كانت موق ًعا على اإلنترنت"‪.‬‬ ‫ولكني وعدتُهم أن أقرأ عن اإلسالم إ ْن أطلقوا سراحي حتى‬
‫تقول الصحفية إيفون ريدلي‪" :‬يعشق السياسيون والصحفيون‬ ‫كنت ُأريد اخلروج بأية‬ ‫تكون فرص ًة خلروجي من السجن؛ ألنني ُ‬
‫الكتابة عن اضطهاد املرأة في اإلس�لام‪ ،‬من غير أن يتسنى لهم‬ ‫طريقة من تلك األزمة‪ ،‬وقد جنحت بالفعل تلك الطريقة أو اخلدعة‬ ‫ٍ‬
‫احلديث ولو ملرة إلى النساء الالتي يرتدين احلجاب‪ .‬إنهم ببساطة‬ ‫إن ص� َّ�ح التعبير‪ ،‬وقاموا بإطالق سراحي أن��ا و َم��ن معي‪)...( ،‬‬
‫ليس لديهم أدنى فكرة عن االحترام واحلماية التي تنعم بها املرأة‬ ‫ألسباب إنسانية‪.‬‬
‫ٍ‬
‫املسلمة في التشريع اإلسالمي الذي نشأ منذ ما يزيد على ‪1400‬‬ ‫قررت أن أنفذ وعدي لهم؛ فقد كنت كصحفية‬ ‫ُ‬ ‫ولكن بعد عودتي ُ‬
‫عام‪ .‬إضاف ًة إلى ذلك هم يظنون َخ َط ًأ أنهم بكتاباتهم عن القضايا‬ ‫تغطي أخبار الشرق األوسط أدرك أنني بحاجة إلى توسيع معارفي‬
‫ذات ال ُبعد املتصل بثقافة املجتمع‪ ،‬مثل‪ :‬القتل من أجل الشرف‪،‬‬ ‫عن دين هو ‪ -‬بكل وضوح ‪ -‬أسلوب حياة‪.‬‬
‫وال ��زواج ب��اإلك��راه إمن��ا يكتبون عن معرفة‪ )...( .‬ه��ذه القضايا‬ ‫ً‬
‫ودرست اإلسال َم دراسة أكادميية مد َة‬‫ُ‬ ‫فتعلمت قراء َة القرآن‪،‬‬
‫ُ‬
‫ببساطة ليس لها أي صلة باإلسالم‪ ،‬على الرغم من استمرار هؤالء‬ ‫‪ 30‬شه ًرا بعد إط�لاق سراحي‪ ،‬لقد كنت أظ��ن أن ق��راءة القرآن‬
‫في الكتابة واحلديث عنها بأسلوب سلطوي متعجرف موجهني‬ ‫ستتحول إلى مجرد ممارسة أكادميية‪ ،‬ولكنني شعرت بالفعل‬
‫اللوم إلى اإلسالم ظل ًما وعدوانًا‪ .‬من فضلكم توقفوا عن اخللط بني‬ ‫اعتنقت اإلس�ل�ام ب�ع��ده��ا‪ ،‬ونطقت‬
‫ُ‬ ‫بأنني ف��ي رح�ل� ٍ�ة روح �ي� ٍ�ة‪ ،‬ث��م‬
‫العادات الثقافية وبني اإلسالم"[‪.]2‬‬ ‫بالشهادتني‪ .‬لقد أذهلني أن أكتشف أن القرآن قد ص َّرح بوضوح‬
‫‪------------------‬‬ ‫بأن النساء متساويات متا ًما مع الرجال في األمور الروحية وفي‬
‫* املوقع الشخصي للصحفية إيفون ريدلي‪:‬‬ ‫التعليم والقيمة‪.‬‬
‫‪www. Yvonne ridley.org‬‬ ‫ وتضيف ري��دل��ي‪ :‬إن م��ا وه��ب الله للمرأة م��ن نعمة إجناب‬
‫[‪ ]1‬ط� ��ري� ��ق اإلس� � �ل � ��ام‪http://www.isla m ،‬‬ ‫األط�ف��ال وتربيتهم‪ ،‬هو أم��ر ينظر إليه املسلمون ‪ -‬بشكل كبير‬
‫_‪way.com/?iw_s=Article&iw‬‬ ‫‪ -‬كمنزلة رفيعة‪ ،‬وصفة مميزة‪ .‬وإن املرأة املسلمة تقول ومِ لْ ُؤها‬
‫‪a=view&article_id=2033‬‬ ‫الفخر‪ :‬إنها ربة منزل وراعية البيت‪ .‬إضاف ًة إلى ذلك‪ ،‬ففي األثر عن‬
‫‪http://www.islamstory.com‬‬ ‫[‪]2‬‬ ‫النبي محمد ص َّلى الله عليه وس َّلم ما معناه‪" :‬إن ركن البيت الركني‬
‫‪43‬‬ ‫العدد الثاني عشر ‪ 1431 -‬هـ ‪ -‬شتاء ‪ 2010‬م ‪.‬‬

You might also like