Professional Documents
Culture Documents
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العدد الحادي والخمسون – رجب 1426هـ
مجلة علمية محكمة
قواعد النشر
مجلة جامعة المام محمد بن سعود السلمية دورية تصدر عن عمادة البحث العلمي بالجامعة .وتعنى بنشر البحوث العلمية
وفق المور التية:
أوًل :يشترط في البحث الذي ينشر في المجلة:
_1أن يكون متسًما بالصالة وسلمة التجاه.
-2أن يكون البحث دقيًقا في التوثيق والتخريج.
-3أن تتحقق له السلمة اللغوية.
-4أل يكون قد سبقه نشره.
ل من بحث أو رسالة نال بها الباحث درجة علمية. -5أل يكون مست ّ
ثانًيا -1 :توضع هوامش كل صفحة أسفلها على حدة.
-2تثبت المصادر والمراجع في فهرس يلحق بآخر البحث.
-3توضع نماذج من صور الكتاب المخطوط المحقق في مكانها المناسب.
-4ترفق جميع الصور والرسوم المتعلقة بالبحث واضحة جلية.
ثالًثا :عند ورود أسماء أعلم أجنبية على متن البحث أو الدراسحة فإنهحا تكتحب بححروف عربيحة وتكتحب بيحن قوسحين بححروف
ل عند وروده لول مرة. لتينية ويذكر السم كام ً
رابًعا :عند ورود أعلم أجنبية في متن البحث أو الدراسة فإنها تكتب بحروف عربية وتكتب بين قوسين بحروف لتينية
ل عند وروده لول مرة. ويذكر السم كام ً
سا :يشترط عند تقديم البحث: خام ً
عا بسيرته العلمية والتزام بعدم نشره إل بعد موافقة خطية منأن يقدم الباحث طلًبا بنشر بحثه ،مشفو ً -1
هيئة التحرير.
أل تزيد صفحات البحث عن ثمانين صفحة ).(A4 -2
أن يرفق الباحث ثلث نسخ مطبوعة ،مع ملخص ل يزيد على صفحة واحدة. -3
سا :تحكم البحوث والدراسات المقدمة للنشر في المجلة قبل اثنين على القل. ساد ً
سابًعا :تعاد البحوث معدلة ،على قرص حاسوبي.
ثامًنا :ل تعاد البحوث والدراسات إلى أصحابها سواء نشرت أم لم تنشر.
تاسًعا :يعطى الباحث نسختين من المجلة وعشر مستلت من بحثه.
جميع المراسلت باسم عميد البحث العلمي
الرياض – 11515ص -ب 18011
هاتف – 2582230 :ناسوخ )فاكس( 2590261
المحتوى
الصفحة الموضوع
13 -1عقيدة الحلول
الدكتور /محمد بن عبد العزيز العلي
97 -2اللفاظ المشتركة بين المعاني الكونية والمعاني الشرعية في اليات
147 -3قعدة في علم الكتاب والسنة ،للطوفي.
الدكتور /محمد بت عبد العزيز المبارك
203 -4حقيقة الباعث في الفقه السلمي
الدكتور /خالد بن سعد الخشلن
263 -5كتاب التزكية ،لبن مازة
الدكتور /خالد بن زيد الوذيناني
-6تدريب الدعاة.
311 الدكتور/عبد ال بن إبراهيم اللحيدان
359 -7مباحث في النظام السري في السلم
)القسم الثاني( دفع الشبهات
الدكتور /مفرح بن سليمان القوسي
421 -8قطع همزة الوصل في الدرج
الدكتور /مؤمن بن صبري غنام
495 -9بعض العوامل المعيقة للسياحة الداخلية في المجتمع السعودي
الدكتور /عبد ال بن عبد العزيز اليوسف
عقيدة الحلول
عرض ونقد
الدكتور /محمد بن عبد العزيز بن أحمد العلي
قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة – كلية أصول الدين
جامعة المام محمد بن سعود السلمية
@@15
المقدمة:
الحمد ل رب العالمين ،العلي العظيم ،والصلة والسلم على خاتم النبياء والمرسلين ،وعلى آله وصحبه
ومن سار على نهجه إلى يوم الدين .أما بعد:
فإن مما يتضمنه الركن الول من أركان اليمان ،اليمان بألوهية ال وربوبيته وأسمائه وصفاته ،ومن ذلك
العتقاد بأن الرب سبحانه وتعالى متصف بجميع صفات الكمال ،منزه عن جميع النقائص والمعايب ،فلله
السماء الحسنى والصفات العل ،والمصدر في بيان ما يجب ل نفًيا وإثباًتا هو كتاب ال تعالى وسنة رسوله
صلى ال عليه وسلم ،فما ثبت ل عز وجل من الصفات في الكتاب والسنة وجب إثباته ،من غير تمثيل ول
تكييف ،وما نفي عن ال تعالى ،من صفات النقص ،في الكتاب والسنة ،وجب نفيه من غير تحريف ول
تعطيل ،إذ أن أسماء ال وصفاته توقيفية على الكتاب والسنة ،ول مجال لراء البشر فيها.
وما يجب ل تعالى ،مما ثبت في الوحيين ،أنه تعالى متصف بالعلو ،بأنواعه الثلثة ،علو الذات ،وعلو
القدر ،وعلو القهر ،فهو سبحانه فوق سماواته مستو على عرشه ،عال على خلقه.
وقد ضلت طوائف ممن ينتسبون إلى السلم ،فنفوا علو ال جل وعل ،ثم تخبطوا ،فمنهم من اعتقد عدم
معرفته أين ربه ،وفرق أخرى كثيرة ،زعموا بأن ال تعالى حال بذاته في جميع المكنة ،أو في بعض
المخلوقات ،أو في من يعظمونهم من الشخاص ،تعالى ال عن قولهم علّوا كبيًرا.
وإنما انتحلوا هذه العقيدة حين يجعلوا الوحي مصدر دينهم ،وتأثروا بالملل المنحرفة ،والفلسفات العقلنية
الوثنية.
والخطورة ازدادت في السنوات الخيرة ،حين عمد كثير ممن ينتسب إلى عقيدة الحلول والتحاد ،إلى بعث
كتبهم وآرائهم ،تأليًفا وتحقيًقا ،فأحيوا عقيدة أسلفهم ،وطبعوا كتبهم ،ونشروها.
@@16
أضف إلى ذلك أن كثيًرا من المصادر والمراجع التي يرجع إليها الباحثون ،في الملل والنحل والفرق
المختلفة ،فيها عرض لقوال وعقائد تلك الطوائف الحلولية ،دون ذكر لنقضها وإبطالها ،إل أشتاًتا متفرقة ل
تفي بالمطلوب.
ولذا فقد رأيت أن أعرف القراء والباحثين بمفهوم العقيدة الحلولية ،وأشهر القائلين بها ممن ينتسب إلى
حا بطلن ما قرره ل ،مبيًنا ما يجب ل تعالى من التعظيم والتنزيه ،موض ً السلم ،ثم أنقضها إجما ً
الحلوليون ،معتمًدا في ذلك بعد ال تعالى ،على أقوال كبار أهل العلم والتحقيق.
وأحب أن أشير هنا إلى أن هذه الدراسة عرض مجمل لعقيدة الحلول ،ثم نقضها ،دون تعرض لذكر أدلة
الحلولية وشبههم التي احتجوا بها على عقيدتهم وذلك لكي ل يطول البحث الذي أردت نشره في مجلة ل
تحتمل الطالة ،مع العلم بأني قد شرعت في بحث آخر تتبعت فيه أدلتهم ،ثم أعقبتها بنقض استدللهم بكل
دليل ذكروه أو شبهة احتجوا بها.
ل ،والخطة المتبعة في إعداده ،ثم وقد بدأت هذا البحث بمقدمة ذكرت فيها أهمية البحث وأسباب اختياره إجما ً
كتبت تمهيًدا ذكرت فيه القول الحق في علو ال تعالى واستوائه على عرشه ،وأدلة ذلك.
ثم قسمت البحث إلى مبحثين ،فيهما مطالب ،وهي كالتي:
المبحث الول :مفهوم الحلول وأشهر القائلين به ،وفيه مطلبان.
حا.
المطلب الول :تعريف الحلول لغة واصطل ً
المطلب الثاني :أشهر القائلين به ممن ينتسبون إلى السلم.
المبحث الثاني :نقض عقيدة الحلول ،وفيه مطلبان:
المطلب الول :حكم القول بالحلول.
المطلب الثاني :الرد على عقيدة الحلول وبيانها.
ثم ختمت البحث بخاتمة ذكرت فيها خلصته وأهم نتائجه.
اسأل ال التوفيق والسداد في القول والعمل والعتقاد.
@@17
أجمع المسلمون على ما جاء في كتاب ال تعالى ،وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم ،ودلت عليه العقول
السليمة والفطرة المستقيمة في أن ال تعالى مستو على عرشه ،فوق سماواته ،بائن من خلقه ،وعلمه محيط
بكل شيء ،يعلم السر وأخفى ،ويعلم خائنة العين وما تخفي الصدور ،يسمع ويرى ،ل يعزب عنه عز وجل
مثقال ذرة في السماوات والرضين وما بينهن ،فهو على عرشه سبحانه العلي العلى ،ترفع إليه أعمال
العباد ،وهو أعلم بها من الملئكة الذين يعرفونها بالليل والنهار ،فمن لم يعرف ربه بذلك ،لم يعرف إلهه
الذي يعبد #انظر الرد على الجهمية ص ،22،23والشريعة ص ،290 ،288ومختصر الصواعق
#.2/214
هذا وقد "أجمع سلف المة وأئمتها على أن الرب تعالى بائن في مخلوقاته ،يوصف بما وصف به نفسه،
وبما وصفه به رسوله صلى ال عليه وسلم ،من غير تحريف ول تعطي ،ومن غير تكييف ول تمثيل،
يوصف بصفات الكمال دون صفات النقص ،ويعلم أنه ليس كمثله شيء في صفات الكمال #مجموع فتاوى
شيخ السلم ابن تيمية ،11/250وانظر العقيدة الواسطية ص #.332 ،331
ومما يجب التنبيه عليه أن السلف عندما يقررون ما جاء في النصوص الشرعية من علو ال تعالى على
خلقه ،واستوائه على عرشه؛ فإن ذلك ل يعني أن هناك شيًئا يحويه ،أو يكون ظرًفا له ،فهو سبحانه فوق كل
شيء ،ومستغن عن كل شيء.
يقول شيخ السلم أحمد بن عبد الحليم بن تيمية )ت 728هـ(" :والسلف والئمة وسائر علماء السنة إذا
قالوا :إنه فوق العرش ،وإنه في السماء فوق كل شيء ل يقولون إن هناك شيًئا يحويه ،أو يحصره ،أو يكون
ل له ،أو ظرًفا ،أو وعاًء ،سبحانه وتعالى عن ذلك ،بل هو فوق كل شيء ،وهو مستغن عن كل شيء، مح ً
وكل شيء مفتقر إليه ،وهو عال على كل شيء ،وهو الحامل للعرش
@@18
ولحملة العرش؛ بقوته وقدرته ،وكل مخلوق مفتقر إليه ،وهو غني عن العرش ،وعن كل مخلوق#المصدر
السابق #.101-16/100
وقد وردت نصوص شرعية كثيرة في كتاب ال تعالى وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم ،وتنوعت تلك
الدلة في إثبات علو ال تعالى بذاته على عرشه واستوائه عليه سبحانه وتعالى وفوقيته على عباده.
ومن تلك النواع ما يلي:
التصريح بعلو ال تعالى ،بمعانيه الثلثة :علو الذات ،وعلو القدر ،وعلو القهر ،وذلك في -1
آيات كثيرة جّدا ،منها قوله تعالى ):سبح اسم ربك العلى(#سورة العلى ،الية ،#.1وقوله) :عالم
الغيب والشهادة الكبير المتعال(#سورة الرعد ،الية ،#.9وقوله) :وسع كرسيه السماوات والرض
ول يؤده حفظهما وهو العلي العظيم( #سورة البقرة ،الية #.255؛ فهذه اليات ،وغيرها كثير في
كتاب ال ،تدل دللة صريحة على علو ال تعالى على خلقه بذاته وقدره وقهره.
صا بالعرش، التصريح باستوائه سبحانه وتعالى على العرش ،مقروًنا بأداة )على( ،ومخت ّ -2
الذي هو أعلى المخلوقات ،قال تعالى) :إن ربكم ال الذي خلق السماوات والرض في ستة أيام ثم
استوى على العرش(#سورة العراف ،الية ، #.54وقال) :الرحمن على العرش استوى(#سورة
طه ،الية ،#.5وقال:
@@19
)الذي خلق السماوات والرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش الرحمن فاسأل به
خبيًرا(#سورة الفرقان ،الية ،#.59فهذه اليات وغيرها تدل على علو ال تعالى واستوائه على
عرشه؛ فإن لفظ )استوى( إذا عدي بعلى ل يفهم منه إل العلو والرتفاع.
التصريح بعروج الشياء إليه ،وكذلك التصريح بصعود الشياء وارتفاعها إليه ،والعروج -3
والصعود والرتفاع إنما يكون إلى من في العلو ،قال تعالى) :إليه يصعد الكلم الطيب والعمل
الصالح يرفعه(#سورة فاطر ،الية ،#.10وقال) :تعرج الملئكة والروح إليه(#سورة المعارج،
الية ، #.4ومن ذلك قصة المعراج ،وفرض الصلة ،وتردده صلى ال عليه وسلم بين موسى عليه
السلم وربه ،يسأله التخفيف ،وفي كل مرة يصعد ثم يعود#الحديث أخرجه البخاري في صحيحه،
كتاب الصلة ،باب كيف فرضت الصلوات في السراء ح ،349ومسلم في صحيحه ،كتاب
اليمان ،باب السراء برسول ال صلى ال عليه وسلم إلى السماوات وفرض الصلوات ح #.162
التصريح بالفوقية ل تعالى ،وقرنت بأداة )من( في بعض المواضع ،وهذا يدل على أن -4
المراد فوقية الذات ،قال تعالى) :يخافون ربهم من فوقهم(#سورة النحل ،الية ، #.50وقال) :وهو
القاهر فوق عباده(#سورة النعام ،الية .#.18
@@20
-5التصريح بنزوله سبحانه وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا ،والنزول إنما يكون من العلى إلى أسفل،
فعن أبي هريرة رضي ال عنه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال" :ينزل ربنا تبارك وتعالى كل
ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الخر ،ويقول :من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟
من يستغفرني فأغفر له؟"#أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب التهجد ،باب الدعاء والصلة في آخر
الليل ح ،1145ومسلم في صحيحه ،كتاب صلة المسافرين وقصرها ،باب الترغيب في الدعاء والذكر
في آخر الليل والجابة فيه ح #.758
إخباره جل وعل عن فرعون أنه طلب الصعود إلى السماء ،ليطلع إلى إله موسى مما يدل -6
على أن موسى عليه السلم أخبره بعلو ال تعالى ،قال تعالى :مخبًرا عن فرعون ـنه قال ) :يا
حا لعلي أبلغ السباب ،أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى وإني لظنه هامان ابن لي صر ً
كاذًبا(#سورة غافر ،اليتان #.36،37
إشارة الرسول صلى ال عليه وسلم إلى العلو ،عندما قال بأصبعه يرفعها إلى السماء، -7
وينكبها إلى الناس" :اللهم اشهد ،اللهم اشهد ،اللهم اشهد" ،وذلك في الحج العظم في حجة
الوداع#الحديث أخرجه مسلم ،كتاب الحج ،باب حجة النبي صلى ال عليه وسلم ،ح 1218وأبو
داود في سننه ،باب صفة حجة النبي صلى ال عليه وسلم ح #.1905
التصريح بالتنزيل منه سبحانه وتعالى ،والتنزيل إنما يكون من أعلى ،قال تعالى) :قل نزله -8
روح القدس من ربك بالحق(#سورة النحل ،الية ،#.102وقال)تنزيل الكتاب من ال العزيز
الحكيم(#سورة الزمر ،الية ،#.1وغيرها من اليات الكثيرة.
@@21
التصريح بأن ال تعالى في السماء ،قال تعالى) :ءأمنتم من في السماء أن يخسف بكم -9
الرض فإذا هي تمور ،أو أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصًبا فستعلمون كيف
نذير(#سورة الملك ،اليتان ، #.17 ،16وقوله صلى ال عليه وسلم" :أل تأمنوني وأنا أمين من
حا ومساًء"#أخرجه البخاري في صحيح ،كتاب المغازي ،باب في السماء يأتيني خبر السماء صبا ً
بعث علي بن أبي طالب وخالد بن الوليد إلى اليمن قبل حجة الوداع ،ح ،4351ومسلم ،كتاب
الزكاة ،باب ذكر الخوارج وصفاتهم ح ، #.1064وحرف )في( في هذه النصوص بمعنى )على(
إذا كان المراد بالسماء المبنية ،أو يكون المراد بها العلو ،لن معنى )سما( أي :عل ،فيكون معنى
كونه تعالى )في السماء( أي في العلو ،وهو الولى في تفسيرها#انظر مجموع فتاوى شيخ السلم
ابن تيمية ،#.16/101وله سبحانه وتعالى أعلى العلو وهو فوق العرش.
-10التصريح باختصاص بعض المخلوقات بأنها عنده ،قال تعالى) :إن الذين عند ربك ل
يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون(#سورة العراف ،الية ، #.206ونحوها من
اليات والحاديث.
-11السؤال عنه بأين ،مما يدل على أنه تعالى ليس في كل مكان ،فوجب أن يكون في العلو ،وقد
ل )أين ال(؟ قالت :في السماء ،قال) :من ثبت أن رسول ال صلى ال عليه وسلم سال جارية قائ ً
أنا(؟ قالت :أنت رسول ال ،فقال) :أعتقها فإنها مؤمنة(#أخرجه مسلم ،كتاب المساجد ومواضع
الصلة ،باب تحريم الكلم في الصلة ،ونسخ ما كان من إباحته ح . #.537فالرسول سألها
وأقرها على ما قالت.
@@22
ل ،ولو
هذه بعض الدلة النقلية على علو ال تعالى واستوائه على عرشه ،ومباينته لخلقه ،ذكرتها إجما ً
فصلت القول في ذكرها وتعدادها لطال المقام ،ول يتحمله التمهيد ،فإنها كثيرة جّدا في كتاب ال تعالى وسنة
رسوله صلى ال عليه وسلم ،وهي مبسوطة في كتب أهل العلم#انظر الرد على الجهمية والزنادقة ص
،136،137والرد على الجهمية ص 22-17؛ والشريعة ص 298 -288ومجموع فتاوى شيخ السلم
ابن تيمية ،263-256 ،70-5/5ودرء تعارض العقل والنقل ،267-5/250ومختصر الصواعق المرسلة
،2/214وكتاب التوحيد وإثبات صفات الرب ص #.136 -101
الدليل العقلي على علو اله تعالى:
ل عقلّيا على علو ال تعالى ،والرد على الجهمية وغيرهم من ذكر المام أحمد )ت 241هـ( رحمه ال دلي ً
طوائف الحلولية الذين ينفون علو ال سبحانه بذاته على خلقه ،وملخص ما ذكره أن ال تعالى حين خلق
الخلق ،فل بد من ثلثة أمور:
إما أن يكون ال تعالى خلقهم في نفسه ،وهذا كفر؛ لنه يعني أن ال خلق الجن والشياطين والقذار في نفسه،
وهذا محال ،تعالى ال عن ذلك علّوا كبيًرا.
ضا ،لنه يعني أن ال تعالى دخل في كل جا عن نفسه ثم دخل فيهم ،وهذا كفر أي ً وإما أن يكون خلقهم خار ً
مكان وحش قذر رديء.
جا عن نفسه،ثم لم يدخل فيهم؛ وهذا هو الحق الذي يجب اعتقاده ،لنه الذي يليق وإما أن يكون خلقهم خار ً
بال تعالى#انظر الرد على الجهمية والزنادقة ص #.141-138
ثم إذا قررنا أن خلقهم خارج ذاته ولم يدخل فيهم ،فل بد أن يكون خلقهم ،وهو تحتهم ،أو عن أيمانهم ،أو
عن شمائلهم ،أو فوقهم ،وأكمل هذه
@@23
المور وأعظمها وأشرفها الفوقية والعلو ،وال تعالى متصف بصفات الكمال ،فل يليق به إل كونه فوقهم
وعال عليهم.
يقول شيخ السلم ابن تيمية بعد أن ساق كلم المام أحمد السابق بنصه:
"فقد بين المام أحمد ما هو معلوم بصريح العقل وبديهته من انه ل بد إذا خلق الخلق من أن يخلقه مبايًنا أو
محايًثا له ،ومع المحايثة :إما أن يكون هو في العالم ،وإما أن يكون العالم فيه ،لنه سبحانه قائم بنفسه والقائم
ل في الخر ،بخلف ما ل يقوم بنفسه ،كالصفات؛ فإنها بنفسه إذا كان محايًثا لغيره فلبد أن يكون أحدهما حا ّ
تكون جميًعا قائمة بغيرها ،فهذا القسم لم يحتج أن يذكره لظهور فساده ،وأن أحًدا ل يقول به ،إذ من المعلوم
لكل أحد أن ال تعالى قائم بنفسه ،ول يجوز أن يكون من جنس العراض التي تفتقر إلى محل يقوم به.
وكذلك من هذا الجنس قول من يقول :ل هو مباين ول محايث ،لما كان معلوًما بصريح العقل بطلنه لم
يدخله في التقسيم ،إذ من المستقر في صريح العقل أن الموجود :إما مباين لغيره ،وإما مداخل له ،فانتفاء
ل في العالم مفتقًرا ل كالمعدوم ،وقول من يجعله حا ّ
هذين القسمين يبطل قول من يجعله ل مبايًنا ول مداخ ً
إلى المحل كالعراض؛ إذ المفتقر إلى المحل ل يقوم بنفسه ،ول يكون غنّيا عما سواه ،فيمتنع أن يكون
واجب الوجوب بنفسه"#درء تعارض العقل والنقل ،6/143،144وانظر #.150-145
وبصيغة أخرى يقال للمخالفين بان علو ال سبحانه وتعالى ثابت بالعقل ،من وجوه:
الول منها :العلم البديهي القاطع بأن كل موجودين ،إما أن يكون أحدهما سارًيا في الخر ،قائًما به
كالصفات ،وإما أن يكون قائًما بنفسه ،بائًنا من الخر.
@@24
جا عن ذاته ،فالول باطل بالتفاق،الثاني :أن ال تعالى لما خلق العالم؛ فإما أن يكون خلقه في ذاته ،أو خار ً
ل للخسائس والقاذورات ،تعالى ال عن ذلك علّوا كبيًرا ،والثاني يقتضي أن يكون ولنه يلزم أن يكون مح ّ
ل ،فتعينت المباينة؛ لن القول بأنه غير متصل بالعالم ،وغير منفصلالعالم واقًعا خارج ذاته ،فيكون منفص ً
عنه غير معقول.
الثالث :أن كونه سبحانه وتعالى ل داخل العالم ول خارجه يقتضي نفي وجوده؛ بالكلية؛ لنه غير معقول؛
فيكون موجوًدا إما داخله وإما خارجه ،والول باطل ،فتعين الثاني ،فلزمت المباينة ،ولزم أن يكون فوق
خلقه وعال عليهم؛ لنه وحده اللئق به سبحانه وتعالى#شرح العقيدة الطحاوية 2/443بتصرف يسير#.
@@26
ويشهد لهذا خبر الجارية التي قال لها النبي صلى ال عليه وسلم) :أين ال(؟ قال :في السماء ،قال) :أعتقها
فإنها مؤمنة(#سبق تخريجه قبل قليل ، #.جارية أعجمية أخبرت عن الفطرة التي فطرها ال تعالى عليها،
وإل من فقهها وعلمها وأخبرها بما ذكرته ،وقد أقرها النبي صلى ال عليه وسلم على ذلك ،وشهد لها
باليمان#انظر مجموع فتاوى شيخ السلم ابن تيمية ،4/62وشرح العقيد الواسطية ص #.331
يقول شيخ السلم ابن تيمية )ت 728هـ(" :وأما كونه عالًيا على مخلوقاته ،بائًنا منهم ،فهذا أمر معلوم
بالفطرة الضرورية ،التي يشترك فيها جميع بين آدم ،وكل من كان بال أعرف ،وله أعبد ،ودعاؤه له أكثر،
وقلبه له أذكر ،كان علمه الضروري بذلك أقوى وأكمل ،فالفطرة مكملة بالشريعة المنزلة؛ فإن الفطرة تعلم
ل ،والشريعة تفصله وتبينه ،وتشهد بما ل تستقل الفطرة به؛ فهذا هذا ،وال أعلم.
المر مجم ً
فليتأمل العاقل ذلك يجده هادًيا على معرفة ربه ،والقرار به كما ينبغي ،ل ما أحدثه المتعمقون والمتشدقون،
ممن سول لهم الشيطان ،وأملى لهم"#المصدر السابق #.4/45،62
وبعد أن ساق شيخ السلم ابن تيمية الدلة على علو ال تعالى ،واستوائه على عرشه ،قال :فهذا كتاب اله،
من أوله إلى آخره ،وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم،من أولها إلى آخرها ،ثم عامة كلم الصحابة
والتابعين ،ثم كلم سائر الئمة ،مملوء بما هو إما نص ،وإما ظاهر في أن ال سبحانه وتعالى هو العلي
العلى ،وهو فوق كل شيء ،وهو على كل شيء ،وأنه فوق العرش ،وأنه فوق السماء"#المصدر السابق
،#.5/12
ثم ساق أدلة أخرى من السنة ،ومن أقوال بعض الصحابة ،وبعدها قال" :إلى
@@27
أمثال ذلك مما ل يحصيه إل ال ،مما هو أبلغ المتواترات اللفظية والمعنوية ،التي تورث علًما يقيًنا ،من أبلغ
العلوم الضرورية أن الرسول صلى ال عليه وسلم المبلغ عن ال ألقى إلى أمته المدعوين أن ال سبحانه
على العرش ،وأنه فوق السماء ،كما فطر ال على ذلك جميع المم ،عربهم وعجمهم ،في الجاهلية والسلم،
إل من اجتالته الشياطين عن فطرنه"#المصدر نفسه ، #.15/ 5يشير رحمه ال إلى حديث":خلقت عبادي
حنفاء فاجتالتهم الشياطين عن دينهم"#أخرجه مسلم في صحيحه ،كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها ،باب
الصفات التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة وأهل النار ح #.2865
ثم قال رحمه ال" :ثم عن السلف في ذلك من القوال ما لو جمع لبلغ مئين أو ألوًفا ،ثم ليس في كتاب ال،
ول سنة رسوله صلى ال عليه وسلم ،ول عن أحد من سلف المة ،ل من الصحابة ول من التابعين لهم
صا ول بإحسان ،ول عن الئمة الذين أدركوا زمن الهواء والختلف حرف واحد يخالف ذلك ،ل ن ّ
ظاهًرا"#مجموع فتاوى شيخ السلم ابن تيمية #.5/15
@@28
@@29
الحلول هو العتقاد بحلول ذات الخالق –حل وعل – في كل مكان ،أو في بعض المكنة ،أو حلوله في
بعض الشخاص ،أو حلول جزء من ذاته في بعضهم ،على قدر استعداد مزاج الشخص ورياضته وتقبله
لذلك ،على حد زعمهم #انظر الملل والنحل ،2/54وحقيقة مذهب التحاديين أو وحدة الوجود ص ،5 ،4
ومعجم الفرق السلمية ص #.102
وتعتقد بعض الطوائف الحلولية أن الله يحل في البشر منذ بدء الخليقة ،ويعتقدون أن هناك سبعة أدوار
ل ناطًقا.
للظهورات اللهية ،اتخذت في كل دور رسو ً
فالظهور الول كان في "شيث" ،وكان "آدم" هو الرسول الناطق ،ثم انتقلت اللوهية إلى سام ،والنبوة إلى
"نوح" ،ثم انتقلت اللوهية إلى "إسماعيل" ،وانتقلت اللوهية إلى "شمعون الصفا ،المعروف عند النصارى
ببطرس" ،والنبوة إلى "عيسى" ،ثم ظهرت اللوهية للمرة الخيرة في "علي بن أبي طالب" والنبوة في
"محمد" صلى ال عليه وسلم وعلى جميع النبياء وسلم تسليًما كثيًرا ،ويبنون اعتقادهم هذا على زعمهم بأن
ال تعالى عندما أخذ الميثاق على خلقه ،قبل إهباطهم لعمارة الرض ،قال للنبياء والوصياء والمقربين:
إني سأحتجب بحجب الدمية في أدوار متعددة؛ ولهذا فهم يعتقدون أن اللوهية قد استقرت أخيًرا في علي بن
أبي طالب رضي ال عنه#انظر الهفت الشريف ص ،59 ،20 ،19وعقائد بعض التيارات الفكرية
المعاصرة #.1/86
هذا اعتقاد بعض طوائف الحلولية حصرت الحلول بالدوار السبعة المذكورة ،أما بعضها الخر فيرى
استمرارية الحلول في المكنة والزمنة المختلفة ،وكل طائفة لها كيفية خاصة في اعتقادها بالحلول#انظر
الفرقان بين الحق والباطل ص ،128 -123،126 ،122والشريعة ص ،387واعتقادات فرق المسلمين
والمشركين ص #.82
@@31
فهناك من طوائف الحلولية ،من يعتقد بأن الله حال في كل شيء؛ لنه عندهم المادة الولى ،التي انبثقت
منها تولد كل شيء ،ويمثلون لقولهم بالحلول ،بالنواة خرجت منها النخلة ،وبالخشبة الخام خرج منها البواب
والكراسي ونحوها ،فعندهم أن هذا الوجود ،علويه وسفليه ،طيبه وخبيثه ،هو أسماء للله وصفات له#انظر
أخبار القرامطة ص ،571 ،445وكنز الولد ص ،49وانظر تعليق محمد حامد الفقي على الشريعة ص
.#.285
كما أن بعضهم يعتقد أن كل إنسان ،في أي زمان ومكان ،باستطاعته أن يجعل جسده مكاًنا لحلول الله فيه،
وذلك عن طريق تهذيب النفس ،وقوة الرياضة وصفاء النفس ،كما زعموا#انظر الفرق بين الفرق ص
،198وشرح المقاصد 2/52والنسان الكامل ص #.38
وينقسم الحلول ،عند القائلين به ،باعتبار المحل الذي يحل فيه الله إلى قسمين هما:
الحلول الخاص :وهو قولهم بحلول اللهوت في الناسوت ،كحلول الماء في الناء ،وهذا -1
قول طائفة من النصارى ،ومن وافقهم من الغلة ممن ينتسب إلى السلم ،كغلة الرافضة ،وغلة
الصوفية ،الذين يقولون بحلول ال – سبحانه وتعالى – في بعض أئمتهم وأوليائهم وزعمائهم.
الحلول العام :وهو قولهم بأن ال – تعالى – بذاته في كل مكان ،وهذا قول طائفة من -2
الجهمية ،وبعض غلة الصوفية#انظر أصول الدين ص ،331والفرق بين الفرق ص ،241،242
ومجموع فتاوى شيخ السلم ابن تيمية ،2/171،172،490ومجموع الرسائل والمسائل ،1/179
والفصل في الملل والهواء والنحل ،1/111والملل والنحل #.255 -2/253
@@32
يقول شيخ السلم ابن تيمية" :والحلول نوعان :حلول مقيد ،وحلول مطلق.
فالحلول المقيد هو قول النصارى ونحوهم من غلة الرافضة ،وغلة العباد ،وغيرهم ،يقولون :إنه حل
في المسيح أو اتحد به ،وحل بعلي أو اتحد به ،وأنه يتحد بالعارفين ،حتى يصير الموحد هو الموحد...
وهؤلء الذين حكى أحمد قولهم أنهم يقولون :إذا أراد ال أن يحدث أمًرا دخل في بعض خلقه ،فتكلم على
لسانه ،وقد رأيت من هؤلء غير واحد ممن خاطبني ،وتكلم معي في هذا المذهب ،وبينت له فساده.
وأما أهل الحلول المطلق الذين يقولون :إنه حال في كل شيء ،أو متحد بكل شيء ،أو الوجود واحد،
كأصحاب فصوص الحكم#صاحب فصوص الحكم هو محيي الدين بن عربي ،من غلة الصوفية ت
638هـ ،#.وأمثالهم ،فهؤلء يقولون :أخطأ النصارى من جهة أنهم خصصوا ،وكذلك يقولون في عباد
الصنام ،خطؤهم من جهة أنهم خصصوا ،وكذلك يقولون في عباد الصنام ،خطؤهم من جهة أنهم
ضا غير واحد ،وجرت بيننا وبينهم محنة
خصصوا بعض الشياء فعبدوها ،وقد رأيت من هؤلء أي ً
ومعروفة"#درء تعارض العقل والنقل 5/170وانظر ،،152 ،6/151و ،10/287ومجموع فتاوى
شيخ السلم ابن تيمية ،172 ،2/171و #.15/424 ،8/416
ويعرف أحد الدباء المعاصرين الحلول بقوله" :العتقاد بأن ال حال في كل شيء ،حتى يصح أن يطلق
اسمه على كل الموجودات ،ونجم عن إيمان المتصوفين بهذه النظرية ذهابهم إلى أن الخالق حال فيهم،
فإذا وصلوا إلى مرحلة النجذاب ،وتجلت أمام أبصارهم ما يعتقدونه حقيقة نطقوا بلسان خالقهم ،وجاء
كلمهم معبًرا عن أمور ل يقرها الدين"#المعجم الدبي ص .#.99
@@33
وبعد أن عرف الحلول بهذه الخلصة ذكر أن عدًدا من الدباء المعاصرين انتحل هذه العقيدة" ،بصورة
معتدلة" ،على حد زعمه ،حيث قالوا بحلول الخالق في جميع الكائنات ،ومنها ذواتهم ،ثم امتدحهم بأن
هذه العقيدة جعلتهم ينظرون إلى ما في العالم نظرة عطف ومحبة#انظر المصدر السابق ،الصفحة
نفسها#.
ول ريب أن هذا العتقاد بعيد عن العتدال ،بل هو غلو صريح ،وكفر بواح ،بعيد عن النقل والعقل
والفطرة.
فالحلولية تدعو إلى تشخيص الله من خلل حلوله بذاته ،أو روحه ،بالنسان ،في الوقت نفسه تأليه
النسان الذي حلت فيه روح الله ،ورفعه إلى مصاف اللوهية#انظر حركة الغلو وأصولها الفارسية
ص ،25 ،24والغلو والفرق الغالية في الحضارة السلمية ص #.126
ويبسط الرزق ،ولما بلغ علّيا ،هم بقتله ،فقيل أحرقه بالنار ،وقيل نفاه ،وقيل هرب منه إلى جهة بلد
فارس ،أو نحوها ،ونشر فيها عقيدته الحلولية#انظر تهذيب تاريخ دمشق ،431 ،7/430ومقالت
السلميين ص ،15وميزان العتدال 2/426وشرح العقيدة الطحاوية ،748 ،2/746وابن سبأ
حقيقة ل خيال ،الكتاب كله في هذا الموضوع ومنهاج السنة النبوية #.1/30
ومن ثم تابعه على هذه العقيدة الباطلة طائفة كثيرة ،تعود كلها إلى الصل نفسه ،ومن اشهرها طائفة
السبئية ،التي قالت بألوهية علي بن أبي طالب رضي ال عنه#انظر تفسير القمي ،131 ،2/130
وفرق الشيعة ص ،23 ،22والبدء والتاريخ ،5/129وشرح نهج البلغة ،2/309وفتح الباري
،12/270والملل والنحل ،141 ،1/140ومقالت السلميين #.1/85،86
وكذلك طائفة المغيرية ،أتباع مغيرة بن سعد العجلي )ت 120هـ( ،الذي زعم أن الله حل فيه
ضا#انظر فرق الشيعة ص ،63ومعجم الفرق السلمية ص 232ت ،234واعتقادات فرق أي ً
المسلمين والمشركين ص 45ت ،48ومقالت السلميين #.72 ،1/68
وكذلك تابعه طائفة البياني ،أتباع بيان بن سمعان التميمي النهدي )ت 119هـ( حيث زعم ألوهية علي
بن أبي طالب ،ثم زعم أنه قد حل فيه جزء من الله#انظر جامع الفرق والمذاهب السلمية ص ،51
والفرق بين الفرق ص ،1194 ،181 ،180وفرق الشيعة ص ،34 ،28ومقالت السلميين
،#.67 ،1/66والجناحية الذين ينسبون أنفسهم إلى عبد ال بن معاوية بن عبد ال بن جعفر "ذي
الجناحين" بن أبي طالب )ت 129هـ( ،الذين زعموا بأن روح ال حلت في آدم ،ثم في النبياء بعده،
حتى انتهت إلى علي بن أبي طالب وأولده ،ثم إلى عبد ال بن معاوية #انظر معجم الفرق السلمية
ص ،84وفرق الشيعة ص ،36 ،35والعتصام #.2/197
@@35
وممن قال بهذا القول نفسه طوائف :النميرية ،أتباع رجل يعرف بالنميري ،زعم بأن روح الله حلت في
خمسة أشخاص هم :الرسول محمد صلى ال عليه وسلم ،وعلي وفاطمة والحسن والحسين ،رضوان ال
عليهم أجمعين ،ثم ادعى بأن روح الله حلت في النميري نفسه#انظر الفرق بين الفرق ص ،192
،194وجامع الفرق والمذاهب السلمية ص #.209
والمقنعية ،أتباع المقنع هشام بن الحكم المروزي )ت 161هـ( ،ومن أهل مرو#انظر الفرق بين الفرق
ص ،195والبرهان في معرفة عقائد أهل الديان ص ،#.72والحلمانية ،أتباع حلمان الدمشقي،
فارسي الصل ،نشأ في الشام ونشر القول بالحلول فيها#انظر معجم الفرق السلمية ص ،102
والفرق بين الفرق ص #.196
والرزامية ،أتباع رزتم بن رزم ،من أهل خراسان#انظر فرق الشيعة ص ،47والفرق بين الفرق ص
#.94،95
والشريعية ،أتباع محمد بن موسى الشريعي ،وقيل الشريف أو الشريقي#انظر جامع الفرق والمذاهب
السلمية ص ،124والفرق بين الفرق ص . #.192
والعذافرة ،أتباع أبي جعفر محمد بن علي الشلمغاني )ت 322هـ( ،المعروف بابن أبي العذافر أو
العذاقر أو العزاقر#انظر معجم الفرق السلمية ص ،171 ،170والفرق بين الفرق ص #.200
وكل هذه الفرق قالت بالحلول ،على اختلف يسير فيمن حل الله فيه ،على حد زعمهم.
وكذلك فرقة الخطابية ،من غلة الرافضة ،أتباع أبي الخطاب محمد بن أبي زينب السدي الجدع،
مولى بني أسد )ت 143هـ( ،حيث زعمت هذه الفرقة ألوهية علي بن أبي طالب رضي ال عنه،
وأولده ،وزعمت أن جعفر بن
@@36
محمد الصادق )ت 148هـ( هو الله في زمانهم ،وليس هو المحسوس الذي يرونه ،ولكن لما نزل إلى
هذا العالم لبس تلك الصورة ،فرآه الناس فيها ،ثم افترقت الخطابية إلى فرق سارت على عقيدتها
الحلولية ،في تاليه أئمتهم ،بل إنهم زعموا ألوهية أبي الخطاب نفسه ،حيث زعموا أن ال تعالى انفصل
عن جعفر الصادق ،وحل في مؤسس فرقتهم#انظر الفصل في املل والهواء والنحل ،2/114والملل
والنحل 145 ،1/144واعتقادات فرق المسلمين والمشركين ص ،47 ،46وفرق الشيعة ص -42
. #.45
ومن فرق الرافضة ،القائلين بالحلول ،فرقة المفوضة ،أو المفوضية ،الذين زعموا أن ال لما خلق أرواح
علي وأولده فوض العلم إليهم ،فخلقوا هم الرضين والسماوات ،وكان قبلهم قد فوض محمًدا صلى اله
عليه وسلم تدبير العالم وتصريفه ،ومن المفوضية أبو منصور العجلي )ت 121هـ(#انظر الفرق بين
الفرق ص ،191ومقالت السلميين 1/86واعتقادات فرق المسلمين والمشركين ص ،49وجامع
الفرق والمذاهب السلمية ص #.194
وممن قال بالحلول ،من غلة الرافضة ،طائفة النصيرية ،أتباع محمد بن نصير النميري ت 260هـ،
والسحاقية ،أتباع إسحاق بن زيد بن الحارث )ت 272هـ( وهما يقولن بإطلق اللهية على "الئمة
من أهل البيت" ،وان ال تعالى ظهر بصور أشخاص ،وهم علي بن أبي طالب وأولده ،قالوا :لنهم
خير البرية؛ فظهر الحق بصورهم ،ونطق بألسنتهم ،وزعموا بأن المام بعد حلول روح الله فيه يصير
صانًعا وإلًها#انظر الملل والنحل ،154 – 1/152واعتقادات فرق المسلمين والمشركين ص ،51
،52والمواقف في علم الكلم ص ،275وأصول الدين ص ،72 ،71والباكورة السليمانية ص ،124
،125والعلويون أو النصيرية ص #16-14
@@37
وكذلك قالت طائفة السماعيلية الرافضة بالحلول ،وكذا طائفة الدروز ،تلك الطائفة المتفرعة عن
ل يعرف بالدرزي قدم إلى مصر ،وكان من الباطنية ،فاجتمع السماعيلية ،ويذكر المؤرخون بأن رج ً
بالحاكم بأمر ال الفاطمي العبيدي )ت 411هـ( ،وساعده على ادعاء الربوبية ،وصنف له كتاًبا في ذلك
#انظر النجوم الزاهرة ،184 ،4/183وعقيدة الدروز ص 137-117والحركات الباطنية في العالم
السلمي ص ،341 ،223وأخبار القرامطة ،2/72وكنز الولد ص ،225 ،172 ،49والتقمص
ص #.46ولذا قال الدروز بألوهية الحاكم المذكور#انظر دراسات في الفرق والعقائد السلمية ص
،146 -144ودراسة عن الفرق في تاريخ المسلمين ص ،270 ،212وعقيدة الدروز ص #.117
ومما يروى ما قاله السماعيلي تميم بن المعز لدين ال الفاطمي العبيدي ،يمدح أخاه العزيز بال:
روح من القدس في جسم من البشر ما أنت دون ملوك العالمين سوى
تناهًيا حاز حد الشمس والقـــــــــمر نور لطيف تناهى منك جــــوهره
خلق الهيولى وبسط الرض والمدر#انظر طائفة معنى من العلة الولى التي سبقت
السماعيلية ص ،160 ،159وأضواء على العقيدة الدرزية ص #.34 -30
والسماعيلية وصفوا أئمتهم بصفات اللوهية ،ونسبوا إليهم القدرة المطلقة ،والوجود الزلي السابق
للكون ،يقول أحد شعرائهم مخاطًبا أحد أئمتهم:
فاحكم فأنت الواحد القاهر#ديوان ابن هانئ الندلسي ص ،146 ما شئت ل شاءت القدار
وانظر ظهر السلم ،140 – 3/138والفن ومذاهبه في الشعر العربي ص ،419ودراسة عن الفرق
في تاريخ المسلمين ص #.212
يقول عبد القاهر البغدادي" :والحلولية في الجملة عشر فرق ،كلها كانت في دولة السلم ،....وتفصيل
فرقها في الكثر يرجع إلى غلة الروافض ،وذلك أن
@@38
السبئية والبيانية والجناحية والخطابية والنميرية ،منهم بأجمعها حلولية ،وظهر بعدهم المقنعية بما وراء
نهر جيحون ،وظهر قوم بمرو يقال لهم :رزامية ،وقوم يقال لهم بركوكية ،وظهر بعدهم قوم يقال لهم
حلمانية ،وقوم يقال لهم حلجية ،...وقوم يقال لهم العذافرة ،ينسبون إلى أبي العذافر ،وتبع هؤلء
الحلولية قوم من الخرامية"#الفرق بين الرفق ص ،193وانظر البرهان في معرفة عقائد أهل الديان
ص #.69
ويقول الفخر الرازي )ت 606هـ( بأن "أول من أظهر هذه المقالة [ أي الحلول] في السلم:
الروافض؛ فإنهم ادعوا الحلول في حق أئمتهم"#اعتقادات فرق المسلمين والمشركين ص #.83 ،82
وممن قال بالحلول ،من الطوائف المنتسبة إلى السلم ،طائفة الجهمية ،أتباع الجهم بن صفوان )ت
128هـ( ،الذين أنكروا علو ال على خلقه ،وزعموا بأنه سبحانه وتعالى حال في كل مكان#انظر الرد
على الجهمية والزنادقة ص ،113وشرح أصول العتقاد ،3/180 ،واجتماع الجيوش السلمية ص
،139ومجموع فتاوى شيخ السلم ابن تيمية #.5/228 ،59 ،4/58
قال أبو سعيد الدارمي )ت 280هـ( في رده على الجهمية" :أقرت هذه العصابة بهذه اليات [ آيات
استواء ال على عرشه] بألسنتها ،وادعوا اليمان بها ،ثم نقضوا دعواهم بدعوى غيرها ،فقالوا :ال في
كل مكان ل يخلو منه مكان"#الرد على الجهمية والزنادقة ص ،13وشرح أصول العتقاد،3/180 ،
واجتماع الجيوش السلمية ص ،139ومجموع فتاوى شيخ السلم ابن تيمية #.5/228 ،4/58
وقال بعض الجهمية بأن ال تعالى كما هو فوق العرش ،فهو على العرش ،وفي السماوات ،وفي
الرض ،وفي كل مكان ،ول يخلو منه مكان ،ول يكون في
@@39
ضا#انظر الرد على الجهمية والزنادقة ص مكان دون مكان ،بل قالوا هو تحت الرض السابعة ،أي ً
،135والتنبيه والرد على أهل الهواء والبدع ص ،104ومختصر الصواعق المرسلة ،2/263
وإثبات صفات العلو ،#.131 ،1/130تعالى ال عن قولهم علّوا عظيًما.
يقول شيخ السلم ابن تيمية" :وجعل المام أحمد#في كتابه الرد على الجهمية والزنادقة ص ،135
#.139حجة جهم من جنس حجة ألئك الذين يقولون بالحلول المقيد؛ لن هؤلء يقولون :إنه حل في
بعض خلقه ،وهؤلء الجهمية فيهم من يقول :إن اللهوت في الناسوت من غير حلول فيه ،وهكذا الجهم
وأتباعه جعلوا وجود الخالق في المخلوقات ،من جنس اللهوت في الناسوت"#درء تعارض العقل
والنقل #.5/171
ويذكر شيخ السلم ابن تيمية أن "النفاة تارة يقولون بالحلول والتحاد ،أو نحو ذلك ،وتارة يقولون :ل
مباين للعالم ،ول دخل فيه ،والشخص الواحد منهم يقول هذا تارة وهذا تارة؛ فإنهم في حيرة ،والغالب
على متكلميهم نفي المرين ،والغالب على عبادهم وفقهائهم وصوفيتهم وعامتهم الحلول ،فمتكلموهم ل
يعبدون شيًئا ،ومتصوفتهم يعبدون كل شيء"#المصدر السابق ،5/169وانظر #.152 ،6/148
ضا" :التعطيل شر من الحلول؛ ولهذا كان العامة من الجهمية إنما يعتقدون أنه في كل مكان،
ويقول أي ً
وخاصتهم ل تظهر لعامتهم إل هذا ،لن العقول تنفر عن التعطيل أعظم من نفرتها عن الحلول ،وتنكر
قول من يقول :إنه ل داخل العالم ول خارجه أعظم مما تنكر أنه في كل مكان"#المصدر السابق
.# 6/154
@@40
@@41
وممن قال بذلك ممن ينتسب إلى المعتزلة ،طائفتا الخابطية ،أو الحابطية ،أو الحائطية ،أتباع أحمد بن
خابط ،أو حابط ،أو حائط) ،ت 232هـ( ،والحدثية ،أتباع الفضل الحدثي )ت 257هـ( ،فإن هاتين
الطائفتين اعتقدتا حلول الله في المسيح عيسى بن مريم عليه السلم ،موافقة لعقيدة النصارى ،وقال
بعضهم بأن للخلق صانعين ،أحدهما قديم ،وهو الباري تعالى ،والثاني محدث ،وهو المسيح عيسى بن
ل ،ثم فوض إليه تدبير العالم وتصريفه ،وهو الذي يحاسب مريم عليه السلم ،فهو محدث خلقه ال أو ً
الخلق في الخرة#انظر الملل والنحل ،1/51والفرق بين الفرق ص ،209 ،208وأصول الدين ص
،71،72والبرهان في معرفة عقائد أهل الديان ص ،60 ،59وذكر مذاهب الفرق الثنتين والسبعين
المخالفة للسنة والمبتدعين ص #.66 ،65
وممن قال بعقيدة الحلول ،ممن ينتسب إلى السلم ،غلة الصوفية؛ لذا فقد عد الفخر الرازي )ت 606
هـ( الحلولية ضمن طوائف الصوفية ،فقال" :الخامسة :الحلولية ،وهم طائفة من هؤلء القوم ،الذين
ل عجيبة ،وليس لهم من العلوم العقلية نصيب وافر#وقبل ذلك ليس لهم ذكرناهم ،يرون في أنفسهم أحوا ً
من الفهم الصحيح للعلوم النقلية نصيب وافر ،ولو كان لهم ذلك مع اتباع سديد لما وقعوا في الحلول
وغيره من المخالفات ، #.فيتوهمون أنه قد حصل لهم الحلول أو التحاد ،فيدعون دعاوى
عظيمة"#اعتقادات فرق المسلمين والمشركين ص ،82وانظر المواقف في علم الكلم ص ،275
ومنهاج السنة النبوية #.379 ،5/378
ل يروى عن الحسن بن منصور الحلج )ت 309هـ( وقد اشتهر القول بالحلول عن غلة الصوفية ،فمث ً
قوله" :من هذب نفسه في الطاعة ،وصبر على الشهوات واللذات ،ارتقى إلى مقام المقربين ،ثم ل يزال
يصفو ويرتقي في
@@42
درجات المصافاة حتى يصفو عن البشرية ،فإذا لم يبق فيه من البشرية حظ حل فيه روح الله ،الذي حل
في عيسى ابن مريم ،ولم يرد شيًئا إل كان كما أراد ،وكان جميع فعله فعل ال تعالى"#انظر اعتقادات
فرق المسلمين والمشركين ص ،82والفرق بين الفرق ص ،198ودائرة معارف القرن العشرين
.#.1/345
ويذكر عن الحلج أنه كتب إلى أتباعه يقول" :من الهو هو ،رب الرباب ،المتصور في كل صورة إلى
عبده فلن" ،كما يذكر أتباعه كتبوا إليه يقولون" :يا ذات الذات ،ومنتهى غاية الشهوات ،نشهد أنك
المتصور في كل زمان بصورة ،وفي زماننا هذا بصورة الحسين بن منصور ،ونحن نستجيرك ،ونرجوا
رحمتك يا علم الغيوب"#انظر الفرق بين الفرق ص ،199وجامع الرق والمذاهب السلمية ص
57 ،56ودراسات في الفرق والمذاهب القديمة المعاصرة ص #.256
ضا انه كتب كتاًبا إلى رجل ،جاء فيه" :من الرحمن الرحيم إلى فلن بن فلن"، كما يروى عن الحلج أي ً
فلما سئل الحلج عن ذلك قال" :هذا خطي وأنا كتبته" ،فقالوا :كنت تدعي النبوة ،فأصبحت تدعي
الربوبية! فقال ":ما أدعي الربوبية ،ولكن هذا عين الجمع عندنا ،هل الكتاب غل ال تعالى واليد فيه
آلة؟"#انظر تلبيس إبليس ص #.171
كما اشتهر عنه قوله في كتبه:
نحن روحان حللنا بدنا "أنا من أهوى ومن أهوى أنا
وإذا أبصرته أبصرتنا"#كتاب الطواسين ص ،134 فإذا أبصرتني أبصـــــــرته
وانظر أخبار الحلج ص ،16وتاريخ بغداد #.8/129
@@43
وقوله:
هذا القول الشنيع قد ل يستغرب ممن يعترف ،في كتبه أن أساتذته إبليس وفرعون وأمثالهما ،فتأمل قول
الحلج" :فصاحبي وأستاذي إبليس وفرعون ،إبليس هدد بالنار وما رجع عن دعواه ،وفرعون أغرق
في اليم وما رجع عن دعواه"#كتاب الطواسين ص #.20
ويقول الصوفي عبد الكريم الجيلي )ت 826هـ( :إذا تجلى ال تعالى على عبد من عبيده في اسم من
أسمائه استظل العبد تحت أنوار ذلك السم ،...فمتى ناديت الحق بذلك السم أجابك العبد لوقوع ذلك
السم عليه" #النسان الكامل ص #.38
الحاصل أن غلة الصوفية يقولون بالحلو ،حيث زعموا" :أن السالك إذا أمعن في السلوك ،وخاض
معظم لجة الوصول ،فربما يحل ال فيه ،كحلول النار في الجمر ،بحيث ل تمايز ،أو يتحد به بحيث ل
اثنينية ول تغاير ،وصح أن يقول السالك حينئذ :هو أنا ،وأنا هو ،وحينئذ يرتفع المر والنهي ،ويظهر
من الغرائب والعجائب ما ل يتصور من البشر"#شرح المقاصد ،2/52وانظر الفصل في الملل
والهواء والنحل ،2/114والفرق بين الرفق ص #.193
ولهؤلء الغلة من الصوفية كلم كثير يقررون فيه عقيدة الحلول والتحاد ووحدة الوجود ،كما لبن
عربي )ت 638هـ( والتلمساني )ت 690هـ( وابن الفارض )ت 632هـ( وابن سبعين )ت 667هـ(،
وغيرهم #انظر شرح مشكلت الفتوحات المكية ص ،152 -132وأخبار الحلج ص ،18 -15
والمواقف والمخاطبات ص ،50-39 ،21وشعر ابن الفارض ص ،37 -30وفصوص الحكم ص
،210 ،193 ،192 ،83 – 72ومجموع فتاوى شيخ السلم ابن تيمية #.18/222
@@44
يقول أبو الحسن الشعري )ت 324هـ(" :وفي النساك من الصوفية من يقول بالحلول ،وأن الباري
يحل في الشخاص ،وأنه جائز أن يحل في إنسان وسبع ،وغير ذلك من الشخاص ،وأصحاب هذه
ل فيه ،ومالوا إلى اطراح الشرائع ،وزعموا المقالة إذا رأوا شيًئا يستحسنونه قالوا :ل ندري لعل ال حا ّ
أن النسان ليس عليه فرض ول يلزمه عبادة إذا وصل إلى معبوده"#مقالت السلميين ،81 ،1/80
وانظر منهاج السنة النبوية #.509 ،2/508
ل :فقال:
وقد ذكر شيخ السلم ابن تيمية أنواع الحلول والتحاد ،ومن قال بها إجما ً
"وإنما كان الكفر الحلول العام ،أو التحاد ،أو الحلول الخاص ،وذلك أن القسمة رباعية؛ لن من جعل
الرب هو العبد حقيقة؛ فإما أن يقول بحلوله فيه ،أو اتحاده به ،وعلى التقديرين فإما أن يجعل ذلك
صا ببعض الخلق ،كالمسيح ،أو يجعله عاّما لجميع الخلق ،فهذه أربعة أقسام: مخت ً
الول :هو الحلول الخاص ،وهو قول النسطورية من النصارى ،ونحوهم ممن يقول إن اللهوت حل في
الناسوت ،وتدرع به ،كحلول الماء في الناء ،وهؤلء حققوا كفر النصارى ،بسبب مخالطتهم للمسلمين،
وكان أولهم في زمن المأمون ،وهذا قول من وافق هؤلء النصارى ،من غالية هذه المة ،كغالية
الرافضة ،الذين يقولون :إنه حل بعلي بن أبي طالب وأئمة أهل بيته ،وغالية النساك ،الذين يقولون:
بالحلول في الولياء ،ومن يعتقدون فيه الولية ،أو في بعضهم كالحلج....
ل وهم السودان والقبط، والثاني :هو التحاد الخاص ،وهو قول يعقوبية النصارى ،وهم أخبث قو ً
يقولون :إن اللهوت والناسوت اختلطا وامتزجا كاختلط اللبن بالماء ،وهو قول من وافق هؤلء من
غالبية المنتسبين إلى السلم.
@@45
والثالث :هو الحلول العام ،وهو القول الذي ذكر أئمة أهل السنة والحديث ،عن طائفة من الجهمية
المتقدمين ،وهو قول غالب متعبدة الجهمية ،الذين يقولون :إن ال بذاته في كل مكان ،ويتمسكون
بمتشابه من القرآن....
الرابع :التحاد العام ،وهو قول هؤلء الملحدة [ يشير إلى غلة الصوفية] ،الذين يزعمون أنه عين
وجود الكائنات ،وهؤلء أكفر من اليهود والنصارى#"..مجموع فتاوى شيخ السلم ابن تيمية ،2/171
،172وانظر مجموع الرسائل والمسائل 190-1/179و ،30– 4/28والستقامة #.2/196
وقالت البهائية ،اتباع حسين علي نوري ،الميرزا ،الملقب بالبهاء ،أو بهاء ال )ت 1309هـ( ،بالحلول،
حيث زعمت أن الحقيقة اللهية مجرد صرف ،ولهذا فهي بحاجة إلى هيكل تتجسد فيه ،حتى يمكن أن
ترى وتعرف ،وتعمل من خلله ،وقبل هذا التجسد تمر الحقيقة اللهية بأطوار وأكوار ،ومن ثم يجب أن
نطلق على الهيكل البشري الذي تتجسد فيه ،كل السماء والصفات اللهية الواردة في القرآن ،كما قالت
البهائية بأنه ليس للحقيقة اللهية ميعاد مخصوص لتتجسد في الجسد البشري ،فإنها كلما رأت استعداًدا
ل في هيكل ما حلت فيه وتجسدت به ،وذلك أن ال ـ على حد زعمهم ـ ل يستطيع أن يعمل إل وهو وقبو ً
حال ف بدن ،وأنه ل يخل عنه بدن؛ لن مظاهر جماله ليس لها بداية#انظر بهاء ال والعصر الجديد
ص ،209وتاريخ المذاهب السلمية ،213 ،1/212والبهائية تاريخها وعقيدتها ص 188ت
،194والبابية عرض ونقد #.149 ،148
وقالت القاديانية اتباع غلم أحمد القادياني )ت 1326هـ( بحلول ال تعالى في أجساد بعض خلقه ،حيث
زعم مؤسس هذه الطائفة أنه نفخ فيه روح عيسى
@@46
التي نفخت في مريم ،أنه حبل بصورة الستعارة ،وبعد عشرة أشهر حول عن مريم ،وجعل عيسى،
وبهذه البطريق صار القادياني في عيسى بن مريم ،وصار فيه جزء من الولهية#انظر القاديانية
دراسات وتحاليل ص ،101 – 199وتاريخ المذاهب السلمية ،224 ،1/222وحركات الغلو
والتطرف في السلم ص #.113
وممن تلفظ بعقيدة الحلول ،ممن ينتسب إلى السلم ،بعض الدباء المعاصرين ،من الغوغاء
حا الحلولية ،ومثنًيا على من قال بها" :لهذه النظرية مظهر معتدل)!!(
الفوضويين ،يقول أحدهم ماد ً
تراءى في آثار عدد من الدباء المعاصرين ،الذين قالوا بحلول الخالق في جميع الكائنات ،ومنها ذواتهم،
وانطلقوا من هذا المبدأ ،لينظروا إلى كل ما في العالم نظرة عطف ومحبة ،وليعتدوا بأنفسهم ،لنهم على
ما يظنون لدركوا الحقيقة في علئق ال بالمخلوقات ،وتبينوا وجوده في ذواتهم"#المعجم الدبي ص
.#.99
فل أدري أي اعتدال فيمن زعم أن الخالق يحل في مخلوقاته ،إنه السقوط والنحدار في مهاري الوثنية
والفوضى الفكرية.
@@47
@@48
العرش استوى( يدل على أن ال فوق السماوات وفوق العرش ،وأن الستواء على العرش يدل على أن
ال بذاته فوق العرش " ،وهذا تصريح من أبي حنيفة بتكفير من أنكر أن يكون ال في السماء ،واحتج
على ذلك بأن ال في أعلى عليين ،وأنه يدعى من أعلى ،ل من اسفل ،وكل من هاتين الحجتين فطرية
عقلية؛ فإن القلوب مفطورة على القرار بأن ال في العلو ،وعلى أنه يدعى من أعلى ل من
أسفل"#انظر مجموع فتاوى شيخ السلم ابن تيمية .#.5/48،49
وروي عن يحيى بن معاذ الرازي )ت 258هـ( أنه قال" :إن على العرش بائن من الخلق ،وقد أحاط بكل
شيء علًما ،وأحصى كل شيء عدًدا ،ل يشك في هذه المقالة إل جهمي رديء ضليل ،وهالك مرتاب ،يمزج
ال بخلقه ،ويخلط منه الذات بالقذار والنتان"#المصدر السابق #.5/49
وعن عبد الرحمن بن مهدي )ت 198هـ( أنه قال" :ليس في أصحاب الهواء شر من أصحاب جهم،
يدورون على أن يقولوا :ليس في السماء شيء ،أرى وال أن ل يناكحوا ول يتوارثوا"#المصدر السابق
#.53 ،5/52
وقال عبد ال بن المبارك )ت 181هـ(" :نعرف ربنا فوق سبع سماوات ،على العرش استوى ،بائًنا من
خلقه ،ول نقول كما قالت الجهمية :إنه ها هنا" ،وأشار إلى الرض#أخرجه عبد ال بن أحمد في كتاب
السنة ،1/111برقم ،22والدارمي في الرد على الجهمية ص ،50 ،23وعقيدة السلف وأصحاب
الحديث ص ،186وذكره ابن القيم في كتابه اجتماع الجيوش السلمية ص ،84وقال :وقد صح عنه
صحة قريبة من التواتر#.
@@49
وعن محمد بن إسحاق بن خزيمة )ت 311هـ( أنه قال" :من لم يقر بأن ال عز وجل على عرشه ،قد
استوى فوق سبع سماواته ،فهو كافر بربه ،حلل الدم ،يستتاب فإن تاب وإل ضربت عنقه ،وألقي على
بعض المزايل ،حتى ل يتأذى المسلمون ول المعاهدون بنتن رائحة جيفته ،وكان ماله فيًئا ،ل يرثه أحد
من المسلمين ،إذ المسلم ل يرث الكافر"#انظر معرفة علوم الحديث ص ،84وعقيدة السلف وأصحاب
الحديث ص #.187
ل من اليهود والنصارى،ة وقدوقال سعيد بن عامر الضبعي )ت 208هـ( ،عن الجهمية" :هم شر قو ً
أجمع أهل الديان مع المسلمين على أن ال على العرش ،وقالوا هم :ليس على العرش شيء"#اجتماع
الجيوش السلمية ص #.148 ،147
جا عن نفسه ،ثم دخل فيهم كانوقال المام أحمد )ت 241هـ( بأن من زعم أن ال خلق الخلق" :خار ً
ضا ،حين زعم أنه دخل في مكان وحش قذر رديء"#الرد على الجهمية والزنادقة ص هذا كفًرا أي ً
#.139
وقد جاء في الثر أن الخليفة الراشد علي بن أبي طالب رضي ال تعالى عنه أتى بقوم من الرافضة
الزنادقة فحرقوهم ،فبلغ ذلك ابن عباس رضي ال عنهما فقال :أما أنا فلو كنت لقتلتهم ،لقول رسول ال
صلى ال عليه وسلم" :من بدل دينه فاقتلوه" ،ولما حرقتهم لنهي رسول ال صلى ال عليه وسلم" :ل
تعذبوا بعذاب ال"#أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم ،باب حكم
المرتد والمرتدة واستتابتهم ح #.6922
@@50
قال أبو سعيد الدارمي )ت 280هـ(" :فرأينا هؤلء الجهمية ،أفحش زندقة ،وأظهر كفًرا ،وأقبح تأويلً
لكتاب ال ،ورد صفاته ،فيما بلغنا عن هؤلء الزنادقة الذين قتلهم علي رضي ال عنه ،وحرقهم ،فمضت
السنة في علي وابن عباس رضي ال عنهما في قتل الزنادقة؛ لنها كفر عندهما, ،وأنهم عندهم ممن بدل
دين ال ،وتأول في ذلك قول رسول ال صلى ال عليه وسلم ،ول يجب على رجل قتل في قول يقوله،
حتى يكون قوله فري ذلك كفًرا ،ل يجب فيما دون الكفر قتل إل عقوبة فقط"#الرد على الجهمية ص
. #.107ثم قال رحمه ال" :فالجهمية عندنا زنادقة من اخبث الزنادقة ،نرى أن يستتابوا من كفرهم،
فإن أظهروا التوبة تركوا ،وإن لم يظهروها تركوا ،وإن شهدت عليهم بذلك شهود فأنكروا ولم يتوبوا،
قتلوا ،كذلك بلغنا عن علي بن أبي طالب رضي ال عنه أنه سن في الزنادقة"#المصدر السابق ص
#.113
ول شك أن الحلولية أشد زندقة من الجهمية ،فبعضهم من حلولية الجهمية ،وبعضهم أعظم غلّوا وأشد
كفًرا ،والزنادقة الذين حرقهم علي بن أبي طالب هم الشيعة الذين زعموا بأنه رضي ال عنه إله#انظر
منهاج السنة النبوية ،306،307 ،1/30والفصل في الملل والهواء والنحل ،5/47وشرح نهج
البلغة ،8/169وفتح الباري #.12/270،271
قال شيخ السلم ابن تيمية" :أمير المؤمنين علي رضي ال عنه ...أمر بإحراق أولئك الذين ادعوا فيه
اللهية؛ فإنه خرج ذات يوم ،فسجدوا له ،فقال لهم :ما هذا؟ فقالوا :أنت هو ،قال :من أنا؟ قالوا :أنت ال
الذي ل إله إل هو ،فقال :ويحكم ،هذا كفر ارجعوا عنه ،وإل ضربت أعناقكم ،فصنعوا به في اليوم
@@51
الثاني والثالث كذلك ،فأخرهم ثلثة أيام؛ لن المرتد يستتاب ثلثة أيام ،فلما لم يرجعوا أمر بأخاديد من
نار فخدت عند باب كندة ،وقذفهم في تلك النار ،وروى عنه أنه قال:
ضا بالمشهور من كفرهم أنهم ل يثبتون ل ال إنما سمع كلًما خرج إليه من مخلوق ،...ونكفرهم أي ً
تبارك وتعالى وجًها ول سمًعا ول بصًرا ،ول علًما ول كلًما ،ول صفة بتأويل ضلل ،افتضحوا،
وتبينت عوراتهم ،يقولون :سمعه وبصره وعلمه وكلمه بمعنى واحد ،وهو بنفسه في كل مكان ،وفي
كل بيت مغلق ،وصندوق مقفل ،قد أحاطت به في دعواهم حيطانها وأغلقها وأقفالها ،فإلى ال نبرأ من
ضا مذهب واضح في إكفارهم. إله هذه صفته ،وهذا أي ً
ضا من واضح ضا أنهم ل يدرون أين ال ،ول يصفونه بأين ،...والجهمية تكفر به ،وهذا أي ًونكفرهم أي ً
ضا بعبادتهم إلى إله تحت الرض السفلى ،وعلى ظهر الرض العليا ،ودون كفرهم ،...ويقصدون أي ً
السماء السابعة العليا ،وإله المصلين من المؤمنين ،الذين يقصدون إليه بعبادتهم الرحمن الذي فوق
السماء السابعة العليا ،وعلى عرشه العظيم استوى ،وله السماء الحسنى ،تبارك اسمه وتعالى ،فأي كفر
مما حكيناه عنهم من سوء مذاهبهم"#الرد على الجهمية ص #.110-106
وتحدث عبد القاهر البغدادي )ت 429هـ( عن الرافضة ،ثم قال" :فأما غلتهم ،الذين قالوا بإلهية
الئمة ،وأباحوا محرمات الشريعة ،واسقطوا وجوب فرائض الشريعة ،كالبيانية والمغيرية والجناحية
والمنصورية والخطابية والحلولية ،ومن جرى مجراهم ،فما هم من فرق السلم ،وإن كانوا منتسبين
إليه"#الفرق بين الفرق ص ،#.17
وبعد أن ذكر فرًقا من الروافض قالت بالحلول ،قال رحمه ال" :فهذه ثمان فرق من الروافض الغلة،
خارجة عن جميع فرق السلم؛ لثباتهم إلًها غير ال"#المصدر السابق ص #.192
@@53
ويحذر أبو بكر الجري )ت 360هـ( من الحلولية ،فيقول" :أحذر إخواني المؤمنين مذهب الحلولية،
الذين لعب بهم الشيطان ،فخرجوا بسوء مذهبهم عن طريق أهل العلم ،إلى مذاهب قبيحة ،ل تكون إل
في كل مفتون هالك ،...أخرجهم سوء مذهبهم إلى أن تكلموا في ال عز وجل بما تنكره العلماء العقلء،
ول يوافق قولهم كتاب ول سنة ،ول قول الصحابة رضي ال عنهم ،ول قول أئمة المسلمين ،وإني
لستوحش أن أذكر قبيح أفعالهم ،تنزيًها مني لجلل ال الكريم وعظمته"#الشريعة ص #.286-285
ثم أشار رحمه ال إلى قول عبد ال بن المبارك )ت 181هـ( رحمه ال ،في تحذيره من الجهمية
الحلولية ،حين قال" :إنا لنستطيع أن نحكي كلم اليهود والنصارى ،ول نستطيع أن نحكي كلم
الجهمية"#المصدر السابق ص ،286وانظر كلم ابن المبارك في رد المام الدارمي عثمان بن سعيد
على بشر المريسي العنيد ص ،4والرد على الجهمية ص ،11والسنة لعبد ال بن أحمد ص #.35 ،8
قال الدارمي" :وصدق ابن المبارك :إن من كلمهم ما هو أوحش من كلم اليهود والنصارى"#الرد
على الجهمية ص #.115
ولعل من ذلك أنهم زعموا بأن ال حال في كل مكان ،أو أنهم ل يدرون أين ربهم ،أما النصارى فإنهم
خصوا حلوله في المسيح عيسى ابن مريم ،عبد ال ورسوله ،عليه وعلى رسولنا أفضل الصلة
والتسليم.
وقال القاضي عياض )ت 544هـ( بأن القول بالحلول كفر بإجماع المسلمين#انظر شرح الشفاء
، #.2/513،514وقال رحمه ال " :بيان ما هو من المقالت كفر ،وما يتوقف أو يختلف فيه ،وما
ليس بكفر:اعلم أن تحقيق هذا الفصل ،وكشف اللبس فيه مورده الشرع ،ول مجال للعقل فيه ،والفصل
البين في هذا أن كل مقالة صرحت بنفي الربوبية أو الوحدانية ،أو عبادة أحد غير ال ،أو مع ال ،فهي
كفر ،كمقالة الدهرية ،وسائر فرق أصحاب الثنين ،...وأصحاب الحلول والتناسخ ،من الباطنية
والطيارة من الروافض ،...فذلك كله كفر بإجماع المسلمين ،...وكذلك من ادعى مجالسة ال ،والعروج
إليه ومكالمته ،أو حلوله في بعض الشخاص ،كقول بعض المتصوفة والباطنية والنصارى
والقرامطة"#المصدر السابق .#.514 -2/510
وبعض الحلولية وكغلة الصوفية ،أصحاب الوحدة ونحوهم يقولون بان ال سبحانه وتعالى حال في كل
المخلوقات ،موجود فيها ،وقد يعبرون عن ذلك بقولهم :إن المخلوقات مظهر وتجلية له ،ول يريدون
بذلك أنها أدلة عليه ،وآيات له ،وإنما يريدون أنه سبحانه ظهر فيها ،وتجلى فيها ،كظهورالزبد في اللبن،
والزيت في الزيتون ،ونحو ذلك ،مما يقتضي حلول ذاته في مخلوقاته ،تعالى ال عما يقولون علّوا
كبيًرا" ،فيقولون في جميع المخلوقات نظير ما قاله النصارى في المسيح خاصة ،ثم يجعلون المردان
مظاهر الجمال ،فيقرون هذا الشرك العظم طريًقا إلى استحلل الفواحش ،بل إلى استحلل كل محرم،
كما قيل لفضل مشايخهم :إذا كان قولكم بان الوجود واحد هو الحق ،فما الفرق بين أمي وأختي وبنتي،
حتى يكون هذا حلل وهذا حرام؟ قال :الجميع عندنا سواء ،لكن هؤلء المحجوبين حرام ،فقلنا حرام
عليكم"#انظر مجموع فتاوى شيخ السلم ابن تيمية #.15/423،424
@@55
يقول شيخ السلم ابن تيمية )ت 728هـ(" :ومن هؤلء الحلولية والتحادية من يخص الحلول والتحاد
ببعض الشخاص ،إما ببعض النبياء كالمسيح ،أو ببعض الصحابة ،كقول الغالية في علي ،أو ببعض
الشيوخ ،كالحلجية ونحوهم ،أو ببعض الملوك ،أو ببعض الصور ،كصور المردان ،ويقول أحدهم :إنما
أنظر إلى صفات خالقي ،وأشهدها في هذه الصورة.
والكفر في هذا القول أبين من أن يخفى على من يؤمن بال ورسله ،ولو قال مثل هذا الكلم في نبي
كريم لكان كافًرا ،فكيف إذا قاله في صبي أمرد؟! فقبح ال طائفة يكون معبودها من جنس موطوئها.
وقد قال تعالى) :ول يأمركم أن تتخذوا الملئكة والنبيين أرباًبا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم
مسلمون(#سورة آل عمران ،الية #.80؛ فإذا كان من اتخذ الملئكة والنبيين أرباًبا مع اعترافهم بأنهم
مخلوقون ل كفاًرا ،فكيف بمن اتخذ بعض المخلوقات أرباًبا مع قولهم بأن ال فيها ،أو متحد بها،
فوجوده وجودها ،ونحو ذلك من المقالت"#مجموع فتاوى شيخ السلم ابن تيمية ،15/424وانظر
منهاج السنة النبوية ،5/383ودرء تعارض العقل والنقل #.156 ،6/155
ويقول الشاطبي )ت 790هـ( " :ولقد فصل بعض المتأخرين في هذه الفرق ،فقال :ما كان من البدع
راجًعا إلى اعتقاد وجود إله مع ال ،كقول السبئية في علي رضي ال عنه ،إنه إله ،أو حل الله في
بعض أشخاص الناس ،كقول الجناحية :إن ال تعالى له روح يحل في بعض بني آدم ،ويتوارث ،أو
إنكار رسالة محمد صلى ال عليه وسلم ،كقول الغرابية :إن
@@56
جبريل غلط في الرسالة فاداها إلى محمد صلى ال عليه وسلم ،وعلي كان صاحبها ،أو استباحة
المحرمات وإسقاط الواجبات ،وإنكار ما جاء به الرسول ،كأكثر الغلة من الشيعة ،مما ل يختلف في
التكفير به#"...العتصام #.2/197
ويبين شيخ السلم ابن تيمية أن القول بأن ال يحل في المخلوقات "هو قول كثير من الجهمية ،الذين
كان السلف يردون قولهم ،وهم الذين يزعمون أن ال بذاته في كل مكان ،وقد ذكره جماعات من الئمة
والسلف عن الجهمية ،وكفروهم به ،بل جعلهم خلق من الئمة كابن المبارك ويوسف بن أسباط ،وطائفة
من أهل العم والحديث من أصحاب أحمد وغيره ،خارجين بذلك عن الثنتين والسبعين فرقة ،وهو قول
بعض متكلمة الجهمية ،وكثير من متعبديهم ،ول ريب أن إلحاد هؤلء المتأخرين وتجهمهم وزندقتهم
تفريع وتكميل للحاد هذه الجهمية الولى ،وتجهمها وزندقتها"#حقيقة مذهب التحاديين أو وحدة الوجود
وبيان بطلنه ص ،5وانظر مجموع فتاوى شيخ السلم ابن تيمية 5/227ـ ،228والرد على الجهمية
ص #.115
فكل من قال بأن ال بذاته في كل مكان ،أو يحل في بعض المخلوقات؛ فإنه "مخالف للكتاب والسنة
وإجماع المة وأئمتها ،مع مخالفته لما فطر ال عليه عباده ،ولصريح المعقول ،وللدلة
الكثيرة"#مجموع فتاوى شيخ السلم ابن تيمية ،5/230وانظر . #.5/260
حا،
وقد كان سلف المة الوائل يرون كفر الجهمية الحلولية أعظم من كفر اليهود ،هذا وهم يلوحون تلوي ً
وقل إن كانوا يصرحون بحلول ذاته في المكنة ،أما الحلولية والتحادية المصرحون بعقيدتهم الكفرية،
فهم أخبث وأكفر
@@57
من أولئك الجهمية #انظر مجموعة الرسائل والمسائل ، #.1/188ولهذا فإن النصيرية هم وسائر
الصناف القرامظة الباطنية أكفر من اليهود والنصارى ،بل وأكفر من كثير من المشركين ،والسماعيلية
ملحدة أكفر من النصيرية #انظر مجموع فتاوى شيخ السلم ابن تيمية ،35/146ومنهاج السنة النبوية
#.20/512،513
فالحلولية يزعمون بأنهم يرون ال تعالى في بعض الشخاص من أئمتهم وأوليائهم وهذا كفر صريح
باتفاق المسلمين فقد ثبت أن النبي صلى ال عليه وسلم قال " :واعلموا أن أحدًا منكم يرى ربه حتى يموت"
#أخرجه مسلم ،كتاب الفتن وأشرطة الساعة ،باب ذكر ابن صياد ح ، #.2931فإن ذات ال تعالى ليست
في المخلوقات ،ول تحل فيها ،ول في ذاته ترى المخلوقات ،كما يزعم أهل الحلول #انظر مجموع فتاوى
شيخ السلم ابن تيمية . # .180 ،2/179
أما القول بوحدة الوجود ،أو ما قد يسمى بالتحاد العام ،فهو قول الملحدة الذين يزعمون أن ال
سبحانه وتعالى عين وجود الكائنات .
وهؤلء أكفر من اليهود والنصارى من وجهين :
الوجه الول :أن اليهود والنصارى قالوا بأن الرب يتحد بعبده الذي قربه واصطفاه ،بعد أن لم
يكونا متحدين ،أما أصحاب وحدة الوجود فإنهم يقولون بأن الرب ما زال هو العبد وغيره من المخلوقات ،
ليس هو غيره .
الوجه الثاني :أن اليهود والنصارى خصوا التحاد بمن عظموه ،كقول النصارى في المسيح ،أما
أصحاب وحدة الوجود فإنهم جعلوا التحاد ساريًا في كل شيء ،حتى في الكلب والخنازير والقذار
والوساخ.
@@58
وإذا كان ال جل وعل أخبر بكفر النصارى ،الذين قالوا بأن ال هو المسيح ابن مريم ،كما في قوله
تعالى ):لقد كفر الذين قالوا إن ال هو المسيح ابن مريم ( #سورة المائدة ،الية ،#.17فكيف بأصحاب
وحدة الوجود ،الذين قالوا بأن ال هو الكفار والمنافقون والصبيان والمجانين والنجاس والحيوانات ،وكل
شيء؟! #انظر مجموع فتاوى شيخ السلم ابن تيمية . #.2/172،173،176،178
يقول شيخ السلم ابن تيمية " :وإذا كان ال قد رد قول اليهود والنصارى ،لما قالوا ) :نحن أبناؤا
ال وأحباؤه( #سورة المائدة ،الية ، #.18وقال لهم ) :قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق (
#سورة المائدة ،الية #.18الية ،فكيف بمن يزعم أن اليهود والنصارى هم أعيان وجود الرب الخالق ،
ليسوا غيره ،ول سواه ،...واعلم أن هؤلء لما كان كفرهم ،في قولهم " :إن ال هو مخلوقاته كلها ،وأعظم
من كفر النصارى بقولهم ) :إن ال هو المسيح ابن مريم ( ،والنصارى ضلل ،أكثرهم ل يعقلون مذهبهم
في التوحيد ؛ إذ هو شيء متخيل ،ل يعلم ول يعقل ،حيث يجعلون الرب جوهرًا واحدًا ،ثم يجعلونه ثلثة
جواهر ،ويتأولون بتعدد الخواص والشخاص التي هي القانيم ،والخواص عندهم ليست جواهر ،
فيتناقضون مع كفرهم ،كذلك هؤلء الملحدة التحادية ،أكثرهم ل يعلون قول رؤوسهم ول يفقهونه ،وهم
في ذلك كالنصارى ،كلما كان الشيخ أحمق وأجهل كان بال أعرف ،وعندهم أعظم "#مجموع فتاوى شيخ
السلم ابن تيمية ،2/173،174وانظر ص . #.279
@@59
وفي موضع آخر ذكر – رحمه ال – أن "ما يقوله أهل التحاد ،من أنه ما تم موجود إل ال ،
ويقولون :ليس إل ال ،أي ليس موجود إل ال ،ويقولون :إن وجود المخلوقات هو وجود الخالق ،
والخالق هو المخلوق ،والمخلوق هو الخالق ،والعبد هو الرب والرب هو العبد ،ونحو ذلك من معاني
التحادية ،الذين ل يفرقون بين الخالق والمخلوق ،ول يثبتون المباينة بين الرب والعبد ،ونحو ذلك من
المعاني " إلحاد وضلل ،يجب أن يستتاب قائله ؛ فإن تاب وإل قتل #انظر المصدر السابق ، 2/490
وحقيقة مذهب التحاديين أو وحدة الوجود وبيان بطلنه ص . #.4،5
ثم يبين رحمه ال خطورة مقالت الحلولية والتحادية ،ووجوب إنكارها فيقول " :فهذه المقالت
وأمثالها من أعظم الباطل ...والواجب إنكارها ؛ فإن إنكار هذا المنكر الساري في كثير من المسلمين أولى
من إنكار دين اليهود والنصارى ،الذي ل يضل به المسلمون ،ل سيما وأقوال هؤلء شر من قول اليهود
والنصارى ،ومن عرف معناها واعتقدها كان من المنافقين الذين أمر ال بجهادهم بقوله تعالى ) :جاهد
الكفار والمنافقين واغلظ عليهم( #سورة التوبة ،الية ، #.73والنفاق إذا عظم كان صاحبه شرًا من كفار
أهل الكتاب ،وكان في الدرك السفل من النار .
وليس لهذه المقالت وجه سائغ ، ...ويجب بيان معناها وكشف مغزاها لمن أحسن الظن بها ،أو
خيف عليه أن يحسن الظن بها وأن يضل ؛ فإن ضرر هذه على المسلمين أعظم من ضرر السموم التي
يأكلونها ول يعرفون أنهم سراق وخونة؛ فإن هؤلء غاية ضررهم موت النسان أو ذهاب ماله ،وهذه
مصيبة في دنياه ،قد
@@60
تكون سبًبا لرحمته في الخرة ،وأما هؤلء فيسقون الناس شراب الكفر واللحاد في آنية أنبياء ال وأوليائه،
ثياب المجاهدين في سبيل ال ،وهو في الباطن من المحاربين ل ورسوله ،ويظهرون كلم الكفار والمنافقين
في قوالب ألفاظ أولياء ال المحققين"#مجموعة الرسائل والمسائل ،1/130ومجموع فتاوى شيخ السلم
ابن تيمية #.360 ،2/359
وقال السيوطي )ت 911هـ(" :القول بالحلول والتحاد ،الذي هو أخو الحلول أول من قال به النصارى إل
أنهم خصوه بعيسى عليه السلم ،أو به وبمريم أمه ،ولم يعدوه إلى أحد ،وخصوه باتحاد الكلمة دون
الذوات ،...وأما المتوسمون بسمة السلم فلم يبتدع أحد فيهم هذه البدعة وحاشاهم ،...غير أن طائفة من
غلة المتصوفة نقل عنهم أنهم قالوا بمثل هذه المقالة ،وزادوا على النصارى في تعدية الحلول ،والنصارى
قصروه على واحد؛ فإن صح ذلك عنهم زادوا في الكفر على النصارى"#الحاوي للفتاوي ص #.129
فأئمة الهدى ومشايخ السلم وعلماء المة" ،كل هؤلء ل متفقون على تكفير هؤلء" الحلولية والتحادية
وأصحاب وحدة الوجود ،ومتفقون على أن "ال سبحانه ليس هو خلقه ،ول جزًءا من خلقه ،ول صفة لخلقه،
بل سبحانه وتعالى مميز بنفسه المقدسة ،بائن بذاته المعظمة عن مخلوقاته ،وبذلك جاءت الكتب الربعة
اللهية ،من التوراة والنجيل والزبور والقرآن ،وعليه فطر ال تعالى عباده ،وعلى ذلك دلت العقول" ،أما
هؤلء الحلولية والتحادية ،فهم "مقدمة الدجال العور الكاذب ،الذي يزعم أنه هو ال"#انظر :مجموعة
الرسائل والمسائل #.1/186
@@61
ل ،أو يحمله شبهة أو شّكا ،أو يقدم عليه آراء الرجال،
والتصديق ،دون أن يعارضه بخيال باطل يسميه معقو ً
وزبالة أذهانهم ،فيوحده بالتحكيم والتسليم والنقياد ول إذعان ،كما وحد المرسل بالعبادة والخضوع والذل
والنابة والتوكل ،فهما توحيدان ل نجاة للعبد من عذاب ال بهما :توحيد المرسل ،وتوحيد متابعة الرسول،
فل يحاكم إلى غيره ،ول يرضى بحكم غيره ،ول يقف تنفيذ أمره ،وتصديق خبره على عرضه على قول
شيخه وإمامه ،وذوي مذهبه طائفته ،ومن يعظمه ،...بل إذا بلغه الحديث الصحيح يعد نفسه كأنه سمعه من
رسول ال صلى ال عليه وسلم...الفرض والمبادرة إلى امتثاله ،من غير التفات إلى سواه"#شرح العقيدة
الطحاوية . #.1/227،228،229
ومن أراد النجاة فليوحد ال في ألوهيته ،فل معبود بحق إل ال تعالى ،وفي ربوبيته ،فل رب سواه ،ول
خالق ول مالك ول متصرف سواه ،وفي أسمائه وصفاته ،فهو وحده المتصف بصفات الكمال ،المنزه عن
كل نقص ،من غير تمثيل ول تكييف ،ول تحريف ول تعطيل ،وليعتقد أن ال تعالى كان ول شيء نعه ،وهو
الول قبل كل شيء ،والخر بعد كل شيء ،ليس لوليته ابتداء ،ول لخرته انقضاء) ،هو الول والخر
والظاهر والباطن(#سورة الحديد الية ،#3وقال تعالى) :كل من عليها فان ،ويبقى وجه ربك ذو الجلل
والكرام(#سورة الرحمن ،اليتان ، #.27،26لم يزل ربنا عز وجل ول يزال ،وكان أبًدا عالًما سميًعا
بصيًرا#انظر الحجة في بيان المحجة ،#.2/426وليقف العاقل مريد النجاة حيث جاء النص الشرعي،
وليحذر مجاوزته ،فقد ورد عن النبي صلى ال عليه وسلم أنه
@@64
@@65
"وقال علماء السلف :السنة :العمل بالكتاب والسنة ،والقتداء بصالح السلف واتباع الثر ،قالوا :ل يستحي
إذا سئل عما ل علم له به وأن يقول :ل أعلم"#الحجة في بيان المحجة #.2/428
وقد ذكر أهل العلم أن الرجل إذا طعن في الثار الثابتة ،فينبغي أن يتهم في دينه ،فغن المسلم الحق يترك
البحث عما لم يحط عقله به من المسائل التي لم يتكلم فيها المتقدمون ،من أئمة الحق والعلم ،ولم يخوضوا
فيها ،وهم أعلم بالتنزيل والتأويل ،ومنهم أخذ العلم ،وبهم يقتدى ،وعليه أن يطلب الحق ويبحث عنه ،فإذا
ل عن الطعن فيه أو تقديم العقل أو الهوى عليه،
وجده آمن به وسلم له ،ولم يتردد في قبوله ،فض ً
أورده#انظر المصدر السابق ص #.428،429
ولهذا قال الئمة المتبعون للهدى" :ل نرى أحًدا مال إلى هوى ،أو بدعة ،إل وجدته متحيًرا ،ميت القلب،
عا من النطق بالحق ،وقالوا :الكلم في الرب عز وجل بدعة ،لنه ل يجوز أن يتكلم في الرب عز ممنو ً
وجل إل بما وصف به نفسه في القرآن ،وما بينه رسول ال صلى ال عليه وسلم ،وهو جل ثناؤه الول بل
ابتداء والخر بل انتهاء ،يعلم السر وأخفى ،وعلى العرش استوى ،علمه بكل مكان قد أحاط بكل شيء علًما،
)ليس كمثله شيء وهو السميع البصير( #سورة الشورى ،الية .#.11
ول شك أم من لم يسلم ل تعالى ولرسوله صلى ال عليه وسلم "نقض توحيده؛ فإنه يقول برأيه وهواه ،أو
يقلد ذا رأي وهوى ،بغير هدى من ال ،فينقص من توحيده بقدر خروجه عما جاء به الرسول صلى ال عليه
وسلم ،فإنه قد اتخذ في ذلك إلهًا غير ال ،قال
@@66
تعالى) :أفرءيت من اتخذ إلهه هواه(#سورة الجاثية الية ، #.23أي عبد ما تهواه نفسه"#شرح العقيدة
الطحاوية .#أما من اعتقد حلول ال تعالى في بعض خلقه؛ فإنه قد اتخذ هواه ،ومن يعظم آلهة وأرباًبا.
ومن المعلوم أن أركان اليمان ستة ،وهي اليمان بال وملئكته وكتبه ورسله واليوم الخر واليمان بالقدر
خيره وشره#كما جاء في حديث جبريل ،أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب اليمان ،باب سؤال جبريل
النبي صلى اله عليه وسلم ،50وكتاب التفسير ،باب )إن ال عنده علم الساعة( ح ،4777ومسلم ،كتاب
اليمان ،باب بيان اليمان والسلم والحسان...ح ،#.8فأول هذه الركان هو اليمان بال تعالى ،ويدخل
فيه اليمان بما أخبر ال به في كتابه ،وتواتر عن رسوله صلى ال عليه وسلم ،وأجمع عليه سلف المة ،من
أنه سبحانه وتعالى فوق سماواته ،مستو على عرشه ،علي على خلقه ،وهو عز وجل معهم أينما كانوا ،بعلمه
واطلعه ،يعلم ما هم عاملون#انظر مجموع فتاوى شيخ السلم ابن تيمية ،#.3/142فيجب على المسلم
الذي يخاف ال واليوم الخر ويرجو ال وما عنده أن يسارع إلى اليمان بذلك التسليم المطلق لنصوص
الوحي ،دون مخالفة أو مجادلة.
وجوب تعظيم ال تعالى وتنزيهه:
يبين ال تعالى عظمته وعلو منزلته راّدا على المخلفين ،داعًيا المؤمنين إلى تعظيمه فيقول) :ما قدروا ال
حق قدره( ،وذلك في ثلثة مواضع من كتابه ،وهي:
قوله تعالى) :وما قدروا ال حق قدره إذ قالوا ما أنزل ال على بشر من شيء(#سورة النعام ،الية ،#.91
وقوله تعالى) :ضعف الطالب والمطلوب ،وما قدروا ال حق قدره( #سورة الحج ،اليتان ،#.73،74
وقوله تعالى) :وما قدروا ال حق قدره والرض جميًعا
@@67
قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون(#سورة الزمر ،الية .#.67
يقول عز وجل )وما قدروا ال حق قدره( ليثبت ما أنزل على رسله ،كما في الية الولى ،وليثبت وحدانيته،
وأنه ل يستحق العبادة إل هو ،كما في الية الثانية /وليثبت عظمته في نفسه ،وما يستحقه من الصفات ،كما
في الية الثالثة .واليات الثلث ذم للكفار الذين ما قدروه حق قدره ،فدل ذلك على أنه يجب على كل مسلم
أن يقدر ال حق قدره ،وأن يؤمن بأن ال تعالى له قدر عظيم ،فقد ثبت في حديث عبد ال بن مسعود رض
ال عنهما أن النبي صلى ال عليه وسلم ،ذكر له بعض اليهود أن ال يحمل السماوات على أصبع وسائر
الخلق على أصبع ،فضحك رسول ال صلى ال عليه وسلم تعجًبا وتصديًقا لقول اليهودي ،فقرأ صلى ال
عليه وسلم قوله تعالى) :وما قدروا ال حق قدره والرض جميًعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات
بيمينه(#الحديث أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب التوحيد ،باب قوله تعالى )لما خلقت بيدي( ح
7415ومسلم في كتاب صفة القيامة والجنة والنار ،ح .#.2786
وهذا يقتضي أن عظمة ال عز وجل أعظم مما وصف ذلك اليهودي؛ فغن الذي في الية ابلغ ،وقد روى أبو
هريرة رضي ال عنه عن النبي صلى ال عليه وسلم أنه قال" :يقبض ال يوم القيامة ،ويطوي السماء
بيمينه ،ثم يقول :أنا الملك أين ملوك الرض"#الحديث أخرجه البخاري ،كتاب التوحيد باب قوله تعالى )لما
خلقت بيدي( ،ح ،7412وأخرجه مسلم ،كتاب صفة المنافقين ح .#.2787
ل للخالقوقوله تعالى في آخر الية السابقة) :سبحانه وتعالى عما يشركون( يدل على أن من جعل مخلوًقا مث ً
في أي شيء من الشياء ،مثل أن يصفه بما يوصف به الخالق فهو مشرك قد سوى بين ال وبين مخلوقاته
في ذلك الشيء .فعدل بربه ،والرب ل كفؤ له ،ول سمي له ،ول مثل له ،فمن زعم بأنه تعالى يحل في شيء
من مخلوقاته فقد وصف المخلوق باللوهية ،ووقع في الشرك الكبر#انظر الفرقان بين الحق والباطل ص
.#.106– 104
فاصل عبادته سبحانه وتعالى" :معرفته بما وصف به نفسه ،في كتابه وما وصفه به رسله ،من غير تحريف
ول تعطيل ،ومن غير تكييف ول تمثيل" ،والذين ينكرون ذلك ،أو بعضه ،أو يمثلونه بخلقه ،أو يزعمون
حلوله في بعض المكنة ،أو كلها ،ما قدروه حق قدره ،وما عرفوه حق معرفته ،ول وصفوه حق صفته ،ول
عبدوه حق عبادته#انظر المصدر السابق ص .#.104
وال سبحانه ليس له صفة يماثله فيها فيره؛ فإنه سبحانه له المثل العلى في السماوات والرض ،فهو أحق
من غيره بصفات الكمال ،وأحق من غيره بالتنزيه عن صفات النقص ،وقد ذكر ال "قصة فرعون في
القرآن ،في غير موضع؛ لحتياج الناس إلى العتبار بها؛ فإنه حصل له من الملك ،ودعوى الربوبية
واللهية والعلو ،ما لم يحصل مثله لحد من المعطلين ،وكانت عاقبته إلى ما ذكر ال تعالى#انظر المصدر
السابق ص #.107؛ فليتق ال أصحاب الحلول وأشباههم ،ممن لم يقدر ال حق قدره؛ إذ لم ينزه ال عن
الخسائر والقاذورات ،وعطل ال من علوه واستوائه على عرشه ومباينته لخلقه.
@@69
ولو أن هؤلء الحلولية وأمثالهم رجعوا إلى فطرهم ،وما ركبت عليهم خلقتهم ،في معرفة الخالق عز وجل،
وتعظيمه ،لعلموا أن ال تعالى هو العلي ،وهو العلى ،وأنه له كمال الفوقية والعلو ،وأن القلوب عند ذكره
تسمو وترتفع إلى أعلى ،واليدي ترفع بالدعاء ،ومن العلو يرجى الفرج ،ويتوقع النصر ،وينزل
الرزق#انظر تأويل مختلف الحديث ص .#.252
ولهذا قال بعض أهل العلم بأن نفي كون ال على العرش ل يعرف إل ممن هو مأبون في عقله ودينه عند
المة ،بل غالبهم أو عامتهم قد حصل منهم نوع ردة عن السلم#انظر بيان تلبيس الجهمية .#.2/63
وليس في كتاب ال تعالى ،ول في سنة الرسول صلى ال عليه وسلم ،ول عن أحد من سلف هذه المة ،ل
من الصحابة ول من التابعين لهم بإحسان ،ول عن الئمة الذين أدركوا زمن الهواء والختلف حرف
صا ،ول ظاهًرا" ،ولم يقلواحد يخالف القول بعلو ال على خلقه ،واستوائه على عرشه ،فوق سماواته ،ل ن ّ
أحد منهم قط أن ال ليس في السماء ،ول أنه ليس على العرش ،ول أنه بذاته في كل مكان ،ول أن جميع
المكنة بالنسبة إليه سواء ،ول أنه داخل العالم ول خارجه ،ول أنه ل متصل ول منفصل ،ول أنه تجوز
الشارة الحسية إليه ،بالصابع ونحوها ،بل قد ثبت في الصحيح عن جابر بن عبد ال أن النبي صلى ال
عليه وسلم لما خطب خطبته العظيمة ،يوم عرفات ،في أعظم مجمع حضره الرسول صلى ال عليه وسلم،
جعل يقول" :أل هل بلغت" ،فيقولون :نعم ،فيرفع أصبعه إلى السماء ،ثم ينكبها إليهم ،ويقول" :اللهم
اشهد"#سبق تخريجه في التمهيد ،#.غير مرة ،وأمثال ذلك كثيرة"#مجموع فتاوى شيخ السلم ابن تيمية
5/15وانظر شرح العقيدة الواسطية ص . #.331 ،330
@@70
وعن أنس رضي ال عنه قال :أصابنا ونحن مع رسول ال صلى ال عليه وسلم مطر ،فخرج رسول ال
صلى ال عليه وسلم ،فحسر عن ثوبه حتى أصابه ،فقلنا يا رسول ال :لم صنعت هذا؟ قال" :لنه حديث عهد
بربه"#أخرجه مسلم في صحيحه ،كتاب صلة الستسقاء ،باب الدعاء في الستسقاء ح ،#.898فلو كان
على ما يقوله الحلولية ،من أن ال في كل مكان ،ما كان المطر أحدث عهًدا بربه ،من غيره من المياه#انظر
الرد على الجهمية ص .#.25
من آثار اليمان بعلو ال تعالى#ثمرات اليمان بعلو ال تعالى كثيرة وعظيمة ،كيف واليمان بذلك من
ل#.أصول الدين ،وإنما المراد هنا الشارة إلى عظم ثمرة ذلك إجما ً
لليمان بعلو ال تعالى آثار عظيمة ،فهو يبعث على العبادة والسكينة والطمأنينة والشجاعة ،فمن يعتقد ذلك
تستقيم له العبودية ،ويشعر بعلو وعظمة من يلجأ إليه ،ويدعوه ،ويستغيث به ،بخلف ما ينفي العلو ،ول
يدري أين ربه ،أو يقال له بأن ربك في كل شيء ،أو حال في بعض الشخاص؛ فإن قلبه يكون مشتًتا،
وتخف في نفسه عظمة الرب ،فتضعف عبادته ،فيضطرب ويتحير.
يقول ابن القيم )ت 751هـ( " :وأما عبوديته باسمه )الظاهر( ،كما فسره النبي صلى ال عليه وسلم بقوله:
"وأنت الظاهر فليس فوقك شيء ،وأنت الباطن فليس دونك شيء"#أخرجه مسلم في صحيحه ،كتاب الذكر
والدعاء ،باب الدعاء عند النوم ح #.2713؛ فإذا تحقق العبد عله المطلق على كل شيء بذاته وأنه ليس
شيء فوقه ألبتة ،وأنه قاهر فوق عباده) ،يدبر المر من السماء إلى الرض ثم يعرج إليه(#سورة السجدة،
الية ) ،#.5إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه(#سورة فاطر ،الية ،#.10صار لقبله أمًما#أي
مقصوًدا ،واصلها من الم وهو القصد ،انظر لسان العرب ،103 ،1/101والمعجم الوسيط ص #.27
يقصده ،ورّبا يعبده ،وإلهًا يتوجه إليه ،بخلف من ل يدري أين ربه؛ فإنه
@@71
ضائع مشتت القلب ،ليس لقلبه قبلة يتوجه نحوها ،ول معبود يتوجه إليه قصده ،وصاحب هذه الحال إذا سلك
وتأله وتعبد ،طلب قلبه إلًها يسكن إليه ،ويتوجه إليه ،وقد اعتقد أنه ليس فوق العرش شيء إل العدم ،وأنه
ليس فوق العالم إله يعبد ،ويصلى له ويسجد ،وأنه ليس على العرش من يصعد إليه الكلم الطيب ،ول يرفع
إليه العمل الصالح ،جال قلبه في الوجود جميعه ،فوقع في التحاد ،ول بد ،وتعلق قلبه بالوجود المطلق
الساري في المعينات ،فاتخذه إلهه من دون الله الحق ،وظن أن ه قد وصل إلى عين الحقيقة ،وإنما تأله
وتعبد لمخلوق مثله ،أو لخيال نحته بفكره ،واتخذه إلًها من دون ال ،وإله الرسل وراء ذلك كله) :،إن ربكم
ال الذي خلق السماوات والرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر المر ما من شفيع إل من بعد
إذنه ذلكم ال ربكم فاعبدوه أفل تذكرون(#سورة يونس ،الية ،.....#.3فقد تعرف سبحانه إلى عباده
بكلمه معرفة ل يجحدها إل من أنكره سبحانه ،وإن زعم أنه مقر به.
والمقصود أن التعبد باسم )الظاهر( يجمع القلب على المعبود ،ويجعل له رّبا يقصده ،وصمًدا يصمد إليه في
حوائجه ،وملجأ يلجأ إليه ،فإذا استقر ذلك في قلبه ،وعرف ربه باسمه )الظاهر( ،استقامت له عبوديته،
وصار له معقل وموئل يلجا إليه ،ويهرب إليه ،ويفر كل وقت إليه"#طريق الهجرتين وباب السعادتين ص
.#.22،23
فالدلة على ذلك من كتاب ال تعالى وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم كثيرة جّدا ،ذكرتها إجمالً في
التمهيد ،مما لعله يغني عن العادة حذًرا من التكرار.
يقول أبو سعيد الدارمي )ت 280هـ( بعد أن تحدث عن علو ال تعالى" :وظاهر القرآن وباطنه#لعله أراد
أن بعض اليات يفهم منها تقرير العلو إثباته مباشرة ،دون تعمق أو دراسة لتفسيرها وبعضها عند تأمل
تفسيره يتبين منه دللته على العلو ،وهو ما أراده بباطن القرآن ،وليس للقرآن باطن يخالف ظاهره ، #.كله
يدل على ذلك ل لبس فيه ،ول تأويل إل لمتأول جاحد ،يكابر الحجة وهو يعلم أنها عليه ،..فظاهر القرآن
وباطنه يدل على ما وصفنا من ذلك ،نستغني فيه بالتنزيل عن التفسير ،ويعرفه العامة والخاصة ،فليس منه
لمتأول تأول إل لمكذب به في نفسه ،مستتر بالتأويل"#الرد على الجهمية ص .#.22
ويقول رحمه ال" :والحاديث عن رسول ال صلى اله عليه وسلم وعن أصحابه والتابعين ،ومن بعدهم ،في
هذا أكثر من أن يحصه كتابنا هذا ،....إن المة كلها والمة السالفة قبلها ،لم يكونوا يشكون في معرفة ال
تعالى أنه فوق السماء ،بائن من خلقه ،غير هذه العصابة الزائغة عن الحق ،المخالفة للكتاب ،وأثارات العلم
حا لعلي أبلغ
كلها ،حتى لقد عرف ذلك كثير من كفار المم وفراعنتهم) ،وقال فرعون يا هامان ابن لي صر ً
السباب ،أسباب السماوات فاطلع إلى إله موسى(#سورة غافر ،اليتان ، #.36،37وذلك لما أن النبياء
عليهم السلم كانوا يدعونهم إلى ال بذلك"#الرد على الجهمية ص ،32 ،31وانظر رد المام الدارمي
عثمان بن سعيد على بشر المريسي العنيد ص #.96
@@73
وبعد أن عقد الدرامي باًبا ذكر فيه الدلة على استواء الرب تبارك وتعالى على العرش ،وارتفاعه إلى
السماء ،وبينونته من الخلق ،والرد على الحلولية قال رحمه ال" :فهذه الشياء التي اقتصصنا في هذا الباب،
قد خلص علم كثير منها على النساء والصبيان ،ونطق بكثير منها كتاب ال تعالى ،وصدقته الثار عن
رسول ال صلى ال عليه وسلم ،وعن أصحابه والتابعين ،وليس هذا من العلم الذي يشكل على أحد من
العامة والخاصة ،غل على هذه العصابة الملحدة في آيات ال ،لم يزل العلماء يروون هذه الثار
ويتناسخونها ،ويصدقون بها على ما جاءت ،حتى ظهرت هذه العصابة ،فكذبوا بها أجمع ،وجهلوهم،
وخالفوا أمرهم ،خالف ال بهم....
فمن آمن بهذا القرآن الذي احتججنا منه بهذه اليات ،وصدق هذا الرسول الذي روينا عنه هذه الروايات،
لزمه القرار بأن ال بكماله فوق عرشه ،فوق سماواته ،وإل فليحتمل قرآًنا غير هذا؛ ف،ه غير مؤمن
بهذا"#الرد على الجهمية ص .#.36-33
ومما يرد به على الحلولية والتحادية قوله تعالى) :سبح ل ما في السماوات والرض وهو العزيز
الحكيم(#سورة الحديد ،الية ، #.1فجميع ما في السماوات والرض يسبح ل ،ليس هو ال ،ثم قال تعالى:
)له ملك السماوات والرض يحيي ويموت وهو على كل شيء قدير ،هو الول والخر والظاهر والباطن
وهو بكل شيء عليم(#سورة الحديد ،اليتان ، #.3 ،2وقد أجمع سلف المة وأئمتها على أن الرب تعالى
بائن من
@@74
مخلوقاته ،يوصف بما يوصف به نفسه ،وبما وصفه به رسول ال صلى ال عليه وسلم ،من غير تحريف
ول تعطيل ،ومن غير تكييف ول تمثيل ،يوصف بصفات الكمال ،دون صفات النقص ،ويعلم أنه ليس كمثله
شيء ،ول كقوله ،في شيء من صفات الكمال ،كما قال ال تعالى) :قل هو ال أحد ،ال الصمد ،لم يلد ولم
يولد ،ولم يكن له كفًوا أحد(#سورة الخلص ،#.قال ابن عباس :الصمد العليم الذي كمل في علمه ،العظيم
الذي كمل في عظمته ،القدير الكامل في قدرته ،الحكيم الكامل في حكمته ،السيد الكامل في سؤدده ،وقال ابن
مسعود وغيره :هو الذي ل جوف له ،والحد :الذي ل نظير له ،فاسمه )الصمد( يتضمن اتصافه بصفات
الكمال ،ونفي النقائض عنه ،واسمه )الحد( يتضمن اتصافه أنه ل مثل له"#الفرقان بين أولياء الرحمن
وأولياء الشيطان ص ،93،95،96وانظر مجموع فتاوى شيخ السلم ابن تيمية ،5/228،229و
،11/248و ،#.17/238،239فكيف بمن يزعم أنه يحل في مخلوقاته ،ل شك أن من قاله فقد فارق
القرآن والسنة.
وال سبحانه وتعالى قد بين في القرآن الكريم أنه فوق سماواته ،وأنه مستو على عرشه ،وأنه بائن من خلقه،
وأن الملئكة تعرج إليه ،وتنزل من عنده ،وأنه رفع المسيح إليه ،وأنه يصعد إليه الكلم الطيب ،إلى سائر ما
دلت عليه النصوص الشرعية الثابتة ،في كتاب ال تعالى وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم ،من مباينته
لخلقه ،وعلوه على عرشه وهي نصوص ظاهرة محكمة ،فيجب رد المتشابه ،أو ما يوهم ذلك إليها.
كما أن ال سبحانه وتعالى قد بين في مواضع من كتابه أنه خلق السماوات والرض وما بينهما ،وأن له ملك
السماوات والرض وما بينهما ،وأن الرض
@@75
قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه ،وأن كرسيه وسع السماوات والرض ،وأنه يمسك السماوات
والرض ،وهي نصوص شرعية صريحة في أن ال تعالى ليس هو عين هذه المخلوقات ،ول صفة لها ،ول
جزًءا منها ،ول حال فيها؛ فإن الخالق غير المخلوق ،وليس بداخل في مخلوقاته ،محصوًرا بها ،بل هي
ل فيها ،فهي
ل لها ول حا ّ
نصوص صريحة في أنه جل وعل مباين لمخلوقاته ،وأنه سبحانه ليس مح ً
نصوص هادية للقلوب والنفوس ،عاصمة لها بإذن ال تعالى من الوقوع فيما وقعت فيه الحلولية من منكر
القول والعتقاد والعمل#انظر مختصر الصواعق المرسلة .#.2/264،265
وإذا قال السلف والئمة وسائر العلماء المعتبرين بأن ال فوق العرش ،وأنه في السماء ،فوق كل شيء،
ل أو ظرًفا ووعاًء ،سبحانه وتعالى عن ذلك، فإنهم ل يقولون بأن هناك شيًئا يحويه أو يحصره ،أو يكون مح ً
بل هو عز وجل فوق كل شيء" ،وهو مستغن عن كل شيء ،وكل شيء مفتقر إليه ،وهو عال على كل
شيء ،وهو الحامل للعرش ولحملة العرش بقوته وقدرته ،وكل مخلوق مفتقر إليه ،وهو غني عن العرش،
وعن كل مخلوق"#انظر مجموع فتاوى شيخ السلم بن تيمية . #.16/100،101
والحلولية سووا بين ال تعالى وخلقه ،إذ زعموا بأن من الخلق من يصبح إلًها ،بحلول الله فيه ،تعالى ال
عن قولهم علّوا كبيًرا ،وقد فرق كتاب ال تعالى بين الخالق والمخلوق في شيء ،فيجعل المخلوق نّدا ومثي ً
ل
للخالق ،قال تعالى) :ومن الناس من يتخذ دون ال أنداًدا يحبونهم كحب ال والذين آمنوا أشد حّبا ل(#سورة
البقرة ،الية ،#.165وقال تعالى) :هل تعلم له سمّيا( #سورة مريم ،الية ،#.65وقال تعالى) :ولم يكن له
كفًوا أحد(#سورة الخلص ،الية ،#4
@@76
وقال سبحانه) :ليس كمثله شيء وهو السميع البصير(#سورة الشورى ،الية ،#.11وضرب ال تعالى
المثال في القرآن الكريم على من لم يفرق بين الخالق والمخلوق ،بل عدل بربه ،وسوى بينه وبين خلقه،
كما قال أصحاب النار وهم يصطرخون فيها) :تال إن كنا لفي ضلل مبين ،إذ نسويكم برب
العالمين(#سورة الشعراء ،اليتان ،#.98 ،97وقال تعالى) :أفمن يخلق كمن ل يخلق أفل تذكرون ،وإن
تعدوا نعمة ال ل تحصوها إن ال لغفور رحيم ،وال يعلم ما تسرون ما تعلنون ،والذين يدعون من دون ال
ل يخلقون شيًئا وهم يخلقون ،أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون(#سورة النحل ،اليات – 17
، #.21فهو جل وعل الخالق العليم الغفور الرحيم ،الحق الحي الذي ل يموت ،ومن سواه ل يخلق شيًئا،
كما قال تعالى) :إن الذين تدعون من دون ال لن يخلقوا ذباًبا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيًئا ل
يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب ،وما قدروا ال حق قدره(#سورة الحج ،اليتان ،#.74،73فهذا
مثل ضربه ال تعالى؛ فإن الذباب من أصغر الموجودات وأحقرها ،وكل من يدعى من دون ال ،ومن تعتقد
الحلولية أن الله حل فيهم فأصبحوا آلهة ،ل يخلقون ذباًبا ول يقدرون على انتزاع ما يسلبهم الذباب ،فهم
عن خلق غيره وعن مغالبته أعجز وأعجز ،فأنى لهم اللوهية#انظر الفرقان بين الحق والباطل ص
.#.8،9،10
@@77
ضا ما ثبت عن معاوية بن الحكم أنه قال :أتيت النبي صلى ال عليه وسلم فقلت: ومما يد به على الحلولية أي ً
يا رسول ال :إن جارية لي ترعى غنًما ،فجئتها ففقدت شاة من الغنم ،فسألتها عنها فقالت :أكلها الذئب،
فأسفت عليها ،وكنت من بني آدم ،فلطمت وجهها وعلي رقبة ،أفأعتقتها؟ فقال لها رسول ال صلى ال عليه
وسلم" :أين ال؟" قالت :في السماء ،قال :من أنا؟" قالت :أنت رسول ال ،قال" :أعتقها فإنها مؤمنة"#أخرجه
مسلم ،كتاب المساجد ومواضع الصلة ،باب تحريم الكلم في الصلة ،ونسخ ما كان من إباحته ح
. #.537
وقد احتج المام محمد بن إدريس الشافعي )ت 204هـ( بهذا الحديث ،في مسألة إعتاق الرقبة المؤمنة في
الكفارة ،وأن غير المؤمنة ل تصح الكفارة بها#انظر كتاب الم ، #.5/266،267
@@78
والرسول صلى ال عليه وسلم حكم بإسلمها لما أقرت بأن ربها في السماء ،وعرفة بها بصفة العلو
والفوقية.
يقول أبو عثمان الصابوني )ت 449هـ(" :وإنما احتج الشافعي رحمة ال عليه ،على المخالفين في قولهم
بجواز إعتاق الرقبة الكافرة في الكفارة بهذا الخبر ،لعتقاده أن ال سبحانه فوق خلقه ،وفوق سبع سماواته
على عرشه ،كما معتقد المسلمين من أهل السنة والجماعة ،سلفهم وخلفهم ،إذ كان رحمه ال ل يروي خبًرا
حا ثم ل يقول به"#عقيدة السلف وأصحاب الحديث ص . #.188 صحي ً
عليم بما يفعلون ،وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون ال ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل الكتاب ل
ريب فيه من رب العالمين ،أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون ال إن كنتم
صادقين ،بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله( #سورة يونس ،اليات .#.39-34
فهؤلء المشركون مثلوا المخلوق بالخالق ،وهذا من تكذيبهم إياه ،ولم يكونوا يسوون بين أصنامهم وبين ال
في كل شيء ،وإنما كانوا يؤمنون بأن ال هو الخالق الرازق المالك؛ وهم مخلوقون مملوكون له ،ولكنهم
كانوا يسوون بينه تعالى وبين أصنامهم في المحبة والتعظيم والدعاء والعبادة والنذر لها ،ونحو ذلك من
خصائص الربوبية ،فكيف بمن يعتقد حلول الرب في كل المخلوقات أو بعضها؟ فإنهم اشد مساواة وعد ً
ل
لمعظميهم بال تعالى ،ومن عدل بال وغيره شيء من خصائصه عز وجل فهو مشرك ،بخلف من ل يعدل
به ،ولكن يذنب مع اعترافه بان ال تعالى وحده ربه وإلهه#انظر الفرقان بين الحق والباطل ص #.12 ،11
ضا ،وأكثر المورل شك أن أقوال أهل الحلول والتحاد ونحوهما من أفسد القوال وأكذبها وأعظمها تناق ً
أدلة على نقيضها ،من الدلة النقلية والعقلية لكن قد تشتبه بعض أصولهم على كثير من الناس ،فيظنوا أن
ذلك برهان عقلي معارض للقرآن اللهي ،والحق أن البراهين العقلية تأتي موافقة للقرآن ،ومعاضدة له ،ل
مناقضة ول معارضة ،كما أن دلئل اليات والفاق العيانية تأتي موافقة
@@81
للدلئل القرآنية؛ إذ كانت أدلة الحق شهوًدا صادقين ،وحكاًما ل يثبت عندهم إل الحق المبين ،ومن المعلوم
أن أخبار الصادقين ،وشهاداتهم ،وإثباتاتهم تتفاوت وتتعاضد وتتساعد ،ل تتناقض ول تتعارض.
ل ،وإن حصل لبعضهم شأن ل ،وأعظمهم جه ً أما الحلولية ،من الجهمية ونحوهم فهم أفسد الناس عق ً
وسلطان ،كما حصل لفرعون ونمرود بن كنعان ونحوهما؛ ولهذا وصف ال هؤلء وأشباههم بأنهم ل
يسمعون ول يعقلون ،ومن تدبر الحقائق ،وتأمل أحوال الخلئق ،وجد أن كل من كان أقرب إلى التصديق
ل ،وأن كل من كان أبعد عن التصديق بما بما جاءت به الرسل والعمل به ،واتباعه ،كان أكمل سمًعا وعق ً
ل ،وأن كل من كان أبعد عن التصديق بما جاءت جاعت به الرسل والعمل به ،واتباعه ،كان أكمل سمًعا وعق ً
به الرسل والعمل به ،واتباعه ،كان أنقص سمًعا وعقل ،وهؤلء الحلولية من هذا النوع الثاني؛ فإنهم قلبوا
حقائق الدلة الشرعية والبراهين العقلية ،فحرفوا اليات ،وبدلوها بالتأويل ،بعد أن أفسدوا العقول بزخارف
الباطيل#انظر درء تعارض العقل والنقل . #.7/83،84
وصدق ال العظيم إذ يقول) :وكذلك جعلنا لكل نبي عدّوا شياطين النس والجن يوحي بعضهم إلى بعض
زخرف القول غروًرا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون ،ولتصغى إليه أفئدة الذين ل يؤمنون
بالخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون ،أفغير ال أبتغي حكًما وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفص ً
ل
والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك
@@82
ل ل مبدل لكلماته وهو السميع العليم(#سورة بالحق فل تكونن من الممترين ،وتمت كلمة ربك صدًقا وعد ً
النعام ،اليات .#.115-112
وقد رد أبو سعيد الدارمي )ت 280هـ( على الحلولية بقوله" :أرأيتم إذ قلتم :هو في كل مكان ،وفي كل
خلق ،أكان ال إلًها واحّدا قبل أن يخلق الخلق والمكنة؟ قالوا :نعم ،قلنا :فحين خلق الخلق والمكنة التي
خلقها بزعمكم ،أو لم يجد بّدا من أن يصير فيها ،أو لم يستغن عن ذلك؟قالوا :بلى ،قلنا :فما الذي دعا الملك
القدوس إذ هو على عرشه في عزه وبهائه بائن من خلقه أن يصير في المكنة القذرة ،وأجواف الناس،
والطير والبهائم ،ويصير في كل زاوية وحجرة ومكان منه شيء؟
لقد شوهتم معبودكم إذ كانت هذه صفته ،وال أعلى وأجل من أن تكون هذه صفته ،فل بد لكم من أن تأتوا
ببرهان بين على دعواكم من كتاب ناطق أو سنة ماضية ،أو إجماع من المسلمين ،ولن تأتوا بشيء منه
أبًدا"#الرد على الجهمية ص #.19 ،18
ثم ساق في معرض الرد عليهم الدلة الدالة على علو ال تعالى واستوائه على عرشه ،ثم قال" :فهل من
حجة أشفى وأبلغ مما احتججنا به عليك من كتاب ال تعالى ،ثم الروايات لتحقيق ما قلنا متظاهرة عن رسول
ال صلى ال عليه وسلم وأصحابه والتابعين"#المصدر السابق ص #.20ثم أشار إلى الدليل الفطري
ل" :ثم إجماع من الولين والخرين ،والعالمين منهم والجاهلين ،أن كل واحد ممن مضى والجماع عليه قائ ً
وممن غير إذ استغاث بال تعالى أو دعاه ،أو سأله ،يمد يديه وبصره إلى السماء ،يدعوه
@ @83
منها ،ولم يكونوا يدعوه من أسفل منهم مت تحت الرض ،ول من أمامهم ،ول من خلفهم ،ول عن أيمانهم
ول عن شمائلهم ،إل من فوق السماء؛ لمعرفتهم بال أنه فوقهم ،حتى اجتمعت الكلمة من المصلين في
سجودهم :سبحان ربي العلى ،ل ترى أحًدا يقول :ربي لسفل"#المصدر السابق ص #.21
ثم يرد عليهم مبدًيا عجبه وتحذيره من مخالفتهم للنصوص الشرعية ،وإجماع المة السلمية ،فيقول" :ويلكم
إجماع من الصحابة ،والتابعين ،وجميع المة ،من تفسير القرآن والفرائض ،والحدود ،والحكام :نزلت آية
كذا في كذا ،ونزلت آية كذا في كذا ،ونزلت سورة كذا في مكان كذا ،ل نسمع أحًدا يقول :طلعت من تحت
الرض ،ول :جاءت من أمام ،ول من خلف ،ولكن كله :نزلت من فوق ،وما يصنع بالتنزيل من هو بنفسه
ل من فوق السماء مع جبريل؛ إذ يقول سبحانه وتعالى) :قل
في كل مكان؟ إنما يكون شبه مناولة ،ل تنزي ً
نزله روح القدس من ربك بالحق(#سورة النحل ،الية ، #.102والرب بزعمكم الكاذب في البيت معه،
وجبريل يأتيه من خارج ،هذا واضح ولكنكم تغالطون ،فمن يقصد بإيمانه وعبادته إلى ال الذي استوى على
العرش فوق سماواته ،وبان من خلقه؛ فإنما يعبد غير ال ،ول يدري أين ال"#الرد على الجهمية ص #.33
.
وقال في موضع آخر" :ومن لم يعرف إلهه فوق عرشه ،فوق سماواته ،فإنما يعبد غير ال ،ويقصد بعبادته
إلى إلهه في الرض ،ومن قصد بعبادته إلى إلهه في الرض كان كعابد وثن ،لن الرحمن على العرش،
والوثان في الرض"#رد المام الدارمي عثمان بن سعيد على بشر المريسي العنيد ص #.95
@@84
عجًبا لمر الحلولية والتحادية وأصحاب وحدة الوجود ،كيف يزعمون انه حال في كل مكان ،وأنه موجود
في كل الوجود فيه منازل خربة ،ودور ملهي ،وحشوش ،ومرابض بهائم ،ومراحيض ،وبيوت للبغايا
والراقصات ،فهل يليق العتقاد بأن ال موجود في هذه المكنة؟ حاشا وكل ،سبحانه وتعالى عما يصفه
بالحلولية ونحوهم#انظر صراع بين الحق والباطل ص #.176
ل ،وليس بأيديهم يقول ابن حزم )ت 456هـ( رّدا على فرق الحلولية" :وكل هذه الفرق ل تتعلق بحجة أص ً
إل دعوى اللهام والقحة والمجاهرة بالكذب ،ول يلتفتون إلى مناظرة ،ويكفي في الرد عليهم أن يقال لهم :ما
ضا فإن جميع فرق الفرق بينكم وبين من ادعى أنه ألهم بطلن قولكم؟ ول سبيل إلى النفكاك من هذا ،وأي ً
السلم متبرئة منهم ،مكفرة لهم ،مجمعون على أنهم على غير السلم ،نعوذ بال من الخذلن...
ضا فإن قولهم :في كل مكان ،خطأ ،لنه ل يلزم بموجب هذا القول ،أنه يمل الماكن كلها ،وأن يكون ما وأي ً
في الرض فيه ال ،تعالى ال عن ذلك ،وهذا محال ،...فل يجوز أن يطلق القول بأن ال تعالى في كل
مكان ،ل على تأويل ول غيره#"..الفصل في الملل والهواء والنحل #.2/114،115،123
ويلزم من كلم الحلولية إلغاء الرسالة برمتها ،وما جاءت به ،وأنه ل فائدة من الرسل والنبياء ،لن ذات ال
حلت في خلقه – على زعمهم – وبذلك انعدمت الفوارق بين ال والخلق ،فل حاجة للرسل والرسالت#انظر
الغلو والفرق الغالية ص ،128وحركة الغلو وأصولها الفارسية ص #.26
فالحلول باطل؛ لنه يستلزم افتقار الخالق إلى المخلوق الذي حل فيه ،كما يستلزم "إمكان الحال" ،وقدم
جا إليه
المحل ،وانقلب الغني عن الشيء محتا ً
وكذلك يستلزم النقسام والصغر والحقارة؛ إذ زعموا حلوله في جميع العضاء ،وأصغرها ،وأرذلها#انظر
شرح المقاصد #.2/51،50
يقول شيخ السلم ابن تيمية" :وكل من وقع بنوع من الحلول لزم افتقار الخالق إلى غيره ،واستغناء غيره
جا إليه بوجه من الوجوه امتنع الحلول ،سواء قيل :إن الحال قائم عنه؛ فإن الحال في غيره إن لم يكن محتا ً
بنفسه أو بغيره.
ل ،ل كحلول الجسام ،ول العراض ،وحينئذ ل يلزم افتقاره فيه إلى غيره، فإن قال الحلولي :أنا أثبت حلو ً
قيل :هذا ل حقيقة له ،وهو كقول من قال :اثبت قيامه بغيره ،من غير احتياج إلى ذلك المحل الذي من شأنه
سا له ول مبايًنا أن يقوم ما قام فيه؛ لن قيامه بالغير ليس كقيام الجسام والعراض ،وأثبته في غيره ل مما ّ
له"#درء تعارض العقل والنقل ،10/287،288وانظر #.150،158،159 ،6/149
ويقول شيخ السلم ابن تيمية" :فإذا رأيت الدلئل اليقينية تدل على أن ما أخبر به الرسول ل يناقض
العقول ،بل يوافقها ،وأن ما ادعاه النفاة من مناقضة البرهان لمدلول القرآن قول باطل ،فل تعجب من كثرة
أدلة الحق ،وخفاء ذلك على كثيرين؛ فإن دلئل الحق كثيرة ،وال يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ،وق
لهذه العقول التي خالفت الرسول ،في مثل هذه الصول :عقول كادها باريها ،واتل قوله تعالى) :وجعلنا لهم
سمًعا وأبصاًرا وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ول أبصارهم ول أفئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون بآيات ال
وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون(#سورة الحقاف ،الية #".. #.26درء تعارض العقل والنقل
#.7/84،85وهكذا يقال لطوائف الحلولية التي عميت أسماعهم وأبصارهم وأفئدتهم عن الحق ،نسأل ال
الهداية والتوفيق.
@@86
الخاتمة:
الحمد ل الذي أعان على هذا البحث بالتمام ،والصلة والسلم على نبينا محمد خير النام ،وعلى آله
وصحبه ،وكل من اتخذه القدوة والمام.
وبعد:
فقد جلى هذا البحث أموًرا مهمة ،ومسائل جديرة بالشارة ،من أهمها:
أنه يجب على كل مسلم أن يقدر ال حق قدره ،ومن ذلك اليمان بأسمائه وصفاته الثابتة له -1
سبحانه وتعالى ،في الكتاب والسنة ،وأن يجعلهما المصدر الوحيد لتلقي العقيدة.
يجب أن ينزه ال عن جميع النقائص ،فينفي عنه سبحانه كل ما نفي عنه في الكتاب والسنة، -2
وأن يعتقد بأنه عز وجل منزه عن كل نقص.
أن من أصول اليمان التي يجب على كل مسلم اعتقادها ،اليمان بأن ال تعالى فوق -3
سماواته ،مستو على عرشه ،عال على خلقه ،بذاته وقدره وسلطانه ،كما دلت على ذلك الدلة النقلية
والعقلية والفطرية وإجماع المسلمين.
لقد ضلت طوائف تنتسب إلى السلم ،فنفت علو ال تعالى ،وزعمت حلوله في كل مكان، -4
أو في بعض المكنة ،أو في بعض من يعظمونها من الشخاص ،كما أن هناك من فرق الضلل من
ل يدري أين ربه والعياذ بال تعالى.
القول بالحلول كفر بال العلي العظيم ،فهو وصف ل بالنقائص ومعارضة للدلة الكثيرة من -5
كتاب ال وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم ،ومخالفة للفطر السليمة ،والعقول المستقيمة.
@@87
عقيدة الحلول باطلة ،تحيلها العقول الصريحة؛ إذ ل يمكن تصورها بحال ،وترفضها الفطر -6
التي لم تتلوث بآراء البشر وفلسفاتهم.
لئمة الدين وعلماء الملة أقوال مشهورة في الرد على طوائف الحلولية ،منذ أن نشأت، -7
والتحذير منها.
يتفرع عن القول بالحلول فروع سيئة ،ويلزم من العتقاد به لوازم خطيرة ،تتمثل في نفي -8
النصوص الشرعية الكثيرة ،الدالة على خلف الحلول ،كما يلزم منه وصف ال تعالى له بالنقائص،
وتعطيله عن صفات الكمال ،وتشبيهه بالمخلوقات ،كما يلزم في هذه العقيدة الباطلة تصحيح عبادات
المشركين ،على اختلفهم ،بحجة إمكانية حلول الرب في معبوداتهم.
نسأل ال إخلص النية ،وحسن التباع ،وصلى ال على نبينا محمد وآله وسلم.
@@88
البانة عن أصول الدانة أبو الحسن الشعري ،اشرف على طبعه جامعة المام .1
محمد بن سعود السلمية.
ابن سبأ حقيقة ل خيال ،سعدي الهاشمي مكتبة الدار ،المدينة المنورة الطبعة الولى .2
1406هـ.
إثبات صفة العلو ،ابن قدامة المقدسي ،الدار السلفية ،الكويت ،الطبعة الولى .3
1406هـ.
اجتماع الجيوش السلمية على غزو المعطلة والجهمية ،ابن قيم الجوزية ،مطبعة .4
المام ،مصر.
أخبار القرامطة ،سهيل زكار ،دار الكوثر ،الرياض 1410 ،هـ. .5
الستقامة شيخ السلم ابن تيمية أشرف على طباعته جامعة المام ،الرياض .6
الطبعة الولى 1404هـ.
أصول الدين عبد القاهر البغدادي ،درا الكتب العلمية ،بيروت الطبعة الثانية 1400 .7
هـ.
أضواء على العقيدة الدرزية ،أحمد الفوزان ،بدون ذكر دار نشر1979 ،م. .8
العتصام ،أبو إسحاق الشاطبي ،دار المعرفة ،بيروت 1405 ،هـ. .9
اعتقادات فرق المسلمين والمشركين ،فخر الدين الرازي ،مكتبة مدبولي ،القاهرة .10
الطبعة الولى 1413هـ.
العلم ،خير الدين الزركلي ،دار العلم للمليين ،بيروت ،الطبعة السابعة 1976م. .11
الم ،المام محمد بن إدريس الشافعي ،دار الكتب العلمية ،بيروت ،الطبعة الولى .12
1413هـ.
النسان الكامل ،عبد الكريم الجيلي ،مطبعة مصطفى البابي الحلبي ،الطبعة الرابعة .13
1402هـ.
@@89
البابية عرض ونقد ،إحسان إلهي ظهير ،إدارة ترجمان السنة ،لهور ،باكستان ،الطبعة السادسة، .14
1404هـ.
الباكورة السليمانية ،سليمان أفندي الذني ،دار الصحوة ،القاهرة ،الطبعة الولى 1410هـ. .15
البدء والتاريخ ،المطهر بن طاهر المقدسي ،مكتبة خياط ،بيروت بدون تاريخ. .16
البداية والنهاية ،أبو الفداء إسماعيل بن كثير ،مطبعة كردستان ،مصر ،الطبعة الولى 1347هـ. .17
الرهان في معرفة عقائد أهل الديان ،أبو الفضل السكسكي ،مكتبة المنار ،الردن الطبعة الولى .18
1408هـ.
بهاء ال والعصر الجديد إسملنت البهائي بدون دار نشر ول تاريخ. .19
البهائية تاريخها وعقيدتها ،عبد الرحمن الوكيل ،درا المدني ،جدة والقاهرة ،الطبعة الثانية 1407 .20
هـ.
بيان تلبيس الجهمية ،أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية ،مطبعة الحكومة ،مكة المكرمة، .21
الطبعة الولى 1392هـ.
تاريخ بغداد ،أحمد بن علي الخطيب ،دار الكتاب العربي ،بيروت ،بدون تاريخ. .22
تاريخ المذاهب السلمية ،محمد أبو زهرة ،دار الفكر العربي ،بدون ذكر المكان 1987م. .23
تأويل مختلف الحديث ،أبو محمد عبد ال بن مسلم بن قتيبة ،دار الكتاب العربي ،بيروت. .24
التبصير في الدين ،أبو المظفر السفراييني ،عالم الكتب ،الطبعة الولى 1403هـ. .25
التعريفات ،علي بن محمد الجرجاني ،دار الكتاب المصري ،القاهرة ،الطبعة الولى 1411هـ. .26
تفسير القمي ،علي بن إبراهيم القمي ،منشورات العلمي ،طهران بدون تاريخ. .27
التقمص ،أمين طليع عويدات ،بيروت ،باريس ،الطبعة الولى 1980م. .28
@@90
تلبيس إبليس ،عبد الرحمن بن الجوزي ،دار الكتب العلمية ،بيروت ،بدون تاريخ. .29
التمهيد ،أبو عمرو يوسف بن عبد البر ،وزارة عموم الوقاف والشؤون السلمية ،المغرب 1387 .30
هـ.
التنبيه والد على أهل الهواء والبدع ،أبو الحسين محمد الملطي ،رمادي لنشر ،الدمام الطبعة .31
الولى 1414هـ.
تهذيب تاريخ دمشق ،علي بن الحسن بن عساكر ،تهذيب عبد القادر بدران ،درا المسيرة بيروت، .32
1399هـ.
جامع الفرق والمذاهب السلمية ،عبد المير مهنا جريس ،المركز الثقافي العربي ،بيروت الطبعة .33
الولى 1992م.
الحاوي للفتاوي ،جلل الدين عبد الرحمن السيوطي ،المكتبة التجارية ،بيروت ،الطبعة الثالثة .34
1387هـ.
الحجة في بيان المحجة وشرح عقيدة أهل السنة ،قوام السنة الصبهاني ،دار الراية ،الرياض ،الطبعة .35
الولى 1400هـ.
الحركات الباطنية في العالم السلمي ،محمد أحمد الخطيب ،عالم الكتب ،الرياض 1404هـ. .36
حركات الغلو والتطرف السلمي ،أحمد عبد القادر الشاذلي ،الدار المصرية للكتب ،القاهرة ،بدون .37
تاريخ.
حركة الغلو وأصولها الفارسية،نظلة الجبوري ،مكتبة ابن تيمية. .38
حقيقة مذهب التحاديين أو وحدة الوجود وبطلنه ،شيخ السلم ابن تيمية إدارة الترجمة والتأليف، .39
فيصل آباد ،باكستان.
خبيئة الكوان في افتراق المم على المذاهب والديان ،محمد صديق حسن خان ،دار الكتب العلمية، .40
بيروت ،الطبعة الولى 1405هـ.
دائرة معارف القرن العشرين ،محمد فريد وجدي ،دار المعرفة ،بيروت 1971م. .41
@@91
درء تعارض العقل والنقل ،شيخ السلم بن تيمية ،أشرف على طبعة جامعة المام ،الرياض، .42
الطبعة الولى 1399هـ.
دراسات في الفرق والعقائد السلمية ،عرفان عبد الحميد ،مؤسسة الرسالة ،بيروت الطبعة الولى .43
1404هـ.
دراسات في الفرق والمذاهب القديمة المعاصرة ،عبد ال المين ،دار الحقيقة ،بيروت الطبعة .44
الولى 1406هـ.
دراسة عن الفرق في تاريخ المسلمين ،أحمد محمد جلي ،مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات .45
السلمية ،الرياض 1406هـ.
ديوان ابن هانئ الندلسي ،أبو القاسم محمد هانئ ،دار صادر ،بيروت1964 ،م. .46
ذكر مذاهب الفرق الثنتين وسبعين المخالفة للسنة والمبتدعين ،عبد ال بن أسعد اليافعي ،دار .47
البخاري ،لمدينة المنورة ،الطبعة الولى 1410هـ.
رد الدارمي عثمان بن سعيد على بشر المريسي العنيد ،المام الدرامي ،درا الكتب العلمية، .48
بيروت ،الطبعة الولى 1358هـ.
الرد على الجهمية ،أبو سعيد الدرامي ،المكتب السلمي ،بيروت الطبعة الرابعة 1402هـ. .49
الرد على الجهمية والزنادقة ،المام أحمد بن حنبل ،درا اللواء ،الرياض ،الطبعة الثانية 1402هـ. .50
الرسائل السبع في العقائد شرح الفقه الكبر لبي حنيفة ،شرح أبي منصور الماتريدي ،مطبعة .51
جمعية دائرة المعارف العثمانية – حيدر آباد الهند 1367هـ.
سنن ابن ماجه ،أبو عبد ال محمد بن يزيد بن ماجه ،دار الدعوة ،استنبول 1401 ،هـ. .52
سنن أبي داود ،أبو داود سليمان بن الشعث السجستاني ،دار الدعوة ،استانبول 1401 ،هـ. .53
سنن الترمذي ،أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي ،دار الدعوة ،استانبول 1401 ،هـ. .54
سلسلة الحاديث الصحيحة ،محمد ناصر الدين اللباني المكتب السلمي ،بيروت 1392 ،هـ. .55
السنة ،عبد ال بن المام أحمد ،دار ابن القيم ،الدمام ،الطبعة الولى 1406هـ. .56
سير أعلم النبلء ،شمس الدين محمد بن أحمد الذهبي ،مؤسسة الرسالة ،بيروت الطبعة الثالثة .57
1405هـ.
شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة ،هبة ال الللكائي ،دار طيبة ،الرياض الطبعة السابعة .58
1422هـ.
شرح الشفاء للقاضي عياض ،شرحه المل علي القاري ،دار الباز ،مكة المكرمة. .59
شرح العقيدة الطحاوية ،علي بن أبي العز الحنفي ،مؤسسة الرسالة ،بيروت ،الطبعة الثانية 1413 .60
هـ.
شرح العقيدة الواسطية لبن تيمية ،محمد بن صالح العثيمين ،دار الثريا للنشر الرياض ،الطبعة .61
الولى 1422هـ.
شرح مشكلت الفتوحات المكية لبن عربي ،شرح عبد الكريم الجيلي ،درا سعاد الصباح ،الكويت .62
الطبعة الولى 1422هـ.
شرح المقاصد ،مسعود بن عمر التفتازاني ،درا إحياء الكتب العربية ،القاهرة بدون تاريخ. .63
شرح نهج البلغة ،عبد الحميد بن أبي الحديد ،دار إحياء الكتب العربية ،القاهرة بدون تاريخ. .64
الشريعة ،أبو بكر محمد بن الحسين الجري ،دار الكتب العلمية ،بيروت ،الطبعة الولى 1403 .65
هـ.
شعر ابن الفارض ،عبد الخالق محمود ،دار المعارف ،القاهرة ،الطبعة الثالثة 1984هـ. .66
صحيح البخاري ،أبو عبد ال محمد بن إسماعيل البخاري ،دار الدعوة ،استانبول 1401 ،هـ. .67
صحيح الجامع الصغير وزيادته ،محمد ناصر الدين اللباني ،المكتب السلمي ،دمشق الطبعة .68
الثانية 1399هـ.
صحيح سنن ابن ماجه ،محمد ناصر الدين اللباني ،المكتب السلمي ،دمشق ،الطبعة الثانية .69
1399هـ.
صحيح سنن الترمذي ،محمد ناصر الدين اللباني ،مكتبة المعارف ،الرياض ،الطبعة الولى .70
1420هـ.
صحيح مسلم ،أبو الحسين مسلم بن حجاج القشيري ،درا الدعوة ،استانبول 1401 ،هـ. .71
صحيح مسلم بشرى النووي ،أبو زكريا يحيى بن شرف النووي ،نشر وتوزيع إدارات البحوث .72
العلمية والفتاء والدعوة والرشاد ،الرياض.
صراع بين الحق والباطل ،سعد صادق محمد ،دار اللواء ،الرياض ،الطبعة الخامسة 1408هـ. .73
طائفة السماعيلية ،محمد كامل حسين ،مكتبة النهضة المصرية ،القاهرة 1959م. .74
طريق الهجرتين وباب السعادتين ،ابن قيم الجوزية ،درا الكتاب العربي ،بيروت. .75
ظهر السلم ،أحمد أمين ،مكتبة النهضة المصرية ،القاهرة ،بدون تاريخ. .76
عقائد بعض التيارات الفكرية المعاصرة ،سهير محمد علي الفيل ،دار المنار ،القاهرة ،الطبعة .77
الولى 1410هـ.
عقيدة الدروز،محمد أحمد الخطيب ،دار عالم الكتب ،الرياض ،الطبعة الثالثة 1409هـ. .78
عقيدة السلف وأصحاب الحديث ،أبو عثمان الصابوني ،دار العاصمة ،الرياض ،الطبعة الثانية .79
1419هـ.
@@94
.80العقيدة الطحاوية ،أبو جعفر الطحاوي ،شرح وتعليق اللباني ،مكتبة المعارف ،الرياض ،الطبعة
الولى 1422هـ.
.81العلو للعلي الغفار ،المام الذهبي ،دار الفكر ،الطبعة الثانية 1388هـ.
.82العلويون أو النصيرية ،عبد الحسين ممهدي عسكري ،شركة الشعاع للنشر ،الكويت،
1400هـ.
.83الغلو والفرق الغالية في الحضارة السلمية ،عبد ال سلوم ،دار الحرية ،بغداد 1972م.
.84فتح الباري بشرح صحيح البخاري ،ابن حجر العسقلني ،دار المعرفة ،بيروت.
.85الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ،شيخ السلم ابن تيمية ،المكتب السلمي،
بيروت ،الطبعة الثالثة 1405هـ.
.86الفرقان بين الحق والباطل ،شيخ السلم ابن تيمية ،مكتبة دار البيان ،دمشق الطبعة الولى
1405هـ.
.87الفرق بين الفرق ،عبد القاهر البغدادي ،دار الكتب العلمية ،بيروت الطبعة الولى 1405
هـ.
.88فرق الشيعة ،الحسن بن موسى النوبختي ،دار الضواء ،بيروت ،الطبعة الثانية 1395هـ.
.89الفصل في الملل والهواء والنحل ،ابن حزم الظاهري ،دار المعرفة ،بيروت ،الطبعة الثانية
1395هـ.
.90فصوص الحكم ،محيي الدين بن عربي ،تعليق أبي العلء العفيفي ،دار الكتاب العربي،
بيروت.
.91الفقه البسط )العالم والمتعلم( ،المام أبو حنيفة النعمان ،تحقيق زاهد الكوثري ،مطبعة
النوار القاهرة1368 ،م.
.92الفن ومذاهبه في الشعر العربي ،شوقي ضيف ،دار المعارف ،مصر ،الطبعة الرابعة
1960م@95@@ .
القاديانية دراسات وتحليل ،إحسان إلهي ظهير ،إدارة ترجمان السنة ،لهور ،باكستان .93
الطبعة السادسة عشرة 1404 ،هـ.
.94كتاب التوحيد وإثبات صفات الرب ،محمد بن إسحاق بن خزيمة ،دار الباز ،مكة المكرمة،
1398م.
.95كتاب الطواسين الحسين بن منصور الحلج ،دار النديم ،القاهرة1989 ،م.
.96كنز الولد ،إبراهيم بن الحسين الحامدي ،تحقيق مصطفى غالب ،دار صادر ،بيروت،
1391هـ.
.97لسان العرب ،ابن منظور ،درا لسان العرب ،بيروت.
.98لوامع النوار البهية ،محمد بن أحمد السفاريني ،مؤسسة الخافقين ،دمشق ،الطبعة الثانية،
1402هـ.
.99مجمع الزوائد ،الهيثمي ،دار الكتاب العربي ،بيروت ،الطبعة الثالثة 1402هـ.
.100مجموعة الرسائل والمسائل ،شيخ السلم ابن تيمية ،دار الباز للنشر والتوزيع.
.101مجموع فتاوى شيخ السلم ابن تيمية ،جمع وترتيب ابن قاسم ،الرئاسة العامة لدارات
البحوث العلمية والفتاء والدعوة والرشاد ،الرياض.
.102مختصر الصواعق المرسلة ،ابن قيم الجوزية ،رئاسة إدارات البحوث العلمية والفتاء
والدعوة والرشاد ،الرياض.
.103المستدرك على الصحيحين ،أبو عبد ال النيسابوري الحاكم ،مكتبة النصر الحديثة،
الرياض.
.104المسند ،أحمد بن حنبل الشيباني ،دار الدعوة ،استانبول 1401 ،هـ.
.105المعجم الدبي ،جبور عبد النور ،دار العلم للمليين ،بيروت ،الطبعة الثانية 1984م.
.106المعجم الوسط ،الحافظ أبو القاسم الطبراني ،مطبعة الوطن العربي في بغداد ،تحقيق
حمدي عبد المجيد السلفي.
معجم الفرقة السلمية ،شريف يحيى المين ،دار الضواء ،بيروت الطبعة الولى 1406 .107
هـ@96@@ .
.108المعجم الوسيط ،مجمع اللغة العربية ،قام بإخراجه إبراهيم أنيس وآخرون ،دار الدعوة،
استانبول ،بدون تاريخ.
.109معرفة علوم الحديث ،أبو عبد ال الحاكم النيسابوري ،المكتبة التجارية ،بيروت ،الطبعة
الثانية 1977م.
.110مقالت السلميين واختلف المصلين ،أبو الحسن الشعري ،مكتبة النهضة المصرية،
القاهرة ،بدون تاريخ.
.111الملل والنحل ،أبو الفتح محمد بن عبد الكريم الشهرستاني ،المكتبة العصرية ،بيروت،
الطبعة الثانية 1412هـ.
.112منهاج السنة النبوية ،أبو العباس ابن تيمية ،اشرف على طباعته جامعة المام ،الطبعة
الولى 1406هـ.
.113المواقف في علم الكلم ،عبد الرحمن بن أحمد اليجي ،عالم الكتب ،بيروت ،بدون تاريخ.
.114المواقف والمخاطبات ،محمد بن عبد الجبار النفري ،الهيئة المصرية العامة للكتاب
1985م.
.115الموسوعة العربية الميسرة ،بإشراف محمد شفيق غربال ،دار إحياء التراث العربي ودار
الشعب ،القاهرة.
.116ميزان العتدال في نقد الرجال ،محمد بن أحمد الذهبي ،دار المعرفة ،بيروت.
.117النجوم الزاهرة ،يوسف بن تعزي بردي ،وزارة الثقافة المصرية ،القاهرة بدون تاريخ.
.118الهفت الشريف ،المفضل الجعفي ،تحقيق مصطفى غالب ،دار الندلس ،بيروت بدون
تاريخ.
@@97
@@99
إن الحمد ل نحمده ونستغفره ونستهديه ونعوذ بال من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ،من يهده ال فل
مضل له ،ومن يضلل فل هادي له ،وأشهد أل إله إل ال وحده ل شريك له ،وأشهد أن محمًدا عبده
ورسوله – صلى ال عليه وسلم .-
)يا أيها الذين آمنوا اتقوا ال حق تقاته ول تموتن إل وأنتم مسلمون(#آل عمران#.102 :
ل كثيًرا ونساء
)يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجا ً
واتقوا ال الذي تساءلون به والرحام إن ال كان عليكم رقيًبا( #النساء#.1:
ل سديًدا ،يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع ال)يا أيها الذين آمنوا اتقوا ال وقولوا قو ً
ورسوله فقد فاز فوًزا عظيًما( #الحزاب #.71 ،70 :أما بعد:
فقد كنت أطالع مرة في الكتاب القيم" :شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل" للمام
الجليل ابن القيم #محمد بن أبي أيوب سعيد بن حريز الزرعي ثم الدمشقي ،المام الصولي ،المفسر
النحوي ،الفقيه توفي سنة 751هـ انظر طبقات المفسرين - #.2/93رحمه ال – ووجدته قد عقد باًبا
في هذا الكتاب قال فيه" :الباب التاسع والعشرون :في انقسام القضاء والحكم والرادة والكتابة والمر
والذن والجعل والبعث والرسال والتحريم والنشاء#ذكر في عنوان الفصل النشاء وفي التفصيل
اليتاء وهو الظاهر وال أعلم ،لن النشاء ل ينقسم على كوني وشرعي إنما هو كوني فقط ويبدو أن
ذلك خطأ من الناسخ أو الطابع #.إلى كوني متعلق بخلقه ،وإلى ديني متعلق بأمره وما يحقق ذلك من
إزالة اللبس والشكال"#شفاء العليل.#479 :
@@100
@@103
الوحي: -1
نوعان:
الول :شرعي ديني ،ومه قوله -تعالى – )ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ يلقون
أقلمهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون(#آل عمران#.44 :
وقوله – سبحانه ) :-إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم
وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داود
زبوًرا(#النساء.#.163 :
@@104
قال مجاهد#أبو الحجاج ،مجاهد ،بن جبر ،مولى قيس بن السائب المخزومي كان قارًئا مفسًرا مات سنة
204هـ .انظر طبقات بن سعد ،5/466 :والسير ،4/449:وطبقات المفسرين : #.1/305 :ألهمها إلهاًما#
انظر تفسير ابن جرير ،14/93 :والدر المنثور.#.4/230 :
وقال ابن كثير#أبو الفداء ،إسماعيل ،بن عمر ،بن كثير ،بن ضو ،بن درع ،القرشي البصري ،ثم الدمشقي،
مفسر مشهور ،وإمام جليل مات سنة 774 :هـ .انظر طبقات المفسرين :#.1/111 :المراد بالوحي هنا
اللهام والهداية والرشاد للنحل أن تتخذ من الجبال بيوًتا تأوي إليها ومن الشجر ومما يعرشون ثم هي
محكمة في غاية التقان في تسديدها رصها بحيث ل يكون في بيتها خلل ثم أذن لها تعالى إذًنا قدرّيا تسخيرّيا
أن تأكل من كل الثمرات وأن تسلك الطرق التي جعلها ال تعالى – مذللة لها ،أي مسهلة عليها حيث شاءت
من هذا الجو العظيم والبراري الشاسعة والودية والجبال الشاهقة ثم تعود كل واحدة منها إلى بيتها ل تحيد
عنه يمنة ول يسرة بل إلى بيتها وما لها فيه من فراخ وعسل فتبني الشمع من أجنحتها وتقيء العسل من فيها
وتبيض الفراخ من دبرها ثم تصبح إلى مراعيها#انظر تفسيره. #.2/596 :اهـ.
ومنه قوله -تعالى ) :-فقضاهن سبع سماوات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها(#فصلت#.12 :
قال مجاهد :ما أمر ال به وأراده#انظر تفسير ابن جرير ،24/64 :والدر المنثور#.5/678 :
@@105
وقال السدي#أبو محمد ،إسماعيل ،بن عبد الرحمن ،السدي ،تابعي ،حجازي الصل ،سكن الكوفة ،وهو من
موالي قيش ،وثقه أحمد وكثير من العلماء .مات سنة 127 :هـ انظر السير .5/264 :وطبقات المفسرين:
: #.1/110خلق في كل سماء خلقها من الملئكة والخلق الذي فيها من البحار وجبال البرد وما ل يعلم
#انظر تفسير ابن جرير. #.24/64 :
وقال قتادة #أبو الخطاب ،قتادة ،بن دعامة ،بن عزيز ،السدوسي ،البصري مفسر ،حافظ مات سنة 118 :هـ
انظر طبقات المفسرين 2/47 :والسير: #.5/269 :خلق فيها شمسها وقمرها ونجومها وصلحها#انظر
تفسير ابن جرير ،24/64 :والدر المنثور#.5/678 :
.اهـ.
ومنه قوله – تعالى ) : -بأن ربك أوحى لها(#الزلزلة.#.5 :
السنة: -2
نوعان:
الول :سنة شرعية دينية ،كما في قوله – تعالى) :-يريد ال ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم
ويتوب عليكم وال عليم حكيم( #النساء . #.26:قال البغوي#أبو محمد ،الحسين ،بن مسعود ،بن محمد،
الفراء ،البغوي ،الشافعي ،مفسر مشهور ،ومحدث جليل ،مات سنة 516 :هـ" : #.سنن" شرائع#انظر
تفسيره .#.2/198 :اهـ.
@@106
وقال ابن جرير#أبو جعفر،محمد ،بن جرير ،بن يزيد ،الطبري ،المؤرخ المشهور ،والمفسر الكبير
صاحب العلم العزيز ،والتحقيق البديع مات سنة 310هـ انظر السير ،14/267 :وطبقات المفسرين:
" : #.2/110سنن الذين من قبلكم" يعني :سبل من قبلكم من أهل اليمان بال وأنبيائه ومناهجهم فيما
حرم عليكم من نكاح المهات والبنات والخوات وسائر ما حرم عليكم في اليتين اللتين بين فيهما ما
حرم من النساء#انظر تفسيره . #.8/209 :اهـ.
وكذا قال ابن كثير#انظر تفسيره . #.1/490 :والشيخ عبد الرحمن بن سعدي#أبو عبد ال ،عبد
الرحمن بن ناصر ،بن عبد ال ،بن ناصر ،آل سعدي ،من قبلة تميم مات سنة 1376هـ .انظر مقدمة
تفسيره# #.1/5 :انظر تفسيره.#.1/339 :
الثاني :سنة قدرية كونية ،كقوله – تعالى – )سنة ال في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة ال تبديل
ً(#الحزاب. #.62 :
ل ولن تجد لسنة ال تحويل
وقوله – سبحانه) :-فهل ينظرون إل سنت الولين فلن تجد لسنة ال تبدي ً
ً(#فاطر . #.43 :وقوله جل وعل) :فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنت ال التي قد خلت في
عباده وخسر هنالك الكافرون(#غافر.#.85 :
@@107
النزال: -3
نوعان:
ل غير الذي قيل لهم فأنزلنا علىالول :كوني قدري ،كقوله ت تبارك وتعالى) : -فبدل الذين ظلموا قو ً
الذين ظلموا رجًزا من السماء بما كانوا يفسقون(#البقرة. #.59 :
شا ولباس التقوى ذلك خير ذلك سا يواري سوءاتكم وري ً وقوله -تعالى ) :-يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لبا ً
من آيات ال لعلهم يذكرون(#العراف#.26 :
وقوله -تعالى ) :-خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها وأنزل لكم من النعام ثمانية
أزواج(#الزمر . #6 :فالنزال في هؤلء اليات وأمثالها إنزال متعلق بالخلق واليجاد.
الثاني :شرعي ديني ،كقوله – تعالى ) :-ذلك بان ال نزل الكتاب بالحق وغن الذين اختلفوا في الكتاب
لفي شقاق بعيد(#البقرة. #.176 :
وقوله – سبحانه ) :-العراب أشد كفًرا ونفاًقا وأجدر أل يعلموا حدود ما أنزل ال على رسوله وال
عليم حكيم( #التوبة. #.97 :
@@108
وقوله -تعالى ):-لكن ال يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملئكة يشهدون وكفى بال شهيًدا(#النساء:
#.166فالنزال هنا متعلق بأمره وشرعه واليات في هذا النوع كثيرة جّدا.
الوهب: -4
نوعان:
الول :هبة كونية قدرية ،كما في قوله -تعالى –) :ل ملك السماوات والرض يخلق ما يشاء يهب لمن
يشاء إناًثا ويهب لمن يشاء الذكور ،أو يزوجهم ذكراًنا وإناًثا ويجعل من يشاء عقيًما إنه عليم
قدير(#الشورى. #.50-49 :
أي :يعطي من يشاء من عباده ذكوًرا ومن يشاء إناًثا ويجمع لمن يشاء بين الذكور والناث .وهذا من
هبته المتعلقة بخلقه وإيجاده.
قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي :هذه الية فيها الخبار عن سعة ملكه -تعالى – ونفوذ تصرفه في
الملك وفي الخلق لما يشاء والتدبير لجميع المور حتى إن تدبيره -تعالى – من عمومه أنه يتناول
المخلوق عن السباب لولدة الولد فال – تعالى – هو الذي يعطيهم من الولد ما يشاء ،فمن الخلق
من يهب به إناًثا ومنهم من يهب له ذكوًرا ،ومنهم من يجمع له ذكوًرا وإناًثا ومنهم من يجعله عقيًما ل
يولد له #انظر تفسيره . #.4/433 :اهـ.
@@109
الثاني :هبة شرعية دينية ،كما في قوله – تعالى عن موسى عليه السلم ) :-فوهب لي ربي حكًما
وجعلني من المرسلين(#الشعراء. #.21 :
ل نبًيا ،وناديناه من جانب
صا وكان رسو ً
وقال – تعالى ،عنه ) :-واذكر في الكتاب موسى إنه كان مخل ً
الطور اليمن وقربناه نجيا ،ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبّيا(#مريم.#.53-52-51 :
قال ابن عباس#هو خير هذه المة ،عبد ال ،بن عباس ،بن عبد المطلب ،القرشي ،الهاشمي ابن عم
رسول ال صلى ال عليه وسلم ورضي عنه وعن أبيه ،مات سنة86 :هـ على الصحيح .انظر الصابة:
: #.2/322كان هارون أكبر من موسى ولكن إنما وهب له نبوته#انظر الدر المنثور ،4/492 :وفتح
القدير. #.3/343 :اهـ.
الرزق: -5
نوعان:
الول :كوني قدري ،متعلق بخلقه وإيجاده كما في قوله -تعالى ) :-وكأين من دابة ل تحمل رزقها ال
يرزقها وإياكم وهو السميع العليم(#العنكبوت ، #.60 :وقوله -تعالى ) :-وما من دابة في الرض إل
على ال رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين(#هود #.6 :واليات في هذا كثيرة جّدا.
@@110
الثاني :رزق شرعي ديني ،كما في قوله – تعالى عن شعيب عليه السلم ) :-قال يا قوم أرءيتم إن كنتم
على بينة من ربي ورزقني منه رزًقا حسًنا( #هود. #88:
فسره طائفة بالنبوة والعلم وهو الظاهر ،لن النبياء ل يمتدحون بكثرة المال بل بالعلم والهدى وال –
سبحانه – أعلم.
قال ابن كثير :قيل :أراد النبوة ،وقيل :أراد الرزق الحلل .ويحتمل المرين#انظر تفسيره،2/473 :
والزجاج .3/73 :وتفسير السمعاني . #.2/452 :اهـ.
ل وعلًما فهو يتقي فيه ربه
ومنه قوله – صلى ال عليه وسلم " :-إنما الدنيا لربعة نفر :عبد رزقه ال ما ً
ويصل فيه رحمه ويعلم ل فيه حّقا فهذا بأفضل المنازل "...الحديث#أخرجه الترمذي برقم )(2325
وقال :حديث حسن صحيح .وصححه اللباني في صحيح ابن ماجه برقم ) (4228وصحيح الترمذي
برقم ).#.(2325
وقول علي بن أبي طالب#أبو الحسن ،ابن عم رسول ال -صلى ال عليه وسلم -وخليفته الرابع علي بن
أبي طالب بن عبد المطلب القرشي الهاشمي ،قتل سنة 40 :هـ ،انظر الصابة" : .#..503– 2/501 :
ل قهًما في القرآن#"...أخرجه ابن ماجه برقم )
وال ما عندنا إل ما عند الناس إل أن يرزق ال رج ً
.(2659وصححه اللباني في صحيح ابن ماجه برقم ) (2154وفي الرواء برقم )#.(2209
فالعلم والفهم من الرزق الشرعي الديني.
قال ابن القيم في النونية:
@@111
@@112
قال ابن كثير :هذا مثل ضربه ال – تعالى – للمؤمن الذي كان ميًتا أي :في الضللة هالًكا حائًرا فأحياه
ال ،أي :أحيا قلبه باليمان وهداه ووفقه لتباع رسله#انظر تفسيره .#.2/178 :اهـ.
وقوله -تعالى ) :-يا أيها الذين آمنوا استجيبوا ل وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم(#النفال.#24 :
قال السدي :فهو السلم أحياهم بعد موتهم بعد كفرهم#.انظر ابن جرير.#.13/464 :
وقال مجاهد :الحق#انظر ابن جرير. #.13/464 :
وقال قتادة :القرآن#انظر ابن جرير ،13/464 :وفتح القدير.#.2/318 :
وقيل :الجهاد#انظر ابن جرير ،13/164 :وفتح القدير.#.2/318 :
قلت :وهذه القوال متقاربة فالحق هو السلم والسلم هو القرآن والجهاد ما يأمر به القرآن والجهاد مما
يأمر به القرآن وال أعلم.
الثاني :حياة كونية قدرية ،كما في قوله – تعالى ) :-كيف تكفرون بال وكنتم أمواًتا فأحياكم ثم يميتكم ثم
يحييكم ثم إليه ترجعون(#البقرة.#.28 :
وقال – تعالى ) :-ومن آياته أنك ترى الرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت إن الذي أحياها
لمحيي الموتى إنه على كل شيء
@@113
قدير(#فصلت . #.39 :فالحياة في هذه اليات متعلقة بخلقه وإيجاده .واليات في هذا النوع كثيرة جّدا.
الخراج: -7
نوعان:
الول :شرعي ديني ،كما في قوله – تعالى ) :-ال ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور
والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات(#البقرة.#.257 :
قال ابن جرير) :يخرجهم من الظلمات( يعني بذلك يخرجهم من ظلمات الكفر إلى نور اليمان#انظر
تفسيره ،5/424والبغوي. #.1/315 :
وقال ابن كثير :يخبر تعالى أنه يهدي من اتبع رضوانه سبل السلم فيخرج عباده المؤمنين من ظلمات
الكفر والشك والريب إلى نور الحق الواضح الجلي المبين السهل المنير وان الكافرين إنما وليهم
الشيطان يزين لهم ما هم فيه من الجهالت والضللت ويخرجونهم ويحيدون بهم عن طريق الحق إلى
الكفر والفك#انظر تفسيره .#.1/320 :اهـ.
الثاني :إخراج كوني قدري ،كما في قوله -تعالى ) :-إن ال فالق الحب والنوى يخرج الحي من الميت
ومخرج الميت من الحي(#النعام.#.95 :
@@114
الدعاء: -8
الدعاء من هذه الحيثية له معنيان:
الول :شرعي ديني ،كما في قوله – تعالى ) :-وال يدعو إلى دار السلم ويهدي من يشاء إلى صراط
مستقيم(#يونس .#.25 :فال عز وجل يدعو إلى جنته بما أنزل من الكتاب ومن أرسل من الرسل وبين
الطرق الموصلة إليها سبحانه وتعالى .وهذا دعاء شرعي ديني إذ لو كان دعاء كونّيا قدرّيا ما تخلف
أحد عن سلوك الصراط المستقيم.
قال البغوي :قوله – تعالى ) :-وال يدعو إلى دار السلم( قال سميت الجنة دار السلم لن من دخلها
مسلم من الفات ،وقيل :المراد بالسلم التحية سميت الجنة دار السلم لن أهلها يحيي بعضهم بالسلم
والملئكة تسلم عليهم قال – تعالى ):-والملئكة يدخلون عليهم من كل باب ،سلم عليكم(#الرعد:
##.23تفسيره #.4/129 :اهـ.
ومثله قوله – تعالى ) :-قالت رسلهم أفي ال شك فاطر السماوات والرض يدعوكم ليغفر لكم من
ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى(#إبراهيم.#.10 :
@@145
الثاني :كوني قدري ،كما في قوله – تعالى ) :-ثم إذا دعاكم دعوة من الرض إذا أنتم
تخرجون(#الروم. #.25 :
ل(#السراء . #.52:والدعاء وقوله -سبحانه ) :-يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنون إن لبثتم إل قلي ً
هنا متعلق بالخلق واليجاد إذا أراد بعثهم ونشورهم وهو دعاء كوني قدري.
اللهام: -9
اللهام نوعان ،إلهام كوني قدري ،وإلهام شرعي ديني ،وقد اجتمعا في قوله -تعالى ):-ونفس وما
سواها ،فألهمها فجورها وتقواها(#الشمس.#.8-7 :
قال ابن زيد#أبو قلبة ،عبد ال بن زيد بن عمرو ،الجرمي ،البصري ،من ثقات التابعين مات سنة:
104هـ وقيل 107 :هـ .انظر السير :#.4/468 :جعل فيها ذلك#انظر معالم التنزيل.#.8/438 :
قال البغوي :يعني بتوقيفه إياها للتقوى ،وخذلنه إياه للفجور ،واختار الزجاج#أبو إسحاق ،إبراهيم ،بن
السري ،بن سهل ،من أهل الفضل والدين ،كان عالًما بالنحو والعربية ،مات سنة 311:هـ.
انظر السير ،14/360:ونزهة اللباء ،183 :وطبقات المفسرين#.1/9 :
هذا وحمل اللهام على التوفيق والخذلن#انظر معاني القرآن .#.5/332 :وهذا يبين أن ال عز وجل
خلق في المؤمن التقوى وفي الكافر الفجور#انظر تفسيره #.8/438 :اهـ.
@@116
وهذا هو التفسير الصحيح للية يؤيده ما ثبت عن أبي السود الدؤلي#هو أبو السود ،الدؤلي ،اسمه
ظالم بن عمرو بن سفيان على الصحيح ،أول من تكلم في النحو ،ولي قضاء البصرة ومات سنة69 :
هـ .انظر تهذيب الكمال .33/37 :رقم الترجمة ) #.(7209قال :قال لي عمران بن الحصين#أبو
نجيد ،عمران ،بن حصين ،بن عبيد الخزاعي ،صحابي جليل – رضي ال عنه – أسلم عام خيبر ،وكان
صاحب راية خزاعة يوم الفتح مات سنة 52 :هـ ،وقيل 53 :هـ انظر الصابة#.3/27 :؛ أرأيت ما
يعمل الناس اليوم ويكدحون فيه لشيء قضي عليهم ومضى عليهم من قدر ما سبق؟ أو فيما يستقبلون به
مما أتاهم به نبيهم وثبتت الحجة عليهم؟ فقلت :بل شيء قضي عليهم ومضى عليهم .قال :فقال :أفل
عا شديًدا .وقلت :كل شيء خلق ال وملك يده .فل يسأل عما يفعل يكون ظلًما؟ قال :ففزعت من ذلك فز ً
وهم يسألون.
فقال -لي :-يرحمك ال! إني أريد بما سألتك إل لحرز عقلك .إن رجلين من مزينة أتيا رسول ال –
صلى ال عليه وسلم – فقال :يا رسول ال! أرأيت ما يعمل الناس اليوم ويكدحون فيه أشيء قضي عليهم
ومضى فيهم من قدر قد سبق فيما يستقبلون به مما أتاهم به نبيهم وثبتت الحجة عليهم؟ فقال" :ل بل
شيء قضي عليهم ومضى فيهم ،وتصديق ذلك في كتاب ال عز وجل )ونفس وما سواها فألهما فجورها
وتقواها(#أخرجه مسلم برقم). #.(2650
-10الية:
الية نوعان:
الول :آية تنزيل شرعية ،كما في قوله – تعالى ) :-ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو
مثلها(#البقرة .#.106 :وقوله – تعالى) :-تلك آيات ال نتلوها عليك بالحق(#البقرة .#.252 :واليات
في هذا ل تحصى.
@@117
الثاني :آية كونية ،كما في قوله –تعالى ) :-وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية
النهار مبصرة(#السراء.#.12 :
وكما في قوله – سبحانه) :-هل ينظرون إل أن تأتيهم الملئكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك
سا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيًرا(#النعام: يوم يأتي بعض آيات ربك ل ينفع نف ً
.#.158
اليات في هذا المعنى كثيرة جّدا.
-11التزيين:
التزيين نوعان:
الول :شرعي ديني ،كما في قوله –تعالى ) :-لكن ال حبب إليكم اليمان وزينه في قلوبكم(#الحجرات:
.#.7
قال ابن القيم –رحمه ال :-فتحبيبه –سبحانه – اليمان إلى عباده المؤمنين هو إلقاء محبته في قلوبهم
وهذا ل يقدر عليه سواه وأما تحبيب العبد الشيء إلى غيره فإنما هو بتزيينه وذكر أوصافه وما يدعو
إلى محبته ،فأخبر – سبحانه – أنه جعل في قلوب عباده المؤمنين المرين ،حبه وحسنه الداعي إلى
حبه ،وألقى في قلوبهم كراهية ضده من الكفر والفسوق والعصيان ،وأن ذلك محض فضله ومنته عليهم
حيث لم يكلهم إلى أنفسهم بل تولى هو سبحانه هذا التحبيب والتزيين وتكريه ضده ،فجاد عليهم به فض ً
ل
منه ونعمة ،وال عليم بمواقع فضله ومن يصلح له ومن ل يصلح ،حكيم بجعله في مواضعه#مدرج
السالكين. #.361-1/360 :اهـ.
@@118
وقال – في موضع آخر :-يقول – سبحانه :-لم تكن محبتكم لليمان وإرادتكم له وتزيينه في قلوبكم
منكم ،ولكن ال هو الذي جعله في قلوبكم كذلك ،فأثمرتموه ورضيتموه#مدرج السالكين– 1/414 :
. #.415اهـ.
الثاني :تزيين كوني قدري ،كما في قوله – تعالى ) :-إن الذين ل يؤمنون بالخرة زينا لهم أعمالهم فهم
يعمهون(#النمل.#.4 :
قال ابن جرير :يقول -تعالى ذكره ":-إن الذين ل يصدقون بالدار الخرة وقيام الساعة وبالمعاد على ال
بعد الممات والثواب والعقاب زينا لهم أعمالهم".
يقول :حببنا إليهم قبيح أعمالهم وسهلنا ذلك عليهم فهم يعمهون.
يقول :فهم في ضلل أعمالهم القبيحة التي زيناها لهم يترددون حيارى يحسبون أنهم يحسنون#تفسيره:
.#.19/81اهـ.
ومثله قوله – سبحانه ) :-ول تسبوا الذين يدعون من دون ال فيسبوا ال عدًوا بغير علم كذلك زينا لكل
أمة عملهم ثم على ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون(#النعام.#.108 :
قال ابن كثير :أي وكما زينا لهؤلء القوم حب أصنامهم والمحماة والنتصار كذلك زينا لكل أمة ،أي:
من المم الخالية على الضلل عملهم الذي كانوا فيه ول الحجة البالغة والحكمة التامة فيما يشاؤه
ويختاره#تفسيره .#.2/107:اهـ.
@@119
-12الهدى:
والهدى نوعان:
الول :هدى كوني قدري ،كما في قوله -تعالى ) :-قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى(#طه:
.#50
قال ابن القيم :والمعنى :أعطاه من الخلق والتصوير ما يصلح به لما خلق له ثم هداه لما خلق له وهداه
لما يصلحه في معيشته ومطعمه ومشربه ومنكحه وتقلبه وتصرفه هذا هو القول الصحيح الذي عليه
جمهور المفسرين فيكون نظير قوله:
)قدر فهدى(#العلى##.3 :شفاء العليل . #.78 :اهـ.
وقال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي) :ثم هدى( كل مخلوق إلى خلقه له وهذه الهداية الكاملة والمشاهدة
في جميع المخلوقات .فكل مخلوق تجده يسعى لما خلق له من المنافع وفي دفع المضار عنه حتى إن ال
أعطى الحيوان البهيم من العقل ما يتمكن به من ذلك ،وهذا كقوله –تعالى –)الذي احسن كل شيء
خلقه(#السجدة #.7:فالذي خلق المخلوقات وأعطاها خلقها الحسن الذي ل تقترح العقول فوق حسنه
وهداها لمصالحها هو الرب على الحقيقة#تفسيره. #.236-3/235:اهـ.
الثاني :هدى شرعي ديني ،واليات في هذا النوع ل تحصى كثرة .منها قوله تعالى) :أولئك الذين هدى
اله فبهداهم اقتده(#النعام. #.90:
@@120
وقوله – سبحانه ) :-بل ال يمن عليكم أن هداكم لليمان إن كنتم صادقين(#الحجرات .#.17 :وقوله-
عز وجل ) :-أو تقول لو أن ال هداني لكنت من المتقين(#الزمر .#.57 :وقوله – تعالى ) :-ربنا ل
تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا(#آل عمران.#.8 :
-13التعليم:
نوعان:
الول :كوني قدري ،كما في قوله – تعالى ):-تعلمونهن مما علمكم ال(#المائدة.#.4:
وقوله – سبحانه ) :-خلق النسان ،علمه البيان(#الرحمن. #.4،3:
الثاني :شرعي ديني ،كما في قوله –تعالى ):-وإذ علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والنجيل(#المائدة:
#110فتعليم التوراة والنجيل تعليم ديني شرعي.
ومثله قوله – تعالى ) :-الرحمن ،علم القرآن(#الرحمن.#.1،2:
التيسير:
-14
نوعان:
الول :تيسير كوني قدري ،كما في قوله -تعالى) :-وأما من بخل واستغنى ،وكذب بالحسنى ،فسنيسره
للعسرى(#الليل. #.8،9،10:
@@121
عن علي –رضي ال عنه – أن رسول ال صلى ال عليه وسلم -قال" :ما منكم من أحد ،ما من نفس
منفوسة إل قد كتب مكانها من الجنة والنار وإل قد كتبت شقية أو سعيدة" فقال رجل :يا رسول ال أفل
نتكل على كتابنا وندع العمل؟ فمن كان منا من أهل السعادة فسيصير إلى عمل أهل السعادة وأما من كان
منا من أهل الشقاوة فسيصير إلى عمل أهل الشقاوة .قال" :أما أهل السعادة فييسرون لعمل السعادة وأما
أهل الشقاوة فييسرون لعمل الشقاوة" ثم قرأ )فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى( إلى قوله:
)للعسرى(#أخرجه البخاري برقم ) (1362ورقم ) ،(4945ومسلم برقم
) . #.(2647فهذا تيسير كوني قدري ،ول في ذلك الحكمة البالغة.
الثاني :تيسير ديني شرعي ،كما في قوله ـ سبحانه – )ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر(#القمر:
. #.32،40 ،17،22وقوله ـ تعالى)-فإنما يسرناه بلسانك لعلهم يتذكرون(#الدخان . #.58:فهذا تيسير
ديني شرعي.
-15القذف:
القذف نوعان:
الول :قذف كوني قدري ،كما في قوله – تعالى ) :-وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من
صياصيهم وقذف في قلوبهم الرعب( #الحزاب .#.26 :وقوله – تعالى :-
@@122
)هو الذي اخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا انهم
مانعتهم حصونهم من ال فأتاهم ال من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب(#الحشر. #.2 :
فالقذف في هاتين اليتين قذف كوني قدري متعلق بالخلق واليجاد بالمر.
الثاني :قذف شرعي ديني ،كما في قوله –سبحانه ـ )بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو
زاهق(#النبياء.#18:
قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي :يخبر تعالى أنه تكفل بإحقاق الحق وإبطال الباطل وأن كل باطل قيل
أو جودل به فإن ال ينزل من الحق والعلم والبيان ما يدفعه فيضمحل ويتبين لكل أحد بطلنه )فإذا هو
زاهق( أي مضمحل فإن هذا عام في جميع المسائل الدينية ل يورد مبطل شبهة عقلية ول نقلية في
إحقاق باطل أو رد حق إل وفي أدلة ال من القواطع العقلية والنقلية ما يذهب ذلك القول الباطل ويقمعه
فإذا هو متبين بطلنه لكل أحد#تفسيره. #.3/271:اهـ.
ومثله قوله – تعالى ):-قل إن ربي يقذف بالحق عالم الغيوب(#سبأ. #.48 :
قال ابن كثير :وقوله –عز وجل – )قل إن ربي يقذف بالحق علم الغيوب( كقوله تعالى) :يلقي الروح
من أمره على من يشاء من عباده( أي :يرسل الملك إلى من يشاء من عباده من أهل الرض وهو علم
الغيوب فل تخفى عليه خافية في السماوات ول في الرض#تفسيره #.3/551 :اهـ.
@@123
الكره:-15
نوعان:
الول :كره كوني قدري ،كما في قوله – تعالى ) :-ولو أرادوا الخروج لعدوا له عدة ولكن كره ال
انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين(#التوبة.#.46 :
قال ابن كثير) :ولكن كره انبعاثهم( أي :أبغض أن يخرجوا معكم قدًرا#تفسيره.#.2/375 :اهـ.
الثاني :كره شرعي ديني ،كما في قوله – صلى ال عليه وسلم – من حديث أبي هريرة #هو صاحب
رسول ال – صلى ال عليه وسلم – عبد الرحمن بن صخر الدوسي على المشهور أسلم عام خيبر وكان
ظا للسنة – رضي ال عنه – مات سنة 59هـ انظر الصابة – #.4/300 :رضي ال عنه " :-إن حاف ً
ال يرضى لكم ثلًثا ويكره لكم ثلًثا فيرضى لكم أن تعبدوه ول تشركوا به شيًئا وأن تعتصموا بحبل ال
جميًعا ول تفرقوا ،ويكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال"#أخرجه البخاري برقم )(1477
ومسلم برقم )#.(1715
@@124
-17التحبيب:
نوعان:
الول :شرعي ديني ،كما في قوله – تعالى ) :-ولكن ال حبب إليكم اليمان وزينه في
قلوبكم(#الحجرات .#7 :فهذا ديني شرعي .فال سبحانه وتعالى أمر بذلك وأحبه وحببه إلى أوليائه.
الثاني :تحبيب كوني قدري ،كما في قوله – صلى ال عليه وسلم " :-حبب إلي من الدنيا النساء والطيب
وجعلت قرة عيني في الصلة"#.أخرجه مسلم برقم ) (3949وصححه اللباني في المشكاة برقم )
(5261وفي الروض النضير )#.(53
فهذا تحبيب كوني قدري ،والمحبب هو ال تبارك وتعالى.
ومثله قوله عائشة#أم المؤمنين :زوج رسول ال صلى ال عليه وسلم عائشة بنت أبي بكر الصديق –
رضي ال عنهما – ماتت سنة 58هـ انظر الصابة- #.4/350 :رضي ال عنها – "ثم حبب إليه
الخلء"#أخرجه البخاري برقم ) (3ومسلم برقم )#.(160
-18التفضيل:
نوعان:
الول :شرعي ديني ،كما في قوله – سبحانه ) :-وفضل ال المجاهدين على القاعدين أجًرا
عظيًما(#النساء .#.95 :وقوله -تعالى ) :-تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض(#البقرة.#.253 :
وقوله –سبحانه ) :-ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض(#السراء .#.55 :فهذا تفضيل متعلق بالشرع
والدين.
@@125
الثاني :تفضيل كوني قدري ،كما في قوله -تعالى ) :-وال فضل بعضكم على بعض في
الرزق(#النحل.#.71 :
وقوله – عز وجل ) :-ول تتمنوا ما فضل ال به بعضكم على بعض(#النساء .#.32 :والتفضيل هنا
متعلق بالخلق واليجاد.
-19الرفع:
نوعان:
الول :رفع ديني شرعي ،كما في قوله – تعالى ) :-يرفع ال الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم
درجات(#المجادلة. #.11 :
وقوله ـ تعالى ـ) :تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم ال ورفع بعضهم درجات(#البقرة:
.#.253وكما في قوله ـ سبحانه –)إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه(#فاطر.#10 :
الثاني :رفع كوني قدري ،كما في قوله ـ تعالى ـ) :ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم
ضا سخرّيا(#الزخرف . #.32 :وقوله – تعالى ):-ال الذي رفع السماوات بغير عمد بع ً
ترونها(#الرعد . #.2 :فالرفع هنا متعلق بالخلق واليجاد.
@@126
-20التكريم:
نوعان:
الول :كوني قدري ،كما في قوله – تعالى ) :-ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم
ل(#السراء .#.70 :وقوله – سبحانه – )فأما من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضي ً
النسان إذا ما ابتله ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن(#الفجر.#.15 :
الثاني :ديني شرعي ،كقوله – صلى ال عليه وسلم " :-ل تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق
ل بنا.
ظاهرين إلى يوم القيامة .قال :فينزل عيسى ابن مريم صلى ال عليه وسلم فيقول أميرهم تعال ص ّ
فيقول :ل إن بعضكم على بعض أمراء .تكرمة ال هذه المة"#أخرجه مسلم برقم ) .#.(156وكقول
عا عداًء ،من الذين بايعوا تحت الشجرة،
سلمة#الصحابي الجليل ،سلمة بن عمرو بن سنان ،كان شجا ً
تحول بعد مقتل عثمان –رضي ال عنه – إلى الربذة ثم قبل وفاته بليال رجع إلى المدينة ومات بها سنة
74هـ ،انظر الصابة #.2/65 :الكوع – رضي ال عنه " :-والذي كرم وجه محمد صلى ال عليه
وسلم#"...أخرجه مسلم برقم ). #.(1807
-21الصرف:
نوعان:
الول :كوني قدري ،كما في قوله -تعالى ) :-صرف ال قلوبهم بأنهم قوم ل يفقهون(#التوبة#.127 :
قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي :أي :صدها عن الحق وخذلها#تفسيره #.2/299 :اهـ.
@@127
وقوله ـ تعالى ـ :سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الرض بغير الحق#(..العراف .#.146 :فهذا
صرف كوني قدري ،لنه يخالف شرعه وأمره الديني ،قال ابن كثير :أي :سأمنع فهم الحجج والدلة
الدالة على عظمتي وشريعتي وأحكامي قلوب المتكبرين عن طاعتي ويتكبرون عن الناس بغير حق.
أي:
كما استكبروا بغير حق أذلهم ال بالجهل#تفسيره .#.2/257 :اهـ.
الثاني :صرف شرعي ديني ،كما في قوله – تعالى ):-وإذ صرفنا إليك نفًرا من الجن يستمعون
القرآن(#الحقاف . #.29 :وقوله -تعالى)-كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا
المخلصين(#يوسف #.24 :فهذا صرف ديني لنه يوافق شرعه سبحانه ويحبه ويرضاه.
-22التصريف:
نوعان:
الول :شرعي ديني ،كما في قوله – سبحانه ) :-ولقد صرفنا للناس في هذا القرآن من كل
مثل(#السراء.#.89 :
وقوله -تعالى ـ )وكذلك أنزلناه قرآًنا عربًيا وصرفنا فيه من الوعيد(#طه. #.113 :
وتصريف الشيء هو التيان به على أنحاء متعددة وألوان مختلفة.
@@128
الثاني :كوني قدري ،كما في قوله -تعالى –)ولقد صرفناه بينهم ليذكروا فأبى أكثر الناس إل
كفوًرا(#الفرقان #50 :قال ابن كثير :أي :أمطرنا هذه الرض دون هذه وسقنا السحاب يمر على
الرض ويتعداها ويتجاوزها إلى الرض الخرى فيمطرها ويكفيها ويجعلها غدًقا والتي وراءها لم ينزل
فيها قطرة من ماء وله في ذلك الحجة البالغة والحكمة القاطعة#تفسيره#.3/333 :
-23التفصيل:
نوعان:
الول :شرعي ديني ،كما في قوله – تعالى ) :-وما لكم أل تأكلوا مما ذكر اسم ال عليه وقد فصل لكم
ما حرم عليكم#(...النعام.#.119:
وقوله -تعالى ) :-ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم هدى ورحمة لقوم يؤمنون(#العراف#.52 :
الثاني :تفصيل كوني قدري ،كما في قوله ـ تعالى ) :-وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا
ل من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب وكل شيء فصلناه تفصيل آية النهار مبصرة لتبتغوا فض ً
ً(#السراء. #.12 :
وقوله ـ تعالى ) :-هو الذي جعل الشمس ضياًء والقمر نوًرا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب
ما خلق ال ذلك إل بالحق يفصل
@@129
اليات لقوم يعلمون(#يونس .#.5 :والحديث هنا عن اليات الكونية فالتفصيل يراد به التفصيل الكوني
القدري ،قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي :لما قرر ربوبيته وإلهيته ذكر الدلة العقلية الفقية الدالة على
ذلك وعلى كماله في أسمائه وصفاته من الشمس والقمر والسماوات والرض وجميع ما خلق فيهما من
سائر أصناف المخلوقات وأخبر أنها آيات ،لقوم )يعلمون( و)لقوم يتقون( فإن العلم يهدي إلى معرفة
الدللة فيها وكيفية استنباط الدلئل على أقرب وجه#تفسيره .#.2/303 :اهـ.
-24القضاء:
نوعان:
الول :كوني قدري ،كما في قوله ـ تعالى ـ) :ما كان ل أن يتخذ من ولد سبحانه إذا قضى أمًرا فغنما
يقول له كن فيكون(#مريم.#.35:
وقوله ـ تعالى ـ) :فقضاهن سبع سماوات في يومين(#فصلت.#.12 :
وقوله -سبحانه ) :-فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إل دابة الرض(#سبأ .#.14:فالقضاء
في هذه اليات وأمثالها قضاء كوني قدري متعلق بالخلق واليجاد.
الثاني :ديني شرعي ،كما في قوله ـ تعالى ):-وقضى ربك أل تعبدوا إل إياه وبالوالدين
إحساًنا(#السراء.#.23 :
@@130
قال ابن القيم :أي :أمر وشرع ولو كان قضاًء كونّيا لما عبد غير ال#شفاء العليل #.479:اهـ.
وقوله ـ سبحانه ) :-وما كان لمؤمن ول مؤمنة إذا قضى ال ورسوله أمًرا أن يكون لهم الخيرة من
أمرهم(#الحزاب.#.36 :
وقوله ـ تعالى ـ )فل وربك ل يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم ل يجدوا في نفوسهم حاجة مما
قضيت ويسلموا تسليًما(#النساء.#.65:
-25الحكم:
نوعان:
الول :شرعي ديني ،كما في قوله ـ تعالى ) :-ذلكم حكم ال يحكم بينكم وال عليم حكيم(#الممتحنة:
.#.10وقوله ـ تعالى ـ :وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى ال(#الشورى .#.10:وقوله ـ سبحانه ـ:
)فاصبر لحكم ربك ول تطع منهم آثًما أو كفوًرا(#النسان #.24:وقوله ـ تعالى ـ) :إن ال يحكم ما
يريد(#المائدة.#.1 :
وقوله ـ تعالى ـ) :وعندهم التوراة فيها حكم ال(#المائدة.#.43 :
@@131
الثاني :كوني قدري ،كما في قوله ـ تعالى ـ) :فاصبر حتى يحكم ال بيننا وهو خير
الحاكمين(#العراف .#.87 :وقوله ـ تعالى ـ)قال رب احكم بالحق(#النبياء.#.112 :
قال ابن القيم :أي :افعل ما تنصر به عبدك وتخذل به أعداءك#شفاء العليل , #.479 :اهـ.
-26الرادة:
نوعان:
الولى :كونية قدرية ،كما فر قوله ـ تعالى ـ)فعال لما يريد(#البروج.#.16 :
جا(#النعام. #.125 :وقوله -سبحانه) :-ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيًقا حر ً
وقوله ـ تعالى ـ):إن كان ال يريد أن يغويكم(#هود .#.34 :وقوله ـ عز وجل ـ ) :ونريد أن نمن على
الذين استضعفوا في الرض(#القصص. #.5:
الثانية :شرعية دينية ،كقوله ـ تعالى ـ) :وال يريد أن يتوب عليكم(#النساء.#.27 :
وقوله ـ تعالى ـ) :يريد ال بكم اليسر ول يريد بكم العسر(#البقرة#.185 :
@@132
-27الكتابة:
نوعان:
الولى :كونية قدرية ،كقوله ـ تعالى ـ)قل لن يصبنا إل ما كتب ال لنا(#التوبة #.51 :وقوله ـ سبحانه
ـ) :كتب ال لغلبن أنا ورسلي(#المجادلة.#.21 :
وقوله ـ تعالى ـ) :ولول أن كتب ال عليهم الجلء لعذبهم في الدنيا(#الحشر.#.3 :
وقوله ـ تعالى ـ) :كتب عليه أنه من توله فانه يضله ويهديه إلى عذاب السعير(#الحج .#.4 :وقوله ـ
تعالى ـ)قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتال إلى مضاجعهم(#آل عمرن.#.154 :
الثانية :كتابة شرعية دينية ،كقوله ـ تعالى ـ) :يا أيها الذين آمنوا عليكم القصاص في القتلى(#البقرة:
. #.178وقوله ـ سبحانه ـ) :كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيًرا الوصية للوالدين
والقربين(#البقرة.#.180 :
سا بغير نفس أو فساد في الرض وقوله ـ سبحانه ـ) :من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نف ً
فكأنما قتل الناس جميًعا#(...المائدة#.32 :
@@133
29ـ الذن:
نوعان:
الول :كوني قدري ،كما في قوله ـ تعالى ـ) :وما هم بضارين به من أحد إل بإذن ال(#البقرة#.102 :
.قال ابن القيم :أي بمشيئته وقدره# .شفاء العليل#.482 :
ومثل قوله ـ سبحانه ـ) :فيكون طيًرا بإذن ال(#آل عمران#.49 :
وقوله ـ تعالى ـ) :وما كان لنفس أن تموت إل بإذن ال(#آل عمران#.145 :
@@135
وقوله ـ سبحانه ـ) :والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه(#العراف. #.58 :
واليات في هذا كثيرة.
والثاني :ديني شرعي ،كما في قوله ـ تعالى ـ) :ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن
ال(#الحشر #.5:قال ابن القيم :أي بأمره ورضاه#شفاء العليل #.482:اهـ.
ومثله قوله ـ تعالى ـ) :قل ءال أذن لكم أم على ال تفترون(#يونس#.59 :
وقوله ـ تعالى ـ) :أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به ال(#الشورى #.21 :وقوله ـ
تعالى ـ) :أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن ال على نصرهم لقدير(#الحج #.39 :واليات كثيرة في
هذا.
30ـ الجعل:
نوعان:
الول :كوني قدري ،كما في قوله ـ تعالى ـ ) :وجعل الظلمات والنور(#النعام#.1:
شا والسماء بناًء(#البقرة#.22 :
وقوله ـ تعالى ـ) :الذي جعل لكم الرض فرا ً
وقوله ـ تعالى ـ) :فجعلناهم أحاديث ومزقناهم كل ممزق(#سبأ#.19 :
@@136
31ـ الكلمات:
نوعان:
الول :كونية قدرية ،كما في قوله ـ تعالى ـ) :كذلك حقت كلمة ربك على الذين فسقوا أنهم ل
يؤمنون(#يونس#.33 :
@@137
وقوله ـ تعالى) :-وتمت كلمات ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا(#العراف#.137 :
وقوله ـ تعالى ـ) :إن ال يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم(#هود#.119 :
وقوله ـ تعالى ـ) :وتمت كلمة ربك لملن جهنم من الجنة والناس أجمعين(#هود.#.119 :
ومن ذلك قوله ـ صلى ال عليه وسلم " :-أعوذ بكلمات ال التامات التي ل يجاوزهن بر ول فاجر من
شر ما خلق"#أخرجه أحمد في المسند برقم ) ،(15461وابن عبد البر في التمهيد،24/114 :
وصححه اللباني في السلسلة الصحيحة برقم #.2738
قال ابن القيم":فهذه كلماته الكونية التي يخلق بها ويكون ولو كانت الكلمات الدينية التي يأمر بها وينهي
لكانت مما يجاوزهن الفجار والكفار"#شفاء العليل#.483:
الثانية :شرعية دينية ،كما في قوله ـ تعالى ـ) :وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلم
ال(#التوبة #.6 :قال ابن القيم :والمراد القرآن#شفاء العليل #.483 :اهـ.
@@183
ومنه قوله ـ تعالى ـ) :وقد كان فريق منهم يسمعون كلم ال ثم يحرفونه#(...البقرة.#.75 :
وقوله ـ تعالى ـ) :إني اصطفيتك على الناس برسالتي وبكلمي(#العراف#.144 :
ومنه قوله ـ صلى ال عليه وسلم ـ " :واستحللتم فروجهن بكلمة ال"#أخرجه مسلم برقم )#.(1218
قال ابن القيم :أي بإباحته ودينه#شفاء العليل #.483 :اهـ.
-32البعث:
نوعان:
الول :كوني قدري ،كقوله ـ تعالى ـ) :فإذا جاء وعد أول هما بعثنا عليكم عباًدا لنا أولي بأس
شديد(#السراء#.5 :
وقوله ـ تعالى ـ) :فبعث ال غراًبا يبحث في الرض(#المائدة#.31 :
وقوله ـ تعالى ـ) :قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا(#يس#.52 :
وقوله ـ تعالى ـ ) :قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاًبا من فوقكم(#النعام#.65 :
وقوله ـ تعالى ـ) :وأنهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث ال أحًدا(#الجن#.7 :
@@139
الثاني :شرعي ديني ،كما في قوله ـ تعالى ـ) :كان الناس أمة واحدة فبعث ال النبيين مبشرين
ومنذرين(#البقرة#.213 :
ل منهم(#الجمعة#.2 : وقوله ـ تعالى ـ) :هو الذي بعث في الميين رسو ً
ل أن اعبدوا ال واجتنبوا الطاغوت(#النحل. #.36 :
وقوله ـ سبحانه ـ) :ولقد بعثنا في كل أمة رسو ً
واليات في هذا كثيرة.
33ـ الرسال:
نوعان:
الول :كوني قدري ،كما في قوله ـ تعالى ـ) :وهو الذي أرسل الرياح بشًرا بين يدي رحمته(#الفرقان:
،#48وقوله ـ تعالى ـ):فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع(#العراف #.133 :وقوله
ـ تعالى ـ) :ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أّزا(#مريم #.83 :وقوله ـ تعالى ـ:
حا وجنوًدا لم تروها(#الحزاب#.9 : )فأرسلنا عليهم ري ً
@@140
الثاني :شرعي ديني ،كما في قوله ـ تعالى): -هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على
الدين كله(#التوبة ،33 ،والفتح ،28:والصف ،#.9:وقوله ـ تعالى ـ) :ولقد أرسلنا من قبلك في شيع
الولين(#الحجر#.10:
وقوله ـ سبحانه ـ) :ومت أرسلناك قبلك إل نوحي إليهم(#النبياء#.
ل(#المزمل#.15 :ل شاهًدا عليكم كما أرسلنا إلى فرعون رسو ًوقوله ـ تعالى ـ) :إنا أرسلنا إليكم رسو ً
واليات كثيرة جّدا في هذا النوع.
-34التحريم:
نوعان:
الول :قدري كوني ،كما في قوله ـ تعالى ـ):وحرمنا عليه المراضع من قبل(#القصص #.12 :وقوله ـ
تعالى ـ) :قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة(#المائدة#.26 :
وقوله ـ سبحانه ـ) :وحرام على قرية أهلكناها أنهم ل يرجعون(#النبياء#.95 :
الثاني :شرعي ديني ،كما في قوله ـ تعالى ـ) :إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به
لغير ال(#البقرة #.173 :وقوله ـ تعالى ـ):حرمت عليكم أمهاتكم#(...النساء#.23 :
@@141
وقوله ـ سبحانه ـ) :وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرًما(#المائدة#.96 :
وقوله ـ عز وجل ـ) :وأحل ال البيع وحرم الربا(#البقرة#.275 :
وقوله ـ تعالى ـ) :قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم(#النعام#.151 :
واليات في هذا النوع كثيرة جّدا.
-35اليتاء:
نوعان:
الول :كوني قدري ،كما في قوله ـ تعالى ـ) :وآتاكم من كل ما سألتموه(#إبراهيم#.34 :
وقوله ـ تعالى ـ) :وآتوهم من مال ال الذي آتاكم(#النور#.33 :
وقوله ـ سبحانه ـ) :وال يؤتي ملكه من يشاء( #البقرة#.247 :
وقوله ـ سبحانه ـ) :وآتيناهم ملًكا عظيًما(#النساء#.54 :
واليات كثيرة في هذا.
الثاني :شرعي ديني ،كما في قوله ـ تعالىـ) :ولقد آتيناك سبًعا من المثاني والقرآن العظيم(#الحجر:
#.87وقوله – سبحانه ) :-الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم(#البقرة ،146 :النعام:
#.20
@@142
خاتمة البحث:
الحمد ل رب العالمين والصلة والسلم على خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
فقد تبين لي من خلل هذا البحث المور التية:
أنه ينبغي لطالب العلم أن يكون متدبًرا خلل تلوته لكتاب ال عز وجل ،إذ إنه كان يقرأ -1
كتاب ال بتمعن وتدبر وتفهم سيخرج بفوائد جمة من تلوته سواء كان ذلك مما دلت عليه الية من
الحكام الشرعية أو كان من الفوائد اللفظية ،فكتاب ال ينبوع العلم ومعدن السلم ،وقد ألف العلماء
الجلء الكتب المتنوعة في علومه وتفسيره ،وذلك لما تدبروه وتفهموه ،رحمهم ال.
أن هذا الموضوع من الموضوعات الهامة وقد أدرك المام ابن القيم رحمه ال أهميته فعقد -2
باًبا في كتابه )شفاء العليل (..أشار فيه إلى الفرق بين بعض هذه اللفاظ ،وإنما أراد الشارة
ل ،وقد زدت على ما ذكره ضعفين تقريًبا. والتمثيل لنه لم يذكر منها إل قلي ً
ل للمعنيين في المورد الواحد ول ما هو مختلف فيه لم أتعرض في بحثي هذا لما كان محتم ً -3
هل هو من الكوني القدري أو من الشرعي الديني؟ وهذا النوع حقيق ببحث مستقل وسوف أخرجه
إن شاء ال في بحث لحق.
@@144
فهرس المصادر والمراجع:
القرآن الكريم. -1
إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل .لللباني .المكتب السلمي .بيروت .ط -2
الثانية.
الصابة في تمييز أسماء الصحابة .لبن حجر العسقلني .دار الكتب العربية .بيروت. -3
أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن .للشيخ محمد المين الشنقيطي .عالم الكتب. -4
أنوار التنزيل وأسرار التأويل .لبي الخير عبد ال بن عمر البيضاوي .إعداد /محمد عبد -5
الرحمن المرعشلي .دار إحياء التراث العربي .بيروت .طـ الولى 1418هـ.
البحر المحيط .لبي حيان .نشر المكتبة التجارية .مكة المكرمة. -6
بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة .للسيوطي .ت /محمد أبو الفضل إبراهيم .دار -7
الفكر ط الثانية 1399 :هـ.
تذكرة الحفاظ .للذهبي .دار إحياء التراث العربي. -8
تفسير القرآن العظيم .لبن كثير .درا المعرفة .بيروت .ط الولى 1407هـ. -9
-10تفسير القرآن العظيم مسنًدا عن الرسول ـ صلى ال عليه وسلم – والصحابة والتابعين.
لبن أبي حاتم .ت/أحمد الزهراني .مكتبة الدار .دار طيبة .دار ابن القيم ،ط الولى 1408 ،هـ.
-11تفسير القرآن .لبي المظفر السمعاني .ت/ياسر إبراهيم .دار الوطن .الرياض .ط الولى،
1418هـ.
-12تفسير النسفي .لبي البركات عبد ال أحمد بن محمود النسفي .دار إحياء الكتب العربية.
-13تقريب التهذيب .لبن حجر العسقلني .دار المعرفة ،بيروت .ط الثانية 1395هـ.
-14التمهيد .لبن عبد البر .ت /مصطفى العلوي ومحمد ل بكري .مكتبة ابن تيمية.
-15تهذيب التهذيب .لبن حجر .دار الفكر ،بيروت ،ط الولى 1404هـ.
@@145
– 16تهذيب الكمال .ت /بشار عواد .مؤسسة الرسالة ط الولى 1413هـ.
- 17تيسير الكريم في تفسير كلم المنان .للسعدي .دار المدني بجدة ،ط 1408هـ.
– 18جامع البيان عن تأويل آي القرآن .للطبري .ت /محمود شاكر .مكتبة ابن تيمية .ط الثانية ،وطبعة
دار الحديث بالقاهرة 1407 ،هـ.
-19الجامع الصحيح )سنن الترمذي( .لبي عيسى الترمذي ،مطبعة البابي الحلبي .ط الثانية.
-20الجامع الصحيح .للمام البخاري دار الكتب العلمية.
21ـ الجامع لحكام القرآن .للقرطبي .مكتبة الرياض .ط الثانية.
22ـ الدر المنثور في التفسير بالمأثور .للسيوطي .دار الكتب العلمية .بيروت .ط الولى 1411هـ.
23ـ زاد المسير في علم التفسير.لبن الجوزي .المكتب السلمي .بيروت .ط الرابعة 1407هـ.
24ـ السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة .لبن حميد ت /بكر أبو زيد وعبد الرحمن العثيمين .مؤسسة
الرسالة ط الولى 1416هـ.
– 25سنن ابن ماجه .نشر المكتبة العلمية.
26ـ سنن النسائي .بشرح السيوطي وحاشية السندي ،دار الكتب العلمية.
27ـ سير أعلم النبلء .للذهبي .مؤسسة الرسالة .ط السابعة 1410هـ.
28ـ شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل .لبن قيم الجوزية .عناية خالد العالمي.
دار الكتاب العربي ط الثالثة 1418هـ.
29ـ صحيح الترمذي .لللباني .مكتبة المعارف.
30ـ صحيح سنن ابن ماجه .لللباني .المكتب السلمي .ط الولى.
31ـ صحيح مسلم بشرح النووي :مؤسسة قرطبة .ط الثانية.
32ـ طبقات الحفاظ .لبي بكر السيوطي .دار الكتب العلمية .بيروت ط الولى.
@@146
33ـ طبقات الشافعية الكبرى .للسكبي .ت /عبد الفتاح الحلو .ط الولى.
34ـ الطبقات الكبرى .لبن سعد .دار بيروت .ط 1405هـ.
35ـ طبقات المفسرين .للداوودي .ت/علي محمد عمر .مكتبة وهبة.
36ـ غاية النهاية في طبقات القراء .لبي الخير محمد بن محمد الجزري ،دار الكتب العلمية .لبنان .ط
الثالثة 1402هـ.
-37فتح الباري :لبن حجر ،مكتبة المعارف
-38فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير .للشوكاني .دار الفكر .بيروت .ط
1403هـ
39ـ لسان العرب .لبن منظور
40ـ مجاز القرآن لبي عبيدة .مكتبة الخانجي بالقاهرة.
41ـ مجموع فتاوى شيخ السلم ابن تيمية .مطبعة أنصار السنة المحمدية 1369هـ.
42ـ مدارج السالكين .لبن القيم .دار الكتب العلمية ط الولى 1403هـ.
43ـ المستدرك على الصحيحين للحاكم دار الكتاب العربي.
44ـ مسند المام أحمد بن حنبل .إشراف :عبد ال بن عبد المحسن التركي
45ـ معالم التنزيل .للبغوي .ت /محمد عبد ال النمر وعثمان جمعة وسليمان مسلم دار طيبة .الرياض.
1409هـ.
46ـ معاني القرآن .لبي زكريا الفراء .ت /أحمد يوسف ومحمد علي .دار السرور.
47ـ معني القرآن وإعرابه .للزجاج .ت /الدكتور عبد الجليل شلبي .عالم الكتب .بيروت .ط الولى
1408هـ.
48ـ نزهة اللباء في طبقات الدباء .لبن النباري .ت /الدكتور إبراهيم السامرائي مكتبة المنار.
الردن .ط الثالثة 1405هـ.
49ـ النكت والعيون .لبي الحسن الماوردي .ت /السيد عبد المقصود .دار الكتب العلمية .بيروت ط
الولى 1412هـ.
50ـ هدية العارفين في أسماء المؤلفين وآثار المصنفين .لسماعيل باشا.
51ـ وفيات العيان .لبن خلكان .ت /الدكتور إحسان عباس .دار صادر.
تحقيق
الدكتور /محمد بن عبد العزيز المبارك
قسم أصول الفقه – كلية الشريعة
جامعة المام محمد بن سعود السلمية
@@149
المقدمة:
الحمد ل الذي أنزل على رسوله القرآن الكريم هدى ورحمة للعالمين ،فأحيا به القلوب ،وأنار به
البصار ،وهدى به الضللة ،وجعله معجزة خالدة إلى يوم الدين) :ل يأتيه الباطل من بين يديه ول من
خلفه تنزيل من حكيم حميد( [ فصلت.]42 :
والصلة والسلم على الرحمة المهداة محمد بن عبد ال سيد المرسلين وإمام المتقين ،وعلى آله وصحبه
والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد :فهذا كتاب قيم بديع في عرضه وموضوعه ومؤلفه ،امتاز بسهولة العبارة ،ووضوح المعنى،
وجودة الصياغة ،ودقة التعبير ،عنوانه" :قاعدة في علم الكتاب والسنة" لنجم الدين سليمان بن عبد
القوي الطوفي الحنبلي.
وقد رأيت أن أقوم بدراسته وتحقيقه ،وإخراجه للباحثين للستفادة منه؛ فإن علم أصول الفقه – وهو أحد
العلوم الصلية – ل يزال بحاجة إلى الكشف عن كنوزه الرائعة وتراثه الثمين ،وجهود العلماء التي
بذلت فيه ،مما يستدعي ضرورة تكثيف الجهود لكشف ذخائره ،وتقديمها في صورة تتيح الفادة منها في
يسر وسهولة.
وجعلت عملي في هذا الكتاب في قسمين رئيسيين ،هما:
القسم الول :القسم الدراسي :وفيه ثلثة مطالب:
المطلب الول :التعريف بمؤلف الكتاب.
المطلب الثاني :التعريف بالكتاب.
المطلب الثالث :المنهج المتبع في التحقيق.
@@150
وال أسأل التوفيق والسداد في القول والعمل ،وأن يجعل جميع أعمالنا خالصة لوجهه الكريم ،والحمد ل
رب العالمين ،وصلى ال وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
@@151
@@152
والطوفي ـ بضم الطاء وسكون الواو ـ نسبة إلى قريته "طوف" أو "طوفى" وهي قرية من أعمال
صرصر.
والصرصري ـ بفتح الصاد وسكون الراء وتكريرها ـ نسبة إلى بلد "صرصر" ،وهي على بعد فرسخين
من بغداد#انظر :المصادر السابقة ،معجم البلدان #.3/401
2ـ مولده:
الذي يظهر مما ذكره المترجمون للطوفي أنه ولد سنة بضع سبعين وستمائة#انظر الدليل ،2/366
شذرات الذهب ،#.8/71وقد مال إلى هذا الرأي كثير من المحققين المحدثين الذين كتبوا عن ترجمته،
وعضدوا ذلك بأدلة ،ل مجال لتعدادها#ممن رجح هذا :د .مصطفى زيد ،ود .إبراهيم البراهيم ،ود.
محمد الفاضل ،ود.علي البواب#.
ثم رحل إلى القاهرة ،مركز العلوم والمعارف ،فدخلها سنة 705هــ ،وجالس مشاهير علمائها ،وأخذ
عنهم العلوم ،وبقي فيها أعواًما حتى علت منزلته لدى الحنابلة ،وتولى التدريس في عدد من مدارسها،
وصنف فيها أشهر كتبه ،ومنها :شرح مختصر روضة الناظر.
وفي القاهرة حصل بينه وبين بعض العلماء من الحنابلة جفوة وخلف ،واتهم بأمور ،فسجن مدة وعزر.
ولما خرج من السجن اتجه إلى دمياط ،ومنها إلى "قوص" من أرض الصعيد ،فأقام فيها قرابة ثلث
سنوات ،طالع فيها أغلب خزائنها ،وألف فيها كثيًرا من كتبه ،حتى قيل :إن له في قوص خزانة كتب من
تصانيفه.
ومن قوص خرج عام 714هـ متوجًها إلى مكة المكرمة للحج ،وحج في سنته هذه ،وبقي مجاوًرا في
الحرم إلى أن أدركه الحج في عامه التالي 715هـ ،فحج ،ثم غادر إلى الشام ،فقصد بيت المقدس،
وألف فيه كنابه "الشارات اللهية إلى المباحث الصولية" الذي أنهى تأليفه في شهر ربيع الخر سنة
716هـ.
ثم توجه إلى بلد الخليل عليه السلم ،حيث وافته المنية في شهر رجب من سنة 716هـ ،رحمه ال
#انظر فيما سبق :الذيل ) 2/366وما بعدها( ،الدرر الكامنة ) 2/249ـ ،(251شذرات الذهب
#.8/71
4ـ شيوخه وتلميذه:
أخذ الطوفي في رحلته وتنقلته عن عدد كبير من علماء المصار التي دخلها ،ومن أبرزهم#انظر في
شيوخ الطوفي :المصادر السابقة ،بغية الوعاة #.1/95
أـ علي بن الصرصري الفقيه الحنبلي النحوي ،قرأ عليه الطوفي الفقيه بصرصر.
@@154
ب ـ تقي الدين عبد ال بن أبي بكر الزريراتي البغدادي الحنبلي ،فقيه العراق ومفتي الفاق )ت 729
هـ(.
ج -محمد بن الحسين الموصلي النحوي ،المام في النحو العروض والقراءات )ت 735هـ(.
دـ عبد ال بن عمر بن أبي الرضي الفاروقي الشافعي )ت 706هـ(.
هـ محمد بن عبد ال بن عمر بن أبي القاسم البغدادي الحنبلي ،مسند العراق ) 707هـ(.
وـ إسماعيل بن علي الطبال ،المحدث شيخ المستنصرية )ت 708هـ(.
زـ أحمد بن علي بن عبد ال القلنسي البغدادي الحنبلي )ت 704هـ(.
ح – يوسف بن عبد المحمود بن عبد السلم بن البتي البغدادي ،المقريء الفقيه الديب النحوي المتفنن.
ط ـ القاضي تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلم ابن تيمية الحراني الدمشقي )ت 827هـ(.
ي – شيخ السلم تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلم ابن تيمية الحراني الدمشقي )ت 827
هـ(.
صا في
ك – المام الحافظ يوسف بن عبد الرحمن بن يوسف المزي الشافعي ،أحفظ أهل زمانه خصو ً
الرجال المتقدمين )ت 744هـ(.
ضا إلى ذلك.
وأما تلميذه ،فلم تذكر كتب التراجم عنهم شيًئا ،ولكن جاء في بعضها الشارة عر ً
فذكر الحافظ ابن حجر )ت 852هـ ( ممن تتلمذ على الطوفي #انظر الدرر الكامنة #.2/455
@@155
أـ عبد الرحمن بن محمود بن قرطاس القوصي) ،ت 724هـ( ،ولي الخطابة بجامع الصارم بقوص.
ب ـ محمد بن فضل ال بن أبي الرضي القبطي) ،ت 745هـ( المعروف بابن كاتب المرج.
5ـ مذهبه:
أما مذهبه الفقهي فهو حنبلي المذهب ،كما اتفق على ذلك من كتب عن حياته من المتقدمين
والمتأخرين#انظر :الذيل ،2/362شذرات الذهب ،8/271الدرر الكامنة ،2/249بغية الوعاة
،1/599أعيان العصر #.2/445
وأما مذهبه العقدي فهو سلفي العقيدة ينهج منهج المام أحمد بن حنبل رحمه ال ،وهذا ما كان يذكره عن
نفسه ويسجله في بعض كتبه#وهذا هو الذي يظهر من حال الطوفي رحمه ال ،وما رمي به من التشيع
والرفض ل أساس له من الصحة ،وقد قدم الباحثان الفاضلن :الدكتور مصطفى زيد ،والدكتور إبراهيم
البراهيم أدلة واضحة على براءته من هذه التهمة ،وأنه حنبلي النشأة والثقافة#.
7ـ مؤلفاته:
كان الطوفي كثير المطالعة شغوًفا بتحصيل العلوم مشارًكا في التأليف في مختلف الفنون ،فقد ألف في
أصول الدين ،والتفسير ،والحديث ،والفقه ،وأصوله ،والجدل ،والنحو ،والدب ،والبلغة ،وغيرها.
ومن مؤلفاته#انظر في التعليق على هذه المؤلفات :دراسة الدكتور /محمد الفاضل في تحقيقه لكتاب:
)الصعقة الغضبية(#.
دفع للتعارض ،لكني وجدت الطوفي في الشارات اللهية ) (2/34نسب إلى كتاب "دفع
التعارض" ما ليس موجوًدا في هذا الكتاب ،فعلمت حينئذ أنهما كتابان#.
وأما نسبة الكتاب للطوفي فواضحة جلية ،رغم عدم وقوفي على من نسبه له من القدماء ،إل أن
أكثر الباحثين اتفقوا على نسبته إليه#انظر على سبيل المثال :ما ذكره الدكتور /محمد الفاضل
في مقدمة تحقيقه لكتاب الطوفي" :الصعقة الغضبية في الرد على منكري العربية"#.
أـ ما جاء من إثبات ذلك في صفحة العنوان من النسخة المخطوطة.
ب ـ أم الكتاب ضمن مجموع يحتوي على عدد من مؤلفات الطوفي ورسائله ،ومنها :إيضاح
البيان ،وبيان ما وقع في القرآن من العداد ،وحلل العقد ،وغيرها ،وقد كتب في أول وآخر
كثير منها اسم المؤلف ،وكانت كتابة المجموع ـ ومنه هذا الكتاب ـ بخط نسخي واحد ،وناسخها
واحد.
ج ـ وآكد من ذلك :أن الطوفي ذكر في هذا الكتاب كتابين من كتبه المعروفة وأحال عليهما،
وهما" :رسالة أم القرآن" حيث ذكرها في موضعين ،وكتاب " :الرياض النواضر في الشباه
والنظائر".
2ـ وصف النسخة الخطية للكتاب:
لم أجد ـ بعد البحث ـ إل نسخة واحدة فريدة لهذا الكتاب ،وهي موجودة ضمن المجموع
المشهور المحفوظ في مكتبة برلين#تاريخ الدب العربي ،لبروكلمان )الصل اللماني
، #.(2/180والذي يحوي عدة كتب ورسائل للطوفي ،وهذا المجموع يوجد صورة لبعض
رسائله ـ ومنها هذا الكتاب ـ لدى دار الكتب المصرية ،ضمن الخزانة التيمورية ،ورقمها فيها )
179أصول تيمور(.
@@160
ثم أكد أن القرآن مؤسس والسنة مبينة ،وأنه ل يكاد يوجد حديث صحيح إل له منزع إلى بعض
اليات ،وفصل الكلم عن أمثلة ذلك ،فبدأ بأربعة أحاديث هي مدار السلم ،ثم أتبع ذلك
بأحاديث مما استحضره تقريًرا للمقصود.
وأخيًرا ختم الكتاب بالكلم عن دفع إشكالين واردين على الستدلل بآيتين من كتاب ال عز
وجل.
المطلب الثالث :المنهج المتبع في التحقيق:
اتبعت في تحقيق هذا الكتاب المنهج التي:
1ـ العتماد في تحقيقه على النسخة الفريدة التي سبق الكلم عنها.
2ـ عزو اليات القرآنية إلى مواضعها من كتاب ال تعالى.
3ـ تخريج الحاديث النبوية من مصادرها ،فإن كان الحديث في الصحيحين أو أحدهما فأكتفي
بتخريجه منهما ،وإن لم يكن في أي منهما أخرجه من المصادر الخرى المعتمدة.
4ـ تخريج الثار الواردة في النص.
5ـ التعليق بذكر ما يستدعيه المقام من كزيد بيان أو إضافة مناسبة.
6ـ الشارة إلى بعض الكتب التي تناولت المسائل التي تعرض لها المؤلف ،ومع الحرص على
كتب المؤلف خاصة.
7ـ توثيق الراء المنسوبة فيه إلى القائلين بها من مؤلفاتهم ،أو من المصادر المعتمدة.
8ـ ضبط اللفاظ التي قد تشكل على القارئ.
9ـ كتابه النص حسب قواعد الملء المتعارف عليها في الوقت الحاضر.
@@162
@163@
@@164
@@165
هذه قاعدة ـ جدير أن ينتفع بهاـ في علم الكتاب والسنة إن شاء ال عز وجل.
فنقول :قال ال سبحانه وتعالى لنبيه عليه الصلة والسلم) :وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم
ولعلهم يتفكرون(#من الية رقم ) (44من سورة النحل) ، #.وما أنزلنا عليك الكتاب إل لتبين لهم الذي
اختلفوا فيه(#من الية رقم) (64من سورة النحل #.الية ،وقد ظهر من هذا أن أصل الشريعة في الرتبة
الولى إنما هو القرآن ،والسنة أصل في الرتبة الثانية لجل البيان#اختلف في مرتبة السنة من الكتاب ،من
جا على الحكام الشرعية ،أو أن السنة تقع في حيث كون السنة مع الكتاب في مرتبة واحدة اعتباًرا واحتجا ً
مرتبة ثانية بعد القرآن :فذهب بعض أهل العلم إلى أن رتبة السنة التأخير عن الكتاب في العتبار
والحتجاج.
عا له ،وبهذا أخذ الشاطبي ،وتابعه كثير من الباحثين المحدثين )وهو رأي وعليه فتعد السنة تابعة للقرآن وفر ً
الطوفي هنا( .وذهب آخرون من الباحثين إلى أن السنة مع الكتاب في مرتبة واحدة من حيث العتبار
والحتجاج .وقد طال الخلف في هذه المسألة وتشعب ،والذي يبدو ا،ه خلف اعتباري ،نشأ من اختلف
وجهة نظر كل من الطائفتين ،فالطوفي والشاطبي ومن أخذ بقولهما لم يقصدوا أن السنة ل حجة لها مع
عا لصل واحد ،هو القرآن الكتاب ،بل مقصودهم أن مصادر التشريع ل تعدو كونها في واقع المر فرو ً
الذي أعطي المصادر الخرى حجيتها ،ول يلزم من هذا الترتيب إهمال السنة أو اطراحها.
انظر :الموافقات ) ،(4/294حجية السنة ،لعبد الغني عبد الخالق ص ،490السنة النبوية ومكانتها لعباس
حمادة ) ص ،(193أصول الفقه السلمي ،للخضري بك )ص ، #.(242فهو أصل إضافي ـ أعني أص ً
ل
بالضافة إلى باقي أدلة الشرع ـ فرع تابع بالضافة إلى الفرقان.
@@166
إذا عرف هذا فهل يوجد في السنة ما ليس بياًنا للقرآن؟ بأن يكون مظهًرا لحكم مبتدأ مستقل ل يستند بطرق
البيان إلى غيره#وتسمى السنة المؤسسة ،وهي دلت على حكم سكت عنه القرآن الكريم ،فلم ينص عليه ول
على ما يخالفه.
وهذه مواضع خلف بين العلماء في إمكانيتها ،فذهب بعضهم إلى أنه ل يمكن أن ترد في السنة أحكام ل
أصل في القرآن ،وذهب آخرون إلى جواز استقلل السنة بالتشريع.
والذي يظهر أن الخلف لفظي محتمل؛ فإن الجميع متفقون على حجية هذا النوع من السنة ،إل أن بعضهم
يسميه سنة مستقلة أو مؤسسة ،والبعض الخر يعده من جملة السنة المبينة ،وهؤلء ل يتوقفون في حجية
السنة حتى يبحث عن أصلها في الكتاب #.أم ل؟
هل هذا محل نظر .ثم إن القرآن على ضربين:
أحدهما :بين بنفسه ،ل يحتاج إلى بيان من خارج#وهو ما فهم منه عند الطلق معنى معين ،من نص أو
ظهور ،فهو يستغني بنفسه عن البيان ،ويطلق عليه البيان البتدائي ،كما في شرح مختصر الروضة )
ل واعتقاًدا.
، #.(2/675فهذا ل إشكال فيه ،ويجب امتثال مقتضاه عم ً
والثاني :ما ليس بيًنا بنفسه فيحتاج إلى بيان من خارج ،وبيانه إما أن يكون في القرآن في موضع آخر منه،
أو ل#ذكر الطوفي في كتابه النفيس )الكسير في علم التفسير ص 33ـ (34أن الكلم في القرآن إما ا،
يكون متضح اللفظ والمعنى ،أو ل ،فالول :ل حاجة له إلى تفسير ،بل هو بين بنفسه؛ لتضاح،
@@167
لفظه ،واشتهاره وضًعا أو عرًفا ،ونصوصيته في معناه نحو) :فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه([ الحجر:
]22؛ فإن لفظ النزال والسماء والماء والسقاء معروفة مشهورة ،من غير حاجة إلى بيان.
والثاني :وهو ما لم يتضح المراد منه في لفظه ومعناه ،لشتراك نحو) :ثلثة قروء( [ البقرة ،]228 :فإن
القرء يحتمل الطهر والحيض ،أو لغرابة في اللفظ ،نحو) :فرت من قسورة([ المدثر ،] 51 :فهذا المحتاج
إلى البيان.
فإن كان في القرآن تعين بياًنا له؛ لنه بيان القاطع بمثله ،والجنس بجنسه#
أجمع أهل العلم على أن أشرف أنواع التفسير وأجلها تفسير كتاب ال بكتاب ال؛ إذ ل أحد )( 1
أعلم بمعنى كلم ال من ال جل وعل ،فما أجمل في مكان ،فإنه قد فسر في موضع آخر ،وما اختصر
في مكان فقد بسط في موضع آخر.
انظر مجموع الفتاوى ) ،(13/363أضواء البيان )#.(1/3
ضا فهو مؤكد له في بيانه ،ل أصل؛ إذ بيان المبين تحصيل حاصل ،وهو فإن وجد له بيان في السنة أي ً
مستغن عنه.
وهذا كقوله عز وجل ):أجيب دعوة الداع إذا دعان( #من الية رقم ) (186من سورة البقرة ،#.فهو عام
خص ،أو مطلق قيد بقوله عز وجل) :بل إياه تدعون فيكشف ما تدعون إليه إن شاء( #.من الية رقم )(41
من سورة النعام#.
وكقوله عز وجل) :من كان يريد حرث الخرة نزد له في حرثه( #من الية رقم ) (20من سورة
الشورى #.تضمن عموًما وإطلًقا بينا بقوله عز وجل):من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن
نريد( #.من الية رقم ) (18من سورة السراء#.
@@168
وكما سبق في رسالة أم القرآن من بيان بعض القرآن ببعض#قال المؤلف فر رسالته )أم القرآن ـ ص
" :(345ومن أمثلة تفاوت مراتب البيان :قوله عز وجل )وإذ قال موسى لقومه إن ال يأمركم أن تذبحوا
ل بذبح بقرة ،وهي مسمى مطلق في غاية الجمال ،ثم بين لهم بقرة( اليات؛ فإن ال عز وجل أمرهم أو ً
أنها) :ل فارض ول بكر عوان بين ذلك( ،ثم بين لهم أنها )صفراء فاقع لونها تسر الناظرين( ،ثم بين لهم
أنها )ل ذلول تثير الرض ول تسقي الحرث مسلمة ل شية فيها( ،فكان ذلك غاية في البيان لهم...ومن أمثلة
ذلك :أن ال عز وجل بين مواقيت الصلة في كتابه بقوله عز وجل) :فسبحان ال حين تمسون وحين
تصبحون ( الية ،ثم بين بقوله عز وجل) :وسبح بحمد ربك حين تقوم ،ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم( ثم
بقوله عز وجل) :وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب() ،وقبل غروبها( اليتين ،وبقوله عز
وجل) :أقم الصلة لدلوك الشمس إلى غسق الليل( اليات وهي متفاوتة في البيان على ترتيبها الذي
ذكرناه".#.
وقد بلغنا أن بعض العلماء فسر القرآن بالقرآن ،وهو يسير على من قصد إليه ،وأعين عليه#لم أقف على من
يقصد الطوفي بأنه فسر القرآن بالقرآن ،في عصره ،مع التتبع وسؤال أهل الختصاص ،لكن جاء في
ل في ذلك ،عنوانه :مفاتيح الرضوان في تفسير الذكر بالثار العصور المتأخرة من أفرد مؤلًفا مستق ً
.#والقرآن
؛ فإن اله عز وجل):نزل أحسن الحديث كتاًبا متشابًها(#من الية رقم ) (23من سورة الزمر #.أي :يشبه
ضا ،وكتاب بالمسمى بالرياض النواضر في الشباه والنظائر ينحو ذلك ضا ،أو يصدق بعضه بع ً بعضه بع ً
المنحى ،ومغزاه ،ذلك المغزى.
وإن لم يكن بيانه في القرآن فهو في السنة والعقل؛ إذ ل مرصد للبيان سواهما#.بقي الجماع كما صرح
بذلك المؤلف نفسه في كتابه الكسير ص ،40حيث ذكر أن تفسير القرآن ل يخلو :إما أن يكون بدليل عقلي
قاطع ،أو نص عن النبي صلى ال عليه وسلم تواتري ،أو اتفاق من العلماء إجماعي أو نص أحادي
صحيح#.
@@169
والمر والبيان العقلي واضح ،كتخصيص ذات ال عز وجل وصفاته من عموم) :كل شيء هالك(#من الية
رقم ) (88من سورة القصص ،#.وتخصيص السماوات والرض من عموم) :تدمر كل شيء(#من الية
رقم ) (25من سورة الحقاف ،#.وتخصيص منافع الجنة ونحوها من عموم )وأوتيت من كل شيء(#من
الية رقم ) (23من سورة النمل ،#.ونحو ذلك؛ فإنه تخصيص وبيان عقلي#قرر الطوفي في شرح مختصر
الروضة ) (2/555أنم التخصيص بيان كما هو معروف من حده ،وعليه فالمخصص مبين ،والعقل يصح
أن يكون مبيًنا لمراد المتكلم بلفظه.
ضا في التخصيص بالعقل :العدة ،2/574والمستصفى ،2/99نهاية الوصول ،4/1605البحر وانظر أي ً
المحيط #.3/355
وإنما نحتاج إلى النظر في البيان بالسنة.
فنقول :هي إما متواترة أو ل.
فإن كانت متواترة :بين بها الكتاب؛ لنها في قوته سنًدا ،وكنسخه بها وأولى#ل خلف في جواز البيان
بالقوى والمساوي ،ولذلك نقل جماعة من أهل العلم الجماع على جواز تخصيص الكتابة بالسنة المتواترة.
انظر :الحكام للمدي ،2/472نهاية الوصول ،4/1617شرح مختصر الروضة #.2/558
وإن لم تكن متواترة :فالتحقيق يقتضي أن ل يبين الكتاب بها؛ لنها أضعف منه ،والبيان قاض على المبين؛
لنه يظهر ما تضمنه ،ويكشف عما اشتمل عليه وضمنه ،والضعف ل يقضي على القوى#لكن الطوفي
رد هذا الطلق في شرح مختصر الروضة ) ،(2/686فذكر أنه يصح منع تبيين القوى بالضعف إذا
تساويا من جهة الرتبة والدللة ،لكن ل يلزم من ضعف الرتبة ضعف الدللة؛ لجواز،أن يكون الضعف
رتبة أقوى دللة :كتخصيص عموم الكتاب بخبر الواحد؛ لنه أخص ،فيكون أدل .فالحكم إذن فيما يحتاج
إلى بيان أن يوقف فيه الدليل القاطع أو اللحاق به عند تحقيق الجامع.
@@170
لكن الئمة رضي ال عنهم ذهبوا إلى بيان القرآن بآحاد السنة#ذهب الئمة الربعة وجمهور أهل العلم إلى
جواز البيان بالحاد ،ومنع ذلك المعتزلة والمتكلمون وقلة من الفقهاء.
انظر :البرهان ،1/427العدة ،2/550أصول السرخسي ،1/414المستصفى ،2/81المحصول
،1/477الحكام ،للمدي ،3/34شرح تنقيح الفصول ص ،281نهاية الوصول ،#.4/1622وهي
ضربان :مستفيض وغيره.
فالمستفيض :ما اشتهر في طبقات أعصاره ،ولم يبلغ القطع#الجمهور يجعلون المستفيض أو المشهور قسًما
من الحاد.
بينما الحنفية لهم اصطلح خاص في تقسيم الحاد ،حيث يرون أن الخبر ثلثة أقسام :متواتر ،ومشهور،
وآحاد ،فيضيفون المشهور وهو المستفيض ،ويعرفونه بأنه :ما كان آحاد الصل متواتر الفرع ،وذلك بأن
يرويه في الصل عدد ل يبلغون حد التواتر ،ثم ينتشر في القرن الثاني حتى يرويه جماعة ل يتصور
تواطؤهم على الكذب ،مع تلقي المة له بالقبول .انظر أصول السرخسي ،293 -1/292نهاية الوصول
،7/2800كشف السرار للبخاري ،2/674البحر المحيط #.4/249
وغير المستفيض ـ وهو الحاد المجردة عن الستفاضة – ما ليس كذلك .وينشأ لنا من هذا قسمة ،وهي :أن
كل حديث فإما أن يشتهر ويفيد القطع ،وهو المتواتر ،أو ل يشتهر ول يفيد القطع ،وهو المستفيض ،أو يفيد
القطع ول يشتهر ،ول أظنه ممكًنا؛ إذ الشهرة من لوازم إفادة القطع ،ووجود ملزوم بدون لزمه محال.
ويجب أن يقدم في البيان السنة المتواترة ،ثم المستفيض ،ثم الحاد؛ تقديًما للقوى فالقوى.
والدليل على جواز بيان القرآن بالحاد وجوه:
@@171
أحدها :قوله تعالى) :لتبين للناس ما نزل إليهم(#من الية رقم ) (44من سورة النحل #.مع علمه عز وجل
أن ليس جميع السنن متواترة ،فدل على أنه أجاز ذلك#ذكر الطوفي في الشارات اللهية ) (2/374أن هذه
الية تدل على وجوب العمل على خبر الواحد؛ لن بيان النبي صلى ال عليه وسلم للقرآن واجب القبول،
ضا على جواز بيان المتواتر بالحاد ،لن والتواتر فيه نادر ،فلو لم تقبل الحاد لتعطل أكثر البيان ،وتدل أي ً
البيان كشف ،والقوى يكشف بالضعف#.
الثاني :أن مجمل القرآن أكثر من متواتر السنة ،فلو انحصر بيان القرآن في متواترها لخل كثي من القرآن
عن البيان ،وهو خلف المقصود من إنزاله.
الثالث :قوله صلى ال عليه وسلم" :نضر ال امرًأ سمع مقالتي فوعاها ،فأداها كما سمعها"#أخرجه ابن
ماجه في سننه ،المقدمة ،باب من بلغ علًما ) (1/85رقم .231
والمام أحمد في مسنده ) (27/301رقم .16738
والدرامي في سننه ،المقدمة ،باب القتدء بالعلماء ) (1/80رقم .232
والحاكم في المستدرك ،كتاب العلم ) (1/162رقم .294
وابن عبد البر في جامع بيان العلم .1/40
وكلهم من حديث جبير بن مطعم رضي ال عنه.
وفي الباب عن زيد بن ثابت ،وأنس بن مالك ،وابن مسعود رضي ال عنه وغيرهم #.الحديث ،وهو عام
فيمن سمع مقالته وحده أو مع عدد يحصل به التواتر أنه مأمور بنقلها ،ول فائدة لنقلها إل العلم بها ،ومن
جملة العمل بها أن يتبين بها مجمل القرآن.
الرابع :أن النبي صلى ال عليه وسلم كان يرسل الحاد بالخبار إلى البلد البعيدة ،وهي بيان للقرآن ،ثم
يوجب على من بلغته العمل بها ،وهي بالنسبة إليهم آحاد.
ولعل في هذا نظًرا#لعل وجه النظر في هذا ما ذكره في شرح مختصر الروضة) ،(2/120وهو" :ل نسلم
أن تلك الخبار التي كان النبي صلى ال عليه وسلم يبلغها الناس كانت آحاًدا ،بل اقترن بها ما أفاد العلم على
القرائن الحالية" ،وعليه فل يبقى في تبليغها دليل على جواز البيان بخبر الحاد المجرد#.
@@172
الخامس :أن بين القرآن وأخبار الحاد قدًرا مشترًكا ،وهو إفادة الظن#وهذا من حيث الدللة ،ل من حيث
الثبوت؛ فإن المة مجمعة على قطعية القرآن الكريم من حيث ثبوته .انظر :الحكام ،لبن حزم )#.(1/92
وهو كاف في إثبات أحكام الشرع.
قلت :يجيء من هذا تفصيل :وهو ا ،بين القرآن والحاد في الظنيات الفرعية ،ل في القطعيات الصولية،
وهذا قول متوسط معتدل.
صا،
ل فيه#فالول يسمى ن ّ قاعدة :كل نص فإما أن يدل على معنى بصريحه ،أو بظاهره ،أو يكون مجم ً
ل.
والثاني ظاهًرا ،والثالث مجم ً
قال الطوفي في شرح مختصر الروضة )":(1/553ووجه انحصار الكلم في النص والظاهر والمجمل هو
أن اللفظ إما أن يحتمل معنى واحًدا فقط ،أو يحتمل أكثر من معنى واحد ،والول النص ،والثاني :إما أن
حا أو ظاهًرا يترجح في أحد معنييه أو معانيه ،وهو الظاهر ،أو ل يترجح ،وهو المجمل" #.فإن كان صري ً
وجب العمل بموجبه إل لدليل راجح يقتضي صرفه عن الصريح والظاهر ،من معارض للصريح راجح ،أو
صريح يترك له الظاهر.
ل طلب بيانه ،فإن وجد ،وإل وقف فيه #فالمجمل حكمه أن يتوقف فيه على الدليل المبين وإن كان مجم ً
للمراد به ،كما أن حكم الصريح والظاهر المبادرة إلى العمل بما ظهر منهما :انظر :شرح مختصر الروضة
#.2/655
فائدة :إذا أردنا بيان آية بشيء من السنة :إن لم تكن صحيحة ثابتة على وجه يجب قبولها لم يعتبر ،وطلبنا
البيان من غيرها ،وإن كانت صحيحة ثابتة فل يخلو :إما أن يكون في الباب منها حديث واحد ،أو أكثر .
فإن كان حديث واحد استعملناه في البيان ،ول إشكال.
ل أو يختلفا :فإن اتفقا ـ بأن أفادا معنى واحًدا ـ فهما
وإن كان أكثر من حديث :فإما أن يتفق الحديثان مث ً
كالحديث الواحد في بيان الية.
@@173
وإن اختلفا :فإن كان اختلفهما اختلًفا ل يمنع الجمع بينهما ـ كالعام مع الخاص ،والمطلق مع المقيد،
والمجمل مع المبين ـ جمعنا بينهما بطريق الجمع ،ثم استعملناهما في البيان#فإن في الجمع بين الدليلين
ل للدلة وترًكا لهمالها ،فمتى أمكن العمل بكل منهما أو بأحدهما فهو المتعين ،ولذلك كان المتعارضين إعما ً
إعمال الدليلين أولى من إهمالهما أو إهمال أحدهما ،وإهمالهما يكون بإسقاطهما أو التوقف فيهما ،وإهمال
أحدهما يكون بالترجيح أو التخيير بينهما.
انظر :نهاية الوصول ،8/3662شرح مختصر الروضة ،3/689البحر المحيط #.6/133
وإن كان اختلفهما اختلًفا يمنع الجمع ـ وأمكن وجود ذلك ـ بأن تناقض معناهما :فإن تفاوتا في الصحة قدم
ضا في شرح مختصر الصح منهما ،وأقسام الحديث الصحيح سبعة ،مرتبة هكذا#وقد ذكرها الطوفي أي ً
الروضة .2/109
وانظر في مراتب الحديث الصحيح عند المحدثين :تدريب الراوي 1/122ـ ،123شرح شرح نخبة الفكر
ص :#.288
المتفق عليه بين الشيخين.
ثم أفراد البخاري.
ثم أفراد مسلم.
ثم ما خرج على المتفق عليه.
ثم ما خرج على أفراد البخاري.
ثم ما خرج على أفراد مسلم#أوضح الطوفي في شرح المختصر ) (2/109معنى التخرج على شرط
البخاري ومسلم أو شرط أحدهما بقوله" :أنهما ـ أعني البخاري ومسلًما ـ اختلفا في رواة الحديث ،لختلف
صفاتهم المعتبرة عندهما ،فاتفقا على الخراج عن طائفة من الرواة ،وانفرد البخاري بالرواية عن طائفة من
الرواة ،وانفرد مسلم بالرواية عن طائفة ،فزعم المستدركون عليهما :أنهم قد وجدوا أحاديث قد رواها من
خرجنا عنه ،اتفاًقا وانفراًدا ،ومن يساوي من خرجا عنه ،فخرجوها ،وقالوا :هذا استدراك عليهما على
شرطهما ،أو شرط واحد منهما"#.
@@174
ثم ما خرج في باقي السنن ،مما حكم بصفته إمام معتبر في الحديث ،ولم يوجد له معارض مساو أو راجح.
فيقدم في الصحة بعض هذه المراتب على بعض.
وكذا يقدم أحد الحديثين على الخر بغير الصحة من المرجحات المذكورة في أصول الفقه#الترجيح بين
الخبار إما من جهة سندها ،أو متنها ،أو قرائنها المحتفة بها.
فالترجيح من جهة المتن مبناه تفاوت دللت اللفاظ في أنفسها ،وعليه يرجح القوى دللة على غيره،
فالنص مقدم على الظاهر ،والمثبت على المنفي ،وما اشتمل على حظر أو وعيد على غيره ،وهكذا.
والترجيح من جهة القرائن يكون باعتضاد أحد الخبيرين بعموم كتاب أو سنة أو قياس شرعي أو عمل
الصحابة.
انظر :روضة الناظر 3/1030ـ ،1038شرح مختصر الروضة ،698،706 ،3/690شرح الكوكب
المنير 4/627ـ #.628
وإن استويا من جهة الصحة وغيرها ،فالجمع بينهما في البيان غير ممكن لتناقضهما فماذا يفعل؟
ههنا احتمالت:
أحدها :أن يتركهما جميًعا؛ لتعارضهما ،كتعارض البينتين ،وتبقى الية على إجمالها موقوفة على بيان من
خارج#وبهذا قال بعض الفقهاء والصوليين.
انظر شرح تنقيح الفصول ص ،417البحر المحيط ،6/115شرح الكوكب المنير #.4/613
الثاني :أن يتخير المجتهد في استعمال أيهما شاء بياًنا ،كما يخير عند تعادل المارتين#وبهذا قال الشافعي
وبعض الحنابلة.
انظر :شرح تنقيح الفصول ص 417؛ البهاج ،3/214شرح الكوكب المنير #.4/613
@@175
الثالث :أن يستعمل منهما ما هو الليق بالدب مع ال تعالى إن كان الحكم المطلوب بيانه في العبادات ،وما
هو الصلح والعدل للمكلفين إن كان الحكم المذكور في المعاملت.
وهذا أشبه من الذي قبله ،وهما أشبه من الول؛ إذ فيه تعطيل السنة ،وإنما وردت لتستعمل.
ضا ل يمنع الجمع :فل بد من استعمال التأويل في الجمع بينهما#والتأويل فائدة :إذا تعارض نصان تعار ً
الصحيح هو :صرف اللفظ عن ظاهره إلى ما يحتمله بدليل ،#.لكن ذلك التأويل إما في غاية القرب الظاهر،
أو في غاية البعد منه ،أو متوسط بين الغايتين.
ل للجمع بين النصوص ،وصيانة لها عن اللغاء#وهذا قول فإن كان في غاية القرب وجب استعماله؛ تحصي ً
جماهير أهل العلم .انظر :الحكام ،للمدي 3/75ـ ،76شرح مختصر الروضة ،1/563نهاية الوصول
،5/1982البحر المحيط 3/438ـ ،439شرح الكوكب المنير #.3/461
وإن كان في غاية البعد :فالنصان :إما آيتان ،أو حديثان ،أو آية وحديث.
فإن كانا آيتين :فالكثرون على الجمع بينهما بذلك التأويل البعيد ،صيانة للنص عن التعطيل#لكنهم يرون
التأويل البعيد يفتقر في حمل اللفظ عليه وصرفه عن الظاهر إلى مرجح قوي متأكد .قال الطوفي في شرح
مختصر الروضة )" :(1/563الحتمال المرجوح المقابل للراجح الظاهر ،قد يكون بعيًدا عن الرادة ،وقد
طا بين البعيد عنها والقريب منها ،فالحتمال البعيد يحتاج في حمل اللفظ
يكون قريًبا منها ،وقد يكون متوس ً
ضا:
عليه إلى دليل قوين لتجبر قوة الدليل ضعف الحتمال ،فقويان على الستيلء على الظاهر وانظر أي ً
المستصفى ،1/387البحر المحيط ،3/444شرح الكوكب المنير ،3/462فواتح الرحموت #."2/22
@@176
وفيه نظر؛ إذ يقابل محذور التعطيل محذور آخر ،وهو حمل كلم الحكيم الفصيح المعصوم على ما هو في
ظا يريد به ما هو في غاية البعد عن
غاية البعد عن ظاهره ،والحكيم يستحيل منه أو يبعد جّدا أن يطلق لف ً
الظاهر؛ إذ ذلك غباوة في النفس ،أو عي في اللسان ،وهما على الشرع محال.
وكذا الكلم في تعارض الخبرين.
فإن قيل :فإن لم يجمع بين النصين بالتأويل البعد فما الحكم؟
قلنا :إن كانا آيتين وتعذر الجمع بغير ذلك التأويل البعد :احتمل أن يتخير في العمل بأحدهما ،واحتمل أن
يعمل بالشبه منهما بقواعد الشرع ،واحتمل أن يوقفا على ظهور تأويل قريب ،كالمجمل يوقف البيان#قال
الطوفي في شرح مختصر الروضة " :2/689الصواب تقديم الجمع على الترجيح ما أمكن ،إل أن يفضي
الجمع إلى تكلف يعلب على الظن براءة الشرع منه ،ويبعد
أنه قصده ،فيتعين الترجيح ابتداًء"#.
حا له بها ،وإن لم يتفاوتا :فحمل المر على أن
وإن كانا خبرين :فإن تفاوتا في الصحة :أخذنا بالصح؛ ترجي ً
أحدهما معلوم من جهة وهم بعض الرواة أولى من حمله على إرادة الفصيح المعصوم ما هو في غاية البعد
من ظاهر لفظه ،فينظر أشبههما بالستعمال فيستعمل ،وبالترك فيترك.
وإن كانا آية وخبًرا :فاستعمال الية أولى؛ لقطعيتها وظنيته.
فائدة :الكتاب والسنة كلهما يشتمل على مجمل ومبين#وهذا قول جماهير أهل العلم من أصوليين وغيرهم،
وشذ داود الظاهري حيث منع ورود المجمل في الكتاب والسنة .انظر :شرح تنقيح الفصول ص ،280
نهاية الوصول ،5/1812البحر المحيط ،3/455شرح الكوكب المنير .3/415وقد عرف الطوفي
المجمل في شرح مختصر الروضة ) (2/647بأنه " :اللفظ المتردد بين محتملين فصاعًدا على السواء"،
وعرف المبين ) (2/671بأنه "اللفظ الناص على معنى غير متردد متساٍو"#.
وكلهما قد بين نفسه وصاحبه ،غير أن الغلب أن السنة تبين القرآن؛ لقوله عز وجل:
@@177
)وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم(#من الية رقم ) (44من سورة النحل ،#.فالقرآن مؤسس،
والسنة مبينة.
وبيان السنة للكتاب بالكشف عما تضمنه من المعاني :إما بيان بعض لبعض ،فتارة يكون بتكميل المعنى،
مثل :أن يرد حديثان في أحدهما زيادة على معنى الخر تكملة له ،وتارة بالكشف عن المعنى كبيانها للقرآن،
ضا ،فيكمله ويكشف وتارة بهما ،مثل :أن يرد حديثان في أحدهما زيادة معنى على الخر ،وزيادة كشف أي ً
عن معناه المراد به.
حا إل له منزع إلى بعض اليات ،بأن فائدة :إذا كانت السنة بياًنا للكتاب ،فنحن ل نكاد نجد حديًثا صحي ً
ضا الشاطبي في الموافقات،يخص عمومها ،أو يقيد مطلقها ،ونحو ذلك من وجوه البيان#وهذا ما أكده أي ً
وانتصر له ،ودلل عليه ،وذكر له أمثلة تقرره ،قال )" :(4/314السنة راجعة في معناها إلى الكتاب ،فهي
تفصيل مجمله ،وبيان مشكله ،وبسط مختصره؛ وذلك لنها بيان له ...،فل توجد في السنة أمًرا إل والقرآن
قد دل على معناه دللة إجمالية أو تفصيلية#."...
فإن وجدنا حديًثا ل يظهر له منزع أو نسبة إلى بعض اليات كفانا رده إلى قوله عز وجل) :وما آتاكم
الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا(#من الية رقم ) (7من سورة الحشر ،#.ونحوه من العمومات
المتوغلة في العموم ،كما ورد إليه ابن مسعود رضي ال عنه حديث لعن ال الواشرة والمستوشرة#جاء في
صحيح البخاري ،كتاب التفسير ،باب "وما آتاكم الرسول فخذوه" ) 6/260ـ ،(261عن عبد ال بن مسعود
رضي ال عنه قال :لعن ال الواشمات والمستوشمات ،والمتنمصات والمتفلجات للحسن
@@178
المغيرات خلق ال ،فبلغ ذلك امرأة من بني أسد ،يقال لها أم يعقوب ،فجاءت فقالت :إنه بلغني أنك لعنت
كيت وكيت ،فقال :وما لي ل ألعن من لعن رسول ال صلى ال عليه وسلم ومن هو في كتاب ال ،فقالت:
لقد قرأت ما بين اللوحين ،فما وجدت فيه ما تقول ،قال :لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه ،أما قرأت) :وما آتاكم
الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا( قالت :بلى ،قال :فإنه قد نهى عنه.
وأخرجه مسلم في صحيحه ،كتاب اللباس والزينة ،باب تحريم فعل الواصلة والمستوصلة والواشمة
والمستوشمة )14/106ـ .(107
والوشر والفلج بمعنى واحد ،وهو برد ما بين السنان ،وتفعل ذلك المرأة الكبيرة إظهاًرا للصغر وحسن
السنان.
انظر :شرح صحيح مسلم ) ،(14/106لسان العرب ) (5/284مادة وشر#.
وكما حكي عن الشافعي رضي اله عنه أنه جلس في المسجد الحرام ،فقال :ل تسألوني عن شيء في
مجلسي هذا إل أخبرتكم به من كتاب ال ،فقام إليه رجل ،فقال :أين تجد في كتاب ال عز وجل) :وما آتاكم
الرسول فخذوه( ،ثم روى لهم بإسناده عن النبي صلى ال عليه وسلم" :خمس فواسق يقتلن في الحل
والحرم" #جاء من حديث عائشة رضي ال عنها أن النبي صلى ال عليه وسلم قال":خمس من الدواب كلهن
فاسق يقتلن في الحرم :الغراب ،والحدأة ،والعقرب ،والفأرة ،والكلب العقور".
الحديث أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب الحج ،باب ما يقتل المحرم من الدواب ) .(3/36ومسلم في
صحيحه ،كتاب الحج ،باب ما يندب للمحرم وغيره قتله من الدواب في الحل والحرم ) ، #.(4/18والزنبور
منها ،أو ملحق بها#لم أجد القصة عن الشافعي بهذا الوجه ،بل المذكور في كتب التراجم ونحوها وجهان:
الول :أن الشافعي قال مرة بمكة :سلوني عما شئت أخبركم عنه من كتاب ال ،فقال له رجل :ما تقول في
المحرم يقتل زنبوًرا ،فقال الشافعي :بسم ال الرحمن الرحيم ،قال ال تعالى) :وما آتاكم الرسول فخذوه وما
نهاكم عنه فانتهوا( حدثنا سفيان بن عيينة عن عبد الملك بن عمير عن ربعي @@179
عن حذيفة عن النبي صلى ال عليه وسلم أنه قال" :اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر" ،وحدثنا سفيان
عن مسعر بن كدام عن قيس بن مسلم بن طارق بن شهاب عن عمر بن الخطاب أنه أمر بقتل الزنبور .فقد
أفتى الشافعي بجواز قتل الزنبور في الحرام ،وبين أنه يقتدي فيه بعمر ،وأن النبي صلى ال عليه وسلم أمر
طا منبالقتداء به ،وأن ال تعالى أمر بقبول ما جاء عن النبي صلى ال عليه وسلم ،فكان جواز قتله مستنب ً
كتاب ال.
الثاني :أن الشافعي جلس مرة في المسجد ،فأتاه رجل من خراسان ،فقال :ما تقول في أكل فراخ النبور؟
فقال :حرام ،فقال الرجل :حرام؟ قال نعم :من كتاب ال وسنة رسوله والمعقول ،أعوذ بال السميع العليم من
الشيطان الرجيم):وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا( ،وحدثنا سفيان عن زائدة عن عبد الملك
بن عمير عن مولى لربعي عن حذيفة أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال" :اقتدوا بالذين من بعدي أبي
بكر وعمر" ،هذا الكتاب والسنة ،وحدثونا ـ وساق سنده ـ عن عمر أنه أمر بقتل الزنبور ،وفي المعقول أن
ما أمر بقتله فحرام أكله.
انظر :حلية الولياء 9/109ـ ،110سير أعلم النبلء ،10/88المنتظم في التاريخ #.10/185
فلتفهم القاعدة.
@@179
ومن هذا الباب ـ أعني :رد جزئيات الحكام الخاصة إلى كليات القرآن العامة ـ ما ثبت عن النبي صلى ال
عليه وسلم ذكر زكاة البل والبقر والغنم ،فسئل عن الحمر والبغال ،هل فيها زكاة؟ فقال" :ما أنزل علي فيها
شيء إل هذه الية الفاذة) :فمن يعمل مثقال ذرة خيًرا يره ،ومن يعمل مثقال ذرة شّرا يره(#اليتان )(8،7
من سورة الزلزلة.
والحديث أخرجه مسلم في صحيحه من رواية أبي هريرة ،كتاب الزكاة ،باب إثم مانع الزكاة ).(7/67
ولم أجد في طرق الحديث المختلفة أن الرسول صلى ال عليه وسلم سئل عن الحمر والبغال ،بل إنما قيل
له :فالحمر؟ ولعل ذكر البغال هنا وهم من المؤلف رحمه ال#.
كأنه يقول :من تصدق مما يملكه من البغال والحمير بشيء أجر عليه ورأى ثوابه؛ لعموم هذه الية.
ونظائر هذا الستخراج كثير عن الشارع صلوات ال عليه ،وعن أهل العلم#قال الحافظ ابن حجر في فتح
الباري ) (10/386معلًقا على ما ورد عن ابن مسعود رضي ال عنه من لعنه الواشمات والمستوشمات:
"وفي إطلق ابن مسعود نسبة لعن من فعل ذلك إلى كتاب ال ،وفهم أم= يعقوب منه أنه أراد بكتاب ال
القرآن ،وتقريره لها عن هذا الفهم ،ومعارضتها له :بأنه ليس في القرآن ،وجوابه بما أجاب ،دللة على
جواز نسبة ما يدل عليه الستنباط إلى كتاب ال تعالى وإلى سنة رسوله صلى ال عليه وسلم نسبة قوله،
فكما جاز نسبة لعن الواشمة إلى كونه في القرآن ،لعموم قوله تعالى) :وما آتاكم الرسول فخذوه( مع ثبوت
لعنه صلى ال عليه وسلم من فعل ذلك ،يجوز نسبة من فعل أمًرا يندرج في عموم خبر نبوي ما يدل على
ل :لعن ال من غير منار الرض في القرآن ،ويستند في ذلك إلى أنه صلى منعه إلى القرآن ،فيقول القائل مث ً
ال عليه وسلم لعن من فعل ذلك"#.
@@180
والمقصود من هذا بيان ارتباط الكتاب والسنة ،وموافقة بعضها لبعض ،وفي ظهور اتفاق أدلة الشرع
اتضاح للمر وانشراح للصدر.
ولنذكر من ذلك شيًئا على سبيل ضرب المثال:
فنقول :قوله عليه السلم" :العمال بالنيات وإنما لمرئ ما نوى"#أخرجه البخاري في صحيحه ،بدء الوحي
) ،(1/2ولفظه" :إنما العمال بالنيات ،وإنما لك لمرئ ما نوى".
ومسلم في صحيحه ،كتاب المارة ،باب قوله صلى ال عليه وسلم" :إنما العمال بالنية" )، #.(6/48
يرجع إلى معنى قوله عز وجل) :وما أمروا إل ليعبدوا ال مخلصين له الدين(#من الية رقم ) (5من سورة
البينة ، #.أي :قاصدين لعبادتهم إياه ل غير ـ وهذه حجة الشافعية على اشتراط مقارنة النية للتكبير في
الصلة#مذهب الشافعية في وقت النية في الصلة :وجوبها مع التكبير ،ل قبله ،ول بعده ،فإن نوى بعد
التكبير لم يجزه ،وإن نوى قبل التكبير لم يجزه ،إل أن يستديم النية إلى وقت التكبير .انظر الحاوي )
ضا قوله عز وجل) :ول يشرك بعبادة ربه أحًدا(#من الية رقم ) ،(2/92المجموع ) #.(3/377ـ وأي ً
(110من سورة الكهف ،#.أو أعم من ذلك قوله) :قل كل يعمل على شاكلته(#من الية رقم ) (84من
سورة السراء #.؛ إذ
@@181
يلتقي هو والحديث المذكور من حيث قوة الكلم على معنى كل يعمل ويؤجر على حسب نيته#فسر قتادة
رحمه ال "على شاكلته" أي :على نيته ،وقال ابن عباس رضي ال عنهما :على ناحيته وطريقته ،وقال
مجاهد :على حدته وطبيعته ،وقيل :على دينه ،قال ابن كثير :وكل هذه القوال متقاربة المعنى.
انظر :جامع البيان ) ،(15/104تفسير القرآن العظيم )#.(3/60
قوله صلى ال عليه وسلم " :فمن كانت هجرته إلى ال ورسوله فهجرته إلى ال ورسوله" ،الحديث#هذا
تابع للحديث السابق ،#يرجع إلى معنى قوله تعالى) :كالذي ينفق ماله رئاء الناس(#من الية رقم )(264
من سورة البقرة #.الية ،ونحوها في ذم الرياء ومدح الخلص ،وهي كثيرة.
قوله صلى ال عليه وسلم" :الحلل بين ،والحرام بين"#أخرجه البخاري في صحيحه من حديث النعمان بن
بشير رضي ال عنه ،كتاب اليمان ،باب فضل من استبرأ لدينه ).(1/35
ومسلم في صحيحه ،كتاب المساقاة ،باب أخذ الحلل وترك الشبهات ) #.(11/27يرجع إلى معنى قوله عز
وجل ) :وهذا بيان للناس(#من الية رقم ) (138من سورة آل عمران) ، #.يبين ال لكم أن تضلوا(#من
الية رقم ) (176من سورة النساء) #.كذلك يبين ال آياته للناس( #من الية رقم ) (187من سورة
البقرة) ، #.كذلك نفصل اليات( #من الية رقم ) (32من سورة العراف) ، #.وكل شيء فصلناه
ل( #من الية رقم ) (12من سورة السراء ) ، #.ما فرطنا في الكتاب من شيء( #من الية رقم ) تفصي ً
(38من سورة النعام، #.
@@182
)اليوم أكملت لكم دينكم( #من الية رقم ) (3من سورة المائدة #.؛ غذ دين ل يبين حلله من حرامه ل
ل) ،ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث( #من الية رقم ) (157من سورة العراف، #. يكون كام ً
وما كان من نحو ذلك.
قوله صلى ال عليه وسلم" :وبينهما مشتبهات ل يعلمها كثير من الناس"#هذا تابع للحديث السابق، #.
مفهومه أن بعض الناس يعلمها وهم علماء الكتاب والسنة #قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري )
":(1/154ومفهوم قوله [ كثير] أن معرفة حكمها ممكن لكن للقليل من الناس ،وهم المجتهدون ،فالشبهات
على هذا في حق غيرهم ،وقد تقع لهم حيث ل يظهر لهم ترجيح أحد الدليلين" ، #.فإذن مرجع هذا إلى
معنى قوله عز وجل) :فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى ال ورسوله( #من الية رقم ) (59من سورة
النساء ، #.يعني كتاب ال عز وجل ،وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم) ،وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه
إلى ال( #من الية رقم ) (10من سورة الشورى ، #.أي ارجعوا في حكمه إلى ال عز وجل بالرجوع إلى
كتابه ،وبيانه وهو السنة.
ضا للحديث السابق، #.قوله صلى ال عليه وسلم" :فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه"#هذا تابع أي ً
يرجع إلى قوله عز وجل ) :اتقوا ال( وهو كثير في القرآن #جاء هذا في كثير من آيات القرآن الكريم ،ومن
ذلك :اليات ) (203،223،231،233،278،282 ،196 ،194من سورة البقرة ،واليات )،102 ،50
(200 ،130 ،123من سورة آل عمران ،واليات ) (2،4،7،8،11،57،88،98،100،108،112من
سورة المائدة ) ، #.اتقوا ال حق تقاته(#من الية رقم ) (102من سورة آل عمران #.واجتناب الشبهات
من ذلك.
@@183
وفي معناه قول الحسن البصري :لقد أدركنا قزًما كانوا يدعون سبعين باًبا من الحلل خشية أن يقعوا في
باب واحد من الحرام#من الية رقم ) (229من سورة البقرة ،#.وهو يفيد اجتناب الشبهات؛ لنها قريبة
من المحرمات التي هي حدود ال عز وجل ،وهذا ـ على نظر فيه ـ أمس بالحديث من الول.
ضا للحديثقوله صلى ال عليه وسلم" :أل وإن لكل ملك حمى ،وإن حمى ال محارمه"#هذا تابع أي ً
السابق #.يرجع إلى معنى قوله عز وجل) :تلك حدود ال فل تعتدوها(#من الية رقم ) (229من سورة
البقرة) ، #.من يعص ال ورسوله ويتعد حدوده يدخله ناًرا( #من الية رقم ) (14من سورة النساء#.
وحدود ال عز وجل ما منع خلقه من مواقعته ،كحمى الملك الذي يمنع دواب غيره أن ترعى فيه.
ومادة )حمى يحمي وحمية( ترجع إلى معنى المنع أو ما يفيده#قال ابن منظور في لسان العرب )
" :(14/198حمى الشيء حمًيا وحمى وحماية ومحمية :منعه ودفع عنه ...وحمى المريض ما يضره حمية:
منعه إياه ،واحتمى هو من ذلك وتحمى :امتنع"#.
قوله صلى ال عليه وسلم" :أل وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ،وإذا فسدت فسد الجسد
ضا للحديث السابق #.يرجع إلى معنى كله ،أل وهي القلب"#هذا تابع أي ً
@@184
قوله تعالى ) :إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب( #من الية رقم ) (37من سورة ق) ،#.أفمن شرح ال
صدره للسلم( #من الية رقم ) (22من سورة الزمر ، #.وشرح الصدر كناية عن تنوير القلب لمعرفة
الحق ،هذا في طرف الصلح ،أما في طرف الفساد) :فإنها ل تعمى البصار ولكن تعمى القلوب التي في
الصدور(#من الية رقم ) (46من سورة الحج) ، #.لهم قلوب ل يفقهون بها(#من الية رقم ) (179من
سورة العراف) ، #.وطبع ال على قلوبهم( #من الية رقم ) (93من سورة التوبة) #.وختم على سمعه
وقلبه(#من الية رقم ) (23من سورة الجاثية ،#.وأشباه ذلك.
قوله صلى ال عليه وسلم" :من حسن إسلم المرء تركه ما ل يعنيه"#أخرجه المام أحمد في مسنده من
ل ) (3/259رقم .1737 حديث الحسين بن علي رضي ال عنهما موصو ً
ل.
والترمذي في سننه ،كتاب الزهد ،باب (4/484)11رقم ،2318من حديث علي بن الحسين مرس ً
وأخرجه من حديث أبي هريرة رضي ال عنه كل من:
الترمذي في سننه ،الموضع السابق (4/483) ،رقم .2317
وابن ماجه في سننه ،كتاب الفتن ،باب كف اللسان في الفتنة ) (2/1316رقم .3976
وابن حبان في صحيحه )الحسان بترتيب صحيح ابن حبان 1/227رقم .(229
والبغوي في شرح السنة ،كتاب الرقاق ،باب ترك النسان ما ل يعنيه ) (14/320رقم .4132والحديث
حسنه النووي في الربعين النووية.
انظر :شرح الربعين النووية ،لبن دقيق العيد ص #.40هذا ينظر إلى معنى قوله عز وجل ) :والذين هم
عن اللغو معرضون(#الية رقم ) (3من سورة المؤمنون) ، #.وإذا سمعوا اللغو
@@185
أعرضوا عنه(#من الية رقم ) (55من سورة القصص#.؛ لن ما ل يعني النسان فهو لغو أو شبيه به،
وينعكس كلّيا ،وإعراضه عنه ترك له.
قوله صلى ال عليه وسلم" :كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد"#أخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب الصلح،
باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود ) ،(4/21ومسلم في صحيحهـ ،كتاب القضية ،باب
نقض الحكام الباطلة ورد محدثات المور ) (12/16بلفظ" :من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد".
ل ليس عليه أمرنا فهو رد" عقله البخاري في صحيحه ،كتاب العتصام
وقد ورد بلفظ" :من عمل عم ً
بالكتاب والسنة ،باب إذا اجتهد العامل أو الحاكم فأخطأ ) ،(9/193ووصله مسلم في صحيحه ،كتاب
القضية ،باب نقض الحكام الباطلة ورد محدثات المور ) #.(12/16ينظر إلى معنى قوله عز وجل:
)وما نهاكم عنه فانتهوا(#من الية رقم ) (7من سورة الحشر)، #.فل وربك ل يؤمنون حتى يحكموك فيما
ل ليس عليه أمر الشارع فما حكمه،شجر بينهم(#من الية رقم ) (65من سورة النساء ، #.فمن عمل عم ً
ومن لم يحكمه لم يؤمن ،ومن لم يؤمن لم تمض أحكامه على موجب الشرع فهي مردودة حتى يأذن فيها.
وإنما بدأنا في ضرب المثل بهذه الحاديث الربعة؛ لنها مدار السلم ،على ما ذكره بعض الئمة ،واشتهر
بين المحدثين#.جاء عن المام أبو داود السجستاني أنه قال :السلم يدور على أربعة أحاديث ،وذكر
الحاديث الربعة السابقة.
وقد نظم بعض أهل العلم هذه الحاديث بقوله:
لربع من كلم خير البرية عمـــــدة الـدين عندنا كلمات
ليس بعينيك واعملن بنية# اتق الشبهات وازهد ودع ما
@ @186وجاء عن المام أحمد أن مدار السلم على ثلثة أحاديث ،وهي الحاديث السابقة ما عدا من
حسن إسلم المرء."...
انظر شرح الربعين النووية ،لبن دقيق العيد ص ،24مجموع الفتاوى لبن تيمية ) (18/249كشف
الخفاء ).(1/12
@@186
ثم نتبع ذلك بأحاديث مما نستحضره تقرًيا للمقصود ،فمن ذلك:
قوله صلى ال عليه وسلم" :مفتاح الصلة الطهور" #أخرجه أبوداود في سننه ،من حديث علي رضي ال
عنه ،كتاب الطهارة ،باب فرض الوضوء ) ،(1/49رقم.61 :
والترمذي في سننه ،أبواب الطهارة ،باب ما جاء أن مفتاح الصلة الطهور ) (1/9رقم ،3 :وقال :اصح
الحديث اصح شيء في هذا الباب وأحسن.
وابن ماجه في سننه ،كتاب الطهارة وسننها ،باب مفتاح الصلة الطهور ) (1/185رقم.691 :
والطحاوي في شرح معاني الثار ).(1/273
والدارقطني في سننه ،كتاب الصلة ،باب مفتاح الصلة الطهور ) ،(1/360وغيرهم.
وقد صحح إسناده النووي في المجموع (289/3) ،وابن حجر في فتح الباري ) ، #.(2/322وقوله صلى
اله عليه وسلم" :ل يقبل ال صلة بغير طهور"#أخرجه مسلم في صحيحه ،من حديث ابن عمر رضي ال
عنهما ،كتاب الطهارة ،باب وجوب الطهارة للصلة ) ،(3/102بلفظ" :ل تقبل صلة بغير طهور" #.ونحو
ذلك من أحاديث الطهارة يرجع إلى قوله تعالى) :يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلة فاغسلوا
وجوهكم(#من الية رقم ) (6من سورة المائدة #.الية.
@@187
وقوله عليه الصلة والسلم" :التراب طهور المسلم ما لم يجد الماء"#أخرجه أبو داود في سننه من حديث
أبي ذر رضي ال عنه ،كتاب الطهارة ،باب الجنب يتيمم) (1/273رقم ،333 :ولفظه" :إن الصعيد الطيب
طهور ،وإن لم تجد الماء عشر سنين".
والترمذي في سننه ،أبواب الطهارة ،باب ما جاء في التيمم للجنب إذا لم يجد الماء ) (1/212رقم،124 :
بلفظ":إن الصعيد الطيب طهور المسلم ،وإن لم يجد الماء عشر سنين" ،وقال :هذا حديث حسن صحيح.
والنسائي في سننه ،كتاب الطهارة ،باب الصلوات بتيمم واحد ) ،(1/139ولفظه" :الصعيد الطيب وضوء
المسلم ،وإن لم يجد الماء عشر سنين.
والمام أحمد في مسنده ) (135/231رقم ،21304:ولفظه" :إن الصعيد الطيب وضوء المسلم ،وإن لم
يجد الماء عشر حجج".
والدارقطني في سننه ،كتاب الطهارة ،باب جواز التيمم لمن لم يجد الماء سنين كثيرة ) 1/186ـ .(187
والحديث صححه ابن القطان كما في التلخيص الحبير ) ،(1/163وصححه اللباني في صحيح الجامع
الصغير ) ، #.(1/342وقوله" :جعلت لي الرض مسجًدا وطهوًرا"#أخرجه البخاري في صحيحه ،في
أول باب من كتاب التيمم ).(1/149
ومسلم في صحيحه ،كتاب المساجد ومواضع الصلة )5/4ـ #(5الية.
وقوله صلى ال عليه وسلم" :بيننا وبينهم ترك الصلة ،فمن تركها فقد كفر"#أخرجه الترمذي في سننه من
حديث بريدة بن الحصيب رضي ال عنه ،كتاب اليمان ،باب ما جاء في ترك الصلة ) ،(5/15رقم:
،2621ولفظه :العهد الذي بيننا وبينهم الصلة ،فمن تركها فقد كفر وقال عنه :هذا حديث حسن صحيح
غريب.
وابن ماجه في سننه ،كتاب إقامة الصلة والسنة فيها ،باب ما جاء فيمن ترك الصلة) (1/342رقم:
.1079
والمام أحمد في مسنده ) (38/20رقم.22937 :
والدارقطني في سننه ،باب التشديد في ترك الصلة ،وكفر من تركها ).(2/52
والحاكم في المستدرك ،كتاب اليمان ) (48/1وقال :حديث صحيح السناد ،ووافقه الذهبي #.يرجع إلى
قوله تعالى) :فإن تابوا وأقاموا الصلة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين(#من الية رقم ) (11من سورة
التوبة#.
علق الخوة في الدين على فعل الصلة وما معها ،فبدونها ل تحصل الخوة الدينية ،فيلزم الكفر.
@@188
وفي هذا بحث#لعل وجه البحث ما ذكره الطوفي في كتاب الشارات اللهية ) (271/2بقوله" :واعترض
عليها بأن الية في الكفار الصليين ونحوهم ،بعلة الكفر وترك الصلة وغيرها من أعمال الكفار ،فل يلزم
مثله في غيرهم ،وعن الحديث بحمله على التغليظ أو كفر النعمة".
قوله صلى اله عليه وسلم" :إنكم لتختصمون إلي ،ولعل أحدكم ألحن بحجته من صاحبه ،فمن قضيت له
بشيء من حق أخيه فل يأخذه ،فإنما أقطع له قطعة من النار"#لخرجه البخاري في صحيحه ،كتاب
الشهادات ،باب من أقام البينة بعد اليمين ).(4/13
ومسلم في صحيحه ،كتاب القضية ،باب بيان أن حكم الحاكم ل يغير الباطن )#.(12/4
يحتج به الفقهاء على أن حكم الحاكم ل يغير الحق عن صفته في الباطن #قال النووي في شرح صحيح
مسلم )" :(12/6في هذا الحديث دللة لمذهب مالك والشافعي وأحمد وجماهير علماء السلم وفقهاء
المصار من الصحابة والتابعين فمن بعدهم :أن حكم الحاكم ل يحيل الباطن ،ول يحل محرًما" #.وهو
يرجع إلى قوله عز وجل) :ول تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريًقا من أموال
ل بالثم مع حكم الحاكم ،فدل على ما الناس بالثم(#من الية رقم ) (188من سورة البقرة #.الية ،سماه أك ً
ذكرناه.
قوله صلى ال عليه وسلم" :من نام عن صلة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها"#أخرجه البخاري في صحيحه،
كتاب مواقيت الصلة ،باب من نسي صلة فليصل إذا ذكرها ول يعيد إل تلك الصلة ) (1/245من حديث
أنس رضي ال عنه ،بلفظ" :من نسي صلته فليصل إذا ذكرها ل كفارة لها إل ذلك )وأقم الصلة لذكري(.
ومسلم في صحيحه ،كتاب المساجد ومواضع الصلة ،باب قضاء الصلة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها)
،(193 ،5/183ولفظه" :من نسي صلة نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها" وفي لفظ آخر له ":إذا
رقد أحدكم عن الصلة أو غفل عنها فليصلها إذا ذكرها؛ فإن ال يقول )وأقم الصلة لذكري( #.يرجع إلى
قوله عز وجل) :وأقم الصلة لذكري(#من الية رقم ) (14من سورة طه ،#.وقد ذكره النبي صلى ال عليه
وسلم في تمام
@@189
صا إذا أقره
جا به ،والخطاب في الصل وإن كان لموسى إل أن شرع من قبلنا شرع لنا ،خصو ً الحديث محت ً
شرعنا#وهذا مذهب الحنفية ،وبه قال كثير من الحنابلة وبعض الشافعية.
انظر :بذل النظر )ص ،(679العدة ) ،(3/753شرح مختصر الروضة ) ،(3/169البحر المحيط )
#.(6/42
وتحرير هذه المسألة :أن شرع من قبلنا إن استعمله شرعنا وأقره فهو شرع لنا ،كهذه الية ،وإن ورد بنسخه
فليس بشرع لنا ،وإن لم يرد بتقريره ول نسخه فهو محل الخلف #انظر في تقرير هذا :شرح مختصر
الروضة )3/169ـ ،(170الشارات اللهية إلى المباحث الصولية )#.(2/117
قوله صلى ال عليه وسلم" :ل يحل مال امرئ مسلم إل عن طيب نفس منه"#أخرجه من رواية أبي حرة
الرقاشي عن عمه كل من:
المام أحمد في مسنده ).(5/72
والدراقطني في سننه ،كتاب البيوع ).(3/26
حا فأدخله في سيفه ،أو بنى عليه جداًرا )
والبيهقي في السنن الكبرى ،كتاب الغصب ،باب من غصب لو ً
.(6/100
وللحديث شواهد من رواية أبي حميد الساعدي ،وعمرو بن يثرب ،وابن عباس رض ال عنه ،انظرها في
إرواء الغليل ) 5/279ـ ،(282وصححه اللباني،#.
يرجع إلى قوله عز وجل) :ل تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إل أن تكون تجارة عن تراض منكم(#من الية
رقم ) (29من سورة النساء#.
قوله صلى ال عليه وسلم" :من قتل نفسه بشيء قتل به في جهنم"#أخرجه البخاري في صحيحه من حديث
ثابت بن الضحاك رضي ال عنه ،كتاب الجنائز ،باب ما جاء في قاتل النفس ) ،(2/201ولفظه" :ومن قتل
نفسه بحديدة عذب به في نار جهنم" ،ومن حديث أبي هريرة رضي ال عنه في الموضع السابق بلفظ:
"الذي يخنق نفسه يخنقها في النار ،والذي يطعنها يطعنها في النار".
ومسلم في صحيحه من حديث ثابت بن الضحاك ،كتاب اليمان باب بيان غلظ تحريم قتل النسان نفسه )
،(2/119ولفظه" :ومن قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة" ، #.معنى الحديث نحو هذا ،وهو طويل في
البخاري وغيره ،يرجع إلى قوله عز وجل) :ول تقتلوا أنفسكم(#من الية رقم ) (29من سورة النساء#.
@@190
قوله صلى ال عليه وسلم" :ل يحل دم امرئ مسلم إل بإحدى ثلث"#أخرجه البخاري في صحيحه من
حديث ابن مسعود رضي ال عنه ،كتاب الديات ،باب قول ال تعالى) :أن النفس وبالنفس( ) ،(9/7ولفظه:
"ل يحل دم امرئ مسلم يشهد أن ل إله إل ال وأني رسول ال إل بإحدى ثلث :النفس بالنفس ،والثيب
الزاني ،والمارق من الدين التارك للجماعة".
ومسلم في صحيحه ،كتاب القسامة ،باب ما يباح به دم المسلم ) #.(11/164الحديث يرجع إلى قوله عز
وجل) :ول تقتلوا النفس( #من الية رقم ) (151من سورة النعام#.
وما جاء من الوعيد والتغليظ على قتل النفس في السنة راجع إلى قوله عز وجل) :ومن يقتل مؤمًنا متعمًدا
فجزاؤه جهنم(#من الية رقم ) (93من سورة النساء #.الية.
وعلى هذه الطريقة يمكن استقراء أحاديث السنة جميعها ،ورد معانيها إلى معاني الكتاب.
وإنما جعلت هذا التعليق المختصر كالباب والمدخل إلى هذا العرض لي ـ إن تفرغت له ـ أو لغيري ممن
ينشط لذلك.
وقد بينا في رسالة أم القرآن أن الكلم في إجماله وبيانه على مراتب ،فما أمكن رده من السنة إلى أعلى
مراتب البيان من القرآن ،وإل لنرده إلى ما هو دونه في ذلك ،إلى أن ينتهي إلى أقصى درجات
الجمال#قال المؤلف في رسالة )أم القرآن( ص 345ـ " :348اعلم أن الكلم من حيث هو على ضربين
ل من بعض ،وبعض مجمل ،ومبين مفصل ،والضربان متفاوتان في المراتب ،فبعض المجمل أشد إجما ً
المبين أشد بياًنا من بعض ،حتى ينتهي المجمل إلى غاية الجمال ،والمبين إلى غاية البيان..إذا عرفت ما
قدمناه من مراتب فاعلم أن القرآن من مراتب بيانه على ذلك :فالفاتحة التي هي أم القرآن مشتملة على
مقاصده الكلية من حيث الجمال ،ثم باقي القرآن يبين ذلك في رتبة ثانية من البيان ،ثم السنة بينته في رتبة
ثالثة من البيان؛ لنها بيان القرآن"#.
@@191
مثل :أن ترد الحاديث الواردة في الفرائض إلى آيات الفرائض في سورة النساء؛ فإنها في درجة واضحة
من البيان ،ويرد تفاصيل أحكام الصلة والزكاة والحج إلى قوله عز وجل) :وأقيموا الصلة وآتوا
الزكاة(#من الية رقم ) (43من سورة البقرة) ، #.وأتموا الحج (#من الية رقم ) (196من سورة البقرة#.
،فهذه اليات في غاية الجمال ،وبين ذلك مراتب ل تخفى.
خاتمة لهذه الملء في قوله عز وجل) :إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ول أولدهم من ال شيًئا
وألئك هم وقود النار(#من الية رقم ) (10من سورة آل عمران، #.
تأكيد ،والـتأكيد يشعر إشعاًرا قوّيا باختصاص الكفار بوقود النار ،وليس المر كذلك؛ إذ قد صح في السنة
النقل المستفيض ـ إن لم يكن متواتًرا ـ أن عصاة المؤمنين يدخلون النار #عصاة المؤمنين هم الذين ماتوا
يوم يموتون وقد فعلوا المعاصي لم يتوبوا منها ،أو لم تقل توبتهم فيها ،أو ماتوا عليها ،فهؤلء جاءت
النصوص بدخول طائفة منهم النار ممن لم يغفر ال ذنوبهم ولم يكفرها عملهم الصالح ،إل أن عقيدة أهل
السنة والجماعة فيهم أنهم غير مخلدين في النار ،بل يمكثون في النار ما شاء ال أن يمكثوا ،ثم مصيرهم
إلى الجنة ،وهذا بخلف ما عليه الخوارج ومن تابعهم من المعتزلة الذين أنكروا خروج أحد من النار بعد
دخولها .انظر العقيدة الطحاوية وشرحها لبن أبي العز ) #.(2/534،528فكيف ذلك؟
والجواب من وجوه:
أحدها :ل نسلم أن هذا يدل على اختصاص الكفار بذلك ،وإنما يدل على أولويتهم بها من غيرهم ،كقوله عز
وجل) :قد أفلح المؤمنون(#الية رقم ) (1من سورة المؤمنون #.إلى
@@192
قوله تعالى) :أولئك هم الوارثون ،الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون( #اليتان ) (11 ،10من سورة
المؤمنون ، #.أي :هم أولى من دخلها ،وإن كان ربما دخلها غيرهم من المؤمنين ممن لم يأت بتلك الفعال
جميعها.
الوجه الثاني :أن المراد ألئك هم وقود النار الخالدون فيها ،بدليل الية الخرى) :وألئك أصحاب النار هم
فيها خالدون(#من الية رقم ) (116من سورة آل عمران ، #.في السورة بعينها ونظيرها في سورة
المجادلة#يعني قول ال تعالى في الية رقم ) (17من سورة المجادلة) :لن تغني عنهم أموالهم ول أولدهم
من ال شيًئا ألئك أصحاب النار هم فيها خالدون(#.
ضا ما ثبت في صحيح مسلم من قوله صلى ال عليه وسلم" :أما أهل الرض الذين عم ويدل على ذلك أي ً
أهلها فل يموتون فيها ول يحيون ،وإنما قوم من المؤمنين يدخلون النار بخطاياهم فيموتون حتى
يخرجوا"#يشير إلى ما رواه مسلم في صحيحه ،كتاب اليمان ،باب إثبات الشفاعة وإخراج الموحدين من
النار ) (3/37من حديث أبي سعيد الخدري رضي ال عنه قال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم "أما
أهل النار الذين هم أهلها فإنهم ل يموتون فيها ول يحيون ،ولكن ناس أصابتهم النار بذنوبهم ،ـ أو قال:
بخطاطيفهم ـ فأماتهم إماتة حتى إذا كانوا فحًما أذن بالشفاعة فجيء بهم ضبائر ضبائر ،فبثوا في أنها الجنة،
ثم قيل :يا أهل الجنة أفيضوا عليهم ،فينبتون نبات الحبة تكون في حميل السيل" #.هذا معنى الحديث.
الوجه الثالث :أن وقود النار يشعر ـ بل يفيدـ دوام إيقادها بهم؛ لنه من قوة قوله :ألئك حصب جهنم #يشير
إلى قوله تعالى في الية ) (98من سورة النبياء) :إنكم وما تعبدون من دون ال حصب جهنم أنتم لها
واردون( ، #.أولئك الحطب الذي توقد به النار ،وهو يفيد العموم والدوام.
ويشهد لذلك قوله عز وجل) :إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم ناًرا كلما نضجت جلودهم بدلناها جلوًدا
غيرها(#من الية رقم ) (56من سورة النساء #.الية ،فهم لذلك وقود النار دائًما ،وعصاة المؤمنين ليسوا
كذلك.
جا ،قيًما(#من اليتان ) (2،1من قوله عز وجل) :الحمد ل الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عو ً
سورة الكهف #.هذا من باب التقديم والتأخير #وهذا على القول بأنهما حالن متواليان ،إل أن الولى جملة
جا جعله قيًما .انظر الكشافوالثانية مفرد ،وقيل :إن "قيما" منصوب بمضمر ،وتقديره ولم يجعل له عو ً
جا
للزمخشري ) ،(2/379تفسير غرائب القرآن ) #.(15/109وتقديره :أنزل الكتاب قيًما ولم يجعل له عو ً
جا قيًما"
(#روى بان جرير الطبري بسنده عن ابن عباس رضي ال عنهما في قوله" :ولم يجعل له عو ً
جا ،قال ابن جرير :فأخبر ابن عباس بقوله بهذا مع بيانهل قيًما ولم يجعل له عو ً
يقول :أنزل الكتاب عد ً
جا" ،ومعناه التقديم ،بمعنى :أنزل الكتاب على عبدهمعنى القيم أن القيم مؤخر بعد قوله "ولم يجعل له عو ً
قيًما.
انظر جامع البيان )#.(15/126
فإن قلت ما الحكمة في تقديم نفي العوج عنه على إثبات الستقامة له؟
فالجواب :أن العوج من قبيل الشر والنقص ،والستقامة من قبيل الخير والكمال ،ودفع الشرور والنقائص
أهم في الحكمة من جلب الخيرات والكمالت ،على ما ل يخفى طبًعا وعادة.
ولهذا ـ وال عز وجل أعلم ـ قال ) :فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز(#من الية رقم ) (185من
سورة آل عمران #.بدأ بدفع الشر ،وهو النار ،ثم ثنى بحصول الخير ،وهو الجنة.
@@194
وتحقيق ذلك :أن كل ذات فلها ثلث أحوال :حال نقص ،وتمام ،وكمال ،وهو فوق التمام ،وإنما يلحقها العيب
في حالة النقص دون الحالتين الخريين ،فكان الهتمام بصيانتها من الجهة التي يلحقها النقص منها متعيًنا،
وال عز وجل أعلم بالصواب.
والحمد ل رب العالمين ،وصلى ال على سيدنا محمد خاتم النبيين ،وعلى آله وصحبه أجمعين#جاء في
نهاية النسخة :نقله الفقير إلى ال محمد بن عبد الوهاب بن محمد ،غفر ال له ولوالديه ولمن دعى له
بالمغفرة وجميع المسلمين آمين .وكتب في هامش الصفحة اليمن :بلغت مقابلة#.
@@195
فهرس المراجع والمصادر:
البهاج في شرح المنهاج – لتقي الدين السبكي )ت 756هـ( وولده تاج الدين )ت 771 .1
هـ( ،دار الكتب العلمية – بيروت ،-الطبعة الولى ،عام 1404هـ 1984 -م.
إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين – لمحمد الحسين الزبيدي ،درا الفكر. .2
إحكام الحكام شرح عمدة الحكام – لتقي الدين ابن دقيق العيد ) 702هـ( ،مكتبة السنة – .3
القاهرة ،الطبعة الولى ،عام 1418هـ 1997 -م.
الحكام في أصول الحكام – لسيف الدين أبي الحسن المدي )ت 631هـ( ،دار الحديث – .4
جواد إدارة الزهر.
إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الصول – لمحمد بن علي الشوكاني )ت 1250 .5
هـ( ،دار المعرفة – بيروت.
إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل – لمحمد ناصر الدين اللباني ،المكتب .6
السلمي – بيروت 1405 ،هـ 1985 -م ،الطبعة الثانية.
الشارات اللهية إلى المباحث الصولية – لنجم الدين الطوفي )ت 716هـ( ،تحقيق: .7
حسن بن عباس قطب ،دار الفاروق الحديثة – القاهرة 1424 ،هـ 2003 -م.
أصول السرخسي – لبي بكر محمد بن أحمد السرخسي ) 490هـ( ،تحقيق /أبو الوفا .8
الفغاني ،لجنة إحياء المعارف النعمانية – حيدر أباد ،الهند.
أصول الفقه السلمي – للشيخ محمد الخضري ،المكتبة التجارية – القاهرة ،طبع عام .9
1389هـ 1969 -م.
.10أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن – لمحمد المين الشنقيطي ،مكتبة ابن تيمية –
القاهرة 408 ،هـ 1988 -م.
@@196
.11الكسير في علم التفسير – لنجم الدين الطوفي )ت 716هـ(،تحقيق/د .عبد القادر حسين،
مكتبة الداب القاهرة.
.12النتصارات السلمية في كشف شبه النصرانية – لنجم الدين الطوفي ،تحقيق /د.سالم بن
محمد القرني ،رسالة دكتوراه – جامعة المام محمد بن سعود السلمية.
.13البحر المحيط – لبدر الدين الزركشي )ت 794هـ( ،دار الصفوة – مصر ،الطبعة الثانية،
1413هـ 1992 -م.
.14بذل النظر في الصول – لمحمد بن عبد الحميد السمندي )ت 552هـ( ،تحقيق /د .محمد
زكي عبد البر ،مكتبة التراث – القاهرة 1412 ،هـ 1992 -م .الطبعة الولى.
.15البرهان في أصول الفقه – لمام الحرمين الجويني )ت 478هـ( ،تحقيق الدكتور عبد
العظيم محمود الديب ،درا الوفاء – مصر ،الطبعة الولى ،عام 1412هـ 1992 -م.
.16بغية الوعاة في أخبار اللغويين والنحاة – لجلل الدين السيوطي )ت 911هـ( تحقيق /محمد
أبو الفضل إبراهيم ،المكتبة العصرية -بيروت.
.17تاريخ الدب العربي – لبروكلمان ،الصل اللماني – ليون 1943م ،والترجمة العربية،
القاهرة1975 ،م.
.18تدريب الراوي في شرح تقريب النووي – لجلل الدين السيوطي )ت 911هـ( ،مكتبة
الرياض الحديثة – الرياض.
.19تفسير غرائب القرآن – لنظام الدين النيسابوري ،مطبوع بهامش تفسير ابن جرير الطبري.
.20تفسير القرآن العظيم – للحافظ ابن كثير )ت 774هـ( دار الفكر العربي.
.21التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير – للحافظ ابن حجر العسقلني )ت
852هـ( ،تحقيق/د .شعبان محمد إسماعيل ،مكتبة ابن تيمية – القاهرة.
@@197
.22جامع بيان العلوم وفضله –لبن عبد البر )463هـ( ،دار الكتب العلمية – بيروت.
.23جامع البيان في تفسير القرآن – لبي جعفر الطبري )ت 310هـ( ،دار الحديث – القاهرة،
1407هـ 1987 -م.
.24الجامع الصحيح )سنن الترمذي( – لبي عيسى الترمذي ) 297هـ( ،تحقيق /أحمد شاكر،
دار الحديث ،القاهرة.
.25الحاوي الكبير في فقه مذهب المام الشافعي – لبي الحسن الماوردي )ت 405هـ(،
تحقيق /علي معوض وعادل عبد الموجود ،دار الكتب العلمية – بيروت ،الطبعة الولى ،عام
1414هـ 1994 -م.
.26حجية السنة – للدكتور /عبد الغني عبد الخالق ،المعهد العالمي للفكر السلمي ،واشنطن،
الطبعة الولى ،سنة 1407هـ.
.27حلية الولياء وطبقات الصفياء – لبي نعيم الصفهاني )ت 430هـ( ،دار الكتاب العربي
– بيروت.
.28حياة القلوب في كيفية الوصول إلى المحبوب – لعماد الدين الموي ،دار صادر.
.29الدرر الكامنة في أعيان المئة الثامنة – لبن حجر العسقلني ،تصحيح /سالم الكرنكوي.
.30الذيل على طبقات الحنابلة – لعبد الرحمن بن رجب الحنبلي )ت 795هـ( ،دار المعرفة
– بيروت.
.31رسالة أم القرآن )إيضاح البيان عن معنى أم القرآن( – لنجم الدين الطوفي ،تحقيق/د .علي
حسين البواب ،ضمن بحوث مجلة البحوث السلمية ،العدد ،36عام 1413هـ.
.32روضة الناظر وجنة المناظر – لموفق الدين ابن قدامة المقدسي )ت 620هـ( تحقيق/د.
عبد الكريم النملة ،دار العاصمة – الرياض ،الطبعة السادسة1419 ،هـ 1998 -م.
@@198
.33سنن أي داود – للحافظ أبي داود سليمان بن الشعث السجستاني )ت 275هـ( ،تعليق/
عزت عبيد عياش ،نشر /محمد علي السيد – حمص ،الطبعة الولى ،عام 1388هـ 1969 -م.
.34سنن الدارقطني – للحافظ علي بن عمر الدراقطني )ت 385هـ( ،عالم الكتب – بيروت.
.35سنن الدرامي – للحافظ عبد ال بن عبد الرحمن الدرامي ،تحقيق/د .مصطفى ديب البغا،
دار القلم – دمشق 1412 ،هـ 1991 -م ،الطبعة الولى.
.36السنن الكبرى – للحافظ أبي بكر البيهقي )ت 458هـ( دار المعرفة – بيروت.
.37سنن ابن ماجه – للحافظ أبي عبد ال بن يزيد القزويني 0ت 275هـ( ،تحقيق /محمد فؤاد
عبد الباقي ،درا الحديث – القاهرة.
.38سنن النسائي – لبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي )ت 303هـ( ،مطبعة البابي
الحلبي – مصر ،الطبعة الولى ،عام 1383هـ 1964 -م.
.39السنة ومكانتها في التشريع السلمي – للدكتور/عباس متولي حمادة ،الدار القومية
للطباعة ،والنشر مصر.
.40السنة ومكانتها في التشريع السلمي – للدكتور /مصطفى السباعي ،مكتبة دار العروبة،
الطبعة الولى ،سنة 1380هـ.
.41سير أعلم النبلء – لشمس الدين الذهبي ،مؤسسة الرسالة – بيروت ،الطبعة السابعة،
1410هـ 1990 -م.
.42شذرات الذهب في أخبار من ذهب – لبن العماد الحنبلي )ت 1089هـ( ،دار السيرة –
بيروت ،طبعة عام 1399هـ.
.43شرح الربعين النووية – لبن دقيق العيد ،مطبعة الستقامة – القاهرة ،الطبعة الثانية،
1375هـ 1955 -م.
.44شرح تنقيح الفصول في اختصار المحصول في الصول – لشهاب الدين القرافي )ت 684
هـ( ،تحقيق /طه عبد الرؤوف سعد ،دار الفكر – القاهرة ،الطبعة الولى ،عام 1393هـ-
1973م.
@@199
.45شرح السنة – للمام البغوي )ت 516هـ( ،المكتب السلمي – بيروت ،الطبعة الثانية،
1403هـ 1983 -م.
.46شرح شرح نخبة الفكر – للمام الهروي القاري )ت 1014هـ( ،شركة دار الرقم –
بيروت.
.47شرح صحيح مسلم – للمام النووي )ت 676هـ( ،دار الكتب العلمية – بيروت.
.48شرح العقيدة الطحاوية – لبن أبي العز الدمشقي ) ت 792هـ( ،مؤسسة الرسالة –
بيروت ،الطبعة الولى 1408 ،هـ 1988 -م.
.49شرح الكوكب المنير – لبن النجار الفتوحي الحنبلي )ت 972هـ( ،تحقيق الدكتور /محمد
الزحيلي ،والدكتور /نزيه حماد ،دار الفكر – دمشق ،طبعة عام 1400هـ .1980 -
.50شرح مختصر الروضة – لنجم الدين الطوفي ،تحقيق/د .عبد ال التركي ،مؤسسة الرسالة
– بيروت ،الطبعة الولى 1410 ،هـ 1990 -م.
.51شرح مختصر الروضة – لنجم الدين الطوفي – لنجم الدين الطوفي ،تحقيق/د .إبراهيم آل
إبراهيم ،مطابع الشرق الوسط ،الطبعة الولى 1409 ،هـ.
.52شرح معاني الثار – للمام الطحاوي )ت 321هـ( ،دار الكتب العلمية – بيروت ،الطبعة
الثانية 1407 ،هـ 1987 -م.
.53صحيح البخاري – للمام الحافظ محمد بن إسماعيل البخاري )ت 256هـ( ،عالم الكتب –
بيروت ،الطبعة الثالثة 1408 ،هـ 1988 -م.
.54صحيح الجامع الصغير وزيادته – لناصر الدين اللباني ،المكتب السلمي – بيروت،
الطبعة الثالثة 1408 ،هـ 1988 -م.
.55صحيح ابن حبان [ الحسان بترتيب ابن حبان – لبن بلبان الفارسي] ،دار الكتب العلمية
– بيروت ،الطبعة الولى 1407 ،هـ 1987 -م.
@@200
.56صحيح مسلم –لمسلم بن الحجاج القشيري )ت 261هـ( ،انظر شرح صحيح مسلم للنووي.
.57الصعقة الغضبية في الرد على منكري العربية – لنجم الدين الطوفي ،تحقيق/د .محمد
الفاضل ،مكتبة العبيكان ،الطبعة الولى 1417 ،هت – 1997م.
.58العدة في أصول الفقه – للقاضي أبي يعلى الحنبلي )ت 458هـ( ،تحقيق الدكتور أحمد
المباركي ،الطبعة الولى ،عام 1410هـ 1990 -م.
.59فتح الباري بشرح صحيح البخاري – للحافظ ابن حجر العسقلني )ت 852هـ( ،درا
الريان للتراث – القاهرة ،الطبعة الثانية ،عام 1409هـ 1988 -م.
.60فواتح الرحموت – لعبد العلي بن نظام الدين النصاري ،دار الكتب العلمية – بيروت،
تصوير عن الطبعة الولى بالمطبعة الميرية ببولق ،سنة 1322هـ.
.61الكشاف عن حقائق التنزيل –لبي القاسم الزمخشري ) 853هـ( ،دار المعرفة – بيروت.
.62كشف السرار عن أصول فخر السلم البزدوي -لعلء الدين البخاري ) 730هـ( ،دار
الكتاب العربي – بيروت 1411 ،هـ 1991 -م.
.63كشف الخفاء ومزيل اللباس – لسماعيل بن محمد العجلوني ) 1162هـ( ،دار إحياء
التراث – بيروت ،الطبعة الثانية.
.64لسان العرب – لبي الفضل محمد بن مكرم بن منظور )ت 711هـ( ،دار صادر بيروت.
.65المجموع شرح المهذب – لبي زكريا النووي )ت 676هـ( ،دار الفكر – بيروت.
.66مجموع فتاوى شيخ السلم ابن تيمية )ت 728هـ( – جمع وترتيب :عبد الرحمن بن
محمد بن قاسم ،مكتبة ابن تيمية – القاهرة.
.67المحصول في علم أصول الفقه – لفخر الدين الرازي )ت 606هـ( ،تحقيق الدكتور /طه
جابر العلواني ،مؤسسة الرسالة – بيروت ،الطبعة الثانية عام 1412هـ 1992 -م.
@@201
مدارج السالكين –لبن قيم الجوزية )ت 751هـ( ،دار الكتاب العربي – بيروت، -68
الطبعة الرابعة 1417 ،هـ 1997 -م.
المستدرك على الصحيحين – لبي عبد ال الحاكم )ت 405هـ( ،تحقيق /مصطفى -69
عطا ،دار الكتب العلمية – بيروت ،الطبعة الولى ،عام 1411هـ 1990 -م.
المستصفى من علم الصول – لبي حامد الغزالي )ت 505هـ( ،دار الكتب -70
العلمية – بيروت ،الطبعة الثانية.
مسند المام أحمد بن حنبل )ت 241هـ( ،مؤسسة الرسالة – بيروت ،الطبعة -71
الولى ،عام 1419هـ 1999 -م )إشراف الدكتور /عبد ال التركي(.
المصلحة في التشريع السلمي ونجم الدين الطوفي ،للدكتور /مصطفى زيد ،دار -72
الفكر العربي – مصر ،الطبعة الثانية.
معجم البلدان – لشهاب الدين الحموي )ت 626هـ( ،دار صادر -بيروت ،الطبعة -73
الثانية.
المنتظم في تاريخ الملوك والمم – لبي الفرج ابن الجوزي ،مطبعة دائرة المعارف -74
العثمانية ،الطبعة الولى.
الموافقات في أصول التشريع – لبي إسحاق الشاطبي )ت 790هـ( ،ضبط -75
وتعليق /مشهور آل سلمان ،درا ابن عفان – الخبر ،الطبعة الولى ،عام 1417هـ -
1997م.
نهاية الوصول في دراية الصول – لصفي الدين الهندي )ت 715هـ( ،تحقيق -76
الدكتور /صالح اليوسف ،الدكتور /سعد السويح ،المكتبة التجارية – مكة المكرمة،
الطبعة الولى ،عام 1416هـ 1996 -م.
الورع – للحافظ ابن أبي الدنيا ،تحقيق /مسعد السعدني ،مكتبة القرآن – القاهرة. -77
المقدمة:
الحمد ل رب العالمين ،والصلة والسلم على المبعوث رحمة للعالمين ،نبينا محمد وعلى آله وصحبه
أجمعين ،أما بعد:فإن مما امتازت به شريعة السلم الخالدة في نظرها إلى أعمال المكلفين وتصرفاتهم أنهم
جمعت بين النظر إلى ظواهر العمال ومحسوسيتها من جهة ،والنظر إلى البواعث والمقاصد التي تحمل
ف بظاهر العمل ،حتى جمعت معه ما المكلفين على القيام بتلك العمال والتصرفات من جهة أخرى .فلم تكت ِ
يقوم بقلب العبد من باعث ومقصد حركه للعمل ،فعن أبي هريرة رضي ال عنه قال سمعت رسول ال صلى
ال عليه وسلم يقول":إن أول الناس يقضى عليه يوم القيامة عليه رجل استشهد فأتي به فعرفه نعمه فعرفها.
قال :فما عملت فيها؟ قال :قاتلت فيك حتى استشهدت قال :كذبت ولكنك قاتلت لن يقال جريء فقد قيل .ثم
أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار .ورجل تعلم العلم وعلمه ،وقرأ القرآن فأتي به فعرفها .فقال:
فما عملت فيها؟ قال :تعلمت العلم وقرأت القرآن ليقال هو قارئ .فقد قيل .ثم أمر به فسحب على وجهه حتى
ألقي في النار .ورجل وسع ال عليه وأعطاه من أصناف المال كله فأتي به فعرفه نعمه فعرفها .قال :فما
عملت فيها؟ قال :ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إل أنفقت فيها لك .قال :كذبت .ولكنك فعلت ليقال
هو جواد ،فقد قيل .ثم أمر به فسحب على وجهه ثم ألقي في النار"#رواه مسلم #.]1905 [ 3/1514
فانظر كيف كان مصير هؤلء مع أنهم قاموا بعبادات هي من اجل العبادات ،ولكن لما كان الباعث لهم على
أدائها طلب مدح الناس ،وثنائهم ،ولم يكن باعثهم ابتغاء مرضاة ال لم تنفعهم تلك العبادات ،صار مصيرهم
إلى النار.
@@206
وهذه الحقيقة وغن تجلت بالنسبة لحكام الخرة ،فهي كذلك بالنسبة لحكام الدنيا ،متى ما أمكن للفقيه قاضًيا
كان أم مفتًيا للكشف عن بواعث المكلف ومقاصده من التصرف .حتى قرر الفقهاء تلك القاعدة العظيمة في
معناها ،الواسعة في شمولها وعمومها ،وهي :أن "المقاصد والعتقادات معتبرة في التصرفات ،والعادات،
كما في التقربات ،والعبادات"#انظر لهذه القاعدة :بيان الدليل على بطلن التحليل ص ،85وإعلم الموقعين
،4/499والموافقات #.3/7
والشريعة السلمية بهذه الميزة فاقت ،وسبقت النظمة ،والقوانين البشرية التي تنادي بضرورة النظر إلى
بواعث المكلفين ،عند الحكم على عقودهم وسائر تصرفاتهم#انظر :نظرية العقد 1/558ـ ،571والتعبير
عن الرادة في الفقه السلمي 475ـ #.477
ل من ال حكًما لقوم يوقنون( [ المائدة.] 50:
وصدق ال عز وجل إذ يقول) :ومن أحسن قو ً
ولهذه الهمية والمنزلة للبواعث والمقاصد ،أحببت الكتابة في هذا الموضوع :تجلية لحقيقة الباعث،
ومنزلته ،وأقسامه ،وإظهاًرا للصلة الوثيقة بين بواعث المكلفين ومقاصدهم ،ومقاصد الشريعة السلمية
فجاء هذا البحث بعنوان:
)حقيقة الباعث في الفقه السلمي(
خطة البحث:
وقد انتظمت خطة البحث في مقدمة وتمهيد وأربعة مباحث وخاتمة.
جاءت على النحو التي:
المقدمة :وقد اشتملت على أهمية الموضوع وأهدافه وبيان خطته ومنهجه.
التمهيد :في بيان فكرة البحث وموضوعه.
المبحث الول :تعريف الباعث ،وعلقته بالنية والمقصد.
@@207
وقد اشتمل على أربعة مطالب:
المطلب الول :تعريف الباعث في اللغة.
المطلب الثاني :تعريفات المعاصرين للباعث ونقدها.
المطلب الثالث :التعريف المختار للباعث.
المطلب الرابع :علقة الباعث بالنية والقصد.
المبحث الثاني :مكانة الباعث ومنزلته.
المبحث الثالث :أقسام الباعث.
وقد اشتمل على خمسة مطالب:
المطلب الول :أقسام الباعث باعتبار مناقضته لقصد الشارع.
المطلب الثاني :أقسام الباعث باعتبار تأثيره في الحكم.
المطلب الثالث :أقسام الباعث باعتبار أثره.
المطلب الرابع :أقسام الباعث باعتبار ظهوره واستتاره.
المطلب الخامس :أقسام الباعث باعتباره غاية ومقصًدا من التصرف.
المبحث الرابع :مسالك الكشف في الباعث.
المبحث الرابع :مسالك الكشف عن الباعث.
وقد اشتمل على تمهيد وخمسة مطالب:
المطلب الول :مسلك القرار.
المطلب الثاني :مسلك التواطؤ على الباعث.
المطلب الثالث :مسلك العرف والعادة.
المطلب الرابع :مسلك محل العقد.
المطلب الخامس :مسلك دللة الحال.
الخاتمة :وتتضمن خلصة عن البحث.
ثم أعقبت ذلك بفهرس المصادر والمراجع.
@@208
منهج البحث:
اعتمدت في إعداد هذا البحث المنهج الستقرائي الستنتاجي ،وذلك بمحاولة تتبع ما كتب حول هذا
جا من كلم أهل العلم ،مع مراعاة ما هو صا عليه أو مستنت ً
الموضوع قديًما وحديًثا ،سواء ما كان منصو ً
متبع من البحوث العلمية من عزو اليات إلى سورها ،وتخريج الحاديث ،وبيان درجة ما ليس منها في
الصحيحين أو أحدهما ،وتوثيق النقول ،والقوال من مراجعها المعتبرة ،كل ذلك حسب الستطاعة والقدرة.
وال سبحانه المسؤول وحده ،أن يجعل فيما كتبت الخير ،النفع لي ولطلبة العلم ،وأن يكون خدمة لتراثنا
الفقهي الصيل ،وهو عز وجل المان بما فيه من خير وصواب ،وأستغفر ال عما وقع مني فيه من زلل ،أو
تقصير وصلي ال وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
@@209
قبل الدخول في تفاصيل البحث وجزئياته ،يحسن التنبيه إلى موضوع البحث ،أو الفكرة التي تجيء هذه
الدراسة لتوضيحها ،وتجليتها فأقول مستعيًنا بال:
إن لكل عقد شرعه ال عز وجل غاية نوعية ،تتحقق من خلل العقد ،بل كل تصرف يقدم عليه المكلف له
غاية مباشرة يقصدها ابتداًء ،لكن هذه التصرفات تخفي وراءها بواعث ذاتية ،ومقاصد شخصية ،هي التي
تحمل المكلف ،وتدفعه نحو التصرف المقصود ،كما أنها في الوقت ذاته بواعث خفية ،ومقاصد مستترة ،لو
أفصح عنها أثناء العقد لثرت فيه.
فالغاية النوعية من عقد البيع :الرغبة من قبل المشتري في تملك المبيع ،والرغبة من قبل البائع في تملك
ل ـ سكنى الدار المبيعة ،أو تأجيرها ،أو جعلها
الثمن ،وأما الغاية الشخصية فقد تكون بالنسبة للمشتري ـ مث ً
مقر عبادة لغير المسلمين ،أو محل بغاء أو قمار ،لكن هذه البواعث غير منصوص عليها في العقد ،بل
صورة العقد الظاهرة مكتملة الشروط والركان ،ومنسجمة مع القواعد الشرعية.
فإذا كانت هذه البواعث تؤثر في الحكم من حيث الحل ،والحرمة ،والصحة ،والفساد ،فإن من المتأكد على
الفقيه أثناء تقريره للحكم الشرعي على أي نازلة ،أو واقعة تعرض له ،أن يولي هذه البواعث والمقاصد
عناية خاصة ،ويأتي هذا البحث لتوضيح هذه الفكرة من حيث بيان حقيقة الباعث المؤثر في الحكم ،وأهميته،
وأقسامه ومسالك الكشف عنه ،وال سبحانه الهادي إلى سواء الصراط.
@@210
@@211
عنه" :إن للفتنة وقفات وبعثات فإن استطعت أن تموت في وقفاتها فافعل"#رواه بهذا اللفظ ابن أبي شيبة في
المصنف 15/10و 19و 89و 184وبنحوه نعيم بن حماد ف الفتن 1/75كلهما بلفظ "إن للفتنة ...
وبعثات" بالثاء المثلثة .وأخرجه الحاكم في المستدرك 4/433و 501و 464وقال "صحيح على شرط
الشيخين ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي ورواه أبو عمرو الداني في السنن الواردة في الفتن .1/457وأبو نعيم
في الحلية .1/274أما الحاكم فقد وردت هذه اللفظة عنده في المطبوع بلفظ "إن للفتنة ....وتبعات" في
موضعين وفي الموضع الثالث بلفظ "إن للفتنة....ونقفات" وأما أبو عمرو الداني فقد وردت هذه اللفظة عنده
في إحدى المخطوطات بلفظ"...نفثات" وأما أبو عمرو الداني فقد وردت هذه اللفظة عنده في إحدى
المخطوطات بلفظ"....نفثات" وفي مخطوطة أخرى بلفظ"....بغتات" كما ذكر محقق الكتاب إل أنه خطأ
هاتين اللفظتين وجعل الصواب ما ورد عند الحاكم في الموضع الخير بلفظ "نقفات".
وأما أبو نعيم فقد وردت هذه اللفظة عنده في المطبوع بلفظ"....وبغتات" فحصل من مجموع ذلك كله في
هذه اللفظة خمسة ألفاظ:
الول"" :بغثات" وهو أظهرها كما ورد عند ابن أبي شيبة وأبي نعيم وهو الذي ذكره بعض مؤلفي غريب
الحديث ،1/194والفائق ،1/120والنهاية ،1/138كما ذكره كثير من أصحاب المعاجم اللغوية
كالزهري في تهذيب اللغة ،2/335وابن منظور في اللسان 2/117والزبيدي في تاج العروس .1/602
الثاني" :نقفات" كما ورد في موضع عند الحاكم في المستدرك 4/464وهذا اللفظ له وجه في اللغة قال
الزمخشري"وأصل النقف :هشم الرأس ،أي تهيج الفتن والحروب بعدهم" الفائق .2/21وانظر :الغريبين
،6/66والنهاية ،5/109ولسان العرب .9/339
الثالث" :بغتات" كما ورد عند أبي نعيم ،1/274وفي إحدى مخطوطات السنن لبي عمرو الداني .1/457
وهذا اللفظ له وجه في اللغة كذلك فإن البغت .الفجأة ،والبغتات :الفجآت .كما في اللسان 2/10و .11
الرابع :تبعات كما ورد عند الحاكم في موضعين من المستدرك 4/433و 501والظاهر أنها مصحفة من
بعثات كما يدل على ذلك صنيع ابن حجر في اتجاه المهرة 4/251حيث نقل الحديث عن الحاكم بلفظ
"بعثات".
الخامس :تبعات كما ورد عند أبي عمرو الداني في إحدى مخطوطات السنن 1/457ولم يظهر لي وجه هذا
اللفظ فلعله تصحيف . #.ومعنى بعثات" :أي إثارات وتهيجات،
@@212
وهي المرة من المبعث ،وكل شيء أثرته فقد بعثته"#النهاية في غريب الحديث .1/138وانظر :تهذيب
اللغة ،1/335ولسان العرب 2/117وفيهما ـ تهييجات ـ بدل تهيجات#.
4ـ الحمل على الفعل والتحريض عليه والترغيب فيه#انظر :جمهرة اللغة ،1/201والمحكم والمحيط
العظم ،2/70والفعال للسرقسطي ،4/107والمجموع المغيث في غيبي القرآن والحديث 1/172
ومعجم الفعال المتعدية بحرف ص ،19 :ومحيط المحيط ص #.45 :تقول العرب :بعثه على الشيء:
حمله على فعله ،وبعثته على المر :حركته إليه ،وبعثته :حرضته فانبعث ،وبعثه على المر :دعا إليه فهو
باعث والجمع بواعث ،وبعثته على الشيء :إذا أرغبته أن يفعل الشيء.
وهذان الوجهان من وجوه استعمال مادة )بعث( هما أقرب الوجوه للمعنى الصطلحي كما سيأتي في
المطلب التي.
المطلب الثاني :تعريفات المعاصرين للباعث ونقدها:
لم يرد لهذا المصطلح ـ بهذا اللفظ ـ ذكر واسع في كتابات الفقهاء المتقدمين وإن كان معناه مقرًرا عندهم عند
الحديث عن المقاصد ،وأما التصريح به فلم أجده إل في مواضع يسيرة حسبما اطلعت عليه.
ل له في معناه المراد في هذا البحث :القرافي في حديثه عن البيوع التي
وممن أورد هذا المصطلح مستعم ً
أفسدتها البواعث السيئة إذ يقول...." :فإن تلك الغراض الفاسدة هي الباعثة على العقد"#الفروق #.3/411
.وأما استعمال هذا المصطلح في الحديث عن الخلص في العمال ،والصدق في النية ،والقصد ،فقد أكثر
المتقدمون من ذلك ،ومن هؤلء :القرطبي ،والحطاب#انظر :المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم
3/742ومواهب الجليل 2/532ـ ، #.534وأبو حامد الغزالي
@@213
حيث تحدث عن أقسام البواعث من حيث أثرها في إنهاض القدرة على العمل ،فقال...." :إل أن انتهاض
القدرة للعمل قد يكون بباعث واحد ،وقد يكون بباعثين اجتمعا في فعل واحد ...فإن العمل تابع للبعث عليه،
فيكتسب الحكم منه"#إحياء علوم الدين 4/365و .366وانظر :دراسة متينة لذلك للدكتور عبد الحليم
أحمدي بعنوان :تحقيق صدق النية عند الغزالي ،منشورة في مجلة الشريعة والدراسات السلمية في
الكويت ،العدد الثالث عشر .استفدت منها في تجلية معنى الباعث#.
وأما الفقهاء المعاصرون فقد استخدموا هذا المصطلح في كتاباتهم ،واختلفت عباراتهم في تعريفه ،وهذه
طائفة من التعريفات التي أمكنني الطلع عليها ،مع ذكر ما يرد عليها من ملحوظات.
التعريف الول:
عرف الدكتور فتحي الدريني الباعث بأنه" :الدافع الذي يحرك إرادة المنشيء للتصرف إلى تحقيق غرض
غير مباشر"#نظرية التعسف في استعمال الحق ص 207و ،208والكلم نفسه معاد في كتاب الدكتور
الدريني الخر :النظريات الفقهية ص 228و #.229ثم بن بعد ذلك أن المقصود بالباعث :الدافع على
تحقيق غرض غير مشروع ،وأن هذا الغرض غير المشروع هو الدافع.
ويمكن أن يورد على هذا التعريف للباعث إشكالن:
الول منهما :تخصيصه الباعث بالغرض غير المشروع ،وهو تخصيص غير جامع#وقد يكون الدافع إلى
هذا التخصيص :النظرة القانونية للباعث؛ حيث ل تثار نظرية الباعث في القانون إل إذا كان الغرض غير
مشروع .انظر :الوسيط في شرح القانون إل إذا كان الغرض غير مشروع .انظر :الوسيط في شرح القانون
المدني 1/456ـ #.462
عا#بالمعنى الواسع الذي فكما أن الباعث يكون غير مشروع وهو الغلب في هذه النظرية ،فقد يكون مشرو ً
يشمل المباح ، #.ويكون له أثر في الحكم ،كما سيأتي في أقسام الباعث.
@@214
والشكال الخر :عبارة التعريف ـ فيما يبدوـ قلقة؛ حيث عرف الباعث بأنه الدافع إلى تحقيق غرض غير
مشروع ،ثم فسر الغرض غير المشروع بأنه الباعث والدافع ،فكأن مؤدي العبارة في تعريف الباعث أنه:
الدافع إلى تحقيق الدافع.
التعريف الثاني:
عرف الدكتور عبد الحي حجازي الباعث بأنه"وسيلة احتياطية يقصد بها إبطال عقد يستهدف بوسائل
مشروعة نتائج غير مشروعة"#النظرية العامة لللتزام ص #.423
ومما يؤخذ على هذا التعريف أمور:
أولها :تعريفه الباعث بوظيفته وأثره ،فهو تعريف يبعد كثيًرا عن ماهية الباعث ،وحقيقته .والصل في
التعريفات :الكشف عن الماهية ،ل بيان الثر والوظيفة.
وثانيها :قصره تأثير الباعث على العقود ،والواقع أن تأثير الباعث يعم كل التصرفات العقدية وغيرها.
وثالثها :قصره الباعث المؤثر في الحكم على أحد نوعيه ،وهو الباعث غير المشروع ،وهو المعبر عنه في
التعريف بقوله...." :نتائج غير مشروعة".
وآخرها :حصره أثر الباعث في إبطال العقد ،بينما تأثير الباعث في التصرف أعم من ذلك ،كما هو الحال
في الطلق البائن في مرض الموت ،والمعروف بطلق الفار ،فإن تأثير الباعث ليس في صحة الطلق أو
عدمه ،وإنما أثره في توريث الزوجة من الزوج لو مات في مرضه قبلها.
@@215
التعريف الثالث:
عرفت الستاذة حليمة آيت حمودي الباعث بأنه" :وسيلة لبطال التصرفات التي ظاهرها الجواز ،ويقصد
بها الوصول إلى غاية غير مشروعة"#نظرية الباعث في الشريعة السلمية والقانون الوضعي ص #.36
وهذا التعريف وإن سلم من إشكال حصر تأثير الباعث في العقود ،حيث عدي الثر إلى جميع التصرفات،
إل أنه في الجملة مماثل للتعريف السابق ،فما ورد عليه يرد على هذا التعريف ،فأغنى عن العادة.
التعريف الرابع:
عرف الستاذ عبد ال الكيلني الباعث بأنه" :المر النفسي الذي يحرك الرادة ،ويبعثها ،لتحقيق تصرف
معين"#نظرية الباعث وأثرها في العقود والتصرفات ص 27و #.202
وهذا التعريف ـ في نظري ـ يقرب كثيًرا من حقيقة الباعث إل أنه يرد عليه كونه غير مانع؛ إذ يدخل فيه كل
باعث يدفع إرادة المكلف نحو تصرف ما ،سواء أكان هذا الباعث مباشًرا ،كباعث الرغبة في الحصان في
الزواج ،أم كان الباعث غير مباشر ،كباعث الرغبة في تحليل المطلقة لزوجها في نكاح التحليل .والحديث
عن الباعث وأثره في التصرفات ليس عاّما في كل باعث ،وإنما المراد الباعث المستتر ،غير المباشر ،الذي
لو نص عليه في العقد ،أو ظهر في التصرف ،لكان له أثر في الحكم عل ذلك التصرف ،يخالف الحكم فيما
لو لم يلتفت إلى ذلك الباعث.
التعريف الخامس:
عرف بعضهم الباعث بأنه" :السبب الموجب ،أو الدافع ،أو الغاية التي يقوم عليها تصرف ،أو عمل ،يخفي
شّرا أو خيًرا"#معجم المصطلحات الفقهية والقانونية ص #.80
@@216
وهذا التعريف قريب من معنى الباعث ،وإن شابه التردد في أوله ،في قوله" :السبب الموجب ،أو الدافع ،أو
الغاية" واللبس في آخره في قوله" :يخفي شّرا أو خيًرا" في عود الضمير في قوله "يخفي" تردد بين عوده
إلى الباعث ،أو إلى التصرف والعمل لنهما أقرب مذكور .فإذا كان الخير ـ وهو الظاهر ـ فإن الخير أو
الشر كان منوّيا ،ومقصوًدا للنسان قبل إقدامه على الفعل؛ بل الباعث سواء أكان خيًرا ،أم شّرا ،هو الذي
ل حسّيا قائًما
حرك الرادة لتحقيق تصرف معين ،حتى إذا ما تم ذلك التصرف ،كان الباعث مآ ً
مشاهًدا#انظر نظرية الباعث وأثرها في العقود والتصرفات ص .27وللمام ابن تيمية كلم بديع حول هذا
ل عنه في ص 18من هذا البحث عند المعنى ،في بيان الدليل على بطلن التحليل ص .165وانظره منقو ً
الحديث عن العلقة بين النية والباعث ، #.فصار أثًرا لذلك التصرف بعد أن كان باعًثا على فعله.
وبعد هذا التطواف في كتابات أهل العلم في بيان معنى الباعث ،يمكن القول بأن التعريف القرب إلى حقيقة
الباعث أن يقال:
الباعث هو :المقصود الحقيقي ،غير المباشر ،المحرك لرادة المكلف ،نحو تصرف ما.
فلفظة )المقصود الحقيقي( :بيان لهم وصف للباعث ،مؤثر في الحكم ،وهو كونه :المقصد الرئيس للمكلف
وراء ما أقدم عليه من تصرف ،وذلك للخراج ما قد يوجد من بواعث أخرى تستفاد من ظاهر التصرف.
وتوضيح ذلك في المثال التي:
@@217
بيع العنب لمن يعلم انه يتخذه عصير خمر ،فالمشتري في هذه الصورة له باعثان ،ومقصدان على الشراء،
فالمقصد الظاهر :الرغبة في تملك العنب ،وهو مستفاد من ظاهر التصرف ،والمقصد الخر :اتخاذ العنب
خمًرا ،وهو المقصد الحقيقي من الشراء ،وإن لم يعلم إل بالقرائن والحوال .فمقصد التملك لن يرد إل لكونه
وسيلة للتوصل إلى المقصود الحقيقي.
عا ،وما كان مقصوًدا وأطلق المقصود الحقيقي ،المحرك للرادة ـ في التعريف ـ ليعم ما كان مقصوًدا مشرو ً
غير مشروع.
وأما لفظة )غير المباشر( :فهو وصف آخر للباعث المقصود يف البحث ،إذ أن هناك بواعث حقيقية
للمكلف ،وراء إقدامه على أي تصرف ،ول يترتب على وجودها أثر في تغيير الحكم على ذلك التصرف؛
لنها بواعث مباشرة لذلك التصرف ،وبعد وقوع التصرف تكون غايات مقصودة له ،وأثًرا من آثاره
الشرعية .والحديث ليس عن هذه البواعث ،وإنما عن البواعث غير المباشرة.
لـ من مقاصدها الحقيقية المباشرة :الرغبة في استئناف الحياة الزوجية ،فإذا وجد هذا الباعث فالرجعة ـ مث ً
الحقيقي فل أثر له في تغيير الحكم؛ لنه الصل ،لكن لو كان الباعث الحقيقي للرجل على الرجعة :الرغبة
في الضرار بالمرأة ،بتطويل العدة عليها ،فهنا يكون للباعث أثر في الحكم على الرجعة ،من حيث الصحة،
وعدمها من جهة ،ومن حيث استمرار المرأة في العدة السابقة أو استئنافها ـ فيما إذا حصل بعد الرجعة
طلق آخر ـ من جهة أخرى.
لن هذا الباعث وهو الرغبة في الضرار بالمرأة مع كونه حقيقّيا فهو غير مباشر.
وهذا يحظر بذهن القارئ في هذا الموضع ،أن الباعث الحقيقي غير المباشر في هذا المثال ،إنما كان له أثر
ضا لمقصود الشارع ،وكل ما في الحكم لكونه مناق ً
@@218
ضا لمقصود الشارع فهو باطل ،كما نبه على ذلك الشاطبي رحمه ال بقوله":كل من ابتغى في كان مناق ً
تكاليف الشريعة غير ما شرعت له فقد ناقض الشريعة ،وكل من ناقضها فعمله في المناقضة باطل ،فمن
ابتغى في التكاليف ما لم تشرع له فعمله باطل"#الموافقات 3/27و #.28
وليس المر كذلك ،بل التأثير في الحكم للباعث الحقيقي غير المباشر ،كما يكون للباعث المناقض لمقصود
ضا لمقصود الشارع .ومثال الشارع ـ وهو الصل ـ يكون كذلك للباعث حقيقي غير المباشر وإن لم يكن مناق ً
ذلك:
هبة المرأة صداقها لزوجها بعد ذلك#وذلك عندي من يرى إعمال الباعث ومراعاته في الحكم .انظر :قواعد
ابن رجب = تقرير القواعد وتحرير الفوائد #.3/100لن الباعث لها على الهبة لم يكن مجرد تبرعها
بالمال للزوج ،وإنما كان وراء ذلك باعث حقيقي غير مباشر أل وهو رغبتها في استدامة الحياة الزوجية،
وهو كما ترى باعث غير مناقض لمقصود الشارع.
وأما لفظة )المحرك لرادة المكلف( :فهو بيان للدور الرئيس الذي يقوم به الباعث في تحريك إرادة المكلف،
وانبعاثه نحو التصرف ،وأنه المحرك الول للرادة ،والدافع لها نحو تحقيق العمل ،ولم يكن مجرد نتيجة
طارئة للتصرف حدثت بعد إيقاعه ،ومن ثم فإن من الضروري عند النظر في النتائج لتصرف ما ،التفريق
بين ما كان منها ناشًئا عن التصرف دون قصد لها ابتداًء ،فل يكون لها تأثير في الحكم#من حيث الباعث،
وأما من حيث النظر إلى المآلت فل فرق في النظر إلى النتائج بين القصد وعدمه ،كما هو مبين في أحكام
سد الذرائع #.وبين ما كان منها مقصوًدا للمكلف ابتداًء وباعًثا له نحو التصرف فينبغي أن يكون لها تأثير
في الحكم.
@@219
ومن أمثلة ذلك :تحليل المطلقة البائن لزوجها ،يفرق فيه بين ما إذا كانت هذه النتيجة التي حدثت بعد زواج
المرأة من رجل آخر ،حصلت من غير قصد لها ابتداءً فتحل المرأة لزوجها الول ،وبين ما إذا كانت هذه
النتيجة مقصودة في العقد ابتداًء ،بالموطأة ،أو النية ،فل تحل المرأة بهذا النكاح لزوجها الول ،وإن اتفقت
الصورة في الحالتين ظاهًرا#انظر :بيان الدليل على بطلن التحليل ص 381و #.382
وأما لفظة) :نحو تصرف ما( :فهو بيان لمجال عمل الباعث وأنه التصرفات كلها القولية منها والفعلية،
والعقدية وغير العقدية ،وهو ما نص عليه ابن القيم في معرض كلمه عن تأثير القصود حيث قال رحمه
ال" :وقد تظاهرت أدلة الشرع ،وقواعده ،على أن المقصود حيث قال رحمه ال" :وقد تظاهرت أدلة
الشرع ،وقواعده ،على أن المقصود في العقود معتبرة ،وأنها تؤثر في صحة العقد ،وفساده ،وحله وحرمته،
بل أبلغ من ذلك ،وهي أنها تؤثر في صحة العقد ،وفساده ،وحله وحرمته ،بل أبلغ من ذلك ،وهي أنها تؤثر
ل تارة \ ،وحراًما تارة باختلف النية والقصد ،كما
ل وتحريًما ،فيصير حل ً في الفعل الذي ليس بعقد تحلي ً
حا تارة ،وفاسًدا تارة باختلفها"#إعلم الموقعين .4/520وانظر المعنى نفسه في الموافقات يصير صحي ً
3/7و #.8
بهذا المعنى تعني الباعث ،والدافع إلى عمل ما .ومن ذلك قول الشاطبي" :قصد الشارع من المكلف :أن
يكون قصده ـ أي :نيته ـ من العمل موافًقا لقصده في التشريع"#الموافقات #.3/23
وأكثر من يستعمل النية بهذا المعنى :القضاة ،والمفتون في استفسارهم عن المقصود بالعمل ليحكم بصحته،
أو فساده ،وترتب الثر عليه ،أو تخلفه ،وكذلك علماء السلوك والخلق#انظر :تحقيق صدق النية عند
الغزالي ـ مجلة الشريعة والدراسات السلمية في الكويت العدد الثالث عشر ،ودستور الخلق في القرآن
ص #.422
وإلى هذين المعنيين في استعمال النية يشير شيخ السلم ابن تيمية بقوله" :ولفظ النية يراد بها النوع من
المصدر ،ويراد بها المنوي ،واستعمالها في هذا لعله أغلب في كلم العرب"#مجموع الفتاوى 18/255و
#.251وقوله" :والنية يعبر بها عن نوع من إرادة ،ويعبر بها عن نفس المراد"#المصدر السابق
#.18/255
والعلقة بين المعنيين تظهر في إدراك أن المكلف إذا قصد تصرًفا من التصرفات ،فلبد أن يكون وراء
قصده لذلك التصرف باعث حركه إليه ،وغاية دفعته إلى فعله "إذ كل متحرك بالرادة ل بد له من
مراد"#المصدر السابق #.18/255وعلى هذا فعلقة الباعث بالنية بمعناها الول الذي هو القصد إلى
التصرف علقة سببية إلى حد ما ،فالباعث هو السبب المحرك للقصد والنية إلى ذلك التصرف ،ومن خلل
الباعث يمكن الحكم على النية والقصد بالحسن أو السوء.
ويبين الغزالي هذه الحقيقة بقوله" :فالنية عبارة عن الصفة المتوسطة ،وهي الرادة ،وانبعاث النفس بحكم
الرغبة ،والميل إلى ما هو موافق للغرض ،إما في
@@221
الحال ،وإما المآل .فالمحرك الول هو الغرض المطلوب ،وهو الباعث ،والغرض الباعث هو المقصد
المنوي ،والنبعاث هو القصد والنية ،وانتهاض القدرة لخدمة الرادة بتحريك العضاء في العمل#"...إحياء
علوم الدين #.4/365
وعلى هذا فالنية بمعنى الباعث على العمل تتقدم القصد إلى العمل من حيث العلم والقصد ،ولكنها من حيث
الوجود تعقبه وتأتي بعده ،وقد قرر ذلك شيخ السلم في معرض ذكره لشبه مجيزي نكاح التحليل فقال:
"المقاصد في القوال ،والفعال ،هي عللها التي هي غايتها ونهايتها ،وهذه العلل التي هي الغايات هي
متقدمة في العلم والقصد ،متأخرة في الوجود والحصول ،ولهذا يقال :أول الفكرة آخر العمل ،وأول البغية
آخر الدرك"#بيان الدليل على بطلن التحليل ص #.165
ومن المثلة التي توضح ذلك :عقد النكاح ،فإن الرجل فيه قاصد نكاح المرأة ،والعقد عليها ،ولكن غايته من
ذلك النكاح ،والباعث الذي حركه إليه ،يختلف من شخص لخر ،فقد يكون باعثه على ذلك الطمع في مالها،
أو الرغبة في جمالها ،وقد يكون باعثه تحصيل السكن ،والمودة والستمتاع المشروع ،وقد يكون باعثه
السعي لتحليلها لمن بانت منه ،فهذه البواعث هي التي كانت تقف وراء قصد الرجل للنكاح ،وهي من حيث
العلم بها وقصدها ،متقدمة على قصد العقد على المرأة ،ولكنها متأخرة عنه من حيث الحصول والوجود ،بل
هي أثر من آثاره.
@@222
المبحث الثاني :مكانة الباعث ومنزلته:
للبواعث والمقاصد أهمية كبرى ،ومنزلة عظمى ،عند النظر إلى تصرفات المكلفين ،ومعاملتهم ،وتتضح
هذه الهمية من خلل الوجوه التية:
حا أو فاسًدا ،وطاعة أو
ل أو حراًما ،وصحي ًالوجه الول :إن البواعث ،والمقاصد تجعل الشيء الواحد حل ً
معصية باختلف القصد والباعث على ذلك المر سواء كان ذلك الشيء عقًدا أم غيره من التصرفات،
"فعصر العنب بنية أن يكون خمًرا معصية ملعون فاعله على لسان رسول ال صلى ال عليه وسلم،
سا جائز ،وصورة الفعل واحدة ،وكذا السلح يبيعه الرجل لمن يعرف أنه يقتل ل أو دب ً
وعصره بأن يكون خ ّ
به مسلًما حرام باطل؛ لما فيه من العانة على الثم والعدوان ،وإذا باعه لمن يعرف أنه يجاهد به في سبيل
ال فهو طاعة ،وقربة"#إعلن الموقعين .4/520وانظر :بيان الدليل على بطلن التحليل ص ،58
والموافقات #.3/8
عا ،وأمال مشرو ًوالرجعة إذا كان الباعث عليها الرغبة في استئناف الحياة الزوجية ،واستمرارها كانت عم ً
ل محرًما يوقع صاحبه إذا كان الباعث عليها الرغبة في إضرار المرأة بتطويل عدتها ،فإنها تكون حينئذ عم ً
في مغبة الظلم ،واتخاذ آيات ال هزًوا.
وكان الشأن في سائر المور ،حتى المسائل الخلقية ،والسلوكية ،فالحق الواحد تكون صورته واحدة ،وهو
ينقسم إلى محمود ،ومذموم ،ومرد التفريق في ذلك :القصد ،قال ابن القيم" :والفرق بين الهدية والرشوة وإن
اشتبها في الصورة :القصد؛ فإن الراشي قصده بالرشوة :التوصل إلى إبطال حق ،أو تحقيق باطل ،فهذا
الراشي الملعون على لسان رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم ،فإن رشا لدفع الظلم عن نفسه ،اختص
المرتشي وحده باللعنة ،وأما المهدي
@@223
فقصده استجلب المودة ،والمعرفة ،والحسان ،فإن قصد المكافأة فهو معارض ،وإن قصد الربح فهو
مستكثر"#الروح " #.2/715فمقصد المكلف في الفعل يحدد في كثير من المور الحكم الذي يترتب على
ذلك الفعل"#قواعد المقاصد عند المام الشاطبي ص #.424
صف التصرف ،بل ل بد مع ذلك النظر إلى وعلى هذا فصورة التصرف المشاهدة ليست وحدها التي ُتَو ّ
الباعث وراء ذلك التصرف ،كما نص على ذلك العزي بقوله" :إن الصور الحسية التي توجد في الخارج
لي أمر من المور ،ل تأخذ حكمها شرعّيا بالستناد إلى محسوسيتها فقط ،بل النضمام للمقصود والغرض
الذي هو الحامل على إيقاع تلك الصورة"#شرح الدلة الصلية على مجلة الحكام العدلية #.1/8
وينشأ عن هذا الوجه في تقرير أهمية الباعث:
الوجه الثاني :وهو أن قبول العمال عند ال عز وجل ،وترتب الثواب عليها ،يدور ـ مع موافقة الشريعة ـ
على ما يقوم بقلب العبد من صلح المقصد ،وسلمة الباعث ،فكلما أحسن العبد مقصده ،وصحح باعثه على
العمل ،كان ذلك سبًبا لقبول عمله ،ومضاعفة أجره وثوابه ،وفي مقابل ذلك :حبوط العمل ،وحرمان الجر
نتيجة كل عمل حمل العبد عليه باعث سيئ ،ودفعه إليه مقصد دنيء.
أرأيت إلى رب المال الذي يملك النصاب ،يوم يطالب بالزكاة ،فيخرج القدر الواجب ،ويحمله على ذلك طلب
مدح الناس وثناؤهم ،أو الخوف من عقوبة السلطان ،وذم الناس له ،ووصفهم إياه بالبخل ل غير ،أينا على
إخراجه زكاة ماله الجر ،والثواب؟
@@224
وذلك الرجل الذي ل يحمله على النفاق على زوجه ،وولده إل خوفه من الناس أتراه مأجور على نفقته؟
والرجلن يقفان في الصف الواحد ،ملتصقي المناكب والقدام ،يصليان الصلة الواحدة ،خلف إمام واحد،
والفرق بينهما في ثواب الصلة وأجرها كما بين السماء والرض ،بناء على ما قام بقلبيهما من باعث
ومقصد.
ولهذا تكاثرت النصوص القرآنية ،والنبوية في الحث على الهتمام بتصحيح المقاصد ،والبواعث ،أثناء قيام
المكلف بأداء العبادات ،وذلك بأن يكون باعثه على ذلك :ابتغاء مرضات ال وطلب ثوابه.
قال ال تعالى) :من كان يريد حرث الخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في
الخرة من نصيب( [ الشورى.]20 :
وقال عز وجل) :وما تنفقون إل ابتغاء وجه ال( [ البقرة.]272 :
قال ابن كثير بعد أن ذكر أقوال السلف في تأويل الية" :وحاصله أن المتصدق إذا تصدق ابتغاء وجه ال فقد
وقع أجره على ال ،ول عليه في نفس المر لمن أصاب ألبر أو فاجر ،أو مستحق ،أو غيره ،وهو مثاب
على قصده"#تفسير ابن كثير #.1/324
وفي الحديث قوله صلى ال عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص ـ رضي ال عنه ـ" :إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها
وجه ال إل أجرت عليها"#رواه البخاري واللفظ له ـ الفتح ـ ،]56 [ 1/165ومسلم .]1628 [ 3/1250
وإذا كان ذلك في العبادات والتكاليف الواجبة على المسلم ،فإن المر كذلك في معاملته مع الخرين ،مما
ليس بواجب عليه حتى في مناظراته،
@@225
ومحاوراته ،ونقاشه وجداله .قال العز بن عبد السلم" :إن قيل :هل يثاب المتناظران على المناظرة أم ل؟
قلنا :إن قصد كل واحد بمناظرته إرشاد خصمه إلى ما ظهر له من الحق ،فهما مأجوران على قصدهما،
وتناظرهما؛ لنهما متسببان إلى إظهار الحق ،وإن قصد كل واحد منهما أن يظهر على خصمه ،ويغلبه،
سواء أكان الحق معه ،أو مع خصمه فهما آثمان ،وإن قصد أحدهما الرشاد ،وقصد الخر العناد ،أجر
قاصد الرشاد ،وأثم قاصد العناد"#قواعد الحكام ،1/196و #.197
بل المر يتجاوز ذلك إلى ما يفعله المكلف من المباحات ،فإن للباعث تأثيًرا عظيًما عليها؛ حيث ينقلها
الباعث الحسن ،والمقصد الصالح من دائرة المباحات إلى دائرة القربات ،والطاعات التي يجزى عليها
بالحسنات.
قال القرطبي" :النيات الصادقات ،تصرف المباحات إلى الطاعات"#المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم
.3/52وانظر :مدارج السالكين ،1/108والشباه والنظائر لبن نجيم ص ،24ومقاصد المكلفين ص
491ـ #.498وذلك متى ما قصد المكلف بمباشرة المباح :التقوي على الطاعة ،والستعانة على العبادة.
ويلخص القرطبي ـ رحمه ال ـ اثر الباعث في العبادات ،بكلم متين فيقول" :فالملخص في عباداته هو الذي
يخلصها من شوائب الشرك والرياء ،وذلك ل يتأتى له إل بأن يكون الباعث له على عملها قصد التقرب إلى
ال تعالى ،وابتغاء ما عنده .فأما إذا كان الباعث عليها غير ذلك من أعراض الدنيا ،فل يكون عبادة ،بل
يكون مصيبة موبقة لصاحبها ،فإما كفر وهو :الشرك الكبر ،وإما رياء وهو :الشرك الصغر .ومصير
صاحبه إلى النار#"...المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم .3/742وانظر مواهب الجليل 2/532ـ
#.534
الوجه الثالث :إن مقاصد الشريعة الخاصة من شرع الحكام ،ل يمكن تحقيقها إل إذا صحت مقاصد
المكلفين ،وبواعثهم عند تطبيق الحكام نفسها،
@@226
وأما إذا اقترن بالتطبيق بواعث سيئة ،ومقاصد فاسدة من قبل المكلف ،فإن ما أراده الشارع من مقاصد ،من
ل إنما شرعها ال عز وجل من أجل إعادة الحياة الزوجية شرعه لذلك الحكم ،ل يمكن تحقيقها ،فالرجعة مث ً
إلى وضعها السليم ،حيث يتحقق الصلح المنشود في قوله تعالى) :وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا
حا( [ البقرة ] 228 :وهذا المقصد الشرعي ل يمكن تحقيقه إل إذا كان باعث الزواج على الرجعة إصل ً
الرغبة في الصلح ،وأما إذا كان باعثه على الرجعة السعي للضرار بالمرأة ،فحينئذ يعود هذا المقصد
على قصد الشارع باللغاء والبطلن#انظر :بيان الدليل على بطلن التحليل ص 86و ،384وسبل السلم
#.3/455
والنكاح نفسه إنما شرع لمقاصد شرعية عظيمة من :حصول السكن والزدواج بين الزوجين بالستمتاع،
والصلة ،والعشرة والصحبة ،فإذا ما كان باعث المكلف على النكاح تحليل المرأة لزوجها ،أو نكاح المرأة
على سبيل المتعة وقًتا محدًدا في العقد ،فإن شيًئا من مقاصد الشارع في عقد النكاح لن يتحقق #انظر :بيان
الدليل على بطلن التحليل ص 385و ،407ومقاصد الشريعة عند المام العز بن عبد السلم ص #.304
وبهذا يظهر الترابط القوي ،والصلة الوثيقة ،بين مقاصد الشارع ،ومقاصد المكلف ،وكيف أن مقاصد
الشارع ل تتحقق إل في ظل مقاصد المكلف الصحيحة ،وأن بواعث المكلف السيئة ،هادمة لمقاصد
الشريعة ،كما يقول الشاطبي رحمه ال#انظر :الموافقات #.3/122وقتل لروحها على حد تعبير د .محمد
دراز#انظر :دستور الخلق في القرآن ص #.550
وبهذه الوجوه الثلثة ونحوها يتجلى ما للبواعث ،والمقاصد من الهمية ،والمكانة التي تجعل من المتعين
على المفتين ،والقضاة مراعاة مقاصد المكلفين
@@227
وبواعثهم ،فيما يعرض عليهم من مسائل وأقضية؛ حتى ل يترتب على إغفالها تصحيح ما هو فاسد ،أو
إفساد ما هو صحيح ،أو إثبات حق أو نفيه ،أو اللزام بما ل يلزم ،وفي هذا من الفساد ما فيه.
ورحم ال ابن القيم إذ يقول منبًها الفقيه إلى ضرورة النظر إلى مقاصد المكلف ،وبواعثه ،والحذر من إغفال
ذلك وإهماله" :فإياك أن تهمل قصد المتكلم ،ونيته ،وعرفه فتجني عليه وعلى الشريعة ،وتنسب إليها ما هي
بريئة منه ...ففقيه النفس يقول :ما أردت .ونصف الفقيه يقول :ما قلت"#إعلن الموقعين #.4/433
بل إن مما يتأكد على المفتين ،والعلماء ،وطلبة العلم ،الحرص على تنبيه الناس إلى ضرورة تصحيح
المقاصد ،والبواعث ،بحيث يكون ما يحملهم على إيقاع العقود ،والمعاملت ،وسائر أنواع التصرفات
بواعث ومقاصد حسنة ،موافقة للشرع،وتحذيرهم من كل ما يناقض الشرع ويعارضه من المقاصد،
والبواعث حتى تصح لهم تصرفاتهم ،وتقبل منهم أعمالهم ،فإنه لو قدر أن صاحب المقصد السيئ والباعث
الدنيء أقدم بذلك على تصرف ما ،وصحح التصرف بناء على صورته الظاهرة ،فليعلم أن يوم القيامة
"تجري أحكام الرب جل جلله هناك على المقصود والنيات ،كما جرت أحكامه في هذه الدار على ظواهر
القوال ،والحركات"#إعلم الموقعين .5/74وانظر :بيان الدليل ص #.431وال سبحانه وحده المطلع
على السرائر والنيات.
@@228
المبحث الثالث :أقسام البواعث:
ينقسم الباعث إلى عدة أقسام باعتبارات مختلفة ،وفيما يلي بيان لهذه القسام مع التمثيل لها ،والشارة إلى ما
له علقة بالبحث مما ليس كذلك من خلل المطالب التية:
المطلب الول :أقسام الباعث باعتبار مناقضته لقصد الشارع أو باعتبار المشروعية وعدمها:
ينقسم الباعث بهذا العتبار إلى قسمين:
القسم الول :باعث مناقض لقصد الشارع ،فهو بهذا الوصف باعث غير مشروع ،وضابطه :كل"من قصد
أن يعقد ـ عقًدا ـ ليفسخ ،ل لغرض في المعقود عليه ،أو قصد منفعة محرمة بالعقود وعليه فهذا قصد ما
ينافي العقد أو الشرع ،فلهذا أثر في العقد"#بيان الدليل على بطلن التحليل ص #.431
ومثال هذا النوع من البواعث :النكاح بنية التحليل ،وقد وضح ابن تيمية وجه المناقضة في هذا العقد بقوله:
"مثل المحلل الذي ل يقصد مقصود النكاح ،من اللفة والسكن التي بين الزوجين ،وإنما يقصد نقيض النكاح،
وهو الطلق لتعود إلى الول ،فقصد المحلل في الحقيقة ليس بقصد الشارع؛ فإنه إنما قصد الرد على الول،
وهذا لم يقصده الشارع فقد قصد ما لم يقصده الشارع ،ولم يقصد ما قصده ،فيجب إبطال قصده بإبطال
وسيلته"#بيان الدليل على بطلن التحليل مع تقديم وتأخير ص #.116
وبهذا ظهر أن نكاح المحل إنما بطل لن ال عز وجل جعل " النكاح سبًبا لملك البضع ،وحل الوطء،
والمحلل مناقض ،معاكس ،لشرع ال تعالى ودينه ،فإنه جعل نكاحه سبًبا لتمليك المطلق البضع وإحلله له،
ولم يقصد بالنكاح ما
@@229
شرعه ال له من ملكه هو للبضع ،وحله له ،ول له غرض في ذلك ،ول دخل عليه ،وإنما قصد به أمًرا آخر
ل عن شيخ السلم رحمه ال في لم يشرع له ذلك السبب ،ولم يجعل طريًقا له"#إغاثة اللهفان 1/420نق ً
ذكر الفروق بين نكاح التحليل ونكاح المتعة .ولم أجده في بيان الدليل على بطلن نكاح التحليل .وانظر
كذلك المصدر نفسه #.2/115
ومن وجه آخر :مقصود الشارع من النكاح :التناسل ،ودوام الستمتاع والعشرة والصحبة ،والمودة،
ل قصده :الفراق والنقطاع ،وفسخ العقد ورفعه ،ل غير ،فتناقض القصدان. والرحمة ،والسكن .والناكح تحلي ً
وإن كانت هذه المقاصد في نكاح التحليل قد تقع في النكاح الصحيح ،لكن فرق بين اتصال يقبل النقطاع،
واتصال يقصد به النقطاع ابتداًء ،كما قال ابن تيمية رحمه ال#انظر :بيان الدليل على بطلن التحليل ص
#.381
ومن وجه آخر :مقصود الشارع من النكاح :التناسل ودوام الستمتاع والعشرة والصحبة ،والمودة،
ل قصده :الفراق والنقطاع ،وفسخ العقد ورفعه ،ل غير ،فتناقض القصدان. والرحمة ،والسكن .والناكح تحلي ً
وإن كانت هذه المقاصد في نكاح التحليل قد تقع في النكاح الصحيح ،لكن فرق بين اتصال يقبل النقطاع،
واتصال يقصد به النقطاع ابتداء ،كما قال ابن تيمية رحمه ال#انظر :بيان الدليل على بطلن التحليل ص
#.381
ومثال آخر على ذلك :الرجعة بقصد الضرار ،فإن ال عز وجل إنما أباح الرجعة لمن قصد الصلح كما
حا([ البقرة ]228 :فمتى ما قصد المراجع في قوله تعالى) :وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصل ً
بالرجعة الضرار بالزوجة ،بإطالة أمد العدة عليها ،وذلك "بأن يطلقها ،ثم يمهلها حتى تشارف انقضاء
العدة ،ثم يرتجعها ،ثم يطلقها فتصير العدة تسعة أشهر"#بيان الدليل على بطلن التحليل ص #.381فقد
ناقض الشرع في ذلك؛ لنه لم يرد ما أراده ال من الصلح؛ بل أراد المضارة .وأما لو وقع ذلك من غير
قصد منه ،فإن ذلك الفعل ل يحرم .قال شيخ السلم" :ومعلوم أن الفعل لو وقع اتفاًقا من غير قصد منه ،بأن
يرتجعها راغًبا فيها ،ثم يبدو له فيطلقها ،ثم يبدو لها فيرتجعها راغًبا ،ثم يبدو لها فيطلقها ،لم يحرم ذلك
عليه"#بيان الدليل على بطلن التحليل ص 381و .382وانظر :إعلم الموقعين 4/533وإغاثة اللهفان
2/115والموافقات 3/139و #.140
@@230
والفرق بين الصورتين الباعث على المراجعة ،فلما كان في الصورة الولى باعثه على المراجعة :المضارة
بالمرأة ،حرم ذلك عليه ،ولما تغير الباعث في الصورة الثانية ،فكان باعثه على المراجعة :الرغبة في
المرأة ،لم يحرم ذلك التصرف عليه .ولهذا كان هذا القسم من أقسام الباعث مما له علقة قوية بالبحث.
القسم الثاني :باعث غير مناقض لقصد الشارع ،فهو بهذا الوصف باعث مشروع ،فإن كان لمراعاته أثر
ل في مسائل البحث،وإن لم يكن كذلك ،لم يكن لمراعاته والنظر إليه فائدة في الحكم وجب إعماله ،وكان داخ ً
في تقرير الحكم.
فمثال الول :هبة المرأة صداقها لزواجها إذا سألها ذلك ،إذ الباعث لها على الهبة ،وإنما هو الرغبة في
استدامة المودة في الحياة الزوجية ،وهو باعث غير مناقض لمقصود الشارع ،بل هو من مقاصده في شرعه
ل للباعث الذي دفعها لهبة صداقها إلى الهبة ،فإذا ما طلقت المرأة بعد ذلك جاز لها الرجوع في هبتها إعما ً
زوجها ،فلما انتفى الباعث انتفت الهدية فهي تدور معه وجوًدا وعدًما .ولهذا قرر الفقهاء قاعدة في هذا الباب
ونصها" :السباب والدواعي ،للعقود والتبرعات معتبرة" .فإذا "عقد العاقد عقًدا أو تبرع بشيء ،وهنا داع
وحامل حمله على ذلك اعتبرنا ذلك الذي حمله؛ لن العمال بالنيات والمور بمقاصدها"#القواعد والصول
الجامعة والفروق والتقاسيم البديعة النافعة ص #.186
ومثال الثاني :ما لو كان الباعث على النكاح ليس المقصود الصلي منه ،وهو لتناسل كما يقرر الشاطبي
رحمه ال ،وإنما الباعث عليه مقاصد تبعية أخرى من طلب السكن ،والتعاون على المصالح الدنيوية
والخروية ،والنظر إلى ما خلق ال من المحاسن في النساء ،والتجمل بمال المرأة ،ونحوها من المقاصد
التي
@@231
ليس فيها مناقضة للمقصود الشرعي الصلي من النكاح ،بل يحصل منها تقوية وتثبيت للمقصد الرئيس.
فالنكاح من أجل هذه البواعث سائغ ،بل قصد التسبب له حسن#انظر بيان الدليل على بطلن التحليل ص
عا ،لكنها ل ،166والموافقات #.3/139؛ لن هذه البواعث وإن لم تكن من المقاصد الرئيسة للنكاح شر ً
تخالف ،بل تلئمه #انظر :المدخل للفقه السلمي ص #.353
قال شيخ السلم" :وبهذا يظهر الجواب عن المقاصد الفرعية في النكاح مثل :مصاهرة الهل ،وتربية
الخوات ،فإن تلك المقاصد ل تنافي النكاح ،بل تستدعي بقاءه ،ودوامه ،فهي مستلزمة لحصول موجب
العقد"#بيان الدليل على بطلن التحليل ص #.171
ل في دائرة التحليل المحرمفمثل هذا النكاح بهذه البواعث الفرعية ،التبعية ،لو حصل بعده فراق لم يكن داخ ً
ل.
عا بوجه من الوجوه .ومن ثم تحل المرأة بعده لمن أبانها أو ًشر ً
المطلب الثاني :أقسام الباعث باعتبار تأثيره في الحكم:
ينقسم الباعث بهذا العتبار إلى قسمين:
القسم الول :باعث مؤثر في الحكم ،سواء أكان تأثيره من أجل مناقضته لمقصود الشارع أم ل ،فهذا النوع
من البواعث يجب إعماله عند النظر إلى الواقع ،على نحو ما تقدم قريًبا في التقسيم الول.
القسم الثاني :باعث غير مؤثر في الحكم ،فل يلتفت إليه ،ول يعول عليه عند تقرير الحكام على النوازل.
ومثال ذلك :ما يسمى بقتل الرحمة ،إذا أقدم عليه الطبيب ،أو الممرض مع مريضهما.
@@232
النفوس ،وأخذ المال كانت العقوبة بفعل ذلك القتل مع الصلب .وإن كان الباعث على الحرابة إزهاق النفوس
كانت العقوبة لمن حصل منه ذلك القتل وحده دون الصلب ،وإن كان الباعث للمحارب على الحرابة أخذ
المال فإن عقوبته قطع يده اليمنى ورجله اليسرى ،وأما إذا كان الباعث إخافة الناس وقطع السبيل دون
تعرض للنفوس والموال فإن عقوبته حينئذ النفي من الرض"#انظر :المغني 12/477ـ ،482والسياسة
الشرعية ص#.232 :
المطلب الثالث :أقسام الباعث باعتبار أثره:
ذكرت فيما سبق أن هناك بواعث مؤثرة في الحكم ،وأخرى غير مؤثرة ،وفي هذا المطلب سأذكر أقسام
الباعث المؤثر في الحكم ،من حيث نوع ومجال تأثيره في الحكم.
والقاعدة العامة أنه متى ما كان الثر الذي يحدثه إعمال الباعث وراء التصرف إبطال التصرف نفسه ،فإن
هذا البطال عود على التصرف حسب المكان ،فإن أمكن إبطال التصرف في حق جميع أطراف التصرف،
ومن جميع وجوهه كان هذا هو المراد ،وإل أبطل ما أمكن إبطاله ورفعه من وجوه ذلك التصرف ،وحق من
أمكن البطال في حقه في أطراف التصرف.
ومن ثم فإن الباعث المؤثر في التصرف على وجه البطال له ينقسم إلى عدة أقسام#انظر ما يفيد هذا التقسيم
في بيان الدليل على بطلن التحليل ص 269ـ #.275وهو ما سأبينه في الفروع التية:
الفرع الول:
ينقسم الباعث من حيث إبطال التصرف في حق أطراف التصرف إلى
@@234
القسم الول :باعث يترتب على إعماله بطلن التصرف في حق جميع أطراف التصرف ،ومثال ذلك :مل
لو تواطأ المحلل والمحللة على التحليل ،فإن العقد باطل ظاهًرا وباطًنا في حقهما جميًعا ،فل يحل لكل منهما
تمكين الخر من الستمتاع ،ولو مات أحدهما لم يرثه الخر .ومثله :ما لو وهب إنسان ماله إضراًرا بورثته
لخر ،وعلم الموهوب له بقصد الواهب ،فإن الهبة في حق الواهب باطلة ،وهو آثم على قصده ذلك ،وهي
كذلك في حق الموهوب له العالم بقصد الواهب باطلة كذلك ظاهًرا وباطًنا ،فل يحق له التصرف فيما وهب
له بأي نوع من أنواع التصرف ،بل يجب عليه رد المال إلى مستحقه ،الذي كان يجب أن يؤول إليه لول هذه
الهبة الباطلة#انظر :بيان الدليل على بطلن التحليل ص #.270
القسم الثاني :باعث يترتب على إعماله إبطال التصرف في حق أحد طرفي التصرف دون الخر ،كما هو
الحال في المثلة السابقة ،فيما إذا حصل التحليل بنية المحلل دون علم المرأة بذلك ،فإن النكاح باطل في حق
المحلل دون الزوجة ،ولهذا فل يحل له وطء المرأة ،ول يرثها لو ماتت بعد العقد ،وأما المرأة نفسها فل تأثم
بتمكينه من نفسها ،وكذا ترثه لو مات بعد العقد.
وكذا في المثال الخر ،فيما إذا لم يعلم الموهوب له بقصد الواهب الضرار بالورثة ،فإن الهبة وإن بطلت
في حق الواهب ،وترتب على ذلك الثم ،إل أنها في حق الموهوب له ،الجاهل بقصد الواهب ،غير باطلة،
بل صحيحة في الظاهر تفيد مقصود الهبة الصحيحة ،فيجوز له النتفاع بما وهب له بكافة صور النتفاع
المشروعة.
والفرق بين القسمين يظهر في علم طرفي العقد بالباعث ،وتواطئهما على التصرف باصطحاب ذلك الباعث،
أو علم أحدهما به دون الخر .وفي هذا يقول شيخ السلم رحمه ال عند حديثه عن شراء العصير لتخاذه
ل في حقه
خمًرا" :فإن اشتراءه بهذه النية حرام ،باطل ،ثم إن علم البائع بذلك ،كان بيعه حراًما باط ً
ل ،وبالنسبة إلى المشتري حراًما"#بيانضا...وإن لم يعلم بقصد المشتري ،كان البيع بالنسبة إلى البائع حل ً أي ً
الدليل على بطلن التحليل ص #.417
حا في حق شخص آخر مما ل حا أو صحي ً
ل في حق شخص ،مبا ً وكون التصرف الواحد يكون محرًما أو باط ً
يستغرب ،بل هذا مما عهد في أحكام الشرع ،وله نظائر كثيرة منها" :صيد الحلل للمحرم وذبحه ،يجعل
اللحم ذكّيا في حق الحلل ،ميًتا في حق الحرام ،وكما أن بيع المعيب ،والمدلس إذا صدر ممن يعلم بذلك
ل في حق المشتري ،وكذلك رشوة العامل لدفع الظلم"#المصدر لمن ل يعلمه كان حراًما في حق البائع حل ً
السابق ص #.117حلل في حق الدافع ،حرام في حق العامل.
الفرع الثاني:
ينقسم الباعث من حيث إبطال التصرف من جميع وجوه التصرف ،أو من وجه دون آخر إلى قسمين:
القسم الول :باعث يترتب على إعماله إبطال التصرف من جميع وجوهه ،ومثاله :ما لو تواطآ على التحليل
فإن النكاح بهذا الباعث باطل من جميع الوجوه ،فل يصح معه العقد ،ول يحصل به توارث ،ول تحل به
المرأة لمطلقها الول.
القسم الثاني :باعث يترتب على إعماله إبطال التصرف من وجه دون وجه ومثاله :طلق الفار ،وهو من
يطلق امرأته في مرض موته المخوف بقصد
@@236
حرمانها من الميراث ،فإن الطلق يترتب عليه أمران :زوال ملك البضع ،والمنع من الميراث ،وإعمال
الباعث هنا يقتصر على أحد المرين دون الخر:
فيحكم على الطلق بصحته من حيث إنه أزال ملك البضع.
وأما من حيث كونه طلًقا يمنع من الرث ،فل يحكم بصحته وعليه فترث المرأة الزوج ،ولو مات بعد ما
أبانها.
قال شيخ السلم...." :لكن من التصرف ما يمكن إبطاله كالعقود التي قد تواطأ المتعاقدان عليها ،ومنها ما
يمكن إبطاله بالنسبة إلى الحكم الذي يراد تحقيقه من خلل المقصد السيئ ،مثل من يبيع النصاب فراًرا من
الزكاة ،أو يطلق زوجته فراًرا من الرث ،فإن البيع صحيح في حق المشتري ،وكذلك الطلق واقع ،لكن
ل للتصرف في هذا الحكم وإن صح في حكم آخر"#بيان الدليل على بطلن تجب الزكاة ،ويثبت الرث إبطا ً
التحليل ص 116ـ 117بتصرف يسير#.
ووجه التفريق في طلق الفار بين زول ملك البضع ،والمنع من الميراث :أن قصد زوال ملك البضع سائًغا
عا للزوج ،إذ ل تناقض ول تعارض بينه وبين مقصود الشارع ،فلم يكن هذا القصد مانًعا من صحة شر ً
عا لما فيه من الضرار بها، الطلق في مرض الموت وأما قصد منع الزوجة من الميراث فغير سائغ شر ً
ضا لمقصود الشارع ،فكان مانًعا من صحة الطلق في مرض الموت من ضا ومعار ًفعد بذلك قصًدا مناق ً
حيث ترتب المنع من الرث عليه.
الفرع الثالث:
ينقسم الباعث من حيث أثره في رفع الحكم وعدمه إلى قسمين:
@@237
القسم الول :باعث يترتب على إعماله رفع حكم التصرف ،وفسخه بعد وقوعه ،ومثاله :البيع مع البواعث
غير الشرعية ،المتواطئ عليها من قبل طرفي العقد ،أو التي علمها البائع من حال المشتري#انظر :بيان
الدليل على بطلن التحليل ص 270و ،274والمغني ، #.6/319فإن عقد البيع في هذه الحالة يفسخ،
ومن ثم يرد المبيع على البائع ،والثمن على المشتري ،ومنه نكاح التحليل فإنه يجب فسخه ورفعه وإن تم
العقد ،بل ولو دخل بالمرأة.
القسم الثاني :باعث ل يترتب على إعماله رفع حكم التصرف ،ول فسخه .ومثاله :طلق الفار فإن هذا
الطلق إذا وقع انحل به عقد النكاح ولم يكن رفعه بعد وقوعه ،وإن كان قد صاحبه باعث سيئ لكننا" نقطع
عنه حكمه والمقصود رفعه وهو الرث"#بيان الدليل عل بطلن التحليل ص ، #.290وكذا الهبة والعطية
والعتق إذا قصد بها الضرار بالورثة ،ولم تتجاوز الثلث ،ولم يعلم الموهوب له بقصد الواهب.
وقد أومأ شيخ السلم رحمه ال إلى هذين القسمين بقوله" :إن كان المتعجل به مما ل يمكن إبطاله كالقتل
قطعنا عنه حكمه ،وكذلك إن كان مما ل يمكن رفعه كالطلق في المرض ،فإنا نقطع عنه حكمه المقصود
رفعه ،وهو الرث ونحوه ،وأما النكاح فإنه عقد قابل للبطال فيبطل"#بيان الدليل على بطلن التحليل ص
#.290
ل ،كالرجعة إذا وقعت بقصد الضرار، وهناك مسائل أخرى للفقيه فيها نظر فسيح ،من حيث إبطالها أو ً
ونحو ذلك من المسائل.
المطلب الرابع :أقسام الباعث باعتبار ظهوره واستتاره:
ينقسم الباعث بهذا العتبار إلى قسمين:
القسم الول :باعث منصوص عليه في التصرف ،كما لو قال شخص لخر :زوجتك موليتي فلنة على أن
تحللها لزوجها الول ثم تطلقها ،فهذا
@@238
الباعث المنصوص عليه ل خلف بين الفقهاء في وجوب اعتباره ،ومن ثم إبطال العقد بسببه.
القسم الثاني :باعث مستتر ،غير منصوص عليه في التصرف ،لكن أمكن الكشف عنه إما من خلل القرائن
والحوال ،وذلك كبيع عصير العنب لمن يعلم من حاله اتخاذه خمًرا ،وبيع السلح لمن يعلم نه استعماله في
إزهاق النفس المعصومة .أو أمكن الكشف عنه من خلل محل العقد ،ونحو ذلك من المسالك التي يتوصل
بها إلى معرفة الباعث مما سيأتي له مزيد إيضاح في مبحث مسالك الكشف عن الباعث.
فهذا القسم من البواعث المستترة محل نظر واجتهاد بين أهل العلم ما بين معلم لها ومهمل#انظر مختصر
الطحاوي ص 280والم 9/66و ،67والكافي في فقه أهل المدينة ،2/677والمغني 6/317و .319
ولكاتب هذه السطر بحث بعنوان )مناهج الفقهاء في إعمال الباعث وإهماله( يسر ال نشره#.
المطلب الخامس :أقسام الباعث باعتباره غاية ومقصًدا من التصرف:
والباعث بهذا العتبار ينقسم إلى قسمين:
القسم الول :الباعث النوعي ،وهو" :المقصد الصلي الذي شرع العقد من أجله"#المدخل الفقهي العام
، #.1/400فإن ما كان باعث المكلف على تصرف ما المقصود الصلي الذي شرع التصرف من أجله،
حا ،كما قال الشاطبي رحمه فقد وافق مقصود الشارع ،ـ وهذا ما يريده الشرع منه ـ وكان تصرفه ذلك صحي ً
ال" :قصد الشارع من المكلف أن يكون قصده في العمل موافًقا لقصده في التشريع"#الموافقات #.3/23
فالمقصود الشرعي من البيع :نقل ملكية المبيع إلى المشتري بعوض.
@@239
وهذا النوع من البواعث الشخصية ،المناقضة لمقصود الشارع ،أو الزائدة عن المقصد الصلي الشرعي
للتصرف ،مما يتأكد الفقهاء ،والمفتين مراعاتها عند تقريرهم الحكام الشرعية على الوقائع ،والنوازل ،حتى
ل يكون نظرهم مقتصًرا على صورية التصرف ،وشكلية العقد ،ورحم ال شيخ السلم إذ يقول مقرًرا هذه
القاعدة العظيمة" :ونكتة هذا :أن القصود والنيات معتبرة في العقود كاعتبارها في العبادات ،فإن العمال
ضا كما
بالنيات ،فكل من قصد بالعقد غير المقصود الذي شرع له ذلك العقد ،بل قصد شيًئا آخر#أي :مناق ً
نبه رحمه ال في مواضع أخرى ،انظر :بيان الدليل على بطلن التحليل ص 166و 406و 409و
#.431أراد أن يتوسل بالعقد إليه ،،فهو مخادع ،بمنزلة المرائي الذي يقصد بالعبادات عصمة دمه وماله،
ل حقيقة العبادة ،وإن كان هذا #أي عصمة الدم والمال ،مقصود تابع للمقصود الصلي ،وهو التعبد ل عز
وجل بأداء ما افترض #.مقصوًدا تابًعا لكنه ليس هو المقصود الصلي"#بيان الدليل على بطلن التحليل
ص #.386
@@242
المبحث الرابع :مسالك الكشف عن الباعث:
تمهيد:
تمهيد فيما سبق أن الباعث على التصرف منه ما هو ظاهر معلوم ،وذلك كالبواعث المنصوص عليها في
العقد على سبيل الشرط ونحوه ،ومن البواعث ما ل ينص عليها أثناء العقد ،بل هي بواعث مستترة،
وأغراض مخفية ،يعلم العاقدان ،أو أحدهما أنها هي الدافع الحقيقي ،والباعث المحرك للقدام على التصرف
ل وحرمة في الباطن ديانة وإجراء العقد .ول ريب أن هذه البواعث تؤثر في التصرف صحة وفساًدا ،وح ّ
بين العبد وربه ،وأما في الظاهر وأحكام القضاء فل يتأتى الحكم بتأثيرها إل إذا أمكن للمفتي أو القاضي
ونحوهما العلم بها.
فالقائلون بإهمال البواعث المستترة ،وإهدارها عللوا ذلك بعدم إمكانية العلم بالبواعث المستترة ،والصل:
إجراء تصرفات المكلفين وعقودهم على ظاهرها متى ما اكتملت شروطها ،وأركانها ،وأما المقاصد،
والبواعث المستترة فنكل أمرها إلى علم الغيوب سبحانه وتعالى#انظر :الم 5/245و #.9/84
وأما من ذهب من أهل العلم إلى إعمال البواعث المستترة ،وتأثيرها في الحكم فقيدوا قولهم هذا بإمكانية
الكشف عن هذه البواعث ،والعلم بها ،فمتى ما أمكن العلم بالبواعث المستترة وجب إعمالها ،وترتيب الثر
عليها ،وأما إذا تعذر العلم بها فيجب إجراء التصرفات ،والعقود على ظاهرها.
قال شيخ السلم ..." :فل نحكم على عقد أنه عقد تحليل حتى يثبت ذلك إما بإقرار الزوج ،أو ببينة تشهد
على تواطئهما قبل العقد ،أو تشهد بعرف جار بصورة التحليل"#بيان الدليل على بطلن التحليل ص .431
وانظر :المصدر نفسه ص 270و ،417والمغني #.6/319
@@243
وسأتناول في هذا المبحث مسالك الكشف عن البواعث المستترة .وهي :الطرق التي يمكن من خللها
التوصل إلى البواعث وراء تصرفات المكلفين ،والعلم بها ،والتي من أهمها ما يلي:
المطلب الول :مسلك القرار:
وهو من أقوى المسالك في الدللة على الباعث المستتر وقت إجراء العقد ،أو القيام بالتصرف ،فإذا ما أقر
الزوج ،أو الولي بأنه إنما عقد على المرأة بغرض التحليل ،كان ذلك العقد عقد تحليل ،وإن لم ينص فيه على
التحليل ،وإذا ما أقر المشتري بأنه إنما اشترى المبيع بغرض استعماله في أمر محرم ،فإن كان البائع يعلم
ل في حقها جميًعا ،وإل بطل البيع في حق المشتري وحده ،وأجبر على إخراج المبيع بغرضه ،كان البيع باط ً
من ملكه ،وإن لم ينص على الباعث غير المشروع في العقد.
قال شيخ السلم " :ولو اعترف الموصي :إني إنما أوصيت ضراًرا ،لم يجز إعانته على إمضاء هذه
الوصية ،ووجب ردها"#بيان الدليل على بطلن التحليل ص .87انظر :المغني ،6/319وإغاثة اللهفان
#.1/560
المطلب الثاني :مسلك التواطؤ عل الباعث:
فإذا تواطأ أطراف العقد ،أو التصرف ،كلهم أو بعضهم ،على الباعث الذي حمل على التصرف ،وجب حمل
العقد في الحكم على ذلك الباعث الذي حصل التواطؤ عليه.
ومثال ذلك :ما لو تواطأ الواهب مع الموهوب له على أنه يهبه المال الزكوي قبيل انتهاء الحول ،ثم يرجعه
ل جديًدا.
الموهوب له إلى الواهب بعد مضي الحول ،ليستأنف به حو ً
@@244
أو تواطأ البائع والمشتري ،أو المؤجر والمستأجر ،على الغرض الحقيقي من المبيع أو العين المؤجرة
عا.
كاستعمال البيت وكًرا للدعارة ،أو المحل للعب القمار ونحو ذلك من الغراض المحرمة شر ً
ومثله لو تواطأ المطلق مع المرأة أو وليها ،أو أحدهم مع المحلل على التحليل ،فإن هذه التصرفات،
وأمثالها ،وإن جرت على الظاهر مكتملة شروطها ،ولم تقترن بما يبطلها ،فإن ذلك ل يعني صحتها متى ما
شهدت البينة على تواطؤ أطراف التصرف على ذلك الباعث الذي لو نص عليه في العقد لفسده وأبطله "بل
مشاركة مثل هذه التصرفات للتصرفات المحرمة صورة ومعنى ،وإلحاقها بها لشتراكهما في القصد
والحقيقة ،أولى من إلحاقها بالحلل المأذون فيه ،بمشاركتها في مجرد الصورة"#إعلم الموقعين 4/552
مع تصرف يسير#.
ووجه هذا :أن الشروط المتقدمة على العقد بمنزلة الشروط المقارنة له على الصحيح من أقوال أهل العلم،
فإن كانت صحيحة وجب الوفاء بها ،وإن كانت مناقضة لمقصود الشارع أثرت في العقد فأبطلته#انظر :بيان
الدليل على بطلن التحليل ص 365و 366و 392ـ ،398والقواعد النورانية ص ،442وإعلم
الموقعين 48551و .552وقد أطال الشيخان رحمهما ال في تقرير هذه القاعدة المهمة ،والتدليل عليها،
ومناقشة منكريها ،في أكثر من موضع من كتبهما المختلفة ،بما ل تكاد تجده محقًقا عند غيرهما#.
حا فاسًدا ،له حكم النكحة الفاسدة ،وكذلك إذا حا تواطآ عليه كان نكا ً
قال شيخ السلم" :وكذلك إن كان نكا ً
تواطآ على بيع أو هبة لسقاط الزكاة ،أو على هبة لتصحيح نكاح فاسد ،أو وقف فاسد ،مثل أن تريد مواقعة
ل على أن تهبه العبد فيزوجها به ،ثم يهبها إياه لينفسخ النكاح ،فإن هذا البيع والهبة
مملوكها فتواطئ رج ً
فاسدان في جميع الحكام"#بيان الدليل على بطلن التحليل ص #.270
@@245
وقال ابن القيم " :فإذا اشترط قبل قبل العقد أن النكاح نكاح تحليل ،أو متعة أو شغار وتعاهدا على ذلك،
وتواطآ عليه ،ثم عقدا على ما اتفقا عليه ،وسكتا عن إعادة الشط في صلب العقد ،اعتماًدا على ما تقدم ذكره
والتزامه ،لم يخرج العقد بذلك عن كونه عقد تحليل ،ومتعة ،وشغار ،حقيقة" #إعلم الموقعين #.4/551
وعلى هذا فإذا تواطأ المتعاقدان قبل العقد على قصدهما منه ،وباعثهما عليه ،ثم أجريا العقد بعد ذلك خالًيا
ل ،ول ملغّيا لما تواطآ عليه ،ولو صح ذلك لما عجز "المتعاقدان
عن ذكر ذلك المقصد ،لم يكن ذلك مبط ً
اللذان يريدان عقًدا قد حرمه ال ورسوله لوصف ،أن يشترطا قبل العقد إرادة ذلك الوصف ،وأنه هو
المقصود ،ثم يسكتا عن ذكره في صلب العقد ،ليتم لهما غرضهما"#المصدر السابق #.1/551والقاعدة
التي قررها شيخ السلم ونصرها في أكثر من موضع من مؤلفاته :أن المتعاقدين إذا تواطآ على أمر ثم
عقدا العقد مطلًقا حمل على ما توا عليه#انظر :العقود ص 404و #.405
المطلب الثالث :مسلك العرف والعادة:
ودللة العرف والعادة على مقصد المتعاقدين وباعثهما على التصرف تظهر في أمثلة كثيرة ،ومنها :ما
جرى التعارف عليه عند بعض الناس من قيام المقترض بإهداء المقرض هدية قبل الوفاء ،وقصده من ذلك:
تأخير القتضاء وتأجيله ،وإن لم يكن قد نص على ذلك أو تكلم به أثناء العقد "فإن العرف المطرد على حال
جار مجرى الشرط بالمقال"#بيان الدليل على بطلن التحليل ص #.431وذلك لن المعروف عرًفا
طا ،والشرط العرفي كالشرط اللفظي ،فالعرف في هذه المسألة هو الذي دل على الباعث الذي كالمشروط شر ً
من أجله قام المقترض بإهداء المقرض.
@@246
وقد روى البخاري في صحيحه#الفتح ]3814 [ 7/161وقد سقط من هذه النسخة قوله )فل تأخذه( وهي
موجودة في نسخ أخرى .انظر على سبيل المثال صحيح البخاري ،الطبعة التركية #.4/230عن أبي بردة
بن أبي موسى الشعري رضي ال عنه قال :قدمت المدينة ،فلقيت عبد ال بن سلم فقال لي :إنك بأرض
#يعني أرض العراق التي قدم منها أبو بردة #.الربا فيها فاش فإذا كان لك على رجل حق فأهدى إليه حمل
تبن ،أو حمل شعير ،أو حمل قت#قت "بفتح القاف وتشديد المثناة وهو علف الدواب "الفتح 7/163وقيده
ابن الثير في النهاية 4/11بالرطب من علف الدواب ، #.فل تأخذه فإنه ربا.
وعلى هذا فإذا لم يكن قصد المقترض من الهدية تأخير القتضاء ،وإنما أهدى المقرض جرًيا على عادة
سابقة ،أو نحو ذلك ،فل حرج على المقرض في قبول الهدية .ومما يؤيد ذلك :ما روى عبد الرزاق في
ل ـ قال:
مصنفه #. ] 14647 [ 8/142#عن ابن سيرين قال :تسلف أبي بن كعب من عمر بن الخطاب ما ً
أحسبه عشرة آلف ـ ثم إن أبّيا أهدى له بعد ذلك من ثمرته ،وكانت تبكر ،وكان من أطيب أهل المدينة ثمرة
فردها عليه عمر .فقال أبي :أبعث بمالك ،فل حاجة لي في شيء منعك ،طيب ثمرتي ،فقبلها وقال :إنما الربا
على من أراد أن يربي وينسئ.
فالعادة والعرف لهما اثر كبير في الدللة على الباعث من وراء هذه الهدية في هذه المسألة ،وكذا في سائر
العقود والتصرفات ،قال القرافي" :من علم من عادته تعمد الفساد حمل عقده عليه وإل مضى"#الفروق
#.3/411
وعلى هذا فإذا جرى العرف والعادة بأن بيع عين ما ،أو إجارتها ،أو إعارتها ،أو نحو ذلك من التصرفات
إنما يكون من أجل مقصد مناقض للشرع ،أو باعث سيئ فينبغي إبطال هذا التصرف وإن كان ظاهره
حا ،وفي
تصرًفا صحي ً
@@247
الجتهادات الفقهية المذهبية أمثلة على ذلك ،ففي حكم بيع القرد اختلفت الرواية عن أبي حنيفة في ذلك،
فبينما عللت رواية الجواز بأن القرد وإن لم ينتفع بذاته فيمكن النتفاع بجلده ،صحح محققو المذهب رواية
عدم الجواز ،معللين ذلك بأن الرقاد ل يشترى للنتفاع بجلده عادة ،وإنما العادة أنه يشترى من أجل اللهو
به ،وذلك حرام فكان بيعه حراًما#انظر :بدائع الصنائع #.5/143
ل لهذا الباعث وإنففي هذا الفرع الفقهي استدل الباعث على شراء القرد بالعادة الجارية ،فمنع من بيعه إعما ً
لم ينص عليه في العقد.
ومن فروع هذا المسلك مل لو عرف رجل بالتحليل ،وجئ له بمطلقة ليتزوجها ،فإن دللة العرف تقضي بأن
الباعث على إنكاحها ،ونكاحها إنما هو التحليل .قال شيخ السلم" :فإذا كان بعض التيوس معروًفا بالتحليل،
وجيء بالمرأة إليه ،فهو اشتراط منهم للتحليل ل يعقل الناس هذا"#بيان الدليل على بطلن التحليل ص
#.397
وفي الشريعة "أضعاف أضعاف هذه المسائل مما جرى العمل فيه على العرف ،والعادة ،ونزل ذلك منزلة
النطق الصريح اكتفاًء بشاهد الحال عن صريح المقال"#الطرق الحكمية في السياسة الشرعية ص #.27
ومن ثم فإن من مجالت إعمال قاعدة العرف والعادة :الكشف عن البواعث ،والمقاصد التي تبنى عليها
الحكام .قال الكاساني" :العرف إنما يعتبر في معاملت الناس فيكون دللة على غرضهم"#.بدائع الصنائع
1/262و . 263وانظر ما كتبه شيخنا د .يعقوب البا حسين في قاعدة العادة محكمة ص 141ـ #.166
@@248
ثلثين ألف درهم ،فإذا بيعت ساذجة تساوي عشرين ديناًرا .قال :ل تباع إل على أنها ساذجة#المغني
6/319وانظر :المجموع 9/154و 155و ،359وبدائع الصنائع #.5/169
فطبيعة المعقود عليه ثمًنا كان أو مثمًنا قرينة كاشفة عن الباعث وراء هذه التصرفات#انظر :قواعد المقاصد
عند المام الشاطبي ص #.440
المطلب الخامس :مسلك دللة الحال:
وهذا من المسالك القوية التي يكشف بها عن الباعث المستتر وراء تصرفات المتعاقدين ،وأعمال
المتصرفين .ومن الشواهد على هذا المسلك :منعه صلى ال عليه وسلم العمال من قبول ما يهدى لهم من
الهدايا أثناء القيام بعملهم .كما في حديث ابن اللتبية#اختلف في ضبطه والشهر ضم اللم وسكون التاء،
وكسر الباء ،عبد ال بن ثعلبة السدي ،منسوب إلى بني لتب بطن من السد واللتبية قيل كانت أمه فعرف
بها قال ابن حجر "ولم أعرف اسم أمه" انظر :تهذيب السماء واللغات .2/301وتبصير المنتبه بتحرير
المشتبه ،3/1231وفتح الباري #.3/428لما استعمله النبي صلى ال عليه وسلم على الصدقة فلما قدم
قال :هذا لكم وهذا لي أهدي لي .فقام النبي صلى ال عليه وسلم على المنبر فحمد ال وأثنى عليه وقال" :أما
بعد فإني استعمل الرجل منكم على العمل مما ولني ال ،فيأتي فيقول :هذا لكم وهذا هدية أهديت لي ،أفل
جلس في بيت أبيه وأمه حتى تأتي هديته إن كان صادًقا؟ وال ل يأخذ أحد منكم شيًئا بغير حقه إل لقي ال
تعالى يحمله يوم القيامة ،فل أعرفن أحًدا منكم لقي ال يحمل بعيًرا له رغاء ،أو بقرة لها خوار ،أو شاة
تيعر" ثم رفع يده حتى رؤي بياض إبطيه يقول" :اللهم هل بلغت"#رواه البخاري ،] 6636 [ 532 /11
ومسلم واللفظ له #. ]1832/27 [ 3/1463
@@250
فدللة الحال تقتضي أن الهدية لم تعط العامل على الصدقة لذاته ،وإن كان الظاهر من الهدية طلب مودة
المعطى وكرامته ،وإنما أعطيت له الهدية نظًرا لوليته ،فالولية هي التي دعت الناس ،وحملتهم على تقديم
الهدية للعامل ،سعًيا إلى تحقيق جملة من المقاصد :إما ليكرمهم في وليته ،أو يخفف عنهم ،أو يقدمهم على
غيرهم أو نحو ذلك من المنافع ،والمكاسب ،وجميعها غير مشروط ول متلفظ به ،ودليل هذا :أن العامل لو
نزعت عنه تلك الولية لما أهدي إليه شيء كما قال صلى ال عليه وسلم" :أفل جلس في بيت أبيه وأمه حتى
تأتي هديته إن كان صادًقا".
فإذا تقرر أن الهدية إنما قدمت للعامل من أجل وليته على الصدقة ل لذاته ،والولية إنما هي حق لهل
الصدقات ل للعامل#انظر :بيان الدليل على بطلن التحليل ص 232و #.233
قال شيخ السلم بعد أن قرر هذا المعنى" :إذا علم ذلك فنقول هذه الهدية لم يشترط فيها أن تكون لهل
طا مقترًنا بالعقد ،ول متقدًما عليه ،ومع هذا فلما كانت دللة الحال تقتضي أن القصد بها
الصدقات ل شر ً
ل في اعتبار المقاصد
ذلك ،كانت تلك هي الحقيقة التي اعتبرها النبي صلى ال عليه وسلم فكان هذا أص ً
ودللت الحال ....وهذا أصل لكل من بذل لجهة لول هي لم يبذله ،فإنه يجعل تلك الجهة هي المقصودة بذلك
ل فحلل ،وإل كانت حراًما ،وسائر الحقوق قياس على البذل ،فيكون المال لرب تلك الجهة إن حل ً
المال"#المصدر السابق ص 232و #.234
ل مئة ألف وباعه سيارة تساوي خمسة آلف بعشرين ألًفا ،فدللة الحال تشهد أن وعلى هذا فمن أقرض رج ً
ذلك القرض إنما بذل من أجل الزيادة في
@@251
ثمن السيارة ،فلول الزيادة لما اقدم المقرض على القراض ،كما أنه لول القرض لما اشترى المقترض
السيارة بهذه الزيادة ،فصارت حقيقة هذه المعاملة أن المقرض أقرض مئة ألف بمئة وخمسة عشر ألف ريال
وهذا حقيقة الربا.
سا من التيوس معروًفا بكثرة التحليل ،وهو من سقاط ومن شواهد دللة الحال على الباعث :ما لو "رأينا تي ً
الناس ديًنا وخلًقا ،ودنيا قد زوج فتاة الحي التي ينتخب لها الكفاء بصداق أقل من ثلثة دراهم ،أو بصداق
يبلغ ألوًفا مؤلفة ل يصدق مثلها قريًبا منه ،ثم عجل بالطلق أو بالخلع ،وربما انضم إلى ذلك استعطاف قلبه،
والحسان إليه علم قطًعا وجود التحليل ،ومن شك في ذلك فهو مصاب في عقله ،وكذلك مثل هذا في البعير
وغيره"#المصدر السابق ص ،283وانظر :اللتزامات في الشرع السلمي ص #.99فحال الرجل،
والمرأة بل والخطبة ،والدخول بالمرأة ،وصورة مفارقتها بعد ذلك ،كل ذلك من دلئل الحال الكاشفة عن
الباعث وراء هذا النكاح أل وهو قصد التحليل.
هذه أهم مسالك الكشف عن الباعث وراء العقود ،والتصرفات ،التي لم ينص أثناء إجرائها على الغرض،
والمقصود منها ،وهي كما ترى مسالك تتفاوت في القوة ،فقد يكون إفضاء المسلك إلى الباعث غير
المنصوص عليه في العقد ودللته عليه قوّيا ظاهًرا ،ل يحتاج إلى مزيد بحث وتدقيق؛ بل قد يصل إلى درجة
اليقين ،وقد تكون دللة المسلك على الباعث دقيقة ،تحتاج إلى مزيد انتباه وتيقظ ،وقد تكون بين ذلك.
@@252
الخاتمة:
وبعد النتهاء من هذا البحث أحمد ال عز وجل الذي هيأ السباب لكماله وإنجازه على هذا الوجه ،وأسأله
سبحانه أن يجعله من العمال الصالحة المتقبلة لديه.
وهذا ملخص بأبرز ما تضمنه البحث:
بدئ البحث بمقدمة بينت فيها ما امتازت به هذه الشريعة في نظرها إلى أعمال المكلفين صحة وإجزاًء ،من
جمعها بين النظر إلى صورة العمل المحسوس ،والباعث الذي دفعه إلى فعله.
ثم تناولت في التمهيد فكرة الموضوع وهي البحث عن البواعث الشخصية المؤثرة في الحكم المستترة وراء
تصرفات المكلفين ،وضرورة تنبه الفقيه إليها عند تنزيل الحكام الشرعية على الوقائع والنوازل.
وأما المبحث الول :فتناولت فيه تعريف الباعث ،وعلقته بالنية والقصد .فذكرت أن الباعث في اللغة يطلق
على عدة معان ،أقربها إلى المعنى الصطلحي الثارة والتهييج ،والحمل على الفعل ،والتحريض عليه.
وأما التعريف الصطلحي للباعث فقد ذكرت فيه عدة تعريفات للعلماء والكتاب المعاصرين وأوردت ما
أظنه نقًدا لكل واحد منها ،ثم اخترت تعريًفا للباعث أحسب أنه أقرب إلى الصواب من غيره ،فعرفت الباعث
بأنه "المقصود الحقيقي غير المباشر ،المحرك لدارة المكلف نحو تصرف ما".
وفي علقة الباعث بالنية والقصد بينت أن النية تطلق عدة إطلقات ،ومما له علقة بالبحث أنها تطلق أحياًنا
ويراد بها :المقصد المراد للمكلف من وراء قيامه بتصرف ما ،والنية والمقصد بهذا المعنى هو ما يعرف
بالباعث ،ويمكن أن نطلق
@@253
عليها النية الغائية .والنية بهذا المعنى وإن تقدمت ـ من حيث العلم بها والقصد إليها غاية في نفس المكلف ـ
على القصد إلى التصرف المراد فعله ،إل أنها من حيث الوجود ،والحصول تعقب العمل ،وتتلوه ،فتكون
نتيجة من نتائجه.
وف المبحث الثاني ذكرت أهم الوجوه الدالة على منزلة الباعث ،ومكانته ومنها:
1ـ تأثير البواعث في إكساب التصرف وصف الحل والحرمة ،ووصف الصحة أو الفساد ونحو ذلك.
2ـ توقف قبول العمال ،والثابة أو العقاب عليها عند ال عز وجل على بواعث المكلفين ،ومقاصدهم من
فعلها.
3ـ الرتباط الوثيق بين مقاصد الشريعة ،ومقاصد المكلف وبواعثه سلًبا وإيجاًبا ،فل تتحقق مقاصد الشريعة
الخاصة إل مع مقاصد المكلف وبواعثه السليمة ،وفي الوقت نفسه متى ما وجدت من الملكف البواعث
السيئة وراء قيامه بعمل من العمال ،انتفت المقاصد الشرعية من ذلك العمل المشروع.
وأما المبحث الثالث فذكرت فيه أقسام الباعث باعتبارات مختلفة من أهمها:
ل :انقسام الباعث من حيث المناقضة لقصد الشارع إلى بواعث مناقضة لقصد الشارع ،وبواعث غير أو ً
مناقضة.
ثانًيا :انقسام البواعث من حيث تأثيره في الحكم إلى بواعث مؤثرة في الحكم فيجب اللتفات إليها ،وبواعث
غير مؤثرة ل يلتفت إليها.
ثالًثا :انقسام الباعث المؤثر في الحكم من حيث أثره إلى أقسام متعددة:
@@254
فتارة يكون تأثير الباعث في إبطال التصرف في حق جميع أطراف التصرف ،وتارة يكون -1
البطال في حق بعض أطراف التصرف دون بعض.
وتارة يكون الباعث في إبطال التصرف من جميع وجوهه ،وتارة يكون تأثيره إبطال -2
التصرف من وجه دون وجه.
وتارة يترتب على تأثير الباعث رفع حكم التصرف وفسخه بعد وقوعه ،وتارة ل يترتب -3
على تأثير الباعث رفع حكم التصرف وإنما يكون التأثير في بعض الثار الناشئة عن التصرف.
رابًعا :انقسام الباعث من حيث ظهوره واستتاره إلى باعث منصوص عليه في العقد ،وهو مما ل خلف بين
الفقهاء في اعتباره .وآخر مستتر أمكن الكشف عنه بأحد مسالك الكشف عن الباعث ،وهو محل خلف عند
الفقهاء من حيث إعماله وإهماله.
سا :انقسام الباعث من حيث كونه غاية ومقصًدا إلى باعث نوعي وهو المقصد الصلي الذي شرع العقد خام ً
من أجله .وباعث شخصي وهو ما دفع المكلف إلى التصرف وحركه إلى العمل ،وهو يختلف من شخص
إلى آخر في العقد الواحد ،بخلف الباعث النوعي فل يختلف في العقد الواحد وإن تعددت صور العقد.
وأما المبحث الرابع فذكرت فيه أهم المسالك التي يستعين بها الفقيه في الستدلل على بواعث المكلفين،
ومقاصدهم المؤثرة في الحكم ،وكان من أهمها:
مسلك القرار ،والعتراف بالباعث المؤثر في الحكم ،بعد وقوع التصرف.
@@255
مسلك التواطؤ على الباعث من قبل أطراف التصرف أو بعضهم.
مسلك جريان العادة والعرف بأن عقًدا وتصرًفا ما إنما يتم من أجل باعث ،أو مقصد معين.
مسلك محل العقد نفسه من حيث كونه ثمًنا أو مثمًنا .فيدل على الباعث وراء ذلك العقد.
مسلك دللة الحال المصاحبة للتصرف.
وبينت تفاوت هذه المسالك من حيث القوة والضعف في دللتها على البواعث المستترة.
هذا وال سبحانه وتعالى أعلى وأعلم وصلى ال وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله
وصحبه أجمعين.
@@256
@@257
11ـ تاج العروس من جواهر القاموس .لمحمد مرتضى الزبيدي )ت 1205هـ( المطبعة الخيرية .مصر )
1306هـ(.
12ـ تبصير المنتبه بتحرير المشتبه .لبي الفضل أحمد بن حجر العسقلني )ت 852هـ( تحقيق :علي
البجاوي ،ومحمد علي النجار .المكتبة العلمية بيروت.
13ـ تحقيق صدق النية عند الغزالي .للدكتور :عبد الحليم أحمدي .بحث منشور في مجلة الشريعة
السلمية .العدد الثالث عشر .جامعة الكويت.
14ـ التشريع الجنائي السلمي مقارًنا بالقانون الوضعي .للستاذ :عبد القادر عودة ) 1374هـ( دار الكتاب
العربي .بيروت.
15ـ تفسير ابن كثير .للمام الحافظ أبي الفداء إسماعيل بن كثير )ت 774هـ( ،دار إحياء الكتب العربية.
16ـ تهذيب السماء واللغات .لبي بكر محيي الدين بن شرف النووي الشافعي )ت 676هـ( .إدارة
الطباعة المنيرية.
17ـ تهذيب اللغة .لبي منصور محمد بن أحمد الزهري )ت 370هـ( تحقيق عبد السلم هارون وآخرين.
18ـ جامع التعريب بالطريق القريب .لجمال الدين عبد ال بن أحمد البشبيشي )ت 820هـ( .تحقيق وشرح
نصوحي أونال قره أرسلن ـ مركز الدراسات الشرقية ،جامعة القاهرة ،الطبعة الولى ) 1416هـ(.
19ـ جمهرة اللغة ،لبي بكر محمد بن دريد )ت 321هـ( .دائرة المعارف العثمانية ،الهند ،الطبعة الولى
) 351هـ(.
20ـ الجنايات في الفقه السلمي .للدكتور حسن بن علي الشاذلي ،دار الكتاب الجامعي الطبعة الثانية.
21ـ حلية الولياء وطبقات الصفياء .للحافظ أبي نعيم أحمد بن عبد ال الصبهاني )ت 430هـ( .دار
الكتاب العربي ،بيروت ،الطبعة الثالثة ) 1400هـ(.
22ـ دستور الخلق في القرآن .للدكتور محمد عبد ال دراز ،تعريب وتحقيق د .عبد الصبور شاهين،
مؤسسة الرسالة ،بيروت الطبعة الرابعة ) 1402هـ(.
@@258
23ـ الروح .للغمام ابن قيم الجوزية )ت 751هـ( تحقيق د.بسام علي سلمة العموش .دار ابن تيمية،
الرياض ،الطبعة الثانية ) 1412هـ(.
24ـ سبل السلم .لمحمد بن إسماعيل المير الصنعاني )ت 1182هـ( تحقيق طارق بن عوض ال محمد،
دار العاصمة .الرياض ،الطبعة الولى ) 1422هـ(.
25ـ السنن الواردة في الفتن وغوائلها والساعة وأشراطها .لبي عمرو عثمان بن سعيد الداني )ت 444ه(
تحقيق د .رضا ال بن محمد المباركفوري ،دار العاصمة ،الرياض ،الطبعة الولى ) 1416هـ(.
26ـ السياسة الشرعية .لشيخ السلم أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية )ت 728هـ( .مطبوع من شرحه
للشيخ ابن عثيمين .اعتنى به :صالح عثمان اللحام .الدار العثمانية عمان ،ودار ابن حزم بيروت .الطبعة
الولى ) 1425هـ(.
27ـ الدلة الصيلة شرح مجلة الحكام العدلية .لمحمد سعيد بن مراد الغزي )ت 1346هـ( .دمشق )
1924م(.
28ـ الصحاح لسماعيل حماد الجوهري )ت 393هـ( تحقيق أحمد عبالغفور عطار ،درا العلم للمليين،
بيروت .الطبعة الثانية ) 1399هـ(.
29ـ صحيح البخاري .للمام محمد بن إسماعيل البخاري )ت 256هـ( ،مطبوع مع فتح الباري.
30ـ صحيح مسلم .للمام أبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري )ت 216هـ( تحقيق محمد
فؤاد عبد الباقي .المكتبة السلمية تركيا .الطبعة الولى ) 1374هـ(.
31ـ الطرق الحكمية في السياسة الشرعية .للمام ابن القيم )ت 751هـ( تحقيق د .محمد جميل غازي.
دار المدني .جدة.
32ـ الظروف المشددة والمخففة في عقوبة التعزير في الفقه السلمي .للدكتور ناصر بن علي الخليفي.
مطبعة المدني .الطبعة الولى ) 1412هـ(.
33ـ العقود .لشيخ السلم أحمد بن عبد الحليم بن تيمية )ت 728هـ( تحقيق نشأت المصري .مكتبة
المورد .الطبعة الولى ) 1423هـ(.
@@259
34ـ الغريبين .لبي عبيد أحمد بن محمد الهروي )ت 401هـ( دائرة المعارف العثمانية .الهند .الطبعة
الولى ) 1406هـ(.
35ـ الفائق في غريب الحديث .لجار ال محمود بن عمر الزمخشري )ت 538هـ( تحقيق علي محمد
البجاوي ومحمد أبو الفضل إبراهيم .مطبعة الحلبي ،الطبعة الثانية.
36ـ فتح الباري بشرح صحيح البخاري .لبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلني )ت 852هـ(
المكتبة السلفية .الطبعة الثانية ) 1403هـ(.
37ـ الفتن .للحافظ أبي عبد ال نعيم بن حماد المروزي )ت 288هـ( تحقيق سمير الزهيري .مكتبة
التوحيد .القاهرة ،الطبعة الولى ) 1412هـ(.
38ـ الفروق .لبي العباس أحمد بن إدريس القرافي المالكي )ت 684هـ( تحقيق عمر حسن القيام .مؤسسة
الرسالة بيروت ،الطبعة الولى ) 1424هـ(.
39ـ قاعدة العادة محكمة .للدكتور يعقوب بن عبد الوهاب الباحسين .مكتبة الرشد .الرياض .الطبعة الولى )
1423هـ(.
– 40قواعد ابن رجب المسمى تقرير القواعد وتحرير الفوائد .للمام زين الدين عبد الرحمن بن رجب
الحنبلي )ت 795هـ( .تحقيق مشهور آل سلمان .دار ابن عفان السعودية .الطبعة الولى ) 1419هـ(.
41ـ قواعد الحكام في إصلح النام .لعز الدين عبد العزيز بن عبد السلم )ت 660هـ( تحقيق د .نزيه
كمال حماد ،ود .عثمان جمعة ضميرية ،دار القلم دمشق .الطبعة الولى ) 1412هـ(.
42ـ القواعد والصول الجامعة ،والفروق والتقاسيم البديعة النافعة .لعبد الرحمن بن ناصر السعدي )ت
1376هـ( مكتبة السنة .القاهرة .الطبعة الولى.
43ـ قواعد المقاصد عند المام الشاطبي .للدكتور عبد الرحمن بن إبراهيم الكيلني ،درا الفكر ،دمشق،
الطبعة الولى ) 1421هـ(.
44ـ القواعد النورانية .لشيخ السلم أحمد بن عبد الحليم بن تيمية )ت 728هـ( تحقيق محيسن بن عبد
الرحمن المحيسن ،مكتبة التوبة .الرياض .الطبعة الولى ) 1423هـ(.
@@260
45ـ الكافي في فقه أهل المدين .لبي عمر يوسف بن عبد ال بن عبد البر المالكي )ت 463هـ( تحقيق د.
محمد أحمد أحيد ولد ماديك الموريتاني .مكتبة الرياض الحديثة .الطبعة الولى ) 1398هـ(.
46ـ اللتزامات في الشرع السلمي .للشيخ :أحمد إبراهيم بك ،دار النصار .مصر.
47ـ لسان العرب .لبي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم ،المشهور بابن منظور )ت 711هـ( دار
صادر.
48ـ المجموع شرح المهذب .لبي زكريا يحيى بن شرف النووي )ت 676هـ( دار الفكر.
49ـ مجموع الفتاوى .لشيخ السلم ابن تيمية )ت 728هـ ( جمع وترتيب عبد الرحمن ابن محمد بن قاسم.
الرئاسة العامة لشؤون الحرمين الشريفين.
50ـ المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث .لبي موسى محمد بن أبي بكر المديني الصفهاني )ت
581هـ( تحقيق عبد الكريم العزباوي .جامعة أم القرى ابتدئ بطبعه عام ) 1406هـ( وانتهى منه عام )
1410هـ(.
51ـ المحكم والمحيط العظم .لعلي بن إسحاق بن سيده )ت 458هـ( تحقيق :مصطفى السقا .وحسين
نصار .معهد المخطوطات العربية.
52ـ محيط المحيط .لبطرس البستاني .مكتبة لبنان .بيروت ) 1983م(.
53ـ مختصر الطحاوي .لبي جعفر أحمد بن محمد بن سلمة الطحاوي الحنفي )ت 321هـ( تحقيق :أبي
الوفا الفغاني ،دار إحياء العلوم .الطبعة الولى ) 1406هـ(.
54ـ مدارج السالكين .للمام ابن قيم الجوزية )ت 751هـ( تحقيق محمد حامد الفقي دار الكتاب العربي
بيروت ) 1392هـ(.
55ـ المخل الفقهي العام .للستاذ مصطفى أحمد الزرقا .دار القلم ،دمشق ،الطبعة الولى ) 1418هـ(.
56ـ المدخل الفقهي السلمي .للدكتور عبد ال الدرعان ،مكتبة التوبة .الرياض .الطبعة الولى )1413
هـ(.
@@261
-57المستدرك على الصحيحين .للحافظ أبي عبد ال الحاكم النيسابوري )ت 405هـ( دار الكتاب العربي.
58ـ المصنف .للحافظ :أبي بكر عبد الرزاق بن همام الصنعاني )ت 200هـ( تحقيق حبيب الرحمن
العظمي .المكتب السلمي الطبعة الثانية ) 1403هـ(.
59ـ المصنف في الحاديث والثار .للحافظ أبي بكر عبد ال بن محمد بن أبي شيبة )ت 235هـ( تحقيق
عبد الخالق الفغاني .الدار السلفية :الهند .الطبعة الثانية ) 1399هـ(.
60ـ معجم الفعال المتعدية بحرف .لموسى بن محمد الحمدي ،دار العلم للمليين بيروت ،الطبعة الولى )
1979م(.
61ـ معجم المصطلحات الفقهية والقانونية .للدكتور جرجس جرجس .الشركة العالمية للكتاب .الطبعة الولى
)1979م(.
62ـ المغني .لبي محمد عبد ال بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي الحنبلي )ت 620هـ( تحقيق د .عبد
ال التركي ود .عبد الفتاح الحلو .هجر للطباعة والنشر .ابتدئ في طبعه عام ) 1406هـ(.
63ـ المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم .للحافظ أبي العباس أحمد بن عمر القرطبي )ت 656هـ(
تحقيق محيي الدين مستو وآخرين .دار ابن كثير دمشق ،الطبعة الولى )1417هـ(.
64ـ مقاصد الشريعة عند المام العز بن عبد السلم .للدكتور عمر بن صالح بن عمر .دار النفائس ،الردن.
الطبعة الولى ) 1423هـ(.
65ـ مقاصد المكلفين فيما يتعبد به لرب العالمين .للدكتور عمر بن سلمان الشقر مكتبة الفلح .الكويت.
الطبعة الولى ) 1401هـ(.
66ـ مقاييس اللغة .لبي الحسين أحمد بن فارس )ت 395هـ( تحقيق عبد السلم هارون .مكتبة الخانجي.
الطبعة الثالثة ) 1402هـ(.
67ـ الموافقات .لبي إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي )ت 790هـ( تحقيق مشهور آل سلمان .دار ابن
عفان .السعودية ،الطبعة الولى )1417هـ(.
68ـ مواهب الجليل شرح مختصر خليل .لبي عبد ال محمد بن محمد المغربي المعروف بالحطاب )ت
954هـ( دار الفكر الطبعة الثانية ) 1398هـ(.
69ـ النظرية الفقهية .للدكتور فتحي الدريني ،مطبوعات جامعة دمشق ،الطبعة الثانية ) 1409ـ 1410
هـ(.
70ـ نظرية الباعث في الشريعة السلمية والقانون الوضعي .لحليمة آيت حمودي ،دار الحداثة للطباعة
والنشر والتوزيع ،لبنان ،الطبعة الولى )1986هـ(.
71ـ نظرية الباعث وأثرها في العقود والتصرفات .لعبد ال بن إبراهيم بن زيد الكيلني مطابع وزارة
الوقاف .الردن.
72ـ نظرية التعسف في استعمال الحق .الدكتور :فتحي الدريني .مؤسسة الرسالة بيروت .الطبعة الثانية )
1998م(.
73ـ نظرية العقد .للدكتور عبد الرزاق السنهوري )ت 1391هـ( .منشورات الحلبي الحقوقية ،بيروت
الطبعة الثانية ) 1998م(.
74ـ النظرية العامة لللتزام .للدكتور عبد الحي حجازي.مطبوعات جامعة الكويت )1402هـ(.
75ـ النهاية في غريب الحديث .لمجد الدين :المبارك بن محمد بن الثير )ت 606هـ( تحقيق محمود
الطناحي ،المكتبة السلمية.
76ـ الوسيط في شرح القانون المدني :للدكتور :عبد الرزاق أحمد السنهوري .دار إحياء التراث العربي.
بيروت.
كتاب التزكية
تأليف
حسام الدين عمر بن عبد العزيز بن مازه البخاري
المعروف بالصدر الشهيد المتوفى سنة 536هـ
تحقيق ودراسة
الدكتور /خالد بن زيد الوذيناني
قسم الفقه المقارن ـ المعهد العالي للقضاء
جامعة المام محمد بن سعود السلمية
@@265
إن الحمد ل نحمده ونستعينه ونستغفره ،ونعوذ بال من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ،من يهده ال فل مضل
له ،ومن يضلل فل هادي له ،وأشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك له ،وأشهد أن محمًدا عبده ورسوله،
صلى ال عليه وعلى آله وسلم تسليًما كثيًرا.
أما بعد:
فهذا مختصر بعنوان "كتاب التزكية" على مذهب المام أبي حنيفة ـ لمؤلفه ـ شيخ الحنفية وعالم المشرق في
عصره ـ حسام الدين عمر بن عبد العزيز مازه البخاري المعروف بالصدر الشهيد جمع فيه أهم مسائل
الجرح والتعديل فجاء هذا المختصر غزير العلم عظيم النفع.
ولما يتمتع به المؤلف ـ رحمه ال ـ من مكانة ومنزلة علمية ،وشهرة واسعة ،فقد شاع ذكره ونفع ال بعلمه،
فكانت أقواله محل عناية من جاء بعده من فقهاء الحنفية ،ول تزال جل مؤلفاته حبيسة الرفف والمكتبات.
ضا
لذلك كله :أحببت أن أسعى بتحقيق هذا المختصر اللطيف إبراًزا له حتى يستفاد منه ،وخدمة لتراثنا ونهو ً
به.
وقد جعلت عملي في هذا المخطوط على قسمين:
ل :القسم الدراسي. أو ً
وفيه مبحثان:
المبحث الول :التعريف بالمؤلف.
ويشتمل على ما يلي:
1ـ اسمه ،ونسبه ،ومولده.
2ـ مكانته العلمية ،وثناء العلماء عليه.
@@266
3ـ مشايخه.
4ـ تلميذه.
5ـ مؤلفاته.
6ـ وفاته.
@@267
أما إذا كان الختلف بين النسخ من اختلف التنوع ،وكان ذا معنى زائد ،فإني أثبت الفروق التي في النسخة
الخرى في الهامش.
2ـ المحافظة على شكل النص وموضوعه إل في المور التية:
أـ رسم الكتاب ،فقد رسمته بالرسم الحديث ،وعلى وفق القواعد الملئية الحديثة مع عدم الشارة إلى ذلك
الهامش.
ب ـ ضبط ما يحتاج إلى ضبط من ألفاظ الكتاب.
ج ـ إعجام ما أهمله الناسخ من الحروف ،ول أشير إلى ذلك إل إذا اختلف المعنى بذلك العجام.
ثانًيا :توثيق الراء الفقهية التي ذكرها المؤلف .وذلك بإحالتها إلى مصادرها الصلية.
ثالًثا :ترقيم اليات القرآنية وبيان مواضعها من السور.
رابًعا :تخريج الحاديث الواردة في الكتاب ،والحكم عليها ،فإن كان الحديث في الصحيحين أو في أحدهما
أكتفي بالعزو إليهما.
سا :تخريج الثار الواردة في الكتاب والحكم عليها. خام ً
سا :شرح المفردات اللغوية الغريبة. ساد ً
سابًعا :شرح المصطلحات الفقهية والصولية والحديثية الغريبة.
ثامًنا :الترجمة للعلم المشهورين.
تاسًعا :فهرس المصادر والمراجع #لم أضع فهارس لليات والحاديث لنه ليس لها في المخطوط من
العدد ما يستدعي ذلك#.
حا سليًما من
جا صحي ً
هذا؛ وقد سرت على هذا المنهج من أجل إخراج الكتاب ـ كما أراده المؤلف ـ إخرا ً
الخطاء الملئية واللغوية.
@@268
@@269
القسم الدراسي:
المبحث الول :التعريف بالمؤلف:
ويتضمن:
1ـ اسم المؤلف ،ونسبه ،ومولده:
مؤلف هذا الكتاب هو :حسام الدين أو محمد أبو حفص عمر بن عبد العزيز ابن عمر بن مازه البخاري
الحنفي ،برهان الئمة ،المعروف بالحسام الشهيد ،والصدر الشهيد من أهل بخارى#انظر :سير أعلم النبلء
،20/97الجواهر المضية ،650 ،2/649وتاج التراجم ص ،218 ،217والفوائد البهية ص ،193
العلم ،5/51معجم المؤلفين ، #.2/562وقيل جده العلى عمر لقبه مازه وأولده يعرفون ببني
مازه#انظر :الجواهر المضية #.2/674
مولده :ولد في صدر الشهيد في صفر سنة ثلث وثمانين وأربعمائة#انظر :الجواهر المضية ،2/650وتاج
التراجم ص ،218وهدية العارفين ،1/783ومفتاح السعادة #.2/251الموافق لسنة 1090
ميلدية#انظر العلم ،5/51ومعجم المؤلفين #.2/562
2ـ مكانته العلمية وثناء العلماء عليه:
تبوأ الصدر الشهيد ـ رحمه ال ـ منزلة علمية عالية بين العلماء ،فقد كان من كبار الئمة وأعيان الفقهاء ،له
اليد الطولى في الخلف والمذهب الحنفي ،اجتهد وبالغ في التحصيل ،وناظر العلماء ودرس الفقهاء ،وقهر
الخصوم ،وفاق الفضلء في حياة أبيه بخرسان ،وأقر بفضله الموافق والمخالف ،ثم ارتفع أمره حتى صار
السلطان ومن دونه يعظمونه ،ويصدرون عن رأيه#انظر :سير أعلم النبلء ،20/97والفوائد البهية ص
#.193
@@270
وأثنى عليه العلماء وشهدوا له بطول الباع في فروع العلم ،قال عنه الذهبي )ت 748هـ(:
"شيخ الحنفية ،عالم المشرق ،...وصار يضرب به المثل ،وعظم شأنه عند السلطان ،وبقي يصدر عن
رأيه"#سير أعلم النبلء #.20/97
ووصفه القرشي )ت 775هـ( بأنه:
"المام ابن المام ،والبحر ابن البحر"#الجواهر المضية #.2/649ثم نقل عن صاحب#هو علي بن أبي
بكر المرغيناني ،وسيأتي في تلميذه #.الهداية أنه ذكره في معجم شيوخه وقال عنه" :تلقفت من فلق فيه من
علمي النظر والفقه ،واقتبست من غزير فوائده من محافل النظر ...لكن لم يتفق لي الجازة منه في الرواية،
وأخبرني عنه غير واحد من المشايخ"#الجواهر المضية #.2/650
وقال عنه الشيخ اللكنوي )ت 1304 :هـ(:
"إمام الفروع والصول المبرز في المعقول والمنقول"#الفوائد البهية ص ، #.193وأطال في الثناء عليه.
3ـ مشايخه :تجمع كتب التراجم على أن الصدر الشهيد ـ رحمه ال ـ تفقه على أبيه برهان الدين الكبير عبد
العزيز بن عمر بن مازه#انظر :سير أعلم النبلء ،20/97والجواهر المضية ،2/649وتاج التراجم ص
،218والفوائد البهية ص #.193وكان من أبرز مشايخه ومحل اهتمامه وعنايته ،ونقل الذهبي#انظر:
سير أعلم النبلء #.20/97عن السمعاني )ت 562 :هـ( أن الصدر الشهيد سمع من علي بن محمد بن
خدام
@@271
)ت 493هـ( وحدث عن أبي سعيد أحمد الطيوري )ت 517 :هـ( ،وأبي طالب بن يوسف )ت 516هـ(.
4ـ تلميذه:
تفقه عليه ـ رحمه ال ـ خلق كثير ،منهم #انظر :سير أعلم النبلء ،20/97الجواهر المضية ،2/650تاج
التراجم ص #.21
ابنه محمد بن عمر بن عبد العزيز بن مازه )ت 566 :هـ(. -
أبو علي الحسن بن مسعود بن الوزير الدمشقي )ت 543 :هـ( -
محمد بن محمد السرخسي برهان السلم )ت 544 :هـ(. -
علي بن أبي بكر المرغيناني ـ صاحب الهداية ـ )ت 593 :هـ(. -
أبو محمد عمر بن محمد العقيلي )ت 596 :هـ(. -
5ـ مؤلفاته:
ترك الصدر الشهيد ـ رحمه ال تعالى ـ ثروة علمية كبيرة ،فقد نسبت إليه كتب التراجم طائفة من الكتب،
طا ،منها:
لكن أكثرها ل يزال مخطو ً
-كتاب أصول الفقه والمسمى بأصول حسام الدين#انظر :كشف الظنون ،1/113وهدية العارفين
#.1/783
الفتاوى الصغرى#انظر :الجواهر المضية ،2/649وتاج التراجم ص ،218ومفتاح السعادة -
،2/251وكشف الظنون ،2/1224وهدية العارفين #.1/783
الفتاوى الكبرى #انظر :الجواهر المضية ،2/649وتاج التراجم ص ،218مفتاح السعادة ،2/251 -
كشف الظنون ،2/1228هدية العارفين #.1/783
الواقعات في الفروع ،المعروف بالجناس#انظر :كشف الظنون ،2/198 ،1/11هدية العارفين -
،1/783والفوائد البهية ص #.193
الجامع الصغير المعروف بجامع الصدر الشهيد#انظر :الجواهر المضية ،2/649وتاج التراجم ص -
،218مفتاح السعادة ،2/251كشف الظنون ،1/563هدية العارفين #.1/783
@@272
شرح الجامع الصغير للمام محمد بن الحسن الشيباني#انظر :هدية العارفين -
،1/783والفوائد البهية ص #.193
شرح أدب القاضي للخصاف#انظر :فتح السعادة ،2/251وكشف الظنون ،1/46 -
هدية العارفين ،1/783والفوائد البهية ص #.193وهو كتاب مطبوع.
شرح أدب القاضي لبي يوسف#انظر هدية العارفين #.1/783 -
شرح الجامع الكبير في الفروع للمام محمد بن الحسن الشيباني#انظر :كشف -
الظنون ،1/569وهدية العارفين #.1/783
عمدة المفتي والمستفتي#انظر :هدية العارفين ،1/783وإيضاح المكنون -
#.2/124
كتاب التزكية #انظر :كشف الظنون ،2/1404وهدية العارفين #.1/783 -
كتاب الشيوع#انظر :كشف الظنون ،2/1431وهدية العارفين ،1/783وقال -
البغدادي صاحب الهدية بعد ذكره لكتاب الشيوع ونسبته إلى الصدر الشهيد" :لعله البيوع".
قلت :بل هو "كتاب الشيوع" ،تكلم فيه الصدر الشهيد عن مسائل الشيوع في البيع والجارة
والعارة...إلخ ،ولدي نسخ خطية من هذا الكتاب# .
كتاب التراويح#انظر :كشف الظنون ،2/1435وهدية العارفين #.1/783 -
كتاب طبخ العصير #انظر كشف الظنون ،2/1435وهدية العارفين #.1/783 -
كتاب الوقف والبتداء#انظر كشف الظنون #.2/1471 -
المبسوط في الخلفيات #انظر تاج التراجم ص ،218ومفتاح السعادة #.2/251 -
@@273
وفاته:
استشهد ـ رحمه ال ـ بعد وقعة قطوان#قطوان :بالتحريك قرية من قرى سمرقند .انظر معجم البلدان )
#.(4/375
وانهزام المسلمين ،وقتل صبًرا#صبًرا :الصبر أصله الحبس ،وهو نصب النسان للقتل ،وكل ذي روح
يحبس حّيا ثم يرمى حتى يقتل فقد قتل صبًرا .انظر معجم مقاييس اللغة ،3/329ولسان العرب ،7/275
والمصباح المنير ،1/331والقاموس المحيط #.2/95
بسمرقند في سفر سنة ست وثلثين وخمسمائة وله ثلث وخمسون سنة ،ونقل جسده إلى بخارى#انظر:
الكامل لبن الثير ،9/4وسير أعلم النبلء ،20/97والجواهر المضية ،2/650تاج التراجم ص ،218
النجوم الزاهرة ،269 ،5/268والفوائد البهية ص #.193
@@274
@@276
قسم التحقيق
@@277
@@282
نموذج من النسخة )ج( الصفحة الخيرة
@@283
قال الصدر#في [ب] و[ج] "الشيخ" #.المام الجل #في [ب] و[ج] زيادة "الستاذ" #.الشهيد#قوله
"الشهيد" غير موجود في
[ب] و[ج] #.حسام الئمة #في [ب] و[ج]" :حسام الدين" #.برهان الدين #قوله "برهان الدين" غير
موجود في [ب] و[ج] #.
تغمده ال تعالى بالرحمة#في [ب] و[ج] :زيادة "ورضوانه ومغفرته"#.
الحمد ل رب العالمين ،والعاقبة للمتقين ،والصلة والسلم على خير خلقه محمد وآله أجمعين#من قوله
"الحمد ل" إلى قوله "وآله أجمعين" غير موجود في [ب] و[ج] ، #.وبعد:
فإني لما اشتغلت بكتابة شرح المختصر الكافي التمس الفقهاء مني أن أكتب شرح الكتب التي لم يذكرها
الحاكم#هو :محمد بن محمد بن أحمد المروزي ،الوزير الحنفي ،الشهير بالحاكم الشهيد ،فقيه ومحدث،
ولي قضاء بخارى ،ثم وله المير صاحب خراسان وزارته ،صنف وجمع الكثير ،ومن ذلك "المنتقى"
و"المختصر الكافي" جمع فيه كتب محمد بن الحسن المبسوطة ،ما في جوامعه المؤلفة ،قتل شهيًدا وهو
في صلة الصبح ،في ربيع الول سنة أربع وثلثين وثلثمائة .انظر :الجواهر المضية )– 3/313
،(314وتاج التراجم ص ) (272والفوائد البهية ص ) ##.(243في [ب] و[ج] زيادة" :الشهيد رحمه
ال" #.في المختصر وهي ثمانية كتب فأجبتهم إلى ذلك ،وابتدأت بكتابة التزكية#التزكية في اللغة:
مصدر الفعل زكى ،وتطلق في اللغة على النماء ،والصلح ،والتطهير ،والمدح .وفي الصطلح:
عرفها الفقهاء بأنها" :البحث عن حال الشهود وبيان صلحيتهم للشهادة" .انظر :لسان العرب ،6/64
،65المصباح المنير ،1/254ومغني المحتاج ،4/403ومعجم لغة الفقهاء ص #.129لنها #في [
ب] و[ج]" :لنه" #.أقصر هذه الكتب وسألت ال التوفيق على التمام فإنه خير مسؤول #في [
ب] و[ج] :زيادة" :وأكرم مأمول قال رضي ال عنه"#.
@@284
يحتاج معرفة كتاب التزكية إلى معرفة صورة المزكي ،وصورة التزكية ،فصورة المزكي هو العفيف
في نفسه ،أمين من أمناء البلدة ،يأمر القاضي بتعرف حال من ل يعرف عدالته من الشهود.
وصورة التزكية أنه إذا شهد الشهود بين يدي القاضي فالقاضي يكتب أسماءهم وأنسابهم وأسماء آبائهم
وأجدادهم وحليتهم ،ومحالهم ومصلهم ،ويبعث ذلك مختوًما على يد أمينة إلى المزكي لينظر المزكي
في حالهم#من قوله "ويبعث ذلك" إلى قوله "لينظر المزكي من حالهم" زيادة من [ ب] و[ج] ، #.فإن
ل كتب في آخر الكتاب :أنهم عدول عندي جائزي الشهادة ،وإن وجدهم خلف ذلك كتب: وجدهم عدو ً
أنهم عندي غير جائزي الشهادة#انظر فتاوى قاضي خان #.2/462
فالتزكية في السر :أن يسأل المزكي عن أحوال #في [ب] و[ج]" :حال" #.الشهود حال غيبتهم،
ويزكيهم بالكتابة #في [ب] و[ج]
" :بالكتابة" #.إلى القاضي حال غيبتهم.
والتزكية في العلنية :أن يقول من يعرف حال الشاهد المزكي حال حضرة الشاهد :هذا عدل؛ لن
المزكي إنما عرف الشاهد بالسم والنسب والحلية ،وذا #في [ب] و[ج]" :وهذا" #.ل يقطع الشركة من
كل وجه.
ثم المزكي بعد ذلك بين يدي القاضي يشير إلى الشهود فيقول :إنهم عدول؛ لن القاضي إنما عرف
تزكية المزكي بالسم والنسب والحلية ،وذا #في [ب] و[ج]" :وهذا" #.ل يقطع الشركة من كل وجه،
فيجب أن يزكيهم في العلنية بالشارة ليقطع الشركة
@@285
من كل وجه ،فيعرف القاضي أن المزكي إنما عدل أولئك الذين شهدوا عنده#في [ أ]" :عندهم" والمثبت
أنسب للسياق #.من كل وجه.
لكن تقدم التزكية في السر على التزكية في العلنية؛ لنه أحوط؛ لن المزكي إذا سأل عن حال#قوله
"عن حال" غير موجود في
[ ب] و[ج] #.الشاهد في العلنية ربما يكون الشاهد فاسًقا فل يخبر#في [ ب] و[ج]" :فل يجب" #.من
يعرفه إما ستًرا عليه ،وإما خوًفا منه ،وكذا إذا سأل القاضي المزكي عن حال الشاهد في العلنية،
وللقاضي الخيار ،إن شاء جمع بينهما لنه أحوط ،ولنه يزول الشتباه#قوله "الشتباه" غير موجود
في [ ب] و[ج] #.واللتباس وينقطع الشركة عند المزكي والقاضي جميًعا من كل وجه ،وإن شاء اكتفى
بالتزكية سّرا ،واليوم في ديارنا اختيار القضاة الكتفاء بالتزكية سّرا لحد أمرين:
إما لكي ل يعرف المزكي فل يخدع لغير#في [ أ]" :ليغير" ،والمثبت أنسب للسياق #.أحوال الناس ،أو
لكي ل يخوف المزكي خروج الشهود#في [ ب] و[ج]" :لكيل يخاف المزكي من جرح الشهود".#.
قال محمد#هو :محمد بن الحسن بن فرقد الشيباني الكوفي ،أبو عبد ال ،فقيه العراق ،صاحب أبي
حنيفة ،اصله من دمشق من قرية حرستا ،قدم أبوه العراق فولد محمد بواسط ،أخذ الفقه عن أبي حنيفة،
ثم عن أبي يوسف ،وولي القضاء للرشيد بالرقة ،له مصنفات منها :الجامع الصغير ،والسير الصغير.
توفي بالري سنة تسع .وقيل :سبع وثمانين ومائة.انظر :سير أعلم النبلء ،9/134الجواهر المضية
- #.3/122رحمه ال – في الكتاب #الكتاب هو الصل في الفروع لمحمد بن الحسن الشيباني ،يعبر
عنه الفقهاء بـ "الكتاب" : #.والتزكية في العلنية هي التزكية
@@286
ل ،وأمله على أصحابه ورواه عنه الجوزجاني ويجري =#وهو المبسوط ،وسماه بالصل لنه صنفه أو ً
مجموعة من الكتب ككتاب الطهارة والصلة وكتاب الزكاة وكتاب البيوع وغيرها ،وهو مطبوع من
أول كتاب الطهارة إلى نهاية كتاب البيوع من خمسة أجزاء وأكثر أجزاء الصل ل تزال مخطوطة .وقد
اطلعت على مجموعة من نسخ الكتاب إل أنني لم أجد فيه ما يتعلق بموضوع التحقيق ككتاب أدب
القاضي ،الذي اعتمد عليه المؤلف الصدر الشهيد بل صرح بذكره في ثنايا كتاب التزكية .انظر :كشف
الظنون ،1/107والفوائد البهية ص #.212
الولى#انظر :المبسوط ،16/91وقد اختلفت الروايات عن محمد رحمه ال في تزكية العلنية ،فروى
عنه أنها حسنة جميلة كما ذكره المؤلف ،وروي عنه أنها جور وبلء وفتنة .انظر مسائل التزكية لمحمد
بن الحسن الشيباني )م/ل1/ب( فتح القدير ،7/354والبحر الرائق #.7/107وهي حسنة جميلة ،يريد
به أن المشروع في البتداء التزكية علنية ،وإنما أحدثوا#في "أ"" :أورثوا" .والمثبت أنسب للسياق#.
بعد ذلك التزكية سّرا.
والدليل عليه ما ذكر محمد ـ رحمه ال ـ في الكتاب قال:
حا#هو القاضي الفقيه ،شريح بن الحارث بن قيس الكندي ،قاضي الكوفة ،أو أمية ،يقال له بلغنا أن شري ً
صحبة ولم يصح ،توفي في الثمانين أو بعدها.
انظر سير أعلم النبلء 4/100وما بعدها ،التقريب ص #.265كان يقبل التزكية في العلنية ثم
أحدث تزكية السر .فقيل له :يا أبا أمية ،أحدثت ما لم تكن تفعله .فقال شريح :إن الناس أحدثوا فأحدثنا
لهم#رواه القاضي وكيع ،في أخبار القضاة 369 ،2/318بلفظ" :أول من سأل في السر شريح فقيل
له :يا أبا أمية أحدثت .فقال :إن الناس أحدثوا فأحدثنا" وبنحوه رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى
#.6/133
وفي الكتاب ثلث مسائل:
إحداها :أنه هل للقاضي أن يقضي بظاهر العدالة من غير سؤال إذا كان الشاهد عنده#قوله" :عنده" غير
موجود في [ ب] و[ج] #.مستور الحال وقد قامت الشهادة على حق يثبت مع الشبهات؟
والثانية :أن العدد في المزكي ،والمترجم هل هو شرط؟
@@287
والثالثة :أن المدعى عليه متى أقام البينة على ما يبطل شهادة الشهود فيماذا تقبل وفيماذا ل تقبل؟
إذا عرفنا هذا؛ جئنا إلى ما افتتح محمد – رحمه ال – الكتاب به قال :محمد – رحمه ال – قال أبو
حنيفة – رحمه ال – إذا تقدم#في [ ب] و[ج] :زيادة "بين يدي" #.إلى القاضي رجلن فادعى أحدهما
على صاحبه حّقا وأنكر ذلك صاحبه ،فشهد للمدعي شاهدان على المدعى عليه وهما مستوران فأراد
القاضي أن يقضي بظاهر العدالة قبل أن يسأل عن حالهما قال أبو حنيفة – رحمه ال : -له أن يقضي#
في [ ب] و[ج] :زيادة "بذلك" #.إذا لم يطعن الخصم فيهم#قوله "فيهم" زيادة من [ ب] و[ج ] ،
والمشهود به حق يثبت مع الشبهات#انظر :مختصر الطحاوي ص ) ،(328الجامع الصغير مع شرحه
النافع الكبير ) ،(393 ،392وشرح مختصر الكرخي للقدوري – مخطوط – )/4ل383/أ(#.
وقال أبو يوسف#هو العلمة المجتهد القاضي ،أبو يوسف ،يعقوب بن إبراهيم بن حبيب النصاري،
الكوفي ،ولد سنة ثلثة عشر ومائة ،فقيه محدث ،صاحب المام أبي حنيفة ،توفي يوم الخميس خامس
ربيع الول سنة اثنين وثمانين ومائة ،وعاش تسًعا وتسعين سنة #.ومحمد – رحمهما ال :-ليس له أن
يقضي #انظر :مختصر الطحاوي ص ) ،(328الجامع الصغير ص ،393المبسوط ،16/88شرح
مختصر الكرخي للقدوري )/4ل383/أ( الفقه النافع #.3/1161
وأجمعوا#انظر :مختصر الطحاوي ص ) ،(328بدائع الصنائع ،6/270فتاوى قاضي خان
#.2/462أنه إذا طعن الخصم في الشهود بأن جرحهم ليس له أن يقضي ما لم يسأل عنهم#قوله:
"عنهم" زيادة من [ ب] و[ج] #.
وأجمعوا :أن المدعى به إذا كان حّقا ل يثبت مع الشبهات كالحدود والقصاص ليس له أن يقضي #انظر:
مختصر الطحاوي ص ) ،(328شرح مختصر الكرخي للقدوري )/4ل384/أ( ،التنف في = @
@288الفتاوى ،2/776بدائع الصنائع ،6/270فتاوى قاضي خان #.2/462
@@288
واختلف المشايخ فيه ،منهم من قال بأن هذا الختلف اختلف عصر وزمان ل اختلف حجة
وبرهان#انظر :المبسوط ،16/88
شرح مختصر الكرخي )/4ل 383/ب( ،والفقه النافع ،3/1161وشرح الجامع الصغير لقاضي خان
– مخطوط – )/2ل96/أ( #.؛ لن أبا حنيفة – رحمه ال – إنما قال ذلك في أهل زمانه؛ لن تعديل
أهل زمانه ثبت من جهة النبي عليه السلم لن كان في القرن الثالث ،وقد أثنى النبي عليه السلم على
القرن الثالث بالخير فإنه قال:
"خير القرون#المراد بالقرن :الجيل من الناس .قيل :ثمانون سنة ،وقيل :سبعون ،وقيل :مائة سنة؛ قال
أبو العباس :وهو الختيار لما في الحديث :أنه مسح راس غلم وقال :عش قرًنا .فعاش مائة سنة .وقال
الزجاج وغيره :القرن أهل كل مدة كان فيها نبي أو طبقة من أهل العلم سواء قلت السنون أو كثرت،
والدليل عليه قوله عليه الصلة والسلم "خير القرون قرني" يعني أصحابه "ثم الذين يلونهم" يعني
التابعين "ثم الذين يلونهم" أي الذين يأخذون عن التابعين .انظر :لسان العرب ،11/137المصباح
المنير #.2/500رهطي#قوله "رهطي" غير موجود في [ ب] و[ج] #.الذي أنا فيهم ،ثم الذين
يلونهم ،ثم الذين يلونهم" إلى أن قال ":ثم يفشوا الكذب "#أخرجه الشيخان في صحيحيهما دون لفظه "ثم
يفشو الكذب" من حديث عمران بن حصين بلفظ" :خيركم قرني ،ثم الذين يلونهم ،ثم الذين يلونهم"..
الحديث صحيح البخاري ) (2/801رقم ) ،(2651وعند مسلم بلفظ "خير هذه المة القرن الذين بعثت
فيهم ثم الذين يلونهم" صحيح مسلم ) (2/1965رقم ) ،(2534كما أخرجه ابن حبان في صحيحه من
حديث عمر بن الخطاب بلفظ "أحسنوا إلى أصحابي ،ثم الذين يلونهم ،ثم يفشوا الكذب "...الحديث
ضا 2/791رقم #.2363الحديث ترتيب ابن بلبان 12/329رقم .5586وابن ماجه في سننه أي ً
إلى آخره #قوله "إلى آخره" غير موجود في [ ب] و[ج]#.
ومتى ثبت تعديل أهل زمانه من جهة النبي عليه السلم استغنى القاضي عن تعديل المزكي.
وأبو يوسف ومحمد إنما قال ذلك#قوله "ذلك" غير موجود في [ ب] و[ج] #.في أهل زمانهم لن تعديل
أهل زمانهما لم يثبت من جهة النبي عليه السلم ،فاحتاج القاضي إلى تعديل المزكي إل أن هذا
@@289
غير سديد#في [ ب] و[ج] :زيادة "والعتراض عليه" #.فإنه في زمن أبي حنيفة إنما كان للقاضي أن
يقضي بظاهر العدالة ما لم يطعن الخصم فيه ،فإذا طعن لم يكن له أن يقضي ،وكذا ما كان له أن
يقضي#قوله" :وكذا ما كان له أن يقضي" غير موجود في [ ب] #.وإن لم يطعن الخصم#في [
ب] و[ج] :زيادة "فيهم" #.فيما ل يثبت بالشبهات وهو الحدود والقصاص.
ولو كان المعنى هذا فإذا عدلهم النبي عليه السلم كان ينبغي أن يكون لهم القضاء وإن طعن الخصم
وفيما ل يثبت بالشبهات.
ومنهم من قال بأن هذا الختلف اختلف حجة وبرهان#انظر :بدائع الصنائع #.6/270وهو
الصحيح ،هما يقولن بأن العدالة ثابتة باستصحاب الحال ،والثابت باستصحاب الحال يصلح #في [
ب] و[ج] :زيادة "حجة" #.لبقاء ما كان ثابًتا ،ولم يصلح لثبات ما لم يكن ثابًتا وهو الخذ بالشفعة،
والحق لم يكن ثابًتا على المشهود عليه قبل الشهادة فل يثبت بالعدالة الثابتة باستصحاب الحال.
ضا السرخسي في المبسوط #.16/60 وأبو حنيفة رحمه ال احتج بما روى محمد #وحكاه عن محمد أي ً
في أدب القاضي#كتاب أدب القاضي لمحمد بن الحسن لم أجده فيما اطلعت عليه من نسخ مخطوط كتاب
الصل #.عن عمر بن الخطاب رضي ال عنه
أنه قال :المسلمون عدول بعضهم على بعض إل مجلوًدا#في [ أ]" :محدوًدا" .والمثبت هو الصواب كما
في أثر عمر في كتب السنن #.حّدا ،أو مجرًبا عليه شهادة زور أو ظنّيا#الظنين :بالكسر المتهم الذي
تظن به التهمة .انظر لسان العرب ،8/272والمصباح المنير #.2/387في ولء أو قرابة #هذا جزء
من كتاب عمر بن الخطاب رضي ال عنه إلى أبي موسى الشعري رضي ال عنه في القضاء وهو
كتاب مشهور معروف ،أخرجه الدارقطني في سننه 207 ،4/206من طريقين:
@@290
= إحداهما :عن عبد ال بن أبي حميد عن أبي المليح الهذلي .قال :كتب عمر.
والثانية :من طريق أحمد بن حنبل حدثنا سفيان بن عيينة أخبرنا إدريس الودي عن سعيد بن أبي بردة،
وأخرج الكتاب :فقال هذا كتاب عمر.
كما أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 253 ،10/252قال الزيلعي في نصب الراية " :4/168وعبد
ال بن أبي حميد ضعيف".
وقال ابن القيم رحمه ال في أعلم الموقعين 1/68بعد ا ،ساق هذا الثر" :وهذا كتاب جليل تلقاه
العلماء بالقبول ،وبنوا عليه أصول الحكم والشهادة ،والحاكم والمفتي أحوج شيء إليه وإلى تأمله والتفقه
فيه".
وقال الحافظ في التلخيص الحبير " :4/258وساقه ابن حزم من طريقين ،وأعلهما بالنقطاع ،لكن
اختلف المخرج فيهما ،مما يقوي أصل الرسالة ،ل سيما في بعض طرقه أن راويه أخرج الرسالة
مكتوبة"#.
فهذا القول نقل عنه ولم ينقل عن غيره خلف ذلك؛ فحل#قوله" :فحل " غير موجود في [ ب] و[ج]#.
محل الجماع.
والفقه فيه وهو أن العدالة ثابتة باستصحاب الحال ،والثابت باستصحاب الحال يصلح حجة لثبات ما لم
يكن ثابًتا حال عدم المنازعة ،كالملك الثابت بظاهر اليد صلح حجة لستحقاق الشفعة حال عدم منازعة
المشتري ووهنا لم يوجد المنازعة من الخصم؛ لنه لم يطعن فيصلح حجة.
فإن قيل :هذا هكذا إذا كان الخصم مختاًرا في ترك المنازعة ،وهنا مضطر#في [ أ]" :يضطر" ،وهو
خطأ ،والمثبت هو الصواب كما هو ظاهر السياق #.لنه إنما ترك ترك الطعن إما احتشاًما من الشهود
ل منه أن الطعن شرط فكان مضطًرا في ترك وخوًفا منهم ،وإما تحرًزا عن هتك الستر عليهم ،وغما جه ً
المنازعة.
بخلف مسألة الشفيع؛ فإن المشتري غير مضطر في ترك المنازعة فإنه متى أنكر المشتري ملك الشفيع
ل يخاف منه ول يهتك ستره فكان مختاًرا ،والدليل عليه الحدود والقصاص.
@@291
قيل له :الخصم هنا مختار في ترك المنازعة فإنه يمكنه أن يطعن في الشهود بين يدي القاضي سّرا متى
خاف من الشهود ،أو تحرًزا عن هتك الستر ،والجهل ل يكون عذًرا؛ لنه في دار السلم بخلف
الحدود والقصاص فإنها تندرئ بالشبهات بالنص#لحديث عائشة رضي ال عنها عند الترمذي ،بلفظ
"ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم "...تحفة الحوذي ،4/572كما أخرجه البيهقي في السنن
الكبرى ،8/413والدارقطني في سننه ،3/84والحاكم في المستدرك .4/426وقال الترمذي" :وقد
روى هذا غير واحد من أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم أنهم قالوا مثل ذلك".
والحديث صحح الترمذي وقفه على عائشة رضي ال عنها ،وكذا البيهقي ،وقال الحاكم" :هذا حديث
صحيح السناد ولم يخرجاه" وتعقبه الذهبي في التلخيص فقال" :في إسناده يزيد بن زياد .قال النسائي
فيه :متروك.اهـ.
وقال في التلخيص الحبير " :4/105وأصح ما فيه حديث سفيان الثوري ،عن عاصم ،عن أبي وائل،
عن عبد ال بن مسعود قال" :ادرؤوا الحدود بالشبهات" ، #.والظاهر حال ترك المنازعة ل يخلو عن
نوع [#ب] و[ج] " :وقوع" #.شبهة ،واحتمال هذا إذا سكت المدعى عليه عن الطعن أو طعن ،فأما إذا
عدل الشهود ،فقال :هم عدول ،فهذا على ثلثة أنواع#انظر فتاوى قاضي خان #.2/462
أما إن قال :هم عدول صدقوا ،أو قال :عدول أخطأوا ،أو قال :عدول سكت .ففي النوع الول :قضى من
غير سؤال؛ لنه أقر فقضى بإقراره.
وفي النوع الثاني والثالث المسألة على ثلثة أوجه:
ل ممن يسأل عن الشهود#وفي [ب] و[ج] " :ممن يسأل عنه الشهود"، #. أما إن كان المدعى عليه عد ً
أو كان مستوًرا ،أو فاسًقا.
@@292
@@293
فإن قيل :وجب أن يكفي لنه إقرار على نفسه وإقرار المستور والفاسق على نفسه صحيح.
قيل له :هذا إقرار على نفسه وعلى القاضي بوجوب القضاء عليه#قوله "عليه" زيادة من [ ب] و[
ج] ،#.فإن صح إقراره على نفسه ل يصح إقراره على القاضي.
فإن قيل :هل #في [ ب] و[ ج]" :هذا" #.جعل قول المدعى عليه :إنهم عدول ،إقرار منه بالحق على
نفسه فيقضى بإقراره ،كما لو قال :إنهم صدقوا #في [ ب] و[ ج] :زيادة "كما في" #.وهو النوع الول.
ل ل يكون إقراًرا بوجوب الحق على نفسه ل محالة؛ لجواز قيل له :إقرار المدعى عليه بكون الشاهد عد ً
ل إل أنه أخطأ في شهادته بأن#في [ أ] " :فإنه" .والمثبت أنسب للسياق #.ظن ،والمر أن يكون عد ً
بخلف ما ظن ،ولهذا لو شهد عليه واحد بالحق فقال المشهود عليه :هو عدل ،ل يقضي عليه؛ ولو كان
التعديل إقراًرا وجب أن يقضي ،كما لو قال لهذا الواحد :قد صدق.
وذكر في الكتاب أن في الوجه #في [ ب] و[ ج] " :القسم" #.الثاني والثالث وهو ما إذا كان مستوًرا أو
فاسًقا إذا لم تثبت العدالة في النوع الثالث وهو ما إذا قال :هم عدول .وسكت فسأله القاضي :اصدقوا أم
كذبوا؟
فإن قال :صدقوا .يقضي عليه إقراره ،وإن قال :كذبوا .ل يقضي ،وإن قال #في [ ب] و[ ج] :زيادة
"قد" : #.أخطأوا ،وهو النوع الثاني فالقاضي ل يقضي.
@@294
المسألة الثانية:
العدد في المزكي وفي رسول القاضي إلى المزكي#قوله" :وفي رسول القاضي إلى المزكي" غير
موجود في [ ب] و[ ج] #.
وفي المترجم من الشاهد العجمي ومن الخصم العجمي.
عند أبي حنيفة وأبي يوسف ليس بشرط ،والواحد يكفي#انظر :مختصر الطحاوي ص )،(329 ،328
وعيون المسائل ص ) ،(114والمبسوط ،16/89وبدائع الصنائع ،7/11وفتاوى قاضي خان
،2/462والهداية ،#.2/131وعند محمد رحمه ال شرط والواحد ل يكفي#قوله "وعند محمد رحمه
ال شرط والواحد ل يكفي" غير موجود في [ ب] و[ ج] ، #.ويكفيه الثنان إن كان المشهود به حّقا
يثبت بشهادة رجلين عدلين ،وإن كان حّقا ل يثبت إل بشهادة الربعة ل يشترط الربعة#انظر :مختصر
الطحاوي ص ) ،(329 ،328وعيون المسائل ص ) ،(114بدائع الصنائع ،7/11وفتاوى قاضي خان
،2/462والهداية #.2/131
واجمعوا على أن#قوله" :على أن" زيادة من [ ب] و[ ج] ".ما عدا العدد من سائر شرائط الشهادة
سوى اللفظ #في [ ب] و[ ج] :زيادة "سوى التلفظ بلفظة الشهادة" #.من العدالة ،والبلوغ عن عقل،
والحرية ،والبصر ،وأن ل يكون محدوًدا في القذف شرط#انظر :المبسوط ،16/89بدائع الصنائع
،7/11فتاوى قاضي خان .2/462وصرح الكاساني في البدائع 7/11بأن :حرية المعدل وبصره
وسلمته عن حد القذف محل خلف ،فليست بشرط عند أبي حنيفة وأبي يوسف ،فتصح تزكية العمى
والعبد والمحدود في قذف وعند محمد شرط فل تصح تزكيتهم لن التزكية شهادة عنده فيشترط لها ما
يشترط لسائر الشهادات وعندهما ليست بشهادة فل يراعى فيها شرائط الشهادة#.
وأجمعوا أن لفظة الشهادة ليست بشرط#انظر :المبسوط ،90 ،16/89وفتاوى قاضي خان .#.2/462
@@295
محمد رحمه ال يقول :بأن التزكية والترجمة شهادة معنى#انظر :المبسوط ،16/89وبدائع الصنائع
،7/11والهداية #.2/131؛ لن القضاء ل يجب إل بهما ،والعلم للقاضي ل يثبت إل بهما#في [
ب] و[ ج]" :لن العلم للقاضي ل يحصل إل بهما"#.
فكانت شهادة معنى فيعتبر بالشهادة ،والثنان شرط في بعض الحقوق والربع #في [ ب] و[ ج] :
"والربعة" وهذا الوجه أفصح الوجهين .انظر :عدة السالك أوضح المسالك #.4/244شرط في البعض
في الشهادة ،فكذا في التزكية والترجمة.
وأبو حنيفة وأبو يوسف يقولن :بأن التزكية والترجمة شهادة معنى ،من حيث إن القضاء ل يجب إل
بهما ،كما ل يجب إل بالشهادة ،لكنهما خبر من حيث الحقيقة ،ولهذا ل يشترط فيهما لفظة الشهادة ،وهو
قوله :أشهد#انظر :المبسوط ،16/90وبدائع لصنائع ،7/11والهداية ، #.2/131فعلمنا بهما من
حيث إنهما شهادة معنى شرط فيهما جميع شرائط الشهادة ما عدا العدد.
ل بهما جميًعا#قوله" :جميًعا" غير موجود في [ومن حيث إنهما خبر حقيقة لم يشترط فيهما العدد عم ً
ب] ، #.وتحقيقه :أن اشتراط سائر الشرائط ما عدا العدد من العقل والبلوغ والحرية في الشهادة موافق
للقياس ،أما العدالة فلنه يترجح بها الصدق ،ولهذا شرط العدالة في سائر الخبارات ،وأما البلوغ عن
عقل والحرية فلن الشهادة ولية على الغير ،وأنها تتفرع عن وليته على نفسه ،والولية على نفسه ل
تثبت إل بالبلوغ عن عقل والحرية.
وأما البصر فلن القدرة على التمييز تثبت به ،ولن اشتراط هذه الشرائط في الشهادة موافق للقياس،
سا عليها.
فيشترط فيما هو في معناها قيا ً
@@296
وأما العدد في الشهادة #في [ ب] و[ ج] :زيادة "فهو" #.شرط مخالف للقياس#انظر :المبسوط
،90 ،16/89وبدائع الصنائع ، #.7/11ولهذا لم يشترط في سائر الخبارات فيقتصر عليها.
إذا ثبتت هذه المسألة فيبنى على هذه#قوله" :على هذه" غير موجود في[ ب] و[ ج ] #.مسائل:
منها إذا زكاهم واحد وجرحهم#الجرح في اللغة :بالضم السم وهو الشق في الجلد ،وبالفتح الفعل ،أي
فعل الجارح ،وجرحه بلسانه عابه وتنقصه ومنه جرح الشاهد إذا ظهر فيها ما ترد به شهادته من كذب
وغيره.
وفي الصطلح :عرفه الفقهاء بتعريفات متقاربة ،منها :أن الجرح :إظهار فسق الشهاد .وقيل :إظهار ما
يخل بالعدالة .انظر :معجم مقاييس اللغة ،1/451ولسان العرب ،234 ،2/233والمصباح المنير
،1/95والبحر الرائق #.169 ،7/166
وعند محمد الشهادة موقوفة على حالها ل ترد ول تجاز #في [ ب] و[ ج" :ول يجاب" #.حتى يجرحه
الخر أو يعدله الخر؛ لن عنده الجرح والتعديل #في [ ب] و[ ج] :زيادة "سواء في أنه" #.ل يثبت
بقول الواحد .فإن جرحه الخر ثبت الجرح فيرد ،وإن لم يجرحه الخر وعدله #في [ ب] و[ ج] زيادة
"آخر" #.ثبتت العدالة#انظر :مسائل التزكية من المنتقى )م/ل 4/ب( ،فتاوى قاضي خان ،2/463
وبدائع الصنائع ،7/11ومعين الحكام ص #.88فيجاز #في [ ب] و[ ج]" :فيجاب"#.
@@297
وإن جرحه واحد وعدله اثنان فالتعديل أولى بالجماع#انظر :مختصر الطحاوي ص) ،(329فتاوى
قاضي خان ،2/463والختيار ،2/415ومعين الحكام ص ،#.88أما عند محمد رحمه ال فلن
الجرح لم يثبت ،وأما عند أبي حنيفة وأبي يوسف فلن العدالة ثبتت بما هو حجة في الحكام
كلها#وانظر :المبسوط ،16/91بدائع الصنائع ،7/11وفتاوى قاضي خان #.2/463فإن قول
الثنين حجة في أمور الدين وفي حقوق العباد#من قوله":وقول الواحد" إلى قوله" :في قول العباد" زيادة
من [ ب] و[ ج ]#.
فإن قيل :إن ترجح التعديل من هذا الوجه ،يترجح الجرح من وجه آخر ،لن الجرح فيما جرح معتمد ما
يمكن الوقوف عليه من حيث العيان ،فإن أسباب الجرح ارتكاب كبيرة هي محظور دينه ،وذا مما يمكن
الوقوف عليه من حيث العيان ،والمعدل فيما عدل معتمد ما ل يوقف #في [ ب] و[ ج]" :يعتمد ما ل
يمكن الوقوف" #.عليه إل من حيث الظاهر؛ لن العدالة ل تثبت إل بالنزجار عن جميع المحظورات،
وذا مما ل يوقف عليه إل من حيث الظاهر ،فيستوي الخبران من هذا الوجه ،ولهذا لو عدله اثنان
وجرحه اثنان كان الجرح أولى.
قيل له :من وجهين:
أحدهما :أنه إن ثبتت #في [ ب] و[ ج]" :إذا وقعت" #.المعارضة بين الخبرين يتساقطان بحكم
المعارضة فيبقى ما كان على ما كان#قوله" :على ما كان" غير موجود في [ب] ، #.والصل هو
العدالة ،إل أن هذا غير سديد؛ لنه حينئذ
@@298
يكون قضاء بظاهر العدالة فيجب أن يختص به أبو حنيفة رحمه ال ،ويختص الجواب بحق يثبت مع
الشبهات وليس كذلك.
والثاني :وهو الصحيح أن الجارح وإن اعتمد ما يمكن الوقوف عليه من حيث العيان إل أنه لم يجعل
خبره حجة في الحكام ،وخبر الثنين جعل حجة #في [ ب] و[ ج] :زيادة "في جميع الحكام" ، #.وإن
كانا يعتمدان ما ل يمكن الوقوف عليه من حيث العيان ،علم أنه ل يساوى بين هذين المعنيين ،حيث
ترجح هذا في حقوق العباد مع وجود هذا المعنى ،فيترجح هذا ضرورة.
وإن جرحه اثنان وعدله عشرة فالجرح أولى ،لن زيادة العدد على الثنين مما ل يترجح بها ما كانت
شهادة حقيقة ومعنى#انظر :بدائع الصنائع ،7/11فتاوى قاضي خان ،2/463معين الحكام ص ،88
الختيار ، #.2/415فلن يترجح بها#قوله" :بها" زيادة من [ ب]و[ ج] #.ما كان خبًرا أو شهادة
معنى كان أولى.
وإن عدله وهو محدود في القذف ل يصح ،لن عدم كونه محدوًدا في القذف شرط ،وإن عدله وهو
أعمى ل يصح ،لن كونه غير أعمى شرط ،وإن كان بصيًرا ثم عمي ثم عدل فعلى الختلف الذي
عرف في الشهادة.
المسألة الثالثة:
قال أبو حنيفة رحمه ال :إن شهد الشهود على رجل بمال أو دم فسمع القاضي شهادتهم ،وطعن
فيهم#في [ أ ] " :فيه" .والمثبت هو الصواب كما هو الظاهر #.الخصم ،فإن القاضي ل يقضي
بشهادتهم
@@299
حتى يسأل عن حالهم ،فإن سأل عن حالهم وزكوا في السر والعلنية فأراد القاضي أن يقضين فقال
المشهود عليه :أنا أجرحهم وأقيم البينة على ذلك ،هل يقبل ذلك منهم؟ وهل تبطل شهادة شهود المدعي؛
فهذا على وجهين:
أما إن أقام البينة على جرح مفرد #ويسمى الجرح المجرد :وهو الذي ل يتضمن إثبات حق ل تعالى أو
للعبد .انظر فتح القدير ،7/399والبحر الرائق #.7/166ل يدخل تحت حكم الحاكم نحو إن قال
المدعى قبله #في [ ب] و[ ج]" :المدعى عليه" : #.أنا أقيم البينة عليهم#قوله" :عليهم" غير موجود في
[ ب] و[ ج] #.أنهم فسقة أو زناة ،أو على إقرارهم أنهم قالوا :ل شهادة عندنا للمدعي على المدعى عليه
قبله#قوله" :قبله" غير موجود في [ ب] و[ ج] #.في هذه الحادثة أو على إقرارهم أنهم قالوا :إن
المدعي مبطل في هذه الدعوى ،أو على إقرارهم أنهم قالوا :إنهم شهدوا#في [أ] " :شهود" والمثبت
أنسب للسياق #.بالزور ،أو على إقرارهم أنهم قالوا :لم يحضر المجلس الذي كان فيه هذا المر.
أو أقام البينة على جرح يدخل تحت حكم الحاكم نحو إن قال المدعى قبله#في [ ب] و[ ج] " :المدعى
عليه" : #.أنا أقيم البينة على أن الشهود زنوا ووصفوا ذلك ،أو على أن الشهود شربوا الخمر ،أو على
أن الشهود سرقوا مني كذا ،أو على أن الشهود شركاء في المشهود به ،أو على أن الشهود صالحوني
على كذا درهًما على أن ل يشهدوا علي ودفعت ذلك إليهم ،أو على أنهم عبيد ،أو محدودون في القذف،
أو على
@@300
أن المدعي أقر أن الشهود شهدوا بالزور ،أو على أن المدعي أقر أنه#في [ أ]" :أنهم" .والمثبت أنسب
للسياق #.استأجرهم على هذه الشهادة ،أو على إقراره أنهم #في [ ب] و[ ج] " :أنه" #.لم يحضروا
المجلس الذي كان فيه هذا المر.
ففي الوجه الول :ل تقبل هذه البينة#انظر المبسوط .9/84،83وفتاوى قاضي خان ،2/463وفتح
القدير ،7/399والختيار ،2/415والبحر الرائق #.167 ،7/166عند علمائنا#لفظ "علمائنا" يطلق
عند الحنفية على الئمة الثلثة :أبي حنيفة ،وأبي يوسف ،ومحمد بن الحسن .انظر :رفع التردد لبن
عابدين )ضمن رسائله #.(1/129رحمهم ال ،وقال ابن أبي ليلى#هو :العلمة أبو عبد الرحمن محمد
بن عبد الرحمن بن أبي ليلى النصاري ،مفتي الكوفة وقاضيها ،ولد سنة أربع وسبعين .كان نظيًرا
للمام أبي حنيفة في الفقه ،وصاحب سنة ،مات سنة ثمان وأربعين ومائة في شهر رمضان.
انظر :طبقات الفقهاء للشيرازي ص ،85وسير أعلم النبلء 6/310وما بعدها##.انظر :المبسوط
،9/84وفتاوى قاضي خان ،2/463ومعين الحكام ص ،#.88وهو مذهب الشافعي :تقبل #انظر:
أدب القاضي لبن القاص ،2/356وأدب القاضي للماوردي ،1/406ومغني المحتاج ،4/404
#.405
وفي الوجه الثاني :تقبل بالتفاق#انظر :فتاوى قاضي خان ،464 ،2/463وفتح القدير ،7/399
،400والبحر الرائق #.7/167
وذكر الخصاف#هو :احمد بن عمرو ،وقيل :عمر بن مهير ،أبو بكر الخصاف الشيباني ،كان فرضّيا
حاسًبا ،عارًفا بمذهب أبي حنيفة ،مقدًما عند الخليفة المهتدي بال ،فلما قتل المهدي ،نهب فذهب بعض
كتبه ،له مصنفات كثيرة ،منها :كتاب "الحيل" ،وكتاب "أدب القاضي" وكتاب "النفقات على القارب"،
مات ببغداد سنة إحدى وستين ومائتين .انظر :الجواهر المضية ،232 ،1/231تاج التراجم ص ،97
،98والفوائد البهية ص #.39أن الشهادة على الجرح المفرد تقبل#انظر" :أدب القاضي" مع شرحه
للمؤلف )#.(3/335
@@301
من ذلك في شرح الجامع الصغير#انظر :شرح الجامع الصغير للمؤلف [ مخطوط] )ل88/أ( #.وتمام
ذلك في شرح أدب القاضي#انظر :شرح أدب القاضي للمؤلف ،3/336وقد أوضح المؤلف هناك أن ما
ذكر عن الخصاف من قبول الشهادة على الجرح المفرد ،غير صحيح؛ لن هذه الشياء ليست بجرح
مفرد ،فل يمتنع قبول الشهادة عليها #.المنسوب إلى الخصاف في باب القاضي يرد عليه كتاب من
ض #في [ ب] و[ ج] :زيادة "آخر" #
قا ٍ
هما يقولن بأن هذه شهادة قامت على الجرح ،والمدعى قبله #في [ ب] و[ ج]" :المدعى عليه"#.
يحتاج إلى إثباته ليدفع عنه#قوله "عنه" زيادة من [ ب] و[ج] #.خصومة المدعي #في [ أ]" :المدعى
سا على الوجهعليه" وهو خطأ .والمثبت هو الصواب كما هو ظاهر السياق #.فوجب أن تقبل قيا ً
الثاني#انظر :المبسوط #.9/84
ولعلمائنا رحمهم ال في المسألة ثلث#قوله" :ثلث" كذا جاء في جميع النسخ ،والصحيح "ثلثة" كما
هو الظاهر #.طرق أشار إلى جميع ذلك#قوله" :إلى جميع ذلك" زيادة من [ ب] و[ج] #.محمد رحمه
ال في الكتاب .الول :أن يقول :عن هذه شهادة قامت ل على خصم؛ لنه لم يدع#في [ب] " :يدفع"#.
شيًئا على الشاهد يقضي القاضي بذلك على الشاهد حتى يصير الشاهد#قوله "حتى يصير الشاهد" غير
موجود في [ب] #.خصًما له.
والدليل عليه :أن المدعى قبله إذا قال :ل بينة لي على ما ادعيت ،وطلب من القاضي أن يستحلف
الشهود على ذلك ،فإن القاضي ل يستحلفهم #في [ ب] و[ ج] :زيادة "على ذلك"#.
إل أن هذا الطريق غير سديد ،فإن المدعى عليه لو أقام البينة على أنهم محدودون #في [أ]" :محدودين"
وهو خطأ .والمثبت هو الصواب كما هو الظاهر #.في القذف تقبل ،وهذه شهادة قامت ل على خصم
فإنه ل يدعي
@@302
عليهم حّقا يقضي القاضي بذلك على الشهود حتى يصير الشاهد خصًما ،أل ترى أنه لو لم تكن له بينة
على ما ادعى وأراد استحلف الشهود لم يكن له ذلك ،وكذلك لو أقام البينة على إقرار المدعي أنهم فسقة
وما شاكل ذلك تقبل ،وقد قامت ل على خصم فعلم #في [أ]" :علم" والمثبت أنسب للسياق #.أن هذا
الطريق غير سديد.
ضا ،ثم والثاني :أنه لو قبل #في [ ب] و[ ج]" :قبلت" #.شهادة المدعى قبله على شهود فسقة أو زناة أي ً
وثم؛ فيؤدي إلى التهاتر#التهاتر في البينات :أي التساقط .انظر طلبة الطلبة ص #.276فعلم أن هذا
ضا غير سديد.الطريق أي ً
والثالث :وهو السديد وهو الذي اختاره القاضي المام صاعد#هو القاضي أبو العلء صاعد بن محمد
بن أحمد الستوائي ،نسبة إلى أستواء قرية من ناحية نيسابور ،ولد سنة ثلث وأربعين وثلثمائة .درس
الفقه عن أبي نصر بن سهل القاضي ،جده من جهة الم ،ولي قضاء نيسابور ،كان عالًما صدوًقا ،انتهت
إليه رئاسة الحنفية بخراسان في زمانه ،له كتاب العتقاد ،مات سنة إحدى وقيل :اثنتين وثلثين
وأربعمائة .انظر :الجواهر المضية ،2/265تاج التراجم ص ،171والفوائد البهية ص #108 ،107
وهو أن الشاهد بالشهادة على الجرح المفرد صار فاسًقا لنه ارتكب كبيرة ،ألحق بفاعلها #في [أ]:
"لفاعله" والمثبت أنسب للسياق #.الوعيد في الدنيا والخرة بنص القرآن #في [ ب] و[ ج] :زيادة
"العظيم" #.؛ لنه أظهر الفاحشة من غير
@@303
ضرورة ،وإظهار الفاحشة من غير ضرورة حرام بنص القرآن #في [ ب] و[ ج] :زيادة "العظيم"#.
قال ال تعالى) :إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة( #في [ ب] و[ ج] :الزيادة "في الذين آمنوا" #.الية
#سورة النور ،جزء من الية رقم ) #.(19فعلم #في [أ]" :علم" والمثبت أنسب للسياق #.أن الشاهد
صار فاسًقا والمشهود به ل يثبت بشهادة الفاسق#انظر فتاوى قاضي خان ،2/463فتح القدير ،7/399
،400البحر الرائق #.7/166
فإن قيل :في إظهار الفاحشة ضرورة وهو ضرورة دفع الخصومة عن المدعى عليه#في [أ] " :علم"
والمثبت أنسب للسياق#.
وصار كما لو أقام البينة على جرح يدخل تحت حكم الحاكم.
قيل له :ل ضرورة هنا#قوله" :هنا" زيادة من [ ب] و[ ج] #.لن هذه الضرورة تندفع بأن يقول
ذلك#قوله" :ذلك" زيادة من [ ب] و[ ج] #.سّرا للمدعي أو القاضي ،ول يظهر ذلك في مجلس
الحكم #انظر فتاوى قاضي خان ،2/463فتح القدير ،7/400البحر الرائق #.7/166بخلف ما إذا
شهدوا أنهم شركاء في المشهود به ،لنه ليس في ذلك إظهار الفاحشة فيثبت المشهود به ،فصار الثابت
بالشهادة كالثابت معاينة#انظر :فتح القدير ،#.7/401وبخلف ما إذا شهدوا أنهم محدودين#قوله:
"محدودين" خطأ والصواب" :محدودون" كما هو الظاهر #.في قذف#من قوله" :لنه ليس في ذلك
إظهار الفاحشة" إلى قوله" :محدودين في قذف" غير موجود في [ ب] و[ ج] #.لنه
@@304
ليس في ذلك#في [أ] "ليس فيهم" .والمثبت أنسب للسياق #.إظهار الفاحشة من جهة الشاهد ،وإنما حكى
إظهار الفاحشة من غيره ،وهو شهود القذف#انظر :فتاوى قاضي خان #.2/464أو القاضي،
والحاكي لظهار الفاحشة من غيره ل يكون مظهًرا للفاحشة ،فلم يصر فاسًقا فيثبت المشهود به.
وبخلف ما إذا شهدوا على إقرار المدعى أنهم فسقة أو شاكل ذلك لنهم ما شهدوا #في [ ب] و[ ج]:
"لنه ما شهد" #.بإظهار الفاحشة ،وإنما حكوا #في [ ب] و[ ج]" :حكى" #.إظهار الفاحشة من غيره
وهو المدعي ،فلم يصر فاسًقا#انظر البحر الرائق #.7/167فيثبت المشهود به.
وأما إذا أقام البينة أني صالحتهم على كذا فإن للقاضي أن يسأل المدعي قبله #في [ ب] و[ ج]" :المدعى
عليه" ، #.فإن قال أعطيتهم المال قبلت البينة ،وإن كان فيه إظهار الفاحشة لن فيه ضرورة ليصل إلى
المال ،وإن قال :لم أعطهم ،لم تقبل؛ لن فيه إظهار الفاحشة من غير ضرورة #انظر :فتاوى قاضي
خان ،2/464البحر الرائق ، #.7/167فدل أن هذا الطريق سديد ،وقد جمع محمد رحمه ال في
الكتاب بين الطرق الثلث ،وإن كان البعض سديًدا والبعض غير سديد ليتميز السديد من غير السديد
بالتأمل والتذكر ،فلهذا الغرض جمع #في [ ب] و[ ج] :زيادة "ذلك"#.
وال أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب#قوله" :بالصواب وإليه المرجع والمآب" غير موجود في [
ب] و[ ج] #.
@@305
فهرس المراجع والمصادر:
1ـ القرآن الكريم.
-2أخبار القضاة :محمد بن خلف بن حيان المعروف بوكيع ،طبعة عالم الكتب – بيروت.
-3الختيار لتعليل المختار ،عبد ال بن محمود بن مودود الموصلي الحنفي ،تحقيق وتعليق :الشيخ
إبراهيم عثمان الجعيد ،طبعة دار الرقم بن أبي الرقم للطباعة والنشر والتوزيع – بيروت.
أدب القاضي :لبي بكر أحمد بن عمرو الخصاف الشيباني ،تحقيق :محيي هلل السرحان، -4
مطبعة الرشاد بغداد.
أدب القاضي :لبي الحسين علي بن محمد الماوردي الشافعي ،تحقيق محيي هلل -5
السرحان ،مطبعة الرشاد ،بغداد.
أدب القاضي :لبي الحسين علي بن محمد الماوردي الشافعي ،تحقيق محيي هلل -6
السرحان ،مطبعة الرشاد ،بغداد.
العلم :خير الدين الزركلي ،دار العلم للمليين – الطبعة العاشرة. -7
إعلم الموقعين عن رب العالمين :شمس الدين أبو عبد ال محمد بن أبي بكر بن قيم -8
الجوزية – رتبه وضبطه محمد عبد السلم إبراهيم ،دار الكتب العلمية ،الطبعة الولى.
إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون :للديب المؤرخ: -9
إسماعيل باشا ،طبعة دار الكتب العلمية ،بيروت ،لبنان 1413هـ 1992 -م.
البحر الرائق شرح كنز الدقائق :لزن الدين بن إبراهيم المعروف بابن نجيم ،طبعة دار -10
الكتب العلمية ،منشورات محمد علي بيضون ،الطبعة الولى@306@ .
بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع :علء الدين أبو بكر مسعود الكاساني الحنفي ،طبعة دار -11
الكتب العلمية.
تاج التراجم :لبي الفداء زين الدين قاسم بن قطلوبغا السودوني ،حققه وقدم :محمد خير -12
رمضان يوسف ،طبعة دار القلم ،الطبعة الولى.
تقريب التهذيب :للحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلني ،قدم له دراسة وافية :محمد -13
عوامة ،طبعة دار الرشيد ،حلب سوريا ،الطبعة الرابعة.
التخليص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير :للحافظ أحمد بن علي بن حجر -14
العسقلني ،اعتنى به أبو عاصم حسن بن عباس ،مؤسسة قرطبة ،توزيع مكتبة الخراز ،الطبعة
الولى.
تلخيص المستدرك ،بهامش المستدرك على الصحيحين :لشمس الدين أبي عبد ال محمد بن -15
أحمد الذهبي ،دراسة وتحقيق مصطفى عبد القادر عطا ،دار الكتب العلمية ،الطبعة الولى.
الجامع الصغير ،بهامش شرحه النافع الكبير :للمام محمد بن الحسن الشيباني ،من -16
منشورات إدارة القرآن والعلوم السلمية ،كراتشي ،باكستان.
الجامع الصحيح )بهامش تحفة الحوذي( :الحافظ أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة -17
الترمذي ،دار الكتب العلمية ،الطبعة الولى.
الجواهر المضية في طبقات الحنفية :محيي الدين أبو محمد عبد القادر بن محمد بن أبي -18
الوفاء القرشي الحنفي ،تحقيق الدكتور /عبد الفتاح محمد الحلو ،طبعة هجر للطباعة والنشر ،الطبعة
الثانية.
رفع التردد في عقد الصابع عند التشهد )ضمن مجموعة رسائل ابن عابدين( ،طبعة دار -19
عالم الكتب.
سنن ابن ماجه :لبي عبد ال محمد بن يزيد القزويني ،تحقيق :محمد فؤاد عبد الباقي ،دار -20
إحياء التراث العربي.
سنن الدراقطني :علي بن عمر الدراقطني ،دار إحياء التراث العربي ،بيروت 1413هـ - -21
1993م.
السنن الكبرى :لبي بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي ،تحقيق :محمد عبد القادر عطا، -22
دار الكتب العلمية ،الطبعة الولى.
@@307
- 23سير أعلم النبلء :شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي ،مؤسسة الرسالة ،الطبعة السابعة.
– 24شرح الجامع الصغير :فخر الدين حسن بن منصور الوزجندي الفرغاني الحنفي "محفوظ".
– 25شرح الجامع الصغير :للصدر الشهيد عمر بن عبد العزيز بن مازه "مخطوط".
– 26شرح أدب القاضي تحقيق :للصدر الشهيد عمر بن عبد العزيز بن مازه ،تحقيق :محيي هلل
السرحان ،مطبعة الرشاد ،بغداد.
-27شرح مختصر الكرخي :لبي الحسين أحمد بن محمد القدوري "مخطوط".
– 28صحيح بن حبان بترتيب ابن بلبان :للمير علء الدين علي بن بلبان الفارسي ،حققه وخرج أحاديثه
وعلق عليه :شعيب الرنؤوط .مؤسسة الرسالة .الطبعة الثالثة.
-29صحيح البخاري :لبي عبد ال محمد بن إسماعيل البخاري ،تحقيق الشيخ محمد علي قطب ،المكتبة
العصرية ،بيروت 1415هـ 1994 -م.
– 30صحيح مسلم :لبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري ،تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي،
دار إحياء الكتب العربية ،توزيع دار الكتب العلمية.
– 31طبقات الفقهاء :لبي إسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الشيرازي ،تصحيح ومراجعة الشيخ خليل
الميس ،دار القلم ،بيروت.
-32الطبقات الكبرى :لبي عبد ال محمد بن سعد الزهري ،طبعة دار صادر ،بيروت.
-33طلبة الطلبة في الصطلحات الفقهية :لبي حفص نجم الدين عمر بن محمد النسفي ،ضبط وتعليق
وتخريج الشيخ خالد عبد الرحمن العك ،طبعة دار النفائس.
– 34عيون المسائل في فروع الحنفية :لبي الليث نصر بن محمد بن إبراهيم السمرقندي ،تحقيق سيد
محمد مهنى ،طبعة دار الكتب العلمية ،الطبعة الولى.
-35فتاوى قاضي خان )الخانية بهامش الفتاوى الهندية( :فخر الدين حسن بن منصور الوزجندي
الفرغاني الحنفي ،دار إحياء التراث العربي ،الطبعة الرابعة.
-36فتح القدير للعجز الفقير على الهداية :كمال الدين محمد بن عبد الواحد السيواسي المعروف بابن الهمام
الحنفي ،علق عليه الشيخ عبد الرزاق المهدي ،دار الكتب العلمية ،توزيع مكتبة دار الباز ،الطبعة الولى.
@@308
-37الفقه النافع :لبي القاسم محمد بن يوسف الحسين السمرقندي ،دراسة وتحقيق الدكتور إبراهيم بن محمد
العبود ،الناشر مكتبة العبيكان ،الطبعة الولى.
-38الفوائد البهية في تراجم الحنفية :للشيخ محمد بن عبد الحي اللكنوي الهندي ،اعتنى بإخراجه وتقديمه
نعيم أشرف نور أحمد ،من منشورات إدارة القرآن والعلوم السلمية ،كراتشي ،باكستان.
-39الكامل في التاريخ :لعمدة المؤرخين أبي الحسين علي بن أبي الكرم محمد بن محمد الشيباني
المعروف بابن الثير ،عني بمراجعة أصوله والتعليق عليه نخبة من العلماء ،الناشر دار الكتاب العربي،
بيروت.
-40كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون :مصطفى عبد ال الرومي الحنفي ،المعروف بحاجي خليفة،
طبعة درا الكتب العلمية 1992 – 1413م.
-41لسان العرب :جمال الدين أبو الفضل محمد بن مكرم النصاري المعروف بابن منظور ،دار إحياء
التراث العربي ،الطبعة الثانية.
– 42المبسوط :لشمس الدين أبي بكر محمد بن أبي سهل السرخسي ،طبعة دار المعرفة 1414 ،هـ -
1993م.
-43مختصر الطحاوي :لبي جعفر أحمد بن محمد الطحاوي الحنفي ،عني بالتعليق عليه أبو الوفاء
الفغاني – كراتشي – باكستان.
-44المستدرك على الصحيحين :لبي عبد ال محمد بن عبد اله الحاكم النيسابوري ،دراسة وتحقيق
مصطفى عبد القادر عطا ،طبعة دار الكتب العلمية الطبعة الولى.
-45مسائل التزكية من المنتقى :للمام محمد بن الحسن الشيباني "مخطوط".
-46المصباح المنير في غريب الشرح الكبير :أحمد بن محمد بن علي المقري الفيومي ،طبعة دار الكتب
العلمية ،الطبعة الولى.
-47معجم البلدان :لشهاب الدين أبي عبد ال ياقوت بن عبد ال الحموي الرومي البغدادي ،طبعة درا
الكتاب العربي ،بيروت لبنان.
-48معجم مقاييس اللغة :لبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا ،تحقيق وضبط عبد السلم محمد هارون،
دار الجيل ،الطبعة الولى.
@@309
-49معجم المؤلفين :عمر رضا كحالة ،اعتنى به وجمعه وأخرجه مكتب تحقيق التراث في مؤسسة
الرسالة ،الطبعة الولى.
-50معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الحكام :لعلء الدين أبي الحسن علي بن خليل الطرابلسي
الحنفي ،مطبعة مصطفى البابي الحلبي ،الطبعة الثانية.
-51مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج :محمد الشربيني الخطيب ،دار إحياء التراث العربي.
-52مفتاح السعادة ومصباح السيادة في موضوعات العلوم :أحمد بن مصطفى الشهير بطاش كبرى زاده،
طبعة دار الكتب العلمية ،بيروت لبنان.
-53النتف في الفتاوى :لبي الحسن علي بن الحسين بن محمد السغدي ،حققه وقدم لها وخرج أحاديثها
المحامي الدكتور صلح الدين الناهي ،طبعة مؤسسة الرسالة ودار الفرقان ،الطبعة الثانية.
-54نصب الراية تخريج أحاديث الهداية :لجمال الدين أبي محمد عبد ال بن يوسف الزيلعي الحنفي ،تحقيق
أحمد شمس الدين ،دار الكتب العلمية ،الطبعة الولى.
-55النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة :لبي المحاسن جمال الدين يوسف تغري بردي التابكي،
طبعة دار الكتب المصري ،الطبعة الولى.
-56الهداية شرح بداية المبتدئ :لبرهان الدين أبو الحسين علي بن أبي بكر بن عبد الجليل المرغيناني،
طبعة دار الفكر ،المكتبة التجارية ،مكة المكرمة.
-57هدية العارفين أسماء المؤلفين وآثار المنصفين من كشف الظنون :إسماعيل باشا البغدادي ،طبعة دار
الكتب العلمية 1413 ،هـ 1992 -م.
تدريب الدعاة
عبد اله بن إبراهيم اللحيدان
قسم الدعوة والحتساب – كلية الدعوة والعلم
جامعة المام محمد بن سعود السلمية
@@313
المقدمة:
الحمد ل وحده والصلة والسلم على رسول ال ،وبعد:
فإيصال الهداية إلى الناس والحسان إليهم هدف نبيل وغاية ينبغي أن يسعى إليها كل مسلم ،ومع توسع
العالم اليوم في وسائل التصال فقد سهل ذلك من مهمة إيصال الهداية إلى الناس في كل مكان ،وكان على
المسلمين أن يقوموا بإيصال الدعوة إلى الناس كلهم بكل وسيلة مشروعة متاحة؛ لن هذا من مقتضى
الخيرية التي كرمت بها هذه المة بقول ال تعالى) :كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون
عن المنكر(#سورة آل عمرتن ،الية ، #.110 :وهو من لوازم الشهادة التي كلفت بها بقوله تعالى) :وكذلك
طا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيًدا(#سورة البقرة ،الية#.143 : جعلناكم أمة وس ً
وهذا المر واجب على كل مسلم كل بحسبه ،وإن كان للمؤسسات السلمية النصيب الكبر في تبليغ هذا
الدين إلى كل لحد.
إن تنوع أساليب التصال واختلفها من عصر إلى عصر ومن جيل إلى جيل سمة بارزة في المجتمعات
النسانية ،وما يحسن قوله أو فعله اليوم من عادات الناس وأعرافهم قد ل يحسن غًدا وما يحسن عند طائفة
قد ل يحسن عند أخرى ،ومن القواعد المعتبرة في الشرع أن العادة محكمة ،وإذا كان العالم اليوم بحاجة
ماسة إلى أن تصل إليه دعوة السلم بصورة واضحة ومقنعة ،من خلل الوسائل والساليب المتاحة
والمشروعة المعاصرة؛ فإن هذا يتطلب أن يكون الدعاة إلى ال تعالى على قدر كبير من التأهيل العلمي
والعملي ،ول بد أن
@@314
تدرك المؤسسات السلمية التي ينتسب إليها الدعاة والمؤسسات العلمية التي تتولى تدريب الدعاة وتأهيلهم
أن تأهيل الدعاة وإكسابهم المهارات اللزمة للدعوة جزء أساس في الدعوة وإيصال الهداية إلى الناس،
ويتطلب ذلك الوقوف على الساليب المشروعة لتدريب الدعاة والوقوف على البرامج المتاحة وتقويمها
وتصميم البرامج المناسبة للدعاة ،وإيجاد السبل الكفيلة بإنجاحها.
إن الدعوة بشكل عام ودعوة غير المسلمين على وجه الخصوص تحتاج إلى جهد كبير في تأهيل الدعاة
وتدريبهم ،فتأهيل الدعاة وتدريبهم على طرائق الدعوة وفنونها ،وتدريبهم على التنظيم في الداء وإكسابهم
المهارات اللزمة التي تعينهم على حسن العرض للمبادئ التي يتحملونها ،وكذلك توفير السباب المعين
للداعية على القيام بدعوته ،كل ذلك ينبغي أن يكون الهاجس الكبر للمؤسسة السلمية ولكل قائم بالدعوة،
فالمدعو ل يعيش اليوم بمعزل عن العالم الذي تعددت فيه أساليب التصال ،وعلى الدعاة أن يدركوا جيًدا أن
بضاعتهم ينبغي أن تعرض بأبهى حلة وأحسن وسيلة لذا فغن إكساب الداعي مهارات التصال بالمدعو من
أهم المهمات.
ومن المسلمات في الدعوة عموًما أن هناك العديد من السئلة التي يحتار المدعو في الجابة عنها ،وكثير من
المسلمين وغير المسلمين ممن قرؤوا كتًبا عن السلم ،أو سمعوا عن بعض حقائقه وتشريعاته ،ظلت لديهم
أسئلة حائرة لم تجد معها من يروي غليلهم ،ولذلك فل غنى للمدعو عن الداعية بحال من الحوال ،وإن
الداعية المؤهل علمّيا وعملّيا يغني عن ألف كتاب وكتاب ،والدعوة في كل زمان ومكان تحتاج لمن يجمع
بين العلم المستند إلى الدليل والعلم المبني على الحكمة والتجربة.
ومن أهم احتياجات الدعوة اليوم تأهيل الدعاة الذين لديهم القدرة على عرض الدعوة بلغات المدعوين ولكنهم
يفتقدون العلم الشرعي الكافي ،وكذلك
@@315
تدريب الدعاة الذين لديهم العلم الشرعي ويفتقدون القدرة الكافية لعرضه بأسلوب يناسب المدعوين .ولذلك
فالتأهيل والتدريب للدعاة اليوم من ضرورات العصر حيث تتجدد الوسائل وتتنوع الساليب وتتفاوت
الثقافات وتختلف باختلف المكنة والزمنة والحوال مما يتطلب أن يكون للدعاة حظهم من هذا التدريب
والتأهيل ،وينبغي أن توجه لذلك الدراسات والبحاث العلمية للوقوف على واقع تدريب الدعاة واحتياجاته،
وقد كان لبعض الباحثين اهتمام بالكتابة عن تدريب الدعاة في الطار المؤسسي من خلل بيان جهود
المؤسسات الدعوية في التدريب وقد استفدت مما كتب على نحو ما أوردته في ثنايا البحث ،ولما لم أجد
ل وتطبيًقا فقد سعيت في هذا البحث إلى ذلك بإبراز أهمية التدريب دراسة علمية عن تدريب الدعاة تأصي ً
وبيان مفهومه ومشروعيته ،كما سعيت إلى إبراز مسؤولية المؤسسات التدريبية في تدريب الدعاة وعرضت
لبرامج مركز خدمة المجتمع والتعليم المستمر في جامعة المام كأنموذج لهذه المؤسسات التي ينبغي أن
تعنى بتدريب الدعاة.
وجاء تقسيم البحث كما يلي:
المقدمة:
المبحث الول :التدريب أهميته ومشروعيته ومجالته وأنواعه.
المبحث الثاني :أهمية التدريب للدعاة.
المبحث الثالث :عمادات خدمة المجتمع والتعليم المستمر في الجامعات السعودية وتأهيل الدعاة وتدريبهم.
المبحث الرابع :معوقات تدريب الدعاة.
ثم الخاتمة وفيها نتائج البحث وتوصياته.
صا صواًبا.
أسأل ال تعالى أن يكون هذا البحث نافًعا مفيًدا وأن يجعله خال ً
@@316
@@317
كما يعرف بأنه" :محاولة لتغيير سلوك الفراد بجعلهم يستخدمون طرًقا وأساليب مختلفة في أداء العمال،
أي :يجعلهم يسلكون بشكل يختلف بعد التدريب عما كانوا يتبعونه قبل التدريب"#انظر :تنمية مهارات
مسؤولي شؤون العاملين ،السيد عليوة ،ص #.52
حا لمزاولة عمل ما"#انظر: أو هو" :النشاط المستمر لتزويد الفرد بالمهارات والتجاهات التي تجعله صال ً
المرجع السابق ،ص #.52
أو هو" :نشاط منظم يركز على الفرد لتحقيق تغير في معارفه ومهاراته وقدراته لمقابلة احتياجات محددة في
الوضع الحاضر أو المستقبلي"#حول التدريب والتعليم ،عبد الكريم بكار ،درا المسلم ،الرياض ،ط ،1
1420هـ ص #.398
ومن مجمل هذه التعريفات نتبين أن التدريب بمعناه الصطلحي يتفق كثيًرا مع المعنى اللغوي الذي يشير
إلى أن عملية التدريب تعني :العتياد والتجربة والتمرين والتأدب واكتساب الخبرة.
ومن خلل ما تقدم يمكن أن يقال :إن المقصود بالتدريب في هذا البحث :كل نشاط منظم يهدف إلى تزويد
الدعاة بالمهارات اللزمة للقيام بالدعوة على الوجه الكمل.
وجدير بالذكر أن التدريب والتعليم والتأهيل منظومة متكاملة في الشخصية الناجحة ،ول بد من التأكيد على
أن التأهيل يسبق التدريب الذي هو جزء منه#انظر :التدريب وأهميته في العمل السلمي ،محمد موسى
الشريف ،دار الندلس الخضراء ،جدة ،ط 1422 ،2هـ ،ص #.27
والتدريب يبدأ من حيث ينتهي التعليم.
ويفرق بعضهم بين التعليم والتدريب ،بأن التعليم هو التغير المرغوب فيه في السلوك عن طريق إكساب
الفرد المعارف والمعلومات وهو يشمل جميع نواحي
@@318
الفرد العقلية والنفعالية والجسمية والروحية .والتدريب :هو العناية بالفرد للقيام بتطبيق تلك المعارف
والمعلومات في الحياة العملية ،وبمعنى آخر التدريب :هو تحويل تلك المعارف والمعلومات إلى مهارات
تطبيقية#من مقال للدكتور محمد اللحم ،منشور في موقع إدارة التدريب التربوي والبتعاث بمنطقة
القصيم#.
كما أن التدريب يتضمن مشاركة الدارس ممن له خبرة في البرنامج التدريبي في عرض خبرته ومناقشة
الراء والفكار ،بخلف التعليم والتأهيل الذي يتحمل فيه المعلم جزًءا كبيًرا من البرنامج ،ولذا فمن المهم أن
يتضح مفهوم البرنامج التدريبي عند المؤسسات التي ينتسب إليها الدعاة وعند الملتحقين بالدورات التدريبية
الدعوية ول بد أن يدرك الداعية أنهم جزء من البرنامج وأن الهدف منه هو تنشيط الذهن وصياغة الحلول
لمشكلت الدعوة العلمية عبر هذه الدورات التدريبية.
ثانًيا :أهمية التدريب للفرد والمجتمع:
التدريب له أهمية كبرى في حياة الفرد والمجتمع ،ويتفاوت الناس في تقبل التدريب والستعداد له كما
يتفاوتون في مساحة التدريب من واقع حياتهم ،والمرء ل ينفك عن التدريب في جميع مراحل حياته ،فكل
إنسان أخذ نصيبه من التدريب على أشياء كثيرة لم يتلقاها يوًما من كتاب ،فالطفل يدرب على الكلم والمشي
ثم على كثير من العوائد والداب ،وكل إنسان مدين لوالديه ومن تولى تربيته وتدريبه على أن يعيش في
مجتمعه وفق طبيعته وسلوكه ،ولو خلي النسان عن التدريب على كثير من الشياء لم يألف ولم يؤلف ،وفي
الحديث" :المؤمن يألف ويؤلف ،ل خير فيمن ل يألف ول يؤلف"#رواه الحاكم في المستدرك على
الصحيحين ،وقال :صحيح السناد ولم يخرجاه ،دار إحياء التراث العربي ،بيروت ،ط 1422 ،1هـ ص
21رقم الحديث#.67 :
@@319
وما من شك في أهمية التدريب وأن له أثًرا كبيًرا على معنويات المتدربين ويشعر المتدرب من خلله
باهتمام المؤسسة التي ينتمي إليها وأنها مؤسسة جادة في تقديم العون له وراغبة في تطويره#انظر :تنمية
مهارات مسؤولي شؤون العاملين ،السيد عليوة ،ص #.52
وفي معظم التخصصات العلمية والعملية تسعى الكليات التطبيقية إلى إضافة برنامج تدريبي يسبق التخرج
كالكليات التربوية والعسكرية والطبية ،ويسهم هذا البرنامج التدريبي في إكساب الدارسين الخبرة والمهارة
والتطبيق العملي ،ويحظى الدارس خلله بالتوجيه والتسديد من قبل أساتذته ،والدعوة أحوج ما تكون إلى
مثل ذلك ،ل سيما مع تنوع وسائل الدعوة وطرائقها في العصر الحاضر.
وفي الدعوة على وجه الخصوص قد يحتاج المر إلى تدريب المتطوعين في الدعوة والرسميين على حد
سواء؛ لضمان أكبر قدر في نجاح الدعوة ،ولن احتياجات الدعوة تستدعي تكثيف عدد الدعاة .وقد سعى إلى
تطبيق هذا المر كثير من المنظمات التنصيرية حيث قامت بتدريب العنصر المدني إضافة إلى العنصر
المحترف#التنصيرية خطة لغزو العالم السلمي ،بحوث مؤتمر كلورادو 1978 ،م ص 660ويقصد
بالمحترف :الرسمي الذي عينته الكنيسة للقيام بالدعوة إلى النصرانية #.في حين أن كثيًرا من المؤسسات
الدعوية ل زالت تتردد في تدريب الدعاة الرسميين.
ثالًثا :مشروعية التدريب:
التدريب بمعناه الواسع وهو التعويد والتمرين ورياضة النفس له صوره العديدة في السلم ،وجاءت بذلك
نصوص عديدة في الكتاب والسنة ،وجدير بالذكر أن التدريب كنشاط إنساني ليس من بدع العصر الحاضر
بل يمتد إلى وجود النسان على هذه الرض ،ومن حكمة ال تعالى أن خلق النسان
@@320
من ضعف :قال تعالى) :ال الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعًفا
ل ل يعلم شيًئا قال تعالى) :وال أخرجكم وشيبة(#سورة الروم ،الية ، #.54 :وأخرجه من بطن أمه جاه ً
من بطون أمهاتكم ل تعلمون شيًئا وجعل لكم السمع والبصار والفئدة لعلكم تشكرون(#سورة النحل ،الية:
#.78
وما يلبث النسان أن يتعلم ويتدرب على كثير من المعارف والسلوك لينال حظه من أسباب البقاء على هذه
الرض والتعايش مع بني جنسه.
وفي القرآن والسنة ما يشير إلى مشروعية تدريب النفس على أمور الحياة والخذ بالسباب المعينة على
الحذق والمهارة ،قال أبو بكر بن العربي عند تفسير قوله تعالى) :قالوا يأبانا إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف
عند متاعنا فأكله الذئب وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين( #سورة يوسف ،الية" ، #.17 :المسابقة
شرعة في الشريعة ،وخصلة بديعة ،وعون على الحرب ،وقد فعله النبي صلى ال عليه وسلم بنفسه
وبخيله ...وفي ذلك من الفوائد رياضة النفس والدواب وتدريب العضاء على التصرف "#أحكام القرآن،
أبو بكر بن العربي ،دار الكتب العلمية ،بيروت ،ط 1416 ،1هـ ،ج 3ص #.39وقال المام القرطبي:
"والغرض من المسابقة على القدام تدريب النفس على العدو" #الجامع لحكام القرآن ،القرطبي ،دار إحياء
التراث العربي ،بيروت ،ط 1405هـ ج 9ص #.145
وسابق النبي صلى ال عليه وسلم عائشة على قدميه#رواه أبو داود ،كتاب الجهاد ،باب في السبق على
الرجل ،رقم الحديث ، #.2578 :وسابق راكًبا ،فعن أنس رضي ال عنه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم
غزا خيبر قال :فصلينا عندها صلة الغداة بغلس
@@321
فركب نبي ال صلى ال عليه وسلم وركب أبو طلحة وأنا رديف أبي طلحة فأجرى نبي ال صلى ال عليه
وسلم في زقاق خيبر ،دليل لجواز ذلك ،وأنه ل يسقط المروءة ول يخل بمراتب أهل الفضل ،ل سيما عند
الحاجة للقتال أو رياضة الدابة ،أو تدريب النفس ومعاناة أسباب الشجاعة"#شرح صحيح مسلم ،النووي،
دار عالم الكتب ،الرياض ،ط 1424 ،1هـ ج 9ص #.227
وحث صلى ال عليه وسلم على التدريب على الرمي فقال صلى ال عليه وسلم" :أل إن القوة الرمي ،أل إن
القوة الرمي ،أل إن القوة الرمي"#رواه مسلم ،كتاب الجهاد ،باب فضل الرمي والحث عليه وذم من عمله ثم
نسيه ،رقم لحديث #.1917 :قال المام النووي" :والمراد بهذا كله التمرن على القتال والتدرب والتحذق
فيه ورياضة العضاء بذلك"#شرح صحيح مسلم ،النووي ،ج 13ص #.70
وقال الصنعاني :ويؤخذ من الحديث مشروعية التدرب في الرمي#انظر :سبل السلم شرح بلوغ المرام،
محمد بن إسماعيل الصنعاني ،دار الكتاب العربي ،بيروت ،ط 1407 ،3هـ ج 4ص #.141
وفي السنة النبوية المطهرة ما يشير إلى أنواع كثيرة من التعليم والتدريب على الداب والتجاهات
والسلوك ،فمن ذلك تدريب النفس على الخلق الحسنة ،فعن أنس رضي ال عنه قال :كان رسول ال صلى
ال عليه وسلم يدخل الخلء فأحمل أنا وغلم إداوة من ماء وعنزة يستنجي بالماء#رواه البخاري ،كتاب
الوضوء ،باب حمل العنزة مع الماء في الستنجاء ،رقم الحديث ،152 :والعنزة بفتح النون عصا قصيرة،
انظر :فتح الباري ،ابن حجر ج 1ص #.252
صا إذا أصدروا لذلك ليحصل لهم التمرن على قال ابن حجر رحمه ال :وفيه جواز استخدام الحرار خصو ً
التواضع#فتح الباري ،ابن حجر ،ج 1ص #.253
@@322
ومن ذلك التمرين على الصلة قبل البلوغ ففي الحديث قال رسول ال صلى ال عليه وسلم" :مروا أولدكم
بالصلة وهو أبناء سبع" ،قال العلماء :وإنما يأمرهم الولياء بذلك على طريق التمرين كسائر ما يربونهم
عليه#انظر :طرح التثريب في شرح التقريب ،لزين الدين أبي الفضل ،دار إحياء التراث العربي ،بيروت ،د
ت ،ج 7ص #.87
ومن ذلك التدريب العقلي بطرح المسائل على المدعوين كما في حديث ابن عمر رضي ال عنه قال :قال
رسول ال صلى ال عليه وسلم " :إن من الشجر شجرة ل يسقط ورقها وإنها لمثل لمسلم حدثوني ما هي؟"
قال :فوقع الناس في شجر البوادي ،قال :فوقع في نفسي أنها النخلة ،ثم قالوا :حدثنا ما هي رسول ال؟ قال:
"هي النخلة"#رواه البخاري ،كتاب العلم ،باب طرح المام المسألة على أصحابه ليختبر ما عندهم ،رقم
الحديث#.62 :
وقد بوب المام البخاري رحمه ال هذا الحديث فقال :باب طرح المام المسألة على أصحابه ليختبر ما
عندهم من العلم .وهذا المنهج النبوي أصل في ترسيخ المفاهيم والمعاني من خلل هذا السلوب ،وفيه
تشجيع على التفكير والبحث والتأمل#انظر :فقه الدعوة في صحيح البخاري ،خالد القريشي ،ط 1418 ،1
هـ ج 1ص . #.365قال ابن القيم رحمه ال :في الحديث :إلقاء العالم المسألة على أصحابه ،وتمرينهم،
واختبار ما عندهم#انظر :زاد المعاد ،ابن القيم ،مؤسسة الرسالة ،بيروت ،ط 1406 ،14هـ ج 4ص
#.397
كما أن في هدي النبي صلى ال عليه وسلم في السلم على الصبيان تدريًبا عملّيا لهم على آداب الشرع ،فقد
روى البخاري عن أنس رضي ال عنه أنه مر على صبيان فسل عليهم وقال :كان رسول ال صلى ال عليه
وسلم يفعله#رواه البخاري كتاب الستئذان ،باب التسليم على الصبيان ،رقم الحديث . #.6247 :وفي هذا
تعويد للصغار على محاسن الخلق#انظر :شرح رياض الصالحين ،ابن عثيمين ،ج 3ص #.27
@@323
قال ابن حجر رحمه ال عند شرح هذا الحديث :فيه فوائد عظيمة منها :تدريبهم على آداب الشريعة .وفي
السلم عليهم إظهار واضح على للهتمام بهم وإشعارهم بذلك والرفع من شأنهم وأنهم يستحقون أن يسلم
عليهم وإن كانوا في هذا السن .ومنها :تعويدهم على مخاطبة الكبير وإن كان غربّيا#انظر :فتح الباري شرح
صحيح البخاري ابن حجر ،دار المعرفة ،بيروت ،د ت ،ج ،11ص #.33
وفي كنف السلم وتعاليمه تربى الصحابة رضي ال عنهم على عين النبي صلى ال عليه وسلم الذي كان
يحوطهم برعايته ويغمرهم بألوان من التربية والتهذيب والتعليم والتدريب ،وإنما يدرك العلم بالتعلم والحلم
بالتحلم وقد قال النبي صلى ال عليه وسلم" :ومن يتصبر يصبره ال"#رواه البخاري ،كتاب الزكاة ،باب
الستعفاف عن المسألة ،رقم الحديث ، #.1469 :قال العلماء يتصبر أي :يتكلف الصبر .وهذا يتطلب
تدريب النفس على ذلك.
كما كان الصحابة رضي ال عنهم على قدر عال من الستجابة لتطوير الذات وتحسين الداء في القوال
والعمال بما يتوافق مع كل موقف ،ومن ذلك التحضير والعداد لما يلقيه الداعية ،وهو ما يعبر عنه
بالتحبير#التحبير التحسين ،قال ابن منظور :حبرت الشيء تحبيًرا :حسنته .انظر :لسان العرب ،ابن منظور،
ج 4ص #.157والتزوير ،كما قال عمر رضي ال عنه في حديث سقيفة بني ساعدة :وكنت قد زورت
مقالة أعجبتني أريد أن أقدمها بين يدي أبي بكر فلما أردت أن أتكلم قال أبو بكر رضي ال عنه :على
رسلك ،فكرهت أن أغضبه ،فتكلم أبو بكر فكان هو أحلم مني وأوقر ،وال ما ترك من كلمة أعجبتني في
تزويري إل قال في بديهته مثلها أو أفضل منها#صحيح البخاري ،كتاب الحدود ،باب رجم الحبلى من الزنا
إذا أحصنت رقم الحديث#.16830 :
@@324
قال ابن حجر :قوله قد زورت أي هيأت وحسنت#انظر :فتح الباري شرح صحيح البخاري ،ابن حجر ،دار
المعرفة بيروت ،د ت ،ج 12ص . #.125وفي لسان العرب :التزوير :إصلح الشيء ،وإصلح الكلم
وتهيئته ،وكلم مزور أي :محسن#انظر :لسان العرب ،ابن منظور ،ج 4ص #.337
وفي قول عمر رضي ال عنه بيان لهمية التحضير والعداد للداعية؛ ومن المؤسف أن بعض الدعاة يهمل
ل ،والمشغول يفضل المجازفة والرتجال ،وقد يكون التحضير والعداد؛ إما لنه يأخذ وقًتا أو لكونه مشغو ً
له أسباب أخرى#انظر :المدير المفوه ،جرانفيل توجود ،ترجمة :بيت الفكار الدولية ،أمريكا ،ط 1988م
ص #.69
إن إعداد الداعية وإكسابه المهارات اللزمة لدعوته طريق أساس لنجاح دعوته وكان الصحابة رضي ال
عنهم يعنون بذلك ،فقد ورد أن علي بن أبي طالب رضي ال عنه قال لبنه الحسن رضي ال عنه :قم يا
حسن فاخطب الناس ،فقال إني أهايك أن أخطب وأنا أراك ،فتغيب عنه بحيث يسمع كلمه ول يراه ،فقام
الحسن فحمد ال وأثنى عليه وتكلم ثم نزل ،فقال علي :ذرية بعضها من بعض وال سميع عليم#انظر:
تهذيب تاريخ دمشق ،ابن عساكر ،دار السيرة ،بيروت ،ط 1399 ،2هـ ،ج 4ص #.217
ويقرر السعدي رحمه ال أهمية التدرب والتمرين لمن يروم التحدث إلى الناس بالخطب وغيرها بقوله:
"الشجاعة وإن كانت في القلب فإنها تحتاج إلى تدريب النفس على القدام وعلى التكلم بما في النفس وإلقاء
المقالت والخطب في المحافل ،فمن مرن نفسه على ذلك لم يزل به المر حتى يكون ملكة له وزالت هيبة
الخلق من قلبه فل يبالي ألقى الخطب والمقالت في المحافل الصغار والكبار على العظماء
وغيرهم"#الرياض الناضرة والحدائق الزاهرة ،السعدي ،مكتبة المعارف ،الرياض ،ط 1400 ،3هـ ص
#.46
رابًعا :مجالت التدريب وأنواعه:
تتعدد مجالت التدريب والمجالت تختلف باختلف الموضوع والمتدرب والفترة الزمنية للتدريب.
وفي العصر الحاضر فغن مجالت التدريب ل يمكن أن تحصر ،وفي نطاق اهتمام الداعية واحتياجاته فإن
حاجة الداعية ماسة إلى التدريب على مهارات التقنية والمهارات الشخصية ل سيما مهارات التفكير واللقاء
حيث هي عماد عمل الداعية.
إن تحديد مجالت التدريب في الدعوة يخضع لمعرفة احتياجات الدعاة والمؤسسات الدعوية المستفيدة من
التدريب ول بد ا ،يسبق التدريب العداد والتخطيط ،والوقوف على الحتياجات الفعلية للفئة المستفيدة من
التدريب حيث توضع البرامج التي يقل احتياج الدعاة إليها أو ل تدخل في دائرة اهتماماتهم ورغباتهم.
ويمكن تقسيم مجالت تدريب الدعاة إلى ثلثة أقسام:
القسم الول :إتقان المهارات الشخصية.
القسم الثاني :إتقان مهارات الداء.
القسم الثالث :إتقان المهارات التقنية .ولكل قسم من هذه القسام متطلبات سيأتي ذكرها في المبحث التي.
ل يمكن تصنيف التدريب تبًعا لما يلي: أما أنواع التدريب فتختلف بحسب اختلف العلوم وإجما ً
تدريب من حيث الهداف ،ويشمل تزويد الداعية بالمعلومات والمهارات والتجاهات -1
اللزمة.
تدريب من حيث المكان والموقع ،ويشمل التدريب الداخلي )داخل المؤسسة التي ينتسب -2
إليها الداعية( ،والتدريب الخارجي )خارج المؤسسة(.
تدريب من حيث التوقيت ،ويشمل قبل العمل وتدريب أثناء العمل ،أو تدريب قبل التعيين -3
ومباشرة العمل وتدريب بعد التعيين وقبل مباشرة العمل وتدريب أثناء الخدمة#انظر :التدريب،
مفهومه وفعالياته ،حسن احمد الطعاني ،دار الشروق ،الردن 2002 ،م ،ص #.19
وفي مجال الدعوة فإن على الداعية أن يأخذ بنصيب وافر من التدريب قبل العمل وخلله ،وهذا يتطلب
ل الجولت الدعوية والدورات تكثيف برامج العداد التي تسهم في تكوين شخصية الداعية ،ومن ذلك مث ً
حا في تدريب الدعاة ،وإكسابهم الخبرة في الدعوة ،كما أن المشاركة الشرعية ،حيث إن لها إسهاًما واض ً
في المواسم والمناسبات إلقاء الخطب والمقالت مما يكسب الداعية التمرين والتدريب.
@@327
العرض والقتناء ،ولذلك كان من المهم الستفادة من كافة الطرائق والساليب المتاحة لنجاح أعمالها؛
فالحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها ،والدعاة إلى ال تعالى هم القائمون بعرض سلعة
المؤسسة التي ينتمون إليها فإذا صح مصدرهم وغايتهم ،وأحسنوا عرض ذلك ،واستمالوا الناس إلى
الغاية التي يسعون إليها تحققت أهدافهم بإذن ال ،وإنما يدخل النقص على الدعوة بفقد أحد هذه المور،
فقد يكون للداعي أغراض غير مشروعة ،أو ل يستطيع الداعية استمالة الناس إلى دين ال لضعف في
تحصيله أو مهارته ،وهنا ينبغي أن نقف على السباب المعينة على تجاوز ذلك في زمن تعيش فيه
الدعوة السلمية تحديات كبيرة ،حيث تعددت وسائل التصال وتشابكت وتعددت أساليبه وطرائقه ،مما
يسهل على المدعوين في كل مكان التلقي من مصادر متعددة وستبقى الساليب المؤثرة والطرائق
المقنعة تستميل المدعوين وتؤثر عليهم.
إن غير المسلمين اليوم قد بلغوا شأًوا عظيًما في الستفادة من وسائل التصال وتشابكت وتعددت أساليبه
وطرائقه ،مما يسل على المدعوين في كل مكان التلقي من مصادر متعددة وستبقى الساليب المؤثرة
والطرائق المقنعة تستميل المدعوين وتؤثر عليهم.
إن غير المسلمين اليوم قد بلغوا شأًوا عظيًما في الستفادة من وسائل التصال لتحقيق أهدافهم ونشر
مبادئهم ،ولذلك فإن المسؤولية على المسلمين عظيمة في أن ينهضوا بقوة ويدركوا أهمية الخذ بزمام
المور؛ لنهم يملكون أعظم هداية عرفتها البشرية.
ومن يتأمل واقع الدعوة اليوم يجد تقصيًرا من الداعية في اللتحاق بالبرامج التدريبية المتخصصة التي
يفيدون منها من دعوتهم وفي تنمية مهاراتهم وتشير إحدى الدراسات الميدانية التي أجريت على 50
داعية ممن لهم إسهام في دعوة غير المسلمين أن %50منهم لم يلتحقوا بدورات تدريبية في مجال
دعوة غير المسلمين#انظر :دعوة غير المسلمين إلى السلم في مدينة الرياض ،عبد ال بن إبراهيم
اللحيدان ،رسالة دكتوراه غير منشورة ،ص .#.357
ول بد أن يدرك الدعاة أن الشهادة الجامعية ليست نهاية المطاف
@@329
في حياة الداعية ،بل ول ما بعدها من الشهادات فعمل الداعية ل بد أن يسير جنًبا إلى جنب مع واقع
المجتمع الذي يعيش فيه وفي حدوده وإمكاناته وفي ضوء احتياجاته ،ول يصح بحال أن ينكفئ الداعية
على نفسه ويهمل تجديد دعوته وتطوير أساليبه ،وذلك في ضوء الضوابط الشرعية التي تحكمه ول
يصح له أن يتجاوزها.
والعصر الحاضر أحوج ما يكون إلى تطوير التنظيم في الجانب البشري حيث يمثل الجانب البشري في
المؤسسات الدعوية العنصر المهم في الدعوة إلى ال ،فل تقوم دعوة بدون دعاة ،ول يكون دعاة إل
بإعداد وتأهيل وتدريب ،وهذا يتطلب وجود برامج تقييم مستمر للقائمين بالدعوة ،كذلك توصيف
الوظائف وتحديد المؤسسات ومطابقتها لقدرات العاملين ول بد مع ذلك من استقطاب الكفاءات المؤهلة
والستفادة منها#انظر :التطوير الداري والتنظيمي للمؤسسات الدعوية ،د .أحمد الدبيان ،بحث مقدم
لملتقى خادم الحرمين الشريفين في جوهانسبرج جنوب إفريقيا في الفترة من 9/7/1423-6هـ ص
#.29
إن رقي المة وعزتها ونهضتها يبدأ من الداعية الحصيف الذي يأخذ بيد كل أحد من أفراد المجتمع
ويدله على مواطن القوة والضعف فيه ،ويجعله لبنة صالحة في بناء المجتمع ،وتحصين الداعية لنفسه
وأخذه بأسباب القوة قوة لحجته وإقناعه ،وهو قوة من بعد للمجتمع ،فل ينبغي أن يكون الداعية منكفًئا
على نفسه في دعوته بل ينطلق إلى الفاق الرحبة والميادين الفسيحة في دعوته ،في ضوء تيسير
السلم وثوابته ،ولن تتحصن الجيال إل بدعاة قادرين على إدراك طبيعة العصر الذي يعيشون فيه
وإل فإن المدعوين سيكونون ضحية عوامل الهدم وهي كثيرة ل سيما في هذا العصر.
@@330
ومن أسباب نجاح الداعية أن يكون على بصيرة بمن يدعوهم وبالكيفية المناسبة لدعوتهم ،فيتعلم عادات
من يدعوهم وبالكيفية المناسبة لدعوتهم ،فيتعلم عادات من يدعوهم ولغتهم ووسائل التأثير فيهم ،وكذلك
الوسائل التي تجذبهم إلى الدعوة ،والداعية يكمل تأثيره عندما يكون قريًبا من خدمة مدعويه كالطبيب
الذي يعالج مرضاه ويتفحصهم بل لو تطلب المر أن يكون لديه مبادئ في الطب فغن عليه أن يبادر إلى
ذلك ،أو يخاطب المدعوين بلغتهم أو لهجتهم.
عا من الدعوة بل كان من هدي النبي صلى ال عليه وسلم ،فلقد كان النبي صلى ال وكل ذلك ليس بد ً
عليه وسلم يخاطب القوام بمراعاة ذلك كله ،فعن أم خالد بنت خويلد قالت :أتي رسول ال بثياب فيها
خميصة سوداء فقال" :من ترون نكسوها هذه الخميصة؟ "فأسكت القوم فقال" :ائتوني بأم خالد فأتي بي
النبي صلى ال عليه وسلم فألبسنيها بيده وقال" :أبلي وأخلقي" مرتين فجعل ينظر إلى علم الخميصة
ويشير بيده وإلي ويقول" :يا أم خالد هذا سنا" والسنا بلسان الحبشة :الحسن #رواه البخاري ،كتاب
اللباس ،باب ما يدعى لمن لبس ثوًبا جديًدا ،رقم الحديث . #.5845 :وعن كعب بن أبي عاصم
الشعري قال :سمعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول" :ليس من أم بر أم صيام في أم سفر"#رواه
أحمد في المسند ،المكتب السلمي بيروت ،ط 1405 ،1هـ ج ،5ص ،434وقال الرناؤوط :إسناده
صحيح ،انظر :مسند المام أحمد ،مؤسسة الرسالة ،بيروت ،ط 1421 ،1هـ ج 39ص . #.84وهي
لغة بعض أهل اليمن يبدلون اللم ميًما .ومعرفة الداعية بمن يدعوهم أصل في دعوته لهم ،وإنما يكتسب
الداعية ذلك إذا كان لديه ملكة ومهارة في معرفة السباب المعينة على نجاح دعوته ،ول بد أن يكون
الداعية على صلة بالقضايا الجتماعية والثقافية وقرب المدعوين ومن معرفة نفسياتهم واحتياجاتهم.
@@331
صا تنبع من احتياج الدعوة الملح إن أهمية التدريب للدعاة في العصر الحاضر وفي هذا الوقت خصو ً
لمواكبة واقع الدعوة ،والتدريب يحفظ الدعوة من الجمود ،ومن طبيعة السلم :المرونة والواقعية وهو
دين عالمي صالح لكل زمان ومكان ،كما أن من طبيعته مراعاة الحوال والزمنة والمكنة في
تشريعاته وأحكامه.
ورغم أن للمؤسسات السلمية في العالم السلمي اهتماًما ظاهًرا بذلك في الونة الخيرة ،إل أن
الحتياج كبير وملح ،ويؤكد هذا الهتمام وزراء الشؤون السلمية في مؤتمرهم السابع المنعقد في
ماليزيا في 23/2/1423هـ من خلل خطة إعداد الدعاة التي قدمتها وزارة الشؤون السلمية في
المملكة ،حيث طالبت الخطة بتدريب الدعاة من خلل تعاون المؤسسات الهامة في المجال الدعوي
الخيري ،وإقامة دورات ودبلومات تعنى بذلك#انظر :جريدة الوطن العدد 585تاريخ 24/2/1423
هـ#.
وإذا كان من المهم أن توضع للتدريب الخطط المناسبة كّما وكيًفا ،فإن الحتياج القائم يؤكد على أهمية
ضا مما تسعى إليهتنفيذ برامج تدريبية تتطلبها الدعوة ل سيما في طل النفتاح العالمي ،ولعل هذا أي ً
المؤسسات الدعوية ،ويؤكد ذلك ما ذكره وزير الشؤون السلمية في الندوة الخاصة بإنشاء مركز
إعلمي دعوي المنعقدة في 19/11/1421هـ حيث أكد أهمية تدريب الدعاة الذين يتبعون الوزارة أو
المتعاونين معها على الدخول في مجال العلم وتزويدهم بمهارات كيفية مخاطبة الناس#انظر :جريدة
الجزيرة العدد 10366بتاريخ 20/11/1421هـ#.
ثانًيا :أهداف تدريب الدعاة:
تتعدد طرق التدريب بتعدد الهداف الموضوعة لبرامج التدريب ،كما تتعدد أهداف التدريب بحسب
المجال الذي يتم تدريب الفرد فيه ،ويجمع هذه الهداف هدف عام ،هو :تحسين الداء عند الداعية بما
يناسب العصر ويمكن أن نتبين بعض الهداف الخاصة بتدريب الدعاة فمنها:
الرتقاء بمستوى أداء العاملين في الدعوة. •
إثراء الجانب المعرفي والتطبيقي وتبادل الخبرات بين الدعاة. •
تعريف الداعية بأفضل الوسائل والساليب في الدعوة. •
إكساب الدعاة المهارة والخبرة التي تمكنهم من القيام بالدعوة على اكمل وجه. •
إكساب الداعية فقه التعامل مع المدعو. •
إكساب الداعية المهارة اللزمة في التصال والعداد والتحضير. •
ثالًثا :متطلبات التدريب الدعوي:
للدعاة احتياجاتهم ومتطلباتهم التي تختص بهم دون غيرهم ،ولهم الحقوق وعليهم من الواجبات ما ليس
لغيرهم ،وعليهم مسؤولية كبيرة في حفظ المجتمع ،وصيانته ،ولذا كان من المهم عند وضع البرامج
التدريبية للدعاة مراعاة طبيعة عمل الدعاة وأحوالهم ونفسياتهم ،كي ل يفوتهم اللحاق بالركب ،ل سيما
أن كثيًرا من معاهد التدريب قد ل تراعي احتياجات الدعاة وخصوصيتهم.
فمن متطلبات التدريب الدعوي :تدريب الداعية على إتقان الكلم ،والسكوت ،فالداعي بحاجة إلى
التدريب على الكلم وفنونه وطرائقه واختيار اللفاظ والمصطلحات المناسبة في كل موقف ،والبيان
واليجاز عند الحاجة والتفصيل والطناب عندما يتطلب المر ذلك بحيث ل يمل عند الطالة ول
@@333
يخل عند اليجاز ،وهو بحاجة إلى التدريب على السكوت إذ هو جزء من الكلم وبه يستطيع أن
يتواصل مع المدعو ،فالموافقات لها أهميتها وفي السنة ما يشير إلى ذلك كما في حجة الوداع فقد خطب
النبي صلى ال عليه وسلم يوم النحر فقال" :يا أيها الناس أي يوم هذا؟"#رواه البخاري ،كتاب الحج،
باب الخطبة أيام منى ،رقم الحديث#.1739 :
ومن المهم هنا التأكيد على أن يكون للداعي غاية محددة من خلل موضوعه الذي يطرحه والتأكيد على
حاجة الداعية إلى بداية قوية وموضوع واحد وأمثلة جيدة ولغة واضحة ونهاية قوية#انظر :المدير
المفوه ،جرانفيل توجود ،ص #.70
إن اغلب المدعوين يحكمون على الداعي خلل الثواني الولى من كلمته ،ويقررون إذا كان يستحق
السماع أو ل ،ولذا كانت للبداية أهميتها المعتبرة ،وإن من يستعمل كلمات غامضة ،أو ألفاظ مضطربة،
أو عبارات ركيكة يشوش على المدعوين.
ومن متطلبات التدريب الدعوي :التدريب على لغة الجسد وتحريك اليد والجسم واستخدام الوسائل
المتعددة لستمالة المدعو كالتشبيك بين الصابع والشارة باليد أو بالعود ،إن الداعية ل ينبغي أن يقف
أما المدعوين كالعمود ل يتحرك.
ومن متطلبات التدريب الدعوي :الهتمام بإثارة كوامن التفكير عند الداعية ول ينبغي أن تتحول البرامج
التدريبية إلى برامج تعليمية ،فالتدريب الجيد هو الذي يعنى بتوجيه السئلة ل بتقديم الجابات#انظر:
التدريب الفعال ،ميشيل كوك ،ترجمة ونشر بيت الفكار الدولية ،الرياض ،ط 1999م ،ص ، #.38
وفي السنة شواهد
@@334
عديدة جّدا على السئلة المتنوعة الهداف والغايات والساليب التي كان ينهجها النبي صلى ال عليه
وسلم مع أصحابه.
ومن متطلبات التدريب الدعوي :التدريب على قوة الملحظة ،فهي مما يحتاجه الداعية بأن يكون فطًنا
نبيًها لكل انفعال أو سلوك من المدعو ،وفي حديث الصعب بن جثامة رضي ال عنه مثال ظاهر على
ذلك ،فقد أهدى رسول ال صلى ال عليه وسلم حمار وحش فرده عليه ،قال صعب :فلما عرف في
وجهي رده هديتي قال صلى ال عليه وسلم" :ليس بنا رد عليك ،ولكنا حرم"#رواه البخاري كتاب الهبة،
باب من لم يقبل الهدية لعلة ،رقم الحديث#.2596 :
ومن متطلبات التدريب الدعوي :تقديم الحوافز المادية للدعاة ،ول بد أن تدرك المؤسسات الدعوية أن
إشباع حاجات الدعاة المادية من أهم متطلبات الدعوة ،ل سيما في الوقت الحاضر مع كثرة انشغال
الدعة وتعدد الواجبات عليهم ،وقد أشار ابن خلدون في مقدمته إلى أن القائمين بأمور الدين من القضاء
والفتيا والتدريس والمامة والخطابة والذان ونحو ذلك ل تعظم ثرواتهم في الغالب ،وأنهم ل تفرغ
أوقاتهم لتحصيل المكاسب لشتغالهم بهذه البضائع الشريفة ،ول يسعهم ابتذال أنفسهم لهل الدنيا؛ لشرف
بضائعهم#انظر :مقدمة ابن خلدون ،عبد الرحمن بن خلدون ،دار الكتب العلمية ،بيروت ،ط 1398 ،4
هـ ،ص #.393
@@335
ومن متطلبات التدريب الدعوي :أن يستهدف احتياجات المدعوين كالتدريب على السعافات الولية ل
سيما للدعاة العاملين في الخارج ويمكن أن يقال :إن التدريب يكون بحسب طبيعة المجتمع الذي يتوجه
إليه الداعية ومعرفة المهن التي يتقنها المدعوين ،ومن الضروري هنا التفريق بين ما يمكن القدرة على
علجه وبين ما يحتاج إلى تدخل طبي.
وربما تطلب المر تدريب الداعية على حل المشكلت النفسية والجتماعية والسرية ،إذ إن إصلح
ذات البين هو إحدى أهم المهام الرئيسة التي يمكن للداعية من خللها أن يكسب تعاطف الناس.
المبحث الثالث :عمادات خدمات المجتمع والتعليم المستمر في الجامعات السعودية وتأهيل الدعاة
وتدريهم:
من أولويات الدعوة في كل عصر :تأهيل الداعية وتعليمه العلم الشرعي وما يتعلق به ،وما يستجد من
أحكام فقهية ،وكذلك تعليمه ما يحتاجه من معرفة للعقيدة الصحيحة وما يضادها والوسائل والساليب
المشروعة والممنوعة ،فكل ذلك مما ينبغي أن تعنى به المؤسسات المعنية بتأهيل الدعاة؛ ليقوم الداعية
بدعوته بالمنهج الصحيح المستند إلى الكتاب والسنة وسيرة السلف الصالح ،وفي العصر الحاضر تتعدد
المؤسسات التي تعنى بالتدريب ،كما تختلف في أساليبها ووسائلها وغاياتها.
ومن تلك المؤسسات التي عنيت بتدريب الدعاة عمادات خدمة المجتمع والتعليم المستمر في الجامعات
السعودي ،حيث أخذت مكانة متميزة في الونة الخيرة رغبة منها في السهام في التغيير الجتماعي
والقتصادي وتلبية متطلبات سوق العمل .ورغم ذلك فيشغل التعليم حيًزا كبيًرا في البرامج الموجهة إلى
الدعاة في عمادات خدمة المجتمع حيث إن التدريب وإكساب الدارس للمهارت في الدعوة يكون من
خلل مقرر أو مقررين وبقية المقررات ليس لها طبيعة التدريب بل هي تأهيليلة كما سيتضح ذلك خلل
عرض برامج عمادة خدمة المجتمع بجامعة المام.
وإذا كان من أهم احتياجات المجتمع المسلم في العصر الحاضر التغيير القتصادي في عالم يموج بالقوة
ويخضع فيه الضعفاء لسلطان القوياء ،فإن للدعاة في كل زمان ومكان إسهامهم في التغيير الجتماعي
والقتصادي في كل مجتمع ،ولذا فإن تدريب الدعاة أصل في هذا التغيير ،وإذا كان من أهم
@@337
احتياجات المجتمع في الوقت الحاضر توفير الفرص المهنية ،فل بد أن يسبق ذلك تغيير اجتماعي
تصحح من خلله المفاهيم والعوائد والخلق المتعلقة بميدان العمل ،والدعاة أساس في هذا التغيير .إن
قدرة الداعية على التغيير يعني نجاح دعوته ول يكون قادًرا على تغيير مفاهيم الناس وسلوكهم إل إذا
فهم التغيير وعمل من أجله.
إن مفهوم العمل في السلم ومجالته تغيب عن أذهان الكثير من الناشئة الذين يتطلع المجتمع إلى
إسهامهم في بنائه ،والدعاة إلى ال هم أكثر الناس قدرة على إقناع الناس بنبذ الكسل ،والجد في العمل،
والسهام في مجالت العمل المتعددة ،وفي نصوص الشرع المطهر ما يخدم ذلك كثيًرا ،فالنبياء وهو
أشرف الخلق عملوا بأيديهم ،وسعوا في الرض وكانوا يمشون في السواق ،قال تعالى) :وما أرسلنا
قبلك من المرسلين إل إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في السواق وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون
وكان ربك بصيًرا(#سورة الفرقان ،الية#.20 :
وقال صلى ال عيه وسلم" :ما بعث ال نبّيا إل ورعى الغنم"#رواه البخاري ،وتقدم تخريجه ، #.ولقد
عمل نبينا محمد صلى ال عليه وسلم في التجارة ،وأخبر عن نبي ال زكريا عليه السلم أنه كان
نجاًرا#رواه مسلم ،كتاب الفضائل ،باب من فضائل زكريا عليه السلم ،رقم الحديث . #.2379 :وفي
السلم من التعاليم الباعثة على القوة على القوة في العلم والعمل والستمرار فيه ،قال صلى ال عليه
وسلم":المؤمن القوي خير وأحب إلى ال من المؤمن الضعيف"#رواه مسلم كتاب القدر ،باب في المر
بالقوة وترك العجز ،رقم الحديث#.2664 :
وهذه وغيرها من الشواهد الشرعية التي تصحح ما علق بأذهان الكثير من الناشئة من النفة من بعض
العمال ،كما أن في الشرع من المفاهيم والداب
@@338
التي يحتاجها المرء قبل العمل وأثناءه وبعده .والدعاة هم أقدر الناس على إيصال هذه المفاهيم وتصحيح
ما يعلق بالذهان من النفة من العمل.
وفي ضوء ذلك وانطلًقا مما سبق في المبحث الثاني يتبين لنا أهمية التدريب للدعاة؛ لئل ينحصر جهد
الداعية في معالجة قضايا محدودة ل يحسن غيرها ،ورغم أهمية ذلك فالمتأمل في البرامج التدريبية
المتخصصة الموجهة للدعاة يجدها قليلة بل تكاد تنعدم فعمادات خدمة المجتمع في الجامعات من الجهات
العلمية التي ينبغي أن تتنوع برامجها وتضطلع بدور كبير في ذلك لم تتوسع في تنفيذ برامج تأهيلية أو
تدريبية للدعاة رغم الحاجة الملحة لها مع وجودها في خطط برامج بعض العمادات ،إل أنها لم تأخذ
حيز التنفيذ ،وسأعرض لبرامج عمادة المركز الجامعي لخدمة المجتمع والتعليم المستمر بجامعة المام
كنموذج عني بتدريب الدعاة حيث إن لهذه العمادة تميز ظاهر في ذلك مع قلة البرامج المنفذة.
المطلب الول :البرامج المتاحة في عمادة المركز الجامعي بجامعة المام محمد بن سعود السلمية:
تعد عمادة المركز الجامعي بجامعة المام إحدى العمادات التي حاولت السهام في تدريب الدعاة
وتأهيلهم ،وذلك من خلل تقديم عدد من البرامج المتخصصة ،وسأعرض هنا للبرامج المنفذة منها في
الفترة من عام 1425 – 1417هـ في عمادة مركز خدمة المجتمع بجامعة المام على النحو التي:
الدورة التعليمية لضباط القوات المسلحة بوزارة الدفاع )الدعوة والحسبة(: -1
ومدة هذه الدورة فصل دراسي واحد ،وابتدأت من عام 1417هـ وتنفذ كل عام ،وقد نفذت ثماني مرات
وتهدف إلى ما يلي:
@@339
• توثيق الروابط بين الجامعة والمجتمع ،وتوسيع قاعدة المستفيدين منها.
• تحقيق التعاون والتكامل في جهود العاملين في تخصص واحد وإن اختلفت جهاتهم.
• المساهمة في توعية ضباط القوات المسلحة في العلوم الشرعية والعربية.
• تأهيل ضباط التوعية في مجال الدعوة في القوات المسلحة.
• ويبين المحتوى العلمي طبيعة التأهيل الذي يتلقاه المستفيدون من الدورة حيث يشتمل
محتوى الدورة على:
القرآن الكريم – الحديث الشريف – التفسير – العقيدة – الفقه – الدعوة والحسبة – الخطابة واللقاء.
وتخضع الدورة للتقييم المستمر بين العمادة والجهة المستفيدة حيث يتم تصميم المحتوى وفًقا لطبيعة
الدارسين ومستواهم العلمي#.انظر :الخطة المعتمدة لعمادة المركز الجامعي لخدمة المجتمع والتعليم
المستمر جامعة المام محمد بن سعود السلمية 1420/1421هـ ص #.78ويغلب على هذه الدورة
طابع التأهيل حيث ل يشغل حيز التدريب إل ساعات قليلة من البرنامج ،وتخضع الدورة للتقييم
والتطوير حسب احتياجات الجهة ونوع الدارسين.
دورة تنمية مهارات العاملين في الشؤون السلمية: -2
ومدتها :شهر ) 60ساعة( ويستفيد منها العاملون في وزارة الشؤون السلمية والوقاف والدعوة
والرشاد ،ونفذت خمس مرات خلل العوام 1419 :هـ 1421 ،هـ 1423 ،هـ 1424 ،هـ.
وتهدف هذه الدورة إلى ما يلي:
@@340
• التعريف بجهود المملكة الخارجية في خدمة المسلمين.
• التعرف على القليات المسلمة في العالم.
• التعريف بالمنظمات والهيئات الدولية.
• التعريف بالمؤسسات السلمية في الخارج وأسلوب تقويمها.
• التدريب على مهارات الحوار والقناع.
• التدريب على تقويم طلبات العانة.
• إدارة العمال الغاثية.
• إعداد وتنظيم المؤتمرات والندوات.
ويحتوي برنامج هذه الدورة على 60محاضرة تفيد العاملين في الشؤون السلمية ل سيما في خارج
المملكة#.انظر :الخطة المعتمدة لعمادة خدمة المجتمع والتعليم المستمر ،جامعة المام ،ص #.85
ل من الدارسين ،مع احتياجه إلى تعزيز التدريب ،ويتميز هذا البرنامج بإكساب ويجد هذا البرنامج قبو ً
الدراسين الخبرة من خلل استقطاب العاملين في مجال الشؤون السلمية كما يحظى باهتمام الجهة
لعتماده من قبل الخدمة المدنية.
دبلوم التوعية والرشاد للعاملين في التوعية بحرس الحدود: -3
ومدته فصلن دراسيان ،ونفذ مرة واحدة في عام 1423هـ ،ويهدف هذا البرنامج إلى تأهيل المشاركين في
البرنامج للعمل في مجال التوعية والرشاد في مجال عملهم ،وتزويد الدراسين بالعلوم التي يحتاجون غليها،
والساليب والوسائل المعينة على أداء عملهم على الوجه الكمل.
ويشتل المحتوى العلمي للبرنامج ما يلي:
@@341
القرآن الكريم – التفسير – الحديث – العقيدة – الفقه وأصوله – الدعوة والحسبة – النحو – الخطابة
واللقاء – قاعة البحث – علم النفس التربوي#.انظر :الخطة المعتمدة لدبلوم التوعية والرشاد ،عمادة
المركز الجامعي لخدمة المجتمع بجامعة المام 1423هـ#.
ويغلب على هذا البرنامج الطابع التأهيلي.
فن الخطابة واللقاء: -4
ونفذت عام 1419هـ ،ومدتها 26 :ساعة .ومن بين أهدافها :التعريف بالعناصر الساسية لعداد الخطبة،
والتدريب على أساليب الخطابة واللقاء#انظر :الخطة المعتمدة لعمادة المركز الجامعي ،جامعة المام ،ص
،#.254ورغم الحاجة الشديدة لهذه الدورة فلم تنفذ إل مرة واحدة.
إعداد الدعاة )أساسية( و)متقدمة(: -5
وهما من البرامج المعتمدة من وزارة الخدمة المدنية في عام 1410هـ لحملة الشهادة الثانوية )أساسي(
ولحملة الليسانس )متقدم( ،تنفذهما كلية العلوم والعلم بجامعة المام.
وهاتان الدورتان مدة كل منهما فصل دراسي ومتوسط عدد الوحدات 18وحدة أسبوعّيا ،ويلتحق بالساسية
ل عل الشهادة الجامعية في الدراسات حاملوا الشهادة الثانوي ،أما المتقدمة فيلتحق بها من كان حاص ً
الشرعية ،ويغلب على مقررات الدورتين طابع التعليم والتأهيل ،وأهداف الدورتين تؤكد هذا المر#انظر
الخطة المعتمدة لعمادة المركز الجامعي ،جامعة المام ،ص . #.243 – 242ولم ينفذ هذا البرنامج خلل
هذه الفترة.
دورة تدريبية للقائمين بالدعوة في السجون: -6
عدد الوحدات ستون وحدة ،المدة أربعة أسابيع ،ونفذت في الفصل الول من عام 1424هـ.
@@342
المحتوى العلمي:
فضل الدعوة إلى ال تعالى وأهمية القيام بها في السجون.
الدعوة الفردية أهميتها ومميزاتها وشواهدها.
الحرص على هداية الناس.
القدوة وأثرها في الدعوة إلى ال.
المعاملة الحسنة وأثرها في الدعوة إلى ال.
التعرف على أحوال المخاطبين ومراعاتهم في الدعوة.
دوافع الستجابة وكيفية الستفادة منها.
دوافع النكار وكيفية مقاومتها.
تاريخ الدعوة في السجون.
أحكام السجين.
منكرات السجناء وكيفية الحتساب عليها.
التعريف ببعض كتب التفسير والحديث والعقيدة والفقه.
مهارات إعداد الدرس والخطابة.
منهج الدعوة إلى ال في السجون.
ورغم أن ما مسمى هذه الدورة تدريبي إل أن التدريب لم حظ بنصيب من الدرورة حيث غلب على
الدرورة طابع التأهيل.
المحاضرات التدريبية: -7
وجدير بالذكر أن عمادة المركز الجامعي بجامعة المام قامت في الونة الخيرة بتنفيذ عدد من
حا حيث تنفذ عدد من المحاضرات التدريبيةل واض ًالمحاضرات التدريبية القصيرة ،وقد لقيت قبو ً
حا حيث تنفذ هذه المحاضرات في يوم أو يومين بفترة زمنية ل تتجاوز ل واض ً القصيرة ،وقد لقيت قبو ً
ست ساعات
@@343
وهذه المحاضرات تهدف إلى تطوير الداء والتفكير عند المتدربين ،وكان من بين هذه المحاضرات ما
يخدم الدعاة على وجه الخصوص ،منها:
*محاضرة تدريبية في فن اللقاء.
*محاضرة في مهارات الحوار .ونفذت هذه المحاضرات في العام الجامعي 1424 – 1423هـ.
المطلب الثاني :السمات العامة للبرامج التي تنفذها عمادة المركز الجامعي
بجامعة المام لتدريب الدعاة:
يمكن ن نتبين بعض السمات العامة للبرامج التي تنفذها عمادة المركز الجامعي بجامعة المام لتدريب الدعاة
على النحو التي:
• أن هذه البرامج خاصة تنفذها عمادة المركز الجامعي بناء على طلب الجهة الراغبة في
التدريب ،أي أنها ليست موجهة إلى عامة الناس للتسجيل.
سا في كل دورة مما يتيح • أنها تتميز بأن العدد فيها محدود حيث معدل الملتحقين بها 25در ً
فرص الستفادة من البرنامج بشكل أفضل.
• تحظى هذه الدورات بالتفرغ التام للدارسين في الدورة ،وهي بل شك تتيح فرصة أكبر
للستفادة من البرنامج كما أن المشاركين فيها يأتون من مناطق مختلفة حيث يتم ترشيح
المشاركين من قبل الدارات المعنية وتوافي العمادة بأسمائهم وبياناتهم قبل بدء الدورة.
• أن طبيعة عمل الدارسين فيها واحدة ،والدورة جزء من عملهم ،وهذه تؤدي إلى قدر كبير
من التجانس بين المشاركين والفادة من الدورة.
@@344
*تفتقد معظم هذه البرامج لعنصر التدريب ،وتكتفي بتقديم البرامج كتأهيل وتعليم للدارس حيث يزود
بالمعلومات والمعارف في مجال تخصصه دون تركيز على التدريب ،ولعل من المناسب التأكيد
على أن يترك مجال التأهيل العلمي للدعاة إلى القسام العلمية المختصة ،ويكون تركيز عمادات
خدمة المجتمع على الجانب التدريبي.
وهناك برامج أخرى معتمدة في خطة عمادة المركز الجامعي ولكنها تنفذ منها:
-1المدخل إلى جغرافية الديان في مجال الدعوة إلى ال.
-2دور المام والمؤذن في تحقيق التربية السلمية.
-3دورة تدريبية للقائمين بدعوة غير المسلمين#.انظر :الخطة المعتمدة لعمادة المركز الجامعي
لخدمة المجتمع ،جامعة المام ،برامج العلوم الشرعية#.
في ضوء ما تقدم يمكن أن نتبين أن البرامج الموجهة إلى الدعاة في عمادة خدمة المجتمع بجامعة
المام يغلب عليها طابع التأهيل ،وحيث تعد الجامعات من خلل عمادات خدمة المجتمع من البيئات
المناسبة لتدريب الدعاة ،وذلك لعدم وجود معاهد تدريب متخصصة تراعي سمت الدعاة
وخصوصيتهم ،فإن ذلك يدعو إلى التأكيد على مسؤولية عمادات خدمة المجتمع وأهمية دورها في
بيان أهمية التدريب ووضع كافة الساليب لقناع الدعاة بضرورته وأهميته في مجال الدعوة في
ل بالتوعية بماهية التدريبهذا العصر ،ويمكن لكل عمادة أن تضع خطة شاملة في ذلك تعنى أو ً
والتأهيل وبإشعار الدعاة بأهميته ،ول بد أن
@@345
يراعى في تصميم البرامج التدريبية احتياجات الدعاة وإمكاناتهم ،وأن تكون البرامج متاحة لجميع
الدعاة وفق خطة زمنية .وهذا يتطلب بدوره أن يقف المتخصصون في تصميم البرامج على واقع
الدعاة والسمات الثقافية والجتماعية لهم .كما يتطلب التعاون والتنسيق التام بين المؤسسات الدعوية
المستفيدة والعمادات ،وما من شك أن هناك العديد من المعوقات التي تحول دون ذلك ودون تطور
التدريب وهو ما سأبينه في المبحث التي.
@@346
المبحث الرابع :معوقات تدريب الدعاة:
تبين من خلل ما تقدم أهمية التدريب وأنواعه ،واحتياج الدعاة إلى تنمية مهاراتهم وتنويع خبراتهم،
ورغم ذلك فهناك العديد من المعوقات التي تحول دون تدريب الدعاة ،ويمكن إجمال هذه المعوقات
فيما يلي:
أوًل :المعوقات المتعلقة بالمؤسسات:
هناك العديد من العقبات التي تحول دون تنفيذ البرامج التدريبية للدعاة ،ويأتي في مقدمتها ما يلي:
-1عدم وضوح مفهوم التدريب عند المؤسسات الدعوية:
إن من أكبر عقبات التدريب أن ل يفرق بينه وبين التعليم فيتحول البرنامج التدريبي إلى برنامج
تعليمي ل برنامج عملي ،وهذه إحدى إشكالت كثير من برامج التدريب :أن ل يكون التدريب
عملّيا.
ل فينبغي أن يكون عملّيا وملئًما لتحديات البيئة التي سيعود إليها وإذا أردنا أن يكون التدريب فعا ً
المتدرب ليتحقق بذلك تطوير أدائه اليومي#انظر :وسائل المدرب الناجح ،ساي تشارني ،كاثي
كونواي ،مكتبة جرير ،الرياض ،ط 2001 ،1م ،ص #.3
وليس التدريب تلقيًنا وإنما مشاركة بين المدرب والمتدرب ،ولذا يرى البعض أن التدريب يجب أن
جا من المشاركة الفعالة وتقديم المعلومات ،والمتدربون يفضلون أن يشعروا بأن المدرب يشمل مزي ً
جا أو عملية أو معلومات ،فهم ل يرغبون في الشعور بأن لك ما قد أعطاهم شيًئا ما ،قد يكون نموذ ً
فعله المدرب هو ما يعرفونه تماًما#كل ما تريد أن تعرف عن التدريب ،كي ثورن وديفيد ،مكتبة
جرير ،الرياض ،ط 2001 ،1م ،ص #.3
@@347
وإن أنجح البرامج التدريبية هي تلك التي ل تصطبغ بالصبغة الكاديمية البحتة دون أن يكون هناك
لها مجال تطبيقي عملي كبير ،ومن المؤسف أنه يترتب على عدم وضوح مفهوم التدريب أمور
منها:
• عدم قناعة المؤسسات الدعوية بجدوى التدريب أو ضعف قناعتها به وعندما تقوم بالتدريب
فهي تجاري المؤسسات الخرى ،ل قناعة بالتدريب.
• ظن بعض المؤسسات أن التدريب عقاب للمتدرب ،فالمؤسسة تلزم الداعية – أحياًنا –
بالتدريب لمعالجته ،في حين أن الصل أن التدريب هو نوع من التحفيز والبناء ،وهو نوع من
التقدير للداعية#.انظر :المنتدى السلمي في إفريقيا ،خالد الفواز ،بحوث ملتقى خادم الحرمين
في جوهانسبرج ص #.42
-2العائق المادي:
يمثل العائق المال عقبة كبيرة في وجه التدريب بشكل عام وفي تدريب الدعاة على وجه الخصوص،
ول بد أن تدرك المؤسسات القائمة بالدعوة أن النفاق على التدريب جزء ل يتجزأ من الدعوة ،فهو
جا متتابعة ،والحكمة ضالة المؤمن أنى بإذن ال تعالى يختصر الزمن ويضيف إلى عالم الهداية أفوا ً
وجدها فهو أحق الناس بها ،وللوسائل والساليب المتنوعة أثرها الكبير في جذب الناس إلى هذا
الدين ما دامت في ضوء ضوابط الشرع ومقاصده.
إن التدريب ليس هدًرا للموال والوقات كما قد يظن البعض ،بل هو من أهم جوانب الستثمار
وسبب رئيس في إكساب الفرد الخبرة والمهارة ،والتخلص من ربقة الجمود والنمطية في الداء وما
أحوج المؤسسة الدعوية اليوم إلى الحيوية والفاعلية وروح التجديد والبداع#انظر :المرجع السابق،
ص #.39
@@348
-3ضعف التخطيط:
ومن معوقات التدريب ضعف التخطيط للبرامج التدريبية ،وغلبة الجتهادات الفردية.
حيث إن إهمال التخطيط للبرامج التدريبية يقلل من نجاحها" ،فالتخطيط أحد العناصر المهمة لنجاح أي
عمل بشري وهو يعني :التصور المستقبلي المبني على الدراسة والتحليل للوقائع ،والحصاءات الثابتة
للعمليات المستقبلية ،ويكون عادة قبل التنفيذ"#المدير المفوه ،جرانفيل توجود ،ص #.44
ومن أهم جوانب التخطيط وضع برنامج أساس لتدريب إدارة التدريب وكذلك إحاطة المدرب والملقي
ضا
بماهية المتدربين ،وأوضاعهم الوظيفية واحتياجاتهم وتوقعاتهم وانطباعاتهم عن التدريب .ول بد أي ً
من إشراك الدعاة في ميدان التدريب والفادة من خبراتهم.
كما أن من معوقات التخطيط الناجح إهمال احتياجات المتدربين .إن الوقوف على واقع الدعاة ومعرفة
احتياجاتهم ومشكلتهم ل بد أن يسبق تدريبهم.
إن التخطيط لبرامج تدريب الدعاة ل ينبغي أن تضيق دائرته على الطار المحلي ،بل ل بد من توسيع
دائرة التدريب وخروجها عن الطار المحلي أو القليمي.
وإذا كان النصارى قد سعوا إلى إيصال دعوتهم إلى كل أحد واستفادوا في ذلك من البرامج التدريبية،
فإن المسلمين أحق منهم بذلك ،ويشير أحد البحاث المقدمة إلى مؤتمر كلورادو للتنصير إلى أهمية
وضع إستراتيجية عالمية
@@349
مقترحة لبرامج تدريبية للتنصير في العالم السلمي ويجدد الحاجة إلى وجود 1000منصر مدرب
صا في العالم
صا في العالم السلمي وإلى 9000مدني يدربون تدريًبا متخص ً تدريًبا متخص ً
السلمي#انظر :بحوث مؤتمر كلورادو 1978م ص #.673
-4عدم وضوح الهدف من التدريب:
ومن أكبر العوائق التي تقلل من فائدة البرنامج التدريبي عدم وضوح الهدف من برنامج التدريب
لدى المتدربين.
إن من المهم عند وضع أي برنامج تدريبي أن يتضح للمدرب والمتدرب سبب التدريب ،إذ إن من
أكبر أسباب فشل عدم تحديد سبب التدريب أو أن يكون التدريب فيه كل شيء لكل أحد دون مراعاة
الهداف الخاصة للتدريب#انظر :وسائل المدرب الناجح ،ساي تشارني ،كاثي كونواي ،ص #.64
-5ضعف الجراءات الفنية للتدريب:
ومن معوقات البرامج التدريبية للدعاة ضعف التنفيذ للبرنامج ،فقد يكون تصميم البرنامج أخذ نصيبه
من الهتمام إل أن البرنامج حال تنفيذه لم يأخذ حظه من الهتمام ويشمل ذلك:
• ضعف دور المشرف#انظر :وسائل المدرب الناجح ،ساي تشارني ،كاثي كونواي ص
#.65
• ضعف افتتاح الدورة فمن المهم أن تعنى الجهة المنفذة بمشاركة مسؤول كبير في افتتاح أو
ختام الدورة.
• عدم وجود بيئة مناسبة للتدريب فنجاح التدريب يرتبط كثيًرا بمكان التدريب.
@@350
*ضعف العلن عن البرنامج ،فكيف نعلن عن دورة تدريبية للدعاة ونضمن التحاقهم بها عن قناعة
ل عن تجربة.
• ضعف المرونة في تنفيذ البرنامج فلبد من المرونة في التدريب حيث يحتاج كل العاملين
في مجال الدعوة إلى قدر من التدريب في أماكن إقامتهم بل وفي أماكن العمل دون أن يستدعي
ذلك نقل المتدرب،ول يمنع من نقل التدريب إلى أي مكان يوجد فيه الدعاة ،وإذا كان النصارى
يسعون إلى ذلك بكل ما يستطيعون وهو على الباطل فإن على المسلمين أن يدركوا أنهم أولى
بذلك لنهم على الحق ،ففي بحوث مؤتمر كلورادو تقول فيفيان سيتسي في بحث )مستويات
وأشكال ومواقع البرامج التدريبية(":علينا تدريب التباع سواء كانوا منصرين أم موظفين
تنفيذيين في حقول البترول أو في المشاريع النشائية #انظر :بحوث مؤتمر كلورادو 1978م،
ص #.661
@@358
-31المستدرك على الصحيحين ،أبو عبد ال الحاكم النيسابوري ،دار إحياء التراث
العربي ،بيروت ،ط 1422 ،1هـ.
-32المسند ،المام أحمد بن حنبل ،المكتب السلمي ،بيروت ،ط 1405 ،1هـ.
-33مسند المام أحمد ،مؤسسة الرسالة ،بيروت ،ط 1421 ،1هـ.
-34مقدمة بن خلدون ،عبد الرحمن بن خلدون ،دار الكتب العلمية ،بيروت ،ط ،4
1398هـ.
-35المنتدى السلمي في لفريقيا ،خالد الفواز )بحوث ملتقى خادم الحرمين في
جوهانسبرج(.
-36وسائل المدرب الناجح ،ساي تشارني ،كاثي كونواي ،مكتبة جرير ،الرياض ،ط ،1
2001م.
-37جريدة الجزيرة العدد 10366بتاريخ 20/11/1421هـ.
-38جريدة الوطن العدد ، 585بتاريخ 24/2/1423هـ.
@@363
اعتماد أسلوب السهولة واليسر في طرح أفكار البحث وعرضها ومعالجة مسائله، -2
واجتناب السهاب والطالة وغموض العبارة.
التزام المانة العلمية في العزو والقتباس والنقل. -3
ترقيم اليات القرآنية وبيان سورها. -4
تخريج الحاديث النبوية وبيان ما ذكره أهل الشأن في درجتها ،إن لم تكن في -5
الصحيحين أو أحدهما ،فإن كانت كذلك اكتفيت حينئذ بتخريجهما.
العناية بقواعد اللغة العربية والملء وعلمات الترقيم. -6
ذكر البيانات الكلمة لكل مصدر أو مرجع في الهامش عند أول وروده في البحث، -7
من حيث بيان :عنوان الكتاب ،واسم مؤلفه ،واسم محققه إن كان محقًقا ،والطبعة،
وتاريخها ،واسم الناشر ،ومكان النشر.
تذييل البحث بفهرس للمصادر والمراجع. -8
أسأل ال العلي القدير أن يجعل التوفيق لي رائًدا ،والخلص سائًقا وأن يعصمني -9
من الخطأ والذلل ،إن ربي لسميع الدعاء ،وصلى ال وسلم على نبينا محمد وعلى آله
وصحبه أجمعين.
@@364
المبحث الول :في قوامة الرجل على المرأة:
يقول أعداء السلم – من المستشرقين وغيرهم – وكذلك من تأثر بهم من أبناء المسلمين :إن
جعل القوامة للرجل على المرأة فيه قهر للمرأة وحجر وتضييق عليها ،وإهدار لشخصيتها،
مصادرة لمقومات إنسانيتها ،وهو مما يؤكد ظلم السلم المرأة واحتقاره لها.
الرد عليها:
هذه الشبهة كلها ترهات باطلة ،ويتبين –إن شاء ال – بطلنها من خلل التي:
جا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة أوًل :يقول عز وجل) :ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزوا ً
ورحمة إن في ذلك ليات لقوم يتفكرون(#سورة الروم ،الية #.21:كانت المرأة في التشريعات
سا ل روح له ،ولم تكن زوجة لها القديمة – ول سيما في النصرانية المحرفة – حيواًنا نج ً
كرامة وحقوق ،فلما أرادوا إنصافها في المؤتمر الفرنسي سنة 586م كان غاية ما قرروه
بشأنها أنها ليست حيواًنا ،وإنما هي إنسان ولكنه خلق لخدمة الرجل .إذا نظرنا إلى الية الكريمة
من زاوية تلك الحكام القاسية عرفنا أصلة السلم في تقريره الحق بشأن المرأة.
فقد خلقت من أنفس الرجال ،ل من طينة أخرى ،وخلقت لتكون زوجة ل لتكون أي شيء آخر،
وخلقها بهذه الصفة إنما هو آية من آيات ال سبحانه ،وعلة هذا الخلق سكن الزوج إليها .والسكن
أمر نفساني وسر وجداني ،يجد فيه المرء سعادة الشمل المجتمع وأنس الخلوة التي ل تكلف
فيها ،وذلك – بل شك – من الضرورات
@@365
المعنوية التي ل يجدها إل في ظل الزوجة .وقد ألقى ال تعالى في كل منهما سر الحنين إلى
صاحبه ،فهو يدلي إليها بمودته ورحمته وهي تدلي إليه بمثل ذلك ،وهذا معنى قوله تعالى:
حَمًة( فالزوجة سكن الزوج الذي يسكن إليه على ود ،وينبوعه الذي جَعْلَنا َبْيَنُكْم َمَوّدًة َوَر ْ
)وَ َ
يفيض له بالبر والرحمة#انظر :البهي الخولي – السلم وقضايا المرأة المعاصرة ،ص -70
،71ط الثالثة ،دار القلم – بيروت.
على تلك السس الفطرية الجميلة شرع السلم علقة المرأة بالرجل ،وقرر ما بين الزوج
والزوجة من أصول التعاون في شركة الحياة بينهما.
عَلْيِه ّ
ن ل اّلِذي َ
ن ِمْث ُ
وفي جانب تحديد أسس التعاون في الحياة الزوجية جاء قوله تعالىَ) :وَلُه ّ
ف(الية #سورة البقرة ،الية ، #.228حيث تضمن هذا القول الكريم المبادئ والسس ِباْلَمْعُرو ِ
التية#انظر :البهي الخولي – السلم وقضايا المرأة المعاصرة ،ص #.72 – 71
العدالة التامة الماثلة في مجموع الية ،فالرجل والمرأة طرفان يتبادلن الحقوق -1
والواجبات في شركة الحياة الزوجية ،وليس لحدهما أن يبغي على شيء من حقوق الخر
ل لمفهوم الية الكريمة. عليه وإل كان ظالًما مبط ً
المساواة ،وهي مبدأ يقتضي توزيع الحقوق والواجبات بين الزوجين على سبيل -2
التكافؤ أو المماثلة الواضحة في الية ،وهي مماثلة معنوية ومساواة أدبية ،إذ ليس المراد
من تماثل الحقوق والواجبات تماثلها الحسي العيني ،وإنما هو التماثل المعنوي الذي يعود
على كل منهما بما يرضيه لقاء ما قدم لصاحبه ،وهذا ما فهمه الصحابي الجليل عبد ال بن
عباس رضي ال عنه،
@@366
فقال في الثر المروي عنه – تطبيًقا لمفهوم الية الكريمة " :-إني أحب أن أتزين للمرأة كما
ف(#رواه ن ِباْلَمْعُرو ِ عَلْيِه ّل اّلِذي َ ن ِمْث ُ
أحب أن تتزين المرأة لي ،لن ال تعالى ذكره يقولَ) :وَلُه ّ
ابن جرر الطبري في تفسيره :جامع البيان في تأويل آي القرآن ،جـ /2ص ،467 -466ص
الثالثة 1422 .،هـ 1999م ،دار الكتب العلمية – بيروت #.ول شك أن الزينة التي يتزين بها
الرجل غير الزينة التي تتزين بها المرأة ،ولكنهما يتماثلن فيما وراء الشكل والصورة من
أهداف ونتائج ،إذ تعود على كل من الزوج والزوجة بما يشرح الصدر ويسر النفس.
الشورى ،ذلك لنه سبحانه لما قرر مبدأ المماثلة بين الزوجين في الحقوق -3
والواجبات ،جعل مرجع هذه الحقوق والواجبات إلى المعروف.
والمعروف الذي يريده سبحانه 9هنا يشمل العرف الذي يجمع عادات الناس في كل زمان
ومكان وطرق معاملتهم وأساليب حياتهم اليومية#راجع تيسير الكريم في تفسير كلم المنان –
للشيخ عبد الرحمن بن سعدي ،جـ /1ص ،284ط عام 1404هـ ،الرئاسة العامة لدارات
البحوث العلمية والفتاء – الرياض ، #.من دون خروج على آداب الدين ومعتقداته .كما يشمل
معنى الرفق وإحسان الصحبة#راجع :جامع البيان – للطبري ،جـ /2ص #.466
وما دام المر قد ترك للعرف ،فقد ترك للتفاهم الذي يتم بين الزوجين بالحسنى دون إكراه أو
جور ،وذلك هو معنى الشورى بينهما.
ن ُيِتّم
ن َأَراَد َأ ْ
ن ِلَم ْ
ن َكاِمَلْي ِ
حْوَلْي ِ
ن َن َأْولَدهُ ّ ضْع َ
ت ُيْر ِوقد مثل العلماء لذلك بقوله تعالىَ) :واْلَواِلَدا ُ
عَلْيِهَما(#جزء من الية 233 ح َ
جَنا َل ُشاُوٍر َف َض ِمْنُهَما َوَت َ
ن َتَرا ٍعْل َ
صا ً
ن َأَراَد ِف َ
عَةَ...فِإ ّ
ضا َ
الّر َ
من سورة البقرة #.فالية تبين أحكاًما عدة ،منها :إرضاع المرأة المطلقة ولدها من مطلقها،
@@367
فمدة الرضاع حولين كاملين ،وإن أرادت مع مطلقها أن يفطمها قبل مضي الحولين ،وأيا في
ذلك مصلحة له ،وتشاورا فيه وأجمعا عليه فل جناح عليهما في ذلك ،وإن انفرد أحدهما بذلك
دون الخر فل عبرة بانفراده ،ول يجوز له أن يستبد برأيه من غير رضى الخر ،قاله سفيان
الثوري وغيره#انظر :ابن كثير – تفسير القرآن العظيم ،جـ /1ص ،284ط عام 1403هـ -
1983م ،دار المعرفة بيروت#.
فإذا كان هذا هو حق المطلقة في الشورى والتراضي والتفاهم على ما فيه مصلحة الطفل ،فأولى
أن يكون هو حق الزوجة القائمة في البيت على رعاية جميع شؤونه .وإقامة بناء السرة على
هذه السس الثلثة ينافي وجود القهر والستبداد والضطهاد ،ويوفر حرية الرأي للمرأة وكمال
الشخصية.
ثانًيا :تفتقر كل جماعة إنسانية وكل مؤسسة إلى القائد الذي يرعى شؤونها ويدير أمورها
ويصون كيانها ،والسرة – وهي الخلية الولى في المجتمع النساني – بأمس الحاجة إلى را ٍ
ع
مسؤول يشرف على إدارتها وإلى قائد كفء يتولى تأمين متطلباتها بكل محبة وإخلص ،ليحقق
في ربوع السرة أجواء السكينة والوئام وروح التعاون والنظام#انظر :أحمد حسن كرزون –
مزايا نظام السرة المسلمة ،ص ،88ط لثانية 1417هـ 1997 -م ،دار ابن حزم – بيروت#.
ولذا كلف ال سبحانه – وهو الحكيم العليم – الزوج بتحمل أعباء هذه المهمة التربوية الدقيقة
بما أناطه ال عز وجل به من واجبات نحو أسرته ،وبما خصه به من قدرات وإمكانات جسدية
ل من :البهي الخولي – السلم وقضايا وفكرية متميزة#:انظر في الفقرات الخمس التالية ك ً
المرأة المعاصرة ،ص 73وما بعدها .ود .حسن أبو غدة – السرة السعيدة في رحاب السلم،
ص ،38 – 36ط الولى 1417هـ 1997 -م ،دار عالم الكتاب – الرياض#.
@@277
عا بتأمين بيت الزوجية وإعداده وتجهيزه بكل ما يلزم للحياة فهو المطالب شر ً -1
الزوجية ،وهو المطالب برعايته وصيانته وحمايته من كل عوامل الفساد والفساد التي
تمزق كيانه وتهد أركانه .ومن هنا فهو صاحب الكلمة فيمن يدخل البيت ومن ل يدخله ،فهو
العرف بنفوس الناس وضمائرهم ومكائدهم والكثر تقديًرا لعواقب المور .يقول النبي
صلى ال عليه وسلم" :ل يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إل بإذنه ،ول تأذن في بيته
إل بإذنه"#رواه البخاري في صحيحه في )كتاب النكاح( ،الباب ) ،(86الحديث رقم )
،(5195ج /9ص 295ص إدارات البحوث العلمية والفتاء – الرياض#.
وهو أبو الولد ،وغليه ينتسبون صغاًرا وكباًرا ،ذكوًرا وإناًثا ،وهو الذي يتحمل -2
عبء النفاق على السرة وتلبية كل متطلباتها وحاجاتها ،وهو المطالب بالبحث عن موارد
رزقها خارج البيت.
وهو القوى – جسمّيا ونفسّيا – على تحمل المصاعب وأعباء الحياة ،والقدر -3
على مدافعة العداء وحماية العراض والذود عن الديار والوطان ،أما المرأة فتعاقب
الحيض والحمل والولدة والنفاس والرضاع والسهر بالليل مع طفل مريض والتعب
بالنهار في أعمال المنزل يلح عليها دائًما بعوارض اللم والسقم ،فيورثها ذلك على مر
ل للمشقات من السنين وتعاقب الجيال بنية أضعف من بنية الرجل ،وجسًما أقل احتما ً
جسمه.
وعمله في الخارج واسع الفق كثير التجارب ،منوع العلقات والمعاملت مع -4
كافة مستويات البشر ،مما يتيح له الطلع على أساليب تفكيرهم وطرق تعاملهم ،والتعرف
– في الغالب – على
@@369
مكائدهم وحيلهم ،والتمييز بين محسنهم ومسيئهم .وينبغي لمن يتولى مهام السرة أن يكون على
هذا المستوى من الخبرة والتجربة ليتمكن من تجنب المصاعب التي قد تواجه السرة ،ويعمل
على إحاطتها بالمن لتستكمل مسيرتها في الحياة.
وما ذكر ل يتوفر للمرأة بحكم وظيفتها – بوصفها زوجة وأّما – وميدان نشاطها الفطري
النثوي.
وبالضافة إلى ما تقدم ،فإن تقسيم الوظائف الفطرية بين الرجل والمرأة يستند إلى -5
تعليلت معقولة مشاهدة الثار ،حيث إن الوضع الطبيعي للمرأة أن تقوم على رعاية البيت
وتدبير شؤون الولد وحضانتهم بما عرف عنها من طبع لطيف وعاطفة رقيقة فياضة،
يسهل معها أن تنزل إلى مستوى أبنائها ،فتفكر معهم بمستوى عقولهم ،وتمل أرواحهم أم ً
ل
وإشراًقا ،وتسعد قلوبهم مودة وصفاء ،وتنمي أحاسيسهم الطفولية ،فإذا ما كبروا تناولتهم يد
الب بالرعاية والتوجيه ليأخذوا عنه تجارب الحياة ،ويتحملوا بأسها بقوة وإرادة وتدبير
سليم.
ول شك أن جميع تلك الخصائص في الرجل والمرأة مًعا هي من صنع ال تعالى ،ل من صنع
الرجل ،ول من كسب المرأة ،كما أن اختصاص الرجل بالقوامة التي منحه ال إياها ل يغض ول
ينقص من كرامة المرأة ول من قدر إنسانيتها ،لنه توزيع إلهي نشأ من مفارقات عضوية جسدية
ونفسية عاطفية ،ل من تفرقة في جوهر النسانية المشترك بين النساء والرجال.
ثالًثا :لعله اتضح مما تقدم أن القوامة في المنهج الرباني تكليف ومسؤولية وقيادة ،وليست تعسًفا أو
استبداًدا أو تعالًيا ،وقد أوضح القرآن الكريم هذا التكليف في قوامة الرجل ودواعيه ،فقال سبحانه:
ن َأْمَواِلِهْم
ض َوِبَما َأْنَفُقوا ِم ْ
عَلى َبْع ٍ
ضُهْم َ
ل َبْع َ
لا ُضَساِء ِبَما َف ّ عَلى الّن َ
ن َل َقّواُمو َجا ُ)الّر َ
@@370
ل(#سورة النساء ،#وهذا القيام للرجل على المرأة ظا ُحِف َ
ب ِبَما َ
ت ِلْلَغْي ِ
ظا ٌحاِف َ
ت َت َقاِنَتا ٌ
حا ُ
صاِل َ
َفال ّ
المذكور في الية ضربان:
ضرب مادي حسي. -1
وضرب معنوي أدبي. -2
فالضرب المادي الحسي يتمثل فيما يقوم به الرجل للمرأة من جلب القوت والكسوة وسائر
ضا من رعاية ومدافعة وحماية. الضرورات ،وما يقوم به لها أي ً
وهذا الضرب هو المذكور في كتب اللغة :جاء في القاموس المحيط" :قام الرجل المرأة ،وقام عليها:
مانها وقام بشأنها"#الفيروزآبادي – القاموس المحيط ،جـ /4ص ،138ط الولى 1420هـ -
1999م ،دار الكتب العلمية – بيروت #.فهو إًذا قائم لها أو قوام عليها بذلك .وتقرير القرآن هذا
للرجل غضاضة فيه على المرأة ،لته تقرير لمر واقع مشهود مسلم به في حياة الناس قديًما
وحديًثا.
وأما الضرب المعنوي الدبي ،فإنه ل يعني قهر المرأة والحجر عليها ،ول إهدار شخصيتها
ومصادرة مقومات أهليتها ،كما يتبادر إلى الذهان المتطيرة السقيمة.
أل ترى أن السلم يمنع الزوج من الولية على مال زوجته ،ويجعل هذه الولية لها وحدها،
ويعطيها حق التصرف فيه بكل حريتها -بما ل يخالف الشرع – من بيع وشاء ورهن وإجارة وهبة
وصدقة ،ولها أن تخاصم عليه غيرها أمام القضاء دون أن يكون لزوجها حق التدخل في شيء من
ذلك.
ضا ل يجعل للزوج سلطاًنا على دين زوجته ،فليس له أن يكرهها على تغيير دينها – والسلم أي ً
يهودية كانت أو نصرانية – بل تبقى على دينها ول تتحول إلى دينه إل بمحض إرادتها ،يقول عز
ن(#سورة البقر ة ،الية . #.256 ل ِإْكَراَه ِفي الّدي ِ
وجلَ ) :
@@371
فإذا كانت هيمنة الزوج على زوجته ل تمتد إلى حرية الدين ،ول إلى حرية الرأي ،ول إلى حرية
التصرف في أموالها الشخصية ،ول إلى المساواة بينها وبينه في أصل النسانية ،ول إلى المساواة
جا ُ
ل بينهما في الحقوق والواجبات ،فماذا يخيف المتطيرين من قول العليم الخبير سبحانه):الّر َ
ساِء(؟!!!#انظر :البهي الخولي – السلم وقضايا المرأة المعاصرة ص #.77 -75 عَلى الّن َ
ن ََقّواُمو َ
رابًعا :ينبغي أل يحمل السلم تبعة تعسف بعض الزواج في ممارسة حق القوامة على أسرهم
وزوجاتهم ،فالسلم برئ من هذا التصرف ،ويرى أنه ليس من حق الزوج أن يشتط فيما حمله ال
مسؤوليته ،فالمانة ثقيلة ،والحساب دقيق وعسير ،كما يرى أنه ليس من حق المرأة أن تزاحم
الرجل فيما خصه ال به وتتمرد على وظيفتها الفطرية وخصائص أنوثتها ،وتعارض مشيئة ال في
الخلق والتكوين والمر والتشريع .روى المفسرون أن أم سلمة زوج النبي صلى ال عليه وسلم
ورضي ال عنها أنها قالت ومعها بعض النسوة :ليت ال كتب علينا الجهاد كما كتبه على الرجال،
ض
عَلى َبْع ٍ ضُكْم َل ِبِه َبْع َلا ُ
ضَل َتَتَمّنُوا َما َف ّ
فيكون لنا من الجر مثل ما لهم ،فنزل قوله تعالىَ) :و َ
شيٍء ل َن ِبُك ّل َكا َ
نا َضِلِه ِإ ّ
ن َف ْ
ل ِم ْ
ن َواسَأُلوا ا َ سْب َ
ب ِمّما اكَت َ
صي ٌ
ساِء َن ِ
سُبوا َوللّن َ
ب ِمّما اْكَت َ صي ٌ
جالِ َن ِ
ِللّر َ
عِليًما(#سورة النساء ،الية ##.32راجع تفسير ابن كثير جـ /1ص ، #.488وصدق عز وجل َ
فهو بكل شيء عليم؛ علًما وجه المرأة من خلله إلى وظائفها الطبيعية اللئقة بها ،ووجه الرجل
ضا إلى ما يناسبه في الخلق والتكوين وعمارة الكون والحياة#انظر :د .حسن أبو غدة – السرة أي ً
السعيدة في رحاب السلم ،ص #.39 – 38
@@372
المبحث الثاني :في اشتراط الولي في النكاح:
قالوا :إن اشتراط الولي للمرأة في النكاح فيه فرض وصاية عليها ،وتقييد لحريتها ولبداء رأيها في
أخص شؤونها.
الرد عليها:
اشتراط الولي للمرأة في النكاح إنما هو دليل على عناية السلم بها وحرصه على مصلحتها وحفظ
كرامتها وحمايتها من التغرير بها في أمر النكاح وما يترتب عليه من أحكام وحقوق وواجبات.
واعتبار رضا المرأة المزوجة بكًرا كانت أم ثيًبا مبدأ مقرر في التشريع السلمي ،ولذا ترجم المام
البخاري به لباب من أبواب النكاح في صحيحه#وهو باب ) ل ينكح الب وغيره البكر والثيب إل
برضاهما( #.استنبطه بفقهه – رحمه ال – من الحاديث الصحيحة الواردة في هذه المسألة ،منها
قوله صلى ال عليه وسلم" :ل تنكح اليم حتى تستأمر ،ول تنكح البكر حتى تستأذن ،قالوا :يا رسول
ال وكيف إذنها؟ قال :أن تسكت"#رواه البخاري في صحيحه في كتاب )النكاح( ،الباب )،(41
والحديث رقم ) ،(5136ج /9ص ،191ورواه مسلم في صحيحه في كتاب )النكاح( ،باب
)استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت( ج /9ص ،202ط دار الريان – القاهرة#.
ل للتمييز والختيار بكًرا وقد جعل السلم المر في هذا شورى بين الولي والمرأة ما دامت أه ً
كانت أم ثيًبا ،وهذه المشورة تشريف وتكريم لها ،وإشعار لها بألهيتها وحقها في إبداء رأيها في
ل عن أن في هذه المشورة إعزاًزا لجانبها ،ورفًعا أخص المور تعلًقا بحياتها ومستقبلها ،هذا فض ً
لشأنها في بيت الزوجية الذي ستنتقل إليه#انظر د .محمد الحمدي أبو النور – منهج السنة في
الزواج ،ص ،88-87ط الرابعة 1413هـ ،1992 -دار السلم – القاهرة#.
@@373
وكما لم يجعل السلم للمرأة أن تستقل بعقد زواجها ،لم يجعل كذلك للولي لن يجبرها على الزواج
وكان للقاضي حق فسخه#انظر :المرجع السابق ،ص ، #.88لما روي عن ابن عباس رضي ال
عنه أن جارية بكًرا أتت النبي صلى اله عليه وسلم فذكرت أن أباها زوجها وهي كارهة فخيرها
النبي صلى ال عليه وسلم#رواه المام أحمد في المسند الحديث رقم ) (2469جـ /4ص .275
ورواه ابن ماجه في سننه في كتاب )النكاح( الباب ) ،(12الحديث رقم ) ،(1875ص .326كما
رواه أبو داود في سننه في كتاب )النكاح( ،باب )في البكر يزوجها أبوها ول يستأمرها( ،الحديث
رقم ) (2096جـ /2ص .232وقال محققوا مسند المام أحمد" :إسناده صحيح على شرط
البخاري" ،كما صححه اللباني في تحقيق لسنن ابن ماجه في الموضع المذكور آنًفا في هذا
الهامش#.
والمتفحص لراء الفقهاء المختلفة في المسائل المتعلقة باشتراط الولي للمرأة في النكاح ،يجد مدى
حرصهم –رحمهم ال – على تحقيق كل ما فيه خير للمرأة المزوجة ،حيث:
طا عدة ،وهي :الذكورية ،والبلوغ ،والعقل ،والسلم، اشترطوا للولي شرو ً -1
والحرية ،والعدالة ،والرشد .وذلك لضمان قيامه بالولية على الوجه الصحيح ،وحماية
المرأة من تعسفه في أمر الولية.
حرموا على الولياء مضارة من جعل ال لهم عليهن الولية من النساء وذلك -2
بعضلهن إذا أردن النكاح#راجع في هذا :الم – للمام الشافعي ،جـ /5ص ،13ط دار
المعرفة للطباعة والنشر – بيروت .وتفسير الطبري جـ /2ص ، #.501-449لن ال
ن َأ ْ
ن ضُلوُه ّ
ن َفل َتْع ُ
جَلُه ّ
ن َأ َ
ساَء َفَبَلْغ َ
طّلْقُتُم الّن َ
تعالى ذكره نهى عن هذا العضل بقولهَ) :وِإَذا َ
ف(#سورة البقرة الية #.232 ضوا َبْيَنُهْم ِباْلَمْعُرو ِ
ن ِإَذا َتَرا َ
جُه ّ
ن َأْزَوا َ
حََيْنِك ْ
@@374
حصروا ولية الجبار في الب فقط – كما هو عند الحنابلة والمالكية ،-أو في -3
الب والجد من جهة الب – كما هو عند الحنفية والشافعية – وذلك لوفور الشفقة فيهما
على المرأة المزوجة وحرصهما على مصلحتها#راجع:كتاب الفقه على المذاهب الربعة –
لعبد الرحمن الجزيري ،جـ /4ص 28وما بعدها ،ط عام 1969م ،دار إحياء التراث
العربي – بيروت #.وليس من حق غيرهما من الولياء إجبارها على الزواج بمن ل تريده.
جعل الحناف الولية على المرأة في النكاح ولية استحباب أو مشاركة أو اختيار، -4
فليس من حق الولي أن يجبرها على الزواج بمن ل ترغب فيه إذا كانت بالغة عاقلة بكًرا
كانت أم ثيًبا ،ولكنهم أوجبوا عليها حّقا لوليائها ،وهو أل تختار إل كفًئا كي ل يعيروا به،
فإن اختارت غير كفء كان لهم حينئذ حق طلب فسخ العقد ،واستحبوا للولي أن يباشر عقد
ظا على كرامتها من البتذال. النكاح نيابة عنها ،حتى ل تحضر إلى مجلس الرجال حفا ً
وأما ولية الحتم والجبار فل تكون إل في حالة صغر المرأة أو جنونها ،وعللوا رأيهم هذا
بقولهم" :إن ولية الحتم واليجاب في حالة الصغر إنما تثبت بطريق النيابة عن الصغيرة
لعجزها عن التصرف على وجه النظر والمصلحة بنفسها .وبالبلوغ والعقل زال العجز وثبتت
القدرة حقيقة ،ولهذا صارت من أهل الخطاب في أحكام الشرع ،...فتكون الولية عليها ولية
ندب واستحباب ،ل ولية حتم وإيجاب"#الكاساني –بدائع الصنائع ،جـ /2ص ،505بتحقيق:
محمد عدنان درويش ،ط الثانية 1419هـ 1998 -م ،دار إحياء التراث العربي – بيروت#.
جعل الشافعية من حق الب وكذا الجد تزويج البكر صغيرة كانت أو كبيرة بغير -5
رضاها لكمال شفقته عليها ،ولكنهم اشترطوا أل يزوجها إل بكفء لها ،وأل يكون بينهما
وبينه خصومة ،وأكدوا على توفر العدالة فيه ،كما استحبوا استئذان البكر الكبيرة تطييًبا
لخاطرها .أما الثيب فل تزوج إل بإذنها بشرط أن تكون بالغة عاقلة ،فإذا كانت صغيرة
فحكمها كحكم البكر.
صا منهم على مصلحة المرأة ،وذلك لن البكر قد تغلب عليها عاطفتها وقطع الشافعية بذلك حر ً
في الختيار فتخطئ لعدم خبرتها بالرجال وعدم ممارستها للنكاح ،وتقاس الثيب الصغيرة عليها
في ذلك#راجع في هذا :المهذب – لبي إسحاق الشيرازي ،جـ /4ص 125وما بعدها ،تحقيق:
د.محمد الزحيلي ،ط الولى 1417هـ1996 -م ،دار القلم – دمشق .ومنهاج الطالبين –
للنووي ،بشرح المحلي وحاشية القليوبي ،جـ /3ص ،223ط دار إحياء الكتب العربية –
القاهرة#.
وجعل المالكية من حق الب تزويج البكر صغيرة كانت أو كبيرة بغير رضاها، -6
ولكنهم اشترطوا أل يزوجها من ذي عاهة موجبة لخيارها ،وعينوها بالجنون والبرص
والجزام والعنة#العنة :العجز عن معاشرة النساء #.والجب#الجب :قطع الذكر#.
وإن ثيبت ثم تأيمت قبل البلوغ كان حكمها كحكم البكر لصغرها ،وإن بلغت فليس لبيها
إجبارها#راجع :حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ،جـ /2ص ،223 – 222ط دار الفكر
للطباعة والنشر –بيروت#.
@@376
وجعل الحنابلة من حق الب تزويج ابنته الثيب إذا كانت مجنونة ،وكذا الصغيرة -7
العاقلة إذا كان لها من العمر دون تسع سنين سواء كانت بكًرا أم ثيًبا .أما إذا كانت ابنة تسع
فأكثر فللمام أحمد روايتان ،إحداهما :له إجبارها بكًرا كانت أم ثيًبا ،والثانية :ليس له ذلك.
وأما الثيب البالغة العاقلة فليس له إجبارها#راجع :المقنع –لبن قدامة ،جـ /3ص – 14
،16ط المؤسسة السعيدية – الرياض .والروض المربع – للبهوتي ،جـ /3ص ،71-70ط
مكتبة الرياض الحديثة – الرياض.
ولقوال الفقهاء وجاهتها ،فالمر تتشابك فيه الحقوق ،حقوق المرأة وحقوق أوليائها ،وقد اهتم
السلم بهذه الحقوق جميًعا ،لكي تبنى السر بالروابط القوية والعرى الوثيقة التي ل تنفصم ،فلم
يهمل حق الولي في الكفاءة ،كما لم يهمل حق المرأة في اختيار الزوج ما دام كفًئا لها
ولذويها#انظر :د .السيد أحمد فرج – الزواج وأحكامه في مذهب أهل السنة ،ص ،131ط الولى
1409هـ 1989 -م ،دار الوفاء للطباعة والنشر – المنصورة#.
ونقول أخيًرا" :إن الولية على المرأة في النكاح يقصد منها إفادة المرأة بخبرة أوليائها وتجاربهم
وآرائهم التي يتوخون بها الصلح والكفأ لها ،ثم إذا كان الزواج برأي الولي ومشورته كان ذلك
أدعى إلى مخاصمته دونها ومدافعته عن حقوقها .كذلك فإن الولية دعم للشهادة على الزواج،
وارتفاع بمستواه عن أن يكون علقة سفاح أو زنا ،وإحاطة له بهالة تتناسب مع كونه نواة البدء
ل عن أ تكوين أسرة سوف تؤدي دورها بعد قليل بوصفها عضًوا في الجسد الجتماعي الكبير ،فض ً
فيها وقاية للمرأة من آثار الندفاع العاطفي الذي قد تنزلق في مهاويه لو تركنا أمره إليها"#د.محمد
الحمدي أبو النور – منهج السنة في الزواج ،ص #.136 – 135
@@377
المبحث الثالث :في إباحة الطلق في السلم:
قولهم إن إباحة الطلق في التشريع السلمي فيه هدم للسرة ،ويدل على أن السلم ل يلقي بالً
لستمرار الحياة الزوجية وبقائها.
الرد عليها:
هذه تهمة باطلة ،فلقد حرص السلم كل الحرص على استمرار الحياة الزوجية إذا كان في ذلك
ظا أي عهًدا قوّيا يجب على الزوجين الخير والسعادة للزوجين ،وجعل عقد الزواج ميثاًقا غلي ً
المحافظة عليه والوفاء بمقتضياته والتصدي لما يتعرض له من عقبات ،واعتبر العلقة الزوجية
شركة حياة تقوم على المودة ،وحث على الزواج لقامة بيت تغمره السكينة والمودة ويأنس فيه
الطرفان وينشأ في ظلل أمنه الطفال ،وجعل لعقد الزواج العديد من الركان والشروط للحفاظ
عليه وضمان بقائه واستمراره ،كما جعل للزوجين حقوًقا وألزمهما بأدائها ،وجاءت النصوص
الشرعية حاثة على الحسان والتودد ومراقبة ال عز وجل ورجاء الخرة في تعامل الزوجين مع
بعضهما.
صا من السلم على بناء السرة بناءً سليًما وحمايتها من كل ما قد يؤدي إلى كل ذلك كان حر ً
تصدعها وانهيارها.
وسن السلم العديد من الحكام والداب التي ينبغي اللتزام بها للحيلولة دون افتراق الزوجين،
حيث:
حث السلم الزوج على إحسان عشرته لزوجته وعلى الصبر على ما يسوءه أو -1
ن ِباْلَمْعُرو ِ
ف شُروُه ّ عا ِ يكرهه منها فلعل في ذلك خير كثير يجده في المستقبل ،قال تعالىَ) :و َ
ن
سى َأ ْ ن َفَع َ
ن َكِرْهُتُموُه ّ َفِإ ْ
@@378
خْيًرا َكِثيًرا(#سورة النساء الية .#.19 :وقال صلى ال عليه ل ِفيِه َ لا ُ جَع َشْيًئا َوَي ْ
َتْكَرُهوا َ
وسلم" :ل يفرك مؤمن مؤمنة إذا كره منها خلًقا رضي منها آخر"#رواه مسلم في صحيحه في
كتاب )الرضاع( ،باب )الوصية بالنساء( ،جـ /10ص ، #.58وجعل الطلق أبغض الحلل
إلى ال.
حث الزوج على إصلح الحياة عندما يحصل نشوز أو إعراض من الزوجة، -2
وذلك:
ل :بوعظ الزوجة ونصحها لتعديل سلوكها. أو ً
ثانًيا :ثم بهجرها في المضجع.
ثالًثا :ثم بضربها ضرًبا خفيًفا لزجرها إذا لم تفد معها الوسيلتان السابقتان .يقول عز وجل:
ن َأطَْعَنُكْم َفل
ن َفِإ ْجعِ َواضِرُبوُه ّ ضا ِ
ن ِفي اْلَم َ جُروُه ّ ن َواه ُ ظوُه ّ ن َفِع ُشوَزُه ّ ن ُن ُخاُفو َ
)َواّللِتي َت َ
عِلّيا َكِبيًرا(#سورة النساء الية #.34 : ن َ ل َكا َنا َ ل ِإ ّ
سِبي ًن َعَلْيِه ّ
َتْبُغوا َ
دعا إلى التحكيم بين الطرفين إذا احتدم النزاع بينهما ،وذلك بأن يختار حكًما عد ً
ل -3
شَقاقَ َبْيِنِهَما
خْفُتْم ِ
ن ِ من أهل الزوج وحكًما من أهل الزوجة للصلح بينهما ،قال تعالىَ) :وِإ ْ
عِليًما ن َل َكا َ نا َ ل َبْيَنُهَما ِإ ّ
حا ُيّوّفقِ ا ُصل ً ن ُيِرْيَدا ِإ ْ
ن َأْهِلَها ِإ ْ
حَكًما ِم ْن َأْهِلِه َو َ
حَكًما ِم ْ َفابَعُثوا َ
خِبيًرا(#سورة النساء الية. #.35 : َ
@@379
إيقاع الطلق من قبل الزوج طلقة واحدة في طهر لم يجامع زوجته فيه ،مع حث -4
الزوجة المطلقة على لزوم بيت الزوجية مدة العدة وإيجاب النفقة عليها وتسهيل الرجعة
ل في إصلح الحال ومحاسبة بينهما بدون عقد ول مهر ما دامت الزوجة في العدة ،أم ً
ك َأْمًرا(#سورة ث َبْعَد َذِل َحِد ُ
ل ُي ْلا َ ل َتْدِري َلَع ّالنفس وضبط المشاعر ،وكما قال تعالىَ ):
الطلق الية#.1 :
صا من الشارع الحكيم على أن يصل الزوجان ما جعل الطلق ثلًثا بالتدريج حر ً -5
انقطع من حياتهما بعد إيقاع الطلقة الولى والثانية ،فإذا تعذر الصلح بعد الطلقة الثانية،
فتفرق الثالثة بينهما ليستريحا وليستأنف كل منهما حياة أمثل وأحسن كما قال تعالىَ) :وِإ ْ
ن
حِكيًما(#سورة النساء الية#.130 : سًعا َ
ل َوا ِ
نا ُ
سَعِتِه َوَكا َ
ن َل ِم ْ
ل ُك ّ
نا َُيَتَفّرَقا ُيْغ ِ
فالطلق إًذا مقصود به في الدرجة الولى مصلحة الطرفين ل هدم السرة ،لن هدمها الحقيقي
هو في بقائها على هذا النزاع والشقاق ،إذ ل فائدة من علقة زوجية تقوم على الشحناء
والبغضاء ويتعذر فيها الوفاق بغير الفراق وتكون مجلبة دائًما لسوء الخلق ،فهذا مناخ ل
يصلح موطًنا لحياة صالحة ول محصًنا لتربية طيبة.
إذن يتبين مما سبق أن السلم لم يشرع الطلق إل بعد استنفاد كل الطرق والوسائل التي يمكن
من خللها إصلح ذات البين بين الزوجين والتوفيق بينهما.
@@380
ومنع إطلق نهائّيا إبقاء للسرة – وهو ما ينادي به مثيرو هذه الشبهة – يفضي إلى مفاسد
عديدة ،منها ما يلي:
نبذ كل واحد من الزوجين للخر وإهماله ،وهذا يؤدي إلى تعميق الحقاد والضغائن -1
في النفوس ،وتفاقم المشكلت وتأزمها بينهما.
إفساد تربية الولد ،حيث سينشأون في جو مظلم كئيب تسوده الشحناء ويعمه -2
الخلف والنزاع الدائم.
انتشار الباحية في المجتمع المسلم ،ذلك أنه إذا كان كل من الزوجين ل يطيق -3
الخر ،ول خلص لهما من هذا العيش النكد ،فإنه – قطًعا – لن يتحقق الستمتاع الجنسي
ضا توفير السكن والستقرار النفسي والعاطفي ،وهما من المشروع بينهما ،ولن يتحقق أي ً
مقاصد السلم الساسية من الدعوة إلى الزواج وتكوين السرة .والنتيجة الطبيعية الغالبة
– حينئذ – أنه سيلجأ كل منهما إلى تحقيق ذلك عن طريق المخادنة#وذلك بالنسبة للزوج
إذا لم يكن له زوجة ثانية يحقق معها ما يريد ، #.مما يفتح باب الفساد والرذيلة على
مصراعيه.
إن منع الطلق من صاحبه بأية وسيلة ولو كانت القتل ،كما هو واقع كثير من -4
المجتمعات الغربية التي تحرم الطلق بين الزوجين.
@@381
المبحث الرابع :في جعل أمر الطلق بيد الرجل ل بيد المرأة:
قولهم أن جعل الطلق بيد الرجل – ل بيد المرأة – يوقعه متى شاء ،فيه إضرار بالمرأة وظلم لها
وامتهان لكرامتها.
الرد عليها:
نرد على هذه الشبهة بما يلي:
أوًل :إن ال عز وجل جعل الطلق حق خاص بالزوج وحده ل يشاركه فيه غيره ،فقال سبحانه –
ضوا َلُه ّ
ن ن َأْو َتْفِر ُسوُه ّ ساءَ َما َلْم َتَم ّ
طّلْقُتُم الّن َ
ن َعَلْيُكْم ِإ ْ
ح َ
جَنا َ
ل ُ
مضيًفا الطلق إلى الزواج َ ) :-
صوا اْلِعّدةح ُ ن َوَأ ْ
ن ِلِعّدِتِه ّ
ساَء َفطَّلُقوُه ّ طّلْقُتُم الّن َ
ضًة(#سورة البقرة الية ، #.236وقالِ) :إَذا َ َفِري َ
َ(#سورة الطلق ،الية #.1
وقال صلى ال عليه وسلم" :إنما الطلق لمن أخذ بالساق"#أخرجه ابن ماجه في سننه في كتاب
)النكاح( ،الباب ) ، (31الحديث رقم ) ،(2081ص .360وحسنه اللباني في إرواء الغليل برقم )
،(2041جـ /7ص 108ط الولى 1399هـ 1979 -م ،المكتب السلمي – بيروت . #.فهذا
حكم ال عز وجل الحكيم العليم بما يصلح لعباده ويصلحهم في العاجل والجل ،وهو – بل شك –
ل َتّتِبُعوان َرّبُكْم َو َل ِإَلْيُكْم ِم ْ
حق واجب التباع وإن لم تعرف السباب ،يقول سبحانهَ) :واّتِبُعوا َما ُأْنِز َ
ن(#سورة العراف الية ، #3فقد أمر سبحانه هنا باتباع ما أنزل ل َما َتَذّكُرو َ
ن ُدوِنِه َأْوِلَياَء َقِلي ً
ِم ْ
منه خاصة ،ونهى عن اتباع ما يخالفه ،وبين أن من اتبع
@@382
غير ما أنزل من عند ال فقد اتبع أولياء من دونه .بالضافة إلى أن ال عز وجل لم يجعل لمؤمن
ول مؤمنة أن يختار لنفسه أو يرضى لها غير ما اختاره ال ورسوله ،ومن اختار لها غير ذلك فقد
سوُلُه َأْمًرا َأ ْ
ن ل َوَر ُ
ضى ا ُ
ل ُمؤِْمَنٍة ِإَذا َق َ
ن َو َن ِلُمْؤِم ٍ
ل مبيًنا ،ح-حيث يقول سبحانهَ) :وَما َكا َ ضل ضل ً
ل ُمِبيًنا(#سورة الحزاب ،الية ضل ً ل َ ضّسوَلُه َفَقْد َ ل َوَر ُ
صا َ
ن َيْع ِ
ن َأْمِرِهْم َوَم ْ
خَيَرُة ِم ْ
ن لَُهُم اْل ِ
َيُكو َ
#.36
ل من :د. ثانًيا :جعل أمر الطلق بيد الرجل ل بيد المرأة له حكم عديدة في دين ال ،منها#انظر ك ّ
عبد الستار فتح ال سعيد – المعاملت في السلم ،ص ،90الكتاب العشرون في سلسلة دعوة
الحق الصادرة عن رابطة العالم السلمي عام 1402هـ .ووهبي اللباني – المرأة المسلمة ،ص
،71ط الثانية 1398هـ 1978 -م ،مؤسسة الرسالة بيروت – لبنان .ود .كوثر كامل علي –
سمو التشريع السلمي في معالجة النشوز والشقاق بين الزوجين ،ص ،176 – 175ط عام
1984م ،دار العتصام – القاهرة#.
-1أن السلم يقدر خطورة فصم رابطة الزوجية ،وما يترتب عليه من آثار سيئة في حياة السرة
والمجتمع ،ولذا وضعه في يد من يقدر العواقب حق قدرها ،ذلك أن الرجل له القوامة والمسؤولية
ل وأبصر بالعواقب من المرأة التي الكبرى في السرة ،وهو – في الغالب – أقوى إرادة وأكثر تعق ً
عرف عنها – بوجه عام – شدة الندفاع وراء عواطفها وسرعة التأثر وتقلب المشاعر ،وإن كان
يوجد كثير من النساء يملكن أنفسهن عند الغضب أكثر من الرجال ،كما يوجد من الرجال من هو
ل من بعض النساء ،ولكن أشد تأثًرا وأسرع انفعا ً
@@383
تشريع الحكام إنما يبنى على العم الغلب ،فلو وضع الطلق بيد الزوجة ابتداًء لقدمت على
إيقاعه عند أي مشكلة أو عقبة تواجهها مع زوجها.
-2أن الرجل هو الذي سعى إلى الزواج وأتم الخطبة وبذل المهر وعقد النكاح وأنفق على وليمة
العرس وعلى الزوجة ،وهو قطًعا لم يفعل كل ذلك إل لكي يستقر على عقده ويستمر فيه ،ومن ثم
فهو أحرص الطرفين في – الغلب – على بقاء النكاح.
أنه هو الذي ينفق على الزوجة المطلقة أثناء عدتها ،وقد تطول العدة إلى تسعة -3
ل ،حيث ل تنتهي عدتها إل بوضع الحمل. أشهر إذا كانت حام ً
أنه هو الذي ينفق على أولده في مدة حضانة الزوجة لهم ،فهو ينفق على إرضاع -4
عا وخدمة ،وينفق على سائر أولده في مدة حضانة أمهم لهم ،وهي مدة تمتد الصغير رضا ً
إلى سبع سنين أو أكثر.
فإن أقدم الزوج على الطلق عن تفكير وروية علمنا أنه لم يقبل التضحية بهذا كله إل لن متاعبه
في الزواج كانت أعمق وأشق.
ثالًثا :إن الشريعة السلمية اتخذت إجراءات عملية عديدة لمنع إساءة استعمال حق الطلق من قبل
الزوج واستبداده في أمره ،حيث:
منعت إيقاع الطلق من غير سبب ،وإن وجد سبب يقتضيه فهو حلل ،ولكنه -1
أبغض الحلل إلى ال عز وجل.
ورثت الزوجة المطلقة من مطلقها إذا طلقها في مرض موته بقصد حرمانها من -2
الرث ،وذلك معاملة له بنقيض قصده#راجع :المبسوط –السرخسي ،جـ /6ص ،155ط
الثانية ،دار المعرفة – بيروت#.
@@384
جعلت من حق الزوجة طلب الطلق في حالت عدة ،منها :إضرار الزوج بها -3
وإساءته معاشرتها ،وإيلؤه منها مدة تزيد عن أربعة أشهر ،وإعساره وعدم قدرته على
النفاق عليها ،وسجنه ،وغيبته الطويلة عنها .وأوجبت على القاضي أن يجيب الزوجة التي
طلبها ويقضي لها بالطلق#انظر :د.كوثر كامل علي – سمو التشريع السلمي ،ص
.176وراجع :حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ،جـ /1ص ،345ط دار الفكر بيروت.
وشرح الزركشي على مختصر الخرقي ،جـ /5ص ،473 – 471تحقيق :الشيخ عبد ال
الجبرين ،ط الولى 1410هـ#.
كما جعلت من حقها مخالعة زوجها إذا لم تطق العيش معه – لكبره أو لضعفه أو -4
لعيب في خلقه أو نحو ذلك – بعوض تفتدي به نفسها منه#راجع :المدونة الكبرى – للمام
مالك بن أنس ،جـ /2ص 335وما بعدها ط مؤسسة الحلبي – القاهرة .والمغني – لبن
قدامة ،جـ / -10ص #.268 – 267
أجازت لها – عند الحنفية والحنابلة – أن تملك حق الطلق إذا اشترطت في عقد -5
الزواج أن تكون العصمة بيدها وقبل الزوج بذلك #انظر :د.كوثر كامل علي – سمو
التشريع السلمي ،ص .177وراجع :حاشية ابن عابدين ،جـ /4ص ،431تحقيق :
محمد حلق وعامر حسين ،ط الولى 1419هـ 1998 -م دار إحياء التراث العربي –
بيروت .ومجموع الفتاوى –لبن تيمية جـ /32ص ،170 – 169ط الرئاسة العامة
لشؤون الحرمين#.
طا خاصة، أجازت لها –عند الحنابلة – أن تشترط على زوجها في عقد النكاح شرو ً -6
كأن ل يتزوج عليها ول ينقلها إلى بلد آخر أو ل يمنعها من وظيفتها خارج منزلها ونحو
ذلك من الشروط ،على أن يكون لها حق فسخ العقد إذا لم يف بهذه الشروط ،ول يسقط حقها
في الفسخ إل إذا أسقطته أو رضيت بمخالفة الشرط#انظر :د.كوثر كامل علي –سمو
التشريع السلمي ،ص .177وراجع :المقنع –لبن قدامة ،جـ /3ص .45-44ومجموع
الفتاوى – لبن تيمية ،جـ /29ص .135والقناع – للحجازي،
@@285
جـ /3ص ،349تحقيق د.عبد ال التركي ،ط الولى 1418هـ 1997 -م ،دار هجر –
القاهرة .وشرح منتهى الرادات – للبهوتي ،جـ /5ص ،181-180تحقيق د .عبد ال التركي،
ط الولى 1421هـ 2000 -م ،مؤسسة الرسالة – بيروت#.
حرمت على الزوج أن يضار زوجته في الطلق ،وذلك بأن يطلقها طلقة واحدة، -7
فإذا قاربت العدة نهايتها راجعها ،ثم يطلقها طلقة ثانية ،ثم يطلقها طلقة ثالثة ويفعل فيهما ما
ل من ثلثة ،وهذا من شأنه تعليق الزوجة وتفويت فعله في الولى ،فتعتد تسعة قروء بد ً
ضاّروُه ّ
ن ل ُت َالفرصة عليها من القتران بزوج آخر غيره ،وفي هذا يقول عز وجلَ) :و َ
ن(#سورة الطلق ،جزء من الية ##.6راجع :الجامع لحكام القرآن – عَلْيِه ّ
ضّيُقوا َ
ِلُت َ
للقرطبي ،جـ /18ص ،111ط الخامسة 1417هـ 1996 -م ،دار الكتب العلمية –
بيروت#.
كما حرمت على الزواج أن يضيق على زوجته من أجل أن تفتدي نفسها منه -8
ن(#سورة النساء ض َما آَتْيُتُموُه ّ
ن ِلَتْذَهُبوا ِبَبْع َ
ضُلوُه ّ
ل َتْع ُ
بمالها ،وفي هذا يقول عز وجلَ) :و َ
الية ##.19راجع :تفسير القرآن العظيم – لبن كثير ،جـ /1ص #.465
وبهذا يتبين بطلن هذه الشبهة ،فالشريعة السلمية لم تهمل جانب المرأة في قضية الطلق ،بل أتت
فيها بكل الخير للمرأة وأنصفتها ودرأت عنها كل ما يؤدي إلى الضرار بها أو ظلمها وامتهان
كرامتها.
وإن وقع عليها شيء من هذا من قبل بعض الزواج ،فإن تبعة هذا التعدي إنما تقع على من قام به،
ل على السلم الذي يحرمه ويرتب عليه العقوبة في الدنيا والخرة.
@@386
المبحث الخامس :في اعتبار شهادة المرأة على النصف من شهادة الرجل:
قولهم إن السلم أهان المرأة وانتقص من قدرها حينما جعل شهادتها على النصف من شهادة
الرجل.
الرد عليها:
السلم لم يهن المرأة قط ،ولم ينتقص من قدرها في أي حكم من أحكامها التي شرعها بشأنها ،بل
إنه منحها مكانة عالة ومنزلة رفيعة ،واحترم شخصيتها ،وصانها من البتذال والذلل ،وساواها
بالرجل في النسانية والكرامة وأصل الخلقة ،وفي التكليف والمسؤولية ،وفي الحقوق والواجبات،
وفي الحرية التامة في اختيار شريك الحياة#ولكن هذه الحرية مشروطة بأل يكون هذا الختيار
عا ، #.وفي التصرف بالموال يسيء إلى سمعتها و سمعته أو مكانة أسرتها فيما هو معتبر شر ً
الخاصة وإبرام العقود ،وفي إتاحة الفرصة للتعلم والتعليم وما إلى ذلك...إل أنه نظًرا لما بين الرجل
والمرأة من فروق فطرية ونفسية وجسمية ،فقد جاءت بعض الحكام الشرعية موائمة ومتناسبة مع
طبيعة كل منهما ووظيفته الساسية التي كلف بها في هذه الحياة.
ومن تلك الحكام جعل نصاب الشهادة التي تثبت الحقوق لصحابها في العقود المالية وغيرها شهادة
رجلين عدلين أو رجل وامرأتين ،قال تعالى):واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين
فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الخرى(#سورة البقرة،
الية ، #.283 :والحكمة في ذلك ظاهرة أن وظيفة المرأة
@@387
والساسية هي القرار في بيتها والقيام على تربية أولدها وإعداد البيت السعيد للزوج المجتهد كي
يجد فيه أنسه وراحته بين زوجته وأولده ،وذلك يقتضي منها ابتعادها عن الرجل وعدم مخالطتهم
في أمورهم وأمور حضور العقود المالية المبرمة بينهم غالًبا ،وإذا حضرت شيًئا من ذلك فإن قلة
ممارستها لهذا الميدان قد يفقدها الستيعاب الكامل لكل جوانبه ،بالتالي قد تنقص شيًئا من الحق فيما
تشهد به ،هذا بالضافة إلى ما قد يعتريها من ضعف ونسيان وتأثر وانفعال بسبب الحمل والولدة
والرضاعة وآلم الدورة الشهرية ،فكان ل بد في الشرع من إضافة شهادة امرأة مثلها إليها
خَرى( والحقوق لْحَداُهَما ا ُ
حَداُهَما َفُتَذّكَر ِإ ْ
ل ِإ ْ
ضّن َت ِ
لستدراك ذلك النقص وإزالة الشك قال تعالىَ) :أ ْ
ل بد فيها من التثبت والتحقق ول يكفي فيها مجرد الظن ،ول شك أن للممارسة والمخالطة أثًرا
حا في التثبت من المر والتحقق منه.
واض ً
هذا فيما يخص أمور الرجال ،أما ما يتعلق بأمور النساء فشهادة المرأة فيه مقبولة ،بل شهادتها
وحدها كافية في حين ل تقبل فيه شهادة الرجل وحده ،وذلك مثل :إثبات الرضاع ،والولدة للحامل،
وانتهاء العدة بالحيض ،والبكارة وعيوب النساء ،وكل ما ل يطلع عليه الرجال تكفي فيه شهادة امرأة
واحدة ،ودليل ذلك ما رواه البخاري في صحيحه أن عقبة بن الحارث لما تزوج جاءته امرأة سوداء
فأخبرته أنها قد أرضعته وأرضعت زوجته ،ففرق النبي صلى ال عليه وسلم بينهما لما علم
بذلك#راجع نص الحديث في صحيح البخاري في كتاب )الشهادات( ،الباب) ،(13الحديث رقم )
،(2659جـ /5ص ،267وفي كتاب )النكاح( ،الباب ) ،(23الحديث رقم )> ،(5104ـ /9ص
#.152
@@388
المبحث السادس :في إعطاء المرأة من الميراث نصف نصيب الرجل:
قولهم إن السلم ظلم المرأة وبخسها حينما أعطاها من الرث نصف ما أعطى الرجل.
الرد عليها:
العدل سمة السلم وغايته ،بل ه الغاية من إرسال ال عز وجل الرسل وإنزال الكتب ،كما قال
تعالى) :لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط(#سورة الحديد،
الية . #.25:وال قد نزه نفسه عن الظلم ،فقال سبحانه) :وما أنا بظلم للعبيد(#سورة ق ،الية:
، #.29وحرمه على نفسه وعلى عباده فقال في الحديث القدسي" :يا عبادي إني حرمت الظلم على
نفسي وجعلته بينكم محرًما فل تظالموا"#رواه المام مسلم في صحيحه في كتاب )البر والصلة
والداب( ،باب )تحريم الظلم( ،جـ /16ص .#.134 -133وجاء المر بالعدل في آيات عديدة في
كتاب ال ،ومنها :قوله تعالى) :إن ال يأمر بالعدل والحسان وإيتاء ذي القربى(#سورة النحل،
الية ، #.90:وقوله) :يأيها الذين آمنوا كونوا قوامين ل شهداء بالقسط(#سورة النساء ،الية:
#.135
وأحكام السلم وشرائعه كلها – بل شك – عدل وإنصاف ،لنها من عند ال عز وجل.
@@389
وقد ذكرنا في الرد على الشبهة السابقة أنه نظًرا لما بين الرجل والمرأة من فروق فطرية ونفسية
وجسمية ،فقد جاءت بعض الحكام الشرعية موائمة ومتناسبة مع طبيعة كل منهما ووظيفته
الساسية التي كلف بها في هذه الحياة.
ومن تلك الحكام الشرعية جعل نصيب النثى نصف نصيب الذكر في الرث ،قال تعالى:
)يوصيكم ال في أولدكم للذكر مثل حظ النثيين(#سورة النساء ،الية ، #.11 :والحكمة في ذلك
ما أشار إليه سبحانه في قوله تعالى) :الرجال قوامون على النساء بما فضل ال بعضهم على بعض
وبما أنفقوا من أموالهم(#سورة النساء ،الية ، #.34 :فالرجل مكلف بأعباء وواجبات مالية ل تلزم
بمثلها المرأة ،فهو مكلف بدفع المهر وتهيئة بيت الزوجية ومكلف بالنفاق على نفسه وعلى زوجته
وأولده وكذلك على من تلزمه إعالتهم كالم والب والخوات الصغار وتأمين احتياجاتهم والمسكن
عا حتى ولو كانت غنية ،فقد طرح المناسب لهم ،في حين أن المرأة ل تكلف بشيء من ذلك شر ً
عنها السلم تلك العباء وألقاها على عاتق الرجل ثم أعطاها نصف ما يأخذ وفرض لها المهر
والنفقة زوجة ،كما فرض لها النفقة أّما وبنًتا وكذا أخًتا إذا لم يكن لها من يعولها من أب أو زوج.
ومن هنا يتبين أن من العدالة والنصاف أن يكون نصيبها من الرث نصف نصيب الرجل ،مع أن
النثى تأخذ أحياًنا من الميراث مثل ما يأخذ الرجل كما في الخوات لم فإن الواحدة منهن إذا
انفردت تأخذ سدس
@@390
التركة كما يأخذ الخ كذلك إذا انفرد ،وإذا كانوا ذكوًرا أو إناًثا اثنين فاكثر فإنهم يشتركون جميًعا
في الثلث للذكر مثل حظ النثى تماًما ،قال تعالى) :وإن كان رجل يورث كللة أو امرأة وله أخ أو
أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث( #سورة النساء الية:
، #.12وكما في الم مع الب إذا مات ولدهما فإن ترك الولد أولًدا ذكوًرا وإناًثا ولو واحًدا فللب
السدس وللم كذلك ،قال تعالى) :ولبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد(#سورة
النساء الية#.11 :
@@391
المبحث السابع :في ادعاء منع السلم تعدد الزوجات:
قولهم منع الزوجات ،لن السلم – في نظرهم – ل يبيحه ،بحجة أنه ل يجوز إل عند العدل بين
الزوجات لقوله تعالى) :فإن خفتم أل تعدلوا فواحدة( ،وهذا العدل غير مستطاع لقوله تعالى):ولن
تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم(#سورة النساء الية#.129 :
فالتعدد مشروط بتحقيق العدل ،وتحقيق العدل غير مستطاع ،وعليه يكون التعدد غير جائز.
الرد عليها:
تشريع تعدد الزوجات في السلم ورد في آيتين من سورة النساء:
الولى :قوله تعالى ) :فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلث ورباع فإن خفتم أل تعدلوا
فواحدة أزو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى أل تعولوا(#سورة النساء الية#.3 :
والثانية :قوله تعالى) :ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فل تميلوا كل الميل
فتذروها كالمعلقة وإن تصلحوا وتتقوا فإن ال كان غفوًرا رحيًما(#سورة النساء الية#.129 :
وتفيد هاتان اليتان كما فهمها رسول ال صلى ال عليه وسلم وصحابته والتابعون وجمهور
المسلمين الحكام التية:
@@392
إباحة تعدد الزوجات حتى أربع كحد أعلى. -1
أن إباحة التعدد مشروطة بالعدل بين الزوجات ،وإذا كان الزوج غير متأكد من -2
قدرته على تحقيق العدل بين زوجاته فإنه ل يجوز له أن يتزوج بأكثر من واحدة .وإذا
تزوج بأكثر من واحدة وهو واثق من عدم قدرته على العدل بينهن فإن الزواج صحيح وهو
آثم.
أن العدل المشروط في الية الولى هو العدل المادي في المسكن والمأكل -3
والمشرب والملبس والمبيت والمعاملة.
طا ثالًثا ،وهو القدرة على النفاق على الزوجة
تضمنت الية الولى كذلك شر ً -4
الثانية وأولدها ،كما يظهر في تفسير قوله تعالى) :أل تعولوا( أي :ل تكثر عيالكم فتصبحوا
غير قادرين على تأمين النفقة لهم ،كما قاله زيد بن أسلم وجابر بن زيد وسفيان بن عيينة
والمام الشافعي رضي ال عنهم ،وإن كان الجمهور يرون أن معنى قوله تعالى) :أل
ل من :جامع البيان – للطبري تعولوا( أي أل تميلوا عن الحق وتجوروا#راجع في هذا ك ّ
جـ /3ص .581والجامع لحكام القرآن – للقرطبي جـ /5ص .15وتفسير القرآن العظيم
– لبن كثير جـ /1ص #.451
تفيد الية الثانية أن العدل في الحب والميل القلبي بين النساء غير مستطاع ،وأنه -5
يجب على الزوج أل ينصرف كلية عن زوجته الولى فيذرها كالمعلقة ،فل هي ذات زوج
ول هي مطلقة ،بل عليه أن يعاملها بالحسنى ما استطاع حتى يكسب مودتها ،وأن ال ل
يؤاخذه على بعض الميل إل إذا أفرط في الجفاء ومال كل الميل عن الزوجة الولى#.انظر:
د .مصطفى السباعي –المرأة بين الفقه والقانون ص 98 – 97الخامسة ،المكتب
السلمي – بيروت#.
@@393
وقد كان النبي صلى ال عليه وسلم يعدل كل العدل في المور المادية بين زوجاته أمهات المؤمنين
رضي ال عنهن ،ولكنه كان يميل عاطفّيا إلى عائشة أكثر من بقية زوجاته ،وكان صلى ال عليه
وسلم يبرر ميله القلبي بقوله" :اللهم هذا قسمي فيما أملك فل تلمني فيما تملك ول أملك"#رواه أبو
داود في سننه في كتاب )النكاح( ،باب )في القسم بين النساء( ،الحديث رقم ) (2134جـ /2ص
.242ورواه النسائي في سننه في كتاب )عشرة النساء( ،باب )ميل الرجل إلى بعض نسائه دون
بعض( جـ /7ص .64ورواه الدارمي في سننه في كتاب )لنكاح( ،باب )ي القسمة ين النساء(،
الحديث رقم ) (2213جـ /2ص .68-67كما رواه الحاكم في المستدرك وقال" :هذا حديث صحيح
على شرط مسلم ولم يخرجاه"جـ /2ص .204
فادعاء أن السلم ل يبيح التعدد – بحجة أنه ل يجوز إل عند العدل بين الزوجات ،وهذا العدل غير
ل من :د .مصطفى السباعي – المرأة بين الفقهمستطاع – ادعاء باطل لما يلي#انظر في هذا ك ّ
والقانون ص ،101 -99ود .محمد الزهراني – تعدد الزوجات في السلم ،بحث منشور في مجلة
)البحوث السلمية( ،العدد السادس والثلثون ص #.230/231
أ -أن العدل المشروط في الية الولى) :فانكحوا ما طاب لكم من النساء( هو غير العدل الذي حكم
بعدم استطاعته في الية الثانية) :ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم( فالعدل في الية
الولى هو العدل في المور المادية المحسوسة مما يستطيع النسان أن يقوم به ،كالعدل في المسكن
والملبس والطعام والشراب والمبيت والمعاملة .أما العدل الذي ل يستطيعه الرجل فهو العدل
المعنوي في المحبة والميل القلبي.
@@394
ب -أنه ليس من المعقول أن يبيح ال تعدد الزوجات ثم يعقله بشرط مستحيل ل يقدر النسان على
فعله ،فهذا عبث يصان عنه كلم العقلء من البشر ،فكيف بكلم رب العالمين؟ ولو أرد سبحانه أن
يمنع التعدد لمنعه مباشرة وبلفظ واحد وفي آية واحدة ،فهو تعالى قادر على ذلك وعالم بأحوال
عباده.
ج -أن ال عز وجل نص في كتابه الكريم على تحريم الجمع بين الختين ،حيث قال) :وأن تجمعوا
بين الختين إل ما قد سلف(#سورة النساء ،الية ، #.23 :ونهى النبي صلى ال عليه وسلم عن أن
تنكح المرأة على عمتها أو العمة على ابنة أخيها ،أو المرأة على خالتها أو الخالة على بنت
أختها#راجع صحيح البخاري ،مع الفتح ،كتاب )النكاح( ،الباب ) ،(27الحديث رقم ،(05109جـ
/9ص ، #.160فما معنى تحريم الجمع بين الختين والجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها إذا
ل؟!!
كان التعدد محرًما أص ً
د -أنه ثبت في السن النبوية أنه كان لدى بعض العرب الذين دخلوا في السلم أكثر من أربع
ل من :المغني ل – لدى قيس بن الحارث عندما أسلم ثماني زوجات#راجع ك ً زوجات ،فقد كان – مث ً
–لبن قدامة جـ /9ص .472والمستدرك على الصحيحين – للحاكم جـ /2ص ، #.211– 209
وكان لدى غيلن بن سلمة الثقفي عشر زوجات#راجع سنن أبي داود جـ /2ص ، #.272وكان
ل من :المغني –لبن قدامة جـ /9ص .472وسبل عند نوفل بن معاوية خمس زوجات#راجع ك ّ
السلم – للصنعاني جـ /3ص ،224ط عام 1397هـ 1977 -م ،جامعة المام – الرياض#.
@@395
كل واحد منهم على أربع زوجات فقط ويفارق الخريات ،وهذا دليل قوي على إباحة التعدد في
السلم ،إذ لو كان التعدد حراًما لمرهم صلى ال عليه وسلم بالقتصار على واحدة فقط ومفارقة
سائرهن.
هـ -أن النبي صلى ال عليه وسلم عدد زوجاته ،وأن أصحابه رضوان ال عليهم عددوا الزوجات
في حياته وعلى مسمع منه وعلم ولم ينكر عليهم ،ومن المعلوم في الدين بالضرورة أنه صلى ال
عليه وسلم مفسر لكتاب ال ،وأنه ل يفعل حراًما ول يسمح بحرام ،ول يقر عليه ،وظل المسلمون
يقومون بالتعدد خلل أربعة عشر قرًنا لفهم التام واعتقادهم الراسخ بإباحة التعدد في السلم.
وقد ورد في السنة النبوية ما بين أفضلية الزواج بأكثر من واحدة ،ومن ذلك حديث أنس بن مالك
رضي ال عنه في قصة الثلثة الذين جاءوا إلى بيوت أزواج النبي صلى ال عليه وسلم يسألون عن
عبادته ،وكيف أنكر عليهم بقوله" :أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما ,ال إني لخشاكم ل وأتقاكم له،
لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء ،فمن رغب عن سنتي فليس مني"#صحيح
البخاري ،كتاب )النكاح( ،الباب ) ،(1الحديث رقم ) ،(5063حـ /9ص ، #.104فعبارة )أتزوج
النساء( الواردة في الحديث تشمل الزوجة الواحدة والكثر من واحدة#انظر :د .محمد الزهراني –
تعدد الزوجات في السلم ص #.232وقد عقد المام البخاري في صحيحه باًبا في كتاب النكاح
بعنوان )باب كثرة النساء( روى فيه عن سعيد بن جبير رضي ال عنه أنه قال" :قال لي ابن عباس:
هل تزوجت؟ قلت :ل ،قال :فتزوج فإن خير هذه المة أكثرها نساًء"#صحيح المام البخاري ،كتاب
)النكاح( ،الباب ) (4الحديث رقم ) ،(5069جـ /9ص #.113ويذكر ابن حجر أن معنى هذا
الحديث" :أن خير أمة
@@396
محمد صلى ال عليه وسلم من كان أكثر نساءً من غيره ممن يتساوى معه فيما عدا ذلك من
الفضائل"#فتح الباري جـ /9ص #.114
ويرى ابن قدامة أن السلم ليس فقط يبيح تعدد الزوجات ،بل ويندب إليه" ،لن النبي صلى ال
عليه وسلم تزوج وبالغ في العدد ،وفعل ذلك أصحابه ،ول يشتغل النبي صلى ال عليه وسلم
وأصحابه إل بالفضل"#المغني جـ /6ص #.447
بقي أن نشير إلى أن القائلين بهذه الدعوى الباطلة – التي نحن بصدد مناقشتها – فريقان:
الول :فريق سيئ النية ،هدفه مخادعة المسلمين بهذه الدعوى وتشكيكهم في فعل النبي صلى ال
عليه وسلم وصحابته رضي ال عليهم ومن جاء بعدهم من المسلمين خلل تاريخ السلم الذي امتد
أربعة عشر قرًنا من الزمان ،بزعم أنهم لم يفهموا اليات الكريمة التي ورد فيها ذكر التعدد.
الثاني :فريق حسن النية رأى هجوم الغربيين والمناصرين لهم على نظام التعدد في السلم ،فظن
أنه يستطيع بهذا القول تخليص السلم مما يتهمونه به#انظر :د .مصطفى السباعي – المرأة بين
الفقه والقانون ص #.102 – 101ولذا شاع عند المعتدلين من هؤلء القول بأن التعدد ل يجوز إل
في حالت استثنائية وفي حدود ضيقة جّدا ،كأن تكون الزوجة الولى مريضة أو عقيًما أو ل تلد.
مع أنه دليل لديهم على هذا التقييد ،فاليتان الكريمتان اللتان جاء فيهما تشريع التعدد وهما الية )(3
والية ) (129من سورة النساء لم تشترطا أن تكون الزوجة الولى مريضة أو عقيًما أو نحو ذلك،
بالضافة إلى أن النبي صلى ال عليه وسلم طلب من أصحابه بعد نزول آيتي التعدد أن يفارقوا ما
زاد على أربع زوجات ،ولم يقل لهم آنذاك :إن بقاء أكثر من زوجة لدى
@@397
ضا مستعصّيا أو بكونها عقيًما ،وكان الوقت آنذاك وقت الرجل مقيد بكون زوجته مريضة مر ً
تشريع.
وهذا هو أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي ال عنه يعرض ابنته حفصة رضي ال عنها على
أبي بكر الصديق ،وهو يعرف أن لدى الصديق أكثر من زوجة ولم يكن مريضات ول عقيمات .كما
عرضها كذلك على عثمان ابن عفان رضي ال عنه وهو زوج لحدى بنات رسول ال صلى ال
عليه وسلم ،ولم يجد رضي ال عنه في ذلك غضاضة ول ضرًرا على ابنته#انظر :د .محمد
الزهراني – تعدد الزوجات في السلم ص #.234 ،237
ويرى الشيخ محمد أبو زهرة أن تقييد تعدد الزوجات بأمثال هذا "بدعة دينية اجتماعية لم تقع في
عصر النبي صلى ال عليه وسلم ول في عصر الصحابة ول في عصر التابعين ،ومن التهجم على
الحقائق الدينية أن نبتدع أمًرا لم يحدث في عهد من عهود السلم"#تنظيم السلم للمجتمع ص
#.77
@@398
المبحث الثامن :في انتقاص السلم وعيبه لباحته تعدد الزوجات:
قولهم :إن نظام تعدد الزوجات في السلم يتضمن مآخذ عديدة:
ففيه مسايرة الرجال لشهواتهم الجنسية. -1
وفيه إهدار لكرامة المرأة وإجحافها بحقوقها ،حيث يشاركها غيرها في زوجها -2
وينازعها سلطة بيتها.
وفيه اعتداء على مبدأ المساواة بين الجنسين ،بإعطاء الرجل حق التعدد ومنع -3
المرأة منه.
وفيه كذلك مجال للنزاع الدائم بين أفراد السرة ،فينشأ عنه الضطراب والهمال -4
والتشرد للولد.
ضا تكثير للنسل ،وهو مظنة العيلة والقافة وانتشار البطالة في المجتمع.وفيه أي ً -5
الرد عليها:
هذه الشبهة كثيًرا ما يرددها الغربيون المتعصبون من المستشرقين ورجال الدين النصراني كي
يلبسوا على المسلمين دينهم ويدللوا بها -بالضافة إلى الشبهات السابقة – على مزاعمهم باضطهاد
السلم المرأة واستغلل المسلمين لها في إرضاء شهواتهم ونزواتهم .ومما يؤسف له أن هذه الشبهة
ل عند كثير من أبناء المسلمين ممن قل فقهه في الدين وانبهر بما عند الغربيين من ثقافة لقت قبو ً
وفكر ،فأصبحوا يروجون لها – بكل ما أتوا من قوة – في المجتمعات السلمية.
والرد عليها يحتاج إلى تجلية وبيان نجمله في النقاط التية:
أوًل :إن تعدد الزوجات كان سائًدا قبل ظهور السلم في شعوب كثيرة متحضرة وغير متحضرة،
مثل :الصينيين والهنود والفرس والمصريين القدماء
@@399
والعبريين والعرب والشعوب الجرمانية والسكسونية التي ينتمي إليها سكان أوروبا الشرقية
والغربية ،مثل :ألمانيا والنمسا وسويسرا والسويد وتشيكو سلوفاكيا وإنجلترا وبلجيكا وهولندا
والنرويج ،وما زال هذا النظام منتشًرا في الوقت الحاضر في بلد الهند والصين واليابان
وإفريقية"#انظر :د .علي عبد الواحد وافي – قصة الزواج والعزوبة في العالم ،ص ،53 – 50
ص الثانية ،دار نهضة مصر للطبع والنشر – القاهرة#.
والسلم لم ينشئ نظام تعدد الزوجات ،فلقد سبقته إلى إباحته الديان السماوية السابقة#انظر :د.
عبد الستار فتح ال سعيد – المعاملت في السلم ص ،99 – 98ووهبي اللباني – المرأة
المسلمة ص ،157د .احمد العسال -السلم وبناء المجتمع ص ،246ط الثانية 1397هـ -
1977مم ،دار القلم – الكويت #.فالديانة اليهودية كانت تبيح تعدد الزوجات بل حد ،وأما الديانة
المسيحية فلم يرد فيها نص صريح يمنع التعدد ،وإنما ورد فيها – على سبيل الموعظة – أن ال
سبحانه وتعالى خلق لكل رجل زوجته ،وهذا ل يفيد – في أحسن الحتمالت – إل الترغيب في
القتصار في الحوال العتيادية على زوجة واحدة ،بل جاء في بعض رسائل )بولس( ما يفيد جواز
جا لزوجة واحدة"#د .مصطفى السباعي – المرأة التعدد ،حيث يقول" :يلزم أن يكون السقف زو ً
بين الفقه والقانون ،ص ،#.72وهذا يدل على إباحة ذلك لغيره .وثبت تاريخّيا أن المسيحيين
القدمين كانوا يجمعون في الزواج بي زوجتين فأكثر.
يقول )وستر مارك( العالم الثقة في تاريخ الزواج" :إن تعدد الزوجات باعتراف الكنيسة بقي
إلى القرن السابع عشر ،وكان يتكرر كثيًرا في الحالت التي ل تحصيها الكنيسة والدولة"#عباس
محمود العقاد – حقائق السلم وأباطيل خصومه ،ص ،177ط الولى 1376هـ1957 -م،
المؤتمر السلمي – القاهرة#.
@@400
"وكان زعيم البروتستانت )مارتن لوثر( يؤيد التعدد ويستشهد بأن الرب لم يحرمه على إبراهيم
عليه السلم نفسه"#د .عبد الستار فتح ال سعيد – المعاملت في السلم ص #.98
جا
ويظهر لنا في سياق القرآن الكريم في ذكره قصص النبياء أن إبراهيم عليه السلم كان متزو ً
جا بوالدة السباط ووالدة يوسف عليه السلم بهاجر وسارة ،وأن يعقوب عليه السلم كان متزو ً
وأخيه بنيامين.
ضا في النظم وكما كان تعدد الزوجات موجوًدا في الديان السماوية السابقة فقد كان موجوًدا أي ً
الدينية الخرى كالوثنية والمجوسية.
سا تنظمه وتحد من مساوئه وأضراره حا ،ولنه وضع له أس ًول جاء السلم أبقى على التعدد مبا ً
التي كانت موجودة في المجتمعات البشرية التي انتشر فيها التعدد.
ثانًيا :ما المانع من مسايرة الرجال لشهواتهم الجنسية إذا كانت في طريق حلل؟ فلئن كان الحرمان
من الشباع الجنسي بطريق مشروع من رواسب الرهبنة في الكنيسة النصرانية ،فإن سماحة
السلم بخلف ذلك ،يقول عز وجل) :قل من حرم زينة ال التي أحل لعباده والطيبات من
الرزق(#سورة العراف ،الية ، #.32 :وهل شهوات الرجل إل جزء من كيانه؟ وهي التي تدفعه
لتحمل أعباء السرة والعمل والبناء ،وهل الولى مسايرة هذه الشهوات تحت نظام مشروع يصبح
جا ملتزًما بحقوق زوجاته معترًفا بأبنائه ،أم يترك فيذهب كل مذهب حيث عنت الرجل بمقتضاه زو ً
له الشهوة؛ فيقضي وطًرا ويحمل وزًرا ول يتحمل أثًرا؟!! فل التزام لزوجة ول اعتراف
@@401
بولد .ثم هل مثيرو هذه الدعوى من الغربيين استطاعوا في مجتمعاتهم – بمدينة تقدمهم وثقافتهم
وحضارتهم -
أن يسلبوا الرجل غريزته أو يمنعوه من مسايرته إياها؟ أم أن تعدد الخليلت في مجتمعاتهم أكثر من
تعدد الزوجات ،وأن اتصال الرجال بالنساء أمًرا عادّيا ومظهًرا تقدمّيا!! بل أصبحوا يعيبون على
الفتاة أن توجد بكًرا ليلة زفافها .ومجتمع هذه حاله هل يبيح لنفسه نقد تعدد الزوجات في عفة
وطهر؟ وإذا قال هل يسمع منه؟#انظر :عطية محمد سالم – تعدد الزوجات وتحديد النسل ،ص
،94 -93ط المكتبة العلمية – المدينة المنورة #.وهذه أقوال كتابهم ترد عليهم مفترياتهم ،يقول
المستر )لوي( في تحليل العوامل النفسية لتعدد الزوجات " :وليس الدافع غليه النغماس في
الشهوات والتهالك عليها ،إذ قد يحدث أن تدفع المرأة زوجها إلى القتران بأخرى"#المرجع السابق،
ص #.94ويقول علمتهم )غوستاف لوبون(" :لست أرى سبًبا للحكم بان تعدد الزوجات الشرعي
عند الشرقيين أدنى مرتبة من تعدد الزوجات السري عند الوربيين"#المرجع السابق ،ص – 94
#.95
يقول الشيخ مصطفى صبري في معرض رده على أعداء التعدد" :ومتى دعت حاجة أي رجل إلى
القتران بأية امرأة ،فل سبيل إليه عند العقل والنقل إل سبيله المشروع أي الزواج ،وما دام في
الدنيا رجل ل يكتفي بما عنده من زوجة وحيدة ويبحث بعينه ورجله عمن عداها ،فالعتراف بمبدأ
تعدد الزوجات ضروري إل لمن يشذ عن طريق العقل والنقل ويبيح الزنا ،أو لمن يغض بصره عن
الحقائق وينكر وجود الزناة في الدنيا بين الرجال المتزوجين ،أو لمن يتقاصر حجاه عن إدراك
التلزم بين منع تعدد الزوجات
@@402
وإباحة الزنا لبعض الرجال .فهذا القدر من الكلم يكفي في تغليب حجة القائلين .بمبدأ تعدد
الزوجات وإدحاض حجج المعرضين من دون حاجة إلى إطالة النقاش ،وإني ل ابرح على طول
الطريق المناظرة أتعلق بالمقارنة بين النكاح والسفاح ،وأكتفي بترجيح تعدد الزوجات للذين تسوقهم
شهواتهم إلى الستمتاع بأي امرأة ل يحل لهم ذلك في نظر الشرع ،....وأخص هؤلء اللصوص
لصوص الغراض بوضعهم موضع الخلف بين أنصار تعدد الزوجات وأعدائه ،فالسلم عفيف ل
يبيح استمتاع الرجال بغير نسائهم اللواتي يوجد بينهم وبينهن عقد شرعي ،فإذا شعروا بحاجة إلى
ذلك يجب عليهم أن يأتواه من بابه ويتوسلوا إليه بعقود ثانية ،فيعلم الشرع ويعلم الناس أن هذه
المرأة زوجة ثانية لهذا الرجل ،ول يرض السلم أن يدع علقات الرجال بالنساء سرقات ويدعهن
صيًدا لمن قنص أو ملعبة للفساق"#قولي في المرأة ومقارنته بأقوال مقلدة الغرب ص ،7-6ط
الثانية 1402هـ 1982 -م ،دار الرائد العربي – بيروت#.
ثالًثا :قولهم إن في التعدد إهداًرا لكرامة المرأة وإجحاًفا بحقوقها ...قول غير صحيح البتة ،فتعدد
ل من أن تكون خليلة خائنة ،هذا بالنسبة الزوجات رحمة للمرأة وصيانة لها بجعلها زوجة فاضلة بد ً
للزوجة الثانية ،أما الولى فلن تشاركها في زوجها زوجة أو اثنتان أو ثلث أهون عليها واشرف
لها من أ يشاركها بائعات الهوى كلهن فيه#انظر المرجع السابق ص #.19
وإذا كان نظام تعدد الزوجات يفرض على الزوجة الولى زوجة أخرى ،فإنه ل يحرمها من ا،
تكون سيدة منزلها والمتصرفة في شؤونه ،فالسلم يجعل لكل امرأة متزوجة الحق في أن تكون لها
دار مستقلة ،ول يجعل لحدى الزوجات سيطرة على الزوجات الخريات.
كما أن السلم أعطى الزوجة الحق في أن تشترط في عقد الزواج أن ل يتزوج زوجها عليها،
ويكون لها بحسب الشرط الخيار في أن تطالب بفسخ عقد الزواج إذا تزوج عليها#راجع الملخص
الفقهي – للدكتور صالح الفوزان ،جـ /2ص ،345ط الولى 1423هـ ،رئاسة إدارة البحوث
العلمية والفتاء – الرياض#.
لحديث" :أحق الشروط أن توفوا بها ما استحللتم به الفروج"#رواه البخاري في صحيحه في كتاب
)الشروط( الباب ) ،(6الحديث رقم ) ،(2721ح /5ص 323ومسلم في صحيحه في كتاب
)النكاح( ،باب )الوفاء بالشرط في النكاح( ،جـ /9ص #.201أو ترضى بالمر الواقع وتقبل
بمشاركة غيرها لها في زوجها .ولو فات الزوجة أن تشترط هذا الشط في عقد الزواج فإن السلم
يعطيها الحق في طلب الطلق إذا قصر الزوج في حق من حقوقها أو ألحق بها أي أذى.
ول شك أن اشتراك امرأة مع أخرى غيرها في زواج واحد ل يريحها وربما ينغص عليها حياتها،
ولكن الضرر الذي يلحق بها في هذه الحالة أقل بكثير من الضرر الذي يلحق بها إذا بقيت بدون
عا – بالضرر القليل#انظر :محمد أبو زهرة – زواج ،والضرر الكثير يدفع – كما هو معروف شر ً
تنظيم السلم للمجتمع ص #.76
وقد تكون الغيرة عند بعض النساء قوية جّدا ول سيما عند اقتران زوجها بامرأة أخرى ،ولكن
الغيرة أمر عاطفي بحت ،والعاطفة ل تقدم إطلًقا على الشرع ،وكما أن تعدد الزوجات يبعث اللم
والغيرة في نفس الزوجة الولى فإنه يبعث المل في نفس الزوجة الجديدة ،ويتيح لها أن تحيا حياة
زوجية آمنة ،زد على ذلك أنه ليس كل النساء هن المتزوجات فقط ،فالتشريع جاء لكل النساء
المتزوجات وغير المتزوجات ،فإذا وفق بعضهن في
@@404
الحصول على أزواج فما ذنب الخريات – وهن بل شك كثيرات – أن يبقين بدون زواج وقد جعل
لهن السلم الحق كل الحق في الزواج والعيش في بيت وأسرة تماًما مثل الزوجات؟
إن منع التعدد يكره المرأة على حالة واحدة ل تملك سواها ،وهي البقاء عزباء ل عائل لها ،وقد
تكون عاجزة عن إعالة نفسها#انظر :عباس العقاد -المرأة في القرآن ،ص ،77-76ط المكتبة
حا وقوّياالعصرية ،بيروت – لبنان ، #.وأخذ بعض الرجال والنساء بنظام التعدد يعد برهاًنا واض ً
ل من طريق الضلل والغواية ،لن التعدد يختط سبي ً
ل على أنهم اختاروا طريق الستقامة بد ً
للمحافظة على الخلق ،ويوثق الروابط الجتماعية ،ويحفظ للبيت المسلم أمنه واستقراره ،وهو
الطريق السليم المشروع لشباع الرغبات دون التردي في مهاوي الشهوات#انظر :د .محمد
الزهراني – تعدد الزوجات في السلم ص ،236 – 234وعطية سالم – تعدد الزوجات وتحديد
النسل ص #.95
رابًعا :القول بأن التعدد فيه اعتداء على مبدأ المساواة بين الجنسين بإعطاء الرجل حق التعدد ومنع
المرأة منه؛ قول فيه مغالطة وجهل بطبيعة كل من الرجل والمرأة الخلقية ،وكذا جهل بنظام السرة
في السلم.
فالسلم ساوى بين الزوج والزوجة في الحقوق والواجبات حيث يقول عز وجل بشأن الزوجات:
)ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف(#سورة البقرة الية ،#.228 :ولكن هذه المساواة ليست مساواة
مطلقة ،لختلف طبيعة كل من الرجل والمرأة ،والمساواة بين مختلفين تعني ظلم أحدهما ،فال عز
وجل خلق للمرأة رحًما واحدة ،وهي تحمل في وقت واحد ومرة واحدة في السنة ،ويكون لها تبًعا
@@405
لذلك مولود واحد من رجل واحد .أما الرجل فمن الممكن أن يكون له عدة أولد من عدة زوجات،
ينتسبون غليه ويتحمل مسؤولية تربيتهم والنفاق عليهم وتعليمهم وعلجهم وكل ما يتعلق بهم
وبأمهاتهم من أمور .فإذا تزوجت المرأة بزوجين أو ثلثة أو أربعة ،فمن من هؤلء الرجال يتحمل
مسؤولية الحياة الزوجية؟ أيتحملها الزوج الول؟ أم الزوج الثاني؟ أم يتحملها الزواج الثلثة أو
الربعة؟ ثم لمن ينتسب أولد هذه المرأة متعددة الزواج؟ أينتسبون لواحد من الزواج؟ أم ينتسبون
لهم جميًعا؟ أم تختار الزوجة أحد أزواجها فتلحق أولدها به؟#انظر :سعيد الجندول – الجنس الناعم
في ظل السلم ص ،67ط الولى عام 1402هـ 1982/م ،دار تهامة – جدة#.
إن المسؤولية الجتماعية في نظام تعدد الزوجات يقوم على أساس تعدد الزوجات تقوم عل أساس
رابطة الدم وهي رابطة طبيعية متينة ،بنما يفتقر نظام تعدد الزواج إلى أساس طبيعي تبنى عليه
الروابط الجتماعية ،لن النسان بغير اقتصار المرأة على زوج واحد ل يستطيع أن يعرف الصل
الطبيعي له ولولده#عبد الناصر العطار – تعدد الزوجات من النواحي الدينية والجتماعية
والقانونية ،ص ،15ط عام 1396هـ1976/م ،دار الشروق -جدة#.
كما أن تعدد الزواج يمنع الزوجة من أداء واجبات الزوجية بصورة متساوية وعادلة بين أزواجها،
سواء أكان ذلك في الواجبات المنزلية أو في العلقات الجنسية ،ول سيما أنها تحض عدة أيام في كل
شهر ،وإذا حملت تمكث تسعة أشهر في معاناة جسدية تحول دون القيام بواجباتها نحو الرجال الذين
تزوجوها ،وعند ذلك سيلجأ الزواج – بل شك – إلى الخليلت من بنات الهوى أو يطلقونها فتعيش
حياة قلقة غير مستقرة.
@@406
إًذا سنة ال تعالى في خلقه جعلت نظام تعدد الزواج غير صالح البتة للمرأة ،بينما جعلت نظام
تعدد الزوجات مناسًبا جّدا للرجل#انظر د .محمد الزهراني – تعدد الزوجات في السلم ص 258
–#.259
وأخيًرا فإن المجتمع ل يستفيد من نظام تعدد الزواج للمرأة بعكس نظام تعدد الزوجات للرجل الذي
يتيح فرص الزواج أمام كثير من العوانس والمطلقات والرامل ،هذا إلى جانب أنه لو أجيز للمرأة
أن تتزوج بأكثر من رجل واحد لزاد عدد العوانس زيادة كبيرة وأصبح النساء في وضع اجتماعي ل
يحسدن عليه#انظر :عبد الناصر العطار – تعدد الزوجات ص #.15
" وهكذا فإنه ليس من العدالة في شيء أن يباح للمرأة أن تعدد أزواجها بحجة مساواتها بالرجل،
ل كذلك أن يحرم الرجل من صلحيته في أن تعدد زوجاته بدعوى مساواته بالمرأة في وليس عد ً
حق الزواج"#د .محمد الزهراني – تعدد الزوجات في السلم ص .259راجع كتاب )قولي في
المرأة( للشيخ مصطفى صبري ص #.20 -19
سا :وأما قولهم إن تعدد الزوجات فيه مجال للنزاع الدائم بين أفراد السرة وينشأ عنه
خام ً
الضطراب والهمال والتشرد للولد.
فيجاب عنه بان النزاع السري أمر طبيعي ل يسلم منه أي بيت حتى مع وحدة الزوجة بن الخوة
والخوات ومع أقارب الزوج ،وليس بلزم لكل نزاع أن يحدث اضطراًبا ،وقد يرجع ما يحدث من
خلفات ومنازعات في بعض حالت تعدد الزوجات إلى تهاون الزوج وضعفه وعدم عدله وإنصافه
في معاملة أهل بيته ،بالضافة إلى ضعف الوازع الديني في
@@407
نفوس بعض الزوجات بحيث ل يستطعن كبح جماح الغيرة ،ومن ثم يعمدن إلى إلحاق الضرر
بضرائرهن وتعكير صفو السرة#انظر :د .محمد عبد ال عرفة – حقوق المرأة في السلم ،ص
،96ط الولى عام 1398هـ1978 /م ،مطبعة المدني – القاهرة#.
"كما يلحظ أن النزاع بين الزوجات إنما يحدث في الغالب من أجل الحصول على مطلب من
مطالب الحياة السرية من مأكل وملبس ومسكن وما شابه ذلك .وقد يكون النزاع حول مكانة كل
زوجة في زوجها ،ومكانة كل ولد لدى والده .ولهذه المنازعات شبيه في حالة وحدة الزوجة ،ففيها
نجد الزوجة تتنازع مع زوجها في بعض الحيان من أجل مكانتها عنده بالنسبة لمه وأخته ،وقد
تختلف معه اختلًفا حاّدا يؤدي إلى الطلق لنه لم يوفر لها بعض ما تحتاج إليه من ملبس أو أثاث
أو حلي.
وعلج هذه المشكلت السرية إنما يعتمد في الدرجة الولى على شخصية الرجل وقدرته على
ل حازًما استطاع حسم هذه المشكلت منذ بدايتها ،أما إذا إدارة شؤون منزله ،فإذا كان الرجل عاد ً
كان غير عادل وضعيف الشخصية فإن هذه المشكلت ستستمر بين أفراد أسرته سواء كان لديه
زوجة واحدة أم عدة زوجات.
وقد تتألف السرة من زوج وزوجة واحدة فقط وأولد ،ولكن أمور هذه السرة ليست على ما يرام،
وذلك لوجود تنافر بين الزوجين ،أو لن العلقة الزوجية بينهما لم تقم على أساس سليم ،أو لسوء
خلقهما مًعا أو سوء خلق واحد منهما"#د.محمد الزهراني – تعدد الزوجات في السلم ص – 260
260بتصرف يسير#.
@@408
وما وجه الضطراب والهمال في حياة رجل أقام أسرتين في بيتين يبيت كل ليلة في بيت ،يضم
زوجته وأولده في كل بيت ،ويقوم على تربيتهم والعناية بهم ،وينفق عليهم على قدر جهده وطاقته؟
#انظر :وهبي اللباني – المرأة المسلمة ص #.161وإذا وقع شيء من النزاع في حياة السرة
وتشرد الولد فهو بسبب إساءة استعمال حق التعدد ،ل بسبب التعدد نفسه ،ويكفي أن نعلم أن
المشردين في الشرق المسلم اقل بكثير من اللقطاء في الغرب غير المسلم ،هذا بالضافة إلى أنه
ليس كل المشردين بسبب التعدد المشروع في السلم ،بينما كل اللقطاء بسبب الفسق والفجور في
الغرب#يقول الشيخ محمود شلتوت :إنه ليس لتعدد الزوجات من حالت التشرد أكثر من ثلثة
سا لتشرد الولد ،وقد بالمائة ) ،(%3وهي نسبة ضئيلة جّدا ل تكفي لن يجعل التعدد سبًبا رئي ً
اعتمد الشيخ شلتوت في كلمه هذا على إحصائية أجراها مكتب الخدمة الجتماعية بالقاهرة لبحث
حالت التشرد .راجع كتاب )السلم عقيدة وشريعة(ص ،190ط الثامنة عام 1395هـ 1975/م،
دار الشروق -القاهرة#.
وأخيًرا يكفي العاقل أن يعلم أن تعدد الزوجات تشريع العليم الحكيم الذي ل يقع منه الخطأ سبحانه
ول ظلم ول جهالة ،وأنه سبحانه لم يشرع لعباده إل ما يجلب لهم سعادة الدارين الدنيا والخرة،
وشرع ال أحق أن ُيّتبع ،وهو سبحانه أعلم بالحكمة في تشريعه ،وإساءة استعمال أي تشريع ل
ل من :وهبي اللباني – المرأة المسلمة ص تقتضي إلغاءه ،بل تقتضي منع تلك الساءة#انظر ك ّ
،161-160ود .مصطفى السباعي – المرأة بين الفقه والقانون ص #.107
سا :وأما قولهم إن التعدد يؤدي إلى إكثار النسل ،وهو مظنة العيلة والفقر وانتشار البطالة في
ساد ً
المجتمع.
@@409
فيجاب عنه بأن إكثار النسل في البلد السلمية مطلب شرعي هام ،يقو النبي صلى ال عليه وسلم:
"تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم المم"#رواه أبو داود في سننه في كتاب )النكاح( ،باب
)النهي عن تزويج من لم يلد من النساء( ،الحديث رقم ) (2050ج /2ص .220البيهقي في السنن
الكبرى في كتاب )النكاح( ،باب _استحباب التزوج بالودود الولود( ج /7ص .81الطبراني في
المعجم الكبير ج /20ص .219وكذا الحاكم في المستدرك في كتاب )النكاح( برقم ) (2685جـ
،2/176وقال" :هذا حديث صحيح السناد ولم يخرجاه بهذه السياقة" .وصححه اللباني في صحيح
الجامع الصغير برقم ) (2937جـ /3ص #.40فإكثار النسل عون للمة على زيادة النتاج
الزراعي والصناعي والتجاري ،وبه يستغني المسلمون عن العمالة الجنبية المخالفة لهم في المعتقد
والعادات والتقاليد ،فما المانع من تكثير النسل لمة تريد النهوض المادي والحضاري وتحتاج
اليدي العاملة المسلمة؟ ،وهل تقدمت دول أوروبا وأمريكا صناعّيا إل بعد أن كثر عددها؟ وهل
رهبة الصين اليوم إل بكثرة عددها ،وهل تأخرت بعض البلد إل لقلة العدد؟ ثم أي المرين أفضل:
كثرة النسل مع صيانته في البيت ورعايته في ظل السرة ،أم كثرة اللقطاء من الشوارع وإيداعهم
ل من :محمد الزهراني – تعدد الزوجات في السلم ص دور الحضانة والملجئ؟!!#انظر ك ّ
،263وعطية محمد سالم – تعدد الزوجات وتحديد النسل ص #.97
وأما الحكم بأن كثرة النسل سبب في الفقر وانتشار البطالة في المجتمع ،فهو غير صحيح ومناف
لوعد ال عز وجل بالتكفل بأرزاق عباده ،فلن تضيق أرزاق الولد إذا كثروا ،لنها جميًعا على ال
تعالى وهو الرزاق ذو القوة المتين ،يقول سبحانه) :وما من دابة في الرض إل على ال
رزقها(#سورة هود ،الية، #.6 :كما أن الرزق والجل والعمل والسعادة والشقاوة تكتب على
النسان عند نفخ
@@410
الروح فيه بعد مائة وعشرين يوًما من تكونه في رحم أمه ،كما أخبر بذلك الصادق المصدوق صلى
ال عليه وسلم #وذلك في حديث أنس بن مالك رضي ال عنه الذي رواه المام البخاري في
صحيحه في كتاب )الحيض( ،الباب ) ،(17الحديث رقم ) (318جـ /1ص .418وحديث عبد ال
بن مسعود رضي ال عنه الذي رواه المام مسلم في صحيحه في كتاب )القدر( ،باب )كيفية خلق
الدمي في بطن أمه( جـ /16ص ،#.190فلن يخرج إنسان إلى الحياة إل ورزقه مقدر له من ال،
فيجب التوكل عليه سبحانه.
وعليه نقول إن كثرة الولد ل تضيق الرزق بل تزيده وتوسعه ،يقول عز وجل ) :ول تقتلوا
أولدكم من إملق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطًئا كبيًرا(#سورة السراء ،الية#.31 :
@@411
الخاتمة:
الحمد ل الذي بنعمته تتم الصالحات ،حمّدا طيًبا مبارًكا كما يحب ربنا ويرضى ،حمًدا يليق بجلله
وعظيم نعمه على تيسيره وامتنانه.
وبعد :فقد توصلت في نهاية هذا البحث إلى نتائج علمية عديدة أجملها في التي:
أن اختصاص الرجل بالقوامة على المرأة في السلم ل ينقص من كرامة المرأة ل -1
من قدر إنسانيتها ،لنه توزيع إلهي في وظائف كل منهما .كما أن القوامة تكليف ومسؤولية
وليست تعسًفا ول استبداًدا في شئون السرة ،ول إهداًرا لشخصية المرأة ول مصادرة
لمقومات أهليتها.
أن الولية على المرأة في النكاح ولية مشورة وحفظ وحماية ،لتحقيق مصالحها، -2
والحفاظ على كرامتها ،ووقايتها من التعزير بها.
أن السلم حريص كل الحرص على استمرار الحياة الزوجية إذا كان في ذلك -3
الخير والسعادة للزوجين ،وأنه لم يبح الطلق إل بعد استنفاد كل الطرق والوسائل التي
يمكن من خللها إصلح ذات البين بين الزوجين والتوفيق بينهما.
أن جعل أمر الطلق بيد الرجل ل بيد المرأة له حكم عديدة في السلم ،منها: -4
ل وابصر بالعواقب من أن الرجل -في الغالب – أقوى إرادة وأكثر تعق ً -1
المرأة.
@@412
أنه هو الذي سعى إلى الزواج وتحمل العباء المالية الكثيرة في المهر -2
وتكاليف الزواج وإعداد البيت والنفقة على الزوجة والولد ،ولن يضحي بهذا كله
إل إذا كانت متاعبه في الزواج أعمق وأشق.
أن الشريعة السلمية اتخذت إجراءات عملية عديدة لمنع إساءة استعمال حق -5
الطلق من قبل الزوج ،تتمثل في التي:
منع إيقاع الطلق من غير سبب. -1
توريث الزوجة المطلقة من مطلقها إذا طلقها في مرض موته بقصد -2
حرمانها من الرث.
ج – إباحة طلب الزوجة الطلق في حالت إضرار الزوج بها.
د -مشروعية المخالعة.
هـ -إباحة اشتراط الزوجة جعل أمر الطلق بيدها.
ف الزوج بالشروط التي اشترطتها عليه عند عقده. و -تمكينها من فسخ النكاح إذا لم ي ِ
ز -تحريم مضارة الزوج زوجته في الطالق.
ح -تحريم تضييق الزوج على زوجته من أجل أن تفتدي نفسها منه بمالها.
أن جعل شهادة المرأة في السلم على النصف من شهادة الرجل إنما هو فيما -6
يخص أمور الرجال بسبب:
عدم مخالطتها الرجال وعدم حضورها العقود المالية المبرمة بينهم غالًيا. -1
قلة ممارستها لميادين الرجال وأعمالهم. -2
@@413
ج – ما يعتريها من ضعف ونسيان وتأثر وانفعال بسبب الحمل والولدة والرضاعة
وآلم الدورة الشهرية.
وأما ما يتعلق بأمور النساء فشهادتها وحدها مقبولة فيها ،في حين ل تقبل شهادة الرجل وحده.
أن الحكمة من جعل نصيب النثى في الرث نصف نصيب الرجل هي :أن الرجل -7
عا بأعباء وواجبات مالية ل تلزم بمثلها المرأة حتى ولو كانت غنية ،بالضافة مكلف شر ً
إلى أن السلم فرض لها المهر والنفقة زوجة ،وفرض لها النفقة أّم وبنًتا وأخًتا .علًما بأنها
تأخذ أحياًنا من الميراث مثل ما يأخذ الرجل ،كما في الخوات لم ،فإن الواحدة منهن إذا
انفردت تأخذ سدس التركة كما يأخذ الخ إذا انفرد ،وإذا كانوا ذكوًرا وإناًثا اثنين فأكثر
فإنهم يشتركون جميًعا في الثلث للذكر مثل حظ النثى تماًما .وكما في الم مع الب إذا
مات ولدهما وترك أولًدا ولو واحًدا فللب السدس وللم كذلك.
أن السلم يبيح تعدد الزوجات ،ولكن بشروط ثلثة: -8
الول :أل يزيد عدد الزوجات عن أربع كحد أعلى.
الثاني :قدرة الزوج على النفاق على الزوجات والولد.
الثالث :العدل بين الزوجات في المسكن والمطعم والملبس والمبيت وحسن التعامل ،وهو العدل
المادي المستطاع .وأما العدل المعنوي الممثل في المحبة والميل القلبي فهو غير مستطاع؛
وبالتالي ل يؤاخذ الزوج عليه ،على أل يسرف في هذا الميل القلبي عن الخرى.
@@414
أن تعدد الزوجات كان موجوًدا في الديان السماوية السابقة ،وفي النظم الدينية -9
سا تنظمه وتحد المساوئ حا ،ولكنه وضع له أس ً الخرى .ولما جاء السلم أبقى عليه مبا ً
والضرار التي كانت موجودة فيه سابًقا.
-10أن تعدد الزوجات في السلم سبيل للمحافظة على القيم والخلق وأمن البيت
المسلم واستقراره ،وسبيل لتوثيق الروابط الجتماعية بين الناس ،وطريق مشروع لشباع
الرغبات دون التردي في مهاوي الشهوات.
-11أن ما يقع من مضار اجتماعية عند تعدد الزوجات؛ سببه إساءة استعمال حق
التعدد ،ل إباحة التعدد نفسه ،لن هذه الباحة تشريع العليم الحكيم الذي ل يقع منه خطأ
سبحانه ول ظلم ول جهالة.
أسأل ال عز وجل أن يخلص نياتنا ويصلح أعمالنا ،إنه ولي ذلك والقادر عليه ،وصلى ال على نبينا
محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
@@415
قائمة المصادر والمراجع:
أوًل :الكتب:
القرآن الكريم. -1
إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل .لمحمد ناصر الدين اللباني ،ط -2
الولى 1399هـ 1979 -م ،المكتب السلمي – بيروت.
السرة السعيدة في رحاب السلم .للدكتور حسن أبو غدة ،ط الولى 1417هـ - -3
1997م ،دار عالم الكتب – الرياض.
السلم عقيدة وشريعة .لمحمود شلتوت ،ط الثامنة 1395هـ 1975 -م ،دار -4
الشروق – القاهرة.
السلم وبناء المجتمع .للدكتور أحمد العسال ،ط الثانية 1397هـ 1977 -م ،دار -5
القلم – الكويت.
السلم وقضايا المرأة المعاصرة .للبهي الخولي ،ط الثالثة ،دار القلم -الكويت. -6
القناع لطالب النتفاع .لموسى بن أحمد الحجاوي المقدسي ،تحقيق :د .عبد ال بن -7
عبد المحسن التركي ،ط الولى 1418هـ 1997 -م ،دار هجر – القاهرة.
الم .للمام محمد بن إدريس الشافعي ،ط دار المعرفة للطباعة والنشر – بيروت. -8
بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع .لعلء الدين الكاساني الحنفي ،تحقيق :محمد -9
عدنان درويش ،ط الثانية 1419هـ 1998 -م ،دار إحياء التراث العربي – بيروت.
-10تعدد الزوجات من النواحي الدينية والجتماعية والقانونية .لعبد الناصر العطار ط
عام 1396هـ 1976 -م ،دار الشروق – جدة.
تعدد الزوجات وتحديد النسل .لعطية محمد سالم ،ط المكتبة العلمية – المدينة
-11
المنورة.
-12تفسير القرآن العظيم .للحافظ عماد الدين بن كثير ،ط عام 1403هـ 1983 -م،
دار المعرفة – بيروت.
@@416
تنظيم السلم للمجتمع .لمحمد أبو زهرة ط عام 1975م ،دار الفكر العربي – -13
القاهرة.
-14تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلم المنان .لعبد الرحمن بن ناصر السعدي ،ط
عام 1404هـ ،الرئاسة العامة لدارات البحوث العلمية والفتاء – الرياض.
-15جامع البيان في تأويل آي القرآن .لبي جعفر محمد بن جرير الطبري ،ط الثالثة
1420هـ 1999 -م ،دار الكتب العلمية – بيروت.
-16الجامع لحكام القرآن .لبي عبد ال محمد بن أحمد القرطبي ،ط الخامسة 1417
هـ 1996 -م ،دار الكتب العلمية – بيروت.
-17الجنس الناعم في ظل السلم .لسعيد الجندول ،ط الولى 1402هـ 1982 -م
دار تهامة – جدة.
-18حاشية الدسوقي على الشرح الكبير .لشمس الدين محمد عرفة الدسوقي ،ط دار
الفكر للطباعة والنشر – بيروت.
-19حقائق السلم وأباطيل خصومه .لعباس محمود العقاد ،ط الولى 1376هـ -
1957م ،المؤتمر السلمي – القاهرة.
-20حقوق المرأة في السلم .للدكتور محمد عبد ال عرفه ،ط الولى 1398هـ -
1978م ،مطبعة المدني – القاهرة.
-21رد المحتار على الدر المختار المعروف بحاشية ابن عابدين لمحمد أمين ابن
عابدين الدمشقي ،تحقيق :محمد صبحي حلق وعامر حسين ،ط الولى 1419هـ-
1998م ،دار إحياء التراث العربي – بيروت.
-22الروض المربع شرح زاد المستنقع .لمنصور بن يونس البهوتي ،ط مكتبة الرياض
الحديثة – الرياض.
-23الزوج وأحكامه في مذهب أهل السنة .للسيد أحمد فرج ،ط الولى 1409هـ
1989م ،دار الوفاء للطباعة والنشر – المنصورة.
-24سبل السلم .لمحمد بن إسماعيل الصنعاني ،ط عام 1397هـ 1977 -م ،جامعة
المام محمد سعود السلمية – الرياض.
-25سمو التشريع السلمي في معالجة النشوز والشقاق بين الزوجين :للدكتورة
كوثر كامل علي ،ط عام 1984م ،دار العتصام – القاهرة.
-26سنن ابن ماجه .لبي عبد ال محمد بن يزيد القزويني ،ط دار الكتب العلمية،
بيروت – لبنان .وط -مكتبة المعارف – الرياض ،تحقيق محمد ناصر الدين اللباني.
-27سنن أبي داود .للمام الحافظ أبي داود سليمان بن الشعث السجستاني ،تعليق:
محمد محيي الدين عبد الحمد ،ط دار إحياء التراث العربي.
-28سنن الدارمي .للمام أبي محمد عبد ال بن عبد الرحمن الدارمي ،ط عام 1404
هـ 1984 -م ،دار حيث أكادمي ،فيصل أباد – باكستان.
-29السنن الكبرى .لبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي ،ط الولى 1347هـ ،مطبعة
دائرة المعارف العثمانية ،حيدر أباد الدكن – الهند.
-30سنن النسائي للمام الحافظ أحمد بن شعيب النسائي ،ط دار إحياء التراث العربي،
بيروت – لبنان.
-31شرح الزركشي على مختصر الخرقي لشمس الدين محمد بن عبد ال الزركشي،
تحقيقك الشيخ عبد ال بن عبد الرحمن الجبرين ،ط الولى 1410هـ ،بدون ذكر الناشر.
-32شرح منتهى الرادات .لمنصور بن يونس البهوتي ،تحقيق د .عبد ال بن عبد
المحسن التركي ،ط الولى 1421هـ 2000 -م ،مؤسسة الرسالة -بيروت.
-33صحيح الجامع الصغير .لمحمد ناصر الدين اللباني ،ط الثانية 1399هـ -
1979م ،المكتب السلمي – بيروت.
-34صحيح مسلم بن الحجاج القشيري بشرح يحيى بن شرف النووي .ط دار الريان،
القاهرة – مصر.
-35فتح الباري شرح صحيح البخاري .لبن حجر العسقلني ،نشر :رئاسة إدارات
البحوث العلمية والفتاء بالمملكة العربية السعودية – الرياض.
-36القاموس المحيط .لمجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي ،ط الولى 1420هـ
1999 -م ،دار الكتب العلمية – بيروت.
-37قصة الزواج والعزوبة في العالم .للدكتور /علي عبد الواحد وافي ،ط الثانية ،دار
نهضة مصر للطبع والنشر – القاهرة.
-38قولي في المرأة ومقارنته بأقوال مقلدة الغرب .لمصطفى صبري ،ط الثانية
1402هـ 1982 -م ،دار الرائد العربي – بيروت.
-39كتاب الفقه على المذاهب الربعة .لعبد الرحمن الجزيري ،ط عام 1969م ،دار
إحياء التراث العربي – بيروت.
-40المبسوط لشمس الدين السرخسي ،ط الثانية ،دار المعرفة – بيروت.
-41مجموع فتاوى شيخ لسلم ابن تيمية .جمع وترتيب :عبد الرحمن بن قاسم وابنه
محمد ،ط الرئاسة العامة الرئاسة العامة لشؤون الحرمين الشريفين – مكة المكرمة.
-42المدونة الكبرى .للمام مالك بن أنس ،ط مؤسسة الحلبي للطباعة والنشر –
القاهرة.
-43المرأة بين الفقه والقانون .للدكتور /مصطفى السباعي ،ط الخامسة ،المكتب
السلمي – بيروت.
-44مزايا نظام السرة المسلمة .لحمد حسن كرزون ،ط الثانية 1417هـ 1997 -م،
دار ابن حزم – بيروت.
-45المرأة في القرآن .لعباس محمود العقاد ،ط المكتبة العصرية ،بيروت – لبنان.
-46المرأة المسلمة .لوهبي اللباني ،ط الثانية 1398هـ 1978 -م ،مؤسسة الرسالة،
بيروت – لبنان.
-47المستدرك على الصحيحين .للمام الحافظ أبي عبد ل محمد بن عبد ال الحاكم
النيسابوري ،دراسة وتحقيق :مصطفى عبد القادر عطا ،ط الولى 1411هـ19990 -م،
دار الكتب العلمية ،بيروت – لبنان.
-48مسند المام أحمد بن حنبل .ط دار صادر والمكتب السلمي – بيروت ،وط دار
المعارف بتحقيق :أحمد محمد شاكر 1373هـ 1954 -م – مصر ،وط مؤسسة الرسالة –
بيروت ،عام 1414هـ 1994 -م ،بتحقيق :شعيب الرناؤوط وآخرين.
@@419
-49المعاملت في السلم .للدكتور عبد الستار فتح ال سعيد ،الكتاب العشرون من
سلسلة كتب )دعوة الحق( ،الصادر في ذي القعدة 1402هـ -مكة المكرمة.
-50المعجم الكبير .للحافظ أبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني ،ط الولى 1400هـ -
1980م ،وزارة الوقاف بالجمهورية العراقية – بغداد.
-51المغني .لبي محمد عبد ال بن أحمد بن قدامة المقدسي ،تحقيق :د .عبد ال بن عبد
المحسن التركي ،ود .عبد الفتاح الحلو ،ط عام 1410هـ 1990 -م ،دار هجر القاهرة.
-52المقنع في فقه إمام السنة أحمد بن حنبل الشيباني .لموفق الدين أحمد بن قدامة
المقدسي ،ط المؤسسة السعيدية – الرياض.
-53الملخص الفقهي .للدكتور صالح بن فوزان الفوزان ،ط الولى 1423هـ ،رئاسة
إدارة البحوث العلمية والفتاء بالمملكة العربية السعودية – الرياض.
-54منهاج الطالبين بشرح المحلي وحاشية القليوبي .لبي زكريا يحيى بن شرف
النووي ،ط دار إحياء التراث العربي – القاهرة.
-55منهج السنة في الزواج .للدكتور محمد الحمدي أبو النور ،ط الرابعة 1413هـ -
1992م ،دار السلم القاهرة.
-56المهذب في فقه المام الشافعي .لبي إسحاق الشيرازي ،تحقيق :د .محمد
الزحيلي ،ط الولى 1417هـ 1996 -م ،دار القلم – دمشق.
ثانًيا :الدوريات:
-57مجلة ) البحوث السلمية( .العدد ) (36الصادر في ربع الول 1413هـ -سبتمبر
1992م.
صِل في الدّْرج
قطُع همزِة الَو ْ
)مواضعه ،علله ،أحكامه ،وظائفه(
@@425
تمهيد :همزة الوصل ومواضعها:
همزة الوصل#نقل ابن خالويه في اللفات 26أنها همزة باتفاق البصريين والكوفيين ،وإنما يعبر
عنها باللف تقريًبا على المتعلم .ونقل المالقي في ذلك خلًفا .ينظر رصف المباني #.129تدخل
ل إلى النطق بالساكن ،وهرًبا من البتداء به#ينظر :الصول ،2/367 في أوائل بعض الكلم؛ توص ً
والمنصف ،1/53وسر الصناعة ،1/112وشرح الشافية .2/261وقد جمع ابن خالويه ثلثة
مواضع تدخل فيها همزة الوصل على متحرك .انظر :ليس في كلم العرب ، #.348 ،90 ،89
فهي تثبت نطًقا في ابتداء الكلم ،وتسقط في درجه#ينظر :التكملة ،16واللباب ،2/191وشرح
الشافية ،266 ،2/265والتذييل #.3/266ولها مواضع معلومة في الفعال والسماء ،يقول
سيبويه" :لن السماء ل تكون بألف وصل"#الكتاب ،3/198وينظر :سرحه للسيرافي -4/80أ،
وسر الصناعة ،1/111 ،وسيأتي تفسير ذلك وتعليله للسيرافي في موضعه من المبحث الثاني إن
شاء ال #.أما الفعال التي تدخل عليها همزة الوصل فهي التي سكنت أوائلها#المنصف 1/53
وانظر فيه تعليل تسكين أوائل تلك الفعال ، #.وهي#ينظر في ذلك :المنصف ،65-1/53وسر
الصناعة ،1/112وشرح التسهيل لبن مالك ،3/464ورصف المباني : #.130
-1الفعل الماضي إذا تجاوزت عدته أربعة أحرف سكن أولها نحو :انطلق ،واستخرج ،واحمّر،
واصفاّر.
-2المر من كل فعل انفتح فيه حرف المضارعة ،وسكن ما بعده ،نحو :يضرب ،ويقتل ،وينطلق،
فالمر منها :اضرب ،اقتل ،انطلق.
-3وأما السماء التي تدخلها همزة الوصل فنوعان:
أحدهما :قياسي#في التقسيم إلى قاسي وسماعي انظر :شرح الشافعية ،2/251وشرح ألفية ابن
معط للقواس #.1309-2/1308وهو مصادر الفعال الماضية المبدوءة بهمزة وصل ،إذا كانت
في المصدر فه همزة وصل ،نحو :انطلق واستخراج واحمرار واصفرار.
ل لها على أفعالها#ينظر :المنصف ،1/65وقال الرضي في وقد دخلت عليها همزة الوصل حم ً
شرح الشافعية " :2/260والحقوا بالفعال التي في أوائلها همزة وصل مصادرها" ، #.و"طلًبا
ل على الظهر"#شرح ألفية ابن معط للقواس ل وعم ً
للمناسبة؛ لن المصدر تابع للفعل صحة واعتل ً
#.2/1039
والخر :سماعي :في عشرة أسماء معدودة ،من غير المصادر ،هي :ابن ،وابنة ،وامرؤ ،وامرأة،
واثنان واثنتان ،واسم ،واست ،وابنم ،وايمن.
وعلة دخول همزة الوصل في هذه السماء العشرة أنها "لما نهكت هذه السماء بالعلل الذي حقه
ضا عن المحذوف"#شرح الشافعية أن يكون في الفعل شابهت الفعال؛ فلحقتها همزة الوصل عو ً
،2/252وينظر :المنصف #.64 ،1/57
وأما الحرف #آثر ابن فارس في الصحابي 130مصطلح )الداة( ليشمل)أل( الموصولة فيما يبدو
لي .وعبارة ابن مالك في شرح التسهيل " :3/465وأل موصولة كانت أو معرفة أو زائدة".
المشتمل على همزة وصل فهو )أل( #مذهب جمهور النحويين أن همزة )أل( وصل ،ونقل في كثير
ل :شرح التسهيل ،1/352 من كتب النحو أن الخليل ذهب إلى أن همزتها همزة قطع .انظر مث ً
والجنى الداني ،193ورصف
@ @427المباني 131 ،151وشرح الشموني .1/177وقد نقل السيرافي في ما يحتمل الشعر
في الضرورة 77وأبو حيان في التذييل 3/223أن هذا مذهب ابن كيسان .وفي الموفقي لبن
كيسان 118صرح أن ألف )أل ( ألف وصل .وخلص أبو حيان إلى أن مذهب الخليل وسيبويه
واحد وهو أن )أل( حرف ثنائي الوضع بني على همزة الوصل ولم ساكنة .انظر :التذييل -3/221
.222وأما ما نسبه معظم النحويين إلى الخليل فوهم مبني على ما نقله سيبويه في الكتاب ،3/325
4/148عن الخليل من تشبيهه )أل( بـ)قد( ،في كونها حرًفا يفصل ويستقل ، #.سواء كانت
للتعريف ،أم زائدة ،أم خرجت عن حرفيتها إلى السم الموصول ،نحو :الغلم ،القائم.
@@427
وقد دخلت همزة الوصل على )أل( لسكون اللم#سر الصناعة ،1/115وانظر #.346أو هو
حرف بني على همزة الوصل في اصل وضعه#وهذا رأي الخليل ،خلًفا لما اشتهر عنه أنها همزة
قطع في الصل .التذييل .3/222وانظر الحاشية التي قبل السابقة#.
أخلص مما سبق إلى ن همزة الوصل حرف زائد على بنية الكلمة يدخل على ما سكن أوله من لكلم؛
لكي ل يبتدأ بساكن ،وأنها تثبت في البتداء ،أي تقطع في حالة النطق ،وتسقط حين الدرج ،فل
ينطق بها .وقطع همزة الوصل في البتداء هو الصل فيها ،وهو الموضع المعهود الذي ل يخفى،
ولكننا وجدنا هذه الهمزة قد خرجت عن أصلها في بعض المواضع التي تقطع فيها همزة الوصل؟
ولم قطعت في هذه المواضع؟ وما حكم قطعها في كل موضع منها؟ هذا ما سنتبينه فيما يأتي إن شاء
ال تعالى.
@@428
المبحث الول :قطع همزة الوصل في )أل( ،وفيه مسائل:
المسألة الولى :قطع همزة الوصل في لفظ الجللة:
أوًل :قطع همزة الوصل في نداء لفظ الجللة )يا ال(:
قبل أن نتحدث عن قطع الهمزة من لفظ الجللة هنا ،ل بد أن نعرض لمسألة ندائه من حيث الجواز
وعدمه؛ لكونه اسًما محلى بـ)أل( ،ونداء ما فيه )أل( مسألة خلفية.
ول إشكال في ندائه عند الكوفيين ،فهم يجيزون نداء المحلى بـ)أل( مباشرة مطلًقا#النصاف
،1/335والتبيين ،444وائتلف النصرة . #.46ولكن الشكال هنا عند البصريين الذين يمنعون
نداء ما فيه )أل( مباشرة#نفسها .#وقد سمع واشتهر نداء لفظ الجللة) :يا أل( ،ل ينكر ذلك أحد،
بل الجماع قائم على جوازه#الكتاب ،400 ،275 ،196 ،195 ،2/115والمقتضب ،1/388
وشرح اللمع للصفهاني ،2/643والنصاف ،1/377وشرح الملوكي لبن يعيش ،357
والمستوفى ،1/335وشرح الكافية للرضي ،1/1/356والمساعد ،2/509وشرح التصريح
،2/172وشرح الشموني .#.3/145فما تعليل البصريين لذلك؟
علة ذلك عندهم لزوم اللف واللم لهذا السم ل يفارقانه ،حتى ُنّزل منزلة الحرف الصلي من
الكلمة ،مع كثرة استعماله وذكره في الكلم ،ونحن نعلم أن كثرة الستعمال علة معتمدة في كثير من
أبواب العربية#ينظر :الشباه والنظائر #.2/304قال سيبويه )ت 180هـ(" :واعلم أنه ل يجوز
لك أن تنادي اسًما فيه اللف واللم ألبتة ،إل أنهم قد قالوا) :يا أل اغفر لنا( ،وذلك من قبل أنه اسم
يلزمه اللف
@@429
واللم ل يفارقانه ،وكثر في كلمهم ،فصار كأن اللف واللم فيه بمنزلة اللف واللم التي في نفس
الحروف#"...الكتاب #.2/195
ضا عنه ،وهذا مبني على وسبب هذا اللزوم وقوع اللف واللم موقع حرف أصلي حذف وصار عو ً
أن أصل لفظ الجللة )إله( على )ِفعال( في أحد قولي سيبويه ،حذفت الهمزة التي هي فاء
الكلمة#وهو حذف على غير قياس .الغفال /3ب مخطوط #.وعوض عنها اللف واللم وفي ذلك
يقول سيبويه..." :وكأن السم – وال أعلم – )إله( ،فلما أدخل فيه اللف واللم حذفوا اللف#يريد:
ضا مما يقويه أن يكونالهمزة التي هي فاء الكلمة ، #.وصارت اللف واللم خلًفا منها .فهذا أي ً
بمنزلة ما هو من نفس الحرف"#الكتاب ،2/195وينظر :المقتضب ،1/388والغفال -3ب
مخطوط ،واشتقاق أسماء ال للزجاجي ،24والمقتصد في شرح اليضاح #.2/757
وقد وضح السيرفي )ت 368هـ( كيف آل اللفظ إلى )ال( ،فقال," :أصل اسم ال تعالى كأنه )إله(،
ثم تدخل عليه اللف واللم فيصير) :الله( ،ثم تلين الهمزة فتلقى حركتها على لم التعريف ،وتسقط
هي#يريد الهمزة فاء الكلمة #.فيصير) :الله( ،ثم تدغم #والدغام يقتضي تسكين اللم الولى#.
ضا من الهمزة المحذوفة#"...شرح الكتاب في اللم فيصير )ال( ،وتصير اللف واللم عو ً
للسيرافي -3/42أ -ب مخطوط ،وينظر :النكت ،547-546:1والمقتضب ،1/388ومعاني
القرآن وإعرابه للزجاج ،5/152المخصص ،17/136وأمالي ابن الشجري =
@@430
= ،195 ،2/194والنصاف ،1/399وأسرار العربية ،231والتبيين ،447وشرح المفصل
،2/9والخزانة #.2/281
ضا أنها دخلت لهذا الغرض بعد أن لم تكن في اللفظ ،بل المراد منهاوليس المراد من كون )أل( عو ً
معنى التعريف في حال النداء ،ومحضوها للتعويض#المقتصد في شرح اليضاح #.2/759
والدليل على ذلك أن هذا السم ل يستعمل بدون )أل( إن في النداء وإن في غيره.
ومن العلماء من علل جواز نداء لفظ الجللة بأن هذا شيء اختص به هذا السم الكريم ،كالباقولي
)ت 543هـ(#شرح اللمع ، #.2/623وأبي البركات النباري )ت 577هـ(#أسرار العربية
،#.231وابن بري )ت 582هـ(#اللسان )أله( #.وهذا الولى فيما يبدو لي؛ لن هذا السم العظيم
ت نداؤه على الصل فيما هو محلى بـ)أل( ،فلم يقولوا ،ول يجوز أن يقولوا) :يا أيها ال(؛ "لن لم يأ ِ
اللهية التي تدل عليها لفظة )ال( ليس بمعنى يجوز أن يشترك فيه ،ول في التوهم فيصح أن
يوصف به"#المستوفى #.1/335
هذا عن جواز نداء اسم ال تعالى .وقد ثبت قطع همزة الوصل فيه ،نص على ذلك سيبويه )ت
180هـ(#الكتاب ، #.400 ،275 ،2/115وحكاه الفراء )ت 207هـ(#معاني القرآن ،1/203
وينظر :اللسان )أله( ،#.وحكى ثعلب )ت 291هـ( اللغتين عن العرب #المحكم لبن سيده
،4/259واللسان )أله( ، #.ونص أبو علي الفارسي )ت 377هـ( على
@@431
القطع#التعليقة على كتاب سيبويه .1/340وقال الرضي في شرح الكافية " :1/1/457وحكى أبو
علي :يا ال ،بالوصل على الصل" ولم يزد على ذلك .ونقل محققه في الحاشية عن المباحث
الكاملية أن أبا علي حكى اللغتين الوصل والقطع في التذكرة ، #.وابن الشجري )ت 542
هـ(#أمالي ابن الشجري ، #.2/196وروي في ذلك شاهد من الرجز ،وهو قوله:
على اسمك ال يا أل#معاني القرآن للفراء مبارك هو ومن سماه
،1/203والنصاف ،1/339والمساعد .2/509ولم أقف على قائل الرجز#.
فلم قطعت همزة الوصل فيه؟
وقفت في ذلك على أربعة أقوال:
القول الول :وبه قال سيبويه )ت 180هـ( ،وتبعه السيرافي )ت 368هـ( ،وأبو الحسن الوراق
)ت 381هـ( ،والرضي )ت 686هـ( ،وهو أنه لما خرج عن اصله في النداء ،خولف به في
همزة الوصل فقطعت:
وذلك أنه لما خالف ما هو الصل في نداء المحلى بـ)أل( ،فنودي مباشرة دون )أيها( فخالفوا الصل
فيما همزته للوصل فقطعوها منه فقالوا) :يا أل( ،قال سيبويه ..." :كأنهم حين قالوا )يا أل( ،فخالفوا
ما فيه اللف واللم ،لم يصلوا ألفه وأثبتوها"#الكتاب #.2/115فقد وقع هذا القطع حين النداء
حا كلم سيبويه السابق...." :فلما اضطرهم المر للمخالفة الحاصلة في النداء ،قال السيرافي موض ً
إلى ندائه خالفوا بلفظه لفظ ما ينادى مما فيه اللف واللم للتعريف؛ فقطعوا اللف ،فصار في اللفظ
كأن اللف واللم أصليتان#"....شرح الكتاب للسيرافي – 2/216أ . #.إذن فالتغيير في النداء
جرأهم على التغيير في الهمزة ،وهذا متفق مع أصلهم) :التغيير يأنس
@@432
@@434
والتغيير في الهمزة أدى إلى التشابه ،فاكتفى هؤلء بالجزء الخير من العلة ،فقال الفراء بالتوهم،
وقال النباري والفرخان بتشبيه همزة )أل( بالصلية وتنزيلها منزلتها .وال أعلم.
القول الثالث :أن قطع الهمزة من لفظ الجللة حين النداء إنما وقع الدللة على أن )أل( عوض عن
الهمزة الصلية المحذوفة من )إله( :وهو قول أبي علي الفارسي وكثير من النحويين .وقال أبو علي
)ت 377هـ( بعد ذكره أن )أل( عوض من الهمزة" :وأما الدللة على أنها عوض فاستجازتهم
لقطع الهمزة الموصولة الداخلة على لم التعريف في القسم#سيأتي الحديث عن القسم بعد الفراغ من
ن؟( و)يا أل اغفر لي( ،أل ترى الحديث عن النداء إن شاء ال #.والنداء ،وذلك قولهم) :أفأل لتفعل ّ
أنها لو كانت غير عوض لم تثبت كما لم تثبت في غير هذا السم ،فلما قطعت هنا واستجيز ذلك
فيها ،ولم يستجز في غيرها من الهمزات الموصولة ،علمنا أن ذلك لمعنى اختصت به ليس في
غيرها ،ول شيء أولى بذلك المعنى من أن يكون العوض من الحرف المحذوف الذي هو
الفاء"#الغفال /3ب مخطوط ،وينظر :الصحاح واللسان )أله( ،والمخصص #.139 – 17/138
ضا من
وفي ذلك يقول الثمانيني )ت 442هـ( ":والذي يدل على أن اللف واللم قد صارتا عو ً
الهمزة المحذوفة أنهم يقطعون همزة الوصل في هذا السم ،فيقولون) :يا أل اغفر لي( .وإنما قطعوا
ضا من همزة قطع"#شرح التصريف همزة الوصل عمن هذا ليدلوا على أنها قد صارت عو ً
ل القطع على لغة بعض العرب...." :وبعض العرب ،#.399وقال ابن الشجري )ت 542هـ( معل ً
يقطعون همزة لم التعريف منه في النداء ،فيقولون) :يا أل(؛ ليدلوا بقطعها على أن اللف واللم
فيه عوض من همزة القطع#"....أمالي ابن الشجري #.2/196
@@435
وعلى ذلك كثير من النحويين#ينظر :الكشاف ،1/6وأسرار العربية ،231وشرح الملوكي ،357
وشرح ألفية ابن معط 2/1043والجنى الداني ،199والمساعد #.2/509
ول يخفى أن هذا القول مبني على أن هذا السم اصله )فعال( حذفت فاؤه ،وعوض عنها )أل( ،ثم
استدلوا على هذا التعويض بجواز قطع همزة الوصل حين النداء.
ضا ،فإذا كان قطع همزة الوصل من )أل( ولكن ما قيل في القول الثاني ينسحب على هذا القول أي ً
في )يا أل( للدللة على أن )أل( عوض عن فاء الكلمة من )إله( ،فلم قطعت في النداء والقسم دون
غيرهما ،والتعويض واقع على كل حال؟
والجواب عن ذلك – فيما يبدو لي – هو أن التغيير يأنس بالتغيير ،فلما نؤدي هذا السم على خلف
السماء التي فيها)أل( غير بقطع همزة الوصل منه .وبذلك يلتقي قول أبي علي مع قول سيبويه مع
اختلف في المسلك.
القول الرابع :أن قطع الهمزة في )يا أل( من خصائص لفظ الجللة ،بناًء منهم على أن لهذا السم
خصائص ليست لغيره ،قال الزجاجي ) 340هـ( ..." :وخص ببناء ل يشرك فيه سواه ،ول يدعيه
أحد"#اشتقاق أسماء ال ،31وينظر :حاشية الصبان ،3/146وحاشية الخضري #.2/118فهذا
حكم عام ،أما عن قطع همزته ،فقد ذكر الباقلني )ت 543هـ( حين تحدث عن الجمع بين )يا(
و)أل( في نداء لفظ الجللة أن العرب قد خصت هذا السم بخمسة أشياء ،عد أولها الجمع بين )يا(
و)أل( في ندائه ،والثاني قطع همزته ،فقال" :والثاني :أنهم قطعوا همزة الوصل مع )ال( فقالوا) :يا
أل( ولم يقولوا )يا ال( ،كما قالوا:
@ @436
)يا ابن فلن( ،ولم يقولوا) :يا إبن فلن("#شرح اللمع #.2/624وغلى ذلك ذهب العكبري
فقال ...":وقد اختص هذا السم بأشياء ل تجوز في غيره ...ومنها :قطع همزته في
النداء#"...اللباب في علل البناء والعراب ،1/336وينظر :التبيين #.447
وهذا القول ينسجم وقول سيبويه الخر في أصل اشتقاق لفظ الجللة أنه من )له يليه ليها( فأصله
)له(#ينظر :الكتاب ،3/498ومعاني القرآن وإعرابه ،5/152ومجالس العلماء ،57والغفال
/3أ مخطوط والصحاح )أله( و)ليه( ،والمخصص ،17/138وشرح الرضي ،1/1/457وتفسير
القرطبي ،1/102والبحر المحيط #.15– 1/14وفي ذلك يقول الرضي " :وجوز سيبويه أن
يكون )ال( من له يليه ليها ،أي استتر ،فيقال في قطع همزته ،واجتماع اللم و)يا( :إن هذا اللفظ
اختص بأشياء ل تجوز في غيره ،كاختصاص مسماه تعالى#"...شرح الرضي . #.1/1/457
وممن قال بهذه الخصوصية ابن أبي الربيع#البسيط في شرح الجمل #.2/934
ولعل قول الجوهري )ت 393هـ( بقطع الهمزة للتفخيم ،مع التعليل بنية الوقف ،يكون من هذا
القبيل ،قال)" :يا أل( بقطع الهمزة؛ إنما جاز لنه ينوى به الوقف على حرف النداء؛ تفخيًما لهذا
ل صوتّيا لقطع همزة الوصل ،إذ إن السم"#الصحاح )ليه( #.لكننا نلمس في كلم الجوهري تعلي ً
النداء هنا مقام الدعاء ،والدعاء يقتضي مد الصوت ،ول يتحقق مد الصوت إل إذا قطعت همزة
الوصل؛ إذ وصلها يؤدي إلى حذف ألف )يا( على وجه .وهذا غير مراد في سياق الدعاء .وإثبات
ألف )يا( في هذا السياق مع وصل الهمزة يؤدي إلى
@@437
التقاء الساكنين ،ألف )يا( ولم )أل(؛ لذا فغن قطع همزة الوصل في مقام الدعاء هو الوجه؛ لتحقيق
جا من أن يلتقي ساكنان.التفخيم الذي نبه عليه الجوهري ،وخرو ً
حكم قطع الهمزة من لفظ الجللة حين النداء:
صا واحًدا منها يدل على وجوب قطع الهمزة في هذا كل النصوص السابقة تدل على الجواز ،إل ن ّ
الموضع ،وهو قول الباقلني" :ولم يقولوا يا ال"#شرح اللمع 2/624وقد سبق #.يريد بهمزة
ل :شرح الكافية الشافية لبن الوصل .وهناك نصوص أخرى تدل على الجواز لم نذكرها#ينظر مث ً
مالك ،3/1407وشرح اللفية لبن الناظم ،571وحاشية العليمي على شرح التصريح #.1/149
اكتفاًء بما سبق.
فالراجح هو جواز قطع الهمزة من لفظ الجللة وجواز وصلها لمرين:
أحدهما :السماع ،الذي أشرنا إليه في مطلع حديثنا عن هذه المسألة.
والخر :قول جمهور العلماء بالجواز.
ي )ت 779هـ( وجهي الجواز بقوله" :وإذا قلت) :يا أل( ،فذلك قطع الهمزة؛ نظًرا عْيِن ّ
وقد علل الّر َ
إلى أن اللف واللم صارت من نفس الكلمة ،ولك وصلها؛ نظًرا إلى أصلها من كونها همزة
وصل"#شرح ألفية بن معط للرعيني ،السفر السابع ) 631رسالة دكتوراه( .ولعل الرعيني قد أفاد
ذلك من كلم الفراء السابق ذكره....." :فمن حذفها فهو على السبيل؛ لنها ألف ولم ،مثل
)الحارث( من السماء ،ومن همزها توهم أنها من الحرف "...وأفاد أبو حيان أن القطع جائز ،لكنه
شذوذ في القياس#التذييل #.3/226
@@438
ل ،وهو المختار عندي؛ لمرين: سا فإنه مطرد استعما ً ولئن كان القطع شاّذا قيا ً
أحدهما :لما فيه من فائدة الدللة على التعويض كما في القول الثالث ،والخصوصية كما في القول
الرابع ،مع ما يؤيده من وظيفة صوتية.
والخر :نص بعض العلماء على أن القطع أعرف وأكثر ،قال الجرجاني )ت 471هـ(:
".....فقطعوا همزة الوصل عند النداء حتى لم يقل :يا ال ،في العراف"#المقتصد #.2/757
وسبق قول الرضي " :والكثر في )يا أل؟( و)ل ،ها أل ذا( :وهذه تراكيب مسموع فيها قطع همزة
الوصل ،فما تعليل ذلك؟ وما حكمه؟
تركيب :أفأل ،وفأل:
تقطع همزة الوصل من لفظ الجللة في القسم ،بعد فاء العطف#هذا ما ذهب إليه السيرافي
والرضي ،كما سيأتي ،ومذهب الخفش أن الفاء زائدة .انظر :شرح الرضي #.2/2/1195التي
قبلها همزة استفهام ،وذلك في تركيب) :أفأل؟( ،وفي تعليل ذلك وقفت على قولين:
ضا عن واو القسم المحذوفة .وهو أحدهما :أن همزة الوصل من لفظ الجللة في )أفأل؟( قطعت عو ً
ضا من اللفظ بالواو(:مذهب سيبويه والمبرد ،قال سيبويه في باب )ما يكون ما قبل المحلوف به عو ً
".....وقد تعاقب ألف اللم حرف القسم ،كما عاقبته ألف الستفهام ،و)ها(#تحدث سيبويه قبل هذا
الموضع مباشرة عن حذف واو القسم والتعويض عنها بهمزة الستفهام ،أو بـ )ها( ،وفي مثل :آل؟
وإي ها ال ذا #.؛ فتظهر في ذلك الموضع الذي يسقط في جميع ما هو مثله؛ للمعاقبة ،وذلك قولك:
)أفأل لتفعلن؟(#الكتاب #.3/500
@@439
ثم تابع مؤكًدا أن قطع الهمزة هنا عوض عن واو القسم المحذوفة ،فقال" :أل ترى إن قلت:
)أفوال؟( لم تثبت؟"#الكتاب ،3/500وينظر :الصول #.1/432يريد :ل تثبت همزة القطع؛
لنها عوض عن سقوط واو القسم؛ فإذا ظهرت واو القسم فل تقطع الهمزة؛ لن العوض والمعوض
ل يجتمعان ،على ما هو مشهور في أصول النحويين#ينظر :الشباه والنظائر #.1/306
ولقد جلى السيرافي كلم سيبويه السابق ،ووضح التركيب الذي تحدث عنه سيبويه ،بقوله:
".....ومن ذلك قولهم) :أفأل لتفعلن؟( ،بقطع ألف الوصل في اسم ال ،وقبل الفاء ألف الستفهام،
والفاء للعطف ،وقطع ألف الوصل في اسم ال ،وقبل الفاء ألف الستفهام ،والفاء للعطف ،وقطع ألف
الوصل عوض عن الواو ،ولو جاء بالواو لسقطت ألف الوصل وقال :أفوال؟"#شرح الكتاب
– 4/234ب مخطوط .وينظر :النكت ،2/956والمخصص ،114 ،31/113وشرح الرضي
#.2/2/1195
ل" :وإنما يكون هذا إذا قال قائل لخر:
ثم بين السيرافي كيفية استعمال هذا السلوب في السياق قائ ً
أبعت دارك؟ فقال له :نعم ،فقال له السائل :أفأل لقد كان ذلك؟ فاللف للستفهام ،والفاء للعطف،
وقطع ألف الوصل للعوض"#نفسها ،وينظر :البسيط #.2/933
وتبع المبرد )ت 286هـ( سيبويه في ذلك فقال...." :وكذلك ألف الوصل إذا لحقتها الفاء جعلت
ضا ،فثبتت ،ولم تحذف ،كما ثبتت مع ألف الستفهام#سيأتي الحديث عن قطع همزة الوصل بعد عو ً
همزة الستفهام في المسألة الرابعة إن شاء ال ، #.وذلك قولك) :أفأل لتفعلن؟("#المقتضب
،2/323وينظر :المساعد . #.2/307وتبعهما ابن يعيش )ت 643هـ(#شرح المفصل #.9/106
@@440
ضا عن واو القسم من خصائص وقد عد بعض العلماء قطع همزة الوصل في )أفأل لتفعلن؟( عو ً
لفظ الجللة ،قال ابن عصفور )ت 669هـ(" :وإذا حذفت حرف القسم فل يخلو أن يعوض#في
المطبوع) :تعوض( في الموضعين #.منه شيء أو ل يعوض ،فإن عوض منه شيء لم يجز إل
الخفض؛ لن العوض يجري مجرى المعوض منه ،والعوض )ها( التنبيه ،وهمزة الستفهام ،وقطع
ألف الوصل .إل أن العرب لم تجعل العوض إل في اسم ال تعالى ،نحو) :ها ال لقومن( و)أفأل
ليقومن زيد؟( و)ال#في المطبوع) :وا أل ليخرجن عمرو؟("#شرح الجمل .#.532-1/531وقال
الرضي )ت 686هـ(" :ويختص لفظ )ال( بتعويض )ها( أو همزة الستفهام من الجار ،وكذا
ضا من
يعوض من الجار فيها قطع همزة )ال( في الدرج ،فكأنها حذفت للدرج ثم ردت عو ً
الحرف"#شرح الرضي #2/2/1193وقد نص على هذه الخصوصية كثير من العلماء#ينظر:
المفصل ،415واللباب ،1/336وشرح المفصل ،9/106وشرح الكافية الشافية ،2/865
والبسيط ،2/934والمساعد #.2/307
القول الخر :لبي علي الفارسي )ت 377هـ( حيث ذهب إلى أن قطع همزة الوصل في تركيب
ضا من همزة )إله( المحذوفة ،كقوله في )يا أل( تماًما#ينظر فيما)أفأل؟( للدللة على كون )أل( عو ً
سبق :المسألة الولى ،القول الثالث#.
ول مانع من قطع الهمزة مع الفاء وحدها دون أن تسبقها همزة الستفهام ،على ما سبق من
التعويض عن واو القسم ،قال السيرافي)ت 368هـ(" :ولو أدخل الفاء من غير استفهام لجاز أن
يقول) :فأل لقد كان ذلك( إذا لم تستفهم"#شرح الكتاب – 4/234ب ،وينظر :شرح الرضي على
الكافية #.2/2/1195
@@441
مم عوض بقطع الهمزة في )أفأل؟(؟:
وضح مما سبق أن مذهب جمهور العلماء هو أن التعويض بقطع الهمزة إنما هو عن واو القسم.
وذكر ابن مالك في شرح الكافية الشافية أن قطع الهمزة تعويض عن تاء القسم#شرح الكافية الشافية
#.2/865وفي موضع آخر لم يخصص المحذوف بتاء أو باء أو واو ،بل ذكر أنه قد يحذف الجار
ويبقى عمله في لفظ )ال( خاصة ،ثم يعوض عنه أو ل يعوض#شرح الكافية الشافية -2/860
#.861،868وفي شرح التسهيل أفاد التعويض عن الجار الذي هو الباء#شرح التسهيل ،3/199
والمساعد #.2/307وجعل الرضي الحكم عاّما دون تعيين حرف معوض عنه بعينه ،فقال" :
ويختص لفظ )ال( بتعويض )ها( ،أو همزة الستفهام من الجار ،وكذا يعوض من الجار فيها قطع
همزة )ال( في الدرج"#شرح الرضي على الكافية .2/2/1193وقد سبق هذا النص#.
من هذا يبدو لي أنه ل مانع من أن يكون المحذوف المعوض عنه هو الواو ،أو التاء ،أو الباء؛ لن
المشهور أن الباء أصل أحرف القسم ،والواو بدل منها ،والتاء بدل من الواو#ينظر في ذلك:
المقتضب ،2/319وسر الصناعة 1/121المفصل ،342وشرح الجمل لبن عصفور ،1/524
،525وشرح الكافية الشافية ،2/862والمساعد ،2/308والشباه والنظائر ،3/184وينظر
ضا .282 ،2/281أما ما غلب في حديث جمهور النحاة أن التعويض بقطع الهمزة وقع عن واو أي ً
ل فيما يظهر لي ،و"ل يبعد أن يكثر الفرع ويقل الصل بضرب من القسم؛ فلن الواو أكثر استعما ً
التأويل"#الشباه والنظائر #.282 ،3/281
حكم قطع همزة الوصل ي تركيب )أفأل؟(:
ضا عن واو القسم ،كما جاء في كلم سيبويه حديث النحاة فيما سبق يدل على لزوم القطع عو ً
ضا ل يحذف"#الشباه والسيرافي والمبرد ،والذي يؤيد ذلك أن من أصول الصنعة أنه "ما كان عو ً
والنظائر #.1/322
وذهب ابن مالك إلى أن التعويض عن حرف القسم كثير ،وعدم التعويض قليل ،قال في حديثه عن
ل ،وبعوض كثيًرا ،والعوض إما حذف تاء القسم والتعويض عنها" :وتحذف جارة بغير عوض قلي ً
همزة الستفهام ممدودة ،وإما قطع همزة الوصل ،وإما هاء ثابتة اللف ساقطتها#"....شرح الكافية
الشافية #.2/865وذكر في موضع آخر أن بقاء عمل الجار ضعيف بل تعويض عنه ،وغير
ضا عنه ،قال" :وقد يحذف الجار ويبقى عمله في )ال( خاصة ،بضعف ،إن ضعيف إن كان معو ً
كان الحذف بل عوض ،وبغير ضعف ،إن كان بعوض"#شرح الكافية الشافية #.861 – 2/860
فأفهم كلمه أن القطع جائز ،لكنه أكثر ،وأقوى.
فالراجح في هذه المسألة وجوب قطع الهمزة من لفظ الجللة في تركيب )أفأل؟( ،ومثله )فأل؟(؛
فهو الظاهر من مذهب الجمهور ،ولن القطع هنا عوض ،والعوض ل يحذف.
تركيب :ل ،ها أل ذا:
تناول تحليل هذا التركيب جمهرة من العلماء ،منهم :سيبويه )ت 180هـ( ،والمبرد )ت 286هـ(،
والسيرافي )ت 368هـ( ،وابن جني )ت 395هـ(،
@@443
والزمخشري )ت 538هـ( ،وابن أبي الربيع )ت 688هـ( ،والسيوطي )ت 911هـ(#ينظر:
الكتاب ،302،3/503 ،2/160وشرحه للسيرافي -3/97أ – 4/234 ،ب ،والمقتضب 2/321
وسر الصناعة ،1/133والمفصل ،415وشرحه لبن يعيش ،9/106والبسيط ،2/933وعقود
الزبرجد على مسند المام أحمد 2/185فما بعدها ،لكن ما جاء في عقود الزبرجد فيه سقط
واضطراب ،وبعضه يغني عنه ما جاء في المصادر الخرى المتقدمة عليه#.
وأصل هذا التركيب -كما ذكروا ) : -ل وال هذا ما أقسم ثم قدموا )ها( وفصلوا بين حرف التنبيه
)ها( والشارة )ذا(#في هذه خلف أهي )ذا( اسم الشارة ،أم حرف الجواب )إذن(؟ وقد تناول هذا
الخلف بما يغني د .محمود فجال في كتابه :السير الحثيث إلى الستشهاد بالحديث 2/453فما
ضا من واو القسم، بعدها ،وخلص إلى أن الوجهين صحيحان رواية وعربية ، #.وجعلوا )ها( عو ً
ول يجوز الجمع بينهما؛ لنهم غيروا لفظ الكلم وترتيبه#ينظر :شرح السيرافي – 3/97أ ،و
/22أ ،و – 4/234ب .ونقله السيوطي في عقود الزبرجد 2/188عن أبي حاتم#.
وقد أشار ابن مالك )ت 672هـ( إلى أن قطع الهمزة لغة فيها ،دون أن يعلل ،قال":ومن العرب من
يقول) :هآ أل( – بالمد والهمز – و)هأل( – بهمزة دون مد – "#شرح الكافية الشافية .2/865
وينظر :شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلت الجامع الصحيح 167وعقود الزبرجد #.2/187
وقد وقفت على تعليل لقطع همزة الوصل في هذا الموضع ،للرضي )ت 686هـ( فقد نقل في هذا
التركيب أربع لغات إحداهن بقطع همزة الوصل ،وهي هذه اللغة ،وإنما قطعت "تنبيًها على أن حق
)ها( أن يكون مع )ذا( بعد )ال( ،فكأن الهمزة لم تقع في الدرج"#شرح الرضي على الكافية
،1194-2/2/1193وينظر :عقود الزبرجد #.2/189وبذلك يقرب الرضي قطع الهمزة في هذا
الموضع إلى الوجه القياسي المشهور وهو البتداء .ولكن قطعت
@@444
الهمزة في الرسم ليعلم أنها مقطوعة نطًقا في الصل؛ لن الصل فيها أن تكون في البتداء ،ثم
غيرت عن موضعها .فتحصل من قطع همزة الوصل في هذا الموضع فائدة التنبيه على أصل
التركيب وان الهمزة كانت في البتداء.
المسألة الثانية :قطع همزة الوصل في التذكر:
والمراد بالتذكر :أن يلحق المتكلم آخر كلمه مدة تشعر باسترساله في الكلم#حاشية العليمي على
شرح التصريح #.1/149وقد صرح بقطع الهمزة في هذا الموضع الشيخ خالد الزهري )ت
905هـ( ،إذ قال متحدًثا عن إثبات همزة الوصل في بعض المواضع" :ويثبتونها في القسم،
والنداء ،والتذكر ...وأما قولهم في التذكر) :ألي( فلما كثرت مصاحبة الهمزة للم نزل منزلة
)قد("#شرح التصريح #.1/149
فالعلة –فيما يبدو لي – عند الزهري تشبيه )أل( وهي حرف معنى ،بغيرها من حروف المعاني،
التي أحرفها كلها أصلية ،فشبهت همزة الوصل لملزمتها هذا الموضع بالهمزة الصلية فقطعت.
ولعل الزهري قد أفاد هذا من تشبيه الخليل )أل( بـ)قد( في أنها حرف معنى مبني على حرفين من
أحرف الهجاء ل ينفصل بعضهما عن بعض ،وفي كونه حرف معنى يفصل عما بعده في الكلم،
دون أن يتحدث عن قطع همزته ،قال سيبويه" :وزعم الخليل أن اللف وللم اللتين يعرفان بهما
حرف واحد كقد ،وأن ليست واحدة منهما منفصلة من الخرى#"...الكتاب .3/324ومذهب الخليل
قد أوهم كثيًرا من النحاة بأنه يقول في همزة )أل( أنها همزة قطع .وليس كذلك بدليل ما بعده،
فلينظر .وينظر توضيحه في التذييل .221 – 3/220وينظر في ما سبق حواشي التمهيد لهذا
البحث #.واستدل الخليل على كون )أل( حرًفا ثنائّيا يفصل بقول الشاعر:
بالشحم إنا قد مللناه بجل دع ذا وعجل وألحقنا بذل
@@445
"قال :هي ها هنا كقول الرجل وهو يتذكر" )فدي( ،فيقول :قد فعل .ول يفعل مثل هذا – علمناه –
بشيء من الحروف الموصولة .ويقول الرجل :ألي ،ثم يتذكر ،فقد سمعناهم يقولون ذلك ،ولول أن
اللف واللم بمنزلة )قد( و)سوف( لكانتا بناء بني عليه السم ل يفارقه#"...الكتاب .3/325وفي
الخزانة 7/198شواهد شعرية أخرى على فصل )أل(#.
ويظهر لي سبب آخر – ل يستقل بنفسه#لنه استقل في مثل قولهم )الحمر( مخفًفا من )الحمر( فلم
يؤد إلى القطع .ينظر :الكتاب ،3/545وشرحه للسيرافي /5/7ب ،والمسائل البغدادية 189فما
بعدها ،والمسائل البصريات - #.1/218اجتمع مع هذا في تقوية الشبه ،واديا على قطع همزة
الوصل هنا ،وهو أن اللم تحركت حين التذكر لنه لحقتها الياء الساكنة للتذكر ،وهمزة الوصل ل
تدخل إل على ساكن ،فلما تحرك ما بعدها أشبهت الهمزة الصلية فقطعت.
والذي أراه هنا وجوب قطع همزة الوصل؛ لتحرك اللم بعدها ،ولقوة شبهها بأحرف المعاني
ل على القطع في النطق المستقلة في الكلم ،والتي أحرفها كلها أصلية .وليكون القطع في الرسم دلي ً
حين التذكر.
المسألة الثالثة :قطع همزة )أل( إذا دخلت عليها همزة الستفهام .ويلحق بها )أيمن(:
إذا دخلت همزة الستفهام على همزة الوصل ،سقطت همزة الوصل؛ للستغناء عنها بهمزة
الستفهام ،كقوله تعالى )أصطفى البنات على البنين(#من سورة الصافات ،الية .153ول لبس في
حذف همزة الوصل هنا؛ لن حركتها مختلفة عن حركة همزة الستفهام .ينظر شرح الشافية
#.269 – 2/268إل إذا كانت همزة الوصل مفتوحة ،وذلك في )أل( #سبق أن همزتها للوصل
عند الجمهور ومعهم الخليل وما نسب إليه من القول بان همزتها للقطع بين بطلنه أبو حيان .وكذلك
سبق أن القول بقطعها نسب على ابن كيسان وفي الموفقي له أن للوصل .ينظر حواشي التمهيد في
مطلع هذا البحث ، # .و)أيمن(#همزتها للوصل بالصالة عند البصريين .وعند الكوفيين أن همزتها
للقطع وهي جمع يمين على أفعل ،ولكن وصلت همزتها لكثرة الستعمال .ينظر النصاف -1/404
، #.407والمخففة منها )أيم(
@@446
فل تحذف همزة الوصل؛ لئل يلتبس الستفهام بالخبر#ينظر :الكتاب ،4/150ومعاني القرآن
للخفش ،1/7وأدب الكاتب ،276والمقتضب ،2/88 ،388 ،1/300والصول ،369-2/368
والتكملة ،18ومعاني الحروف للرماني ،34والتبصرة والتذكرة 1/440واللباب – 2/194
،195وشرح الشافية ،3/64 ،266 – 265 ،2/224وشرح المفصل 9/138وشرح التسهيل
لبن مالك ،3/366والمساعد #.4/360والمشهور إبدال همزة الوصل ألًفا ،أو تسهيلها#المراد
بالتسهيل :النطق بها بين الهمزة واللف .شرح الشافية ،2/268وشرح الشموني .4/277وعلى
التسهيل ل يتمكن المد ،وعلى البدل يتمكن المد .ينظر :القناع لبن الباذش ،1/360وقال في
"1/359وصورة التخفيف قد ذكر أصحاب سيبويه أنه بالبدل" #.فالبدال كما في قوله تعالى:
)آلذكرين حم أم النثيين(#من سورة النعام ،من الية ،143و ، #144واستشهد ابن مالك على
التسهيل بقول الشاعر:
أم الشر الذي يأتليني#شرح التسهيل :النطق بها بين الهمزة أالخير أنا أبتغيه
واللف .شرح الشافية ،2/268وشرح الشموني .4/277وعلى التسهيل ل يتمكن المد ،وعلى
البدل يتمكن المد .ينظر :القناع لبن الباذش ،1/360وقال في "1/359وصورة التخفيف قد ذكر
أصحاب سيبويه أنه بالبدل"#.
وقول الخر:
أو انبت حبل أن قلبك طائر#شرح التسهيل ،3/467 أالحق إن دار الرباب تباعدت
وينظر :الكتاب ،3/136وشرح الكافية الشافية .4/2074والبيت لعمر بن أبي ربيعة وروايته في
الديوان :131أحًقا لئن دار (...فل شاهد#.
هذا هو المشهور ،غل أن بعض العلماء ألمح إلى كون همزة الوصل هنا قد أشبهت همزة القطع،
حا إلى أنها مشبهة بهمزة القطع" :وقالوا فيوبعضهم صرح بأنها قد قطعت ،قال سيبويه ملم ً
ضا بألف)أحمر( كراهية أن يكون كالخبر فيلتبس .فهذا قول الستفهام :آلرجل؟ ،شبهوها أي ً
الخليل"#الكتاب #.3/325
@@447
ل " :وجاءت كالمقطوعة مع ألف الستفهام ،وذلك قوله#في وشبهها الزجاج بالمقطوعة قائ ً
المطبوع :قولك) :#.قل آل أذن لكم(#من سورة يونس ،من الية ، #.59و)قل آلذكرين حرم أم
النثيين(#من سورة النعام ،من الية ،143و ##.144ما ينصرف وما ل ينصرف .#.158
حا بالقطع" :قد اثبتوا هذه الهمزة بحيث تحذف همزات الوصل ألبتة ،وذلك نحو وقال ابن جني مصر ً
قول ال عز وجل) :قل آل أذن لكم( ،و)قل آلذكرين حرم أم النثيين( ،ونحو قولهم في القسم :أفأل،
و :لها أل ذا#"...سر الصناعة #.335– 1/334وقد نص ابن جني بعد ذلك على أن همزة
الوصل قد قطعت بعد همزة الستفهام بقوله" :وأما قوله سبحانه وتعالى) :آلذكرين حرم( وقوله) :آل
أذن لكم( ،فإنما جاز احتمالهم لقطع همزة الوصل؛ مخافة التباس الستفهام بالخبر"#سر الصناعة
#.1/340ثم قوى جواز ذلك بان هذه الهمزة مختلف فيها بحسب الصل أهي همزة وصل أم همزة
قطع ،وأن همزة الوصل التي ل خلف فيها قد قطعت للضرورة ،فما اختلف فيها أولى أن تقطع
لمشابهتها همزة القطع ،قال" :وإذا جاز قطع همزة الوصل التي ل اختلف بينهم فيها ،نحو ما أنشده
أبو الحسن:
على حدثان الدهر مني ومن جمل#البيت لجميل معمر في أل ل أرى اثنين أحسن شيمة
ديوانه #.181
@@448
ونحو قول الخر:
وكل اثنين إلى فراق#الرجز منسوب إلى قدامة في شرح يا نفس صبًرا كل حي لق
شواهد شرح الشافية للبغدادي .184وهو بل نسبة في معاني القرآن للخفش ،1/12والخصائص
،2/475والمحتسب #.1/248
وقو الخر:
بنشر وتكثير الحديث قمين#البيت لقيس بن الخطيم في إذا جاز الثنين سر فإنه
ديوانه ،105وفي معاني القرآن للخفش #.1/12
ضا ،مشابهة لما ل يكون من فأن يجوز قطع الهمزة التي هي مختلف في أمرها ،وهي مفتوحة أي ً
الهمز إل قطًعا ،نحو همزة :أحمر ،وأصفر ،ونحوهما ،أولى وأجدر"#سر الصناعة – 1/341
.342وينظر :خزانة الدب #.203– 7/202
وقد ذكر ابن مالك في شرح الكافية الشافية أنها تقطع بإبدالها ألًفا ،أو بتسهيلها مقطوعة ،قال:
"الهمزة المتقدمة على لم التعريف هي همزة وصل ،إل أنها خالفت همزات الوصل بأنها تقطع إذا
دخلت عليها همزة الستفهام بإبدالها ألًفا ،وهي اللغة المأخوذ بها في التلوة المرضية،
وبتسهيلها#في المطبوع )وبتسهيلها( ،وفي حاشية ) (6نقل عن نسخة أخرى) :بتسهيلها( ،وأظنه
الصواب ،ليتفق مع ما سبق وما سيأتي في شرح التسهيل من الوجه الخر ،الذي هو التسهيل ،ولم
أقف على من قال بتسليم الهمزة الثانية وتحقيقها ،#.كقول الشاعر ،أنشده سيبويه:
أو انبت حبل أن قلبك طائر#شرح الكافية الشافية أالحق إن دار الرباب تباعدت
.2075– 4/2074وسبق تخريج البيت قبل قليل#.
وحين تحدث ابن مالك في شرح التسهيل عن هذه الهمزة لم يذكر سوى البدال والتسهيل دون
القطع ،فقد قال بعد إيراده الية المذكورة" :والمشهور
@@449
إبدالها ،وقد تسهل كقول الشاعر#"....شرح التسهيل #.367-3/366وذكر البيتين السابقين
)ألخير (...و)ألحق.(...
والذي يبدو لي هنا أن همزة الوصل قد قطعت ،ثم أبدلت؛ لن همزة الوصل ل تبدل كما نقل عن
أبي عمرو#شرح التصريح #.2/366وأجاب عن ذلك الشلويين" :بأنها قد أشبهت همزة القطع من
وجوه ،فل بعد ثبوتها وتغيير صورتها بإبدالها ،للفرق بين الخبر والستخبار ،وهو أولى من اجتلب
همزة أجنبية#"....نفسه #.وهذا منسجم مع ما ذهب غليه سيبويه من أنها همزة )أحمر( ،وقول
الزجاج أنها كالمقطوعة ،وما ذكره ابن جني من جواز قطعها لنها مختلف فيها في الصل.
ويلحق بهذا الحكم همزة )آيمن( ومخففها )آيم( ،إذا دخلت عليهما همزة الستفهام ،فيقال :آيمن ال
لقد كان ذاك؟ ،وآيم ال لقد كان ذاك؟؛ للعلة نفسها ،قال المبرد" :وألف )أيم( التي للقسم ،و)أيمن(
بمنزلة ألف اللم؛ لنها مفتوحة ،وهي ألف وصل ،فالعلة واحدة"#المقتضب .1/300وينظر:
،1/388والكتاب ،4/150والتبصرة والتذكرة ،1/443وشرح ألفية ابن معط للقواس ،2/1311
والتذييل ،3/221وشرح التصريح #.2/366
وذهب القرطبي )ت 671هـ( إلى أن همزة الوصل باقية على حالها ،إذ قال عند تفسير قوله تعالى:
)قل آلذكرين(" :وزيدت مع ألف الوصل مدة الفرق بين الستفهام والخبر"#الجامع لحكام القرآن
#.7/114
@@450
ويرى د .كمال بشر أن همزة )أل( و)ايمن( همزة قطع موافًقا من قال بذلك من القدماء ،واستدل
على ذلك بمعاملتها معاملة همزة القطع في هذا السياق بالبدال أو التسهيل .وأن سقوطها في بعض
الحيان ما هو إل ظاهرة صوتية اقتضاها السياق#دراسات في علم اللغة #.171– 170
قلت :المر سيان سواء كانت همزة قطع بالصالة ،كما يقول ،أو همزة وصل قطعت ،كما ذهب
أكثر القدماء ،فالحاصل أنها خففت بالبدال أو التسهيل في الحالتين؛ لن همزة الوصل في البتداء
تساوي همزة القطع ول فرق ،يقول أبو البركات....":لن همزة القطع وهمزة الوصل تستويان في
البتداء"#النصاف #.2/745فعلى قول الجمهور بأنها همزة وصل ،ثم دخلت عليها همزة
الستفهام كان حكم همزة الوصل أن تحذف ،ولن الحذف –نطًقا أو رسًما – يؤدي إلى اللبس ،فل
يعرف الستفهام من الخبر ،فلم تحذف لذلك ،وثبتت مقطوعة أو كالمقطوعة ،وأخذت حكم
المقطوعة في البدال بالتسهيل.
إذن ،فالحديث هنا عن همزتين متحركتين اتقتا وجرت عليهما أحكام التخفيف المشهورة بالمذهبين
المذكورين#ينظر :شرح الشافية #.2/224تخفيًفا للجهد العضلي المبذول في نطق همزتين
متواليتين متحركتين ،يقول د .إبراهيم أنيس..." :فقد لجأ كثير من القراء إلى تخفيض ذلك الجهد
العضلي في نطقها محققتين ،بأن نطق بعضهم بالهمزة الثانية مسهلة بين بين ،ولكن الخرين أطالوا
حركة الهمزة الولى ليصير النطق بالثانية هيًنا يسيًرا#"....الصوات اللغوية #79
@@451
أخلص مما سبق إلى أن علة قطع همزة الوصل في هذا الموضع هو دفع اللبس في سياق الستفهام
بالهمزة ،وأن حكم القطع هنا لزم ،ل مفر منه.
المسألة الرابعة :قطع همزة )ألبتة(:
ذكر كثير من النحويين واللغويين كلمة )ألبتة( ،متناولين معناها وإعرابها#نحو :العين ،8/109
والكتاب ،1/379وشرحه للسيرافي – 2/116ب ،والزاهر ،2/345والرتشاف ،2/215
وشرح الرضي على الكافية ،1/379واللسان والقاموس )بنت( #.ولم يتحدث عن همزتها إل القلة
منهم.
وأما عن معناها فقد جاء في العين" :و)ألبتة( اشتقاقها من القطع ،غير أنه مستعمل في كل أمر ل
رجعة فيه ول التواء"#العين .8/109وينظر :الصحاح واللسان والتاج )بنت(#.
وذكر سيبويه أن اللف واللم لزمان فيها ،قال في باب ما ينتصب من المصادر توكيًدا لما قبله:
"ومن ذلك قولك :قد قعد البتة ،ول يستعمل إل معرفة باللف واللم"#الكتاب ،1/379وينظر:
شرحه للسيرافي – 2/116ب ،ومجالس العلماء ،223وأمالي الزجاجي . #.62وذكر ابن بري
)ت 582هـ( أن الفراء )ت 207هـ( يجيز تنكيره وذكر ابن بري )ت 582هـ( أن الفراء )ت
207هـ( يجيز تنكيره #التنبيه واليضاح )بتت( .وينظر اللسان والتاج )بتت( #.ووضح ثعلب )ت
291هـ( أن )ألبتة( إذا كانت لمعهود فهي باللف واللم ،وإذا لم تدخلها اللف واللم كانت على
أصل المصادر .وكذا شأن المصادر كلها#مجالس ثعلب #.2/397ورجح الرضي أن تكون )أل(
في )ألبتة( عهدية#شرح الرضي على الكافية ،#.1/1/379وجاء في لباب العراب أن الكثر
فيها التعريف#لباب العراب للسفرائيني #.210
@@452
وأما همزة )ألبتة( فهمزة )أل( ،وهي همزة وصل كما هو معلوم ،فهل تقطع؟ ولماذا؟
عا ل ذهب الفرخان )ت :ق 7هـ( ،والسفراييني )ت 684هـ( ،إلى أن همزة )ألبتة( قطعت سما ً
سا#المستوفي ،1/303ولباب العراب .210وينظر :الفوائد العجيبة #.54وتبعها الكرماني قيا ً
)ت 786هـ( ،ففي شرحه للحديث" :وقال نافع :طلق رجل امرأته ألبتة" قال" :قوله )ألبتة( نصب
على المصدر ،قال النحاة :قطع همزة )ألبتة( بمعزل عن القياس"#صحيح البخاري بشرح الكرماني
) 19/194كتاب الطلق ،باب الطلق في الغلق( ،#.وتبعهم العيني )ت 855هـ(#عمدة القاري
، #.20/253والزهري )ت 905هـ( #شرح التصريح #.1/94والكفوي )ت 1094
هـ(#الكليات ، #.246وتبعهم الصبان )ت 1206هـ(#حاشية الصبان #.2/120ومن
المعاصرين عباس حسن#النحو الوافي #.2/227
وقد حاول الفرخان )ت :ق 7هـ( تفسير القطع المسموع –هنا – على الستئناف ،إذ قال" :ومما
ينتصب مصدًرا قولهم :ل أفعل ذلك ألبتة ،قطعت الهمزة إشعاًرا بأن الكلم كأنه قد تم عند قولك
ل به معنى ،وليس هذا ظا ،وإن كان متص ً)ذلك( ،ثم استأنف قولك )ألبتة( على القطع من الول لف ً
شيًئا يقاس عليه"#المستوفى #.1/303فالظاهر أنه يريد أن المعنى انتهى بقولنا )ل افعل ذلك( ثم
أريد تأكيد مضمون الجملة بالمصدر فقيل )البتة( أي :أبت البتة ،بمعنى:
@@453
أقطع قطًعا .فالمفعول المطلق – هنا – المؤكد لمضمون الجملة لمضمون وعمله المحذوف وجوًبا
جملة استئنافية ،فهي مقطوعة عن سابقتها من جهة الصنعة النحوية اللفظية ،وإن كانت متصلة بها
من جهة المعنى؛ لنها مؤكدة لها وهو بذلك يحاول أن يرد الشاذ إلى الوجه القياسي الذي تقطع فيه
همزة الوصل بل خلف ،وهو البتداء أو الستئناف ،حيث تسقط همزة الوصل في الدرج وتثبت
في البتداء نطًقا .ولكن يبدو لي أنها ثبتت –هنا – في الرسم للدللة على المعنى الذي نبه إليه
الفرخان .وهذا شيء خاص بهذه الكلمة )ألبتة(؛ لقوله" :وليس هذا شيًئا يقاس عليه".
وارى أنه تعليل جيد؛ لنه ينطلق من مراعاة السياق الذي ترد في هذه الكلمة ،والوظيفة النحوية لها.
وقد أنكر جماعة من العلماء قطع الهمزة من )ألبتة( ،كابن حجر العسقلني )ت 852هـ( ،الذي
جزم بأنها همزة وصل ،ففي تعقيبه على كلم الكرماني السبق قال" :وفي دعوى أنها تقال بالقطع
نظر ،فإن ألف )ألبتة( ألف وصل قطًعا .والذي قاله أهل اللغة :ألبتة :القطع .وهو تفسيرها بمفردها،
ل أن المراد أنها تقال بالقطع"#فتح الباري ) 9/392كتاب الطلق ،باب الطلق في الغلق(#.
وكأنه بذلك يوهم الكرماني ،ويلمح إلى أنه التبس عليه كلم أهل اللغة ،فخلط بين تفسيرهم للكلمة
بالقطع ،والحديث عن همزتها .وقال في موضع آخر" :ولم أر ما قاله في كلم أحد من أهل
اللغة"#فتح الباري ) 7/483كتاب المغازي ،باب غزوة خيبر(#.
وتبعه ابن الحنبلي )ت 971هـ(#عقد الخلص ،#.205وابن عابدين )ت 1252هـ( ،وله حجة
واهية ،إذ قال في تأييد ابن حجر" :قلت :القياس يقتضي ما قاله الحافظ؛ فإنه من المصادر الثلثية،
وهمزتها همزة وصل"#الفوائد العجيبة .53وينظر #.54
@@454
وليس المر على ما قال ،فقد رد العيني على ابن حجر دافًعا نسبة الوهم إلى الكرماني ،قال عقب
إيراده كلم ابن حجر" :قلت :النجاة لم يقولوا) :ألبتة :القطع( فحسب ،وغنما قالوا :قطع همزة
)ألبتة( ،بتصريح نسبة القطع إلى الهمزة"#عمدة القاري ) 20/253كتاب الطلق ،باب الطلق في
الغلق( #.وهذا هو الصحيح ،فالفرخان والسفراييني تحدثا صراحة عن قطع همزتها.
أما ما ذهب إليه ابن عابدين ،فواضح أنه وهم؛ فـ )ألبتة( مصدر لفعل ثلثي ،ولنه ليس مبدوًءا
ل ،كما تبادر إليه ،ومصادر الثلثي المبدوءة بهمزة إنما همزتها للقطع ،مثل :أكل ،وأمر. بهمزة أص ً
والحديث عن قطع الهمزة هنا إنما هو في )أل( العهدية الداخلة على المصادر كما سبق.
مما تقدم من حديث عن )ألبتة( يبدو لي أن الراجح قطع همزتها لمرين :أحدهما :أن قطع همزتها
فصيح في الستعمال؛ لتضافر السماع به ،وإن كان شاّذا في القياس ،فإن ما كان هذه حاله من الكلم
يغلب فيه المسموع على المقيس في نظائره ،فمن ذلك ما نقله ابن جني )ت 395هـ( من أمثلة
المطرد في الستعمال الشاذ في القياس ،كقولهم) :أخوص الرمث ،واستصوبت المر ،واستحوذ،
واستنوق ،وأغيلت المرأة ،واستتيست الشاة(#الخصائص ،1/98وينظر :المزهر #.1/228فقد
اقتصر في هذه على المسموع دون المقيس في نظائرها.
والخر :ما أورده الفرخان من تعليل يقربها من الموضع القياسي لقطع همزة الوصل ،وهو البتداء،
أو الستئناف ،منطلًقا من مراعاة السياق والوظيفة النحوية للكلمة.
@@455
المبحث الثاني :قطع همزة الوصل في العلم المنقولة ،وفيه مسائل:
المسألة الولى :في العلم المنقولة من أفعال مبدوءة بهمزة وصل:
أجمع النحويون على أن الفعال المبدوءة بهمزة وصل إذا سمي بها قطعت همزتها ،ونصوصهم في
ل بـ)اضرب( ،أو )اقتل( أو )اذهب( لم ذلك صريحة ،قال سيبويه )ت 180هـ( " :وإذا سميت رج ً
تصرفه ،وقطعت اللفات"#الكتاب 3/198وينظر ، #.199 :وقال في )باب أسماء السور( :وإذا
أردت أن تجعل )اقتربت( اسًما قطعت اللف ،كما قطعت ألف )إضرب( حين سميت به
الرجل"#الكتاب #.3/256
وقال السيرافي " :وإذا أردت أن تجعل )اقتربت( اسًما قطعت اللف ،ووقفت عليها بالهاء ،فقلت:
)هذه إقتربه(....ويجوز أن تحكيها فتقول) :هذه اقتربت("#شرح الكتاب -4/111أ #.ونقل أبو حيان
ل،)ت 745هـ( عن الخفش الوسط )ت 215هـ( قوله" :كل فعل فيه ألف وصل سميت به رج ً
فإنك تقطع اللف ،تقول هذا إضراب"#تذكرة النحاة #.331
وإلى ذلك ذهب كثير من النحاة كالمبرد )ت 286هـ( ،والزجاج )ت 311هـ( ،وابن خالويه )ت
307هـ( ،وابن جني )ت 395هـ( ،والزجاج )ت 311هـ( ،وابن خالويه )ت 370هـ( ،وابن
جني )ت 395هـ( ،وابن النباري )ت 577هـ( ،وابن يعيش )ت 643هـ( ،وابن مالك )ت 672
هـ( وابن الصائغ )ت 680هـ( ،وغيرهم#ينظر :المقتضب ،3/366وما ل ينصرف للزجاج ،83
،152واللفات لبن خالويه ،47والمبهج في تفسير أسماء شعراء الحماسة ،13والنصاف
@456@،340 – 1/339وشرح المفصل ،1/31والمستوفى ،1/37وشح الكافية الشافية
،3/1467وشرح الجمل لبن الضائع ،القسم الول ،827والتذييل ،2/309والمساعد ،3/52
وشرح التصريح #.2/172
ومن الشواهد التي ذكروها على ذلك قولهم )إصمت( علم على الصحراء ،منقول من فعل المر،
قال ابن جني" :وأما الفعل المستقبل المنقول إلى العلم ،فنحو قولهم في اسم الفلة )إصمت( ،وإنما
هو أمر من قولهم :صمت يصمت)#صمت( من باب )قتل( مضارعه بضم العين .المصباح
)صمت( .ولكنه حين النقل غير بقطع الهمزة وكسرت عينه ،وقيل :قد يكون الكسر لغة فيه .ينظر:
الصول ،2/82وشرح المفصل ،1/31وشرح الرضي على الكافية ،2/1/525وشرح ألفية ابن
معط للقواس 640 ،1/639والتذييل ،2/309وحاشية الخضري ،1/88وحاشية الصبان
، #.1/133وإذا سكت ،كان إنساًنا قال لصاحبه في مفازة :أصمت ،يسكته بذلك؛ تسمًعا لنبأة أو
جسها ،فسمي المكان بذلك"#المبهج .13وينظر :التذييل #.2/309
وقد علل النحويون قطع الهمزة من الفعل المبدوء بها حين نقله إلى السمية بإجرائه مجرى السماء،
ليصير بمنزلتها؛ لنه قد خرج من باب الفعال إلى باب السماء ،قال سيبويه بعد كلمه المتقدم:
" ....وقطعت اللفات حتى يصير بمنزلة السماء؛ لنك قد غيرتها عن تلك الحال ،أل ترى أنك
ترفعها وتنصبها ،وتقطع اللف؛ لن السماء ل تكون بألف الوصل"#الكتاب #.3/198وقال في
ل قطع الهمزة فيمن سمي بـ)إضرب(...." :حتى يصير بمنزلة نظائره من السماء، موضع آخر معل ً
نحو :إصبع"#الكتاب #.3/256فالصل في السماء أل تكون بألف وصل؛ لنها موضوعة على
حا كلم سيبويه......" :وقطع اللف؛ لن الثبات ،وهمزة الوصل بخلف ذلك ،يقول السيرافي موض ً
موضوع السماء
@@457
ل ،فهي تسقط إذا كان قبلها كلم ،وتثبت إذا واللقاب على لفظ ل تتغير حروفه ،فإذا جعلنا ألفه أص ً
كانت مبتدأة ،فتخرج بذلك عن موضوع السماء"#شرح الكتاب _4/80أ #.وعلل أبو العباس
ل" :فإن سميت السورة أو الرجل أو غير ذلك بفعل ،أجريته مجرى السماء، المبرد بمثل ذلك قائ ً
وذلك أنك تقول إذا أضفت إلى) :اقتربت الساعة وانشق القمر( :قرأت سورة إقتربه#"...المقتضب
#.3/366وقال في )إضرب( اسًما..." :قطعت اللف حتى تصير كألفات السماء ،فتقول :هذا
إضرب قد جاء فتصيره بمنزلة )إثمد(#".....نفسه .#وقال ابن مالك في تعليل القطع" :فرجع به
على قياس الهمز في السماء ،وهو القطع"#شرح الكافية #.3/1467وبنحو من ذلك علل كثير
من النحويين#ينظر :ما ينصرف وما ل ينصرف ،156وشرح الرضي على الكفاية ،2/1/542
والمستوفى ،1/37وتوضيح المقاصد للمرادي ،1/176وشرح ألفية ابن معط للقواس ،1/640
،639وشرح اللفية لبن الناظم ،653والمساعد ،3/50وشرح التصريح ،2/220وحاشية
الصبان ،1/133وحاشية الخضري #.2/163 ،1/88
وقد علل أبو البركات النباري القطع هنا بقوله ..." :ليدل على أنها ليست كالهمزة التي كانت في
الفعل قبل التسمية ،وأنها بمنزلة حرف من نفس الكلمة"#النصاف #.1/340
ولعل هذا يشكل ،فأقول :ل شك أن أبا البركات ل يريد أن الهمزة حرف أصلي من بنية الكلمة ،بل
مراده – وال أعلم – أنها أصبحت كالحرف الذي
@@458
بنيت عليه الكلمة في الصل ،سواء كان ذلك الحرف زائًدا أم أصلّيا ،ثابًتا ل يسقط ،دون اعتبار
لوصل أو ابتداء ،كهمزة)أحمر( ونحوها.
حكم قطع همزة الوصل في العلم المنقولة من أفعال مبدوءة بها:
يبدو كما سبق أن حكم قطع همزة الوصل في هذا الموضع واجب عند الجمهور من النحويين،
متابعين في ذلك قول سيبويه" :وإذا جعلت )اضرب( أو )اقتل( اسًما ،لم يكن بد أن تجعله كالسماء؛
ل إلى اسم"#الكتاب #.3/199وجعله كالسماء يوجب قطع همزته؛ لن السماء ل لنك نقلت فع ً
تكون بهمزة الوصل ،إل ما سمع ،وهو قليل" ،ول يحتج باسم ول ابن؛ لقلة هذا مع كثرة
ضا قول السيرافي" :وكذلك كل فعل فيه ألف وصل، السماء"#الكتاب #.3/198ويفيد الوجوب أي ً
فإذا سميت به قطعت اللف#"....شرح الكتاب – 4/79ب-80 ،أ #.وقول ابن الضائع" :كما ل
ل بـ )اضرب( – وأنت ل تنوي فيه ضميًرا –ول تعرب،ول تقطع يجوز أن تسمي رج ً
همزته"#شرح الجمل )القسم الول( .891رسالة دكتوراه#.
وذهب الفراء إلى جواز القطع والوصل في هذا الموضع ،قال ابن خالويه " :والفراء إذا سمى
بـ)اضرب( يخير القطع والوصل ،وهو على مذهبه صواب ،وعلى مذهب البصريين خطأ"#اللفات
#.47
لذا فالواجب قطع همزة السم لمنقول من الفعل المبدوء بهمزة وصل ،كما هو مذهب الجمهور ليس
الفراء ،يؤيدهم في ذلك السماع كما في )إصمت(،
@@459
والقياس؛ لضمير المنقول على هيئة نظائره في الباب الذي نقل إليه؛ ولما في القطع من فائدة الدللة
على النقل.
ول إشكال فيما نقله أبو زيد في قولهم) :لقيته بوحش إصمت( بالوجهين ،بوصل الهمزة وقطعها#تهذيب
اللغة ،12/156 :واللسان والتاج) :صمت( #.فمن قطع الهمزة فإنما نقله من الفعل وحده دون ضمير
الفاعل ،ومن وصلها فغنما حكى الحملة مع ضمير الفاعل .والجمل المحكية ل تغير#سيأتي الحديث عن
الجمل المحكية في المسألة الخامسة من هذا المبحث إن شاء ال #.يدل على ذلك قول أبي العباس المبرد:
"....فغن وصلت قلت) :هذه سورة اقتربت الساعة(؛ لنها الن فعل رفعت بها الساعة"#المقتضب .3/366
وينظر :ما ينصرف وما ل ينصرف #.84 ،83وقول ابن جني " :وقطع الهمزة من )إصمت( ،مع التسمية
به خالًيا من ضميره هو الذي شجع النحاة على قطع نحو هذه الهمزات إذا سمي بما هي فيه"#المبهج
، #.14وقول الفرخان" :واعلم أنك إذا سميت بنحو )اجلس( فإن قدرت فيه الضمير بقيت السين ساكنة على
الحوال الثلثة ،والهمزة كما هي للوصل"#المستوفى #.1/37ومما يدل على ذلك في )إصمت( خاصة أن
ما رواه أبو زيد من قطع همزتها مقترن بمنعها من الصرف ،للعلمية ووزن الفعل ،فقد جاء في اللسان" :قال
أبو زيد :وقطع بعضهم اللف من )إصمت( ونصب التاء"#اللسان )صمت( وينظر :التاج )صمت(#.
ضا ما نقله الصاغاني )ت 650هـ( في التكملة على الصحاح " :ولقيته بوحش اصمت، ويؤكد هذا أي ً
موصولة اللف ،ساكنة التاء ،وبوحش إصمتة"#التكملة والذيل والصلة على الصحاح )صمت(#.
@@460
ففي هذا دللة واضحة على أن من حكى الجملة كاملة لم يقطع الهمزة ،ولم يمنع من الصرف؛ لن الفعل
ل فيما بعده.
مازال على بابه عام ً
المسألة الثانية :في العلم المنقولة من أسماء مبدوءة بهمزة وصل:
ذهب سيبويه ،وتبعه كثير من النحويين إلى أن العلم المنقولة من أسماء مبدوءة بهمزة وصل ل تقطع
همزتها بعد نقلها إلى العلمية ،وعلة ذلك عندهم أنها باقية على بابها من السمية؛ فل داعي إلى تغيير
ل تركته على حاله؛ لنك نقلته من اسم إلى اسم#"...الكتاب همزتها ،قال سيبويه" :فإذا سميت بامرئ رج ً
#.3/199
ضا ...." :ولو سميته انطلًقا لم تقطع اللف؛ لنك نقلت اسًما إلى اسم"#نفسه #.ويظهر من تمثيل وقال أي ً
سيبويه السابق أن الحكم يعم السماء المبدوءة بهمزة وصل ،السماعي منها والقياسي.
ووضح ذلك السيرافي مبيًنا أن السماء المبدوءة بهمزة وصل قليلة ،وهي في الوقت نفسه مخالفة لباب
السماء بكونها مبدوءة بهمزة وصل ،وأن نقلها إلى العلمية لم يخرجها عن بابها إلى باب آخر ،قال " :فإن
قال قائل :فأنتم إذا سميتم بما فيه ألف وصل من السماء لم تغيروها عن الوصل؟ قيل له :ما كان فيه ألف
وصل من السماء لم تغيروها عن الوصل؟ قيل له :ما كان فيه ألف وصل من السماء فهو قليل ،كاسم
وابن ،وغير ذلك مما يقصر عدده عن عشرة أسماء ،وذلك لخفتها ،فخرجت عن منهاج السماء .وكذلك
مصادر الفعال التي في أوائل ماضيها ألف وصل ،كقولنا :انطلق ،واستخراج ،واحميرار ،وهو مصدر:
انطلق ،واستخرج ،واحمار .فهذه السماء التي فيها ألف الوصل ،ليس الصل فيها ذلك ،فإذا سمينا بها لم
نقطع
@@461
ألفاتها؛ لنها لم تزل عن السمية ،فكأنها مبقاة على حالها"#شرح الكتاب -4/80أ #.ونقل أبو حيان عن
الخفش الوسط قوله....." :فإن سميت بابن ،أو بامرأة ،وصلت اللف؛ لنك تنقل اسًما إلى اسم ،فتتركه
ل"#تذكرة النحاة .331وينظر :شرح الرضي على الكافية #.2/1/544 على حاله موصو ً
وإلى مثل ذلك ذهب كثير من النحويين من المتقدمين والمتأخرين#ينظر :ما ينصرف وما ل ينصرف ،26
واللباب ،1/507وشرح الكافية الشافية ،3/1466وشرح الكافية ،543 ،2/1/542وشرح اللفية لبن
الناظم ،653والمساعد ،3/50وشرح الجمل لبن الضائع )القسم الول( #.828
وذهب ابن الطراوة )ت 528هـ( إلى أن العلم المنقولة من أسماء مبدوءة بهمزة وصل تقطع همزتها بعد
جا بأنه خرج عن بابه ،نقل ذلك عنه ابن عقيل ،قال.....":فلو سميت بانطلق لم تقطع الهمزة؛ النقل ،محت ّ
لنك إنما نقلته من السمية .وقال ابن الطراوة :تقطع؛ لن همزة الوصل إنما كانت فيه حين كان جارًيا على
الفعل ،وقد خرج عن ذلك بالعلمية"#المساعد .51-3/50ونقل ذلك عن ابن الطراوة ابن الضائع عن
الشلويين .راجع شرح الجمل لبن الضائع )القسم الول( #.828
فالعلة عند ابن الطراوة أنه خرج عن بابه ،وذلك أن المصدر ،نحو )انطلق( بابه السماء المشبهة للفعال،
فلما نقل إلى التسمية به خرج عن هذا الباب إلى باب السماء المحضة ،التي ل تشبه الفعال ،فوجب أن
تقطع الهمزة ليصير إلى بمنزلتها ،فيثبت على وجه واحد في البتداء والدرج.
ونلحظ أن حديث ابن الطراوة مقتصر على ما همزة الوصل فيه قياسية ،وهي المصادر .أما السماء العشرة
التي همزتها سماعية ،فأرى أنه من الممكن أن
@@462
تحمل على قوله هذا؛ لنها لما أعلت بالحذف أشبهت الفعال ،فدخلتها همزة الوصل ،فلما انتقلت إلى التسمية
بها يجب أن تثبت على حالة واحدة لتصير على هيئة السماء ومنزلتها ،فتقطع همزتها .ونقل ابن عقيل الرد
ل" :ورد بأن العرب لم تراع ذلك ،بدليل )هبة ال( علًما"#المساعدة #.3/51 على ابن الطراوة قائ ً
والمراد بهذا – فيما يبدو لي – أن )هبة( مصدر ،وهو اسم مشبه الفعل ،لما سمي به لم يراع اصله الذي هو
سا عليه فل تقطع همزة المصادر المنقولة إلى العلمية. )وهب( فلم ترد إليه الواو .وقيا ً
أقول :وهذا قياس مع الفارق ،فإن همزة )انطلق( ونحوه ،ليست كواو )هبة( ونحوه ،فـ )هبة( استقر وضعه
بحذف الواو منه ونقل حركتها إلى العين ،والتعويض عن المحذوف هاء في الخر ،فل يتعرض للتغيير ،إن
جا وإن ابتداًء ،فهو على سمت السماء .وأما )انطلق( فبقاء الهمزة فيه موصولة يعرضها لحذفها في در ً
الدرج ،وثباتها في البتداء ،وليس هذا شأن السماء المحضة ،لذا فقطع همزته أولى.
وقد نسب الصبان )ت 1206هـ( في حاشيته على شرح الشموني إلى الزهري )ت 905هـ( في شرح
التصريح تعميم حكم قطع همزة الوصل في المنقولت كلها ،قال الصبان...":لن المبدوء بهمزة الوصل فع ً
ل
أو غيره إذا سمي به يجب قطع همزته كما أفاده في التصريح"#حاشية الصبان على شرح الشموني
#.3/146ويظهر لي أن الخضري )ت 1287هـ( قد تبع الصبان في ذلك دون نسبة ،إذ قال ....." :لن
ل كان أو غيره يجب قطعها في التسمية به ،لصيرورتها ما بدئ بهمزة وصل فع ً
@@463
ضا ،ول يجوز وصلها إلى أصالتها كما في الجللة ،لن له خواص جزًءا من السم ،فتقطع في النداء أي ً
ليست لغيره"#حاشية الخضري #.2/118
والذي في التصريح صريح بعكس ما نسبه إليه الصبان تماًما ،فقد قال الزهري بعد أن ذكر حكم المنقول
من فعل...." :بخلف المنقول من اسم كـ)اقتدار( ،فإن الهمزة تبقى على وصلها بعد التسمية؛ لن المنقول
من اسم لم يبعد عن اصله ،فلم يستحق الخروج عما هو له"#شرح التصريح .2/220وينظر حاشية العليمي
عليه#.
إذن ،فالزهري موافق للجمهور في عدم قطع همزة المنقولت من أسماء ،يؤكد ذلك أن الصبان عاد فنقل
عنه رأيه الصريح الموافق للجمهور ،الذي نقلناه آنًفا#ينظر :حاشية الصبان 2/258باب الممنوع من
الصرف وموضعه الحقيقي 3/258لكن حدث اضطراب في المطبوع#.
أما الصبان والخضري فهما موافقان لبن الطراوة في قطع همزة الوصل في المنقول من اسم.
وتبعهم من المحدثين عباس حسن#النحو الوافي ،#.1/306وحسين والي#كتاب الملء #.55-54قال
ل من لفظ مبدوء بهمزة وصل فغن عباس حسن مطلًقا الحكم على المنقولت كلها " :وإذا كان العلم منقو ً
همزته بعد النقل تصير همزة قطع -كما أشرنا – نحو) :إنشراح( علم امرأة ،ونحو) :أل( علم على الداة
الخاصة بالتعريف أو غيره ،بشرط أن تكتب منفردة مقصوًدا بها ذاتها ،فتقول :أل كلمة ثنائية ،كما
@@464
تقول) :أل( في اللغة أنواع من حيث المدلول ،ومثل :يوم الثنين ،بكتابه همزة)إثنين( لنها علم ذلك اليوم،
ومثل)أسكت( علم على صحراء"#النحو الوافي 1/306حاشية )#.(2
مما تقدم نخلص إلى أن جمهور النحاة يرون عدم قطع همزة الوصل من العلم المنقولة من أسماء ،والعلة
جا ببعدها عن شبه الفعال لما ذكره، عندهم أنها لم تخرج عن بابها من السمية .وخالفهم ابن الطراوة ،محت ّ
وتبعه الصبان ،والخضري ،وبغض المحدثين ،كعباس حسن ،وحسين والي.
والراجح عندي في هذه المسألة ما ذهب إليه جمهور النحاة من عدم قطع همزة الوصل في العلم المنقولة
من أسماء مبدوءة بهمزة وصلة للعة التي ذكروها ،وهي أن هذه العلم لم تخرج عن باب السمية ،فل
داعي إلى تغييرها .والسياق هو الحاكم والكفيل بتمييز السم المنقول إلى العلمية والتسمية به من عدم
المنقول.
المسألة الثالثة :في العلم المنقولة من حرف معنى مبدوء بهمزة وصل:
اللفات المبتدأة في الحروف كلها قطع إل ألف )أل( فهي عند جمهور النحاة همزة وصل .فإذا نقل )أل( إلى
التسمية فهل تقطع همزته؟
نقل الزجاج والسيرافي عن سيبويه أنها ل تقطع بل تبقى موصولة#ما ينصرف وما ل ينصرف ،157
وشرح الكتاب – 4/140أ #.ولم أجد ذلك في الكتاب ،ويظهر لي أن الزجاج قد استنبط مذهب سيبويه
سا على مذهبه في التسمية بالباء الملفوظ بها#وسيأتي الحديث عنها إن شاء ال بعد هذه المسألة مباشرة#.
قيا ً
وذهب الزجاج )ت 311هـ( إلى أنها تقطع ،إذ قال " :وعلى ما قلت في )إب( أقول) :أل فاعلم( ،و)جلس
أل( ،فأقطعها؛ لني نقلتها من
@@465
حال الوصل إلى حال التسمية ،وقد قطعت في غير التسمية ،فقالوا) :يا أل اغفر لي("#ما ينصرف وما ل
وهذا هو الراجح ،فإن )أل( بعد التسمية به ينبغي قطع همزته ،بناء على مذهب الجمهور فيما نقل من فعل؛
وهذا هو المعمول به قديًما وحديًثا – فيما نلحظ – على قلة النصوص في ذلك ،لكنه ظاهر ،وقد سبق حديث
عباس حسن من المحدثين القاضي بوجوب قطع همزة )أل( إذا سمي بها#ينظر فيما سبق العلم المنقولة
من أسماء#.
المسألة الرابعة :في العلم المنقولة من حروف المعجم الساكنة المنطوق بها:
إذا أريد التلفظ بالحرف الواحد الساكن من حروف المعجم لحقته همزة الوصل على مذهب الخليل ،فيقال في
فإذا أردنا أن نسمي#في التسمية بالحرف الساكن كالباء من )اضرب( ستة أقوال نقلها السيرافي في شرحه
على الكتاب ،هي :الول :مذهب سيبويه :أن يزيد قبل الساكن همزة وصل تنطق في البتداء وتسقط في
الدرج ،فيقول :إب قد جاء ،وهذا اب ..والثاني :قول المازني :برد الحرف الذي قبل الباء ،فيقول :رب.
والثالث :قول الخفش :برد فاء الكلمة ،فيقول ضب)كذا في المخطوط( ولم يبين هل يحرك الضاد أو يجلب
ل إلى النطق بالضاد الساكنة .والرابغ @466@ :قول المبرد :برد الكلمة على اصلها،
همزة الوصل توص ً
فيقول :اضرب .ولم يبين هل يقطع الهمزة أو يبقيها على حالها .والخامس :قول الزجاج بجلب همزة الوصل
وقطعها ،فيقول :إب .والسادس قول من قال :ل يجوز أن يسمى بـ)إب(؛ لنه يحتاج إلى تحريك الباء،
وتحريكها يمنع من ألف الوصل .ينظر :شرح الكتاب للسيرافي – 4/139ب ،وما ينصرف ،155والنكت
،2/878وشرح الرضي .2/1/541وذكر الرضي في شرحه على الكافية 2/1/542أنه إذا كان قبل
الساكن همزة وصل في فعل فيؤتى بالهمزة مقطوعة كضاد )اضرب( وإن كانت في السم كنون )انطلق(
ط .ولم ينقل في ذلك خلًفا #.بهذه الحروف بعد النطق بها ،فما حكم
كمل بالحرف الذي بعده ،فتقولِ :اْن ِ
همزتها هذه؟
@@466
في الوصل :هذا اب كما ترى ،تريد الباء ،وألف الوصل من قولك )اضرب( .وكذلك كل شيء مثله ،ل
حا:
تغيره عن حاله"#الكتاب .3/324وينظر :ما ينصرف وما ل ينصرف #.155وقال السيرافي شار ً
"وأما إذا سمي بـ )ِاب( التي في اللفظ بالباء من )اضرب( ففيها ستة أقاويل ،قال سيبويه :أقول إذا ابتدأته:
)إب قد جاء( ،وإذا وصلته بكلم أسقطت ألف الوصل ،وبقيت الباء وحدها ،فأقول :هذا اب ،وقام اب ،وما
التنوين .فإذا كان السم ها هنا في البتداء هكذا لم يختل عندهم أن تذهب ألفه في الوصل ،وذلك أن الحرف
الذي يليه يقوم مقام اللف#"...الكتاب #.3/324وقاس ذلك سيبويه على حذفهم ألف)أب( وبقائه على
حرف واحد دون التنوين ول يختل ،فيقولون) :من اب لك؟( ،ولن هذا شيء ل يلزم في كل المواضع.
@@467
بهمزة وصل،
لنه خرج عن بابه ،وكذلك الحرف الملفوظ به إذا نقل إلى العلمية ،فقد خرج عن بابه ،قال" :إذا
ل بـ
ل بـ)اب( فأقول :هذا إب ،فأقطع ألف الوصل؛ على ما أجمعوا عليه إذا سموا رج ً سميت رج ً
)اضرب( ،قالوا كلهم) :هذا إضرب قد جاء( ،وقالوا :قطعنا اللف لنا نقلناه من باب الفعال إلى
باب السماء فقطعنا ألفه .فكذلك فعلت أنا في )إب( لني نقلته من باب اللفظ بحرف على التسمية؛
وليس أصل التسمية أن يكون فيها ألف الوصل"#ما ينصرف وما ل ينصرف .156وينظر :شرح
السيرافي -4/140أ ،وينظر -140ب ،والنكت #.2/879
سا على والراجح -عندي – ما ذهب إليه الزجاج؛ لنه خرج عن بابه من الحرفية إلى العلمية ،وقيا ً
المنقول من فعل إلى اسم ،غذ أجمعوا على قطع همزته ،ولنه ليس أصل التسمية أن يكون فيها ألف
وصل كما ذكر الزجاج.
أما حجة سيبويه بان السم ل يختل ،فهذا حديث بعيد عما نحن فيه؛ فالفعل )اضرب( ،بعد التسمية
به ،ل يختل لو حذفت منه همزة الوصل في الدرج ،فلماذا أجمعوا على قطعها؟ ل شك أنه لمر غير
ما ذكره سيبويه هنا ،وهو الدللة على النقل من بابه إلى باب آخر ،وجعله على قياس الباب الجديد
الذي نقل إليه .وهذه علة يجتمع فيها الفعل والحرف باتفاق ،فيجب القطع.
المسألة الخامسة :في العلم المنقولة من جمل محكية مبدوءة بهمزة وصل:
من المشهور من المحكيات ل تغير عن حالها#الكتاب ،3/326والمقتضب ،4/9والصول
،2/104وشرح المفصل #.1/28وبناءً عليه فإن العلم المنقولة من جمل محكية مبدوءة بهمزة
وصل ،تبقى الهمزة على وصلها ،ول
@@468
يجوز أن تقطع ،وقد سبق قول المبرد" :فإن وصلت قلت) :هذه سورة اقتربت الساعة(؛ لنها الن
فعل رفعت بها الساعة ،وسميت بها جميًعا#"...المقتضب ،377 – 3/366وينظر ،4/11 :وما
ينصرف وما ل ينصرف #.83
وقول ابن جني" :وقطع الهمزة من )إصمت( مع التسمية به خالًيا من ضميره#"...لمبهج .14
وينظر فيما سبق العلم المنقولة من أفعال #.وقول ابن الضائع في شرط قطع الهمزة في العلم
المنقول من فعل" :إذا لم تنو ضميًرا ،فإن نويت فيه ضميًرا تركت الهمزة موصولة؛ لنك تحكيه
على أنه فعل"#شرح الجمل لبن الضائع القسم الول #.827
ل لكل المنقولت ،بما فيها وسبق التنبيه إلى أن الصبان )ت 1206هـ( قد عمم الحكم ،فجعله شام ً
الجمل المحكية ،فأوجب قطع همزة الوصل من الجمل المبدوء بها بعد النقل ،ونسب ذلك إلى
الزهري في التصريح ،قال" :قوله) :يا ألمنطلق زيد( بقطع الهمزة؛ لن المبدوء بهمزة وصل فع ً
ل
أو غيره إذا سمي به يجب قطع همزته ،كما أفاده في التصريح"#حاشية الصبان #.3/146وتبعه
الخضري )ت 1287هـ( دون أن ينسبه إلى أحد#حاشية الخضري #.2/118وتبعهم المحدثين
ضا#كتاب الملء . #.55 حسين والي دون نسبة أي ً
وقد بينت فيما سبق أن نسبة ذلك إلى التصريح غير صحيحة ،وأن ما في التصريح خاص بالمنقول
من أفعال مبدوءة بهمزة وصل#ينظر ما سبق )العلم المنقولة من أسماء(#.
@@469
ويبدو لي أن هذا الشكال نشأ في ذهن الصبان من اطلعه على ما في التصريح ،إذ تحدث
الزهري )ت 905هـ( عن نداء ما فيه )أل( ،وأنه ل يجوز إل في أربع صور ،إحداها :في اسم
ال ،وتحدث عن قطع همزته ،ونظر له المنقول من فعل تقطع همزته ،نحو )أنصر( .والثانية الجمل
المحكية المبدوءة بـ)أل( ،نحو) :يا المنطلق زيد( ،فيمن سمي بذلك .ولم يتحدث في الثانية عن
الهمزة ،لكنه قال بعد ذلك" :ومقتضى ما قدمنا في )أنصر( قطع الهمزة .وإلى هاتين الصورتين
إشارة الناظم بقوله) :إل مع ال ومحكي الجمل("#شرح التصريح #.2/172
فالظاهر أن الصبان قد تبادر إلى ذهنه من الجمع بين هاتين الصورتين على هذا النحو أن الحكم
عليهما واحد من حيث قطع الهمزة .وليس المر كذلك؛ لن الزهري قد نقل عن سيبويه في
الموضع نفسه أن المحكي ل يغير نقل المتابع غير المعترض#ينظر :شرح التصريح #.2/172
من هذا نعلم أن قطع همزة الوصل في العلم المنقولة من جمل محكية خلف قول الجمهور ،إنما
هي شبهة وقع فيها الصبان ،ل أصل لها ،وتبعه الخضري ،وتبعهما حسين والي .وال أعلم
بالصواب.
@@470
المبحث الثالث :قطع همزة الوصل بعد الساكن:
رويت بعض القراءات التي قطعت همزة الوصل فيها على غير القياس ،لكنها تحمل على الستئناف
عند القدمين ،وذلك نحو:
ما نقله ابن جني )ت 392هـ( عن أبي عمرو )ت 154هـ( أنه قرأ) :حتى إذا -1
ضا:
إداركوا(#من سورة العراف ،من الية ، #.38بقطع همزة الوصل ،وأنه قرأ أي ً
)حتى إذا تداركوا( قال" :قطع أبي عمرو همزة )اّداركوا( في الوصل مشكل ،وذلك أنه ل
مانع من حذف الهمزة ،إذ ليست مبتدأة كقراءته الخرى مع الجماعة .وأمثل ما يصرف إليه
ل بين هذه القراءة وقراءته الخرى التي هي هذا أن يكون وقف على ألف )إذا( ممي ً
)تداركوا( فلما اطمأن على اللف لذلك القدر من التمييل بين القراءتين لزمه البتداء بأول
الحرف ،فاثبت همزة الوصل مكسورة على ما يجب من ذلك في ابتدائها ،فجرى هذا التمييل
في التلوم#التلوم :النتظار والتلبث .اللسان )لوم( #.عليه ،وتطال الصوت به مجرى وقفة
التذكر في نحو قولك :قالوا -وأنت تتذكر – ألن ،من قول ال سبحانه) :قالوا الن(#من
سورة البقرة ،من الية #.71فثبتت الواو من قالوا؛ لتلومك عليها؛ للستذكار ،ثم ثبتت
همزة )الن( ،أعني همزة لم التعريف#المحتسب #.1/247
ضا في قوله تعالى )اشتروا الضللة(#من سورة البقرة ،من الية ،#.16 ومثله ما نقله ابن جني أي ً
بإشباع الضمة على الواو للستذكار ،ثم البتداء بـ )ألضللة( بقطع همزة الوصل#المحتسب
#.1/247
@@471
ل هكذا ،لن هذا إنما وقد قال ابن جني بعد ذلك" :ول يحسن أن تقول :إنه قطع همزة الوصل ارتجا ً
يسوغ لضرورة شعرية .فأما في القرآن فمعاذ ال وحاشا أبي عمرو ،ول سيما وهذه الهمزة هنا إنما
هي في فعل#"....المحتسب #.1/248فقد رفض ابن جني قطع همزة الوصل – هنا – بدون
سبب ،ول يحمل كتاب ال على الضرورة ،وخاصة أنها هنا من أقبح الضرورات؛ لن الهمزة في
فعل ،وإنما تكون الضرورة أخف في السماء كما سيأتي#في المبحث الخامس :قطع همزة الوصل
ل يسلكها في نظم القطع في الضرورة الشعرية #.ومن هذا يبدو لي أن ابن جني التمس لها تعلي ً
المحمول على القياسي.
ومما يحمل على الستئناف ما نقله الفراء من قراءة أبي جعفر الرؤاسي وعاصم -2
قوله تعالى) :الم ال(#من سورة آل عمران ،من الية ، #1بقطع همزة الوصل في لفظ
الجللة#معاني القرآن للفراء .1/9وينظر :كتاب السبعة ،200ومختصر في شواذ القرآن
،25والحجة لبي علي ،3/6وإعراب القرآن للنحاس ،1/354المحرر الوجيز ،3/6
والبحر المحيط ،2/374والرتشاف ،1/343وأبو جعفر الرؤاسي #.41قال القرطبي:
"على تقدير الوقف على )الم( كما يقدرون الوقف على أسماء العداد في نحو :واحد ،اثنان،
ثلثة ،أربعة ،وهم واصلون"#الجامع لحكام القرآن ،4/1وينظر :النصاف #.2/745
ومنه قراءة الشعبي )شهادة أل(#من سورة المائدة ،من الية ،#.106قال ابن جني" :وأما
سكون هاء )شهاده( فللوقف عليها ثم استؤنف للقسم ،وهو وجه حسن؛ وذلك ليستأنف القسم في
أول الكلم فيكون أوقر له واشد هيبة من أن يدرج في عرض القول"#المحتسب .1/221
وينظر :البحر المحيط #.4/44
@@472
ضا عن الشعبي أنه قرأ )شهادة أل( بتنوين )شهادة(#نفسهما ،#.وقد وجهها
وقد نقل ابن جني أي ً
ابن جني على الجمع بين حالي الوصل والوقف ،إذ قال...." :فأقرها مقطوعة كما تقطع مبتدأة،
فقد جمع في هذه القراءة بين حالي الوصل والوقف .أما الوصل فلتنوين )شهادة( ،وأما الوقف
فلثباته همزة الوصل التي إنما تقطع إذا وقف على ما قبلها ثم استؤنفت"#المحتسب #.1/221
هذا تعليل القدمين ،ولكننا نلحظ أن ما قبل الهمزة في القراءات السابقة قد كان ساكًنا ،سواء
حا أو تنويًنا .فالظاهر أن قطع همزة الوصل هنا له وظيفة صوتية كان حرف مد أو حرًفا صحي ً
وهو التخلص من التقاء الساكنين .وإلى ذلك نبه د .عبد اللطيف الخطيب إذ قال في تعليقه على
ل من قراءة عاصم وغيره )الم أل( بقطع الهمزة في الوصل....." :فقد قطع همزة الوصل بد ً
تحريك الساكن الول بحركة ما"#التقاء الساكنين بين النص والقاعدة ، #.93وكذا علق على
قراءة )شهادة أل( بقوله...." :بالهاء الساكنة ،ثم قطع اللف بعدها هرًبا من التقاء
الساكنين"#السابق ،#.96وإن وجهه القدمون على الستئناف.
وأما حكم القطع في هذا الموضع فإنه في غير القراءات القرآنية يعد إحدى الوسائل الجائزة
للتخلص من التقاء الساكنين.
@@473
المبحث الرابع :قطع همزة الوصل في )أسطاع(:
ضا منمذهب سيبويه وجمهور البصريين أن )أسطاع( من )أطاع يطيع( ،زيدت السين عو ً
سكون عين الفعل؛ لن الصل )أطوع( ،نقلت فتحة الواو إلى الطاء ،فصار )أطوع( ،ثم قلبت
الواو ألًفا؛ لتحركها في الصل ،وانفتاح ما قبلها الن#ينظر :الكتاب ،483 ،4/285 ،1/25
وسر الصناعة ،1/199وتهذيب اللغة ،3/103وأبنية السماء والفعال والمصادر لبن
القطاع ،358واللباب ،2/278وشرح المفصل ،10/6وشرح الملوكي ،207والممتع
،1/224وشرح الشافية ،2/379والرتشاف ،1/106واللسان )طوع( ،ومنهج الكوفيين في
الصرف ) 233رسالة دكتوراه(#.
فالهمزة على مذهبهم في همزة قطع في الصل ،وزيدت السين شذوًذا للعوض .وذهب الفراء
إلى أن )أسطاع( أصله )استطاع( ،بهمزة وصل ،وبالتاء ،حذفت التاء ،وفتحت همزة الوصل،
وقطعت شذوًذا؛ تشبيًها لها بـ )أفعلت( ،ومضارعه) :يستطيع( –بفتح الياء – قال ابن جني:
"وقال الفراء :في هذا :شبهوا )أسطعت بـ)أفعلت( .فهذا يدل من كلمه على أن اصلها:
)استطعت( ،فلما حذفت التاء بقي على وزنه )افعلت( ففتحت همزته ،وقطعت"#سر الصناعة
،1/200وينظر :أدب الكاتب ،607والنكت ،1/132وأبنية السماء والفعال والمصادر
،358وشرح المفصل ،10/6وشرح الملوكي ،208والممتع ،1/226وشرح الشافية
،2/280ومنهج الكوفيين في الصرف #.234
فالهمزة عند الفراء همزة وصل قطعت شذوًذا.
حا مذهب الفراء ،قال" :ويتراءى ويرى د .عبد الفتاح الحموز أن في مذهب سيبويه تكلًفا ،مرج ً
لي أن ما ذهب إليه الفراء أظهر؛ لنه لم يعهد في لغتنا
@@474
تعريض الحرف من الحركة إل في ثلث كلمات ،وهي :أسطاع ،وأهرق ،وأهراح ،وهي مسألة
تجعلنا نميل إلى مذهب الفراء#"....ظاهرة التعويض في العربية ،108وينظر :جهود الفراء
الصرفية ) 290ماجستير( ،ومنهج الكوفيين في الصرف #.234
والراجح عندي مذهب سيبويه؛ لما يأتي:
لوجود النظير ،والكلمات الثلث التي أشار إليها د .الحموز؛ لن تعويض الحرف -1
ل فهو نادر ،والحمل النادر أولى من الحمل على الشذوذ في مذهب من الحركة إن كان قلي ً
الفراء؛ لن النادر موافق للقياس على قلته ،والشاذ مخالف للقياس قل أو كثر#ينظر :الشباه
والنظائر #.2/180
ما ذكره ابن جني من أنه اطرد عنهم )استطعت( ،بحذف التاء مع بقاء همزة -2
الوصل على حالها#سر الصناعة #.1/201
أن من العرب من يقول )أسطاعوا( بمعنى) :أطاعوا(#تهذيب اللغة #.3/104 -3
وبذلك اقدم مذهب سيبويه؛ فالهمزة همزة قطع باقية على أصلها.
وال أعلم.
@@475
المبحث الخامس :قطع همزة الوصل في الضرورة الشعرية:
تقطع همزة الوصل في الشعر للضرورة ،وهذه علة – أرى – كافية لتعليل القطع في هذا
الموضع ،إل أن النحاة لم يكتفوا بذلك ،بل حاولوا تعليله بوجه يقربه من الموضع القياسي ،قال
ابن عصفور )ت 669هــ(" :ما من ضرورة إل وهي يحاول بها على وجه تصح عليه"#شرح
الجمل #.2/181
وقد اتخذ قطع الهمزة في الشعر صورتين:
إحداهما :في أول الشطر الثاني في البيت.
والخرى :في حشو البيت.
أما الول فكثير؛ لنه بمنزلة البتداء ،وبذلك علله النحاة ،قال سيبويه متحدًثا عن سقوط همزة
الوصل في الدرج...." :واعلم أن هذه اللفات ألفات الوصل تحذف جميًعا إذا كان قبلها
كلم.....إل أن تقطع كلمك ،وتستأنف ،كما قالت الشعراء في النصاف؛ لنها مواضع فصول،
فإنما ابتدءوا بعد قطع.
قال الشاعر:
ألقدر ينزلها بغير جعال#نسبه ابن السيرافي في ول يبادر في الشتاء وليدنا
ل عن سيبويه إلى حاجب بن حبيب يرثي سلمى بنت حذيفة بن شرح أبيات سيبويه 2/373نق ً
بدر .ونسبه ابن عصفور في ضرائر الشعر 53إلى لبيد ،ونقل عنه ذلك البغدادي في شرح
شواهد شرح الشافية ،188والبيت ليس في ديوان لبيد .وهو بل نسبة في الكامل ،2/977
وتحصيل عين الذهب ،557والنكت ،1093وشرح الجمل لبن عصفور #.2/555
وقال لبيد#ديوانه #.151
ألناطق المزبور والمختوم"#الكتاب .4/150 أو مذهب جدد على ألواحه
وينظر :المنصف ،1/67وشرح الشافية ،2/266وشرح شواهدها ،187والضرائر لللوسي
#.93-92
@@476
وحمل القزاز القيرواني )ت 412هـ( ذلك غما على البتداء أو على توهم البتداء ،قال معلًقا
على الشاهد السابق )ول يبادر(" :فقطع اللف من )القدر( وهي ألف وصل ،وقال :إنما يكون
في النصف الثاني من البيت ،كأنه موضع سكت فسه وابتدأ بها مقطوعة ،أو في موضع يتوهم
هذا فيها"#ضرائر الشعر أو ما يجوز للشاعر في الضرورة #.118
وقال ابن يعيش )ت 643هـ( بعد استشهاده بالبيت:
إتسع الخرق على الراقع#نسبة سيبويه في الكتاب 2/285 ل نسب اليوم ول خلة
إلى أنس بن العباس ،من بني سليم .وينظر شرح أبيات سيبويه 1/583وهو بل نسبة في
الكامل ،2/977وشرح أبيات مغني اللبيب #.4/341
"فأثبت همزة )اتسع( في حال الوصل ضرورة ،وهو ها هنا أسهل؛ لنه في أول النصف الثاني،
ل،
فالعرب قد تسكت على أنصاف البيات ،وتبتدئ بالنصف الثاني ،فكأن الهمزة وقعت أو ً
فاعرفه"#شرح المفصل #.9/138وعلل ابن عصفور ذلك بأن همزة الوصل أجريت في
الدرج مجراها في البتداء بها ،وانه أكثر ما يكون ذلك في أول النصف الثاني#ضرائر الشعر
.53وينظر :شرح شواهد الشافية ،183وشرح أبيات مغني اللبيب #.4/342
ونقل السيرافي )ت 368هـ( عن ابن كيسان )ت 299هـ( ذهابه إلى أن همزة )أل( همزة
قطع#اشتهر نسبة هذا الرأي إلى الخليل في كثير من كتب النحو .ينظر :سر الصناعة ،1/334
وشرح التسهيل لبن مالك ،1/253وابن كيسان النحوي ،123وأباه أبو حيان في التذييل
،225 – 3/221ونسبه إلى ابن كيسان ،ونقل عن ابن معزوز رّدا على ابن مالك في هذا.
وينظر :الرتشاف .1/513وانظر حواشي التمهيد لهذا البحث ، #.لما كثرت في الكلم
جا بقطعهم إياها في أوائل النصاف الخيرة في البيات#مل يحتمل
حذفوها استخفاًفا ،محت ّ
الشعر من الضرورة #.77
@@477
ورد عليه السيرافي بأنهم قد يقطعون الهمزة في هذا الموضع مع غير )أل( ،كقوله....) :إتسع
الخرق#(...نفسه#.
قلت :ل مانع عند من يرى أن همزة )أل( في الصل همزة قطع ،أن تكون في مثل هذه المواضع قد
راجعت اصلها ،فمن أصولهم أن" :الرجوع إلى الصل أيسر من النتقال عنه" ،كما سبق#الشباه
والنظائر .2/150وانظر فيما سبق :العلم المنقولة من أسماء #.فإذا قطعت في )أل( تكون قد
راجعت اصلها عنده ،وإن كان القطع في غير )أل( يعلل بما علله الجمهور.
مما سبق نلحظ أن همزة الوصل قطعت في الشعر للضرورة ،وسهل هذه الضرورة وقوع الهمزة
مبتدأة في أول المصراع الثاني ،أو يتوهم فيها البتداء غالًيا ،أو أنها أجريت في الدرج مجراها في
البتداء .أو أنمها راجعت أصلها القديم عند من يرى أن أصلها القطع ،وأن حكم قطعها في هذا
الموضع ضرورة قد كثرت.
وأما الموضع الخر لقطع همزة الوصل في ضرورة الشعر ،فهو في حشو البيت ،وقد ذكره كثير
من العلماء#ينظر في ذلك :معاني القرآن للخفش ، 1/12وما يحتمل الشعر من الضرورة
للسيرافي ،79والمحتسب ،1/248وسر الصناعة ،342 – 1/341ودرة الغواص ،221
واللباب ،108 – 2/107وشرح المفصل ،9/137وشرح الشافية ،2/265وشرح التصريح
،2/366والخزانة ،7/202والضرائر لللوسي #.92ومن الشواهد التي استشهدوا بها على ذلك
ما نقله الخفش من قول قيس بن الخطيم:
بنشر وتكثير الوشاة قمين#البيت لقيس بن الخطيم إذا جاوز الثنين سر فإنه
في ديوانه ،105وفي معاني القرآن للخفش .1/12ورواية المبرد في الكامل ) 2/883الخلين(
مكان )الثنين( فل شاهد .وهو ينسب البيت إلى جميل العذري ،وقد وهمه المحقق#.
@@478
وقول جميل:
على حدثان الدهر مني ومن جمل#سبق تخريجه في أل ل أرى إثنين أكرم شيمة
المبحث الول :المسألة الثالثة#.
وقول الراجز:
وكل إثنين إلى افتراق#سبق تخريجه في المبحث يا نفس صبًرا كل حي لق
الول :المسألة الثالثة#.
ويبدو لي أن الخفش ل يخص ذلك بالشعر ،بل كأنه يعده لغة نادرة ،سواء كان في الشعر أو في
عا من غير الشعر ،قال" :وزعموا أن من العرب غيره؛ لنه قبل استشهاده بالبيات السابقة نقل سما ً
من يقطع ألف الوصل .أخبرني من أثق به أنه سمع من العرب من يقول) :يا إبني( فقطع "#معاني
القرآن #.1/12واتبعه بالشواهد السابقة ،فأردفها بقوله " :وهذا ل يكاد يعرف" .ولم يتحدث عن
ضرورة الشعر .وحكم ابن جني على قطع همزة الوصل في حشو البيت بالقلة في السماء ،وبالقل
في الفعال ،،قال" :وقلما جاء في الشعر قطع همزة الوصل في الفعل ،وإنما يجيء الشيء النزر من
ذلك في السم ،نحو قول جميل :أل ل أرى....وقول الخر :يا نفس#"...المحتسب #.1/248وكذا
ابن عصفور حكم بقلة هذا#ضرائر الشعر ،54وينظر :شرح شواهد الشافية #.183
سا على إجراء
وقد علل العكبري القطع في هذا الموضع بأنه إجراء للوصل مجرى البتداء ،قيا ً
الوصل مجرى الوقف#اللباب #.2/108
ولعل ما يهون قطع همزة الوصل في حشو البيت ،أن أغلب الكلمات التي قطعت فيها همزة الوصل
كانت أسماًء ،وقطعها في السماء أهون منه في الفعال؛
@@479
لن السماء بابها همزة القطع ،والفعال بابها همزة الوصل .وبذلك فسر ابن جني هذه الظاهرة،
ل....." :إنما قل قطع همزة الوصل هذه في الفعل ،وجاء ما جاء من ذلك في السم ،حيث كان قائ ً
الفعل مظنة من همزة الوصل ،وإنما تدخل من السماء ما ضارع الفعل .وباب همزات السماء أن
تكون قطًعا ،فلما غلب القطع عليها جرت اللسن على العادة ،واستجازوا قطع همزة الوصل لما
ذكرنا"#المحتسب #.1/248
أخلص مما سبق إلى أن همزة الوصل تقطع للضرورة الشعرية في أول المصراع الثاني من البيت
ل في حشو البيت في السماء ،ويضيق ذلك أكثر بكثرة ،سهل ذلك أنها في حكم البتداء ،وتقطع قلي ً
في الفعال.
@@480
المبحث السادس :قطع همزة الوصل على لغة لبعض العرب:
بعض العرب يقطعون همزة الوصل مطلًقا ،في النثر والشعر ،ويبدو أنها لغة غريبة ،قال الخفش )
215هـ(" :وزعموا أن من العرب من يقطع ألف الوصل .أخبرني من أثق به انه سمع من يقول:
)يا إبني( فقطع ،همزة الوصل .وقال قيس بن الخطيم:
بنشر وتكثير الوشاة قمين إذا جاوز الثنين سر فإنه
وقال جميل:
على حدثان الدهر مني ومن جمل أل ل أرى إثنين أكرم شيمة
وقال الراجز:
وكل إثنين إلى افتراق يا نفس صبًرا كل حي لق
وهكذا ل يكاد يعرف"#معاني القرآن للخفش .1/12وقد سبق في ضرورة الشعر#.
وذهب د .أحمد علم الدين الجندي – موافًقا باحًثا غربّيا -في تفسير قطع همزة الوصل عند شعراء
الحجاز إلى أنه ردة فعل منهم في مقابل تسهيل الهمزة عموًما عندهم ،ففي تعليقه على تحقيق أهل
مكة الهمز في ) النبي ،الذرية ،الخابية ،البرية( خلًفا للغة الفصحى وخلًفا للغتهم في تسهيل الهمز،
قال" :هو كرد فعل عندهم لحساسهم بشعورهم بالنقص في الظاهرة العامة عندهم ،وهي تسهيل
الهمزة ،ولهذا يقول رابين :وكان شعراء الحجاز غالًبا ما يعاملون همزة الوصل كأنها همزة قطع،
مبالغة منهم في تحقيقها؛ لنهم شعروا بتسهيلها فأراد الشعراء منهم تحقيًقها حذلقة"#اللهجة العربية
في التراث .1/340والحذلقة :التصرف بالظرف .والمتحذلق :المتكيس ،وقيل :هو المتكيس الذي
يريد أن يزداد على قدره .ويقال :حذلق الرجل وتحذلق إذا أظهر الحذق وادعى أكثر مما عنده.
اللسان )حذلق(#.
@@481
الخاتمة:
وفيها وظائف قطع همزة الوصل:
وبعد :فقد حاولت في هذا البحث استقصاء مواضع همزة الوصل ،والوقوف على عللها ،وبيان
أحكامها ،فوقفت على اثني عشر موضًعا ،القطع في خمسة منها واجب ،وفي ثلثة جائز ،وفي اثنين
راجح ،وفي واحد ضرورة ،وهناك من العرب من لغته القطع مطلًقا.
ووجدت أن قطع همزة الوصل في درج الكلم – مع كونه مخالفة للصل – له فوائد متعددة
ووظائف متنوعة صوتية ،ودللية ،وشكلية:
فمن الوظائف الصوتية :القطع للتخلص من التقاء ساكنين ،كالقطع في اسم الجللة على قول
الجوهري ،وفي القطع بعد الساكن كما في بعض القراءات القرآنية المذكورة .وهذا يعد استدراًكا
على المتقدمين الذين جمعوا وسائل التخلص من التقاء الساكنين ،وأغفلوا هذه الوسيلة ،ومن هؤلء:
مكي بن أبي طالب )ت 437هـ( عليه رحمة ال ،في كتابه الكشف عن وجوه القراءات السبع
وعللها وحججها.
ومن الوظائف الدللية ما يأتي:
الدللة على شبه الزائد على بنية الكلمة بما هو من بنيتها وتنزيله منزلته ،كما في -1
النداء ،على القول الثاني ،وفي التذكر.
الدللة على التعويض عن حذف حرف أصلي ،كما في النداء ،على القول الثالث. -2
وفي القسم للدللة على التعويض عن حرف القسم المحذوف في قول أبي علي ،وللتعويض
عن حرف القسم المحذوف في قول سيبويه.
@@482
الدللة على الخصوصية في نداء اسم الجللة في القول الرابع. -3
الدللة على أصل الترتيب ،كما في ترتيب )ل ها أل ذا( في القسم. -4
الدللة على نقل الكلمة من باب إلى باب ،ولتأخذ سمت الباب المنقولة إليه وقياسه، -5
كما في العلم المنقولة من أفعال ،ومن )أل( ،ومن حروف المعجم الساكنة المنطوق بها.
الدللة على الفرق بين الستفهام والخبر ،كما في )أل( ،و)َايُمن( ،و)َايم( إذا دخلت -6
عليهن همزة الستفهام.
ومن الوظائف الشكلية:
القطع لجل التغيير بناءً على أن التغيير يأنس بالتغيير ،كما في نداء اسم الجللة، -1
على القول الول.
ل على القطع في النطق ،كما في التذكر. القطع في الرسم ليكون دلي ً -2
القطع انسجاًما مع الوظيفة النحوية للكلمة ،كما في )ألبتة(. -3
المحافظة على الوزن الشعري ،كما في القطع للضرورة الشعرية. -4
ومع أن النحاة قد عللوا كل موضع قطعت فيه همزة الوصل في الدرج ،فإننا نجدهم قد حاولوا في
كثير من هذه المواضع ربطه بالموضع القياسي )البتداء أو الستئناف( ،وحمله عليه ما استطاعوا
ل؛ تخفيًفا منهم للخروج عن الصل. إلى ذلك سبي ً
والذي أراه هنا أن همزة الوصل كتابة في كل الموضع ،الواجبة ،والجائزة ،والراجحة؛ وذلك للفادة
مما يدل عليه القطع في كل موضع .وأوصي المجامع اللغوية أن تصدر قراًرا بذلك .وال ولي
التوفيق.
وقبل أن أختم أنبه على أن قطع همزة الوصل في العلم المنقولة من محكية هو شبة لدى القائل
بذلك ،ل اصل لها عند النحاة.
وبعد ،فما كان من توفيق فمن ال وحده ،وما كان من غير ذلك فمن نفسي والشيطان .اللهم اغفر
الذنب ،واستر العيب ،واقبل التوب ،ووفقنا لما تحبه وترضاه .وصلى ال على نبينا محمد وعلى آله
وصحبه أجمعين .والحمد ل رب العلمين.
قائمة المصادر والمراجع:
أبنية السماء والفعال والمصادر ،لبن القطاع ،دراسة وتحقيق أحمد عبد الدائم، -1
)رسالة دكتوراه 1400 :ه1980 -م دار العلوم القاهرة(
أبو جعفر الرؤاسي نحوي من الكوفة ،د .عبد ال الجبوري ،ط 1408 ،1هـ - -2
1988م بمساعدة الجامعة المستنصرية.
أدب الكاتب ،لبن قتيبة ،تحقيق محمد الدالي ،ط 1405 ،2هـ 1985 -م مؤسسة -3
الرسالة بيروت.
أسرار العربية ،لبي البركات النباري ،تحقيق محمد بهجت البيطار 1377 ،هـ -4
1957م ،المجمع العلمي العربي ،دمشق.
الشباه والنظائر في النحو ،لجلل الدين السيوطي ،تحقيق د .عبد العال مكرم ،ط -5
1406 ،1هـ 1985 -م ،مؤسسة الرسالة ،بيروت.
الصوات اللغوية ،د .إبراهيم أنيس1999 ،م ،مكتبة النجلو المصرية. -6
الصول في النحو ،لبي بكر بن السراج ،تحقيق د .عبد الحسين الفتلي ،ط ،3 -7
1408هـ 1988 -م مؤسسة الرسالة ،بيروت.
إعراب القرآن لبي جعفر النحاس ،تحقيق د .زهير غازي زاهد ،ط 1405 ،2هـ -8
1985 -م عالم الكتب ومكتبة النهضة العربية ،بيروت.
الغفال فيما أغفله الزجاج من المعاني ،لبي علي الفارسي ،مخطوط ،مكتبة شهيد -9
علي ،اسطنبول.
-10القناع في القراءات السبع ،لبي جعفر بن الباذش ،تحقيق د .عبد المجيد قطامش،
ط 1403 ،1هـ مركز البحث العلمي وإحياء التراث السلمي ،جامعة أم القرى ،مكة
المكرمة.
-11التقاء الساكنين بين القاعدة والنص ،د .عبد اللطيف محمد الخطيب ،جامعة
الكويت ،حوليات الداب والعلوم النسانية ،الحولية الحادية والعشرون 1422– 1421
هـ2001 -2000 /م.
@@485
-12اللفات ،لبن خالويه ،تحقيق د .علي حسين البواب ،مكتبة المعارف 1402هـ -
1982م الرياض.
-13أمالي ابن الشجري ،تحقيق د .محمود محمد الطناحي ط 1413 ،1هـ 1992 -م
مكتبة الخانجي ،القاهرة.
-14أمالي الزجاجي ،تحقيق عبد السلم هارون ،ط 1407 ،2هـ 1987 -م دار
الجيل ،بيروت.
-15النصاف في مسائل الخلف بين النحويين البصريين والكوفيين ،لبي البركات
النباري ،تحقيق الستاذ محمد محيي الدين عبد الحميد ،المكتبة التجارية الكبرى ،مصر،
توزيع دار الباز بمكة المكرمة.
-16ائتلف النصرة في اختلف نحاة الكوفة والبصرة ،لعبد اللطيف الزبيدي ،تحقيق د.
طارق الجنابي ،ط 1407 ،1هـ 1987 -م عالم الكتب ،ومكتبة النهضة العربية.
-17ابن الضائع وأثره النحوي مع دراسة وتحقيق )القسم الول( من شرحه لجمل
الزجاجي ،إعداد يحيى علوان البلداوي )رسالة دكتوراه 1406 :هـ 1986 -م( جامعة
الزهر.
-18ارتشاف الضرب من لسان العرب ،لبي حيان ،تحقيق د .مصطفى النماس ،ط ،1
1404هـ 1984 -م مكتبة المدني ،القاهرة.
-19اشتقاق أسماء ال ،لبي القاسم الزجاجي ،تحقيق د .عبد الحسين المبارك ،ط ،2
1406هـ 1986 -م دار الغرب السلمي ،بيروت.
-20البسيط في شرح جمل الزجاجي ،لبن أبي الربيع الشبيلي ،تحقيق د .عياد الثبيتي،
ط 1407 ،1هـ 1986 -م دار الغرب السلمي ،بيروت.
-21التبصرة والتذكرة ،للصميري ،تحقيق د .فتحي علي الدين ،ط 1402 ،1هـ -
1982م مركز البحث العلمي وإحياء التراث السلمي ،جامعة أم القرى ،مكة المكرمة.
-22التبيين على مذاهب النحويين ،لبي البقاء العكبري ،تحقيق د .عبد الرحمن
العثيمين ،ط 1406 ،1هـ 1986 -م دار الغرب السلمي ،بيروت.
@@486
-23تحصيل عين الذهب من معدن جوهر الدب في علم مجازات العرب ،للعلم
الشنتمري ،تحقيق د .زهير سلطان ،ط 1415 ،2هـ 1994 -م ،مؤسسة الرسالة.
-24تذكرة النحاة ،لبي حيان ،تحقيق د .عفيف عبد الرحمن ط 1406 ،1هـ 1986 -م
مؤسسة الرسالة بيروت.
-25التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل ،لبي حيان الندلسي ،تحقيق د .حسن
هنداوي ،ط ،1دار القلم ،دمشق.
-26تفسير البحر المحيط ،لبي حيان ،ط 1403 ،2هـ 1983 -م دار الفكر.
-27التكملة )وهي الجزء الثاني من اليضاح العضدي( ،لبي علي الفارسي ،تحقيق
د.حسن الشاذلي فرهود ،ط 1401 ،1هـ 1981 -م عمادة شؤون المكتبات جامعة
الرياض.
-28التكملة والذيل والصلة لكتاب تاج اللغة وصحاح العربية ،للصاغاني ،مجمع اللغة
العربية ،القاهرة1970 ،م.
-29التنبيه واليضاح عما وقع في الصحاح ،لبن بري ،تحقيق مصطفى حجازي ،ط
1980 1م مجمع اللغة العربية ،القاهرة.
-30توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك ،للمرادي ،تحقيق د .عبد
الرحمن علي سليمان ،ط ،1مكتبة الكليات الزهرية ،القاهرة.
-31الجامع لحكام القرآن ،للقرطبي ،ط ،2دار إحياء التراث العربي ،بيروت.
-32الجنى الداني في حروف المعاني ،للحسن بن قاسم المرادي ،تحقيق د .فخر الدين
قباوة والستاذ محمد نديم فاضل ط 1403 ،2هـ 1983 -م دار الفاق الجديدة ،بيروت.
-33جهود الفراء الصوفية ،لمحمد علي خيرات )رسالة ماجستير( جامعة أم القرى،
مكة المكرمة.
-34حاشية الخضري على شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك ،ضبط يوسف البقاعي،
1415هـ 1995 -م دار الفكر ،بيروت.
@@487
-35حاشية الصبان على شرح الشموني على ألفية ابن مالك ،مطبعة عيس البابي
الحلبي ،القاهرة.
-36حاشية العليمي على شرح التصريح = شرح التصريح.
-37خزانة الدب ولب لباب لسان العرب ،لعبد القادر البغدادي ،تحقيق الستاذ عبد
السلم هارون ،ط 1409 ،3هـ 1989 -م مكتبة الخانجي ،القاهرة.
-38الخصائص ،لبن جني ،تحقيق محمد علي النجار ،دار الكتاب العربي بيروت.
-39دراسات في علم اللغة ،د .كمال محمد بشر ،ط ،1986 ،9دار المعارف بمصر.
-40درة الغواص في أوهام الخواص ،للحريري ،تحقيق عبد ال الحسيني ،ط ،1
1417هـ 1996 -م المكتبة الفيصلية ،مكة المكرمة.
-41ديوان جميل بثينة ،تحقيق د .حسين نصار1967 ،م ،القاهرة.
-42ديوان شعر المثقب العبدي ،تحقيق حسن كامل الصيرفي ،معهد المخطوطات
العربية 1391 ،هـ1971 -م.
-43ديوان عمر بن أبي ربيعة = شرح ديوان عمر بن أبي ربيعة
-44ديوان قيس بن الخطيم عن ابن السكيت وغيره ،تحقيق د .ناصر الدين السد ،ط
1381 ،1هـ 1962م ،مكتبة دار العروبة.
-45ديوان لبيد ابن ربيعة العامري 1386 ،هـ 1966 -م ،دار صادر.
-46رصف المباني في شرح حروف المعاني ،لحمد بن عبد النور المالقي ،تحقيق د.
أحد الخراط ،ط 1405 ،2هـ 1985 -م دار القلم ،دمشق.
-47الزاهر في معاني كلمات الناس ،لبي بكر النباري ،تحقيق د.حاتم الضامن ،ط ،1
1412هـ 1992 -م مؤسسة الرسالة.
-48السبعة في القراءات ،لبي بكر بن مجاهد ،تحقق د.شوقي ضيف ،ط 1980 ،2م،
دار المعارف.
-49سر صناعة العراب ،لبي الفتح بن جني ،تحقيق د .حسن هنادوي ،ط 1405 ،1
هـ 1985م دار القلم ،دمشق.
@@488
-50السير الحثيث إلى الستشهاد بالحديث في النحو العربي ،د .محمود فجال ،ط ،1
1407هـ 1986 -م نادي أبها الدبي.
-51شرح أبيات سيبويه ،لبن السيرافي ،تحقيق د .محمد علي سلطان1979 ،م ،دار
المأمون للتراث.
-52شرح ألفية ابن مالك ،لبن الناظم )بدر الدين محمد( تحقيق د .عبد الحميد السيد،
دار الجيل ،بيروت.
-53شرح ألفية ابن معط لبي جعفر الرعيني ،السفر السابع ،تحقيق عبد ال عمر حاج
إبراهيم) ،رسالة دكتوراه 1417 :هـ 1997 -م( جامعة أم القرى.
-54شرح ألفية ابن معط ،لعبد العزيز بن جمعة القواس ،تحقيق علي موسى الشوملي
ط 1405 ،1هـ 1985 -م ،مكتبة الخريجي الرياض.
-55شرح الشموني على ألفية ابن مالك ،دار إحياء الكتب العربية ،عيسى البابي
الحلبي وشركاه.
-56شرح التسهيل ،لبن مالك ،تحقيق د.عبد الرحمن السيد ود .محمد بدوي المختون
ط 1410 ،1هـ 1990-م هجر للطباعة.
-57شرح التصريح على التوضيح ،للشيخ خالد الزهري ،دار الفكر.
-58شرح التصريف ،لعمر بن ثابت الثمانيني ،تحقيق د .إبراهيم البعيمي ،ط 1419 ،1
هـ 1999 -مكتبة الرشد الرياض.
-59شرح ديوان عمر ابن أبي ربيعة ،عبد أ .علي مهنا ط 1406 ،1هـ 1986 -م
دار الكتب العلمية ،بيروت.
-60شرح الرضي لكافية ابن الحاجب ،تحقيق د .حسن الحفظي ود .يحيى مصري ط
1414 ،1هـ 1993 -م إدارة الثقافة والنشر ،جامعة المام محمد بن سعود السلمية،
الرياض.
-61شرح الكافية الشافية ،لبن مالك ،تحقيق د.عبد المنعم هريدي ،ط 1402 ،1هـ -
1982م مركز البحث العلمي وإحياء التراث السلمي بجامعة أم القرى ،مكة المكرمة.
@@489
-62شرح اللمع ،للصفهاني أبي الحسن الباقولي ،تحقيق د.إبراهيم أبو عباة 1411 ،هـ
1990 -م إدارة الثقافة والنشر ،جامعة المام محمد بن سعود السلمية.
-63شرح المفصل ،لبن يعيش الحلبي ،عالم الكتب ،بيروت ،ومكتبة المتنبي ،القاهرة.
-64شرح الملوكي في التصريف ،لبن يعيش الحلبي تحقيق د .فخر الدين قباوة ،ط ،1
1393هـ 1973 -م المكتبة العربية ،حلب.
-65شرج جمل الزجاجي ،لبن عصفور ،تحقيق د .صاحب أو جناح ،وزارة الوقاف،
بغداد.
-66شرح جمل الزجاجي لبن الضائع = ابن الضائع وأثره النحوي.
-67شرح شافية ابن الحاجب ،لرضي الدين الستراباذي ،تحقيق محمد نور الحسن،
ومحمد الزفزاف ،ومحمد يحيى الدين عبد الحميد 1395هـ 1975 -م دار الكتب العلمية،
بيروت.
-68شرح شواهد الشافية = شرح شافية ابن الحاجب.
-69شرح كتاب سيبويه ،لبي سعيد السيرافي ،مخطوط ،نسخة دار الكتب القومية رقم
137نحو.
-70شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلت الجامع الصحيح ،لبن مالك ،تحقيق محمد
فؤاد عبد الباقي ،دار الكتب العلمية ،بيروت.
-71الصاحبي ،لبن فارس ،تحقيق السيد أحمد صقر ،مطبعة عيسى البابي الحلبي،
القاهرة.
-72الصحاح ،للجوهري ،تحقيق أحمد عبد الغفور عطار ،ط 1990 ،4م دار العلم
للمليين.
-73صحيح البخاري بشرح الكرماني ،ط 1401 ،2هـ 1981 -م دار إحياء التراث
العربي ،بيروت.
-74ضرائر الشعر ،أو كتاب ما يسوغ للشاعر في الضرورة ،للقزاز القيرواني ،تحقيق
د .محمد زغلول سلم ود .مصطفى هدارة1973 ،م منشأة المعارف ،السكندرية.
@@490
-75ضرائر الشعر ،لبن عصفور ،تحقيق السيد إبراهيم محمد1980 ،م دار الندلس.
-76الضرائر وما يسوغ للشاعر دون الناثر ،لمحمود شكري اللوسي ،دار البيان،
بغداد ،دار صعب ،بيروت.
-77ظاهرة التعويض في العربية وما حمل عليها من المسائل ،د .عبد الفتاح حموز ،ط
1407 ،1هـ 1987 -م دار عمار ،عمان.
-78عقد الخلص في نقد كلم الخلص ،لبن الحنبلي ،تحقيق نهاد حسوبي ،ط ،1
1407هـ 1987 -م ،دار الكتب العلمية ،بيروت.
-79عقود الزبرجد على مسند المام أحمد ،للسيوطي ،تحقيق أحمد عبد الفتاح وسمير
حسين ،ط 1987 – 1407 ،1م دار الكتب العلمية ،بيروت.
-80علل النحو ،لبي الحسن محمد بن عبد ال الوراق ،تحقيق د .محمود جاسم
الدرويش ،ط 1999 – 1420 ،1م مكتبة الرشد ،الرياض.
-81عمدة القاري شرح صحيح البخاري ،لبدر الدين العيني ،دار إحياء التراث
العربي ،بيروت.
-82العين ،للخليل ابن أحمد الفراهيدي ،تحقيق د .مهدي المخزومي ود .إبراهيم
السامرائي ،ط 1408 ،1هـ 1988 -م مؤسسة العلمي ،بيروت.
-83فتح الباري بشرح صحيح البخاري ،لبن حجر العسقلني ،تحقيق محمد فؤاد عبد
الباقي ،والشيخ عبد العزيز بن باز ،دار الفكر.
-84الفوائد العجيبة في إعراب الكلمات الغريبة ،لبن عابدين ،تحقيق د .حاتم الضامن،
ط 1410 1هـ 1990 -م دار الرائد العربي ،بيروت.
-85الكامل في اللغة والدب ،لبي العباس المبرد ،تحقيق محمد أحمد الدالي ،ط ،1
1406هـ 1986 -م مؤسسة الرسالة ،بيروت.
-86الكتاب ،لسيبويه ،تحقيق عبد السلم هارون ط 1977 ،2م مكتبة الخانجي،
القاهرة.
-87كتاب الملء ،لحسين والي 1405 ،هـ 1985 -م دار القلم ،بيروت.
@@491
-88الكشاف ،للزمخشري ،دار المعرفة ،بيروت.
-89الكليات )معجم في المصطلحات والفروق اللغوية( لبي البقاء الكفوي ،عناية د.
عدنان الدرويش ،ومحمد المصري ،ط 1412 ،1هـ 1992 -م ،مؤسسة الرسالة ،بيروت.
-90لباب العراب ،لمحمد السفراييني ،تحقيق د .بهاء الدين عبد الرحمن ،ط ،1
1405هـ 1985 -م دار الرفاعي ،الرياض.
-91اللباب في علل البناء والعراب ،لبي البقاء العكبري ،تحقيق :ج 1د .غازي
طليمات ،وج 2الستاذ عبد الله نبهان ،ط 1416 ،1هـ 1995 -م مركز جمعة الماجد
للثقافة والتراث ،دبي.
-92لسان العرب ،لبن منظور ،تنسيق وتعليق وفهرسة :علي شيري ،ط 1408 ،1هـ
1988 -م ،دار إحياء التراث العربي بيروت.
-93اللهجات العربية في التراث ،د .أحمد علم الدين الجندي ،الدار العربية للكتاب.
-94ليس في كلم العرب ،لبن خالويه ،تحقيق أحمد عبد الغفور عطا ط 1399 ،2هـ
1979 -م مكة المكرمة.
-95ما يحتمل الشعر من الضرورة ،لبي سعيد السيرافي ،تحقيق د .عوض القوزي ،ط
1412 ،2هـ 1991 -م.
-96ما ينصرف وما ل ينصرف ،لبي إسحاق الزجاج ،تحقيق د .هدى قراعة ،ط ،2
1414هـ 1994 -م مكتبة الخانجي ،القاهرة.
-97المبهج في تفسير أسماء شعراء الحماسة ،لبن جني ،تحقيق د .حسن هنداوي ،ط
1407 ،1هـ 1987 -م دار القلم ،دمشق ،دار المنارة ،بيروت.
-98مجالس العلماء ،لبي القاسم الزجاجي ،تحقيق الستاذ عبد السلم هارون ،ط ،2
1403هـ 1983 -م مكتبة الخانجي في القاهرة ،ودار الرفاعي في الرياض.
-99مجالس ثعلب ،تحقيق الستاذ عبد السلم هارون ،ط 1987 ، 5م دار المعارف،
القاهرة.
@@492
-100المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات واليضاح ،لبن جني ،تحقيق علي
النجدي ناصف وآخرين ،ط 1406 ،2هـ 1986 -م دار سزكين ،اسطنبول.
-101المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ،لبن عطية الندلسي ،تحقيق الشيخ عبد
ال النصاري وآخرين ط ،1رئاسة المحاكم والشؤون الدينية ،قطر.
-102المحكم والمحيط العظم في اللغة ،لبن سيده ،تحقيق مصطفى السقا وآخرين ،ط
1377 ،1هـ 1958 -م معهد المخطوطات.
-103مختصر في شواذ القرآن من كتاب البديع لبن خالويه ،مكتبة المتنبي ،القاهرة.
-104المخصص ،لبن سيده ،دار إحياء التراث العربي ،بيروت.
-105المزهر في علوم اللغة وأنواعها ،للسيوطي ،تحقيق محمد جاد وآخرين ،دار
الجيل ،بيروت ودار الفكر.
-106المسائل البصريات ،لبي علي الفارسي ،تحقيق محمد الشاطر أحمد ،ط 1405 ،1
هـ 1985 -م مطبعة المدني ،القاهرة.
-107المسائل المشكلة )البغداديات( ،لبي علي الفارسي ،تحقيق صلح الدين السنكاوي،
مطبعة المدني ،القاهرة.
-108المساعد على تسهيل الفوائد ،لبن عقيل ،تحقيق د .محمد كامل بركات ،مركز
البحث العلمي وإحياء التراث السلمي ،جامعة أم القرى ،مكة المكرمة.
-109المستوفى في النحو ،لكمال الدين أبي سعد علي بن مسعود بن محمود بن الحكم
الفرخان ،تحقيق د .محمد بدوي المختون 1407هـ 1987 -م دار الثقافة العربية ،القاهرة.
-110مشكلة الهمزة العربية ،د .رمضان عبد التواب ،ط 1417 ،1هـ 1996 -م،
مكتب الخانجي ،القاهرة.
-111المصباح المنير في غريب الشرح الكبير ،لحمد الفيومي ،المكتبة العلمية ،بيروت.
-112معاني الحروف ،المنسوب للرماني )وهو لبن فضال المجاشعي( ،تحقيق د .عبد
الفتاح شلبي ،ط 1407 ،2هـ 1986 -م مكتبة الجامعي ،مكة المكرمة.
@@493
-113معاني القرآن ،لبي الحسن سعيد بن مسعدة الخفش ،تحقيق د .هدى قراعة ،ط ،1
1411هـ 1990 -م مكتبة الخانجي ،القاهرة.
-114معاني القرآن ،للفراء ،تحقيق محمد علي النجار وآخرين ،دار السرور ،بيروت.
-115معاني القرآن وإعرابه ،لبي إسحاق الزجاج ،تحقيق د .عبد الجليل شلبي ،ط ،1
1408هـ 1988 -م ،عالم الكتب ،بيروت.
-116مغني اللبيب عن كتب العاريب ،لبن هشام النصاري ،تحقيق د .مازن المبارك،
ومحمد علي حمد ال ،ط 1985 ،6م دار الفكر ،بيروت.
-117المفصل ،للزمخشري ،تحقيق د .محمد عز الدين السعيدي ،ط 1410 ،1هـ -
1990م ،دار إحياء العلوم ،بيروت.
-118المقتصد في شرح اليضاح ،لعبد القاهر الجرجاني ،تحقيق كاظم بحر المرجان
1982م ،منشورات وزارة الثقافة والعلم العراقية ،بغداد.
-119المقتضب ،لبي العباس المبرد ،تحقيق د .محمد عبد الخالق عضيمة ،المجلس
العلى للشؤون السلمية ،لجنة إحياء التراث السلمي ،القاهرة.
-120الممتع في التصريف ،لبن عصفور ،تحقيق .فخر الدين قباوة ،ط 1407 ،1هـ -
1978م دار المعرفة ،بيروت.
-121المنصف،لبي افتح بن جني ،تحقيق الستاذين :إبراهيم مصطفى وعبد ال أمين ،ط
1373 ،1هـ 1954 -م مطبعة مصطفى الباب الحلبي ،مصر.
-122منهج الكوفيين في الصرف ،لمؤمن بن صبري غنام) ،رسالة دكتوراه 1418 :هـ
1997 -م( جامعة أم القرى ،مكة المكرمة.
-123الموفقي في النحو ،لبن كيسان ،تحقيق د .عبد الحسين الفتلي وهاشم طه شلش،
مجلة المورد وزارة العلم العراقية ،المجلد الرابع ،العدد الثاني 1395هـ 1975 -م.
-124النحو الوافي ،لعباس حسن ،ط ،5دار المعارف.
-125النكت في تفسير كتاب سيبويه ،للعلم الشنتمري ،تحقيق زهير سلطان ،ط ،1
1407هـ 1987 -م معهد المخطوطات العربية ،الكويت.
-126الهمزة في اللغة العربية ،لخالدية محمود البياع ،ط ،1دار ومكتبة الهلل 1995م
بيروت.
-127الهمزة مشكلتها وعلجها ،لحمد شوقي بدوي النجار ،ط ،1دار الرفاعي
1984م الرياض.
بعض العوامل المعيقة للسياحة الداخلية في المجتمع السعودي
من وجهة نظر الذكور والناث
الدكتور /عبد ال بن عبد العزيز اليوسف )باحث رئيس( قسم الجتماع – كلية
العلوم الجتماعية
جامعة المام محمد بن سعود السلمية
المشاركون
د .محمد بن طاهر اليوسف د .عبد المحسن بن عبد ال الحجي
جامعة الملك سعود جامعة الملك سعود
@@497
مقدمة:
شهدت العقود الثلثة الخيرة اهتماًما عالمّيا غير معهود بالسياحة ،حيث إنها لم تعد ترًفا مقصوًرا
على فئة محدودة من القادرين على نفقتها بل عملية مطلوبة لعامة الناس وخاصتهم .هذا الهتمام
بالسياحة لم يكن وليد الصدفة بل هو نتيجة لعدة مستجدات لعل أحدها هو التوسع الحضري الذي
يدفع الناس إلى الهرب من المدينة ومن روتين الحياة اليومية للبحث عن أماكن الراحة والستجمام،
وتعتبر السياحة داخلية في أي دولة أحد الروافد الهامة للدخل السياحي ،فهي تستوعب حوالي %80
من إجمالي النفاق السياحي العالمي ،ويختلف هذا المعدل من دولة لخرى حيث تبلغ على سبيل
المثال في الوليات المتحدة ) ،(% 94وفي بريطانيا ) ،(%70وسويسرا )# (%46العقيل صالح
عبد ال 1423) ،هـ( العوامل المؤثرة في اتجاه المواطن نحو السياحة الداخلية في المملكة العربية
السعودية .دراسة استطلعية على عينة من أرباب السر وطلب الجامعة ،رسالة ماجستير غير
منشورة ،قسم الجتماع والخدمة الجتماعية ،كلية العلوم الجتماعية ،جامعة المام محمد بن سعود
السلمية ،الرياض #.وتعد المملكة العربية السعودية من أكثر الدول حاجة لقيام وتنشيط حركة
السياحة الداخلية لبناء الوطن ،نظًرا لتدني نسبة إسهام قطاع السياحة في إجمالي الناتج المحلي
للمملكة إذ بلغ عام )2001م (%4:أي ما يعادل ) (9.6مليارات دولر فقط وهو ما يضع هذا
القطاع في المرتبة الثالثة من حيث الهمية بعد صناعة النفط والغاز بالضافة لمعدلت النفاق
العالية على السياحة الخارجية التي يقوم بها المواطنون خارج المملكة حيث يعد متوسط إنفاق
السائح السعودي على السياحة خارج المملكة من أعلى المتوسطات المعروفة عالمّيا إذ يبلغ في الليلة
@@498
الواحدة حوالي ) (500ريال مقابل مبلغ يتراوح بين ) 250إلى 300ريال( ينفقها في الليلة
الواحدة داخلّيا#المرجع السابق#
وتمثل هذه الدراسة إحدى المحاولت التي تهدف إلى معرفة بعض العوامل المعيقة للسياحة في
المجتمع السعودي من وجهة نظر الذكور والناث.
وتصبح الحاجة إلى مثل هذه المعرفة واضحة إذا أخذنا في العتبار أن تذليل الصعوبات
والمعوقات التي تواجه السياحة الداخلية سوف يؤدي إلى ازدهارها والحد من السياحة الخارجية بكل
ما تحمله من سلبيات اجتماعية واقتصادية على المجتمع.
مشكلة الدراسة: -1
تتحدد مشكلة الدراسة الحالية في معرفة آراء عينة من أفراد المجتمع السعودي من الجنسين
الذكور والناث نحو العوامل المعيقة للسياحة الداخلية ،حيث تقود تلك المعرفة إلى تحديد السباب
المعيقة للسياحة الداخلية ،وبالتالي محاولة الحد من تلك المعوقات لتنمية سياحية داخلية واعدة.
أهمية الدراسة: -2
الهمية العلمية: -1
تبرز الهمية العلمية لهذه الدراسة في ظل عدم وجود دراسات سابقة عن معوقات السياحة
الداخلية في المجتمع السعودي ،كما أن الدراسات السابقة التي عالجت موضوع السياحة في
المجتمع السعودي كانت محدودة ،وتعاني من محدودية المناطق التي سحبت منها العينة حيث
اقتصرت على منطقة واحدة ،أما الدراسة الحالية فقد شملت عدة مناطق ،كما اشتملت على مناطق
ذات جاذبية سياحية ،وأخرى ليست ذات تجربة سياحية مما يعطيه بعًدا علمّيا مميًزا.
الهمية العملية: -2
وتبرز أهمية هذه الدراسة من خلل ارتباطها بأهمية قطاع السياحة في المملكة العربية السعودية،
ما لها من مردود اقتصادي على المجتمع من خلل معرفة أبرز العوامل المعيقة للسياحة الداخلية
من وجهة نظر الذكور والناث ،ووضعها أمام جهات الختصاص المسؤولة عن التخطيط
للسياحة الداخلية في المملكة العربية السعودية ،وذلك بهدف وضع سياسات كفيلة باتخاذ إجراءات
لرفع مستوى السياحة الداخلية ،بالضافة إلى أن هذه الدراسة ستؤدي إلى إضافة علمية تعزز من
معرفتنا بطبيعة العوامل المعيقة للسياحة الداخلية في المجتمع السعودي من وجهة نظر الذكور
والناث.
ج -أهداف الدراسة وتساؤلتها:
من خلل ما تم استعراضه في مشكلة الدراسة وأهميتها يتضح أن الدراسة الحالية تهدف إلى
معرفة العوامل المعيقة للسياحة الداخلية من وجهة نظر الذكور والناث في المجتمع السعودي.
وتقوم هذه الدراسة على الجابة عن سؤال بحثي رئيس هو:
ما العوامل المعيقة للسياحة الداخلية في المجتمع السعودي من وجهة نظر الذكور والناث؟ وما
العوامل المؤثرة فيها؟
ويتفرع من هذا التساؤل مجموعة من التساؤلت الفرعية على النحو التي:
هناك فروق ذات دللة إحصائية بين عينة الذكور والناث في رؤيتهم لمعوقات -1
السياحة الداخلية؟
تختلف اتجاهات المبحوثين من الجنسين نحو معوقات السياحة الداخلية باختلف -2
فئاتهم العمرية؟
@@500
تختلف اتجاهات المبحوثين من الجنسين نحو معوقات السياحة الداخلية باختلف -3
حالتهم الجتماعية )أو العائلية(؟
تختلف اتجاهات المبحوثين من الجنسين من معوقات السياحة الداخلية باختلف -4
مستوياتهم التعليمية؟
تختلف اتجاهات المبحوثين من الجنسين من معوقات السياحة الداخلية باختلف -5
مهنهم؟
تختلف اتجاهات المبحوثين من الجنسين من معوقات السياحة الداخلية باختلف -6
مستوياتهم التعليمية؟
تختلف اتجاهات المبحوثين من الجنسين من معوقات السياحة الداخلية باختلف -7
مستوياتهم القتصادية؟
الطار النظري والدراسات السابقة:
مفاهيم الدراسة: -1
تعريف السياحة: -1
لعل أول المصاعب التي تواجه دراسة السياحة هي تنوع التعريفات الخاصة بها وكذلك التداخل بين
السياحة والترويح ووقت الفراغ وحسبما ذكر Robinson#Robinson,H.,(1976), A
#.geography of Tourism, Macdonald and Evans, London
فغن أحد التعريفات المبكرة هو ذلك التعريف الذي يشير إلى أن السياحة في مفهومها العام وتعني
انتقال الفراد خارج الحدود السياسية للدولة التي يعيشون فيها مدة تزيد عن أربعة وعشرين ساعة،
وتقل عن عام واحد ،على أل يكون الهدف من وراء ذلك القامة الدائمة أو العمل ،أو الدراسة أو
مجرد عبور الدولة الخرى )ترانزيت( .ورغم شيوع هذا التعريف إل أنه ل يتسم مع ظاهرة
السياحة الداخلية التي تحدث في ضمن حدود الدولة التي
@@501
يقيم فيها السائح .وبما أن هذه الدراسة تتحدث عن المعوقات التي تعيق السياحة الداخلية ،فسوف
يتبنى الباحث التعريف الذي قدمه )ماتسيون و وول( للسياحة الداخلية والذي حدد فيه سياح الداخل
بأنهم الفراد الذين ينتقلون داخل حدود بلدهم ،ويمكثون بعيًدا عن المنزل لفترة تزيد عن )24
ساعة( Mathieson,A.,and Wall, G.,(1987), Tourism#
# .Economic physical and social Impacts, Longman,New York
والدراسة الحالية سوف تأخذ بهذا التعريف كتعريف إجرائي لمفهوم السياحة الداخلية.
معوقات السياحة: -2
أما المعوقات فتشير إلى جميع العوامل الجتماعية والثقافية والنفسية والشخصية ،والمكانية من
إمكانيات وخدمات وخلفه التي قد تدفع أفراد المجتمع من الذكور والناث لتخاذ قرار قضاء
لجازة خارج ارض الوطن.
ج -مفهوم التجاه:
يعرف التجاه بأنه )الميل إلى الفعل بأسلوب يتسق مع موضوعات ومواقف بعينها مترابطة
ومحددة(.ويشير الستخدام الجتماعي لمصطلح التجاه على مدى الستجابة عن طريق العلقات
والواجبات والراء الجتماعية لموضوع معين بتشكيل اتجاه نحوه#حامد ،زهران1997) ،م( ،علم
النفس الجتماعي ،عالم الكتب ،القاهرة ،ص ص #.32ويتضمن بناء التجاه ثلث مكونات أولها
)المكون المعرفي( ويتمثل في إدراك الشخص لموضوع التجاه ومعتقداته وأفكاره عن هذا
الموضوع وما يتقبله عنه من حجج .أما الثاني فهو المكون الوجداني ويعني مشاعر الشخص
ورغباته نحو موضوع التجاه بما تحدد درجة حبه أو كرهه لهذا الموضوع .أما الثالث فهو المكون
السلوكي ،ويتمثل في الستجابة والستعداد
@@502
للستجابة حيال موضوع التجاه بطريقة ما .ومن خصائص هذه المكونات الثلثة لبناء التجاه أنها
متداخلة مع بعضها البعض كما تختلف من حيث التكافؤ ودرجة التغير #سويف ،مصطفى) ،
1978م( ،مقدمة لعلم النفس الجتماعي ،مكتبة النجلو المصرية ،ط ،5القاهرة .ص ص – 50
#.60
وإجرائّيا يقصد الباحثون بالتجاهات في هذه الدراسة حاصل تفاعل أحكام المبحوثين ومشاعرهم
النفعالية ،ونزعاتهم السلوكية نحو السياحة الداخلية التي يجري التعبير عنها في إجاباتهم المكتوبة
على بنود الستبانة المستخدمة في هذه الدراسة.
النظريات المفسرة للموضوع: -2
تنطلق غالبية الرؤى والتوجهات النظرية التي حاولت تفسير أسباب رغبة الفراد في النتقال من
أماكن حياتهم اليومية إلى أماكن جديدة بهدف قضاء بعض الوقت للراحة والستجمام من رؤية
السياحة والترويح كمفهومين متداخلين في أكثر الطر النظرية ،بأنها وسيلة اجتماعية للتخلص من
الضطرابات العصبية التي تنتج من الستمرار في أداء العمل لساعات طويلة ،وذلك لن السياحة
والترويح تعطي الفرد الحرية للنطلق والتلقائية .مما يساعد على تجديد نشاط الجسم ،واستعادة
الطاقة المستنفدة في العمل ،والتخلص من التوتر العصبي والجهاد العقلي والنفسي.
كما ترى بعض الطر النظرية أن السياحة فرصة لشباع حاجيات شخصية وميول ذاتية ل
تستطيع إشباعها نظًرا لروتين العمل اليومي كما تنطلق أبعاد نظرية أخرى من رؤية السياحة
كمجال خصب للسترخاء والتخلص من
@@503
المتاعب والتوترات الناتجة عن مسيرة الحياة اليومية ،وقد تكون السياحة في نظر البعض شكل من
أشكال الهروب والبقاء لفترة معلومة في مكان بعيد عن ضغوط الحياة اليومية ورتابتها فالسائح
يهدف إلى تغيير الماكن التي اعتاد رؤيتها على أماكن أخرى لم يعتد على رؤيتها وبذلك فغن
السياحة هي البحث عن أشياء جديدة ل يجدها السائح في موطنه الصليBurkart, A, and#
Medlik, S.,(1987), Tourism Past, present and Future,Heinemann,
London.#Cohen,E.,(1979), Rethinking the sociology of Tourism,
Annals of Tourism of Research, Vol. 9 (1), pp.35 – 18.##Fish,M.,
(1982), Taxing International Tourism in West Africa, 103-91 Annals of
#.Tourism Research, Vol. 9 (1), pp
@@508
د -مناقشة الدراسات السابقة:
ما تم استعراضه من دراسات سابقة يمثل بعض الدراسات التي ناقشت أبعاد السياحة الداخلية،
والملحظ على غالبية الدراسات السابقة أنها ركزت على الحركة المكانية )النسياب السياحي( هذا
بالضافة إلى صغر حجم العينة المدروسة وعدم تفريقها بين الذكور والناث ،كما أن غالبية هذه
الدراسات هي أطروحات علمية تميزت بمحدودية المكانات والمساحة الجغرافية المشتملة عليها
الدراسة .ويشير ما سبق ذكره إلى الحاجة الماسة للمزيد من الدراسات المتعمقة في هذا الموضوع.
ول سيما دراسات تبحث في معوقات السياحة الداخلية ،والتي أغفلتها الدراسات السابقة حسب ما تم
الطلع عليه.
الجراءات المنهجية:
التعاريف الجرائية لمتغيرات الدراسة: -1
احتوت أهداف الدراسة وتساؤلتها على عدد من المتغيرات والمصطلحات التي هي بحاجة إلى
ل لجمعها ومعالجتها إحصائّيا .ولقد حاولنا في هذه تعاريف إجرائية )تحديد مستويات قياسها(؛ تسهي ً
الدراسة اتباع التعاريف الجرائية التي استخدمت في الدراسات السابقة لكي تسهل المقارنة بين
النتائج .ويتضح بصفة خاصة في صفات )أو خصائص( أفرد العينة )كالعمر ،والحالة العائلية،
والمستويات التعليمية والقتصادية والمهنية(
والمقصود بأفراد العينة أو )وحدات العينة ) (Units of Samplingفي هذه الدراسة الذين تم
جمع البيانات منهم )الذين أجابوا عن أسئلة الدراسة(.
ويقصد بالزائر )أو السائح( الفرد الذي سافر من مكان إقامته )قام بعمل زيارة( لمكان آخر داخل
المملكة العربية السعودية بقصد السياحة أو قضاء الجازة وبقي في ذلك المكان ليلة واحدة على
القل.
@@509
مجتمع وعينة الدراسة: -2
يمثل مجتمع الدراسة المواطنين السعوديين المقيمين في مناطق مختلفة من المملكة .ولقد تم اختيار
عينتين تمثل إحداهما مجتمع الرجال وتمثل الخرى مجتمع الناث ،كما تم اختيار العينتين من سبعة
عشر مكاًنا )مدينة وقرية( وفًقا لمعيارين هما درجة تحضر هذه الماكن )ما إذا كان المكان مدًنا أو
قرى( ،ومدى التجربة السياحية لها) مدتن متطورة نسبّيا يتوفر فيها جذب سياحي ،ومدن غير
معروفة بجاذبيتها السياحية( .والفتراض الساسي لهذا التصنيف هو أن لدرجة التحضر ومدى
جاذبية المكان علقة بالسلوك السياحي للسكان وإن المعوقات السياحية قد تختلف باختلف درجة
التحضر والتجربة السياحية للماكن.
وتتكون عينة الرجال )الذكور( من ) (1000رجل ممن تزيد أعمارهم عن ) (17سنة ،ولقد استخدم
الباحثون العينة العشوائية المساحية المتعددة المراحل ) (Multisage Areal Samplingحيث
تم تقسيم كل مدينة أو قرية على مناطق )أحياء( ،وتم اختيار عدد من الحياء عشوائّيا ،ثم تم اختيار
عدد من المساكن من كل حي بالطريقة المنتظمة العشوائية .وتم مقابلة رب العائلة أو اكبر فرد في
حال غياب رب العائلة ،وبطبيعة الحال قام فريق من الرجال بمقابلة أفراد العينة من الرجال ،كما تم
مقابلة أفراد العينة من الناث بواسطة فريق مدرب من النساء .وجمع العينة تم بواسطة مجموعة من
الباحثين المدربين على هذا العمل.
أداة جمع البيانات:
ولجمع البيانات تم بناء استبيان واحد لكل عينة .تتكون كل استبانة من ثلثة أجزاء .يحتوي الجزء
الول على أسئلة تبحث في التجربة السياحية لفراد العينة )الماكن والمعوقات التي زاروها بقصد
السياحة ،والماكن التي يفضلون زيارتها داخل المملكة(.
ويضم الجزء الثاني عبارات متعددة تقيس اتجاهات وآراء أفراد العينة نحو مفاهيم السياحة
واتجاهاتهم نحو مجموعة من العبارات باستخدام مقياس )ليكرت( الخماسي البعاد حيث تمثل موافق
جّدا أقصى درجات القبول ،ومعارض جّدا أقصى درجات الرفض للعبارة ،وقد تم التعامل مع
العبارات السالبة بإعادة ترميزها لتصبح موجبة بعد جمع المعلومات .ويشمل الجزء الثالث عدًدا من
السئلة حول خصائص وصفات أفراد العينة وأسرهم كمكان الميلد والعمر والحالة العائلية
والمستويات التعليمية والقتصادية.
ونظًرا لن هذه الدراسة تبحث في آراء واتجاهات أفراد العينة حول العوائق التي يرونها تعيق
السياحة الداخلية؛ فإن التحليلت الحصائية سوف تنحصر في أفراد العينة الذين قاموا برحلت
سياحية داخلية خلل الفترة المذكورة ،ويشمل التحليل أفراد العينة الذين قاموا بزيارة داخلية فقط ،أو
حا ،أو ما يعادل ) (%90من مجموع أفراد العينة. داخلية وخارجية ،والبالغ عددهم ) (1315سائ ً
ويمثل الجدول رقم ) (1التوزيع الفعلي لفراد العينة.
@@511
جدول رقم )(1
يوضح توزيع أفراد عينة الذكور والناث حسب المدن والقرى التي تم جمع العينات منها
ووفًقا لدرجة التحضر ومدى الجاذبية السياحية
إناث ذكور المنطقة التصنيف
الدارية
مدن ذات جذب سياحي:
جدة
40 80 مكة الطائف
35 75 مكة الرياض
40 80 الرياض الدمام
40 81 الشرقية المدينة المنورة
40 80 المدينة أبها
35 76 عسير
مدن غير معروفة بجذبها
السياحي:
40 83 الجوف القريات
40 80 القصيم بريدة
40 80 جازان جيزان
40 80 حايل حايل
@@512
نتائج الدراسة الميدانية:
وصف تحليل البيانات:
يحتوي هذا الجزء من الدراسة على وصف وتحليل واستخراج بيانات الدراسة ،ويتكون من جزأين
رئيسين هما:
الجزء الول :وصف إحصائي أولي لمتغيرات الدراسة بما في ذلك المقارنة بين عينتي الذكور
والناث بالنسبة لهذه الخصائص.
الجزء الثاني :يتعلق بالجابة عن تساؤلت الدراسة ،أي بتحليل اتجاهات الذكور والناث حول ما
يشكل عوائق للسياحة الداخلية .ويبدأ الجزء الثاني بمقارنة ثنائية بين الذكور والناث من حيث مدى
موافقتهم من عدمها على اثنتين وعشرين عبارة مختارة تصف أنواع العوائق المحتملة للسياحة
الداخلية يلي ذلك وصف لبناء مؤشرات تجميعية لهذه العبارات ،أخيًرا ثم يأتي عرض وصفي
تحليلي لهذه المؤشرات والعوامل المؤثرة فيها.
أوًل :الوصف الحصائي الولي لخصائص أفراد عينتي الذكور والناث:
العمار: -1
تمثل الفئة العمرية ) (35– 26سنة النسبة المئوية العلى بين عينتي الذكور والناث بما نسبته
) (%37.5للذكور ،و) (%37للناث.
الحالة العائلية: -2
يمثل المتزوجون النسبة المئوية العلى ،حيث بلغت نسبة المتزوجين من الذكور )،(%67.4
فيما بلغت نسبة المتزوجات من الناث ) ،(%71.2مقارنة بـ) (%32.6من الذكور العزاب،
و) (%28.8من الناث غير المتزوجات.
@@513
المستوى التعليمي: -3
تشير بيانات الدراسة إلى أن غالبية عينة الذكور هم من الفراد الذين يحملون الشهادة الثانوية،
أو ما يعادلها بما نسبته ) ،(%39.2بينما يغلب على عينة الناث أنهن يحملن شهادات أقل من
الشهادة الثانوية بما نسبته ).(%46.7
المهنة: -4
تشير بيانات الدراسة إلى أن غالبية عينة الذكور يعملون في وظائف حكومية بما نسبته )
،(%44.2بينما تمتهن الغالبية العظمى من عينة الناث العمال المنزلية بما نسبته )
.(%73.5
مستوى الدخل الشهري للعائلة: -5
تشير بيانات الدراسة إلى أن غالبية أفراد العينة من الذكور تقع دخولهم بين ) 6000إلى
(9000ريال بما نسبته ) ،(%31كما تقع عينة أفراد الناث في نفس مستويات الدخل بالنسبة
للذكور مع زيادة في النسبة لصالح فئة عينة الناث بما نسبته ).(%35.7
تجربة السفر السياحي: -6
تشير البيانات إلى أن غالبية أفراد العينة من الذكور قد مروا بتجربة السفر الداخلي والخارجي
بما نسبته ) ،(%55.7فيما تشير بيانات الدراسة إلى أن الغالبية العظمى من عينة النساء قد
مررن بتجربة السفر الداخلي فقط ،بما نسبته ).(%70.2
ثانًيا :اتجاهات أفراد العينة حول معوقات السياحة الداخلية:
وصف أولي ومقارنة بين عينتي الذكور والناث: -1
يحتوي الجدول رقم ) (2على ) (22عبارة أو جملة تصف عدًدا من العوائق المحتملة التي قد
تعيق السياحة الداخلية ،أو التي قد تجعل الفرد السعودي يعزف عن السياحة الداخلية .ولكل عبارة
هناك توزيع تكراري ونسب مئوية تمثل مدى موافقة )أو عدم موافقة( الذكور والناث من أفراد
العينة على محتوى كل عبارة .ولقياس مدى التشابه أو الختلف )الفرق( بين الجنسين في كل
عبارة على حدة تم استخدام مربع )كاي( كلها تدل على وجود فروق ذات دللة إحصائية بين
الذكور والناث من حيث تقييمهم للعبارات المختلفة .ويمكن تفصيل هذه الختلفات فيما يلي:
تشير العبارة الولى من الجدول رقم ) (2إلى أن غالبية أفراد العينة من الذكور والناث تقع
عا ما إلى الموافقة الكلية ،على "أن المستثمر في السياحة إجاباتهم في غالبيتها ما بين الموافقة نو ً
عا ما ) (%42.3والموافقين كلّيا ) ل يهمه إل الربح المبالغ فيه" ،حيث بلغت نسبة الموافقين نو ً
عا ما ) ،(%35.4ونسبة الموافقات كلّيا ) (%43من عينة الذكور ،كما بلغت نسبة الموافقات نو ً
(%22بالنسبة للناث ،وهن أعلى نسبة في الجدول ،وهذا التباين في استجابة أفراد العينة ذو
دللة إحصائية.
@@515
جدول )(2
المقارنة بين أفراد عينتي الذكور والناث من حيث آرائهم نحو معوقات السياح الداخلية
قيمة أوافق كلّيا عا ما
أوافق نو ً غير متأكد ل أوافق الجنس ل أوافق العبارات م
مربع بالمرة
% تكرار % تكرار % تكرار %تكرار %تكرار ذكور ل يهم المستثمر في 1
*71.5 43.043.0 369 42.3 326 9.7 89 10.0 92 1.8 17 السياحة إل الربح
المبالغ فيه
22.0 94 35.4 181 11.0 47 19.6 84 5.1 22 إناث
*22.8 31.4 288 33.6 308 22.0 202 10.3 94 2.7 25 ذكور بالنظر إلى النشطة 2
25.1 107 30.0 128 22.2 95 18.7 80 4.0 17 إناث المتكررة وغلئها،
أعتقد أن الجهات
المختصة ل تتابع
القائمين على
النشطة السياحية
9.0 64.4 591 31.3 287 3.1 28 1.1 10 2.0 2 ذكور ينبغي أن تقدم 3
71.6 307 25.4 109 1.4 6 1.4 6 2.0 1 إناث الخدمات السياحية
بأسعار
تناسب كل
المستويات
القتصادية في بلدنا
*43.6 25.6 235 41.8 384 14.7 135 15.3 141 2.6 24 ذكور على الرغم مما يقال 4
12.9 55 41.5 177 15.0 64 25.5 109 5.2 22 إناث عن السياحة الداخلية
فإنه ل يزال هناك
عقبات اجتماعية
تحول دون نجاحها.
9.2 40.7 374 44.6 410 8.6 79 4.8 44 1.3 12 ذكور السياحة تتطلب مزيًدا 5
37.0 159 51.9 223 6.7 29 4.2 18 2.0 1 إناث من المرونة في إقامة
النشطة السياحية.
*54.9 22.0 202 37.1 340 15.6 143 19.5 179 5.8 53 ذكور كثير من الفراد في 6
11.7 50 33.1 142 11.2 48 33.8 14510.3 44 إناث الناطق السعودية ل
يجيدون التعامل مع
السائحين.
@@516
% تكرار % تكرار % تكرار تكرار% تكرار % تدخل البعض 7
وتطفلهم يجعلني ل
*80.8 22.0 202 28.6 262 15.7 144 25.8 237 7.9 72 ذكور ارتاح للسياحة
الداخلية
7.7 33 24.3 104 10.7 46 42.8 18314.5 62 إناث
6.1 64.5 593 30.8 283 3.2 29 1.2 11 .4 4 ذكور ل بد من وجود 8
61.9 266 34.4 148 1.9 8 1.9 8 0 0 إناث توعية سياحية
مستمرة في مناطق
السياحة الداخلية من
أجل أن تنجح
السياحة
*36.5 9.1 84 13.5 124 14.6 134 40.5 37222.3 205 ذكور الخجل من أن 9
7.2 31 13.0 56 6.5 28 56.0 24117.2 74 إناث يقابلني من أعرفه
يجعلني أتجنب كثيًرا
من النشطة في
المواقع السياحية
داخل المملكة
*133.7 18.0 165 28.1 258 27.2 250 19.3 177 7.5 69 ذكور مقارنة بالسياحة 10
4.7 20 16.6 71 22.1 95 45.5 19511.2 48 إناث الخارجية تعقيدات
السياحة الداخلية
ليس لها أول ول
آخر
*118.7 4.6 42 14.7 135 17.9 165 45.8 42217.0 157 السياحة الداخلية تعني ليذكور 11
2.1 9 14.5 62 11.4 49 49.0 21023.1 99 إناث ولسرتي مزيًدا من
الضغوط الجتماعية.
*159.5 26.6 245 37.4 344 9.3 86 21.5 198 5.2 89 الخدمات السياحية في ذكور 12
8.1 35 29.1 125 4.7 20 37.4 16120.7 48 بلدنا ل تزال ضعيفة إناث
ومحدودة
*57.7 21.3 196 31.2 287 9.8 90 25.9 23712.0 110 ل يوجد لدينا أنشطة ذكور 13
10.5 45 22.1 95 8.6 37 39.8 17119.1 82 إناث سياحية بالمفهوم
الحقيقي للسياحة.
@@517
% تكرار % تكرار % تكرار تكرار% تكرار % 14السياحة الداخلية
خسارة مادية عالية
*118.7 12.2 111 20.2 186 17.6 162 36.8 17913.3 122 ذكور في مقابل خدمات
سياحية متدنية
6.8 29 11.2 48 5.8 25 41.7 26043.5 148 إناث
*70.8 13.4 123 32.4 298 19.2 177 28.3 124 6.7 62 ذكور 15النشطة السياحية
22.8 98 30.7 167 3.5 15 28.8 150 6.0 26 إناث في بلدنا ل تقدم ما
يلبي حاجة المرأة.
*16.2 27.8 256 35.3 283 17.7 163 16.3 90 7.5 69 ذكور 16النشطة السياحية
26.6 114 29.8 151 13.6 58 21.0 269 3.5 15 إناث في بلدنا ل تقدم ما
يلبي حاجات كبار
السن.
*60.0 14.9 137 36.0 274 3.3 162 29.2 140 8.6 79 ذكور السياحة الداخلية 17
14.0 60 25.5 155 17.5 14 32.6 30514.2 61 إناث موجهة للطفال فقط
*166.1 15.5 143 12.1 235 6.8 161 33.2 228 8.3 76 ذكور سوء الخدمة في 18
4.0 17 22.3 52 19.1 29 53.1 27324.0 103 إناث المناطق السياحية
الداخلية تجعلني أفضل
السياحة الخارجية.
*111.1 11.6 107 14.9 205 4.2 176 29.6 21117.4 160 ذكور أعتقد أن ما لدينا في 19
4.9 21 13.5 64 20.3 18 48.2 38926.8 115 إناث المملكة من أماكن
سياحية ل يغري
بالسياحة.
*126.0 8.9 82 9.3 124 5.6 187 42.3 18615.0 138 ذكور السياحة الداخلية ليست 20
3.7 16 11.7 40 13.5 24 43.3 37238.1 164 إناث بسياحة؛ ولذلك ل أقوم
بصرف نقودي عليها.
*23.6 7.5 69 9.3 108 7.2 124 40.4 20926.9 248 ذكور ل أظن أن بلدنا يمكن 21
4.0 17 22.0 40 24.8 31 48.6 30930.9 133 إناث أن تكون بلًدا سياحّيا
بالمعنى الصحيح.
*59.8 10.3 95 14.9 202 15.8 228 32.3 29710.6 97 ذكور ل أثق فيما يقال عن 22
4.7 20 14.9 64 15.8 68 45.3 19519.3 83 إناث مميزات السياحة
الداخلية مقارنة
بالسياحة الخارجية.
@@518
وفي هذا السياق ذاته نجد أن غالبة أفراد العينة من الذكور والناث تقع استجابتهم للعبارة رقم )(2
عا ما ،والموافقة الكلية حول عدم متابعة القائمين على النشطة السياحية في الجدول بين الموافقة نو ً
على أسعار الخدمات السياحية ،وعدم وجود نوع من التجديد فيه ،وهذا التباين في استجابة
المبحوثين من الذكور والناث ذو دللة إحصائية.
إما العبارة رقم )" (3على الرغم مما يقال عن تشجيع السياحة الداخلية فإنه ل يزال هناك عقبات
عا ما
اجتماعية تحول دون نجاحها ،مع العلم بأن غالبية استجابة المبحوثين تقع في فئة الموافقة نو ً
إلى الموافقة الكلية للذكور والناث ،كما تشير إلى ذلك بيانات الجدول إلى أن هذه الفروق ليست
ذات دللة إحصائية.
تشير بيانات الجدول إلى أن غالبية أفراد العينة من الذكور تقع إجابتهم حول الفقرة رقم ) (4والتي
عا ما في أغلبها ،إلى تشير إلى وجود"عقبات تحول دون نجاح السياحة الداخلية" ما بين الموافقة نو ً
عا ما إلى عدم الموافقة ،وهذا الموافقة الكلية ،أما الناث فقد وقعت غالبية الجابات في الموافقة نو ً
التباين في مستويات الموافقة ذو دللة إحصائية.
أما بالنسبة لرؤية أفراد العينة للعبارة ) (5في الجدول حول ضرورة وجود مرونة في إقامة النشطة
السياحية" فإن التباين بين عينة الذكور والناث في هذه الفقرة ل يمثل دللة إحصائية حسب قيمة
عا ما إلى
مربع )كاي( ،أما إجابة المبحوثين من الذكور فقد وقعت في غالبيتها في زاوية الموافقة نو ً
الموافقة الكلية للذكور والناث.
@@519
وعند سؤال المبحوثين عن )العبارة (6في مدى إجادة السعوديين للتعامل مع السائحين )العبارة (6
فقد كان التباين بين الذكور والناث في هذه الفقرة ذا دللة إحصائية حسبما توضحه قيمة مربع
عا ما إلى الموافقة الكلية ،أما
)كاي( في الجدول ،ووقعت غالبية استجابة الذكور في الموافقة نو ً
عا ما.
استجابة الناث فقد وقعت بين عدم الموافقة والموافقة نو ً
كما تشير بيانات الجدول رقم ) (2في الفقرة ) (7إلى "أن تطفل وتدخل الخرين يجعل البعض ل
يرتاح للسياحة الداخلية" حيث تباينت اتجاهات الذكور الناث حول هذه العبارة تبايًنا ذا دللة
إحصائّية ،كما تشير إلى ذلك قيمة مربع )كاي( ،حيث وقعت غالبية إجابات الذكور ما بين الموافقة
عا ما إلى عدم الموافقة ،بينما كانت إجابات الناث تقع في غالبيتها بين عدم الموافقة ،والموافقة نو ً
عا ما.
نو ً
وفيما يخص الفقرة ) (8ل يوجد فروق ذات دللة إحصائية في استجابة أفراد العينة على "ضرورة
وجود توعية سياحية مستمرة في مناطق السياحة الداخلية لنجاح السياحة ،حسبما تشير إليه قيمة
مربع )كاي( ،أما استجابة الذكور والناث فقد تركزت في غالبيتها بين الموافقة الكلية والموافقة
عا ما.
نو ً
وفي الفقرة ) (9يمثل " الخجل من مقابلة شخص يعرفه السائح الداخلي أحد السباب التي تجعل
البعض يتجنب السياحة داخل المملكة ،والتباين في هذه النقطة ذو دللة إحصائية ،كما تشير إليه
قيمة مربع )كاي( ،حيث وقعت غالبية إجابات أفراد العينة من الذكور والناث في فئة عدم الموافقة،
إل أن نسبة عدم موافقة الناث كانت أكبر حيث جاءت نسبة الذكور ) ،(%40.5بينما كانت نسبة
عدم موافقة الناث ) ،(%56أما عدم الموافقة نهائّيا فقد كانت النسبة العلى للذكور )،(%22.3
أما الناث فقد كانت ).(%17.2
@@520
ل يوافق غالبية أفراد العينة من الذكور والناث على العبارة رقم ) (11من الجدول والتي تشير إلى
أن السياحة الداخلية تعني لهم ولسرهم مزيًدا من الضغوط الجتماعية" ،حيث تقع غالبية آراء أفراد
العينة من عدم الموافقة إلى عدم الموافقة بالمرة على العبارة السابقة ،وتباينت اتجاهات الذكور
والناث حول هذه العبارة تبايًنا ذا دللة إحصائية ،كما تشير إلى ذلك قيمة مربع )كاي(.
يرى غالبية أفراد العينة من الذكور "أن الخدمات السياحية في بلدنا ل تزال ضعيفة ومحدودة"
عا ما إلى الموافقة الكلية على ذلك ،فيما تقع )العبارة رقم ،(12وتقع إجاباتهم ما بين الموافقة نو ً
عا ما على العبارة السابقة ،وهذا التباين استجابات عينة الناث ما بين عدم الموافقة إلى الموافقة نو ً
بين استجابة أفراد العينة الذكور والناث ذو دللة إحصائية.
عا ما ،وعدم الموافقة على العبارة رقم ) وتقع إجابة غالبية أفراد العينة من الذكور ما بين الموافقة نو ً
(13المتعلقة" بعدم وجود أنشطة سياحية بالمفهوم الحقيقي للسياحة" بينما تقع غالبية آراء الناث ما
عا ما ،وهذا التباين في آراء أفراد العينة الذكور والناث ذو دللة بين عدم الموافقة إلى الموافقة نو ً
إحصائية ،كما تشير إلى ذلك قيمة مربع )كاي(.
عا ما ،وعدم الموافقة على العبارة رقم تقع إجابات غالبية أفراد العينة من الذكور ما بين الموافقة نو ً
) (14التي تشير إلى أن "السياحة الداخلية تعني خسارة مادية عالية مقابل خدمات سياحية متدنية"،
بينما تقع غالبية آراء عينات الناث ما بين عدم الموافقة إلى عدم الموافقة نهائّيا ،وهذا التباين في
آراء الذكور والناث ذو دللة إحصائية ،كما تشير إلى ذلك قيمة مربع )كاي(.
@@521
أما بالنسبة للعبارة رقم ) (15حول تلبية النشطة السياحية في بلدنا لحاجة المرأة" فقد كانت غالبية
عا ما إلى عدم الموافقة ،أما الناث فقد جاءت ما بين الموافقة إجابات الذكور تقع ما بين الوافقة نو ً
عا ما إلى عدم الموافقة ،وكانت الفروق بين إجابات الذكور والناث ذات دللة إحصائية. نو ً
أما عن تلبية النشطة السياحية لحاجات كبار السن )العبارة (16فقد جاءت استجابات الذكور
عا ما إلى الموافقة الكلية على أن النشطة السياحية في بلدنا ل تقدم ما والناث ما بين الموافقة نو ً
يلبي حاجات كبار السن ،وقد كانت هذه الفروق من الذكور والناث ذات دللة إحصائية.
وبالنسبة للعبارة رقم ) (18المتعلقة "بتفضيل السياحة الخارجية بسبب سوء الخدمة في المناطق
عا ما،
السياحية الداخلية" فقد جاءت غالبية استجابات الذكور في خانة عدم الموافقة إلى الموافقة نو ً
أما الناث فقد وقعت غالبيتها في خانة عدم الموافقة إلى عدم الوافقة نهائّيا ،وهذه الفروق ذات دللة
إحصائية.
وعند سؤال أفراد العينة عن اعتقادهم حول أن "ما لدينا من أماكن سياحية ل يغري بالسياحة"
عا ما ،بينما جاءت )العبارة (19جاءت أغلب إجابات الذكور في خانة عدم الموافقة إلى الموافقة نو ً
إجابات الناث بنسب أعلى من عدم الموافقة نهائّيا ،وهذه الفروق ذات دللة إحصائية كما توضحها
قيمة مربع )كاي(.
غالبية الذكور والناث ل يوافقون على العبارة التي تشير إلى "أن السياحة الداخلية ليست بسياحة،
ول يجب صرف النقود عليها" )العبارة ،(20حيث
@@522
تقع غالبية إجابات الذكور بين عدم الموافقة إلى غير متأكد من موقفه .أما الناث فإن غالبية
اتجاهاتهن تقع ما بين عدم الموافقة إلى عدم الموافقة نهائّيا ،وهذه الفروق ذات دللة إحصائية كما
تشير إليها قيمة مربع )كاي(.
وحول العبارة رقم ) (21التي تشير إلى "ل أظن أن بلدنا يمكن أن يكون بلًدا سياحّيا بالمعنى
الصحيح" أجاب غالبية الذكور والناث بعدم موافقتهم إلى عدم الموافقة التامة على العبارة السابقة،
ويشير التباين في إجابات المبحوثين في الفقرة السابقة إلى وجود فروق ذات دللة إحصائية.
وبالنسبة للعبارة الخيرة في الجدول حول "عدم ثقة المبحوثين فيما يقال عن مميزات السياحة
الداخلية مقارنة بالسياحة الخارجية" فقد جاءت إجابات المبحوثين من الذكور والناث بعدم الموافقة
على العبارة السابقة ،ويشير هذا التباين إلى وجود فروق ذات دللة إحصائية كما تشير إليها قيمة
مربع )كاي(.
ب -بناء مؤشرات معوقات السياحة الداخلية:
كما اتضح من تحليل بيانات الجدول رقم ) (2فغن هناك اختلفات جوهرية بين الذكور والناث من
حيث اتجاهاتهم نحو ما يعيق السياحة الداخلية .والسؤال الذي يمكن أن نطرحه هنا هو هل تختلف
اتجاهات كل الفريقين من حيث خصائصهم )العمر ،الحالة العائلية...إلخ( وتجاربهم السياحية؟ أي
هل تتباين اتجاهات الجنسين نحو معوقات السياحة الداخلية بتباين خصائصهم الجتماعية
والقتصادية وتجربتهم السياحية؟ وللجابة عن هذا التساؤل يمكننا القيام بقياس الفروق لكل عبارة
والخصائص المختلفة لكل من عبارة كونها تقيس بعًدا معيًنا من أبعاد معوقات السياحة كالبعد
المتعلق بأسعار
@@523
ل؛ لجأنا إلى وضع مختلف العبارات في مؤشرات تقيس أبعاًدا مختلفة للمعوقات الخدمات مث ً
السياحية الداخلية.
ولبناء هذه المؤشرات تم استخدام التحليل العاملي ) ( Factor Analaysis؛ لتقليص عدد
العبارات الثنتين والعشرين إلى عدد أقل من العوامل بحيث ينضوي تحت كل عامل منها عدد من
العبارات )أو المتغيرات( التي تتسم بوجود ترابط فيما بينها.
ويتضح من قيم نتائج التحليل الموضحة في الجدول رقم ) (3أن المتغيرات )أو العبارات( اندرجت
تحت أربعة عوامل رئيسة يحتوي كل عامل على عدد من المتغيرات ،ووفًقا لنصوص العبارات
التي تحتوي عليها والعوامل يمكننا إعطاءها المسميات التية:
العامل الول :يتعلق بالمعوقات المرتبطة بالخدمات والنشطة السياحية العامة أو -1
بالبيئة المادية العامة للسياحة الداخلية ،ويحتوي على ثماني عبارات.
العمل الثاني :يتعلق بالمعوقات المرتبطة بالخدمات والنشطة السياحية الموجهة أو -2
بالبيئة المادية للسياحة الخاصة بفئات معينة من السكان ،ويحتوي هذا العالم على ثلث
عبارات.
العامل الثالث :يتعلق بالمعوقات المرتبطة بالبيئة الجتماعية ،ويحتوي على ثماني -3
عبارات.
العامل الرابع :يتعلق بالمعوقات المرتبطة بأسعار الخدمات والنشطة السياحية -4
ويحتوي على ثلث عبارات.
وعلى الرغم من أن المتغيرات تأخذ قيًما أعلى نسبّيا على أحد العوامل دون العوامل الخرى إل أن
ضا يأخذ )يتحمل( على عوامل أخرى بقيم الكثير منها أي ً
@@524
أقل إلى جانب العامل الرئيس الذي تنضوي تحته .هذا الوضع يشير على ما يعرف بالتعقيد العاملي
الذي يبين أن المتغيرات تصف أكثر من بعد واحد من أبعاد معوقات السياحة الداخلية .فعلى سبيل
المثال عبارة "ل يوجد لدينا أنشطة سياحية بالمفهوم الحقيقي للسياحة" نجدها تنضوي تحت العامل
الول )الخدمات والنشطة السياحية العامة( في الجدول ) (3من حيث قيم معامل الرتباط ،غل أنها
ضا بعمل مؤشر خامس في نفس الوقت تنضوي تحت كل من العامل المتعلق بالنشطة؛ لذلك قمنا أي ً
)أسميناه بالمؤشر الكلي( يجمع كل المتغيرات المذكورة في العوامل الربعة أعله ،وكذلك العامل
القتصادي حيث يشير هذا التعقيد العاملي إلى أن العبارة تصف أبعاًدا مختلفة لمعوقات السياحة.
@@525
جدول )(3
نتائج التحليل العاملي لتجاهات أفراد العينتين حول بعض معوقات السياحة الداخلية
العــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوامل العبارات
العامل 4 العامل 3 العامل 2 العامل 1
أوًل :عوائق تتعلق بالبيئة المادية للسياحة )خدمات وأنشطة سياحية عامة(
0.73 السياحة
الداخلية ليست
بسياحة؛
ولذلك ل أقوم
بصرف
نقودي عليها.
0.43 0.68 سوء الخدمة
في المناطق
السياحية
الداخلية
تجعلني أفضل
السياحة
الخارجية.
0.66 السياحة
الداخلية تعني
خسارة مادية
عالية في
مقابل خدمات
سياحية
متدنية
0.65 أعتقد أن ما
لدينا في
المملكة من
أماكن سياحية
ل يغري
بالسياحة
0.30 0.37 0.61 ل يوجد لدينا
أنشطة سياحة
بالمفهوم
الحقيقي
للسياحة
0.30 0.60 ل أظن أن
بلدنا يمكن أن
تكون بلًدا
سياحّيا
بالمعنى
الصحيح
0.30 0.28 0.60 ل أثق كثيًرا
فيما يقال عن
مميزات
السياحة
الداخلية
مقارنة
بالسياحة
الخارجية
0.34 0.54 الخدمات
السياحية في
بلدنا ل تزال
ضعيفة
ومحدودة
ثانًيا :عوائق تتعلق بالبيئة المادية للسياحة )خدمات وأنشطة سياحية موجههة(
0.95 0.30 النشطة
السياحية في
بلدنا ل تقدم
ما يلبي حاجة
المرأة.
0.87 0.28 النشطة
السياحية في
بلدنا ل تقدم
ما يلبي حاجة
كبار السن.
0.32 0.65 0.26 السياحة
الداخلية
موجهة
للطفال فقط
ثالًثا :عوائق تتعلق بالبيئة الجتماعية للسياحة )معوقات اجتماعية(
0.95 0.30 السياحة
تتطلب مزيًدا
من المرونة
في إقامة
النشطة
السياحية
0.66 لبد من وجود
توعية
سياحية
مستمرة في
مناطق
الساحة
الداخلية من
أجل أن تنجح
السياحة
0.62 032 مقارنة
بالسياحة
الخارجية
تعقيدات
السياحة
الداخلية ليس
لها أول ول
آخر.
0.49 0.30 السياحة
الداخلية تعني
لي ولسرتي
مزيًدا من
الضغوط
الجتماعية
0.47 0.31 كثير من
الفراد في
المناطق
السعودية ل
يجيدون
التعامل مع
السائحين
0.45 0.32 تدخل البعض
وتطفلهم
جعلني ل
أرتاح
للسياحة
الداخلية
0.44 0.33 الخجل من أن
يقابلني من
أعرفه يجعلني
أتجنب كثيًرا
من النشطة
في المواقع
السياحية
داخل المملكة
0.43 0.34 0.30 على الرغم
مما يقال عن
السياحة
الداخلية فإنه
ل يزال هناك
عقبات
اجتماعية
تحول دون
نجاحها.
رابًعا :عوائق تتعلق بأسعار الخدمات السياحية )معوقات اقتصادية(
0.73 ل يهم
المستثمرون
في السياحة
إل الربح
المبالغ فيه.
0.62 0.32 بالنظر إلى
النشطة
المتكررة
وغلئها،
أعتقد أن
الجهات
المختصة ل
تتابع القائمين
على النشطة
السياحية.
0.54 0.36 0.30 ينبغي أن تقدم
الخدمات
السياحية
بأسعار تناسب
كل المستويات
القتصادية في
بلدنا.
@@526
ولوضع مؤشرات ) (Indexesللعوامل فإنه بالمكان استخدام الدرجات المعيارية )معاملت
ضا اتباع
الرتباط( للعامل التي يمكن استخراجها مباشرة مع نتائج مخرجات الحاسب ،وبالمكان أي ً
طريقة أخرى لوضع مؤشرات للعوامل ،وذلك ببناء مؤشرات مركبة )(Composite Indexes
من جميع القيم الولية للعبارات التي انضوت تحت كل عامل .وتمتاز هذه الطريقة الخيرة بسهولة
ووضوح المقارنة بين متوسطات المؤشرات مقارنة بالطريقة الولى .ولهذا تم اتباع طريقة
المؤشرات المركبة ،وهي طريقة متبعة في كثير من البحاث السابقة .ولقد تم وضع أربع مؤشرات
لعينة الذكور ،ومثلها لعينة الناث.
يحتوي الجدول رقم ) (4على وصف إحصائي لمؤشرات معوقات السياحة التي تم بناؤها .إن
ل( يعود إلى اختلف عدد اختلف مقاييس الوصف الحصائي لكل مؤشر )كالمتوسطات مث ً
العبارات الداخلة في تركيب كل مؤشر .ومن الملحظ أن المتوسطات المتعلقة بعينة الذكور تزيد
عا ما عن مثيلتها في عينة الناث .كما أن النحرافات المعيارية تشير على نسبة من التجانس في نو ً
الراء أكبر بين أفراد عينة الناث مقارنة بعينة الذكور.
جدول )(4
مقاييس الوصف الحصائي لمؤشرات عوائق السياحة الداخلية للذكور
والناث
الذكور مؤشرات معوقات
السياحة الداخلية
المتوسط أعلى اقل النحراف المتوسط
قيمة قيمة معياري
11.6 15 5 2.1 12.4 أسعار الخدمات
والنشطة السياحية
25.0 40 12 4.6 27.4 البيئة الجتماعية
للسياحة
18.4 40 8 7.0 23.4 الخدمات والنشطة
السياحية
9.8 15 3 2.5 9.8 الخدمات والنشطة
السياحية الموجهة
64.7 110 39 12.8 73.1 المؤشر الكلي
للمعوقات
@@527
-العلقة بين خصائص أفراد العينة ونظرتهم لمعوقات السياحة الداخلية:
توي هذا الجزء على الجابة عن تساؤلت الدراسة ،وتقيس بيانات الجداول ) (17 -5العلقة بين مؤشرات
وقات السياحة الداخلية الربعة المذكورة ،وخصائص أفراد عينتي الذكور والناث كل على حدة .وفيما يلي
تعراض للنتائج في ضوء تساؤلت الدراسة.
ساؤل الول:
ل هناك فروق ذات دللة إحصائية بين عينة الذكور والناث في رؤيتهم لمعوقات السياحة الداخلية؟
ين من جدول رقم ) (5أن هناك فروًقا جوهرية )أو إحصائية( بين الذكور والناث في ثلث متوسطات
شرات معوقات السياحة الداخلية ،وهي :المؤشر القتصادي ،والجتماعي ،والخدمات والنشطة السياحية
امة ،كما تدل على ذلك قيمة )ت( ودرجات المعنوية المصاحبة لها .ويتبين من أحجام متوسطات هذه المؤشرات
لثة أن الذكور يشعرون أكثر مما تشعر به النساء بأن أسعار الخدمات والنشطة السياحية ،وأن البيئة الجتماعية
سياحة ،وأن الخدمات والنشطة السياحية العامة عناصر معيقة للسياحة الداخلية .أما الخدمات والنشطة السياحية
حا
وجهة فلم تتضح هناك فروق بين الذكور والناث ،مما يعكس أن القصور في هذا الجانب يمثل عنصًرا واض ً
جميع.
جدول )(5
التباين بين مؤشرات معوقات السياحة الداخلية وجنس أفراد العينة
الدرجة قيمة )ت( الجنس مؤشرات
المعنوية معوقات
أنثى ذكر السياحة
الداخلية
ساؤل الثاني:
ل تختلف اتجاهات المبحوثين من الجنسين نحو معوقات السياحة الداخلية باختلف فئاتهم العمرية؟
ضح من الجدول رقم ) (6أن آراء واتجاهات الذكور نحو معوقات السياحة الداخلية المتمثلة في المؤشرات
ربعة )أسعار الخدمات ،البيئة الجتماعية ،والخدمات والنشطة السياحية العامة والموجهة( تختلف إحصائّيا
ختلف فئات أعمارهم ،كما تدل على ذلك قيم )ف( والدرجات المعنوية المصاحبة لها .ويتضح أن الفئة العمرية
حصورة بين (45– 026سنة )فئة متوسطي العمار( تختلف جوهرّيا في اتجاهاتها نحو معوقات السياحة
اخلية عن الفئتين الخريين:
ة من تقل أعمارهم عن ) 26سنة – فئة صغار السن( ،ومن تزيد أعمارهم عن ) 45سنة – فئة كبار السن(.
بالنسبة لعينة الناث فإنه باستثناء مؤشر معوقات الخدمات والنشطة السياحية العامة ،فل يتضح أن آراءهن
و معوقات السياحة الداخلية تختلف اختلًفا جوهرّيا باختلف أعمارهن .أو بمعنى آخر إن فئات أعمار النساء
واء كانت تلك المعوقات أسعار الخدمات و النشطة ،أو البيئة الجتماعية ،أو الخدمات والنشطة السياحية
وجهة ،كما يتبين ذلك في قيم الجدول رقم ) .(7ول تزال فئة من تنحصر أعمارهن بين ) (45– 26سنة تحظى
توسطات أعلى من الفئتين الخريين.
ضا في المؤشر الكلي للمعوقات ،كما يتضح من السطر الخير في الجدولين ) ي النتيجة بالنسبة للجنسين نجدها أي ً
( و).(7
@@529
جدول )(6
التباين بين مؤشرات معوقات السياحة الداخلية وفئات العمار لعينة الذكور
الدرجة قيمة )ف( فئات العمار مؤشرات
المعنوية معوقات
أكبر – 26 أقل من 26 السياحة
من 45 سنة الداخلية
45
سنة
0.00 6.3 12.2 12.60 12.0 أسعار
الخدمات
والنشطة
السياحية
0.05 2.8 29.4 30.4 30.1 البيئة
الجتماعية
للسياحة
0.00 6.3 22.1 23.9 22.6 الخدمات
والنشطة
السياحية
@@529
جدول )(7
التباين بين مؤشرات معوقات السياحة الداخلية وفئات العمار لعينة الناث
جدول ) قيمة )ف( فئات العمار مؤشرات
6الدرجة معوقات
المعنوية أكبر من – 26 أقل من 26 السياحة
45سنة 45 سنة الداخلية
ساؤل الثالث:
ل تختلف اتجاهات المبحوثين من الجنسين نحو معوقات السياحة الداخلية باختلف حالتهم الجتماعية )أو
ائلية(؟
ضح من بيانات الجدول رقم ) (8أنه ل توجد فروق ذات دللة إحصائية بين المتزوجين والعزاب من الرجال من
ث اتجاهاتهم حول معوقات السياحة الداخلية المتمثلة في مؤشرات أسعار الخدمات والنشطة ،ومدى توفر
خدمات
@@530
لنشطة السياحية العامة والموجهة ،وكذلك المؤشر الكلي لمعوقات السياحة ،كما تشير إلى ذلك قيم )ت( .الفرق
حصائي الوحيد بين المتزوجين والعزاب هو في مؤشر البيئة الجتماعية للسياحة؛ إذ إن المتزوجين يرون أنها
ي المتوسط( أكثر إعاقة للسياحة الداخلية من العزاب.
جدول )(8
التباين بين مؤشرات معوقات السياحة الداخلية وفئات العمار لعينة الذكور
الدرجة قيمة )ت( الحالة العائلية مؤشرات
المعنوية معوقات
أعزب متزوج السياحة
الداخلية
@@531
جدول )(9
التباين بين مؤشرات معوقات السياحة الداخلية والحالة العائلية لعينة الناث
الدرجة قيمة )ت( الحالة الجتماعية مؤشرات
المعنوية معوقات
عزباء متزوجة السياحة
الداخلية
ساؤل الرابع:
ل تختلف اتجاهات المبحوثين من الجنسين نحو معوقات السياحة الداخلية باختلف مستوياتهم التعليمية؟
ضح من خلل معطيات الجدول رقم ) (10أن آراء واتجاهات الذكور نحو معوقات السياحة الداخلية المتمثلة في
ؤشرات الربعة المحددة في الجدول تختلف إحصائّيا باختلف مستوياتهم التعليمية كما تدل على ذلك قيم "ف"
درجات المعنوية المصاحبة لها .وتبين أن متوسط من مستواهم التعليمي " الجامعي فما فوق" تختلف في
جاهاتها نحو معوقات السياحة الداخلية عن المرحلتين التعليميتين السابقتين.
جدول )(10
التباين بين مؤشرات معوقات السياحة الداخلية ومستويات التعليم لعينة الذكور
الدرجة قيمة )ت( مستويات التعليم مؤشرات
المعنوية معوقات
جامعي ثانوية عامة أو أقل من السياحة
فما ما يعادلها الثانوية الداخلية
فوق العامة
@@532
بالنسبة لعينة الناث فبيانات الجدول رقم ) (11تشير إلى وجود اختلف إحصائي بين اتجاهات المبحوثات نحو
وقات السياحة المتمثلة في المؤشرات الربعة باختلف مستوياتهن التعليمية كما هو واضح من قيم )ف(
درجات المعنوية المصاحبة لها .حيث اتضح أن متوسط مستواهن التعليمي الجامعي فما فوق يختلف إحصائّيا في
جاهاتهن نحو معوقات السياحة الداخلية عن المرحلتين التعليميتين السابقتين.
جدول )(11
التباين بين مؤشرات معوقات السياحة الداخلية ومستويات التعليم لعينة الناث
الدرجة قيمة )ت( متوسطات مستويات التعليم مؤشرات
المعنوية معوقات
جامعي ثانوية عامة أو أقل من السياحة
فما ما يعادلها الثانوية الداخلية
فوق العامة
ساؤل الخامس:
ل تختلف اتجاهات المبحوثين من الجنسين نحو معوقات السياحة الداخلية باختلف المهن التي يزاولونها؟
ن من خلل بيانات الجدول رقم ) (12أنه باستثناء مؤشر الخدمات والنشطة السياحية الموجهة يوجد اختلف
صائي في آراء واتجاهات الذكور نحو معوقات السياحة الداخلية المتمثلة في المؤشرات الثلثة المتبقية باختلف
هن التي يزاولونها ،كما دلت على ذلك قيم )ف( والدرجات المعنوية المصاحبة لها.
بين أن متوسط مهنة "الموظف" تختلف إحصائّيا في اتجاهاتها نحو معوقات السياحة الداخلية عن متوسط المهنتين
خيرتين.
@@533
جدول )(12
التباين بين مؤشرات معوقات السياحة الداخلية ونوعية مهن عينة الذكور
الدرجة قيمة )ف( نوع المهنة مؤشرات
المعنوية معوقات
أخرى أعمال حرة موظف السياحة
)متقاعد، الداخلية
طالب(
0.00 5.2 12.0 12.5 12.6 أسعار
الخدمات
والنشطة
السياحية
0.00 5.0 29.6 29.3 30.6 البيئة
الجتماعية
للسياحة
0.00 6.5 21.8 23.1 23.9 الخدمات
والنشطة
السياحية
بالنسبة لعينة الناث فقد اتضح من خلل بيانات الجدول رقم ) (13وجود اختلف إحصائي بين آراء واتجاهات المبحوثات
و معوقات السياحة والمتمثلة في المؤشرات الربعة باختلف مهنهن كما هو واضح من قيم )ت( والدرجات المعنوية
صاحبة لها .حيث تبين أن متوسط مهنة "موظفة" يختلف إحصائّيا في آرائها واتجاهاتها نحو معوقات السياحة الداخلية عن
اء واتجاهات مهنة ربة بيت.
جدول )(13
التباين بين مؤشرات معوقات السياحة الداخلية ونوعية مهن عينة الناث
الدرجة قيمة )ت( نوع المهنة مؤشرات
المعنوية معوقات
ربة منزل أو طالبة موظفة السياحة
الداخلية
ساؤل السادس:
ل تختلف اتجاهات المبحوثين من الجنسين نحو معوقات السياحة الداخلية باختلف مستويات دخولهم؟
@@534
توي الجدول رقم ) (14على وصف إحصائي لمؤشرات معوقات السياحة الداخلية ومستويات الدخل لعينة من الذكور فقد
ن أنه ل توجد فروق ذات دللة إحصائية من حيث اتجاهاتهم حول معوقات السياحة الداخلية المتمثلة في مؤشرات أسعار
خدمات والنشطة ،والبيئة الجتماعية للسياحة ،ومدى توفر الخدمات والنشطة السياحية العامة ،والخدمات والنشطة
سياحية الموجهة وكذلك المؤشر الكلي لمعوقات السياحة مهما اختلفت دخولهم كما تشير إلى ذلك قيم )ف( والدرجات المعنوية
صاحبة لها.
جدول )(14
التباين بين مؤشرات معوقات السياحة الداخلية ومستويات الدخل لعينة الذكور
الدرجة قيمة )ت( مستويات الدخل بالريال مؤشرات
المعنوية معوقات
9000 -6000 أقل من 6000 السياحة
فأكثر 8999 الداخلية
بالنسبة للناث فيبين الجدول رقم ) (15أنه ل توجد فروق ذات دللة إحصائية مهما اختلفت دخولهن في اتجاهاتهن
رائهن نحو معوقات السياحة الداخلية والمتمثلة في المؤشرات الربعة المحددة في الجدول وكذلك المؤشر الكلي لمعوقات
سياحة ،كما يدل على ذلك قيم )ف( والدرجات المعنوية المصاحبة لها.
@@535
جدول )(15
التباين بين مؤشرات معوقات السياحة الداخلية ومستويات الدخل لعينة الناث
الدرجة قيمة )ت( مستويات الدخل بالريال مؤشرات
المعنوية معوقات
9000 -6000 أقل من 6000 السياحة
فأكثر 8999 الداخلية
ساؤل السابع:
ل تختلف اتجاهات المبحوثين من الجنسين نحو معوقات السياحة الداخلية باختلف تجربة السفر التي قاموا بها؟
ضح من خلل بيانات الجدول رقم ) (16أن آراء واتجاهات الذكور نحو معوقات السياحة الداخلية المتمثلة في المؤشرات
ربعة المحددة في الجدول تختلف إحصائّيا باختلف تجربة السفر السياحي التي قاموا بها كما تدل على ذلك قيم )ت(
درجات المعنوية المصاحبة لها .حيث تبين أن متوسط من قاموا بتجربة السفر بنوعية )الداخلي والخارجي( تختلف إحصائّيا
اتجاهاتهم وآرائهم نحو معوقات السياحة الداخلية عن آراء واتجاهات الذين قاموا فقط بالسفر السياحي الداخلي ،وإن كان
ا الختلف أقل في المؤشرين ،مثل أسعار الخدمات والنشطة السياحية ،الخدمات والنشطة السياحية الموجهة.
جدول )(16
التباين بين مؤشرات معوقات السياحة الداخلية وتجربة السفر السياحي لعينة الذكور
الدرجة قيمة )ت( جهة السفر مؤشرات
المعنوية معوقات
سفر داخلي وخارجي سفر داخلي فقط السياحة
الداخلية
بالنسبة لعينة الناث فبيانات الجدول رقم ) (17يشير إلى وجود اختلف إحصائي بين اتجاهات المبحوثين نحو معوقات
سياحة والمتمثلة في المؤشرات الربعة باختلف تجربة السفر السياحي التي قمن بها ،كما هو واضح من قيم )ت( والدرجات
عنوية المصاحبة لها .حيث اتضح أن متوسط من قمن بتجربة السفر بنوعيه الداخلي والخارجي تختلف إحصائّيا في
جاهاتهم وآرائهم نحو معوقات السياحة الداخلية عن آراء واتجاهات اللتي قمن فقط بالسفر السياحي الداخلي وإن كان هذا
ختلف ظهر بدرجة أقل في مؤشر الخدمات والنشطة السياحية الموجهة.
جدول )(17
التباين بين مؤشرات معوقات السياحة الداخلية وتجربة السفر السياحي لعينة الناث
الدرجة قيمة )ت( جهة السفر مؤشرات
المعنوية معوقات
سفر داخلي وخارجي سفر داخلي فقط السياحة
الداخلية
مناقشة النتائج:
ضح من نتائج الدراسة الميدانية لعينة الذكور والناث نحو معوقات السياحة الداخلية أن هناك فروًقا في آراء أفراد العينة
كور والناث حول معوقات السياحة الداخلية ،وسوف يرد شرح لبراز هذه الفروق في هذا الجزء من مناقشة النتائج.
تضح كذلك أن هناك اتفاًقا بين الذكور والناث على وجود عوائق اجتماعية تحول دون نجاح السياحة الداخلية ،وأنه ل بد
ن توفير المزيد من المرونة في إقامة النشطة السياحية ،وضرورة وجود توعية سياحية مستمرة في مناطق السياحة الداخلية
ن أجل أن تنجح السياحة الداخلية ،ويلحظ التداخل بين هذه المعوقات الثلثة ،فالعوائق الجتماعية تحتاج إلى المزيد من
رونة والتوعية في تقبل الناس لبعض التغييرات في المجتمع مثل تقبل السياحة الداخلية .عكست نتائج الدراسة أن الذكور
عرون أكثر من الناث بأن أسعار الخدمات والنشطة السياحية معيقة لنمو السياحة الداخلية ،وبطبيعة الحال فغن الذكور هم
حا من النساء.سؤولون عن النفاق على العائلة مما يجعل شعورهم بهذا المؤشر أكثر وضو ً
ا اتضح أن الذكور يشعرون أن البيئة الجتماعية والخدمات والنشطة السياحية العامة عناصر معيقة للسياحة الداخلية أكثر
ا تشعر به الناث ،ولعل ذلك يرجع على أن الذكور لديهم خبرات أكثر في تجارب السياحة من الناث تمكنهم من عقد
قارنات ،ويتضح كذلك أن فئة الذكور الذين تقع أعمارهم ما بين ) (45 – 26عاًما تشعر بمعوقات السياحة الداخلية في
شراتها الربعة )أسعار الخدمات ،البيئة الجتماعية ،والخدمات والنشطة السياحية العامة
@@538
موجهة( أكثر من الفئات العمرية الخرى ،ولعل ذلك يعود إلى أن هذه الفئة العمرية تمثل الفئة المنتجة في المجتمع ،والتي
حمل أعباء ومسؤوليات السرة ،وبالتالي تدرك المشكلت والمعوقات أكثر مما تشعر به الفئات العمرية الخرى ،كما تشير
ئج الدراسة إلى أن الحالة الجتماعية بالنسبة للذكور غير مؤثرة في اتجاهاتهم نحو معوقات السياحة الداخلية عدا مؤشر
يئة الجتماعية للساحة بالنسبة للمتزوجين .أما الناث فقد اعتبرن البيئة الجتماعية معوقة للسياحة بالنسبة للمتزوجات،
لسعار معوق للسياحة لغير المتزوجات.
حقيقة أن التعليم الجامعي يمثل عنصًرا مهّما في آراء عينة الذكور والناث نحو معوقات السياحة الداخلية ،فقد اتضح أن الذين
وا تعليمهم الجامعي أو ما فوق يشعرون بالمعوقات القتصادية والجتماعية ،والخدمات والنشطة السياحية العامة بالنسبة
جنسين أكثر من غيرهم ،ولعل ذلك راجع إلى وعيهم بما لدى الخرين أكثر من القل تعليًما.
عل ما يثر النتباه في الدراسة الحالية أن الدخل لم يكن مؤثًرا في اتجاه الفراد نحو السياحة من الجنسين ،ولعل ذلك يعزى
ى أن الفراد ينظرون للسياحة كعنصر أساسي في حياتهم كما تشير إليه النظريات التي تم استعراضها من حيث أن السياحة
صبحت ضرورة للجميع ،وبالتالي فالجميع يعتبرها من متطلبات الحياة العصرية بصرف النظر عن مستوى دخله أو الوضع
قتصادي الذي يعيشه.
عن تجارب السفر فقد كانت ذات تأثير في آراء العينة الذكور والناث نحو ما يعتبرونه معوقات للسياحة ،حيث إن خبرات
فراد في السفر والسياحة
@@539
خارجية تمكنهم من عقد المقارنات ،وبالتالي الحكم على مستوى السياحة الداخلية ومدى رضاهم عنها.
عن ارتفاع نسبة خبرات السفر الداخلي بالنسبة للناث فقد يعود إلى تفضيل السرة السعودية للسفر الداخلي أكثر من
خارجي ،نظًرا لخصوصية المجتمع السعودي وطبيعة هذا المجتمع مما يجعل السرة السعودية تفضل السفر الداخلي على
سفر الخارجي حتى ولو كان هناك ومعوقات أمام السياحة الداخلية.
صيات الدراسة:
ضوء النتائج التي توصلت إليها هذه الدراسة فغن الباحث يوصي بما يلي:
تحويل السياحة الداخلية في المملكة إلى صناعة تسهم في القتصاد الوطني ،وتحول دون تسرب الموال خارج -1
الوطن من خلل التخطيط السياحي الشامل الذي يبدأ بحصر الموارد السياحية ،وعوامل الجذب السياحي ،وتحديد أهداف
الخطة السياحية بحيث ل تتداخل مع أهداف القطاعات الخرى ،ثم توضع الخطة موضع التنفيذ الذي يتطلب المتابعة من
قبل الهيئة العليا للسياحة في المملكة.
نشر الوعي السياحي لتثقيف المواطن بأهمية السياحة الداخلية في المملكة ،وذلك من خلل وسائل العلم -2
والكتيبات والنشرات ،وتنظيم المعارض والمهرجانات التي تخدم الدعاية لجميع الهداف والغراض السياحية.
دعم وتنشيط النشطة السياحية الخاصة بالعائلت والتي تحقق لها الخصوصية أثناء ممارسة السياحة في -3
المناطق السياحية داخل المملكة من خلل ملءمتها للعادات والتقاليد الجتماعية وفق التعاليم السلمية التي تنطوي على
احترام خصوصية الخرين.
توفير الخدمات السياحية غير المتوفرة وتطوير المتوفر منها في المناطق السياحية داخل المملكة ،وذلك بالشكل -4
الذي يحقق الطموحات ،ويشبع الحتياجات والرغبات لدى جميع أفراد المجتمع على اختلف أعمارهم وطبقاتهم
ومستوياتهم المادية والتعليمية والجتماعية.
العمل على تسخير كافة الخدمات السياحية بما يتناسب ومستوى دخل السرة مع فرض الرقابة الداخلية من قبل -5
الهيئة العليا للسياحة في المملكة بوصفها الجهة المسؤولة الولى عن السياحة.
@@541
حث وتشجيع المكاتب السياحية على تشجيع وتسويق السياحة الداخلية بالمملكة وذلك بتنظيم الحملت الترويجية -6
للمناطق السياحية ،والقيام بتنظيم الرحلت الجماعية إلى مناطق الجذب السياحي.
تشجيع البحوث والدراسات العلمية المتعمقة حول السياحة ،وذلك من خلل إيجاد ميزانية خاصة لهذه الدراسات -7
ودعمها.
@@542
رس المراجع:
ًل :المراجع العربية:
التركستاني ،حبيب ) 1406هـ( ،اتجاهات سلوك السائح السعودي نحو السياحة الداخلية ،مجلة دراسات الخليج -1
والجزيرة العربية ،عدد ،91ص .287 – 257
الثقفي ،سلطان 1419) ،هـ( ،السياحة في المملكة العربية السعودية – السلوك والنماط ،أركان الخليج ، -2
الرياض.
حامد ،زهران1997) ،م( ،علم النفس الجتماعي ،عالم الكتب ،القاهرة. -3
سويف ،مصطفى1978) ،م( ،مقدمة لعلم النفس الجتماعي ،مكتبة النجلو المصرية ،ط ،5القاهرة. -4
العقيل ،صالح عبد ال1423) ،هـ( العوامل المؤثرة في اتجاه المواطن نحو السياحة الداخلية في المملكة -5
العربية السعودية ،دراسة استطلعية على عينة أرباب السر وطلب الجامعة بمدينة الرياض ،رسالة ماجستير غير
منشورة ،قسم الجتماع والخدمة الجتماعية ،كلية العلوم الجتماعية ،جامعة الغمام محمد بن سعود السلمية ،الرياض.
الغامدي ،عبد الرحيم1996) ،م( ،دوافع واتجاهات السائحين نحو خدمات السياحة الداخلية في المملكة العربية -6
السعودية ،درا الشروق ،الرياض.
النبوي ،نسرين إسماعيل 1412) ،هـ( ،تقدير دالة الطلب على السياحة الداخلية في مدينة جدة ،رسالة -7
ماجستير ،قسم القتصاد ،جامعة الملك سعود ،الرياض.
الفارس ،محمد عبد العزيز )1988م( مصايف المملكة العربية السعودية ،دراسة في الجغرافية السياحية، -8
رسالة ماجستير غير منشورة ،جامعة المام محمد بن سعود السلمية ،الرياض.
الصالح ،سميرة سعد محمد ) 1414هـ( معوقات الجذب السياحي في مدينة جدة ،رسالة ماجستير غير -9
منشورة ،جامعة الملك عبد العزيز ،جدة.
القحطاني ،محمد مفرح وإبراهيم عبد المنعم ) 1418هـ( :عدد السياح والمصطافين في منطقة عسير خلل -10
صيف 1417هـ ،الغرفة التجارية بأبها.