Professional Documents
Culture Documents
ن�صو�ص �إبداعية
مواجهـــــات
نوافـــذ
ملف العدد:
األندية األدبية
المسيرة والتحوالت
45
برنامـج نشر الدراسات واإلبداعـات األدبية ودعم البحوث والرسائل العلمية
في مركز عبدالرحمن السديري الثقافي
«اجلوبة» من الأ�سماء التي كانت ُتطلق على منطقة اجلوف �سابقاً. ISSN 1319 - 2566 ردمد
املقاالت املن�شورة ال تعرب بال�ضرورة عن ر�أي املجلة والنا�شر. �سعر الن�سخة 8رياالت -تطلب من ال�شركة الوطنية للتوزيع
ُيعنى املركز بالثقافة من خالل مكتباته العامة يف اجلوف والغاط ،ويقيم املنا�شط املنربية الثفافية،
ويتب ّني برناجم ًا للن�شر ودع��م الأبحاث والدرا�سات ،يخدم الباحثني وامل�ؤلفني ،وت�صدر عنه جملة
(�أدوماتو) املتخ�ص�صة ب�آثار الوطن العربي ،وجملة (اجلوبة) الثقافية ،وي�ضم املركز ك ًال من( :دار
العلوم) مبدينة �سكاكا ،و(دار الرحمانية) مبحافظة الغاط ،ويف كل منهما ق�سم للرجال و�آخر للن�ساء.
وي�صرف على املركز م�ؤ�س�سة عبدالرحمن ال�سديري اخلريية.
www.alsudairy.org.sa
االفتتاحية 4 ............................................................
ملف العدد :الأندية الأدبية ,الم�سيرة والتحوالت -د� .صالح زياد6 ,
محمد علي قد�س ,د .عبدالواحد الحميد ,عبدالرحمن الدرعان ,هاني
الحجي� ,صالح محمد المطيري� ,شيمة ال�شمري ,د .عبداهلل الحيدري,
رباب ح�سين النمر ,هدى الدغفق ,عبداهلل ال�سفر ,تركية العمري,
جبير المليحان� ،إبراهيم الحميد ....................................
درا�سات ونقد :الترجمة والع�صر الذهبي للعلم العربي -د .محمد 64
محمود م�صطفى .....................................................
رواي���ة �شيخ ال��رم��اي��ة :نحو ر�ؤي���ة ���س��ردي��ة ج��دي��دة للعالم -رفعت 75
الكنياري...........................................................
خزانة �شهرزاد -ر�شيد الخديري 79 ..................................
غيثة تقطف القمر -محمد العناز82 ..................................
�أوراق الغرفة ( - )8ه�شام بن�شاوي 84 ................................
بيت وفكرة -الحكمة في زمن الجنون -د .بهيجة م�صري �إدلبي87 .........
ق�ص�ص ق�صيرة :مط ٌر في غَ يرِ �أَوَا ِنهِ� - ..إيمان مرزوق90 ..................
َك ْل َب َن ٌة -محمد مباركي 91 ....................................................
القطرة التي �سقطت على وجه الدب -علي عطار93 ......................... 6.........................
رحَ لت وبقيت الذكرى -محمد المبارك 95 ..............................
ق�ص�ص ق�صيرة جدا -ح�سن برطال96 ............................... الأندية الأدبية
�شعر� :ألقِ ع�صاكْ -مي�سون طه النوباني97 .............................. امل�سرية والتحوالت
عنف ال�سنين -عبداهلل احمد الأ�سمري99 ............................
�أكتبي ما �شئت والعني خطوي -نجاة الزباير 100 .............................
�سنة �أولى -م�سفر الغامدي 101 ...............................................
والتفت ال�ساق بال�ساق في عناقٍ �أخير -رامي هالل 102 .......................
ن�صان �شعريان -محمد حبيبي 105 ....................................
في رثاء ناهد المانع -د .ن�سرين بنت ثاني الحميد 106 ................ 71.......................
ناهد الزيد -مالك الخالدي 108 ......................................
قُبل ُة �شتائي نحْ رُكِ لها ِقبْلة -يو�سف عايد العنزي 109 ........................ �أوراق الغرفة ()8
كلنا �أحباب … -حامد �أبو طلعة110 .........................................
�سُ مّار الدار -عبدالنا�صر الزيد113 ...........................................
مواجهات :ال�شاعر م�سفر الغامدي -حاوره عمر بوقا�سم 115 ...........
نوافذ� :أدب البكاء وال�ضحك -عبد الرحيم الما�سخ122 ..................
الإن�سان ..وتقلب الأيام -غازي خيران الملحم 125 ...........................
«جيران �أ�سفل الدرج» ..جيران اللغة الإن�سانية - !!..محمد خ�ضر 128 ........ 115......................
فيلم «الما�ضي» لأ�صغر فرهادي - ..عبداهلل ال�سفر131 .......................
قراءات 133 ............................................................... حوار مع ال�شاعر م�سفر الغامدي
عين على الجوبة 135 ...................................................
الأن�شطة الثقافية136 .................................................. الغالف :للفنان التركي ديكان.
3 اجلوبة -خريف 1435هـ
اف �ت �ت��اح �ي��ة
ال� � � � �ع � � � ��دد
■ �إبراهيم احلميد
منذ �أكثر من ثالثة عقود ،بزغ فجر الأندية الأدبية� ،شاقة طريقها الطويل مع نخب
الأدب والثقافة و�شيوخها� ،إذ كانت البدايات في المدن الرئي�سة مت�سمة بكثير من
التبجيل ،كون هذه الأندية بقيت نخبوية ،يحتكرها نخبة من �شيوخ الأدب والمثقفين،
وكان الإ�شراف الحكومي والتعيين الذي كان يتم من قبل الرئا�سة العامة لرعاية
ال�شباب عامال حَ فِظ ا�ستقرار تلك الأندية ،و�أ�ضفى على عملها كثير ًا من الرتابة
والجمود ،نظرا لبقاء بع�ض ر�ؤ�سائها �سنوات طويلة دون تغيير.
وبقدر ما �أ�سهم وجود الأندية الأدبية في المدن التي وجدت بها في بروز �أ�سماء
�أدبية وثقافية ،وتحفيز �أدب��اء مجتمعاتها نحو الإب��داع والتمكين ،فقد �أ�سهم عدم
وجود الأندية الأدبية في المناطق الأخرى في تثبيط همم المبدعين و�شل ن�شاطهم،
وردم وجودهم ،وبالتالي �أ�سهم في نكو�ص التنمية الثقافية في تلك المناطق لأكثر
من ثالثين عاما ،ما ت�سبب في دفن مئات المواهب التي كان يمكن للأندية الأدبية
الم�ساهمة في تكري�س اهتمامها و�إبرازها �إلى ال�ساحة الثقافية.
وقد واجهت الأندية الأدبية محطات عديدة في م�سيرتها �صعود ًا وهبوطاً ،بقدر ما
ا�ستطاعت �أن تقدم لمجتمعاتها المحلية ولوطنها من منتج ثقافي ،ومن مثقفين �أدوا
دورهم في خدمة الإبداع الثقافي للبالد .وبقدر ما قدمت هي للمثقفين والأدباء من
خدمات و�أدوار وفقا لإمكاناتها و�أنظمتها التي يرى بع�ضهم �أنها قيّدت حِ راكها ،وحدَّت
من انفتاحها؛ و�إذا جاز لنا ،مع �أبعاد الجوانب ال�شخ�صية �أو الم�سوغات الخارجية،
فقد ا�ستطاعت �أن ت�ؤدي دورها ن�سبيا وفقا لمرحلتها.
لم يتغيّر الو�ضع �إال بعد ك�سر الجليد ،بت�أ�سي�س �أندية جديدة في مناطق لم تحظَ
اجلوبة -خريف 1435هـ 4
اف����������������ت����������������ت����������������اح����������������ي����������������ة
بها من قبل ،لتبد�أ م�سيرة جديدة ،وليكتب تاريخ جديد من االنعتاق من الجمود،
بتعيين وجوه تمثل الم�شهد الثقافي الجديد ،من جيل يعتبر �أن مرحلة التجديد طالت
كثيرا ،حتى و�صلت �إليه؛ ومع هذا فقد بادر بع�ضهم �إلى التقليل من �أهمية المرحلة
الجديدة� ،إذا لم ت�أت وفقا للم�ستجدات والمتغيرات التي ت�شهدها ال�ساحة المحلية
والعالمية ،معتبرين �أن الأندية الأدبية يجب �أن ال تقل �ش�أنا عن الغرف التجارية� ،أو
المجال�س البلدية التي تنتخب �أع�ضاءها.
وكان �أن ب��ادرت وزارة الثقافة باتخاذ قرار بالمجازفة بقرار االنتخابات ،من
دون �أن تلتفت �إلى �أهمية الأر�ضية التي ت�أتي على �أ�سا�سها ،ومن دون �أن تلتفت �إلى
اقتراحات الأندية و�شروطها لإدخال المهتمين �إلى �ساحة الثقافة .و�أذكر من تجربتي
ال�شخ�صية في فترة الإعداد النتخاب مجل�س جديد ،وت�أ�سي�س جمعية عمومية� ،أننا
بنينا على ا�ستمارة تم �إعدادها من قبل رئي�س النادي الأ�سبق ،لنخرج با�ستمارة
جديدة كانت كفيلة بكفاءة وجَ ودة �أي ع�ضو يمكن �أن يتم تر�شّ حه لع�ضوية الجمعية
العمومية �أو النادي ،وقد كنت قد ا�ستعر�ضت تلك اال�ستمارة مع وكيل الوزارة الذي
�أبدى �إعجابه بها في حينه ،وعندما �أجريت االنتخابات ،تمت وفقا لمعادلة جديدة
هدفها �إح�ضار �أكبر عدد من الأع�ضاء حتى ولو كانوا من خارج ال�سرب ،ما ت�سبّب في
ح�شد جموع كانت �أبعد ما تكون عن هموم الأندية الأدبية واهتماماتها ،وت�سبب بالتالي
في نكو�ص جديد للأندية الأدبية.
وفي �سياق هذه التحوّالت ،تطرح الجوبة ملفها لمناق�شة مو�ضوعات واقع الأندية
الأدب�ي��ة وم�ستقبلها ،نجاحاتها و�إخفاقاتها ،والمقارنة بين التعيين واالنتخاب،
وتفا�صيل حول تمويل الأندية الأدبية ،ودوري��ات الأندية و�إ�صداراتها ،والملتقيات
الأدبية وجوائز الأندية الأدبية ،والمر�أة في الأندية الأدبية ،والمراكز الثقافية كبديل
للأندية الأدبية �أو �إغالقها ،والأندية الأدبية في ع�صر العولمة ،وتجربتين واقعيتين
في �إدارة الأندية الأدبية.
5 اجلوبة -خريف 1435هـ
األندية األدبية
المسيرة والتحوالت
■ �إعداد وتقدمي :حممود عبداهلل الرحمي
الأندية الأدبية ال�سعودية م�ؤ�س�سات ثقافية �أدبية فكرية ،ب��د�أت فكرتها عام 1395ه��ـ ،والتي
ج��اءت عبر اق��ت��راح قُ��دم للأمير في�صل بن فهد -رحمه اهلل � -أث��ن��اء دعوته ولقائه في العام
المذكور ب�أربعين �أديباً من مختلف �أنحاء المملكة؛ لدرا�سة وتنظيم �إحياء �سوق عكاظ ،وقد �أثمر
هذا اللقاء عن �إن�شاء �ستة �أندية .ويعد نادي جدة عميد الأندية الأدبية ،تلته �أندية مكة المكرمة،
والريا�ض ،والمدينة المنورة ،وجيزان والطائف؛ وذلك عام 1395هـ .وي�ؤكد الأدباء في المملكة
�أنه لوال حما�سة الأمير الأديب في�صل بن فهد رحمه اهلل ،و�إرادته الحرة ،و�إيمانه القوي بر�سالة
الأدب ،وقدرته الفائقة في الت�أثير في المجتمع ،لما كان ت�أ�سي�س الأندية الأدبية من الأحداث
الثقافية والأدبية المهمة في تاريخ �أدبنا ال�سعودي .ثم توالت المطالبات بالتو�سع في افتتاح
�أندية �أدبية مماثلة في جميع مناطق المملكة ،وتحقق بع�ضها في ظل رعاية ال�شباب ،وقد قدمت
تلك الأندية جهدا ملمو�سا في الت�أ�سي�س لحراك �أدبي ثقافي ،كان ي�سير وفق منظومة التطوير
التنموي للوطن..
الكونية ..و�إلى �إنهاء حالة الت�شطير بين جمعيّات وبعد �أربعين عاما مرت على �إن�شاء الأندية
الثقافة والفنون وبين الأندية الأدبيّة ،وجعلهما الأدب�ي��ة ،ورغ��م �أن �أداء الأن��دي��ة الأدب�ي��ة تطور
تحت مظ ّل ِة المركز الثقافي في جميع المناطق ب�شكل ملحوظ في الو�سط الثقافي ،و�إن كان
والمحافظات في المملكة. ل��م ي�صل �إل��ى طموح القائمين عليها؛ �سواء
وق��د ارت� ��أت الجوبه تخ�صي�ص ه��ذا العدد ب��ال��وزارة �أو الأن��دي��ة الأدب�ي��ة نف�سها ،ت�ضاربت
لتقويم عمل الأندية الأدبية وعطائها ،ور�صد الآراء حولها ..وكتب النقاد الكثير عن دورها..
�أث��ره��ا -ف��ي وق��ت تحتفل �ستة منها ب�م��رور ما بين م�ؤيد ومعار�ض لأدائها وفعالياتها؛ فمن
�أربعين عام ًا على �إن�شائها -على �أم��ل �أن هذا قائل �إل��ى حاجتها �إل��ى تو�سيع دوره��ا الثقافي
العدد الخا�ص من المجلة �سيكون مرجع ًا مهم ًا وفق المعا�صرة والحداثة التي نعي�شها الآن�..إلى
للباحثين والدار�سين الذين �سيت�صدون م�ستقب ًال مطالب ب�إغالقها و�إن�شاء مراكز ثقافية جديدة
لكتابة بحوث �أكاديمية عالية عن الأندية الأدبية. تحمل روح الع�صر الرقمي والقيم الإن�سانية
6اجلوبة -خريف 1435هـ
م������������������ل������������������ف ال������������������ع������������������دد
الأندية الأدبية من �أبرز مجاالت االهتمام الر�سمي بالثقافة في المملكة ،وهو اهتمام يذهب
�إلى الأدب (�شعرا ،و�سرداً ،ودرا�سات نقدية وتاريخية متعلقة بهما) ،متحا�شياً غيره من �ألوان
الفعل الثقافي والفني التي اخت�صت بها جمعيات الثقافة والفنون؛ فكانت قيا�ساً على ما تلقاه
الأندية الأدبية من اهتمام مو�ضع تهمي�ش ر�سمي� ،سواء بعدم ال�صرف عليها من قبل الجهة
الم�سئولة عن الثقافة ..وهي وزارة الثقافة والإعالم (حتى �أعلنت التق�شّ ف في الآونة الأخيرة
وتوقف كثير من منا�شطها وفعالياتها المجدولة)� ،أو بما تلقاه الفنون والمنا�شط الثقافية التي
ترعاها (وهي الم�سرح ،والت�شكيل ،والمو�سيقى ،والفولكلور ال�شعبي) من تراتبية القيمة على ما
تخت�ص به الأندية الأدبية ،و�ضيق المجال الحيوي الذي يعك�س �ض�آلة االهتمام.
نقول �إن ال�صراع والم�شكالت لي�ست عامة في ف�إذا ما ت�ساءلنا عن �أ�سباب هذه الظاهرة
كل الأندية .وهناك م�شروع الئحة جديدة �سيغلق وم��دل��ول �ه��ا ،ف ��إن �ن��ا �سنفهم ال�ت���ص��ور ل�ل��أدب
الباب من دون �أي منفذ للم�شادّة واالختناق.. والوظيفة التي يُراد للأندية الأدبية �أن تنه�ض
ولكن علينا هنا �أن ننظر �إلى ال�صراع الحادث بها ،ومن ثم نجاعتها في ممار�سة دور ثقافي
والم�شكالت الم�صاحبة من زاوي��ة مفهومية فعّال ،و�أ�سباب ال�صراع والم�شكالت التي تن�شب
للأندية الأدب �ي��ة ،بحيث لم يكن التعيين من فيها :بين �أع�ضائها المنت�سبين �إليها من جهة،
جهة الوزارة لمجال�س �إدارات الأندية ب�أقل �إثارة وبينهم وب�ي��ن ال� ��وزارة م��ن جهة ثانية ،وبين
للم�شكالت ،و�أدعى للعزوف عن الأندية ،و�أمعن الأندية الأدبية والأدب��اء الذين لم يجدوا في
في ت�شتيت جهدها ،من التحوّل �إلى االنتخاب الأندية ما يجذبهم �إليها من جهة ثالثة .وقد
اجلوبة -خريف 1435هـ 7
الكاتب الم�سرحي الذي تختفي ذاته ،مف�سحة للمجال�س.
�أمام الجمهور واقع ًا فني ًا مو�ضوعي ًا ب�شخ�صيات ولي�س م��ن �ش�أننا هنا �أن نبحث ع��ن حلٍّ
متعددة ،وعالقة �أفقية مع الجمهور ال ر�أ�سية؛ لل�صراع� ،أو براءة من الم�شكالت؛ بل قد نقول �إن
�أي لي�ست نازلة عليهم من الأعلى. ال�صراع والم�شكالت ظاهرة طبيعية و�ضرورية
وم��ا ي�ب��دو ف��ي الم�سرحية �أو ال�سينما من في الم�شهد الثقافي ،وال يخلو منها م�شهد �إال
اختفاء �شخ�صية الكاتب وذات��ي��ت��ه ،يبدو في كان الجمود م�آله .لكن ال�صراع والم�شكالت
الفنون ال�شعبية التي تمثِّل �ألوان الرق�ص والغناء قد تكون باعث ًا على الجمود ،وقد تكون عر�ض ًا
التي ال تنت�سب لم�ؤلف محدد .وحتى ال�شاعر لمر�ض �أو اختناق يح�سن معالجته وتنفي�سه؛ وما
ال�شعبي بالمعنى ال��ذي ي��ؤ ِّدي��ه في الرق�صات �أعنيه هنا هو هذا ال�صنف الأخير.
المحلية المختلفة ،ي��ذوب موقعه ف��ي �إط��ار والم�س�ألة –من قبل ذلك ومن بعده -يمكن
الجماعة� ،أو يكت�سب بحكم �صوته الفولكلوري �أن تكون مو�ضوع تقويم وتحليل خارج ح�سابات
موقع ًا �ضمن المجموع ،ولي�س موقع ًا �شخ�صي ًا ال���ص��راع ،وب�ع�ي��د ًا ع��ن متعلقاته �أو دواع�ي��ه؛
وذات �ي �اً؛ ولذلك فهو ينطق ب�صوت الجماعة،
فالبحث عن ج��دوى للأندية الأدبية وم�ضمار
ويغنِّي على الألحان المتوارثة فيها.
حيوي لن�شاطها ،ال ي�ستقل عن بحث مفهوم
والمو�سيقى التي تتجرد من اللغة المبا�شرة الأدب الذي تنت�سب �إليه ،والوظيفة التي ينه�ض
هي ق�سيم الفنون الت�شكيلية في تجريد الذات بها ،وعالقته في هذا وذاك بالفن في عمومه،
و�إخفائها ،وفي الخلو�ص �إلى واقعة فنية ع�صيَّة الذي ال يمكن ت�صور الأدب بمعزل عنه� ،إال في
على اال�ستخدام والتوظيف؛ فهي مخدومة في لحظة الإ�شارة �إلى �أزمة في ثقافة المجتمع.
ذاتها ولذاتها التي تج�سِّ د درج��ة �صافية من
�إن اخت�صا�ص الأندية الأدبية ب��الأدب (�أي
درج��ات الفن والخلو�ص الجمالي .ولذلك ف�إن
بالفن ال��ذي يتركز ف��ي اللغة الل�سانية) هو
عالقة الجمهور بها عالقة �أفقية؛ �أي عالقة
تفاعل وت�شارك ولذة فنية خال�صة� ،أو فرجة� ،أو اخت�صا�ص متعلق بنخبة اجتماعية محددة؛ ومن
ال عالقة .وقد �أحاط بع�ض الفقهاء المو�سيقى ثم ،ف���إن الأدب هنا يمتلك وظيفة «توجيهية»
وال �ف �ن��ون الت�شكيلية ب��الإن �ك��ار �أو التحفظ، تنزل من الأعلى �إل��ى الأ�سفل� ،أو من الأدي��ب
با�ستدالالت نقلية هي مو�ضع نظر وتمحي�ص �إلى جمهوره .وهذه العالقة العمودية �أو�ضح ما
دقيق ،ينتهي �إلى نفي �صحتها من �آخرين ،وحين تكون في ال�شعر وفي المحا�ضرة ،وقد ن�ش�أت
ي�ضعف الدليل النقلي في مواجهتها ،ف�إن العلة الأندية الأدبية في المملكة ،في وقت كان �صدور
العقلية لن تجد �سوى الخلو�ص الجمالي �أو الغائية رواية حدث ًا نادراً ،ولم يكن المجال يتيح للق�صة
الفنية فيها ،التي ال تتيح وظيفة توجيهية ونفعية الق�صيرة ما يتيحه لل�شعر.
مبا�شرة ،ال قيمة للجمال الفني عند الفقهاء كان هذا الدور التوجيهي للأديب هو الدور
بمعزل عنها .وينبغي �أن نتذكر ه��ذه العلة ما ال��ذي قامت عليه الأن��دي��ة الأدب �ي��ة� ،أي ال��دور
دمنا ب�صدد التفكير في علة الف�صل للأدب عن الذي ي�ستلزم ح�ضور الأدي��ب بذاته و�شخ�صه؛
الفنون الجميلة والتردد في مح�ضها ..المنزلة ويمكن �أن نفهم هذا الدور ونميزه بمقابلته بدور
8اجلوبة -خريف 1435هـ
م������������������ل������������������ف ال������������������ع������������������دد
�صلبة ،يمكن بها الح ُّد من عددهم� ،أو �ضمان نف�سها التي نمح�ضها للأدب و�أنديته!
ق��در معقول م��ن التجان�س والت�شارك بينهم. وعلى ال��رغ��م م��ن �أن��ه يمكن االحتجاج بما
ول�ق��د ح��اول الم�سئولون ع��ن الأن��دي��ة الأدب�ي��ة نَحَ تْه الق�صيدة الحديثة من تحا�شي الح�ضور
والعاملون فيها تدبير �ضوابط لمن ي�ستحق الذاتي لل�شاعر بالمعنى التقليدي �أو الرومان�سي،
ع�ضويتها واالنت�ساب �إليها والعمل فيها ،ولكنها والهروب من العاطفية ،ومن اللغة المبا�شرة،
كانت تتهاوى �أمام �سيولة المفهوم الأدبي ذاته؛ وت�أكيد �صفة مو�ضوعية وجماعية للن�ص؛ ف�إن
�سواء نظرنا �إلى هذه ال�سيولة من زاوية الكثرة ال�شاعر وجمهوره ظال مولعين بنرج�سية ال�شاعر
في �أع��داد ال�شعراء والكتاب ب�أي معنى� ،أو من وطغيان �أناه ،وظلت الأم�سيات ال�شعرية والأكف
زاوية القابلية للتمدد في كل اتجاه ،زاوية الكتابة ال�ت��ي يع�صف بها الت�صفيق بين حين و�آخ��ر
عن الأدب والثقافة ب�أي معنى ،تلك التي كانت ت�أخذك �إلى �أجواء قديمة� .أما الرواية التي نعرف
هي الأخرى م�ؤهِّ ال �إلى رتبة الأديب �أو المثقف، مقدار الم�سافة التي تباعد بينها وبين الق�صيدة
ي�ستطيع الولوج منها مَ ن لم يحظ ب�صفة ال�شاعر من جهة اختفاء �شخ�صية م�ؤلفها فيها ،وحفولها
�أو ال�سارد �أو الكاتب ،وي�صبح مو�صوف ًا للأدب بالتعدد ال�صوتي والحوارية بما �أك�سبها ح�ضورا
في مقام باحث� ،أو م�ؤرخ� ،أو ناقد ...،الخ. حديث ًا ب ��ارزاً ،ه��و ح�ضور ال �ت�لا�ؤم م��ع جمهور
وقد يبدو الأمر �أكثر جالء �إذا ما نظرنا في �أكثر �شعور ًا باال�ستقاللية وت�صور ًا للحرية ،ف�إن
ال�صفة التي يتحدد بها االنت�ساب �إل��ى الفنون الرواية ال�سعودية في معظم �إنتاجها بما فيه
الجميلة ف��ي جمعيات الثقافة وال�ف�ن��ون؛ فمن مرحلة طفرتها منذ منت�صف الت�سعينيات و�إلى
ال�سهولة بمكان �أن تتحدد في �أذهاننا �صفة الآن ،لم ت�شكِّل م�سافة تباعد عن كتَّابها ،وظل
الفنان الت�شكيلي ،وهي �صفة قائمة على حدود ال�صوت التوجيهي �صوت المر�شد �إلى ال�صواب
�صلبة في التحديد للفن الذي ينت�سب �إليه؛ بحيث ال��ذي ي��راه م�ؤلفها م��ن وجهته ،ح��ا��ض��راً .وال
ال يغدو �سه ًال ادعا�ؤها من �أي �أحد ،وال توافرها نن�سى –رغم ذلك� -أن الق�صيدة الحديثة لم
بكثرة ت�شبه كثرة ال�شعراء والأدباء؛ والأمر نف�سه تكن مو�ضع ترحيب في معظم الأندية ،وما تزال
يمكن ح�سابه لدى الم�سرحيين والمو�سيقيين. تحا�ش من بع�ضها. الرواية مو�ضع ٍ
ونظرة �أخرى �إلى منت�سبي جمعيات الثقافة ول ��م يقت�صر ت ��أث �ي��ر ه ��ذا ال�ت���ص��ور ال��ذي
والفنون (ف��ي م�سافة االخ�ت�لاف ع��ن الأن��دي��ة انح�صرت فيه الأندية الأدبية على �سَ جْ ن الأدب
الأدبية) ،ف�إن �أحد ًا ال يمكنه �أن يرى تزاحم ًا على في قف�ص الر�سمية والنخبوية ،والحيلولة بينه
الوجاهة االجتماعية ،كما هو الحال في الأندية وبين وه��ج الحياة وح��رارت�ه��ا وكدحها� ،أعني
الأدب��ي��ة التي امتازت بحظوة مالية ومعنوية، الحيلولة بينه وبين ما ي�صنع الأدب بو�صفه
وبملتقيات وم��ؤت�م��رات وج��وائ��ز وا�ست�ضافات موقف ًا لم يكن وال يمكن �أن يكون لموظف برتبة
في ال��داخ��ل وال �خ��ارج ،وت�شريفات على �أعلى مثقف ،وال لأجير برتبة �شاعر .بل تعدى ذلك
الم�ستويات؛ ولهذا ن�ش�أت في الجمعيات روابط �إلى ات�ساع دائرة المت�صفين بالأدب ،وتزاحمهم
بين المنت�سبين �إل��ى الفنون التي تحفل بها، على الوجاهة االجتماعية التي ت�صنعها لهم
ال �سند لها �إال المحبة للفن واالل�ت�ق��اء عليه الأندية ،من دون �أي قدرة على تحديد �ضوابط
اجلوبة -خريف 1435هـ 9
داللة للفعل الأدبي ووظيفة له في المنظور الذي والت�شارك فيه ،و�سجَّ لت منا�شط الجمعيات
ي�صله بغيره من الفنون و�أ�شكال الفعل الثقافي، �صفحات م�شرقة لأع�ضائها في بذلهم وتطوّعهم
وال يف�صله عنها .ونتيجة ذل��ك ال تنح�صر – والت�ضحية بجهدهم.
وح�سب -في �إك�ساب الأدب والمنت�سبين �إليه ال بد –�إذاً -من �أن نزهد في ت�صوراتنا
موقع ًا جديد ًا في �سياق �أو�سع و�أدعى �إلى الحيوية ال�ق��دي�م��ة ت�ج��اه دالل ��ة الأدب والأدي � ��ب ،التي
والتالقح ،و�أحفل بالمواهب المتنوّعة ،و�أكثر �أ��ص�ب�ح��ت م�خ�ن��وق��ة بتعاليها ورومان�سيتها
تركيز ًا وتقطير ًا للخا�صية الأدبية؛ بل تفي�ض وامتالئها الميتافيزيقي .وال بد �أن نعيد التفكير
عن ذلك وتتعداه �إلى �إنعا�ش الفنون التي انح�سر ف��ي حقيقة المح�صول ال��ذي يتوافر للثقافة
االهتمام بها وت�ضاءل ت�شجيعها والحفاوة بها، من فهم العالقة بالأدب ب�أي معنى توجيهي �أو
فت�ستحيل من الهام�ش �إلى المتن. تعليمي .فالأدب –هكذا -يغدو ملوَّث ًا بالم�صالح
و�إذا ك��ان م��ن ال�م�ق��رر ف��ي ت��اري��خ الآداب والمنافع ،يغدو ملوث ًا ب��ـ «�أن���ا» مت�ضخمة في
والفنون �أن الأجنا�س الأدب�ي��ة والفنية تتمايز تك�سبها ب���الأدب �أو �شعورها ال َمرَ�ضي ب�أنها
في ح�ضورها التاريخي ،وتختلف تبع ًا الختالف قادرة على حُ كم الواقع ،وتعليمه ،والتفكير نيابة
الحقب �أو ال�سياقات التاريخية ،والتطور الثقافي عن الجماعة الثقافية .وه��ذا دور ظلت �صفة
واالجتماعي؛ ف ��إن من المعاك�سة للتاريخ �أال الأدب الر�سمية محتكِ رة �إ َّي��اه ،ومتطابقة معه،
يُتاح للفنون من فر�صة التطور وتكاف�ؤ الح�ضور حتى ا�ستنار الوعي الأدبي حديث ًا في المرحلة
ما يحقّق العدالة بينها .فلي�س معقو ًال �أن تظل التي تلت الرومان�سية؛ ف�أ�صبح الأدب بال�صفة
بنية ال��واق��ع الثقافي و�إدارت� ��ه م�صممة منذ ال�سابقة تعتيم ًا على الواقع ال �إنارة ،وتخلّف ًا عن
�أربعين عام ًا على هذا النحو ،فال ي�ساير الزمن حركته ال ريادة له ،و�سبب ًا في م�ضاعفة االنق�سام
والت�صادم م��ن حيث ي��راد ل��ه وب��ه اال�ضطالع
وال يتطور معه �إال زي��ادة ع��دد الأن��دي��ة وف��روع
بمهمة م�ضادّة لذلك تماماً .ال بد من �أن نزهد
الجمعيات� ،أو نقل �إدارة الثقافة والإ���ش��راف
في داللة الأدب والأديب بالمعنى القديم والذي
عليها من رعاية ال�شباب �إلى وزارة الإعالم.
ما يزال يكيّف نظرتنا ،حتى اخت ََ�ص ْ�صنا الأدباء
لنقل ب�صريح العبارة �إن من غير المجدي �أن من دون غيرهم من المبدعين والفاعلين في
ن�صنع تطوير ًا ثقافي ًا ما لم ُنعِد هيكلة الأجهزة �إنتاج الثقافة بالنوادي الأدبية.
المعنية بالفنون والآداب .فكيف نطوِّر الثقافة وح �ي��ن ن��زه��د ف��ي دالل� ��ة الأدب والأدي� ��ب
بح�صر االهتمام بالأندية الأدب�ي��ة؟! كيف نطوِّر ووظيفتهما بالمعنى المو�صوف �أعاله؛ ف�إننا ال
الأدب ،ونحن نُق�صي الم�سرح ونُحارب ال�سينما، نعني الزهد فيهما� ،أو ا�ستبدال التحقير لهما
ونُ�ضيِّق الخناق على المو�سيقى ،ونحتقر الفولكلور، بما كانا يحظيان به من تعظيم .كال ،فالمق�صود
ونقب�ض �أيدينا عن �أي دعم �أو م ��ؤازرة للفنانين هو �أن نحلّهما المحل الم�ستحق لهما في �إنتاج
الت�شكيليين..؟! لماذا ال نت�صور� ،أو ال نريد �أن الجمال الفني ،بالمعنى ال��ذي ال يميّز وظيفة
تكون الفنون والآداب �أغ�صان �شجرة واحدة؟! الق�صيدة عن وظيفة المنحوتة� ،إال في اختالف
ال بد من �أن تت�سع الأندية الأدبية لأق�سام مادتهما وجن�سهما الفني .وهذا معناه ا�ستحداث
10اجلوبة -خريف 1435هـ
م������������������ل������������������ف ال������������������ع������������������دد
بع�ض الأندية الأدبية تفرغ من بناء مقراتها ،وها ومنا�شط جمعية الثقافة وال�ف�ن��ون� ،أو تت�سع
هي �أخرى تو�شك �أن تت�سلم مقراتها� ،أو ت�شرع الجمعية للأندية الأدب �ي��ة ،فتتوحد الجهتان
في �إن�شائها ،وذل��ك بماليين ال��ري��االت ،ولكن �أو تندمجا ،وال بد من �إ�ضافة المكتبة العامة
بت�صاميم ال ت�أخذ في الح�سبان �أدوار ًا م�ستقبلية �إل��ى ه��ذا االن��دم��اج ،وت�ت��اح الفر�صة الن��دراج
يمكن �أن تتمثل فيها فكرة المراكز .وي�ضاف �إلى �أق�سام فنية وثقافية �أخرى ،لم تحظ باهتمام
ذلك جهد الالئحة المنظمة لع�ضوية الأندية الجمعيات والأن��دي��ة م��ن ق�ب��ل .ولي�ست هذه
الأدبية و�إدارتها التي ا�ستنفدت جهد ًا كبيراً. الفكرة جديدة؛ فقد ناق�شها ملتقى المثقفين
�إن فكرة �إن�شاء مركز ثقافي ي�شمل منا�شط فنية ال�سعوديين الثاني المنعقد في الريا�ض خالل
و�أدبية وثقافية عديدة ،في كل منطقة هي طموح الفترة من 1432/11/30-27ه �ـ ،تحت عنوان
�أبعد في تطوير الثقافة ،والمعار�ضون لها حين «ال��م��راك��ز ال��ث��ق��اف��ي��ة» ،وك��ان��ت م��ح��ور �إح���دى
يعتقدون �أن تعدد الإدارات الثقافية �أجدى على جل�ساته .بل �إن �إحدى الأوراق التي تم طرحها
الثقافة ،يتحا�شون جناية الت�شتيت والف�صل بين في هذه الجل�سة ذهبت �إلى �أن تاريخ الفكرة بد�أ
الفنون على المفهوم ال��ذي يطبعها والوظيفة –في الأقل -عام 1415هـ ،على ل�سان الأمير
التي ت�ضطلع بها ،وال يكترثون بقلة المتفاعلين في�صل بن فهد (رحمه اهلل) ،الرئي�س العام
لرعاية ال�شباب �آن��ذاك ،في �إحدى المنا�سبات
من عموم النا�س مع الن�شاطات الأدب�ي��ة التي
الثقافية ،حين كانت الأندية الأدبية وجمعيات
ُيغْدَ ق عليها المال ،وال بما تلقاه جمعيات الثقافة
الثقافة والفنون تحت �إدارت �ه��ا .وكانت بع�ض
والفنون من �شُ حٍّ وتقتير.
الأوراق تبارك الفكرة ،وتبرهن على جدواها
�أم��ا الأم��ر المهم في الق�ضية كلها ،فهو �أن بالمقارنة بفكرة المراكز الثقافية في الدول
طرحها على هذا النحو قد ال ي�صدر عن وزارة الغربية ،مثل :فرن�سا ،و�إيطاليا ،و�أمريكا .ولم
الثقافة والإع�ل�ام .وه��ذا طبيعي ،فالتخطيط تحدث معار�ضة للفكرة ب�شكلٍ ج��ديٍّ ،وظلت
ل�ق�ط��اع م��ن ق�ط��اع��ات ال�ع�م��ل ،واك�ت���ش��اف ما التحفظات عليها ،ت�أتي من زاوية التحبيذ لتعدد
ي�ؤدي �إلى النهو�ض به ال يحدث في العادة من �إدارات العمل الثقافي ،و�أن الدمج �سي�ضيِّق
المنهمكين فيه والغارقين في لجّ ته ،بل من وا��س�ع�اً .وك��ان الإح�سا�س ال��ذي ل��م يكد يبين
جهة يتوافر لها م�سافة ر�ؤية �إلى الأبعد .والجهة في كلمات �أن دعم الأندية الأدبية وامتيازات
التي يمكن �أن تتوافر لها م�سافة الر�ؤية هذه �أع�ضائها �ستت�ضاءل ب�سبب اندراجها في متعدد
هي مجل�س ال�شورى ،ولقد قدم مجل�س ال�شورى �أو تفرُّق مبالغ الدعم التي كانت خا�صة بها.
في ال�سابق تو�صية ب�إن�شاء مجل�س �أعلى للثقافة وعلى الرغم من ذلك ،ف�إن �أق�صى ما يمكن
والفنون والآداب ،ولي�س بعيد ًا �أن تتبنى لجنة �أن ن�صف به م�صير الفكرة لي�س الإلغاء ،لأن
ال���ش��ؤون الثقافية (وفيها �أ��س�م��اء م��ن خيرة �أح��د ًا من الم�سئولين لم يقل ذل��ك �صراحة؛
المثقفين و�أكثرهم وعي ًا بالثقافة وطموح ًا �إلى و�إنما ت�أجيل الفكرة� ،أي التغا�ضي عنها م�ؤقت ًا
ما يرقى بها) مق َترَح ًا ب�ش�أن المراكز الثقافية، وعما ين�ش�أ عنها من عناء .لكن هذا الم�صير
و�أن تبادر �إلى تقديم تو�صية به �إلى المجل�س. �أكثر �إرباك ًا وا�ستنفاد ًا للجهد والمال؛ فها هي
اجلوبة -خريف 1435هـ 11
الأندية الأدبية..
النجاحات والإخفاقات
■ حممد علي قد�س
تمهيد
منذ ت�أ�سي�س الأندية الأدبية عام 1975م -وكانت النواة �أندية جدة ،الطائف ،ومكة ،والمدينة،
والريا�ض ،وجيزان -وهي تقوم بدورها الذي �أُن�شئت من �أجله على مدى �أربعين عاما ،في دور
وطني وقومي ،غيّرت -من خالل �أن�شطتها الثقافية ور�سالتها الأدبية -الم�شهد الثقافي برمّته،
و�أ�سهمت في تكوين الوعي الثقافي وبلورته ،والعمل على تفعيل الإنتاج الأدبي ودعمه ،والإحتفاء
بالمبدعين ،والإ�سهام في التنمية الثقافية ،ودفع م�سيرة النه�ضة الأدبية والثقافية في المملكة.
تعد هذه الأندية بحق من م�ؤ�شرات النمو الثقافي والأدبي ،من منظور ما قدّمته من عطاء ،وما
حقّقته للأدب والأدباء من �أهداف في م�شروع نه�ضوي يخدم ثقافتنا الوطنية والثقافة العربية.
�شهادتي لنادٍ خدمته لأكثر من خم�س وع�شرين الأندية بعطاء ثقافي ،وقد احتفل �أدباء المملكة
�سنة� ،إال �إنني ال �أتجاوز الحقيقة وال �أبالغ في عام 1435ه �ـ ،بت�أ�سي�س �ستة �أندية �أدبية ،فبعد
القول ،م�ست�شهد ًا ب ��آراء الكثير ممن كتبوا عن �صدور قرار �صاحب ال�سمو الملكي الأمير في�صل
تجربتهم مع الأندية الأدب�ي��ة ،وبخا�صة النادي ابن فهد بن عبد العزيز ،الرئي�س العام لرعاية
الأدب��ي العريق في ج��دة .ونعود بالتاريخ لليوم ال�شباب ،رحمه اهلل ،رقم 11/423وتاريخ 29
ال��ذي �شهدت فيه مدينة جدة �أول لقاء في �أول �صفر 1395هـ ،بت�أ�سي�س �أول نادٍ �أدبيٍّ في المملكة،
انتخابات للأدباء والمثقفين في المملكة ،اجتمع ب�ن��اء ع�ل��ى ط�ل��ب ت�ق��دم ب��ه ك��ل م��ن الأ��س�ت��اذي��ن
فيها �أكثر من ثالثين �أديبا ومثقفا ومحبا للثقافة الكبيرين محمد ح�سن عواد ،وعزيز �ضياء زاهد،
والأدب في مدينة ج��دة في 23جمادى الأول��ى با�سم (نادي جدة الأدبي) ،ليكون منتدى وملتقى
عام 1395هـ ،وقد كانت جدة على و�شك تحقيق للأدباء والمفكّرين في مدينة جدة� ،صدر قرار
حلم ثقافي كبير ،اجتمعت له تلك النخبة من مماثل في العام نف�سه وال�شهر نف�سه ،بناء على
الأدباء والمثقفين ،وهو اجتماع دعا �إليه الأديبان طلبات الأدباء في مناطق المملكة الذي �صادف
ال�ك�ب�ي��ران محمد ح�سن ع ��واد وع��زي��ز �ضياء، وجودهم في مدينة الريا�ض ،لح�ضور اجتماع دعا
بعد عودتهما م��ن ال��ري��ا���ض وق��د منحا ال�ق��رار �إليه �سموه حول م�شروع �إحياء (�سوق عكاظ)؛
الر�سمي ،بت�أ�سي�س ناديهم الأدب��ي ،وفي منتزه ف�أ�صدر �أم��ره بالموافقة على �إن�شاء �أندية :مكة
ا�شتهر بلقاءات ال�صفوة ونخبة الأدب��اء والأحبة المكرمة ،والطائف ،والريا�ض ،والمدينة المنورة
والأ�صدقاء ،حيث يحلو ال�سمر وتحلو الحوارات، وجيزان.
انتظم عقد الأدب��اء .وت�ضم قائمة الأ�سماء التي قد �أك���ون -في نظر بع�ضهم -متحيزا في
اجلوبة -خريف 1435هـ 13
حما�سة �أمير ال�شباب والأدب و�شجاعتة �سجلت لأول انتخابات �شهدتها مدينة جدة لأول
ي�ؤكد الأدب��اء �أنه لوال حما�سة �أمير ال�شباب نادٍ �أدبي ر�سمي �أ�س�س في منظومة الأندية الأدبية
والأدب ،في�صل بن فهد ،رحمه اهلل ،و�إرادت��ه في المملكة.
الحرة ،و�إيمانه القوي بر�سالة الأدب ،وقدرته وحين ج��رت انتخابات ن��ادي مكة بعد مرور
الفائقة في الت�أثير في المجتمع ،لما كان ت�أ�سي�س ثالثين �سنة على انتخابات ن��ادي ج��دة الأول��ى
الأندية الأدبية من الأح��داث الثقافية والأدبية جاءت هذه العبارة(�إنها المرة الأول��ى في تاريخ
المهمة في تاريخ الأدب ال�سعودي .ومن وجهة الأندية �أن تحدث هذه االنتخابات) .وه��ذا غير
نظر الأديب الرائد عزيز �ضياء� ،أن هذه الأندية �صحيح؛ فالئحة الأندية الأ�سا�سية� ،صدرت بعد
كان يمكن �أن تظهر في �أي وقت قبل الآن ،ولكن ت�أ�سي�س الأندية الأدبية ال�ستة ،ولكنها ظلت معطلة
ظهورها في الوقت الذي �أعلن عن ت�أ�سي�سها ،كان منذ انتخابات نادي جدة الأدبي الأولى التي جرت
له عدة وجوه ،منها :الطفرة التي عا�شتها المملكة في كازينو كيلو ع�شرة عام 1395هـ ،وذلك بح�ضور
ف��ي الثمانينيات الميالدية ،وت��وف��ر الإمكانات كبار �أدب ��اء ج��دة ،وم��ن بينهم :ال �ع��واد ،وعزيز
للنه�ضة ال�شاملة وفق خطط التنمية في مختلف �ضياء ،والأمير عبداهلل الفي�صل ،والزمخ�شري،
المجاالت االقت�صادية واالجتماعية والتعليمية والمغربي ،ومحمود عارف ،والقر�شي ،وغيرهم.
والثقافية. وانتخبوا �أول مجل�س �إدارة لأدبي جدة؛ لذلك فهو
وب�ت��أ��س�ي����س الأن ��دي ��ة الأدب� �ي ��ة ف��ي �إط��اره��ا عميد الأندية الأدبية في المملكة ،و�أول نادٍ يجري
الم�ؤ�س�ساتي ،وال�ت�ق��دي��ر ال�ك��ام��ل ل ��دور الأدب االنتخابات العامة بح�ضور جمعية عمومية من
والأدب� ��اء ف��ي ه��ذه النه�ضة ،ازده ��رت الحركة الأدب��اء ال��رواد والمثقفين والإعالميين .و�ضمت
الأدبية ،وتطوّر الم�شهد الثقافي ب�شكل كامل .وبال قائمة الذين ر�شحوا �أنف�سهم للدخول في �أول
�شك ف�إن االحتفاء بمرور ( )40عاما على ت�أ�سي�س مجل�س �إدارة الأ�ساتذة :ح�سن القر�شي ،ومحمود
ن��ادي ج��دة الأدب� ��ي ،ك��ان حقا ر��ص��دا لم�سيرة عارف ،ومحمد علي مغربي ،وعبداهلل الح�صين،
الأندية الأدبية ،وما �شهدته الحركة الأدبية من وعبداهلل مناع ،والأمير عبداهلل الفي�صل ،والأمير
تطور ،وما حدث من متغيرات ثقافية ،وال يمكن �سعود ب��ن �سعد ،وعبدالفتاح �أب��و م��دي��ن .ومن
�إنكار �سلبياتها ما دمنا ب�صدد �إبراز �إيجابياتها.
الحقائق �أن �سمو الأمير عبداهلل الفي�صل لم يدخل
نجد �أننا الب��د �أن نكون �صرحاء و�صادقين في
�أول مجل�س �إدارة ،حيث حقق �سمو الأمير �سعود بن
�إي�ضاح �أ�سباب �إخفاقاتها.
�سعد(فتى ال�شاطئ) �أ�صواتا �أكثر ،وكان هو من
�صاحب الفكرة والر�ؤية ال�صائبة دخل مجل�س الإدارة� .أما الأدب��اء الذين ح�ضروا
عرفت الأ�ستاذ محمد ح�سن ع��واد ،م�ؤ�س�س و�شاركوا بالإدالء ب�أ�صواتهم ،فكان منهم الأ�ساتذة:
نادي جدة الأدبي ،حين كنت طالبا في الثانوية، عبدالوهاب �آ�شي ،ولقمان يون�س ،ومطلق الذيابي،
ق ��ر�أت م�ق��االت��ه الفل�سفية ف��ي ج��ري��دة ال�ب�لاد، ومحمد �إب��راه��ي��م ج��دع ،وها�شم عبده ها�شم،
و�أعجبني حما�سته الزائدة للتغيير والتجديد، ومحمد �سعيد باع�شن ،و�أحمد �شريف الرفاعي،
وعرفت �أن��ه من المتحم�سين للأدباء ال�شباب، ووهيب بن زقر ،ومحمد بادكوك.
14اجلوبة -خريف 1435هـ
م������������������ل������������������ف ال������������������ع������������������دد
كان العواد ي�ؤمن تماما ب�أنه ال بد �أن ترفع والم�شجعين ل�م�ح��اوالت�ه��م ف��ي الإب � ��داع ،فقد
القيود عن �إب��داع المر�أة ،وحقوقها االجتماعية �شجع الأدي��ب��ة نجاة خياط ف��ي بدايتها ،وطبع
التي �صرح بها في خواطره ،ومنح ما تكتبه كل لها مجموعتها الق�ص�صية الأول���ى (مخا�ض
اال�ستثناءات .ولعله نجح كثيرا ،و�أثمر ت�شجيعه ال���ص�م��ت)؛ فطمع ك��ل ال���ش�ب��اب ال�ط�م��وح كما
وتبنيه للكثير من الأ�سماء �أن �أغلبها قد برز �أ��س�م��اه��م ف��ي دع �م��ه وت�شجيعه ،وه��م ال��ذي��ن
وا���ش��ت��ه��ر ،وك�����س��ب ال���ع���واد ال���ره���ان ع��ل��ى تفوق عرفوا طبيعة الأ�ستاذ العواد ،الذي كان يبحث
تجاربهن الإبداعية .ومن بين تلك الأ�سماء :د. في �إبداع ال�شباب عن المغامرة والحداثة .كان
�أ�شجان هندي ،ود .فوزية �أبو خالد ،ود .خيرية هاج�سه رحمه اهلل التجديد كحقيقة من حقائق
ال�سقاف ،ود .فاطمة حناوي ،ونورة خالد ال�سعد الحياة ،واالختالف في الكتابة .وبعد ت�أ�سي�سه
و�سميرة الري رحمها اهلل .لذلك ت�ؤكد د .فوزية للنادي الأدبي ،وجد �أن فكرته قد تحققت ليكون
�أب��و خالد �أن موقف العواد من ق�ضايا المر�أة، النادي منبرا لهم ..وحا�ضنا لإبداعهم ،ومنطلقا
موقف وطني ،ملتزم ومتقدم على زم��ن ذوات لم�ستقبلهم .منحني ع�ضوية الجمعية العمومية
الخدر والخمار و�سقاية الحجيج ،وق��د �أدرك��ت في النادي وطلب �أن �أكون �سكرتيرا له ،بح�ضور
المر�أة �أن حلقة الخلخال -و�إن كانت من ذهب- الأ��س�ت��اذ الكبير محمود ع ��ارف ..ع�شت �ست
هي بع�ض قيدها. �سنوات قريبا منه ل�صيقا به� ،أ�سمع هم�سه و�أقر�أ
م��ا كتبه ف��ي خ��واط��ره الم�صرحة و�أح�لام��ه نب�ض م�شاعره ،وعرفت ال�شئ الكثير من جوانبه
بم�ستقبل المر�أة اجتماعيا وثقافيا ،ر�أيناه يتحقق الإن�سانية ،وعواطفه الجيا�شة ،وب�ساطة الحياة
في ال�سنوات الأخيرة ,من خالل دخول الأديبة التي كان يعي�شها ،والتوا�ضع الذي كان من �أبرز
والمثقفة مجال�س �إدارات الأندية ،ورئا�سة لجانها �سماته الإن�سانية .وقر�أت �أفكار م�ؤ�س�س الأندية
الفكرية والثقافية ،و�أ�صبحت جزء ًا من نب�ضها، الأدبية.
خاتمة
بعد �أربعين �سنة من عمر الأن��دي��ة الأدب�ي��ة،
لمقرات جديدة ،كنادي مكة الثقافي ونادي �أدبي
ظهرت على ال�سطح تكهنات في الو�سط الأدبي
ال�شرقية ،م�شروعان تحت الإن�شاء والإعمار منذ
حول الأندية الأدبية وفق ما يحدث في عالمنا من خم�س �سنوات ،يرجّ ح بع�ض المثقفين �أن تقوم
والمح�صالت الثقافية، ّ متغيرات في المعطيات الوزارة ب�إن�شاء مراكز ثقافية والإبقاء حاليا على
وم��ا تتطلبه ال�م�ع��ا��ص��رة ف��ي عالمنا الجديد الأندية بو�ضعها الحالي ،فيما رجّ ح غالبية الأدباء
لجوء الوزارة للقيام بدمج الأندية الأدبية مع فروع
بثقافته و�إع�لام��ه ،وبخا�صة �أن �آم��ال المثقفين
جمعيات الثقافة والفنون ،للخروج بمراكز ثقافية
تجددت بعد قناعتهم بعدم واقعية نظام الأندية �شاملة لجميع �أطياف الثقافة والفكر والفن.
الأدبية و�آلياتها التي تلقى معار�ضة ونقدا من فكرة المراكز الثقافية ال�شاملة التي تجمع
الأدباء والمثقفين .خ�صو�صا فيما يتعلق ب�آليات الثقافة والأدب والفنون في كيان واح��د ،فكرة
انتخابات الأندية ،وقواعدها و�شروطها .و�إذا كان باتت مطلب ًا ملح ًا من قبل المثقفين والفنانين،
�إال �أن الجميع يتخوّفون م��ن ا�ستعجال تنفيذ
هذا النظام يلبّي بع�ض احتياجاتهم ويحقق جزءا
ال�ف�ك��رة ق�ب��ل ن�ضوجها ،وا��س�ت�ي�ف��اء حقها من
من طموحاتهم ،كم�ؤ�س�سات ثقافية م�ستقلة ،لها البحث والدرا�سة ب�شكل جيد ،لتعود بالنفع على
دوره��ا الأدب��ي الذي له مقا�صده وخ�صو�صياته، الم�شهد الثقافي برمته .لأن م�شروع المراكز
�إال �أنها بحاجة �إل��ى تطوير؛ و�أي�� ًا كانت الآلية الثقافية يحتاج لدرا�سة وافية من قبل ال��وزارة،
ويُو�صى بتكلفة القيام بهذه الدرا�سة لذوي العقول
التي �ستتبعها ال���وزارة ،لإب ��راز فكرة المراكز
وال�خ�ب��رة الوا�سعة ف��ي مجال العطاء الثقافي
الثقافية ،ف�إن �آمال المثقفين ال تتوقف عندها، والإن �ت��اج الأدب���ي ،وال�ت��ي حملت ال�ه��مَّ الثقافي
لذلك نراهم يجددون مطالبتهم بعودة جائزة على عاتقها ،وخدمت ثقافة الوطن بوعي وجد
الدولة التقديرية في الأدب ،وت�أ�سي�س ال�صندوق و�إب��داع .وكان عدد من المثقفين قد اقترح على
وزارة الثقافة والإع�لام درا�سة بع�ض التجارب
التعاوني لدعم الأدباء .وت�شكيل المجل�س الأعلى
الحيّة للمراكزالثقافية في العالم ،كنماذج يمكن
للثقافة والآداب والفنون .والتو�سع في الن�شاطات تطبيقها في المملكة ،منها تجربة مركز بومبيدو
الم�سرحية وال�سينمائية. الثقافي في باري�س ،والمراكز الثقافية الأمريكية
20اجلوبة -خريف 1435هـ
م������������������ل������������������ف ال������������������ع������������������دد
تبدو فكرة االنتخابات ،من الناحية النظرية ،جذّابة لمعظم المثقفين� ،إن لم يكن جميعهم!
وقد ال تجد مثقفاً يهاجم االنتخابات ك�آلية للو�صول �إل��ى «ال�سلطة»� ،أي��اً كانت هذه ال�سلطة،
من دون �أن يقرر �أنه مع االنتخابات من حيث المبد�أ ،ولكنه �ضدها في زمان معيّن �أو في مكان
محدّد؛ لعدم توافر ال�شروط المو�ضوعية التي ت�ضمن نجاحها ،هذه ال�شروط المو�ضوعية التي
ال ت�أتي �أبداً!!..
م َّر بها عندما كان عميد ًا لكلية التجارة بجامعة هذا ما حدث في �أعقاب النتائج التي �أ�سفرت
الملك �سعود ،فيقول �إنه حاول جاهد ًا من خالل عنها انتخابات الأندية الأدبية في بع�ض مناطق
م�شاركاته في لجان الجامعة العملَ على �إلغاء المملكة ،فقد رف�ض بع�ض المثقفين تلك النتائج،
نظام “تعيين” عمداء الكليات بقرارات �إدارية، ودعا �صراحة �إلى العودة �إلى �آلية التعيين ،بدال
وا�ستبداله بنظام يقوم على التر�شيح من مجال�س من االنتخابات!
الكليات .وقد نجح في ذل��ك ،وتم اعتماد نظام ما حدث عندنا ربما يبدو �صادماً ،ولكن ،من
االن�ت�خ��اب��ات ب ��د ًال م��ن ن��ظ��ام التعيين ،واعتبر الإن�صاف للمثقف ال�سعودي� ،أن نذكر �أنَّ رف�ض
الق�صيبي �أن هذا الإنجاز هو �أحد �أهم الإنجازات نتائج االنتخابات يكاد يكون تقليد ًا را�سخ ًا في
ف��ي حياته .لكن ال�ك��ارث��ة وق�ع��ت بعد �أن دخلت العديد من اتحادات الأدباء والمثقفين في العالم
التجربة حيّز التنفيذ .يقول الق�صيبي« :عندما العربي؛ فعلى �سبيل المثال ال الح�صر ،يندر في
بد�أ تطبيق الن�ص اندلعت الم�شاكل في كل كلية ال�سنوات الأخيرة �أن يتم ت�شكيل هيئات �إداري��ة
تقريباً .كانت هناك انق�سامات ،وتعذّر على بع�ض جديدة في رابطة الكتاب الأردنيين من دون �أن
المجال�س تر�شيح �أحد .كانت هناك �شكاوى �إلى يعقب ذلك موجة من اال�ستقاالت واالحتجاجات،
�أعلى �سلطات الدولة”(.)1 وهو الأم��ر الذي يحدث في العديد من اتحادات
ير�ض “الدكاترة” بنتيجة االنتخابات، لم َ الكتاب والأدباء في العالم العربي.
ودبّت الخالفات بينهم ،ثم تطورت حتى و�صلت يروي الدكتور غازي الق�صيبي تجربة �شخ�صية
اجلوبة -خريف 1435هـ 21
نحن ال نجد مثل ه��ذا ال�ت�ب�رّم ل��دى التجار �إلى درجة الخ�صومة المطلقة واال�ستعداء برفع
الذين كانوا وم��ا ي��زال��ون ينتخبون ممثليهم في خطابات �إل��ى وزي��ر الداخلية ،و�إل��ى الملك! وقد
ال �غ��رف ال�ت�ج��اري��ة منذ ع�ق��ود ط��وي�ل��ة ،رغ��م �إن ك��ان��ت النتيجة �أن ت��م �إل��غ��اء ن��ظ��ام االنتخابات
التجار والمثقفين ينتمون �إل��ى البيئة والعادات والعودة �إلى نظام التعيين� ،أو كما يقول الق�صيبي
والتقاليد االجتماعية نف�سها .نعم تحدث خالفات �إلغاء «ن�ص» االنتخاب والعودة �إلى «ن�ص» التعيين!
ح ��ول ن�ت��ائ��ج ان �ت �خ��اب��ات ال �غ��رف ال �ت �ج��اري��ة في وهنا يت�ساءل:
بع�ض الأحيان ،لكنها قليلة ..وهي ال تكاد تذكر هل �أنا بحاجة �إلى القول �إن الديمقراطية ال
بالمقارنة مع الخالفات التي تثور بين المثقفين تنبع من الن�صو�ص و�إنما من النفو�س؟ وهل �أنا
عندما تجري انتخابات الأندية الأدبية .فما الذي بحاجة �إل��ى القول �إن الديمقراطية ال تنبع من
يجعل التجار يقبلون بنتائج االنتخابات ،وال يجعل النفو�س �إال بعد فترة من الحرث وو�ضع البذور
المثقفين يقبلون بها؟! علم ًا ب�أن الغرف التجارية وال�سقاية والعناية والرعاية؟ (.)2
تحقق م�صالح حقيقية للتجار ،فهي بمثابة نقابات
تحمي م�صالحهم وت��داف��ع عنها �أم��ام الحكومة بالطبع ال يق�صد الق�صيبي �أن��ه �ضد فكرة
والم�ستهلكين المحليين وال���ش��رك��اء الأج��ان��ب، االنتخابات ،فهو معها ولي�س �ضدها ،لكنه يقرر �أن
ومن ثَمَّ ،ف�إن نتائج االنتخابات تعني الكثير جد ًا وجود ن�صو�ص نظامية تفر�ض االنتخابات فر�ض ًا
بالن�سبة لهم ،ولي�ست مجرد منا�صب وكرا�سي ال ي�ضمن نجاح الفكرة عند التطبيق ،حتى لو تم
ومواقع فخرية!؟ التطبيق في بيئات ثقافية يعمل فيها �أنا�س يحملون
�أعلى ال�شهادات العلمية ،التي اكت�سبوها من بيئات
الواقع �أنه ،على الرغم من التنظير الكثير،
ت�سودها الروح الديمقراطية المت�سامحة .هو هنا،
ف�إنه توجد عالقة ملتب�سة بين المثقّف وال�سلطة.
بب�ساطة ،يرى �أن الديمقراطية ،لكي تنجح ،تحتاج
فالمثقف رغم تظاهره بالعزوف عن ال�سلطة،
�إلى «و�ضع البذور وال�سقاية والعناية والرعاية»،
يعتقد في ق��رارة نف�سه �أن��ه �أح��ق بها من غيره.
وقد يكون المثقف “فرداً” �أو ربما “تياراً” ،لكنه �أي تحتاج �إلى «الزمن» .فهل بمقدورنا �أن نراهن
في كل الأح��وال يجد �صعوبة كبيرة في التنازل على الزمن حتى ي�ؤمن النا�س بفكرة االنتخابات
لغيره؛ لأنه يعتقد �أنه على حق ،و�إن ما يراه هو ويقبلون بنتائجها؟ وك��م نحتاج م��ن ال��وق��ت كي
ال�صواب .ومن المده�ش �أن بع�ض المثقفين في ين�ضج المجتمع ،ويقبل بنتائج االنتخابات؟
تحوّالتهم الفكرية عبر مراحل زمنية مختلفة الم�ؤكد �أن «الحرث وو�ضع البذور وال�سقاية
كانوا يتع�صبون دائم ًا للأفكار المتناق�ضة التي والعناية والرعاية» ال يمكن �أن تحدث من تلقاء
كانت تعبّر عن انتماءاتهم الفكرية في المراحل نف�سها .ال بد �أن يكون هناك مَن يحرث الأر�ض،
الزمنية المختلفة! هناك مثقفون كانوا يقفون ومَن ي�ضع البذور وي�سقي ويعتني ويرعى .والم�ؤكد
التع�صب
ّ في �أق�صى الي�سار ،وك��ان��وا �شديدي �أي�ضا �أن النخب المثقفة هي المر�شّ حة �أكثر من
لأفكارهم الي�سارية ،ويعملون على �إق�صاء كل من غيرها للقيام بهذا ال��دور .لكن المزعج هو �أن
ال ي�شاركهم الر�أي ،ثم تحوّلوا في مراحل الحقة هذه النخب المثقفة ،عندنا ،كانت دائم ًا تعثر على
�إلى �أق�صى اليمين ،و�أ�صبحوا �شديدي التع�صب الذرائع التي تبرر بها عدم قبول نتائج االنتخابات.
22اجلوبة -خريف 1435هـ
م������������������ل������������������ف ال������������������ع������������������دد
ثقافي يختلف عن التيار الذي يميل �إليه .وواقع للأفكار اليمينية ،فعملوا على �إق�صاء كل من ال
الأم��ر هو �أن ال�شللية ج��زء من تركيبة ثقافتنا ي�شاركهم �أفكارهم الجديدة ،والعك�س �صحيح!
المحلية؛ ولذلك ،يف�ضل الكثير من المثقفين قيل في تف�سير رف�ض بع�ض المثقفين لنتائج
االن�سحاب بالكامل بد ًال من التعاي�ش مع الآخرين انتخابات النوادي الأدبية� ،إن بع�ض المر�شحين
في بيئة ثقافية تتنوّع فيها الميول والتوجّ هات. الذين خا�ضوا تلك االنتخابات وفازوا فيها هم
في ح��االت كثيرة حدثت خالفات �أدت �إلى من خ��ارج ال�ساحة الثقافية ،و�إن النتائج التي
تعطيل �أن�شطة بع�ض ال �ن��وادي الأدب �ي��ة ب�سبب حققوها �إنما كانت ب�سبب تكتالت وا�صطفافات
الميول وال�شلليات ،ولي�س ب�سبب وجود �أع�ضاء ال ع�لاق��ة لها بالثقافة ،ب�ق��در م��ا ه��ي نتيجة
في مجل�س الإدارة من خارج ال�ساحة الثقافية. مخططات ذات دواف���ع �أي��دي��ول��وج�ي��ة هدفها
ولهذا ،ال يمكن ن�سف فكرة االنتخابات بحجة الحقيقي هو توظيف ال�ن��وادي لتحقيق غايات
�أنها ت�أتي ب�أ�شخا�ص من خارج ال�ساحة الثقافية، �أ�صحاب تلك الأيديولوجيات.
والقول �إن وجود مثل ه�ؤالء الأ�شخا�ص هو �سبب ربما يكون هذا �صحيح ًا في بع�ض الحاالت،
الفو�ضى الإداري��ة ،والنزاعات الم�ستمرة التي ولكن هل وج��ود مثل هذه الحاالت يبرر رف�ض
تعاني منها بع�ض النوادي الأدبية. ف �ك��رة االن �ت �خ��اب��ات وال�م�ط��ال�ب��ة ب��ال �ع��ودة �إل��ى
�إن فكرة االنتخابات فكرة ح�ضارية نبيلة، التعيين� ،أم يدعونا �إل��ى ب��ذل الجهد لإ�صالح
ويجب �أن يكون للنوادي الأدبية دو ٌر كبير في نظام االنتخابات المعمول به؟
تر�سيخها ف��ي جميع الأن���ش�ط��ة وال�ق�ط��اع��ات من المعروف �أن عملية االنتخابات في �أي
بالمجتمع ،ه��ذا ال��دور ال��ذي و�صفه الق�صيبي مجال �أو ن�شاط ال بد �أن تكون محكومة ب�شروط
ب�ـ «ال�ح��رث وو��ض��ع ال�ب��ذور وال�سقاية والعناية وقواعد ،وعندما يتعلق الأمر بانتخابات النوادي
والرعاية». الأدب�ي��ة ..يجب �أن ال تتاح فر�صة التر�شّ ح لأي
ربما لن تتحقق في المدى الق�صير ال�صورة �شخ�ص ال تنطبق عليه ال�شروط والقواعد .وعلى
المثالية التي يطمح �إليها معظم المثقفين ،لكن �سبيل المثال ،يمكن ت�ضمين قواعد االنتخابات
ممار�سة االنتخابات واال�ستفادة من الأخطاء لع�ضوية مجال�س �إدارات ال�ن��وادي الأدب�ي��ة �أن
يثري التجربة وين�ضجها .و�إذا كان المثقفون يكون المتر�شح ذا �إنتاج �أدبي ،ولي�س من خارج
ي�ضيقون ذرع�� ًا باالنتخابات؛ لأن نتائجها ال ال�ساحة الثقافية .وم��ن الم�ؤكد �أن��ه لن يكون
تعجبهم ب�سبب حداثة التجربة ووجود الأخطاء، من الم�ستحيل و�ضع ال�شروط التي تمنع غير
فلن تن�ضج ه��ذه التجربة �أب���داً ،و���س��وف تظل المعنيين بالثقافة ب�شكل حقيقي من التطفل
ال�ن��وادي الأدب�ي��ة تعاني من الق�صور ال��ذي هو على انتخابات النوادي الأدبية.
�صفة م�لازم��ة للعمل البيروقراطي الوظيفي واقع الأمر هو �أن الكثير من المثقفين ال يُطيق
الذي تحكمه لوائح التعيين وفر�ض الو�صاية. ال��ر�أي الآخ��ر ،وال ي�ستطيع الت�أقلم مع �أي توجّ ه
( )1غازي الق�صيبي ،حياة في الإدارة ،ط ( 13بيروت :الم�ؤ�س�سة العربية للدرا�سات والن�شر2006 ،م) �ص .93
( )2الم�صدر نف�سه.
يقت�ضي نجاح �أي م�ؤ�س�سة ،والثقافية منها على وجه الخ�صو�ص� ،أن تقر�أ -بال تعالٍ وال
مثالية -معطيات الواقع؛ لكي تنطلق بر�ؤية �إ�ستراتيجية ت�ست�شرف تحوّالت الم�ستقبل و�آفاقه
وممكناته؛ ما يمكّنها من مواكبة ح��راك المجتمع ،واالن�سجام مع تحوّالته ومُتغيّراته ،من
خالل العمل على م�شروعات ثقافية .
و�إذا ما تتبّعنا تاريخ الأندية الأدبية ،ف�إنه يتوجب ب��دءاً �أال نن�سى �أن ت�أ�سي�س الجيل الأول
منها تزامن مع بواكير حركة (ال�صحوة) ،وهو ما يدعوني �أت�ساءل بارتياب عن غياب �أثر هذه
الم�ؤ�س�سات الثقافية ،وعجزها عن الت�صدّي لرياح ال�صحوة التي ع�صفت بالمجتمع ،ب�شكل لم
يكن م�سبوقا من قبل .
ج��دة الأدب ��ي ،ال��ذي ك��ان ل��ه ح�ضوره المتميز، ولكي نتو�صل �إل��ى �أ�سباب �إخفاق الم�ؤ�س�سة
و�أث��ره في الم�شهد الثقافي؛ ف���إن معظم الأندية الثقافية ط��وال العقود الأربعة الما�ضية ،علينا
الأخ � ��رى ف��ي ت�ل��ك ال �ف �ت��رة ي�غ�ل��ب عليها طابع ق��راءة المراحل التي مرت بها الأندية الأدبية-
ال�خ�م��ول ،وال�ع�م��ل التقليدي ،والمح�سوبيات، نظريا� -إلى عدة مراحل تاريخية ،بدايتها منذ
و�سيطرة الذهنية الواحدية على جُ ��لِّ مجال�س عام٩٥هـ .تلك الفترة الطويلة ن�سبيا ،والتي
الأندية .ومن هنا ،كانوا يمار�سون � أ�شد درجات ك��ان��ت الرئا�سة العامة لرعاية ال�شباب تمثل
الإق�صاء لكل من يختلف مع توجهاتهم الفكرية مرجعية الأندية الأدبية ،و�إذا ما ا�ستثنينا نادي
24اجلوبة -خريف 1435هـ
م������������������ل������������������ف ال������������������ع������������������دد
الئحة االنتخابات التي جلبت -ب�سبب غياب والأيدلوجية؛ ذلك � أن ر�ؤ�ساء الأندية ال ي�ؤمنون
ال�ضوابط والمعايير التي كنا ن�ؤملها -الكثير بالعمل الم�ؤ�س�سي ،بقدر ما كانوا يديرون العمل
من الطارئين و�أ�شباه المثقفين والأكاديميين، على طريقة الموظفين .بل يحدث �أن تدار هذه
الذين وثبوا م�ستغلين ركاكة الالئحة ،على هذه الأندية لدى بع�ض ه��ؤالء -مع الأ�سف -كما لو
الم�ؤ�س�سات ،و�أعتقد �أن الحالة الراهنة التي نحن �أنها ملكية خا�صة؛ يتجلى ذلك في ت�صريحات
ب�صددها الآن تنبئ عن الحال �أكثر مما يدوّنه القائمين عليها ،الذين لم ي�ستنكف بع�ضهم عن
المقال . الت�صريح بكونه �شخ�صية اعتبارية يرى في هذا
ال ���ش��ك �أن ال��ره��ان ع�ل��ى ان�ت�خ��اب �أع���ض��اء (المن�صب) مكاف�أة �شخ�صية ،وذلك بعد الإعالن
عن نية الوزارة في تغيير �أع�ضاء مجال�س الأندية .مجال�س الأندية حالة يطمح لها ال�شارع الثقافي،
وعندما تحوّلت الأن��دي��ة �إل��ى جهاز وزارة رغم ما قد يعتريها من تعثر في بداياتها ،وها
ال�ث�ق��اف��ة والإع �ل��ام ،وغ� ��ادرت الإدارات التي نحن نرى �أن مراجعة الالئحة وتعديلها �أ�صبح
ا�ستحوذت عليها ،ب��د�أت مالمح التجديد تظهر هاج�س الإدارة العامة للأندية الأدبية ،فهل ثمة
مجددا بعد طول انتظار ،وعادت الأندية �إلى حالة وقت لتدارك الأخطاء المتراكمة عبر عقود في
االنتعا�ش ،وبد�أت تدخل في حالة من التناف�س .ع�صر التحوّالت الثقافية ،واالنفجارات المعرفية،
حدث ذلك بعد �أن قامت وزارة الثقافة والإعالم والثقافة العابرة للحدود؟ وهل �سيتوقف العالم
بم�ضاعفة ع��دد الأن��دي��ة الأدب�ي��ة ،لت�شمل جميع في انتظار المتقاع�سين والمتخلّفين عن الركب؟!
ويبدو �أنه يتعين �أن نطرح ال�س�ؤال الآتي ،بكل مناطق المملكة .ولعلنا ن�شير في ه��ذا المقام
�إلى العديد من البرامج الثقافية ،والم�سابقات ما فيه من حرقة :هل هو زمن الأندية الأدبية
الأدب� �ي���ة ،والأن �� �ش �ط��ة ال �ن��وع �ي��ة ف��ي ع ��دد من التي عجزت عن مواجهة تحديات الما�ضي؟! وهل
الأن��دي��ة .وج��دي��ر بنا �أن نذكر بال�شكر ع �رّاب يمكنها التفاعل مع راهن الثقافة على ال�صعيد
تلك المرحلة الدكتور عبدالعزيز ال�سبيّل ،الذي المحلي والعالمي؟!
ال �أعتقد �أننا نغامر في االعتراف ب�أننا لن ك��ان لجهوده المخل�صة �أث��ر كبير في الحراك
الإيجابي الذي طر�أ على هذه الأندية الأدبية ؛ ننتظر من هذه الأندية التي ما تزال تطوف في
كما ال نن�سى احت�ضان الوزارة لمعر�ض الريا�ض الظالم ،مكبّلة ب�أغالل العوز المعرفي وغياب
الدولي للكتاب ،والفعاليات الثقافية الم�صاحبة الر�ؤية� ،أن تواكب الراهن ،وال �أن تقدم الإ�ضافة
له ،التي كان لها دور كبير في �إث��راء الم�شهد ،والتغيير .غير �إن ما يجعلنا نبتهج قليال �أن هذه
الإدارة العامة للأندية تتداول -وهو ما لم يعد وك�سر حاجز القطيعة بين المثقفين .
وكان يجب �أن يتحرك العمل ت�صاعديا ،ولكن خافيا -هذه الأ�سئلة ،وت�شاطرنا هذه الهواج�س،
قدر هذه الم�سيرة �أن ترتد من جديد ،بعد تطبيق بحث ًا (ربما) عن بدائل لهذه الأندية .
اجلوبة -خريف 1435هـ 25
ميزانية الأندية الأدبية
■ هاين احلجي
يكت�سب مفهوم تمويل عمل الم�ؤ�س�سات الثقافية �أهمية حيوية؛ لأنه يفتح �آفاقاً كبيرة لتنمية
الثقافة .وعلى كل الم�ؤ�س�سات الثقافية �أن تراعي عدداً من ال�شروط لتحقيق هذا الهدف ،وذلك
بتخفي�ض الم�صاريف من ناحية ..وزي��ادة الدخل من ناحية �أخ��رى ،عن طريق الإدارة الفعالة
التي تحقق التوازن بين الم�صروفات والإيرادات .من جانب �آخر ،ف�إن �أمام الم�ؤ�س�سات الثقافية
معادلة �صعبة؛ فالإحجام عن الإنفاق على �أن�شطتها الالزمة ب�سبب قلة مواردها يوازيها م�شكل
ف��ي عملها؛ وم��ن المهم �أن تت�ضافر جهود الم�ؤ�س�سات الثقافية للتو�صل للن�سبة المعقولة
للم�صاريف الإدارية.
في الأط��راف ،وال يعني ذلك تقليل الميزانية �إن تمويل العمل الثقافي ُي َع ُّد عن�صر ًا فاع ًال
لمناطق الأط� ��راف ،ب��ل رف��ع ميزانية المدن لزيادة الن�شاطات وتوفير الخدمات ،كما �أن
الرئي�سة ،وبالخ�صو�ص ن��ادي العا�صمة الذي معظم الم�ؤ�س�سات العاملة في هذا الميدان هي
يمثل الواجهة الثقافية الأولى للوطن ،ل�ضيوف م�ؤ�س�سات تعتمد على الإعانة ال�سنوية.
المملكة في المهرجانات والملتقيات الثقافية ال���ش��ك �أن ال �م��وارد المالية تعد م��ن �أه��م
من خارج المملكة. العوائق التي تواجهها الأندية الأدبية؛ فالإعانة
نعود لميزانية المليون ري��ال ،وهي الإعانة ال�سنوية المقررة بمليون ريال �سنويا ال تكفي،
ال�سنوية المخ�ص�صة للأنديةـ لو كانت تقت�صر وقد يرى مَ ن هو خ��ارج نطاق عمل الأندية �أن
على الأن�شطة والفعاليات الثقافية ،لربما كانت هذا المبلغ كبير ،لكن قبل �أن ننتقل �إلى معوقات
مقبولة نوعا ما؛ فهناك عدة بنود �أولها رواتب ال�صرف والتطرق لكفاية المنحة من عدمها ،ال
الموظفين ،ومكاف�آت مجال�س الإدارة واللجان، بد من الإ�شارة �إلى �أن توزيع مبلغ المنحة نف�س
ولعل الرواتب ت�أخذ البند الأكبر من الميزانية؛ لجميع الأندية ،في حد ذاته ،يحتاج �إلى �إعادة
خ�صو�صا �أن ل��دى الأن��دي��ة الأدب �ي��ة موظفين نظر؛ فهناك �أندية تقع في مدن رئي�سة ،وتتبعها
ر�سميين م��ن �أي ��ام ال��رئ��ا��س��ة ال�ع��ام��ة لرعاية محافظات عديدة ..بخالف الأندية التي تقع
26اجلوبة -خريف 1435هـ
م������������������ل������������������ف ال������������������ع������������������دد
م��واق��ع ا�ستثمارية داخ��ل ه��ذه ال�م�ب��ان��ي ،مثل ال�شباب ،ورواتبهم مرتفعة ،وتتجاوز المائة �ألف
��ص��االت للت�أجير لإق��ام��ة فعاليات تتقارب مع ريال �شهريا ،ف�أحد الأندية تقاعد لديه موظف
ن�شاط النادي ،و�إن�شاء مكاتب وت�أجيرها على دور ر�سمي ،ووفقا لنظام العمل والعمال ي�ستحق
الن�شر مثال؛ و�ضرورة الت�أكيد على اال�ستقالل مكاف�أة نهاية خدمة مقدارها ربع مليون ريال،
المالي للأندية الأدبية ،من خالل البحث عن وهو يمثل ربع ميزانية النادي ل�سنة واحدة ،وبعد
قنوات وم�صادر تحقق �إيرادات �إ�ضافية لها. مكاتبات مع ال��وزارة ،تم �إلزامهم بدفع المبلغ
للموظف؛ ه��ذه ح��ال��ة ،وه �ن��اك ح ��االت كثيرة
ون��ظ��ر ًا لما تتحمله الأن��دي��ة م��ن م�صاريف لل�صرف على هذا البند؛ �أي�ضا بند المكاف�آت
�صيانة وت�شغيل ت�صل �إل��ى %50م��ن الإع��ان��ة الذي يت�ضمن مكاف�أة اللجان المخت�صة ح�سب
ال�سنوية ،فهناك ح��اج��ة �إل��ى �أن ت�ق��وم وزارة ما ت�ضمنته المواد من الئحة الأندية الأدبية.
ال�ث�ق��اف��ة والإع �ل��ام ب �ط��رح م���ش��روع ال�صيانة
وم��م��ا ال �شك فيه �أن زي���ادة الميزانية هو
والت�شغيل والحرا�سات الأمنية لجميع الأندية في المطلب الأهم للأندية� ،إذ طرح هذا المطلب
مناف�سة عامة ،وتتولى الوزارة توقيع عقد موحّ د من قبل ر�ؤ�ساء الأندية ،وفي مقدمتهم معالي
عن جميع الأن��دي��ة ،و�أهمية ا�ستقطاب الرعاة وزي��ر الثقافة والإع�ل�ام ،وذل��ك عند ت�شرفهم
واال�ستفادة من تجارب بع�ض الأندية ،والبحث بلقاء ولي العهد �صاحب ال�سمو الملكي الأمير
عن �آلية لتوقيع عقد موحّ د مع �شركة لتوزيع كتب �سلمان بن عبد العزيز ،وبح�ضور معالي وزير
الأن��دي��ة الأدب�ي��ة ،والم�شاركة بكتب النادي في الثقافة والإعالم ،واقترحوا رفع الميزانية �إلى
معار�ض الكتب. ثالثة ماليين ري��ال ،لتغطي جوانب ال�صرف
كما يمكن تحقيق �إيرادات من بيع الكتب من على الأن�شطة والفعاليات في الأندية الأدبية،
خالل عدة قنوات منها: وخ�صو�صا �أن الأندية لديها توجّ ه للتو�سّ ع في
ل��ج��ان ال��م��ح��اف��ظ��ات ،وه��ي تتطلب ميزانيات
� -إق��ام��ة معر�ض م��وحّ ��د للكتاب ف��ي المدن �إ�ضافية.
الرئي�سة :الريا�ض ،جدة ،الدمام.
ولذا� ،أقترح هنا عدة تو�صيات ومقترحات،
� -إق��ام��ة م�ع��ر���ض �أ� �س �ب��وع��ي م��ع ال�ج��ام�ع��ات منها� :أه�م�ي��ة دع��م وزارة الثقافة والإع�ل�ام
الحكومية والأهلية. ممثلة ف��ي وك��ال��ة ال� ��وزارة لل�ش�ؤون الثقافية،
-البحث ع��ن �إمكانية �إي�ج��اد وق��ف للأندية للمهرجانات والملتقيات ال�سنوية الثابتة التي
الأدبية؛ �إما من خالل متبرعين� ،أو �شراء تعقدها الأندية الأدبية؛ وتوحيد الدعم لجميع
وقف موحّ د لجميع الأندية بعد درا�سة كافة مهرجانات الأندية في المملكة؛ وت�شكيل لجان
ا�ستثمارية داخل الأندية الأدبية ب�إ�شراف من
الجوانب المالية والقانونية للمو�ضوع.
الإدارة المالية ،تقوم بتعزيز التوا�صل مع الغرف
ونظرا لأهمية �إيجاد م�صادر للتمويل وبحث التجارية وال�صناعية داخل المناطق التي توجد
ع��ن ال��رع��اة ،ت��م ت�أ�سي�س ملتقى الم�سئولين فيها الأندية؛ والتوا�صل مع رجال الأعمال من
الماليين بفكرة ومبادرة من كاتب هذا المقال، �أج��ل �إيجاد رع��اة ودع��م للأن�شطة والفعاليات
وعقد اللقاء الأول بنادي الريا�ض ،بح�ضور عدد الثقافية؛ وا�ستفادة الأندية من مبانيها ،ب�أن
من الم�سئولين الماليين. تخ�ص�ص الأندية القائمة والتي �ستن�ش�أ م�ستقبال
اجلوبة -خريف 1435هـ 27
الدوريات ا�ﻷ دبية..
مراجعة واقتراح
■ �صالح حممد املطريي*
لعله ال �أحد يجادل في �أن الدوريات والمجالت التي ت�صدرها ا�ﻷ ندية ا�ﻷ دبية تعد من �أهم
المنافذ التي يعبر خاللها النتاج الثقافي �إلى مجتمع القراء� .صحيح �أن ا�ﻹ�صدارات الأخرى؛
كالكتب النقدية ،والدواوين ال�شعرية ،والمجموعات الق�ص�صية ،والروايات ..ت�شغل حيزا ال ب�أ�س
به من قناة الن�شر لأي نادٍ� ،إال �أن الدوريات تتميز على الكتب بانتظام �صدورها ح�سب ت�صنيفها،
وتنوّع مادتها ،وتعدّد كتّابها ،وحداثة محتواها .لذا ما �إن حدثت تلك القفزة التاريخية في ت�شكيل
ا�ﻷ ن��دي��ة الأدب��ي��ة ،حتى �شرعت تخلخل البنية التقليدية لأن�شطة الأن��دي��ة ،وط��ال ه��ذا التغيير
الدوريات التي ت�صدرها هذه الأندية� ،صحيح �أن معظم هذه الدوريات مثل( :عالمات) ،و(جذور)،
و(الآطام) ،و(ر�ؤى) ،و(دارين) ،و(قوافل) ،و(مرافيء) ،كانت موجودة قبل �إعادة ت�شكيل مجال�س
ا�ﻷ ندية ا�ﻷ دبية� ،إال �أنها �شهدت تغيّرا ملحوظاً بعد عام 1427هـ� ،شمل ت�شكيل لجان خا�صة تعمل
على تحرير كل مجلة ومتابعة �إ���ص��داره��ا ،كما �شمل التغيير �أي�ضا ح��ذف بع�ض الأ�سماء التي
كانت تترهل بها لوحة التحرير ،من غير �أن يكون لهم دور ملمو�س في �إ�صدارها؛ كما بات من
الملحوظ �أي�ضا تح�سن م�ستوى الطباعة وا�ﻹ خ��راج الفني ،وا�ستخدام عنا�صر الإنتاج بال�شكل
الذي يجذب القارئ �إلى الإ�صدار؛ هذا مع �أن المجلة الأدبية لي�س من ال�ضروري �أن تكون مطعّمة
بالأ�صباغ ال�شكلية ،مثل المجالت التي تو�ضع في واجهة مراكز الت�سوق والمحال التجارية� ،أعني
تلك المجالت اال�ستهالكية المزدانة بالأغلفة ال�سميكة ال�ساطعة مع ال�صور والعناوين والبهارج
الخاطفة؛ لأن للمجلة الأدبية خ�صو�صي ًة -في نظري -تقرب �أن تكون كخ�صو�صية الدوريات
العلمية الر�صينة ،تلك التي يتابعها الباحثون والمتخ�ص�صون كل في مجاله.
ومنتديات� ،إال �أن هذه الأن�شطة مح�صورة طبعا �إن الحقيقة التي ال مراء فيها �أن المجلة التي
بعامل ال�م�ك��ان� ،أي ال�ن�ط��اق المحلي للنادي، ي�صدرها النادي ،هي بمثابة ن�سغ الحياة له .نعم
ومح�صورة �أي�ضا بعامل ال��زم��ان ،لأن معظمها هناك �أن�شطة �أخرى تم ّد النادي بالحياة �أي�ضا؛
يُلقى في حينه ..وق��د ال يُ�سجّ ل ،و�إذا �سُ جّ ل.. كا�ﻷ ن�شطة المنبرية من �أم�سيات ومحا�ضرات
28اجلوبة -خريف 1435هـ
م������������������ل������������������ف ال������������������ع������������������دد
الم�ستلمة �إل��ى محكمين من �أه��ل االخت�صا�ص فيحفظ للأر�شيف فقط ،وقد ال ين�شر ،فت�ضيع
من خارج الدورية ،ومن �أمثلة هذا النوع دورية علينا م ��ادة ق� ّي�م��ة ،وق��د ال يبقى م��ن الن�شاط
(حقول) من نادي الريا�ض الأدبي ،وكذلك دورية المنبري �إال فائدة واحدة� ،أال وهي تحريك المياه
(العقيق) المحكّمة التي ي�صدرها نادي المدينة ال��راك��دة� ،أي تحريك العقول ،و�إث��ارة التفكير،
المنورة ا�ﻷ دب��ي منذ ع��ام 1412ه��ـ ،والتي �أتيح وتحفيز المتلقين ،مع بعث الحياة طبعا في مقر
لكاتب هذه ال�سطور العمل في تحريرها على مدى النادي وبين رواده� .أما المجالت والدوريات..
خم�س �سنين ،ورغ��م �أن ه��ذه ال��دوري��ات ا�ﻷ دبية فتتجاوز قيود المكان والزمان ،لأن من طبيعتها
المحكمة قليلة حقا بالقيا�س �إل��ى ال��دوري��ات �أن ت�صدر وت�صل �إلى القارئ في �أي مكان ،وقد
العامة� ،إال �أنها ت�سد ثغرة� ،أو بالأحرى ت�سعف في تقع في يد القارئ في �أي زمان.
الحاجة الما�سة التي يجدها الأكاديميون عندما وم��ن ه��ذه الناحية �إذ ًا تبرز �أمامنا �أهمية
تعوزهم �أوعية الن�شر المحكمة ،التي تمكث في ال��دوري��ات في الو�صول �إل��ى الجمهور على ن�أي
بع�ضها الأبحاث فترة طويلة من الترب�ص والترقب المكان واختالف الزمان ،ولك �أخي القارئ �أن
واالنتظار ،قد ت�صل �إلى عام كامل ليتم تحكيم تتخيل ال��رواج ال��ذي حققته دوري��ة (عالمات)
البحث ،ثم �إذا حظي بالقبول ،قد يترقب عاما ال�ن�ق��دي��ة ال �ت��ي ي���ص��دره��ا ن ��ادي ج��دة ا�ﻷ دب� ��ي،
�آخر لي�أتيه دوره في الن�شر! وهذا واهلل ما ت�ضيع وو��ص��ول�ه��ا �إل ��ى جمهورها م��ن ال �ق��راء والنقاد
فيه الأعمار ،ولذلك يكتفي غالب والباحثين ال�ع��رب م��ن المحيط
الباحثين بورقة قبول البحث.. �إلى الخليج.
ويعتبرونها نهاية المطاف� ،أما وك��م��ا ت�خ�ت�ل��ف الأن� ��دي� ��ة في
م��ت��ى ي��ظ��ه��ر ال��ب��ح��ث ب�ي��ن دفتي �أن���ش�ط�ت�ه��ا ،ت�خ�ت�ل��ف �أي �� �ض � ًا في
المجلة فذلك في رحم الأيام. دوري��ات �ه��ا ،فالغالب عليها تلك
وت �ع��ان��ي دوري� � ��ات ا�ﻷ ن ��دي ��ة الدوريات التي ير�سل �إليها الكاتب
ا�ﻷ دب�ي��ة من م�شكلة ت ��ؤرق تفكير ب�إنتاجه ،ك�أن يكون مقالة نقدية،
القائمين عليها والقراء على حد �أو ق�صة ق���ص�ي��رة� ،أو ق�صيدة
�سواء� ،أال وه��ي م�شكلة التوزيع، �شعرية� ،أو مراجعة لأحد الكتب..
وهي م�شكلة عوي�صة م�ستع�صية ال��خ ،ثم تفح�ص لجنة التحرير
والحق يقال ،وبع�ض ا�ﻷ ندية يعاني ه ��ذه ال��م��واد ال�م��ر��س�ل��ة فح�صا
منها منذ علقت تمائمه ،والو�ضع ج �ي��داً ،وتن�شر منها م��ا ي��واف��ق
القائم الآن �أن ال�ن��ادي الأدب��ي، معايير الن�شر ل��دي�ه��ا ،غير �إن
اللهم ماعدا نادٍ واحدٍ ،هو الذي هناك من ال��دوري��ات ا�ﻷ دب�ي��ة ما
يقوم بتوزيع دوري��ات��ه عن طريق تكون دورية محكمة ،مثل الأوعية
ال�ق��ائ�م��ة ال�ب��ري��دي��ة ال �ت��ي ل��دي��ه، الأكاديمية ،حيث تر�سل الأبحاث
اجلوبة -خريف 1435هـ 29
وت�ضم هذه القائمة طبعا �أ�سماء ي�أتيها �سيل عرم ع��ام 1920م ع�ن��دم��ا د ّك ��ت �أح �ي��اءه��ا مدفعية
من المجالت والكتب من كل مكان ،فال تدري ما الفرن�سيين:
تقرا وما تدع� ،أما القارئ العام فال يجد المجلة ي���ف���� ّ���ص���ل���ه���ا ع����ل����ى ال����دن����ي����ا ب�����ري�����دٌ..
و ُي����ج����م����ل����ه����ا ع����ل����ى الآف��������������اق ب������رقُ الأدبية مع ال�صحف والمجالت في نقاط البيع
ومنافذ الت�سوق والمكتبات ،وال تحين الفر�صة
فالبريد يومها كان يحمل �صحف �سوريا �إلى له لالطالع على دوريات الأندية� ،إال �إذا قدر له
زيارة مقر النادي بنف�سه �أو ر�ؤيتها في جناح وزارة م�صر ،وي ��أخ��ذ معه �صحف م�صر �إل��ى �سوريا
بالمقابل .لكن الو�ضع تغير طبعا منذ عقود، الثقافة في معار�ض الكتب.
و�أ�صبحت هناك �شركات وم�ؤ�س�سات تخت�ص
م��ن هنا تبزغ �أم��ام�ن��ا � �ض��رورة ملحة لعالج
ب�ت��وزي��ع ال�صحف وال ��دوري ��ات وال�م�ط�ب��وع��ات،
م�شكلة التوزيع ،فكيف ت�صل المجلة �إلى قرائها
و�إي�صالها �إلى �أماكنها المق�سومة
وه ��ي مق�صو�صة ال �ج �ن��اح� ،أي
لها ،و�أح�سب �أن لدينا �شركتين ب�لا ت��وزي��ع؟! �صحيح �إن بع�ض
�أو ث�لاث��ا ل�ل�ت��وزي��ع ف��ي المملكة، ال� ��دوري� ��ات ح � ��اول ع �ل�اج ه��ذه
لديهم �أ�سطول توزيع ي�صل �إلى الم�شكلة عن طريق التعاقد مع
معظم المدن في المملكة ،وهذه مكتبات محلية في بع�ض المدن،
ال�شركات الوطنية توزع ال�صحف �إال �أن هذا التوزيع و�إن كان �أف�ضل
والمجالت التي ت�صدر في البالد، من ال �شيء� ،إال �أنه ال ي�صل �إلى
كما توزع �صحفا ومجالتٍ ت�صدر الأم��اك��ن التي ت�صلها ال�صحف
م��ن خ��ارج ال�ب�لاد على اختالف والمجالت في الأ�سواق والمراكز
�أل��وان �ه��ا و�أن ��واع� �ه ��ا ،ل�ك��ن يبدو وال�م�ك�ت�ب��ات ،وا�ﻷ م ��اك ��ن العامة
�أن ���ش��رك��ات ال��ت��وزي��ع ه��ذه ظلت كالمطارات مثال ،حيث ت�ستهدف
«تتمنع» �أم��ام �إ���ص��دارات الأندية المجالت قرابة ن�صف جمهورها
م��ن ك �ت��ب وم��ج�ل�ات ودوري � ��ات، هناك ،كما �أن معظم الدوريات
رغم �أن مطبوعات الأندية تعتبر ال تجدها في المكتبات التي تبيع
«منتج ًا وطنياً» ،بينما هي للأ�سف الكتب وال�صحف والمجالت.
تفتح ذراع �ي �ه��ا ل�ت��وزي��ع مجالت في ال�سابق كان البريد يقوم
ومطبوعات ت�صدر من الخارج ،ما ب��ك��ل ���ش��يء ف���ي ت���وزي���ع ال�صحف
والمجالت والكتب ،فهو ال��ذي ك��ان يحملها في يحيلنا مرة �أخرى �إلى �أحمد �شوقي لنت�ساءل معه
رح��ال��ه ،ولعلنا نتذكر �أن��ه قبل ق��راب��ة ق��رن من بكل �أ�سف:
الزمان ،كانت �صحف الأخبار تنتقل بين البلدان �أح������������������را ٌم ع�����ل�����ى ب��ل��اب�����ل�����ه ال������������دو ُح
�������س؟!
ح���ل��الٌ ل��ل��ط��ي��ر م����ن ك����ل ج���ن ِ بالبريد� ،ألم يقل �أحمد �شوقي عن فاجعة دم�شق
30اجلوبة -خريف 1435هـ
م������������������ل������������������ف ال������������������ع������������������دد
م���وزّع ي��ر��ض��ى ،ول��ه الأج� ��ر� ،أن وه �ك��ذا �أخ�ف�ق��ت الأن��دي��ة في
تكون مجلتنا «داري���ن» م�شمولة ت��وزي��ع دوري��ات �ه��ا ع�ب��ر ���ش��رك��ات
برحمة المثول فوق حوامل تثقلها التوزيع ،لكنا نقول� :إن لم ي�صبها
مثيالتها من ع�شرات المجالت، واب��ل فطل ،حيث نجحت الأندية
ثقيلة ال��وزن غ��ارق��ة ف��ي الأل��وان في توزيع ن�صف الكتب على الأقل،
وجاذبية الغالف وخفّة المحتوى وانت�شلتها م��ن وه ��دة التخزين
�إال فيما ندر ،ولكم �أن تت�صوروا بوا�سطة التعاقد مع دور ن�شر من
م �ق��دار ال�خ�ي�ب��ة ون �ح��ن نرتطم خ��ارج ال�ب�لاد ف��ي لبنان وم�صر
ب��اع �ت��ذار مكتبة محلية ك�ب��رى، والمغرب� ،إال �أن غالب الدوريات
لها �أفرع و�أذرع في �أغلب مدننا، م��ا ي��زال ي��وزع م��ن خ�لال جهود
وتمتد على �ضفاف الخليج« :ال ال �ن��ادي ال �م �ح��دودة وال�ق��ا��ص��رة،
مكان لدينا لمجلتكم»�( ..صحيفة وب�ع����ض ا�ﻷ ع � ��داد ال ي���زال يقبع
اليوم 1435/5/28هـ). ف��ي (ك ��رت ��ون) ب��ال�م�ط�ب�ع��ة منذ
وفي هذا ال�سياق �أي�ضا ،يقول ��ص��دوره ،وق��د اط�م��أنّ به المقام
الناقد ح�سين بافقيه -وقد عمل في الم�ستودع� ،إلى �أن يكتب له �أن
فترة ف��ي تحرير (ج ��ذور)�« :إن يخرج �إلى النور.
ال�ت��وزي��ع ل��دى ه��ذه الأن��دي��ة غير وق ��د ي �ق��ول بع�ضهم �إن ه��ذا
مر�ض للغاية ،وقد يكون معدوماً ،فمن �أجل �أن ٍ الإخ �ف��اق ي��رج��ع �إل��ى ��س��وء التن�سيق م��ن جانب
تح�صل على مجلة ،ال بد �أن تتعب وتتكبّد الم�شقة، الأن��دي��ة م��ع �شركات ال��ت��وزي��ع� ،إال �أن التجربة
و�أن تكون لديك عالقة ب�أحد �أع�ضاء الأن��دي��ة» خير برهان كما يقول الم�سوِّقون ،فكل مَ ن تولى
(�صحيفة الحياة 1433/12/21هـ). م�س�ؤولية في تحرير هذه المجالت ،ومنهم كاتب
طبعا كل �شركات التوزيع ،وكل المكتبات �أي�ضا تن�صل ال�شركات من توزيع هذه ال�سطور ،ي�ؤكد ّ
ي�سيّرها منطق ال�سوق ،وتتحكم بها كميات البيع مجالت الأندية وقبولها؛ بل ي�ؤكد �أي�ضا تحا�شي
والت�صريف من كل مطبوعة ،فالمطبوعة التي ال المكتبات الكبرى وتجافيها عن احتواء مطبوعات
تحقق الح ّد الأدن��ى من البيع ،ت�صبح عبئا على الأندية ،فقد قمت باالت�صال الر�سمي وال�شخ�صي
ال�شركة �أو المكتبة ،ويبدو �أن دوريات الأندية التي بمكتبتين كبريتين ال�ستيعاب مطبوعات النادي
قُدر لها ذات مرة �أن تحملها �سيارات التوزيع.. الأدبي ودورياته على �أرفف المكتبة ،وتم التن�سيق
لم تحقق البيع المطلوب ،ولم تنجح في جذب غير مرة مع �إدارة الت�سويق في كل مكتبة ..فجاء
يد الم�شتري �إليها�( ،أو بالأحرى جيبه) ،عندما الرد باالعتذار .وفي هذا ال�صدد يقول ال�شاعر
يراها في المكتبة� ،أو ال�سوق� ،أو في ركن ال�صحف عبداهلل ال�سفر عن تجربته في مجلة (دارين)،
في المحل القريب منه ،ونجَ م عن ذلك بطبيعة مع مع�ضلة التوزيع� :أت��ذ ّك��ر معاناة البحث عن
اجلوبة -خريف 1435هـ 31
من ع�سر في التوزيع� ،أي ثمة وفرة الحال تراكم الن�سخ المرتجعة
في الإنتاج و�سوء في التوزيع ،فهي ل��دى �شركة ال��ت��وزي��ع ،ف��ك��ان �أن
رف ال�صحف ما تزال غائبة عن ّ تن�صلت ال���ش��رك��ات م��ن ت��وزي��ع ّ
�رف المكتنز
والمجالت ،ذلك ال� ّ دوريات الأندية.
بمجالت قادمة من �شتى الآفاق. هذه النك�سة الت�سويقية –�إن
تق�ض
ول � ّم��ا ت��زل ه��ذه الم�شكلة ّ �صح التعبير -جعلت القائمين
م�ضجع لجان التحرير في الأندية ع �ل��ى ه ��ذه ال� ��دوري� ��ات ي�ع�ي��دون
ا�ﻷ دبية ،و�إزاء هذه الحال �أرى من النظر في �شكل المجلة و�إخراجها
المنا�سب �أن ننظر في االقتراح ال��ف��ن��ي .ف �ه��ل ���ش��ك��ل ال��م��ج��ل��ة،
الآتي ،علّنا ن�أخذ به. �أو ب ��الأح ��رى وج�ه�ه��ا ال ي�شجّ ع
يتلخ�ص االقتراح في ت�أ�سي�س ال �ق��راء على ا�صطحابها؟ رغم
هيئة �أو �شركة تحت مظلة وزارة �أن ال��دوري��ة الأدب�ي��ة كما �ألمحت
الثقافة ،يكون ن�شاطها الح�صري �أعاله ،لي�س من �شرطها �أن تكون
توزيع مطبوعات ا�ﻷ ندية ا�ﻷ دبية م�ث��ل ال�م�ج�لات الأخ � ��رى؛ لأن�ه��ا
ودوري��ات �ه��ا وت���س��وي�ق�ه��ا ،ال�سيما تعتمد على م��ادة من الن�صو�ص
�أننا ن�شهد الآن طفرة طاغية في في ال��درج��ة ا�ﻷ ول ��ى ،وت�ع�وّل على
النتاج الأدب��ي ..في ال�شعر ،والق�صة ،والرواية، متعة القراءة وده�شة االنفعال مع الن�ص� ،أكثر
والم�سرحية ،والنقد ،والترجمة ،والدرا�سات، مما تعول على البهرجة والزخرفة؛ ولكن بع�ض
والمراجعات الأدب �ي��ة ،حتى لقد �أ�صبح ك��ل ناد الدوريات -على �أي حال� -أذعن لمنطق الت�سويق
�أدبي بمثابة دار ن�شر م�ستقلة ،ف�إذا علمنا توجّ َه و�شروطه ،فخرجت �أعدادها الجديدة في حلّة
الوزارة نحو �إعادة هيكلة وكاالتها المختلفة -مثل ق�شيبة ،وغالف �صقيل ،يزدهي بال�صور والعناوين
�إن�شاء هيئة ا�ﻹذاع��ة والتلفزيون -لر�أينا �إمكانية والألوان ،كما هي الحال في مجلة (ا�ﻵطام) من
ت�أ�سي�س هيئة خا�صة للتوزيع على ه��ذا الن�سق، نادي المدينة ا�ﻷ دبي ،التي تحولت من هيئة كتاب
و�إذا كنا �سن�أخذ وقتا طويال حتى نح�صل على مثل �إلى �شكل المجلة العامة بغالفها وت�صميمها ..بل
هذه الهيئة ،فال �أقل �إذ ًا من �أن تتعاقد ال��وزارة، ومحتواها �أي�ضا ،وكذلك مجلة (�ضفاف) من
كما في �ش�ؤونها الأخ���رى -مع �شرك ٍة مّ��ا لتوزيع نادي تبوك الأدبي ،و(مرافئ) من نادي جازان،
مطبوعات الأندية ومطبوعات الوزارة ،خا�صة و�أن ومجلة (قوافل) من نادي الريا�ض ،وغيرها ،رغم
م�ستودعات الوزارة في كل مدينة غدت تعجّ بركام ما يعتر�ض هذه الدوريات من عدم االنتظام في
الكتب ،التي تنتظر فر�صتها على �أحر من الجمر ال�صدور �أحيانا.
لت�صل �إلى القارئ العام �أينما كان ،ومتى كان. ول �ك��ن رغ ��م ه ��ذه التح�سينات ف��ي ال�شكل
واهلل الموفق في كل الأحوال. والمحتوى� ،إال �أن مجالت الأندية ما تزال تعاني
32اجلوبة -خريف 1435هـ
م������������������ل������������������ف ال������������������ع������������������دد
■ د .عبداهلل احليدري
رئي�س جمل�س �إدارة النادي الأدبي بالريا�ض
�أُ�س�ست �أوائل الأندية الأدبية في عام 1395هـ ،و�أُ�س�ست �أواخرها عام 1428هـ ،وتبلغ حالياً �ستة
ع�شر نادياً ،تتوزع في مناطق المملكة المختلفة ومحافظاتها.
وال يمكن لأي من�صفٍ را�صدٍ للحركة الأدبية والثقافية في المملكة �أن ينكر �أثرها و�أهميتها
وحراكها ،وبخا�صة مع بلوغها �شد الر�شد ،واحتفال بع�ضها بمرور �أربعين عاماً على ت�أ�سي�سها.
بالجوائز المحلية �أو العربية القديمة؛ ولربما ن�صت الئحة الأندية الأدبية في ن�سختها وقد ّ
كان ال�سبب تق�صير الأندية الأدبية نف�سها في القديمة ال�صادرة �إ ّب��ان ن�ش�أتها عندما كانت
توثيق �أعمالها في كتب وم��راج��ع( ،)2وحداثة تابعة للرئا�سة العامة لرعاية ال�شباب ،وفي
ن�ش�أة معظمها. الالئحة الحالية ال�صادرة عن وزارة الثقافة
ويمكن تحديد الأندية الأدبية التي تتبنى والإعالم عام 1431هـ ،على �أهمية �أن تنه�ض
الأندية الأدبية بعقد الم�سابقات ور�صد الجوائز
جوائز ثقافية بالأندية التالية:
للأعمال الإبداعية(.)1
.1نادي جدة الأدبي الثقافي وم��ن هنا ،ظهرت فكرة �إن�شاء جوائز في
.2نادي الريا�ض الأدبي. الأندية الأدبية ،تتجاوز الم�سابقات المرتبطة
.3نادي حائل الأدبي. بت�شجيع ال�شباب ،وتتوجّ ه �إلى تحفيز الأدب��اء
.4نادي الطائف الأدبي. والمثقفين والم�ؤلفين ،وتُر�صد لها جوائز مالية
.5نادي الباحة الأدبي. عالية تمنح لل�شخ�ص الواحد� ،أو منا�صفة.
.6نادي مكة الثقافي الأدبي ومع تعدّد الجوائز وح�ضورها في �أكثر من
.7نادي الق�صيم الأدبي. نادٍ ،ف�إنها لم تحظ بالتوثيق والت�أريخ لن�ش�أتها
وف��ي الجدول التالي بيان بجوائز الأندية وم�سيرتها ،ومراجعة لأنظمتها ولوائحها .وكل
الأدبية وتواريخ ن�ش�أتها والممولين لها: المراجع التي �صدرت في هذا ال�سياق اهتمت
34اجلوبة -خريف 1435هـ
م������������������ل������������������ف ال������������������ع������������������دد
ملحوظات المموّل تاريخ النادي ا�سم الجائزة
�إن�شائها
توقفت بعد الدورة الثانية. النادي 1420هـ جدة جائزة الإبداع
وقد ح�صلت عليها رجاء عالم في الدورة الأولى ،ومحمد الثبيتي
في الدورة الثانية.
توقفت بعد الدورة الأولى. النادي 1425هـ ج��ائ��زة ال��درا��س��ات الريا�ض
وق��د ح�صل عليها د.ع �ب��داهلل الفيفي ود.ف��اط �م��ة الوهيـبي وال�ب�ح��وث الخا�صة
(منا�صفة) ،وطبعت بحوثهما في كتابين عام 1426هـ2005/م. بالأدب ال�سعودي
ح�صلت الكتب التالية على الجائزة ،وهي: بنك الريا�ض 1429هـ جائزة كتاب العام الريا�ض
.1باب ال�سالم في الم�سجد الحرام ودور مكتباته في النه�ضة
العلمية والأدبية الحديثة ،للدكتور عبدالوهاب �أبو �سليمان
(الدورة الأولى).
.2كتب ال��رح�لات في المغرب الأق�صى من م�صادر تاريخ
الحجاز ،د .عواطف نوّاب ،وحكاية ال�صبي الذي ر�أى النوم،
لعدي الحرب�ش (الدورة الثانية ،منا�صفة).
.3معجم الأ�صول الف�صيحة للألفاظ الدارجة لل�شيخ محمد
العبودي( ،الدورة الثالثة).
.4ما يعوّل عليه في الم�ضاف والم�ضاف �إليه للمحبي ،تحقيق
د�.سعود الح�سين ود .عبدالعزيز العقيل( ،الدورة الرابعة).
.5م�ق��ارب��ات ح��وار ّي��ة للدكتور معجب ال��زه��ران��ي( ،ال��دورة
الخام�سة).
.6تاريخ �أُمّة في �سير �أئمّة لل�شيخ �صالح بن حميد( ،الدورة
ال�ساد�سة).
تحوّل ا�سمها فيما بعد �إلى «جائزة الأمير �سعود بن عبدالمح�سن �أم� �ي ��ر منطقة 1430هـ جائزة حائل للرواية حائل
للرواية ال�سعودية». حائل ،والنادي، ال�سعودية
وقد ح�صل على المركز الأول في الدورة الأولى محمد الرطيّان، ورجال الأعمال
وعلى المركز الأول في الدورة الثانية ماجد الجارد.
فاز بالجائزة الأولى د.عبدالرحمن المح�سني ،وبالجائزة الثالثة النادي 1431هـ جائزة نادي الباحة الباحة
د.محمد بن عبداهلل ال�شدوي ،وحجبت الجائزتان :الثانية الأدبي الثقافية
والرابعة.
ح�صل عليها ال�شاعر عبداهلل الزيد في الدورة الأولى ،وال�شاعر �أح� �م ��د محمد 1432هـ جائزة محمد ح�سن جدة
عبداهلل ال�صيخان في الدورة الثانية. باديب عوّاد للإبداع
ح�صل عليها الدكتور �أحمد العدواني عن كتابه «بداية الن�ص �أح� �م ��د محمد 1433هـ ج��ائ��زة �أدب���ي ج��دة جدة
ال��روائ��ي :مقاربة لآليات ت�شكّل ال��دالل��ة» ال�صادر عن النادي باديب الإب� � ��داع � � �ي� � ��ة ف��ي
الأدبي بالريا�ض. ال��درا��س��ات الأدب�ي��ة
والنقدية
حجبت الجائزة في الدورة الأولى 1434هـ ج��ائ��زة ن���ادي مكة مكة
الثقافي الأدبي
نتيجة الدورة الأولى: 1434هـ ج� ��ائ� ��زة ال �� �ش��اع��ر الطائف
فاز بالفرع الأول ال�شاعر علي الدميني ،وبالفرع الثاني ال�شاعر م��ح��م��د ال �ث �ب �ي �ت��ي
الم�صري �أحمد ح�سن محمد ،وبالفرع الثالث الدكتور طارق للإبداع
�شلبي.
�أح� �م ��د محمد 1435هـ جائزة امرئ القي�س الق�صيم
باديب للإبداع ال�شعري
بنك الريا�ض 1435هـ ج� ��ائ� ��زة ال �ت �م � ّي��ز الق�صيم
الن�سائي
المتعلقة بمكة المكرمة ،وال ندري عن الدورات وت �ن � ّوع��ت م �ج��االت ك��ل ج��ائ��زة ،فبع�ضها
القادمة ،هل تقت�صر على ما يتعلق بتاريخ مكة ح �دّد مجالها في ال�شعر مثل :جائزة محمد
المكرمة وجغرافيتها و�أدبها� ،أم تت�سع الدائرة ح�سن ع �وّاد ،وجائزة ال�شاعر محمد الثبيتي
فيما بعد ،فت�شمل مناطق المملكة المختلفة؟ ب�ن��ادي الطائف ف��ي بع�ض فروعها ،وبع�ضها
وت�ضمنت �شروط الجوائز ب�شكل عام قدر ًا عُ ني بالبحوث وال��درا��س��ات الأدب �ي��ة ،ومنها:
من الحياد والمو�ضوعية ،بحيث ا�شترطت �أال جائزة الدرا�سات والبحوث الخا�صة ب��الأدب
يكون المر�شّ ح من �أع�ضاء مجل�س �إدارة النادي، ال�سعودي بنادي الريا�ض ،وجائزة �أدبي جدة
�أو من هيئة الجائزة ،وهذه زاوية مهمة� ،إذ قد الإب��داع�ي��ة ف��ي ال��درا��س��ات الأدب �ي��ة والنقدية،
يتطلع �إليها بع�ض العاملين في الأندية �أو من وج��ائ��زة الثبيتي ،وج��ائ��زة ن��ادي الباحة ،في
�أع�ضاء لجان التحكيم ،فتفقد �سمعتها ويعزف حين تخ�ص�صت جائزة ن��ادي حائل بالرواية
عن الم�شاركة فيها الآخرون من خارج الأندية ال�سعودية.
الأدبية. �أم��ا ج��ائ��زة ك�ت��اب ال �ع��ام ب �ن��ادي الريا�ض
وثمّة �أ�سباب لتوقف جائزتي الإب ��داع في الأدبي فقد عُ نيت بالكتاب ال�سعودي� ،أي ًا كان
ن ��ادي ج ��دة ،وج��ائ��زة ال��درا� �س��ات وال�ب�ح��وث مجاله ،في حين �أن جائزة نادي مكة جديدة
الخا�صة ب ��الأدب ال�سعودي بنادي الريا�ض، (1434ه� �ـ) ول��م تت�ضح ال�صورة تمام ًا حول
فالأ�ستاذ محمد علي قد�س يروي �سبب توقّف ر�ؤي�ت�ه��ا� ،إذ خُ �ص�صت ال ��دورة الأول ��ى لتكون
جائزة الإب��داع في نادي جدة الأدب��ي الثقافي في مجال الدرا�سات التاريخية والح�ضارية
اجلوبة -خريف 1435هـ 37
الن�سائي التي �أعلن عنها نادي الق�صيم الأدبي فيقول�« :أثيرت حول الجائزة �شكوك �أدت �إلى
بحجة �أنها جاءت لعزل المر�أة �أدبي ًا(.)9 حجب الجائزة ,ومن ثم توقّفها ،وهذا يعني �أن
ول�ست �أ���ش��كّ ف��ي �أن دواف���ع بع�ض الآراء �آليات �إدارة هذا النوع من الجوائز تحتاج �إلى
ال�سلبية تجاه جوائز الأندية الأدبية �شخ�صية.. تنظيم ودعم ومتابعة»(.)5
�إذ ربما كان يتطلع لنيلها ،وعندما تذهب �إلى �أم��ا جائزة الدرا�سات والبحوث الخا�صة
�آخرين ي�أخذ منه الغ�ضب كل م�أخذ! ب��الأدب ال�سعودي ،فقد �أن�ش�أها رئي�س مجل�س
و�أخ� �ي ��راً� ،أ� �ض��ع بين ي��دي القائمين على �إدارة ن��ادي الريا�ض الأدب��ي ال�سابق الدكتور
ال �ج��وائ��ز ف��ي الأن��دي��ة الأدب �ي��ة بع�ض ال ��ر�ؤى محمد الربيّع عام 1425هـ ،وخرج من النادي
وال �م �ق �ت��رح��ات؛ لعلها تحظى بمناق�شة في ع��ام 1426ه��ـ ،ف��ر�أى مجل�س الإدارة �إيقافها
مجال�س الإدارة ،ومنها: و�إن���ش��اء ج��ائ��زة ج��دي��دة با�سم «ج��ائ��زة كتاب
العام» ،وعن ذلك يقول الدكتور الربيّع« :من
.1جودة التخطيط للجائزة ،وو�ضوح الأهداف، �أهم الن�شاطات التي تمت �إن�شاء جائزة خا�صة
و�ضمان التمويل ،ه��ي �أ�س�س مهمة تكفل ب��الأدب ال�سعودي ،وتتكون من فرعين :الأول:
نجاحها وا�ستمرارها مع تغيّر مجال�س �إدارة للبحوث والدرا�سات ،والثاني :للإبداع الأدبي.
النادي. وق��د توقفت تلك الجائزة� ،أو بتعبير �أدق تم
.2ل�ضمان ا�ستمرار ج��وائ��ز الأن��دي��ة الأدب�ي��ة تغيير مو�ضوعها و�أ�صبح يُطلق عليها (كتاب
ونجاحها� ،أرى �ضرورة وجود مجل�س تن�سيقي العام) ،وكم كنت �أتمنى �أن ت�ستمر الجائزة
في الأندية التي تتبنى جوائز؛ لتطوير �أداء مخ�ص�صة ل�ل��أدب ال�سعودي؛ لكن الزمالء ّ
الجوائز؛ ومراجعة ال�شروط وال�ضوابط، في المجل�س الجديد لإدارة النادي لهم ر�أي
ويمكن انعقاده دوري ًا بين الأندية. واجتهاد �آخر»(.)6
.3م��ن ال �م �ه��م ت��وث �ي��ق ك��ل ج��ائ��زة م��ن حيث وم ��ع �أن ه ��ذه ال �ج��وائ��ز ُوج� ��دت لخدمة
الن�ش�أة والأه��داف واللوائح ،وما طر�أ عليها المبدع والباحث ال�سعودي في المقام الأول،
م��ن تغيير ،ور� �ص��د �أ��س�م��اء جميع الأدب ��اء ف�إنها لم تخل من نقد وملحوظات قد تتجه
والمثقفين الذين ح�صلوا عليها ،وطباعة �إل��ى الق�سوة والتحامل ف��ي كثير م��ن الآراء
ذلك في كتاب ،ومن ثم تحديث معلوماته كل والنقود التي وجّ هت �إليها ،ومن ذلك :تجاهل
عام. جائزة كتاب العام بنادي الريا�ض لعطاءات
ال�شباب ،ومنحها لكبار الم�ؤلفين والباحثين
.4من الأهمية بمكان تحديد رق��م لكل دورة فقط ،في حين �أن جائزة ال��دورة الثانية عام
من دورات الجائزة ،مقرونة بالتاريخين: 1430ه�ـ2009/م منحت ل�شابين ،وهما :عدي
ال�ه�ج��ري وال �م �ي�لادي؛ ك��ي ي�سهل معرفة الحرب�ش ،ود.عواطف ن�وّاب()7؛ واتهام جائزة
المعلومة وت�سل�سل الفائزين دورة بعد �أخرى. ال�شاعر محمد الثبيتي للإبداع ب�أنها تهمّ�ش
� .5أرى �أهمية ا�ستحداث جوائز خا�صة بالأدباء المبدعين ال�سعوديين وتمنح الجائزة ل�شاعرين
ال�شباب؛ ح�ف��ز ًا لهم ،وت�شجيع ًا لهم على عربيين مغمورين()8؛ ومهاجمة جائزة التميّز
38اجلوبة -خريف 1435هـ
م������������������ل������������������ف ال������������������ع������������������دد
مراجع البحث التجويد في الأعمال الإبداعية والبحثية.
� .6أق�ت��رح تنويع المحكّمين ف��ي ك��ل دورة من �أوالً :الكتب:
.1جائزة كتاب ال�ع��ام :خم�س �سنوات من النجاح،
دورات الجائزة؛ ل�ضخّ �أفكار جديدة ،وك�سر
ال�ط�ب�ع��ة الأول� � ��ى ،ال��ري��ا���ض :ال� �ن ��ادي الأدب � ��ي، نمطية ال��ج��ائ��زة ،و�إ���ش��راك �أك��ب��ر ع��دد من
1434هـ2013/م. القادرين في الو�سط الثقافي؛ لالقتراب من
الم�ؤ�س�سة الثقافية والوقوف على جوانب من
.2ق��ام��و���س الأدب والأدب � ��اء ف��ي المملكة العربية
ال�سعودية ،الطبعة الأول��ى ،الريا�ض :دارة الملك عملها وجهودها.
عبدالعزيز1435 ،هـ2014/م. وبعد ،فال�شكر لمجلة (الجوبة) ،ولرئي�س
التحرير الزميل الأ��س�ت��اذ �إب��راه�ي��م الحميد .3محمد الربيّع :العالم والإداري والإن�سان ،الطبعة
الأولى ،الريا�ض1432 ،هـ2011/م. (رئي�س نادي الجوف الأدبي �سابقاً) ،ولزمالئه
م��ن �أ���س��رة ال�ت�ح��ري��ر ع�ل��ى تخ�صي�ص ه��ذا ثانياً :الدوريات:
العدد من المجلة لتقويم عمل الأندية الأدبية
.1ج��ري��دة ال �ج��زي��رة ،ع���2 ،13821ش��ع��ب��ان1431ه�ـ
وعطائها ،ور�صد �أثرها ،في وقت تحتفل �ستة
(�1أغ�سط�س 2010م).
منها بمرور �أربعين عام ًا على �إن�شائها ،ول�ست
�أ�شكّ في �أن ه��ذا العدد الخا�ص من المجلة .2جريدة الحياة1435/4/2 ،هـ (2014/2/2م).
�سيكون مرجع ًا مهم ًا للباحثين والدار�سين .3جريدة مكة1435/7/17 ،هـ (17مايو2014م).
ال لكتابة بحوث .4المجلة الثقافية (ت�صدر عن جريدة الجزيرة)، ال��ذي��ن �سيت�صدون م�ستقب ً
ع1432/2/16 ،330هـ (2011/1/20م). �أكاديمية عالية عن الأندية الأدبية.
خ�ص�ص قامو�س الأدب والأدباء في المملكة العربية ال�سعودية مداخل تعريفيّة بجميع الأندية الأدبية( ،ينظر:
(ّ )1
القامو�س ،الطبعة الأولى ،الريا�ض :دارة الملك عبدالعزيز1435 ،هـ2014/م1653/3 ،ـ.)1691
( )2انظر المادتين :الرابعة والخام�سة من الئحة الأندية الأدبية ،وزارة الثقافة والإعالم1431 ،هـ( .موقع النادي
الأدبي بالريا�ض )http://www.adabiriyadh.com/page.php?page_id=7
(� )3أ�صدر النادي الأدب��ي بالريا�ض كتاب ًا يوثّق م�سيرة خم�سة �أع��وام من جائزته التي يدعمها بنك الريا�ض،
وعنوان الكتاب «جائزة كتاب العام :خم�س �سنوات من النجاح (1429ـ1433ه��ـ)» ،الطبعة الأولى ،الريا�ض،
1434هـ2013/م.
( )4لمزيد من المعلومات عن الجائزة ،ينظر :قامو�س الأدب والأدباء في المملكة العربية ال�سعودية.204/1 ،
( )4ورد في المادة الرابعة من الالئحة �ضمن �أهداف الأندية�« :إبراز واقع وتاريخ المنطقة الأدبي والثقافي بخا�صة
والمملكة بعامة»(،موقع النادي الأدبي بالريا�ض )http://www.adabiriyadh.com/page.php?page_id=7
( )5انظر :المجلة الثقافية (ت�صدر عن جريدة الجزيرة) ،ع1432/2/16 ،330هـ.
( )6انظر :جريدة الجزيرة ،ع� 2 ،13821شعبان 1431ه�ـ (� 1أغ�سط�س 2010م) ،وانظر كذلك :محمد الربيّع
العالم والإداري والإن�سان ،الطبعة الأولى ،الريا�ض1432 ،هـ2011/م� ،ص.152
( )7انظر :جائزة كتاب العام :خم�س �سنوات من النجاح� ،ص.29
( )8انظر :جريدة الحياة1435/4/2 ،هـ (2014/2/2م).
( )9انظر :جريدة مكة1435/7/17 ،هـ (17مايو2014م).
(الم�ؤ�س�سة و�أنا
كلما تمادتْ بالعنف ..تماديتُ في الكتابة
وكلما تمادتْ في ال�ستر ..تماديتُ في الكتابة
وكلما تمادتْ في الحذف ..تماديتُ في الإ�ضافة
وكلما تمادتْ �أح�صنتها في الكبو ..تمادت �أح�صنتي في العلو
�أيتها الم�ؤ�س�سة :لتعلمي �أنني ل�ست ابنك البار ،وال خ�صمك اللدود...
�أنا فقط «ل�ست من�سجماً وال مهي�أ لالن�سجام»)
(من كتاب «التربية وم�ؤ�س�سات البرمجة الرمزية» علي �أحمد الديري).
م�ؤ�س�سة م�ستفزّة �سلبياً ،ت�ؤدي �إلى الق�ضاء على يمثل النادي الأدبي ال�سعودي �أنموذجا فريدا
ما يمكن �أن يجتهد المبدع والمتلقّي في الحفاظ للم�ؤ�س�سة الثقافية الم�ستدامة ،التي يفتر�ض �أن
عليه ،من روابط ثقافية يعبر بها عن حاجاته تفتح �أبوابها وروافدها الثقافية والأدبية لكل
�إلى المناخ الثقافي ال�صحي ،والمتلقّي الثقافي فرد ،دون النظر �إلى �سِ نّه �أو نوعه �أو انتماءاته
المتنوّر الأكثر تجان�سا ،ومرونة ،وتجاوبا مع المذهبية �أو العرقية؛ وهي الر�سالة الفا�ضلة
متطلبات الحوار والر�أي الحر ،والتعبير المتاح ال �ت��ي تبنتها ب�لادن��ا م��ن خ�ل�ال م�ؤ�س�ساتها
وفق ال�ضوابط الم�شروعة لوطننا� .إال �أن �إدارة الفكرية .وبرغم ذل��ك ..فالبيروقراطية التي
تلك الم�ؤ�س�سة ت�ضيف مزيدا من ال�ضوابط يتعامل بها بع�ض عنا�صر تلك الم�ؤ�س�سة مع
ال �ط��اردة للبيئة الثقافية الفكرية ال�صحية المثقف والمتلقي والمجتمع والإع�لام ،تحفل
الواعية بدورها المحايد ،وال تكتفي بال�ضوابط ببع�ض الفر�ضيات والو�صاية التي يمكن �أن
المتاحة فح�سب .ولي�س هناك من داع للتمثيل، تقل�ص من �أدواره��ا ومزاياها ،ما يحيلها �إلى
42اجلوبة -خريف 1435هـ
م������������������ل������������������ف ال������������������ع������������������دد
ما يزال ي�ؤرخ لمحدودية دورها الثقافي الذي ال فالع�صف الذهني يوحي بكثير من ال�شواهد
يتما�شى وطموحاتها الثقافية ،وما ت�أمل القيام والأدلة.
ب��ه م��ن دور على ك��اف��ة الأ� �ص �ع��دة ،وف��ي �شتى من جهتي ،حاولت من خ�لال وج��ودي في
المجاالت الثقافية الممكنة. اللجنة الن�سائية للنادي الأدب��ي بالريا�ض -
في نظري� ،إن ال��داء الثقافي لم يكن في كرئي�سة لجنة �سابقا ،وع�ضو مجل�س الحقا-
الئحة ���ص��درت� ،أو نظام �صيغ ،ب��ل ف��ي مدى الإ�سهام في بع�ض الم�شاريع الثقافية وتفعيلها
امتثال بع�ض ر�ؤ�ساء وم�سئولي تلك الم�ؤ�س�سات واقعياَ ،ودعم الثقافة ال�سعودية ال�شابة ب�شكل
الثقافية ،ومدى جديّتهم في تمثيلهم للأدوار خا�ص ،والعربية ب�شكل عام؛ �إال �أنه كان هناك
التي تقت�ضيها تلك اللوائح؛ فمنهم من تحايل مَ ن يعار�ض في �أحيان مختلفة� ،أن يكون للمر�أة
على �أمر تمكين المثقفة من �صنع القرار ،وان�شغل المثقفة ح��ق �أو ق��رار ف��ي �إدارة �أي م�شروع
بمحاوالته تهمي�ش �أي دور تقوم به ،وتفنّن في ثقافي� ،أو �أي دور رائد في الم�ؤ�س�سة الثقافية.
ابتكار وا�ستحداث �أ�ساليب من (التطفي�ش) ويدعوني الحديث حول المر�أة في الأندية
المبطنة ،التي ا�ستجابت لها بع�ض المثقفات، الأدب �ي��ة ال�سعودية �إل��ى ط��رح ال���س��ؤال :لماذا
�إذ �سبق �أن ا�ستوعبت �صورة ذل��ك التهمي�ش
ا�ستمر ال �ج��دل ح��ول واق ��ع ال��م��ر�أة ف��ي تلك
اجتماعياً؛ اعتقادا منها ب�أن المناخ الثقافي ال
الأندية الأدبية حتى اليوم؟ فهل ال�سبب وراء
يختلف عن المناخ االجتماعي من حيث تعامله
ذلك هو كون النادي الأدب��ي م�ؤ�س�سة حكومية
ال�سلطوي الأب��وي مع ال�م��ر�أة ،وا�ضطرت تلك
تلتقي فيها ال �م��ر�أة وال��رج��ل ف��ي ح��وار ثقافي
المواقف بع�ض المثقفات ،و�أكرهتهن لي�سجلن
فكري �إن�ساني ذي م�ستوى رفيع وعلى نحو ما
ان�سحابهن ال�سريع ،وا�ستقاالتهن؛ م�صدومات،
من الرقيّ ؟ ربما كان ذلك �سبباً ،وربما كان ما
متفاجئات بمواقف بع�ض زمالئهن المثقفين،
يختلق الجدل -غالبا -محاولة بع�ض المنتمين
غ�ي��ر راغ��ب��ات ف��ي م��واج�ه�ت�ه��م �أو ال�صمود
�إلى الواقع الثقافي -من �إعالميين وغيرهم-
�أمامهم ،حتى تتحقق لهنَّ غاياتهن المرجوة
من وجودهن في الم�ؤ�س�سات الثقافية .ومنهن تر�سيخ الثقافة التقليدية اجتماعيا وت�صعيدها،
مَ ن رف�ضت �إدارة يمار�سها �أن�صاف مثقفين م�ستغال بذلك الرحابة التي عادة ما يتطلبها
ت��ول��وا الم�ؤ�س�سة الثقافية ،وع�ب��رت ع��ن عدم �أي جدل ي��دار حول الفكر الحرّ ،و�أخالقيات
ر�ضاها باالن�سحاب �أو بال�سكوت عن ا�ستالب الحوار ،من مرونة وقابلية.
حقوق العقول الم�ؤنثة ،ومنهن مَ ن دعاها ذلك وبالعودة �إلى ت�أريخ �أول لجنة ن�سائية �أن�شئت
اال�ستالب �أن تقف بالمر�صاد لمن ينتق�ص من ب�أدبي الريا�ض عام 2008م ،التي ر�أ�ستُ فيها
م�شروعية �إدارتها الثقافية .وال لوم على مَ ن لم �آنذاك لجنة بيت ال�شعر� ،إ�ضافة �إلى ع�ضويتي
تقاوم من الع�ضوات تحايل بع�ض الم�سئولين في مجل�س الإدارة لثالث �سنوات ،ت�أكّد لي من
على وعيها ،فل�سن مطالبات بقبول الت�ضييق تجربتي تلك ،وتجارب ع�ضوات �أخريات في
عليهن في عملهن الثقافي �أو تحمّله ،ال�سيما مناطق �سعودية مختلفة ،ما تعي�شه المثقّفة
و�إن ح��دوث مثل ذلك الأم��ر في ن�سق م�ؤ�س�سة ال�سعودية في الأندية الأدبية من واقع م�ؤ�سف،
اجلوبة -خريف 1435هـ 43
المر�أة ال�سعودية طموحها ثقافيا لعوامل �أخرى، تعدها الدولة �أداتها التنويرية ..الأقدر تغييرا
منها م��ا ي�ع��زى �إل��ى المثقف ،وبع�ضها يرجع لمكانة ال�م��ر�أة الثقافية والفكرية في الواقع
�إلى �ضيق نف�س المثقفة ،وقلة تحملها لو�صاية االجتماعي ،والأ�شد ت�أكيدا لقيمتها الفكرية
م�سئولي الم�ؤ�س�سة الثقافية الم�ستمرة عليها، وت��أث�ي��ره��ا ،وم��دى �إ�سهامها ف��ي ن�شر الوعي
ومن ثم تنحّ يها عن القيام ب�أي دور ثقافي. والتثقيف ب��ه ،وتعزيز مكانتها الإن�سانية ،ما
وبعد؛ �أود الإ�شارة �إلى �أن هناك م�سئوالت �سوف يتبدل به واق��ع ما تعي�شه المثقفة من
�أ�سهمن في تعزيز ال��دور الثقافي للمر�أة ،من تهمي�ش اجتماعي.
حيث الحر�ص على وج��وده��ا وم�شاركتها في وب ��دت م �ح��اول��ة تقلي�ص ت�ل��ك الأن �� �ص��اف
المنا�سبات الثقافية التي يقيمها النادي على الثقافية ال��ذك��وري��ة م��ن ال�ف��ر���ص الممنوحة
م���دار ال��ع��ام .م��ن خ�لال �إ���ش��راك المبدعات للمثقّفة ،في �إدارة الم�ؤ�س�سة الثقافية في �أ�شكال
والمفكرات في الأم�سيات ال�شعرية ،والندوات متعددة ،مثل تهمي�ش اقتراحاتها� ،أو تجاهل
الأدب �ي��ة ،والم�سابقات الثقافية والإب��داع�ي��ة قراراتها� ،أو �إيذائها لفظي ًا و�سلوكياً ،وربما �أ�ساء
وغيرها. بع�ضهم �إليها ..متجاوز ًا ب�سلوكه غير الم�سئول
كما عملت المثقفة/الع�ضو ف��ي ال�ن��ادي لأخالقيات الثقافة ،و�إن�سانية الفكر المناه�ض
الأدبي على �شراكة المثقفة في تحكيم الم�ؤلفات للجندر .و�سعي ًا من المثقفة/الع�ضو �إلى تقريب
الأدبية قبل طباعتها ،وكتابة التقارير الخا�صة وجهات النظر ،وتهيئة المجتمع للتخلّ�ص من
ببع�ض لجان النادي التي تر�أ�ستها ،وعر�ضها الفروق المو�ضوعة ل�شروط تلقي الرجال لثقافة
على الجمعية العمومية في منا�سباتها ال�سنوية. الن�ساء والعك�س ،حاولت المثقفة/الع�ضو في
الأندية الأدبية �أن تت�شارك والأن�شطة الأخرى
كما كانت لهن م�شاركات فاعلة في جل�سات
للرجال ،ونجحت في ذلك �إلى حدٍّ ما.
مجل�س الإدارة ب�����ص��ور مختلفة ،تظهر في
اقتراح ر�أي� ،أو ت�أييد ر�أي �آخ��ر �أو رف�ضه� ،أو ورب��م��ا عا�ش بع�ض الم�سئولين الثقافيين
عر�ض فكرة� ،أو تولّي مهمة� ،أو م�ساعدة ع�ضو �صراع ًا بين موقفه التقليدي من المر�أة ،وما
لجنة منبثقة في الأن�شطة التي يقيمها النادي، يتطلبه ال�سلوك الثقافي من موقف ح�ضاري
�أو الإ���ش��راف على بع�ض المنا�سبات الثقافية �إزاءه� ��ا ثقافيا ،ول��م ي�ستطع �أن يتحرر من
وغيرها. تقليديته ،وبقي على نمطيته التي ال تتنا�سب
ومدنيّة الوعي و�إن�سانيته.
وال يكفي ما �سبق من عر�ض لبع�ض الأدوار
التي قامت بها المثقفة في الم�ؤ�س�سة الثقافية، ول �� �س��ت م��ع ت�خ�ل��ي ال�م�ث�ق�ف��ة ال�ع���ض��و عن
ليعد وثيقة تثبت بها المر�أة �أحقيتها وجدارتها الم�سئولية الثقافية الأدبية الفكرية ،وخدمة
في الإدارة الثقافية� ،إذ لم يزل المثقف يحظى ال��وع��ي والتنوير �صناع ًة وتلقياً ،ول�ست مع
ب�صناعة القرار في الم�ؤ�س�سة الثقافية دون تهاونها في نيل حقوق �شراكتها التي منحتها
المثقفة .وقلّما يبدي حر�صه على م�شاركة �إياها وزارة الثقافة والإعالم ال�سعودية.
ال �م��ر�أة واجتذابها للإ�سهام ببع�ض الأدوار وقد تتقا�سم المعوقات التي تحول دون تحقيق
44اجلوبة -خريف 1435هـ
م������������������ل������������������ف ال������������������ع������������������دد
الثقافية وال�ف�ك��ري��ة ال�ت��ي ت �ع �زّز م��ن مكانتها م�ؤلفات �سواها.
�سجلت تجربة ال�م��ر�أة في الأن��دي��ة الأدبية ال�ف�ك��ري��ة والأدب� �ي ��ة ف��ي الم�ؤ�س�سة الثقافية
تراجعا فيما يتوقع لها من دور ثقافي يمكن بمنطقتها.
وال �أُل �ق��ي ب��ال�ل��وم ع�ل��ى المثقف فح�سب ،لها �أن ت�سهم به .فان�سحاب كثير من المثقفات
فبع�ض اللوم يقع على المثقفة التي لم ت�ستطع وا�ستقاالتهن في الأندية الأدبية بعد فترة وجيزة
بعد التخل�ص من بع�ض عواطفها ال�شخ�صية ،من تر�شّ حهن ،لم يزل يحت�سب م�ؤ�شرا �سلبيا
التي لم ت��زل ت�سيّر وعيها ،وت�ؤثر فيه ت�أثيرا وم�ؤ�شرا على �ضعف �إرادة المثقفة في �إدارة
�سلبيا؛ ول��رب �م��ا ا��س�ت�ع��ان��ت بح�شود غيرتها
العمل الثقافي ،ال ين�صب في م�صلحة الدور
ونديتها وجنو�ستها ،لتقف في الجهة الم�ضادة،
الثقافي الذي ينبغي �أن ت�ضطلع به المر�أة� .إذ
مناه�ضة لمثقفة �أخرى ت�شاركها الهمَّ الثقافي
لم تثبت ج��دارة كافية في ما �أ�سند �إليها من
ا�سم ًا ال �سلوكاً.
م�سئوليات ثقافية ،ولم تتم�سك به لتثبت قيمة
من الأن�شطة التي ت�ستحق الثناء عليها في
ما تثمره في المجتمع الثقافي من نتائج متوخّ اة
محاولتها العادلة لإ�شراك المثقفة في �أنموذج
ت�شجّ ع على الثقة باقتدارها وتمكينها ثقافيا.
من االحترام والتقدير :الحلقة الفل�سفية التي
ويت�ضح م��ن تجربة بع�ض المنتميات �إل��ى جاء حر�صها على م�شاركة المر�أة فيها �أ�شد من
حر�ص المر�أة ذاتها ،و�أ�شكر الأ�ستاذ المفكر الم�ؤ�س�سة الثقافية م��ا تركته تلك الخبرة
حمد الرا�شد على ذل��ك .كما �أثبت الملتقى الثقافية من عتب ولوم ،بل ربما قطيعة �أثرت
الثقافي الذي كان يعده الدكتور �سعد البازعي في �صميم عالقاتهن الثقافية.
�شخ�صياً ..ك�شفتْ لي تجربتي في العمل ب�شكر دوري �سابقا ،كفاءته ونبله في الرقيّ
بالم�ستوى الثقافي للمر�أة ،جنبا �إلى جنب مع ال�ث�ق��اف��ي ���ض��رورة م��ا ينبغي �أن ت�ت�ح� ّل��ى به
�شقيقها الرجل .و�أن�شطة �أخرى ال يت�سع المجال ال�شخ�صية الثقافية ب�شكل ع��ام ،من مرونة،
لذكرها ..وربما تناولها �سواي.
و�سماحة ،وا�ستماع ،وت�ج��اوب ،وقبول للنقد،
وي�ستدعي الحوار حول دور المر�أة الثقافي وامت�صا�ص لالنفعال ،وكظم للغيظ ،و�سعة بال.
ف��ي الأن��دي��ة الأدب �ي��ة ،الت�أكيد على م��ا تطلّبه
في الختام ،وب�صرف النظر عن ما تربى وج��وده��ا ذاك م��ن ت�ضحيات� ،إذ ح��رم ذلك
المن�صب المثقفة كع�ضو مجل�س �إدارة مثال ،عليه المثقف في بيئته االجتماعية من و�صاية
من الم�شاركة ب�إبداعها� ،أو االن�ضمام �إلى كثير و�أبوية .ف�أود التنويه� :إنني بما ذكرت لم �أ�شر
من الم�سابقات الثقافية في منطقتها ،ونيل �إلى كثير من الأ�سماء الأدبية التي ما �أزال �أ�شعر
الجوائز التي تعدها وترعاها الم�ؤ�س�سة الأدبية باحترام كبير لتجربتها الإداري��ة ثقافيا ،كما
التي تنتمي �إليها .كما حرمتها خدمتها للثقافة �أدين بكامل التقدير واالعتراف بالف�ضل لكل
من حقها في الطباعة ون�شر �أي من �إ�صداراتها من �أخذ على عاتقه خدمة الثقافة والمثقف،
من خالل الم�ؤ�س�سة الثقافية التي تتولى طباعة وبالتالي ،المجتمع والوطن.
اجلوبة -خريف 1435هـ 45
�إنهاء ت�شطي ِر العمل
الثقافي في المملكة
■ عبداهلل ال�سفر
عندما يدور الحديثُ حول تن�شيط حياتنا الثقافية «الر�سميّة» وتفعيلها ،من خالل القنوات
التي يُفتَر�ض ح�ضورها وفاعليّتها في تحريك هذه الحياة؛ يخطر على البال جمعيّات الثقافة
والفنون ،والأندية الأدبية ،فهما الذراع التي يُعوّل عليها القيا ُم بذلك الدور .غير �أن المع�ضلة
تكمن في ت�شطير الدور وت�شعيثه؛ فبد ًال من �أن تكون الجمعيات والأندية تحت مظلة واحدة
ا�سمها «مراكز ثقافيّة» ،تحتوي على جميع المنا�شط الثقافية من الأدب بفروعه المتعدّدة
�إل��ى الفنون بمروحتها الملوّنة الكبيرة ..ب��د ًال من الجمع يجري الإف���راد ،فكلٌّ في وا ٍد بمق ٍّر
وبميزانيّة؛ و�إن كانت الم�أ�ساة واح��دة في المقر ..حيث المباني الم�ست�أجرة على الغالب عند
الجهتين� ،إال �أن االختالف في الميزانية المر�صودة لكل جهة وبحيفٍ وا�ضح ..يثير اال�ستغراب
ويرفع �آالف عالمات اال�ستفهام .ففي الوقت الذي يتلقّى فيه كل نا ٍد �أدبي مليون ريال �سنو ّياً،
ف�إن التعديل الجديد لميزانيات جمعيات الثقافة والفنون والذي جرى تطبيقه مع العام ٢٠١٤م،
قد جعل الح�صّ ة ال�سنويّة لكل جمعيّة حوالي خم�سين �ألف ريال! نعم ،خم�سون �ألف ريال ن�صيب
وو�صل ما ينق�صها لتنه�ض بجدول ك ّل جمعيّة �سنو ّياً ،وعليها �أن تتدبّر �أمرَها وثقوبَها لرتق ْ
فعاليّاتها على مدار عا ٍم كامل.
والع�شرين ،وهي الفئة الأكثر ا�ستهداف ًا من قِبل �أعداء الأم��ر ال��ذي ي�ستدعي مراجع ًة وت�صحيح ًا من
الحياة ،المترب�صين ،الذين يعملون �أم��ام ال�سمع قبل وزار َت��ي الثقافة والماليّة ،وع��دم التوقّف عند
والب�صر؛ عن طريق المدار�س والتجمعات ،وعن بيروقراطيّة الم�سميّات ،والتي يترتّب عليها حك ٌم
طريق و�سائل التوا�صل االجتماعي ،لج ّر تلك الفئة جائر وتح ّك ٌم خاطئ في توزيع الميزانيّات ،بما يعود
الحيوية �إلى نطاق �أفكارهم الخطرة ،وجعلها وقود ًا ب�أثرٍ �سلبي على ت�سيير العمل الثقافي وتو�سيع دائرة
لمخططاتها الهدّامة والعدميّة المعادية للإن�سانيّة ت�أثيره مجتمع ّياً ،وجذب مختلف الفئات االجتماعيّة
والحياة .وه��ذا ما ي�ؤكّد ت�شميل النظرة ب�أبعد من �إل��ى منا�شطه ،وبخا�صة الفئة ال�شبابية� ..أو التي
الم�سميّات الت�صنيفيّة التي تُحرَم من الميزانيّة ُت��راوح �أعمارها من الخام�سة ع�شرة �إلى الخام�سة
46اجلوبة -خريف 1435هـ
م������������������ل������������������ف ال������������������ع������������������دد
«بويتك بوبري» من ترجمة و�إع��داد الدكتور مبارك المنا�سبة والم�ؤهّ لة للقيام بدو ٍر مهمٍّ ينت�صر للجمال
الخالدي ،و�أم�سية احتفاليّة بيوم ال�شعر العالمي.. وللوعي ولالرتفاع بالذائقة؛ وفي الوقت نف�سه ،ي�صبح
تلك الأم�سيات وغيرها جرى �إخراجها من الحالة هذا الدور �سند ًا يحمي المجتمع من اختطاف �أبنائه
الخام ،ومن حالة االعتياد ،ومن المنبرية ال�صرفة.. �إل��ى دوائ��ر الجحيم ومطحنتها القا�سية والعا�صفة
�إلى حالة جماليّة تامّة ،و�أزعم �أنها نادرة في حياتنا التي ال ت�شبع من التهامهم ،كما ال يني الدّاعون في
الثقافية المحليّة� ،إذ ت� ��آزرت الحوا�س والأدوات دفعهم �إلى هذه المحرقة.
الإب��داع� ّي��ة من مو�سيقى و�أداء م�سرحي وم�شهديّة �إذاً ،ه��ن��اك ان��ت��ظ��اران ُي��ل��حّ ��ان ع��ل��ى التنفيذ:
�سينوغرافيّة وم��ن �أغنية وم��ن فيديو وم��ن تمثيل؛ �أوّلهما� ،إنهاء حالة الت�شطير بين جمعيّات الثقافة
كلّها في النهاية كوّنت عا�صفة جماليّة غير معهودة والفنون وبين الأندية الأدبيّة ،وجعلهما تحت مظ ّل ِة
محل ّياً ،تعجز عن �أدائها الأندية الأدبيّة وحدها �إذا المركز الثقافي في جميع المناطق والمحافظات في
لم يتي�سّ ر لها ظهي ٌر جماليّ يعينها على تنفيذ جدول المملكة؛ ثانيهما ،توفير الميزانيّة الكافية لأداء دو ٍر
فعاليّاتها .وهنا �أتخيّل لو �أن ناد ّي ًا �أدب ّي ًا �أراد تكريم �إ�شعاعي ال يقت�صر على �أقليّة مغلقة ،مهّرناها بختم
�شخ�صيّة �أدبيّة .ما ال�صورة التي يكون عليها التكريم «النخبة» وا�سترحنا ،بل �أن يمت ّد هذا الدور لخدمة
في النادي نف�سه ،وما ال�صورة المتوقّعة لو كان هذا قطاع وا�سع من المجتمع ،وهو في م�سي�س الحاجة �أن
التكريم في �إح��دى جمعيّات الثقافة والفنون؟ لن يُلتفَت �إليه.
تتعدّى ال�صورة في النادي عن كلمات متقاطرة تنتفخ ومن العوامل التي ت�ستدعي ت�سريع �إقامة المراكز
بالمجامالت المنتظرة في مثل هذه المواقف ،والتي الثقافيّة؛ �إنقاذ الأندية الأدبية وفعاليّاتها من الركود
ت�شفي على التذكير بمناخ جنائزي وك�أن ال�شخ�صيّة والرتابة والت�شابه وال�ت�ك��رار .فالواقع �أنها مجرّد
المكرّمة ال يُحتفى بها قدْر ما تُرثى بعينٍ دامعة ،مع محا�ضرات و�أم�سيّات �شعريّة وق�ص�صيّة ال يح�ضرها
درع معتاد ليكتمل الم�شهد� .أمّا لو جرى التكريم عند �إال قلّة ..و�أحيان ًا الأقل من القلة ،ويكفي �شاهد ًا �أن
الح�س الجنائزي �أوّل ما جمعيّة الثقافة والفنون ف�إن َّ �أم�سيّة �أدبيّة في ن��ا ٍد �شهيرٍ من �أنديتنا الأدبية لم
يختفي؛ مو�سيقى احتفاليّة؛ �شريط �سينمائي توثيقي؛ يح�ضرها �سوى اثني ع�شر ف��رداً ،رغم �أن الأم�سية
م��واق��ف ا�ستذكاريّة تنتقل بين ال�ج��اد والطريف؛ يحييها �أكثر من �أدي��ب (!؟ ) .ذل��ك �أن ما ينق�ص
م�شهد تمثيلي؛ غناء ق�صيدة من كلمات المحتفَى به هو اللم�سة الجماليّة التي تحوّل الأم�سيّة �إلى م�شهد
�شاعراً .وهذا هو الفرق والفارق الذي ي�ستدعي �إنهاء ب�صري تت�شارك الحوا�س في االت�صال به ،وهذا -
حالة الت�شطير بين الجمعيّات والنوادي الأدبية. مث ًال -ما برعت فيه جمعيّة الثقافة والفنون بالدمام،
�إن تحريك الم�شهد الثقافي الر�سمي ال يتمّ في وقامت ب�إنجاز �أم�سيات �أدبيّة ال تُن�سَ ى لمن يح�ضرها.
معازل� ،أو باقتراح دور لكل جزء فيه .هناك ك ٌّل ينبغي الأم�سية الخام في النادي الأدب��يّ ؛ يجري ت�سييلها
�أن يقوم ،وينبغي �أن تت�ضافر الجهود و�أن تت�سارع واال�شتغال عليها في الجمعيّة ب�شكل جمالي ..كما
لأن يكون ،ولأن يم ُث َل في م��دار الفعل؛ ك ٌّل ال نريده هو الحال في ب�ضع �أم�سيات في الربع الأول من العام
مجرّد هيكلٍ فارغ ،بل حياة قائمة ماثلة في المجتمع ٢٠١٤م� ،أُتيح لي متابعتها �أو ح�ضورها ،نحو �أم�سية
ولجميع فئاته ،تقدّم لهم الرغيفَ الثقافي كواد ُر على توقيع كتاب ترجمة ملحمة جلجام�ش لعبداهلل جمعة،
دراية بالعمل الثقافي ،ومرّوا بدورات عمليّة ،وور�ش و�أم�سية �شعراء يفدون لأول مرة �إلى الم�شهد الثقافي
تدريبية عن ت�سيير هذا العمل الثقافي؛ باحترافيّة في المملكة (ع�ب��داهلل المح�سن؛ مهدي المطوّع؛
وبطريقة جماليّة. �أحمد القطّ ان) ،و�أم�سيتَين عن ال�شعر الأمريكي
اجلوبة -خريف 1435هـ 47
�إغالق الأندية الأدبية
■ تركية العمري
يعود تاريخ �إن�شاء الأندية الأدبية في المملكة �إلى فكرة اقترحها الأديب الراحل عزيز �ضياء،
والتي تمثلت في �إن�شاء �أندية �أدبية في المدن الكبيرة .وتم تنفيذ هذا االقتراح في ال�سبعينيات
الميالدية ،وتحديداً عام 1975م ،وكان تنفيذ المقترح مهماً في تلك الفترة� ،إذ مثلت هذه الأندية
اعترافا ر�سميا بالثقافة ب�شكل عام ،وبدورها في رقيّ المجتمع في ذلك الوقت ،و�أ�سهمت في
تعريف المجتمع ب�أهمية الآداب ،والتي تمثل ح�ضارة الأمم وتقدّمها .وقد كانت الأندية الأدبية
في بداية ت�أ�سي�سها ملحقة بالرئا�سة العامة لرعاية ال�شباب ،قبل �أن تنتقل �إلى وزارة الثقافة
والإعالم عام 2005م.
الثقافي من خ�لال م�ؤ�س�سات ثقافية جديدة وقد قامت الأندية الأدبية بر�سالتها الثقافية
تواكب الع�صر .وللأ�سف بقيت الأندية الأدبية والتي تحمل م�سماها� ،إذ �صار الأدب ب��ارزا،
بعيدة ع��ن ذل��ك كله ،وا�ستمرت بنمطيتها، وبالتحديد ال�شعر والق�صة الق�صيرة ،وظهر
و�أن�شطتها التقليدية ،ولوائحها القديمة ،وبيوتها �أدب��اء متميزون �أ�سهموا في ت�أ�سي�س الحركة
المتهالكة ب�أقبيتها الموح�شة .فالأندية الأدبية الثقافية في المملكة ،كما مثّلوا المملكة في
لم تواكب التطور الثقافي ال�سريع( )1وبقيت مهرجانات �إقليمية وع��رب�ي��ة .وج��اء الع�صر
على �أن�شطتها منذ ب��دء ت�أ�سي�سها� :أم�سيات الرقمي ال��ذي نحيا تَ�سارُع �إيقاعاته ،ع�صر
ق�ص�صية و�شعرية؛ ولم تتفاعل مع الأن�شطة الثقافة العالمية ،والإب��داع العالمي ،والتثاقف
الثقافية والأيام العالمية التي تحتفي بها الدول الكوني ،ذل��ك التثاقف ال��ذي د ّك��ت �أيقوناته
المجاورة ،وبد�أ يت�ضاءل ح�ضور المثقفين فيها، ال �ح��دود المعرفية والثقافية بين ال�شعوب؛
فما تقدمه ال يرقى �إلى م�ستوى �إبداعهم. فتوا�صلت ال�شعوب مع بع�ضها بع�ضا ،وبنت
وق��د ح��ان ال��وق��ت لإغ�ل�اق ه��ذه الأن��دي��ة, ج�سور محبة ولغة توا�صل ثقافي فيما بينها،
و�إن�شاء مراكز ثقافية جديدة تحمل روح الع�صر و�أ�صبحت توجه خطاها تجاه التقدم المعرفي
48اجلوبة -خريف 1435هـ
م������������������ل������������������ف ال������������������ع������������������دد
ولكي تتزامن المراكز الثقافية مع الع�صر الرقمي ،والقيم الإن�سانية الكونية المتمثلة
الرقمي ،ال بد من تحديث بيانات المثقفين، بالحب والخير وال�سالم وال�ع��دال��ة واح�ت��رام
والتوا�صل معهم عبر التقنية الحديثة ،وو�ضع الآخ��ر ،وت�شمل الآداب والفنون ،وتتوا�صل مع
خطط لفعاليات ت�ستمر على م ��دار ال�ع��ام، المجتمع ليتحقق التكامل الثقافي بينه وبين
ت�شمل :قراءات �إبداعية ونقدية ،وور�ش عمل في م�سارات الثقافة :الكلمة ،واللوحة ،والمو�سيقى،
مجال الكتابة الأدبية والم�سرحية ،والدراما، والفنون الأخرى كالنحت والت�صوير.
و�أدب الأط�ف��ال ،والترجمة الأدب�ي��ة ،وق��راءات فالمراكز الثقافية العالمية تمد ج�سور
من الأدب العالمي ،وتوقيع كتب ،ومناق�شات التوا�صل الفكري والثقافي بينها وبين المجتمع
ق�ضايا فكرية – ثقافية ،وا�ست�ضافات من داخل وال�م��ؤ��س���س��ات التعليمية م��ن خ�ل�ال �أن�شطة
المملكة وخارجها. وفعاليات متنوعة ،ومنظّ مة ب�شكل جيد.
وق�ب��ل ذل��ك ك�ل��ه ،ال ب��د �أن ت�ك��ون المراكز قد يت�ساءل القارئ الكريم ،ولماذا ال يتم
الثقافية في مبان حكومية ،فالمثقف ال�سعودي تطوير الأندية الأدبية لتكون مراكز ثقافية؟
ع��ان��ى م��ن �أم �ك �ن��ة م �ه �ج��ورة و���ض�� ّي��ق��ة و�شبه والإجابة في و�ضع مجتمعنا النامي ،ال بد من
متهالكة ..و�أ�شبه ما تكون بالمقابر ...كان �إغ�لاق الأندية الأدب�ي��ة ،وا�ستحداث المراكز
ينثر فيها عبير �إبداعه ،حتى �أن �أكثر المثقفين الثقافية؛ لأن وزارة الثقافة �ستعين العقول
�أ�صبحوا يعتذرون عن �إقامة �أن�شطة لهم في ذاتها التي كانت تدير الأندية الأدبية لتدير
الأندية؛ فهو ي�ستحق �أن يكون في �أمكنة تليق به المراكز ،والتي �ستن�سخ الخطط ذاتها منذ
كمثقف ،وبنتاجه الإبداعي الذي ي�سهم ب�شكل ال�سبعينيات الميالدية ،وال�ت��ي كتبت بالآلة
كبير في تنمية وطنه ومجتمعه. الكاتبة ،و�ستمار�س هذه الإدارات �إ�سقاطاتها
�إن �إن���ش��اء م��راك��ز ثقافية يمثل انطالقة وعقدها وتقادمها ،وهذا يعيق تطور المثقفين
ثقافية جديدة في تاريخ الثقافة لدينا ،تلك ونتاجهم ،وي�ؤثر على تطور الحراك الثقافي
االنطالقة التي �ست�ساهم ف��ي ح��راك ثقافي الوطني ،ما �سي�صيبه بالجمود.
تجديدي� ،إذا �أدارتها عقول م�ستنيرة �شابّة، ولكي تحقق المراكز الثقافية الهدف من
ه��ذا ال�ح��راك ال��ذي تت�سع ف�ضاءاته ،وتكتمل وجودها ،ال بد �أن تكون �أهدافها واقعية ومرنة،
في تناغم �إبداعي ،يحتفي ب�أعمالنا الروائية و�أن تتجدد كل ثالثة �أع��وام ،وتكون لها ر�ؤى
وال�شعرية والم�سرحية والدرامية ،وبالأ�صوات ا�ست�شرافية للم�ستقبل،وتخرج في فعالياتها
التي نقلناها من هناك عبر الترجمة ،ويكون عن الأن�شطة التقليدية ،وال يبقى مَ ن ير�أ�سها
ه��ذا االح �ت �ف��اء بم�شاركة �أن �غ��ام المو�سيقى �أكثر من عامين؛ حتى ال يطل الف�ساد الثقافي
وق�سمات اللوحة وعيون ال�صورة. والمالي بر�أ�سه الثعباني.
( )1يظل النادي الأدبي الثقافي في جده له خطوات متميزة و�سط الأندية الأدبية في المملكة ،من خالل �أن�شطته،
و�إ�صداراته الدورية التي �شملت ال�شعر وال�سرد الق�ص�صي والروائي والترجمة.
حين ات�صل �سعادة الدكتور عبد العزيز ال�سبيل ،وكيل الوزارة لل�ش�ؤون الثقافية طالبا موافقتي
لالن�ضمام �إلى مجل�س �إدارة نادي المنطقة ال�شرقية الجديد؛ �س�ألته عن الأ�سماء المر�شحة
للمجل�س ،ف�أجابني ب�أ�سماء �أ�ساتذة و�أ�صدقاء �أعرفهم ،فوافقت على الفور.
نلج�أ للت�صويت لح�سم الأم ��ر .وع�ل��ى الجميع اجتمع بنا �سعادته في مبنى النادي بالدمام
االلتزام بما تقرره غالبية �أع�ضاء المجل�س في الختيار الهيئة الإدارية للنادي(الرئي�س ،ونائبه،
ت�صويتهم ،ب�صرف النظر عن قناعة ال�شخ�ص. وال�م��دي��ر ال�م��ال��ي ،وال�م��دي��ر الإداري) ،وحيث
�سارت �أم��ور النادي في اجتماعات مجل�سه، �أوالن��ي �أغلب الزمالء ثقتهم برئا�سة المجل�س،
ولجانه ،و�إ� �ص��دارات��ه ،وجميع برامجه ،ب�شكل وبعد انتهاء عملية الت�صويت ال�سريّة ،قلت �أمام
�سل�س وجميل .اختلفنا كثيرا ،وتناق�شنا كثيرا، الزمالء ل�سعادة الدكتور عبدالعزيز ال�سبيل:
و�صوّتنا ..ولكن لم تخرج خالفاتنا في �إدارة «�أعتبر كل واحد من زمالئي في مجل�س الإدارة
ال �ع �م��ل ع��ن غ��رف��ة االج �ت �م��اع��ات ،وم�ح��ا��ض��ر رئي�سا للنادي ،و�سنعمل كفريق واحد».
الجل�سات. اجتمعنا بعدها عدة م��رات ،حدّثنا الالئحة
�إنَّ قيادة مجموعة ال تعني الت�سلّط� ،أو التفرّد القديمة للنادي ،وحددنا �صالحيات كل فرد،
ب��ال��ر�أي وال �ق��رار؛ وم��ن هنا ،ك��ان نجاح مجل�س وواجباته ،واتفقنا على �آلية ح�سم النقا�ش في
�إدارتنا ،حين �أعطى كل فرد من الزمالء خال�صة حالة وج��ود �أكثر من ر�أي لأي مو�ضوع نناق�شه
خبرته ،ور�ؤيته الثقافية. في اجتماعاتنا الأ�سبوعية .و�صلنا لقناعة تامة،
ربما يُقال �إننا �أ�صدقاء ،و�إن�ن��ا متجان�سون التزمنا بها طيلة ال�سنوات الخم�س ،وه��ي :في
في التفكير ،ومت�شابهون في الخبرة الإداري��ة.. حالة وجود �أكثر من ر�أي لمو�ضوع �أو حالة معينة،
50اجلوبة -خريف 1435هـ
م������������������ل������������������ف ال������������������ع������������������دد
و�أقول� :إننا فعال �أ�صدقاء ،لكن تجاربنا الإدارية
والعملية مختلفة ،كما �أن ر�ؤيتنا لم�سار ال�ش�أن
الثقافي والأدبي متنوّعة .وهذا االختالق ،والتنوع
هو �سر نجاحنا؛ �إذ �أتيح لكل منا �أن يعطي �أف�ضل
ما عنده في خدمة برامج النادي و�أن�شطته.
بقي القول �إن وجود العن�صر الن�سائي كان له
دور بارز في تنوّع البرامج ،فالمر�أة ب�شكل عام
كانت محرومة -في العهد ال��ذي �سبقنا -من
دخ��ول مبنى ال�ن��ادي ،ومحرومة من الم�شاركة
في فعالياته .وكان من �أول �أهدافنا بعد ت�شكيل
المجل�س تكوين لجنة ن�سائية م�ستقلة ،تم انتخاب
والمطبوعات .وقد فتحت كل الأبواب لل�شباب من ع�ضواتها من قبل الن�ساء �أنف�سهن ،من دون تدخل
الجن�سين لالن�ضمام �إلى اللجان الأدبية والثقافية من قبل المجل�س ،و�أعطيت لهن ال�صالحيات
الكاملة لبناء ال�ب��رام��ج والأن�شطة التي يرين
العاملة في النادي .وهكذا تم تفرغ مجل�س �إدارة
�إقامتها .كما منح لهيئة تحرير مجلة(دارين)
ال��ن��ادي للتخطيط ،وال��دع��م ،مبعدا �أي �شبح الف�صلية �صالحيات كاملة في �إجازة مواد المجلة
للبيروقراطية. من دون رقابة من المجل�س .وكذلك لجنة الكتب
الدكتور عبدالعزيز ال�سبيل يتر�أ�س مجل�س �إدارة نادي المنطقة ال�شرقية الأدبي� ،أثناء انتخابات الهيئة الإدارية للنادي.
يالحظ �أي مراقب محايد للفعل الثقافي �أن النادي الأدب��ي بمنطقة الجوف خالل فترة
ت�شرفنا برئا�سته (1432-1429ه��ـ) ،قد عمل جاهدا على دفع عجلة الحِ راك الثقافي بالمنطقة
في جميع االتجاهات ،توا�صال مع اال�ستراتيجيات التي تتبناها وزارة الثقافة والإع�لام ،وفقا
ل��ر�ؤي��ة خ��ادم الحرمين ال�شريفين ،الملك ع��ب��داهلل ب��ن عبدالعزيز �آل �سعود ،حفظه اهلل ،في
التنمية والبناء لإن�سان هذه الأر�ض المباركة؛ على الرغم مما واجهته الأندية الأدبية ،وخا�صة
في منطقة الجوف من خطابات م�ضللة وم�ضادة لن�شاطاتها الأدبية والثقافية المتوازنة ،و�صلت
�إلى درجة الت�شنج.
و(ملتقى ال �ب��راع��م) ،و(المقهى الثقافي)، ول�ع�ل�م�ن��ا �أن �أ���ص��ح��اب ت �ل��ك ال �خ �ط��اب��ات
و(ل�ق��اء الأح��د ل�ل�ق��راءة) ،و(ل�ق��اء الأرب �ع��اء)، ب�ع�ي��دون ك��ل البعد ع��ن ال���ش��أن الثقافي وعن
و(�أكاديمية الق�صة) ،و(�أكاديمية ال�شعر)، معرفة �أ�سا�سات عمل الجهات التي واجهوها
و(�أكاديمية الفنون). بالتحري�ض واالح �ت��داد؛ كما �أن منطلقاتهم
كما عملنا على �إيجاد عدد من الم�سابقات لم تكن محايدة؛ فقد عملنا على احتواء تلك
والجوائز التي من �ش�أنها �أن ت�سهم في زيادة الخطابات ،ومجابهتها بابتكار مختلف البرامج
الفعل الثقافي وتن�شيطه لدى مثقفي المنطقة والآليات التي ت�ساعد على �أن يكون لكل مثقف
وخ��ارج �ه��ا؛ وك��ان م��ن �أب ��رز �أه��داف �ه��ا ت�شجيع و�شاب ومواطن موقع في هذا النادي ،من خالل
مثقفينا ومبدعينا على البحث والإبداع والتوا�صل مختلف البرامج والفعاليات والأن�شطة .ولهذا،
مع مجتمعهم ووطنهم؛ لذا ،كان �إطالق جوائز فقد بادرنا �إلى الت�أ�سي�س لعدد من الأكاديميات
في مجاالت ال�شعر والق�صة والن�ص الم�سرحي وبرامج القراءة ،وهي (�أكاديمية ال�صحافة)،
52اجلوبة -خريف 1435هـ
م������������������ل������������������ف ال������������������ع������������������دد
م��ن ط�م��وح��ات مثقفينا وم�ب��دع�ي�ن��ا .ك�م��ا كنا والتحقيق ال�صحفي ،كما �أطلقنا م�سابقات
واثقين ان انجاز النادي لموقعه التفاعلي على للت�أليف والإبداع الأدبي؛ من قبيل ديوان �شعر� ،أو
الإنترنت حينها وال��ذي يعد قاعدة معلومات مجموعة ق�ص�صية� ،أو رواية ،وم�سابقة «�صوروا
مهمة ،ومواقعه المتفرعة عنه وبرامجه للطباعة منطقة الجوف» ،منطلقين من جماليات العمارة
والن�شر التي �أ�سفرت عن ع�شرات الكتب وثالث التقليدية في المنطقة هدفا لهذه الجائزة .كما
دوري� ��ات وع���ش��رات ال�م�ط�ب��وع��ات ،خير حافز �أطلقنا م�سابقات على م�ستوى الأندية الريا�ضية،
للجميع للتوا�صل مع ناديهم ،وتحقيق تطلعاتهم وم�سابقة لأف�ضل م�ؤلف عن الزيتون ،وم�سابقة
من خالله،؛ �إذ �أ�صبح النادي الأدب��ي بمنطقة �إب��داع�ي��ة للزيتون ،وم�سابقة �سنوية ل�ل�إب��داع
الجوف من �أن�شط الأندية الأدبية في المملكة، ال�شعري والأدب���ي ح��ول منطقة ال �ج��وف .كما
ومن �أعمقها ت�أثيرًا ،ب�شهادة كثير من المثقفين �أطلقنا جائزة �سنوية للإبداع بمنا�سبة مبايعة
والمراقبين ،حتى �أن ع��دد ًا منهم اعتبر �أن خادم الحرمين ال�شريفين ،الملك عبداهلل بن
النادي الأدبي بمنطقة الجوف قدم ما لم تقدمه عبدالعزيز �آل �سعود ،حفظه اهلل ،وهي م�سابقة
وزارات ر�سمية في عدة بلدان عربية ،و�إ�صداراته لأجمل ق�صيدة وق�صة ومقالة بالمنا�سبة �سنويا،
متميزة منفتحة على الثقافة ال�سعودية والعربية. كما �أطلقنا جائزة منطقة الجوف للدرا�سات
لقد نجحت تجربتنا في خالل تلك ال��دورة الثقافية ،والتي ت�شمل درا�سة الإب��داع الثقافي
في خلق حراك ثقافي �أ�شادت به �أقالم عدة على والأدب���ي والإن���س��ان��ي لمثقفي المنطقة ح�سب
الم�ستوى المحلي والعربي ،فا�ستقطبت �أن�شطتنا ال�شروط المعلنة ،و�أطلقنا كذلك جائزة الكتابة
وفعالياتنا اهتمام ًا �إع�لام�ي� ًا ك�ب�ي��راً؛ فمثالً، للطفل� ،إ�ضافة �إلى الم�سابقات المتعلقة باليوم
جريدة الحياة ال�سعودية ر�أت �أن برامج القراءة الوطني ،وكان عدد الم�سابقات المعلنة اثنتي
التي �أطلقها النادي لمختلف فئات المجتمع تعد ع�شرة م�سابقة �سنويا.
تجربة فريدة على م�ستوى الأندية الأدبية ،كما وقد حر�صنا على تفعيل الن�شاط الثقافي في
و�صفت عدة �صحف عربية النادي الأدب��ي ب�أنه مدن ومحافظات منطقة الجوف ،ف�أ�س�سنا للجان
�أ�صبح النادي الأكثر ن�شاط ًا والأعمق ت�أثير ًا على الثقافية في محافظة القريات ودوم��ة الجندل
م�ستوى المملكة ،و�أث�ل��جَ ه��ذا �صدورنا وجعلنا وطبرجل و�صوير؛ �إيمانا منا بحق الجميع في
نفتخ ُر ب�أدبي الجوف. الح�صول على البرامج التي يقدمها النادي ،من
لقد �شرعنا منذ بداية عملنا في �إطالق حزم خالل �أبناء كل مدينة ،من الذين يمثلهم �أع�ضاء
من الأن�شطة النوعية لتفعيل ح��راك مجتمعنا اللجنة الثقافية.
الثقافي بمختلف فئاته ،مع التركيز على الأجيال و�إذا كان النادي قد �أقام ع�شرات الن�شاطات
ال�صاعدة التي تعد الركيزة الأ�سا�س لأي تقدمٍ المنبرية م��ن محا�ضرات ون ��دوات و�أم�سيات
من�شود ،و�أكدنا منذ البداية �أننا نعمل تحت مظل ٍة ول��ق��اءات وور����ش عمل ف��ي جميع م��دن منطقة
كبرى هي ثقافة الحوار .فكانَ “لقاء الأربعاء ال �ج��وف حتى ع��ام 2011م1432/ه� � � �ـ ،بدعم
للقراءة” لطلبة المدار�س واليافعين لتر�سيخ وم ��ؤازرة �أهالي المنطقة ومثقفيها ،ف�إنه �أمل
عادة القراءة وتنميتها لدى الطالب ،وتعريفهم �أن يتوا�صل ه��ذا الن�شاط لتحقيق �أك�ب��ر قدر
اجلوبة -خريف 1435هـ 53
برامجنا النوعية التي القت �صدى طيبا حينها بالتراث الح�ضاري والفكري والثقافي للمنطقة،
هو “المقهى الثقافي” ،ال��ذي �أداره مجموعة واالق �ت��داء ب��رم��وزه��ا ال�ب��ارزي��ن ف��ي المجاالت
من �شباب الجامعة ،و�أخذ �شكل نادٍ �أدبي م�صغرٍ كافة؛ تعزيز ًا لروح االنتماء الوطني� ،إ�ضافة �إلى
يتولى ال�شباب فيه �إدارة العمل الثقافي ودعوة ربطهم بالجديد في مختلف المجاالت العلمية
المحا�ضرين والم�شاركين. والثقافية عبر العالم.
وكان موقع النادي على الإنترنت �ضمن �أهم ثم جاءت «�أكاديمية ال�شعر» ،ملتقى ن�صف
�أولوياتنا بحيث �أ�صبح قاعدة معلومات مهمة �شهري يتم فيه تدريب الهواة والمهتمين من
عن النادي ،وم�صدر ًا تفاعلي ًا مع �أع�ضاء النادي ال�شباب على كتابة ال�شعر ،وتعريفهم بعلم
وزواره ،وكان الفتا �أن يكون الموقع الأب��رز بين العرو�ض (بحور ال�شعر) ،و�أ�صول كتابة ال�شعر،
مختلف المواقع الثقافية ال�سعودية ،ح�سب ر�ؤية و�أه ��م م��دار��س��ه ،وات�ج��اه��ات��ه قديم ًا وحديثاً.
العديد من المثقفين والمتابعين ،ولعل �إ�شادة و َت��راف��ق م��ع ذل��ك ف��ي اللجنة الن�سائية “لقاء
وكيل وزارة الثقافة دكتور نا�صر الحجيالن ت�ؤك ُد الأحد للقراءة” ،م�ستهدف ًا الفتيات وال�سيدات
ذلك ،كما قال مدير عام الأندية الأدبية حينها من مثقفات المنطقة ،و«ملتقى البراعم» لأطفال
الأ�ستاذ عبداهلل الكناني في ت�صريحات �صحفية الرو�ضات والمدار�س االبتدائية ،بقيادة الأديبة
�أنه لو كانت هناك جائزة لأف�ضل موقع �إلكتروني المبدعة م�لاك الخالدي ،التي كانت �شريكة
لنادي �أدبي لمنحناها لأدبي الجوف. النجاح والإبداع بحق .كما تم �إطالق «�أكاديمية
لقد وا�صل النادي في فترة تكليفنا ر�سالته الق�صة» للتدريب على كتابة الق�صة الحديثة
وبرامجه الثقافية والمنبرية ،رغم كافة العوائق و�أ�ساليبها ،كما خططنا لتفعيل «�أكاديمية
التي ح��اول بع�ضهم افتعالها لتعطيل م�سيرة ال�صحافة» ،لتدريب ال�شباب والمهتمين على
ال�ن��ادي؛ �إذ نجح النادي في �إقامة الملتقيات �أه ��م م�ك��ون��ات الأخ��ب��ار و�أ���ص��ول التحقيقات
الثقافية ،مثل «ملتقى �سي�سرا» ،وملتقى «جهات ال�صحفية.
لدورتين» ،كما �أق��ام الع�شرات من الن�شاطات كما �شرعت اللجنة الن�سائية ب�أدبي الجوف
المنبرية ال��م��ن��وع��ة ،وق���ام بتد�شين الن�شاط في تفعيل برنامج “رعاية الموهوبات” .ولعل من
المركز الثقافي بالجوف الذي �أمر به خادم الحرمين ال�شريفين الملك عبداهلل بن عبدالعزيز
بعد تقديم طلب لمقامه حفظه اهلل من رئي�س ادبي الجوف ال�سابق الحميد
«تتمثل �أهمية حركة الترجمة الإغريقية العربية في �أنها برهنت للمرة الأولى في
التاريخ على عالمية الفكر العلمي والفكر الفل�سفي ،وعلى �أن ذلك الفكر ال يقت�صر
على لغة �أو ثقافة معينة».
(ديمتري غطا�س ،الفكر اليوناني والثقافة العربية)
ل��م��اذا ازده���ر الع�صر ال��ذه��ب��ي للعلم ال��ع��رب��ي بغتة �إب���ان ب��داي��ات ع�صر الخالفة
العبا�سية؟ ولماذا �أفل نجم ذلك العلم في نهاية المطاف؟
بعد روا َي��� َت���يّ «ال��م�����ص��ري» و«ب��اري��و م��ال��ق��ة» ،يطالعنا ال��ك��ات��ب وال��ن��اق��د الأك��ادي��م��ي
المغربي محمد �أنقار برواية جديدة مو�سومة بعنوان�« :شيخ الرماية» .وهي رواية من
الحجم المتو�سطـ ،تتوزّع �أحداثها على ثالثة ف�صول ،يحمل كل ف�صل ا�سم �شخ�صية
مف�صلية؛ لتلعب عتبة العناوين الرئي�سة والثانوية دور الدعائم الأ�سا�س في توجيه
دفّة الأطروحة التي تتبناها الرواية ،وفي فر�ض �سلطتها الجمالية� ،ضمن ن�سق محكم
الن�سج ،ودهاء روائي نتج عن مرا�س في الأدب وفنونه .كذا ،بالنقد ومعاييره� ،إذ رواية
محمد �أنقار هي رواية ناقد له ت�صوّره الخا�ص عن الأدب ،وعن الح�سا�سيات الجمالية،
والذي بلوره في ما يُعرّفه هو بم�شروع ال�صورة الروائية( .)1كما �أنها رواية رجل خبر
ال�سرد و�أفانينه ،وذل��ك ب�أنه راك��م مجموعة من الن�صو�ص الق�ص�صية قبل �أن يكتب
الرواية الأولى له ،والتي �صدرت عن من�شورات الهالل الم�صرية بعنوان «الم�صري».
ال �م��ادة ،وم��ا الأدب �إال �شوق ال��روح �إلى الأدب عند �أنقار� ،إذاً ،م�شروع �إن�ساني،
معينها المترقرق الأول ،وع��ودة بها �إلى يبحث فيه الإن�سان عن ذل��ك «الإن�سان
لحظات الإ�شراق الأولى حين كان الإن�سان ال��ذي ي�سكننا»؛ فقد بعدت ال�شقة بين
يتعرف على الأ���ش��ي��اء ب�سذاجة .لذلك، الإن�سان ونف�سه ،ف�صار يراها من خالل
ف��إن مهمة الكاتب هي م�سلة تلك الأم��ور ما ي�صوّره له هذا العالم المخيف ،ال يرى
التي �أ�صبحت تبدو لنا بدهية ،والتغلغل نف�سه �إال من خالل مر�آة الإعالم ومفاهيم
في عمقها ومعرفة �سرها المكنون ،وفي اال�ستهالك ،لقد �ضاع الإن�سان في تيه
اجلوبة -خريف 1435هـ 75
النهاية الك�شف عن �أنماط �إن�سانية �أخرى غير
الأنماط «ال�شائعة» والتي يمكن �أن تكون �أكثر
�إن�سانية مما نعرفه الآن حتى عن �أنف�سنا .يقول
عبد ال��رزاق وهو �أحد �أبطال الرواية�« :أ�شعر
الآن بارتياح �إثر �إ�سهامي في م�ساعدة محمد
على �صياغة �أخباره ،وحكايات جده ،وتفا�صيل
بع�ض مغامراته الن�سائية؛ بل حتى م�ساعدته
ع�ل��ى االق� �ت ��راب م��ن ف�ه��م ن�ف���س��ه ،م��ن خ�لال
الإن�صات �إليه وم�شاركته وجدانيا» �ص� .22إنها
فل�سفة عميقة ..وفي نف�س الآن لطيفة ،تقدم
لك العالم في ر�ؤية �شفيفة ،وتترك لك المجال
لتعيد قراءة ذاتك في �ضوء ح�سا�سية جديدة
تنطبع في كيانك على �إثر تغلغلها فيه ،وذلك
ب��ده��اء ال يت�سنى �إال لكبار الروائيين الذين
�أثّروا في العالم �أكثر من عظماء القادة وكبار
المفكرين �أحيانا.
ال ��رواي ��ة ت���س��رد ق���ص��ة م�ح�م��د ،الإن �� �س��ان
الب�سيط ال��ذي يبحث عن حكايات ج��ده �شيخ
الرماية؛ ونظرا لأنه ال يمتلك الكفاية اللغوية
والقدرة الإبداعية على �صوغ الأح��داث ،ف�إنه
�سينيط ب�صديقه عبدالرزاق مهمة م�ساعدته
على كتابة الأح ��داث .ينطلق ال�صديقان في
مغامرة البحث عن ال�شيخ ،وهناك تعتر�ضهم
�صعوبات ذلّلوها ب��الإ��ص��رار وال�ك�دّ ،متتبعين
م�آثر �شيخ الرماية ،وكل منهما تحرّكه نوازع
�إن�سانية تجمعها في بوتقة واح��دة الرغبة في
تحقيق الذات ال�ضائعة .فمحمد ،الباحث عن
�سرِّ الجدِّ ،يحمل رغبات ظاهرة تتعلق بالرغبة
في الك�شف عن الإرث القديم لجده� ،إذ يعمل
التداعي الذي تتيحه له المرويات التي يجمعها
من فم ال�شيوخ ،ومن القرى المتاخمة للمدينة،
اجلوبة -خريف 1435هـ 76
درا���س��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ات ون��ق��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��د
بل ومن المكتبات الوطنية ..فقد تج�شّ م عناء �أك�ث��ر؟ يجيب ت ��ودوروف ب ��أن الهدف النهائي
ال�سفر م��رار ًا في الرواية .يعمل هذا التداعي للأدب هو تحقيق معرفة �أعمق بالإن�سان.
�إن بحث مَ حمد عن �سر جده «العارف» وعثوره ع�ل��ى خ�ل��ق رغ�ب��ة ف��ي ال�ح�ي��اة ل��دي��ه ،ك�م��ا �أن��ه
يعوّ�ض النق�ص الذي يح�سّ ه تجاه الن�ساء جراء على مروياته الخارقة في نهاية المطاف ،لهو
�إخفاقاته المتعددة تجاه هذا الجن�س اللطيف.
دعوة �إلى �إعادة النظر في الخيالي والخارق بما
كما �أن هذه التقنية في البحث تخلق �إمكانات
هما جزء ال يتجز�أ من كياننا الإن�ساني .فلربما
�سردية ممتعة ت�ش ُّد ال �ق��ارئ �إل��ى الأح ��داث،
في ذلك الخارق من العقالنية ما ال نعيه ،ولكن
وتقحمه في ت�سا�ؤالت الن�ص.
علينا �أن نح�سن الإن�صات �إلى نوازعنا الدفينة،
�سي�ستمر ال�صديقان ف��ي البحث �إل��ى �أن فما تمار�سه الحياة ب�ضغوطها علينا الآن ال
ي�صال �إلى دوار ال�شقاقرة ،حيث �سيعثران على يعدم «العقالنية» عما ن��راه ف��ي الأ���س��ط��ورة،
خيط الق�صة؛ وهنا �سيتمحور الحكي حول فنحن نعي�ش الأ�سطورة من جديد.
�شخ�صية ال�شيخ الخارقة� .إذ �سترد �أخباره
على �أ�سا�س هذه المغامرة الطريفة ،يبني
على �شكل مرويات خ�ص�ص لها الكاتب الف�صل
الثالث والذي عنونه بـ«ال�شيخ» .هذه المرويات الن�ص �إمتاعه ،ويجعل المتلقّي يتورط في عملية
هي زبدة ما كان يبحث عنه ال�صديقان .وهي تتبع الأحداث ب�شغف ،وفي الآن نف�سه ينخرط
ت��راوح ما بين �أخ�ب��ار عادية و�أخ�ب��ار كرامات في عملية التفكير التي يدعوه الن�ص من خالل
خارقة يتحد فيها العجيب بالغريب بالواقعي ،فل�سفته الداخلية �إلى ممار�ستها ،وي�صوغها لك
كما �أنها ت�سرد ب�شكل محايد لتترك القارئ الكاتب في ثوب ق�شيب ،مليء بالمتعة والإثارة.
يقول ميالن كونديرا« :ال يمكن للإن�سان في ده�شة من �أمره �أمام هذا الركام العجيب
من الأح ��داث .حيث ي�صبح الخيالي بمنزلة �أن يدرك ماذا عليه �أن يفعل لأنه ال يملك �إال
حياة واحدة ،ال ي�سعه مقارنتها بحيوات �سابقة الحقيقي والعك�س.
�إنَّ «�شيخ الرماية» ن�ص يحاور ب�شكل غير وال �إ�صالحها في حيوات الحقة» .مَ حمد رمز
مبا�شر مفاهيم كرّ�سها الفكر المابعد حداثي ،للإن�سان في بحثه عن معرفة نف�سه ،وال�سبيل
وال��ذي ق� ّد���س العلوم الإن�سانية على ح�ساب �أحد �أمرين :الغو�ص في الما�ضي ،في الأ�صل..
الإن�سان وكينونته وعالمه الداخلي الذي يحتاج وا�ست�شراف تجليه في الم�ستقبل .وهو ما تمثل
�إلى مزيد من الت�أمل والإن�صات .لذلك ،فقد في بحثه عن جده الذي يمثل �أ�صال م�شرفا يعود
حملت الرواية على عاتقها لواء فهم الإن�سان �إليه� .أ�صل يمثل المعرفة ال�صحيحة� .أو لي�س
بما هو �إن�سان .الإن�سان الذي يبحث عن حلول العالم العربي الآن ينظر �إلى الما�ضي بالنظرة
لكومة الأ�سرار التي �أحاطه بها الوجود ،هذا نف�سها؟ مَ حمد يبحث� ،أي�ضاً ،عن امتدادٍ له
البحث المتوا�صل هو الذي حقق المعرفة .ف�أي في الم�ستقبل ،من خ�لال البحث المتوا�صل
معرفة هي التي تحقق معرفة الإن�سان بوجوده ع��ن �شريكه عمر .ل��م��اذا ال ينجح مَ حمد في
اجلوبة -خريف 1435هـ 77
الح�صول على امتداد في الم�ستقبل ،فيف�شل في
جميع عالقاته مع الجن�س الآخر؟ �ألأنه ال يريد
�أن يتنازل عن ترفعه لم�صلحة امر�أة؟ �أم لأنه
ما يزال ينظر �إلى المر�أة على �أنها �شيء؟ �شيء
يزعج �إذا ما ناق�ش �أو �أبدى ر�أيا!؟
الرواية �أي�ضا جاءت نتيجة حوار مع �أعمال
�إبداعية عالمية ،وم�شاركة لهذا الركام الأدبي
في تحليل الإن�سان� ،إذ كرّ�ست مبد�أ المغامرة
كما هو الحال مع �سيرفانت�س الذي يرى �أن فهم
العالم �شيء غام�ض ،يتطلب قوة ال تقل عظمة
الكاتب محمد �أنقار عن «�أنا ديكارت» ،كما يرى «كونديرا» .لذلك ،فـ
تماماً ،كما هو الحال عند «جوي�س». «محمد» الإن�سان الب�سيط من الناحية الثقافية
يخو�ض المغامرة ،ي�ساعده في ذلك عبد الرزاق
لقد عكفت «�شيخ الرماية» -خا�صة الف�صل
الأكثر ثقافة .يجب على الكل مهما كانت ثقافته
الثالث -على ت��أم��ل ت��دخ��ل الالعقالني في
�أن ينخرط في م�شروع البحث عن الذات� ،أما
ال�سلوك الب�شري ،كما هو الحال في رواي��ات مبد�أ التفوي�ض الذي يعي�شه العالم العربي فلن
«تول�ستوي» ،باعتبار الالعقالني يدخل لي�س ي�ؤدي بنا �إال �إلى مزيد من االنطما�س.
بال�ضرورة في الواقع� ،إنما في الوجود بو�صفه
ت�����س��ب��ر ال���رواي���ة ال��ل��ح��ظ��ة ال��م��ا���ض��ي��ة بكل
حقال للإمكانات الإن�سانية .فهل يبني الإن�سان
غمو�ضها .تعيد كتابة التاريخ بر�ؤيا �أكثر حيادية.
م�ع��رف�ت��ه ب��وج��وده م��ن خ�ل�ال ن��ظ��رة �أح��ادي��ة
تعيد �إل��ى الحا�ضر لحظات الما�ضي ،كما هو
محكومة ب�شروط «علمية» تبث كل يوم ن�سبيتها.
الحال عند برو�ست ،وتترك للقارئ حق تنظيم
يبدو �أن �شيخ الرماية تحاول �أن ت�ؤ�س�س لفهم التاريخ وقراءته .ثم تالعب اللحظة الحا�ضرة
التي ال يمكن القب�ض عليها� .إنها لحظة مائعة جديد للعالم والوجود.
* كاتب من المغرب.
( )1انكف�أ الكاتب ،منذ بداياته الأكاديمية ،على تطوير ت�صور نقدي يروم تطوير �أدوات بالغية جمالية وتداولية
لقراءة الأدب الإن�ساني ،وقد كتب في هذا ال�صدد كتابات نقدية منها :بناء ال�صورة في الرواية اال�ستعمارية،
�صورة عطيل ،بالغة الن�ص الم�سرحي ،ظم�أ الروح �أو بالغة ال�سمات في رواية نقطة النور ..وقد �أثبت الناقد
والكاتب محمد �أنقار عن كفاية تحليلية م�ستغرقة لهذا المعيار الذي يُعرّفه في �أحد حواراته ب�أن« :ال�صورة
لي�ست مجرد حلبة بالغية ،و�إنما هي و�سيلة توا�صلية �إن�سانية ،ن�سخّ رها يوميا في حياتنا المعي�شة ،ون�ستغلها في
�ش�ؤون تفكيرنا وكتاباتنا� ،أحالمنا وكواب�سنا .وفي �ضوء هذا الخاطر التداولي �أحد�س �أن ال�صورة قد تنوب عن
البالغة برمّتها� ،أو عن مجموع �ألوان التو�شية تعبيرية� ،أو �أن تغدو بابا من �أبواب البالغة الرئي�سة».
خزانة �شهرزاد
نحو قراءات جديدة للأنواع ال�سردية
علبة الأ�سرار وم�ستويات المحكي العجائبي
■ ر�شيد اخلديري*
�صدر عن دار الأم��ان بالرباط ،رواي��ة جديدة للأديبة والناقدة المغربية زهور
كرام .الرواية تحمل عنوانا دا ًال «غيثة تقطف القمر» ،والرواية من الحجم المتو�سط
موزعة �إلى ع�شرين مقطعا مكثفا.
بطنها لم ينتفخ ،تخلّى عنها لأنها �أ�صبحت تتناول الرواية حكاية فتاة ا�سمها «غيثة»
ت�شوّ�ش على م�ستقبله الوهمي ..تتخلّى عنه تجد نف�سها ف��ي ال�سجن ب�سبب ف�ضحها
لأنها ت�ؤمن �أن الجرح ال يخون. للف�ساد .وه��ي تعمل بجريدة «الفيترينا»،
تخرج من معتقلها �إل��ى معتقل الحياة وب�سبب جر�أتها الفا�ضحة لل�سيد «�سيدا»
�ستزج ف��ي ال�سجن ،ليتخلى عنها زوجها
ل�ت��واك��ب ان�ه�ي��ارات ج��دي��دة ،ل�ت��واك��ب حلم
ومحيطها ..ت��خ��رج «غ��ي��ث��ة» م��ن ال�سجن؛
�شقيقها ع��م��ر ف��ي ال��ه��ج��رة �إل����ى ال��دي��ار
ت�ستعيد الما�ضي الكئيب الذي حولّها �إلى
الإيطالية؛ ق�صد ال�ع��ودة ب�سيارة حمراء فتاة �شاحبة وكئيبة ،ت�سكّن جراحها ب�أقرا�ص
تلهب م�شاعر بنات الحيّ ؛ تواكب والدتها تداوي كل �شيء ،يظل جرحها غائرا ع�صيا
وهي تنهار محلّقة في ال�سماء دون عودة؛ ع���ن ال��ف��ه��م ،ت��ن��خ��رط ف���ي ال��م��ج��ت��م��ع من
تعيد ترميم خ�ساراتها� .شقيقها عمر يكتفي جديد ،لتكت�شف الأم��را���ض والأوه��ام التي
باالنتماء �إلى مجموعات المعطلين الذين ل�صقت ب��ه؛ تت�أمل االنتهازية وه��ي تنخر
يطالبون بالعمل ،بينما «غيثة» تعود �إلى �أعماق المجتمع ،تت�أمل الأوهام التي تتحول
الجريدة لكي تفهم �س�ؤاال محوريا :لماذا مع م��رور الوقت �إل��ى حقائق ثابتة ،تت�أمل
تخلت ال �ج��ري��دة عنها وه��ي ف��ي غياهب �أ�سرتها وهي تنهار ،وكيف �أن زوجها تخلّى
المعتقل؟ تكت�شف �أن جريدتها �أ�ضحت في عنها بمجرد ا�ستدعائها لال�ستنطاق ،الزوج
ملكية «ال�سيد ال�سيدا» ال��ذي يطرد �أنفها ال��ذي �آم�ن��ت ببيا�ض قلبه ،لكنه م��ع ذلك
المتل�ص�صة على الروائح .تخرج من �سجنها كانت ت�شك في تلك النقطة ال�سوداء التي
�إلى خالد الذي ي�ستوعب حماقاتها وتهورها، تعمر قلبه ،وتغذّي م�شاعره تجاه القبيلة
خالد يبارك خروجها من ال�سجن ،وي�شرع التي ت�سكنه وت�سكن عائلته .تخلّى عنها لأن
اجلوبة -خريف 1435هـ 82
درا���س��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ات ون��ق��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��د
الطبقات التي تنتج ت�صوّرا خا�صا للوطن ،يتراوح
بين ال��ح��ب واالن��ت��ه��ازي��ة واال���س��ت��غ�لال .و«غيثة»
تمثل �صوت ال��وط��ن المندحر� ،إن�ه��ا تميل �إل��ى
�صنف البطل الإ�شكالي الذي ال ينهزم ،ويتحدى
الإع��اق��ات؛ بينما عمر يمثل � �ص��ورة المجتمع
االنهزامي ال��ذي يبحث عن الحلِّ الأ�سهل؛ �أما
ال�سيد �سيدا ،فهو يمثل الطبقة الفا�سدة التي
ت�ستغل ثروات البالد والعباد ،وكي تحافظ على
مكت�سباتها تقمع كل �صوت قد يف�ضح رائحتها..
�إن ��ه ك��ل ح��دث �أو �شخ�صية ينبني على دالل��ة زهور كرام
�إيحائية احتمالية مفتوحة ،لن تتحقق �إال �إذا قمنا لها قلبه ،كيف تنام فيه عارية؟ لكنها ت�ؤجّ ل كل
ب�إعادة �إنتاج المحكي ال�سردي وفهمه في تعالقه �شيء؛ ت�ؤجل ق��راءة ر�سالته التي يعر�ض فيها
ال�سردي. على عمر �أن ي�شتغل معه في م�شروعه كم�ست�شار
كما لج�أت زهور كرام �إلى �إيقاع �سردي �سريع، قانوني ،حتى تتجاوز الألم ويتجاوز عمر العبث،
بهدف مواكبة التحوالت ال�سريعة التي يعي�شها وجاء خالد حامال معه الب�شارة لعمر ،لكن عمر
المجتمع بطبقاته ،بو�ساطة لغة ت��و ّزع��ت بين هو الآخ��ر حلّق في اتجاه والدته ،مخلّفا وراءه
المخيال الواقعي المبا�شر وال�شاعرية الإيحائية، غبار الك�آبة والأل��م؛ فترحل «غيثة» �إلى قدرها،
مع التنويع في �ضمائر ال�سرد ،وتداخل الأزمنة.. ترحل �إلى مكاتب التحقيقات للت�أكد من تورطها
هي رواية ممتعة ال �شك �أنها �ستخلق الكثير من في موقع �إلكتروني يف�ضح ف�ساد «ال�سيد ال�سيدا»،
الأ�سئلة في وطن الحكاية� ،أق�صد وطننا.. تخرج �سالمة وفي قلبها هدف واحد ..هو ف�ضح
«ال�سيد ال�سيدا» ،تعود �إلى الكتابة ع�شقها الأول
والأخير ،تكتب مقالها «غيثة تقطف القمر»؛ لأن
الوطن لن يعود �إال بالحب.
«غيثة تقطف القمر» ،رواية بمذاق خا�ص ،فقد
كتبت بروية وهدوء ،والقلق الذي تحدثه الرواية
لم يكن قلقا عبثيا بقدر ما هو قلق مخطط له؛
فبقدر ما هي رواي��ة مكثّفة وم��وج��زة من حيث
الم�ساحة الورقية والبنية التركيبية للجملة� ،إال �أن
هذا الإيجاز والتكثيف عمّق �أحا�سي�سنا ،وجعلنا
نعيد فهم الم�سافات الحا�صلة بين الأح��داث،
لنعيد ترتيبها وف��ق وعينا الجمالي والمعرفي؛
رواية تتكلم با�سم الطبقة المتو�سطة� ،أو الطبقة
المتنورة ،ومن خاللها نفهم تمثّل الوطن عند
ال�شعب والنخبة المثقفة والنخبة الفا�سدة ،وهي
اجلوبة -خريف 1435هـ 83
�أوراق الغرفة ()8
�شعرية الت�أمل الوجودي
على �شفير الموت
ه�شام بن�شاوي*
مَن يقر�أ ديوان “�أوراق الغرفة ( ”)8لل�شاعر العربي �أمل دنقل (1983-1940م)،
وهي الغرفة ذاتها التي �أق��ام فيها �أمل دنقل �أكثر من عام ون�صف في معهد الأورام،
�سيلم�س ذل��ك الوعيّ ال�شقي والحاد ل��دى مبدعنا مرهف الإح�سا�س ،وال��ذي يدرك
بحد�سه �أن �أيامه في الدنيا باتت معدودة ،و�سيالحظ هيمنة وطغيان ثيمة الموت،
�إذ تتكرر مفردة الموت وم�شتقاتها كالر�صا�ص ،الدم ،ال�سكين ،التراب ..في الق�صيدة
الواحدة �أكثر من مرة ،وهذا يعزى �إلى الظروف النف�سية لل�شاعر ،وهو ينتظر الموت
كخال�ص من عذابات ال�سرطان الذي نخر ج�سده النحيل� .أمّا ك�شاعر ..فقد انت�صر
على المر�ض الخبيث ،وترك للأجيال هذا الديوان الخالد في القلوب ،و�سيجد القارئ
نف�سه منبهرا ب�صوره ال�شعرية الناب�ضة« :هل �أنا كنت طفال� /..أم �أن الذي كان طفال
�سواي» ،وهو الجنوبي الذي يخ�شى قنينة الخمر والآلة الحا�سبة ،وي�شتهي �أن يالقي
«الحقيقة والأوج��ه الغائبة» ،ولعل «الجنوبي» عك�س بقية ق�صائد الغرفة 8موغلة
في الأ�سى ال�شفيف واالنك�سار النهائي ،ك�أنما ال�شاعر يرفع الراية البي�ضاء ،وينتظر
م�صيره المحتوم في ا�ست�سالم موجع .وعلى الرغم مما قيل عن �أم��ل دنقل ،ونعته
بال�شاعر ال�صعلوك ،فقد بقي وفيا لق�ضية �شعبه ،للب�سطاء الذين كان واحدا منهم،
عميق االرت�ب��اط بوعي القارئ ووج��دان��ه ،كما ت�شي بذلك ق�صائده ال�لاذع��ة ،عفوية
التعبير ،من دون التواري خلف بهرجة اللفظ ،وتزييف الحقائق ،كما يفعل الكتبة
والمت�شاعرون.
�أرب��ط��ة ال�شا�ش والقطن ،قر�ص المنوّم، في ق�صيدة «�ضد من؟ » ..على ال�سرير
�أنبوبة الم�صل ،كوب اللبن« ،كل هذا ي�شيع الأبي�ض ،يبدو لل�شاعر اللون الأبي�ض -رغم
بقلبي الوهن /كل ه��ذا البيا�ض يذكرني نقائه وطهارته -معادال جماليا للفناء؛
بالكفن /فلماذا �إذا مت /..ي�أتي المعزون فكل ���ش��يء ف��ي الغرفة ي��ذكّ��ره بالكفن..
مت�شحين /ب�شارات لون الحداد؟ ». نقاب الأطباء ،ولون المعاطف ،المالءات،
اجلوبة -خريف 1435هـ 84
درا���س��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ات ون��ق��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��د
يتلقى النفايات تلو النفايات من دون كلل ،وال في «زهور» يكتب دنقل برهافة �شاعر ،خبر
يحب المطر ،وال �أن يتطهر بــ«الرقة الفاتنة». تروي�ض خيول اللغة ،و�صار ال�شعر بالن�سبة �إليه
دي�سمبر� ،إن��ه �شهر ال��وداع والرحيل ،ويثير في «ال��ف��رح المختل�س» ،يلتقط ك��ل م��ا ه��و من�سي
النف�س �شجنا و�أ���س��ى غام�ضا ل��دى الأ�سوياء، ومهمّ�ش في حياتنا اليومية ..كتب عن الزهور
بالأحرى �شاعر عليل يترقب لحظاته الأخيرة. التي تجود ب�أنفا�سها الأخيرة ،ما «بين �إغفاءة
هذا الموت الذي ال يحبّ الب�ساتين ،وال ف�صل و�إف��اق��ة» ،وي�ستح�ضر رحلة ال�م��وت ،التي تبد�أ
الربيع ..هو �صديق للخريف والنهايات وذبول بلحظة قطفها/ق�صفها ،وانتزاعها من عر�ش
الأوراق وال �غ �ب��ار وت �ع � ّف��ن ال �ث �م��ار وال��ج��دران جمالها ،وتحويلها �إل��ى مجرد �شيء للزينة،
المت�آكلة� ..إنه مثل ف�صل الخريف ،الذي ال يحبه يخ�ضع لمنطق البيع وال�شراء في زم��ن تعليب
�أحد ،لأنه مرادف للموت. وت�سليع كل �شيء.
ومن ق�صائد الديوان الجارحة بمتقابالتها �أم���ا «ال�����س��ري��ر» :ف��رغ��م �أن ه��ذا الجماد
و�أ�ضدادها «الطيور»� ،إذ يقارن بين الطيور التي (ال�سرير) جرّده من �إن�سانيته ،من هويته و�صار
ال تغادر علياءها ،وال ت�ستكين للنا�س ،بعك�س �شاعرنا مجرد رقم ،وبيانات على ورق �صقيل
ال��دواج��ن ال�ت��ي تق�أقئ ح��ول الطعام المتاح، معلّق على واجهة ال�سرير ،لكن �أمل دنقل ي�ؤن�سن
وتنتظر «�سكينة الذبح» من اليد الآدمية التي ه��ذا ال�سرير� ،إن��ه كبقية الأ� �س �رّة ،ال ي�ستريح
تهب القمح ،و«تعرف كيف ت�سنّ ال�سالح» �أي�ضا. لج�سد حتى ي�ألفه� ،إذ �سرعان م��ا ي�غ��ادر من
الطيور الأولى ال تحتوي الأر�ض جثمانها �إال ينام فوقه ،باالنغما�س في نهر الحياة ،و�صخب
عند اال�ستقرار النهائي ،مع ال�سقوط الأخير، اليوميّ �أو ينحدر جهة القبر ،هما طريقان ال
وك ��أنَّ ال��دواج��ن علمت �سلفا �أن «عمر الجناح ثالث لهما.
ق�صير .»..هي ر�ؤية للموت من خالل التحليق/ في «دي�سمبر» ي�شبّه ال�شاعر الموت بطائر
الحياة /االن��دف��اع ،وك ��أن ال�شاعر تلب�سته روح ال � ��رخّ ،ال� ��ذي ت �ه��دي��ه ال��راه��ب��ات ال �ت��واب �ي��ت،
المعرّي في هذا الن�ص. و«المبادلة الخائبة» ،يحب ظلمة العدم الآ�سنة،
اجلوبة -خريف 1435هـ 85
الأر�� ��ض .ن�صبح �أغ��رب��ة ف��ي ال�ت��آب�ي�ـ��ن /ننعي
زه��ور الب�ساتين» ،وال ي��ق��ر�أون من ال�صفحات
الأولى للجرائد غير العناوين ،ثم تغو�ص الأعين
ف��ي ال�صفحات م��ا ق�ب��ل الأخ��ي��رة ،م�ستعيدة
�أل�ف��ة الأ� �ص��دق��اء ،وذك��رى ال��وج��وه ،والحيوية،
والده�شة ...والبيا�ض الوحيد المرتجى ،الذي
يتوحدون فيه هو «بيا�ض الكفن».
جدير بالذكر �أن �شاعرنا كان �ضد التطبيع
مع الكيان ال�صهيوني ،وق�صيدته ال�شهيرة «ال
ت�صالح» خير دليل �إدان���ة ،وك��ذل��ك ق�صيدته
التي هجا فيها الهوان العربي والإح�سا�س العام
باالنك�سار «البكاء بين ي��دي زرق��اء اليمامة».
فقد كانت ق�ضيته الأولى والأخيرة هي الحرية،
فعا�ش عا�شقا لها ،ممتلئا بحب الحياة وال�شعر.
ك��ان يقا�سم �أ� �ص��دق��اءه غرفاتهم و�أ�سرتهم «ال��خ��ي��ول» :ك��ان��ت ب��ريّ��ة طليقة ،و���ص��ارت
ورغيف خبزهم وكتبهم ،كان «ينتمي �إلى الريح ل�ل��ره��ان ،ال���س�ب��اق��ات ،ال�م��رك�ب��ات ال�سياحية،
واال�ضطراب» ،بتعبير زوجته الكاتبة والناقدة والتقاط ال�صور..
عبلة الرويني ،كان «تاريخ الأر�صفة هو تاريخه و«ف��ي بكائية ل�صقر قري�ش» يت�ساءل �أم��ل:
ال�شخ�صي». «فمتى يقبل موتي /قبل �أن �أ�صبح مثل ال�صقر/
ع��ا���ش �أم���ل دن��ق��ل وت���ش�رّد م��ن �أج��ل الحب �صقرا م�ستباحا؟!».
والحرية والكرامة ،ول��م يبال بحطام الدنيا، في قالت امر�أة في المدينة« :كتب عن جيل
ونختم هذه القراءة المتوا�ضعة ب�شهادة رفيقة الإحباط والخيبة ،والقد�س التي لم ُت َر �إال في
دربه ،وهي غنية عن التعليق« :يوم ال�سبت 21 ال�صور ،والمعتقلين ال�سيا�سيين الذين يحفرون
�أي��ار 1983م �س�ألته :هل �أن��ت حزين؟ ف�أ�شار �أ��س�م��اءه��م ب��أظ��اف��ره��م على ج ��دران ال��زن��ازن
وه��و عاجز عن الكالم تماما ب ��أن :نعم .وفي المعتمة ،و«ال�����ص��ور المنزلية لل�شهداء» التي
الثالثة �صباحا ح��اول ن��زع حقنة الغلوكوز من يعلوها الغبار ،وال �أحد يُلبّي نداء القد�س ال�سليبة
يده .رف�ضت الممر�ضة و�شقيقه نزعها ،فنظر غير �صورة الجد و�سيفه ال�صدئ المعلقين على
�إليّ وكانت عيناه تطلبان مني الراحة ،فنزعت ال�ج��دار ،وه��و الم�شهد نف�سه ال��ذي ا�سته ّل به
الحقنة من يده� .أغم�ض عينيه في هدوء ودخل الق�صيدة.
في غيبوبة �أخيرة ،لقد كان وجهه هادئا وهم في ق�صيدته «�إلى محمود ح�سن �إ�سماعيل»
يغلقون عينيه ،وكان هدوئي م�ستحيال و�أنا �أفتح ي�ستح�ضر وج��وه الغائبين ،و�ألفة الوطن التي
عيني». ت��رح��ل م��ن ال�ع�ي��ن ،واالغ� �ت ��راب« :ن�ت�غ��رب في
* كاتب من المغرب.
اجلوبة -خريف 1435هـ 86
درا���س��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ات ون��ق��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��د
الذي ي�ستقرىء الإن�سان ال بد و�أن يغت�سل فهل ح�ي��اة ال�شعراء حلم ��ض��ارب في
ف��ي نهر الجنون ح � َّد الك�شف ،وف��ي نهر ال �خ �ي��ال؟ �أم خ �ي��ال ال �� �ش �ع��راء ب�صيرة
الحكمة ح � َّد ال�صمت ،لت�ستوي ر�ؤاه في ت�ستقرىء المجهول وت�ستنبت الحكمة من
كثافة اللغة الغائبة في معناها والحا�ضرة قلق العتمة؟
في مبناها؛ ال لتر�سخ المبنى دون المعنى، ال �شك �إن ال�س�ؤال الذي �سلكه الدكتور
و�إنما لت�شير بالمبنى �إلى �أ�سرار المعنى. عبد ال�ع��زي��ز المقالح ف��ي مقدمة كتاب
“بيت وفكرة”“ :هل ه��و زم��ن للحكمة
وم��ن هنا ،فالحكمة في ال�شعر لي�ست �أم زم��ن للجنون؟ ” ي�ضعنا على حافة
ه��رب��ا م��ن ال�لاوع��ي ال�شعري �إل��ى الوعي ال�ق�ل��ق ال��وج��ودي ل�ل�إن���س��ان ال ��ذي �أرب�ك��ه
العقلي ،و�إنما هي ا�ستدراج لقلق الكائن الرك�ض حير ًة بين الحكمة والجنون ،وبين ُ
�إل��ى ب�صيرة ال�شاعر؛ وهي �أ�شبه بفاكهة الحافتين؛ حافة الحكمة ،وحافة الجنون
المجهول ال�ت��ي يبدعها القلق كما يرى ينتبه ال�شعر لي�ستدرج الجنون �إلى الحكمة
ال�شاعر �سليمان العي�سى: وي�ستقرئ الحكمة في الجنون ،لأن ال�شعر
اجلوبة -خريف 1435هـ 87
الإن�ساني �أ�صداء ال�سيرة الذاتية لنجيب محفوظ فاكهة المجهول
في هذا التعالق بين الذات والن�ص ،بين ال�صدى ال يزرعها في الأر�ض
والمعنى ،بين ال�شاعر والحياة؛ �إال �أن ال�شاعر ال يبدعها �سوى القلق� .ص 213
العي�سى ا�ستدرج ه��ذه الأ� �ص��داء م��ن �أزمنتها
المختلفة التي �أن�شئت خاللها ليذر�أها في كتاب ومن ثَمَّ ،هي لحظة احتكاك الوعي بالالوعي،
واح��د ،ولم تكن �أ�صداء من�ش�أة لذاتها ،و�إنما العقل بالجنون ،ما يجعل عتمة الذات في لحظة
بب�صيرة ال��ذات لذاتها؛ حيث ت�ستوي �أحالمه �إ�شراق ت�ضيء الفكرة بالحلم والحلم بالفكرة؛
و�آالمه وقلقه و�أ�سراره و�أ�سئلته ور�ؤياه عبر �أبيات لي�صبح الجنون ب��دء الحكمة ،والحكمة ثمرة
جمعها حلم ال�شاعر في الحرية في الحياة في ارتجاج الروح على �أر�ض من القلق:
البحث عن ن�شيد للإن�سانية ،حيث /قمة الحلم خذني �إلى ال�صهيل
�أن تكون ن�شيدا� /ص 97لأن ال �شيء ي�ستوي في خذني �إلى الجنون
الوجود �إال عبر هذا الحلم:
يا �سيد الحكمة
ما العمر بدء الحكمة الجنون� .ص 202
لذلك عندما يخت�صر ال�شاعر تجربته ب�أبيات ما التاريخ
مختارة ا�ستلها من �أعماله الكاملة ،فهو يعيد ما الدنيا
�إنتاجها في المعنى ،والمبنى ،والر�ؤيا؛ �أي يعيد بال قيثارة حلم� .ص 99
وم��ن َث��مَّ ،ينه�ض ال�شعر ف��ي حلم ال�شاعر لحظة االحتكاك بين الوعي والالوعي بين العقل
ليو�سّ ع الحياة ،ويو�سّ ع الوجود ،ويو�سّ ع الر�ؤيا والجنون ،ليعيد ا�ستنباتها في زم��ن مختلف،
ال�شعرية التي �أن�شيء عليها ،ورفع قواعد روحه ويعيد ا�ستب�صار ر�ؤاه ��ا وكثافتها ف��ي ال��ر�ؤي��ة
عليها: ال�شعرية؛ ف� ��إذا بالتجربة ال�شعرية ت�ستنبت
في مرايا ال��ذات ،وت�ستدرج �إل��ى مقام الك�شف
ما �أ�ضيق الدنيا �إذا جردت لي�ضعنا ال�شاعر �أمام مراياه ور�ؤياه وجها لوجه،
من خلجات ال�شعر وال�شاعر� .ص 32 لنقر�أ الذات عبر تحوّالتها في الوجود ق�صيدة
ناه�ضة من �صدى المعنى في النف�س ،ومن قلق
ذلك لأن ال�شعراء الذين يتحدثون على عتبة
النف�س في الحرف ،وك�أن بال�شاعر �أراد �أن يكتب
الوجود ،كما يرى با�شالر ،وهم الذين ي�صنعون
�سيرته عبر ت�أويل مختلف ،وعبر التوقف عند
ه��ذا ال��وج��ود ب��أح�لام�ه��م ،كما ي��رى ال�شاعر
انبثاقات ه��ذه الأب�ي��ات التي اغت�سلت في نهر
�سليمان العي�سى:
الحكمة والجنون ،حكمة التجربة وجنون ال�شعر
نحن هذا الحلم المجهد لت�صبح �صدى للروح الطافحة بالحلم ،وهي
رواد ال�سماء ت�ستدرج كثافة الزمن �إلى كثافة اللغة ،وكثافة
ملحي بحار ال�شوقنحن اّ اللغة �إل��ى كثافة المعنى؛ لأن��ه �أراد م��ن هذه
المختارات التي امتدت على مدى ت�سع وع�شرين
نحن ال�شعراء� .ص 118 مجموعة �أن تكون �أ�صداء لروحه في الق�صيدة،
ولعل ما يميز هذه المختارات ال�شعرية التي لتقارب في كثافتيها الر�ؤيوية وال�شعرية وعمقها
اجلوبة -خريف 1435هـ 88
درا���س��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ات ون��ق��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��د
ارتدت ثوب الحكمة ال�شعرية المعا�صرة ،ذلك يحلو ن�شيد الحب حيث
االن�سجام الذي ت�ستوي فيه الذات بالعالَم؛ فهي �أكون حرا في غنائي� .ص 48
ت�ضع القارئ �أم��ام م�سيرة لم يغادرها الحلم
غنى للطفولة ،وللحياة ،وللإن�سانية: لحظة �شعرية ،ول��م يخفت بريق ال�سر فيها.
كل م�صلوب على الرمل رفيقي فال�شاعر �سليمان العي�سى ،وكما هو معروف عنه،
كل محروم على الأر�ض �شقيقي� .ص 91 لم يتخلَّ عن �أحالمه ،رغم كل االنك�سارات التي
لتبقى �أغانية تنب�ض بالحياة بقدر ما فيها من �صدعت روحه ،ورغم كل الهزائم التي منيت به
�إخال�ص للكلمة ،و�إخال�ص للتجربة ،و�إخال�ص �أمته ،ليبقى متما�سكا حالما �شاعرا ي�ستب�صر
للذات؛ لأن ال�شعراء ي�شتعلون كي تتنف�س الدنيا الم�ستقبل؛ لأنه ال ي�ستطيع �أن يرى عالما من دون
بعطرها المختلف ،وت�أتلف بوجودها البكر: حب ،ومن دون �شعر ،ومن دون �أطفال:
ان َتقَلَ خطو ًة للأمام.. ما هو جَ ديد َُك؟؟ �س�ؤا ٌل قَمي ٌء يَكرَهُ هُ ..لأنه
-ل�ي����س م �ه �م � ًا �أن �أع� � ��رِ َف ال���س�ب��ب.. ال يعرف له جواباً!
فكَّر مل َّي ًا عَ َّل ُه يج ُد تف�سير ًا منطقي ًا لِما َي ُم ُّر و“عُ مرينُه” ما بَطُ لَ العَجَ ب!..
�أن��ا �أح�ت��اجُ ِل�ح��لٍّ � ..أري � ُد �أن �أع��و َد لِلكتابة.. بِه..هل هو تمرد ال �شعوري على كلمات بالكاد
ولي�س �أيّ كتابة!
َ ُت ِقمْنَ �أَ َودَه!
�أمْ هو َت � َر ُّي��ثٌ قَ�سري و�سط ُرك��ام الكلمات
وجدتها..
المنزلقة ب�سماجة على الأ�سطح الح�سا�سة..
ف��ي ك��لِّ ي��ومٍ ح�ك��اي��ة ..نعم �س�أكتب ف��ي ُك��لِّ زرق��اء وخ�ضراء ،تغريدات وعبارات وثرثرات
ي ��ومٍ ح �ك��اي �ةً“ ..هِ يك خَ اوة”! ��س��أك� ُت��ب ،لن ت���وزع ب��ال�م�ج��ان ف��ي ك��ل م �ك��ان ت �ط ��أه عيناك
يُهمَّني �أعجبني ما كتبتُ �أمْ لَمْ يعجبني ..عَ لَيَّ الجافتان من ق��راءة �أ�شياء كثيرة ال تعرف لها
ِبع�ض تمارينِ الإحما ِء قبل �أن تعو َد لي لياقتي ب ِ نف�س �أم �سواه!
ر�أ�سا من ق��دم ،هل هي حديث ٍ
الإبداعية.. حكمة هرمة� ،أم ق�صيدة� ،أم ن�صيحة �أم مقال
هكذا دونَ عميقِ تَفكير ،و« ِبتَناحَ ة» منقطعة �أم عظة ،كلمات وكلمات وكلمات في كل مكان.
�أ�صبحت الكتابة �أ�سهل م��ن ت�ن��اول رقائق النظير؛ فتح جهاز «ال�لاب ت��وب» الخا�ص به،
«ال�شيب�س» ،و�أ�صعب من �إدخ��ال بهجة حقيقية �أن�ش�أ «فولدراً» جديد ًا �أ�سماه (كل يوم حكاية)..
ثم َت �ر ََك �أ�صا ِب َع ُه تَن ُق ُر َوج�� َه «الكيبورد».. على قلب يتيم!
ربما ال يتجاوز الأمر ب ُرمَّته حالة ك�سلٍ كانت و�شَ َفتَي ِه ُتتَمتِم ب�أِولى ال َكلِمات :مط ٌر في غَ يرِ
عابرة ..قبل �أن ت�ستطيب الإقامة في ظلِّ وِحدَ تِه! �أَوا ِن ِه على زَهرٍ يُحب ُِط ال َّثمَر..
* كاتبة وقا�صة من الأردن.
َك ْل َب َن ٌة
■ حممد مباركي*
يلتقي ال�����سُّ �� ّي��ا ُح م��ن جن�سيات مختلفة ف��ي م��دي��ن��ة �ساحلية جميلة م��ن وط��ن��ي،
لال�ستمتاع بحمّامات ال�شّ م�س وال�سّ هر في ال�سّ احات ،حيث تقا ُم مهرجانات المو�سيقى
الفولكلورية .ي�أتي ه���ؤالء �صحبة كالبهم المدلّلة .ي�شاركونها الم�أك َل والم�شربَ
والأ�سرّة ،ما كان يغيظ مُديري الفنادق والإقامات ومُ�سْ تخدميها ،لكنّهم كانوا يُدارو َن
َغيْظ ُه ْم باالبت�سامات وعباراتِ التّرحيبِ بال�سّ يّاح وكالبهم.
الوجه الخفيّ للمدينة الجميلة .مكّـنتها كانت �أغ �ل��بُ ال�سّ ائحاتِ ُت�ـ�ن��ادي على
هذه الجولة البطيئة من م�شاهدة مظاهر كالبها كما تنادي الأمهاتُ على �أبنائها.
الفقر المدقع الباعث على التّقزّز .كانت ومِ نهنّ �سيد ٌة �أوربية ،ا�صطحبتْ معها كلبا
تخاطب كلبها بين الحين والآخر قائلة: من نوع «الكاني�ش» ا�سمه�« سو�سو» .تحمله
-اُنظ ْر هناك يا «�سو�سو» .اُنظ ْر هناك!! بين ذراعيها حيثما حلّت ،بعد �أن تنظّ فه
لكن الكلب ك��ان مُت�ضايقا من �سيّدته وتم�شط �شعره وتحوّله �إلى دمية متحركة
ومن عنايتها الكبيرة به ،والتي جعلته ي�شعر لتباهي به ال�سّ ائحات الأخ��ري��ات .ركبتْ
بالأ�سر الدّائم .لم تكن تتركه لحظة واحدة مَ ّرةً� صحبة كلبها عربة «كوت�شي» يجرّها
يُناجي فيها نف�سَ ه ويُحدّثها .كره �أن تناديه ح�صا ٌن بربريٌ ق��ويٌ .و�أم��رتِ ال�سائقَ �أنّ
بعبارة�« سو�سو ابني العزيز» .رف�ض �أن اكت�شاف
َ يتجوّل بها في الأط��راف� .أرادت
اجلوبة -خريف 1435هـ 91
ال�ضالة من �س�ؤاله ،ور ّد عليه
�ضحكت الكالب ّ يكون�« آدميا» كما �أرادت �سيّدته� .أراد �أن يكون
كبيرها« :هي رائحة البراغيث والتّراب .نحن كلبا يتمتّع بكامل «كَـ ْل َب َن ِتهِ» .حاول �إفهامها ذلك
ال نَ�ستح ُّم مثلكم .نحن ن�ستحمّ ُم ْكرَهينَ تحت وع�ض الأطفال والعجائز .وحاول بع�ض بالنّباح ّ
المطر». معارفها �إقناعها بـ «كَـ ْلبَنة» «�سو�سو» ،لكنّها كانت
ترف�ض ذلك وتر ّد عليهم بعناد« :هو كلبي وابني
وتنبّهت الكالب �إلى تلك القِال َد ِة المُذهّ ب ِة العزيز».
التي تُطَ ِوّقُ عُ نُقَ «الكاني�ش» .و�س�أله جَ �� ْروٌ« :ما
في تلك الجولة ،راق للكلب «�سو�سو» منظر
هذه القالدة التي حول عنقك؟».
ال�ضالة� .شاهدها تنبحُ وتتهار�ش ،فتمنى
الكالب ّ
«الكاني�ش» بعمقٍ واغْ ��� َر ْو َر َق ��تْ عينا ُه
ُ تَنهّدَ و�صرَخَ في
لو كان معها ينبح ويتهار�ش هو الآخرَ .
ب�صوت مخنوقٍ « :هذه القالدة هي ٍ بالدّمو ِع و َر ّد داخله �صرخ ًة مدويةً:
«ي��ا ع��ال��م!! ه��ذه ه��ي ال �ك�لابٌ الحقيقيةٌ .القيد ال�سّ الِبَ لحُ رِ يَتي المهدورة».
�س�أله الجَ ْر ُو ثانية« :هل �أنت عب ٌد مملوكٌ ؟». اُنظروا كيف تتم ّت ُع بحريتها وتعت ّز بـ « َك ْل َب َنتِها».
كم هي جميلة ورائعة ٌ!!».
ر ّد الكاني�ش َر ّد ًا حَ ��زي�ن�اً�« :أج ��لْ � ،أن��ا عب ٌد
غ��اف��لَ �سيّدت ُه ف��ي �صبيحة ال�ي��وم الموالي مملوكٌ ».
وهرب من الفندق ،واتّجه �إلى هوام�ش المدينة،
نظر ال��جَ �� ْر ُو �إل��ى رف��اق��ه وق���ال�« :إ ّن �ن��ا ننعمُ حيث ر�أى تلك الكالب .وقف مُتوجّ �سا يُراقبها،
وهي منهمكة في اللّعب� ..شاهدته ،فجرتْ �إليه بالحرّية وال نَ�شعر يا رفاق!
لحظتها� ،سَ مِ عَتِ الكالبُ جـَ َل َب ًة من ورائها، وتَحَ ّلقَتْ حوله .ت�شمّمتـ ُه وعط�ستْ ب�شدّة� .س�أله
ففرّت مُردّدة« :الهروب .الهروب». كبيرها« :مَ ن �أنت؟ ».
ا�سْ تنفرتْ ال�سيّدة الأوربية ك ّل مُ�سْ تَخْ دِ مي ر ّد «الكاني�ش» با�سما في �أدب�« :أنا �سو�سو».
ال�ف�ن��دق -ب�م��ا فيهم ال�م��دي��ر -للبحثِ عن ال�ضالُ �إلى رِفاق ِه وقال�« :إنّه كلب
نظر الكلبُ ّ
كلبها .وخَ ّ�ص َ�صتْ لمنْ يَعث ُر عليه مكاف�أ ًة مالية �سائح».
ُمغْرِ يَة .وحين عُ ِث َر عليه وجيء به �إليهاَ ،وبَّخَ ْت ُه وعاد ي�س�أله« :ما هذه الرّائحة الطّ يبة التي
و َربَطَ ْتهُ ب�سل�سل ٍة في �شرف ِة غُ رفتِها بالفندق. تفوح منك؟».
ال�ضالة الهائمة في منها كان يُراقبُ الكالبَ ّ غ�ضن «الكاني�ش» مالمح وجهه وردّ« :هي ّ
وَ�سَ ِط المدين ِة م�سا ًء ويبادلها النُّباحَ و ُي َل ِوّحُ لها رائحة عطر خا�ص بالآدميين ،و�أنا �أكرهها� .أنا
غياب
بقائمتيه ،مُماِر�سا جزء ًا من «كـَ ْل َبنَتهِ» في ِ �أح��بُ الرّائحة التي تفوح منكم .من �أي��ن لكم
�سَ يّدته. بها؟.
* قا�ص من المغرب.
اجلوبة -خريف 1435هـ 92
ق�����������������ص�����������������ص ق�����������������ص����ي���رة
الدب
القطرة التي �سقطت على وجه ّ
■ علي عطار*
ألق ع�صاك
� ِ
■ مي�سون طه النوباين*
أم�س
و اقر�أ عينيَّ �إذا رحل ال ُ �أدرِكني الآ َن
اجلوبة -خريف 1435هـ 97
�ألقِ ع�صاكَ لتلقف تخط تعاريج القهوة
هذا البركانْ �إذ جل�ست عرافتنا تت�أمل ما هو �آتْ
وا�صنع من فوَّه ِة الموتِ ***
قرابينَ و�شط�آنْ خبِّئني بين ذراعيكَ
و �أعِ ْد لل�شجر الأخ�ض ِر ب�سمتنا �إذا ما لمع البرقْ
ج ِّر ْد هذا ال�صب َح من العتمة و ا�س ُت ْر عور َة هذا الليل
و ا�شربْ من �شفة الفج ِر �ضيا ًء ما زال الزنبقُ في حجرتنا
ال�شم�س
ْ يوقظ دوا َر يترقَّبُ م�شيتنا
و ام�سح عن خد النور ُدق
يرك�ض كالأطفال �إذا البابُ ي ّْ
أم�س
دموع ال ْ
***
***
ف ّتـ ِْ�ش عن �أزمن ٍة �أخرى
أر�ض
م�شّ ْط �شعر ال ِّ ي�سقط فيها لون ال�صفرة في دمنا
ُ ال
و ر َّد �أنوثتها فيهدُّ ندانا
�شم�س من رحم الأحجا ْر كي تول َد ٌ ال يحم ُّر الإ�سفلتُ
و تعو َد الري ُح تداعبُ وجنتَها فيقطفُ زه َر خطانا
ِي�ض الزهر على الأ�شجا ْر تنثر ب َ
***
فيحلقُ ع�صفو ٌر بين الأغ�صانْ
يبني من عيدان الزنبقِ عُ�ش ْه �أمطِ ْر بالخ�ضرة هذا الدربْ
يهم�س في �أذن الأر�ض ن�شيدا ُ و تمهَّلْ
فيواري �سو�أتها كي ال ت�سقيَ برعم َة ال�صبا ِر
و يكحّ ُل عينيها بالور ْد فينبتَ بين �شفاهي
ينق�ش فوق يديها الحنا َء ُ من غيرك يجت ُّر الألوان من الأر�ض؟
و يغمرها بال�شه ْد �أحم ُر
أبي�ض
تلب�س ثوبا � َ أبي�ض
� ُ
ال يعرف طعم البر ْد �أخ�ضرُ..........
أر�ض بغاباتِ اللو ِز فيت َّو ُج ر� َأ�س ال ِ فتعو ُد بال ذنبْ
و �ألوانٍ تر�س ُم ب�سمتنا ***
عنف ال�سنين
■ عبداهلل احمد الأ�سمري*
�سنة �أولى
■ م�سفر الغامدي*
* �شاعر من ال�سعودية.
اجلوبة -خريف 1435هـ 101
عناق �أخير
والتفّت ال�ساق بال�ساق في ٍ
■ رامي هالل*
ن�صان �شعريان
■ حممد حبيبي*
* �شاعر من ال�سعودية.
اجلوبة -خريف 1435هـ 105
في رثاء ناهد المانع
ْ
عادت �شهيدة علمها للدار
■ د .ن�سرين بنت ثاين احلميد*
وهل للج ِّد عندَكِ محْ مَل ها هيَ قد ي ّممَت �إليكِ الرّكاب
�أحبّكِ �أكث ُر من عبث المت�سكّعين فال تُطيلي الغياب ..
و �أكث ُر من رقَ�صَ اتِ الثمّل و ال تُ�شْ هري على نا�صيَتي
وجدْتُ فيكِ جمالُ الرّوح �سيفَ العتاب
و حينَ لددْتُ للخِ ْل َق ِة � إذ بها �أجمل بعدكِ قد �أ�صبَحتُ هُ وَي�ساً
كفيل�سوف يعبثُ بحروفه ٍ �أحبّكِ �أ�شْ كو للجرا ِد عن م�ساوئِ ال ّنمْلة
م�صرَفي ال يقْبل غيركِ عمْلة قُبل ُة �شتائي نحْ رُكِ لها ِقبْلة
***
قُبل ُة �شِ تائي نحْ رُكِ لها ِقبْلة
�أنتِ عذرائي �أنتِ �سمائي
***
وحْ دكِ من ي ْهتِكُ �سِ تر كِبريائي
فيكِ �أرى قافي َة ابن قبّاني
يا �أرجوز ِة الف�صولِ الأربعة
فيِك �أراني .. يا حنا َن الثّكلى..
�أراني فيكِ �أناني تموتُ عيْناها من �أجلِ دمْ عة
نك
و هل يجو ُد الحاتميُّ بحُ �سْ ِ �أنت �أ�شعاري� ..أنت �أوتاري
تباً لي ولقريني .. �أنت تحتَ �أنغام النغم «مو�سيقاري»
�إن كا َن لذاكَ الفعل �أغْ واني ال وربّ عينيكِ اللّتينِ �إليْهما ي�أْوي بنو �آدم
�أنت �أجم ُل من �ألفِ ليلة وليْلة ال �أ�صب ُر عنْكِ وهلة
و ع�شِ ْقتُها �إن كُنتِ بينَ �أح�شائِها جُ مْلة قُبل ُة �شتائي نحْ رُكِ لها ِقبْلة
قُبل ُة �شتائي نحْ رُكِ لها ِقبْلة �أحبّك على محملِ الج ِّد
* �شاعر من الجوف.
اجلوبة -خريف 1435هـ 109
كلنا �أحباب …
■ حامد �أبو طلعة*
* �شاعر من ال�سعودية.
الجوبه تلتقي
ال�شاعر م�سفر الغامدي
ي�ستطيع �أن يقنعك بطريقة قد تزرع في بالك الده�شة؛ �شاعراً �أو كاتبَ مقال� ،أوفي مقارباته
النقدية� ،أو حين تجال�سه !..حتماً �أنا �أق�صد ال�شاعر م�سفر الغامدي� ،صاحب المجموعة ال�شعرية
«حيناً من ال�ضوء» ،ال�صادرة عن دار المدى – دم�شق2003 ،م ،وهو يعد ال�ساحة ال�شعرية ب�إ�صدار
مجموعته الجديدة قريباً ،والتي �ستوثّق تميّز تجربته ال�شعرية؛ و�أنا �أثق �أنه يف�شل �أن يكون
محابياً �أو مجامالً ،نعم ،يف�شل! لذا ،تعمدت �أن �أطرح عليه هذا ال�س�ؤال :تطفو على ال�سطح
االتهامات بين الناقد والمبدع ،من مثل« :النقد ال يواكب الحركة الإبداعية»« ،غياب الن�ص
الإبداعي الجاد الذي ي�ستحق �أن يُقر�أ» ،و�أنت بو�صفك �شاعراً هل تن�صف طرفا على الآخر ؟
ف�أجاب« :حتى غياب الن�ص المتجاوز ،المحر�ض على القراءة� ،إذا افتر�ضنا ذلك ،يمكن �أن يكون
محر�ضا على القراءة النقدية ب�شكل �أكبر .م�شكلة النقد لدينا �أنه جبان (مثل ر�أ�س المال) ..ال
يحب اللعب �إال في المناطق الآمنة .يقف عند حدود الروّاد ،عند حدود الن�صو�ص الجاهزة ،وال
يتجاوزها �إال نادرا »..هذه الديباجة قد تقودنا �إلى ف�ضاء �شاعرنا..
التزم الأدب في كل زمان ومكان بدوره الرائد ،كلِ�سان حال مُعبِّر عن دقائق الأحداث
ف��ي ال��ه��م��وم والأف�����راح ،وك���ان بحق م����ر�آ ًة ك��ون�� ّي��ة عُ��ظ��م��ى ,ت��رى الأج��ي��ال م��ن خاللها
ت�شخي�صا �شامال للأحداث المهمة ،ومُتنَّف�سا �صافيا لتبرير المواقف �أو رف�ضها ،في
كل الأحوال.
الأيام دول؛ تارة مع المرء و�أخرى �ضده� .إنها لعبة الحياة وت�صاريف الدهر ،ذلك
ال�سرمدي المجهول المترع ب�صنوف المفاج�آت والتعرّجات ،التي قد تباغت الفتى
فت�صرعه� ..أو ت�أخذ بيده فترفعه .وال ي�سع العاقل والحالة هذه �إال الت�سليم لق�ضاء
اهلل تعالى وقدره ،من دون التوقف عن ال�سعي واالجتهاد ،وليتمثل قول ال�شاعر:
عن «محمد المهلبيّ » الذي انتابه الفقر، دع الأي�����������ام ت���ف���ع���ل م�����ا ت�������ش���اء
وط���ب نف�ساً ب��م��ا ف��ع��ل الق�ضاء بعد ط��ول غنى ،و�شقاء بعد ط��ول م�سرة،
�أثر نكبة �ألمّت به ف��أودت بالزرع وال�ضرع وال ت���ج���زع ل���ح���ادث���ة ال��ل��ي��ال��ي
ف���م���ا ل�����ح�����وادث ال���دن���ي���ا ب��ق��ـ��اء والبناء ،لدرجة لم يُعد يطيق البقاء في
بلده ،فالتحق بقافلة كانت م�سافرة �إلى
�إفريقيا ،وفي الطريق �ضاق �صدره ،وهانت وال ح������زن ي��������دوم وال ����س���رور
وال ب������ؤ������س ع���ل���ي���ك وال رخ�����اء عليه نف�سه ،لكثرة م��ا الق��ى م��ن ن�صب
ال�سفر ،وقلة الزاد وانعدام الراحلة ،فانتبذ �أو قول ال�شاعر:
مكان ًا ق�صي ًا و�أخذ يردد: ج��دي��د ه��مُّ ��ك يبليه الجديدان
�أال م��������وتٌ ُي�����ب�����اع ف����أ����ش���ت���ري���ه ف���ا����ص���ب���ر �إن ال�����ده�����ر ي���وم���ان
ف��ه��ذا ال��ع��ي�����ش م���ا ال خ��ي��ر فيه ي����وم ي�����س��وء ف���ي���ك���ون ،ف��ي��ذه��ب��ه
�أال م����وت ل���ذي���ذ ال��ط��ع��م ي���أت��ي ي������وم ي�������س���ر ،وك������ل زائ��������ل ف���ان
يخل�صني م��ن ال��و���ض��ع الكريه ومن م�أثور القول في هذا ال�صدد ،ما
�إذا �أب�������ص���رت ق���ب���راً م���ن بعيد �أتت به كنوز الحكمة والأمثال ،فيقال�( :إن
وددت ل�������و �أن �أك�������������ون ف���ي���ه العطاء قد يكون في المنع ..و�إن وراء كل
�أال رح���م ال��مُ��ه��ي��م��ن ن��ف�����س حر محنة منحة).
ت�������ص��� َّد َق ب���ال���وف���اة ع���ل���ى �أخ���ي���ه ويح�ضرني ف��ي ه��ذا ال�م�ق��ام م��ا رُويَ
اجلوبة -خريف 1435هـ 125
-٣- ف�سمعه رفيق له في القافلة كان يراقبه ،فرثى
وقريب ًا من ذلك ما يروى عن معن بن زائدة، لحاله ،ومنحه بع�ض ال��زاد ،ونقده مئة درهم،
الذي كان �أحد وزراء الأمويين في �آخر عهدهم، كي يتجّ ر بها.
ولما زال��ت دولتهم وح��لَّ محلهم العبا�سيون، -٢-
وتم ُّر الأي��ام تترى ،يعتني المهلب خاللها �أخ��ذوا يالحقونه وجَ �دّوا في طلبه ،لكنه �أفلت
بنف�سه ويجتهد بعلمه وعمله ،ففتح اهلل عليه منهم ب ��أع �ج��وب��ة ..ع�ن��دم��ا تنكب ال�صحراء
الكثير من �أب��واب الفالح ،وترقّى في المراتب وتال�شى في مجاهلها ،ي�ضرب في عبابها ليل
نهار ،يرعى الما�شية ويخالط الرعاة ،وال يح�صل حتى �أ�صبح وزير ًا لأحد والة زمانه.
�إال على القليل من غثّ الطعام ،ويلب�س الخ�شن
ولما كان �ش�أن الأيام التقلب� ،ضاقت الحال من الثياب ،بعد ذلك العز وال�سلطان الذي ولّى.
ب�صاحبه الذي �ساعده وهم في القافلة ،فق�صد
وذات يوم خرج الخليفة المن�صور في رحلة بابه ،ولما لم يوفق بالدخول �إليه� ،أر�سل �إلى
�صيد �إلى ال�صحراء ،وت�شاء ال�صدف �أن يكون المهلبي مع �أحد �أعوانه �صحيفة كتب عليها:
معن ف��ي تلك ال�م�ف��ازة القفر ،عندما �شاهد
���ش��رذم��ة م��ن ���ش��ذّاذ الآف����اق ،تتعر�ض لموكب �أال ق������ل ل�����ل�����وزي�����ر ف�����دت�����ه ن��ف�����س��ي
م��������ذك��������راً �إي��������������اه م�������ا ق�������د ن�������س���ي���ه الخليفة ،وتُ�ضيِّق الخناق عليه ..حتى �أ�شرف
ه��و وم��ن معه على ه�لاك محقق ،فيهبُّ معن �أت�����ذك�����ر �إذ ت����ق����ول ل�����ض��ن��ك ع��ي�����ش
�أال م������������وت ي�������ب�������اع ف����ا�����ش����ت����ري����ه لنجدتهم ك�أنه الإع�صار ،ي�ضرب في وجوههم
وم��ا ك��اد المهلب ي�ق��ر�أ ال��رق�ع��ة ،حتى �أم��ر حتى فرق جمعهم ونجا المن�صور ،الذي التفت
ب�إدخاله ف��وراً ،ومنحـه �سبعة �آالف دره��م ،مع �إليه وقال:
ويحك مَ ن �أنت؟ فك�شف عن وجهه وقال: االعتذار �إليـــــه ،و�أخذ يتلو قول اهلل تعـــالى:
�أنا طُ لبتك معن بن زائ��دة ..ف�سُ َّر به وقدّمه }مثل الذين يُنفقون �أموالَهم في �سبيل اهلل
ك َمثَلِ ح َّب ٍة �أنبتت �سبع �سنابل ،في كل �سنبلة مائة وكرّمه ،ثم اّوله على اليمن.
وه�ك��ذا ت�ح�وّل معن بين ليلة و�ضحاها من حبة واهلل يُ�ضاعف لمن ي�شاء واهلل وا�س ٌع عليم{
راعٍ نكرة� ،إلى �أمير تُ�شد �إليه الرحال وتتحدث (البقرة.)261 :
وهذه الق�صة بما فيها من عبر ،تذكّرنا بقول بحديثه ال��رك�ب��ان ،وك� ��أنَّ ال�شاعر ك��ان يرقبه
عندما قال: ال�شاعر:
ع���������س����ر وف����������رج ي�������أت������ي ب����ه����م����ا اهلل ل����ك����ل �����ض����ي����ق م������ن الأم�������������ور ���س��ع��ة
ل������ه ك������ل ي�������وم ف������ي خ���ل���ي���ق���ت���ه �أم������ر وال����ل����ي����ل وال�������ص���ب���ح ال ب����ق����اء م��ع��ه
�إذا الح ع�������س���ر ف�����ارت�����ج�����ا ل��ي�����س��ر ال ت��ب��خ�����س��نَّ قَ��������� ْد َر ال���ف���ق���ي���ر ع�� َّل��ك
ب����ع����ده� ،إن ال��ع�����س��ر ي��ت��ب��ع��ه ال��ي�����س��ر ت���ل���ق���ا ُه ي����وم����اً وال�����ده�����ر ق����د رف��ع��ه
126اجلوبة -خريف 1435هـ
ن����������������������������������������������واف����������������������������������������������ذ
ث��م ان ��زوى مهموم ًا ف��ي ق��اع ال�ج��ب ،يعاني -٤-
و�أب�ل��غ من ه��ذه وتلك ،ما ورد عن يعقوب بن العط�ش والجوع والعتمة ،ف�صلى الع�شاء ونام،
داود ،عندما اعتقله المهدي على �أثر و�شاية حيكت و�إذ بهاتف ي�أتيه في الحلم يقول:
�ضده ،ف��زجّ به في قعر بئر ن�صبت فوقها قبة ،ع�����س��ى ال���ك���رب ال�����ذي �أم�����س��ي��ت فيه
ي��������ك��������ون وراءه ف������������رج ق�����ري�����ب فمكث بمحب�سه خم�س ع�شرة �سنة ،كان خاللها
يدلى له كل يوم برغيف وكوز ماء ،فلما كان ر�أ�س ف������ي�������أم������نُ خ������ائ������ف وي������ف������ك ع�������انٍ
وي�������أت������ي �أه�����ل�����ه ال����ن����ائ����ي ال���غ���ري���ب ع�شرة ذي الحجة� ،أتاه �أتٍ في المنام فقال:
ف�أخرج في �ضحى ذلك اليوم ،وذهب �إلى داره ح������نَّ ع���ل���ى ي���و����س���ف رب ف����أخ���رج���ه
واجتمع ب�أهله ،و�صفا دهره بعد طول عناء وتكدير. م���ن ق��ع��ر ج���ب ع��م��ي��ق ح���ول���ه غمم
وبعد ،هذه لقطات منوّعة ،ا�ستقيت مادتها فا�ست�شعر الأم���ل ف��ي �آخ��ر النفق المظلم،
من واقع التراث العربي التليد ،بما يحمل من ول�سان حاله يردد مع ال�شاعر:
م�ضامين �شعرية وق�ص�صيه وط��رائ��ف وعبر، �������س ب�����الآم�����ال �أرق���ب���ه���ا
�أع����� ِّل����� ُل ال���ن���ف َ
يمكن لها الحدوث في �أي زمان ومكان ،وب�صور ما �أ�ضيق العي�ش لوال ف�سحة الأمل
�شتّى ،غلفت م�صادرها بم�سوح المرح �أو الترح.. وبعد م�ضي ح��ولٍ �آخ��ر ،ر�أى في الحلم من
وال�ضيق �أو الفرج ،وكل ذلك يجري ب�أمر اهلل يهم�س في �أذنه:
�سبحانه ،وقد قال ال�شاعر معتبراً:
ع�����������س�����ى ف������������رج ي����������أت���������ي اهلل ب���ه
�إذا �أره������ق������ت������ك ه�����م�����وم ال����ح����ي����اة �إ َّن ل�������ه ف�������ي ك�������ل خ����ل����ي����ق����ة �أم�������ر
وم����� َّ����س����ك م���ن���ه���ا ع���ظ���ي���م ال�������ض���رر
ومكث في معتقله عام ًا �آخر ال يرى �شيئاً ،وال
وذق���������ت الأم��������� َّريْ���������ن ح����ت����ى ب���ك���ي���تَ
يتناهى ل�سمعه �سوى زئير الريح في الخارج،
و��������ض������� َّج ف����������������ؤادك ح�����ت�����ى ان���ك�������س���ر وعويل جنبات البئر في الداخل.
و� ُ��������س��������دَّتْ ب����وج����ه����ك ك�����ل ال�����ده�����ور
وفي يوم رموا �إليه بالرغيف المعتاد ،ففوجئ
و�أو� � �ش � �ك� ��ت ال �� �س �ق ��وط ب��ال �م �ن �ح��در بجرذ �ضخم ينق�ض عليه ويخطفه ،وعندما
حاول الإم�ساك به تعثر بال�سراج فانطف�أ ،وفي
ف�����ي�����م�����م وج�������ه�������ك ������ش�����ط�����ر الإل����������ه
وب���������ث ������ش�����ك�����واك ل���������رب ال���ب�������ش���ـ���ـ���ر الظلمة ارتطمت رجله ب�إبريق الماء فك�سره،
فحزن من هول ما مر به ،لكنه تجلد ،عندما الم�صادر:
تذكر قول ال�شاعر:
-١الغالي ،الأمالي ،مكتبة الخانجي ،القاهرة ١٩٩٠م.
-٢الم�سعودي� ،شذرات الذهب ،دار الكتب ،بيروت ١٩٩٨م. ول������رب ن����ازل����ة ي�����ض��ي��ق ب���ه���ا ال��ف��ت��ى
-٣التنوخي ،الفرج بعد ال�شده ،دار الفكر ،بيروت ١٩٨٨م. ذرع��������اً ،وع���ن���د اهلل م��ن��ه��ا ال��م��خ��رج
-٤الإب�شيهي ،الم�ستطرف ،دار الكتب ،بيروت ١٩٨٦م. ���ض��اق��ت ،ول��م��ا ا�ستحكمت حلقاتها
،٥الحموي ،ثمرات الأوراق ،دار الكتب بيروت ١٩٨٦م. ف����رج����ت وك����ن����ت �أظ����ن����ه����ا ال ت���ف���رج
* باحث وكاتب من �سوريا.
اجلوبة -خريف 1435هـ 127
«جيران �أ�سفل الدرج»
جيران اللغة
الإن�سانية!!..
■ حممد خ�ضر*
هناك مقولة م�شهورة في �أوروب��ا تقول :خاطب الهولنديين بال�شعر �إذا �أردت �أن
يُ�صغوا لك .بين يديَّ «جيران �أ�سفل ال��درج» مختارات �شعرية ترجمها ال�شاعر رائد
الج�شي ،وال�صادرة عن دار العربية للعلوم ،بيروت2013 ،م .ما يميز ه��ذه الترجمة
�أنها لمجموعة ن�صو�ص معا�صرة من الأدب الهولندي ،و�أنها من الترجمات النادرة
الم�أخوذة عن �شعراء مجايلين ومعا�صرين �أغلبهم ال يزال بيننا �إلى اليوم� ،أو ولدوا
في بدايات القرن الما�ضي..
وم��ن ه�ن��ا ،ج��اء ال�ف��رق ون�ح��ن ب�صدد الج�شي من الإنجليزية ،بعد �أن ترجمت
ق � ��راءة م �خ �ت��ارات م��ن ت��ج��ارب ح��دي�ث��ة عن الهولندية من قبل �آخرين..
فتح نافذة!.. ومواكبة ،نتقاطع معها �إن�سانيا ومعرفيا
و�شعريا كذلك؛ �إذ ال�شعر في مجمله م�أخوذ
عرفت رائ��د الج�شي وه��و مهموم بهذا
عن �أمكنة م�شتركة للوجدان والإح�سا�س
العمل و�إن�ج��ازه منذ فترة طويلة ..يبحث
الإن�ساني باختالف ا�شتغاالته �أو تقنياته؛ وي �ح��اور وي �ح��اول �أن ي�صل �إل��ى التجربة
يرف�ض �أن يرتهن لجملة �أو ذاكرة م�ؤقتة ،الحديثة التي لم تترجم كثيرا نحو العربية،
بل هو ديمومي و�سرمدي قادر على الو�صول رغبة منه في فتح نافذة جديدة للقارئ
لأي مكان .هذا ما ن�شعر به جليا في الكثير العربي ،ي�أخذنا في «جيران �أ�سفل الدرج»
من الن�صو�ص التي اختارها وترجمها رائد �إلى «روتجر كوبالند» الذي ولد عام 1934م،
128اجلوبة -خريف 1435هـ
ن����������������������������������������������واف����������������������������������������������ذ
وترجمت بع�ض دواوينه في العام 2001م والعام
2005مِ ،وف��ق رائ���د .ن�صو�ص «ك��وب�لان��د» فيها
الح�س الإن�ساني ،والحالة الفردية العميقة،
ذلك ُّ
والمفارقات الموحية التي ت�شي ،من جهة �أخرى،
في كيف يفكر �شاعر في مكان �آخر على حدِّ تعبير
«كونديرا» ،وكيف يتقاطع معه �شعراء كثر في
ال�صورة واال�ستخدام اللغوي للمفردات؛ وهذا هو
الحال مع �شاعرة �أخرى يختارها لنا المترجم،
وهي «�إيفا جيرلج» التي ولدت عام 1984م ،ولها
مجموعة حديثة (2006م)� ،إنها �شاعرة من هذا
الجيل والعالم ،في كونه الجديد وخطابه الجديد
و�أ�سئلته وقلقه ..لذا نقر�أ لها ن�صو�صا تتقاطع مع
ذلك القلق الم�شترك وتلك الأ�سئلة الجديدة،
المترجم رائد الحب�شي وعالوة على ذلك ،مو�ضوع ال�شعر �أو ناحيته التي
مت�شظ ويحمل الكثير ٍّ تطرقها معبرة عن واق��عٍ
�شعراء من �أ�صل عربي!.. من الت�سا�ؤالت.
وم��ا يلفت في المجموعة وج��ود �شعراء من لدى ال�شاعرة «�إيفا جيرلج» لحظات ت�سجلها
�أ���ص��ل ع��رب��ي ،كالفل�سطيني «رم���زي نا�صر»، ق �� �ص��ائ��د ،وت�ق�ت�ن����ص ال �م �ف��ارق��ات وال �ح��االت
الملقب ب�شاعر مدينة انتروب ،كما �أطلق عليه الإن�سانية التي تنعك�س على واقعها و�أفكارها..
عام 2005م ،يذهب مع ال�شعر في حالته الراهنة وه��ذا �أك�ث��ر و��ض��وح��ا م��ع «م��اري��ا ف��ان دال��ي��ن»،
وف��ي ذوب ��ان هويته م��ع ه��ذا االن��دم��اج الكوني و«ريمكو كامبرت» ،ولنقر�أ مقطعا لـ«البرتينا
والإن�ساني .وقد ظهر للمرة الأولى �شاعرا عام �سويبور» في ق�صيدة عنوانها «دي�سمبر �أب��رد
2000م في مجموعة “ 27ق�صيدة وال �أغنية”.. ال�شهور»« :لم ي�صبح القمر ثلجيا كهذه المرة
تبعها بديوان “�أزهار �سمج” عام 2004م .وثمة من قبل ،ا�شتريت له زوجا من القفازات الزرقاء
�شاعر �آخ��ر ه��و «م�صطفى �ستيتو» ال��ذي ولد الملكية ف��ي �أول ي��وم لنا لعب دور ال��ر��ض��ا..
في المغرب ،ثم عا�ش وكتب في هولندا باللغة ال�سعادة النقية هي تحليق ع�شرة �أ�صابع خالل
الهولندية ،يقول في �أح��د ن�صو�صه المترجمة الف�ضاء من �شرفة النافذة ..الأيدي متدفقة فوق
التي يعبر فيها عن �أزمة وج��وده�« :أنا المغربي الأبنو�س ،والعاج تلتمع فوق الكري�ستال الثلجي،
ال�شاب ..وحديثه الأجنبي العقالني رثٌّ من لم تقم بتعديل نغمة وح�سب ،بل قامت بخلقها..
القدا�سة� ..شعار �أبي و�أمي يذكرني كثيرا وب�شكل كنا نبدو ونحن واقفين هناك الح�ق��ا ..قرب
هام�شي بموطني الأم». النافذة �أبي�ضين كمو�سيقى �شتوية ودافئة»..
اجلوبة -خريف 1435هـ 129
ال�ت��ي ت��ز ّي��ن الق�صائد ج��دران �ه��ا؛ فمث ًال هناك ماذا نترجم..؟!
ق�صيدة لل�شاعر والروائي العربي جبرا �إبراهيم «وبين ��س��ؤال ال�شعر والترجمة وق�ضاياها
جبرا «�أيّامنا كال�شتاء القطبيّ »..بالعربية مع التي طرحت عنها ،عدة محاور و�أ�سئلة في فترة
ترجمة هولندية ق��ام بها زميلي الأ��س�ت��اذ ويلم �سابقة حول ماذا قد نترجم؟ وهل الترجمة هي
�ستوتزر ،تزيّن �أحد جدران مدينة ليدن. خيار �شخ�صي وعاطفي يخ�ضع للذائقة فقط،
وال ب��د �أن ن��ذك��ر �أن روت � ��ردام ت�ست�ضيف ولقدرتنا على الترجمة� ،أم هي خطة مدرو�سة
«مهرجان ال�شعر العالمي» في حزيران من كل لترجمة ما نحب وما ال نحب ،حتى يكون الأمر
عام ،ي�شارك فيه العديد من ال�شاعرات وال�شعراء �أكثر عملية و�إنتاجية؟ هل المترجم هو �سلطة
على القارئ ويتعين علينا �أن نقر�أه فقط ح�سب
العرب .ع�لاوة على ذل��ك في 27كانون الثاني
ميوله وذائقته؟ �أم �أن هناك م�شروعا يترجم
من كل عام ،يقام «يوم ال�شعر» في مدن هولندا
كعمل م�ستقل عن كل هذا ،وكمحاولة لنقل �أكبر
كافة ..من�صات ،وور�شات ،وم�سابقات �شعرية». قدر من التجربة الإن�سانية الأدبية..؟
�إل��ى جانب الج�شي و�صالح ح�سن ..هناك وهذا ما �أعتقد �أن المترجم الج�شي قد تنبه له
ع ��دة ت��ج��ارب ج�م�ي�ل��ة وم� �ح ��اوالت رائ �ع��ة في
وهو ب�صدد بحثه الطويل عن هذه التجارب ،بل وهي
ترجمة ال�شعر الهولندي الحديث؛ منها ترجمة الطريقة المثلى لترجمة عملية وجادة ،ال تخ�ضع
مح�سن ال�سراج الذي �أقام في هولندا ،وترجم المعنى واللغة لمجرد ذائقة �شخ�صية ن�سبية بين
لمجموعة �شعراء مهمين وج���دد ،ومختارات �شخ�ص و�آخر ،وهذا ما قد تح�سمه م�س�ألة اختيار
لمهدي النفري ،وترجمات مميزة لميادة �سامح. التجربة الحديثة والجغرافيا والبحث فيهما
ف�ضاءات ال�شعر الهولندي و�أفقه ال��ذي قد ال كمحور محدد ،ثمانية �شعراء قدمهم المترجم،
نعثر عليه في �أدبنا العربي �أحيانا ،االقتراب منفي م�صافحة جديدة للقارئ العربي ،وم��ن بلد
الحالة قبل الموهبة ال�شعرية الخام ،ومن العمق يطلق عليه الأوروبيون «البلد الذي لغته ال�شعر»� ،أو
في الت�صورات و�أ�سئلة الحياة ،الق�صيدة التي ال�شعر لغة الهولنديين ،فهناك ،على �سبيل المثال،
يبتكرها الهولنديون من �أمكنة ال متوقعة تالم�س كما يذكر ال�شاعر والمترجم �صالح ح�سن في
كتابه «انطولوجيا ال�شعر الهولندي المعا�صر» «في
�أدق تفا�صيل الحياة.
عيد القدي�س نيقوال يكون اجتماع العائلة لتبادل
�أه��دى المترجم «جيران �أ�سفل ال��درج» �إلى الهدايا المرفقة بق�صائد ق�صيرة موزونة ومقفّاة،
تتناول مو�ضوعات مختلفة :كالعتاب والحب وطلب اللغة الإن�سانية التي تحت�ضن جميع اللغات..
أ�سلوب فك ٍه ولغ ٍة وهي باكورة �أعماله في الترجمة ،وخطوة �أولى
الم�ساعدة �أو الزواج� ..إلخ ،ولكن ب� ٍ
مبا�شرة» .كما �أن هناك بع�ض المدن الهولندية في هذا الم�ضمار ال�شيق..
* �شاعر �سعودي.
فيلم «الما�ضي»
لأ�صغر فرهادي..
منمنمات درام ّية عامرة بالجمال
■ عبداهلل ال�سفر*
فيلم «الما�ضي» للمخرج الإيراني �أ�صغر فرهادي لي�س فيلماً بولي�سيا ً،ولي�س من
�أفالم الإثارة والت�شويق ،لكنه كذلك من باب الغمو�ض الذي يخفي الأ�سرار ،ينطوي
واحدها على �آخ��ر تباعاً ،مثل لعبة الدمى الرو�سية .وهو كذلك من جهة الأنفا�س
المحبو�سة ،والإيقاع المت�صاعد ،الأ�شبه بلهاث ،قبالة االحتدام والمواجهة ،في غالبية
الم�شاهد.
بالدور علي الم�صطفى» �إل��ى باري�س قادما من من «انف�صال» ،فيلم ف��ره��ادي الحائز على
وطنه �إي ��ران؛ ي�ع��ود ،ال ليجتمع �شملُه ثاني ًة مع �أو��س�ك��ار ٢٠١٢م لأف�ضل فيلم �أج�ن�ب��ي ،تعرّف
زوجته ماري «بيريني�س بيجو» وابنتيها؛ المراهقة المتابع على مو�ضوعة العائلة وال�شقاق الذي يقوم
لو�سي والطفلة ليا من زيجة �سابقة ،ولكن ليتمّم بين الزوجين وينتهي بطلب الطالق ال�ستحالة
�إجراءات الطالق في المحكمة لي�صبح االنف�صال الحياة ب�سبب رف�ض �أحدهما طريقة الآخر وخطّ ته
ر�سميا ،ت�ستطيع معه الزوجة االرتباط ب�صديقها في ا�ستئناف الحياة ،وعلى هذا العمود الرئي�س
ال��ع��رب��ي ال��ج��دي��د �سمير «ط��اه��ر رح��ي��م» وال��ذي يجري ا�ستدماج حكاياتٍ ال تُع ّد تفريع ًا و�إنما
يقيم معها ف��ي منزلها نف�سه ومعه طفله ف ��ؤاد حفر ًا في جوانب الم�شكلة ،وبيان الم�أزق الذي
من زوجته الواقعة الآن في غيبوبة عقب محاولة يطال حياة الجميع .في هذا الفيلم «الما�ضي»
انتحار فا�شلة ل�شكّها في خيانة الزوج ،وفي الوقت تتكرّر المو�ضوعة نف�سها بو�صفها �شاغ ًال �إبداع ّي ًا
نف�سه تطلب ماري من �أحمد �أن ي�ؤثّر على ابنتها واج�ت�م��اع� ّي� ًا وث�ق��اف� ّي� ًا للمخرج ،رغ��م اختالف
لو�سي ليقنعها ب��زواج الأم الذي ترف�ضه ل�سببٍ ، الحا�ضنة البيئية والثقافية لكال الفيلمين .فـ
في ال�سطح� ،أن الرجل الجديد �سوف يترك الأم «ان��ف�����ص��ال» ي���دور ف��ي �إي����ران وباللغة الأم� .أم��ا
ك�سالفيه الثالثة الذين ارتبطت بهم ،غير �أن «الما�ضي» فتربته فرن�سية ولغته كذلك ،و�إن كان
ال�سبب الأبعد �أنها ت�شعر بالم�س�ؤولية عن حادثة الأبطال بجذور ثقافية متعددة (فرن�سية؛ �إيرانية؛
محاولة االنتحار لزوجة �سمير ،وال تريد ذنبها عربية).
ماث ًال �أمامها؛ فيما �سمير له روايته في محاولة بعد �سنواتٍ من القطيعة ،يعود �أحمد «يقوم
اجلوبة -خريف 1435هـ 131
لو�سي ،ليا� ،سمير ،ف�ؤاد ،زوجة �سمير ،نعيمة العاملة في
المغ�سلة) ،وك�أنه يقوم بر�سم منمنماتٍ �صغير ٍة جداً،
لكنّ داخلَها عام ٌر بحيواتٍ تزخ ُر بغنى ،يتنوع ويتعدّد
مع �إنعام النظر والتقاط الجمال الثاوي ،ومعه �أي�ض ًا
الدالالت الغائرة طيّة كل منمنمةٍ ،ومما يزيدُها -تلك
التفا�صيل؛ المنمنمات� -إيغا ًال في الت�أثير الحواراتُ
والمواجهاتُ ب�صيغ ٍة احتداميّة� ،إذ يت�ض ّر ُج الوجه، انتحار الزوجة ،وتت�صل بعمله في مغ�سلة المالب�س،
بخا�صة بطلة الفيلم ،بنو ٍر غامر ،كما لو �أنه ي�أتي من وخالف الزوجة مع زبونة ،التي �أغلظت معاملتها ولم
بركانٍ داخليٍّ فوّار؛ فت�صطبغ المالمح ب�شتّى التعبيرات تقبل اعتذارا؛ فعنّفها �سمير وطردها في ح�ضور العاملة
واالنفعاالت العالقة في الحيرة والتردد والوقوف على نعيمة ،التي لها ن�صيبها �أي�ضا في وج ٍه �آخر من رواية
الأع��راف بين واجبين؛ الأول نحو ال��ذات وحقّها في االنتحار الفا�شلة.
التمتع بالحياة ،والثاني نحو م��راع��اة ابنتيها وعدم
تعري�ض حياتهما لزلزال ارتباطٍ جديد وف�شلٍ ينتظر. ه��ذه ال�شبكة المعقّدة من العالقات القائمة في
الأزم���ات؛ ومن الأ���س��رار المحجوبة؛ ومن المنظورات
والغريب �أن هذه التحفة الفنية عنوانها هو «الما�ضي» ال�ت��ي تتبعها ،يت�صدّى لها ف��ره��ادي بلغة �سينمائية
لكن الم�شاهد لم ي� َر في الفيلم لقطاتٍ ا�سترجاعيّة تعتمد الب�ساطة؛ �إن في اختيار �أماكن الت�صوير (منزل
«فال�ش ب��اك» تعود به القهقرى للإ�ضاءة واالكت�شاف بحديقة منزلية بائ�سة� ،شارع ،محطة مترو ،مطعم) �أو
والعود على ب��دء .البناء يجري من لحظة المطار في في زرع الدالالت التي ي�ست�شفّها الم�شاهد في ي�سر ،مثل
ت�صاعد وف��ي تقاطعات م��ن دون ع��ودة �إل��ى الما�ضي اللقاء الأول بين �أحمد وم��اري في المطار ،والحديث
الذي تنعدم حاجة العودة �إليه .ذلك �أ ّن ُه عائ�شٌ ب�أثره غير الم�سموع بينهما عبر الزجاج الفا�صل ،والذي يعبّر
في الحا�ضر ومم�سكٌ بتالبيبه ،وهذا �أق�سى ما يكون �أن عن ال�ضفاف الثقافية المختلفة والت�شكيك في قابليتها
تخطو ال�شخ�صية في الحا�ضر ب�أقدام الما�ضي ،وهذا لالندماج ،كما هي �إ�شارة �إل��ى الهوّة بينهما ،والأم��ر
ال يعني غير �إنتاج الحا�ضر ب�صيغة الما�ضي وبالجروح نف�سه في المنزل ،بو�ضع �أغرا�ض �أحمد التي تركها قبل
ذاتها كما هو الحال مع م��اري التي تركّبُ خط�أَ حيا ٍة رحيله �إلى طهران في الم�ستودع ،وفي الوقت عينه تقوم
�سابقة على خط�أٍ م�ستن�أنف. ماري بتجديد طالء المنزل كعالمة مزدوجة للتغيير
المقبل مع �سمير ،وللت�أكيد �أن �أحمد ينتمي �إلى مرحلة
�سابقة .علم ًا �أن الطالء لم ين�شف �إبّان مجيء �أحمد،
وفي هذا �أي�ض ًا �إ�شارة �إلى الو�ضع الرجراج الذي تعي�شه
ماري .كذلك يُ�ضاف �إلى هذه الب�ساطة االختيار المالئم
لطق�س ال�شتاء الممطر �أو الغائم ك�إطار زمني للأحداث؛
لأن ما يجري �أبعد ما يكون عن ال�صفاء والإ�شراق.
ب�ساط ُة فرهادي تنطوي على دق��ة متناهية تظهر
في عمرانِ الفيلم بالتفا�صيل التي تنبج�س من حياة ك ّل
�شخ�صية من �شخ�صيات الفيلم جميعها (�أحمد ،ماري،
* كاتب من ال�سعودية.
132اجلوبة -خريف 1435هـ
ق��������������������������������������������������������������������������������������راءات
الكتاب :من جهة معتمة الكتاب :اجتاهات حديثة يف تعليم التعبري
امل�ؤلف � :إبراهيم زويل امل�ؤلف :د .حممود عبد احلافظ و�آخرون
النا�شر :م�ؤ�س�سة �أروقة للدرا�سات والرتجمة والن�شر النا�شر :نادي اجلوف الأدبي 2014م
من جهة معتمة ,عنوان الديوان الجديد لل�شاعر �إبراهيم زولي، ي�ق��دم ه��ذا ال�ك�ت��اب ا��س�ت�ق��راء لكل م��ا يتعلق
ال�صادر م�ؤخرا عن م�ؤ�س�سة �أروقة للدرا�سات والترجمة والن�شر في بتعليم التعبير ب�شقيه ال�شفوي والتحريري؛ �إذ
القاهرة .العمل هو ال�سابع منذ بداية م�شروعه ال�شعري ,والذي
انطلق من ت�شخي�ص واقعي لتعليم التعبير في
ا�ستهلّه في العام 1996م بديوان «رويدا باتجاه الأر�ض» ،تبعه بعدة
�إ�صدارات هي�( :أول الر�ؤيا ,الأج�ساد ت�سقط في البنف�سج ,ت�أخذه من عالمنا العربي ،في جميع مراحل التعليم ،بدء ًا
يديه النهارات ,رجال يجوبون �أع�ضاءنا ,ق�صائد �ضالة – كائنات بالأهداف ،ومرورا بالمحتوى وطرائق التعليم،
تمار�س �شعيرة الفو�ضى). وانتهاء بالتقويم� .إال �أن��ه قد �أول��ى اهتماما
جاء الديوان في (� )107صفحات ,و�ضمّ �إحدى وثالثين ق�صيدة,
بالنظريات التربوية والمداخل التدري�سية،
منها( :تط ّل عليه �شياطينه ,على حافة الفجر ,عزلة فاجرة ,داخل
الحجرة العائلية ,ال خال�ص من الرق�ص ,فقرهم با�سط ذراعيه). واال�ستراتيجيات والطرائق التدري�سية المنبثقة
نقر�أ على الغالف الخلفي للكتاب: عنها ،التي �أولها الدرا�سات والبحوث الحديثة
ربما تقبل الآن, اهتماما في تعليم التعبير.
في �ساعة ال�سهو, تميز هذا الكتاب بعدة �سمات ،ن�سردها لي�س
�أو تت�ساقط في دمعة المحبطين
تقا�سمنا لغة تتراك�ض في �ساحة خالية على �سبيل تف�ضيله عن غيره من الكتب� ،أو
لغة من نخي ّل و�شوق م�صفّى تنزيهه عن النقائ�ص ،فلي�س في ذلك مزية..
�ست�أتي على غيمة تتخفّى بذاكرتي فقيمة العلم ف��ي ت�أ�صيله للنق�ص لي�س في
�س�أع ّد الم�ساءات وحدي تر�سيخه للكمال؛ لأن ت�أ�صيل النق�ص يعد
�أزخرف �آنية الكلمات
ف�إن ح�ضر الليل و�شّ حته بالنعا�س. اكتماال في الت�سليم بالنق�صان.
داخل الحجرة العائلية و�إذ ي���س��رد ال �� �س �م��ات ..ف�ه��و ب �ه��دف تي�سير
يفتر�س ال�شعر �أظفاره التعاطي مع هذا الكتاب من مختلف القراء..
وال�شبابيك نائمة فهو �إذ يتبنى ق�ضية واح��دة� ،إال �أن��ه يخاطب
يدها في الفراغ معلّقة.
لي�س لي بهجة في الع�شيّ �سواك
جمهورا متنوعا؛ لذا �سوف ي�ستطيع كل قارئ
�أريد �أق ّل القليل بعد االطالع على هذه ال�سمات قراءة الكتاب
وت�أويل ن�صف الكالم. من المنظور الذي ينا�سبه.
اجلوبة -خريف 1435هـ 133
الكتاب :جبل حالية -رواية الكتاب :جماليات الن�ص ال�شعري(قراءات نقدية حديثة)
امل�ؤلف � :إبراهيم م�ضواح الأملعي امل�ؤلف :د� .إبراهيم م�صطفى الدهون
النا�شر :جداول للن�شر والتوزيع 2008م النا�شر :نادي اجلوف الأدبي 2014م
ت�ت�ع��دد ال �م��داخ��ل �إل ��ى رواي� ��ة (ج �ب��ل ح��ال�ي��ة)، ي�سعى هذا الكتاب �إلى محاولة فهم �آليات الن�ص ال�شعري قديما
وحديثا ،وو�سائل تكوينه،والم�ضمرات الن�سقية التي �أ�سهمت في
الحائزة على جائزة ال�شارقة ل�ل�إب��داع العربي �إنتاجه ،وتما�سكه.
ع��ام 2008م؛ فهي رواي��ة مهمومة ب�إ�شكاليات كما يهدف �إلى �إعادة قراءة المنجز ال�شعري العربي وو�ضعه في
�إط��اره ال�صحيح� ،إ�ضافة �إل��ى تفعيل �آليات النقد الحديثة ،من
كثيرة ،وربما كانت �إ�شكالية الموت من المداخل خالل تو�سيع م�ساحة التقويم والتحليل الموجّ ه للخطاب ال�شعري.
يحتوي الكتاب على ت�سع درا�سات نقدية ،طبقت على �سبع منجزات
المهمة لقراءة هذا العمل ،فهو الكيان الذي يمر �شعرية قديمة ومنجزين اثنين معا�صرين ،كان الأول ل�شاعرة،
بالكائنات الحيّة جميعها ،وال يتجلى هذا المدخل والثاني ل�شاعر من المملكة العربية ال�سعودية.
جاءت عناوين الدرا�سات النقدية مرتبة على النحو الآتي:
بعيدا ع��ن المداخل الأخ ��رى؛ فهي مت�شابكة، -1الت�أمل الفكري عند الهذليين؛ حفر في ر�ؤى �أبو ذ�ؤيب الهذلي
وميزة العمل الجيد �أن تت�شابك وتتعدد مداخله، ال�شعرية.
-2لوحة الع�سل عند الهذليين بين الر�ؤية والإبداع الفني؛ �ساعدة
فيكون الوقوف عند مدخل واح��د كفيال بتناول ابن ج�ؤية �أنموذجا.
-3جمالية الن�ص القر�آني عند ح�سان بن ثابت و�أثرها في بناء
جزئيات عديدة؛ فالموت يلح في الرواية بو�صفه الن�ص ال�شعري.
حقيقة ملمو�سة. -4الإ�شعاع التنا�صي في �شعر �أبي العتاهية :همزيته الزهدية
�أنموذجا.
و�إذا كان العنوان (جبل حالية) يجعل الرواية -5تمظهرات التكرار في �شعر ديك الجن الحم�صي؛ مرثيات
الزوجة -درا�سة تحليلية.
وثيقة ال�صلة بالمكان ،ال��ذي يُحدّد هوية �أهل -6التنا�ص بين الر�ؤية والتطبيق؛ مرثية المعري الإن�سانية عالم
ال�سورَجَ ة ونزوعهم و�آمالهم و�إحباطهم؛ فكون اللفظة وال�صورة.
-7الن�ص الغائب ف��ي �شعر البهاء زه��ي��ر؛ ق���راءة م��ن منظور
ه��ذا الجبل يحتوي ال�م�ق�ب��رة ،يجعل ال��رواي��ة تنا�صي.
�-أي �� �ض��ا -وث�ي�ق��ة ال�صلة ب��ال �م��وت ،وبالأ�سئلة � -8أثر الن�ص ال�شعري ال�سعودي في بناء المواطنة؛ ديوان غواية
بي�ضاء كلمات تتقارب.
الوجودية التي تالزمنا على ا لدوام.. -9نماذج من التنا�ص في �شعر �أحمد ال�سالم؛ درا�سة وتحليل.
�أعترف بدءاً �أن الم�صادفة قد لعبت دورها في االهتداء �إلى مجلة الجوبة� ،إذ و�أنا �أبحث في
محرك غوغل ال�سحري ،وجدتني بين ظاللها ،فكان لزاما عليّ �أوال �أن �أ�سبر �أغ��وار موادها،
و�أبوابها ،و�أتعرف على لفيف من كتّابها �أي�ضا ،وخطها التحريري الثقافي والإبداعي ،ثانيا ،ولو
من بعيد ،تلك هي حكاية الحكاية.
متابعة الم�شهد الإب��داع��ي �شعرا م���ع ت���وال���ي الأي� � � ��ام ت��وط��دت
ون�ق��دا وق�صة و�إ�� �ص ��دارا ،ه��و ما العالقة بيننا ،ه��ي كمجلة ج��ادة
كان ي�شغلني ،والجوهر الذي بنيت في ر�سالتها الثقافية ،و�أن��ا كقارئ
عليه عالقتي لحد الراهن. م �غ��رب��ي،م �ت��اب��ع ج �ي��د ل�ل�م���ش�ه��د
ال �أت�����ص��ور �شخ�صيا الم�شهد الثقافي والإب��داع��ي العربي عبر
الإع�ل�ام ��ي ال �ث �ق��اف��ي ال���س�ع��ودي ك��ل ال��و��س��ائ��ط الممكنة(�صحف،
وال��ع��رب��ي م �ن �ق��و� �ص��ا م ��ن مجلة م� �ج�ل�ات ،وغ� �ي ��ره ��ا) ،وح��ري����ص
جليلة كالجوبة ،التي قدَّمت على م ِّر �أعدادها �ولت��ه ،وج��دي��د ع �ل��ى اق �ت �ف��اء ت��ح� اّ
ملفات ودرا�سات �إبداعية مهمة ،م�سَّ ت الق�صة مبدعيه ومبدعاته ،والتوا�صل معهم ،من دون
ال�ق���ص�ي��رة ف��ي ال�م�غ��رب م�ث�لا (ال �ع��دد ،)28 �إنكار �أن الن�شر لحظتها ،لم يعد يغريني بما
و���ش��ه��ادات �شعرية (ال��ع��دد ،)40و���ش��ه��ادات يكفي ،لأ�سباب ولأخرى� ،أهمها الح�صار الذي
�إبداعية في الق�صة الق�صيرة (� ،)39إ�ضافة يمار�سه بع�ض ر�ؤ�ساء تحرير المنابر الإعالمية
�إلى احتفائها بزخم وافر من الدرا�سات النقدية المتخ�ص�صة في الثقافة والإبداع والأدب ،تجاه
في متون �شعرية و�سردية ونقدية لأ�سماء عربية الأ�سماء الإبداعية الجديدة غير المكرّ�سة من
م�ت��داول��ة ،ون�صو�ص ف��ي الق�صة وال�شعر ،من قبل الم�ؤ�س�سات الثقافية الر�سمية لبلدانها،
دون ن�سيان ا�ست�ضافتها ومحاورتها لعدد من وج�شع بع�ض مرا�سلي تلك المنابر ،وتلك ق�صة
المبدعين والمبدعات في الوطن العربي. �أخرى.
�إنَّ ال�ج��وب��ة ي�ح��قّ لها �أن تفتخر بنف�سها، غير �أن رغبة ملحّ ة تملكتني في م ّد رئي�س
وبح�ضورها الم�ستمر في و�سط �إعالمي ثقافي تحرير ال�ج��وب��ة ،الأ��س�ت��اذ �إب��راه�ي��م الحميد،
وازن ،توافرت له من المقوّمات والإمكانات ما ببع�ض المواد� ،أذكر �أنه كان من بينها ن�صو�صا
ال ُي َع ُّد وال ُي�ق��ارَن ،وحُ ��قَّ لنا �أن نفتخر بت�ألُّقها �شعرية لكنها لم تن�شر لحد الآن ،ومع ذلك بقيت
وا�ستمراريتها في خدمة المبدعين والإب��داع، محافظا على اقتفاء �أع��داد المجلة عبر بوابة
على حدٍّ �سواء ،متمنين لها ولأ�سرة تحريرها موقعها الإلكتروني ،بحكم �أنها ال توزَّع في الدار
دوام اال�ستمرارية والعطاء والت�ألق. البي�ضاء بال�شكل الكافي والمنتظم ،لأن و�شائج
* �شاعر وكاتب من المغرب.
اجلوبة -خريف 1435هـ 135
الأن�شـ ـ ـ ـ ـط ـ ـ ــة الثقـ ـ ـ ــافيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة
المباني
■ �إعداد :عماد املغربي
الحكومية..
وظيفتها
ودورها
ال
مهند�س عبداهلل الدهام،
ند�س �صالح الع�شي�ش مه وال
مداخالت الجمهور
الحكومية وظائفها ومزاياها ،ت�ضمّن :الوظائف �ضمن خ��ط��ة ال��ن�����ش��اط ال��ث��ق��اف��ي لم�ؤ�س�سة
الثانوية -الثراء المعماري والمادي � -إب��راز ع�ب��دال��رح�م��ن ال���س��دي��ري ل�ل�ع��ام 1436/35ه � �ـ
الهوية -العمارة النجدية -الطراز الحجازي �أقيمت محا�ضرة بعنوان« :المباني الحكومية..
الم�شربيات � -إ�شهار المكان -الحماية المدنية وظيفتها ودورها في الإ�ضافة الجمالية للمدن»،
للمبنى -والمباني التي ترمز لل�سلطة والهيبة، �ألقاها المهند�س �صالح بن ظاهر الع�شي�ش،
وذلك م�ساء يوم الثالثاء 2014/06/24م ،في
مثل( :مبنى المحكمة -مبنى وزارة الداخلية -
قاعة دار الجوف للعلوم ،و�أداره ��ا المهند�س
برج التليفزيون)؛ والمباني الحكومية الخدمية
عبداهلل الدهام ،ونقلت للق�سم الن�سائي عبر
م�ث��ل( :الإداري�� ��ة -التعليمية -ال�صحية - الدائرة التليفزيونية المغلقة.
االجتماعية -الثقافية -الريا�ضية)؛ والمباني
المهند�س �صالح الع�شي�ش ،ق��دَّم ال�شكر
الدفاعية (القوات الم�سلحة -مراكز ال�شرطة
لم�ؤ�س�سة عبدالرحمن ال�سديري والقائمين
-ال�سجون). عليها لدعوته لزيارة المنطقة وااللتقاء ب�أبنائها،
تال ذلك مداخالت و�أ�سئلة من الجمهور . ث��م ق��دم ع��ر���ض (ب��اورب��وي �ن��ت) ع��ن المباني