You are on page 1of 13

‫تاريخ مصر‪ -‬نظرة عامة‬

‫مصر‪ -‬قلب العالم جغرافيا وقبلته تاريخيا وحضاريا‪ -‬تقع فى زاوية‬


‫الشمالية الشرقية للقارة الفريقية‪ ،‬كما تط ّ‬
‫ل على منفذين بحرين هامين‬
‫‪.‬البحر المتوسط والبحر الحمر‬

‫لقد تكونت شخصية مصر من قديم الزل بعوامل طبيعية و سنن‬


‫كونية‪ ،‬عاش المصريون القدماء على أطراف وادى النيل وفوق المرتفعات‬
‫المجاورة‪ ،‬وعاشو فى أول امرهم على هيئة و جماعات بدائية وبعد‬
‫استقرارهم تحضروا تدريجيا وقد أجبرتهم حياة الستقرار على التعاون فيما‬
‫بينهم لشق الترع والقنوات وتجفيف المستنقعات والتعاون لحماية أنفسهم‬
‫وقرارهم من خطر الفيضان بإقامة الجسور والسدود‪ ،‬وهذه العمال‬
‫فذون أوامره‪ ،‬وبذا‬
‫استلزمت التعاون فيما بينهم ووجود زعيم يحترمونه وين ّ‬
‫ظهرت القرى المتجاورة فى المناطق المتسعة من الوادى على شكل‬
‫إقليم له إله مشترك وحاكم واحد ثم اّتحدت أقاليم شمال مصر مع بعضها‬
‫البعض )مكونة مملكة الشمال‪ ،‬أو الدلتا‪ ،‬وكان إلهها حورس "الصقر"‬
‫وتاجها احمر اللون‪ ،‬واتحدت أقاليم جنوب مصر مع بعضها البعض مكونة‬
‫‪).‬مملكة الجنوب وكان إلهها ست‪ ،‬وتاجها قمعى الشكل أبيض اللون‬

‫وقد وقعت حروب بين مملكة مصر السفلى )الشمال( ومملكة‬


‫مصر العليا )الجنوب( وأخيرا استطاع " نرمر" )مينا( ملك مصر العليا فى‬
‫عام ‪3100‬ق‪.‬م من توحيد الرضين )مملكة الشمال ومملكة الجنوب(‬
‫‪.‬واتخذ من "منف" عاصمة جديدة‬

‫هكذا دخلت مصر التاريخ دولة واحدة يحكمها ملك واحد هو نعرمر‪،‬‬
‫الذى يعتبر أول ملك مصري يحمل لقب مصر السفلى و العليا‪ ،‬وهو‬
‫مؤسس أول أسرة حاكمة فى تاريخ مصر الموحدة‪ ،‬أطلق عليها السرة‬
‫الفرعونية الولى‪ ،‬وقد حكم مصر بعد توحيدها ثلثون أسرة حكمت من‬
‫‪ 3100‬ق‪.‬م الى ‪332‬ق‪.‬م‪ ،‬ونزلها السكندر المقدونى عام ‪332‬ق‪.‬م‬
‫وأنهى حكم الفراعنة وأسس بها مدينة السكندرية وأقام بها قائده‬
‫بطليموس هو وأبناؤه عاصمة لهم ودامت هذه الدولة حتى عام ‪31‬ق‪.‬م‬
‫وكان آخر ملوكها الملكة كليو باترا حيث استولى الرمان على مصر فى‬
‫عهدها واستمّر حكمهم حتى عام ‪395‬م وهي السنة التى انقسمت فيها‬
‫المبراطورية الرومانية الى قسمين المبراطورية الرومانية الشرقية‬
‫"البيزنطية" عاصمتها القسطنطنية والمبراطورية الرومانية الغربية‬
‫وعاصمتها روما‪ ،‬وكانت مصر من نصيب المبراطورية البيزنطية‪ ،‬وظلت‬
‫‪.‬كذلك حتى حررها العرب سنة ‪21‬هـ ‪641‬م بعد هزيمة حاكمها المقوقس‬

‫فتح العرب ‪ :‬وقد فتح العرب مصر على يد عمرو بن العاص فى أيام‬
‫الخليفة عمر بن الخطاب سنة ‪20‬هـ وأصبحت ولية تتبع الخلفة وكان‬
‫أول ولتها عمرو بن العاص الفاتح لها‪ ،‬وتولى بعد وفاته ابنه عبد الله‬
‫أشهرا‪ .‬ثم عزله معاوية وولى عليها عقبة بن عامر الجهنى‪ ،‬وأخذ الولة‬
‫يتعاقبون عليها فى أيام بنى امية حتى بلغوا فى نحو تسعين عاما ثمانية‬
‫وعشرين واليا‪ ،‬وربما كان خير والى أموي تولى مصرهو عبد العزيز بن‬
‫مروان‪ ،‬وقد امتدت وليته من سنة ‪ 65‬حتى سنة ‪ .86‬كانت الحوال‬
‫متقاربة الشبه بين حكم الولة من بنى أمية وبنى العباس ولم تشأ اليام‬
‫ال أن تتعادل المؤثرات فى العهدين إل فى القليل من المور فاقتضى‬
‫ميه عصر الولة‬
‫ذلك أن تكون هذه المدة كلها فى مصر عصرا واحدا نس ّ‬
‫حيث تولى منذ الفتح السلمى حتى استقلل الطولونيين بها ستة وستون‬
‫‪.‬واليا‬
‫قدم الميرأبوالعباس أحمد بن طولون من بغداد الى مصر فى‬
‫شهر رمضان سنة ‪ 254‬هـ ‪1868‬م واليا عليها نيابة عن المير باكياك ثم‬
‫عن حمية المير ماجور التركي الذى ضم اليه الولية على السكندرية مع‬
‫سائر البلد ولم تلبث كثيرا حتى شمل حكمه الثغور الشامية فكان له أثر‬
‫فى الحكم فبادت السكينة البلد ونمت ثروتها ونجح فى الستيلء على‬
‫حكم مصر واستقللها وجعله وراثيا فى أسرته‪ .‬وقد ظلت البلد خاضعة‬
‫له ولذريته من بعده حوالي ‪ 38‬سنة من ‪868‬م الى ‪905‬م تجلى فيها‬
‫الترف البذخ وفى سنة ‪292‬هـ قدم الى مصر جيش الخلفة بقيادة محمد‬
‫بن سليمان فأزال حكم الطوليين وعادت مصر ثانية ولية عباسية فى‬
‫الفترة من سنة ‪293‬هـ الى ‪ 324‬هـ وتعاقب عليها ولة مختلفون من‬
‫بغداد ثم ظلت مصر تحت حكم الخشيديون من بعض السنوات‪ ،‬الخشيد‬
‫ف الفرغانى التركى ووله الخليفة الراضى مصر‬
‫هو محمد بن طغج بن ج ّ‬
‫‪ 323‬وخلع عليه لقب الخشيد سنة ‪327‬هـ وأخذ البييعة من بعده لبنه‬
‫أنوجور وتوفي سنة ‪ 334‬وكان أنوجور فى الرابعة عشرة من عمره حين‬
‫ولـى مصر ويدبر كافور أمور الدولة حتى توفي سنة ‪ 349‬وأخذ البيعة‬
‫لخيه على وقام على دولته خيرقيام حتى توفي سنة ‪ 355‬وكانت أيامه‬
‫أيام هناءة ورخاء ولم يلبث أن توفي سنة ‪ 357‬فعقد أولياء الدولة الولية‬
‫لحمد بن على الخشيد ‪ ،‬وكان صبيا فى الحادية عشرة من عمره‪،‬‬
‫واضطربت الحوال فى الشام اضطرابا شديدا لغارات القرامطة ولم‬
‫تلبث جيوش المعز الفاطمى أن زحفت من الغرب بقيادة جوهر الصقلى‬
‫‪.‬سنة ‪ 357‬واستولت على البلد وانقرضت الدولة الخشيدية‬

‫وأصبحت مصر تحت حكم الفاطميون لكثر من قرنين من ‪358‬هـ‬


‫الى ‪567‬هـ وفى بداية هذه الدولة تذّوق مصر عهدا ذهبيا إذ أنشأ جوهر‬
‫الصقلي الجامع الزهرفى مدينة القاهرة‪ ،‬ولكن بدأ النحطاط بعهد‬
‫المستنصر)‪ (1094 -1035‬وذلك لضعف الخلفاء واستبداد الوزراء‬
‫بالسلطة مع المنافسة الشديدة فيما بينهم‪ .‬ولعل الحكم الوارثى لم يتضح‬
‫شره وعواقبه الوخيمة كما اتضح عهد الفاطميين بمصر‪ ،‬فقد كان الخليفة‬
‫الثالث – هو الحاكم – محنونا أو مخبول‪ ،‬وتولى المستنصروهو فى‬
‫السابعة من عمره‪ ،‬وكأن الخلفة أصبحت أرجوحة حقيقية للصبية‬
‫)والغلمان‪) .‬الدول والمارات‪25/‬‬

‫دخل صلح الدين اليوبى بلد مصر مع عمه شيركره قائدا لنور‬
‫الدين زنكى‪ ،‬ثم أصبح وزيرا للخليفة الفاطمى "العاضد" فقضى نهائيا‬
‫على الدولة الفاطمية الشيعية سنة ‪567‬هـ ورد ّ مصر الى الخلفة‬
‫سسها صلح الدين نحو ‪80‬‬
‫العباسية ‪ ،‬وقد استمرت الدولة اليوبية التى أ ّ‬
‫عاما ولى الملك فيها من أبنائه عشر ملوك "ول ريب فى أن عهد‬
‫اليوبيين كا ن من أعظم العهود بمصر‪ ،‬فقد نهضوا بها نهضة عظيمة‬
‫واستطاعو بجنودها أن يقهروا الصليبيين ويزيحوهم عن صدر الشام‬
‫ويردوهم عن ثراها وجمالها الى البحر المتوسط وماورائه" )الدول‬
‫)والمارات‪33/‬‬

‫ومنذ سنة ‪648‬هـ ظل المماليك يحكمون مصر الى الفتح‬


‫العثمانى سنة ‪ .922‬المماليك هم العبيد من التراك والشراكسة الذين‬
‫سسوا دولتهم بمصر ثم طردوا‬
‫ظفروا بالملك على أثر اليوبيين وأ ّ‬
‫الصليبيين والتتار عن بلد الشام‪ ،‬وصارت الشام مع مصر تحت سلطانهم‬
‫مملكة واحدة‪ ،‬وانتهى حكم المماليك بانهزام طومان باي‪ -‬الملك الخير‬
‫لمصر‪ -‬فى معركة الريدانية التى دارت بينه وبين سليم‪ -‬سلطان‬
‫العثمانيين‪ ،‬ومنذ ذللك الحين صارت مصر ولية عثمانية‪ .‬وجعل سليم‬
‫على مصر نائبا له أو واليا‪ ،‬كان يلقب بالباشا‪ ،‬ويتخذ القلعة مقرا له طوال‬
‫حكم العثمانيين لمصر‪" .‬وقد ذاق المصريون فى عهد العثمانيين ألونا‬
‫كثيرة من الظلم و الطغيان ومصادرة الموال والعلماء ورجال المهن و‬
‫الفنون والصناعات ونقلهم فى السفن الى القسطنطنية‪ ،‬وعاشت مصر‬
‫حقا سوداء امتدت الى نحو مائتين وتسعين عاما‪ .‬وزاد المور سوءا أن‬
‫العثمانيين اتبعوا سياسة مستمرة أن ل يظل الوالى فى مصر ال مدة‬
‫قليلة قد تكون عاما وقد تكون أقل من عام فلم يشعر الولة بشيء من‬
‫الستقرار‪ ،‬وكأنهم كانوا يجيئون ليدخروا لنفسهم شيئا من المال وكانو‬
‫يذهبون دون أن يفكروا فى أي اصلح ويكفى أن نعرف انه حكم مصر‬
‫حتى مجيئ نابليون مائة وخمسون واليا عثمانيا )الدول والمارات‪/‬‬
‫)‪41،42‬‬

‫‪:‬الحملة الفرنسية على مصر‬

‫نزلت القوات الفرنسية مدينة السكندرية فى ‪ 14‬يوليو سنة‬


‫‪1798‬م بقيادة نابليون بونابرت واحتلها بعد أن دافع أهلها منها دفاعا‬
‫مجيدا‪ ،‬ثم واصل زحفة الى القاهرة وحشد المماليك جندهم لمحاربة‬
‫الفرنسيين‪ ،‬ولكن نابليون هزمهم‪ ،‬وحينما علم أن الدول الوربية عادت‬
‫الى محاربة الجمهورية الفرنسية أسرع نابليون الى فرنسا سّـرا فى‬
‫أغسطس سنة ‪1799‬م تاركا قيادة الحملة الى الحنرال كلير ولكن شابا‬
‫سوريا يدعى سليمان الحلبى اغتاله فى يونيو سنة ‪1800‬م وتولى القيادة‬
‫من بعده الحنرال مينو ولكن حملة عثمانية بريطانية مشتركة استطاعت‬
‫أن تهزم الفرنسيين مما جعلهم يوافقون على الجلء عن مصر سنة‬
‫‪1801.‬م‬

‫وكانت الحملة الفرنسية على مصر هي النافذة التى أطلت منها‬


‫مصر على الثقافة الغربية والتقدم العلمى فى أوربا خاصة وان الحملة‬
‫‪.‬كانت تضم عددا كبيرا من العلماء فى مختلف المجالت‬

‫وبعد جلء الفرنسيين من مصر عاد المصريون الى الحكم العثمانى‬


‫ورأو أن من واجبهم التخلص من نيره الظالم البغيض وأن يختاروا‬
‫حاكمهم واختاروا محمد على سنة ‪1216‬هـ‪1805/‬م وأخذ يحكم مصر الى‬
‫‪1848‬م‪ .‬نجح محمد على فى تكوين دولة حديثة فى مصر تعتمد على‬
‫نهضة علمية حديثة‪ .‬ولم يكن أمامه سوى أن يلجأ الى التعليم لتحقيق‬
‫آماله وطموحاته فى بناء هذه الدولة العصرية‪ .‬وكان طبيعيا أن يتوجه الى‬
‫أوربا فأوفد اليها العديد من البعثات التعليمية وخاصة الى فرنسا‬
‫وبريطانيا لينهلوا من منابع العلم هناك ويعود والى الوطن من أجل‬
‫‪.‬تطويره وتحديثه‬

‫وفى عام ‪1848‬م تولى عباس الول فى فى حياة جده محمد‬


‫على وقد تميز حكمه بالرتباط بالدولة العثمانية وبعد وفاته تولى عمه‬
‫محمد سعيد بن محمد على عام ‪1854‬م فكان عهده بداية التدخل‬
‫الجنبي فى مصر لنه بدأ سياسة القتراض من الدول الوربية‪ ،‬وهذا ما‬
‫‪.‬مّهد الطريق الى احتلل النجليزى فى مصر فيما بعد‬

‫توفي محمد سعيد سنة ‪1863‬م فخلفه ابن أخيه اسماعيل بن‬
‫إبراهيم فى حكم مصر الذى واصل سياسة التعاون مع الدول الوربية‬
‫وسعى بكل جهده الى تكوين دولة عصرية فى قارة افريقية مستقلة عن‬
‫الدولة العثمانية‪ .‬إنه حصل لنفسه على لقب خديوى من السلطان‬
‫العثمانى‪ .‬وقد اقترض اسماعيل عشرات الملئين من الجنيهات للنفاق‬
‫على مشاريعه الدعابية ولتحقيق رغباته وشهواته‪ .‬فاستغل النجلترى بذخ‬
‫الخديوى اسماعيل فأقرضوه مع الدول الجنبية الخرى قروضا كثيرا‪ ،‬فلم‬
‫‪.‬تقدر لمصر أن تسددها وأخذت تتدخل فى شئون مصر المالية‬

‫وقد خلع اسماعيل سنة ‪1879‬م فخلفه ابنه خديوى توفيق فى‬
‫حكم مصر‪ .‬تعد أن تولى توفيق حكم مصر عهد بتشكيل الوزارة‬
‫لشريف باشا الذى حاول الستمرار فى سياسة الصلح فقرض على‬
‫توفيق مشروع الدستو الجديد الذى يحقق مصالح الشعب وبعطيه حقوقه‬
‫ولكن الخديوى توفيق‪،‬بإيعاز من الوربيين‪ ،‬رفض الدستور وقبل استقالة‬
‫الوزراء بعد أقل من شهرين من تشكيلها‪ .‬أسند توفيق رئاسة الوزراء‬
‫الى رياض باش المعروف بولئه للنجليز‪ ،‬فحكم البلد حكما مطلقا يقوم‬
‫على الكبت والرهاب‪ ،‬فتنكر توفيق بذلك للحركة الوطنية وعاد نفوذ‬
‫‪.‬الجانب بقوته السابقة‬

‫وظهرت الثورة على الخديوى توفيق فى صفوف ضباط الجيش‬


‫فى قيادة أحمد عرابى فى سبتمبر سنة ‪1881‬م فى الوقت الذى كان‬
‫النجليز فيه يضعون الخطط لجتلل مصر ويعرف هذه الثورة بثورة‬
‫‪.‬عرابى‬

‫‪:‬الحتلل البريطانى فى مصر‬

‫وقد تآمر الخديوى توفيق مع الجانب وقام السطول النجليزى‬


‫بضرب السكندرية فى يوليو ‪1882‬م‪ .‬وأنزل فيها الجنود وزحف نحو‬
‫القاهرة واستعد أحمد عرابى للدفاع بجيشه واستطاع أن يرد النجليز‬
‫على أعقابهم عند كفر الدوار‪ ،‬ولكن النجليز استطاعوا أن يهزموا عرابى‬
‫بالغدر والرشوة ودخلوا القاهرة فى سبتمبر ‪1882‬م وبدأ فى مصر عهد‬
‫‪.‬الستعمار‬

‫وكان أول أمر فعله النجليز هو تسريح الجيش المصرى وتعيين‬


‫مستشار إنجليزى فى كل وزارة‪ ،‬وأصبحت له الكلمة الولى فى البلد‪.‬‬
‫وقد بدأ الشعب المصرى الكفاح ضد المحتليين‪ .‬وفى سنة ‪1892‬م مات‬
‫الخديوى توفيق وخلفه ابنه عباس حلمى الثانى وظهرت الحركة الوطنية‬
‫فى قيادة مصطفى كامل الذى أعاد للمصريين ثـقة أنفسهم ودافع عن‬
‫القضية المصرية فى المحافل الدولية منددا بسياسة الستعمار البريطانى‬
‫وظلمه للشعب المصرى خصوصا بعد أن لقى تجاوبا من الخديوى عباس‬
‫حلمى‪ .‬أصدر مصطفى كامل جريدة اللواء فى سنة ‪1900‬م لمناهضة‬
‫الستعمار البريطانى و إستغل حادثة دنشواي التى حدثت فى يونيو سنة‬
‫‪1906‬م لتكثيف حملته ضد النجليز حين مات بعض الضباط اللنجليز اثناء‬
‫قيامهم بالصيد إثر ضربة شمس فى قرية نشواى‪ .‬فانتقم النجليز من‬
‫أهل القرية بالعدام والسجن والنفي‪ .‬وفى سنة ‪ 1907‬أسس مصطفى‬
‫كامل الحزب الوطنى ليتولى قيادة المسيرة الوطنية الرامية الى مقاومة‬
‫الستعمارالبريطانى وتحرير البلد من سيطرته‪ ،‬لكنه فى السنة التالية‬
‫تولى محمد فريد قيادة الحزب الوطنى الذى طالب بوضع دستور لمصر‬
‫واستمر فى مقاومة الستعمار حتى نفاه النجليز الى أوربا سنة ‪1912‬م‬
‫فاستمر يدعو الى قضية بلده فى الخارج حتى توفي سنة ‪ 1919‬ومع‬
‫ذلك ظلت الحركة الوطنية ملتهبة فى مصر حتى قامت الحرب العالية‬
‫‪.‬الولى‬
‫وقد استغلت بريطانيا ظروف الحرب العالمية الولى‪ ،‬وأعلنت‬
‫حمايتهم على مصر سنة ‪1914‬م وسخروا أبناءها للقتال ووعدوا‬
‫للمصريين الستقلل بعد انتهاء الحرب وأعلنت بريطانيا زوال تبعية مصر‬
‫للدولة العثمانية‪ ،‬وعزلت الخديوى عباس حلمى سنة ‪ 1914‬الذى كان‬
‫من أنصار تقوية العلقة مع الدولة العثمانية وعينت بدل منه حسين كامل‬
‫‪.‬ومنحته لقب سلطان مصر‬

‫وبعد انتهاء الحرب بانتصار الحلفاء توقع المصريون أن بريطانيا‬


‫تحقق وعدها بالجلء عن مصر ولكنها أخلفت وعدها‪ .‬وقد واجه انجلترا‬
‫عاصفة من الشعور الوطنى القوى فى البلد‪ .‬وطلب وفد من الزعماء‬
‫فى قيادة سعد زعلول‪ -‬الزعيم الذى حمل لواء الحركة الوطنية بعد‬
‫مصطفى كامل ومحمد فريد‪ -‬من المندوب البريطانى السماح له بالسفر‬
‫الى مؤتمرالصلح بباريس للمطالبة باستقلل مصر التام‪ ،‬ولكن المندوب‬
‫‪.‬قد رفض الطلب‪ .‬وقد تألف إثر هذه الحادثة حزب بإسم حزب الوفد‬

‫‪:‬ثورة ‪1919‬‬

‫وقد أثار أعضاء الوفد شعب مصر على السلطات النجليزية‬


‫وقبضت عليهم ونفتهم الى مالطة‪ ،‬وحينما سمع الناس هذا الخبر خرجوا‬
‫فى المظاهرات الحتجاجيية فى جميع أنحاء البلد‪ ،‬ثم تحولت المظاهرات‬
‫الى عمليات عسكرية ضد معسكرات القوات البريطانية‪ ،‬وأصبحت مصر‬
‫كلها فى ثورة كبرى سنة ‪ .1919‬ولم يوفق النجليز لتهدئة الحال ال بعد‬
‫أن وعدوا بالفراج عن المنفيين وأعادوهم واستدعوهم الى لندن‬
‫للتفاوض‪ .‬وتقدمت الحكومة البريطانية بمشروع معاهدة ولكن أعضاء‬
‫‪.‬الوفد رفضوا المشروع لنها ل تحقق كل أمانى الشعب المصرى‬
‫‪:‬تصريح ‪1922‬‬

‫وقد استمرت الضطرابات فعادت الى أسلوب القوة من جديد‬


‫وقبضت على سعد زعلول وأصحابه مرة أخرى ونفتهم الى جزيرة سيشل‬
‫فى المحيط الهندى‪ .‬ولكن السلطات البريطانية المستعمرة لم تجد‬
‫مناصا من الخضوع للدارة الوطنية لن الضطرابات تزايدت‪ .‬أخيرا‬
‫أصدرت تصريحا فى ‪ 28‬فبراير سنة ‪1922‬م يقضى بإستقلل مصى‬
‫ويعلن تحويل السلطة الى ملكية‪ ،‬وأعلن السلطان احمد فؤاد ملكا على‬
‫البلد بإسم )الملك فؤاد( كما تشكلت لجنة من رجال القانون لوضع‬
‫الدستور للبلد‪ ،‬ودرت اول انتخابات برلمانية فاز فيها "حزب الوفد"‬
‫وشكل سعد زعلول وزارة وطنية سنة ‪1924‬ولكنها لم تكمل سنة فى‬
‫الحكم لن سعد زعلول إصطدم مرارا بالملك والنجليز ثم استقال اثر‬
‫اغتيال )سردار( الجيش المصرى وهو انجليزى كان يقود الجيش ويحكم‬
‫‪.‬السودان‬

‫وقد تميزت الفترة من ‪ 1924‬حتى ‪ 1936‬بالصراع الداخلى بين‬


‫قوى ثلث وهي الحزاب المصرية والقصر والسلطة البريطانية‪ .‬وقد‬
‫خرج القصر والسلطة البريطانية منتصرين من هذا الصراع لدرجة أن‬
‫الملك فؤاد ألغى دستور ‪ 1923‬ووضع دستورا جديدا فى ‪ 1930‬يخدم‬
‫سياسة القصر ويمكن الملك من تقوية قبضته على البلد‪ .‬ولكن الشعب‬
‫‪.‬وقف مع حزب الوفد ضد ّ القصر وبريطانيا‬

‫‪:‬معاهدة ‪1936‬‬

‫وقد تحرج الموقف الدولى وقررت الحزاب المصرية تكوين جبهة‬


‫وطنية واحدة للوقوف وراء مطلب الجلء والستقلل تحت رئاسة‬
‫مصطفى النحاس‪ ،‬زعيم حزب الوفد بعد وفاة سعد زعلول فجأت‬
‫إنجلترى للمفاوضة معه لن نذر الحرب العالمية الثانية قد لحت فى‬
‫دية مع المصريين من شأنه أن‬
‫الفق‪ ،‬فرأت بريطانيا أن قيام علقات وُ ّ‬
‫يسهل لها المور فى مصر‪ ،‬ووقعت المعاهدة بين الحكومتين المصرية‬
‫والبريطانية فى مصر الزعفران فى أغسطس ‪ 1936‬التى كان من أهم‬
‫‪:-‬شروطها‬

‫انهاء الحتلل وجلء بريطانيا عن مصر عدا حامية فى قناة ‪-‬‬


‫‪.‬السويس‬

‫‪.‬حق بريطانيا فى استخدام أرض مصر فى حالة الحرب ‪-‬‬

‫‪.‬الغاء المتيازات الجنبية والمحاكم المختـلطة ‪-‬‬

‫وقد جاء إبرام العاهدة بعد قليل من وفاة الملك فؤاد وتولى ابنه‬
‫ملك‪ ،‬وقد ترتب على هذه المعاهدة قبول مصر عضوا فى‬
‫فاروق ال ُ‬
‫عصبة المم ‪ ،1937‬رغبت بريطانيا فى حمل مصر على اعلن الحرب‬
‫على دول المحور لكن الحكومة القائمة آنذاك رفضت أن تجر البلد الى‬
‫ويلت الحرب‪ ،‬وأدى ذلك الى نشوب أزمة وزارية فاستقالت الوزارة‪.‬‬
‫ورأى النجليز أن الموقف العسكرى ل يحتمل التأخير فاللمان عند‬
‫العلمين على حدود مصر الغربية‪ ،‬فكان حادث ‪ 4‬فبراير ‪ 1942‬حينما‬
‫حصرت الدبابات البريطانية قصر الملك فاروق وأرغمته تحت تهديد‬
‫السلح على تكليف السيد مصطفى النحاس برئاسة الوزراء‪ ،‬وقد اعتصر‬
‫النجليز اقتصاديات البلد كما تعرضت المدن المصرية لغارات طائرات‬
‫دول المحور‪ ،‬ولما انتهت الحرب العالمية الثانية لم تحصل على‬
‫استقللها‪ .‬فرأى المصريون انهم أمام فترة أخرى من الكفاح للحصول‬
‫‪.‬على الستقلل‬

‫وخلل انتخابات سنة ‪ 1950‬فاز حزب الوفد بالغلبية وشكل‬


‫حكومة برئاسة مصطفى النحاس باشا‪ .‬وإنه أعلن الغاء معاهدة سنة‬
‫‪ 1951‬ورفضت الحكومة البريطانية من جانبها الغاء المعاهدة مما أدى‬
‫الى تشكيل فرق مدربة من الفدائيين –عسكريين ومدنيين‪ -‬قامت بشن‬
‫الغارات المتوالية على القوات العسكرية فى منطقة قناة السويس‬
‫واستشهد عديد منهم بعد قيامهم بعمليات بطولية رائعة الهبت حماسة‬
‫الشعب المصرى‪ .‬وأصيب الجيش البريطانى بالذعر‪ .‬وكذلك نشب‬
‫حريق فى القاهرة فى بعض المحلت التى يملكها اليهود فى ‪ 26‬يناير‬
‫‪ 1952‬وامتدت الى الحياء المجاورة‪ .‬وهذا مما جعل أصابع التهام تتجه‬
‫الى القصر والسلطات البريطانية‪ ،‬وزاد ذلك من نقمة الجيش على‬
‫‪.‬السلطة المدنية‬

‫‪:‬ثورة ‪ 23‬يوليو سنة ‪1952‬‬

‫فوجئت انجلترى بالثورة المصرية فى عام ‪ 1952‬حيث قام‬


‫الجيش المصرى بقيادة اللواء محمد نجيب بالثورة فى صباح ‪ 23‬يوليو‪،‬‬
‫وتنازل الملك فاروق عن العرش‪ ،‬وغادر مصر‪ ،‬وتشكل مجلس للوصاية‪،‬‬
‫وقامت الثورة بإطلق سراح المسجونين السياسيين‪ .‬وشكلت لجان‬
‫التطهيزى مختلف دوائر الدولة وحلـت الحزاب‪ .‬وفى يونيو عام ‪1953‬‬
‫أعلن مجلس قيادة الثورة إلغاء النظام الملكى وإعلن الجمهورية وتم‬
‫اختيار محمد نجيب أول رئيس للجمهورية‪ ،‬ثم أعلن تنحية اللواء محمد‬
‫‪.‬نجيب وتعيين المقدم جمال عبد الناصر رئيسا للجمهورية‬
‫‪:‬معاهدة الجلء ‪1954‬م‬

‫وقد أدركت الحكومة البريطانية أبعاد هذه الثورة وأهدافها القومية‪،‬‬


‫فسلمت بالمطالب الوطنية‪ .‬وعقدت اتفاقية الجلء عن مصر وعن‬
‫منطقة قناة السويس فى ‪ 19‬أكتوبر سنة ‪ .1954‬وفعل تم آخر جندي‬
‫بريطانى عن مصر فى ‪ 18‬يونيو ‪ .1956‬وبذلك تحقق هدف هام من‬
‫أهداف الثورة المصرية وهو تخليص مصر من الحتلل البريطانى الذى‬
‫استمر حوالى ‪ 75‬عاما‪ ،‬وتحقق المل الذى طالما هفت اليه نفوس‬
‫‪.‬المصريين منذ أن نزل بهم الحتلل البريطانى فى سنة ‪1882‬م‬

‫______________‬

You might also like