Professional Documents
Culture Documents
أحمد الرفاعً
578 -512هـ
رضً هللا عنه
3
4
بسم هللا الرحمن الرحيم
الحمد هلل رب العالمين وصلى هللا على سيدنا محمد
وعلى آله وصحبه وأتباعه ،وسلم
أيْس مبتد ٌ ،ا من جمع بٌن الرجال والنساء ...حتى ذكر الكلب بن الكلب ،وذكر
أشٌاء تؽٌظ .فل ّسم ا فرغ الرسول من قراءر الكتاب أخذه سٌدي أحمد رضً هللا عنه
وقرأه ،وقال :صدق فٌما قال ،جزاه هللا عنً خٌراًا ،ثم أنشد :
ب
ير ُتم ِرري ِر إا نسُت عند هللا َم لسسُت أبالل َمم نْن َمرمانل بريب ٍة
ثم قال للرسول :اكتب إلٌه الجواب " :من هذا الالش (ُ )4س مٌد إلى سٌدي الشٌخ
إبراهٌم البستً رضً هللا عنه ،أما قولك الذي ذكرت فإن هللا خلقنً كما ٌشاء ،
وأسكن فًّس
() 1
ج : ١٬ًٚ٬ٝجٚٝفٍ جٜٝف. ٓ٪٧
() 2
ؤ ٪لػح٠ل جٝفلحٝر.
() 3
ْٞي :داح ٔداء ِثً ٠ب.
ً
اٌالغ :اٌر١ٌ ٞط ش١ئب (ال شٟء). () 4
5
ينً من ِس ّسلك( )1و ِس ْسِسلم كْس (.)2 ما ٌشاء ،وإنً أرٌد من صدقاتك أنْس تدعو لً و ُس ْس
ت ِسل َس
تلك من أنباء الشٌخ اإلمام السٌد أحمد الرفا عً الذي كان ٌقال به شٌخ
الطرابق ،وأستاذ الجماعة ،والسًّسد الكبٌر ،وسًّسد العارفٌن ،أبً العباأ ،وأبً
العلمٌن( ،)3محًٌ الدٌن أحمد بن علً بن ٌحٌى بن ثابت ،وهو ٌنحدر من ذرّس يّسر
أبة إلى ج ّسد ه السابع الحسن بن اإلمام علً رضً هللا عنه وٌقال له الرفاعً ِسن ْس
ك ر المكرّس مة ٌلقب برفاعة ،وكان قد هاجر من م ّس المهدي الهاشمً المكً ( )4وكان ّس
وقرّس وقطن فٌه ،وبقٌت ذرّس ٌته بالمؽرب إلى زمن ٌحٌى بن ثابت ، إلى المؽرب َ ،س
جد السٌد أحمد الرفاعً ،الذي رجع إلى مكة المكرمة ،لكنّسه لم ٌلب فٌها طوٌالًا
ابنه علٌا ًا والد الأّس يّسد حتى ؼادرها إلى العراق ،وهناك فً بلدر أم عبٌدر ُسر ِسز َسق َس
الرفاعً .
وولدت له ْس كان علً بن ٌحٌى فقٌها ًا وتزوَّو ج من فاطمة اانصارٌة ابنة خاله ،
أحمد فً " قرٌة حسن " من أرر البطابح بٌن واسط والبصرر فً العراق سنة
512هـ .
وأكثر الرواٌات تذهب إلى أنّس أباه مات وهو فً السنة الأ ابعة من عمره
فكفله خاله السًّسد منصور الرّس بّسانً البطابحً ( ،)5ف ُسعنً به وبتربٌته وتعلٌمه ،وكان
منصور نفسه عالما ًا ،وٌعد فً جملة شٌوخه .ومن شٌوخه أٌضا ًا أو أه ّسم هم القاضً
الخرْس قة وأجازه المقرئ أبو الفضل علً الواسطً ،وهو شٌخه فً التصوّس ؾ ،ألبسه ِس
والط رٌقة وهو ابن عشرٌن سنة ،أما أبو الفضل علً فكان قد ّس فً علوم الشرٌعر
أخذ الطرٌقة
() 1
عِلّ :ٛسظح٧ق٧ ٛوٗػ.ٛ
() 2
جًٝدٚحز جٜٝدف( ٨ؿجف جًٝدحُر جٝنفٖ٬ر د٠وف) ٠٧ 188/1ح دِؿ٥ح.
() 3
ؤ ُٟٞ ٪جٝنفِ٬ر ُٟٞ٧جٝػٚ٬ٚر.
() 4
ٙ٧حل جٱ٠ح ٟجٝنِفج٢٠ " :٫٢ل٧خ ا ٩ٝد ٫٢فٖحُر ٙ ،دٞ٬ر ١٠جِٝفخ " [ جًٝدٚحز جٜٝدف.] 187/1 ٨
() 5
ـ٥خ جٝؿٜس٧ف ٠ػ٠ؿ ُدؿ جٝفػ ١٠ج٬٧ٝل ٫ا ٩ٝؤ٧ ١جٝؿ جٱ٠ح ٟجٝفٖحُ٠ ٫حز ٙدل ٝ٧٠ؿ٧ ، ٣ؤٝ٧ ٣ٓ١ؿ ٖ ٫د٬ز
٥ 623ـ ؾح٢٠ ٤ٝو٧ف [ ٚ٠ؿٓ ٠ر جٝؿٜس٧ف ج٬٧ٝلٜٝ ٫سحخ ل٧جؿ جِٝ ١٬٢٬ِٝدؿ جٜٝف ٟ٬جٝفجِٖ ٫ج٠ٝس ٩ٖ٧ل٢ر
(ج٠٬ٝح٠ر ً ) 1ه.] 8 ، 7
6
عن ابن كافح ،عن ؼالم بن تركان عن أحمد الروذباري عن علً العجمً ،عن
أبً بكر الشبلً ،عن أبً القاسم الجنٌد ،وتنتهً هذه السلسلة بالحسن البصري عن
اإلمام علًّس رضً هللا عنه .وم َّوم نْس ذكر فً شٌوخه خاله أبو بكر بن ٌحٌى الن َّوناري ،
وابن عمه سٌؾ الدٌن عثمان ،وعبد السمٌع الخر تونً ،وعبد الملك الخر تونً .
ودرأ اإلمام السٌد أحمد الرفاعً الفقه الشافعً ،وحفظ كتاب التنبٌه ابً إسحاق
الشٌرازي .
ومنذ أن نضجت معارفه أخذ ٌعقد حلقات التعلٌم والتوجٌه فً بلدر أم عبٌدر ،
والتفسٌر والعقٌدر
َس الع ْسذ ِس
ب الفق َسه والحدٌ َس فالتؾّست حوله جمو كثٌرر ،لتنهل من َسم ِسٌنه َس
وعلوم الطرٌقة أو الحقٌقة ،وإلى طرٌقته ٌنتمً كثٌر من مشاهٌر المتصوفة ،مثل
أحمد البدوي ،وإبراهٌم الدسوقً ،وأبً الحسن الشاذلً ،وشٌخه عبد السالم ابن
مشٌش ،واإلمام الشعرانً ،واإلمام عبد الرحمن بن الكمال السٌوطً .وما بر
ْس
الكأبًّسر وال ّسلدنًّسر، اإلمام أحمد ٌفٌر على َسم نْس حو َسهل ِسم نْس علومه الشرعٌة واللّسوفٌة،
ما ٌقارب أربعة عقود من الزمن ،إلى أنْس لبّس نداء ربّسه ظهر ٌوم الخمٌأ فً
قبّس ج ّسد ه ا ّسم ه ،الشٌخ الثانً عشر من شهر جماد ااولى ام 587هـ ،فدفن فً ر
ٌحٌى النجاري ،فً بلدته أم عبٌدر .
كان السٌد الرفاعً رضً هللا عنه إماما ًا قدور ،عالما ًا عابداًا زاهداًا ،طوٌل
الع ْسقٌان(،)1بز القابلٌن ،وسالت ِسم ن فٌه الكلم الحسان ،بل ُسد َسر ُسر ِس الصمت ،فإذا نطق َّو
الذ كْسر ،وما وكان سه َسل ال ُسخ ُسلق ،لًّس َسن العرٌكة ،كرٌم النفأ ،حسن المعاشرر كثٌر ِّذ
لؾُس ويْس ِس
أكثر ما كان ٌختم تالور القرآن الكرٌم فً نهار ولٌلة ،وكان ٌخدم نفسه َ ،س َس
نعله ،وٌحدب على اارامل والٌتامى وذوي الحاجات ،ويُسج ّسل العلماء ،وٌقول :
هإ ء أركان اامة وقادتها ،وكان ذا ثر ور واسعة يُسم ُّدده مو ه سبحانه بها من َسر يْس
أمالكه ،ومن أوقافه المحبوسة على رواقه ،ومما كان ٌبع به إلٌه أتباعه فً
،ولكن اإلمام ااقالٌم
() 1
ج٬َِْ٘ٝح( ١دحٜٝلف) ـَ َ٣خْ ٢٬دز "[ جٚٝح٧٠ك ج٠ٝػ ٫ٖ٧ ]ً٬جِ٠ٝظ ٟج٧ٝل : ً٬ج٬َِْ٘ٝح : ١ـ٥خ ٠سٜحصٕ ٖ٫
٢٠حظ ، ٤٠ؾحٝه ٠٠ح ٬ؾس ًٞد ١٠ ٤جٝف٠حل ٧جٝػظحفذ ".
7
يُسم سك من ك ّسل ذلك شٌبا ًا ،وإنما ٌجو ُسد به على َسمنْس حوله ْس الرفاعً كان ؼٌثا ًا ِسم ْسدراراًا
من مرٌدٌه وآ ِّذم ي رواقه ،وعلى البإساء والمساكٌن .
وكان قد أصهر إلى خاله أبً بكر بن ٌحٌى النّس ّسجاري ،واقترن بابنته خدٌجة
،ورزق منها ابنتٌن فاطمة وزٌنب ،ثم ماتت ابنة خاله خدٌجة ،فاقترن بؤختها
رابعة ،ورزق منها ولداًا س ّسم اه صالحا ًا ،وفً الطبقات الكبر للشعرانً وصٌة
للمام أحمد و ّسجهها إلى ابنه صالح ( ،)1ولكن خٌر الدٌن الزركلً قال " :مات ولم
() 2
العقبُس فألخٌه " ِس قا ًا ،أما
ٌخلؾ َس ِسب
وقد صنؾ اإلمام الرفاعً كتبا ًا كثٌرر ،ذهب كثٌر منها لد ؼزو المؽول
والتتار ،ومما ُسذكِسر له من تلك الكتب :معانً بسم هللا الرحمن الرحٌم ،تفسٌر سورر
القدر ،الرواٌة (حدٌ شرٌؾ ) ،الطرٌق إلى هللا ،الصراط المستقٌم ،البهجة ، ْس
رحٌق الكوثر ،النظام الخال اهل ا ختصال ،المجالأ ااحمدٌة ،كتاب
الح َسكم ،شر التنبٌه ،راتب الرفاعً (حزبه ،وهو آٌات وأذكار وأدعٌة ) ،أو ِس
المصبا المنٌر فً ورد السٌد الرفاعً الكبٌر ،الأِّذرّس المصون ،البرهان المإٌد ،
حالة أهل الحقٌقة مع هللا ،وفً " حالة أهل الحقٌقة مع هللا " رو هو نفسه بؤسانٌد
متصلة مرفوعة إلى النبً صلى هللا علٌه وسلم أربعٌن حدٌثا ًا ،ودرسها دراسة
مستفٌضة ،وأود هذه الدراسة مواعظه وطرٌقته .
وكان اإلمام الرفاعً ٌجٌد القرٌر ،ومنه قوله :
ُت ْن رانُت النو َمم فنّن ِرل َم َمر اللَّو ْن دْن َم تعوَّو
نْنب نيرانُت ُتف بى َّو
الإ ب إنْن ِر وو سَم ْنر َمنْن لى الَّو
وّن نُت لللرآن ِر ْنر ِرد الل ْنم للواحد َم ووُت
الذ ابعة قوله مخاطبا ًا رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم وهو واقؾ ومن اابٌات ّس
بحذاء قبره
() 1
جًٝدٚحز جٜٝدف( ٨ؿجف جًٝدحُر جٝنف٬ٙر ) .190/1
() 2
جٯُٴ( ٟجًٝدِر جٝفجدِر دؿجف ج٠ٞٝ ِٟٞٝٴ.174/1 ) ١٬٬
8
الشرٌؾ :
اارر عنّن وهل نائبتل
َم تلبل ُت
ِّب نس أ ُترسل ُتها
لبْن ِرد ُتروحل ُت
ل حالة ا ُت
ؤم ُتددْن يمينَم ل تحظى بها ألفتل ْن
حضرس ااألباا د وهإ دَم ُت
ولة
ِر
فم َّود له رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم ٌده الشرٌفة من قبره الكرٌم ،فقبلها
( )1أمام جمع من الحجٌن .
() 1
ُدؿ جٜٝف ٟ٬جٝفجِٖ :٫ل٧جؿ ج٢٠ ٫ٖ ١٬٢٬ِٝحٙخ ؤد ٫ج( ١٬٠ِٞٝج٠٬ٝح٠ر) 40
9
بسم هللا الرحمن الرحيم
[ أسانلد الأليخ أحمد ااخضر راو ال تاب]
قال الشٌخ اإلمام السٌد محًٌ الدٌن أحمد ااخضر بن السٌد سلمان بن السٌد
أحمد بن السٌد سلٌمان ،نزٌل الرحبة ،ابن السٌد إ براهٌم بن السٌد أبو المعالً
عبدالمنعم بن السٌد أبً العباأ أحمد البطاٌحً نزٌل ال ُسه مامٌة ( )1بواسط ،الرفاعً
الحسٌنً رضً هللا عنه وعن أسالفه الطاهرٌن أجمعٌن .
ي ب ُسر واق عبٌد َسر عا َسم تسعة وأربعٌن وخمسمابة للقوم كتابُس "حالة أهل أ ُس ْسل ِسق َس
ؾ العدٌ َسم المثٌل ،الذي انتظم من أربعٌن الحقٌقة مع هللا" أعنً الكتاب الجلٌل ،والأِّذ ْس َسر
خمٌأ مجلأ ،وأولها أول خمٌأ من شهر رجب من ذلك العام ،
() 2
ٍس مجلسا ًا ،ك َّول ِس
ٌوم
كنٌن ،سلطان ااولٌاء والعارفٌن ، المتم ّس لسان ُسقطب ااقطاب ِس وقد صدر من
بتقبٌل ٌ ِسد َسج ِّذده سٌد المرسلٌن ،
ِس ُسم حًٌ الحق والشرٌعة والدٌن ،ا ُسلمشَّو َسرؾِس جهاراًا
مصبا المعرفة المنٌر ،مو نا وشٌخنا و ُسم رْس شدنا إلى هللا تعالى السٌد أحمد الرفاعً
الحسٌنً الحسنً اانصاري الكبٌر رضً هللا عنه ،وعنّسا به ،ونفعنا والمسلمٌن
حال حضر ِسر اانأ ٌ ،د ُّدل على بعلومه ،فهو رو ٌح من ورو القدأ ،وحا ٌحل من ِس
الطرٌق ،وٌؤخذ للتمأُّدكِس بالعهد الوثٌق ،ويُسلزم با ستقامة ،ويُسفرغ فً القلب التزا َسم
منهن أهل السالمة ،وإنً قد قرأته فً أربعٌن مجلسا ًا بعد اإلجازر به على سٌدي
الؾ د اا ْسو حد السٌد شمأ الدٌن أحمد المستعجل بن الرفاعً الق ْسط ب َسرْس
ومو ي ُ ،س
أربعٌن مجلسا ًا بعد اإلجازر
َس رضً هللا عنه فً ُسرواق أم عبٌدر ،وهو قال :قرأته فً
هلل تعالى ْسط ب العارؾ با ي امً السٌد ُس
الق به على ج ِّذد
() 1
ج َُٟ٤ٝج٬٠ر :دٞؿذ ٧٢ ١٠جػ٧ ٫جلً د٦٢٬ح ٧د ١٬ؾ٧قلسح٢٠ ، ١ل٧در ا٠٥ ٩ٝح ٟجٝؿٝ٧ر ٢٠و٧ف د ١ؿد٬ك د١
ُٗ ٕ٬جٯلؿ٬ٝ٧ ، ٪ك ٥ـج دوحػخ جٝغِ ذلّ [ ِ٠ظ ٟجٝدٞؿج( ١وحؿف ) .]410/5
() 2
جًُْ٘ٝخ :جٝل٬ؿ ،ؤ ٪ل٬ؿ جٯ٬ٝ٧حء ٖٙ٧ ٫س. ٤
10
أربعٌن مجلسا ًا
َس ُسه
قرأت فً نجم الدٌن أحمد بن الرفاعً رضً هللا عنه ،وهو قال :
بعد اإلجازر به على أخً وسٌدي ومو ي القطب ااعظم أبً إسحاق السٌد إبراهٌم
أربعٌن مجلسا ًا من لسان جدي َس ااعزب رضً هللا عنه ،وهو قال :سمعته فً
القطب الؽو ااكبر ،سلطان ااولٌاء والعارفٌن ،سٌدنا السٌد أحمد الرفاعً
ت به فؤجاز. ْس
استجز ه ُس رضً هللا عنه ونفعنا بعلومه ،وقد
وسمعته أٌضا ًا من جامعه الشٌخ العارؾ باهلل الفقٌه أبً شجا بن منجح
الشافعً رضً هللا عنه انتهى.
وقد أجازنً بقراءته الشٌخ الفقٌة عفٌؾ الدٌن أبو طالب المقري ا لصوفً ،
وهو قال :أجازنً بقراءته الشٌخ العارؾ العالم الشرٌؾ شرؾ الدٌن أبو طالب بن
عبد السمٌع العباسً الهاشمً ،وهو قال :قد أجازنً بقراءته القاضً الشٌخ
الصالح الفقٌه الجلٌل جامعه أبو شجا بن منجح الشافعً الواسطً ،وهو قال :قد
أجاز بقراءته بعد جمعه كما تلقًناه فً ج ٍّمم ؼفٌر من ناثر ُسد َسر ِسر ِسه الشرٌفة ،وناظم
أسالٌبه ال ُسم نٌفة ،سٌدنا ومو نا القطب الؽو ِس ااعظم ،حجة هللا على أولٌابه
العارفٌن ،السٌد محًٌ الدٌن الكبٌر الرفاعً الحسٌنً رضً هللا عنه ونفعنا به .
ولنا من طرٌق الشٌخ عفٌؾ الدٌن اإلذنُس بقراءر كتاب "البرهان المإٌد" الذي
جمعه من كالم سٌدنا السٌد أحمد الرفاعً رضً هللا عنه الشرٌؾُس العالّسم ُسة شرؾ
الدٌن بن عبد السمٌع العباسً رحمه هللا عن الشرٌؾ شرؾ الدٌن عن صاحبه اإلمام
الرفاعً رضً هللا عنه .
الح َسك ِسم ااحمدٌة بسندنا عن الشٌخ عؾٌؾ
ولن من هذا الطرٌق اإلذن بقراءر ِس
ا
الدٌن عن الشٌخ شرؾ الدٌن عن أبٌه الشرٌؾ عبد السمٌع الهاشمً الواسطً عن
ناسن برودها وناظم عقودها سٌدنا اإلمام السٌد أحمد الرفاعً رضً هللا عنه وعنهم
أجمعٌن .وهذا نل ما تلقٌناه عن مشاٌخنا رحمهم هللا من كتاب (حالة أهل الحقٌقة
مع هللا).
11
بسم هللا الرحمن الرحيم
[ ملدمة ال تاب]
رسول الثقلٌن ،القطبُس الؽو ُس ِس الع َسلم يْسن وار ُس
قال شٌخنا وسٌدنا شٌخ الطوابؾ أبو َس
الجام ُسع الحج ُسة العارؾُس القدورُس إما ُسم ااولٌاء السٌ ُسد أحم ُسد محًٌ الدٌن أبوالعباأ الكبٌر
الرفاعً الحسٌنً بن السٌد أبً الحسن علً بن السٌد ٌحٌى بن السٌد ثابت ،اب ن
السٌد الحازم بن السٌد أحمد بن السٌد علً بن السٌد الحسن ،بن السٌد المهدي ،ابن
السٌد أبً القاسم محمد ،بن السٌد الحسن بن السٌد الحسٌن ،بن السٌد أحمد ،ابن
السٌد موسى الثانً ،بن السٌد إبراهٌم المرتضى ،بن اإلمام موسى الكاظم ،بن
اإلمام جعفر الصادق ،بن ا إلمام محمد الباقر ،بن اإلمام زٌن العابدٌن علً ابن
امتِس َسن بؤنوا البالء ،أمٌر المإمنٌن ُسزبدر السادر اابمة ،و ُس مدر قادر اامة ،الذي ُس
أبً عبدهللا اإلمام الحسٌن الشهٌد بكربالء ،ابن إمام اابمة ااولٌاء ،وقابد أز ّسم ر
ؾ ،باب مدٌنة العلوم ااصفٌاء ذوي السوابق الكبر ،والمفا ر والمناقب الوُس ْس َسر
المشبَّو بكبار اانبٌاء كآدم وإبراهٌم ونو ه مقام له ممنو ، والح َسكم ،السٌد الذي ك ُّدل ٍس
ِس
،الذي قدرهُس كاسمه حسن وعلً ،أمٌر المإمنٌن أبً الحسن علً رضوان هللا علٌه
وعلٌهم أجمعٌن .
ونعدَس ُس به من ااحباب ،ونشهد الحمد هلل حمداًا نص ُسل به إلى كشؾ الحجاب َ ،س
شرٌك له ،ونشه ُسد أن محمداًا صلى هللا علٌه وسلم عبده َس أن إله إ هللا وحده
بالنور الأّساطع ،والبٌانِس وخٌرت ِسم نْس خلقه ،بعثه هللا
هُس ورسوله ،وحبٌبه وصفًُّدهُس ،
الالمع ،والسٌؾ القاطع ،فب ّسلغ الرسالة ،وأ ّسد اامانة ،وأوضح السنّس َسر ،وأأّسأ
هللا حتى أتاه الٌقًن ،فصلوات هللا علٌه وعلى آله وع َسبدَس َس
الشرٌعة ،ونصح اامة َ ،س
وصحبه أجمعٌن.
أما بعد فهذه ُسج َسم ٌحل نذكر فٌها (حالة أهل الحقٌقة مع هللا) ،و حول و قو َسر
إ باهلل ،وذلك لترتار ( )1النفوأ ،ولتتروّس القلوبُس بنسبة ما أ لفت إلٌه ،وإ
فمنبعنا وقتً ،وثرٌدنا ( )2طريّس ،من مابدر النبً صلى هللا علٌه وسلم ،بالت ُّد
نزل
اإللهً ،ما فٌه َسقدٌد(.)3
12
الحديث ااول
[ من يإوو طعم اإليمان؟ ]
حدثنا الشٌخ اإلمام ال ُسم ْسقري القاضً الثقة ،علً أبو الفضل الواسطً
ّس
المهذب ،قال :أنبؤنا أبو بمدرسته فً واسط ،قال :أنبؤنا أبو علً الحسن بن علً بن
بكر أحمد ابن جعفر القطٌعً ،قال :أنبؤنا عبدهللا بن أحمد بن حنبل ،قال :حدثنً
أبً ،قال :حدثنا قتٌبة بن سعٌد بن اللٌ بن سعد ،عن ابن الهادي ،عن محمد بن
إبراهٌم بن الحر ،عن عامر بن سعد عن العب اأ بن عبد المطلب ،أنه سمع
رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم ٌقول " :ذاق طعم اإلٌمان من رضً باهلل ربا ًا ،
وباإلسالم دٌنا ًا ،وبمحمد صلى هللا علٌه وسلم نبٌا ًا( ،")1وهذا الذوق المنبع عن هذا
الرضا هو المعرفة باهلل تعالى .والمعرفة نو ٌحر أسكنه هللا تعالى قلب من أحبه من
عباده ،و شً أجل وأعظم من ذلك النور ،وحقٌقة المعرفة حٌار القلب بال ُسم حًٌ
للنإر من ان حيا ً )( ،)3وقال تعالى () 2
( َمأو َمم ن ان َمم يتا ً ؤحيينا ) وقال تعالى ُ ( :ت
حيلنه حيا ًا طيبة )( ،)4وقال :سبحانه ( :استجيبوا هلل وللرسول إا دعا م لما( لنُت ّن
() 1
وػ٬غ .ف٧ج ٣جٱ٠ح ٟؤػ٠ؿ ٖ٠ ٫ل٢ؿ( ٣ؿجف جٝػؿ٬ش) 384 ٧ 383/2دف٠( 1779 ٧1778 ٟٙل٢ؿ جِٝدحك
دُ ١دؿ جًٞ٠ٝخ في ٫جهلل ُ٠٧ )٤٢ل :ٟٞجٱ٠٬ح ،١دحخ :جٝؿ٬ٝل ُ ٩ٞؤ ١٠ ١في ٫دحهلل فدحً ٧دحٱلٴ ٟؿ٢٬حً
٧د٠ػ٠ؿ و ٩ٞجهلل ُ٧ ٤٬ٞل ٟٞفل٧ٳً ٖ٠ ٧٦ئ ،١٠ف.34ٟٙ
() 2
ل٧فذ جٯِ٢ح.122 :ٟ
() 3
ل٧فذ ٬ك70 :
() 4
ل٧فذ ج٢ٝػل97 :
13
ُتحيي م)( ،)5فمن م اتت نفسه ؛ بعدت عنه دنٌاه ،ومن مات قلبه بعد عنه مو ه ،
وأُسبل ابن السماك ( :)6متى ٌعرؾ العبد أنه على حقٌقة المعرفة ؟ قال :إذا شاهد
الحق بعٌن اعتباره فانٌا ًا عن كل من
() 5
ل٧فذ جٯٗ٢حل.24 :
() 6
ؤد ٧جِٝدحك د ١جٝل٠حٜ ،ٛح٧ٚ٬ ١ل٬ ،ح ؤؾ٥ ٫خ ؤ ١جٝؿ٬٢ح ٦ٜٞح ٖ٬ ٫ؿٖ ،ٛ٬حٌ٢ف ٠ح ٖ٬ ٫ؿ٦٢٠ ٛ٬ح ُ٢ؿ
ج٧٠ٝز .س ٫ٖ٧دحٖ٧ٜٝر ل٢ر ٥ 283ـ (ًدٚحز جٝنِفج.)80-79/1 ٫٢
14
سواه ،وقٌل :المعرفة فقدان رإٌة ما سواه ،بحٌ ٌصٌر ما دون هللا تعالى عنده
أصؽر ِسم ن خردلة ،قال تعالى ( :ل هللا م َمإ ْنر ُت م)(َ ،)1سم ن نظر إلى هللا تعالى لم
ٌنظر إلى الدنٌا و إلى العقبى ،وشمأ قلب العارؾ أضوأ من شمأ النهار ،
وأبهن منها فً مطلع اانوار.
روب
ُت استنارسْن ما لديها أا ّنب َم ليالًطلف سْن ألم ُت من َم
تتيب
ُت ب ليسس وألمو ُت الللو ِر تترب ليالً
ُت النهار
ِر نّن ألم َم
، قال ذو النون ( :)2إطال الحق سبحانه على ااسرار بمواصلة المدد
كإطال الشمأ على اارر بإشراق اانوار ،فعلٌكم بتصفٌة القلوب ،فإنها
مواضع نظره ،ومواطن سره ،فإن من عرؾ هللا ٌختار ؼٌره حبٌبا ًا سواه ،وفً
ظ لمة ،ثم ألقى علٌهم شٌبا ًا من نوره ،فمن الخ ْسل َسق فً ُس
الخبر" :إن هللا تعالى خلق َس
() 3
أصابه من ذلك النور اهتد ،ومن أخطؤه ض َّول وؼو " وهو نور ٌخرج من
الم نّس ر ،فٌقع فً القلب ،فٌستنٌ ُسر به الفإاد ،وٌبلػ شعاعه إلى ُس ُسج ب سرادق ِس
الجبروت ،و ٌحجبه عن الحق الجبروت ،و الملكوت ،فٌصٌر العبد فً جمٌع
(هللا أفعاله وأقواله وحركاته وإرادته فً حٌاته ومماته صابراًا إلى النور،
() 4
نور السمواس واارر) (يهد هللا لنور من يألاء) .
() 1
ل٧فذ جٯِ٢ح.91 ٟ
() 2
ؤد٧ج٬ٗٝى ص٧دح ١د ١ادفج ٟ٬٥س ٫ٖ٧ل٢ر ٥ 245ـُ ١٠" :٤ٝ٧ٙ ١٠٧ .ٴ٠حز ج٠ٝػخ هلل ُق ٧ظل ٠ :سحدِر
ػد٬خ جهلل و ٩ٞجهلل ُ٧ ٤٬ٞل ٫ٖ ٟٞؤؾٴ٧ ٤ٙؤِٖح٧ ٤ٝؤ٧ج٠ف٧ ٣ل( " ٤٢٢جٝفلحٝر جٚٝن٬ف٬ر (ؿجف اػ٬حء جٝسفجش
جِٝفد.)33 )٫
() 3
وػ٬غ :ؤؾفظ ٤ؤػ٠ؿ دفُ ١ُ 6854 ٧ 6659 ٧ 6644 ٟٙدؿ جهلل د٠ُ ١ف ٧في ٫جهلل ُ٧ ٤٢ج٬٦ٝص٫ٖ ٫٠
: ٧٠جفؿ ج٠ٌٝأ : ١جٚٝؿف ،جٝدحخ جٝشجٝش ،ف( 1812 ٟٙوػ٬غ جد ١ػخٓ ج٧ 61698 ١جٝػح ٫ٖ ٟٜج٠ٝلسؿفٛ
جٱ٠٬ح.30/1 ١
() 4
ل٧فذ ج٧٢ٝف .35
15
قال ٌحٌى بن معاذ ( :)1المعرف ُسة قربُس القلب إلى القرٌب ،ومراقبة الرو
للحبٌب ،وا نفراد عن الكل بالملك المجٌب ،وقال ذو النون :هً تخلٌة السر عن
كل إرادر ،وترك ما علٌه العادر ،وسكون القلب إلى هللا بال عالقة .وقال بعضهم :
هٌبتها جنون ،وصورتها جهل ،ومعناها َس يْسرر ؛ فإن العارؾ ٌشؽله علم هللا تعالى
الخ ْسلق استجهلوه ،وٌكون أبداًا فً مٌدان العظمة عن جمٌع ااسباب ،فإذا نظر إلٌه َس
الخ ْسلق ،فإذا رأوه استجنُّدوه ،وٌكون بك ّسلٌته فانٌا ًا بحب جالل عظمته تعالى ولها ًا بٌن َس
ِس
بر عن ِس ُسخ
ٌ أن أحد ٌقدر و ، استدهشوه أبصروه فإذا ، سواه ن م
َس عن ًا مشؽو ،
الحق فان تحت ِّذ
اط بدت وإلٌه تعود .فالعارؾ ٍس المعرفة باهلل تعالى ،فإنها منه َس
ت حً ،وحًٌّي مًّست ، باق على بساط الحق بال نفأ و سبب ،فهو مًّس ٌح تعالى ٍ ،س
ومحجوبٌح مكشوؾ ،ومكشوؾٌح محجوب ،تراه والها ًا على باب أمره ،هابما ًا فً
مد ًا تحت جمٌل ستره ،فانٌا ًا تح ت سلطان حكمه ،باقٌا ًا على بساط مٌدان برّس هْ ،س
، ُسلطفه .العارفون صارت أنفسهم فانٌة تحت بقابه وسلطانه عن كل حول وقور
تراهم باقٌن بحوله وقوته ،متالشٌن عن كونهم وأسبابهم تحت جالل ألوهٌته ،
وعزهم به وذ ّسلهم به.ّس ملوكا ًا به دون مملكته ،فقرهم به وؼناهم به ،
رو أن هللا تعا لى أوحى إلى داود علٌه السالم ٌ :ا داود اعرفنً واعرؾ يُس َس
كر داود فقال :إلهً عرفتك بالفردانٌة والقدرر والبقاء ،وعرفت نفسً نفسك .فتف ّس
بالعجز والفناء .فقال :اآلن عرفتنً .وروي فً الخبر :لو عرفتم هللا تعالى حق
معرفته لعلمتم العلم الذي لٌأ بعده جهل ،ولزالت الجبال بدعابكم مع أنه ٌنتهً
أحد و
() 1
:ؤد ٧قٜف٬ح ٬ػ ٩٬دِ٠ ١حـ د ١ظِٗف ج٧ٝجٌُ جٝفجق .. ٪ؤٙح ٟددٞؽ ٠ؿذ صُ ٟح ؿ ا٬٢ ٩ٝلحد٧ف ٠٧حز د٦ح ل٢ر
٥ 258ـٜ ١٠٧ .ٴ ٤٠في ٫جهلل ُ ١٧ٜ٬ ٕ٬ٜ: ٤٢قج٥ؿجً ١٠ٳ ٧فٍ ، ٤ٝس٧فٍ ُ٠ح ٬ٝك ، ٛٝص ٟجق٥ؿ ٖ٠٬ح
[ ٛٝجًٝدٚحز جٜٝدفٞٝ ٨نِفج.] 106/1 ٫٢
16
ٌبلػ منتهى معرفته أن هللا تعالى أعظ ُسم من أن ٌنتهً أحد إلى منتهى معرفته(.)1
وقال اإلمام جعفر الصادق ( )2علٌه الرضوان والسالم ٌ :عرؾ هللا حق
معرفته من التفت منه إلى ؼٌره ،المعرفة هً طٌران القلب فً سرادق ااُس نأ
والق درر ،وهذه حالة من لُس َّوم ت أذناه عن ُس واالفة ،جوّس ا ًا فً ُس ُسج ِس
ب الجالل
،وخرأ لسانه عن التكلم البطا ت ،وعمٌت عٌناه عن النظر إلى الشهوات
الخلق ،قال :به أراهم ،وأُس بل َس ( )4تر بالتهات ( ،)3وقٌل ابً ٌزٌد ُّدرُّد
عة ثم قال :من عرؾ هللا تعالى ق َّول محمد بن واسع هل عرفت ربك فسكت سا ًا
) 5(
كال ُسم هُس ،ودام تحًُّدره ،وفنً عن صور ااعمال ،وتحًّسر مع ا تصال ُ ،سم تقرِّذ با ًا فً
جمٌع ااحوال ،منقطعا ًا عن الحال إلى ولًّس الحال ،فإن اامور بحقابقها بالحأِّذ
وصورها.
() 1
ؤؾفض جد ١جٝلِ٠ ١ُ ٫٢حـ في ٫جهلل ُ ٤٢ؤ ١فل٧ل جهلل و ٩ٞجهلل ُ٧ ٤٬ٞلٙ ٟٞحل ُ ٧ٝ :فٖس ٟجهلل ػ٘
ِ٠فٕس٠ٝ ٤ن٬س ٩ُٞ ٟجٝدػ٧فٝ٧ ،قجٝز دؿُحث ٟٜجٝظدحل ٧ٝ٧ ،ؾٗس ٟجهلل ػ٘ ٠ؾحٖس٠ِٞٝ ٤س ٟج ِٟٞٝجٝـ٬ٝ ٪ك ٤ِ٠
ظ٦ل٬ ٟٝ ١ٜٝ٧ ،د ْٞـ ٛٝؤػؿ ٬ٙ .ل٬ :ح فل٧ل جهلل٧ ،ٳ ؤ٢ز؟ ٙحل ٧ :ٳ ؤ٢ح؛ جهلل ُق ٧ظل ؤٌُ ١٠ ٟؤ٬ ١د ْٞؤػؿ
ؤ٠ف٢ٜ [ ٤ٜٞ ٣ق ج٠ِٝحل (جٝفلحٝر) 144/3دف٧ .] 5893 ٟٙاسػحٕ جللحؿذ ج٠ٝس٧ 477 ٧75/9 ١٬ٚجٝؿف ج٢٠ٝص٧ف
٧ 196/1ػ٬ٞر جٯ٬ٝ٧حء ٙ٧ 156/8حل جٝػحٌٖ جِٝفج ٫ٖ ٫ٙج٧ :97/4 ٫٢ٔ٠ٝف ٨٧ؤد٢٠ ٧و٧ف جٝؿ٠ ٫ٖ ٫٠ٞ٬ل٢ؿ
جٗٝفؿ٧ك دل٢ؿ يِ ١٠ ٕ٬ػؿ٬ش ِ٠حـ د ١ظدل في ٫جهلل ُُ ٧ٝ " : ٤٢فٖس ٟجهلل ػ٘ ِ٠فٖس٠ٝ ٤ن٬س٩ُٞ ٟ
جٝدظ٧ف ٝ٧قجٝز دؿُحث ٟٜجٝظدحل "٧جٌ٢ف ج.267/4 ٫٢ٔ٠ٝ
() 2
ؤدُ ٧دؿ جهلل ظِٗف جٝوحؿ٘ د٠ ١ػ٠ؿ جٝدحٙف ٜ٧ ..ح ١في ٫ج٧ٚ٬ ٤٢ُ ٤ٝل " :اـج لِ٠س٠ ١ُ ٟل٠ٜٞ ٟٞر
٥ 148ـ ٖحػ٥٧ٞ٠ح ُ ٩ٞؤػل٠ ١ح سظؿ ،١٧ػس ٩ٳ سظؿ٧ج ٦ٝح ٠ػ٠ٴً ٖ٧٠٧ٞج ؤٗ٢ل" ٟٜس ٫ٖ٧دح٠ٝؿ٢٬ر ل٢ر
( جٝنِفج )42/1 ٫٢ؤ٧٠٧ٝ ٪ج ؤٗ٢ل ٟٜدلدخ ُظق ١ٍ ٟٜا٬ظحؿ ُـف ؤ٠ ٧ػ٠ل ٝس ٛٞج٠ٜٞٝر.
() 3
جٝسف٥حز :جٯدحً٬ل .
() 4
٠ػ٠ؿ د٧ ١جلَ د ١ظحدف جٯقؿ ،٪ؤد ٧دٜف٧ ٤٬ٖٚ :فٍ ١٠ ،صٚحز ؤ٥ل جٝػؿ٬ش ،سُ ٫ٖ٧ح٥ 123 ٟـ.
() 5
ؤد٬ ٧ق٬ؿ ً٧ٗ٬ف د٬ُ ١ل ٩جٝدلًح٠ ٫٠حز ل٢ر ٬ٙ٧ 261ل ٥ 234ـ.
17
قال أبو ٌزٌد :لٌأ على تحقٌق بالمعرفة ،من رضً بالحال دون ولً الحال
بحال ه َسه َسلكْس ،وإن
ِس .فإن من عرؾ هللا َسك َّول لسانُسه ،ودهش عقله .العارؾ إن تكلم
سكت احترق .قال أبو بكر الواسطً ( :)1المعرفة على وجهٌن :معرفة اإلٌقان ،
ومعرفة اإلٌمان ،فمعرفة اإلٌمان شهادرُس اللسان بتوحٌد ال َسم ِسلك الديّسان ،واإلقرا ُسر
بالننان ،بصدق ما فً القرآن ،وأما معرفة اإلٌقان فهً دوام مشاهدر الفرد الديّسان َس
وقال بعضهم :هً على ضربٌن ،ااول هو أن ٌعرؾ أن النعمة من هللا تعالى ،
قال هللا تعالى (وما ب م من نعم ٍة من هللا)( )2فٌقوم بشكره ،فٌستزٌد به النعمة من
() 3
نعم من ؼٌر أن هللا بدلٌل قوله تعالى ( :لئن أل رتم ازيدن م ) ،والثانً رإٌة ال ُسم ِس
نعم ،وٌقوم بحق معرفته ومحبته ،وذلك قوله ٌلتفت إلى النعمة فٌزٌد شوقه إلى (4ال) ُسم ِس
() 5
تعالى( :يا أيها النبل حسب هللا ) ( ،فن تولّنوا لل حسبل هللا) ،وقال ذو النون
المصري :هً على ثالثة أوجه :أولها معرفة التو ٌد ،وهً لعامة المإمنٌن ،
والثانً معرفة ال ُسح ّسج ِسر والبٌان ،وهً للعلماء والبلؽاء والحكماء ،والثال معرفة
صفات الفردانٌة ،وهً اهل و ٌة هللا تعالى وأصفٌابه الذٌن أظهر هللا لهم ما لم
يدَس يْس َسم ن
يُسظهر لمن دونهم ،وأعطاهم من الكرامات ما لم ٌجز أن ٌوصؾ ذلك بٌن َس
ٌكون أهالًا له ؛ خلّس هم هللا من بٌن الخالبق واصطفاهم لنفسه واختارهم له ،
فحٌاتهم رحمة ومماتهم ؼبطة ،طوبى لهم .وقال ؼٌره :هً على وجهٌن :معرفة
التوحٌد ،وهو إثبات وحدانٌة الواحد الق ّسه ار ،ومعرفة المزٌد ،وهً التً سبٌل
احد إلٌها .
أقول :هً كشجر ٍسر لها ثالثة أؼصان توحٌد وتجرٌد وتفرٌد ،فالتوحٌد بمعنى
اإلقرار ،والتجرٌد بمعنى اإلخالل ،والتفرٌد بمعنى ا نقطا إلٌه بالكلٌة فً كل
حال .وأول مدارج المعرفة التوحٌد ،وهو قطع اانداد ( ،)1والتجرٌد ،وهو قطع
ااسباب ،والتفرٌد وهو بمعنى ا تصال بال سٌر و عٌن و دون ،ولها خمأ
طرابق .أولها :الخشٌة فً السر والعالنٌة ،والثانٌة :ا نقٌاد له فً العبودٌة ،
والثالثة :ا نقطا إلٌه بالكلًّس ر ،والرابعة :اإلخالل له بالقول والفعل والنًّس ر ،
والخامسة :المراقبة فً كل خطرر ولحظة.
وحكً عن عبد الباري قال :خرجت مع أخً ذي النون فإذا نحن بصبٌان
ٌرمون واحداًا بالحجارر ،فقال لهم أخً :ما ترٌدون منه ؟ قالوا :هذا رج ٌحل مجنون ،
ومع ذلك ٌزعم أنه ٌر هللا تعالى ،قال :فدنونا منه ،فإذا هو شابٌح وسٌم ،ظهر
() 1
:ؤد ٧دٜف ٠ػ٠ؿ د٧٠ ١ل ٩ج٧ٝجلًٖ ١٠ ،٫فٓح٢ر ،وػخ جٝظ٬٢ؿ ٧ج٧٢ٝف ،٪ؤٙح ٟد٠ف٠٧ ،٧حز د٦ح دِؿ ُحٟ
٥ 320ـ.
() 2
ل٧فذ ج٢ٝػل .53
() 3
ل٧فذ ادفج.7 ٟ٬٥
() 4
ل٧فذ جٯٗ٢حل.64 :
() 5
ل٧فذ جٝس٧در.129 :
() 1
ظ٢ َ٠ؿٓ ٧٥٧ ،ج٬ٌ٢ٝف ٧ج٠ٝصل.
18
علٌه سٌما العارفٌن ،فس َّولمنا علٌه ،وقلنا :إنهم ٌزعمون أنك ت َّودعً رإٌة هللا تعالى ،
ت من ساعتً ،وأنشؤ عٌن َسلُسم ُّد
ٍس فقال :إلٌك عنً ٌا ّس
بط ال( ،)2لو فقدته أقل من طرف ِسة
ٌقول:
ب للا ُت ب من الحبي ِر و ُتمنى الحبي ِر ب رضا ُت ب من الحبي ِر ب الحبي ِر َمطل َم ُت
رب ُت ويرا ُت َّو يعرل
ُت والللب
ُت بفينل لب ِره َم يالا ُتظ ِر أبداً
ِر وا ُت دونَم العبا ِرد ،ما يري ُتد بلرب
ـ الحبيب من الحبي ِر
ب ُت يرر
َم
فقلت له :أمجنون أنت ؟ فقال :أ ّسم ا عند أهل اارر فنعم ،وأما عند أهل
السماء فال ُ ،س
قلت :فكٌؾ حالك مع المولى ؟ فقال :منذ عرفته ما جفوته ،فقلت منذ
كم عرفته ؟ قال :منذ جعل اسمً فً المجانٌن.
() 2
خًََلَ :جِٝح٠ل خًَحٝر (٠صٞصر جٝدحء) :سًِل ُ ٧٦ٖ ،٤ٞ٠ُ ١دًّجل.
ا٬ ٫٢ُ ٛ٬ٝح خًَّجل :س٢غ ُ ٫٢؛ ٳ نٔل ٛٝد٦ـج.
19
الحديث ال انل
[ ال ِّبل والعاجز ]
أخبرنا شٌخنا اإلمام ال ُسم قري القاضً أبو الفضل علً الواسطً بمدرسته
بواسطٍس ٍس ،قال :أنبؤنا الشرٌؾ النقٌب أبو الفوارأ طرا ُسد بن محمد بن علً الزٌنبً
،قراءر علٌه ونحن نسمع ،قال :أنبؤنا أبو الحسٌن علً بن محمد قال :أنبؤنا أبو
علً الحسٌن بن صفوان قال :أنبؤنا أبو بكر عبد هللا بن محمد بن أبً الدنٌا ،قال :
أنبؤنا الهٌثم بن خارجة ،قال :أنبؤنا بقٌة بن الولٌد عنً أبً بكر بن أبً مرٌم قال :
حدثنً حمزر بن جندب ،عن أبً ٌعلى شداد بن أوأ قال :قال رسول هللا صلى هللا
أتبع نفسه بْس دَس الموت ،والع اج ُسز َسم ن َس
دان نفسه و َس ِسم َسل ِسلما َس علٌه وسلم " :الكًِّذأُس َسم ن َس
،هو المعرف ُسة .نعم ،إن هواها وتمنّس على هللا "( )1فالعمل بسرِّذ هذا الحدٌ
المعرفة من العبد والتعرٌؾ من الرب تعالى ،وهً أشرؾ وأعظم الهداٌا التً
يُسهدٌها إلى عباده ،فإن هللا تعالى إذا أراد أن ٌختار عبداًا من عبٌده وٌفرّسله على من
شمأ المعرف ِسة ٌنظر إلٌه بعٌن الفضل والرحمة ، َس أرّس ه سواه من َس ْسل ِسقهْ ،س
وٌط ِسل َس فً ِس
وٌفتح له أبواب الهداٌة ثم ٌكرمه با نتباه ،وٌوقظه من نومة الؽافلٌن ،ويُسنعم وٌ ُسم نَّو
كرمه علٌه بشر القلب ،ويُسذهب عنه موت القلب بالفهم ،وٌذهب عنه الوهم ،ويُس ِس
،ويُس ذهب عنه الشك وجراءر بالحٌاء والخوؾ والٌقٌن
() 1
ؤػ٠ؿ ٖ ٫ج٠ٝل٢ؿ (٠ل٢ؿ نؿجؿ د ١ؤ٧ك في ٫جهلل ُ 272/13 ) ٤٢دف٧ 17059 ٟٙجٝسف٠ـ :٪وٗر ج٬ٚٝح٠ر،
دحخ :ج٬ٜٝك ١٠ؿجٗ٢ ١ل( ٤جٝدحخ )26ف٘٧ 2461 ٟٙجل ؤد٬ُ ٧ل ٩جٝسف٠ـ٥ : ٪ـج ػؿ٬ش عل٧ .١جد٠ ١حظ: ٤
جٝق٥ؿ ،دحخ ـٜف ج٧٠ٝز ٧جٳلسِؿجؿ ٧ 4260 ٤ٝجٝػح٧ 57/1 ٧ 251/4 ٟٜوغٓػ ٫ٖ ٤ج٧٠ٝيِ٧٧ ١٬جٖ٤ٚ
جٝـ٥د ٫ٖ ٫جٝظقء جٝفجدَ٧ ،ؾح ٫ٖ ٤ٗٝجٝظقء جٯ٧ل ١٠ ،ؤظل فج ٫ٖ ٍ٧ل٢ؿ ٧٥ ، ٣جد ١ؤد٠ ٫فٙ ، ٟ٬حل جٝػحٟٜ
ُ٧ " ٤٢جُ٪٧ " ٕ٣ف٧ .." :٨٧س ٩ُٞ ٨ٓ١٠جهلل جٯ٠ح [ "٫٢جٝظح َ٠جٝؤ٬ف ٞٝل( ٫ً٧٬جٜٗٝف ) 303/2دف6468 ٟٙ
٧وغٓػ.] ٤
20
اامن ،فإذا اجتمعت فً العبد هذه الخصال ،أشرق فإاده بنور ،فٌر ما دون
لهبات النٌران ،ولو أن المعرفة ُس الننان ،وٌخمد منه ب الجبروت ،وتشتاق إلٌه ِس ُس ُسج ِس
نقشت على شًء ما نظر إلٌها أحد إ مات ِسمن حسنها وجمالها ،لكل أحد رأأ مال
،وه ي رأأُس مال المإمن .
عرفت هللا فحسبك هللا ، َس وقال رجل لذي النون :إ ّسنً احبك ،فقال :إن َس
كنت
وإن لم تعرفه فاطلب َسم ن ٌعرفه حتى ٌدلك علٌه .
ك فً بستانه ،ثمٌن ٍسة جواهرها ، وعندي أن المعرفة كشجرر ٌؽرسها مل ٌح
ٌع ٍسة فروعها ،نقٌة أرضها ، مثمر ٍسر أؼصانها ،حلو ٍسر ثمارها ،طرٌف ٍسة أوراقها ،رؾ
لعزتها ،مسرو ٌحر بحسن زهرتها مشفق علٌها ّس ٌح عذب ماإها ،طًّسب رٌحها .صاحبها
ٌ ،دفع عنها اآلفات ،وٌمنع عنها البلًّسات ،وكذلك شجررُس المعرفة التً ٌؽرسها هللا
تعالى فً بستان قلب عبده المإمن ،فإنه ٌتع ّسه ُسدها بكرمه ،وٌرسل علٌها كل ساعة
ت الكرامة ،برعد القُسدرر ، الم نّس ِسر من خزابن الرحمة ،فًُسمطر علٌها قطرا ِس سحابب ِس
َس
بار رإٌة العبودٌ ِسة ،ثم ٌُسرسِس ل علٌها نسٌ َسم لطابؾ وبرق المشٌبة ،لٌطهِّذرها من ُسؼ ِس
ب العناٌة ،لٌت ّسم لها شرؾ الو ٌة باللّسٌانة والوقاٌة ،فالعارؾ أبداًا الرأفة ِ ،سم ن ُس ُسج ِس
بمنْسجل اادب ما فسد بأرّس ه تحت ظاللها ،وٌش ُّدم من رٌاحٌنها ،وٌقطع منها ِس ٌطوؾُس ِس
أرّس العارؾِس تحتها ،ودام من ثمارها ،وح َّول فٌها من الخب واآلفة ،فإذا طال مقام ِس
ثمارها
َس بثمارها ،فٌم ّسد إلٌها ٌد الصفاء ،وٌجتبً ِس جو نه حولها ،هاج أن ٌتلذذ
بؤنام َسل الحُسرم ِسة ،ثم ٌؤكلها بفم ا شتٌاق ،حتى تؽلبه نا ُسر ا ستؽراق ،فٌضرب ٌدَس
ّس
الحق شربة ٌسكر بها عن كل ما سو ًا ا نبساط إلى بحر الوداد ،وٌشرب منه
سكر ًار يُسفٌق منها إ عند المعاٌنة ،ثم ٌطٌر بجنا ال ِسه ّسم ر ،إلى ما تدركه أوهام
الخالبق .
رؾ بٌد ت َس ُسقمة ِسم ن ِسذكر هللا تعالى ُ ،سوقٌل للواسطً :أي الطعام أشهى ؟ قالُ :سل ٌح
الظن باهلل تعالى . الٌقٌن ،من مابدر ال ُسخ ْس ِسلد ،عند ُس سن ّس
21
قال النساج (ٌ :)1خر ُسج أكثر أهل الدنٌا من الدنٌا ولم ٌذوقوا طٌباتها المقصودر
ُس
ولذابذ ُس
القربة ،وأنأُس ،قٌل :وما هً ؟ قال :سرو ُسر المعرفة ،وحالورُس ِس
الم نّس ر ،
المحبّس .
ر
أعز ه هللا بمعرفته أنْس يُس ِسذ ّسل نفسه لؽٌره ،وقال محمد بن واسع ُ :س َّوق لمن ّس
لم نْس وا ه هللا بو ٌته أن ٌقوم بحقه ،و ُس َّوق لمن أكرمه هللا بصحبته أن و ُس َّوق ِس َس
ٌمٌل إلى ؼٌره ،و ٌعمل بهو نفسه .
وقال أبو ٌزٌد :إن فً اللٌل شرابا ًا لقلوب العارفٌن ،تطٌ ُسر به قلوبهم حبّساًا هلل
وشوقا ًا إلٌه ،أ إنّس الناظرٌن إلٌه إلى ؼٌره ذهبوا بصفو ِسر الدنٌا واآلخرر .
أقول :وهذا الشراب هو التحًُّدر ،وهو على ضربٌن :تحٌر َسو حشة وتحٌر
شة للمطرودٌن ،وتحًُّد ُسر الدهش ِسة للعارفٌن المشتاقٌن ٌ ،ا دلٌل دَس هشة ،فتحًُّد ُسر الو ْس ْس
المتحٌرٌن زدنً تحًُّدراًا.
() 1
ؤد ٧جٝػل ١٬ؾ٬ف جٓ١ٝلحض :ؤو ١٠ ٤ٞكُفٖ ١٠فؤ ، ٨اٳ ؤ ٤٢ؤٙح ٟددٔؿجؿ ُٟٓ٧ف ً٬٧ٴً ٜ٧ ،ح ١في ٫جهلل ُ٤٢
٧ٚ٬ل :ج٠ِٝل جٝـ٬ ٪د ٤٬ٖ ْٞجِٝدؿ ا ٩ٝجٔٝح٬حز ٧٥فئ٬ر جٝسٚو٬ف ٧جِٝظق ٧جٝيِٕ (جًٝدٚحز جٜٝدفٞٝ ٨نِفج٫٢
ٖ ،إؾـ٣ ك( ٪ ٟٓؾ٬فجً جٓ١ٝلحض) ،ٯ ٤٢ؾفض ا ٩ٝجٝػط
٬ٙ٧ .)136/1ل ٜح ١جل٠ ٤٠ػ٠ؿ د ١ال٠حُ٬ل ٧ ،ا٠٢ح ُ
، فظل ُ ٩ٞدحخ جٖ٧ٜٝر ٙ٧حل :ؤ٢ز ُدؿ٧ ، ٪ال ٛ٠ؾ٬ف ٜ٧ ،ح٠( ١ػ٠ؿ د ١ال٠حُ٬ل ) ؤل٧ؿ ٬ ٟٖٞ ،ؾح٤ٗٝ
٧جلسِ ٤ٞ٠جٝفظل ٖ٢ ٫لط جٝؾقٓ( ..جٝفلحٝر جٚٝن٬ف٬ر .)89
22
الحديث ال الث
[ اإلسالم واإليمان]
أخبرنا العبد اللالح الثقة الشٌخ أبو محمد بن عبد هللا بن الحسٌن بن أحمد بن
جعفر اآلمديُّد الواسطًّس ،قال :أخبرنا أبو الحسن علً بن محمد بن علً بن كاتب
الوقؾ بواسط ،قال :أنبؤنا أبوالحسن محمد بن علً الرواسً إمال ًاء بجامع واسط ،
قال :أنبؤنا أبو القاسم بٌد هللا بن تمٌم ،قال :أنبانا أحمد بن إبراهٌم اإلمام ،قال :
أعدر الباهلً ،قال : أنبؤنا علً بن حرب بن زٌد بن الحباب ،قال :أنبؤنا علً بن َسم ْس
أنبؤنا ُسقتادر ،أنه سمع أنأ بن مالك ٌقول :قال رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم :
عالنٌة واإلٌمانُس فً القلب والتقو ها هُس نا" ٌ ،قولها ثالثا ًا وٌشٌر بٌده إلى ٌح "اإلسالم
()1
صدره صلى هللا علٌه وسلم ،والتقو التً تقرُّد فً القلب ُ ،س
فت ْس كِسم فٌه اإلٌمان ،
هً رو المعرفة .
أي سادر ،إن هللا تعالى جعل لكل شًء َسق ْسدراًا ،ولكل َسق ْسد ٍسر ّسداًا ،ولكل حد
سببا ًا ،ولكل سبب أجالًا ،ولكل أجل كتابا ًا ،ولكل كتاب أمراًا ،ولكل أمر معنى ،
ولكل معنى صدقا ًا ،ولكل صدق حقا ،ولكل حق حقٌقة ،ولكل حقٌقة أهالًا ،ولكل
المحق من ال ُسم بطل ،وكل قلب أقعده على بساط ّس أهل عالمة ،فبالعالمة ٌُسعْس َسرؾُس
تحقٌق المعرفة ،وقع بسٌماء المعرفة على وجهه ،وٌظهر أثرها فً حركاته ِس
وأفعاله
() 1
ال٢حؿ ٣ػل٧ . ١ف٧ج ٣ؤػ٠ؿ ٖ ٫ج٠ٝل٢ؿ (ؿجف جٝػؿ٬ش ) 437/10دف٧ 12322 ٟٙجٝل ٫ٖ ٫ً٧٬جٝظحَ٠
جٝؤ٬ف 474/1ف ١ُ 3060 ٟٙجد ١ؤد ٫ن٬در ٧ف٠ق ا ٩ٝيِٗ ٫ٖ٧ ، ٤جٝؿف ج٢٠ٝص٧ف ٧ 100/6وػػ٫ٖ ٤
٢ٜق ج٠ِٝحل ٢٦ٞٝؿ( ٪جٜٝسحخ جٯ٧ل ١٠ػفٕ ج٠٦ٝقذ /ػٚ٬ٚر جٱ٠٬ح ) ١دف ١ُ 44 ٟٙؤػ٠ؿ ٧ج٢ٝلحث٧ ٫ؤد. ٩ِٞ٬ ٫
٧ 5941ج٬٦ٝص٫ٖ ٫٠ ٫ٖ ٧٥٧ج٢ٜٝق ؤ٬يحً دف ١ُ 19 ٟٙجد ١ؤد ٫ن٬در ٧ .ف٧ج ٣جٝـ٥د٬٠ ٫ٖ ٫قج ١جٳُسؿجل
٠ظ َ٠جٝق٧جثؿ (جٜٗٝف) 212/1دفٙ٧ 160 ٟٙحل " :ف٧ج ٣ؤػ٠ؿ ٧ؤد ٩ِٞ٬ ٧دس٠ح٧ ، ٤٠جٝدقجف دحؾسوحف ٧ ،فظح٤ٝ
، فظحل جٝوػ٬غ ٠ح ؾٴ ُ ٫ٞجد٠ ١لِؿذ ٙ٧ ،ؿ ٧ص ٤ٚجد ١ػخٓج٧ ١ؤد ٧ؿج٧ؿ ج٬ًٝحٝل٧ ٫ؤد ٧ػحس٧ ٟجد١٬ِ٠ ١
٧يَٖٓ ٤آؾف."١٧
23
ب ِريماه ْنم)( ،)1وقال صلى هللا علٌه وسلم " : وأقواله ،كما قال هللا تعالىَ ( :مت ْنع ِرر ُت ُتهم ِر
() 2
من أسرَّو سرٌرر ألبسه هللا رداءها ،إن خٌراًا فخٌر ،وإن شراًا فشر" .
ًا
هٌبة ِسم نْس وقٌل لٌحٌى بن معاذ :ما بال العارفٌن أحسن وجوها ًا ،وأكثر
ؼٌرهم ؟ فقال :انهم خلوا باهلل مستؤنسٌن ،وقربوا إلى هللا متوجهٌن ،وفزعوا إلٌه
متوالهٌن فكساهم هللا بنور معرفته ،فٌه ٌنطقون ،وله ٌعملون ،ومنه ٌطلبون ،
وإلٌه ٌرؼبون ،أولبك خوالّس هللا السابقون ،سعٌهم فً طاعة هللا من ؼٌر قة ،
وج لة وٌنصحون العامة من ؼٌر طمع ،مشتاقون منٌبون إلى هللا تعالى ،قلوبُسهم له ِس
،نفوأُسهم وحشٌة وقلوبهم َسعرْس شٌة ،وعقولهم مؽشًّس ر ،وأرواحهم ٌاسٌنٌة ،كلهم
م عصو ٌحم بلقبه عن فتنة الناأ ،وذِسك ُسر هللا ٌحمٌه من شر الوسواأ ،صدره مشرو
،وجسم ه مطرو ،وقلبه م جرو ،وباب الملكوت له مفتو ،قلبُسه مثل القندٌل ،
وجوارحه خاضعة كالمندٌل ،لسانه مشؽو ٌحل بتالور القرآن ،ولونه مُسص َسفرٌّي من خوؾ
ذاببة فً خدمة الرحمن ،وقلبه زاه ٌحر بنور اإلٌمان ،نفسُسه ٌح الهجران ،ونفسه
وصؾ الربوبٌة ، ٌح
مشؽولة بقُسرب الرب ،على لسانه ٌح
مشؽولة بالطلب ،ورو ُسح ُسه
وعلى أركانه خدم ُسة الدٌمومٌة ،وعلى نفسه أث ُسر العبودٌة ،وفً قلبه هٌبة الفردانٌة ،
وفً سِس رِّذ ه الطربُس باالوهٌة ،وفً روحه شؽؾ الوجدانٌة ،أفوا ُسه ُسهم إلٌه ضاحكة ،
وأعٌنهم نحْس َسوه طامحة ،وقلوبُسهم به متعلقة ،وهمو ُسم هم إلٌه واصلة ،وأسرا ُسرهم إلٌه
ناظرر َ ،سر َسم ْسو ا ذنوبهم فً بحر التوبة ،وطرحوا طاعاتهم فً بحر المِسنّس ر ،
وضمابرهم فً بحر العظم ،ومرادهم فً بحر الصفو ،وهممهم فً بحر المحبة ،
،وتحت ظالل كرمه بون فً مٌدان خدمته ٌتق ّسل
() 1
ل٧فذ جٝدٚفذ .273
() 2
جٝظح َ٠ٯػٜح ٟجٚٝفآٚٞٝ ١فًدٜ٧ 326/13 ٫نٕ جٝؾٗحء (جِٝفٖح٧ ١جٔٝقج 226/2 ) ٫ٝدفٙ٧ 2375 ٟٙحل
جٝن٬ؽ اك ٟجُ٬ل جِٝظ : ٫٢٧ٞف٧ج ٣جد ١ؤد ٫جٝؿ٬٢ح ٖ ٫جٱؾٴه ُُ ١ص٠ح ١في ٫جهلل ُ ٤٢د٠ : ٌٗٞح ُ ١٠دؿ
َ٬لُفٗ لف٬فذ اٳ فؿٓ ٣جهلل فؿجء٥ح ُٴ٬٢ر ،ا ١ؾ٫فجً ٖؾ٬ف ٧ ،ا ١نفجً ٖنفٙ ..حل ج٢ٝظ٧ : ٟل٢ؿ ٣وػ٬غ .
24
ٌتنفسون ،وفً رٌار رحمته ٌر َست ُسعون ومن رٌاحٌن امتنانه ٌش ّسم ون ٌ .نظرون إلى
الدنٌا بعٌن ا عتبار ،وإلى اآلخرر بعٌن ا نتظار ،وإلى أنفسهم بعٌن ا حتقار ،
وإلى طاعتهم بعٌن ا عتذار ا ستكثار ،وإلى الؽفران بعٌن ا فتقار ،وإلى
المعرفة بعٌن ا ستبشار ،وإلى المعروؾ سبحانه بعٌن ا فتخار ٌ .رمون أنفسهم
إلى البلو ،وأرواحهم إلى ا لعقبى ،وقلوبهم إلى النجو ،وأسرارهم إلى المولى .
تاركة للدنٌا ،وأرواحهم للعقبى ،وقلوبهم مستؤنسة بالذكر ،وأسرارهم ٌح أنفسهم
بحب المولى .قلوبهم معدن التعظٌم والهٌبة ،وألسنتهم معادن الحمد والم ْسِسد حة ،
وأرواحهم مواطن الشوق والمحبة ،وأنفسهم مقهورر تحت سلطا ن العقل والفطنة ،
وأكثر همتهم التفكٌر والعبرر ،وأكثر كالمهم الثناء والم ْسِسد حة .عملهم الطاعة
والخدمة ،ونظرهم إلى لطابؾ صنع رب الع ّسِسز ر .أحدهم تراه مُسصْس فرّس اًا من خوؾ
ذابب ااطراؾ من هٌبة جالله ،طوٌل ا نتظار شوقا ًا إلى لقابه ،سلك َس فراقه ،
طرٌق المصطفى صلى هللا علٌه وسلم ،ورمى الدنٌا خلؾ القفا ،وأذاق الهو طعم
الجفا ،وقام على قدم صدق الوفا ،حاله فً الدنٌا ؼرٌب ،وقلبه فً صدره ؼرٌب
شتها ،ما لم ٌصل إلى ،وسرُّد ه فً نفسه ؼرٌب ،فال ٌسترٌح من َسؼ ّسم ال ُسػرْس بة َس
وو ْس َس
الحبٌب ،فؤمره عجٌب ،والمولى له ط بٌب ،وكالمه وجدانًّس ،وقلبه فردانًّس ،
وعقله ربّس انً ،وهمه ل َسم دانً ،وعٌشُس ه روحانً ،وعمله نورانً ،وحدٌثه
ربوبٌت ،وأدخله ه سماوي .جعل هللا قلبه موضع سره وموطن نظره ،وزيّسنه ب ُسحلِسًّس
عز ته ،وٌرتع فً روضات قُس ْسد سه ، دار اإلمارر من سلطانه ٌ ،دور بالفإاد حول ّس
ب وٌطٌر بجنا المعرفة فً سرادقات ؼٌبه ،وٌجول فً مٌادٌن قدرته ،و ُسح ُسج ِس
ت فً جبروته ،لو رآه الجاهل بشؤنه مات فزعا ًا بعد معرفته له من ساعته .عال َسم ُسه
الدنٌا أن ٌكون البال ُسء عنده عسالًا ،وااحزان رطبا ًا .وفً اآلخرر كل واحد ٌقول :
نفسً نفسً ،وهو ٌقول :ربّسي ربّسي ُ ،سم رادي م رادي .العارؾ عالمته أربعة :
وات ُس ه التنزٌل ،وخوفه من التحوٌل .العاب ُسد ّسبا الكثٌر والقلٌل ،
َس حبُّد الجلٌ َسل ،وتركه
هُس
لب ،والخابؾ ذو َسه رب ،والمحب ذو َسش َسػب ،والعارؾ ذو طرب . ذو َسن َس
25
الحديث الرابف
[ إو الوجهين]
أخبرنا شٌخنا الولً التقً الثقة الم ْسُسقري القاضً أبو الفضل علً الواسطً
القرشً بمدرسته فً واسط ،قال :أنبؤنا أبو علً الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد
،قال :أنبؤنا علً أبو طاهر الحسن بن الوزٌر أبً القاسم علً بن صدقة بن علً ،
قال :أنبؤنا أبو المط َّوه ر سعد بن عبدهللا ااصبهانً ،قال :أنبؤنا أبو نعٌم أحمد بن
عبدهللا بن أحمد الحافظ ،قال :أنبؤنا أ بو محمد عبد هللا بن جعفر بن فارأ ،قال :
أنبؤنا أبو مسعود أحمد بن الفرات ،قال :أنبؤنا أبو داود الحضري ،قال :أنبؤنا ابن
الربٌع عن نعٌم بن حنظلة ،عن عمار بن ٌاسر رضً هللا عنه ،قال :قال رسول
هللا صلى هللا علٌه وسلم " :ذو الوجهٌن فً الدنٌا ذو لسانٌن فً النار "( )1ولهذا
صرؾ العارفون وجوههم إلى هللا تعالى فلن تر للعارؾ وجهٌن أصالًا ومن هذا
السر أ ُسمروا بعدم الجمع بٌن أستاذٌن ،وقالوا :إذا وُس جد ااكمل اافضل فً طرٌق
هللا تعالى ،ااصح اتباعا ًا لرسول هللا صلى هللا علٌه وسلم فعل المرٌد أن ٌتمسك به
،بل على كل َسمنْس كان ٌزعم المشٌخة أن ٌلتحق به هو وأو ده فً الطرٌق ،وهذا
. من أعظم أضراب المعرفة باهلل ضربٌح
() 1
) 879/2 ؤد ٧ؿج٧ؿ :جٯؿخ ،دحخ ٖ ٫ـ ٪ج٧ٝظ٧ 4873 ١٬٦ج٬٦ٝص٧٠ ٫ٖ ٫٠جفؿ ج٠ٌٝأ٠( ١ئللر جٝفلحٝر
(جٯؿخ ،دحخ ـ ٪ج٧ٝظ ) ١٬٦دف٧ 1979 ٟٙػكٓ ٤٢جد ١ػخج( ١وػ٬ػ٧ )5756 ٤جٝسفٓ٬خ ٧جٝسف٬٥خ (ًدِر جد١
٧ 4349 ٜص٬ف ٧نفٜحث 568/3 )1 ً ٤ف٧ .4350 ٟٙف٧ج ٣دل٢ؿ ١٬آؾف ١٬يِ٧ ١٬ٗ٬دٚ٠ ١٬ٌٗٞحفد٫ٖ ١٬
٧ ، 4351ف٢ ٨٧ػ ٣٧جٝل ٫ٖ ٫ً٧٬جٝظح َ٠جٝؤ٬ف (ؿجف جٜٗٝف ) 667/1دف٧ ،4345 ٟٙػكٓ٧ ،٤٢ج٬٦ٝص٫ٖ ٫٠
٠ظ َ٠جٝق٧جثؿ (جٜٗٝف) ( 179/8جٯؿخ :دحخ ج٧ٝظ٧ ١٬٦جٞٝلح ١٬٢جٝدحخ ٧ ) 13154 – 13151( 126ؤدٟ٬ِ٢ ٧
ٖ ٫ػ٬ٞر ج ٯ٬ٝ٧حء ٧ 160/2جد ١ؤد ٫جٝؿ٬٢ح ٖ ٫جٝو٠ز ٧ 282جًٝدفج ٫ٖ ٫٢جٜٝد٬ف ٧ 9168 ٧ 1697جٯ٧لً
.6278
26
أي سادر ،اعلموا أن العارفٌن على أصناؾ مختلفة ،ومناهن متفاوتة ،
ومراتب متلوّس نة ،وأنوا ٍس متفرقة ،ومناز َسل متنوعة ،فمنهم َسم نْس عرؾ هللا بال َسق ْسد ِسر
َس
فخافه ،ومنهم من عرفه بالفضل فؤحسن الظن به ،ومنهم َسمنْس عرفه بالمراقبة
فاعتقد الصدق ،ومنهم من عرفه بالعظمة فاعتقد الخشٌة ،ومنهم َسمنْس عرفه بالكفاٌة
فاعتقد ا فتقار إلٌه ،ومنهم من عرفه بالفرادنٌة فاعتقد اللَّو فور ،ومنهم َسمنْس عرفه
جدَس أن الخوؾ على قدر عرفان القدرر ،ووُس جْس دان حسن الظن به فاعتقد الوصلة ،فوُس ِس
على قدر عِس رْس فان العظمة ،ووجدان ا فتقار على قدر عرفان الكفاٌة ،ووجدان
اللَّوفور على قدر عرفان الفردانٌة ،ووجدان الوصلة على قدر عرفان الربِّذ تعالى
،وكذلك أهل السموات فً العبادر عل مقامات ،فمقام بعضهم الحٌا ُسء والحُسرْس مة ،
ومقام بعضهم القُسرْس ب ُسة والم َسُسإانسة ،ومقام بعضهم رإٌ ُسة المِسنَّور ،ومقام بعضهم المراقبة
،ومقام بعضهم الهٌبة ،كما قال هللا تعالى ( :وما مِرنّنا و له ملا ٌمم معلوم )( ،)1فؤهل
َّوتهم ٌعرفونه على سبٌل الخبر فً التوحٌد عن الصادق اامٌن ،سٌدنا المعرفة عام ُس
وسٌد العالمٌن محمد صلى هللاُس علٌه وسلم ،فص َّود قوه بقلوبهم وعملوا بؤبدانهم ،إ
أنهم دنَّوسوا أنفسهم بالذنوب والمعاصً ،فعاشوا فً الدنٌا على الجهل والتقصٌر ،
خطر عظٌم ،إ أن ٌرح َسم هم أرح ُسم الراحمٌن ،وأناأٌح فوقهم ٌعرفونه ٍس فهم على
والع ْسقل والفِسكْسر ،أٌقنوا بالتوحٌد من قِس َسب ِسل الد بل واآلثار
بالد بل ،وهم أهل النظر َس
وآٌات الربوبٌة ،استدلوا بالشاهد على الؽابب ،واستٌقنوا ص ّسحر الد لة ،فهم على
طرٌق حسن ،إ أنّسهم عاشوا محجوبٌن عن هللا تعالى برإٌة د بلهم ،وخوالُّد
كنٌن مع معرفتهم ، أهل المعرفة من أولً الٌقٌن ،عرفوه به سبحانه ،فوقفوا متم ِّذ
َست ْسخ َسطؾُسهم ااد ّسل ر ،و تصرفهم ال ِسع ّسل ر ،دلٌلهم رسول هللا صلى هللاُس علٌه وسلم ،
وإما ُسم هم القرآن ،ونورهم ٌسعى بٌن أٌدٌهم ،فمن عرفه تعالى بالخبر ،ك َسم َسث ِسل إخور
لوا عنه حتى افتضحوا بٌن ٌوسؾ ،إذ عرفوا لونه وؼؾ
() 1
ظٛزح اٌظفبد. 164 :
27
ٌدٌه ،حٌ ( :الوا ن يسرو لد سرو أ ٌم له من بل )( )1ومن عرفه بالد بل
ك َسم َسث ِسل ٌعقوب ،إذ عرؾ أن ٌوسؾ ٌ َسُسع ُّدد فً ااحٌاء فازداد ُس زنا ًا وبكاء ،واحتمل ما
احتمل من أنوا البالء ،حتى ابٌرَّوت عٌناه من الحزن ِس ْسلما ًا منه بحٌاته ،وشوقا ًا
رٌح ٌوسؾ ) إلى لقابه ،حتى قال ( :اذهبوا فتحسَّوأُسوا من ٌوسؾ) ،وقال( :إنّسي اجد َس
،حتى قال َسمنْس ؼفل عنه ( :الوا تا هللِر َّون َم لفل ضاللِر َم اللديم )( )2وقالوا ( :تفتإُت ا
ل)( )3اآلٌة ،و َسم َسث ُسل َسمنْس عرفه به ،كبنٌامٌن ( )4حٌن أخذه ٌوسؾ لنفسه ، تإ ُت ُتر يو ُت َم
فقال :اي أخً أمشاهدتً ترٌد أم الرجو إلى أبٌك؟ قال :بل مشاهدتك أرٌد ،قال :
فإن أردتنً فاصبر على ِسم ْس نتً ،قال :نعم أحتمل اجلك كل بلو ،ألٌأ أنً أبقى
معك و أفارقك ،ثم أخرج الصا َس من وعابه ،ونسبه إلى الس ِسَّورقة ،حتى عابه أه ُسل
مصر على ذلك و موه ،وشتمه إخوته ،وهو فً ذلك ك هِّذل مسرو ٌحر ضاح ٌح
ك فً سِس رِّذ ه
ؾ من لومة الالبمٌن ،فهذا َسم َسث ُسل َسمنْس عرفه من أهل الٌقٌن . ،ولم َسٌ َسخ ْس
وقال شٌخ الطابفة اإلمام الحسن البصري( )5رضً هللا عنه :أهل المعرفة فً
الدنٌا على ثال منازل ،رجل لقً العبادر فعانقها وخلط بها لح َسم ه ود َسم ه ،وفز
ُسه
رازق وكافٌه ،فوث َسِسق بوعده فلم ٌشؽل نفسه بشًء من قلبُس ،وعًا لِس َسم أن هللا تعالى
إلٌها ه
() 1
ل٧فذ ٧٬لٕ.77 :
() 2
ل٧فذ ٧٬لٕ.95 :
() 3
ل٧فذ ٧٬لٕ.85 :
() 4
٧٥ن٧٬ ٘٬ٚلٕ د٧ِٚ٬ ١خ ُ٠٦٬ٞح جٝلٴ٧ ، ٟؤ٠٦٠ح فجػ٬ل د٢ز ٳدح( ١د٢ز ؾحل ٧ِٚ٬خ) ٧كجثف اؼ ٧ذ
٧٬لٕ ُ ٤٬ٞجٝلٴ ٟا٠٢ح ٟ٥اؾ٧س ٤ٯدٜ٥ ، ًٖٚ ٤٬ـج ـٜف جٝػحٌٖ جدٜ ١ص٬ف ٖٙ ٫وه جٯ٢د٬حء (جٜٗٝف) .267
() 5
جٝػل ١د٬ ١لحف جٝدوف ، ٪ؤد ٧لِ٬ؿ ٥ 110-21ـ ١٠ ،ؤٖيل جٝسحدِ٧ ١٬ؤُٜ ،ٟ٦٠ٞح٧ٚ٬ ١ل " :نف ج٢ٝحك
٬٠ٞٝز ؤ٬ ٤ٞ٥د٧ ٤٬ُٞ ١٧ٛٳ ٙ ٟ٦٬ُٞ ١٧٦٬يحء ؿًَ( " ُ٤َ٢ِ٬دٚحز جٝنِفجٜ٧ .)38/1 ٫٢ح ١جٱ٠ح ٟجٔٝقج٧ٚ٬ ٫ٝل " :
ٜح ١جٝػل ١جٝدوف ٪ؤند ٤ج٢ٝحك ٜٴ٠حً دٜٴ ٟجٯ٢د٬حء".
28
سر أصبح أم واارر بساطه ،و ٌبالً على يُس ٍس
َس أمور الدنٌا ،جعل السماء سقفه ،
ٌؤتًه الٌقٌن ،فهذا الضرب فً الدنٌا أعز على ُس سر ،أمسى ٌعبد هللا تعالى حتى َس
من الكبرٌت اا حمر .ورجل آخر لم ٌصبر كما صبر ااول ،فطلب ِسكسْس َسر ًار من
خرْس قة ٌواري بها عورته ،وبٌتا ًا ٌسكنه ،وزوجة ٌستعؾُّد ِس ِّذلها(ٌ ،)1قٌم بها ص ْسُسل َسب ُسه ،و ِس
بها ،وهو مع ذلك شدٌد الخوؾ عظٌم الرجاء ،فهو على طرٌق حسن وأما الثال
الؾ َسه( ،)2وٌستخدم القصر المشٌد ،وٌركب المركب َسِسر
َس فإنه ٌصدق هللا بقوله ،فٌبنً
() 3
الخدم ،فلٌأ له فً اآلخرر من َس ق ،إ من ٌرحمه أرحم الراحمٌن.
رأٌت فً بعر ااخبار :أن عٌسى بن مرٌم علٌه السالم مرَّو بنفر من الناأ
،قد نحلت أبدانهم ،وتؽٌرت ألوانهم ،فقال :ما الذي بلػ بكم ما أر ؟ قالوا :الخوؾ
من النار ،فقال :حق على هللا أن يُس َسإم َسِّذن( )4الخابؾ ،ثم بلػ إلى نفر آخر ،فإذا
أبدانهم أشد نحو ًا ،وألوانهم أشد تؽٌراًا ،فقال :ما الذي بلػ بكم ؟ قالوا :الشوق إلى
الننان ،فقال :حق على هللا أن ٌعطًكم ما ترجون ،ثم مر حتى بلػ نفراًا ثالثا ًا فإذا
ِس
أبدانهم أشد نحو ًا وألوانهم أشد تؽٌراًا ،فقال :ما الذي بلػ بكم ما أر ؟ قالوا :الحب
هلل والشوق إلٌه ،فقال لهم عٌسى علٌه السالم :أنتم المقرَّو بون ،ثال مرات ،فؤهل
المعرفة ثال أصناؾ ،صنؾ ٌمشون على قدم ا فتقار وا ضطرار ،وصنؾ
،ول نؾ ٌمشون على قدم ا فتخار ٌمشون على قدم ا عتبار وا نكسار
() 5
) . لنفسه ( :منهم ظال ٌمم ،قال هللا تعالى وا ستبشار
() 1
ؤًٞ ٪خ ٬ٞٙٴً ١٠ػٴ٦ٝح.
() 2
١٠جٗٝفج٥ر ٫٥٧جٝظ٠حل ٧جٝػل٧ .١جٗٝف ٧٥ ، ٣جٝدًف.
() 3
ؾٴ٘٢ :و٬خ
() 4
١٠٧ؤل٠حء جهلل سِح :٩ٝج٠ٝئ ،١٠ٯ ٤٢لدغج٢٠ " ٤٢دَ ٛل ؤ٧ ١٠سوؿٜٖ ،٘٬ل ٬ ِ١َ٠ؿؾل ٖ ٫ػو٧٦ٖ ٤٢
آ ٧٦ٖ ..١٠ج٠ٝئٜ ١٠ ١ ٟٓل ؾ" ٕ٧جٝؿٜس٧ف ي٬حءجٝؿ ١٬جٝظ٠حك :جٝسٗٗٛف ٖ ٫جٯل٠حء (ؿجف ج٦ٝظفذ ً )1ه
٠٧ 110ح دِؿ٥ح".
() 5
ل٧فذ ٖحًف .32
29
والناأُس فً مشهد المعرفة على مرتبتٌن ،إما فً ٌقظة المعرفة فهم فً تربٌة
الو ٌة فٌنظرون الكرامة ،وإما فً نوم الفضلة فهم فً تربٌة العداور ،فهم ٌنظرون
اامانة ،إ أن ٌرحمهم أرحم الراحمٌن .فسبحان َسمنْس َسخلَّو ِسمنْس عبًده َسمنْس شاء
وأعطاهم ثم دعاهم إلى نفسه بفضله حٌ قال ( :وأنيبوا لى رب م )( ،)1فؤجابوه
برجْس ل الندامة على قدم وأنابوا إلٌه ،فهم على أصناؾٍس شتى ،فالتاببون ٌمشون ِس
الحٌاء ،والزاهدون ٌمشون برجل التوكل على قدم الرضا ،والخابفون ٌمشون
برجل الهٌبة على قدم الوفاء ،والمحبون ٌمشون برجل الشوق على قدم الصفاء ،
والعارفون ٌمشون برجل المشاهدر على قدم الفناء ،فالمعرفة طعا ٌحم أطعمه هللا َسمنْس
شاء من عباده ،فمنهم َسمنْس ٌذوقه ذوقا ًا ،ومنهم َسم ن ٌؤكل منه بالؼا ًا ،ومنهم َسم ن ٌؤكل
بعا ًا ،والناأ فً المعرفة على منازل ،فمنهم من منه َسكفافا ًا ،ومنهم َسم ن ٌؤكل شِس َس
كم صْس ر ،ومنهم من ٌكون منزله كشِس عْس ب ،ومنهم َسم ن ٌكون كقرٌة ،ومنهم من ٌكون ِس
ٌكون منزله منها كالدنٌا واآلخرر ُ .سروي أن النبً علٌه الصالر والسالم قال " :إذا
كان ٌوم القٌامة ناد منا ٍسد أخرجو ا ِسم ن النار َسم ن قال إله إ هللا وفً قلبه حبة
() 2
خردل من اإلٌمان"
() 1
ل٧فذ جٝق٠ف .54:
() 2
ُ ١ؤ٢ك في ٫جهلل ُ ١ُ ٤٢ج٢ٝد ٫و ٩ٞجهلل ُ٧ ٤٬ٞلٙ ٟٞحل٬ :ؾفض ١٠ج ٢ٝحف ٙ ١٠حل ٳ ا ٤ٝاٳ جهلل ٫ٖ٧
ٞٙد٧ ٤ق ١نِ٬فذ ١٠ؾ٬ف٬٧ ،ؾفض ١٠ج٢ٝحف ٙ ١٠حل ٳ ا ٤ٝاٳ جهلل ٞٙ ٫ٖ٧د٧ ٤ق ١دُفٓ ذ ١٠ؾ٬ف٬٧ ،ؾفض ١٠
ج٢ٝحف ٙ ١٠حل ٳ ا ٤ٝاٳ جهلل ٞٙ ٫ٖ٧د٧ ٤ق ١ـَفٓ ذ ١٠ؾ٬ف "ٙ .حل ؤدُ ٧دؿ جهلل (جٝدؾحفٙ :)٪حل ؤدح :١ػؿص٢ح ٙسحؿذ :
ػؿص٢ح ؤ٢ك في ٫جهلل ُ ١ُ ٤٢ج٢ٝد ٫و ٩ٞجهلل ُ٧ ٤٬ٞل ١٠( : ٟٞا٠٬حٜ٠ )١ح ١٠( :١ؾ٬ف) [ جٝدؾحف :٪جٱ٠٬ح،١
دحخ ق٬حؿذ جٱ٠٬حٚ٢٧ ١وح ،٤٢ف٠٧ ،44 ٟٙل :ٟٞجٱ٠٬ح ،١دحخ ؤؿ ٩٢ؤ٥ل جٝظ٢ر ٢٠قٝر ٖ٦٬ح ١ُ٧ ] 193ؤد ٫لِ٬ؿ
٬ؾفض ١ ِٟج٢ٝحف ٛ ١ َٟجٞٙ ٫ٖ ١د٠ ٤صٚحل جٝؾؿف ٪في ٫جهلل ُٙ ٤٢حل ٙ :حل فل٧ل جهلل و ٩ٞجهلل ُ٧ ٤٬ٞل: ٟٞ
ـفذ ١٠جٱ٠٬ح " ١ؤؾفظ ٤جٝسف٠ـ ٫ٖ( ٪وٗر ظ ، ٟ١٦جٝدحخ جِٝحنف ،فٙ٧ 2601 ٟٙحل جٝسف٠ـ٥ : ٪ـج ػؿ٬ش
ػل ١وػ٬غ) ٫ٖ٧ف٧ج٬ر ـٜف٥ح فق ١٬ؤ ١فل٧ل جهلل و ٩ٞجهلل ُ٧ ٤٬ٞلٙ ٟٞحل٬ :ؿؾل ؤ٥ل جٝظ٢ر جٝظ٢ر٧ ،ؤ٥ل
ج٢ٝحف ج٢ٝحف ،ص٧ٚ٬ ٟل جهلل :ؤؾفظ٧ج ١٠ج٢ٝحف ٜ ١٠حٞٙ ٫ٖ ١د٠ ٤صٚحل ػدر ١٠ؾفؿل ١٠ا٠٬ح[" ١ظح َ٠جٯو٧ل
ٳد ١جٯص٬ف (ج٠ٝدحف ٛد٠ ١ػ٠ؿ ٥ 606-544ـ) (ً 2ؿجف جٜٗٝف) 357/9ف ٟٙجٝػؿ٬ش .] 700
30
وقد قال علٌه أفضل الصالر والسالم " :اإلحسان أن تعبد هللا كؤنك تراه ( ،)1فإن لم
تكن تراه فإنه ٌراك " ،وما ذلك إ حقٌقة المعرفة ،فٌقول لهم الرب تعالى :أنتم
عبٌدي حقا ًا ،فقد طال شوقكم إلًّس ،وشوقً إلٌكم ،السالم علٌكم عبٌدي ،فها أنا
خلقت الجنة إ من أجلكم ،فلكم الٌوم ما شبتم . ُس حبٌبكم ،فبعزتً ما
() 3 ) (
و ُس كً أن مالك بن دٌنار وثابتا ًا البنانً رحمهما هللا ،دخال على رابعة
2
البصرٌة( )4فقالت لمالك :أخبرنً لم تعبد ربك؟ قال :شوقا ًا إلى الجنان ،فقالت لثابت
:وأنت ٌا ؼالم؟ فقال :خوفا ًا من النٌران ،فقالت :أنت ٌا مالك مثل أجٌر السوء
ٌعمل إ طمعا ًا ،وأنت ٌا ثابت مثل عبد السوء ،تعمل خوفا ًا من الضرب ،فقا :
ت ٌا رابعة ،فقالت :حبا ًا هلل تعالى ،وشوقا ًا إلٌه.
وأن ِس
ُسكً أن ذا النون المصري رضً هللا عنه كان ٌعظ الناأ ذات ٌوم وهم وح َس
ٌبكون ،وفٌهم شابٌّي ٌضحك ،فقال له :ما لك ٌا فتى؟ فقال ٌنشد وٌقول:
ويرون النجاا حظا ً جزيال نار
ل ُّلهم يعبدون من خول ٍ
عيونها سلسبيال ريار
ٍ ل أو بؤن يس نوا الجنان ُتل ضحوا
بديال بحب
ّن أنا و أبتتل والل نان هوائل
ِر لي ل الخلد
() 1
٠ل :ٟٞجٱ٠٬ح ،١دحخ د٬ح ١جٱ٠٬ح٧ ١جٱلٴ٧ ٟجٱػلح٧ 8 ١جٝسف٠ـ :٪جٱ٠٬ح ،١دحخ ٠ح ظحء ٖ٧ ٫وٕ
4695 ظدف٬ل ٢ٞٝد ٫و ٩ٞجهلل ُ٧ ٤٬ٞل ٟٞجٱلٴ٧ ٟجٱ٠٬ح٧ 2613 ١ؤد ٧ؿج٧ؿ ٖ ٫جٝل٢ر ،دحخ ٖ ٫جٚٝؿف
٧ج٢ٝلحث :٫جٱ٠٬ح ،١دحخ ِ٢ز جٱلٴ.97/8 ٟ
() 2
٠ح ٛٝد ١ؿ٢٬حف ١٠ ،ف٧جذ جٝػؿ٬ش ،دوف٧ ٪فٍ٠ ،حز ل٢ر ٥ 131ـ.
() 3
صحدز د ١ؤلؿ جٝد٢حٜ . ٫٢ح٧ٚ٬ ١ل :ا ١ؤ٥ل جٝـٜف ٬ظٞلٞٝ ١٧ـٜف ١٠ ٟ٦٬ُٞ٧جٝـ٧٢خ ؤ٠صحل جٝظدحل١٧٠٧ٚ٬ٕ ،
٬ٝ٧ك ُ ٟ٦٬ٞـ٢خ ٧جػؿ (جًٚٝحز جٜٝدفٞٝ ٨نِفج.)47/1 ٫٢
() 4
ؤ ٟجٝؾ٬ف فجدِر د٢ز ال٠حُ٬ل جِٝؿ٬٧ر جٝدوف٬ر ٠ ،حسز دػؿ٧ؿ ٥ 180ـ٧ ،جٙفؤ ا ١نثز سحف٬ؽ نِفجء
جِٝفد٬ر ٠ٝػ٠ؿ ػل٠ ٫٢وًٗ ،٩جِٝوف جِٝدحل ٫جٯ٧ل ،جِٝؿؿ جٝسحلَ (فجدِر جِٝؿ٬٧ر)ٚٝ : ٤٬ٖ٧ ،،ؿ ؤػخٓ ز
(فجدِر) فخ جِٝح ١٬٠ٝظل ظٴ٧ ، ٤ٝسظفؿز ِٝدحؿس٧ ، ٤ؤ٢ٚ٬ز ؤ ٤٢ؤ٥لٌ ؤُُ٪ ١دؿِ٠ً ،حً دفيح٧ ٣ظ٢س٧ ،٤جسٚحءّ
ؤُُ٪ ١دؿ ؛ ِٝـجد ،٤ػس ٧ٝ ٩ؤُ ٤٢قٓ ٧ظل ٠ح ظِل ص٧جخ ج٠ٝس ١٬ٚظ٢رُ٧ ،ـجخ جِٝحو ١٬ج٢ٝحفٜٝ ،ح٬ ١لسػ٘
ٝظٴل ٧ظ ٟ٬ٌُ٧ ،٤٦وٗحس٧ ،٤اػلح ٤٢جٝـ ٪ٳ ُ٪عَؿ٧ ،آٳث ٤جٔٝح٠فذ " ({فجدَذجِٝؿ٬٧ر ه ٥٧ )6ـج ٬ػسحض جٝـ١٬
٬سِفي٦ٝ ١٧ـ ٣جٜٗٝفذ ا ٩ٝؿٙر دحٔٝر ٝؿ ٨جٝسِد٬ف ُ٦٢ح؛ ٖب ١جِٝٴ٠ر ؤدح جِٝدحك ؤػ٠ؿ د ١قف٧ٚ٬ ٘٧ل سٌِ٠ ٟ٬ح
ٌُ ٟجهلل ُٟسِ٧ ١ِّ٫جػسٚحف ـ ٛٝفد٠ح ٜحٜٗ ١فجً [ ٧ٙجُؿ جٝسوٜ٠( ٕ٧سدر ج٬ٜٞٝحز جٯق٥ف٬ر ً.] 136 ) 2
31
الحديث الخام
انصر أخا ]
ْن [
أ خبرنا شٌخنا الصالح الثقة العارؾ باهلل القاضً أبو الفضل علً الواسطً
رضً هللا عنه ،قال :أنبؤنا القاضً أبو بكر محمد بن عبد الباقً بن محمد البزاز،
قال :أنبؤنا أبو إسحاق إبراهٌم بن عمر بن أحمد البرمكً ،قال :أنبؤنا أبو محمد ب
ن
عبدهللا بن محمد البزاز ،قال :أنبؤنا أبو مسلم إبراهٌم بن عبدهللا بن مسلم البصري ،
قال :أنبؤنا أبو عبدهللا اانصاري ،قال :حدثنا حمٌد عن أنأ قال :قال رسول صلى
ص ُسرهُس مظلوما ًا فكٌؾ
هللا علٌه وسلم " :انصر أخاك ظالما ًا كان أو مظلوما ًا ،قال :أن ُس
أنصره ظالما ًا ؟ قال :تمنعه من الظلم فذلك نص ُسر َسك إٌاه"( )1أقول :هذا بشؤن أخٌك
نفوأكم وامنعوها وازجروها. َس ،فكٌؾ بك بشؤنك ،أخٌفوا
أي سادر ،للعارؾ أربع أجنحة ،الخوؾ ،والرجاء ،والمحبة ،والشوق ،
فال هو بجنا الخوؾ فٌسترٌح من الهرب ،و بجنا الرجاء فٌسترٌح من الطلب
،و بجنا المحبة فٌسترٌح من الطرب ،و بجنا الشوق فٌسترٌح من الشؽب ،
الدمف مما عر وا
ِر وهللا تعالى بٌ َسَّون فً كتابه نعْس َس
تهم بقوله ( :تر أع ُتينَمهم تفير من
من الحو)( ،)2وقوله تعالى ( :و تلهيهم تجارا) اآلٌة ،وذلك ان عمل العارؾ
() 3
() 1
٫ٖ ٧٥٧وػ٬غ جٝدؾحفٜ٥ ٪ـج ١ُ :ؤ٢ك في ٫جهلل ُٙ ٤٢حل ٙ :حل فل٧ل جهلل و ٩ٞجهلل ُ٧ ٤٬ٞل :ٟٞج٢وف
ؤؾحٌ ٛح٠ٝحً ؤ٠٧ٌٞ٠ ٧حً ٙح٧ٝج ٬ :ح فل٧ل جهلل٥ ،ـج ٢٢وف٠٧ٌٞ٠ ٣حً٢٢ ٕ٬ٜٖ ،وفٌ ٣ح٠ٝحً؟ ٙحل :سإؾـ ٖ٬ ٘٧ؿ٤٬
١٠ ، (جٝدؾحف :٪جٌ٠ٝح ،ٟٝدحخ :ؤُ ١ؤؾحٌ ٛح٠ٝحً ؤ٠٧ٌٞ٠ ٧حً ف ٫ٖ٧ .)2312 ٟٙف٧ج٬ر" :سػظق ،٣ؤ ٧س٤ِ٢٠
جٖ ،ٌٟٞٝب ١ـ٢ ٛٝوف [ "٣جٝدؾحف :٪جٱٜفج ،٣دحخ ١٬٠٬ :جٝفظل ٝوحػد ٤ؤ ٤٢ؤؾ ،٣٧ف.] 6552 ٟٙ
() 2
ل٧فذ ج٠ٝحثؿذ.83 :
() 3
ل٧فذ ج٧٢ٝف.37 :
32
وقوله مستؤنأ بالذكر ،ونفسه صابرر فً البلو ،وسرّس ه دابم النجو ،وفكره
باافق ااعلى ،فمرَّو ًار ٌتفكر فً نعم ربه ،ومرَّو ًار ٌجول حول سرادقات قدسه ،
فحٌنب ٍسذ ٌصٌر حُسرّس اًا عبدا ًا ،وعبدا حُسرّس اًا ،وؼنٌا ًا فقٌرا ،وفقٌراًا ؼنٌا ًا ،هكذا ٌع ُّدد ما
أمكنه َسطرداًا وعكسا ًا من االفاظ ،مثل الموجود والمعروؾ ،والعزٌز والمسرور ،
والقرٌب والمحمود ،والناطق والساكت ،والمقبول والخابؾ ،والشاهد والؽابب ،
والباكً والضاحك ،وذلك ان ضحكه وسروره فً حزنه ،وحزنه فً سروره ،
مختلط بع ِّذِسزه ،وخوفه ممزو ٌحج برجابه ،ورجاإه ممزو ٌحج ٌح بذ ِّذهل ُ ،س
وذ ّسهل ٌح
مختلط ُس وعِس ُّدزه
بخوفه ،خوؾ ٌذهب برجابه ،و رجاء ٌذهب بخوفه ،وهو بنفسه ٌعٌشُس مع
الناأ ،وبقلبه مع هللا تعالى ،تؽلب معامل ُسة نفسه مع الناأ معامل َسة قلبه مع هللا
تعالى ،عزٌ ٌحز ذلٌل ،فقً ٌحر ؼنًّس ،كما قال أبو ٌزٌد رضً هللا عنه فً مناجاته :
إلهً،
َسقيَّودونً وأوثقوا ِس
الم ْس
أمــارا قلت قد دنا َسح ُّدل َسقٌدي ك ّسلما ُس
وكان ٌسٌ ُسل الدم ُسع من عٌنٌه عند هذه الكلمة ،ولٌأ كل َسمنْس يُسر علٌه أثر
الزهد فهو زاهد ،وكذلك أث ُسر الرؼبة والحماقة والجنون والبطالة والؽفلة.
إن هللا تعالى كلما نظر إلى قلب عبد من عبٌده با لفضل والرحمة كشؾ عنه
حجاب الؽفلة ،وأظهر له لطابؾ القدرر ،فعند ذلك بد له من إحد ثال ،إما أن
ٌصٌر حكٌما ًا ٌتصل به الخلق إلى هللا ،وإما أن ٌك َّول لسانه فٌصٌر مدهوشا ًا مبهوتا ًا ،
ب ،محفوظا ًا فً قبضته ،حتى ٌراه ؼٌره لشدر وإما أن ٌصٌر مستوراًا فً ُسح ُسن ه ِس
ؼًرته علٌه ،فسبحان من حجب أهل معرفته عن جمٌع خلقه ،حجبهم عن أبناء
الدنٌا بؤستار اآلخرر ،وعن أبناء اآلخرر بؤستار الدنٌا ،وذلك أن أهل المعرفة
عرابأ هللا تعالى فً أرضه ،وهللا َسمحْس َسر ُسم هُس مَ ،سمحْس َسر َسم لهم ؼٌره ،فهم عند هللا
مخدورون.
وقد روي أن هللا تعالى أوحى إلى داود علٌه السالم ٌ :ا داود أولٌابً فً
قباب ٌعرفهم إ أولٌابً ،فطوبى اولٌابً ،ثم طوبى احبابً ٌ ،قال :لو بدت
َسذرَّو رٌح من نور النبً علٌه الصالر والسالم حترق ما بٌن العرش إلى الثر .
لرب ،وعالمته أن احتراق بحبه ه ُسهُس قٌل لرابعة :ما كمال حال العارؾ ؟ قالت:
ٌكون مستؽنٌا ًا بال ُسم عطً عن العطاء ،وبالمكوِّذ ِسن عن الكون ،مستؽرقا ًا فً بحار
دانه ،ساكنا ًا بقلبه معه ،مع ترك كل اختٌار لنفسه ،و ٌجز عند سرور ِسو جْس ِس
الشدابد والبلو لرإٌته ،وٌعلم أن هللا تعالى أقرب إلٌه من كل شًء ،وأرحم علٌه
عز وأكب ُسر من كل شًء ،وأن لكل شًء خلفا ًا ما خال هللا تعالى. من كل أحد ،وأ ُّد
ل وما لف ْنل ِرد الحبي ِر
ب مِرنْن َمخلَم ْن ل أللء عدم ُتت ُته َمخلَم ْن
ٍ ل لِّب
وإنما يُسعرؾ العارؾ ،إذا مًّسز الخواطر النفسٌة من الخواطر الروحً ر ،
لٌة ،فمن ر ِسُسز َسق التوفٌق إلى واإلرادر الدنٌوٌة من ااُس ْسخ َسر ِسوٌّسة ،والهمم الع ْسُسلوٌة من الس ْس
ُّدؾ
حفظ حدود صدق وفاء العبودٌة ،والقٌام بشروطها ،ووجد السبٌ َسل إلى طرٌق حفظ
النفأ
ِس ش ْسك َسرهُس ،فٌصٌ ُسر مع تحقٌقها ،ثم قام بذكره َ ،س
وذ َسك َسر ذ ْسِسك َسر ه ،ثم شكره ،و َسش َسك َسر ُس
الخ ْسل ِسق بال خلق.
بال نفأ ،ومع الرو بال رو ،ومع َس
33
كما قال اإلمام ابن عباأ رضً هللا عنهما :بلؽنا أن عٌسى وٌحٌى علٌهما
الط ُسرق ،فصدم ٌحٌى امرأر ،فقال له الصالر والسالم بٌنما كانا ٌسٌران فً بعر ُس
عٌسى ٌ :ا بن خالتً ،لقد أصبت الٌوم ذنبا ًا عظٌما ًا ،قال :ما هو؟ قال :امرأر
شعرت بها ،فقال عٌسى :سبحان هللا نفأُسك معً ، ُس صدمتها ،قال ٌحٌى :وهللا ما َس
فؤٌن قلبُسك وروحك ؟ فقال :عند هللا ٌ ،ا عٌسى لو سكن قلبً إلى جبرٌل ،أو إلى
عرفت هللا َّو
حق معرفته. ُس ُس
لظننت أنّسي ما أحد ؼٌر هللا طرف َسة عٌن ،
وقٌل :المعرف ُسة خمسة أحرؾ ،فمن وجد فً نفسه معناها فلٌعلم أنه من أهلها
نفأه ،وبالعٌن َسع َسبدَس هللا على صِس ْسد ق الوفاء ،وبالراء رؼب إلى هللاَس ،بالمٌم َسملَس َسك
ك ّسلٌة ،وبالفاء فوّس ر أمره إلى هللا ،وبالهاء هرب من كل ما دون هللا إلى هللا ، بال ُس
فكل عارؾ ٌملك نفسه بقدر معرفته بكبرٌابه تعالى وعظمته ،وٌعب ُسد ربه على ْسقد ر
معرفته بربوبٌته ،وٌرؼب إلٌه على قدر م عرفته بفضله وامتنانه ،وٌفوِّذ ر أمره
إلٌه على قدر معرفته بقدرته ،وٌهرب إلٌه على قدر معرفته بملكه وسلطانه ،فهو
عارؾ.
الحديث الساد
[ استجابة الدعوا]
حدثنا الشرٌؾ محمد بن عبد السمٌع العباسً الهاشمً الواسطً ،قال :
أخبرنا الحاجب أبو شجا محمد بن الحسٌن ،قال :أنبؤنا النقٌب أبو الفوارأ طراد
بن محمد ابن علً الزبٌبً الهاشمً ،قال :أنبؤنا أبو محمد عبدهللا بن ٌحٌى بن
عبدالجبار السكري ،قال :أنبؤنا أبو علً إسماعٌل بن محمد الصفار ،قال :أنبؤنا
أبو بكر أحمد ابن منصور الرمادي ،قال أنبؤنا عبد الرزاق بن همام ،قال :أنبؤنا
َسمعْس َسم ٌحر عن الزهري عن رجل س ّسم اه( ،)1عن أبً هرٌرر رضً هللا عنه قال :قال
ُس
دعوت فلم رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم " :يُسستجابُس احدكم ما لم َسٌعْس َسج ْسل فٌقول
والع َسجلَس ُسة هنا من َسؼلَس َسب ِسة اإلشتؽال بال َسقصْس ِسد دون خالقه ،وهذا من نُسقصان
َس
() 2
يُسستجب لً"
المعرفة ،فإن العارؾ ٌشؽله شًء عن ربه.
وسنذكر من أحوال العارفٌن أشٌاء بقصد التبرك ِسبذ ْسِسك ِسر ِسه م ،قال هللا تعالى :
() 4
ب براهيم)( )3وقال سبحانه [ :نحن نلص علي ] (واإ ر ل ال تا ِر
() 1
٧٥ؤدُ٧د٬ؿ ٩ٝ٧٠جد ١ؤق٥ف (جٝدؾحف( ٪جٝؾؿ٠حز جًٝدحُ٬ر) .)2335/5
() 2
جٝدؾحف :٪جٝؿُ٧جز ،دحخ٬ :لسظحخ ِٞٝدؿ ٠ح َِِ٬ ٟٝظَلْ ٠٧ 5981ل :ٟٞجٝـٜف ٧جٝؿُحء ٧جٝس٧در ،دحخ د٬ح ١ؤ٤٢
٪لسظحخ ٞٝؿجُ٠ ٫ح ِ٬ ٟٝظل .2735
ُ
() 3
ل٧فذ ٠ف.41 ٟ٬
() 4
ل٧فذ ٧٬لٕ .3
34
وفً الخبر :اذكروا الصالحٌن ،عند ذكر الصالحٌن تنزل الرحمة ( .)5فلو ذلك لما
كان ٌنبؽً لنا أن نشتؽل بذكر ؼٌر هللا تعالى ،ومع ذلك فإن هللا تعالى معنا ،قال
تعالى:
() 1
( وهو مع م أين ما نتم)
بٌت المقدأ فؤضلَس ْسل ُس
ت ُس
قصدت َس () 2
ِسً أن عبدالو احد بن زٌد رحمه هللا قال: ُسحك َس
فقلت لهاٌ :ا ؼرٌبة ،أنت ضا َّولر؟ قالت :كٌؾ يكون ُس طرٌقً ،فإذا بامرأر أقبلت إلًَّو
بُّد ،ثم قالت :خذ رأأ عصاي وتق َّود م ؼرٌبا ًا َسمنْس ٌعرفه ،وكٌؾ ٌكون ضا ًا من يُس ِس هُس
رأأ عصاها ،ومشٌت بٌن ٌدٌها سبعة أقدام أقل أو أكثر، َس ُس
فؤخذت بٌن ٌديَّو مشٌا ًا ،
كت عٌنً ،قلت :لعل هذا ؼلط منً ،فقالتٌ :ا فإذا أنا فً مسجد بٌت المقدأ ،فدلَّو ُس
هذا سٌرك سٌر الزاهدٌن ،وسٌري سٌر العارفٌن ،فالزاهد ٌسٌر ،والعارؾُس ٌطٌر
َّوار؟ ثم ؼابت فلم أرها بعدها. الطٌ َس ،وأ َّونى ٌلحق ال َّوسٌَّوا ُسر َّو
البحر ،إذ انكسرت َس :كنت راكبا ًا قال أبو عمران الواسطً رحمه هللا
() 5
اػ٬حء ُ ٟ٧ٞجٝؿ( ١٬جِ٠ٝفٖر) ٙ ،231/2حل جٝػحٌٖ جِٝفج٬ٝ : ٫ٙك ٤ٝؤول ٖ ٫جٝػؿ٬ش ج٠ٝفٖ٧ ،ٍ٧ا٠٢ح ٧٥
٧ٙ ١٠ل لٗ٬ح ١د٢٬٬ُ ١رٜ ،ـج ف٧ج ٣جد ١جٝط ٧قٚ٠ ٫ٖ ٪ؿ٠ر وٗر جٝوٗ٧ذ =
= [ ج( ٫٢ٔ٠ٝد٦ح٠م جٱػ٬حء) ٧ ] 231/2اسػحٕ جٝلحؿذ ج٠ٝس٧ ،350/6 ١٬ٚؤل ٩٢جً٠ٝحٝخ : ٤٬ٖ٧ 140
"ػؿ٬ش" "ُ٢ؿ ـٜف ؤ٥ل جٝوٴع س٢قل جٝفػ٠ر " :ٳ ؤول ٙ . ٤ٝحل جِٝفج٧ ٫ٙجد ١ػظف ٬ٙ :ل١٠ ٧٥ :
ٜٴ ٟجد٢٬٬ُ ١ر "ٜ٧ .نٕ جٝؾٗحء 70/2دفٙ" :٤٬ٖ٧ 1772 ٟٙحل جٝػحٌٖ جد ١ػظف :ٳ ؤول ١ٜٝ .. ٤ٝ
ٙحل جد ١جٝوٴع ٖ ٟ٧ُٞ ٫جٝػؿ٬ش :ف٢٬٧ح ُ ١ؤد٠ُ ٫ف ٧ال٠حُ٬ل د٠ ١ظ٬ؿ ؤ ٤٢لح٬ف ؤدح ظِٗف ؤػ٠ؿ
ٜ٧حُ ١دؿ ١٬وحٝػٖٚ ، ١٬حل : ٤ٝدإ٬٢ ٪ر ؤٜسخ جٝػؿ٬ش؟ ٖٚحل :ؤٝلس( ٟسف ) ١٧ؤ٢ُ ١ؿ
ج د ١ػ٠ؿج، ١
. ـٜف جٝوحٝػ ١٬س٢قل جٝفػ٠ر؟ ٙحل :دٙ .٩ٞحلٖ :فل٧ل جهلل و ٩ٞجهلل ُ٧ ٤٬ٞل ٟٞفث٬ك جٝوحٝػ١٬
ج٢سٙ .٩٦حل جٚٝحف ١ٜٝ : ٪ج ٌٗٞٝاٜ ١ح( ١سف )١٧٧د٧ج ١٠ ،١٬٧جٝف٧ج٬ر٬ٖ ،ؿل ٖ ٫جٝظٞ٠ر ُ ٩ٞؤ٤٢
ٳ (ؤ ٪دي ٟجٝسحء) ؤً٠٧ِٞ٠ ٧ح (دٗسػ٦ح ) ٖٴ
ػؿ٬ش ٤ٝ٧ ،ؤول٧ ،اٜ ١ح( ١سف ١٠ )١٧جٝفئ٬ر٠ ،ظً ٧٦
ؿٳٝر ٖٙ٧ .٤٬حل جٝق٠ؽ نف ٫ٖ ٪ؾًدر فلحٝر ٖٖ ٫ىجثل جَِٝنَفَ ذ٧ :فؿ ٖ ٫وػ٬غ ج٭صحف ج٠ٝل٢ؿذ ُ١
ج٠ِٞٝحء جٜٝدحف ؤ ١فل٧ل جهلل و ٩ٞجهلل ُ٧ ٤٬ٞلٙ ٟٞحل٢ُ :ؿ ـٜف جٝوحٝػ ١٬س٢قل جٝفػ٠ر " ٫ٖ ٧٥٧
ج٧ٗٝجثؿ ج٠ٝظُ٧٠ر ٞٝنٜ٧ح( ٫٢جٝلٗٓ١ذ ج٠ٝػ٠ؿ٬ر ) ٧ 508جٯلفجف ج٠ٝفُٖ٧ر ٫ِٞٝجٚٝحف( ٪جٝفلحٝر ) 249
193 (٧٠لُ٧ر ؤًفجٕ جٝػؿ٬ش ٧ )499/5ؤ٧فؿ٠ ٣ػ٠ؿ ًح٥ف ج٢٦ٝؿ ٪جٗٝس ٫ٖ ٫٢سـٜفذ ج٧٠ٝيُ٧حز
دحخ ٖيل جٯ٬ٝ٧حء ٧جٯدؿجل.
()1
ل٧فذ جٝػؿ٬ؿ .4
()2
ؤؿف ٛجٝػل ١جٝدوف( ٪جًٝدٚحز جٜٝدفٞٝ ٨نِفج.)60/1 ٫٢
35
فرفعت رأسً إلى ُس وبقٌت أنا وامرأتً ،فولدت ولداًا ،فؤرادت الماء ، ُس السفٌنة ،
السماء ،فإذا رج ٌحل جالأٌح على الهواء ،وفً ٌده ركور من ٌاقوت ٍسة حمراء فً سلسلة
تركت هواي ،فؤجلسنً فً الهواء. ُس خذ ،فسؤلته عن ذلك ،فقال: من ذهب ،وقال ْ :س
صنعت حٌن َس ِسً أن عبد الواحد بن ٌزٌد قال :ابً عاصم الربعً :كٌؾ و ُسحك َس
ُس
فصرت الح َّون اج ؟ قال :كنت فً بٌتً فوقفوا على الباب لٌدخل علًَّو الرسو ُسل طلبك َس
جبل
فنظرت فإذا أنا علً ِس ُس مدهوشا ًا ،فإذا بٌ ٍسد أخذت بٌدي وجرَّو تنً قدَس ما ًا أو أكثر ،
أبً قبٌأ.
() 1
مررت برا ٍس فقلت له :هل ُس ِسً أن إبراهٌم بن أدهم رضً هللا عنه قال: و ُسحك َس
أيُّد ما أحبُّد إلٌك؟ قلت :الماء ،قال :فضرب ربة من الماء أو من اللبن؟ قال :ه عندك شُس ًا
فشربت منه وهو أبرد من ُس صد َس فٌه ،فانبجأ من الماء ، ْس للداًا بعصاه حجراًا َس
وبقٌت متعجبا ًا ،فقال الراعً :تتعجب فإن العبد إذا ُس الثلن ،وأحلى من العسل ،
أطا هللا أطاعه ك ُّدل شًء.
َسسلة معلقة فً بٌتها ،فكلما أرادت الطعام ، ٌح َّو () 2
وكانت لرابعة البصرٌة
فوجدت فٌها أي الطعام شاءت. ْس ضربت بٌدها إلى السلة
) () 3
وقال شٌخ الطابفة الحسن رضً هللا عنه :خرج سلمانُس الفارسً رضً هللا
عنه من المدابن ومعه ضٌؾ ،فإذا بظبا ٍسء تسٌر فً الصحراء ،وطٌور تطٌر فً
الهواء ،فقال سلمان :لٌؤتنً ظبًٌح وطٌ ٌحر سمٌنان ،فقد جاءنً ضٌؾٌح أحب إكرامه،
الطٌر فً الهواء ،قال َ :سأو تتعجبُس َس فجاء كالهما ،فقال الرجل سبحان الذي س َّوخ ر لك
. أطا هللا فعصاه هللا عبداًا َس
رأٌت من هذا؟ هل
() 1
ادفج ٟ٬٥د ١ؤؿ ٟ٥جٝس ٫٠٬٠جٝدٞؾ ٫ؤد ٧الػح٘ ،س ٫ٖ٧ل٢ر ٥ 161ـ.
() 2
٫٥فجدِر جِٝؿ٬٧ر.
() 3
جٝػل ١جلدوف( ٪جٝػل ١د٬ ١لحف ).
36
قال عبد الواحد بن زٌد :بٌنما أنا وأٌوب السختٌانً( )1نسٌر فً طرٌق الشام،
فإذا نحن بؤسودَس أقبل إلٌنا ٌحمل كارر حطب ،فقلتٌ :ا أسو ُسد َسم ن ربُسك؟ قال :ألمثلً
تقول هذا ،فرفع رأسه إلى السماء ،وقال :إلهً حوِّذ ل هذا الحطب ذهباًا ،فإذا هو ذهب
،ثم قال :أرأٌتم هذا؟ قلنا :نعم ،قال :اللهم ُسر َّوده حطباًا ،فصار كما كان أو ًا ،ثم قال :
ُس
واستحٌٌت بقٌت َس ِسج ًا من العبد، ُس أ ُسلوا فإن العارفٌن تفنى عجاببهم ،فقال أٌوب:
َس
منه حٌا ًاء ما استحٌٌت مثله من قبل ذلك من أحد قط ،ثم قلت :أ َسم َسع َسك شً ٌحء من
الطعام؟ قال :فؤشار فإذا بٌن أٌدٌنا جا ٌحم( )2فٌها عسل ،أشد بٌاضا ًا من الثلن ،وأطٌب
رٌحا ًا من المسك ،قال :كلوا فوهللا الذي إله إ هو لٌأ ه ذا من بطن النحل ،فؤكلنا
فما رأٌنا شٌبا ًا أحلى منه ،فتع َّون بنا ،فقال :لٌأ بعارؾٍس من تع ّسن ب من اآلٌات ،ومن
تعجب فهو بعٌد من هللا ،ومن عبده على رإٌة اآلٌات فهو جاهل باهلل.
وأردت التلبٌة ،فؤخذت ُس كنت حاجا ًا ُس أعرؾ باهلل .وقد
هَس رحم هللا ذلك ااسودَس ،ما
مندٌالًا لً فػ سلته ،وقطعته نصفٌن ،ثم اتزرت بنصؾ ،وارتدٌت بنصؾ آخر
ٌح
فضة ك ُّدلها، فنظرت فإذا البادٌ ُسة ُس لحاجة ،فإذا بهاتؾ ٌهتؾ :انظر ما بٌن ٌدٌك،
فؽمضت عٌنً ومضٌت ،وقلت :اللهم إنً أعوذ بك من كل إراد ٍسر سواك. ُس
وحكً أن رجالًا من العارفٌن فرغ من أعمال الحن وأركانه ،ثم أخذ يُس حرم
مرر أخر ،وقال :لبٌك اللهم لبٌك ،فقٌل له ٌ :ا هذا ،إن وقت الحن والتلبٌة قد
أحرمت من الوطن إلى زٌارر البٌت ،واآلن أحرمت من البٌت إلى ُس مضى ،فقال :قد
صاحب البٌت ،فقٌل هنٌبا ًا لمن أحرم عن ؼٌره.
() 1
ؤ٧٬خ د٬ٜ ١لح ١جٝلؾس٬ح ٫٢جٝدوف ،٪ؤد ٧دٜف (٥ 131-66ـ).
() 2
ظح :ٟا٢حء ٞٝنفجخ ٧جًِٝح٧ .ٟجٝظح٠ ٟئ٢صر.
37
الدجل فإذا
ر كنت أسٌ ُسر على شاطا ُس و ُس كً أن هرم بن حًّسان( )1رحمه هللا قال:
علً فقلت له :كٌؾ حالك وشؤنك؟ أنا بر ُسج ٍسل أقبل إلًّس وعلٌه سٌما العارفٌن ،فسلمت ه
فقال( :سبحان ربنا ن ان وعد ربنا لمفعوو)(ٌ )2ا هرم بن حًّسان اشتؽ ْسل بما ٌعنًك،
عرفت اسمً واس َسم أبً ،وما رأٌتك قبل الٌوم؟ فقال :أما َس أٌن
فقلت :رحمك هللا ِسم ن َس
فتعجبت من حسن ُس عرفت أنَّو العارفٌن ٌتعارؾ بعرُسهم بعضا ًا بنور المعرفة ،قال : َس
رت من هٌبته. فصاحته ،وتحًَّو ُس
والناأُس وقال ذو النون رضً هللا عنه :بٌنما أنا أسٌر فإذا أنا بقرٌ ٍسة
فدنوت فإذا أسو ُسد ٌسخرون به ،فرفع رأسه إلًّس وقالٌ :ا ذا النون اعرؾ ُس ٌصٌحون،
فسؤلت عن حاله ،قٌل ُس الحبٌب ٌ ُسم نُّد على الحبٌب،َس قدر هللا ،و ت ُسم نَّو عل هللا ،فإن َس
ًا
إنه مجنون ٌجالأ الناأ ،و ٌؤك ُسل فً أربعٌن ٌوما ًا إ أكلة واحدر ،ثم نظر إلى
عرفتَسك فبمواهبك ،وإن شكرتك فبعصمتك. ُس السماء وقالٌ :ا ؼاٌ َسة ِسه َسم م العارفٌن ،إن
وقال ذو النون أٌضا ًا :بٌنما أنا أسٌ ُسر على شاطا النٌل فإذا أنا بجارٌة منطلقة
فً النٌل ،وقد اضطربت أمواجه ،وتقول :إلهً تر ما تفعل بً ،فقلت ٌ :ا جارٌة
َس
شكرت أنت الذي إذا ٌن منه وهو صاحب كل بَسرٍّم وفاجر ،فقالت ٌ :ا ذا النون َس أتشكِس َس
طت علٌه ،قلتٌ :ا جارٌة ،من أٌن عرفت اسمً وما سخ َس سخطت ِسَس َس
شكرت منه ،وإذا
للوحدر؟ قالت: وحشة َس ًا تنً؟ فقالت :عرفتك بنور معرفة الجبّسار ،فقلت لها :اتجدٌن رأٌ ِس
قط إلى ؼٌره ،فإنه مإنأُس اابرار والذي نوَّو ر قلبً بنور معرفته ،ما سكن قلبً ّس
فً الخلوات ،وصاحبُس الؽرباء فً الفلوات.
وقال ج ُّدد والدتً العارؾُس الواسطً رحمه هللا :بٌنما أنا أمشً فً البادٌة ،إذ
مت علٌه ،فر َّود علًّس السالم وأبً أن أك ِّذلمه، أعرابًّس جالأ منفرداًا ،فدنوت منه وس ّسل ُس
ذكر هللا شفا ُسء القلوب. فقال :اشتؽ ْسل بذكر هللا فإن َس
() 1
٥ :ف ٟد ١ػ٬ح ١جِٝدؿ ٪جٯقؿٙ :٪حثؿ ٖحسغ ٜ ١٠دحف جُ١ٝكٓج٠ .ٛحز دِؿ ٥ 26ـ.
() 2
ل٧فذ جٱلفجء.108 :
38
ثم قال :كٌؾ ٌتفرغ ابن آدم من ذكره وخدمته ،والموت فً أثره ،وهللا ناظ ٌحر
إلٌه؟ ثم بكى وبكٌت معه ،فقلت له :ما لً أراك فرٌداًا وحٌداًا؟ قال :ما أنا بوحٌد وهللا
معً ،وما أنا بفرٌد وهللا مإانسً ،ثم قام ومضى مسرعاًا ،وهو ٌقول :سٌدي ،أكثر
خلقك مشؽولون عنك بؽٌرك ،وأنت عِس َسو رٌح عن جمٌع ما فاتٌ ،ا صاحب كل
ؼرٌب ،وٌا مإنأ كل وحٌد ،وٌا مؤو كل فرٌد ،وجعل ٌمُسرُّد وأنا أتبعه ،ثم أقبل
إلىَّو وقال :ارجعْس عافاك هللا إلى من هو خٌر لك منً ،و تشؽلنً عمن هو خٌر لً
منك ،ثم ؼاب عن بصري.
ب فسؤلته :منذ كم أنت فً هذا ُس
مررت براه ٍس و ُس كً أن عبدالواحد بن زٌد قال:
المكان؟ فقال :منذ أربع وعشرٌن سنة ،قلت :من أنٌسك؟ قال :الفرد الصمد ،قلت :
من المخلوقٌن؟ قال :الوحش ،قلت ،ؾما طعامك؟ قال :ذكر هللا ،قلت :م َسِسن المؤكول،
قال :ثمار هذه ااشجار ،ونبات اارر ،فقلت :أما تشتاق إلى أحد؟ قال :نعم إلى
ب قلوب العارفٌن ،قلت :إلى المخلوقٌن ،قال َ :سم ن كان شوقه إلى هللا فكٌؾ حبٌ ِس
ّس ُس
الخ لق؟ قال :انهم َسسرَّو اق العقول ،وقط ا ْس اعتزلت عن َس
َس ٌشتاق إلى ؼٌره ،قلت :فلِس َسم
طرٌق الهد ،قلت :ومتى ٌعرؾ العبد طرٌق الهد ؟ قال :إذا هرب إلى ربه من
كل ما سواه ،واشتؽل بذكره عن كل َسم ن سواه.
() 1
فسلمت علٌه ،فقال :وعلٌك ُس قال هرم بن حٌان :رأٌت أوٌأ بن عامر
ؾت روحً ت اسمً واسم أبً؟ قال َ :سع َسر َس عرؾ َس
ْس السالم ٌا َسه ِسر ُسم بن حٌان ،فقلت :كٌؾ
رو َس ك بنور معرفة ربً ،قلت :إنً أحبك فً هللا ،قال :ما أظن أن أحداًا ٌحب ؼٌر
هللا فكٌؾ ٌحب ؼٌر هللا هلل ،قلت :أرٌد الصحبة معك ،واانأ بك ،قال :ما ظننت
عارفا ًا ٌستوحش عن هللا حتى ٌستؤنأ بؽٌره ،قلت :أوصنً ،ق ال :أوصٌك باهلل
. عن كل ما فاتك ه ،فإنه عِس َسورٌح سبحان
() 1
ؤ٬٧ك دُ ١ح٠ف جَٚٝفَ ١٠ ٫٢خُ٘ ٫٢ف :١ؤػؿ جُ١ٝكٓج ٛجُِٝخٓجؿ ج٠ٝن٧٦ف ١٬س ٫ٖ٧ؤٙ ٧سل ل٢ر ٥ 37ـ.
39
تزر كنت أسٌر فً بعر المفاوز ،فإذا أنا برجل ُسم َّو ِس ُس وقال ذو النون المصري :
فسلمت علٌه فرد علًّس السالم ،ثم قال :من أٌن الفتى؟ قلت: ُس بحشٌش ،مرتد بحشٌش،
من مصر ،قال :إلى أٌن؟ قلت :أطلب اانأ بالمولى ،قال :اترك الدنٌا وال ُسع قبى،
ٌصح لك الطلب ،قلت :هذا كال ٌحم صحٌح ،ص َّوح ْس هُس لً ،قال ،أتتهمنا فٌما نقول ،وقد
أ ُسعطٌنا خٌراًا مما نقول ،وهو المعرفة ،قلت :ما أتهمك ،ولكنً أرٌد أن تزٌدنً نوراًا
على نور ،فقال ٌ :ا ذا النون ،انظر فوقك ،فإذا السماء واارر كؤنهما ذهب ٌتوقد
وٌتألا ،قال :اؼضر بصرك ،فصار تا كما كانتا ،فقلت :كٌؾ السبٌل إلى هذا؟
قال :تفرَّو د بالفرد إن كنت له عبداًا.
دخلت دار المجانٌن ٌوما ًا بالشام ،فرأٌت ُس وقال محمد المقدسً ( )1رحمه هللا:
فٌها شابا ًا على رقبته ُسؼ ٌحل ،وعلى رجلٌه َسقٌد ،مشدود بالسلسلة ،فلما وقع بصره علًّس ،
قال لً ٌ :ا محمد أتر ما فعل بً ،وأشار بطرفه نحو السماء ،ثم قال :جعلتك
جعلت السموات ؼالًا على عنقً ،واارضٌن قٌداًا على َس رسو ًا إلٌه أن تقول له :لو
التفت منك إلى ؼٌرك طرفة عٌن ،ثم أنشؤ ٌقول: ُّد رجلً ،ما
بْنر ُت َمم ن عادته الوُت ب عد َم و يصب ُتر على ُت
ب ُّل ُت ال ُتل تلم
ن َّو َم َمم َم طف
وو يلو على ِر
الللب
ُت لد أبصر َم الف ينُت َمر َم َم إا لم سَم
() 1
ٚٞ٬خ دًح٥ف ١٠ ٧٥٧" ،ؤظٞر ٠نح٬ؽ جٝنح ٟل٠ح ٣جٝند "٫ٞػدف جٝنح( " ٟجٝنِفج.)133/1 ٫٢
40
الحديث السابف
[ ال ة مرضياس ،و ال ة أُتخ ُتر م روهاس]
حدثنا شٌخنا المقري اإلمام الصالح القاضً أبو الفضل علً الواسطً
القرشً رضً هللا عنه :قال :قرأت أنا وسدٌد الدولة محمد بن عبدالكرٌم بن إبراهٌم
بن عبد الكرٌم بن عبد القاهر بن زٌد بن رفاعة الشٌبانً وٌعرؾ بابن اانباري على
أبً عبدهللا بن أحمد ابن عمر الحافظ قلنا :أنباك أبوالحسٌن أحمد بن محمد فؤقر به
قال :أنبؤنا الحسٌن محمد ابن عبد هللا الدقاق عن ٌحٌى بن محم د إسحاق بن شاهٌن
عن خالد بن عبدهللا عن سهٌل بن أبً صالح عن أبٌه عن أبً هرٌرر رضً هللا عنه
قال :قال رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم " :إن هللا تعالى عز وجل ٌرضى لكم ثالثا ًا
وٌكره لكم ثالثاًاٌ ،رضى لكم أن تعبدوه و تشركوا به شٌباًا ،وأن تعتصموا بحبل هللا
أمر كم ،وٌكره لكم قٌل وقال وكثرر نالحوا من و ّس ه هللا َس
ت ِسجمٌعا ًا و تفرقوا ،وأن ُس
() 1
السإال وإضاعة المال"
وفً هذا الحدٌ الشرٌؾ من رقابق أحكام المعرفة باهلل ،ما ٌكفً العارؾ
ٌن ااخٌار إلى هللا تعالى.
المصطؾ
َس عن ؼٌره ،فإن ااسرار المطلوبة فٌه هً سلم
أي سادر ،إن هلل تعالى عباداًا اصطفاهم لمعرفته ،وخصهم بمحبته ،واختارهم
لصحبته ،و اجتباهم لمإانسته ،وقرّس بهم لمناجاته ،وحرّس ضهم على ذكره ،وأنطقهم
() 1
جً٧٠ٝإ :جٝظح ،َ٠دحخ ظح َ٠جٜٝٴ٧ ،2089 ٟؤػ٠ؿ (٠ل٢ؿ ؤد٥ ٫ف٬فذ في ٫جهلل ُ٧ 8785 )٤٢جٝدؾحف٫ٖ ٪
جٯؿخ جٗ٠ٝفؿ :جٝلفٕ ٖ ٫ج٠ٝحل ،دف ٫ٖ٧ 442 ٟٙوػ٬ػ :٤جٝقٜحذ ،دحخ ٧ٙل جهلل سِح( ٩ٝٳ ٬لإ ١٧ٝج٢ٝحك
اٝػحٖحً) (ل٧فذ جٝدٚفذ )273ف٧ 1407 ٟٙجٳلسٚفجى ،دحخ ٠ :ح ١ُ ٩٦٢٬ايحُر ج٠ٝحل ٧ 2277جٯؿخ ،دحخ:
ظر .1715 ُ ٘٧ٚج٧ٝجٝؿ ١٠ ١٬جٜٝدحثف ٠٧ 5630ل :ٟٞجٯٙي٬ر ،دحخ جٜ ١ُ ٫٦٢ٝصفذ ج٠ٝلحثل ٬ٓ ١٠ف ػح
٧ف٧ج ٣جٝل ١ُ ٫ً٧٬ؤػ٠ؿ ٠٧ل٢ٜ( ٟٞق ج٠ِٝحل ٫ِٞٝد ١ػلح ٟجٝؿ ١٬ج٢٦ٝؿ ٪جٝدف٥ح٧ٖ ١ف( ٪جٝفلحٝر) 824/15
ف.)43275 ٟٙ
41
بحكمته ،وأذاقهم من كؤأ محبته ،وفضلهم على جمٌع خلقه حتى لم ٌرٌدوا به بد ًا،
و سواه كفٌالًا ،و دونه ناصراًا ومعٌنا ًا ووكٌالًا ،ولقد سبقوا َسم ن دونهم َس
أ بقا ًا
بكثرر ااعمال ،ولكن بصحة اإلرادات ،و حسن الٌقٌن ،مع دقابق الور ،وا نقطا
بالقلب إلٌه ،وتصفٌة السر عن كل ما دون الحق ،فؤذاقهم هللا طعم ُسل باب معرفته،
رِّذ ه ،و ب
وأنزلهم فً حظٌرر قدسهٌ ،صبرون عن ذكره ،و ٌشبعون من ِس
ٌسترٌحون لؽٌره ،فٌا طوبى لهم ،هم ااقلون عدداًا ،وااعظمون َسخ َسط راًا ،بهم ٌحفظ
هللا محبته ،حتى ٌإدوها إلى نظرابهم ،فٌا طوبى لهم ،هم الزاهدون فٌما رؼب فٌه
الؽافلون ،والمستؤنسون فٌما استوحش منه الجاهلون ،والمشتاقون إلى ما هرب عنه
وجالت أروا ُس هم فً ْس ب الؽٌوب، الساهون ،هم الذٌن نظروا بؤعٌن القلوب ،إلى ُسح ُسن ِس
َّوتم فً سِس رِّذ هم ،وسِس رُّد هم عند ربهم ،به ٌستمع ون ،وبه ٌنظرون ،وبه الملكوتَ ،سف ِسهم ه ُس
مستنسة بؤنسها. ٌرٌدون ،وبه ٌتحركون ،قلوبهم بحبها أ
قال أبو ٌزٌد رحمه هللا :الناأ ٌصٌحون من إبلٌأ ،وهو ٌصٌح منً ،قٌل
له :كٌؾ هذا والمصطفى علٌه السالم كان مؤموراًا بالصٌا منه ،فً قوله تعالى :
(و ل رب أعوإ ب من همزاس الأليطين)(.)1
قال :ان هللا تعالى أمره فً هذه اآلٌة با عتصام به ،وتفوٌر اامر إلٌه،
وؾ ٌحق بٌن الصٌا من إبلٌأ ،وبٌن ا عتصام باهلل ،وقد قال هللا تعالى ( :ن عباد َسرْس
() 2
لي ل عليهم سلطان) .
قال ذو النون :للعارؾ نار ونور ،نار الخشٌة ،ونور المعرفة ،فظاهره
محترق بنار الخشٌة ،وباطنه ُسم َسنوَّو ٌحر بنور المعرفة ،فالدنٌا تبكً بعٌن الفناء علٌه،
واآلخرر ترحك ِسب َسسنِّذ البقاء إلٌه( ،)3فكٌؾ ٌقدر الشٌطان أن ٌدنو منه ظاهراًا وباطنا ًا
إ
() 1
كالبرق الخاطؾ ،أو كالرٌح العاصؾ ،فإن أتاه عاررٌح من قِس َسب ِسل َس
الع ٌن ،أحرقته
العبْسرر ،وإن أتاه ِسم ن قبل النفأ ،أحرقته نار الخدمة ،وإن أتاه من قبل العقل،
نار َس
أحرقته نار الفكرر ،وإن أتاه من قبل القلب ،أحرقته نار الشوق والمحبة ،وإن أتاه
من قبل السر ،أحرقته نار القرب والمشاهدر ،فتار ًار ٌحترق قلبه بنار الخشٌة ،وتارر
ٌتشفى بنور المعرفة ،فإذا امتزجت نار الخشٌة ونور المعرفة ،هاجت رٌح اللطؾ
والق ربة ،فٌظهر صفاء الحق للعبد ،فتراها تالشت اانانٌة، ُس من سرادقات اانأ
وبقٌت االوهٌة كما هو فً اازل.
() 1
ل٧فذ ج٠ٝئ.97 :١٧٢٠
() 2
ل٧فذ جٱلفجء.65 :
() 3
لَ٧ :ٓ١يَ .اـج ٠حز جِٝدؿ جٝوحٝغ دٜز ُ ٤٬ٞجٝل٠حء ٧جٯفىٖ٧ ،فػز جٝػ٧ف ج٧ ،٤ٝ ١٬ِٝج٠ٝٴثٜر،
ٝسؾلّو ٤دحٝلٴ٠ر ١٠ؿ٬٢ح٧ ،٣جلسدنحفج دلِحؿس ٫ٖ ٤ؤؾفج ٣جٝس ٫ظِ٦ٞح جهلل سِح ٫٥ ٩ٝؿجف جٝؾ٧ٞؿ ٧جٝدٚحء .
() 1
٠ٜٞر ف٬غ سُ َـٖٛف ٧سئ٢ش.
42
ٌفتح لؽٌره وهو قال أبو سلٌمان( :)2يُسفتح للعارؾ وهو نابم على فراشه ،ما
فً صالته.
قال أبو ٌزٌد رحمه هللا :أدنى مقامات العارؾ أن ٌمر على الماء ،وٌطٌر فً
َس
ٌلتفت إلى َسم ن سواه. الهواء ،وأعالها أن ٌمر على الدارٌن من ؼٌر أن
قال أبو بكر الواسطً رحمه هللا :دوران العارؾ مع محبوبه على أربعة
أوجه :سرور المعرفة ،وهو ممزوج برإٌة حسن العناٌة ،وحالور الخدمة ،وهو
الم نّسر ،وأنأ الصحبة ،وهو ممزوج بلذابذ القربة ،وخوؾ المفارقة، ممزوج بذكر ِس
وهو ممزوج بتحقٌق كمال القدرر ،وقال ذو النون :العارؾ بٌن البر والذكر ،هللاُس
ٌمل من ِسبرِّذ ه ،و العارؾ ٌشبع من ذكره.
() 3
سبل بعضهم عن قوله تعالى (وأنه هو أضح وأب ى ) ،فقال :أضحك
العارفٌن بسرور معرفته ثم أبكاهم من خوؾ مفارقته ،وأمات من شاء
() 2
ؤد ٧ل٠٬ٞح ١جٝؿجفجُ :٫٢دؿ جٝفػ ١٠د٬ًُ ١ر ٠حز ل٢ر ٬ٙ٧ 285ل ٥ 215ـ (ظحٜ َ٠فج٠حز األ١ٌٚبء (داز
جٜٗٝف – د٬ف٧ز) ٧ ] 144/1ؤٌ ٧ ٣ ٤٢ج٠ٝفجؿ٧ ،ص٠ر ؤد ٧ل٠٬ٞح :١ؿج٧ؿ د٢ ١و٬ف جًٝحث٠ ،٫حز ل٢ر ٥ 162ـ
(ج٠ٝوؿف ٗ٢ل٧ )63/1 ٤جٝؿجفج ٫٢ؤن٦ف.
() 3
ل٧فذ ج٢ٝظ.43 :ٟ
43
ته ،لٌعلم الخالبق أنه فعال لما ٌرٌد . بسًؾ قطٌعته ،أوحٌى من شاء برو َسوصْس لَس ِس
وقٌل لعابشة رضً هللا عنها :كٌؾ ٌحاسب المإمنون العارفون؟ فقالت :لٌأ
مع العارفٌن حساب ،ولكن معهم عتاب.
وروي أن سلٌمان علٌه الصال ر والسالم نظر إلى مملكته ٌوماًا ،فؤمر هللا
تعالى الرٌح حتى كشؾ عورته ،فقال للرٌحُ ،سر َّود علًَّو ثوبً ،فقال الرٌحُ ،سر َّود قلبك
إلى مكانه ،فطوبى اهل المعرفة ،عرفهم أنفسهم قبل أن ٌعرفوه ،وأكرمهم قبل أن
ٌعرفوا الكرامة ،أولبك أقوام أنفسهم روحانٌة ،وقلوبهم سماوٌة ،وهمومهم َسمرْس ضِس ٌَّوة،
وصدورهم َسج ِسزعة ،وقلوبهم خابفة ،وأعٌنُسهم دامعة ،عقلوا فعلموا ،ووجدوا فرحلوا،
وانفتح لهم نور القلب.
اازمان
ِر
() 1
ختارهم من ساللِر َم لونَم لنفسِر ِره َم
ص ط َم هلل و ٌمم ُتم ْن
وبيان
ِر ا م ٍة
ِر يهم ودائ ُتف بل ِرطر ِرا َمخللِر ِره م اختار هم من ِرَم
() 1
لطط ّ٘صح اٌٛطً ٌضسٚزح اٌشعس.
44
الحديث ال امن
[ الحياء من اإليمان ]
أخبرنا الشٌخ صالح الثقة أبو الفتح محمد بن عبد الباقً بن أحم د بن سلمان ،قال :
أنبؤنا أبو عبد هللا مالك بن أحمد بن علً المالكً ،قال :أنبؤنا أبو الحسن أحمد ابن
محمد بن موسى القرشً ،قال :أنبؤنا أبو إسحق إبراهٌم بن عبدالصمد الهاشمً،
قال :أنبؤنا أبو مصعب أحمد بن أبً بكر الزهري ،عن مالك ،عن ابن شهاب
الزهري ،عن سالم ،عن أبٌه أن رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم مر على رجل وهو
() 1
ٌعظ أخاه فً الحٌاء ،فقال رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم " :الحٌاء من اإلٌمان"
والحٌاء الذي ٌشمل الوجه من الناأ ،أنموذج عن الحٌاء الذي ٌشمل القلب من هللا
تعالى ،والحٌاء الشامل للوجه وللقلب ،هو من اإلٌمان باهلل وهو َسط ْسو ُسر العارفٌن باهلل
سبح انه وتعالى ،الذي جعل قلوبهم َسع ْسٌ َسب َسة أسراره ( ،)2وكذلك فإن قلوب العارفٌن
خزابنُس هللا فً أرضه ،وضع فٌها ودابع سره ،ولطابؾ حكمته ،ودقابق محبته،
وأنوار علمه ،وإمام َسة معرفته ،فكالمهم هو الكشؾ عما ٌشاهد القلب ،وإظهار علوم
السر ،وبٌان معاملة الضمٌر ،من تمًّس ز ا نفصال عن ا تصال ،وبٌان ااسباب
الشاؼلة عن الحق ،من ااسباب الداعٌة إلى الحق ،أما الداعً إلى الخلق فالدنٌا
والنفأ والخلق ،وأما الداعً
() 1
وػ٬غ .ف٧ج ٣جً٧٠ٝإ :جٝظح ،َ٠دحخ ٠ح ظحء ٖ ٫جٝػ٬حء ٠٧ 1890ل٢ؿ ؤػ٠ؿ( :ػؿ٬ش جد٠ُ ١ف في ٫جهلل
ُ٠٦٢ح) ٧ 4554ػؿ٬ش ؤد٥ ٫ف٪فذ في ٫جهلل ُ( ٤٢وػٗ٬ر ٥٧خ د١٠ ١د٧ 10460 )٤جٝدؾحف :٪جٱ٠٬ح ،١دحخ:
جٝػ٬حء ١٠جٱ٠٬ح٧ 24 ١جٯؿخ ،دحخ :جٝػ٬حء ٧ 5767ؤؾفظ ٫ٖ ٤جٯؿخ جٗ٠ٝفؿ ٠٧ 602ل :ٟٞجٱ٠٬ح، ١دحخ
د٬حُ ١ؿؿ نِخ جٱ٠٬ح٧ ١ؤٖي٦ٞح ٧ؤؿ٢ح٥حٖ٧ ،يٞ٬ر جٝػ٬حء ١٠ ٤٢٧ٜ٧ ،جٱ٠٬ح.36 ١
( ِٓٚ " )2اٌّعزعبزَ ٛ٘ :ر ٠جخ فالْ إذا وبْ ِٛضط ظسٖٚ ،عٓ زظٛي هللا طٍ ٝهللا عٍٚ ٗ١ظٍُ" :جٯ٢وحف َٜفِن٫
ٚع١جز ٞ " ٟضط ف ُٙ١ظساز [ "..ٞاٌصِلشس :ٞظبض اٌجالغخ (داز اٌّعسفخ) .]318
45
إلى ا لحق فالعقل والٌقٌن والمعرفة ،كما ورد َ " :سم نْس عرؾ نفسه عرؾ به "(ٌ ،)1عنً
من عرؾ ما لنفسه ،عرؾ ما لربه ،وكالمهم ٌدور على خمسة أوجه ،به وله ومنه
وإلٌه وعلٌه ،ولٌأ فً كالمهم أنا وإنً ونحن ولً وبً ان ألفاظهم فردانٌة،
وحركاتهم صمدانٌة ،وأخالقهم ربانٌة ،وإرادتهم وحدانٌةٌ ،عرؾ إشارتهم إ َسمنْس
له قلب حرٌق ،فٌه خزابن ااسرار ،وجواهر القدأ ،وسُسرا ِسد قات اانوار ،وبحار
الوداد ،ومفاتٌح الؽٌب ،وأودٌة الشوق ،ورٌار اانأ ،فكلما أبرز العارؾ لسان
الحكمة من ٌنبو المعرفة بإشارات استؤنأ بها قلوب المرٌدٌن والمشتاقٌن.
لسان ٌؽرؾ لك ٍس قال ٌحٌى بن معاذ :القلوب كالقدور ،ومؽارفها االسن ،فكل
ما فً قلبه.
َس
وقٌل ابً بكر الواسطً ما تقول ؾ ي كالم أهل المعرفة؟ فقال :إن َسمث َسل
المعرفة ،كمثل سراج فً قندٌل ،والقندٌل معلق فً بٌت ،فما دام السراج فً البٌت،
ٌكون البٌت مضٌباًا ،وربما ٌفتح الباب فٌق ضوء السراج خارج البٌت وٌضًء.
كالم أهل المعرفة ٌقع ضٌاإه على قلوب أهل النور فتصٌر أعٌنهم دامعة،
وألسنتهم ذاكررٌ .قول هللا تعالى( :و إا سمعوا ما أنزل لى الرسول)( ،)2اآلٌة ،مثل
من الٌقٌن ،وماإه نفأ العارؾ كمثل الب ٌت ،ومثل قلبه كمثل القندٌل ،دُسهْس ُسن ُسه
() 1
جٝػحٗٞٝ ٪٧سحٞٝ ٪٧ل( ٫ً٧٬جٝلِحؿذ) ٜ٧ 412/2نٕ جٝؾٗحء (ؿجف جٝسفجش) ٧ 362/2جٯلفجف ج ٠ٝفُٖ٧ر
(جٝػٞد٧٠( 152 ) ٫لُ٧ر ٫ِٞٝجٚٝحف( ٪جٝفلحٝر) ٧ 351جٝؿفف ج٢٠ٝسصفذ ٖ ٫جٯػحؿ٬ش ج٠ٝنس٦فذ ٞٝل٫ً٧٬
جًفجٕ جٝػؿ٬ش (ً٧ )395/8 )1جٚ٠ٝحوؿ جٝػل٢ر ٞٝلؾح٧ ، 419 ٪٧ؤل ٩٢جً٠ٝحٝخ ٞٝد٬ف٧سً٠( ٫دِر ٠وًٗ٩
جٝدحد ٫جٝػٞد ٫د٠وف ) ه" :٤٬ٖ٧ 214ػؿ٬شُ ١٠( :فٕ ٗ٢لٖٚ ٤ؿ ُفٕ فدٙ ) ٤حل جٝلِ٠ح : ٫٢ا ٤٢ٳ ُُ٪فٕ
٠فُٖ٧حًٙ٧ .حل ج٬ٝ : ٪٧٧٢ٝك دػؿ٬ش ٢٧ .لد ٤دِي ٟ٦ا ٩ٝؤد ٫لِ٬ؿ جٝؾفجق ٧دِي ٟ٦ا٬ ٩ٝػ ٩٬دِ٠ ١حـ
جٝفجق."٪
() 2
ل٧فذ ج٠ٝحثؿذ ٧ 83سس٠ر ج٭٬ر (سف ٨ؤُ ٟ٦٢٬سٗ٬ى ١٠جٝؿ٠٠ َ٠ح ُفٖ٧ج ١٠جٝػ٘ :١ ٧ٝ٧ٚ٬ ،فد٢ح آ٢٠ح
ٖحٜسد٢ح َ٠جٝنح٥ؿ.)١٬
46
من الصدق ،وفتٌله من اإلخالل ،والزجاجة من الصفاء والرضاء ،وعالبقه من
العقل ،فالخوؾ نار فً نور ،والرجاء نور فً نار ،والمعرفة نور فً نور ،فالقندٌل
معلق بباب ال ُسكوَّو ر ،إذا فتح العارؾ فاهُس بالحكمة التً فً قلبه ،هاج فً ُسكوَّو ِسر فمه نو ٌحر
من اانوار التً فً قلبه ،فٌقع ضٌاإه على قلوب أهل النور ،فٌتعلق النور بالنور،
ظلمة من اللٌل ،وكالم أهل ًا وإنَّو بعر القول أش ُّدد ضوءاًا من النهار ،وبعضها أش ّسد
المعرفة كن ٌحز من كنوز الرب سبحانه ،معادنه قلوبُس أهل المعرفة ،أمرهم هللا تعالى
باإلنفاق منه على أهله فً قوله تعالى ( :اد ُت لى سبيل رب بالح مة والموعظة
الحسنة وجادلهم بالتل هل أحسن)(.)1
قٌل لبعر العارفٌن :أي شًء أضوأ من الشمأ؟ قال :المعرفة ،قٌل :أي
شًء أنفع من الماء؟ قال :كالم أهل المعرفة ،قٌل :وأي شًء أطٌب من المسك؟
قال :وقت العارؾ ،قٌل :وما ِس رف ُسة العارؾ؟ قال :النظ ُسر إلى لُسنع الرُّد بوبٌة ،وأعالم
لطابؾ ُس
القدرر.
() 2
أنفع من كالم الخلؾ؟ قال :ان قٌل ابً سعٌد البلخً :لِس َسم كان كالم السلؾ َس
مرادهم كان عِس َّوز اإلسالم ،ونجار النفوأ ،والشفق َسة على اإلخوان ،ورضا الرحمن،
ومرا ُسدنا عِس ُّدز النفأ ،وثناء الناأ ،وطلبُس التنعُّد م فً الدنٌا ،فالعبد إذا أطا ربه ،رزقه
نهلة من عٌن المعرفة ،وأنطق بها لسانه ،وإذا ترك طاعته لم ٌسلبها ،ولكن أبقاها ًا
فً قلبه ،ولم يُسنطق بها لسانه ،لٌكون ذلك حسر ًار علٌه ،وابتاله بؤنوا الم َسِسح ن ،وما
نور المعرفة ،قبل أن مإمنٌن ٌلتقٌان فٌذكران هللا إ وٌزٌد هللا تعالى فً قلوبهما َس َس ِسم ن
لع أه َسل المعرفة على تالطم أمواج بحار خواطر القلوب، ٌتفرقا ،وإن هللا تعالى ْس
أط َس
وأشرفهم على خزابن ااسرار ،وبواطن العلوم التً يُس حصى عددها ،و ٌنقطع
ت فنى عجاببها ،حتى ٌؽوصوا بنور ك قعرها ،و ُس ُس ُسدر
مددها ،و ٌ َس
() 1
ل٧فذ ج٢ٝطل.125 :
() 2
ز جٯ٬ٝ٧حء ٢ٞٝد٦ح٫٢ ٥ 315ـ "جٌ٢ف ظحٜ َ٠فج٠ح ؤػ٠ؿ دُ ١دؿجهلل جٝدٞؾ٠ ،٫حز دِؿ ل٢ر
(٧٬لٕ د ١ال٠حُ٬ل) ًدِر ؿجف جٜٗٝف ."485/1
47
المعرفة فً َسقعْس ِسر بواطن إشاراتها المكنونة فً مع انٌها المخزونة ،فٌستخرجوا
وحقابق إشارات ،تحترق منها قلوبُس المحبٌن، َس ولطابؾ زوابد، َس عجابب فوابد،
َس
وتستؤنأ بها أروا المرٌدٌن ،وهً نو ٌحر من أنوار الهداٌةٌ ،هتدي به العبد إلى
طرٌق حسن الرعاٌة ،إذا أدركه من الحق التوفٌق والعناٌة.
مفالٌأ ٌ ،فتحون من كٌأ َس ُس
لقٌت الحكماء فوجدت أكثرهم قال ٌحٌى بن معاذ :
() 1
ؼٌرهم ،وكان ل ٌّسل المصري أ ،وكان باإلسكندرٌة ،فلما قدم إلٌه قال :إنً كنت
مقبالًا على ربً ،قال :فؤٌن فواب ُسد إقبالك على ربك؟ فسكت ،فقال اللٌ :العبد إذا
أقبل على هللا بصدق الوفاءٌ ،مده هللا بفوابد لم تخطر على قلب بشر.
ومز ق ثوبه، وكان ٌحٌى بن معاذ ٌتكلم ذات ٌوم ،فصا رجل فً مجلسهَّ ،و
فقٌل له :ما تقول فٌه؟ قال كالم أهل المعرفة كلما نبع من عٌن سر الوحدانٌة ،قر
قلب المحترق بنٌران الشوق والمحبة ،فتالشت عن صاحبه صفات اإلنسانٌة ،كالم
المتقٌن بمنزلة الوحً ،وجرت كلمة على لسان بعضهم ،فقٌل له َ :سم ن َسح َّود ثك بهذا؟
قال :ح َّود ثنً قلبً عن فكري عن سِس رِّذ ي عن ربً ،فإسنا ُسد الحكمة وجو ُسد ها ،وهً
ضا ّسلر المرٌد ،حٌثما وجدها أخذها ،فال يُس بالً من أي وعاء خرجت ،وبؤي لسان
تبت ،أو ِسم ن أي كافر ُسسم َسِسعت. َسن َسط َسقت ،ومن أي قلب نُس ِسق َسلت ،أو على أي حابط ُس
ك ِس
وقد ورد " َسم ن أراد أن ٌإتٌه هللا علما ًا من ؼٌر تعلم ،وهُس د من ؼٌر هداٌة،
فلٌزهد فً الدنٌا "( ،)2وإن للحكمة أهالًا وزماناًا ،وقد مضً زمنها ،وااكثرون ِسم ن
() 1
ج٬ٞٝش د ١لِؿ ،ؤد ٧جٝػحفش (٥ 175-94ـ) ن٬ؽ ٠وف ِٝوف٠ ،٣ظس٦ؿ ً٘ٞ٠وحػخ ٠ـ٥خ ٖ،٫٦ٚ
١ٜٝؤسدحُ ٤ـجد٧ج ١٠خُؿ ٫ٖ ٣د٧سٚر ج٠ٝـ٥د ١٬ج٠ٝح٧ ٫ٜٝجٝنحِٖ( ٫جٝد٧سٚر :جُ٧ٝحء جٝـ٬ ٪ـجخ ٖ ٫جِ٠ٝؿ.)١
() 2
. سـٜفذ ج٧٠ٝيُ٧حز ٢٦ٞٝؿ ٪جٗٝسٙ٧ 20 ٫٢حل٧٬ ٟٝ" :ظؿ " ؤ٧٬ ٟٝ ٪ظؿ ٤ٝؤول ٖ ٫جٯػحؿ٬ش ج٠ٝفُٖ٧ر
٧اػ٬حء ُ ٟ٧ٞجٝؿ( ١٬ؿجف جِ٠ٝفٖر) ٙ٧ 224/4حل جٝػحٌٖ جِٝفج ٟٝ :٫ٙؤظؿ ٤ٝؤوٴ٧ .اسػحٕ جل لحؿذ ج٠ٝس١٬ٚ
ٜ٧ .333/9نٕ جٝؾٗحء (جٝسفجش جٱلٴ 305/2 )٫٠دفٙ :٤٬ٖ٧ 2346 ٟٙحل جٚٝحف :٪ل٧٬ ٟظؿ ٤ٝؤول٠ٜ ،ح ٖ٫
ج٠ٝؾسوف٢ِ٠٧ ،ح ٣وػ٬غ ٠لسٗحؿ ٤٬ُٞ ٤ٝ٧٘ ١٠جٝوٴذ ٧جٝلٴٔ٠َُ ١٠ " : ٟل د٠ح َُلِ ٟؤ٧فص ٤جهلل ُ٠ ٟٞح ٟٝ
."ِٟٞ٬
48
مصابٌح كالم
َس أهلها ،ولٌأ علٌنا إ أثر المصٌبة ،فإنا هلل وإنا إلٌه راجعون ،اطلبوا
العارفٌن قبل وفاتهم ،نعم ر اعرفوا شرفها ،وكمال فضلها ،وإنما اختار لقمانُس الحكمة
الل َّودٌقٌن ،ونزهة المتقٌن ،وفردوأ العارفٌن ،ومٌرا النبٌٌن لشرفها ،هً برهان ِس
والمرسلٌن فاطلبوها قبل ذهابها:
رام
ِر ُته ُتم العلما ُتء أبنا ُتء ال ِر أرر ٍ اانام ب لِّب
ِر مصابي ُتل
مامِر البدر وا بال َم
ِر نور
ِر وا ٍد تتا ِر ل ُتم ُته م ل لِّب
49
الحديث التاسف
[ أولئ يبدل هللا سيئاتهم حسناس ]
أخبرنا العبد الصالح الثقة أبو ؼالب عبدهللا بن م نصور بجامع واسط ،أخبرنا
أبو عبد هللا محمد بن علً بن الحسٌن السلمً ،قال :أنبؤنا أبو الحسن بن أبً الفتح
الضرٌر العثمانً ،قال :أنبؤنا عمر بن محمد المق ري ،قال :أنبؤنا عبد الرحمن بن
أحمد ابن الحجاج ،قال :أنبؤنا أحمد بن محمد بن أبً الرجاء ،قال :أنبؤنا وكٌع بن
الجرا ،قال حدثنا ااعمش ،عن المعرور بن سوٌد ،عن أبً ذر رضً هللا تعالى
عنه قال :قال رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم ٌ" :إتى بالرجل ٌوم القٌام ر فٌقال :
اعرضوا علٌه صؽار ذنوبه ،ويُس خفى عنه كبارها ،فٌقال له :عملت كذا وكذا،
وعملت ٌوم كذا :كذا وكذا ،قال :وهو ُسمقِسرٌّي لٌأ ٌنكر ،قال :وهو مشفق من الكبار أن
يُسجا َسء بها ،فإذا أراد هللا به خٌراًا ،قال :أعطوه مكان كل سٌبة حسنة ،فٌقول حٌن
طمع :إن لً ذنوبا ًا ما رأ ٌتها ها هنا "قال :فلقد رأٌت رسول هللا صلى هللا علٌه
وسلم ضحك حتى بدت نواجذه( .)1ثم تال( :فؤولبك ٌبدل هللا سٌباتهم حسنات)(.)2
() 1
ل :ٟٞجٱ٠٬ح ،١دحخ ؤؿ ٩٢ؤ٥ل جٝظ٢ر ٢٠قلذ ٖ٦٬ح ،ف ١ُ" :٤ٌٗٝ٧ ،190 ٟٙؤد ٫ـف ٙحل ٙ :حل فل٧ل جهلل و٩ٞ
جهلل ُ٧ ٤٬ٞل" : ٟٞا ٫٢ٯُ ٟٞآؾف ؤ٥ل جٝظ٢ر ؿؾ٧ٳً جٝظ٢ر٧ ،آؾف ؤ٥ل ج٢ٝحف ؾف٧ظحً ٦٢٠ح .فظل ٬ئس ٩دٟ٧٬ ٤
ج٬ٚٝح٠رٚ٬ٖ ،حل :جُفي٧ج ُ ٤٬ٞؤحف ـ٧٢د٧ ٤جفِٖ٧ج ُٜ ٤٢دحف٥حٖ ،زُُفى ُ ٤٬ٞؤحف ـ٧٢دٚ٬ٖ ،٤حل ٞ٠ُ :ز
ٜ ٟ٧٬ـج ٜ٧ـج ٜ :ـج ٜ٧ـجٞ٠ُ٧ .ز ٜ ٟ٧٬ـج ٜ٧ـج ٜ :ـج ٜ٧ـج٧ٚ٬ٖ .ل .ِٟ٢ :ٳ ٬لسً َ٬ؤٜ٢٬ ١ف٠ ٧٥٧ ،نٗ٘ ١٠
ٜدحف ـ٧٢د ٤ؤ ١زُُفى ُٚ٬ٖ ،٤٬ٞحل ٖ :٤ٝبٜ٠ ٛٝ ١حٜ ١ل ل٬ثر ػل٢ر ٧ٚ٬ٖ .ل :فخ ٙؿ ُٞ٠ز ؤن٬حء ٳ ؤفج٥ح ٥ح
٢٥ح "ٖٚٞؿ فؤ٬ز فل٧ل جهلل و ٩ٞجهلل ُ٧ ٤٬ٞل ٟٞيػ ٛػس ٩دؿز ٧٢جضـ٧ .٣ؤؾفظ ٤جٝسف٠ق ٫ٖ ٪وٗر ظ،ٟ٢٦
جٝدحخ جِٝحنف ،فٙ٧ 2599 ٟٙحل٥ :ـج ػؿ٬ش ػل ١وػ٬غ.
() 2
ل٧فذ جٗٝفٙح70 "١
50
وهذا اإلشفاق هو شًء من أسرار الٌقٌن باهلل ،وحال من سلطانهٌ ،فرؼه فً
قلوب أهل المعرفة به ،ولهذا الحدٌ الشرٌؾ شؤن جلٌل ،يُسنبا عن كرم إلهً فوق
تعبٌر اللسانٌ ،عرفه العارفون ،وٌزلق به الؽافلون ،وٌزداد خوفا ًا من هللا به
الموفقون.
أي سادر ،من أراد أن ٌتكلم بلسان أهل المعرفة ،فٌنبؽً أن ٌحفظ أدب
كالمه ،فال ٌكشؾ دقابقه إ عند أهله ،وأن ٌ َسُسح ِّذم َسل المرٌدَس فوق طاقته ،و ٌمنع
كالمه َسم ن كان ِسم ن أهله ،وٌكون كالمه مع أهل المعرفة بلسان أهل المعرفة ،ومع
أهل الصفا بلسان الصفا ،ومع أهل المحبة بلسان المحبة ،ومع أهل الزهد بلسانهم،
ومع كل صنؾ على قدر مراتبهم ومنازلهم ،وقدر عقولهم ،فإن هللا تعالى جعل
لحق ،وٌنبؽً أن للعارؾ هذه االسن ،نعم كلها تتالشى عند ظهور سلطان ا
ٌبلػ عقل المستمع إلٌه ،فٌكون ذلك فتنة ،فإن أكثر الناأ جاهلون، ٌح ِّذد بحدٌ
اشتؽلوا بعلوم الظاهر ،وتركوا علم تصحٌح الضمابر ،فال ٌحتملون دقابق كالم
العارفٌن ،ا ن كلماتهم هوتٌة ،وإشاراتهم قدسٌة ،وعباراتهم أزلٌة ،فلذلك ٌنبؽً
للمستمع أن يكون معه السراج اازلى ،والنور الدٌمومً ،وٌقال :لسان الحال أفصح
من لسان المقال ،فمن رضً بالحال دون َسو لًِّذ الحال ،صار مخذو ًا عن الحال،
ومحجوبا ًا عن ذي الجالل ،وأي دهشه أشد من دهشة العارؾ ،إن تكلم عن حاله
هلك ،وإن سكت احترق ،فمن َسو َسردَس قلبه الحضر َسر َسك َّول لسانُسه ،و َسم ن ؼاب قلبه عن
الحضرر كثر كالمه.
قال ذو النون رحمه هللا :ما رأٌت محدثا ًا فً قوم ٌحدثهم بؽفلة إ كان ذلك
قسور ،وقال بعضهم :سكوت العارؾ حكمة ،وكالمه نعمة ،وٌقال :لٌأ على تحقٌق
فً المعرفة َسم ن ٌح ِّذد بحدٌ المعرفة عند أبناء اآلخرر ،فكٌؾ أبناء الدنٌا؟ ما
تكلمت مع أحد من الناأ ،إ ودعوته إلى هللا ثم كلمته.
51
الق ربة، من لم ٌكن له حالور المعرفة ،ورإٌة المِسنَّو ر ،وشكر النعمة ،ولذابذ ُس
وخوؾ المفارقة ،وأ ُسنأ اللُس حبة ،وإخالل العبادر ،وسرور الهداٌة ،فلٌأ له أن
ٌتكلم بكالم أهل المعرفة ،وإن تكلم فال ٌح ِّذم ل فوق الطاقة ،و ٌمنع أهل الحاجة،
و ٌضٌع أهل الؽفلة.
و ُس كً أن رجالًا جاء إلى عارؾ قال :حدثنً ،فقال :إن مثلً معك كرجل
الطيْسب ،فقال العطار :اذهب اشتر وقع فً القاذورات ،فذهب إلى العطار ،وقال :أٌن ِّذ
ااشنان( ،)1واؼسل نفسك ولباسك ،ثم تعال فتطٌب ،وكذلك أنت ،لطخت ( )2نفسك
بؤنجاأ الذنوب ،فخذ أشنان الحسرر ،وطٌن وطٌن الندامة ،وماء التوبة واإلنابة،
وطهر ظواهرك فً إ ّسجانة( )3الخوؾ والرجاء ،من أنجاأ ال ُسن رم والجفاء ،ثم اذهب
إلى حمام الزهد والتقى ،واؼسل نفسك بماء الصدق والصفاء ،ثم ابتنً حتى أطًِّذبك
بعطر معرفتً.
قال بعر الناأ لعارؾ :إنً اعرؾ كالمكم ،قال :كالم ااخرأ ٌعرفه
ك ن كالطٌب إ أ ُّدم ه ،ومن كالم عٌسى علٌه الصالر والسالم ٌ :ا صاحب الحكمةُ ،س
الناصحٌ ،ضع الدواء حٌ ٌنفع ،وٌمنع الدواء حٌ ٌضر ،تضع الحكمة فً ؼٌر
أهلها ،فتكون جاهالًا ،و تمنعها من أهلها ،فتكون ظالماًا ،و تكشؾ أرك عند كل
أحد ،فتصٌر مفتضحا ًا.
وقال ذو النون رحمه هللا :رأٌت رجالًا أسود ٌطوؾ حول البٌت وٌقول :أنت
ْست به ،فؤنشؤ أنت أنت ،و ٌزٌد عل ذلك اللفظ شٌباًا ،فقلتٌ :ا عبدهللا ،أي شًء َسع َسنٌ َس
ٌقول:
َم ٌّرط وو ل ٌمم عنه يحي ِره ُت ألي ِره ِر ٌّرر لي بين المحبينَم
بعر ما ي ِره يخب ُتر ُت عن ِر
ِّب نو ٌمر يماز ُتج ُته
ِر ب ُته ،أ ُتن ٌم نا ٌمر تلا لُت ِر
تمان سُتناجي ِره ِر ٍ هإ سرائ ُتر ألو ل ليه وو أبتل له بدوً
الحديث العاألر
[ أول من يدخل الجنة]
أخبرنا الشٌخ أبو طالب محمد بن علً ،عن أبً القاسم علً بن أحمد
الرزاز ،قال أنبؤنا أبوالحسٌن محمد بن مخلد فً أنة ثمان عشرر وأربعمابة ،قال :
عرفة العبدي ،قال :
أنبؤنا أبوعلً إسماعٌل بن محمد الصفار ،قال :أنبؤنا الحسن بن َس
أنبؤنا أبوالنضر هاشم بن القاسم ،عن سلٌمان بن المؽٌرر ،عن ثابت البنانً ،عن
أنأ بن مالك رضً هللا عنه قال :قال رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم " :آتى باب
() 1
جٯن٢ح( ١دي ٟج٠٦ٝقذ ٜ٧لف٥ح) :نظف ١٠جٗٝهٞ٬ر جٝف٠فج٬٠ر ٢٬دز ٖ ٫جٯفى جٝف٬ٞ٠ر٬ ،لسِ٠ل ٧٥ؤ٧
ف٠حؿٓ ٫ٖ ٣لل جٝص٬حخ ٧جٯ٬ؿ( ٪جِ٠ٝظ ٟج٧ٝل.)ً٬
() 2
ًّٝؾز :ؿٓ١لز.
() 3
جٱضٓج٢ر :ا٢حء سٔلل ٖ ٤٬جٝص٬حخ.
52
الجنة ٌوم القٌامة فؤستفتحُس ،فٌقول الخازن َ :سمن أنت؟ فؤقول محمد ،فٌقولِ :سب َسك أمرت
َس (.) 1
أفتح اح ٍسد َسقبل َسك"
َس أن
وقد علم أهل العلم باهلل ،أن الجنة التً هً باب الخٌر اإللهً اابديُ ،ستفتح
خٌر دنٌوي وأخرو ي، إ بفتح محمد صلى هللا علٌه وسلم لها ،فهو الفات ُسح لكل ٍس
والعل ُسم بشؤنه هو سر العلم باهلل تعالى ،فمن أراد أن ٌُسفتح له أبواب الخٌر الدنٌوي
،فإن فً نفحاتها علم وااخروي فعلٌه أن ٌتعلق بؤذٌاله صلى هللا علٌه وسلم
المعرفة.
أي سادر ،علم المعرفة هو العلم باهلل تعالى ،وهو نور من أنوار ذي الجالل،
وخصلة من أشرؾ الخصال ،أكرم هللا به قلوب العقالء ،فزٌنها بحسن جماله،
وعظٌم شؤنه ،وخل به أهل و ٌته ومحبته ،وفضَّوله على سابر العلوم ،وأكثر
الناأ عن شرفه ؼافلون ،وبلطابفه جاهلون ،وعن عظٌم َسخطره ساهون ،وعن
ؼوامر معانٌه هون ،فال ٌُسدركه إ أرباب القلوب الموفقون ،وهذا العلم أساأٌح
بُسنٌت علٌه ساب ُسر العلوم ،به ٌُسنال خٌر الدارٌن ،وعز المنزلٌن ،وبه َسٌعرؾ العبد
عٌوب
(.) 1
:وػ٬غ .ف٧ج ٣ؤػ٠ؿ ٖ٠ ٫ل٢ؿ( ٣ؿجف جٝػؿ٬ش) ٠( 442/10ل٢ؿ ؤ٢ك في ٫جهلل ُ ( ٤٢دف12337 ٟٙ
٠٧ل :ٟٞجٱ٠٬ح ،١دحخ ٖ٧ٙ ٫ل ج٢ٝد ٫و ٩ٞجهلل ُ٧ ٤٬ٞل" :ٟٞؤ٢ح ؤ٧ل ج٢ٝحك ٬نَٗ ٖ ٫جٝظ٢ر٧ ،ؤ٢ح ؤٜصف جٯ٢د٬حء
سدِحً" ف.197 ٟٙ
53
نفسه ،و ِسم َسنن ربه ،وجالل ربوبٌته ،وكمال قدرته ،به ٌطٌ ُسر سِس رُّد العبد بجنا المعرفة
فً سرادقات لطابؾ القدرر ،وٌجول حول منتهى العزر ،وٌرت ُسع فً روضات القدأ،
فال تتم العلوم كلها دون امتزاج شًء منه بها ،و تفسد ااعمال إ بفقده ،ولم
تسكن إلٌه قلوبٌح نظر هللا إلٌها بالرأفة والرحمة ،وأمطر علٌها أمطار الفهم
والبالؼة ،وطٌبها برٌاحٌن الٌقٌن والفِسطنة ،وجعلها موضع العقل والفراسة ،وطهرها
من أدناأ الجهالة والؽفلة ،ونوَّو رها بمصابٌح العلم والحكمة ،قال هللا تعالى:
(ير ف هللا الإين ءامنوا من م والإين أوتوا العلم درجاس )( ،)1وكل عارؾ
: ٌخشى هللا تعالى وٌتقٌه على مقدار علمه باهلل عز وجل ،لقوله تعالى
( نما يخألى هللا من عباد العلماء)( ،)2بنوره ٌعرؾ وساوأ الشٌطان ،الدافعة إلى
المعاصً والز ت ،وٌحذر به آفات اإلرادات ،قال هللا تعالى ( :أ من ألرا هللا
صدر لإلسالم هو على نور من ربه )( ،)3وقال هللا تعالى ( :ومن لم يجعل هللا له
نوراً ما له من نور)(.)4
وفً الخبر" :إن من العلم كهٌبة المكنون المخزونٌ ،عرفها إ أهل العلم
باهلل ،و ٌنكرها إ أهل الؽرَّو ر "( )5وجاء رجل إلى النبً صلى هللا علٌه وسلم فقال :
أي ااعمال أفضل؟ فقال" :العلم باهلل"(.)6
ورُسوي أن موسى علٌه الصالر والسالم قال ٌ :ا رب ،أي العباد أكثر حسنة،
وأرفع درجة عندك؟ قال :أعلمهم بً .وقال اإلمام الجلٌل سٌدنا علً بن أبً طالب
رضً هللا عنه وكرم هللا وجهه :أعلم الناأ باهلل أشدهم تعظٌما ًا لحرمة إله إ هللا،
قال أبو الدرداء رضً هللا عنه :من ازداد باهلل علما ًا ازداد َسو َسجال.
وروي أن هللا تعالى أوحى إلى داود علٌه الصالر والسالم :أن ٌا داود تعلم
العلم النافع ،قال :إلهً ،وما العلم النافع؟ قال :أن تعرؾ جاللي وعظمتً وكبرٌابً،
وكمال قدرتً على كل شًء ،فإن هذا الذي ٌقربك إلً ،وإنً أعذر بالجهالة َسمن
لقٌنً.
() 1
ل٧فذ ج ٟٝظحؿٝر11 :
() 2
ل٧فذ ٖحًف.28 :
() 3
ل٧فذ جٝق٠ف.22 :
() 4
ل٧فذ ج٧٢ٝف.40 :
() 5
(٠ل٢ؿ يِ .ٕ٬ف٧ج ٣جٝػحٌٖ ُدؿ ج ٟ٬ٌِٝج٢٠ٝـفٙ٧ ٪حل " :ف٧ج ٣ؤد٢٠ ٧و٧ف جٝؿ ٫ٖ ٫٠ٞ٬ج٠ٝل٢ؿ
جٝزٓ٬خ ٧جٝسف٬٥خ (ؿجف جد١
جٗٝفؿ٧ك٧ )799ؤدُ ٧دؿ جٝفػ ١٠جٝل ٫ٖ ٫٠ٞجٯفدِ ١٬جٝس ٫ٖ ٤ٝ ٫جٝسو [ " ٕ٧ف
ٜص٫ف ٧نفٜحث٦ح ) 135/1دف٧ ]141 ٟٙف٧ج ٣جٱ٠ح ٟجٔٝقج ٫ٖ ٫ٝاػ٬حء ُ ٟ٧ٞجٝؿ( ١٬ؿجف جِ٠ٝفٖر ) ٙ٧ 20/1حل
جٝػحٌٖ جِٝفج ٫ٖ ٫ٙسؾف٬ظ" : ٤ف٧ج ٣ؤدُ ٧دؿ جٝفػ ١٠جٝل ٫ٖ ٫٠ٞجٯفدِ ٫ٖ ٤ٝ ١٬جٝسو ١٠ ٕ٧ػؿ٬ش ؤد٫
٥ف٬فذ في ٫جهلل ُ ٤٢دبل٢حؿ يِ."ٕ٬
() 6
(جٝسفجش [ ٜنٕ جٝؾٗٞحء ف٧ج ٣جدُ ١دؿ جٝدف ٖٖ ٫يل جلٍ ٟٝدل١ؿ يِ ١ُ ٕ٬ؤ٢ك في ٫جهلل ُ٤٢
جٱلٴ.] 111/2 )٫٠
54
وقٌل لمحمد بن الفضل السمرقندي( :)1ما العلم باهلل؟ قال :أن تر قضاءه فً
نفسك هلل ،وااشٌاء كلها فً َس الخ ْسلق ُسمب َسْسرماًا ،والضر والنفع والعز والذل منه ،وتر
َس
قبضته ،وأن تختار لنفسك ؼٌر اختٌار ،وتعمل هلل خالصا ًا.
ٌا بنً اجتهد فً تعلم علم السر ،فإن بركته كثٌرر أكثر مما تظنٌ ،ا بنً َسمن
تعلم علم العالنٌة دون علم السر هلك وهو ٌشعر ٌ .ا بنً إن أردت أن ٌكرمك هللا
بعلم السر فعلٌك ببؽر الدنٌا .واعرؾ حرمة الصالحٌن ،وأحكِسم أمرك للموت ،قال
رب زدنل علما ً)(( .)2وعلّنم ما لم ت ن تعلم )(( )3وعلّنمنا من لدنا هللا تعالى( :و ُتل ّن
() 5
بلنا) .فرُسبَّوس ُت
موضع آخر( :والإين جاهدوا ينا لنهدينهم ُت ٍس علما ً)( )4إ أنه قال فً
رجل كثٌر الرواٌات جاهل باهلل ،إنَّو عِس لم المعرفة فض ٌحل من هللا ٌإتٌه من اصطفاه
مِسن َسخلقِسهِس ،واجتباه لصُسحبته.
جاء فً الخبر " :العل ُسم عِس لمان ،علم باللسان ،وهو حجة هللا على العباد،
() 1
دٞؾ ٫جٯولُ ،حم ٖ ٫ل٠ف٢ٙؿ٠٧ ،حز د٦ح ل٢ر ٥ 319ـ (جٝفلحٝر جٚٝن٬ف٬ر .)73
() 2
ل٧فذ ً.114 :٤
() 3
ل٧فذ ج٢ٝلحء.113 :
() 4
ل٧فذ ج65 :ٕ٦ٜٝ
() 5
ل٧فذ جٜ٢ِٝد٧ز.69 :
55
صلى هللا وعلم بالقلب ،وهو العلم ااعلى "(ٌ )1خشى العبد من هللا إ به وقال
علٌه وسلم" :أشدكم هلل خشٌة أعلمكم باهلل"(.)2
وقال سفٌان الثوري ( )3رحمه هللا :العلماء ثالثة :عال ٌحم بؤمر هللا ؼٌر عالم
باهلل ،فذلك العالم الفاجر الذي ٌصلح إ للنار ،وعالم باهلل ؼٌر عالم بؤمره ،فذلك
ناقل ،وعالم باهلل وبؤمره به ،فهو العالم الكامل.
ُسعرؾ بااشٌاء بل قٌل لبعر العارفٌن :ما سبٌل معرفة هللا؟ قال :لٌأ ٌ َس
ُس
وعرفت ما دون هللا بنور هللا. ُس
عرفت هللا باهلل، ُست َس
عرؾ ااشٌاء به ،كما قال ذو النون:
كنت أعرؾ َسمنُس وقال إبراهٌم علٌه الصالر والسالم :إلهً ،لو أنت كٌؾ
() 1
ف٧ج ٣ؤد ٧دٜف جٝؾً٬خ ٖ ٫زجف٬ؾ )346/4( ٤دبل٢حؿ ػل٧ ،١جدُ ١دؿ جٝدف ج٠٢ٝف ٫ٖ ٪ظح َ٠د٬ح ١جِٟٞٝ
()4194 [(ج٬٢٠ٝف٬ر) ١ُ ] 190/1جٝػل ١جٝدوف٠ ٪فلٴً دبل٢حؿ وػ٬غ٧ ،جٝؿ٠ ٫ٖ ٫٠ٞ٬ل٢ؿ جٗٝفؿ٧ك
٧جٯود٦حٜ ٫ٖ ٫٢سحد( ٤جٝسفٓ٬خ ٧جٝسف٬٥خ ٧ )2192جٝد ٫ٖ( ٫ٚ٦٬نِخ جٱ٠٬ح ١ُ )1825 ١جٗٝي٬ل د١
ُ٬حى ٫ٓ ٤ٝ٧ٙ ١٠ف ٠فٖ( ٍ٧جٝسفٓ٬خ ٧جٝسف٬٥خ ٞٝػحٌٖ ج٢٠ٝـف : ٪جٝػؿ٬صح٧ )140 ٧139 ١ـٜف ٣جٱ٠حٟ
جٔٝقج ٫ٖ ٫ٝاػ٬حء ُ ٟ٧ٞجٝؿٙ٧ 24/3 ٧ 59/1 ١٬حل ق ١٬جٝؿ ١٬جِٝفج ٫ٖ ٫ٙج" : ٫٢ٔ٠ٝؤؾفظ ٤جٝسف٠ـ ٪جٝػٟ٬ٜ
ٖ ٫ج٧٢ٝجؿف (٧ ..)255ؤل٢ؿ ٣جٝؾً٬خ ٖ ٫جٝسحف٬ؽ ١٠ف٧ج٬ر جٝػل ١ُ ١ظحدف دبل٢حؿ ظ٬ؿ٧ .ؤُ ٤ّٞجد ١جٝظ٧ق٪
"٧اُٴل جد ١جٝظ٧ق٬ٖ( ٟ٥٧ ٤ٝ ٪ى جٚٝؿ٬ف ٧ )391/4ف٧ج ٣جٝلً ١٠ ٫ً٧٬فً : ١٬ٚ٬ف ٘٬جد ١ؤد ٫ن٬در
٧جٝػ٧ ٟ٬ٜجٝؾً٬خ ُ ١ظحدف في ٫جهلل ُ٢ٜ( ٤٢ق ً٧ )28947 ٧ 28667ف ٘٬ؤد٧٬ ١ُ ٟ٬ِ٢ ٫لٕ د٬ًُ ١ر
ُٙ ١سحؿذ ُ ١ؤ٢ك في ٫جهلل ُ٢ٜ( ٤٢ق ٙ٧ )28946حل٧" :ؤ٧فؿ ٣جد ١جٝظ٧ق ٫ٖ ٪جِٞٝل (ج٠ٝس٢ح٬٥ر )83/1
١٠جًٝف٦ٖ ٫ٖ ٧٥٧ " ١٬ٚ٬فلر جد ١ؾ٬ف ٧ 6اسػحٕ ٧ 295/7 ٧ 349 ٧ 85/1جٝؿف ج٢٠ٝص٧ف ٧ 250/5ؤ٠ح٫ٝ
جٝنظف( ٪د٬ف٧ز) ٧٠( 60/1لُ٧ر ؤًفجٕ جٝػؿ٬ش .)518/5
() 2
اػ٬حء ُ ٟ٧ٞجٝؿ( ١٬جِ٠ٝفٖر) ٧ 76/1اسػحٕ ٧ 422/1جٜٝحٕ جٝنحٕ ٖ ٫سؾف٬ط ؤػحؿ٬ش جٜٝنحٕ ٳد١
ػظف (جِ٠ٝفٖر) ُٚ٧ .139خ جٝػحٌٖ جِٝفج ٩ُٞ ٫ٙف٧ج٬س ٤جٝ٧ً٠ٝر ٖ ٫جٱػ٬حء د ٟٝ : ٤ٝ٧ٚؤظؿٜ٥ ٣ـج دً.٤ٝ٧
() 3
لٗ٬ح ١د ١لِ٬ؿ ١٠د ٫٢ص٧ف (٠ ٟوف) ٥ 161-97ـ.
56
أنت؟ ومِسثله عن رابعة العدوٌة قالت لذي النون :كٌؾ عرفت هللا؟ قال :رزقنً
ذكرت جالل هللا فاستحٌٌت منه. ُس ت بمعصٌةالحٌاء ،وكسانً المراقبة ،فكلما همم ُس
مثل المعرفة كشجرر لها ستة أؼصان ،أصلها ثابت فً أرر الٌقٌن
والتصدٌق ،وفرعها قابم باإلٌمان والتوحٌد.
فؤول أؼصانها الخوؾ والرجاء مقرونٌن بؽصن الفكرر.
والثانً :الصدق والوفاء مقرونٌن بؽصن اإلخالل.
والثال :الخشٌة والبكاء مقرونٌن بؽصن التقو .
والرابع :القناعة والرضاء مقرونٌن بؽصن التوكل.
والخامأ :التعظٌم والحٌاء مقرونٌن بؽصن السكٌنة.
والسادأ :اإلستقامة والوفاء مقرونٌن بؽصن الود والمحبة.
وٌتشعب من كل ؼصن ما نهاٌة له فً العدد من أنوا الخٌر ،والصدق
فً المعاملة ،وأن أ الصحبة ،وفرابد القربة ،وصفاء الوقت ،وؼٌر ذلك مما
ٌصفه الواصفون ،وعلى كل شعبة ثمار شتىٌ ،شبه لون إحداها ااخر و
طعمها ،تحتها أنوار التوفٌق ،جارٌة من ٌنبو الفضل والعناٌة ،والناأ فً ذلك
على تفاوت الدرجات ،وتباٌن الحا ت ،فمنهم من أخذ بفرعها ؼافالًا عن أصلها،
محروما ًا من أؼصانها ،محجوبا ًا عن حالور ثمارها ،ومنهم من تمسك بفروعها،
ومنهم من أخذ بؤصلها وأخذ كلها من ؼٌر أن ٌلتفت إلى كلها ،نفراده بول ِّذٌ ِسه خالقها،
َسمن لم ٌكن له نور من سراج التوفٌق ،ولو جمع الكتب وااخبار وااحادٌ كلها ،لم
ٌزدد إ بُسعداًا ونفوراًا ،كمثل الحمار ٌحمل أسفاراًا.
ٌُسقال إن رجالًا جاء إلى اإلمام علً علٌه السالم فقال علمنً من ؼرابب
أعرفت ربك؟ قال َس فعلت فً رأأ العلم؟ قال :وما رأأ العلم؟ قال : َس العلم ،قال :ما
فعلت فً حقه؟ قال ما شاء هللا ،قال :فانطلِسق فؤحكِسم هذا ،فإنْس أحكمته َس نعم ،قال :ما
الفرق بٌن علم المعرفة وؼٌرها كالفرق بٌن الحً ُس أعلمك ؼرابب العلم ،قٌل :
َس َسفؤْس ِس
ت
والمٌت.
57
الحديث الحاد عألر
[ يستظل المإمن يوم الليامة ل ظل صد ته]
أخبرنا شٌخنا اإلمام المقرئ الجلٌل الشٌخ أبو الفضل علً الواسطً قدأ هللا
روحه ،قال :أنبؤنا أبو القاسم عبد الملك بن محمد الواعظ ،قال :أنبؤنا أبو حفل عمر
بن محمد بن عبد الرحمن الجمحً ،قال :أنبؤنا علً بن عبد العزٌز ،عن ابن
المبارك ،عن حرملة بن عمران ،عن ٌزٌد بن أبً جندب ،عن أبً الخٌر ،عن عقبة
ابن عامر رضً هللا عنه قال :قال رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم" :المرء فً ظل
لدقته حتى ٌُسقضى بٌن الناأ ،أو قال ٌ :حكم بٌن الناأ "( )1هذا لكونه ترك شٌبا ًا
قلٌالًا مما تحبه نفسه لربه ،فكٌؾ إذا خرج عن نفسه بالكلٌة؟
شر المُسذنبٌن بؤنًروي أن هللا تبارك وتعالى أوحى إلى داود علٌه السالم :ب ِّذ
ؼفور ،وأنذر الصِس ِّذدٌقٌن بؤنً ؼٌور.
ورُسوي أن ٌوسؾ علٌه الصالر والسالم :لما ألقً فً الجب ،كان ٌقول :من
() 1
(ؿجف جٜٝسخ وػ٬غ٧ .ؤٜ" :٤ٝ٧ل ج٠فة ٌٖ ٫ل وؿٙس " .. ٤جٝػؿ٬ش .ؤؾفظ ٤جد ١ج٠ٝدحف ٫ٖ ٛجٝق٥ؿ
ج٬٠ِٞٝر) جٝظقء جٝؾح٠ك :دحخ جٝوؿٙر ه 227دف٧ 645 ٟٙؤػ٠ؿ ٖ ٫ج٠ٝل٢ؿ (ؿجف جٝػؿ٬ش ) 343/13دفٟٙ
١٠( 17266ػؿ٬ش ُٚدر دُ ١ح٠ف في ٫جهلل ُ ١ُ ٤٢ج٢ٝد ٫و ٩ٞجهلل ُ٧ ٤٬ٞل٧٠٧ ) ٟٞجفؿ ج٠ٌٝأ ١ا ٩ٝق٧جثؿ
94/4ف٧ 243 ٟٙػ٬ٞر جد ١ػدح٬٦ٞٞٝ ١ص( ٫٠جٝفلحٝر) 362/1دف( 817 ٟٙجٱػلح٧ )3310 ١جد ١ؾق٠٬ر
جٯ٬ٝ٧حء ٧ 181/8جٝػح ٫ٖ ٟٜج٠ٝلسؿف : ٛجٝقٜحذ ٧ 416/1وػػ٧٧ ٤جٖ ٤ٚجٝـ٥د ٫ٖ ٫جٝسٞؾ٬ه١ُ٧ ٤٢ُ٧ ،
ج٠ٝل٢ؿ ٖ٢ٜ ٫ق ج٠ِٝحل ٧ 16068جٝلؾح ٫ٖ ٪٧جٚ٠ٝحوؿ جٝػل٢ر ٧ 224جٔٝقج ٫ٖ ٫ٝاػ٬حء ُ ٟ٧ٞجٝؿ225/1 ١٬
٧ 88/3 ٧جِٝفج ٫ٙد٦ح٠ن٧ ،٤اسػحٕ جٝلحؿذ ج٠ٝس٧ 401/7 ٧ 167/4 ١٬ٚنفع جٝل٢ر ٞٝدٔ٠٧ 136/6 ٪٧ظَ٠
جٝق٧جثؿ (جٜٗٝف) 285/3ف٧ 4612 ٟٙجٝؿف ج٢٠ٝص٧ف ٧٠( 16/2 ٧ 355/1لُ٧ر ؤًفجٕ جٝػؿ٬ش ٟ٦ٜٞ )423/6
ُُٚ ١در دُ ١ح٠ف في ٫جهلل ُ.٤٢
58
لعب فً خدمة مو ه ،فؽٌابة الجب مؤواه ،وهنا كلمات من طرابؾ مختصرات
ُسق لمن عرؾ :ح َّو القوم ،تنشط بها همم الموفقٌنٌ ،قول قابلهم رضً هللا عنهم
المولى ،أن ٌشكو من البلو ،إذا لم ٌعرؾ العب ُسد المولى ،فكل لسان له دعو ،
لٌأ للعارؾ دعو ،و للمحب شكو ،إذا سبقت من الرب العناٌة ،ه ِسُسز َسمت من
العبد الجناٌة ،إذا سبقت العناٌة ،وجبت الو ٌة ،بالعناٌة تحصل الو ٌة ،والو ٌة
ُسدرك الو ٌ َسة َسمنتهدم الجناٌة ،لٌأ الشؤن فً الو ٌة ،لكن الشؤن فً العناٌة ،لم ٌ ِس
فاتته العناٌة ،المُسصِس رُّد من أَس َسسرَّو السِّذر ،طر ُس الخلق وجو ُسد الحق ،اطر الدعو تجد
المعنىَ ،سمن كان له باطنٌح صحٌح ،فجمٌع كالمه ملٌح ،تؽتر بصفاء ااوقات (،)1
فإن تحتها فنون اآلفات ،تؽتر بصفاء العبودٌة ،فإن فٌها نسٌان الربوبٌة ،خل
الدارٌن للطالبٌن ،واستؤنأ برب العالمٌن ،اس َست ْسه ِسد باهلل فنِسع َسم الدلٌل ،وتوكل علٌه فنعم
الوكٌل ،ما دام قلب العبد بؽٌر هللا معلقاًا ،كان باب الصفاء عنه مُسؽلقاًا ،ااُسنأ باهلل
نو ٌحر ساطع ،واانأ بالمخلوق َسه ٌّيم واقعَ ،سمعدِسنُس ااسرار قلوبُس اابرار ،قلوب
اابرار حصونُس ااسرار ،القلب إذا اب ُستلً بالمربوبُ ،س ِسز َسل عن و ٌة المحبوب،
عط ،لٌأ باللبٌب َسمن وس ْسل ُست َس خٌ ُسر الرزق ما ٌكفً ،وخٌ ُسر الذكر الخفً ،توكل ُست َس
كؾ َس
اختار على الحبٌب ،بقدر ما تتعنى تنال ما تتمنى ،العب ُسد إذا سخط علٌه مو هَ ،سسخ َس
ِسط
علٌه ما سواه ،وإذا رضً عنه مو ه ،رضً عنه ما سواه ،ع ْسُسذ ُسر الحبٌب عند
ب مؽفورَ ،سمن أراد المولى فلٌتهٌؤ للبلو . ب عند الحبٌ ِس الحبٌب مبرور ،وذنبُس الحبٌ ِس
واجعل الحزن ِرلما بين يدي ه ِّبَمون الدنيا وما يها علي
الحبٌب إلى الحبٌبٌ ،نبؽً أن ٌكون العب ُسد َس جس ٌحر َسمهٌبٌُ ،سوصِس ل
الموت ِس
ٌسك ،والدعا َسء أنٌسك . َس مشؽو ًا بما ٌكون ؼداًا عنه مسإو ًا ،اجعل ال ُستقى جل
() 1
جٙ٧ٝز" :ػحؿش ٠سُ ٟ٥٧لّ٘ ػو ٩ُٞ ٤ٝ٧ػحؿش ٠سػٖ ،٘ٚحٝػحؿش ج٠ٝسػٙ٧ ٘ٚز ٞٝػحؿش ج٠ٝس ،ٟ٥٧س٧ٚل :
آس ٛ٬فؤك جٝن٦فٖ ،بٳس٬ح٠ ١س٧ ،ٟ٥٧ف ؤك جٝن٦ف ػحؿش ٠سػٖ ،٘ٚفؤك جٝن٦ف ٙ٧ز جٱس٬حٙ٧ .. ١ؿ ١٧٢ِ٬
دحٙ٧ٝز ٠ح ١٠ ٤٬ٖ ٧٥جٝق٠ح( "١جٚٝن٬ف٬ر .)114
59
() 1 َم
محالة زائل ُت نعيم و
و ل ُّل ٍ أو ل أللء ما خال هللا باطل ُت
والشوق ٌُسقلق ،وهذا سرو ُسر الخٌر ،فكٌؾ سرو ُسر النظر؟ كل ُس الحبُّد ٌُسحرق،
() 3 () 2
،التوبة تطهر الحوبة ، نعمة دون الجنة فانٌة ،وكل بالء دون النار عافٌة
ا عتراؾ ٌهدؾ ا قتراؾَ ،سهب أن هللاَس قد عفا عن المُسسٌبٌن ،ألٌأ قد فاتهم ثوابُس
المُسحسنٌن ،أعِس ّسد للسإال جواباًا ،وللجواب صواباًا ،اطلب ما ٌعنٌك بترك ما ٌعنٌك،
الرزق مقسوم ،والحرٌلُس محروم ،العب ُسد حُسرٌّي إذا قنع ،والحُسر عب ٌحد إذا طمع ،أخرج ُس
الطمع من قلبك ،تح ّسل القٌدَس من ِسرجلكَ ،سق ِّذدم إلى الحشر زادك ،فإن إلى هللا َسمعادك،
الدنٌا دنٌّسة ،وحُسبها خطٌّسة ( ،)4والدنٌا ساعة ،فاجعلها طاعة ،الدنٌا كلها ؼرور،
( ،)5الدنٌا معدن الخطا ،والعُسقبى معدن العطا والعقبى كلها سرور ،الدنٌا معدن َس
الجفاء ،والعقبى معدن الوفاء ،أساأ التقو ترك الدنٌا ،أخوؾ الن اأ آمنهم ،ما
ِسرت له ،منعك طو ُسل اامل ،عن ذكر أؼفلك عما ُسخلقت له ،وما أعجزك عما أُسم َس
() 1
ُ ١ؤد٥ ٫ف٬فذ في ٫جهلل ُٙ ٤٢حلٙ :حل ج٢ٝد ٫و ٩ٞجهلل ُ٧ ٤٬ٞل" : ٟٞؤوؿ٘ ٠ٜٞر ٙح٦ٝح جٝنحُف ٠ٜٞر ٝد٬ؿ:
ؤٳ ٜل ن٫ء ٠ح ؾٴ جهلل دحًل [ " ..جٝدؾحف :٪جٯؿخ ،دحخ ٟج ٬ظ٧ق ١٠جٝنِف ٧جٝفظق ٧جٝػؿجء ٠٧ح ٜ٬ف٤٢٠ ٣
ف٠٧ 5795 ٟٙل :ٟٞؤ٧جثل ٜسحخ جٝنِف ف.]2256 ٟٙ
() 2
ٖ ٟ٦ٳ ؤ٠صحل ٥ـ ٣جِٝدحفذ ٞٝل٬ؿ جٱ٠ح ٟجٝفٖحُ ٫سلؿؿ ٖ ٕٙ٧٠ ٟ٦ؤ٥ل جٝسػ ٟ٬ِ٢ ١٠ ٘٬ٚج٭ؾفذ ُ٧ـجد٦ح،
٬لس٦سف ١٧ػ٬ح٠٦ٝح٧ ،ٳ ُٔٚ٬لّ ١٠ ١٧نإ٠٦٢ح ،ا٠٢ح ١٧٠ٌِ٬جهلل ُق ٧ظل ٕ ٧٥لدػح ٤٢جٔٝح٬ر٬ ٧٥٧ ،لسػ٘ جِٝدحؿذ
ػس٬ ٟٝ ٧ٝ ٩ؾ ٘ٞظ٢رً ٧ٳ ٢حفجً٧ ٕ٬ٜٖ ،ؤ٠ح ٟج٢ٝحك ا٠ح ظ٢ر ٟ٬ِ٢ؤُ ٧ـجخ ٟ٬ٚ٠؟ ِ٠٧ف ٕ٧ؤ ١جٝل٬ؿذ فجدِر
جِٝؿ٬٧ر ٜح٢ز ١٠ؤٜصف ١٠ـجُز ُ٥ ٤٢ـ ٣جٝ٧ٚ٠ٝر٦٢ٜٝ ،ح ١٠ج٠ٝئٜؿ ؤ٦٢ح ٜح٢ز سفظ ٧فػ٠ر فد٦ح ٧سؾن٩
ُـجدٙ٧ ،٤حل ُدؿ ج٥٧ٝحخ جٝنِفج ٜ " :٫٢ح٢ز (فجدِر) في ٫جهلل ُ٦٢ح ٜص٬فذ جٝدٜحء ٧جٝػقٜ٧ ١ح٢ز اـج لِ٠ز
ـٜف ج٢ٝحف ٓن٦٬ُٞ ٫ح ق٠ح٢حً" (جًٝدٚحز جٜٝدف( ٨ؿجف جٜٗٝف) .)65/1
() 3
جٝػ٧در :جٱص.ٟ
() 4
: ٓ٫ؾً٬ثر.
ؾً ذ
() 5
ٕ ٠٥قذ "جٝؾًإ " ٙ٧ ،وف " جًِٝح" ٱٙح٠ر جٝلظَ.
جٝؾًح :جٝؾًإ٧ ،جًِٝح : ،جًِٝحء ،ؾّٕ
60
ِسرت له ،منعك طول اامل ،عن ذكر لقت له ،وما أعجزك عما أُسم َس أؼفلك عما ُسخ َس
أردت المكارم، َس ك الجفاء ،إنعل مو ك بطاعة هواك ،رأأ الوفاء َسترْس ُس ااجلَ ،ست ِس
كثٌر ٌُسطؽٌك ،المإمن كثٌ ُسر الفِسعال ،قلٌ ُسل فاجتنب المحارم ،قلٌ ٌحل ي كفٌك خٌ ٌحر من ٍس
والمنافق قلٌ ُسل الفِسعال ،كثٌ ُسر المقال ،اتق هللا إذا خلوتَ ،سٌستجب لك إذا ُس ال َسمقال،
التدبٌر إلى الملك َس هللا أش ُّدد من ناره ،ورضوا ُسن ُسه أكب ُسر من جنته ،د دعوت ،ؼضبُس ِس
الخبٌرَ ،سطلَسبُس الحالل ،أش ُّدد من َسن ْسقل الجبال ،كل ه ٍّمم وذكر لؽٌر هللا فهو حِسجاب بٌنك
وبٌن هللا ،تقع المإانسة بٌن العبد وربه ،حتى تقع الوحشة بٌنه وبٌن خلقه،
الخ ْسلق ،حسبً من سإالً عِس ل ُسم ُسه ٌصل العب ُسد إلى الحق ،حتى ٌعتزل عن صُسحب ِسة َس
بحالً.
لوعن ا ٌمء وبال ٌمء و َمتلَم ْن ل
س َمر ْن
ب سو هللاِر َم ل ُّل محبو ٍ
لما خال الرحمنَم ما عن ُته َمخلَم ْن ل
وأس ْنَم وهمو ٌمم و مو ٌمم
رأٌت مثل الجن ِسة نام طالِسبُسها ،و مثل النار نام هاربُسها. ُس ما
ين
المتر َمب ِر
ِر د ْنُترسُت َّوم د ْنُترسُت حولَم ال َمم ْن ِرروَم ْن ِرن
ل َمملي ِر ال َم َمللَم ْني ِرن ُت وَّو اامر
َم وجدسُت
َم ينل ِرإ ُتر ُت ُت َّوراُت نل اُت لبل ُتم َم ُتح ُّلب ُته
61
الحديث ال انل عألر
[ الراحمون يرحمهم الرحمن]
أخبرنا الشٌخ الجلٌل المقرئ العارؾ باهلل خالً أبو بكر اانصاري
الواسطً ،قال :أنبؤنا أبو عبد هللا محمد بن أبً نصر الحمٌدي ،قال :أنبؤنا أبو القاسم
منصور ابن النعمً ،قال :أنبؤنا أبو نصر عبدهللا بن سعٌد بن حاتم الوا بلً ،قال :
أنبؤنا أبو َسٌعْس لى حمزر بن عبد العزٌز المهلبً ،قال :أنبؤنا أبو حامد أحمد بن محمد بن
بالل ّس
البزاز ،قال أنبؤنا عبد الرحمن بن بشر بن الحكم ،قال :أنبؤنا سفٌان بن عُسٌٌنة،
() 1
عن عمرو بن دٌنار ،عن أبً قابوأ ،عن عبد هللا بن عمرو بن العال رضً
هللا عنه ،أن رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم قال " :الراحمون ٌرحمهم الرحمن،
ارحموا َسمن فً اارر ٌرحمكم َسمن فً السماء"(.)2
هذا الحدٌ الشرٌؾ فٌه من أسرار العلم باهلل العجابب ،أَس َسم َسر المصطفى صلى
هللا علٌه وسلم بالرحمة لِس َسمن فً اارر من المخلوقٌن ،لتحصل بذلك الرحمة للعبد
تنزل الرحمات الربانٌة، مِسن كل َسمن فً السماء من العُسلوٌٌن ،فإن السماء طرٌق ُّد
ومحل أنبوب اإلفاضات الرحموتٌة ،ومقر المالبكة الذٌن جعلهم هللا وسابط أسراره
بٌنه وبٌن خلقه،
() 1
ؤدٙ ٧حد٧كُ ٫ٝ٧٠ ٧٥ :دؿ جهلل د٠ُ ١ف ٧في ٫جهلل ُ.ٟ٦٢
() 2
وػ٬غ .ف٧ج ٣ؤػ٠ؿ ٖ ٫جل ٟل٢ؿ (ؿجف جٝػؿ٬ش) ٠( 46/6ل٢ؿ ُدؿجهلل د٠ُ ١ف ٧د ١جِٝحه في ٫جهلل ُ٠٦٢ح)
دف٧ 6494 ٟٙؤد ٧ؿج٧ؿ :جٯؿخ ،دحخ ٖ ٫جٝفػ٠ر ٧ 4941جٝسف٠ـ :٪جٝدف ٧جٝوٞر ،دحخ ٠ح ظحء ٖ ٫فػ٠ر ج٢ٝحك
) ٙ٧ 1925حل ؤد٬ُ ٧ل٥ :٩ـج ػؿ٬ش ػل ١وػ٬غ٧ .جٝػح ٫ٖ ٟٜج٠ٝلسؿفٜ( 159/4 ٛسحخ جٝدف ٧جٝوٞر
٧وػػ٧ ٧٥ ٤جٝـ٥د٧ . ٫ؤؾفظ ٤ج٬٦ٝص٠ ٫ٖ ٫٠ظ َ٠جٝق٧جثؿ (جٜٗٝف) ( 341/8ف ١ُ )13672 ٟٙظف٬ف في٫
جهلل ُ ٤٢د " : ٌٗٞازحُ ِٓ ف ٟاألزع ٠سحّه ِٓ ف ٟاٌعّبء " ٚلبي :زٚاٖ اٌطجسأٚ ،ٟزجبٌٗ زجبي اٌظح١ح .
ٚزٚاٖ ثٙرا اٌٍفظ ٠ضب ً عٓ عجد هللا ثٓ ِععٛد في ٫جهلل ُ ٤٢دفٙ٧ 13674 ٟٙحل :ف٧ج ٣ؤد٧ ٩ِٞ٬ ٧جًٝدفج٫٢
ٖ ٫جٝصٴصر٧ .فظحل ؤد ٩ِٞ٬ ٫فظحل جٝوػ٬غ اٳ ؤ ١ؤدح ُد٬ؿذ ٬ ٟٝل ١٠ َ٠ؤد ُٟ ٧٦ٖ ٤٬فلل ٬ ٤٢ٜٝ .س٨٧ٚ
دن٧ج٥ؿ.٣
62
فإذا ألقى الرحمة فً سر َسملَسك الرزق طاب الرزق ،وإذا ألقاها فً سر كاتب
ااعمال أنساه السٌبات ،وإذا ألقاها فً سر الرقٌب أعان ورفق ،والرحمة حال
العارؾ ،ومعراج قلبه إلى ربه ،وإن عباد هللا العارفٌن ،مظاهر لرحمة رب
العالمٌن فً المخلوقٌن ،وهو سبحانه أرحم الراحمٌن.
جالست العارفٌن َس تحققت بالرحمة للمخلوقٌن رُسحمت ،وإذا َس أي بنً ،إذا
نجحت ،وإذا سؤلت الحكماء الربانٌٌن تعلمت ،أي بنً ،اعلم أن لكل شًء مفتاحاًا،
ومفتا العلم السإال ،فإن َسقدَس َسر المُسرٌد على أن ٌجالأ أهل المعرفة ،فٌقتبأ من
( ،)1فإن شرؾ العلماء علمهم ،وتحقٌق رمزهم ،ولطابؾ إشاراتهمَ ،سف َسب ٍسخ َسب ْسخ
الربانٌٌن ،أكبر من أن ٌدركه أح ٌحد ؼٌرهللا ،انهم أحبا ُسء هللا ،وأ ُس َسمنا ُسء سِس رِّذ ه ،فلٌؽتنم
حُسرمتهم ،ولٌحرك خواطرهم بحسن السإال ،فإن أمواج خواطر العارفٌن تفنى
عجاببها ،وكفى للمرء جهالًا إمسا ُسكه عن التعلم ،واستكفاإه بما عنده ،وقد قال هللا
تعالى ( :اسؤلوا أهل الإ ر ن نتم و تعلمون)( ،)2وقال النبً صلى هللا علٌه وسلم:
"جالسوا الكبراء ،واسؤلوا العلماء"(.)3
() 1
دؽ :جلِٖ ٟل ٠يحفٍ د ٩٢ِ٠ؤلزػل( ١جٔٝٴ :٫٢٬٬ظح َ٠جٝؿف٧ك جِٝفد٬ر (ًٙ٧ )164/1 )10حل ج٬ٗٝف٧ق
ٌُُ ٟجٯ٠ف َٖ٧ؽُ ،ٟسٚحل ٧ػؿ٥ح ٧سٜفف ٠ٜٞ ..ر سٚحل ُ٢ؿ جٝفي٧ ٩جٱُظحخ دحٝن٫ء ؤ٧
آدحؿ" :٪دؽ (ٜٚؿ) ؤَ ٪
جٗٝؾف ٧ج٠ٝؿع" [ جٚٝح٧٠ك ج٠ٝػ( ً٬دؽ)] ٧يدً٦ح ٖ ٫جٚٝح٧٠ك دٔ٬ف ٧ظ.٤
( )2ظٛزح إٌحً. 43 :
( )3جٝل ٫ٖ ٫ً٧٬جٝظح َ٠جٝؤ٬ف (ؿجف جٜٗٝف ) 554/1دفُ٧ 3577 ٟٙقج ٣ا ٩ٝجِ٠ٝظ ٟجٜٝد٬ف ًٞٝدفج٧ ٫٢ف٠ق
ا ٩ٝوػس ١ُ ٧٥٧ ،٤ؤد ٫ظػٗ٬ر في ٫جهلل ُ٢ٜ ٫ٖ٧ . ٤٢ق ج٠ِٝحل ( ١ُ )24661جًٝدفج ٫ٖ ٫٢جٜٝد٬ف٧ ،ف٧ج٣
ُ ١جِٝلٜف ٪دف٧ 25583 ٟٙفِٖ٧ ،٤دفٖ٘٧ٙ٧٠ 25584 ٟحًٜ ٫ٖ ٧٥٧ .نٕ جٝؽ ٖحء دف٠ ٫ٖ٧ 1059 ٟٙظَ٠
جٝق٧جثؿ (جٜٗٝف) 334/1دفٙ٧ 519 ٟٙحل ج٬٦ٝص" :٫٠ف٧ج ٣جًٝدفج ٫ٖ ٫٢جٜٝد٬ف ً ١٠ف ،١٬ٚ٬اػؿج٠٥ح ٥ـ٣
(جِ٠ٝظ ٟجٜٝد٬ف ٠ 125/22فُٖ٧حً) ٧جٯؾفٖ٧ٙ٧٠ ٨ر (ُ ٤٬ٖ٧ )133/22دؿ ج ٛٞ٠ٝد ١ػل ١٬ؤد٠ ٧ح ٛٝج٢ٝؾِ،٫
ٜ٢٠ ٧٥٧ف جٝػؿ٬ش٧ ،ج ٕ٧ٙ٧ ٟٝوػ٬غ جٱل٢حؿ "ٙ٧ .حل جٝد٬ف٧زُ ٤٬ٖ" :٪دؿ ج ٛٞ٠ٝد ١ػل ١٫د٠ ١ح ٛٝج٢ٝؾِ،٫
يِٗ ٤ؤد ٧قفُر٧ ،جٝؿجف ٧ ،٫٢ًٙلح٘ ٢٠ ٤ٝح٬ٜف٥ ،ـج جٝػؿ٬ش ٦٢٠ح " ؤل ٩٢جً٠ٝحٝخ (ًدِر ٠وًٗ ٩جٝدحد٫
جٝػٞد )٫ه.]89
63
فارتحلت إلٌه ،فوقفت عنده أربعٌن ُس قال ذو النون :وُس صِس ؾ لً رج ٌحل بالمؽرب،
شؽله بربه ،ولم أترك الحُسرْس مة صباحاًا ،فلم أجد وقتا ًا أقتبأ به مِسن علمه شٌباًا ،لكمال ُس
فٌوما ًا من ااٌام نظر إلًّس فقال :من أٌن المُسرتحِسل؟ فؤخبرته ببعر حالً ،قال :بؤي
شًء جبت؟ قلت :اقتبأ من علمك ،قال :اتق هللا ،واستعن به ،وتوكل علٌه ،فإنه
ولًٌّي حمٌد وسكت ،فقلت ،زدنً رحمك هللا فإنً رجل ؼرٌب ،جبتك من بلد بعٌد،
اختلجت فً ضمٌري ( ،)1فقال :أمُستعلِّذ ٌحم أم عالِس ٌحم أم مُسناظِس ر؟ فقلت :َس اسؤلك عن أشٌاء
اادب و تتع َّود ،فإنك إن َس بل متعلم محتاج ،قال :قِسؾ فً درجة المتعلمٌن ،واحفظ
ٌت فسدَس علٌك النفع ،العقالء من العلماء ،والعارفون من ااصفٌاء ،الذٌن سلكوا تع َّود َس
سبٌل الصدق ،وقطعوا أودٌة الح ْسُسزن ،ذهبوا بخٌر الدارٌن ،فقلت :رحمك هللا متى
ٌبلػ العبد إلى ما وصفت؟ قال :إذا كان خارجا ًا من ااسباب ،قلت :ومتى ٌكون العبد
ٌصٌر
َس الحول والقور .قلت :وما نهاٌة العارؾ؟ قال :أن كذلك؟ قال :إذا خرج من َس
() 2
الص ّسدٌقٌن؟ قال :إذا بال ُسكلٌّسة كالمعدوم عندَس وجوده .قلت :ومتى ٌبلػ إلى مهٌمنة
الم َّونة ،وخرج قال ):3إذا صار مستؽرقا ًا فً أبحر ِس عرؾ نفسه .قلت :متى ٌعرؾ نفسه؟
(
قدم ٌاسٌنٌّسة ،
من أودٌة اانانٌة ،وقام على ٍس
قلت :ومتى ٌبلػ العب ُسد على ما وصفته؟ قال :إذا جلأ على مركب الفردانٌة ،قلت :
وما مركب الفردانٌة؟ قال :القٌام بصدق العبودٌة .قلت :وما صدق العبودٌة؟ قال :
.قلت :أوصنً .قال :أوصٌك العلم هلل تعالى ،والرضا بالقضاء
() 1
ؤ ٪ؾًفز َ٠ن.ٛ
() 2
٢٠٬٥ر :سٜ ٩ٍٝ ١٠٬٥ ١٠ .١ٗٛ٠ـج :ؤ ٪لً٬ف ُ٧ ٤٬ٞفجٙد٧ ٤ػٌٗ٢ َٟ٬ َ٣ ُٟ٧ . ٣ر٠ :وؿف .١٠٬٥ ١٠ ٓ٫٠٬٠
() 3
٬حل٬٢٬ر٠ :غ٠ؿ٬ر.
64
باهلل .قلت :زدنً ،قال :حسبُسك.
قال عبد الواحد بن زٌد رحمه هللا :رأٌت ر ُسجالًا فً بعر أسفاري ،وعلٌه
أوجز ،فإن ااٌام ْس فسلمت علٌه ،قلت :رحمك هللا أسؤلك مسؤلة؟ قال: ُس ثوبٌح من الشعر،
ُسطل ٌحع ٌسمع وٌر ،قلت :ما رأأ التقو ؟ تمضً ،واانفاأ ُست َسع ُّدد و ُستحصى ،والرب م َّو
قال :الصبر مع هللا تعالى :قلت :ما رأأ الصبر؟ قال :التوكل على هللا ،قلت :وما
رأأ التوكل؟ قال :ا نقطا إلى هللا .قلت :وما رأأ ا نقطا إلى هللا؟ قال :اإلنفرا ُسد
ألذ ااشٌاء؟ قال : هلل .قلت :وما رأأ ا نفراد؟ قال :التجرٌد عما دون هللا .قلت :ما ّس
ااُسنأُس بذ كر هللا .قلت :ما أطٌبُس ااشٌاء؟ قال :العٌشُس مع هللا .قلت :ما أقرب
ااشٌاء؟ قال :اللحوق باهلل( ،)1قلت :أي شًء أوجع للقلب؟ قال :فراق هللا ،قلت :ما
ِسه ّسم ُسة العارؾ .قال :لقاء هللا .قلت :ما عالمة المحب؟ قال :حب ذكر هللا .قلت :ما
ااُسنأ باهلل ؟ قال :استقامة السِس رِّذ مع هللا .قلت :ما رأأ التفوٌر؟ قال :التسلٌم امر
هللا .قلت :وما رأأ التسلٌم؟ قال :ذكر السإال عند هللا( .)2قلت :ما أعظم السرور؟
قال :حُسسْس نُس الظن باهلل .قلتَ :سمن أعظم الناأ؟ قال :من استؽنى باهلل .قلت :من أقو
الناأ؟ قال :من استقو باهلل .قلت :من المؽبون؟ قال :من رضً بؽٌر هللا .قلت :ما
النزول بدون هللا .قلت :متى ٌكون العبد مُسبعداًا من هللا؟ قال :إذا ِس ك
المروءر؟ قال :تر ُس
صار محجوبا ًا عن هللا .قلت :متى ٌكون محجوبا ًا عن هللا؟ قال :إذا كان فً قلبه َسه ٌّيم
ؼٌر هللا .قلت :ومن ال ُسؽمْس ر ()3؟ قال َ :سمن أنفق عمره فً ؼٌر طاعة هللا .قلت :ما
ُسقبل؟ قالَ :سمن أقبل الزهد فً الدنٌا؟ قال َ :سترْس ك كل شًء ٌشؽل عن هللا .قلتَ :سمن الم ِس
ُسدبر؟ قالَ :سمن أدبر عن هللا.
على هللا .قلت :و َسمن الم ِس
() 1
ؤ ٪ج٧٠ٝز.
() 2
جٝلئجل ُ٢ؿ جهلل :جٝػلحخ.
() 3
ج ُِٟٔٝف (دي ٟج :)١٬ٔٝجٝظح٥ل.
65
قلت :ما القلب السلٌم؟ قال :الذي لم ٌكن فٌه سو هللا .قلت :أخبرنً من أٌن تؤكل؟
قال :من خزابن هللا .قلت :ما تشتهً؟ قال :ما ٌقضً هللا ،قلت :أوصنً .قال :اعمل
وارر بقضاء هللا ،واستؤنأ بذكر هللا ،تكن من أصفٌاء هللا.
َس بطاعة هللا،
قال ذو النون المصري :كنت فً بعر سٌاحتً ،فإذا بشٌخ وفً وجهه
َس
لوجدت الطرٌق سٌما( )1العارفٌن ،قلت :رحمك هللا ،ما الطرٌق إلٌه؟ قال :لو عرفته
إلٌه ،قلت :وهل ٌعبده َسمن ٌعرفه؟ قال :وهل ٌعصٌه َسمن ٌعرفه؟ قلت :ألٌأ آدم
فنسً ولم نجد له عزما ًا .ثم قالٌ :ا هذا د ا ختالؾ َس عصاه مع كمال معرفته؟ قال:
والخالؾ .قلت :ألٌأ فً اختالؾ العلماء رحمة؟ قال :بلى ،إ فً تجرٌد التوحٌد،
قلت :وما تجرٌد التوحٌد؟ قال :فقدان رإٌة ما سواه لوحدانٌته .قلت :وهل ٌكون
العارؾ مسروراًا؟ قال :وهل ٌكون العارؾ محزوناًا؟ قلت :ألٌأ من عرؾ هللا طال
َسهمُّده؟ قال :بل من عرؾ هللا زال َسهمُّده ،قلت :وهل تؽٌر الدنٌا قلوب العارفٌن؟ قال :
الخ ْسلق؟ قال:وهل تؽٌر العُسقبى قلو َسبهم؟ قلت :ألٌأ من عرؾ هللا صار مستوحشا ًا من َس
معاذ هللا أن ٌكون العارؾ مستوحشاًا ،ولكن ٌكونُس مُسهاجراًا ومُستجرِّذ داًا ،قلت :وهل
عرفه أحد؟ قال :وهل جهله أحد؟ قلت :وهل ٌتؤسؾ العارؾ على شًء ؼٌر هللا؟
قال :وهل ٌعرؾ ؼٌر هللا فٌتؤسؾ علٌه؟ قلت :وهل ٌشتاق العارؾ إلى ربه قال :
وهل ٌكون ؼاببا ًا عن العارؾ حتى ٌشتاق إلٌه؟ قلت :وما اسم هللا ااعظم؟ قال :أن
قلت ولم ٌداخلنً الهٌبة ،قال :انك تقول من حٌ أنت تقول :هللا .قلت :كثٌراًا ما ُس
من حٌ هو .قلت عِس ظنً .قال :حسبك من المواعظ علمك بؤنه ٌراك .فقمت من
عنده ،وقلت :ما تؤمر؟ قال :كفى بإطالعه علٌك فً جمٌع أحوالك.
سُسبل ٌحٌى بن معاذ الرازي ما عالمة القلب الصحٌح؟ قال :الذي هو من
() 1
ل٠٬حُ :ٴ٠ر٠ ،صل كِ٠ر ٧ل٬٠٬حء ٧كُ٠٧ر ٧كِ٠٬ر.
66
هموم الدنٌا مسترٌح .قٌل :وما القوت؟ قال :ذكر حًٍّم ٌموت .قٌل :وما صدق
اإلرادر؟ قال :ترك ما علٌه العادر ،قٌل :وما الشوق؟ قال :مالحظة ما فوق .قٌل :
متى ٌتم أمر العبد؟ قال :إذا سكن مع هللا بال َسه ّسم .قٌل :وما عالمة المرٌد؟ قال :أن
ٌشتؽل بالعبٌد .قٌل :وما رأأ الهد ؟ قال :صدق التقى .قٌل وما اللذر؟ قال :
الموافقة .قٌل :و َسمن الؽرٌب؟ قال :الذي لٌأ له من حبه نصٌب .قٌل :ومتى ٌبلػ
العبد إلى و ٌة مو ه؟ قال :إذا عزل عن قلبه كل َسمن سواه .قٌل :وم ا الراح ُسة
ال ُسكبر ؟ قال :التسلٌ ُسم للمولى .قٌل :وما أفضل ااعمال؟ قال :ذكر هللا على كل حال.
قٌل :وما الفاقة العظمى؟ قال :دوام اانأ بالمولى .قٌل :وما حجاب القلوب؟ قال :
ا ستكفاء بالمربوب .قٌل :وما العٌش الجمٌل؟ قال :العٌش مع الجلٌل .قٌل :وما
حبُّدون؟ قال :العارفون .قٌل ومن حقٌقة الوفاء؟ قا ل :الصدق والصفاء .قٌل :ومن ال ُسم ِس
تعز َسز بالعزٌز ،قٌل ومن الشرٌؾ؟ قال :من آنأ اللطٌؾ .قٌل : العزٌز؟ قال :من َّو
ومن ال ُسؽمْس ر؟ قالَ :سمن ضٌَّوع العُسمْس ر .قٌل ما الدنٌا؟ قال :ما شؽلك عن المولى.
() 1
نعم ،معدن المعرفة القلب لقوله تعالى ( :فنه ا من تلو الللوب ) ومعدن
المشاهدر الفإاد لقوله تعالى (ما إب الفإاد ما رأ )( )2ومعدن النور الصدر لقوله
تعالى (أ من ألرا هللا صدر لإلسالم هو على نور من ربه )( )3وما ازداد حبا ًا هلل
تعالى إ ازداد حبا ًا لرسوله صلى هللا علٌه وسلم واولٌابه.
() 1
ل٧فذ جٝػط.32 :
() 2
ل٧فذ ج٢ٝظ11 :ٟ
() 3
ل٧فذ جٝق٠ف.22 :
67
الحديث ال الث ع ر
ب]
أح ّن
[ ال َممر ُتء مف َمم ن َم
() 1
أخبرنا الشٌخ الجلٌل الولً ااصٌلَ ،سفرْس ُسد الوقت أبو المكارم الباز
ااشهب ( ،)2خالً وسٌدي منصور الربانً اانصاري البطاٌحً رضً هللا عنه
برواقه فً نهر دقال ،قال :حدثنا :أبو طاهر أحمد بن الحسن بن أحمد الباقالنً ،قال :
أنبؤنا أبو عمر و عثمان بن محمد العالؾ قال :أنبؤنا أبو بكر أحمد بن سلٌمان إمالء،
قال :قرأ علًّس ٌحٌى بن جعفر بً أبً طالب وأنا أسمع ،قال :حدثنا محمد بن عبٌد
بن ااعمش ،عن شقٌق عن أبً موسى رضً هللا عنه قال :جاء رجل إلى النبً
صلى هللا علٌه وسلم فقال ٌ :ا رسول هللا ،الرجل ٌحب ا لقوم و ٌلحق بهم ،قال :
أحبّس "( )3هذا الحدٌ الشرٌؾ م ْسُسل ِسز ٌحم بمحبة العارفٌن ،مُسبشر باإللحاق "ال َسمر ُسء مع َسمن َس
صحَّو ت المحبة ،وهل الدٌن إ الحب فً هللا والبؽر فً هللا ،وإن من سِس رِّذ بهم إذا َس
الحب الخالل ،أن ٌرفع العارؾ إلى مقام السرور والنجو فً المحاضرر عند
أواه.
ؾأي ُسب َسنًّس اعلم أن العارؾ بؤسرار المرٌدٌن ،المتطلع على همم العارفٌنَ ،سكلَّو َس
العبادَس وفا َسء صدق العبودٌة ،ثم بٌَّون لهم تحقٌق شرابطها ،كٌال ٌتجاوزوا َسح َّود العبودٌة
: وح َّود الفقر إلى َسح َّود الؽنى ،قال تعالى
إلى َسح َّود الربوبٌةَ ،س
() 1
جٝدحق :يفخ ١٠جٝو٧ٚف ٬لسؾؿ ٫ٖ ٟجٝو٬ؿ ٧ .جٝدحق :٪جلٖ ٟحُل ١٠دحق ٬د٧ق اـج ج٢سٚل ٜ٠ ١٠ح ١ا٩ٝ
ٜ٠ح٥ ً٘ٞ٬٧ .١ـج جٳل ٩ُٞ ٟدِى جٯ٬ٝ٧حء جٚ٠ٝفد ١٬جٝـ ١٬ؤ٠ؿ ٟ٥جهلل سِح ٩ٝدٜفج٠ر ج٬ًٝفج ١ج٠ٝفث٫
٧ج٬ًٝفج ١جٝؾٗ ٫ٖ٧ ،٫ج٬ًٝفج ١ج٠ٝفث٬ ٫دوف ٟ٥ج٢ٝحك ٥ ٫ٖ ٟ٥٧ـ ٣جٝػحٝر ٫ٖ٧ ،ج٬ًٝفج ١جٝؾٗ٬ ٫ـ٥د ١٧ا٩ٝ
ؤ٠ح٢ ١ٜحث٬ر ١٠ؿ ١٧آٳز جٚ٢ٝل جل٠حؿ٬ر جِ٠ٝفٖ٧ر ،دٚؿفذ جهلل سِح.٩ٝ
() 2
جٝـ٬ ٪ؾح ًٝد٬حي ٤جل٧ؿجؿ ١٠ ٧٥٧ .نحخ ٙل ١٠ ٟنِف ٣ؿ ١٧دِى.
() 3
جٝدؾحف :٪جٯؿخ ،دحخ ُٴ٠ر جٝػخ ٖ ٫جهلل ُق ٧ظل ٠٧ 5817 ٧ 5816ل :ٟٞجٝدف ٧جٝوٞر ٧ج٭ؿجخ،
دحخ :ج٠ٝفء ١٠ َ٠ؤػخ ٜ 2640ٴ٠٥ح ُ ١جد٠ ١لِ٧ؿ في ٫جهلل ُ٧ ٤٢جٝدؽجف ١ُ )5818( ٪ؤد٫
٧٠ل ٩جٯنِف ٪في ٫جهلل ُ ٤٢ُ٧ ،٤٢ؤ٬يحً ٠ل.)2641( ٟٞ
68
أنس الفلراء لى هللا)( )1اآلٌة ،وجعل لكل شًء سبباًا ،فجعل سبب م ( يا أيها النا
المخرج من عبودٌة المخلوقٌن ،القٌام بصدق العبودٌة ،قوله تعالى ( :ومن يتو هللا
يجعل له مخرجا ً)( ،)2مِسن عبودٌة َسمن سواه( ،وٌرزقه ) المإانسة والمحبة والشوق
ٌحتسب ) ومعنى آخر ( :ومن ٌتق هللا ) بحفظ السر عن آفات إلٌه (من حٌ
ب اإلبعاد ،وٌرزقه المشاهد َسر ا لتفات إلى ما سواه (ٌجعل له مخرجا ًا ) من ُسح ُسج ِس
ٌحتسب) ،وكذلك جعل سبب معرفة العبد ربه معرفة العبد والوصلة (من حٌَس
() 3
نفسه ،بشاهدَ :سمن عرؾ نفسه "أي بالعبودٌة " عرؾ ربه" بالربوبٌة ،و َسمن عرؾ
نفسه بالفناء ،عرؾ ربه بال بقاء ،و َسمن عرؾ نفسه بالجفا ِسء والخطؤ ،عرؾ ربه
بالوفا ِسء والعطاء ،و َسمن عرؾ نفسه با فتقار ،قام هلل على قدم ا ضطرار ،و َسمن
عرؾ نفسه لمو هَ ،سقلَّوت حوابجه إلى َسمن سواه.
رُسوي أن النبً صلى هللا علٌه وسلم قالَ " :سمن عرؾ هللا قام بحقه"( )4أي من
أ َسم نفسه إلٌه ،و َسمن عرؾ هللا بالربوبٌة قام له بؤشراط العبودٌة، عرؾ هللا بالهداٌة َسلَّو
ومن عرؾ هللا بالجزاء أوقع نفسه فً العناء ،ومن عرؾ هللا بالكفاٌة ،اكتفى به عن
كل ما سواه.
روي أن هللا تعالى أوحى إلى داود علٌه السالم :أ َسمن عرفنً أرادنً
وطلبنً ،و َسمن طلبنً وجدنً ،و َسمن وجدنً لم ٌختر علَسًَّو حبٌبا ًا سواي.
قال الشٌخ أبو بكر الواسطً رحمه هللا َ :سمن عرؾ هللا أحبه ،ومن أحبه
أطاعه ،ومن أطاعه قطع عن قلبه كل ما دونه ،و َسمن ح ِسُسرم المعرفة ،ح ِسُسرم حالور
() 1
ل٧فذ ٖحًف15 :
() 2
ل٧فذ جًٝٴ٘.2:
() 3
لد٘ سؾف٬ظ ٫ٖ ٤نفع جٝػؿ٬ش جٝصح.١٠
() 4
ٖ ٫سحف٬ؽ دٔؿجؿ ٞٝؾً٬خ ٧ 362/2جِٝظٜ ٫ٖ ٫٢٧ٞنٕ جٝؾٗحء (ُ ١٠" :)2533فٕ ٗ٢لَٜ ٤لَّ ٝلح٫ٖ٧ "٤٢
ٜنٕ جٝؾٗحء ُ ١ َٟ :2534فٕ ٗ٢ل ٤جلسفجع ٙ٧حل جٝل ٫ٖ ٫ً٧٬جٯ٧ل ٬ٝ :ك دصحدزٙ٧ .حل جِٝظ٫ٖ ٫٢٧ٞ
جٝصح٬ٝ :٫٢ك ٖ ٫ج٠ٝفٖٜ( ٍ٧نٕ جٝؾٗحء جٝسفجش جٱلٴ.)362/2 ٫٠
69
الطاعة ،و َسمن ح ِسُسرم حالور الطاعة ،ح ِسُسرم المإانسة فً الخلور ،فال ٌجد فً المعاملة
هللا على الحقٌقة ،وٌُسؽلب فً ااحوال فٌسقط عن استقامة رإٌة ال ِسم َّونة ،و ٌعرؾ َسقدَس َسر ِس
السِس رِّذ مع الحق.
() 1
وقال ٌوسؾ بن أسباط رحمه هللاَ :سمن عرؾ هللا وفً قلبه َسه ٌّيم سو هللا ،لم
خالصة هلل ،و َسمن عرؾ هللا ولم ٌستؽن باهلل ،فال أؼناه هللا ،و َسمن قال : ًا ٌسجد سجد ًار
هللا ،وفً قلبه شًء سو هللا فلم ٌقل :هللا ،نعم َسمن خاؾ هللا فً كل شًء آمنه هللا
ِسأ بمو ه استحوش عن كل ما سواه ،و َسمن اع َست َّوز بذي الع ِّذِسز من كل شًء ،و َسمن أن َس
َسع ّسز ،و َسمن اؼتر بؽٌره فال فخر و عز ،و َسمن انقطع عن ااسباب الشاؼلة عن هللا
اتصل بااسباب الشاؼلة باهلل ،و َسمن ترك عرور العالقات صار مستؤنسا ًا به فً جمٌع
ِسكر مو ه ظهرت له أسرار الؽٌوب ،و َسمن جعل الهموم ااوقات ،و َسمن ذاق حالور ذ ِس
هما ًا واحداًا كفاه هللا الهموم ،ومن طلب رضاء مو ه ٌبالً بسخط ما سواه ،ومن
ب عن إمامه ،و َسمن كان هلل قرٌبا ًا كان مع غ ٌره ؼرٌباًا ،و َسمن أراد ج َس
اكتفى بمقامه ُسح ِس
الدارٌن ،و َسمن ترك حُسسْس َسن الرعاٌة َسز َّول عن سبٌل َس الدارٌن فلٌنقطع إلى َسمن له مُسلك َس عِس َّوز
ربة فلٌشرب من بُسؽر ؼٌر هللا جُسرعة، الهداٌة ،و َسمن أراد أن ٌشرب من محبة هللا َسش ًا
ومن استؤنأ بكل شًء استوحش من كل شًء ،و َسمن َسس َسك َسن قلبه إلى شًء فلٌأ من
هللا فً شًء ،قال علٌه الصالر والسالم َ " :سمن أصبح و َسهمُّده ؼٌر هللا فلٌأ من هللا فً
َ :سمن أرادنا أردناه ،ومن أراد شًء " ( ،)2قال هللا تعالى فً بعر الكتب
() 1
٧٬لٕ د ١ؤلدحً :س ٫ٖ٧ل٢ر ٧ ٕ٬٢سلِ٠٧ ١٬حثر (جٝنِفج)62/1 ٫٢
() 2
يِ .ٕ٬ف٧ج ٣جٝػح ٫ٖ ٟٜج٠ٝلسؿفٙ٧ .320/4 ٛحل جٝـ٥د ٫ٖ ٫جٝسؾل٬ه :الػح٘ ٚ٠٧حسل (٬ف٬ؿ الػح٘ د١
دنف ٚ٠٧حسل د ١ل٠٬ٞح٠٥٧ ،١ح ١٠ػٞ٠ر ٥ـج جٝػؿ٬ش )٬ٝ :لح دصٚس٧ ١٬ٳ وحؿ٧ .١٬ٙف٧ج ٣جدُ ١ؿ" ٫ٖ ٪جٜٝح٠ل
ٖ ٫جٝيِٗحء" ؿجف جٜٗٝف ٧ 2530/7جٝقد٬ؿ ٫ٖ ٪جٱسػحٕ ٧ 84/8ؤد ٫ٖ ٟ٬ِ٢ ٧جٝػ٬ٞر ١ُ ٧٥٧ 48/3جد١
٠لِ٧ؿ في ٫جهلل ُ٢ٜ ٫ٖ ٤ٌٗٝ٧ . ٤٢ق ج ِٟٝجل (جٝفلحٝر) 10/16دف ١ َٟ " :43706 ٟٙؤودغ ٬ٓ ٣ َٟٗ٥٧ف جهلل
ٖ٬ٞك ١٠جهلل (ٖ ٫ن٫ء) ٦٬ ٟٝ ١٠٧س ٟدح٠ٝل٬ٖٞ ١٬٠ٞك ."ٟ٦٢٠
70
أحبَّونا أحببناه ،ومن اكتفى بنا عمّسا لنا ُسك ّسنا له وما لنا ،أ َسمن طلبنً ِسم ّسنا أعطٌناه ،و َسمن َس
وجدنً ،ومن طلب ؼٌري لم ٌجدنً ،قٌل :أ َسمن طلبنً بالتوبة وجدنً بالمؽفرر،
و َسمن طلبنً بشكر النعمة وجدنً بالزٌادر ،و َسمن طلبنً بالدعاء وجدنً باإلجابة،
و َسمن طلبنً بالتوكل وجدنً بالكفاٌة ،و َسمن طلبنً بالقُسربة وجدنً بالمإانسة ،و َسمن
بالوصلة ،ومن طلبنً با شتٌاق وجدنً باللقاء والرإٌة. طلبنً بالمحبة وجدنً َس
وقال بعضهمَ :سمن كان هلل كان هللا له ،أي َسمن كان فً أمر هللا كان هللا فً
أمره ،و َسمن كان فً ذكر هللا كان هللا فً ذكره ،و َسمن كان فً حب هللا كان هللا فً
حبه ،ومن كان فً مرضار هللا ٌكن هللا فً مرضاته( ،ومن يعتصم باهلل لد ُته ِرد َم
لى صراطٍ مستليم)(.)1
قال صلى هللا علٌه وسلم ( َسم ن أحب لقاء هللا أحب هللا لقاءه ،ومن كره لقاء
() 2
لً بمعاملة العبٌد، هللا كره هللا لقاءه ) ،ومن حكم العارفٌن قول قابلهم :من اب ُست َس
فلٌلبأ لهم لباسا ًا من حدٌد ،ومن رضً من الدنٌا بالٌسٌر فقد استرا من شؽل
كثٌر ،ومن أصبح على الدنٌا حرٌصا ًا أصبح من هللا بعٌداًا ،و َسمن َسه َست َسك ستر ال ُستقً لم
تستره
() 1
ل٧فذ آل ُ٠فج.101 :١
() 2
ُُ ١دحؿذ د ١جٝوح٠ز في ٫جهلل ُ ١ُ ٤٢ج٢ٝد ٫و ٩ٞجهلل ُ٧ ٤٬ٞلٙ ٟٞحل ١٠ " :ؤػخ ٚٝحء جهلل ؤػخ جهلل
ٚٝحءٜ ١٠٧ ،٣فٚٝ ٣ح ء جهلل ٜف ٣جهلل ٚٝحءٙ " ٣حٝز ُحثنر ؤ ٧دِى ؤق٧جظ ٤في٧ج ١جهلل ُ : ١٦٬ٞا٢ح ٜ٢ٝف ٣ج٧٠ٝز .
ٙحل و ٩ٞجهلل ُ٧ ٤٬ٞل٬ٝ : ٟٞك ـج ١ٜٝ٧ ، ٛج٠ٝئ ١٠اـج ػيف ٣ج٧٠ٝز دُنِّفَ دفي٧ج ١جهلل ٜ٧فج٠س٬ٖٞ ،٤ك ؤػخ
ا٠٠ ٤٬ٝح ؤ٠حٖ ،٤٠إػخ ٚٝحء جهلل ٧ؤػخ جهلل ٚٝحء٧ ،٣ا ١جٜٝحٖف اـج عُ يف دُنِّفَ دِـجخ جهلل ٧ُٚ٧دس٬ٖٞ ،٤ك ن٫ء
ؤٜف ٣ا٠٠ ٤٬ٝح ؤ٠حٜٖ ،٤٠فٚٝ ٣حء جهلل ٜ٧ف ٣جهلل ٚٝحء( " ٣جٝدؾحف :٪جٝفٙح٘ ،دحخ ١٠ؤػخ ٚٝحء جهلل ؤػخ جهلل ٚٝحء٣
٠٧ 6142ل :ٟٞجٝـٜف ٧جٝؿُحء ٧جٝس٧در ٧جٳلسٔٗحف ،دحخ ١٠ :ؤػخ ٚٝحء جهلل ٧ )2683ؤؾفظ ٤جٝدؾحف ٪ؤ٬يحً ١٠
ًف ٘٬لِ٬ؿ د ١ج٠ٝل٬خ ٍ ٙ ١سحؿذ ُ ١قفجفذ ُ ١لِؿ د٥ ١نحُ ١ُ ٟحثنر في ٫جهلل ُ٠٦٢ح ُ ١ج٢ٝد ٫و٩ٞ
جهلل ُ٧ ٤٬ٞل٠٧ .)6142( ٟٞل٧ .)2684( ٤٢٠ ٟٞؤؾفظ ٤جٝدؾحف ٪دف ١ُ 6143 ٟٙؤد٧٠ ٫ل ٩جٯنِف ٪في٫
جهلل ُ٧ .٤٢ؤؾفظ٠ ٤ل ٟٞدف ١ُ 2685 ٟٙؤد٥ ٫ف٬فذ في ٫جهلل ُ.٤٢
71
السموات العلى ،ومن نظر فً عواقب اامور َسسلِس َسم من نوابب الدهور ،ومن لم ٌقنع
بالقلٌل وقع فً ؼ ٍّمم طوٌل ،ومن َسس َّول سٌؾ ال ُستقى ضرب به عنق الرد ،ومن كان
مسروراًا لم ٌزل مؽموراًا ،ومن لم ٌحفظ لسانه فسد علٌه شؤنه ،ومن لم ٌعرؾ
موضع ضُسرَّو ه لم ٌعرؾ موضع نفعه ،ومن أعرر عن صحبة الفجار عوضه هللا
صحبة اابرار ،ومن أخذ عِس ّسزاًا بؽٌر حق أورثه هللا ُسذ ًاّس بحق ،ومن ضٌَّوع أٌام حرثه
ندم أٌام حصاده ،ومن توكل على ؼٌر هللا ٌعذبه هللا به ،ومن رضً باهلل وكٌالًا
خٌر سبٌال ،و َسمن عرؾ حالور النجوخٌر دلٌال ،ووجد إلى كل ٍس صار له بكل ٍس
() 1
ٌجد مرارر البلو ( ،ومن ان ل هإ أعمى هو ل اآلخرا أعمى) .
وقٌل :ثال كلمات كان ااخٌار من المتقدمٌن ٌوصً بعضهم بعضا ًا فً
كتبهم بهن َ :سمن عمل آلخرته كفاه هللا أمر دنٌاه ،ومن أصلح سرٌرته أصلح هللا
عالنٌته ،ومن أصلح ما بٌنه وبٌن هللا أصلح هللا ما بٌنه وبٌن الناأ .شعر:
واستوجب ال نا
َم ين
الدار ِر
َم رأ الع َّوِرز ل المإمن استوِر إا السِر ُّلر واإلعالنُت ل
() 2
على عله ضل ٌم سو ال دِّب والعنا سراً ما له خال أ إلعالنَم ون
آخر
ومن رام عِر ّنز اً ِرم ن سوا إليل ُت بالمولى إا جليل ُت َّو
اعتز من
للليل ُت ضس وطراً ل سجد ٍا لو أنَّو نفسا ً ُتم ْنإ براها ملي ُت ها
() 1
ل٧فذ جٱلفجء.72:
() 2
٠٥ ًَٙقذ جل٧ول ٖ( ٫جل) جٝسِف ٕ٬ٱٙح٠ر ج٧ٝق. ١
72
الحديث الرابف عألر
[ ااعمال بالنلاس]
أخبرنا شٌخنا الشٌخ أبو الفضل علً المقرئ القرشً الواسطً رحمه هللا تعالى
رحمة واسعة ،قال :أنبؤنا أبو الح سن عبدالرحمن بن محمد بن المظفر الداودي ،قال:
أنبؤنا أبو محمد عبدهللا بن أحمد بن حموٌة السرخسً ،قال :أنبؤنا أبو عبدهللا محمد
ابن ٌوسؾ الفربري ،قال :أنبؤنا أبو عبدهللا محمد بن إسماعٌل البخاري ،قال :حدثنا
قزعة ،قال :حدثنا مالك عن ٌحٌى بن سعٌد ،عن محم د بن إبراهٌم بن ٌحٌى بن َس
الحار ،عن علقمة بن وقال ،عن عمر بن الخطاب رضً هللا عنه قال :قال النبً
صلى هللا علٌه وسلم " :العمل بالنٌة ،وإنما مرئ ما نو ،فمن كانت هجرته إلى
هللا ورسوله فهجرته إلى هللا ورسوله ،و َسمن كانت هجرته إلى دنٌا ٌصٌبها أو امرأ ٍسر
ٌنكحها فهجرته إلى ما هاجر إلٌه "( .)1ومن هذا الطرٌق رو هذا الحدٌ سٌدنا
عمر الفاروق رضً هللا عنه بنل :سمعت رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم ٌقول" :
إنما ااعمال بالنٌات ،وإنما لكل امرئ ما نو ،فمن كانت هجرته إلى هللا
ورسوله )2("..إلى آخر الحدٌ ،وهو نل علٌه مدار الدٌن ،وأحكام العلم والعرفان
والٌقٌن ،وبه قلوب العارفٌن ،إلى حضرر قدأ رب العالمٌن.
() 1
جٝدؾحف :٪جٜ٢ٝحع ،دحخ ٥ ١٠ :حظف ؤ٠ُ ٧ل ؾ٬فجً ٝسق٬٧ط ج٠فؤذ ٖ٠ ٤ٞح ،٨٧٢فٖ٧ .4783 ٟٙسغ جٝدحف٪
.115/9 ٧ 12/1
() 2
ؤد ٧ؿج٧ؿ جًٝٴ٘ ،جٝدحخ :718دحخ ٖ٠٬ح ُ ٫٢د ٤جًٝٴ٘ ٧ج٬٢ٝحز ،ف٧ 2201 ٟٙظح َ٠جٯو٧ل جٜٝسحخ
جٝفجدَ ١٠ػفٕ ج ٫ٖ : ١٧٢ٝج٬٢ٝر ٧جٱؾٴه ف٧ 9163 ٟٙجٝسفٓ٬خ ٧جٝسف٬٥خ :جٝسفٓ٬خ ٖ ٫جٱؾٴه
٧جٝوؿ٘ ٧ج٬٢ٝر جٝوحٝػر ،ف.15 ٟٙ
73
هلل و تلصد سو هللاِر ير بال عائو الس ِر
طارل َم َم ُتخ ْنإ
بهجر ِرا اللل ِر
ب لى هللاِر ل ما أ َّومل َمت ُته ائ ٌمم
أي بنً ،أهل الحجاب ٌتعجبون من كالم أولً االباب ،وربما ٌنتهً التعجب بهم
إلى طرؾ من اإلنكار ،لقوله تعالى ( :أفمن هذا الحدٌ تعجبون ) ( )1أي تنكرون
فعلهم.
روي عن أنأ بن مالك رضً هللا عنه قال :كانت تحت الجدار الذي أخبر
هللا عنه بقوله ( :و ان تحته نز لهما)( )2لو من ذهب ،والذهب مكتوب فٌه :بسم
هللا الرحمن الرحٌم ،عجبت لمن أٌقن بالموت كٌؾ ٌفر ؟ وعجبت لمن أٌقن بالقدر
كٌؾ ٌحزن؟ وعجبت لمن أٌقن بالنار كٌؾ ٌضحك ،وعجبت لمن أٌقن بزوال الدنٌا
وتقلبها بؤهلها كٌؾ ٌطمبن إلٌها؟ إله إ هللا محمد رسول هللا.
قال وهب ( )3رحمه هللا :بٌنما كنت أسٌر فً أرر الروم ،إذ سمعت صوتا ًا
من شاهق الجبل ٌقول :إلهً عجبت لمن عرفك ،كٌؾ ٌتعرر لسخطك برضاء
ؼٌرك ،إلهً عجبت لمن عرفك ،كٌؾ ٌرجو ؼٌرك ،فاتبعت الصوت ،فإذا أنا بشٌخ
ساجدٌ ،قول :سبحانك عجبا ًا للخلٌقة ،كٌؾ ٌرٌدون بك بد ًا ،سبحانك عجبا ًا كٌؾ
ٌشتؽلون بخدمة ؼٌرك ،سبحانك عجبا ًا للخلٌقة ،كٌؾ ٌشتاقون إلى ؼٌرك؟ سبحانك
سبحانك كٌؾ ٌتلذذون بؽٌرك وبشًء دونك .فمضٌت وما أشؽلته عما رأٌت.
قال أبو ٌزٌد رحمه هللا :عجبت اهل الجنة كٌؾ ٌتلذذون بدونه ،أم كٌؾ
ٌستؤنسون بؽٌره ،وعجبت ممن ٌسكن إلى حال دون ولًّس ااحوال ،والعجب لمن
() 1
ل٧فذ ج٢ٝظ.59 :ٟ
() 2
ل٧فذ ج.82 :ٕ٦ٜٝ
() 3
ؤدُ ٧دؿجهلل ٥٧خ د٢٠ ١د .٤س ٫ٖ٧ل٢ر ٥ 124ـ (ًدٚحز جٝنِفج.)40/1 ٫٢
74
الخ ْسلق والحق ٌقول :إلًَّو إلًّس .
أقبل على َس
قال أبو عبدهللا بن مقاتل رحمه هللا :عجبت بن آدم ،اختاره هللا لنفسه مع
ؼناه عنه ،وهو ٌُسعرر عنه مع فقره إلٌه ،وعجبت لمن ٌشؽل نفسه بشًء وهو ٌعلم
أنه قد فرغ منه ،وعجبت ممن ٌؤمر ؼٌره بما ٌفعله ،وٌؽضب على ؼٌره بما
مطٌع
ٍس ٌفعله ،وممن ٌكره أن ٌُسعصى وهو عال ،وممن ٌحب أن ٌُسطا وهو ؼٌر
لربه ،وممن ٌلوم ؼٌره على الظن ،و ٌذم نفسه على الٌقٌن(.)1
قال حاتم ااصم( )2رحمه هللا :عجبت ممن ٌستحً من الخلق كٌؾ ٌستحً
من الخالق ،ولمن ٌطلب رضاء المربوبٌن كٌؾ ٌطلب رضاء الرب ،ولمن ٌحب
نه، أهل الطاعة وهو مقبل على المعصٌة ،ولمن ٌعرؾ جالل هللا كٌؾ ٌعرر
ولمن ٌؤكل رزق ربه كٌؾ ٌشكر ؼٌره ،ولمن ٌشتري المملوك بماله ،كٌؾ
ٌشتري ااحرار بمعروفه وطٌب كالمه.
وقال ُسخنٌأ بن عبدهللا :عجبت من رجل لٌله قابم ،ونهاره صابم ،وٌجتنب
المحارم ،و تلقاه إ باكٌا ًا حزٌناًا ،ورجل لٌله نابم ،ونهاره عب ،وٌرتكب
المحارم ،و تلقاه أبداًا إ ضاحكا ًا مستبشراًا.
وقال ٌحٌى بن معاذ ( )3رحمه هللا :عجبت ممن ٌتذلل للعبٌد وهو ٌجد من
سٌده ما ٌرٌد ،وعجبت لمن كان قوته رؼٌفا ًا ٌعصً ربا ًا لطٌفاًا ،وعجبت لمن ٌخاؾ
على موت نفسه ،و ٌخاؾ على موت قلبه ،ولمن ٌخاؾ على فوات دنٌاه ،كٌؾ
ٌخاؾ على فوات دٌنه.
() 1
٬إؾـ ٓ٬ف ٣دح ١ٌٝجٝل٬ت ٖ٬ػ٬( ٤ٚٚظِ ٤ٞػٚ٬ٚر) ٧ٳ ٬دح ٫ٝدإؾًحثٗ٢ ٧٥ ٤ل َ٠ ،٤س ١٠ ٤٢ٚ٬سٞدل ٤د٦ح١٠٧ ،
٦ُ٧ٙ٧ح .٤٢٠
() 2
ػحس ٟد٧٢ُ ١ج ١جٯو ،ٟقج٥ؿ ١٠دٞؽ ،سُ ٫ٖ٧ح٥ 237 ٟـ.
() 3
٬ػ ٩٬دِ٠ ١حـ جٝفجق ٪ؤد ٧قٜف٬ح ٜ .ح ٫ٖ ٟ٬ٚ٬ ١دٞؽ٠٧ ،حز ٖ٬٢ ٫لحد٧ف ل٢ر ٥ 258ـ.
75
قال ٌحٌى بن معاذ :إلهً ذِسك ُسر الجنة موت ،وذِسك ُسر النار موت ،فٌا عجبا ًا
لنفسً تحٌا بٌن َسموتٌن ،أما الجنة فال صبر عنها ،وأما النار فال صبر علٌها ،وقٌل :
ذكر الوصال موت ،وذكر الفراق موت ،كٌؾ ٌحٌا قلب بٌن موتٌن ،موت العارؾ
عجٌب ،ان العارؾ بٌن سرور الم عرفة وخوؾ الفرقة ،فكٌؾ الموت مع سرور
المعرفة ،أم كٌؾ الحٌار مع خوؾ الفرقة؟
وهل أنسى ؤإ ُتر َممن نسِر يسُت عجبسُت لِر َممن يلول ُت إ رسُت ربل
ولوو ما ُتء وصل َم ما حييسُت أموسُت إا إ رت َم م أحيا
م أحيا علي َم و م أموسُت ؤحيا بال ُتمنى وأموسُت ألو ا ً
الألراب وما َمر ِرويسُت
ُت ما َمنفِردَم الحب ؤسا ً بعد ؤ ٍ
َّو ألربسُت
يا عجبا ً
صِر رسُت عجيبا ً عِر ندَم ل ِّب عجي ِر
ب َمت َمت َّور َمب أمر عِر ندَم ل ِّب ري ِر
ب
76
الخامأ عشر الحدٌ
[ مرحبا ًا بوصٌة رسول هللا
صلى هللا علٌه وسلم ]
أخبرنا القاضً اإلمام المُسقري الشٌخ علً أبو الفضل القرشً الواسطً بداره
بواسط ،قال :أنبؤنا أبو إسماعٌل عبدهللا بن محمد اانصاري ،قال :أنبؤنا أبو ٌعقوب،
قال :أنبؤنا زاهد بن أحمد ،قال :أنبؤنا محمد بن إبراهٌم بن نٌروز ،قال :حدثنا
المطلب بن شعٌب بن عبدهللا بن صالح ،قال :حدثنا الهقل بن زٌاد ،عن بكر ابن
خنٌأ ،قال :حدثنً عاصم بن عبدهللا النخعً ،عن أبً هارون العبدي ،قال :أتٌنا أبا
سعٌد الخدري رضً هللا عنه فسؤلناه عن حدٌ رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم
فقال :مرحبا ًا بوصٌة رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم ،قال " :إنه سٌؤتٌكم بعدي أناأ
من اآلفاق ٌسؤلونكم عن حدٌثً وعن ال ُسس َّونة فاستوصوا بهم خٌراًا فكان إذا رآنا قال :
مرحبا ًا بوصٌة رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم(.)1
() 1
يِ ٫ٖ ٧٥٧ .ٕ٬جٝسف٠ـ : ٪ج ،ِٟٞٝدحخ ٠ح ظحء ٖ ٫جٳكس٬وحء دًٞ ١٠خ ج ١ُ 2652 ِٟٞٝؤد ٫لِ٬ؿ
في ٫جهلل ُ٧ ، ٤٢ؤ : ٤ٝ٧ا ١ج٢ٝحك ٟٜٝسدَ٧ ،ا ١فظحٳً ٬إس ١٠ ٟٜ٢٧ؤًٙحف جٯفي . .. ١٬جٝػؿ٬ش٧ ،جد٠ ١حظ: ٤
29276 ٧ 29275 ٧ 29314 جٚ٠ٝؿ٠ر دحخ ج٧ٝوحذ دًٞدر ج٧ 249 ِٟٞٝػ٬ٞر جٯ٬ٝ٧حء ٢ٜ٧ 273/9ق ج٠ِٝحل
٧جٝسف٠ـ٧ ،2653 ٪ؤ٬ :٤ٝ٧إس ٟٜ٬فضجل ٙ ١٠دل ج٠ٝنف٘ ٬سِ٧ .. ١٧٠ٞجد٠ ١حظ :247 ٤ل٬إس ٟٜ٬ؤ٧ٙجًٞ٬ ٟد١٧
ج ١ُ ..ِٟٞٝؤد ٫لِ٬ؿ في ٫جهلل ُ " :248 ٧ ٤٢ا ٤٢ل٬إس ٟٜ٬ؤ٧ٙج ١٠ ٟدِؿ ١ُ ..٪ؤد٥ ٫ف٬فذ في ٫جهلل ُ٤٢
٫ٖ ٧٥٧ .نفٕ ؤوػحخ جٝػؿ٬ش ٞٝؾً٬خ جٝدٔؿجؿ٦ٖ٧ 34 ٧ 33 ٪فلر جد ١ؾ٬ف ٧ 8 ٧ 7سحف٬ؽ ؿ٠ن٘ ٳد١
ُلحٜف ٠٧ 0250/4 ٧ 247/2وُ ٕ٢دؿ جٝفقج٘ ٧ 466سحف٬ؽ دٔؿجؿ ٞٝؾً٬خ ٧ 387/14ظ َ٠جٝظ٧جَ٠
ٞٝل( ٫ً٧٬جٝدػ٧ش) ٠٧ 5970نٜحذ ج٠ٝوحد٬غ ٞٝسدف٬ق٧ 215 ٪سٗل٬ف جٚٝفًد٧ 101/20 ٫ج٧ ٤ٚٗٝج٠ٝسٗ٤ٚ
) 54/6 ٞٝؾً٬خ جٝدٔؿجؿ( ٪د٬ف٧ز) ٧ 116/2جٝلٞكذل جٝوػ٬ػر ٧ 280ؿٳثل ج٢ٝد٧ذ ٞٝد( ٫ٚ٦٬جٜٝسخ ج٬٠ِٞٝر
ػكٖ ١جٝل ٫ً٧٬ؤػؿ ًف( ٤ٙجٝظح َ٠جٝؤ٬ف (جٜٗٝف )
(٧٠لُ٧ر ؤًفجٕ جٝػؿ٬ش َ ٧ )251 ٧ 250/5 ٧ 262/3
56/2ف.)4733 ٟٙ
77
هذا الحدٌ الشرٌؾ ٌجذب العارؾ إلى طلب حدٌ المصطفى صلى هللا
علٌه وسلم و ُسس ّسنته ،لٌكون محل نظره النبويّس ،فً بُسحبوبة التوصٌة السارٌة فً عوالم
هللا تعالى ،وهل لباب المعرفة باهلل ،إ ااخذ بح دٌ ِس رسول هللا صلى هللا علٌه
وسلم ،والعمل بسُسنته السُسنٌة؟ وهذا القامع للنفأ.
وع َّوز
أي ُسب َسنًّس ،اعلم أن معرفة النفأ ،أحد أصول العبودٌة و َسق َّول َسمن ٌعرفهاَ ،س
وجود من ٌتمنى عرفانها ،وما خلق هللا تعالى فً الدارٌن سِس جنا ًا أضٌق على
العارؾ ،و أوحش و أنتن من النؾأَ ،سف َسمن عرفها على التحقٌق ،وخالؾ أمرها
خطر عظٌم، ٍس أرر له ثِسؽ ٌحر وطرسوأ"( ،)1ومن ؼفل عن معرفتها ،فهو على ٍس "ف ُسك َّول
و ٌسلم من شرها ،فإنَّو َسمن ٌعرفها كٌؾ ٌقوم بمخالفتها.
قال أحمد بن حرب :إنً اشتهً أن أموت ولو ساعة ،حتى أعرؾ نفسً
وأخالفها ،قال محمد بن الفضل ( :)2من عرؾ نفسه ٌتنفأ َسن َسفسا ًا إ بدوام جهدها،
وكثرر عبادتها ،و ٌؽتر بصفاور أوقاتها ،وحسن أحوالها ،ولطابؾ أنفاسها ،وصِس دق
معاملتها ،لما علم من ؼوامر آفاتها ومكرها وسوء طبعها وكمال شرها ،وإنً
ونظرت فً شؤن نفسً ،فما رضٌت فً عمري من نفسً ُس تفكرت فً جمٌع عمري، ُس
طرف َسة عٌن.
() 3
قال اانطاكً رحمه هللا َ :سمن ٌعرؾ نفسه فهو مؽرور ،قال إبراهٌم بن
() 1
ؿجِ٠ [ ١ظ ٟجٝدٞؿج١ ًفل٧ك٠ :ؿ٢٬ر دصٔ٧ف جٝنح ٟد ١ؤً٢ح٬ٜر ٧ػٞخ ٧دٴؿ جٝف٬٧ ،ٟ٧ن٦ٚح ٦٢ف جٝدفَ
(وحؿف) ٜ" :٩٢ِ٠٧ ]28/4ل ؤفى ٤ٝصٔف ً٧فل٧ك " ؤ٠ٜ ٤٢ح ٢٬دٔ ٫جٳ٢سدح ٣اٚ٢ ٩ٝحً جٝصٔ٧ف ٧ج٠ٝظحد٦ر َ٠
جِٝؿًٜ( ٧فل٧ك) ٧ا٬ٴئ٥ح ُ٢ح٬ر ؾحور٢٬ ،دٔ ٫ؤٜ ٫ٝ٧٬ ١ل ج٠فة ظ٧ج٢خ جٝيِٕ ٖٗ٢ ٫ل ٤ٝ٧٬٠٧ ٤ج٥س٠ح٠حً
ؾحوحً٠ ١٠ ،ظح٥ؿذ ٠٧فجٙدر ٧س٬ٝ ،ٟ٬٧ٚل ١٠ ٟٞنف٥ح.
() 2
٠ػ٠ؿ د ١جٗٝيل جٝدٞؾ ٫جٝل٠ف٢ٙؿ( ٪ز ٥ 319ـ).
() 3
٤ِٞٝؤػ٠ؿ دُ ١حو ٟجٯً١ح ،٫ٜؤد( ٫ُٞ ٧جٚٝن٬ف٬ر .)62ؤ ٧ؤد٠ ٧ػ٠ؿ ُدؿج ٕ٬ًٞٝد ١ػ ٕ٬٢جٯً٢ح[ ٫ٜ
جٝنِفج( ٫٢جٜٗٝف) .] 83/1
78
وجدت رجالًا إ وهو راكب ُس خالطت الناأ سبعٌن سنة ،فما ُس أدهم ( )1رحمه هللا :
هواه ،حتى أنه إن أخطؤ أحبَّو أن ٌ َسُسخ ِّذطا الناأ كلهم ،وان ٌُسضرب ظهري بالسٌاط،
عرضت قولً ُس أحب إلًّس من أن ٌُسقال أخطؤ فالن المسلم ،وقال إبراهٌم ال َّوتٌمً( :)2ما
على عملً إ وجدته مكذوبا .وكان عمر بن الخطاب رضً هللا عنه كثٌراًا ما
ٌقول :اللهم إنً أعوذ بك من شر نفسً .قال ذو النون :من نظر بعٌن المعرفة إلى
ص ُسؽ َسرت عنده عظمة سلطان ربه َسفن َسِسً عنه سلطانُس نفسه ،ومن نظر إلى عظم ر ربه َس
نفسه ،وقُس ِسه َسرت تحت جالل هٌبته .وقٌل لمالك بن دٌنار حٌن ماتت زوجته أم ٌحٌى :
لطلقت نفسً ،ولو أن منادٌا ًا ٌنادي بباب ُس ُس
استطعت لو تزوجت ٌا أبا ٌحٌى ،قال :لو
المسجد :لِسٌخرج شرَّوكم رجالًا ،فو هللا ما سبقنً أح ٌحد إلى الباب إ رجل له فضل قو ٍسر
فً السعً.
وقال أبو ٌزٌد :قلت ٌا رب كٌؾ الوصول إلٌك؟ قال ٌ :ا أبا ٌزٌد دَس ْس َس
نفس َسك
وتعال.
لقً حكٌ ٌحم حكٌما فقال ٌ :ا أخً إنً احبك فً هللا ،فقال ٌ :ا أخً وهللا لو ًا
ِسمت منً ما أعلم من نفسً لَس َسب ِسؽضْس تنً الحالة.
عل َس
() 4 () 3
بالموقؾ ،فقال ومطرؾ بن عبدهللا وكان بكر بن عبدهللا المزنً
مطرؾ :اللهم تردهم اجلً ،وقال بكر :ما أشرؾ هذه المواضع وأرجاها لو أنا
فٌهم ! اللهم تحبأ المؽفرر بشإمً ،و تردهم اجلً.
وقال موسى بن القاسم( : )5وقع عندنا زلزلة ورٌح حمراء ،فذهبت إلى محمد
() 1
ادفج ٟ٬٥د ١ؤؿ ٟ٥د٢٠ ١و٧ف٧ٜ ١٠ ،فذ دٞؽ٠ ،حز ٖ ٫ظدٞر ل٢ر ٦٬ٖ٧ ،162ح ٙدف.٣
() 2
ٙحل جٯُ٠م (ل٠٬ٞح ١د٦٠ ١فج ١س ٫ٖ٧ل٢ر ٥ 148ـ)ٙ :حل ٫ٝادفج ٟ٬٥جٝز٠ :٫٠٬ح ؤٜٞز ٢٠ـ ؤفدِٞ٬ٝ ١٬ر
اٳ ػدر ُ٢خ (ظحٜ َ٠فج٠حز جٯ٬ٝ٧حء ٢ٞٝد٦ح.)384/1 ٫٢
() 3
دٜف دُ ١دؿجهلل ج٠ٝق :٫٢س ٫ٖ٧ل٢ر ٥ 108ـ
() 4
سً٠ ٫ٖ٧فٕ دُ ١دؿجهلل د ١جٝنؾ٬ف ل٢ر ٥ 107ـ.
() 5
ؤد ٧جِٝدحك ٧٠ل ٩د ١جٚٝحل ٟد٦٠ ١ؿ ٪س ٫ٖ٧ل٢ر .342
79
ابن مقاتل ،فقلت ٌ :ا أبا عبدهللا اد ُس هللا لنا فؤنت إمامنا ،فقال :لٌتنً أكون سبب
هالككم ،فقال موسى بن القاسم :رأٌت النبً صلى هللا علٌه وسلم تلك اللٌلة فً المنام
فقال :إن هللا دفع عنكم البالء بدعاء ابن مقاتل.
وكان عطاء السلمً (ٌ )1بكً كلما هبت رٌح شدٌدر ،وٌقول :هذه من أجلً
ٌصٌب بها الخالبق ،لو مات عطاء سترا الخالبق من بالبه ،وكثٌراًا ما ٌنو
على نفسه ،وٌقولٌ :ا عطا ُسء لعلك أول مسحوب إلى النار وأنت ؼافل.
وكان الفضل( )2واقفا ًا بعرفات ،فنظر إلى جمٌع الناأ وقال ٌ :ا له من موقؾ
ٌ :ا ما أشرفه لو أنا فٌهم ،ثم بكى ورفع رأسه وأخذ لحٌته وقبر علٌها وقال
سوأتاه على ما كان من نفسً ،فإنها مؽرورر وبالثناء مسرورر ،وإن من ؼاٌة بالء
النفأ ،أن لو مات نصفها لم ٌصلح النصؾ اآلخر.
وحُسكً أن أبا ٌزٌد البسطامً قال :نظرت فً حال عبادتً فرأٌتها مختلطة،
منسوبة إلى كل بالء ،ورأٌتها تخل و من ٌح ثم نظرت إلى نفسً وتركٌبها ،فإذا هً
الشرك ،وعلمت أن هللا تعالى ٌقبل الشرك ،فقلت لها ٌ :ا مؤو كل شر ،إلى كم
ُس
فعمدت ٌدعوك هللا إلى توحٌده و تنظرٌن إلٌه؟ فاشتد على قلبً ؼم هذا اإلشراك،
ت فٌه نار الحق ،ووضعت فٌه كٌر اللَّوٌْسسٌة، وأعددت لها كانون الصٌاؼة ثم َسسعَّورْس ُس
ُس
سندان الوحدانٌة ،وضربتها بمِسطرقة اامر والنهً ،وطال بً العناء ،فلما َس ُس
ونصبت
نظرت إلٌها وجدتها مُسشركة ،فقلت :إنا هلل وإنا إلٌه راجعون ،إنها تنظؾ بالجفاء، ُس
ُس
ووضعت بٌن فلعلها تنظؾ بالرفق واللٌن والمُسدارار ،فرددتها إلى بستان ذكر ال ِسم َّونة،
ٌدٌها رٌاحٌن رإٌة اللطؾ والكرامات ،وترو حت بمراو التح ُّدنن والبر واإلحسان،
ٌ :ا مؤو وطال منً العناء ،فلما ف َّوتشتها وجدتها مُسشركة ،فقلت لها
() 1
ًُحء جٝل :٫٠ٞجٌ٢ف ًٖ ٤٬دٚحز جٝنِفج( ٫٢جٛٗٝف) ٧ 47/1ظحٜ َ٠فج٠حز جٯ٬ٝ٧حء .304/2
() 2
جٗٝيل د ١جػ٠ؿ ج ٫٢٬٦٠ٝز ٥ 440ـ (ظحٜ َ٠فج٠حز جٯ٬ٝ٧حء .)439/2
80
كل شر وبالء ،تصلحً بالجفاء و بالرفق ،ثم رددتها إلى قصار ااحذٌة،
لٌضربها على حجر الفردانٌة ،وٌؽسلها بماء صفور الصمدانٌة ،فلم ٌزل ٌضربها
رجاء أن تنظؾ من اإلشراك ،وطال منً العناء ،فلما نظرت إلٌها فإذا هً مُسشركة،
فقلت :إنا هلل لعل صالحها من وجه آخر ،ثم أنزلتها بمنزلة امرأر مستحاضة ،فلم
ُس
وعلمت أن ت منها،أزل أنظر إلٌها كالمُستحٌ ِسِّذر المُسضطر ،وأنظر إلى بالبها حتى أٌسْس ُس
رت وحدي إلى ربً، ٌتؤ ّستً مُسرادي منها ،فطلقتها ثال َس تطلٌقات وترك ُستها ،وصِس ُس
ونادٌتهٌ :ا عزٌزي أدعوك دعا َسء َسمن لم ٌبق له ؼٌرك بالعتق من عبودٌة ما سواك،
فلما علم هللا تعالى صدق الدعاء منً ،والٌؤأ من نفسً ،كان أول إجابة الدعاء أن
أنسانً نفسً بال ُسكلّسٌة.
الخ ْسلق اجتمعوا على أن ٌضعونً كإٌضاعً عند ) (
قال أبو سلٌمان :لو أن َس
1
نفسً لم ٌقدروا على ذلك .طوبى لعب ٍسد أطلعه هللا على شر النفأ ،وعرؾ أصل
وح َّوق َسرها ،وا َّوتهمها َسو َسو َس
ض َسعها. وقهرها َس
َس خِسلقتها ،وأنوا َس عوارضها ،و َسم ْسق َستها و َسمؤلفها،
() 1
215 .س ٫ٖ٧ل٢ر ؤد ٧ل٠٬ٞح ١جٝؿجفجُ" : ٫٢دؿجٝفػ ١٠د٬ًُ ١ر " ٢٠ل٧خ ا ٩ٝؿجف٬ح دٚفخ ؿ٠ن٘
(جٝنِفج.)79/1 ٫٢
81
عألر الحديث الساد
[ ضل الصحابة رضوان هللا عليهم]
أخبرنا سٌدنا فرد الوقت أ بو المكارم الباز ااشهب الشٌخ منصور الربانً
البطاٌحً اانصاري رضً هللا عنه برواقه فً بلدر نهر دقال من واسط ،قال :أنبؤنا
أبو عبدهللا مالك بن أحمد بن علً الفرّس ا قراءر علٌه ،قال :أنبؤنا أبو الحسن أحمد بن
موسى بن الصلت ،قال :حدثنا أبو إسحاق إبراهٌم بن عبد الصم د الهاشمً ،قال :
حدثنا عبٌد ابن أسباط ،عن أبً سفٌان ،عن عبدالملك بن عمٌر ،عن ربعً ،عن
حذٌفه رضً هللا عنه قال :قال رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم " :اقتدوا َس
باللذٌن من
بعدي أبً بكر وعمر واهتدوا بهدي عمّسار وتمسكوا بعهد ابن أم عبد "( .)1فقد أمر
علٌه الصالر والسال م بتصحٌح القدور بالشٌخٌن العظٌمٌن ،سٌدنا أبً بكر الصدٌق،
وسٌدنا عمر الفاروق رضً هللا عنهما ،وبالتحقق باإلهتداء بهدي عمار رضً هللا
عنه ،فإنه مات على حب الصهر العظٌم ،الصنو الكرٌم ،سٌدنا علً رضً هللا عنه،
وأكد لزوم التمسك بالعهد ،كما كان محافظا ًا علٌه ابن أم عبد رضً هللا عنه ،وفً
هذا حكمة الجمع بٌن حب الصحب واآلل ،سر ٌدركه العارفون الموؾّسقون.
() 1
ؤػ٠ؿ ٖ ٫ج٠ٝل٢ؿ ٙ٧ 23312 ٧ 23169حل ٠ػ : ٤ٚٚاك٢حؿ ٣وػ٬غ٧ ،ف٧ج ٣ف٧ج٬ر ؤؾف ٨ؤ٦ٝ٧ح :اٝ ٫٢لز
ؤؿف٠ ٪ح ٙؿف دٚحث .. ٟٜ٬ٖ ٫دف٧ .23279 ٟٙجٝػح ٫ٖ ٟٜج٠ٝلسؿفِ٠ : ٛفٖر جٝوػحدر ١ُ 75/3ػـٗ٬ر في٫
جهلل ُ٧ ،٤٢وػػ٧٧ ٤جٖ ٤ٚجٝـ٥د ٫ٖ ٫جٝسٞؽ ٬هٖ .حٝػؿ٬ش وػ٬غ ١ٜٝ٧ .ص٠ر ٚ٠حٳز ؤل٦ٙ٧ح ٝٲًٴٍ،
٧جٝسٗو٬ل َ٠ ،سوػ٬ػ ٫ٖٗ . ٤جٝظح َ٠جٝهٓ٬ف ( 197/1دف )1319 ٟٙف٧ج٬ر" :جٙسؿ٧ج دحٞٝـ ١٠ ١٬دِؿ١٠ ٪
ؤوػحد :٫ؤد ٫دٜف ٠ُ٧ف ٧ ،ج٥سؿ٧ج د٦ؿ ُٟٓ ٪جف٧ ،س٠ل٧ٜج دِ٦ؿ جد٠ ١لِ٧ؿ " ١٠ ٫٥٧جٝسف٠ـ ١ُ ٪جد١
٠لِ٧ؿ٧ ،جٝف٬٧ح ١ُ ٫٢ػـٗ٬ر٧ ،جدُ ١ؿ ٫ٖ ٪جٜٝح٠ل ُ ١ؤ٢ك ٙ٧ .حل جٝل :٫ً٧٬ػؿ٬ش وػ٬غ٧ .لح٘ جٝػحٟٜ
٧ج٧ .٣ف٧ج ٕ٣جًٝدفج= ٫٢ ؿف ُّ٘٧ ،76/3 ٛخ ُ٦٬ٞح جٝـ٥د ٫دإ ١ل٢ؿ٥ح ٥ـ ٣جٝف٧ج٬ر ٖ ٫ج٠ٝلز
82
وقد جعل صحة المتابعة له بإتبا الشٌخٌن رضً هللا عنهما ،وحقٌقة
ا هتداء بهدٌه بموا ر اامٌر رضً هللا عنه ،وجمع بٌن النكتتٌن بلزوم التمسك
بالعهد ،ومتى اقتد العبد اهتد ،ومتى اهتد تمسك بعهد هللا ،وهناك وقد عرؾ،
وهل المعرفة باهلل تعالى إ هذا ،فإن من اهتد بهدي محمد صلى هللا علٌه وسلم
واقتد به ،وتمسك بعهده ،أقبل على هللا ،وأعرر عن ؼٌره.
جاء فً الخبر أن هللا تعالى قالٌ " :ا دنٌا اخدمً َسمن خدمنً ،واستخدمً َسمن
خدمك"( )1ولٌأ من معالً الهمة ا شتؽال بما فٌه حظ النفأ ،وفً َسنعْس ِس
ت النبً
صلى هللا علٌه وسلم بعلوّس همته الشرٌفة (ما زا البصر وما طتى )( )2و ٌصل
العبد إلى هللا تعالى،
= ٖ ٫جٯ٧لً ٙ٧ .7177 ٧ 5840 ٧ 5503 ٧ 3816حل ج٬٦ٝص٬ ٤٬ٖ٧" : ٫٠ػ ٩٬دُ ١دؿجٝػ٬٠ؿ جٝػ ٟٓج٧٥٧ ٫٢
يِ٠ [ "ٕ٬ظ َ٠جٝق٧جثؿ (جٜٗٝف) 484/9دف٢ٜ ٫ٖ ٧٥٧ ] 15606 ٟٙق ج٠ِٝحل 33679 ٧ 33117 ٧ 32657
ٜ٧نٕ جٝؾٗحء 181/1دف٧ ،482 ٟٙؤل ٩٢جً٠ٝحٝخ ٙ٧ 46حل جٝد٬ف٧س" :٤٬ٖ ٫ف٧ج ٣ؤػ٠ؿ ٧جٝسف٠ـ٧ ٪ػلٓ،٤٢
٧ؤُ ٤ّٞؤد ٧ػحسٙ٧ . ٟحل جٝدقٓجفٜ -حد ١ػق :-ٟٳ ٬وغ ٫ٖ٧ف٧ج٬ر ٞٝسف٠ـ٧ – ٪ػلٓ٦٢ح٧ ":-ج٥سؿ٧ج د٦ؿ٠ُ ٪حف
٧س٠ل٧ٜج دِ٦ؿ جد ١ؤ٠ ٟلِ٧ؿ " ٙ٧حل ج٬٦ٝص :٫٠ل٢ؿ٥ح ٧ج٧ ."٣ف٧ج ٣جٝسف٠ـ ٫ٖ ٪ج٢٠ٝحٙخ ،خجخ ٢٠حٙخ ؤد ٫دٜف
٠ُ٧ف في ٫جهلل ُ٠٦٢ح ٠٦٬ٜٞح ٙ٧ 3664 ٧ 3663حل :ػؿ٬ش ػل٧ .١جٝػ٬٠ؿ 214/1 ٪دف٧ 449 ٟٙجد١
٠حظ :٤جٚ٠ٝؿ٠ر ،دحخ ٖٖ ٫يحثل ؤوػحخ فل٧ل جهلل و ٩ٞجهلل ُ٧ ٤٬ٞلٖ( ٟٞيل ؤد ٫دٜف في ٫جهلل ُ97 ) ٤٢
٧ف٧ج ٣جًٝدفج ١ُ ٫٢ؤد ٫جٝؿفؿجء في ٫جهلل ُ َ٠ ٤٢جؾسٴٕ ٠( ٌٗٝظ َ٠جٝق٧جثؿ 40/9دف٧ .)14356 ٟٙجد١
ؤُ ٟدؿجهلل د٠ ١لِ٧ؿ في ٫جهلل ُ.٤٢
() 1
ٖ [ ٫جٝٮٝت ج٠ٝوُ٧٢ر ٞٝل ٤ٝ٧ ] ٫ً٧٬نح٥ؿ٬( :ح ؿ٬٢ح٠ ،ف ٩ُٞ ٪ؤ٬ٝ٧حث٧ ٫ؤػدحث ،٫ٳ سػٖ ٫ٝ٧ٞسٗس،ٟ٦٬٢
٧ؤٜف ١٠ ٫٠ؾؿ٧ ،٫٢٠ؤسِد ١٠ ٫ؾؿ٧٠ ) ٛ٠يً ٤ٝ٧ .ٍ٧ف ٘٬آؾف٠٧ ،ؿجف جًٝف ٩ُٞ ١٬ٚ٬جٝػل ١٬د ١ؿج٧ؿ،
" ٧٠ي [ ) ٍ٧سـٜفذ ّ٬ف صٚر ٧ [ .ف٧ج ]٣جٝؤح٬ ( :٫٢ح ؿ٬٢ح جؾؿ ١٠ ٫٠ؾؿ٧ ٫٢٠ؤسِد٬ ٫ح ؿ٬٢ح ١٠ؾؿٛ٠
ج٧٠ٝيُ٧حز ٗٞٝس٠( ٫٢ػ٠ؿ ًح٥ف د ٫ُٞ ١ج٢٦ٝؿ – ) ٪د٬ف٧ز – ه ٠٧ .]175ف :٪دٗسغ ج ١٠ ،ٟ٬٠ٝجٝدحخ
جٝفجدَ٠ ٫٥٧ ،صل ٠لَّ ٠٬لّ ،ؤ ٪ه٪ف ُٟ ٪فٖذ (ـجز ٠فجفذ) ٬٧ .ظ٧ق ٖ٠ ٫يحفٍ ؾؿَ ٟي ٟٓجٝؿجل ٜ٧لف٥ح.
() 2
ل٧فذ ج٢ٝظ17 :ٟ
83
حتى ٌقطع مفاوز الدنٌا وما فٌها ،ومن زهراتها ولذاتها ،وراحاتها وشهواتها،
الخلق وما منهم ،من جمٌل معاشرتهم وثنابهم و َسمحْس َسمدَس ت ِسِسهم ،وأن هللا وٌجاوز أودٌة َس
تعالى خلق جمٌع ذلك ابتال ًاء لكل َسمن أراد أن ٌصٌر مجرداًا ،حتى إن التفت إلى
شًء منها صار مفتضحا ًا فً دعواه ،وؼرق فً أودٌة الحُسسبان ( )1وال ُسخسران ،فكم
بعرفان النفأ، الخلق ،ؼافل عن الصدق ،جاهل ب عن َس مستدر ٍسج بالنعم ،محجو ِس
َس
ٌصبح وٌمسً على الحسبان ،فٌبدو له من ذي العرش ما لم ٌكن ٌحتسب؛ قال هللا
تعالى [ :وبدا لهم من هللا ما لم ي ونوا يحتسبون]( )2وأن من معالً الهمة ،ما قٌل
ابً عبد هللا :لو أعطاك هللا تعالى الدنٌا بجمٌع ما فٌها ،ماذا تفعل بها؟ فقال :لو
أمكننً أن أ جعلها لقمة ،وأضعها فً فم كافر لفعلت ،قٌل :ولم؟ قال :ان هللا تعالى
ٌبؽر الكافر والدنٌا جمٌعاًا ،فؤفعل ذلك لٌقع البؽٌرُس إلى البؽٌر.
ثم حُسكً من صدق ما ادعاه أن سلطان هرار ( )3بع إلٌه سبعة أوقار من
الحنطة ،وكان الشٌخ ٌومبذ بهرار مع أصحابه ،فؤطعم الخادم منها أولٌاءه ،فقال له
أبو عبدهللا :أطعم الباقً فقراء العامة فقال ٌ :مكن ،اابواب مؽلقة ،فقال :اذهب به
فخشٌت عقوبة هللا تعالى فً ترك ُس إلى المجوأ الذٌن هم فً جوارنا قال الخادم :
أمره ،فؤعطٌته المجوأ ،فجاإوا بكرر إلٌه وقالوا :ما الحكمة فً إعطابك إٌانا ونحن
مخالفو ك؟ فقال :الدنٌا عدو هللا ،والكافر عدو هللا ،و ٌقرب الحبٌب من الحبٌب
حتى ٌبعد من عدوِّذ ه ،قال :فؤسلموا جمٌعا ًا على ٌدٌه.
حُسكً أن بعر المرٌدٌن كان ٌمشً فً البادٌة ،فحدثته نفسه ببعر حاجتها،
فإذا هو على شط ببر ،فرمى ركوته فً الببر لٌستقً الماء فخرجت له الركورُس
مملوء ًار من الذهب ،فرمى بها فً الببر ،وقالٌ :ا عزٌزي أرٌد ؼٌرك.
() 1
علدح :١ػلحخٚ٬٧ ،حل ٧٥ظ َ٠ػلحخ٠ ،صل ن٦حخ ٧مُ٥دح٢ [ "١ق٥ر ج٧ٞٚٝخ ٖ ٫سٗل٬ف ٓف٬خ ج٘ٝفآ١
ُ
جِٝق٬ق ٞٝلظلسح٠( ٫٢ػ٠ؿ دُُ ١قَ٬ق) – ؿجف جِ٠ٝفٖر – ه .].212
() 2
ل٧فذ جٝق٠ف.47 :
() 3
٥فجذ٠ :ؿ٢٬ر دؾفجلح.١
84
قال عمار القرشً :كنت فً البادٌة فؤردت التلبٌة وكنت حاجاًا ،فؤخذت مندٌل
شٌخ لً فقددته نصفٌن ،واتزرت بنصفه ،وارتدٌت باآلخر ،فلم تزل نفسً تنازعنً
ببعر الحاجة ،فإذا البادٌة كلها فضة ،فمضٌت وقلت :إلهً إنً أعوذ بك من كل
إرادر سواك.
لرجل َسذ َسك َسر هللا ،ولم ٌذكر إ هللا،
ٍس قال عٌسى علٌه الصالر والسالم :طوبى
ٌخش إ هللا ،وطوبى لعب ٍسد سؤل هللا ،ولم ٌسؤل إ هللا. َس وطوبى لرجل خشً هللا ،ولم
وحكً أن اإلمام بن اإلمام سٌدنا زٌن العابدٌن علً بن الحسٌن رر ي هللا
عنهما ،قال :كنت عند أبً عبدهللا الحسٌن علٌه السالم ،أقرأ فً بعر الكتب ،وكان
فً ٌده سكٌن ،فرأٌت حرفا ًا خطؤ ،فقلت :ناولنً السكٌن اصلح هذا الحرؾ ،فناولنً
قضٌت الحاجة رددته علٌه ،فقال لً ٌ :ا علً تعد إلى هذه مرر أخر ،فتقع ُس فلما
إلى ُسذ ّسل السإال ،وخساأر الهمة .
ورُسوي أن النبً صلى هللا علٌه وسلم قال ذات ٌوم لثوبان رضً هللا عنه :
"ٌا ثوبان تسؤل الناأ "( )1فكان ثوبان ربما ٌسقط السوط من ٌده ،فال ٌقول احد
ناولنً إٌاه حتى ٌنزل وٌرفعه.
وسؤل رجل من سفٌان رحمه هللا كسرر فؤعطاه دٌناراًا ،فقٌل له فً ذلك فقال:
إن كان ٌعرؾ هو قدر نفسه فال أد كرم نفسً ،وإن كان هذا ترك الهمة فؤنا
أد الجود ،همم العارفٌن متصلة بمحبة الرحمن ،وقلوبهم ناظرر إلى مواضع العز
من العزٌز ،راحة لهم فً دار الدنٌا دون الخروج منها ،وكان كثٌراًا ما ٌر
() 1
) 22266 ٧ 22322 ٧ 22285 ؤػ٠ؿ ٖ ٫ج٠ٝل٢ؿ (ػؿ٬ش ص٧دح ٩ٝ٧٠ ١فل٧ل جهلل و ٩ٞجهلل ُ٧ ٤٬ٞلٟٞ
٧جد٠ ١حظ : ٤جٝقٜحذ ،دحخ ٜفج٬٥ر ج٠ٝلإٝر ٧ 1837جٝسفٓ٬خ ٧جٝسف٬٥خ ٢٠ٞٝـف : ٪جٝوؿٙحز ،جٝسف٬ ٣خ ١٠
ج٠ٝلإٝر٧ ،سػف٦٠٬ح َ٠ج ،٩٢ٔٝف ٟٙجٝػؿ٬ش.1200 ،
85
حبٌب العجمً( )1رضً هللا عنه ٌوم التروٌة بالبصرر ،وٌوم عرفة بعرفات ،فقٌل له
فً ذلك فقال :هو أقل ما أطار إلٌه الهم َسة أهل الهمة.
ودخل علً كرم هللا وجهه مسجد رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم فرأ
أعرابٌا ًا فً المسجد ٌقول :إلهً أرٌد منك شوٌهة ( ،)2ورأ أبا بكر الصدٌق فً
زاوٌة أخر ٌقول :إلهً أرٌدك ،فشتان ما بٌن الهمتٌن ،فك ٌّيل ٌطٌر بهمته ،فإذا بلػ
( :ل ل يعمل على طٌرانه إلى ؼاٌة همته وقؾ فلم ٌجاوزها قال هللا تعالى
ألا لته)( )3أي على نٌته وهمته.
وقٌل ابً ٌزٌد :سمعنا أنك تمرُّد على الماء ،وتطٌ ُسر فً الهواء ،فقال :المإمن
ب أن ٌبلػ مقام طٌر أو حوت ،قُسرئ بٌن أعز على هللا من السماوات السبع ،فؤي عج ٍس ُّد
() 5 () 4
ٌدي ابن المبارك قوله تعالى ( :أولئ يسارعون ل الخيراس) فقال :لٌأ أنه
ِسمة تسبق ِسهمّسة ،فً جمٌع الخٌراتٌسبق عمالًا ،ولكن ه ٌح
ُس ٌسبق بدنٌح بدناًا ،و عم ٌحل
واإلرادات.
بكثرر ااعمال، قال بعر العارفٌن :مساكٌنُس أهل الؽفلةٌ ،شتؽلون
وٌعظمونها وٌفتخرون بها ،ولو أن أهل المعرفة عملوا أعمال أهل السموات
واارر من اازل إلى اابد كان ذلك أصؽر وأحقر فً أعٌنهم من خردلة فً
السماء واارر.
() 1
ؤد٠ ٧ػ٠ؿ ػد٬خ جٗٝحفل ٫جِ٠ٝف ٕ٧دحِٝظ( ٫٠ظحٜ َ٠فج٠حز جٯ٬ٝ٧حء .)17/2
() 2
سؤ٬ف ن٫ء :ن٬٧ت ،ؤُِّ٢شَ ٧ؤُدؿٝز ج٠٦ٝقذُ ٬حء :مُٓ٪َ٧ذ ،ص ٟؤدؿٝز ج٬ٝحء جٝصح٬٢ر ُ٬ٓ ٩ٞف ٬ٙحك ٥حء .
() 3
جٱلفجء.84 :
() 4
ُدؿ جهلل د ١ج٠ٝدحف ٛج٠ٝف٧ق ،٪ؤ٬٠ف ج٠ٝئ ٫ٖ ١٬٢٠جٝػؿ٬شٜ ٤ٝ ،سحدحً٠ ١دُ٧ح : ١جٝق٥ؿ٧ ،جٝظ٦حؿ٠ ،حز
ل٢ر ٥ 181ـ٧ .جٌ٢ف ا ١نثز جٝسٗو٬ل ٜسحخ نِف ج٦ٚٗٝحء ٠ٞٝػً( ٘ٚدِس ٤جٜ٠ٝسدر جِٝفد٬ر دػٞخ ) ه 320
٠٧ح دِؿ٥ح.
() 5
ج٠ٝئ.61 :١٧٢٠
86
" تستكثروا طاعتكم ،و تستقلوا قال النبً صلى هللا علٌه وسلم
ذنوبكم"( )1ورُسوي أن موسى لٌه الصالر والسالم كان ٌمر على شاطا البحر ،فقال
إلهً قد اصطكت ركبتاي ،وانحنى ظهري ،حبٌبً فما أنت صانع بً؟ فؤمر هللا
تعالى ضفدعا ًا أن ٌجٌبه ،فقال ٌا بن عمران .أ َستمُسنُّد على ربك بعبادتك إٌاه ،وقد
اصطفاك وكلمك ،وقربك وناجاك ،فوالذي خلقنً وٌرانً ،إنً على صخرر من ذ
ثالثمابة وستٌن سنة ،أسبحه لٌال ونهاراًا أفتر منها لحظة ،ومنذ ثالثة أٌام لم آكل،
وكل ساعة ترتعد فرابصً من هٌبته.
كنت فً البادٌة فنالنً جو ٌح شدٌد ،فطالبتنً نفسً ُس وقال أبو سعٌد أبو الخٌر
أن أسؤل هللا طعاماًا ،فقال لٌأ هذا من دأب المتوكلٌن ،فطالبتنً أن أسؤ له اصطباراًا،
فلما هممت به ثانٌا ًا سمعت هاتفا ًا ٌقول:
وأ ّسنا ُسنض ِّذٌ ُسع َسمن أتانا أٌجه ُسل أننا من ُسه قرٌبُس
كؤ ّسنا نراهُس و ٌرانا صبر
ٍس ٌرٌ ُسد أبو سعٌدَس سإا َسل
() 1
ؤؾفض جٝد ١ُ ٫ٚ٦٬ؤد٥ ٫ف٬فذ في ٫جهلل ُٙ ٤٢حلٙ :حل فل٧ل جهلل و ٩ٞجهلل ُ٧ ٤٬ٞل٢ُ٪ ١ٝ " ٟٞظ ٫ؤػؿجً
٧ ،٤ٞ٠ُ ٟٜ٢٠ٳ ؤ٢ح ،اٳ ؤ٬ ١سٔ٠ؿ ٫٢جهلل دفػ٠س " .. ٤جلػؿ٬ش [ ٢ٜق ج٠ِٝحل جٜٝسحخ جٝصحٝش ١٠ػفٕ ج٠٦ٝقذ ٫ٖ :
جٯؾٴ٘ ٧جٯِٖحل ج٠ٝػ٧٠ؿذ ٧ 5316جٌ٢ف ٧ .] 5315 ٧ 5314جؾفض جٱ٠ح ٟؤػ٠ؿ ُُ ١حثنر في ٫جهلل ُ٦٢ح
ؤ ١فل٧ل جهلل و ٩ٞجهلل ُ٧ ٤٬ٞلٙ ٟٞحل٬ :ح ُحثنر ا٬ح٠٧ ٛػٚفجز جٝـ٧٢خٖ ،ب٦ٝ ١ح ١٠جهلل ُق ٧ظل ًحٝدحً
[ؤػ٠ؿ ُدؿ جٝفػ ١٠جٝد٢ح :جٗٝسغ جٝفدحٝ ٫٢سفس٬خ ٠ل٢ؿ جٱ٠ح ٟؤػ٠ؿ د ١ػ٢دل جٝن٬دح( ٫٢ؿجف اػ٬حء جٝسفجش جِٝفد) ٫
٧ ] 253/19ف ٨٧جٝل٠ف٢ٙؿ ١ُ ٪فل٧ل جهلل و ٩ٞجهلل ُ٧ ٤٬ٞل ٟٞؤٙ ٤٢حل :ؤٌُ ٟجٝـ٧٢خ ُ٢ؿ جهلل سِح٩ٝ
ؤؤف٥ح ُ٢ؿ ج٢ٝحك٧ ،ؤؤف جٝـ٧٢خ ُ٢ؿ جهلل سِح ٩ٝؤٌُ٦٠ح ُ٢ؿ ج٢ٝحك : ٫٢ِ٬ ،ؤٌُ٦٠ح ُ٢ؿ ج٠ٝـ٢خ اـج ٌُ٤٠
٧ؾحٖٖ ،٤ب٦٢ح ؤؤف ُ٢ؿ جهلل سِح٧ ،٩ٝؤ٠ح اـج ٜح ١ؤ٬فجً ٖ ١٬ُ ٫ج٠ٝـ٢خ ٖ٢ُ ٟ٬ٌُ ٧٦ؿ جهلل سِح ،٩ٝٯ ١ؤٌُٟ
جٝـ٧٢خ ٠ح ٜحُ٠ ١هِّفٓجً ُ [ ..٤٬ٞؤد ٧ج٬ٞٝش جٝل٠ف٢ٙؿ٢( ٪وف د٠ ١ػ٠ؿ) :س٢د ٤٬جٔٝحٖ( ١٬ٞجٚٝلً٬٢٬ً٢ر 1325
٥ـ) ه ٫ٖ٧ ] 134س٢ق ٤٬جٝنفِ٬ر ٳخُ ١فج٘ (جٚٝح٥فذ) ١ُ 234/2فل٧ل جهلل و ٩ٞجهلل ُ٧ ٤٬ٞلٟٞ
٠فُٖ٧حً" :ٳ سٌ٢ف ا ٩ٝؤف جٝؾً٬ثر ١ٜٝ٧جٌ٢ف اُ ١٠ ٩ٝو٬ز".
87
الحديث السابف عألر
[ يدخلون الجنة بتير حساب]
أخبرنا شٌخنا القاضً العدل الثقة المقري اإلمام الش ٌخ علً أبو الفضل
القرشً الواسطً رضً هللا عنه ،قال :أنبؤنا أبو طالب محمد بن علً بن الفتح
العشاري ،قال :أنبؤنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن المخلل ،قال :أنبؤنا أبو
محمد ٌحٌى بن محمد بن صاعد ،قال :أنبؤنا مالك بن الخلٌل أبو ؼسان ،قال :أنبؤنا
ابن عدي ،عن أشع ،ن الحسن ،عن عمران بن حصٌن ،أن رسول هللا صلى هللا
علٌه وسلم قال ٌ " :دخل الجنة من أمتً سبعون ألفا ًا بؽٌر حساب هم الذٌن
ٌكتوون ،و ٌسترقون ،و ٌتطٌرون ،وعلى ربهم ٌتوكلون" (.)1
() 1
وػ٬غ .ف٧ج٠ ٣ل ٫ٖ ٟٞجٱ٠٬ح ،١دحخ جٝؿ٬ٝل ُ ٩ٞؿؾ٧ل ً٧جثٕ ١٠ج٠ٝل ١٬٠ٞجٝظ٢ر دٔ٬ف ػلحخ ٧ٳ
ُـجخ ،ف٧ 218 ٟٙػ٬ٞر جٯ٬ٝ٧حء ( ُ ١ؾدحخ في ٫جهلل ُ٢ٜ [ ) ٤٢ق ج٠ِٝحل (جٝفلحٝر) ٤٢ُ٧ ]5701جًٝدفج٫٢
ٖ ٫جٜٝد٬ف ٠٧ 183 ٧ 169/18ل٢ؿ ؤد٧ُ ٫ج٢ر (د٬ف٧ز) ٧ 87/1جٌ٢ف ٢ٜق ج٠ِٝحل ٧ .5700 ٧ 5699ؤؾفض
جٱ٠ح ٟؤػ٠ؿ ُُ ١دؿ جٝفػ ١٠د ١ؤد ٫دٜف في ٫جهلل ُ٠٦٢ح ؤ ١فل٧ل جهلل و ٩ٞجهلل ُ٧ ٤٬ٞلٙ ٟٞحل " :ا ١فد٫
ؤًُح ٫٢لدِ ١٬ؤٗٝحً ١٠ؤ٠س٬ ٫ؿؾ ١٧ٞجٝظ٢ر دٔ٬ف ػلحخ " ٖٚحل ُ٠ف ٬ :ح فل٧ل جهلل٦ٖ ،ٴ جلسقؿس٤؟ ٙحل ٙ " :ؿ
جلسقؿسٖ ٤إًُحٜ َ٠ ٫٢ل فظل لدِ ١٬ؤٗٝح " ٙحل ُ٠ف ٦ٖ :ٴ جلسقؿس٤؟ ٙحل ٙ " :ؿ جلسقؿسٖ ٤إًُحٜ٥ ٫٢ـج " ٖ٧فٖض
ُدؿ جهلل د ١دٜف ( ٧٥٧ؤػؿ ن٧٬ؼ جد ١ػ٢دل ٤٢ُ٧ ،ف٥ ٨٧ـج جٝػؿ٬ش ) د٬ ١٬ؿٙ٧ ،٤٬حل ُدؿ جهلل٧ :دلً دحُ،٤٬
٧ػصَح ُدؿجهللٙ٧ .حل ٥نح( ٟد ١ػلح ٧٥٧ ،١ن٬ؽ ُدؿ جهلل د ١دٜف )٥٧ :ـج ١٠جهلل ٳ ُ٬ؿف٠ ٨ح ُؿؿ٠ [ ) ٣ل٢ؿ
ؤػ٠ؿ ( ػؿ٬ش ُدؿجٝفػ ١٠د ١ؤد ٫دٜف ُ ١فل٧ل جهلل و ٩ٞجهلل ُ٧ ٤٬ٞل٧ ]1706 ) ٟٞف٧ج ٣ؤػ٠ؿ د٠ ١ػ٠ؿ
جٝد٢ح جٝؿ٬٠حً ١ُ ٫جٱ٠ح ٟؤػ٠ؿ ١ُ٧جٝدقجف ٧جًٝدفج٧ ٫٢سػؿش ُ ١جٯُ٠حل ج٧٠ٝظدر ٝـ [ " ٛٝجٝـؾحثف ج٠٦٠ٝحز
(ً٠دِر جٝد٦حء دػٞخ ٥ 1328ـ = ٧ ] 215 ) ٟ1910ف٢ ٨٧ػ ٟ٥٧جٝسف٠ـ ٫ٖ ٪وٗر ج٬ٚٝح٠ر ،دحخ ٬ :ؿؾل
جٝظ٢ر ٥ ١٠ـ ٣جٯ٠ر لدِ ١٧ؤٗٝحً ؿ ١٧ػلحخ دف٧ 2439 ٟٙؤػ٠ؿ ؤ٬يح دف.22204 ٟٙ
88
جعل رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم عدم التطٌُّدر المرتبة الثالثة ،بعد ترك
ا كتواء وا سترقاء ،وهذه مرتبة ال ُسخلَّول من أهل ا نمحاق عنهم وعن كونهم فً
مراد هللا تعالى رحمهم هللا ما أقلهم فً كل عهد ،فإن رتبتهم التحقق بالتوكل على هللا
تعالى ،توكالًا تنطوي فٌه ااسباب والمرادات ،وأولبك هم العارفون باهلل حقا رضً
هللا عنهم.
() 1
ٌا هذا لو أن العا لم فرٌقان ،فرٌق ٌروحنً بمراو من َسن ّسد ،وفرٌق ٌقرر
جسمً بمقارر من نار ،ازداد هإ ء عندي و نقل هإ ء ،اعلم أن َسمن
عرؾ هللا حق معرفته ،تالشت همته تحت سرور وحدانٌته ،و شًء من العرش
إلى الثر أعظم من سرور العارؾ بربه ،والجنة بكل ما فٌها فً جنب سروره
بربه أصؽر من خردلة ،لِسما َسعلِس َسم أنه أكبر من كل كبٌر ،وأعظم من كل عظٌم ،فمن
وجده فؤي شًء ٌجد ،وبؤي شًء ٌشتؽل بعده ،وهل رإٌة ؼٌره إ من خساسة
النفأ ،ودناءر الهمة ،وقلة المعرفة به ،وهل ٌكون لباأٌح أجم ُسل من لباأ اإلسالم ،أو
تاج أج ّسل من تاج المعرفة ،أو بساط أشرؾ من بساط الطاعة.
() 2
قال هللا تعالى ( :ل بفضل هللا وبرحمته بإل يلفرحوا) .
قال إبراهٌم بن أدهم فً بعر مناجاته :إلهً إنك تعلم أن الجنة وما فٌها
تزن عندي جنا بعوضة بعدما وهبت لً معرفتك ،وآنستنً بك ،وفرَّو ؼتنً للتفكر
فً عظمتك ،ووعدتنً النظر إلى وجهك ،نعم إن أدنى منازل العارؾ أن هللا تعالى
لو أدخله النار ،وأحاط به العذاب ،لم ٌزدد قلبه إ حبا ًا وأنسا ًا به وشوقا ًا إلٌه.
قال ابن سٌرٌن ( )3لو ُسخٌِّذرت بٌن الجنة وركعتٌن تخٌَّورت الركعتٌن ،ان فً
الركعتٌن رضاء هللا تعالى ،والقرب منه ،وفً الجنة هو النفأ ،ومحب ُسة الناأ .
() 1
ٍ٧ؿ ج٬ًِّٝخ.
جٓ ٢ٝؿُ :
() 2
ل٧فذ ٢٧٬ك.58 :
() 3
٠ػ٠ؿ د ١ل٬ف ١٬جٝدوف٥ 110-33( ٪ـ)
89
حر و ( :الوا ِّب قٌل :لما أُسلقً الخلٌل إبراهٌم علٌه الصالر والسالم فً النار و
وانصروا ءالهت م) ( )1قال :حسبً ربً ونعم الوكٌل ،نعم المولى ونعم النصٌر.
قال تعالى ( :يا نار ونل برداً وسالما ً على براهيم)(.)2
وروي أن هللا تعالى أوحى إلٌهٌ :ا إبراهٌم أنت خلٌلً وأنا خلٌلك ،فال تشؽل
قلبك بدونً فتنقطع ال ُسخلَّو ُسة بٌنك وبٌنً ،ان الصادق فً دعو ُسخلَّوتً :من إذا أُسحرق
بالنار لم ٌتحول قلبه عنً إلى ؼٌري إجال ًا لحُسرمتًَ ،س
وذ َسك َسر هللا تعالى ذلك فً كتابه
بقوله ( :إا ال له ربه أسلم ال أسلمس لرب العالمين)( )3فعرؾ صدقه فً التسلٌم
حتى أُسلقً فً النار.
قال أبو عبد هللا بن مقاتل فً مناجاته :إلهً تدخلنً فً النار فإنها تصٌر
برداًا علً من حبً لك .قال أٌوب السختٌانً ( :)4إنما ٌخاؾ النار من نسً مو ه
فٌقال لهم ( :إو وا بما نسيتم للاء يوم م هإا)( )5مع ثواب أعماله.
قال أبو حفل ( :)6إنً اخاؾ على معرفة قوم ٌكون على جباههم مكتوبا ًا
رفع تلك العالمة عنهم ،ولو كنت أنا
"عتقاء هللا" بعد إخراجهم منهاٌ ،سؤلون هللا َس
لسؤلته أن ٌكتب ذلك على جمٌع أعضابً ،وٌكفٌنً فخراًا أنً من عتقابه ،وأنا أقول :
إنما الحاصل للمرٌد فً الجنة من الجنة هو ال رب تعالى ،وقربه ونظره ،واستما
كالمه ،أما تر امرأر فرعون إذ قالت ( رب ابن لل عند بيتا ً ل الجنة )( )7كما
ٌقال :الجار قبل الدار .قال إبراهٌم بن أدهم :إنً استحً أن ٌكون ؼاٌة همتً
() 1
ل٧فذ جٯ٢د٬حء.68 :
() 2
ل٧فذ جٯ٢د٬حء.69 :
() 3
ل٧فذ جٝدٚفذ.131 :
() 4
ؤ٧٬خ د٬ٜ ١لح ١جٝلؾس٬ح ٫٢جٝدوف ،٪ؤد ٧دٜف (ز ٥ 131ـ).
() 5
ل٧فذ جٝلظؿذ.14 :
() 6
ؤد ٧ػٗه٠ُ :ف د٠ ١ل٠ٞر جٝػؿجؿ٠ ،حز ل٢ر ٧ ٕ٬٢لس٠٧ ١٬حثس.١٬
() 7
ك٧فذ جٝسػف.11 :ٟ٬
90
مخلوقاًا ،وقد قال هللا تعالى لبعر أنبٌابه :من أرادنا لم ٌرد سوانا.
قال بعر المشاٌخ :رأٌت شابا ًا فً المسجد الحرام ،قد َّوأثر فٌه الضر
والجو ،فؤدركتنً الرحمة علٌه ،وكان معً مابة دٌنار فً صُسرر ،فدنوت منه
ُس
فؤلححت علٌه، وقلتٌ :ا حبٌبً اصرؾ هذا فً بعر حوابجك ،فلم ٌلتفت إلًّس ،
حالة أبٌعها بالجنة وما فٌها ،وهً دار الجال ل ومعدن القرار ٌح فقالٌ :ا شٌخ هذه
بثمن بخأ. ٍس والبقاء ،فكٌؾ أبٌعها
قال أبو موسى الدبٌلً خادم أبً ٌزٌد :سمعت شٌخا ًا ببسطام ٌقول :رأٌت فً
منامً كؤن هللا تعالى ٌقول :كلكم تطلبون منً ،ؼٌر أبً ٌزٌد فإنه ٌطلبنً ،وٌرٌدنً
وأنا أرٌده.
هللا جلٌسا ًا وأنٌساًا ،و الزم خدمة مو ك تؤتك الدنٌا وهً خ ِسذ َس
قال أبو عبد هللا :ات ِس
راؼمة ،وتطلبك اآلخرر وهً عاشقة ،وقال ٌ :ا طالب الدنٌا د الدنٌا تطلبك ،وٌا
() 1
طالب اآلخرر ،أو لم ٌكؾ بربك أنه على كل شًء قدٌر؟ قال أبو سعٌد الخراز :
فهممت أن أسؤل هللا شٌبا ًا فهتؾ بً هاتؾ :بعد هللا تسؤل ؼٌر هللا. ُس كنت بالموقؾ،
وكتب رجل إلى أ له :أما بعد فاضرب بالدنٌا وج َسه عشاقها ،وباآلخرر وجه
طالبها ،واستؤنأ برب العالمٌن ،والسالم .قال أبو عبد هللا النسّساج ( :)2تستكثر
الجنة للمإمن ،فإنه قد وافى هلل تعالى بما هو أكثر قدراًا من الجنة وهو المعرفة.
وصلى رج ٌحل من العارفٌن على جنازر فكبَّور خمساًا ،فقٌل له فً ذلك فقال :
كبرت أربعا ًا على المٌت ،وواحدر على الدارٌن .وحكً أنه قرئ بٌن ٌدي أبً ٌزٌد
(من م من يريد الدنيا ومن م من يريد اآلخرا)( )3قال :فؤٌن من ٌرٌد المولى؟
() 1
ؤد ٧لِ٬ؿ ؤػ٠ؿ د٬ُ ١ل ٩جٝؾفجق ( ز ٥ 277ـ).
() 2
٠ػ٠ؿ ؾ٬ف ج٢ٝلحض (٠ػ٠ؿ د ١ال٠حُ٬ل) س ٫ٖ٧ل٢ر ٥ 322ـ.
() 3
ل٧فذ آل ُ٠فج.152 :١
91
وقال أمٌر المإمنٌن علً بن أبً طالب ابً بكر الصدٌق رضً هللا عنهما :
ٌا خلًفة رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم ،بماذا بلؽت هذه المنزلة حتى سبقتنا؟ فقال :
بخمسة أشٌاء ،أولها :وجدت الناأ صنفٌن ،طالب دنٌا ،وطالب عقبى ،فكنت أنا
:ما طالب المولى ،والثانً :منذ دخلت اإلسالم ما شبعت من طعام الدنٌا ،والثال
روٌت من شراب الدنٌا ،والرابع :إذا استقبلنً عمالن ،عمل للدنٌا ،واآلخر للعقبى،
اخترت عمل اآلخرر على عمل الدنٌا ،والخامأ :صحبت النبً علٌه الصالر
فؤحسنت صحبته ،فقال له علًّس :هنٌبا ًا لك ٌا أبا بكر.
ُس والسالم،
92
الحديث ال امن عألر
[ أدبنل ربل ]
أخبرنا ابن العم الولً الصالح السٌد سٌؾ الدٌن عثمان ،قال :حدثنً أبوك
السٌد علً بن ٌحٌى الرفاعً صاحب المشهد المنوّس ر ببؽداد ،قال :حدثنً ابن عمً
السٌد حسن بن عسلة ،قال :حدثنً النقٌب الجلٌل السٌد ٌحٌى بن ثابت ،قال :حدثنً
أبً السٌد ثابت ،عن أبٌه السٌد علً الحازم أبً الفوارأ عن أبٌه السٌد أحمد ابن
علً أبً الفضابل ،عن أبٌه السٌد رفاعة الحسن المكً نزٌل إشبٌلٌة ،عن أبٌه السٌد
أبً القاسم محمد البؽدادي نزٌل مكة ،عن أبٌه السٌد الحسن القاسم أبً موسى
الربٌأ ،عن أبٌه السٌد الحسٌن عبدالرحمن الرضً المحد القطٌعً ،عن أبٌه
السٌد أحمد ااكبر ،عن أبٌه السٌد موسى ،عن أبٌه اامٌر الكبً ر السٌد إبراهٌم
المرتضى ،عن أخٌه اإلمام ااعظم قبلة أهل الباطن علً الرضا صاحب طوأ،
عن أبٌه اإلمام الشهٌد موسى الكاظم ،عن أبٌه اإلمام السعٌد جعفر الصادق ،عن أبٌه
اإلمام محمد الباقر ،عن أبٌه اإلمام زٌن العابدٌن علً السَّوجّساد ،عن أبٌه اإلمام
المظلوم الشهٌد السعٌد الحسٌن صاحب كربالء ،عن أبٌه أمٌر المإمنٌن ٌعسوب
نحل الموحدٌن اإلمام علً كرم هللا وجهه ،عن ابن عمه سٌد المخلوقٌن وحبٌب رب
العالمٌن نبٌنا ورسولنا محمد صلى هللا علٌه وسلم أنه قال " :أدبنً ربً فؤحسن
"( )1هذا الحدٌ الشرٌؾ مُسلزم تؤدٌبً
() 1
يِ .ٕ٬ف٧ج ٣جٝنٜ٧ح ٫ٖ ٫٢ج٧ٗٝجثؿ ج٠ٝظُ٧٠ر ( جٝل٢ر ج٠ٝػ٠ؿ٬ر ) ٧ 327جٗٝس ٫٢ج٢٦ٝؿ ٫ٖ ٪سـٜفذ
ج٧٠ٝيُ٧حز ٙ٧ 87حل :ك٢ؿ ٣يِ٧ ،ٕ٬ؤؾفظ ٤جد ١جٝلِ٠ح ٫ٖ ٫٢ؤؿخ جٱ٠ٴء ُ ١جد٠ ١لِ٧ؿ في ٫جهلل ُ٤٢
(دل٢ؿ ٢ٜ ) ًَٚ٢٠ق ٙ٧ )31895حل ٠ػ ٘ٚج٢ٜٝق ٙ :حل ج٢٠ٝح ٫ٖ ٪٧ج٬ٗٝى :224/1ال٢حؿ ٣يِ٧ . ٕ٬ؤؾفظ٤
جدُ ١لحٜف د" :ٌٗٞؤؿد ٫٢فد٢٧ ٫نإزُ ٖ ٫د ٫٢لِؿ" [٢ٜق ج٠ِٝحل .] 32024
93
بالتحقٌق بآدابه صل هللا علٌه وسلم ،فإن َسمن ز َّول عنها هو و َسمن فارقها ض َّول
وؼو ،وبها تعرج ِسه َسم ُسم المقربٌن ،و ُستز ِسه ُسر أسرا ُسر العارفٌن ،و وجه ٌلتحق به
العارؾ بربه إ طرٌق اادب المحمدي و ُسسلَّو ُسم كل هذا :الذك ُسر المتواصل.
َّو
وعظم أي بنً ،اذكر هللا تعالى ،واعلم أن هللا تعالى أعلى درج ر الذكر،
والجنان ،فٌنبؽً َس رُستبته ،ورفع شؤنه ،وشرَّو فه وفضَّوله ،ثم قسَّومه على اللسان وااركان
أن ٌكون الذاك ُسر على حذر أن ٌلتفت إلى الذكر ،وٌكون شرٌؾ الهمة واإلرادر،
لطٌؾ الفطنة فً اإلشارر ،صحٌح النٌة واإلرادرٌ ،رٌد بذكره ؼٌره ،و ٌلتمأ
منه فراؼه نه إلى ما دونه ،ان الوصول إلى الكل تحت الرضا به عن ؼٌره،
والحرمان من الكل تحت ا شتؽال بؽٌره ،وٌجب على الذاكر أن ٌذكره على ؼاٌة
من التعظٌم والحُسرمة ،على العادر والؽفلة ،فٌصٌر بذلك محجوبا ًا عن المذكور،
عقوبة لترك التعظٌم والحُسرمة ،ان حفظ الحرمة فً الذكر ،خٌر من الذكر ،وما من
عبد ذكره على التحقٌق ،إ نسً فً جنب ذكره ما سواه ،وكان هللا له عِس وضا ًا من
كل شًء ،وربما ٌرٌد العارؾُس أن ٌذكره فٌهٌن فً سرِّذ ه أمواج
94
التعظٌم والهٌبة ،فٌك ُّدل لسانه وٌطٌر فإداه من إجالل الوحدانٌة ،ثم ٌبدو له شعا
الشوق والمحبة من حجب القلب واالفة ،فتنتهً همته إلى سرادقات االوهٌة،
ومٌادٌن الربوبٌة بإذن هللا ،فحٌنبذ ٌكشؾ له عما سُستر عن ؼٌره من عجابب ؼٌبه،
ولطابؾ صُسنعه ،وكمال قدرته ،وأنوار قدسه ،عند إل يعرل العبد أن هللا تعالى
،بٌده ال َسم نُّد والعطاء يفعل ما يألاء بمن يألاء لمن يألاء متى يألاء يل ألاء
واإلرادر ،را َّود لفضله ،و مُسع ِّذقب لحكمه ،فٌشتؽل به ،وٌصٌر فانٌا ًا تحت بقابه،
َ :سمن وهذا معنى ما رُسوي فً بعر ااخبار ،أن هللا تعالى قال فً بعر الكتب
() 1
ُس
حركت قلبه لمحبتً ،إذا تكلم لً ،وإذا سكت سكت لً ٌذكرنً و ٌنسانً
() 2
قال هللا تعالى ( :الإين ءامنوا وتطمئن لوبهم بإ ر هللا)
وقال ٌحٌى بن معاذ :الذكر أكبر من الجنة ،ان الذكر نصٌب هللا والجنة
نصٌب العبد ،وفً الذكر رضاء هللا ،وفً الجنة رضاء العبٌد ،وعن علً بن أبً
طالب رضً هللا عنه قال :إن هللا ٌتجلى للذاكرٌن عند الذكر وتالور القرآن ،و
ٌرونه ا نه أعز من أن ٌُسر ،وأظهر من أن ٌخفى ،فتفردوا باهلل سبحانه ،واستؤنسوا
بذكره ،وما نزلت بؤحد نازل ٍسة إ وفً كتاب هللا لها دلٌل من الهد والبٌان.
قال أبو عبد هللا النساج :إن هلل تعالى فً الدنٌا جنة ،من دخلها كان آمنا ًا
() 1
ف ٨٧جٝؿجف ٫ٖ ٫٢ًٙجٯ ٖفجؿ ٧جدُ ١لحٜف ُ ١جد٠ُ ١ف في ٫جهلل ُ٠٦٢ح فِٖٙ " : ٤حل ٧٠ل٬ : ٩ح فخ
٧ؿؿزُ ؤ ١ؤُ ١٠ ٟٞسػخ ُ ١٠دحؿٖ ٛإػدٙ . " ٤حل " :اـج فؤ٬ز ُدؿٜ٬ ٪صف ـٜفٖ ٪إ٢ح ؤـ٢ز ٫ٖ ٤ٝـ٧ ٛٝؤ٢ح
ؤػد "...٤جٝػؿ٬ش [ ٢ٜق ج٠ِٝحل ٫ٖ٧ ] 1870ػؿ٬ش ٠فلل ف٧ج ٣ؤد ١ُ ٟ٬ِ٢ ٧جٝػل ١جٝدوف٧ٚ٬ ٪ل جهلل ُقٖ
٧ظل " :اـج ٜح ١جٔٝحٝخ ُ ٩ٞجِٝدؿ جٳنسٔحل د ٫ظِٞز دٔ٬سٝ٧ ٤ـس ٫ٖ ٤ـٜفٖ ،٪بـج ظِٞز دٔ٬سٝ٧ ٤ـس٫ٖ ٤
ـٜفُ ٪نُ٧ ٫٢ٚنٚسٖ ،٤بـج ُنُ٧ ٫٢ٚنٚس ٤فِٖز جٝػظحخ ٖ٠٬ح د٧ ٫٢٬د٧ ،٤٢٬وٖ٫فزُ ـ ٛٝسٔحٝدحً ُ ،٤٬ٞٳ
٬ل ٧٦اـج ل٦ح ج٢ٝحك٢ٜ [ ..ق ج٠ِٝحل .] 1872
() 2
جٝفُؿ.28 :
95
(طوبى لهم وحسن مآب )( )1قٌل :ما هً ؟ قا ل :اانأ بذكره ،قال هللا تعالى فً
بعر كتبه :أولٌابً وأحبابً تنعموا بذكري ،واستؤنسوا بً ،فإنً نعم الرب لكم فً
الدنٌا واآلخرر.
) (
قٌل ابً بكر الواسطً هل تشتهً طعاماًا؟ قال :نعم ،قٌل :أي شًء؟ قال:
2
لقمة من ذكر هللا ،بصفاء الٌقٌن ،على مابدر المعرفة ،بؤنامل حُسأ ن الظن باهلل ،من
جفنة الرضا عن هللا سبحانه ،وروي أن هللا تعالى قال للخلٌل علٌه الصالر والسالم :
أتدري لم اتخذتك خلٌالًا؟ قال . :قال :انك ُستؽفل قلبك عنً ،وعلى كل ٍس
حال
أراك تنسانً.
لو أنك أمرتنا بذكرك ،ف َسمن كان ٌجتري أن ٌذكرك ،إجال ًا وإعظاما ًا لك
أبحانك؟ عجبا ًا للذاكرٌن ،كٌؾ تثبت قلوبهم فً أبدانهم عند ذكر عظمتك ،وروي أن
هللا تعالى قال لموسى علٌه الصالر والسالم ٌ :ا موسى إنً لم أقبل صالر و ذكراًا
إ ممن ٌتواضع لعظمتً ،وٌُسلزم قلبه خوفً ،وٌقطع عمره بذكريٌ ،ا موسى إن
َسم َسثله فً الناأ كمثل الفردوأ فً الجن انٌ ،تؽٌر طعمها ،و َسٌٌْسبأ ورقُسها،
فؤجع ُسل له عند الخوؾ أمناًا ،وعند الظلمة نوراًا ،وأجٌبه قبل أن ٌدعونً ،وأعطٌه قبل
أن ٌسؤلنً ،ورو كعب ااحبار ( )3أن هللا تعالى قال :من شؽله ذكري عن مسـؤلتً
أعطٌه أفضل مما أعطً سابلً"(.)4
() 1
جٝفُؿ .29 :
() 2
ؤد ٧دٜف ٠ػ٠ؿ د٧٠ ١ل ٩ج٧ٝجلًٜ ،٫ح٬ ١لس٧ٜ ١ً٧فذ ٠ف٠٧ ٧حز د٦ح دِؿ ٥ 320ـ.
() 3
ِٜخ د٠ ١ح َ٢جٝػ٬٠ف : ٪سحدِ ٫س ٫ٖ٧ل٢ر ٥ 32ـ ُ٠ ١ثر ٧ؤفدَ ل٧٢جز .ؤل٦ُ ٫ٖ ٟٞؿ ؤد ٫دٜف في٫
جهلل ُ.٤٢
() 4
جٝدؾحف ٫ٖ ٪ؾ ٘ٞؤِٖحل جِٝدحؿ٧ ،جد ١نح ٫ٖ ١٬٥جٝسفٓ٬خ ٖ ٫جٝـٜف٧ ،ؤد ٫ٖ ٟ٬ َ٢ ٧جِ٠ٝفٖر٧ ،جٝد٫ٖ ٫ٚ٦٬
نِخ جٱ٠٬ح ١ُ( ١جد٠ُ ١ف في ٫جهلل ُ٠٦٢ح ) ُ٧دؿ جٝفقج٘ ٖ ٫جٝظح ١ُ ( َ٠ظحدف جدُ ١دؿجهلل في ٫جهلل
ُ٠٦٢ح) ٧ف٧ج ٣جد ١ؤد ٫ن٬در ُ٠ُ ١ف ٧د ُٟ ١فٖذ ٠فلٴً [ ٢ٜق ج٠ِٝحل ( جٝفلحٝر) 434/1جٝػؿ٬صح٧ 1874 ١
.]1875
96
وقال عٌسى بن مرٌم علٌه الصالر والسالم :طوبى لمن ذكر هللا ،ولم ٌذكر
إ هللا ،وطوبى لمن ٌخشى هللا ولم ٌخش إ هللا.
وروي أن ٌعقوب علٌه الصالر والسالم لما قال ٌ :ا أسفا على ٌوسؾ ،أوحى
هللا تعالى إلٌه :إلى متى تذك ُسر ٌوسؾ ،أٌوسؾ خلقك أو رزقك ،أو أعطاك النبور،
جت عنك من ساعتك واشتؽلت بً عن ذكر ؼٌري ،لفرَّو ُس
َس فبعزتً لو كنت ذكرتنً،
فعلم ٌعقوب أنه مخطا فً ذكره ٌوسؾ ،فؤمسك لسانه عن ذكره.
وقالت رابعة البصرٌة رضً هللا عنها :ما أوحش الساعة التً أذكرك
فٌها.
وقال موسى علٌه الصالر والسالم ذات ٌوم :إلهً أقرٌبٌح أنت فؤناجٌك ،أم
بعٌد فؤنادٌك ( ، )1فقال هللا تعالى :أنا جلٌأ لمن ذكرنً ،وقرٌبٌح ممن أنأ بً،
أقربُس إلٌه من حبل الورٌد(.)2
قٌل لذي النون :متى ٌكون ذكر هللا للعبد صافٌاًا؟ قال :إذا كان به عارفاًا،
وممن دونه متبربا ًا .قال علً بن أبً طالب رضً هللا عنه :ذكر هللا طعام الرو ،
والثناء علٌه شراب الرو ،والحٌا ء منه لباأ الرو ،وما تلذذ المتلذذون بمثل
ذكره ،وما تنعم المتنعمون بمثل أنسه.
إن هللا تعالى قال فً الكتب َ " :سمن ذكرنً فً نفسه ذكرته فً نفسً ،ومن
ذكرنً فً مأل ذكرته فً مأل ،ومن ذكرنً من حٌ هو ،ذكرته من
() 1
١ُ٧ج٠ِ٢ٝح ١د ١دن٬ف في ٫جهلل ُ٠٦٢ح ٙحل ٙ :حل فل٧ل جهلل و ٩ٞجهلل ُ٧ ٤٬ٞل : ٟٞجٝؿُحء ٧ ٣جِٝدحؿذ .
ٙ٧فؤ( .جؿُ ٫٢٧ؤلسظخ ل ،ٟٜا ١جٝـ٬ ١٬لسٜدفُ ١ُ ١٧دحؿس ٫ل٬ؿؾ ١٧ٞظ ٟ٢٦ؿجؾفٓ [ ) ١٬حٖف ٖٚ ]60حل
ؤوػحد :٤ؤٙف٬خ فد٢ح ٖ٢٢حظ ،٤٬ؤ ٟدِ٬ؿ ٖ٢٢حؿ٤٬؟ ٖ٢قٝز ٧( :اـج لإُ ٛٝدحؿٖ ٫٢ُ ٪بٙ ٫٢ف٬خ ؤظ٬خ ؿُ٧ذ جٝؿجٍ
اـج ؿُح [ )١جٝدٚفذ [ ] 176 :ظح َ٠جٯو٧ل (ؿجف جٜٗٝف) ( 24/2جٝسٗل٬ف – سٗل٬ف ل٧فذ جٝدٚفذ) .] 24/2
() 2
ػدل ج٧ٝف٬ؿُ :ف٘ ٖ ٫ج٬ ،٘٢ِٝيفخ د ٤ج٠ٝصل ٖ ٫جٚٝفخ .
97
() 1
حٌ أنا"
وقال :إن الخالبق صاحوا من إبلٌأ ،وإن إ بلٌأ صا من الذاكرٌن ،وتال
طائل من الأليط ان تإ روا فإا هم مبصرون )( .)2قال ٌم ( ن الإين اتلوا إا مسهم
ابن عباأ رضً هللا عنهما :ما من مإمن إ وعلى قلبه شٌطان ،إذا ذكر هللا
خنأ( ،)3وإذا نسً هللا وسوأ ،ذِسك ُسر هللا شفا ٌحء ٌضر معه داء ،وذكر الناأ داء
ٌنفع مع دواء ،فاجعل ذكر هللا قِسبلة همك ( ،)4وإضاءر مسجد فكرتك ،واعلم أن حقٌقة
ا ستبناأ بذكر الحبٌب هو نسٌان ؼٌره.
من شؽله ذكر هللا تعالى َسفن َسِسً عن ذكر ما سواه ،وصار مدهوشا ًا تحت لطابؾ
صنعه ،وتالشت ُسكلٌته تحت جمال حسن ؼاٌته ،واستؽرق فً بحار ذكر امتنانه:
العصر أعيا ُتد ِر وللمري ِرد جمي ُتف للنا عيدان معدودان ل سن ٍة
() 5
الرب ّنأوا ُتد
ِّب س
والللب ل مل و ِرُت الإ ُتر عاد ُتت ُته ،والحم ُتد راح ُتت ُته
() 1
جًٝدفج ٫ٖ ٫٢جٜٝد٬ف ُ ١ؤدُ ٫دحك ِ٠ ١ُ٧حـ د ١ؤ٢ك في٧ج ١جهلل ُ٢ٜ [ ٟ٦٬ٞق ج٠ِٝحل 1867 ٧ 1866
] ٧جد ١ؤد ٫ن٫در ُ ١ؤد٥ ٫ف٬فذ في ٫جهلل ُ٢ٜ [ ٤٢ق ٙ ٤٬ٖ ٤ٌٗٝ٧ ] 1868حل جهلل سِح٬ ١٠ : ٩ٝـٜفٗ٢ ٫ٖ ٫٢ل٤
ـٜفسٗ٢ ٫ٖ ٤ل ١٠٧ ،٫ـٜف ١٠ ٰ٠ ٫ٖ ٫٢ج٢ٝحك ـٜفس ٰ٠ ٫ٖ ٤ؤٜصف ٧ ٟ٦٢٠ؤً٬خ.
() 2
جٯُفجٕ .201
() 3
ؾ٢ك :سفجظَ ٧ـ٥خ.
() 4
:ٛ ٟٓ٥ج٥س٠ح.ٛ٠
() 5
ؤٓ٧جؿ ١٠٧ ،ٕ٧ًِ٠ :آؿ ٬ئ٧ؿ اـج ج٢ص.ًُٕ٧ ٩٢
98
الحديث التاسف عألر
[ حسب أن تصوم من ل ألهر ال ة أيام]
أخبرنا الفقٌه الصالح بندار بن بختٌار الواسطً ،قال :أنبؤنا أبو جعفر محمد
بن أحمد المهدي الهاشمً ،قال أنبؤنا أبو عثمان إسماعٌل بن محمد ،قال :أنبؤنا أبو
بكر محمد بن عبدهللا الضبً ،قال أنبؤنا سلٌمان بن أحمد ،قال :أنبؤنا إدرٌأ بن
جعفر العطار ،قال :أنبؤنا ٌزٌد بن هارون بن محمد ،عن عمرو بن علقمة ،عن أبً
سلمة ابن عبدالرحمن ،عن عبدهللا بن عمرو ،قال :دخل علًَّو رسول هللا صلى هللا
علٌه وسلم بٌتً فقال ٌ " :ا عبدهللا بن عمرو ،ألم أخبر أنك تكلّسؾ قٌام اللٌل وصٌام
النهار؟ قلت :إنً أفعل ،قال " :إن حسبك أن تصوم من كل شهر ثالثة أٌام ،الحسنة
بعشر أمثالها ،فكؤنك صمت الدهر كله"(.)1
ففً هذا الحدٌ الشرٌؾ أسرار ،منها البشارر بتواصل نور ااعمال ،وبنور
ااعمال من دون انقطا ،وإن تباعدت ااوقات ،ومنها مضاعفة ثواب العمل لهذه
اامة ،الحسنة بعشر أمثالها ،لتنشط قلوبهم لعمل الخٌر ،ومنها اامر بعدم التكلؾ،
القلوب الؽفل ُسة،
َس الذي ٌُسفضً بالعبد إلى السؤم والملل ،ومنها لزوم التذكر ،حتى تط ّسم
ومنها اإلٌمان القطعً بوعد هللا وحسن كرمه ،وكل هذه الخصال خصال العارفٌن،
الذٌن انقطعوا عن كل الهموم الدنٌوٌة وااخروٌة ،وصار همهم ربهم ومن كان همه
ربه فال هم له.
() 1
وػ٬غ .ف٧ج ٣ؤػ٠ؿ ٖ٠ ٫ل٢ؿ٠( ٣ل٢ؿ ُدؿ جهلل د٠ُ ١ف ٧د ١جِٝحه في ٫جهلل ُ٠٦٢ح ُ ١ج٢ٝد ٫و ٩ٞجهلل
ُ٧ ٤٬ٞل ) ٟٞدف٧ ،6878 ٟٙقجؿ ُدحفذ ٧ " :ٳ ؤ٧ٙل جِٖل " ٖف٧ج٬س " :٤ا ١ػلد٧ -ٛٳ ؤ٧ٙل ؤِٖل – ؤ ١سوٟ٧
ٜ ١٠ل ن٦ف ..جٝػؿ٬ش ٫ٖ ٧٥٧ .جٝدؾحف ٪جٝو ،ٟ٧دحخ و ٟ٧جٝؿ٥ف ،ف٠٧ ،1875 ٟٙل :ٟٞجٝو٬ح ،ٟدحخ ج٫٦٢ٝ
ُ ١و ٟ٧جٝؿ٥ف .1159
99
قال ٌحٌى بن معاذ فً مناجاته :إلهً إن عرفتك فؤنت الذي قد هدٌتنً ،وإن ط لب ُست َسك
فؤنت الذي أردتنً ،وإن أجبتك فؤنت الذي اخترتنً ،وإن أطعتك فؤنت الذي وفقتنً،
وإن أنبت إلٌك فؤنت الذي آوٌتنً ،وإن هللا تعالى َسٌ ِسك ُسل العارفٌن إلى أنفسهم ،و
إلى طاعاتهم ،و إلى ذكرهم ،بفضله ورحمته ،بل ٌكلإهم بؤكالٌل شفقته ،وٌمطر
علٌهم أمطار رحمته ،من سحابب فضله وعناٌته.
ورُسوي أن موسى علٌه الصالر والسالم قال ٌ :ا رب كٌؾ لً أن أإدي شكر
عرفت أنك عاجز َس نعمك ،ولك علًّس فً كل شعرر نعمتان؟ فقال له ٌ :ا موسى ،إذا
عن شكري فقد شكرتنً ،وقٌل :إن هللا تعالى أوحى إلى داود علٌه الصالر والسالم :
اشكر نعمتً علٌك .فقال :إلهً كٌؾ لً أن أشكرك وشكري لك على النعم أعظم
نعمة علً؟ فؤوحى هللا تعالى إلٌه :إذا علمت ذلك فؤنت أشكر العباد لً.
وقال محمد بن السمّساك ( )1اذ ُسكر َسمن كان ذكره لك قبل ذكرك ،وحبه قبل
حبك ،وما ذكرته إ بذكره لك ،وما أحببته إ بحبه لك .وقال أبو بكر الواسطً :
من نسى ذكر هللا تعالى كان مستدرجا ًا.
واعلم أن أدنى أوصاؾ العارؾ ،عٌش القلب مع هللا بال عالقة ،وذلك من
() 2
ذكر هللا إٌاه ،وذلك بٌِّذنٌح فً قول هللا تعالى (ولإ ر هللا أ بر)
() 3
وقٌل فً قوله تعالى ( :و ليل ٌم من عباد الأل ور ) ،أي قلٌل من ٌر
ِسم َّونتً علٌه عند شكره لً.
ورُسوي أن موسى علٌه الصالر والسالم قال :إلهً كٌؾ استطا آدم أن ٌشكر
نعمتك ،إذ خلقته بٌدٌك ،ونفخت فٌه من روحك ،وأسكنته جنتك ،وأمرت
() 1
(جًٝدٚحز جٜٝدفٞٝ ٪نِفج٫٢ جد ٧جِٝدحك ٠ػ٠ؿ د ١جٝل٠ح٠ ،ٛحز دحٖ٧ٜٝر ل٢ر صٴش ٧ص٠ح٠٧ ١٬٢حثر
(جٜٗٝف) .] 61/1
() 2
ل٧فذ جٜ٢ِٝد٧ز.45 :
() 3
ل٧فذ لدإ.13 :
100
المالبكة فسجدوا له؟ فقال هللاٌ :ا موسى ،علم آدم ذلك منً فحمدنً علٌه.
فمن أطاعه فبتوفٌقه أطاعه فله المنة ،ومن عصاه فبمقدور ه عصاه ،فله
الحجة علٌه ،فقد سبق فضله لمن أطاعه قبل طاعته ،وقد سبق عدله لمن عصاه قبل
معصٌته إٌاه ،انه الفعّسال لما ٌرٌد.
وروي أن إبراهٌم علٌه الصالر والسالم قال :إلهً لو أنت كٌؾ كنت
أعرؾ َسمن أنت؟ وقٌل ابً عبدهللا :ما لنا نحب المد والثناء؟ فقال :لنسٌان امتنان
هللا علٌكم ،وحسن عناٌته التً سبقت منه لكم ،فمن نسً المنة ،وجحد النعمة ،قُسلبت
له النعمة نقمة.
ٌا بنًّس ،إن هللا تعالى أعطاك المعرفة ،وو ّسفقك لطاعته من ؼٌر إحسان سبق
منك ،ومن ؼٌر شفاعة كانت اجلك ،فٌنبؽً أن تشتؽل بذكره وخدمته ،من ؼٌر
طلب عِس َسور ومكافؤر منه ،فؤهل الذكر أصناؾ مختلفة ،فمنهم َسمن ٌذكر على جهة
ِسم ّسنة اإلسالم ،ومنهم على جهة السُسنة والجماعة ،ومنهم َسمن ٌذكره على جهة منة
ذكره ،حتى ٌصٌر قلبه والها ًا ( ،)1ولسانه كلٌالًا ،وعقله هابما ًا وٌصٌر فً عظمته
مبهوتاًا ،وٌتٌه فً كرمه ،وٌُسد َسهش فً محبته ،لما علم أن اا عمال تقوم إ به،
والذكر على جهتٌن ،ذكر ٌتولد منه الخوؾ والخشٌة ،وذكر ٌتولد منه الشوق
والمحبة ،فؤما ما ٌُسنتن الخوؾ والخشٌة ،فهو ذكر َسمن ٌذكر هللا مع نفسه ،وٌر ذكر
هللا له سبب ذكر هللا تعالى ،وٌعلم أنه بذكر هللا ٌصل إلى ذكره إٌاه ،وأما ااخر فهو
الذكر الذي تذ ّسكر ذكر هللا له فً اازل ،حٌ لم ٌكن موجوداًا ،إلى أن ٌصٌر فً
الدنٌا مفقوداًا ،ثم إلى اابد ،فوجد ذكر هللا له سابقا ًا أزلٌاًا ،خالداًا أبدٌاًا ،وذكره مكدراًا
بالشهوات ،ممزوجا ًا بالؽفالت ،فشتان بٌن من ٌدخل على هللا برإٌة ذكره ،وبٌن من
ٌدخل على هللا برإٌة فضله ومنته ،واعلم أن ذكر العبد هلل تعالى ،فً إضافة ذكر هللا
للعبد ،كالؽبار تحت اامطار.
() 1
( ٤ٝ٧دٗسغ جٝٴ )ٟػحف ١٠نؿذ ج٧ٝظؿ.
101
وإ ُتر َم لل من بل إ ر َم أ ب ُتر بإ ِرر َم تحيا ُتمهجتل يا مإ ِّبملل
() 2
ؤ َّو أيادي َم الجزيلة أأل ُت ُتر؟ ول ( )1و أ و ُتم بأل ِرر ِر مننسَم َم
بط ٍ
الحديث العألرون
() 1
ً٧ل (دٗسغ جًٝحء) ٖيل.
() 2
ؤ٬حؿ.ٛ٠ِ٢ :ٛ٬
102
س َمننُت الرواتب]
[ ال ُّل
أخبرنا الشٌخ الحجة الثقة العارؾ أبو بكر بن ٌحٌى النجاري اانصاري
الواسطً ،قال أنبؤنا أبو القسم طلحة الكتانً ،قال :أنبؤنا أبو الحسٌن أحمد بن عثمان
اآلدمً ،قال :حدثنا أحمد بن ماهان السمسار ،قال أنبؤنا عبد الرحمن بن مهدي ،عن
شعبة ،عن النعمان بن سالم ،قال :سمعت عمر بن أوأ ٌحد عتبة بن أبً سفٌان،
عن أم حبٌبة رضً هللا عنها ،قالت :قال رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم َ " :سمن
صلى اثنتً عشرر ركعة تطوعا ًا كل ٌوم ؼٌر الفرٌضة بنى هللا له بٌتا ًا فً الجنة"(.)1
هذا الحدٌ الشرٌؾ ٌح على مالزمة النوافل ،فإنها من المقربات إلى هللا
تعالى ،وهً زاد العارفٌن فً طرٌقهم إلٌه سبحانه ،وشؤن المتجردٌن لجنابه جلَّوت
قدرته.
() 1
وػ٬غ .ف٧ج ٣ؤػ٠ؿ ٖ ٫ج٠ٝل٢ؿ ٠( 10410ل٢ؿ ؤد٥ ٫ف٬فذ في ٫جهلل ُ٠( 26654 ٧ 26653 ٧ ) ٤٢ل٢ؿ ؤٟ
ػد٬در في ٫جهلل ُ٦٢ح ) ٠٧ل :ٟٞوٴذ ج٠ٝلحٖف ،١٬دحخ ٖيل جٝل ١٢جٝفجسدر ٧ 728ج٢ٝلحث٬ٙ :٫ح ٟج٬ٞٝل ،دحخ
ص٧جخ ١٠و ٫ٖ ٩ٞج٧ ٟ٧٬ٝجٞ٬ٞٝر ش٢سُ ٫نفذ فِٜر ل ٨٧جٜ٠ٝس٧در ٧ 261 ٧ 264/3ؤد ٧ؿج٧ؿ :جٝوٴذ ،دحخ
سٗف َ٬ؤد٧جخ جٝسً٧ 1250 ٍ٧جٝسف٠ـ :٪جٝوٴذ دحخ ٠ح ظحء ٖ ١٠٬وٞ٬ٝ٧ ٟ٧٬ ٫ٖ ٩ٞر جص٢سُ ٫نفذ فِٜر ١٠
جٝل٢ر ،فٙ٧ ، 415 ٧ 414 ٟٙحل ٖ ٫جٝػؿ٬ش جٯؾ٬ف :ػل ١وػ٬غ ٧ .جد٠ ١حظ ٫ٖ ٤اٙح٠ر جٝوٴذ ،دحخ ٠ح ظحء
ٖ ٫ص٢سُ ٫نفذ فِٜر ١٠جٝل٢ر ٧ 1142 -1140ج٬٦ٝص٧٠ ٫ٖ ٫٠جفؿ ج٠ٌٝأ( ١جٝفلحٝر ) ٧ 614جٝػح٫ٖ ٟٜ
ج٠ٝلسؿف :ٛوٴذ جٝسً٧ .311/1 ٍ٧ؤ ٟػد٬در ٫٥جٝل٬ؿذ فٞ٠ر د٢ز ؤد ٫لٗ٬ح ١في ٫جهلل ُ٠٦٢ح ،ؤ ٟج٠ٝئ،١٬٢٠
٧ظُلَّ ف٧ج٬حز ٥ـج جٝػؿ٬ش ُ٦٢ح٧ ،دِي٦ح ُ ١ؤ ٟج٠ٝئُ ١٬٢٠حثنر في ٫جهلل ُ٦٢ح ؤ ١ُ ٧ؤد٥ ٫ف٬فذ ؤ ٧جد١
ُ٠ف ؤ ٧ؤد٧٠ ٫ل ٩في٧ج ١جهلل ُ.ٟ٦٬ٞ
103
أي بنً ،اعلم أن َسمن تجرد بسِس رِّذ ِسه عن ال ُسكل ،وتفرَّو د بسر السر ال َسفرد ،كشؾ له
الؽطاء ،واستبانت له البراهٌن ،عند مشاهدر نور الحق سبحانه ،وهنالك ٌسقٌه هللا
صب ،وٌصٌر سكوته بكؤأ محبته ،حتى ٌُسسكره به عن ؼٌره وٌُسزٌل عنه التعب وال َسن َس
ذكراًا ،وأنفاسه تسبٌحاًا ،وكالمه تقدٌساًا ،ونومه صالر ،و ٌزال العبد ٌركب بسره
مركب المعرفة ،حتى ٌتصل بالمعروؾ ،فإذا اتصل بالمعروؾ ،بقً معه إلى اابد،
من ؼٌر أن ٌلتفت منه إلى ما سواه ،واعلم أن َسم َسث َسل القلب كالقصر ،والمعرفة فٌه
كالسلطان ،والعق ُسل أمٌ ٌحر على ااركان ،له تب ٌحع وأعوان ،واللسان كالترجمان ،والسر
من خزابن الرحمن ،و بد لكل واحد منها من ا ستقامة فً مواضعه ،ودوران كلها
على استقامة السر مع الحق ،فإذا استقام السر استقامت المعرفة ،فٌستقٌم العقل ،وإذا
استقام العقل ،استقام القلب ،وإذا استقام القلب ،استقامت النفأ ،وإذا استقامت
النفأ ،استقامت ااحوال ،فالسر ُسم َسنوَّو ٌحر بنور الجمال والجالل ،والعقل منوَّو ر بنور
لنفأ منورر بنور الٌقظة وا عتبار ،والقلب منوَّو ر بنور الخشٌة واافكار ،وا
الرٌاضة وا نزجار ،فالسر بحر من بحور العطاٌا ،وأمواج الهمة فٌه ٌُسحصى
عددها ،و ٌنقطع مددها ،وإن استقامة السر مع الحق ،هً الدوام على بساط
المشاهدر ،مع فقد رإٌة ا ستقامة ،واعلم أن صراط ا ستقامة السُّدرادق ،من صراط
اآلخرر ،والمرو ُسر على جأرها أصعب من المرور على جسر اآلخرر ،وأن عالم
ااسرار ؼٌورٌ ،حب أن ٌكون فً قلب العبد حب أو ذِسكر لؽٌره ،قال هللا تعالى
فً بعر كتبه " :إذا كان الؽالب على عبدي ا شتؽال بً ،جعلت لذته وهمته فً
() 2
محبتً ،ورفعت الحجاب فٌما بٌنً وبٌنه "( )1ودخل رج ٌحل على سري السقطً
رضً هللا عنه فقال له :أي شًء أقرب إلى هللا ،لٌتقرب به العبد إلى هللا؟
() 1
ؤؾفظ ٤ؤد ٫ٖ ٟ٬ِ٢ ٧جٝغل٬ر ٠فلٴً ُ ١جٝػل ١جٝدوف٢ٜ( ٪ق .)1872
() 2
لف ٪د ١جٞٔ٠ٝك جٝل ٫ًٚجٝدٔؿجؿ ،٪ؾحل جٝظ٬٢ؿ س ٫ٖ٧ل٢ر ٥ 253ـ.
104
فبكى السري ،فقال :أمثلك ٌسؤل عن هذا؟ إن أفضل ما ٌتقرب به العبد إلى هللا
سبحانه ،أن ٌطلع هللا على قلبك وأنت ترٌد من الدارٌن ؼٌره.
وقال إبراهٌم بن أدهم :ؼاٌة همتً ومرادي من هللا تعالى ،أن ٌجعل لً المٌل
إلٌه ،فال أر شٌبا ًا دونه ،و أشتؽل بؤحد سواه ،ثم أبالً إلى التراب صٌَّورنً ،أم
إلى العدم رجعنً .وقٌل إلبراهٌم علٌه الصالر والسالم :بؤي شًء وجدت ال ُسخلة؟
أكلت قط إ مع ُس فقال :بانقطاعً إلى ربً ،واختٌاري إٌاه على ما سواه ،وبؤنً ما
الرٌؾ.
وقالت رابعة البصرٌة :إلهً همتً ومرادي فً الدنٌا من الدنٌا ذكرك ،وفً
ُس
رفعت َس
شبت .وقال أبو ٌزٌد البسطامً: اآلخرر من اآلخرر رإٌتك ،ثم افعل بٌنهما ما
السر إلى مواصلة الحق ،فطار بؤجنحة المعرفة ،بنور الفطنة ،فً هواء الوحدانٌة،
ُسك ،بد لك منً ،فلم ٌلتفت السر إلٌها، فاستقبلت ُسه النفأ وقالت :أٌن تذهب ،أنا نفس َس
لق ،وقالوا أٌن تذهب؛ نحن رفقاإك وندماإك ،و بد لك منا ومن ثم استقبل ُسه َس
الخ ُس
معاونتنا إٌاك ،فلم ٌلتفت إلٌهم ،ثم استقبلته الجنة بكل ما فٌها ،وقالت :أٌن تذهب؟
فإنً لك ،و بد لك منً؟ فلم ٌلتفت إلٌها ،ثم استقبلته العطاٌا والمواهب والكرامات
كذلك ،حتى جاوز المملكة ،وبلػ سُسرادقات الفردانٌة ،وجاوز الكلٌة واانانٌة حتى
وصل إلى الحق ،وهو المطلوب .وروي أن موسى علٌه الصالر والسالم قال فً
عجبت ممن ٌجدك ثم ٌرجع عنك .فقال هللا تعالىٌ :ا موسى، ُس بعر مناجاتهٌ :ا رب
إن َسمن وجدنً ٌرجع عنً ،وما رجع من رجع إ عن الطرٌق.
وقال أبو العباأ بن عطاء ( )1متى ظهرت على عب ٍسد اآلخرر ،فنِس َسٌت فً جنبها
الدنٌا ،وبقً العبد مع دار البقاء ،ومتى ظهرت على العبد مشاهدرُس الحق تعالى ،فنً
() 1
ؤػ٠ؿ د٠ ١ػ٠ؿ د ١ل٦ل جٯؿ ،٫٠ؤد ٧جِٝدحك ،س ٫ٖ٧ل٢ر ٥ 309ـ ؤ.311 ٧
105
عنده ما دون الحق ،وبقً العبد مع الحق.
ُس
وقال رجل ابً ٌزٌد :بلؽنً أن عندك اسم هللا ااعظم ،أحِسب أن تعلمنً
ذلك ،فقال أبو ٌزٌد :لٌأ سم هللا ح ٌّيد محدود ،ولكنه فرا ُسغ قلبك لوحدانٌته ،وترك
اسم شبت تسٌر به من المشرق إلى كنت كذلك ،فخذ أي ٍس ا لتفات منه إلى ؼٌره ،فإذا َس
المؽرب فً ساع ٍسة ثم تجًء.
إذا بشاب ٌقول :إلهً قد اجتمع وف ُسدك ،وأنت أعلم، كنت حاجا ًا ؾ قال ذو النونُ :س
فسمعت صوتا ًا ٌقول :وفدي كثٌر ،وطالّسبً قلٌل وسبل بعضهم : ُس أنت صان ٌحع بهم؟فما َس
الخلق ،وقدما ًاكم بٌن الحق والعبد؟ قال :أربعة أقدامٌ ،رفع قدما ًا من الدنٌا ،وقدما ًا من َس
من النفأ ،وقدما ًا من اآلخرر ،فإذا هو .ثم قال السريَ :سمن قام على طاعة هللا بؽٌر
ربة من عٌن محبته ،وبلِّذؽ ُسه إلى مقعد صدق. عالقة ،سقاه هللا َسش ًا
قال علً رضً هللا عنه :العارؾ إذا خرج من الدنٌا لم ٌجده السابق و
.قٌل :وأٌن الشهٌد فً القٌامة ،و رضوان فً الجنة ،و مالك النار فً النار
ٌوجد؟ قال :فً مقعد صدق عند ملٌك مقتدر ،إذا قام من قبره ٌقول :أٌن أهلً
وولدي ،و أٌن جبرٌل ومٌكابٌل والجنة والثواب ،ولكن ٌقول أٌن حبٌبً وأنٌسً.
تر ما و يرا ُت الناظرونا لوب العار ين لها عيونٌم
ٌم
رام ال اتبيناتدوُّل عن ال ِر وألسنة بسِر ٍّر د تناجل
تؤو عِر ندَم رب العالمينا ٌم
وأجنحة تطي ُتر بتير ري ٍ
المرسلينا
َم وتألرب من بحار
ُت ترعى ل ريار اللُتد ِر طوراً
دنوا منه وصاروا واصلينا عبا ٌمد اصدون ليه حتى
106
الحديث الواحد والعألرون
[ صنائف المعرول]
أخبرنا الشٌخ العارؾ باهلل تعالى سٌدي عبدالملك بن الحسٌن بن مٌمون بن
الحسٌن الحربونً الواسطً قدأ هللا سره قال :أنبؤنا الشٌخ الثقة عبدالحق بن
عبدالخالق ابن أحمد ،أقول :وبهذا السند عن عبدالحق بن عبدالخالق بن أحمد،
بزٌادر لفظة" ابن ٌوسؾ" بعد أحمد ،أجازنا كتابة مو نا الخلٌفة المفترر الطاعة
لدٌن هللا فً اارر ،القابم هلل بإحٌاء السنة والفرر ،أبو العباأ الناصر
العباسً( )1الهاشمً أعز هللا به كلمة الدٌن والمسلمٌن ،وأٌد باقتداره شرٌعة سٌد
المرسلٌن ،علٌه صلوات رب العالمٌن ،وعبدالحق بن عبدالخالق بن أحمد بن ٌوسؾ
المتقدم ذكره ،قال أنبؤنا أبو الحسن محمد بن مرزوق بن عبدالرزاق قراءر ،قال :
لً ،قال :أنبؤنا عمً الحسن بن علً .قال :محمد بن أنبؤنا علً بن أحمد بن
وقرأت علً أبً نصر محمد بن سلمان ،أخبركم ذو النون بن محمد بن ُس مرزوق:
عامر فؤقر به ،قال :أنبؤنا أبو أحمد الحسن بن عبدهللا بن سعٌد ،قال :حدثنا محمد بن
هارون ،قال :أنبؤنا محمد بن العباأ الننسً ،قال :أنبؤنا عمرو بن أبً سلمة ،قال :
حدثنا صدقة ،عن ااصبػ ،عن ابن حكٌم ،عن أبٌه ،عن جده ،أن النبً صلى هللا
علٌه وسلم قال " :صنابع المعروؾ تقً مصار السوء ،وإن صدقة السر تطفا
ؼضب الرب ،وإن صلة الرحم تزٌد العمر وتنفً الفقر" (.)2
() 1
جلؾٗ٬ٞر ج٢ٝحوف ٝؿ ١٬جهلل ؤػ٠ؿ د ١ج٠ٝلسي٫ء جٝػل٥ 622-553( ١ـ) ؤظحق ٣ظ٠حُرٙ ،حل جٝـ٥دٟٝ٧ : ٫
٬ل جٝؾٴٖر ؤػؿ ؤً٧ل ٠ؿذ ٖ ،٤٢٠ب ٤٢ؤٙح٦٬ٖ ٟح لدِحً ٧ؤفدِ ١٬ل٢ر (٥ 622 – 575ـ) [ ًُح ػل : ٫٢ػ٩ٞ
جٯ٬ح ٫ٖ ٟؾٗٞحء جٱلٴ٠( ٟوف ٥ 1327ـ) ه ٠٧ 887ح دِؿ٥ح.
() 2
ػل ٟ ٫ٖ ٧٥٧ .١ض َ٠جٝق٧جثؿ (جٜٗٝف) ( 293/3جٝقٜحذ :دحخ وؿٙر جٝلف) دف= ٟٙ
107
وفً هذا الحدٌ الشرٌؾ من مكارم ااخالق ،ما ٌُسصعِّذ د همة العارؾ إلى
حضرر ربه ،فإن أُسأ ( )1المعرفة باهلل مكارم ااخالق ،وأما سوء ااخالق فهو
والعٌاذ باهلل من انحجاب السر عن هللا تعالى.
أي بنً ،اعلم أن أعظم مصابب السر حجابه عن هللا تعالى ،،فكل من حلت
ب سكران، به هذه المصٌبة ،فقد تالشت سابر مصاببه فً جنبها ،فإن المح
والسكران ٌجد حالة سكره وجع المصٌبة ،فإذا أفاق وجد االم ،ومصٌبة
المحجوب عن هللا تنجبر أبداًا ،إ بتجرٌد السر عن كل ما دون هللا تعالى ،و
وعٌد فً القرآن أصعب من قوله تعالى ( :ال بل ران على لوبهم )( )2فكم من
طاعة حجبت صاحبها عن المطا ،وكم م ن نعمة قطعت صاحبها من المنعم ،ورب
نابم رُسزق ا نتباه بعد رقدته ،ومنتبه نام بعد طول ا نتباه ،ورب فاجر رزق الو ٌة،
وبلػ منازل اابرار ،وزاهد سقط عن و ٌته ،وسلك مسالك الفجار ،وكم من عامل
قد حجبته رإٌة أعماله ،عن رإٌة امتنان ربه ،حتى عمً بصره فصار مُسبعداًا و هو
ٌحسب أنه واصل ،و مصٌبة أشد على العارؾ من الحجاب ،ولو طرفة عٌن،
وأعظم عقوبة على العبد من هللا البعد والحجاب.
وحكً أن رجالًا من ال ُسعبّساد قال :إلهً كم أعصٌك و تعاقبنً ! فؤوحى هللا
إلى نبً ذلك الزمان أن قل به :إلى كم أعاقبك وأنت تدري ،ألم أحجبك عن
= ٙ٧ 4637حل ٧٢ف جٝؿ ١٬ج٬٦ٝص : ٫٠ف٧ج ٣جًٝدفج ٫ٖ ٫٢جٜٝد٬ف ُ ١ؤد ٫ؤ٠ح٠ر٧ ،ال٢حؿ ٣ػل٧ ١جٌ٢ف ٖ ٫ج٠ٝظَ٠
344/6دفٟٙ ٧ .4639ف٧ج ٣ج٢٦ٝؿ٢ٜ ٫ٖ ٪ق ج٠ِٝحل (جٝفلحٝر) جٝقٜحذ جٝدحخ جٝصح ٫ٖ ٫٢جٝلؾحء ٧جٝوؿٙر
٧ .15973ف٧ج ٣ؤ٬يح دف 16026 ٟٙد " :ٌٗٞوؿٙر جٝلف سًٗت ٓيخ جٝفخ٧ ،وٞر جٝفػ ٟسق٬ؿ ٖ ٫ج٠ِٝف،
ِٖ٧ل جِ٠ٝف٠ ٫ٚ٬ ٕ٧وحفٍ جٝل٧ء" [ ٢ٜق .] 353/6
() 1
ؤك :ؤلحك.
() 2
ل٧فذ ج.14 : ١٬ًٗٗ٠ٝ
108
لطابؾ أُسنسً ،ألم أخرج عن قلبك حالور مناجاتً؟ وقال :أبو موسى خادم أبً ٌزٌد:
خلق كثٌر ،فلما نظر أبو ٌزٌد إلٌهم وإلى ازدحامهم نحوه، دخل الشٌخ مدٌنة فتبعه ٌح
. قال :اللهم إنً أعوذ بك أن تحجبنً عنك بهم ،وأعوذ بك أن تحجبهم عنك بً
رحمه هللا ما أكثر إنصافه ،ما أصدقه بربه ،ما أشفقه على إخوانه المسلمٌن ،أراد
لهم الخٌر وصحة النظر ،كما أراد لنفسه ،تنبه ٌا من ٌرٌد اجتما الناأ علٌه،
واعتقادهم به ،كم طٌرت طقطقة النعال حول الرجال من رأأ ،وكم أذهبت من
دٌن ،اللهم سلم ،اللهم سلم.
اعلم أن الناأ أربعة أصناؾ ،رجل جعل هللا قلبه بلٌراًا ٌنظر بنور الٌقٌن
إلى لطابؾ صنعه وكمال قدرته ،ورجل جعل هللا عقله بصٌراًا ٌنظر بنور الفطنة
إلى الوعد والوعٌد ،ورجل جعل هللا سره بصٌراًا ٌنظر فً كل ااوقات بنور
المعرفة إلى هللا تعالى ،ورجل جعله هللا مكفوفا ًا ٌبصر شٌباًا ،فهو مظهر قوله
() 1
تعالى ( :ومن ان ل هإ أعمى هو ل اآلخرا أعمى وأضل سبيالً).
واعلم أن الكفار محجوبون بظلمة الضاللة عن نور الهد ،وأهل المعصٌة
محجوبون بظلمة الؽفلة عن أنور التقو ،وأهل الطاعة محجوبون بظلمة رإٌة
الطاعة عن أنوار رإٌة التوفٌق وعناٌة المولى ،فإذا رفع هللا عنهم هذه ال ُسحجُسب،
نظروا بؤعٌن النور إلى النور ،فعند ذلك ٌُسحجبون عن ؼٌره به ،فكل من نظر إلى
حركاته وأفعاله فً طاعة هللا ،صار محجوبا ًا عن ولٌها مفلساًا ،ومن نظر إلى ولٌها
صار محجوبا ًا به عن رإٌتها ،انه إذا رأ عجزه عن تحقٌقها وإتمامها ،صار
مستؽرقا ًا فً امتنانه ،وربما ٌحجب برإٌة العباد عن وجدان حالوتها وربما ٌحجب
برإٌة وجدان الحالور عن صحة اإلدارر ،وربما ٌحجب برإٌة المنة عن المنان
سبحانه ،قال النساج :من رأ نفسه عند الطاعة لم ٌتخلل من العُسجب ،ومن رأ
الخلق لم ٌتخلل من الرٌاء ،ومن رأي
() 1
ظٛزح اإلظساء. 72 :
109
الطاعة لم ٌتخلل من الؽرور ومن رأي الثواب لم يتخلل من الحجاب ،ومن رأي
الرب تعالى فذلك فً مقعد صدق عند ملٌك مقتدر.
وقال بكر بن عبدهللا ( )1من اشتؽل بطرابؾ الحكمة ودقابقها ،صار محجوبا ًا
عن حقابقها ،وما أعرؾ معصٌة أضر بصاحبها من نسٌان الرب ،وعالقة القلب
بؽٌره .وقال :كل هم وذكر لؽٌر هللا تعالى فهو حجاب بًنك وبٌن هللا ،وفً الخٌر :
( رُسبَّو حسن ٍسة ٌعملها الرجل ٌكون له سٌبة أضر علٌه منها ،ورب سٌبة ٌعملها
الرجل ٌكون له حسنة أنفع له منها ) ،قٌل فً معناه :ان الحسنة محمودر ،والسٌبة
مذمومة ،فمادام العبد فً الحسنة مع رإٌة الحسنة فهو فً مٌدان الد ل وا فتخار،
وما دام العبد فً السٌبة مع رإٌة السٌبة فهو فً مٌدان ا نكسار وا فتقار ،وحال
العبد فً وقت ا فتقار أحسن(.)2
قال اإلمام أبو بكر الصدٌق رضً هللا عنه :اللهم إنً أعوذ بك من الشرك
الخفً ،قالت رابعة رضً هللا عنها :حجبت الدنٌا قلوب أهلها عن هللا ،فلو تركوها
ي ملكوته ،ثم رجعت بطرابؾ الفوابد.لجالت ؾ
قٌل لسٌدي منصور الربانً رضً هللا عنه :بؤي شًء ٌعرؾ العبد أنه ؼٌر
محجوب عن
() 1
دٜف دُ ١دؿ جهلل ج٠ٝقٜ " :٫٢ح ١في ٫جهلل سِح٧ٚ٬ ٤٢ُ ٩ٝل :ؤ٧ص٘ ؤُ٠ح٢ُ ٫ٝؿ ٪ػدٞٝ ٫فظل جٝوحٝغ ..
٠حز ل٢ر ص٠ح٠٧ ١حثر" [ جًٝدٚحز جٜٝدفٞٝ ٨نِفج( ٫٢ؿجف جٜٗٝف) .]35/1
() 2
ٙحل جدًُ ١حء جهلل جٝل٢ٜؿف( ٪ؤػ٠ؿ د٠ ١ػ٠ؿ ،ج٠ٝسُ ٩ٖ٧ح٥ 709 ٟـ) فد٠ح ٖسغ ٛٝدحخ جًٝحُر٠٧ ،ح
ٖسغ ٛٝدحخ جٚٝد٧ل٧ ،فد٠ح ٙي ٛ٬ُٞ ٩دحٝـ٢خٜٖ ،ح ١لددحً ٖ ٫ج٧ٝو٧لٙ ،حل ٍ دؿ ج٠ٝظ٬ؿ جٝنف٧٢د ٫٢ِ٬ :٫ؤ١
جًٝحُر فد٠ح ٙح ف٦٢ح آٖحز ٙحؿػر ٖ ٫جٱؾٴه ٖ٦٬حٜ ،حٱُظحخ د٦ح ٧جػسٚحف ٦ِٞٗ٬ ٟٝ ١٠حٖ ،ٴ ٗ٬سغ ٦ٝح دحخ
جٚٝد٧ل٧ ،فد٠ح ٙحف ١جٝـ٢خ نؿذ ج٢ٝؿ٧ ٟجلسؤحف جٗ٢ٝك ٧ػل ١جٳُسـجف ا ٩ٝجهلل ١٧ٜ٬ٖ ،لددحً ٖ ٫ج٧ٝو٧ل،
٠ٜح د ١٬ـ ٛٝج٠ٝو [ ٕ٢ؤ ٪جدًُ ١حء جهلل] دِ٠" :٤ٝ٧ٚو٬ر ؤ٧فصز ـٳ ٧جٖسٚحفجً ؾ٬ف ً ١٠حُر ؤ٧فصز ُقجً
٧جلسٜدحفج" [ نفع جٝػ ٟٜجًِٝحث٬ر ِٝدؿ ج٠ٝظ٬ؿ جٝنف٧٢د ( ٫ؿجف جدٜ ١ص٬ف – جًٝدِر جٝصحٝصر) ه .] 82
110
ربه؟ قال :إذا طلبه ولو ٌطلب منه ،وأراده ولم ٌرد منه ،وأن ٌختار على اختٌاره
شٌباًا ،وإن اختار له النار ،وكل َسمن لٌأ فً قلبه سلطان الهٌبة ،ونار المحبة ،وأُسنأ
الصحبة ،فهو محجوب .وقال :كفاك من المعرفة أن تعلم أن هللا مطلع علٌك ،وكفاك
ٌح
سابق مستؽن عنك ،وكفاك من المحبة أن تعلم أن حبه
ٍس من العبادر أن تعلم أن هللا
على حبك ،وكفاك من الذكر أن تعلم أن ذكره متقدم على ذكرك .القلوب إذا قعدت
على بساط الهٌبة ،زالت عنها الشهوات ،وإذا قعدت على بساط المعرفة ،زالت عنها
الؽفالت ،وإذا قعدت على صدق الفردانٌة بالفرد للفرد فذلك مقعد الصدق.
111
الحديث ال انل والعألرون
[ و تحاسدوا]..
أخبرنا الشٌخ الثقة العارؾ باهلل تعالى عبدالملك بن الحسٌن الحربونً قدأ
هللا روحه ،قال :أخبرنا أبو مطٌع محمد بن عبدالواحد اادٌب ،قال :أنبؤنا أبو بكر
عبدهللا بن أحمد بن العباأ الباطرقانً ،قال :أنبؤنا سلٌم بن أحمد الطبرانً ،قال :
حدثنا إسحاق بن إبراهٌم الدٌري ،قال :أنبؤنا عبد الرزاق ،قال :أنبؤنا معمر ،عن
الزهري ،عن أنأ بن مالك رضً هللا عنه ،قال :قال ر سول هللا صلى هللا علٌه
وسلم " :تحاسدوا و تباؼضوا و تجسسوا وكونوا إخوانا ًا كما أمركم هللا
تعالى"(.)1
هذا الحدٌ الشرٌؾ تضمَّون من أسرار المعرفة باهلل العجابب ،فإنه أمر
بالتخلً عن الصفة اإلبلٌسٌة ،وهً الحسد ،ثم بالتجرد من الصفة النفسانٌة ،وهً
البؽر لؽًر هللا تعالى ،ثم بالترفع عن الصفة السافلة الهوابٌة ،وهً التجسأ ،ثم
بعد أن أكمل درجات التنقٌة ،أمر برإٌة عدم ال َسفرقٌة بٌن المرء وبٌن إخوانه ،وأن
هذا من أمر هللا تعالى ،وإذا كملت للعبد هذه الخصال ،فقد أحكم شؤن المعرفة باهلل،
ومن هذا السر قول سٌدنا علً كرم هللا وجهه ورضً هللا عنهَ " :سمن عرؾ نفسه فقد
عرؾ ربه"(.)2
الخلق تجرد عن التفت منه إلى َس
َس أي بنً ،اعلم أن العبد بٌن هللا وخلقه ،إن
الحق ،وصار متروكا ًا محروما ًا مخذو ًا ،وإن التفت إلى هللا عن الخلق ،قرَّوبه هللا
() 1
وػ٬غ .ف٧ج ٣جٝدؾحف ٫ٖ ٪جٜ٢ٝحع ،دحخ :ٳ ٬ؾًخ ُ ٩ٞؾًدر ؤؾ ،٤٬ف ٫ٖ٧ 4849 ٟٙجٯؿخ ،دحخ ٠ح
٢ُ ٫٦٢٪ؿ جٝسػحلؿ ٧جٝسؿجدف ٧ 5718 ٧ 5717دحخ٬ ( :إ٦٬ح جٝـ ١٬آ٧٢٠ج جظس٢د٧ج ٜص٬فجً ١٠ج ١ٌٝا ١دِى ج١ٌٝ
ُ
اص٧ ٟٳ سظلل٧ج ) [ جٝػظفجز ] 12ف٠٧ 5719 ٟٙل :ٟٞجٝدف ٧جٝوٞر ٧ج٭ؿجخ ،دحخ :سػف ٟ٬جٝسػحلؿ ٧جٝسدحٓى
٧جٝسؿجدف ،ف.2559 ٟٙ
() 2
سٚؿ ٟسؾف٬ظ ٫ٖ ٤ص٢ح٬ح ؿفجلر جٝػؿ٬ش جٝصح. ١٠
112
وأدناه ،وأوصله إلى قُسربه ،فإن هللا تعالى إذا أحب عب داًا ؼار علٌه َسق ْسد َسر قربه منه،
وحبه له ،ولم ٌحتمل منه ا لتفات إلى شً ٍسء سواه ،فإنه إن نظر إلى شً ٍسء دونه َّو
عذ َسب ُسه
هللا بذلك الشًء ،وجعله وبا ًا علٌه ،أما تر أن إبلٌأ لعنه هللا نظر إلى نفسه ،وقال
عن آدم :أنا خٌ ٌحر منه ،فلعنه وطرده ،وكذلك نظر فرعون إلى ملكه وقال :ألٌأ لً
علم عندي ،فخسؾ ملك مصر فؽرَّو قه ،وقارون نظر إلى ماله وقال :إنما أوتٌته على ٍس
هللا به وبداره اارر ،وكذلك المالبكة ،نظروا إلى تسبٌحهم وتقدٌسهم حٌ قالوا :
ونحن نسبح بحمدك ونقدأ لك ،فابتالهم هللا تعالى بالسجدر آلدم وكذلك كل َسمن قال
أنت هللا، أنا ٌقول هللا تعا لى بل أنا ،ثم ٌر ّسده إلى أسفل السافلٌن ،وكل َسمن ٌقول َ :س
ٌرفعه إلى أعلى عِس لّسٌٌن.
فالتفات العٌن مثل ما ُس لتفات على وجهٌن ،التفات العٌن ،والتفات القلب، ُس وا
قال هللا تعالى لمحمد حبٌبه علٌه الصالر والسالم ( :و ت ُسم َّود َسن عٌنٌك إلى ما متعنا به)
كدت تركنُس َس ( )1اآلٌة ،ثم َسمنَّو علٌه لمّسا عصمه حٌ قال تعالى ( :ولو أن ثبتناك لقد
إلٌهم شٌبا ًا قلٌالًا)( ،)2ثم مدحه بترك ا لتفات إلى ما سواه ،فً قوله تعالى ( :ما زاغ
البص ُسر وما طؽى)( ،)3ثم أورثه ذلك الترك ال ُسكلّسً أن ُسرف َسِسع له الحجاب ،حتى رأ ما
ًا
نزلة أخر )(.)4 رأ فً قوله تعالى( :ولقد راءهُس
() 5
وإن موسى علٌه الصالر والسالم ( :ال ربل أرنل أنظر لي ) قال :انظر
نظرت إلى ؼٌري.َس إلى الجبل ،ولن ترانً بعد أن
كان بعر العارفٌن ٌطوؾ حول الكعبة ،فناداه واحد ،فخطر بباله أن ٌلتفت
َس
التفت إلى ؼٌرنا. إلٌه ،فسمع هاتفا ًا ٌقول :لٌأ ِسم ّسنا َسمن
وحُسكً أن آخر كان ٌطوؾ حول الكعبة ،فنظر إلى امرأر ،فظهرت ٌ ٌحد من
() 1
ل٧فذ ً.131 :٤
() 2
و٧فذ جٱلفجء.74 :
() 3
ل٧فذ ج٢ٝظ.17 :ٟ
() 4
ل٧فذ ج٢ٝظ13 :ٟ
() 5
ل٧فذ جٯُفجٕ.143 :
113
نظرت بقلبك إلى َس نظرت بعٌنك إلى دوننا ففقؤناها ولوَس الهواء وفقؤت عٌنه ،ثم نودي
ؼٌرنا لكوٌناه.
جه التوحٌد من النار، وقال ذو النون َ :سمن نظر من توحٌده إلى نفسه لم ٌُسن ِس
التفت من الصالر إلى ؼٌرها فقط سقط عن درجة المصلٌن ،و َسمن التفت من َس و َسمن
التفت العب ُسد فً َس وقته إلى وقته ذهب عنه الوقت وهو ٌشعر ،وفً الخبر " :إذا
تلتفت إلى َسمن هو خٌر لك منً؟ أقبل و ُستعرر بوجهك ُس الصالرٌ ،قول هللا :عبدي
() 1
عنً فإنً إذاًا أعررُس عنك" .
قال النبً علٌه الل ر والسالم " :أتانً جبرٌل بمفاتٌح خزابن الدنٌا ،فلم
أصبحت وقد َسم َسن َسع
ُس ألتفت إلٌها ولم أقبلها " ( )2قٌل لبعضهم :كٌؾ أصبحت؟ قال :
الكونٌن عنً ،ومنعنً أن أنظر إلٌهما.
صدٌق لً ثالثٌن سنة ٍس كنت فً طلب ُس وقال العارؾ السقطً رضً هللا عنه :
فلم أظفر
() 1
ٜ٬ف ٣جٳٝسٗحز ٖ ٫جٝوٴذ دٴ ػحظر ٠٦٠ر ٧ ..ؿ٬ٝل ٜفج٥ر جٳٝسٗحز ٬ٔٝف ػحظر دحسٗح٘ ج٠ٝـج٥خ ػؿ٬ش
ُحثنر في ٫جهلل ُ٦٢حٙ ،حٝز :لإٝز فل٧ل جهلل و ٩ٞجهلل ُ٧ ٤٬ٞل ١ُ ٟٞجٝسٗٞز ٖ ٫جٝوٴذ ٖٚحل " :جؾسٴك
٬ؾسٞل ٤جٝنً٬ح ١٠ ١جِٝدؿ" (ف٧ج ٣ؤػ٠ؿ ٧جٝدؾحف٧ ٪ج٢ٝلحث٧ ٫ؤد ٧ؿج٧ؿ [ ٬٢ل جٯً٧حف ٢ ،327/2وخ جٝفج٬ر
٧ ] 89/2ػؿ٬ش ؤد ٫ـف في ٫جهلل ُٙ ٤٢حلٙ :حل فل٧ل جهلل و ٩ٞجهلل ُ٧ ٤٬ٞل" : ٟٞٳ ٬قجل جهلل ٚ٠دٴ ُ٩ٞ
جِٝدؿ ٖ ٫وٴس٠ ،٤ح ٬ ٟٝزٗٝزٖ ،بـج وفٕ ٧ظ ٤٦ج٢وفٕ ُ( " ٤٢ف٧ج ٣ؤػ٠ؿ ٧ج٢ٝلحث٧ ٫ؤد ٧ؿج٧ؿ [ ج٠ٝوؿفج١
جٝلحدٚح [ )]١جٝؿٜس٧ف ٥٧در جٝقػ :٫ٞ٬ج ٤ٚٗٝجٱلٴ٧ ٫٠ؤؿٝس.965/2 ) 4ً( ٤
() 2
١وفز دحٝفُخ ٠ل٬فذ ن٦ف " ُ ١ؤد٥ ٫ف٬فذ
ٖ ٫جٝدؾحف :٪جٝظ٦حؿ ،دحخ ٧ٙل ج٢ٝد ٫و ٩ٞجهلل ُ٧ ٤٬ٞلُ " : ٟٞ
في ٫جهلل ُ ٤٢ؤ ١فك٧ل جهلل و ٩ٞجهلل ُ٧ ٤٬ٞلٙ ٟٞحل :دِصز دظ٧ج َ٠ج٢٧ ،ٟٜٞٝوفز دحٝفُخٖ ،د٢٬ح ؤ٢ح ٢حثٟ
ؤُ٧س٬ز دٗ٠حس٬غ ؾقجث ١جٯفى ٖ٧يِز ٖ٬ ٫ؿ٧ " ٪ف٧ج٠ ٣ل :ٟٞؤ٧جثل ٜسحخ ج٠ٝلحظؿ ٙ٧ .523حل ُدؿجهلل د١
ج٠ٝدحف :ٛؤؾدف ٫٢جٯ٧قجُُ ١ُ ٫دؿجهلل دُ ١د٬ؿ ٙحل ٙ :حل فل٧ل جهلل و ٩ٞجهلل ُ٧ ٤٬ٞل" : ٟٞؤسح ٫٢ظدفث٬ل
دٗ٠حس٬غ ؾقجث ١جٯفى ٧ٖ ،جٝـٗ٢ ٪ل ٫د٬ؿ٠ ٣ح دلًزُ ا٦٬ٝح ٬ؿٙ ،"٪حل ُدؿجهلل دُ ١د٬ؿ ُٟٞ ٧ٝ :ؤ٦٬ٖ ١ح ؾ٬فجً
ٝدلً ا٦٬ٝح ٬ؿُ [ ٣دؿ جهلل د ١ج٠ٝدحف :ٛجٝق٥ؿ (ؿجف جٜٝسخ ج٬٠ِٞٝر) ه 265ف ٟٙجٝػؿ٬ش .] 767
114
فمررت ٌوما ًا فً بعر الجبال ،فإذا هو قاب ٌحم على صخرر ،فدنوت منه وأخذت ُس به،
ذٌله ،فقال ،خل عنً ٌا سري ،فإن الحق ؼٌور ،فال ٌراك تؤنأ بؽٌره ،فتسقط من
عٌنه.
وحكً أن رابعة كانت فً طرٌق مكة فؤقبل إلٌها رجل وقال ٌ :ا هذه ُسكلّسً
كنت صادقا ًا ف ُسكلّسً ل ُسكلِّذ َسك مبذول ،إ أن لً أختا ًا أحسن منً
ب ُسكلِّذكِس مشؽول ،فقالت :إن َس
بطال، وهً وراءك ،فالتفت الرجل فلطمته رابعة على وجهه ،وقالت :إلٌك عنً ٌا ّس
وجدت عارفاًا ،فلما ُس ُس
فقلت : نظرت إلى ؼٌرنا ،رأٌتك من بعٌد، َس ادعٌت محبتنا ثمَس
تكلمت قلت :وجدت عارفاًا ،فلما جربتك وجدتك كذاباًا ،ما رأٌت معك صفاور
العارفٌن ومروءتهم ،و طرٌقة العاشقٌن وصٌانتهم ،فصا الرجل ،وجعل التراب
ُس
فؤعرضت عنه ،فجاءت اللطمة على ادعٌت محبة مخلوق ُس على رأسه ،وقال :
وجهً ،فؤخاؾ أن أدعً محبة الخالق ،فإذا أعرضت بقلبً أن تكون اللطمة على
قلبً.
ًا () 1
صبً ،فٌوما من وأما ا لتفات بالقلب ،فقد حُسكً أنه كان لفتح الموصلً
ااٌام عانقه وقبّسله فنودي من الهواء ٌ :ا فتح ادعٌت محبتنا وفً قلبك حب ؼٌرنا،
ًا
صٌحة خرَّو مؽشٌا ًا علٌه. فصا
) (
وهو ٌُسقبِّذل صبٌا ًا من أهله، 2
ونظرت رابعة البصرٌة إلى ربا القٌسً
فقالت :أتحبه؟ قال :نعم ،قالت :ما كنت حسبت أن فً قلبك موضعا ًا فارؼا ًا لمحبة
ؼٌره ،ففز القٌسً فزعا ًا شدٌداًا حتى ُسؼشً علٌه ،فؤفاق وهو ٌمسح العرق عن
وجهه .قال صلى هللا علٌه وسلم " لو كنت متخذاًا خلٌالًا تخذت أبا بكر خلٌالًا ،لكن
خلٌلً هللا(.)3
() 1
ٖسغ د ١لِ٬ؿ ج٧٠ٝوٜ : ٫ٞح ١٠ ١ؤٜحدف جٯ٬ٝ٧حء٧ ١ؤٍ جٌ ٟجٯوٗ٬حء ٜ ١٠ .فج٠حس ٤ؤٜ ٤٢ح٠٬ ١ن٩ُٞ ٫
ج٠ٝحء٠ ..حز ل٢ر [ 320ظحٜ َ٠فج٠حز جٯ٬ٝ٧حء (جٜٗٝف) .] 437/2
() 2
ؤد ٧ج٦٠ٝحظف فدحع د٠ُ ١ف ٧ج٬ٚٝل( ٫جًٝدٚحز جٜٝدفٞٝ ٨نِفج( ٫٢جٜٗٝف) .] 46/1
() 3
وػ٬غ .ف٧ج٠ ٣لٖ ٫ٖ ٟٞيحثل جٝوػحدر ،دحخ ٢٠حٙخ ؤد ٫دٜف جٝوؿ ٘٬في ٫جهلل ُ٧ 2383 ٤٢جٝسف٠ـ:٪
ج٢٠ٝحٙخ ،دحخ ٢٠حٙخ ؤد ٫دٜف في ٫جهلل ُ.3656 ٤٢
115
وحُسكً أن داود علٌه الصالر والسالم استقبله رجل فً بعر سٌاحاته ،فقال :
أٌن ترٌد؟ قال :استوحشت عن الناأ ،واستؤنست باهلل .فقال له الرجل :هذا من ِسق َسبل َسِسك
أم من قِس َسب َسل هللا؟ قال :فسقط داود مؽشٌا ًا علٌه ،ثم أفاق وقال :نبهك هللا كما نبهتنً.
وقال بعضهم :إن هللا تعالى أمر قوم موسى بقطع رإوسهم حٌن سجدوا
للعجل ،بعد أن سجدوا هلل تعالى ،فقال :رأأٌح سجد لً ثم سجد لؽٌري فال ٌصلح لً،
فكذلك القلب.
وبلؽنا أن داود علٌه الصالر والسالم قال :أوتٌت ما أوتً الناأ وما لم
وهممت بما ه َّوم به الناأ وما لم ٌهموا ،فوجدت ااشٌاء كلها هلل ،واامور ُس ٌإتوا،
كلها بٌد هللا والحاصل من الدارٌن وما فٌهما هو هلل ،فال ٌنبؽً لمن ا دعى محبته ،أن
ٌكون فً قلبه حب لؽٌره ،قالت رابعة:
() 1
رحم اليو َمم ُتم إنبا ً د أتا ا ب َمم ن لل سوا ا
حبيب الللو ِر
َم يا
أح َّوب سوا ا
الللب ن َم ُت إب يا حبيبل وصفوتل ورجائل
طال ألو ل متى ي ون للا ا؟ يا أنيسل و ُتم نيتل و ُتم راد
() 1
ًُِ٘ز ٠٥قذ ج٧ٝول ٖ " ٫جفػٝ " ٟيف٧فذ جٝنِف.
116
الحديث ال الث والعألرون
[ خير م من تعلم اللرآن وعلمه]
أخبرنا شٌخنا الشٌخ الكبٌر العارؾ باهلل تعالى القاضً المُسقري أبو الفضل
علً الواسطً رضً هللا عنه قال :أنبؤنا أبو الحسٌن عاصم بن الحسن بن المقري،
قال :حدثنا أبو عمر عبدالواحد بن محمد ،قال :أنبؤنا مهدي بن إسماعٌل بن محمد
الصفار ،قال :أنبؤنا محمد بن عبٌدهللا المناوي ،قال :أنبؤنا شبابة ٌعنً ابن سوار،
قال :أخبرنا شعبة ابن علقمة بن مزٌد ،عن سعٌد بن عبٌدر ،عن أبً عبدالرحمن
السلمً ،عن عثمان بن عفان رضً هللا عنهما ،عن النبً صلى هللا علٌه وسلم قال :
"خٌركم من تعلم القرآن وعلمه "( .)1هذا الحدٌ الشرٌؾ يفٌد أن الخٌرٌة قد صحت
ح َسكم ،وؼامر السر،لمن تعلم القرآن وعلمه ،لما فً القرآن العظٌم من بالػ ال ِس
وخطٌر الشؤن ،وهو حبل هللا ااعظم ،به ٌهتدي المهتدون ،وٌصل الواصلون ،وهو
ُسخلُس ُسق رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم ،وباب هللا تعالى ،والمعجزر الدابمة ،والنور
الذي ينحجب ،وعنه تؤخذ أروا العارفٌن أسرار المعرفة ،وما المعرفة التً لم
ترجع إلٌه ،ما هً إ زو ٌحر وضاللة ،ومتى تحقق العبد بالعلم بالقرآن العظٌم ،فقد
صار عارفاًا ،وانكشفت له ااسرار الربانٌة ،المُسلكٌة والملكوتٌة ،ومتى صار عارفا ًا
َسحنَّو وأنَّو ،وطلب زٌادر العلم باهلل من كل طرٌق ومن كل فن ،وكل الطرق والفنون
فً القرآن العظٌم ،والعارفون هم الراسخون بالعلم ٌقولون آمنا به ،وإلٌه منتهى سٌر
ِسه َسمم ِسِسهم ،وعنه ٌصدرون ،وبه
() 1
وػ٬غ ف٧ج ٣ؤػ٠ؿ ٖ ٫ج٠ٝل٢ؿ (٠ل٢ؿ ُص٠ح ١في ٫جهلل ُ ) ٤٢دف" : ٤ٌٗٝ٧ ،405 ٟٙؤٖي ١ َٟ ٟٜٞسِ".. ٟٞ
.1317 ٤٢ُ ،دفٟٙ ٧دف 412 ٟٙد" :ٌٗٞؾ٬ف٧ 500 ٧ "..ٟٜف٧ج٠ ٫ٖ ٣ل٢ؿ جٱ٠ح ٫ٝ ٍ ٟفي ٫جهلل ُ٤٢
٧جٝدؾحفٖ :٪يحثل جٚٝفآ ،١دحخ " :ؾ٬ف ١٠ ٟٜسِ ٟٞجٚٝفآ ." ٤٠ُٞ٧ ١ف٧ ،4739 ٟٙد" : ٌٗٞا ١ؤٖي ١٠ ٟٜٞسِٟٞ
جٚٝفآ( "٤٠ُٞ٧ ١ف.)4740 ٟٙ
117
ٌهٌمون ،ومنه ٌؤخذون ،ولذلك ٌقال فٌهم :ندماء الحق ،وبهذا السر ٌفرِّذ قون بٌن
الباطل والحق.
أي بنً ،اعلم أن هللا تعالى ربما َسٌ ِسزٌنُس أعداءه بلباأ أولٌابه وأصفٌابه ،حتى
إنهم ٌؽترون بصفاء ااوقات ،وٌحسبون أنهم من أهل و ٌته ،فهذا من هللا لهم
استدراج ،وربما ٌزٌنهم بالعز والجاه والرٌاسة والمنزلة عند الناأ ،حتى ٌؽتروا
بثناء الناأ ومحمدتهم ،وٌُسحسبوا من أهل فضله ،فهذا أ ٌضا ًا من هللا استدراج لهم،
وكذلك ربما ٌزٌنهم بؤنوا لطابؾ الحكمة ،فٌؽترون بحسن بالؼتهم ،وكمال فهمهم
وفطنتهم ،وٌحسبون أنهم أحاطوا بكل حقٌق ٍسة علماًا ،فهذا لهم من هللا استدراج ،وربما
ٌزٌنهم بلباأ النعمة ،وٌؽرقهم فً أنوا النعم ،فٌؽترون بحسن تجملهم ،وطٌب
عٌشهم ،وٌحسبون أنهم علً شًء من هللا فهذا لهم من هللا استدراج ،و ٌتركهم
() 1
حتى ٌردهم إلى حقٌقة معلومة ،قال سبحانه ( :سنستدرجهم من حيث و يعلمون )
فهذا ما كدر عٌش المرٌدٌن فً دار الدنٌا ،حتى دام كمدهم ،واصفرت ألوانهم،
وذابت نفوسهم ،ودهشت عقولهم ،وطارت أفبدتهم ،وانشقت مراراتهم ،وفقدوا من
نفسه
حذر َس ٌحذر مو ه ،كما ّس الخالبق ،وواجب على كل حال ذي عقل ومعرفة أن َس
بقوله تعالى( :ويحإر م هللا نفسه)( )2وكما قال( :واعلموا أن هللا يعلم ما ل أنفس م
احإرو )(.)3
وقال صلى هللا علٌه وسلم " :المإمن ٌسكن اضطرابه ،و تؤمن روعته،
حتى ٌخلؾ جسر جهنم " ( ،)4إ أن هللا تعالى ؼٌَّوب مكره فً حِسلمه ،وخداعه فً
تره ،وقطٌعته لطفه ،وعدلَسه فً كرمه ،وخِسذ نه فً أنوا نِسعمه ،وسخطه فً جمٌل َسس ِس
فً إمهاله ،فٌنبؽً
() 1
ل٧فذ ج.44 :ٟٞٚٝ
() 2
ل٧فذ آل ُ٠فج.30 :١
() 3
ل٧فذ جٝدٚفذ.235 :
() 4
ؤد ٧ؿج٧ؿ :جٝل٢ر ،دحخ ـٜف ج٬٠ٝقج.4755 ١
118
للعبد أن ٌعتمد حسن أوقاته ،وكثرر حسناته ،فكم من أحد تراه فً زي المرٌدٌن،
وهو فً علم هللا من المطرودٌن ،و ٌشعر أن هللا تعالى ربما ٌزٌن عدوه بلباأ
أولٌابه ثم ٌرده آخر اامر إلى بُسعده ،وربما ٌكسو ولٌّسه لباأ ااعداء ،ثم ٌر ّسده آخر
اامر إلى حقابق كرمه ،انه هو ٌبديء وٌعٌدٌ ،عنً ٌ :بديء على أولٌابه صفات
أعدابه ،وعلى أعدابه صفات أولٌابه ،ثم ٌع ٌدهم إلى حقابق معلومة ،وهو الفعّسال لما
ٌرٌد ،بإظهار فضله فً أهل عدله ،وإظهار عدله فً أهل فضله ،أ تر أن هللا
تعالى زٌَّون إبلٌأ بزٌنة عصمته ،وهو فً سابق علمه من أهل اللعنة ،ستر علٌه ما
سبق منه إلٌه ،حتى أظهر أمره فً العاقبة ،وكذلك زٌَّون "بلعام " ( )1بؤنوار و ٌته،
وهو عند هللا تعالى من أهل سخطه ،وأؼرق قارون فً بحار نعمته ،وهو عند هللا
تعالى من أهل سخطهٌ .ؽرنك باهلل أربعة أشٌاء :إظهاره لك ما تعلم ،وستره علٌك
بما قد عملت ،وزٌادته لك فٌما لم تشكره ،وإعطاإه إٌاك ما لم تسؤله ،فإنه ربما أراد
هللا تنبٌها ًا لك أو استدراجا ًا.
() 2
وقال ٌوسؾ بن الحسٌن من رأ صنع الربوبٌة عند إقامة العبودٌة انقطع
عن نفسه ،واعتصم بربه ،وفور أمره إلٌه ،فحٌبنذ ٌسلم من آفات ا ستدراج.
ِسصم ،و تؽتروا وكان ٌحٌى بن معاذ ٌقولٌ :ا معشر المستورٌن بال ِّذنعم والع َس
فإن تحتها آفات النقم ،تؽتروا بعمارر ااوقات ،فإن تحتها ؼوامر اآلفات ،و
:فٌا رُسبَّو تؽتروا بصفات العبودٌة ،فإن فٌها نسٌان الربوبٌة ،واامر كما قال
مفتون بالنعم علٌه وٌا
ٍس مستدر ٍسج باإلحسان إلٌه ،وٌا رُسبَّو مؽترٍّم بالثناء علٌه ،وٌا رُسبَّو
َس
عٌن ظاهره رب مستهلك بالستر علٌه ،فمن لم ٌكن باطنه فً مالزمة الحق تعالى َس
كان
() 1
دِٞح ٟد ١دحُ٧فجء [جٌ٢ف سٗحل٬ف ٧ٙل جهلل سِح٧( :٩ٝجسل ُ٢ ٟ٥٫ٞدإ جٝـ ٪آس٢٬ح [ ] .. ٣جٯُفجٕ .]175
() 2
ؤد٧ِٚ٬ ٧خ جٝفجق٧٬ : ٪لٕ د ١جٝػل ،١٬ن٬ؽ جٝف٧ ٪جٝظدحلٜ٧ ،ح٢ ١ل٬ط ٧ػؿ ٫ٖ ٣الٚحً جٝسو٠ .. َ٢حز
ك٢ر ؤفدَ ٧صٴص٠حثر [ جٝفلحٝر جٚٝم٬ف٬ر ( 78جٝسفظ٠ر .])34
119
شكه أؼلب من ٌقٌنه ،وإن كان ظاهره ٌدل على أوصاؾ الموقنٌن ،وفقدان أنوار
الباطن من رإٌة حركات الظاهر ،والؽفلة عن ؼوامر آفات ا ستدراج ،من رإٌة
صفاء العبودٌة( ،)1فلٌأ للمو َّوفق أن ٌعتمد ،و للمخذول أن ٌٌبأ ،واستدراج أهل
الذنوب الركون إلٌها ،واإلصرار على اإلعرار عن هللا سبحانه ،واستدراج أهل
العلم طلب الجاه والمنزلة عند الخلق ،واستدراج أهل ا جتهاد ا ستكثار واإلعجاب،
واستدراج المرٌدٌن تطلعهم إلى العطاٌا والكرامات ،وسكونهم إلٌها ،واستدراج
العارفٌن استؽناإهم بالمعرفة دون المعروؾ حتى جع لوا لها حداًا وؼاٌة ونهاٌة،
وظنوا أنهم قد أحاطوا بها ،فكل من كانت منزلته أرفع ،كان استدراجه أعظم وأدق،
ناأ هلل ،وكم من مخوِّذ ؾٍس باهلل جري ٌحء على هللا ،وكم دا ٍس إلى هللا كم من مُسذ ِّذك ٍسر هلل ٍس
تال كتاب هللا منسل ٌحخ من آٌات هللا.
بعٌ ٌحد من هللا ،وكم من ٍس
() 2
َس
وافتخرت بتركها ،فالفخ ُسر َس
تركت الدنٌا لو َس
كنت وقال أبو سع ٌد الخراز
وأعجبت بتركها ،فالعُسجبُس عٌبه أكبر، َس عٌوب النفأ
َس َس
تركت أعظم من إمساكها ،ولو
() 3
وأمنت على أنك َس َس
خفت وتعلقت بجهدك ،فتعلقك أعظم ا ستراحة ،ولو َس جهدتَس ولو
خفت ،فاامن من الخوؾ أكبر ،ثم قال :رإٌة القرب فً القرب أقرب البُسعد ،ورإٌة َس
ااُسنأ فً اانأ أعظم الوحشة ،ورإٌة الذكر فً الذكر أشد النسٌان ،ورإٌة
المعرفة فً المعرفة أكبر النكرر.
ُس
ظننت وجدت فحٌنبذ فقدت ،وكلماُس ُس
ظننت أنً وقال بعر أهل المعرفة :كلما
دتنً، فقدت فحٌنبذ وجدت ،إلهً إن تركتك طلبتنً ،وإن طلبتك طر ُس أنً
() 1
ٳ دؿ ٠ ١٠فجٙدر ج٠ٝفء ٗ٢ٝلُ٧ ٤فى ؤػ٧ج٦ٝح ٜ٧ل نئ٦٢٧ح ُ٬٠ ٩ٞقج ١جِٝد٧ؿ٬ر هلل ُق ٧ظلًٚٞ٢٠ ،حً ١٠
ٙحُؿذ جٳٖسٚحف ا ٩ٝج٦ٚٝحف٧ ،جٝسـٝل ا٧ ٤٬ٝجٳٜ٢لحفِٗ٬ ٟٝ ١٠٧ ،ل ـٗٓ ٛٝل ُ٠ ١قج ٘ٝجٳلسؿفجض ٧آٖحس٤
جٝؾحٖ٬ر.
() 2
ؤد ٧لِ٬ؿ :ؤػ٠ؿ د٬ُ ١ل ٩جٝؾفجق ١٠ .ؤ٥ل دٔؿجؿ٠ .حز ل٢ر ٥ 277ـ.
() 3
ظَ٤ؿ ٬ظَ٤ؿ (خٖسغ ج٦ٝحء ٖ ٫ج٠ٝحي٧ ٫ج٠ٝيحفٍ ) ظَؿٖ َ٬ظِؿٓ.
120
معك قرار ،و مع ؼٌرك أنأ ،فالمستؽا منك إلٌك .وقال أبو ٌعقوب )1(:أجهل ما
ٌكون العبد باهلل ،إذا ظن أنه استؽنى عن الدنٌا بالمعرفة.
َس
افتخرت بها علٌه . َس
افتقرت به إلٌه ،خٌ ٌحر من طاع ٍسة وقال ٌحٌى بن معاذ :ذنبٌح
وكان فضٌل كثٌراًا ما ٌبكً وٌردد هذه اآلٌة ( :وبدا لهم من هللا ما لم ي ونوا
يحتسبون)( )2وٌقول :عملوا أعما ًا حسبوا أنها حسنات فإذا هً سٌبات ،حٌن ٌبدو
لهم من هللا ما لم ٌكونوا ٌحتسبون.
أي بنً ،المعرفة مستقر ومستود ،مستقر فً قلوب ااولٌاء ،ومستود فً
قلوب ااعداء ،ثم ٌُسسلب فً آخر اامر ،فلٌأ للموؾَّوق أن ٌعتمد على توفٌقه ،وٌؤمن
من مكره ،و للمخذول أن ٌٌبأ من َسرو ربه ،وربما ٌر الرجل للرجل الرإٌا
الصالحة ،وهو استدرا ٌحج من هللا تعالى ،كما حُسكً أن رجالًا من أهل الشام أتى إلى
العالء بن زٌاد ( )3وقال له :إنً رأٌتك فً المنام كؤنك من أهل الجنة ،فترك مجلسه
وأ ذ فً البكاء ،وقال :لعل هللا أراد أمراًا.
قٌل :أصل ا ستدراج نسٌان الحق ،وا ستؽناء بمن دونه ،والتعلق بما سواه،
وا لتفات منه إلى ؼٌره ولٌأ على تحقٌق فً المعرفة َسمن ٌؽتر بكثرر العلم والعمل،
ان إبلٌأ كان معلم المالبكة ،ثم فً آخر اامر نظر إلى نفسه وعبادته ،وترك أمراًا
من أوامر هللا ،فصار من الملعونٌن المطرودٌن أبد اآلبدٌن.
() 4 وإٌاك أن تؽتر بعمارر ااوقات ،وصفاء ااحوال ،فإن برصٌصا ًا
() 1
ؤد٧ِٚ٬ ٧خ٧٬ :لٕ د ١جٝػل ١٬جٝفجق ( ٪ز ٥ 304ـ).
() 2
ل٧فذ جٝق٠ف.47 :
() 3
"[ جِٝٴء د ١ق٬حؿ في ٫جهلل سِحٜ٧ ..٤٢ُ ٩ٝحٙ ١ؿ د ٩ٜػسُٓ ٩مِّ ٪دوف ..٣س ٫ٖ٧ؤ٬ح٧ ٟٳ٬ر جٝػظحض
جٝنِفج :٪١جًٝدٚحز جٜٝدف( ٨جٜٗٝف) .] 35/1
() 4
سِدؿ دفو٬ه لس ١٬ل٢ر٧ ،ؤفجؿ جٝنً٬ح ١ؤٞٗ٬ ٟٖٞ ٤٬٧ٔ٬ ١غ٠ِٖ ،ؿ اد٬ٞك ا ٩ٝج٠فؤذ ٖإظ٥ٖ١ح ٙ٧حل ٱؾ٧س٦ح:
ُ ٟٜ٬ٞد٦ـج جٝفج٥خ ٖ٬ؿج٦٬٧حٖ ،ظحئ٧ج د٦ح اٖ ،٤٬ٝؿج٧ج٥حٜ٧ ،ح٢ز ُ٢ؿ= ،٣
121
وبلعام ( )1كانا أعبد الناأ فً زمانهما ،وأحسنهم حا ًا ،وفً آخر اامر ما إلى
مفتضحٌْسن فً الدنٌا واآلخرر ،و تؽتر بصحبة الصالحٌن َس النفأ والهو ،فصارا
والزهاد بؽٌر الحُسرمة والمتابعة لهم ،فالصحبة لو نفعت لنفعت امرأر نو وامرأر
لوط ،وان ا ؼترار مدرجة من مدارج ا ستدراج.
() 2
قال هللا تعالى ( :ال تترن م الحيوا الدنيا ) اآلٌة ،وقال تعالى ( :يؤيها
اإلنسان ما ر برب ال ريم)( )3وذلك أن الشٌطان ربما ٌؤتً الزاهد لٌؽره ،فٌقول:
ٌا ولً هللا وٌا خٌرته من خلقه ،أما تر من ربك هذه الكرامات والعطاٌا والقرب
واانأ ،أما تدري ما ألهمك ربك من كالم أهل المعرفة ،وحقابق أنوا اإلشارات،
بك، فهل ٌكون مثل هذا إ اهل محبته؟ أما تر حال قربك معه ،وكمال لطفه
وأنك لو أقسمت على هللا ابرك ،و شك أن المالبكة ٌنظرون إلى حركاتك
وسكناتك وحسن أحوالك ،وقد َسر َسج َسح فضلك على أهل زمانك ،فما أؼفل الناأ عما
أنت فٌه ! حتى ٌؽره بؤنوا مكره وخدٌعته ،فإن تداركه هللا بالفضل والرحمة،
وبصَّوره بمكابد عدوه ،وعرج ملتجبا ًا بسره إلى سُسرادقات قدرته ،فعند ذلك ٌسلم من
درجات آفات ا ستدراج.
() 4
واعلم أن قلوب أهل المحبة تزال تموج من خوؾ ا ستدراج ،كما تموج
= ٖد٠٢٬ح ٠٧٬ ٧٥حً ُ٢ؿ٥ح ؤُظدسٖ ،٤إسح٥حٖ ،ػٞ٠ز ٠ِٖ . ٤٢٠ؿ ا٦٬ٝح ٖٚس٦ٞحٖ ،ظحء اؾ٧س٦حٖٚ ،حل اد٬ٞك ٝدفو٬ه :
ؤًِ ٫٢ؤُ٢ظِ ،ٛجلظؿ ٫ٝلظؿذ ٖ .لظؿ ٖٚ .٤ٝحل جٝنً٬ح :١ا ٫٢دف٪ء ٛ٢٠ا ٫٢ؤؾحٕ جهلل فخ جِٝح [ ١٬٠ٝجٝدؿج٬ر
٧ج٦٢ٝح٬ر ٳدٜ ١ص٬ف .] 136/2
() 1
دِٞحج ٟد ١دحُ٧فجءٜ :ح٠ُٞ ١٠ ١حء د ٫٢الفجث٬ل ،ص ٟس٧جًإ َ٠جٜٗٝحف ٖ.ٛٞ٦
() 2
ل٧فذ ٖحًف.5 :
() 3
ل٧فذ جٳًٗ٢حف.6:
() 4
٢٥ ١٠ح ُ٢٠ٞح ل٬ؿ٢ح فل٧ل جهلل و ٩ٞجهلل ُ٧ ٤٬ٞل ٟٞؤٜ٢ ١صف ١٠جٝؿُحء دحٝسصد٬ز؛ ُ ١ؤ٢ك د٠ ١حٛٝ
في ٫جهلل ُٙ ٤٢حلٜ :ح ١فل٧ل جهلل و ٩ٞجهلل ُ٧ ٤٬ٞلٜ٬ ٟٞصف ؤ٧ٚ٬ ١ل٬" :ح ٞٚ٠خ ج٧ٞٚٝخ صدز ٞٙد ٩ُٞ ٫ؿ"ٛ٢٬
جٝػؿ٬ش [ جٝسف٠ـ :٪جٚٝؿف ،دحخ ٠ح ظحء ؤ ١ج٧ٞٚٝخ د ١٬ؤودِ ١٠ ١٬ؤوحدَ جٝفػٙ٧ 2141 ١٠حل جٝسف٠ـ٥ :٪ـج
ػؿ٬ش ػل ١وػ٬غ٧ .جٝؿُ٧جز ،جٝدحخ 135دف.]3581 ٟٙ
122
البحار ،حتى ٌصٌر كل ما فٌه باهلل هلل ،ورأٌت مكتوبا ًا على عصا ًا واحدر:
ٍر سو اإلعـرار عنل ب ل متفـــو ل إن ٍ
فقلت:
الوصل ما نسُت
ِر عدسُت لى ن نسُت أعرضسُت لد تبسُت
نظرسُت ل ال ُتل ِّبب عو بـسُت ولي لل ُتج ْنر ٌمم سو أننل
123
الحديث الرابف والعألرون
[ أحبوا هللا] ..
أخبرنا شٌخنا اإلمام فرد الوقت الباز ااشهب خالً أبو المكارم منصور
البطاٌحً الربانً رضً هللا عنه ،قال :أنبأنا القاضً أبوالحسٌن محمد بن علً بن
المهتدي ،قال :أنبؤنا أبوالحسن علً بن هبة هللا بن عبدالسالم ،قال أنبؤنا أبوالحسٌن
أحمد بن محمد ،قال :أنبؤنا أبو الحسن علً بن محمد الحربً ،قال :أنبؤنا أبو عبدهللا
أحمد بن علً عن عبدهللا بن عباأ رضً هللا عنهما قال :قال رسول هللا صلى هللا
علٌه وسلم :أحبوا هللا لما ٌؽذوكم به من نعمه ،وأحبونً لحب هللا ،وأحبوا أهل بٌتً
لحُسبً " ( )1وبهذا الحدٌ الشرٌؾ نظام التصفٌة ،فمن أدركها فقد أدرك الصفاء،
والتحق بؤهل ا صطفاء.
أي بنً ،اعلم أن للصفاء ظهراًا وبطناًا ،فؤما ظهرها فؤن تصفً كلٌتك من
والخلق والدنٌا ،وأما بطنها فؤن تصفً ُسكلِّذٌَّوتك من ؼبار رإٌة
َس أدناأ النفأ،
ااعمال ،وطلب ااعوار على ااعمال ،وا لتفات منه إلى ما سواه ،رُسوي أن
إسراركم ،فإنه عند هللا بواد" ( .)2وٌقال:
َس إسراركم
َس النبً صلى هللا علٌه وسلم قال " :
جدٌ ُسدك مع هللا ُستخلِسقه مع
() 1
جٝسف٠ـ :٪ج٢٠ٝحٙخ٢٠ ،حٙخ ؤ٥ل د٬ز ج٢ٝد ٫و ٩ٞجهلل ُ٧ ٤٬ٞل ، ٟٞفٙ٧ 3792 ٟٙحل ؤد٬ُ ٧ل٥ : ٩ـج ػؿ٬ش
ػلٓ ١ف٬خ ٧ .جٝػح ٫ٖ ٟٜج٠ٝلسؿفٜ ،ٛسحخ َ٠فٖر جٝوػحدر (٢٠ ١٠٧حٙخ ؤ٥ل د٬ز فل٧ل جهلل و ٩ٞجهلل ُ٤٬ٞ
٧آ٧ ٤ٝل٧ 150/3 )ٟٞوػػ٧٧ ،٤جٖ ٤ٚجٝـ٥خٜ .٪ٴ٠٥ح ُ ١جدُ ١دحك في ٫جهلل ُ٠٦٢ح.
() 2
ٙحل جهلل سِح٧ ( : ٩ٝؤلف٧ج ٟٜٝ٧ٙؤ ٧جظ٦ف٧ج د ٤ا ٟ٬ُٞ ٤٢دـجز جٝوؿ٧ف ) [ ج ١ُ٧ ] 14 ٛٞ٠ٝؤد ٫جٝؿفؿجء
في ٫جهلل ُ ١ُ ٤٢ج٢ٝد ٫و ٩ٞجهلل ُ٧ ٤٬ٞلٙ ٟٞحل :جٝؿ٬٢ح ٢٧ِٞٞ٠ر٠ ١٧ِٞ٠ ،ح ٖ٦٬ح ،اٳ ٠ح جدزُٓ ٫د٧ ٤ظ ٤جهلل
ف٧ج ٣جًٝدفج ٫٢دبل٢حؿ ٳ دإك د ١ُ٧ . ٤نؿجؿ د ١ؤ٧ك في ٫جهلل ُ ٤٢ؤ ٤٢ل َ٠فل٧ل جهلل و ٩ٞجهلل ُ٤٬ٞ
٧ل٧ٚ٬ ٟٞل= :
124
الناأ ،وصفاإك مع هللا تكدره مع الناأ .وقال ٌحٌى بن أبً كثٌر( )1دخلت مكة
فاستقبلنً عطاء بن أبً ربا ( ،)2وسلم علً ،ثم أقبل على الناأ فقال :تسؤلونً عن
العلم وفٌكم ٌحٌى بن أبً كثٌر قال :فتضرعت إلى هللا أربعٌن ٌوما ًا إلى أن ٌُسذهب
حالور هذه المقالة من قلبً.
وٌرو أن النبً صلى هللا علٌه وسلم قال" :أ إن أوانً هللا فً اارر هً
القلوب ،فؤحب ااوانً إلى هللا تعالى أصفاها وأصلبها وأرقها ( ،)3معناهُس أصفاها هلل
عند المراقبة ،وأصلبها فً دٌن هللا عند المخاطبة وأرقها على اإلخوان عند الموافقة.
وقال ٌوسؾ ابن الحسٌن لم ا اشتؽل قلب مرٌم بحب ابنها ،سمعت صوتا ًا :لما كان
سرك صافٌا ًا لنا ،كنا نرزقك فً الشتاء والصٌؾ من ؼٌر واسطة و شدر عناء،
ت سرك عنً فال ٌؤتٌك رزقك إ بشدر ،وذلك قوله تعالى ( :وهز لي فلما مٌَّول ِس
() 5 () 4
اعلم أن العبد إذا لم ٌُسصْس ؾِس بجإ النخلة ) اآلٌة .وقال أبو محمد الجرٌري
وقته هلل
= ١٠وح٬ ٟفجثٖٚ ٫ؿ ؤنف ١٠٧ ،ٛو٬ ٩ٞفجثٖٚ ٫ؿ ؤنف ١٠٧ ،ٛسوؿ٘ ٬فجثٖٚ ٫ؿ ؤنف ٛف٧ج ٣جٝد٫ٖ [ ٫ٚ٦٬
٧ 118جٚٝفًد ٫ٖ ٫سٗل٬ف٣ نِخ جٱ٠٬ح٧ 6844 ١ؤػ٠ؿ ٖ ٫ج٠ٝل٢ؿ ٧ 126/4جٯود٦ح ٫ٖ ٫٢جٝسفٓ٬خ
٧٥٧ .71/11ػؿ٬ش ػل [ ] ١ػؿ٬صح ؤد ٫جٝؿفؿجء ٧نؿجؿ ١٠جٝسفٓ٬خ ٧جٝسف٬٥خ ٞٝػحٌٖ ج٢٠ٝـف( ٪جدٜ ١ص٬ف
٧نفٜحئ 80 ٧ 61/1 )٣دفٙ٧ ] 43 ٧ 10 ٟٙحل ُ٠ف جد ١جٝؾًحخ ؤ٬٠ف ج٠ٝئ ١٬٢٠في ٫جهلل ُ " :٤٢لفجثفٟٜ
د٧ ٟٜ٢٬د ١٬فد٠ [ "ٟٜل٢ؿ ؤػ٠ؿ (وحؿف) .] 41/1
٧الفجف٧ِٗ٠ :ٟٜل ٠ٝػـ ٕ٧سٚؿ٬ف :٣فجٙد٧ج ؤ ٧جػٌٗ٧ج ؤ٦ً ٧ف٧ج..
() 1
٠ُٞ ١٠حء جٝسحدِٙ ١٠٧ ،١٬ؿ٠حء جٝو٬ٖ٧ر.
() 2
ًُحء د ١ؤل ٟٞد ١وٗ٧ج٥ 114-27( ١ـ)
() 3
ؤؾفض جًٝدفج ١٠ ٫٢ػؿ٬ش ؤدُ ٫سدر جٝؽ ٧ٳ٬ ٫٢فِٖ ٤ا ٩ٝج٢ٝد ٫و ٩ٞجهلل ُ٧ ٤٬ٞلٙ ٟٞحل " :ا ١هلل آ٬٢ر
١٠ؤ٥ل جٯفى٧ ،آ٬٢ر فد٧ٞٙ ٟٜخ ُدحؿ ٣جٝوحٝػ٧ ،١٬ؤػد٦ح ا ٤٬ٝؤ٦٢٬ٝح ٧ؤف٦ٙح " [ ج ١ُ ٫٢ٔ٠ٝػ٠ل جٯلٗحف
ٝق ١٬جٝؿ ١٬جِٝفج( ٫ٙؿجف جِ٠ٝفٖر) ٢ٜ٧ 15/3ق ج٠ِٝحل :جٱ٠٬ح٧ ١جٱلٴ ،ٟجٝدحخ جٝصحٝش دف.]1207 ٟٙ
() 4
ل٧فذ ٠ف.25 :ٟ٬
() 5
ؤػ٠ؿ د٠ ١ػ٠ؿ جٝظف٬ف ٪س ٫ٖ٧ل٢ر ٥ 311ـ [ جٝفلحٝر جٚٝن٬ف٬ر .] 82
125
تعالى فً إقامة العبودٌة ،انقطع عن هللا وهو ٌشعر ،فمن اجتهد فً صفاء معاملة
الظاهر ،أورثه هللا صفاء معاملة الباطن ،ومعنى قوله " :انقطع عن هللا وهو
ٌشعر" قول أبً ٌزٌد َ :سمن ظن أنه بالحال ٌصل فبالحال ٌنقطع ،ومن طلب اانأ
بالحال فبالحال ٌستوحش.
قال أبو محمد الجرٌري :إن هللا تعالى حكم على أصفٌابه وأحبابه ،أن
ٌخرجوا من الدنٌا إ وطوق العبودٌة فً أعناقهم ،وبحق أقول :ما اشتؽل أحد بؽٌره
إ ضا عمره ،وذهبت عنه صفاور الوقت ،فمن أراد صفاور الوقت فلٌإثر هللا على
شهوته.
وقٌل لواحد :ما قٌقة صفاور الوقت؟ فقال :تصفٌة ال ُسكلٌة ،لخالّسق البرٌة،
بوفار صدق العبودٌة .قال اانطاكً ( )1إن وجدت َسرٌنا ًا ( )2فً قلبك فؤدم الصٌام،
فإن وجدت َسرٌنا ًا فؤقِسل الكالم ،فإن وجدت َسرٌنا ًا فاترك اآلثام ،فإن وجدت َسرٌنا ًا فؤكثر
البكاء والتضر إلى الملك العالّسم .وٌقال :الجهل كله موت إ من ٌرزقه هللا العلم،
والعلم كله حُسجة إ من وفقه هللا للعمل به ،والعمل كله هبا ٌحء منثور ،إ أن ٌكون
خطر عظٌم ،إ أن ٌسلموا ذلك إلى هللا تعالى بال ٍس صافٌا ًا هلل ،وأهل الصفاء على
عٌب ،وٌجب على العبد أن ٌنظر فً حال أكله وشربه ولباسه وكالمه وحرك اته
وإرادته ،فٌد َس منها ما كدر ،وٌؤخذ ما صفا ،ان صفاور ااوقات على قدر صفاور
ااحوال.
ًا
قال هللا تعالى حكاٌة عن إبراهٌم علٌه الصالر والسالم ( :يوم و ينفف مال ٌم وو
بنون * و من أتى هللا بللب سليم )( .)3وقال ذو النون :إن هلل عباداًا ٌبلؽون فً
درجة الصفاء مقا ما ًا تقع فراستهم على سرّس الناأ ،فٌعرفون السعداء من ااشقٌاء،
() 1
ؤػ٠ؿ دُ ١حو ٟجٯً٢ح ،٫ٜؤد [ ٩ُٞ ٧جٝفلحٝر جٚٝن٬ف٬ر ه 62جٝسفظ٠ر ] 20ؤ ٧ؤد٠ ٧ػ٠ؿ ُدؿ جهلل د١
ػ ٕ٬٢جٯً٢حً [ ٫ٜدٚحز جٝنِفج 83/1 ٫٢جٝسفػ٠ر .]158
() 2
فٙ :١٬ل٧ذ ٖ٧لحؿ ٧ؿ٢ك.
() 3
ل٧فذ جٝنِفجء 89 ٧ 88
126
ٌختل برحمته من ٌشاء من عباده.
وقٌل ابً عبدهللا :ما فضل أهل الصفاء على ؼٌرهم؟ قال :رفع الحجاب
عنهم ،واتهام الوشار فٌهم ،وإفشاء ااسرار إلٌهم .قٌل :هل ٌكون اهل الصفاء
حالور العبادر؟ قال :أما قبل رإٌة ال ِسم َّونة فنعم ،وأما قبل رإٌة العبادر فال ،بال تعلٌق.
وقٌل لبعضهم :متى ٌعرؾ الرجل أنه من أهل الصفاء؟ فقال :إذا ستر جمٌع
المعاصً بستر التوبة ،وستر جمٌع الخٌرات بذكر ستر ال ِسم َّونة ،وستر ما دون هللا
بستر هللا تعالى.
شًا ًا من أحد ،وإن أُسكثر علٌه اإللحا ،فقٌل وحُسكً أن بهلو ًا كان ٌؤخذ ب
) 1(
قٌل : له فً ذلك ،فقال :أمرنا أن نؤخذ بالواسطة ،ان منها ذهاب الصفاء .
وما الصفاء؟ قال :طٌران القلب بؤجنحة ا شتٌاق لرب العالمٌن .وٌقال :أدنى
أوصاؾ أهل الصفاء عٌش القلب مع هللا بال عالقة ،و َسمن لم ٌعرؾ نفسه با لفقر،
والفاقة والعجز والضعؾ ،لم ٌنل صفور الٌقٌن ،وإذا كان العبد هلل تعالى كؤن لم
ٌكنٌ ،كون هللا تعالى له كما لم ٌزل.
وقال أبو سلٌمان :طوبى لمن صحت له خطور واحدر ٌرٌد بها إ هللا
تعالى.
() 2
وقال اإلمام معروؾ الكرخً رضً هللا عنه :بٌنا أنا أسٌر فً البادٌة ،ولم
ٌكن معً
() 1
د٧ٞ٦ل د٠ُ ١ف ٧جٝو٬فٖ ،٫ؤد٬٥٧ ٧خ ،س ٫ٖ٧ل٢ر ٥ 119ـٙ ،حل جٝنِفج ٫ٖ ٫٢جًٝدٚحز ( 68/1جٝسفظ٠ر
ٜ٧ )138ح( ١د٧ٞ٦ل ج٠ٝظ )١٧٢في ٫جهلل ُ٢٬ ٤٢نؿ:
سًَِ٠ ٫ٖ٧ج٬ِٝم ٖٴ ُ ٩ٞجٝؿ٬٢ح ؿٍ جٝػفهَ
١سظَِ٠ َٟ ٖ٠ح سؿف ٪لِ ٧ٳ سظ ١٠ َ٠ج٠ٝحلِ
٧ل٧ء ج ١ٌٝٳ َِٗ٢٬ ٖب ١جٝفق٘ ٚ٠لْٟ٧
َِ٢ٚ٬ ١ ٜل َٟ ٌّٓ٫٢ فهٍ ـ ٪عِ ٜلُّ ٖ٬ٚفْ
() 2
ِ٠ف ٕ٧د٬ٖ ١ف٧ق جٜٝفؾ ،٫ؤد٠ ٧ػٗ ،ٌ٧س ٫ٖ٧ل٢ر ٥ 200ـ.
127
أحد من البشر ،إذ نزل شخلٌح من السماء ،فسؤلنً ما الصفاء؟ فقلت :صدق الوفاء.
فقال :صدقت ،ثم عرج وهو ٌقول ( :يو ون بالنإر ويخا ون)(.)1
أما تر أن إبراهٌم علٌه الصالر والسالم وضع قدما ًا بصدق الوفاء على
صخرر صماء ،فؤمر هللا تعالى أن اتخذوا من مقام إبراهٌم مصلى.
وحقٌقة الصفاء .التخلق بخلق المصطفى صلى هللا علٌه وسلم ،وا قتداء
بؤصحابه أولً الصدق والوفاء ،وا نقطا إلى الملك ااعلى ،وقٌل :حقٌقة الصفاء
طر القلب على بساط ا متنان ،واستقامة السر مع الملك الدٌّسان .وقٌل :تصفٌة
القلوب لعالم الؽٌوب .وقٌل :صدق ا فتقار مع دوام ا ضطرار ،وترك ا ختٌار مع
حسن ا نتظار.
الهمة بؤجنحة الشوق نحو رب وقٌل :فناء الكلٌة تحت كمال القدرر ،وطٌران ِس
العزر .وقٌل :هجرر السر إلى هللا من المراتب والدرجات ،والفرار إلى هللا من
المنازل والمقامات .وقٌل :هً مجانبة دواعً الن فأ ،ومتابعة دواعً الرو ،
وإخماد صفات البشرٌة تحت صفات الربوبٌة.
() 1
ل٧فذ جٝؿ٥ف.7 :
128
والعألرون الحديث الخام
طلب] [ َمم ن تصدو من َم ْن ٍ
ب ِّب
أخبرنا شٌخنا القاضً العدل الثقة المقري الكبٌر الشٌخ أبو الفضل علً
الواسطً رحمه هللا رحمة واسعة ،قال :أنبؤنا أبو القاسم هبة هللا بن محمد ال كاتب،
قال :أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد الؽٌالن ،قال :أخبرنا أبو بكر محمد بن
عبدهللا الشافعً ،قال :أخبرنا محمد بن ؼالب ،حدثنً عبدالصمد بن ورقاء ،عن
عبدهللا بن دٌنار ،عن سعٌد ،عن أبً هرٌرر رضً هللا عنه عن النبً صلى هللا علٌه
وسلم قال " :من تصدق بعدل تمرر من كسب طٌب ،و ٌطعمه إ هلل تعالى ،فإن
() 1
هللا ٌقلبها بٌمٌنه ،وٌربٌها لصاحبها كما ٌربً أحكم فلوه حتى ٌكون مثل الجبل" .
ح هذا الحدٌ الشرٌؾ على بذل المعروؾ ،ونبّسه على لزوم اإلخالل
فٌه ،وبشر بعد اإلخالل بمضاعفته وقبوله ،وكل هذا انطو فً اإلخالل ،وهو
نور العارفٌن باهلل ،إذا ااعمال بؽٌر اإلخالل كلها ُس
ظلمة ،وبه تنوّس ر ( ،)2وبذلك
() 1
وػ٬غ .ف٧ج ٣ؤػ٠ؿ ٖ٠ ٫ل٢ؿ ؤد٥ ٫ف٬فذ في ٫جهلل ُ( ٤٢وػٗ٬ر ٠٥ح ٟد٢٠ ١د ) ٤د ١٠ " :ٌٗٞسوؿ٘
دِؿل س٠فذ ٜ ١٠لخ ً٬خ٧ ،ٳ ٬وِؿ ا ٩ٝجهلل اٳ ج٬ًٝخٖ ،ب ١جهلل ٚ٬د٦ٞح د ٤٢٬٠٬ص٬ ٟفد٦٬ح ٝوحػد٦ح ٠ٜح ٬فد٫
ؤػ ٣٧ٖٞ ٟٜػس ٩س٠ ١٧ٜصل جٝظدل " ٧جٝدؾحف ٫ٖ ٪جٝس٧ػ٬ؿ :دحخ ٧ٙل جهلل سِح( :٩ٝسِفض ج٠ٝٴثٜر ٧جٝف٧ع ا[ ) ٤٬ٝ
جِ٠ٝحفض ٤ٝ٧ٙ٧ ] 4ظل ـٜف( : ٣ا٬ ٤٬ٝوِؿ ج ٟٜٞٝج٬ًٝخ ) [ ٖحًف ] 10ف ٫ٖ٧ 6993 ٟٙجٝقٜحذ ،دحخ :ٳ ٚ٬دل جهلل
وؿٙر ٧ٞٓ ١٠ل٧ ،ٳ ٚ٬دل اٳ ٜ ١٠لخ ً٬خ ،ف٠٧ 1344 ٟٙل ٫ٖ ٟٞجٝقٜحذ ،دحخ ٙد٧ل جٝوؿٙر ١٠جٜٝلخ
ج٬ًٝخ ٧سفد٬س٦ح ،فُ٧ .1014 ٟٙؿل س٠فذ ٠ :ح ِ٬حؿل س٠فذ ٧ق٢حً ؤ٠٬ٙ ٧ر ٜ .لخ ً٬خ :ػٴل .ج( ٧ٞٗٝدٗسغ جٗٝحء
٧ي ٟجٝٴ٧ ٟسنؿ٬ؿ ج٧ٝج ،٧ؤ ٧دٜلف جٗٝحء ٧الٛج ١جٝٴ٧ ٟسؾٗ ٕ٬ج٧ٝج ) ٧ج٥ ُٟٝف ١ُ ٩ُٖٞ٪ؤ ،٤٠ؤُٖ٪ ٪ول ُُ٪٧قل.
ٓ٧ٞل :ؾ٬ح٢ر.
() 2
٢زُٓ٧ف (دي ٟجٝسحء) ُ ٩ٞجٝد٢حء ٠ٝح ُ٪ ٟٝكَٖ ٟٓحُ٠ٞٝ( ٤ٞظ٧٦ل)٢ ( ٧ ،زَٓ٧ف) دٗسغ جٝسحء ُ ٩ٞؤ ١ؤو( ٤ٞسس٧٢ف)
ٟ٧ِٞ٠٧ؤٜ ١ل ٠يحفٍ ٠لس٦ل دسحء٬ ١٬ظ٧ق ػـٕ اػؿج٠٥ح .
129
() 1
ارتفعت همم العارفٌن فً ااعمال إلى اإلخالل ( :أو هلل الدين الخالص).
أ إن( )2المتحققٌن بالتصوؾ صفت سرابرهم ،وحسنت شعابرهم ،هممهم
ربهم و ُسخلُسقُسهم سُسنة نبٌهم ،عكأ المروق من أصحاب الدعو .
رأٌت أن أكثرهم من َس نظرت فً القوم الذٌن ا َّودعوا التصوؾ الٌوم،
َس أي بُسنًّس ،إذا
الزنادقة والحرورٌة والمبتدعة ،ورأٌتهم أكثر الناأ جهالًا وحمقاًا ،وأشدهم مكراًا
وخدٌعة ،وأعظمهم عُسجبا ًا وتطاو ًا ،وأسوأهم ظنا ًا بؤهل الزهد والتقو ،وأهل
الصدق والصفاء ،وعال مات أهل الصفاء أدق من أن ٌصفها واصؾ ،وأعلى من أن
تحتملها ااوهام ،فمن عالمة الصوفً أن ٌصفو فً أقواله وأفعاله وحركاته من
والخلق والدنٌا ،وتصفو خواطره من ؼبار اإلعرار عنه تعالى َس أدناأ آفات النفأ
والنظر منه إلى َسمن سواه ،وأٌضا ًا من عالماته أن ٌكون مع النفأ بال نفأ ،ومع
الخلق بال َسخلق ،ومع القلب بال قلب ،ومع الحال بال حال ،ومع الوقت بال وقت، َس
وٌكون مستقٌما ًا على بساط أمر هللا ،متذلالًا تحت جالل عظمه هللا ،مستكفٌا ًا مستؽنٌا ًا
به عن ؼٌره ،قلبه مضروب بسٌاط خوؾ القطٌعة والهجران ،وسِس رُّد ه مضروب
بسٌاط خشٌة البُسعد والحرمان ،نفسه منورر بنور الخدمة ،وقلبه منور بنور المحبة،
وسره منوّس ر بنور المعرفة ،ومن عالماته أٌضا ًا أن ٌكون فإاده طابراًا بؤجنحة
الشوق ،وأركانه مستقٌمة على طرٌق الحق ،بالحق للحق مع حسن ا نتظار ،وعلى
ؼاٌة ا نكسار ،مقبالًا بالكلٌة على ملٌكه ،مع ترك ا لتفات منه إلى مُسلكه ،مع الفرار
من المخلوقٌن ،لشدر
() 1
جٝق٠ف.3 :
() 2
ؤٳ (دسؾٗ ٕ٬جٝٴ )ٟؤؿجذ جلسٗسحع ٧س٢د٧ ،٤٬سٜلف ٠٥قذ ا ٓ١دِؿ٥ح ١ٜ٠٬٧ .ؤ ١سيدً دٜلف ج٠٦ٝقذ ٧سنؿ٬ؿ
جٝٴ( :ٟاٳ) ُ ٩ٞؤ٦٢ح جلسص٢حث٬رٖ ،سٗسغ دِؿ٥ح ٠٥قذ ؤ. ٓ١
(ً )3حثٗر ١٠جٝؾ٧جفض ٢٠ل٧د ١٧ا ٩ٝػف ٧فجء٧٠ ٧٥٧ ،يَ ٙفخ جٖ٧ٜٝرٜ ،ح ٤٬ٖ ١ج٧ل جظس٠حُ٠٦ػ١٬
ؾح٧ٗٝج ُٓ٬ٞحً في ٫جهلل ُٙ ،٤٢حل ج٬ٗٝف٧ق آدحؿ٢ ٟ٥٧" : ٪ظؿذُ ٧ؤوػحد] "٤جٚٝح٧٠ك ج٠ٝػ.[ً٬
130
وجدانه حالور اانأ برب العالمٌن ،رجوعه إلى الحق ،واعتماده على الحق،
الخلق ،وحشًّس القلب سماوي الحدٌ ، وقراره مع الحق ،من ؼٌر أن ٌلتفت منه إلى َس
ربانً العلم ،فردانً الهمة ،روحانً العٌش ،نورانً القدر ،وحدانً المعنى ،جمٌع
إ رادته تحت إرادر المعبود ،شاكر هلل فً السر واإلعالن ،كً ٌقع فً أبحر
الكفران ،ذاكر هلل بالقلب واللسان ،فً كل وقت وأوان ،كٌال ٌتٌه فً مفاوز النسٌان،
ٌعلم أن المولى ٌراه ،ومن فوق العُسال ٌرعاه ،فهو فان تحت عظمة نظره ،متالش
بكلٌَّوته تحت كمال قدرته ،مستؽرق صفا ء أوقاته فً أبحر امتنانه ،مع سقوط كل
حالور ،ؼٌر حالور محبة ربه ،مستقٌم على صدق العبودٌة ،من ؼٌر رإٌة
العبودٌة ،فارغ القلب عن الشؽل بؽٌر هللا ،مع ا تكال بالقلب على هللا ،متواضع
اهل اإلٌمان ،قابم على بساط ااحزان ،حتى ٌؤتٌه الٌقٌن ( )1بالعفو والرضوان،
لسانه مثل قلبهٌ ،صدق فً جمٌع أقواله وأفعاله ،كما قال هللا تعالى ( :لم تلولون
ما و تفعلون)( ، )2شاكر لقلٌل النعمة ،صابر على كثٌر الشدر ،رار بقضاء رب
العزر ،دابم على احتراأ القلب هلل بالحجةٌ ،خاؾ دون هللا ،و ٌرجو ؼٌر هللا،
ررّس و نافع ،و رافع و دافع ،و معز و و ٌرٌد إ هللا ،لما َسعلِس َسم أنه ُسم ِس
مذل ،إ هللا وحده شرٌك له ،متابع لسنة المصطفى صلى هللا علٌه وسلم وأخالقه
ومذاهب أصحابه ،خابؾ من سوء العاقبة ،مشتؽل بالمُسق ِّذدر إذا اشتؽل الناأ بالتقدٌر،
وبالمدبر إذا اشتؽلوا بالتدبٌر ،جالأ على بساط ال خدمة مع الحٌاء ،متكاٌح على
سرٌر الفقر والفاقة ،مُسشرؾٌح على ُسؼرؾ القُسرب والمشاهدر ،شاربٌح بكؤأ اانأ
والمحبةٌ ،طٌل صمته ،وٌكظم ؼٌظه ،وٌؽلب شهوته ،وٌفارق راحته ،من ؼٌر أن
ٌلتفت إلى معاملة قلبه ،فارغ من مصالح نفسه ،تارك لجمٌع راحاته وشهواته،
خابؾ من الوحشة بٌنه وبٌن حبٌبهٌ ،كون أحسن الناأ للناأ وأتقاهم ،وأصدق
الناأ وأصفاهم ،وأعقل
() 1
ج٢٥( ١٬ٚ٬ٝح) :ج٧٠ٝز
() 2
ل٧فذ جٝوٕ.2:
131
الناأ وأرعاهمٌ ،نظر إلى الدنٌا بعٌن ا عتبار ،وإلى النفأ بعٌن ا حتقار ،وإلى
اآلخرر بعٌن ا ستبشار ،وإلى الرب بعٌن ا فتخار ،فً ا ستقامة كالجبل الراسً،
تحركه الرٌا الهابجةٌ ،طل ب ما لٌأ له ،و ٌهتم بما قُسسم له ،فارغ عن
ُسعرر عنه ببلواه ،و ٌختار خدمة المخلوقٌن ،مشتؽل بخدمة رب العالمٌنِ ٌ ،س
وزلّسة ،وقلبه متبرئ من كل سهو وؼفلة، حبٌبا ًا سواه ،نفسه طاهرر من كل خط ٍسؤ َس
وسرُّد ه من كل حول وقور ،بدون هللا سبحانه ٌرضى ،طعامه طعام المرضى،
وبكاإه بكاء الثكلىٌ ،توكل قلبه إ علٌه ،و ٌسلم إ إلٌه ،و ٌشكر النعمة إ
له ،و ٌطلب الحاجة إ منه ،مستؤنأ باهلل فً جمٌع ااحوال ،منقطع إلٌه فً
جمٌع ااعمال ،وذكر هللا حدٌثه فً جمٌع المقال ،تارك اختٌاره إلى ذي الجالل،
ك الجلٌل ،حسبنا هللا ونعم
نومه قلٌل ،وحزنه طوٌل ،وبد نه نحٌل ،وأنٌسه ال َسملِس ُس
الوكٌل.
132
والعألرون الحديث الساد
[ من صام رمضان وأتبعه ستا ً من ألوال]
أخبرنا شٌخنا العارؾ باهلل خالً الشٌخ أبو بكر بن ٌحٌى النجاري اانصاري
الواسطً رضً هللا عنه قال :حدثنً ااستاذ أبو القاسم علً بن أحمد البأري ،قال:
أنبؤنا أبو عمر عبدالواحد بن محمد بن مهدي ،قال :أنبؤنا محمد بن مخلد العطار،
قال :أنبؤنا محمد بن علً بن خلؾ ،قال :أخبرنا عمرو بن عبدالؽفار ،عن حسن بن
حُسًٌ وسفٌان الثوري ،عن سعد بن سعٌد أخً ٌحٌى بن سعٌد ،عن عمر بن أٌوب،
قال :قال رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم " :من صام رمضان وأتبعه ستا ًا من شوال
كان كصٌام الدهر"(.)1
وسِس رُّد ذلك استؽراق العبد فً أداء الفرر ،وانؽماسه فً السنة المحمدٌة،
فإنها بركة الوقت ،ولٌأ عند العارؾ أهم من استحصال بركة الوقت ،بفرر أو
سنة ،أو َسجمْس ٍسع بٌنهما ،وهناك منتهى الهمم ،فإن السنة ا لمحمدٌة رو العارؾ ،بها
ٌقوم وبها ٌقعد ،وهً منار باب العارفٌن ،فإن مُسشٌِّذد أركانها ،ورافع بنٌانها صلى هللا
() 2
( ما زا البصر وما طتى ) علٌه وسلم لم ٌنطق عن الهو ،بل هو جلجلة
ولوراثه العارفٌن هذه الحصة من بركة إ ِّذتباعه ،وأرواحنا وأروا العالمٌن فداه.
() 1
وػ٬غ .ف٧ج٠ ٣ل ٫ٖ ٟٞجٝو٬ح ،ٟدحخ جلسػدحخ و ٟ٧لسر ؤ٬ح ١٠ ٟن٧جل اسدحُحً ٝف٠يح )822/2( ١دفٟٙ
٧ 1164جٝسف٠ـ ٫ٖ ٪جٝو ،ٟ٧دحخ ٠ح ظحء ٖ ٫و٬ح ٟلسر ؤ٬ح ١٠ ٟن ٧جل فٙ٧ 759 ٟٙحل :ػل ١وػ٬غ٧ ،ؤد٧
ؿج٧ؿ ٖ ٫جٝو ،ٟ٧دحخ ٖ ٫و ٟ٧لسر ؤ٬ح ١٠ ٟن٧جل ،دف٧ 2433 ٟٙجد٠ ١حظ ٫ٖ ٤جٝو٬ح ،ٟدحخ و٬ح ٟلسر ؤ٬حٟ
١٠ن٧جل ف٧ 1716 ٟٙج٬٦ٝص٧٠ ٫ٖ ٫٠جفؿ ج٠ٌٝأ ١ا ٩ٝق٧جثؿ جد ١ػ٬ح )405/1( ١جٝو٬ح .ٟدحخ ٖ ١٠٬وحٟ
ف٠يح٧ ١لسحً ١٠ن٧جل دف( 928 ٟٙاػلح٧ .)3635 ١ف٧ج ٣ؤػ٠ؿ ٖ ٫ج٠ٝل٢ؿ 14635 ٧ 14414 ٧ 14236
٧ج٬٦ٝص٠ ٫ٖ ٫٠ظ َ٠جٝق٧جثؿ ٧ 183/3يَٖٓ ٧٥٧ .٤وػ٬غ.
() 2
ل٧فذ ج٢ٝظ.17 :ٟ
133
أي بنً ،اعلم أن قلوب أهل المعرفة خزابن هللا فً أرضهٌ ،ضع فٌها ودابع
سره ،ولطابؾ حكمته ،وحقابق محبته ،وأنوار علمه ،وآٌات معرفته ،التً ٌطلع
علٌها ملك مقرب ،و نبً مرسل ،و أحد دون هللا بؽٌر إذنه سبحانه ،فٌنبؽً أن
لى معاملته ،عارفا ًا بربحه ٌكون العارؾ عالما ًا بصالحه وفساده ،مستقٌما ًا
وخسرانه ،حافظا ًا له من مكابدر عدوه ،مستعٌنا ًا باهلل فً ذلك كله ،وأن ٌد فً قلبه
مكانا ًا لؽٌره ،فإن هللا تعالى إذا اطلع على قلب فرأ فٌه ؼٌره مقته وخذله ،وسلط
علٌه العدو ،ومعاملة القلوب هلل خاصة ،ومعاملة ااركان مختلطة ،ومعاملة القل وب
ُستقبل بؽٌر ااركان ،ومعاملة ااركان ُستقبل بدون القلوب ،و تستوجب الثواب،
فإن كان العبد فً معاملة القلب مقصراًا ،وفً معاملة ااركان مو ِّذفرا ،حُسكم على
توفٌر أحكامه بتقصٌر قلبه ،وإن كان فً معاملة القلب مو ِّذفرا وفً معاملة ااركان
مقصراًا ،حُسكم على تقصٌر أركانه بتوفٌر قلبه.
رُسوي أن موسى علٌه الصالر والسالم مر بقوم من بنً إسرابٌل قد لبسوا
المسو ،وقد جعلوا التراب على رإوسهم ،ودموعهم منحدرر على خدودهم ،فبكى
علٌهم رحمة لهم ،وقال :إلهً ،أما ترحم عبادك ،أما تر حالهم؟ فؤوحى هللا إلٌه ٌ :ا
أولست بؤرحم الراحمٌن؟ كال( ،)1ولكن أعلمهم بؤنً ُس موسى انظر هل نفدت خزابني،
() 2
. بذوات الصدور خبٌرٌ ،دعوننً بقلوب خالٌة عنً ،مابلة إلى الدنٌا
() 1
ٜٴ :ػفٕ ظ٧جخ ٞٝفؿٍ ٧جٝقظف٢٥ ٫٥٧ ،ح ظ٧جخ ُ٥ " ١ل ٗ٢ؿزٖ "..ؾقجث ١جهلل سِح ٩ٝٳ سٗ٢ؿ.
() 2
ُ ١ي٠فذ د ١ؤد ٫ػد٬خ ٙحل ٙ :حل فل٧ل جهلل و ٩ٞجهلل ُ٧ ٤٬ٞل " : ٟٞا ١ج٠ٝٴثٜر ٬فِٖ٠ُ ١٧ل ُدؿ ١٠
ُدحؿ٪ٕ ٣لسٜصف٬٧ ٤٢٧ق ،٤٢٧ٜػس٢٬ ٩س٧٦ج د ٤ا ٩ٝػ٬ش نحء جهلل سِح ١٠ ٩ٝلًٞح٧٬ٖ ٤٢ػ ٫جهلل سِح ٩ٝا ٟ٦٬ٝاٟٜ٢
ػٌٗر ُ٠ُ ٩ٞل ُدؿ٧ ،٪ؤ٢ح ف٬ٙخ ُ٠ ٩ٞح ٖٗ٢ ٫ل ،٤اُ ١دؿ٥ ٪ـج ٬ ٟٝؾٞه ٖ ، ٤ٞ٠ُ ٫ٝحٜسد ٫ٖ ٣٧لٔطِّ .١٬
: ُخ ٕ٪لس٬٧ ٤٢٧ٞٚػسٚف،٤٢٧ػس٢٬ ٩س٧٦ج د ٤ا ٩ٝػ٬ش نحء جهلل ١٠لًٞح٧٬ٖ ،٤٢ػ ٫جهلل اٟ٦٬ٝ
٬٧وِؿ ١٧دِ٠ل ؿ
ا ٟٜ٢ػٌٗر ُ٠ُ ٩ٞل ُدؿ٧ ٪ؤ٢ح ف٬ٙخ ُ٠ ٩ٞح ٖٗ٢ ٫ل ،٤اُ ١دؿ٥ ٪ـج ؤؾٞه ٖ ،٤ٞ٠ُ ٫ٝحٜسد" ١٬٬ُٞ ٫ٖ ٣٧
[ س٢د ٤٬جٔٝحٖٞٝ ١٬ٞل٠ف٢ٙؿ ( ٪جٚٝلً٬٢٬ً٢ر ٣ 1325ـ) ه٧ .] 4لٔطِّ :١٬لظل ؤُ٠حل ؤ٥ل ج ٢ٝحف : ١٧٬ُٞ٧ .
لظل ؤُ٠حل ؤ٥ل جٝظ٢ر.
134
وروي أنه( )1صلى هللا علٌه وسلم مر برجل ساجد على صخرر منذ ثالثمابة
سنة ،كان ٌبكً ودموعه تجري على ااودٌة ،فوقؾ علٌه وبكى لبكابه ،وقال ٌ :ا
إلهً أما ترحم عبدك؟ فقال هللا تعالى :أرحمه ،قال :ولم ٌا إلهً؟ قال :ان قلبه
ٌسترٌح إلى ؼٌري ،وكان له جبّسة ٌستتر بها من الحر والبرد.
علً الصالر والسالم ٌ " :ستقٌم عمل العبد حتى ٌستقٌم قلبه، وقال النبً ه
() 2
و ٌستقٌم قلبه حتى ٌستقٌم لسانه" .
ُسضؽة إذا صلحت صلحت ًا وقال علٌه الصالر والسالم " :إن فً الجسد م
ااعضاء كلها ،أ وهً القلب " ( ،)3وقال هللا تعالى لموسى علٌه الصالر والسالم :
جلَسة ،وأبصار
ٌا موسى قل لبنً إسرا بٌل أن ٌدخلوا بٌتا ًا من بٌوتً إ بقلوب َسو ِس
خاشعة ،وأبدان نقٌة ،ونٌة صادقة.
قال ٌحٌى بن معاذ :قلب المإمن مضؽة جوفانٌة ،حشوها جوهرر ربانٌة،
حولها روضة فردانٌة ،تحتها ساحة نورانٌة ،وهللا تعالى ناظر إلٌها فً كل لحظة
بالرحمة والشفقة ،وٌحول بٌنها وبٌن ما ٌشؽله عنه ،قال هللا تعالى ( :ومن أوفى
بعهده من هللا) ( )4وقٌل :معاملة القلوب أمر شدٌد ،والثبات علٌها أشد وأصعب.
() 1
جٝي٬٠ف ٧ِ٬ؿ ا٢ ٩ٝد ٫جهلل ٧٠ل ٤٬ُٞ ٩جٝلٴ.ٟ
() 2
ف٧ج ٣ؤػ٠ؿ ( ٧ )12982جد ١ؤد ٫جٝؿ٬٢ح ٖ ٫جٝو٠ز (ٜ )9ٴ٠٥ح ١٠ف٧ج٬ر ُ ٫ٞد٠ ١لِؿذ جٝسفٓ٬خ
٧جٝسف٬٥خ ٞٝػحٌٖ ج٢٠ٝـف( ٪جدٜ ١ص٬ف ٧نفٜحئ 328/3 ) ٣دف 509/3 ٧ ،3758 ٟٙدف٧ .4219 ٟٙف٧ج ٣ج٬٦ٝص٫٠
٫ُٞ ٪د٠ ١لِؿذ٧ :صّ ٤ٚظ٠حُر ٧يِٓٗ ٤آؾف.١٧
ٖ٠ ٫ظ َ٠جٝق٧جثؿ ٙ٧ 53/1حل ٕ
() 3
١٠ػؿ٬ش ج٠ِ٢ٝح ١د ١دن٬ف في ٫جهلل ُ٠٦٢ح ُ ١ج٢ٝد ٩و ٩ٞجهلل ُ٧ ٤٬ٞل " : ٟٞجٝػٴل د٧ ١ ِّ٫جٝػفجٟ
د [ "..١ِّ٫جٝدؾحف :٪جٱ٠٬ح ،١دحخ ٖيل ١٠جلسدفؤ ٝؿ٠٧ 52 ٤٢٬ل :ٟٞج٠ٝلحٙحذ ،دحخ :ؤؾـ جٝػٴل ٧سف ٛجٝند٦حز
.]1599
() 4
ل٧فذ جٝس٧در.111 :
135
قٌل لبعر أهل المعرفة :عب ٌحد فقد قلبه متى ٌجده؟ قال :إذا نزل فٌه الحق .
قال :متى ٌنزل؟ قال :إذا ارتحل عنه ما دون الحق.
ومعاملة القلوب عل عشر مدارج ،أولها الخطرات ،ثم حدٌ النفأ ،ثم
الهم ،ثم الفكر ،ثم اإلرادر ،ثم الرضا ،ثم ا ختٌار ،ثم النٌة ،ثم العزٌمة ،ثم القصد،
حتى ٌبلػ إلى عمل الظاهر ،فمن قام هلل تعالى فحفظ معاملة القلب عند الخطرات،
فهو على مدارج الصدٌقٌن ،ومن قام هلل فحفظ معاملة القلب عند حدٌ النفأ فهو
على مدارج المقربٌن ،ومن قام هلل فحفظ معاملة القلب عند الهم فهو على مدارج
ااوابٌن ،ومن قام هلل على حفظ معاملة القلب عند الفكرر فهو على مدارج
المخلِسصٌن ،ومن قام هلل فحفظ معاملة القلب عند اإلرادر فهو على مدارج المرٌدٌن،
و َسمن قام هلل فحفظ معاملة القلب عند ا ختٌار فهو على مدارج المتقٌن ،ومن قام هلل
فحفظ معاملة القلب عند النٌة فهو على مدارج الزاهدٌن ،ومن قام هلل فحفظ معاملة
القلب عند العزم فهو على مدارج المنٌبٌن ،ومن قام هلل فحفظ معاملة القلب عند
القصد فهو على مدارج المجتهدٌن ،ومن قام هلل فح فظ معاملة القلب على عمل
الظاهر فهو على مدارج العابدٌن من عامة الموحدٌن.
وقال إسحاق بن إبراهٌم (ِ :)1سانْس ُست َسر ِّذد ْسد قلبك إلى هللا تعالى ذرر خٌر لك من
جمٌع ما طلعت علٌه الشمأ ،وما من أحد صفا قلبه من أدناأ الشهوات ،وطهره
من ؼبار الؽفالت ،ونقاه من كدورات الؽواٌات ،إ أطلعه هللا على ؼاٌة الؽاٌات.
وقال بكر بن عبد هللا ( )2فً معنى قوله تعالى ( :وجاء بللب منيب )( )3قال :
الذي ٌمشً ببدنه على اارر ،وقلبه معلق باهلل تعالى.
() 1
جد ١فج :٤٬٧٥الػح٘ د ١ادفج ٟ٬٥د٠ ١ؾٞؿ جٝػ ٫ٌٞ٢جٝس ٫٠٬٠ج٠ٝف٧ق ،٪ؤد٧ِٚ٬ ٧خ (٥ 238 – 161ـ)
[جٯُٴ.]292/1 )4ً( ٟ
() 2
دٜف ُدؿ جهلل ج٠ٝق٠ .٫٢حز ل٢ر ٥ 108ـ [جٝنِفج.]35/1 ٫٢
() 3
ل٧فذ ٘.33 :
136
وقٌل ابً عبدهللا :ما القلب السلٌم؟ قال :قلب منقطع من عالبق الدنٌا ،مملوء
من حب المولى ،يشكو من الشدابد والبلو ،و ٌهتك أستار الصٌانة والتقو .
وٌقال :من لم ٌكن بٌنه وبٌن هللا معاملة سرٌة كان مسٌبا ًا وإن كان محسناًا ،ومن
ٌر أن الكونٌن بما فٌهما بسٌر قدرته ،وسرٌع لحظته ،لم ٌنل معاملة القلب.
وقال أبو سعٌد الخراز( :)1اعلم أن معاملة القلب هً تن دٌد السر مع ا نفراد
به ،ومالحظة القلب على دوام حفظ ااوقات مع صدق الحال ،من ؼٌر التفات منه
إلى الوقت والحال.
) (
وقال أبو الدرداء :إن هلل تعالى عباداًا تطٌر قلوبهم إلى هللا اشتٌاقا ًا ٌدركها
2
البرق الخاطؾ.
وٌُسرو أن النبً صلى هللا علٌه وسلم قال " :ما سبقكم أبو بكر بكثرر صالر
و صٌام ولكن بحق وقر فً قلبه" (.)3
إن هللا تعالى ٌر ُّدد القلٌل لقلته ،و ٌقبل الكثٌر لكثرته ،ولكن (إنما ٌتقبل هللا
من المتقٌن) ( )4وٌقال :لٌأ على مقام الصدق َسمن تعلق قلبه بالمقام ،ولكن الصادق
ٌر مع هللا ؼٌر هللا أحداًا .وٌقال :إذا من تعلق قلبه برب المقام مجرداًا ،حتى
صارت المعاملة إلى القلوب استراحت اابدان .وٌقال :تكون معاملة القلب إ
لمن له قلب صاؾ لٌأ بساه ،صحٌح لٌأ بجرٌح ،بصٌر لٌأ بضرٌر ،فرٌد لٌأ
بطرٌد ،طالب لٌأ بهارب ،قرٌب لٌأ بؽرٌب ،عاقل لٌأ بؽافل ،سماوي لٌأ
بؤرضً ،عرشً لٌأ بوحشً.
() 1
ؤػ٠ؿ د٬ُ ١ل ٩جٝؾفجق ،ؤد ٧لِ٬ؿ ،س ٫ٖ٧ل٢ر .277
() 2
جٝوػحد٠٬٧ُ ٫ف د٠ ١ح ،ٛٝؤ٧ل ٙحى ٠ٝؿ٢٬ر ؿ٠ن٘ .س ٫ٖ٧ل٢ر ٥ 32ـ في ٫جهلل ُ.٤٢
() 3
جٯلفجف ج٠ٝفُٖ٧ر ٫ِٞٝجٚٝحف( ٪جٝفلحٝر) .476
() 4
ٚ٠سدك ١٠ج٭٬ر ١٠ 27ل٧فذ ج٠ٝحثؿذ.
137
وقال ثابت النساج ( :)1قرأت القرآن سنٌن بالخوؾ فلم أجد القلب ،ثم قرأته
بالرجاء فلم أجد القلب ،ثم قرأته بتجرٌد القلب عن كل ما دون هللا تعالى ،فعند ذلك
وجدته ،ورأٌت عند وجوده الو ٌة الكبر ،والعزر العظمى ،والمراتب العلٌا.
وقال هللا تعالى فً بع ر الكتب :القلوب بٌدي ،والحب فً خزابنً ،فلو
حبً لعبدي ما قدر العبد أن ٌحبنً ،ولو ذكري له فً اازل ما قدر أن ٌذكرنً،
ولو إرادتً إٌاه فً القدم ما قدر العبد أن ٌرٌدنً.
قٌل :إن عارفا ًا رأ رجالًا ٌدور حول المسجد ،فقال له ٌ :ا هذا ما تطلب؟
قال :أطلب موضعا ًا الٌا ًا أصلً فٌه ،فقال :خل قلبك عما دون هللاَ ،س
وص ِّذل فً أي
موضع شبت.
ٍس
وٌقال :بقدر إقبالك على هللا ٌكون قرب القلب منه ،وما اطلع هللا على قلب
عبد فرأ فٌه ؼٌره إ عذبه هللا به ،ووكله إلٌه.
وقال ٌحٌى بن معاذ :القلب إذا وضعته عند الدنٌا خاب ،وإذا وضعته عند
العقبى ذاب ،وإذا وضعته عند المولى طاب .وقال :الدنٌا خراب ،وأخرب منها قلب
َسمن ٌعمرها ،واآلخرر دار عمران ،وأعمر منها قلب من ٌطلبها .وقال :مفاوز الدنٌا
ُستقتطع بااقدام ،ومفاوز اآلخرر تقتطع بالقلوب .وقال :خراب النفأ من عمارر
القلب ،وعمارر النفأ من خراب القلب.
أبل واحد من أبناء القلوب :ما لك تتكلم؟ فقال :قلبً ٌتكلم .قٌل :مع من؟
قال :مع مقلب القلوب.
() 1
:ج٠ٝن٧٦ف ؤ ١جل٠ ٤٠ػ٠ؿ د ١ال٠حُ٬ل ص ٟؤً ٤٬ُٞ ٘ٞؾ٬ف ج٢ٝلحض جٌ٢ف جٝفلحٝر جٚٝن٬ف٬ر (جٝسفظ٠ر )50
٧جٝنِفج( ٫٢جٝسفظ٠ر ٧ )200ظحٜ َ٠فج٠حز جٯ٬ٝ٧حء ٠ .175/1حز ل٢ر ٥ 322ـ.
138
الحديث السابف والعألرون
[المر ُتء مف َمم ن أحب]
أخبرنا شٌخنا الجلٌل العارؾ باهلل شٌخنا أبو الفضل على الواسطً القرشً
ٌعرؾ بابن القاري رضً هللا عنه ،قال :أنبؤنا أبو الح سن عبدالرحمن بن محمد
المظفر الداودي ،قال :أنبؤنا أبو محمد عبدهللا بن أحمد بن حموٌه السرخسً ،قال :
أنبؤنا أبو عبدهللا بن ٌوسؾ الفربري ،قال :أنبؤنا أبو عبدهللا محمد بن إسماعٌل
البخاري ،قال :حدثنا بشر بن خالد ،قال :حدثنا محمد بن جعفر ،عن شعبة ،عن
سلٌمان ،عن أبي وابل ،عن عبدهللا ،عن النبً صلى هللا علٌه وسلم أنه قال " :المرء
مع من أحب"(.)1
وفً هذا الحدٌ الشرٌؾ من اإللزام بمحبة أحباب هللا ورسول هللا صلى هللا
علٌه وسلم ما فٌه بالغ للموقنٌن ،وهد للمتقٌن ،ونور للعارفٌن ،فإن َسمن تدبر سر
المعٌة التً أفصح بها هذا النل ااشرؾ ،انسلخ إ عن محبة هللا تعالى ،ومحبة
َسمن أحبه هللا وأحب هللا ،وكذلك العارفون رضً هللا عنهم ،ومِسن العارفٌن َسمن هم
أهل القلوب المنٌرر ،أصحاب صفاء السرٌرر ،والعمدر على القلوب.
أي بنً ،اعلم أن هللا تعالى ذكر فً محكم كتابه للعباد أمره ونهٌه ،ووعده
ووعًده ،وترؼٌبه وترهٌبه ،وقضاءه وتقدٌره ،وحكمه وتدبٌره ،ومشٌبته فً خلقه،
وضرب اامثال ،وذكر آ ءه ونعماءه ،ولطابؾ صنعه ،وكمال قدرته ،وعظٌم
ربوبٌته.
() 2
ثم قال ( :ن ل إل لإ ر لمن ان له لب ) أشهدَس فً هذه اآلٌة
() 1
جٝدؾحف :٪جٯؿخ ،دحخ ُٴ٠ر جٝػخ ٖ ٫جهلل ُق ٧ظل ٠٧ 5818 – 5816ل :ٟٞجٝدف ٧جٝوٞر ٧جٯؿخ ،دحخ
"ج٠ٝفء ١٠ َ٠ؤػخ" ٧ .2641 ٧2640جٌ٢ف جٝػؿ٬ش جٝصحٝش ُمف.
() 2
ل٧فذ ٘.37 :
139
ؾ مراتب أبناء القلوب ،و َسبًَّو َسن فضلهم على َسمن دونهم. جمٌع العبادَ ،سشرَّو َس
قال بعر المفسرٌن فً معنى قوله تعالى ( :لمن ان له لب ) :أي قلب
واثق بجمٌع ما ذكره هللا سبحانه فً كتابه من الوعد والوعٌد وؼٌرهما ،وقال
بعضهم :لمن كان له عقل ٌزجره عن جمٌع الضال ت والؽواٌات فً جمٌع
الحا ت.
وقال بعضهم :لمن كان له ذهن ٌفر به عن الشرك والشك .وقال بعضهم :
لمن كان له ٌقٌن ٌسقط عنه وثابق الؽرور ،فً جمٌع اامور إلى أن ٌصل إلى الملك
الؽفور .وقال بعضهم :لمن كان له سر ٌتالشى مع جمٌع أوصاؾ العبودٌة ،تحت
إشارر الربوبٌة ،عند مشاهدر الحق ،وقال بعضهم :لمن كان له استقامة السر مع
ت منه إلى ما سواه ،وقال بعضهم :لمن كان له قلب مفرد لتفرد الحق ،من ؼٌر التفا ٍس
الفرد.
وإن هللا تعالى زٌن قلوب العارفٌن بزٌنة المعرفة كرما ًا وامتناناًا ،وزٌن قلوب
رحمة وإحساناًا ،وحجب قلوب الؽافلٌن بالجهل والؽفلة ًا المرٌدٌن بالعظمة والهٌبة
محنة وخذ ناًا ،وطبع على قلوب الكافرٌن باإلبعاد والنكرر طرداًا وحرمانا ًا .والقلوب ًا
ثالثة :قلب ٌطٌر فً الدنٌا حول الشهوات ،وقلب ٌطٌر فً العقبى حول الكرامات،
وقلب ٌطٌر فً سدرر المنتهى حول اانأ والمناجار ،فقلبٌح معلق بالدنٌا ،وقلب
وقلب سحٌق . معلق بالعقبى ،وقلب معلق بالمولى ،وقلب حرٌق ،وقلب ؼرٌق،
وقلب منتظر للعطاء ،وقلب منتظر للرضاء ،وقلب منتظر للقاء .وقلب مشرو ،
وقلب مجرو ،وقلب مطرو .وقلب منٌب ،وهو قلب آدم علٌه الصالر والسالم،
وسلٌم ،وهو قلب إبراهٌم علٌة الصالر والسالم ،ومنٌر ،وهو قلب سٌدنا محمد علٌه
أفضل الصالر والسالم.
140
الحديث ال امن والعألرون
[ من دعاء النبل صلى هللا عليه وسلم ]
أخبرنا شٌخنا القاضً الثقة المقري الجلٌل الشٌخ أبوالفضل علً الواسطً
القرشً رحمه هللا رحمة واسعة ،قال :أخبرنً أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد
الداودي ،قال :أخبرنً عبدهللا أحمد السرخسً ،قال :حدثنً أبو عبدهللا محم د
الفربري ،قال :حدثنً أبو عبدهللا محمد بن إسماعٌل البخاري ،قال :حدثنً إسحاق
ابن إبراهٌم ،قال :أخبرنا الحسٌن ،عن زابدر ،عن عبٌد الملك ،عن مصعب بن
سعد ،عن أبٌه قال :تعوذوا بكلمات كان النبً صلى هللا علٌه وسلم ٌتعوذ بهن" :اللهم
إنً أعوذ بك من الجُسبن ،وأعوذ بك من البخل ،وأعوذ بك من أن أرد إلى أرذل
العمر ،وأعوذ بك من فتنة الدنٌا وعذاب القبر "( .)1استعاذ صلى هللا علٌه وسلم من
القواطع من هللا تعالى ،فإن الجبن مُسقعِسد عن قول الحق ،والبخل مقصر عن طلب
الحق ،وأرذل العمر صارؾ عن بذل الهمة فً الحق ،وفتنة الدنٌا قاطعة عن الحق،
وعذاب القبر نتٌجة أولبك ،والعٌاذ باهلل ،وفً مضمون هذه ا ستعاذر الشرٌفة
المحمدٌة ،إرشاد بإعالء الهمة عن الجبن ،والبخل ،وح على التجرد إلى هللا
تعالى ،وهذا بؽٌة العارفٌن ،اللهم وفقنا لما تحب وترضى ٌا مصلح الصالحٌنٌ ،ا
ولً المتقٌنٌ ،ا دلٌل المتحٌرٌنٌ ،ا أنٌأ العارفٌنٌ ،ا أرحم الرحمٌن.
أي بنً ،اعلم أن العبد إذا علم أن هللا سبحانه وتعالى حكٌم فٌما حكم،
() 1
وػ٬غ .ف٧ج ٣جٱ٠ح ٟجٝدؾحف ٫ٖ ٪جٝؿُ٧جز ،دحخ جٳلسِحـذ ١٠ؤفـل ج٠ِٝفٖ ١٠٧ ،س٢ر جٝؿ٬٢ح ٖ٧س٢ر ج٢ٝحف
٫ٖ٧ 6013دحخ جٝسِ٧ـ ُ ١٠ـجخ جٚٝدف ٧ 6004دحخ جٝسِ٧ـ ٖ ١٠س٢ر جٝؿ٬٢ح ٧ 6027ف٧ج ٫ٖ ٣جٝظ٦حؿ ،دحخ ٠ح
٬سِ٧ـ د ١٠ ٤جٝظد٧ .2667 ١جٝسف٠ـ ٫ٖ ٪جٝؿُ٧ج ز ،دحخ ٫ٖ :ؿُحء ج٢ٝد ٫و ٩ٞجهلل ُ٧ ٤٬ٞل٧ ٟٞسِ٧ـ ٫ٖ ٣ؿدف
ٜل وٴذ ٙ٧ 3562حل :ػل ١وػ٬غ ٧ .ج٢ٝلحث :٫جٳلسِحـذ (جٳلسِحـذ ٖ ١٠س٢ر جٝؿ٬٢ح ) ٧ .266/8ؤػ٠ؿ ٖ٫
ج٠ٝل٢ؿ (٠ل٢ؿ لِؿ د ١ؤدٙ٧ ٫حه في ٫جهلل ُ ١ُ ٤٢ج٢ٝد ٫و ٩ٞجهلل ُ٧ ٤٬ٞل.1621 ٧ 1585 )ٟٞ
141
وقدٌ ٌحر عال ٌحم بما قضى ودبَّور ،وعرؾ أنه جاهل بالمحبوب والمكروه ،رضً عن هللا
فً حكمته وقضابه ،والرضا هو سكون القلب إلى الحكٌم ،وترك ا ختٌار مع
التسلٌم ،و شًء أشد على النفأ من الرضا بالقضاء ،ان الرضا بالقضاءٌ ،كون
على خالؾ رضا النفأ وهواها ،فطوبى لعبد آثر رضا هللا تعالى على رضا نفسه.
:إلهً وروي أن موسى علٌه الصالر والسالم كان ٌقول فً مناجاته
خصصتنً بالكالم ولم تكلم بشراًا قبلً ،فدلنً على عمل أنال به رضاك ،فقال هللا
تعالىٌ :ا موسى رضابً عنك رضاك بقضابً.
وقال الدارانً ( : )1أرجو أن أكون قد أُسعطٌت من الرضا طرفاًا ،وذلك أن هللا
تعالى لو أدخلنً النار لكنت بذلك راضٌاًا ،وإن أحق الناأ بالرضا أهل المعرفة،
() 2
وهو باب هللا ااعظم.
ورو فً بعر الكتب :أن جبرٌل علٌه الل ر والسالم كان ٌهبط اارر،
فرأ رجالًا علٌه أثر السكٌنة ،فقال ٌ :ا رب ما أحسن هذا الرجل ،فقال هللا تعالى ٌ :ا
جبرٌل انظر اسمه فً اللو فً أسماء أهل النار ،فقال :إلهً ما هذا؟ فقال ٌ :ا
جبرٌل إنً أُسسؤل عما أفعل ،وإنه ٌبلػ أحد من َسخلقً علمً إ بما شبت .فقال
() 1
٥ 215ـ [ ؤد ٧ل٠٬ٞح ١جٝؿجفجُ : ٫٢دؿ جٝفػ ١٠د٬ًُ ١ر٧ ،ؿجف٬ح دٞؿذ ١٠ؤُ٠حل ؿ٠ن٘٠ ،حز ل٢ر
جٝنِفج :٫٢جًٝدٚحز جٜٝدف( ٨جٝسفظ٠ر .])150
() 2
ٙ٧حل ؤدً ٧حٝخ ج٠( ٫ٜ٠ٝػ٠ؿ د ٫ُٞ ١د٬ًُ ١ر جٝػحفص ٫ج٠ٝس ٫ٖ٧ل٢ر ٥ 386ـ )" :جٝفيح ُ ١جهلل
) [ ل٧فذ لدػح٧ ٤٢سِح ١٠ ٩ٝؤُٚ٠ ٩ٞح٠حز ج ١٬ٚ٬ٝدحهللٙ٧ ،ؿ ٙحل سِح ٣( : ٩ٝل ظقجء جٱػلح ١اٳ جٱػلح١
جٝفػ ١٠ٖ ]60 ١٠ؤػل ١جٝفيح ُ ١جهلل ظحقج ٣جهلل دحٝفيح ُٖٚ ،٤٢حدل جٝفيح دحٝفيح٥٧ ،ـج ٓح٬ر جٝظقجء
٦٢٧ح٬ر جًِٝحءُ ٤ٝ٧ٙ ٧٥٧ ،ق ٧ظل ( :في ٫جهلل ُ٧ ٟ٦٢في٧ج ُ [ ) ٤٢ج٠ٝحثؿذ ٧ 119جٝس٧در ٧ 100ج٠ٝظحؿٝر
٧ 22جٝد٢٬ر ٧ٙ [ ] 8ز ج٧ٞٚٝخ َٖ٠ ٫جٞ٠ر ج٠ٝػد٧خ (٠وًٗ ٩جٝدحد ٫جٝػٞد٠ – ٫وف ًٙ٧ ]76/2 )1حل جٝن٬ؽ
ُدؿ جٚٝحؿف جٝظ٬ٴ٥ 561 – 471( ٫٢ـ) ١٠ :ؤفجؿ ؤ٬ ١ػول ٤ٝجٝفيح دٚيحء جهلل ُق ٧ظل ٖ٬ٞؿ ٟـٜف
ج٧٠ٝزٖ ،ب ١ـٜف ١ِّ٧٦٬ ٣ج٠ٝوحثخ ٧ج٭ٖحز" [ جٗٝسغ جٝفدح٠ ( ٫٢وف – ً٠دِر جٝػٞد٥ 1380 ٫ـ) ه.] 190
142
جبرٌلٌ :ا رب أتؤذن لً أن أخبره بما رأٌت؟ قال لك اإلذن ،فهبط جبرٌل وأخبره
بحاله ،فخر الرجل ساجداًا ،وكان ٌقول :لك الحمد ٌا مو ي على قضابك وقدرك،
حمداًا ٌعلو حمد الحامدٌن ،وٌزٌد على شكر الشاكرٌن .قال :فما زال ٌحمد هللا تعالى
حتى ظن جبرٌل أنه لم ٌسمع ما قال ،فقالٌ :ا عبدهللا وهل سمعت ما قلت لك؟ قال :
نعم ،أخبرتنً أنك وجدت اسمً بٌن أسماء أهل النار فً اللو المحفوظ ،قال فما
هذا الحمد والشكر؟ قال :سبحان هللا ٌا جبرٌل ،إن هللا تعالى قد قضى مع كمال
تى علمه ،وسعة رحمته وحلمه ،ولطابؾ ربوبٌته ،وحقابق حكمته ،فمن أنا
أرضى؟ تبارك هللا ربً ،ثم خر ساجداًا ،وأخذ فً التسبٌح والتحمٌد .قال :فرجع
جبرٌل إلى هللا ،فقال هللا تعالى :ارجع فً اللو المحفوظ وانظر ماذا تر ،فرجع
فإذا اسمه فً أسماء أهل الجنة ،فقال ٌ :ا جبرٌل ،هو ما تر ،إنً أُسسؤل عما
أفعل ،فقال جبرٌل :إلهً ابذن لً حتى أخبره بما رأٌت ،فقال :لك اإلذن ،قال :فهبط
جبرٌل فؤخبره بما رأ ،قال :لك الحمد ٌا سٌدي ومو ي على قضابك وقدرك،
حمداًا ٌعلو حلو الحامدٌن ،وٌزٌد على شكر الشاكرٌن ( .)1فرجع جبرٌل متعجبا ًا من
كمال رضاه عن هللا بكل ما حكم له.
وكذلك روي :أن هللا تعالى أوحى إ لى نبً من أنبٌابه ،أن قل لعبدي فالن ابن
فالن :إنك من أهل النار .فلما بلّسػ إلٌه الرسالة حمد هللا تعالى ،وقال :الحمد هلل على
ما قضى ،فاامر أمره ،والحكم حكمه .فقال هللا تعالى لنبٌه :الحق به ثانٌا ًا وأخبره
أنً قد ؼفرت لك ،حٌ رضٌت بقضابً .فبلػ الرسالة ،فشهق الرجل شهقة وخر
مٌتا ًا.
() 1
" جٝنٜف ١٠ؤُ ٩ٞجٚ٠ٝح٠حز ،ٯ٬ ٤٢ن٠ل جٞٚٝخ ٧جٞٝلح٧ ١جٝظ٧جفع٧ ،ٯ٬ ٤٢سي ١٠جٝودف ٧جٝفيح ٧جٝػ٠ؿ،
: ٜ٧ص٬فجً ١٠جِٝدحؿجز جٝدؿ٬٢ر ٧جٞٚٝد٬ر٦ٝ٧ ،ـج ؤ٠ف جهلل سِح ٩ٝد ١ُ ٩٦٢٧ ٤يؿ ٧٥٧ ٣جٜٗٝف ٧جٝظػ٧ؿٖٚ ،حل
(٧جنٜف٧ج ٧ ٫ٝٳ سٜٗف [ )١٧ل٧فذ جٝدٚفذ ُ [ ] 152دؿجٚٝحؿف ُ٬ل :٩ػٚحث٘ ُ ١جٝسو )4ً( ٕ٧ه .]388
143
وإن قضاء هللا تعالى على أربعة أوجه :قضاء النعمة ،فعلى العبد فٌه الرضا
والشكر ،والثانً قضاء الشدر ،فعلى العبد فٌه الرضا وذكر المنة ،والقٌام بالواجب
إلى الموت ،والرابع قضاء المعصٌة ،فعلى العبد فٌه الرضا عن هللا والتوبة.
وسُسبل علً بن أب ي طالب رضً هللا عنه عن القضاء والقدر ،فقال :لٌ ٌحل
مظلم ،وبحر عمٌق ،وسر هللا ااعظم ،فمن رضً به فله الرضا ،ومن سخط فله
السخط.
وروي أنه لما وُس ضع المنشار على رأأ زكرٌا علٌه الصالر والسالم َسه َّوم أن
ٌستؽٌ باهلل تعالى ،فؤوحى هللا إلٌه أن ٌا زكرٌا إما أن ترضى بح كمً لك ،وإما أن
أخرب اارر وأُسهل َسِسك من علٌها .فسكت حتى قُسطع نصفٌن .وحكً أن رابعة
البصرٌة مرضت ،فقٌل لها أما ندعو لك طبٌباًا؟ فقالت :من قضى علً؟ فقالوا :هللا
تعالى .قالت :أو مثلً من ٌرد قضاء سٌده؟
ومرر أبو بكر الصدٌق رضً هللا عنه ،فقٌل له :أما ندعو لك الطبً ب؟
فقال :قد رآنً .قٌل وما قال؟ فقال :قال إنً فعّسال لما أرٌد.
شكا نبً من اانبٌاء بعر ما ناله من المكروه ،فؤوحى هللا إلٌه :كم تشكونً
ولست أهل ذم و شكو ،فهكذا كان شؤنك فً عملً؟ فلم تسخط؟ أفتحب أن أعٌد ُس
الدنٌا من أجلك؟ أو أبدل اللو بسببك ،فؤقضً ما ٌسرك ك ما ترٌد كما أرٌد،
وٌكون ما تحب دون ما أحب؟ فبعزتً حلفت لبن َستلَسجْس لَس َسن هذا فً صدرك مرر أخر ،
اسلبنك ثوب النبور ،واوردنك النار و أبالً.
قال بعر الحكماء لٌأ العجب ممن ابتلً فصبر ،إنما العجب ممن ابتلً
فرضً .قٌل لعبدالواحد بن زٌد :أي الرجلٌن أفضل :رجل أ حب البقاء لٌطٌع ،أو
رجل أحب الخروج شوقا ًا إلٌه؟ فقال :هذا و ذاك ،ولكن رجل فور أمره إلى
هللا ،وقام على قدم الصدق فً الرضا ،فإن أبقاه أحب ذلك ،وإن أخرجه أحب ذلك،
فهذه منازل الرضا عنه ،وخلق العارؾ معه.
قٌل لعمر بن عبد العزٌز رحمه هللا :ما تشتهً؟ قال :ما ٌقضً هللا .وقال
144
أبو عبدهللا النساج :إن هلل عباداًا ٌستحٌون من الصبر وٌسلكون مسلك الرضا وإن له
عباداًا لو ٌعلمون من أٌن ٌؤتً القدر ،ستقبلوه حبا ًا ورضا ًا.
وفً الخبر " :إن أول ما كتب هللا سبحانه وتعالى فً اللو المحفوظ :إله
إ هللا ،محم ٌحد رسول هللا ،من استسلم لقضابً ،وصبر على بالبً ،وشكر لنعمابً،
ٌرر بقضابً ،ولم ٌصبر َس كتبته صدٌقاًا ،وبعثته ٌوم القٌامة مع الصدٌقٌن ،ومن لم
على بالبً ،ولم ٌشكر نعمابً ،فلٌختر ربا ًا سواي" (ٌ .)1قول قابلهم رضً هللا عنهم:
ٌا نفأ إنً أسلمتك إلى ربك ،على أنه إن شاء جوَّو عك ،وإن شاء أشبعك ،وإن شاء
أعزك ،وإن شاء أذلَّوك ،وإن شاء أحٌاك ،وإن شاء أماتك ،وهو أؼنى وأولى بكِس
منك ،وأنت بال ُسكلّسٌة له ٌا نفأ ،فما لكِس والحكم على َسمن له الحكم والخلق واامر.
وقٌل لٌحٌى بن معاذ الرازي :متى ٌطٌب عٌش المإمن؟ قال :إذا رضً عن
هللا تعالى بكل ما قضى وقدر ،وحكم ودبر .وقٌل له :متى ٌكون العبد راضٌا ًا عنه؟
قال :إذا قال العبد لربه :إلهً إن أعطٌتنً شكرت ،وإن منعتنً رضٌت ،وإن
دعوتنً أجبت ،وإن تركتنً عبدت.
والزهد عشرر أجزاء ،وأعلى درجة الزهد أدنى درجة الور ،والور
() 1
يِ ٫ٖ٧ .ٕ٬جٱسػحٖحز جٝل٬٢ر ِٝخؿجٝفئ ٕ٧ج٢٠ٝح :٪٧دل ٟجهلل جٝفػ ١٠جٝفػ .ٟ٬ا ١٠ ١جلسلٚٝ ٟٞيحث٫
٧في ٫دػ٧ ٫٠ٜودف ُ ٩ٞدٴث ٫دِصس ٟ٧٬ ٤ج٬ٚٝح٠ر َ٠جٝوؿ " ١٬ٚ٬ف٧ج ٣جٝؿ ١ُ .٫٠ٞ٬جدُ ١دحك في ٫جهلل
ُ٠٦٢ح ؤٙ ٤٢حل :ا ١ؤ٧ل ن٫ء ٜسد ٤جهلل ٖ ٫ج٧ٞٝع ج ٟٝػٗ :ٌ٧دل ٟجهلل ..ا ٩ٝآؾف [ "٣جٱسػحٖحز جٝل٬٢ر دحٯػحؿ٬ش
جٚٝؿل٬ر (د٬ف٧ز – ٠ئللر جٝقُد )4 ً ٫ه 46ف ٟٙجٝػؿ٬ش ٧ ] 96ف٧ج ٣جد ١ج٢ٝظحف ُ ٫ُٞ ١في ٫جهلل
ُ٢ٜ [ ٤٢ق ج٠ِٝحل ٧ ] 43402/15 ٧ 8659/3ـٜف ٠ػ٠ؿ ًح٥ف د ٫ُٞ ١ج٢٦ٝؿٙ ٪ل٠حً ٢ ١٠ " ٤٢٠لؾر جد١
جٯنِش" [ سـٜفذ ج٧٠ٝيٍ٧جز ٧ ] 190ف ٨٧دِي " ٧٥٧ ،٤ا ٫٢ؤ٢ح جهلل ٳ ا ٤ٝاٳ ؤ٢ح٬ ٟٝ ١٠ ،ودف ُ ٩ٞدٴث٫
٬ ٟٝ٧فى دٚيحث٬ ٟٝ٧ ،٫نٜف ٠ِ٢ٝحث٬ٖٞ ،٫سؾـ فدحً ل٧جٙ٧ "٪حل :يِ [ ٕ٬سـٜفذ .] 189
145
عشرر أجزاء ،وأعلى درجة الور أدنى درجة الٌقٌن ،والٌقٌن عشرر أجزاء ،وأعلى
درجة الٌقٌن أدنى درجة الرضا ،ان الرضا أعلى درجة العبودٌة ،وإن هللا سبحانه
جعل الرو والراحة فً الرضا ،وجعل الهم فً السخط.
وحُسكً أن عطٌة الحمصً ( ،)1قال إن والدي قال إلبراهٌم بن أدهم ٌ :ا أبا
() 2
ُس
اشتؽلت بثالثة أجزاء ،فإن إسحاق ،لو كتبت من هذا الحدٌ كما ك تنبا .فقال له :
فرؼت منها فعلت ما تقول .قال :وما هً ؟ قال :التوكل على هللا فٌما تكفل به من
الرزق ،وإخالل العمل هلل ،والرضا بقضاء هللا .فؤما التوكل واإلخالل فقد فرؼت
:فبكى منهما بعون هللا ،وأما الرضا بقضاء هللا ،فإنً منه فً شؽل شاؼل ،قال
والدي بكاء شدٌداًا ،وقال :ما أبعدنا عما أنت فٌه ،هل ٌكون فوق الرضا منزلة نقدر
أن نقول فٌها شٌبا ًا.
() 3
:إنً أؼبط إ َسمن أصبح ولٌأ له ؼداء و قال محمد بن واسع
عشاء ،وهو عن هللا تعالى رار .قٌل لسفٌان الثوري :متى ٌكون العبد عن هللا
راضٌاًا؟ قال :إذا سرّسته المصٌبة كما سرّسته النعمة.
وقال رجل عند اإلمام الحسٌن ( )4رضً هللا عنه :إن أبا ذر ( )5كان ٌقول :
الفقر أحب إلًّس من الؽنى ،والسقم أحب إلىّس من الصحة ،فقال :رحم هللا أبا ذر ،أما
أنا فؤقول :من رضً بحسن اختٌار هللا تعالى لم ٌتمن ؼٌر ما اختاره هللا له .وقال
ٌحٌى بن معاذ :طلبت العلم فلم أستر ،ثم طلبت العمل فلم أستر ،فرضٌت عن هللا
() 1
ُ :حم 104 ًُ٬ر د٬ٙ ١ك جٝػ٠و / ٫سحدِٙ .٫حل جٝقف ٫ٖ ٫ٜٞجٯُٴ٠ِ٠" :238/4 ) 4ً( ٟف٬ٙ ،ل
ل "١٬٢س ٫ٖ٧دِؿ ٥ 121ـ.
() 2
ادفج ٟ٬٥د ١ؤؿ ٟ٥جٝدٞؾ ٫جٝس ،٫٠٬٠ؤد ٧الػح٘ ،س ٫ٖ٧ل٢ر ٥ 161ـ.
() 3
٠ػ٠ؿ د٧ ١جلَ د ١ظحدف جٯقؿ .٪س ٫ٖ٧ل٢ر ٥ 123ـ.
() 4
جٝػل ١٬جٝلدً ،جٝػل ١د ٫ُٞ ١في ٫جهلل ُ٠٦٢ح (٥ 61-4ـ)
() 5
ؤد ٧ـف :ظ٢ؿخ د ١ظ٢حؿذ ( ز ٥ 32ـ) في ٫جهلل ُ.٤٢
146
فؽرقت فً الراحة .قال أبو الدرداء رضً هللا عنه :لٌأ الشؤن فً أكل خبز
الشعٌر ،ولبأ الصوؾ .لكن الشؤن فً الرضا عن هللا تعالى.
ر العبد أم رضل ضل سي ون الإ وُت
إا سينلضل ل لي هإا يدوم بل
كان مكتوبا ًا على سٌؾ علً بن أبً طالب رضً هللا عنه:
يوم و ُتيلدَم ُتر أم يو ٌمم ُتد ْنِرر أ يومل من الموس أ ّنر
الحإ ْنِرر
الملدور و ينجو َم ِر ومن يوم و ُتيلدَم ُتر و يؤتل به
() 1
٥ـج ١جٝد٬سح٧ ،١جٝد٬زجٙ ١د٠٦ٞح٠ ١٠ ،ظق٧ء جٝؾٗ. ٕ٬
147
الحديث التاسف والعألرون
[ و له و هللا]
() 1
ؤؾفظ ٤جدُ ١لحٜف ( ٫ُٞ ١ُ )85/2في ٫جهلل ُ٢ٜ [ ٤٢ق ج٠ِٝحل ٧ ] 1769 ٧ 158/1جد ١ج٢ٝظحف ُ٤٢
١ُ٧ؤ٢ك في ٫جهلل ُ٠٦٢ح [ ٢ٜق ٧ ]235/1ق ١٬جٝؿ ١٬ج٢٠ٝح ٫ٖ ٪٧جٱسػحٖحز جٝل٬٢ر (جٝقُد )٫ه 73فٟٙ
ٙ٧ 166حل :ف٧ج ٣ؤد٧ ٟ٬ِ٢ ٧جد ١ج٢ٝظحف ٧جدُ ١لح ٜف ُ ٫ُٞ ١في ٫جهلل ُ٧ . ٤٢جٌ٢ف ٖ ٫جٱسػحٖحز جٝػؿ٬ش
" ؤؾفظ٤ ٧ .165ف٧ج ٣جٱ٠ح ٟجٔٝقج ٫ٖ ٫ٝاػ٬حء ُ ٟ٧ٞجٝؿ( ١٬ؿجف جِ٠ٝفٖر) ٙ٧ 167/1حل جٝػحٌٖ جِٝفج٫ٙ
جٝػح ٫ٖ ٟٜجٝسحف٬ؽ ٧ؤد ٫ٖ ٟ٬ِ٢ ٧جٝػل٬ر ً ١٠ف ٘٬ؤ٥ل جٝد٬ز ١٠ػؿ٬ش ُ ٫ٞخال٢حؿ يِ ٕ٬ظؿجً٧ٙ٧ ،ل ؤد٫
٢٠و٧ف جٝؿ " :٫٠ٞ٬ا ٤٢ػؿ٬ش صحدز" ٠فؿ٧ؿ ُ."٤٬ٞ
() 1
ؤ ٪جٚٗٝف.
148
أشرؾ صفات العبد افتقاره إلى هللا فً كل شًء كما أن أشرؾ صفات الرب
() 2
استؽناإه عن العبد فً كل شًء قال هللا تعالى ( :وهللا نل وأنتم الفلراء ) ،
و(يؤيها النا أنتم الفلراء لى هللا وهللا هو التنل الحميد)(.)3
واعلم أن ا فتقار إلى هللا مقسو ٌحم على النفأ والرو والقلب والسرّس ،ففقر
النفأ إلى هللا تعالى ٌكون على سبٌل القرب والرضاء ،وفقر السر إلى هللا تعالى
على أبٌل المشاهدر واللقاء ،فكلما رأ العبد نفسه متحٌرر على باب عهده ووفابه،
رجع با فتقار إلى باب عفوه ،وكلما رأ روحه متحٌرر على باب وده ومحبته،
رجع با فتقار إلى باب عناٌته.
ومن حقٌقة ا فتقار ا ستكفاء بالكافً ،وطر النفأ السقٌمة بٌن ٌدي
المعافً .وأٌضا حقٌقته انتظار السبب من المسبب مع رإٌة السبب ،وا شتؽال
بالمسبب مع نسٌان السبب .وأٌضا من حقٌقته دوام التبصبل ( )4وا عتذار ،بلسان
صدق
() 2
ل٧فذ ٠ػ٠ؿ و ٩ٞجهلل ُ٧ ٤٬ٞل38 :ٟٞ
() 3
ل٧فذ ٖحًف.15 :
() 4
جٝسدوخه :جٝس [ ٘ٞ٠جٌ٢ف جٚٝح٧٠ك ج٠ٝػ٠( ً٬ئللر جٝفلحٝر) ٠حؿذ دوده (ج٦ٝح٠م) ٧ؤلحك جٝدٴٓر
(ؿجف جِ٠ٝفٖر ٧ .)23ج٠ٝفجؿ ٢٥ح :جٳلسفيحء ٧جٳُسـجف .
149
ا فتقار ،مع ؼاٌة ا نكسار ،ومن حقٌقته تخلٌل ااسرار من رإٌة ااعمال ،وترك
ا عتماد على حسن الحال ،ومن حقٌقته أن ٌنصرؾ العبد عنه بخلقه و بملكه.
قٌل ابً عبد هللا بن مقاتل :متى ٌكون العبد ؼنٌا ًا محتاجا ًا وهو فً ؼناه
وحاجته محمود؟ قال :إذا كان ؼناه باهلل عن َسخلقه ،وحاجته إلى ربه .قال الشٌخ أبو
بكر الواسطً :إن العبد ٌعرؾ هلل حق معرفته ،حتى ٌعرؾ الفاقة الكبر ،قٌل :
وما الفاقة الكبر ؟ قال :أن ٌعلم أنه لم ٌهتد إلى ربه إ به ،و ٌنجو من سخطه إ
به .وٌقال :ا فتقار لواء أهل الو ٌة .وٌقال :ا فتقار طر النفأ بٌن ٌدي الرب،
كالصبً الرضٌع بٌن ٌدي اام.
وٌقال ا فتقار فراؼة فً رعاٌة ،ورعاٌة فً و ٌة ،وو ٌة فً عناٌة،
وعناٌة فً هداٌة ،فمن فراؼة له رعاٌة له ،ومن رعاٌة له و ٌة له ،ومن
و ٌة له عناٌة له ،ومن عناٌة له هداٌة له.
الخلق بؤسرهم فقراء محتاجون إلى هللا تعالى ،أسرّس اء تحت أي بنً ،اعلم أن َس
مشٌبته ،ضعفاء تحت علمه وقدرتهٌ ،ملكون انفسهم و لؽٌرهم نفعا ًا و ضراًا،
و ذ ًا و عزاًا ،و موتا و حٌار ،منصوبون بٌن سهام النعمة والرخاء ،موقوفون
بٌن القطٌعة والشقاء ،مستورر عنهم خواتٌمهم ،لهم الخوؾ والرجاء ،والفقر
والدعاء ،والتضر والبكاء ،فما أفقر من هذه صفته ،وما أضعؾ من هذه حالته.
() 1
واعلم أن ا فتقار أجل مر اتب المحبٌن ،وأرفع منازل المنٌبٌن ،وأزلؾ
حا ت المرٌدٌن ،وأعظم آ ت ااوابٌن ( )2وأج َّول مقامات التاببٌن ،وأعلى وسابل
المقربٌن ،وهو أصل العبودٌة ،وصدر اإلخالل ،ورأأ التقو ،ومخ الصدق،
وأساأ الهد ،فمن أراد أن ٌدخل فً عُسصبة أهل ا فتقار ،فٌنبؽً أن ٌهتم
بمصلحة نفسه وعٌاله ،وأن ٌتملق بٌن ٌدي هللا تعالى ،وأن ٌكون آٌسا ًا مما سو
هللا ،مع ا فتقار إلى هللا تعالى ،كرجل ٌكون فً ببر مظلمة ،ورأأ الببر مسدود،
وأثره مستور ،ولٌأ له فً الببر مإنأ ،و للخلق على رأأ الببر ممر ،فهل
ٌكون رجاإه وافتقاره إلى أحد دون مو ه؟
وحكً أن رجالًا من الصالحٌن وقع فً ببر فً البادٌة وكان ضرٌراًا ،فمرت
على رأأ الببر قافلة ،فناداهم الرجل من قعر الببر ،فهتؾ هانؾ :أٌستؽٌ بؽٌري
وأنا ؼٌا المستؽٌثٌن ،قال :فسكت الرجل ،فإذا أهل القافلة س ّسدوا رأي الببر،
وأرادوا أن ٌُسخفوه ( )1كً ٌقع فٌه أحد ،فصار الرجل آٌسا ًا من نفسه ،وانقطع
رجاإه عن الخلق ،ثم قال :إلهً اآلن لم ٌبق لً ؼٌرك ،وأنا فقٌر إلٌك ،فسلط هللا
أسداًا حتى فتح رأأ الببر ،وهبط فٌه ،فؤخذ الرجل بذنب ااسد ،فرفعه إلى رأأ
الببر ،فنودي من فوقه :تقطع قلبك عمن ٌنجٌك بتلؾٍس َسمن تلؾ.
() 1
شٌف :قزة.
() 2
األٚاة :اٌزبئت ِٓ ،آة ٠ؤٚة إذا زجط.
سِ٧ؿ ج٦ٝحء ٖ٬( ٫ؾٗ )٤ٙ٧ٖ( ٧ )٤٬ٖ( ٧ )٣٧ا٠ٜٞ ٩ٝر فؤك .ؤ٠ح (دثف) ٖ٠ئ٢صر. () 1
150
واعلم أن هللا وضع تحت قوله ( يا نعبد) ( )2كمال وفاء صدق العبودٌة ،ثم
علم كمال ضعؾ العبد وعجزه ،فؤعطاه كلمة أخر وجمع له خٌر الدارٌن ،وهو
قوله تعالى ( :و يا نستعين )( )3فكل حق هللا تعالى على العبد ،تحت قوله (إٌاك
نعبد) ،وكل فقر للعبد إلى هللا تعالى تحت قوله (وإٌاك نستعٌن).
وقٌل :إن أعرابٌا ًا وقؾ بالموقؾ ( )4فقال :إلهً إلٌك خرجت وأنت
أخرجتنً ،ولك وقفت وأنت أوقفتنً ،وقد عصٌت أمرك ،وأنت خذلتنً ،ومع ذلك
عذر لً و حجة ،فإن رحمتنً وعفوت عنً ،فؤنت أهل اإلحسان ،و فقٌر لك
أفقر منً ٌا سٌدي وٌا مو ي.
واعلم أن هللا تعالى كلَّوؾ العباد صدق ا فتقار ،كٌال ٌتجاوزوا حد العبودٌة
إلى حد الربوبٌة ،ومن اإلرادات العقلٌة إلى اإلرادات الهوابٌة ،ومن الصفاور
الروحٌة
() 2
ل٧فذ جٗٝحسػر5 :
() 3
ل٧فذ جٗٝحسػر5 :
() 4
ُٖ ٫فٖحز.
151
إلى الكدورر النفسٌة ،ومن الهمم العلوٌة إلى الهمم السفلٌة.
قال هللا تعالى لنبٌه ااعظم علٌه الصالر والسالم ( :لي ل من اا مر
() 3
أللء)( ،)1وقال سبحانه ( :ل ن اامر له هلل) ( )2وقال ( :بل هلل اامر جميعا ً )
وقال ( :أو له الخلو واامر )( ،)4نعم صال العبد با فتقار ،نعم ا ستعانة
بالمستعان ،نعم سبب الوصول إلى طرٌق الهداٌة واللحوق بؤهل الو ٌة ا فتقار.
() 1
ل٧فذ آل ُ٠فج.128 :١
() 2
ل٧فذ آل ُ٠فج.154 :١
() 3
ل٧فذ جٝفُؿ .31
() 4
ل٧فذ جٯُفجٕ.54 :
152
الحديث ال ال ون
[ إا راا أحد م الجمعة لل تسل]
أخبرنا الشٌخ الثقة العارؾ باهلل تعالى خالً أبوبكر بن ٌحٌى النجاري
اانصاري الواسطً رضً هللا عنه " :قال :أخبرنا أبو ؼالب محمد بن عبدالواحد
القزاز ،قال :أخبرنا أبو إسحاق إبراهٌم بن عمر بن أحمد البرمكً ،قال :أخبرنا
إسحاق بن سعٌد ،قا ل :أخبرنا محمد بن هارون ،قال :أنبؤنا أو آمنة محمد بن
إبراهٌم ،قال :أخبرنا محمد بن سابق ،قال :أخبرنا إبراهٌم بن طهمان ،عن منصور،
عن نافع ،عن ابن عمر رضً هللا عنهما قال :قال رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم :
" إذا را أحدكم الجمعة فلٌؽتسل " ( .)1وهذا الحدٌ الشريؾ فٌه من إعظام مناجار
هللا الؽاٌة ،فإن العبد إذا صلى ناجى ربه ،سٌَّوما فً ٌوم الجمعة ومشهدها ،فإنه من
أعظم مشاهد الحضرر .وا ؼتسال عبارر عن ؼسل القلب والقالب من الوجودات،
هذا مع ما فٌه من فضٌلة التطهر الشرعً ،وهذا سر من أسرار ا ؼتسال ،ولم ٌكن
من حكم شرعً إ فٌه من ااسرار الباطنة والظاهرر ما تحٌّسر( )2له العقول.
() 1
وػ٬غ .ف٧ج ٣د٦ـج ج ٌٗٞٝؤػ٠ؿ ٖ ٫ج٠ٝل٢ؿ ٧ 5488 ٧ 5482/5 ٧ 319 ٧ 91/1ج٢ٝلحث ٫ٖ ٫جٝظِ٠ر ،دحخ:
ػى جٱ٠ح ٫ٖ ٟؾًدس ٩ُٞ ٤جٔٝلل ٟ٧٬جٝظِ٠ر ٖ٧ 105/3سغ جٝدحف٧ 360/2 ٪ف ٫ٖ ٪٧جً٧٠ٝإ :جٝظِ٠ر ،دحخ
٠ح ظحء ٖٓ ٫لل ٟ٧٬جٝظِ٠ر ف" : 429 ٟٙاـج ظحء ؤػؿ ٟٜجٝظُ ٟر ٖٔ٬ٞسلل " ٜ ٧٥٧ـ ٫ٖ ٛٝج٠ٝل٢ؿ ٧ 4466/4
٧ 5828 ٧ 5311/5 ٧ 5169 ٧ 5083جٝدؾحف :٪جٝظِ٠ر ،دحخ ٖيل جٔٝلل ٟ٧ ٪جٝظِ٠ر ٠٧ 837ل: ٟٞ
جٝظِ٠ر (ؤ٧جث٧ .845 ٧ 844 )٤ٞجٌ٢ف جٝدؾحف.877 ٧ 854 ٪
() 2
سػٓ٫ف (دي ٟجٝفجء)٠ :يحفٍ ؾٗٗز ٤٢٠اػؿ ٨سحء٧ ٤٬ؤو ٤ٞسسػ٬فٚ٬ ،حل :ػحف ٬ػحف ٧سغ ٬ف ٬سػ٬ف (جٌ٢ف
جٚٝح٧٠ك ج٠ٝػ.)ً٬
153
أي بنً ،اعلم أن َسمن نظر فً حسن تدبٌر هللا تعالى ،ولطابؾ صنعه ،وكمال
قدرته فً كل شًء ،علم أنه تعالى قاب ٌحم على نفسه بما كسبت ،وأن نواصً العباد
( )1فً مار ي حكمته ،راد بٌدهٌ ،قلبهم كٌؾ ٌشاء ،وأن سعادتهم وشقاوتهم
لقضابه و معقب لحكمه ،فمتى تحقق ذلك اعتصم باهلل ،واستسلم له ،وفور ال ُسكـلّسٌة
إلٌه ،وقام بقدم ا ضطرار بٌن ٌدٌه ،وبقً بال حول و قور ،و اختٌار و تعلٌق،
و تدبٌر و سإال ،فإن راحة الدارٌن وسرورهما فً ا عتصام باهلل ،وهمومهما
فً ا عتصا م بؽٌر هللا ،ورإٌة الحول والقور بالنفأ ،أ تر قول هللا تعالى لنبٌه
علٌه الصالر والسالم ( :ل و أمل لنف نفعا ً وو ضراً و ما ألاء هللا)( )2ومعاملة
(و أمل و هللا تعالى موسى علٌه الصالر والسالم فً التٌه مكافؤر لقوله :
نف وأخل) ( )3وقٌل فً م عنى قوله تعالى ( :اخلف نعلي ) أي اخلع عن قلبك
() 4
أهلك وولدك وكل ما سو هللا ( ،)5ثم قال تعالى ( :وما تل بيمين يا موسى * ال
هل عصا ) ( )6أضافها إلى نفسه ،قال ما تصنع بها قال( :أتوكإا علٌها)( )7فقال له:
() 8
( أللها يا موسى * ؤللاها فإا هل حية تسعى)
() 1
جٝنٚح٧ذ ٧جٝن٧ٚذ (دٗسغ جٝن٦٬ٖ ١٬ح ٜ٧لف٥ح) ٧جٝنٚح :جٝنٚحء.
() 2
ل٧فذ جٯُفجٕ.188 :
() 3
ل٧فذ ج٠ٝحثؿذ.25 :
() 4
ظٛزح ٗ. 12 :
() 5
٥ـج ٫٢ِ٬ؤ٧٬ ١ػؿ ج٠ٝفء فد ٤لدػحٗ٬٧ ،٤٢فؿ ٣دحٝس٧ظ٧ ٤جٝؾن٬ر ٧جِٝدحؿذ٬ٝ ٤٢ٜٝ٧ ،ك ٫٢ِ٬ؤ ١ػخ ج ٟٝفء
ٝفل٧ل جهلل و ٩ٞجهلل ُ٧ ٤٬ٞل٬ٓ ٟٞف ٧جظخٖ ،ب ١ج٠ٝفء ٳ ٬ئ ١٠ػس ١٧ٜ٬ ٩و ٩ٞجهلل ُ٧ ٤٬ٞل ٟٞؤػخ ا٤٬ٝ
٠ ١٠حٝ٧٧ ٤ٝؿٗ٢٧ ٣ل ٤جٝس ٫د ١٬ظ٢د٬ٝ٧ ،٤٬ك ٫٢ِ٬ؤ٬يح ؤٳ ٬ػخ ج٠ٝفء ؤ ٤ٞ٥ؤ ٧ؤٳ ٬فُح ١٠ٖ ،ٟ٥جٝنف ؤ١
٬ي َ٬ج٧ٚ٬ ١ َٟ ٕٜٞ٠ٝز٧ ،ؾ٬ف جِٝدحؿ ٧٥ؾ٬ف ٟ٥ٯ ٟ٦٬ٖ ٧٥٧ ،٤ٞ٥فج ٍ ٠٧لئ٧ل ُ٧ ،ٟ٦٢دػد٧ ٟ٦دػخ لحثف
٧" :ظدز ٠ػدس٫ ج٠ٝل٬ ١٬٠ٞسٚفخ ا ٩ٝجهلل سِح ٩ٝجٝـ٧ٚ٬ ٪ل " :ػٚز ٠ػدس٠ٞٝ ٫سػحد ٫ٖ٧ ".. ٓ٫ٖ ١٬ف٧ج٬ر
٠ٞٝسػحد [ "..ٓ٫ٖ ١٬جٱسػحٖحز :ه.] 70 ٧49
() 6
ل٧فذ ً.18- 17 :٤
() 7
ل٧فذ ً18 :٤
() 8
ل٧فذ ً.20-19 :٤
154
قال هللا تعالىٌ :ا موسى هذه التً قلت أتوكؤ علٌها صارت عدور لك ،لتعلق قلبك
( :قال خذها و بؽٌري ،فرجع موسى بقلبه إلى هللا تعالى ،فلما علم ذلك منه
تخؾ)( )1وقال لنبٌنا علٌه الصالر والسالم ( :ل لن يصيبنا و ما تب هللا لنا) .
() 2
ٌقول هللا تعالى " :ما من عبد نزلت به بلٌة فاعتصم بمخلوق دونً إ قطعت
أسباب السماء من ٌدٌه ،ووكلته إلى نفسه ،وما من عبد نزلت به بلٌة فاعتصم بً
دون خلقً إ أعطٌته قبل أن ٌسؤلنً ،وأستجٌب له قبل أن ٌدعونً"( )3وبلؽنا أن هللا
تعالى أوحى إ داود علٌه الصالر والسالم :وعزتً وجاللً وعظمتً وارتفا عً
فوق َس لقًٌ ،عتصم عبد من عبٌدي بً دون خلقً ،فؤعلم ذلك من قلبه فٌكٌده
السموات السبع و َسم ن فٌهن ،واارضون السبع و َسم ن فٌهن ،إ جعلت له من ذلك
مخرجاًا ،وعزتً وجاللً ،وعظمتً وارتفاعً فوق َسخلقًٌ ،عتصم عبد من
عبادي بمخلوق دونً ،فؤعلم ذلك من قلبه ،إ قطعت عنه ااسباب ،ثم أبالً فً
أي واد
() 1
ل٧فذ ً21 :٤
() 2
جٝس٧خ.51 :
ذ ل٧فذ
() 3
ؤؾفظ ٤جِٝلٜف ٫ُٞ ١ُ ٪في ٫جهلل ُٙ ٤٢حلٙ :حل فل٧ل جهلل و ٩ٞجهلل ُ٧ ٤٬ٞل٧ٚ٬ : ٟٞل جهلل سِح٠" : ٩ٝح
٠ ١٠ؾِ٬ ٘٧ٞسو ٟد٠ؾ ٘٧ٞؿ ٫٢٧اٳ ًِٙز ؤد٧جخ جٝل٧٠جز ٧جٯفى ؿٖ ،٤٢٧ب ١ؿُح ٟٝ ٫٢ؤظد٧ ،٤ا ١لإ٫٢ٝ
ٟٝؤًُ٠٧ ،٤ح ٠ ١٠ؾِ٬ ٘٧ٞسو ٟد ٫ؿ ١٧ؾ ٫ٚٞاٳ ي٢٠ز جٝل٧٠جز ف قٖ ،٤ٙب ١لإ ٫٢ٝؤًُ٬س٧ ،٤ا ١ؿُح٫٢
ؤػددس٧ ،٤ا ١جلسٔٗفٗٓ ٫٢فز ٢ٜ [ " ٤ٝق ج٠ِٝحل (جٝفلحٝر) ٧ .]8512/3ف٧ج ٣جد ١ج٠ٝدحف ٫ٖ ٛجٝق٥ؿ ُ ١جد١
٠لِ٧ؿ في ٫جهلل ُٙ ٤٢حلٙ :حل فل٧ل جهلل و ٩ٞجهلل ُ٧ ٤٬ٞل ١٠ " :ٟٞؤوحدسٖ ٤حٙر ٖإ٢ق٦ٝح دح٢ٝحك ٟٝسلؿ
ٖحٙس ١٠٧ ،٤ؤ٢ق٦ٝح دحهلل سدحف ٧ ٛسِح ٩ٝؤ٧ن ٛجهلل ٤ٝدح ٩٢ٔٝا٠ح ٧٠سحً ُحظٴً ،ؤ ٩٢ٓ ٧آظٴً " [ جٝق٥ؿ (سو٬٧ف
د٬ف٧ز) :دحخ ٠ح ف٧ج ٟ٬ِ٢ ٣د ١ػ٠حؿ ٖ٢ ٫لؾس ٤قجثؿجً ُ٠ ٩ٞح ف٧ج ٣ج٠ٝف٧ق ١ُ ٪جد ١ج٠ٝدحف ٛه 34فٟٙ
جٝػؿ٬ش ٫ٖ٧ ]132ف٧ج٬ر ٢ ١٠ " :قٝز د ٤ػحظر ٖإ٢ق٦ٝح دح٢ٝحك ٢ٜ [ "..ق ١ُ 16781/6جد ١ظف٬ف ٪س٦ـ٬د،٤
٧جًٝدفج ٫ٖ ٫٢جٜٝد٬ف٧ ،ؤد ٫ٖ ٟ٬ِ٢ ٫ػ٬ٞر جٯ٬ٝ٧حء ٧جٝد ٫ٖ ٫ٚ٦٬نِخ جٱ٠٬ح.]١
155
أهلكته ،وأمأل قلبه شؽالًا وحرصاًا ،وأمالًا ٌبلؽه أبداًا".
() 1
وفً الخبر ":من اعتصم باهلل واستعان به ،أحوج هللا إلٌه الناأ ،وأنطقه
بالحكمة ،وجعله من ملوك الدارٌن ،ومن اعتصم بمخلوق دونه ،ووكل إلٌه قلبه،
عذبه هللا ،وقطع عنه أسباب الدنٌا واآلخرر ".
وروي أٌضا ًا " :تفرؼوا من هموم الدنٌا ما استطعتم ،وأقبلوا إلى هللا تعالى
بقلوبكم ،واعتصموا به فً جمٌع أموركم ،ان العبد إذا أقبل إلى هللا بقلبه ،أقبل هللا
() 2
بقلوب العباد إلٌه ،ومن ٌعتصم باهلل كفاه هللا كل مإنة".
قٌل لٌحٌى بن معاذ :متى ٌكون الرجل معتصما ًا باهلل؟ فقال :إذا قطع قلبه عن
كل عالقة موجودر ومفقودر ،ورضً باهلل وكٌال .وروي أن هللا تعالى قال لداود علٌه
الصالر والسالم :ما ٌتعبد المتعبدون ،و ٌتقرب المتقربون بشًء أبلػ عندي من
ا عتصام والتسلٌم.
() 3
وقال عامر بن قٌأ احد العارفًن :اد هللا لً :فقال :لقد استعنت بمن هو
.وقال :فٌما أعجز منك ،أطع هللا واعتصم بهٌ ،عطك أعظم ما ٌعطً السابلٌن
() 1
٧ .229ف٨٧ جٱسػحٖحز جٝل٬٢ر دحٯػحؿ٬ش جٚٝؿل٬ر ٝق ١٬جٝؿ ١٬ج٢٠ٝح( ٪٧د٬ف٧ز) ه 99ف ٟٙجٝػؿ٬ش
جٔٝقج ٫ٝدِي ٫ٖ ٤جٱػ٬حء (ؿجف جِ٠ٝفٖر) .244/4
() 2
جٝسفٓ٬خ ٧جٝسف٬٥خ ٞٝػحٌٖ ج٢٠ٝـ ف( ٪جٝسفٓ٬خ ٖ ٫جٗٝفجّ ِٞٝدحؿذ) 24/4ف ٟٙجٝػؿ٬ش ٙ٧ 4632حل :ف٧ج٣
جًٝدفج ٫ٖ ٫٢جٜٝد٬ف ٧جٯ٧لً٧ ،جٝد ٫ٖ ٫ٚ٦٬جٝق٥ؿ ٠٧ .ظ َ٠جٝق٧جثؿ (جٜٗٝف) 432/10دفٙ٧ 17816 ٟٙحل :
"ف٧ج ٣جًٝدفج ٫ٖ ٫٢جٜٝد٬ف ٧جٯ٧لً "٢ٜ٧ .ق ج٠ِٝحل ٧ 6077/3ػ٬ٞر جٯ٬ٝ٧حء ١ُ ٟ٦ٜٞ .227/1ؤد ٫جٝؿفؿجء
في ٫جهلل ُ٧ .٤٢جٌ٢ف د٦ـج ج ٩٢ِ٠ٝجٝسفٓ٬خ ٧جٝسف٬٥خ :جٝسفٓ٬خ ٖ ٫جٗٝفجّ ِٞٝدحؿذ ٧جٱٙدحل ُ ٩ٞجهلل سِح،٩ٝ
٧جٝسف٬٥خ ١٠جٳ٥س٠ح ٟدحٝؿ٬٢ح ٧جٳ٠٦٢ح٦٬ُٞ ٛح ٠٧ 23/4ح دِؿ٥ح.
() 3
ٖ ٫جًٝدٚحز جٜٝدفٞٝ ٨نِفج( ٫٢جٜٗٝف) ُ :28/1ح٠ف دُ ١دؿ جهلل د٬ٙ ١ك ٙ٧ .حل ج٢ٝد٦حُ " : ٫٢ح٠ف دُ ١دؿ
جهلل جِ٠ٝف ٕ٧دحدُ ١دؿ ٬ٙك٠ ..حز ٖ ٫ؾٴٖر ِ٠ح٬٧ر في ٫جهلل ُ [ " ٤٢ظحٜ َ٠فج٠حز جٯ٬ٝ٧حء .]134/2
156
أنزل على موسى علٌه الصالر والسالم :إن أردت أن تكون قابداًا اهل الدنٌا ،وسٌداًا
فً المنظر ااعلى فكن مستسلما ًا راضٌا ًا بحكمً.
وقال الفضٌل بن عٌار ( :)1إنً استحً من هللا أن أقول إنً معتصم باهلل،
ان من اعتصم باهلل ٌخاؾ َسمن دونه ،و ٌرجو ؼٌره ،وٌقطع قلبه عن عالبقه
فً الدارٌن.
وقٌل فً معنً قوله ( :إنا هلل ) اآلٌة ،أي نحن عبٌد هللا وإماإه ،نتقلب فً
مشٌبته وقضابه ،و َسنواصً العباد بٌده (و نا ليه راجعون)( )2بالرضا عنه ،والتسلٌم
له وا عتصام به ،والتفوٌر إلٌه ،وروي أن هللا تعالى قال لموسى علٌه الصالر
والسالم ( :اإهب لى رعون نه طتى )( ،)3فقال ٌا رب أهلً وؼنمً .قال هللا
تعالى :إذا وجدتنً فؤي شًء تصنع بؽٌري؟ ٌا موسى اذهب واعتصم ،واستسلم لً
اامور إ لًّس ،فإنً جعلت الذبب راعٌا ًا لؽنمك ،والمالبكة حافظٌن اهلكٌ ،ا َس وفوِّذ ر
أنجاك
َس أمك بعده؟ و َسمنألقتك أمك فٌه؟ و َسمن ر َّود َسك إلى َس
َس موسى َسمن أنجاك من الٌم حٌن
قتلت نفسا ،ومن أنجاك من المفازر حٌن فررت من ًا َس عدوك فرعون حٌن
َس من
فرعون؟ وهو ٌقول فً ذلك كله :أنت أنت.
واعلم أن َسمن اعتصم بؽٌره أو بشًء دونه فهو مخذول ،خارج من حد
العبودٌة ،ان حد العبودٌة ترك ا ختٌار إلى الجبار.
() 4
قال هللا تعالى ( :ورب يخلو ما يألاء ويختار ما ان لهم الخيرا) ( ،ما
يفتل هللا للنا من را مة ال ممس لها )( )5وقال ( :و ن يمسس هللا بضر ال
() 7
) األل له و هو )( )6وقال تعالى ( :ل لن يصيبنا و ما تب هللا لنا
() 1
جٗٝي٬ل د٬ُ ١حى جٝس٥ 187- 105( ٫٠٬٠ـ).
() 2
ل٧فذ جٝدٚفذ.156 :
() 3
ل٧فذ ً.24 :٤
() 4
ظٛزح اٌمظض. 68 :
() 5
ظٛزح فب س2 :
() 6
ظٛزح األٔعبَ. 17 :
() 7
ظٛزح اٌزٛثخ. 51 :
157
() 1
وقال تعالى( :ومن يتو ل على هللا هو حسبه)
واعلم أن العبودٌة مبنٌة على عشر خصال :ا عتصام باهلل فً كل شًء،
والرضا عن هللا فً كل شًء ،والرجو إلٌه فً كل شًء ،والفقر إلى هللا فً كل
شًء ،واإلنابة إلى هللا فً كل شًء ،والصبر مع هللا فً كل شًء ،وا نقطا إلى
هللا فً كل شًء ،وا ستقامة باهلل فً كل شًء ،والتفوٌر إلى هللا فً كل شًء،
والتسلٌم له فً كل شًء.
واعلم أن التسلٌم وا ستسالم ،شعبتان من شعب اإلٌمان والمعرفة ،التسلٌم
هو تسلٌم ال ُسكـلّسٌة إلى الأ م بالسالمة بال تخلٌط ،وا ستسالم هو أن ٌستسلم راضٌا ًا
بجمٌع ما ٌنزل علٌه منه.
() 1
ظٛزح اٌطالق3 :
158
أخبرنا شٌخنا الجلٌل أبوالفضل علً القاري القرشً الواسطً رضً هللا عنه
قال :أنبؤنا أبوالحسن عبدا لرحمن بن محمد بن المظفر الداودي ،قال :أنبؤنا أبو محمد
عبد هللا بن أحمد السرخسً ،قال أنبؤنا أبو عبدهللا محمد بن ٌوسؾ الفربري ،قال :
أنبؤنا أبو عبدهللا محمد بن إسماعٌل البخاري ،قال :حدثنا صدقة بن الفضل قال :
أخبرنا ابن عٌٌنة ،قال :حدثنا زٌاد هو ابن عالقة أنه أمع المؽٌرر ٌقول :قام النبً
صلى هللا علٌه وسلم حتى تورمت قدماه فقٌل له :ؼفر هللا لك ما تقدم من ذنبك وما
تؤخر ،قال" :أفال أكون عبداًا شكورا؟ " (.)1
فً هذا الحدٌ الشرٌؾ من اإللزام بالقٌام بواجب العبودٌة ؼاٌة الؽاٌة عند
َسمن ٌعقل ،فإن السٌد ااعظم ،والكنز المط لسم صلى هللا علٌه وسلم ( ،)2حالة كونه
الخلق والخالق ،قد فعل فًسِس رّس الوجودات ،وسبب الموجودات ،والبرز الوسط بٌن َس
مقام عبدٌته ما تورّس م له قدماه الشرٌفان ،فؤٌن نحن؟ هات أٌها العارؾ ،ابذل مهجتك
اتباعا ًا لهذا الرسول العظٌم صلى هللا علٌه وسلم ،وامحق ُسكلّسك فً الٌوم واللٌلة ألؾ
مرر ،وأنت بعدها مقصر ،العبودٌة وصؾ العارؾ المحر.
() 1
وػ٬غ .ف٧ج ٣ؤػ٠ؿ ٖ ٫ج٠ٝل٢ؿ (ػؿ٬ش ج٬ٔ٠ٝفذ د ١نِدر في ٫جهلل ُ ١ُ ٤٢ج٢ٝد ٫و ٩ٞجهلل ُ٧ ٤٬ٞل) ٟٞ
٧ .18159 ٧ 18855جٝدؾحف ٫ٖ ٪جٝس٦ظؿ ،دحخ ٬ٙح ٟج٢ٝد ٫و ٩ٞجهلل ُ٧ ٤٬ٞل ٟٞػس ٩ز٧فٙ ٟؿ٠ح ،٣ف1078 ٟٙ
٧جٝسٗل٬ف ،دحخ ٗٔ٬ٝ ( : ٤ٝ٧ٙف ٛٝجهلل ٠ح سٚؿ ١٠ ٟـ٢د٠٧ ٛح سإؾف ٬٧س٠ِ٢ ٟس٦٬٧ ٛ٬ُٞ ٤ؿ ٛ٬وفجًحً ٠لس٠٬ٚحً ) [
جٗٝسغ ] 2ف" :٤٬ٖ٧ 4557 ٧ ،4556 ٟٙؤٖٴ ؤػخ ؤ ١ؤُ ١٧ٜدؿجً ن٧ٜفج " ٧جٝفٙح٘ ،دحخ جٝودف ُ٠ ١ػحف ٟجهلل
٠٧ .6106ل ٫ٖ ٟٞوٗحز ج٢٠ٝحٖ ،١٬ٚدحخ :اٜصحف جٯُ٠حل ٧جٳظس٦حؿ ،ف.2819 ٟٙ
() 2
ًٞ٠لٓ :ٟح٠ى [ جِ٠ٝظ ٟج٧ٝل.]ً٬
159
أي بنً ،قد ذكر هللا تعالى فً كتب اانبٌاء نعت ااصفٌاءٌ ،قول هللا تعالى :
عبدي بً وجدتنً ،وبً وقع بٌنً وبٌنك عقد المحبة ،وبً صرت من أهل خدمتً،
قصدت صحبتً، َس وبً تعرفنً وبً تذكرنً وتثنً علًّس ،وبً تتلذذ بذك ري ،وبً
وبً قدرت أن تنظر فً اآلخرر إلى وجهً ،عبدي نفسك لً ،وروحك لً ،وقلبك
لً ،و ُسكلِّذٌتك لً ،فإن أعطٌتنً الكل أعطٌتك الكل ،وكنت لك مع الكل.
وفً الخبر :أوحى هللا تعالى إلى داود علٌه الصالر والسالمَ :سمن الذي دعانً
فقطعت رجاءه؟ ومن الذي قر بابً فلم ٌفتح له؟ أنا الذي جعلت آمال َسخلقً بً
متصلة ،وعندي م ّسدخررٌ ،ا داود ما لعبدي ٌُسعرر عنً وأنا أقول إلًّس ٌ ،ا داود أنا
مح ُّدل اآلمال ،أنا الذي جعلت طٌران قلوب المشتاقٌن نحوي ،وجعلتها فً اارر
شرود ب ِّذ مواضع نظري ،وأطلق ُستها إلًّس حتى تزداد شوقا ًا إلًّس ،وقربا ًا منًٌ ،ا دا
أولٌابً وأحبابً بؤنً كل ساعة أُسرٌهم كرامتً ،ولطابؾ صنعً ،وحسن امتنانً
ٌنسونً ،و ٌمٌلوا إلى ؼٌري ،وشوقتهم إلًّس حتى ٌصبروا عنً، َس علٌهم ،حتى
وفتحت لهم أبواب أنسً ،واستجبت لهم قبل أن ٌدعونً ،وأعطٌتم قبل أن ٌسؤلونً، ُس
ٌا داود فوعِس َّوزتً وجاللً ا قعدنهم فً الفردوأ ،امكن َّونهم من رإٌتً حتى أرضى
عنهم وٌرضوا عنً.
ٌا داود أخبر أهل اارر بؤنً حبٌبٌح ل َسمن أحبنً ،وجلٌأٌح لمن جالسنً،
ِسأ بً ،وصاحبٌح لمن صاحبنً ،ومطٌ ٌحع لمن أطاعنً ،ومختا ٌحر لمن ومإنأٌح لمن أن َس
وا إلى محبتً اختارنً ،وقل لعبادي هلمّسوا إلى مصاحبنً ومإانستً ،وسار
وقربً.
اعلم ٌا داود أنً خلقت طٌنة أحبابً من طٌنة إبراهٌم خلٌلً ،وٌحٌى زكٌّسً،
ومحمد حبٌبًٌ ،ا داود هل رأٌت حبٌبا ًا ٌبخل على حبٌبهٌ ،ا داود أ إن طال شوق
اابرار إلى لقابً ،فإنً إلٌهم اشد شوقاًا ،أ َسمن طلبنً وجدنً ،ومن طلب ؼٌري
لم ٌجدنً.
ٌا داود إذا كان الؽالب على عبدي ا شتٌاق لً ،وا شتؽال لً ،جعلت
160
راحته ولذته فً ذكري وعشقته ،ورفعت الحجاب بٌنً وبٌنه ،أحبه وٌحبنً ،حتى
ٌؽفل إذا ؼفل الناأ ،و ٌسهو إذا سها الناأ ،و ٌلهو إذا لها الناأ ،أولبك
اابرار حقاًاٌ ،ا داود إن طلبتنً وجدتنً ،وكفٌت ك ااسباب ،ولم أطالبك بالحقوق،
وإن طلبت ؼٌري شؽلتك بااسباب ،وطالبتك بالحقوقٌ ،ا داود إنً جعلت محبتً
لمن ٌنسانً بلسانه وقلبه ،فإنه شًء أنقل عندي من الؽفلة والنسٌان.
ٌا داود إن رضٌت عنً رضٌت عنك ،وإن أفردتنً بالحاجة أفردتك
باإلنجا ،وإن شكرتنً صٌرتك ملكا ًا فً الدارٌنٌ ،ا داود من لم ٌصبر على بالبنا
ٌفز إلٌناٌ ،ا داود إنً إذا أحببت عبداًا من عبٌدي مألت قلبه خوفا ًا منً ،وتشوقا ًا
إلى لقابً ،وحرصا ًا على طاعتً.
ٌا داود أولٌابً فً قبابً ٌعرفهم إ أولٌابً ،فطوبى اولٌابً وطوبى
احبابًٌ ،ا داود إنً أنسى َسمن ٌنسانً ،فكٌؾ أنسى من ٌذكرنًٌ ،ا داود إنً
أجود على َسمن ٌبخل علًّس ،فكٌؾ أبخل على من ٌجود بًٌ ،ا داود إنً أحب َسمن
شر عبادي السابلٌن ،بؤنً بهم رإوؾٌح ٌبؽضنً ،فكٌؾ أُسبؽر َسمن ٌحبنًٌ ،ا داود ب ِّذ
ب ٌحب خلو َسر حبٌبه ،وأنا مُسطلع على قلوب أحبائ ي ،قل رحٌمٌ ،ا داود كل حبٌ ٍس
() 1 ُس
للمتلذذٌن بذكري :هل وجدتم ربا أبرَّو منً؟ ٌا داود َسمن أطاعنً وهو ٌحبنً أسكنه
جنتً ،وأُسرٌه وجهً ،و َسمن عصانً ولم ٌحبنً أدخله ناري ،وأح ُّدل علٌه سخطًٌ ،ا
داود وعزتً وجاللً ٌجاورنً إ َسمن طلب جواري.
ٌا داود كذب من ادعى محبتً وإذا َسجنَّو علٌه اللٌل نام عنًٌ ،ا داود َسمن
عرفنً أرادنً ،ومن أرادنً طلبنً ،ومن طلبنً وجدنً ،ومن وجدنً ٌختار
حبٌبا ًا سوايٌ .ا داود َسمن طلبنً قتلته ،ومن أحبنً ابتلٌته ،ومن هرب منً أحرقته .
ٌا داود بشر المذنبٌن بؤنً ؼفور ،وأنذر الصدٌقٌن بؤنً ؼٌور ٌ .ا داود من لقٌنً
وهو
() 1
٬ظ٧ق ٖ ٫ج٠ٝيحفٍ ج٧ٝج َٙظ٧جخ نفً – اـج ٜحِٖ ١ل جٝنفً ٠حي٬حً -ؤ٬ ١فَٖ ٬٧ظ٧ق ؤ٬ ١ظق. ٟ
161
ٌخافنً لم أعذبه بناري ،ومن لقٌنً وهو ٌحبنً لم أحزنه بفراقً ،ومن لقٌنً وهو
مستحً منً لم أخجله ٌوم ٌلقانً ٌ .ا داود جنتً لمن لم ٌقنط من رحمتً ،وؼضبً
عاجلت أحداًا بالعقوبة إذاًا
ُس عن َسمن أخطؤ خطٌبة فاستعظمها فً جنب عفوي ،ولو
عاجلت القانطٌن من رحمتً ،وما العجلة من شؤنً ،ؾ ها أنا مطلع على قلوب
أحبابً ،إذا جن اللٌل جعلت أبصارهم فً قلوبهم ،فخاطبونً علً المشافهة،
وكلمونً على الحضور.
ٌا داود لو أنً ربطت أروا أحبابً فً أبدانهم ،لخرجت ااروا من
أبدانهم شوقا ًا إلى لقابًٌ ،ا داود إن من عبادي عباداًا جعلتهم للخٌر أهالًا ،وجعلت لهم
المإانسة نصٌباًا ،طوبى لهم وحسن مآب.
ورُسوي أن هللا تعالى أوحى إلى ٌحٌى بن زكرٌا علٌهما الصالر والسالم :إنً
قضٌت على نفسً أن ٌحبنً عب ٌحد من عبادي أعلم ذلك من قلبه إ كنت سمعه ُس
ُس
وبصره ولسانه ،وأبؽر إلٌه كل شًء ،وأمنعه شهوات الدنٌا ولذاتها ،وطٌب
عٌشها ،وأط لع علٌه فً كل ٌوم سبعٌن ألؾ مرر ،وأزٌد له كل ساعة لذابذ حبً،
وحالور أنسً ،وأمأل قلبه نوراًا منً ،حتى ٌنظر إلى كل ساعة فؤمسح برأسه،
وأضع ٌدي على ألم قلبه ،حتى ٌشكو منه ،وأنا أسمع خفقان قلبه من الشوق إلى
لقابً ،والخوؾ من قطٌعتً ،وهو ٌقول :حقٌق علًّس أن يسكن قلبً حتى أصل
إلٌك ٌا ربًٌ ،ا ٌحٌى وكٌؾ ٌسكن قلب المشتاق وأنا ؼاٌة مُسنٌته ،ومنتهى أمله،
وهو كل ساعة ٌتقرب إلًّس وأتقرب إلٌه ،وأسمع كالمه ،وأعلم أسفه ،وأحب صوته؟
فوعِس َّوزتً وجاللً ،انقبنه ٌوم القٌامة منقبا ًا (ٌ )1ؽبطه ااولون واآلخرون ،ثم آمر
منادٌا ًا ٌنادي من تحت عرشً :هذا فالن ابن فالن ولً هللا وصفٌُّده ،دعاه هللا ل ُسٌقِسرَّو
عٌنه ،ثم آمر برفع الحجاب حتى ٌنظر حبٌبً إلًّس ،وأقول :السالم علٌك عبدي
. وولًٌ أب ِّذ
شرك
() 1
ِ٬ؿ ٣جهلل ُق ٧ظل دِ ٧ٞجٚ٠ٝح ٟ٧٬ ٟج٬ٚٝح٠ر٬ٚ٢٧ .خ ج :ٟ٧ٚٝيُ٧ ٟ٦٢٬٠فٙ٧ .ٟ٦ٗ٬ؿ ٚ٢خ ُِٙ١ ٟ٦٬ٞحدر :ؤ٪
وحف ي٢٬٠حً ُ٧فٗ٬حً . ٟ٦ٝ
162
قال :فؽشً على ٌحٌى فلم ٌفق ثالثة أٌام ،فلما أفاق قال :سبحانك سبحانك ما أكثر
توددك إلى أولٌابك وأصفٌا بكٌ ،فصل عنك ااملٌ ،ا خٌر صاحب وأنٌأ ،فنعم
أنت ونعم النصٌر .وروي أن هللا تعالى قال فً بعر كتبه " :إذا كان الؽالب المولى َس
على قلب عبدي ا شتؽال واانأ بً ،رفعت الحجاب بٌنً وبٌنه فً الباطن ،حتى
كؤنه ٌنظر إلًّس (.")1
ورُسوي أن هللا تعالى قال فً بعر الكتب :وعزتً وجاللً اقطعن أمل كل
ُس
فقطعت مإمِّذل ؼٌري باإلٌاأٌ ،إمل عبدي ؼٌري والخٌر كله بٌديَ ،سمن الذي أملنً
عنه أمله ،ومن الذي رجانً فخٌبت رجاءه ،ومن الذي قر بابً بالدعاء فلم أفتح
له؟ عبدي تنعم بذكري ،فإنً نعم الحبٌب لك فً الدنٌا واآلخرر ،عبدي ستذكرنً إذا
َس
أعرضت جربت ؼٌري بؤنً لك خٌر من كل ما سواي ،عبدي ما استحٌٌت منً أن
قبل على ؼٌري؟ عبدي إلى أٌن تذهب وطرٌق الوسٌلة إلًّس إلى وجهك عنً ،و ُست ِس
ؼٌري ،عبدي أٌن َسمن دعانً فلم أجبه ،وأٌن َسمن سؤلنً فلم أعطه ،عبدي بابً لك
مفتو ،عطابً لك مبذول ،وأنا أرحم الراحمٌن.
:ح َّوقت محبتً وروي أن هللا تعالى قال لموسى علٌه الصالر والسالم
للمتحابٌن من أجلً ،وحقت محبتً للمتواصلٌن من أجلً ،وحقت محبتً
للمتزاورٌن من أجلًٌ ،ا موسى إن ذكرتنً ذكرتك ،وإن رضٌت عنً رضٌت
عنك ،وإن كنت لً فرداًا كنت لك الفرد ،وإن لم تر َّود على حكمً والٌتك واصطفٌتك،
َس
أحببت فؤحبنً وقرَّوبت مقعدك منًٌ ،ا موسى إذا خ َس
ِسفت فخفنً حتى أإمنك ،وإذا ُس
حتى أحبك ،وأحببك إلى قلوب الصالحٌن ،وإذا نظرت فانظر إلًّس حتى أنظر إلٌك
من فوق عرشً.
وروي فً بعر ااخبار أن هللا تعالى ٌقول ٌوم القٌامة اولٌابه ٌ :ا أولٌابً
طالما لحظتكم ،ورأٌتكم فً دار الدنٌا وقد ؼارت أعٌنكم ،وقلصت شفاهكم ،وخفت
بطونكم ،فكلوا واشربوا هنٌبا ًا بما أسلفتم فً ااٌام الخالٌة ،أولٌابً وأحبابً
() 1
ؤؾفظ ٤ؤد ٫ٖ ٟ٬ِ٢ ٧ػ٬ٞر جٯ٬ٝ٧حء ُ ١جٝػل ١جٝدوف٠ ٪فلٴً [ ٢ٜق ج٠ِٝحل .] 1872/1
163
جزابً لكم أفضل البذل ،وفضلً لكم أوفر الفضل ،ومعاملتً إٌاكم أحسن المعاملة،
ومطالبتً إٌاكم أشد المطالبة ،أنا مإنأ القلوب ،وأنا عالّسم الؽٌوب.
164
الحديث ال انل وال ال ون
[ المتو ل ،صلى هللا عليه وسلم ]
أخبرنا شٌخنا الشٌخ الجلٌل أبوالفضل علً الواسطً قال :أنبؤنا أبوالحسن
عبدالرحمن الداودي قال :أنبؤنا أبومحمد عبدهللا السرخسً قال :أنبؤنا أبو عبدهللا
محمد بن ٌوسؾ الفربري ،قال :أنبؤنا أبو عبدهللا محمد بن إسماعٌل البخاري ،قال :
حدثنا عبدهللا بن مسلمة ،قال :حدثنا عبدالعزٌز بن أبً سلمة عن هالل بن أبً هالل
عن عطاء بن ٌسار عن عبدهللا بن عمرو بن العال أن هذه اآلٌة التً فً القرآن( :
ٌؤٌها النبً إنا أرسلناك شاهداًا ومبشراًا ونذٌراًا )( )1قال فً التورار ٌا أ ٌها النبً إنا
أرسلناك شاهداًا ومبشراًا .وحِسرزاًا لألمٌٌن ،أنت عبدي ورسولً ،سمٌتك المتوكل،
سخاب بااسواق ،و ٌدفع السٌبة بالسٌبة ،ولكن ٌعفو ّس بفظ و ؼلٌظ ،و لٌأ ٍّم
وٌصفح ،ولن ٌقبضه هللا حتى ٌُسقٌم به الملة العوجاء ،بؤن ٌقولوا إله إ هللا ،فٌفتح
بها أعٌنا ًا عُسمٌاًا ،وآذانا ًا صُسماًا ،وقلوبا ًا ُسؼلفا ًا ( .)2ولنا بهذا السند عن البخاري قال :حدثنا
خالد بن مخلد قال :حدثنا سلٌمان قال :حدثنا عبدهللا بن دٌنار ،عن أبً صالح ،عن
أبً هرٌرر رضً هللا عنه ،عن النبً صلى هللا علٌه وسلم قال ": :الرحم شجنة
() 1
ل٧فذ جٯػقجخ.45 :
() 2
ؤؾفظ ٤د٦ـج ج ٌٗٞٝجٱ٠ح ٟجٝدؾحف ٫ٖ ٪جٝسٗل٬ف (ل٧فذ جٗٝسغ) دحخ ( :ا٢ح ؤفل٢ٞح ٛنح٥ؿجً ٠٧دنفجً ٢٧ـ٬فجً ) [
جٗٝسغ ] 8ف ٫ٖ٧ 4558 ٟٙجٝد ،ٍ٧٬دحخ ٜفج٬٥ر جٝلؾخ ٖ ٫جٝل ،٘٧ف٧ 2018 ٟٙؤ ٪ٕ ٤ٝ٧جٝدًُ ١ُ " :ٍ٧٬حء
د٬ ١لحفٙ ،حل٬ٚٝ :ز ُدؿجهلل د٠ُ ١ف ٧د ١جِٝحه في ٫جهلل ُ٠٦٢ح ٞٙ ،ز :ؤؾدف ١ُ ٫٢وٗر فل٧ل جهلل و٩ٞ
جهلل ُ٧ ٤٬ٞل ٫ٖ ٟٞجٝس٧فجذٙ ،حل :ؤظل٧ ،جهلل ا٧٠ٝ ٤٢و ٫ٖ ٕ٧جٝس٧فجذ ددِى وٗس ٫ٖ ٤جٚٝفآ٬ ( : ١إ٦٬ح ج٢ٝد٫
ا٢ح ؤفل٢ٞح ٛنح٥ؿجً ٠٧دنفجً ٢٧ـ٬فجً ) ٧ػفقجً " ..١٬٬٠ٰٝجٝػؿ٬ش :ٌٖ٧ .ل٫ء جٝؽُ .٘ٝلؾّحخ٬ :فَٖ و٧س٩ُٞ ٤
ج٢ٝحكُّٗٝ .حًًٓ :س٦ح ٌ٠ٞر جٝنف.ٛ
165
من الرحمن ،فقال هللاَ :سم ن وصلكِس وصلته ،ومن قطعكِس قطعته" (.)1
فالحدٌ ااول أفاد أن هللا ٌُسسعؾ نبٌه صلى هللا علٌه وسلم حتى ٌقوِّذ م
العوجاء بكلمة إله إ هللا ،والحدٌ الثانً أفاد أن الرحم من أشعة نور الرحمن،
َسمن وصلها اتصل ،و َسمن قطعها انقطع ،والجمع بٌن السرّسٌن فً الحدٌثٌن ،هو ؾ تح
القلب والعٌن وااذن بالتوحٌد الخالل وإٌصال القلب بالرحمن ،بحبل الرحمة
الخلق ،وبهذا َستعٌَّون ااقرب فااقربٌ ،فهم ذلك العارؾ ،فكلمة التوحٌد والشفقة على َس
تفٌد اإلٌمان باهلل ،وصلة الرحم تفٌد التخلق ب ُسخلُسق هللا ،وهو الرحمن ،وإلٌه المرجع
فً ال َسمبطن والعِسٌان ،وبه المستعان ،وعلٌه التكالن ،وما ذاك إ إلعظام أمر هللا،
وهو من إعظام هللا.
قال ٌحٌى بن معاذ :اعرؾ حُسرمة من تعرؾ الفض َسل إ منه ،و ترجو
ك شٌباًا، الراح َسة إ منه ،واستحً منه حق الحٌاء ،واذكر امتنانه إذ خلقك ولم ت ُس
وزٌّسنك بنور المعرفة ،حتى كؤنك لم تزل تعرفه ،ولو فضله ورحمته علٌك ،كٌؾ
كنت تعرفه بؤنه مو ك ،من ؼٌر أن تراه بعٌنك؟ ثم َسطه َسَّور سرّس ك وضمابرك من
الشك والشبهة والنفاق ،وألبسك من أحسن لباسه ،وتوَّو َسجك بتاجه بال سإال ،ثم دعاك
ّس
عظم وعظم أمره ،و َّو إلى دار السالم ،وٌقال ٌ :زال المإمن عظٌما ًا ما أعظم هللا،
أولٌاءه ،وعرؾ قدرهم وحرمتهم.
سل حاجتك قال :إنً () 2
وحُسكً أن رجالًا من ملوك الدنٌا قال لشقٌق
() 1
جٝدؾحف :٪جٯؿخ ،دحخ ٧ ١ َٟول ٧و ٤ٞجهلل ،فٖ٧ 5642 ٟٙسغ جٝدحف٧ 417/10 ٪ؤع ٟؿ ٖ ٫ج٠ٝل٢ؿ 2956
٬٧ .9244 ٧ 9832 ٧ 8954 ٧ظ٧ق ٖ ٫ن " ١٬نظ٢ر" جٝي٧ ٟجٜٝكف ٧جٗٝسغ ١٠ ٫٦ٖ ،ج٠ٝصٞصحز٫ٖ ٫٥٧ ،
جٯولُ :ف ٘٧جٝنظف ج٠ٝنسدٜر ١٠ .جٝفػ : ١٠جنزُ٘ جل٦٠ح ٥ ١٠ـج جٳل ٟجٝـ ٧٥ ٪وٗر ١٠وٗحز جٝفع.١٠
٧ج ( :٩٢ِ٠ٝؤ ١جٝفػ ٟؤصف ١٠آ صحف فػ٠س ٤سِح٠ ٩ٝنسدٜر د٦ح٦ًِٙ ١٠ٖ ،ح ١٠ ًَْٚ٢٠فػ٠ر جهلل ُقٖ ٧ظلّ١َ٠٧ ،
٧و٦ٞح ٧وٞس ٤فػ٠ر جهلل سِح [ ) ٩ٝسِ ٘٬ٞجٝؿٜس٧ف ٟوًٗ ٩جٝدٔح ُ ٩ٞجٝػؿ٬ش د٦ح٠م جٝظقء جٝؾح٠ك ه
( 2232وػ٬غ جٝدؾحف٠ ،٪ئللر جٝؾؿ٠حز جًٝدحُ٬ر ٖ ٫د٬ف٧ز).
() 2
شم١ك ثٓ إثسا٘ ُ١األشد ٞاٌجٍل ،ٟرٛف ٟظٕخ٘ 194ـ.
166
استحً من ربً أن أسؤلك ،ومو ي ناظر إلًّس ٌقول َسسل حاجتك بال حشمة ،حتى
ٌح
جماعة من () 1
أرضى عنك ،و تسؤل ؼٌري فؤمقتك .ودخل على رابعة البصرٌة
الزهاد وفٌهم سفٌان الثوري ( ،)2فرأوا لها حالة رثة ،فقال لها بعضهم :أما ُسترسلٌن
إلى بعر موالٌك لٌعطٌك شٌباًا؟ فقالت :وهللا إنً استحًٌ أن أسؤل الدنٌا ممن
ٌملكها ،فكٌؾ ممن ٌملكها .وقٌل ابً عبدهللا :ما صفة المرٌدٌن؟ قال :أن ٌكونوا
مع الناأ بؤبدانهم ،وقلوبهم تحت العرش كؤنهم ٌرون ربهم فوق عرشه ،وٌستحٌون
أن ٌسؤلوه شٌبا ًا سواه.
وفً الخبر " :أرأٌتم سلٌمان وما أعطً من الملك ،فإنه لم ٌرفع رأسه إلى
السماء ،تخشعا ًا هلل وحٌا ًاء منه ،حتى قبضه هللا " ( .)3وقال عامر بن عبد قٌأ ( )4ما
نظرت إلى شًء إ رأٌت هللا أقرب إلًّس منه ،وأنَّو نظره إلًّس قب َسل نظري إلى ذلك
الشًء .وكان ٌحٌى بن معاذ رحمه هللا إذا قرأ ( :ونحن أ رب ليه من حبل
الوريد)( )5قال :إلهً هذا قربك إلى أعدابك ،فكٌؾ قربك إلى أولٌابك؟
وقال شهر بن َسحوشب ( )6رحمه هللا :ما رأٌت إبراهٌم التٌمً ( )7رافعا ًا رأسه
هللا حٌا ًاء منه ،ومرر العارؾ داود وبصره إلى السماء قط ،حتى قبضه
() 1
فجدِر د ١ال٠حُ٬ل جِٝؿ٬٧ر٠ ،حسز دػؿ٧ؿ ٥ 180ـ٫ٙ٧ .ل ل٢ر ٥ 135ـ.
() 2
لٗ٬ح ١د ١لِ٬ؿ جٝص٧ف٥ 161 – 97 ( ٪ـ).
() 3
ؤؾفض جدُ ١لحٜف ُُ ١دؿجهلل د٠ُ ١ف ٧في ٫جهلل ُ٠٦٢ح ُ ١ج٢ٝد ٫و ٩ٞجهلل ُ٧ ٤٬ٞلٙ ٟٞحل٠ ( :ح نؿ
ل٠٬ٞحً ١فٖ ٤ا ٩ٝجٝل٠حء ،سؾنِحً ،ػ٬ش ؤًُح٠ ٣ح ؤًُح٢ٜ [ )٣ق ج٠ِٝحل .] 32332/11
() 4
" ُح٠ف دُ ١دؿجهلل جِ٠ٝف ٕ٧دحدُ ١دؿ ٬ٙك ج٢ِٝدف ٪جٝدوف ٪جٝسحدِ٠ .. ٫حز ٖ ٫ؾٴٖر ِ٠ح٬٧ر في ٫جهلل
ُ ٫ٖ ٤٢د٬ز جٚ٠ٝؿك" [ ظحٜ َ٠فج٠حز جٯ٬ٝ٧حء .] 136/2
() 5
ل٧فذ ٘.16 :
() 6
ن٦ف د ١ػ٧نخ جٯنِف٥ 100-20( ٪ـ).
() 7
ادفج ٟ٬٥جٝس " :٫٠٬س ٫ٖ ٫ٖ٧ػدك جٝػظحض ل٢ر جص٢س٧ ١٬سلًِ [ " ١٬دٚحز جٝنِفج.] 41/1 ٫٢
167
خرجت إلى صحن الدار َس الطابً ( )1رضً هللا عنهوهو فً جوؾ بٌته ،فقٌل له :لو
حتى تهب علٌك رٌح الهواء ،قال :إنً استحً من هللا أن ٌرانً وأنا أطلب الراحة
لنفسً فً الدنٌا .وٌقال :كان فً مصر رجل مجذوم فقال :إنه ٌعرؾ اسم هللا
ااعظم ،فقٌل :له :لو دعوت هللا باسمه ااعظم أن ٌكشؾ عنك هذا البالء؟ قال :إنً
استحً منه أن ٌكون لً مراد بخالؾ مراده.
وكان سٌدنا اإلمام الحسٌن بن اإلمام علً علٌهما السالم ،إذا توضؤ لٌصلً
ُسق لمن وقؾ بٌن ٌدي رب أصفر لونه ،وارتعدت فرابصه ،فقٌل له فً ذلك ،فقال :ح َّو
() 2
ٌصلً ،فانهدمت العرش أن ٌتؽٌر لونه حٌا ًاء من إجالله .وكان مسلم بن ٌسار
زاوٌة المسجد ولم ٌشعر .وكان اإلمام علً بن أبً طالب علٌه السالم ترتعد
فرابصه عند قضاء أمانة لم تحملها السموات واارر ،وهً الصالر .ولدؼت امرأ ًار
ٌح
حٌة فً أربعٌن موضعا ًا ولم تشعر ،من حالور الصالر.
وكان مسلم بن ٌسار ٌصلً ،فوقع الحرٌق فً بٌته ،وفز الناأ إلٌه ،حتى
أطفإوها ولم ٌشعر .قال الجرٌري ( )3إنً استحًٌ من هللا أن أنام تكلفا ًا حتى
ٌصرعنً النوم .وحكً أن معاذر بنت عبدهللا ( )4ما رفعت بصرها إلى السماء
أربعٌن عاماًا ،وكانت تقول :عجبت لعٌن تنا م ،والحبٌب إلٌها ناظر ،وربما كانت
تتفكر فً جاللته وعظمته ،حتى ٌُسؽشى علٌها .وكان داود علٌه الصالر والسالم
هٌبة من إجالله تعالى .وقال ابن سنان ( :)5ما اتخذ هللا ًا ٌرفع رأسه إلى السماء
إبراهٌم خلٌالًا حتى ألقى فً قلبه إجال منه ،بحٌ ٌسمع خفقان قلبه كالطٌر فً
ًا
الهواء.
عالمة السعداء ثال :التمسك بسنة النبً المختار صلى هللا علٌه وسلم ،
والصحبة مع
() 1
ؿج٧ؿ د٢ ١و٬ف جًٝحث ،٫س ٫ٖ٧ل٢ر ٥ 165ـ.
() 2
٠ك ٟٝد٬ ١لحفٗ٠ ،س ٫جٝدوفذ ،س ٫ٖ٧ل٢ر ٥ 108ـ.
() 3
ؤد٠ ٧ػ٠ؿ ؤػ٠ؿ د٠ ١ػ٠ؿ د ١جٝػل ١٬جٝظف٬ف٠ ،٪حز ل٢ر ٥ 311ـ [ ًدٚحز جٝنِفج.] 94/1 ٫٢
() 4
ِ٠حـذ د٢ز ُدؿ جهلل جِٝؿ٬٧ر ،سحدِ٬ر ٠ػؿصر٠ ،حسز ل٢ر ٥ 83ـ.
() 5
ؤد ٧ظِٗف ؤػ٠ؿ د ١ػ٠ؿج ١د٠ .٫ُٞ ١حز ل٢ر ٥ 311ـ [ جٝنِفج.] 103/1 ٫٢
168
ٌ :ا داود إنً ااولٌاء ااخٌار ،والحٌاء من الملك الجبار ،ومكتوبٌح فً الزبور
استحًٌ من عبدي أن أرده إذا دعانً ،وإن عبدي ٌستحًٌ أن أدعوه فال
ٌجٌبنً.
قال النبً للى هللا علٌه وسلم " :اإلحسان أن تعبد هللا كؤنك تراه ،فإن لم
تكن تراه فإنه ٌراك " ( )1قال الفضٌل :إلهً ارحم َسمن لو عقل لم ٌتكلم من الحٌاء .
انفلت من صالته مسحَس وحكً أن عامر ابن قٌأ كان ٌصلً ،فاكتنفته السبا ،فلما
ِسبت منهم؟ قال :إنًظهورهم بٌده ،وقال :أنتم كالب هللا ،وأنا عبد هللا ،فقٌل له :هل ه َس
استحًٌ من ربً أن أهاب شٌبا ًا دونه.
وقال صالح المُسرّس ي ( :)2رأٌت ربً فً المنام لٌلة ،قلت :لبٌك لبٌك ،وصرت
كالبعوضة من إجالله ،فقال ٌ :ا صالح إنً لخبٌر بالمرٌدٌن ،وإنً أسمع أنٌنهم،
وأر حركاتهم ،وإنً لمطلع على سرابرهم وضما برهم ،قال :فدهش عقلً حٌا ًاء
منه .وحُسكً أن الحسن البصري صعد موضعا ًا ٌإذن للصالر ،فلما قال :أشهد أن
إله إ هللا ُسؼشً علٌه من إجالله.
وقالت عابشة رضً هللا عنها " :كان رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم ٌحدثنا
" ( )3وقال بعر أهل ونحدثه ،فإذا حضرت الصالر كؤنه لم ٌعرفنا ولم نعرفه
() 4
المعرفة فً معنى قوله علٌه الصالر والسالم " :جُسعلت قرر عٌنً فً الصالر ،لم
تكن الصالر قرر عٌنه،
() 1
جٝدؾحف :٪جٱ٠٬ح ،١دحخ لئجل ظدف٬ل ج٢ٝد ٫و ٩ٞجهلل ُ٧ ٤٬ٞل ١ُ ٟٞجٱ٠٬ح٧ ١جٱلٴ٧ ٟجٱػلحُٟٞ٧ ١
جٝلحُر ،ف ١ُ ٧٥٧ 50 ٟٙؤد٥ ٫ف٬فذ في ٫جهلل ُ٠٧ .٤٢ل ٟٞجٱ٠٬ح ،١دحخ د٬ح ١جٱ٠٬ح٧ ١جٱلٴ٧ ٟجٱػلح،١
٧٧ظ٧خ جٱ٠٬ح ١دبصدحز ٙؿف جهلل لدػح٧ ٤٢سِح ،٩ٝف٧ 10 ٧ 9 ٟٙؤؾفظ ٤دف٠ُ ١ُ 8 ٟٙف د ١جٝؾًحخ في٫
جهلل ُ.٤٢
() 2
ؤد ٧دنف وحٝغ ج٠ٝف :٪جٌ٢ف ًٖ ٤٬دٚحز جٝنِفج.46/1 ٫٢
() 3
اػ٬حء ُ ٟ٧ٞجٝؿ( ١٬ؿجف جِ٠ٝفٖر) ٙ٧ 150/1حل جٝػحٌٖ ق ١٬جٝؿ ١٬جِٝفج : ٫ٙؤؾفظ ٤جٯقؿ ٫ٖ ٪جٝيِٗحء
١٠ػؿ٬ش ل٬٧ؿ دٞٗٓ ١ر ٠فلٴًٜ " :ح ١ج٢ٝد ٫و ٩ٞجهلل ُ٧ ٤٬ٞل ٟٞاـج ل َ٠جٯـجٜ ١إ ٤٢ٳ ِ٬فٕ ؤػؿجً ١٠
ج٢ٝحك".
() 4
٠ل٢ؿ ؤػ٠ؿ ٧ 12991/11 ٧ 12234 ٧ 12233/10ج٢ٝلحثُ ٫ٖ ٫نفذ ج٢ٝلحء .61/7
169
" :اإلحسان أن تعبد هللا كؤنك ولكن إذا قام للصالر رأ فٌها ما تقرُّد عٌنه ،لقوله
تراه".
لما أراد أن
صلٌت خلؾ ذي النون صالر العصر ،ؾ ُس وقال الفضٌ ُسل بن عٌار:
() 1
وبقً كؤنه جسد رو فٌه من إجالله ،ثم ٌكبِّذر ،رفع ٌدٌه وقال :هللا ،فبهت
قال :أكبر ،فظننت أن قلبً ٌنخلع من هٌبة تكبٌره.
تلوا ُت لهم ُت ظه ُتر ل حياء النا من ربهم
() 2 َم
ل عاجل دنيا ُت َمم ن بالى وب ِره
ل ِر الخبث لي يبالل
موو ُت وو يبالل َمم سَم أن يملته أهلُت ُته يخال
ُت
() 1
دَِ٦زَ :ؿ٥م ٧سػٖ٫ف.
() 2
ؼًُٗز جٯ ٕٝجٚ٠ٝو٧فذ ٖ ٫دح٬ٝ ٩ٝلس ٟ٬ٚج٧ٝق ٫٥٧ ،١يف٧فذ نِف٬ر ٓ٬ف ٧٦ِ٠ؿذ ٖ ٫نِف جٯٙؿ. ١٬٠
170
الحديث ال الث وال ال ون
[ اللهم بار لنا ل رجب وألعبان ]...
أخبرنا شٌخنا القاضً المقري القدور الشٌخ أبو الفضل علً الواسطً رضً
هللا عنه ،قال :أنبؤنا أبو علً الحسن بن علً ،قال :أنبؤنا عمر بن أحمد ،أنبؤنا
شاهٌن ،قال :أنبؤنا عبدهللا البؽوي ،قال :أنبؤنا عبدهللا بن عمر القوارٌري ،قال :أنبؤنا
زابدر بن أبً الرقاد ،عن زٌاد النمٌري ،عن أنأ بن مالك رضً هللا عنه قال :كان
رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم إذا دخل رجب قال ( :اللهم بارك فً رجب وشعبان
وبلؽنا رمضان (.))1
معان كثٌرر ،منها طلب فسحة ااجل لصالح العمل، ٍس فً هذا الحدٌ الشرٌؾ
لٌكون العمر هللا ،والعمل فٌه هلل ،وكذلك مقاصد العارفٌن باهلل ،الوارثٌن رسول هللا
صلى هللا علٌه وسلم ،وهذا حال أهل التقو .
أي بنً ،اعلم أن التقو على وجهٌن :خال وعام ،فؤما التقو الخال
الهمّسة وال ُسم ْسنٌة من ؼٌر ذات هللا تعالى ،حٌ قال هللا تعالى( :اتلوا
عن ِس فا تقاء بالسر
() 2
هللا حو تلاته) ،وأما التقو العام فا تقاء بالظاهر عن جمٌع ما كره هللا تعالى،
قال هللا سبحانه ( ومن يتو هللا ي فر عنه سيئاته )( ،)3وهللا تعالى جعل ال َسف َسر َسج
والمخر َسج من الهموم ،والٌُسسر والسَّوعة فً التقو ،لقوله تعالى ( :ومن يتو هللا يجعل
َس
() 5 () 4
له من أمر يسراً) ،وقوله تعالً ( :ومن يتو هللا يجعل له مخرجا ً) اآلٌة.
() 1
يِ٠ ٫ٖ ٧٥٧ ٕ٬ك٢ؿ ؤػ٠ؿ (٠ل٢ؿ جدُ ١دحك في ٫جهلل ُ٠٦٢ح ٧ 2346/3ػ ٤ٚؤ٬ ١صدز ٖ٠ ٫ل٢ؿ ؤ٢ك
د٠ ١ح ٛٝفي ٫جهلل ُ ١٠ ٧٥٧ ، ٤٢ق٬حؿجز ُدؿجهلل د ١ؤػ٠ؿ ٠٧ .ظ َ٠جٝق٧جثؿ (جٜٗٝف) 375/2فٙ٧ 3006 ٟٙحل
" ٧جِ٠ٝظٟ ج٬٦ٝص " :٫٠ف٧ج ٣جٝدقجف ٤٬ٖ٧قجثؿذ د ١ؤد ٫جٝفٙحؿ ٙ .حل جٝدؾحفٜ٢٠ : ٪ف جٝػؿ٬ش٧ ،ظ ٤ٝ ٓ٤ظ٠حُر
جٯ٧لً ًٞٝدفج ،٫٢ف.3939 ٟٙ
() 2
ل٧فذ آل ُ٠فج.102 :١
() 3
ل٧فذ جًٝٴ٘.5 :
() 4
ل٧فذ جًٝٴ٘ .4 :
() 5
ل٧فذ جًٝٴ٘2 :
171
قٌل فً معناه :ومن ٌتق هللا فً أداء الطاعةٌ ،جعل له مخرجا ًا من ؼبار
ٌحتسب .ومعنى آخر : الذنوب والز ت ،وٌرزقه النجار من العقوبات ،من حٌ
ومن ٌتق هللا عند اإلنابة بالحُسجةٌ ،جعل له مخرجا ًا من شِس ّسد ِسر المحاسبة ،وٌرزقه
ٌحتسب .ومعنى آخر ٌ :جعل له مخرجا ًا من جمٌع سالمة الدارٌن من حٌ
ٌحتسب .ومعنى آخر :من ٌتق ا شتؽال بؽٌر هللا ،وٌرزقه حٌار طٌبة ،من حٌ
هللا بترك المحارم والشبهاتٌ ،جعل له مخرجا ًا من اإلرادات والشهوات ،وٌرزقه
ٌحتسب ،ومن ٌتق هللا عند قول الحق ،و ٌخاؾ لومة حالور الطاعة من حٌ
بمٌ ،جعل له مخرجا ًا من مكر الناأ ومكابدهم ،وٌرزقه َّو
الظ َسفر من حٌ
ٌحتسب ،و َسمن ٌتق هللا بترك التعلّسق بؽٌر هللا ٌجعل له مخرجا ًا من عبودٌة ما سواه،
ٌحتسب. وٌرزقه الصدق واإلخالل من حٌ
ٌرو أن أبا هرٌرر سمع النبً صلى هللا علٌه وسلم ٌقول " :إذا كان ٌوم
القٌامة ٌقول هللا تعالى ٌ :ا أٌها الناأ إنً جعلت نسباًا ،وأنتم جعلتم نسباًا ،إنً جعلت
أكرمكم أتقاكم ،وأنتم جعلتم أكرمكم أؼناكم ،وإنً أرفع الٌوم نسبً وأضع نسبكم،
() 1
فؤٌن المتقون ،الٌوم خوؾ علٌكم و أنتم تحزنون"
وقال صلى هللا علٌه وسلم " :الحالل بٌِّذن ،والحرام بٌِّذن ،وبٌنهما أمور
متشابهاتٌ ،علمها كثٌ ٌحر من الناأ ،فمن اتقى الشبهات سلم دٌنه ،ومن وقع فً
الشبهات وقع فً الحرام" ( )2فـ " د ما ٌرٌبك إلى ما يرٌبك"(.)3
() 1
اسػحٕ جٝلحؿذ ج٠ٝس٧٠ [ 210/9 ١٬ٚلُ٧ر ؤًفجٕ جٝػؿ٬ش ٠ٝػ٠ؿ قٓ٧ٞل (ُح ٟٝجٝسفجش .]644/3
() 2
١ جٝدؾحف :٪جٱ٠٬ح ،١دحخ ٖ :يل ١٠جلسدفؤ ٝؿ ،٤٢٬ف٧ 52 ٟٙجٝد ،ٍ٧٬دحخ ( :جٝػٴل د٧ ١ ِّ٫جٝػفج ٟدِّ٫
٧د٠٦٢٬ح ٠نخٓ٥حز) ٠٧ 1946ل ٫ٖ ٟٞج٠ٝلحٙحذ ،دحخ :ؤؾـ جٝػٴل ٧سف ٛجٝند٦حز ،ف.1599 ٟٙ
() 3
وػ٬غ .ؤؾفظ ٤جٝسف٠ـ ٫ٖ ٪وٗر ج٬ٚٝح٠ر ،جٝدحخ 61ف٧ 2520 ٟٙج٢ٝلحث :٫جٯنفدر= ،
172
وقال عٌسى علٌه الصالر والسالم :لو صمتم حتى تكونوا كااوتار ،وصلٌتم
حتى تكونوا كالحناٌا ،ما قبل منكم إ بور صادق .وقال وهب بن منبّسه (َ :)1سمن
وضع شهواته تحت قدمٌه ،فرَّو الشٌطان من ظله ،ومن ؼلب عقلُسه هواه فذاك الصابر
الؽالب.
وقٌل لرجل من أهل التقو :من أٌن جبت؟ قال :ما سإالك عن شًء
:ما ٌنفعك معرفته ،و ٌضرك جهله ،فاشتؽل بما ٌعنٌك عما ٌعنٌك ،فقٌل له
رأأ التقو ؟ قال :أن تحفظ نفسك من الشهوات ،وحلقك من اللذات ،وقلبك من
الؽفالت.
وقال :اتق هللا الذي آخذ آدم بلقمة ،وموسى بلطمة ،وداود بنظرر ،وٌوأ ؾ
بهمّسة ،ونوحا ًا بدعور ،ومحمداًا بخطرر ،صلوات هللا علٌهم أجمعٌن .وقال عبٌد بن ِس
() 2
عمٌر ٌ :نبؽً لمن تزٌن بلباأ الور والتقو أن ٌنظر إلى زهرات الدنٌا،
وٌتكلم بما ٌعنٌه.
() 3
وقال جعفر الخلدي :بلت فً أصل حابط ،فهتؾ بً هاتؾ :ت َّودعً التقو
وتبول فً أصل حابط ؼٌرك؟
() 4
وحُسكً أن ابن المبارك ارتحل من َسمرْس َسو إلى الشام ،من أجل قلم كان قد
استعاره فلم ٌرده إلى صاحبه ،وفً الخبر :تفضلوا أحداًا على أحد إ بالور
والتقو ،انهما أفضل ااعمال.
= دحخ جٝػش ُ ٩ٞسف ٛجٝند٦حز ٧ 328 ٧ 327/8ؤػ ٟؿ ٖ ٫ج٠ٝل٢ؿ (ػؿ٬ش جٝػل ١د ٫ُٞ ١في ٫جهلل ُ٤٢
ُ ١ج٢ٝد ٫و ٩ٞجهلل ُ٧ ٤٬ٞل٧ 1727/2 ٟٞػؿ٬ش ؤ٢ك د٠ ١ح ٛٝفي ٫جهلل ُ ١ُ ٤٢ج٢ٝد ٫و ٩ٞجهلل ُ٧ ٤٬ٞلٟٞ
٧ .12488/10جٌ٢ف ج٢ٝلحث( 230/8 ٫جٚٝيحذ ،دحخ جٝػ ٟٜدحسٗح٘ ؤ٥ل ج.)ِٟٞٝ
() 1
خٓ جٝوِ٢ح ٫٢جٝـ٠حف٠ : ٪ئفؼ ١٠جٝسحدَ٥ 114 – 34 ( ١٬ـ).
٥٧خ د٣ ٢٠ ١
() 2
ُد٬ؿ د٬٠ُ ١ف جُ٧ ١٠ ،٫ٜ٠ٝحٌ ٜ٠ر ١٠ ،جٝسحدِ ،١٬س ٫ٖ٧ل٢ر ٥ 68ـ.
() 3
:ظِٗف د٠ ١ػ٠ؿ ٥ 348 – 253ـ .ن٬ؽ جٝو٬ٖ٧ر ٖ ٫ؤ٬ح ٤٠ددٔؿجؿ.
() 4
ُدؿ جهلل د ١ج٠ٝدحف ٛج٠ٝف٧ق٥ 181 – 118( ٪ـ) وحػخ جٝق٥ؿ٧ ،جٝظ٦حؿ٠٥٧ ،ح ٜسحدح ٫ٖ ١جٝػؿ٬ش
ج٢ٝد.٪٧
173
وقال أُسبًّس بن كعب رضً هللا عنه ( )1ما من أحد ترك شٌبا ًا هلل إ آتاه هللا ما
ٌحتسب .وقال ابن سٌرٌن ( :)2حرا ٌحم على كل قلب فٌه هو خٌر له منه من حٌ
() 3
حب الدنٌا أن تسكن فٌه التقو .وقال عمر بن عبدالعزٌز رحمه هللا :القلٌل من
الور ،خٌر من صالر أهل الدنٌا.
خلقت آدم بٌدك ،وأدخلته َس ورُسوي أن موسى علٌه الصالر والسالم قال :إلهً
.فقال ٌ :ا الجنر ،وفعلت به ما فعلت من اإلحسان ،ثم أخرجته منها بزلة واحدر
موسى أما علمت أن جفاء الحبٌب شدٌد ،ما ٌحتمل من ااعداء.
() 4
التلل ــــو السعي ُتد
َّو ول نَّو مال
جمف ٍ
َم ولسسُت أر السعاد َما
() 1
ؤد ٫دِٜ ١خ جٯ٢وحف ٪جٝؾقفظ٠ُٞ ١٠ : ٫حء جٝوػحدر ٠٧ظح٥ؿ ٟ٦٬في٧ج ١جهلل ُ . ٟ٦٬ٞس ٫ٖ٧ل٢ر
٥ 21ـ.
() 2
٠ػ٠ؿ د ١ل٬ف ١٬جٝدوف٥ 110-33( ٪ـ).
() 3
ؤ٬٠ف ج٠ٝئ٠ُ ١٬٢٠ف دُ ١دؿجِٝق٬ق د٠ ١ف٧ج ،١ؤد ٧ػٗه ،جٝؾٗ٬ٞر جٝوحٝغ (٥ 99- 61ـ)
() 4
ٞٝػً٬ثر دِؿ س٧دس٧ ٤ا٢حدس٧ ،٤دِؿ:٣
٢ُ٧ؿَ جهللِ ٰٝس َٟ ٩ٚقِ٬ؿُ ٧س ٨٧ٚجهلل ؾ٬فُ جٝقجؿٔ ـُؾفجً
174
الحديث الرابف وال ال ون
[ َمم ن ُتولد له مولود سما محمداً]
أخبرنا شٌخنا القاضً القدور أبو الفضل علً الواسطً ،قال :أخبرنا أبو
الحسن محمد بن أحمد ،قال :أنبؤنا أبو عبدهللا الحسٌن ،قال :أنبؤنا أحمد بن بكٌر بن
حامد ،عن حمّساد العسكري ،عن إسحاق بن سٌار ،عن حجاج بن منهال ،عن حماد
بن سلمة ،عن برد بن سنان ،عن مكحول ،عن أبً أمامة الباهلً ،قال :قال رسول
هللا صلى هللا علٌه وسلم َ " :سمن وُس لد له مولود فسماه محمداًا تبركا ًا به ،كان هو
ومولوده فً الجنة"(.)1
فً هذا الحدٌ الشرٌؾ مِسن سِس رِّذ الحب له صلى هللا علٌه وسلم ما ٌفهمه أهل
زكٌة، الخصوصٌة ،فإنهم بذكر اسمه المبارك ترتا هممهم للتخلق بؤخالقه ال
وللتشب بؤذٌاله ،فتراهم تقؾ هممهم فً طرٌق متابعته وقفة المشؽول بالدنٌا ،بل
هم متنبهون خاشعون ،ومن هللا خابفون ،ولنبٌهم متبعون ،وبسنته عاملون ،وأولبك
هم العارفون.
() 1
) 55/1 ج٧٠ٝيٍ٧جز ٳد ١جٝظ٧ق٧ 157/1 )1ً( ٪ج٭ ِ٩ٝج٠ٝوُ٧٢ر ٞٝل( ،٫ً٧٬ؿجف جٜٝسحخ جِٝفد٫
) ٧ 171سـٜفذ ٧جٯلفجف ج٠ٝفُٖ٧ر ٫ِٞٝجٚٝحف( ٪جٝفلحٝر) ٧ 435جٝلٞلر جٝيِٗ٬ر( ،جٜ٠ٝسخ جٱلٴ٫٠
ج٧٠ٝيُ٧حز ٟٝػ٠ؿ ًح٥ف ج٢٦ٝؿ( ٪د٬ف٧ز) ٙ٧ 89حل ج٢٦ٝؿ ٫ٖ " :٪ال٢حؿ ١ َٟ ٣سٞٙ .٤٬ٖ ٟٜٞز :فظحٟ٦ٜٞ ٤ٝ
) 393/2دفٟٙ صٚحز ِ٠ف٧ ،١٧ٖ٧ف ٫٠دِي ٟ٦دحٚٝؿف٬ٓ ٧٥٧ ،ف ٙحؿع " ٜ٧نٕ جٝؾٗحء (جٝسفجش جٱلٴ٫٠
ٙ٧ 2644حل جِٝظ " :٫٢٧ٞف٧ج ٣جدُ ١لحٜف ُ ١ؤد ٫ؤ٠ح٠ر في ٫جهلل ُ ٤٢فِٖٙ .٤حل جٝل٠ ٫ٖ ٫ً٧٬ؽ سوف
ج٧٠ٝيُ٧حز٥ ( :ـج ؤ٠صل ػؿ٬ش ٧فؿ ٖ٥ ٫ـج جٝدحخ ٧ .ال٢حؿ ٣ػل٧ )١ف٧ج ٣جٝفجِٖ ٫دُٝ٧ ١ َٟ ٌٗٞؿ ٧ٝ٧٠ ٤ٝؿ
ـٜف ٖل٠ح٠ ٣ػ٠ؿجً ػدحً ٧ ٫ٝسدفٜحً دحل٢ٜ [ ".. ٫٠ق ج٠ِٝحل ٧ ]45223/16جٝل ٫ٖ ٫ً٧٬جٝػحٗٞٝ ٪٧سح٪٧
(جٝلِحؿذ) ٧٠ [ 114 ٧100/2لُ٧ر ؤًفجٕ جٝػؿ٬ش .] 602/8
175
أي بنً ،اعلم أن أهل المعرفة ٌبكون إذا ضحك أهل الؽفلة ،وٌحزنون إذا
فر أهل الؽِسرَّو ر ،قال هللا تعالى (وجو يومئإ ناضرا * لى ربها ناظرا )( )1وقوله :
(وجو يإمئإ مسفرا * ضاح ة مستبألرا)( )2وأن هللا تعالى ذكر من د بل المعرفة
() 3
ومن عالمات العارفٌن كثرر البكاء وسٌل الدمو ،قال (ويخرون لتإ ان يب ون )
() 4
وذم أهل الؽفلة بالضحك وترك البكاء فً قوله (أ من هإا الحد ث تعجبون )
اآلٌة.
واعلم أن البكا َسء بكا ُسء العٌن ،وبكا ُسء القلب وبكاء السر ،فؤما بكا ُسء العٌن فهو
اهل المعرفة من المنٌبٌن ،وأما بكاء القلب فهو اهل المعرفة من المرٌدٌن ،وأما
بكاء السر فهو اهل المعرفة من المحبٌن.
واعلم أن اهل المعرفة هموما ًا مخبوءر تحت أسرارهم ،مستورر عن أفكارهم
فكلما هاج من أسرارهم رٌا خشٌة الهٌبة ،ومن قلوبهم لهب نٌران ااحزان،
أحرقت ما علٌها من هشٌم الؽفلة والنسٌان.
والبكاء على خمسة أوجه :بكا ُسء الحٌاء ،مثل بكاء آدم ،وبكاء الخطٌبة ،مثل
بكاء داود ،وبكاء الخوؾ مثل بكاء ٌحٌى بن زكرٌا ،وبكاء الفقد ،مثل بكاء ٌعقوب،
( إا تتلى عليهم ءايس وبكاء الهٌبة ،مثل بكاء سابر اانبٌاء ،وهو قوله تعالى
الرحمن) ( )5اآلٌة.
وبكاء سادأ :مثل بكاء شعٌب ذلك بكاء الشوق والمحبة ،بكى شعٌب حتى
ذهب بصره ،ثم ُسر َّود إلٌه بصره ،فبكى حتى ذهب بصره ،ثال مرات ،فؤوحى هللا
تعالى إلٌه :أن ٌا شعٌب إن كان بكاإك من مخافة النار فقد أمنتك من النار ،وإن
كان بكاإك من أجل الجنة فقد أوجبت لك الجنة .فقال:
() 1
ل٧فذ ج٫ٚٝج٠ر.23-22 :
() 2
ل٧فذ ُدك.39-38 :
() 3
ل٧فذ جٱلفجء.109 :
() 4
ل٧فذ ج٢ٝظ.59 :ٟ
() 5
ل٧فذ ٠ف.58 :ٟ٬
176
ٌا رب ولكن من الشوق إلى رإٌتك ،فؤوحى هللا إلٌه :أن ٌا شعٌب َسح َّوق لِس َسمن
أرادنً أن ٌبكً من شوقً ،إنه لٌأ لهذا دواء ؼٌر لقابً ،وٌرو أن النبً علٌه
الصالر والسالم قال " :لو أن عبداًا بكى من خشٌة هللا فً أُسمّسة لرحم هللا تلك اامة
ببكابه"(.)1
وقالت رابعة :بكٌت عشر سنٌن عن هللا ،وعشر سنٌن باهلل ،وعشر سنٌن إلى
هللا .فؤما ما هو باهلل فالرجاء به وأما ما هو عن هللا فالخوؾ منه ،وأم ا ما هو إلى هللا
ُس
فجلست فالشوق إلٌه .وقال بعضهم :دخلت على رابعة البصرٌة فإذا هً ساجدر،
ُس
فسلمت عندها حتى رفعت رأسها ،فإذا فً موضع سجودها ماء واقؾ من دموعها،
علٌها فردت علً السالم ،وقالت :ما حاجتك ؟ قلت :أرٌد زٌارتك ،فبكت ثم صرفت
وجهها عنً ،وكانت تبكً وتقول :قرر عٌنً بد لً منك ،فالعجب ممن عرفك،
كٌؾ ٌشتؽل بؽٌرك ،والعجب ممن أرادك ،كٌؾ ٌرٌد ؼٌرك؟
وكان عطاء السلمً ( )2كثٌراًا ما ٌقول فً بكابه" اللهم ارحم انقطاعً إلٌك،
وإعراضً عن سواك ،وؼربتً فً بالدك ،ووحشتً بٌن عبادك ،ووقوفً بٌن
ٌدٌك.
وقال الفضٌل بٌن عٌار :بٌنا أنا فً الطواؾ ،إذ أنا برجل قد تؽٌر لونه،
ونحل جسمه ،وهو ٌبكً وٌدندن ( )3مع نفسه ،فدنوت منه ،فإذا هو ٌقول :إلهً قد
أستؤنست بك قلوبُس المحبٌن ،واستراحت إلٌك قلوب العارفٌن ،فال تقطع منك آمال
المشتاقٌن .قال :فسمعت هاتفا ًا ٌقول ٌ :ا ولًّس لقد أبكٌت السموات السب ،اسكت فإن
لك ما سؤلت.
وروي أن آدم علٌه الصالر والسالم لما نزل من الجنة ،بكى حتى نبت من
دموعه النبات ،فؤوحى هللا إلٌه :هذا البكاء على فوت الجنان ،فؤٌن البكاء على ترك
() 1
اٌداز إٌّثٛز . 206/ 4
أظس سفبً ِٓ خجبزٖ ف ٟاٌطجمبد اٌىجسٌٍ ٜشعسأ(ٟاٌفىس) ٚ . 47/ 1جبِط وساِبد األ١ٌٚبء . 305/ 2 () 2
() 3
دٔدْ اٌسجً :رىٍُ ثظٛد خفُ٠ ٟيعُ ٚال ُ٠يف ٚ ،ُٙثظٛد خبفذ.
177
إله إ أنت سبحانك ،قال هللا تعالى: خدمتً؟ ففز آدم إلى كلمة اإلخالل ،فقال:
( تللى ءادم من ربه لماس تاب عليه)(.)1
وقال ذو النون :رأٌت بمكة رجال ٌبكً بكاء العارفٌن ،فدنوت منه وقلت :
ٌح
موافق لك أم ألك حبٌب؟ قال :نعم ،قلت :حبٌبك قرٌبٌح أم بعٌد؟ قال :قرٌب ،قلت :
علمت أن عذاب َس مخالؾ؟ قال :بل موافق لً ،قلت :سبحان هللا فلم تبكً؟ قال :أما
القرب والموافقة ،أشد من عذاب البعد والمخالفة؟
وحكً أن رابعة كانت تمر ٌوما ًا فً بعر طرق البصرر ،فقطرت علٌها
قطررٌح من المٌزاب ،فسؤلت عنها ،فقٌل :أنها من بكاء الحسن ،قالت :قولوا للحسن لو
محبة له ،لكان قلٌال. ًا ازددت بالدمو ،حتى تصل العرش
وقٌل لعبادر بن شمٌط بن عجال ن :هل ٌبكً المنافق؟ قال :أما من الرأأ
فنعم ،وأما من القلب فال .قال الفضٌل :إذا رأٌت الرجل ٌبكً ،وقلبه سا ٍسه فهو بكاء
منافق ،وإن البكاء بكاء القلب.
() 2
قٌل لمالك بن دٌنار :أ تجا بقارئ ٌقرأ بٌن ٌدٌك؟ فقال :إن الثكلى
تحتاج إلى النابحة.
() 3
وقال كعب ااحبار ان أبكً دمعة من خشٌة هللا أحب إلًّس من أن أتصدق
بجبل من الذهب .وكان مالك بن دٌنار كثٌراًا ما ٌبكً وٌقول ٌ :ا نفأ ترٌدٌن أن
تجاوري الجبار ،وتشاهدي المختار ،بؤي شهور تركتِسها ،بؤي بعٌد قربته إلى هللا ،بؤي
ولً أحببته هلل ،بؤي عدو أبؽضته هلل ،بؤي ؼٌظ كظمته هلل ،وهللا لو عفو هللا
ورحمته ،ثم ٌؽشى علٌه .وروي أن هللا تعالى قال لموسى علٌه الصالر والسالم :لن
ٌتقرب إلًّس المتقربون بمثل البكاء من خشٌتً.
وقال ثابت النساج رحمه هللا :ما شرب داود علٌه الصالر والسالم شربة من
الماء بعد الخطٌبة إلى وكان نصفه دموعه حتى لحق باهلل عز وجل ،فقال ٌوما ًا من
ااٌام فٌما رأ من كثرر دموعه :أما ترحم بكابً ٌا إلهً؟ فنودي من السماء ٌا داود
تذكر دموعك ،و تذكر ذنبك؟ فؤخذ برمر النار من الرماد ،وصار ٌجعله على
رأسه ،وٌقول :ذهب ماء وجهً عند ربً .وقٌل :كان فً عهد الحسن البصري
رضً هللا نه رجل كان له ابنة تبكً حتى عمٌت عٌناها ،فجاء الرجل إلى الحسن
ودعاه لٌعظها ،لعلها ترفق بنفسها ،فؤتاها الحسن وقال لها :ارفقً ،فقالت :أٌها
ااستاذ إن عٌنً تخلو من وجهٌن ،إما أن تصلح لرإٌة ربً أو تصلح ،فإن لم
تصلح فحق لها أن تعمى ،وإن كانت تصلح فؤلوؾ م ل عٌنً فداء لرإٌته ،قال
فوجدت طبٌبا ًا.
ُس وأتٌت مطٌّسبا ًا
ُس مداو ، ُس
فصرت َس جبت مداوٌا ًا
ُس الحسن:
وقالت سلمة بنت خالد المخزومً رحمها هللا :كانت امرأر من الشام ببٌت هللا
الحرام ،وٌقال لها حزٌنة ،أبداًا تبكً من ؼلبة الشوق ،وكلما نظرت إلى باب الكعبة،
قالت :بٌت ربً ،بٌت ربً ،ففُستح باب الكعبة ٌوما ًا من ااٌام ،فرأت فٌها طابفٌن
() 1
ل٧فذ جٝدٚفذ.37 :
() 2
٠ح ٛٝد ١ؿ٢٬حف جٝدوف٠ ،٪ػؿش ٧فٍ٠ ،حز ل٢ر ٥ 131ـ.
() 3
ِٜخ د٠ ١حسَ٠ُٞ ١٠ :حء جٝسحدِ٠ .١٬حز ل٢ر ٥ 32ـ ٧ؿٖ ٫ٖ ١ػ٠ه.
178
ٌبكون ،وٌقولون :ملٌكنا وقرر أعٌننا ،طال شوقنا متى تكون مالقاتنا ،فسمعت تلك
المقالة ( ،)1فصاحت صحٌة وخرت مؽشٌا ًا علٌها ،ولم تزل تضطرب حتى ماتت.
وقال ٌحٌى بن أصفر :دخلنا مع جماعة من أصحابنا على عفٌرر ا لعابدر (،)2
وكانت عمٌاء من كثرر بكابها ،فقال واحد منا :ما أشد العمى بعد البصٌرر ،فسمعت
وددت لو أن هللا ُس ذلك فقالتٌ :ا أبا عبدهللا عمى القلب عن هللا أشد من عمى العٌن،
أعطانً ُسكن َسه محبته ،ولم ٌُسبق لً جارحة إ أخذها منً
يا ُتم الجليل
ِر والعار ون لد داا وال ُتفصااُت نيا ُتم
ٍ الليل ُت
تفير ِرجا ُتم ُت تجر ،ومنها د س الهد ودمو ُت هم يتلون آيا ِر
ألو ا ً ولي لمن يحب َمم نا ُتم و يصبرون ُت ً
ويعة عن إ ِرر ِر
() 1
ؤ ٪لِ٠ز ٧ٙل جًٝحثٗ٢ٜ٬ٞ٠ :١٬ح ٙ٧فذ ؤُ٢٢٬ح .
() 2
جٌ٢ف دِى جؾدحف٥ح ًٖ ٫دٚحز جٝنِفج( 67/1 ٫٢جٝسفظ٠ر .)132
( )3لظ ٟجٝؿ٧ َ٠ج٢لظ :ٟج٢وخٖ ،لحل.
179
وال ال ون الحديث الخام
حدي ا ً].. [ َمم ن أدّن
اخبرنا شٌخنا خالً أبو المكارم منصور الباز ااشهب البطاٌحً رضً هللا
عنه ،قا ل أنبؤنا أبو علً الحسن بن شاذان ،قال :أنبؤنا أبو نصر أحمد بن محمد بن
:أنبؤنا أشكاب النجاري ،قال :أنبؤنا الحسن بن محمد بن موسى القُسمّسً ،قال
عبدالرحٌم بن جندب ،عن إسماعٌل بن ٌحٌى بن عبٌدهللا ،عن سفٌان ،عن لٌ ،عن
طاووأ ،عن ابن عباأ رضً هللا عنهما قال :قال رأول اللهصلى هللا علٌه وسلم:
" َسمن أ ّسد حدٌثا ًا إلى أمتً ل ُستقام به سنة أو ل ُستثلَسم به بدعة فله الجنة " ( .)1ومن هذا
الحدٌ الشرٌؾ ٌُسعلم أن اهل الجنة القابمون بإقامة السنة ،وإثالم البدعة ،تجرداًا هلل
تعالى ،وتوكالًا علٌه ،وإٌمانا ًا به ،وحبا ًا له.
أي بنً ،اعلم أن حبٌب القلوب سبحانه إذا أحب عبداًا أطلع سره على جالل
ربة من كؤأ محبته ،حتى ٌُسسكره به قدرته ،وحرك قلبه بمراو ذكر ِسم ّسنته ،وسقاه َسش ًا
عن ؼٌره ،وجعله من أهل أُسنسه وقُسربه وصُسحبته ،حتى ٌصبر عن ذكر ربه ،و
() 2
ٌختار أحداًا علٌه ،و ٌُسشؽل بشًء دون أمره .وقال الشٌخ أبو بكر الواسطً
رحمه هللا :منزلة الحب أقدم من منزلة الخوؾ ،فمن أراد الدخول فً عصبة أهل
ِّذ
ولٌعظم حُسرْس َسم َست ُسه. المحبة ،فلٌحسن الظن باهلل،
() 1
يِ .ٕ٬ف٧ج ٫ٖ ٟ٬ِ٢ ٣ػ٬ٞر جٯ٬ٝ٧حء (جٝؽج٢ظ٢ٜ [ 44/10 )٫ق ج٠ِٝحل ٧ 28815/10جٝظح َ٠جٝؤ٬ف
560/2ف ١ُ 8363 ٟٙجدُ ١دحك في ٫جهلل ُ٠٦٢ح ] ٧اسػحٕ جٝلحؿذ ج٠ٝس٧ 75/1 ١٬ٚجٝلٞلر جٝيِٗ٬ر 979
٧نفٕ ؤوػحخ جٝػؿ٬ش ٞٝدٔؿجؿ( ٪د٬ف٧ز) ٧٠ [ 171لُ٧ر ؤًفجٕ جٝػؿ٬ش (ً.] 61/8 )1
() 2
ؤد ٧دٜف ٠ػ٠ؿ د٧٠ ١ل ٩ج٧ٝجلً٠ .٫حز دِؿ ٥ 320ـ.
180
وروي أن هللا تعالى أوحى إلى داود علٌه الصالر والسالم :أن ٌا داود أحِسبنً،
وأحِسبّس أحبابً ،وحببنً إلى عبادي ،فقال داود :إلهً أحبك وأحب أحباءك ،فكٌؾ
أحببك إلى عبادك؟ فقال :ذكرهم آ بً ،وحُسسن لطابفً .وفً الخٌر " :إذا أحب هللا
عبداًا من عباده ناد جبرٌل علٌه الصالر والسالم ٌ :ا أهل السماء وااررٌ ،ا
معشر أولٌاء هللا وأصفٌابه ،إن هللا تعالى ٌحب فالنا ًا فؤحبوه" (.)1
وقال أبو عبدهللا النسّساج ( )2كل عمل لم ٌكن فٌه محبة هللا لم ٌُسقبل .وقال َ :سمن
أحبه هللا ابتاله بالمحن ،فمن التفت منه إلى ما سواه صار محجوبا ًا عنه ،وسقط عن
بساط أهل المحبة .وقال عبدهللا بن ٌزٌد ( )3مررت برجل نابم فً الثلن ،وعلى
جبٌنه قطرات من العرق ،فقلت لهٌ :ا أبا عبدهللا ،أما تجد البرد؟ فقالَ :سمن شؽله حب
مو ه ٌجد البرد ،قلت :وما عالمة المحب؟ قال :استقالل الكثٌر من نفسه،
واستكثار القلٌل من حبٌبه ،فقلت له :أوصنً ،فقال :كن هلل ٌكن هللا لك.
وقال محمد بن الحسٌن ( )4دخلت سوق النخاسٌن اشتري جارٌة ،فرأٌت
جارٌة مشدودر على وجنتٌها عصابة ،مكتوب علٌها َ :سمن أرادنا أفلسناه ،ومن هرب
منا وسْس وسناه .فقلت :كذا قال هللا تعالى لعباده :إن طلبتمونً أنسٌتكم بنفسً عن
ؼٌري ،وأفنٌتكم بً عن أنفسكم ،حتى تروا شٌبا ًا دونً.
() 1
وػ٬غ .ؤؾفظ٠ ٤ح ٫ٖ ٛٝجً٧٠ٝإ (جٝفلحٝر ً 132/2 )1دف٧ 2006 ٟٙؤػ٠ؿ ٖ ٫ج٠ٝل٢ؿ 10563 ٧ 8481
5693 ٧ 10622 ٧جٝدؾحف ٫ٖ ٪دؿء جٝؾ ،٘ٞدحخ ـٜف ج٠ٝٴثٜر ٧ ، 3037جٯؿخ ،دحخ ج َ٘ ِٟٝذٔ ١٠جهلل سِح٩ٝ
٧جٝس٧ػ٬ؿ ،دحخ ٜٴ ٟجٝفخ َ٠ظدف٬ل ٠٧ 7047ل :ٟٞجٝدف ٧جٝوٞر ٧ج٭ؿجخ ،دحخ اـج ؤػخ جهلل ُدؿجً ػدد ٤ا٩ٝ
ُدحؿ ،٣ف.2637 ٟٙ
() 2
٠ػ٠ؿ د ١ال٠حُ٬ل جِ٠ٝف ٕ٧دؾ٬ف ج٢ٝلحض .س ٫ٖ٧ل٢ر ٥ 322ـ.
() 3
ُدؿ جهلل د٬ ١ق٬ؿ جٝظف ٫٠ؤدٙ ٧ٴدر جٝسحدِ٠ . ٫حز دحٝنح ٟل٢ر ٥ 104ـ.
() 4
ؤدُ ٧دؿ جهلل ٠ػ٠ؿ د ١جٝػل ١٬جِ٠ٝف ٕ٧دحٝقُٗفج ٫٢وحػخ جٱ٠ح ٟجٝنحِٖ. ٫
181
قال :قر واحد باب محبوبه ،فقال َسمن داخل الباب َ :سمن أنت؟ قال :أنا أنت ،فقا ل ٌا
أنا ادخل:
أ نيتنل ب عنل عجبسُت مِرن َم ومنل
() 1
ظننسُت أن أ ّننل أدنيتنل من َم حتى
() 1
٬ئ٧ل جٝلحؿذ جٝو٬ٖ٧ر ٠صل ٥ـ ٣جِٝدحفذ سإ٬٧ٴز سدِؿ ُ٦٢ح ٩٢ُ ٟجٳسػحؿ ٧جٝػ٧ٞل ٧٧ػؿذ ج٧ٝظ٧ؿ٧ .جٯلٟٞ
جظس٢حخ ٠صل ٥ـ ٣جِٝدحفذ.
182
وال ال ون الحديث الساد
[ سمف هللا لمن حمد ]
أخبرنا شٌخنا العارؾ باهلل على القاري الواسطً ،قال :أخبرنا أبو بكر
الوراق ،قال :أخبرنا أبو محمد ٌحٌى بن صاعد ،عن أحمد ب ن عبد المإمن ،عن
علً ابن الحسن المروزي ،عن أبً حمزر ،عن منصور ،عن إبراهٌم ،عن علقمة،
عن عبدهللا قال :كان رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم إذا قال :سمع هللا لمن حمده
قال :ربنا ولك الحمد "( .)1فً هذا الحدٌ من أسرار الموافقة لداعً هللا ،الذي ٌرد
شؤنه على كل لسان ،ما ٌفهمه أهل الذوق من أرباب المحبة.
أي بنً ،قٌل لواحد :ما حقٌقة المحبة؟ قال :الموافقة :قال النبً علٌه الصالر
والسالم " :اللهم ارزقنً حبك وحب من ٌحبك ،والعمل الذي ٌبلؽنً حبك ،واجعل
حبك أحب ااشٌاء إلًّس " ( ،)2وقال اإلمام أبو بكر الصدٌقرضً هللا عنهَ :سمن ذاق من
خالل حب هللا استوحش عمن سواه ،وترك اجله كل ما ٌهواه .وٌقال :جفاء العدو
ؼ ٌّيم نازل ،وجفاء الحبٌب س ٌّيم قاتل .وكان ذو النون المصري كثٌراًا ما ٌقرأ القرآن،
ثم بعد ذلك ٌشتؽل بالحدٌ ،فسمع فً المنام:
() 1
جٝدؾحف :٪وٗر جٝوٴذ ،دحخ :ا ٩ٝؤ٬ ١٬فَٖ ٬ؿ ،٤٬ف٠٧ .705 ٟٙل :.ٟٞجٝوٴذ ،دحخ اصدحز جٝسٜد٬ف ٖٜ ٫ل
ؾٗى ٧فَٖ ٖ ٫جٝوٴذ اٳ فِٖ ١٠ ٤جٝف ٍ٧ٜف.392 ٟٙ
() 2
جٝسف٠ـ ١ُ ٪ؤد ٫جٝؿفؿجء في ٫جهلل ُ : ٤٢جٝؿُ٧جز ،جٝدحخ جٝصحٝش [ ١٠ؿُحء ؿج٧ؿُ ٤٬ٞجٝلٴ ]ٟف3485 ٟٙ
٧٧فؿ ي ١٠ػؿ٬ش ِ٠حـ في ٫جهلل ُ ٫ٖ ٤٢جٝسٗل٬ف (سٗك٬ف ل٧فذ ه ) ف٧ ،3233 ٟٙاػ٬حء ُ ٟ٧ٞجٝؿ١٬
.177/7 (جِ٠ٝفٖر) ٙ 319/1حل جٝػحٌٖ ٫ٖ ٫٥٧ :جٝؿُحء ًٞٝدفج ٟ٧ .295/4 ٧ 296/2 ٧ ٫٢ظ َ٠جٝق٧جثؿ
٧جٌ٢ف جٝق٥ؿ ٳد ١ج٠ٝدحف :ٛجٝظقء جٝصحٝش ،دحخ٠ :ح ظحء ٖ ٫جٝسٜ٧ل ه 144ف.430 ٟٙ
183
لِر ْنم هجرسَم تابل ن نسَم تزع ُتم حبل
ـ ِره من لطيلِر عتابل أما تدبرسَم ما يـ
() 1
ج٬ِٝحف :جٝـ٬ ٪ؾٗ٢ ٫ٞل٧٥٧ ٤ج٥ح ٳ ٬فؿُ٦ح ٧ٳ ٬قضف٥ح [ جِ٠ٝظ ٟج٧ٝل.]ً٬
() 2
ُدؿ ج٧ٝجػؿ د ١ق٬ؿ :ؤؿف ٛجٝػل ١جٝدوف [ ٪جٝنِفج٧ ] 46/1 ٫٢جٝػل٠ ١س ٩ٖ٧ل٢ر ٥ 110ـ.
184
ااعمال إلى هللا تعالى ،وأعظمها عنده زلفى ،فقال :أن تحب ما ٌحب هللا ،فقال :
اشر لً صفة المحبة ،فبكى عبدالواحد وقال :أتحتمل؟ قال :ما شاء هللا ،فوصؾ له
شٌبا ًا من المحبة وحقابقها ،ف ُسؽشً على الرجل ،فلم ا أفاق قال :سبحان هللا َسمن ٌستؤه ُسل
ب قصد محبوبه قصداًا ٌطٌق ا ستقامة على تحقٌق المحبة؟ فقال :رُسبَّو قل ٍس ُس هذا ،أو َسمن
ٌدركه الرٌ ُسح العاصؾ ،و البرق الخاطؾ ،حتى وصل إلى محبوبه ،قٌل :أو هل
ٌكون للمحب عالمة؟ قال :إن الملوك إذا دخلوا قرٌة أفسدوها ،وكذلك المحب ر إذا
دخلت القلب ،تالشت النفأ بكل ما فٌها عن صفات اإلنسانٌة ،تحت سلطانها،
فاحترق ما فً القلب من ؼٌر هللا بنٌرانها.
قٌل لبعضهم :ما بال المحبٌن كالمبهوتٌن؟ قال :انهم ذاقوا حالور محبته
وسمعوا أصوات عجابب حسن دعوته ،حتى طارت عقولهم وقلوبهم إلٌه ،وصاروا
مدهوشٌن به ،هٌهات أٌن الحب ،وأٌن صفور الحب ،وأٌن حقابق الحب ،وأٌن َسمن
أحبَّوه ٌصبر عنه طرف َسة عٌن. ٌستحق الحب؟ أ إنّس َسمن َس
بين العبا ِرد يسي ُتر ال ُتمتفر ِرد حب نها ُتر ُت مستوح ٌم نَّو ال ُتم َّو
للاء الواا ِرد المتوح ِرد يرجو َم العينُت من ُته ريراٌم بحبيبِر ِره
نحو اإلل ِره مف النبل محم ِرد يا ُتحسنَم مو بهم إا ما أ بلوا
185
الحديث السابف وال ال ون
[ و تدخلون الجنة حتى تإمنوا]
اخبرنا شٌخنا أبو المكارم باز هللا ااشهب خالً الشٌخ منصور اانصاري
الحسٌنً برواقه فً نهر دقلى ،قال :أنبؤنا أبو الحسن أحمد اش ُستهر بابن الصلت ،قال:
حدثنا أبو إسحاق إبراهٌم بن عبدالصمد الهاشمً ،قال :حدثنا الحسٌن بن الحسن
المروزي ،قال :حدثنا الفضٌل بن موسى ااعمش ،عن أبً صالح ،عن أبً هرٌرر
رضً هللا عنه قال :قال رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم " :تدخلون الجنة حتى
أخبركم بشًء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا تإمنوا ،ولن تإمنوا حتى تحابوا ،أ
السالم بٌنكم"( .)1أمر صلى هللا علٌه وسلم بهذا الحدٌ الشرٌؾ بقمع النفأ ،ومحق
ثورتها ،وصفعها بنعل الهمة ،إذا تع َّودت طورها ،بشؤن إخوانها المسلمٌن ،وألزم
بالمحبة الخالصة ،وجعلها عماد اإلٌمان ،انها هلل سبحانه وتعالى ،و لَّومنا وهو معلم
ممتحنون بؤهل
َس الخٌر صلى هللا علٌه وسلم أن إفشاء السالم مُسنتِس ٌحن للمحبة ،وأهل الحق
الباطل ،ولكن تنحرؾ هممهم عن الحق ،اعتماداًا علٌه سبحانه وتعالى.
أي بنً ،اعلم أن هللا تعالى خلق الدنٌا ،وجعلها دار المحنة ،ومحل ااخطار
وااشرار ،ثم خلط فٌها اابرار والفجار ،وأهل المحبة بؤهل البطالة ،ثم ٌقلبهم من
حال النعمة إلى حال الشدر ،ومن حال الشدر إلى حال النعمة ،إلظهار َسمن ٌعبده على
بساط المحنة ،ممن ٌعبده على بساط النعمة ،و َسمن ٌعبده على رإٌة المُسعطً ،ممن
() 1
٠ل :ٟٞجٱ٠٬ح ،١دحخ د٬ح ١ؤ ٤٢ٳ ٬ؿؾل جٝظ٢ر اٳ ج٠ٝئ٧ ،١٧٢٠ؤ٠ ١ػدر ج٠ٝئ ١٠ ١٬٢٠جٱ٠٬ح ١ف٧ 54 ٟٙؤد٧
ؿج٧ؿ :جٯؿخ ،دحخ ٖ ٫اٖنحء جٝلٴ ،ٟف٧ 5193 ٟٙجٝسف٠ـ :٪جٳلسثـج ،١دحخ ٠ح ظحء ٖ ٫اٖنحء جٝلٴ ،ٟفٟٙ
٧ 2689وٗر ج٬ٚٝح٠ر ،دحخ ل٧ء ـجز جٝد ٫٥٧ ١٬جٝػحٚٝر ف.2512 ٟٙ
186
ٌعبده على رإٌة العطاء.
() 1
قال هللا تعالى( :ومن النا من يعبد هللا على حرل) اآلٌة ،وفً الخبر إن
الذهب لٌجرَّو ب بالنار ،والعبد الصالح لٌجرَّو ب بالبالء "( )2والحكمة فً امتحان هللا
تعالى عباده الصالحٌن ،إظهار ما فً ضمابرهم من صدق الدعو وكذبه ،وحقٌقة
المعنى وبطالنه ،لٌكون فٌه ظهور مرتبة الصدٌقٌن وافتضا ؼٌره م.
أما تر أنه ٌسع للحاكم أن ٌحكم للخصم على إحاطة علمه ،فً تصدٌق
دعواه وبطالنه ،من ؼٌر أن ٌظهر لؽٌره ذلك ،قال تعالى ( :ألم أحسب النا أن
يتر وا)( )3اآلٌة ،وقال تعالى ( :اصبر ما صبر أولوا العزم من الرسل )( ،)4وقال
للحو الحو ويبطل الباطل )( ،)5ثم اختلفوا فقال بعر العلماء :من ٌعبده هللا تعالىُ ( :ت
على بساط النعمة أولى ممن ٌعبده على بساط المحنة ،ان منزلة الشكر أفضل من
ٌح
طاعة على بساط الفراؼة، منزلة الصبر ،وذلك ان الشكر على النعمة
() 1
ل٧فذ جٝػط ٧ج٭٬ر دس٠ح٦٠ح ٜ٥ـج ١٠٧( :ج٢ٝحك ِ٬ ١٠دؿ جهلل ُ ٩ٞػفٕٖ ،ب ١ؤوحد ٤ؾ٬ف جً٠إ ١د٧ ٤ا١
ؤوحدسٖ ٤س٢ر جٞٚ٢خ ُ٧ ٩ٞظ ،٤٦ؾلف جٝؿ٬٢ح ٧ج٭ؾفذ ،ـ ٧ ٣ ٛٝجٝؾلفج ١ج٠ٝد.)١٬
ا١ ٌُ جدٌٖٚ ،ىٓ فِ ٟعٕد حّد (طبدز) ِٓ حد٠ل عجد هللا ثٓ عّس ٚزض ٟهللا عّٕٙب عٓ زظٛي هللا طٍ ٝهللا عٍٚ ٗ١ظٍُ " : () 2
٠صل ج٠ٝئ٠ٜٝ ١٠صل جًِٚٝر ١٠جٝـ٥خ ٗ٢ؽ ُ٦٬ٞح وحػد٦ح ٖ ٟٞسٔ٬ف ٟٝ٧سٚ٢ه [ " ..ج٠ٝل٢ؿ ٧٥٧ .199/2
ػؿ٬ش وػ٬غ جٱل٢حؿ ] ٫ٖ٧جٝسف ٟـ٠ ١ُ ٪وِخ د ١لِؿ ُ ١ؤد ٤٬لِؿ د ١ؤدٙ٧ ٫حه " في ٫جهلل ُ٠٦٢ح
ٙحلٞٙ :ز٬ :ح فل٧ل جهلل ،ؤ ٪ج٢ٝحك ؤنؿ دٴء؟ ٙحل :جٯ٢د٬حء ص ٟجٯ٠صل ٖحٯ٠صلُ٬ٖ ،دس ٩ٞجٝفظل ُ ٩ٞػلخ ؿ،٤٢٬
ـ:٪ ٖبٜ ١ح ١ؿ ٤٢٬وُٞدحً جنسؿ دٴئ٧ ،٣اٜ ١ح ٫ٖ ١ؿ ٤٢٬فٙر جدسُ ٩ُٞ ٫ٞػلخ ؿ " .. ٤٢٬جٝػؿ٬ش [ ل ١٢جٝسفٟ
ؤد٧جخ جٝق٥ؿ ،دحخ ٠ح ظحء ٖ ٫جٝودف ُ ٩ٞجٝدٴء ،فٙ٧ 2400 ٟٙحل :ػل ١وػ٬غ ] ٫ٖ٧ف٧ج٬ر ٳد ١ػدح٫ٖ ١
وػ٬ػ ١٠ٖ" :٤صَؾُ ١ؿ ٤٢٬جنسؿ دٴئ ١َ٠٧ ٣يِٕ ؿ ٤٢٬يِٕ دٴئ٧ٝ [ " ٣ج َٙجٯ٧٢جف جٚٝؿل٬ر ٞٝنِفج)1ً( ٫٢
.]577
()3
ل٧فذ جٜ٢ِٝد٧ز.2 ٧ 1 :
()4
ل٧فذ جٯػٚحٕ.35 :
()5
ك٧فذ جٯٗ٢حل8 :
187
هللا فارؼا ًا كمن عبده ٌح
طاعة على بساط الشؽل ،ولٌأ َسمن َسع َسبدَس َس والصبر على الشدر
مشؼو .
وقال بعضهمَ :سمن ٌعبده على بساط المحنة أفضل ،ان اانبٌاء أفضل مرتبة
ممن دونهم( ،)1فامتحن هللا عامتهم بؤنوا المحن والبالء ،قال صلى هللا علٌه وسلم :
"إن أشد الناأ بال ًاء اانبٌاء "( )2الخبر ،وأن الكفرر هم أهون الخلق على هللا ،وعٌش
عامتهم بؤنوا النعم ،ولٌأ َسمن طلبه بنفً الحجاب كمن طلبه مِسن وراء الحجاب،
والشاكر ٌطلبه من وراء الحجاب ،والصابر ٌطلبه دون الحجاب ،والشاكر ٌطلبه
على حظ نفسه ،والصابر ٌعبده على حب ربه ،والشاكر مفتخر بملكه ،والصابر
عم، مفتخر بملٌكه ،والشاكر حبأ نفسه مع النعمة ،والصابر حبأ قلبه مع المُسن
والشاكر ٌقول :ما دامت النعمة معً أبالً إن أصابنً ما أصابنً ،والصابر
ٌقول :ما دام المنعم معً أبالً إن أصابنً ما أصابنً ،قال هللا تعالى ( :الإين إا
أصابتهم مصيبة الوا نا هلل و نا ليه راجعون )( )3وإن هللا تعالى أوجب للشاكر
الزٌادر ،ونفى عن أجر اللابر النهاٌة ،حٌ قال ( :نما يو ى الصابرون أجرهم
بتير حساب)( )4وقال( :وهللا يحب الصابرين)(.)5
() 1
٥ ٫ٖ٧ـج فؿ ُ ١٠ ٩ٞقُ ٟؤ ١ج٧ٝٳ٬ر ؤُ٠ ٩ٞفسدر ١٠ج٢ٝد٧ذٙ٧ ،ؿ ُؿٖ جد ١ػظف ج٬٦ٝس ١٠ ٫٠ؤ٧٢جٍ جٜٗٝف "
جٝـ٥حخ ا ٩ٝؤ" ١ج ٫ٝ٧ٝؤٙفخ ١٠ج٢ٝد [ "٫جٝق٧جظف ُ ١جٙسفجٕ جٜٝدحةف ( ٠وف -جً٠ٝدِر ج٬٢٠٬٠ٝر) .[22/1
() 2
زٚاٖ اٌعِ ِٓ ٟ ٛ١عٕد حّد ٚاٌجلبز( ٞثبة شد إٌبض ثالء األٔج١بء) ٚاٌزسِرٚ ٞاثٓ ِبجٗ عٓ ظعد ثٓ ثٚ ٟلبص زض ٟهللا
عٕٗٚ ،زِص إٌ ٝطحزٗٚ ،زٚاٖ ِٓ اثٓ ِبجٗ ِٓ س٠ك آخس ِٚعٕد ث٠ ٟعٍٚ ،ٟاٌّعزدزن عٓ ث ٟظع١د زض ٟهللا عٕٗ ٧ ،وػػ٤
ؤ٬يح٧ ،ف٧ج ١٠ ٣جِ٠ٝظ ٟجٜٝد٬ف ًٞٝدفج ١ُ ٫٢ؤؾز ػـٗ٬ر في ٫جهلل ُ٠٦٢ح ٧ػلٖ [ ٤٢جٝظح َ٠جٝؤ٬ف (جٜٗٝف)
160/1جٯػحؿ٬ش ٢ٜ٧ ] 1057 ٧ 1056 ٧ 1054ز ٙؿ ؤنفز ٙ ١٠ف٬خ ا ٩ٝف٧ج٬ر جٝسف٠ـ.٪
() 3
ل٧فذ جٝدٚفذ.156 :
() 4
ل٧فذ جٝق٠ف.10 :
() 5
ل٧فذ آل ُ٠فج.146 :١
188
رت فً أم الكتاب ،أنً إذا أوحى هللا تعالى إلى نبً من اانبٌاء :إنً ق َّود ُس
أحببت عبداًا جعلته للبالء ؼرضاًا ،وألبسته جلباب الفقر.
وفً الخبر :أن هللا تعالى أوحى إلى داود علٌه الصالر والسالم :قُسل اولٌابً
وأصفٌابً وأهل محبتً ،أن ٌدخلوا مداخل أعدابً ،و ٌسكنوا مساكن أعدابً،
طعموا ( )1مطاعم أعدابً ،فٌكونوا أعدابً ،كما أولبك أعدابً. و َسٌ َس
() 2
وقال وهب إنا نجد فً كتاب هللا المنزل :أن عبادي المخلصٌن ،كانوا إذا
سلكوا طرٌق الشدر والبالء فرحوا واستبشروا ،وٌقولون :اآلن ٌتعهدنا ربنا.
وفً الحدٌ القدسً :أن البالء أسر إلى َسمن ٌحبنً من السٌل إلى
منتهاه( .)3حكً أن ذا النون المصري سمع مرٌضا ًا ٌقول :أ أ ،فقال :لٌأ هذا
بصادق فً حبه ،فقال المرٌر :أنٌنً من وجدان اللذر ،من وجدان الشدر.
وحكً أن فتحا ًا الموصلً ( ،)4أصابته الحمى فصلى ألؾ ركعة ،شكراًا هلل
على ذلك ،وقال :أمثلً ٌذكره هللا من فوق عرشه ،وعلم أن لً ذنبا ًا فؤراد طهارتً .
وقالت رابعة :ما عرفت البالء منذ عرفت هللا.
الخلق صنفان :ولًّس وعدو ,والحال حا ن :شِس در ونعمة ،فربما أي بنًَ ،س
() 1
( ًَََٟ٪دٗسغ ج٬ٝحء ٧ج٬ )١٬ِٝإٜل.
() 2
٥٧خ د٢٠ ١د ٤جٝسحدِ ٫ج٠ٝئفؼ (٥ 114 – 34ـ).
() 3
ُ ١ؤد٥ ٫ف٬فذ في ٫جهلل سِحٙ ٤٢ُ ٩ٝحل :ظحء فظل ا ٩ٝج٢ٝد ٫و ٩ٞجهلل ُ٧ ٤٬ٞل٠ ٧٥٧ ٟٞلسٖٚ ،٘ٞحل:
١٠ؤ ٪ن٫ء سنس٫ٜ؟ ٙحل :جٝؾ٠ه :٫٢ِ٬ .جٝظٖ .ٍ٧د ٫ٜجٝفظل ،ص ٟـ٥خ ٠ِ٬ل ٖ .حلسٝ ٩ٚفظل ؿٳءٜ ،ل ؿ٧ٝ
دص٠فذ ،ص ٟظحء ا ٩ٝج٢ٝد ٫و ٩ٞجهلل ُ٧ ٤٬ٞل ٟٞدن٫ء ١٠س٠فٖٚ ،حل٠ :ح ؤفجِٖٞ ٛزَ ٥ـج اٳ ٧ؤ٢ز سػدٖٚ .٫٢حل:
ا٧ ٪جهلل ،ا ٫٢ٯػدٙ .ٛحل :ا٢ٜ ١زَ وحؿٙحً ٖإُؿ ٞٝدٴء ظٞدحدحً٧ٖ ،جهلل ٞٝدٴءُ ؤلفٍ ا٬ ١َ٠ ٩ٝػد ١٠ ٫٢جٝل٬ل ١٠
ؤُ ٩ٞجٝظدل ا ٩ٝجٝػي٬ى [ س٢د ٤٬جٔٝحٖٞٝ ١٬ٞل٠ف٢ٙؿ( ٪جً٠ٝدِر جِٝص٠ح٬٢ر) ه .] 92
() 4
ٖسغ د ١لِ٬ؿ ج٧٠ٝو٠ ،٫ٞحز ل٢ر ٥ 320ـ [ ظحٜ َ٠فج٠حز جٯ٬ٝ٧حء (جٜٗٝف) .] 437/2
189
تصل الشدر إلى الولً كرامة له ،كما وصلت إلى الرسل واانبٌاء علٌهم الصالر
والسالم ،وربما تصل اللذر إلى العدو خسرانا ًا له ،كما قال هللا سبحانه ( :ولنإيلنهم
من العإاب اادنى دون العإاب اا بر )( )1ربما تصل النعمة إلى الولً استدراجا ًا
وتنبٌها ًا له ،وربما تصل النعمة إلى العدو وهو حظه من اآلخرر ،كما قال هللا تعالى :
( ل تمتعوا فن مصير م لى النار)(.)2
ثم ا بتالء على نوعٌن :إكرام وإهانة ،فكل بالء ٌقربك من المولى فهو فً
ا سم بلو ،وفً الحقٌقة ُسزلفى ( ،)3وكل بالء ٌبعدك عن المولى فهو فً الحقٌقة
بلو ،أ تر أن هللا تعالى ابتلى إبراهٌم علٌه الصالر والسالم ،وكان سبب ابتالبه
ال ُسخلة( )4والقُسربة ،وابتلى إبلٌأ ،وكان سبب ابتالبه اللعنة والفضٌحة ،فقال إبراهٌم
فً البلو :حسبً ربً ،وقال إبلٌأ :حسبً نفسً ،فنودي إلبراهٌم علٌه الصالر
والسالم بال ُسخلة ،وإلبلٌأ باللعنة.
() 1
ل٧فذ جٝلظؿذ.21 :
() 2
ل٧فذ ادفج.30 :ٟ٬٥
() 3
ُقُ٘ :٩ٗٝفد.٩
() 4
جٝؾُّٞر ([ي ٟجٝؾحء) جٝوؿجٙر ٧ج٠ٝػدر.
190
الحديث ال امن وال ال ون
[ صلة الرحم]
أخبرنا ابن عمً العبد الصالح السٌد سٌؾ الدٌن عثمان ،قال :حدثنً أبوك
السٌد علً بن ٌحٌى الرفاعً صاحب المشهد المنور بالجانب الشرقً من بؽداد،
قال :حدثنً ابن عمً السٌد حسن ،قال :حدثنً السٌد ٌحٌى ،قال :حدثنً السٌد
ثابت ،عن أبٌه السٌد علي الحازم ،وٌكنى بؤبً الفوارأ ،عن أبٌه السٌد علً ،عن
أبٌه السٌد رفاعة الحسن المكً ،عن أبٌه السٌد أبً القاسم محمد ،عن أبٌه السٌد
الحسن الربٌأ ،عن أبٌه السٌد الحسٌن عبدالرحمن الرضً المحد ،عن أبٌه السٌد
أحمد ااكبر ،عن أبٌه السٌد موسى ،عن أبٌه السٌد إبراهٌم ا لمرتضى ،عن أخٌه
اإلمام علً الرضا صاحب طوأ ،عن أبٌه اإلمام موسى الكاظم ،عن أبٌه اإلمام
جعفر الصادق ،عن أبٌه اإلمام محمد الباقر ،عن أبٌه اإلمام زٌن العابدٌن علً ،عن
أبٌه الشهٌد المظلوم اإلمام الحسٌن ،عن أبٌه أمٌر المإمنٌن علً المرتضى رضً
هللا عنه ،وعنهم أجمعٌن ،قال :قال رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم " :لمّسا أُسسري بً
إلى السماء رأٌت رحما ًا معلقة بالعرش تشكو رحما ًا إلى ربها أنها قاطعة لها ،قلت :
كم بٌنك وبٌنها من أب؟ قالت :نلتقً فً أربعٌن أبا ًا"(.)1
() 1
ُُ ١حثنر في ٫جهلل ُ٦٢ح ُ ١ج٢ٝد ٫و ٩ٞجهلل ُ٧ ٤٬ٞلٙ ٟٞحل :جٝفػِٚٞ٠ ٟر دحِٝفم س٧ٚل٧ ١ َٟ :و٫٢ٞ
٧و ٤ٞجهلل ٤ًِٙ ٫٢ًِٙ ١٠٧ ،جهلل " ف٧ج ٣جٝدؾحف٠٧ ٪ل ١ُ٧ . ٟٞؤد٥ ٫ف٬فذ ٙ ،حل :لِ٠ز فل٧ل جهلل و٩ٞ
جهلل ُ٧ ٤٬ٞل٧ٚ٬ ٟٞل :ا ١جٝفػ ٟنظ٢ر ١٠جٝفػ ١٠س٧ٚل ٬ :ح فخ اًُِ٘ ٫٢ز٬ ،ح فخ ا ٫٢ؤُ ل٫ء ا٬ ،ٓ٫ٝح فخ
ا٠ٌُٝ ٫٢ز٬ ،ح فخ٬ٖ ..ظ٬د٦ح :ؤٳ سفي ١٬ؤ ١ؤول ٧ ١ َٟو٧ ،ٛٞؤًِٛٙ ١ َٟ ًَٙ؟ .ف٧ج ٣ؤػ٠ؿ دبل٢حؿ ظ٬ؿ
٧ .٪٧ٙجد ١ػدح ٫ٖ ١وػ٬ػ [ ٤جٝسفٓ٬خ ٧جٝسف٬٥خ ٢٠ٞٝـف( ٪جدٜ ١ش ٪ف ٧نفٜس ) ٤ف3711 ٧ 3708 ٟٙ
٧نظ٢رٙ :فجدر ٠نسدٜر.
191
وفً هذا الحدٌ الشرٌؾ من اإللزام للعبد بالرحمة ،ما ٌقٌد نفسه عن
جم وحها ،إذا أدرك وكان من الموفقٌن ،وقد بلؽنً عن بعر العارفٌن أنه كان ٌقول
ب بك اشتؽلت. فً مناجاته :إلهً بؤرحام اتصلت ،وبقلو ٍس
أي بنً ،اعلم أن المحبٌن فً طرابق العبودٌة ،وأوقات المناجار ،على
أصناؾ شتى ،فمنهم من ناجاه على لسان ا عتذار ،ومنهم من ناجاه على لسان
التحٌر وا ضطرار ،ومنهم من ناجاه على لسان الطرب وا فتخار ،ولو علم أهل
الؽفلة ما فاتهم فً كل نفأ.
قال النبً صلى هللا علٌه وسلم فً مناجاته " :إلهً إذ قرت أعٌن أهل الدنٌا
من دنٌاهم ،فؤقر عٌنً بك ،واقر عٌنً بلذابذ أنسك ،والشوق إلى لقابك "( ،)1وكذا
ٌقول َسمن ٌح بٌ :ا خٌر مإنأ وأنٌأٌ ،ا خٌر صاحب وجلٌأ ،طوبى لمن اكتفى
منك بك ،اللهم لبٌك لبٌك ٌا حبٌب القلوب ،لبٌك ٌا سرور القلوب ،لبٌك لبٌك ٌا منى
القلوب ،لبٌك اللهم آلٌت بك علٌك ،أن تصرفنً بك عنك ،و تحجبنً بك عنك.
() 1
١٠ؿُحء ج٢ٝد ٫و ٩ٞجهلل ُ٧ ٤٬ٞل :ٟٞج ٟ٦ٞٝا ٫٢ؤلإ ٛٝا٠٬ح٢حً ٳ ٬فسؿ٠٬ِ٢٧ ،حً ٳ ٗ٢٬ؿٙ٧ ،فذ ُ ١٬جٯدؿ٠٧ ،فجٖٚر ٢د٠ ٛ٬ػ٠ؿ و٩ٞ
جهلل ُ٧ ٤٬ٞل ٫ٖ ٟٞؤُ ٩ٞظ٢ر جٝؾٞؿ" [ اػ٬حء ُ ٟ٧ٞجٝؿ ( ١٬ؿجف جِ٠ٝفٖر) ٙ ] 319/1حل جٝػحٌٖ جِٝفج ٫ٖ ٫ٙج :٫٢ٔ٠ٝؤؾفظ ٤ج٢ٝلحث٫ٖ ٫
ج٧ ٟ٧٬ٝجٞ٬ٞٝر٧ ،جٝػح ١٠ ٟٜػؿ٬ش ُدؿجهلل د٠ ١لِ٧ؿ في ٫جهلل ُ ٤٢ؿٙ٧ " :٤ٝ٧ٙ ١٧فذ ُ ١٬جٯدؿ" ٙ٧حل وػ٬غ جٱل٢حؿ٧ ،ج٢ٝلحث١٠ ٫
ػؿ٬ش ُ٠حف د٬ ١حلف دبل٢حؿ ظ٬ؿ٧ " :ؤلإ٠٬ِ٢ ٛٝحً ٳ ٬د٬ؿٙ٧ ،فذ ُ ١٬ٳ س ١٠٧ ."ًَٚ٢ؿُحث ٤و ٩ٞجهلل ُ٧ ٤٬ٞل " :ٟٞج ٟ٦ٞٝدِٛ٠ٞ
ج٬ٔٝخٙ٧ ،ؿفس ٩ُٞ ٛجٝؽَ ،٘ٝؤػ٠ ٫٢٬ح ٜح٢ز جٝػ٬حذ ؾ٬ف جً ٧ ،٫ٝس٠ ٫٢ٖ٧ح ٜح٢ز جٖ٧ٝحذ ؾ٬فجً ،٫ٝؤلإ ٛٝؾن٬س ٫ٖ ٛج٬ٔٝخ ٧جٝن٦حؿذ،
٠ٜٞ٧ر جِٝؿل ٖ ٫جٝفيح ٧جٔٝيخ٧ ،جٚٝوؿ ٖ ٫جلٓ٧ ٩٢جٚٗٝفٝ٧ ،ـذ جٌ٢ٝف ا٧ ٩ٝظ٧ ،ٛ٦جٝن ٘٧اٚٝ ٩ٝحث٧ ،ٛؤُ٧ـ د ١٠ ٛيفجء
٠يفذ ٖ٧س٢ر ٠يٞر .ج ٟ٦ٞٝق٢٬ح دق٢٬ر جٱ٠٬ح٧ ،١جظِ٢ٞح ُ٥ؿجذً ٦٠ؿ ] ١٬٬اػ٬حء ٙ [320/1حل جٝػحٌٖ :ؤؾفظ ٤ج٢ٝلحث٧ ٫جٝػحٙ٧ ٟٜحل :
وػ٬غ جٱل٢حؿ ١٠ ،ػؿ٬ش ُ٠حف د٬ ١حلف في ٫جهلل ُ٠٦٢ح.
192
إلهً لو دعوتنً إلى النار اجبتك ،وافتخرت بك ،فك ٌؾ وقد دعوتنً إلى
نفسك ،إلهً إن قربتنً منك ،فمن الذي ٌبعدنً ،وإن أعززتنً بك فمن الذي ٌذلنً،
وإن رفعتنً إلٌك فمن الذي ٌضعنً ،إلهً َسمن أرهب وأنت مو ي؟ ولمن أرجو
وأنت مناي؟ وبمن أستؤنأ وأنت جلٌسً؟ فبك علٌك أن تتفضل بإتمام فضلكٌ ،ا
نعم المولى ونعم النصٌر ،إله ي سِس رِّذ ي عندك مكشوؾ ،وأنا إلٌك ملهوؾ ،وأنت
بالجود معروؾ ،وبالكرم موصوؾ.
إلهً أنت أنٌأ المستؤنسٌن من أحبابك ،ومؤو الموهوبٌن من أصفٌابك،
وجلٌأ الملهوفٌن من أولٌابك ،إلهً ما أطٌب معرفتك فً قلوب العارفٌن ،وما
أحلى ذكرك فً أفواه الذاكرٌن ،وما أحلى مودتك فً أأ رار المحبٌن ،إلهً أنت
الذي تبطل أمل اآلملٌنٌ ،خفى علٌك أحوال المرٌدٌن ،و ٌخٌب لدٌك رجاء
المنٌبٌن.
ُس
استكفٌت بك منك، نظرت منك إلٌك وأنت حسبً إذاُس إلهً أنت سروري إذا
منك بك ،اللهم ارحم انقطاعً إلٌك ،وانفرادي بك ووحشتً ُس
نزلت َس وأنت أنٌسً إذا
( )1عمن سو اك ،فٌا خٌر مإنأ وأنٌأ ،وٌا خٌر صاحب وجلٌأ ،كن دلٌلً منك
وإلٌك ،إلهً اجعل أج َّول العطاٌا فً قلبً حٌاءك ،وأعذب الكالم على لسانً ثناءك،
ًا
ساعة ٌكونُس فٌها لقاإك. وأحب الساعات إلًَّو
إلهً ما أوحش قلبا ًا لٌأ فٌه ذكرك ،وما أخرب قلبا ًا لٌأ فٌه خوفك ،وما أقل
سروراًا لًأ فً حبك ،إلهً صبر لً فً الدنٌا عن ذكرك ،فكٌؾ أصبر فً
اآلخرر عن رإٌتك؟
إلهً أشكو إلٌك ؼربتً فً بالدك ،ووحشتً بٌن عبادك ،إلهً ما لمرادنا
ؼٌرك ،و لبؽٌتنا دونك ،وما لحاجتنا سواك ،إلهً هذه لذابذ المناجار ،فكٌؾ لذابذ
() 1
ج٧ٝػنر (دٗسغ ج٧ٝج٧ ٧ل ١٧ٜجٝػحء) جٝؾ٧ٞذ٧ ،جٝؾ٧ ،ٕ٧ج٧ٝػنر ١٠ج٢ٝحك :جٳًٚ٢حٍ ُ٧ ٟ٦٢خُُؿ جٞٚٝخ ُ١
ػمَ ٧َ٪عَم دٜلف جٝػحء ٖ ٫ج٠ٝحيٖ٧ ٫سػ٦ح ٖ ٫ج٠ٝيحفٍ ( ١٠جٝدحخ جٝفجدَ ).
٧٠ؿجس٧ ،ٟ٦جِٗٝلٔ َ٧ :
193
المالقار؟ إلهً هذا شكري ،وشكر شكري ،إلهً هذا سروري وسرور سروري،
إلهً هذا ودي وود ودي ،إلهً أُسنسً بك أوحشنً من خلقك ،ومعرفتً بك تمنعنً
عن مناجار ؼٌرك.
إلهً كٌؾ أشؽل لسانً بذكر ؼٌرك ،أم كٌؾ أشؽل بصري برإٌة ؼٌرك ،أم
كٌؾ أشؽل قلبً بحب سواك ،وأنا أعرؾ ؼٌرك؟ إلهً ،على من أُسثنً وأنت
ولًٌ ،و َسمن أرجو وأنت مُسناي؟ ٌا خٌر معروؾ مذكور ،أعززتنً بو ٌة معرفتك،
فال تذلنً ٌا سٌدي بعدها ب َسمن سواك ،إلهً عجبت ممن ٌعرفك كٌؾ ٌستؽنً
عجبت ممن أنأ بك كٌؾ ٌستوحش من ؼٌرك؟ ُس عمن سواك ،إلهً
إلهً عجبت لمن أرادك كٌؾ ٌرٌد سواك ،إلهً هذا سروري بك فً دار
() 1
الفناء ،فكٌؾ سروري بك فً دار البقاء؟ إلهً هذا سروري بك فً قراطق
الخدمة ،فكٌؾ سروري بك فً ؼالبل ( )2النعمة؟ إلهً هذه لذابذ المحبة ،فكٌؾ لذابذ
الرإٌة؟ إلهً هذه لذابذ المإانسة ،فكٌؾ لذابذ الزٌارر؟ إلهً َسمن لم ٌكن مسروراًا بك
فمن أي شًء ٌكون له سرور؟ إلهً سقٌتنً بكؤأ ا لحب حتى أسكرتنً ،فالحب
ٌقتلنً والشوق ٌُسحرقنً ،إلهً أرٌتنً حبك ،فؤرنً وصلك ،إلهً طال بك حسن
ظنً ،على أن تردنً خاببا ًا فال تخٌب ظنً بكٌ ،ا معروفا ًا بالمعروؾ ،إلهً لٌأ
لً عنك صبر ،و فٌك حٌلة ،و منك بد ،و عنك َسمهرب ،و مع سواك أُسنأ.
إلهً أحٌٌتنً بمعرؾتك ،فال ُستمتنً بنكرتك ،إلهً أرٌتنً وصالك ،فال ُسترنً
فراقك ،إلهً إن لم تفعل ما نرٌد ،فصبرنا على ما ترٌد ،إلهً فرِّذغ قلبً لذكر
() 1
ٙفجً٘ جٝؾؿ٠ر٠ :ٴدل٦حٗ٠ ،فؿ٥حُ٘ :فًٜ٘ :ظ٢ؿخٙ٧ ،فًٚس ٤ا٬حٖ ٣سٚفً٘ :ؤٝدلس ٤ا٬حٖ ٣لدل [ ٤جٚٝح٧٠ك
ج٠ٝػ( ً٬جُ٘ٝفً٘)].
() 2
جٔٝٴثل :ظ َ٠جِْٝٳٝر (دٜلف ج ٫٥٧ )١٬ٔٝص٧خ فُٝ٪ ٘٬ٙدك سػز جٝؿصحف " [ جِ٠ٝظ ٟج٧ٝل.]ً٬
194
عظمتك ،وأطلق لسانً بوصؾ منتك ،وقونً على شكر نعمتك ،إلهً ارحمنً فؤنا
عاجز عند النصب ،جاهل بالسبب ،حٌران فً الطلب ،إلهً جعلت سبب ما تعطً
رجاءك ،وسبب ما ٌجمع بٌن أولٌابك تؤلٌفك بٌن قلوبهم.
إلهً فؤعطنً المرجو كما وهبت الرجاء ،واجمع بٌنً وبٌن أولٌابك ،كما
ألفت بٌن القلوب ،كٌؾ ٌفتقر َسمن أنت حظه ،أم كٌؾ ٌستوحش من أنت أنٌسه ،أم
عنً كٌؾ ٌذل من أنت حبٌبه ،أم كٌؾ ٌحزن من أنت نصٌبه؟ إلهً همك أبطل
الهموم وحبك حال بٌنً وبٌن الرقاد ،وشوقً إلٌك منعنً اللذات ،وأُسنسً بك
أوحشنً عمن سواك.
إلهً أنت ُستوالً َسمن ٌعادٌك ،فكٌؾ ُستعادي َسمن ٌوالٌك؟ إلهً معرفتً بك
دلٌلً علٌك ،وحبً لك وسٌلتً إلٌك ،إلهً عرؾ المحبون كمال ربوبٌتك،
والمذنبون صنٌعك ،وكمال قدرتك ،فاستسلموا وانقادوا لك ،إلهً اجعلنً ممن
ٌتخذ دونك خلٌالًا ،و ٌلتمأ إلى سواك سبٌالًا ،و ٌرجو من ؼٌرك فتٌالًا ( .)1إلهً
تجعلنً ممن صرفت عنه وجهك ،وحجبت عنه عفوك ،وأؼلقت علٌه بابك،
وقطعت عنه أسباب عصمتك ،ووكلته إلى نفسه ،إنك على كل شًء قدٌر.
قال مالك بن دٌنار :رأٌت جارٌة متعلقة بؤستار الكعبة تقول:
أللء سوا ُت حيينا ولي لي جئنا وأنس جئس بنا
() 2
ألل ٌمء سوا يإتينا ولي من َم طلبنا وأنس ِر
تمل نا
() 1
جٗٝس٬ل :جٝؾ ً٬جٝـ ٫ٖ ٪ن٘ ج٧٢ٝجذ .
() 2
١٠ج٢٠ٝلفع.
195
الحديث التاسف وال ال ون
[ نظر الولد لى والديه]
أخبرنا شٌخنا منصور الربانً رضً هللا عنه ،عن أبٌه سٌدي ٌحٌى
النجا ري ،عن سٌدي أبً محمد الشنبكً اانصاري ثم الحسٌنً الحسنً ،عن الشٌخ
أبً بكر بن هوار البطاٌحً ،عن سٌدي سهل بن عبد هللا التستري ،عن الشٌخ ذي
النون المصري ،عن الشٌخ إسرافٌل المؽربً ،عن اإلمام موسى الكاظم ،عن أبٌه
اإلمام جعفر الصادق ،عن أبٌه اإلمام محمد الباقر ،عن أبٌه اإلمام زٌن العابدٌن
علً عن أبٌه اإلمام الحسٌن عن أبٌه اإلمام علً المرتضى رضً هللا عنهم عن
النبً صلى هللا علٌه وسلم أنه قال " :نظر الولد إلى والدٌه عبادر " ( .)1قلت :وفً
هذا الحدٌ الشرٌؾ ،من إعظام شؤن الحب هلل ،ما ٌرفع بهمم المحبٌن إلى هللا ،فإن
النظر فً هللا عبادر ،وكذلك أي بنً،
() 1
ـٜف جٝلُ ٫ً٧٬ؿذ ؤػحؿ٬ش ٖ٥ ٫ـج ج ،٩٢ِ٠ٝؤ٦ٞٚ٢ح دإفٙح٦٠ح ٖ٢ٜ ٫ق ج٠ِٝحل ٠ٞٝس ٫ُٞ ٫ٚج٢٦ٝؿ:٪
34714جٌ٢ٝف ا ٩ٝجِٜٝدر ُدحؿذ٧ ،جٌ٢ٝف ٖ٧ ٫ظ ٤ج٧ٝجٝؿُ ١٬دحؿذ٧ ،جٌ٢ٝف ٖٜ ٫سحخ جهلل ُدحؿذ (ؤؾفظ ٤جد١
ؤد ٫ؿج٧ؿ ٖ ٫ج٠ٝوحػٕ ُُ ١حثنر في ٫جهلل ُ٦٢ح ٤٬ٖ٧ ،قجٖفٙ ،حل جدُ ١ؿ :٪ٳ ٬سحدَ ُ ٩ٞػؿ٬ص.)٤
45536جٌ٢ٝف ٖ ٫صٴصر ؤن٬حء ُدحؿذ :جٌ٢ٝف ٖ٧ ٫ظ ٤جٯد ٫ٖ ٧ ،١٬٧ج٠ٝوػٕ ٫ٖ٧ ،جٝدػف (ؤؾفظ ٤ؤدٟ٬ِ٢ ٧
ٖ ٫جٝػ٬ٞر ُُ ١حثنر في ٫جهلل ُ٦٢ح).
٠ 45496ح ١٠فظل ٌ٢٬ف ا٧ ٩ٝظ٧ ٤جٝؿٌ٢ ٤٬فذ فػ٠ر اٳ ُٛسخ ٤ٝد٦ح ػظر ٚ٠دٝ٧ر ٠دف٧فذ (ؤؾفظ ٤جٝفجِٖ٫
ُ ١جدُ ١دحك في ٫جهلل ُ٠٦٢ح) ٧ؤؾفظ ٤جٝػح ٫ٖ ٟٜسحف٬ؾ٧ ٤جد ١ج٢ٝظحف ُ [ ٤٢جٌ٢ف ٢ٜق .] 45535
٫ٖ٧ؤل ٩٢جً٠ٝحٝخ (ًدِر جٝػٞد )٫ؾدفٌ٢ ( :فذ ا٧ ٩ٝظ ٤جِٝح ٟٝؤػخ ا ٩ٝجهلل ُ ١٠دحؿذ لس١٬
ل٢ر) :ٳ ٬وغٜ٧ ،ـج جٌ٢ٝف ا ٩ٝج٧ٝجٝؿ ٧ .اٜ ١حٜ ١ل ٠٦٢٠ح ٠ػد٧دحً نفُحً" [ ؤل ٩٢جً٠ٝحٝخ ٞٝد٬ف٧س٠( ٫ػ٠ؿ
د ١جٝل٬ؿ ؿف٬٧م) ه .] 237
196
فاعلم أن عالِس َسم أسرار المحبٌن ،والمطلع على همة المشتاقٌن ،طٌَّوب الدنٌا للعارفٌن
بذكر الخروج منها ،كما طٌب الجنة اهلها ،بذكر الخلود فٌها ،و شًء أحب إلى
اتت المحب من لقاء المحبوب ،ولو اآلجال التً كتبها هللا على المشتاقٌن لم
أرواحهم فً أبدانهم ،لشدر ا شتٌاق إلٌه.
قال أنأ :قٌل ٌا رسول هللا ،لو شاء هللا أن ٌدوم البقاء اولٌابه فً الدنٌا،
فقالٌ :ؤبى هللا أن ٌجعل الخلود اولٌابه فً الدنٌا ،بل اختار اولٌابه وأحبابه ،ما
عنده من جزٌل كراماته ،أما تعلمون أن الحبٌب ٌشتاق إلى الح بٌب ،فطوبى لمن
كان روحه وراحته فً لقاء هللا.
وحكً أن أبا هرٌرر قال لرفٌق له :أٌن تذهب؟ فقال :أشتري شٌبا ًا اهلً،
قدرت أن تشتري الموت لً فافعل ،فإنه طال شوقً إلى َس فقال أبو هرٌرر له :إن
ربً ،وإن الموت أحب إلًَّو من شرب الماء البارد للعطشان ،وأحلى من العسل ،ثم
بكى بكاء شدٌداًا ،وقال :واشوقاهُس إلى َسمن ٌرانً و أراه ،و ُسؼشً علٌه.
قٌل اوٌأ ( )1كٌؾ أصبحت ،قال :كٌؾ ٌصبح َسمن إذا أصبح ٌشتهً أن
ٌُسمسً ،وإذا أمسى ٌشتهً أن ٌصبح ،وطال شوقه إلى مُسنى قلبه.
قال مالك بن دٌنار :كنت أسٌر فً بعر حٌطان البصرر ،فرأٌت شابا ًا
مرٌضاًا ،أشع أؼبر ،مستقبالًا للقبلةٌ ،قول :قرر عٌنً طال شوقً إلٌك ،وما آن أن
ألقاك ،فإلى متى تحبسنً عنك؟ فقلت ٌ :ا شاب هذا الوقت الذي ٌطلب فٌه ااحبة
محبوبهم؟ فقال :الحبٌب فً كل ااوقات موجود ،لٌأ بمفقود ،بل هذا الوقت الذي
تظهر ااحبة احتراقهم بحبٌبهم ،وٌكشؾ المشتاقون كتمان سرابرهم ،بهٌجان نٌران
ا شتٌاق إلى مُسناهم.
وحكً أن رجالًا من أهل البصرر ،بكى على شوقه حتى ذهبت عٌناه ،ثم قال:
إلهً إلى متى ألقاك؟ فبعزتك لو كانت بٌنً وبٌنك نار تلتهب ،ما رجعت عنك
بعونك وتوفٌقك ،حتى أصل إلٌك ،و أرضى منك بدونك.
قٌل :كان لفتح الموصلً ابنتان عارفتان فخرجتا إلى الحن ،فلما وقعت
أعٌنهما على البٌت ،قالت إحداهما لألخر ٌ :ا هذه أهذا بٌت ربً؟ فقالت ااخر :
:إلهً أشكو من نفسً نعم ،فصاحت صٌحة وماتت من ساعتها وقالت ااخر
إلٌك ،وقد طال شوقً إلٌك آه آه آه ،وتقولها حتى ماتت.
وقٌل ابً بكر الواسطً رحمه هللا :ما حظٌرر القدأ؟ قال :هً حظٌررٌح
جعلها هللا ستما كالمه ومناجاته ،والنظر إلى وجهه ،حٌ شاإوا ومتى شاإوا،
وتال قوله ( :ول م يها ما تألتهل أنفس م)(.)1
قال إبراهٌم بن أدهم( )2دخلت جبل لبنان فإذا أنا بشاب قابم ٌقولٌ :ا َسمن قلبً
له محب ،ونفسً له خادمة ،وشوقً إلٌه شدٌد ،متى ألقاك؟ فقلت :رحمك هللا ما
() 1
٠ٚط ثٓ عبِس اٌمسٔ :ٟربثع ِٓ ٟاٌظبٌح ،ٓ١ر ٞ ٛظٕخ ٘ 37ـ.
() 1
ل٧فذ ٖوٞز.31 :
() 2
ادفج ٟ٬٥د ١ؤؿ ٟ٥د٢٠ ١و٧ف .س ٫ٖ٧ل٢ر ٥ 161ـ.
197
ٌنساه فً كل عالمة حب هللا؟ قال :حب ذكره ،قلت :فما عالمة المشتاق؟ قال :أن
حال.
بعر أهل المعرفة حضرته الوفار ،فبكت امرأته ،فقال :ما ٌبكٌك؟ قالت :
كٌؾ أبكً وأنا أبقى منك فرداًا ،قال ٌ :ا هذه أنا منذ أربعٌن سنة بكٌت شوقا ًا إلى
هذا الٌوم ،فإنه ٌوم وصلتً وأُسلفتً وراحتً ،فمرحبا ًا به.
وحكً أن الحسن البصري رضً هللا عنه حضرته الوفار ،وكانوا ٌلقنونه
الشهادر ،ففتح عٌنٌه وقال :إلى متى تدعوننً إلٌه وأنا محترق به منذ عشرٌن سنة.
وسبل سهل بن علً عن خفقا ن قلب الخلٌل ،وأزٌز قلب المصطفى صلى هللا
علٌهما وسلم ،فقال :خفقانه من الخوؾ ،وأزٌزه من الشوق.
وبكت رابعة العدوٌة عند موتها ،وضحكت من ساعتها فقٌل لها فً ذلك،
فقالت :أما بكابً فمن مفارقتً الذكر آناء لٌلً ونهاري ،وأما ضحكً فمن سروري
بلقابه ،وماتت من لحظتها.
ًا
ومرر أبو الدرداء رضً هللا عنه فقٌل له :أ ندعو لك طبٌبا ٌداوٌك؟
198
فقال :الطبٌب أمرضنً ،طال شوقً إلى ربً ،وإلى قرر عٌنً محمد صلى هللا علٌه
وسلم ،وإلى إخوانً الذٌن مضوا من قبلً ،وإنً أخاؾ أن أفرَّو ق عنهم.
:المستؽا الم ستؽا ،ثم دخله وكان ذو النون ٌقول ًا
لٌلة إلى الصبا
السكٌنة ،فقٌل له فً ذلك ،فقال :نظرت البارحة بعٌن السر ،فً مالحظة الحق حتى
ُس
فاستؽثت إلٌه بالخروج من الدنٌا ،كما بسط إلى بساط محبته ،وؼلبنً ا شتٌاق إلٌه،
ٌستؽٌ أهل النار بالخروج منها ،ثم نظرت إلى سرور المجتهدٌن فً الدنٌا،
ومإانسة المرٌدٌن فً ظلم اللٌالً ،وافتراشهم الجبهة بٌن ٌدي عالم الؽٌوب بصفاء
ْس
فدخلت علًّس السكٌنة. القلوب،
قال عقبة بن سلمة :ما من ساعة ٌكون العبد أقرب إلى هللا من حٌن ٌخر
ساجداًا ،وما من َسخصلة فً العبد أحب إلى هللا من الشوق إلى لقابه .وفً الخبر" :نعم
التحفة للمإمن لقاء مو ه "( .)1قال محمد بن ٌوسؾ ( )2لو خٌرت بٌن أن أعٌش فً
الدنٌا مابة سنة أعبد هللا تعالى أعصٌه طرف َسة عٌن ،وبٌن أن أموت خترت
الموت ،قٌل :ولم ذلك؟ قال :من شدر اشتٌاقً إلٌه.
() 1
ف٧ج ٣جٝػحٌٖ ج٢٠ٝـف ٫ٖ ٪جٝسفٓ٬خ ٧جٝسف٬٥خ (جدٜ ١ص٬ف ) 299/4دف 5123 ٟٙد " : ٌٗٞسػٗر ج٠ٝئ١٠
ج٧٠ٝز" ٙ٧حل :ف٧ج ٣جًٝدفج ٫٢دبل٢حؿ ظ٬ؿ ٫ٖ ٧٥٧ .جٱػ٬حء ٙ٧ 450/4حل جٝػحٌٖ جِٝفج : ٫ٙؤؼفظ ٤جد ١ؤد٫
٢ٜ٧ 320/2ق جٝؿ٬٢ح ٖٜ ٫سحخ ج٧٠ٝز ٧ " ..ج٠ٝلسؿفٜ( ٛسحخ جٝفٙح٘ ) ٧ 319/4وػغ٠٧ ، ٣ظ َ٠جٝق٧جثؿ
. ٜ٧ 42110/15نٕ جٝؾٗحء ٙ٧ 352/1حل :ف٧ج ٣جد ١ج٠ٝدحف٧ ..ٛؤد ١ُ ٟ٬ِ٢ ٧جدُ ١دحك في ٫جهلل ُ٠٦٢ح
٧ؤٜصف ف٧ج٬حس ١ُ ٤جد٠ُ ١ف ٫ٖ٧ ،ج٠ٝلسؿف ١ُ ٛجد٠ ٍ ١ف ٧في٧ج ١جهلل ُ٧ ، ٟ٦٬ٞف٧ج ٣جٝؿ ١ُ ٫٠ٞ٬جٝػل١
د" ٌٗٞسػٗر ج٠ٝئ ٫ٖ ١٠جٝؿ٬٢ح ج٧٠ٝز "ٜ ] .نٕ ٧ [352/1ف٧ج ٣جٝؿجف ١ُ ٫٢ًٙظحدف في ٫جهلل ُ ٤٢دٌٗٞ
"ج٧٠ٝز سػٗر ج٠ٝئ٢ٜ [ " ١٠ق ٧ 42138/15ف٧ج ٣جِٝظ ٫٢٧ٞد٦ـج جٙ٧ ٌٗٞٝحل :ف٧ج ٣جٝؿ ١ُ ٫٠ٞ٬ظحدف دق٬حؿذ " :
:ج٧٠ٝز ٘٠٥٧ ،ح قجؿ ٣ا ٩ٝج٢ٝحف" ٧ف٧جُ ١ُ ٣حثنر في ٫جهلل ُ٦٢ح د٦ـج جٌٗٞٝ
٧جٝؿف٧ ٟ٥جٝؿ٬٢حف َ٠ج٢٠ٝح ٕ
ٓ٠٬٢ر٧ ،جِ٠ٝو٬ر ٠و٬در٧ ،جٚٗٝف فجػر٧ ،ج٧ُٚ ٫٢ٔٝدر٧ ،جٝسحثخ ١٠جٝـ٢خ ١٠ٜٳ ـ٢خ ٜ [ " ٤ٝنٕ جٝؾٗحء
(جٝسفجش جٱلٴ 401/2 )٫٠دف.] 2667 ٟٙ
() 2
٠ػ٠ؿ د٧٬ ١لٕ جٯوٗ٦ح ،٫٢س٥ 184 ٫ٖ٧ـ [ جٝنِفج.] 61/1 ٫٢
199
الحديث ااربعون
[ التسبيل للرجال والتصفيو للنساء]
حدثنا شٌخنا الشٌخ القدور علً الواسط ي رضً هللا عنه قال :حدثنً أبو
الفوارأ طراد بن محمد الزٌنبً ،قال :حثنا أبو الحسن محمد بن زرقوٌه ،قال :
حدثنا أبو جعفر محمد بن ٌحٌى الطابً ،قال :أخبرنا جد أبً علً بن حرب بن
محمد الطابً ،عن سفٌان بن عٌٌنة ،عن الزهري ،عن أبً سلمة ،عن أبً هرٌرر
رضً هللا عنه عن ا لنبً صلى هللا علٌه وسلم قال " :التسبٌح للرجال والتصفٌق
() 1
جد فً ااعمال وا ستهالك للحركات والسكنات للنساء" هذا الحدٌ ٌشٌر إلى ال ِس
فً هللا تعالى.
وقد تر جماعة من العارفٌنٌ ،ضربون للشارات فً الحا ت ،ولذي
الحضرات كفا ًا بكؾ ،فإٌاك أن تظن أن إشارتهم هذه من التصفٌق فتزلق ،إنما هً
استهالك حركة هلل ،فً حركة أخر هلل ،فإنهم ماتوا باهلل حالة كونهم أحٌاء
() 1
1146 ٧1145 جٝدؾحف( ٪خسػ ٘٬ٚجٝؿٜس٧ف ٠وًٗ ٩جٝدٔح ) ج٠ِٝل ٖ ٫جٝوٴذ ،دحخ :جٝسوٗ٢ٞٝ ٘٬لحء
٧ؤٌ٢ف ؤ٬يحً ٠٧ 6767 ٧ 2547 ٧2544 ٧ 1177 ٧ 1160 ٧ 1146 ٧ 1143 ٧ 652ل :ٟٞجٝوٴذ ،دحخ
سٚؿ ٟ٬جٝظ٠حُر ٬ ١٠و ٫ٞد ٟ٦اـج سإؾف جٱ٠ح ،ٟف٧ 421 ٟٙدحخ سلد٬غ جٝفظل ٧سوٗ ٘٬ج٠ٝفؤذ اـج ٢حد٠٦ح ن٫ء
٪لٞٝ ١فظل جٝـ٢ ٪حد ٤ن٫ء ٖ ٫وٴسٜ ،٤س٢د ٤٬ا٠ح٢ٝ ٤٠ػ ٧ل٧ ،٧٦اـٝ ٤٢ؿجؾل جلسإـ١
ٖ ٫جٝوٴذ ُ " ٧ .422
ٖ ٫جٝؿؾ٧ل ُ٧ ،٤٬ٞا٢ـجف ٣ؤُ٠ ٩٠ؽجٖر ؤ٠ ٫ٖ َٚ٬ ١ػـ٧ف ،ؤ٢ ٧ػ ٧ـٜٔ ٛٝحٖل ٬ٓ٧ف ٬٠٠قٙ ١٠٧ ،وؿٌ ٣حٟٝ
فؤذ ؤ٢ ٧ػ ٧لدَ ،ؤ٬ ١لدغ ٖ٧ٚ٬ل " :لدػح ١جهلل" دنفً ؤٳ ٚ٬وؿ جٝس٢د٧ ٣٫ػؿ٧ ،٣اٳ دًٞز وٴس٧ . ٤ؤ٠ح جٟٝ
ٖسوٗ٘ ديفخ دً ١ج ٩ُٞ ١٬٠٬ٝج٬ٝلحف ؤُٜ ٧ل٥٧ .. ٤ـ ٣ل٢ر ٠سٗ٘ ُ٦٬ٞح اٳ ج٠ٝح٬ٜٝر ٙح٧ٝج :جٝنإ٢ ١٠ٝ ١حد٤
" [ ؿ٥٧ .در ن٫ء ٬ ٧٥٧و ٫ٞجٝسلد٬غ (لدػح ١جهلل ) ٜ٬٧ف ٣جٝسوٗ٠ٞٝ ٘٬فؤذ " ٧جٝؾ٢صٜ ٩ح٠ٝفؤذ ٖ ٫جٝسوٗ٘٬
جٝقػ :٫ٞ٬ج ٤ٚٗٝجٱلٴ٧ ٫٠ؤؿٝس٧ 935 ٧ 934/2 )4ً( ٤جٌ٢ف ( 1122س٢د ٤٬جٱ٠ح ٩ُٞ ٟجٝل.])٧٦
200
فلذلك أحٌاهم هللا حالة كونهم أمواتا ًا.
أي بنً ،اعلم أن هلل تعالى عباداًا قد مُسلبت قلوبهم بمحبة ربهمٌ ،نتظرون
الموت اشتٌاقا ًا إلى حبٌبهم ،وٌكرهون طول المك فً هذه الدنٌا ،راحة لهم دون
الخروج منها ،وهم مؽمومون بطول البقاء فٌها ،وشوقهم إلى الخروج أشد من شوق
العطشان إلى الماء الز ل ،فإذا قرب أجلهم أتاهم ملك الموت مع سبعٌن ألؾ ملك
من هللا بالتحٌة والسالم ،كما قال تعالى ( :الإين تتو اهم المالئ ة طيبين يلولون
سالم عل ي م)( )1اآلٌة ،وكذلك ٌجًء الملك للمإمن على أطٌب رٌح ،وأحسن
صورر ،فٌقول المإمن له :مرحبا ًا اي أمر جبت؟ فٌقول له :لقبر روحك ،على أي
حال تحب أن أقبر روحك؟ فٌقول :إذا كنت فً السجود ،فٌفعل ذلك ملك الموت،
فٌؤتٌه حافظاه وٌقول أحدهما لصاحبه :كان لنا صاحبا ًا وأخا ًا ق د حان له الفراق،
كنت أٌسر مإمن ونعم فٌقو ن له جزاك هللا خٌراًا ،وؼفر لك ،فنعم اا كنت ،لقد َس
() 2
قدمت لنفسك ( :يؤيتها النف المطمئنة ارجعل لى رب راضية مرضية ) َس ما
) (
كنت تحب الخٌروالراحة ،وتقول روحه لجسده :جزاك هللا عنً خٌراًاَ ،س 3
بالرو
وأهله ،وتبؽر الشر وأهله ،أستودعك هللا.
مُسرَّو بجنازر على أمٌر المإمنٌن علً كرم هللا وجهه ورضً هللا عنه فقال :
مسترٌح أو مسترا من نصب الدنٌا ،وإٌذاء أهلها ،فلقً رحمة هللا علٌه ،والمسترا
منه الفاجر ،إذا ما استرا منه العباد والبالد.
وقال مؤمون السلمً رحمه هللا :لما توفً أبو عبدهللا بن مقاتل ؼسلناه وكفناه
ودفناه ،فهتؾ بنا هاتؾ من السماء :الحمدهلل الذي أوصل الحبٌب إلى الحبٌب راضٌا ًا
مرضٌا ًا.
() 1
ل٧فذ ج٢ٝػل.32 :
() 2
ل٧فذ جٗٝظف.27 :
() 3
جٝف٧ع :جٝفػ٠ر.
201
وقال رجل من أصحاب أبً عبد هللا :رأٌته فً المنام بعد موته كان ٌتبختر
فً حظٌرر القدأ ،فقلت له :ما هذا التبختر ٌا أبا عبدهللا ،ألٌأ قد ُسنهٌنا عنه؟ فقال :
هذا مشً الخدام ،فً دار السالم ،عند الملك العالّسم .ورإي ذو النون بعد موته فً
المنام ،فقٌل له :ما حالك؟ قال :سؤلت هللا أربع مسابل ،فؤعطانً اثنتٌن ،وأنتظر
قبضت روحً فال تكلنً إلى ملك َس اثنتٌن ،فقٌل :وما هن ؟ قال :قلت إلهً إن
الموت ،وإن سؤلتنً فال تكلنً إلى منكر ونكٌر ،وإن أهتنً فال تكلنً إلى مالك،
وإن أكرمتنً فال تكلنً إلى رضوان.
وحكً أن داود العجمً ( )1لما مات حمل إلى قبره ،فإذا هو مفروش
بالرٌحان ،فؤخذ الذي ٌدفنه شعبة من الرٌاحٌن ،وكان الناأ ٌنظرون إلٌها تعجبا ًا
سبعٌن ٌوما ًا لم ٌتؽٌر حالها ،فؤشخل اامٌر وأخذها من الرجل ،ففُسقِسدت فال ٌُسدر
كٌؾ ذهبت؟
وقال عمار بن إبراهٌم :رأٌت المسكٌنة الطاوٌة بعد موتها فً المنام ،وكانت
تحب مجلأ الذكر ،فقلت :مرحبا ًا ٌا مسكٌنة ،فقالت :هٌهات ٌا عمار ،ذهبت
المسكٌنة ،وجاء الؽنى ،قلت :هنٌبا ًا لك ،فقالت :وما تسؤل عمن أبٌحت له الجنة
بحذافٌرها ،قلت :بماذا؟ قالت :بمجالأ الذكر ،فقلت :فما فعل هللا بعلً بن زادان؟
فضحكت وقالت :كساه حلة البهاء ،وقٌل لهٌ :ا قارئ اقرأ وارق.
وقال ابن أبً الحواري ( )2رأٌت الواصلً بعد موته فً المنام ،كؤنه قابم فً
الهواء ،وقد امتأل الهواء من نوره ،فقلت له :ما فعل هللا بك؟ قال :نعم المولى
:أوصنً ،قال :علٌك مو نا ،ؼفر لنا وأكرمنا ،وفعل بنا ما هو أهله ،قلت له
بمجالسة الذاكرٌن ،فإنهم عندنا فً الرفٌع من الدرجات.
() 1
ظحٜ َ٠فج٠حز جٯ٬ٝ٧حء .65 ٧ 64/2
() 2
حّد ثٓ ث ٟاٌحٛاز ٞاٌدِشمِ .ٟبد ظٕخ ٘ 230ـ [ اٌسظبٌخ اٌمش١س٠خ .]59
202
ولما حضر معاذاًا الموت أؼمً علٌه ،ثم أفاق ،فقال :ألحِسقونً بالذٌن أنعم هللا
علٌهم من النبٌٌن والصدٌقٌن والشهداء ،ثم ضحك وقال :إله إ هللا محمد رسول
هللا الحمد هلل ثم مات.
وحكً أن امرأر دخلت على عابشة رضً هللا عنها ،فصلت عند قبر النبً
صلى هللا علٌه وسلم ،ثم سجدت فلم تزل تقول واشوقاه ،فلم ترفع رأسها حتى ماتت.
وقال جعفر الضبً :حضرت زٌارر قبر مالك بن دينار ،فقلت :لٌت شعري ما فعل
هللا بمالك؟ فسمعت صوتا ًا من فوق مالك ٌقول :مالك نجا من المهالك ،ومن وعثاء
المسالك ،وصار إلى دار السرور ،بمجاورر الرب الؽفور ،فقلت :الحمد هلل.
وقال ابن ب ّسكار :صلٌنا الؽدار ٌوما ًا بالمصّسٌصة ( ،)1فلما سلم اإلمام قام رجل
وقالٌ :ا أٌها الناأ إنً رجل من أهل الجنة ،وإنً أموت الٌوم ،فمن كانت له حاجة
فلٌؤت ،فلما صلٌنا العصر مات الرجل فً سجوده.
وحكً أن الحار بن عمرو الطابً ( ،)2مرر بإرمٌنٌة فٌوما ًا من ااٌام،
استقبل القبلة وصلى ركعتٌن ،ثم قال فً آخر سجوده :اللهم إن أسؤلك باسمك الذي
هو قوام الدٌن ،وبه ترزق العالمٌن ،وبه تحًٌ العظام وهً رمٌم ،إن كان لً خٌ ٌحر
عندك فعجل قبضتً ،ثم سكت فحركوه فإذا هو مٌت .وقال مالك بن دٌنار رضً
هللا عنه :كان لً رفٌق ،وكان وهللا من العارفٌن ،فمرر فحضرته اعوده ،فإذا هو
رافع طرفه نحو السماء ،وقال :اللهم إن كنت تعلم أنً أحبك فبارك لً فً لقابك،
فلم ٌتم كالمه حتى مات.
وحكً أن رجالًا رأ مالك بن دٌنار رضً هللا عنه كؤنه فً قصر معلق فً
الهواء بحٌ لم ٌصؾ الواصفون حسنه فقال :ما فعل هللا بك ٌا مالك؟ فقال :أنزلنً
ربً فً هذا القصر كما تر ،وأبا لً أن أنظر إلٌه كلما اشتقت إلى رإي ته بال
كٌؾ و شبٌه،
() 1
ج٠ٝو٬ور :صٔف ؤً٢ح٬ٜر ٧دٴؿ جٝفٙ ٟ٧ؿ٠٬حً.
() 2
٠سُ ٩ٖ٧ح٥ 112 ٟـ.
203
والحمد هلل رب العالمٌن .ولما حضرت الوفار سٌدي الشٌخ منصور بكٌنا حوله فؤفاق
من ؼشٌته وقال:
د ماس و ٌمم وهم ل النا أحياء ُس المحب حيااٌم و انلطا له ا
ِّب موس
ثم قال :أشهد أن إله إ هللا وأشهد أن محمداًا رسول هللا صلى هللا علٌه
وسلم ،وقضى نحبه رضً هللا عنه وعن عباد هللا الصالحٌن أجمعٌن.
204
المحتو
205
من دعاء النبً صلى هللا علٌه وسلم الثامن والعشرون: الحدٌ 143
إله إ هللا التاسع والعشرون: الحدٌ 150
إذا را أحدكم الجمعة فلٌؽتسل الثالثون: الحدٌ 155
أفال أكون عبداًا شكوراًا؟ الواحد والثالثون: الحدٌ 161
المتوكل صلى هللا علٌه وسلم الثانً والثالثون: الحدٌ 167
اللهم بارك لنا فً رجب وشعبان الثال والثالثون: الحدٌ 173
من ولد له مولود فسما محمداًا الرابع والثالثون: الحدٌ 177
من أد حدٌثا ًا الخامأ والثالثون الحدٌ 182
سمع هللا لمن حمده السادأ والثالثون: الحدٌ 185
تدخلون الجنة حتى تإمنوا السابع والثالثون: الحدٌ 188
صلة الرحم الثامن والثالثون: الحدٌ 193
نظر الولد إلى والدٌه التاسع والثالثون: الحدٌ 198
التسبٌح للرجال والتصفٌق للنساء. ااربعون: الحدٌ 203
206