You are on page 1of 239

‫مجلة جامعة المام محمد بن سعود السلمية‬

‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫العدد الحادي والخمسون – رجب ‪ 1426‬هـ‬
‫مجلة علمية محكمة‬

‫قواعد النشر‬
‫مجلة جامعة المام محمد بن سعود السلمية دورية تصدر عن عمادة البحث العلمي بالجامعة‪ .‬وتعنى بنشر البحوث العلمية‬
‫وفق المور التية‪:‬‬
‫أوًل‪ :‬يشترط في البحث الذي ينشر في المجلة‪:‬‬
‫‪ _1‬أن يكون متسًما بالصالة وسلمة التجاه‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يكون البحث دقيًقا في التوثيق والتخريج‪.‬‬
‫‪ -3‬أن تتحقق له السلمة اللغوية‪.‬‬
‫‪ -4‬أل يكون قد سبقه نشره‪.‬‬
‫ل من بحث أو رسالة نال بها الباحث درجة علمية‪.‬‬ ‫‪ -5‬أل يكون مست ّ‬
‫ثانًيا‪ -1 :‬توضع هوامش كل صفحة أسفلها على حدة‪.‬‬
‫‪ -2‬تثبت المصادر والمراجع في فهرس يلحق بآخر البحث‪.‬‬
‫‪ -3‬توضع نماذج من صور الكتاب المخطوط المحقق في مكانها المناسب‪.‬‬
‫‪ -4‬ترفق جميع الصور والرسوم المتعلقة بالبحث واضحة جلية‪.‬‬
‫ثالًثا‪ :‬عند ورود أسماء أعلم أجنبية على متن البحث أو الدراسحة فإنهحا تكتحب بححروف عربيحة وتكتحب بيحن قوسحين بححروف‬
‫ل عند وروده لول مرة‪.‬‬ ‫لتينية ويذكر السم كام ً‬
‫رابًعا‪ :‬عند ورود أعلم أجنبية في متن البحث أو الدراسة فإنها تكتب بحروف عربية وتكتب بين قوسين بحروف لتينية‬
‫ل عند وروده لول مرة‪.‬‬ ‫ويذكر السم كام ً‬
‫سا‪ :‬يشترط عند تقديم البحث‪:‬‬ ‫خام ً‬
‫عا بسيرته العلمية والتزام بعدم نشره إل بعد موافقة خطية من‬‫أن يقدم الباحث طلًبا بنشر بحثه‪ ،‬مشفو ً‬ ‫‪-1‬‬
‫هيئة التحرير‪.‬‬
‫أل تزيد صفحات البحث عن ثمانين صفحة )‪.(A4‬‬ ‫‪-2‬‬
‫أن يرفق الباحث ثلث نسخ مطبوعة‪ ،‬مع ملخص ل يزيد على صفحة واحدة‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫سا‪ :‬تحكم البحوث والدراسات المقدمة للنشر في المجلة قبل اثنين على القل‪.‬‬ ‫ساد ً‬
‫سابًعا‪ :‬تعاد البحوث معدلة‪ ،‬على قرص حاسوبي‪.‬‬
‫ثامًنا‪ :‬ل تعاد البحوث والدراسات إلى أصحابها سواء نشرت أم لم تنشر‪.‬‬
‫تاسًعا‪ :‬يعطى الباحث نسختين من المجلة وعشر مستلت من بحثه‪.‬‬
‫جميع المراسلت باسم عميد البحث العلمي‬
‫الرياض ‪ – 11515‬ص‪ -‬ب ‪18011‬‬
‫هاتف‪ – 2582230 :‬ناسوخ )فاكس( ‪2590261‬‬

‫المحتوى‬
‫الصفحة‬ ‫الموضوع‬
‫‪13‬‬ ‫‪ -1‬عقيدة الحلول‬
‫الدكتور ‪/‬محمد بن عبد العزيز العلي‬
‫‪97‬‬ ‫‪ -2‬اللفاظ المشتركة بين المعاني الكونية والمعاني الشرعية في اليات‬
‫‪147‬‬ ‫‪ -3‬قعدة في علم الكتاب والسنة‪ ،‬للطوفي‪.‬‬
‫الدكتور ‪ /‬محمد بت عبد العزيز المبارك‬
‫‪203‬‬ ‫‪ -4‬حقيقة الباعث في الفقه السلمي‬
‫الدكتور‪ /‬خالد بن سعد الخشلن‬
‫‪263‬‬ ‫‪ -5‬كتاب التزكية‪ ،‬لبن مازة‬
‫الدكتور ‪ /‬خالد بن زيد الوذيناني‬
‫‪ -6‬تدريب الدعاة‪.‬‬
‫‪311‬‬ ‫الدكتور‪/‬عبد ال بن إبراهيم اللحيدان‬
‫‪359‬‬ ‫‪ -7‬مباحث في النظام السري في السلم‬
‫)القسم الثاني( دفع الشبهات‬
‫الدكتور‪ /‬مفرح بن سليمان القوسي‬
‫‪421‬‬ ‫‪ -8‬قطع همزة الوصل في الدرج‬
‫الدكتور‪ /‬مؤمن بن صبري غنام‬
‫‪495‬‬ ‫‪ -9‬بعض العوامل المعيقة للسياحة الداخلية في المجتمع السعودي‬
‫الدكتور‪ /‬عبد ال بن عبد العزيز اليوسف‬

‫عقيدة الحلول‬
‫عرض ونقد‬
‫الدكتور‪ /‬محمد بن عبد العزيز بن أحمد العلي‬
‫قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة – كلية أصول الدين‬
‫جامعة المام محمد بن سعود السلمية‬

‫@‪@15‬‬
‫المقدمة‪:‬‬
‫الحمد ل رب العالمين‪ ،‬العلي العظيم‪ ،‬والصلة والسلم على خاتم النبياء والمرسلين‪ ،‬وعلى آله وصحبه‬
‫ومن سار على نهجه إلى يوم الدين‪ .‬أما بعد‪:‬‬
‫فإن مما يتضمنه الركن الول من أركان اليمان‪ ،‬اليمان بألوهية ال وربوبيته وأسمائه وصفاته‪ ،‬ومن ذلك‬
‫العتقاد بأن الرب سبحانه وتعالى متصف بجميع صفات الكمال‪ ،‬منزه عن جميع النقائص والمعايب‪ ،‬فلله‬
‫السماء الحسنى والصفات العل‪ ،‬والمصدر في بيان ما يجب ل نفًيا وإثباًتا هو كتاب ال تعالى وسنة رسوله‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فما ثبت ل عز وجل من الصفات في الكتاب والسنة وجب إثباته‪ ،‬من غير تمثيل ول‬
‫تكييف‪ ،‬وما نفي عن ال تعالى‪ ،‬من صفات النقص‪ ،‬في الكتاب والسنة‪ ،‬وجب نفيه من غير تحريف ول‬
‫تعطيل‪ ،‬إذ أن أسماء ال وصفاته توقيفية على الكتاب والسنة‪ ،‬ول مجال لراء البشر فيها‪.‬‬

‫وما يجب ل تعالى‪ ،‬مما ثبت في الوحيين‪ ،‬أنه تعالى متصف بالعلو‪ ،‬بأنواعه الثلثة‪ ،‬علو الذات‪ ،‬وعلو‬
‫القدر‪ ،‬وعلو القهر‪ ،‬فهو سبحانه فوق سماواته مستو على عرشه‪ ،‬عال على خلقه‪.‬‬
‫وقد ضلت طوائف ممن ينتسبون إلى السلم‪ ،‬فنفوا علو ال جل وعل‪ ،‬ثم تخبطوا‪ ،‬فمنهم من اعتقد عدم‬
‫معرفته أين ربه‪ ،‬وفرق أخرى كثيرة‪ ،‬زعموا بأن ال تعالى حال بذاته في جميع المكنة‪ ،‬أو في بعض‬
‫المخلوقات‪ ،‬أو في من يعظمونهم من الشخاص‪ ،‬تعالى ال عن قولهم علّوا كبيًرا‪.‬‬
‫وإنما انتحلوا هذه العقيدة حين يجعلوا الوحي مصدر دينهم‪ ،‬وتأثروا بالملل المنحرفة‪ ،‬والفلسفات العقلنية‬
‫الوثنية‪.‬‬
‫والخطورة ازدادت في السنوات الخيرة‪ ،‬حين عمد كثير ممن ينتسب إلى عقيدة الحلول والتحاد‪ ،‬إلى بعث‬
‫كتبهم وآرائهم‪ ،‬تأليًفا وتحقيًقا‪ ،‬فأحيوا عقيدة أسلفهم‪ ،‬وطبعوا كتبهم‪ ،‬ونشروها‪.‬‬
‫@‪@16‬‬
‫أضف إلى ذلك أن كثيًرا من المصادر والمراجع التي يرجع إليها الباحثون‪ ،‬في الملل والنحل والفرق‬
‫المختلفة‪ ،‬فيها عرض لقوال وعقائد تلك الطوائف الحلولية‪ ،‬دون ذكر لنقضها وإبطالها‪ ،‬إل أشتاًتا متفرقة ل‬
‫تفي بالمطلوب‪.‬‬
‫ولذا فقد رأيت أن أعرف القراء والباحثين بمفهوم العقيدة الحلولية‪ ،‬وأشهر القائلين بها ممن ينتسب إلى‬
‫حا بطلن ما قرره‬ ‫ل‪ ،‬مبيًنا ما يجب ل تعالى من التعظيم والتنزيه‪ ،‬موض ً‬ ‫السلم‪ ،‬ثم أنقضها إجما ً‬
‫الحلوليون‪ ،‬معتمًدا في ذلك بعد ال تعالى‪ ،‬على أقوال كبار أهل العلم والتحقيق‪.‬‬
‫وأحب أن أشير هنا إلى أن هذه الدراسة عرض مجمل لعقيدة الحلول‪ ،‬ثم نقضها‪ ،‬دون تعرض لذكر أدلة‬
‫الحلولية وشبههم التي احتجوا بها على عقيدتهم وذلك لكي ل يطول البحث الذي أردت نشره في مجلة ل‬
‫تحتمل الطالة‪ ،‬مع العلم بأني قد شرعت في بحث آخر تتبعت فيه أدلتهم‪ ،‬ثم أعقبتها بنقض استدللهم بكل‬
‫دليل ذكروه أو شبهة احتجوا بها‪.‬‬
‫ل‪ ،‬والخطة المتبعة في إعداده‪ ،‬ثم‬ ‫وقد بدأت هذا البحث بمقدمة ذكرت فيها أهمية البحث وأسباب اختياره إجما ً‬
‫كتبت تمهيًدا ذكرت فيه القول الحق في علو ال تعالى واستوائه على عرشه‪ ،‬وأدلة ذلك‪.‬‬
‫ثم قسمت البحث إلى مبحثين‪ ،‬فيهما مطالب‪ ،‬وهي كالتي‪:‬‬
‫المبحث الول‪ :‬مفهوم الحلول وأشهر القائلين به‪ ،‬وفيه مطلبان‪.‬‬
‫حا‪.‬‬
‫المطلب الول‪ :‬تعريف الحلول لغة واصطل ً‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أشهر القائلين به ممن ينتسبون إلى السلم‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬نقض عقيدة الحلول‪ ،‬وفيه مطلبان‪:‬‬
‫المطلب الول‪ :‬حكم القول بالحلول‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الرد على عقيدة الحلول وبيانها‪.‬‬
‫ثم ختمت البحث بخاتمة ذكرت فيها خلصته وأهم نتائجه‪.‬‬
‫اسأل ال التوفيق والسداد في القول والعمل والعتقاد‪.‬‬

‫@‪@17‬‬

‫التمهيد‪ :‬القول الحق في علو ال تعالى واستوائه على عرشه‪:‬‬

‫أجمع المسلمون على ما جاء في كتاب ال تعالى‪ ،‬وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ودلت عليه العقول‬
‫السليمة والفطرة المستقيمة في أن ال تعالى مستو على عرشه‪ ،‬فوق سماواته‪ ،‬بائن من خلقه‪ ،‬وعلمه محيط‬
‫بكل شيء‪ ،‬يعلم السر وأخفى‪ ،‬ويعلم خائنة العين وما تخفي الصدور‪ ،‬يسمع ويرى‪ ،‬ل يعزب عنه عز وجل‬
‫مثقال ذرة في السماوات والرضين وما بينهن‪ ،‬فهو على عرشه سبحانه العلي العلى‪ ،‬ترفع إليه أعمال‬
‫العباد‪ ،‬وهو أعلم بها من الملئكة الذين يعرفونها بالليل والنهار‪ ،‬فمن لم يعرف ربه بذلك‪ ،‬لم يعرف إلهه‬
‫الذي يعبد ‪#‬انظر الرد على الجهمية ص ‪ ،22،23‬والشريعة ص ‪ ،290 ،288‬ومختصر الصواعق‬
‫‪#.2/214‬‬

‫هذا وقد "أجمع سلف المة وأئمتها على أن الرب تعالى بائن في مخلوقاته‪ ،‬يوصف بما وصف به نفسه‪،‬‬
‫وبما وصفه به رسوله صلى ال عليه وسلم‪ ،‬من غير تحريف ول تعطي‪ ،‬ومن غير تكييف ول تمثيل‪،‬‬
‫يوصف بصفات الكمال دون صفات النقص‪ ،‬ويعلم أنه ليس كمثله شيء في صفات الكمال ‪#‬مجموع فتاوى‬
‫شيخ السلم ابن تيمية ‪ ،11/250‬وانظر العقيدة الواسطية ص ‪#.332 ،331‬‬
‫ومما يجب التنبيه عليه أن السلف عندما يقررون ما جاء في النصوص الشرعية من علو ال تعالى على‬
‫خلقه‪ ،‬واستوائه على عرشه؛ فإن ذلك ل يعني أن هناك شيًئا يحويه‪ ،‬أو يكون ظرًفا له‪ ،‬فهو سبحانه فوق كل‬
‫شيء‪ ،‬ومستغن عن كل شيء‪.‬‬
‫يقول شيخ السلم أحمد بن عبد الحليم بن تيمية )ت ‪728‬هـ(‪" :‬والسلف والئمة وسائر علماء السنة إذا‬
‫قالوا‪ :‬إنه فوق العرش‪ ،‬وإنه في السماء فوق كل شيء ل يقولون إن هناك شيًئا يحويه‪ ،‬أو يحصره‪ ،‬أو يكون‬
‫ل له‪ ،‬أو ظرًفا‪ ،‬أو وعاًء‪ ،‬سبحانه وتعالى عن ذلك‪ ،‬بل هو فوق كل شيء‪ ،‬وهو مستغن عن كل شيء‪،‬‬ ‫مح ً‬
‫وكل شيء مفتقر إليه‪ ،‬وهو عال على كل شيء‪ ،‬وهو الحامل للعرش‬
‫@‪@18‬‬

‫ولحملة العرش؛ بقوته وقدرته‪ ،‬وكل مخلوق مفتقر إليه‪ ،‬وهو غني عن العرش‪ ،‬وعن كل مخلوق‪#‬المصدر‬
‫السابق ‪#.101-16/100‬‬
‫وقد وردت نصوص شرعية كثيرة في كتاب ال تعالى وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وتنوعت تلك‬
‫الدلة في إثبات علو ال تعالى بذاته على عرشه واستوائه عليه سبحانه وتعالى وفوقيته على عباده‪.‬‬
‫ومن تلك النواع ما يلي‪:‬‬
‫التصريح بعلو ال تعالى‪ ،‬بمعانيه الثلثة‪ :‬علو الذات‪ ،‬وعلو القدر‪ ،‬وعلو القهر‪ ،‬وذلك في‬ ‫‪-1‬‬
‫آيات كثيرة جّدا‪ ،‬منها قوله تعالى‪ ):‬سبح اسم ربك العلى(‪#‬سورة العلى‪ ،‬الية ‪ ،#.1‬وقوله‪) :‬عالم‬
‫الغيب والشهادة الكبير المتعال(‪#‬سورة الرعد‪ ،‬الية ‪ ،#.9‬وقوله‪) :‬وسع كرسيه السماوات والرض‬
‫ول يؤده حفظهما وهو العلي العظيم( ‪#‬سورة البقرة‪ ،‬الية ‪ #.255‬؛ فهذه اليات‪ ،‬وغيرها كثير في‬
‫كتاب ال‪ ،‬تدل دللة صريحة على علو ال تعالى على خلقه بذاته وقدره وقهره‪.‬‬
‫صا بالعرش‪،‬‬ ‫التصريح باستوائه سبحانه وتعالى على العرش‪ ،‬مقروًنا بأداة )على(‪ ،‬ومخت ّ‬ ‫‪-2‬‬
‫الذي هو أعلى المخلوقات‪ ،‬قال تعالى‪) :‬إن ربكم ال الذي خلق السماوات والرض في ستة أيام ثم‬
‫استوى على العرش(‪#‬سورة العراف‪ ،‬الية ‪ ، #.54‬وقال‪) :‬الرحمن على العرش استوى(‪#‬سورة‬
‫طه‪ ،‬الية ‪ ،#.5‬وقال‪:‬‬

‫@‪@19‬‬

‫)الذي خلق السماوات والرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش الرحمن فاسأل به‬
‫خبيًرا(‪#‬سورة الفرقان‪ ،‬الية ‪ ،#.59‬فهذه اليات وغيرها تدل على علو ال تعالى واستوائه على‬
‫عرشه؛ فإن لفظ )استوى( إذا عدي بعلى ل يفهم منه إل العلو والرتفاع‪.‬‬
‫التصريح بعروج الشياء إليه‪ ،‬وكذلك التصريح بصعود الشياء وارتفاعها إليه‪ ،‬والعروج‬ ‫‪-3‬‬
‫والصعود والرتفاع إنما يكون إلى من في العلو‪ ،‬قال تعالى‪) :‬إليه يصعد الكلم الطيب والعمل‬
‫الصالح يرفعه(‪#‬سورة فاطر‪ ،‬الية ‪ ،#.10‬وقال‪) :‬تعرج الملئكة والروح إليه(‪#‬سورة المعارج‪،‬‬
‫الية ‪ ، #.4‬ومن ذلك قصة المعراج‪ ،‬وفرض الصلة‪ ،‬وتردده صلى ال عليه وسلم بين موسى عليه‬
‫السلم وربه‪ ،‬يسأله التخفيف‪ ،‬وفي كل مرة يصعد ثم يعود‪#‬الحديث أخرجه البخاري في صحيحه‪،‬‬
‫كتاب الصلة‪ ،‬باب كيف فرضت الصلوات في السراء ح ‪ ،349‬ومسلم في صحيحه‪ ،‬كتاب‬
‫اليمان‪ ،‬باب السراء برسول ال صلى ال عليه وسلم إلى السماوات وفرض الصلوات ح ‪#.162‬‬
‫التصريح بالفوقية ل تعالى‪ ،‬وقرنت بأداة )من( في بعض المواضع‪ ،‬وهذا يدل على أن‬ ‫‪-4‬‬
‫المراد فوقية الذات‪ ،‬قال تعالى‪) :‬يخافون ربهم من فوقهم(‪#‬سورة النحل‪ ،‬الية ‪ ، #.50‬وقال‪) :‬وهو‬
‫القاهر فوق عباده(‪#‬سورة النعام‪ ،‬الية ‪.#.18‬‬
‫@‪@20‬‬

‫‪ -5‬التصريح بنزوله سبحانه وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا‪ ،‬والنزول إنما يكون من العلى إلى أسفل‪،‬‬
‫فعن أبي هريرة رضي ال عنه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‪" :‬ينزل ربنا تبارك وتعالى كل‬
‫ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الخر‪ ،‬ويقول‪ :‬من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟‬
‫من يستغفرني فأغفر له؟"‪#‬أخرجه البخاري في صحيحه‪ ،‬كتاب التهجد‪ ،‬باب الدعاء والصلة في آخر‬
‫الليل ح ‪ ،1145‬ومسلم في صحيحه‪ ،‬كتاب صلة المسافرين وقصرها‪ ،‬باب الترغيب في الدعاء والذكر‬
‫في آخر الليل والجابة فيه ح ‪#.758‬‬
‫إخباره جل وعل عن فرعون أنه طلب الصعود إلى السماء‪ ،‬ليطلع إلى إله موسى مما يدل‬ ‫‪-6‬‬
‫على أن موسى عليه السلم أخبره بعلو ال تعالى‪ ،‬قال تعالى‪ :‬مخبًرا عن فرعون ـنه قال‪ ) :‬يا‬
‫حا لعلي أبلغ السباب‪ ،‬أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى وإني لظنه‬ ‫هامان ابن لي صر ً‬
‫كاذًبا(‪#‬سورة غافر‪ ،‬اليتان ‪#.36،37‬‬
‫إشارة الرسول صلى ال عليه وسلم إلى العلو‪ ،‬عندما قال بأصبعه يرفعها إلى السماء‪،‬‬ ‫‪-7‬‬
‫وينكبها إلى الناس‪" :‬اللهم اشهد‪ ،‬اللهم اشهد‪ ،‬اللهم اشهد"‪ ،‬وذلك في الحج العظم في حجة‬
‫الوداع‪#‬الحديث أخرجه مسلم‪ ،‬كتاب الحج‪ ،‬باب حجة النبي صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ح ‪ 1218‬وأبو‬
‫داود في سننه‪ ،‬باب صفة حجة النبي صلى ال عليه وسلم ح ‪#.1905‬‬
‫التصريح بالتنزيل منه سبحانه وتعالى‪ ،‬والتنزيل إنما يكون من أعلى‪ ،‬قال تعالى‪) :‬قل نزله‬ ‫‪-8‬‬
‫روح القدس من ربك بالحق(‪#‬سورة النحل‪ ،‬الية ‪ ،#.102‬وقال)تنزيل الكتاب من ال العزيز‬
‫الحكيم(‪#‬سورة الزمر‪ ،‬الية ‪ ،#.1‬وغيرها من اليات الكثيرة‪.‬‬

‫@‪@21‬‬

‫التصريح بأن ال تعالى في السماء‪ ،‬قال تعالى‪) :‬ءأمنتم من في السماء أن يخسف بكم‬ ‫‪-9‬‬
‫الرض فإذا هي تمور‪ ،‬أو أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصًبا فستعلمون كيف‬
‫نذير(‪#‬سورة الملك‪ ،‬اليتان ‪ ، #.17 ،16‬وقوله صلى ال عليه وسلم‪" :‬أل تأمنوني وأنا أمين من‬
‫حا ومساًء"‪#‬أخرجه البخاري في صحيح‪ ،‬كتاب المغازي‪ ،‬باب‬ ‫في السماء يأتيني خبر السماء صبا ً‬
‫بعث علي بن أبي طالب وخالد بن الوليد إلى اليمن قبل حجة الوداع‪ ،‬ح ‪ ،4351‬ومسلم‪ ،‬كتاب‬
‫الزكاة‪ ،‬باب ذكر الخوارج وصفاتهم ح ‪ ، #.1064‬وحرف )في( في هذه النصوص بمعنى )على(‬
‫إذا كان المراد بالسماء المبنية‪ ،‬أو يكون المراد بها العلو‪ ،‬لن معنى )سما( أي‪ :‬عل‪ ،‬فيكون معنى‬
‫كونه تعالى )في السماء( أي في العلو‪ ،‬وهو الولى في تفسيرها‪#‬انظر مجموع فتاوى شيخ السلم‬
‫ابن تيمية ‪ ،#.16/101‬وله سبحانه وتعالى أعلى العلو وهو فوق العرش‪.‬‬
‫‪ -10‬التصريح باختصاص بعض المخلوقات بأنها عنده‪ ،‬قال تعالى‪) :‬إن الذين عند ربك ل‬
‫يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون(‪#‬سورة العراف‪ ،‬الية ‪ ، #.206‬ونحوها من‬
‫اليات والحاديث‪.‬‬
‫‪ -11‬السؤال عنه بأين‪ ،‬مما يدل على أنه تعالى ليس في كل مكان‪ ،‬فوجب أن يكون في العلو‪ ،‬وقد‬
‫ل )أين ال(؟ قالت‪ :‬في السماء‪ ،‬قال‪) :‬من‬ ‫ثبت أن رسول ال صلى ال عليه وسلم سال جارية قائ ً‬
‫أنا(؟ قالت‪ :‬أنت رسول ال‪ ،‬فقال‪) :‬أعتقها فإنها مؤمنة(‪#‬أخرجه مسلم‪ ،‬كتاب المساجد ومواضع‬
‫الصلة‪ ،‬باب تحريم الكلم في الصلة‪ ،‬ونسخ ما كان من إباحته ح ‪ . #.537‬فالرسول سألها‬
‫وأقرها على ما قالت‪.‬‬
‫@‪@22‬‬
‫ل‪ ،‬ولو‬
‫هذه بعض الدلة النقلية على علو ال تعالى واستوائه على عرشه‪ ،‬ومباينته لخلقه‪ ،‬ذكرتها إجما ً‬
‫فصلت القول في ذكرها وتعدادها لطال المقام‪ ،‬ول يتحمله التمهيد‪ ،‬فإنها كثيرة جّدا في كتاب ال تعالى وسنة‬
‫رسوله صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وهي مبسوطة في كتب أهل العلم‪#‬انظر الرد على الجهمية والزنادقة ص‬
‫‪ ،136،137‬والرد على الجهمية ص ‪22-17‬؛ والشريعة ص ‪ 298 -288‬ومجموع فتاوى شيخ السلم‬
‫ابن تيمية ‪ ،263-256 ،70-5/5‬ودرء تعارض العقل والنقل ‪ ،267-5/250‬ومختصر الصواعق المرسلة‬
‫‪ ،2/214‬وكتاب التوحيد وإثبات صفات الرب ص ‪#.136 -101‬‬
‫الدليل العقلي على علو اله تعالى‪:‬‬
‫ل عقلّيا على علو ال تعالى‪ ،‬والرد على الجهمية وغيرهم من‬ ‫ذكر المام أحمد )ت ‪ 241‬هـ( رحمه ال دلي ً‬
‫طوائف الحلولية الذين ينفون علو ال سبحانه بذاته على خلقه‪ ،‬وملخص ما ذكره أن ال تعالى حين خلق‬
‫الخلق‪ ،‬فل بد من ثلثة أمور‪:‬‬
‫إما أن يكون ال تعالى خلقهم في نفسه‪ ،‬وهذا كفر؛ لنه يعني أن ال خلق الجن والشياطين والقذار في نفسه‪،‬‬
‫وهذا محال‪ ،‬تعالى ال عن ذلك علّوا كبيًرا‪.‬‬
‫ضا‪ ،‬لنه يعني أن ال تعالى دخل في كل‬ ‫جا عن نفسه ثم دخل فيهم‪ ،‬وهذا كفر أي ً‬ ‫وإما أن يكون خلقهم خار ً‬
‫مكان وحش قذر رديء‪.‬‬
‫جا عن نفسه‪،‬ثم لم يدخل فيهم؛ وهذا هو الحق الذي يجب اعتقاده‪ ،‬لنه الذي يليق‬ ‫وإما أن يكون خلقهم خار ً‬
‫بال تعالى‪#‬انظر الرد على الجهمية والزنادقة ص ‪#.141-138‬‬
‫ثم إذا قررنا أن خلقهم خارج ذاته ولم يدخل فيهم‪ ،‬فل بد أن يكون خلقهم‪ ،‬وهو تحتهم‪ ،‬أو عن أيمانهم‪ ،‬أو‬
‫عن شمائلهم‪ ،‬أو فوقهم‪ ،‬وأكمل هذه‬
‫@‪@23‬‬

‫المور وأعظمها وأشرفها الفوقية والعلو‪ ،‬وال تعالى متصف بصفات الكمال‪ ،‬فل يليق به إل كونه فوقهم‬
‫وعال عليهم‪.‬‬
‫يقول شيخ السلم ابن تيمية بعد أن ساق كلم المام أحمد السابق بنصه‪:‬‬
‫"فقد بين المام أحمد ما هو معلوم بصريح العقل وبديهته من انه ل بد إذا خلق الخلق من أن يخلقه مبايًنا أو‬
‫محايًثا له‪ ،‬ومع المحايثة‪ :‬إما أن يكون هو في العالم‪ ،‬وإما أن يكون العالم فيه‪ ،‬لنه سبحانه قائم بنفسه والقائم‬
‫ل في الخر‪ ،‬بخلف ما ل يقوم بنفسه‪ ،‬كالصفات؛ فإنها‬ ‫بنفسه إذا كان محايًثا لغيره فلبد أن يكون أحدهما حا ّ‬
‫تكون جميًعا قائمة بغيرها‪ ،‬فهذا القسم لم يحتج أن يذكره لظهور فساده‪ ،‬وأن أحًدا ل يقول به‪ ،‬إذ من المعلوم‬
‫لكل أحد أن ال تعالى قائم بنفسه‪ ،‬ول يجوز أن يكون من جنس العراض التي تفتقر إلى محل يقوم به‪.‬‬
‫وكذلك من هذا الجنس قول من يقول‪ :‬ل هو مباين ول محايث‪ ،‬لما كان معلوًما بصريح العقل بطلنه لم‬
‫يدخله في التقسيم‪ ،‬إذ من المستقر في صريح العقل أن الموجود‪ :‬إما مباين لغيره‪ ،‬وإما مداخل له‪ ،‬فانتفاء‬
‫ل في العالم مفتقًرا‬ ‫ل كالمعدوم‪ ،‬وقول من يجعله حا ّ‬
‫هذين القسمين يبطل قول من يجعله ل مبايًنا ول مداخ ً‬
‫إلى المحل كالعراض؛ إذ المفتقر إلى المحل ل يقوم بنفسه‪ ،‬ول يكون غنّيا عما سواه‪ ،‬فيمتنع أن يكون‬
‫واجب الوجوب بنفسه"‪#‬درء تعارض العقل والنقل ‪ ،6/143،144‬وانظر ‪#.150-145‬‬
‫وبصيغة أخرى يقال للمخالفين بان علو ال سبحانه وتعالى ثابت بالعقل‪ ،‬من وجوه‪:‬‬
‫الول منها‪ :‬العلم البديهي القاطع بأن كل موجودين‪ ،‬إما أن يكون أحدهما سارًيا في الخر‪ ،‬قائًما به‬
‫كالصفات‪ ،‬وإما أن يكون قائًما بنفسه‪ ،‬بائًنا من الخر‪.‬‬
‫@‪@24‬‬

‫جا عن ذاته‪ ،‬فالول باطل بالتفاق‪،‬‬‫الثاني‪ :‬أن ال تعالى لما خلق العالم؛ فإما أن يكون خلقه في ذاته‪ ،‬أو خار ً‬
‫ل للخسائس والقاذورات‪ ،‬تعالى ال عن ذلك علّوا كبيًرا‪ ،‬والثاني يقتضي أن يكون‬ ‫ولنه يلزم أن يكون مح ّ‬
‫ل‪ ،‬فتعينت المباينة؛ لن القول بأنه غير متصل بالعالم‪ ،‬وغير منفصل‬‫العالم واقًعا خارج ذاته‪ ،‬فيكون منفص ً‬
‫عنه غير معقول‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬أن كونه سبحانه وتعالى ل داخل العالم ول خارجه يقتضي نفي وجوده؛ بالكلية؛ لنه غير معقول؛‬
‫فيكون موجوًدا إما داخله وإما خارجه‪ ،‬والول باطل‪ ،‬فتعين الثاني‪ ،‬فلزمت المباينة‪ ،‬ولزم أن يكون فوق‬
‫خلقه وعال عليهم؛ لنه وحده اللئق به سبحانه وتعالى‪#‬شرح العقيدة الطحاوية ‪ 2/443‬بتصرف يسير‪#.‬‬

‫دليل الفطرة على علو ال تعالى‪:‬‬


‫دلت الفطرة السليمة على علو ال تعالى على خلقه‪ ،‬وذلك أن الخلق بطباعهم وفطرهم السليمة يرفعون أيديهم‬
‫عند الدعاء‪ ،‬ويقصدون العلو بقلوبهم عند اللجوء إلى ال والتضرع إليه‪.‬‬
‫قال أبو الحسن الشعري )ت ‪324‬هـ(‪" :‬ورأينا المسلمين جميًعا يرفعون أيديهم إذا دعوا نحو السماء؛ لن‬
‫ال مستو على العرش‪ ،‬الذي فوق السماوات‪ ،‬فلول أن ال عز وجل على العرش لم يرفعوا أيديهم"‪#‬البانة‬
‫عن أصول الديانة ص ‪#.45‬‬
‫ضا في أنه سبحانه وتعالى على العرش فوق السماوات‬ ‫وقال ابن عبد البر )ت ‪ 463‬هـ(‪ " :‬ومن الحجة أي ً‬
‫السبع أن الموحدين أجمعين‪ ،‬من العجم والعرب إذا كربهم أمر‪ ،‬أو نزلت بهم شدة‪ ،‬رفعوا وجوههم إلى‬
‫السماء‪ ،‬ونصبوا أيديهم‬
‫@‪@25‬‬
‫رافعين لها مشيرين بها إلى السماء يستغيثون ال ربهم تبارك وتعالى‪ ،‬وهذا أشهر وأعرف عند الخاصة‬
‫والعامة من أن يحتاج فيه إلى أكثر من حكايته؛ لنه اضطراري لم يخالفهم فيه أحد‪ ،‬ول أنكره عليهم‬
‫مسلم"‪#‬التمهيد ‪ ،7/139‬وانظر إثبات صفة العلو ص ‪ ،33‬واجتماع الجيوش السلمية ‪#.2/145‬‬
‫ولهذا فإن الداعي ل يلتفت يمنة ول يسرة عند دعائه‪ ،‬ولم يقل )يا ال( إل وجد في قلبه ضرورة التوجه‬
‫بطلب العلو‪ ،‬ول يمكن دفع هذه الضرورة عن القلوب‪#‬انظر لوامع النوار البهية ‪ ، 1/196‬والرد على‬
‫الجهمية ص ‪#.20،21‬‬
‫يذكر أن أبا جعفر الهمذاني )ت ‪ 531‬هـ( حضر مرة والستاذ أبو المعالي الجويني )ت ‪478‬هـ( يتحدث‬
‫ويقول‪" :‬كان ال ول عرش وهو الن على ما كان"‪ ،‬ونفى الستواء‪ ،‬على ما عرف من قوله‪ ،‬وإن كان في‬
‫آخر عمره رجع عن هذه العقيدة‪ ،‬فقال أبو جعفر الهمذاني‪" :‬يا أستاذ دعنا من ذكر العرش"‪ ،‬يعني لن ذلك‬
‫مما جاء في السمع‪" ،‬وأخبرني عن هذه الضرورة التي نجدها في قلوبنا‪ :‬ما قال عارف قط‪) :‬يا ال( إل وجد‬
‫في قلبه معنى يطلب العلو‪ ،‬ل يلتفت يمنة ول يسرة‪ ،‬فكيف ندفع هذه الضرورة عن قلوبنا!! فصرخ أبو‬
‫المعالي ووضع يده على رأسه وقال حيرني الهمذاني‪#‬انظر مجموع فتاوى شيخ السلم ابن تيمية ‪،4/44‬‬
‫‪ ،61‬وشرح العقيدة الطحاوية ‪#.2/445‬‬
‫فأبو جعفر الهمذاني "تكلم بلسان جميع بني آدم‪ ،‬فأخبر أن العرش‪ ،‬والعلم باستواء ال عليه إنما أخذ من جهة‬
‫الشرع‪ ،‬وخبر الكتاب والسنة‪،‬بخلف القرار بعلو ال على الخلق؛ من غير تعيين عرش ول استواء‪ ،‬فإن‬
‫هذا أمر فطري ضروري‪ ،‬نجده في قلوبنا نحن‪ ،‬وجميع من يدعو ال تعالى‪ ،‬فكيف ندفع هذه الضرورة عن‬
‫قلوبنا"‪#‬مجموع فتاوى شيخ السلم ابن تيمية ‪#.4/61‬‬

‫@‪@26‬‬

‫ويشهد لهذا خبر الجارية التي قال لها النبي صلى ال عليه وسلم‪) :‬أين ال(؟ قال‪ :‬في السماء‪ ،‬قال‪) :‬أعتقها‬
‫فإنها مؤمنة(‪#‬سبق تخريجه قبل قليل‪ ، #.‬جارية أعجمية أخبرت عن الفطرة التي فطرها ال تعالى عليها‪،‬‬
‫وإل من فقهها وعلمها وأخبرها بما ذكرته‪ ،‬وقد أقرها النبي صلى ال عليه وسلم على ذلك‪ ،‬وشهد لها‬
‫باليمان‪#‬انظر مجموع فتاوى شيخ السلم ابن تيمية ‪ ،4/62‬وشرح العقيد الواسطية ص ‪#.331‬‬

‫يقول شيخ السلم ابن تيمية )ت ‪728‬هـ(‪" :‬وأما كونه عالًيا على مخلوقاته‪ ،‬بائًنا منهم‪ ،‬فهذا أمر معلوم‬
‫بالفطرة الضرورية‪ ،‬التي يشترك فيها جميع بين آدم‪ ،‬وكل من كان بال أعرف‪ ،‬وله أعبد‪ ،‬ودعاؤه له أكثر‪،‬‬
‫وقلبه له أذكر‪ ،‬كان علمه الضروري بذلك أقوى وأكمل‪ ،‬فالفطرة مكملة بالشريعة المنزلة؛ فإن الفطرة تعلم‬
‫ل‪ ،‬والشريعة تفصله وتبينه‪ ،‬وتشهد بما ل تستقل الفطرة به؛ فهذا هذا‪ ،‬وال أعلم‪.‬‬
‫المر مجم ً‬
‫فليتأمل العاقل ذلك يجده هادًيا على معرفة ربه‪ ،‬والقرار به كما ينبغي‪ ،‬ل ما أحدثه المتعمقون والمتشدقون‪،‬‬
‫ممن سول لهم الشيطان‪ ،‬وأملى لهم"‪#‬المصدر السابق ‪#.4/45،62‬‬
‫وبعد أن ساق شيخ السلم ابن تيمية الدلة على علو ال تعالى‪ ،‬واستوائه على عرشه‪ ،‬قال‪ :‬فهذا كتاب اله‪،‬‬
‫من أوله إلى آخره‪ ،‬وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم‪،‬من أولها إلى آخرها‪ ،‬ثم عامة كلم الصحابة‬
‫والتابعين‪ ،‬ثم كلم سائر الئمة‪ ،‬مملوء بما هو إما نص‪ ،‬وإما ظاهر في أن ال سبحانه وتعالى هو العلي‬
‫العلى‪ ،‬وهو فوق كل شيء‪ ،‬وهو على كل شيء ‪ ،‬وأنه فوق العرش‪ ،‬وأنه فوق السماء"‪#‬المصدر السابق‬
‫‪،#.5/12‬‬
‫ثم ساق أدلة أخرى من السنة‪ ،‬ومن أقوال بعض الصحابة‪ ،‬وبعدها قال‪" :‬إلى‬

‫@‪@27‬‬

‫أمثال ذلك مما ل يحصيه إل ال‪ ،‬مما هو أبلغ المتواترات اللفظية والمعنوية‪ ،‬التي تورث علًما يقيًنا‪ ،‬من أبلغ‬
‫العلوم الضرورية أن الرسول صلى ال عليه وسلم المبلغ عن ال ألقى إلى أمته المدعوين أن ال سبحانه‬
‫على العرش‪ ،‬وأنه فوق السماء‪ ،‬كما فطر ال على ذلك جميع المم‪ ،‬عربهم وعجمهم‪ ،‬في الجاهلية والسلم‪،‬‬
‫إل من اجتالته الشياطين عن فطرنه"‪#‬المصدر نفسه ‪ ، #.15/ 5‬يشير رحمه ال إلى حديث‪":‬خلقت عبادي‬
‫حنفاء فاجتالتهم الشياطين عن دينهم"‪#‬أخرجه مسلم في صحيحه‪ ،‬كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها‪ ،‬باب‬
‫الصفات التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة وأهل النار ح ‪#.2865‬‬
‫ثم قال رحمه ال‪" :‬ثم عن السلف في ذلك من القوال ما لو جمع لبلغ مئين أو ألوًفا‪ ،‬ثم ليس في كتاب ال‪،‬‬
‫ول سنة رسوله صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ول عن أحد من سلف المة‪ ،‬ل من الصحابة ول من التابعين لهم‬
‫صا ول‬ ‫بإحسان‪ ،‬ول عن الئمة الذين أدركوا زمن الهواء والختلف حرف واحد يخالف ذلك‪ ،‬ل ن ّ‬
‫ظاهًرا"‪#‬مجموع فتاوى شيخ السلم ابن تيمية ‪#.5/15‬‬
‫@‪@28‬‬

‫المبحث الول‪ :‬مفهوم الحلول وأشهر القائلين به‪:‬‬


‫حا‪:‬‬
‫المطلب الول‪ :‬تعريف الحلول لغة واصطل ً‬
‫تعريفه لغة‪:‬‬
‫ل‪ :‬نزول القوم بمحله‪ ،‬وهو نقيض الرتحال‪.‬‬ ‫ل وحل ً‬
‫ل وح ّ‬
‫ل ومح ّ‬‫حل بالمكان حلو ً‬
‫وحله واحتل به واحتله‪ :‬نزل به‪.‬‬
‫والحل والحلول والنزول‪ ،‬يقال‪ :‬حل القوم وحلهم واحتل بهم‪ ،‬ورجل حل من قوم حلول وحلل وحلل‪ ،‬وأحله‬
‫المكان وأحله به وحلله به وحل به‪ :‬جعله يحل‪.‬‬
‫فيكون المحل الموضع الذي يحل فيه‪ ،‬ويكون مصدًرا‪ ،‬وكلهما بفتح الحاء‪ ،‬لنهما من حل يحل‪ :‬أي نزل‪،‬‬
‫وإذا قلت المحل‪ ،‬بكسر الحاء‪ ،‬فهو من حل يحل‪ :‬أي وجب يجب‪.‬‬
‫ويقال‪ :‬روضة محلل‪ :‬إذا اكثر الناس الحلول بها‪#‬انظر لسان العرب ½‪ ،70،703،‬والمعجم الوسيط ص‬
‫‪#.194‬‬
‫ويذكر علي بن محمد الجرجاني )ت ‪ 816‬هـ( أن الحلول نوعان‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬الحلول السرياني‪ ،‬وهو عبارة عن اتحاد جسمين‪ ،‬بحيث تكون الشارة إلى أحدهما إشارة إلى‬
‫ل‪.‬‬
‫ل والمسري مح ّ‬
‫الخر‪ ،‬كحلول ماء الورد في الورد‪ ،‬فيسمى الساري حا ّ‬
‫والثاني‪ :‬الحلول الجواري‪ ،‬وهو عبارة عن كون أحد الجسمين ظرًفا للخر‪ ،‬كحلول الماء في الكوز‪#‬انظر‬
‫التعريفات ص ‪ ،106 ،105‬والموسوعة العربية الميسرة ‪#.1/534‬‬

‫@‪@29‬‬

‫الحلول هو العتقاد بحلول ذات الخالق –حل وعل – في كل مكان‪ ،‬أو في بعض المكنة‪ ،‬أو حلوله في‬
‫بعض الشخاص‪ ،‬أو حلول جزء من ذاته في بعضهم‪ ،‬على قدر استعداد مزاج الشخص ورياضته وتقبله‬
‫لذلك‪ ،‬على حد زعمهم ‪#‬انظر الملل والنحل ‪ ،2/54‬وحقيقة مذهب التحاديين أو وحدة الوجود ص ‪،5 ،4‬‬
‫ومعجم الفرق السلمية ص ‪#.102‬‬

‫ل‪ ،‬في البشر‪ ،‬أو بعضهم‪ ،‬من النبياء والئمة والولياء‪،‬‬


‫فهو عندهم حلول الله بذاته‪ ،‬أو روحه ‪ ،‬جزًءا أو ك ّ‬
‫ونحوهم‪ ،‬وأصبح هؤلء آلهة بذلك‪#‬انظر مجموع فتاوى شيخ السلم ابن تيمية ‪ ،15/423،424‬والتبصير‬
‫في الدين ص ‪ ،108‬ودراسات في الفرق والمذاهب القديمة المعاصرة ص ‪.#.49‬‬
‫يقول عبد القاهر البغدادي )ت ‪ 429‬هـ(‪" :‬الحلولية الذين زعموا أن الله يدخل في الصورة الحسنة‪ ،‬وربما‬
‫سجد الواحد منهم للصورة الحسنة إذا رآها‪ ،‬فوهم أنه فيها"‪#‬أصول الدين ص ‪#.77‬‬
‫ويعرف ابن حزم )ت ‪ 456‬هـ( الحلول بأنه القول‪" :‬بحلول الباري تعالى في أجسام خلقه"‪#‬الفصل في الملل‬
‫والهواء والنحل ‪.#.2/114‬‬
‫ويعرف أحدهم نحلة الحلولية بأنها‪" :‬فرقة‪ ....‬أفسدت القول بوحدانية الصانع‪ ،‬زاعمة أن الباري تعالى حل‬
‫في أشخاص معينين‪ ،‬وفوض إليهم تدبير أموال العالم"‪ ،‬ثم يقول بأن "الحلولية يزعمون أن روح القدس وهو‬
‫ال عز وجل حلت في النبي صلى ال عليه وسلم ثم انتقلت منه إلى علي وأولده وجميع الئمة‪ ،‬الذين ارتقوا‬
‫@‪@30‬‬
‫إلى مصاف اللهة‪ ،‬أو أصبحوا آلهة في معتقدهم‪ ،‬وكل واحد منهم أصبح إلًها"‪#‬جامع الفرق والمذاهب‬
‫السلمية ص ‪#.79‬‬

‫وتعتقد بعض الطوائف الحلولية أن الله يحل في البشر منذ بدء الخليقة‪ ،‬ويعتقدون أن هناك سبعة أدوار‬
‫ل ناطًقا‪.‬‬
‫للظهورات اللهية‪ ،‬اتخذت في كل دور رسو ً‬
‫فالظهور الول كان في "شيث"‪ ،‬وكان "آدم" هو الرسول الناطق‪ ،‬ثم انتقلت اللوهية إلى سام‪ ،‬والنبوة إلى‬
‫"نوح"‪ ،‬ثم انتقلت اللوهية إلى "إسماعيل"‪ ،‬وانتقلت اللوهية إلى "شمعون الصفا‪ ،‬المعروف عند النصارى‬
‫ببطرس"‪ ،‬والنبوة إلى "عيسى"‪ ،‬ثم ظهرت اللوهية للمرة الخيرة في "علي بن أبي طالب" والنبوة في‬
‫"محمد" صلى ال عليه وسلم وعلى جميع النبياء وسلم تسليًما كثيًرا‪ ،‬ويبنون اعتقادهم هذا على زعمهم بأن‬
‫ال تعالى عندما أخذ الميثاق على خلقه‪ ،‬قبل إهباطهم لعمارة الرض‪ ،‬قال للنبياء والوصياء والمقربين‪:‬‬
‫إني سأحتجب بحجب الدمية في أدوار متعددة؛ ولهذا فهم يعتقدون أن اللوهية قد استقرت أخيًرا في علي بن‬
‫أبي طالب رضي ال عنه‪#‬انظر الهفت الشريف ص ‪ ،59 ،20 ،19‬وعقائد بعض التيارات الفكرية‬
‫المعاصرة ‪#.1/86‬‬

‫هذا اعتقاد بعض طوائف الحلولية حصرت الحلول بالدوار السبعة المذكورة‪ ،‬أما بعضها الخر فيرى‬
‫استمرارية الحلول في المكنة والزمنة المختلفة‪ ،‬وكل طائفة لها كيفية خاصة في اعتقادها بالحلول‪#‬انظر‬
‫الفرقان بين الحق والباطل ص ‪ ،128 -123،126 ،122‬والشريعة ص ‪ ،387‬واعتقادات فرق المسلمين‬
‫والمشركين ص ‪#.82‬‬

‫@‪@31‬‬

‫فهناك من طوائف الحلولية‪ ،‬من يعتقد بأن الله حال في كل شيء؛ لنه عندهم المادة الولى‪ ،‬التي انبثقت‬
‫منها تولد كل شيء‪ ،‬ويمثلون لقولهم بالحلول‪ ،‬بالنواة خرجت منها النخلة‪ ،‬وبالخشبة الخام خرج منها البواب‬
‫والكراسي ونحوها‪ ،‬فعندهم أن هذا الوجود‪ ،‬علويه وسفليه‪ ،‬طيبه وخبيثه‪ ،‬هو أسماء للله وصفات له‪#‬انظر‬
‫أخبار القرامطة ص ‪ ،571 ،445‬وكنز الولد ص ‪ ،49‬وانظر تعليق محمد حامد الفقي على الشريعة ص‬
‫‪.#.285‬‬
‫كما أن بعضهم يعتقد أن كل إنسان‪ ،‬في أي زمان ومكان‪ ،‬باستطاعته أن يجعل جسده مكاًنا لحلول الله فيه‪،‬‬
‫وذلك عن طريق تهذيب النفس‪ ،‬وقوة الرياضة وصفاء النفس‪ ،‬كما زعموا‪#‬انظر الفرق بين الفرق ص‬
‫‪ ،198‬وشرح المقاصد ‪ 2/52‬والنسان الكامل ص ‪#.38‬‬
‫وينقسم الحلول‪ ،‬عند القائلين به‪ ،‬باعتبار المحل الذي يحل فيه الله إلى قسمين هما‪:‬‬
‫الحلول الخاص‪ :‬وهو قولهم بحلول اللهوت في الناسوت‪ ،‬كحلول الماء في الناء‪ ،‬وهذا‬ ‫‪-1‬‬
‫قول طائفة من النصارى‪ ،‬ومن وافقهم من الغلة ممن ينتسب إلى السلم‪ ،‬كغلة الرافضة‪ ،‬وغلة‬
‫الصوفية‪ ،‬الذين يقولون بحلول ال – سبحانه وتعالى – في بعض أئمتهم وأوليائهم وزعمائهم‪.‬‬
‫الحلول العام‪ :‬وهو قولهم بأن ال – تعالى – بذاته في كل مكان‪ ،‬وهذا قول طائفة من‬ ‫‪-2‬‬
‫الجهمية‪ ،‬وبعض غلة الصوفية‪#‬انظر أصول الدين ص ‪ ،331‬والفرق بين الفرق ص ‪،241،242‬‬
‫ومجموع فتاوى شيخ السلم ابن تيمية ‪ ،2/171،172،490‬ومجموع الرسائل والمسائل ‪،1/179‬‬
‫والفصل في الملل والهواء والنحل ‪ ،1/111‬والملل والنحل ‪#.255 -2/253‬‬

‫@‪@32‬‬

‫يقول شيخ السلم ابن تيمية‪" :‬والحلول نوعان‪ :‬حلول مقيد‪ ،‬وحلول مطلق‪.‬‬
‫فالحلول المقيد هو قول النصارى ونحوهم من غلة الرافضة‪ ،‬وغلة العباد‪ ،‬وغيرهم‪ ،‬يقولون‪ :‬إنه حل‬
‫في المسيح أو اتحد به‪ ،‬وحل بعلي أو اتحد به‪ ،‬وأنه يتحد بالعارفين‪ ،‬حتى يصير الموحد هو الموحد‪...‬‬
‫وهؤلء الذين حكى أحمد قولهم أنهم يقولون‪ :‬إذا أراد ال أن يحدث أمًرا دخل في بعض خلقه‪ ،‬فتكلم على‬
‫لسانه‪ ،‬وقد رأيت من هؤلء غير واحد ممن خاطبني‪ ،‬وتكلم معي في هذا المذهب‪ ،‬وبينت له فساده‪.‬‬
‫وأما أهل الحلول المطلق الذين يقولون‪ :‬إنه حال في كل شيء‪ ،‬أو متحد بكل شيء‪ ،‬أو الوجود واحد‪،‬‬
‫كأصحاب فصوص الحكم‪#‬صاحب فصوص الحكم هو محيي الدين بن عربي‪ ،‬من غلة الصوفية ت‬
‫‪ 638‬هـ‪ ،#.‬وأمثالهم‪ ،‬فهؤلء يقولون‪ :‬أخطأ النصارى من جهة أنهم خصصوا‪ ،‬وكذلك يقولون في عباد‬
‫الصنام‪ ،‬خطؤهم من جهة أنهم خصصوا‪ ،‬وكذلك يقولون في عباد الصنام‪ ،‬خطؤهم من جهة أنهم‬
‫ضا غير واحد‪ ،‬وجرت بيننا وبينهم محنة‬
‫خصصوا بعض الشياء فعبدوها‪ ،‬وقد رأيت من هؤلء أي ً‬
‫ومعروفة"‪#‬درء تعارض العقل والنقل ‪ 5/170‬وانظر ‪ ،،152 ،6/151‬و ‪ ،10/287‬ومجموع فتاوى‬
‫شيخ السلم ابن تيمية ‪ ،172 ،2/171‬و ‪#.15/424 ،8/416‬‬

‫ويعرف أحد الدباء المعاصرين الحلول بقوله‪" :‬العتقاد بأن ال حال في كل شيء‪ ،‬حتى يصح أن يطلق‬
‫اسمه على كل الموجودات‪ ،‬ونجم عن إيمان المتصوفين بهذه النظرية ذهابهم إلى أن الخالق حال فيهم‪،‬‬
‫فإذا وصلوا إلى مرحلة النجذاب‪ ،‬وتجلت أمام أبصارهم ما يعتقدونه حقيقة نطقوا بلسان خالقهم‪ ،‬وجاء‬
‫كلمهم معبًرا عن أمور ل يقرها الدين"‪#‬المعجم الدبي ص ‪.#.99‬‬

‫@‪@33‬‬

‫وبعد أن عرف الحلول بهذه الخلصة ذكر أن عدًدا من الدباء المعاصرين انتحل هذه العقيدة‪" ،‬بصورة‬
‫معتدلة"‪ ،‬على حد زعمه‪ ،‬حيث قالوا بحلول الخالق في جميع الكائنات‪ ،‬ومنها ذواتهم‪ ،‬ثم امتدحهم بأن‬
‫هذه العقيدة جعلتهم ينظرون إلى ما في العالم نظرة عطف ومحبة‪#‬انظر المصدر السابق‪ ،‬الصفحة‬
‫نفسها‪#.‬‬
‫ول ريب أن هذا العتقاد بعيد عن العتدال‪ ،‬بل هو غلو صريح‪ ،‬وكفر بواح‪ ،‬بعيد عن النقل والعقل‬
‫والفطرة‪.‬‬
‫فالحلولية تدعو إلى تشخيص الله من خلل حلوله بذاته‪ ،‬أو روحه‪ ،‬بالنسان‪ ،‬في الوقت نفسه تأليه‬
‫النسان الذي حلت فيه روح الله‪ ،‬ورفعه إلى مصاف اللوهية‪#‬انظر حركة الغلو وأصولها الفارسية‬
‫ص ‪ ،25 ،24‬والغلو والفرق الغالية في الحضارة السلمية ص ‪#.126‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬أشهر القائلين بالحلول ممن ينتسب إلى السلم‪:‬‬


‫أول من عرف عنه القول بالحلول‪ ،‬ممن ينتسب إلى السلم‪ ،‬عبد ال بن سبأ‪ ،‬الملقب بابن السوداء؛‬
‫لسواد أمه‪ ،‬وأصله من اليمن‪ ،‬وكان يهودّيا فأظهر السلم‪ ،‬وطاف بلد المسلمين‪ ،‬ليلفتهم عن دينهم‬
‫ل بالحجاز‪ ،‬ثم البصر‪ ،‬ثم بالكوفة‪ ،‬ثم دخل دمشق أيام عثمان بن‬
‫الحق وجماعتهم المعتصمة بال‪ ،‬فبدأ أو ً‬
‫عفان رضي ال عنه‪ ،‬فأخرجوه حتى أتى مصر‪ ،‬واظهر مقالته بينهم‪ ،‬زاعًما بأن الرسول محمد صلى‬
‫ال عليه وسلم سيرجع آخر الزمان‪ ،‬وأن عثمان بن عفان رضي ال عنه ظالم وجائر‪ ،‬حتى سعى في‬
‫فتنته وقتله‪ ،‬رضي ال عنه‪ ،‬ثم لما قدم علي بن أبي طالب رضي ال عنه الكوفة‪ ،‬أظهر الغلو فيه‪ ،‬بأنه‬
‫وصي ثم نبي‪ ،‬ثم رب وإله يخلق الخلق‬
‫@‪@34‬‬

‫ويبسط الرزق‪ ،‬ولما بلغ علّيا‪ ،‬هم بقتله‪ ،‬فقيل أحرقه بالنار‪ ،‬وقيل نفاه‪ ،‬وقيل هرب منه إلى جهة بلد‬
‫فارس‪ ،‬أو نحوها‪ ،‬ونشر فيها عقيدته الحلولية‪#‬انظر تهذيب تاريخ دمشق ‪ ،431 ،7/430‬ومقالت‬
‫السلميين ص ‪ ،15‬وميزان العتدال ‪ 2/426‬وشرح العقيدة الطحاوية ‪ ،748 ،2/746‬وابن سبأ‬
‫حقيقة ل خيال‪ ،‬الكتاب كله في هذا الموضوع ومنهاج السنة النبوية ‪#.1/30‬‬
‫ومن ثم تابعه على هذه العقيدة الباطلة طائفة كثيرة‪ ،‬تعود كلها إلى الصل نفسه‪ ،‬ومن اشهرها طائفة‬
‫السبئية‪ ،‬التي قالت بألوهية علي بن أبي طالب رضي ال عنه‪#‬انظر تفسير القمي ‪،131 ،2/130‬‬
‫وفرق الشيعة ص ‪ ،23 ،22‬والبدء والتاريخ ‪ ،5/129‬وشرح نهج البلغة ‪ ،2/309‬وفتح الباري‬
‫‪ ،12/270‬والملل والنحل ‪ ،141 ،1/140‬ومقالت السلميين ‪#.1/85،86‬‬

‫وكذلك طائفة المغيرية‪ ،‬أتباع مغيرة بن سعد العجلي )ت ‪ 120‬هـ(‪ ،‬الذي زعم أن الله حل فيه‬
‫ضا‪#‬انظر فرق الشيعة ص ‪ ،63‬ومعجم الفرق السلمية ص ‪232‬ت ‪ ،234‬واعتقادات فرق‬ ‫أي ً‬
‫المسلمين والمشركين ص ‪45‬ت ‪ ،48‬ومقالت السلميين ‪#.72 ،1/68‬‬
‫وكذلك تابعه طائفة البياني‪ ،‬أتباع بيان بن سمعان التميمي النهدي )ت ‪ 119‬هـ( حيث زعم ألوهية علي‬
‫بن أبي طالب‪ ،‬ثم زعم أنه قد حل فيه جزء من الله‪#‬انظر جامع الفرق والمذاهب السلمية ص ‪،51‬‬
‫والفرق بين الفرق ص ‪ ،1194 ،181 ،180‬وفرق الشيعة ص ‪ ،34 ،28‬ومقالت السلميين‬
‫‪ ،#.67 ،1/66‬والجناحية الذين ينسبون أنفسهم إلى عبد ال بن معاوية بن عبد ال بن جعفر "ذي‬
‫الجناحين" بن أبي طالب )ت ‪ 129‬هـ(‪ ،‬الذين زعموا بأن روح ال حلت في آدم‪ ،‬ثم في النبياء بعده‪،‬‬
‫حتى انتهت إلى علي بن أبي طالب وأولده‪ ،‬ثم إلى عبد ال بن معاوية ‪#‬انظر معجم الفرق السلمية‬
‫ص ‪ ،84‬وفرق الشيعة ص ‪ ،36 ،35‬والعتصام ‪#.2/197‬‬

‫@‪@35‬‬

‫وممن قال بهذا القول نفسه طوائف‪ :‬النميرية‪ ،‬أتباع رجل يعرف بالنميري‪ ،‬زعم بأن روح الله حلت في‬
‫خمسة أشخاص هم ‪ :‬الرسول محمد صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وعلي وفاطمة والحسن والحسين‪ ،‬رضوان ال‬
‫عليهم أجمعين‪ ،‬ثم ادعى بأن روح الله حلت في النميري نفسه‪#‬انظر الفرق بين الفرق ص ‪،192‬‬
‫‪ ،194‬وجامع الفرق والمذاهب السلمية ص ‪#.209‬‬

‫والمقنعية‪ ،‬أتباع المقنع هشام بن الحكم المروزي )ت ‪ 161‬هـ(‪ ،‬ومن أهل مرو‪#‬انظر الفرق بين الفرق‬
‫ص ‪ ،195‬والبرهان في معرفة عقائد أهل الديان ص ‪ ،#.72‬والحلمانية‪ ،‬أتباع حلمان الدمشقي‪،‬‬
‫فارسي الصل‪ ،‬نشأ في الشام ونشر القول بالحلول فيها‪#‬انظر معجم الفرق السلمية ص ‪،102‬‬
‫والفرق بين الفرق ص ‪#.196‬‬
‫والرزامية‪ ،‬أتباع رزتم بن رزم‪ ،‬من أهل خراسان‪#‬انظر فرق الشيعة ص ‪ ،47‬والفرق بين الفرق ص‬
‫‪#.94،95‬‬
‫والشريعية‪ ،‬أتباع محمد بن موسى الشريعي‪ ،‬وقيل الشريف أو الشريقي‪#‬انظر جامع الفرق والمذاهب‬
‫السلمية ص ‪ ،124‬والفرق بين الفرق ص ‪. #.192‬‬
‫والعذافرة‪ ،‬أتباع أبي جعفر محمد بن علي الشلمغاني )ت ‪ 322‬هـ(‪ ،‬المعروف بابن أبي العذافر أو‬
‫العذاقر أو العزاقر‪#‬انظر معجم الفرق السلمية ص ‪ ،171 ،170‬والفرق بين الفرق ص ‪#.200‬‬

‫وكل هذه الفرق قالت بالحلول‪ ،‬على اختلف يسير فيمن حل الله فيه‪ ،‬على حد زعمهم‪.‬‬
‫وكذلك فرقة الخطابية‪ ،‬من غلة الرافضة‪ ،‬أتباع أبي الخطاب محمد بن أبي زينب السدي الجدع‪،‬‬
‫مولى بني أسد )ت ‪ 143‬هـ(‪ ،‬حيث زعمت هذه الفرقة ألوهية علي بن أبي طالب رضي ال عنه‪،‬‬
‫وأولده‪ ،‬وزعمت أن جعفر بن‬
‫@‪@36‬‬

‫محمد الصادق )ت ‪ 148‬هـ( هو الله في زمانهم‪ ،‬وليس هو المحسوس الذي يرونه‪ ،‬ولكن لما نزل إلى‬
‫هذا العالم لبس تلك الصورة‪ ،‬فرآه الناس فيها‪ ،‬ثم افترقت الخطابية إلى فرق سارت على عقيدتها‬
‫الحلولية‪ ،‬في تاليه أئمتهم‪ ،‬بل إنهم زعموا ألوهية أبي الخطاب نفسه‪ ،‬حيث زعموا أن ال تعالى انفصل‬
‫عن جعفر الصادق‪ ،‬وحل في مؤسس فرقتهم‪#‬انظر الفصل في املل والهواء والنحل ‪ ،2/114‬والملل‬
‫والنحل ‪ 145 ،1/144‬واعتقادات فرق المسلمين والمشركين ص ‪ ،47 ،46‬وفرق الشيعة ص ‪-42‬‬
‫‪. #.45‬‬
‫ومن فرق الرافضة‪ ،‬القائلين بالحلول‪ ،‬فرقة المفوضة‪ ،‬أو المفوضية‪ ،‬الذين زعموا أن ال لما خلق أرواح‬
‫علي وأولده فوض العلم إليهم‪ ،‬فخلقوا هم الرضين والسماوات‪ ،‬وكان قبلهم قد فوض محمًدا صلى اله‬
‫عليه وسلم تدبير العالم وتصريفه‪ ،‬ومن المفوضية أبو منصور العجلي )ت ‪ 121‬هـ(‪#‬انظر الفرق بين‬
‫الفرق ص ‪ ،191‬ومقالت السلميين ‪ 1/86‬واعتقادات فرق المسلمين والمشركين ص ‪ ،49‬وجامع‬
‫الفرق والمذاهب السلمية ص ‪#.194‬‬
‫وممن قال بالحلول‪ ،‬من غلة الرافضة‪ ،‬طائفة النصيرية‪ ،‬أتباع محمد بن نصير النميري ت ‪ 260‬هـ‪،‬‬
‫والسحاقية‪ ،‬أتباع إسحاق بن زيد بن الحارث )ت ‪ 272‬هـ( وهما يقولن بإطلق اللهية على "الئمة‬
‫من أهل البيت"‪ ،‬وان ال تعالى ظهر بصور أشخاص‪ ،‬وهم علي بن أبي طالب وأولده‪ ،‬قالوا‪ :‬لنهم‬
‫خير البرية؛ فظهر الحق بصورهم‪ ،‬ونطق بألسنتهم‪ ،‬وزعموا بأن المام بعد حلول روح الله فيه يصير‬
‫صانًعا وإلًها‪#‬انظر الملل والنحل ‪ ،154 – 1/152‬واعتقادات فرق المسلمين والمشركين ص ‪،51‬‬
‫‪ ،52‬والمواقف في علم الكلم ص ‪ ،275‬وأصول الدين ص ‪ ،72 ،71‬والباكورة السليمانية ص ‪،124‬‬
‫‪ ،125‬والعلويون أو النصيرية ص ‪#16-14‬‬

‫@‪@37‬‬

‫وكذلك قالت طائفة السماعيلية الرافضة بالحلول‪ ،‬وكذا طائفة الدروز‪ ،‬تلك الطائفة المتفرعة عن‬
‫ل يعرف بالدرزي قدم إلى مصر‪ ،‬وكان من الباطنية‪ ،‬فاجتمع‬ ‫السماعيلية‪ ،‬ويذكر المؤرخون بأن رج ً‬
‫بالحاكم بأمر ال الفاطمي العبيدي )ت ‪ 411‬هـ(‪ ،‬وساعده على ادعاء الربوبية‪ ،‬وصنف له كتاًبا في ذلك‬
‫‪#‬انظر النجوم الزاهرة ‪ ،184 ،4/183‬وعقيدة الدروز ص ‪ 137-117‬والحركات الباطنية في العالم‬
‫السلمي ص ‪ ،341 ،223‬وأخبار القرامطة ‪ ،2/72‬وكنز الولد ص ‪ ،225 ،172 ،49‬والتقمص‬
‫ص ‪ #.46‬ولذا قال الدروز بألوهية الحاكم المذكور‪#‬انظر دراسات في الفرق والعقائد السلمية ص‬
‫‪ ،146 -144‬ودراسة عن الفرق في تاريخ المسلمين ص ‪ ،270 ،212‬وعقيدة الدروز ص ‪#.117‬‬
‫ومما يروى ما قاله السماعيلي تميم بن المعز لدين ال الفاطمي العبيدي‪ ،‬يمدح أخاه العزيز بال‪:‬‬

‫روح من القدس في جسم من البشر‬ ‫ما أنت دون ملوك العالمين سوى‬
‫تناهًيا حاز حد الشمس والقـــــــــمر‬ ‫نور لطيف تناهى منك جــــوهره‬
‫خلق الهيولى وبسط الرض والمدر‪#‬انظر طائفة‬ ‫معنى من العلة الولى التي سبقت‬
‫السماعيلية ص ‪ ،160 ،159‬وأضواء على العقيدة الدرزية ص ‪#.34 -30‬‬
‫والسماعيلية وصفوا أئمتهم بصفات اللوهية‪ ،‬ونسبوا إليهم القدرة المطلقة‪ ،‬والوجود الزلي السابق‬
‫للكون‪ ،‬يقول أحد شعرائهم مخاطًبا أحد أئمتهم‪:‬‬
‫فاحكم فأنت الواحد القاهر‪#‬ديوان ابن هانئ الندلسي ص ‪،146‬‬ ‫ما شئت ل شاءت القدار‬
‫وانظر ظهر السلم ‪ ،140 – 3/138‬والفن ومذاهبه في الشعر العربي ص ‪ ،419‬ودراسة عن الفرق‬
‫في تاريخ المسلمين ص ‪#.212‬‬

‫يقول عبد القاهر البغدادي‪" :‬والحلولية في الجملة عشر فرق‪ ،‬كلها كانت في دولة السلم‪ ،....‬وتفصيل‬
‫فرقها في الكثر يرجع إلى غلة الروافض‪ ،‬وذلك أن‬

‫@‪@38‬‬

‫السبئية والبيانية والجناحية والخطابية والنميرية‪ ،‬منهم بأجمعها حلولية‪ ،‬وظهر بعدهم المقنعية بما وراء‬
‫نهر جيحون‪ ،‬وظهر قوم بمرو يقال لهم‪ :‬رزامية‪ ،‬وقوم يقال لهم بركوكية‪ ،‬وظهر بعدهم قوم يقال لهم‬
‫حلمانية‪ ،‬وقوم يقال لهم حلجية‪ ،...‬وقوم يقال لهم العذافرة‪ ،‬ينسبون إلى أبي العذافر‪ ،‬وتبع هؤلء‬
‫الحلولية قوم من الخرامية"‪#‬الفرق بين الرفق ص ‪ ،193‬وانظر البرهان في معرفة عقائد أهل الديان‬
‫ص ‪#.69‬‬

‫ويقول الفخر الرازي )ت ‪ 606‬هـ( بأن "أول من أظهر هذه المقالة [ أي الحلول] في السلم‪:‬‬
‫الروافض؛ فإنهم ادعوا الحلول في حق أئمتهم"‪#‬اعتقادات فرق المسلمين والمشركين ص ‪#.83 ،82‬‬

‫وممن قال بالحلول‪ ،‬من الطوائف المنتسبة إلى السلم‪ ،‬طائفة الجهمية‪ ،‬أتباع الجهم بن صفوان )ت‬
‫‪ 128‬هـ(‪ ،‬الذين أنكروا علو ال على خلقه‪ ،‬وزعموا بأنه سبحانه وتعالى حال في كل مكان‪#‬انظر الرد‬
‫على الجهمية والزنادقة ص ‪ ،113‬وشرح أصول العتقاد‪ ،3/180 ،‬واجتماع الجيوش السلمية ص‬
‫‪ ،139‬ومجموع فتاوى شيخ السلم ابن تيمية ‪#.5/228 ،59 ،4/58‬‬
‫قال أبو سعيد الدارمي )ت ‪ 280‬هـ( في رده على الجهمية‪" :‬أقرت هذه العصابة بهذه اليات [ آيات‬
‫استواء ال على عرشه] بألسنتها‪ ،‬وادعوا اليمان بها‪ ،‬ثم نقضوا دعواهم بدعوى غيرها‪ ،‬فقالوا‪ :‬ال في‬
‫كل مكان ل يخلو منه مكان"‪#‬الرد على الجهمية والزنادقة ص ‪ ،13‬وشرح أصول العتقاد‪،3/180 ،‬‬
‫واجتماع الجيوش السلمية ص ‪ ،139‬ومجموع فتاوى شيخ السلم ابن تيمية ‪#.5/228 ،4/58‬‬
‫وقال بعض الجهمية بأن ال تعالى كما هو فوق العرش‪ ،‬فهو على العرش‪ ،‬وفي السماوات‪ ،‬وفي‬
‫الرض‪ ،‬وفي كل مكان‪ ،‬ول يخلو منه مكان‪ ،‬ول يكون في‬
‫@‪@39‬‬

‫ضا‪#‬انظر الرد على الجهمية والزنادقة ص‬ ‫مكان دون مكان‪ ،‬بل قالوا هو تحت الرض السابعة‪ ،‬أي ً‬
‫‪ ،135‬والتنبيه والرد على أهل الهواء والبدع ص ‪ ،104‬ومختصر الصواعق المرسلة ‪،2/263‬‬
‫وإثبات صفات العلو ‪ ،#.131 ،1/130‬تعالى ال عن قولهم علّوا عظيًما‪.‬‬
‫يقول شيخ السلم ابن تيمية‪" :‬وجعل المام أحمد‪#‬في كتابه الرد على الجهمية والزنادقة ص ‪،135‬‬
‫‪ #.139‬حجة جهم من جنس حجة ألئك الذين يقولون بالحلول المقيد؛ لن هؤلء يقولون‪ :‬إنه حل في‬
‫بعض خلقه‪ ،‬وهؤلء الجهمية فيهم من يقول‪ :‬إن اللهوت في الناسوت من غير حلول فيه‪ ،‬وهكذا الجهم‬
‫وأتباعه جعلوا وجود الخالق في المخلوقات‪ ،‬من جنس اللهوت في الناسوت"‪#‬درء تعارض العقل‬
‫والنقل ‪#.5/171‬‬
‫ويذكر شيخ السلم ابن تيمية أن "النفاة تارة يقولون بالحلول والتحاد‪ ،‬أو نحو ذلك‪ ،‬وتارة يقولون‪ :‬ل‬
‫مباين للعالم‪ ،‬ول دخل فيه‪ ،‬والشخص الواحد منهم يقول هذا تارة وهذا تارة؛ فإنهم في حيرة‪ ،‬والغالب‬
‫على متكلميهم نفي المرين‪ ،‬والغالب على عبادهم وفقهائهم وصوفيتهم وعامتهم الحلول‪ ،‬فمتكلموهم ل‬
‫يعبدون شيًئا‪ ،‬ومتصوفتهم يعبدون كل شيء"‪#‬المصدر السابق ‪ ،5/169‬وانظر ‪#.152 ،6/148‬‬
‫ضا‪" :‬التعطيل شر من الحلول؛ ولهذا كان العامة من الجهمية إنما يعتقدون أنه في كل مكان‪،‬‬
‫ويقول أي ً‬
‫وخاصتهم ل تظهر لعامتهم إل هذا‪ ،‬لن العقول تنفر عن التعطيل أعظم من نفرتها عن الحلول‪ ،‬وتنكر‬
‫قول من يقول‪ :‬إنه ل داخل العالم ول خارجه أعظم مما تنكر أنه في كل مكان"‪#‬المصدر السابق‬
‫‪.# 6/154‬‬

‫@‪@40‬‬

‫فالجهمية افترقوا على أقوال مختلفة‪:‬‬


‫فطائفة منهم قالوا بأن ال تعالى ليس داخل العالم‪ ،‬ول خارج العالم‪ ،‬ول فوق ول تحت‪ ،‬ول يقولون‬
‫بعلوه ول فوقيته‪.‬‬
‫وطائفة قالوا بأنه بذاته تعالى في كل مكان‪.‬‬
‫وطائفة ثالثة قالوا بأنه تعالى عين وجود المخلوقات‪ ،‬كما يقول أهل الوحدة‪ ،‬والقائلون بأن الوجود واحد‪،‬‬
‫ومن يكون قوله مركًبا من الحلول والتحاد‪.‬‬
‫وطائفة رابعة قالوا بأنه سبحانه فوق العرش‪ ،‬وهو في كل مكان‪#‬انظر مجموع فتاوى شيخ السلم ابن‬
‫تيمية ‪4/60‬و ‪ ،229-5/227‬و ‪416 ،8/412‬و ‪ ،16/100‬ومختصر الصواعق المرسلة ‪#.2/263‬‬
‫وجمهور الجمهية وعبادهم وصوفيتهم يقولون بالحلول‪ ،‬والنفي العام يقوله متكلموهم ‪#‬انظر درء‬
‫تعارض العقل والنقل ‪ ،10/288‬ومجموع الفتاوى ‪ ،#.5/228‬وهؤلء المتكلمون النفاة يخضعون‬
‫لرباب الحوال والعبادات والمعارف من الجهمية الحلولية‪ ،‬ول يمكنهم النكار عليهم بحجة ظاهرة‪،‬‬
‫ويد مبسوطة‪ ،‬بل إما أن يكونوا مقصرين معهم في الحجة‪ ،‬وإما أن يكونوا مقهورين معهم بالحال‬
‫والعبادة والمعرفة؛ لن أولئك الحلولية في قلوبهم تأله‪ ،‬وهؤلء المتكلمون بطالون قساة القلوب‪#‬انظر‬
‫المصدر السابق ‪ ،289 ،10/288‬و ‪ ،162 -6/156‬ومختصر الصواعق المرسلة ‪،264 ،2/263‬‬
‫ومجموعة الرسائل والمسائل ‪#.1/188‬‬
‫وذكر ابن حزم‪ ،‬وغيره‪ ،‬أن المعتزلة ذهبت إلى أن ال تعالى حال في كل مكان‪#‬انظر الفصل في الملل‬
‫والهواء والنحل ‪ ،2/122‬وأصول الدين ص ‪ ،77‬وانظر درء تعارض العقل والنقل ‪،155-6/153‬‬
‫ومقالت السلميين ‪ 1/217،218،326‬ومجموع فتاوى شيخ السلم ابن تيمية ‪ ،3/263‬و ‪#.5/52‬‬

‫@‪@41‬‬

‫وممن قال بذلك ممن ينتسب إلى المعتزلة‪ ،‬طائفتا الخابطية‪ ،‬أو الحابطية‪ ،‬أو الحائطية‪ ،‬أتباع أحمد بن‬
‫خابط‪ ،‬أو حابط‪ ،‬أو حائط‪) ،‬ت ‪ 232‬هـ(‪ ،‬والحدثية‪ ،‬أتباع الفضل الحدثي )ت ‪ 257‬هـ(‪ ،‬فإن هاتين‬
‫الطائفتين اعتقدتا حلول الله في المسيح عيسى بن مريم عليه السلم‪ ،‬موافقة لعقيدة النصارى‪ ،‬وقال‬
‫بعضهم بأن للخلق صانعين‪ ،‬أحدهما قديم‪ ،‬وهو الباري تعالى‪ ،‬والثاني محدث‪ ،‬وهو المسيح عيسى بن‬
‫ل‪ ،‬ثم فوض إليه تدبير العالم وتصريفه‪ ،‬وهو الذي يحاسب‬ ‫مريم عليه السلم‪ ،‬فهو محدث خلقه ال أو ً‬
‫الخلق في الخرة‪#‬انظر الملل والنحل ‪ ،1/51‬والفرق بين الفرق ص ‪ ،209 ،208‬وأصول الدين ص‬
‫‪ ،71،72‬والبرهان في معرفة عقائد أهل الديان ص ‪ ،60 ،59‬وذكر مذاهب الفرق الثنتين والسبعين‬
‫المخالفة للسنة والمبتدعين ص ‪#.66 ،65‬‬
‫وممن قال بعقيدة الحلول‪ ،‬ممن ينتسب إلى السلم‪ ،‬غلة الصوفية؛ لذا فقد عد الفخر الرازي )ت ‪606‬‬
‫هـ( الحلولية ضمن طوائف الصوفية‪ ،‬فقال‪" :‬الخامسة‪ :‬الحلولية‪ ،‬وهم طائفة من هؤلء القوم‪ ،‬الذين‬
‫ل عجيبة‪ ،‬وليس لهم من العلوم العقلية نصيب وافر‪#‬وقبل ذلك ليس لهم‬ ‫ذكرناهم‪ ،‬يرون في أنفسهم أحوا ً‬
‫من الفهم الصحيح للعلوم النقلية نصيب وافر‪ ،‬ولو كان لهم ذلك مع اتباع سديد لما وقعوا في الحلول‬
‫وغيره من المخالفات‪ ، #.‬فيتوهمون أنه قد حصل لهم الحلول أو التحاد‪ ،‬فيدعون دعاوى‬
‫عظيمة"‪#‬اعتقادات فرق المسلمين والمشركين ص ‪ ،82‬وانظر المواقف في علم الكلم ص ‪،275‬‬
‫ومنهاج السنة النبوية ‪#.379 ،5/378‬‬
‫ل يروى عن الحسن بن منصور الحلج )ت ‪ 309‬هـ(‬ ‫وقد اشتهر القول بالحلول عن غلة الصوفية‪ ،‬فمث ً‬
‫قوله‪" :‬من هذب نفسه في الطاعة‪ ،‬وصبر على الشهوات واللذات‪ ،‬ارتقى إلى مقام المقربين‪ ،‬ثم ل يزال‬
‫يصفو ويرتقي في‬
‫@‪@42‬‬

‫درجات المصافاة حتى يصفو عن البشرية‪ ،‬فإذا لم يبق فيه من البشرية حظ حل فيه روح الله‪ ،‬الذي حل‬
‫في عيسى ابن مريم‪ ،‬ولم يرد شيًئا إل كان كما أراد‪ ،‬وكان جميع فعله فعل ال تعالى"‪#‬انظر اعتقادات‬
‫فرق المسلمين والمشركين ص ‪ ،82‬والفرق بين الفرق ص ‪ ،198‬ودائرة معارف القرن العشرين‬
‫‪.#.1/345‬‬
‫ويذكر عن الحلج أنه كتب إلى أتباعه يقول‪" :‬من الهو هو‪ ،‬رب الرباب‪ ،‬المتصور في كل صورة إلى‬
‫عبده فلن"‪ ،‬كما يذكر أتباعه كتبوا إليه يقولون‪" :‬يا ذات الذات‪ ،‬ومنتهى غاية الشهوات‪ ،‬نشهد أنك‬
‫المتصور في كل زمان بصورة‪ ،‬وفي زماننا هذا بصورة الحسين بن منصور‪ ،‬ونحن نستجيرك‪ ،‬ونرجوا‬
‫رحمتك يا علم الغيوب"‪#‬انظر الفرق بين الفرق ص ‪ ،199‬وجامع الرق والمذاهب السلمية ص‬
‫‪ 57 ،56‬ودراسات في الفرق والمذاهب القديمة المعاصرة ص ‪#.256‬‬
‫ضا انه كتب كتاًبا إلى رجل‪ ،‬جاء فيه‪" :‬من الرحمن الرحيم إلى فلن بن فلن"‪،‬‬ ‫كما يروى عن الحلج أي ً‬
‫فلما سئل الحلج عن ذلك قال‪" :‬هذا خطي وأنا كتبته"‪ ،‬فقالوا‪ :‬كنت تدعي النبوة‪ ،‬فأصبحت تدعي‬
‫الربوبية! فقال‪ ":‬ما أدعي الربوبية‪ ،‬ولكن هذا عين الجمع عندنا‪ ،‬هل الكتاب غل ال تعالى واليد فيه‬
‫آلة؟"‪#‬انظر تلبيس إبليس ص ‪#.171‬‬
‫كما اشتهر عنه قوله في كتبه‪:‬‬
‫نحن روحان حللنا بدنا‬ ‫"أنا من أهوى ومن أهوى أنا‬
‫وإذا أبصرته أبصرتنا"‪#‬كتاب الطواسين ص ‪،134‬‬ ‫فإذا أبصرتني أبصـــــــرته‬
‫وانظر أخبار الحلج ص ‪ ،16‬وتاريخ بغداد ‪#.8/129‬‬

‫@‪@43‬‬

‫وقوله‪:‬‬

‫تمزج الخمرة في الماء الزلل‬ ‫"مزجت روحك في روحي كما‬


‫فإذا أنت في كـــــــــــــل حال"‪#‬انظر البداية والنهاية‬ ‫فإذا مسك شـــــــــــــــيء مسني‬
‫‪ ،11/134‬وتاريخ بغداد ‪#.8/115‬‬

‫هذا القول الشنيع قد ل يستغرب ممن يعترف‪ ،‬في كتبه أن أساتذته إبليس وفرعون وأمثالهما‪ ،‬فتأمل قول‬
‫الحلج‪" :‬فصاحبي وأستاذي إبليس وفرعون‪ ،‬إبليس هدد بالنار وما رجع عن دعواه‪ ،‬وفرعون أغرق‬
‫في اليم وما رجع عن دعواه"‪#‬كتاب الطواسين ص ‪#.20‬‬
‫ويقول الصوفي عبد الكريم الجيلي )ت ‪ 826‬هـ(‪ :‬إذا تجلى ال تعالى على عبد من عبيده في اسم من‬
‫أسمائه استظل العبد تحت أنوار ذلك السم‪ ،...‬فمتى ناديت الحق بذلك السم أجابك العبد لوقوع ذلك‬
‫السم عليه" ‪#‬النسان الكامل ص ‪#.38‬‬
‫الحاصل أن غلة الصوفية يقولون بالحلو‪ ،‬حيث زعموا‪" :‬أن السالك إذا أمعن في السلوك‪ ،‬وخاض‬
‫معظم لجة الوصول‪ ،‬فربما يحل ال فيه‪ ،‬كحلول النار في الجمر‪ ،‬بحيث ل تمايز‪ ،‬أو يتحد به بحيث ل‬
‫اثنينية ول تغاير‪ ،‬وصح أن يقول السالك حينئذ‪ :‬هو أنا‪ ،‬وأنا هو‪ ،‬وحينئذ يرتفع المر والنهي‪ ،‬ويظهر‬
‫من الغرائب والعجائب ما ل يتصور من البشر"‪#‬شرح المقاصد ‪ ،2/52‬وانظر الفصل في الملل‬
‫والهواء والنحل ‪ ،2/114‬والفرق بين الرفق ص ‪#.193‬‬
‫ولهؤلء الغلة من الصوفية كلم كثير يقررون فيه عقيدة الحلول والتحاد ووحدة الوجود‪ ،‬كما لبن‬
‫عربي )ت ‪ 638‬هـ( والتلمساني )ت ‪690‬هـ( وابن الفارض )ت ‪ 632‬هـ( وابن سبعين )ت ‪ 667‬هـ(‪،‬‬
‫وغيرهم ‪#‬انظر شرح مشكلت الفتوحات المكية ص ‪ ،152 -132‬وأخبار الحلج ص ‪،18 -15‬‬
‫والمواقف والمخاطبات ص ‪ ،50-39 ،21‬وشعر ابن الفارض ص ‪ ،37 -30‬وفصوص الحكم ص‬
‫‪ ،210 ،193 ،192 ،83 – 72‬ومجموع فتاوى شيخ السلم ابن تيمية ‪#.18/222‬‬

‫@‪@44‬‬

‫يقول أبو الحسن الشعري )ت ‪ 324‬هـ(‪" :‬وفي النساك من الصوفية من يقول بالحلول‪ ،‬وأن الباري‬
‫يحل في الشخاص‪ ،‬وأنه جائز أن يحل في إنسان وسبع‪ ،‬وغير ذلك من الشخاص‪ ،‬وأصحاب هذه‬
‫ل فيه‪ ،‬ومالوا إلى اطراح الشرائع‪ ،‬وزعموا‬ ‫المقالة إذا رأوا شيًئا يستحسنونه قالوا‪ :‬ل ندري لعل ال حا ّ‬
‫أن النسان ليس عليه فرض ول يلزمه عبادة إذا وصل إلى معبوده"‪#‬مقالت السلميين ‪،81 ،1/80‬‬
‫وانظر منهاج السنة النبوية ‪#.509 ،2/508‬‬
‫ل‪ :‬فقال‪:‬‬
‫وقد ذكر شيخ السلم ابن تيمية أنواع الحلول والتحاد‪ ،‬ومن قال بها إجما ً‬
‫"وإنما كان الكفر الحلول العام‪ ،‬أو التحاد‪ ،‬أو الحلول الخاص‪ ،‬وذلك أن القسمة رباعية؛ لن من جعل‬
‫الرب هو العبد حقيقة؛ فإما أن يقول بحلوله فيه‪ ،‬أو اتحاده به‪ ،‬وعلى التقديرين فإما أن يجعل ذلك‬
‫صا ببعض الخلق‪ ،‬كالمسيح‪ ،‬أو يجعله عاّما لجميع الخلق‪ ،‬فهذه أربعة أقسام‪:‬‬ ‫مخت ً‬
‫الول‪ :‬هو الحلول الخاص‪ ،‬وهو قول النسطورية من النصارى‪ ،‬ونحوهم ممن يقول إن اللهوت حل في‬
‫الناسوت‪ ،‬وتدرع به‪ ،‬كحلول الماء في الناء‪ ،‬وهؤلء حققوا كفر النصارى‪ ،‬بسبب مخالطتهم للمسلمين‪،‬‬
‫وكان أولهم في زمن المأمون‪ ،‬وهذا قول من وافق هؤلء النصارى‪ ،‬من غالية هذه المة‪ ،‬كغالية‬
‫الرافضة‪ ،‬الذين يقولون‪ :‬إنه حل بعلي بن أبي طالب وأئمة أهل بيته‪ ،‬وغالية النساك‪ ،‬الذين يقولون‪:‬‬
‫بالحلول في الولياء‪ ،‬ومن يعتقدون فيه الولية‪ ،‬أو في بعضهم كالحلج‪....‬‬
‫ل وهم السودان والقبط‪،‬‬ ‫والثاني‪ :‬هو التحاد الخاص‪ ،‬وهو قول يعقوبية النصارى‪ ،‬وهم أخبث قو ً‬
‫يقولون‪ :‬إن اللهوت والناسوت اختلطا وامتزجا كاختلط اللبن بالماء‪ ،‬وهو قول من وافق هؤلء من‬
‫غالبية المنتسبين إلى السلم‪.‬‬

‫@‪@45‬‬

‫والثالث‪ :‬هو الحلول العام‪ ،‬وهو القول الذي ذكر أئمة أهل السنة والحديث‪ ،‬عن طائفة من الجهمية‬
‫المتقدمين‪ ،‬وهو قول غالب متعبدة الجهمية‪ ،‬الذين يقولون‪ :‬إن ال بذاته في كل مكان‪ ،‬ويتمسكون‬
‫بمتشابه من القرآن‪....‬‬
‫الرابع‪ :‬التحاد العام‪ ،‬وهو قول هؤلء الملحدة [ يشير إلى غلة الصوفية]‪ ،‬الذين يزعمون أنه عين‬
‫وجود الكائنات‪ ،‬وهؤلء أكفر من اليهود والنصارى‪#"..‬مجموع فتاوى شيخ السلم ابن تيمية ‪،2/171‬‬
‫‪ ،172‬وانظر مجموع الرسائل والمسائل ‪190-1/179‬و ‪ ،30– 4/28‬والستقامة ‪#.2/196‬‬
‫وقالت البهائية‪ ،‬اتباع حسين علي نوري‪ ،‬الميرزا‪ ،‬الملقب بالبهاء‪ ،‬أو بهاء ال )ت ‪ 1309‬هـ(‪ ،‬بالحلول‪،‬‬
‫حيث زعمت أن الحقيقة اللهية مجرد صرف‪ ،‬ولهذا فهي بحاجة إلى هيكل تتجسد فيه‪ ،‬حتى يمكن أن‬
‫ترى وتعرف‪ ،‬وتعمل من خلله‪ ،‬وقبل هذا التجسد تمر الحقيقة اللهية بأطوار وأكوار‪ ،‬ومن ثم يجب أن‬
‫نطلق على الهيكل البشري الذي تتجسد فيه‪ ،‬كل السماء والصفات اللهية الواردة في القرآن‪ ،‬كما قالت‬
‫البهائية بأنه ليس للحقيقة اللهية ميعاد مخصوص لتتجسد في الجسد البشري‪ ،‬فإنها كلما رأت استعداًدا‬
‫ل في هيكل ما حلت فيه وتجسدت به‪ ،‬وذلك أن ال ـ على حد زعمهم ـ ل يستطيع أن يعمل إل وهو‬ ‫وقبو ً‬
‫حال ف بدن‪ ،‬وأنه ل يخل عنه بدن؛ لن مظاهر جماله ليس لها بداية‪#‬انظر بهاء ال والعصر الجديد‬
‫ص ‪ ،209‬وتاريخ المذاهب السلمية ‪ ،213 ،1/212‬والبهائية تاريخها وعقيدتها ص ‪ 188‬ت‬
‫‪ ،194‬والبابية عرض ونقد ‪#.149 ،148‬‬
‫وقالت القاديانية اتباع غلم أحمد القادياني )ت ‪ 1326‬هـ( بحلول ال تعالى في أجساد بعض خلقه‪ ،‬حيث‬
‫زعم مؤسس هذه الطائفة أنه نفخ فيه روح عيسى‬

‫@‪@46‬‬

‫التي نفخت في مريم‪ ،‬أنه حبل بصورة الستعارة‪ ،‬وبعد عشرة أشهر حول عن مريم‪ ،‬وجعل عيسى‪،‬‬
‫وبهذه البطريق صار القادياني في عيسى بن مريم‪ ،‬وصار فيه جزء من الولهية‪#‬انظر القاديانية‬
‫دراسات وتحاليل ص ‪ ،101 – 199‬وتاريخ المذاهب السلمية ‪ ،224 ،1/222‬وحركات الغلو‬
‫والتطرف في السلم ص ‪#.113‬‬
‫وممن تلفظ بعقيدة الحلول‪ ،‬ممن ينتسب إلى السلم‪ ،‬بعض الدباء المعاصرين‪ ،‬من الغوغاء‬
‫حا الحلولية‪ ،‬ومثنًيا على من قال بها‪" :‬لهذه النظرية مظهر معتدل)!!(‬
‫الفوضويين‪ ،‬يقول أحدهم ماد ً‬
‫تراءى في آثار عدد من الدباء المعاصرين‪ ،‬الذين قالوا بحلول الخالق في جميع الكائنات‪ ،‬ومنها ذواتهم‪،‬‬
‫وانطلقوا من هذا المبدأ‪ ،‬لينظروا إلى كل ما في العالم نظرة عطف ومحبة‪ ،‬وليعتدوا بأنفسهم‪ ،‬لنهم على‬
‫ما يظنون لدركوا الحقيقة في علئق ال بالمخلوقات‪ ،‬وتبينوا وجوده في ذواتهم"‪#‬المعجم الدبي ص‬
‫‪.#.99‬‬

‫فل أدري أي اعتدال فيمن زعم أن الخالق يحل في مخلوقاته‪ ،‬إنه السقوط والنحدار في مهاري الوثنية‬
‫والفوضى الفكرية‪.‬‬

‫@‪@47‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬نقض عقيدة الحلولية‪:‬‬


‫المطلب الول‪ :‬حكم القول بالحلول‪:‬‬
‫ل شك أن هذه العقيدة كفر بال العظيم‪ ،‬كما قرر أهل العلم‪ ،‬وذلك لوصفها ال سبحانه وتعالى بالنقائض‪،‬‬
‫وعدم تنزيه رب العالمين‪ ،‬ولنفيها أسماء ال وصفاته الدالة على علوه وفوقيته واستوائه على عرشه‪،‬‬
‫ومباينته لخلقه‪ ،‬فهي عقيدة معارضة لنصوص الوحيين‪ ،‬كتاب ال تعالى وسنة رسوله صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ،‬ولهل العلم في تكفير هؤلء الحلولية وأقوال مشهورة‪ ،‬وفي كتب العقيدة والسنة مبثوثة‪،‬‬
‫وبنصوص الشرع مؤيدة ومدعومة‪.‬‬
‫وإليك بعض هذه القوال والحكام‪:‬‬
‫سئل المام أبو حنيفة )ت ‪ 150‬هـ( رحمه ال عن الذي يقول‪ :‬ل أعرف ربي في السماء أم في الرض‪،‬‬
‫فقال‪ :‬قد كفر؛ لن ال يقول‪) :‬الرحمن على العرش استوى(‪#‬سورة طه‪ ،‬الية ‪ ، #.5‬وعرشه فوق سبع‬
‫سماوات‪ ،‬وكذلك سئل عن الذي يقول بأن ال على العرش استوى‪ ،‬ولكنه يقول‪ :‬ل أدري العرش في‬
‫السماء أم في الرض‪ ،‬فأفتى رحمه ال بأنه كافر لنه أنكر أن يكون في السماء‪ ،‬لن ال تعالى في أعلى‬
‫عليين‪ ،‬وأنه يدعى من أعلى ل من أسفل‪#‬انظر الفقه البسط‪) ،‬العالم والمتعلم(‪ ،‬من رواية أبي مطيع عن‬
‫أبي حنيفة ص ‪ ،49‬والرسائل السبع في العقائد شرح الفقه الكبر ص ‪ ،14‬ومجموع فتاوى شيخ‬
‫السلم ابن تيمية ‪#.48 ،5/47‬‬
‫فأبو حنيفة رحمه ال كفر الواقف‪ ،‬الذي يقول‪ :‬ل أعرف ربي في السماء أم في الرض‪ ،‬فكيف يكون‬
‫الحكم في الذي يصرح بنفي علوه تعالى‪ ،‬أو يصرح بأنه عز وجل يحل في مخلوقاته‪ ،‬واستدل رحمه ال‬
‫بأن قوله تعالى )الرحمن على‬

‫@‪@48‬‬
‫العرش استوى( يدل على أن ال فوق السماوات وفوق العرش‪ ،‬وأن الستواء على العرش يدل على أن‬
‫ال بذاته فوق العرش‪ " ،‬وهذا تصريح من أبي حنيفة بتكفير من أنكر أن يكون ال في السماء‪ ،‬واحتج‬
‫على ذلك بأن ال في أعلى عليين‪ ،‬وأنه يدعى من أعلى‪ ،‬ل من اسفل‪ ،‬وكل من هاتين الحجتين فطرية‬
‫عقلية؛ فإن القلوب مفطورة على القرار بأن ال في العلو‪ ،‬وعلى أنه يدعى من أعلى ل من‬
‫أسفل"‪#‬انظر مجموع فتاوى شيخ السلم ابن تيمية ‪.#.5/48،49‬‬

‫وروي عن يحيى بن معاذ الرازي )ت ‪ 258‬هـ( أنه قال‪" :‬إن على العرش بائن من الخلق‪ ،‬وقد أحاط بكل‬
‫شيء علًما‪ ،‬وأحصى كل شيء عدًدا‪ ،‬ل يشك في هذه المقالة إل جهمي رديء ضليل‪ ،‬وهالك مرتاب‪ ،‬يمزج‬
‫ال بخلقه‪ ،‬ويخلط منه الذات بالقذار والنتان"‪#‬المصدر السابق ‪#.5/49‬‬

‫وعن عبد الرحمن بن مهدي )ت ‪ 198‬هـ( أنه قال‪" :‬ليس في أصحاب الهواء شر من أصحاب جهم‪،‬‬
‫يدورون على أن يقولوا‪ :‬ليس في السماء شيء‪ ،‬أرى وال أن ل يناكحوا ول يتوارثوا"‪#‬المصدر السابق‬
‫‪#.53 ،5/52‬‬
‫وقال عبد ال بن المبارك )ت ‪ 181‬هـ(‪" :‬نعرف ربنا فوق سبع سماوات‪ ،‬على العرش استوى‪ ،‬بائًنا من‬
‫خلقه‪ ،‬ول نقول كما قالت الجهمية‪ :‬إنه ها هنا"‪ ،‬وأشار إلى الرض‪#‬أخرجه عبد ال بن أحمد في كتاب‬
‫السنة ‪ ،1/111‬برقم ‪ ،22‬والدارمي في الرد على الجهمية ص ‪ ،50 ،23‬وعقيدة السلف وأصحاب‬
‫الحديث ص ‪ ،186‬وذكره ابن القيم في كتابه اجتماع الجيوش السلمية ص ‪ ،84‬وقال‪ :‬وقد صح عنه‬
‫صحة قريبة من التواتر‪#.‬‬

‫@‪@49‬‬

‫وعن محمد بن إسحاق بن خزيمة )ت ‪ 311‬هـ( أنه قال‪" :‬من لم يقر بأن ال عز وجل على عرشه‪ ،‬قد‬
‫استوى فوق سبع سماواته‪ ،‬فهو كافر بربه‪ ،‬حلل الدم‪ ،‬يستتاب فإن تاب وإل ضربت عنقه‪ ،‬وألقي على‬
‫بعض المزايل‪ ،‬حتى ل يتأذى المسلمون ول المعاهدون بنتن رائحة جيفته‪ ،‬وكان ماله فيًئا‪ ،‬ل يرثه أحد‬
‫من المسلمين‪ ،‬إذ المسلم ل يرث الكافر"‪#‬انظر معرفة علوم الحديث ص ‪ ،84‬وعقيدة السلف وأصحاب‬
‫الحديث ص ‪#.187‬‬

‫ل من اليهود والنصارى‪،‬ة وقد‬‫وقال سعيد بن عامر الضبعي )ت ‪ 208‬هـ(‪ ،‬عن الجهمية‪" :‬هم شر قو ً‬
‫أجمع أهل الديان مع المسلمين على أن ال على العرش‪ ،‬وقالوا هم‪ :‬ليس على العرش شيء"‪#‬اجتماع‬
‫الجيوش السلمية ص ‪#.148 ،147‬‬
‫جا عن نفسه‪ ،‬ثم دخل فيهم كان‬‫وقال المام أحمد )ت ‪ 241‬هـ( بأن من زعم أن ال خلق الخلق‪" :‬خار ً‬
‫ضا‪ ،‬حين زعم أنه دخل في مكان وحش قذر رديء"‪#‬الرد على الجهمية والزنادقة ص‬ ‫هذا كفًرا أي ً‬
‫‪#.139‬‬
‫وقد جاء في الثر أن الخليفة الراشد علي بن أبي طالب رضي ال تعالى عنه أتى بقوم من الرافضة‬
‫الزنادقة فحرقوهم‪ ،‬فبلغ ذلك ابن عباس رضي ال عنهما فقال‪ :‬أما أنا فلو كنت لقتلتهم‪ ،‬لقول رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم‪" :‬من بدل دينه فاقتلوه"‪ ،‬ولما حرقتهم لنهي رسول ال صلى ال عليه وسلم‪" :‬ل‬
‫تعذبوا بعذاب ال"‪#‬أخرجه البخاري في صحيحه‪ ،‬كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم‪ ،‬باب حكم‬
‫المرتد والمرتدة واستتابتهم ح ‪#.6922‬‬
‫@‪@50‬‬

‫قال أبو سعيد الدارمي )ت ‪ 280‬هـ(‪" :‬فرأينا هؤلء الجهمية‪ ،‬أفحش زندقة‪ ،‬وأظهر كفًرا‪ ،‬وأقبح تأويلً‬
‫لكتاب ال‪ ،‬ورد صفاته‪ ،‬فيما بلغنا عن هؤلء الزنادقة الذين قتلهم علي رضي ال عنه‪ ،‬وحرقهم‪ ،‬فمضت‬
‫السنة في علي وابن عباس رضي ال عنهما في قتل الزنادقة؛ لنها كفر عندهما‪, ،‬وأنهم عندهم ممن بدل‬
‫دين ال‪ ،‬وتأول في ذلك قول رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ول يجب على رجل قتل في قول يقوله‪،‬‬
‫حتى يكون قوله فري ذلك كفًرا‪ ،‬ل يجب فيما دون الكفر قتل إل عقوبة فقط"‪#‬الرد على الجهمية ص‬
‫‪ . #.107‬ثم قال رحمه ال‪" :‬فالجهمية عندنا زنادقة من اخبث الزنادقة‪ ،‬نرى أن يستتابوا من كفرهم‪،‬‬
‫فإن أظهروا التوبة تركوا‪ ،‬وإن لم يظهروها تركوا‪ ،‬وإن شهدت عليهم بذلك شهود فأنكروا ولم يتوبوا‪،‬‬
‫قتلوا‪ ،‬كذلك بلغنا عن علي بن أبي طالب رضي ال عنه أنه سن في الزنادقة"‪#‬المصدر السابق ص‬
‫‪#.113‬‬
‫ول شك أن الحلولية أشد زندقة من الجهمية‪ ،‬فبعضهم من حلولية الجهمية‪ ،‬وبعضهم أعظم غلّوا وأشد‬
‫كفًرا‪ ،‬والزنادقة الذين حرقهم علي بن أبي طالب هم الشيعة الذين زعموا بأنه رضي ال عنه إله‪#‬انظر‬
‫منهاج السنة النبوية ‪ ،306،307 ،1/30‬والفصل في الملل والهواء والنحل ‪ ،5/47‬وشرح نهج‬
‫البلغة ‪ ،8/169‬وفتح الباري ‪#.12/270،271‬‬
‫قال شيخ السلم ابن تيمية‪" :‬أمير المؤمنين علي رضي ال عنه ‪...‬أمر بإحراق أولئك الذين ادعوا فيه‬
‫اللهية؛ فإنه خرج ذات يوم‪ ،‬فسجدوا له‪ ،‬فقال لهم‪ :‬ما هذا؟ فقالوا‪ :‬أنت هو‪ ،‬قال‪ :‬من أنا؟ قالوا‪ :‬أنت ال‬
‫الذي ل إله إل هو‪ ،‬فقال‪ :‬ويحكم‪ ،‬هذا كفر ارجعوا عنه‪ ،‬وإل ضربت أعناقكم‪ ،‬فصنعوا به في اليوم‬
‫@‪@51‬‬

‫الثاني والثالث كذلك‪ ،‬فأخرهم ثلثة أيام؛ لن المرتد يستتاب ثلثة أيام‪ ،‬فلما لم يرجعوا أمر بأخاديد من‬
‫نار فخدت عند باب كندة‪ ،‬وقذفهم في تلك النار‪ ،‬وروى عنه أنه قال‪:‬‬

‫أججت ناري ودعوت قنبرا‬ ‫لما رأيت المر أمًرا منكرا‬


‫وقتل هؤلء واجب باتفاق المسلمين‪ ،‬لكن في جواز تحريقهم نزاع‪ ،‬فعلي رضي ال عنه رأى تحريقهم‪،‬‬
‫وخالفه ابن عباس وغيره"‪#‬منهاج السنة النبوية ‪#.308 – 1/306‬‬
‫فهؤلء الزنادقة الذين حكم عليهم علي بن أبي طالب رضي ال عنه بالقتل‪ ،‬بعد استتابتهم‪ ،‬ل شك أنهم‬
‫طائفة من الحلولية‪ ،‬بل هم أول من عرف بالحلول في السلم‪ ،‬كما سبقت الشارة إلى ذلك التمهيد‪.‬‬
‫وبعد أن ذكر أبو سعيد الدرامي أقوال الجهمية‪ ،‬من إنكارهم علو ال تعالى‪ ،‬وقولهم بأنه في كل مكان‪،‬‬
‫وقول بعضهم بأنه ل داخل العالم ول خارجه‪ ،‬ونفيهم كلم ال تعالى‪ ،‬وقولهم بأن القرآن مخلوق‪ ،‬ونفيهم‬
‫حا عن هؤلء الجهمية‪ ،‬فقال لي‪:‬‬ ‫لسماء ال وصفاته‪ ،‬بعد هذا قال رحمه ال‪":‬ناظرني رجل ببغداد‪ ،‬مناف ً‬
‫بأية حجة تكفرون هؤلء الجهمية‪ ،‬وقد نهى عن إكفار أهل القبلة؟ بكتاب ناطق تكفرونهم‪ ،‬أم بأثر‪ ،‬أم‬
‫بإجماع؟ فقلت‪ :‬ما الجهمية عندنا من أهل القبلة؟ وما نكفرهم إل بكتاب مسطور‪ ،‬وأثر مأثور‪ ،‬وكفر‬
‫مشهور"‪ ،‬ثم ساق الدلة على تكفيرهم‪ ،‬في كتاب ال تعالى وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم‪ ،‬والثر‪،‬‬
‫ضا بكفر مشهور‪ ،‬وهو تكذيبهم‬ ‫لقولهم بأن القرآن مخلوق نفيهم صفات ال تعالى‪ ،‬ثم قال‪" :‬ونكفرهم أي ً‬
‫بنص الكتاب‪ ،‬أخبر ال تبارك وتعالى أنه كلم موسى تكليًما‪ ،‬وقال هؤلء‪ :‬لم يكلمه ال بنفسه‪ ،‬ولم يسمع‬
‫موسى نفس كلم‬
‫@‪@52‬‬

‫ضا بالمشهور من كفرهم أنهم ل يثبتون ل‬ ‫ال إنما سمع كلًما خرج إليه من مخلوق‪ ،...‬ونكفرهم أي ً‬
‫تبارك وتعالى وجًها ول سمًعا ول بصًرا‪ ،‬ول علًما ول كلًما‪ ،‬ول صفة بتأويل ضلل‪ ،‬افتضحوا‪،‬‬
‫وتبينت عوراتهم‪ ،‬يقولون‪ :‬سمعه وبصره وعلمه وكلمه بمعنى واحد‪ ،‬وهو بنفسه في كل مكان‪ ،‬وفي‬
‫كل بيت مغلق‪ ،‬وصندوق مقفل‪ ،‬قد أحاطت به في دعواهم حيطانها وأغلقها وأقفالها‪ ،‬فإلى ال نبرأ من‬
‫ضا مذهب واضح في إكفارهم‪.‬‬ ‫إله هذه صفته‪ ،‬وهذا أي ً‬
‫ضا من واضح‬ ‫ضا أنهم ل يدرون أين ال‪ ،‬ول يصفونه بأين ‪ ،...‬والجهمية تكفر به‪ ،‬وهذا أي ً‬‫ونكفرهم أي ً‬
‫ضا بعبادتهم إلى إله تحت الرض السفلى‪ ،‬وعلى ظهر الرض العليا‪ ،‬ودون‬ ‫كفرهم‪ ،...‬ويقصدون أي ً‬
‫السماء السابعة العليا‪ ،‬وإله المصلين من المؤمنين‪ ،‬الذين يقصدون إليه بعبادتهم الرحمن الذي فوق‬
‫السماء السابعة العليا‪ ،‬وعلى عرشه العظيم استوى‪ ،‬وله السماء الحسنى‪ ،‬تبارك اسمه وتعالى‪ ،‬فأي كفر‬
‫مما حكيناه عنهم من سوء مذاهبهم"‪#‬الرد على الجهمية ص ‪#.110-106‬‬
‫وتحدث عبد القاهر البغدادي )ت ‪ 429‬هـ( عن الرافضة‪ ،‬ثم قال‪" :‬فأما غلتهم‪ ،‬الذين قالوا بإلهية‬
‫الئمة‪ ،‬وأباحوا محرمات الشريعة‪ ،‬واسقطوا وجوب فرائض الشريعة‪ ،‬كالبيانية والمغيرية والجناحية‬
‫والمنصورية والخطابية والحلولية‪ ،‬ومن جرى مجراهم‪ ،‬فما هم من فرق السلم‪ ،‬وإن كانوا منتسبين‬
‫إليه"‪#‬الفرق بين الفرق ص ‪،#.17‬‬
‫وبعد أن ذكر فرًقا من الروافض قالت بالحلول‪ ،‬قال رحمه ال‪" :‬فهذه ثمان فرق من الروافض الغلة‪،‬‬
‫خارجة عن جميع فرق السلم؛ لثباتهم إلًها غير ال"‪#‬المصدر السابق ص ‪#.192‬‬

‫@‪@53‬‬

‫ويحذر أبو بكر الجري )ت ‪360‬هـ( من الحلولية‪ ،‬فيقول‪" :‬أحذر إخواني المؤمنين مذهب الحلولية‪،‬‬
‫الذين لعب بهم الشيطان‪ ،‬فخرجوا بسوء مذهبهم عن طريق أهل العلم‪ ،‬إلى مذاهب قبيحة‪ ،‬ل تكون إل‬
‫في كل مفتون هالك‪ ،...‬أخرجهم سوء مذهبهم إلى أن تكلموا في ال عز وجل بما تنكره العلماء العقلء‪،‬‬
‫ول يوافق قولهم كتاب ول سنة‪ ،‬ول قول الصحابة رضي ال عنهم‪ ،‬ول قول أئمة المسلمين‪ ،‬وإني‬
‫لستوحش أن أذكر قبيح أفعالهم‪ ،‬تنزيًها مني لجلل ال الكريم وعظمته"‪#‬الشريعة ص ‪#.286-285‬‬
‫ثم أشار رحمه ال إلى قول عبد ال بن المبارك )ت ‪ 181‬هـ( رحمه ال‪ ،‬في تحذيره من الجهمية‬
‫الحلولية‪ ،‬حين قال‪" :‬إنا لنستطيع أن نحكي كلم اليهود والنصارى‪ ،‬ول نستطيع أن نحكي كلم‬
‫الجهمية"‪#‬المصدر السابق ص ‪ ،286‬وانظر كلم ابن المبارك في رد المام الدارمي عثمان بن سعيد‬
‫على بشر المريسي العنيد ص ‪ ،4‬والرد على الجهمية ص ‪ ،11‬والسنة لعبد ال بن أحمد ص ‪#.35 ،8‬‬

‫قال الدارمي‪" :‬وصدق ابن المبارك‪ :‬إن من كلمهم ما هو أوحش من كلم اليهود والنصارى"‪#‬الرد‬
‫على الجهمية ص ‪#.115‬‬
‫ولعل من ذلك أنهم زعموا بأن ال حال في كل مكان‪ ،‬أو أنهم ل يدرون أين ربهم‪ ،‬أما النصارى فإنهم‬
‫خصوا حلوله في المسيح عيسى ابن مريم‪ ،‬عبد ال ورسوله‪ ،‬عليه وعلى رسولنا أفضل الصلة‬
‫والتسليم‪.‬‬
‫وقال القاضي عياض )ت ‪ 544‬هـ( بأن القول بالحلول كفر بإجماع المسلمين‪#‬انظر شرح الشفاء‬
‫‪ ، #.2/513،514‬وقال رحمه ال‪ " :‬بيان ما هو من المقالت كفر‪ ،‬وما يتوقف أو يختلف فيه‪ ،‬وما‬
‫ليس بكفر‪:‬اعلم أن تحقيق هذا الفصل‪ ،‬وكشف اللبس فيه مورده الشرع‪ ،‬ول مجال للعقل فيه‪ ،‬والفصل‬
‫البين في هذا أن كل مقالة صرحت بنفي الربوبية أو الوحدانية‪ ،‬أو عبادة أحد غير ال‪ ،‬أو مع ال‪ ،‬فهي‬
‫كفر‪ ،‬كمقالة الدهرية‪ ،‬وسائر فرق أصحاب الثنين‪ ،...‬وأصحاب الحلول والتناسخ‪ ،‬من الباطنية‬
‫والطيارة من الروافض‪ ،...‬فذلك كله كفر بإجماع المسلمين‪ ،...‬وكذلك من ادعى مجالسة ال‪ ،‬والعروج‬
‫إليه ومكالمته‪ ،‬أو حلوله في بعض الشخاص‪ ،‬كقول بعض المتصوفة والباطنية والنصارى‬
‫والقرامطة"‪#‬المصدر السابق ‪.#.514 -2/510‬‬
‫وبعض الحلولية وكغلة الصوفية‪ ،‬أصحاب الوحدة ونحوهم يقولون بان ال سبحانه وتعالى حال في كل‬
‫المخلوقات‪ ،‬موجود فيها‪ ،‬وقد يعبرون عن ذلك بقولهم‪ :‬إن المخلوقات مظهر وتجلية له‪ ،‬ول يريدون‬
‫بذلك أنها أدلة عليه‪ ،‬وآيات له‪ ،‬وإنما يريدون أنه سبحانه ظهر فيها‪ ،‬وتجلى فيها‪ ،‬كظهورالزبد في اللبن‪،‬‬
‫والزيت في الزيتون‪ ،‬ونحو ذلك‪ ،‬مما يقتضي حلول ذاته في مخلوقاته‪ ،‬تعالى ال عما يقولون علّوا‬
‫كبيًرا‪" ،‬فيقولون في جميع المخلوقات نظير ما قاله النصارى في المسيح خاصة‪ ،‬ثم يجعلون المردان‬
‫مظاهر الجمال‪ ،‬فيقرون هذا الشرك العظم طريًقا إلى استحلل الفواحش‪ ،‬بل إلى استحلل كل محرم‪،‬‬
‫كما قيل لفضل مشايخهم‪ :‬إذا كان قولكم بان الوجود واحد هو الحق‪ ،‬فما الفرق بين أمي وأختي وبنتي‪،‬‬
‫حتى يكون هذا حلل وهذا حرام؟ قال‪ :‬الجميع عندنا سواء‪ ،‬لكن هؤلء المحجوبين حرام‪ ،‬فقلنا حرام‬
‫عليكم"‪#‬انظر مجموع فتاوى شيخ السلم ابن تيمية ‪#.15/423،424‬‬
‫@‪@55‬‬

‫يقول شيخ السلم ابن تيمية )ت ‪ 728‬هـ(‪" :‬ومن هؤلء الحلولية والتحادية من يخص الحلول والتحاد‬
‫ببعض الشخاص‪ ،‬إما ببعض النبياء كالمسيح‪ ،‬أو ببعض الصحابة‪ ،‬كقول الغالية في علي‪ ،‬أو ببعض‬
‫الشيوخ‪ ،‬كالحلجية ونحوهم‪ ،‬أو ببعض الملوك‪ ،‬أو ببعض الصور‪ ،‬كصور المردان‪ ،‬ويقول أحدهم‪ :‬إنما‬
‫أنظر إلى صفات خالقي‪ ،‬وأشهدها في هذه الصورة‪.‬‬
‫والكفر في هذا القول أبين من أن يخفى على من يؤمن بال ورسله‪ ،‬ولو قال مثل هذا الكلم في نبي‬
‫كريم لكان كافًرا‪ ،‬فكيف إذا قاله في صبي أمرد؟! فقبح ال طائفة يكون معبودها من جنس موطوئها‪.‬‬
‫وقد قال تعالى‪) :‬ول يأمركم أن تتخذوا الملئكة والنبيين أرباًبا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم‬
‫مسلمون(‪#‬سورة آل عمران‪ ،‬الية ‪#.80‬؛ فإذا كان من اتخذ الملئكة والنبيين أرباًبا مع اعترافهم بأنهم‬
‫مخلوقون ل كفاًرا‪ ،‬فكيف بمن اتخذ بعض المخلوقات أرباًبا مع قولهم بأن ال فيها‪ ،‬أو متحد بها‪،‬‬
‫فوجوده وجودها‪ ،‬ونحو ذلك من المقالت"‪#‬مجموع فتاوى شيخ السلم ابن تيمية ‪ ،15/424‬وانظر‬
‫منهاج السنة النبوية ‪ ،5/383‬ودرء تعارض العقل والنقل ‪#.156 ،6/155‬‬

‫ويقول الشاطبي )ت ‪ 790‬هـ(‪ " :‬ولقد فصل بعض المتأخرين في هذه الفرق‪ ،‬فقال‪ :‬ما كان من البدع‬
‫راجًعا إلى اعتقاد وجود إله مع ال‪ ،‬كقول السبئية في علي رضي ال عنه‪ ،‬إنه إله‪ ،‬أو حل الله في‬
‫بعض أشخاص الناس‪ ،‬كقول الجناحية‪ :‬إن ال تعالى له روح يحل في بعض بني آدم‪ ،‬ويتوارث‪ ،‬أو‬
‫إنكار رسالة محمد صلى ال عليه وسلم‪ ،‬كقول الغرابية‪ :‬إن‬
‫@‪@56‬‬

‫جبريل غلط في الرسالة فاداها إلى محمد صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وعلي كان صاحبها‪ ،‬أو استباحة‬
‫المحرمات وإسقاط الواجبات‪ ،‬وإنكار ما جاء به الرسول‪ ،‬كأكثر الغلة من الشيعة‪ ،‬مما ل يختلف في‬
‫التكفير به‪#"...‬العتصام ‪#.2/197‬‬
‫ويبين شيخ السلم ابن تيمية أن القول بأن ال يحل في المخلوقات "هو قول كثير من الجهمية‪ ،‬الذين‬
‫كان السلف يردون قولهم‪ ،‬وهم الذين يزعمون أن ال بذاته في كل مكان‪ ،‬وقد ذكره جماعات من الئمة‬
‫والسلف عن الجهمية‪ ،‬وكفروهم به‪ ،‬بل جعلهم خلق من الئمة كابن المبارك ويوسف بن أسباط‪ ،‬وطائفة‬
‫من أهل العم والحديث من أصحاب أحمد وغيره‪ ،‬خارجين بذلك عن الثنتين والسبعين فرقة‪ ،‬وهو قول‬
‫بعض متكلمة الجهمية‪ ،‬وكثير من متعبديهم‪ ،‬ول ريب أن إلحاد هؤلء المتأخرين وتجهمهم وزندقتهم‬
‫تفريع وتكميل للحاد هذه الجهمية الولى‪ ،‬وتجهمها وزندقتها"‪#‬حقيقة مذهب التحاديين أو وحدة الوجود‬
‫وبيان بطلنه ص ‪ ،5‬وانظر مجموع فتاوى شيخ السلم ابن تيمية ‪5/227‬ـ ‪ ،228‬والرد على الجهمية‬
‫ص ‪#.115‬‬
‫فكل من قال بأن ال بذاته في كل مكان‪ ،‬أو يحل في بعض المخلوقات؛ فإنه "مخالف للكتاب والسنة‬
‫وإجماع المة وأئمتها‪ ،‬مع مخالفته لما فطر ال عليه عباده‪ ،‬ولصريح المعقول‪ ،‬وللدلة‬
‫الكثيرة"‪#‬مجموع فتاوى شيخ السلم ابن تيمية ‪ ،5/230‬وانظر ‪. #.5/260‬‬
‫حا‪،‬‬
‫وقد كان سلف المة الوائل يرون كفر الجهمية الحلولية أعظم من كفر اليهود‪ ،‬هذا وهم يلوحون تلوي ً‬
‫وقل إن كانوا يصرحون بحلول ذاته في المكنة‪ ،‬أما الحلولية والتحادية المصرحون بعقيدتهم الكفرية‪،‬‬
‫فهم أخبث وأكفر‬

‫@‪@57‬‬
‫من أولئك الجهمية ‪#‬انظر مجموعة الرسائل والمسائل ‪ ، #.1/188‬ولهذا فإن النصيرية هم وسائر‬
‫الصناف القرامظة الباطنية أكفر من اليهود والنصارى ‪ ،‬بل وأكفر من كثير من المشركين ‪ ،‬والسماعيلية‬
‫ملحدة أكفر من النصيرية ‪#‬انظر مجموع فتاوى شيخ السلم ابن تيمية ‪ ،35/146‬ومنهاج السنة النبوية‬
‫‪#.20/512،513‬‬
‫فالحلولية يزعمون بأنهم يرون ال تعالى في بعض الشخاص من أئمتهم وأوليائهم وهذا كفر صريح‬
‫باتفاق المسلمين فقد ثبت أن النبي صلى ال عليه وسلم قال ‪ " :‬واعلموا أن أحدًا منكم يرى ربه حتى يموت"‬
‫‪#‬أخرجه مسلم ‪،‬كتاب الفتن وأشرطة الساعة ‪ ،‬باب ذكر ابن صياد ح ‪ ، #.2931‬فإن ذات ال تعالى ليست‬
‫في المخلوقات ‪ ،‬ول تحل فيها‪ ،‬ول في ذاته ترى المخلوقات ‪ ،‬كما يزعم أهل الحلول ‪ #‬انظر مجموع فتاوى‬
‫شيخ السلم ابن تيمية ‪. # .180 ،2/179‬‬
‫أما القول بوحدة الوجود ‪ ،‬أو ما قد يسمى بالتحاد العام ‪ ،‬فهو قول الملحدة الذين يزعمون أن ال‬
‫سبحانه وتعالى عين وجود الكائنات ‪.‬‬
‫وهؤلء أكفر من اليهود والنصارى من وجهين ‪:‬‬
‫الوجه الول ‪ :‬أن اليهود والنصارى قالوا بأن الرب يتحد بعبده الذي قربه واصطفاه ‪ ،‬بعد أن لم‬
‫يكونا متحدين ‪ ،‬أما أصحاب وحدة الوجود فإنهم يقولون بأن الرب ما زال هو العبد وغيره من المخلوقات ‪،‬‬
‫ليس هو غيره ‪.‬‬
‫الوجه الثاني ‪ :‬أن اليهود والنصارى خصوا التحاد بمن عظموه ‪ ،‬كقول النصارى في المسيح ‪ ،‬أما‬
‫أصحاب وحدة الوجود فإنهم جعلوا التحاد ساريًا في كل شيء ‪ ،‬حتى في الكلب والخنازير والقذار‬
‫والوساخ‪.‬‬

‫@‪@58‬‬
‫وإذا كان ال جل وعل أخبر بكفر النصارى ‪ ،‬الذين قالوا بأن ال هو المسيح ابن مريم ‪ ،‬كما في قوله‬
‫تعالى ‪ ):‬لقد كفر الذين قالوا إن ال هو المسيح ابن مريم ( ‪#‬سورة المائدة ‪ ،‬الية ‪ ،#.17‬فكيف بأصحاب‬
‫وحدة الوجود ‪ ،‬الذين قالوا بأن ال هو الكفار والمنافقون والصبيان والمجانين والنجاس والحيوانات ‪ ،‬وكل‬
‫شيء؟! ‪#‬انظر مجموع فتاوى شيخ السلم ابن تيمية ‪. #.2/172،173،176،178‬‬
‫يقول شيخ السلم ابن تيمية ‪" :‬وإذا كان ال قد رد قول اليهود والنصارى ‪ ،‬لما قالوا ‪ ) :‬نحن أبناؤا‬
‫ال وأحباؤه( ‪#‬سورة المائدة ‪ ،‬الية ‪ ، #.18‬وقال لهم ‪ ) :‬قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق (‬
‫‪#‬سورة المائدة ‪ ،‬الية ‪ #.18‬الية ‪ ،‬فكيف بمن يزعم أن اليهود والنصارى هم أعيان وجود الرب الخالق ‪،‬‬
‫ليسوا غيره‪ ،‬ول سواه ‪ ،...‬واعلم أن هؤلء لما كان كفرهم ‪ ،‬في قولهم ‪" :‬إن ال هو مخلوقاته كلها ‪ ،‬وأعظم‬
‫من كفر النصارى بقولهم ‪) :‬إن ال هو المسيح ابن مريم (‪ ،‬والنصارى ضلل ‪ ،‬أكثرهم ل يعقلون مذهبهم‬
‫في التوحيد ؛ إذ هو شيء متخيل ‪ ،‬ل يعلم ول يعقل ‪ ،‬حيث يجعلون الرب جوهرًا واحدًا ‪ ،‬ثم يجعلونه ثلثة‬
‫جواهر ‪ ،‬ويتأولون بتعدد الخواص والشخاص التي هي القانيم ‪ ،‬والخواص عندهم ليست جواهر ‪،‬‬
‫فيتناقضون مع كفرهم ‪ ،‬كذلك هؤلء الملحدة التحادية ‪ ،‬أكثرهم ل يعلون قول رؤوسهم ول يفقهونه ‪ ،‬وهم‬
‫في ذلك كالنصارى ‪ ،‬كلما كان الشيخ أحمق وأجهل كان بال أعرف ‪ ،‬وعندهم أعظم "‪#‬مجموع فتاوى شيخ‬
‫السلم ابن تيمية ‪،2/173،174‬وانظر ص ‪. #.279‬‬

‫@‪@59‬‬
‫وفي موضع آخر ذكر – رحمه ال – أن "ما يقوله أهل التحاد ‪ ،‬من أنه ما تم موجود إل ال ‪،‬‬
‫ويقولون ‪ :‬ليس إل ال ‪ ،‬أي ليس موجود إل ال ‪ ،‬ويقولون ‪ :‬إن وجود المخلوقات هو وجود الخالق ‪،‬‬
‫والخالق هو المخلوق ‪ ،‬والمخلوق هو الخالق ‪ ،‬والعبد هو الرب والرب هو العبد ‪ ،‬ونحو ذلك من معاني‬
‫التحادية ‪ ،‬الذين ل يفرقون بين الخالق والمخلوق ‪ ،‬ول يثبتون المباينة بين الرب والعبد ‪ ،‬ونحو ذلك من‬
‫المعاني " إلحاد وضلل ‪ ،‬يجب أن يستتاب قائله ؛ فإن تاب وإل قتل ‪#‬انظر المصدر السابق ‪، 2/490‬‬
‫وحقيقة مذهب التحاديين أو وحدة الوجود وبيان بطلنه ص ‪. #.4،5‬‬
‫ثم يبين رحمه ال خطورة مقالت الحلولية والتحادية ‪ ،‬ووجوب إنكارها فيقول ‪" :‬فهذه المقالت‬
‫وأمثالها من أعظم الباطل ‪ ...‬والواجب إنكارها ؛ فإن إنكار هذا المنكر الساري في كثير من المسلمين أولى‬
‫من إنكار دين اليهود والنصارى ‪ ،‬الذي ل يضل به المسلمون ‪ ،‬ل سيما وأقوال هؤلء شر من قول اليهود‬
‫والنصارى ‪ ،‬ومن عرف معناها واعتقدها كان من المنافقين الذين أمر ال بجهادهم بقوله تعالى ‪ ) :‬جاهد‬
‫الكفار والمنافقين واغلظ عليهم( ‪#‬سورة التوبة ‪ ،‬الية ‪ ، #.73‬والنفاق إذا عظم كان صاحبه شرًا من كفار‬
‫أهل الكتاب ‪ ،‬وكان في الدرك السفل من النار ‪.‬‬
‫وليس لهذه المقالت وجه سائغ ‪ ، ...‬ويجب بيان معناها وكشف مغزاها لمن أحسن الظن بها ‪ ،‬أو‬
‫خيف عليه أن يحسن الظن بها وأن يضل ؛ فإن ضرر هذه على المسلمين أعظم من ضرر السموم التي‬
‫يأكلونها ول يعرفون أنهم سراق وخونة؛ فإن هؤلء غاية ضررهم موت النسان أو ذهاب ماله ‪ ،‬وهذه‬
‫مصيبة في دنياه ‪ ،‬قد‬

‫@‪@60‬‬
‫تكون سبًبا لرحمته في الخرة‪ ،‬وأما هؤلء فيسقون الناس شراب الكفر واللحاد في آنية أنبياء ال وأوليائه‪،‬‬
‫ثياب المجاهدين في سبيل ال‪ ،‬وهو في الباطن من المحاربين ل ورسوله‪ ،‬ويظهرون كلم الكفار والمنافقين‬
‫في قوالب ألفاظ أولياء ال المحققين"‪#‬مجموعة الرسائل والمسائل ‪ ،1/130‬ومجموع فتاوى شيخ السلم‬
‫ابن تيمية ‪#.360 ،2/359‬‬
‫وقال السيوطي )ت ‪911‬هـ(‪" :‬القول بالحلول والتحاد‪ ،‬الذي هو أخو الحلول أول من قال به النصارى إل‬
‫أنهم خصوه بعيسى عليه السلم‪ ،‬أو به وبمريم أمه‪ ،‬ولم يعدوه إلى أحد‪ ،‬وخصوه باتحاد الكلمة دون‬
‫الذوات‪ ،...‬وأما المتوسمون بسمة السلم فلم يبتدع أحد فيهم هذه البدعة وحاشاهم‪ ،...‬غير أن طائفة من‬
‫غلة المتصوفة نقل عنهم أنهم قالوا بمثل هذه المقالة‪ ،‬وزادوا على النصارى في تعدية الحلول‪ ،‬والنصارى‬
‫قصروه على واحد؛ فإن صح ذلك عنهم زادوا في الكفر على النصارى"‪#‬الحاوي للفتاوي ص ‪#.129‬‬
‫فأئمة الهدى ومشايخ السلم وعلماء المة‪" ،‬كل هؤلء ل متفقون على تكفير هؤلء" الحلولية والتحادية‬
‫وأصحاب وحدة الوجود‪ ،‬ومتفقون على أن "ال سبحانه ليس هو خلقه‪ ،‬ول جزًءا من خلقه‪ ،‬ول صفة لخلقه‪،‬‬
‫بل سبحانه وتعالى مميز بنفسه المقدسة‪ ،‬بائن بذاته المعظمة عن مخلوقاته‪ ،‬وبذلك جاءت الكتب الربعة‬
‫اللهية‪ ،‬من التوراة والنجيل والزبور والقرآن‪ ،‬وعليه فطر ال تعالى عباده‪ ،‬وعلى ذلك دلت العقول"‪ ،‬أما‬
‫هؤلء الحلولية والتحادية‪ ،‬فهم "مقدمة الدجال العور الكاذب‪ ،‬الذي يزعم أنه هو ال"‪#‬انظر‪ :‬مجموعة‬
‫الرسائل والمسائل ‪#.1/186‬‬

‫@‪@61‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الرد على عقيدة الحلول وبيان بطلنها‪:‬‬


‫وجوب التسليم ل تعالى ولرسوله صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫ل شك أن أصل البلء‪ ،‬وبوابة النحراف‪ ،‬والوصول إلى دعوى الحلول‪ ،‬كل ذلك انبثق من عدم التسليم‬
‫لرب العالمين‪ ،‬وال سبحانه وتعالى يقول‪) :‬فل وربك ل يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم ل يجدوا‬
‫جا مما قضيت ويسلموا تسليًما(‪#‬سورة النساء‪ ،‬الية ‪. #.65‬‬ ‫في أنفسهم حر ً‬
‫ومن أعظم الضلل أن تقدم آراء الرجال‪ ،‬وأهواء العقول على ما اختاره ال لنا في كتابه تعالى وسنة رسوله‬
‫صلى ال عليه وسلم؛ فإن في ذلك العصيان والهلك البين‪ ،‬قال تعالى‪) :‬وما كان لمؤمن ول مؤمنة إذا قضى‬
‫ل مبيًنا(‪#‬سورة‬
‫ال ورسوله أمًرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص ال ورسوله فقد ضل ضل ً‬
‫الحزاب‪ ،‬الية ‪#.36‬‬
‫فالخير كل الخير في التباع وترك البتداع‪ ،‬وفي القتداء بالوحيين‪ ،‬والتسليم لهما‪ ،‬والبتعاد عن تتبع ما لم‬
‫يرد فيهما‪ ،‬من الراء والهواء‪ ،‬فإن كل إنسان سيسأل يوم القيامة عن سمعه وبصره وفؤاده‪ ،‬فمن رام‬
‫السلمة ففي الكتاب والسنة‪ ،‬ومن أبى النقياد لهما‪ ،‬وتتبع سقطات المم‪ ،‬وانحرافات الملل‪ ،‬فل يلومن إل‬
‫نفسه‪ ،‬في يوم ل ينفع فيه مال ول جاه ول بنون إل من أتى ال بقلب سليم‪ ،‬يقول تعالى‪) :‬ول تقف ما ليس‬
‫ل( ‪#‬سورة السراء‪ ،‬الية ‪،#.36‬‬ ‫لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئو ً‬
‫وقد حرم ال القول عليه بغير علم‪ ،‬قال سبحانه‪) :‬قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والثم‬
‫والبغي بغير الحق وأن تشركوا بال ما لم ينزل به سلطاًنا وأن تقولوا على ال ما ل تعلمون( ‪#‬سورة‬
‫العراف‪ ،‬الية ‪ ،#.33‬فعلى العبد أن يجعل ما بعث ال تعالى به رسله‪ ،‬وأنزل به كتبه هو الحق الذي يجب‬
‫اتباعه والنقياد له‪ ،‬فيصدق بأنه حق وصدق‪ ،‬أما ما سواه من كلم سائر الخلق فيعرض عليه‪ ،‬فإن وافقه‬
‫فهو حق‪ ،‬وإنه خالفه فهو باطل‪ ،‬وإن التبس عليه‪ ،‬فإنه يمسك عنه ول يتكلم إل بعلم‪ ،‬والعلم ما قام عليه‬
‫الدليل مما جاء به الرسول صلى ال عليه وسلم‪#‬انظر شرح العقيدة الطحاوية ‪. #.1/230‬‬
‫يقول أبو جعفر الطحاوي )ت ‪ 322‬هـ(‪" :‬فإنه ما سلم في دينه إل من سلم ل عز وجل ولرسوله صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ ،‬ورد علم ما اشتبه عليه إلى عالمه‪ ،‬ول تثبت قدم السلم إل على ظهر التسليم والستسلم‪ ،‬فمن‬
‫رام علم ما حظر عنه علمه‪ ،‬ولم يقنع بالتسليم فهمه‪ ،‬حجبه مرامه عن خالص التوحيد‪ ،‬وصافي المعرفة‬
‫سا تائًها‪ ،‬شّكا‬
‫وصحيح اليمان‪ ،‬فتذبذب بين الكفر واليمان‪ ،‬والتصديق والتكذيب‪ ،‬والقرار والنكار‪ ،‬موسو ً‬
‫زائًغا‪ ،‬ل مؤمًنا مصدًقا‪ ،‬ول جاحًدا مكذًبا"‪#‬العقيدة الطحاوية ص ‪.#.31‬‬
‫ومراده رحمه ال أنه ما سلم في دينه إل من "سلم لنصوص الكتاب والسنة‪ ،‬ولم يعترض عليها بالشكوك‬
‫والشبه والـتأويلت الفاسدة‪ ،‬أو يقول‪ :‬العقل يشهد بضد ما دل عليه النقل‪ ،‬والعقل أصل النقل!! فإذا عارضه‬
‫حا‪ ،‬فذلك الذي يدعى أنه‬ ‫قدمنا العقل!‪ ،‬وهذا ل يكون قط‪ ،‬لكن إذا جاء ما يوهم مثل ذلك؛ فإن كان النقل صحي ً‬
‫معقول إنما هو مجهول‪ ،‬ولو حقق النظر لظهر ذلك‪ ،‬وإن كان النقل غير صحيح‪ ،‬فل يصلح للمعارضة‪ ،‬فل‬
‫يتصور أن يتعارض عقل صريح ونقل صحيح أبًدا‪ ،..‬فالواجب كمال التسليم للرسول صلى ال عليه وسلم‪،‬‬
‫والنقياد لمره‪ ،‬وتلقي خبره بالقبول‬
‫@‪@63‬‬

‫ل‪ ،‬أو يحمله شبهة أو شّكا‪ ،‬أو يقدم عليه آراء الرجال‪،‬‬
‫والتصديق‪ ،‬دون أن يعارضه بخيال باطل يسميه معقو ً‬
‫وزبالة أذهانهم‪ ،‬فيوحده بالتحكيم والتسليم والنقياد ول إذعان‪ ،‬كما وحد المرسل بالعبادة والخضوع والذل‬
‫والنابة والتوكل‪ ،‬فهما توحيدان ل نجاة للعبد من عذاب ال بهما‪ :‬توحيد المرسل‪ ،‬وتوحيد متابعة الرسول‪،‬‬
‫فل يحاكم إلى غيره‪ ،‬ول يرضى بحكم غيره‪ ،‬ول يقف تنفيذ أمره‪ ،‬وتصديق خبره على عرضه على قول‬
‫شيخه وإمامه‪ ،‬وذوي مذهبه طائفته‪ ،‬ومن يعظمه‪ ،...‬بل إذا بلغه الحديث الصحيح يعد نفسه كأنه سمعه من‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم‪...‬الفرض والمبادرة إلى امتثاله‪ ،‬من غير التفات إلى سواه"‪#‬شرح العقيدة‬
‫الطحاوية ‪. #.1/227،228،229‬‬
‫ومن أراد النجاة فليوحد ال في ألوهيته‪ ،‬فل معبود بحق إل ال تعالى‪ ،‬وفي ربوبيته‪ ،‬فل رب سواه‪ ،‬ول‬
‫خالق ول مالك ول متصرف سواه‪ ،‬وفي أسمائه وصفاته‪ ،‬فهو وحده المتصف بصفات الكمال‪ ،‬المنزه عن‬
‫كل نقص‪ ،‬من غير تمثيل ول تكييف‪ ،‬ول تحريف ول تعطيل‪ ،‬وليعتقد أن ال تعالى كان ول شيء نعه‪ ،‬وهو‬
‫الول قبل كل شيء‪ ،‬والخر بعد كل شيء‪ ،‬ليس لوليته ابتداء‪ ،‬ول لخرته انقضاء‪) ،‬هو الول والخر‬
‫والظاهر والباطن(‪#‬سورة الحديد الية ‪ ،#3‬وقال تعالى‪) :‬كل من عليها فان‪ ،‬ويبقى وجه ربك ذو الجلل‬
‫والكرام(‪#‬سورة الرحمن‪ ،‬اليتان ‪ ، #.27،26‬لم يزل ربنا عز وجل ول يزال‪ ،‬وكان أبًدا عالًما سميًعا‬
‫بصيًرا‪#‬انظر الحجة في بيان المحجة ‪ ،#.2/426‬وليقف العاقل مريد النجاة حيث جاء النص الشرعي‪،‬‬
‫وليحذر مجاوزته‪ ،‬فقد ورد عن النبي صلى ال عليه وسلم أنه‬
‫@‪@64‬‬

‫قال‪" :‬تفكروا في كل شيء ول تفكروا في ال"‪#‬أخرجه الطبراني في الوسط )‪ ،(6456‬والهيثمي في مجمع‬


‫الزوائد ‪ ،1/81‬والللكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة ‪ ،2/580‬رقم ‪ .927‬وحسنه اللبان‬
‫في سلسلة الحاديث الصحيحة برقم ‪ ،1788‬وصحيح الجامع رقم ‪ ،#.2976 ،2975‬وعن أبي هريرة‬
‫رضي ال عنه‪ ،‬عن النبي صلى ال عليه وسلم قوله‪" :‬ليسألنكم الناس عن كل شيء‪ ،‬حتى يقولوا هذا ال‬
‫خلق كل شيء فمن خلق ال؟‪ ،‬فإذا سئلتم فقولوا‪ :‬ال قبل كل شيء" وفي رواية‪" :‬فقولوا‪ :‬ال أحد‪ ،‬ال‬
‫الصمد‪ ،‬لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفًوا أحد‪ ،‬ثم ليتفل في يساره ثلًثا‪ ،‬وليستعذ بال من الشيطان"‪#‬أخرجه‬
‫البخاري في صحيحه‪ ،‬كتاب العتصام بالكتاب والسنة‪ ،‬باب ما يكره من كثرة السؤال ومن تكلف ما ل يعنيه‬
‫ح ‪ ،7296‬ومسلم‪ ،‬كتاب اليمان‪ ،‬باب بيان الوسوسة في اليمان‪ ،‬وما يقوله من وجدها ح ‪،134‬‬
‫‪#.135،136‬‬
‫وقال صلى ال عليه وسلم‪" :‬فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين‪ ،‬تمسكوا بها وعضوا عليها‬
‫بالنواجذ‪ ،‬وإياكم والمور المحدثات‪ ،‬فإن كل بدعة ضللة"‪#‬أخرجه أبو داود في سننه‪ ،‬كتاب السنة‪ ،‬باب‬
‫لزوم السنة‪ ،‬والترمذي في سننه‪ ،‬كتاب العلم‪ ،‬ح ‪ ،676‬وقال‪ :‬حديث حسن صحيح‪ ،‬وابن ماجه‪ ،‬المقدمة ح‬
‫‪ ،42‬والمام أحمد في المسند ‪ 4/126‬وصححه اللباني في صحيح سنن ابن ماجه ‪. #.1/13‬‬
‫وعن عبد ال بن مسعود )ت ‪ 32‬هـ( رضي ال عنه أنه قال‪" :‬إنا نقتدي ول نبتدي‪ ،‬ونتبع ول نبتدع‪ ،‬ولن‬
‫نضل ما تمسكنا بالثر"‪#‬أخرجه الللكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة ‪ 1/96‬رقم ‪،105‬‬
‫‪ ،106‬وانظر الحجة في بيان المحجة ‪#.2/428‬‬
‫وقال الوزاعي )ت ‪157‬هـ( رحمه ال‪" :‬عليك بآثار من سلف‪ ،‬وإياك وآراء الرجال وإن زخرفوه بالقول؛‬
‫فإن المر ينجلي وأنت على طريق مستقيم"‪#‬انظر الحجة في بيان المحجة ‪.#.2/428‬‬

‫@‪@65‬‬

‫"وقال علماء السلف‪ :‬السنة‪ :‬العمل بالكتاب والسنة‪ ،‬والقتداء بصالح السلف واتباع الثر‪ ،‬قالوا‪ :‬ل يستحي‬
‫إذا سئل عما ل علم له به وأن يقول‪ :‬ل أعلم"‪#‬الحجة في بيان المحجة ‪#.2/428‬‬
‫وقد ذكر أهل العلم أن الرجل إذا طعن في الثار الثابتة‪ ،‬فينبغي أن يتهم في دينه‪ ،‬فغن المسلم الحق يترك‬
‫البحث عما لم يحط عقله به من المسائل التي لم يتكلم فيها المتقدمون‪ ،‬من أئمة الحق والعلم‪ ،‬ولم يخوضوا‬
‫فيها‪ ،‬وهم أعلم بالتنزيل والتأويل‪ ،‬ومنهم أخذ العلم‪ ،‬وبهم يقتدى‪ ،‬وعليه أن يطلب الحق ويبحث عنه‪ ،‬فإذا‬
‫ل عن الطعن فيه أو تقديم العقل أو الهوى عليه‪،‬‬
‫وجده آمن به وسلم له‪ ،‬ولم يتردد في قبوله‪ ،‬فض ً‬
‫أورده‪#‬انظر المصدر السابق ص ‪#.428،429‬‬
‫ولهذا قال الئمة المتبعون للهدى‪" :‬ل نرى أحًدا مال إلى هوى‪ ،‬أو بدعة‪ ،‬إل وجدته متحيًرا‪ ،‬ميت القلب‪،‬‬
‫عا من النطق بالحق‪ ،‬وقالوا‪ :‬الكلم في الرب عز وجل بدعة‪ ،‬لنه ل يجوز أن يتكلم في الرب عز‬ ‫ممنو ً‬
‫وجل إل بما وصف به نفسه في القرآن‪ ،‬وما بينه رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وهو جل ثناؤه الول بل‬
‫ابتداء والخر بل انتهاء‪ ،‬يعلم السر وأخفى‪ ،‬وعلى العرش استوى‪ ،‬علمه بكل مكان قد أحاط بكل شيء علًما‪،‬‬
‫)ليس كمثله شيء وهو السميع البصير( ‪#‬سورة الشورى‪ ،‬الية ‪.#.11‬‬
‫ول شك أم من لم يسلم ل تعالى ولرسوله صلى ال عليه وسلم "نقض توحيده؛ فإنه يقول برأيه وهواه‪ ،‬أو‬
‫يقلد ذا رأي وهوى‪ ،‬بغير هدى من ال‪ ،‬فينقص من توحيده بقدر خروجه عما جاء به الرسول صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ،‬فإنه قد اتخذ في ذلك إلهًا غير ال‪ ،‬قال‬

‫@‪@66‬‬
‫تعالى‪) :‬أفرءيت من اتخذ إلهه هواه(‪#‬سورة الجاثية الية ‪ ، #.23‬أي عبد ما تهواه نفسه"‪#‬شرح العقيدة‬
‫الطحاوية‪ .#‬أما من اعتقد حلول ال تعالى في بعض خلقه؛ فإنه قد اتخذ هواه‪ ،‬ومن يعظم آلهة وأرباًبا‪.‬‬
‫ومن المعلوم أن أركان اليمان ستة‪ ،‬وهي اليمان بال وملئكته وكتبه ورسله واليوم الخر واليمان بالقدر‬
‫خيره وشره‪#‬كما جاء في حديث جبريل‪ ،‬أخرجه البخاري في صحيحه‪ ،‬كتاب اليمان‪ ،‬باب سؤال جبريل‬
‫النبي صلى اله عليه وسلم ‪ ،50‬وكتاب التفسير‪ ،‬باب )إن ال عنده علم الساعة( ح ‪ ،4777‬ومسلم‪ ،‬كتاب‬
‫اليمان‪ ،‬باب بيان اليمان والسلم والحسان‪...‬ح ‪ ،#.8‬فأول هذه الركان هو اليمان بال تعالى‪ ،‬ويدخل‬
‫فيه اليمان بما أخبر ال به في كتابه‪ ،‬وتواتر عن رسوله صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وأجمع عليه سلف المة‪ ،‬من‬
‫أنه سبحانه وتعالى فوق سماواته‪ ،‬مستو على عرشه‪ ،‬علي على خلقه‪ ،‬وهو عز وجل معهم أينما كانوا‪ ،‬بعلمه‬
‫واطلعه‪ ،‬يعلم ما هم عاملون‪#‬انظر مجموع فتاوى شيخ السلم ابن تيمية ‪ ،#.3/142‬فيجب على المسلم‬
‫الذي يخاف ال واليوم الخر ويرجو ال وما عنده أن يسارع إلى اليمان بذلك التسليم المطلق لنصوص‬
‫الوحي‪ ،‬دون مخالفة أو مجادلة‪.‬‬
‫وجوب تعظيم ال تعالى وتنزيهه‪:‬‬
‫يبين ال تعالى عظمته وعلو منزلته راّدا على المخلفين‪ ،‬داعًيا المؤمنين إلى تعظيمه فيقول‪) :‬ما قدروا ال‬
‫حق قدره(‪ ،‬وذلك في ثلثة مواضع من كتابه‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫قوله تعالى‪) :‬وما قدروا ال حق قدره إذ قالوا ما أنزل ال على بشر من شيء(‪#‬سورة النعام‪ ،‬الية ‪،#.91‬‬
‫وقوله تعالى‪) :‬ضعف الطالب والمطلوب‪ ،‬وما قدروا ال حق قدره( ‪#‬سورة الحج‪ ،‬اليتان ‪،#.73،74‬‬
‫وقوله تعالى‪) :‬وما قدروا ال حق قدره والرض جميًعا‬

‫@‪@67‬‬
‫قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون(‪#‬سورة الزمر‪ ،‬الية ‪.#.67‬‬
‫يقول عز وجل )وما قدروا ال حق قدره( ليثبت ما أنزل على رسله‪ ،‬كما في الية الولى‪ ،‬وليثبت وحدانيته‪،‬‬
‫وأنه ل يستحق العبادة إل هو‪ ،‬كما في الية الثانية‪ /‬وليثبت عظمته في نفسه‪ ،‬وما يستحقه من الصفات‪ ،‬كما‬
‫في الية الثالثة‪ .‬واليات الثلث ذم للكفار الذين ما قدروه حق قدره‪ ،‬فدل ذلك على أنه يجب على كل مسلم‬
‫أن يقدر ال حق قدره‪ ،‬وأن يؤمن بأن ال تعالى له قدر عظيم‪ ،‬فقد ثبت في حديث عبد ال بن مسعود رض‬
‫ال عنهما أن النبي صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ذكر له بعض اليهود أن ال يحمل السماوات على أصبع وسائر‬
‫الخلق على أصبع‪ ،‬فضحك رسول ال صلى ال عليه وسلم تعجًبا وتصديًقا لقول اليهودي‪ ،‬فقرأ صلى ال‬
‫عليه وسلم قوله تعالى‪) :‬وما قدروا ال حق قدره والرض جميًعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات‬
‫بيمينه(‪#‬الحديث أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب التوحيد‪ ،‬باب قوله تعالى )لما خلقت بيدي( ح‬
‫‪ 7415‬ومسلم في كتاب صفة القيامة والجنة والنار‪ ،‬ح ‪.#.2786‬‬
‫وهذا يقتضي أن عظمة ال عز وجل أعظم مما وصف ذلك اليهودي؛ فغن الذي في الية ابلغ‪ ،‬وقد روى أبو‬
‫هريرة رضي ال عنه عن النبي صلى ال عليه وسلم أنه قال‪" :‬يقبض ال يوم القيامة‪ ،‬ويطوي السماء‬
‫بيمينه‪ ،‬ثم يقول‪ :‬أنا الملك أين ملوك الرض"‪#‬الحديث أخرجه البخاري‪ ،‬كتاب التوحيد باب قوله تعالى )لما‬
‫خلقت بيدي(‪ ،‬ح ‪ ،7412‬وأخرجه مسلم‪ ،‬كتاب صفة المنافقين ح ‪.#.2787‬‬
‫ل للخالق‬‫وقوله تعالى في آخر الية السابقة‪) :‬سبحانه وتعالى عما يشركون( يدل على أن من جعل مخلوًقا مث ً‬
‫في أي شيء من الشياء‪ ،‬مثل أن يصفه بما يوصف به الخالق فهو مشرك قد سوى بين ال وبين مخلوقاته‬
‫في ذلك الشيء‪ .‬فعدل بربه‪ ،‬والرب ل كفؤ له‪ ،‬ول سمي له‪ ،‬ول مثل له‪ ،‬فمن زعم بأنه تعالى يحل في شيء‬
‫من مخلوقاته فقد وصف المخلوق باللوهية‪ ،‬ووقع في الشرك الكبر‪#‬انظر الفرقان بين الحق والباطل ص‬
‫‪.#.106– 104‬‬
‫فاصل عبادته سبحانه وتعالى‪" :‬معرفته بما وصف به نفسه‪ ،‬في كتابه وما وصفه به رسله‪ ،‬من غير تحريف‬
‫ول تعطيل‪ ،‬ومن غير تكييف ول تمثيل"‪ ،‬والذين ينكرون ذلك‪ ،‬أو بعضه‪ ،‬أو يمثلونه بخلقه‪ ،‬أو يزعمون‬
‫حلوله في بعض المكنة‪ ،‬أو كلها‪ ،‬ما قدروه حق قدره‪ ،‬وما عرفوه حق معرفته‪ ،‬ول وصفوه حق صفته‪ ،‬ول‬
‫عبدوه حق عبادته‪#‬انظر المصدر السابق ص ‪.#.104‬‬
‫وال سبحانه ليس له صفة يماثله فيها فيره؛ فإنه سبحانه له المثل العلى في السماوات والرض‪ ،‬فهو أحق‬
‫من غيره بصفات الكمال‪ ،‬وأحق من غيره بالتنزيه عن صفات النقص‪ ،‬وقد ذكر ال "قصة فرعون في‬
‫القرآن‪ ،‬في غير موضع؛ لحتياج الناس إلى العتبار بها؛ فإنه حصل له من الملك‪ ،‬ودعوى الربوبية‬
‫واللهية والعلو‪ ،‬ما لم يحصل مثله لحد من المعطلين‪ ،‬وكانت عاقبته إلى ما ذكر ال تعالى‪#‬انظر المصدر‬
‫السابق ص ‪ #.107‬؛ فليتق ال أصحاب الحلول وأشباههم‪ ،‬ممن لم يقدر ال حق قدره؛ إذ لم ينزه ال عن‬
‫الخسائر والقاذورات‪ ،‬وعطل ال من علوه واستوائه على عرشه ومباينته لخلقه‪.‬‬

‫@‪@69‬‬
‫ولو أن هؤلء الحلولية وأمثالهم رجعوا إلى فطرهم‪ ،‬وما ركبت عليهم خلقتهم‪ ،‬في معرفة الخالق عز وجل‪،‬‬
‫وتعظيمه‪ ،‬لعلموا أن ال تعالى هو العلي‪ ،‬وهو العلى‪ ،‬وأنه له كمال الفوقية والعلو‪ ،‬وأن القلوب عند ذكره‬
‫تسمو وترتفع إلى أعلى‪ ،‬واليدي ترفع بالدعاء‪ ،‬ومن العلو يرجى الفرج‪ ،‬ويتوقع النصر‪ ،‬وينزل‬
‫الرزق‪#‬انظر تأويل مختلف الحديث ص ‪.#.252‬‬
‫ولهذا قال بعض أهل العلم بأن نفي كون ال على العرش ل يعرف إل ممن هو مأبون في عقله ودينه عند‬
‫المة‪ ،‬بل غالبهم أو عامتهم قد حصل منهم نوع ردة عن السلم‪#‬انظر بيان تلبيس الجهمية ‪.#.2/63‬‬
‫وليس في كتاب ال تعالى‪ ،‬ول في سنة الرسول صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ول عن أحد من سلف هذه المة‪ ،‬ل‬
‫من الصحابة ول من التابعين لهم بإحسان‪ ،‬ول عن الئمة الذين أدركوا زمن الهواء والختلف حرف‬
‫صا‪ ،‬ول ظاهًرا‪" ،‬ولم يقل‬‫واحد يخالف القول بعلو ال على خلقه‪ ،‬واستوائه على عرشه‪ ،‬فوق سماواته‪ ،‬ل ن ّ‬
‫أحد منهم قط أن ال ليس في السماء‪ ،‬ول أنه ليس على العرش‪ ،‬ول أنه بذاته في كل مكان‪ ،‬ول أن جميع‬
‫المكنة بالنسبة إليه سواء‪ ،‬ول أنه داخل العالم ول خارجه‪ ،‬ول أنه ل متصل ول منفصل‪ ،‬ول أنه تجوز‬
‫الشارة الحسية إليه‪ ،‬بالصابع ونحوها‪ ،‬بل قد ثبت في الصحيح عن جابر بن عبد ال أن النبي صلى ال‬
‫عليه وسلم لما خطب خطبته العظيمة‪ ،‬يوم عرفات‪ ،‬في أعظم مجمع حضره الرسول صلى ال عليه وسلم‪،‬‬
‫جعل يقول‪" :‬أل هل بلغت"‪ ،‬فيقولون‪ :‬نعم‪ ،‬فيرفع أصبعه إلى السماء‪ ،‬ثم ينكبها إليهم‪ ،‬ويقول‪" :‬اللهم‬
‫اشهد"‪#‬سبق تخريجه في التمهيد‪ ،#.‬غير مرة‪ ،‬وأمثال ذلك كثيرة"‪#‬مجموع فتاوى شيخ السلم ابن تيمية‬
‫‪ 5/15‬وانظر شرح العقيدة الواسطية ص ‪. #.331 ،330‬‬

‫@‪@70‬‬
‫وعن أنس رضي ال عنه قال‪ :‬أصابنا ونحن مع رسول ال صلى ال عليه وسلم مطر‪ ،‬فخرج رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فحسر عن ثوبه حتى أصابه‪ ،‬فقلنا يا رسول ال‪ :‬لم صنعت هذا؟ قال‪" :‬لنه حديث عهد‬
‫بربه"‪#‬أخرجه مسلم في صحيحه‪ ،‬كتاب صلة الستسقاء‪ ،‬باب الدعاء في الستسقاء ح ‪ ،#.898‬فلو كان‬
‫على ما يقوله الحلولية‪ ،‬من أن ال في كل مكان‪ ،‬ما كان المطر أحدث عهًدا بربه‪ ،‬من غيره من المياه‪#‬انظر‬
‫الرد على الجهمية ص ‪.#.25‬‬

‫من آثار اليمان بعلو ال تعالى‪#‬ثمرات اليمان بعلو ال تعالى كثيرة وعظيمة‪ ،‬كيف واليمان بذلك من‬
‫ل‪#.‬‬‫أصول الدين‪ ،‬وإنما المراد هنا الشارة إلى عظم ثمرة ذلك إجما ً‬
‫لليمان بعلو ال تعالى آثار عظيمة‪ ،‬فهو يبعث على العبادة والسكينة والطمأنينة والشجاعة‪ ،‬فمن يعتقد ذلك‬
‫تستقيم له العبودية‪ ،‬ويشعر بعلو وعظمة من يلجأ إليه‪ ،‬ويدعوه‪ ،‬ويستغيث به‪ ،‬بخلف ما ينفي العلو‪ ،‬ول‬
‫يدري أين ربه‪ ،‬أو يقال له بأن ربك في كل شيء‪ ،‬أو حال في بعض الشخاص؛ فإن قلبه يكون مشتًتا‪،‬‬
‫وتخف في نفسه عظمة الرب‪ ،‬فتضعف عبادته‪ ،‬فيضطرب ويتحير‪.‬‬
‫يقول ابن القيم )ت ‪ 751‬هـ( ‪" :‬وأما عبوديته باسمه )الظاهر(‪ ،‬كما فسره النبي صلى ال عليه وسلم بقوله‪:‬‬
‫"وأنت الظاهر فليس فوقك شيء‪ ،‬وأنت الباطن فليس دونك شيء"‪#‬أخرجه مسلم في صحيحه‪ ،‬كتاب الذكر‬
‫والدعاء‪ ،‬باب الدعاء عند النوم ح ‪ #.2713‬؛ فإذا تحقق العبد عله المطلق على كل شيء بذاته وأنه ليس‬
‫شيء فوقه ألبتة‪ ،‬وأنه قاهر فوق عباده‪) ،‬يدبر المر من السماء إلى الرض ثم يعرج إليه(‪#‬سورة السجدة‪،‬‬
‫الية ‪) ،#.5‬إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه(‪#‬سورة فاطر‪ ،‬الية ‪ ،#.10‬صار لقبله أمًما‪#‬أي‬
‫مقصوًدا‪ ،‬واصلها من الم وهو القصد‪ ،‬انظر لسان العرب ‪ ،103 ،1/101‬والمعجم الوسيط ص ‪#.27‬‬
‫يقصده‪ ،‬ورّبا يعبده‪ ،‬وإلهًا يتوجه إليه‪ ،‬بخلف من ل يدري أين ربه؛ فإنه‬
‫@‪@71‬‬

‫ضائع مشتت القلب‪ ،‬ليس لقلبه قبلة يتوجه نحوها‪ ،‬ول معبود يتوجه إليه قصده‪ ،‬وصاحب هذه الحال إذا سلك‬
‫وتأله وتعبد‪ ،‬طلب قلبه إلًها يسكن إليه‪ ،‬ويتوجه إليه‪ ،‬وقد اعتقد أنه ليس فوق العرش شيء إل العدم‪ ،‬وأنه‬
‫ليس فوق العالم إله يعبد‪ ،‬ويصلى له ويسجد‪ ،‬وأنه ليس على العرش من يصعد إليه الكلم الطيب‪ ،‬ول يرفع‬
‫إليه العمل الصالح‪ ،‬جال قلبه في الوجود جميعه‪ ،‬فوقع في التحاد‪ ،‬ول بد‪ ،‬وتعلق قلبه بالوجود المطلق‬
‫الساري في المعينات‪ ،‬فاتخذه إلهه من دون الله الحق‪ ،‬وظن أن ه قد وصل إلى عين الحقيقة‪ ،‬وإنما تأله‬
‫وتعبد لمخلوق مثله‪ ،‬أو لخيال نحته بفكره‪ ،‬واتخذه إلًها من دون ال‪ ،‬وإله الرسل وراء ذلك كله‪) :،‬إن ربكم‬
‫ال الذي خلق السماوات والرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر المر ما من شفيع إل من بعد‬
‫إذنه ذلكم ال ربكم فاعبدوه أفل تذكرون(‪#‬سورة يونس‪ ،‬الية ‪ ،.....#.3‬فقد تعرف سبحانه إلى عباده‬
‫بكلمه معرفة ل يجحدها إل من أنكره سبحانه‪ ،‬وإن زعم أنه مقر به‪.‬‬
‫والمقصود أن التعبد باسم )الظاهر( يجمع القلب على المعبود‪ ،‬ويجعل له رّبا يقصده‪ ،‬وصمًدا يصمد إليه في‬
‫حوائجه‪ ،‬وملجأ يلجأ إليه‪ ،‬فإذا استقر ذلك في قلبه‪ ،‬وعرف ربه باسمه )الظاهر(‪ ،‬استقامت له عبوديته‪،‬‬
‫وصار له معقل وموئل يلجا إليه‪ ،‬ويهرب إليه‪ ،‬ويفر كل وقت إليه"‪#‬طريق الهجرتين وباب السعادتين ص‬
‫‪.#.22،23‬‬

‫أدلة العلو والتنزيه تبطل القول بالحلول‪:‬‬


‫سبقت الشارة إلى أن علو ال على خلقه‪ ،‬واستوائه على عرشه‪ ،‬وكونه في السماء‪ ،‬بائًنا من خلقه‪ ،‬ثابت في‬
‫الكتاب والسنة‪ ،‬ودلت عليه العقول الصريحة السليمة‪ ،‬والفطر المستقيمة‪ ،‬وإجماع المسلمين‪.‬‬
‫@‪@72‬‬

‫فالدلة على ذلك من كتاب ال تعالى وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم كثيرة جّدا‪ ،‬ذكرتها إجمالً في‬
‫التمهيد‪ ،‬مما لعله يغني عن العادة حذًرا من التكرار‪.‬‬
‫يقول أبو سعيد الدارمي )ت ‪ 280‬هـ( بعد أن تحدث عن علو ال تعالى‪" :‬وظاهر القرآن وباطنه‪#‬لعله أراد‬
‫أن بعض اليات يفهم منها تقرير العلو إثباته مباشرة‪ ،‬دون تعمق أو دراسة لتفسيرها وبعضها عند تأمل‬
‫تفسيره يتبين منه دللته على العلو‪ ،‬وهو ما أراده بباطن القرآن‪ ،‬وليس للقرآن باطن يخالف ظاهره‪ ، #.‬كله‬
‫يدل على ذلك ل لبس فيه‪ ،‬ول تأويل إل لمتأول جاحد‪ ،‬يكابر الحجة وهو يعلم أنها عليه‪ ،..‬فظاهر القرآن‬
‫وباطنه يدل على ما وصفنا من ذلك‪ ،‬نستغني فيه بالتنزيل عن التفسير‪ ،‬ويعرفه العامة والخاصة‪ ،‬فليس منه‬
‫لمتأول تأول إل لمكذب به في نفسه‪ ،‬مستتر بالتأويل"‪#‬الرد على الجهمية ص ‪.#.22‬‬
‫ويقول رحمه ال‪" :‬والحاديث عن رسول ال صلى اله عليه وسلم وعن أصحابه والتابعين‪ ،‬ومن بعدهم‪ ،‬في‬
‫هذا أكثر من أن يحصه كتابنا هذا ‪ ،....‬إن المة كلها والمة السالفة قبلها‪ ،‬لم يكونوا يشكون في معرفة ال‬
‫تعالى أنه فوق السماء‪ ،‬بائن من خلقه‪ ،‬غير هذه العصابة الزائغة عن الحق‪ ،‬المخالفة للكتاب‪ ،‬وأثارات العلم‬
‫حا لعلي أبلغ‬
‫كلها‪ ،‬حتى لقد عرف ذلك كثير من كفار المم وفراعنتهم‪) ،‬وقال فرعون يا هامان ابن لي صر ً‬
‫السباب‪ ،‬أسباب السماوات فاطلع إلى إله موسى(‪#‬سورة غافر‪ ،‬اليتان ‪ ، #.36،37‬وذلك لما أن النبياء‬
‫عليهم السلم كانوا يدعونهم إلى ال بذلك"‪#‬الرد على الجهمية ص ‪ ،32 ،31‬وانظر رد المام الدارمي‬
‫عثمان بن سعيد على بشر المريسي العنيد ص ‪#.96‬‬

‫@‪@73‬‬

‫وبعد أن عقد الدرامي باًبا ذكر فيه الدلة على استواء الرب تبارك وتعالى على العرش‪ ،‬وارتفاعه إلى‬
‫السماء‪ ،‬وبينونته من الخلق‪ ،‬والرد على الحلولية قال رحمه ال‪" :‬فهذه الشياء التي اقتصصنا في هذا الباب‪،‬‬
‫قد خلص علم كثير منها على النساء والصبيان‪ ،‬ونطق بكثير منها كتاب ال تعالى‪ ،‬وصدقته الثار عن‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وعن أصحابه والتابعين‪ ،‬وليس هذا من العلم الذي يشكل على أحد من‬
‫العامة والخاصة‪ ،‬غل على هذه العصابة الملحدة في آيات ال‪ ،‬لم يزل العلماء يروون هذه الثار‬
‫ويتناسخونها‪ ،‬ويصدقون بها على ما جاءت‪ ،‬حتى ظهرت هذه العصابة‪ ،‬فكذبوا بها أجمع‪ ،‬وجهلوهم‪،‬‬
‫وخالفوا أمرهم‪ ،‬خالف ال بهم‪....‬‬
‫فمن آمن بهذا القرآن الذي احتججنا منه بهذه اليات‪ ،‬وصدق هذا الرسول الذي روينا عنه هذه الروايات‪،‬‬
‫لزمه القرار بأن ال بكماله فوق عرشه‪ ،‬فوق سماواته‪ ،‬وإل فليحتمل قرآًنا غير هذا؛ ف‪،‬ه غير مؤمن‬
‫بهذا"‪#‬الرد على الجهمية ص ‪.#.36-33‬‬
‫ومما يرد به على الحلولية والتحادية قوله تعالى‪) :‬سبح ل ما في السماوات والرض وهو العزيز‬
‫الحكيم(‪#‬سورة الحديد‪ ،‬الية ‪ ، #.1‬فجميع ما في السماوات والرض يسبح ل‪ ،‬ليس هو ال‪ ،‬ثم قال تعالى‪:‬‬
‫)له ملك السماوات والرض يحيي ويموت وهو على كل شيء قدير‪ ،‬هو الول والخر والظاهر والباطن‬
‫وهو بكل شيء عليم(‪#‬سورة الحديد‪ ،‬اليتان ‪ ، #.3 ،2‬وقد أجمع سلف المة وأئمتها على أن الرب تعالى‬
‫بائن من‬
‫@‪@74‬‬
‫مخلوقاته‪ ،‬يوصف بما يوصف به نفسه‪ ،‬وبما وصفه به رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬من غير تحريف‬
‫ول تعطيل‪ ،‬ومن غير تكييف ول تمثيل‪ ،‬يوصف بصفات الكمال‪ ،‬دون صفات النقص‪ ،‬ويعلم أنه ليس كمثله‬
‫شيء‪ ،‬ول كقوله‪ ،‬في شيء من صفات الكمال‪ ،‬كما قال ال تعالى‪) :‬قل هو ال أحد‪ ،‬ال الصمد‪ ،‬لم يلد ولم‬
‫يولد‪ ،‬ولم يكن له كفًوا أحد(‪#‬سورة الخلص‪ ،#.‬قال ابن عباس‪ :‬الصمد العليم الذي كمل في علمه‪ ،‬العظيم‬
‫الذي كمل في عظمته‪ ،‬القدير الكامل في قدرته‪ ،‬الحكيم الكامل في حكمته‪ ،‬السيد الكامل في سؤدده‪ ،‬وقال ابن‬
‫مسعود وغيره‪ :‬هو الذي ل جوف له‪ ،‬والحد‪ :‬الذي ل نظير له‪ ،‬فاسمه )الصمد( يتضمن اتصافه بصفات‬
‫الكمال‪ ،‬ونفي النقائض عنه‪ ،‬واسمه )الحد( يتضمن اتصافه أنه ل مثل له"‪#‬الفرقان بين أولياء الرحمن‬
‫وأولياء الشيطان ص ‪ ،93،95،96‬وانظر مجموع فتاوى شيخ السلم ابن تيمية ‪،5/228،229‬و‬
‫‪،11/248‬و ‪ ،#.17/238،239‬فكيف بمن يزعم أنه يحل في مخلوقاته‪ ،‬ل شك أن من قاله فقد فارق‬
‫القرآن والسنة‪.‬‬

‫وال سبحانه وتعالى قد بين في القرآن الكريم أنه فوق سماواته‪ ،‬وأنه مستو على عرشه‪ ،‬وأنه بائن من خلقه‪،‬‬
‫وأن الملئكة تعرج إليه‪ ،‬وتنزل من عنده‪ ،‬وأنه رفع المسيح إليه‪ ،‬وأنه يصعد إليه الكلم الطيب‪ ،‬إلى سائر ما‬
‫دلت عليه النصوص الشرعية الثابتة‪ ،‬في كتاب ال تعالى وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم‪ ،‬من مباينته‬
‫لخلقه‪ ،‬وعلوه على عرشه وهي نصوص ظاهرة محكمة‪ ،‬فيجب رد المتشابه‪ ،‬أو ما يوهم ذلك إليها‪.‬‬
‫كما أن ال سبحانه وتعالى قد بين في مواضع من كتابه أنه خلق السماوات والرض وما بينهما‪ ،‬وأن له ملك‬
‫السماوات والرض وما بينهما‪ ،‬وأن الرض‬
‫@‪@75‬‬

‫قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه‪ ،‬وأن كرسيه وسع السماوات والرض‪ ،‬وأنه يمسك السماوات‬
‫والرض‪ ،‬وهي نصوص شرعية صريحة في أن ال تعالى ليس هو عين هذه المخلوقات‪ ،‬ول صفة لها‪ ،‬ول‬
‫جزًءا منها‪ ،‬ول حال فيها؛ فإن الخالق غير المخلوق‪ ،‬وليس بداخل في مخلوقاته‪ ،‬محصوًرا بها‪ ،‬بل هي‬
‫ل فيها‪ ،‬فهي‬
‫ل لها ول حا ّ‬
‫نصوص صريحة في أنه جل وعل مباين لمخلوقاته‪ ،‬وأنه سبحانه ليس مح ً‬
‫نصوص هادية للقلوب والنفوس‪ ،‬عاصمة لها بإذن ال تعالى من الوقوع فيما وقعت فيه الحلولية من منكر‬
‫القول والعتقاد والعمل‪#‬انظر مختصر الصواعق المرسلة ‪.#.2/264،265‬‬
‫وإذا قال السلف والئمة وسائر العلماء المعتبرين بأن ال فوق العرش‪ ،‬وأنه في السماء‪ ،‬فوق كل شيء‪،‬‬
‫ل أو ظرًفا ووعاًء‪ ،‬سبحانه وتعالى عن ذلك‪،‬‬ ‫فإنهم ل يقولون بأن هناك شيًئا يحويه أو يحصره‪ ،‬أو يكون مح ً‬
‫بل هو عز وجل فوق كل شيء‪" ،‬وهو مستغن عن كل شيء‪ ،‬وكل شيء مفتقر إليه‪ ،‬وهو عال على كل‬
‫شيء‪ ،‬وهو الحامل للعرش ولحملة العرش بقوته وقدرته‪ ،‬وكل مخلوق مفتقر إليه‪ ،‬وهو غني عن العرش‪،‬‬
‫وعن كل مخلوق"‪#‬انظر مجموع فتاوى شيخ السلم بن تيمية ‪. #.16/100،101‬‬
‫والحلولية سووا بين ال تعالى وخلقه‪ ،‬إذ زعموا بأن من الخلق من يصبح إلًها‪ ،‬بحلول الله فيه‪ ،‬تعالى ال‬
‫عن قولهم علّوا كبيًرا‪ ،‬وقد فرق كتاب ال تعالى بين الخالق والمخلوق في شيء‪ ،‬فيجعل المخلوق نّدا ومثي ً‬
‫ل‬
‫للخالق‪ ،‬قال تعالى‪) :‬ومن الناس من يتخذ دون ال أنداًدا يحبونهم كحب ال والذين آمنوا أشد حّبا ل(‪#‬سورة‬
‫البقرة‪ ،‬الية ‪ ،#.165‬وقال تعالى‪) :‬هل تعلم له سمّيا( ‪#‬سورة مريم‪ ،‬الية ‪ ،#.65‬وقال تعالى‪) :‬ولم يكن له‬
‫كفًوا أحد(‪#‬سورة الخلص‪ ،‬الية ‪،#4‬‬

‫@‪@76‬‬

‫وقال سبحانه‪) :‬ليس كمثله شيء وهو السميع البصير(‪#‬سورة الشورى‪ ،‬الية ‪ ،#.11‬وضرب ال تعالى‬
‫المثال في القرآن الكريم على من لم يفرق بين الخالق والمخلوق‪ ،‬بل عدل بربه‪ ،‬وسوى بينه وبين خلقه‪،‬‬
‫كما قال أصحاب النار وهم يصطرخون فيها‪) :‬تال إن كنا لفي ضلل مبين‪ ،‬إذ نسويكم برب‬
‫العالمين(‪#‬سورة الشعراء‪ ،‬اليتان ‪ ،#.98 ،97‬وقال تعالى‪) :‬أفمن يخلق كمن ل يخلق أفل تذكرون‪ ،‬وإن‬
‫تعدوا نعمة ال ل تحصوها إن ال لغفور رحيم‪ ،‬وال يعلم ما تسرون ما تعلنون‪ ،‬والذين يدعون من دون ال‬
‫ل يخلقون شيًئا وهم يخلقون‪ ،‬أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون(‪#‬سورة النحل‪ ،‬اليات ‪– 17‬‬
‫‪ ، #.21‬فهو جل وعل الخالق العليم الغفور الرحيم‪ ،‬الحق الحي الذي ل يموت‪ ،‬ومن سواه ل يخلق شيًئا‪،‬‬
‫كما قال تعالى‪) :‬إن الذين تدعون من دون ال لن يخلقوا ذباًبا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيًئا ل‬
‫يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب‪ ،‬وما قدروا ال حق قدره(‪#‬سورة الحج‪ ،‬اليتان ‪ ،#.74،73‬فهذا‬
‫مثل ضربه ال تعالى؛ فإن الذباب من أصغر الموجودات وأحقرها‪ ،‬وكل من يدعى من دون ال‪ ،‬ومن تعتقد‬
‫الحلولية أن الله حل فيهم فأصبحوا آلهة‪ ،‬ل يخلقون ذباًبا ول يقدرون على انتزاع ما يسلبهم الذباب‪ ،‬فهم‬
‫عن خلق غيره وعن مغالبته أعجز وأعجز‪ ،‬فأنى لهم اللوهية‪#‬انظر الفرقان بين الحق والباطل ص‬
‫‪.#.8،9،10‬‬

‫@‪@77‬‬

‫ضا ما ثبت عن معاوية بن الحكم أنه قال‪ :‬أتيت النبي صلى ال عليه وسلم فقلت‪:‬‬ ‫ومما يد به على الحلولية أي ً‬
‫يا رسول ال‪ :‬إن جارية لي ترعى غنًما‪ ،‬فجئتها ففقدت شاة من الغنم‪ ،‬فسألتها عنها فقالت‪ :‬أكلها الذئب‪،‬‬
‫فأسفت عليها‪ ،‬وكنت من بني آدم‪ ،‬فلطمت وجهها وعلي رقبة‪ ،‬أفأعتقتها؟ فقال لها رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم‪" :‬أين ال؟" قالت‪ :‬في السماء‪ ،‬قال‪ :‬من أنا؟" قالت‪ :‬أنت رسول ال‪ ،‬قال‪" :‬أعتقها فإنها مؤمنة"‪#‬أخرجه‬
‫مسلم‪ ،‬كتاب المساجد ومواضع الصلة‪ ،‬باب تحريم الكلم في الصلة‪ ،‬ونسخ ما كان من إباحته ح‬
‫‪. #.537‬‬
‫وقد احتج المام محمد بن إدريس الشافعي )ت ‪ 204‬هـ( بهذا الحديث‪ ،‬في مسألة إعتاق الرقبة المؤمنة في‬
‫الكفارة‪ ،‬وأن غير المؤمنة ل تصح الكفارة بها‪#‬انظر كتاب الم ‪، #.5/266،267‬‬

‫@‪@78‬‬

‫والرسول صلى ال عليه وسلم حكم بإسلمها لما أقرت بأن ربها في السماء‪ ،‬وعرفة بها بصفة العلو‬
‫والفوقية‪.‬‬
‫يقول أبو عثمان الصابوني )ت ‪ 449‬هـ(‪" :‬وإنما احتج الشافعي رحمة ال عليه‪ ،‬على المخالفين في قولهم‬
‫بجواز إعتاق الرقبة الكافرة في الكفارة بهذا الخبر‪ ،‬لعتقاده أن ال سبحانه فوق خلقه‪ ،‬وفوق سبع سماواته‬
‫على عرشه‪ ،‬كما معتقد المسلمين من أهل السنة والجماعة‪ ،‬سلفهم وخلفهم‪ ،‬إذ كان رحمه ال ل يروي خبًرا‬
‫حا ثم ل يقول به"‪#‬عقيدة السلف وأصحاب الحديث ص ‪. #.188‬‬ ‫صحي ً‬

‫أصحاب الحلول يشبهون فرعون وأمثاله‪:‬‬


‫الحلولية فيهم شبه بفرعون‪ ،‬فإن الحلولية نفوا علو ال تعالى وقالوا بأنه ليس فوق السماوات‪ ،‬تماًما كما نفى‬
‫حا لعلي أبلغ السباب‪ ،‬أسباب السماوات فأطلع إلى‬ ‫فرعون‪ ،‬إذ أخبر ال عنه أنه قال‪) :‬يا هامان ابن لي صر ً‬
‫إله موسى وإني لظنه كاذًبا(‪#‬سورة غافر‪ ،‬اليتان ‪ ،#.37،36‬وكان فرعون جاحًدا للرب‪ ،‬فلول أن موسى‬
‫أخبره أن ربه فوق العالم لما قال‪) :‬فأطلع إلى غله موسى وإني لظنه كاذًبا(‪ ،‬قال تعالى‪) :‬وكذلك زين‬
‫لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل وما كيد فرعون إل في تباب(‪#‬سورة غافر‪ ،‬الية ‪ ، #.37‬وقال‬
‫تعالى‪) :‬وقال فرعون يا أيها المل ما علمت لكم من إله غيري فأوقد لي يا هامان على الطين فاجعل لي‬
‫حا لعلي اطلع إلى إله موسى وإني لظنه من الكاذبين‪ ،‬واستكبر هو وجنوده في‬ ‫صر ً‬
‫@‪@79‬‬
‫الرض بغير الحق وظنوا أنهم إلينا ل يرجعون‪ ،‬فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم فانظر كيف كان عاقبة‬
‫الظالمين‪ ،‬وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة ل يبصرون‪ ،‬وأتبعناهم في الدنيا لعنة ويوم القيامة هم‬
‫من المقبوحين(‪#‬سورة القصص‪ ،‬اليات ‪38‬ـ ‪.#43‬‬
‫والرسول محمد صلى ال عليه وسلم لما عرج به إلى ربه تعالى‪ ،‬وفرضت عليه الصلوات الخمس ذكر أنه‬
‫رجع إلى موسى‪ ،‬وأن موسى قال له‪ :‬ارجع إلى ربك فسله التخفيف وعلى أمتك كما ثبت هذا في حديث‬
‫السراء والمعراج ‪#‬أخرجه البخاري في صحيحه كتاب التوحيد‪ ،‬باب ما جاء في قوله عز وجل )وكلم ال‬
‫موسى تكليًما(‪ ،‬ح ‪ ،7517‬وأخرجه مسلم‪ ،‬كتاب اليمان‪ ،‬باب السراء برسول ال صلى ال عليه وسلم إلى‬
‫السماوات‪ ،‬وفرض الصلوات ح ‪ ،#.162‬فموسى عليه السلم صدق محمًدا في أن ربه فوق‪ ،‬وفرعون كذب‬
‫موسى في أن ربه فوق‪ ،‬فالمقرون بعلو ال تعالى وفوقيته متبعون لموسى ومحمد عليهما أفضل الصلة‬
‫والتسليم‪ ،‬والمكذبون بذلك من الحلولية وغيرهم موافقون لفرعون‪#‬انظر الفرقان بين الحق والباطل ص‬
‫‪#.113 ،112‬‬
‫كما أن طوائف الحلولية فيهم شبه من المشركين‪ ،‬الذين قال ال فيهم‪0 :‬قل هل من شركائكم من يبدأ الخلق ثم‬
‫يعيده فأنى تؤفكون‪ ،‬قل هل من شركائكم من يهدي إلى الحق قل ال يهدي للحق أفمن يهدي أحق أن يهدى‬
‫إلى الحق أحق أن يتبع أمن ل يهدي إل أن يهدى فما لكم كيف تحكمون‪ ،‬وما يتبع أكثرهم إل ظّنا إن الظن ل‬
‫يغني من الحق شيًئا إن ال‬
‫@‪@80‬‬

‫عليم بما يفعلون‪ ،‬وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون ال ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل الكتاب ل‬
‫ريب فيه من رب العالمين‪ ،‬أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون ال إن كنتم‬
‫صادقين‪ ،‬بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله( ‪#‬سورة يونس‪ ،‬اليات ‪.#.39-34‬‬
‫فهؤلء المشركون مثلوا المخلوق بالخالق‪ ،‬وهذا من تكذيبهم إياه‪ ،‬ولم يكونوا يسوون بين أصنامهم وبين ال‬
‫في كل شيء‪ ،‬وإنما كانوا يؤمنون بأن ال هو الخالق الرازق المالك؛ وهم مخلوقون مملوكون له‪ ،‬ولكنهم‬
‫كانوا يسوون بينه تعالى وبين أصنامهم في المحبة والتعظيم والدعاء والعبادة والنذر لها‪ ،‬ونحو ذلك من‬
‫خصائص الربوبية‪ ،‬فكيف بمن يعتقد حلول الرب في كل المخلوقات أو بعضها؟ فإنهم اشد مساواة وعد ً‬
‫ل‬
‫لمعظميهم بال تعالى‪ ،‬ومن عدل بال وغيره شيء من خصائصه عز وجل فهو مشرك‪ ،‬بخلف من ل يعدل‬
‫به‪ ،‬ولكن يذنب مع اعترافه بان ال تعالى وحده ربه وإلهه‪#‬انظر الفرقان بين الحق والباطل ص ‪#.12 ،11‬‬

‫فساد أقوالهم وتناقضها‪:‬‬

‫ضا‪ ،‬وأكثر المور‬‫ل شك أن أقوال أهل الحلول والتحاد ونحوهما من أفسد القوال وأكذبها وأعظمها تناق ً‬
‫أدلة على نقيضها‪ ،‬من الدلة النقلية والعقلية لكن قد تشتبه بعض أصولهم على كثير من الناس‪ ،‬فيظنوا أن‬
‫ذلك برهان عقلي معارض للقرآن اللهي‪ ،‬والحق أن البراهين العقلية تأتي موافقة للقرآن‪ ،‬ومعاضدة له‪ ،‬ل‬
‫مناقضة ول معارضة‪ ،‬كما أن دلئل اليات والفاق العيانية تأتي موافقة‬
‫@‪@81‬‬

‫للدلئل القرآنية؛ إذ كانت أدلة الحق شهوًدا صادقين‪ ،‬وحكاًما ل يثبت عندهم إل الحق المبين‪ ،‬ومن المعلوم‬
‫أن أخبار الصادقين‪ ،‬وشهاداتهم‪ ،‬وإثباتاتهم تتفاوت وتتعاضد وتتساعد‪ ،‬ل تتناقض ول تتعارض‪.‬‬
‫ل‪ ،‬وإن حصل لبعضهم شأن‬ ‫ل‪ ،‬وأعظمهم جه ً‬ ‫أما الحلولية‪ ،‬من الجهمية ونحوهم فهم أفسد الناس عق ً‬
‫وسلطان‪ ،‬كما حصل لفرعون ونمرود بن كنعان ونحوهما؛ ولهذا وصف ال هؤلء وأشباههم بأنهم ل‬
‫يسمعون ول يعقلون‪ ،‬ومن تدبر الحقائق‪ ،‬وتأمل أحوال الخلئق‪ ،‬وجد أن كل من كان أقرب إلى التصديق‬
‫ل‪ ،‬وأن كل من كان أبعد عن التصديق بما‬ ‫بما جاءت به الرسل والعمل به‪ ،‬واتباعه‪ ،‬كان أكمل سمًعا وعق ً‬
‫ل‪ ،‬وأن كل من كان أبعد عن التصديق بما جاءت‬ ‫جاعت به الرسل والعمل به‪ ،‬واتباعه‪ ،‬كان أكمل سمًعا وعق ً‬
‫به الرسل والعمل به‪ ،‬واتباعه‪ ،‬كان أنقص سمًعا وعقل‪ ،‬وهؤلء الحلولية من هذا النوع الثاني؛ فإنهم قلبوا‬
‫حقائق الدلة الشرعية والبراهين العقلية‪ ،‬فحرفوا اليات‪ ،‬وبدلوها بالتأويل‪ ،‬بعد أن أفسدوا العقول بزخارف‬
‫الباطيل‪#‬انظر درء تعارض العقل والنقل ‪. #.7/83،84‬‬
‫وصدق ال العظيم إذ يقول‪) :‬وكذلك جعلنا لكل نبي عدّوا شياطين النس والجن يوحي بعضهم إلى بعض‬
‫زخرف القول غروًرا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون‪ ،‬ولتصغى إليه أفئدة الذين ل يؤمنون‬
‫بالخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون‪ ،‬أفغير ال أبتغي حكًما وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفص ً‬
‫ل‬
‫والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك‬
‫@‪@82‬‬
‫ل ل مبدل لكلماته وهو السميع العليم(‪#‬سورة‬ ‫بالحق فل تكونن من الممترين‪ ،‬وتمت كلمة ربك صدًقا وعد ً‬
‫النعام‪ ،‬اليات ‪.#.115-112‬‬
‫وقد رد أبو سعيد الدارمي )ت ‪ 280‬هـ( على الحلولية بقوله‪" :‬أرأيتم إذ قلتم‪ :‬هو في كل مكان‪ ،‬وفي كل‬
‫خلق‪ ،‬أكان ال إلًها واحّدا قبل أن يخلق الخلق والمكنة؟ قالوا‪ :‬نعم‪ ،‬قلنا‪ :‬فحين خلق الخلق والمكنة التي‬
‫خلقها بزعمكم‪ ،‬أو لم يجد بّدا من أن يصير فيها‪ ،‬أو لم يستغن عن ذلك؟قالوا‪ :‬بلى‪ ،‬قلنا‪ :‬فما الذي دعا الملك‬
‫القدوس إذ هو على عرشه في عزه وبهائه بائن من خلقه أن يصير في المكنة القذرة‪ ،‬وأجواف الناس‪،‬‬
‫والطير والبهائم‪ ،‬ويصير في كل زاوية وحجرة ومكان منه شيء؟‬
‫لقد شوهتم معبودكم إذ كانت هذه صفته‪ ،‬وال أعلى وأجل من أن تكون هذه صفته‪ ،‬فل بد لكم من أن تأتوا‬
‫ببرهان بين على دعواكم من كتاب ناطق أو سنة ماضية‪ ،‬أو إجماع من المسلمين‪ ،‬ولن تأتوا بشيء منه‬
‫أبًدا"‪#‬الرد على الجهمية ص ‪#.19 ،18‬‬
‫ثم ساق في معرض الرد عليهم الدلة الدالة على علو ال تعالى واستوائه على عرشه‪ ،‬ثم قال‪" :‬فهل من‬
‫حجة أشفى وأبلغ مما احتججنا به عليك من كتاب ال تعالى‪ ،‬ثم الروايات لتحقيق ما قلنا متظاهرة عن رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم وأصحابه والتابعين"‪#‬المصدر السابق ص ‪ #.20‬ثم أشار إلى الدليل الفطري‬
‫ل‪" :‬ثم إجماع من الولين والخرين‪ ،‬والعالمين منهم والجاهلين‪ ،‬أن كل واحد ممن مضى‬ ‫والجماع عليه قائ ً‬
‫وممن غير إذ استغاث بال تعالى أو دعاه‪ ،‬أو سأله‪ ،‬يمد يديه وبصره إلى السماء‪ ،‬يدعوه‬

‫@ ‪@83‬‬

‫منها‪ ،‬ولم يكونوا يدعوه من أسفل منهم مت تحت الرض‪ ،‬ول من أمامهم‪ ،‬ول من خلفهم‪ ،‬ول عن أيمانهم‬
‫ول عن شمائلهم‪ ،‬إل من فوق السماء؛ لمعرفتهم بال أنه فوقهم‪ ،‬حتى اجتمعت الكلمة من المصلين في‬
‫سجودهم‪ :‬سبحان ربي العلى‪ ،‬ل ترى أحًدا يقول‪ :‬ربي لسفل"‪#‬المصدر السابق ص ‪#.21‬‬
‫ثم يرد عليهم مبدًيا عجبه وتحذيره من مخالفتهم للنصوص الشرعية‪ ،‬وإجماع المة السلمية‪ ،‬فيقول‪" :‬ويلكم‬
‫إجماع من الصحابة‪ ،‬والتابعين‪ ،‬وجميع المة‪ ،‬من تفسير القرآن والفرائض‪ ،‬والحدود‪ ،‬والحكام‪ :‬نزلت آية‬
‫كذا في كذا‪ ،‬ونزلت آية كذا في كذا‪ ،‬ونزلت سورة كذا في مكان كذا‪ ،‬ل نسمع أحًدا يقول‪ :‬طلعت من تحت‬
‫الرض‪ ،‬ول‪ :‬جاءت من أمام‪ ،‬ول من خلف‪ ،‬ولكن كله‪ :‬نزلت من فوق‪ ،‬وما يصنع بالتنزيل من هو بنفسه‬
‫ل من فوق السماء مع جبريل؛ إذ يقول سبحانه وتعالى‪) :‬قل‬
‫في كل مكان؟ إنما يكون شبه مناولة‪ ،‬ل تنزي ً‬
‫نزله روح القدس من ربك بالحق(‪#‬سورة النحل‪ ،‬الية ‪ ، #.102‬والرب بزعمكم الكاذب في البيت معه‪،‬‬
‫وجبريل يأتيه من خارج‪ ،‬هذا واضح ولكنكم تغالطون‪ ،‬فمن يقصد بإيمانه وعبادته إلى ال الذي استوى على‬
‫العرش فوق سماواته‪ ،‬وبان من خلقه؛ فإنما يعبد غير ال‪ ،‬ول يدري أين ال"‪#‬الرد على الجهمية ص ‪#.33‬‬
‫‪.‬‬
‫وقال في موضع آخر‪" :‬ومن لم يعرف إلهه فوق عرشه‪ ،‬فوق سماواته‪ ،‬فإنما يعبد غير ال‪ ،‬ويقصد بعبادته‬
‫إلى إلهه في الرض‪ ،‬ومن قصد بعبادته إلى إلهه في الرض كان كعابد وثن‪ ،‬لن الرحمن على العرش‪،‬‬
‫والوثان في الرض"‪#‬رد المام الدارمي عثمان بن سعيد على بشر المريسي العنيد ص ‪#.95‬‬

‫@‪@84‬‬
‫عجًبا لمر الحلولية والتحادية وأصحاب وحدة الوجود‪ ،‬كيف يزعمون انه حال في كل مكان‪ ،‬وأنه موجود‬
‫في كل الوجود فيه منازل خربة‪ ،‬ودور ملهي‪ ،‬وحشوش‪ ،‬ومرابض بهائم‪ ،‬ومراحيض‪ ،‬وبيوت للبغايا‬
‫والراقصات‪ ،‬فهل يليق العتقاد بأن ال موجود في هذه المكنة؟ حاشا وكل‪ ،‬سبحانه وتعالى عما يصفه‬
‫بالحلولية ونحوهم‪#‬انظر صراع بين الحق والباطل ص ‪#.176‬‬
‫ل‪ ،‬وليس بأيديهم‬ ‫يقول ابن حزم )ت ‪ 456‬هـ( رّدا على فرق الحلولية‪" :‬وكل هذه الفرق ل تتعلق بحجة أص ً‬
‫إل دعوى اللهام والقحة والمجاهرة بالكذب‪ ،‬ول يلتفتون إلى مناظرة‪ ،‬ويكفي في الرد عليهم أن يقال لهم‪ :‬ما‬
‫ضا فإن جميع فرق‬ ‫الفرق بينكم وبين من ادعى أنه ألهم بطلن قولكم؟ ول سبيل إلى النفكاك من هذا‪ ،‬وأي ً‬
‫السلم متبرئة منهم‪ ،‬مكفرة لهم‪ ،‬مجمعون على أنهم على غير السلم‪ ،‬نعوذ بال من الخذلن‪...‬‬
‫ضا فإن قولهم‪ :‬في كل مكان‪ ،‬خطأ‪ ،‬لنه ل يلزم بموجب هذا القول‪ ،‬أنه يمل الماكن كلها‪ ،‬وأن يكون ما‬ ‫وأي ً‬
‫في الرض فيه ال‪ ،‬تعالى ال عن ذلك‪ ،‬وهذا محال‪ ،...‬فل يجوز أن يطلق القول بأن ال تعالى في كل‬
‫مكان‪ ،‬ل على تأويل ول غيره‪#"..‬الفصل في الملل والهواء والنحل ‪#.2/114،115،123‬‬
‫ويلزم من كلم الحلولية إلغاء الرسالة برمتها‪ ،‬وما جاءت به‪ ،‬وأنه ل فائدة من الرسل والنبياء‪ ،‬لن ذات ال‬
‫حلت في خلقه – على زعمهم – وبذلك انعدمت الفوارق بين ال والخلق‪ ،‬فل حاجة للرسل والرسالت‪#‬انظر‬
‫الغلو والفرق الغالية ص ‪ ،128‬وحركة الغلو وأصولها الفارسية ص ‪#.26‬‬
‫فالحلول باطل؛ لنه يستلزم افتقار الخالق إلى المخلوق الذي حل فيه‪ ،‬كما يستلزم "إمكان الحال"‪ ،‬وقدم‬
‫جا إليه‬
‫المحل‪ ،‬وانقلب الغني عن الشيء محتا ً‬
‫وكذلك يستلزم النقسام والصغر والحقارة؛ إذ زعموا حلوله في جميع العضاء‪ ،‬وأصغرها‪ ،‬وأرذلها‪#‬انظر‬
‫شرح المقاصد ‪#.2/51،50‬‬
‫يقول شيخ السلم ابن تيمية‪" :‬وكل من وقع بنوع من الحلول لزم افتقار الخالق إلى غيره‪ ،‬واستغناء غيره‬
‫جا إليه بوجه من الوجوه امتنع الحلول‪ ،‬سواء قيل‪ :‬إن الحال قائم‬ ‫عنه؛ فإن الحال في غيره إن لم يكن محتا ً‬
‫بنفسه أو بغيره‪.‬‬
‫ل‪ ،‬ل كحلول الجسام‪ ،‬ول العراض‪ ،‬وحينئذ ل يلزم افتقاره فيه إلى غيره‪،‬‬ ‫فإن قال الحلولي‪ :‬أنا أثبت حلو ً‬
‫قيل‪ :‬هذا ل حقيقة له‪ ،‬وهو كقول من قال‪ :‬اثبت قيامه بغيره‪ ،‬من غير احتياج إلى ذلك المحل الذي من شأنه‬
‫سا له ول مبايًنا‬ ‫أن يقوم ما قام فيه؛ لن قيامه بالغير ليس كقيام الجسام والعراض‪ ،‬وأثبته في غيره ل مما ّ‬
‫له"‪#‬درء تعارض العقل والنقل ‪ ،10/287،288‬وانظر ‪#.150،158،159 ،6/149‬‬
‫ويقول شيخ السلم ابن تيمية‪" :‬فإذا رأيت الدلئل اليقينية تدل على أن ما أخبر به الرسول ل يناقض‬
‫العقول‪ ،‬بل يوافقها‪ ،‬وأن ما ادعاه النفاة من مناقضة البرهان لمدلول القرآن قول باطل‪ ،‬فل تعجب من كثرة‬
‫أدلة الحق‪ ،‬وخفاء ذلك على كثيرين؛ فإن دلئل الحق كثيرة‪ ،‬وال يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم‪ ،‬وق‬
‫لهذه العقول التي خالفت الرسول‪ ،‬في مثل هذه الصول‪ :‬عقول كادها باريها‪ ،‬واتل قوله تعالى‪) :‬وجعلنا لهم‬
‫سمًعا وأبصاًرا وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ول أبصارهم ول أفئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون بآيات ال‬
‫وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون(‪#‬سورة الحقاف‪ ،‬الية ‪#".. #.26‬درء تعارض العقل والنقل‬
‫‪ #.7/84،85‬وهكذا يقال لطوائف الحلولية التي عميت أسماعهم وأبصارهم وأفئدتهم عن الحق‪ ،‬نسأل ال‬
‫الهداية والتوفيق‪.‬‬
‫@‪@86‬‬

‫الخاتمة‪:‬‬
‫الحمد ل الذي أعان على هذا البحث بالتمام‪ ،‬والصلة والسلم على نبينا محمد خير النام‪ ،‬وعلى آله‬
‫وصحبه‪ ،‬وكل من اتخذه القدوة والمام‪.‬‬
‫وبعد‪:‬‬
‫فقد جلى هذا البحث أموًرا مهمة‪ ،‬ومسائل جديرة بالشارة‪ ،‬من أهمها‪:‬‬
‫أنه يجب على كل مسلم أن يقدر ال حق قدره‪ ،‬ومن ذلك اليمان بأسمائه وصفاته الثابتة له‬ ‫‪-1‬‬
‫سبحانه وتعالى‪ ،‬في الكتاب والسنة‪ ،‬وأن يجعلهما المصدر الوحيد لتلقي العقيدة‪.‬‬
‫يجب أن ينزه ال عن جميع النقائص‪ ،‬فينفي عنه سبحانه كل ما نفي عنه في الكتاب والسنة‪،‬‬ ‫‪-2‬‬
‫وأن يعتقد بأنه عز وجل منزه عن كل نقص‪.‬‬
‫أن من أصول اليمان التي يجب على كل مسلم اعتقادها‪ ،‬اليمان بأن ال تعالى فوق‬ ‫‪-3‬‬
‫سماواته‪ ،‬مستو على عرشه‪ ،‬عال على خلقه‪ ،‬بذاته وقدره وسلطانه‪ ،‬كما دلت على ذلك الدلة النقلية‬
‫والعقلية والفطرية وإجماع المسلمين‪.‬‬
‫لقد ضلت طوائف تنتسب إلى السلم‪ ،‬فنفت علو ال تعالى‪ ،‬وزعمت حلوله في كل مكان‪،‬‬ ‫‪-4‬‬
‫أو في بعض المكنة‪ ،‬أو في بعض من يعظمونها من الشخاص‪ ،‬كما أن هناك من فرق الضلل من‬
‫ل يدري أين ربه والعياذ بال تعالى‪.‬‬
‫القول بالحلول كفر بال العلي العظيم‪ ،‬فهو وصف ل بالنقائص ومعارضة للدلة الكثيرة من‬ ‫‪-5‬‬
‫كتاب ال وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ومخالفة للفطر السليمة‪ ،‬والعقول المستقيمة‪.‬‬

‫@‪@87‬‬
‫عقيدة الحلول باطلة‪ ،‬تحيلها العقول الصريحة؛ إذ ل يمكن تصورها بحال‪ ،‬وترفضها الفطر‬ ‫‪-6‬‬
‫التي لم تتلوث بآراء البشر وفلسفاتهم‪.‬‬
‫لئمة الدين وعلماء الملة أقوال مشهورة في الرد على طوائف الحلولية‪ ،‬منذ أن نشأت‪،‬‬ ‫‪-7‬‬
‫والتحذير منها‪.‬‬
‫يتفرع عن القول بالحلول فروع سيئة‪ ،‬ويلزم من العتقاد به لوازم خطيرة‪ ،‬تتمثل في نفي‬ ‫‪-8‬‬
‫النصوص الشرعية الكثيرة‪ ،‬الدالة على خلف الحلول‪ ،‬كما يلزم منه وصف ال تعالى له بالنقائص‪،‬‬
‫وتعطيله عن صفات الكمال‪ ،‬وتشبيهه بالمخلوقات‪ ،‬كما يلزم في هذه العقيدة الباطلة تصحيح عبادات‬
‫المشركين‪ ،‬على اختلفهم‪ ،‬بحجة إمكانية حلول الرب في معبوداتهم‪.‬‬
‫نسأل ال إخلص النية‪ ،‬وحسن التباع‪ ،‬وصلى ال على نبينا محمد وآله وسلم‪.‬‬
‫@‪@88‬‬

‫فهرس المصادر والمراجع‪:‬‬

‫البانة عن أصول الدانة أبو الحسن الشعري‪ ،‬اشرف على طبعه جامعة المام‬ ‫‪.1‬‬
‫محمد بن سعود السلمية‪.‬‬
‫ابن سبأ حقيقة ل خيال‪ ،‬سعدي الهاشمي مكتبة الدار‪ ،‬المدينة المنورة الطبعة الولى‬ ‫‪.2‬‬
‫‪ 1406‬هـ‪.‬‬
‫إثبات صفة العلو‪ ،‬ابن قدامة المقدسي‪ ،‬الدار السلفية‪ ،‬الكويت‪ ،‬الطبعة الولى‬ ‫‪.3‬‬
‫‪1406‬هـ‪.‬‬
‫اجتماع الجيوش السلمية على غزو المعطلة والجهمية‪ ،‬ابن قيم الجوزية‪ ،‬مطبعة‬ ‫‪.4‬‬
‫المام‪ ،‬مصر‪.‬‬
‫أخبار القرامطة‪ ،‬سهيل زكار‪ ،‬دار الكوثر‪ ،‬الرياض‪ 1410 ،‬هـ‪.‬‬ ‫‪.5‬‬
‫الستقامة شيخ السلم ابن تيمية أشرف على طباعته جامعة المام‪ ،‬الرياض‬ ‫‪.6‬‬
‫الطبعة الولى ‪ 1404‬هـ‪.‬‬
‫أصول الدين عبد القاهر البغدادي‪ ،‬درا الكتب العلمية‪ ،‬بيروت الطبعة الثانية ‪1400‬‬ ‫‪.7‬‬
‫هـ‪.‬‬
‫أضواء على العقيدة الدرزية‪ ،‬أحمد الفوزان‪ ،‬بدون ذكر دار نشر‪1979 ،‬م‪.‬‬ ‫‪.8‬‬
‫العتصام‪ ،‬أبو إسحاق الشاطبي‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪ 1405 ،‬هـ‪.‬‬ ‫‪.9‬‬
‫اعتقادات فرق المسلمين والمشركين‪ ،‬فخر الدين الرازي‪ ،‬مكتبة مدبولي‪ ،‬القاهرة‬ ‫‪.10‬‬
‫الطبعة الولى ‪ 1413‬هـ‪.‬‬
‫العلم‪ ،‬خير الدين الزركلي‪ ،‬دار العلم للمليين‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة السابعة ‪1976‬م‪.‬‬ ‫‪.11‬‬
‫الم‪ ،‬المام محمد بن إدريس الشافعي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة الولى‬ ‫‪.12‬‬
‫‪ 1413‬هـ‪.‬‬
‫النسان الكامل‪ ،‬عبد الكريم الجيلي‪ ،‬مطبعة مصطفى البابي الحلبي‪ ،‬الطبعة الرابعة‬ ‫‪.13‬‬
‫‪ 1402‬هـ‪.‬‬
‫@‪@89‬‬

‫البابية عرض ونقد‪ ،‬إحسان إلهي ظهير‪ ،‬إدارة ترجمان السنة‪ ،‬لهور‪ ،‬باكستان‪ ،‬الطبعة السادسة‪،‬‬ ‫‪.14‬‬
‫‪ 1404‬هـ‪.‬‬
‫الباكورة السليمانية‪ ،‬سليمان أفندي الذني‪ ،‬دار الصحوة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة الولى ‪ 1410‬هـ‪.‬‬ ‫‪.15‬‬
‫البدء والتاريخ‪ ،‬المطهر بن طاهر المقدسي‪ ،‬مكتبة خياط‪ ،‬بيروت بدون تاريخ‪.‬‬ ‫‪.16‬‬
‫البداية والنهاية‪ ،‬أبو الفداء إسماعيل بن كثير‪ ،‬مطبعة كردستان‪ ،‬مصر‪ ،‬الطبعة الولى ‪ 1347‬هـ‪.‬‬ ‫‪.17‬‬
‫الرهان في معرفة عقائد أهل الديان‪ ،‬أبو الفضل السكسكي‪ ،‬مكتبة المنار‪ ،‬الردن الطبعة الولى‬ ‫‪.18‬‬
‫‪ 1408‬هـ‪.‬‬
‫بهاء ال والعصر الجديد إسملنت البهائي بدون دار نشر ول تاريخ‪.‬‬ ‫‪.19‬‬
‫البهائية تاريخها وعقيدتها‪ ،‬عبد الرحمن الوكيل‪ ،‬درا المدني‪ ،‬جدة والقاهرة‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1407‬‬ ‫‪.20‬‬
‫هـ‪.‬‬
‫بيان تلبيس الجهمية‪ ،‬أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية‪ ،‬مطبعة الحكومة‪ ،‬مكة المكرمة‪،‬‬ ‫‪.21‬‬
‫الطبعة الولى ‪ 1392‬هـ‪.‬‬
‫تاريخ بغداد‪ ،‬أحمد بن علي الخطيب‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬بدون تاريخ‪.‬‬ ‫‪.22‬‬
‫تاريخ المذاهب السلمية‪ ،‬محمد أبو زهرة‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬بدون ذكر المكان ‪1987‬م‪.‬‬ ‫‪.23‬‬
‫تأويل مختلف الحديث‪ ،‬أبو محمد عبد ال بن مسلم بن قتيبة‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬بيروت‪.‬‬ ‫‪.24‬‬
‫التبصير في الدين‪ ،‬أبو المظفر السفراييني‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬الطبعة الولى ‪ 1403‬هـ‪.‬‬ ‫‪.25‬‬
‫التعريفات‪ ،‬علي بن محمد الجرجاني‪ ،‬دار الكتاب المصري‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة الولى ‪ 1411‬هـ‪.‬‬ ‫‪.26‬‬
‫تفسير القمي‪ ،‬علي بن إبراهيم القمي‪ ،‬منشورات العلمي‪ ،‬طهران بدون تاريخ‪.‬‬ ‫‪.27‬‬
‫التقمص‪ ،‬أمين طليع عويدات‪ ،‬بيروت‪ ،‬باريس‪ ،‬الطبعة الولى ‪1980‬م‪.‬‬ ‫‪.28‬‬
‫@‪@90‬‬
‫تلبيس إبليس‪ ،‬عبد الرحمن بن الجوزي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬بدون تاريخ‪.‬‬ ‫‪.29‬‬
‫التمهيد‪ ،‬أبو عمرو يوسف بن عبد البر‪ ،‬وزارة عموم الوقاف والشؤون السلمية‪ ،‬المغرب ‪1387‬‬ ‫‪.30‬‬
‫هـ‪.‬‬
‫التنبيه والد على أهل الهواء والبدع‪ ،‬أبو الحسين محمد الملطي‪ ،‬رمادي لنشر‪ ،‬الدمام الطبعة‬ ‫‪.31‬‬
‫الولى ‪1414‬هـ‪.‬‬
‫تهذيب تاريخ دمشق‪ ،‬علي بن الحسن بن عساكر‪ ،‬تهذيب عبد القادر بدران‪ ،‬درا المسيرة بيروت‪،‬‬ ‫‪.32‬‬
‫‪ 1399‬هـ‪.‬‬
‫جامع الفرق والمذاهب السلمية‪ ،‬عبد المير مهنا جريس‪ ،‬المركز الثقافي العربي‪ ،‬بيروت الطبعة‬ ‫‪.33‬‬
‫الولى ‪1992‬م‪.‬‬
‫الحاوي للفتاوي‪ ،‬جلل الدين عبد الرحمن السيوطي‪ ،‬المكتبة التجارية‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة الثالثة‬ ‫‪.34‬‬
‫‪ 1387‬هـ‪.‬‬
‫الحجة في بيان المحجة وشرح عقيدة أهل السنة‪ ،‬قوام السنة الصبهاني‪ ،‬دار الراية‪ ،‬الرياض‪ ،‬الطبعة‬ ‫‪.35‬‬
‫الولى ‪ 1400‬هـ‪.‬‬
‫الحركات الباطنية في العالم السلمي‪ ،‬محمد أحمد الخطيب‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬الرياض ‪ 1404‬هـ‪.‬‬ ‫‪.36‬‬
‫حركات الغلو والتطرف السلمي‪ ،‬أحمد عبد القادر الشاذلي‪ ،‬الدار المصرية للكتب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬بدون‬ ‫‪.37‬‬
‫تاريخ‪.‬‬
‫حركة الغلو وأصولها الفارسية‪،‬نظلة الجبوري‪ ،‬مكتبة ابن تيمية‪.‬‬ ‫‪.38‬‬
‫حقيقة مذهب التحاديين أو وحدة الوجود وبطلنه‪ ،‬شيخ السلم ابن تيمية إدارة الترجمة والتأليف‪،‬‬ ‫‪.39‬‬
‫فيصل آباد‪ ،‬باكستان‪.‬‬
‫خبيئة الكوان في افتراق المم على المذاهب والديان‪ ،‬محمد صديق حسن خان‪ ،‬دار الكتب العلمية‪،‬‬ ‫‪.40‬‬
‫بيروت‪ ،‬الطبعة الولى ‪ 1405‬هـ‪.‬‬
‫دائرة معارف القرن العشرين‪ ،‬محمد فريد وجدي‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت ‪1971‬م‪.‬‬ ‫‪.41‬‬
‫@‪@91‬‬

‫درء تعارض العقل والنقل‪ ،‬شيخ السلم بن تيمية‪ ،‬أشرف على طبعة جامعة المام‪ ،‬الرياض‪،‬‬ ‫‪.42‬‬
‫الطبعة الولى ‪ 1399‬هـ‪.‬‬
‫دراسات في الفرق والعقائد السلمية‪ ،‬عرفان عبد الحميد‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت الطبعة الولى‬ ‫‪.43‬‬
‫‪ 1404‬هـ‪.‬‬
‫دراسات في الفرق والمذاهب القديمة المعاصرة‪ ،‬عبد ال المين‪ ،‬دار الحقيقة‪ ،‬بيروت الطبعة‬ ‫‪.44‬‬
‫الولى ‪ 1406‬هـ‪.‬‬
‫دراسة عن الفرق في تاريخ المسلمين‪ ،‬أحمد محمد جلي‪ ،‬مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات‬ ‫‪.45‬‬
‫السلمية‪ ،‬الرياض ‪ 1406‬هـ‪.‬‬
‫ديوان ابن هانئ الندلسي‪ ،‬أبو القاسم محمد هانئ‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪1964 ،‬م‪.‬‬ ‫‪.46‬‬
‫ذكر مذاهب الفرق الثنتين وسبعين المخالفة للسنة والمبتدعين‪ ،‬عبد ال بن أسعد اليافعي‪ ،‬دار‬ ‫‪.47‬‬
‫البخاري‪ ،‬لمدينة المنورة‪ ،‬الطبعة الولى ‪ 1410‬هـ‪.‬‬
‫رد الدارمي عثمان بن سعيد على بشر المريسي العنيد‪ ،‬المام الدرامي‪ ،‬درا الكتب العلمية‪،‬‬ ‫‪.48‬‬
‫بيروت‪ ،‬الطبعة الولى ‪ 1358‬هـ‪.‬‬
‫الرد على الجهمية‪ ،‬أبو سعيد الدرامي‪ ،‬المكتب السلمي‪ ،‬بيروت الطبعة الرابعة ‪ 1402‬هـ‪.‬‬ ‫‪.49‬‬
‫الرد على الجهمية والزنادقة‪ ،‬المام أحمد بن حنبل‪ ،‬درا اللواء‪ ،‬الرياض‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ 1402‬هـ‪.‬‬ ‫‪.50‬‬
‫الرسائل السبع في العقائد شرح الفقه الكبر لبي حنيفة‪ ،‬شرح أبي منصور الماتريدي‪ ،‬مطبعة‬ ‫‪.51‬‬
‫جمعية دائرة المعارف العثمانية – حيدر آباد الهند ‪ 1367‬هـ‪.‬‬
‫سنن ابن ماجه‪ ،‬أبو عبد ال محمد بن يزيد بن ماجه‪ ،‬دار الدعوة‪ ،‬استنبول‪ 1401 ،‬هـ‪.‬‬ ‫‪.52‬‬
‫سنن أبي داود‪ ،‬أبو داود سليمان بن الشعث السجستاني‪ ،‬دار الدعوة‪ ،‬استانبول‪ 1401 ،‬هـ‪.‬‬ ‫‪.53‬‬
‫سنن الترمذي‪ ،‬أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي‪ ،‬دار الدعوة‪ ،‬استانبول‪ 1401 ،‬هـ‪.‬‬ ‫‪.54‬‬
‫سلسلة الحاديث الصحيحة‪ ،‬محمد ناصر الدين اللباني المكتب السلمي‪ ،‬بيروت‪ 1392 ،‬هـ‪.‬‬ ‫‪.55‬‬
‫السنة‪ ،‬عبد ال بن المام أحمد‪ ،‬دار ابن القيم‪ ،‬الدمام‪ ،‬الطبعة الولى ‪ 1406‬هـ‪.‬‬ ‫‪.56‬‬
‫سير أعلم النبلء‪ ،‬شمس الدين محمد بن أحمد الذهبي‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت الطبعة الثالثة‬ ‫‪.57‬‬
‫‪ 1405‬هـ‪.‬‬
‫شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة‪ ،‬هبة ال الللكائي‪ ،‬دار طيبة‪ ،‬الرياض الطبعة السابعة‬ ‫‪.58‬‬
‫‪ 1422‬هـ‪.‬‬
‫شرح الشفاء للقاضي عياض‪ ،‬شرحه المل علي القاري‪ ،‬دار الباز‪ ،‬مكة المكرمة‪.‬‬ ‫‪.59‬‬
‫شرح العقيدة الطحاوية‪ ،‬علي بن أبي العز الحنفي‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1413‬‬ ‫‪.60‬‬
‫هـ‪.‬‬
‫شرح العقيدة الواسطية لبن تيمية‪ ،‬محمد بن صالح العثيمين‪ ،‬دار الثريا للنشر الرياض‪ ،‬الطبعة‬ ‫‪.61‬‬
‫الولى ‪ 1422‬هـ‪.‬‬
‫شرح مشكلت الفتوحات المكية لبن عربي‪ ،‬شرح عبد الكريم الجيلي‪ ،‬درا سعاد الصباح‪ ،‬الكويت‬ ‫‪.62‬‬
‫الطبعة الولى ‪ 1422‬هـ‪.‬‬
‫شرح المقاصد‪ ،‬مسعود بن عمر التفتازاني‪ ،‬درا إحياء الكتب العربية‪ ،‬القاهرة بدون تاريخ‪.‬‬ ‫‪.63‬‬
‫شرح نهج البلغة‪ ،‬عبد الحميد بن أبي الحديد‪ ،‬دار إحياء الكتب العربية‪ ،‬القاهرة بدون تاريخ‪.‬‬ ‫‪.64‬‬
‫الشريعة‪ ،‬أبو بكر محمد بن الحسين الجري‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة الولى ‪1403‬‬ ‫‪.65‬‬
‫هـ‪.‬‬
‫شعر ابن الفارض‪ ،‬عبد الخالق محمود‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪ 1984‬هـ‪.‬‬ ‫‪.66‬‬
‫صحيح البخاري‪ ،‬أبو عبد ال محمد بن إسماعيل البخاري‪ ،‬دار الدعوة‪ ،‬استانبول‪ 1401 ،‬هـ‪.‬‬ ‫‪.67‬‬
‫صحيح الجامع الصغير وزيادته‪ ،‬محمد ناصر الدين اللباني‪ ،‬المكتب السلمي‪ ،‬دمشق الطبعة‬ ‫‪.68‬‬
‫الثانية ‪ 1399‬هـ‪.‬‬

‫صحيح سنن ابن ماجه‪ ،‬محمد ناصر الدين اللباني‪ ،‬المكتب السلمي‪ ،‬دمشق‪ ،‬الطبعة الثانية‬ ‫‪.69‬‬
‫‪ 1399‬هـ‪.‬‬

‫صحيح سنن الترمذي‪ ،‬محمد ناصر الدين اللباني‪ ،‬مكتبة المعارف‪ ،‬الرياض‪ ،‬الطبعة الولى‬ ‫‪.70‬‬
‫‪ 1420‬هـ‪.‬‬

‫صحيح مسلم‪ ،‬أبو الحسين مسلم بن حجاج القشيري‪ ،‬درا الدعوة‪ ،‬استانبول‪ 1401 ،‬هـ‪.‬‬ ‫‪.71‬‬

‫صحيح مسلم بشرى النووي‪ ،‬أبو زكريا يحيى بن شرف النووي‪ ،‬نشر وتوزيع إدارات البحوث‬ ‫‪.72‬‬
‫العلمية والفتاء والدعوة والرشاد‪ ،‬الرياض‪.‬‬

‫صراع بين الحق والباطل‪ ،‬سعد صادق محمد‪ ،‬دار اللواء‪ ،‬الرياض‪ ،‬الطبعة الخامسة ‪ 1408‬هـ‪.‬‬ ‫‪.73‬‬

‫طائفة السماعيلية‪ ،‬محمد كامل حسين‪ ،‬مكتبة النهضة المصرية‪ ،‬القاهرة ‪1959‬م‪.‬‬ ‫‪.74‬‬

‫طريق الهجرتين وباب السعادتين‪ ،‬ابن قيم الجوزية‪ ،‬درا الكتاب العربي‪ ،‬بيروت‪.‬‬ ‫‪.75‬‬

‫ظهر السلم‪ ،‬أحمد أمين‪ ،‬مكتبة النهضة المصرية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬بدون تاريخ‪.‬‬ ‫‪.76‬‬

‫عقائد بعض التيارات الفكرية المعاصرة‪ ،‬سهير محمد علي الفيل‪ ،‬دار المنار‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة‬ ‫‪.77‬‬
‫الولى ‪ 1410‬هـ‪.‬‬

‫عقيدة الدروز‪،‬محمد أحمد الخطيب‪ ،‬دار عالم الكتب‪ ،‬الرياض‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪ 1409‬هـ‪.‬‬ ‫‪.78‬‬

‫عقيدة السلف وأصحاب الحديث‪ ،‬أبو عثمان الصابوني‪ ،‬دار العاصمة‪ ،‬الرياض‪ ،‬الطبعة الثانية‬ ‫‪.79‬‬
‫‪ 1419‬هـ‪.‬‬

‫@‪@94‬‬
‫‪.80‬العقيدة الطحاوية‪ ،‬أبو جعفر الطحاوي‪ ،‬شرح وتعليق اللباني‪ ،‬مكتبة المعارف‪ ،‬الرياض‪ ،‬الطبعة‬
‫الولى ‪ 1422‬هـ‪.‬‬
‫‪ .81‬العلو للعلي الغفار‪ ،‬المام الذهبي‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ 1388‬هـ‪.‬‬
‫‪ .82‬العلويون أو النصيرية‪ ،‬عبد الحسين ممهدي عسكري‪ ،‬شركة الشعاع للنشر‪ ،‬الكويت‪،‬‬
‫‪1400‬هـ‪.‬‬
‫‪ .83‬الغلو والفرق الغالية في الحضارة السلمية‪ ،‬عبد ال سلوم‪ ،‬دار الحرية‪ ،‬بغداد ‪1972‬م‪.‬‬
‫‪ .84‬فتح الباري بشرح صحيح البخاري‪ ،‬ابن حجر العسقلني‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ .85‬الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان‪ ،‬شيخ السلم ابن تيمية‪ ،‬المكتب السلمي‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪ 1405‬هـ‪.‬‬
‫‪ .86‬الفرقان بين الحق والباطل‪ ،‬شيخ السلم ابن تيمية‪ ،‬مكتبة دار البيان‪ ،‬دمشق الطبعة الولى‬
‫‪ 1405‬هـ‪.‬‬
‫‪ .87‬الفرق بين الفرق‪ ،‬عبد القاهر البغدادي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت الطبعة الولى ‪1405‬‬
‫هـ‪.‬‬
‫‪ .88‬فرق الشيعة‪ ،‬الحسن بن موسى النوبختي‪ ،‬دار الضواء‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ 1395‬هـ‪.‬‬
‫‪ .89‬الفصل في الملل والهواء والنحل‪ ،‬ابن حزم الظاهري‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة الثانية‬
‫‪ 1395‬هـ‪.‬‬
‫‪ .90‬فصوص الحكم‪ ،‬محيي الدين بن عربي‪ ،‬تعليق أبي العلء العفيفي‪ ،‬دار الكتاب العربي‪،‬‬
‫بيروت‪.‬‬
‫‪ .91‬الفقه البسط )العالم والمتعلم(‪ ،‬المام أبو حنيفة النعمان‪ ،‬تحقيق زاهد الكوثري‪ ،‬مطبعة‬
‫النوار القاهرة‪1368 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .92‬الفن ومذاهبه في الشعر العربي‪ ،‬شوقي ضيف‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬مصر‪ ،‬الطبعة الرابعة‬
‫‪1960‬م‪@95@@ .‬‬
‫القاديانية دراسات وتحليل‪ ،‬إحسان إلهي ظهير‪ ،‬إدارة ترجمان السنة‪ ،‬لهور‪ ،‬باكستان‬ ‫‪.93‬‬
‫الطبعة السادسة عشرة‪ 1404 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ .94‬كتاب التوحيد وإثبات صفات الرب‪ ،‬محمد بن إسحاق بن خزيمة‪ ،‬دار الباز‪ ،‬مكة المكرمة‪،‬‬
‫‪1398‬م‪.‬‬
‫‪ .95‬كتاب الطواسين الحسين بن منصور الحلج‪ ،‬دار النديم‪ ،‬القاهرة‪1989 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .96‬كنز الولد‪ ،‬إبراهيم بن الحسين الحامدي‪ ،‬تحقيق مصطفى غالب‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫‪ 1391‬هـ‪.‬‬
‫‪ .97‬لسان العرب‪ ،‬ابن منظور‪ ،‬درا لسان العرب‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ .98‬لوامع النوار البهية‪ ،‬محمد بن أحمد السفاريني‪ ،‬مؤسسة الخافقين‪ ،‬دمشق‪ ،‬الطبعة الثانية‪،‬‬
‫‪ 1402‬هـ‪.‬‬
‫‪ .99‬مجمع الزوائد‪ ،‬الهيثمي‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪ 1402‬هـ‪.‬‬
‫‪ .100‬مجموعة الرسائل والمسائل‪ ،‬شيخ السلم ابن تيمية‪ ،‬دار الباز للنشر والتوزيع‪.‬‬
‫‪ .101‬مجموع فتاوى شيخ السلم ابن تيمية‪ ،‬جمع وترتيب ابن قاسم‪ ،‬الرئاسة العامة لدارات‬
‫البحوث العلمية والفتاء والدعوة والرشاد‪ ،‬الرياض‪.‬‬
‫‪ .102‬مختصر الصواعق المرسلة‪ ،‬ابن قيم الجوزية‪ ،‬رئاسة إدارات البحوث العلمية والفتاء‬
‫والدعوة والرشاد‪ ،‬الرياض‪.‬‬
‫‪ .103‬المستدرك على الصحيحين‪ ،‬أبو عبد ال النيسابوري الحاكم‪ ،‬مكتبة النصر الحديثة‪،‬‬
‫الرياض‪.‬‬
‫‪ .104‬المسند‪ ،‬أحمد بن حنبل الشيباني‪ ،‬دار الدعوة‪ ،‬استانبول‪ 1401 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ .105‬المعجم الدبي‪ ،‬جبور عبد النور‪ ،‬دار العلم للمليين‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1984‬م‪.‬‬
‫‪ .106‬المعجم الوسط‪ ،‬الحافظ أبو القاسم الطبراني‪ ،‬مطبعة الوطن العربي في بغداد‪ ،‬تحقيق‬
‫حمدي عبد المجيد السلفي‪.‬‬
‫معجم الفرقة السلمية‪ ،‬شريف يحيى المين‪ ،‬دار الضواء‪ ،‬بيروت الطبعة الولى ‪1406‬‬ ‫‪.107‬‬
‫هـ‪@96@@ .‬‬
‫‪ .108‬المعجم الوسيط‪ ،‬مجمع اللغة العربية‪ ،‬قام بإخراجه إبراهيم أنيس وآخرون‪ ،‬دار الدعوة‪،‬‬
‫استانبول‪ ،‬بدون تاريخ‪.‬‬
‫‪ .109‬معرفة علوم الحديث‪ ،‬أبو عبد ال الحاكم النيسابوري‪ ،‬المكتبة التجارية‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية ‪1977‬م‪.‬‬
‫‪ .110‬مقالت السلميين واختلف المصلين‪ ،‬أبو الحسن الشعري‪ ،‬مكتبة النهضة المصرية‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬بدون تاريخ‪.‬‬
‫‪ .111‬الملل والنحل‪ ،‬أبو الفتح محمد بن عبد الكريم الشهرستاني‪ ،‬المكتبة العصرية‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫الطبعة الثانية ‪ 1412‬هـ‪.‬‬
‫‪ .112‬منهاج السنة النبوية‪ ،‬أبو العباس ابن تيمية‪ ،‬اشرف على طباعته جامعة المام‪ ،‬الطبعة‬
‫الولى ‪ 1406‬هـ‪.‬‬
‫‪ .113‬المواقف في علم الكلم‪ ،‬عبد الرحمن بن أحمد اليجي‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬بيروت‪ ،‬بدون تاريخ‪.‬‬
‫‪ .114‬المواقف والمخاطبات‪ ،‬محمد بن عبد الجبار النفري‪ ،‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‬
‫‪1985‬م‪.‬‬
‫‪ .115‬الموسوعة العربية الميسرة‪ ،‬بإشراف محمد شفيق غربال‪ ،‬دار إحياء التراث العربي ودار‬
‫الشعب‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ .116‬ميزان العتدال في نقد الرجال‪ ،‬محمد بن أحمد الذهبي‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ .117‬النجوم الزاهرة‪ ،‬يوسف بن تعزي بردي‪ ،‬وزارة الثقافة المصرية‪ ،‬القاهرة بدون تاريخ‪.‬‬
‫‪ .118‬الهفت الشريف‪ ،‬المفضل الجعفي‪ ،‬تحقيق مصطفى غالب‪ ،‬دار الندلس‪ ،‬بيروت بدون‬
‫تاريخ‪.‬‬

‫@‪@97‬‬

‫اللفاظ المشتركة بين المعاني الشرعية‬

‫والمعاني الكونية في اليات القرآنية‬

‫الدكتور‪ /‬ملفي بن ناعم بن عمران الصاعدي‬

‫قسم التفسير – كلية القرآن الكريم‬

‫الجامعة السلمة بالمدينة المنورة‬

‫@‪@99‬‬

‫إن الحمد ل نحمده ونستغفره ونستهديه ونعوذ بال من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا‪ ،‬من يهده ال فل‬
‫مضل له‪ ،‬ومن يضلل فل هادي له‪ ،‬وأشهد أل إله إل ال وحده ل شريك له‪ ،‬وأشهد أن محمًدا عبده‬
‫ورسوله – صلى ال عليه وسلم ‪.-‬‬

‫)يا أيها الذين آمنوا اتقوا ال حق تقاته ول تموتن إل وأنتم مسلمون(‪#‬آل عمران‪#.102 :‬‬

‫ل كثيًرا ونساء‬
‫)يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجا ً‬
‫واتقوا ال الذي تساءلون به والرحام إن ال كان عليكم رقيًبا( ‪#‬النساء‪#.1:‬‬
‫ل سديًدا‪ ،‬يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع ال‬‫)يا أيها الذين آمنوا اتقوا ال وقولوا قو ً‬
‫ورسوله فقد فاز فوًزا عظيًما( ‪#‬الحزاب‪ #.71 ،70 :‬أما بعد‪:‬‬
‫فقد كنت أطالع مرة في الكتاب القيم‪" :‬شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل" للمام‬
‫الجليل ابن القيم ‪#‬محمد بن أبي أيوب سعيد بن حريز الزرعي ثم الدمشقي‪ ،‬المام الصولي‪ ،‬المفسر‬
‫النحوي‪ ،‬الفقيه توفي سنة ‪ 751‬هـ انظر طبقات المفسرين ‪ - #.2/93‬رحمه ال – ووجدته قد عقد باًبا‬
‫في هذا الكتاب قال فيه‪" :‬الباب التاسع والعشرون‪ :‬في انقسام القضاء والحكم والرادة والكتابة والمر‬
‫والذن والجعل والبعث والرسال والتحريم والنشاء‪#‬ذكر في عنوان الفصل النشاء وفي التفصيل‬
‫اليتاء وهو الظاهر وال أعلم‪ ،‬لن النشاء ل ينقسم على كوني وشرعي إنما هو كوني فقط ويبدو أن‬
‫ذلك خطأ من الناسخ أو الطابع‪ #.‬إلى كوني متعلق بخلقه‪ ،‬وإلى ديني متعلق بأمره وما يحقق ذلك من‬
‫إزالة اللبس والشكال"‪#‬شفاء العليل‪.#479 :‬‬

‫@‪@100‬‬

‫ظا كلها من ألفاظ القرآن الكريم‪.‬‬


‫فذكر – رحمه ال – اثني عشر لف ً‬
‫ظا زيادة على ما ذكره ابن القيم وهي‪ :‬الوحي‪ ،‬والسنة‪،‬‬ ‫وبتأمل آي القرآن استخرجت ثلثة وعشرين لف ً‬
‫والنزال‪ ،‬والوهب‪ ،‬والرزق‪ ،‬والحياة والخراج‪ ،‬والدعاء واللهام‪ ،‬والية‪ ،‬والتزيين‪ ،‬والهدى‪ ،‬والتعليم‪،‬‬
‫والتيسير‪ ،‬والقذف‪ ،‬والكرة‪ ،‬والتحبيب‪ ،‬والتفضيل‪ ،‬والرفع‪ ،‬والتكريم‪ ،‬والصرف‪ ،‬والتصريف‪،‬‬
‫والتفصيل‪ .‬وكل لفظ من هذه اللفاظ قد جاء بمعنييه في القرآن الكريم عدا ثلثة ألفاظ‪.‬‬
‫الول‪ :‬الكره‪ ،‬جاء بمعناه الكوني في القرآن وبمعناه الشرعي في السنة‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬التحبيب‪ ،‬جاء بمعناه الكوني في الكتاب وبمعناه الشرعي في السنة‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬التكريم‪ ،‬جاء بمعناه الكوني في الكتاب وبمعناه الشرعي في السنة‪.‬‬
‫وقد رأيت أن أكتب بحًثا أحاول فيه أن أحصر هذه اللفاظ مع التمثيل والتعليق اليسير على ما أراه‬
‫يحتاج إلى تعليق وشرح‪ ،‬سواء جاء اللفظ بمعنييه في الكتاب العزيز أو جاء بأحدهما فيه وبالخر في‬
‫السنة تتميًما للفائدة وأسميته )اللفاظ المشتركة بين المعاني والشرعية والمعاني الكونية في اليات‬
‫القرآنية‪ ،‬وبحثي يختص بما كان اللفظ فيه ل يحتمل المعنيين في المورد الواحد أو كان مختلًفا فيه هل‬
‫هو من الكوني القدري أو الشرعي الديني؟ فإني ل أذكره هذا البحث‪ .‬وسوف أفرده ببحث مستقل إن‬
‫شاء ال تعالى‪.‬‬
‫أسأل ال –تبارك وتعالى – أن يوفقني للسداد إنه جواد كريم‪ ،‬وصلى ال وسلم على عبده ورسوله محمد‬
‫وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫@‪@101‬‬

‫أـ أهمية الموضوع وأسباب اختياره‪:‬‬

‫من أهم السباب التي دفعتني للكتابة في هذا الموضوع‪:‬‬


‫أنه موضوع يخدم كتاب ال تعالى‪ ،‬إذ هو بحث في ألفاظه المشتركة‪ ،‬وبيان للمعاني‬ ‫‪-1‬‬
‫المختلفة لهذه اللفاظ وهي في الحقيقة بمثابة قاعدة لهذه اللفاظ يستطيع بها طالب العلم أن يتعرف‬
‫على معنى اللفظ في كل آية يرد فيها وأن يفرق بين المعنى الكوني والقدري والمعنى الشرعي‬
‫الديني‪.‬‬
‫جا لموضوع وضع لبنته الولى المام الجليل ابن القيم رحمه ال في كتاب‬ ‫أنه يعتبر إخرا ً‬ ‫‪-2‬‬
‫)شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل(‪ ،‬وهو وإن لم يذكر إل القليل من هذه‬
‫اللفاظ إل أنه يعد – في الحقيقة – واضع أساس البحث‪ ،‬فجزاه ال خيًرا وأعظم له المثوبة‪.‬‬
‫أن معاني هذه اللفاظ قد تخفى ول يتفطن للتفريق بينها إل القليل من طلبة العلم‪ ،‬وفي‬ ‫‪-3‬‬
‫تجلية ذلك خدمة لطلب العلم المعتنين بتفهم معاني كتاب ال عز وجل‪.‬‬

‫ب‪ -‬المنهج المتبع في إخراج البحث‪:‬‬


‫استقراء آيات القرآن الكريم واستخراج هذه اللفاظ المشتركة‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫تحدثت عن كل لفظ بمفرده ومثلت له بمعنييه‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫نسبت اليات إلى سورها وذكرت أرقامها‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫خرجت الحاديث‪ ،‬وذكر حكم أهل العلم عليها صحة وضعًفا‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫عرفت بالعلم تعريًفا موجًزا بما يميز العلم‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫ذكرت أقوال أهل العلم‪ ،‬ووثقتها من مصادرها‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫@‪@102‬‬

‫ج‪ -‬خطة البحث‪:‬‬


‫يتكون هذا البحث من مقدمة واصل الخاتمة‪.‬‬
‫أوًل‪ :‬المقدمة‪ ،‬وتشمل‪:‬‬

‫أهمية الموضوع وأسباب اختياره‪.‬‬ ‫‪-1‬‬


‫المنهج المتبع في إخراج البحث‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫خطة البحث‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫ثانًيا‪ :‬أصل الموضوع‪:‬‬
‫ظا‪.‬‬
‫ظا لف ً‬
‫وفيه الكلم على هذه اللفاظ لف ً‬
‫ثالًثا‪ :‬الخاتمة‪.‬‬
‫وفيها أهم النتائج التي خرجت بها من البحث‪.‬‬
‫رابًعا‪ :‬الفهارس‪:‬‬
‫فهرس المصادر والمراجع‪.‬‬

‫@‪@103‬‬

‫الوحي‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫نوعان‪:‬‬
‫الول‪ :‬شرعي ديني‪ ،‬ومه قوله ‪ -‬تعالى – )ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ يلقون‬
‫أقلمهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون(‪#‬آل عمران‪#.44 :‬‬

‫وقوله – سبحانه ‪) :-‬إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم‬
‫وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داود‬
‫زبوًرا(‪#‬النساء‪.#.163 :‬‬

‫واليات في هذا النوع كثيرة جّدا‪.‬‬


‫ومنه قوله ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪" :-‬وأوحي إلي أنكم تفتنون في القبور قريًبا من فتنة الدجال"‪#‬أخرجه‬
‫البخاري برقم )‪ (7287‬ومسلم برقم )‪ ،(905‬واللفظ للبخاري‪.#.‬‬
‫والحاديث في هذا عديدة‪.‬‬
‫الثاني قدري كوني‪:‬‬
‫كما في قوله – تعالى ‪) :-‬وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوًتا ومن الشجر ومما‬
‫ل يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه‬ ‫يعرشون‪ ،‬وكلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذل ً‬
‫شفاء للناس إن في ذلك لية لقوم يتفكرون(‪#‬النحل‪.#.96– 68 :‬‬

‫@‪@104‬‬
‫قال مجاهد‪#‬أبو الحجاج‪ ،‬مجاهد‪ ،‬بن جبر‪ ،‬مولى قيس بن السائب المخزومي كان قارًئا مفسًرا مات سنة‬
‫‪ 204‬هـ‪ .‬انظر طبقات بن سعد‪ ،5/466 :‬والسير‪ ،4/449:‬وطبقات المفسرين‪ : #.1/305 :‬ألهمها إلهاًما‪#‬‬
‫انظر تفسير ابن جرير‪ ،14/93 :‬والدر المنثور‪.#.4/230 :‬‬
‫وقال ابن كثير‪#‬أبو الفداء‪ ،‬إسماعيل‪ ،‬بن عمر‪ ،‬بن كثير‪ ،‬بن ضو‪ ،‬بن درع‪ ،‬القرشي البصري‪ ،‬ثم الدمشقي‪،‬‬
‫مفسر مشهور‪ ،‬وإمام جليل مات سنة‪ 774 :‬هـ‪ .‬انظر طبقات المفسرين‪ :#.1/111 :‬المراد بالوحي هنا‬
‫اللهام والهداية والرشاد للنحل أن تتخذ من الجبال بيوًتا تأوي إليها ومن الشجر ومما يعرشون ثم هي‬
‫محكمة في غاية التقان في تسديدها رصها بحيث ل يكون في بيتها خلل ثم أذن لها تعالى إذًنا قدرّيا تسخيرّيا‬
‫أن تأكل من كل الثمرات وأن تسلك الطرق التي جعلها ال تعالى – مذللة لها‪ ،‬أي مسهلة عليها حيث شاءت‬
‫من هذا الجو العظيم والبراري الشاسعة والودية والجبال الشاهقة ثم تعود كل واحدة منها إلى بيتها ل تحيد‬
‫عنه يمنة ول يسرة بل إلى بيتها وما لها فيه من فراخ وعسل فتبني الشمع من أجنحتها وتقيء العسل من فيها‬
‫وتبيض الفراخ من دبرها ثم تصبح إلى مراعيها‪#‬انظر تفسيره‪. #.2/596 :‬اهـ‪.‬‬
‫ومنه قوله ‪ -‬تعالى ‪) :-‬فقضاهن سبع سماوات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها(‪#‬فصلت‪#.12 :‬‬
‫قال مجاهد‪ :‬ما أمر ال به وأراده‪#‬انظر تفسير ابن جرير‪ ،24/64 :‬والدر المنثور‪#.5/678 :‬‬
‫@‪@105‬‬

‫وقال السدي‪#‬أبو محمد‪ ،‬إسماعيل‪ ،‬بن عبد الرحمن‪ ،‬السدي‪ ،‬تابعي‪ ،‬حجازي الصل‪ ،‬سكن الكوفة‪ ،‬وهو من‬
‫موالي قيش‪ ،‬وثقه أحمد وكثير من العلماء‪ .‬مات سنة‪ 127 :‬هـ انظر السير‪ .5/264 :‬وطبقات المفسرين‪:‬‬
‫‪ : #.1/110‬خلق في كل سماء خلقها من الملئكة والخلق الذي فيها من البحار وجبال البرد وما ل يعلم‬
‫‪#‬انظر تفسير ابن جرير‪. #.24/64 :‬‬
‫وقال قتادة ‪#‬أبو الخطاب‪ ،‬قتادة‪ ،‬بن دعامة‪ ،‬بن عزيز‪ ،‬السدوسي‪ ،‬البصري مفسر‪ ،‬حافظ مات سنة‪ 118 :‬هـ‬
‫انظر طبقات المفسرين‪ 2/47 :‬والسير‪: #.5/269 :‬خلق فيها شمسها وقمرها ونجومها وصلحها‪#‬انظر‬
‫تفسير ابن جرير‪ ،24/64 :‬والدر المنثور‪#.5/678 :‬‬
‫‪ .‬اهـ‪.‬‬
‫ومنه قوله – تعالى ‪) : -‬بأن ربك أوحى لها(‪#‬الزلزلة‪.#.5 :‬‬
‫السنة‪:‬‬ ‫‪-2‬‬
‫نوعان‪:‬‬
‫الول‪ :‬سنة شرعية دينية‪ ،‬كما في قوله – تعالى‪) :-‬يريد ال ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم‬
‫ويتوب عليكم وال عليم حكيم( ‪#‬النساء‪ . #.26:‬قال البغوي‪#‬أبو محمد‪ ،‬الحسين‪ ،‬بن مسعود‪ ،‬بن محمد‪،‬‬
‫الفراء‪ ،‬البغوي‪ ،‬الشافعي‪ ،‬مفسر مشهور‪ ،‬ومحدث جليل‪ ،‬مات سنة‪ 516 :‬هـ‪" : #.‬سنن" شرائع‪#‬انظر‬
‫تفسيره‪ .#.2/198 :‬اهـ‪.‬‬

‫@‪@106‬‬
‫وقال ابن جرير‪#‬أبو جعفر‪،‬محمد‪ ،‬بن جرير‪ ،‬بن يزيد‪ ،‬الطبري‪ ،‬المؤرخ المشهور‪ ،‬والمفسر الكبير‬
‫صاحب العلم العزيز‪ ،‬والتحقيق البديع مات سنة ‪ 310‬هـ انظر السير‪ ،14/267 :‬وطبقات المفسرين‪:‬‬
‫‪" : #.2/110‬سنن الذين من قبلكم" يعني‪ :‬سبل من قبلكم من أهل اليمان بال وأنبيائه ومناهجهم فيما‬
‫حرم عليكم من نكاح المهات والبنات والخوات وسائر ما حرم عليكم في اليتين اللتين بين فيهما ما‬
‫حرم من النساء‪#‬انظر تفسيره‪ . #.8/209 :‬اهـ‪.‬‬
‫وكذا قال ابن كثير‪#‬انظر تفسيره‪ . #.1/490 :‬والشيخ عبد الرحمن بن سعدي‪#‬أبو عبد ال‪ ،‬عبد‬
‫الرحمن بن ناصر‪ ،‬بن عبد ال‪ ،‬بن ناصر‪ ،‬آل سعدي‪ ،‬من قبلة تميم مات سنة ‪ 1376‬هـ‪ .‬انظر مقدمة‬
‫تفسيره‪# #.1/5 :‬انظر تفسيره‪.#.1/339 :‬‬
‫الثاني‪ :‬سنة قدرية كونية‪ ،‬كقوله – تعالى – )سنة ال في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة ال تبديل‬
‫ً(‪#‬الحزاب‪. #.62 :‬‬
‫ل ولن تجد لسنة ال تحويل‬
‫وقوله – سبحانه‪) :-‬فهل ينظرون إل سنت الولين فلن تجد لسنة ال تبدي ً‬
‫ً(‪#‬فاطر‪ . #.43 :‬وقوله جل وعل‪) :‬فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنت ال التي قد خلت في‬
‫عباده وخسر هنالك الكافرون(‪#‬غافر‪.#.85 :‬‬
‫@‪@107‬‬

‫النزال‪:‬‬ ‫‪-3‬‬
‫نوعان‪:‬‬
‫ل غير الذي قيل لهم فأنزلنا على‬‫الول‪ :‬كوني قدري‪ ،‬كقوله ت تبارك وتعالى‪) : -‬فبدل الذين ظلموا قو ً‬
‫الذين ظلموا رجًزا من السماء بما كانوا يفسقون(‪#‬البقرة‪. #.59 :‬‬
‫شا ولباس التقوى ذلك خير ذلك‬ ‫سا يواري سوءاتكم وري ً‬ ‫وقوله ‪ -‬تعالى ‪) :-‬يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لبا ً‬
‫من آيات ال لعلهم يذكرون(‪#‬العراف‪#.26 :‬‬
‫وقوله ‪ -‬تعالى ‪) :-‬خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها وأنزل لكم من النعام ثمانية‬
‫أزواج(‪#‬الزمر‪ . #6 :‬فالنزال في هؤلء اليات وأمثالها إنزال متعلق بالخلق واليجاد‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬شرعي ديني‪ ،‬كقوله – تعالى ‪ ) :-‬ذلك بان ال نزل الكتاب بالحق وغن الذين اختلفوا في الكتاب‬
‫لفي شقاق بعيد(‪#‬البقرة‪. #.176 :‬‬
‫وقوله – سبحانه ‪) :-‬العراب أشد كفًرا ونفاًقا وأجدر أل يعلموا حدود ما أنزل ال على رسوله وال‬
‫عليم حكيم( ‪#‬التوبة‪. #.97 :‬‬

‫@‪@108‬‬

‫وقوله ‪ -‬تعالى ‪):-‬لكن ال يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملئكة يشهدون وكفى بال شهيًدا(‪#‬النساء‪:‬‬
‫‪ #.166‬فالنزال هنا متعلق بأمره وشرعه واليات في هذا النوع كثيرة جّدا‪.‬‬
‫الوهب‪:‬‬ ‫‪-4‬‬
‫نوعان‪:‬‬
‫الول‪ :‬هبة كونية قدرية‪ ،‬كما في قوله ‪ -‬تعالى –‪) :‬ل ملك السماوات والرض يخلق ما يشاء يهب لمن‬
‫يشاء إناًثا ويهب لمن يشاء الذكور‪ ،‬أو يزوجهم ذكراًنا وإناًثا ويجعل من يشاء عقيًما إنه عليم‬
‫قدير(‪#‬الشورى‪. #.50-49 :‬‬
‫أي‪ :‬يعطي من يشاء من عباده ذكوًرا ومن يشاء إناًثا ويجمع لمن يشاء بين الذكور والناث‪ .‬وهذا من‬
‫هبته المتعلقة بخلقه وإيجاده‪.‬‬
‫قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي‪ :‬هذه الية فيها الخبار عن سعة ملكه ‪ -‬تعالى – ونفوذ تصرفه في‬
‫الملك وفي الخلق لما يشاء والتدبير لجميع المور حتى إن تدبيره ‪ -‬تعالى – من عمومه أنه يتناول‬
‫المخلوق عن السباب لولدة الولد فال – تعالى – هو الذي يعطيهم من الولد ما يشاء‪ ،‬فمن الخلق‬
‫من يهب به إناًثا ومنهم من يهب له ذكوًرا‪ ،‬ومنهم من يجمع له ذكوًرا وإناًثا ومنهم من يجعله عقيًما ل‬
‫يولد له ‪#‬انظر تفسيره‪ . #.4/433 :‬اهـ‪.‬‬

‫@‪@109‬‬

‫الثاني‪ :‬هبة شرعية دينية‪ ،‬كما في قوله – تعالى عن موسى عليه السلم ‪) :-‬فوهب لي ربي حكًما‬
‫وجعلني من المرسلين(‪#‬الشعراء‪. #.21 :‬‬
‫ل نبًيا‪ ،‬وناديناه من جانب‬
‫صا وكان رسو ً‬
‫وقال – تعالى‪ ،‬عنه ‪) :-‬واذكر في الكتاب موسى إنه كان مخل ً‬
‫الطور اليمن وقربناه نجيا‪ ،‬ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبّيا(‪#‬مريم‪.#.53-52-51 :‬‬
‫قال ابن عباس‪#‬هو خير هذه المة‪ ،‬عبد ال‪ ،‬بن عباس‪ ،‬بن عبد المطلب‪ ،‬القرشي‪ ،‬الهاشمي ابن عم‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم ورضي عنه وعن أبيه‪ ،‬مات سنة‪86 :‬هـ على الصحيح‪ .‬انظر الصابة‪:‬‬
‫‪ : #.2/322‬كان هارون أكبر من موسى ولكن إنما وهب له نبوته‪#‬انظر الدر المنثور‪ ،4/492 :‬وفتح‬
‫القدير‪. #.3/343 :‬اهـ‪.‬‬
‫الرزق‪:‬‬ ‫‪-5‬‬
‫نوعان‪:‬‬
‫الول‪ :‬كوني قدري‪ ،‬متعلق بخلقه وإيجاده كما في قوله ‪ -‬تعالى ‪) :-‬وكأين من دابة ل تحمل رزقها ال‬
‫يرزقها وإياكم وهو السميع العليم(‪#‬العنكبوت‪ ، #.60 :‬وقوله ‪ -‬تعالى ‪) :-‬وما من دابة في الرض إل‬
‫على ال رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين(‪#‬هود‪ #.6 :‬واليات في هذا كثيرة جّدا‪.‬‬
‫@‪@110‬‬

‫الثاني‪ :‬رزق شرعي ديني‪ ،‬كما في قوله – تعالى عن شعيب عليه السلم ‪) :-‬قال يا قوم أرءيتم إن كنتم‬
‫على بينة من ربي ورزقني منه رزًقا حسًنا( ‪#‬هود‪. #88:‬‬
‫فسره طائفة بالنبوة والعلم وهو الظاهر‪ ،‬لن النبياء ل يمتدحون بكثرة المال بل بالعلم والهدى وال –‬
‫سبحانه – أعلم‪.‬‬
‫قال ابن كثير‪ :‬قيل‪ :‬أراد النبوة‪ ،‬وقيل‪ :‬أراد الرزق الحلل‪ .‬ويحتمل المرين‪#‬انظر تفسيره‪،2/473 :‬‬
‫والزجاج‪ .3/73 :‬وتفسير السمعاني‪ . #.2/452 :‬اهـ‪.‬‬
‫ل وعلًما فهو يتقي فيه ربه‬
‫ومنه قوله – صلى ال عليه وسلم ‪" :-‬إنما الدنيا لربعة نفر‪ :‬عبد رزقه ال ما ً‬
‫ويصل فيه رحمه ويعلم ل فيه حّقا فهذا بأفضل المنازل‪ "...‬الحديث‪#‬أخرجه الترمذي برقم )‪(2325‬‬
‫وقال‪ :‬حديث حسن صحيح‪ .‬وصححه اللباني في صحيح ابن ماجه برقم )‪ (4228‬وصحيح الترمذي‬
‫برقم )‪.#.(2325‬‬

‫وقول علي بن أبي طالب‪#‬أبو الحسن‪ ،‬ابن عم رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬وخليفته الرابع علي بن‬
‫أبي طالب بن عبد المطلب القرشي الهاشمي‪ ،‬قتل سنة‪ 40 :‬هـ‪ ،‬انظر الصابة‪" : .#..503– 2/501 :‬‬
‫ل قهًما في القرآن‪#"...‬أخرجه ابن ماجه برقم )‬
‫وال ما عندنا إل ما عند الناس إل أن يرزق ال رج ً‬
‫‪ .(2659‬وصححه اللباني في صحيح ابن ماجه برقم )‪ (2154‬وفي الرواء برقم )‪#.(2209‬‬
‫فالعلم والفهم من الرزق الشرعي الديني‪.‬‬
‫قال ابن القيم في النونية‪:‬‬
‫@‪@111‬‬

‫والرزق في أفعاله نوعان‬ ‫وكذلك الرزاق في أسمائه‬


‫ضا ذان معروفان‬ ‫نوعان أي ً‬ ‫رزق على يد عبده ورسوله‬
‫رزق المعد لهذه البدان‬ ‫رزق القلوب العلم واليمان والـ‬
‫رازقه والفضل للمنان‬ ‫هذا هو الرزق الحلل وربنا‬
‫تلك المجاري سوقه بوزان‬ ‫والثاني سوق القوت للعضاء في‬
‫ـون من الحرام كلهما رزقان‬ ‫هذا يكون من الحلل كما يكـــ‬
‫ر وليس بالطلق دون بيان‪#‬النونية‪#.2/243 :‬‬ ‫وال رازقه بهذا العتبا‬
‫وقال الشيخ السعدي‪ :‬الرزاق لجميع عباده فما من دابة في الرض إل على ال رزقها ورزقها لعباده‬
‫نوعان‪:‬‬
‫رزق عام شامل البر والفاجر والولين والخرين وهو رزق البدان‪.‬‬
‫ورزق خاص وهو رزق القلوب وتغذيتها بالعلم واليمان وهذا خاص بالمؤمنين على مراتبهم منه‬
‫بحسب ما تقتضيه حكمته ورحمته‪#‬انظر تفسيره‪.#.5/203 :‬اهـ‪.‬‬
‫الحياة‪:‬‬ ‫‪-6‬‬
‫والحياة نوعان‪:‬‬
‫الول‪ :‬حياة شرعية دينية‪ ،‬ومنه قوله – تبارك وتعالى ‪) :-‬أومن كان ميًتا فأحييناه وجعلنا له نوًرا‬
‫يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها( ‪#‬النعام‪.#.122 :‬‬

‫@‪@112‬‬

‫قال ابن كثير‪ :‬هذا مثل ضربه ال – تعالى – للمؤمن الذي كان ميًتا أي‪ :‬في الضللة هالًكا حائًرا فأحياه‬
‫ال‪ ،‬أي‪ :‬أحيا قلبه باليمان وهداه ووفقه لتباع رسله‪#‬انظر تفسيره‪ .#.2/178 :‬اهـ‪.‬‬
‫وقوله ‪ -‬تعالى ‪) :-‬يا أيها الذين آمنوا استجيبوا ل وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم(‪#‬النفال‪.#24 :‬‬
‫قال السدي‪ :‬فهو السلم أحياهم بعد موتهم بعد كفرهم‪#.‬انظر ابن جرير‪.#.13/464 :‬‬
‫وقال مجاهد‪ :‬الحق‪#‬انظر ابن جرير‪. #.13/464 :‬‬
‫وقال قتادة‪ :‬القرآن‪#‬انظر ابن جرير‪ ،13/464 :‬وفتح القدير‪.#.2/318 :‬‬
‫وقيل‪ :‬الجهاد‪#‬انظر ابن جرير‪ ،13/164 :‬وفتح القدير‪.#.2/318 :‬‬
‫قلت‪ :‬وهذه القوال متقاربة فالحق هو السلم والسلم هو القرآن والجهاد ما يأمر به القرآن والجهاد مما‬
‫يأمر به القرآن وال أعلم‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬حياة كونية قدرية‪ ،‬كما في قوله – تعالى ‪) :-‬كيف تكفرون بال وكنتم أمواًتا فأحياكم ثم يميتكم ثم‬
‫يحييكم ثم إليه ترجعون(‪#‬البقرة‪.#.28 :‬‬
‫وقال – تعالى ‪) :-‬ومن آياته أنك ترى الرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت إن الذي أحياها‬
‫لمحيي الموتى إنه على كل شيء‬

‫@‪@113‬‬
‫قدير(‪#‬فصلت‪ . #.39 :‬فالحياة في هذه اليات متعلقة بخلقه وإيجاده‪ .‬واليات في هذا النوع كثيرة جّدا‪.‬‬
‫الخراج‪:‬‬ ‫‪-7‬‬
‫نوعان‪:‬‬
‫الول‪ :‬شرعي ديني‪ ،‬كما في قوله – تعالى ‪) :-‬ال ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور‬
‫والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات(‪#‬البقرة‪.#.257 :‬‬
‫قال ابن جرير‪) :‬يخرجهم من الظلمات( يعني بذلك يخرجهم من ظلمات الكفر إلى نور اليمان‪#‬انظر‬
‫تفسيره ‪ ،5/424‬والبغوي‪. #.1/315 :‬‬
‫وقال ابن كثير‪ :‬يخبر تعالى أنه يهدي من اتبع رضوانه سبل السلم فيخرج عباده المؤمنين من ظلمات‬
‫الكفر والشك والريب إلى نور الحق الواضح الجلي المبين السهل المنير وان الكافرين إنما وليهم‬
‫الشيطان يزين لهم ما هم فيه من الجهالت والضللت ويخرجونهم ويحيدون بهم عن طريق الحق إلى‬
‫الكفر والفك‪#‬انظر تفسيره‪ .#.1/320 :‬اهـ‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬إخراج كوني قدري‪ ،‬كما في قوله ‪ -‬تعالى ‪) :-‬إن ال فالق الحب والنوى يخرج الحي من الميت‬
‫ومخرج الميت من الحي(‪#‬النعام‪.#.95 :‬‬

‫@‪@114‬‬

‫ل(‪#‬الحج‪. #.5 :‬‬


‫وقوله – سبحانه ‪) :-‬ونقر في الرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طف ً‬
‫فالخراج هنا إخراج خلق وإيجاد اليات في ذلك عديدة‪.‬‬

‫الدعاء‪:‬‬ ‫‪-8‬‬
‫الدعاء من هذه الحيثية له معنيان‪:‬‬
‫الول‪ :‬شرعي ديني‪ ،‬كما في قوله – تعالى ‪) :-‬وال يدعو إلى دار السلم ويهدي من يشاء إلى صراط‬
‫مستقيم(‪#‬يونس‪ .#.25 :‬فال عز وجل يدعو إلى جنته بما أنزل من الكتاب ومن أرسل من الرسل وبين‬
‫الطرق الموصلة إليها سبحانه وتعالى‪ .‬وهذا دعاء شرعي ديني إذ لو كان دعاء كونّيا قدرّيا ما تخلف‬
‫أحد عن سلوك الصراط المستقيم‪.‬‬
‫قال البغوي‪ :‬قوله – تعالى ‪) :-‬وال يدعو إلى دار السلم( قال سميت الجنة دار السلم لن من دخلها‬
‫مسلم من الفات‪ ،‬وقيل‪ :‬المراد بالسلم التحية سميت الجنة دار السلم لن أهلها يحيي بعضهم بالسلم‬
‫والملئكة تسلم عليهم قال – تعالى ‪):-‬والملئكة يدخلون عليهم من كل باب‪ ،‬سلم عليكم(‪#‬الرعد‪:‬‬
‫‪##.23‬تفسيره‪ #.4/129 :‬اهـ‪.‬‬
‫ومثله قوله – تعالى ‪) :-‬قالت رسلهم أفي ال شك فاطر السماوات والرض يدعوكم ليغفر لكم من‬
‫ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى(‪#‬إبراهيم‪.#.10 :‬‬

‫@‪@145‬‬
‫الثاني‪ :‬كوني قدري‪ ،‬كما في قوله – تعالى ‪) :-‬ثم إذا دعاكم دعوة من الرض إذا أنتم‬
‫تخرجون(‪#‬الروم‪. #.25 :‬‬
‫ل(‪#‬السراء‪ . #.52:‬والدعاء‬ ‫وقوله ‪ -‬سبحانه ‪) :-‬يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنون إن لبثتم إل قلي ً‬
‫هنا متعلق بالخلق واليجاد إذا أراد بعثهم ونشورهم وهو دعاء كوني قدري‪.‬‬
‫اللهام‪:‬‬ ‫‪-9‬‬
‫اللهام نوعان‪ ،‬إلهام كوني قدري‪ ،‬وإلهام شرعي ديني‪ ،‬وقد اجتمعا في قوله ‪ -‬تعالى ‪):-‬ونفس وما‬
‫سواها‪ ،‬فألهمها فجورها وتقواها(‪#‬الشمس‪.#.8-7 :‬‬
‫قال ابن زيد‪#‬أبو قلبة‪ ،‬عبد ال بن زيد بن عمرو‪ ،‬الجرمي‪ ،‬البصري‪ ،‬من ثقات التابعين مات سنة‪:‬‬
‫‪ 104‬هـ وقيل‪ 107 :‬هـ‪ .‬انظر السير‪ :#.4/468 :‬جعل فيها ذلك‪#‬انظر معالم التنزيل‪.#.8/438 :‬‬
‫قال البغوي‪ :‬يعني بتوقيفه إياها للتقوى‪ ،‬وخذلنه إياه للفجور‪ ،‬واختار الزجاج‪#‬أبو إسحاق‪ ،‬إبراهيم‪ ،‬بن‬
‫السري‪ ،‬بن سهل‪ ،‬من أهل الفضل والدين‪ ،‬كان عالًما بالنحو والعربية‪ ،‬مات سنة‪ 311:‬هـ‪.‬‬
‫انظر السير‪ ،14/360:‬ونزهة اللباء‪ ،183 :‬وطبقات المفسرين‪#.1/9 :‬‬
‫هذا وحمل اللهام على التوفيق والخذلن‪#‬انظر معاني القرآن‪ .#.5/332 :‬وهذا يبين أن ال عز وجل‬
‫خلق في المؤمن التقوى وفي الكافر الفجور‪#‬انظر تفسيره‪ #.8/438 :‬اهـ‪.‬‬

‫@‪@116‬‬

‫وهذا هو التفسير الصحيح للية يؤيده ما ثبت عن أبي السود الدؤلي‪#‬هو أبو السود‪ ،‬الدؤلي‪ ،‬اسمه‬
‫ظالم بن عمرو بن سفيان على الصحيح‪ ،‬أول من تكلم في النحو‪ ،‬ولي قضاء البصرة ومات سنة‪69 :‬‬
‫هـ‪ .‬انظر تهذيب الكمال‪ .33/37 :‬رقم الترجمة )‪ #.(7209‬قال‪ :‬قال لي عمران بن الحصين‪#‬أبو‬
‫نجيد‪ ،‬عمران‪ ،‬بن حصين‪ ،‬بن عبيد الخزاعي‪ ،‬صحابي جليل – رضي ال عنه – أسلم عام خيبر‪ ،‬وكان‬
‫صاحب راية خزاعة يوم الفتح مات سنة‪ 52 :‬هـ‪ ،‬وقيل‪ 53 :‬هـ انظر الصابة‪#.3/27 :‬؛ أرأيت ما‬
‫يعمل الناس اليوم ويكدحون فيه لشيء قضي عليهم ومضى عليهم من قدر ما سبق؟ أو فيما يستقبلون به‬
‫مما أتاهم به نبيهم وثبتت الحجة عليهم؟ فقلت‪ :‬بل شيء قضي عليهم ومضى عليهم‪ .‬قال‪ :‬فقال‪ :‬أفل‬
‫عا شديًدا‪ .‬وقلت‪ :‬كل شيء خلق ال وملك يده‪ .‬فل يسأل عما يفعل‬ ‫يكون ظلًما؟ قال‪ :‬ففزعت من ذلك فز ً‬
‫وهم يسألون‪.‬‬
‫فقال ‪ -‬لي ‪ :-‬يرحمك ال! إني أريد بما سألتك إل لحرز عقلك‪ .‬إن رجلين من مزينة أتيا رسول ال –‬
‫صلى ال عليه وسلم – فقال‪ :‬يا رسول ال! أرأيت ما يعمل الناس اليوم ويكدحون فيه أشيء قضي عليهم‬
‫ومضى فيهم من قدر قد سبق فيما يستقبلون به مما أتاهم به نبيهم وثبتت الحجة عليهم؟ فقال‪" :‬ل بل‬
‫شيء قضي عليهم ومضى فيهم‪ ،‬وتصديق ذلك في كتاب ال عز وجل )ونفس وما سواها فألهما فجورها‬
‫وتقواها(‪#‬أخرجه مسلم برقم)‪. #.(2650‬‬
‫‪ -10‬الية‪:‬‬
‫الية نوعان‪:‬‬
‫الول‪ :‬آية تنزيل شرعية‪ ،‬كما في قوله – تعالى ‪) :-‬ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو‬
‫مثلها(‪#‬البقرة‪ .#.106 :‬وقوله – تعالى‪) :-‬تلك آيات ال نتلوها عليك بالحق(‪#‬البقرة‪ .#.252 :‬واليات‬
‫في هذا ل تحصى‪.‬‬

‫@‪@117‬‬

‫الثاني‪ :‬آية كونية‪ ،‬كما في قوله –تعالى ‪) :-‬وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية‬
‫النهار مبصرة(‪#‬السراء‪.#.12 :‬‬
‫وكما في قوله – سبحانه‪) :-‬هل ينظرون إل أن تأتيهم الملئكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك‬
‫سا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيًرا(‪#‬النعام‪:‬‬ ‫يوم يأتي بعض آيات ربك ل ينفع نف ً‬
‫‪.#.158‬‬
‫اليات في هذا المعنى كثيرة جّدا‪.‬‬
‫‪ -11‬التزيين‪:‬‬
‫التزيين نوعان‪:‬‬
‫الول‪ :‬شرعي ديني‪ ،‬كما في قوله –تعالى ‪) :-‬لكن ال حبب إليكم اليمان وزينه في قلوبكم(‪#‬الحجرات‪:‬‬
‫‪.#.7‬‬
‫قال ابن القيم –رحمه ال ‪ :-‬فتحبيبه –سبحانه – اليمان إلى عباده المؤمنين هو إلقاء محبته في قلوبهم‬
‫وهذا ل يقدر عليه سواه وأما تحبيب العبد الشيء إلى غيره فإنما هو بتزيينه وذكر أوصافه وما يدعو‬
‫إلى محبته‪ ،‬فأخبر – سبحانه – أنه جعل في قلوب عباده المؤمنين المرين‪ ،‬حبه وحسنه الداعي إلى‬
‫حبه‪ ،‬وألقى في قلوبهم كراهية ضده من الكفر والفسوق والعصيان‪ ،‬وأن ذلك محض فضله ومنته عليهم‬
‫حيث لم يكلهم إلى أنفسهم بل تولى هو سبحانه هذا التحبيب والتزيين وتكريه ضده‪ ،‬فجاد عليهم به فض ً‬
‫ل‬
‫منه ونعمة‪ ،‬وال عليم بمواقع فضله ومن يصلح له ومن ل يصلح‪ ،‬حكيم بجعله في مواضعه‪#‬مدرج‬
‫السالكين‪. #.361-1/360 :‬اهـ‪.‬‬

‫@‪@118‬‬

‫وقال – في موضع آخر ‪ :-‬يقول – سبحانه ‪ :-‬لم تكن محبتكم لليمان وإرادتكم له وتزيينه في قلوبكم‬
‫منكم‪ ،‬ولكن ال هو الذي جعله في قلوبكم كذلك‪ ،‬فأثمرتموه ورضيتموه‪#‬مدرج السالكين‪– 1/414 :‬‬
‫‪ . #.415‬اهـ‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬تزيين كوني قدري‪ ،‬كما في قوله – تعالى ‪) :-‬إن الذين ل يؤمنون بالخرة زينا لهم أعمالهم فهم‬
‫يعمهون(‪#‬النمل‪.#.4 :‬‬
‫قال ابن جرير‪ :‬يقول ‪ -‬تعالى ذكره ‪":-‬إن الذين ل يصدقون بالدار الخرة وقيام الساعة وبالمعاد على ال‬
‫بعد الممات والثواب والعقاب زينا لهم أعمالهم"‪.‬‬
‫يقول‪ :‬حببنا إليهم قبيح أعمالهم وسهلنا ذلك عليهم فهم يعمهون‪.‬‬
‫يقول‪ :‬فهم في ضلل أعمالهم القبيحة التي زيناها لهم يترددون حيارى يحسبون أنهم يحسنون‪#‬تفسيره‪:‬‬
‫‪ .#.19/81‬اهـ‪.‬‬
‫ومثله قوله – سبحانه ‪ ) :-‬ول تسبوا الذين يدعون من دون ال فيسبوا ال عدًوا بغير علم كذلك زينا لكل‬
‫أمة عملهم ثم على ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون(‪#‬النعام‪.#.108 :‬‬
‫قال ابن كثير‪ :‬أي وكما زينا لهؤلء القوم حب أصنامهم والمحماة والنتصار كذلك زينا لكل أمة‪ ،‬أي‪:‬‬
‫من المم الخالية على الضلل عملهم الذي كانوا فيه ول الحجة البالغة والحكمة التامة فيما يشاؤه‬
‫ويختاره‪#‬تفسيره‪ .#.2/107:‬اهـ‪.‬‬

‫@‪@119‬‬

‫‪ -12‬الهدى‪:‬‬
‫والهدى نوعان‪:‬‬
‫الول‪ :‬هدى كوني قدري‪ ،‬كما في قوله ‪ -‬تعالى ‪) :-‬قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى(‪#‬طه‪:‬‬
‫‪.#50‬‬
‫قال ابن القيم‪ :‬والمعنى‪ :‬أعطاه من الخلق والتصوير ما يصلح به لما خلق له ثم هداه لما خلق له وهداه‬
‫لما يصلحه في معيشته ومطعمه ومشربه ومنكحه وتقلبه وتصرفه هذا هو القول الصحيح الذي عليه‬
‫جمهور المفسرين فيكون نظير قوله‪:‬‬
‫)قدر فهدى(‪#‬العلى‪##.3 :‬شفاء العليل‪ . #.78 :‬اهـ‪.‬‬

‫وقال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي‪) :‬ثم هدى( كل مخلوق إلى خلقه له وهذه الهداية الكاملة والمشاهدة‬
‫في جميع المخلوقات‪ .‬فكل مخلوق تجده يسعى لما خلق له من المنافع وفي دفع المضار عنه حتى إن ال‬
‫أعطى الحيوان البهيم من العقل ما يتمكن به من ذلك‪ ،‬وهذا كقوله –تعالى –)الذي احسن كل شيء‬
‫خلقه(‪#‬السجدة‪ #.7:‬فالذي خلق المخلوقات وأعطاها خلقها الحسن الذي ل تقترح العقول فوق حسنه‬
‫وهداها لمصالحها هو الرب على الحقيقة‪#‬تفسيره‪. #.236-3/235:‬اهـ‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬هدى شرعي ديني ‪ ،‬واليات في هذا النوع ل تحصى كثرة‪ .‬منها قوله تعالى‪) :‬أولئك الذين هدى‬
‫اله فبهداهم اقتده(‪#‬النعام‪. #.90:‬‬

‫@‪@120‬‬

‫وقوله – سبحانه ‪) :-‬بل ال يمن عليكم أن هداكم لليمان إن كنتم صادقين(‪#‬الحجرات‪ .#.17 :‬وقوله‪-‬‬
‫عز وجل ‪) :-‬أو تقول لو أن ال هداني لكنت من المتقين(‪#‬الزمر‪ .#.57 :‬وقوله – تعالى ‪) :-‬ربنا ل‬
‫تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا(‪#‬آل عمران‪.#.8 :‬‬
‫‪ -13‬التعليم‪:‬‬
‫نوعان‪:‬‬
‫الول‪ :‬كوني قدري‪ ،‬كما في قوله – تعالى ‪):-‬تعلمونهن مما علمكم ال(‪#‬المائدة‪.#.4:‬‬
‫وقوله – سبحانه ‪) :-‬خلق النسان‪ ،‬علمه البيان(‪#‬الرحمن‪. #.4،3:‬‬
‫الثاني‪ :‬شرعي ديني‪ ،‬كما في قوله –تعالى ‪):-‬وإذ علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والنجيل(‪#‬المائدة‪:‬‬
‫‪ #110‬فتعليم التوراة والنجيل تعليم ديني شرعي‪.‬‬
‫ومثله قوله – تعالى ‪) :-‬الرحمن‪ ،‬علم القرآن(‪#‬الرحمن‪.#.1،2:‬‬

‫التيسير‪:‬‬
‫‪-14‬‬
‫نوعان‪:‬‬
‫الول‪ :‬تيسير كوني قدري‪ ،‬كما في قوله ‪ -‬تعالى‪) :-‬وأما من بخل واستغنى‪ ،‬وكذب بالحسنى‪ ،‬فسنيسره‬
‫للعسرى(‪#‬الليل‪. #.8،9،10:‬‬
‫@‪@121‬‬
‫عن علي –رضي ال عنه – أن رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ -‬قال‪" :‬ما منكم من أحد‪ ،‬ما من نفس‬
‫منفوسة إل قد كتب مكانها من الجنة والنار وإل قد كتبت شقية أو سعيدة" فقال رجل‪ :‬يا رسول ال أفل‬
‫نتكل على كتابنا وندع العمل؟ فمن كان منا من أهل السعادة فسيصير إلى عمل أهل السعادة وأما من كان‬
‫منا من أهل الشقاوة فسيصير إلى عمل أهل الشقاوة‪ .‬قال‪" :‬أما أهل السعادة فييسرون لعمل السعادة وأما‬
‫أهل الشقاوة فييسرون لعمل الشقاوة" ثم قرأ )فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى( إلى قوله‪:‬‬
‫)للعسرى(‪#‬أخرجه البخاري برقم )‪ (1362‬ورقم )‪ ،(4945‬ومسلم برقم‬
‫)‪ . #.(2647‬فهذا تيسير كوني قدري‪ ،‬ول في ذلك الحكمة البالغة‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬تيسير ديني شرعي‪ ،‬كما في قوله ـ سبحانه – )ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر(‪#‬القمر‪:‬‬
‫‪ . #.32،40 ،17،22‬وقوله ـ تعالى‪)-‬فإنما يسرناه بلسانك لعلهم يتذكرون(‪#‬الدخان‪ . #.58:‬فهذا تيسير‬
‫ديني شرعي‪.‬‬

‫‪ -15‬القذف‪:‬‬
‫القذف نوعان‪:‬‬
‫الول‪ :‬قذف كوني قدري‪ ،‬كما في قوله – تعالى ‪) :-‬وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من‬
‫صياصيهم وقذف في قلوبهم الرعب( ‪#‬الحزاب‪ .#.26 :‬وقوله – تعالى ‪:-‬‬
‫@‪@122‬‬

‫)هو الذي اخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا انهم‬
‫مانعتهم حصونهم من ال فأتاهم ال من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب(‪#‬الحشر‪. #.2 :‬‬
‫فالقذف في هاتين اليتين قذف كوني قدري متعلق بالخلق واليجاد بالمر‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬قذف شرعي ديني‪ ،‬كما في قوله –سبحانه ـ )بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو‬
‫زاهق(‪#‬النبياء‪.#18:‬‬
‫قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي‪ :‬يخبر تعالى أنه تكفل بإحقاق الحق وإبطال الباطل وأن كل باطل قيل‬
‫أو جودل به فإن ال ينزل من الحق والعلم والبيان ما يدفعه فيضمحل ويتبين لكل أحد بطلنه )فإذا هو‬
‫زاهق( أي مضمحل فإن هذا عام في جميع المسائل الدينية ل يورد مبطل شبهة عقلية ول نقلية في‬
‫إحقاق باطل أو رد حق إل وفي أدلة ال من القواطع العقلية والنقلية ما يذهب ذلك القول الباطل ويقمعه‬
‫فإذا هو متبين بطلنه لكل أحد‪#‬تفسيره‪. #.3/271:‬اهـ‪.‬‬
‫ومثله قوله – تعالى ‪ ):-‬قل إن ربي يقذف بالحق عالم الغيوب(‪#‬سبأ‪. #.48 :‬‬
‫قال ابن كثير‪ :‬وقوله –عز وجل – )قل إن ربي يقذف بالحق علم الغيوب( كقوله تعالى‪) :‬يلقي الروح‬
‫من أمره على من يشاء من عباده( أي‪ :‬يرسل الملك إلى من يشاء من عباده من أهل الرض وهو علم‬
‫الغيوب فل تخفى عليه خافية في السماوات ول في الرض‪#‬تفسيره‪ #.3/551 :‬اهـ‪.‬‬

‫@‪@123‬‬

‫الكره‪:‬‬‫‪-15‬‬
‫نوعان‪:‬‬
‫الول‪ :‬كره كوني قدري‪ ،‬كما في قوله – تعالى ‪) :-‬ولو أرادوا الخروج لعدوا له عدة ولكن كره ال‬
‫انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين(‪#‬التوبة‪.#.46 :‬‬
‫قال ابن كثير‪) :‬ولكن كره انبعاثهم( أي‪ :‬أبغض أن يخرجوا معكم قدًرا‪#‬تفسيره‪.#.2/375 :‬اهـ‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬كره شرعي ديني‪ ،‬كما في قوله – صلى ال عليه وسلم – من حديث أبي هريرة ‪#‬هو صاحب‬
‫رسول ال – صلى ال عليه وسلم – عبد الرحمن بن صخر الدوسي على المشهور أسلم عام خيبر وكان‬
‫ظا للسنة – رضي ال عنه – مات سنة ‪ 59‬هـ انظر الصابة‪ – #.4/300 :‬رضي ال عنه ‪" :-‬إن‬ ‫حاف ً‬
‫ال يرضى لكم ثلًثا ويكره لكم ثلًثا فيرضى لكم أن تعبدوه ول تشركوا به شيًئا وأن تعتصموا بحبل ال‬
‫جميًعا ول تفرقوا‪ ،‬ويكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال"‪#‬أخرجه البخاري برقم )‪(1477‬‬
‫ومسلم برقم )‪#.(1715‬‬

‫@‪@124‬‬

‫‪ -17‬التحبيب‪:‬‬
‫نوعان‪:‬‬
‫الول‪ :‬شرعي ديني‪ ،‬كما في قوله – تعالى ‪) :-‬ولكن ال حبب إليكم اليمان وزينه في‬
‫قلوبكم(‪#‬الحجرات‪ .#7 :‬فهذا ديني شرعي‪ .‬فال سبحانه وتعالى أمر بذلك وأحبه وحببه إلى أوليائه‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬تحبيب كوني قدري‪ ،‬كما في قوله – صلى ال عليه وسلم ‪" :-‬حبب إلي من الدنيا النساء والطيب‬
‫وجعلت قرة عيني في الصلة"‪#.‬أخرجه مسلم برقم )‪ (3949‬وصححه اللباني في المشكاة برقم )‬
‫‪ (5261‬وفي الروض النضير )‪#.(53‬‬
‫فهذا تحبيب كوني قدري‪ ،‬والمحبب هو ال تبارك وتعالى‪.‬‬
‫ومثله قوله عائشة‪#‬أم المؤمنين‪ :‬زوج رسول ال صلى ال عليه وسلم عائشة بنت أبي بكر الصديق –‬
‫رضي ال عنهما – ماتت سنة ‪ 58‬هـ انظر الصابة‪- #.4/350 :‬رضي ال عنها – "ثم حبب إليه‬
‫الخلء"‪#‬أخرجه البخاري برقم )‪ (3‬ومسلم برقم )‪#.(160‬‬

‫‪ -18‬التفضيل‪:‬‬
‫نوعان‪:‬‬
‫الول‪ :‬شرعي ديني‪ ،‬كما في قوله – سبحانه ‪) :-‬وفضل ال المجاهدين على القاعدين أجًرا‬
‫عظيًما(‪#‬النساء‪ .#.95 :‬وقوله ‪ -‬تعالى ‪) :-‬تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض(‪#‬البقرة‪.#.253 :‬‬
‫وقوله –سبحانه ‪) :-‬ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض(‪#‬السراء‪ .#.55 :‬فهذا تفضيل متعلق بالشرع‬
‫والدين‪.‬‬

‫@‪@125‬‬

‫الثاني‪ :‬تفضيل كوني قدري‪ ،‬كما في قوله ‪ -‬تعالى ‪) :-‬وال فضل بعضكم على بعض في‬
‫الرزق(‪#‬النحل‪.#.71 :‬‬
‫وقوله – عز وجل ‪) :-‬ول تتمنوا ما فضل ال به بعضكم على بعض(‪#‬النساء‪ .#.32 :‬والتفضيل هنا‬
‫متعلق بالخلق واليجاد‪.‬‬
‫‪ -19‬الرفع‪:‬‬
‫نوعان‪:‬‬
‫الول‪ :‬رفع ديني شرعي‪ ،‬كما في قوله – تعالى ‪) :-‬يرفع ال الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم‬
‫درجات(‪#‬المجادلة‪. #.11 :‬‬
‫وقوله ـ تعالى ـ‪) :‬تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم ال ورفع بعضهم درجات(‪#‬البقرة‪:‬‬
‫‪ .#.253‬وكما في قوله ـ سبحانه –)إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه(‪#‬فاطر‪.#10 :‬‬
‫الثاني‪ :‬رفع كوني قدري‪ ،‬كما في قوله ـ تعالى ـ‪) :‬ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم‬
‫ضا سخرّيا(‪#‬الزخرف‪ . #.32 :‬وقوله – تعالى ‪ ):-‬ال الذي رفع السماوات بغير عمد‬ ‫بع ً‬
‫ترونها(‪#‬الرعد‪ . #.2 :‬فالرفع هنا متعلق بالخلق واليجاد‪.‬‬

‫@‪@126‬‬

‫‪ -20‬التكريم‪:‬‬
‫نوعان‪:‬‬
‫الول‪ :‬كوني قدري‪ ،‬كما في قوله – تعالى ‪) :-‬ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم‬
‫ل(‪#‬السراء‪ .#.70 :‬وقوله – سبحانه – )فأما‬ ‫من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضي ً‬
‫النسان إذا ما ابتله ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن(‪#‬الفجر‪.#.15 :‬‬
‫الثاني‪ :‬ديني شرعي‪ ،‬كقوله – صلى ال عليه وسلم ‪" :-‬ل تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق‬
‫ل بنا‪.‬‬
‫ظاهرين إلى يوم القيامة‪ .‬قال‪ :‬فينزل عيسى ابن مريم صلى ال عليه وسلم فيقول أميرهم تعال ص ّ‬
‫فيقول‪ :‬ل إن بعضكم على بعض أمراء‪ .‬تكرمة ال هذه المة"‪#‬أخرجه مسلم برقم )‪ .#.(156‬وكقول‬
‫عا عداًء‪ ،‬من الذين بايعوا تحت الشجرة‪،‬‬
‫سلمة‪#‬الصحابي الجليل‪ ،‬سلمة بن عمرو بن سنان‪ ،‬كان شجا ً‬
‫تحول بعد مقتل عثمان –رضي ال عنه – إلى الربذة ثم قبل وفاته بليال رجع إلى المدينة ومات بها سنة‬
‫‪ 74‬هـ‪ ،‬انظر الصابة‪ #.2/65 :‬الكوع – رضي ال عنه ‪" :-‬والذي كرم وجه محمد صلى ال عليه‬
‫وسلم‪#"...‬أخرجه مسلم برقم )‪. #.(1807‬‬
‫‪ -21‬الصرف‪:‬‬
‫نوعان‪:‬‬
‫الول‪ :‬كوني قدري‪ ،‬كما في قوله ‪ -‬تعالى ‪) :-‬صرف ال قلوبهم بأنهم قوم ل يفقهون(‪#‬التوبة‪#.127 :‬‬
‫قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي‪ :‬أي‪ :‬صدها عن الحق وخذلها‪#‬تفسيره‪ #.2/299 :‬اهـ‪.‬‬

‫@‪@127‬‬

‫وقوله ـ تعالى ـ‪ :‬سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الرض بغير الحق‪#(..‬العراف‪ .#.146 :‬فهذا‬
‫صرف كوني قدري‪ ،‬لنه يخالف شرعه وأمره الديني‪ ،‬قال ابن كثير‪ :‬أي‪ :‬سأمنع فهم الحجج والدلة‬
‫الدالة على عظمتي وشريعتي وأحكامي قلوب المتكبرين عن طاعتي ويتكبرون عن الناس بغير حق‪.‬‬
‫أي‪:‬‬
‫كما استكبروا بغير حق أذلهم ال بالجهل‪#‬تفسيره‪ .#.2/257 :‬اهـ‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬صرف شرعي ديني‪ ،‬كما في قوله – تعالى ‪ ):-‬وإذ صرفنا إليك نفًرا من الجن يستمعون‬
‫القرآن(‪#‬الحقاف‪ . #.29 :‬وقوله ‪ -‬تعالى‪)-‬كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا‬
‫المخلصين(‪#‬يوسف‪ #.24 :‬فهذا صرف ديني لنه يوافق شرعه سبحانه ويحبه ويرضاه‪.‬‬
‫‪ -22‬التصريف‪:‬‬
‫نوعان‪:‬‬
‫الول‪ :‬شرعي ديني‪ ،‬كما في قوله – سبحانه ‪) :-‬ولقد صرفنا للناس في هذا القرآن من كل‬
‫مثل(‪#‬السراء‪.#.89 :‬‬
‫وقوله ‪ -‬تعالى ـ )وكذلك أنزلناه قرآًنا عربًيا وصرفنا فيه من الوعيد(‪#‬طه‪. #.113 :‬‬
‫وتصريف الشيء هو التيان به على أنحاء متعددة وألوان مختلفة‪.‬‬

‫@‪@128‬‬
‫الثاني‪ :‬كوني قدري‪ ،‬كما في قوله ‪ -‬تعالى –)ولقد صرفناه بينهم ليذكروا فأبى أكثر الناس إل‬
‫كفوًرا(‪#‬الفرقان‪ #50 :‬قال ابن كثير‪ :‬أي‪ :‬أمطرنا هذه الرض دون هذه وسقنا السحاب يمر على‬
‫الرض ويتعداها ويتجاوزها إلى الرض الخرى فيمطرها ويكفيها ويجعلها غدًقا والتي وراءها لم ينزل‬
‫فيها قطرة من ماء وله في ذلك الحجة البالغة والحكمة القاطعة‪#‬تفسيره‪#.3/333 :‬‬
‫‪ -23‬التفصيل‪:‬‬
‫نوعان‪:‬‬
‫الول‪ :‬شرعي ديني‪ ،‬كما في قوله – تعالى ‪) :-‬وما لكم أل تأكلوا مما ذكر اسم ال عليه وقد فصل لكم‬
‫ما حرم عليكم‪#(...‬النعام‪.#.119:‬‬
‫وقوله ‪ -‬تعالى ‪) :-‬ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم هدى ورحمة لقوم يؤمنون(‪#‬العراف‪#.52 :‬‬
‫الثاني‪ :‬تفصيل كوني قدري‪ ،‬كما في قوله ـ تعالى ‪) :-‬وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا‬
‫ل من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب وكل شيء فصلناه تفصيل‬ ‫آية النهار مبصرة لتبتغوا فض ً‬
‫ً(‪#‬السراء‪. #.12 :‬‬
‫وقوله ـ تعالى ‪) :-‬هو الذي جعل الشمس ضياًء والقمر نوًرا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب‬
‫ما خلق ال ذلك إل بالحق يفصل‬
‫@‪@129‬‬
‫اليات لقوم يعلمون(‪#‬يونس‪ .#.5 :‬والحديث هنا عن اليات الكونية فالتفصيل يراد به التفصيل الكوني‬
‫القدري‪ ،‬قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي‪ :‬لما قرر ربوبيته وإلهيته ذكر الدلة العقلية الفقية الدالة على‬
‫ذلك وعلى كماله في أسمائه وصفاته من الشمس والقمر والسماوات والرض وجميع ما خلق فيهما من‬
‫سائر أصناف المخلوقات وأخبر أنها آيات‪ ،‬لقوم )يعلمون( و)لقوم يتقون( فإن العلم يهدي إلى معرفة‬
‫الدللة فيها وكيفية استنباط الدلئل على أقرب وجه‪#‬تفسيره‪ .#.2/303 :‬اهـ‪.‬‬
‫‪ -24‬القضاء‪:‬‬
‫نوعان‪:‬‬
‫الول‪ :‬كوني قدري‪ ،‬كما في قوله ـ تعالى ـ‪) :‬ما كان ل أن يتخذ من ولد سبحانه إذا قضى أمًرا فغنما‬
‫يقول له كن فيكون(‪#‬مريم‪.#.35:‬‬
‫وقوله ـ تعالى ـ‪) :‬فقضاهن سبع سماوات في يومين(‪#‬فصلت‪.#.12 :‬‬
‫وقوله ‪ -‬سبحانه ‪) :-‬فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إل دابة الرض(‪#‬سبأ‪ .#.14:‬فالقضاء‬
‫في هذه اليات وأمثالها قضاء كوني قدري متعلق بالخلق واليجاد‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬ديني شرعي‪ ،‬كما في قوله ـ تعالى ‪):-‬وقضى ربك أل تعبدوا إل إياه وبالوالدين‬
‫إحساًنا(‪#‬السراء‪.#.23 :‬‬
‫@‪@130‬‬

‫قال ابن القيم‪ :‬أي‪ :‬أمر وشرع ولو كان قضاًء كونّيا لما عبد غير ال‪#‬شفاء العليل‪ #.479:‬اهـ‪.‬‬
‫وقوله ـ سبحانه ‪) :-‬وما كان لمؤمن ول مؤمنة إذا قضى ال ورسوله أمًرا أن يكون لهم الخيرة من‬
‫أمرهم(‪#‬الحزاب‪.#.36 :‬‬
‫وقوله ـ تعالى ـ )فل وربك ل يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم ل يجدوا في نفوسهم حاجة مما‬
‫قضيت ويسلموا تسليًما(‪#‬النساء‪.#.65:‬‬
‫‪ -25‬الحكم‪:‬‬
‫نوعان‪:‬‬
‫الول‪ :‬شرعي ديني‪ ،‬كما في قوله ـ تعالى ‪) :-‬ذلكم حكم ال يحكم بينكم وال عليم حكيم(‪#‬الممتحنة‪:‬‬
‫‪ .#.10‬وقوله ـ تعالى ـ‪ :‬وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى ال(‪#‬الشورى‪ .#.10:‬وقوله ـ سبحانه ـ‪:‬‬
‫)فاصبر لحكم ربك ول تطع منهم آثًما أو كفوًرا(‪#‬النسان‪ #.24:‬وقوله ـ تعالى ـ‪) :‬إن ال يحكم ما‬
‫يريد(‪#‬المائدة‪.#.1 :‬‬
‫وقوله ـ تعالى ـ‪) :‬وعندهم التوراة فيها حكم ال(‪#‬المائدة‪.#.43 :‬‬

‫@‪@131‬‬

‫الثاني‪ :‬كوني قدري‪ ،‬كما في قوله ـ تعالى ـ‪) :‬فاصبر حتى يحكم ال بيننا وهو خير‬
‫الحاكمين(‪#‬العراف‪ .#.87 :‬وقوله ـ تعالى ـ)قال رب احكم بالحق(‪#‬النبياء‪.#.112 :‬‬
‫قال ابن القيم‪ :‬أي‪ :‬افعل ما تنصر به عبدك وتخذل به أعداءك‪#‬شفاء العليل‪ , #.479 :‬اهـ‪.‬‬

‫‪ -26‬الرادة‪:‬‬
‫نوعان‪:‬‬
‫الولى‪ :‬كونية قدرية‪ ،‬كما فر قوله ـ تعالى ـ)فعال لما يريد(‪#‬البروج‪.#.16 :‬‬
‫جا(‪#‬النعام‪. #.125 :‬‬‫وقوله ‪ -‬سبحانه‪) :-‬ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيًقا حر ً‬
‫وقوله ـ تعالى ـ‪):‬إن كان ال يريد أن يغويكم(‪#‬هود‪ .#.34 :‬وقوله ـ عز وجل ـ‪ ) :‬ونريد أن نمن على‬
‫الذين استضعفوا في الرض(‪#‬القصص‪. #.5:‬‬
‫الثانية‪ :‬شرعية دينية‪ ،‬كقوله ـ تعالى ـ‪) :‬وال يريد أن يتوب عليكم(‪#‬النساء‪.#.27 :‬‬
‫وقوله ـ تعالى ـ‪) :‬يريد ال بكم اليسر ول يريد بكم العسر(‪#‬البقرة‪#.185 :‬‬
‫@‪@132‬‬

‫‪ -27‬الكتابة‪:‬‬
‫نوعان‪:‬‬
‫الولى‪ :‬كونية قدرية‪ ،‬كقوله ـ تعالى ـ)قل لن يصبنا إل ما كتب ال لنا(‪#‬التوبة‪ #.51 :‬وقوله ـ سبحانه‬
‫ـ‪) :‬كتب ال لغلبن أنا ورسلي(‪#‬المجادلة‪.#.21 :‬‬
‫وقوله ـ تعالى ـ‪) :‬ولول أن كتب ال عليهم الجلء لعذبهم في الدنيا(‪#‬الحشر‪.#.3 :‬‬
‫وقوله ـ تعالى ـ‪) :‬كتب عليه أنه من توله فانه يضله ويهديه إلى عذاب السعير(‪#‬الحج‪ .#.4 :‬وقوله ـ‬
‫تعالى ـ)قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتال إلى مضاجعهم(‪#‬آل عمرن‪.#.154 :‬‬
‫الثانية‪ :‬كتابة شرعية دينية‪ ،‬كقوله ـ تعالى ـ‪) :‬يا أيها الذين آمنوا عليكم القصاص في القتلى(‪#‬البقرة‪:‬‬
‫‪ . #.178‬وقوله ـ سبحانه ـ‪) :‬كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيًرا الوصية للوالدين‬
‫والقربين(‪#‬البقرة‪.#.180 :‬‬
‫سا بغير نفس أو فساد في الرض‬ ‫وقوله ـ سبحانه ـ‪) :‬من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نف ً‬
‫فكأنما قتل الناس جميًعا‪#(...‬المائدة‪#.32 :‬‬

‫@‪@133‬‬

‫وقوله ـ تعالى ـ‪) :‬وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس‪#(...‬المائدة‪.#.45:‬‬


‫وقوله ـ عز وجل ـ‪) :‬كتاب ال عليكم(‪#‬النساء‪.#.24 :‬‬
‫‪ -28‬المر‪:‬‬
‫نوعان‪:‬‬
‫الول‪ :‬شرعي ديني‪ ،‬كما في قوله ـ تعالى ـ‪):‬قل أمر ربي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كل‬
‫مسجد(‪#‬العراف‪.#.29 :‬‬
‫وقوله ـ تعالى ـ‪):‬إن الحكم إل ل أمر أل تعبدوا إل إياه(‪#‬يوسف‪ .#.40 :‬فهذا أمر ديني ولو كان أمًرا‬
‫كونّيا قدرّيا لما عبد غيره‪.‬‬
‫ومثله قوله ـ سبحانه ـ‪) :‬قال ما منعك أل تسجد إذ أمرتك(‪#‬العراف‪.#.12 :‬‬
‫وقوله ـ تعالى ـ‪) :‬إن ال ل يأمر بالفحشاء أتقولون على ال ما ل تعلمون(‪#‬العراف‪ ،#.28 :‬وقوله ـ‬
‫عز وجل ـ‪) :‬إن ال يأمر بالعدل والحسان(‪#‬النحل‪ ،#.90 :‬وقوله ـ تعالى‪) :‬إن ال يأمركم أن تؤدوا‬
‫المانات إلى أهلها(‪#‬النساء‪ . #.58 :‬واليات في هذا كثيرة ل تحصى‪.‬‬
‫@‪@134‬‬
‫الثاني‪ :‬أمر كوني قدري‪ ،‬نحو قوله ـ تعالى ـ‪) :‬إنما أمره إذا أراد شيًئا أن يقول له كن فيكون(‪#‬يس‪:‬‬
‫‪ #.82‬وقوله ـ تعالى ـ‪) :‬وما أمرنا إل واحدة كلمح بالبصر(‪#‬القمر‪ .#.50 :‬وقوله ـ تعالى ـ‪) :‬وكان‬
‫ل(‪#‬النساء‪ #.47 :‬وقوله‪) :‬وكان أمًرا مقضّيا(‪#‬مريم‪ #.21:‬وقوله ـ تعالى ـ‪) :‬قل الروح‬ ‫أمر ال مفعو ً‬
‫من أمر ربي(‪#‬السراء‪ . #.85 :‬وقوله ـ تعالى ـ‪) :‬تدمر كل شيء بأمر ربها( ‪#‬الحقاف‪#.25 :‬‬
‫واليات في هذا كثيرة‪.‬‬

‫‪29‬ـ الذن‪:‬‬
‫نوعان‪:‬‬

‫الول‪ :‬كوني قدري‪ ،‬كما في قوله ـ تعالى ـ‪) :‬وما هم بضارين به من أحد إل بإذن ال(‪#‬البقرة‪#.102 :‬‬
‫‪ .‬قال ابن القيم‪ :‬أي بمشيئته وقدره‪# .‬شفاء العليل‪#.482 :‬‬
‫ومثل قوله ـ سبحانه ـ‪) :‬فيكون طيًرا بإذن ال(‪#‬آل عمران‪#.49 :‬‬
‫وقوله ـ تعالى ـ‪) :‬وما كان لنفس أن تموت إل بإذن ال(‪#‬آل عمران‪#.145 :‬‬

‫@‪@135‬‬

‫وقوله ـ سبحانه ـ‪) :‬والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه(‪#‬العراف‪. #.58 :‬‬
‫واليات في هذا كثيرة‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬ديني شرعي‪ ،‬كما في قوله ـ تعالى ـ‪) :‬ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن‬
‫ال(‪#‬الحشر‪ #.5:‬قال ابن القيم‪ :‬أي بأمره ورضاه‪#‬شفاء العليل‪ #.482:‬اهـ‪.‬‬
‫ومثله قوله ـ تعالى ـ‪) :‬قل ءال أذن لكم أم على ال تفترون(‪#‬يونس‪#.59 :‬‬
‫وقوله ـ تعالى ـ‪) :‬أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به ال(‪#‬الشورى‪ #.21 :‬وقوله ـ‬
‫تعالى ـ‪) :‬أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن ال على نصرهم لقدير(‪#‬الحج‪ #.39 :‬واليات كثيرة في‬
‫هذا‪.‬‬

‫‪30‬ـ الجعل‪:‬‬
‫نوعان‪:‬‬
‫الول‪ :‬كوني قدري‪ ،‬كما في قوله ـ تعالى ـ‪ ) :‬وجعل الظلمات والنور(‪#‬النعام‪#.1:‬‬
‫شا والسماء بناًء(‪#‬البقرة‪#.22 :‬‬
‫وقوله ـ تعالى ـ‪) :‬الذي جعل لكم الرض فرا ً‬
‫وقوله ـ تعالى ـ‪) :‬فجعلناهم أحاديث ومزقناهم كل ممزق(‪#‬سبأ‪#.19 :‬‬

‫@‪@136‬‬

‫ل فهي إلى الذقان فهم مقمحون‪ ،‬وجعلنا من بين أيديهم‬


‫وقوله ـ سبحانه ـ‪) :‬إنا جعلنا في أعناقهم أغل ً‬
‫سّدا ومن خلفهم سّدا(‪#‬يس‪8 :‬ـ ‪#.9‬‬
‫وقوله ـ تعالى ـ‪) :‬ويجعل الرجس على الذين ل يعقلون( ‪#‬يونس‪.#.100 :‬‬
‫واليات في هذا كثيرة جّدا‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬ديني شرعي‪ ،‬كما في قوله ـ تعالى ـ‪) :‬ما جعل ال من بحيرة ول سائبة ول وصيلة ول‬
‫حام(‪#‬المائدة‪ #.103 :‬قال ابن القيم‪ :‬أي‪ :‬ما شرع ذلك ول أمر به وإل فهو مخلوق له واقع بقدره‬
‫ومشيئته‪#‬شفاء العليل‪ #.483 :‬اهـ‪.‬‬
‫جا(‪#‬المائدة‪.#.48 :‬‬
‫ومنه قوله ـ تعالى ـ‪) :‬لكل جعلنا منكم شرعة ومنها ً‬
‫وقوله ـ تعالى ـ‪) :‬وجعلنا له نوًرا يمشي به في الناس(‪#‬النعام‪#.122 :‬‬
‫وقوله ـ تعالى ـ‪) :‬ولك جعلنا موالي مما ترك الوالدان والقربون(‪#‬النساء‪#.33 :‬‬

‫‪31‬ـ الكلمات‪:‬‬
‫نوعان‪:‬‬
‫الول‪ :‬كونية قدرية‪ ،‬كما في قوله ـ تعالى ـ‪) :‬كذلك حقت كلمة ربك على الذين فسقوا أنهم ل‬
‫يؤمنون(‪#‬يونس‪#.33 :‬‬
‫@‪@137‬‬

‫وقوله ـ تعالى‪) :-‬وتمت كلمات ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا(‪#‬العراف‪#.137 :‬‬
‫وقوله ـ تعالى ـ‪) :‬إن ال يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم(‪#‬هود‪#.119 :‬‬
‫وقوله ـ تعالى ـ‪) :‬وتمت كلمة ربك لملن جهنم من الجنة والناس أجمعين(‪#‬هود‪.#.119 :‬‬
‫ومن ذلك قوله ـ صلى ال عليه وسلم ‪" :-‬أعوذ بكلمات ال التامات التي ل يجاوزهن بر ول فاجر من‬
‫شر ما خلق"‪#‬أخرجه أحمد في المسند برقم )‪ ،(15461‬وابن عبد البر في التمهيد‪،24/114 :‬‬
‫وصححه اللباني في السلسلة الصحيحة برقم ‪#.2738‬‬
‫قال ابن القيم‪":‬فهذه كلماته الكونية التي يخلق بها ويكون ولو كانت الكلمات الدينية التي يأمر بها وينهي‬
‫لكانت مما يجاوزهن الفجار والكفار"‪#‬شفاء العليل‪#.483:‬‬
‫الثانية‪ :‬شرعية دينية‪ ،‬كما في قوله ـ تعالى ـ‪) :‬وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلم‬
‫ال(‪#‬التوبة‪ #.6 :‬قال ابن القيم‪ :‬والمراد القرآن‪#‬شفاء العليل‪ #.483 :‬اهـ‪.‬‬
‫@‪@183‬‬

‫ومنه قوله ـ تعالى ـ‪) :‬وقد كان فريق منهم يسمعون كلم ال ثم يحرفونه‪#(...‬البقرة‪.#.75 :‬‬
‫وقوله ـ تعالى ـ‪) :‬إني اصطفيتك على الناس برسالتي وبكلمي(‪#‬العراف‪#.144 :‬‬
‫ومنه قوله ـ صلى ال عليه وسلم ـ ‪" :‬واستحللتم فروجهن بكلمة ال"‪#‬أخرجه مسلم برقم )‪#.(1218‬‬
‫قال ابن القيم‪ :‬أي بإباحته ودينه‪#‬شفاء العليل‪ #.483 :‬اهـ‪.‬‬
‫‪ -32‬البعث‪:‬‬
‫نوعان‪:‬‬
‫الول‪ :‬كوني قدري‪ ،‬كقوله ـ تعالى ـ‪) :‬فإذا جاء وعد أول هما بعثنا عليكم عباًدا لنا أولي بأس‬
‫شديد(‪#‬السراء‪#.5 :‬‬
‫وقوله ـ تعالى ـ‪) :‬فبعث ال غراًبا يبحث في الرض(‪#‬المائدة‪#.31 :‬‬
‫وقوله ـ تعالى ـ‪) :‬قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا(‪#‬يس‪#.52 :‬‬
‫وقوله ـ تعالى ـ‪ ) :‬قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاًبا من فوقكم(‪#‬النعام‪#.65 :‬‬
‫وقوله ـ تعالى ـ‪) :‬وأنهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث ال أحًدا(‪#‬الجن‪#.7 :‬‬

‫@‪@139‬‬

‫الثاني‪ :‬شرعي ديني‪ ،‬كما في قوله ـ تعالى ـ‪) :‬كان الناس أمة واحدة فبعث ال النبيين مبشرين‬
‫ومنذرين(‪#‬البقرة‪#.213 :‬‬
‫ل منهم(‪#‬الجمعة‪#.2 :‬‬ ‫وقوله ـ تعالى ـ‪) :‬هو الذي بعث في الميين رسو ً‬
‫ل أن اعبدوا ال واجتنبوا الطاغوت(‪#‬النحل‪. #.36 :‬‬
‫وقوله ـ سبحانه ـ‪) :‬ولقد بعثنا في كل أمة رسو ً‬
‫واليات في هذا كثيرة‪.‬‬

‫‪33‬ـ الرسال‪:‬‬
‫نوعان‪:‬‬
‫الول‪ :‬كوني قدري‪ ،‬كما في قوله ـ تعالى ـ‪) :‬وهو الذي أرسل الرياح بشًرا بين يدي رحمته(‪#‬الفرقان‪:‬‬
‫‪ ،#48‬وقوله ـ تعالى ـ‪):‬فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع(‪#‬العراف‪ #.133 :‬وقوله‬
‫ـ تعالى ـ‪) :‬ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أّزا(‪#‬مريم‪ #.83 :‬وقوله ـ تعالى ـ‪:‬‬
‫حا وجنوًدا لم تروها(‪#‬الحزاب‪#.9 :‬‬ ‫)فأرسلنا عليهم ري ً‬

‫@‪@140‬‬

‫الثاني‪ :‬شرعي ديني‪ ،‬كما في قوله ـ تعالى‪): -‬هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على‬
‫الدين كله(‪#‬التوبة‪ ،33 ،‬والفتح‪ ،28:‬والصف‪ ،#.9:‬وقوله ـ تعالى ـ‪) :‬ولقد أرسلنا من قبلك في شيع‬
‫الولين(‪#‬الحجر‪#.10:‬‬
‫وقوله ـ سبحانه ـ‪) :‬ومت أرسلناك قبلك إل نوحي إليهم(‪#‬النبياء‪#.‬‬
‫ل(‪#‬المزمل‪#.15 :‬‬‫ل شاهًدا عليكم كما أرسلنا إلى فرعون رسو ً‬‫وقوله ـ تعالى ـ‪) :‬إنا أرسلنا إليكم رسو ً‬
‫واليات كثيرة جّدا في هذا النوع‪.‬‬

‫‪ -34‬التحريم‪:‬‬
‫نوعان‪:‬‬
‫الول‪ :‬قدري كوني‪ ،‬كما في قوله ـ تعالى ـ‪):‬وحرمنا عليه المراضع من قبل(‪#‬القصص‪ #.12 :‬وقوله ـ‬
‫تعالى ـ‪) :‬قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة(‪#‬المائدة‪#.26 :‬‬
‫وقوله ـ سبحانه ـ‪) :‬وحرام على قرية أهلكناها أنهم ل يرجعون(‪#‬النبياء‪#.95 :‬‬
‫الثاني‪ :‬شرعي ديني‪ ،‬كما في قوله ـ تعالى ـ‪) :‬إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به‬
‫لغير ال(‪#‬البقرة‪ #.173 :‬وقوله ـ تعالى ـ‪):‬حرمت عليكم أمهاتكم‪#(...‬النساء‪#.23 :‬‬

‫@‪@141‬‬

‫وقوله ـ سبحانه ـ‪) :‬وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرًما(‪#‬المائدة‪#.96 :‬‬
‫وقوله ـ عز وجل ـ‪) :‬وأحل ال البيع وحرم الربا(‪#‬البقرة‪#.275 :‬‬
‫وقوله ـ تعالى ـ‪) :‬قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم(‪#‬النعام‪#.151 :‬‬
‫واليات في هذا النوع كثيرة جّدا‪.‬‬
‫‪ -35‬اليتاء‪:‬‬
‫نوعان‪:‬‬
‫الول‪ :‬كوني قدري‪ ،‬كما في قوله ـ تعالى ـ‪) :‬وآتاكم من كل ما سألتموه(‪#‬إبراهيم‪#.34 :‬‬
‫وقوله ـ تعالى ـ‪) :‬وآتوهم من مال ال الذي آتاكم(‪#‬النور‪#.33 :‬‬
‫وقوله ـ سبحانه ـ‪) :‬وال يؤتي ملكه من يشاء( ‪#‬البقرة‪#.247 :‬‬
‫وقوله ـ سبحانه ـ‪) :‬وآتيناهم ملًكا عظيًما(‪#‬النساء‪#.54 :‬‬
‫واليات كثيرة في هذا‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬شرعي ديني‪ ،‬كما في قوله ـ تعالىـ‪) :‬ولقد آتيناك سبًعا من المثاني والقرآن العظيم(‪#‬الحجر‪:‬‬
‫‪ #.87‬وقوله – سبحانه ‪) :-‬الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم(‪#‬البقرة‪ ،146 :‬النعام‪:‬‬
‫‪#.20‬‬
‫@‪@142‬‬

‫وقوله ـ تعالى ـ‪) :‬فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة(‪#‬النساء‪#.54 :‬‬


‫وقوله ـ تعالى ـ‪) :‬أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة(‪#‬النعام‪#.89:‬‬
‫واليات في هذا كثيرة جّدا‪.‬‬

‫خاتمة البحث‪:‬‬
‫الحمد ل رب العالمين والصلة والسلم على خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد‪:‬‬
‫فقد تبين لي من خلل هذا البحث المور التية‪:‬‬
‫أنه ينبغي لطالب العلم أن يكون متدبًرا خلل تلوته لكتاب ال عز وجل‪ ،‬إذ إنه كان يقرأ‬ ‫‪-1‬‬
‫كتاب ال بتمعن وتدبر وتفهم سيخرج بفوائد جمة من تلوته سواء كان ذلك مما دلت عليه الية من‬
‫الحكام الشرعية أو كان من الفوائد اللفظية‪ ،‬فكتاب ال ينبوع العلم ومعدن السلم‪ ،‬وقد ألف العلماء‬
‫الجلء الكتب المتنوعة في علومه وتفسيره‪ ،‬وذلك لما تدبروه وتفهموه‪ ،‬رحمهم ال‪.‬‬
‫أن هذا الموضوع من الموضوعات الهامة وقد أدرك المام ابن القيم رحمه ال أهميته فعقد‬ ‫‪-2‬‬
‫باًبا في كتابه )شفاء العليل‪ (..‬أشار فيه إلى الفرق بين بعض هذه اللفاظ‪ ،‬وإنما أراد الشارة‬
‫ل‪ ،‬وقد زدت على ما ذكره ضعفين تقريًبا‪.‬‬ ‫والتمثيل لنه لم يذكر منها إل قلي ً‬
‫ل للمعنيين في المورد الواحد ول ما هو مختلف فيه‬ ‫لم أتعرض في بحثي هذا لما كان محتم ً‬ ‫‪-3‬‬
‫هل هو من الكوني القدري أو من الشرعي الديني؟ وهذا النوع حقيق ببحث مستقل وسوف أخرجه‬
‫إن شاء ال في بحث لحق‪.‬‬
‫@‪@144‬‬
‫فهرس المصادر والمراجع‪:‬‬
‫القرآن الكريم‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل‪ .‬لللباني‪ .‬المكتب السلمي‪ .‬بيروت‪ .‬ط‬ ‫‪-2‬‬
‫الثانية‪.‬‬
‫الصابة في تمييز أسماء الصحابة‪ .‬لبن حجر العسقلني‪ .‬دار الكتب العربية‪ .‬بيروت‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن‪ .‬للشيخ محمد المين الشنقيطي‪ .‬عالم الكتب‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫أنوار التنزيل وأسرار التأويل‪ .‬لبي الخير عبد ال بن عمر البيضاوي‪ .‬إعداد‪ /‬محمد عبد‬ ‫‪-5‬‬
‫الرحمن المرعشلي‪ .‬دار إحياء التراث العربي‪ .‬بيروت‪ .‬طـ الولى ‪ 1418‬هـ‪.‬‬
‫البحر المحيط‪ .‬لبي حيان‪ .‬نشر المكتبة التجارية‪ .‬مكة المكرمة‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة‪ .‬للسيوطي‪ .‬ت‪ /‬محمد أبو الفضل إبراهيم‪ .‬دار‬ ‫‪-7‬‬
‫الفكر ط الثانية‪ 1399 :‬هـ‪.‬‬
‫تذكرة الحفاظ‪ .‬للذهبي‪ .‬دار إحياء التراث العربي‪.‬‬ ‫‪-8‬‬
‫تفسير القرآن العظيم‪ .‬لبن كثير‪ .‬درا المعرفة‪ .‬بيروت‪ .‬ط الولى ‪ 1407‬هـ‪.‬‬ ‫‪-9‬‬
‫‪ -10‬تفسير القرآن العظيم مسنًدا عن الرسول ـ صلى ال عليه وسلم – والصحابة والتابعين‪.‬‬
‫لبن أبي حاتم‪ .‬ت‪/‬أحمد الزهراني‪ .‬مكتبة الدار‪ .‬دار طيبة‪ .‬دار ابن القيم‪ ،‬ط الولى‪ 1408 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ -11‬تفسير القرآن‪ .‬لبي المظفر السمعاني‪ .‬ت‪/‬ياسر إبراهيم‪ .‬دار الوطن‪ .‬الرياض‪ .‬ط الولى‪،‬‬
‫‪ 1418‬هـ‪.‬‬
‫‪ -12‬تفسير النسفي‪ .‬لبي البركات عبد ال أحمد بن محمود النسفي‪ .‬دار إحياء الكتب العربية‪.‬‬
‫‪ -13‬تقريب التهذيب‪ .‬لبن حجر العسقلني‪ .‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪ .‬ط الثانية ‪1395‬هـ‪.‬‬
‫‪ -14‬التمهيد‪ .‬لبن عبد البر‪ .‬ت‪ /‬مصطفى العلوي ومحمد ل بكري‪ .‬مكتبة ابن تيمية‪.‬‬
‫‪ -15‬تهذيب التهذيب‪ .‬لبن حجر‪ .‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط الولى ‪ 1404‬هـ‪.‬‬
‫@‪@145‬‬
‫‪ – 16‬تهذيب الكمال‪ .‬ت ‪ /‬بشار عواد‪ .‬مؤسسة الرسالة ط الولى ‪1413‬هـ‪.‬‬
‫‪ - 17‬تيسير الكريم في تفسير كلم المنان‪ .‬للسعدي‪ .‬دار المدني بجدة‪ ،‬ط ‪ 1408‬هـ‪.‬‬
‫‪ – 18‬جامع البيان عن تأويل آي القرآن‪ .‬للطبري‪ .‬ت‪ /‬محمود شاكر‪ .‬مكتبة ابن تيمية‪ .‬ط الثانية‪ ،‬وطبعة‬
‫دار الحديث بالقاهرة‪ 1407 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ -19‬الجامع الصحيح )سنن الترمذي(‪ .‬لبي عيسى الترمذي‪ ،‬مطبعة البابي الحلبي‪ .‬ط الثانية‪.‬‬
‫‪ -20‬الجامع الصحيح‪ .‬للمام البخاري دار الكتب العلمية‪.‬‬
‫‪21‬ـ الجامع لحكام القرآن‪ .‬للقرطبي‪ .‬مكتبة الرياض‪ .‬ط الثانية‪.‬‬
‫‪22‬ـ الدر المنثور في التفسير بالمأثور‪ .‬للسيوطي‪ .‬دار الكتب العلمية‪ .‬بيروت‪ .‬ط الولى ‪ 1411‬هـ‪.‬‬
‫‪23‬ـ زاد المسير في علم التفسير‪.‬لبن الجوزي‪ .‬المكتب السلمي‪ .‬بيروت‪ .‬ط الرابعة ‪1407‬هـ‪.‬‬
‫‪24‬ـ السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة‪ .‬لبن حميد ت‪ /‬بكر أبو زيد وعبد الرحمن العثيمين‪ .‬مؤسسة‬
‫الرسالة ط الولى ‪ 1416‬هـ‪.‬‬
‫‪ – 25‬سنن ابن ماجه‪ .‬نشر المكتبة العلمية‪.‬‬
‫‪ 26‬ـ سنن النسائي‪ .‬بشرح السيوطي وحاشية السندي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪.‬‬
‫‪27‬ـ سير أعلم النبلء‪ .‬للذهبي‪ .‬مؤسسة الرسالة‪ .‬ط السابعة ‪ 1410‬هـ‪.‬‬
‫‪ 28‬ـ شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل‪ .‬لبن قيم الجوزية‪ .‬عناية خالد العالمي‪.‬‬
‫دار الكتاب العربي ط الثالثة ‪ 1418‬هـ‪.‬‬
‫‪29‬ـ صحيح الترمذي‪ .‬لللباني‪ .‬مكتبة المعارف‪.‬‬
‫‪30‬ـ صحيح سنن ابن ماجه‪ .‬لللباني‪ .‬المكتب السلمي‪ .‬ط الولى‪.‬‬
‫‪31‬ـ صحيح مسلم بشرح النووي‪ :‬مؤسسة قرطبة‪ .‬ط الثانية‪.‬‬
‫‪32‬ـ طبقات الحفاظ‪ .‬لبي بكر السيوطي‪ .‬دار الكتب العلمية‪ .‬بيروت ط الولى‪.‬‬
‫@‪@146‬‬

‫‪33‬ـ طبقات الشافعية الكبرى‪ .‬للسكبي‪ .‬ت‪ /‬عبد الفتاح الحلو‪ .‬ط الولى‪.‬‬
‫‪34‬ـ الطبقات الكبرى‪ .‬لبن سعد‪ .‬دار بيروت‪ .‬ط ‪ 1405‬هـ‪.‬‬
‫‪35‬ـ طبقات المفسرين‪ .‬للداوودي‪ .‬ت‪/‬علي محمد عمر‪ .‬مكتبة وهبة‪.‬‬
‫‪36‬ـ غاية النهاية في طبقات القراء‪ .‬لبي الخير محمد بن محمد الجزري‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ .‬لبنان‪ .‬ط‬
‫الثالثة ‪ 1402‬هـ‪.‬‬
‫‪ -37‬فتح الباري‪ :‬لبن حجر‪ ،‬مكتبة المعارف‬
‫‪ -38‬فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير‪ .‬للشوكاني‪ .‬دار الفكر‪ .‬بيروت‪ .‬ط‬
‫‪1403‬هـ‬
‫‪39‬ـ لسان العرب‪ .‬لبن منظور‬
‫‪40‬ـ مجاز القرآن لبي عبيدة‪ .‬مكتبة الخانجي بالقاهرة‪.‬‬
‫‪41‬ـ مجموع فتاوى شيخ السلم ابن تيمية‪ .‬مطبعة أنصار السنة المحمدية ‪ 1369‬هـ‪.‬‬
‫‪42‬ـ مدارج السالكين‪ .‬لبن القيم‪ .‬دار الكتب العلمية ط الولى ‪ 1403‬هـ‪.‬‬
‫‪43‬ـ المستدرك على الصحيحين للحاكم دار الكتاب العربي‪.‬‬
‫‪44‬ـ مسند المام أحمد بن حنبل‪ .‬إشراف‪ :‬عبد ال بن عبد المحسن التركي‬
‫‪45‬ـ معالم التنزيل‪ .‬للبغوي‪ .‬ت‪ /‬محمد عبد ال النمر وعثمان جمعة وسليمان مسلم دار طيبة‪ .‬الرياض‪.‬‬
‫‪ 1409‬هـ‪.‬‬
‫‪46‬ـ معاني القرآن‪ .‬لبي زكريا الفراء‪ .‬ت‪ /‬أحمد يوسف ومحمد علي‪ .‬دار السرور‪.‬‬
‫‪47‬ـ معني القرآن وإعرابه‪ .‬للزجاج‪ .‬ت‪ /‬الدكتور عبد الجليل شلبي‪ .‬عالم الكتب‪ .‬بيروت‪ .‬ط الولى‬
‫‪ 1408‬هـ‪.‬‬
‫‪48‬ـ نزهة اللباء في طبقات الدباء‪ .‬لبن النباري‪ .‬ت‪ /‬الدكتور إبراهيم السامرائي مكتبة المنار‪.‬‬
‫الردن‪ .‬ط الثالثة ‪ 1405‬هـ‪.‬‬
‫‪49‬ـ النكت والعيون‪ .‬لبي الحسن الماوردي‪ .‬ت‪ /‬السيد عبد المقصود‪ .‬دار الكتب العلمية‪ .‬بيروت ط‬
‫الولى ‪ 1412‬هـ‪.‬‬
‫‪50‬ـ هدية العارفين في أسماء المؤلفين وآثار المصنفين‪ .‬لسماعيل باشا‪.‬‬
‫‪51‬ـ وفيات العيان‪ .‬لبن خلكان‪ .‬ت‪ /‬الدكتور إحسان عباس‪ .‬دار صادر‪.‬‬

‫قاعدة في علم الكتاب والسنة‬


‫لنجم الدين سليمان بن عبد القوي الطوفي )ت ‪ 716‬هـ(‬

‫تحقيق‬
‫الدكتور‪ /‬محمد بن عبد العزيز المبارك‬
‫قسم أصول الفقه – كلية الشريعة‬
‫جامعة المام محمد بن سعود السلمية‬

‫@‪@149‬‬

‫المقدمة‪:‬‬
‫الحمد ل الذي أنزل على رسوله القرآن الكريم هدى ورحمة للعالمين‪ ،‬فأحيا به القلوب‪ ،‬وأنار به‬
‫البصار‪ ،‬وهدى به الضللة‪ ،‬وجعله معجزة خالدة إلى يوم الدين‪) :‬ل يأتيه الباطل من بين يديه ول من‬
‫خلفه تنزيل من حكيم حميد( [ فصلت‪.]42 :‬‬

‫والصلة والسلم على الرحمة المهداة محمد بن عبد ال سيد المرسلين وإمام المتقين‪ ،‬وعلى آله وصحبه‬
‫والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين‪.‬‬
‫أما بعد‪ :‬فهذا كتاب قيم بديع في عرضه وموضوعه ومؤلفه‪ ،‬امتاز بسهولة العبارة‪ ،‬ووضوح المعنى‪،‬‬
‫وجودة الصياغة‪ ،‬ودقة التعبير‪ ،‬عنوانه‪" :‬قاعدة في علم الكتاب والسنة" لنجم الدين سليمان بن عبد‬
‫القوي الطوفي الحنبلي‪.‬‬
‫وقد رأيت أن أقوم بدراسته وتحقيقه‪ ،‬وإخراجه للباحثين للستفادة منه؛ فإن علم أصول الفقه – وهو أحد‬
‫العلوم الصلية – ل يزال بحاجة إلى الكشف عن كنوزه الرائعة وتراثه الثمين‪ ،‬وجهود العلماء التي‬
‫بذلت فيه‪ ،‬مما يستدعي ضرورة تكثيف الجهود لكشف ذخائره‪ ،‬وتقديمها في صورة تتيح الفادة منها في‬
‫يسر وسهولة‪.‬‬
‫وجعلت عملي في هذا الكتاب في قسمين رئيسيين‪ ،‬هما‪:‬‬
‫القسم الول‪ :‬القسم الدراسي‪ :‬وفيه ثلثة مطالب‪:‬‬
‫المطلب الول‪ :‬التعريف بمؤلف الكتاب‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬التعريف بالكتاب‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬المنهج المتبع في التحقيق‪.‬‬
‫@‪@150‬‬

‫القسم الثاني‪ :‬النص المحقق للكتاب‪.‬‬

‫وال أسأل التوفيق والسداد في القول والعمل‪ ،‬وأن يجعل جميع أعمالنا خالصة لوجهه الكريم‪ ،‬والحمد ل‬
‫رب العالمين‪ ،‬وصلى ال وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‪.‬‬
‫@‪@151‬‬

‫القسم الول‪ :‬القسم الدراسي‪:‬‬


‫وفيه ثلثة مطالب‪:‬‬
‫المطلب الول‪ :‬التعريف بالمؤلف‪:‬‬
‫سوف أقدم هنا ترجمة موجزة للمؤلف)الطوفي(؛ إذ ليس الغرض تقديم دراسة وافية؛ لما في ذلك من‬
‫الخروج عن المقصود الساس من إخراج الكتاب‪ ،‬ولن ضيق المقام يستدعي الختصار‪ ،‬كما أن‬
‫ترجمته قد خدمت خدمة جيدة ل مزيد عليها‪ ،‬وذلك في كثير من الدراسات التي تناولت بعض كتبه‪#‬ومن‬
‫أبرز هذه الدراسات‪:‬‬
‫‪1‬ـ ما تناوله الدكتور‪ /‬عبد ال بن عبد المحسن التركي في مقدمة تحقيقه لكتاب الطوفي "شرح مختصر‬
‫الروضة"‪.‬‬
‫‪2‬ـ والدكتور‪ /‬إبراهيم البراهيم في مقدمة تحقيقه للكتاب المتقدم نفسه‪.‬‬
‫‪3‬ـ والدكتور‪ /‬سالم القرني في مقدمة تحقيقه لكتاب الطوفي‪" :‬النتصارات السلمية في كشف شبه‬
‫النصرانية"‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ والدكتور‪ /‬محمد الفاضل في مقدمة تحقيقه لكتاب الطوفي‪" :‬الصعقة الغضبية في الرد على منكري‬
‫العربية"‪.‬‬
‫‪5‬ـ والدكتور‪ /‬مصطفى زيد في كتابه‪" :‬المصلحة في التشريع السلمي ونجم الدين الطوفي" وغيرها‬
‫من الدراسات التي بسطها الدكتور‪ /‬محمد الفاضل وفقه ال عند عرضه لمصادر ترجمة الطوفي‪#.‬‬
‫وعليه أتناوله ترجمته من خلل النقاط التية‪:‬‬
‫‪1‬ـ اسمه ونسبه‪:‬‬
‫هو سليمان بن عبد القوي بن عبد الكريم بن سعيد الطوفي الصرصوري البغدادي‪ ،‬يكنى بابي الربيع‪،‬‬
‫ويلقب بنجم الدين‪#‬وهذا ما عليه أغلب الكتب المترجمة له‪.‬‬
‫انظر‪ :‬ذيل طبقات الحنابلة ‪ ،2/366‬والدرر الكامنة ‪ ،2/249‬بغية الوعاة ‪ ،1/599‬شذرات الذهب‬
‫‪ ،8/71‬أعيان العصر ‪#.2/445‬‬

‫@‪@152‬‬

‫والطوفي ـ بضم الطاء وسكون الواو ـ نسبة إلى قريته "طوف" أو "طوفى" وهي قرية من أعمال‬
‫صرصر‪.‬‬
‫والصرصري ـ بفتح الصاد وسكون الراء وتكريرها ـ نسبة إلى بلد "صرصر"‪ ،‬وهي على بعد فرسخين‬
‫من بغداد‪#‬انظر‪ :‬المصادر السابقة‪ ،‬معجم البلدان ‪#.3/401‬‬
‫‪2‬ـ مولده‪:‬‬
‫الذي يظهر مما ذكره المترجمون للطوفي أنه ولد سنة بضع سبعين وستمائة‪#‬انظر الدليل ‪،2/366‬‬
‫شذرات الذهب ‪ ،#.8/71‬وقد مال إلى هذا الرأي كثير من المحققين المحدثين الذين كتبوا عن ترجمته‪،‬‬
‫وعضدوا ذلك بأدلة‪ ،‬ل مجال لتعدادها‪#‬ممن رجح هذا‪ :‬د‪ .‬مصطفى زيد‪ ،‬ود‪ .‬إبراهيم البراهيم‪ ،‬ود‪.‬‬
‫محمد الفاضل‪ ،‬ود‪.‬علي البواب‪#.‬‬

‫‪3‬ـ نشأته ورحلته وطلبه للعلم ووفاته‪:‬‬


‫وذكر المترجمون أن الطوافي ولد في قريته "طوف"‪ ،‬ونشأ بها نشأته الولى وبقي فيها إلى أن ناهز‬
‫السابعة عشرة من عمره‪ ،‬مع تردده خلل هذه المدة على صرصر القريبة منها للقراءة على علمائها‪،‬‬
‫وقد حفظ في ذلك الوقت "مختصر الخرقي" في "الفقه"‪ ،‬و"اللمع" في النحو لبن جني‪.‬‬
‫ثم أراد الستزادة من العلم‪ ،‬فرحل إلى بغداد‪ ،‬ودخلها عام ‪ 691‬هـ‪ ،‬وجالس الفاضل من علمائها‪ ،‬فحفظ‬
‫"المحرر" في الفقه الحنبلي‪ ،‬وقرأ العربية والتصريف‪ ،‬ودرس الصول والفرائض وشيًئا من المنطق‪،‬‬
‫وسمع الحديث من كبار أهل الحديث فيها‪.‬‬
‫ثم انتقل إلى دمشق‪ ،‬ودخلها سنة ‪ 704‬هـ‪ ،‬فأخذ عن أشهر علمائها‪ ،‬وسمع الحديث‪ ،‬ودرس الفقه‪ ،‬وقرأ‬
‫ألفية ابن مالك‪.‬‬
‫@‪@153‬‬

‫ثم رحل إلى القاهرة‪ ،‬مركز العلوم والمعارف‪ ،‬فدخلها سنة ‪ 705‬هــ‪ ،‬وجالس مشاهير علمائها‪ ،‬وأخذ‬
‫عنهم العلوم‪ ،‬وبقي فيها أعواًما حتى علت منزلته لدى الحنابلة‪ ،‬وتولى التدريس في عدد من مدارسها‪،‬‬
‫وصنف فيها أشهر كتبه‪ ،‬ومنها‪ :‬شرح مختصر روضة الناظر‪.‬‬
‫وفي القاهرة حصل بينه وبين بعض العلماء من الحنابلة جفوة وخلف‪ ،‬واتهم بأمور‪ ،‬فسجن مدة وعزر‪.‬‬
‫ولما خرج من السجن اتجه إلى دمياط‪ ،‬ومنها إلى "قوص" من أرض الصعيد‪ ،‬فأقام فيها قرابة ثلث‬
‫سنوات‪ ،‬طالع فيها أغلب خزائنها‪ ،‬وألف فيها كثيًرا من كتبه‪ ،‬حتى قيل‪ :‬إن له في قوص خزانة كتب من‬
‫تصانيفه‪.‬‬
‫ومن قوص خرج عام ‪ 714‬هـ متوجًها إلى مكة المكرمة للحج‪ ،‬وحج في سنته هذه‪ ،‬وبقي مجاوًرا في‬
‫الحرم إلى أن أدركه الحج في عامه التالي ‪ 715‬هـ‪ ،‬فحج‪ ،‬ثم غادر إلى الشام‪ ،‬فقصد بيت المقدس‪،‬‬
‫وألف فيه كنابه "الشارات اللهية إلى المباحث الصولية" الذي أنهى تأليفه في شهر ربيع الخر سنة‬
‫‪ 716‬هـ‪.‬‬
‫ثم توجه إلى بلد الخليل عليه السلم‪ ،‬حيث وافته المنية في شهر رجب من سنة ‪ 716‬هـ‪ ،‬رحمه ال‬
‫‪#‬انظر فيما سبق‪ :‬الذيل )‪ 2/366‬وما بعدها(‪ ،‬الدرر الكامنة )‪ 2/249‬ـ ‪ ،(251‬شذرات الذهب‬
‫‪#.8/71‬‬
‫‪4‬ـ شيوخه وتلميذه‪:‬‬
‫أخذ الطوفي في رحلته وتنقلته عن عدد كبير من علماء المصار التي دخلها‪ ،‬ومن أبرزهم‪#‬انظر في‬
‫شيوخ الطوفي‪ :‬المصادر السابقة‪ ،‬بغية الوعاة ‪#.1/95‬‬
‫أـ علي بن الصرصري الفقيه الحنبلي النحوي‪ ،‬قرأ عليه الطوفي الفقيه بصرصر‪.‬‬
‫@‪@154‬‬

‫ب ـ تقي الدين عبد ال بن أبي بكر الزريراتي البغدادي الحنبلي‪ ،‬فقيه العراق ومفتي الفاق )ت ‪729‬‬
‫هـ(‪.‬‬
‫ج‪ -‬محمد بن الحسين الموصلي النحوي‪ ،‬المام في النحو العروض والقراءات )ت ‪ 735‬هـ(‪.‬‬
‫دـ عبد ال بن عمر بن أبي الرضي الفاروقي الشافعي )ت ‪ 706‬هـ(‪.‬‬
‫هـ محمد بن عبد ال بن عمر بن أبي القاسم البغدادي الحنبلي‪ ،‬مسند العراق )‪ 707‬هـ(‪.‬‬
‫وـ إسماعيل بن علي الطبال‪ ،‬المحدث شيخ المستنصرية )ت ‪ 708‬هـ(‪.‬‬
‫زـ أحمد بن علي بن عبد ال القلنسي البغدادي الحنبلي )ت ‪ 704‬هـ(‪.‬‬
‫ح – يوسف بن عبد المحمود بن عبد السلم بن البتي البغدادي‪ ،‬المقريء الفقيه الديب النحوي المتفنن‪.‬‬
‫ط ـ القاضي تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلم ابن تيمية الحراني الدمشقي )ت ‪ 827‬هـ(‪.‬‬
‫ي – شيخ السلم تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلم ابن تيمية الحراني الدمشقي )ت ‪827‬‬
‫هـ(‪.‬‬
‫صا في‬
‫ك – المام الحافظ يوسف بن عبد الرحمن بن يوسف المزي الشافعي‪ ،‬أحفظ أهل زمانه خصو ً‬
‫الرجال المتقدمين )ت ‪ 744‬هـ(‪.‬‬
‫ضا إلى ذلك‪.‬‬
‫وأما تلميذه‪ ،‬فلم تذكر كتب التراجم عنهم شيًئا‪ ،‬ولكن جاء في بعضها الشارة عر ً‬
‫فذكر الحافظ ابن حجر )ت ‪ 852‬هـ ( ممن تتلمذ على الطوفي ‪#‬انظر الدرر الكامنة ‪#.2/455‬‬

‫@‪@155‬‬

‫أـ عبد الرحمن بن محمود بن قرطاس القوصي‪) ،‬ت ‪ 724‬هـ(‪ ،‬ولي الخطابة بجامع الصارم بقوص‪.‬‬
‫ب ـ محمد بن فضل ال بن أبي الرضي القبطي‪) ،‬ت ‪ 745‬هـ( المعروف بابن كاتب المرج‪.‬‬
‫‪5‬ـ مذهبه‪:‬‬
‫أما مذهبه الفقهي فهو حنبلي المذهب‪ ،‬كما اتفق على ذلك من كتب عن حياته من المتقدمين‬
‫والمتأخرين‪#‬انظر‪ :‬الذيل ‪ ،2/362‬شذرات الذهب ‪ ،8/271‬الدرر الكامنة ‪ ،2/249‬بغية الوعاة‬
‫‪ ،1/599‬أعيان العصر ‪#.2/445‬‬
‫وأما مذهبه العقدي فهو سلفي العقيدة ينهج منهج المام أحمد بن حنبل رحمه ال‪ ،‬وهذا ما كان يذكره عن‬
‫نفسه ويسجله في بعض كتبه‪#‬وهذا هو الذي يظهر من حال الطوفي رحمه ال‪ ،‬وما رمي به من التشيع‬
‫والرفض ل أساس له من الصحة‪ ،‬وقد قدم الباحثان الفاضلن‪ :‬الدكتور مصطفى زيد‪ ،‬والدكتور إبراهيم‬
‫البراهيم أدلة واضحة على براءته من هذه التهمة‪ ،‬وأنه حنبلي النشأة والثقافة‪#.‬‬

‫‪6‬ـ صفاته ومكانته العلمية‪:‬‬


‫كان الطوفي ـ رحمه ال – قوي الحافظة شديد الذكاء‪ ،‬كثير المطالعة‪ ،‬ديًنا ساكًنا قانًعا‪ ،‬مقتصًدا في‬
‫ل من الدنيا‪#‬انظر‪ :‬الدرر الكامنة ‪ ،2/252‬بغية الوعاة ‪#.1/600‬‬ ‫لباسه وأحواله‪ ،‬متقل ً‬
‫قال عنه ابن رجب )‪ 795‬هـ(‪" :‬الفقيه الصولي المتفنن"‪#‬الذيل ‪#.2/366‬‬
‫وقال عنه الصفدي )‪ 764‬هـ(‪" :‬كان فقيًها حنبلّيا عارًفا بفروع مذهبه ملًيا‪ ،‬شاعًرا لبيًبا‪ ،‬له مشاركة في‬
‫الصول‪ ،‬وهو منها وافر‬
‫@‪@156‬‬
‫المحصول‪ ،‬قيًما بالنحو واللغة والتاريخ وغير ذلك‪ ،‬وله في كل ذلك مقامات ومبارك‪ ،‬ولم يزل كذلك إلى‬
‫أن توفي رحمه ال"‪#‬أعيان العصر ‪ 2/445‬ـ ‪#.446‬‬
‫وقال عنه السيوطي )ت ‪ 911‬هـ(‪" :‬كان قوي الحافظة شديد الذكاء"‪#‬بغية الوعاة ‪#.1/600‬‬

‫‪7‬ـ مؤلفاته‪:‬‬
‫كان الطوفي كثير المطالعة شغوًفا بتحصيل العلوم مشارًكا في التأليف في مختلف الفنون‪ ،‬فقد ألف في‬
‫أصول الدين‪ ،‬والتفسير‪ ،‬والحديث‪ ،‬والفقه‪ ،‬وأصوله‪ ،‬والجدل‪ ،‬والنحو‪ ،‬والدب‪ ،‬والبلغة‪ ،‬وغيرها‪.‬‬
‫ومن مؤلفاته‪#‬انظر في التعليق على هذه المؤلفات‪ :‬دراسة الدكتور‪ /‬محمد الفاضل في تحقيقه لكتاب‪:‬‬
‫)الصعقة الغضبية(‪#.‬‬

‫النتصارات السلمية في كشف شبه النصرانية )مطبوع(‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫الشارات اللهية إلى المباحث الصولية )مطبوع(‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الكسير في علم التفسير )مطبوع(‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫شرح مختصر روضة الناظر )مطبوع(‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الصعقة الغضبية في الرد على منكري العربية )مطبوع(‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫علم الجذل في علم الجدل )مطبوع(‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫شرح الربعين النووية )مطبوع(‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫موائد الحيس في فوائد امريء القيس )مطبوع(‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫إيضاح البيان عن معنى أم القرآن )مطبوع(‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫@‪@157‬‬

‫تفسير سورة ق )مطبوع(‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫تفسير سورة القيامة )مطبوع(‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫تفسير سورة النبأ )مطبوع(‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫تفسير سورة النشقاق )مطبوع(‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫تفسير سورة الطلق )مطبوع(‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫درء القول القبيح بالتحسين والتقبيح )مخطوط(‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫بغية الواصل إلى معرفة الفواصل )مخطوط(‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫بيان ما وقع في القرآن من العداد )مخطوط(‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫التعليق على الناجيل الربعة )مخطوط(‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الشعار على مختار الشعار )مخطوط(‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫مختصر الترمذي )مخطوط(‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الداب الشرعية )مفقود(‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الرياض النواضر في الشباه والنظائر )مفقود(‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫معراج الوصول إلى علم الصول )مفقود(‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫مختصر المحصول )مفقود(‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫مختصر الحاصل )مفقود(‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫القواعد الكبرى )مفقود(‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫القواعد الصغرى )مفقود(‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫دفع التعارض عمت يوهم التناقض في الكتاب والسنة )مفقود(‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫@‪@158‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬التعريف بالكتاب‪:‬‬


‫وفيه ما يأتي‪:‬‬
‫‪1‬ـ اسم الكتاب ونسبته إلى مؤلفه الطوفي‪:‬‬
‫كتب في صفحة العنوان لهذا الكتاب‪" :‬قاعدة جليلة في الصول" أحسبها للشيخ العلمة نجم‬
‫الدين سليمان عبد القوي الطوفي رحمه ال‪ ،‬سماها بنهاية السوال في علم الصول‪ ،‬ثم تحت ذلك‬
‫ختم "وقف أحمد بن إسماعيل بن محمد بن تيمور بمصر"‪.‬‬
‫والذي يظهر أن التعليق السابق بقلم العلمة أحمد تيمور‪ ،‬وقد اعتمد على ذلك كثير من الباحثين‬
‫الذين حققوا بعض كتب الطوفي‪ ،‬فجعلوا اسم هذا الكتاب‪" :‬قاعدة جليلة في الصول"‪.‬‬
‫وما ذكره العلمة من أن الطوفي سماها بـ‪" :‬نهاية السؤال في علم الصول" أمر ل وجود له في‬
‫متن الكتاب‪ ،‬ول فيما تم الطلع عليه في كتب الطوفي وإحللته‪.‬‬
‫والذي أراه أن يسمى الكتاب بـ "قاعدة في علم الكتاب والسنة"‪ ،‬كما نص على ذلك المؤلف في‬
‫مقدمة كتابه‪ ،‬حيث قال‪" :‬هذه قاعدة – جدير أن ينتفع بها – في علم الكتاب والسنة"‪ ،‬ولن جعل‬
‫موضوع الكتاب مقتصًرا على علم الكتاب والسنة الذين هما من مباحث علم أصول الفقه أولى‬
‫من جعله في علم الصول على جهة العموم؛ فإنه يحتوي على مسألة منه ل جميعه؛ فكان ذلك‬
‫أقرب وألصق بمضمون هذا الكتاب ومحتواه‪ ،‬كما ل يخفى على من اطلع عليه‪#‬أود أنبه إلى‬
‫أني في بادئ المر كنت أخشى أن يكون هذا الكتاب هو كتاب‪" :‬دفع التعارض عما يوهم‬
‫التناقض في الكتاب والسنة" الذي نسبه ابن رجب إلى الطوفي من حيث إن البيان فيه‬
‫@‪@159‬‬

‫دفع للتعارض‪ ،‬لكني وجدت الطوفي في الشارات اللهية )‪ (2/34‬نسب إلى كتاب "دفع‬
‫التعارض" ما ليس موجوًدا في هذا الكتاب‪ ،‬فعلمت حينئذ أنهما كتابان‪#.‬‬
‫وأما نسبة الكتاب للطوفي فواضحة جلية‪ ،‬رغم عدم وقوفي على من نسبه له من القدماء‪ ،‬إل أن‬
‫أكثر الباحثين اتفقوا على نسبته إليه‪#‬انظر على سبيل المثال‪ :‬ما ذكره الدكتور‪ /‬محمد الفاضل‬
‫في مقدمة تحقيقه لكتاب الطوفي‪" :‬الصعقة الغضبية في الرد على منكري العربية"‪#.‬‬
‫أـ ما جاء من إثبات ذلك في صفحة العنوان من النسخة المخطوطة‪.‬‬
‫ب ـ أم الكتاب ضمن مجموع يحتوي على عدد من مؤلفات الطوفي ورسائله‪ ،‬ومنها‪ :‬إيضاح‬
‫البيان‪ ،‬وبيان ما وقع في القرآن من العداد‪ ،‬وحلل العقد‪ ،‬وغيرها‪ ،‬وقد كتب في أول وآخر‬
‫كثير منها اسم المؤلف‪ ،‬وكانت كتابة المجموع ـ ومنه هذا الكتاب ـ بخط نسخي واحد‪ ،‬وناسخها‬
‫واحد‪.‬‬
‫ج ـ وآكد من ذلك‪ :‬أن الطوفي ذكر في هذا الكتاب كتابين من كتبه المعروفة وأحال عليهما‪،‬‬
‫وهما‪" :‬رسالة أم القرآن" حيث ذكرها في موضعين‪ ،‬وكتاب‪ " :‬الرياض النواضر في الشباه‬
‫والنظائر"‪.‬‬
‫‪2‬ـ وصف النسخة الخطية للكتاب‪:‬‬
‫لم أجد ـ بعد البحث ـ إل نسخة واحدة فريدة لهذا الكتاب‪ ،‬وهي موجودة ضمن المجموع‬
‫المشهور المحفوظ في مكتبة برلين‪#‬تاريخ الدب العربي‪ ،‬لبروكلمان )الصل اللماني‬
‫‪ ، #.(2/180‬والذي يحوي عدة كتب ورسائل للطوفي‪ ،‬وهذا المجموع يوجد صورة لبعض‬
‫رسائله ـ ومنها هذا الكتاب ـ لدى دار الكتب المصرية‪ ،‬ضمن الخزانة التيمورية‪ ،‬ورقمها فيها )‬
‫‪ 179‬أصول تيمور(‪.‬‬

‫@‪@160‬‬

‫ويقع الكتاب في )‪ (16‬صفحة في كل صفحة )‪ (19‬سطًرا‪ ،‬وفي كل سطر )‪ (11‬كلمة في‬


‫المتوسط‪.‬‬
‫وقد كتب هذا الكتاب – كسائر كتب المجموع – بخط نسخي واضح‪ ،‬في القرن التاسع الهجري‬
‫تقديًرا‪ ،‬وقد نسخه محمد بن عبد الوهاب بن محمد النصاري الحنبلي‪ ،‬الذي نسخ معظم ما في‬
‫المجموع‪ ،‬ونص الناسخ على أنه قابل نسخته على الصل‪ ،‬وأثبت بعض التصويبات‪.‬‬
‫‪3‬ـ موضوع الكتاب‪:‬‬
‫موضوع البحث في هذا الكتاب عن بيان السنة للقرآن‪ ،‬يقرر فيه الطوفي أن اصل الشريعة في‬
‫الرتبة الولى هو القرآن‪ ،‬وأن السنة أصل إضافي في الرتبة الثانية لجل البيان‪.‬‬
‫وقد تطرق الطوفي لعدد من المسائل ضمن هذا الموضوع‪ ،‬فبدأ بمسألة استقلل السنة بالتشريع‪،‬‬
‫ثم ذكر أن القرآن منه‪ :‬ما هو بين بنفسه ل يحتاج إلى بيان‪ ،‬وهذا ل إشكال فيه‪ ،‬ومنه‪ :‬ما ليس‬
‫بيًنا بنفسه‪ ،‬فيحتاج إلى بيان‪ ،‬وبيانه قد يكون بالقرآن في موضع آخر منه أو بدليل العقل‪ ،‬أو‬
‫بسنة النبي صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وأن بيان السنة للقرآن على أقسام‪ ،‬بحسب طريق ثبوتها‪.‬‬
‫وتطرق لقاعدة في دللة النص على معناه من حيث التصريح‪ ،‬والظهور الجمال‪.‬‬
‫وكتب عن بيان السنة للقرآن من حيث انفرادها واجتماعها‪ ،‬واتحادها وتعارضها‪ ،‬وأحكام ذلك‬
‫بالتفصيل‪.‬‬
‫ضا ل يمنع الجمع‪ ،‬وكيفية استعمال التأويل في ذلك‪.‬‬ ‫ثم بين فائدة فيما إذا تعارض نصان تعار ً‬
‫@‪@161‬‬

‫ثم أكد أن القرآن مؤسس والسنة مبينة‪ ،‬وأنه ل يكاد يوجد حديث صحيح إل له منزع إلى بعض‬
‫اليات‪ ،‬وفصل الكلم عن أمثلة ذلك‪ ،‬فبدأ بأربعة أحاديث هي مدار السلم‪ ،‬ثم أتبع ذلك‬
‫بأحاديث مما استحضره تقريًرا للمقصود‪.‬‬
‫وأخيًرا ختم الكتاب بالكلم عن دفع إشكالين واردين على الستدلل بآيتين من كتاب ال عز‬
‫وجل‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬المنهج المتبع في التحقيق‪:‬‬
‫اتبعت في تحقيق هذا الكتاب المنهج التي‪:‬‬
‫‪1‬ـ العتماد في تحقيقه على النسخة الفريدة التي سبق الكلم عنها‪.‬‬
‫‪2‬ـ عزو اليات القرآنية إلى مواضعها من كتاب ال تعالى‪.‬‬
‫‪3‬ـ تخريج الحاديث النبوية من مصادرها‪ ،‬فإن كان الحديث في الصحيحين أو أحدهما فأكتفي‬
‫بتخريجه منهما‪ ،‬وإن لم يكن في أي منهما أخرجه من المصادر الخرى المعتمدة‪.‬‬
‫‪4‬ـ تخريج الثار الواردة في النص‪.‬‬
‫‪5‬ـ التعليق بذكر ما يستدعيه المقام من كزيد بيان أو إضافة مناسبة‪.‬‬
‫‪6‬ـ الشارة إلى بعض الكتب التي تناولت المسائل التي تعرض لها المؤلف‪ ،‬ومع الحرص على‬
‫كتب المؤلف خاصة‪.‬‬
‫‪7‬ـ توثيق الراء المنسوبة فيه إلى القائلين بها من مؤلفاتهم‪ ،‬أو من المصادر المعتمدة‪.‬‬
‫‪8‬ـ ضبط اللفاظ التي قد تشكل على القارئ‪.‬‬
‫‪9‬ـ كتابه النص حسب قواعد الملء المتعارف عليها في الوقت الحاضر‪.‬‬

‫@‪@162‬‬
@163@
‫@‪@164‬‬

‫@‪@165‬‬

‫القسم الثاني‪ :‬النص المحقق للكتاب‬


‫بسم ال الرحمن الرحيم‬
‫رب يسر وأعن يا كريم‬
‫الحمد ل رب العالمين‪ ،‬والصلة والسلم التمان الكملن على سيدنا محمد سيد المرسلين‪ ،‬وإمام المتقين‪،‬‬
‫وقائد الغر المحجلين‪ ،‬وعلى آله وصحبه أجمعين‪ ،‬صلة دائمة إلى يوم الدين‪.‬‬

‫هذه قاعدة ـ جدير أن ينتفع بهاـ في علم الكتاب والسنة إن شاء ال عز وجل‪.‬‬
‫فنقول‪ :‬قال ال سبحانه وتعالى لنبيه عليه الصلة والسلم‪) :‬وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم‬
‫ولعلهم يتفكرون(‪#‬من الية رقم )‪ (44‬من سورة النحل‪) ، #.‬وما أنزلنا عليك الكتاب إل لتبين لهم الذي‬
‫اختلفوا فيه(‪#‬من الية رقم)‪ (64‬من سورة النحل‪ #.‬الية‪ ،‬وقد ظهر من هذا أن أصل الشريعة في الرتبة‬
‫الولى إنما هو القرآن‪ ،‬والسنة أصل في الرتبة الثانية لجل البيان‪#‬اختلف في مرتبة السنة من الكتاب‪ ،‬من‬
‫جا على الحكام الشرعية‪ ،‬أو أن السنة تقع في‬ ‫حيث كون السنة مع الكتاب في مرتبة واحدة اعتباًرا واحتجا ً‬
‫مرتبة ثانية بعد القرآن‪ :‬فذهب بعض أهل العلم إلى أن رتبة السنة التأخير عن الكتاب في العتبار‬
‫والحتجاج‪.‬‬
‫عا له‪ ،‬وبهذا أخذ الشاطبي‪ ،‬وتابعه كثير من الباحثين المحدثين )وهو رأي‬ ‫وعليه فتعد السنة تابعة للقرآن وفر ً‬
‫الطوفي هنا(‪ .‬وذهب آخرون من الباحثين إلى أن السنة مع الكتاب في مرتبة واحدة من حيث العتبار‬
‫والحتجاج‪ .‬وقد طال الخلف في هذه المسألة وتشعب‪ ،‬والذي يبدو ا‪،‬ه خلف اعتباري‪ ،‬نشأ من اختلف‬
‫وجهة نظر كل من الطائفتين‪ ،‬فالطوفي والشاطبي ومن أخذ بقولهما لم يقصدوا أن السنة ل حجة لها مع‬
‫عا لصل واحد‪ ،‬هو القرآن‬ ‫الكتاب‪ ،‬بل مقصودهم أن مصادر التشريع ل تعدو كونها في واقع المر فرو ً‬
‫الذي أعطي المصادر الخرى حجيتها‪ ،‬ول يلزم من هذا الترتيب إهمال السنة أو اطراحها‪.‬‬
‫انظر‪ :‬الموافقات )‪ ،(4/294‬حجية السنة‪ ،‬لعبد الغني عبد الخالق ص ‪ ،490‬السنة النبوية ومكانتها لعباس‬
‫حمادة ) ص ‪ ،(193‬أصول الفقه السلمي‪ ،‬للخضري بك )ص ‪ ، #.(242‬فهو أصل إضافي ـ أعني أص ً‬
‫ل‬
‫بالضافة إلى باقي أدلة الشرع ـ فرع تابع بالضافة إلى الفرقان‪.‬‬

‫@‪@166‬‬

‫إذا عرف هذا فهل يوجد في السنة ما ليس بياًنا للقرآن؟ بأن يكون مظهًرا لحكم مبتدأ مستقل ل يستند بطرق‬
‫البيان إلى غيره‪#‬وتسمى السنة المؤسسة‪ ،‬وهي دلت على حكم سكت عنه القرآن الكريم‪ ،‬فلم ينص عليه ول‬
‫على ما يخالفه‪.‬‬
‫وهذه مواضع خلف بين العلماء في إمكانيتها‪ ،‬فذهب بعضهم إلى أنه ل يمكن أن ترد في السنة أحكام ل‬
‫أصل في القرآن‪ ،‬وذهب آخرون إلى جواز استقلل السنة بالتشريع‪.‬‬
‫والذي يظهر أن الخلف لفظي محتمل؛ فإن الجميع متفقون على حجية هذا النوع من السنة‪ ،‬إل أن بعضهم‬
‫يسميه سنة مستقلة أو مؤسسة‪ ،‬والبعض الخر يعده من جملة السنة المبينة‪ ،‬وهؤلء ل يتوقفون في حجية‬
‫السنة حتى يبحث عن أصلها في الكتاب‪ #.‬أم ل؟‬
‫هل هذا محل نظر‪ .‬ثم إن القرآن على ضربين‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬بين بنفسه‪ ،‬ل يحتاج إلى بيان من خارج‪#‬وهو ما فهم منه عند الطلق معنى معين‪ ،‬من نص أو‬
‫ظهور‪ ،‬فهو يستغني بنفسه عن البيان‪ ،‬ويطلق عليه البيان البتدائي‪ ،‬كما في شرح مختصر الروضة )‬
‫ل واعتقاًدا‪.‬‬
‫‪ ، #.(2/675‬فهذا ل إشكال فيه‪ ،‬ويجب امتثال مقتضاه عم ً‬
‫والثاني‪ :‬ما ليس بيًنا بنفسه فيحتاج إلى بيان من خارج‪ ،‬وبيانه إما أن يكون في القرآن في موضع آخر منه‪،‬‬
‫أو ل‪#‬ذكر الطوفي في كتابه النفيس )الكسير في علم التفسير ص ‪33‬ـ ‪ (34‬أن الكلم في القرآن إما ا‪،‬‬
‫يكون متضح اللفظ والمعنى‪ ،‬أو ل‪ ،‬فالول‪ :‬ل حاجة له إلى تفسير‪ ،‬بل هو بين بنفسه؛ لتضاح‪،‬‬
‫@‪@167‬‬
‫لفظه‪ ،‬واشتهاره وضًعا أو عرًفا‪ ،‬ونصوصيته في معناه نحو‪) :‬فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه([ الحجر‪:‬‬
‫‪]22‬؛ فإن لفظ النزال والسماء والماء والسقاء معروفة مشهورة‪ ،‬من غير حاجة إلى بيان‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬وهو ما لم يتضح المراد منه في لفظه ومعناه‪ ،‬لشتراك نحو‪) :‬ثلثة قروء( [ البقرة‪ ،]228 :‬فإن‬
‫القرء يحتمل الطهر والحيض‪ ،‬أو لغرابة في اللفظ‪ ،‬نحو‪) :‬فرت من قسورة([ المدثر‪ ،] 51 :‬فهذا المحتاج‬
‫إلى البيان‪.‬‬
‫فإن كان في القرآن تعين بياًنا له؛ لنه بيان القاطع بمثله‪ ،‬والجنس بجنسه‪#‬‬
‫أجمع أهل العلم على أن أشرف أنواع التفسير وأجلها تفسير كتاب ال بكتاب ال؛ إذ ل أحد‬ ‫)‪( 1‬‬
‫أعلم بمعنى كلم ال من ال جل وعل‪ ،‬فما أجمل في مكان‪ ،‬فإنه قد فسر في موضع آخر‪ ،‬وما اختصر‬
‫في مكان فقد بسط في موضع آخر‪.‬‬
‫انظر مجموع الفتاوى )‪ ،(13/363‬أضواء البيان )‪#.(1/3‬‬
‫ضا فهو مؤكد له في بيانه‪ ،‬ل أصل؛ إذ بيان المبين تحصيل حاصل‪ ،‬وهو‬ ‫فإن وجد له بيان في السنة أي ً‬
‫مستغن عنه‪.‬‬
‫وهذا كقوله عز وجل‪ ):‬أجيب دعوة الداع إذا دعان(‪ #‬من الية رقم )‪ (186‬من سورة البقرة‪ ،#.‬فهو عام‬
‫خص‪ ،‬أو مطلق قيد بقوله عز وجل‪) :‬بل إياه تدعون فيكشف ما تدعون إليه إن شاء(‪ #.‬من الية رقم )‪(41‬‬
‫من سورة النعام‪#.‬‬
‫وكقوله عز وجل‪) :‬من كان يريد حرث الخرة نزد له في حرثه(‪ #‬من الية رقم )‪ (20‬من سورة‬
‫الشورى‪ #.‬تضمن عموًما وإطلًقا بينا بقوله عز وجل‪):‬من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن‬
‫نريد(‪ #.‬من الية رقم )‪ (18‬من سورة السراء‪#.‬‬
‫@‪@168‬‬

‫وكما سبق في رسالة أم القرآن من بيان بعض القرآن ببعض‪#‬قال المؤلف فر رسالته )أم القرآن ـ ص‬
‫‪" :(345‬ومن أمثلة تفاوت مراتب البيان‪ :‬قوله عز وجل )وإذ قال موسى لقومه إن ال يأمركم أن تذبحوا‬
‫ل بذبح بقرة‪ ،‬وهي مسمى مطلق في غاية الجمال‪ ،‬ثم بين لهم‬ ‫بقرة( اليات؛ فإن ال عز وجل أمرهم أو ً‬
‫أنها‪) :‬ل فارض ول بكر عوان بين ذلك(‪ ،‬ثم بين لهم أنها )صفراء فاقع لونها تسر الناظرين(‪ ،‬ثم بين لهم‬
‫أنها )ل ذلول تثير الرض ول تسقي الحرث مسلمة ل شية فيها(‪ ،‬فكان ذلك غاية في البيان لهم‪...‬ومن أمثلة‬
‫ذلك‪ :‬أن ال عز وجل بين مواقيت الصلة في كتابه بقوله عز وجل‪) :‬فسبحان ال حين تمسون وحين‬
‫تصبحون ( الية‪ ،‬ثم بين بقوله عز وجل‪) :‬وسبح بحمد ربك حين تقوم‪ ،‬ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم( ثم‬
‫بقوله عز وجل‪) :‬وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب(‪) ،‬وقبل غروبها( اليتين‪ ،‬وبقوله عز‬
‫وجل‪) :‬أقم الصلة لدلوك الشمس إلى غسق الليل( اليات وهي متفاوتة في البيان على ترتيبها الذي‬
‫ذكرناه"‪.#.‬‬
‫وقد بلغنا أن بعض العلماء فسر القرآن بالقرآن‪ ،‬وهو يسير على من قصد إليه‪ ،‬وأعين عليه‪#‬لم أقف على من‬
‫يقصد الطوفي بأنه فسر القرآن بالقرآن‪ ،‬في عصره‪ ،‬مع التتبع وسؤال أهل الختصاص‪ ،‬لكن جاء في‬
‫ل في ذلك‪ ،‬عنوانه‪ :‬مفاتيح الرضوان في تفسير الذكر بالثار‬ ‫العصور المتأخرة من أفرد مؤلًفا مستق ً‬
‫‪.#‬والقرآن‬
‫؛ فإن اله عز وجل‪):‬نزل أحسن الحديث كتاًبا متشابًها(‪#‬من الية رقم )‪ (23‬من سورة الزمر‪ #.‬أي‪ :‬يشبه‬
‫ضا‪ ،‬وكتاب بالمسمى بالرياض النواضر في الشباه والنظائر ينحو ذلك‬ ‫ضا‪ ،‬أو يصدق بعضه بع ً‬ ‫بعضه بع ً‬
‫المنحى‪ ،‬ومغزاه‪ ،‬ذلك المغزى‪.‬‬
‫وإن لم يكن بيانه في القرآن فهو في السنة والعقل؛ إذ ل مرصد للبيان سواهما‪#.‬بقي الجماع كما صرح‬
‫بذلك المؤلف نفسه في كتابه الكسير ص ‪ ،40‬حيث ذكر أن تفسير القرآن ل يخلو‪ :‬إما أن يكون بدليل عقلي‬
‫قاطع‪ ،‬أو نص عن النبي صلى ال عليه وسلم تواتري‪ ،‬أو اتفاق من العلماء إجماعي أو نص أحادي‬
‫صحيح‪#.‬‬

‫@‪@169‬‬
‫والمر والبيان العقلي واضح‪ ،‬كتخصيص ذات ال عز وجل وصفاته من عموم‪) :‬كل شيء هالك(‪#‬من الية‬
‫رقم )‪ (88‬من سورة القصص‪ ،#.‬وتخصيص السماوات والرض من عموم‪) :‬تدمر كل شيء(‪#‬من الية‬
‫رقم )‪ (25‬من سورة الحقاف‪ ،#.‬وتخصيص منافع الجنة ونحوها من عموم )وأوتيت من كل شيء(‪#‬من‬
‫الية رقم )‪ (23‬من سورة النمل‪ ،#.‬ونحو ذلك؛ فإنه تخصيص وبيان عقلي‪#‬قرر الطوفي في شرح مختصر‬
‫الروضة )‪ (2/555‬أنم التخصيص بيان كما هو معروف من حده‪ ،‬وعليه فالمخصص مبين‪ ،‬والعقل يصح‬
‫أن يكون مبيًنا لمراد المتكلم بلفظه‪.‬‬
‫ضا في التخصيص بالعقل‪ :‬العدة ‪ ،2/574‬والمستصفى ‪ ،2/99‬نهاية الوصول ‪ ،4/1605‬البحر‬ ‫وانظر أي ً‬
‫المحيط ‪#.3/355‬‬
‫وإنما نحتاج إلى النظر في البيان بالسنة‪.‬‬
‫فنقول‪ :‬هي إما متواترة أو ل‪.‬‬
‫فإن كانت متواترة‪ :‬بين بها الكتاب؛ لنها في قوته سنًدا‪ ،‬وكنسخه بها وأولى‪#‬ل خلف في جواز البيان‬
‫بالقوى والمساوي‪ ،‬ولذلك نقل جماعة من أهل العلم الجماع على جواز تخصيص الكتابة بالسنة المتواترة‪.‬‬
‫انظر‪ :‬الحكام للمدي ‪ ،2/472‬نهاية الوصول ‪ ،4/1617‬شرح مختصر الروضة ‪#.2/558‬‬
‫وإن لم تكن متواترة‪ :‬فالتحقيق يقتضي أن ل يبين الكتاب بها؛ لنها أضعف منه‪ ،‬والبيان قاض على المبين؛‬
‫لنه يظهر ما تضمنه‪ ،‬ويكشف عما اشتمل عليه وضمنه‪ ،‬والضعف ل يقضي على القوى‪#‬لكن الطوفي‬
‫رد هذا الطلق في شرح مختصر الروضة )‪ ،(2/686‬فذكر أنه يصح منع تبيين القوى بالضعف إذا‬
‫تساويا من جهة الرتبة والدللة‪ ،‬لكن ل يلزم من ضعف الرتبة ضعف الدللة؛ لجواز‪،‬أن يكون الضعف‬
‫رتبة أقوى دللة‪ :‬كتخصيص عموم الكتاب بخبر الواحد؛ لنه أخص‪ ،‬فيكون أدل‪ .‬فالحكم إذن فيما يحتاج‬
‫إلى بيان أن يوقف فيه الدليل القاطع أو اللحاق به عند تحقيق الجامع‪.‬‬
‫@‪@170‬‬
‫لكن الئمة رضي ال عنهم ذهبوا إلى بيان القرآن بآحاد السنة‪#‬ذهب الئمة الربعة وجمهور أهل العلم إلى‬
‫جواز البيان بالحاد‪ ،‬ومنع ذلك المعتزلة والمتكلمون وقلة من الفقهاء‪.‬‬
‫انظر‪ :‬البرهان ‪ ،1/427‬العدة ‪ ،2/550‬أصول السرخسي ‪ ،1/414‬المستصفى ‪ ،2/81‬المحصول‬
‫‪ ،1/477‬الحكام‪ ،‬للمدي ‪ ،3/34‬شرح تنقيح الفصول ص ‪ ،281‬نهاية الوصول ‪ ،#.4/1622‬وهي‬
‫ضربان‪ :‬مستفيض وغيره‪.‬‬
‫فالمستفيض‪ :‬ما اشتهر في طبقات أعصاره‪ ،‬ولم يبلغ القطع‪#‬الجمهور يجعلون المستفيض أو المشهور قسًما‬
‫من الحاد‪.‬‬
‫بينما الحنفية لهم اصطلح خاص في تقسيم الحاد‪ ،‬حيث يرون أن الخبر ثلثة أقسام‪ :‬متواتر‪ ،‬ومشهور‪،‬‬
‫وآحاد‪ ،‬فيضيفون المشهور وهو المستفيض‪ ،‬ويعرفونه بأنه‪ :‬ما كان آحاد الصل متواتر الفرع‪ ،‬وذلك بأن‬
‫يرويه في الصل عدد ل يبلغون حد التواتر‪ ،‬ثم ينتشر في القرن الثاني حتى يرويه جماعة ل يتصور‬
‫تواطؤهم على الكذب‪ ،‬مع تلقي المة له بالقبول‪ .‬انظر أصول السرخسي ‪ ،293 -1/292‬نهاية الوصول‬
‫‪ ،7/2800‬كشف السرار للبخاري ‪ ،2/674‬البحر المحيط ‪#.4/249‬‬

‫وغير المستفيض ـ وهو الحاد المجردة عن الستفاضة – ما ليس كذلك‪ .‬وينشأ لنا من هذا قسمة‪ ،‬وهي‪ :‬أن‬
‫كل حديث فإما أن يشتهر ويفيد القطع‪ ،‬وهو المتواتر‪ ،‬أو ل يشتهر ول يفيد القطع‪ ،‬وهو المستفيض‪ ،‬أو يفيد‬
‫القطع ول يشتهر‪ ،‬ول أظنه ممكًنا؛ إذ الشهرة من لوازم إفادة القطع‪ ،‬ووجود ملزوم بدون لزمه محال‪.‬‬
‫ويجب أن يقدم في البيان السنة المتواترة‪ ،‬ثم المستفيض‪ ،‬ثم الحاد؛ تقديًما للقوى فالقوى‪.‬‬
‫والدليل على جواز بيان القرآن بالحاد وجوه‪:‬‬
‫@‪@171‬‬

‫أحدها‪ :‬قوله تعالى‪) :‬لتبين للناس ما نزل إليهم(‪#‬من الية رقم )‪ (44‬من سورة النحل‪ #.‬مع علمه عز وجل‬
‫أن ليس جميع السنن متواترة‪ ،‬فدل على أنه أجاز ذلك‪#‬ذكر الطوفي في الشارات اللهية )‪ (2/374‬أن هذه‬
‫الية تدل على وجوب العمل على خبر الواحد؛ لن بيان النبي صلى ال عليه وسلم للقرآن واجب القبول‪،‬‬
‫ضا على جواز بيان المتواتر بالحاد‪ ،‬لن‬ ‫والتواتر فيه نادر‪ ،‬فلو لم تقبل الحاد لتعطل أكثر البيان‪ ،‬وتدل أي ً‬
‫البيان كشف‪ ،‬والقوى يكشف بالضعف‪#.‬‬
‫الثاني‪ :‬أن مجمل القرآن أكثر من متواتر السنة‪ ،‬فلو انحصر بيان القرآن في متواترها لخل كثي من القرآن‬
‫عن البيان‪ ،‬وهو خلف المقصود من إنزاله‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬قوله صلى ال عليه وسلم‪" :‬نضر ال امرًأ سمع مقالتي فوعاها‪ ،‬فأداها كما سمعها"‪#‬أخرجه ابن‬
‫ماجه في سننه‪ ،‬المقدمة‪ ،‬باب من بلغ علًما )‪ (1/85‬رقم ‪.231‬‬
‫والمام أحمد في مسنده )‪ (27/301‬رقم ‪.16738‬‬
‫والدرامي في سننه‪ ،‬المقدمة‪ ،‬باب القتدء بالعلماء )‪ (1/80‬رقم ‪.232‬‬
‫والحاكم في المستدرك‪ ،‬كتاب العلم )‪ (1/162‬رقم ‪.294‬‬
‫وابن عبد البر في جامع بيان العلم ‪.1/40‬‬
‫وكلهم من حديث جبير بن مطعم رضي ال عنه‪.‬‬
‫وفي الباب عن زيد بن ثابت‪ ،‬وأنس بن مالك‪ ،‬وابن مسعود رضي ال عنه وغيرهم‪ #.‬الحديث‪ ،‬وهو عام‬
‫فيمن سمع مقالته وحده أو مع عدد يحصل به التواتر أنه مأمور بنقلها‪ ،‬ول فائدة لنقلها إل العلم بها‪ ،‬ومن‬
‫جملة العمل بها أن يتبين بها مجمل القرآن‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬أن النبي صلى ال عليه وسلم كان يرسل الحاد بالخبار إلى البلد البعيدة‪ ،‬وهي بيان للقرآن‪ ،‬ثم‬
‫يوجب على من بلغته العمل بها‪ ،‬وهي بالنسبة إليهم آحاد‪.‬‬
‫ولعل في هذا نظًرا‪#‬لعل وجه النظر في هذا ما ذكره في شرح مختصر الروضة)‪ ،(2/120‬وهو‪" :‬ل نسلم‬
‫أن تلك الخبار التي كان النبي صلى ال عليه وسلم يبلغها الناس كانت آحاًدا‪ ،‬بل اقترن بها ما أفاد العلم على‬
‫القرائن الحالية"‪ ،‬وعليه فل يبقى في تبليغها دليل على جواز البيان بخبر الحاد المجرد‪#.‬‬
‫@‪@172‬‬

‫الخامس‪ :‬أن بين القرآن وأخبار الحاد قدًرا مشترًكا‪ ،‬وهو إفادة الظن‪#‬وهذا من حيث الدللة‪ ،‬ل من حيث‬
‫الثبوت؛ فإن المة مجمعة على قطعية القرآن الكريم من حيث ثبوته‪ .‬انظر‪ :‬الحكام‪ ،‬لبن حزم )‪#.(1/92‬‬
‫وهو كاف في إثبات أحكام الشرع‪.‬‬
‫قلت‪ :‬يجيء من هذا تفصيل‪ :‬وهو ا‪ ،‬بين القرآن والحاد في الظنيات الفرعية‪ ،‬ل في القطعيات الصولية‪،‬‬
‫وهذا قول متوسط معتدل‪.‬‬
‫صا‪،‬‬
‫ل فيه‪#‬فالول يسمى ن ّ‬ ‫قاعدة‪ :‬كل نص فإما أن يدل على معنى بصريحه‪ ،‬أو بظاهره‪ ،‬أو يكون مجم ً‬
‫ل‪.‬‬
‫والثاني ظاهًرا‪ ،‬والثالث مجم ً‬
‫قال الطوفي في شرح مختصر الروضة )‪":(1/553‬ووجه انحصار الكلم في النص والظاهر والمجمل هو‬
‫أن اللفظ إما أن يحتمل معنى واحًدا فقط‪ ،‬أو يحتمل أكثر من معنى واحد‪ ،‬والول النص‪ ،‬والثاني‪ :‬إما أن‬
‫حا أو ظاهًرا‬ ‫يترجح في أحد معنييه أو معانيه‪ ،‬وهو الظاهر‪ ،‬أو ل يترجح‪ ،‬وهو المجمل"‪ #.‬فإن كان صري ً‬
‫وجب العمل بموجبه إل لدليل راجح يقتضي صرفه عن الصريح والظاهر‪ ،‬من معارض للصريح راجح‪ ،‬أو‬
‫صريح يترك له الظاهر‪.‬‬
‫ل طلب بيانه‪ ،‬فإن وجد‪ ،‬وإل وقف فيه ‪#‬فالمجمل حكمه أن يتوقف فيه على الدليل المبين‬ ‫وإن كان مجم ً‬
‫للمراد به‪ ،‬كما أن حكم الصريح والظاهر المبادرة إلى العمل بما ظهر منهما‪ :‬انظر‪ :‬شرح مختصر الروضة‬
‫‪#.2/655‬‬
‫فائدة‪ :‬إذا أردنا بيان آية بشيء من السنة‪ :‬إن لم تكن صحيحة ثابتة على وجه يجب قبولها لم يعتبر‪ ،‬وطلبنا‬
‫البيان من غيرها‪ ،‬وإن كانت صحيحة ثابتة فل يخلو‪ :‬إما أن يكون في الباب منها حديث واحد‪ ،‬أو أكثر ‪.‬‬
‫فإن كان حديث واحد استعملناه في البيان‪ ،‬ول إشكال‪.‬‬
‫ل أو يختلفا‪ :‬فإن اتفقا ـ بأن أفادا معنى واحًدا ـ فهما‬
‫وإن كان أكثر من حديث‪ :‬فإما أن يتفق الحديثان مث ً‬
‫كالحديث الواحد في بيان الية‪.‬‬
‫@‪@173‬‬
‫وإن اختلفا‪ :‬فإن كان اختلفهما اختلًفا ل يمنع الجمع بينهما ـ كالعام مع الخاص‪ ،‬والمطلق مع المقيد‪،‬‬
‫والمجمل مع المبين ـ جمعنا بينهما بطريق الجمع‪ ،‬ثم استعملناهما في البيان‪#‬فإن في الجمع بين الدليلين‬
‫ل للدلة وترًكا لهمالها‪ ،‬فمتى أمكن العمل بكل منهما أو بأحدهما فهو المتعين‪ ،‬ولذلك كان‬ ‫المتعارضين إعما ً‬
‫إعمال الدليلين أولى من إهمالهما أو إهمال أحدهما‪ ،‬وإهمالهما يكون بإسقاطهما أو التوقف فيهما‪ ،‬وإهمال‬
‫أحدهما يكون بالترجيح أو التخيير بينهما‪.‬‬
‫انظر‪ :‬نهاية الوصول ‪ ،8/3662‬شرح مختصر الروضة ‪ ،3/689‬البحر المحيط ‪#.6/133‬‬
‫وإن كان اختلفهما اختلًفا يمنع الجمع ـ وأمكن وجود ذلك ـ بأن تناقض معناهما‪ :‬فإن تفاوتا في الصحة قدم‬
‫ضا في شرح مختصر‬ ‫الصح منهما‪ ،‬وأقسام الحديث الصحيح سبعة‪ ،‬مرتبة هكذا‪#‬وقد ذكرها الطوفي أي ً‬
‫الروضة ‪.2/109‬‬
‫وانظر في مراتب الحديث الصحيح عند المحدثين‪ :‬تدريب الراوي ‪1/122‬ـ ‪ ،123‬شرح شرح نخبة الفكر‬
‫ص ‪:#.288‬‬
‫المتفق عليه بين الشيخين‪.‬‬
‫ثم أفراد البخاري‪.‬‬
‫ثم أفراد مسلم‪.‬‬
‫ثم ما خرج على المتفق عليه‪.‬‬
‫ثم ما خرج على أفراد البخاري‪.‬‬
‫ثم ما خرج على أفراد مسلم‪#‬أوضح الطوفي في شرح المختصر )‪ (2/109‬معنى التخرج على شرط‬
‫البخاري ومسلم أو شرط أحدهما بقوله‪" :‬أنهما ـ أعني البخاري ومسلًما ـ اختلفا في رواة الحديث‪ ،‬لختلف‬
‫صفاتهم المعتبرة عندهما‪ ،‬فاتفقا على الخراج عن طائفة من الرواة‪ ،‬وانفرد البخاري بالرواية عن طائفة من‬
‫الرواة‪ ،‬وانفرد مسلم بالرواية عن طائفة‪ ،‬فزعم المستدركون عليهما‪ :‬أنهم قد وجدوا أحاديث قد رواها من‬
‫خرجنا عنه‪ ،‬اتفاًقا وانفراًدا‪ ،‬ومن يساوي من خرجا عنه‪ ،‬فخرجوها‪ ،‬وقالوا‪ :‬هذا استدراك عليهما على‬
‫شرطهما‪ ،‬أو شرط واحد منهما"‪#.‬‬

‫@‪@174‬‬

‫ثم ما خرج في باقي السنن‪ ،‬مما حكم بصفته إمام معتبر في الحديث‪ ،‬ولم يوجد له معارض مساو أو راجح‪.‬‬
‫فيقدم في الصحة بعض هذه المراتب على بعض‪.‬‬
‫وكذا يقدم أحد الحديثين على الخر بغير الصحة من المرجحات المذكورة في أصول الفقه‪#‬الترجيح بين‬
‫الخبار إما من جهة سندها‪ ،‬أو متنها‪ ،‬أو قرائنها المحتفة بها‪.‬‬
‫فالترجيح من جهة المتن مبناه تفاوت دللت اللفاظ في أنفسها‪ ،‬وعليه يرجح القوى دللة على غيره‪،‬‬
‫فالنص مقدم على الظاهر‪ ،‬والمثبت على المنفي‪ ،‬وما اشتمل على حظر أو وعيد على غيره‪ ،‬وهكذا‪.‬‬
‫والترجيح من جهة القرائن يكون باعتضاد أحد الخبيرين بعموم كتاب أو سنة أو قياس شرعي أو عمل‬
‫الصحابة‪.‬‬
‫انظر‪ :‬روضة الناظر ‪3/1030‬ـ ‪ ،1038‬شرح مختصر الروضة ‪ ،698،706 ،3/690‬شرح الكوكب‬
‫المنير ‪4/627‬ـ ‪#.628‬‬
‫وإن استويا من جهة الصحة وغيرها‪ ،‬فالجمع بينهما في البيان غير ممكن لتناقضهما فماذا يفعل؟‬
‫ههنا احتمالت‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬أن يتركهما جميًعا؛ لتعارضهما‪ ،‬كتعارض البينتين‪ ،‬وتبقى الية على إجمالها موقوفة على بيان من‬
‫خارج‪#‬وبهذا قال بعض الفقهاء والصوليين‪.‬‬
‫انظر شرح تنقيح الفصول ص ‪ ،417‬البحر المحيط ‪ ،6/115‬شرح الكوكب المنير ‪#.4/613‬‬
‫الثاني‪ :‬أن يتخير المجتهد في استعمال أيهما شاء بياًنا‪ ،‬كما يخير عند تعادل المارتين‪#‬وبهذا قال الشافعي‬
‫وبعض الحنابلة‪.‬‬
‫انظر‪ :‬شرح تنقيح الفصول ص ‪417‬؛ البهاج ‪ ،3/214‬شرح الكوكب المنير ‪#.4/613‬‬
‫@‪@175‬‬

‫الثالث‪ :‬أن يستعمل منهما ما هو الليق بالدب مع ال تعالى إن كان الحكم المطلوب بيانه في العبادات‪ ،‬وما‬
‫هو الصلح والعدل للمكلفين إن كان الحكم المذكور في المعاملت‪.‬‬
‫وهذا أشبه من الذي قبله‪ ،‬وهما أشبه من الول؛ إذ فيه تعطيل السنة‪ ،‬وإنما وردت لتستعمل‪.‬‬
‫ضا ل يمنع الجمع‪ :‬فل بد من استعمال التأويل في الجمع بينهما‪#‬والتأويل‬ ‫فائدة‪ :‬إذا تعارض نصان تعار ً‬
‫الصحيح هو‪ :‬صرف اللفظ عن ظاهره إلى ما يحتمله بدليل‪ ،#.‬لكن ذلك التأويل إما في غاية القرب الظاهر‪،‬‬
‫أو في غاية البعد منه‪ ،‬أو متوسط بين الغايتين‪.‬‬
‫ل للجمع بين النصوص‪ ،‬وصيانة لها عن اللغاء‪#‬وهذا قول‬ ‫فإن كان في غاية القرب وجب استعماله؛ تحصي ً‬
‫جماهير أهل العلم‪ .‬انظر‪ :‬الحكام‪ ،‬للمدي ‪3/75‬ـ ‪ ،76‬شرح مختصر الروضة ‪ ،1/563‬نهاية الوصول‬
‫‪ ،5/1982‬البحر المحيط ‪ 3/438‬ـ ‪ ،439‬شرح الكوكب المنير ‪#.3/461‬‬
‫وإن كان في غاية البعد‪ :‬فالنصان‪ :‬إما آيتان‪ ،‬أو حديثان‪ ،‬أو آية وحديث‪.‬‬
‫فإن كانا آيتين‪ :‬فالكثرون على الجمع بينهما بذلك التأويل البعيد‪ ،‬صيانة للنص عن التعطيل‪#‬لكنهم يرون‬
‫التأويل البعيد يفتقر في حمل اللفظ عليه وصرفه عن الظاهر إلى مرجح قوي متأكد‪ .‬قال الطوفي في شرح‬
‫مختصر الروضة )‪" :(1/563‬الحتمال المرجوح المقابل للراجح الظاهر‪ ،‬قد يكون بعيًدا عن الرادة‪ ،‬وقد‬
‫طا بين البعيد عنها والقريب منها‪ ،‬فالحتمال البعيد يحتاج في حمل اللفظ‬
‫يكون قريًبا منها‪ ،‬وقد يكون متوس ً‬
‫ضا‪:‬‬
‫عليه إلى دليل قوين لتجبر قوة الدليل ضعف الحتمال‪ ،‬فقويان على الستيلء على الظاهر وانظر أي ً‬
‫المستصفى ‪ ،1/387‬البحر المحيط ‪ ،3/444‬شرح الكوكب المنير ‪ ،3/462‬فواتح الرحموت ‪#."2/22‬‬

‫@‪@176‬‬

‫وفيه نظر؛ إذ يقابل محذور التعطيل محذور آخر‪ ،‬وهو حمل كلم الحكيم الفصيح المعصوم على ما هو في‬
‫ظا يريد به ما هو في غاية البعد عن‬
‫غاية البعد عن ظاهره‪ ،‬والحكيم يستحيل منه أو يبعد جّدا أن يطلق لف ً‬
‫الظاهر؛ إذ ذلك غباوة في النفس‪ ،‬أو عي في اللسان‪ ،‬وهما على الشرع محال‪.‬‬
‫وكذا الكلم في تعارض الخبرين‪.‬‬
‫فإن قيل‪ :‬فإن لم يجمع بين النصين بالتأويل البعد فما الحكم؟‬
‫قلنا‪ :‬إن كانا آيتين وتعذر الجمع بغير ذلك التأويل البعد‪ :‬احتمل أن يتخير في العمل بأحدهما‪ ،‬واحتمل أن‬
‫يعمل بالشبه منهما بقواعد الشرع‪ ،‬واحتمل أن يوقفا على ظهور تأويل قريب‪ ،‬كالمجمل يوقف البيان‪#‬قال‬
‫الطوفي في شرح مختصر الروضة ‪" :2/689‬الصواب تقديم الجمع على الترجيح ما أمكن‪ ،‬إل أن يفضي‬
‫الجمع إلى تكلف يعلب على الظن براءة الشرع منه‪ ،‬ويبعد‬
‫أنه قصده‪ ،‬فيتعين الترجيح ابتداًء"‪#.‬‬
‫حا له بها‪ ،‬وإن لم يتفاوتا‪ :‬فحمل المر على أن‬
‫وإن كانا خبرين‪ :‬فإن تفاوتا في الصحة‪ :‬أخذنا بالصح؛ ترجي ً‬
‫أحدهما معلوم من جهة وهم بعض الرواة أولى من حمله على إرادة الفصيح المعصوم ما هو في غاية البعد‬
‫من ظاهر لفظه‪ ،‬فينظر أشبههما بالستعمال فيستعمل‪ ،‬وبالترك فيترك‪.‬‬
‫وإن كانا آية وخبًرا‪ :‬فاستعمال الية أولى؛ لقطعيتها وظنيته‪.‬‬
‫فائدة‪ :‬الكتاب والسنة كلهما يشتمل على مجمل ومبين‪#‬وهذا قول جماهير أهل العلم من أصوليين وغيرهم‪،‬‬
‫وشذ داود الظاهري حيث منع ورود المجمل في الكتاب والسنة‪ .‬انظر‪ :‬شرح تنقيح الفصول ص ‪،280‬‬
‫نهاية الوصول ‪ ،5/1812‬البحر المحيط ‪ ،3/455‬شرح الكوكب المنير ‪ .3/415‬وقد عرف الطوفي‬
‫المجمل في شرح مختصر الروضة )‪ (2/647‬بأنه‪ " :‬اللفظ المتردد بين محتملين فصاعًدا على السواء"‪،‬‬
‫وعرف المبين )‪ (2/671‬بأنه "اللفظ الناص على معنى غير متردد متساٍو"‪#.‬‬
‫وكلهما قد بين نفسه وصاحبه‪ ،‬غير أن الغلب أن السنة تبين القرآن؛ لقوله عز وجل‪:‬‬
‫@‪@177‬‬
‫)وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم(‪#‬من الية رقم )‪ (44‬من سورة النحل‪ ،#.‬فالقرآن مؤسس‪،‬‬
‫والسنة مبينة‪.‬‬
‫وبيان السنة للكتاب بالكشف عما تضمنه من المعاني‪ :‬إما بيان بعض لبعض‪ ،‬فتارة يكون بتكميل المعنى‪،‬‬
‫مثل‪ :‬أن يرد حديثان في أحدهما زيادة على معنى الخر تكملة له‪ ،‬وتارة بالكشف عن المعنى كبيانها للقرآن‪،‬‬
‫ضا‪ ،‬فيكمله ويكشف‬ ‫وتارة بهما‪ ،‬مثل‪ :‬أن يرد حديثان في أحدهما زيادة معنى على الخر‪ ،‬وزيادة كشف أي ً‬
‫عن معناه المراد به‪.‬‬
‫حا إل له منزع إلى بعض اليات‪ ،‬بأن‬ ‫فائدة‪ :‬إذا كانت السنة بياًنا للكتاب‪ ،‬فنحن ل نكاد نجد حديًثا صحي ً‬
‫ضا الشاطبي في الموافقات‪،‬‬‫يخص عمومها‪ ،‬أو يقيد مطلقها‪ ،‬ونحو ذلك من وجوه البيان‪#‬وهذا ما أكده أي ً‬
‫وانتصر له‪ ،‬ودلل عليه‪ ،‬وذكر له أمثلة تقرره‪ ،‬قال )‪" :(4/314‬السنة راجعة في معناها إلى الكتاب‪ ،‬فهي‬
‫تفصيل مجمله‪ ،‬وبيان مشكله‪ ،‬وبسط مختصره؛ وذلك لنها بيان له‪ ...،‬فل توجد في السنة أمًرا إل والقرآن‬
‫قد دل على معناه دللة إجمالية أو تفصيلية‪#."...‬‬
‫فإن وجدنا حديًثا ل يظهر له منزع أو نسبة إلى بعض اليات كفانا رده إلى قوله عز وجل‪) :‬وما آتاكم‬
‫الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا(‪#‬من الية رقم )‪ (7‬من سورة الحشر‪ ،#.‬ونحوه من العمومات‬
‫المتوغلة في العموم‪ ،‬كما ورد إليه ابن مسعود رضي ال عنه حديث لعن ال الواشرة والمستوشرة‪#‬جاء في‬
‫صحيح البخاري‪ ،‬كتاب التفسير‪ ،‬باب "وما آتاكم الرسول فخذوه" )‪ 6/260‬ـ ‪ ،(261‬عن عبد ال بن مسعود‬
‫رضي ال عنه قال‪ :‬لعن ال الواشمات والمستوشمات‪ ،‬والمتنمصات والمتفلجات للحسن‬
‫@‪@178‬‬
‫المغيرات خلق ال‪ ،‬فبلغ ذلك امرأة من بني أسد‪ ،‬يقال لها أم يعقوب‪ ،‬فجاءت فقالت‪ :‬إنه بلغني أنك لعنت‬
‫كيت وكيت‪ ،‬فقال‪ :‬وما لي ل ألعن من لعن رسول ال صلى ال عليه وسلم ومن هو في كتاب ال ‪ ،‬فقالت‪:‬‬
‫لقد قرأت ما بين اللوحين‪ ،‬فما وجدت فيه ما تقول‪ ،‬قال‪ :‬لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه‪ ،‬أما قرأت‪) :‬وما آتاكم‬
‫الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا( قالت‪ :‬بلى‪ ،‬قال‪ :‬فإنه قد نهى عنه‪.‬‬
‫وأخرجه مسلم في صحيحه‪ ،‬كتاب اللباس والزينة‪ ،‬باب تحريم فعل الواصلة والمستوصلة والواشمة‬
‫والمستوشمة )‪14/106‬ـ ‪.(107‬‬
‫والوشر والفلج بمعنى واحد‪ ،‬وهو برد ما بين السنان‪ ،‬وتفعل ذلك المرأة الكبيرة إظهاًرا للصغر وحسن‬
‫السنان‪.‬‬
‫انظر‪ :‬شرح صحيح مسلم )‪ ،(14/106‬لسان العرب )‪ (5/284‬مادة وشر‪#.‬‬

‫وكما حكي عن الشافعي رضي اله عنه أنه جلس في المسجد الحرام‪ ،‬فقال‪ :‬ل تسألوني عن شيء في‬
‫مجلسي هذا إل أخبرتكم به من كتاب ال‪ ،‬فقام إليه رجل‪ ،‬فقال‪ :‬أين تجد في كتاب ال عز وجل‪) :‬وما آتاكم‬
‫الرسول فخذوه(‪ ،‬ثم روى لهم بإسناده عن النبي صلى ال عليه وسلم‪" :‬خمس فواسق يقتلن في الحل‬
‫والحرم"‪ #‬جاء من حديث عائشة رضي ال عنها أن النبي صلى ال عليه وسلم قال‪":‬خمس من الدواب كلهن‬
‫فاسق يقتلن في الحرم‪ :‬الغراب‪ ،‬والحدأة‪ ،‬والعقرب‪ ،‬والفأرة‪ ،‬والكلب العقور"‪.‬‬
‫الحديث أخرجه البخاري في صحيحه‪ ،‬كتاب الحج‪ ،‬باب ما يقتل المحرم من الدواب )‪ .(3/36‬ومسلم في‬
‫صحيحه‪ ،‬كتاب الحج‪ ،‬باب ما يندب للمحرم وغيره قتله من الدواب في الحل والحرم )‪ ، #.(4/18‬والزنبور‬
‫منها‪ ،‬أو ملحق بها‪#‬لم أجد القصة عن الشافعي بهذا الوجه‪ ،‬بل المذكور في كتب التراجم ونحوها وجهان‪:‬‬
‫الول‪ :‬أن الشافعي قال مرة بمكة‪ :‬سلوني عما شئت أخبركم عنه من كتاب ال‪ ،‬فقال له رجل‪ :‬ما تقول في‬
‫المحرم يقتل زنبوًرا‪ ،‬فقال الشافعي‪ :‬بسم ال الرحمن الرحيم‪ ،‬قال ال تعالى‪) :‬وما آتاكم الرسول فخذوه وما‬
‫نهاكم عنه فانتهوا( حدثنا سفيان بن عيينة عن عبد الملك بن عمير عن ربعي @‪@179‬‬
‫عن حذيفة عن النبي صلى ال عليه وسلم أنه قال‪" :‬اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر"‪ ،‬وحدثنا سفيان‬
‫عن مسعر بن كدام عن قيس بن مسلم بن طارق بن شهاب عن عمر بن الخطاب أنه أمر بقتل الزنبور‪ .‬فقد‬
‫أفتى الشافعي بجواز قتل الزنبور في الحرام‪ ،‬وبين أنه يقتدي فيه بعمر‪ ،‬وأن النبي صلى ال عليه وسلم أمر‬
‫طا من‬‫بالقتداء به‪ ،‬وأن ال تعالى أمر بقبول ما جاء عن النبي صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فكان جواز قتله مستنب ً‬
‫كتاب ال‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬أن الشافعي جلس مرة في المسجد‪ ،‬فأتاه رجل من خراسان‪ ،‬فقال‪ :‬ما تقول في أكل فراخ النبور؟‬
‫فقال‪ :‬حرام‪ ،‬فقال الرجل‪ :‬حرام؟ قال نعم‪ :‬من كتاب ال وسنة رسوله والمعقول‪ ،‬أعوذ بال السميع العليم من‬
‫الشيطان الرجيم‪):‬وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا(‪ ،‬وحدثنا سفيان عن زائدة عن عبد الملك‬
‫بن عمير عن مولى لربعي عن حذيفة أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‪" :‬اقتدوا بالذين من بعدي أبي‬
‫بكر وعمر"‪ ،‬هذا الكتاب والسنة‪ ،‬وحدثونا ـ وساق سنده ـ عن عمر أنه أمر بقتل الزنبور‪ ،‬وفي المعقول أن‬
‫ما أمر بقتله فحرام أكله‪.‬‬
‫انظر‪ :‬حلية الولياء ‪ 9/109‬ـ ‪ ،110‬سير أعلم النبلء ‪ ،10/88‬المنتظم في التاريخ ‪#.10/185‬‬
‫فلتفهم القاعدة‪.‬‬
‫@‪@179‬‬
‫ومن هذا الباب ـ أعني‪ :‬رد جزئيات الحكام الخاصة إلى كليات القرآن العامة ـ ما ثبت عن النبي صلى ال‬
‫عليه وسلم ذكر زكاة البل والبقر والغنم‪ ،‬فسئل عن الحمر والبغال‪ ،‬هل فيها زكاة؟ فقال‪" :‬ما أنزل علي فيها‬
‫شيء إل هذه الية الفاذة‪) :‬فمن يعمل مثقال ذرة خيًرا يره‪ ،‬ومن يعمل مثقال ذرة شّرا يره(‪#‬اليتان )‪(8،7‬‬
‫من سورة الزلزلة‪.‬‬
‫والحديث أخرجه مسلم في صحيحه من رواية أبي هريرة‪ ،‬كتاب الزكاة‪ ،‬باب إثم مانع الزكاة )‪.(7/67‬‬
‫ولم أجد في طرق الحديث المختلفة أن الرسول صلى ال عليه وسلم سئل عن الحمر والبغال‪ ،‬بل إنما قيل‬
‫له‪ :‬فالحمر؟ ولعل ذكر البغال هنا وهم من المؤلف رحمه ال‪#.‬‬
‫كأنه يقول‪ :‬من تصدق مما يملكه من البغال والحمير بشيء أجر عليه ورأى ثوابه؛ لعموم هذه الية‪.‬‬
‫ونظائر هذا الستخراج كثير عن الشارع صلوات ال عليه‪ ،‬وعن أهل العلم‪#‬قال الحافظ ابن حجر في فتح‬
‫الباري )‪ (10/386‬معلًقا على ما ورد عن ابن مسعود رضي ال عنه من لعنه الواشمات والمستوشمات‪:‬‬
‫"وفي إطلق ابن مسعود نسبة لعن من فعل ذلك إلى كتاب ال‪ ،‬وفهم أم= يعقوب منه أنه أراد بكتاب ال‬
‫القرآن‪ ،‬وتقريره لها عن هذا الفهم‪ ،‬ومعارضتها له‪ :‬بأنه ليس في القرآن‪ ،‬وجوابه بما أجاب‪ ،‬دللة على‬
‫جواز نسبة ما يدل عليه الستنباط إلى كتاب ال تعالى وإلى سنة رسوله صلى ال عليه وسلم نسبة قوله‪،‬‬
‫فكما جاز نسبة لعن الواشمة إلى كونه في القرآن‪ ،‬لعموم قوله تعالى‪) :‬وما آتاكم الرسول فخذوه( مع ثبوت‬
‫لعنه صلى ال عليه وسلم من فعل ذلك‪ ،‬يجوز نسبة من فعل أمًرا يندرج في عموم خبر نبوي ما يدل على‬
‫ل‪ :‬لعن ال من غير منار الرض في القرآن‪ ،‬ويستند في ذلك إلى أنه صلى‬ ‫منعه إلى القرآن‪ ،‬فيقول القائل مث ً‬
‫ال عليه وسلم لعن من فعل ذلك"‪#.‬‬

‫@‪@180‬‬
‫والمقصود من هذا بيان ارتباط الكتاب والسنة‪ ،‬وموافقة بعضها لبعض‪ ،‬وفي ظهور اتفاق أدلة الشرع‬
‫اتضاح للمر وانشراح للصدر‪.‬‬
‫ولنذكر من ذلك شيًئا على سبيل ضرب المثال‪:‬‬
‫فنقول‪ :‬قوله عليه السلم‪" :‬العمال بالنيات وإنما لمرئ ما نوى"‪#‬أخرجه البخاري في صحيحه‪ ،‬بدء الوحي‬
‫)‪ ،(1/2‬ولفظه‪" :‬إنما العمال بالنيات‪ ،‬وإنما لك لمرئ ما نوى"‪.‬‬
‫ومسلم في صحيحه‪ ،‬كتاب المارة‪ ،‬باب قوله صلى ال عليه وسلم‪" :‬إنما العمال بالنية" )‪، #.(6/48‬‬
‫يرجع إلى معنى قوله عز وجل‪) :‬وما أمروا إل ليعبدوا ال مخلصين له الدين(‪#‬من الية رقم )‪ (5‬من سورة‬
‫البينة‪ ، #.‬أي‪ :‬قاصدين لعبادتهم إياه ل غير ـ وهذه حجة الشافعية على اشتراط مقارنة النية للتكبير في‬
‫الصلة‪#‬مذهب الشافعية في وقت النية في الصلة‪ :‬وجوبها مع التكبير‪ ،‬ل قبله‪ ،‬ول بعده‪ ،‬فإن نوى بعد‬
‫التكبير لم يجزه‪ ،‬وإن نوى قبل التكبير لم يجزه‪ ،‬إل أن يستديم النية إلى وقت التكبير‪ .‬انظر الحاوي )‬
‫ضا قوله عز وجل‪) :‬ول يشرك بعبادة ربه أحًدا(‪#‬من الية رقم )‬ ‫‪ ،(2/92‬المجموع )‪ #.(3/377‬ـ وأي ً‬
‫‪ (110‬من سورة الكهف‪ ،#.‬أو أعم من ذلك قوله‪) :‬قل كل يعمل على شاكلته(‪#‬من الية رقم )‪ (84‬من‬
‫سورة السراء‪ #.‬؛ إذ‬

‫@‪@181‬‬

‫يلتقي هو والحديث المذكور من حيث قوة الكلم على معنى كل يعمل ويؤجر على حسب نيته‪#‬فسر قتادة‬
‫رحمه ال "على شاكلته" أي‪ :‬على نيته‪ ،‬وقال ابن عباس رضي ال عنهما‪ :‬على ناحيته وطريقته‪ ،‬وقال‬
‫مجاهد‪ :‬على حدته وطبيعته‪ ،‬وقيل‪ :‬على دينه‪ ،‬قال ابن كثير‪ :‬وكل هذه القوال متقاربة المعنى‪.‬‬
‫انظر‪ :‬جامع البيان )‪ ،(15/104‬تفسير القرآن العظيم )‪#.(3/60‬‬
‫قوله صلى ال عليه وسلم‪ " :‬فمن كانت هجرته إلى ال ورسوله فهجرته إلى ال ورسوله"‪ ،‬الحديث‪#‬هذا‬
‫تابع للحديث السابق‪ ،#‬يرجع إلى معنى قوله تعالى‪) :‬كالذي ينفق ماله رئاء الناس(‪#‬من الية رقم )‪(264‬‬
‫من سورة البقرة‪ #.‬الية‪ ،‬ونحوها في ذم الرياء ومدح الخلص‪ ،‬وهي كثيرة‪.‬‬
‫قوله صلى ال عليه وسلم‪" :‬الحلل بين‪ ،‬والحرام بين"‪#‬أخرجه البخاري في صحيحه من حديث النعمان بن‬
‫بشير رضي ال عنه‪ ،‬كتاب اليمان‪ ،‬باب فضل من استبرأ لدينه )‪.(1/35‬‬
‫ومسلم في صحيحه‪ ،‬كتاب المساقاة‪ ،‬باب أخذ الحلل وترك الشبهات )‪ #.(11/27‬يرجع إلى معنى قوله عز‬
‫وجل ‪) :‬وهذا بيان للناس(‪#‬من الية رقم )‪ (138‬من سورة آل عمران‪) ، #.‬يبين ال لكم أن تضلوا(‪#‬من‬
‫الية رقم )‪ (176‬من سورة النساء‪) #.‬كذلك يبين ال آياته للناس( ‪#‬من الية رقم )‪ (187‬من سورة‬
‫البقرة‪) ، #.‬كذلك نفصل اليات( ‪#‬من الية رقم )‪ (32‬من سورة العراف‪) ، #.‬وكل شيء فصلناه‬
‫ل( ‪#‬من الية رقم )‪ (12‬من سورة السراء‪ ) ، #.‬ما فرطنا في الكتاب من شيء( ‪#‬من الية رقم )‬ ‫تفصي ً‬
‫‪ (38‬من سورة النعام‪، #.‬‬

‫@‪@182‬‬

‫)اليوم أكملت لكم دينكم( ‪#‬من الية رقم )‪ (3‬من سورة المائدة‪ #.‬؛ غذ دين ل يبين حلله من حرامه ل‬
‫ل‪) ،‬ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث( ‪#‬من الية رقم )‪ (157‬من سورة العراف‪، #.‬‬ ‫يكون كام ً‬
‫وما كان من نحو ذلك‪.‬‬
‫قوله صلى ال عليه وسلم‪" :‬وبينهما مشتبهات ل يعلمها كثير من الناس"‪#‬هذا تابع للحديث السابق‪، #.‬‬
‫مفهومه أن بعض الناس يعلمها وهم علماء الكتاب والسنة ‪#‬قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري )‬
‫‪":(1/154‬ومفهوم قوله [ كثير] أن معرفة حكمها ممكن لكن للقليل من الناس‪ ،‬وهم المجتهدون‪ ،‬فالشبهات‬
‫على هذا في حق غيرهم‪ ،‬وقد تقع لهم حيث ل يظهر لهم ترجيح أحد الدليلين"‪ ، #.‬فإذن مرجع هذا إلى‬
‫معنى قوله عز وجل‪) :‬فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى ال ورسوله( ‪#‬من الية رقم )‪ (59‬من سورة‬
‫النساء‪ ، #.‬يعني كتاب ال عز وجل ‪ ،‬وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم‪) ،‬وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه‬
‫إلى ال( ‪#‬من الية رقم )‪ (10‬من سورة الشورى‪ ، #.‬أي ارجعوا في حكمه إلى ال عز وجل بالرجوع إلى‬
‫كتابه‪ ،‬وبيانه وهو السنة‪.‬‬
‫ضا للحديث السابق‪، #.‬‬‫قوله صلى ال عليه وسلم‪" :‬فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه"‪#‬هذا تابع أي ً‬
‫يرجع إلى قوله عز وجل ‪) :‬اتقوا ال( وهو كثير في القرآن ‪#‬جاء هذا في كثير من آيات القرآن الكريم‪ ،‬ومن‬
‫ذلك‪ :‬اليات )‪ (203،223،231،233،278،282 ،196 ،194‬من سورة البقرة‪ ،‬واليات )‪،102 ،50‬‬
‫‪ (200 ،130 ،123‬من سورة آل عمران‪ ،‬واليات )‪ (2،4،7،8،11،57،88،98،100،108،112‬من‬
‫سورة المائدة‪ ) ، #.‬اتقوا ال حق تقاته(‪#‬من الية رقم )‪ (102‬من سورة آل عمران‪ #.‬واجتناب الشبهات‬
‫من ذلك‪.‬‬

‫@‪@183‬‬
‫وفي معناه قول الحسن البصري‪ :‬لقد أدركنا قزًما كانوا يدعون سبعين باًبا من الحلل خشية أن يقعوا في‬
‫باب واحد من الحرام‪#‬من الية رقم )‪ (229‬من سورة البقرة‪ ،#.‬وهو يفيد اجتناب الشبهات؛ لنها قريبة‬
‫من المحرمات التي هي حدود ال عز وجل‪ ،‬وهذا ـ على نظر فيه ـ أمس بالحديث من الول‪.‬‬
‫ضا للحديث‬‫قوله صلى ال عليه وسلم‪" :‬أل وإن لكل ملك حمى‪ ،‬وإن حمى ال محارمه"‪#‬هذا تابع أي ً‬
‫السابق‪ #.‬يرجع إلى معنى قوله عز وجل‪) :‬تلك حدود ال فل تعتدوها(‪#‬من الية رقم )‪ (229‬من سورة‬
‫البقرة‪) ، #.‬من يعص ال ورسوله ويتعد حدوده يدخله ناًرا( ‪#‬من الية رقم )‪ (14‬من سورة النساء‪#.‬‬
‫وحدود ال عز وجل ما منع خلقه من مواقعته‪ ،‬كحمى الملك الذي يمنع دواب غيره أن ترعى فيه‪.‬‬
‫ومادة )حمى يحمي وحمية( ترجع إلى معنى المنع أو ما يفيده‪#‬قال ابن منظور في لسان العرب )‬
‫‪" :(14/198‬حمى الشيء حمًيا وحمى وحماية ومحمية‪ :‬منعه ودفع عنه‪ ...‬وحمى المريض ما يضره حمية‪:‬‬
‫منعه إياه‪ ،‬واحتمى هو من ذلك وتحمى‪ :‬امتنع"‪#.‬‬
‫قوله صلى ال عليه وسلم‪" :‬أل وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله‪ ،‬وإذا فسدت فسد الجسد‬
‫ضا للحديث السابق‪ #.‬يرجع إلى معنى‬ ‫كله‪ ،‬أل وهي القلب"‪#‬هذا تابع أي ً‬

‫@‪@184‬‬

‫قوله تعالى ‪) :‬إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب( ‪#‬من الية رقم )‪ (37‬من سورة ق‪) ،#.‬أفمن شرح ال‬
‫صدره للسلم( ‪#‬من الية رقم )‪ (22‬من سورة الزمر‪ ، #.‬وشرح الصدر كناية عن تنوير القلب لمعرفة‬
‫الحق‪ ،‬هذا في طرف الصلح‪ ،‬أما في طرف الفساد‪) :‬فإنها ل تعمى البصار ولكن تعمى القلوب التي في‬
‫الصدور(‪#‬من الية رقم )‪ (46‬من سورة الحج‪) ، #.‬لهم قلوب ل يفقهون بها(‪#‬من الية رقم )‪ (179‬من‬
‫سورة العراف‪) ، #.‬وطبع ال على قلوبهم( ‪ #‬من الية رقم )‪ (93‬من سورة التوبة‪) #.‬وختم على سمعه‬
‫وقلبه(‪#‬من الية رقم )‪ (23‬من سورة الجاثية‪ ،#.‬وأشباه ذلك‪.‬‬
‫قوله صلى ال عليه وسلم‪" :‬من حسن إسلم المرء تركه ما ل يعنيه"‪#‬أخرجه المام أحمد في مسنده من‬
‫ل )‪ (3/259‬رقم ‪.1737‬‬ ‫حديث الحسين بن علي رضي ال عنهما موصو ً‬
‫ل‪.‬‬
‫والترمذي في سننه‪ ،‬كتاب الزهد‪ ،‬باب ‪ (4/484)11‬رقم ‪ ،2318‬من حديث علي بن الحسين مرس ً‬
‫وأخرجه من حديث أبي هريرة رضي ال عنه كل من‪:‬‬
‫الترمذي في سننه‪ ،‬الموضع السابق‪ (4/483) ،‬رقم ‪.2317‬‬
‫وابن ماجه في سننه‪ ،‬كتاب الفتن‪ ،‬باب كف اللسان في الفتنة )‪ (2/1316‬رقم ‪.3976‬‬
‫وابن حبان في صحيحه )الحسان بترتيب صحيح ابن حبان ‪ 1/227‬رقم ‪.(229‬‬
‫والبغوي في شرح السنة‪ ،‬كتاب الرقاق‪ ،‬باب ترك النسان ما ل يعنيه )‪ (14/320‬رقم ‪ .4132‬والحديث‬
‫حسنه النووي في الربعين النووية‪.‬‬
‫انظر‪ :‬شرح الربعين النووية‪ ،‬لبن دقيق العيد ص ‪ #.40‬هذا ينظر إلى معنى قوله عز وجل‪ ) :‬والذين هم‬
‫عن اللغو معرضون(‪#‬الية رقم )‪ (3‬من سورة المؤمنون‪) ، #.‬وإذا سمعوا اللغو‬
‫@‪@185‬‬

‫أعرضوا عنه(‪#‬من الية رقم )‪ (55‬من سورة القصص‪#.‬؛ لن ما ل يعني النسان فهو لغو أو شبيه به‪،‬‬
‫وينعكس كلّيا‪ ،‬وإعراضه عنه ترك له‪.‬‬
‫قوله صلى ال عليه وسلم‪" :‬كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد"‪#‬أخرجه البخاري في صحيحه‪ ،‬كتاب الصلح‪،‬‬
‫باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود )‪ ،(4/21‬ومسلم في صحيحهـ‪ ،‬كتاب القضية‪ ،‬باب‬
‫نقض الحكام الباطلة ورد محدثات المور )‪ (12/16‬بلفظ‪" :‬من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد"‪.‬‬
‫ل ليس عليه أمرنا فهو رد" عقله البخاري في صحيحه‪ ،‬كتاب العتصام‬
‫وقد ورد بلفظ‪" :‬من عمل عم ً‬
‫بالكتاب والسنة‪ ،‬باب إذا اجتهد العامل أو الحاكم فأخطأ )‪ ،(9/193‬ووصله مسلم في صحيحه‪ ،‬كتاب‬
‫القضية‪ ،‬باب نقض الحكام الباطلة ورد محدثات المور )‪ #.(12/16‬ينظر إلى معنى قوله عز وجل‪:‬‬
‫)وما نهاكم عنه فانتهوا(‪#‬من الية رقم )‪ (7‬من سورة الحشر‪)، #.‬فل وربك ل يؤمنون حتى يحكموك فيما‬
‫ل ليس عليه أمر الشارع فما حكمه‪،‬‬‫شجر بينهم(‪#‬من الية رقم )‪ (65‬من سورة النساء‪ ، #.‬فمن عمل عم ً‬
‫ومن لم يحكمه لم يؤمن‪ ،‬ومن لم يؤمن لم تمض أحكامه على موجب الشرع فهي مردودة حتى يأذن فيها‪.‬‬
‫وإنما بدأنا في ضرب المثل بهذه الحاديث الربعة؛ لنها مدار السلم‪ ،‬على ما ذكره بعض الئمة‪ ،‬واشتهر‬
‫بين المحدثين‪#.‬جاء عن المام أبو داود السجستاني أنه قال‪ :‬السلم يدور على أربعة أحاديث‪ ،‬وذكر‬
‫الحاديث الربعة السابقة‪.‬‬
‫وقد نظم بعض أهل العلم هذه الحاديث بقوله‪:‬‬
‫لربع من كلم خير البرية‬ ‫عمـــــدة الـدين عندنا كلمات‬
‫ليس بعينيك واعملن بنية‪#‬‬ ‫اتق الشبهات وازهد ودع ما‬
‫@‪ @186‬وجاء عن المام أحمد أن مدار السلم على ثلثة أحاديث‪ ،‬وهي الحاديث السابقة ما عدا من‬
‫حسن إسلم المرء‪."...‬‬
‫انظر شرح الربعين النووية‪ ،‬لبن دقيق العيد ص ‪ ،24‬مجموع الفتاوى لبن تيمية )‪ (18/249‬كشف‬
‫الخفاء )‪.(1/12‬‬

‫@‪@186‬‬

‫ثم نتبع ذلك بأحاديث مما نستحضره تقرًيا للمقصود‪ ،‬فمن ذلك‪:‬‬
‫قوله صلى ال عليه وسلم‪" :‬مفتاح الصلة الطهور" ‪#‬أخرجه أبوداود في سننه‪ ،‬من حديث علي رضي ال‬
‫عنه‪ ،‬كتاب الطهارة‪ ،‬باب فرض الوضوء )‪ ،(1/49‬رقم‪.61 :‬‬
‫والترمذي في سننه‪ ،‬أبواب الطهارة‪ ،‬باب ما جاء أن مفتاح الصلة الطهور )‪ (1/9‬رقم‪ ،3 :‬وقال‪ :‬اصح‬
‫الحديث اصح شيء في هذا الباب وأحسن‪.‬‬
‫وابن ماجه في سننه‪ ،‬كتاب الطهارة وسننها‪ ،‬باب مفتاح الصلة الطهور )‪ (1/185‬رقم‪.691 :‬‬
‫والطحاوي في شرح معاني الثار )‪.(1/273‬‬
‫والدارقطني في سننه‪ ،‬كتاب الصلة‪ ،‬باب مفتاح الصلة الطهور )‪ ،(1/360‬وغيرهم‪.‬‬
‫وقد صحح إسناده النووي في المجموع‪ (289/3) ،‬وابن حجر في فتح الباري )‪ ، #.(2/322‬وقوله صلى‬
‫اله عليه وسلم‪" :‬ل يقبل ال صلة بغير طهور"‪#‬أخرجه مسلم في صحيحه‪ ،‬من حديث ابن عمر رضي ال‬
‫عنهما‪ ،‬كتاب الطهارة‪ ،‬باب وجوب الطهارة للصلة )‪ ،(3/102‬بلفظ‪" :‬ل تقبل صلة بغير طهور"‪ #.‬ونحو‬
‫ذلك من أحاديث الطهارة يرجع إلى قوله تعالى‪) :‬يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلة فاغسلوا‬
‫وجوهكم(‪#‬من الية رقم )‪ (6‬من سورة المائدة‪ #.‬الية‪.‬‬

‫@‪@187‬‬

‫وقوله عليه الصلة والسلم‪" :‬التراب طهور المسلم ما لم يجد الماء"‪#‬أخرجه أبو داود في سننه من حديث‬
‫أبي ذر رضي ال عنه‪ ،‬كتاب الطهارة‪ ،‬باب الجنب يتيمم)‪ (1/273‬رقم‪ ،333 :‬ولفظه‪" :‬إن الصعيد الطيب‬
‫طهور‪ ،‬وإن لم تجد الماء عشر سنين"‪.‬‬
‫والترمذي في سننه‪ ،‬أبواب الطهارة‪ ،‬باب ما جاء في التيمم للجنب إذا لم يجد الماء )‪ (1/212‬رقم‪،124 :‬‬
‫بلفظ‪":‬إن الصعيد الطيب طهور المسلم‪ ،‬وإن لم يجد الماء عشر سنين"‪ ،‬وقال‪ :‬هذا حديث حسن صحيح‪.‬‬
‫والنسائي في سننه‪ ،‬كتاب الطهارة‪ ،‬باب الصلوات بتيمم واحد )‪ ،(1/139‬ولفظه‪" :‬الصعيد الطيب وضوء‬
‫المسلم‪ ،‬وإن لم يجد الماء عشر سنين‪.‬‬
‫والمام أحمد في مسنده )‪ (135/231‬رقم‪ ،21304:‬ولفظه‪" :‬إن الصعيد الطيب وضوء المسلم‪ ،‬وإن لم‬
‫يجد الماء عشر حجج"‪.‬‬
‫والدارقطني في سننه‪ ،‬كتاب الطهارة‪ ،‬باب جواز التيمم لمن لم يجد الماء سنين كثيرة )‪ 1/186‬ـ ‪.(187‬‬
‫والحديث صححه ابن القطان كما في التلخيص الحبير )‪ ،(1/163‬وصححه اللباني في صحيح الجامع‬
‫الصغير )‪ ، #.(1/342‬وقوله‪" :‬جعلت لي الرض مسجًدا وطهوًرا"‪#‬أخرجه البخاري في صحيحه‪ ،‬في‬
‫أول باب من كتاب التيمم )‪.(1/149‬‬
‫ومسلم في صحيحه‪ ،‬كتاب المساجد ومواضع الصلة )‪5/4‬ـ ‪ #(5‬الية‪.‬‬

‫وقوله صلى ال عليه وسلم‪" :‬بيننا وبينهم ترك الصلة‪ ،‬فمن تركها فقد كفر"‪#‬أخرجه الترمذي في سننه من‬
‫حديث بريدة بن الحصيب رضي ال عنه‪ ،‬كتاب اليمان‪ ،‬باب ما جاء في ترك الصلة )‪ ،(5/15‬رقم‪:‬‬
‫‪ ،2621‬ولفظه‪ :‬العهد الذي بيننا وبينهم الصلة‪ ،‬فمن تركها فقد كفر وقال عنه‪ :‬هذا حديث حسن صحيح‬
‫غريب‪.‬‬
‫وابن ماجه في سننه‪ ،‬كتاب إقامة الصلة والسنة فيها‪ ،‬باب ما جاء فيمن ترك الصلة)‪ (1/342‬رقم‪:‬‬
‫‪.1079‬‬
‫والمام أحمد في مسنده )‪ (38/20‬رقم‪.22937 :‬‬
‫والدارقطني في سننه‪ ،‬باب التشديد في ترك الصلة‪ ،‬وكفر من تركها )‪.(2/52‬‬
‫والحاكم في المستدرك‪ ،‬كتاب اليمان )‪ (48/1‬وقال‪ :‬حديث صحيح السناد‪ ،‬ووافقه الذهبي‪ #.‬يرجع إلى‬
‫قوله تعالى‪) :‬فإن تابوا وأقاموا الصلة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين(‪#‬من الية رقم )‪ (11‬من سورة‬
‫التوبة‪#.‬‬
‫علق الخوة في الدين على فعل الصلة وما معها‪ ،‬فبدونها ل تحصل الخوة الدينية‪ ،‬فيلزم الكفر‪.‬‬
‫@‪@188‬‬

‫وفي هذا بحث‪#‬لعل وجه البحث ما ذكره الطوفي في كتاب الشارات اللهية )‪ (271/2‬بقوله‪" :‬واعترض‬
‫عليها بأن الية في الكفار الصليين ونحوهم‪ ،‬بعلة الكفر وترك الصلة وغيرها من أعمال الكفار‪ ،‬فل يلزم‬
‫مثله في غيرهم‪ ،‬وعن الحديث بحمله على التغليظ أو كفر النعمة"‪.‬‬
‫قوله صلى اله عليه وسلم‪" :‬إنكم لتختصمون إلي‪ ،‬ولعل أحدكم ألحن بحجته من صاحبه‪ ،‬فمن قضيت له‬
‫بشيء من حق أخيه فل يأخذه‪ ،‬فإنما أقطع له قطعة من النار"‪#‬لخرجه البخاري في صحيحه‪ ،‬كتاب‬
‫الشهادات‪ ،‬باب من أقام البينة بعد اليمين )‪.(4/13‬‬
‫ومسلم في صحيحه‪ ،‬كتاب القضية‪ ،‬باب بيان أن حكم الحاكم ل يغير الباطن )‪#.(12/4‬‬
‫يحتج به الفقهاء على أن حكم الحاكم ل يغير الحق عن صفته في الباطن ‪#‬قال النووي في شرح صحيح‬
‫مسلم )‪" :(12/6‬في هذا الحديث دللة لمذهب مالك والشافعي وأحمد وجماهير علماء السلم وفقهاء‬
‫المصار من الصحابة والتابعين فمن بعدهم‪ :‬أن حكم الحاكم ل يحيل الباطن‪ ،‬ول يحل محرًما"‪ #.‬وهو‬
‫يرجع إلى قوله عز وجل‪) :‬ول تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريًقا من أموال‬
‫ل بالثم مع حكم الحاكم‪ ،‬فدل على ما‬ ‫الناس بالثم(‪#‬من الية رقم )‪ (188‬من سورة البقرة‪ #.‬الية‪ ،‬سماه أك ً‬
‫ذكرناه‪.‬‬
‫قوله صلى ال عليه وسلم‪" :‬من نام عن صلة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها"‪#‬أخرجه البخاري في صحيحه‪،‬‬
‫كتاب مواقيت الصلة‪ ،‬باب من نسي صلة فليصل إذا ذكرها ول يعيد إل تلك الصلة )‪ (1/245‬من حديث‬
‫أنس رضي ال عنه‪ ،‬بلفظ‪" :‬من نسي صلته فليصل إذا ذكرها ل كفارة لها إل ذلك )وأقم الصلة لذكري(‪.‬‬
‫ومسلم في صحيحه‪ ،‬كتاب المساجد ومواضع الصلة‪ ،‬باب قضاء الصلة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها)‬
‫‪ ،(193 ،5/183‬ولفظه‪" :‬من نسي صلة نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها" وفي لفظ آخر له‪ ":‬إذا‬
‫رقد أحدكم عن الصلة أو غفل عنها فليصلها إذا ذكرها؛ فإن ال يقول )وأقم الصلة لذكري(‪ #.‬يرجع إلى‬
‫قوله عز وجل‪) :‬وأقم الصلة لذكري(‪#‬من الية رقم )‪ (14‬من سورة طه‪ ،#.‬وقد ذكره النبي صلى ال عليه‬
‫وسلم في تمام‬
‫@‪@189‬‬
‫صا إذا أقره‬
‫جا به‪ ،‬والخطاب في الصل وإن كان لموسى إل أن شرع من قبلنا شرع لنا‪ ،‬خصو ً‬ ‫الحديث محت ً‬
‫شرعنا‪#‬وهذا مذهب الحنفية‪ ،‬وبه قال كثير من الحنابلة وبعض الشافعية‪.‬‬
‫انظر‪ :‬بذل النظر )ص ‪ ،(679‬العدة )‪ ،(3/753‬شرح مختصر الروضة )‪ ،(3/169‬البحر المحيط )‬
‫‪#.(6/42‬‬
‫وتحرير هذه المسألة‪ :‬أن شرع من قبلنا إن استعمله شرعنا وأقره فهو شرع لنا‪ ،‬كهذه الية‪ ،‬وإن ورد بنسخه‬
‫فليس بشرع لنا‪ ،‬وإن لم يرد بتقريره ول نسخه فهو محل الخلف ‪#‬انظر في تقرير هذا‪ :‬شرح مختصر‬
‫الروضة )‪3/169‬ـ ‪ ،(170‬الشارات اللهية إلى المباحث الصولية )‪#.(2/117‬‬
‫قوله صلى ال عليه وسلم‪" :‬ل يحل مال امرئ مسلم إل عن طيب نفس منه"‪#‬أخرجه من رواية أبي حرة‬
‫الرقاشي عن عمه كل من‪:‬‬
‫المام أحمد في مسنده )‪.(5/72‬‬
‫والدراقطني في سننه‪ ،‬كتاب البيوع )‪.(3/26‬‬
‫حا فأدخله في سيفه‪ ،‬أو بنى عليه جداًرا )‬
‫والبيهقي في السنن الكبرى‪ ،‬كتاب الغصب‪ ،‬باب من غصب لو ً‬
‫‪.(6/100‬‬
‫وللحديث شواهد من رواية أبي حميد الساعدي‪ ،‬وعمرو بن يثرب‪ ،‬وابن عباس رض ال عنه‪ ،‬انظرها في‬
‫إرواء الغليل )‪ 5/279‬ـ ‪ ،(282‬وصححه اللباني‪،#.‬‬
‫يرجع إلى قوله عز وجل‪) :‬ل تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إل أن تكون تجارة عن تراض منكم(‪#‬من الية‬
‫رقم )‪ (29‬من سورة النساء‪#.‬‬
‫قوله صلى ال عليه وسلم‪" :‬من قتل نفسه بشيء قتل به في جهنم"‪#‬أخرجه البخاري في صحيحه من حديث‬
‫ثابت بن الضحاك رضي ال عنه‪ ،‬كتاب الجنائز‪ ،‬باب ما جاء في قاتل النفس )‪ ،(2/201‬ولفظه‪" :‬ومن قتل‬
‫نفسه بحديدة عذب به في نار جهنم"‪ ،‬ومن حديث أبي هريرة رضي ال عنه في الموضع السابق بلفظ‪:‬‬
‫"الذي يخنق نفسه يخنقها في النار‪ ،‬والذي يطعنها يطعنها في النار"‪.‬‬
‫ومسلم في صحيحه من حديث ثابت بن الضحاك‪ ،‬كتاب اليمان باب بيان غلظ تحريم قتل النسان نفسه )‬
‫‪ ،(2/119‬ولفظه‪" :‬ومن قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة"‪ ، #.‬معنى الحديث نحو هذا‪ ،‬وهو طويل في‬
‫البخاري وغيره‪ ،‬يرجع إلى قوله عز وجل‪) :‬ول تقتلوا أنفسكم(‪#‬من الية رقم )‪ (29‬من سورة النساء‪#.‬‬

‫@‪@190‬‬
‫قوله صلى ال عليه وسلم‪" :‬ل يحل دم امرئ مسلم إل بإحدى ثلث"‪#‬أخرجه البخاري في صحيحه من‬
‫حديث ابن مسعود رضي ال عنه‪ ،‬كتاب الديات‪ ،‬باب قول ال تعالى‪) :‬أن النفس وبالنفس( )‪ ،(9/7‬ولفظه‪:‬‬
‫"ل يحل دم امرئ مسلم يشهد أن ل إله إل ال وأني رسول ال إل بإحدى ثلث‪ :‬النفس بالنفس‪ ،‬والثيب‬
‫الزاني‪ ،‬والمارق من الدين التارك للجماعة"‪.‬‬
‫ومسلم في صحيحه‪ ،‬كتاب القسامة‪ ،‬باب ما يباح به دم المسلم )‪ #.(11/164‬الحديث يرجع إلى قوله عز‬
‫وجل‪) :‬ول تقتلوا النفس( ‪#‬من الية رقم )‪ (151‬من سورة النعام‪#.‬‬
‫وما جاء من الوعيد والتغليظ على قتل النفس في السنة راجع إلى قوله عز وجل‪) :‬ومن يقتل مؤمًنا متعمًدا‬
‫فجزاؤه جهنم(‪#‬من الية رقم )‪ (93‬من سورة النساء‪ #.‬الية‪.‬‬
‫وعلى هذه الطريقة يمكن استقراء أحاديث السنة جميعها‪ ،‬ورد معانيها إلى معاني الكتاب‪.‬‬
‫وإنما جعلت هذا التعليق المختصر كالباب والمدخل إلى هذا العرض لي ـ إن تفرغت له ـ أو لغيري ممن‬
‫ينشط لذلك‪.‬‬
‫وقد بينا في رسالة أم القرآن أن الكلم في إجماله وبيانه على مراتب‪ ،‬فما أمكن رده من السنة إلى أعلى‬
‫مراتب البيان من القرآن‪ ،‬وإل لنرده إلى ما هو دونه في ذلك‪ ،‬إلى أن ينتهي إلى أقصى درجات‬
‫الجمال‪#‬قال المؤلف في رسالة )أم القرآن( ص ‪ 345‬ـ ‪" :348‬اعلم أن الكلم من حيث هو على ضربين‬
‫ل من بعض‪ ،‬وبعض‬ ‫مجمل‪ ،‬ومبين مفصل‪ ،‬والضربان متفاوتان في المراتب‪ ،‬فبعض المجمل أشد إجما ً‬
‫المبين أشد بياًنا من بعض‪ ،‬حتى ينتهي المجمل إلى غاية الجمال‪ ،‬والمبين إلى غاية البيان‪..‬إذا عرفت ما‬
‫قدمناه من مراتب فاعلم أن القرآن من مراتب بيانه على ذلك‪ :‬فالفاتحة التي هي أم القرآن مشتملة على‬
‫مقاصده الكلية من حيث الجمال‪ ،‬ثم باقي القرآن يبين ذلك في رتبة ثانية من البيان‪ ،‬ثم السنة بينته في رتبة‬
‫ثالثة من البيان؛ لنها بيان القرآن"‪#.‬‬

‫@‪@191‬‬

‫مثل‪ :‬أن ترد الحاديث الواردة في الفرائض إلى آيات الفرائض في سورة النساء؛ فإنها في درجة واضحة‬
‫من البيان‪ ،‬ويرد تفاصيل أحكام الصلة والزكاة والحج إلى قوله عز وجل‪) :‬وأقيموا الصلة وآتوا‬
‫الزكاة(‪#‬من الية رقم )‪ (43‬من سورة البقرة‪) ، #.‬وأتموا الحج (‪#‬من الية رقم )‪ (196‬من سورة البقرة‪#.‬‬
‫‪ ،‬فهذه اليات في غاية الجمال‪ ،‬وبين ذلك مراتب ل تخفى‪.‬‬
‫خاتمة لهذه الملء في قوله عز وجل‪) :‬إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ول أولدهم من ال شيًئا‬
‫وألئك هم وقود النار(‪#‬من الية رقم )‪ (10‬من سورة آل عمران‪، #.‬‬
‫تأكيد‪ ،‬والـتأكيد يشعر إشعاًرا قوّيا باختصاص الكفار بوقود النار‪ ،‬وليس المر كذلك؛ إذ قد صح في السنة‬
‫النقل المستفيض ـ إن لم يكن متواتًرا ـ أن عصاة المؤمنين يدخلون النار ‪#‬عصاة المؤمنين هم الذين ماتوا‬
‫يوم يموتون وقد فعلوا المعاصي لم يتوبوا منها‪ ،‬أو لم تقل توبتهم فيها‪ ،‬أو ماتوا عليها‪ ،‬فهؤلء جاءت‬
‫النصوص بدخول طائفة منهم النار ممن لم يغفر ال ذنوبهم ولم يكفرها عملهم الصالح‪ ،‬إل أن عقيدة أهل‬
‫السنة والجماعة فيهم أنهم غير مخلدين في النار‪ ،‬بل يمكثون في النار ما شاء ال أن يمكثوا‪ ،‬ثم مصيرهم‬
‫إلى الجنة‪ ،‬وهذا بخلف ما عليه الخوارج ومن تابعهم من المعتزلة الذين أنكروا خروج أحد من النار بعد‬
‫دخولها‪ .‬انظر العقيدة الطحاوية وشرحها لبن أبي العز )‪ #.(2/534،528‬فكيف ذلك؟‬
‫والجواب من وجوه‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬ل نسلم أن هذا يدل على اختصاص الكفار بذلك‪ ،‬وإنما يدل على أولويتهم بها من غيرهم‪ ،‬كقوله عز‬
‫وجل‪) :‬قد أفلح المؤمنون(‪#‬الية رقم )‪ (1‬من سورة المؤمنون‪ #.‬إلى‬

‫@‪@192‬‬
‫قوله تعالى‪) :‬أولئك هم الوارثون‪ ،‬الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون( ‪#‬اليتان )‪ (11 ،10‬من سورة‬
‫المؤمنون‪ ، #.‬أي‪ :‬هم أولى من دخلها‪ ،‬وإن كان ربما دخلها غيرهم من المؤمنين ممن لم يأت بتلك الفعال‬
‫جميعها‪.‬‬
‫الوجه الثاني‪ :‬أن المراد ألئك هم وقود النار الخالدون فيها‪ ،‬بدليل الية الخرى‪) :‬وألئك أصحاب النار هم‬
‫فيها خالدون(‪#‬من الية رقم )‪ (116‬من سورة آل عمران‪ ، #.‬في السورة بعينها ونظيرها في سورة‬
‫المجادلة‪#‬يعني قول ال تعالى في الية رقم )‪ (17‬من سورة المجادلة‪) :‬لن تغني عنهم أموالهم ول أولدهم‬
‫من ال شيًئا ألئك أصحاب النار هم فيها خالدون(‪#.‬‬
‫ضا ما ثبت في صحيح مسلم من قوله صلى ال عليه وسلم‪" :‬أما أهل الرض الذين عم‬ ‫ويدل على ذلك أي ً‬
‫أهلها فل يموتون فيها ول يحيون‪ ،‬وإنما قوم من المؤمنين يدخلون النار بخطاياهم فيموتون حتى‬
‫يخرجوا"‪#‬يشير إلى ما رواه مسلم في صحيحه‪ ،‬كتاب اليمان‪ ،‬باب إثبات الشفاعة وإخراج الموحدين من‬
‫النار )‪ (3/37‬من حديث أبي سعيد الخدري رضي ال عنه قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم "أما‬
‫أهل النار الذين هم أهلها فإنهم ل يموتون فيها ول يحيون‪ ،‬ولكن ناس أصابتهم النار بذنوبهم‪ ،‬ـ أو قال‪:‬‬
‫بخطاطيفهم ـ فأماتهم إماتة حتى إذا كانوا فحًما أذن بالشفاعة فجيء بهم ضبائر ضبائر‪ ،‬فبثوا في أنها الجنة‪،‬‬
‫ثم قيل‪ :‬يا أهل الجنة أفيضوا عليهم‪ ،‬فينبتون نبات الحبة تكون في حميل السيل"‪ #.‬هذا معنى الحديث‪.‬‬
‫الوجه الثالث‪ :‬أن وقود النار يشعر ـ بل يفيدـ دوام إيقادها بهم؛ لنه من قوة قوله‪ :‬ألئك حصب جهنم ‪#‬يشير‬
‫إلى قوله تعالى في الية )‪ (98‬من سورة النبياء‪) :‬إنكم وما تعبدون من دون ال حصب جهنم أنتم لها‬
‫واردون(‪ ، #.‬أولئك الحطب الذي توقد به النار‪ ،‬وهو يفيد العموم والدوام‪.‬‬
‫ويشهد لذلك قوله عز وجل‪) :‬إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم ناًرا كلما نضجت جلودهم بدلناها جلوًدا‬
‫غيرها(‪#‬من الية رقم )‪ (56‬من سورة النساء‪ #.‬الية‪ ،‬فهم لذلك وقود النار دائًما‪ ،‬وعصاة المؤمنين ليسوا‬
‫كذلك‪.‬‬
‫جا‪ ،‬قيًما(‪#‬من اليتان )‪ (2،1‬من‬ ‫قوله عز وجل‪) :‬الحمد ل الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عو ً‬
‫سورة الكهف‪ #.‬هذا من باب التقديم والتأخير ‪#‬وهذا على القول بأنهما حالن متواليان‪ ،‬إل أن الولى جملة‬
‫جا جعله قيًما‪ .‬انظر الكشاف‬‫والثانية مفرد‪ ،‬وقيل‪ :‬إن "قيما" منصوب بمضمر‪ ،‬وتقديره ولم يجعل له عو ً‬
‫جا‬
‫للزمخشري )‪ ،(2/379‬تفسير غرائب القرآن )‪ #.(15/109‬وتقديره‪ :‬أنزل الكتاب قيًما ولم يجعل له عو ً‬
‫جا قيًما"‬
‫(‪#‬روى بان جرير الطبري بسنده عن ابن عباس رضي ال عنهما في قوله‪" :‬ولم يجعل له عو ً‬
‫جا‪ ،‬قال ابن جرير‪ :‬فأخبر ابن عباس بقوله بهذا مع بيانه‬‫ل قيًما ولم يجعل له عو ً‬
‫يقول‪ :‬أنزل الكتاب عد ً‬
‫جا"‪ ،‬ومعناه التقديم ‪ ،‬بمعنى‪ :‬أنزل الكتاب على عبده‬‫معنى القيم أن القيم مؤخر بعد قوله "ولم يجعل له عو ً‬
‫قيًما‪.‬‬
‫انظر جامع البيان )‪#.(15/126‬‬

‫فإن قلت ما الحكمة في تقديم نفي العوج عنه على إثبات الستقامة له؟‬
‫فالجواب‪ :‬أن العوج من قبيل الشر والنقص‪ ،‬والستقامة من قبيل الخير والكمال‪ ،‬ودفع الشرور والنقائص‬
‫أهم في الحكمة من جلب الخيرات والكمالت‪ ،‬على ما ل يخفى طبًعا وعادة‪.‬‬
‫ولهذا ـ وال عز وجل أعلم ـ قال‪ ) :‬فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز(‪#‬من الية رقم )‪ (185‬من‬
‫سورة آل عمران‪ #.‬بدأ بدفع الشر‪ ،‬وهو النار‪ ،‬ثم ثنى بحصول الخير‪ ،‬وهو الجنة‪.‬‬
‫@‪@194‬‬

‫وتحقيق ذلك‪ :‬أن كل ذات فلها ثلث أحوال‪ :‬حال نقص‪ ،‬وتمام‪ ،‬وكمال‪ ،‬وهو فوق التمام‪ ،‬وإنما يلحقها العيب‬
‫في حالة النقص دون الحالتين الخريين‪ ،‬فكان الهتمام بصيانتها من الجهة التي يلحقها النقص منها متعيًنا‪،‬‬
‫وال عز وجل أعلم بالصواب‪.‬‬
‫والحمد ل رب العالمين‪ ،‬وصلى ال على سيدنا محمد خاتم النبيين‪ ،‬وعلى آله وصحبه أجمعين‪#‬جاء في‬
‫نهاية النسخة‪ :‬نقله الفقير إلى ال محمد بن عبد الوهاب بن محمد‪ ،‬غفر ال له ولوالديه ولمن دعى له‬
‫بالمغفرة وجميع المسلمين آمين‪ .‬وكتب في هامش الصفحة اليمن‪ :‬بلغت مقابلة‪#.‬‬

‫@‪@195‬‬
‫فهرس المراجع والمصادر‪:‬‬
‫البهاج في شرح المنهاج – لتقي الدين السبكي )ت ‪ 756‬هـ( وولده تاج الدين )ت ‪771‬‬ ‫‪.1‬‬
‫هـ(‪ ،‬دار الكتب العلمية – بيروت ‪ ،-‬الطبعة الولى‪ ،‬عام ‪ 1404‬هـ ‪1984 -‬م‪.‬‬
‫إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين – لمحمد الحسين الزبيدي‪ ،‬درا الفكر‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫إحكام الحكام شرح عمدة الحكام – لتقي الدين ابن دقيق العيد )‪ 702‬هـ(‪ ،‬مكتبة السنة –‬ ‫‪.3‬‬
‫القاهرة‪ ،‬الطبعة الولى‪ ،‬عام ‪ 1418‬هـ ‪1997 -‬م‪.‬‬
‫الحكام في أصول الحكام – لسيف الدين أبي الحسن المدي )ت ‪ 631‬هـ(‪ ،‬دار الحديث –‬ ‫‪.4‬‬
‫جواد إدارة الزهر‪.‬‬
‫إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الصول – لمحمد بن علي الشوكاني )ت ‪1250‬‬ ‫‪.5‬‬
‫هـ(‪ ،‬دار المعرفة – بيروت‪.‬‬
‫إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل – لمحمد ناصر الدين اللباني‪ ،‬المكتب‬ ‫‪.6‬‬
‫السلمي – بيروت‪ 1405 ،‬هـ ‪1985 -‬م‪ ،‬الطبعة الثانية‪.‬‬
‫الشارات اللهية إلى المباحث الصولية – لنجم الدين الطوفي )ت ‪ 716‬هـ(‪ ،‬تحقيق‪:‬‬ ‫‪.7‬‬
‫حسن بن عباس قطب‪ ،‬دار الفاروق الحديثة – القاهرة‪ 1424 ،‬هـ ‪2003 -‬م‪.‬‬
‫أصول السرخسي – لبي بكر محمد بن أحمد السرخسي )‪ 490‬هـ(‪ ،‬تحقيق‪ /‬أبو الوفا‬ ‫‪.8‬‬
‫الفغاني‪ ،‬لجنة إحياء المعارف النعمانية – حيدر أباد‪ ،‬الهند‪.‬‬
‫أصول الفقه السلمي – للشيخ محمد الخضري‪ ،‬المكتبة التجارية – القاهرة‪ ،‬طبع عام‬ ‫‪.9‬‬
‫‪ 1389‬هـ ‪1969 -‬م‪.‬‬
‫‪ .10‬أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن – لمحمد المين الشنقيطي‪ ،‬مكتبة ابن تيمية –‬
‫القاهرة‪ 408 ،‬هـ ‪1988 -‬م‪.‬‬

‫@‪@196‬‬
‫‪ .11‬الكسير في علم التفسير – لنجم الدين الطوفي )ت ‪ 716‬هـ(‪،‬تحقيق‪/‬د‪ .‬عبد القادر حسين‪،‬‬
‫مكتبة الداب القاهرة‪.‬‬
‫‪ .12‬النتصارات السلمية في كشف شبه النصرانية – لنجم الدين الطوفي‪ ،‬تحقيق ‪/‬د‪.‬سالم بن‬
‫محمد القرني‪ ،‬رسالة دكتوراه – جامعة المام محمد بن سعود السلمية‪.‬‬
‫‪ .13‬البحر المحيط – لبدر الدين الزركشي )ت ‪ 794‬هـ(‪ ،‬دار الصفوة – مصر‪ ،‬الطبعة الثانية‪،‬‬
‫‪ 1413‬هـ ‪1992 -‬م‪.‬‬
‫‪ .14‬بذل النظر في الصول – لمحمد بن عبد الحميد السمندي )ت ‪ 552‬هـ(‪ ،‬تحقيق‪ /‬د‪ .‬محمد‬
‫زكي عبد البر‪ ،‬مكتبة التراث – القاهرة‪ 1412 ،‬هـ ‪1992 -‬م‪ .‬الطبعة الولى‪.‬‬
‫‪ .15‬البرهان في أصول الفقه – لمام الحرمين الجويني )ت ‪ 478‬هـ(‪ ،‬تحقيق الدكتور عبد‬
‫العظيم محمود الديب‪ ،‬درا الوفاء – مصر‪ ،‬الطبعة الولى‪ ،‬عام ‪ 1412‬هـ ‪1992 -‬م‪.‬‬
‫‪ .16‬بغية الوعاة في أخبار اللغويين والنحاة – لجلل الدين السيوطي )ت ‪911‬هـ( تحقيق‪ /‬محمد‬
‫أبو الفضل إبراهيم‪ ،‬المكتبة العصرية ‪ -‬بيروت‪.‬‬
‫‪ .17‬تاريخ الدب العربي – لبروكلمان‪ ،‬الصل اللماني – ليون ‪1943‬م‪ ،‬والترجمة العربية‪،‬‬
‫القاهرة‪1975 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .18‬تدريب الراوي في شرح تقريب النووي – لجلل الدين السيوطي )ت ‪ 911‬هـ(‪ ،‬مكتبة‬
‫الرياض الحديثة – الرياض‪.‬‬
‫‪ .19‬تفسير غرائب القرآن – لنظام الدين النيسابوري‪ ،‬مطبوع بهامش تفسير ابن جرير الطبري‪.‬‬
‫‪ .20‬تفسير القرآن العظيم – للحافظ ابن كثير )ت ‪ 774‬هـ( دار الفكر العربي‪.‬‬
‫‪ .21‬التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير – للحافظ ابن حجر العسقلني )ت‬
‫‪852‬هـ(‪ ،‬تحقيق‪/‬د‪ .‬شعبان محمد إسماعيل‪ ،‬مكتبة ابن تيمية – القاهرة‪.‬‬
‫@‪@197‬‬
‫‪ .22‬جامع بيان العلوم وفضله –لبن عبد البر )‪463‬هـ(‪ ،‬دار الكتب العلمية – بيروت‪.‬‬
‫‪ .23‬جامع البيان في تفسير القرآن – لبي جعفر الطبري )ت ‪ 310‬هـ(‪ ،‬دار الحديث – القاهرة‪،‬‬
‫‪ 1407‬هـ ‪1987 -‬م‪.‬‬
‫‪ .24‬الجامع الصحيح )سنن الترمذي( – لبي عيسى الترمذي )‪ 297‬هـ(‪ ،‬تحقيق‪ /‬أحمد شاكر‪،‬‬
‫دار الحديث‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ .25‬الحاوي الكبير في فقه مذهب المام الشافعي – لبي الحسن الماوردي )ت ‪ 405‬هـ(‪،‬‬
‫تحقيق‪ /‬علي معوض وعادل عبد الموجود‪ ،‬دار الكتب العلمية – بيروت‪ ،‬الطبعة الولى‪ ،‬عام‬
‫‪ 1414‬هـ ‪1994 -‬م‪.‬‬
‫‪ .26‬حجية السنة – للدكتور‪ /‬عبد الغني عبد الخالق‪ ،‬المعهد العالمي للفكر السلمي‪ ،‬واشنطن‪،‬‬
‫الطبعة الولى‪ ،‬سنة ‪ 1407‬هـ‪.‬‬
‫‪ .27‬حلية الولياء وطبقات الصفياء – لبي نعيم الصفهاني )ت ‪ 430‬هـ(‪ ،‬دار الكتاب العربي‬
‫– بيروت‪.‬‬
‫‪ .28‬حياة القلوب في كيفية الوصول إلى المحبوب – لعماد الدين الموي‪ ،‬دار صادر‪.‬‬
‫‪ .29‬الدرر الكامنة في أعيان المئة الثامنة – لبن حجر العسقلني‪ ،‬تصحيح‪ /‬سالم الكرنكوي‪.‬‬
‫‪ .30‬الذيل على طبقات الحنابلة – لعبد الرحمن بن رجب الحنبلي )ت ‪ 795‬هـ(‪ ،‬دار المعرفة‬
‫– بيروت‪.‬‬
‫‪ .31‬رسالة أم القرآن )إيضاح البيان عن معنى أم القرآن( – لنجم الدين الطوفي‪ ،‬تحقيق‪/‬د‪ .‬علي‬
‫حسين البواب‪ ،‬ضمن بحوث مجلة البحوث السلمية‪ ،‬العدد ‪ ،36‬عام ‪1413‬هـ‪.‬‬
‫‪ .32‬روضة الناظر وجنة المناظر – لموفق الدين ابن قدامة المقدسي )ت ‪ 620‬هـ( تحقيق‪/‬د‪.‬‬
‫عبد الكريم النملة‪ ،‬دار العاصمة – الرياض‪ ،‬الطبعة السادسة‪1419 ،‬هـ ‪1998 -‬م‪.‬‬
‫@‪@198‬‬
‫‪ .33‬سنن أي داود – للحافظ أبي داود سليمان بن الشعث السجستاني )ت ‪ 275‬هـ(‪ ،‬تعليق‪/‬‬
‫عزت عبيد عياش‪ ،‬نشر‪ /‬محمد علي السيد – حمص‪ ،‬الطبعة الولى‪ ،‬عام ‪ 1388‬هـ ‪1969 -‬م‪.‬‬
‫‪ .34‬سنن الدارقطني – للحافظ علي بن عمر الدراقطني )ت ‪ 385‬هـ(‪ ،‬عالم الكتب – بيروت‪.‬‬
‫‪ .35‬سنن الدرامي – للحافظ عبد ال بن عبد الرحمن الدرامي‪ ،‬تحقيق‪/‬د‪ .‬مصطفى ديب البغا‪،‬‬
‫دار القلم – دمشق‪ 1412 ،‬هـ ‪1991 -‬م‪ ،‬الطبعة الولى‪.‬‬
‫‪ .36‬السنن الكبرى – للحافظ أبي بكر البيهقي )ت ‪ 458‬هـ( دار المعرفة – بيروت‪.‬‬
‫‪ .37‬سنن ابن ماجه – للحافظ أبي عبد ال بن يزيد القزويني ‪0‬ت ‪ 275‬هـ(‪ ،‬تحقيق‪ /‬محمد فؤاد‬
‫عبد الباقي‪ ،‬درا الحديث – القاهرة‪.‬‬
‫‪ .38‬سنن النسائي – لبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي )ت ‪ 303‬هـ(‪ ،‬مطبعة البابي‬
‫الحلبي – مصر‪ ،‬الطبعة الولى‪ ،‬عام ‪1383‬هـ ‪1964 -‬م‪.‬‬
‫‪ .39‬السنة ومكانتها في التشريع السلمي – للدكتور‪/‬عباس متولي حمادة‪ ،‬الدار القومية‬
‫للطباعة‪ ،‬والنشر مصر‪.‬‬
‫‪ .40‬السنة ومكانتها في التشريع السلمي – للدكتور‪ /‬مصطفى السباعي‪ ،‬مكتبة دار العروبة‪،‬‬
‫الطبعة الولى‪ ،‬سنة ‪ 1380‬هـ‪.‬‬
‫‪ .41‬سير أعلم النبلء – لشمس الدين الذهبي‪ ،‬مؤسسة الرسالة – بيروت‪ ،‬الطبعة السابعة‪،‬‬
‫‪ 1410‬هـ ‪1990 -‬م‪.‬‬
‫‪ .42‬شذرات الذهب في أخبار من ذهب – لبن العماد الحنبلي )ت ‪ 1089‬هـ(‪ ،‬دار السيرة –‬
‫بيروت‪ ،‬طبعة عام ‪ 1399‬هـ‪.‬‬
‫‪ .43‬شرح الربعين النووية – لبن دقيق العيد‪ ،‬مطبعة الستقامة – القاهرة‪ ،‬الطبعة الثانية‪،‬‬
‫‪ 1375‬هـ ‪1955 -‬م‪.‬‬
‫‪ .44‬شرح تنقيح الفصول في اختصار المحصول في الصول – لشهاب الدين القرافي )ت ‪684‬‬
‫هـ(‪ ،‬تحقيق‪ /‬طه عبد الرؤوف سعد‪ ،‬دار الفكر – القاهرة‪ ،‬الطبعة الولى‪ ،‬عام ‪ 1393‬هـ‪-‬‬
‫‪1973‬م‪.‬‬
‫@‪@199‬‬
‫‪ .45‬شرح السنة – للمام البغوي )ت ‪ 516‬هـ(‪ ،‬المكتب السلمي – بيروت‪ ،‬الطبعة الثانية‪،‬‬
‫‪ 1403‬هـ ‪1983 -‬م‪.‬‬
‫‪ .46‬شرح شرح نخبة الفكر – للمام الهروي القاري )ت ‪ 1014‬هـ(‪ ،‬شركة دار الرقم –‬
‫بيروت‪.‬‬
‫‪ .47‬شرح صحيح مسلم – للمام النووي )ت ‪ 676‬هـ(‪ ،‬دار الكتب العلمية – بيروت‪.‬‬
‫‪ .48‬شرح العقيدة الطحاوية – لبن أبي العز الدمشقي ) ت ‪ 792‬هـ(‪ ،‬مؤسسة الرسالة –‬
‫بيروت‪ ،‬الطبعة الولى‪ 1408 ،‬هـ ‪1988 -‬م‪.‬‬
‫‪ .49‬شرح الكوكب المنير – لبن النجار الفتوحي الحنبلي )ت ‪972‬هـ(‪ ،‬تحقيق الدكتور‪ /‬محمد‬
‫الزحيلي‪ ،‬والدكتور‪ /‬نزيه حماد‪ ،‬دار الفكر – دمشق‪ ،‬طبعة عام ‪ 1400‬هـ ‪.1980 -‬‬
‫‪ .50‬شرح مختصر الروضة – لنجم الدين الطوفي‪ ،‬تحقيق‪/‬د‪ .‬عبد ال التركي‪ ،‬مؤسسة الرسالة‬
‫– بيروت‪ ،‬الطبعة الولى‪ 1410 ،‬هـ ‪1990 -‬م‪.‬‬
‫‪ .51‬شرح مختصر الروضة – لنجم الدين الطوفي – لنجم الدين الطوفي‪ ،‬تحقيق‪/‬د‪ .‬إبراهيم آل‬
‫إبراهيم‪ ،‬مطابع الشرق الوسط‪ ،‬الطبعة الولى‪ 1409 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ .52‬شرح معاني الثار – للمام الطحاوي )ت ‪ 321‬هـ(‪ ،‬دار الكتب العلمية – بيروت‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية‪ 1407 ،‬هـ ‪1987 -‬م‪.‬‬
‫‪ .53‬صحيح البخاري – للمام الحافظ محمد بن إسماعيل البخاري )ت ‪ 256‬هـ(‪ ،‬عالم الكتب –‬
‫بيروت‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ 1408 ،‬هـ ‪1988 -‬م‪.‬‬
‫‪ .54‬صحيح الجامع الصغير وزيادته – لناصر الدين اللباني‪ ،‬المكتب السلمي – بيروت‪،‬‬
‫الطبعة الثالثة‪ 1408 ،‬هـ ‪1988 -‬م‪.‬‬
‫‪ .55‬صحيح ابن حبان [ الحسان بترتيب ابن حبان – لبن بلبان الفارسي] ‪ ،‬دار الكتب العلمية‬
‫– بيروت‪ ،‬الطبعة الولى‪ 1407 ،‬هـ ‪1987 -‬م‪.‬‬
‫@‪@200‬‬
‫‪ .56‬صحيح مسلم –لمسلم بن الحجاج القشيري )ت ‪ 261‬هـ(‪ ،‬انظر شرح صحيح مسلم للنووي‪.‬‬
‫‪ .57‬الصعقة الغضبية في الرد على منكري العربية – لنجم الدين الطوفي‪ ،‬تحقيق‪/‬د‪ .‬محمد‬
‫الفاضل‪ ،‬مكتبة العبيكان‪ ،‬الطبعة الولى‪ 1417 ،‬هت – ‪1997‬م‪.‬‬
‫‪ .58‬العدة في أصول الفقه – للقاضي أبي يعلى الحنبلي )ت ‪ 458‬هـ(‪ ،‬تحقيق الدكتور أحمد‬
‫المباركي‪ ،‬الطبعة الولى‪ ،‬عام ‪ 1410‬هـ ‪1990 -‬م‪.‬‬
‫‪ .59‬فتح الباري بشرح صحيح البخاري – للحافظ ابن حجر العسقلني )ت ‪ 852‬هـ(‪ ،‬درا‬
‫الريان للتراث – القاهرة‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬عام ‪ 1409‬هـ ‪1988 -‬م‪.‬‬
‫‪ .60‬فواتح الرحموت – لعبد العلي بن نظام الدين النصاري‪ ،‬دار الكتب العلمية – بيروت‪،‬‬
‫تصوير عن الطبعة الولى بالمطبعة الميرية ببولق‪ ،‬سنة ‪ 1322‬هـ‪.‬‬
‫‪ .61‬الكشاف عن حقائق التنزيل –لبي القاسم الزمخشري )‪ 853‬هـ(‪ ،‬دار المعرفة – بيروت‪.‬‬
‫‪ .62‬كشف السرار عن أصول فخر السلم البزدوي ‪ -‬لعلء الدين البخاري )‪ 730‬هـ(‪ ،‬دار‬
‫الكتاب العربي – بيروت‪ 1411 ،‬هـ ‪1991 -‬م‪.‬‬
‫‪ .63‬كشف الخفاء ومزيل اللباس – لسماعيل بن محمد العجلوني )‪ 1162‬هـ(‪ ،‬دار إحياء‬
‫التراث – بيروت‪ ،‬الطبعة الثانية‪.‬‬
‫‪ .64‬لسان العرب – لبي الفضل محمد بن مكرم بن منظور )ت ‪ 711‬هـ(‪ ،‬دار صادر بيروت‪.‬‬
‫‪ .65‬المجموع شرح المهذب – لبي زكريا النووي )ت ‪ 676‬هـ(‪ ،‬دار الفكر – بيروت‪.‬‬
‫‪ .66‬مجموع فتاوى شيخ السلم ابن تيمية )ت ‪ 728‬هـ( – جمع وترتيب‪ :‬عبد الرحمن بن‬
‫محمد بن قاسم‪ ،‬مكتبة ابن تيمية – القاهرة‪.‬‬
‫‪ .67‬المحصول في علم أصول الفقه – لفخر الدين الرازي )ت ‪ 606‬هـ(‪ ،‬تحقيق الدكتور‪ /‬طه‬
‫جابر العلواني‪ ،‬مؤسسة الرسالة – بيروت‪ ،‬الطبعة الثانية عام ‪ 1412‬هـ ‪1992 -‬م‪.‬‬

‫@‪@201‬‬
‫مدارج السالكين –لبن قيم الجوزية )ت ‪ 751‬هـ(‪ ،‬دار الكتاب العربي – بيروت‪،‬‬ ‫‪-68‬‬
‫الطبعة الرابعة‪ 1417 ،‬هـ ‪1997 -‬م‪.‬‬
‫المستدرك على الصحيحين – لبي عبد ال الحاكم )ت ‪ 405‬هـ(‪ ،‬تحقيق‪ /‬مصطفى‬ ‫‪-69‬‬
‫عطا‪ ،‬دار الكتب العلمية – بيروت‪ ،‬الطبعة الولى‪ ،‬عام ‪ 1411‬هـ ‪1990 -‬م‪.‬‬
‫المستصفى من علم الصول – لبي حامد الغزالي )ت ‪ 505‬هـ(‪ ،‬دار الكتب‬ ‫‪-70‬‬
‫العلمية – بيروت‪ ،‬الطبعة الثانية‪.‬‬
‫مسند المام أحمد بن حنبل )ت ‪ 241‬هـ(‪ ،‬مؤسسة الرسالة – بيروت‪ ،‬الطبعة‬ ‫‪-71‬‬
‫الولى‪ ،‬عام ‪ 1419‬هـ ‪1999 -‬م )إشراف الدكتور‪ /‬عبد ال التركي(‪.‬‬
‫المصلحة في التشريع السلمي ونجم الدين الطوفي‪ ،‬للدكتور‪ /‬مصطفى زيد‪ ،‬دار‬ ‫‪-72‬‬
‫الفكر العربي – مصر‪ ،‬الطبعة الثانية‪.‬‬
‫معجم البلدان – لشهاب الدين الحموي )ت ‪ 626‬هـ(‪ ،‬دار صادر‪ -‬بيروت‪ ،‬الطبعة‬ ‫‪-73‬‬
‫الثانية‪.‬‬
‫المنتظم في تاريخ الملوك والمم – لبي الفرج ابن الجوزي‪ ،‬مطبعة دائرة المعارف‬ ‫‪-74‬‬
‫العثمانية‪ ،‬الطبعة الولى‪.‬‬
‫الموافقات في أصول التشريع – لبي إسحاق الشاطبي )ت ‪ 790‬هـ(‪ ،‬ضبط‬ ‫‪-75‬‬
‫وتعليق ‪ /‬مشهور آل سلمان‪ ،‬درا ابن عفان – الخبر‪ ،‬الطبعة الولى‪ ،‬عام ‪ 1417‬هـ ‪-‬‬
‫‪1997‬م‪.‬‬
‫نهاية الوصول في دراية الصول – لصفي الدين الهندي )ت ‪ 715‬هـ(‪ ،‬تحقيق‬ ‫‪-76‬‬
‫الدكتور‪ /‬صالح اليوسف‪ ،‬الدكتور‪ /‬سعد السويح‪ ،‬المكتبة التجارية – مكة المكرمة‪،‬‬
‫الطبعة الولى‪ ،‬عام ‪ 1416‬هـ ‪1996 -‬م‪.‬‬
‫الورع – للحافظ ابن أبي الدنيا‪ ،‬تحقيق‪ /‬مسعد السعدني‪ ،‬مكتبة القرآن – القاهرة‪.‬‬ ‫‪-77‬‬

‫حقيقة الباعث في الفقه السلمي‬

‫الدكتور‪ /‬خالد بن سعد بن فهد الخشلن‬


‫قسم الفقه ـ كلية الشريعة‬
‫جامعة المام محمد بن سعود السلمية‬

‫المقدمة‪:‬‬
‫الحمد ل رب العالمين‪ ،‬والصلة والسلم على المبعوث رحمة للعالمين‪ ،‬نبينا محمد وعلى آله وصحبه‬
‫أجمعين‪ ،‬أما بعد‪:‬فإن مما امتازت به شريعة السلم الخالدة في نظرها إلى أعمال المكلفين وتصرفاتهم أنهم‬
‫جمعت بين النظر إلى ظواهر العمال ومحسوسيتها من جهة‪ ،‬والنظر إلى البواعث والمقاصد التي تحمل‬
‫ف بظاهر العمل‪ ،‬حتى جمعت معه ما‬ ‫المكلفين على القيام بتلك العمال والتصرفات من جهة أخرى‪ .‬فلم تكت ِ‬
‫يقوم بقلب العبد من باعث ومقصد حركه للعمل‪ ،‬فعن أبي هريرة رضي ال عنه قال سمعت رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم يقول‪":‬إن أول الناس يقضى عليه يوم القيامة عليه رجل استشهد فأتي به فعرفه نعمه فعرفها‪.‬‬
‫قال‪ :‬فما عملت فيها؟ قال‪ :‬قاتلت فيك حتى استشهدت قال‪ :‬كذبت ولكنك قاتلت لن يقال جريء فقد قيل‪ .‬ثم‬
‫أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار‪ .‬ورجل تعلم العلم وعلمه‪ ،‬وقرأ القرآن فأتي به فعرفها‪ .‬فقال‪:‬‬
‫فما عملت فيها؟ قال‪ :‬تعلمت العلم وقرأت القرآن ليقال هو قارئ‪ .‬فقد قيل‪ .‬ثم أمر به فسحب على وجهه حتى‬
‫ألقي في النار‪ .‬ورجل وسع ال عليه وأعطاه من أصناف المال كله فأتي به فعرفه نعمه فعرفها‪ .‬قال‪ :‬فما‬
‫عملت فيها؟ قال‪ :‬ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إل أنفقت فيها لك‪ .‬قال‪ :‬كذبت‪ .‬ولكنك فعلت ليقال‬
‫هو جواد‪ ،‬فقد قيل‪ .‬ثم أمر به فسحب على وجهه ثم ألقي في النار"‪#‬رواه مسلم ‪#.]1905 [ 3/1514‬‬
‫فانظر كيف كان مصير هؤلء مع أنهم قاموا بعبادات هي من اجل العبادات‪ ،‬ولكن لما كان الباعث لهم على‬
‫أدائها طلب مدح الناس‪ ،‬وثنائهم‪ ،‬ولم يكن باعثهم ابتغاء مرضاة ال لم تنفعهم تلك العبادات‪ ،‬صار مصيرهم‬
‫إلى النار‪.‬‬
‫@‪@206‬‬
‫وهذه الحقيقة وغن تجلت بالنسبة لحكام الخرة‪ ،‬فهي كذلك بالنسبة لحكام الدنيا‪ ،‬متى ما أمكن للفقيه قاضًيا‬
‫كان أم مفتًيا للكشف عن بواعث المكلف ومقاصده من التصرف‪ .‬حتى قرر الفقهاء تلك القاعدة العظيمة في‬
‫معناها‪ ،‬الواسعة في شمولها وعمومها‪ ،‬وهي‪ :‬أن "المقاصد والعتقادات معتبرة في التصرفات‪ ،‬والعادات‪،‬‬
‫كما في التقربات‪ ،‬والعبادات"‪#‬انظر لهذه القاعدة‪ :‬بيان الدليل على بطلن التحليل ص ‪ ،85‬وإعلم الموقعين‬
‫‪ ،4/499‬والموافقات ‪#.3/7‬‬
‫والشريعة السلمية بهذه الميزة فاقت‪ ،‬وسبقت النظمة‪ ،‬والقوانين البشرية التي تنادي بضرورة النظر إلى‬
‫بواعث المكلفين‪ ،‬عند الحكم على عقودهم وسائر تصرفاتهم‪#‬انظر‪ :‬نظرية العقد ‪ 1/558‬ـ ‪ ،571‬والتعبير‬
‫عن الرادة في الفقه السلمي ‪ 475‬ـ ‪#.477‬‬
‫ل من ال حكًما لقوم يوقنون( [ المائدة‪.] 50:‬‬
‫وصدق ال عز وجل إذ يقول‪) :‬ومن أحسن قو ً‬
‫ولهذه الهمية والمنزلة للبواعث والمقاصد‪ ،‬أحببت الكتابة في هذا الموضوع‪ :‬تجلية لحقيقة الباعث‪،‬‬
‫ومنزلته‪ ،‬وأقسامه‪ ،‬وإظهاًرا للصلة الوثيقة بين بواعث المكلفين ومقاصدهم‪ ،‬ومقاصد الشريعة السلمية‬
‫فجاء هذا البحث بعنوان‪:‬‬
‫)حقيقة الباعث في الفقه السلمي(‬

‫خطة البحث‪:‬‬
‫وقد انتظمت خطة البحث في مقدمة وتمهيد وأربعة مباحث وخاتمة‪.‬‬
‫جاءت على النحو التي‪:‬‬
‫المقدمة‪ :‬وقد اشتملت على أهمية الموضوع وأهدافه وبيان خطته ومنهجه‪.‬‬
‫التمهيد‪ :‬في بيان فكرة البحث وموضوعه‪.‬‬
‫المبحث الول‪ :‬تعريف الباعث‪ ،‬وعلقته بالنية والمقصد‪.‬‬
‫@‪@207‬‬
‫وقد اشتمل على أربعة مطالب‪:‬‬
‫المطلب الول‪ :‬تعريف الباعث في اللغة‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تعريفات المعاصرين للباعث ونقدها‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬التعريف المختار للباعث‪.‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬علقة الباعث بالنية والقصد‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬مكانة الباعث ومنزلته‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬أقسام الباعث‪.‬‬
‫وقد اشتمل على خمسة مطالب‪:‬‬
‫المطلب الول‪ :‬أقسام الباعث باعتبار مناقضته لقصد الشارع‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أقسام الباعث باعتبار تأثيره في الحكم‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬أقسام الباعث باعتبار أثره‪.‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬أقسام الباعث باعتبار ظهوره واستتاره‪.‬‬
‫المطلب الخامس‪ :‬أقسام الباعث باعتباره غاية ومقصًدا من التصرف‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬مسالك الكشف في الباعث‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬مسالك الكشف عن الباعث‪.‬‬
‫وقد اشتمل على تمهيد وخمسة مطالب‪:‬‬
‫المطلب الول‪ :‬مسلك القرار‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مسلك التواطؤ على الباعث‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬مسلك العرف والعادة‪.‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬مسلك محل العقد‪.‬‬
‫المطلب الخامس‪ :‬مسلك دللة الحال‪.‬‬
‫الخاتمة‪ :‬وتتضمن خلصة عن البحث‪.‬‬
‫ثم أعقبت ذلك بفهرس المصادر والمراجع‪.‬‬
‫@‪@208‬‬
‫منهج البحث‪:‬‬
‫اعتمدت في إعداد هذا البحث المنهج الستقرائي الستنتاجي‪ ،‬وذلك بمحاولة تتبع ما كتب حول هذا‬
‫جا من كلم أهل العلم‪ ،‬مع مراعاة ما هو‬ ‫صا عليه أو مستنت ً‬
‫الموضوع قديًما وحديًثا‪ ،‬سواء ما كان منصو ً‬
‫متبع من البحوث العلمية من عزو اليات إلى سورها‪ ،‬وتخريج الحاديث‪ ،‬وبيان درجة ما ليس منها في‬
‫الصحيحين أو أحدهما‪ ،‬وتوثيق النقول‪ ،‬والقوال من مراجعها المعتبرة‪ ،‬كل ذلك حسب الستطاعة والقدرة‪.‬‬
‫وال سبحانه المسؤول وحده‪ ،‬أن يجعل فيما كتبت الخير‪ ،‬النفع لي ولطلبة العلم‪ ،‬وأن يكون خدمة لتراثنا‬
‫الفقهي الصيل‪ ،‬وهو عز وجل المان بما فيه من خير وصواب‪ ،‬وأستغفر ال عما وقع مني فيه من زلل‪ ،‬أو‬
‫تقصير وصلي ال وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه‪.‬‬

‫@‪@209‬‬

‫تمهيد في فكرة البحث‪:‬‬

‫قبل الدخول في تفاصيل البحث وجزئياته‪ ،‬يحسن التنبيه إلى موضوع البحث‪ ،‬أو الفكرة التي تجيء هذه‬
‫الدراسة لتوضيحها‪ ،‬وتجليتها فأقول مستعيًنا بال‪:‬‬
‫إن لكل عقد شرعه ال عز وجل غاية نوعية‪ ،‬تتحقق من خلل العقد‪ ،‬بل كل تصرف يقدم عليه المكلف له‬
‫غاية مباشرة يقصدها ابتداًء‪ ،‬لكن هذه التصرفات تخفي وراءها بواعث ذاتية‪ ،‬ومقاصد شخصية‪ ،‬هي التي‬
‫تحمل المكلف‪ ،‬وتدفعه نحو التصرف المقصود‪ ،‬كما أنها في الوقت ذاته بواعث خفية‪ ،‬ومقاصد مستترة‪ ،‬لو‬
‫أفصح عنها أثناء العقد لثرت فيه‪.‬‬

‫فالغاية النوعية من عقد البيع‪ :‬الرغبة من قبل المشتري في تملك المبيع‪ ،‬والرغبة من قبل البائع في تملك‬
‫ل ـ سكنى الدار المبيعة‪ ،‬أو تأجيرها‪ ،‬أو جعلها‬
‫الثمن‪ ،‬وأما الغاية الشخصية فقد تكون بالنسبة للمشتري ـ مث ً‬
‫مقر عبادة لغير المسلمين‪ ،‬أو محل بغاء أو قمار‪ ،‬لكن هذه البواعث غير منصوص عليها في العقد‪ ،‬بل‬
‫صورة العقد الظاهرة مكتملة الشروط والركان‪ ،‬ومنسجمة مع القواعد الشرعية‪.‬‬
‫فإذا كانت هذه البواعث تؤثر في الحكم من حيث الحل‪ ،‬والحرمة‪ ،‬والصحة‪ ،‬والفساد‪ ،‬فإن من المتأكد على‬
‫الفقيه أثناء تقريره للحكم الشرعي على أي نازلة‪ ،‬أو واقعة تعرض له‪ ،‬أن يولي هذه البواعث والمقاصد‬
‫عناية خاصة‪ ،‬ويأتي هذا البحث لتوضيح هذه الفكرة من حيث بيان حقيقة الباعث المؤثر في الحكم‪ ،‬وأهميته‪،‬‬
‫وأقسامه ومسالك الكشف عنه‪ ،‬وال سبحانه الهادي إلى سواء الصراط‪.‬‬
‫@‪@210‬‬

‫المبحث الول‪ :‬تعريف الباعث وعلقته بالنية والقصد‪:‬‬


‫ويشتمل على أربعة مطالب‪:‬‬
‫المطلب الول‪ :‬تعريف الباعث في اللغة‪:‬‬
‫الباعث‪ :‬اسم فاعل من بعث يبعث فهو باعث‪ .‬وهذه المادة ترد في العرب على وجوه متعددة منها‪:‬‬
‫‪1‬ـ الرسال‪ .‬تقول العرب‪ :‬بعثه يبعثه بعًثا‪ :‬أرسله‪ ،‬وبعث به‪ :‬أرسله مع غيره‪#‬انظر‪ :‬الصحاح ‪،1/273‬‬
‫والمحكم والمحيط العظم ‪ ،2/70‬وتاج العروس ‪ ،1/602‬ومعجم الفعال المتعدية بحرف ص‪ 18 :‬و‬
‫ل([ النحل‪.]36 :‬‬
‫‪ . #.19‬ومن هذا المعنى قوله تعالى‪) :‬ولقد بعثنا في كل أمة رسو ً‬
‫‪2‬ـ إحياء ال الموتى ونشرهم من قبورهم‪#‬انظر تهذيب اللغة ‪ ،2/335‬والمحكم والمحيط العظم ‪،2/71‬‬
‫وتاج العروس ‪ . #.1/602‬ومن هذا المعنى قوله تعالى‪) :‬ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون([ البقرة‪:‬‬
‫‪ ]56‬وال سبحانه وتعالى هو الباعث الذي يبعث الخلق فيحييهم بعد موتهم‪#‬وفي إثبات اسم الباعث ل عز‬
‫وجل خلف بين أهل العلم‪ ،‬والظاهر عدم ثبوته‪ ،‬وأما معناه فحق‪ .‬انظر‪ :‬أسماء ال الحسنى ص ‪ 214‬و‬
‫‪#.336‬‬
‫‪3‬ـ الثارة والتهييج‪#‬انظر‪ :‬الصحاح ‪ ،1/273‬ومقاييس اللغة ‪ ،1/266‬ولسان العرب ‪ ،2/117‬وتاج‬
‫العروس ‪ #.1/602‬تقول العرب‪ :‬بعثت البعير فانبعث أي‪ :‬أثرته فثار‪ .‬وبعث الناقة‪ :‬أثارها فانبعثت‪ ،‬حل‬
‫عقالها فأرسلها‪ ،‬أو كانت باركة فهاجها‪ .‬ومنه قول أم المؤمنين عائشة رضي ال عنها "فبعثنا البعير فإذا‬
‫العقد تحته"‪#‬رواه البخاري ـ الفتح ‪ ]334 [1/514‬ومسلم ‪" #. ]367 [ 1/279‬أي‪ :‬هيجناه وأقمناه‬
‫فانبعث"‪#‬المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث ‪ #.1/173‬وقول حذيفة رضي ال‬

‫@‪@211‬‬

‫عنه‪" :‬إن للفتنة وقفات وبعثات فإن استطعت أن تموت في وقفاتها فافعل"‪#‬رواه بهذا اللفظ ابن أبي شيبة في‬
‫المصنف ‪ 15/10‬و ‪ 19‬و ‪ 89‬و ‪ 184‬وبنحوه نعيم بن حماد ف الفتن ‪ 1/75‬كلهما بلفظ "إن للفتنة ‪...‬‬
‫وبعثات" بالثاء المثلثة‪ .‬وأخرجه الحاكم في المستدرك ‪ 4/433‬و ‪ 501‬و ‪ 464‬وقال "صحيح على شرط‬
‫الشيخين ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي ورواه أبو عمرو الداني في السنن الواردة في الفتن ‪ .1/457‬وأبو نعيم‬
‫في الحلية ‪ .1/274‬أما الحاكم فقد وردت هذه اللفظة عنده في المطبوع بلفظ "إن للفتنة‪ ....‬وتبعات" في‬
‫موضعين وفي الموضع الثالث بلفظ "إن للفتنة‪....‬ونقفات" وأما أبو عمرو الداني فقد وردت هذه اللفظة عنده‬
‫في إحدى المخطوطات بلفظ"‪...‬نفثات" وأما أبو عمرو الداني فقد وردت هذه اللفظة عنده في إحدى‬
‫المخطوطات بلفظ"‪....‬نفثات" وفي مخطوطة أخرى بلفظ"‪....‬بغتات" كما ذكر محقق الكتاب إل أنه خطأ‬
‫هاتين اللفظتين وجعل الصواب ما ورد عند الحاكم في الموضع الخير بلفظ "نقفات"‪.‬‬
‫وأما أبو نعيم فقد وردت هذه اللفظة عنده في المطبوع بلفظ"‪....‬وبغتات" فحصل من مجموع ذلك كله في‬
‫هذه اللفظة خمسة ألفاظ‪:‬‬
‫الول‪"" :‬بغثات" وهو أظهرها كما ورد عند ابن أبي شيبة وأبي نعيم وهو الذي ذكره بعض مؤلفي غريب‬
‫الحديث ‪ ،1/194‬والفائق ‪ ،1/120‬والنهاية ‪ ،1/138‬كما ذكره كثير من أصحاب المعاجم اللغوية‬
‫كالزهري في تهذيب اللغة ‪ ،2/335‬وابن منظور في اللسان ‪ 2/117‬والزبيدي في تاج العروس ‪.1/602‬‬
‫الثاني‪" :‬نقفات" كما ورد في موضع عند الحاكم في المستدرك ‪ 4/464‬وهذا اللفظ له وجه في اللغة قال‬
‫الزمخشري"وأصل النقف‪ :‬هشم الرأس‪ ،‬أي تهيج الفتن والحروب بعدهم" الفائق ‪ .2/21‬وانظر‪ :‬الغريبين‬
‫‪ ،6/66‬والنهاية ‪ ،5/109‬ولسان العرب ‪.9/339‬‬
‫الثالث‪" :‬بغتات" كما ورد عند أبي نعيم ‪ ،1/274‬وفي إحدى مخطوطات السنن لبي عمرو الداني ‪.1/457‬‬
‫وهذا اللفظ له وجه في اللغة كذلك فإن البغت‪ .‬الفجأة‪ ،‬والبغتات‪ :‬الفجآت‪ .‬كما في اللسان ‪ 2/10‬و ‪.11‬‬
‫الرابع‪ :‬تبعات كما ورد عند الحاكم في موضعين من المستدرك ‪ 4/433‬و ‪ 501‬والظاهر أنها مصحفة من‬
‫بعثات كما يدل على ذلك صنيع ابن حجر في اتجاه المهرة ‪ 4/251‬حيث نقل الحديث عن الحاكم بلفظ‬
‫"بعثات"‪.‬‬
‫الخامس‪ :‬تبعات كما ورد عند أبي عمرو الداني في إحدى مخطوطات السنن ‪ 1/457‬ولم يظهر لي وجه هذا‬
‫اللفظ فلعله تصحيف‪ . #.‬ومعنى بعثات‪" :‬أي إثارات وتهيجات‪،‬‬
‫@‪@212‬‬

‫وهي المرة من المبعث‪ ،‬وكل شيء أثرته فقد بعثته"‪#‬النهاية في غريب الحديث ‪ .1/138‬وانظر‪ :‬تهذيب‬
‫اللغة ‪ ،1/335‬ولسان العرب ‪ 2/117‬وفيهما ـ تهييجات ـ بدل تهيجات‪#.‬‬
‫‪ 4‬ـ الحمل على الفعل والتحريض عليه والترغيب فيه‪#‬انظر‪ :‬جمهرة اللغة ‪ ،1/201‬والمحكم والمحيط‬
‫العظم ‪ ،2/70‬والفعال للسرقسطي ‪ ،4/107‬والمجموع المغيث في غيبي القرآن والحديث ‪1/172‬‬
‫ومعجم الفعال المتعدية بحرف ص‪ ،19 :‬ومحيط المحيط ص‪ #.45 :‬تقول العرب ‪ :‬بعثه على الشيء‪:‬‬
‫حمله على فعله‪ ،‬وبعثته على المر‪ :‬حركته إليه‪ ،‬وبعثته‪ :‬حرضته فانبعث‪ ،‬وبعثه على المر‪ :‬دعا إليه فهو‬
‫باعث والجمع بواعث‪ ،‬وبعثته على الشيء‪ :‬إذا أرغبته أن يفعل الشيء‪.‬‬
‫وهذان الوجهان من وجوه استعمال مادة )بعث( هما أقرب الوجوه للمعنى الصطلحي كما سيأتي في‬
‫المطلب التي‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تعريفات المعاصرين للباعث ونقدها‪:‬‬
‫لم يرد لهذا المصطلح ـ بهذا اللفظ ـ ذكر واسع في كتابات الفقهاء المتقدمين وإن كان معناه مقرًرا عندهم عند‬
‫الحديث عن المقاصد‪ ،‬وأما التصريح به فلم أجده إل في مواضع يسيرة حسبما اطلعت عليه‪.‬‬
‫ل له في معناه المراد في هذا البحث‪ :‬القرافي في حديثه عن البيوع التي‬
‫وممن أورد هذا المصطلح مستعم ً‬
‫أفسدتها البواعث السيئة إذ يقول‪...." :‬فإن تلك الغراض الفاسدة هي الباعثة على العقد"‪#‬الفروق ‪#.3/411‬‬
‫‪ .‬وأما استعمال هذا المصطلح في الحديث عن الخلص في العمال‪ ،‬والصدق في النية‪ ،‬والقصد‪ ،‬فقد أكثر‬
‫المتقدمون من ذلك‪ ،‬ومن هؤلء‪ :‬القرطبي‪ ،‬والحطاب‪#‬انظر‪ :‬المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم‬
‫‪ 3/742‬ومواهب الجليل ‪ 2/532‬ـ ‪ ، #.534‬وأبو حامد الغزالي‬

‫@‪@213‬‬
‫حيث تحدث عن أقسام البواعث من حيث أثرها في إنهاض القدرة على العمل‪ ،‬فقال‪...." :‬إل أن انتهاض‬
‫القدرة للعمل قد يكون بباعث واحد‪ ،‬وقد يكون بباعثين اجتمعا في فعل واحد‪ ...‬فإن العمل تابع للبعث عليه‪،‬‬
‫فيكتسب الحكم منه"‪#‬إحياء علوم الدين ‪ 4/365‬و ‪ .366‬وانظر‪ :‬دراسة متينة لذلك للدكتور عبد الحليم‬
‫أحمدي بعنوان‪ :‬تحقيق صدق النية عند الغزالي‪ ،‬منشورة في مجلة الشريعة والدراسات السلمية في‬
‫الكويت‪ ،‬العدد الثالث عشر‪ .‬استفدت منها في تجلية معنى الباعث‪#.‬‬
‫وأما الفقهاء المعاصرون فقد استخدموا هذا المصطلح في كتاباتهم‪ ،‬واختلفت عباراتهم في تعريفه‪ ،‬وهذه‬
‫طائفة من التعريفات التي أمكنني الطلع عليها‪ ،‬مع ذكر ما يرد عليها من ملحوظات‪.‬‬
‫التعريف الول‪:‬‬
‫عرف الدكتور فتحي الدريني الباعث بأنه‪" :‬الدافع الذي يحرك إرادة المنشيء للتصرف إلى تحقيق غرض‬
‫غير مباشر"‪#‬نظرية التعسف في استعمال الحق ص ‪ 207‬و ‪ ،208‬والكلم نفسه معاد في كتاب الدكتور‬
‫الدريني الخر‪ :‬النظريات الفقهية ص ‪ 228‬و ‪ #.229‬ثم بن بعد ذلك أن المقصود بالباعث‪ :‬الدافع على‬
‫تحقيق غرض غير مشروع‪ ،‬وأن هذا الغرض غير المشروع هو الدافع‪.‬‬
‫ويمكن أن يورد على هذا التعريف للباعث إشكالن‪:‬‬
‫الول منهما‪ :‬تخصيصه الباعث بالغرض غير المشروع‪ ،‬وهو تخصيص غير جامع‪#‬وقد يكون الدافع إلى‬
‫هذا التخصيص‪ :‬النظرة القانونية للباعث؛ حيث ل تثار نظرية الباعث في القانون إل إذا كان الغرض غير‬
‫مشروع‪ .‬انظر‪ :‬الوسيط في شرح القانون إل إذا كان الغرض غير مشروع‪ .‬انظر‪ :‬الوسيط في شرح القانون‬
‫المدني ‪ 1/456‬ـ ‪#.462‬‬
‫عا‪#‬بالمعنى الواسع الذي‬ ‫فكما أن الباعث يكون غير مشروع وهو الغلب في هذه النظرية‪ ،‬فقد يكون مشرو ً‬
‫يشمل المباح‪ ، #.‬ويكون له أثر في الحكم‪ ،‬كما سيأتي في أقسام الباعث‪.‬‬
‫@‪@214‬‬
‫والشكال الخر‪ :‬عبارة التعريف ـ فيما يبدوـ قلقة؛ حيث عرف الباعث بأنه الدافع إلى تحقيق غرض غير‬
‫مشروع‪ ،‬ثم فسر الغرض غير المشروع بأنه الباعث والدافع‪ ،‬فكأن مؤدي العبارة في تعريف الباعث أنه‪:‬‬
‫الدافع إلى تحقيق الدافع‪.‬‬
‫التعريف الثاني‪:‬‬
‫عرف الدكتور عبد الحي حجازي الباعث بأنه"وسيلة احتياطية يقصد بها إبطال عقد يستهدف بوسائل‬
‫مشروعة نتائج غير مشروعة"‪#‬النظرية العامة لللتزام ص ‪#.423‬‬
‫ومما يؤخذ على هذا التعريف أمور‪:‬‬
‫أولها‪ :‬تعريفه الباعث بوظيفته وأثره‪ ،‬فهو تعريف يبعد كثيًرا عن ماهية الباعث‪ ،‬وحقيقته‪ .‬والصل في‬
‫التعريفات‪ :‬الكشف عن الماهية‪ ،‬ل بيان الثر والوظيفة‪.‬‬
‫وثانيها‪ :‬قصره تأثير الباعث على العقود‪ ،‬والواقع أن تأثير الباعث يعم كل التصرفات العقدية وغيرها‪.‬‬
‫وثالثها‪ :‬قصره الباعث المؤثر في الحكم على أحد نوعيه‪ ،‬وهو الباعث غير المشروع‪ ،‬وهو المعبر عنه في‬
‫التعريف بقوله‪...." :‬نتائج غير مشروعة"‪.‬‬
‫وآخرها‪ :‬حصره أثر الباعث في إبطال العقد‪ ،‬بينما تأثير الباعث في التصرف أعم من ذلك‪ ،‬كما هو الحال‬
‫في الطلق البائن في مرض الموت‪ ،‬والمعروف بطلق الفار‪ ،‬فإن تأثير الباعث ليس في صحة الطلق أو‬
‫عدمه‪ ،‬وإنما أثره في توريث الزوجة من الزوج لو مات في مرضه قبلها‪.‬‬
‫@‪@215‬‬

‫التعريف الثالث‪:‬‬
‫عرفت الستاذة حليمة آيت حمودي الباعث بأنه‪" :‬وسيلة لبطال التصرفات التي ظاهرها الجواز‪ ،‬ويقصد‬
‫بها الوصول إلى غاية غير مشروعة"‪#‬نظرية الباعث في الشريعة السلمية والقانون الوضعي ص ‪#.36‬‬
‫وهذا التعريف وإن سلم من إشكال حصر تأثير الباعث في العقود‪ ،‬حيث عدي الثر إلى جميع التصرفات‪،‬‬
‫إل أنه في الجملة مماثل للتعريف السابق‪ ،‬فما ورد عليه يرد على هذا التعريف‪ ،‬فأغنى عن العادة‪.‬‬
‫التعريف الرابع‪:‬‬
‫عرف الستاذ عبد ال الكيلني الباعث بأنه‪" :‬المر النفسي الذي يحرك الرادة‪ ،‬ويبعثها‪ ،‬لتحقيق تصرف‬
‫معين"‪#‬نظرية الباعث وأثرها في العقود والتصرفات ص ‪ 27‬و ‪#.202‬‬
‫وهذا التعريف ـ في نظري ـ يقرب كثيًرا من حقيقة الباعث إل أنه يرد عليه كونه غير مانع؛ إذ يدخل فيه كل‬
‫باعث يدفع إرادة المكلف نحو تصرف ما‪ ،‬سواء أكان هذا الباعث مباشًرا‪ ،‬كباعث الرغبة في الحصان في‬
‫الزواج‪ ،‬أم كان الباعث غير مباشر‪ ،‬كباعث الرغبة في تحليل المطلقة لزوجها في نكاح التحليل‪ .‬والحديث‬
‫عن الباعث وأثره في التصرفات ليس عاّما في كل باعث‪ ،‬وإنما المراد الباعث المستتر‪ ،‬غير المباشر‪ ،‬الذي‬
‫لو نص عليه في العقد‪ ،‬أو ظهر في التصرف‪ ،‬لكان له أثر في الحكم عل ذلك التصرف‪ ،‬يخالف الحكم فيما‬
‫لو لم يلتفت إلى ذلك الباعث‪.‬‬
‫التعريف الخامس‪:‬‬
‫عرف بعضهم الباعث بأنه‪" :‬السبب الموجب‪ ،‬أو الدافع‪ ،‬أو الغاية التي يقوم عليها تصرف‪ ،‬أو عمل‪ ،‬يخفي‬
‫شّرا أو خيًرا"‪#‬معجم المصطلحات الفقهية والقانونية ص ‪#.80‬‬

‫@‪@216‬‬
‫وهذا التعريف قريب من معنى الباعث‪ ،‬وإن شابه التردد في أوله‪ ،‬في قوله‪" :‬السبب الموجب‪ ،‬أو الدافع‪ ،‬أو‬
‫الغاية" واللبس في آخره في قوله‪" :‬يخفي شّرا أو خيًرا" في عود الضمير في قوله "يخفي" تردد بين عوده‬
‫إلى الباعث‪ ،‬أو إلى التصرف والعمل لنهما أقرب مذكور‪ .‬فإذا كان الخير ـ وهو الظاهر ـ فإن الخير أو‬
‫الشر كان منوّيا‪ ،‬ومقصوًدا للنسان قبل إقدامه على الفعل؛ بل الباعث سواء أكان خيًرا‪ ،‬أم شّرا‪ ،‬هو الذي‬
‫ل حسّيا قائًما‬
‫حرك الرادة لتحقيق تصرف معين‪ ،‬حتى إذا ما تم ذلك التصرف‪ ،‬كان الباعث مآ ً‬
‫مشاهًدا‪#‬انظر نظرية الباعث وأثرها في العقود والتصرفات ص ‪ .27‬وللمام ابن تيمية كلم بديع حول هذا‬
‫ل عنه في ص ‪ 18‬من هذا البحث عند‬ ‫المعنى‪ ،‬في بيان الدليل على بطلن التحليل ص ‪ .165‬وانظره منقو ً‬
‫الحديث عن العلقة بين النية والباعث‪ ، #.‬فصار أثًرا لذلك التصرف بعد أن كان باعًثا على فعله‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬التعريف المختار للباعث‪:‬‬

‫وبعد هذا التطواف في كتابات أهل العلم في بيان معنى الباعث‪ ،‬يمكن القول بأن التعريف القرب إلى حقيقة‬
‫الباعث أن يقال‪:‬‬
‫الباعث هو‪ :‬المقصود الحقيقي‪ ،‬غير المباشر‪ ،‬المحرك لرادة المكلف‪ ،‬نحو تصرف ما‪.‬‬
‫فلفظة )المقصود الحقيقي(‪ :‬بيان لهم وصف للباعث‪ ،‬مؤثر في الحكم‪ ،‬وهو كونه‪ :‬المقصد الرئيس للمكلف‬
‫وراء ما أقدم عليه من تصرف‪ ،‬وذلك للخراج ما قد يوجد من بواعث أخرى تستفاد من ظاهر التصرف‪.‬‬
‫وتوضيح ذلك في المثال التي‪:‬‬

‫@‪@217‬‬
‫بيع العنب لمن يعلم انه يتخذه عصير خمر‪ ،‬فالمشتري في هذه الصورة له باعثان‪ ،‬ومقصدان على الشراء‪،‬‬
‫فالمقصد الظاهر‪ :‬الرغبة في تملك العنب‪ ،‬وهو مستفاد من ظاهر التصرف‪ ،‬والمقصد الخر‪ :‬اتخاذ العنب‬
‫خمًرا‪ ،‬وهو المقصد الحقيقي من الشراء‪ ،‬وإن لم يعلم إل بالقرائن والحوال‪ .‬فمقصد التملك لن يرد إل لكونه‬
‫وسيلة للتوصل إلى المقصود الحقيقي‪.‬‬
‫عا‪ ،‬وما كان مقصوًدا‬ ‫وأطلق المقصود الحقيقي‪ ،‬المحرك للرادة ـ في التعريف ـ ليعم ما كان مقصوًدا مشرو ً‬
‫غير مشروع‪.‬‬
‫وأما لفظة )غير المباشر(‪ :‬فهو وصف آخر للباعث المقصود يف البحث‪ ،‬إذ أن هناك بواعث حقيقية‬
‫للمكلف‪ ،‬وراء إقدامه على أي تصرف‪ ،‬ول يترتب على وجودها أثر في تغيير الحكم على ذلك التصرف؛‬
‫لنها بواعث مباشرة لذلك التصرف‪ ،‬وبعد وقوع التصرف تكون غايات مقصودة له‪ ،‬وأثًرا من آثاره‬
‫الشرعية‪ .‬والحديث ليس عن هذه البواعث‪ ،‬وإنما عن البواعث غير المباشرة‪.‬‬
‫لـ من مقاصدها الحقيقية المباشرة‪ :‬الرغبة في استئناف الحياة الزوجية‪ ،‬فإذا وجد هذا الباعث‬ ‫فالرجعة ـ مث ً‬
‫الحقيقي فل أثر له في تغيير الحكم؛ لنه الصل‪ ،‬لكن لو كان الباعث الحقيقي للرجل على الرجعة‪ :‬الرغبة‬
‫في الضرار بالمرأة‪ ،‬بتطويل العدة عليها‪ ،‬فهنا يكون للباعث أثر في الحكم على الرجعة‪ ،‬من حيث الصحة‪،‬‬
‫وعدمها من جهة‪ ،‬ومن حيث استمرار المرأة في العدة السابقة أو استئنافها ـ فيما إذا حصل بعد الرجعة‬
‫طلق آخر ـ من جهة أخرى‪.‬‬
‫لن هذا الباعث وهو الرغبة في الضرار بالمرأة مع كونه حقيقّيا فهو غير مباشر‪.‬‬
‫وهذا يحظر بذهن القارئ في هذا الموضع‪ ،‬أن الباعث الحقيقي غير المباشر في هذا المثال‪ ،‬إنما كان له أثر‬
‫ضا لمقصود الشارع‪ ،‬وكل ما‬ ‫في الحكم لكونه مناق ً‬
‫@‪@218‬‬

‫ضا لمقصود الشارع فهو باطل‪ ،‬كما نبه على ذلك الشاطبي رحمه ال بقوله‪":‬كل من ابتغى في‬ ‫كان مناق ً‬
‫تكاليف الشريعة غير ما شرعت له فقد ناقض الشريعة‪ ،‬وكل من ناقضها فعمله في المناقضة باطل‪ ،‬فمن‬
‫ابتغى في التكاليف ما لم تشرع له فعمله باطل"‪#‬الموافقات ‪ 3/27‬و ‪#.28‬‬
‫وليس المر كذلك‪ ،‬بل التأثير في الحكم للباعث الحقيقي غير المباشر‪ ،‬كما يكون للباعث المناقض لمقصود‬
‫ضا لمقصود الشارع‪ .‬ومثال‬ ‫الشارع ـ وهو الصل ـ يكون كذلك للباعث حقيقي غير المباشر وإن لم يكن مناق ً‬
‫ذلك‪:‬‬
‫هبة المرأة صداقها لزوجها بعد ذلك‪#‬وذلك عندي من يرى إعمال الباعث ومراعاته في الحكم‪ .‬انظر‪ :‬قواعد‬
‫ابن رجب = تقرير القواعد وتحرير الفوائد ‪ #.3/100‬لن الباعث لها على الهبة لم يكن مجرد تبرعها‬
‫بالمال للزوج‪ ،‬وإنما كان وراء ذلك باعث حقيقي غير مباشر أل وهو رغبتها في استدامة الحياة الزوجية‪،‬‬
‫وهو كما ترى باعث غير مناقض لمقصود الشارع‪.‬‬
‫وأما لفظة )المحرك لرادة المكلف(‪ :‬فهو بيان للدور الرئيس الذي يقوم به الباعث في تحريك إرادة المكلف‪،‬‬
‫وانبعاثه نحو التصرف‪ ،‬وأنه المحرك الول للرادة‪ ،‬والدافع لها نحو تحقيق العمل‪ ،‬ولم يكن مجرد نتيجة‬
‫طارئة للتصرف حدثت بعد إيقاعه‪ ،‬ومن ثم فإن من الضروري عند النظر في النتائج لتصرف ما‪ ،‬التفريق‬
‫بين ما كان منها ناشًئا عن التصرف دون قصد لها ابتداًء‪ ،‬فل يكون لها تأثير في الحكم‪#‬من حيث الباعث‪،‬‬
‫وأما من حيث النظر إلى المآلت فل فرق في النظر إلى النتائج بين القصد وعدمه‪ ،‬كما هو مبين في أحكام‬
‫سد الذرائع‪ #.‬وبين ما كان منها مقصوًدا للمكلف ابتداًء وباعًثا له نحو التصرف فينبغي أن يكون لها تأثير‬
‫في الحكم‪.‬‬

‫@‪@219‬‬

‫ومن أمثلة ذلك‪ :‬تحليل المطلقة البائن لزوجها‪ ،‬يفرق فيه بين ما إذا كانت هذه النتيجة التي حدثت بعد زواج‬
‫المرأة من رجل آخر‪ ،‬حصلت من غير قصد لها ابتداءً فتحل المرأة لزوجها الول‪ ،‬وبين ما إذا كانت هذه‬
‫النتيجة مقصودة في العقد ابتداًء‪ ،‬بالموطأة‪ ،‬أو النية‪ ،‬فل تحل المرأة بهذا النكاح لزوجها الول‪ ،‬وإن اتفقت‬
‫الصورة في الحالتين ظاهًرا‪#‬انظر‪ :‬بيان الدليل على بطلن التحليل ص ‪ 381‬و ‪#.382‬‬
‫وأما لفظة‪) :‬نحو تصرف ما(‪ :‬فهو بيان لمجال عمل الباعث وأنه التصرفات كلها القولية منها والفعلية‪،‬‬
‫والعقدية وغير العقدية‪ ،‬وهو ما نص عليه ابن القيم في معرض كلمه عن تأثير القصود حيث قال رحمه‬
‫ال‪" :‬وقد تظاهرت أدلة الشرع‪ ،‬وقواعده‪ ،‬على أن المقصود حيث قال رحمه ال‪" :‬وقد تظاهرت أدلة‬
‫الشرع‪ ،‬وقواعده‪ ،‬على أن المقصود في العقود معتبرة‪ ،‬وأنها تؤثر في صحة العقد‪ ،‬وفساده‪ ،‬وحله وحرمته‪،‬‬
‫بل أبلغ من ذلك‪ ،‬وهي أنها تؤثر في صحة العقد‪ ،‬وفساده‪ ،‬وحله وحرمته‪ ،‬بل أبلغ من ذلك‪ ،‬وهي أنها تؤثر‬
‫ل تارة \‪ ،‬وحراًما تارة باختلف النية والقصد‪ ،‬كما‬
‫ل وتحريًما‪ ،‬فيصير حل ً‬ ‫في الفعل الذي ليس بعقد تحلي ً‬
‫حا تارة‪ ،‬وفاسًدا تارة باختلفها"‪#‬إعلم الموقعين ‪ .4/520‬وانظر المعنى نفسه في الموافقات‬ ‫يصير صحي ً‬
‫‪ 3/7‬و ‪#.8‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬علقة الباعث بالنية والقصد‪:‬‬


‫ل ـ‪ :‬النية شرط‬
‫تطلق النية ويراد بها القصد إلى التصرف الذي يراد إيقاعه‪ ،‬ومن ذلك قول الفقهاء ـ مث ً‬
‫لصحة الوضوء‪ .‬فالمراد بالنية هنا القصد إلى الوضوء‪ ،‬وأكثر من يستعمل هذا المعنى‪ :‬الفقهاء في باب‬
‫طا لصحتها‪.‬‬ ‫العبادات‪ ،‬حيث تعد النية شر ً‬
‫وتطلق النية ويراد بها‪ :‬المقصد المنوي للنسان‪ ،‬أو الهدف والغرض الذي يراد تحقيقه من ذلك التصرف‪،‬‬
‫فمقصد المكلف من أي عمل هو‪":‬ما يتغياه المكلف ـ أي يجعله غاية له ـ ويضمره في نيته ويسير نحوه في‬
‫عمله"‪#‬قواعد المقاصد عند المام الشاطبي ص ‪ #.45‬والنية‪ ،‬والقصد‬
‫@‪@220‬‬

‫بهذا المعنى تعني الباعث‪ ،‬والدافع إلى عمل ما‪ .‬ومن ذلك قول الشاطبي‪" :‬قصد الشارع من المكلف‪ :‬أن‬
‫يكون قصده ـ أي‪ :‬نيته ـ من العمل موافًقا لقصده في التشريع"‪#‬الموافقات ‪#.3/23‬‬
‫وأكثر من يستعمل النية بهذا المعنى‪ :‬القضاة‪ ،‬والمفتون في استفسارهم عن المقصود بالعمل ليحكم بصحته‪،‬‬
‫أو فساده‪ ،‬وترتب الثر عليه‪ ،‬أو تخلفه‪ ،‬وكذلك علماء السلوك والخلق‪#‬انظر‪ :‬تحقيق صدق النية عند‬
‫الغزالي ـ مجلة الشريعة والدراسات السلمية في الكويت العدد الثالث عشر‪ ،‬ودستور الخلق في القرآن‬
‫ص ‪#.422‬‬
‫وإلى هذين المعنيين في استعمال النية يشير شيخ السلم ابن تيمية بقوله‪" :‬ولفظ النية يراد بها النوع من‬
‫المصدر‪ ،‬ويراد بها المنوي‪ ،‬واستعمالها في هذا لعله أغلب في كلم العرب"‪#‬مجموع الفتاوى ‪ 18/255‬و‬
‫‪ #.251‬وقوله‪" :‬والنية يعبر بها عن نوع من إرادة‪ ،‬ويعبر بها عن نفس المراد"‪#‬المصدر السابق‬
‫‪#.18/255‬‬
‫والعلقة بين المعنيين تظهر في إدراك أن المكلف إذا قصد تصرًفا من التصرفات‪ ،‬فلبد أن يكون وراء‬
‫قصده لذلك التصرف باعث حركه إليه‪ ،‬وغاية دفعته إلى فعله "إذ كل متحرك بالرادة ل بد له من‬
‫مراد"‪#‬المصدر السابق ‪ #.18/255‬وعلى هذا فعلقة الباعث بالنية بمعناها الول الذي هو القصد إلى‬
‫التصرف علقة سببية إلى حد ما‪ ،‬فالباعث هو السبب المحرك للقصد والنية إلى ذلك التصرف‪ ،‬ومن خلل‬
‫الباعث يمكن الحكم على النية والقصد بالحسن أو السوء‪.‬‬
‫ويبين الغزالي هذه الحقيقة بقوله‪" :‬فالنية عبارة عن الصفة المتوسطة‪ ،‬وهي الرادة‪ ،‬وانبعاث النفس بحكم‬
‫الرغبة‪ ،‬والميل إلى ما هو موافق للغرض‪ ،‬إما في‬
‫@‪@221‬‬
‫الحال‪ ،‬وإما المآل‪ .‬فالمحرك الول هو الغرض المطلوب‪ ،‬وهو الباعث‪ ،‬والغرض الباعث هو المقصد‬
‫المنوي‪ ،‬والنبعاث هو القصد والنية‪ ،‬وانتهاض القدرة لخدمة الرادة بتحريك العضاء في العمل‪#"...‬إحياء‬
‫علوم الدين ‪#.4/365‬‬
‫وعلى هذا فالنية بمعنى الباعث على العمل تتقدم القصد إلى العمل من حيث العلم والقصد‪ ،‬ولكنها من حيث‬
‫الوجود تعقبه وتأتي بعده‪ ،‬وقد قرر ذلك شيخ السلم في معرض ذكره لشبه مجيزي نكاح التحليل فقال‪:‬‬
‫"المقاصد في القوال‪ ،‬والفعال‪ ،‬هي عللها التي هي غايتها ونهايتها‪ ،‬وهذه العلل التي هي الغايات هي‬
‫متقدمة في العلم والقصد‪ ،‬متأخرة في الوجود والحصول‪ ،‬ولهذا يقال‪ :‬أول الفكرة آخر العمل‪ ،‬وأول البغية‬
‫آخر الدرك"‪#‬بيان الدليل على بطلن التحليل ص ‪#.165‬‬
‫ومن المثلة التي توضح ذلك‪ :‬عقد النكاح‪ ،‬فإن الرجل فيه قاصد نكاح المرأة‪ ،‬والعقد عليها‪ ،‬ولكن غايته من‬
‫ذلك النكاح‪ ،‬والباعث الذي حركه إليه‪ ،‬يختلف من شخص لخر‪ ،‬فقد يكون باعثه على ذلك الطمع في مالها‪،‬‬
‫أو الرغبة في جمالها‪ ،‬وقد يكون باعثه تحصيل السكن‪ ،‬والمودة والستمتاع المشروع‪ ،‬وقد يكون باعثه‬
‫السعي لتحليلها لمن بانت منه‪ ،‬فهذه البواعث هي التي كانت تقف وراء قصد الرجل للنكاح‪ ،‬وهي من حيث‬
‫العلم بها وقصدها‪ ،‬متقدمة على قصد العقد على المرأة‪ ،‬ولكنها متأخرة عنه من حيث الحصول والوجود‪ ،‬بل‬
‫هي أثر من آثاره‪.‬‬
‫@‪@222‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬مكانة الباعث ومنزلته‪:‬‬
‫للبواعث والمقاصد أهمية كبرى‪ ،‬ومنزلة عظمى‪ ،‬عند النظر إلى تصرفات المكلفين‪ ،‬ومعاملتهم‪ ،‬وتتضح‬
‫هذه الهمية من خلل الوجوه التية‪:‬‬
‫حا أو فاسًدا‪ ،‬وطاعة أو‬
‫ل أو حراًما‪ ،‬وصحي ً‬‫الوجه الول‪ :‬إن البواعث‪ ،‬والمقاصد تجعل الشيء الواحد حل ً‬
‫معصية باختلف القصد والباعث على ذلك المر سواء كان ذلك الشيء عقًدا أم غيره من التصرفات‪،‬‬
‫"فعصر العنب بنية أن يكون خمًرا معصية ملعون فاعله على لسان رسول ال صلى ال عليه وسلم‪،‬‬
‫سا جائز‪ ،‬وصورة الفعل واحدة‪ ،‬وكذا السلح يبيعه الرجل لمن يعرف أنه يقتل‬ ‫ل أو دب ً‬
‫وعصره بأن يكون خ ّ‬
‫به مسلًما حرام باطل؛ لما فيه من العانة على الثم والعدوان‪ ،‬وإذا باعه لمن يعرف أنه يجاهد به في سبيل‬
‫ال فهو طاعة‪ ،‬وقربة"‪#‬إعلن الموقعين ‪ .4/520‬وانظر‪ :‬بيان الدليل على بطلن التحليل ص ‪،58‬‬
‫والموافقات ‪#.3/8‬‬
‫عا‪ ،‬وأما‬‫ل مشرو ً‬‫والرجعة إذا كان الباعث عليها الرغبة في استئناف الحياة الزوجية‪ ،‬واستمرارها كانت عم ً‬
‫ل محرًما يوقع صاحبه‬ ‫إذا كان الباعث عليها الرغبة في إضرار المرأة بتطويل عدتها‪ ،‬فإنها تكون حينئذ عم ً‬
‫في مغبة الظلم‪ ،‬واتخاذ آيات ال هزًوا‪.‬‬
‫وكان الشأن في سائر المور‪ ،‬حتى المسائل الخلقية‪ ،‬والسلوكية‪ ،‬فالحق الواحد تكون صورته واحدة‪ ،‬وهو‬
‫ينقسم إلى محمود‪ ،‬ومذموم‪ ،‬ومرد التفريق في ذلك‪ :‬القصد‪ ،‬قال ابن القيم‪" :‬والفرق بين الهدية والرشوة وإن‬
‫اشتبها في الصورة‪ :‬القصد؛ فإن الراشي قصده بالرشوة‪ :‬التوصل إلى إبطال حق‪ ،‬أو تحقيق باطل‪ ،‬فهذا‬
‫الراشي الملعون على لسان رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪ ،‬فإن رشا لدفع الظلم عن نفسه‪ ،‬اختص‬
‫المرتشي وحده باللعنة‪ ،‬وأما المهدي‬
‫@‪@223‬‬
‫فقصده استجلب المودة‪ ،‬والمعرفة‪ ،‬والحسان‪ ،‬فإن قصد المكافأة فهو معارض‪ ،‬وإن قصد الربح فهو‬
‫مستكثر"‪#‬الروح ‪" #.2/715‬فمقصد المكلف في الفعل يحدد في كثير من المور الحكم الذي يترتب على‬
‫ذلك الفعل"‪#‬قواعد المقاصد عند المام الشاطبي ص ‪#.424‬‬
‫صف التصرف‪ ،‬بل ل بد مع ذلك النظر إلى‬ ‫وعلى هذا فصورة التصرف المشاهدة ليست وحدها التي ُتَو ّ‬
‫الباعث وراء ذلك التصرف‪ ،‬كما نص على ذلك العزي بقوله‪" :‬إن الصور الحسية التي توجد في الخارج‬
‫لي أمر من المور‪ ،‬ل تأخذ حكمها شرعّيا بالستناد إلى محسوسيتها فقط‪ ،‬بل النضمام للمقصود والغرض‬
‫الذي هو الحامل على إيقاع تلك الصورة"‪#‬شرح الدلة الصلية على مجلة الحكام العدلية ‪#.1/8‬‬
‫وينشأ عن هذا الوجه في تقرير أهمية الباعث‪:‬‬
‫الوجه الثاني‪ :‬وهو أن قبول العمال عند ال عز وجل‪ ،‬وترتب الثواب عليها‪ ،‬يدور ـ مع موافقة الشريعة ـ‬
‫على ما يقوم بقلب العبد من صلح المقصد‪ ،‬وسلمة الباعث‪ ،‬فكلما أحسن العبد مقصده‪ ،‬وصحح باعثه على‬
‫العمل‪ ،‬كان ذلك سبًبا لقبول عمله‪ ،‬ومضاعفة أجره وثوابه‪ ،‬وفي مقابل ذلك‪ :‬حبوط العمل‪ ،‬وحرمان الجر‬
‫نتيجة كل عمل حمل العبد عليه باعث سيئ‪ ،‬ودفعه إليه مقصد دنيء‪.‬‬
‫أرأيت إلى رب المال الذي يملك النصاب‪ ،‬يوم يطالب بالزكاة‪ ،‬فيخرج القدر الواجب‪ ،‬ويحمله على ذلك طلب‬
‫مدح الناس وثناؤهم‪ ،‬أو الخوف من عقوبة السلطان‪ ،‬وذم الناس له‪ ،‬ووصفهم إياه بالبخل ل غير‪ ،‬أينا على‬
‫إخراجه زكاة ماله الجر‪ ،‬والثواب؟‬

‫@‪@224‬‬
‫وذلك الرجل الذي ل يحمله على النفاق على زوجه‪ ،‬وولده إل خوفه من الناس أتراه مأجور على نفقته؟‬
‫والرجلن يقفان في الصف الواحد‪ ،‬ملتصقي المناكب والقدام‪ ،‬يصليان الصلة الواحدة‪ ،‬خلف إمام واحد‪،‬‬
‫والفرق بينهما في ثواب الصلة وأجرها كما بين السماء والرض‪ ،‬بناء على ما قام بقلبيهما من باعث‬
‫ومقصد‪.‬‬
‫ولهذا تكاثرت النصوص القرآنية‪ ،‬والنبوية في الحث على الهتمام بتصحيح المقاصد‪ ،‬والبواعث‪ ،‬أثناء قيام‬
‫المكلف بأداء العبادات‪ ،‬وذلك بأن يكون باعثه على ذلك‪ :‬ابتغاء مرضات ال وطلب ثوابه‪.‬‬
‫قال ال تعالى‪) :‬من كان يريد حرث الخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في‬
‫الخرة من نصيب( [ الشورى‪.]20 :‬‬
‫وقال عز وجل‪) :‬وما تنفقون إل ابتغاء وجه ال( [ البقرة‪.]272 :‬‬
‫قال ابن كثير بعد أن ذكر أقوال السلف في تأويل الية‪" :‬وحاصله أن المتصدق إذا تصدق ابتغاء وجه ال فقد‬
‫وقع أجره على ال‪ ،‬ول عليه في نفس المر لمن أصاب ألبر أو فاجر‪ ،‬أو مستحق‪ ،‬أو غيره‪ ،‬وهو مثاب‬
‫على قصده"‪#‬تفسير ابن كثير ‪#.1/324‬‬
‫وفي الحديث قوله صلى ال عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص ـ رضي ال عنه ـ‪" :‬إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها‬
‫وجه ال إل أجرت عليها"‪#‬رواه البخاري واللفظ له ـ الفتح ـ ‪ ،]56 [ 1/165‬ومسلم ‪.]1628 [ 3/1250‬‬
‫وإذا كان ذلك في العبادات والتكاليف الواجبة على المسلم‪ ،‬فإن المر كذلك في معاملته مع الخرين‪ ،‬مما‬
‫ليس بواجب عليه حتى في مناظراته‪،‬‬
‫@‪@225‬‬
‫ومحاوراته‪ ،‬ونقاشه وجداله‪ .‬قال العز بن عبد السلم‪" :‬إن قيل‪ :‬هل يثاب المتناظران على المناظرة أم ل؟‬
‫قلنا‪ :‬إن قصد كل واحد بمناظرته إرشاد خصمه إلى ما ظهر له من الحق‪ ،‬فهما مأجوران على قصدهما‪،‬‬
‫وتناظرهما؛ لنهما متسببان إلى إظهار الحق‪ ،‬وإن قصد كل واحد منهما أن يظهر على خصمه‪ ،‬ويغلبه‪،‬‬
‫سواء أكان الحق معه‪ ،‬أو مع خصمه فهما آثمان‪ ،‬وإن قصد أحدهما الرشاد‪ ،‬وقصد الخر العناد‪ ،‬أجر‬
‫قاصد الرشاد‪ ،‬وأثم قاصد العناد"‪#‬قواعد الحكام ‪ ،1/196‬و ‪#.197‬‬
‫بل المر يتجاوز ذلك إلى ما يفعله المكلف من المباحات‪ ،‬فإن للباعث تأثيًرا عظيًما عليها؛ حيث ينقلها‬
‫الباعث الحسن‪ ،‬والمقصد الصالح من دائرة المباحات إلى دائرة القربات‪ ،‬والطاعات التي يجزى عليها‬
‫بالحسنات‪.‬‬
‫قال القرطبي‪" :‬النيات الصادقات‪ ،‬تصرف المباحات إلى الطاعات"‪#‬المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم‬
‫‪ .3/52‬وانظر‪ :‬مدارج السالكين ‪ ،1/108‬والشباه والنظائر لبن نجيم ص ‪ ،24‬ومقاصد المكلفين ص‬
‫‪ 491‬ـ ‪ #.498‬وذلك متى ما قصد المكلف بمباشرة المباح‪ :‬التقوي على الطاعة‪ ،‬والستعانة على العبادة‪.‬‬
‫ويلخص القرطبي ـ رحمه ال ـ اثر الباعث في العبادات‪ ،‬بكلم متين فيقول‪" :‬فالملخص في عباداته هو الذي‬
‫يخلصها من شوائب الشرك والرياء‪ ،‬وذلك ل يتأتى له إل بأن يكون الباعث له على عملها قصد التقرب إلى‬
‫ال تعالى‪ ،‬وابتغاء ما عنده‪ .‬فأما إذا كان الباعث عليها غير ذلك من أعراض الدنيا‪ ،‬فل يكون عبادة‪ ،‬بل‬
‫يكون مصيبة موبقة لصاحبها‪ ،‬فإما كفر وهو‪ :‬الشرك الكبر‪ ،‬وإما رياء وهو‪ :‬الشرك الصغر‪ .‬ومصير‬
‫صاحبه إلى النار‪#"...‬المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم ‪ .3/742‬وانظر مواهب الجليل ‪ 2/532‬ـ‬
‫‪#.534‬‬
‫الوجه الثالث‪ :‬إن مقاصد الشريعة الخاصة من شرع الحكام‪ ،‬ل يمكن تحقيقها إل إذا صحت مقاصد‬
‫المكلفين‪ ،‬وبواعثهم عند تطبيق الحكام نفسها‪،‬‬
‫@‪@226‬‬
‫وأما إذا اقترن بالتطبيق بواعث سيئة‪ ،‬ومقاصد فاسدة من قبل المكلف‪ ،‬فإن ما أراده الشارع من مقاصد‪ ،‬من‬
‫ل إنما شرعها ال عز وجل من أجل إعادة الحياة الزوجية‬ ‫شرعه لذلك الحكم‪ ،‬ل يمكن تحقيقها‪ ،‬فالرجعة مث ً‬
‫إلى وضعها السليم‪ ،‬حيث يتحقق الصلح المنشود في قوله تعالى‪) :‬وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا‬
‫حا( [ البقرة‪ ] 228 :‬وهذا المقصد الشرعي ل يمكن تحقيقه إل إذا كان باعث الزواج على الرجعة‬ ‫إصل ً‬
‫الرغبة في الصلح‪ ،‬وأما إذا كان باعثه على الرجعة السعي للضرار بالمرأة‪ ،‬فحينئذ يعود هذا المقصد‬
‫على قصد الشارع باللغاء والبطلن‪#‬انظر‪ :‬بيان الدليل على بطلن التحليل ص ‪ 86‬و ‪ ،384‬وسبل السلم‬
‫‪#.3/455‬‬
‫والنكاح نفسه إنما شرع لمقاصد شرعية عظيمة من‪ :‬حصول السكن والزدواج بين الزوجين بالستمتاع‪،‬‬
‫والصلة‪ ،‬والعشرة والصحبة‪ ،‬فإذا ما كان باعث المكلف على النكاح تحليل المرأة لزوجها‪ ،‬أو نكاح المرأة‬
‫على سبيل المتعة وقًتا محدًدا في العقد‪ ،‬فإن شيًئا من مقاصد الشارع في عقد النكاح لن يتحقق ‪#‬انظر‪ :‬بيان‬
‫الدليل على بطلن التحليل ص ‪ 385‬و ‪ ،407‬ومقاصد الشريعة عند المام العز بن عبد السلم ص ‪#.304‬‬
‫وبهذا يظهر الترابط القوي‪ ،‬والصلة الوثيقة‪ ،‬بين مقاصد الشارع‪ ،‬ومقاصد المكلف‪ ،‬وكيف أن مقاصد‬
‫الشارع ل تتحقق إل في ظل مقاصد المكلف الصحيحة‪ ،‬وأن بواعث المكلف السيئة‪ ،‬هادمة لمقاصد‬
‫الشريعة‪ ،‬كما يقول الشاطبي رحمه ال‪#‬انظر‪ :‬الموافقات ‪ #.3/122‬وقتل لروحها على حد تعبير د‪ .‬محمد‬
‫دراز‪#‬انظر‪ :‬دستور الخلق في القرآن ص ‪#.550‬‬
‫وبهذه الوجوه الثلثة ونحوها يتجلى ما للبواعث‪ ،‬والمقاصد من الهمية‪ ،‬والمكانة التي تجعل من المتعين‬
‫على المفتين‪ ،‬والقضاة مراعاة مقاصد المكلفين‬
‫@‪@227‬‬
‫وبواعثهم‪ ،‬فيما يعرض عليهم من مسائل وأقضية؛ حتى ل يترتب على إغفالها تصحيح ما هو فاسد‪ ،‬أو‬
‫إفساد ما هو صحيح‪ ،‬أو إثبات حق أو نفيه‪ ،‬أو اللزام بما ل يلزم‪ ،‬وفي هذا من الفساد ما فيه‪.‬‬
‫ورحم ال ابن القيم إذ يقول منبًها الفقيه إلى ضرورة النظر إلى مقاصد المكلف‪ ،‬وبواعثه‪ ،‬والحذر من إغفال‬
‫ذلك وإهماله‪" :‬فإياك أن تهمل قصد المتكلم‪ ،‬ونيته‪ ،‬وعرفه فتجني عليه وعلى الشريعة‪ ،‬وتنسب إليها ما هي‬
‫بريئة منه‪ ...‬ففقيه النفس يقول‪ :‬ما أردت‪ .‬ونصف الفقيه يقول‪ :‬ما قلت"‪#‬إعلن الموقعين ‪#.4/433‬‬
‫بل إن مما يتأكد على المفتين‪ ،‬والعلماء‪ ،‬وطلبة العلم‪ ،‬الحرص على تنبيه الناس إلى ضرورة تصحيح‬
‫المقاصد‪ ،‬والبواعث‪ ،‬بحيث يكون ما يحملهم على إيقاع العقود‪ ،‬والمعاملت‪ ،‬وسائر أنواع التصرفات‬
‫بواعث ومقاصد حسنة‪ ،‬موافقة للشرع‪،‬وتحذيرهم من كل ما يناقض الشرع ويعارضه من المقاصد‪،‬‬
‫والبواعث حتى تصح لهم تصرفاتهم‪ ،‬وتقبل منهم أعمالهم‪ ،‬فإنه لو قدر أن صاحب المقصد السيئ والباعث‬
‫الدنيء أقدم بذلك على تصرف ما‪ ،‬وصحح التصرف بناء على صورته الظاهرة‪ ،‬فليعلم أن يوم القيامة‬
‫"تجري أحكام الرب جل جلله هناك على المقصود والنيات‪ ،‬كما جرت أحكامه في هذه الدار على ظواهر‬
‫القوال‪ ،‬والحركات"‪#‬إعلم الموقعين ‪ .5/74‬وانظر‪ :‬بيان الدليل ص ‪ #.431‬وال سبحانه وحده المطلع‬
‫على السرائر والنيات‪.‬‬
‫@‪@228‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬أقسام البواعث‪:‬‬
‫ينقسم الباعث إلى عدة أقسام باعتبارات مختلفة‪ ،‬وفيما يلي بيان لهذه القسام مع التمثيل لها‪ ،‬والشارة إلى ما‬
‫له علقة بالبحث مما ليس كذلك من خلل المطالب التية‪:‬‬
‫المطلب الول‪ :‬أقسام الباعث باعتبار مناقضته لقصد الشارع أو باعتبار المشروعية وعدمها‪:‬‬
‫ينقسم الباعث بهذا العتبار إلى قسمين‪:‬‬
‫القسم الول‪ :‬باعث مناقض لقصد الشارع‪ ،‬فهو بهذا الوصف باعث غير مشروع‪ ،‬وضابطه‪ :‬كل"من قصد‬
‫أن يعقد ـ عقًدا ـ ليفسخ‪ ،‬ل لغرض في المعقود عليه‪ ،‬أو قصد منفعة محرمة بالعقود وعليه فهذا قصد ما‬
‫ينافي العقد أو الشرع‪ ،‬فلهذا أثر في العقد"‪#‬بيان الدليل على بطلن التحليل ص ‪#.431‬‬
‫ومثال هذا النوع من البواعث‪ :‬النكاح بنية التحليل‪ ،‬وقد وضح ابن تيمية وجه المناقضة في هذا العقد بقوله‪:‬‬
‫"مثل المحلل الذي ل يقصد مقصود النكاح‪ ،‬من اللفة والسكن التي بين الزوجين‪ ،‬وإنما يقصد نقيض النكاح‪،‬‬
‫وهو الطلق لتعود إلى الول‪ ،‬فقصد المحلل في الحقيقة ليس بقصد الشارع؛ فإنه إنما قصد الرد على الول‪،‬‬
‫وهذا لم يقصده الشارع فقد قصد ما لم يقصده الشارع‪ ،‬ولم يقصد ما قصده‪ ،‬فيجب إبطال قصده بإبطال‬
‫وسيلته"‪#‬بيان الدليل على بطلن التحليل مع تقديم وتأخير ص ‪#.116‬‬
‫وبهذا ظهر أن نكاح المحل إنما بطل لن ال عز وجل جعل " النكاح سبًبا لملك البضع‪ ،‬وحل الوطء‪،‬‬
‫والمحلل مناقض‪ ،‬معاكس‪ ،‬لشرع ال تعالى ودينه‪ ،‬فإنه جعل نكاحه سبًبا لتمليك المطلق البضع وإحلله له‪،‬‬
‫ولم يقصد بالنكاح ما‬
‫@‪@229‬‬
‫شرعه ال له من ملكه هو للبضع‪ ،‬وحله له‪ ،‬ول له غرض في ذلك‪ ،‬ول دخل عليه‪ ،‬وإنما قصد به أمًرا آخر‬
‫ل عن شيخ السلم رحمه ال في‬ ‫لم يشرع له ذلك السبب‪ ،‬ولم يجعل طريًقا له"‪#‬إغاثة اللهفان ‪ 1/420‬نق ً‬
‫ذكر الفروق بين نكاح التحليل ونكاح المتعة‪ .‬ولم أجده في بيان الدليل على بطلن نكاح التحليل‪ .‬وانظر‬
‫كذلك المصدر نفسه ‪#.2/115‬‬
‫ومن وجه آخر‪ :‬مقصود الشارع من النكاح‪ :‬التناسل‪ ،‬ودوام الستمتاع والعشرة والصحبة‪ ،‬والمودة‪،‬‬
‫ل قصده‪ :‬الفراق والنقطاع‪ ،‬وفسخ العقد ورفعه‪ ،‬ل غير‪ ،‬فتناقض القصدان‪.‬‬ ‫والرحمة‪ ،‬والسكن‪ .‬والناكح تحلي ً‬
‫وإن كانت هذه المقاصد في نكاح التحليل قد تقع في النكاح الصحيح‪ ،‬لكن فرق بين اتصال يقبل النقطاع‪،‬‬
‫واتصال يقصد به النقطاع ابتداًء‪ ،‬كما قال ابن تيمية رحمه ال‪#‬انظر‪ :‬بيان الدليل على بطلن التحليل ص‬
‫‪#.381‬‬
‫ومن وجه آخر‪ :‬مقصود الشارع من النكاح‪ :‬التناسل ودوام الستمتاع والعشرة والصحبة‪ ،‬والمودة‪،‬‬
‫ل قصده‪ :‬الفراق والنقطاع‪ ،‬وفسخ العقد ورفعه‪ ،‬ل غير‪ ،‬فتناقض القصدان‪.‬‬ ‫والرحمة‪ ،‬والسكن‪ .‬والناكح تحلي ً‬
‫وإن كانت هذه المقاصد في نكاح التحليل قد تقع في النكاح الصحيح‪ ،‬لكن فرق بين اتصال يقبل النقطاع‪،‬‬
‫واتصال يقصد به النقطاع ابتداء‪ ،‬كما قال ابن تيمية رحمه ال‪#‬انظر‪ :‬بيان الدليل على بطلن التحليل ص‬
‫‪#.381‬‬
‫ومثال آخر على ذلك‪ :‬الرجعة بقصد الضرار‪ ،‬فإن ال عز وجل إنما أباح الرجعة لمن قصد الصلح كما‬
‫حا([ البقرة‪ ]228 :‬فمتى ما قصد المراجع‬ ‫في قوله تعالى‪) :‬وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصل ً‬
‫بالرجعة الضرار بالزوجة‪ ،‬بإطالة أمد العدة عليها‪ ،‬وذلك "بأن يطلقها‪ ،‬ثم يمهلها حتى تشارف انقضاء‬
‫العدة‪ ،‬ثم يرتجعها‪ ،‬ثم يطلقها فتصير العدة تسعة أشهر"‪#‬بيان الدليل على بطلن التحليل ص ‪ #.381‬فقد‬
‫ناقض الشرع في ذلك؛ لنه لم يرد ما أراده ال من الصلح؛ بل أراد المضارة‪ .‬وأما لو وقع ذلك من غير‬
‫قصد منه‪ ،‬فإن ذلك الفعل ل يحرم‪ .‬قال شيخ السلم‪" :‬ومعلوم أن الفعل لو وقع اتفاًقا من غير قصد منه‪ ،‬بأن‬
‫يرتجعها راغًبا فيها‪ ،‬ثم يبدو له فيطلقها‪ ،‬ثم يبدو لها فيرتجعها راغًبا‪ ،‬ثم يبدو لها فيطلقها‪ ،‬لم يحرم ذلك‬
‫عليه"‪#‬بيان الدليل على بطلن التحليل ص ‪ 381‬و ‪ .382‬وانظر‪ :‬إعلم الموقعين ‪ 4/533‬وإغاثة اللهفان‬
‫‪ 2/115‬والموافقات ‪ 3/139‬و ‪#.140‬‬

‫@‪@230‬‬

‫والفرق بين الصورتين الباعث على المراجعة‪ ،‬فلما كان في الصورة الولى باعثه على المراجعة‪ :‬المضارة‬
‫بالمرأة‪ ،‬حرم ذلك عليه‪ ،‬ولما تغير الباعث في الصورة الثانية‪ ،‬فكان باعثه على المراجعة‪ :‬الرغبة في‬
‫المرأة‪ ،‬لم يحرم ذلك التصرف عليه‪ .‬ولهذا كان هذا القسم من أقسام الباعث مما له علقة قوية بالبحث‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬باعث غير مناقض لقصد الشارع‪ ،‬فهو بهذا الوصف باعث مشروع‪ ،‬فإن كان لمراعاته أثر‬
‫ل في مسائل البحث‪،‬وإن لم يكن كذلك‪ ،‬لم يكن لمراعاته والنظر إليه فائدة‬ ‫في الحكم وجب إعماله‪ ،‬وكان داخ ً‬
‫في تقرير الحكم‪.‬‬
‫فمثال الول‪ :‬هبة المرأة صداقها لزواجها إذا سألها ذلك‪ ،‬إذ الباعث لها على الهبة‪ ،‬وإنما هو الرغبة في‬
‫استدامة المودة في الحياة الزوجية‪ ،‬وهو باعث غير مناقض لمقصود الشارع‪ ،‬بل هو من مقاصده في شرعه‬
‫ل للباعث الذي دفعها لهبة صداقها إلى‬ ‫الهبة‪ ،‬فإذا ما طلقت المرأة بعد ذلك جاز لها الرجوع في هبتها إعما ً‬
‫زوجها‪ ،‬فلما انتفى الباعث انتفت الهدية فهي تدور معه وجوًدا وعدًما‪ .‬ولهذا قرر الفقهاء قاعدة في هذا الباب‬
‫ونصها‪" :‬السباب والدواعي‪ ،‬للعقود والتبرعات معتبرة"‪ .‬فإذا "عقد العاقد عقًدا أو تبرع بشيء‪ ،‬وهنا داع‬
‫وحامل حمله على ذلك اعتبرنا ذلك الذي حمله؛ لن العمال بالنيات والمور بمقاصدها"‪#‬القواعد والصول‬
‫الجامعة والفروق والتقاسيم البديعة النافعة ص ‪#.186‬‬
‫ومثال الثاني‪ :‬ما لو كان الباعث على النكاح ليس المقصود الصلي منه‪ ،‬وهو لتناسل كما يقرر الشاطبي‬
‫رحمه ال‪ ،‬وإنما الباعث عليه مقاصد تبعية أخرى من طلب السكن‪ ،‬والتعاون على المصالح الدنيوية‬
‫والخروية‪ ،‬والنظر إلى ما خلق ال من المحاسن في النساء‪ ،‬والتجمل بمال المرأة‪ ،‬ونحوها من المقاصد‬
‫التي‬
‫@‪@231‬‬

‫ليس فيها مناقضة للمقصود الشرعي الصلي من النكاح‪ ،‬بل يحصل منها تقوية وتثبيت للمقصد الرئيس‪.‬‬
‫فالنكاح من أجل هذه البواعث سائغ‪ ،‬بل قصد التسبب له حسن‪#‬انظر بيان الدليل على بطلن التحليل ص‬
‫عا‪ ،‬لكنها ل‬‫‪ ،166‬والموافقات ‪ #.3/139‬؛ لن هذه البواعث وإن لم تكن من المقاصد الرئيسة للنكاح شر ً‬
‫تخالف‪ ،‬بل تلئمه ‪#‬انظر‪ :‬المدخل للفقه السلمي ص ‪#.353‬‬
‫قال شيخ السلم‪" :‬وبهذا يظهر الجواب عن المقاصد الفرعية في النكاح مثل‪ :‬مصاهرة الهل‪ ،‬وتربية‬
‫الخوات‪ ،‬فإن تلك المقاصد ل تنافي النكاح‪ ،‬بل تستدعي بقاءه‪ ،‬ودوامه‪ ،‬فهي مستلزمة لحصول موجب‬
‫العقد"‪#‬بيان الدليل على بطلن التحليل ص ‪#.171‬‬
‫ل في دائرة التحليل المحرم‬‫فمثل هذا النكاح بهذه البواعث الفرعية‪ ،‬التبعية‪ ،‬لو حصل بعده فراق لم يكن داخ ً‬
‫ل‪.‬‬
‫عا بوجه من الوجوه‪ .‬ومن ثم تحل المرأة بعده لمن أبانها أو ً‬‫شر ً‬
‫المطلب الثاني‪ :‬أقسام الباعث باعتبار تأثيره في الحكم‪:‬‬
‫ينقسم الباعث بهذا العتبار إلى قسمين‪:‬‬
‫القسم الول‪ :‬باعث مؤثر في الحكم‪ ،‬سواء أكان تأثيره من أجل مناقضته لمقصود الشارع أم ل‪ ،‬فهذا النوع‬
‫من البواعث يجب إعماله عند النظر إلى الواقع‪ ،‬على نحو ما تقدم قريًبا في التقسيم الول‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬باعث غير مؤثر في الحكم‪ ،‬فل يلتفت إليه‪ ،‬ول يعول عليه عند تقرير الحكام على النوازل‪.‬‬
‫ومثال ذلك‪ :‬ما يسمى بقتل الرحمة‪ ،‬إذا أقدم عليه الطبيب‪ ،‬أو الممرض مع مريضهما‪.‬‬
‫@‪@232‬‬

‫ومثال السرقة من أجل الصدقة بالمال المسروق‪.‬‬


‫فهذه البواعث وإن كانت في نفسها شريفة‪ ،‬إل أن العقوبة معها للجاني ل تختلف عمن كان باعثه دنيًئا على‬
‫القتل أو السرقة‪ ،‬كالقتل العمد العدوان‪ ،‬والسرقة بقصد تملك أموال الخرين‪.‬‬
‫والقاعدة العامة في هذا الباب‪ :‬عدم اللتفات لهذه البواعث في الجنايات الموجبة للقصاص‪ ،‬أو الحد متى‬
‫عا‪ ،‬شرعت لحماية النفس‪ ،‬والموال‪ ،‬والعراض المعصومة‪،‬‬ ‫توفرت شروطها؛ لنها عقوبات مقدرة شر ً‬
‫عا من العقوبة‪ ،‬ولم يكن الباعث الشريف ـ إن وجد ـ‬ ‫فمتى ما اعتدي عليها استحق المعتدي ما قدر عليه شر ً‬
‫ل عن إسقاطها‪.‬‬‫غا لتخفيف العقوبة‪ ،‬فض ً‬
‫مسو ً‬
‫وأما تلك الجنايات الموجبة للتعزيز‪ ،‬فأمام القاضي نظر فسيح في اختيار العقوبة التعزيزيزية المناسبة‬
‫تشديًدا‪ ،‬وتخفيًفا‪ ،‬حسبما يؤدي إليه اجتهاده في النظر إلى الظروف والحوال التي احتفت بارتكاب الجناية‬
‫ومنها‪ :‬الباعث الدافع على القدام تلك الجناية‪#‬انظر‪ :‬التشريع الجنائي السلمي ‪ 1/411‬ـ ‪ 413‬و ‪،2/83‬‬
‫والجنايات في الفقه السلمي ص ‪ ،134‬والظروف المشددة والمخففة في عقوبة التعزير في الفقه السلمي‬
‫ص ‪ 364‬ـ ‪#.368‬‬
‫وللقاضي مستند شرعي في تحديد العقوبة المناسبة باعتبار الباعث الذي حمل على الجناية‪ ،‬كما هو الحال‬
‫في تنويع العقوبة الشرعية على جريمة الحرابة‪ .‬حيث ذهب جماعة من المحققين إلى أن العقوبات‬
‫المنصوص عليها في قوله تعالى‪) :‬إنما جزاء اللذين يحاربون ال ورسوله ويسعون في الرض فساًدا أن‬
‫يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلف أو ينفوا من الرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في‬
‫الخرة عذاب عظيم( [ المائدة‪ ]33 :‬إنما تنوعت بحسب البواعث الحاملة على الحرابة‪ :‬فإن الباعث على‬
‫الحرابة الراغبة في إزهاق‬
‫@‪@223‬‬

‫النفوس‪ ،‬وأخذ المال كانت العقوبة بفعل ذلك القتل مع الصلب‪ .‬وإن كان الباعث على الحرابة إزهاق النفوس‬
‫كانت العقوبة لمن حصل منه ذلك القتل وحده دون الصلب‪ ،‬وإن كان الباعث للمحارب على الحرابة أخذ‬
‫المال فإن عقوبته قطع يده اليمنى ورجله اليسرى‪ ،‬وأما إذا كان الباعث إخافة الناس وقطع السبيل دون‬
‫تعرض للنفوس والموال فإن عقوبته حينئذ النفي من الرض"‪#‬انظر‪ :‬المغني ‪ 12/477‬ـ ‪ ،482‬والسياسة‬
‫الشرعية ص‪#.232 :‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬أقسام الباعث باعتبار أثره‪:‬‬
‫ذكرت فيما سبق أن هناك بواعث مؤثرة في الحكم‪ ،‬وأخرى غير مؤثرة‪ ،‬وفي هذا المطلب سأذكر أقسام‬
‫الباعث المؤثر في الحكم‪ ،‬من حيث نوع ومجال تأثيره في الحكم‪.‬‬
‫والقاعدة العامة أنه متى ما كان الثر الذي يحدثه إعمال الباعث وراء التصرف إبطال التصرف نفسه‪ ،‬فإن‬
‫هذا البطال عود على التصرف حسب المكان‪ ،‬فإن أمكن إبطال التصرف في حق جميع أطراف التصرف‪،‬‬
‫ومن جميع وجوهه كان هذا هو المراد‪ ،‬وإل أبطل ما أمكن إبطاله ورفعه من وجوه ذلك التصرف‪ ،‬وحق من‬
‫أمكن البطال في حقه في أطراف التصرف‪.‬‬
‫ومن ثم فإن الباعث المؤثر في التصرف على وجه البطال له ينقسم إلى عدة أقسام‪#‬انظر ما يفيد هذا التقسيم‬
‫في بيان الدليل على بطلن التحليل ص ‪ 269‬ـ ‪ #.275‬وهو ما سأبينه في الفروع التية‪:‬‬
‫الفرع الول‪:‬‬
‫ينقسم الباعث من حيث إبطال التصرف في حق أطراف التصرف إلى‬
‫@‪@234‬‬

‫القسم الول‪ :‬باعث يترتب على إعماله بطلن التصرف في حق جميع أطراف التصرف‪ ،‬ومثال ذلك‪ :‬مل‬
‫لو تواطأ المحلل والمحللة على التحليل‪ ،‬فإن العقد باطل ظاهًرا وباطًنا في حقهما جميًعا‪ ،‬فل يحل لكل منهما‬
‫تمكين الخر من الستمتاع‪ ،‬ولو مات أحدهما لم يرثه الخر‪ .‬ومثله‪ :‬ما لو وهب إنسان ماله إضراًرا بورثته‬
‫لخر‪ ،‬وعلم الموهوب له بقصد الواهب‪ ،‬فإن الهبة في حق الواهب باطلة‪ ،‬وهو آثم على قصده ذلك‪ ،‬وهي‬
‫كذلك في حق الموهوب له العالم بقصد الواهب باطلة كذلك ظاهًرا وباطًنا‪ ،‬فل يحق له التصرف فيما وهب‬
‫له بأي نوع من أنواع التصرف‪ ،‬بل يجب عليه رد المال إلى مستحقه‪ ،‬الذي كان يجب أن يؤول إليه لول هذه‬
‫الهبة الباطلة‪#‬انظر‪ :‬بيان الدليل على بطلن التحليل ص ‪#.270‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬باعث يترتب على إعماله إبطال التصرف في حق أحد طرفي التصرف دون الخر‪ ،‬كما هو‬
‫الحال في المثلة السابقة‪ ،‬فيما إذا حصل التحليل بنية المحلل دون علم المرأة بذلك‪ ،‬فإن النكاح باطل في حق‬
‫المحلل دون الزوجة‪ ،‬ولهذا فل يحل له وطء المرأة‪ ،‬ول يرثها لو ماتت بعد العقد‪ ،‬وأما المرأة نفسها فل تأثم‬
‫بتمكينه من نفسها‪ ،‬وكذا ترثه لو مات بعد العقد‪.‬‬
‫وكذا في المثال الخر‪ ،‬فيما إذا لم يعلم الموهوب له بقصد الواهب الضرار بالورثة‪ ،‬فإن الهبة وإن بطلت‬
‫في حق الواهب‪ ،‬وترتب على ذلك الثم‪ ،‬إل أنها في حق الموهوب له‪ ،‬الجاهل بقصد الواهب‪ ،‬غير باطلة‪،‬‬
‫بل صحيحة في الظاهر تفيد مقصود الهبة الصحيحة‪ ،‬فيجوز له النتفاع بما وهب له بكافة صور النتفاع‬
‫المشروعة‪.‬‬

‫والفرق بين القسمين يظهر في علم طرفي العقد بالباعث‪ ،‬وتواطئهما على التصرف باصطحاب ذلك الباعث‪،‬‬
‫أو علم أحدهما به دون الخر‪ .‬وفي هذا يقول شيخ السلم رحمه ال عند حديثه عن شراء العصير لتخاذه‬
‫ل في حقه‬
‫خمًرا‪" :‬فإن اشتراءه بهذه النية حرام‪ ،‬باطل‪ ،‬ثم إن علم البائع بذلك‪ ،‬كان بيعه حراًما باط ً‬
‫ل‪ ،‬وبالنسبة إلى المشتري حراًما"‪#‬بيان‬‫ضا‪...‬وإن لم يعلم بقصد المشتري‪ ،‬كان البيع بالنسبة إلى البائع حل ً‬ ‫أي ً‬
‫الدليل على بطلن التحليل ص ‪#.417‬‬
‫حا في حق شخص آخر مما ل‬ ‫حا أو صحي ً‬
‫ل في حق شخص‪ ،‬مبا ً‬ ‫وكون التصرف الواحد يكون محرًما أو باط ً‬
‫يستغرب‪ ،‬بل هذا مما عهد في أحكام الشرع‪ ،‬وله نظائر كثيرة منها‪" :‬صيد الحلل للمحرم وذبحه‪ ،‬يجعل‬
‫اللحم ذكّيا في حق الحلل‪ ،‬ميًتا في حق الحرام‪ ،‬وكما أن بيع المعيب‪ ،‬والمدلس إذا صدر ممن يعلم بذلك‬
‫ل في حق المشتري‪ ،‬وكذلك رشوة العامل لدفع الظلم"‪#‬المصدر‬ ‫لمن ل يعلمه كان حراًما في حق البائع حل ً‬
‫السابق ص ‪ #.117‬حلل في حق الدافع‪ ،‬حرام في حق العامل‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪:‬‬
‫ينقسم الباعث من حيث إبطال التصرف من جميع وجوه التصرف‪ ،‬أو من وجه دون آخر إلى قسمين‪:‬‬
‫القسم الول‪ :‬باعث يترتب على إعماله إبطال التصرف من جميع وجوهه‪ ،‬ومثاله‪ :‬ما لو تواطآ على التحليل‬
‫فإن النكاح بهذا الباعث باطل من جميع الوجوه‪ ،‬فل يصح معه العقد‪ ،‬ول يحصل به توارث‪ ،‬ول تحل به‬
‫المرأة لمطلقها الول‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬باعث يترتب على إعماله إبطال التصرف من وجه دون وجه ومثاله‪ :‬طلق الفار‪ ،‬وهو من‬
‫يطلق امرأته في مرض موته المخوف بقصد‬
‫@‪@236‬‬
‫حرمانها من الميراث‪ ،‬فإن الطلق يترتب عليه أمران‪ :‬زوال ملك البضع‪ ،‬والمنع من الميراث‪ ،‬وإعمال‬
‫الباعث هنا يقتصر على أحد المرين دون الخر‪:‬‬
‫فيحكم على الطلق بصحته من حيث إنه أزال ملك البضع‪.‬‬
‫وأما من حيث كونه طلًقا يمنع من الرث‪ ،‬فل يحكم بصحته وعليه فترث المرأة الزوج‪ ،‬ولو مات بعد ما‬
‫أبانها‪.‬‬
‫قال شيخ السلم‪...." :‬لكن من التصرف ما يمكن إبطاله كالعقود التي قد تواطأ المتعاقدان عليها‪ ،‬ومنها ما‬
‫يمكن إبطاله بالنسبة إلى الحكم الذي يراد تحقيقه من خلل المقصد السيئ‪ ،‬مثل من يبيع النصاب فراًرا من‬
‫الزكاة‪ ،‬أو يطلق زوجته فراًرا من الرث‪ ،‬فإن البيع صحيح في حق المشتري‪ ،‬وكذلك الطلق واقع‪ ،‬لكن‬
‫ل للتصرف في هذا الحكم وإن صح في حكم آخر"‪#‬بيان الدليل على بطلن‬ ‫تجب الزكاة‪ ،‬ويثبت الرث إبطا ً‬
‫التحليل ص ‪ 116‬ـ ‪ 117‬بتصرف يسير‪#.‬‬
‫ووجه التفريق في طلق الفار بين زول ملك البضع‪ ،‬والمنع من الميراث‪ :‬أن قصد زوال ملك البضع سائًغا‬
‫عا للزوج‪ ،‬إذ ل تناقض ول تعارض بينه وبين مقصود الشارع‪ ،‬فلم يكن هذا القصد مانًعا من صحة‬ ‫شر ً‬
‫عا لما فيه من الضرار بها‪،‬‬ ‫الطلق في مرض الموت وأما قصد منع الزوجة من الميراث فغير سائغ شر ً‬
‫ضا لمقصود الشارع‪ ،‬فكان مانًعا من صحة الطلق في مرض الموت من‬ ‫ضا ومعار ً‬‫فعد بذلك قصًدا مناق ً‬
‫حيث ترتب المنع من الرث عليه‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪:‬‬
‫ينقسم الباعث من حيث أثره في رفع الحكم وعدمه إلى قسمين‪:‬‬
‫@‪@237‬‬

‫القسم الول‪ :‬باعث يترتب على إعماله رفع حكم التصرف‪ ،‬وفسخه بعد وقوعه‪ ،‬ومثاله‪ :‬البيع مع البواعث‬
‫غير الشرعية‪ ،‬المتواطئ عليها من قبل طرفي العقد‪ ،‬أو التي علمها البائع من حال المشتري‪#‬انظر‪ :‬بيان‬
‫الدليل على بطلن التحليل ص ‪ 270‬و ‪ ،274‬والمغني ‪ ، #.6/319‬فإن عقد البيع في هذه الحالة يفسخ‪،‬‬
‫ومن ثم يرد المبيع على البائع‪ ،‬والثمن على المشتري‪ ،‬ومنه نكاح التحليل فإنه يجب فسخه ورفعه وإن تم‬
‫العقد‪ ،‬بل ولو دخل بالمرأة‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬باعث ل يترتب على إعماله رفع حكم التصرف‪ ،‬ول فسخه‪ .‬ومثاله‪ :‬طلق الفار فإن هذا‬
‫الطلق إذا وقع انحل به عقد النكاح ولم يكن رفعه بعد وقوعه‪ ،‬وإن كان قد صاحبه باعث سيئ لكننا" نقطع‬
‫عنه حكمه والمقصود رفعه وهو الرث"‪#‬بيان الدليل عل بطلن التحليل ص ‪ ، #.290‬وكذا الهبة والعطية‬
‫والعتق إذا قصد بها الضرار بالورثة‪ ،‬ولم تتجاوز الثلث‪ ،‬ولم يعلم الموهوب له بقصد الواهب‪.‬‬
‫وقد أومأ شيخ السلم رحمه ال إلى هذين القسمين بقوله‪" :‬إن كان المتعجل به مما ل يمكن إبطاله كالقتل‬
‫قطعنا عنه حكمه‪ ،‬وكذلك إن كان مما ل يمكن رفعه كالطلق في المرض‪ ،‬فإنا نقطع عنه حكمه المقصود‬
‫رفعه‪ ،‬وهو الرث ونحوه‪ ،‬وأما النكاح فإنه عقد قابل للبطال فيبطل"‪#‬بيان الدليل على بطلن التحليل ص‬
‫‪#.290‬‬
‫ل‪ ،‬كالرجعة إذا وقعت بقصد الضرار‪،‬‬ ‫وهناك مسائل أخرى للفقيه فيها نظر فسيح‪ ،‬من حيث إبطالها أو ً‬
‫ونحو ذلك من المسائل‪.‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬أقسام الباعث باعتبار ظهوره واستتاره‪:‬‬
‫ينقسم الباعث بهذا العتبار إلى قسمين‪:‬‬
‫القسم الول‪ :‬باعث منصوص عليه في التصرف‪ ،‬كما لو قال شخص لخر‪ :‬زوجتك موليتي فلنة على أن‬
‫تحللها لزوجها الول ثم تطلقها‪ ،‬فهذا‬
‫@‪@238‬‬
‫الباعث المنصوص عليه ل خلف بين الفقهاء في وجوب اعتباره‪ ،‬ومن ثم إبطال العقد بسببه‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬باعث مستتر‪ ،‬غير منصوص عليه في التصرف‪ ،‬لكن أمكن الكشف عنه إما من خلل القرائن‬
‫والحوال‪ ،‬وذلك كبيع عصير العنب لمن يعلم من حاله اتخاذه خمًرا‪ ،‬وبيع السلح لمن يعلم نه استعماله في‬
‫إزهاق النفس المعصومة‪ .‬أو أمكن الكشف عنه من خلل محل العقد‪ ،‬ونحو ذلك من المسالك التي يتوصل‬
‫بها إلى معرفة الباعث مما سيأتي له مزيد إيضاح في مبحث مسالك الكشف عن الباعث‪.‬‬
‫فهذا القسم من البواعث المستترة محل نظر واجتهاد بين أهل العلم ما بين معلم لها ومهمل‪#‬انظر مختصر‬
‫الطحاوي ص ‪ 280‬والم ‪ 9/66‬و ‪ ،67‬والكافي في فقه أهل المدينة ‪ ،2/677‬والمغني ‪ 6/317‬و ‪.319‬‬
‫ولكاتب هذه السطر بحث بعنوان )مناهج الفقهاء في إعمال الباعث وإهماله( يسر ال نشره‪#.‬‬
‫المطلب الخامس‪ :‬أقسام الباعث باعتباره غاية ومقصًدا من التصرف‪:‬‬
‫والباعث بهذا العتبار ينقسم إلى قسمين‪:‬‬
‫القسم الول‪ :‬الباعث النوعي‪ ،‬وهو‪" :‬المقصد الصلي الذي شرع العقد من أجله"‪#‬المدخل الفقهي العام‬
‫‪ ، #.1/400‬فإن ما كان باعث المكلف على تصرف ما المقصود الصلي الذي شرع التصرف من أجله‪،‬‬
‫حا‪ ،‬كما قال الشاطبي رحمه‬ ‫فقد وافق مقصود الشارع‪ ،‬ـ وهذا ما يريده الشرع منه ـ وكان تصرفه ذلك صحي ً‬
‫ال‪" :‬قصد الشارع من المكلف أن يكون قصده في العمل موافًقا لقصده في التشريع"‪#‬الموافقات ‪#.3/23‬‬
‫فالمقصود الشرعي من البيع‪ :‬نقل ملكية المبيع إلى المشتري بعوض‪.‬‬
‫@‪@239‬‬

‫والمقصود من الهبة‪ :‬تمليك العين الموهوبة للموهوب له بل عوض‪.‬‬


‫والمقصود من الجارة‪ :‬تمليك منافع العين المؤجرة بعوض‪.‬‬
‫والمقصود من العارة‪ :‬تمليك منافع العين المعارة بل عوض‪.‬‬
‫والمقصود من النكاح‪ :‬الستمتاع بملك البضع‪ ،‬والصلة‪ ،‬والعشرة والصحبة على سبيل الدوام‪.‬‬
‫والمقصود من الرجعة‪ :‬الرغبة في استمرار الحياة الزوجية‪ #‬انظر‪ :‬بيان الدليل على بطلن التحليلي ص‬
‫‪ 385‬و ‪ ،407‬وإغاثة اللهفان ‪ ،1/420‬والمدخل الفقهي العام ‪ ،1/4001‬واللتزامات ص ‪#.89‬‬
‫فهذه البواعث الشرعية على هذه التصرفات مقاصد من وضع الشارع‪ ،‬والصل‪ :‬وجودها في كل عقد مهما‬
‫اختلف العاقدان‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬الباعث الشخصي‪ ،‬وهو‪ :‬المقصد الشخصي الذي أوقع المكلف التصرف‪ ،‬وأجرى العمل من‬
‫ضا لمقصود الشارع أم ل‪.‬‬‫أجل تحقيقه‪ ،‬والوصول إليه سواء أكان هذا المقصد حسًنا أم سيًئا‪ ،‬مناق ً‬
‫فالمقصود الشرعي من النكاح ـ كما تقدم ـ الستمتاع بملك البضع‪ ،‬والصلة‪ ،‬والعشرة‪ ،‬والصحبة على سبيل‬
‫الدوام‪ ،‬ولكن قد تكون هناك بواعث شخصية وراء إقدام المكلف على هذا الفعل‪ ،‬وإن لم تكن مناقضة‬
‫لمقصود الشارع‪ ،‬بل هي مما يمدح ويجوز قصده من توابع المقصد الرئيس ومكملته كما لو كان باعثه‬
‫على النكاح الرغبة في مال المرأة‪ ،‬أو مصاهرة أهلها‪ ،‬أو الرغبة في قيامها على أولده وأخواته‪ ،‬قال شيخ‬
‫السلم‪" :‬وقد يفعل الرجل الشيء ل لمقاصده الصلية بل لمقاصد تابعة له‪ ،‬ويكون ذلك حسًنا‪ ،‬كمن ينكح‬
‫المرأة لمصاهرة أهلها‪ ،‬كفعل عمر رضي ال عنه لما خطب أم كلثوم ابنة علي رضي‬
‫@‪@240‬‬
‫ال عنهما‪ ،‬أو لن تخدمه في منزله‪ ،‬أو لتقوم بنات أو أخوات له‪ ،‬كفعل جابر بن عبد ال رضي ال عنهما‬
‫لما عدل عن نكاح البكر إلى الثيب‪ ،‬وإن لم تكن هذه التوابع من اللوازم الشرعية؛ بل من التوابع‬
‫العرفية"‪#‬بيان الدليل على بطلن التحليل ص ‪ ، #.166‬فهذه البواعث وإن لم تكن المقصود الشرعي‬
‫الصلي من النكاح‪ ،‬لكنها بالنسبة للمكلف قد تكون باعثة الرئيس‪ ،‬ومقصوده الصلي من النكاح‪ ،‬إل أنها في‬
‫النهاية ليست مما يناقض المقصود الشرعي الصلي من النكاح‪ ،‬ومن ثم لم يكن لها تأثير في‬
‫التصرف‪#‬انظر‪ :‬بيان الدليل على بطلن التحليل ص ‪ 171‬وإعلم الموقعين ‪ 4/534‬و ‪ ،535‬والموافقات‬
‫‪#.3/139‬‬
‫عا قصده‪ ،‬مثل رغبته‬ ‫ومن جهة أخرى قد يكون الباعث الشخصي للمكلف على النكاح مما ل يجوز له شر ً‬
‫في تحليل المرأة لمطلقها‪ ،‬أو مضارة الورثة بإدخال وارث عليهم‪ ،‬ونحو ذلك من التصرفات التي ل يريد‬
‫عا‪ ،‬بل غاية ما يريده منها صورها الظاهرة‪ ،‬مجردة عن‬ ‫المكلف بفعلها حقائقها‪ ،‬ومقاصدها المقومة لها شر ً‬
‫مقاصدها الشرعية‪ ،‬لتحل محلها مقاصد سيئة‪ ،‬يروم تحقيقها من خلل صورية التصرف‪ ،‬وشكلية‬
‫العقد‪#‬انظر‪ :‬بيان الدليل على بطلن التحليل ص ‪ 39‬و ‪ ،385‬وإعلم الموقعين ‪#.4/533‬‬
‫ل ـ مهما اختلف المتعاقدان‪،‬‬‫ولعلك تلحظ من هذا السياق أن البواعث النوعية ل تختلف في عقد النكاح ـ مث ً‬
‫بخلف البواعث الشخصية‪ ،‬فإنها تختلف باختلف المتعاقدين في العقد الواحد نفسه‪#‬انظر‪ :‬المدخل الفقهي‬
‫العام ‪#.3/401‬‬
‫@‪@241‬‬

‫وهذا النوع من البواعث الشخصية‪ ،‬المناقضة لمقصود الشارع‪ ،‬أو الزائدة عن المقصد الصلي الشرعي‬
‫للتصرف‪ ،‬مما يتأكد الفقهاء‪ ،‬والمفتين مراعاتها عند تقريرهم الحكام الشرعية على الوقائع‪ ،‬والنوازل‪ ،‬حتى‬
‫ل يكون نظرهم مقتصًرا على صورية التصرف‪ ،‬وشكلية العقد‪ ،‬ورحم ال شيخ السلم إذ يقول مقرًرا هذه‬
‫القاعدة العظيمة‪" :‬ونكتة هذا‪ :‬أن القصود والنيات معتبرة في العقود كاعتبارها في العبادات‪ ،‬فإن العمال‬
‫ضا كما‬
‫بالنيات‪ ،‬فكل من قصد بالعقد غير المقصود الذي شرع له ذلك العقد‪ ،‬بل قصد شيًئا آخر‪#‬أي‪ :‬مناق ً‬
‫نبه رحمه ال في مواضع أخرى‪ ،‬انظر‪ :‬بيان الدليل على بطلن التحليل ص ‪ 166‬و ‪ 406‬و ‪ 409‬و‬
‫‪ #.431‬أراد أن يتوسل بالعقد إليه‪ ،،‬فهو مخادع‪ ،‬بمنزلة المرائي الذي يقصد بالعبادات عصمة دمه وماله‪،‬‬
‫ل حقيقة العبادة‪ ،‬وإن كان هذا ‪#‬أي عصمة الدم والمال‪ ،‬مقصود تابع للمقصود الصلي‪ ،‬وهو التعبد ل عز‬
‫وجل بأداء ما افترض‪ #.‬مقصوًدا تابًعا لكنه ليس هو المقصود الصلي"‪#‬بيان الدليل على بطلن التحليل‬
‫ص ‪#.386‬‬

‫@‪@242‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬مسالك الكشف عن الباعث‪:‬‬
‫تمهيد‪:‬‬
‫تمهيد فيما سبق أن الباعث على التصرف منه ما هو ظاهر معلوم‪ ،‬وذلك كالبواعث المنصوص عليها في‬
‫العقد على سبيل الشرط ونحوه‪ ،‬ومن البواعث ما ل ينص عليها أثناء العقد‪ ،‬بل هي بواعث مستترة‪،‬‬
‫وأغراض مخفية‪ ،‬يعلم العاقدان‪ ،‬أو أحدهما أنها هي الدافع الحقيقي‪ ،‬والباعث المحرك للقدام على التصرف‬
‫ل وحرمة في الباطن ديانة‬ ‫وإجراء العقد‪ .‬ول ريب أن هذه البواعث تؤثر في التصرف صحة وفساًدا‪ ،‬وح ّ‬
‫بين العبد وربه‪ ،‬وأما في الظاهر وأحكام القضاء فل يتأتى الحكم بتأثيرها إل إذا أمكن للمفتي أو القاضي‬
‫ونحوهما العلم بها‪.‬‬
‫فالقائلون بإهمال البواعث المستترة‪ ،‬وإهدارها عللوا ذلك بعدم إمكانية العلم بالبواعث المستترة‪ ،‬والصل‪:‬‬
‫إجراء تصرفات المكلفين وعقودهم على ظاهرها متى ما اكتملت شروطها‪ ،‬وأركانها‪ ،‬وأما المقاصد‪،‬‬
‫والبواعث المستترة فنكل أمرها إلى علم الغيوب سبحانه وتعالى‪#‬انظر‪ :‬الم ‪ 5/245‬و ‪#.9/84‬‬
‫وأما من ذهب من أهل العلم إلى إعمال البواعث المستترة‪ ،‬وتأثيرها في الحكم فقيدوا قولهم هذا بإمكانية‬
‫الكشف عن هذه البواعث‪ ،‬والعلم بها‪ ،‬فمتى ما أمكن العلم بالبواعث المستترة وجب إعمالها‪ ،‬وترتيب الثر‬
‫عليها‪ ،‬وأما إذا تعذر العلم بها فيجب إجراء التصرفات‪ ،‬والعقود على ظاهرها‪.‬‬
‫قال شيخ السلم‪ ..." :‬فل نحكم على عقد أنه عقد تحليل حتى يثبت ذلك إما بإقرار الزوج‪ ،‬أو ببينة تشهد‬
‫على تواطئهما قبل العقد‪ ،‬أو تشهد بعرف جار بصورة التحليل"‪#‬بيان الدليل على بطلن التحليل ص ‪.431‬‬
‫وانظر‪ :‬المصدر نفسه ص ‪ 270‬و ‪ ،417‬والمغني ‪#.6/319‬‬
‫@‪@243‬‬
‫وسأتناول في هذا المبحث مسالك الكشف عن البواعث المستترة‪ .‬وهي‪ :‬الطرق التي يمكن من خللها‬
‫التوصل إلى البواعث وراء تصرفات المكلفين‪ ،‬والعلم بها‪ ،‬والتي من أهمها ما يلي‪:‬‬
‫المطلب الول‪ :‬مسلك القرار‪:‬‬
‫وهو من أقوى المسالك في الدللة على الباعث المستتر وقت إجراء العقد‪ ،‬أو القيام بالتصرف‪ ،‬فإذا ما أقر‬
‫الزوج‪ ،‬أو الولي بأنه إنما عقد على المرأة بغرض التحليل‪ ،‬كان ذلك العقد عقد تحليل‪ ،‬وإن لم ينص فيه على‬
‫التحليل‪ ،‬وإذا ما أقر المشتري بأنه إنما اشترى المبيع بغرض استعماله في أمر محرم‪ ،‬فإن كان البائع يعلم‬
‫ل في حقها جميًعا‪ ،‬وإل بطل البيع في حق المشتري وحده‪ ،‬وأجبر على إخراج المبيع‬ ‫بغرضه‪ ،‬كان البيع باط ً‬
‫من ملكه‪ ،‬وإن لم ينص على الباعث غير المشروع في العقد‪.‬‬
‫قال شيخ السلم‪ " :‬ولو اعترف الموصي‪ :‬إني إنما أوصيت ضراًرا‪ ،‬لم يجز إعانته على إمضاء هذه‬
‫الوصية‪ ،‬ووجب ردها"‪#‬بيان الدليل على بطلن التحليل ص ‪ .87‬انظر‪ :‬المغني ‪ ،6/319‬وإغاثة اللهفان‬
‫‪#.1/560‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مسلك التواطؤ عل الباعث‪:‬‬
‫فإذا تواطأ أطراف العقد‪ ،‬أو التصرف‪ ،‬كلهم أو بعضهم‪ ،‬على الباعث الذي حمل على التصرف‪ ،‬وجب حمل‬
‫العقد في الحكم على ذلك الباعث الذي حصل التواطؤ عليه‪.‬‬
‫ومثال ذلك‪ :‬ما لو تواطأ الواهب مع الموهوب له على أنه يهبه المال الزكوي قبيل انتهاء الحول‪ ،‬ثم يرجعه‬
‫ل جديًدا‪.‬‬
‫الموهوب له إلى الواهب بعد مضي الحول‪ ،‬ليستأنف به حو ً‬
‫@‪@244‬‬

‫أو تواطأ البائع والمشتري‪ ،‬أو المؤجر والمستأجر‪ ،‬على الغرض الحقيقي من المبيع أو العين المؤجرة‬
‫عا‪.‬‬
‫كاستعمال البيت وكًرا للدعارة‪ ،‬أو المحل للعب القمار ونحو ذلك من الغراض المحرمة شر ً‬
‫ومثله لو تواطأ المطلق مع المرأة أو وليها‪ ،‬أو أحدهم مع المحلل على التحليل‪ ،‬فإن هذه التصرفات‪،‬‬
‫وأمثالها‪ ،‬وإن جرت على الظاهر مكتملة شروطها‪ ،‬ولم تقترن بما يبطلها‪ ،‬فإن ذلك ل يعني صحتها متى ما‬
‫شهدت البينة على تواطؤ أطراف التصرف على ذلك الباعث الذي لو نص عليه في العقد لفسده وأبطله "بل‬
‫مشاركة مثل هذه التصرفات للتصرفات المحرمة صورة ومعنى‪ ،‬وإلحاقها بها لشتراكهما في القصد‬
‫والحقيقة‪ ،‬أولى من إلحاقها بالحلل المأذون فيه‪ ،‬بمشاركتها في مجرد الصورة"‪#‬إعلم الموقعين ‪4/552‬‬
‫مع تصرف يسير‪#.‬‬
‫ووجه هذا‪ :‬أن الشروط المتقدمة على العقد بمنزلة الشروط المقارنة له على الصحيح من أقوال أهل العلم‪،‬‬
‫فإن كانت صحيحة وجب الوفاء بها‪ ،‬وإن كانت مناقضة لمقصود الشارع أثرت في العقد فأبطلته‪#‬انظر‪ :‬بيان‬
‫الدليل على بطلن التحليل ص ‪ 365‬و ‪366‬و ‪ 392‬ـ ‪ ،398‬والقواعد النورانية ص ‪ ،442‬وإعلم‬
‫الموقعين ‪ 48551‬و ‪ .552‬وقد أطال الشيخان رحمهما ال في تقرير هذه القاعدة المهمة‪ ،‬والتدليل عليها‪،‬‬
‫ومناقشة منكريها‪ ،‬في أكثر من موضع من كتبهما المختلفة‪ ،‬بما ل تكاد تجده محقًقا عند غيرهما‪#.‬‬
‫حا فاسًدا‪ ،‬له حكم النكحة الفاسدة‪ ،‬وكذلك إذا‬ ‫حا تواطآ عليه كان نكا ً‬
‫قال شيخ السلم‪" :‬وكذلك إن كان نكا ً‬
‫تواطآ على بيع أو هبة لسقاط الزكاة‪ ،‬أو على هبة لتصحيح نكاح فاسد‪ ،‬أو وقف فاسد‪ ،‬مثل أن تريد مواقعة‬
‫ل على أن تهبه العبد فيزوجها به‪ ،‬ثم يهبها إياه لينفسخ النكاح‪ ،‬فإن هذا البيع والهبة‬
‫مملوكها فتواطئ رج ً‬
‫فاسدان في جميع الحكام"‪#‬بيان الدليل على بطلن التحليل ص ‪#.270‬‬

‫@‪@245‬‬
‫وقال ابن القيم‪ " :‬فإذا اشترط قبل قبل العقد أن النكاح نكاح تحليل‪ ،‬أو متعة أو شغار وتعاهدا على ذلك‪،‬‬
‫وتواطآ عليه‪ ،‬ثم عقدا على ما اتفقا عليه‪ ،‬وسكتا عن إعادة الشط في صلب العقد‪ ،‬اعتماًدا على ما تقدم ذكره‬
‫والتزامه‪ ،‬لم يخرج العقد بذلك عن كونه عقد تحليل‪ ،‬ومتعة‪ ،‬وشغار‪ ،‬حقيقة" ‪#‬إعلم الموقعين ‪#.4/551‬‬
‫وعلى هذا فإذا تواطأ المتعاقدان قبل العقد على قصدهما منه‪ ،‬وباعثهما عليه‪ ،‬ثم أجريا العقد بعد ذلك خالًيا‬
‫ل‪ ،‬ول ملغّيا لما تواطآ عليه‪ ،‬ولو صح ذلك لما عجز "المتعاقدان‬
‫عن ذكر ذلك المقصد‪ ،‬لم يكن ذلك مبط ً‬
‫اللذان يريدان عقًدا قد حرمه ال ورسوله لوصف‪ ،‬أن يشترطا قبل العقد إرادة ذلك الوصف‪ ،‬وأنه هو‬
‫المقصود‪ ،‬ثم يسكتا عن ذكره في صلب العقد‪ ،‬ليتم لهما غرضهما"‪#‬المصدر السابق ‪ #.1/551‬والقاعدة‬
‫التي قررها شيخ السلم ونصرها في أكثر من موضع من مؤلفاته‪ :‬أن المتعاقدين إذا تواطآ على أمر ثم‬
‫عقدا العقد مطلًقا حمل على ما توا عليه‪#‬انظر‪ :‬العقود ص ‪ 404‬و ‪#.405‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬مسلك العرف والعادة‪:‬‬
‫ودللة العرف والعادة على مقصد المتعاقدين وباعثهما على التصرف تظهر في أمثلة كثيرة‪ ،‬ومنها‪ :‬ما‬
‫جرى التعارف عليه عند بعض الناس من قيام المقترض بإهداء المقرض هدية قبل الوفاء‪ ،‬وقصده من ذلك‪:‬‬
‫تأخير القتضاء وتأجيله‪ ،‬وإن لم يكن قد نص على ذلك أو تكلم به أثناء العقد "فإن العرف المطرد على حال‬
‫جار مجرى الشرط بالمقال"‪#‬بيان الدليل على بطلن التحليل ص ‪ #.431‬وذلك لن المعروف عرًفا‬
‫طا‪ ،‬والشرط العرفي كالشرط اللفظي‪ ،‬فالعرف في هذه المسألة هو الذي دل على الباعث الذي‬ ‫كالمشروط شر ً‬
‫من أجله قام المقترض بإهداء المقرض‪.‬‬

‫@‪@246‬‬

‫وقد روى البخاري في صحيحه‪#‬الفتح ‪ ]3814 [ 7/161‬وقد سقط من هذه النسخة قوله )فل تأخذه( وهي‬
‫موجودة في نسخ أخرى‪ .‬انظر على سبيل المثال صحيح البخاري‪ ،‬الطبعة التركية ‪ #.4/230‬عن أبي بردة‬
‫بن أبي موسى الشعري رضي ال عنه قال‪ :‬قدمت المدينة‪ ،‬فلقيت عبد ال بن سلم فقال لي‪ :‬إنك بأرض‬
‫‪#‬يعني أرض العراق التي قدم منها أبو بردة‪ #.‬الربا فيها فاش فإذا كان لك على رجل حق فأهدى إليه حمل‬
‫تبن‪ ،‬أو حمل شعير‪ ،‬أو حمل قت‪#‬قت "بفتح القاف وتشديد المثناة وهو علف الدواب "الفتح ‪ 7/163‬وقيده‬
‫ابن الثير في النهاية ‪ 4/11‬بالرطب من علف الدواب‪ ، #.‬فل تأخذه فإنه ربا‪.‬‬
‫وعلى هذا فإذا لم يكن قصد المقترض من الهدية تأخير القتضاء‪ ،‬وإنما أهدى المقرض جرًيا على عادة‬
‫سابقة‪ ،‬أو نحو ذلك‪ ،‬فل حرج على المقرض في قبول الهدية‪ .‬ومما يؤيد ذلك‪ :‬ما روى عبد الرزاق في‬
‫ل ـ قال‪:‬‬
‫مصنفه‪ #. ] 14647 [ 8/142#‬عن ابن سيرين قال‪ :‬تسلف أبي بن كعب من عمر بن الخطاب ما ً‬
‫أحسبه عشرة آلف ـ ثم إن أبّيا أهدى له بعد ذلك من ثمرته‪ ،‬وكانت تبكر‪ ،‬وكان من أطيب أهل المدينة ثمرة‬
‫فردها عليه عمر‪ .‬فقال أبي‪ :‬أبعث بمالك‪ ،‬فل حاجة لي في شيء منعك‪ ،‬طيب ثمرتي‪ ،‬فقبلها وقال‪ :‬إنما الربا‬
‫على من أراد أن يربي وينسئ‪.‬‬
‫فالعادة والعرف لهما اثر كبير في الدللة على الباعث من وراء هذه الهدية في هذه المسألة‪ ،‬وكذا في سائر‬
‫العقود والتصرفات‪ ،‬قال القرافي‪" :‬من علم من عادته تعمد الفساد حمل عقده عليه وإل مضى"‪#‬الفروق‬
‫‪#.3/411‬‬
‫وعلى هذا فإذا جرى العرف والعادة بأن بيع عين ما‪ ،‬أو إجارتها‪ ،‬أو إعارتها‪ ،‬أو نحو ذلك من التصرفات‬
‫إنما يكون من أجل مقصد مناقض للشرع‪ ،‬أو باعث سيئ فينبغي إبطال هذا التصرف وإن كان ظاهره‬
‫حا‪ ،‬وفي‬
‫تصرًفا صحي ً‬
‫@‪@247‬‬

‫الجتهادات الفقهية المذهبية أمثلة على ذلك‪ ،‬ففي حكم بيع القرد اختلفت الرواية عن أبي حنيفة في ذلك‪،‬‬
‫فبينما عللت رواية الجواز بأن القرد وإن لم ينتفع بذاته فيمكن النتفاع بجلده‪ ،‬صحح محققو المذهب رواية‬
‫عدم الجواز‪ ،‬معللين ذلك بأن الرقاد ل يشترى للنتفاع بجلده عادة‪ ،‬وإنما العادة أنه يشترى من أجل اللهو‬
‫به‪ ،‬وذلك حرام فكان بيعه حراًما‪#‬انظر‪ :‬بدائع الصنائع ‪#.5/143‬‬
‫ل لهذا الباعث وإن‬‫ففي هذا الفرع الفقهي استدل الباعث على شراء القرد بالعادة الجارية‪ ،‬فمنع من بيعه إعما ً‬
‫لم ينص عليه في العقد‪.‬‬
‫ومن فروع هذا المسلك مل لو عرف رجل بالتحليل‪ ،‬وجئ له بمطلقة ليتزوجها‪ ،‬فإن دللة العرف تقضي بأن‬
‫الباعث على إنكاحها‪ ،‬ونكاحها إنما هو التحليل‪ .‬قال شيخ السلم‪" :‬فإذا كان بعض التيوس معروًفا بالتحليل‪،‬‬
‫وجيء بالمرأة إليه‪ ،‬فهو اشتراط منهم للتحليل ل يعقل الناس هذا"‪#‬بيان الدليل على بطلن التحليل ص‬
‫‪#.397‬‬
‫وفي الشريعة "أضعاف أضعاف هذه المسائل مما جرى العمل فيه على العرف‪ ،‬والعادة‪ ،‬ونزل ذلك منزلة‬
‫النطق الصريح اكتفاًء بشاهد الحال عن صريح المقال"‪#‬الطرق الحكمية في السياسة الشرعية ص ‪#.27‬‬
‫ومن ثم فإن من مجالت إعمال قاعدة العرف والعادة‪ :‬الكشف عن البواعث‪ ،‬والمقاصد التي تبنى عليها‬
‫الحكام‪ .‬قال الكاساني‪" :‬العرف إنما يعتبر في معاملت الناس فيكون دللة على غرضهم"‪#.‬بدائع الصنائع‬
‫‪ 1/262‬و ‪ . 263‬وانظر ما كتبه شيخنا د‪ .‬يعقوب البا حسين في قاعدة العادة محكمة ص ‪ 141‬ـ ‪#.166‬‬

‫@‪@248‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬مسلك محل العقد‪:‬‬


‫ويراد بهذا المسلك بيان أن مما يكشف عن قصد العاقد وباعثه على التصرف‪ :‬محل العقد نفسه‪ ،‬فقد يكون‬
‫قرينة كاشفة عن الباعث الذي حمل على التصرف‪ .‬ولهذا لما سئل ابن عمر رضي ال عنهما عن بيع‬
‫عصير العنب قال‪ :‬ل يصلح فقال السائل‪ :‬إن عصرته ثم شربته مكاني قال‪ :‬ل بأس‪ .‬قال فما بال بيعه حرام‪،‬‬
‫وشربه حلل؟ فقال له ابن عمر‪ :‬ما أدري أجئت تستفتيني أم جئت تماريني! ‪#‬انظر‪ :‬بيان الدليل على بطلن‬
‫التحليل ص ‪#.423‬‬
‫قال ابن حبيب في توجيه قول ابن عمر رضي ال عنه‪" :‬نهى عن بيعه لنه ل يصرف إل إلى الخمر‪ ،‬إل أن‬
‫يكون يسيًرا ومبتاعه مأموًنا‪#"...‬انظر‪ :‬المصدر السابق ص ‪#.423‬‬
‫وهذا في زمانه رضي ال عنه‪ ،‬حيث استدل بشراء عصيرة العنب إذا كثرت على الباعث الذي يحمل على‬
‫شرائها‪ ،‬وهو جعلها خمًرا‪ ،‬وأما في زماننا فليس ذلك على إطلقه قرينة على مقصود المشتري‪ ،‬وباعثه‬
‫على شراء عصير العنب‪ .‬بل يختلف ذلك من شخص إلى آخر‪.‬‬
‫ومن أمثلة هذا المسلك الدال على الباعث‪ :‬بيع الجارية المعدة للغناء‪ ،‬والكبش المتخذ للنطاح‪ ،‬والديك المتخذ‬
‫للهراش‪ ،‬فإذا بيعت هذه العيان بأكثر من قيمتها مجردة عن هذه الوصاف‪ ،‬فتكون الزيادة في القيمة دللة‬
‫ل‪ ،‬وهذه من المقاصد‬‫حا‪ ،‬والديك مقات ً‬
‫على الباعث على شرائها‪ ،‬وهي كون الجارية مغنية‪ ،‬والكبش نطا ً‬
‫عا عن القصد إليها‪ ،‬واستعمال النسان أو الحيوان والطير فيها‪ .‬وقد سئل المام أحمد عن رجل‬ ‫المنهي شر ً‬
‫مات‪ ،‬وخلف جارية مغنية‪ ،‬وولًدا يتيًما‪ ،‬وقد احتاج إلى بيعها‪ .‬قال‪ :‬يبيعها على أنها ساذجة‪#‬ساذجة بفتح‬
‫الذال مؤنث ساذج فارسية معربة‪ ،‬والمراد به الشيء العطل الغفل غير محلى ول منقوش‪ .‬جامع التغريب‬
‫بالطريق القريب ص ‪ 154‬وعلى هذا فمراد المام أحمد أنها تباع على أنها خالية من ذلك الوصف‪ . #.‬فقيل‬
‫له‪ :‬فإنها تساوي‬
‫@‪@249‬‬

‫ثلثين ألف درهم‪ ،‬فإذا بيعت ساذجة تساوي عشرين ديناًرا‪ .‬قال‪ :‬ل تباع إل على أنها ساذجة‪#‬المغني‬
‫‪ 6/319‬وانظر‪ :‬المجموع ‪ 9/154‬و ‪ 155‬و ‪ ،359‬وبدائع الصنائع ‪#.5/169‬‬
‫فطبيعة المعقود عليه ثمًنا كان أو مثمًنا قرينة كاشفة عن الباعث وراء هذه التصرفات‪#‬انظر‪ :‬قواعد المقاصد‬
‫عند المام الشاطبي ص ‪#.440‬‬
‫المطلب الخامس‪ :‬مسلك دللة الحال‪:‬‬
‫وهذا من المسالك القوية التي يكشف بها عن الباعث المستتر وراء تصرفات المتعاقدين‪ ،‬وأعمال‬
‫المتصرفين‪ .‬ومن الشواهد على هذا المسلك‪ :‬منعه صلى ال عليه وسلم العمال من قبول ما يهدى لهم من‬
‫الهدايا أثناء القيام بعملهم‪ .‬كما في حديث ابن اللتبية‪#‬اختلف في ضبطه والشهر ضم اللم وسكون التاء‪،‬‬
‫وكسر الباء‪ ،‬عبد ال بن ثعلبة السدي‪ ،‬منسوب إلى بني لتب بطن من السد واللتبية قيل كانت أمه فعرف‬
‫بها قال ابن حجر "ولم أعرف اسم أمه" انظر‪ :‬تهذيب السماء واللغات ‪ .2/301‬وتبصير المنتبه بتحرير‬
‫المشتبه ‪ ،3/1231‬وفتح الباري ‪ #.3/428‬لما استعمله النبي صلى ال عليه وسلم على الصدقة فلما قدم‬
‫قال‪ :‬هذا لكم وهذا لي أهدي لي‪ .‬فقام النبي صلى ال عليه وسلم على المنبر فحمد ال وأثنى عليه وقال‪" :‬أما‬
‫بعد فإني استعمل الرجل منكم على العمل مما ولني ال‪ ،‬فيأتي فيقول‪ :‬هذا لكم وهذا هدية أهديت لي‪ ،‬أفل‬
‫جلس في بيت أبيه وأمه حتى تأتي هديته إن كان صادًقا؟ وال ل يأخذ أحد منكم شيًئا بغير حقه إل لقي ال‬
‫تعالى يحمله يوم القيامة‪ ،‬فل أعرفن أحًدا منكم لقي ال يحمل بعيًرا له رغاء‪ ،‬أو بقرة لها خوار‪ ،‬أو شاة‬
‫تيعر" ثم رفع يده حتى رؤي بياض إبطيه يقول‪" :‬اللهم هل بلغت"‪#‬رواه البخاري ‪،] 6636 [ 532 /11‬‬
‫ومسلم واللفظ له ‪#. ]1832/27 [ 3/1463‬‬
‫@‪@250‬‬

‫فدللة الحال تقتضي أن الهدية لم تعط العامل على الصدقة لذاته‪ ،‬وإن كان الظاهر من الهدية طلب مودة‬
‫المعطى وكرامته‪ ،‬وإنما أعطيت له الهدية نظًرا لوليته‪ ،‬فالولية هي التي دعت الناس‪ ،‬وحملتهم على تقديم‬
‫الهدية للعامل‪ ،‬سعًيا إلى تحقيق جملة من المقاصد‪ :‬إما ليكرمهم في وليته‪ ،‬أو يخفف عنهم‪ ،‬أو يقدمهم على‬
‫غيرهم أو نحو ذلك من المنافع‪ ،‬والمكاسب‪ ،‬وجميعها غير مشروط ول متلفظ به‪ ،‬ودليل هذا‪ :‬أن العامل لو‬
‫نزعت عنه تلك الولية لما أهدي إليه شيء كما قال صلى ال عليه وسلم‪" :‬أفل جلس في بيت أبيه وأمه حتى‬
‫تأتي هديته إن كان صادًقا"‪.‬‬
‫فإذا تقرر أن الهدية إنما قدمت للعامل من أجل وليته على الصدقة ل لذاته‪ ،‬والولية إنما هي حق لهل‬
‫الصدقات ل للعامل‪#‬انظر‪ :‬بيان الدليل على بطلن التحليل ص ‪ 232‬و ‪#.233‬‬
‫قال شيخ السلم بعد أن قرر هذا المعنى‪" :‬إذا علم ذلك فنقول هذه الهدية لم يشترط فيها أن تكون لهل‬
‫طا مقترًنا بالعقد‪ ،‬ول متقدًما عليه‪ ،‬ومع هذا فلما كانت دللة الحال تقتضي أن القصد بها‬
‫الصدقات ل شر ً‬
‫ل في اعتبار المقاصد‬
‫ذلك‪ ،‬كانت تلك هي الحقيقة التي اعتبرها النبي صلى ال عليه وسلم فكان هذا أص ً‬
‫ودللت الحال‪ ....‬وهذا أصل لكل من بذل لجهة لول هي لم يبذله‪ ،‬فإنه يجعل تلك الجهة هي المقصودة بذلك‬
‫ل فحلل‪ ،‬وإل كانت حراًما‪ ،‬وسائر الحقوق قياس على‬ ‫البذل‪ ،‬فيكون المال لرب تلك الجهة إن حل ً‬
‫المال"‪#‬المصدر السابق ص ‪ 232‬و ‪#.234‬‬
‫ل مئة ألف وباعه سيارة تساوي خمسة آلف بعشرين ألًفا‪ ،‬فدللة الحال تشهد أن‬ ‫وعلى هذا فمن أقرض رج ً‬
‫ذلك القرض إنما بذل من أجل الزيادة في‬
‫@‪@251‬‬

‫ثمن السيارة‪ ،‬فلول الزيادة لما اقدم المقرض على القراض‪ ،‬كما أنه لول القرض لما اشترى المقترض‬
‫السيارة بهذه الزيادة‪ ،‬فصارت حقيقة هذه المعاملة أن المقرض أقرض مئة ألف بمئة وخمسة عشر ألف ريال‬
‫وهذا حقيقة الربا‪.‬‬
‫سا من التيوس معروًفا بكثرة التحليل‪ ،‬وهو من سقاط‬ ‫ومن شواهد دللة الحال على الباعث‪ :‬ما لو "رأينا تي ً‬
‫الناس ديًنا وخلًقا‪ ،‬ودنيا قد زوج فتاة الحي التي ينتخب لها الكفاء بصداق أقل من ثلثة دراهم‪ ،‬أو بصداق‬
‫يبلغ ألوًفا مؤلفة ل يصدق مثلها قريًبا منه‪ ،‬ثم عجل بالطلق أو بالخلع‪ ،‬وربما انضم إلى ذلك استعطاف قلبه‪،‬‬
‫والحسان إليه علم قطًعا وجود التحليل‪ ،‬ومن شك في ذلك فهو مصاب في عقله‪ ،‬وكذلك مثل هذا في البعير‬
‫وغيره"‪#‬المصدر السابق ص ‪ ،283‬وانظر‪ :‬اللتزامات في الشرع السلمي ص ‪ #.99‬فحال الرجل‪،‬‬
‫والمرأة بل والخطبة‪ ،‬والدخول بالمرأة‪ ،‬وصورة مفارقتها بعد ذلك‪ ،‬كل ذلك من دلئل الحال الكاشفة عن‬
‫الباعث وراء هذا النكاح أل وهو قصد التحليل‪.‬‬
‫هذه أهم مسالك الكشف عن الباعث وراء العقود‪ ،‬والتصرفات‪ ،‬التي لم ينص أثناء إجرائها على الغرض‪،‬‬
‫والمقصود منها‪ ،‬وهي كما ترى مسالك تتفاوت في القوة‪ ،‬فقد يكون إفضاء المسلك إلى الباعث غير‬
‫المنصوص عليه في العقد ودللته عليه قوّيا ظاهًرا‪ ،‬ل يحتاج إلى مزيد بحث وتدقيق؛ بل قد يصل إلى درجة‬
‫اليقين‪ ،‬وقد تكون دللة المسلك على الباعث دقيقة‪ ،‬تحتاج إلى مزيد انتباه وتيقظ‪ ،‬وقد تكون بين ذلك‪.‬‬
‫@‪@252‬‬
‫الخاتمة‪:‬‬
‫وبعد النتهاء من هذا البحث أحمد ال عز وجل الذي هيأ السباب لكماله وإنجازه على هذا الوجه‪ ،‬وأسأله‬
‫سبحانه أن يجعله من العمال الصالحة المتقبلة لديه‪.‬‬
‫وهذا ملخص بأبرز ما تضمنه البحث‪:‬‬
‫بدئ البحث بمقدمة بينت فيها ما امتازت به هذه الشريعة في نظرها إلى أعمال المكلفين صحة وإجزاًء‪ ،‬من‬
‫جمعها بين النظر إلى صورة العمل المحسوس‪ ،‬والباعث الذي دفعه إلى فعله‪.‬‬
‫ثم تناولت في التمهيد فكرة الموضوع وهي البحث عن البواعث الشخصية المؤثرة في الحكم المستترة وراء‬
‫تصرفات المكلفين‪ ،‬وضرورة تنبه الفقيه إليها عند تنزيل الحكام الشرعية على الوقائع والنوازل‪.‬‬
‫وأما المبحث الول‪ :‬فتناولت فيه تعريف الباعث‪ ،‬وعلقته بالنية والقصد‪ .‬فذكرت أن الباعث في اللغة يطلق‬
‫على عدة معان‪ ،‬أقربها إلى المعنى الصطلحي الثارة والتهييج‪ ،‬والحمل على الفعل‪ ،‬والتحريض عليه‪.‬‬
‫وأما التعريف الصطلحي للباعث فقد ذكرت فيه عدة تعريفات للعلماء والكتاب المعاصرين وأوردت ما‬
‫أظنه نقًدا لكل واحد منها‪ ،‬ثم اخترت تعريًفا للباعث أحسب أنه أقرب إلى الصواب من غيره‪ ،‬فعرفت الباعث‬
‫بأنه "المقصود الحقيقي غير المباشر‪ ،‬المحرك لدارة المكلف نحو تصرف ما"‪.‬‬
‫وفي علقة الباعث بالنية والقصد بينت أن النية تطلق عدة إطلقات‪ ،‬ومما له علقة بالبحث أنها تطلق أحياًنا‬
‫ويراد بها‪ :‬المقصد المراد للمكلف من وراء قيامه بتصرف ما‪ ،‬والنية والمقصد بهذا المعنى هو ما يعرف‬
‫بالباعث‪ ،‬ويمكن أن نطلق‬
‫@‪@253‬‬

‫عليها النية الغائية‪ .‬والنية بهذا المعنى وإن تقدمت ـ من حيث العلم بها والقصد إليها غاية في نفس المكلف ـ‬
‫على القصد إلى التصرف المراد فعله‪ ،‬إل أنها من حيث الوجود‪ ،‬والحصول تعقب العمل‪ ،‬وتتلوه‪ ،‬فتكون‬
‫نتيجة من نتائجه‪.‬‬
‫وف المبحث الثاني ذكرت أهم الوجوه الدالة على منزلة الباعث‪ ،‬ومكانته ومنها‪:‬‬
‫‪1‬ـ تأثير البواعث في إكساب التصرف وصف الحل والحرمة‪ ،‬ووصف الصحة أو الفساد ونحو ذلك‪.‬‬
‫‪2‬ـ توقف قبول العمال‪ ،‬والثابة أو العقاب عليها عند ال عز وجل على بواعث المكلفين‪ ،‬ومقاصدهم من‬
‫فعلها‪.‬‬
‫‪3‬ـ الرتباط الوثيق بين مقاصد الشريعة‪ ،‬ومقاصد المكلف وبواعثه سلًبا وإيجاًبا‪ ،‬فل تتحقق مقاصد الشريعة‬
‫الخاصة إل مع مقاصد المكلف وبواعثه السليمة‪ ،‬وفي الوقت نفسه متى ما وجدت من الملكف البواعث‬
‫السيئة وراء قيامه بعمل من العمال‪ ،‬انتفت المقاصد الشرعية من ذلك العمل المشروع‪.‬‬
‫وأما المبحث الثالث فذكرت فيه أقسام الباعث باعتبارات مختلفة من أهمها‪:‬‬
‫ل‪ :‬انقسام الباعث من حيث المناقضة لقصد الشارع إلى بواعث مناقضة لقصد الشارع‪ ،‬وبواعث غير‬ ‫أو ً‬
‫مناقضة‪.‬‬
‫ثانًيا‪ :‬انقسام البواعث من حيث تأثيره في الحكم إلى بواعث مؤثرة في الحكم فيجب اللتفات إليها‪ ،‬وبواعث‬
‫غير مؤثرة ل يلتفت إليها‪.‬‬
‫ثالًثا‪ :‬انقسام الباعث المؤثر في الحكم من حيث أثره إلى أقسام متعددة‪:‬‬
‫@‪@254‬‬

‫فتارة يكون تأثير الباعث في إبطال التصرف في حق جميع أطراف التصرف‪ ،‬وتارة يكون‬ ‫‪-1‬‬
‫البطال في حق بعض أطراف التصرف دون بعض‪.‬‬
‫وتارة يكون الباعث في إبطال التصرف من جميع وجوهه‪ ،‬وتارة يكون تأثيره إبطال‬ ‫‪-2‬‬
‫التصرف من وجه دون وجه‪.‬‬
‫وتارة يترتب على تأثير الباعث رفع حكم التصرف وفسخه بعد وقوعه‪ ،‬وتارة ل يترتب‬ ‫‪-3‬‬
‫على تأثير الباعث رفع حكم التصرف وإنما يكون التأثير في بعض الثار الناشئة عن التصرف‪.‬‬
‫رابًعا‪ :‬انقسام الباعث من حيث ظهوره واستتاره إلى باعث منصوص عليه في العقد‪ ،‬وهو مما ل خلف بين‬
‫الفقهاء في اعتباره‪ .‬وآخر مستتر أمكن الكشف عنه بأحد مسالك الكشف عن الباعث‪ ،‬وهو محل خلف عند‬
‫الفقهاء من حيث إعماله وإهماله‪.‬‬
‫سا‪ :‬انقسام الباعث من حيث كونه غاية ومقصًدا إلى باعث نوعي وهو المقصد الصلي الذي شرع العقد‬ ‫خام ً‬
‫من أجله‪ .‬وباعث شخصي وهو ما دفع المكلف إلى التصرف وحركه إلى العمل‪ ،‬وهو يختلف من شخص‬
‫إلى آخر في العقد الواحد‪ ،‬بخلف الباعث النوعي فل يختلف في العقد الواحد وإن تعددت صور العقد‪.‬‬
‫وأما المبحث الرابع فذكرت فيه أهم المسالك التي يستعين بها الفقيه في الستدلل على بواعث المكلفين‪،‬‬
‫ومقاصدهم المؤثرة في الحكم‪ ،‬وكان من أهمها‪:‬‬
‫مسلك القرار‪ ،‬والعتراف بالباعث المؤثر في الحكم‪ ،‬بعد وقوع التصرف‪.‬‬
‫@‪@255‬‬
‫مسلك التواطؤ على الباعث من قبل أطراف التصرف أو بعضهم‪.‬‬
‫مسلك جريان العادة والعرف بأن عقًدا وتصرًفا ما إنما يتم من أجل باعث‪ ،‬أو مقصد معين‪.‬‬
‫مسلك محل العقد نفسه من حيث كونه ثمًنا أو مثمًنا‪ .‬فيدل على الباعث وراء ذلك العقد‪.‬‬
‫مسلك دللة الحال المصاحبة للتصرف‪.‬‬
‫وبينت تفاوت هذه المسالك من حيث القوة والضعف في دللتها على البواعث المستترة‪.‬‬
‫هذا وال سبحانه وتعالى أعلى وأعلم وصلى ال وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله‬
‫وصحبه أجمعين‪.‬‬
‫@‪@256‬‬

‫فهرس المصادر والمراجع‪:‬‬


‫‪1‬ـ إتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة من أطراف العشرة‪ .‬للحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلني )ت ‪852‬‬
‫هـ( تحقيق جماعة من أهل العلم‪ .‬مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف ومركز خدمة السنة والسيرة‬
‫النبوية‪ .‬المدينة المنورة‪ .‬الطبعة الولى )‪ 1415‬هـ( ولما يكمل بعد‪.‬‬
‫‪2‬ـ إحياء علوم الدين‪ .‬لبي حامد محمد بن محمد الغزالي )ت ‪ 505‬هـ(‪ .‬دار المعرفة‪ .‬بيروت )‪ 1400‬هـ(‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ أسماء ال الحسنى‪ .‬للدكتور عبد ل الغصن‪ .‬درا الوطن‪ .‬الرياض‪ .‬الطبعة الولى )‪ 1417‬هـ(‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ الشباه والنظائر‪ .‬لزين الدين بن إبراهيم المعروف بابن نجيم الحنفي )ت ‪ 970‬هـ(‪ .‬دار الكتب العلمية‪.‬‬
‫بيروت‪.‬‬
‫‪5‬ـ إعلم الموقعين عن رب العالمين‪ .‬لمحمد بن أبي بكر المعروف بابن قيم الجوزية )ت ‪ 751‬هـ( تحقيق‬
‫مشهور آل سلمان‪ .‬دار ابن الجوزي‪ .‬السعودية‪ .‬الطبعة الولى )‪ 1423‬هـ(‪.‬‬
‫‪6‬ـ إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان‪ .‬لبن القيم )ت ‪ 751‬هـ(‪ .‬تحقيق محمد عفيفي‪ .‬المكتب السلمي‬
‫بيروت الطبعة الولى )‪ 1407‬هـ(‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ الفعال‪ .‬لبي عثمان سعيد بن محمد السرقسطي‪) .‬ت بعد المئة الرابعة من الهجرة( تحقيق د‪ .‬حسين‬
‫شرف‪ .‬مجمع اللغة العربية‪ .‬القاهرة‪ 1395) .‬هـ(‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ الم‪ .‬للمام محمد بن إدريس الشافعي ‪0‬ت ‪ 204‬هـ(‪ .‬تحقيق وتخريج د‪ .‬رفعت فوزي عبد المطلب ـ‬
‫درا الوفاء‪ .‬المنصورة مصر‪ ،‬الطبعة الولى )‪ 1422‬هـ(‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع‪ .‬لبي بكر بن مسعود الكاساني الحنفي )ت ‪ 587‬هـ(‪ .‬دار الكتاب‬
‫العربي‪ .‬بيروت‪ .‬الطبعة الثانية )‪ 1402‬هـ(‪.‬‬
‫‪10‬ـ بيان الدليل على بطلن التحليل‪ .‬لشيخ السلم أحمد بن عبد الحليم بن تيمية )ت ‪ 728‬هـ(‪ .‬تحقيق‬
‫حمدي عبد المجيد السلفي‪ ،‬المكتب السلمي بيروت‪ ،‬الطبعة الولى )‪ 1418‬هـ(‪.‬‬

‫@‪@257‬‬
‫‪11‬ـ تاج العروس من جواهر القاموس‪ .‬لمحمد مرتضى الزبيدي )ت ‪ 1205‬هـ( المطبعة الخيرية‪ .‬مصر )‬
‫‪ 1306‬هـ(‪.‬‬
‫‪ 12‬ـ تبصير المنتبه بتحرير المشتبه‪ .‬لبي الفضل أحمد بن حجر العسقلني )ت ‪ 852‬هـ( تحقيق‪ :‬علي‬
‫البجاوي‪ ،‬ومحمد علي النجار‪ .‬المكتبة العلمية بيروت‪.‬‬
‫‪13‬ـ تحقيق صدق النية عند الغزالي‪ .‬للدكتور‪ :‬عبد الحليم أحمدي‪ .‬بحث منشور في مجلة الشريعة‬
‫السلمية‪ .‬العدد الثالث عشر‪ .‬جامعة الكويت‪.‬‬
‫‪14‬ـ التشريع الجنائي السلمي مقارًنا بالقانون الوضعي‪ .‬للستاذ‪ :‬عبد القادر عودة )‪ 1374‬هـ( دار الكتاب‬
‫العربي‪ .‬بيروت‪.‬‬
‫‪ 15‬ـ تفسير ابن كثير‪ .‬للمام الحافظ أبي الفداء إسماعيل بن كثير )ت ‪ 774‬هـ(‪ ،‬دار إحياء الكتب العربية‪.‬‬
‫‪16‬ـ تهذيب السماء واللغات‪ .‬لبي بكر محيي الدين بن شرف النووي الشافعي )ت ‪ 676‬هـ(‪ .‬إدارة‬
‫الطباعة المنيرية‪.‬‬
‫‪17‬ـ تهذيب اللغة‪ .‬لبي منصور محمد بن أحمد الزهري )ت ‪ 370‬هـ( تحقيق عبد السلم هارون وآخرين‪.‬‬
‫‪ 18‬ـ جامع التعريب بالطريق القريب‪ .‬لجمال الدين عبد ال بن أحمد البشبيشي )ت ‪ 820‬هـ(‪ .‬تحقيق وشرح‬
‫نصوحي أونال قره أرسلن ـ مركز الدراسات الشرقية‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،‬الطبعة الولى )‪ 1416‬هـ(‪.‬‬
‫‪ 19‬ـ جمهرة اللغة‪ ،‬لبي بكر محمد بن دريد )ت ‪ 321‬هـ(‪ .‬دائرة المعارف العثمانية‪ ،‬الهند‪ ،‬الطبعة الولى‬
‫)‪ 351‬هـ(‪.‬‬
‫‪ 20‬ـ الجنايات في الفقه السلمي‪ .‬للدكتور حسن بن علي الشاذلي‪ ،‬دار الكتاب الجامعي الطبعة الثانية‪.‬‬
‫‪ 21‬ـ حلية الولياء وطبقات الصفياء‪ .‬للحافظ أبي نعيم أحمد بن عبد ال الصبهاني )ت ‪ 430‬هـ(‪ .‬دار‬
‫الكتاب العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة الثالثة )‪ 1400‬هـ(‪.‬‬
‫‪ 22‬ـ دستور الخلق في القرآن‪ .‬للدكتور محمد عبد ال دراز‪ ،‬تعريب وتحقيق د‪ .‬عبد الصبور شاهين‪،‬‬
‫مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت الطبعة الرابعة )‪ 1402‬هـ(‪.‬‬

‫@‪@258‬‬

‫‪23‬ـ الروح‪ .‬للغمام ابن قيم الجوزية )ت ‪ 751‬هـ( تحقيق د‪.‬بسام علي سلمة العموش‪ .‬دار ابن تيمية‪،‬‬
‫الرياض‪ ،‬الطبعة الثانية )‪ 1412‬هـ(‪.‬‬
‫‪ 24‬ـ سبل السلم‪ .‬لمحمد بن إسماعيل المير الصنعاني )ت ‪ 1182‬هـ( تحقيق طارق بن عوض ال محمد‪،‬‬
‫دار العاصمة‪ .‬الرياض‪ ،‬الطبعة الولى )‪ 1422‬هـ(‪.‬‬
‫‪ 25‬ـ السنن الواردة في الفتن وغوائلها والساعة وأشراطها‪ .‬لبي عمرو عثمان بن سعيد الداني )ت ‪ 444‬ه(‬
‫تحقيق د‪ .‬رضا ال بن محمد المباركفوري‪ ،‬دار العاصمة‪ ،‬الرياض‪ ،‬الطبعة الولى )‪ 1416‬هـ(‪.‬‬
‫‪ 26‬ـ السياسة الشرعية‪ .‬لشيخ السلم أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية )ت ‪ 728‬هـ(‪ .‬مطبوع من شرحه‬
‫للشيخ ابن عثيمين‪ .‬اعتنى به‪ :‬صالح عثمان اللحام‪ .‬الدار العثمانية عمان‪ ،‬ودار ابن حزم بيروت‪ .‬الطبعة‬
‫الولى )‪ 1425‬هـ(‪.‬‬
‫‪ 27‬ـ الدلة الصيلة شرح مجلة الحكام العدلية‪ .‬لمحمد سعيد بن مراد الغزي )ت ‪ 1346‬هـ(‪ .‬دمشق )‬
‫‪1924‬م(‪.‬‬
‫‪28‬ـ الصحاح لسماعيل حماد الجوهري )ت ‪ 393‬هـ( تحقيق أحمد عبالغفور عطار‪ ،‬درا العلم للمليين‪،‬‬
‫بيروت‪ .‬الطبعة الثانية )‪ 1399‬هـ(‪.‬‬
‫‪ 29‬ـ صحيح البخاري‪ .‬للمام محمد بن إسماعيل البخاري )ت ‪ 256‬هـ(‪ ،‬مطبوع مع فتح الباري‪.‬‬
‫‪30‬ـ صحيح مسلم‪ .‬للمام أبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري )ت ‪ 216‬هـ( تحقيق محمد‬
‫فؤاد عبد الباقي‪ .‬المكتبة السلمية تركيا‪ .‬الطبعة الولى )‪ 1374‬هـ(‪.‬‬
‫‪ 31‬ـ الطرق الحكمية في السياسة الشرعية‪ .‬للمام ابن القيم )ت ‪ 751‬هـ( تحقيق د‪ .‬محمد جميل غازي‪.‬‬
‫دار المدني‪ .‬جدة‪.‬‬
‫‪ 32‬ـ الظروف المشددة والمخففة في عقوبة التعزير في الفقه السلمي‪ .‬للدكتور ناصر بن علي الخليفي‪.‬‬
‫مطبعة المدني‪ .‬الطبعة الولى )‪ 1412‬هـ(‪.‬‬
‫‪33‬ـ العقود‪ .‬لشيخ السلم أحمد بن عبد الحليم بن تيمية )ت ‪ 728‬هـ( تحقيق نشأت المصري‪ .‬مكتبة‬
‫المورد‪ .‬الطبعة الولى )‪ 1423‬هـ(‪.‬‬
‫@‪@259‬‬
‫‪34‬ـ الغريبين‪ .‬لبي عبيد أحمد بن محمد الهروي )ت ‪ 401‬هـ( دائرة المعارف العثمانية‪ .‬الهند‪ .‬الطبعة‬
‫الولى )‪ 1406‬هـ(‪.‬‬
‫‪ 35‬ـ الفائق في غريب الحديث‪ .‬لجار ال محمود بن عمر الزمخشري )ت ‪ 538‬هـ( تحقيق علي محمد‬
‫البجاوي ومحمد أبو الفضل إبراهيم‪ .‬مطبعة الحلبي‪ ،‬الطبعة الثانية‪.‬‬
‫‪36‬ـ فتح الباري بشرح صحيح البخاري‪ .‬لبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلني )ت ‪ 852‬هـ(‬
‫المكتبة السلفية‪ .‬الطبعة الثانية )‪ 1403‬هـ(‪.‬‬
‫‪ 37‬ـ الفتن‪ .‬للحافظ أبي عبد ال نعيم بن حماد المروزي )ت ‪ 288‬هـ( تحقيق سمير الزهيري‪ .‬مكتبة‬
‫التوحيد‪ .‬القاهرة‪ ،‬الطبعة الولى )‪ 1412‬هـ(‪.‬‬
‫‪38‬ـ الفروق‪ .‬لبي العباس أحمد بن إدريس القرافي المالكي )ت ‪ 684‬هـ( تحقيق عمر حسن القيام‪ .‬مؤسسة‬
‫الرسالة بيروت‪ ،‬الطبعة الولى )‪ 1424‬هـ(‪.‬‬
‫‪39‬ـ قاعدة العادة محكمة‪ .‬للدكتور يعقوب بن عبد الوهاب الباحسين‪ .‬مكتبة الرشد‪ .‬الرياض‪ .‬الطبعة الولى )‬
‫‪ 1423‬هـ(‪.‬‬
‫‪ – 40‬قواعد ابن رجب المسمى تقرير القواعد وتحرير الفوائد‪ .‬للمام زين الدين عبد الرحمن بن رجب‬
‫الحنبلي )ت ‪ 795‬هـ(‪ .‬تحقيق مشهور آل سلمان‪ .‬دار ابن عفان السعودية‪ .‬الطبعة الولى )‪ 1419‬هـ(‪.‬‬
‫‪ 41‬ـ قواعد الحكام في إصلح النام‪ .‬لعز الدين عبد العزيز بن عبد السلم )ت ‪ 660‬هـ( تحقيق د‪ .‬نزيه‬
‫كمال حماد‪ ،‬ود‪ .‬عثمان جمعة ضميرية‪ ،‬دار القلم دمشق‪ .‬الطبعة الولى )‪ 1412‬هـ(‪.‬‬
‫‪ 42‬ـ القواعد والصول الجامعة‪ ،‬والفروق والتقاسيم البديعة النافعة‪ .‬لعبد الرحمن بن ناصر السعدي )ت‬
‫‪1376‬هـ( مكتبة السنة‪ .‬القاهرة‪ .‬الطبعة الولى‪.‬‬
‫‪43‬ـ قواعد المقاصد عند المام الشاطبي‪ .‬للدكتور عبد الرحمن بن إبراهيم الكيلني‪ ،‬درا الفكر‪ ،‬دمشق‪،‬‬
‫الطبعة الولى )‪ 1421‬هـ(‪.‬‬
‫‪44‬ـ القواعد النورانية‪ .‬لشيخ السلم أحمد بن عبد الحليم بن تيمية )ت ‪ 728‬هـ( تحقيق محيسن بن عبد‬
‫الرحمن المحيسن‪ ،‬مكتبة التوبة‪ .‬الرياض‪ .‬الطبعة الولى )‪ 1423‬هـ(‪.‬‬

‫@‪@260‬‬

‫‪45‬ـ الكافي في فقه أهل المدين‪ .‬لبي عمر يوسف بن عبد ال بن عبد البر المالكي )ت ‪ 463‬هـ( تحقيق د‪.‬‬
‫محمد أحمد أحيد ولد ماديك الموريتاني‪ .‬مكتبة الرياض الحديثة‪ .‬الطبعة الولى )‪ 1398‬هـ(‪.‬‬
‫‪ 46‬ـ اللتزامات في الشرع السلمي‪ .‬للشيخ‪ :‬أحمد إبراهيم بك‪ ،‬دار النصار‪ .‬مصر‪.‬‬
‫‪47‬ـ لسان العرب‪ .‬لبي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم‪ ،‬المشهور بابن منظور )ت ‪ 711‬هـ( دار‬
‫صادر‪.‬‬
‫‪48‬ـ المجموع شرح المهذب‪ .‬لبي زكريا يحيى بن شرف النووي )ت ‪ 676‬هـ( دار الفكر‪.‬‬
‫‪49‬ـ مجموع الفتاوى‪ .‬لشيخ السلم ابن تيمية )ت ‪ 728‬هـ ( جمع وترتيب عبد الرحمن ابن محمد بن قاسم‪.‬‬
‫الرئاسة العامة لشؤون الحرمين الشريفين‪.‬‬
‫‪50‬ـ المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث‪ .‬لبي موسى محمد بن أبي بكر المديني الصفهاني )ت‬
‫‪ 581‬هـ( تحقيق عبد الكريم العزباوي‪ .‬جامعة أم القرى ابتدئ بطبعه عام )‪ 1406‬هـ( وانتهى منه عام )‬
‫‪ 1410‬هـ(‪.‬‬
‫‪51‬ـ المحكم والمحيط العظم‪ .‬لعلي بن إسحاق بن سيده )ت ‪ 458‬هـ( تحقيق‪ :‬مصطفى السقا‪ .‬وحسين‬
‫نصار‪ .‬معهد المخطوطات العربية‪.‬‬
‫‪52‬ـ محيط المحيط‪ .‬لبطرس البستاني‪ .‬مكتبة لبنان‪ .‬بيروت )‪ 1983‬م(‪.‬‬
‫‪53‬ـ مختصر الطحاوي‪ .‬لبي جعفر أحمد بن محمد بن سلمة الطحاوي الحنفي )ت ‪ 321‬هـ( تحقيق‪ :‬أبي‬
‫الوفا الفغاني‪ ،‬دار إحياء العلوم‪ .‬الطبعة الولى )‪ 1406‬هـ(‪.‬‬
‫‪ 54‬ـ مدارج السالكين‪ .‬للمام ابن قيم الجوزية )ت ‪ 751‬هـ( تحقيق محمد حامد الفقي دار الكتاب العربي‬
‫بيروت )‪ 1392‬هـ(‪.‬‬
‫‪ 55‬ـ المخل الفقهي العام‪ .‬للستاذ مصطفى أحمد الزرقا‪ .‬دار القلم‪ ،‬دمشق‪ ،‬الطبعة الولى )‪ 1418‬هـ(‪.‬‬
‫‪56‬ـ المدخل الفقهي السلمي‪ .‬للدكتور عبد ال الدرعان‪ ،‬مكتبة التوبة‪ .‬الرياض‪ .‬الطبعة الولى )‪1413‬‬
‫هـ(‪.‬‬
‫@‪@261‬‬

‫‪ -57‬المستدرك على الصحيحين‪ .‬للحافظ أبي عبد ال الحاكم النيسابوري )ت ‪ 405‬هـ( دار الكتاب العربي‪.‬‬
‫‪ 58‬ـ المصنف‪ .‬للحافظ‪ :‬أبي بكر عبد الرزاق بن همام الصنعاني )ت ‪ 200‬هـ( تحقيق حبيب الرحمن‬
‫العظمي‪ .‬المكتب السلمي الطبعة الثانية )‪ 1403‬هـ(‪.‬‬
‫‪ 59‬ـ المصنف في الحاديث والثار‪ .‬للحافظ أبي بكر عبد ال بن محمد بن أبي شيبة )ت ‪ 235‬هـ( تحقيق‬
‫عبد الخالق الفغاني‪ .‬الدار السلفية‪ :‬الهند‪ .‬الطبعة الثانية )‪ 1399‬هـ(‪.‬‬
‫‪60‬ـ معجم الفعال المتعدية بحرف‪ .‬لموسى بن محمد الحمدي‪ ،‬دار العلم للمليين بيروت‪ ،‬الطبعة الولى )‬
‫‪1979‬م(‪.‬‬
‫‪61‬ـ معجم المصطلحات الفقهية والقانونية‪ .‬للدكتور جرجس جرجس‪ .‬الشركة العالمية للكتاب‪ .‬الطبعة الولى‬
‫)‪1979‬م(‪.‬‬
‫‪62‬ـ المغني‪ .‬لبي محمد عبد ال بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي الحنبلي )ت ‪ 620‬هـ( تحقيق د‪ .‬عبد‬
‫ال التركي ود‪ .‬عبد الفتاح الحلو‪ .‬هجر للطباعة والنشر‪ .‬ابتدئ في طبعه عام )‪ 1406‬هـ(‪.‬‬
‫‪63‬ـ المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم‪ .‬للحافظ أبي العباس أحمد بن عمر القرطبي )ت ‪ 656‬هـ(‬
‫تحقيق محيي الدين مستو وآخرين‪ .‬دار ابن كثير دمشق‪ ،‬الطبعة الولى )‪1417‬هـ(‪.‬‬
‫‪64‬ـ مقاصد الشريعة عند المام العز بن عبد السلم‪ .‬للدكتور عمر بن صالح بن عمر‪ .‬دار النفائس‪ ،‬الردن‪.‬‬
‫الطبعة الولى )‪ 1423‬هـ(‪.‬‬
‫‪65‬ـ مقاصد المكلفين فيما يتعبد به لرب العالمين‪ .‬للدكتور عمر بن سلمان الشقر مكتبة الفلح‪ .‬الكويت‪.‬‬
‫الطبعة الولى )‪ 1401‬هـ(‪.‬‬
‫‪66‬ـ مقاييس اللغة‪ .‬لبي الحسين أحمد بن فارس )ت ‪ 395‬هـ( تحقيق عبد السلم هارون‪ .‬مكتبة الخانجي‪.‬‬
‫الطبعة الثالثة )‪ 1402‬هـ(‪.‬‬
‫‪67‬ـ الموافقات‪ .‬لبي إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي )ت ‪ 790‬هـ( تحقيق مشهور آل سلمان‪ .‬دار ابن‬
‫عفان‪ .‬السعودية‪ ،‬الطبعة الولى )‪1417‬هـ(‪.‬‬
‫‪68‬ـ مواهب الجليل شرح مختصر خليل‪ .‬لبي عبد ال محمد بن محمد المغربي المعروف بالحطاب )ت‬
‫‪ 954‬هـ( دار الفكر الطبعة الثانية )‪ 1398‬هـ(‪.‬‬
‫‪69‬ـ النظرية الفقهية‪ .‬للدكتور فتحي الدريني‪ ،‬مطبوعات جامعة دمشق‪ ،‬الطبعة الثانية )‪ 1409‬ـ ‪1410‬‬
‫هـ(‪.‬‬
‫‪70‬ـ نظرية الباعث في الشريعة السلمية والقانون الوضعي‪ .‬لحليمة آيت حمودي‪ ،‬دار الحداثة للطباعة‬
‫والنشر والتوزيع‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة الولى )‪1986‬هـ(‪.‬‬
‫‪71‬ـ نظرية الباعث وأثرها في العقود والتصرفات‪ .‬لعبد ال بن إبراهيم بن زيد الكيلني مطابع وزارة‬
‫الوقاف‪ .‬الردن‪.‬‬
‫‪72‬ـ نظرية التعسف في استعمال الحق‪ .‬الدكتور‪ :‬فتحي الدريني‪ .‬مؤسسة الرسالة بيروت‪ .‬الطبعة الثانية )‬
‫‪1998‬م(‪.‬‬
‫‪73‬ـ نظرية العقد‪ .‬للدكتور عبد الرزاق السنهوري )ت ‪ 1391‬هـ(‪ .‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‬
‫الطبعة الثانية )‪ 1998‬م(‪.‬‬
‫‪74‬ـ النظرية العامة لللتزام‪ .‬للدكتور عبد الحي حجازي‪.‬مطبوعات جامعة الكويت )‪1402‬هـ(‪.‬‬
‫‪75‬ـ النهاية في غريب الحديث‪ .‬لمجد الدين‪ :‬المبارك بن محمد بن الثير )ت ‪ 606‬هـ( تحقيق محمود‬
‫الطناحي‪ ،‬المكتبة السلمية‪.‬‬
‫‪76‬ـ الوسيط في شرح القانون المدني‪ :‬للدكتور‪ :‬عبد الرزاق أحمد السنهوري‪ .‬دار إحياء التراث العربي‪.‬‬
‫بيروت‪.‬‬

‫كتاب التزكية‬
‫تأليف‬
‫حسام الدين عمر بن عبد العزيز بن مازه البخاري‬
‫المعروف بالصدر الشهيد المتوفى سنة ‪ 536‬هـ‬

‫تحقيق ودراسة‬
‫الدكتور‪ /‬خالد بن زيد الوذيناني‬
‫قسم الفقه المقارن ـ المعهد العالي للقضاء‬
‫جامعة المام محمد بن سعود السلمية‬

‫@‪@265‬‬

‫إن الحمد ل نحمده ونستعينه ونستغفره‪ ،‬ونعوذ بال من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا‪ ،‬من يهده ال فل مضل‬
‫له‪ ،‬ومن يضلل فل هادي له‪ ،‬وأشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك له‪ ،‬وأشهد أن محمًدا عبده ورسوله‪،‬‬
‫صلى ال عليه وعلى آله وسلم تسليًما كثيًرا‪.‬‬

‫أما بعد‪:‬‬
‫فهذا مختصر بعنوان "كتاب التزكية" على مذهب المام أبي حنيفة ـ لمؤلفه ـ شيخ الحنفية وعالم المشرق في‬
‫عصره ـ حسام الدين عمر بن عبد العزيز مازه البخاري المعروف بالصدر الشهيد جمع فيه أهم مسائل‬
‫الجرح والتعديل فجاء هذا المختصر غزير العلم عظيم النفع‪.‬‬
‫ولما يتمتع به المؤلف ـ رحمه ال ـ من مكانة ومنزلة علمية‪ ،‬وشهرة واسعة‪ ،‬فقد شاع ذكره ونفع ال بعلمه‪،‬‬
‫فكانت أقواله محل عناية من جاء بعده من فقهاء الحنفية‪ ،‬ول تزال جل مؤلفاته حبيسة الرفف والمكتبات‪.‬‬
‫ضا‬
‫لذلك كله‪ :‬أحببت أن أسعى بتحقيق هذا المختصر اللطيف إبراًزا له حتى يستفاد منه‪ ،‬وخدمة لتراثنا ونهو ً‬
‫به‪.‬‬
‫وقد جعلت عملي في هذا المخطوط على قسمين‪:‬‬
‫ل‪ :‬القسم الدراسي‪.‬‬ ‫أو ً‬
‫وفيه مبحثان‪:‬‬
‫المبحث الول‪ :‬التعريف بالمؤلف‪.‬‬
‫ويشتمل على ما يلي‪:‬‬
‫‪1‬ـ اسمه‪ ،‬ونسبه‪ ،‬ومولده‪.‬‬
‫‪2‬ـ مكانته العلمية‪ ،‬وثناء العلماء عليه‪.‬‬

‫@‪@266‬‬

‫‪3‬ـ مشايخه‪.‬‬
‫‪4‬ـ تلميذه‪.‬‬
‫‪5‬ـ مؤلفاته‪.‬‬
‫‪6‬ـ وفاته‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬التعريف بالكتاب المحقق‪.‬‬


‫ويشتمل على ما يلي‪:‬‬
‫‪1‬ـ وصف مخطوطات الكتاب وأماكن وجودها‪.‬‬
‫‪2‬ـ عنوان الكتاب وصحة نسبته إلى المؤلف‪.‬‬
‫‪3‬ـ سبب تأليفه‪.‬‬

‫ثانًيا‪ :‬قسم التحقيق‪ .‬ومنهجي فيه على النحو التي‪:‬‬


‫ل‪ :‬إخراج نص الكتاب على أقرب صورة وضعه عليها المؤلف‪ ،‬وذلك باتخاذ الخطوات التية‪:‬‬ ‫أو ً‬
‫‪1‬ـ نسخت هذا الكتاب المحقق من ثلث نسخ خطية‪ ،‬وقد اخترت منها نسخة مكتبة الحرم المكي الشريف؛‬
‫لتكون المعتمدة‪ ،‬وذلك لما تتميز به من قدم ـ حسب تقدير أمناء المكتبة ـ ووضوح‪ ،‬وسلمة ـ غالًيا ـ من‬
‫ل‪ ،‬ورمزت لها بحرف الهمزة )أ(‪.‬‬‫السقط والتحريف‪ ،‬لذا جعلتها أص ً‬
‫فإن كان ثمة خطأ أو نقص يؤثر في المعنى فأثبت الصواب‪ ،‬وأضيف الزيادة من النسختين الخرتين اللتين‬
‫رمزت لهما بحرفي الباء )ب( والجيم )ج(‪ ،‬وأشير إلى ذلك في الهامش‪ ،‬وإن كان الخطأ في جميع النسخ‬
‫فأثبت في النص ما جاء في النسخ ثم أشير إلى الصحيح في الهامش‪.‬‬

‫@‪@267‬‬

‫أما إذا كان الختلف بين النسخ من اختلف التنوع‪ ،‬وكان ذا معنى زائد‪ ،‬فإني أثبت الفروق التي في النسخة‬
‫الخرى في الهامش‪.‬‬
‫‪2‬ـ المحافظة على شكل النص وموضوعه إل في المور التية‪:‬‬
‫أـ رسم الكتاب‪ ،‬فقد رسمته بالرسم الحديث‪ ،‬وعلى وفق القواعد الملئية الحديثة مع عدم الشارة إلى ذلك‬
‫الهامش‪.‬‬
‫ب ـ ضبط ما يحتاج إلى ضبط من ألفاظ الكتاب‪.‬‬
‫ج ـ إعجام ما أهمله الناسخ من الحروف‪ ،‬ول أشير إلى ذلك إل إذا اختلف المعنى بذلك العجام‪.‬‬
‫ثانًيا‪ :‬توثيق الراء الفقهية التي ذكرها المؤلف‪ .‬وذلك بإحالتها إلى مصادرها الصلية‪.‬‬
‫ثالًثا‪ :‬ترقيم اليات القرآنية وبيان مواضعها من السور‪.‬‬
‫رابًعا‪ :‬تخريج الحاديث الواردة في الكتاب‪ ،‬والحكم عليها‪ ،‬فإن كان الحديث في الصحيحين أو في أحدهما‬
‫أكتفي بالعزو إليهما‪.‬‬
‫سا‪ :‬تخريج الثار الواردة في الكتاب والحكم عليها‪.‬‬ ‫خام ً‬
‫سا‪ :‬شرح المفردات اللغوية الغريبة‪.‬‬ ‫ساد ً‬
‫سابًعا‪ :‬شرح المصطلحات الفقهية والصولية والحديثية الغريبة‪.‬‬
‫ثامًنا‪ :‬الترجمة للعلم المشهورين‪.‬‬
‫تاسًعا‪ :‬فهرس المصادر والمراجع ‪ #‬لم أضع فهارس لليات والحاديث لنه ليس لها في المخطوط من‬
‫العدد ما يستدعي ذلك‪#.‬‬
‫حا سليًما من‬
‫جا صحي ً‬
‫هذا؛ وقد سرت على هذا المنهج من أجل إخراج الكتاب ـ كما أراده المؤلف ـ إخرا ً‬
‫الخطاء الملئية واللغوية‪.‬‬
‫@‪@268‬‬

‫صا لوجهه الكريم‪ ،‬وأن يجعله في ميزان العمال يوم ل ينفع‬


‫ل المولى عز وجل أن يتقبل عملي هذا خال ً‬
‫سائ ً‬
‫مال ول بنون إل من أتى ال بقلب سليم‪ ،‬وصلى ال على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‪.‬‬

‫@‪@269‬‬

‫القسم الدراسي‪:‬‬
‫المبحث الول‪ :‬التعريف بالمؤلف‪:‬‬
‫ويتضمن‪:‬‬
‫‪1‬ـ اسم المؤلف‪ ،‬ونسبه‪ ،‬ومولده‪:‬‬
‫مؤلف هذا الكتاب هو‪ :‬حسام الدين أو محمد أبو حفص عمر بن عبد العزيز ابن عمر بن مازه البخاري‬
‫الحنفي‪ ،‬برهان الئمة‪ ،‬المعروف بالحسام الشهيد‪ ،‬والصدر الشهيد من أهل بخارى‪#‬انظر‪ :‬سير أعلم النبلء‬
‫‪ ،20/97‬الجواهر المضية ‪ ،650 ،2/649‬وتاج التراجم ص ‪ ،218 ،217‬والفوائد البهية ص ‪،193‬‬
‫العلم ‪ ،5/51‬معجم المؤلفين ‪ ، #.2/562‬وقيل جده العلى عمر لقبه مازه وأولده يعرفون ببني‬
‫مازه‪#‬انظر‪ :‬الجواهر المضية ‪#.2/674‬‬
‫مولده‪ :‬ولد في صدر الشهيد في صفر سنة ثلث وثمانين وأربعمائة‪#‬انظر‪ :‬الجواهر المضية ‪ ،2/650‬وتاج‬
‫التراجم ص ‪ ،218‬وهدية العارفين ‪ ،1/783‬ومفتاح السعادة ‪ #.2/251‬الموافق لسنة ‪1090‬‬
‫ميلدية‪#‬انظر العلم ‪ ،5/51‬ومعجم المؤلفين ‪#.2/562‬‬
‫‪2‬ـ مكانته العلمية وثناء العلماء عليه‪:‬‬
‫تبوأ الصدر الشهيد ـ رحمه ال ـ منزلة علمية عالية بين العلماء‪ ،‬فقد كان من كبار الئمة وأعيان الفقهاء‪ ،‬له‬
‫اليد الطولى في الخلف والمذهب الحنفي‪ ،‬اجتهد وبالغ في التحصيل‪ ،‬وناظر العلماء ودرس الفقهاء‪ ،‬وقهر‬
‫الخصوم‪ ،‬وفاق الفضلء في حياة أبيه بخرسان‪ ،‬وأقر بفضله الموافق والمخالف‪ ،‬ثم ارتفع أمره حتى صار‬
‫السلطان ومن دونه يعظمونه‪ ،‬ويصدرون عن رأيه‪#‬انظر‪ :‬سير أعلم النبلء ‪ ،20/97‬والفوائد البهية ص‬
‫‪#.193‬‬

‫@‪@270‬‬

‫وأثنى عليه العلماء وشهدوا له بطول الباع في فروع العلم‪ ،‬قال عنه الذهبي )ت ‪ 748‬هـ(‪:‬‬
‫"شيخ الحنفية‪ ،‬عالم المشرق‪ ،...‬وصار يضرب به المثل‪ ،‬وعظم شأنه عند السلطان‪ ،‬وبقي يصدر عن‬
‫رأيه"‪#‬سير أعلم النبلء ‪#.20/97‬‬
‫ووصفه القرشي )ت ‪ 775‬هـ( بأنه‪:‬‬
‫"المام ابن المام‪ ،‬والبحر ابن البحر"‪#‬الجواهر المضية ‪ #.2/649‬ثم نقل عن صاحب‪#‬هو علي بن أبي‬
‫بكر المرغيناني‪ ،‬وسيأتي في تلميذه‪ #.‬الهداية أنه ذكره في معجم شيوخه وقال عنه‪" :‬تلقفت من فلق فيه من‬
‫علمي النظر والفقه‪ ،‬واقتبست من غزير فوائده من محافل النظر‪ ...‬لكن لم يتفق لي الجازة منه في الرواية‪،‬‬
‫وأخبرني عنه غير واحد من المشايخ"‪#‬الجواهر المضية ‪#.2/650‬‬
‫وقال عنه الشيخ اللكنوي )ت‪ 1304 :‬هـ(‪:‬‬
‫"إمام الفروع والصول المبرز في المعقول والمنقول"‪#‬الفوائد البهية ص ‪ ، #.193‬وأطال في الثناء عليه‪.‬‬
‫‪3‬ـ مشايخه‪ :‬تجمع كتب التراجم على أن الصدر الشهيد ـ رحمه ال ـ تفقه على أبيه برهان الدين الكبير عبد‬
‫العزيز بن عمر بن مازه‪#‬انظر‪ :‬سير أعلم النبلء ‪ ،20/97‬والجواهر المضية ‪ ،2/649‬وتاج التراجم ص‬
‫‪ ،218‬والفوائد البهية ص ‪ #.193‬وكان من أبرز مشايخه ومحل اهتمامه وعنايته‪ ،‬ونقل الذهبي‪#‬انظر‪:‬‬
‫سير أعلم النبلء ‪ #.20/97‬عن السمعاني )ت‪ 562 :‬هـ( أن الصدر الشهيد سمع من علي بن محمد بن‬
‫خدام‬
‫@‪@271‬‬

‫)ت ‪ 493‬هـ( وحدث عن أبي سعيد أحمد الطيوري )ت‪ 517 :‬هـ(‪ ،‬وأبي طالب بن يوسف )ت ‪ 516‬هـ(‪.‬‬

‫‪4‬ـ تلميذه‪:‬‬
‫تفقه عليه ـ رحمه ال ـ خلق كثير‪ ،‬منهم ‪#‬انظر‪ :‬سير أعلم النبلء ‪ ،20/97‬الجواهر المضية ‪ ،2/650‬تاج‬
‫التراجم ص ‪#.21‬‬
‫ابنه محمد بن عمر بن عبد العزيز بن مازه )ت‪ 566 :‬هـ(‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫أبو علي الحسن بن مسعود بن الوزير الدمشقي )ت‪ 543 :‬هـ(‬ ‫‪-‬‬
‫محمد بن محمد السرخسي برهان السلم )ت‪ 544 :‬هـ(‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫علي بن أبي بكر المرغيناني ـ صاحب الهداية ـ )ت‪ 593 :‬هـ(‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫أبو محمد عمر بن محمد العقيلي )ت‪ 596 :‬هـ(‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪5‬ـ مؤلفاته‪:‬‬
‫ترك الصدر الشهيد ـ رحمه ال تعالى ـ ثروة علمية كبيرة‪ ،‬فقد نسبت إليه كتب التراجم طائفة من الكتب‪،‬‬
‫طا‪ ،‬منها‪:‬‬
‫لكن أكثرها ل يزال مخطو ً‬
‫‪ -‬كتاب أصول الفقه والمسمى بأصول حسام الدين‪#‬انظر‪ :‬كشف الظنون ‪ ،1/113‬وهدية العارفين‬
‫‪#.1/783‬‬
‫الفتاوى الصغرى‪#‬انظر‪ :‬الجواهر المضية ‪ ،2/649‬وتاج التراجم ص ‪ ،218‬ومفتاح السعادة‬ ‫‪-‬‬
‫‪ ،2/251‬وكشف الظنون ‪ ،2/1224‬وهدية العارفين ‪#.1/783‬‬
‫الفتاوى الكبرى ‪#‬انظر‪ :‬الجواهر المضية ‪ ،2/649‬وتاج التراجم ص ‪ ،218‬مفتاح السعادة ‪،2/251‬‬ ‫‪-‬‬
‫كشف الظنون ‪ ،2/1228‬هدية العارفين ‪#.1/783‬‬
‫الواقعات في الفروع‪ ،‬المعروف بالجناس‪#‬انظر‪ :‬كشف الظنون ‪ ،2/198 ،1/11‬هدية العارفين‬ ‫‪-‬‬
‫‪ ،1/783‬والفوائد البهية ص ‪#.193‬‬
‫الجامع الصغير المعروف بجامع الصدر الشهيد‪#‬انظر‪ :‬الجواهر المضية ‪ ،2/649‬وتاج التراجم ص‬ ‫‪-‬‬
‫‪ ،218‬مفتاح السعادة ‪ ،2/251‬كشف الظنون ‪ ،1/563‬هدية العارفين ‪#.1/783‬‬

‫@‪@272‬‬

‫شرح الجامع الصغير للمام محمد بن الحسن الشيباني‪#‬انظر‪ :‬هدية العارفين‬ ‫‪-‬‬
‫‪ ،1/783‬والفوائد البهية ص ‪#.193‬‬
‫شرح أدب القاضي للخصاف‪#‬انظر‪ :‬فتح السعادة ‪ ،2/251‬وكشف الظنون ‪،1/46‬‬ ‫‪-‬‬
‫هدية العارفين ‪ ،1/783‬والفوائد البهية ص ‪ #.193‬وهو كتاب مطبوع‪.‬‬
‫شرح أدب القاضي لبي يوسف‪#‬انظر هدية العارفين ‪#.1/783‬‬ ‫‪-‬‬
‫شرح الجامع الكبير في الفروع للمام محمد بن الحسن الشيباني‪#‬انظر‪ :‬كشف‬ ‫‪-‬‬
‫الظنون ‪ ،1/569‬وهدية العارفين ‪#.1/783‬‬
‫عمدة المفتي والمستفتي‪#‬انظر‪ :‬هدية العارفين ‪ ،1/783‬وإيضاح المكنون‬ ‫‪-‬‬
‫‪#.2/124‬‬
‫كتاب التزكية ‪#‬انظر‪ :‬كشف الظنون ‪ ،2/1404‬وهدية العارفين ‪#.1/783‬‬ ‫‪-‬‬
‫كتاب الشيوع‪#‬انظر‪ :‬كشف الظنون ‪ ،2/1431‬وهدية العارفين ‪ ،1/783‬وقال‬ ‫‪-‬‬
‫البغدادي صاحب الهدية بعد ذكره لكتاب الشيوع ونسبته إلى الصدر الشهيد‪" :‬لعله البيوع"‪.‬‬
‫قلت‪ :‬بل هو "كتاب الشيوع"‪ ،‬تكلم فيه الصدر الشهيد عن مسائل الشيوع في البيع والجارة‬
‫والعارة‪...‬إلخ‪ ،‬ولدي نسخ خطية من هذا الكتاب‪# .‬‬
‫كتاب التراويح‪#‬انظر‪ :‬كشف الظنون ‪ ،2/1435‬وهدية العارفين ‪#.1/783‬‬ ‫‪-‬‬
‫كتاب طبخ العصير ‪#‬انظر كشف الظنون ‪ ،2/1435‬وهدية العارفين ‪#.1/783‬‬ ‫‪-‬‬
‫كتاب الوقف والبتداء‪#‬انظر كشف الظنون ‪#.2/1471‬‬ ‫‪-‬‬
‫المبسوط في الخلفيات ‪#‬انظر تاج التراجم ص ‪ ،218‬ومفتاح السعادة ‪#.2/251‬‬ ‫‪-‬‬

‫@‪@273‬‬

‫وفاته‪:‬‬
‫استشهد ـ رحمه ال ـ بعد وقعة قطوان‪#‬قطوان‪ :‬بالتحريك قرية من قرى سمرقند‪ .‬انظر معجم البلدان )‬
‫‪#.(4/375‬‬
‫وانهزام المسلمين‪ ،‬وقتل صبًرا‪#‬صبًرا‪ :‬الصبر أصله الحبس‪ ،‬وهو نصب النسان للقتل‪ ،‬وكل ذي روح‬
‫يحبس حّيا ثم يرمى حتى يقتل فقد قتل صبًرا‪ .‬انظر معجم مقاييس اللغة ‪ ،3/329‬ولسان العرب ‪،7/275‬‬
‫والمصباح المنير ‪ ،1/331‬والقاموس المحيط ‪#.2/95‬‬
‫بسمرقند في سفر سنة ست وثلثين وخمسمائة وله ثلث وخمسون سنة‪ ،‬ونقل جسده إلى بخارى‪#‬انظر‪:‬‬
‫الكامل لبن الثير ‪ ،9/4‬وسير أعلم النبلء ‪ ،20/97‬والجواهر المضية ‪ ،2/650‬تاج التراجم ص ‪،218‬‬
‫النجوم الزاهرة ‪ ،269 ،5/268‬والفوائد البهية ص ‪#.193‬‬

‫@‪@274‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬التعريف بالكتاب المحقق‪ .‬ويتضمن‪:‬‬


‫‪1‬ـ وصف مخطوطات الكتاب وأماكن وجودها‪:‬‬
‫لقد حصلت على ثلث نسخ مخطوطة لهذا الكتاب‪ ،‬وهذا وصف مفصل لهذه النسخ الثلث‪:‬‬
‫وصف النسخة الولى )الصل( ورمزها )أ(‪:‬‬
‫هذه النسخة توجد في مكتبة الحرم المكي الشريف تحت الرقم )‪ (2092/3‬ولم يذكر عليها اسم الناسخ ول‬
‫تاريخ النسخ‪ ،‬ويقدر أمناء المكتبة أنها نسخت من القرن الثامن‪ ،‬وتقع في )‪ (13‬صفحة‪ ،‬وعدد السطر في‬
‫كل صفحة يتراوح بين )‪ (19‬و)‪ (21‬سطًرا ومقاس ‪ 16/13‬سم‪.‬‬
‫وصف النسخة الثانية ورمزها )ب(‪:‬‬
‫هذه النسخة توجد في دار الكتب القطرية للمخطوطات تحت الرقم )‪ (548‬وتقع في )‪ (9‬صفحات‪ ،‬وعدد‬
‫السطر في كل صفحة )‪ (27‬سطًرا بقلم تعليق‪ ،‬ومقاس ‪ x 14 21‬سم‪ ،‬ولم يذكر عليها اسم الناسخ ول‬
‫تاريخ النسخ‪ ،‬وجاء في آخر المخطوط "ثم كتاب التزكية وأضيف إلى هذا الكتاب مسائل التزكية من المنتقى‬
‫لمحمد بن الحسن – رحمه ال –" وفي نهاية هذه المسائل أفاد الناسخ أنه نقل هذا الكتاب من النسخة التي‬
‫نقلت من نسخة شيخ السلم جمال الدين الحصري التي بخطه‪.‬‬
‫وصف النسخة الثالثة ورموزها )ج(‪:‬‬
‫هذه النسخة توجد في مكتبة كوبريلي باستانبول في تركيا‪ ،‬تحت الرقم )‪ (689‬وتقع في )‪ (9‬صفحات وعدد‬
‫من السطر في كل صفحة )‪ (23‬سطًرا‪ ،‬بخط نسخ ومقاس ‪ x 18 12‬سم‪ ،‬وجاء آخر المخطوط كما في‬
‫النسخة‬
‫@‪@275‬‬

‫الثانية‪ ،‬وأن هذه النسخة نقلت من النسخة التي نقلت من خط الحصري‪.‬‬


‫‪2‬ـ عنوان الكتاب وصحة نسبته إلى المؤلف‪:‬‬
‫عنوان هذا المختصر هو "كتاب التزكية" وهذا العنوان صرح به المؤلف في مقدمة كتابه هذا‪ ،‬كما سيأتي‬
‫ضا عدد ممن ترجم‬ ‫في سبب تأليفه‪ ،‬كما أنه مدون على غلف نسخ المخطوط‪ ،‬وذكره بهذا العنوان أي ً‬
‫للمؤلف‪#‬انظر‪ :‬كشف الظنون ‪ ،2/1404‬وهدية العارفين ‪ - #.1/783‬رحمه ال ‪.-‬‬
‫وأما صحة نسبة الكتاب إلى المؤلف فل شك أن هذا الكتاب من تأليف الصدر الشهيد – رحمه ال –‬
‫لمرين‪:‬‬
‫الول‪ :‬أن مؤلفه الصدر الشهيد – رحمه ال – صرح في كتابه هذا ببعض المؤلفات المشهورة وأحال‬
‫عليها‪ ،‬ككتابه شرح أدب القاضي للخصاف‪ ،‬وهو كتاب مطبوع للصدر الشهيد‪ ،‬حيث قال‪" :‬وذكر الخصاف‬
‫أن الشهادة على الجرح المفرد تقبل وقد ذكرنا شيًئا من ذلك في شرح الجامع الصغير‪ ،‬وتمام ذلك في شرح‬
‫ض‪."...‬‬
‫أدب القاضي المنسوب إلى الخصاف في باب القاضي يرد عليه كتاب من قا ٍ‬
‫الثاني‪ :‬أن هذا الكتاب نسبه إليه عدد ممن ترجم له ‪#‬انظر‪ :‬كشف الظنون ‪ ،2/1404‬وهدية العارفين‬
‫‪#.1/783‬‬

‫سبب تأليفه‪:‬‬ ‫‪-4‬‬


‫سبب تأليف هذا الكتاب هو ما صرح به الصدر الشهيد – رحمه ال – في مقدمة كتابه حيث قال‪" :‬فإني‬
‫لما اشتغلت بكتابة شرح المختصر الكافي التمس الفقهاء مني أن أكتب شرح الكتب التي لم يذكرها‬
‫الحاكم في المختصر وهي ثمانية كتب‪ ،‬فأجبتهم إلى ذلك وابتدأت بكتابة التزكية لنها أقصر هذه الكتب‪،‬‬
‫وسألت ال التوفيق على التمام فإنه خير مسؤول‪."...‬‬

‫@‪@276‬‬

‫قسم التحقيق‬

‫@‪@277‬‬

‫نموذج من النسخة )أ( الصفحة الولى‬


‫@‪@278‬‬
‫نموذج من النسخة )أ( الصفحة الخيرة‬
‫@‪@279‬‬
‫نموذج من النسخة )ب( الصفحة الولى‬
‫@‪@280‬‬
‫نموذج من النسخة )ب( الصفحة الخيرة‬
‫@‪@281‬‬
‫نموذج من النسخة )ج( الصفحة الولى‬

‫@‪@282‬‬
‫نموذج من النسخة )ج( الصفحة الخيرة‬

‫@‪@283‬‬
‫قال الصدر‪#‬في [ب] و[ج] "الشيخ"‪ #.‬المام الجل ‪ #‬في [ب] و[ج] زيادة "الستاذ"‪ #.‬الشهيد‪#‬قوله‬
‫"الشهيد" غير موجود في‬
‫[ب] و[ج] ‪ #.‬حسام الئمة ‪ #‬في [ب] و[ج]‪" :‬حسام الدين"‪ #.‬برهان الدين‪ #‬قوله "برهان الدين" غير‬
‫موجود في [ب] و[ج] ‪#.‬‬
‫تغمده ال تعالى بالرحمة‪#‬في [ب] و[ج]‪ :‬زيادة "ورضوانه ومغفرته"‪#.‬‬
‫الحمد ل رب العالمين‪ ،‬والعاقبة للمتقين‪ ،‬والصلة والسلم على خير خلقه محمد وآله أجمعين‪#‬من قوله‬
‫"الحمد ل" إلى قوله "وآله أجمعين" غير موجود في [ب] و[ج]‪ ، #.‬وبعد‪:‬‬
‫فإني لما اشتغلت بكتابة شرح المختصر الكافي التمس الفقهاء مني أن أكتب شرح الكتب التي لم يذكرها‬
‫الحاكم‪#‬هو‪ :‬محمد بن محمد بن أحمد المروزي‪ ،‬الوزير الحنفي‪ ،‬الشهير بالحاكم الشهيد‪ ،‬فقيه ومحدث‪،‬‬
‫ولي قضاء بخارى‪ ،‬ثم وله المير صاحب خراسان وزارته‪ ،‬صنف وجمع الكثير‪ ،‬ومن ذلك "المنتقى"‬
‫و"المختصر الكافي" جمع فيه كتب محمد بن الحسن المبسوطة‪ ،‬ما في جوامعه المؤلفة‪ ،‬قتل شهيًدا وهو‬
‫في صلة الصبح‪ ،‬في ربيع الول سنة أربع وثلثين وثلثمائة‪ .‬انظر‪ :‬الجواهر المضية )‪– 3/313‬‬
‫‪ ،(314‬وتاج التراجم ص )‪ (272‬والفوائد البهية ص )‪ ##.(243‬في [ب] و[ج] زيادة‪" :‬الشهيد رحمه‬
‫ال"‪ #.‬في المختصر وهي ثمانية كتب فأجبتهم إلى ذلك‪ ،‬وابتدأت بكتابة التزكية‪#‬التزكية في اللغة‪:‬‬
‫مصدر الفعل زكى‪ ،‬وتطلق في اللغة على النماء‪ ،‬والصلح‪ ،‬والتطهير‪ ،‬والمدح‪ .‬وفي الصطلح‪:‬‬
‫عرفها الفقهاء بأنها‪" :‬البحث عن حال الشهود وبيان صلحيتهم للشهادة"‪ .‬انظر‪ :‬لسان العرب ‪،6/64‬‬
‫‪ ،65‬المصباح المنير ‪ ،1/254‬ومغني المحتاج ‪ ،4/403‬ومعجم لغة الفقهاء ص ‪ #.129‬لنها‪ #‬في [‬
‫ب] و[ج]‪" :‬لنه"‪ #.‬أقصر هذه الكتب وسألت ال التوفيق على التمام فإنه خير مسؤول‪ #‬في [‬
‫ب] و[ج]‪ :‬زيادة‪" :‬وأكرم مأمول قال رضي ال عنه"‪#.‬‬

‫@‪@284‬‬

‫يحتاج معرفة كتاب التزكية إلى معرفة صورة المزكي‪ ،‬وصورة التزكية‪ ،‬فصورة المزكي هو العفيف‬
‫في نفسه‪ ،‬أمين من أمناء البلدة‪ ،‬يأمر القاضي بتعرف حال من ل يعرف عدالته من الشهود‪.‬‬
‫وصورة التزكية أنه إذا شهد الشهود بين يدي القاضي فالقاضي يكتب أسماءهم وأنسابهم وأسماء آبائهم‬
‫وأجدادهم وحليتهم‪ ،‬ومحالهم ومصلهم‪ ،‬ويبعث ذلك مختوًما على يد أمينة إلى المزكي لينظر المزكي‬
‫في حالهم‪#‬من قوله "ويبعث ذلك" إلى قوله "لينظر المزكي من حالهم" زيادة من [ ب] و[ج] ‪ ، #.‬فإن‬
‫ل كتب في آخر الكتاب‪ :‬أنهم عدول عندي جائزي الشهادة‪ ،‬وإن وجدهم خلف ذلك كتب‪:‬‬ ‫وجدهم عدو ً‬
‫أنهم عندي غير جائزي الشهادة‪#‬انظر فتاوى قاضي خان ‪#.2/462‬‬
‫فالتزكية في السر‪ :‬أن يسأل المزكي عن أحوال‪ #‬في [ب] و[ج]‪" :‬حال"‪ #.‬الشهود حال غيبتهم‪،‬‬
‫ويزكيهم بالكتابة‪ #‬في [ب] و[ج]‬
‫‪" :‬بالكتابة"‪ #.‬إلى القاضي حال غيبتهم‪.‬‬
‫والتزكية في العلنية‪ :‬أن يقول من يعرف حال الشاهد المزكي حال حضرة الشاهد‪ :‬هذا عدل؛ لن‬
‫المزكي إنما عرف الشاهد بالسم والنسب والحلية‪ ،‬وذا‪ #‬في [ب] و[ج]‪" :‬وهذا"‪ #.‬ل يقطع الشركة من‬
‫كل وجه‪.‬‬
‫ثم المزكي بعد ذلك بين يدي القاضي يشير إلى الشهود فيقول‪ :‬إنهم عدول؛ لن القاضي إنما عرف‬
‫تزكية المزكي بالسم والنسب والحلية‪ ،‬وذا‪ #‬في [ب] و[ج]‪" :‬وهذا"‪ #.‬ل يقطع الشركة من كل وجه‪،‬‬
‫فيجب أن يزكيهم في العلنية بالشارة ليقطع الشركة‬

‫@‪@285‬‬

‫من كل وجه‪ ،‬فيعرف القاضي أن المزكي إنما عدل أولئك الذين شهدوا عنده‪#‬في [ أ]‪" :‬عندهم" والمثبت‬
‫أنسب للسياق‪ #.‬من كل وجه‪.‬‬
‫لكن تقدم التزكية في السر على التزكية في العلنية؛ لنه أحوط؛ لن المزكي إذا سأل عن حال‪#‬قوله‬
‫"عن حال" غير موجود في‬
‫[ ب] و[ج]‪ #.‬الشاهد في العلنية ربما يكون الشاهد فاسًقا فل يخبر‪#‬في [ ب] و[ج]‪" :‬فل يجب"‪ #.‬من‬
‫يعرفه إما ستًرا عليه‪ ،‬وإما خوًفا منه‪ ،‬وكذا إذا سأل القاضي المزكي عن حال الشاهد في العلنية‪،‬‬
‫وللقاضي الخيار‪ ،‬إن شاء جمع بينهما لنه أحوط‪ ،‬ولنه يزول الشتباه‪#‬قوله "الشتباه" غير موجود‬
‫في [ ب] و[ج]‪ #.‬واللتباس وينقطع الشركة عند المزكي والقاضي جميًعا من كل وجه‪ ،‬وإن شاء اكتفى‬
‫بالتزكية سّرا‪ ،‬واليوم في ديارنا اختيار القضاة الكتفاء بالتزكية سّرا لحد أمرين‪:‬‬
‫إما لكي ل يعرف المزكي فل يخدع لغير‪#‬في [ أ]‪" :‬ليغير"‪ ،‬والمثبت أنسب للسياق‪ #.‬أحوال الناس‪ ،‬أو‬
‫لكي ل يخوف المزكي خروج الشهود‪#‬في [ ب] و[ج]‪" :‬لكيل يخاف المزكي من جرح الشهود"‪.#.‬‬
‫قال محمد‪#‬هو‪ :‬محمد بن الحسن بن فرقد الشيباني الكوفي‪ ،‬أبو عبد ال‪ ،‬فقيه العراق‪ ،‬صاحب أبي‬
‫حنيفة‪ ،‬اصله من دمشق من قرية حرستا‪ ،‬قدم أبوه العراق فولد محمد بواسط‪ ،‬أخذ الفقه عن أبي حنيفة‪،‬‬
‫ثم عن أبي يوسف‪ ،‬وولي القضاء للرشيد بالرقة‪ ،‬له مصنفات منها‪ :‬الجامع الصغير‪ ،‬والسير الصغير‪.‬‬
‫توفي بالري سنة تسع‪ .‬وقيل‪ :‬سبع وثمانين ومائة‪.‬انظر‪ :‬سير أعلم النبلء ‪ ،9/134‬الجواهر المضية‬
‫‪ - #.3/122‬رحمه ال – في الكتاب ‪#‬الكتاب هو الصل في الفروع لمحمد بن الحسن الشيباني‪ ،‬يعبر‬
‫عنه الفقهاء بـ "الكتاب"‪ : #.‬والتزكية في العلنية هي التزكية‬
‫@‪@286‬‬
‫ل‪ ،‬وأمله على أصحابه ورواه عنه الجوزجاني ويجري‬ ‫=‪#‬وهو المبسوط‪ ،‬وسماه بالصل لنه صنفه أو ً‬
‫مجموعة من الكتب ككتاب الطهارة والصلة وكتاب الزكاة وكتاب البيوع وغيرها‪ ،‬وهو مطبوع من‬
‫أول كتاب الطهارة إلى نهاية كتاب البيوع من خمسة أجزاء وأكثر أجزاء الصل ل تزال مخطوطة‪ .‬وقد‬
‫اطلعت على مجموعة من نسخ الكتاب إل أنني لم أجد فيه ما يتعلق بموضوع التحقيق ككتاب أدب‬
‫القاضي‪ ،‬الذي اعتمد عليه المؤلف الصدر الشهيد بل صرح بذكره في ثنايا كتاب التزكية‪ .‬انظر‪ :‬كشف‬
‫الظنون ‪ ،1/107‬والفوائد البهية ص ‪#.212‬‬
‫الولى‪#‬انظر‪ :‬المبسوط ‪ ،16/91‬وقد اختلفت الروايات عن محمد رحمه ال في تزكية العلنية‪ ،‬فروى‬
‫عنه أنها حسنة جميلة كما ذكره المؤلف‪ ،‬وروي عنه أنها جور وبلء وفتنة‪ .‬انظر مسائل التزكية لمحمد‬
‫بن الحسن الشيباني )م‪/‬ل‪1/‬ب( فتح القدير ‪ ،7/354‬والبحر الرائق ‪ #.7/107‬وهي حسنة جميلة‪ ،‬يريد‬
‫به أن المشروع في البتداء التزكية علنية‪ ،‬وإنما أحدثوا‪#‬في "أ"‪" :‬أورثوا"‪ .‬والمثبت أنسب للسياق‪#.‬‬
‫بعد ذلك التزكية سّرا‪.‬‬
‫والدليل عليه ما ذكر محمد ـ رحمه ال ـ في الكتاب قال‪:‬‬
‫حا‪#‬هو القاضي الفقيه‪ ،‬شريح بن الحارث بن قيس الكندي‪ ،‬قاضي الكوفة‪ ،‬أو أمية‪ ،‬يقال له‬ ‫بلغنا أن شري ً‬
‫صحبة ولم يصح‪ ،‬توفي في الثمانين أو بعدها‪.‬‬
‫انظر سير أعلم النبلء ‪ 4/100‬وما بعدها‪ ،‬التقريب ص ‪ #.265‬كان يقبل التزكية في العلنية ثم‬
‫أحدث تزكية السر‪ .‬فقيل له‪ :‬يا أبا أمية‪ ،‬أحدثت ما لم تكن تفعله‪ .‬فقال شريح‪ :‬إن الناس أحدثوا فأحدثنا‬
‫لهم‪#‬رواه القاضي وكيع‪ ،‬في أخبار القضاة ‪ 369 ،2/318‬بلفظ‪" :‬أول من سأل في السر شريح فقيل‬
‫له‪ :‬يا أبا أمية أحدثت‪ .‬فقال‪ :‬إن الناس أحدثوا فأحدثنا" وبنحوه رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى‬
‫‪#.6/133‬‬
‫وفي الكتاب ثلث مسائل‪:‬‬
‫إحداها‪ :‬أنه هل للقاضي أن يقضي بظاهر العدالة من غير سؤال إذا كان الشاهد عنده‪#‬قوله‪" :‬عنده" غير‬
‫موجود في [ ب] و[ج]‪ #.‬مستور الحال وقد قامت الشهادة على حق يثبت مع الشبهات؟‬
‫والثانية‪ :‬أن العدد في المزكي‪ ،‬والمترجم هل هو شرط؟‬

‫@‪@287‬‬

‫والثالثة‪ :‬أن المدعى عليه متى أقام البينة على ما يبطل شهادة الشهود فيماذا تقبل وفيماذا ل تقبل؟‬
‫إذا عرفنا هذا؛ جئنا إلى ما افتتح محمد – رحمه ال – الكتاب به قال‪ :‬محمد – رحمه ال – قال أبو‬
‫حنيفة – رحمه ال – إذا تقدم‪#‬في [ ب] و[ج]‪ :‬زيادة "بين يدي"‪ #.‬إلى القاضي رجلن فادعى أحدهما‬
‫على صاحبه حّقا وأنكر ذلك صاحبه‪ ،‬فشهد للمدعي شاهدان على المدعى عليه وهما مستوران فأراد‬
‫القاضي أن يقضي بظاهر العدالة قبل أن يسأل عن حالهما قال أبو حنيفة – رحمه ال ‪ : -‬له أن يقضي‪#‬‬
‫في [ ب] و[ج]‪ :‬زيادة "بذلك"‪ #.‬إذا لم يطعن الخصم فيهم‪#‬قوله "فيهم" زيادة من [ ب] و[ج ] ‪،‬‬
‫والمشهود به حق يثبت مع الشبهات‪#‬انظر‪ :‬مختصر الطحاوي ص )‪ ،(328‬الجامع الصغير مع شرحه‬
‫النافع الكبير )‪ ،(393 ،392‬وشرح مختصر الكرخي للقدوري – مخطوط – )‪/4‬ل‪383/‬أ(‪#.‬‬
‫وقال أبو يوسف‪#‬هو العلمة المجتهد القاضي‪ ،‬أبو يوسف‪ ،‬يعقوب بن إبراهيم بن حبيب النصاري‪،‬‬
‫الكوفي‪ ،‬ولد سنة ثلثة عشر ومائة‪ ،‬فقيه محدث‪ ،‬صاحب المام أبي حنيفة‪ ،‬توفي يوم الخميس خامس‬
‫ربيع الول سنة اثنين وثمانين ومائة‪ ،‬وعاش تسًعا وتسعين سنة‪ #.‬ومحمد – رحمهما ال ‪ :-‬ليس له أن‬
‫يقضي ‪#‬انظر‪ :‬مختصر الطحاوي ص )‪ ،(328‬الجامع الصغير ص ‪ ،393‬المبسوط ‪ ،16/88‬شرح‬
‫مختصر الكرخي للقدوري )‪/4‬ل‪383/‬أ( الفقه النافع ‪#.3/1161‬‬
‫وأجمعوا‪#‬انظر‪ :‬مختصر الطحاوي ص )‪ ،(328‬بدائع الصنائع ‪ ،6/270‬فتاوى قاضي خان‬
‫‪ #.2/462‬أنه إذا طعن الخصم في الشهود بأن جرحهم ليس له أن يقضي ما لم يسأل عنهم‪#‬قوله‪:‬‬
‫"عنهم" زيادة من [ ب] و[ج] ‪#.‬‬
‫وأجمعوا‪ :‬أن المدعى به إذا كان حّقا ل يثبت مع الشبهات كالحدود والقصاص ليس له أن يقضي ‪#‬انظر‪:‬‬
‫مختصر الطحاوي ص )‪ ،(328‬شرح مختصر الكرخي للقدوري )‪/4‬ل‪384/‬أ(‪ ،‬التنف في = @‬
‫‪ @288‬الفتاوى ‪ ،2/776‬بدائع الصنائع ‪ ،6/270‬فتاوى قاضي خان ‪#.2/462‬‬
‫@‪@288‬‬

‫واختلف المشايخ فيه‪ ،‬منهم من قال بأن هذا الختلف اختلف عصر وزمان ل اختلف حجة‬
‫وبرهان‪#‬انظر‪ :‬المبسوط ‪،16/88‬‬
‫شرح مختصر الكرخي )‪/4‬ل‪ 383/‬ب(‪ ،‬والفقه النافع ‪ ،3/1161‬وشرح الجامع الصغير لقاضي خان‬
‫– مخطوط – )‪/2‬ل‪96/‬أ(‪ #.‬؛ لن أبا حنيفة – رحمه ال – إنما قال ذلك في أهل زمانه؛ لن تعديل‬
‫أهل زمانه ثبت من جهة النبي عليه السلم لن كان في القرن الثالث‪ ،‬وقد أثنى النبي عليه السلم على‬
‫القرن الثالث بالخير فإنه قال‪:‬‬
‫"خير القرون‪#‬المراد بالقرن‪ :‬الجيل من الناس‪ .‬قيل‪ :‬ثمانون سنة‪ ،‬وقيل‪ :‬سبعون‪ ،‬وقيل‪ :‬مائة سنة؛ قال‬
‫أبو العباس‪ :‬وهو الختيار لما في الحديث‪ :‬أنه مسح راس غلم وقال‪ :‬عش قرًنا‪ .‬فعاش مائة سنة‪ .‬وقال‬
‫الزجاج وغيره‪ :‬القرن أهل كل مدة كان فيها نبي أو طبقة من أهل العلم سواء قلت السنون أو كثرت‪،‬‬
‫والدليل عليه قوله عليه الصلة والسلم "خير القرون قرني" يعني أصحابه "ثم الذين يلونهم" يعني‬
‫التابعين "ثم الذين يلونهم" أي الذين يأخذون عن التابعين‪ .‬انظر‪ :‬لسان العرب ‪ ،11/137‬المصباح‬
‫المنير ‪ #.2/500‬رهطي‪#‬قوله "رهطي" غير موجود في [ ب] و[ج]‪ #.‬الذي أنا فيهم‪ ،‬ثم الذين‬
‫يلونهم‪ ،‬ثم الذين يلونهم" إلى أن قال ‪":‬ثم يفشوا الكذب "‪#‬أخرجه الشيخان في صحيحيهما دون لفظه "ثم‬
‫يفشو الكذب" من حديث عمران بن حصين بلفظ‪" :‬خيركم قرني‪ ،‬ثم الذين يلونهم‪ ،‬ثم الذين يلونهم‪"..‬‬
‫الحديث صحيح البخاري )‪ (2/801‬رقم )‪ ،(2651‬وعند مسلم بلفظ "خير هذه المة القرن الذين بعثت‬
‫فيهم ثم الذين يلونهم" صحيح مسلم )‪ (2/1965‬رقم )‪ ،(2534‬كما أخرجه ابن حبان في صحيحه من‬
‫حديث عمر بن الخطاب بلفظ "أحسنوا إلى أصحابي‪ ،‬ثم الذين يلونهم‪ ،‬ثم يفشوا الكذب‪ "...‬الحديث‬
‫ضا ‪ 2/791‬رقم ‪ #.2363‬الحديث‬ ‫ترتيب ابن بلبان ‪ 12/329‬رقم ‪ .5586‬وابن ماجه في سننه أي ً‬
‫إلى آخره ‪#‬قوله "إلى آخره" غير موجود في [ ب] و[ج]‪#.‬‬
‫ومتى ثبت تعديل أهل زمانه من جهة النبي عليه السلم استغنى القاضي عن تعديل المزكي‪.‬‬
‫وأبو يوسف ومحمد إنما قال ذلك‪#‬قوله "ذلك" غير موجود في [ ب] و[ج]‪ #.‬في أهل زمانهم لن تعديل‬
‫أهل زمانهما لم يثبت من جهة النبي عليه السلم‪ ،‬فاحتاج القاضي إلى تعديل المزكي إل أن هذا‬
‫@‪@289‬‬
‫غير سديد‪#‬في [ ب] و[ج] ‪ :‬زيادة "والعتراض عليه"‪ #.‬فإنه في زمن أبي حنيفة إنما كان للقاضي أن‬
‫يقضي بظاهر العدالة ما لم يطعن الخصم فيه‪ ،‬فإذا طعن لم يكن له أن يقضي‪ ،‬وكذا ما كان له أن‬
‫يقضي‪#‬قوله‪" :‬وكذا ما كان له أن يقضي" غير موجود في [ ب]‪ #.‬وإن لم يطعن الخصم‪#‬في [‬
‫ب] و[ج] ‪ :‬زيادة "فيهم"‪ #.‬فيما ل يثبت بالشبهات وهو الحدود والقصاص‪.‬‬
‫ولو كان المعنى هذا فإذا عدلهم النبي عليه السلم كان ينبغي أن يكون لهم القضاء وإن طعن الخصم‬
‫وفيما ل يثبت بالشبهات‪.‬‬
‫ومنهم من قال بأن هذا الختلف اختلف حجة وبرهان‪#‬انظر‪ :‬بدائع الصنائع ‪ #.6/270‬وهو‬
‫الصحيح‪ ،‬هما يقولن بأن العدالة ثابتة باستصحاب الحال‪ ،‬والثابت باستصحاب الحال يصلح‪ #‬في [‬
‫ب] و[ج] ‪ :‬زيادة "حجة"‪ #.‬لبقاء ما كان ثابًتا‪ ،‬ولم يصلح لثبات ما لم يكن ثابًتا وهو الخذ بالشفعة‪،‬‬
‫والحق لم يكن ثابًتا على المشهود عليه قبل الشهادة فل يثبت بالعدالة الثابتة باستصحاب الحال‪.‬‬
‫ضا السرخسي في المبسوط ‪#.16/60‬‬ ‫وأبو حنيفة رحمه ال احتج بما روى محمد ‪#‬وحكاه عن محمد أي ً‬
‫في أدب القاضي‪#‬كتاب أدب القاضي لمحمد بن الحسن لم أجده فيما اطلعت عليه من نسخ مخطوط كتاب‬
‫الصل‪ #.‬عن عمر بن الخطاب رضي ال عنه‬
‫أنه قال‪ :‬المسلمون عدول بعضهم على بعض إل مجلوًدا‪#‬في [ أ]‪" :‬محدوًدا"‪ .‬والمثبت هو الصواب كما‬
‫في أثر عمر في كتب السنن‪ #.‬حّدا‪ ،‬أو مجرًبا عليه شهادة زور أو ظنّيا‪#‬الظنين‪ :‬بالكسر المتهم الذي‬
‫تظن به التهمة‪ .‬انظر لسان العرب ‪ ،8/272‬والمصباح المنير ‪ #.2/387‬في ولء أو قرابة ‪#‬هذا جزء‬
‫من كتاب عمر بن الخطاب رضي ال عنه إلى أبي موسى الشعري رضي ال عنه في القضاء وهو‬
‫كتاب مشهور معروف‪ ،‬أخرجه الدارقطني في سننه ‪ 207 ،4/206‬من طريقين‪:‬‬

‫@‪@290‬‬
‫= إحداهما‪ :‬عن عبد ال بن أبي حميد عن أبي المليح الهذلي‪ .‬قال‪ :‬كتب عمر‪.‬‬
‫والثانية‪ :‬من طريق أحمد بن حنبل حدثنا سفيان بن عيينة أخبرنا إدريس الودي عن سعيد بن أبي بردة‪،‬‬
‫وأخرج الكتاب‪ :‬فقال هذا كتاب عمر‪.‬‬
‫كما أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ‪ 253 ،10/252‬قال الزيلعي في نصب الراية ‪" :4/168‬وعبد‬
‫ال بن أبي حميد ضعيف"‪.‬‬
‫وقال ابن القيم رحمه ال في أعلم الموقعين ‪ 1/68‬بعد ا‪ ،‬ساق هذا الثر‪" :‬وهذا كتاب جليل تلقاه‬
‫العلماء بالقبول‪ ،‬وبنوا عليه أصول الحكم والشهادة‪ ،‬والحاكم والمفتي أحوج شيء إليه وإلى تأمله والتفقه‬
‫فيه"‪.‬‬
‫وقال الحافظ في التلخيص الحبير ‪" :4/258‬وساقه ابن حزم من طريقين‪ ،‬وأعلهما بالنقطاع‪ ،‬لكن‬
‫اختلف المخرج فيهما‪ ،‬مما يقوي أصل الرسالة‪ ،‬ل سيما في بعض طرقه أن راويه أخرج الرسالة‬
‫مكتوبة"‪#.‬‬
‫فهذا القول نقل عنه ولم ينقل عن غيره خلف ذلك؛ فحل‪#‬قوله‪" :‬فحل " غير موجود في [ ب] و[ج]‪#.‬‬
‫محل الجماع‪.‬‬
‫والفقه فيه وهو أن العدالة ثابتة باستصحاب الحال‪ ،‬والثابت باستصحاب الحال يصلح حجة لثبات ما لم‬
‫يكن ثابًتا حال عدم المنازعة‪ ،‬كالملك الثابت بظاهر اليد صلح حجة لستحقاق الشفعة حال عدم منازعة‬
‫المشتري ووهنا لم يوجد المنازعة من الخصم؛ لنه لم يطعن فيصلح حجة‪.‬‬
‫فإن قيل‪ :‬هذا هكذا إذا كان الخصم مختاًرا في ترك المنازعة‪ ،‬وهنا مضطر‪#‬في [ أ]‪" :‬يضطر"‪ ،‬وهو‬
‫خطأ‪ ،‬والمثبت هو الصواب كما هو ظاهر السياق‪ #.‬لنه إنما ترك ترك الطعن إما احتشاًما من الشهود‬
‫ل منه أن الطعن شرط فكان مضطًرا في ترك‬ ‫وخوًفا منهم‪ ،‬وإما تحرًزا عن هتك الستر عليهم‪ ،‬وغما جه ً‬
‫المنازعة‪.‬‬
‫بخلف مسألة الشفيع؛ فإن المشتري غير مضطر في ترك المنازعة فإنه متى أنكر المشتري ملك الشفيع‬
‫ل يخاف منه ول يهتك ستره فكان مختاًرا‪ ،‬والدليل عليه الحدود والقصاص‪.‬‬

‫@‪@291‬‬

‫قيل له‪ :‬الخصم هنا مختار في ترك المنازعة فإنه يمكنه أن يطعن في الشهود بين يدي القاضي سّرا متى‬
‫خاف من الشهود‪ ،‬أو تحرًزا عن هتك الستر‪ ،‬والجهل ل يكون عذًرا؛ لنه في دار السلم بخلف‬
‫الحدود والقصاص فإنها تندرئ بالشبهات بالنص‪#‬لحديث عائشة رضي ال عنها عند الترمذي‪ ،‬بلفظ‬
‫"ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم‪ "...‬تحفة الحوذي ‪ ،4/572‬كما أخرجه البيهقي في السنن‬
‫الكبرى ‪ ،8/413‬والدارقطني في سننه ‪ ،3/84‬والحاكم في المستدرك ‪ .4/426‬وقال الترمذي‪" :‬وقد‬
‫روى هذا غير واحد من أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم أنهم قالوا مثل ذلك"‪.‬‬
‫والحديث صحح الترمذي وقفه على عائشة رضي ال عنها‪ ،‬وكذا البيهقي‪ ،‬وقال الحاكم‪" :‬هذا حديث‬
‫صحيح السناد ولم يخرجاه" وتعقبه الذهبي في التلخيص فقال‪" :‬في إسناده يزيد بن زياد‪ .‬قال النسائي‬
‫فيه‪ :‬متروك‪.‬اهـ‪.‬‬
‫وقال في التلخيص الحبير ‪" :4/105‬وأصح ما فيه حديث سفيان الثوري‪ ،‬عن عاصم‪ ،‬عن أبي وائل‪،‬‬
‫عن عبد ال بن مسعود قال‪" :‬ادرؤوا الحدود بالشبهات"‪ ، #.‬والظاهر حال ترك المنازعة ل يخلو عن‬
‫نوع‪ [#‬ب] و[ج] ‪" :‬وقوع"‪ #.‬شبهة‪ ،‬واحتمال هذا إذا سكت المدعى عليه عن الطعن أو طعن‪ ،‬فأما إذا‬
‫عدل الشهود‪ ،‬فقال‪ :‬هم عدول‪ ،‬فهذا على ثلثة أنواع‪#‬انظر فتاوى قاضي خان ‪#.2/462‬‬
‫أما إن قال‪ :‬هم عدول صدقوا‪ ،‬أو قال‪ :‬عدول أخطأوا‪ ،‬أو قال‪ :‬عدول سكت‪ .‬ففي النوع الول‪ :‬قضى من‬
‫غير سؤال؛ لنه أقر فقضى بإقراره‪.‬‬
‫وفي النوع الثاني والثالث المسألة على ثلثة أوجه‪:‬‬
‫ل ممن يسأل عن الشهود‪#‬وفي [ب] و[ج] ‪" :‬ممن يسأل عنه الشهود"‪، #.‬‬ ‫أما إن كان المدعى عليه عد ً‬
‫أو كان مستوًرا‪ ،‬أو فاسًقا‪.‬‬
‫@‪@292‬‬

‫ففي الوجه الول المسألة على قسمين‪:‬‬


‫أما إن سكت عن جحود دعوى المدعي وإقراره‪ ،‬أو جحد‪ ،‬ففي القسم الول‪ :‬قال أبو حنيفة وأبو يوسف‪:‬‬
‫للقاضي أن يقضي بهذه الشهادة قبل السؤال من المزكي سواء كان المدعى به حّقا يثبت مع الشبهات أو‬
‫حّقا ل يثبت مع الشبهات‪#‬انظر‪ :‬فتاوى قاضي خان ‪#.463 ،2/462‬‬
‫وقال محمد رحمه ال‪ :‬ل يقضي ما لم يسأل عن مزكي ‪#‬قوله‪" :‬مزكي" كذا جاء في جميع النسخ‪.‬‬
‫والصحيح‪" :‬مزك" كما هو ظاهر‪ #.‬آخر بناء على أن العدد في المزكي عند أبي حنيفة وأبي يوسف‬
‫ليس بشرط لثبات العدالة‪ ،‬وعند محمد شرط‪#‬انظر‪ :‬فتاوى قاضي خان ‪ .2/463‬وانظر شرح الجامع‬
‫الصغير لقاضي خان )‪/2‬ل‪96/‬ب(‪#.‬‬
‫وفي القسم الثاني‪ :‬فكذلك كذا ذكر في‪#‬في [ ب] و[ ج]‪ :‬زيادة "هذا"‪ #.‬الكتاب فإنه ذكر في هذا الكتاب‬
‫هذا الخلف مطلًقا ولم يفصل بين القسمين‪.‬‬
‫ونص في الجامع الصغير في كتاب ‪#‬في [ ب] و[ ج]‪" :‬في باب" وهو الذي في المطبوع‪ #.‬القضاء أنه‬
‫ل يقضي‪ ،‬فإنه قال‪ :‬وفي قول من رأى أن يسأل عن الشهود يريد به أبا يوسف ومحمد ل يقبل قول‬
‫الخصم إنه عدل‪#‬انظر الجامع الصغير مع شرحه النافع الكبير للكنوي ص ‪ #.390‬يريد به تعديله؛‬
‫لنه من زعم المدعي وشهوده أن المدعى عليه في الجحود كاذب‪#‬قوله"كاذب" غير موجود في [ ب] و[‬
‫ج]‪ #.‬فكان في زعمهم أنه فاسق فل يصح تعديله‪.‬‬
‫وفي الوجه الثاني والثالث ل يقضي لن تعديل المستور والفاسق ل يكفي‪#‬انظر‪ :‬شرح الجامع الصغير‬
‫لقاضي خان )‪/2‬ل‪96/‬ب(‪ ،‬وفتاوى قاضي خان ‪#.2/463‬‬

‫@‪@293‬‬

‫فإن قيل‪ :‬وجب أن يكفي لنه إقرار على نفسه وإقرار المستور والفاسق على نفسه صحيح‪.‬‬
‫قيل له‪ :‬هذا إقرار على نفسه وعلى القاضي بوجوب القضاء عليه‪#‬قوله "عليه" زيادة من [ ب] و[‬
‫ج]‪ ،#.‬فإن صح إقراره على نفسه ل يصح إقراره على القاضي‪.‬‬
‫فإن قيل‪ :‬هل‪ #‬في [ ب] و[ ج]‪" :‬هذا"‪ #.‬جعل قول المدعى عليه‪ :‬إنهم عدول‪ ،‬إقرار منه بالحق على‬
‫نفسه فيقضى بإقراره‪ ،‬كما لو قال‪ :‬إنهم صدقوا‪ #‬في [ ب] و[ ج]‪ :‬زيادة "كما في"‪ #.‬وهو النوع الول‪.‬‬
‫ل ل يكون إقراًرا بوجوب الحق على نفسه ل محالة؛ لجواز‬ ‫قيل له‪ :‬إقرار المدعى عليه بكون الشاهد عد ً‬
‫ل إل أنه أخطأ في شهادته بأن‪#‬في [ أ] ‪" :‬فإنه"‪ .‬والمثبت أنسب للسياق‪ #.‬ظن‪ ،‬والمر‬ ‫أن يكون عد ً‬
‫بخلف ما ظن‪ ،‬ولهذا لو شهد عليه واحد بالحق فقال المشهود عليه‪ :‬هو عدل‪ ،‬ل يقضي عليه؛ ولو كان‬
‫التعديل إقراًرا وجب أن يقضي‪ ،‬كما لو قال لهذا الواحد‪ :‬قد صدق‪.‬‬
‫وذكر في الكتاب أن في الوجه‪ #‬في [ ب] و[ ج] ‪" :‬القسم"‪ #.‬الثاني والثالث وهو ما إذا كان مستوًرا أو‬
‫فاسًقا إذا لم تثبت العدالة في النوع الثالث وهو ما إذا قال‪ :‬هم عدول‪ .‬وسكت فسأله القاضي‪ :‬اصدقوا أم‬
‫كذبوا؟‬
‫فإن قال‪ :‬صدقوا‪ .‬يقضي عليه إقراره‪ ،‬وإن قال‪ :‬كذبوا‪ .‬ل يقضي‪ ،‬وإن قال‪ #‬في [ ب] و[ ج]‪ :‬زيادة‬
‫"قد"‪ : #.‬أخطأوا‪ ،‬وهو النوع الثاني فالقاضي ل يقضي‪.‬‬

‫@‪@294‬‬

‫المسألة الثانية‪:‬‬
‫العدد في المزكي وفي رسول القاضي إلى المزكي‪#‬قوله‪" :‬وفي رسول القاضي إلى المزكي" غير‬
‫موجود في [ ب] و[ ج] ‪#.‬‬
‫وفي المترجم من الشاهد العجمي ومن الخصم العجمي‪.‬‬
‫عند أبي حنيفة وأبي يوسف ليس بشرط‪ ،‬والواحد يكفي‪#‬انظر‪ :‬مختصر الطحاوي ص )‪،(329 ،328‬‬
‫وعيون المسائل ص )‪ ،(114‬والمبسوط ‪ ،16/89‬وبدائع الصنائع ‪ ،7/11‬وفتاوى قاضي خان‬
‫‪ ،2/462‬والهداية ‪ ،#.2/131‬وعند محمد رحمه ال شرط والواحد ل يكفي‪#‬قوله "وعند محمد رحمه‬
‫ال شرط والواحد ل يكفي" غير موجود في [ ب] و[ ج] ‪ ، #.‬ويكفيه الثنان إن كان المشهود به حّقا‬
‫يثبت بشهادة رجلين عدلين‪ ،‬وإن كان حّقا ل يثبت إل بشهادة الربعة ل يشترط الربعة‪#‬انظر‪ :‬مختصر‬
‫الطحاوي ص )‪ ،(329 ،328‬وعيون المسائل ص )‪ ،(114‬بدائع الصنائع ‪ ،7/11‬وفتاوى قاضي خان‬
‫‪ ،2/462‬والهداية ‪#.2/131‬‬
‫واجمعوا على أن‪#‬قوله‪" :‬على أن" زيادة من [ ب] و[ ج]‪ ".‬ما عدا العدد من سائر شرائط الشهادة‬
‫سوى اللفظ‪ #‬في [ ب] و[ ج]‪ :‬زيادة "سوى التلفظ بلفظة الشهادة"‪ #.‬من العدالة‪ ،‬والبلوغ عن عقل‪،‬‬
‫والحرية‪ ،‬والبصر‪ ،‬وأن ل يكون محدوًدا في القذف شرط‪#‬انظر‪ :‬المبسوط ‪ ،16/89‬بدائع الصنائع‬
‫‪ ،7/11‬فتاوى قاضي خان ‪ .2/462‬وصرح الكاساني في البدائع ‪ 7/11‬بأن‪ :‬حرية المعدل وبصره‬
‫وسلمته عن حد القذف محل خلف‪ ،‬فليست بشرط عند أبي حنيفة وأبي يوسف‪ ،‬فتصح تزكية العمى‬
‫والعبد والمحدود في قذف وعند محمد شرط فل تصح تزكيتهم لن التزكية شهادة عنده فيشترط لها ما‬
‫يشترط لسائر الشهادات وعندهما ليست بشهادة فل يراعى فيها شرائط الشهادة‪#.‬‬
‫وأجمعوا أن لفظة الشهادة ليست بشرط‪#‬انظر‪ :‬المبسوط ‪ ،90 ،16/89‬وفتاوى قاضي خان ‪.#.2/462‬‬

‫@‪@295‬‬
‫محمد رحمه ال يقول‪ :‬بأن التزكية والترجمة شهادة معنى‪#‬انظر‪ :‬المبسوط ‪ ،16/89‬وبدائع الصنائع‬
‫‪ ،7/11‬والهداية ‪#.2/131‬؛ لن القضاء ل يجب إل بهما‪ ،‬والعلم للقاضي ل يثبت إل بهما‪#‬في [‬
‫ب] و[ ج]‪" :‬لن العلم للقاضي ل يحصل إل بهما"‪#.‬‬
‫فكانت شهادة معنى فيعتبر بالشهادة‪ ،‬والثنان شرط في بعض الحقوق والربع‪ #‬في [ ب] و[ ج] ‪:‬‬
‫"والربعة" وهذا الوجه أفصح الوجهين‪ .‬انظر‪ :‬عدة السالك أوضح المسالك ‪ #.4/244‬شرط في البعض‬
‫في الشهادة‪ ،‬فكذا في التزكية والترجمة‪.‬‬

‫وأبو حنيفة وأبو يوسف يقولن‪ :‬بأن التزكية والترجمة شهادة معنى‪ ،‬من حيث إن القضاء ل يجب إل‬
‫بهما‪ ،‬كما ل يجب إل بالشهادة‪ ،‬لكنهما خبر من حيث الحقيقة‪ ،‬ولهذا ل يشترط فيهما لفظة الشهادة‪ ،‬وهو‬
‫قوله‪ :‬أشهد‪#‬انظر‪ :‬المبسوط ‪ ،16/90‬وبدائع لصنائع ‪ ،7/11‬والهداية ‪ ، #.2/131‬فعلمنا بهما من‬
‫حيث إنهما شهادة معنى شرط فيهما جميع شرائط الشهادة ما عدا العدد‪.‬‬
‫ل بهما جميًعا‪#‬قوله‪" :‬جميًعا" غير موجود في [‬‫ومن حيث إنهما خبر حقيقة لم يشترط فيهما العدد عم ً‬
‫ب]‪ ، #.‬وتحقيقه‪ :‬أن اشتراط سائر الشرائط ما عدا العدد من العقل والبلوغ والحرية في الشهادة موافق‬
‫للقياس‪ ،‬أما العدالة فلنه يترجح بها الصدق‪ ،‬ولهذا شرط العدالة في سائر الخبارات‪ ،‬وأما البلوغ عن‬
‫عقل والحرية فلن الشهادة ولية على الغير‪ ،‬وأنها تتفرع عن وليته على نفسه‪ ،‬والولية على نفسه ل‬
‫تثبت إل بالبلوغ عن عقل والحرية‪.‬‬
‫وأما البصر فلن القدرة على التمييز تثبت به‪ ،‬ولن اشتراط هذه الشرائط في الشهادة موافق للقياس‪،‬‬
‫سا عليها‪.‬‬
‫فيشترط فيما هو في معناها قيا ً‬

‫@‪@296‬‬

‫وأما العدد في الشهادة‪ #‬في [ ب] و[ ج] ‪ :‬زيادة "فهو"‪ #.‬شرط مخالف للقياس‪#‬انظر‪ :‬المبسوط‬
‫‪ ،90 ،16/89‬وبدائع الصنائع ‪ ، #.7/11‬ولهذا لم يشترط في سائر الخبارات فيقتصر عليها‪.‬‬
‫إذا ثبتت هذه المسألة فيبنى على هذه‪#‬قوله‪" :‬على هذه" غير موجود في[ ب] و[ ج ]‪ #.‬مسائل‪:‬‬
‫منها إذا زكاهم واحد وجرحهم‪#‬الجرح في اللغة‪ :‬بالضم السم وهو الشق في الجلد‪ ،‬وبالفتح الفعل‪ ،‬أي‬
‫فعل الجارح‪ ،‬وجرحه بلسانه عابه وتنقصه ومنه جرح الشاهد إذا ظهر فيها ما ترد به شهادته من كذب‬
‫وغيره‪.‬‬
‫وفي الصطلح‪ :‬عرفه الفقهاء بتعريفات متقاربة‪ ،‬منها‪ :‬أن الجرح‪ :‬إظهار فسق الشهاد‪ .‬وقيل‪ :‬إظهار ما‬
‫يخل بالعدالة‪ .‬انظر‪ :‬معجم مقاييس اللغة ‪ ،1/451‬ولسان العرب ‪ ،234 ،2/233‬والمصباح المنير‬
‫‪ ،1/95‬والبحر الرائق ‪#.169 ،7/166‬‬
‫وعند محمد الشهادة موقوفة على حالها ل ترد ول تجاز‪ #‬في [ ب] و[ ج‪" :‬ول يجاب"‪ #.‬حتى يجرحه‬
‫الخر أو يعدله الخر؛ لن عنده الجرح والتعديل‪ #‬في [ ب] و[ ج]‪ :‬زيادة "سواء في أنه"‪ #.‬ل يثبت‬
‫بقول الواحد‪ .‬فإن جرحه الخر ثبت الجرح فيرد‪ ،‬وإن لم يجرحه الخر وعدله‪ #‬في [ ب] و[ ج] زيادة‬
‫"آخر"‪ #.‬ثبتت العدالة‪#‬انظر‪ :‬مسائل التزكية من المنتقى )م‪/‬ل‪ 4/‬ب(‪ ،‬فتاوى قاضي خان ‪،2/463‬‬
‫وبدائع الصنائع ‪ ،7/11‬ومعين الحكام ص ‪ #.88‬فيجاز‪ #‬في [ ب] و[ ج]‪" :‬فيجاب"‪#.‬‬

‫@‪@297‬‬
‫وإن جرحه واحد وعدله اثنان فالتعديل أولى بالجماع‪#‬انظر‪ :‬مختصر الطحاوي ص)‪ ،(329‬فتاوى‬
‫قاضي خان ‪ ،2/463‬والختيار ‪ ،2/415‬ومعين الحكام ص ‪ ،#.88‬أما عند محمد رحمه ال فلن‬
‫الجرح لم يثبت‪ ،‬وأما عند أبي حنيفة وأبي يوسف فلن العدالة ثبتت بما هو حجة في الحكام‬
‫كلها‪#‬وانظر‪ :‬المبسوط ‪ ،16/91‬بدائع الصنائع ‪ ،7/11‬وفتاوى قاضي خان ‪ #.2/463‬فإن قول‬
‫الثنين حجة في أمور الدين وفي حقوق العباد‪#‬من قوله‪":‬وقول الواحد" إلى قوله‪" :‬في قول العباد" زيادة‬
‫من [ ب] و[ ج ]‪#.‬‬
‫فإن قيل‪ :‬إن ترجح التعديل من هذا الوجه‪ ،‬يترجح الجرح من وجه آخر‪ ،‬لن الجرح فيما جرح معتمد ما‬
‫يمكن الوقوف عليه من حيث العيان‪ ،‬فإن أسباب الجرح ارتكاب كبيرة هي محظور دينه‪ ،‬وذا مما يمكن‬
‫الوقوف عليه من حيث العيان‪ ،‬والمعدل فيما عدل معتمد ما ل يوقف‪ #‬في [ ب] و[ ج]‪" :‬يعتمد ما ل‬
‫يمكن الوقوف"‪ #.‬عليه إل من حيث الظاهر؛ لن العدالة ل تثبت إل بالنزجار عن جميع المحظورات‪،‬‬
‫وذا مما ل يوقف عليه إل من حيث الظاهر‪ ،‬فيستوي الخبران من هذا الوجه‪ ،‬ولهذا لو عدله اثنان‬
‫وجرحه اثنان كان الجرح أولى‪.‬‬
‫قيل له‪ :‬من وجهين‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬أنه إن ثبتت‪ #‬في [ ب] و[ ج]‪" :‬إذا وقعت"‪ #.‬المعارضة بين الخبرين يتساقطان بحكم‬
‫المعارضة فيبقى ما كان على ما كان‪#‬قوله‪" :‬على ما كان" غير موجود في [ب] ‪ ، #.‬والصل هو‬
‫العدالة‪ ،‬إل أن هذا غير سديد؛ لنه حينئذ‬

‫@‪@298‬‬

‫يكون قضاء بظاهر العدالة فيجب أن يختص به أبو حنيفة رحمه ال‪ ،‬ويختص الجواب بحق يثبت مع‬
‫الشبهات وليس كذلك‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬وهو الصحيح أن الجارح وإن اعتمد ما يمكن الوقوف عليه من حيث العيان إل أنه لم يجعل‬
‫خبره حجة في الحكام‪ ،‬وخبر الثنين جعل حجة‪ #‬في [ ب] و[ ج] ‪ :‬زيادة "في جميع الحكام"‪ ، #.‬وإن‬
‫كانا يعتمدان ما ل يمكن الوقوف عليه من حيث العيان‪ ،‬علم أنه ل يساوى بين هذين المعنيين‪ ،‬حيث‬
‫ترجح هذا في حقوق العباد مع وجود هذا المعنى‪ ،‬فيترجح هذا ضرورة‪.‬‬
‫وإن جرحه اثنان وعدله عشرة فالجرح أولى‪ ،‬لن زيادة العدد على الثنين مما ل يترجح بها ما كانت‬
‫شهادة حقيقة ومعنى‪#‬انظر‪ :‬بدائع الصنائع ‪ ،7/11‬فتاوى قاضي خان ‪ ،2/463‬معين الحكام ص ‪،88‬‬
‫الختيار ‪ ، #.2/415‬فلن يترجح بها‪#‬قوله‪" :‬بها" زيادة من [ ب]و[ ج] ‪ #.‬ما كان خبًرا أو شهادة‬
‫معنى كان أولى‪.‬‬
‫وإن عدله وهو محدود في القذف ل يصح‪ ،‬لن عدم كونه محدوًدا في القذف شرط‪ ،‬وإن عدله وهو‬
‫أعمى ل يصح‪ ،‬لن كونه غير أعمى شرط‪ ،‬وإن كان بصيًرا ثم عمي ثم عدل فعلى الختلف الذي‬
‫عرف في الشهادة‪.‬‬
‫المسألة الثالثة‪:‬‬
‫قال أبو حنيفة رحمه ال‪ :‬إن شهد الشهود على رجل بمال أو دم فسمع القاضي شهادتهم‪ ،‬وطعن‬
‫فيهم‪#‬في [ أ ] ‪" :‬فيه"‪ .‬والمثبت هو الصواب كما هو الظاهر‪ #.‬الخصم‪ ،‬فإن القاضي ل يقضي‬
‫بشهادتهم‬
‫@‪@299‬‬

‫حتى يسأل عن حالهم‪ ،‬فإن سأل عن حالهم وزكوا في السر والعلنية فأراد القاضي أن يقضين فقال‬
‫المشهود عليه‪ :‬أنا أجرحهم وأقيم البينة على ذلك‪ ،‬هل يقبل ذلك منهم؟ وهل تبطل شهادة شهود المدعي؛‬
‫فهذا على وجهين‪:‬‬
‫أما إن أقام البينة على جرح مفرد ‪#‬ويسمى الجرح المجرد‪ :‬وهو الذي ل يتضمن إثبات حق ل تعالى أو‬
‫للعبد‪ .‬انظر فتح القدير ‪ ،7/399‬والبحر الرائق ‪ #.7/166‬ل يدخل تحت حكم الحاكم نحو إن قال‬
‫المدعى قبله‪ #‬في [ ب] و[ ج]‪" :‬المدعى عليه"‪ : #.‬أنا أقيم البينة عليهم‪#‬قوله‪" :‬عليهم" غير موجود في‬
‫[ ب] و[ ج]‪ #.‬أنهم فسقة أو زناة‪ ،‬أو على إقرارهم أنهم قالوا‪ :‬ل شهادة عندنا للمدعي على المدعى عليه‬
‫قبله‪#‬قوله‪" :‬قبله" غير موجود في [ ب] و[ ج]‪ #.‬في هذه الحادثة أو على إقرارهم أنهم قالوا‪ :‬إن‬
‫المدعي مبطل في هذه الدعوى‪ ،‬أو على إقرارهم أنهم قالوا‪ :‬إنهم شهدوا‪#‬في [أ] ‪" :‬شهود" والمثبت‬
‫أنسب للسياق‪ #.‬بالزور‪ ،‬أو على إقرارهم أنهم قالوا‪ :‬لم يحضر المجلس الذي كان فيه هذا المر‪.‬‬
‫أو أقام البينة على جرح يدخل تحت حكم الحاكم نحو إن قال المدعى قبله‪#‬في [ ب] و[ ج] ‪" :‬المدعى‬
‫عليه"‪ : #.‬أنا أقيم البينة على أن الشهود زنوا ووصفوا ذلك‪ ،‬أو على أن الشهود شربوا الخمر‪ ،‬أو على‬
‫أن الشهود سرقوا مني كذا‪ ،‬أو على أن الشهود شركاء في المشهود به‪ ،‬أو على أن الشهود صالحوني‬
‫على كذا درهًما على أن ل يشهدوا علي ودفعت ذلك إليهم‪ ،‬أو على أنهم عبيد‪ ،‬أو محدودون في القذف‪،‬‬
‫أو على‬
‫@‪@300‬‬
‫أن المدعي أقر أن الشهود شهدوا بالزور‪ ،‬أو على أن المدعي أقر أنه‪#‬في [ أ]‪" :‬أنهم"‪ .‬والمثبت أنسب‬
‫للسياق‪ #.‬استأجرهم على هذه الشهادة‪ ،‬أو على إقراره أنهم ‪ #‬في [ ب] و[ ج] ‪" :‬أنه"‪ #.‬لم يحضروا‬
‫المجلس الذي كان فيه هذا المر‪.‬‬
‫ففي الوجه الول‪ :‬ل تقبل هذه البينة‪#‬انظر المبسوط ‪ .9/84،83‬وفتاوى قاضي خان ‪ ،2/463‬وفتح‬
‫القدير ‪ ،7/399‬والختيار ‪ ،2/415‬والبحر الرائق ‪ #.167 ،7/166‬عند علمائنا‪#‬لفظ "علمائنا" يطلق‬
‫عند الحنفية على الئمة الثلثة‪ :‬أبي حنيفة‪ ،‬وأبي يوسف‪ ،‬ومحمد بن الحسن‪ .‬انظر‪ :‬رفع التردد لبن‬
‫عابدين )ضمن رسائله ‪ #.(1/129‬رحمهم ال‪ ،‬وقال ابن أبي ليلى‪#‬هو‪ :‬العلمة أبو عبد الرحمن محمد‬
‫بن عبد الرحمن بن أبي ليلى النصاري‪ ،‬مفتي الكوفة وقاضيها‪ ،‬ولد سنة أربع وسبعين‪ .‬كان نظيًرا‬
‫للمام أبي حنيفة في الفقه‪ ،‬وصاحب سنة‪ ،‬مات سنة ثمان وأربعين ومائة في شهر رمضان‪.‬‬
‫انظر‪ :‬طبقات الفقهاء للشيرازي ص ‪ ،85‬وسير أعلم النبلء ‪ 6/310‬وما بعدها‪##.‬انظر‪ :‬المبسوط‬
‫‪ ،9/84‬وفتاوى قاضي خان ‪ ،2/463‬ومعين الحكام ص ‪ ،#.88‬وهو مذهب الشافعي‪ :‬تقبل ‪#‬انظر‪:‬‬
‫أدب القاضي لبن القاص ‪ ،2/356‬وأدب القاضي للماوردي ‪ ،1/406‬ومغني المحتاج ‪،4/404‬‬
‫‪#.405‬‬
‫وفي الوجه الثاني‪ :‬تقبل بالتفاق‪#‬انظر‪ :‬فتاوى قاضي خان ‪ ،464 ،2/463‬وفتح القدير ‪،7/399‬‬
‫‪ ،400‬والبحر الرائق ‪#.7/167‬‬
‫وذكر الخصاف‪#‬هو ‪ :‬احمد بن عمرو‪ ،‬وقيل‪ :‬عمر بن مهير‪ ،‬أبو بكر الخصاف الشيباني‪ ،‬كان فرضّيا‬
‫حاسًبا‪ ،‬عارًفا بمذهب أبي حنيفة‪ ،‬مقدًما عند الخليفة المهتدي بال‪ ،‬فلما قتل المهدي‪ ،‬نهب فذهب بعض‬
‫كتبه‪ ،‬له مصنفات كثيرة‪ ،‬منها‪ :‬كتاب "الحيل"‪ ،‬وكتاب "أدب القاضي" وكتاب "النفقات على القارب"‪،‬‬
‫مات ببغداد سنة إحدى وستين ومائتين‪ .‬انظر‪ :‬الجواهر المضية ‪ ،232 ،1/231‬تاج التراجم ص ‪،97‬‬
‫‪ ،98‬والفوائد البهية ص ‪ #.39‬أن الشهادة على الجرح المفرد تقبل‪#‬انظر‪" :‬أدب القاضي" مع شرحه‬
‫للمؤلف )‪#.(3/335‬‬
‫@‪@301‬‬

‫من ذلك في شرح الجامع الصغير‪#‬انظر‪ :‬شرح الجامع الصغير للمؤلف [ مخطوط] )ل‪88/‬أ(‪ #.‬وتمام‬
‫ذلك في شرح أدب القاضي‪#‬انظر‪ :‬شرح أدب القاضي للمؤلف ‪ ،3/336‬وقد أوضح المؤلف هناك أن ما‬
‫ذكر عن الخصاف من قبول الشهادة على الجرح المفرد‪ ،‬غير صحيح؛ لن هذه الشياء ليست بجرح‬
‫مفرد‪ ،‬فل يمتنع قبول الشهادة عليها‪ #.‬المنسوب إلى الخصاف في باب القاضي يرد عليه كتاب من‬
‫ض‪ #‬في [ ب] و[ ج] ‪ :‬زيادة "آخر" ‪#‬‬
‫قا ٍ‬
‫هما يقولن بأن هذه شهادة قامت على الجرح‪ ،‬والمدعى قبله‪ #‬في [ ب] و[ ج]‪" :‬المدعى عليه"‪#.‬‬
‫يحتاج إلى إثباته ليدفع عنه‪#‬قوله "عنه" زيادة من [ ب] و[ج]‪ #.‬خصومة المدعي ‪#‬في [ أ]‪" :‬المدعى‬
‫سا على الوجه‬‫عليه" وهو خطأ‪ .‬والمثبت هو الصواب كما هو ظاهر السياق‪ #.‬فوجب أن تقبل قيا ً‬
‫الثاني‪#‬انظر‪ :‬المبسوط ‪#.9/84‬‬
‫ولعلمائنا رحمهم ال في المسألة ثلث‪#‬قوله‪" :‬ثلث" كذا جاء في جميع النسخ‪ ،‬والصحيح "ثلثة" كما‬
‫هو الظاهر‪ #.‬طرق أشار إلى جميع ذلك‪#‬قوله‪" :‬إلى جميع ذلك" زيادة من [ ب] و[ج] ‪ #.‬محمد رحمه‬
‫ال في الكتاب‪ .‬الول‪ :‬أن يقول‪ :‬عن هذه شهادة قامت ل على خصم؛ لنه لم يدع‪#‬في [ب] ‪" :‬يدفع"‪#.‬‬
‫شيًئا على الشاهد يقضي القاضي بذلك على الشاهد حتى يصير الشاهد‪#‬قوله "حتى يصير الشاهد" غير‬
‫موجود في [ب]‪ #.‬خصًما له‪.‬‬
‫والدليل عليه‪ :‬أن المدعى قبله إذا قال‪ :‬ل بينة لي على ما ادعيت‪ ،‬وطلب من القاضي أن يستحلف‬
‫الشهود على ذلك‪ ،‬فإن القاضي ل يستحلفهم‪ #‬في [ ب] و[ ج]‪ :‬زيادة "على ذلك"‪#.‬‬
‫إل أن هذا الطريق غير سديد‪ ،‬فإن المدعى عليه لو أقام البينة على أنهم محدودون ‪#‬في [أ]‪" :‬محدودين"‬
‫وهو خطأ‪ .‬والمثبت هو الصواب كما هو الظاهر‪ #.‬في القذف تقبل‪ ،‬وهذه شهادة قامت ل على خصم‬
‫فإنه ل يدعي‬
‫@‪@302‬‬

‫عليهم حّقا يقضي القاضي بذلك على الشهود حتى يصير الشاهد خصًما‪ ،‬أل ترى أنه لو لم تكن له بينة‬
‫على ما ادعى وأراد استحلف الشهود لم يكن له ذلك‪ ،‬وكذلك لو أقام البينة على إقرار المدعي أنهم فسقة‬
‫وما شاكل ذلك تقبل‪ ،‬وقد قامت ل على خصم فعلم‪ #‬في [أ]‪" :‬علم" والمثبت أنسب للسياق‪ #.‬أن هذا‬
‫الطريق غير سديد‪.‬‬
‫ضا‪ ،‬ثم‬ ‫والثاني‪ :‬أنه لو قبل‪ #‬في [ ب] و[ ج]‪" :‬قبلت"‪ #.‬شهادة المدعى قبله على شهود فسقة أو زناة أي ً‬
‫وثم؛ فيؤدي إلى التهاتر‪#‬التهاتر في البينات‪ :‬أي التساقط‪ .‬انظر طلبة الطلبة ص ‪ #.276‬فعلم أن هذا‬
‫ضا غير سديد‪.‬‬‫الطريق أي ً‬
‫والثالث‪ :‬وهو السديد وهو الذي اختاره القاضي المام صاعد‪#‬هو القاضي أبو العلء صاعد بن محمد‬
‫بن أحمد الستوائي‪ ،‬نسبة إلى أستواء قرية من ناحية نيسابور‪ ،‬ولد سنة ثلث وأربعين وثلثمائة‪ .‬درس‬
‫الفقه عن أبي نصر بن سهل القاضي‪ ،‬جده من جهة الم‪ ،‬ولي قضاء نيسابور‪ ،‬كان عالًما صدوًقا‪ ،‬انتهت‬
‫إليه رئاسة الحنفية بخراسان في زمانه‪ ،‬له كتاب العتقاد‪ ،‬مات سنة إحدى وقيل‪ :‬اثنتين وثلثين‬
‫وأربعمائة‪ .‬انظر‪ :‬الجواهر المضية ‪ ،2/265‬تاج التراجم ص ‪ ،171‬والفوائد البهية ص ‪#108 ،107‬‬
‫وهو أن الشاهد بالشهادة على الجرح المفرد صار فاسًقا لنه ارتكب كبيرة‪ ،‬ألحق بفاعلها‪ #‬في [أ]‪:‬‬
‫"لفاعله" والمثبت أنسب للسياق‪ #.‬الوعيد في الدنيا والخرة بنص القرآن ‪#‬في [ ب] و[ ج]‪ :‬زيادة‬
‫"العظيم"‪ #.‬؛ لنه أظهر الفاحشة من غير‬
‫@‪@303‬‬
‫ضرورة‪ ،‬وإظهار الفاحشة من غير ضرورة حرام بنص القرآن‪ #‬في [ ب] و[ ج]‪ :‬زيادة "العظيم"‪#.‬‬
‫قال ال تعالى‪) :‬إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة( ‪ #‬في [ ب] و[ ج]‪ :‬الزيادة "في الذين آمنوا"‪ #.‬الية‬
‫‪#‬سورة النور‪ ،‬جزء من الية رقم )‪ #.(19‬فعلم‪ #‬في [أ]‪" :‬علم" والمثبت أنسب للسياق‪ #.‬أن الشاهد‬
‫صار فاسًقا والمشهود به ل يثبت بشهادة الفاسق‪#‬انظر فتاوى قاضي خان ‪ ،2/463‬فتح القدير ‪،7/399‬‬
‫‪ ،400‬البحر الرائق ‪#.7/166‬‬
‫فإن قيل‪ :‬في إظهار الفاحشة ضرورة وهو ضرورة دفع الخصومة عن المدعى عليه‪#‬في [أ] ‪" :‬علم"‬
‫والمثبت أنسب للسياق‪#.‬‬
‫وصار كما لو أقام البينة على جرح يدخل تحت حكم الحاكم‪.‬‬
‫قيل له‪ :‬ل ضرورة هنا‪#‬قوله‪" :‬هنا" زيادة من [ ب] و[ ج] ‪ #.‬لن هذه الضرورة تندفع بأن يقول‬
‫ذلك‪#‬قوله‪" :‬ذلك" زيادة من [ ب] و[ ج] ‪ #.‬سّرا للمدعي أو القاضي‪ ،‬ول يظهر ذلك في مجلس‬
‫الحكم‪ #‬انظر فتاوى قاضي خان ‪ ،2/463‬فتح القدير ‪ ،7/400‬البحر الرائق ‪ #.7/166‬بخلف ما إذا‬
‫شهدوا أنهم شركاء في المشهود به‪ ،‬لنه ليس في ذلك إظهار الفاحشة فيثبت المشهود به‪ ،‬فصار الثابت‬
‫بالشهادة كالثابت معاينة‪#‬انظر‪ :‬فتح القدير ‪ ،#.7/401‬وبخلف ما إذا شهدوا أنهم محدودين‪#‬قوله‪:‬‬
‫"محدودين" خطأ والصواب‪" :‬محدودون" كما هو الظاهر‪ #.‬في قذف‪#‬من قوله‪" :‬لنه ليس في ذلك‬
‫إظهار الفاحشة" إلى قوله‪" :‬محدودين في قذف" غير موجود في [ ب] و[ ج]‪ #.‬لنه‬
‫@‪@304‬‬
‫ليس في ذلك‪#‬في [أ] "ليس فيهم"‪ .‬والمثبت أنسب للسياق‪ #.‬إظهار الفاحشة من جهة الشاهد‪ ،‬وإنما حكى‬
‫إظهار الفاحشة من غيره‪ ،‬وهو شهود القذف‪#‬انظر‪ :‬فتاوى قاضي خان ‪ #.2/464‬أو القاضي‪،‬‬
‫والحاكي لظهار الفاحشة من غيره ل يكون مظهًرا للفاحشة‪ ،‬فلم يصر فاسًقا فيثبت المشهود به‪.‬‬
‫وبخلف ما إذا شهدوا على إقرار المدعى أنهم فسقة أو شاكل ذلك لنهم ما شهدوا‪ #‬في [ ب] و[ ج]‪:‬‬
‫"لنه ما شهد"‪ #.‬بإظهار الفاحشة‪ ،‬وإنما حكوا ‪ #‬في [ ب] و[ ج]‪" :‬حكى"‪ #.‬إظهار الفاحشة من غيره‬
‫وهو المدعي‪ ،‬فلم يصر فاسًقا‪#‬انظر البحر الرائق ‪ #.7/167‬فيثبت المشهود به‪.‬‬
‫وأما إذا أقام البينة أني صالحتهم على كذا فإن للقاضي أن يسأل المدعي قبله‪ #‬في [ ب] و[ ج]‪" :‬المدعى‬
‫عليه"‪ ، #.‬فإن قال أعطيتهم المال قبلت البينة‪ ،‬وإن كان فيه إظهار الفاحشة لن فيه ضرورة ليصل إلى‬
‫المال‪ ،‬وإن قال‪ :‬لم أعطهم‪ ،‬لم تقبل؛ لن فيه إظهار الفاحشة من غير ضرورة‪ #‬انظر‪ :‬فتاوى قاضي‬
‫خان ‪ ،2/464‬البحر الرائق ‪ ، #.7/167‬فدل أن هذا الطريق سديد‪ ،‬وقد جمع محمد رحمه ال في‬
‫الكتاب بين الطرق الثلث‪ ،‬وإن كان البعض سديًدا والبعض غير سديد ليتميز السديد من غير السديد‬
‫بالتأمل والتذكر‪ ،‬فلهذا الغرض جمع‪ #‬في [ ب] و[ ج]‪ :‬زيادة "ذلك"‪#.‬‬
‫وال أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب‪#‬قوله‪" :‬بالصواب وإليه المرجع والمآب" غير موجود في [‬
‫ب] و[ ج] ‪#.‬‬

‫@‪@305‬‬
‫فهرس المراجع والمصادر‪:‬‬
‫‪1‬ـ القرآن الكريم‪.‬‬
‫‪-2‬أخبار القضاة‪ :‬محمد بن خلف بن حيان المعروف بوكيع‪ ،‬طبعة عالم الكتب – بيروت‪.‬‬
‫‪-3‬الختيار لتعليل المختار‪ ،‬عبد ال بن محمود بن مودود الموصلي الحنفي‪ ،‬تحقيق وتعليق‪ :‬الشيخ‬
‫إبراهيم عثمان الجعيد‪ ،‬طبعة دار الرقم بن أبي الرقم للطباعة والنشر والتوزيع – بيروت‪.‬‬
‫أدب القاضي‪ :‬لبي بكر أحمد بن عمرو الخصاف الشيباني‪ ،‬تحقيق‪ :‬محيي هلل السرحان‪،‬‬ ‫‪-4‬‬
‫مطبعة الرشاد بغداد‪.‬‬
‫أدب القاضي‪ :‬لبي الحسين علي بن محمد الماوردي الشافعي‪ ،‬تحقيق محيي هلل‬ ‫‪-5‬‬
‫السرحان‪ ،‬مطبعة الرشاد‪ ،‬بغداد‪.‬‬
‫أدب القاضي‪ :‬لبي الحسين علي بن محمد الماوردي الشافعي‪ ،‬تحقيق محيي هلل‬ ‫‪-6‬‬
‫السرحان‪ ،‬مطبعة الرشاد‪ ،‬بغداد‪.‬‬
‫العلم‪ :‬خير الدين الزركلي‪ ،‬دار العلم للمليين – الطبعة العاشرة‪.‬‬ ‫‪-7‬‬
‫إعلم الموقعين عن رب العالمين‪ :‬شمس الدين أبو عبد ال محمد بن أبي بكر بن قيم‬ ‫‪-8‬‬
‫الجوزية – رتبه وضبطه محمد عبد السلم إبراهيم‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬الطبعة الولى‪.‬‬
‫إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون‪ :‬للديب المؤرخ‪:‬‬ ‫‪-9‬‬
‫إسماعيل باشا‪ ،‬طبعة دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان ‪ 1413‬هـ ‪ 1992 -‬م‪.‬‬
‫البحر الرائق شرح كنز الدقائق‪ :‬لزن الدين بن إبراهيم المعروف بابن نجيم‪ ،‬طبعة دار‬ ‫‪-10‬‬
‫الكتب العلمية‪ ،‬منشورات محمد علي بيضون‪ ،‬الطبعة الولى‪@306@ .‬‬
‫بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع‪ :‬علء الدين أبو بكر مسعود الكاساني الحنفي‪ ،‬طبعة دار‬ ‫‪-11‬‬
‫الكتب العلمية‪.‬‬
‫تاج التراجم‪ :‬لبي الفداء زين الدين قاسم بن قطلوبغا السودوني‪ ،‬حققه وقدم‪ :‬محمد خير‬ ‫‪-12‬‬
‫رمضان يوسف‪ ،‬طبعة دار القلم‪ ،‬الطبعة الولى‪.‬‬
‫تقريب التهذيب‪ :‬للحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلني‪ ،‬قدم له دراسة وافية‪ :‬محمد‬ ‫‪-13‬‬
‫عوامة‪ ،‬طبعة دار الرشيد‪ ،‬حلب سوريا‪ ،‬الطبعة الرابعة‪.‬‬
‫التخليص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير‪ :‬للحافظ أحمد بن علي بن حجر‬ ‫‪-14‬‬
‫العسقلني‪ ،‬اعتنى به أبو عاصم حسن بن عباس‪ ،‬مؤسسة قرطبة‪ ،‬توزيع مكتبة الخراز‪ ،‬الطبعة‬
‫الولى‪.‬‬
‫تلخيص المستدرك‪ ،‬بهامش المستدرك على الصحيحين‪ :‬لشمس الدين أبي عبد ال محمد بن‬ ‫‪-15‬‬
‫أحمد الذهبي‪ ،‬دراسة وتحقيق مصطفى عبد القادر عطا‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬الطبعة الولى‪.‬‬
‫الجامع الصغير‪ ،‬بهامش شرحه النافع الكبير‪ :‬للمام محمد بن الحسن الشيباني‪ ،‬من‬ ‫‪-16‬‬
‫منشورات إدارة القرآن والعلوم السلمية‪ ،‬كراتشي‪ ،‬باكستان‪.‬‬
‫الجامع الصحيح )بهامش تحفة الحوذي(‪ :‬الحافظ أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة‬ ‫‪-17‬‬
‫الترمذي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬الطبعة الولى‪.‬‬
‫الجواهر المضية في طبقات الحنفية‪ :‬محيي الدين أبو محمد عبد القادر بن محمد بن أبي‬ ‫‪-18‬‬
‫الوفاء القرشي الحنفي‪ ،‬تحقيق الدكتور ‪/‬عبد الفتاح محمد الحلو‪ ،‬طبعة هجر للطباعة والنشر‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية‪.‬‬
‫رفع التردد في عقد الصابع عند التشهد )ضمن مجموعة رسائل ابن عابدين(‪ ،‬طبعة دار‬ ‫‪-19‬‬
‫عالم الكتب‪.‬‬
‫سنن ابن ماجه‪ :‬لبي عبد ال محمد بن يزيد القزويني‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد فؤاد عبد الباقي‪ ،‬دار‬ ‫‪-20‬‬
‫إحياء التراث العربي‪.‬‬
‫سنن الدراقطني‪ :‬علي بن عمر الدراقطني‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت ‪ 1413‬هـ ‪-‬‬ ‫‪-21‬‬
‫‪ 1993‬م‪.‬‬
‫السنن الكبرى‪ :‬لبي بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد عبد القادر عطا‪،‬‬ ‫‪-22‬‬
‫دار الكتب العلمية‪ ،‬الطبعة الولى‪.‬‬
‫@‪@307‬‬

‫‪ - 23‬سير أعلم النبلء‪ :‬شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬الطبعة السابعة‪.‬‬
‫‪ – 24‬شرح الجامع الصغير‪ :‬فخر الدين حسن بن منصور الوزجندي الفرغاني الحنفي "محفوظ"‪.‬‬
‫‪ – 25‬شرح الجامع الصغير‪ :‬للصدر الشهيد عمر بن عبد العزيز بن مازه "مخطوط"‪.‬‬
‫‪ – 26‬شرح أدب القاضي تحقيق‪ :‬للصدر الشهيد عمر بن عبد العزيز بن مازه‪ ،‬تحقيق‪ :‬محيي هلل‬
‫السرحان‪ ،‬مطبعة الرشاد‪ ،‬بغداد‪.‬‬
‫‪ -27‬شرح مختصر الكرخي‪ :‬لبي الحسين أحمد بن محمد القدوري "مخطوط"‪.‬‬
‫‪ – 28‬صحيح بن حبان بترتيب ابن بلبان‪ :‬للمير علء الدين علي بن بلبان الفارسي ‪ ،‬حققه وخرج أحاديثه‬
‫وعلق عليه‪ :‬شعيب الرنؤوط ‪ .‬مؤسسة الرسالة‪ .‬الطبعة الثالثة‪.‬‬
‫‪ -29‬صحيح البخاري‪ :‬لبي عبد ال محمد بن إسماعيل البخاري‪ ،‬تحقيق الشيخ محمد علي قطب‪ ،‬المكتبة‬
‫العصرية‪ ،‬بيروت ‪ 1415‬هـ ‪ 1994 -‬م‪.‬‬
‫‪ – 30‬صحيح مسلم‪ :‬لبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري‪ ،‬تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي‪،‬‬
‫دار إحياء الكتب العربية‪ ،‬توزيع دار الكتب العلمية‪.‬‬
‫‪ – 31‬طبقات الفقهاء‪ :‬لبي إسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الشيرازي‪ ،‬تصحيح ومراجعة الشيخ خليل‬
‫الميس‪ ،‬دار القلم‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -32‬الطبقات الكبرى‪ :‬لبي عبد ال محمد بن سعد الزهري‪ ،‬طبعة دار صادر‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -33‬طلبة الطلبة في الصطلحات الفقهية‪ :‬لبي حفص نجم الدين عمر بن محمد النسفي‪ ،‬ضبط وتعليق‬
‫وتخريج الشيخ خالد عبد الرحمن العك‪ ،‬طبعة دار النفائس‪.‬‬
‫‪ – 34‬عيون المسائل في فروع الحنفية‪ :‬لبي الليث نصر بن محمد بن إبراهيم السمرقندي‪ ،‬تحقيق سيد‬
‫محمد مهنى‪ ،‬طبعة دار الكتب العلمية‪ ،‬الطبعة الولى‪.‬‬
‫‪ -35‬فتاوى قاضي خان )الخانية بهامش الفتاوى الهندية( ‪ :‬فخر الدين حسن بن منصور الوزجندي‬
‫الفرغاني الحنفي‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬الطبعة الرابعة‪.‬‬
‫‪ -36‬فتح القدير للعجز الفقير على الهداية‪ :‬كمال الدين محمد بن عبد الواحد السيواسي المعروف بابن الهمام‬
‫الحنفي‪ ،‬علق عليه الشيخ عبد الرزاق المهدي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬توزيع مكتبة دار الباز‪ ،‬الطبعة الولى‪.‬‬

‫@‪@308‬‬

‫‪ -37‬الفقه النافع‪ :‬لبي القاسم محمد بن يوسف الحسين السمرقندي‪ ،‬دراسة وتحقيق الدكتور إبراهيم بن محمد‬
‫العبود‪ ،‬الناشر مكتبة العبيكان‪ ،‬الطبعة الولى‪.‬‬
‫‪ -38‬الفوائد البهية في تراجم الحنفية‪ :‬للشيخ محمد بن عبد الحي اللكنوي الهندي‪ ،‬اعتنى بإخراجه وتقديمه‬
‫نعيم أشرف نور أحمد‪ ،‬من منشورات إدارة القرآن والعلوم السلمية‪ ،‬كراتشي‪ ،‬باكستان‪.‬‬
‫‪ -39‬الكامل في التاريخ‪ :‬لعمدة المؤرخين أبي الحسين علي بن أبي الكرم محمد بن محمد الشيباني‬
‫المعروف بابن الثير‪ ،‬عني بمراجعة أصوله والتعليق عليه نخبة من العلماء‪ ،‬الناشر دار الكتاب العربي‪،‬‬
‫بيروت‪.‬‬
‫‪ -40‬كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون‪ :‬مصطفى عبد ال الرومي الحنفي‪ ،‬المعروف بحاجي خليفة‪،‬‬
‫طبعة درا الكتب العلمية ‪ 1992 – 1413‬م‪.‬‬
‫‪ -41‬لسان العرب‪ :‬جمال الدين أبو الفضل محمد بن مكرم النصاري المعروف بابن منظور‪ ،‬دار إحياء‬
‫التراث العربي‪ ،‬الطبعة الثانية‪.‬‬
‫‪ – 42‬المبسوط‪ :‬لشمس الدين أبي بكر محمد بن أبي سهل السرخسي‪ ،‬طبعة دار المعرفة‪ 1414 ،‬هـ ‪-‬‬
‫‪ 1993‬م‪.‬‬
‫‪ -43‬مختصر الطحاوي‪ :‬لبي جعفر أحمد بن محمد الطحاوي الحنفي‪ ،‬عني بالتعليق عليه أبو الوفاء‬
‫الفغاني – كراتشي – باكستان‪.‬‬
‫‪ -44‬المستدرك على الصحيحين‪ :‬لبي عبد ال محمد بن عبد اله الحاكم النيسابوري‪ ،‬دراسة وتحقيق‬
‫مصطفى عبد القادر عطا‪ ،‬طبعة دار الكتب العلمية الطبعة الولى‪.‬‬
‫‪ -45‬مسائل التزكية من المنتقى‪ :‬للمام محمد بن الحسن الشيباني "مخطوط"‪.‬‬
‫‪ -46‬المصباح المنير في غريب الشرح الكبير‪ :‬أحمد بن محمد بن علي المقري الفيومي‪ ،‬طبعة دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬الطبعة الولى‪.‬‬
‫‪ -47‬معجم البلدان‪ :‬لشهاب الدين أبي عبد ال ياقوت بن عبد ال الحموي الرومي البغدادي‪ ،‬طبعة درا‬
‫الكتاب العربي‪ ،‬بيروت لبنان‪.‬‬
‫‪ -48‬معجم مقاييس اللغة‪ :‬لبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا‪ ،‬تحقيق وضبط عبد السلم محمد هارون‪،‬‬
‫دار الجيل‪ ،‬الطبعة الولى‪.‬‬

‫@‪@309‬‬
‫‪ -49‬معجم المؤلفين‪ :‬عمر رضا كحالة‪ ،‬اعتنى به وجمعه وأخرجه مكتب تحقيق التراث في مؤسسة‬
‫الرسالة‪ ،‬الطبعة الولى‪.‬‬
‫‪ -50‬معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الحكام‪ :‬لعلء الدين أبي الحسن علي بن خليل الطرابلسي‬
‫الحنفي‪ ،‬مطبعة مصطفى البابي الحلبي‪ ،‬الطبعة الثانية‪.‬‬
‫‪ -51‬مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج‪ :‬محمد الشربيني الخطيب‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪.‬‬
‫‪ -52‬مفتاح السعادة ومصباح السيادة في موضوعات العلوم‪ :‬أحمد بن مصطفى الشهير بطاش كبرى زاده‪،‬‬
‫طبعة دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت لبنان‪.‬‬
‫‪ -53‬النتف في الفتاوى‪ :‬لبي الحسن علي بن الحسين بن محمد السغدي‪ ،‬حققه وقدم لها وخرج أحاديثها‬
‫المحامي الدكتور صلح الدين الناهي‪ ،‬طبعة مؤسسة الرسالة ودار الفرقان‪ ،‬الطبعة الثانية‪.‬‬
‫‪ -54‬نصب الراية تخريج أحاديث الهداية‪ :‬لجمال الدين أبي محمد عبد ال بن يوسف الزيلعي الحنفي‪ ،‬تحقيق‬
‫أحمد شمس الدين‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬الطبعة الولى‪.‬‬
‫‪ -55‬النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة‪ :‬لبي المحاسن جمال الدين يوسف تغري بردي التابكي‪،‬‬
‫طبعة دار الكتب المصري‪ ،‬الطبعة الولى‪.‬‬
‫‪ -56‬الهداية شرح بداية المبتدئ‪ :‬لبرهان الدين أبو الحسين علي بن أبي بكر بن عبد الجليل المرغيناني‪،‬‬
‫طبعة دار الفكر‪ ،‬المكتبة التجارية‪ ،‬مكة المكرمة‪.‬‬
‫‪ -57‬هدية العارفين أسماء المؤلفين وآثار المنصفين من كشف الظنون‪ :‬إسماعيل باشا البغدادي‪ ،‬طبعة دار‬
‫الكتب العلمية‪ 1413 ،‬هـ ‪1992 -‬م‪.‬‬

‫تدريب الدعاة‬
‫عبد اله بن إبراهيم اللحيدان‬
‫قسم الدعوة والحتساب – كلية الدعوة والعلم‬
‫جامعة المام محمد بن سعود السلمية‬

‫@‪@313‬‬

‫المقدمة‪:‬‬
‫الحمد ل وحده والصلة والسلم على رسول ال‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫فإيصال الهداية إلى الناس والحسان إليهم هدف نبيل وغاية ينبغي أن يسعى إليها كل مسلم‪ ،‬ومع توسع‬
‫العالم اليوم في وسائل التصال فقد سهل ذلك من مهمة إيصال الهداية إلى الناس في كل مكان‪ ،‬وكان على‬
‫المسلمين أن يقوموا بإيصال الدعوة إلى الناس كلهم بكل وسيلة مشروعة متاحة؛ لن هذا من مقتضى‬
‫الخيرية التي كرمت بها هذه المة بقول ال تعالى‪) :‬كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون‬
‫عن المنكر(‪#‬سورة آل عمرتن‪ ،‬الية‪ ، #.110 :‬وهو من لوازم الشهادة التي كلفت بها بقوله تعالى‪) :‬وكذلك‬
‫طا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيًدا(‪#‬سورة البقرة‪ ،‬الية‪#.143 :‬‬ ‫جعلناكم أمة وس ً‬
‫وهذا المر واجب على كل مسلم كل بحسبه‪ ،‬وإن كان للمؤسسات السلمية النصيب الكبر في تبليغ هذا‬
‫الدين إلى كل لحد‪.‬‬
‫إن تنوع أساليب التصال واختلفها من عصر إلى عصر ومن جيل إلى جيل سمة بارزة في المجتمعات‬
‫النسانية‪ ،‬وما يحسن قوله أو فعله اليوم من عادات الناس وأعرافهم قد ل يحسن غًدا وما يحسن عند طائفة‬
‫قد ل يحسن عند أخرى‪ ،‬ومن القواعد المعتبرة في الشرع أن العادة محكمة‪ ،‬وإذا كان العالم اليوم بحاجة‬
‫ماسة إلى أن تصل إليه دعوة السلم بصورة واضحة ومقنعة‪ ،‬من خلل الوسائل والساليب المتاحة‬
‫والمشروعة المعاصرة؛ فإن هذا يتطلب أن يكون الدعاة إلى ال تعالى على قدر كبير من التأهيل العلمي‬
‫والعملي‪ ،‬ول بد أن‬
‫@‪@314‬‬
‫تدرك المؤسسات السلمية التي ينتسب إليها الدعاة والمؤسسات العلمية التي تتولى تدريب الدعاة وتأهيلهم‬
‫أن تأهيل الدعاة وإكسابهم المهارات اللزمة للدعوة جزء أساس في الدعوة وإيصال الهداية إلى الناس‪،‬‬
‫ويتطلب ذلك الوقوف على الساليب المشروعة لتدريب الدعاة والوقوف على البرامج المتاحة وتقويمها‬
‫وتصميم البرامج المناسبة للدعاة‪ ،‬وإيجاد السبل الكفيلة بإنجاحها‪.‬‬
‫إن الدعوة بشكل عام ودعوة غير المسلمين على وجه الخصوص تحتاج إلى جهد كبير في تأهيل الدعاة‬
‫وتدريبهم‪ ،‬فتأهيل الدعاة وتدريبهم على طرائق الدعوة وفنونها‪ ،‬وتدريبهم على التنظيم في الداء وإكسابهم‬
‫المهارات اللزمة التي تعينهم على حسن العرض للمبادئ التي يتحملونها‪ ،‬وكذلك توفير السباب المعين‬
‫للداعية على القيام بدعوته‪ ،‬كل ذلك ينبغي أن يكون الهاجس الكبر للمؤسسة السلمية ولكل قائم بالدعوة‪،‬‬
‫فالمدعو ل يعيش اليوم بمعزل عن العالم الذي تعددت فيه أساليب التصال‪ ،‬وعلى الدعاة أن يدركوا جيًدا أن‬
‫بضاعتهم ينبغي أن تعرض بأبهى حلة وأحسن وسيلة لذا فغن إكساب الداعي مهارات التصال بالمدعو من‬
‫أهم المهمات‪.‬‬
‫ومن المسلمات في الدعوة عموًما أن هناك العديد من السئلة التي يحتار المدعو في الجابة عنها‪ ،‬وكثير من‬
‫المسلمين وغير المسلمين ممن قرؤوا كتًبا عن السلم‪ ،‬أو سمعوا عن بعض حقائقه وتشريعاته‪ ،‬ظلت لديهم‬
‫أسئلة حائرة لم تجد معها من يروي غليلهم‪ ،‬ولذلك فل غنى للمدعو عن الداعية بحال من الحوال‪ ،‬وإن‬
‫الداعية المؤهل علمّيا وعملّيا يغني عن ألف كتاب وكتاب‪ ،‬والدعوة في كل زمان ومكان تحتاج لمن يجمع‬
‫بين العلم المستند إلى الدليل والعلم المبني على الحكمة والتجربة‪.‬‬
‫ومن أهم احتياجات الدعوة اليوم تأهيل الدعاة الذين لديهم القدرة على عرض الدعوة بلغات المدعوين ولكنهم‬
‫يفتقدون العلم الشرعي الكافي‪ ،‬وكذلك‬
‫@‪@315‬‬

‫تدريب الدعاة الذين لديهم العلم الشرعي ويفتقدون القدرة الكافية لعرضه بأسلوب يناسب المدعوين‪ .‬ولذلك‬
‫فالتأهيل والتدريب للدعاة اليوم من ضرورات العصر حيث تتجدد الوسائل وتتنوع الساليب وتتفاوت‬
‫الثقافات وتختلف باختلف المكنة والزمنة والحوال مما يتطلب أن يكون للدعاة حظهم من هذا التدريب‬
‫والتأهيل‪ ،‬وينبغي أن توجه لذلك الدراسات والبحاث العلمية للوقوف على واقع تدريب الدعاة واحتياجاته‪،‬‬
‫وقد كان لبعض الباحثين اهتمام بالكتابة عن تدريب الدعاة في الطار المؤسسي من خلل بيان جهود‬
‫المؤسسات الدعوية في التدريب وقد استفدت مما كتب على نحو ما أوردته في ثنايا البحث‪ ،‬ولما لم أجد‬
‫ل وتطبيًقا فقد سعيت في هذا البحث إلى ذلك بإبراز أهمية التدريب‬ ‫دراسة علمية عن تدريب الدعاة تأصي ً‬
‫وبيان مفهومه ومشروعيته‪ ،‬كما سعيت إلى إبراز مسؤولية المؤسسات التدريبية في تدريب الدعاة وعرضت‬
‫لبرامج مركز خدمة المجتمع والتعليم المستمر في جامعة المام كأنموذج لهذه المؤسسات التي ينبغي أن‬
‫تعنى بتدريب الدعاة‪.‬‬
‫وجاء تقسيم البحث كما يلي‪:‬‬
‫المقدمة‪:‬‬
‫المبحث الول‪ :‬التدريب أهميته ومشروعيته ومجالته وأنواعه‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬أهمية التدريب للدعاة‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬عمادات خدمة المجتمع والتعليم المستمر في الجامعات السعودية وتأهيل الدعاة وتدريبهم‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬معوقات تدريب الدعاة‪.‬‬
‫ثم الخاتمة وفيها نتائج البحث وتوصياته‪.‬‬
‫صا صواًبا‪.‬‬
‫أسأل ال تعالى أن يكون هذا البحث نافًعا مفيًدا وأن يجعله خال ً‬

‫@‪@316‬‬

‫المبحث الول‪ :‬التدريب أهميته ومشروعيته ومجاللته وأنواعه‪:‬‬


‫ل‪ :‬مفهوم التدريب‪:‬‬
‫أو ً‬
‫بالرجوع إلى مادة )درب( في اللغة نجد ما يلي‪ :‬درب بالمر درًبا ودربة وتدرب‪ :‬ضري‪ ،‬ودربه به وعليه‬
‫وفيه ضراه‪ ،‬الدربة‪ :‬الضراوة‪ ،‬والدرية عادة وجرأة على الحرب وعلى كل أمر‪ ،‬والمدرب‪ :‬المجرب‬
‫ضا الذي قد أصابته البليا ودربته الشدائد حتى قوي ومرن عليها‪ ،‬وتطلق لفظة التدريب على‪:‬‬
‫والمدرب أي ً‬
‫الصبر في الحرب وقت الفرار‪ ،‬قال أبو بكر رضي ال عنه‪ :‬ل تزالون تهزمون الروم فإذا صاروا إلى‬
‫التدريب وقفت الحرب‪ ،‬أراد الصبر في الحرب وقت الفرار وأصله من الدربة والتجربة ويجوز أن يكون‬
‫من الدروب وهي الطرق‪ #‬انظر‪ :‬لسان العرب‪ ،‬ابن منظور‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪ ،‬د ت‪ ،‬ج ‪1‬ص ‪#.374‬‬
‫كما أن التدريب يأتي بمعنى العتياد والتأدب‪#‬انظر‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ج ‪ 1‬ص ‪#.374‬‬
‫ومن هذا المفهوم اللغوي يمكن القول بأن الداعية له نصيبه من هذا المعنى‪ ،‬فما لم يكن مجرًبا عالًما بدروب‬
‫الدعوة ومسالكها وطرق الوصول إلى المدعوين فإنه ل يبلغ بدعوته غايتها المنشودة‪.‬‬
‫أما التعريفات المعاصرة للتدريب في إطاره العام فهي متعددة‪ ،‬حيث يعرف التدريب بأنه‪" :‬عملية تعديل‬
‫إيجابي ذو اتجاهات خاصة تتناول سلوك الفرد من الناحية المهنية أو الوظيفية وذلك لكساب المعارف‬
‫والخبرات التي يحتاج لها النسان وتحصيل المعلومات التي تنقصه"‪#‬انظر‪ :‬تنمية مهارات مسؤولي شؤون‬
‫العاملين‪ ،‬د‪ .‬السيد عليوة ايتراك للنشر والتوزيع‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ط ‪2001 ،1‬م‪ ،‬ص ‪#.51‬‬

‫@‪@317‬‬

‫كما يعرف بأنه‪" :‬محاولة لتغيير سلوك الفراد بجعلهم يستخدمون طرًقا وأساليب مختلفة في أداء العمال‪،‬‬
‫أي‪ :‬يجعلهم يسلكون بشكل يختلف بعد التدريب عما كانوا يتبعونه قبل التدريب"‪#‬انظر‪ :‬تنمية مهارات‬
‫مسؤولي شؤون العاملين‪ ،‬السيد عليوة‪ ،‬ص ‪#.52‬‬
‫حا لمزاولة عمل ما"‪#‬انظر‪:‬‬ ‫أو هو‪" :‬النشاط المستمر لتزويد الفرد بالمهارات والتجاهات التي تجعله صال ً‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص ‪#.52‬‬
‫أو هو‪" :‬نشاط منظم يركز على الفرد لتحقيق تغير في معارفه ومهاراته وقدراته لمقابلة احتياجات محددة في‬
‫الوضع الحاضر أو المستقبلي"‪#‬حول التدريب والتعليم‪ ،‬عبد الكريم بكار‪ ،‬درا المسلم‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط ‪،1‬‬
‫‪ 1420‬هـ ص ‪#.398‬‬
‫ومن مجمل هذه التعريفات نتبين أن التدريب بمعناه الصطلحي يتفق كثيًرا مع المعنى اللغوي الذي يشير‬
‫إلى أن عملية التدريب تعني‪ :‬العتياد والتجربة والتمرين والتأدب واكتساب الخبرة‪.‬‬
‫ومن خلل ما تقدم يمكن أن يقال‪ :‬إن المقصود بالتدريب في هذا البحث‪ :‬كل نشاط منظم يهدف إلى تزويد‬
‫الدعاة بالمهارات اللزمة للقيام بالدعوة على الوجه الكمل‪.‬‬
‫وجدير بالذكر أن التدريب والتعليم والتأهيل منظومة متكاملة في الشخصية الناجحة‪ ،‬ول بد من التأكيد على‬
‫أن التأهيل يسبق التدريب الذي هو جزء منه‪#‬انظر‪ :‬التدريب وأهميته في العمل السلمي‪ ،‬محمد موسى‬
‫الشريف‪ ،‬دار الندلس الخضراء‪ ،‬جدة‪ ،‬ط ‪ 1422 ،2‬هـ‪ ،‬ص ‪#.27‬‬
‫والتدريب يبدأ من حيث ينتهي التعليم‪.‬‬
‫ويفرق بعضهم بين التعليم والتدريب‪ ،‬بأن التعليم هو التغير المرغوب فيه في السلوك عن طريق إكساب‬
‫الفرد المعارف والمعلومات وهو يشمل جميع نواحي‬
‫@‪@318‬‬

‫الفرد العقلية والنفعالية والجسمية والروحية‪ .‬والتدريب‪ :‬هو العناية بالفرد للقيام بتطبيق تلك المعارف‬
‫والمعلومات في الحياة العملية‪ ،‬وبمعنى آخر التدريب‪ :‬هو تحويل تلك المعارف والمعلومات إلى مهارات‬
‫تطبيقية‪#‬من مقال للدكتور محمد اللحم‪ ،‬منشور في موقع إدارة التدريب التربوي والبتعاث بمنطقة‬
‫القصيم‪#.‬‬
‫كما أن التدريب يتضمن مشاركة الدارس ممن له خبرة في البرنامج التدريبي في عرض خبرته ومناقشة‬
‫الراء والفكار‪ ،‬بخلف التعليم والتأهيل الذي يتحمل فيه المعلم جزًءا كبيًرا من البرنامج‪ ،‬ولذا فمن المهم أن‬
‫يتضح مفهوم البرنامج التدريبي عند المؤسسات التي ينتسب إليها الدعاة وعند الملتحقين بالدورات التدريبية‬
‫الدعوية ول بد أن يدرك الداعية أنهم جزء من البرنامج وأن الهدف منه هو تنشيط الذهن وصياغة الحلول‬
‫لمشكلت الدعوة العلمية عبر هذه الدورات التدريبية‪.‬‬
‫ثانًيا‪ :‬أهمية التدريب للفرد والمجتمع‪:‬‬
‫التدريب له أهمية كبرى في حياة الفرد والمجتمع‪ ،‬ويتفاوت الناس في تقبل التدريب والستعداد له كما‬
‫يتفاوتون في مساحة التدريب من واقع حياتهم‪ ،‬والمرء ل ينفك عن التدريب في جميع مراحل حياته‪ ،‬فكل‬
‫إنسان أخذ نصيبه من التدريب على أشياء كثيرة لم يتلقاها يوًما من كتاب‪ ،‬فالطفل يدرب على الكلم والمشي‬
‫ثم على كثير من العوائد والداب‪ ،‬وكل إنسان مدين لوالديه ومن تولى تربيته وتدريبه على أن يعيش في‬
‫مجتمعه وفق طبيعته وسلوكه‪ ،‬ولو خلي النسان عن التدريب على كثير من الشياء لم يألف ولم يؤلف‪ ،‬وفي‬
‫الحديث‪" :‬المؤمن يألف ويؤلف ‪ ،‬ل خير فيمن ل يألف ول يؤلف"‪#‬رواه الحاكم في المستدرك على‬
‫الصحيحين‪ ،‬وقال‪ :‬صحيح السناد ولم يخرجاه‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪ 1422 ،1‬هـ ص‬
‫‪ 21‬رقم الحديث‪#.67 :‬‬

‫@‪@319‬‬

‫وما من شك في أهمية التدريب وأن له أثًرا كبيًرا على معنويات المتدربين ويشعر المتدرب من خلله‬
‫باهتمام المؤسسة التي ينتمي إليها وأنها مؤسسة جادة في تقديم العون له وراغبة في تطويره‪#‬انظر‪ :‬تنمية‬
‫مهارات مسؤولي شؤون العاملين‪ ،‬السيد عليوة‪ ،‬ص ‪#.52‬‬
‫وفي معظم التخصصات العلمية والعملية تسعى الكليات التطبيقية إلى إضافة برنامج تدريبي يسبق التخرج‬
‫كالكليات التربوية والعسكرية والطبية‪ ،‬ويسهم هذا البرنامج التدريبي في إكساب الدارسين الخبرة والمهارة‬
‫والتطبيق العملي‪ ،‬ويحظى الدارس خلله بالتوجيه والتسديد من قبل أساتذته‪ ،‬والدعوة أحوج ما تكون إلى‬
‫مثل ذلك‪ ،‬ل سيما مع تنوع وسائل الدعوة وطرائقها في العصر الحاضر‪.‬‬
‫وفي الدعوة على وجه الخصوص قد يحتاج المر إلى تدريب المتطوعين في الدعوة والرسميين على حد‬
‫سواء؛ لضمان أكبر قدر في نجاح الدعوة‪ ،‬ولن احتياجات الدعوة تستدعي تكثيف عدد الدعاة‪ .‬وقد سعى إلى‬
‫تطبيق هذا المر كثير من المنظمات التنصيرية حيث قامت بتدريب العنصر المدني إضافة إلى العنصر‬
‫المحترف‪#‬التنصيرية خطة لغزو العالم السلمي‪ ،‬بحوث مؤتمر كلورادو‪ 1978 ،‬م ص ‪ 660‬ويقصد‬
‫بالمحترف‪ :‬الرسمي الذي عينته الكنيسة للقيام بالدعوة إلى النصرانية‪ #.‬في حين أن كثيًرا من المؤسسات‬
‫الدعوية ل زالت تتردد في تدريب الدعاة الرسميين‪.‬‬
‫ثالًثا‪ :‬مشروعية التدريب‪:‬‬
‫التدريب بمعناه الواسع وهو التعويد والتمرين ورياضة النفس له صوره العديدة في السلم‪ ،‬وجاءت بذلك‬
‫نصوص عديدة في الكتاب والسنة‪ ،‬وجدير بالذكر أن التدريب كنشاط إنساني ليس من بدع العصر الحاضر‬
‫بل يمتد إلى وجود النسان على هذه الرض‪ ،‬ومن حكمة ال تعالى أن خلق النسان‬
‫@‪@320‬‬
‫من ضعف‪ :‬قال تعالى‪) :‬ال الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعًفا‬
‫ل ل يعلم شيًئا قال تعالى‪) :‬وال أخرجكم‬ ‫وشيبة(‪#‬سورة الروم‪ ،‬الية‪ ، #.54 :‬وأخرجه من بطن أمه جاه ً‬
‫من بطون أمهاتكم ل تعلمون شيًئا وجعل لكم السمع والبصار والفئدة لعلكم تشكرون(‪#‬سورة النحل‪ ،‬الية‪:‬‬
‫‪#.78‬‬
‫وما يلبث النسان أن يتعلم ويتدرب على كثير من المعارف والسلوك لينال حظه من أسباب البقاء على هذه‬
‫الرض والتعايش مع بني جنسه‪.‬‬
‫وفي القرآن والسنة ما يشير إلى مشروعية تدريب النفس على أمور الحياة والخذ بالسباب المعينة على‬
‫الحذق والمهارة‪ ،‬قال أبو بكر بن العربي عند تفسير قوله تعالى‪) :‬قالوا يأبانا إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف‬
‫عند متاعنا فأكله الذئب وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين( ‪#‬سورة يوسف‪ ،‬الية‪" ، #.17 :‬المسابقة‬
‫شرعة في الشريعة‪ ،‬وخصلة بديعة‪ ،‬وعون على الحرب‪ ،‬وقد فعله النبي صلى ال عليه وسلم بنفسه‬
‫وبخيله‪ ...‬وفي ذلك من الفوائد رياضة النفس والدواب وتدريب العضاء على التصرف "‪#‬أحكام القرآن‪،‬‬
‫أبو بكر بن العربي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪ 1416 ،1‬هـ‪ ،‬ج ‪ 3‬ص ‪ #.39‬وقال المام القرطبي‪:‬‬
‫"والغرض من المسابقة على القدام تدريب النفس على العدو"‪ #‬الجامع لحكام القرآن‪ ،‬القرطبي‪ ،‬دار إحياء‬
‫التراث العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪ 1405‬هـ ج ‪ 9‬ص ‪#.145‬‬
‫وسابق النبي صلى ال عليه وسلم عائشة على قدميه‪#‬رواه أبو داود‪ ،‬كتاب الجهاد‪ ،‬باب في السبق على‬
‫الرجل‪ ،‬رقم الحديث‪ ، #.2578 :‬وسابق راكًبا‪ ،‬فعن أنس رضي ال عنه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫غزا خيبر قال‪ :‬فصلينا عندها صلة الغداة بغلس‬

‫@‪@321‬‬

‫فركب نبي ال صلى ال عليه وسلم وركب أبو طلحة وأنا رديف أبي طلحة فأجرى نبي ال صلى ال عليه‬
‫وسلم في زقاق خيبر‪ ،‬دليل لجواز ذلك‪ ،‬وأنه ل يسقط المروءة ول يخل بمراتب أهل الفضل‪ ،‬ل سيما عند‬
‫الحاجة للقتال أو رياضة الدابة‪ ،‬أو تدريب النفس ومعاناة أسباب الشجاعة"‪#‬شرح صحيح مسلم‪ ،‬النووي‪،‬‬
‫دار عالم الكتب‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط ‪ 1424 ،1‬هـ ج ‪ 9‬ص ‪#.227‬‬
‫وحث صلى ال عليه وسلم على التدريب على الرمي فقال صلى ال عليه وسلم‪" :‬أل إن القوة الرمي‪ ،‬أل إن‬
‫القوة الرمي‪ ،‬أل إن القوة الرمي"‪#‬رواه مسلم‪ ،‬كتاب الجهاد‪ ،‬باب فضل الرمي والحث عليه وذم من عمله ثم‬
‫نسيه‪ ،‬رقم لحديث‪ #.1917 :‬قال المام النووي‪" :‬والمراد بهذا كله التمرن على القتال والتدرب والتحذق‬
‫فيه ورياضة العضاء بذلك"‪#‬شرح صحيح مسلم‪ ،‬النووي‪ ،‬ج ‪ 13‬ص ‪#.70‬‬
‫وقال الصنعاني‪ :‬ويؤخذ من الحديث مشروعية التدرب في الرمي‪#‬انظر‪ :‬سبل السلم شرح بلوغ المرام‪،‬‬
‫محمد بن إسماعيل الصنعاني‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪1407 ،3‬هـ ج ‪ 4‬ص ‪#.141‬‬
‫وفي السنة النبوية المطهرة ما يشير إلى أنواع كثيرة من التعليم والتدريب على الداب والتجاهات‬
‫والسلوك‪ ،‬فمن ذلك تدريب النفس على الخلق الحسنة‪ ،‬فعن أنس رضي ال عنه قال‪ :‬كان رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم يدخل الخلء فأحمل أنا وغلم إداوة من ماء وعنزة يستنجي بالماء‪#‬رواه البخاري‪ ،‬كتاب‬
‫الوضوء‪ ،‬باب حمل العنزة مع الماء في الستنجاء‪ ،‬رقم الحديث‪ ،152 :‬والعنزة بفتح النون عصا قصيرة‪،‬‬
‫انظر‪ :‬فتح الباري‪ ،‬ابن حجر ج ‪ 1‬ص ‪#.252‬‬
‫صا إذا أصدروا لذلك ليحصل لهم التمرن على‬ ‫قال ابن حجر رحمه ال‪ :‬وفيه جواز استخدام الحرار خصو ً‬
‫التواضع‪#‬فتح الباري‪ ،‬ابن حجر‪ ،‬ج ‪ 1‬ص ‪#.253‬‬
‫@‪@322‬‬

‫ومن ذلك التمرين على الصلة قبل البلوغ ففي الحديث قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪" :‬مروا أولدكم‬
‫بالصلة وهو أبناء سبع"‪ ،‬قال العلماء‪ :‬وإنما يأمرهم الولياء بذلك على طريق التمرين كسائر ما يربونهم‬
‫عليه‪#‬انظر‪ :‬طرح التثريب في شرح التقريب‪ ،‬لزين الدين أبي الفضل‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬د‬
‫ت ‪ ،‬ج ‪ 7‬ص ‪#.87‬‬
‫ومن ذلك التدريب العقلي بطرح المسائل على المدعوين كما في حديث ابن عمر رضي ال عنه قال‪ :‬قال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ " :‬إن من الشجر شجرة ل يسقط ورقها وإنها لمثل لمسلم حدثوني ما هي؟"‬
‫قال‪ :‬فوقع الناس في شجر البوادي‪ ،‬قال‪ :‬فوقع في نفسي أنها النخلة‪ ،‬ثم قالوا‪ :‬حدثنا ما هي رسول ال؟ قال‪:‬‬
‫"هي النخلة"‪#‬رواه البخاري‪ ،‬كتاب العلم‪ ،‬باب طرح المام المسألة على أصحابه ليختبر ما عندهم‪ ،‬رقم‬
‫الحديث‪#.62 :‬‬
‫وقد بوب المام البخاري رحمه ال هذا الحديث فقال‪ :‬باب طرح المام المسألة على أصحابه ليختبر ما‬
‫عندهم من العلم‪ .‬وهذا المنهج النبوي أصل في ترسيخ المفاهيم والمعاني من خلل هذا السلوب‪ ،‬وفيه‬
‫تشجيع على التفكير والبحث والتأمل‪#‬انظر‪ :‬فقه الدعوة في صحيح البخاري‪ ،‬خالد القريشي‪ ،‬ط ‪1418 ،1‬‬
‫هـ ج ‪ 1‬ص ‪ . #.365‬قال ابن القيم رحمه ال‪ :‬في الحديث‪ :‬إلقاء العالم المسألة على أصحابه‪ ،‬وتمرينهم‪،‬‬
‫واختبار ما عندهم‪#‬انظر‪ :‬زاد المعاد‪ ،‬ابن القيم‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪ 1406 ،14‬هـ ج ‪ 4‬ص‬
‫‪#.397‬‬
‫كما أن في هدي النبي صلى ال عليه وسلم في السلم على الصبيان تدريًبا عملّيا لهم على آداب الشرع‪ ،‬فقد‬
‫روى البخاري عن أنس رضي ال عنه أنه مر على صبيان فسل عليهم وقال‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم يفعله‪#‬رواه البخاري كتاب الستئذان‪ ،‬باب التسليم على الصبيان‪ ،‬رقم الحديث‪ . #.6247 :‬وفي هذا‬
‫تعويد للصغار على محاسن الخلق‪#‬انظر‪ :‬شرح رياض الصالحين‪ ،‬ابن عثيمين‪ ،‬ج ‪ 3‬ص ‪#.27‬‬

‫@‪@323‬‬

‫قال ابن حجر رحمه ال عند شرح هذا الحديث‪ :‬فيه فوائد عظيمة منها‪ :‬تدريبهم على آداب الشريعة‪ .‬وفي‬
‫السلم عليهم إظهار واضح على للهتمام بهم وإشعارهم بذلك والرفع من شأنهم وأنهم يستحقون أن يسلم‬
‫عليهم وإن كانوا في هذا السن‪ .‬ومنها‪ :‬تعويدهم على مخاطبة الكبير وإن كان غربّيا‪#‬انظر‪ :‬فتح الباري شرح‬
‫صحيح البخاري ابن حجر‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬د ت‪ ،‬ج ‪ ،11‬ص ‪#.33‬‬
‫وفي كنف السلم وتعاليمه تربى الصحابة رضي ال عنهم على عين النبي صلى ال عليه وسلم الذي كان‬
‫يحوطهم برعايته ويغمرهم بألوان من التربية والتهذيب والتعليم والتدريب‪ ،‬وإنما يدرك العلم بالتعلم والحلم‬
‫بالتحلم وقد قال النبي صلى ال عليه وسلم‪" :‬ومن يتصبر يصبره ال"‪#‬رواه البخاري‪ ،‬كتاب الزكاة‪ ،‬باب‬
‫الستعفاف عن المسألة‪ ،‬رقم الحديث‪ ، #.1469 :‬قال العلماء يتصبر أي‪ :‬يتكلف الصبر‪ .‬وهذا يتطلب‬
‫تدريب النفس على ذلك‪.‬‬
‫كما كان الصحابة رضي ال عنهم على قدر عال من الستجابة لتطوير الذات وتحسين الداء في القوال‬
‫والعمال بما يتوافق مع كل موقف‪ ،‬ومن ذلك التحضير والعداد لما يلقيه الداعية‪ ،‬وهو ما يعبر عنه‬
‫بالتحبير‪#‬التحبير التحسين‪ ،‬قال ابن منظور‪ :‬حبرت الشيء تحبيًرا‪ :‬حسنته‪ .‬انظر‪ :‬لسان العرب‪ ،‬ابن منظور‪،‬‬
‫ج ‪ 4‬ص ‪ #.157‬والتزوير‪ ،‬كما قال عمر رضي ال عنه في حديث سقيفة بني ساعدة‪ :‬وكنت قد زورت‬
‫مقالة أعجبتني أريد أن أقدمها بين يدي أبي بكر فلما أردت أن أتكلم قال أبو بكر رضي ال عنه‪ :‬على‬
‫رسلك‪ ،‬فكرهت أن أغضبه‪ ،‬فتكلم أبو بكر فكان هو أحلم مني وأوقر ‪ ،‬وال ما ترك من كلمة أعجبتني في‬
‫تزويري إل قال في بديهته مثلها أو أفضل منها‪#‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب الحدود‪ ،‬باب رجم الحبلى من الزنا‬
‫إذا أحصنت رقم الحديث‪#.16830 :‬‬
‫@‪@324‬‬
‫قال ابن حجر‪ :‬قوله قد زورت أي هيأت وحسنت‪#‬انظر‪ :‬فتح الباري شرح صحيح البخاري‪ ،‬ابن حجر‪ ،‬دار‬
‫المعرفة بيروت‪ ،‬د ت‪ ،‬ج ‪ 12‬ص ‪ . #.125‬وفي لسان العرب‪ :‬التزوير‪ :‬إصلح الشيء‪ ،‬وإصلح الكلم‬
‫وتهيئته‪ ،‬وكلم مزور أي‪ :‬محسن‪#‬انظر‪ :‬لسان العرب‪ ،‬ابن منظور‪ ،‬ج ‪ 4‬ص ‪#.337‬‬
‫وفي قول عمر رضي ال عنه بيان لهمية التحضير والعداد للداعية؛ ومن المؤسف أن بعض الدعاة يهمل‬
‫ل‪ ،‬والمشغول يفضل المجازفة والرتجال‪ ،‬وقد يكون‬ ‫التحضير والعداد؛ إما لنه يأخذ وقًتا أو لكونه مشغو ً‬
‫له أسباب أخرى‪#‬انظر‪ :‬المدير المفوه‪ ،‬جرانفيل توجود‪ ،‬ترجمة‪ :‬بيت الفكار الدولية‪ ،‬أمريكا‪ ،‬ط ‪1988‬م‬
‫ص ‪#.69‬‬
‫إن إعداد الداعية وإكسابه المهارات اللزمة لدعوته طريق أساس لنجاح دعوته وكان الصحابة رضي ال‬
‫عنهم يعنون بذلك‪ ،‬فقد ورد أن علي بن أبي طالب رضي ال عنه قال لبنه الحسن رضي ال عنه‪ :‬قم يا‬
‫حسن فاخطب الناس‪ ،‬فقال إني أهايك أن أخطب وأنا أراك‪ ،‬فتغيب عنه بحيث يسمع كلمه ول يراه‪ ،‬فقام‬
‫الحسن فحمد ال وأثنى عليه وتكلم ثم نزل‪ ،‬فقال علي‪ :‬ذرية بعضها من بعض وال سميع عليم‪#‬انظر‪:‬‬
‫تهذيب تاريخ دمشق‪ ،‬ابن عساكر‪ ،‬دار السيرة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪ 1399 ،2‬هـ‪ ،‬ج ‪ 4‬ص ‪#.217‬‬
‫ويقرر السعدي رحمه ال أهمية التدرب والتمرين لمن يروم التحدث إلى الناس بالخطب وغيرها بقوله‪:‬‬
‫"الشجاعة وإن كانت في القلب فإنها تحتاج إلى تدريب النفس على القدام وعلى التكلم بما في النفس وإلقاء‬
‫المقالت والخطب في المحافل‪ ،‬فمن مرن نفسه على ذلك لم يزل به المر حتى يكون ملكة له وزالت هيبة‬
‫الخلق من قلبه فل يبالي ألقى الخطب والمقالت في المحافل الصغار والكبار على العظماء‬
‫وغيرهم"‪#‬الرياض الناضرة والحدائق الزاهرة‪ ،‬السعدي‪ ،‬مكتبة المعارف‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط ‪ 1400 ،3‬هـ ص‬
‫‪#.46‬‬
‫رابًعا‪ :‬مجالت التدريب وأنواعه‪:‬‬
‫تتعدد مجالت التدريب والمجالت تختلف باختلف الموضوع والمتدرب والفترة الزمنية للتدريب‪.‬‬
‫وفي العصر الحاضر فغن مجالت التدريب ل يمكن أن تحصر‪ ،‬وفي نطاق اهتمام الداعية واحتياجاته فإن‬
‫حاجة الداعية ماسة إلى التدريب على مهارات التقنية والمهارات الشخصية ل سيما مهارات التفكير واللقاء‬
‫حيث هي عماد عمل الداعية‪.‬‬
‫إن تحديد مجالت التدريب في الدعوة يخضع لمعرفة احتياجات الدعاة والمؤسسات الدعوية المستفيدة من‬
‫التدريب ول بد ا‪ ،‬يسبق التدريب العداد والتخطيط‪ ،‬والوقوف على الحتياجات الفعلية للفئة المستفيدة من‬
‫التدريب حيث توضع البرامج التي يقل احتياج الدعاة إليها أو ل تدخل في دائرة اهتماماتهم ورغباتهم‪.‬‬
‫ويمكن تقسيم مجالت تدريب الدعاة إلى ثلثة أقسام‪:‬‬
‫القسم الول‪ :‬إتقان المهارات الشخصية‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬إتقان مهارات الداء‪.‬‬
‫القسم الثالث‪ :‬إتقان المهارات التقنية‪ .‬ولكل قسم من هذه القسام متطلبات سيأتي ذكرها في المبحث التي‪.‬‬
‫ل يمكن تصنيف التدريب تبًعا لما يلي‪:‬‬ ‫أما أنواع التدريب فتختلف بحسب اختلف العلوم وإجما ً‬
‫تدريب من حيث الهداف‪ ،‬ويشمل تزويد الداعية بالمعلومات والمهارات والتجاهات‬ ‫‪-1‬‬
‫اللزمة‪.‬‬
‫تدريب من حيث المكان والموقع‪ ،‬ويشمل التدريب الداخلي )داخل المؤسسة التي ينتسب‬ ‫‪-2‬‬
‫إليها الداعية(‪ ،‬والتدريب الخارجي )خارج المؤسسة(‪.‬‬
‫تدريب من حيث التوقيت‪ ،‬ويشمل قبل العمل وتدريب أثناء العمل‪ ،‬أو تدريب قبل التعيين‬ ‫‪-3‬‬
‫ومباشرة العمل وتدريب بعد التعيين وقبل مباشرة العمل وتدريب أثناء الخدمة‪#‬انظر‪ :‬التدريب‪،‬‬
‫مفهومه وفعالياته‪ ،‬حسن احمد الطعاني‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬الردن‪ 2002 ،‬م‪ ،‬ص ‪#.19‬‬
‫وفي مجال الدعوة فإن على الداعية أن يأخذ بنصيب وافر من التدريب قبل العمل وخلله‪ ،‬وهذا يتطلب‬
‫ل الجولت الدعوية والدورات‬ ‫تكثيف برامج العداد التي تسهم في تكوين شخصية الداعية‪ ،‬ومن ذلك مث ً‬
‫حا في تدريب الدعاة‪ ،‬وإكسابهم الخبرة في الدعوة‪ ،‬كما أن المشاركة‬ ‫الشرعية‪ ،‬حيث إن لها إسهاًما واض ً‬
‫في المواسم والمناسبات إلقاء الخطب والمقالت مما يكسب الداعية التمرين والتدريب‪.‬‬

‫@‪@327‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬أهمية التدريب للدعاة وأهدافه ومتطلباته‪:‬‬


‫أوًل‪ :‬أهمية التدريب للدعاة‪:‬‬
‫إعداد المة يبدأ من إعداد الدعاة‪ ،‬والمم العظيمة إنما هي من صنع أفراد من الرجال الذين كان لهم‬
‫أثرهم العظيم على أممهم‪ ،‬وقد هيأ ال عز وجل من السباب ما يعينهم على القيام بدعوتهم‪ ،‬قبل النبوة‬
‫وبعدها‪ ،‬وفي الحديث عنه صلى ال عليه وسلم‪" :‬ما بعث ال نبّيا إل رعى الغنم"‪#‬رواه البخاري‪ ،‬كتاب‬
‫الجارة‪ ،‬باب رعي الغنم على قراريط‪ ،‬رقم الحديث‪ #.2262 :‬قال العلماء‪ :‬الحكمة في إلهام النبياء‬
‫رعي الغنم قبل النبوة أن يحصل لهم التمرن برعيها على ما يكلفونه من القيام بأمر أمتهم ولن في‬
‫مخالطتهم ما يحصل لهم الحلم والشفقة؛ لنهم إذا صبروا على رعيها وجمعها بعد تفرقها في المرعى‬
‫ونقلها من مسرح إلى مسرح ودفع عدوها من سبع وغيره كالسارق وعلموا اختلف طباعها وشدة‬
‫تفرقها مع ضعفها واحتياجها إلى المعاهدة‪ ،‬ألفوا من ذلك الصبر على المة وعرفوا اختلف طباعها‬
‫وتفاوت عقولها‪ ،‬فجبروا كسرها‪ ،‬ورفقوا بضعيفها‪ ،‬وأحسنوا التعاهد لها‪ ،‬فيكون تحملهم لمشقة ذلك‬
‫أسهل مما لو كلفوا القيام بذلك من أول وهلة‪#‬انظر‪ :‬فتح الباري‪ ،‬ابن حجر‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬د ت‪،‬‬
‫ج ‪ 4‬ص ‪#.441‬‬
‫@‪@328‬‬

‫العرض والقتناء‪ ،‬ولذلك كان من المهم الستفادة من كافة الطرائق والساليب المتاحة لنجاح أعمالها؛‬
‫فالحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها‪ ،‬والدعاة إلى ال تعالى هم القائمون بعرض سلعة‬
‫المؤسسة التي ينتمون إليها فإذا صح مصدرهم وغايتهم‪ ،‬وأحسنوا عرض ذلك‪ ،‬واستمالوا الناس إلى‬
‫الغاية التي يسعون إليها تحققت أهدافهم بإذن ال‪ ،‬وإنما يدخل النقص على الدعوة بفقد أحد هذه المور‪،‬‬
‫فقد يكون للداعي أغراض غير مشروعة‪ ،‬أو ل يستطيع الداعية استمالة الناس إلى دين ال لضعف في‬
‫تحصيله أو مهارته‪ ،‬وهنا ينبغي أن نقف على السباب المعينة على تجاوز ذلك في زمن تعيش فيه‬
‫الدعوة السلمية تحديات كبيرة‪ ،‬حيث تعددت وسائل التصال وتشابكت وتعددت أساليبه وطرائقه‪ ،‬مما‬
‫يسهل على المدعوين في كل مكان التلقي من مصادر متعددة وستبقى الساليب المؤثرة والطرائق‬
‫المقنعة تستميل المدعوين وتؤثر عليهم‪.‬‬
‫إن غير المسلمين اليوم قد بلغوا شأًوا عظيًما في الستفادة من وسائل التصال وتشابكت وتعددت أساليبه‬
‫وطرائقه‪ ،‬مما يسل على المدعوين في كل مكان التلقي من مصادر متعددة وستبقى الساليب المؤثرة‬
‫والطرائق المقنعة تستميل المدعوين وتؤثر عليهم‪.‬‬
‫إن غير المسلمين اليوم قد بلغوا شأًوا عظيًما في الستفادة من وسائل التصال لتحقيق أهدافهم ونشر‬
‫مبادئهم‪ ،‬ولذلك فإن المسؤولية على المسلمين عظيمة في أن ينهضوا بقوة ويدركوا أهمية الخذ بزمام‬
‫المور؛ لنهم يملكون أعظم هداية عرفتها البشرية‪.‬‬
‫ومن يتأمل واقع الدعوة اليوم يجد تقصيًرا من الداعية في اللتحاق بالبرامج التدريبية المتخصصة التي‬
‫يفيدون منها من دعوتهم وفي تنمية مهاراتهم وتشير إحدى الدراسات الميدانية التي أجريت على ‪50‬‬
‫داعية ممن لهم إسهام في دعوة غير المسلمين أن ‪ %50‬منهم لم يلتحقوا بدورات تدريبية في مجال‬
‫دعوة غير المسلمين‪#‬انظر‪ :‬دعوة غير المسلمين إلى السلم في مدينة الرياض‪ ،‬عبد ال بن إبراهيم‬
‫اللحيدان‪ ،‬رسالة دكتوراه غير منشورة‪ ،‬ص ‪.#.357‬‬
‫ول بد أن يدرك الدعاة أن الشهادة الجامعية ليست نهاية المطاف‬
‫@‪@329‬‬
‫في حياة الداعية‪ ،‬بل ول ما بعدها من الشهادات فعمل الداعية ل بد أن يسير جنًبا إلى جنب مع واقع‬
‫المجتمع الذي يعيش فيه وفي حدوده وإمكاناته وفي ضوء احتياجاته‪ ،‬ول يصح بحال أن ينكفئ الداعية‬
‫على نفسه ويهمل تجديد دعوته وتطوير أساليبه‪ ،‬وذلك في ضوء الضوابط الشرعية التي تحكمه ول‬
‫يصح له أن يتجاوزها‪.‬‬
‫والعصر الحاضر أحوج ما يكون إلى تطوير التنظيم في الجانب البشري حيث يمثل الجانب البشري في‬
‫المؤسسات الدعوية العنصر المهم في الدعوة إلى ال‪ ،‬فل تقوم دعوة بدون دعاة‪ ،‬ول يكون دعاة إل‬
‫بإعداد وتأهيل وتدريب‪ ،‬وهذا يتطلب وجود برامج تقييم مستمر للقائمين بالدعوة‪ ،‬كذلك توصيف‬
‫الوظائف وتحديد المؤسسات ومطابقتها لقدرات العاملين ول بد مع ذلك من استقطاب الكفاءات المؤهلة‬
‫والستفادة منها‪#‬انظر‪ :‬التطوير الداري والتنظيمي للمؤسسات الدعوية‪ ،‬د‪ .‬أحمد الدبيان‪ ،‬بحث مقدم‬
‫لملتقى خادم الحرمين الشريفين في جوهانسبرج جنوب إفريقيا في الفترة من ‪ 9/7/1423-6‬هـ ص‬
‫‪#.29‬‬
‫إن رقي المة وعزتها ونهضتها يبدأ من الداعية الحصيف الذي يأخذ بيد كل أحد من أفراد المجتمع‬
‫ويدله على مواطن القوة والضعف فيه‪ ،‬ويجعله لبنة صالحة في بناء المجتمع‪ ،‬وتحصين الداعية لنفسه‬
‫وأخذه بأسباب القوة قوة لحجته وإقناعه‪ ،‬وهو قوة من بعد للمجتمع‪ ،‬فل ينبغي أن يكون الداعية منكفًئا‬
‫على نفسه في دعوته بل ينطلق إلى الفاق الرحبة والميادين الفسيحة في دعوته‪ ،‬في ضوء تيسير‬
‫السلم وثوابته‪ ،‬ولن تتحصن الجيال إل بدعاة قادرين على إدراك طبيعة العصر الذي يعيشون فيه‬
‫وإل فإن المدعوين سيكونون ضحية عوامل الهدم وهي كثيرة ل سيما في هذا العصر‪.‬‬
‫@‪@330‬‬

‫ومن أسباب نجاح الداعية أن يكون على بصيرة بمن يدعوهم وبالكيفية المناسبة لدعوتهم‪ ،‬فيتعلم عادات‬
‫من يدعوهم وبالكيفية المناسبة لدعوتهم‪ ،‬فيتعلم عادات من يدعوهم ولغتهم ووسائل التأثير فيهم‪ ،‬وكذلك‬
‫الوسائل التي تجذبهم إلى الدعوة‪ ،‬والداعية يكمل تأثيره عندما يكون قريًبا من خدمة مدعويه كالطبيب‬
‫الذي يعالج مرضاه ويتفحصهم بل لو تطلب المر أن يكون لديه مبادئ في الطب فغن عليه أن يبادر إلى‬
‫ذلك‪ ،‬أو يخاطب المدعوين بلغتهم أو لهجتهم‪.‬‬
‫عا من الدعوة بل كان من هدي النبي صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فلقد كان النبي صلى ال‬ ‫وكل ذلك ليس بد ً‬
‫عليه وسلم يخاطب القوام بمراعاة ذلك كله‪ ،‬فعن أم خالد بنت خويلد قالت‪ :‬أتي رسول ال بثياب فيها‬
‫خميصة سوداء فقال‪" :‬من ترون نكسوها هذه الخميصة؟ "فأسكت القوم فقال‪" :‬ائتوني بأم خالد فأتي بي‬
‫النبي صلى ال عليه وسلم فألبسنيها بيده وقال‪" :‬أبلي وأخلقي" مرتين فجعل ينظر إلى علم الخميصة‬
‫ويشير بيده وإلي ويقول‪" :‬يا أم خالد هذا سنا" والسنا بلسان الحبشة‪ :‬الحسن‪ #‬رواه البخاري‪ ،‬كتاب‬
‫اللباس‪ ،‬باب ما يدعى لمن لبس ثوًبا جديًدا‪ ،‬رقم الحديث‪ . #.5845 :‬وعن كعب بن أبي عاصم‬
‫الشعري قال‪ :‬سمعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول‪" :‬ليس من أم بر أم صيام في أم سفر"‪#‬رواه‬
‫أحمد في المسند‪ ،‬المكتب السلمي بيروت‪ ،‬ط ‪ 1405 ،1‬هـ ج ‪ ،5‬ص ‪ ،434‬وقال الرناؤوط‪ :‬إسناده‬
‫صحيح‪ ،‬انظر‪ :‬مسند المام أحمد‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪ 1421 ،1‬هـ ج ‪ 39‬ص ‪ . #.84‬وهي‬
‫لغة بعض أهل اليمن يبدلون اللم ميًما‪ .‬ومعرفة الداعية بمن يدعوهم أصل في دعوته لهم‪ ،‬وإنما يكتسب‬
‫الداعية ذلك إذا كان لديه ملكة ومهارة في معرفة السباب المعينة على نجاح دعوته‪ ،‬ول بد أن يكون‬
‫الداعية على صلة بالقضايا الجتماعية والثقافية وقرب المدعوين ومن معرفة نفسياتهم واحتياجاتهم‪.‬‬
‫@‪@331‬‬

‫صا تنبع من احتياج الدعوة الملح‬ ‫إن أهمية التدريب للدعاة في العصر الحاضر وفي هذا الوقت خصو ً‬
‫لمواكبة واقع الدعوة‪ ،‬والتدريب يحفظ الدعوة من الجمود‪ ،‬ومن طبيعة السلم‪ :‬المرونة والواقعية وهو‬
‫دين عالمي صالح لكل زمان ومكان‪ ،‬كما أن من طبيعته مراعاة الحوال والزمنة والمكنة في‬
‫تشريعاته وأحكامه‪.‬‬
‫ورغم أن للمؤسسات السلمية في العالم السلمي اهتماًما ظاهًرا بذلك في الونة الخيرة‪ ،‬إل أن‬
‫الحتياج كبير وملح‪ ،‬ويؤكد هذا الهتمام وزراء الشؤون السلمية في مؤتمرهم السابع المنعقد في‬
‫ماليزيا في ‪ 23/2/1423‬هـ من خلل خطة إعداد الدعاة التي قدمتها وزارة الشؤون السلمية في‬
‫المملكة‪ ،‬حيث طالبت الخطة بتدريب الدعاة من خلل تعاون المؤسسات الهامة في المجال الدعوي‬
‫الخيري‪ ،‬وإقامة دورات ودبلومات تعنى بذلك‪#‬انظر‪ :‬جريدة الوطن العدد ‪ 585‬تاريخ ‪24/2/1423‬‬
‫هـ‪#.‬‬
‫وإذا كان من المهم أن توضع للتدريب الخطط المناسبة كّما وكيًفا‪ ،‬فإن الحتياج القائم يؤكد على أهمية‬
‫ضا مما تسعى إليه‬‫تنفيذ برامج تدريبية تتطلبها الدعوة ل سيما في طل النفتاح العالمي‪ ،‬ولعل هذا أي ً‬
‫المؤسسات الدعوية‪ ،‬ويؤكد ذلك ما ذكره وزير الشؤون السلمية في الندوة الخاصة بإنشاء مركز‬
‫إعلمي دعوي المنعقدة في ‪ 19/11/1421‬هـ حيث أكد أهمية تدريب الدعاة الذين يتبعون الوزارة أو‬
‫المتعاونين معها على الدخول في مجال العلم وتزويدهم بمهارات كيفية مخاطبة الناس‪#‬انظر‪ :‬جريدة‬
‫الجزيرة العدد ‪ 10366‬بتاريخ ‪ 20/11/1421‬هـ‪#.‬‬
‫ثانًيا‪ :‬أهداف تدريب الدعاة‪:‬‬
‫تتعدد طرق التدريب بتعدد الهداف الموضوعة لبرامج التدريب‪ ،‬كما تتعدد أهداف التدريب بحسب‬
‫المجال الذي يتم تدريب الفرد فيه‪ ،‬ويجمع هذه الهداف هدف عام‪ ،‬هو‪ :‬تحسين الداء عند الداعية بما‬
‫يناسب العصر ويمكن أن نتبين بعض الهداف الخاصة بتدريب الدعاة فمنها‪:‬‬
‫الرتقاء بمستوى أداء العاملين في الدعوة‪.‬‬ ‫•‬
‫إثراء الجانب المعرفي والتطبيقي وتبادل الخبرات بين الدعاة‪.‬‬ ‫•‬
‫تعريف الداعية بأفضل الوسائل والساليب في الدعوة‪.‬‬ ‫•‬
‫إكساب الدعاة المهارة والخبرة التي تمكنهم من القيام بالدعوة على اكمل وجه‪.‬‬ ‫•‬
‫إكساب الداعية فقه التعامل مع المدعو‪.‬‬ ‫•‬
‫إكساب الداعية المهارة اللزمة في التصال والعداد والتحضير‪.‬‬ ‫•‬
‫ثالًثا‪ :‬متطلبات التدريب الدعوي‪:‬‬
‫للدعاة احتياجاتهم ومتطلباتهم التي تختص بهم دون غيرهم‪ ،‬ولهم الحقوق وعليهم من الواجبات ما ليس‬
‫لغيرهم‪ ،‬وعليهم مسؤولية كبيرة في حفظ المجتمع‪ ،‬وصيانته‪ ،‬ولذا كان من المهم عند وضع البرامج‬
‫التدريبية للدعاة مراعاة طبيعة عمل الدعاة وأحوالهم ونفسياتهم‪ ،‬كي ل يفوتهم اللحاق بالركب‪ ،‬ل سيما‬
‫أن كثيًرا من معاهد التدريب قد ل تراعي احتياجات الدعاة وخصوصيتهم‪.‬‬
‫فمن متطلبات التدريب الدعوي‪ :‬تدريب الداعية على إتقان الكلم‪ ،‬والسكوت‪ ،‬فالداعي بحاجة إلى‬
‫التدريب على الكلم وفنونه وطرائقه واختيار اللفاظ والمصطلحات المناسبة في كل موقف‪ ،‬والبيان‬
‫واليجاز عند الحاجة والتفصيل والطناب عندما يتطلب المر ذلك بحيث ل يمل عند الطالة ول‬
‫@‪@333‬‬
‫يخل عند اليجاز‪ ،‬وهو بحاجة إلى التدريب على السكوت إذ هو جزء من الكلم وبه يستطيع أن‬
‫يتواصل مع المدعو‪ ،‬فالموافقات لها أهميتها وفي السنة ما يشير إلى ذلك كما في حجة الوداع فقد خطب‬
‫النبي صلى ال عليه وسلم يوم النحر فقال‪" :‬يا أيها الناس أي يوم هذا؟"‪#‬رواه البخاري‪ ،‬كتاب الحج‪،‬‬
‫باب الخطبة أيام منى‪ ،‬رقم الحديث‪#.1739 :‬‬
‫ومن المهم هنا التأكيد على أن يكون للداعي غاية محددة من خلل موضوعه الذي يطرحه والتأكيد على‬
‫حاجة الداعية إلى بداية قوية وموضوع واحد وأمثلة جيدة ولغة واضحة ونهاية قوية‪#‬انظر‪ :‬المدير‬
‫المفوه‪ ،‬جرانفيل توجود‪ ،‬ص ‪#.70‬‬
‫إن اغلب المدعوين يحكمون على الداعي خلل الثواني الولى من كلمته‪ ،‬ويقررون إذا كان يستحق‬
‫السماع أو ل‪ ،‬ولذا كانت للبداية أهميتها المعتبرة‪ ،‬وإن من يستعمل كلمات غامضة‪ ،‬أو ألفاظ مضطربة‪،‬‬
‫أو عبارات ركيكة يشوش على المدعوين‪.‬‬
‫ومن متطلبات التدريب الدعوي‪ :‬التدريب على لغة الجسد وتحريك اليد والجسم واستخدام الوسائل‬
‫المتعددة لستمالة المدعو كالتشبيك بين الصابع والشارة باليد أو بالعود‪ ،‬إن الداعية ل ينبغي أن يقف‬
‫أما المدعوين كالعمود ل يتحرك‪.‬‬
‫ومن متطلبات التدريب الدعوي‪ :‬الهتمام بإثارة كوامن التفكير عند الداعية ول ينبغي أن تتحول البرامج‬
‫التدريبية إلى برامج تعليمية‪ ،‬فالتدريب الجيد هو الذي يعنى بتوجيه السئلة ل بتقديم الجابات‪#‬انظر‪:‬‬
‫التدريب الفعال‪ ،‬ميشيل كوك‪ ،‬ترجمة ونشر بيت الفكار الدولية‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط ‪1999‬م‪ ،‬ص ‪، #.38‬‬
‫وفي السنة شواهد‬
‫@‪@334‬‬
‫عديدة جّدا على السئلة المتنوعة الهداف والغايات والساليب التي كان ينهجها النبي صلى ال عليه‬
‫وسلم مع أصحابه‪.‬‬
‫ومن متطلبات التدريب الدعوي‪ :‬التدريب على قوة الملحظة‪ ،‬فهي مما يحتاجه الداعية بأن يكون فطًنا‬
‫نبيًها لكل انفعال أو سلوك من المدعو‪ ،‬وفي حديث الصعب بن جثامة رضي ال عنه مثال ظاهر على‬
‫ذلك‪ ،‬فقد أهدى رسول ال صلى ال عليه وسلم حمار وحش فرده عليه‪ ،‬قال صعب‪ :‬فلما عرف في‬
‫وجهي رده هديتي قال صلى ال عليه وسلم‪" :‬ليس بنا رد عليك‪ ،‬ولكنا حرم"‪#‬رواه البخاري كتاب الهبة‪،‬‬
‫باب من لم يقبل الهدية لعلة‪ ،‬رقم الحديث‪#.2596 :‬‬
‫ومن متطلبات التدريب الدعوي‪ :‬تقديم الحوافز المادية للدعاة‪ ،‬ول بد أن تدرك المؤسسات الدعوية أن‬
‫إشباع حاجات الدعاة المادية من أهم متطلبات الدعوة‪ ،‬ل سيما في الوقت الحاضر مع كثرة انشغال‬
‫الدعة وتعدد الواجبات عليهم‪ ،‬وقد أشار ابن خلدون في مقدمته إلى أن القائمين بأمور الدين من القضاء‬
‫والفتيا والتدريس والمامة والخطابة والذان ونحو ذلك ل تعظم ثرواتهم في الغالب‪ ،‬وأنهم ل تفرغ‬
‫أوقاتهم لتحصيل المكاسب لشتغالهم بهذه البضائع الشريفة‪ ،‬ول يسعهم ابتذال أنفسهم لهل الدنيا؛ لشرف‬
‫بضائعهم‪#‬انظر‪ :‬مقدمة ابن خلدون‪ ،‬عبد الرحمن بن خلدون‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪1398 ،4‬‬
‫هـ‪ ،‬ص ‪#.393‬‬

‫@‪@335‬‬
‫ومن متطلبات التدريب الدعوي‪ :‬أن يستهدف احتياجات المدعوين كالتدريب على السعافات الولية ل‬
‫سيما للدعاة العاملين في الخارج ويمكن أن يقال‪ :‬إن التدريب يكون بحسب طبيعة المجتمع الذي يتوجه‬
‫إليه الداعية ومعرفة المهن التي يتقنها المدعوين‪ ،‬ومن الضروري هنا التفريق بين ما يمكن القدرة على‬
‫علجه وبين ما يحتاج إلى تدخل طبي‪.‬‬
‫وربما تطلب المر تدريب الداعية على حل المشكلت النفسية والجتماعية والسرية‪ ،‬إذ إن إصلح‬
‫ذات البين هو إحدى أهم المهام الرئيسة التي يمكن للداعية من خللها أن يكسب تعاطف الناس‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬عمادات خدمات المجتمع والتعليم المستمر في الجامعات السعودية وتأهيل الدعاة‬
‫وتدريهم‪:‬‬
‫من أولويات الدعوة في كل عصر‪ :‬تأهيل الداعية وتعليمه العلم الشرعي وما يتعلق به‪ ،‬وما يستجد من‬
‫أحكام فقهية‪ ،‬وكذلك تعليمه ما يحتاجه من معرفة للعقيدة الصحيحة وما يضادها والوسائل والساليب‬
‫المشروعة والممنوعة‪ ،‬فكل ذلك مما ينبغي أن تعنى به المؤسسات المعنية بتأهيل الدعاة؛ ليقوم الداعية‬
‫بدعوته بالمنهج الصحيح المستند إلى الكتاب والسنة وسيرة السلف الصالح‪ ،‬وفي العصر الحاضر تتعدد‬
‫المؤسسات التي تعنى بالتدريب‪ ،‬كما تختلف في أساليبها ووسائلها وغاياتها‪.‬‬
‫ومن تلك المؤسسات التي عنيت بتدريب الدعاة عمادات خدمة المجتمع والتعليم المستمر في الجامعات‬
‫السعودي‪ ،‬حيث أخذت مكانة متميزة في الونة الخيرة رغبة منها في السهام في التغيير الجتماعي‬
‫والقتصادي وتلبية متطلبات سوق العمل‪ .‬ورغم ذلك فيشغل التعليم حيًزا كبيًرا في البرامج الموجهة إلى‬
‫الدعاة في عمادات خدمة المجتمع حيث إن التدريب وإكساب الدارس للمهارت في الدعوة يكون من‬
‫خلل مقرر أو مقررين وبقية المقررات ليس لها طبيعة التدريب بل هي تأهيليلة كما سيتضح ذلك خلل‬
‫عرض برامج عمادة خدمة المجتمع بجامعة المام‪.‬‬
‫وإذا كان من أهم احتياجات المجتمع المسلم في العصر الحاضر التغيير القتصادي في عالم يموج بالقوة‬
‫ويخضع فيه الضعفاء لسلطان القوياء‪ ،‬فإن للدعاة في كل زمان ومكان إسهامهم في التغيير الجتماعي‬
‫والقتصادي في كل مجتمع‪ ،‬ولذا فإن تدريب الدعاة أصل في هذا التغيير‪ ،‬وإذا كان من أهم‬
‫@‪@337‬‬
‫احتياجات المجتمع في الوقت الحاضر توفير الفرص المهنية‪ ،‬فل بد أن يسبق ذلك تغيير اجتماعي‬
‫تصحح من خلله المفاهيم والعوائد والخلق المتعلقة بميدان العمل‪ ،‬والدعاة أساس في هذا التغيير‪ .‬إن‬
‫قدرة الداعية على التغيير يعني نجاح دعوته ول يكون قادًرا على تغيير مفاهيم الناس وسلوكهم إل إذا‬
‫فهم التغيير وعمل من أجله‪.‬‬
‫إن مفهوم العمل في السلم ومجالته تغيب عن أذهان الكثير من الناشئة الذين يتطلع المجتمع إلى‬
‫إسهامهم في بنائه‪ ،‬والدعاة إلى ال هم أكثر الناس قدرة على إقناع الناس بنبذ الكسل‪ ،‬والجد في العمل‪،‬‬
‫والسهام في مجالت العمل المتعددة‪ ،‬وفي نصوص الشرع المطهر ما يخدم ذلك كثيًرا‪ ،‬فالنبياء وهو‬
‫أشرف الخلق عملوا بأيديهم‪ ،‬وسعوا في الرض وكانوا يمشون في السواق‪ ،‬قال تعالى‪) :‬وما أرسلنا‬
‫قبلك من المرسلين إل إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في السواق وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون‬
‫وكان ربك بصيًرا(‪#‬سورة الفرقان‪ ،‬الية‪#.20 :‬‬
‫وقال صلى ال عيه وسلم‪" :‬ما بعث ال نبّيا إل ورعى الغنم"‪#‬رواه البخاري‪ ،‬وتقدم تخريجه‪ ، #.‬ولقد‬
‫عمل نبينا محمد صلى ال عليه وسلم في التجارة‪ ،‬وأخبر عن نبي ال زكريا عليه السلم أنه كان‬
‫نجاًرا‪#‬رواه مسلم‪ ،‬كتاب الفضائل‪ ،‬باب من فضائل زكريا عليه السلم‪ ،‬رقم الحديث‪ . #.2379 :‬وفي‬
‫السلم من التعاليم الباعثة على القوة على القوة في العلم والعمل والستمرار فيه‪ ،‬قال صلى ال عليه‬
‫وسلم‪":‬المؤمن القوي خير وأحب إلى ال من المؤمن الضعيف"‪#‬رواه مسلم كتاب القدر‪ ،‬باب في المر‬
‫بالقوة وترك العجز‪ ،‬رقم الحديث‪#.2664 :‬‬
‫وهذه وغيرها من الشواهد الشرعية التي تصحح ما علق بأذهان الكثير من الناشئة من النفة من بعض‬
‫العمال‪ ،‬كما أن في الشرع من المفاهيم والداب‬
‫@‪@338‬‬
‫التي يحتاجها المرء قبل العمل وأثناءه وبعده‪ .‬والدعاة هم أقدر الناس على إيصال هذه المفاهيم وتصحيح‬
‫ما يعلق بالذهان من النفة من العمل‪.‬‬
‫وفي ضوء ذلك وانطلًقا مما سبق في المبحث الثاني يتبين لنا أهمية التدريب للدعاة؛ لئل ينحصر جهد‬
‫الداعية في معالجة قضايا محدودة ل يحسن غيرها‪ ،‬ورغم أهمية ذلك فالمتأمل في البرامج التدريبية‬
‫المتخصصة الموجهة للدعاة يجدها قليلة بل تكاد تنعدم فعمادات خدمة المجتمع في الجامعات من الجهات‬
‫العلمية التي ينبغي أن تتنوع برامجها وتضطلع بدور كبير في ذلك لم تتوسع في تنفيذ برامج تأهيلية أو‬
‫تدريبية للدعاة رغم الحاجة الملحة لها مع وجودها في خطط برامج بعض العمادات‪ ،‬إل أنها لم تأخذ‬
‫حيز التنفيذ‪ ،‬وسأعرض لبرامج عمادة المركز الجامعي لخدمة المجتمع والتعليم المستمر بجامعة المام‬
‫كنموذج عني بتدريب الدعاة حيث إن لهذه العمادة تميز ظاهر في ذلك مع قلة البرامج المنفذة‪.‬‬
‫المطلب الول‪ :‬البرامج المتاحة في عمادة المركز الجامعي بجامعة المام محمد بن سعود السلمية‪:‬‬
‫تعد عمادة المركز الجامعي بجامعة المام إحدى العمادات التي حاولت السهام في تدريب الدعاة‬
‫وتأهيلهم‪ ،‬وذلك من خلل تقديم عدد من البرامج المتخصصة‪ ،‬وسأعرض هنا للبرامج المنفذة منها في‬
‫الفترة من عام ‪ 1425 – 1417‬هـ في عمادة مركز خدمة المجتمع بجامعة المام على النحو التي‪:‬‬
‫الدورة التعليمية لضباط القوات المسلحة بوزارة الدفاع )الدعوة والحسبة(‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫ومدة هذه الدورة فصل دراسي واحد‪ ،‬وابتدأت من عام ‪ 1417‬هـ وتنفذ كل عام‪ ،‬وقد نفذت ثماني مرات‬
‫وتهدف إلى ما يلي‪:‬‬
‫@‪@339‬‬
‫• توثيق الروابط بين الجامعة والمجتمع‪ ،‬وتوسيع قاعدة المستفيدين منها‪.‬‬
‫• تحقيق التعاون والتكامل في جهود العاملين في تخصص واحد وإن اختلفت جهاتهم‪.‬‬
‫• المساهمة في توعية ضباط القوات المسلحة في العلوم الشرعية والعربية‪.‬‬
‫• تأهيل ضباط التوعية في مجال الدعوة في القوات المسلحة‪.‬‬
‫• ويبين المحتوى العلمي طبيعة التأهيل الذي يتلقاه المستفيدون من الدورة حيث يشتمل‬
‫محتوى الدورة على‪:‬‬
‫القرآن الكريم – الحديث الشريف – التفسير – العقيدة – الفقه – الدعوة والحسبة – الخطابة واللقاء‪.‬‬
‫وتخضع الدورة للتقييم المستمر بين العمادة والجهة المستفيدة حيث يتم تصميم المحتوى وفًقا لطبيعة‬
‫الدارسين ومستواهم العلمي‪#.‬انظر‪ :‬الخطة المعتمدة لعمادة المركز الجامعي لخدمة المجتمع والتعليم‬
‫المستمر جامعة المام محمد بن سعود السلمية ‪ 1420/1421‬هـ ص ‪ #.78‬ويغلب على هذه الدورة‬
‫طابع التأهيل حيث ل يشغل حيز التدريب إل ساعات قليلة من البرنامج‪ ،‬وتخضع الدورة للتقييم‬
‫والتطوير حسب احتياجات الجهة ونوع الدارسين‪.‬‬
‫دورة تنمية مهارات العاملين في الشؤون السلمية‪:‬‬ ‫‪-2‬‬
‫ومدتها‪ :‬شهر )‪ 60‬ساعة( ويستفيد منها العاملون في وزارة الشؤون السلمية والوقاف والدعوة‬
‫والرشاد‪ ،‬ونفذت خمس مرات خلل العوام‪ 1419 :‬هـ‪ 1421 ،‬هـ‪ 1423 ،‬هـ‪ 1424 ،‬هـ‪.‬‬
‫وتهدف هذه الدورة إلى ما يلي‪:‬‬
‫@‪@340‬‬
‫• التعريف بجهود المملكة الخارجية في خدمة المسلمين‪.‬‬
‫• التعرف على القليات المسلمة في العالم‪.‬‬
‫• التعريف بالمنظمات والهيئات الدولية‪.‬‬
‫• التعريف بالمؤسسات السلمية في الخارج وأسلوب تقويمها‪.‬‬
‫• التدريب على مهارات الحوار والقناع‪.‬‬
‫• التدريب على تقويم طلبات العانة‪.‬‬
‫• إدارة العمال الغاثية‪.‬‬
‫• إعداد وتنظيم المؤتمرات والندوات‪.‬‬
‫ويحتوي برنامج هذه الدورة على ‪ 60‬محاضرة تفيد العاملين في الشؤون السلمية ل سيما في خارج‬
‫المملكة‪#.‬انظر‪ :‬الخطة المعتمدة لعمادة خدمة المجتمع والتعليم المستمر‪ ،‬جامعة المام‪ ،‬ص ‪#.85‬‬
‫ل من الدارسين‪ ،‬مع احتياجه إلى تعزيز التدريب‪ ،‬ويتميز هذا البرنامج بإكساب‬ ‫ويجد هذا البرنامج قبو ً‬
‫الدراسين الخبرة من خلل استقطاب العاملين في مجال الشؤون السلمية كما يحظى باهتمام الجهة‬
‫لعتماده من قبل الخدمة المدنية‪.‬‬
‫دبلوم التوعية والرشاد للعاملين في التوعية بحرس الحدود‪:‬‬ ‫‪-3‬‬
‫ومدته فصلن دراسيان‪ ،‬ونفذ مرة واحدة في عام ‪ 1423‬هـ‪ ،‬ويهدف هذا البرنامج إلى تأهيل المشاركين في‬
‫البرنامج للعمل في مجال التوعية والرشاد في مجال عملهم‪ ،‬وتزويد الدراسين بالعلوم التي يحتاجون غليها‪،‬‬
‫والساليب والوسائل المعينة على أداء عملهم على الوجه الكمل‪.‬‬
‫ويشتل المحتوى العلمي للبرنامج ما يلي‪:‬‬
‫@‪@341‬‬
‫القرآن الكريم – التفسير – الحديث – العقيدة – الفقه وأصوله – الدعوة والحسبة – النحو – الخطابة‬
‫واللقاء – قاعة البحث – علم النفس التربوي‪#.‬انظر‪ :‬الخطة المعتمدة لدبلوم التوعية والرشاد‪ ،‬عمادة‬
‫المركز الجامعي لخدمة المجتمع بجامعة المام ‪ 1423‬هـ‪#.‬‬
‫ويغلب على هذا البرنامج الطابع التأهيلي‪.‬‬
‫فن الخطابة واللقاء‪:‬‬ ‫‪-4‬‬
‫ونفذت عام ‪ 1419‬هـ‪ ،‬ومدتها‪ 26 :‬ساعة‪ .‬ومن بين أهدافها‪ :‬التعريف بالعناصر الساسية لعداد الخطبة‪،‬‬
‫والتدريب على أساليب الخطابة واللقاء‪#‬انظر‪ :‬الخطة المعتمدة لعمادة المركز الجامعي‪ ،‬جامعة المام‪ ،‬ص‬
‫‪ ،#.254‬ورغم الحاجة الشديدة لهذه الدورة فلم تنفذ إل مرة واحدة‪.‬‬
‫إعداد الدعاة )أساسية( و)متقدمة(‪:‬‬ ‫‪-5‬‬
‫وهما من البرامج المعتمدة من وزارة الخدمة المدنية في عام ‪ 1410‬هـ لحملة الشهادة الثانوية )أساسي(‬
‫ولحملة الليسانس )متقدم(‪ ،‬تنفذهما كلية العلوم والعلم بجامعة المام‪.‬‬
‫وهاتان الدورتان مدة كل منهما فصل دراسي ومتوسط عدد الوحدات ‪ 18‬وحدة أسبوعّيا‪ ،‬ويلتحق بالساسية‬
‫ل عل الشهادة الجامعية في الدراسات‬ ‫حاملوا الشهادة الثانوي‪ ،‬أما المتقدمة فيلتحق بها من كان حاص ً‬
‫الشرعية‪ ،‬ويغلب على مقررات الدورتين طابع التعليم والتأهيل‪ ،‬وأهداف الدورتين تؤكد هذا المر‪#‬انظر‬
‫الخطة المعتمدة لعمادة المركز الجامعي‪ ،‬جامعة المام‪ ،‬ص ‪ . #.243 – 242‬ولم ينفذ هذا البرنامج خلل‬
‫هذه الفترة‪.‬‬
‫دورة تدريبية للقائمين بالدعوة في السجون‪:‬‬ ‫‪-6‬‬
‫عدد الوحدات ستون وحدة‪ ،‬المدة أربعة أسابيع‪ ،‬ونفذت في الفصل الول من عام ‪ 1424‬هـ‪.‬‬
‫@‪@342‬‬
‫المحتوى العلمي‪:‬‬
‫فضل الدعوة إلى ال تعالى وأهمية القيام بها في السجون‪.‬‬
‫الدعوة الفردية أهميتها ومميزاتها وشواهدها‪.‬‬
‫الحرص على هداية الناس‪.‬‬
‫القدوة وأثرها في الدعوة إلى ال‪.‬‬
‫المعاملة الحسنة وأثرها في الدعوة إلى ال‪.‬‬
‫التعرف على أحوال المخاطبين ومراعاتهم في الدعوة‪.‬‬
‫دوافع الستجابة وكيفية الستفادة منها‪.‬‬
‫دوافع النكار وكيفية مقاومتها‪.‬‬
‫تاريخ الدعوة في السجون‪.‬‬
‫أحكام السجين‪.‬‬
‫منكرات السجناء وكيفية الحتساب عليها‪.‬‬
‫التعريف ببعض كتب التفسير والحديث والعقيدة والفقه‪.‬‬
‫مهارات إعداد الدرس والخطابة‪.‬‬
‫منهج الدعوة إلى ال في السجون‪.‬‬
‫ورغم أن ما مسمى هذه الدورة تدريبي إل أن التدريب لم حظ بنصيب من الدرورة حيث غلب على‬
‫الدرورة طابع التأهيل‪.‬‬
‫المحاضرات التدريبية‪:‬‬ ‫‪-7‬‬
‫وجدير بالذكر أن عمادة المركز الجامعي بجامعة المام قامت في الونة الخيرة بتنفيذ عدد من‬
‫حا حيث تنفذ عدد من المحاضرات التدريبية‬‫ل واض ً‬‫المحاضرات التدريبية القصيرة‪ ،‬وقد لقيت قبو ً‬
‫حا حيث تنفذ هذه المحاضرات في يوم أو يومين بفترة زمنية ل تتجاوز‬ ‫ل واض ً‬ ‫القصيرة‪ ،‬وقد لقيت قبو ً‬
‫ست ساعات‬
‫@‪@343‬‬

‫وهذه المحاضرات تهدف إلى تطوير الداء والتفكير عند المتدربين‪ ،‬وكان من بين هذه المحاضرات ما‬
‫يخدم الدعاة على وجه الخصوص‪ ،‬منها‪:‬‬
‫*محاضرة تدريبية في فن اللقاء‪.‬‬
‫*محاضرة في مهارات الحوار‪ .‬ونفذت هذه المحاضرات في العام الجامعي ‪ 1424 – 1423‬هـ‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬السمات العامة للبرامج التي تنفذها عمادة المركز الجامعي‬
‫بجامعة المام لتدريب الدعاة‪:‬‬
‫يمكن ن نتبين بعض السمات العامة للبرامج التي تنفذها عمادة المركز الجامعي بجامعة المام لتدريب الدعاة‬
‫على النحو التي‪:‬‬
‫• أن هذه البرامج خاصة تنفذها عمادة المركز الجامعي بناء على طلب الجهة الراغبة في‬
‫التدريب‪ ،‬أي أنها ليست موجهة إلى عامة الناس للتسجيل‪.‬‬
‫سا في كل دورة مما يتيح‬ ‫• أنها تتميز بأن العدد فيها محدود حيث معدل الملتحقين بها ‪ 25‬در ً‬
‫فرص الستفادة من البرنامج بشكل أفضل‪.‬‬
‫• تحظى هذه الدورات بالتفرغ التام للدارسين في الدورة‪ ،‬وهي بل شك تتيح فرصة أكبر‬
‫للستفادة من البرنامج كما أن المشاركين فيها يأتون من مناطق مختلفة حيث يتم ترشيح‬
‫المشاركين من قبل الدارات المعنية وتوافي العمادة بأسمائهم وبياناتهم قبل بدء الدورة‪.‬‬
‫• أن طبيعة عمل الدارسين فيها واحدة‪ ،‬والدورة جزء من عملهم‪ ،‬وهذه تؤدي إلى قدر كبير‬
‫من التجانس بين المشاركين والفادة من الدورة‪.‬‬
‫@‪@344‬‬
‫*تفتقد معظم هذه البرامج لعنصر التدريب‪ ،‬وتكتفي بتقديم البرامج كتأهيل وتعليم للدارس حيث يزود‬
‫بالمعلومات والمعارف في مجال تخصصه دون تركيز على التدريب‪ ،‬ولعل من المناسب التأكيد‬
‫على أن يترك مجال التأهيل العلمي للدعاة إلى القسام العلمية المختصة‪ ،‬ويكون تركيز عمادات‬
‫خدمة المجتمع على الجانب التدريبي‪.‬‬
‫وهناك برامج أخرى معتمدة في خطة عمادة المركز الجامعي ولكنها تنفذ منها‪:‬‬
‫‪ -1‬المدخل إلى جغرافية الديان في مجال الدعوة إلى ال‪.‬‬
‫‪ -2‬دور المام والمؤذن في تحقيق التربية السلمية‪.‬‬
‫‪ -3‬دورة تدريبية للقائمين بدعوة غير المسلمين‪#.‬انظر‪ :‬الخطة المعتمدة لعمادة المركز الجامعي‬
‫لخدمة المجتمع‪ ،‬جامعة المام‪ ،‬برامج العلوم الشرعية‪#.‬‬
‫في ضوء ما تقدم يمكن أن نتبين أن البرامج الموجهة إلى الدعاة في عمادة خدمة المجتمع بجامعة‬
‫المام يغلب عليها طابع التأهيل‪ ،‬وحيث تعد الجامعات من خلل عمادات خدمة المجتمع من البيئات‬
‫المناسبة لتدريب الدعاة‪ ،‬وذلك لعدم وجود معاهد تدريب متخصصة تراعي سمت الدعاة‬
‫وخصوصيتهم‪ ،‬فإن ذلك يدعو إلى التأكيد على مسؤولية عمادات خدمة المجتمع وأهمية دورها في‬
‫بيان أهمية التدريب ووضع كافة الساليب لقناع الدعاة بضرورته وأهميته في مجال الدعوة في‬
‫ل بالتوعية بماهية التدريب‬‫هذا العصر‪ ،‬ويمكن لكل عمادة أن تضع خطة شاملة في ذلك تعنى أو ً‬
‫والتأهيل وبإشعار الدعاة بأهميته‪ ،‬ول بد أن‬
‫@‪@345‬‬
‫يراعى في تصميم البرامج التدريبية احتياجات الدعاة وإمكاناتهم‪ ،‬وأن تكون البرامج متاحة لجميع‬
‫الدعاة وفق خطة زمنية‪ .‬وهذا يتطلب بدوره أن يقف المتخصصون في تصميم البرامج على واقع‬
‫الدعاة والسمات الثقافية والجتماعية لهم‪ .‬كما يتطلب التعاون والتنسيق التام بين المؤسسات الدعوية‬
‫المستفيدة والعمادات‪ ،‬وما من شك أن هناك العديد من المعوقات التي تحول دون ذلك ودون تطور‬
‫التدريب وهو ما سأبينه في المبحث التي‪.‬‬
‫@‪@346‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬معوقات تدريب الدعاة‪:‬‬
‫تبين من خلل ما تقدم أهمية التدريب وأنواعه‪ ،‬واحتياج الدعاة إلى تنمية مهاراتهم وتنويع خبراتهم‪،‬‬
‫ورغم ذلك فهناك العديد من المعوقات التي تحول دون تدريب الدعاة‪ ،‬ويمكن إجمال هذه المعوقات‬
‫فيما يلي‪:‬‬
‫أوًل‪ :‬المعوقات المتعلقة بالمؤسسات‪:‬‬
‫هناك العديد من العقبات التي تحول دون تنفيذ البرامج التدريبية للدعاة‪ ،‬ويأتي في مقدمتها ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬عدم وضوح مفهوم التدريب عند المؤسسات الدعوية‪:‬‬
‫إن من أكبر عقبات التدريب أن ل يفرق بينه وبين التعليم فيتحول البرنامج التدريبي إلى برنامج‬
‫تعليمي ل برنامج عملي‪ ،‬وهذه إحدى إشكالت كثير من برامج التدريب ‪ :‬أن ل يكون التدريب‬
‫عملّيا‪.‬‬
‫ل فينبغي أن يكون عملّيا وملئًما لتحديات البيئة التي سيعود إليها‬ ‫وإذا أردنا أن يكون التدريب فعا ً‬
‫المتدرب ليتحقق بذلك تطوير أدائه اليومي‪#‬انظر‪ :‬وسائل المدرب الناجح‪ ،‬ساي تشارني‪ ،‬كاثي‬
‫كونواي‪ ،‬مكتبة جرير‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط ‪2001 ،1‬م‪ ،‬ص ‪#.3‬‬
‫وليس التدريب تلقيًنا وإنما مشاركة بين المدرب والمتدرب‪ ،‬ولذا يرى البعض أن التدريب يجب أن‬
‫جا من المشاركة الفعالة وتقديم المعلومات‪ ،‬والمتدربون يفضلون أن يشعروا بأن المدرب‬ ‫يشمل مزي ً‬
‫جا أو عملية أو معلومات‪ ،‬فهم ل يرغبون في الشعور بأن لك ما‬ ‫قد أعطاهم شيًئا ما‪ ،‬قد يكون نموذ ً‬
‫فعله المدرب هو ما يعرفونه تماًما‪#‬كل ما تريد أن تعرف عن التدريب‪ ،‬كي ثورن وديفيد‪ ،‬مكتبة‬
‫جرير‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط ‪2001 ،1‬م‪ ،‬ص ‪#.3‬‬
‫@‪@347‬‬
‫وإن أنجح البرامج التدريبية هي تلك التي ل تصطبغ بالصبغة الكاديمية البحتة دون أن يكون هناك‬
‫لها مجال تطبيقي عملي كبير‪ ،‬ومن المؤسف أنه يترتب على عدم وضوح مفهوم التدريب أمور‬
‫منها‪:‬‬
‫• عدم قناعة المؤسسات الدعوية بجدوى التدريب أو ضعف قناعتها به وعندما تقوم بالتدريب‬
‫فهي تجاري المؤسسات الخرى‪ ،‬ل قناعة بالتدريب‪.‬‬
‫• ظن بعض المؤسسات أن التدريب عقاب للمتدرب‪ ،‬فالمؤسسة تلزم الداعية – أحياًنا –‬
‫بالتدريب لمعالجته‪ ،‬في حين أن الصل أن التدريب هو نوع من التحفيز والبناء‪ ،‬وهو نوع من‬
‫التقدير للداعية‪#.‬انظر‪ :‬المنتدى السلمي في إفريقيا‪ ،‬خالد الفواز‪ ،‬بحوث ملتقى خادم الحرمين‬
‫في جوهانسبرج ص ‪#.42‬‬
‫‪ -2‬العائق المادي‪:‬‬
‫يمثل العائق المال عقبة كبيرة في وجه التدريب بشكل عام وفي تدريب الدعاة على وجه الخصوص‪،‬‬
‫ول بد أن تدرك المؤسسات القائمة بالدعوة أن النفاق على التدريب جزء ل يتجزأ من الدعوة‪ ،‬فهو‬
‫جا متتابعة‪ ،‬والحكمة ضالة المؤمن أنى‬ ‫بإذن ال تعالى يختصر الزمن ويضيف إلى عالم الهداية أفوا ً‬
‫وجدها فهو أحق الناس بها‪ ،‬وللوسائل والساليب المتنوعة أثرها الكبير في جذب الناس إلى هذا‬
‫الدين ما دامت في ضوء ضوابط الشرع ومقاصده‪.‬‬
‫إن التدريب ليس هدًرا للموال والوقات كما قد يظن البعض‪ ،‬بل هو من أهم جوانب الستثمار‬
‫وسبب رئيس في إكساب الفرد الخبرة والمهارة‪ ،‬والتخلص من ربقة الجمود والنمطية في الداء وما‬
‫أحوج المؤسسة الدعوية اليوم إلى الحيوية والفاعلية وروح التجديد والبداع‪#‬انظر‪ :‬المرجع السابق‪،‬‬
‫ص ‪#.39‬‬

‫@‪@348‬‬
‫‪ -3‬ضعف التخطيط‪:‬‬
‫ومن معوقات التدريب ضعف التخطيط للبرامج التدريبية‪ ،‬وغلبة الجتهادات الفردية‪.‬‬
‫حيث إن إهمال التخطيط للبرامج التدريبية يقلل من نجاحها‪" ،‬فالتخطيط أحد العناصر المهمة لنجاح أي‬
‫عمل بشري وهو يعني‪ :‬التصور المستقبلي المبني على الدراسة والتحليل للوقائع‪ ،‬والحصاءات الثابتة‬
‫للعمليات المستقبلية‪ ،‬ويكون عادة قبل التنفيذ"‪#‬المدير المفوه‪ ،‬جرانفيل توجود‪ ،‬ص ‪#.44‬‬
‫ومن أهم جوانب التخطيط وضع برنامج أساس لتدريب إدارة التدريب وكذلك إحاطة المدرب والملقي‬
‫ضا‬
‫بماهية المتدربين‪ ،‬وأوضاعهم الوظيفية واحتياجاتهم وتوقعاتهم وانطباعاتهم عن التدريب‪ .‬ول بد أي ً‬
‫من إشراك الدعاة في ميدان التدريب والفادة من خبراتهم‪.‬‬
‫كما أن من معوقات التخطيط الناجح إهمال احتياجات المتدربين‪ .‬إن الوقوف على واقع الدعاة ومعرفة‬
‫احتياجاتهم ومشكلتهم ل بد أن يسبق تدريبهم‪.‬‬
‫إن التخطيط لبرامج تدريب الدعاة ل ينبغي أن تضيق دائرته على الطار المحلي‪ ،‬بل ل بد من توسيع‬
‫دائرة التدريب وخروجها عن الطار المحلي أو القليمي‪.‬‬
‫وإذا كان النصارى قد سعوا إلى إيصال دعوتهم إلى كل أحد واستفادوا في ذلك من البرامج التدريبية‪،‬‬
‫فإن المسلمين أحق منهم بذلك‪ ،‬ويشير أحد البحاث المقدمة إلى مؤتمر كلورادو للتنصير إلى أهمية‬
‫وضع إستراتيجية عالمية‬
‫@‪@349‬‬
‫مقترحة لبرامج تدريبية للتنصير في العالم السلمي ويجدد الحاجة إلى وجود ‪ 1000‬منصر مدرب‬
‫صا في العالم‬
‫صا في العالم السلمي وإلى ‪ 9000‬مدني يدربون تدريًبا متخص ً‬ ‫تدريًبا متخص ً‬
‫السلمي‪#‬انظر‪ :‬بحوث مؤتمر كلورادو ‪1978‬م ص ‪#.673‬‬
‫‪ -4‬عدم وضوح الهدف من التدريب‪:‬‬
‫ومن أكبر العوائق التي تقلل من فائدة البرنامج التدريبي عدم وضوح الهدف من برنامج التدريب‬
‫لدى المتدربين‪.‬‬
‫إن من المهم عند وضع أي برنامج تدريبي أن يتضح للمدرب والمتدرب سبب التدريب‪ ،‬إذ إن من‬
‫أكبر أسباب فشل عدم تحديد سبب التدريب أو أن يكون التدريب فيه كل شيء لكل أحد دون مراعاة‬
‫الهداف الخاصة للتدريب‪#‬انظر‪ :‬وسائل المدرب الناجح‪ ،‬ساي تشارني‪ ،‬كاثي كونواي‪ ،‬ص ‪#.64‬‬
‫‪ -5‬ضعف الجراءات الفنية للتدريب‪:‬‬
‫ومن معوقات البرامج التدريبية للدعاة ضعف التنفيذ للبرنامج‪ ،‬فقد يكون تصميم البرنامج أخذ نصيبه‬
‫من الهتمام إل أن البرنامج حال تنفيذه لم يأخذ حظه من الهتمام ويشمل ذلك‪:‬‬
‫• ضعف دور المشرف‪#‬انظر‪ :‬وسائل المدرب الناجح‪ ،‬ساي تشارني‪ ،‬كاثي كونواي ص‬
‫‪#.65‬‬
‫• ضعف افتتاح الدورة فمن المهم أن تعنى الجهة المنفذة بمشاركة مسؤول كبير في افتتاح أو‬
‫ختام الدورة‪.‬‬
‫• عدم وجود بيئة مناسبة للتدريب فنجاح التدريب يرتبط كثيًرا بمكان التدريب‪.‬‬
‫@‪@350‬‬
‫*ضعف العلن عن البرنامج‪ ،‬فكيف نعلن عن دورة تدريبية للدعاة ونضمن التحاقهم بها عن قناعة‬
‫ل عن تجربة‪.‬‬
‫• ضعف المرونة في تنفيذ البرنامج فلبد من المرونة في التدريب حيث يحتاج كل العاملين‬
‫في مجال الدعوة إلى قدر من التدريب في أماكن إقامتهم بل وفي أماكن العمل دون أن يستدعي‬
‫ذلك نقل المتدرب‪،‬ول يمنع من نقل التدريب إلى أي مكان يوجد فيه الدعاة‪ ،‬وإذا كان النصارى‬
‫يسعون إلى ذلك بكل ما يستطيعون وهو على الباطل فإن على المسلمين أن يدركوا أنهم أولى‬
‫بذلك لنهم على الحق‪ ،‬ففي بحوث مؤتمر كلورادو تقول فيفيان سيتسي في بحث )مستويات‬
‫وأشكال ومواقع البرامج التدريبية(‪":‬علينا تدريب التباع سواء كانوا منصرين أم موظفين‬
‫تنفيذيين في حقول البترول أو في المشاريع النشائية ‪#‬انظر‪ :‬بحوث مؤتمر كلورادو ‪ 1978‬م‪،‬‬
‫ص ‪#.661‬‬

‫‪ -6‬ضعف الهتمام بالدعاة الراغبين في التدريب‪:‬‬


‫قد تعنى المؤسسات الدعوية بالتدريب ولكن تغفل عن مراعاة المتدربين من الدعاة فمن ذلك عدم‬
‫ل‪ .‬ومن ذلك عدم اعتبار الفروق بين المبتدئ والمتوسط‬ ‫تفريغهم للبرنامج التدريبي تفريًغا كام ً‬
‫والمتقدم؛ لن التفاوت في استيعاب البرامج إنما يكون تبًعا للفروق الفردية والستعداد الذهني‪.‬‬
‫ثانًيا‪ :‬المعوقات المتعلقة بالداعية‪:‬‬
‫‪ -1‬ضعف قناعة الداعية بالتدريب‪:‬‬
‫فقد ل يكون لدى الداعية قناعة بالتدريب لعدم معرفته بمفهوم التدريب وأهميته‪ ،‬ولذلك فل بد من‬
‫ل‪ ،‬ويصنف بعض‬ ‫حا مأمو ً‬‫قناعة الدعاة بالتدريب وجدواه‪ ،‬فلو أقيمت بدون ذلك لم تحقق نجا ً‬
‫الباحثين الملتحقين بالبرامج التدريبية إلى أنواع‪:‬‬
‫@‪@351‬‬
‫• طالبوا العلم يريدون أن يكونوا حاضرين وينهلون أكبر قدر ممكن من التعلم والتدريب‪.‬‬
‫• محبو المرح الذين يريدون الحصول على أكبر قدر ممكن من المرح والوقت الحر‪.‬‬
‫عا من السجن طيلة فترة‬ ‫• المساجين الذين يكرهون اللتحاق بالدورات ويعدونها نو ً‬
‫التدريب‪#‬انظر‪ :‬وسائل المدرب الناجح‪ ،‬ساي تشارني‪ ،‬كاثي كونواي ص ‪#.49‬‬
‫ومن المهم أن تسعى المؤسسات الدعوية أن يكون المتدرب فيها من النوع الول‪ ،‬ولذلك ينبغي أن‬
‫ل حقيقّيا؛ ليتحقق الهدف من البرنامج‪.‬‬ ‫يكون إقبال الدعاة على البرامج التدريبية إقبا ً‬
‫‪ -2‬ضعف الهم الدعوي‪:‬‬
‫ومن المعوقات ضعف الهم الدعوي عند الداعية فعندما تضعف همة الداعي يقل اهتمامه بتطوير‬
‫نفسه وينصرف عن برامج التدريب وتطوير الداء‪ ،‬وإذا التحق بها ل ينفع معه التدريب لن الدافع‬
‫ل‪.‬‬
‫لديه ضعيف أو معدوم لذا فهو بحاجة إلى إحياء الدافع أو ً‬
‫‪ -3‬آفة العجب‪:‬‬
‫ومن المعوقات للتدريب عند الداعية وجود العجب عند بعض الدعاة‪ ،‬وهذا الداء يصرف المرء عن تطوير‬
‫ل معالجة مشكلت‬ ‫قدراته ومهاراته لشعوره بالتميز والتفوق وعدم الحاجة إلى التدريب ولذا كان من المهم أ ً‬
‫الدعاة قبل تدريبهم‪#.‬انظر‪ :‬المنتدى السلمي في إفريقيا‪ ،‬خالد الفواز‪ ،‬بحوث ملتقى خادم الحرمين في‬
‫جوهانسبرج ص ‪#.41‬‬
‫ومن لمهم ن تسعى المؤسسات الدعوية أن يكون المتدرب فيها من النوع الول‪ ،‬ولذلك ينبغي أن يكون إقبال‬
‫ل حقيقّيا؛ ليتحقق الهدف من البرنامج‪.‬‬ ‫الدعاة على البرامج التدريبية إقبا ً‬
‫ضعف الهم الدعوي‪:‬‬ ‫‪-2‬‬
‫ومن المعوقات ضعف الهم الدعوي عند الداعية فعندما تضعف همة الداعي يقل اهتمامه‬
‫بتطوير نفسه وينصرف عن برامج التدريب وتطوير الداء‪ ،‬وإذا التحق بها ل ينفع معه‬
‫ل‪.‬‬
‫التدريب لن الدافع لديه ضعيف أو معدوم لذا فهو بحاجة إلى إحياء الدافع أو ً‬
‫آفة العجب‪:‬‬ ‫‪-3‬‬
‫ومن المعوقات للتدريب عند الداعية وجود العجب عند بعض الدعاة‪ ،‬وهذا الداء يصرف المرء‬
‫عن تطوير قدراته ومهاراته لشعوره بالتميز والتفوق وعدم الحاجة إلى التدريب ولذا كان من‬
‫ل معالجة مشكلت الدعاة قبل تدريبهم‪#.‬انظر‪ :‬المنتدى السلمي في إفريقيا‪ ،‬خالد‬ ‫المهم أو ً‬
‫الفواز‪ ،‬بحوث ملتقى خادم الحرمين الشريفين في جوهانسبرج ص ‪#.41‬‬
‫@‪@252‬‬
‫الخاتمة‪:‬‬
‫الحمد ل الذي بنعمته تتم الصالحات وبعد‪ ،‬ففي ختام هذا البحث يمكن أن نخلص إلى جملة من‬
‫النتائج منها‪:‬‬
‫تبين من البحث أهمية وضوح مفهوم التدريب وعدم الخلط بين التدريب والتعليم‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫تبين من البحث عناية السلم بالتعليم والتدريب‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫أهمية تدريب الدعاة ول سيما في هذا العصر الذي تعددت فيه وسائل نقل الدعوة‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫أن الدعاة لهم إسهام ظاهر في التغيير الجتماعي والقتصادي وتأهيلهم وتدريبهم‬ ‫‪-4‬‬
‫معين على تحقيق هذا التغيير‪.‬‬
‫معظم البرامج المتاحة لتدريب الدعاة تركز على التأهيل والتعليم‪ ،‬وتفتقد في كثير‬ ‫‪-5‬‬
‫من الحيان إلى التدريب العملي‪.‬‬
‫رغم أ‪ ،‬الجامعات تكاد تكون هي المناخ الملئم لتدريب الدعاة عبر عمادات خدمة‬ ‫‪-6‬‬
‫المجتمع‪ ،‬إل انه تبين من البحث قلة إسهام عمادات خدمة المجتمع في تدريب الدعاة‪.‬‬
‫وهذه النتائج تدعو الباحث إلى التأكيد على ما يلي‪:‬‬
‫تكوين لجنة مركزية مشتركة للتنسيق في مجال التدريب بين المؤسسات القائمة‬ ‫‪-1‬‬
‫بالدعوة وبين عمادات خدمة المجتمع في الجامعات ول بد أن يدعم اللجنة مركز بحوث‬
‫مستقل يعنى بتحديد الحتياجات من خلل دراسات مسحية على المجتمعات المستهدفة‬
‫والقائمين على شئون الدعوة فيها‪.‬‬
‫تكوين جهة استشارية تدريبية تعنى بتقويم البرامج التدريبية واعتمادها حيث إن‬ ‫‪-2‬‬
‫القسام العلمية في الجامعات لها صبغة أكاديمية تغلب على برامجها المعتمدة‪ ،‬ول بد من‬
‫مرونة التغيير لحظة التدريب بما يتوافق مع المتطلبات والحتياجات‪.‬‬
‫إيجاد مصرف دائم للنفاق على التدريب للدعاة إذ هو جزء ل يتجزأ من الدعوة‬ ‫‪-3‬‬
‫ول بد أن تدرك المؤسسات العامة في مجال الدعوة أن الصرف على تدريب الدعاة له عائد‬
‫يفوق بكثير العائد من طباعة كتاب أو مطوية فل ينبغي أن تحجم المؤسسات السلمية عن‬
‫التدريب الذي ل يكلف أحياًنا ثمن طباعة كتاب‪.‬‬
‫تصميم عدد من الدورات التأهيلية والتدريبية الموجهة للدعاة في ضوء متطلبات‬ ‫‪-4‬‬
‫العصر واحتياجاته‪ ،‬ومن هذه الدورات على سبيل المثال‪:‬‬
‫اللغة النجليزية للدعاة‪#‬هناك سعي بين عمادة خدمة المجتمع بجامعة المام‬ ‫‪-‬‬
‫وجامعة الملك عبد العزيز وبين إدارة التدريب بوزارة الشئون السلمية لتنفيذ‬
‫برنامج تأهيل الدعاة للغة النجليزية‪ ،‬وقد حال دون تنفيذه العائق المادي‪#.‬‬
‫مهارات التصال للدعاة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫فن التعامل مع وسائل العلم‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫تحسين طرق اللقاء‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫مهارات التفكير وغير ذلك من الدورات التي تفيد منها الدعوة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫تصميم عدد من الندوات والمحاضرات التدريبية التي تعنى بتعريف الدعاة بالوسائل‬ ‫‪-5‬‬
‫والساليب المناسبة في الدعوة وتدريبهم فمن ذلك على سبيل المثال‪:‬‬
‫@‪@355‬‬
‫فن اللقاء – كيف تثير اهتمام المدعوين – إعداد المحاضرة الدعوية – هيئة الداعية – إعداد‬
‫المقال الدعوي – أساليب القناع – إعداد الخطبة‪ -‬إدارة الندوات‪.‬‬
‫إيجاد قنوات اتصال بين المؤسسات الدعوية والكفاءات العلمية والعملية‪ ،‬والستفادة‬ ‫‪-6‬‬
‫من التوصيات المنبثقة عن كثير من المؤتمرات والملتقيات والندوات عن تدريب الدعاة‬
‫وتنمية مهاراتهم وتفعيلها‪.‬‬
‫وأخيًرا فإن إيصال الدعوة إلى الناس واضحة نقية يتطلب أن يكون الداعية على جانب كبير من‬
‫العلم بموضوع الدعوة وعلم بالمدعو وعلم بالطريقة المناسبة والمهارة اللزمة للدعوة‪ ،‬وقد استجد‬
‫اليوم طرائق ووسائل تفيد الدعوة إذا أحسن الدعاة استغللها وهم قادرون على ذلك بإذن ال تعالى‪.‬‬
‫وال الموفق للصواب وهو الهادي إلى سواء السبيل‪.‬‬
‫@‪@356‬‬
‫فهرس المراجع‪:‬‬
‫أحكام القرآن‪ ،‬أبو بكر بن العربي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪ 1416 ،1‬هـ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫إعلم الموقعين عن رب العالمين‪ ،‬ابن قيم الجوزية‪ ،‬المكتبة العصرية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‬ ‫‪-2‬‬
‫‪ 1424 ،1‬هـ‪.‬‬
‫التدريب‪ ،‬مفهومه وفعالياته‪ ،‬حسن أحمد لطعاني‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬الردن‪ 2002 ،‬م‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫التدريب الفعال‪ ،‬ميشيل كوك‪ ،‬ترجمة ونشر بيت الفكار الدولية‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‬ ‫‪-4‬‬
‫‪1999‬م‪.‬‬
‫التدريب وأهميته في العمل السلمي‪ ،‬محمد بن موسى الشريف‪ ،‬دار الندلس‬ ‫‪-5‬‬
‫الخضراء‪ ،‬جدة‪ ،‬ط ‪ 1422 ،2‬هـ‪.‬‬
‫التطوير الداري والتنظيمي للمؤسسات الدعوية‪ ،‬د‪ .‬أحمد الدبيان‪ ،‬بحث متقدم‬ ‫‪-6‬‬
‫لملتقى خادم الحرمين الشريفين في جوهانسبرج جنوب إفريقيا في الفترة من ‪-6‬‬
‫‪ 9/7/1423‬هـ‪.‬‬
‫التنصير خطة لغزو العالم السلمي‪ ،‬بحوث مؤتمر كلورادو ‪ 1978‬م‪.‬‬ ‫‪-7‬‬
‫تنمية مهارات مسؤولي شئون العاملين‪ ،‬د‪ .‬السيد عليوة ايتراك للنشر والتوزيع‪،‬‬ ‫‪-8‬‬
‫القاهرة‪ ،‬ط ‪2001 ،1‬م‪.‬‬
‫تهذيب تاريخ دمشق‪ ،‬ابن عساكر‪ ،‬هذبه‪ :‬عبد القادر بدران‪ ،‬دار السيرة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط‬ ‫‪-9‬‬
‫‪ 1399 ،2‬هـ‪.‬‬
‫‪ -10‬الجامع لحكام القرآن‪ ،‬القرطبي‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪ 1405 ،‬هـ‪.‬‬
‫‪ -11‬حول التدريب والتعليم‪ ،‬عبد الكريم بكار‪ ،‬دار المسلم‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط ‪ 1420 ،1‬هـ‬
‫موقع إ‬
‫إدارة التدريب التربوي والبتعاث بمنطقة القصيم‪.‬‬
‫‪ -12‬الخطة المعتمدة لدبلوم التوعية والرشاد لضباط حرس الحدود‪ ،‬عمادة المركز‬
‫الجامعي لخدمة المجتمع بجامعة المام ‪ 1422‬هـ‪.‬‬
‫‪ -13‬الخطة المعتمدة لعمادة خدمة المجتمع والتعليم المستمر‪ ،‬جامعة المام محمد بن‬
‫سعود السلمية‪ 1420/1421 ،‬هـ‪.‬‬
‫@‪@357‬‬
‫‪ -14‬دعوة غير المسلمين إلى السلم في مدينة الرياض‪ ،‬دراسة ميدانية تقويمية‪ ،‬إعداد‪:‬‬
‫عبد ال بن إبراهيم اللحيدان‪ ،‬رسالة دكتوراه غير منشورة‪ ،‬قسم الدعوة بكلية الدعوة بجامعة‬
‫المام ‪ 1417‬هـ‪.‬‬
‫‪ -15‬دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين‪ ،‬ابن علن الصديقي‪ ،‬دار الفكر‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫دت ‪.‬‬
‫‪ -16‬الرياض الناضرة والحدائق النيرة الزاهرة‪ ،‬السعدي‪ ،‬مكتبة المعارف‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط‬
‫‪ 1400 3‬هـ‪.‬‬
‫‪ -17‬زاد المعاد في هدي خير العباد‪ ،‬ابن القيم ‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪،14‬‬
‫‪1406‬هـ‪.‬‬
‫‪ -18‬سبل السلم شرح بلوغ المرام‪ ،‬محمد بن إسماعيل الصنعاني‪ ،‬دار الكتاب العربي‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬ط ‪1407 ،3‬هـ‪.‬‬
‫‪ -19‬سنن أبي داود‪ ،‬المام أبو داود السجستاني‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬د ت‪.‬‬
‫‪ -20‬شرح رياض الصالحين‪ ،‬ابن عثيمين‪ ،‬المكتبة التوفيقي‪ ،‬مصر‪ ،‬ط ‪ ،1‬د ت‪.‬‬
‫‪ -21‬شرح صحيح مسلم‪ ،‬النووي‪ ،‬دار عالم الكتب‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط ‪1417 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ -22‬صحيح البخاري‪ ،‬المام البخاري‪ ،‬دار السلم‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط ‪ 1417 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ -23‬صحيح سنن أبي داود‪ ،‬اللباني‪ ،‬المكتب السلمي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪ 1409 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ -24‬صحيح مسلم‪ ،‬دار ابن حزم‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪ 1421 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ -25‬طرح التثريب في شرح التقريب‪ ،‬زين الدين أبو الفضل‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬د ت‪.‬‬
‫‪ -26‬فتح الباري شرح صحيح البخاري‪ ،‬ابن حجر‪ ،‬دار المعرفة بيروت‪ ،‬دت‪.‬‬
‫‪ -27‬فقه الدعوة في صحيح البخاري‪ ،‬خالد القريشي‪ ،‬ط ‪ 1418 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ -28‬كل ما تريد أن تعرف عن التدريب‪ ،‬كيي ثورن وديفيد ماكيي‪ ،‬ترجمة ونشر مكتبة‬
‫جرير‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط ‪ 1412 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ -29‬لسان العرب‪ ،‬ابن منظور‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيروت‪ ،‬د ت‪.‬‬
‫‪ -30‬المدير المفوه‪ ،‬جرانفيل توجود‪ ،‬ترجمة‪ :‬بيت الفكار الدولية‪ ،‬أمريكا‪ ،‬ط ‪1988‬م‪.‬‬

‫@‪@358‬‬
‫‪ -31‬المستدرك على الصحيحين‪ ،‬أبو عبد ال الحاكم النيسابوري‪ ،‬دار إحياء التراث‬
‫العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪ 1422 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ -32‬المسند‪ ،‬المام أحمد بن حنبل‪ ،‬المكتب السلمي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪ 1405 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ -33‬مسند المام أحمد‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪ 1421 ،1‬هـ‪.‬‬
‫‪ -34‬مقدمة بن خلدون‪ ،‬عبد الرحمن بن خلدون‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪،4‬‬
‫‪ 1398‬هـ‪.‬‬
‫‪ -35‬المنتدى السلمي في لفريقيا‪ ،‬خالد الفواز )بحوث ملتقى خادم الحرمين في‬
‫جوهانسبرج(‪.‬‬
‫‪ -36‬وسائل المدرب الناجح‪ ،‬ساي تشارني‪ ،‬كاثي كونواي‪ ،‬مكتبة جرير‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط ‪،1‬‬
‫‪2001‬م‪.‬‬
‫‪ -37‬جريدة الجزيرة العدد ‪ 10366‬بتاريخ ‪ 20/11/1421‬هـ‪.‬‬
‫‪ -38‬جريدة الوطن العدد ‪ ، 585‬بتاريخ ‪24/2/1423‬هـ‪.‬‬

‫مباحث في النظام السري في السلم‬


‫القسم الثاني "دفع الشبهات"‬

‫الدكتور‪/‬مفرح بن سليمان بن عبد ال القوسي‬


‫قسم الثقافة السلمية – كلية الشريعة‬
‫جامعة المام محمد بن سعود السلمية‬
‫@‪@361‬‬
‫المقدمة‪:‬‬
‫الحمد ل رب العالمين‪ ،‬والصلة والسلم على خاتم النبياء والمرسلين‪ ،‬نبينا محمد وعلى آله‬
‫وصحبه أجمعين‪ .‬أما بعد‪:‬‬
‫فقد دأب أعداء السلم – من مستشرقين وغيرهم ممن تأثر بهم – عن توجيه سهام كراهيتهم‬
‫للسلم والمسلمين‪ ،‬إلى مبادئ السلم وأحكامه وتشريعاته بإثارة الشكوك والشبهات حولها‪ ،‬رامين‬
‫من وراء ذلك إلى تقويض نظام السلم برمته‪ ،‬ووسمه بالحلل وعدم الصلحية لحكم شؤون الحياة‪،‬‬
‫وتنفير الناس من اللتفاف حول منهجه‪ ،‬والحتكام إلى شريعته العادلة‪.‬‬
‫ومن جملة تلك الشكوك والشبهات ما أثاروه حول نظام السرة في السلم من أقاويل وتهم‬
‫واعتراضات‪.‬‬
‫وهذه الدراسة إنما هي إسهام من الباحث في دفع هذه الشكوك والشبهات في موضوع السرة‬
‫والمرأة‪ ،‬وذلك قياًما بحق المانة في العلم‪ ،‬وواجب النصيحة في الدين‪.‬‬
‫خطة البحث‪:‬‬
‫يشتمل البحث على ثماني شبهات‪ ،‬تسبقها مقدمة‪ ،‬وتعقبها خاتمة‪.‬‬
‫أما المقدمة‪ :‬فتشتمل على ما يلي‪:‬‬
‫أهمية البحث‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫خطة البحث‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫منهج البحث‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫@‪@362‬‬
‫وأما الشبهات فقد جعلت كل واحدة منها في مبحث مستقل‪ ،‬وذلك على النحو التالي‪:‬‬
‫المبحث الول‪ :‬في قوامة الرجل على المرأة‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬في اشتراط الولي في النكاح‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬في إباحة الطلق في السلم‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬في جعل أمر الطلق بيد الرجل ل بيد المرأة‪.‬‬
‫المبحث الخامس‪ :‬في اعتبار شهادة المرأة على النصف من شهادة الرجل‪.‬‬
‫المبحث السادس‪ :‬في إعطاء المرأة من الميراث نصف نصيب الرجل‪.‬‬
‫المبحث السابع‪ :‬في ادعاء منع السلم تعدد الزوجات‪.‬‬
‫المبحث الثامن‪ :‬في انتقاص السلم وعيبه لباحته تعدد الزوجات‪.‬‬
‫وأما الخاتمة‪ :‬فتشتمل على أبرز نتائج البحث‪.‬‬
‫منهج البحث‪:‬‬
‫اقتضت طبيعة البحث اتباع المنهج التحليلي النقدي‪ ،‬وذلك بتحليل الشبهات المثارة حول قضيتي‬
‫السرة والمرأة في السلم‪ ،‬ونقدها نقًدا علمّيا‪ ،‬لبيان الحق وإحقاقه‪ ،‬ودفع الباطل ورده‪ ،‬معتمًَدا في‬
‫ذلك المعيار السلمي السالم من الختلف والتناقض‪.‬‬
‫مع عنايتي بما يلي‪:‬‬
‫الرجوع إلى المصادر الصلية في كل مجال مست الحاجة فيه إلى الرجوع إليها‬ ‫‪-1‬‬
‫والقتباس منها‪ ،‬ول سيما في مجالي السرة والمرأة – موضوع البحث – حيث رجعت‬
‫فيهما إلى العديد من كتب علماء السلم وباحثيه القدامى والمحدثين‪.‬‬

‫@‪@363‬‬
‫اعتماد أسلوب السهولة واليسر في طرح أفكار البحث وعرضها ومعالجة مسائله‪،‬‬ ‫‪-2‬‬
‫واجتناب السهاب والطالة وغموض العبارة‪.‬‬
‫التزام المانة العلمية في العزو والقتباس والنقل‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫ترقيم اليات القرآنية وبيان سورها‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫تخريج الحاديث النبوية وبيان ما ذكره أهل الشأن في درجتها‪ ،‬إن لم تكن في‬ ‫‪-5‬‬
‫الصحيحين أو أحدهما‪ ،‬فإن كانت كذلك اكتفيت حينئذ بتخريجهما‪.‬‬
‫العناية بقواعد اللغة العربية والملء وعلمات الترقيم‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫ذكر البيانات الكلمة لكل مصدر أو مرجع في الهامش عند أول وروده في البحث‪،‬‬ ‫‪-7‬‬
‫من حيث بيان‪ :‬عنوان الكتاب‪ ،‬واسم مؤلفه‪ ،‬واسم محققه إن كان محقًقا‪ ،‬والطبعة‪،‬‬
‫وتاريخها‪ ،‬واسم الناشر‪ ،‬ومكان النشر‪.‬‬
‫تذييل البحث بفهرس للمصادر والمراجع‪.‬‬ ‫‪-8‬‬
‫أسأل ال العلي القدير أن يجعل التوفيق لي رائًدا‪ ،‬والخلص سائًقا وأن يعصمني‬ ‫‪-9‬‬
‫من الخطأ والذلل‪ ،‬إن ربي لسميع الدعاء‪ ،‬وصلى ال وسلم على نبينا محمد وعلى آله‬
‫وصحبه أجمعين‪.‬‬
‫@‪@364‬‬
‫المبحث الول‪ :‬في قوامة الرجل على المرأة‪:‬‬
‫يقول أعداء السلم – من المستشرقين وغيرهم – وكذلك من تأثر بهم من أبناء المسلمين‪ :‬إن‬
‫جعل القوامة للرجل على المرأة فيه قهر للمرأة وحجر وتضييق عليها‪ ،‬وإهدار لشخصيتها‪،‬‬
‫مصادرة لمقومات إنسانيتها‪ ،‬وهو مما يؤكد ظلم السلم المرأة واحتقاره لها‪.‬‬
‫الرد عليها‪:‬‬
‫هذه الشبهة كلها ترهات باطلة‪ ،‬ويتبين –إن شاء ال – بطلنها من خلل التي‪:‬‬
‫جا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة‬ ‫أوًل‪ :‬يقول عز وجل‪) :‬ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزوا ً‬
‫ورحمة إن في ذلك ليات لقوم يتفكرون(‪#‬سورة الروم‪ ،‬الية‪ #.21:‬كانت المرأة في التشريعات‬
‫سا ل روح له‪ ،‬ولم تكن زوجة لها‬ ‫القديمة – ول سيما في النصرانية المحرفة – حيواًنا نج ً‬
‫كرامة وحقوق‪ ،‬فلما أرادوا إنصافها في المؤتمر الفرنسي سنة ‪ 586‬م كان غاية ما قرروه‬
‫بشأنها أنها ليست حيواًنا‪ ،‬وإنما هي إنسان ولكنه خلق لخدمة الرجل‪ .‬إذا نظرنا إلى الية الكريمة‬
‫من زاوية تلك الحكام القاسية عرفنا أصلة السلم في تقريره الحق بشأن المرأة‪.‬‬
‫فقد خلقت من أنفس الرجال‪ ،‬ل من طينة أخرى‪ ،‬وخلقت لتكون زوجة ل لتكون أي شيء آخر‪،‬‬
‫وخلقها بهذه الصفة إنما هو آية من آيات ال سبحانه‪ ،‬وعلة هذا الخلق سكن الزوج إليها‪ .‬والسكن‬
‫أمر نفساني وسر وجداني‪ ،‬يجد فيه المرء سعادة الشمل المجتمع وأنس الخلوة التي ل تكلف‬
‫فيها‪ ،‬وذلك – بل شك – من الضرورات‬
‫@‪@365‬‬
‫المعنوية التي ل يجدها إل في ظل الزوجة‪ .‬وقد ألقى ال تعالى في كل منهما سر الحنين إلى‬
‫صاحبه‪ ،‬فهو يدلي إليها بمودته ورحمته وهي تدلي إليه بمثل ذلك‪ ،‬وهذا معنى قوله تعالى‪:‬‬
‫حَمًة( فالزوجة سكن الزوج الذي يسكن إليه على ود‪ ،‬وينبوعه الذي‬ ‫جَعْلَنا َبْيَنُكْم َمَوّدًة َوَر ْ‬
‫)وَ َ‬
‫يفيض له بالبر والرحمة‪#‬انظر‪ :‬البهي الخولي – السلم وقضايا المرأة المعاصرة‪ ،‬ص ‪-70‬‬
‫‪ ،71‬ط الثالثة‪ ،‬دار القلم – بيروت‪.‬‬
‫على تلك السس الفطرية الجميلة شرع السلم علقة المرأة بالرجل‪ ،‬وقرر ما بين الزوج‬
‫والزوجة من أصول التعاون في شركة الحياة بينهما‪.‬‬
‫عَلْيِه ّ‬
‫ن‬ ‫ل اّلِذي َ‬
‫ن ِمْث ُ‬
‫وفي جانب تحديد أسس التعاون في الحياة الزوجية جاء قوله تعالى‪َ) :‬وَلُه ّ‬
‫ف(الية‪ #‬سورة البقرة‪ ،‬الية ‪ ، #.228‬حيث تضمن هذا القول الكريم المبادئ والسس‬ ‫ِباْلَمْعُرو ِ‬
‫التية‪#‬انظر‪ :‬البهي الخولي – السلم وقضايا المرأة المعاصرة‪ ،‬ص ‪#.72 – 71‬‬
‫العدالة التامة الماثلة في مجموع الية‪ ،‬فالرجل والمرأة طرفان يتبادلن الحقوق‬ ‫‪-1‬‬
‫والواجبات في شركة الحياة الزوجية‪ ،‬وليس لحدهما أن يبغي على شيء من حقوق الخر‬
‫ل لمفهوم الية الكريمة‪.‬‬ ‫عليه وإل كان ظالًما مبط ً‬
‫المساواة‪ ،‬وهي مبدأ يقتضي توزيع الحقوق والواجبات بين الزوجين على سبيل‬ ‫‪-2‬‬
‫التكافؤ أو المماثلة الواضحة في الية‪ ،‬وهي مماثلة معنوية ومساواة أدبية‪ ،‬إذ ليس المراد‬
‫من تماثل الحقوق والواجبات تماثلها الحسي العيني‪ ،‬وإنما هو التماثل المعنوي الذي يعود‬
‫على كل منهما بما يرضيه لقاء ما قدم لصاحبه‪ ،‬وهذا ما فهمه الصحابي الجليل عبد ال بن‬
‫عباس رضي ال عنه‪،‬‬
‫@‪@366‬‬
‫فقال في الثر المروي عنه – تطبيًقا لمفهوم الية الكريمة ‪" :-‬إني أحب أن أتزين للمرأة كما‬
‫ف(‪#‬رواه‬ ‫ن ِباْلَمْعُرو ِ‬ ‫عَلْيِه ّ‬‫ل اّلِذي َ‬ ‫ن ِمْث ُ‬
‫أحب أن تتزين المرأة لي‪ ،‬لن ال تعالى ذكره يقول‪َ) :‬وَلُه ّ‬
‫ابن جرر الطبري في تفسيره‪ :‬جامع البيان في تأويل آي القرآن‪ ،‬جـ ‪/2‬ص ‪ ،467 -466‬ص‬
‫الثالثة‪ 1422 .،‬هـ ‪1999‬م‪ ،‬دار الكتب العلمية – بيروت‪ #.‬ول شك أن الزينة التي يتزين بها‬
‫الرجل غير الزينة التي تتزين بها المرأة‪ ،‬ولكنهما يتماثلن فيما وراء الشكل والصورة من‬
‫أهداف ونتائج‪ ،‬إذ تعود على كل من الزوج والزوجة بما يشرح الصدر ويسر النفس‪.‬‬
‫الشورى‪ ،‬ذلك لنه سبحانه لما قرر مبدأ المماثلة بين الزوجين في الحقوق‬ ‫‪-3‬‬
‫والواجبات‪ ،‬جعل مرجع هذه الحقوق والواجبات إلى المعروف‪.‬‬
‫والمعروف الذي يريده سبحانه ‪ 9‬هنا يشمل العرف الذي يجمع عادات الناس في كل زمان‬
‫ومكان وطرق معاملتهم وأساليب حياتهم اليومية‪#‬راجع تيسير الكريم في تفسير كلم المنان –‬
‫للشيخ عبد الرحمن بن سعدي‪ ،‬جـ ‪/1‬ص ‪ ،284‬ط عام ‪ 1404‬هـ‪ ،‬الرئاسة العامة لدارات‬
‫البحوث العلمية والفتاء – الرياض‪ ، #.‬من دون خروج على آداب الدين ومعتقداته‪ .‬كما يشمل‬
‫معنى الرفق وإحسان الصحبة‪#‬راجع‪ :‬جامع البيان – للطبري‪ ،‬جـ ‪ /2‬ص ‪#.466‬‬
‫وما دام المر قد ترك للعرف‪ ،‬فقد ترك للتفاهم الذي يتم بين الزوجين بالحسنى دون إكراه أو‬
‫جور‪ ،‬وذلك هو معنى الشورى بينهما‪.‬‬
‫ن ُيِتّم‬
‫ن َأَراَد َأ ْ‬
‫ن ِلَم ْ‬
‫ن َكاِمَلْي ِ‬
‫حْوَلْي ِ‬
‫ن َ‬‫ن َأْولَدهُ ّ‬ ‫ضْع َ‬
‫ت ُيْر ِ‬‫وقد مثل العلماء لذلك بقوله تعالى‪َ) :‬واْلَواِلَدا ُ‬
‫عَلْيِهَما(‪#‬جزء من الية ‪233‬‬ ‫ح َ‬
‫جَنا َ‬‫ل ُ‬‫شاُوٍر َف َ‬‫ض ِمْنُهَما َوَت َ‬
‫ن َتَرا ٍ‬‫عْ‬‫ل َ‬
‫صا ً‬
‫ن َأَراَد ِف َ‬
‫عَة‪َ...‬فِإ ّ‬
‫ضا َ‬
‫الّر َ‬
‫من سورة البقرة‪ #.‬فالية تبين أحكاًما عدة‪ ،‬منها‪ :‬إرضاع المرأة المطلقة ولدها من مطلقها‪،‬‬
‫@‪@367‬‬
‫فمدة الرضاع حولين كاملين‪ ،‬وإن أرادت مع مطلقها أن يفطمها قبل مضي الحولين‪ ،‬وأيا في‬
‫ذلك مصلحة له‪ ،‬وتشاورا فيه وأجمعا عليه فل جناح عليهما في ذلك‪ ،‬وإن انفرد أحدهما بذلك‬
‫دون الخر فل عبرة بانفراده‪ ،‬ول يجوز له أن يستبد برأيه من غير رضى الخر‪ ،‬قاله سفيان‬
‫الثوري وغيره‪#‬انظر‪ :‬ابن كثير – تفسير القرآن العظيم‪ ،‬جـ ‪/1‬ص ‪ ،284‬ط عام ‪1403‬هـ ‪-‬‬
‫‪1983‬م‪ ،‬دار المعرفة بيروت‪#.‬‬
‫فإذا كان هذا هو حق المطلقة في الشورى والتراضي والتفاهم على ما فيه مصلحة الطفل‪ ،‬فأولى‬
‫أن يكون هو حق الزوجة القائمة في البيت على رعاية جميع شؤونه‪ .‬وإقامة بناء السرة على‬
‫هذه السس الثلثة ينافي وجود القهر والستبداد والضطهاد‪ ،‬ويوفر حرية الرأي للمرأة وكمال‬
‫الشخصية‪.‬‬
‫ثانًيا‪ :‬تفتقر كل جماعة إنسانية وكل مؤسسة إلى القائد الذي يرعى شؤونها ويدير أمورها‬
‫ويصون كيانها‪ ،‬والسرة – وهي الخلية الولى في المجتمع النساني – بأمس الحاجة إلى را ٍ‬
‫ع‬
‫مسؤول يشرف على إدارتها وإلى قائد كفء يتولى تأمين متطلباتها بكل محبة وإخلص‪ ،‬ليحقق‬
‫في ربوع السرة أجواء السكينة والوئام وروح التعاون والنظام‪#‬انظر‪ :‬أحمد حسن كرزون –‬
‫مزايا نظام السرة المسلمة‪ ،‬ص ‪ ،88‬ط لثانية ‪1417‬هـ ‪1997 -‬م‪ ،‬دار ابن حزم – بيروت‪#.‬‬
‫ولذا كلف ال سبحانه – وهو الحكيم العليم – الزوج بتحمل أعباء هذه المهمة التربوية الدقيقة‬
‫بما أناطه ال عز وجل به من واجبات نحو أسرته‪ ،‬وبما خصه به من قدرات وإمكانات جسدية‬
‫ل من‪ :‬البهي الخولي – السلم وقضايا‬ ‫وفكرية متميزة‪#:‬انظر في الفقرات الخمس التالية ك ً‬
‫المرأة المعاصرة‪ ،‬ص ‪ 73‬وما بعدها‪ .‬ود‪ .‬حسن أبو غدة – السرة السعيدة في رحاب السلم‪،‬‬
‫ص ‪ ،38 – 36‬ط الولى ‪ 1417‬هـ ‪1997 -‬م‪ ،‬دار عالم الكتاب – الرياض‪#.‬‬
‫@‪@277‬‬
‫عا بتأمين بيت الزوجية وإعداده وتجهيزه بكل ما يلزم للحياة‬ ‫فهو المطالب شر ً‬ ‫‪-1‬‬
‫الزوجية‪ ،‬وهو المطالب برعايته وصيانته وحمايته من كل عوامل الفساد والفساد التي‬
‫تمزق كيانه وتهد أركانه‪ .‬ومن هنا فهو صاحب الكلمة فيمن يدخل البيت ومن ل يدخله‪ ،‬فهو‬
‫العرف بنفوس الناس وضمائرهم ومكائدهم والكثر تقديًرا لعواقب المور‪ .‬يقول النبي‬
‫صلى ال عليه وسلم‪" :‬ل يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إل بإذنه‪ ،‬ول تأذن في بيته‬
‫إل بإذنه"‪#‬رواه البخاري في صحيحه في )كتاب النكاح(‪ ،‬الباب )‪ ،(86‬الحديث رقم )‬
‫‪ ،(5195‬ج ‪/9‬ص ‪ 295‬ص إدارات البحوث العلمية والفتاء – الرياض‪#.‬‬
‫وهو أبو الولد‪ ،‬وغليه ينتسبون صغاًرا وكباًرا‪ ،‬ذكوًرا وإناًثا‪ ،‬وهو الذي يتحمل‬ ‫‪-2‬‬
‫عبء النفاق على السرة وتلبية كل متطلباتها وحاجاتها‪ ،‬وهو المطالب بالبحث عن موارد‬
‫رزقها خارج البيت‪.‬‬
‫وهو القوى – جسمّيا ونفسّيا – على تحمل المصاعب وأعباء الحياة‪ ،‬والقدر‬ ‫‪-3‬‬
‫على مدافعة العداء وحماية العراض والذود عن الديار والوطان‪ ،‬أما المرأة فتعاقب‬
‫الحيض والحمل والولدة والنفاس والرضاع والسهر بالليل مع طفل مريض والتعب‬
‫بالنهار في أعمال المنزل يلح عليها دائًما بعوارض اللم والسقم‪ ،‬فيورثها ذلك على مر‬
‫ل للمشقات من‬ ‫السنين وتعاقب الجيال بنية أضعف من بنية الرجل‪ ،‬وجسًما أقل احتما ً‬
‫جسمه‪.‬‬
‫وعمله في الخارج واسع الفق كثير التجارب‪ ،‬منوع العلقات والمعاملت مع‬ ‫‪-4‬‬
‫كافة مستويات البشر‪ ،‬مما يتيح له الطلع على أساليب تفكيرهم وطرق تعاملهم‪ ،‬والتعرف‬
‫– في الغالب – على‬
‫@‪@369‬‬
‫مكائدهم وحيلهم‪ ،‬والتمييز بين محسنهم ومسيئهم‪ .‬وينبغي لمن يتولى مهام السرة أن يكون على‬
‫هذا المستوى من الخبرة والتجربة ليتمكن من تجنب المصاعب التي قد تواجه السرة‪ ،‬ويعمل‬
‫على إحاطتها بالمن لتستكمل مسيرتها في الحياة‪.‬‬
‫وما ذكر ل يتوفر للمرأة بحكم وظيفتها – بوصفها زوجة وأّما – وميدان نشاطها الفطري‬
‫النثوي‪.‬‬
‫وبالضافة إلى ما تقدم‪ ،‬فإن تقسيم الوظائف الفطرية بين الرجل والمرأة يستند إلى‬ ‫‪-5‬‬
‫تعليلت معقولة مشاهدة الثار‪ ،‬حيث إن الوضع الطبيعي للمرأة أن تقوم على رعاية البيت‬
‫وتدبير شؤون الولد وحضانتهم بما عرف عنها من طبع لطيف وعاطفة رقيقة فياضة‪،‬‬
‫يسهل معها أن تنزل إلى مستوى أبنائها‪ ،‬فتفكر معهم بمستوى عقولهم‪ ،‬وتمل أرواحهم أم ً‬
‫ل‬
‫وإشراًقا‪ ،‬وتسعد قلوبهم مودة وصفاء‪ ،‬وتنمي أحاسيسهم الطفولية‪ ،‬فإذا ما كبروا تناولتهم يد‬
‫الب بالرعاية والتوجيه ليأخذوا عنه تجارب الحياة‪ ،‬ويتحملوا بأسها بقوة وإرادة وتدبير‬
‫سليم‪.‬‬
‫ول شك أن جميع تلك الخصائص في الرجل والمرأة مًعا هي من صنع ال تعالى‪ ،‬ل من صنع‬
‫الرجل‪ ،‬ول من كسب المرأة‪ ،‬كما أن اختصاص الرجل بالقوامة التي منحه ال إياها ل يغض ول‬
‫ينقص من كرامة المرأة ول من قدر إنسانيتها‪ ،‬لنه توزيع إلهي نشأ من مفارقات عضوية جسدية‬
‫ونفسية عاطفية‪ ،‬ل من تفرقة في جوهر النسانية المشترك بين النساء والرجال‪.‬‬
‫ثالًثا‪ :‬لعله اتضح مما تقدم أن القوامة في المنهج الرباني تكليف ومسؤولية وقيادة‪ ،‬وليست تعسًفا أو‬
‫استبداًدا أو تعالًيا‪ ،‬وقد أوضح القرآن الكريم هذا التكليف في قوامة الرجل ودواعيه‪ ،‬فقال سبحانه‪:‬‬
‫ن َأْمَواِلِهْم‬
‫ض َوِبَما َأْنَفُقوا ِم ْ‬
‫عَلى َبْع ٍ‬
‫ضُهْم َ‬
‫ل َبْع َ‬
‫لا ُ‬‫ضَ‬‫ساِء ِبَما َف ّ‬ ‫عَلى الّن َ‬
‫ن َ‬‫ل َقّواُمو َ‬‫جا ُ‬‫)الّر َ‬
‫@‪@370‬‬
‫ل(‪#‬سورة النساء‪ ،#‬وهذا القيام للرجل على المرأة‬ ‫ظا ُ‬‫حِف َ‬
‫ب ِبَما َ‬
‫ت ِلْلَغْي ِ‬
‫ظا ٌ‬‫حاِف َ‬
‫ت َ‬‫ت َقاِنَتا ٌ‬
‫حا ُ‬
‫صاِل َ‬
‫َفال ّ‬
‫المذكور في الية ضربان‪:‬‬
‫ضرب مادي حسي‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫وضرب معنوي أدبي‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫فالضرب المادي الحسي يتمثل فيما يقوم به الرجل للمرأة من جلب القوت والكسوة وسائر‬
‫ضا من رعاية ومدافعة وحماية‪.‬‬ ‫الضرورات‪ ،‬وما يقوم به لها أي ً‬
‫وهذا الضرب هو المذكور في كتب اللغة‪ :‬جاء في القاموس المحيط‪" :‬قام الرجل المرأة‪ ،‬وقام عليها‪:‬‬
‫مانها وقام بشأنها"‪#‬الفيروزآبادي – القاموس المحيط‪ ،‬جـ ‪/4‬ص ‪ ،138‬ط الولى ‪ 1420‬هـ ‪-‬‬
‫‪1999‬م‪ ،‬دار الكتب العلمية – بيروت‪ #.‬فهو إًذا قائم لها أو قوام عليها بذلك‪ .‬وتقرير القرآن هذا‬
‫للرجل غضاضة فيه على المرأة‪ ،‬لته تقرير لمر واقع مشهود مسلم به في حياة الناس قديًما‬
‫وحديًثا‪.‬‬
‫وأما الضرب المعنوي الدبي‪ ،‬فإنه ل يعني قهر المرأة والحجر عليها‪ ،‬ول إهدار شخصيتها‬
‫ومصادرة مقومات أهليتها‪ ،‬كما يتبادر إلى الذهان المتطيرة السقيمة‪.‬‬
‫أل ترى أن السلم يمنع الزوج من الولية على مال زوجته‪ ،‬ويجعل هذه الولية لها وحدها‪،‬‬
‫ويعطيها حق التصرف فيه بكل حريتها‪ -‬بما ل يخالف الشرع – من بيع وشاء ورهن وإجارة وهبة‬
‫وصدقة‪ ،‬ولها أن تخاصم عليه غيرها أمام القضاء دون أن يكون لزوجها حق التدخل في شيء من‬
‫ذلك‪.‬‬
‫ضا ل يجعل للزوج سلطاًنا على دين زوجته‪ ،‬فليس له أن يكرهها على تغيير دينها –‬ ‫والسلم أي ً‬
‫يهودية كانت أو نصرانية – بل تبقى على دينها ول تتحول إلى دينه إل بمحض إرادتها‪ ،‬يقول عز‬
‫ن(‪#‬سورة البقر ة‪ ،‬الية ‪. #.256‬‬ ‫ل ِإْكَراَه ِفي الّدي ِ‬
‫وجل‪َ ) :‬‬
‫@‪@371‬‬

‫فإذا كانت هيمنة الزوج على زوجته ل تمتد إلى حرية الدين‪ ،‬ول إلى حرية الرأي‪ ،‬ول إلى حرية‬
‫التصرف في أموالها الشخصية‪ ،‬ول إلى المساواة بينها وبينه في أصل النسانية‪ ،‬ول إلى المساواة‬
‫جا ُ‬
‫ل‬ ‫بينهما في الحقوق والواجبات‪ ،‬فماذا يخيف المتطيرين من قول العليم الخبير سبحانه‪):‬الّر َ‬
‫ساِء(؟!!!‪#‬انظر‪ :‬البهي الخولي – السلم وقضايا المرأة المعاصرة ص ‪#.77 -75‬‬ ‫عَلى الّن َ‬
‫ن َ‬‫َقّواُمو َ‬
‫رابًعا‪ :‬ينبغي أل يحمل السلم تبعة تعسف بعض الزواج في ممارسة حق القوامة على أسرهم‬
‫وزوجاتهم‪ ،‬فالسلم برئ من هذا التصرف‪ ،‬ويرى أنه ليس من حق الزوج أن يشتط فيما حمله ال‬
‫مسؤوليته‪ ،‬فالمانة ثقيلة‪ ،‬والحساب دقيق وعسير‪ ،‬كما يرى أنه ليس من حق المرأة أن تزاحم‬
‫الرجل فيما خصه ال به وتتمرد على وظيفتها الفطرية وخصائص أنوثتها‪ ،‬وتعارض مشيئة ال في‬
‫الخلق والتكوين والمر والتشريع‪ .‬روى المفسرون أن أم سلمة زوج النبي صلى ال عليه وسلم‬
‫ورضي ال عنها أنها قالت ومعها بعض النسوة‪ :‬ليت ال كتب علينا الجهاد كما كتبه على الرجال‪،‬‬
‫ض‬
‫عَلى َبْع ٍ‬ ‫ضُكْم َ‬‫ل ِبِه َبْع َ‬‫لا ُ‬
‫ضَ‬‫ل َتَتَمّنُوا َما َف ّ‬
‫فيكون لنا من الجر مثل ما لهم‪ ،‬فنزل قوله تعالى‪َ) :‬و َ‬
‫شيٍء‬ ‫ل َ‬‫ن ِبُك ّ‬‫ل َكا َ‬
‫نا َ‬‫ضِلِه ِإ ّ‬
‫ن َف ْ‬
‫ل ِم ْ‬
‫ن َواسَأُلوا ا َ‬ ‫سْب َ‬
‫ب ِمّما اكَت َ‬
‫صي ٌ‬
‫ساِء َن ِ‬
‫سُبوا َوللّن َ‬
‫ب ِمّما اْكَت َ‬ ‫صي ٌ‬
‫جالِ َن ِ‬
‫ِللّر َ‬
‫عِليًما(‪#‬سورة النساء‪ ،‬الية ‪##.32‬راجع تفسير ابن كثير جـ ‪/1‬ص ‪ ، #.488‬وصدق عز وجل‬ ‫َ‬
‫فهو بكل شيء عليم؛ علًما وجه المرأة من خلله إلى وظائفها الطبيعية اللئقة بها‪ ،‬ووجه الرجل‬
‫ضا إلى ما يناسبه في الخلق والتكوين وعمارة الكون والحياة‪#‬انظر‪ :‬د‪ .‬حسن أبو غدة – السرة‬ ‫أي ً‬
‫السعيدة في رحاب السلم‪ ،‬ص ‪#.39 – 38‬‬
‫@‪@372‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬في اشتراط الولي في النكاح‪:‬‬
‫قالوا‪ :‬إن اشتراط الولي للمرأة في النكاح فيه فرض وصاية عليها‪ ،‬وتقييد لحريتها ولبداء رأيها في‬
‫أخص شؤونها‪.‬‬
‫الرد عليها‪:‬‬
‫اشتراط الولي للمرأة في النكاح إنما هو دليل على عناية السلم بها وحرصه على مصلحتها وحفظ‬
‫كرامتها وحمايتها من التغرير بها في أمر النكاح وما يترتب عليه من أحكام وحقوق وواجبات‪.‬‬
‫واعتبار رضا المرأة المزوجة بكًرا كانت أم ثيًبا مبدأ مقرر في التشريع السلمي‪ ،‬ولذا ترجم المام‬
‫البخاري به لباب من أبواب النكاح في صحيحه‪#‬وهو باب ) ل ينكح الب وغيره البكر والثيب إل‬
‫برضاهما(‪ #.‬استنبطه بفقهه – رحمه ال – من الحاديث الصحيحة الواردة في هذه المسألة‪ ،‬منها‬
‫قوله صلى ال عليه وسلم‪" :‬ل تنكح اليم حتى تستأمر‪ ،‬ول تنكح البكر حتى تستأذن‪ ،‬قالوا‪ :‬يا رسول‬
‫ال وكيف إذنها؟ قال‪ :‬أن تسكت"‪#‬رواه البخاري في صحيحه في كتاب )النكاح(‪ ،‬الباب )‪،(41‬‬
‫والحديث رقم )‪ ،(5136‬ج ‪/9‬ص ‪ ،191‬ورواه مسلم في صحيحه في كتاب )النكاح(‪ ،‬باب‬
‫)استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت( ج ‪/9‬ص ‪ ،202‬ط دار الريان – القاهرة‪#.‬‬
‫ل للتمييز والختيار بكًرا‬ ‫وقد جعل السلم المر في هذا شورى بين الولي والمرأة ما دامت أه ً‬
‫كانت أم ثيًبا‪ ،‬وهذه المشورة تشريف وتكريم لها‪ ،‬وإشعار لها بألهيتها وحقها في إبداء رأيها في‬
‫ل عن أن في هذه المشورة إعزاًزا لجانبها‪ ،‬ورفًعا‬ ‫أخص المور تعلًقا بحياتها ومستقبلها‪ ،‬هذا فض ً‬
‫لشأنها في بيت الزوجية الذي ستنتقل إليه‪#‬انظر د‪ .‬محمد الحمدي أبو النور – منهج السنة في‬
‫الزواج‪ ،‬ص ‪ ،88-87‬ط الرابعة ‪ 1413‬هـ ‪ ،1992 -‬دار السلم – القاهرة‪#.‬‬
‫@‪@373‬‬
‫وكما لم يجعل السلم للمرأة أن تستقل بعقد زواجها‪ ،‬لم يجعل كذلك للولي لن يجبرها على الزواج‬
‫وكان للقاضي حق فسخه‪#‬انظر‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ ، #.88‬لما روي عن ابن عباس رضي ال‬
‫عنه أن جارية بكًرا أتت النبي صلى اله عليه وسلم فذكرت أن أباها زوجها وهي كارهة فخيرها‬
‫النبي صلى ال عليه وسلم‪#‬رواه المام أحمد في المسند الحديث رقم )‪ (2469‬جـ ‪/4‬ص ‪.275‬‬
‫ورواه ابن ماجه في سننه في كتاب )النكاح( الباب )‪ ،(12‬الحديث رقم )‪ ،(1875‬ص ‪ .326‬كما‬
‫رواه أبو داود في سننه في كتاب )النكاح(‪ ،‬باب )في البكر يزوجها أبوها ول يستأمرها(‪ ،‬الحديث‬
‫رقم )‪ (2096‬جـ ‪/2‬ص ‪ .232‬وقال محققوا مسند المام أحمد‪" :‬إسناده صحيح على شرط‬
‫البخاري"‪ ،‬كما صححه اللباني في تحقيق لسنن ابن ماجه في الموضع المذكور آنًفا في هذا‬
‫الهامش‪#.‬‬
‫والمتفحص لراء الفقهاء المختلفة في المسائل المتعلقة باشتراط الولي للمرأة في النكاح‪ ،‬يجد مدى‬
‫حرصهم –رحمهم ال – على تحقيق كل ما فيه خير للمرأة المزوجة‪ ،‬حيث‪:‬‬
‫طا عدة‪ ،‬وهي‪ :‬الذكورية‪ ،‬والبلوغ‪ ،‬والعقل‪ ،‬والسلم‪،‬‬ ‫اشترطوا للولي شرو ً‬ ‫‪-1‬‬
‫والحرية‪ ،‬والعدالة‪ ،‬والرشد‪ .‬وذلك لضمان قيامه بالولية على الوجه الصحيح‪ ،‬وحماية‬
‫المرأة من تعسفه في أمر الولية‪.‬‬
‫حرموا على الولياء مضارة من جعل ال لهم عليهن الولية من النساء وذلك‬ ‫‪-2‬‬
‫بعضلهن إذا أردن النكاح‪#‬راجع في هذا‪ :‬الم – للمام الشافعي‪ ،‬جـ ‪/5‬ص ‪ ،13‬ط دار‬
‫المعرفة للطباعة والنشر – بيروت‪ .‬وتفسير الطبري جـ ‪/2‬ص ‪ ، #.501-449‬لن ال‬
‫ن َأ ْ‬
‫ن‬ ‫ضُلوُه ّ‬
‫ن َفل َتْع ُ‬
‫جَلُه ّ‬
‫ن َأ َ‬
‫ساَء َفَبَلْغ َ‬
‫طّلْقُتُم الّن َ‬
‫تعالى ذكره نهى عن هذا العضل بقوله‪َ) :‬وِإَذا َ‬
‫ف(‪#‬سورة البقرة الية ‪#.232‬‬ ‫ضوا َبْيَنُهْم ِباْلَمْعُرو ِ‬
‫ن ِإَذا َتَرا َ‬
‫جُه ّ‬
‫ن َأْزَوا َ‬
‫حَ‬‫َيْنِك ْ‬
‫@‪@374‬‬
‫حصروا ولية الجبار في الب فقط – كما هو عند الحنابلة والمالكية ‪ ،-‬أو في‬ ‫‪-3‬‬
‫الب والجد من جهة الب – كما هو عند الحنفية والشافعية – وذلك لوفور الشفقة فيهما‬
‫على المرأة المزوجة وحرصهما على مصلحتها‪#‬راجع‪:‬كتاب الفقه على المذاهب الربعة –‬
‫لعبد الرحمن الجزيري‪ ،‬جـ ‪/4‬ص ‪ 28‬وما بعدها‪ ،‬ط عام ‪ 1969‬م‪ ،‬دار إحياء التراث‬
‫العربي – بيروت‪ #.‬وليس من حق غيرهما من الولياء إجبارها على الزواج بمن ل تريده‪.‬‬
‫جعل الحناف الولية على المرأة في النكاح ولية استحباب أو مشاركة أو اختيار‪،‬‬ ‫‪-4‬‬
‫فليس من حق الولي أن يجبرها على الزواج بمن ل ترغب فيه إذا كانت بالغة عاقلة بكًرا‬
‫كانت أم ثيًبا‪ ،‬ولكنهم أوجبوا عليها حّقا لوليائها‪ ،‬وهو أل تختار إل كفًئا كي ل يعيروا به‪،‬‬
‫فإن اختارت غير كفء كان لهم حينئذ حق طلب فسخ العقد‪ ،‬واستحبوا للولي أن يباشر عقد‬
‫ظا على كرامتها من البتذال‪.‬‬ ‫النكاح نيابة عنها‪ ،‬حتى ل تحضر إلى مجلس الرجال حفا ً‬
‫وأما ولية الحتم والجبار فل تكون إل في حالة صغر المرأة أو جنونها‪ ،‬وعللوا رأيهم هذا‬
‫بقولهم‪" :‬إن ولية الحتم واليجاب في حالة الصغر إنما تثبت بطريق النيابة عن الصغيرة‬
‫لعجزها عن التصرف على وجه النظر والمصلحة بنفسها‪ .‬وبالبلوغ والعقل زال العجز وثبتت‬
‫القدرة حقيقة‪ ،‬ولهذا صارت من أهل الخطاب في أحكام الشرع‪ ،...‬فتكون الولية عليها ولية‬
‫ندب واستحباب‪ ،‬ل ولية حتم وإيجاب"‪#‬الكاساني –بدائع الصنائع‪ ،‬جـ ‪/2‬ص ‪ ،505‬بتحقيق‪:‬‬
‫محمد عدنان درويش‪ ،‬ط الثانية ‪ 1419‬هـ‪ 1998 -‬م‪ ،‬دار إحياء التراث العربي – بيروت‪#.‬‬
‫جعل الشافعية من حق الب وكذا الجد تزويج البكر صغيرة كانت أو كبيرة بغير‬ ‫‪-5‬‬
‫رضاها لكمال شفقته عليها‪ ،‬ولكنهم اشترطوا أل يزوجها إل بكفء لها‪ ،‬وأل يكون بينهما‬
‫وبينه خصومة‪ ،‬وأكدوا على توفر العدالة فيه‪ ،‬كما استحبوا استئذان البكر الكبيرة تطييًبا‬
‫لخاطرها‪ .‬أما الثيب فل تزوج إل بإذنها بشرط أن تكون بالغة عاقلة‪ ،‬فإذا كانت صغيرة‬
‫فحكمها كحكم البكر‪.‬‬
‫صا منهم على مصلحة المرأة‪ ،‬وذلك لن البكر قد تغلب عليها عاطفتها‬ ‫وقطع الشافعية بذلك حر ً‬
‫في الختيار فتخطئ لعدم خبرتها بالرجال وعدم ممارستها للنكاح‪ ،‬وتقاس الثيب الصغيرة عليها‬
‫في ذلك‪#‬راجع في هذا‪ :‬المهذب – لبي إسحاق الشيرازي‪ ،‬جـ ‪/4‬ص ‪ 125‬وما بعدها‪ ،‬تحقيق‪:‬‬
‫د‪.‬محمد الزحيلي‪ ،‬ط الولى ‪ 1417‬هـ‪1996 -‬م‪ ،‬دار القلم – دمشق‪ .‬ومنهاج الطالبين –‬
‫للنووي‪ ،‬بشرح المحلي وحاشية القليوبي‪ ،‬جـ ‪/3‬ص ‪ ،223‬ط دار إحياء الكتب العربية –‬
‫القاهرة‪#.‬‬
‫وجعل المالكية من حق الب تزويج البكر صغيرة كانت أو كبيرة بغير رضاها‪،‬‬ ‫‪-6‬‬
‫ولكنهم اشترطوا أل يزوجها من ذي عاهة موجبة لخيارها‪ ،‬وعينوها بالجنون والبرص‬
‫والجزام والعنة‪#‬العنة‪ :‬العجز عن معاشرة النساء‪ #.‬والجب‪#‬الجب‪ :‬قطع الذكر‪#.‬‬
‫وإن ثيبت ثم تأيمت قبل البلوغ كان حكمها كحكم البكر لصغرها‪ ،‬وإن بلغت فليس لبيها‬
‫إجبارها‪#‬راجع‪ :‬حاشية الدسوقي على الشرح الكبير‪ ،‬جـ ‪/2‬ص ‪ ،223 – 222‬ط دار الفكر‬
‫للطباعة والنشر –بيروت‪#.‬‬
‫@‪@376‬‬
‫وجعل الحنابلة من حق الب تزويج ابنته الثيب إذا كانت مجنونة‪ ،‬وكذا الصغيرة‬ ‫‪-7‬‬
‫العاقلة إذا كان لها من العمر دون تسع سنين سواء كانت بكًرا أم ثيًبا‪ .‬أما إذا كانت ابنة تسع‬
‫فأكثر فللمام أحمد روايتان‪ ،‬إحداهما‪ :‬له إجبارها بكًرا كانت أم ثيًبا‪ ،‬والثانية‪ :‬ليس له ذلك‪.‬‬
‫وأما الثيب البالغة العاقلة فليس له إجبارها‪#‬راجع‪ :‬المقنع –لبن قدامة‪ ،‬جـ ‪/3‬ص ‪– 14‬‬
‫‪ ،16‬ط المؤسسة السعيدية – الرياض‪ .‬والروض المربع – للبهوتي‪ ،‬جـ ‪/3‬ص ‪ ،71-70‬ط‬
‫مكتبة الرياض الحديثة – الرياض‪.‬‬
‫ولقوال الفقهاء وجاهتها‪ ،‬فالمر تتشابك فيه الحقوق‪ ،‬حقوق المرأة وحقوق أوليائها‪ ،‬وقد اهتم‬
‫السلم بهذه الحقوق جميًعا‪ ،‬لكي تبنى السر بالروابط القوية والعرى الوثيقة التي ل تنفصم‪ ،‬فلم‬
‫يهمل حق الولي في الكفاءة‪ ،‬كما لم يهمل حق المرأة في اختيار الزوج ما دام كفًئا لها‬
‫ولذويها‪#‬انظر‪ :‬د‪ .‬السيد أحمد فرج – الزواج وأحكامه في مذهب أهل السنة‪ ،‬ص ‪ ،131‬ط الولى‬
‫‪ 1409‬هـ ‪ 1989 -‬م‪ ،‬دار الوفاء للطباعة والنشر – المنصورة‪#.‬‬
‫ونقول أخيًرا‪" :‬إن الولية على المرأة في النكاح يقصد منها إفادة المرأة بخبرة أوليائها وتجاربهم‬
‫وآرائهم التي يتوخون بها الصلح والكفأ لها‪ ،‬ثم إذا كان الزواج برأي الولي ومشورته كان ذلك‬
‫أدعى إلى مخاصمته دونها ومدافعته عن حقوقها‪ .‬كذلك فإن الولية دعم للشهادة على الزواج‪،‬‬
‫وارتفاع بمستواه عن أن يكون علقة سفاح أو زنا‪ ،‬وإحاطة له بهالة تتناسب مع كونه نواة البدء‬
‫ل عن أ‬ ‫تكوين أسرة سوف تؤدي دورها بعد قليل بوصفها عضًوا في الجسد الجتماعي الكبير‪ ،‬فض ً‬
‫فيها وقاية للمرأة من آثار الندفاع العاطفي الذي قد تنزلق في مهاويه لو تركنا أمره إليها"‪#‬د‪.‬محمد‬
‫الحمدي أبو النور – منهج السنة في الزواج‪ ،‬ص ‪#.136 – 135‬‬
‫@‪@377‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬في إباحة الطلق في السلم‪:‬‬
‫قولهم إن إباحة الطلق في التشريع السلمي فيه هدم للسرة‪ ،‬ويدل على أن السلم ل يلقي بالً‬
‫لستمرار الحياة الزوجية وبقائها‪.‬‬
‫الرد عليها‪:‬‬
‫هذه تهمة باطلة‪ ،‬فلقد حرص السلم كل الحرص على استمرار الحياة الزوجية إذا كان في ذلك‬
‫ظا أي عهًدا قوّيا يجب على الزوجين‬ ‫الخير والسعادة للزوجين‪ ،‬وجعل عقد الزواج ميثاًقا غلي ً‬
‫المحافظة عليه والوفاء بمقتضياته والتصدي لما يتعرض له من عقبات‪ ،‬واعتبر العلقة الزوجية‬
‫شركة حياة تقوم على المودة‪ ،‬وحث على الزواج لقامة بيت تغمره السكينة والمودة ويأنس فيه‬
‫الطرفان وينشأ في ظلل أمنه الطفال‪ ،‬وجعل لعقد الزواج العديد من الركان والشروط للحفاظ‬
‫عليه وضمان بقائه واستمراره‪ ،‬كما جعل للزوجين حقوًقا وألزمهما بأدائها‪ ،‬وجاءت النصوص‬
‫الشرعية حاثة على الحسان والتودد ومراقبة ال عز وجل ورجاء الخرة في تعامل الزوجين مع‬
‫بعضهما‪.‬‬
‫صا من السلم على بناء السرة بناءً سليًما وحمايتها من كل ما قد يؤدي إلى‬ ‫كل ذلك كان حر ً‬
‫تصدعها وانهيارها‪.‬‬
‫وسن السلم العديد من الحكام والداب التي ينبغي اللتزام بها للحيلولة دون افتراق الزوجين‪،‬‬
‫حيث‪:‬‬
‫حث السلم الزوج على إحسان عشرته لزوجته وعلى الصبر على ما يسوءه أو‬ ‫‪-1‬‬
‫ن ِباْلَمْعُرو ِ‬
‫ف‬ ‫شُروُه ّ‬ ‫عا ِ‬ ‫يكرهه منها فلعل في ذلك خير كثير يجده في المستقبل‪ ،‬قال تعالى‪َ) :‬و َ‬
‫ن‬
‫سى َأ ْ‬ ‫ن َفَع َ‬
‫ن َكِرْهُتُموُه ّ‬ ‫َفِإ ْ‬
‫@‪@378‬‬
‫خْيًرا َكِثيًرا(‪#‬سورة النساء الية‪ .#.19 :‬وقال صلى ال عليه‬ ‫ل ِفيِه َ‬ ‫لا ُ‬ ‫جَع َ‬‫شْيًئا َوَي ْ‬
‫َتْكَرُهوا َ‬
‫وسلم‪" :‬ل يفرك مؤمن مؤمنة إذا كره منها خلًقا رضي منها آخر"‪#‬رواه مسلم في صحيحه في‬
‫كتاب )الرضاع(‪ ،‬باب )الوصية بالنساء(‪ ،‬جـ ‪/10‬ص ‪ ، #.58‬وجعل الطلق أبغض الحلل‬
‫إلى ال‪.‬‬
‫حث الزوج على إصلح الحياة عندما يحصل نشوز أو إعراض من الزوجة‪،‬‬ ‫‪-2‬‬
‫وذلك‪:‬‬
‫ل‪ :‬بوعظ الزوجة ونصحها لتعديل سلوكها‪.‬‬ ‫أو ً‬
‫ثانًيا‪ :‬ثم بهجرها في المضجع‪.‬‬
‫ثالًثا‪ :‬ثم بضربها ضرًبا خفيًفا لزجرها إذا لم تفد معها الوسيلتان السابقتان‪ .‬يقول عز وجل‪:‬‬
‫ن َأطَْعَنُكْم َفل‬
‫ن َفِإ ْ‬‫جعِ َواضِرُبوُه ّ‬ ‫ضا ِ‬
‫ن ِفي اْلَم َ‬ ‫جُروُه ّ‬ ‫ن َواه ُ‬ ‫ظوُه ّ‬ ‫ن َفِع ُ‬‫شوَزُه ّ‬ ‫ن ُن ُ‬‫خاُفو َ‬
‫)َواّللِتي َت َ‬
‫عِلّيا َكِبيًرا(‪#‬سورة النساء الية ‪#.34 :‬‬ ‫ن َ‬ ‫ل َكا َ‬‫نا َ‬ ‫ل ِإ ّ‬
‫سِبي ً‬‫ن َ‬‫عَلْيِه ّ‬
‫َتْبُغوا َ‬
‫دعا إلى التحكيم بين الطرفين إذا احتدم النزاع بينهما‪ ،‬وذلك بأن يختار حكًما عد ً‬
‫ل‬ ‫‪-3‬‬
‫شَقاقَ َبْيِنِهَما‬
‫خْفُتْم ِ‬
‫ن ِ‬ ‫من أهل الزوج وحكًما من أهل الزوجة للصلح بينهما‪ ،‬قال تعالى‪َ) :‬وِإ ْ‬
‫عِليًما‬ ‫ن َ‬‫ل َكا َ‬ ‫نا َ‬ ‫ل َبْيَنُهَما ِإ ّ‬
‫حا ُيّوّفقِ ا ُ‬‫صل ً‬ ‫ن ُيِرْيَدا ِإ ْ‬
‫ن َأْهِلَها ِإ ْ‬
‫حَكًما ِم ْ‬‫ن َأْهِلِه َو َ‬
‫حَكًما ِم ْ‬ ‫َفابَعُثوا َ‬
‫خِبيًرا(‪#‬سورة النساء الية‪. #.35 :‬‬ ‫َ‬
‫@‪@379‬‬
‫إيقاع الطلق من قبل الزوج طلقة واحدة في طهر لم يجامع زوجته فيه‪ ،‬مع حث‬ ‫‪-4‬‬
‫الزوجة المطلقة على لزوم بيت الزوجية مدة العدة وإيجاب النفقة عليها وتسهيل الرجعة‬
‫ل في إصلح الحال ومحاسبة‬ ‫بينهما بدون عقد ول مهر ما دامت الزوجة في العدة‪ ،‬أم ً‬
‫ك َأْمًرا(‪#‬سورة‬ ‫ث َبْعَد َذِل َ‬‫حِد ُ‬
‫ل ُي ْ‬‫لا َ‬ ‫ل َتْدِري َلَع ّ‬‫النفس وضبط المشاعر‪ ،‬وكما قال تعالى‪َ ):‬‬
‫الطلق الية‪#.1 :‬‬
‫صا من الشارع الحكيم على أن يصل الزوجان ما‬ ‫جعل الطلق ثلًثا بالتدريج حر ً‬ ‫‪-5‬‬
‫انقطع من حياتهما بعد إيقاع الطلقة الولى والثانية‪ ،‬فإذا تعذر الصلح بعد الطلقة الثانية‪،‬‬
‫فتفرق الثالثة بينهما ليستريحا وليستأنف كل منهما حياة أمثل وأحسن كما قال تعالى‪َ) :‬وِإ ْ‬
‫ن‬
‫حِكيًما(‪#‬سورة النساء الية‪#.130 :‬‬ ‫سًعا َ‬
‫ل َوا ِ‬
‫نا ُ‬
‫سَعِتِه َوَكا َ‬
‫ن َ‬‫ل ِم ْ‬
‫ل ُك ّ‬
‫نا ُ‬‫َيَتَفّرَقا ُيْغ ِ‬
‫فالطلق إًذا مقصود به في الدرجة الولى مصلحة الطرفين ل هدم السرة‪ ،‬لن هدمها الحقيقي‬
‫هو في بقائها على هذا النزاع والشقاق‪ ،‬إذ ل فائدة من علقة زوجية تقوم على الشحناء‬
‫والبغضاء ويتعذر فيها الوفاق بغير الفراق وتكون مجلبة دائًما لسوء الخلق‪ ،‬فهذا مناخ ل‬
‫يصلح موطًنا لحياة صالحة ول محصًنا لتربية طيبة‪.‬‬
‫إذن يتبين مما سبق أن السلم لم يشرع الطلق إل بعد استنفاد كل الطرق والوسائل التي يمكن‬
‫من خللها إصلح ذات البين بين الزوجين والتوفيق بينهما‪.‬‬
‫@‪@380‬‬
‫ومنع إطلق نهائّيا إبقاء للسرة – وهو ما ينادي به مثيرو هذه الشبهة – يفضي إلى مفاسد‬
‫عديدة‪ ،‬منها ما يلي‪:‬‬
‫نبذ كل واحد من الزوجين للخر وإهماله‪ ،‬وهذا يؤدي إلى تعميق الحقاد والضغائن‬ ‫‪-1‬‬
‫في النفوس‪ ،‬وتفاقم المشكلت وتأزمها بينهما‪.‬‬
‫إفساد تربية الولد‪ ،‬حيث سينشأون في جو مظلم كئيب تسوده الشحناء ويعمه‬ ‫‪-2‬‬
‫الخلف والنزاع الدائم‪.‬‬
‫انتشار الباحية في المجتمع المسلم‪ ،‬ذلك أنه إذا كان كل من الزوجين ل يطيق‬ ‫‪-3‬‬
‫الخر‪ ،‬ول خلص لهما من هذا العيش النكد‪ ،‬فإنه – قطًعا – لن يتحقق الستمتاع الجنسي‬
‫ضا توفير السكن والستقرار النفسي والعاطفي‪ ،‬وهما من‬ ‫المشروع بينهما‪ ،‬ولن يتحقق أي ً‬
‫مقاصد السلم الساسية من الدعوة إلى الزواج وتكوين السرة‪ .‬والنتيجة الطبيعية الغالبة‬
‫– حينئذ – أنه سيلجأ كل منهما إلى تحقيق ذلك عن طريق المخادنة‪#‬وذلك بالنسبة للزوج‬
‫إذا لم يكن له زوجة ثانية يحقق معها ما يريد‪ ، #.‬مما يفتح باب الفساد والرذيلة على‬
‫مصراعيه‪.‬‬
‫إن منع الطلق من صاحبه بأية وسيلة ولو كانت القتل‪ ،‬كما هو واقع كثير من‬ ‫‪-4‬‬
‫المجتمعات الغربية التي تحرم الطلق بين الزوجين‪.‬‬
‫@‪@381‬‬

‫المبحث الرابع‪ :‬في جعل أمر الطلق بيد الرجل ل بيد المرأة‪:‬‬
‫قولهم أن جعل الطلق بيد الرجل – ل بيد المرأة – يوقعه متى شاء‪ ،‬فيه إضرار بالمرأة وظلم لها‬
‫وامتهان لكرامتها‪.‬‬
‫الرد عليها‪:‬‬
‫نرد على هذه الشبهة بما يلي‪:‬‬
‫أوًل‪ :‬إن ال عز وجل جعل الطلق حق خاص بالزوج وحده ل يشاركه فيه غيره‪ ،‬فقال سبحانه –‬
‫ضوا َلُه ّ‬
‫ن‬ ‫ن َأْو َتْفِر ُ‬‫سوُه ّ‬ ‫ساءَ َما َلْم َتَم ّ‬
‫طّلْقُتُم الّن َ‬
‫ن َ‬‫عَلْيُكْم ِإ ْ‬
‫ح َ‬
‫جَنا َ‬
‫ل ُ‬
‫مضيًفا الطلق إلى الزواج ‪َ ) :-‬‬
‫صوا اْلِعّدة‬‫ح ُ‬ ‫ن َوَأ ْ‬
‫ن ِلِعّدِتِه ّ‬
‫ساَء َفطَّلُقوُه ّ‬ ‫طّلْقُتُم الّن َ‬
‫ضًة(‪#‬سورة البقرة الية ‪ ، #.236‬وقال‪ِ) :‬إَذا َ‬ ‫َفِري َ‬
‫َ(‪#‬سورة الطلق‪ ،‬الية ‪#.1‬‬
‫وقال صلى ال عليه وسلم‪" :‬إنما الطلق لمن أخذ بالساق"‪#‬أخرجه ابن ماجه في سننه في كتاب‬
‫)النكاح(‪ ،‬الباب )‪ ، (31‬الحديث رقم )‪ ،(2081‬ص ‪ .360‬وحسنه اللباني في إرواء الغليل برقم )‬
‫‪ ،(2041‬جـ ‪/7‬ص ‪ 108‬ط الولى ‪ 1399‬هـ ‪1979 -‬م‪ ،‬المكتب السلمي – بيروت‪ . #.‬فهذا‬
‫حكم ال عز وجل الحكيم العليم بما يصلح لعباده ويصلحهم في العاجل والجل‪ ،‬وهو – بل شك –‬
‫ل َتّتِبُعوا‬‫ن َرّبُكْم َو َ‬‫ل ِإَلْيُكْم ِم ْ‬
‫حق واجب التباع وإن لم تعرف السباب‪ ،‬يقول سبحانه‪َ) :‬واّتِبُعوا َما ُأْنِز َ‬
‫ن(‪#‬سورة العراف الية ‪ ، #3‬فقد أمر سبحانه هنا باتباع ما أنزل‬ ‫ل َما َتَذّكُرو َ‬
‫ن ُدوِنِه َأْوِلَياَء َقِلي ً‬
‫ِم ْ‬
‫منه خاصة‪ ،‬ونهى عن اتباع ما يخالفه‪ ،‬وبين أن من اتبع‬
‫@‪@382‬‬
‫غير ما أنزل من عند ال فقد اتبع أولياء من دونه‪ .‬بالضافة إلى أن ال عز وجل لم يجعل لمؤمن‬
‫ول مؤمنة أن يختار لنفسه أو يرضى لها غير ما اختاره ال ورسوله‪ ،‬ومن اختار لها غير ذلك فقد‬
‫سوُلُه َأْمًرا َأ ْ‬
‫ن‬ ‫ل َوَر ُ‬
‫ضى ا ُ‬
‫ل ُمؤِْمَنٍة ِإَذا َق َ‬
‫ن َو َ‬‫ن ِلُمْؤِم ٍ‬
‫ل مبيًنا‪ ،‬ح‪-‬حيث يقول سبحانه‪َ) :‬وَما َكا َ‬ ‫ضل ضل ً‬
‫ل ُمِبيًنا(‪#‬سورة الحزاب‪ ،‬الية‬ ‫ضل ً‬ ‫ل َ‬ ‫ضّ‬‫سوَلُه َفَقْد َ‬ ‫ل َوَر ُ‬
‫صا َ‬
‫ن َيْع ِ‬
‫ن َأْمِرِهْم َوَم ْ‬
‫خَيَرُة ِم ْ‬
‫ن لَُهُم اْل ِ‬
‫َيُكو َ‬
‫‪#.36‬‬
‫ل من‪ :‬د‪.‬‬ ‫ثانًيا‪ :‬جعل أمر الطلق بيد الرجل ل بيد المرأة له حكم عديدة في دين ال‪ ،‬منها‪#‬انظر ك ّ‬
‫عبد الستار فتح ال سعيد – المعاملت في السلم‪ ،‬ص ‪ ،90‬الكتاب العشرون في سلسلة دعوة‬
‫الحق الصادرة عن رابطة العالم السلمي عام ‪ 1402‬هـ‪ .‬ووهبي اللباني – المرأة المسلمة‪ ،‬ص‬
‫‪ ،71‬ط الثانية ‪ 1398‬هـ ‪ 1978 -‬م‪ ،‬مؤسسة الرسالة بيروت – لبنان‪ .‬ود‪ .‬كوثر كامل علي –‬
‫سمو التشريع السلمي في معالجة النشوز والشقاق بين الزوجين‪ ،‬ص ‪ ،176 – 175‬ط عام‬
‫‪1984‬م‪ ،‬دار العتصام – القاهرة‪#.‬‬
‫‪ -1‬أن السلم يقدر خطورة فصم رابطة الزوجية‪ ،‬وما يترتب عليه من آثار سيئة في حياة السرة‬
‫والمجتمع‪ ،‬ولذا وضعه في يد من يقدر العواقب حق قدرها‪ ،‬ذلك أن الرجل له القوامة والمسؤولية‬
‫ل وأبصر بالعواقب من المرأة التي‬ ‫الكبرى في السرة‪ ،‬وهو – في الغالب – أقوى إرادة وأكثر تعق ً‬
‫عرف عنها – بوجه عام – شدة الندفاع وراء عواطفها وسرعة التأثر وتقلب المشاعر‪ ،‬وإن كان‬
‫يوجد كثير من النساء يملكن أنفسهن عند الغضب أكثر من الرجال‪ ،‬كما يوجد من الرجال من هو‬
‫ل من بعض النساء‪ ،‬ولكن‬ ‫أشد تأثًرا وأسرع انفعا ً‬
‫@‪@383‬‬
‫تشريع الحكام إنما يبنى على العم الغلب‪ ،‬فلو وضع الطلق بيد الزوجة ابتداًء لقدمت على‬
‫إيقاعه عند أي مشكلة أو عقبة تواجهها مع زوجها‪.‬‬
‫‪ -2‬أن الرجل هو الذي سعى إلى الزواج وأتم الخطبة وبذل المهر وعقد النكاح وأنفق على وليمة‬
‫العرس وعلى الزوجة‪ ،‬وهو قطًعا لم يفعل كل ذلك إل لكي يستقر على عقده ويستمر فيه‪ ،‬ومن ثم‬
‫فهو أحرص الطرفين في – الغلب – على بقاء النكاح‪.‬‬
‫أنه هو الذي ينفق على الزوجة المطلقة أثناء عدتها‪ ،‬وقد تطول العدة إلى تسعة‬ ‫‪-3‬‬
‫ل‪ ،‬حيث ل تنتهي عدتها إل بوضع الحمل‪.‬‬ ‫أشهر إذا كانت حام ً‬
‫أنه هو الذي ينفق على أولده في مدة حضانة الزوجة لهم‪ ،‬فهو ينفق على إرضاع‬ ‫‪-4‬‬
‫عا وخدمة‪ ،‬وينفق على سائر أولده في مدة حضانة أمهم لهم‪ ،‬وهي مدة تمتد‬ ‫الصغير رضا ً‬
‫إلى سبع سنين أو أكثر‪.‬‬
‫فإن أقدم الزوج على الطلق عن تفكير وروية علمنا أنه لم يقبل التضحية بهذا كله إل لن متاعبه‬
‫في الزواج كانت أعمق وأشق‪.‬‬
‫ثالًثا‪ :‬إن الشريعة السلمية اتخذت إجراءات عملية عديدة لمنع إساءة استعمال حق الطلق من قبل‬
‫الزوج واستبداده في أمره‪ ،‬حيث‪:‬‬
‫منعت إيقاع الطلق من غير سبب‪ ،‬وإن وجد سبب يقتضيه فهو حلل‪ ،‬ولكنه‬ ‫‪-1‬‬
‫أبغض الحلل إلى ال عز وجل‪.‬‬
‫ورثت الزوجة المطلقة من مطلقها إذا طلقها في مرض موته بقصد حرمانها من‬ ‫‪-2‬‬
‫الرث‪ ،‬وذلك معاملة له بنقيض قصده‪#‬راجع‪ :‬المبسوط –السرخسي‪ ،‬جـ ‪/6‬ص ‪ ،155‬ط‬
‫الثانية‪ ،‬دار المعرفة – بيروت‪#.‬‬

‫@‪@384‬‬
‫جعلت من حق الزوجة طلب الطلق في حالت عدة‪ ،‬منها‪ :‬إضرار الزوج بها‬ ‫‪-3‬‬
‫وإساءته معاشرتها‪ ،‬وإيلؤه منها مدة تزيد عن أربعة أشهر‪ ،‬وإعساره وعدم قدرته على‬
‫النفاق عليها‪ ،‬وسجنه‪ ،‬وغيبته الطويلة عنها‪ .‬وأوجبت على القاضي أن يجيب الزوجة التي‬
‫طلبها ويقضي لها بالطلق‪#‬انظر‪ :‬د‪.‬كوثر كامل علي – سمو التشريع السلمي‪ ،‬ص‬
‫‪ .176‬وراجع‪ :‬حاشية الدسوقي على الشرح الكبير‪ ،‬جـ ‪/1‬ص ‪ ،345‬ط دار الفكر بيروت‪.‬‬
‫وشرح الزركشي على مختصر الخرقي‪ ،‬جـ ‪/5‬ص ‪ ،473 – 471‬تحقيق‪ :‬الشيخ عبد ال‬
‫الجبرين‪ ،‬ط الولى ‪1410‬هـ‪#.‬‬
‫كما جعلت من حقها مخالعة زوجها إذا لم تطق العيش معه – لكبره أو لضعفه أو‬ ‫‪-4‬‬
‫لعيب في خلقه أو نحو ذلك – بعوض تفتدي به نفسها منه‪#‬راجع‪ :‬المدونة الكبرى – للمام‬
‫مالك بن أنس‪ ،‬جـ ‪/2‬ص ‪ 335‬وما بعدها ط مؤسسة الحلبي – القاهرة‪ .‬والمغني – لبن‬
‫قدامة‪ ،‬جـ ‪/ -10‬ص ‪#.268 – 267‬‬
‫أجازت لها – عند الحنفية والحنابلة – أن تملك حق الطلق إذا اشترطت في عقد‬ ‫‪-5‬‬
‫الزواج أن تكون العصمة بيدها وقبل الزوج بذلك‪ #‬انظر‪ :‬د‪.‬كوثر كامل علي – سمو‬
‫التشريع السلمي‪ ،‬ص ‪ .177‬وراجع‪ :‬حاشية ابن عابدين‪ ،‬جـ ‪/4‬ص ‪ ،431‬تحقيق ‪:‬‬
‫محمد حلق وعامر حسين‪ ،‬ط الولى ‪1419‬هـ ‪1998 -‬م دار إحياء التراث العربي –‬
‫بيروت‪ .‬ومجموع الفتاوى –لبن تيمية جـ ‪/32‬ص ‪ ،170 – 169‬ط الرئاسة العامة‬
‫لشؤون الحرمين‪#.‬‬
‫طا خاصة‪،‬‬ ‫أجازت لها –عند الحنابلة – أن تشترط على زوجها في عقد النكاح شرو ً‬ ‫‪-6‬‬
‫كأن ل يتزوج عليها ول ينقلها إلى بلد آخر أو ل يمنعها من وظيفتها خارج منزلها ونحو‬
‫ذلك من الشروط‪ ،‬على أن يكون لها حق فسخ العقد إذا لم يف بهذه الشروط‪ ،‬ول يسقط حقها‬
‫في الفسخ إل إذا أسقطته أو رضيت بمخالفة الشرط‪#‬انظر‪ :‬د‪.‬كوثر كامل علي –سمو‬
‫التشريع السلمي‪ ،‬ص ‪ .177‬وراجع‪ :‬المقنع –لبن قدامة‪ ،‬جـ ‪/3‬ص ‪ .45-44‬ومجموع‬
‫الفتاوى – لبن تيمية‪ ،‬جـ ‪/29‬ص ‪ .135‬والقناع – للحجازي‪،‬‬
‫@‪@285‬‬
‫جـ ‪/3‬ص ‪ ،349‬تحقيق د‪.‬عبد ال التركي‪ ،‬ط الولى ‪ 1418‬هـ ‪1997 -‬م‪ ،‬دار هجر –‬
‫القاهرة‪ .‬وشرح منتهى الرادات – للبهوتي‪ ،‬جـ ‪/5‬ص ‪ ،181-180‬تحقيق د‪ .‬عبد ال التركي‪،‬‬
‫ط الولى ‪ 1421‬هـ ‪2000 -‬م‪ ،‬مؤسسة الرسالة – بيروت‪#.‬‬
‫حرمت على الزوج أن يضار زوجته في الطلق‪ ،‬وذلك بأن يطلقها طلقة واحدة‪،‬‬ ‫‪-7‬‬
‫فإذا قاربت العدة نهايتها راجعها‪ ،‬ثم يطلقها طلقة ثانية‪ ،‬ثم يطلقها طلقة ثالثة ويفعل فيهما ما‬
‫ل من ثلثة‪ ،‬وهذا من شأنه تعليق الزوجة وتفويت‬ ‫فعله في الولى‪ ،‬فتعتد تسعة قروء بد ً‬
‫ضاّروُه ّ‬
‫ن‬ ‫ل ُت َ‬‫الفرصة عليها من القتران بزوج آخر غيره‪ ،‬وفي هذا يقول عز وجل‪َ) :‬و َ‬
‫ن(‪#‬سورة الطلق‪ ،‬جزء من الية ‪##.6‬راجع‪ :‬الجامع لحكام القرآن –‬ ‫عَلْيِه ّ‬
‫ضّيُقوا َ‬
‫ِلُت َ‬
‫للقرطبي‪ ،‬جـ ‪/18‬ص ‪ ،111‬ط الخامسة ‪1417‬هـ ‪1996 -‬م‪ ،‬دار الكتب العلمية –‬
‫بيروت‪#.‬‬
‫كما حرمت على الزواج أن يضيق على زوجته من أجل أن تفتدي نفسها منه‬ ‫‪-8‬‬
‫ن(‪#‬سورة النساء‬ ‫ض َما آَتْيُتُموُه ّ‬
‫ن ِلَتْذَهُبوا ِبَبْع َ‬
‫ضُلوُه ّ‬
‫ل َتْع ُ‬
‫بمالها‪ ،‬وفي هذا يقول عز وجل‪َ) :‬و َ‬
‫الية ‪##.19‬راجع‪ :‬تفسير القرآن العظيم – لبن كثير‪ ،‬جـ ‪/1‬ص ‪#.465‬‬
‫وبهذا يتبين بطلن هذه الشبهة‪ ،‬فالشريعة السلمية لم تهمل جانب المرأة في قضية الطلق‪ ،‬بل أتت‬
‫فيها بكل الخير للمرأة وأنصفتها ودرأت عنها كل ما يؤدي إلى الضرار بها أو ظلمها وامتهان‬
‫كرامتها‪.‬‬
‫وإن وقع عليها شيء من هذا من قبل بعض الزواج‪ ،‬فإن تبعة هذا التعدي إنما تقع على من قام به‪،‬‬
‫ل على السلم الذي يحرمه ويرتب عليه العقوبة في الدنيا والخرة‪.‬‬
‫@‪@386‬‬
‫المبحث الخامس‪ :‬في اعتبار شهادة المرأة على النصف من شهادة الرجل‪:‬‬
‫قولهم إن السلم أهان المرأة وانتقص من قدرها حينما جعل شهادتها على النصف من شهادة‬
‫الرجل‪.‬‬
‫الرد عليها‪:‬‬
‫السلم لم يهن المرأة قط‪ ،‬ولم ينتقص من قدرها في أي حكم من أحكامها التي شرعها بشأنها‪ ،‬بل‬
‫إنه منحها مكانة عالة ومنزلة رفيعة‪ ،‬واحترم شخصيتها‪ ،‬وصانها من البتذال والذلل‪ ،‬وساواها‬
‫بالرجل في النسانية والكرامة وأصل الخلقة‪ ،‬وفي التكليف والمسؤولية‪ ،‬وفي الحقوق والواجبات‪،‬‬
‫وفي الحرية التامة في اختيار شريك الحياة‪#‬ولكن هذه الحرية مشروطة بأل يكون هذا الختيار‬
‫عا‪ ، #.‬وفي التصرف بالموال‬ ‫يسيء إلى سمعتها و سمعته أو مكانة أسرتها فيما هو معتبر شر ً‬
‫الخاصة وإبرام العقود‪ ،‬وفي إتاحة الفرصة للتعلم والتعليم وما إلى ذلك‪...‬إل أنه نظًرا لما بين الرجل‬
‫والمرأة من فروق فطرية ونفسية وجسمية‪ ،‬فقد جاءت بعض الحكام الشرعية موائمة ومتناسبة مع‬
‫طبيعة كل منهما ووظيفته الساسية التي كلف بها في هذه الحياة‪.‬‬
‫ومن تلك الحكام جعل نصاب الشهادة التي تثبت الحقوق لصحابها في العقود المالية وغيرها شهادة‬
‫رجلين عدلين أو رجل وامرأتين‪ ،‬قال تعالى‪):‬واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين‬
‫فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الخرى(‪#‬سورة البقرة‪،‬‬
‫الية‪ ، #.283 :‬والحكمة في ذلك ظاهرة أن وظيفة المرأة‬
‫@‪@387‬‬
‫والساسية هي القرار في بيتها والقيام على تربية أولدها وإعداد البيت السعيد للزوج المجتهد كي‬
‫يجد فيه أنسه وراحته بين زوجته وأولده‪ ،‬وذلك يقتضي منها ابتعادها عن الرجل وعدم مخالطتهم‬
‫في أمورهم وأمور حضور العقود المالية المبرمة بينهم غالًبا‪ ،‬وإذا حضرت شيًئا من ذلك فإن قلة‬
‫ممارستها لهذا الميدان قد يفقدها الستيعاب الكامل لكل جوانبه‪ ،‬بالتالي قد تنقص شيًئا من الحق فيما‬
‫تشهد به‪ ،‬هذا بالضافة إلى ما قد يعتريها من ضعف ونسيان وتأثر وانفعال بسبب الحمل والولدة‬
‫والرضاعة وآلم الدورة الشهرية‪ ،‬فكان ل بد في الشرع من إضافة شهادة امرأة مثلها إليها‬
‫خَرى( والحقوق‬ ‫لْ‬‫حَداُهَما ا ُ‬
‫حَداُهَما َفُتَذّكَر ِإ ْ‬
‫ل ِإ ْ‬
‫ضّ‬‫ن َت ِ‬
‫لستدراك ذلك النقص وإزالة الشك قال تعالى‪َ) :‬أ ْ‬
‫ل بد فيها من التثبت والتحقق ول يكفي فيها مجرد الظن‪ ،‬ول شك أن للممارسة والمخالطة أثًرا‬
‫حا في التثبت من المر والتحقق منه‪.‬‬
‫واض ً‬
‫هذا فيما يخص أمور الرجال‪ ،‬أما ما يتعلق بأمور النساء فشهادة المرأة فيه مقبولة‪ ،‬بل شهادتها‬
‫وحدها كافية في حين ل تقبل فيه شهادة الرجل وحده‪ ،‬وذلك مثل‪ :‬إثبات الرضاع‪ ،‬والولدة للحامل‪،‬‬
‫وانتهاء العدة بالحيض‪ ،‬والبكارة وعيوب النساء‪ ،‬وكل ما ل يطلع عليه الرجال تكفي فيه شهادة امرأة‬
‫واحدة‪ ،‬ودليل ذلك ما رواه البخاري في صحيحه أن عقبة بن الحارث لما تزوج جاءته امرأة سوداء‬
‫فأخبرته أنها قد أرضعته وأرضعت زوجته‪ ،‬ففرق النبي صلى ال عليه وسلم بينهما لما علم‬
‫بذلك‪#‬راجع نص الحديث في صحيح البخاري في كتاب )الشهادات(‪ ،‬الباب)‪ ،(13‬الحديث رقم )‬
‫‪ ،(2659‬جـ ‪/5‬ص ‪ ،267‬وفي كتاب )النكاح(‪ ،‬الباب )‪ ،(23‬الحديث رقم )‪> ،(5104‬ـ ‪/9‬ص‬
‫‪#.152‬‬

‫@‪@388‬‬
‫المبحث السادس‪ :‬في إعطاء المرأة من الميراث نصف نصيب الرجل‪:‬‬
‫قولهم إن السلم ظلم المرأة وبخسها حينما أعطاها من الرث نصف ما أعطى الرجل‪.‬‬
‫الرد عليها‪:‬‬
‫العدل سمة السلم وغايته‪ ،‬بل ه الغاية من إرسال ال عز وجل الرسل وإنزال الكتب‪ ،‬كما قال‬
‫تعالى‪) :‬لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط(‪#‬سورة الحديد‪،‬‬
‫الية‪ . #.25:‬وال قد نزه نفسه عن الظلم‪ ،‬فقال سبحانه‪) :‬وما أنا بظلم للعبيد(‪#‬سورة ق‪ ،‬الية‪:‬‬
‫‪ ، #.29‬وحرمه على نفسه وعلى عباده فقال في الحديث القدسي‪" :‬يا عبادي إني حرمت الظلم على‬
‫نفسي وجعلته بينكم محرًما فل تظالموا"‪#‬رواه المام مسلم في صحيحه في كتاب )البر والصلة‬
‫والداب(‪ ،‬باب )تحريم الظلم(‪ ،‬جـ ‪/16‬ص ‪ .#.134 -133‬وجاء المر بالعدل في آيات عديدة في‬
‫كتاب ال‪ ،‬ومنها‪ :‬قوله تعالى‪) :‬إن ال يأمر بالعدل والحسان وإيتاء ذي القربى(‪#‬سورة النحل‪،‬‬
‫الية‪ ، #.90:‬وقوله‪) :‬يأيها الذين آمنوا كونوا قوامين ل شهداء بالقسط(‪#‬سورة النساء‪ ،‬الية‪:‬‬
‫‪#.135‬‬
‫وأحكام السلم وشرائعه كلها – بل شك – عدل وإنصاف‪ ،‬لنها من عند ال عز وجل‪.‬‬
‫@‪@389‬‬
‫وقد ذكرنا في الرد على الشبهة السابقة أنه نظًرا لما بين الرجل والمرأة من فروق فطرية ونفسية‬
‫وجسمية‪ ،‬فقد جاءت بعض الحكام الشرعية موائمة ومتناسبة مع طبيعة كل منهما ووظيفته‬
‫الساسية التي كلف بها في هذه الحياة‪.‬‬
‫ومن تلك الحكام الشرعية جعل نصيب النثى نصف نصيب الذكر في الرث‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫)يوصيكم ال في أولدكم للذكر مثل حظ النثيين(‪#‬سورة النساء‪ ،‬الية‪ ، #.11 :‬والحكمة في ذلك‬
‫ما أشار إليه سبحانه في قوله تعالى‪) :‬الرجال قوامون على النساء بما فضل ال بعضهم على بعض‬
‫وبما أنفقوا من أموالهم(‪#‬سورة النساء‪ ،‬الية‪ ، #.34 :‬فالرجل مكلف بأعباء وواجبات مالية ل تلزم‬
‫بمثلها المرأة‪ ،‬فهو مكلف بدفع المهر وتهيئة بيت الزوجية ومكلف بالنفاق على نفسه وعلى زوجته‬
‫وأولده وكذلك على من تلزمه إعالتهم كالم والب والخوات الصغار وتأمين احتياجاتهم والمسكن‬
‫عا حتى ولو كانت غنية‪ ،‬فقد طرح‬ ‫المناسب لهم‪ ،‬في حين أن المرأة ل تكلف بشيء من ذلك شر ً‬
‫عنها السلم تلك العباء وألقاها على عاتق الرجل ثم أعطاها نصف ما يأخذ وفرض لها المهر‬
‫والنفقة زوجة‪ ،‬كما فرض لها النفقة أّما وبنًتا وكذا أخًتا إذا لم يكن لها من يعولها من أب أو زوج‪.‬‬
‫ومن هنا يتبين أن من العدالة والنصاف أن يكون نصيبها من الرث نصف نصيب الرجل‪ ،‬مع أن‬
‫النثى تأخذ أحياًنا من الميراث مثل ما يأخذ الرجل كما في الخوات لم فإن الواحدة منهن إذا‬
‫انفردت تأخذ سدس‬
‫@‪@390‬‬
‫التركة كما يأخذ الخ كذلك إذا انفرد‪ ،‬وإذا كانوا ذكوًرا أو إناًثا اثنين فاكثر فإنهم يشتركون جميًعا‬
‫في الثلث للذكر مثل حظ النثى تماًما‪ ،‬قال تعالى‪) :‬وإن كان رجل يورث كللة أو امرأة وله أخ أو‬
‫أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث(‪ #‬سورة النساء الية‪:‬‬
‫‪ ، #.12‬وكما في الم مع الب إذا مات ولدهما فإن ترك الولد أولًدا ذكوًرا وإناًثا ولو واحًدا فللب‬
‫السدس وللم كذلك‪ ،‬قال تعالى‪) :‬ولبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد(‪#‬سورة‬
‫النساء الية‪#.11 :‬‬

‫@‪@391‬‬
‫المبحث السابع‪ :‬في ادعاء منع السلم تعدد الزوجات‪:‬‬
‫قولهم منع الزوجات‪ ،‬لن السلم – في نظرهم – ل يبيحه‪ ،‬بحجة أنه ل يجوز إل عند العدل بين‬
‫الزوجات لقوله تعالى‪) :‬فإن خفتم أل تعدلوا فواحدة(‪ ،‬وهذا العدل غير مستطاع لقوله تعالى‪):‬ولن‬
‫تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم(‪#‬سورة النساء الية‪#.129 :‬‬
‫فالتعدد مشروط بتحقيق العدل‪ ،‬وتحقيق العدل غير مستطاع‪ ،‬وعليه يكون التعدد غير جائز‪.‬‬
‫الرد عليها‪:‬‬
‫تشريع تعدد الزوجات في السلم ورد في آيتين من سورة النساء‪:‬‬
‫الولى‪ :‬قوله تعالى‪ ) :‬فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلث ورباع فإن خفتم أل تعدلوا‬
‫فواحدة أزو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى أل تعولوا(‪#‬سورة النساء الية‪#.3 :‬‬
‫والثانية‪ :‬قوله تعالى‪) :‬ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فل تميلوا كل الميل‬
‫فتذروها كالمعلقة وإن تصلحوا وتتقوا فإن ال كان غفوًرا رحيًما(‪#‬سورة النساء الية‪#.129 :‬‬
‫وتفيد هاتان اليتان كما فهمها رسول ال صلى ال عليه وسلم وصحابته والتابعون وجمهور‬
‫المسلمين الحكام التية‪:‬‬
‫@‪@392‬‬
‫إباحة تعدد الزوجات حتى أربع كحد أعلى‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫أن إباحة التعدد مشروطة بالعدل بين الزوجات‪ ،‬وإذا كان الزوج غير متأكد من‬ ‫‪-2‬‬
‫قدرته على تحقيق العدل بين زوجاته فإنه ل يجوز له أن يتزوج بأكثر من واحدة‪ .‬وإذا‬
‫تزوج بأكثر من واحدة وهو واثق من عدم قدرته على العدل بينهن فإن الزواج صحيح وهو‬
‫آثم‪.‬‬
‫أن العدل المشروط في الية الولى هو العدل المادي في المسكن والمأكل‬ ‫‪-3‬‬
‫والمشرب والملبس والمبيت والمعاملة‪.‬‬
‫طا ثالًثا‪ ،‬وهو القدرة على النفاق على الزوجة‬
‫تضمنت الية الولى كذلك شر ً‬ ‫‪-4‬‬
‫الثانية وأولدها‪ ،‬كما يظهر في تفسير قوله تعالى‪) :‬أل تعولوا( أي‪ :‬ل تكثر عيالكم فتصبحوا‬
‫غير قادرين على تأمين النفقة لهم‪ ،‬كما قاله زيد بن أسلم وجابر بن زيد وسفيان بن عيينة‬
‫والمام الشافعي رضي ال عنهم‪ ،‬وإن كان الجمهور يرون أن معنى قوله تعالى‪) :‬أل‬
‫ل من‪ :‬جامع البيان – للطبري‬ ‫تعولوا( أي أل تميلوا عن الحق وتجوروا‪#‬راجع في هذا ك ّ‬
‫جـ ‪/3‬ص ‪ .581‬والجامع لحكام القرآن – للقرطبي جـ ‪/5‬ص ‪ .15‬وتفسير القرآن العظيم‬
‫– لبن كثير جـ ‪/1‬ص ‪#.451‬‬
‫تفيد الية الثانية أن العدل في الحب والميل القلبي بين النساء غير مستطاع‪ ،‬وأنه‬ ‫‪-5‬‬
‫يجب على الزوج أل ينصرف كلية عن زوجته الولى فيذرها كالمعلقة‪ ،‬فل هي ذات زوج‬
‫ول هي مطلقة‪ ،‬بل عليه أن يعاملها بالحسنى ما استطاع حتى يكسب مودتها‪ ،‬وأن ال ل‬
‫يؤاخذه على بعض الميل إل إذا أفرط في الجفاء ومال كل الميل عن الزوجة الولى‪#.‬انظر‪:‬‬
‫د‪ .‬مصطفى السباعي –المرأة بين الفقه والقانون ص ‪ 98 – 97‬الخامسة‪ ،‬المكتب‬
‫السلمي – بيروت‪#.‬‬

‫@‪@393‬‬
‫وقد كان النبي صلى ال عليه وسلم يعدل كل العدل في المور المادية بين زوجاته أمهات المؤمنين‬
‫رضي ال عنهن‪ ،‬ولكنه كان يميل عاطفّيا إلى عائشة أكثر من بقية زوجاته‪ ،‬وكان صلى ال عليه‬
‫وسلم يبرر ميله القلبي بقوله‪" :‬اللهم هذا قسمي فيما أملك فل تلمني فيما تملك ول أملك"‪#‬رواه أبو‬
‫داود في سننه في كتاب )النكاح(‪ ،‬باب )في القسم بين النساء(‪ ،‬الحديث رقم )‪ (2134‬جـ ‪/2‬ص‬
‫‪ .242‬ورواه النسائي في سننه في كتاب )عشرة النساء(‪ ،‬باب )ميل الرجل إلى بعض نسائه دون‬
‫بعض( جـ ‪/7‬ص ‪ .64‬ورواه الدارمي في سننه في كتاب )لنكاح(‪ ،‬باب )ي القسمة ين النساء(‪،‬‬
‫الحديث رقم )‪ (2213‬جـ ‪/2‬ص ‪ .68-67‬كما رواه الحاكم في المستدرك وقال‪" :‬هذا حديث صحيح‬
‫على شرط مسلم ولم يخرجاه"جـ ‪/2‬ص ‪.204‬‬
‫فادعاء أن السلم ل يبيح التعدد – بحجة أنه ل يجوز إل عند العدل بين الزوجات‪ ،‬وهذا العدل غير‬
‫ل من‪ :‬د‪ .‬مصطفى السباعي – المرأة بين الفقه‬‫مستطاع – ادعاء باطل لما يلي‪#‬انظر في هذا ك ّ‬
‫والقانون ص ‪ ،101 -99‬ود‪ .‬محمد الزهراني – تعدد الزوجات في السلم‪ ،‬بحث منشور في مجلة‬
‫)البحوث السلمية(‪ ،‬العدد السادس والثلثون ص ‪#.230/231‬‬
‫أ‪ -‬أن العدل المشروط في الية الولى‪) :‬فانكحوا ما طاب لكم من النساء( هو غير العدل الذي حكم‬
‫بعدم استطاعته في الية الثانية‪) :‬ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم( فالعدل في الية‬
‫الولى هو العدل في المور المادية المحسوسة مما يستطيع النسان أن يقوم به‪ ،‬كالعدل في المسكن‬
‫والملبس والطعام والشراب والمبيت والمعاملة‪ .‬أما العدل الذي ل يستطيعه الرجل فهو العدل‬
‫المعنوي في المحبة والميل القلبي‪.‬‬
‫@‪@394‬‬
‫ب‪ -‬أنه ليس من المعقول أن يبيح ال تعدد الزوجات ثم يعقله بشرط مستحيل ل يقدر النسان على‬
‫فعله‪ ،‬فهذا عبث يصان عنه كلم العقلء من البشر‪ ،‬فكيف بكلم رب العالمين؟ ولو أرد سبحانه أن‬
‫يمنع التعدد لمنعه مباشرة وبلفظ واحد وفي آية واحدة‪ ،‬فهو تعالى قادر على ذلك وعالم بأحوال‬
‫عباده‪.‬‬
‫ج‪ -‬أن ال عز وجل نص في كتابه الكريم على تحريم الجمع بين الختين‪ ،‬حيث قال‪) :‬وأن تجمعوا‬
‫بين الختين إل ما قد سلف(‪#‬سورة النساء‪ ،‬الية‪ ، #.23 :‬ونهى النبي صلى ال عليه وسلم عن أن‬
‫تنكح المرأة على عمتها أو العمة على ابنة أخيها‪ ،‬أو المرأة على خالتها أو الخالة على بنت‬
‫أختها‪#‬راجع صحيح البخاري‪ ،‬مع الفتح‪ ،‬كتاب )النكاح(‪ ،‬الباب )‪ ،(27‬الحديث رقم ‪ ،(05109‬جـ‬
‫‪/9‬ص ‪ ، #.160‬فما معنى تحريم الجمع بين الختين والجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها إذا‬
‫ل؟!!‬
‫كان التعدد محرًما أص ً‬
‫د‪ -‬أنه ثبت في السن النبوية أنه كان لدى بعض العرب الذين دخلوا في السلم أكثر من أربع‬
‫ل من‪ :‬المغني‬ ‫ل – لدى قيس بن الحارث عندما أسلم ثماني زوجات‪#‬راجع ك ً‬ ‫زوجات‪ ،‬فقد كان – مث ً‬
‫–لبن قدامة جـ ‪/9‬ص ‪ .472‬والمستدرك على الصحيحين – للحاكم جـ ‪/2‬ص ‪، #.211– 209‬‬
‫وكان لدى غيلن بن سلمة الثقفي عشر زوجات‪#‬راجع سنن أبي داود جـ ‪/2‬ص ‪ ، #.272‬وكان‬
‫ل من‪ :‬المغني –لبن قدامة جـ ‪/9‬ص ‪ .472‬وسبل‬ ‫عند نوفل بن معاوية خمس زوجات‪#‬راجع ك ّ‬
‫السلم – للصنعاني جـ ‪/3‬ص ‪ ،224‬ط عام ‪ 1397‬هـ ‪1977 -‬م‪ ،‬جامعة المام – الرياض‪#.‬‬

‫@‪@395‬‬
‫كل واحد منهم على أربع زوجات فقط ويفارق الخريات‪ ،‬وهذا دليل قوي على إباحة التعدد في‬
‫السلم‪ ،‬إذ لو كان التعدد حراًما لمرهم صلى ال عليه وسلم بالقتصار على واحدة فقط ومفارقة‬
‫سائرهن‪.‬‬
‫هـ‪ -‬أن النبي صلى ال عليه وسلم عدد زوجاته‪ ،‬وأن أصحابه رضوان ال عليهم عددوا الزوجات‬
‫في حياته وعلى مسمع منه وعلم ولم ينكر عليهم‪ ،‬ومن المعلوم في الدين بالضرورة أنه صلى ال‬
‫عليه وسلم مفسر لكتاب ال‪ ،‬وأنه ل يفعل حراًما ول يسمح بحرام‪ ،‬ول يقر عليه‪ ،‬وظل المسلمون‬
‫يقومون بالتعدد خلل أربعة عشر قرًنا لفهم التام واعتقادهم الراسخ بإباحة التعدد في السلم‪.‬‬
‫وقد ورد في السنة النبوية ما بين أفضلية الزواج بأكثر من واحدة‪ ،‬ومن ذلك حديث أنس بن مالك‬
‫رضي ال عنه في قصة الثلثة الذين جاءوا إلى بيوت أزواج النبي صلى ال عليه وسلم يسألون عن‬
‫عبادته‪ ،‬وكيف أنكر عليهم بقوله‪" :‬أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما ‪,‬ال إني لخشاكم ل وأتقاكم له‪،‬‬
‫لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء‪ ،‬فمن رغب عن سنتي فليس مني"‪#‬صحيح‬
‫البخاري‪ ،‬كتاب )النكاح(‪ ،‬الباب )‪ ،(1‬الحديث رقم )‪ ،(5063‬حـ ‪/9‬ص ‪ ، #.104‬فعبارة )أتزوج‬
‫النساء( الواردة في الحديث تشمل الزوجة الواحدة والكثر من واحدة‪#‬انظر‪ :‬د‪ .‬محمد الزهراني –‬
‫تعدد الزوجات في السلم ص ‪ #.232‬وقد عقد المام البخاري في صحيحه باًبا في كتاب النكاح‬
‫بعنوان )باب كثرة النساء( روى فيه عن سعيد بن جبير رضي ال عنه أنه قال‪" :‬قال لي ابن عباس‪:‬‬
‫هل تزوجت؟ قلت‪ :‬ل‪ ،‬قال‪ :‬فتزوج فإن خير هذه المة أكثرها نساًء"‪#‬صحيح المام البخاري‪ ،‬كتاب‬
‫)النكاح(‪ ،‬الباب )‪ (4‬الحديث رقم )‪ ،(5069‬جـ ‪/9‬ص ‪ #.113‬ويذكر ابن حجر أن معنى هذا‬
‫الحديث‪" :‬أن خير أمة‬
‫@‪@396‬‬
‫محمد صلى ال عليه وسلم من كان أكثر نساءً من غيره ممن يتساوى معه فيما عدا ذلك من‬
‫الفضائل"‪#‬فتح الباري جـ ‪/9‬ص ‪#.114‬‬
‫ويرى ابن قدامة أن السلم ليس فقط يبيح تعدد الزوجات‪ ،‬بل ويندب إليه‪" ،‬لن النبي صلى ال‬
‫عليه وسلم تزوج وبالغ في العدد‪ ،‬وفعل ذلك أصحابه‪ ،‬ول يشتغل النبي صلى ال عليه وسلم‬
‫وأصحابه إل بالفضل"‪#‬المغني جـ ‪/6‬ص ‪#.447‬‬
‫بقي أن نشير إلى أن القائلين بهذه الدعوى الباطلة – التي نحن بصدد مناقشتها – فريقان‪:‬‬
‫الول‪ :‬فريق سيئ النية‪ ،‬هدفه مخادعة المسلمين بهذه الدعوى وتشكيكهم في فعل النبي صلى ال‬
‫عليه وسلم وصحابته رضي ال عليهم ومن جاء بعدهم من المسلمين خلل تاريخ السلم الذي امتد‬
‫أربعة عشر قرًنا من الزمان‪ ،‬بزعم أنهم لم يفهموا اليات الكريمة التي ورد فيها ذكر التعدد‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬فريق حسن النية رأى هجوم الغربيين والمناصرين لهم على نظام التعدد في السلم‪ ،‬فظن‬
‫أنه يستطيع بهذا القول تخليص السلم مما يتهمونه به‪#‬انظر‪ :‬د‪ .‬مصطفى السباعي – المرأة بين‬
‫الفقه والقانون ص ‪ #.102 – 101‬ولذا شاع عند المعتدلين من هؤلء القول بأن التعدد ل يجوز إل‬
‫في حالت استثنائية وفي حدود ضيقة جّدا‪ ،‬كأن تكون الزوجة الولى مريضة أو عقيًما أو ل تلد‪.‬‬
‫مع أنه دليل لديهم على هذا التقييد‪ ،‬فاليتان الكريمتان اللتان جاء فيهما تشريع التعدد وهما الية )‪(3‬‬
‫والية )‪ (129‬من سورة النساء لم تشترطا أن تكون الزوجة الولى مريضة أو عقيًما أو نحو ذلك‪،‬‬
‫بالضافة إلى أن النبي صلى ال عليه وسلم طلب من أصحابه بعد نزول آيتي التعدد أن يفارقوا ما‬
‫زاد على أربع زوجات‪ ،‬ولم يقل لهم آنذاك‪ :‬إن بقاء أكثر من زوجة لدى‬
‫@‪@397‬‬
‫ضا مستعصّيا أو بكونها عقيًما‪ ،‬وكان الوقت آنذاك وقت‬ ‫الرجل مقيد بكون زوجته مريضة مر ً‬
‫تشريع‪.‬‬
‫وهذا هو أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي ال عنه يعرض ابنته حفصة رضي ال عنها على‬
‫أبي بكر الصديق‪ ،‬وهو يعرف أن لدى الصديق أكثر من زوجة ولم يكن مريضات ول عقيمات‪ .‬كما‬
‫عرضها كذلك على عثمان ابن عفان رضي ال عنه وهو زوج لحدى بنات رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ ،‬ولم يجد رضي ال عنه في ذلك غضاضة ول ضرًرا على ابنته‪#‬انظر‪ :‬د‪ .‬محمد‬
‫الزهراني – تعدد الزوجات في السلم ص ‪#.234 ،237‬‬
‫ويرى الشيخ محمد أبو زهرة أن تقييد تعدد الزوجات بأمثال هذا "بدعة دينية اجتماعية لم تقع في‬
‫عصر النبي صلى ال عليه وسلم ول في عصر الصحابة ول في عصر التابعين‪ ،‬ومن التهجم على‬
‫الحقائق الدينية أن نبتدع أمًرا لم يحدث في عهد من عهود السلم"‪#‬تنظيم السلم للمجتمع ص‬
‫‪#.77‬‬
‫@‪@398‬‬
‫المبحث الثامن‪ :‬في انتقاص السلم وعيبه لباحته تعدد الزوجات‪:‬‬
‫قولهم‪ :‬إن نظام تعدد الزوجات في السلم يتضمن مآخذ عديدة‪:‬‬
‫ففيه مسايرة الرجال لشهواتهم الجنسية‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫وفيه إهدار لكرامة المرأة وإجحافها بحقوقها‪ ،‬حيث يشاركها غيرها في زوجها‬ ‫‪-2‬‬
‫وينازعها سلطة بيتها‪.‬‬
‫وفيه اعتداء على مبدأ المساواة بين الجنسين‪ ،‬بإعطاء الرجل حق التعدد ومنع‬ ‫‪-3‬‬
‫المرأة منه‪.‬‬
‫وفيه كذلك مجال للنزاع الدائم بين أفراد السرة‪ ،‬فينشأ عنه الضطراب والهمال‬ ‫‪-4‬‬
‫والتشرد للولد‪.‬‬
‫ضا تكثير للنسل‪ ،‬وهو مظنة العيلة والقافة وانتشار البطالة في المجتمع‪.‬‬‫وفيه أي ً‬ ‫‪-5‬‬
‫الرد عليها‪:‬‬
‫هذه الشبهة كثيًرا ما يرددها الغربيون المتعصبون من المستشرقين ورجال الدين النصراني كي‬
‫يلبسوا على المسلمين دينهم ويدللوا بها‪ -‬بالضافة إلى الشبهات السابقة – على مزاعمهم باضطهاد‬
‫السلم المرأة واستغلل المسلمين لها في إرضاء شهواتهم ونزواتهم‪ .‬ومما يؤسف له أن هذه الشبهة‬
‫ل عند كثير من أبناء المسلمين ممن قل فقهه في الدين وانبهر بما عند الغربيين من ثقافة‬ ‫لقت قبو ً‬
‫وفكر‪ ،‬فأصبحوا يروجون لها – بكل ما أتوا من قوة – في المجتمعات السلمية‪.‬‬
‫والرد عليها يحتاج إلى تجلية وبيان نجمله في النقاط التية‪:‬‬
‫أوًل‪ :‬إن تعدد الزوجات كان سائًدا قبل ظهور السلم في شعوب كثيرة متحضرة وغير متحضرة‪،‬‬
‫مثل‪ :‬الصينيين والهنود والفرس والمصريين القدماء‬
‫@‪@399‬‬
‫والعبريين والعرب والشعوب الجرمانية والسكسونية التي ينتمي إليها سكان أوروبا الشرقية‬
‫والغربية‪ ،‬مثل‪ :‬ألمانيا والنمسا وسويسرا والسويد وتشيكو سلوفاكيا وإنجلترا وبلجيكا وهولندا‬
‫والنرويج‪ ،‬وما زال هذا النظام منتشًرا في الوقت الحاضر في بلد الهند والصين واليابان‬
‫وإفريقية"‪#‬انظر‪ :‬د‪ .‬علي عبد الواحد وافي – قصة الزواج والعزوبة في العالم‪ ،‬ص ‪،53 – 50‬‬
‫ص الثانية‪ ،‬دار نهضة مصر للطبع والنشر – القاهرة‪#.‬‬
‫والسلم لم ينشئ نظام تعدد الزوجات‪ ،‬فلقد سبقته إلى إباحته الديان السماوية السابقة‪#‬انظر‪ :‬د‪.‬‬
‫عبد الستار فتح ال سعيد – المعاملت في السلم ص ‪،99 – 98‬ووهبي اللباني – المرأة‬
‫المسلمة ص ‪ ،157‬د‪ .‬احمد العسال ‪ -‬السلم وبناء المجتمع ص ‪ ،246‬ط الثانية ‪ 1397‬هـ ‪-‬‬
‫‪ 1977‬مم‪ ،‬دار القلم – الكويت‪ #.‬فالديانة اليهودية كانت تبيح تعدد الزوجات بل حد‪ ،‬وأما الديانة‬
‫المسيحية فلم يرد فيها نص صريح يمنع التعدد‪ ،‬وإنما ورد فيها – على سبيل الموعظة – أن ال‬
‫سبحانه وتعالى خلق لكل رجل زوجته‪ ،‬وهذا ل يفيد – في أحسن الحتمالت – إل الترغيب في‬
‫القتصار في الحوال العتيادية على زوجة واحدة‪ ،‬بل جاء في بعض رسائل )بولس( ما يفيد جواز‬
‫جا لزوجة واحدة"‪#‬د‪ .‬مصطفى السباعي – المرأة‬ ‫التعدد‪ ،‬حيث يقول‪" :‬يلزم أن يكون السقف زو ً‬
‫بين الفقه والقانون‪ ،‬ص ‪ ،#.72‬وهذا يدل على إباحة ذلك لغيره‪ .‬وثبت تاريخّيا أن المسيحيين‬
‫القدمين كانوا يجمعون في الزواج بي زوجتين فأكثر‪.‬‬
‫يقول )وستر مارك( العالم الثقة في تاريخ الزواج‪" :‬إن تعدد الزوجات باعتراف الكنيسة بقي‬
‫إلى القرن السابع عشر‪ ،‬وكان يتكرر كثيًرا في الحالت التي ل تحصيها الكنيسة والدولة"‪#‬عباس‬
‫محمود العقاد – حقائق السلم وأباطيل خصومه‪ ،‬ص ‪ ،177‬ط الولى ‪ 1376‬هـ‪1957 -‬م‪،‬‬
‫المؤتمر السلمي – القاهرة‪#.‬‬
‫@‪@400‬‬
‫"وكان زعيم البروتستانت )مارتن لوثر( يؤيد التعدد ويستشهد بأن الرب لم يحرمه على إبراهيم‬
‫عليه السلم نفسه"‪#‬د‪ .‬عبد الستار فتح ال سعيد – المعاملت في السلم ص ‪#.98‬‬
‫جا‬
‫ويظهر لنا في سياق القرآن الكريم في ذكره قصص النبياء أن إبراهيم عليه السلم كان متزو ً‬
‫جا بوالدة السباط ووالدة يوسف عليه السلم‬ ‫بهاجر وسارة‪ ،‬وأن يعقوب عليه السلم كان متزو ً‬
‫وأخيه بنيامين‪.‬‬
‫ضا في النظم‬ ‫وكما كان تعدد الزوجات موجوًدا في الديان السماوية السابقة فقد كان موجوًدا أي ً‬
‫الدينية الخرى كالوثنية والمجوسية‪.‬‬
‫سا تنظمه وتحد من مساوئه وأضراره‬ ‫حا‪ ،‬ولنه وضع له أس ً‬‫ول جاء السلم أبقى على التعدد مبا ً‬
‫التي كانت موجودة في المجتمعات البشرية التي انتشر فيها التعدد‪.‬‬
‫ثانًيا‪ :‬ما المانع من مسايرة الرجال لشهواتهم الجنسية إذا كانت في طريق حلل؟ فلئن كان الحرمان‬
‫من الشباع الجنسي بطريق مشروع من رواسب الرهبنة في الكنيسة النصرانية‪ ،‬فإن سماحة‬
‫السلم بخلف ذلك‪ ،‬يقول عز وجل‪) :‬قل من حرم زينة ال التي أحل لعباده والطيبات من‬
‫الرزق(‪#‬سورة العراف‪ ،‬الية‪ ، #.32 :‬وهل شهوات الرجل إل جزء من كيانه؟ وهي التي تدفعه‬
‫لتحمل أعباء السرة والعمل والبناء‪ ،‬وهل الولى مسايرة هذه الشهوات تحت نظام مشروع يصبح‬
‫جا ملتزًما بحقوق زوجاته معترًفا بأبنائه‪ ،‬أم يترك فيذهب كل مذهب حيث عنت‬ ‫الرجل بمقتضاه زو ً‬
‫له الشهوة؛ فيقضي وطًرا ويحمل وزًرا ول يتحمل أثًرا؟!! فل التزام لزوجة ول اعتراف‬
‫@‪@401‬‬
‫بولد‪ .‬ثم هل مثيرو هذه الدعوى من الغربيين استطاعوا في مجتمعاتهم – بمدينة تقدمهم وثقافتهم‬
‫وحضارتهم ‪-‬‬
‫أن يسلبوا الرجل غريزته أو يمنعوه من مسايرته إياها؟ أم أن تعدد الخليلت في مجتمعاتهم أكثر من‬
‫تعدد الزوجات‪ ،‬وأن اتصال الرجال بالنساء أمًرا عادّيا ومظهًرا تقدمّيا!! بل أصبحوا يعيبون على‬
‫الفتاة أن توجد بكًرا ليلة زفافها‪ .‬ومجتمع هذه حاله هل يبيح لنفسه نقد تعدد الزوجات في عفة‬
‫وطهر؟ وإذا قال هل يسمع منه؟‪#‬انظر‪ :‬عطية محمد سالم – تعدد الزوجات وتحديد النسل‪ ،‬ص‬
‫‪ ،94 -93‬ط المكتبة العلمية – المدينة المنورة‪ #.‬وهذه أقوال كتابهم ترد عليهم مفترياتهم‪ ،‬يقول‬
‫المستر )لوي( في تحليل العوامل النفسية لتعدد الزوجات‪ " :‬وليس الدافع غليه النغماس في‬
‫الشهوات والتهالك عليها‪ ،‬إذ قد يحدث أن تدفع المرأة زوجها إلى القتران بأخرى"‪#‬المرجع السابق‪،‬‬
‫ص ‪ #.94‬ويقول علمتهم )غوستاف لوبون(‪" :‬لست أرى سبًبا للحكم بان تعدد الزوجات الشرعي‬
‫عند الشرقيين أدنى مرتبة من تعدد الزوجات السري عند الوربيين"‪#‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪– 94‬‬
‫‪#.95‬‬
‫يقول الشيخ مصطفى صبري في معرض رده على أعداء التعدد‪" :‬ومتى دعت حاجة أي رجل إلى‬
‫القتران بأية امرأة‪ ،‬فل سبيل إليه عند العقل والنقل إل سبيله المشروع أي الزواج‪ ،‬وما دام في‬
‫الدنيا رجل ل يكتفي بما عنده من زوجة وحيدة ويبحث بعينه ورجله عمن عداها‪ ،‬فالعتراف بمبدأ‬
‫تعدد الزوجات ضروري إل لمن يشذ عن طريق العقل والنقل ويبيح الزنا‪ ،‬أو لمن يغض بصره عن‬
‫الحقائق وينكر وجود الزناة في الدنيا بين الرجال المتزوجين‪ ،‬أو لمن يتقاصر حجاه عن إدراك‬
‫التلزم بين منع تعدد الزوجات‬
‫@‪@402‬‬
‫وإباحة الزنا لبعض الرجال‪ .‬فهذا القدر من الكلم يكفي في تغليب حجة القائلين‪ .‬بمبدأ تعدد‬
‫الزوجات وإدحاض حجج المعرضين من دون حاجة إلى إطالة النقاش‪ ،‬وإني ل ابرح على طول‬
‫الطريق المناظرة أتعلق بالمقارنة بين النكاح والسفاح‪ ،‬وأكتفي بترجيح تعدد الزوجات للذين تسوقهم‬
‫شهواتهم إلى الستمتاع بأي امرأة ل يحل لهم ذلك في نظر الشرع‪ ،....‬وأخص هؤلء اللصوص‬
‫لصوص الغراض بوضعهم موضع الخلف بين أنصار تعدد الزوجات وأعدائه‪ ،‬فالسلم عفيف ل‬
‫يبيح استمتاع الرجال بغير نسائهم اللواتي يوجد بينهم وبينهن عقد شرعي‪ ،‬فإذا شعروا بحاجة إلى‬
‫ذلك يجب عليهم أن يأتواه من بابه ويتوسلوا إليه بعقود ثانية‪ ،‬فيعلم الشرع ويعلم الناس أن هذه‬
‫المرأة زوجة ثانية لهذا الرجل‪ ،‬ول يرض السلم أن يدع علقات الرجال بالنساء سرقات ويدعهن‬
‫صيًدا لمن قنص أو ملعبة للفساق"‪#‬قولي في المرأة ومقارنته بأقوال مقلدة الغرب ص ‪ ،7-6‬ط‬
‫الثانية ‪ 1402‬هـ ‪ 1982 -‬م‪ ،‬دار الرائد العربي – بيروت‪#.‬‬
‫ثالًثا‪ :‬قولهم إن في التعدد إهداًرا لكرامة المرأة وإجحاًفا بحقوقها‪ ...‬قول غير صحيح البتة‪ ،‬فتعدد‬
‫ل من أن تكون خليلة خائنة‪ ،‬هذا بالنسبة‬ ‫الزوجات رحمة للمرأة وصيانة لها بجعلها زوجة فاضلة بد ً‬
‫للزوجة الثانية‪ ،‬أما الولى فلن تشاركها في زوجها زوجة أو اثنتان أو ثلث أهون عليها واشرف‬
‫لها من أ يشاركها بائعات الهوى كلهن فيه‪#‬انظر المرجع السابق ص ‪#.19‬‬
‫وإذا كان نظام تعدد الزوجات يفرض على الزوجة الولى زوجة أخرى‪ ،‬فإنه ل يحرمها من ا‪،‬‬
‫تكون سيدة منزلها والمتصرفة في شؤونه‪ ،‬فالسلم يجعل لكل امرأة متزوجة الحق في أن تكون لها‬
‫دار مستقلة‪ ،‬ول يجعل لحدى الزوجات سيطرة على الزوجات الخريات‪.‬‬
‫كما أن السلم أعطى الزوجة الحق في أن تشترط في عقد الزواج أن ل يتزوج زوجها عليها‪،‬‬
‫ويكون لها بحسب الشرط الخيار في أن تطالب بفسخ عقد الزواج إذا تزوج عليها‪#‬راجع الملخص‬
‫الفقهي – للدكتور صالح الفوزان‪ ،‬جـ ‪/2‬ص ‪ ،345‬ط الولى ‪ 1423‬هـ‪ ،‬رئاسة إدارة البحوث‬
‫العلمية والفتاء – الرياض‪#.‬‬
‫لحديث‪" :‬أحق الشروط أن توفوا بها ما استحللتم به الفروج"‪#‬رواه البخاري في صحيحه في كتاب‬
‫)الشروط( الباب )‪ ،(6‬الحديث رقم )‪ ،(2721‬ح ‪/5‬ص ‪ 323‬ومسلم في صحيحه في كتاب‬
‫)النكاح(‪ ،‬باب )الوفاء بالشرط في النكاح(‪ ،‬جـ ‪/9‬ص ‪ #.201‬أو ترضى بالمر الواقع وتقبل‬
‫بمشاركة غيرها لها في زوجها‪ .‬ولو فات الزوجة أن تشترط هذا الشط في عقد الزواج فإن السلم‬
‫يعطيها الحق في طلب الطلق إذا قصر الزوج في حق من حقوقها أو ألحق بها أي أذى‪.‬‬
‫ول شك أن اشتراك امرأة مع أخرى غيرها في زواج واحد ل يريحها وربما ينغص عليها حياتها‪،‬‬
‫ولكن الضرر الذي يلحق بها في هذه الحالة أقل بكثير من الضرر الذي يلحق بها إذا بقيت بدون‬
‫عا – بالضرر القليل‪#‬انظر‪ :‬محمد أبو زهرة –‬ ‫زواج‪ ،‬والضرر الكثير يدفع – كما هو معروف شر ً‬
‫تنظيم السلم للمجتمع ص ‪#.76‬‬
‫وقد تكون الغيرة عند بعض النساء قوية جّدا ول سيما عند اقتران زوجها بامرأة أخرى‪ ،‬ولكن‬
‫الغيرة أمر عاطفي بحت‪ ،‬والعاطفة ل تقدم إطلًقا على الشرع‪ ،‬وكما أن تعدد الزوجات يبعث اللم‬
‫والغيرة في نفس الزوجة الولى فإنه يبعث المل في نفس الزوجة الجديدة‪ ،‬ويتيح لها أن تحيا حياة‬
‫زوجية آمنة‪ ،‬زد على ذلك أنه ليس كل النساء هن المتزوجات فقط‪ ،‬فالتشريع جاء لكل النساء‬
‫المتزوجات وغير المتزوجات‪ ،‬فإذا وفق بعضهن في‬
‫@‪@404‬‬
‫الحصول على أزواج فما ذنب الخريات – وهن بل شك كثيرات – أن يبقين بدون زواج وقد جعل‬
‫لهن السلم الحق كل الحق في الزواج والعيش في بيت وأسرة تماًما مثل الزوجات؟‬
‫إن منع التعدد يكره المرأة على حالة واحدة ل تملك سواها‪ ،‬وهي البقاء عزباء ل عائل لها‪ ،‬وقد‬
‫تكون عاجزة عن إعالة نفسها‪#‬انظر‪ :‬عباس العقاد‪ -‬المرأة في القرآن‪ ،‬ص ‪ ،77-76‬ط المكتبة‬
‫حا وقوّيا‬‫العصرية‪ ،‬بيروت – لبنان‪ ، #.‬وأخذ بعض الرجال والنساء بنظام التعدد يعد برهاًنا واض ً‬
‫ل من طريق الضلل والغواية‪ ،‬لن التعدد يختط سبي ً‬
‫ل‬ ‫على أنهم اختاروا طريق الستقامة بد ً‬
‫للمحافظة على الخلق‪ ،‬ويوثق الروابط الجتماعية‪ ،‬ويحفظ للبيت المسلم أمنه واستقراره‪ ،‬وهو‬
‫الطريق السليم المشروع لشباع الرغبات دون التردي في مهاوي الشهوات‪#‬انظر‪ :‬د‪ .‬محمد‬
‫الزهراني – تعدد الزوجات في السلم ص ‪ ،236 – 234‬وعطية سالم – تعدد الزوجات وتحديد‬
‫النسل ص ‪#.95‬‬
‫رابًعا‪ :‬القول بأن التعدد فيه اعتداء على مبدأ المساواة بين الجنسين بإعطاء الرجل حق التعدد ومنع‬
‫المرأة منه؛ قول فيه مغالطة وجهل بطبيعة كل من الرجل والمرأة الخلقية‪ ،‬وكذا جهل بنظام السرة‬
‫في السلم‪.‬‬
‫فالسلم ساوى بين الزوج والزوجة في الحقوق والواجبات حيث يقول عز وجل بشأن الزوجات‪:‬‬
‫)ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف(‪#‬سورة البقرة الية‪ ،#.228 :‬ولكن هذه المساواة ليست مساواة‬
‫مطلقة‪ ،‬لختلف طبيعة كل من الرجل والمرأة‪ ،‬والمساواة بين مختلفين تعني ظلم أحدهما‪ ،‬فال عز‬
‫وجل خلق للمرأة رحًما واحدة‪ ،‬وهي تحمل في وقت واحد ومرة واحدة في السنة‪ ،‬ويكون لها تبًعا‬
‫@‪@405‬‬
‫لذلك مولود واحد من رجل واحد‪ .‬أما الرجل فمن الممكن أن يكون له عدة أولد من عدة زوجات‪،‬‬
‫ينتسبون غليه ويتحمل مسؤولية تربيتهم والنفاق عليهم وتعليمهم وعلجهم وكل ما يتعلق بهم‬
‫وبأمهاتهم من أمور‪ .‬فإذا تزوجت المرأة بزوجين أو ثلثة أو أربعة‪ ،‬فمن من هؤلء الرجال يتحمل‬
‫مسؤولية الحياة الزوجية؟ أيتحملها الزوج الول؟ أم الزوج الثاني؟ أم يتحملها الزواج الثلثة أو‬
‫الربعة؟ ثم لمن ينتسب أولد هذه المرأة متعددة الزواج؟ أينتسبون لواحد من الزواج؟ أم ينتسبون‬
‫لهم جميًعا؟ أم تختار الزوجة أحد أزواجها فتلحق أولدها به؟‪#‬انظر‪ :‬سعيد الجندول – الجنس الناعم‬
‫في ظل السلم ص ‪ ،67‬ط الولى عام ‪ 1402‬هـ ‪1982/‬م‪ ،‬دار تهامة – جدة‪#.‬‬
‫إن المسؤولية الجتماعية في نظام تعدد الزوجات يقوم على أساس تعدد الزوجات تقوم عل أساس‬
‫رابطة الدم وهي رابطة طبيعية متينة‪ ،‬بنما يفتقر نظام تعدد الزواج إلى أساس طبيعي تبنى عليه‬
‫الروابط الجتماعية‪ ،‬لن النسان بغير اقتصار المرأة على زوج واحد ل يستطيع أن يعرف الصل‬
‫الطبيعي له ولولده‪#‬عبد الناصر العطار – تعدد الزوجات من النواحي الدينية والجتماعية‬
‫والقانونية‪ ،‬ص ‪ ،15‬ط عام ‪1396‬هـ‪1976/‬م‪ ،‬دار الشروق‪ -‬جدة‪#.‬‬
‫كما أن تعدد الزواج يمنع الزوجة من أداء واجبات الزوجية بصورة متساوية وعادلة بين أزواجها‪،‬‬
‫سواء أكان ذلك في الواجبات المنزلية أو في العلقات الجنسية‪ ،‬ول سيما أنها تحض عدة أيام في كل‬
‫شهر‪ ،‬وإذا حملت تمكث تسعة أشهر في معاناة جسدية تحول دون القيام بواجباتها نحو الرجال الذين‬
‫تزوجوها‪ ،‬وعند ذلك سيلجأ الزواج – بل شك – إلى الخليلت من بنات الهوى أو يطلقونها فتعيش‬
‫حياة قلقة غير مستقرة‪.‬‬
‫@‪@406‬‬
‫إًذا سنة ال تعالى في خلقه جعلت نظام تعدد الزواج غير صالح البتة للمرأة‪ ،‬بينما جعلت نظام‬
‫تعدد الزوجات مناسًبا جّدا للرجل‪#‬انظر د‪ .‬محمد الزهراني – تعدد الزوجات في السلم ص ‪258‬‬
‫–‪#.259‬‬
‫وأخيًرا فإن المجتمع ل يستفيد من نظام تعدد الزواج للمرأة بعكس نظام تعدد الزوجات للرجل الذي‬
‫يتيح فرص الزواج أمام كثير من العوانس والمطلقات والرامل‪ ،‬هذا إلى جانب أنه لو أجيز للمرأة‬
‫أن تتزوج بأكثر من رجل واحد لزاد عدد العوانس زيادة كبيرة وأصبح النساء في وضع اجتماعي ل‬
‫يحسدن عليه‪#‬انظر‪ :‬عبد الناصر العطار – تعدد الزوجات ص ‪#.15‬‬
‫" وهكذا فإنه ليس من العدالة في شيء أن يباح للمرأة أن تعدد أزواجها بحجة مساواتها بالرجل‪،‬‬
‫ل كذلك أن يحرم الرجل من صلحيته في أن تعدد زوجاته بدعوى مساواته بالمرأة في‬ ‫وليس عد ً‬
‫حق الزواج"‪#‬د‪ .‬محمد الزهراني – تعدد الزوجات في السلم ص ‪ .259‬راجع كتاب )قولي في‬
‫المرأة( للشيخ مصطفى صبري ص ‪#.20 -19‬‬
‫سا‪ :‬وأما قولهم إن تعدد الزوجات فيه مجال للنزاع الدائم بين أفراد السرة وينشأ عنه‬
‫خام ً‬
‫الضطراب والهمال والتشرد للولد‪.‬‬
‫فيجاب عنه بان النزاع السري أمر طبيعي ل يسلم منه أي بيت حتى مع وحدة الزوجة بن الخوة‬
‫والخوات ومع أقارب الزوج‪ ،‬وليس بلزم لكل نزاع أن يحدث اضطراًبا‪ ،‬وقد يرجع ما يحدث من‬
‫خلفات ومنازعات في بعض حالت تعدد الزوجات إلى تهاون الزوج وضعفه وعدم عدله وإنصافه‬
‫في معاملة أهل بيته‪ ،‬بالضافة إلى ضعف الوازع الديني في‬
‫@‪@407‬‬
‫نفوس بعض الزوجات بحيث ل يستطعن كبح جماح الغيرة‪ ،‬ومن ثم يعمدن إلى إلحاق الضرر‬
‫بضرائرهن وتعكير صفو السرة‪#‬انظر‪ :‬د‪ .‬محمد عبد ال عرفة – حقوق المرأة في السلم‪ ،‬ص‬
‫‪ ،96‬ط الولى عام ‪ 1398‬هـ‪1978 /‬م‪ ،‬مطبعة المدني – القاهرة‪#.‬‬
‫"كما يلحظ أن النزاع بين الزوجات إنما يحدث في الغالب من أجل الحصول على مطلب من‬
‫مطالب الحياة السرية من مأكل وملبس ومسكن وما شابه ذلك‪ .‬وقد يكون النزاع حول مكانة كل‬
‫زوجة في زوجها‪ ،‬ومكانة كل ولد لدى والده‪ .‬ولهذه المنازعات شبيه في حالة وحدة الزوجة‪ ،‬ففيها‬
‫نجد الزوجة تتنازع مع زوجها في بعض الحيان من أجل مكانتها عنده بالنسبة لمه وأخته‪ ،‬وقد‬
‫تختلف معه اختلًفا حاّدا يؤدي إلى الطلق لنه لم يوفر لها بعض ما تحتاج إليه من ملبس أو أثاث‬
‫أو حلي‪.‬‬
‫وعلج هذه المشكلت السرية إنما يعتمد في الدرجة الولى على شخصية الرجل وقدرته على‬
‫ل حازًما استطاع حسم هذه المشكلت منذ بدايتها‪ ،‬أما إذا‬ ‫إدارة شؤون منزله‪ ،‬فإذا كان الرجل عاد ً‬
‫كان غير عادل وضعيف الشخصية فإن هذه المشكلت ستستمر بين أفراد أسرته سواء كان لديه‬
‫زوجة واحدة أم عدة زوجات‪.‬‬
‫وقد تتألف السرة من زوج وزوجة واحدة فقط وأولد‪ ،‬ولكن أمور هذه السرة ليست على ما يرام‪،‬‬
‫وذلك لوجود تنافر بين الزوجين‪ ،‬أو لن العلقة الزوجية بينهما لم تقم على أساس سليم‪ ،‬أو لسوء‬
‫خلقهما مًعا أو سوء خلق واحد منهما"‪#‬د‪.‬محمد الزهراني – تعدد الزوجات في السلم ص ‪– 260‬‬
‫‪ 260‬بتصرف يسير‪#.‬‬
‫@‪@408‬‬
‫وما وجه الضطراب والهمال في حياة رجل أقام أسرتين في بيتين يبيت كل ليلة في بيت‪ ،‬يضم‬
‫زوجته وأولده في كل بيت‪ ،‬ويقوم على تربيتهم والعناية بهم‪ ،‬وينفق عليهم على قدر جهده وطاقته؟‬
‫‪#‬انظر‪ :‬وهبي اللباني – المرأة المسلمة ص ‪ #.161‬وإذا وقع شيء من النزاع في حياة السرة‬
‫وتشرد الولد فهو بسبب إساءة استعمال حق التعدد‪ ،‬ل بسبب التعدد نفسه‪ ،‬ويكفي أن نعلم أن‬
‫المشردين في الشرق المسلم اقل بكثير من اللقطاء في الغرب غير المسلم‪ ،‬هذا بالضافة إلى أنه‬
‫ليس كل المشردين بسبب التعدد المشروع في السلم‪ ،‬بينما كل اللقطاء بسبب الفسق والفجور في‬
‫الغرب‪#‬يقول الشيخ محمود شلتوت‪ :‬إنه ليس لتعدد الزوجات من حالت التشرد أكثر من ثلثة‬
‫سا لتشرد الولد‪ ،‬وقد‬ ‫بالمائة )‪ ،(%3‬وهي نسبة ضئيلة جّدا ل تكفي لن يجعل التعدد سبًبا رئي ً‬
‫اعتمد الشيخ شلتوت في كلمه هذا على إحصائية أجراها مكتب الخدمة الجتماعية بالقاهرة لبحث‬
‫حالت التشرد‪ .‬راجع كتاب )السلم عقيدة وشريعة(ص ‪ ،190‬ط الثامنة عام ‪ 1395‬هـ ‪1975/‬م‪،‬‬
‫دار الشروق‪ -‬القاهرة‪#.‬‬
‫وأخيًرا يكفي العاقل أن يعلم أن تعدد الزوجات تشريع العليم الحكيم الذي ل يقع منه الخطأ سبحانه‬
‫ول ظلم ول جهالة‪ ،‬وأنه سبحانه لم يشرع لعباده إل ما يجلب لهم سعادة الدارين الدنيا والخرة‪،‬‬
‫وشرع ال أحق أن ُيّتبع‪ ،‬وهو سبحانه أعلم بالحكمة في تشريعه‪ ،‬وإساءة استعمال أي تشريع ل‬
‫ل من‪ :‬وهبي اللباني – المرأة المسلمة ص‬ ‫تقتضي إلغاءه‪ ،‬بل تقتضي منع تلك الساءة‪#‬انظر ك ّ‬
‫‪ ،161-160‬ود‪ .‬مصطفى السباعي – المرأة بين الفقه والقانون ص ‪#.107‬‬
‫سا‪ :‬وأما قولهم إن التعدد يؤدي إلى إكثار النسل‪ ،‬وهو مظنة العيلة والفقر وانتشار البطالة في‬
‫ساد ً‬
‫المجتمع‪.‬‬
‫@‪@409‬‬
‫فيجاب عنه بأن إكثار النسل في البلد السلمية مطلب شرعي هام‪ ،‬يقو النبي صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫"تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم المم"‪#‬رواه أبو داود في سننه في كتاب )النكاح(‪ ،‬باب‬
‫)النهي عن تزويج من لم يلد من النساء(‪ ،‬الحديث رقم )‪ (2050‬ج ‪/2‬ص ‪ .220‬البيهقي في السنن‬
‫الكبرى في كتاب )النكاح(‪ ،‬باب _استحباب التزوج بالودود الولود( ج ‪/7‬ص ‪ .81‬الطبراني في‬
‫المعجم الكبير ج ‪/20‬ص ‪ .219‬وكذا الحاكم في المستدرك في كتاب )النكاح( برقم )‪ (2685‬جـ‬
‫‪ ،2/176‬وقال‪" :‬هذا حديث صحيح السناد ولم يخرجاه بهذه السياقة"‪ .‬وصححه اللباني في صحيح‬
‫الجامع الصغير برقم )‪ (2937‬جـ ‪/3‬ص ‪ #.40‬فإكثار النسل عون للمة على زيادة النتاج‬
‫الزراعي والصناعي والتجاري‪ ،‬وبه يستغني المسلمون عن العمالة الجنبية المخالفة لهم في المعتقد‬
‫والعادات والتقاليد‪ ،‬فما المانع من تكثير النسل لمة تريد النهوض المادي والحضاري وتحتاج‬
‫اليدي العاملة المسلمة؟‪ ،‬وهل تقدمت دول أوروبا وأمريكا صناعّيا إل بعد أن كثر عددها؟ وهل‬
‫رهبة الصين اليوم إل بكثرة عددها‪ ،‬وهل تأخرت بعض البلد إل لقلة العدد؟ ثم أي المرين أفضل‪:‬‬
‫كثرة النسل مع صيانته في البيت ورعايته في ظل السرة‪ ،‬أم كثرة اللقطاء من الشوارع وإيداعهم‬
‫ل من‪ :‬محمد الزهراني – تعدد الزوجات في السلم ص‬ ‫دور الحضانة والملجئ؟!!‪#‬انظر ك ّ‬
‫‪ ،263‬وعطية محمد سالم – تعدد الزوجات وتحديد النسل ص ‪#.97‬‬

‫وأما الحكم بأن كثرة النسل سبب في الفقر وانتشار البطالة في المجتمع‪ ،‬فهو غير صحيح ومناف‬
‫لوعد ال عز وجل بالتكفل بأرزاق عباده‪ ،‬فلن تضيق أرزاق الولد إذا كثروا‪ ،‬لنها جميًعا على ال‬
‫تعالى وهو الرزاق ذو القوة المتين‪ ،‬يقول سبحانه‪) :‬وما من دابة في الرض إل على ال‬
‫رزقها(‪#‬سورة هود‪ ،‬الية‪، #.6 :‬كما أن الرزق والجل والعمل والسعادة والشقاوة تكتب على‬
‫النسان عند نفخ‬
‫@‪@410‬‬
‫الروح فيه بعد مائة وعشرين يوًما من تكونه في رحم أمه‪ ،‬كما أخبر بذلك الصادق المصدوق صلى‬
‫ال عليه وسلم ‪#‬وذلك في حديث أنس بن مالك رضي ال عنه الذي رواه المام البخاري في‬
‫صحيحه في كتاب )الحيض(‪ ،‬الباب )‪ ،(17‬الحديث رقم )‪ (318‬جـ ‪/1‬ص ‪ .418‬وحديث عبد ال‬
‫بن مسعود رضي ال عنه الذي رواه المام مسلم في صحيحه في كتاب )القدر(‪ ،‬باب )كيفية خلق‬
‫الدمي في بطن أمه( جـ ‪/16‬ص ‪ ،#.190‬فلن يخرج إنسان إلى الحياة إل ورزقه مقدر له من ال‪،‬‬
‫فيجب التوكل عليه سبحانه‪.‬‬
‫وعليه نقول إن كثرة الولد ل تضيق الرزق بل تزيده وتوسعه‪ ،‬يقول عز وجل ‪) :‬ول تقتلوا‬
‫أولدكم من إملق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطًئا كبيًرا(‪#‬سورة السراء‪ ،‬الية‪#.31 :‬‬
‫@‪@411‬‬
‫الخاتمة‪:‬‬
‫الحمد ل الذي بنعمته تتم الصالحات‪ ،‬حمّدا طيًبا مبارًكا كما يحب ربنا ويرضى‪ ،‬حمًدا يليق بجلله‬
‫وعظيم نعمه على تيسيره وامتنانه‪.‬‬
‫وبعد‪ :‬فقد توصلت في نهاية هذا البحث إلى نتائج علمية عديدة أجملها في التي‪:‬‬
‫أن اختصاص الرجل بالقوامة على المرأة في السلم ل ينقص من كرامة المرأة ل‬ ‫‪-1‬‬
‫من قدر إنسانيتها‪ ،‬لنه توزيع إلهي في وظائف كل منهما‪ .‬كما أن القوامة تكليف ومسؤولية‬
‫وليست تعسًفا ول استبداًدا في شئون السرة‪ ،‬ول إهداًرا لشخصية المرأة ول مصادرة‬
‫لمقومات أهليتها‪.‬‬
‫أن الولية على المرأة في النكاح ولية مشورة وحفظ وحماية‪ ،‬لتحقيق مصالحها‪،‬‬ ‫‪-2‬‬
‫والحفاظ على كرامتها‪ ،‬ووقايتها من التعزير بها‪.‬‬
‫أن السلم حريص كل الحرص على استمرار الحياة الزوجية إذا كان في ذلك‬ ‫‪-3‬‬
‫الخير والسعادة للزوجين‪ ،‬وأنه لم يبح الطلق إل بعد استنفاد كل الطرق والوسائل التي‬
‫يمكن من خللها إصلح ذات البين بين الزوجين والتوفيق بينهما‪.‬‬
‫أن جعل أمر الطلق بيد الرجل ل بيد المرأة له حكم عديدة في السلم‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫‪-4‬‬
‫ل وابصر بالعواقب من‬ ‫أن الرجل ‪ -‬في الغالب – أقوى إرادة وأكثر تعق ً‬ ‫‪-1‬‬
‫المرأة‪.‬‬
‫@‪@412‬‬
‫أنه هو الذي سعى إلى الزواج وتحمل العباء المالية الكثيرة في المهر‬ ‫‪-2‬‬
‫وتكاليف الزواج وإعداد البيت والنفقة على الزوجة والولد‪ ،‬ولن يضحي بهذا كله‬
‫إل إذا كانت متاعبه في الزواج أعمق وأشق‪.‬‬
‫أن الشريعة السلمية اتخذت إجراءات عملية عديدة لمنع إساءة استعمال حق‬ ‫‪-5‬‬
‫الطلق من قبل الزوج‪ ،‬تتمثل في التي‪:‬‬
‫منع إيقاع الطلق من غير سبب‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫توريث الزوجة المطلقة من مطلقها إذا طلقها في مرض موته بقصد‬ ‫‪-2‬‬
‫حرمانها من الرث‪.‬‬
‫ج – إباحة طلب الزوجة الطلق في حالت إضرار الزوج بها‪.‬‬
‫د‪ -‬مشروعية المخالعة‪.‬‬
‫هـ ‪ -‬إباحة اشتراط الزوجة جعل أمر الطلق بيدها‪.‬‬
‫ف الزوج بالشروط التي اشترطتها عليه عند عقده‪.‬‬ ‫و‪ -‬تمكينها من فسخ النكاح إذا لم ي ِ‬
‫ز‪ -‬تحريم مضارة الزوج زوجته في الطالق‪.‬‬
‫ح‪ -‬تحريم تضييق الزوج على زوجته من أجل أن تفتدي نفسها منه بمالها‪.‬‬
‫أن جعل شهادة المرأة في السلم على النصف من شهادة الرجل إنما هو فيما‬ ‫‪-6‬‬
‫يخص أمور الرجال بسبب‪:‬‬
‫عدم مخالطتها الرجال وعدم حضورها العقود المالية المبرمة بينهم غالًيا‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫قلة ممارستها لميادين الرجال وأعمالهم‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫@‪@413‬‬
‫ج – ما يعتريها من ضعف ونسيان وتأثر وانفعال بسبب الحمل والولدة والرضاعة‬
‫وآلم الدورة الشهرية‪.‬‬
‫وأما ما يتعلق بأمور النساء فشهادتها وحدها مقبولة فيها‪ ،‬في حين ل تقبل شهادة الرجل وحده‪.‬‬
‫أن الحكمة من جعل نصيب النثى في الرث نصف نصيب الرجل هي‪ :‬أن الرجل‬ ‫‪-7‬‬
‫عا بأعباء وواجبات مالية ل تلزم بمثلها المرأة حتى ولو كانت غنية‪ ،‬بالضافة‬ ‫مكلف شر ً‬
‫إلى أن السلم فرض لها المهر والنفقة زوجة‪ ،‬وفرض لها النفقة أّم وبنًتا وأخًتا‪ .‬علًما بأنها‬
‫تأخذ أحياًنا من الميراث مثل ما يأخذ الرجل‪ ،‬كما في الخوات لم‪ ،‬فإن الواحدة منهن إذا‬
‫انفردت تأخذ سدس التركة كما يأخذ الخ إذا انفرد‪ ،‬وإذا كانوا ذكوًرا وإناًثا اثنين فأكثر‬
‫فإنهم يشتركون جميًعا في الثلث للذكر مثل حظ النثى تماًما‪ .‬وكما في الم مع الب إذا‬
‫مات ولدهما وترك أولًدا ولو واحًدا فللب السدس وللم كذلك‪.‬‬
‫أن السلم يبيح تعدد الزوجات‪ ،‬ولكن بشروط ثلثة‪:‬‬ ‫‪-8‬‬
‫الول‪ :‬أل يزيد عدد الزوجات عن أربع كحد أعلى‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬قدرة الزوج على النفاق على الزوجات والولد‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬العدل بين الزوجات في المسكن والمطعم والملبس والمبيت وحسن التعامل‪ ،‬وهو العدل‬
‫المادي المستطاع‪ .‬وأما العدل المعنوي الممثل في المحبة والميل القلبي فهو غير مستطاع؛‬
‫وبالتالي ل يؤاخذ الزوج عليه‪ ،‬على أل يسرف في هذا الميل القلبي عن الخرى‪.‬‬
‫@‪@414‬‬
‫أن تعدد الزوجات كان موجوًدا في الديان السماوية السابقة‪ ،‬وفي النظم الدينية‬ ‫‪-9‬‬
‫سا تنظمه وتحد المساوئ‬ ‫حا‪ ،‬ولكنه وضع له أس ً‬ ‫الخرى‪ .‬ولما جاء السلم أبقى عليه مبا ً‬
‫والضرار التي كانت موجودة فيه سابًقا‪.‬‬
‫‪ -10‬أن تعدد الزوجات في السلم سبيل للمحافظة على القيم والخلق وأمن البيت‬
‫المسلم واستقراره‪ ،‬وسبيل لتوثيق الروابط الجتماعية بين الناس‪ ،‬وطريق مشروع لشباع‬
‫الرغبات دون التردي في مهاوي الشهوات‪.‬‬
‫‪ -11‬أن ما يقع من مضار اجتماعية عند تعدد الزوجات؛ سببه إساءة استعمال حق‬
‫التعدد‪ ،‬ل إباحة التعدد نفسه‪ ،‬لن هذه الباحة تشريع العليم الحكيم الذي ل يقع منه خطأ‬
‫سبحانه ول ظلم ول جهالة‪.‬‬
‫أسأل ال عز وجل أن يخلص نياتنا ويصلح أعمالنا‪ ،‬إنه ولي ذلك والقادر عليه‪ ،‬وصلى ال على نبينا‬
‫محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‪.‬‬
‫@‪@415‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‪:‬‬
‫أوًل‪ :‬الكتب‪:‬‬
‫القرآن الكريم‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل‪ .‬لمحمد ناصر الدين اللباني‪ ،‬ط‬ ‫‪-2‬‬
‫الولى ‪ 1399‬هـ ‪1979 -‬م‪ ،‬المكتب السلمي – بيروت‪.‬‬
‫السرة السعيدة في رحاب السلم‪ .‬للدكتور حسن أبو غدة‪ ،‬ط الولى ‪1417‬هـ ‪-‬‬ ‫‪-3‬‬
‫‪1997‬م‪ ،‬دار عالم الكتب – الرياض‪.‬‬
‫السلم عقيدة وشريعة‪ .‬لمحمود شلتوت ‪ ،‬ط الثامنة ‪ 1395‬هـ ‪1975 -‬م‪ ،‬دار‬ ‫‪-4‬‬
‫الشروق – القاهرة‪.‬‬
‫السلم وبناء المجتمع‪ .‬للدكتور أحمد العسال‪ ،‬ط الثانية ‪1397‬هـ ‪1977 -‬م‪ ،‬دار‬ ‫‪-5‬‬
‫القلم – الكويت‪.‬‬
‫السلم وقضايا المرأة المعاصرة‪ .‬للبهي الخولي‪ ،‬ط الثالثة‪ ،‬دار القلم ‪ -‬الكويت‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫القناع لطالب النتفاع‪ .‬لموسى بن أحمد الحجاوي المقدسي‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬عبد ال بن‬ ‫‪-7‬‬
‫عبد المحسن التركي‪ ،‬ط الولى ‪ 1418‬هـ ‪1997 -‬م‪ ،‬دار هجر – القاهرة‪.‬‬
‫الم‪ .‬للمام محمد بن إدريس الشافعي‪ ،‬ط دار المعرفة للطباعة والنشر – بيروت‪.‬‬ ‫‪-8‬‬
‫بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع‪ .‬لعلء الدين الكاساني الحنفي‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد‬ ‫‪-9‬‬
‫عدنان درويش‪ ،‬ط الثانية ‪ 1419‬هـ ‪1998 -‬م‪ ،‬دار إحياء التراث العربي – بيروت‪.‬‬
‫‪ -10‬تعدد الزوجات من النواحي الدينية والجتماعية والقانونية‪ .‬لعبد الناصر العطار ط‬
‫عام ‪ 1396‬هـ ‪1976 -‬م‪ ،‬دار الشروق – جدة‪.‬‬
‫تعدد الزوجات وتحديد النسل‪ .‬لعطية محمد سالم‪ ،‬ط المكتبة العلمية – المدينة‬
‫‪-11‬‬
‫المنورة‪.‬‬
‫‪ -12‬تفسير القرآن العظيم‪ .‬للحافظ عماد الدين بن كثير‪ ،‬ط عام ‪ 1403‬هـ ‪1983 -‬م‪،‬‬
‫دار المعرفة – بيروت‪.‬‬

‫@‪@416‬‬
‫تنظيم السلم للمجتمع‪ .‬لمحمد أبو زهرة ط عام ‪1975‬م‪ ،‬دار الفكر العربي –‬ ‫‪-13‬‬
‫القاهرة‪.‬‬
‫‪ -14‬تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلم المنان‪ .‬لعبد الرحمن بن ناصر السعدي‪ ،‬ط‬
‫عام ‪ 1404‬هـ‪ ،‬الرئاسة العامة لدارات البحوث العلمية والفتاء – الرياض‪.‬‬
‫‪ -15‬جامع البيان في تأويل آي القرآن‪ .‬لبي جعفر محمد بن جرير الطبري‪ ،‬ط الثالثة‬
‫‪ 1420‬هـ ‪1999 -‬م‪ ،‬دار الكتب العلمية – بيروت‪.‬‬
‫‪ -16‬الجامع لحكام القرآن‪ .‬لبي عبد ال محمد بن أحمد القرطبي‪ ،‬ط الخامسة ‪1417‬‬
‫هـ ‪1996 -‬م‪ ،‬دار الكتب العلمية – بيروت‪.‬‬
‫‪ -17‬الجنس الناعم في ظل السلم‪ .‬لسعيد الجندول‪ ،‬ط الولى ‪ 1402‬هـ ‪1982 -‬م‬
‫دار تهامة – جدة‪.‬‬
‫‪ -18‬حاشية الدسوقي على الشرح الكبير‪ .‬لشمس الدين محمد عرفة الدسوقي‪ ،‬ط دار‬
‫الفكر للطباعة والنشر – بيروت‪.‬‬
‫‪ -19‬حقائق السلم وأباطيل خصومه‪ .‬لعباس محمود العقاد‪ ،‬ط الولى ‪ 1376‬هـ ‪-‬‬
‫‪1957‬م‪ ،‬المؤتمر السلمي – القاهرة‪.‬‬
‫‪ -20‬حقوق المرأة في السلم‪ .‬للدكتور محمد عبد ال عرفه‪ ،‬ط الولى ‪ 1398‬هـ ‪-‬‬
‫‪1978‬م‪ ،‬مطبعة المدني – القاهرة‪.‬‬
‫‪ -21‬رد المحتار على الدر المختار المعروف بحاشية ابن عابدين لمحمد أمين ابن‬
‫عابدين الدمشقي‪ ،‬تحقيق‪ :‬محمد صبحي حلق وعامر حسين‪ ،‬ط الولى ‪ 1419‬هـ‪-‬‬
‫‪1998‬م‪ ،‬دار إحياء التراث العربي – بيروت‪.‬‬
‫‪ -22‬الروض المربع شرح زاد المستنقع‪ .‬لمنصور بن يونس البهوتي‪ ،‬ط مكتبة الرياض‬
‫الحديثة – الرياض‪.‬‬
‫‪ -23‬الزوج وأحكامه في مذهب أهل السنة‪ .‬للسيد أحمد فرج‪ ،‬ط الولى ‪ 1409‬هـ‬
‫‪1989‬م‪ ،‬دار الوفاء للطباعة والنشر – المنصورة‪.‬‬
‫‪ -24‬سبل السلم‪ .‬لمحمد بن إسماعيل الصنعاني‪ ،‬ط عام ‪ 1397‬هـ ‪1977 -‬م‪ ،‬جامعة‬
‫المام محمد سعود السلمية – الرياض‪.‬‬
‫‪ -25‬سمو التشريع السلمي في معالجة النشوز والشقاق بين الزوجين‪ :‬للدكتورة‬
‫كوثر كامل علي‪ ،‬ط عام ‪1984‬م‪ ،‬دار العتصام – القاهرة‪.‬‬
‫‪ -26‬سنن ابن ماجه‪ .‬لبي عبد ال محمد بن يزيد القزويني‪ ،‬ط دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫بيروت – لبنان‪ .‬وط ‪ -‬مكتبة المعارف – الرياض‪ ،‬تحقيق محمد ناصر الدين اللباني‪.‬‬
‫‪ -27‬سنن أبي داود‪ .‬للمام الحافظ أبي داود سليمان بن الشعث السجستاني‪ ،‬تعليق‪:‬‬
‫محمد محيي الدين عبد الحمد‪ ،‬ط دار إحياء التراث العربي‪.‬‬
‫‪ -28‬سنن الدارمي‪ .‬للمام أبي محمد عبد ال بن عبد الرحمن الدارمي‪ ،‬ط عام ‪1404‬‬
‫هـ ‪1984 -‬م‪ ،‬دار حيث أكادمي‪ ،‬فيصل أباد – باكستان‪.‬‬
‫‪ -29‬السنن الكبرى‪ .‬لبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي‪ ،‬ط الولى ‪ 1347‬هـ‪ ،‬مطبعة‬
‫دائرة المعارف العثمانية‪ ،‬حيدر أباد الدكن – الهند‪.‬‬
‫‪ -30‬سنن النسائي للمام الحافظ أحمد بن شعيب النسائي‪ ،‬ط دار إحياء التراث العربي‪،‬‬
‫بيروت – لبنان‪.‬‬
‫‪ -31‬شرح الزركشي على مختصر الخرقي لشمس الدين محمد بن عبد ال الزركشي‪،‬‬
‫تحقيقك الشيخ عبد ال بن عبد الرحمن الجبرين‪ ،‬ط الولى ‪1410‬هـ‪ ،‬بدون ذكر الناشر‪.‬‬
‫‪ -32‬شرح منتهى الرادات‪ .‬لمنصور بن يونس البهوتي‪ ،‬تحقيق د‪ .‬عبد ال بن عبد‬
‫المحسن التركي‪ ،‬ط الولى ‪ 1421‬هـ ‪2000 -‬م‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ -‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -33‬صحيح الجامع الصغير‪ .‬لمحمد ناصر الدين اللباني‪ ،‬ط الثانية ‪ 1399‬هـ ‪-‬‬
‫‪1979‬م‪ ،‬المكتب السلمي – بيروت‪.‬‬
‫‪ -34‬صحيح مسلم بن الحجاج القشيري بشرح يحيى بن شرف النووي‪ .‬ط دار الريان‪،‬‬
‫القاهرة – مصر‪.‬‬
‫‪ -35‬فتح الباري شرح صحيح البخاري‪ .‬لبن حجر العسقلني‪ ،‬نشر‪ :‬رئاسة إدارات‬
‫البحوث العلمية والفتاء بالمملكة العربية السعودية – الرياض‪.‬‬
‫‪ -36‬القاموس المحيط‪ .‬لمجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي‪ ،‬ط الولى ‪ 1420‬هـ‬
‫‪1999 -‬م‪ ،‬دار الكتب العلمية – بيروت‪.‬‬
‫‪ -37‬قصة الزواج والعزوبة في العالم‪ .‬للدكتور‪ /‬علي عبد الواحد وافي‪ ،‬ط الثانية‪ ،‬دار‬
‫نهضة مصر للطبع والنشر – القاهرة‪.‬‬
‫‪ -38‬قولي في المرأة ومقارنته بأقوال مقلدة الغرب‪ .‬لمصطفى صبري‪ ،‬ط الثانية‬
‫‪1402‬هـ ‪1982 -‬م‪ ،‬دار الرائد العربي – بيروت‪.‬‬
‫‪ -39‬كتاب الفقه على المذاهب الربعة‪ .‬لعبد الرحمن الجزيري‪ ،‬ط عام ‪1969‬م‪ ،‬دار‬
‫إحياء التراث العربي – بيروت‪.‬‬
‫‪ -40‬المبسوط لشمس الدين السرخسي‪ ،‬ط الثانية‪ ،‬دار المعرفة – بيروت‪.‬‬
‫‪ -41‬مجموع فتاوى شيخ لسلم ابن تيمية‪ .‬جمع وترتيب‪ :‬عبد الرحمن بن قاسم وابنه‬
‫محمد‪ ،‬ط الرئاسة العامة الرئاسة العامة لشؤون الحرمين الشريفين – مكة المكرمة‪.‬‬
‫‪ -42‬المدونة الكبرى‪ .‬للمام مالك بن أنس‪ ،‬ط مؤسسة الحلبي للطباعة والنشر –‬
‫القاهرة‪.‬‬
‫‪ -43‬المرأة بين الفقه والقانون‪ .‬للدكتور‪ /‬مصطفى السباعي‪ ،‬ط الخامسة‪ ،‬المكتب‬
‫السلمي – بيروت‪.‬‬
‫‪ -44‬مزايا نظام السرة المسلمة‪ .‬لحمد حسن كرزون‪ ،‬ط الثانية ‪1417‬هـ ‪1997 -‬م‪،‬‬
‫دار ابن حزم – بيروت‪.‬‬
‫‪ -45‬المرأة في القرآن‪ .‬لعباس محمود العقاد‪ ،‬ط المكتبة العصرية‪ ،‬بيروت – لبنان‪.‬‬
‫‪ -46‬المرأة المسلمة‪ .‬لوهبي اللباني‪ ،‬ط الثانية ‪1398‬هـ ‪1978 -‬م‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪،‬‬
‫بيروت – لبنان‪.‬‬
‫‪ -47‬المستدرك على الصحيحين‪ .‬للمام الحافظ أبي عبد ل محمد بن عبد ال الحاكم‬
‫النيسابوري‪ ،‬دراسة وتحقيق‪ :‬مصطفى عبد القادر عطا‪ ،‬ط الولى ‪ 1411‬هـ‪19990 -‬م‪،‬‬
‫دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت – لبنان‪.‬‬
‫‪ -48‬مسند المام أحمد بن حنبل‪ .‬ط دار صادر والمكتب السلمي – بيروت‪ ،‬وط دار‬
‫المعارف بتحقيق‪ :‬أحمد محمد شاكر ‪ 1373‬هـ ‪1954 -‬م – مصر‪ ،‬وط مؤسسة الرسالة –‬
‫بيروت‪ ،‬عام ‪ 1414‬هـ ‪1994 -‬م‪ ،‬بتحقيق‪ :‬شعيب الرناؤوط وآخرين‪.‬‬

‫@‪@419‬‬
‫‪ -49‬المعاملت في السلم‪ .‬للدكتور عبد الستار فتح ال سعيد‪ ،‬الكتاب العشرون من‬
‫سلسلة كتب )دعوة الحق(‪ ،‬الصادر في ذي القعدة ‪ 1402‬هـ ‪ -‬مكة المكرمة‪.‬‬
‫‪ -50‬المعجم الكبير‪ .‬للحافظ أبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني‪ ،‬ط الولى ‪1400‬هـ ‪-‬‬
‫‪1980‬م‪ ،‬وزارة الوقاف بالجمهورية العراقية – بغداد‪.‬‬
‫‪ -51‬المغني‪ .‬لبي محمد عبد ال بن أحمد بن قدامة المقدسي‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬عبد ال بن عبد‬
‫المحسن التركي‪ ،‬ود‪ .‬عبد الفتاح الحلو‪ ،‬ط عام ‪ 1410‬هـ ‪1990 -‬م‪ ،‬دار هجر القاهرة‪.‬‬
‫‪ -52‬المقنع في فقه إمام السنة أحمد بن حنبل الشيباني‪ .‬لموفق الدين أحمد بن قدامة‬
‫المقدسي‪ ،‬ط المؤسسة السعيدية – الرياض‪.‬‬
‫‪ -53‬الملخص الفقهي‪ .‬للدكتور صالح بن فوزان الفوزان‪ ،‬ط الولى ‪1423‬هـ‪ ،‬رئاسة‬
‫إدارة البحوث العلمية والفتاء بالمملكة العربية السعودية – الرياض‪.‬‬
‫‪ -54‬منهاج الطالبين بشرح المحلي وحاشية القليوبي‪ .‬لبي زكريا يحيى بن شرف‬
‫النووي‪ ،‬ط دار إحياء التراث العربي – القاهرة‪.‬‬
‫‪ -55‬منهج السنة في الزواج‪ .‬للدكتور محمد الحمدي أبو النور‪ ،‬ط الرابعة ‪1413‬هـ ‪-‬‬
‫‪1992‬م‪ ،‬دار السلم القاهرة‪.‬‬
‫‪ -56‬المهذب في فقه المام الشافعي‪ .‬لبي إسحاق الشيرازي‪ ،‬تحقيق‪ :‬د‪ .‬محمد‬
‫الزحيلي‪ ،‬ط الولى ‪1417‬هـ ‪1996 -‬م‪ ،‬دار القلم – دمشق‪.‬‬

‫ثانًيا‪ :‬الدوريات‪:‬‬
‫‪ -57‬مجلة ) البحوث السلمية(‪ .‬العدد )‪ (36‬الصادر في ربع الول ‪1413‬هـ ‪ -‬سبتمبر‬
‫‪1992‬م‪.‬‬

‫صِل في الدّْرج‬
‫قطُع همزِة الَو ْ‬
‫)مواضعه‪ ،‬علله‪ ،‬أحكامه‪ ،‬وظائفه(‬

‫الدكتور‪ /‬مؤمن بن صبري غنام‬


‫كلية المعلمات بالرياض‬
‫المقدمة‪:‬‬
‫الحمد ل‪ ،‬والصلة والسلم على رسول ال‪ ،‬اللهم علمنا ما ينفعنا‪ ،‬وانفعنا بما علمتنا‪ ،‬وزدنا علًما‬
‫ل‪ .‬آمين‪.‬‬
‫حا متقب ً‬
‫ل صال ً‬
‫نافًعا‪ ،‬وعم ً‬
‫وبعد‪ ،‬فالحديث عن قطع همزة الوصل متناثر في كتب اللغة والنحو والضرورة الشعرية وغيرها‪،‬‬
‫ولم أعلم أحًدا جمعه في بحث مستقل‪ ،‬على أني وقفت على أبحاث ورسائل خصها أصحابها للحديث‬
‫عن الهمزة‪#‬مثل )الهمزة في اللغة العربية( رسالة علمية منشورة لخالدية البياع‪ ،‬و)الهمزة مشكلتها‬
‫وعلجها( لحمد شوقي النجار‪ ،‬ومشكلة الهمزة العربية‪ ،‬للدكتور رمضان عبد التواب‪ ، #.‬ولكن لم‬
‫يكن ثم حديث مجموع عن قطع همزة الوصل‪ .‬ولهمية هذا الموضع نطًقا وكتابة‪ ،‬وما نلحظه من‬
‫اضطراب بعض الكتاب والمحققين في رسمها مقطوعة حيث يجب أن توصل‪ ،‬أو وصلها حيث‬
‫يجب أن تقطع‪ ،‬رأيت أنه من المفيد أن أجمع مواضعه‪ ،‬وابحث عن علله‪ ،‬وأبين أحكامه ما استطعت‬
‫ل؛ هادًفا إلى تجلية هذا الموضع للكتاب والباحثين‪ .‬وقد جاءت مباحثه على النحو التي‪:‬‬ ‫إلى ذلك سبي ً‬
‫المبحث الول‪ :‬قطع همزة )أل( وفيه مسائل‪:‬‬
‫المسألة الولى‪ :‬قطع همزة الوصل في لفظ الجللة‪:‬‬
‫ل‪ :‬قطع همزة الوصل في نداء لفظ الجللة )يا ال(‬ ‫أو ً‬
‫ثانًيا‪ :‬قطع همزة الوصل في القسم‪) :‬أفأل؟( و)فأل؟( و)ل‪ ،‬ها أل ذا(‪.‬‬
‫المسألة الثانية‪ :‬قطع همزة الوصل في التذكر‪.‬‬
‫المسألة الثالثة‪ :‬قطع همزة )أل( إذا دخلت عليها همزة الستفهام‪ .‬ويلحق بها )آيمن(‬
‫@‪@324‬‬
‫المسألة الرابعة‪ :‬قطع همزة )ألبتة(‪#‬بقي من مسائل )أل( ثلثة مواضع‪ :‬إذا نقلت إلى العلمية‪،‬‬
‫وللضرورة الشعرية‪ ،‬وبعد الساكن‪ .‬وستأتي هذه في مواضعها من هذا البحث إن شاء ال‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬قطع همزة الوصل في العلم المنقولة‪ ،‬وفيه مسائل‪:‬‬
‫المسألة الولى‪ :‬في العلم المنقولة من أسماء مبدوءة بهمزة وصل‪.‬‬
‫المسألة الثانية‪ :‬في العلم المنقولة في أسماء مبدوءة بهمزة وصل‪.‬‬
‫المسألة الثالثة‪ :‬في العلم المنقولة من حرف معنى مبدوء بهمزة وصل‪.‬‬
‫المسألة الرابعة‪ :‬في العلم المنقولة من حروف المعجم الساكنة المنطوق بها‪.‬‬
‫المسألة الخامسة‪ :‬في العلم المنقولة في جمل محكية مبدوءة بهمزة وصل‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬قطع همزة الوصل بعد الساكن‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬قطع همزة الوصل في )أسطاع(‪.‬‬
‫المبحث الخامس‪ :‬قطع همزة الوصل في الضرورة الشعرية‪.‬‬
‫المبحث السادس‪ :‬قطع همزة الوصل في لغة بعض العرب‪.‬‬
‫ثم أتبعت ذلك بخاتمة بينت فيها وظائف قطع همزة الوصل‪.‬‬
‫صا لوجهه الكريم‪ ،‬وأن‬‫ل خال ً‬‫وال اسأل أن يوفقني لتمام هذا البحث على خير وجه‪ ،‬ويجعله عم ً‬
‫يغفر الزلل‪ ،‬ويسد الخلل‪ .‬عليه توكلت‪ ،‬وإليه أنيب‪ ،‬وصلى ال على نبينا محمد‪ ،‬وعلى آله وصحبه‬
‫أجمعين‪.‬‬

‫@‪@425‬‬
‫تمهيد‪ :‬همزة الوصل ومواضعها‪:‬‬
‫همزة الوصل‪#‬نقل ابن خالويه في اللفات ‪ 26‬أنها همزة باتفاق البصريين والكوفيين‪ ،‬وإنما يعبر‬
‫عنها باللف تقريًبا على المتعلم‪ .‬ونقل المالقي في ذلك خلًفا‪ .‬ينظر رصف المباني ‪ #.129‬تدخل‬
‫ل إلى النطق بالساكن‪ ،‬وهرًبا من البتداء به‪#‬ينظر‪ :‬الصول ‪،2/367‬‬ ‫في أوائل بعض الكلم؛ توص ً‬
‫والمنصف ‪ ،1/53‬وسر الصناعة ‪ ،1/112‬وشرح الشافية ‪.2/261‬وقد جمع ابن خالويه ثلثة‬
‫مواضع تدخل فيها همزة الوصل على متحرك‪ .‬انظر‪ :‬ليس في كلم العرب ‪، #.348 ،90 ،89‬‬
‫فهي تثبت نطًقا في ابتداء الكلم‪ ،‬وتسقط في درجه‪#‬ينظر‪ :‬التكملة ‪ ،16‬واللباب ‪ ،2/191‬وشرح‬
‫الشافية ‪ ،266 ،2/265‬والتذييل ‪ #.3/266‬ولها مواضع معلومة في الفعال والسماء‪ ،‬يقول‬
‫سيبويه‪" :‬لن السماء ل تكون بألف وصل"‪#‬الكتاب ‪ ،3/198‬وينظر‪ :‬سرحه للسيرافي ‪-4/80‬أ‪،‬‬
‫وسر الصناعة‪ ،1/111 ،‬وسيأتي تفسير ذلك وتعليله للسيرافي في موضعه من المبحث الثاني إن‬
‫شاء ال‪ #.‬أما الفعال التي تدخل عليها همزة الوصل فهي التي سكنت أوائلها‪#‬المنصف ‪1/53‬‬
‫وانظر فيه تعليل تسكين أوائل تلك الفعال‪ ، #.‬وهي‪#‬ينظر في ذلك‪ :‬المنصف ‪ ،65-1/53‬وسر‬
‫الصناعة ‪ ،1/112‬وشرح التسهيل لبن مالك ‪ ،3/464‬ورصف المباني ‪: #.130‬‬
‫‪ -1‬الفعل الماضي إذا تجاوزت عدته أربعة أحرف سكن أولها نحو‪ :‬انطلق‪ ،‬واستخرج‪ ،‬واحمّر‪،‬‬
‫واصفاّر‪.‬‬
‫‪-2‬المر من كل فعل انفتح فيه حرف المضارعة‪ ،‬وسكن ما بعده‪ ،‬نحو‪ :‬يضرب‪ ،‬ويقتل‪ ،‬وينطلق‪،‬‬
‫فالمر منها‪ :‬اضرب‪ ،‬اقتل‪ ،‬انطلق‪.‬‬
‫‪-3‬وأما السماء التي تدخلها همزة الوصل فنوعان‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬قياسي‪#‬في التقسيم إلى قاسي وسماعي انظر‪ :‬شرح الشافعية ‪ ،2/251‬وشرح ألفية ابن‬
‫معط للقواس ‪ #.1309-2/1308‬وهو مصادر الفعال الماضية المبدوءة بهمزة وصل‪ ،‬إذا كانت‬
‫في المصدر فه همزة وصل‪ ،‬نحو‪ :‬انطلق واستخراج واحمرار واصفرار‪.‬‬
‫ل لها على أفعالها‪#‬ينظر‪ :‬المنصف ‪ ،1/65‬وقال الرضي في‬ ‫وقد دخلت عليها همزة الوصل حم ً‬
‫شرح الشافعية ‪" :2/260‬والحقوا بالفعال التي في أوائلها همزة وصل مصادرها"‪ ، #.‬و"طلًبا‬
‫ل على الظهر"‪#‬شرح ألفية ابن معط للقواس‬ ‫ل وعم ً‬
‫للمناسبة؛ لن المصدر تابع للفعل صحة واعتل ً‬
‫‪#.2/1039‬‬
‫والخر‪ :‬سماعي‪ :‬في عشرة أسماء معدودة‪ ،‬من غير المصادر‪ ،‬هي‪ :‬ابن‪ ،‬وابنة‪ ،‬وامرؤ‪ ،‬وامرأة‪،‬‬
‫واثنان واثنتان‪ ،‬واسم‪ ،‬واست‪ ،‬وابنم‪ ،‬وايمن‪.‬‬
‫وعلة دخول همزة الوصل في هذه السماء العشرة أنها "لما نهكت هذه السماء بالعلل الذي حقه‬
‫ضا عن المحذوف"‪#‬شرح الشافعية‬ ‫أن يكون في الفعل شابهت الفعال؛ فلحقتها همزة الوصل عو ً‬
‫‪ ،2/252‬وينظر‪ :‬المنصف ‪#.64 ،1/57‬‬
‫وأما الحرف ‪#‬آثر ابن فارس في الصحابي ‪ 130‬مصطلح )الداة( ليشمل)أل( الموصولة فيما يبدو‬
‫لي‪ .‬وعبارة ابن مالك في شرح التسهيل ‪" :3/465‬وأل موصولة كانت أو معرفة أو زائدة"‪.‬‬
‫المشتمل على همزة وصل فهو )أل( ‪#‬مذهب جمهور النحويين أن همزة )أل( وصل‪ ،‬ونقل في كثير‬
‫ل‪ :‬شرح التسهيل ‪،1/352‬‬ ‫من كتب النحو أن الخليل ذهب إلى أن همزتها همزة قطع‪ .‬انظر مث ً‬
‫والجنى الداني ‪ ،193‬ورصف‬
‫@‪ @427‬المباني ‪ 131 ،151‬وشرح الشموني ‪ .1/177‬وقد نقل السيرافي في ما يحتمل الشعر‬
‫في الضرورة ‪ 77‬وأبو حيان في التذييل ‪ 3/223‬أن هذا مذهب ابن كيسان‪ .‬وفي الموفقي لبن‬
‫كيسان ‪ 118‬صرح أن ألف )أل ( ألف وصل‪ .‬وخلص أبو حيان إلى أن مذهب الخليل وسيبويه‬
‫واحد وهو أن )أل( حرف ثنائي الوضع بني على همزة الوصل ولم ساكنة‪ .‬انظر‪ :‬التذييل ‪-3/221‬‬
‫‪ .222‬وأما ما نسبه معظم النحويين إلى الخليل فوهم مبني على ما نقله سيبويه في الكتاب ‪،3/325‬‬
‫‪ 4/148‬عن الخليل من تشبيهه )أل( بـ)قد(‪ ،‬في كونها حرًفا يفصل ويستقل‪ ، #.‬سواء كانت‬
‫للتعريف‪ ،‬أم زائدة‪ ،‬أم خرجت عن حرفيتها إلى السم الموصول‪ ،‬نحو‪ :‬الغلم‪ ،‬القائم‪.‬‬
‫@‪@427‬‬
‫وقد دخلت همزة الوصل على )أل( لسكون اللم‪#‬سر الصناعة ‪ ،1/115‬وانظر ‪ #.346‬أو هو‬
‫حرف بني على همزة الوصل في اصل وضعه‪#‬وهذا رأي الخليل‪ ،‬خلًفا لما اشتهر عنه أنها همزة‬
‫قطع في الصل‪ .‬التذييل ‪ .3/222‬وانظر الحاشية التي قبل السابقة‪#.‬‬
‫أخلص مما سبق إلى ن همزة الوصل حرف زائد على بنية الكلمة يدخل على ما سكن أوله من لكلم؛‬
‫لكي ل يبتدأ بساكن‪ ،‬وأنها تثبت في البتداء‪ ،‬أي تقطع في حالة النطق‪ ،‬وتسقط حين الدرج‪ ،‬فل‬
‫ينطق بها‪ .‬وقطع همزة الوصل في البتداء هو الصل فيها‪ ،‬وهو الموضع المعهود الذي ل يخفى‪،‬‬
‫ولكننا وجدنا هذه الهمزة قد خرجت عن أصلها في بعض المواضع التي تقطع فيها همزة الوصل؟‬
‫ولم قطعت في هذه المواضع؟ وما حكم قطعها في كل موضع منها؟ هذا ما سنتبينه فيما يأتي إن شاء‬
‫ال تعالى‪.‬‬
‫@‪@428‬‬
‫المبحث الول‪ :‬قطع همزة الوصل في )أل(‪ ،‬وفيه مسائل‪:‬‬
‫المسألة الولى‪ :‬قطع همزة الوصل في لفظ الجللة‪:‬‬
‫أوًل‪ :‬قطع همزة الوصل في نداء لفظ الجللة )يا ال(‪:‬‬
‫قبل أن نتحدث عن قطع الهمزة من لفظ الجللة هنا‪ ،‬ل بد أن نعرض لمسألة ندائه من حيث الجواز‬
‫وعدمه؛ لكونه اسًما محلى بـ)أل(‪ ،‬ونداء ما فيه )أل( مسألة خلفية‪.‬‬
‫ول إشكال في ندائه عند الكوفيين‪ ،‬فهم يجيزون نداء المحلى بـ)أل( مباشرة مطلًقا‪#‬النصاف‬
‫‪ ،1/335‬والتبيين ‪ ،444‬وائتلف النصرة ‪ . #.46‬ولكن الشكال هنا عند البصريين الذين يمنعون‬
‫نداء ما فيه )أل( مباشرة‪#‬نفسها‪ .#‬وقد سمع واشتهر نداء لفظ الجللة‪) :‬يا أل( ‪ ،‬ل ينكر ذلك أحد‪،‬‬
‫بل الجماع قائم على جوازه‪#‬الكتاب ‪ ،400 ،275 ،196 ،195 ،2/115‬والمقتضب ‪،1/388‬‬
‫وشرح اللمع للصفهاني ‪ ،2/643‬والنصاف ‪ ،1/377‬وشرح الملوكي لبن يعيش ‪،357‬‬
‫والمستوفى ‪ ،1/335‬وشرح الكافية للرضي ‪ ،1/1/356‬والمساعد ‪ ،2/509‬وشرح التصريح‬
‫‪ ،2/172‬وشرح الشموني ‪ .#.3/145‬فما تعليل البصريين لذلك؟‬
‫علة ذلك عندهم لزوم اللف واللم لهذا السم ل يفارقانه‪ ،‬حتى ُنّزل منزلة الحرف الصلي من‬
‫الكلمة‪ ،‬مع كثرة استعماله وذكره في الكلم‪ ،‬ونحن نعلم أن كثرة الستعمال علة معتمدة في كثير من‬
‫أبواب العربية‪#‬ينظر‪ :‬الشباه والنظائر ‪ #.2/304‬قال سيبويه )ت ‪180‬هـ(‪" :‬واعلم أنه ل يجوز‬
‫لك أن تنادي اسًما فيه اللف واللم ألبتة‪ ،‬إل أنهم قد قالوا‪) :‬يا أل اغفر لنا(‪ ،‬وذلك من قبل أنه اسم‬
‫يلزمه اللف‬

‫@‪@429‬‬
‫واللم ل يفارقانه‪ ،‬وكثر في كلمهم‪ ،‬فصار كأن اللف واللم فيه بمنزلة اللف واللم التي في نفس‬
‫الحروف‪#"...‬الكتاب ‪#.2/195‬‬
‫ضا عنه‪ ،‬وهذا مبني على‬ ‫وسبب هذا اللزوم وقوع اللف واللم موقع حرف أصلي حذف وصار عو ً‬
‫أن أصل لفظ الجللة )إله( على )ِفعال( في أحد قولي سيبويه‪ ،‬حذفت الهمزة التي هي فاء‬
‫الكلمة‪#‬وهو حذف على غير قياس‪ .‬الغفال ‪/3‬ب مخطوط‪ #.‬وعوض عنها اللف واللم وفي ذلك‬
‫يقول سيبويه‪..." :‬وكأن السم – وال أعلم – )إله(‪ ،‬فلما أدخل فيه اللف واللم حذفوا اللف‪#‬يريد‪:‬‬
‫ضا مما يقويه أن يكون‬‫الهمزة التي هي فاء الكلمة‪ ، #.‬وصارت اللف واللم خلًفا منها‪ .‬فهذا أي ً‬
‫بمنزلة ما هو من نفس الحرف"‪#‬الكتاب ‪ ،2/195‬وينظر‪ :‬المقتضب ‪ ،1/388‬والغفال ‪ -3‬ب‬
‫مخطوط‪ ،‬واشتقاق أسماء ال للزجاجي ‪ ،24‬والمقتصد في شرح اليضاح ‪#.2/757‬‬
‫وقد وضح السيرفي )ت ‪ 368‬هـ( كيف آل اللفظ إلى )ال(‪ ،‬فقال‪," :‬أصل اسم ال تعالى كأنه )إله(‪،‬‬
‫ثم تدخل عليه اللف واللم فيصير‪) :‬الله(‪ ،‬ثم تلين الهمزة فتلقى حركتها على لم التعريف‪ ،‬وتسقط‬
‫هي‪#‬يريد الهمزة فاء الكلمة‪ #.‬فيصير‪) :‬الله(‪ ،‬ثم تدغم ‪#‬والدغام يقتضي تسكين اللم الولى‪#.‬‬
‫ضا من الهمزة المحذوفة‪#"...‬شرح الكتاب‬ ‫في اللم فيصير )ال(‪ ،‬وتصير اللف واللم عو ً‬
‫للسيرافي ‪-3/42‬أ‪ -‬ب مخطوط‪ ،‬وينظر‪ :‬النكت ‪ ،547-546:1‬والمقتضب ‪ ،1/388‬ومعاني‬
‫القرآن وإعرابه للزجاج ‪ ،5/152‬المخصص ‪ ،17/136‬وأمالي ابن الشجري =‬
‫@‪@430‬‬
‫= ‪ ،195 ،2/194‬والنصاف ‪ ،1/399‬وأسرار العربية ‪ ،231‬والتبيين ‪ ،447‬وشرح المفصل‬
‫‪ ،2/9‬والخزانة ‪#.2/281‬‬
‫ضا أنها دخلت لهذا الغرض بعد أن لم تكن في اللفظ‪ ،‬بل المراد منها‬‫وليس المراد من كون )أل( عو ً‬
‫معنى التعريف في حال النداء‪ ،‬ومحضوها للتعويض‪#‬المقتصد في شرح اليضاح ‪#.2/759‬‬
‫والدليل على ذلك أن هذا السم ل يستعمل بدون )أل( إن في النداء وإن في غيره‪.‬‬
‫ومن العلماء من علل جواز نداء لفظ الجللة بأن هذا شيء اختص به هذا السم الكريم‪ ،‬كالباقولي‬
‫)ت ‪ 543‬هـ(‪#‬شرح اللمع ‪ ، #.2/623‬وأبي البركات النباري )ت ‪ 577‬هـ(‪#‬أسرار العربية‬
‫‪ ،#.231‬وابن بري )ت ‪ 582‬هـ(‪#‬اللسان )أله(‪ #.‬وهذا الولى فيما يبدو لي؛ لن هذا السم العظيم‬
‫ت نداؤه على الصل فيما هو محلى بـ)أل(‪ ،‬فلم يقولوا‪ ،‬ول يجوز أن يقولوا‪) :‬يا أيها ال(؛ "لن‬ ‫لم يأ ِ‬
‫اللهية التي تدل عليها لفظة )ال( ليس بمعنى يجوز أن يشترك فيه‪ ،‬ول في التوهم فيصح أن‬
‫يوصف به"‪#‬المستوفى ‪#.1/335‬‬
‫هذا عن جواز نداء اسم ال تعالى‪ .‬وقد ثبت قطع همزة الوصل فيه‪ ،‬نص على ذلك سيبويه )ت‬
‫‪180‬هـ(‪#‬الكتاب ‪ ، #.400 ،275 ،2/115‬وحكاه الفراء )ت ‪ 207‬هـ(‪#‬معاني القرآن ‪،1/203‬‬
‫وينظر‪ :‬اللسان )أله(‪ ،#.‬وحكى ثعلب )ت ‪ 291‬هـ( اللغتين عن العرب ‪#‬المحكم لبن سيده‬
‫‪ ،4/259‬واللسان )أله(‪ ، #.‬ونص أبو علي الفارسي )ت ‪ 377‬هـ( على‬
‫@‪@431‬‬
‫القطع‪#‬التعليقة على كتاب سيبويه ‪ .1/340‬وقال الرضي في شرح الكافية ‪" :1/1/457‬وحكى أبو‬
‫علي‪ :‬يا ال‪ ،‬بالوصل على الصل" ولم يزد على ذلك‪ .‬ونقل محققه في الحاشية عن المباحث‬
‫الكاملية أن أبا علي حكى اللغتين الوصل والقطع في التذكرة‪ ، #.‬وابن الشجري )ت ‪542‬‬
‫هـ(‪#‬أمالي ابن الشجري ‪ ، #.2/196‬وروي في ذلك شاهد من الرجز‪ ،‬وهو قوله‪:‬‬
‫على اسمك ال يا أل‪#‬معاني القرآن للفراء‬ ‫مبارك هو ومن سماه‬
‫‪ ،1/203‬والنصاف ‪ ،1/339‬والمساعد ‪ .2/509‬ولم أقف على قائل الرجز‪#.‬‬
‫فلم قطعت همزة الوصل فيه؟‬
‫وقفت في ذلك على أربعة أقوال‪:‬‬
‫القول الول‪ :‬وبه قال سيبويه )ت ‪ 180‬هـ(‪ ،‬وتبعه السيرافي )ت ‪ 368‬هـ(‪ ،‬وأبو الحسن الوراق‬
‫)ت ‪ 381‬هـ(‪ ،‬والرضي )ت ‪ 686‬هـ(‪ ،‬وهو أنه لما خرج عن اصله في النداء‪ ،‬خولف به في‬
‫همزة الوصل فقطعت‪:‬‬
‫وذلك أنه لما خالف ما هو الصل في نداء المحلى بـ)أل(‪ ،‬فنودي مباشرة دون )أيها( فخالفوا الصل‬
‫فيما همزته للوصل فقطعوها منه فقالوا‪) :‬يا أل(‪ ،‬قال سيبويه‪ ..." :‬كأنهم حين قالوا )يا أل(‪ ،‬فخالفوا‬
‫ما فيه اللف واللم‪ ،‬لم يصلوا ألفه وأثبتوها"‪#‬الكتاب ‪ #.2/115‬فقد وقع هذا القطع حين النداء‬
‫حا كلم سيبويه السابق‪...." :‬فلما اضطرهم المر‬ ‫للمخالفة الحاصلة في النداء‪ ،‬قال السيرافي موض ً‬
‫إلى ندائه خالفوا بلفظه لفظ ما ينادى مما فيه اللف واللم للتعريف؛ فقطعوا اللف‪ ،‬فصار في اللفظ‬
‫كأن اللف واللم أصليتان‪#"....‬شرح الكتاب للسيرافي ‪– 2/216‬أ‪ . #.‬إذن فالتغيير في النداء‬
‫جرأهم على التغيير في الهمزة‪ ،‬وهذا متفق مع أصلهم‪) :‬التغيير يأنس‬
‫@‪@432‬‬

‫بالتغيير(‪#‬ينظر‪ :‬الشباه والنظائر ‪ . #.1/326‬فتغيير السم عن المعهود في نداء المحلى بـ)أل(‬


‫شجعهم على قطع همزته‪ ،‬وهذا القطع قد أدى إلى شبه الحرف الزائد )أل( بالصلي‪ ،‬وهو الهمزة‬
‫المحذوفة التي هي فاء الكلمة‪ ،‬ويقوي هذا الشبه أن )أل( عوض عن الهمزة على وجه اللزوم‪ ،‬يقول‬
‫أبو الحسن الوراق )ت ‪ 381‬هـ(‪" :‬واعلم أنك إذا ناديته تعالى فقطعت ألفه‪) :‬يا أل اغفر لي(‪ ،‬وإنما‬
‫قطعت اللف لتدل بقطعها أنها في هذا الموضع قد خالفت سائر ما فيه اللف واللم‪ ،‬لن هذا اسم‬
‫قد نودي نداء ما فيه اللف واللم أصلية‪ ،‬فوجب أن يؤتى بلفظها على لفظ اللف واللم الصلية‬
‫ليطابق لفظها الحكم الذي اختصت به إن شاء ال"‪#‬علل النحو ‪ #.343‬وعلى ذلك قول الرضي‬
‫)ت ‪ 686‬هـ( ‪" :‬والكثر في )يا أل( قطع الهمزة؛ وذلك لليذان من أول المر أن اللف واللم‬
‫خرجا عما كانا عليه في الصل‪ ،‬وصارا كجزء الكلمة؛ حتى ل يستكره اجتماع )يا( واللم‪ ،‬فلو كانا‬
‫بقيا على اصلهما لسقطت الهمزة في الدرج‪ ،‬إذ همزة اللم المعرفة همزة وصل"‪#‬شرح الكافية‬
‫‪ .1/1/456‬وينظر‪ :‬المقتصد ‪ .759 – 2/758‬فقد نبه إلى أن اللف واللم في )يا أل( ليسا على‬
‫حالهما في سائر الكلم‪ ،‬فهما هنا عوض محض وليسا للتعريف‪ ،‬قال‪" :‬فغن قلت‪ :‬فكيف لم تقطع‬
‫الهمزة في غير النداء مع قولك إن اللف واللم عوض ‪ ...‬فالجواب أنهم لم يجعلوا اللف واللم في‬
‫ضا مع إفادتهما التعريف الذي يكون‬‫ضا من الفاء المحذوف فقط‪ ،‬وإنما جعلوهما عو ً‬‫غير النداء عو ً‬
‫في سائر الكلم‪#."..‬‬
‫القول الثاني‪ :‬توهم أصالة الهمزة )أل(‪ ،‬أو تشبيهها بالصلية وتنزيلها منزلتها‪ ،‬لوقوعها موقعها مع‬
‫الملزمة‪ :‬وهما قولن متقاربان؛ ولذا جعلتهما في موضع مًعا‪ ،‬وقد ذهب الفراء إلى التوهم‪ ،‬وذهب‬
‫أبو البركات النباري‪ ،‬والفرخان إلى التشبيه بالصلية‪ .‬قال الفراء )ت ‪ 207‬هـ( في أثناء حديثه عن‬
‫تركيب‬
‫@‪@433‬‬
‫)اللهم(‪" :‬ومن العرب من يقول إذا طرح الميم‪ :‬يا أل اغفر لي‪ ،‬ويا ال اغفر لي‪ ،‬فيهمزون ألفها‬
‫ويحذفونها‪ .‬فمن حذفها فهو على السبيل؛ لنها ألف ولم‪ ،‬مثل )الحارث( من السماء‪ ،‬ومن همزها‬
‫توهم أنها من الحرف‪#‬يريد من اصل الكلمة‪ ، #‬إذ كانت ل تسقط منه‪ ،‬أنشدني بعضهم‪:‬‬

‫على اسمك اللهم يا أل"‪#‬معاني القرآن‬ ‫مبارك هو ومن سماه‬


‫‪#.1/203‬‬
‫فالذي أدى إلى قطع همزة الوصل على هذا القول توهم أصالتها‪ ،‬أو تشبيهها بالصلية‪ ،‬بسبب‬
‫ل على هذا الشبه بينهما‪ ،‬يقول أبو البركات النباري )ت ‪577‬‬‫وقوعها موقعها‪ ،‬ثم عد هذا القطع دلي ً‬
‫هـ(‪" :‬ولو كانت الهمزة التي تدخل مع لم التعريف لوجب أن تكون موصولة‪ ،‬فلما جاز فيها ها هنا‬
‫القطع دل على أنها نزلت منزلة حرف من نفس الكلمة"‪#‬النصاف ‪ ،1/339‬وينظر‪ :‬ائتلف‬
‫النصرة ‪ #.46‬وقال الفرخان )ت ق ‪ 7‬هـ( ‪" :‬ومع هذا فإنهم لم يقولوا )يا أل( إل بعد أن نزلوا‬
‫اللف واللم فيه منزلة الصلية من الحروف‪ ،‬يدلك على ذلك قطعهم الهمزة"‪#‬المستوفى ‪#.1/335‬‬
‫وقد يقال‪ :‬إن توهم الصالة أو الشبه حاصل في النداء وغيره‪ ،‬فلم قطعت الهمزة في النداء وتركت‬
‫موصولة بدون النداء؟‬
‫ول أظن أن هذا يخفى على الفراء والنباري والفرخان‪ .‬فالذي يبدو لي هنا أن هؤلء قد اكتفوا‬
‫بجزء العلة من القول الول‪ ،‬قول سيبويه‪ ،‬بدليل أن القائلين به قالوا بالتشابه‪ ،‬كما في كلم السيرافي‬
‫السابق‪ ،‬ولكن بعد أن ذكروا العلة الساسية عندهم وهي أن التغيير في النداء أدى إلى التغيير في‬
‫الهمزة‪،‬‬

‫@‪@434‬‬
‫والتغيير في الهمزة أدى إلى التشابه‪ ،‬فاكتفى هؤلء بالجزء الخير من العلة‪ ،‬فقال الفراء بالتوهم‪،‬‬
‫وقال النباري والفرخان بتشبيه همزة )أل( بالصلية وتنزيلها منزلتها‪ .‬وال أعلم‪.‬‬
‫القول الثالث‪ :‬أن قطع الهمزة من لفظ الجللة حين النداء إنما وقع الدللة على أن )أل( عوض عن‬
‫الهمزة الصلية المحذوفة من )إله(‪ :‬وهو قول أبي علي الفارسي وكثير من النحويين‪ .‬وقال أبو علي‬
‫)ت ‪ 377‬هـ( بعد ذكره أن )أل( عوض من الهمزة‪" :‬وأما الدللة على أنها عوض فاستجازتهم‬
‫لقطع الهمزة الموصولة الداخلة على لم التعريف في القسم‪#‬سيأتي الحديث عن القسم بعد الفراغ من‬
‫ن؟( و)يا أل اغفر لي(‪ ،‬أل ترى‬ ‫الحديث عن النداء إن شاء ال‪ #.‬والنداء‪ ،‬وذلك قولهم‪) :‬أفأل لتفعل ّ‬
‫أنها لو كانت غير عوض لم تثبت كما لم تثبت في غير هذا السم‪ ،‬فلما قطعت هنا واستجيز ذلك‬
‫فيها‪ ،‬ولم يستجز في غيرها من الهمزات الموصولة‪ ،‬علمنا أن ذلك لمعنى اختصت به ليس في‬
‫غيرها‪ ،‬ول شيء أولى بذلك المعنى من أن يكون العوض من الحرف المحذوف الذي هو‬
‫الفاء"‪#‬الغفال ‪/3‬ب مخطوط‪ ،‬وينظر‪ :‬الصحاح واللسان )أله(‪ ،‬والمخصص ‪#.139 – 17/138‬‬
‫ضا من‬
‫وفي ذلك يقول الثمانيني )ت ‪ 442‬هـ( ‪ ":‬والذي يدل على أن اللف واللم قد صارتا عو ً‬
‫الهمزة المحذوفة أنهم يقطعون همزة الوصل في هذا السم‪ ،‬فيقولون‪) :‬يا أل اغفر لي(‪ .‬وإنما قطعوا‬
‫ضا من همزة قطع"‪#‬شرح التصريف‬ ‫همزة الوصل عمن هذا ليدلوا على أنها قد صارت عو ً‬
‫ل القطع على لغة بعض العرب‪...." :‬وبعض العرب‬ ‫‪ ،#.399‬وقال ابن الشجري )ت ‪ 542‬هـ( معل ً‬
‫يقطعون همزة لم التعريف منه في النداء‪ ،‬فيقولون‪) :‬يا أل(؛ ليدلوا بقطعها على أن اللف واللم‬
‫فيه عوض من همزة القطع‪#"....‬أمالي ابن الشجري ‪#.2/196‬‬
‫@‪@435‬‬
‫وعلى ذلك كثير من النحويين‪#‬ينظر‪ :‬الكشاف ‪ ،1/6‬وأسرار العربية ‪ ،231‬وشرح الملوكي ‪،357‬‬
‫وشرح ألفية ابن معط ‪ 2/1043‬والجنى الداني ‪ ،199‬والمساعد ‪#.2/509‬‬
‫ول يخفى أن هذا القول مبني على أن هذا السم اصله )فعال( حذفت فاؤه‪ ،‬وعوض عنها )أل(‪ ،‬ثم‬
‫استدلوا على هذا التعويض بجواز قطع همزة الوصل حين النداء‪.‬‬
‫ضا‪ ،‬فإذا كان قطع همزة الوصل من )أل(‬ ‫ولكن ما قيل في القول الثاني ينسحب على هذا القول أي ً‬
‫في )يا أل( للدللة على أن )أل( عوض عن فاء الكلمة من )إله(‪ ،‬فلم قطعت في النداء والقسم دون‬
‫غيرهما‪ ،‬والتعويض واقع على كل حال؟‬
‫والجواب عن ذلك – فيما يبدو لي – هو أن التغيير يأنس بالتغيير‪ ،‬فلما نؤدي هذا السم على خلف‬
‫السماء التي فيها)أل( غير بقطع همزة الوصل منه‪ .‬وبذلك يلتقي قول أبي علي مع قول سيبويه مع‬
‫اختلف في المسلك‪.‬‬
‫القول الرابع‪ :‬أن قطع الهمزة في )يا أل( من خصائص لفظ الجللة‪ ،‬بناًء منهم على أن لهذا السم‬
‫خصائص ليست لغيره‪ ،‬قال الزجاجي )‪ 340‬هـ(‪ ..." :‬وخص ببناء ل يشرك فيه سواه‪ ،‬ول يدعيه‬
‫أحد"‪#‬اشتقاق أسماء ال ‪ ،31‬وينظر‪ :‬حاشية الصبان ‪ ،3/146‬وحاشية الخضري ‪ #.2/118‬فهذا‬
‫حكم عام‪ ،‬أما عن قطع همزته‪ ،‬فقد ذكر الباقلني )ت ‪543‬هـ( حين تحدث عن الجمع بين )يا(‬
‫و)أل( في نداء لفظ الجللة أن العرب قد خصت هذا السم بخمسة أشياء‪ ،‬عد أولها الجمع بين )يا(‬
‫و)أل( في ندائه‪ ،‬والثاني قطع همزته‪ ،‬فقال‪" :‬والثاني‪ :‬أنهم قطعوا همزة الوصل مع )ال( فقالوا‪) :‬يا‬
‫أل( ولم يقولوا )يا ال(‪ ،‬كما قالوا‪:‬‬
‫@ ‪@436‬‬
‫)يا ابن فلن(‪ ،‬ولم يقولوا‪) :‬يا إبن فلن("‪#‬شرح اللمع ‪ #.2/624‬وغلى ذلك ذهب العكبري‬
‫فقال‪ ...":‬وقد اختص هذا السم بأشياء ل تجوز في غيره‪ ...‬ومنها‪ :‬قطع همزته في‬
‫النداء‪#"...‬اللباب في علل البناء والعراب ‪ ،1/336‬وينظر‪ :‬التبيين ‪#.447‬‬
‫وهذا القول ينسجم وقول سيبويه الخر في أصل اشتقاق لفظ الجللة أنه من )له يليه ليها( فأصله‬
‫)له(‪#‬ينظر‪ :‬الكتاب ‪ ،3/498‬ومعاني القرآن وإعرابه ‪ ،5/152‬ومجالس العلماء ‪ ،57‬والغفال‬
‫‪/3‬أ مخطوط والصحاح )أله( و)ليه(‪ ،‬والمخصص ‪ ،17/138‬وشرح الرضي ‪ ،1/1/457‬وتفسير‬
‫القرطبي ‪ ،1/102‬والبحر المحيط ‪ #.15– 1/14‬وفي ذلك يقول الرضي‪ " :‬وجوز سيبويه أن‬
‫يكون )ال( من له يليه ليها‪ ،‬أي استتر‪ ،‬فيقال في قطع همزته‪ ،‬واجتماع اللم و)يا(‪ :‬إن هذا اللفظ‬
‫اختص بأشياء ل تجوز في غيره‪ ،‬كاختصاص مسماه تعالى‪#"...‬شرح الرضي ‪. #.1/1/457‬‬
‫وممن قال بهذه الخصوصية ابن أبي الربيع‪#‬البسيط في شرح الجمل ‪#.2/934‬‬
‫ولعل قول الجوهري )ت ‪ 393‬هـ( بقطع الهمزة للتفخيم‪ ،‬مع التعليل بنية الوقف‪ ،‬يكون من هذا‬
‫القبيل‪ ،‬قال‪)" :‬يا أل( بقطع الهمزة؛ إنما جاز لنه ينوى به الوقف على حرف النداء؛ تفخيًما لهذا‬
‫ل صوتّيا لقطع همزة الوصل‪ ،‬إذ إن‬ ‫السم"‪#‬الصحاح )ليه(‪ #.‬لكننا نلمس في كلم الجوهري تعلي ً‬
‫النداء هنا مقام الدعاء‪ ،‬والدعاء يقتضي مد الصوت‪ ،‬ول يتحقق مد الصوت إل إذا قطعت همزة‬
‫الوصل؛ إذ وصلها يؤدي إلى حذف ألف )يا( على وجه‪ .‬وهذا غير مراد في سياق الدعاء‪ .‬وإثبات‬
‫ألف )يا( في هذا السياق مع وصل الهمزة يؤدي إلى‬
‫@‪@437‬‬
‫التقاء الساكنين‪ ،‬ألف )يا( ولم )أل(؛ لذا فغن قطع همزة الوصل في مقام الدعاء هو الوجه؛ لتحقيق‬
‫جا من أن يلتقي ساكنان‪.‬‬‫التفخيم الذي نبه عليه الجوهري‪ ،‬وخرو ً‬
‫حكم قطع الهمزة من لفظ الجللة حين النداء‪:‬‬
‫صا واحًدا منها يدل على وجوب قطع الهمزة في هذا‬ ‫كل النصوص السابقة تدل على الجواز‪ ،‬إل ن ّ‬
‫الموضع‪ ،‬وهو قول الباقلني‪" :‬ولم يقولوا يا ال"‪#‬شرح اللمع ‪ 2/624‬وقد سبق‪ #.‬يريد بهمزة‬
‫ل‪ :‬شرح الكافية الشافية لبن‬ ‫الوصل‪ .‬وهناك نصوص أخرى تدل على الجواز لم نذكرها‪#‬ينظر مث ً‬
‫مالك ‪ ،3/1407‬وشرح اللفية لبن الناظم ‪ ،571‬وحاشية العليمي على شرح التصريح ‪#.1/149‬‬
‫اكتفاًء بما سبق‪.‬‬
‫فالراجح هو جواز قطع الهمزة من لفظ الجللة وجواز وصلها لمرين‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬السماع‪ ،‬الذي أشرنا إليه في مطلع حديثنا عن هذه المسألة‪.‬‬
‫والخر‪ :‬قول جمهور العلماء بالجواز‪.‬‬
‫ي )ت ‪ 779‬هـ( وجهي الجواز بقوله‪" :‬وإذا قلت‪) :‬يا أل(‪ ،‬فذلك قطع الهمزة؛ نظًرا‬ ‫عْيِن ّ‬
‫وقد علل الّر َ‬
‫إلى أن اللف واللم صارت من نفس الكلمة‪ ،‬ولك وصلها؛ نظًرا إلى أصلها من كونها همزة‬
‫وصل"‪#‬شرح ألفية بن معط للرعيني‪ ،‬السفر السابع ‪) 631‬رسالة دكتوراه(‪ .‬ولعل الرعيني قد أفاد‬
‫ذلك من كلم الفراء السابق ذكره‪....." :‬فمن حذفها فهو على السبيل؛ لنها ألف ولم‪ ،‬مثل‬
‫)الحارث( من السماء‪ ،‬ومن همزها توهم أنها من الحرف‪ "...‬وأفاد أبو حيان أن القطع جائز‪ ،‬لكنه‬
‫شذوذ في القياس‪#‬التذييل ‪#.3/226‬‬
‫@‪@438‬‬
‫ل‪ ،‬وهو المختار عندي؛ لمرين‪:‬‬ ‫سا فإنه مطرد استعما ً‬ ‫ولئن كان القطع شاّذا قيا ً‬
‫أحدهما‪ :‬لما فيه من فائدة الدللة على التعويض كما في القول الثالث‪ ،‬والخصوصية كما في القول‬
‫الرابع‪ ،‬مع ما يؤيده من وظيفة صوتية‪.‬‬
‫والخر‪ :‬نص بعض العلماء على أن القطع أعرف وأكثر‪ ،‬قال الجرجاني )ت ‪ 471‬هـ(‪:‬‬
‫"‪.....‬فقطعوا همزة الوصل عند النداء حتى لم يقل‪ :‬يا ال‪ ،‬في العراف"‪#‬المقتصد ‪#.2/757‬‬
‫وسبق قول الرضي‪ " :‬والكثر في )يا أل؟( و)ل‪ ،‬ها أل ذا(‪ :‬وهذه تراكيب مسموع فيها قطع همزة‬
‫الوصل‪ ،‬فما تعليل ذلك؟ وما حكمه؟‬
‫تركيب‪ :‬أفأل‪ ،‬وفأل‪:‬‬
‫تقطع همزة الوصل من لفظ الجللة في القسم‪ ،‬بعد فاء العطف‪#‬هذا ما ذهب إليه السيرافي‬
‫والرضي‪ ،‬كما سيأتي‪ ،‬ومذهب الخفش أن الفاء زائدة‪ .‬انظر‪ :‬شرح الرضي ‪ #.2/2/1195‬التي‬
‫قبلها همزة استفهام‪ ،‬وذلك في تركيب‪) :‬أفأل؟(‪ ،‬وفي تعليل ذلك وقفت على قولين‪:‬‬
‫ضا عن واو القسم المحذوفة‪ .‬وهو‬ ‫أحدهما‪ :‬أن همزة الوصل من لفظ الجللة في )أفأل؟( قطعت عو ً‬
‫ضا من اللفظ بالواو(‪:‬‬‫مذهب سيبويه والمبرد‪ ،‬قال سيبويه في باب )ما يكون ما قبل المحلوف به عو ً‬
‫"‪.....‬وقد تعاقب ألف اللم حرف القسم‪ ،‬كما عاقبته ألف الستفهام‪ ،‬و)ها(‪#‬تحدث سيبويه قبل هذا‬
‫الموضع مباشرة عن حذف واو القسم والتعويض عنها بهمزة الستفهام‪ ،‬أو بـ )ها(‪ ،‬وفي مثل‪ :‬آل؟‬
‫وإي ها ال ذا‪ #.‬؛ فتظهر في ذلك الموضع الذي يسقط في جميع ما هو مثله؛ للمعاقبة‪ ،‬وذلك قولك‪:‬‬
‫)أفأل لتفعلن؟(‪#‬الكتاب ‪#.3/500‬‬
‫@‪@439‬‬
‫ثم تابع مؤكًدا أن قطع الهمزة هنا عوض عن واو القسم المحذوفة‪ ،‬فقال‪" :‬أل ترى إن قلت‪:‬‬
‫)أفوال؟( لم تثبت؟"‪#‬الكتاب ‪ ،3/500‬وينظر‪ :‬الصول ‪ #.1/432‬يريد‪ :‬ل تثبت همزة القطع؛‬
‫لنها عوض عن سقوط واو القسم؛ فإذا ظهرت واو القسم فل تقطع الهمزة؛ لن العوض والمعوض‬
‫ل يجتمعان‪ ،‬على ما هو مشهور في أصول النحويين‪#‬ينظر‪ :‬الشباه والنظائر ‪#.1/306‬‬
‫ولقد جلى السيرافي كلم سيبويه السابق‪ ،‬ووضح التركيب الذي تحدث عنه سيبويه‪ ،‬بقوله‪:‬‬
‫"‪.....‬ومن ذلك قولهم‪) :‬أفأل لتفعلن؟(‪ ،‬بقطع ألف الوصل في اسم ال‪ ،‬وقبل الفاء ألف الستفهام‪،‬‬
‫والفاء للعطف‪ ،‬وقطع ألف الوصل في اسم ال‪ ،‬وقبل الفاء ألف الستفهام‪ ،‬والفاء للعطف‪ ،‬وقطع ألف‬
‫الوصل عوض عن الواو‪ ،‬ولو جاء بالواو لسقطت ألف الوصل وقال‪ :‬أفوال؟"‪#‬شرح الكتاب‬
‫‪– 4/234‬ب مخطوط‪ .‬وينظر‪ :‬النكت ‪ ،2/956‬والمخصص ‪ ،114 ،31/113‬وشرح الرضي‬
‫‪#.2/2/1195‬‬
‫ل‪" :‬وإنما يكون هذا إذا قال قائل لخر‪:‬‬
‫ثم بين السيرافي كيفية استعمال هذا السلوب في السياق قائ ً‬
‫أبعت دارك؟ فقال له‪ :‬نعم‪ ،‬فقال له السائل‪ :‬أفأل لقد كان ذلك؟ فاللف للستفهام‪ ،‬والفاء للعطف‪،‬‬
‫وقطع ألف الوصل للعوض"‪#‬نفسها‪ ،‬وينظر‪ :‬البسيط ‪#.2/933‬‬
‫وتبع المبرد )ت ‪ 286‬هـ( سيبويه في ذلك فقال‪...." :‬وكذلك ألف الوصل إذا لحقتها الفاء جعلت‬
‫ضا‪ ،‬فثبتت‪ ،‬ولم تحذف‪ ،‬كما ثبتت مع ألف الستفهام‪#‬سيأتي الحديث عن قطع همزة الوصل بعد‬ ‫عو ً‬
‫همزة الستفهام في المسألة الرابعة إن شاء ال‪ ، #.‬وذلك قولك‪) :‬أفأل لتفعلن؟("‪#‬المقتضب‬
‫‪ ،2/323‬وينظر‪ :‬المساعد ‪ . #.2/307‬وتبعهما ابن يعيش )ت ‪643‬هـ(‪#‬شرح المفصل ‪#.9/106‬‬

‫@‪@440‬‬
‫ضا عن واو القسم من خصائص‬ ‫وقد عد بعض العلماء قطع همزة الوصل في )أفأل لتفعلن؟( عو ً‬
‫لفظ الجللة‪ ،‬قال ابن عصفور )ت ‪ 669‬هـ(‪" :‬وإذا حذفت حرف القسم فل يخلو أن يعوض‪#‬في‬
‫المطبوع‪) :‬تعوض( في الموضعين‪ #.‬منه شيء أو ل يعوض‪ ،‬فإن عوض منه شيء لم يجز إل‬
‫الخفض؛ لن العوض يجري مجرى المعوض منه‪ ،‬والعوض )ها( التنبيه‪ ،‬وهمزة الستفهام‪ ،‬وقطع‬
‫ألف الوصل‪ .‬إل أن العرب لم تجعل العوض إل في اسم ال تعالى‪ ،‬نحو‪) :‬ها ال لقومن( و)أفأل‬
‫ليقومن زيد؟( و)ال‪#‬في المطبوع‪) :‬وا أل ليخرجن عمرو؟("‪#‬شرح الجمل ‪ .#.532-1/531‬وقال‬
‫الرضي )ت ‪ 686‬هـ(‪" :‬ويختص لفظ )ال( بتعويض )ها( أو همزة الستفهام من الجار‪ ،‬وكذا‬
‫ضا من‬
‫يعوض من الجار فيها قطع همزة )ال( في الدرج‪ ،‬فكأنها حذفت للدرج ثم ردت عو ً‬
‫الحرف"‪#‬شرح الرضي ‪ #2/2/1193‬وقد نص على هذه الخصوصية كثير من العلماء‪#‬ينظر‪:‬‬
‫المفصل ‪ ،415‬واللباب ‪ ،1/336‬وشرح المفصل ‪ ،9/106‬وشرح الكافية الشافية ‪،2/865‬‬
‫والبسيط ‪ ،2/934‬والمساعد ‪#.2/307‬‬
‫القول الخر‪ :‬لبي علي الفارسي )ت ‪ 377‬هـ( حيث ذهب إلى أن قطع همزة الوصل في تركيب‬
‫ضا من همزة )إله( المحذوفة‪ ،‬كقوله في )يا أل( تماًما‪#‬ينظر فيما‬‫)أفأل؟( للدللة على كون )أل( عو ً‬
‫سبق‪ :‬المسألة الولى‪ ،‬القول الثالث‪#.‬‬
‫ول مانع من قطع الهمزة مع الفاء وحدها دون أن تسبقها همزة الستفهام‪ ،‬على ما سبق من‬
‫التعويض عن واو القسم‪ ،‬قال السيرافي)ت ‪368‬هـ(‪" :‬ولو أدخل الفاء من غير استفهام لجاز أن‬
‫يقول‪) :‬فأل لقد كان ذلك( إذا لم تستفهم"‪#‬شرح الكتاب ‪ – 4/234‬ب‪ ،‬وينظر‪ :‬شرح الرضي على‬
‫الكافية ‪#.2/2/1195‬‬
‫@‪@441‬‬
‫مم عوض بقطع الهمزة في )أفأل؟(؟‪:‬‬
‫وضح مما سبق أن مذهب جمهور العلماء هو أن التعويض بقطع الهمزة إنما هو عن واو القسم‪.‬‬
‫وذكر ابن مالك في شرح الكافية الشافية أن قطع الهمزة تعويض عن تاء القسم‪#‬شرح الكافية الشافية‬
‫‪ #.2/865‬وفي موضع آخر لم يخصص المحذوف بتاء أو باء أو واو‪ ،‬بل ذكر أنه قد يحذف الجار‬
‫ويبقى عمله في لفظ )ال( خاصة‪ ،‬ثم يعوض عنه أو ل يعوض‪#‬شرح الكافية الشافية ‪-2/860‬‬
‫‪ #.861،868‬وفي شرح التسهيل أفاد التعويض عن الجار الذي هو الباء‪#‬شرح التسهيل ‪،3/199‬‬
‫والمساعد ‪ #.2/307‬وجعل الرضي الحكم عاّما دون تعيين حرف معوض عنه بعينه‪ ،‬فقال‪" :‬‬
‫ويختص لفظ )ال( بتعويض )ها(‪ ،‬أو همزة الستفهام من الجار‪ ،‬وكذا يعوض من الجار فيها قطع‬
‫همزة )ال( في الدرج"‪#‬شرح الرضي على الكافية ‪ .2/2/1193‬وقد سبق هذا النص‪#.‬‬
‫من هذا يبدو لي أنه ل مانع من أن يكون المحذوف المعوض عنه هو الواو‪ ،‬أو التاء‪ ،‬أو الباء؛ لن‬
‫المشهور أن الباء أصل أحرف القسم‪ ،‬والواو بدل منها‪ ،‬والتاء بدل من الواو‪#‬ينظر في ذلك‪:‬‬
‫المقتضب ‪ ،2/319‬وسر الصناعة ‪ 1/121‬المفصل ‪ ،342‬وشرح الجمل لبن عصفور ‪،1/524‬‬
‫‪ ،525‬وشرح الكافية الشافية ‪ ،2/862‬والمساعد ‪ ،2/308‬والشباه والنظائر ‪ ،3/184‬وينظر‬
‫ضا ‪ .282 ،2/281‬أما ما غلب في حديث جمهور النحاة أن التعويض بقطع الهمزة وقع عن واو‬ ‫أي ً‬
‫ل فيما يظهر لي‪ ،‬و"ل يبعد أن يكثر الفرع ويقل الصل بضرب من‬ ‫القسم؛ فلن الواو أكثر استعما ً‬
‫التأويل"‪#‬الشباه والنظائر ‪#.282 ،3/281‬‬
‫حكم قطع همزة الوصل ي تركيب )أفأل؟(‪:‬‬
‫ضا عن واو القسم‪ ،‬كما جاء في كلم سيبويه‬ ‫حديث النحاة فيما سبق يدل على لزوم القطع عو ً‬
‫ضا ل يحذف"‪#‬الشباه‬ ‫والسيرافي والمبرد‪ ،‬والذي يؤيد ذلك أن من أصول الصنعة أنه "ما كان عو ً‬
‫والنظائر ‪#.1/322‬‬
‫وذهب ابن مالك إلى أن التعويض عن حرف القسم كثير‪ ،‬وعدم التعويض قليل‪ ،‬قال في حديثه عن‬
‫ل‪ ،‬وبعوض كثيًرا‪ ،‬والعوض إما‬ ‫حذف تاء القسم والتعويض عنها‪" :‬وتحذف جارة بغير عوض قلي ً‬
‫همزة الستفهام ممدودة‪ ،‬وإما قطع همزة الوصل‪ ،‬وإما هاء ثابتة اللف ساقطتها‪#"....‬شرح الكافية‬
‫الشافية ‪ #.2/865‬وذكر في موضع آخر أن بقاء عمل الجار ضعيف بل تعويض عنه‪ ،‬وغير‬
‫ضا عنه‪ ،‬قال‪" :‬وقد يحذف الجار ويبقى عمله في )ال( خاصة‪ ،‬بضعف‪ ،‬إن‬ ‫ضعيف إن كان معو ً‬
‫كان الحذف بل عوض‪ ،‬وبغير ضعف‪ ،‬إن كان بعوض"‪#‬شرح الكافية الشافية ‪#.861 – 2/860‬‬
‫فأفهم كلمه أن القطع جائز‪ ،‬لكنه أكثر‪ ،‬وأقوى‪.‬‬
‫فالراجح في هذه المسألة وجوب قطع الهمزة من لفظ الجللة في تركيب )أفأل؟(‪ ،‬ومثله )فأل؟(؛‬
‫فهو الظاهر من مذهب الجمهور‪ ،‬ولن القطع هنا عوض‪ ،‬والعوض ل يحذف‪.‬‬
‫تركيب‪ :‬ل‪ ،‬ها أل ذا‪:‬‬
‫تناول تحليل هذا التركيب جمهرة من العلماء‪ ،‬منهم‪ :‬سيبويه )ت ‪180‬هـ(‪ ،‬والمبرد )ت ‪ 286‬هـ(‪،‬‬
‫والسيرافي )ت ‪ 368‬هـ(‪ ،‬وابن جني )ت ‪ 395‬هـ(‪،‬‬
‫@‪@443‬‬
‫والزمخشري )ت ‪ 538‬هـ(‪ ،‬وابن أبي الربيع )ت ‪ 688‬هـ(‪ ،‬والسيوطي )ت ‪ 911‬هـ(‪#‬ينظر‪:‬‬
‫الكتاب ‪ ،302،3/503 ،2/160‬وشرحه للسيرافي ‪-3/97‬أ‪ – 4/234 ،‬ب‪ ،‬والمقتضب ‪2/321‬‬
‫وسر الصناعة ‪ ،1/133‬والمفصل ‪ ،415‬وشرحه لبن يعيش ‪ ،9/106‬والبسيط ‪ ،2/933‬وعقود‬
‫الزبرجد على مسند المام أحمد ‪ 2/185‬فما بعدها‪ ،‬لكن ما جاء في عقود الزبرجد فيه سقط‬
‫واضطراب‪ ،‬وبعضه يغني عنه ما جاء في المصادر الخرى المتقدمة عليه‪#.‬‬
‫وأصل هذا التركيب ‪ -‬كما ذكروا ‪) : -‬ل وال هذا ما أقسم ثم قدموا )ها( وفصلوا بين حرف التنبيه‬
‫)ها( والشارة )ذا(‪#‬في هذه خلف أهي )ذا( اسم الشارة‪ ،‬أم حرف الجواب )إذن(؟ وقد تناول هذا‬
‫الخلف بما يغني د‪ .‬محمود فجال في كتابه‪ :‬السير الحثيث إلى الستشهاد بالحديث ‪ 2/453‬فما‬
‫ضا من واو القسم‪،‬‬ ‫بعدها‪ ،‬وخلص إلى أن الوجهين صحيحان رواية وعربية‪ ، #.‬وجعلوا )ها( عو ً‬
‫ول يجوز الجمع بينهما؛ لنهم غيروا لفظ الكلم وترتيبه‪#‬ينظر‪ :‬شرح السيرافي ‪– 3/97‬أ‪ ،‬و‬
‫‪/22‬أ‪ ،‬و ‪– 4/234‬ب‪ .‬ونقله السيوطي في عقود الزبرجد ‪ 2/188‬عن أبي حاتم‪#.‬‬
‫وقد أشار ابن مالك )ت ‪ 672‬هـ( إلى أن قطع الهمزة لغة فيها‪ ،‬دون أن يعلل‪ ،‬قال‪":‬ومن العرب من‬
‫يقول‪) :‬هآ أل( – بالمد والهمز – و)هأل( – بهمزة دون مد – "‪#‬شرح الكافية الشافية ‪.2/865‬‬
‫وينظر‪ :‬شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلت الجامع الصحيح ‪ 167‬وعقود الزبرجد ‪#.2/187‬‬
‫وقد وقفت على تعليل لقطع همزة الوصل في هذا الموضع‪ ،‬للرضي )ت ‪ 686‬هـ( فقد نقل في هذا‬
‫التركيب أربع لغات إحداهن بقطع همزة الوصل‪ ،‬وهي هذه اللغة‪ ،‬وإنما قطعت "تنبيًها على أن حق‬
‫)ها( أن يكون مع )ذا( بعد )ال(‪ ،‬فكأن الهمزة لم تقع في الدرج"‪#‬شرح الرضي على الكافية‬
‫‪ ،1194-2/2/1193‬وينظر‪ :‬عقود الزبرجد ‪ #.2/189‬وبذلك يقرب الرضي قطع الهمزة في هذا‬
‫الموضع إلى الوجه القياسي المشهور وهو البتداء‪ .‬ولكن قطعت‬
‫@‪@444‬‬
‫الهمزة في الرسم ليعلم أنها مقطوعة نطًقا في الصل؛ لن الصل فيها أن تكون في البتداء‪ ،‬ثم‬
‫غيرت عن موضعها‪ .‬فتحصل من قطع همزة الوصل في هذا الموضع فائدة التنبيه على أصل‬
‫التركيب وان الهمزة كانت في البتداء‪.‬‬
‫المسألة الثانية‪ :‬قطع همزة الوصل في التذكر‪:‬‬
‫والمراد بالتذكر‪ :‬أن يلحق المتكلم آخر كلمه مدة تشعر باسترساله في الكلم‪#‬حاشية العليمي على‬
‫شرح التصريح ‪ #.1/149‬وقد صرح بقطع الهمزة في هذا الموضع الشيخ خالد الزهري )ت‬
‫‪ 905‬هـ(‪ ،‬إذ قال متحدًثا عن إثبات همزة الوصل في بعض المواضع‪" :‬ويثبتونها في القسم‪،‬‬
‫والنداء‪ ،‬والتذكر‪ ...‬وأما قولهم في التذكر‪) :‬ألي( فلما كثرت مصاحبة الهمزة للم نزل منزلة‬
‫)قد("‪#‬شرح التصريح ‪#.1/149‬‬
‫فالعلة –فيما يبدو لي – عند الزهري تشبيه )أل( وهي حرف معنى‪ ،‬بغيرها من حروف المعاني‪،‬‬
‫التي أحرفها كلها أصلية‪ ،‬فشبهت همزة الوصل لملزمتها هذا الموضع بالهمزة الصلية فقطعت‪.‬‬
‫ولعل الزهري قد أفاد هذا من تشبيه الخليل )أل( بـ)قد( في أنها حرف معنى مبني على حرفين من‬
‫أحرف الهجاء ل ينفصل بعضهما عن بعض‪ ،‬وفي كونه حرف معنى يفصل عما بعده في الكلم‪،‬‬
‫دون أن يتحدث عن قطع همزته‪ ،‬قال سيبويه‪" :‬وزعم الخليل أن اللف وللم اللتين يعرفان بهما‬
‫حرف واحد كقد‪ ،‬وأن ليست واحدة منهما منفصلة من الخرى‪#"...‬الكتاب ‪ .3/324‬ومذهب الخليل‬
‫قد أوهم كثيًرا من النحاة بأنه يقول في همزة )أل( أنها همزة قطع‪ .‬وليس كذلك بدليل ما بعده‪،‬‬
‫فلينظر‪ .‬وينظر توضيحه في التذييل ‪ .221 – 3/220‬وينظر في ما سبق حواشي التمهيد لهذا‬
‫البحث‪ #.‬واستدل الخليل على كون )أل( حرًفا ثنائّيا يفصل بقول الشاعر‪:‬‬
‫بالشحم إنا قد مللناه بجل‬ ‫دع ذا وعجل وألحقنا بذل‬
‫@‪@445‬‬
‫"قال‪ :‬هي ها هنا كقول الرجل وهو يتذكر" )فدي(‪ ،‬فيقول‪ :‬قد فعل‪ .‬ول يفعل مثل هذا – علمناه –‬
‫بشيء من الحروف الموصولة‪ .‬ويقول الرجل‪ :‬ألي‪ ،‬ثم يتذكر‪ ،‬فقد سمعناهم يقولون ذلك‪ ،‬ولول أن‬
‫اللف واللم بمنزلة )قد( و)سوف( لكانتا بناء بني عليه السم ل يفارقه‪#"...‬الكتاب ‪ .3/325‬وفي‬
‫الخزانة ‪ 7/198‬شواهد شعرية أخرى على فصل )أل(‪#.‬‬
‫ويظهر لي سبب آخر – ل يستقل بنفسه‪#‬لنه استقل في مثل قولهم )الحمر( مخفًفا من )الحمر( فلم‬
‫يؤد إلى القطع‪ .‬ينظر‪ :‬الكتاب ‪ ،3/545‬وشرحه للسيرافي ‪/5/7‬ب‪ ،‬والمسائل البغدادية ‪ 189‬فما‬
‫بعدها‪ ،‬والمسائل البصريات ‪ - #.1/218‬اجتمع مع هذا في تقوية الشبه‪ ،‬واديا على قطع همزة‬
‫الوصل هنا‪ ،‬وهو أن اللم تحركت حين التذكر لنه لحقتها الياء الساكنة للتذكر‪ ،‬وهمزة الوصل ل‬
‫تدخل إل على ساكن‪ ،‬فلما تحرك ما بعدها أشبهت الهمزة الصلية فقطعت‪.‬‬
‫والذي أراه هنا وجوب قطع همزة الوصل؛ لتحرك اللم بعدها‪ ،‬ولقوة شبهها بأحرف المعاني‬
‫ل على القطع في النطق‬ ‫المستقلة في الكلم‪ ،‬والتي أحرفها كلها أصلية‪ .‬وليكون القطع في الرسم دلي ً‬
‫حين التذكر‪.‬‬
‫المسألة الثالثة‪ :‬قطع همزة )أل( إذا دخلت عليها همزة الستفهام‪ .‬ويلحق بها )أيمن(‪:‬‬
‫إذا دخلت همزة الستفهام على همزة الوصل‪ ،‬سقطت همزة الوصل؛ للستغناء عنها بهمزة‬
‫الستفهام‪ ،‬كقوله تعالى )أصطفى البنات على البنين(‪#‬من سورة الصافات‪ ،‬الية ‪ .153‬ول لبس في‬
‫حذف همزة الوصل هنا؛ لن حركتها مختلفة عن حركة همزة الستفهام‪ .‬ينظر شرح الشافية‬
‫‪ #.269 – 2/268‬إل إذا كانت همزة الوصل مفتوحة‪ ،‬وذلك في )أل( ‪#‬سبق أن همزتها للوصل‬
‫عند الجمهور ومعهم الخليل وما نسب إليه من القول بان همزتها للقطع بين بطلنه أبو حيان‪ .‬وكذلك‬
‫سبق أن القول بقطعها نسب على ابن كيسان وفي الموفقي له أن للوصل‪ .‬ينظر حواشي التمهيد في‬
‫مطلع هذا البحث‪ ، # .‬و)أيمن(‪#‬همزتها للوصل بالصالة عند البصريين‪ .‬وعند الكوفيين أن همزتها‬
‫للقطع وهي جمع يمين على أفعل‪ ،‬ولكن وصلت همزتها لكثرة الستعمال‪ .‬ينظر النصاف ‪-1/404‬‬
‫‪ ، #.407‬والمخففة منها )أيم(‬
‫@‪@446‬‬
‫فل تحذف همزة الوصل؛ لئل يلتبس الستفهام بالخبر‪#‬ينظر‪ :‬الكتاب ‪ ،4/150‬ومعاني القرآن‬
‫للخفش ‪ ،1/7‬وأدب الكاتب ‪ ،276‬والمقتضب ‪ ،2/88 ،388 ،1/300‬والصول ‪،369-2/368‬‬
‫والتكملة ‪ ،18‬ومعاني الحروف للرماني ‪ ،34‬والتبصرة والتذكرة ‪ 1/440‬واللباب ‪– 2/194‬‬
‫‪ ،195‬وشرح الشافية ‪ ،3/64 ،266 – 265 ،2/224‬وشرح المفصل ‪ 9/138‬وشرح التسهيل‬
‫لبن مالك ‪ ،3/366‬والمساعد ‪ #.4/360‬والمشهور إبدال همزة الوصل ألًفا‪ ،‬أو تسهيلها‪#‬المراد‬
‫بالتسهيل‪ :‬النطق بها بين الهمزة واللف‪ .‬شرح الشافية ‪ ،2/268‬وشرح الشموني ‪ .4/277‬وعلى‬
‫التسهيل ل يتمكن المد‪ ،‬وعلى البدل يتمكن المد‪ .‬ينظر‪ :‬القناع لبن الباذش ‪ ،1/360‬وقال في‬
‫‪ "1/359‬وصورة التخفيف قد ذكر أصحاب سيبويه أنه بالبدل"‪ #.‬فالبدال كما في قوله تعالى‪:‬‬
‫)آلذكرين حم أم النثيين(‪#‬من سورة النعام‪ ،‬من الية ‪ ،143‬و ‪ ، #144‬واستشهد ابن مالك على‬
‫التسهيل بقول الشاعر‪:‬‬
‫أم الشر الذي يأتليني‪#‬شرح التسهيل‪ :‬النطق بها بين الهمزة‬ ‫أالخير أنا أبتغيه‬
‫واللف‪ .‬شرح الشافية ‪ ،2/268‬وشرح الشموني ‪ .4/277‬وعلى التسهيل ل يتمكن المد‪ ،‬وعلى‬
‫البدل يتمكن المد‪ .‬ينظر‪ :‬القناع لبن الباذش ‪ ،1/360‬وقال في ‪ "1/359‬وصورة التخفيف قد ذكر‬
‫أصحاب سيبويه أنه بالبدل"‪#.‬‬
‫وقول الخر‪:‬‬
‫أو انبت حبل أن قلبك طائر‪#‬شرح التسهيل ‪،3/467‬‬ ‫أالحق إن دار الرباب تباعدت‬
‫وينظر‪ :‬الكتاب ‪ ،3/136‬وشرح الكافية الشافية ‪ .4/2074‬والبيت لعمر بن أبي ربيعة وروايته في‬
‫الديوان ‪ :131‬أحًقا لئن دار‪ (...‬فل شاهد‪#.‬‬
‫هذا هو المشهور‪ ،‬غل أن بعض العلماء ألمح إلى كون همزة الوصل هنا قد أشبهت همزة القطع‪،‬‬
‫حا إلى أنها مشبهة بهمزة القطع‪" :‬وقالوا في‬‫وبعضهم صرح بأنها قد قطعت‪ ،‬قال سيبويه ملم ً‬
‫ضا بألف)أحمر( كراهية أن يكون كالخبر فيلتبس‪ .‬فهذا قول‬ ‫الستفهام‪ :‬آلرجل؟‪ ،‬شبهوها أي ً‬
‫الخليل"‪#‬الكتاب ‪#.3/325‬‬
‫@‪@447‬‬
‫ل‪ " :‬وجاءت كالمقطوعة مع ألف الستفهام‪ ،‬وذلك قوله‪#‬في‬ ‫وشبهها الزجاج بالمقطوعة قائ ً‬
‫المطبوع‪ :‬قولك‪) :#.‬قل آل أذن لكم(‪#‬من سورة يونس‪ ،‬من الية ‪ ، #.59‬و)قل آلذكرين حرم أم‬
‫النثيين(‪#‬من سورة النعام‪ ،‬من الية ‪ ،143‬و ‪##.144‬ما ينصرف وما ل ينصرف ‪.#.158‬‬
‫حا بالقطع‪" :‬قد اثبتوا هذه الهمزة بحيث تحذف همزات الوصل ألبتة‪ ،‬وذلك نحو‬ ‫وقال ابن جني مصر ً‬
‫قول ال عز وجل‪) :‬قل آل أذن لكم(‪ ،‬و)قل آلذكرين حرم أم النثيين(‪ ،‬ونحو قولهم في القسم‪ :‬أفأل‪،‬‬
‫و‪ :‬لها أل ذا‪#"...‬سر الصناعة ‪ #.335– 1/334‬وقد نص ابن جني بعد ذلك على أن همزة‬
‫الوصل قد قطعت بعد همزة الستفهام بقوله‪" :‬وأما قوله سبحانه وتعالى‪) :‬آلذكرين حرم( وقوله‪) :‬آل‬
‫أذن لكم(‪ ،‬فإنما جاز احتمالهم لقطع همزة الوصل؛ مخافة التباس الستفهام بالخبر"‪#‬سر الصناعة‬
‫‪ #.1/340‬ثم قوى جواز ذلك بان هذه الهمزة مختلف فيها بحسب الصل أهي همزة وصل أم همزة‬
‫قطع‪ ،‬وأن همزة الوصل التي ل خلف فيها قد قطعت للضرورة‪ ،‬فما اختلف فيها أولى أن تقطع‬
‫لمشابهتها همزة القطع‪ ،‬قال‪" :‬وإذا جاز قطع همزة الوصل التي ل اختلف بينهم فيها‪ ،‬نحو ما أنشده‬
‫أبو الحسن‪:‬‬
‫على حدثان الدهر مني ومن جمل‪#‬البيت لجميل معمر في‬ ‫أل ل أرى اثنين أحسن شيمة‬
‫ديوانه ‪#.181‬‬
‫@‪@448‬‬
‫ونحو قول الخر‪:‬‬
‫وكل اثنين إلى فراق‪#‬الرجز منسوب إلى قدامة في شرح‬ ‫يا نفس صبًرا كل حي لق‬
‫شواهد شرح الشافية للبغدادي ‪ .184‬وهو بل نسبة في معاني القرآن للخفش ‪ ،1/12‬والخصائص‬
‫‪ ،2/475‬والمحتسب ‪#.1/248‬‬
‫وقو الخر‪:‬‬
‫بنشر وتكثير الحديث قمين‪#‬البيت لقيس بن الخطيم في‬ ‫إذا جاز الثنين سر فإنه‬
‫ديوانه ‪ ،105‬وفي معاني القرآن للخفش ‪#.1/12‬‬
‫ضا‪ ،‬مشابهة لما ل يكون من‬ ‫فأن يجوز قطع الهمزة التي هي مختلف في أمرها‪ ،‬وهي مفتوحة أي ً‬
‫الهمز إل قطًعا‪ ،‬نحو همزة‪ :‬أحمر‪ ،‬وأصفر‪ ،‬ونحوهما‪ ،‬أولى وأجدر"‪#‬سر الصناعة ‪– 1/341‬‬
‫‪ .342‬وينظر‪ :‬خزانة الدب ‪#.203– 7/202‬‬
‫وقد ذكر ابن مالك في شرح الكافية الشافية أنها تقطع بإبدالها ألًفا‪ ،‬أو بتسهيلها مقطوعة‪ ،‬قال‪:‬‬
‫"الهمزة المتقدمة على لم التعريف هي همزة وصل‪ ،‬إل أنها خالفت همزات الوصل بأنها تقطع إذا‬
‫دخلت عليها همزة الستفهام بإبدالها ألًفا‪ ،‬وهي اللغة المأخوذ بها في التلوة المرضية‪،‬‬
‫وبتسهيلها‪#‬في المطبوع )وبتسهيلها( ‪ ،‬وفي حاشية )‪ (6‬نقل عن نسخة أخرى‪) :‬بتسهيلها(‪ ،‬وأظنه‬
‫الصواب‪ ،‬ليتفق مع ما سبق وما سيأتي في شرح التسهيل من الوجه الخر‪ ،‬الذي هو التسهيل‪ ،‬ولم‬
‫أقف على من قال بتسليم الهمزة الثانية وتحقيقها‪ ،#.‬كقول الشاعر‪ ،‬أنشده سيبويه‪:‬‬
‫أو انبت حبل أن قلبك طائر‪#‬شرح الكافية الشافية‬ ‫أالحق إن دار الرباب تباعدت‬
‫‪ .2075– 4/2074‬وسبق تخريج البيت قبل قليل‪#.‬‬
‫وحين تحدث ابن مالك في شرح التسهيل عن هذه الهمزة لم يذكر سوى البدال والتسهيل دون‬
‫القطع‪ ،‬فقد قال بعد إيراده الية المذكورة‪" :‬والمشهور‬
‫@‪@449‬‬
‫إبدالها‪ ،‬وقد تسهل كقول الشاعر‪#"....‬شرح التسهيل ‪ #.367-3/366‬وذكر البيتين السابقين‬
‫)ألخير‪ (...‬و)ألحق‪.(...‬‬
‫والذي يبدو لي هنا أن همزة الوصل قد قطعت‪ ،‬ثم أبدلت؛ لن همزة الوصل ل تبدل كما نقل عن‬
‫أبي عمرو‪#‬شرح التصريح ‪ #.2/366‬وأجاب عن ذلك الشلويين‪" :‬بأنها قد أشبهت همزة القطع من‬
‫وجوه‪ ،‬فل بعد ثبوتها وتغيير صورتها بإبدالها‪ ،‬للفرق بين الخبر والستخبار‪ ،‬وهو أولى من اجتلب‬
‫همزة أجنبية‪#"....‬نفسه‪ #.‬وهذا منسجم مع ما ذهب غليه سيبويه من أنها همزة )أحمر(‪ ،‬وقول‬
‫الزجاج أنها كالمقطوعة‪ ،‬وما ذكره ابن جني من جواز قطعها لنها مختلف فيها في الصل‪.‬‬
‫ويلحق بهذا الحكم همزة )آيمن( ومخففها )آيم(‪ ،‬إذا دخلت عليهما همزة الستفهام‪ ،‬فيقال‪ :‬آيمن ال‬
‫لقد كان ذاك؟‪ ،‬وآيم ال لقد كان ذاك؟؛ للعلة نفسها‪ ،‬قال المبرد‪" :‬وألف )أيم( التي للقسم‪ ،‬و)أيمن(‬
‫بمنزلة ألف اللم؛ لنها مفتوحة‪ ،‬وهي ألف وصل‪ ،‬فالعلة واحدة"‪#‬المقتضب ‪ .1/300‬وينظر‪:‬‬
‫‪ ،1/388‬والكتاب ‪ ،4/150‬والتبصرة والتذكرة ‪ ،1/443‬وشرح ألفية ابن معط للقواس ‪،2/1311‬‬
‫والتذييل ‪ ،3/221‬وشرح التصريح ‪#.2/366‬‬
‫وذهب القرطبي )ت ‪ 671‬هـ( إلى أن همزة الوصل باقية على حالها‪ ،‬إذ قال عند تفسير قوله تعالى‪:‬‬
‫)قل آلذكرين(‪" :‬وزيدت مع ألف الوصل مدة الفرق بين الستفهام والخبر"‪#‬الجامع لحكام القرآن‬
‫‪#.7/114‬‬
‫@‪@450‬‬
‫ويرى د‪ .‬كمال بشر أن همزة )أل( و)ايمن( همزة قطع موافًقا من قال بذلك من القدماء‪ ،‬واستدل‬
‫على ذلك بمعاملتها معاملة همزة القطع في هذا السياق بالبدال أو التسهيل‪ .‬وأن سقوطها في بعض‬
‫الحيان ما هو إل ظاهرة صوتية اقتضاها السياق‪#‬دراسات في علم اللغة ‪#.171– 170‬‬
‫قلت‪ :‬المر سيان سواء كانت همزة قطع بالصالة‪ ،‬كما يقول‪ ،‬أو همزة وصل قطعت‪ ،‬كما ذهب‬
‫أكثر القدماء‪ ،‬فالحاصل أنها خففت بالبدال أو التسهيل في الحالتين؛ لن همزة الوصل في البتداء‬
‫تساوي همزة القطع ول فرق‪ ،‬يقول أبو البركات‪....":‬لن همزة القطع وهمزة الوصل تستويان في‬
‫البتداء"‪#‬النصاف ‪ #.2/745‬فعلى قول الجمهور بأنها همزة وصل‪ ،‬ثم دخلت عليها همزة‬
‫الستفهام كان حكم همزة الوصل أن تحذف‪ ،‬ولن الحذف –نطًقا أو رسًما – يؤدي إلى اللبس‪ ،‬فل‬
‫يعرف الستفهام من الخبر‪ ،‬فلم تحذف لذلك‪ ،‬وثبتت مقطوعة أو كالمقطوعة‪ ،‬وأخذت حكم‬
‫المقطوعة في البدال بالتسهيل‪.‬‬
‫إذن‪ ،‬فالحديث هنا عن همزتين متحركتين اتقتا وجرت عليهما أحكام التخفيف المشهورة بالمذهبين‬
‫المذكورين‪#‬ينظر‪ :‬شرح الشافية ‪ #.2/224‬تخفيًفا للجهد العضلي المبذول في نطق همزتين‬
‫متواليتين متحركتين‪ ،‬يقول د‪ .‬إبراهيم أنيس‪..." :‬فقد لجأ كثير من القراء إلى تخفيض ذلك الجهد‬
‫العضلي في نطقها محققتين‪ ،‬بأن نطق بعضهم بالهمزة الثانية مسهلة بين بين‪ ،‬ولكن الخرين أطالوا‬
‫حركة الهمزة الولى ليصير النطق بالثانية هيًنا يسيًرا‪#"....‬الصوات اللغوية ‪#79‬‬
‫@‪@451‬‬
‫أخلص مما سبق إلى أن علة قطع همزة الوصل في هذا الموضع هو دفع اللبس في سياق الستفهام‬
‫بالهمزة‪ ،‬وأن حكم القطع هنا لزم‪ ،‬ل مفر منه‪.‬‬
‫المسألة الرابعة‪ :‬قطع همزة )ألبتة(‪:‬‬
‫ذكر كثير من النحويين واللغويين كلمة )ألبتة(‪ ،‬متناولين معناها وإعرابها‪#‬نحو‪ :‬العين ‪،8/109‬‬
‫والكتاب ‪ ،1/379‬وشرحه للسيرافي ‪ – 2/116‬ب‪ ،‬والزاهر ‪ ،2/345‬والرتشاف ‪،2/215‬‬
‫وشرح الرضي على الكافية ‪ ،1/379‬واللسان والقاموس )بنت(‪ #.‬ولم يتحدث عن همزتها إل القلة‬
‫منهم‪.‬‬
‫وأما عن معناها فقد جاء في العين‪" :‬و)ألبتة( اشتقاقها من القطع‪ ،‬غير أنه مستعمل في كل أمر ل‬
‫رجعة فيه ول التواء"‪#‬العين ‪ .8/109‬وينظر‪ :‬الصحاح واللسان والتاج )بنت(‪#.‬‬
‫وذكر سيبويه أن اللف واللم لزمان فيها‪ ،‬قال في باب ما ينتصب من المصادر توكيًدا لما قبله‪:‬‬
‫"ومن ذلك قولك‪ :‬قد قعد البتة‪ ،‬ول يستعمل إل معرفة باللف واللم"‪#‬الكتاب ‪ ،1/379‬وينظر‪:‬‬
‫شرحه للسيرافي ‪– 2/116‬ب‪ ،‬ومجالس العلماء ‪ ،223‬وأمالي الزجاجي ‪. #.62‬وذكر ابن بري‬
‫)ت ‪ 582‬هـ( أن الفراء )ت ‪ 207‬هـ( يجيز تنكيره وذكر ابن بري )ت ‪ 582‬هـ( أن الفراء )ت‬
‫‪ 207‬هـ( يجيز تنكيره ‪#‬التنبيه واليضاح )بتت(‪ .‬وينظر اللسان والتاج )بتت(‪ #.‬ووضح ثعلب )ت‬
‫‪ 291‬هـ( أن )ألبتة( إذا كانت لمعهود فهي باللف واللم‪ ،‬وإذا لم تدخلها اللف واللم كانت على‬
‫أصل المصادر‪ .‬وكذا شأن المصادر كلها‪#‬مجالس ثعلب ‪ #.2/397‬ورجح الرضي أن تكون )أل(‬
‫في )ألبتة( عهدية‪#‬شرح الرضي على الكافية ‪ ،#.1/1/379‬وجاء في لباب العراب أن الكثر‬
‫فيها التعريف‪#‬لباب العراب للسفرائيني ‪#.210‬‬
‫@‪@452‬‬
‫وأما همزة )ألبتة( فهمزة )أل(‪ ،‬وهي همزة وصل كما هو معلوم‪ ،‬فهل تقطع؟ ولماذا؟‬
‫عا ل‬ ‫ذهب الفرخان )ت‪ :‬ق ‪ 7‬هـ(‪ ،‬والسفراييني )ت ‪ 684‬هـ(‪ ،‬إلى أن همزة )ألبتة( قطعت سما ً‬
‫سا‪#‬المستوفي ‪ ،1/303‬ولباب العراب ‪ .210‬وينظر‪ :‬الفوائد العجيبة ‪ #.54‬وتبعها الكرماني‬ ‫قيا ً‬
‫)ت ‪786‬هـ(‪ ،‬ففي شرحه للحديث‪" :‬وقال نافع‪ :‬طلق رجل امرأته ألبتة" قال‪" :‬قوله )ألبتة( نصب‬
‫على المصدر‪ ،‬قال النحاة‪ :‬قطع همزة )ألبتة( بمعزل عن القياس"‪#‬صحيح البخاري بشرح الكرماني‬
‫‪) 19/194‬كتاب الطلق‪ ،‬باب الطلق في الغلق(‪ ،#.‬وتبعهم العيني )ت ‪ 855‬هـ(‪#‬عمدة القاري‬
‫‪ ، #.20/253‬والزهري )ت ‪ 905‬هـ( ‪#‬شرح التصريح ‪ #.1/94‬والكفوي )ت ‪1094‬‬
‫هـ(‪#‬الكليات ‪ ، #.246‬وتبعهم الصبان )ت ‪ 1206‬هـ(‪#‬حاشية الصبان ‪ #.2/120‬ومن‬
‫المعاصرين عباس حسن‪#‬النحو الوافي ‪#.2/227‬‬
‫وقد حاول الفرخان )ت‪ :‬ق ‪ 7‬هـ( تفسير القطع المسموع –هنا – على الستئناف‪ ،‬إذ قال‪" :‬ومما‬
‫ينتصب مصدًرا قولهم‪ :‬ل أفعل ذلك ألبتة‪ ،‬قطعت الهمزة إشعاًرا بأن الكلم كأنه قد تم عند قولك‬
‫ل به معنى‪ ،‬وليس هذا‬ ‫ظا‪ ،‬وإن كان متص ً‬‫)ذلك(‪ ،‬ثم استأنف قولك )ألبتة( على القطع من الول لف ً‬
‫شيًئا يقاس عليه"‪#‬المستوفى ‪ #.1/303‬فالظاهر أنه يريد أن المعنى انتهى بقولنا )ل افعل ذلك( ثم‬
‫أريد تأكيد مضمون الجملة بالمصدر فقيل )البتة( أي‪ :‬أبت البتة‪ ،‬بمعنى‪:‬‬
‫@‪@453‬‬
‫أقطع قطًعا‪ .‬فالمفعول المطلق – هنا – المؤكد لمضمون الجملة لمضمون وعمله المحذوف وجوًبا‬
‫جملة استئنافية‪ ،‬فهي مقطوعة عن سابقتها من جهة الصنعة النحوية اللفظية‪ ،‬وإن كانت متصلة بها‬
‫من جهة المعنى؛ لنها مؤكدة لها وهو بذلك يحاول أن يرد الشاذ إلى الوجه القياسي الذي تقطع فيه‬
‫همزة الوصل بل خلف‪ ،‬وهو البتداء أو الستئناف‪ ،‬حيث تسقط همزة الوصل في الدرج وتثبت‬
‫في البتداء نطًقا‪ .‬ولكن يبدو لي أنها ثبتت –هنا – في الرسم للدللة على المعنى الذي نبه إليه‬
‫الفرخان‪ .‬وهذا شيء خاص بهذه الكلمة )ألبتة(؛ لقوله‪" :‬وليس هذا شيًئا يقاس عليه"‪.‬‬
‫وارى أنه تعليل جيد؛ لنه ينطلق من مراعاة السياق الذي ترد في هذه الكلمة‪ ،‬والوظيفة النحوية لها‪.‬‬
‫وقد أنكر جماعة من العلماء قطع الهمزة من )ألبتة(‪ ،‬كابن حجر العسقلني )ت ‪ 852‬هـ(‪ ،‬الذي‬
‫جزم بأنها همزة وصل‪ ،‬ففي تعقيبه على كلم الكرماني السبق قال‪" :‬وفي دعوى أنها تقال بالقطع‬
‫نظر‪ ،‬فإن ألف )ألبتة( ألف وصل قطًعا‪ .‬والذي قاله أهل اللغة‪ :‬ألبتة‪ :‬القطع‪ .‬وهو تفسيرها بمفردها‪،‬‬
‫ل أن المراد أنها تقال بالقطع"‪#‬فتح الباري ‪) 9/392‬كتاب الطلق‪ ،‬باب الطلق في الغلق(‪#.‬‬
‫وكأنه بذلك يوهم الكرماني‪ ،‬ويلمح إلى أنه التبس عليه كلم أهل اللغة‪ ،‬فخلط بين تفسيرهم للكلمة‬
‫بالقطع‪ ،‬والحديث عن همزتها‪ .‬وقال في موضع آخر‪" :‬ولم أر ما قاله في كلم أحد من أهل‬
‫اللغة"‪#‬فتح الباري ‪) 7/483‬كتاب المغازي‪ ،‬باب غزوة خيبر(‪#.‬‬
‫وتبعه ابن الحنبلي )ت ‪ 971‬هـ(‪#‬عقد الخلص ‪ ،#.205‬وابن عابدين )ت ‪ 1252‬هـ( ‪ ،‬وله حجة‬
‫واهية‪ ،‬إذ قال في تأييد ابن حجر‪" :‬قلت‪ :‬القياس يقتضي ما قاله الحافظ؛ فإنه من المصادر الثلثية‪،‬‬
‫وهمزتها همزة وصل"‪#‬الفوائد العجيبة ‪ .53‬وينظر ‪#.54‬‬
‫@‪@454‬‬
‫وليس المر على ما قال‪ ،‬فقد رد العيني على ابن حجر دافًعا نسبة الوهم إلى الكرماني‪ ،‬قال عقب‬
‫إيراده كلم ابن حجر‪" :‬قلت‪ :‬النجاة لم يقولوا‪) :‬ألبتة‪ :‬القطع( فحسب‪ ،‬وغنما قالوا‪ :‬قطع همزة‬
‫)ألبتة(‪ ،‬بتصريح نسبة القطع إلى الهمزة"‪#‬عمدة القاري ‪) 20/253‬كتاب الطلق‪ ،‬باب الطلق في‬
‫الغلق(‪ #.‬وهذا هو الصحيح‪ ،‬فالفرخان والسفراييني تحدثا صراحة عن قطع همزتها‪.‬‬
‫أما ما ذهب إليه ابن عابدين‪ ،‬فواضح أنه وهم؛ فـ )ألبتة( مصدر لفعل ثلثي‪ ،‬ولنه ليس مبدوًءا‬
‫ل‪ ،‬كما تبادر إليه‪ ،‬ومصادر الثلثي المبدوءة بهمزة إنما همزتها للقطع‪ ،‬مثل‪ :‬أكل‪ ،‬وأمر‪.‬‬ ‫بهمزة أص ً‬
‫والحديث عن قطع الهمزة هنا إنما هو في )أل( العهدية الداخلة على المصادر كما سبق‪.‬‬
‫مما تقدم من حديث عن )ألبتة( يبدو لي أن الراجح قطع همزتها لمرين‪ :‬أحدهما‪ :‬أن قطع همزتها‬
‫فصيح في الستعمال؛ لتضافر السماع به‪ ،‬وإن كان شاّذا في القياس‪ ،‬فإن ما كان هذه حاله من الكلم‬
‫يغلب فيه المسموع على المقيس في نظائره‪ ،‬فمن ذلك ما نقله ابن جني )ت ‪ 395‬هـ( من أمثلة‬
‫المطرد في الستعمال الشاذ في القياس‪ ،‬كقولهم‪) :‬أخوص الرمث‪ ،‬واستصوبت المر‪ ،‬واستحوذ‪،‬‬
‫واستنوق‪ ،‬وأغيلت المرأة‪ ،‬واستتيست الشاة(‪#‬الخصائص ‪ ،1/98‬وينظر‪ :‬المزهر ‪ #.1/228‬فقد‬
‫اقتصر في هذه على المسموع دون المقيس في نظائرها‪.‬‬
‫والخر‪ :‬ما أورده الفرخان من تعليل يقربها من الموضع القياسي لقطع همزة الوصل‪ ،‬وهو البتداء‪،‬‬
‫أو الستئناف‪ ،‬منطلًقا من مراعاة السياق والوظيفة النحوية للكلمة‪.‬‬
‫@‪@455‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬قطع همزة الوصل في العلم المنقولة‪ ،‬وفيه مسائل‪:‬‬
‫المسألة الولى‪ :‬في العلم المنقولة من أفعال مبدوءة بهمزة وصل‪:‬‬
‫أجمع النحويون على أن الفعال المبدوءة بهمزة وصل إذا سمي بها قطعت همزتها‪ ،‬ونصوصهم في‬
‫ل بـ)اضرب(‪ ،‬أو )اقتل( أو )اذهب( لم‬ ‫ذلك صريحة‪ ،‬قال سيبويه )ت ‪ 180‬هـ( ‪" :‬وإذا سميت رج ً‬
‫تصرفه‪ ،‬وقطعت اللفات"‪#‬الكتاب ‪ 3/198‬وينظر‪ ، #.199 :‬وقال في )باب أسماء السور(‪ :‬وإذا‬
‫أردت أن تجعل )اقتربت( اسًما قطعت اللف‪ ،‬كما قطعت ألف )إضرب( حين سميت به‬
‫الرجل"‪#‬الكتاب ‪#.3/256‬‬
‫وقال السيرافي‪ " :‬وإذا أردت أن تجعل )اقتربت( اسًما قطعت اللف‪ ،‬ووقفت عليها بالهاء‪ ،‬فقلت‪:‬‬
‫)هذه إقتربه(‪....‬ويجوز أن تحكيها فتقول‪) :‬هذه اقتربت("‪#‬شرح الكتاب ‪-4/111‬أ‪ #.‬ونقل أبو حيان‬
‫ل‪،‬‬‫)ت ‪ 745‬هـ( عن الخفش الوسط )ت ‪ 215‬هـ( قوله‪" :‬كل فعل فيه ألف وصل سميت به رج ً‬
‫فإنك تقطع اللف‪ ،‬تقول هذا إضراب"‪#‬تذكرة النحاة ‪#.331‬‬
‫وإلى ذلك ذهب كثير من النحاة كالمبرد )ت ‪ 286‬هـ(‪ ،‬والزجاج )ت ‪ 311‬هـ(‪ ،‬وابن خالويه )ت‬
‫‪ 307‬هـ(‪ ،‬وابن جني )ت ‪ 395‬هـ(‪ ،‬والزجاج )ت ‪ 311‬هـ(‪ ،‬وابن خالويه )ت ‪ 370‬هـ(‪ ،‬وابن‬
‫جني )ت ‪ 395‬هـ(‪ ،‬وابن النباري )ت ‪ 577‬هـ(‪ ،‬وابن يعيش )ت ‪ 643‬هـ(‪ ،‬وابن مالك )ت ‪672‬‬
‫هـ( وابن الصائغ )ت ‪ 680‬هـ(‪ ،‬وغيرهم‪#‬ينظر‪ :‬المقتضب ‪ ،3/366‬وما ل ينصرف للزجاج ‪،83‬‬
‫‪ ،152‬واللفات لبن خالويه ‪ ،47‬والمبهج في تفسير أسماء شعراء الحماسة ‪ ،13‬والنصاف‬
‫‪ @456@،340 – 1/339‬وشرح المفصل ‪ ،1/31‬والمستوفى ‪ ،1/37‬وشح الكافية الشافية‬
‫‪ ،3/1467‬وشرح الجمل لبن الضائع‪ ،‬القسم الول ‪ ،827‬والتذييل ‪ ،2/309‬والمساعد ‪،3/52‬‬
‫وشرح التصريح ‪#.2/172‬‬
‫ومن الشواهد التي ذكروها على ذلك قولهم )إصمت( علم على الصحراء‪ ،‬منقول من فعل المر‪،‬‬
‫قال ابن جني‪" :‬وأما الفعل المستقبل المنقول إلى العلم‪ ،‬فنحو قولهم في اسم الفلة )إصمت(‪ ،‬وإنما‬
‫هو أمر من قولهم‪ :‬صمت يصمت‪)#‬صمت( من باب )قتل( مضارعه بضم العين‪ .‬المصباح‬
‫)صمت(‪ .‬ولكنه حين النقل غير بقطع الهمزة وكسرت عينه‪ ،‬وقيل‪ :‬قد يكون الكسر لغة فيه‪ .‬ينظر‪:‬‬
‫الصول ‪ ،2/82‬وشرح المفصل ‪ ،1/31‬وشرح الرضي على الكافية ‪ ،2/1/525‬وشرح ألفية ابن‬
‫معط للقواس ‪ 640 ،1/639‬والتذييل ‪ ،2/309‬وحاشية الخضري ‪ ،1/88‬وحاشية الصبان‬
‫‪ ، #.1/133‬وإذا سكت‪ ،‬كان إنساًنا قال لصاحبه في مفازة‪ :‬أصمت‪ ،‬يسكته بذلك؛ تسمًعا لنبأة أو‬
‫جسها‪ ،‬فسمي المكان بذلك"‪#‬المبهج ‪ .13‬وينظر‪ :‬التذييل ‪#.2/309‬‬
‫وقد علل النحويون قطع الهمزة من الفعل المبدوء بها حين نقله إلى السمية بإجرائه مجرى السماء‪،‬‬
‫ليصير بمنزلتها؛ لنه قد خرج من باب الفعال إلى باب السماء‪ ،‬قال سيبويه بعد كلمه المتقدم‪:‬‬
‫"‪ ....‬وقطعت اللفات حتى يصير بمنزلة السماء؛ لنك قد غيرتها عن تلك الحال‪ ،‬أل ترى أنك‬
‫ترفعها وتنصبها‪ ،‬وتقطع اللف؛ لن السماء ل تكون بألف الوصل"‪#‬الكتاب ‪ #.3/198‬وقال في‬
‫ل قطع الهمزة فيمن سمي بـ)إضرب(‪...." :‬حتى يصير بمنزلة نظائره من السماء‪،‬‬ ‫موضع آخر معل ً‬
‫نحو‪ :‬إصبع"‪#‬الكتاب ‪ #.3/256‬فالصل في السماء أل تكون بألف وصل؛ لنها موضوعة على‬
‫حا كلم سيبويه‪......" :‬وقطع اللف؛ لن‬ ‫الثبات‪ ،‬وهمزة الوصل بخلف ذلك‪ ،‬يقول السيرافي موض ً‬
‫موضوع السماء‬
‫@‪@457‬‬
‫ل‪ ،‬فهي تسقط إذا كان قبلها كلم‪ ،‬وتثبت إذا‬ ‫واللقاب على لفظ ل تتغير حروفه‪ ،‬فإذا جعلنا ألفه أص ً‬
‫كانت مبتدأة‪ ،‬فتخرج بذلك عن موضوع السماء"‪#‬شرح الكتاب ‪_4/80‬أ‪ #.‬وعلل أبو العباس‬
‫ل‪" :‬فإن سميت السورة أو الرجل أو غير ذلك بفعل‪ ،‬أجريته مجرى السماء‪،‬‬ ‫المبرد بمثل ذلك قائ ً‬
‫وذلك أنك تقول إذا أضفت إلى‪) :‬اقتربت الساعة وانشق القمر( ‪ :‬قرأت سورة إقتربه‪#"...‬المقتضب‬
‫‪ #.3/366‬وقال في )إضرب( اسًما‪..." :‬قطعت اللف حتى تصير كألفات السماء‪ ،‬فتقول‪ :‬هذا‬
‫إضرب قد جاء فتصيره بمنزلة )إثمد(‪#".....‬نفسه‪ .#‬وقال ابن مالك في تعليل القطع‪" :‬فرجع به‬
‫على قياس الهمز في السماء‪ ،‬وهو القطع"‪#‬شرح الكافية ‪ #.3/1467‬وبنحو من ذلك علل كثير‬
‫من النحويين‪#‬ينظر‪ :‬ما ينصرف وما ل ينصرف ‪ ،156‬وشرح الرضي على الكفاية ‪،2/1/542‬‬
‫والمستوفى ‪ ،1/37‬وتوضيح المقاصد للمرادي ‪ ،1/176‬وشرح ألفية ابن معط للقواس ‪،1/640‬‬
‫‪ ،639‬وشرح اللفية لبن الناظم ‪ ،653‬والمساعد ‪ ،3/50‬وشرح التصريح ‪ ،2/220‬وحاشية‬
‫الصبان ‪ ،1/133‬وحاشية الخضري ‪#.2/163 ،1/88‬‬
‫وقد علل أبو البركات النباري القطع هنا بقوله‪ ..." :‬ليدل على أنها ليست كالهمزة التي كانت في‬
‫الفعل قبل التسمية‪ ،‬وأنها بمنزلة حرف من نفس الكلمة"‪#‬النصاف ‪#.1/340‬‬
‫ولعل هذا يشكل‪ ،‬فأقول‪ :‬ل شك أن أبا البركات ل يريد أن الهمزة حرف أصلي من بنية الكلمة‪ ،‬بل‬
‫مراده – وال أعلم – أنها أصبحت كالحرف الذي‬
‫@‪@458‬‬
‫بنيت عليه الكلمة في الصل‪ ،‬سواء كان ذلك الحرف زائًدا أم أصلّيا‪ ،‬ثابًتا ل يسقط‪ ،‬دون اعتبار‬
‫لوصل أو ابتداء‪ ،‬كهمزة)أحمر( ونحوها‪.‬‬
‫حكم قطع همزة الوصل في العلم المنقولة من أفعال مبدوءة بها‪:‬‬
‫يبدو كما سبق أن حكم قطع همزة الوصل في هذا الموضع واجب عند الجمهور من النحويين‪،‬‬
‫متابعين في ذلك قول سيبويه‪" :‬وإذا جعلت )اضرب( أو )اقتل( اسًما‪ ،‬لم يكن بد أن تجعله كالسماء؛‬
‫ل إلى اسم"‪#‬الكتاب ‪ #.3/199‬وجعله كالسماء يوجب قطع همزته؛ لن السماء ل‬ ‫لنك نقلت فع ً‬
‫تكون بهمزة الوصل‪ ،‬إل ما سمع‪ ،‬وهو قليل‪" ،‬ول يحتج باسم ول ابن؛ لقلة هذا مع كثرة‬
‫ضا قول السيرافي‪" :‬وكذلك كل فعل فيه ألف وصل‪،‬‬ ‫السماء"‪#‬الكتاب ‪ #.3/198‬ويفيد الوجوب أي ً‬
‫فإذا سميت به قطعت اللف‪#"....‬شرح الكتاب ‪– 4/79‬ب‪-80 ،‬أ‪ #.‬وقول ابن الضائع‪" :‬كما ل‬
‫ل بـ )اضرب( – وأنت ل تنوي فيه ضميًرا –ول تعرب‪،‬ول تقطع‬ ‫يجوز أن تسمي رج ً‬
‫همزته"‪#‬شرح الجمل )القسم الول( ‪ .891‬رسالة دكتوراه‪#.‬‬
‫وذهب الفراء إلى جواز القطع والوصل في هذا الموضع‪ ،‬قال ابن خالويه‪ " :‬والفراء إذا سمى‬
‫بـ)اضرب( يخير القطع والوصل‪ ،‬وهو على مذهبه صواب‪ ،‬وعلى مذهب البصريين خطأ"‪#‬اللفات‬
‫‪#.47‬‬
‫لذا فالواجب قطع همزة السم لمنقول من الفعل المبدوء بهمزة وصل‪ ،‬كما هو مذهب الجمهور ليس‬
‫الفراء‪ ،‬يؤيدهم في ذلك السماع كما في )إصمت(‪،‬‬
‫@‪@459‬‬
‫والقياس؛ لضمير المنقول على هيئة نظائره في الباب الذي نقل إليه؛ ولما في القطع من فائدة الدللة‬
‫على النقل‪.‬‬
‫ول إشكال فيما نقله أبو زيد في قولهم‪) :‬لقيته بوحش إصمت( بالوجهين‪ ،‬بوصل الهمزة وقطعها‪#‬تهذيب‬
‫اللغة‪ ،12/156 :‬واللسان والتاج‪) :‬صمت(‪ #.‬فمن قطع الهمزة فإنما نقله من الفعل وحده دون ضمير‬
‫الفاعل‪ ،‬ومن وصلها فغنما حكى الحملة مع ضمير الفاعل‪ .‬والجمل المحكية ل تغير‪#‬سيأتي الحديث عن‬
‫الجمل المحكية في المسألة الخامسة من هذا المبحث إن شاء ال‪ #.‬يدل على ذلك قول أبي العباس المبرد‪:‬‬
‫"‪....‬فغن وصلت قلت‪) :‬هذه سورة اقتربت الساعة(؛ لنها الن فعل رفعت بها الساعة"‪#‬المقتضب ‪.3/366‬‬
‫وينظر‪ :‬ما ينصرف وما ل ينصرف ‪ #.84 ،83‬وقول ابن جني ‪" :‬وقطع الهمزة من )إصمت(‪ ،‬مع التسمية‬
‫به خالًيا من ضميره هو الذي شجع النحاة على قطع نحو هذه الهمزات إذا سمي بما هي فيه"‪#‬المبهج‬
‫‪ ، #.14‬وقول الفرخان‪" :‬واعلم أنك إذا سميت بنحو )اجلس( فإن قدرت فيه الضمير بقيت السين ساكنة على‬
‫الحوال الثلثة‪ ،‬والهمزة كما هي للوصل"‪#‬المستوفى ‪ #.1/37‬ومما يدل على ذلك في )إصمت( خاصة أن‬
‫ما رواه أبو زيد من قطع همزتها مقترن بمنعها من الصرف‪ ،‬للعلمية ووزن الفعل‪ ،‬فقد جاء في اللسان‪" :‬قال‬
‫أبو زيد‪ :‬وقطع بعضهم اللف من )إصمت( ونصب التاء"‪#‬اللسان )صمت( وينظر‪ :‬التاج )صمت(‪#.‬‬
‫ضا ما نقله الصاغاني )ت ‪ 650‬هـ( في التكملة على الصحاح‪ " :‬ولقيته بوحش اصمت‪،‬‬ ‫ويؤكد هذا أي ً‬
‫موصولة اللف‪ ،‬ساكنة التاء‪ ،‬وبوحش إصمتة"‪#‬التكملة والذيل والصلة على الصحاح )صمت(‪#.‬‬
‫@‪@460‬‬
‫ففي هذا دللة واضحة على أن من حكى الجملة كاملة لم يقطع الهمزة‪ ،‬ولم يمنع من الصرف؛ لن الفعل‬
‫ل فيما بعده‪.‬‬
‫مازال على بابه عام ً‬
‫المسألة الثانية‪ :‬في العلم المنقولة من أسماء مبدوءة بهمزة وصل‪:‬‬
‫ذهب سيبويه‪ ،‬وتبعه كثير من النحويين إلى أن العلم المنقولة من أسماء مبدوءة بهمزة وصل ل تقطع‬
‫همزتها بعد نقلها إلى العلمية‪ ،‬وعلة ذلك عندهم أنها باقية على بابها من السمية؛ فل داعي إلى تغيير‬
‫ل تركته على حاله؛ لنك نقلته من اسم إلى اسم‪#"...‬الكتاب‬ ‫همزتها‪ ،‬قال سيبويه‪" :‬فإذا سميت بامرئ رج ً‬
‫‪#.3/199‬‬
‫ضا ‪...." :‬ولو سميته انطلًقا لم تقطع اللف؛ لنك نقلت اسًما إلى اسم"‪#‬نفسه‪ #.‬ويظهر من تمثيل‬ ‫وقال أي ً‬
‫سيبويه السابق أن الحكم يعم السماء المبدوءة بهمزة وصل‪ ،‬السماعي منها والقياسي‪.‬‬
‫ووضح ذلك السيرافي مبيًنا أن السماء المبدوءة بهمزة وصل قليلة‪ ،‬وهي في الوقت نفسه مخالفة لباب‬
‫السماء بكونها مبدوءة بهمزة وصل‪ ،‬وأن نقلها إلى العلمية لم يخرجها عن بابها إلى باب آخر‪ ،‬قال‪ " :‬فإن‬
‫قال قائل‪ :‬فأنتم إذا سميتم بما فيه ألف وصل من السماء لم تغيروها عن الوصل؟ قيل له‪ :‬ما كان فيه ألف‬
‫وصل من السماء لم تغيروها عن الوصل؟ قيل له‪ :‬ما كان فيه ألف وصل من السماء فهو قليل‪ ،‬كاسم‬
‫وابن‪ ،‬وغير ذلك مما يقصر عدده عن عشرة أسماء‪ ،‬وذلك لخفتها‪ ،‬فخرجت عن منهاج السماء‪ .‬وكذلك‬
‫مصادر الفعال التي في أوائل ماضيها ألف وصل‪ ،‬كقولنا‪ :‬انطلق‪ ،‬واستخراج‪ ،‬واحميرار‪ ،‬وهو مصدر‪:‬‬
‫انطلق‪ ،‬واستخرج‪ ،‬واحمار‪ .‬فهذه السماء التي فيها ألف الوصل‪ ،‬ليس الصل فيها ذلك‪ ،‬فإذا سمينا بها لم‬
‫نقطع‬
‫@‪@461‬‬
‫ألفاتها؛ لنها لم تزل عن السمية‪ ،‬فكأنها مبقاة على حالها"‪#‬شرح الكتاب ‪-4/80‬أ‪ #.‬ونقل أبو حيان عن‬
‫الخفش الوسط قوله‪....." :‬فإن سميت بابن‪ ،‬أو بامرأة‪ ،‬وصلت اللف؛ لنك تنقل اسًما إلى اسم‪ ،‬فتتركه‬
‫ل"‪#‬تذكرة النحاة ‪ .331‬وينظر‪ :‬شرح الرضي على الكافية ‪#.2/1/544‬‬ ‫على حاله موصو ً‬
‫وإلى مثل ذلك ذهب كثير من النحويين من المتقدمين والمتأخرين‪#‬ينظر‪ :‬ما ينصرف وما ل ينصرف ‪،26‬‬
‫واللباب ‪ ،1/507‬وشرح الكافية الشافية ‪ ،3/1466‬وشرح الكافية ‪ ،543 ،2/1/542‬وشرح اللفية لبن‬
‫الناظم ‪ ،653‬والمساعد ‪ ،3/50‬وشرح الجمل لبن الضائع )القسم الول( ‪#.828‬‬
‫وذهب ابن الطراوة )ت ‪ 528‬هـ( إلى أن العلم المنقولة من أسماء مبدوءة بهمزة وصل تقطع همزتها بعد‬
‫جا بأنه خرج عن بابه‪ ،‬نقل ذلك عنه ابن عقيل‪ ،‬قال‪.....":‬فلو سميت بانطلق لم تقطع الهمزة؛‬ ‫النقل‪ ،‬محت ّ‬
‫لنك إنما نقلته من السمية‪ .‬وقال ابن الطراوة‪ :‬تقطع؛ لن همزة الوصل إنما كانت فيه حين كان جارًيا على‬
‫الفعل‪ ،‬وقد خرج عن ذلك بالعلمية"‪#‬المساعد ‪ .51-3/50‬ونقل ذلك عن ابن الطراوة ابن الضائع عن‬
‫الشلويين‪ .‬راجع شرح الجمل لبن الضائع )القسم الول( ‪#.828‬‬
‫فالعلة عند ابن الطراوة أنه خرج عن بابه‪ ،‬وذلك أن المصدر‪ ،‬نحو )انطلق( بابه السماء المشبهة للفعال‪،‬‬
‫فلما نقل إلى التسمية به خرج عن هذا الباب إلى باب السماء المحضة‪ ،‬التي ل تشبه الفعال‪ ،‬فوجب أن‬
‫تقطع الهمزة ليصير إلى بمنزلتها‪ ،‬فيثبت على وجه واحد في البتداء والدرج‪.‬‬
‫ونلحظ أن حديث ابن الطراوة مقتصر على ما همزة الوصل فيه قياسية‪ ،‬وهي المصادر‪ .‬أما السماء العشرة‬
‫التي همزتها سماعية‪ ،‬فأرى أنه من الممكن أن‬
‫@‪@462‬‬
‫تحمل على قوله هذا؛ لنها لما أعلت بالحذف أشبهت الفعال‪ ،‬فدخلتها همزة الوصل‪ ،‬فلما انتقلت إلى التسمية‬
‫بها يجب أن تثبت على حالة واحدة لتصير على هيئة السماء ومنزلتها‪ ،‬فتقطع همزتها‪ .‬ونقل ابن عقيل الرد‬
‫ل‪" :‬ورد بأن العرب لم تراع ذلك‪ ،‬بدليل )هبة ال( علًما"‪#‬المساعدة ‪#.3/51‬‬ ‫على ابن الطراوة قائ ً‬
‫والمراد بهذا – فيما يبدو لي – أن )هبة( مصدر‪ ،‬وهو اسم مشبه الفعل‪ ،‬لما سمي به لم يراع اصله الذي هو‬
‫سا عليه فل تقطع همزة المصادر المنقولة إلى العلمية‪.‬‬ ‫)وهب( فلم ترد إليه الواو‪ .‬وقيا ً‬
‫أقول‪ :‬وهذا قياس مع الفارق‪ ،‬فإن همزة )انطلق( ونحوه‪ ،‬ليست كواو )هبة( ونحوه‪ ،‬فـ )هبة( استقر وضعه‬
‫بحذف الواو منه ونقل حركتها إلى العين‪ ،‬والتعويض عن المحذوف هاء في الخر‪ ،‬فل يتعرض للتغيير‪ ،‬إن‬
‫جا وإن ابتداًء‪ ،‬فهو على سمت السماء‪ .‬وأما )انطلق( فبقاء الهمزة فيه موصولة يعرضها لحذفها في‬ ‫در ً‬
‫الدرج‪ ،‬وثباتها في البتداء‪ ،‬وليس هذا شأن السماء المحضة‪ ،‬لذا فقطع همزته أولى‪.‬‬
‫وقد نسب الصبان )ت ‪ 1206‬هـ( في حاشيته على شرح الشموني إلى الزهري )ت ‪ 905‬هـ( في شرح‬
‫التصريح تعميم حكم قطع همزة الوصل في المنقولت كلها‪ ،‬قال الصبان‪...":‬لن المبدوء بهمزة الوصل فع ً‬
‫ل‬
‫أو غيره إذا سمي به يجب قطع همزته كما أفاده في التصريح"‪#‬حاشية الصبان على شرح الشموني‬
‫‪ #.3/146‬ويظهر لي أن الخضري )ت ‪ 1287‬هـ( قد تبع الصبان في ذلك دون نسبة‪ ،‬إذ قال‪ ....." :‬لن‬
‫ل كان أو غيره يجب قطعها في التسمية به‪ ،‬لصيرورتها‬ ‫ما بدئ بهمزة وصل فع ً‬
‫@‪@463‬‬
‫ضا‪ ،‬ول يجوز وصلها إلى أصالتها كما في الجللة‪ ،‬لن له خواص‬ ‫جزًءا من السم‪ ،‬فتقطع في النداء أي ً‬
‫ليست لغيره"‪#‬حاشية الخضري ‪#.2/118‬‬
‫والذي في التصريح صريح بعكس ما نسبه إليه الصبان تماًما‪ ،‬فقد قال الزهري بعد أن ذكر حكم المنقول‬
‫من فعل‪...." :‬بخلف المنقول من اسم كـ)اقتدار(‪ ،‬فإن الهمزة تبقى على وصلها بعد التسمية؛ لن المنقول‬
‫من اسم لم يبعد عن اصله‪ ،‬فلم يستحق الخروج عما هو له"‪#‬شرح التصريح ‪ .2/220‬وينظر حاشية العليمي‬
‫عليه‪#.‬‬
‫إذن‪ ،‬فالزهري موافق للجمهور في عدم قطع همزة المنقولت من أسماء‪ ،‬يؤكد ذلك أن الصبان عاد فنقل‬
‫عنه رأيه الصريح الموافق للجمهور‪ ،‬الذي نقلناه آنًفا‪#‬ينظر‪ :‬حاشية الصبان ‪ 2/258‬باب الممنوع من‬
‫الصرف وموضعه الحقيقي ‪ 3/258‬لكن حدث اضطراب في المطبوع‪#.‬‬
‫أما الصبان والخضري فهما موافقان لبن الطراوة في قطع همزة الوصل في المنقول من اسم‪.‬‬
‫وتبعهم من المحدثين عباس حسن‪#‬النحو الوافي ‪ ،#.1/306‬وحسين والي‪#‬كتاب الملء ‪ #.55-54‬قال‬
‫ل من لفظ مبدوء بهمزة وصل فغن‬ ‫عباس حسن مطلًقا الحكم على المنقولت كلها‪ " :‬وإذا كان العلم منقو ً‬
‫همزته بعد النقل تصير همزة قطع ‪ -‬كما أشرنا – نحو‪) :‬إنشراح( علم امرأة‪ ،‬ونحو‪) :‬أل( علم على الداة‬
‫الخاصة بالتعريف أو غيره‪ ،‬بشرط أن تكتب منفردة مقصوًدا بها ذاتها‪ ،‬فتقول‪ :‬أل كلمة ثنائية‪ ،‬كما‬
‫@‪@464‬‬
‫تقول‪) :‬أل( في اللغة أنواع من حيث المدلول‪ ،‬ومثل‪ :‬يوم الثنين‪ ،‬بكتابه همزة)إثنين( لنها علم ذلك اليوم‪،‬‬
‫ومثل)أسكت( علم على صحراء"‪#‬النحو الوافي ‪ 1/306‬حاشية )‪#.(2‬‬
‫مما تقدم نخلص إلى أن جمهور النحاة يرون عدم قطع همزة الوصل من العلم المنقولة من أسماء‪ ،‬والعلة‬
‫جا ببعدها عن شبه الفعال لما ذكره‪،‬‬ ‫عندهم أنها لم تخرج عن بابها من السمية‪ .‬وخالفهم ابن الطراوة‪ ،‬محت ّ‬
‫وتبعه الصبان‪ ،‬والخضري‪ ،‬وبغض المحدثين‪ ،‬كعباس حسن‪ ،‬وحسين والي‪.‬‬
‫والراجح عندي في هذه المسألة ما ذهب إليه جمهور النحاة من عدم قطع همزة الوصل في العلم المنقولة‬
‫من أسماء مبدوءة بهمزة وصلة للعة التي ذكروها‪ ،‬وهي أن هذه العلم لم تخرج عن باب السمية‪ ،‬فل‬
‫داعي إلى تغييرها‪ .‬والسياق هو الحاكم والكفيل بتمييز السم المنقول إلى العلمية والتسمية به من عدم‬
‫المنقول‪.‬‬
‫المسألة الثالثة‪ :‬في العلم المنقولة من حرف معنى مبدوء بهمزة وصل‪:‬‬
‫اللفات المبتدأة في الحروف كلها قطع إل ألف )أل( فهي عند جمهور النحاة همزة وصل‪ .‬فإذا نقل )أل( إلى‬
‫التسمية فهل تقطع همزته؟‬
‫نقل الزجاج والسيرافي عن سيبويه أنها ل تقطع بل تبقى موصولة‪#‬ما ينصرف وما ل ينصرف ‪،157‬‬
‫وشرح الكتاب ‪– 4/140‬أ‪ #.‬ولم أجد ذلك في الكتاب‪ ،‬ويظهر لي أن الزجاج قد استنبط مذهب سيبويه‬
‫سا على مذهبه في التسمية بالباء الملفوظ بها‪#‬وسيأتي الحديث عنها إن شاء ال بعد هذه المسألة مباشرة‪#.‬‬
‫قيا ً‬
‫وذهب الزجاج )ت ‪ 311‬هـ( إلى أنها تقطع‪ ،‬إذ قال‪ " :‬وعلى ما قلت في )إب( أقول‪) :‬أل فاعلم(‪ ،‬و)جلس‬
‫أل(‪ ،‬فأقطعها؛ لني نقلتها من‬
‫@‪@465‬‬

‫حال الوصل إلى حال التسمية‪ ،‬وقد قطعت في غير التسمية‪ ،‬فقالوا‪) :‬يا أل اغفر لي("‪#‬ما ينصرف وما ل‬

‫ينصرف ‪ .158‬وينظر شرح الكتاب للسيرافي ‪ – 4/140‬أ‪#.‬‬

‫وهذا هو الراجح‪ ،‬فإن )أل( بعد التسمية به ينبغي قطع همزته‪ ،‬بناء على مذهب الجمهور فيما نقل من فعل؛‬

‫ل على النقل‪ ،‬ولنه كما قال الزجاج‪" :‬ليس أصل‬


‫لنه خرج عن بابه إلى باب آخر‪ ،‬وليكون القطع دلي ً‬

‫التسمية أن يكون فيها ألف الوصل"‪#‬ما ينصرف وما ل ينصرف ‪#.156‬‬

‫وهذا هو المعمول به قديًما وحديًثا – فيما نلحظ – على قلة النصوص في ذلك‪ ،‬لكنه ظاهر‪ ،‬وقد سبق حديث‬

‫عباس حسن من المحدثين القاضي بوجوب قطع همزة )أل( إذا سمي بها‪#‬ينظر فيما سبق العلم المنقولة‬

‫من أسماء‪#.‬‬

‫المسألة الرابعة‪ :‬في العلم المنقولة من حروف المعجم الساكنة المنطوق بها‪:‬‬

‫إذا أريد التلفظ بالحرف الواحد الساكن من حروف المعجم لحقته همزة الوصل على مذهب الخليل‪ ،‬فيقال في‬

‫ب‪ِ ،‬اي‪ِ ،‬اْذ‪#‬الكتاب ‪#.3/321‬‬


‫التلفظ بالباء‪ ،‬أو الياء‪ ،‬أو الذال‪ِ :‬ا ْ‬

‫فإذا أردنا أن نسمي‪#‬في التسمية بالحرف الساكن كالباء من )اضرب( ستة أقوال نقلها السيرافي في شرحه‬

‫على الكتاب‪ ،‬هي‪ :‬الول‪ :‬مذهب سيبويه‪ :‬أن يزيد قبل الساكن همزة وصل تنطق في البتداء وتسقط في‬

‫الدرج‪ ،‬فيقول‪ :‬إب قد جاء‪ ،‬وهذا اب‪ ..‬والثاني‪ :‬قول المازني‪ :‬برد الحرف الذي قبل الباء‪ ،‬فيقول‪ :‬رب‪.‬‬

‫والثالث‪ :‬قول الخفش‪ :‬برد فاء الكلمة‪ ،‬فيقول ضب)كذا في المخطوط( ولم يبين هل يحرك الضاد أو يجلب‬

‫ل إلى النطق بالضاد الساكنة‪ .‬والرابغ‪ @466@ :‬قول المبرد‪ :‬برد الكلمة على اصلها‪،‬‬
‫همزة الوصل توص ً‬

‫فيقول‪ :‬اضرب‪ .‬ولم يبين هل يقطع الهمزة أو يبقيها على حالها‪ .‬والخامس‪ :‬قول الزجاج بجلب همزة الوصل‬

‫وقطعها‪ ،‬فيقول‪ :‬إب‪ .‬والسادس قول من قال‪ :‬ل يجوز أن يسمى بـ)إب(؛ لنه يحتاج إلى تحريك الباء‪،‬‬
‫وتحريكها يمنع من ألف الوصل‪ .‬ينظر‪ :‬شرح الكتاب للسيرافي ‪– 4/139‬ب‪ ،‬وما ينصرف ‪ ،155‬والنكت‬

‫‪ ،2/878‬وشرح الرضي ‪ .2/1/541‬وذكر الرضي في شرحه على الكافية ‪ 2/1/542‬أنه إذا كان قبل‬

‫الساكن همزة وصل في فعل فيؤتى بالهمزة مقطوعة كضاد )اضرب( وإن كانت في السم كنون )انطلق(‬

‫ط‪ .‬ولم ينقل في ذلك خلًفا‪ #.‬بهذه الحروف بعد النطق بها‪ ،‬فما حكم‬
‫كمل بالحرف الذي بعده‪ ،‬فتقول‪ِ :‬اْن ِ‬

‫همزتها هذه؟‬

‫@‪@466‬‬

‫ل بـ )اب( قلت‪ :‬هذا اب‪ ،‬وتقديره‬


‫ذهب سيبويه إلى أن همزة الوصل تبقى على حالها‪ ،‬قال‪" :‬ولو سميت رج ً‬

‫في الوصل‪ :‬هذا اب كما ترى‪ ،‬تريد الباء‪ ،‬وألف الوصل من قولك )اضرب(‪ .‬وكذلك كل شيء مثله‪ ،‬ل‬

‫حا‪:‬‬
‫تغيره عن حاله"‪#‬الكتاب ‪ .3/324‬وينظر‪ :‬ما ينصرف وما ل ينصرف ‪ #.155‬وقال السيرافي شار ً‬

‫"وأما إذا سمي بـ )ِاب( التي في اللفظ بالباء من )اضرب( ففيها ستة أقاويل‪ ،‬قال سيبويه‪ :‬أقول إذا ابتدأته‪:‬‬

‫)إب قد جاء(‪ ،‬وإذا وصلته بكلم أسقطت ألف الوصل‪ ،‬وبقيت الباء وحدها‪ ،‬فأقول‪ :‬هذا اب‪ ،‬وقام اب‪ ،‬وما‬

‫أشبه ذلك"‪#‬شرح الكتاب ‪– 4/139‬ب‪ ،‬وينظر‪ :‬النكت ‪#.2/878‬‬

‫ب‪ ،‬فيبقى حرفان سوى‬


‫والعلة عند سيبويه أن السم ل يختل بسقوط همزة الوصل‪ ،‬قال‪ " :‬لنك تقول‪ِ :‬إ ٌ‬

‫التنوين‪ .‬فإذا كان السم ها هنا في البتداء هكذا لم يختل عندهم أن تذهب ألفه في الوصل‪ ،‬وذلك أن الحرف‬

‫الذي يليه يقوم مقام اللف‪#"...‬الكتاب ‪ #.3/324‬وقاس ذلك سيبويه على حذفهم ألف)أب( وبقائه على‬

‫حرف واحد دون التنوين ول يختل‪ ،‬فيقولون‪) :‬من اب لك؟(‪ ،‬ولن هذا شيء ل يلزم في كل المواضع‪.‬‬

‫@‪@467‬‬

‫سا على المنقول من فعل مبدوء‬


‫وذهب الزجاج إلى قطع همزة الوصل لن هذا الموضع حين التسمية‪ ،‬قيا ً‬

‫بهمزة وصل‪،‬‬

‫لنه خرج عن بابه‪ ،‬وكذلك الحرف الملفوظ به إذا نقل إلى العلمية‪ ،‬فقد خرج عن بابه‪ ،‬قال‪" :‬إذا‬
‫ل بـ‬
‫ل بـ)اب( فأقول‪ :‬هذا إب‪ ،‬فأقطع ألف الوصل؛ على ما أجمعوا عليه إذا سموا رج ً‬ ‫سميت رج ً‬
‫)اضرب(‪ ،‬قالوا كلهم‪) :‬هذا إضرب قد جاء(‪ ،‬وقالوا‪ :‬قطعنا اللف لنا نقلناه من باب الفعال إلى‬
‫باب السماء فقطعنا ألفه‪ .‬فكذلك فعلت أنا في )إب( لني نقلته من باب اللفظ بحرف على التسمية؛‬
‫وليس أصل التسمية أن يكون فيها ألف الوصل"‪#‬ما ينصرف وما ل ينصرف ‪ .156‬وينظر‪ :‬شرح‬
‫السيرافي ‪-4/140‬أ‪ ،‬وينظر ‪ -140‬ب‪ ،‬والنكت ‪#.2/879‬‬
‫سا على‬ ‫والراجح ‪ -‬عندي – ما ذهب إليه الزجاج؛ لنه خرج عن بابه من الحرفية إلى العلمية‪ ،‬وقيا ً‬
‫المنقول من فعل إلى اسم‪ ،‬غذ أجمعوا على قطع همزته‪ ،‬ولنه ليس أصل التسمية أن يكون فيها ألف‬
‫وصل كما ذكر الزجاج‪.‬‬
‫أما حجة سيبويه بان السم ل يختل‪ ،‬فهذا حديث بعيد عما نحن فيه؛ فالفعل )اضرب(‪ ،‬بعد التسمية‬
‫به‪ ،‬ل يختل لو حذفت منه همزة الوصل في الدرج‪ ،‬فلماذا أجمعوا على قطعها؟ ل شك أنه لمر غير‬
‫ما ذكره سيبويه هنا‪ ،‬وهو الدللة على النقل من بابه إلى باب آخر‪ ،‬وجعله على قياس الباب الجديد‬
‫الذي نقل إليه‪ .‬وهذه علة يجتمع فيها الفعل والحرف باتفاق‪ ،‬فيجب القطع‪.‬‬
‫المسألة الخامسة‪ :‬في العلم المنقولة من جمل محكية مبدوءة بهمزة وصل‪:‬‬
‫من المشهور من المحكيات ل تغير عن حالها‪#‬الكتاب ‪ ،3/326‬والمقتضب ‪ ،4/9‬والصول‬
‫‪ ،2/104‬وشرح المفصل ‪ #.1/28‬وبناءً عليه فإن العلم المنقولة من جمل محكية مبدوءة بهمزة‬
‫وصل‪ ،‬تبقى الهمزة على وصلها‪ ،‬ول‬
‫@‪@468‬‬
‫يجوز أن تقطع‪ ،‬وقد سبق قول المبرد‪" :‬فإن وصلت قلت‪) :‬هذه سورة اقتربت الساعة(؛ لنها الن‬
‫فعل رفعت بها الساعة‪ ،‬وسميت بها جميًعا‪#"...‬المقتضب ‪ ،377 – 3/366‬وينظر‪ ،4/11 :‬وما‬
‫ينصرف وما ل ينصرف ‪#.83‬‬
‫وقول ابن جني‪" :‬وقطع الهمزة من )إصمت( مع التسمية به خالًيا من ضميره‪#"...‬لمبهج ‪.14‬‬
‫وينظر فيما سبق العلم المنقولة من أفعال‪ #.‬وقول ابن الضائع في شرط قطع الهمزة في العلم‬
‫المنقول من فعل‪" :‬إذا لم تنو ضميًرا‪ ،‬فإن نويت فيه ضميًرا تركت الهمزة موصولة؛ لنك تحكيه‬
‫على أنه فعل"‪#‬شرح الجمل لبن الضائع القسم الول ‪#.827‬‬
‫ل لكل المنقولت‪ ،‬بما فيها‬ ‫وسبق التنبيه إلى أن الصبان )ت ‪ 1206‬هـ( قد عمم الحكم‪ ،‬فجعله شام ً‬
‫الجمل المحكية‪ ،‬فأوجب قطع همزة الوصل من الجمل المبدوء بها بعد النقل‪ ،‬ونسب ذلك إلى‬
‫الزهري في التصريح‪ ،‬قال‪" :‬قوله‪) :‬يا ألمنطلق زيد( بقطع الهمزة؛ لن المبدوء بهمزة وصل فع ً‬
‫ل‬
‫أو غيره إذا سمي به يجب قطع همزته‪ ،‬كما أفاده في التصريح"‪#‬حاشية الصبان ‪ #.3/146‬وتبعه‬
‫الخضري )ت ‪ 1287‬هـ( دون أن ينسبه إلى أحد‪#‬حاشية الخضري ‪ #.2/118‬وتبعهم المحدثين‬
‫ضا‪#‬كتاب الملء ‪. #.55‬‬ ‫حسين والي دون نسبة أي ً‬
‫وقد بينت فيما سبق أن نسبة ذلك إلى التصريح غير صحيحة‪ ،‬وأن ما في التصريح خاص بالمنقول‬
‫من أفعال مبدوءة بهمزة وصل‪#‬ينظر ما سبق )العلم المنقولة من أسماء(‪#.‬‬
‫@‪@469‬‬
‫ويبدو لي أن هذا الشكال نشأ في ذهن الصبان من اطلعه على ما في التصريح‪ ،‬إذ تحدث‬
‫الزهري )ت ‪ 905‬هـ( عن نداء ما فيه )أل(‪ ،‬وأنه ل يجوز إل في أربع صور‪ ،‬إحداها‪ :‬في اسم‬
‫ال‪ ،‬وتحدث عن قطع همزته‪ ،‬ونظر له المنقول من فعل تقطع همزته‪ ،‬نحو )أنصر(‪ .‬والثانية الجمل‬
‫المحكية المبدوءة بـ)أل(‪ ،‬نحو‪) :‬يا المنطلق زيد(‪ ،‬فيمن سمي بذلك‪ .‬ولم يتحدث في الثانية عن‬
‫الهمزة‪ ،‬لكنه قال بعد ذلك‪" :‬ومقتضى ما قدمنا في )أنصر( قطع الهمزة‪ .‬وإلى هاتين الصورتين‬
‫إشارة الناظم بقوله‪) :‬إل مع ال ومحكي الجمل("‪#‬شرح التصريح ‪#.2/172‬‬
‫فالظاهر أن الصبان قد تبادر إلى ذهنه من الجمع بين هاتين الصورتين على هذا النحو أن الحكم‬
‫عليهما واحد من حيث قطع الهمزة‪ .‬وليس المر كذلك؛ لن الزهري قد نقل عن سيبويه في‬
‫الموضع نفسه أن المحكي ل يغير نقل المتابع غير المعترض‪#‬ينظر‪ :‬شرح التصريح ‪#.2/172‬‬
‫من هذا نعلم أن قطع همزة الوصل في العلم المنقولة من جمل محكية خلف قول الجمهور‪ ،‬إنما‬
‫هي شبهة وقع فيها الصبان‪ ،‬ل أصل لها‪ ،‬وتبعه الخضري‪ ،‬وتبعهما حسين والي‪ .‬وال أعلم‬
‫بالصواب‪.‬‬
‫@‪@470‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬قطع همزة الوصل بعد الساكن‪:‬‬
‫رويت بعض القراءات التي قطعت همزة الوصل فيها على غير القياس‪ ،‬لكنها تحمل على الستئناف‬
‫عند القدمين‪ ،‬وذلك نحو‪:‬‬
‫ما نقله ابن جني )ت ‪ 392‬هـ( عن أبي عمرو )ت ‪ 154‬هـ( أنه قرأ‪) :‬حتى إذا‬ ‫‪-1‬‬
‫ضا‪:‬‬
‫إداركوا(‪#‬من سورة العراف‪ ،‬من الية ‪ ، #.38‬بقطع همزة الوصل‪ ،‬وأنه قرأ أي ً‬
‫)حتى إذا تداركوا( قال‪" :‬قطع أبي عمرو همزة )اّداركوا( في الوصل مشكل‪ ،‬وذلك أنه ل‬
‫مانع من حذف الهمزة‪ ،‬إذ ليست مبتدأة كقراءته الخرى مع الجماعة‪ .‬وأمثل ما يصرف إليه‬
‫ل بين هذه القراءة وقراءته الخرى التي هي‬ ‫هذا أن يكون وقف على ألف )إذا( ممي ً‬
‫)تداركوا( فلما اطمأن على اللف لذلك القدر من التمييل بين القراءتين لزمه البتداء بأول‬
‫الحرف‪ ،‬فاثبت همزة الوصل مكسورة على ما يجب من ذلك في ابتدائها‪ ،‬فجرى هذا التمييل‬
‫في التلوم‪#‬التلوم‪ :‬النتظار والتلبث‪ .‬اللسان )لوم(‪ #.‬عليه‪ ،‬وتطال الصوت به مجرى وقفة‬
‫التذكر في نحو قولك‪ :‬قالوا‪ -‬وأنت تتذكر – ألن‪ ،‬من قول ال سبحانه‪) :‬قالوا الن(‪#‬من‬
‫سورة البقرة‪ ،‬من الية ‪ #.71‬فثبتت الواو من قالوا؛ لتلومك عليها؛ للستذكار‪ ،‬ثم ثبتت‬
‫همزة )الن(‪ ،‬أعني همزة لم التعريف‪#‬المحتسب ‪#.1/247‬‬
‫ضا في قوله تعالى )اشتروا الضللة(‪#‬من سورة البقرة‪ ،‬من الية ‪،#.16‬‬ ‫ومثله ما نقله ابن جني أي ً‬
‫بإشباع الضمة على الواو للستذكار‪ ،‬ثم البتداء بـ )ألضللة( بقطع همزة الوصل‪#‬المحتسب‬
‫‪#.1/247‬‬
‫@‪@471‬‬
‫ل هكذا‪ ،‬لن هذا إنما‬ ‫وقد قال ابن جني بعد ذلك‪" :‬ول يحسن أن تقول‪ :‬إنه قطع همزة الوصل ارتجا ً‬
‫يسوغ لضرورة شعرية‪ .‬فأما في القرآن فمعاذ ال وحاشا أبي عمرو‪ ،‬ول سيما وهذه الهمزة هنا إنما‬
‫هي في فعل‪#"....‬المحتسب ‪ #.1/248‬فقد رفض ابن جني قطع همزة الوصل – هنا – بدون‬
‫سبب‪ ،‬ول يحمل كتاب ال على الضرورة‪ ،‬وخاصة أنها هنا من أقبح الضرورات؛ لن الهمزة في‬
‫فعل‪ ،‬وإنما تكون الضرورة أخف في السماء كما سيأتي‪#‬في المبحث الخامس‪ :‬قطع همزة الوصل‬
‫ل يسلكها في نظم القطع‬ ‫في الضرورة الشعرية‪ #.‬ومن هذا يبدو لي أن ابن جني التمس لها تعلي ً‬
‫المحمول على القياسي‪.‬‬
‫ومما يحمل على الستئناف ما نقله الفراء من قراءة أبي جعفر الرؤاسي وعاصم‬ ‫‪-2‬‬
‫قوله تعالى‪) :‬الم ال(‪#‬من سورة آل عمران‪ ،‬من الية ‪ ، #1‬بقطع همزة الوصل في لفظ‬
‫الجللة‪#‬معاني القرآن للفراء ‪ .1/9‬وينظر‪ :‬كتاب السبعة ‪ ،200‬ومختصر في شواذ القرآن‬
‫‪ ،25‬والحجة لبي علي ‪ ،3/6‬وإعراب القرآن للنحاس ‪ ،1/354‬المحرر الوجيز ‪،3/6‬‬
‫والبحر المحيط ‪ ،2/374‬والرتشاف ‪ ،1/343‬وأبو جعفر الرؤاسي ‪ #.41‬قال القرطبي‪:‬‬
‫"على تقدير الوقف على )الم( كما يقدرون الوقف على أسماء العداد في نحو‪ :‬واحد‪ ،‬اثنان‪،‬‬
‫ثلثة‪ ،‬أربعة‪ ،‬وهم واصلون"‪#‬الجامع لحكام القرآن ‪ ،4/1‬وينظر‪ :‬النصاف ‪#.2/745‬‬
‫ومنه قراءة الشعبي )شهادة أل(‪#‬من سورة المائدة‪ ،‬من الية ‪ ،#.106‬قال ابن جني‪" :‬وأما‬
‫سكون هاء )شهاده( فللوقف عليها ثم استؤنف للقسم‪ ،‬وهو وجه حسن؛ وذلك ليستأنف القسم في‬
‫أول الكلم فيكون أوقر له واشد هيبة من أن يدرج في عرض القول"‪#‬المحتسب ‪.1/221‬‬
‫وينظر‪ :‬البحر المحيط ‪#.4/44‬‬

‫@‪@472‬‬
‫ضا عن الشعبي أنه قرأ )شهادة أل( بتنوين )شهادة(‪#‬نفسهما‪ ،#.‬وقد وجهها‬
‫وقد نقل ابن جني أي ً‬
‫ابن جني على الجمع بين حالي الوصل والوقف‪ ،‬إذ قال‪...." :‬فأقرها مقطوعة كما تقطع مبتدأة‪،‬‬
‫فقد جمع في هذه القراءة بين حالي الوصل والوقف‪ .‬أما الوصل فلتنوين )شهادة(‪ ،‬وأما الوقف‬
‫فلثباته همزة الوصل التي إنما تقطع إذا وقف على ما قبلها ثم استؤنفت"‪#‬المحتسب ‪#.1/221‬‬
‫هذا تعليل القدمين‪ ،‬ولكننا نلحظ أن ما قبل الهمزة في القراءات السابقة قد كان ساكًنا‪ ،‬سواء‬
‫حا أو تنويًنا‪ .‬فالظاهر أن قطع همزة الوصل هنا له وظيفة صوتية‬ ‫كان حرف مد أو حرًفا صحي ً‬
‫وهو التخلص من التقاء الساكنين‪ .‬وإلى ذلك نبه د‪ .‬عبد اللطيف الخطيب إذ قال في تعليقه على‬
‫ل من‬ ‫قراءة عاصم وغيره )الم أل( بقطع الهمزة في الوصل‪....." :‬فقد قطع همزة الوصل بد ً‬
‫تحريك الساكن الول بحركة ما"‪#‬التقاء الساكنين بين النص والقاعدة ‪ ، #.93‬وكذا علق على‬
‫قراءة )شهادة أل( بقوله‪...." :‬بالهاء الساكنة‪ ،‬ثم قطع اللف بعدها هرًبا من التقاء‬
‫الساكنين"‪#‬السابق ‪ ،#.96‬وإن وجهه القدمون على الستئناف‪.‬‬
‫وأما حكم القطع في هذا الموضع فإنه في غير القراءات القرآنية يعد إحدى الوسائل الجائزة‬
‫للتخلص من التقاء الساكنين‪.‬‬
‫@‪@473‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬قطع همزة الوصل في )أسطاع(‪:‬‬
‫ضا من‬‫مذهب سيبويه وجمهور البصريين أن )أسطاع( من )أطاع يطيع(‪ ،‬زيدت السين عو ً‬
‫سكون عين الفعل؛ لن الصل )أطوع(‪ ،‬نقلت فتحة الواو إلى الطاء‪ ،‬فصار )أطوع(‪ ،‬ثم قلبت‬
‫الواو ألًفا؛ لتحركها في الصل‪ ،‬وانفتاح ما قبلها الن‪#‬ينظر‪ :‬الكتاب ‪،483 ،4/285 ،1/25‬‬
‫وسر الصناعة ‪ ،1/199‬وتهذيب اللغة ‪ ،3/103‬وأبنية السماء والفعال والمصادر لبن‬
‫القطاع ‪ ،358‬واللباب ‪ ،2/278‬وشرح المفصل ‪ ،10/6‬وشرح الملوكي ‪ ،207‬والممتع‬
‫‪ ،1/224‬وشرح الشافية ‪ ،2/379‬والرتشاف ‪ ،1/106‬واللسان )طوع(‪ ،‬ومنهج الكوفيين في‬
‫الصرف ‪) 233‬رسالة دكتوراه(‪#.‬‬
‫فالهمزة على مذهبهم في همزة قطع في الصل‪ ،‬وزيدت السين شذوًذا للعوض‪ .‬وذهب الفراء‬
‫إلى أن )أسطاع( أصله )استطاع(‪ ،‬بهمزة وصل‪ ،‬وبالتاء‪ ،‬حذفت التاء‪ ،‬وفتحت همزة الوصل‪،‬‬
‫وقطعت شذوًذا؛ تشبيًها لها بـ )أفعلت(‪ ،‬ومضارعه‪) :‬يستطيع( –بفتح الياء – قال ابن جني‪:‬‬
‫"وقال الفراء‪ :‬في هذا‪ :‬شبهوا )أسطعت بـ)أفعلت(‪ .‬فهذا يدل من كلمه على أن اصلها‪:‬‬
‫)استطعت(‪ ،‬فلما حذفت التاء بقي على وزنه )افعلت( ففتحت همزته‪ ،‬وقطعت"‪#‬سر الصناعة‬
‫‪ ،1/200‬وينظر‪ :‬أدب الكاتب ‪ ،607‬والنكت ‪ ،1/132‬وأبنية السماء والفعال والمصادر‬
‫‪ ،358‬وشرح المفصل ‪ ،10/6‬وشرح الملوكي ‪ ،208‬والممتع ‪ ،1/226‬وشرح الشافية‬
‫‪ ،2/280‬ومنهج الكوفيين في الصرف ‪#.234‬‬
‫فالهمزة عند الفراء همزة وصل قطعت شذوًذا‪.‬‬
‫حا مذهب الفراء‪ ،‬قال‪" :‬ويتراءى‬ ‫ويرى د‪ .‬عبد الفتاح الحموز أن في مذهب سيبويه تكلًفا‪ ،‬مرج ً‬
‫لي أن ما ذهب إليه الفراء أظهر؛ لنه لم يعهد في لغتنا‬
‫@‪@474‬‬
‫تعريض الحرف من الحركة إل في ثلث كلمات‪ ،‬وهي‪ :‬أسطاع‪ ،‬وأهرق‪ ،‬وأهراح‪ ،‬وهي مسألة‬
‫تجعلنا نميل إلى مذهب الفراء‪#"....‬ظاهرة التعويض في العربية ‪ ،108‬وينظر‪ :‬جهود الفراء‬
‫الصرفية ‪) 290‬ماجستير(‪ ،‬ومنهج الكوفيين في الصرف ‪#.234‬‬
‫والراجح عندي مذهب سيبويه؛ لما يأتي‪:‬‬
‫لوجود النظير‪ ،‬والكلمات الثلث التي أشار إليها د‪ .‬الحموز؛ لن تعويض الحرف‬ ‫‪-1‬‬
‫ل فهو نادر‪ ،‬والحمل النادر أولى من الحمل على الشذوذ في مذهب‬ ‫من الحركة إن كان قلي ً‬
‫الفراء؛ لن النادر موافق للقياس على قلته‪ ،‬والشاذ مخالف للقياس قل أو كثر‪#‬ينظر‪ :‬الشباه‬
‫والنظائر ‪#.2/180‬‬
‫ما ذكره ابن جني من أنه اطرد عنهم )استطعت(‪ ،‬بحذف التاء مع بقاء همزة‬ ‫‪-2‬‬
‫الوصل على حالها‪#‬سر الصناعة ‪#.1/201‬‬
‫أن من العرب من يقول )أسطاعوا( بمعنى‪) :‬أطاعوا(‪#‬تهذيب اللغة ‪#.3/104‬‬ ‫‪-3‬‬
‫وبذلك اقدم مذهب سيبويه؛ فالهمزة همزة قطع باقية على أصلها‪.‬‬
‫وال أعلم‪.‬‬
‫@‪@475‬‬
‫المبحث الخامس‪ :‬قطع همزة الوصل في الضرورة الشعرية‪:‬‬
‫تقطع همزة الوصل في الشعر للضرورة‪ ،‬وهذه علة – أرى – كافية لتعليل القطع في هذا‬
‫الموضع‪ ،‬إل أن النحاة لم يكتفوا بذلك‪ ،‬بل حاولوا تعليله بوجه يقربه من الموضع القياسي‪ ،‬قال‬
‫ابن عصفور )ت ‪ 669‬هــ(‪" :‬ما من ضرورة إل وهي يحاول بها على وجه تصح عليه"‪#‬شرح‬
‫الجمل ‪#.2/181‬‬
‫وقد اتخذ قطع الهمزة في الشعر صورتين‪:‬‬
‫إحداهما‪ :‬في أول الشطر الثاني في البيت‪.‬‬
‫والخرى‪ :‬في حشو البيت‪.‬‬
‫أما الول فكثير؛ لنه بمنزلة البتداء‪ ،‬وبذلك علله النحاة‪ ،‬قال سيبويه متحدًثا عن سقوط همزة‬
‫الوصل في الدرج‪...." :‬واعلم أن هذه اللفات ألفات الوصل تحذف جميًعا إذا كان قبلها‬
‫كلم‪.....‬إل أن تقطع كلمك‪ ،‬وتستأنف‪ ،‬كما قالت الشعراء في النصاف؛ لنها مواضع فصول‪،‬‬
‫فإنما ابتدءوا بعد قطع‪.‬‬
‫قال الشاعر‪:‬‬
‫ألقدر ينزلها بغير جعال‪#‬نسبه ابن السيرافي في‬ ‫ول يبادر في الشتاء وليدنا‬
‫ل عن سيبويه إلى حاجب بن حبيب يرثي سلمى بنت حذيفة بن‬ ‫شرح أبيات سيبويه ‪ 2/373‬نق ً‬
‫بدر‪ .‬ونسبه ابن عصفور في ضرائر الشعر ‪ 53‬إلى لبيد‪ ،‬ونقل عنه ذلك البغدادي في شرح‬
‫شواهد شرح الشافية ‪ ،188‬والبيت ليس في ديوان لبيد‪ .‬وهو بل نسبة في الكامل ‪،2/977‬‬
‫وتحصيل عين الذهب ‪ ،557‬والنكت ‪ ،1093‬وشرح الجمل لبن عصفور ‪#.2/555‬‬
‫وقال لبيد‪#‬ديوانه ‪#.151‬‬
‫ألناطق المزبور والمختوم"‪#‬الكتاب ‪.4/150‬‬ ‫أو مذهب جدد على ألواحه‬
‫وينظر‪ :‬المنصف ‪ ،1/67‬وشرح الشافية ‪ ،2/266‬وشرح شواهدها ‪ ،187‬والضرائر لللوسي‬
‫‪#.93-92‬‬

‫@‪@476‬‬
‫وحمل القزاز القيرواني )ت ‪ 412‬هـ( ذلك غما على البتداء أو على توهم البتداء‪ ،‬قال معلًقا‬
‫على الشاهد السابق )ول يبادر(‪" :‬فقطع اللف من )القدر( وهي ألف وصل‪ ،‬وقال‪ :‬إنما يكون‬
‫في النصف الثاني من البيت‪ ،‬كأنه موضع سكت فسه وابتدأ بها مقطوعة‪ ،‬أو في موضع يتوهم‬
‫هذا فيها"‪#‬ضرائر الشعر أو ما يجوز للشاعر في الضرورة ‪#.118‬‬
‫وقال ابن يعيش )ت ‪ 643‬هـ( بعد استشهاده بالبيت‪:‬‬
‫إتسع الخرق على الراقع‪#‬نسبة سيبويه في الكتاب ‪2/285‬‬ ‫ل نسب اليوم ول خلة‬
‫إلى أنس بن العباس‪ ،‬من بني سليم‪ .‬وينظر شرح أبيات سيبويه ‪ 1/583‬وهو بل نسبة في‬
‫الكامل ‪ ،2/977‬وشرح أبيات مغني اللبيب ‪#.4/341‬‬
‫"فأثبت همزة )اتسع( في حال الوصل ضرورة‪ ،‬وهو ها هنا أسهل؛ لنه في أول النصف الثاني‪،‬‬
‫ل‪،‬‬
‫فالعرب قد تسكت على أنصاف البيات‪ ،‬وتبتدئ بالنصف الثاني‪ ،‬فكأن الهمزة وقعت أو ً‬
‫فاعرفه"‪#‬شرح المفصل ‪ #.9/138‬وعلل ابن عصفور ذلك بأن همزة الوصل أجريت في‬
‫الدرج مجراها في البتداء بها‪ ،‬وانه أكثر ما يكون ذلك في أول النصف الثاني‪#‬ضرائر الشعر‬
‫‪ .53‬وينظر‪ :‬شرح شواهد الشافية ‪ ،183‬وشرح أبيات مغني اللبيب ‪#.4/342‬‬
‫ونقل السيرافي )ت ‪ 368‬هـ( عن ابن كيسان )ت ‪ 299‬هـ( ذهابه إلى أن همزة )أل( همزة‬
‫قطع‪#‬اشتهر نسبة هذا الرأي إلى الخليل في كثير من كتب النحو‪ .‬ينظر‪ :‬سر الصناعة ‪،1/334‬‬
‫وشرح التسهيل لبن مالك ‪ ،1/253‬وابن كيسان النحوي ‪ ،123‬وأباه أبو حيان في التذييل‬
‫‪ ،225 – 3/221‬ونسبه إلى ابن كيسان‪ ،‬ونقل عن ابن معزوز رّدا على ابن مالك في هذا‪.‬‬
‫وينظر‪ :‬الرتشاف ‪ .1/513‬وانظر حواشي التمهيد لهذا البحث‪ ، #.‬لما كثرت في الكلم‬
‫جا بقطعهم إياها في أوائل النصاف الخيرة في البيات‪#‬مل يحتمل‬
‫حذفوها استخفاًفا‪ ،‬محت ّ‬
‫الشعر من الضرورة ‪#.77‬‬
‫@‪@477‬‬

‫ورد عليه السيرافي بأنهم قد يقطعون الهمزة في هذا الموضع مع غير )أل(‪ ،‬كقوله‪....) :‬إتسع‬
‫الخرق‪#(...‬نفسه‪#.‬‬
‫قلت‪ :‬ل مانع عند من يرى أن همزة )أل( في الصل همزة قطع‪ ،‬أن تكون في مثل هذه المواضع قد‬
‫راجعت اصلها‪ ،‬فمن أصولهم أن‪" :‬الرجوع إلى الصل أيسر من النتقال عنه"‪ ،‬كما سبق‪#‬الشباه‬
‫والنظائر ‪ .2/150‬وانظر فيما سبق‪ :‬العلم المنقولة من أسماء‪ #.‬فإذا قطعت في )أل( تكون قد‬
‫راجعت اصلها عنده‪ ،‬وإن كان القطع في غير )أل( يعلل بما علله الجمهور‪.‬‬
‫مما سبق نلحظ أن همزة الوصل قطعت في الشعر للضرورة‪ ،‬وسهل هذه الضرورة وقوع الهمزة‬
‫مبتدأة في أول المصراع الثاني‪ ،‬أو يتوهم فيها البتداء غالًيا‪ ،‬أو أنها أجريت في الدرج مجراها في‬
‫البتداء‪ .‬أو أنمها راجعت أصلها القديم عند من يرى أن أصلها القطع‪ ،‬وأن حكم قطعها في هذا‬
‫الموضع ضرورة قد كثرت‪.‬‬
‫وأما الموضع الخر لقطع همزة الوصل في ضرورة الشعر‪ ،‬فهو في حشو البيت‪ ،‬وقد ذكره كثير‬
‫من العلماء‪#‬ينظر في ذلك‪ :‬معاني القرآن للخفش ‪ ، 1/12‬وما يحتمل الشعر من الضرورة‬
‫للسيرافي ‪ ،79‬والمحتسب ‪ ،1/248‬وسر الصناعة ‪ ،342 – 1/341‬ودرة الغواص ‪،221‬‬
‫واللباب ‪ ،108 – 2/107‬وشرح المفصل ‪ ،9/137‬وشرح الشافية ‪ ،2/265‬وشرح التصريح‬
‫‪ ،2/366‬والخزانة ‪ ،7/202‬والضرائر لللوسي ‪ #.92‬ومن الشواهد التي استشهدوا بها على ذلك‬
‫ما نقله الخفش من قول قيس بن الخطيم‪:‬‬
‫بنشر وتكثير الوشاة قمين‪#‬البيت لقيس بن الخطيم‬ ‫إذا جاوز الثنين سر فإنه‬
‫في ديوانه ‪ ،105‬وفي معاني القرآن للخفش ‪ .1/12‬ورواية المبرد في الكامل ‪) 2/883‬الخلين(‬
‫مكان )الثنين( فل شاهد‪ .‬وهو ينسب البيت إلى جميل العذري‪ ،‬وقد وهمه المحقق‪#.‬‬

‫@‪@478‬‬
‫وقول جميل‪:‬‬
‫على حدثان الدهر مني ومن جمل‪#‬سبق تخريجه في‬ ‫أل ل أرى إثنين أكرم شيمة‬
‫المبحث الول‪ :‬المسألة الثالثة‪#.‬‬
‫وقول الراجز‪:‬‬
‫وكل إثنين إلى افتراق‪#‬سبق تخريجه في المبحث‬ ‫يا نفس صبًرا كل حي لق‬
‫الول‪ :‬المسألة الثالثة‪#.‬‬
‫ويبدو لي أن الخفش ل يخص ذلك بالشعر‪ ،‬بل كأنه يعده لغة نادرة‪ ،‬سواء كان في الشعر أو في‬
‫عا من غير الشعر‪ ،‬قال‪" :‬وزعموا أن من العرب‬ ‫غيره؛ لنه قبل استشهاده بالبيات السابقة نقل سما ً‬
‫من يقطع ألف الوصل‪ .‬أخبرني من أثق به أنه سمع من العرب من يقول‪) :‬يا إبني( فقطع "‪#‬معاني‬
‫القرآن ‪ #.1/12‬واتبعه بالشواهد السابقة‪ ،‬فأردفها بقوله‪ " :‬وهذا ل يكاد يعرف"‪ .‬ولم يتحدث عن‬
‫ضرورة الشعر‪ .‬وحكم ابن جني على قطع همزة الوصل في حشو البيت بالقلة في السماء‪ ،‬وبالقل‬
‫في الفعال‪ ،،‬قال‪" :‬وقلما جاء في الشعر قطع همزة الوصل في الفعل‪ ،‬وإنما يجيء الشيء النزر من‬
‫ذلك في السم‪ ،‬نحو قول جميل‪ :‬أل ل أرى‪....‬وقول الخر‪ :‬يا نفس‪#"...‬المحتسب ‪ #.1/248‬وكذا‬
‫ابن عصفور حكم بقلة هذا‪#‬ضرائر الشعر ‪ ،54‬وينظر‪ :‬شرح شواهد الشافية ‪#.183‬‬
‫سا على إجراء‬
‫وقد علل العكبري القطع في هذا الموضع بأنه إجراء للوصل مجرى البتداء‪ ،‬قيا ً‬
‫الوصل مجرى الوقف‪#‬اللباب ‪#.2/108‬‬
‫ولعل ما يهون قطع همزة الوصل في حشو البيت‪ ،‬أن أغلب الكلمات التي قطعت فيها همزة الوصل‬
‫كانت أسماًء‪ ،‬وقطعها في السماء أهون منه في الفعال؛‬
‫@‪@479‬‬
‫لن السماء بابها همزة القطع‪ ،‬والفعال بابها همزة الوصل‪ .‬وبذلك فسر ابن جني هذه الظاهرة‪،‬‬
‫ل‪....." :‬إنما قل قطع همزة الوصل هذه في الفعل‪ ،‬وجاء ما جاء من ذلك في السم‪ ،‬حيث كان‬ ‫قائ ً‬
‫الفعل مظنة من همزة الوصل‪ ،‬وإنما تدخل من السماء ما ضارع الفعل‪ .‬وباب همزات السماء أن‬
‫تكون قطًعا‪ ،‬فلما غلب القطع عليها جرت اللسن على العادة‪ ،‬واستجازوا قطع همزة الوصل لما‬
‫ذكرنا"‪#‬المحتسب ‪#.1/248‬‬
‫أخلص مما سبق إلى أن همزة الوصل تقطع للضرورة الشعرية في أول المصراع الثاني من البيت‬
‫ل في حشو البيت في السماء‪ ،‬ويضيق ذلك أكثر‬ ‫بكثرة‪ ،‬سهل ذلك أنها في حكم البتداء‪ ،‬وتقطع قلي ً‬
‫في الفعال‪.‬‬

‫@‪@480‬‬
‫المبحث السادس‪ :‬قطع همزة الوصل على لغة لبعض العرب‪:‬‬
‫بعض العرب يقطعون همزة الوصل مطلًقا‪ ،‬في النثر والشعر‪ ،‬ويبدو أنها لغة غريبة‪ ،‬قال الخفش )‬
‫‪ 215‬هـ(‪" :‬وزعموا أن من العرب من يقطع ألف الوصل‪ .‬أخبرني من أثق به انه سمع من يقول‪:‬‬
‫)يا إبني( فقطع‪ ،‬همزة الوصل‪ .‬وقال قيس بن الخطيم‪:‬‬
‫بنشر وتكثير الوشاة قمين‬ ‫إذا جاوز الثنين سر فإنه‬
‫وقال جميل‪:‬‬
‫على حدثان الدهر مني ومن جمل‬ ‫أل ل أرى إثنين أكرم شيمة‬
‫وقال الراجز‪:‬‬
‫وكل إثنين إلى افتراق‬ ‫يا نفس صبًرا كل حي لق‬
‫وهكذا ل يكاد يعرف"‪#‬معاني القرآن للخفش ‪ .1/12‬وقد سبق في ضرورة الشعر‪#.‬‬
‫وذهب د‪ .‬أحمد علم الدين الجندي – موافًقا باحًثا غربّيا‪ -‬في تفسير قطع همزة الوصل عند شعراء‬
‫الحجاز إلى أنه ردة فعل منهم في مقابل تسهيل الهمزة عموًما عندهم‪ ،‬ففي تعليقه على تحقيق أهل‬
‫مكة الهمز في ) النبي‪ ،‬الذرية‪ ،‬الخابية‪ ،‬البرية( خلًفا للغة الفصحى وخلًفا للغتهم في تسهيل الهمز‪،‬‬
‫قال‪" :‬هو كرد فعل عندهم لحساسهم بشعورهم بالنقص في الظاهرة العامة عندهم‪ ،‬وهي تسهيل‬
‫الهمزة‪ ،‬ولهذا يقول رابين‪ :‬وكان شعراء الحجاز غالًبا ما يعاملون همزة الوصل كأنها همزة قطع‪،‬‬
‫مبالغة منهم في تحقيقها؛ لنهم شعروا بتسهيلها فأراد الشعراء منهم تحقيًقها حذلقة"‪#‬اللهجة العربية‬
‫في التراث ‪ .1/340‬والحذلقة‪ :‬التصرف بالظرف‪ .‬والمتحذلق‪ :‬المتكيس‪ ،‬وقيل‪ :‬هو المتكيس الذي‬
‫يريد أن يزداد على قدره‪ .‬ويقال‪ :‬حذلق الرجل وتحذلق إذا أظهر الحذق وادعى أكثر مما عنده‪.‬‬
‫اللسان )حذلق(‪#.‬‬

‫@‪@481‬‬
‫الخاتمة‪:‬‬
‫وفيها وظائف قطع همزة الوصل‪:‬‬
‫وبعد‪ :‬فقد حاولت في هذا البحث استقصاء مواضع همزة الوصل‪ ،‬والوقوف على عللها‪ ،‬وبيان‬
‫أحكامها‪ ،‬فوقفت على اثني عشر موضًعا‪ ،‬القطع في خمسة منها واجب‪ ،‬وفي ثلثة جائز‪ ،‬وفي اثنين‬
‫راجح‪ ،‬وفي واحد ضرورة‪ ،‬وهناك من العرب من لغته القطع مطلًقا‪.‬‬
‫ووجدت أن قطع همزة الوصل في درج الكلم – مع كونه مخالفة للصل – له فوائد متعددة‬
‫ووظائف متنوعة صوتية‪ ،‬ودللية‪ ،‬وشكلية‪:‬‬
‫فمن الوظائف الصوتية‪ :‬القطع للتخلص من التقاء ساكنين‪ ،‬كالقطع في اسم الجللة على قول‬
‫الجوهري‪ ،‬وفي القطع بعد الساكن كما في بعض القراءات القرآنية المذكورة‪ .‬وهذا يعد استدراًكا‬
‫على المتقدمين الذين جمعوا وسائل التخلص من التقاء الساكنين‪ ،‬وأغفلوا هذه الوسيلة‪ ،‬ومن هؤلء‪:‬‬
‫مكي بن أبي طالب )ت ‪ 437‬هـ( عليه رحمة ال‪ ،‬في كتابه الكشف عن وجوه القراءات السبع‬
‫وعللها وحججها‪.‬‬
‫ومن الوظائف الدللية ما يأتي‪:‬‬
‫الدللة على شبه الزائد على بنية الكلمة بما هو من بنيتها وتنزيله منزلته‪ ،‬كما في‬ ‫‪-1‬‬
‫النداء‪ ،‬على القول الثاني‪ ،‬وفي التذكر‪.‬‬
‫الدللة على التعويض عن حذف حرف أصلي‪ ،‬كما في النداء‪ ،‬على القول الثالث‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫وفي القسم للدللة على التعويض عن حرف القسم المحذوف في قول أبي علي‪ ،‬وللتعويض‬
‫عن حرف القسم المحذوف في قول سيبويه‪.‬‬
‫@‪@482‬‬
‫الدللة على الخصوصية في نداء اسم الجللة في القول الرابع‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫الدللة على أصل الترتيب‪ ،‬كما في ترتيب )ل ها أل ذا( في القسم‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫الدللة على نقل الكلمة من باب إلى باب‪ ،‬ولتأخذ سمت الباب المنقولة إليه وقياسه‪،‬‬ ‫‪-5‬‬
‫كما في العلم المنقولة من أفعال‪ ،‬ومن )أل(‪ ،‬ومن حروف المعجم الساكنة المنطوق بها‪.‬‬
‫الدللة على الفرق بين الستفهام والخبر‪ ،‬كما في )أل(‪ ،‬و)َايُمن(‪ ،‬و)َايم( إذا دخلت‬ ‫‪-6‬‬
‫عليهن همزة الستفهام‪.‬‬
‫ومن الوظائف الشكلية‪:‬‬
‫القطع لجل التغيير بناءً على أن التغيير يأنس بالتغيير‪ ،‬كما في نداء اسم الجللة‪،‬‬ ‫‪-1‬‬
‫على القول الول‪.‬‬
‫ل على القطع في النطق‪ ،‬كما في التذكر‪.‬‬ ‫القطع في الرسم ليكون دلي ً‬ ‫‪-2‬‬
‫القطع انسجاًما مع الوظيفة النحوية للكلمة‪ ،‬كما في )ألبتة(‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫المحافظة على الوزن الشعري‪ ،‬كما في القطع للضرورة الشعرية‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫ومع أن النحاة قد عللوا كل موضع قطعت فيه همزة الوصل في الدرج‪ ،‬فإننا نجدهم قد حاولوا في‬
‫كثير من هذه المواضع ربطه بالموضع القياسي )البتداء أو الستئناف(‪ ،‬وحمله عليه ما استطاعوا‬
‫ل؛ تخفيًفا منهم للخروج عن الصل‪.‬‬ ‫إلى ذلك سبي ً‬
‫والذي أراه هنا أن همزة الوصل كتابة في كل الموضع‪ ،‬الواجبة‪ ،‬والجائزة‪ ،‬والراجحة؛ وذلك للفادة‬
‫مما يدل عليه القطع في كل موضع‪ .‬وأوصي المجامع اللغوية أن تصدر قراًرا بذلك‪ .‬وال ولي‬
‫التوفيق‪.‬‬
‫وقبل أن أختم أنبه على أن قطع همزة الوصل في العلم المنقولة من محكية هو شبة لدى القائل‬
‫بذلك‪ ،‬ل اصل لها عند النحاة‪.‬‬
‫وبعد‪ ،‬فما كان من توفيق فمن ال وحده‪ ،‬وما كان من غير ذلك فمن نفسي والشيطان‪ .‬اللهم اغفر‬
‫الذنب‪ ،‬واستر العيب‪ ،‬واقبل التوب‪ ،‬ووفقنا لما تحبه وترضاه‪ .‬وصلى ال على نبينا محمد وعلى آله‬
‫وصحبه أجمعين‪ .‬والحمد ل رب العلمين‪.‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‪:‬‬
‫أبنية السماء والفعال والمصادر‪ ،‬لبن القطاع‪ ،‬دراسة وتحقيق أحمد عبد الدائم‪،‬‬ ‫‪-1‬‬
‫)رسالة دكتوراه‪ 1400 :‬ه‪1980 -‬م دار العلوم القاهرة(‬
‫أبو جعفر الرؤاسي نحوي من الكوفة‪ ،‬د‪ .‬عبد ال الجبوري‪ ،‬ط ‪ 1408 ،1‬هـ ‪-‬‬ ‫‪-2‬‬
‫‪1988‬م بمساعدة الجامعة المستنصرية‪.‬‬
‫أدب الكاتب‪ ،‬لبن قتيبة‪ ،‬تحقيق محمد الدالي‪ ،‬ط ‪ 1405 ،2‬هـ ‪1985 -‬م مؤسسة‬ ‫‪-3‬‬
‫الرسالة بيروت‪.‬‬
‫أسرار العربية‪ ،‬لبي البركات النباري‪ ،‬تحقيق محمد بهجت البيطار‪ 1377 ،‬هـ‬ ‫‪-4‬‬
‫‪1957‬م‪ ،‬المجمع العلمي العربي‪ ،‬دمشق‪.‬‬
‫الشباه والنظائر في النحو‪ ،‬لجلل الدين السيوطي‪ ،‬تحقيق د‪ .‬عبد العال مكرم‪ ،‬ط‬ ‫‪-5‬‬
‫‪ 1406 ،1‬هـ ‪1985 -‬م‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫الصوات اللغوية‪ ،‬د‪ .‬إبراهيم أنيس‪1999 ،‬م‪ ،‬مكتبة النجلو المصرية‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫الصول في النحو‪ ،‬لبي بكر بن السراج‪ ،‬تحقيق د‪ .‬عبد الحسين الفتلي‪ ،‬ط ‪،3‬‬ ‫‪-7‬‬
‫‪ 1408‬هـ ‪1988 -‬م مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫إعراب القرآن لبي جعفر النحاس‪ ،‬تحقيق د‪ .‬زهير غازي زاهد‪ ،‬ط ‪ 1405 ،2‬هـ‬ ‫‪-8‬‬
‫‪1985 -‬م عالم الكتب ومكتبة النهضة العربية‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫الغفال فيما أغفله الزجاج من المعاني‪ ،‬لبي علي الفارسي‪ ،‬مخطوط‪ ،‬مكتبة شهيد‬ ‫‪-9‬‬
‫علي‪ ،‬اسطنبول‪.‬‬
‫‪ -10‬القناع في القراءات السبع‪ ،‬لبي جعفر بن الباذش‪ ،‬تحقيق د‪ .‬عبد المجيد قطامش‪،‬‬
‫ط ‪ 1403 ،1‬هـ مركز البحث العلمي وإحياء التراث السلمي‪ ،‬جامعة أم القرى‪ ،‬مكة‬
‫المكرمة‪.‬‬
‫‪ -11‬التقاء الساكنين بين القاعدة والنص‪ ،‬د‪ .‬عبد اللطيف محمد الخطيب‪ ،‬جامعة‬
‫الكويت‪ ،‬حوليات الداب والعلوم النسانية‪ ،‬الحولية الحادية والعشرون ‪1422– 1421‬‬
‫هـ‪2001 -2000 /‬م‪.‬‬
‫@‪@485‬‬
‫‪ -12‬اللفات‪ ،‬لبن خالويه‪ ،‬تحقيق د‪ .‬علي حسين البواب‪ ،‬مكتبة المعارف ‪ 1402‬هـ ‪-‬‬
‫‪1982‬م الرياض‪.‬‬
‫‪ -13‬أمالي ابن الشجري‪ ،‬تحقيق د‪ .‬محمود محمد الطناحي ط ‪ 1413 ،1‬هـ ‪1992 -‬م‬
‫مكتبة الخانجي‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ -14‬أمالي الزجاجي‪ ،‬تحقيق عبد السلم هارون‪ ،‬ط ‪ 1407 ،2‬هـ ‪1987 -‬م دار‬
‫الجيل‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -15‬النصاف في مسائل الخلف بين النحويين البصريين والكوفيين‪ ،‬لبي البركات‬
‫النباري‪ ،‬تحقيق الستاذ محمد محيي الدين عبد الحميد‪ ،‬المكتبة التجارية الكبرى‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫توزيع دار الباز بمكة المكرمة‪.‬‬
‫‪ -16‬ائتلف النصرة في اختلف نحاة الكوفة والبصرة‪ ،‬لعبد اللطيف الزبيدي‪ ،‬تحقيق د‪.‬‬
‫طارق الجنابي‪ ،‬ط ‪ 1407 ،1‬هـ ‪1987 -‬م عالم الكتب ‪ ،‬ومكتبة النهضة العربية‪.‬‬
‫‪ -17‬ابن الضائع وأثره النحوي مع دراسة وتحقيق )القسم الول( من شرحه لجمل‬
‫الزجاجي‪ ،‬إعداد يحيى علوان البلداوي )رسالة دكتوراه‪ 1406 :‬هـ ‪1986 -‬م( جامعة‬
‫الزهر‪.‬‬
‫‪ -18‬ارتشاف الضرب من لسان العرب‪ ،‬لبي حيان‪ ،‬تحقيق د‪ .‬مصطفى النماس‪ ،‬ط ‪،1‬‬
‫‪ 1404‬هـ ‪1984 -‬م مكتبة المدني‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ -19‬اشتقاق أسماء ال ‪ ،‬لبي القاسم الزجاجي‪ ،‬تحقيق د‪ .‬عبد الحسين المبارك‪ ،‬ط ‪،2‬‬
‫‪ 1406‬هـ ‪1986 -‬م دار الغرب السلمي‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -20‬البسيط في شرح جمل الزجاجي‪ ،‬لبن أبي الربيع الشبيلي‪ ،‬تحقيق د‪ .‬عياد الثبيتي‪،‬‬
‫ط ‪ 1407 ،1‬هـ ‪1986 -‬م دار الغرب السلمي‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -21‬التبصرة والتذكرة‪ ،‬للصميري‪ ،‬تحقيق د‪ .‬فتحي علي الدين‪ ،‬ط ‪ 1402 ،1‬هـ ‪-‬‬
‫‪1982‬م مركز البحث العلمي وإحياء التراث السلمي‪ ،‬جامعة أم القرى‪ ،‬مكة المكرمة‪.‬‬
‫‪ -22‬التبيين على مذاهب النحويين‪ ،‬لبي البقاء العكبري‪ ،‬تحقيق د‪ .‬عبد الرحمن‬
‫العثيمين‪ ،‬ط ‪ 1406 ،1‬هـ ‪1986 -‬م دار الغرب السلمي‪ ،‬بيروت‪.‬‬

‫@‪@486‬‬
‫‪ -23‬تحصيل عين الذهب من معدن جوهر الدب في علم مجازات العرب‪ ،‬للعلم‬
‫الشنتمري‪ ،‬تحقيق د‪ .‬زهير سلطان‪ ،‬ط ‪ 1415 ،2‬هـ ‪1994 -‬م‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪.‬‬
‫‪ -24‬تذكرة النحاة‪ ،‬لبي حيان‪ ،‬تحقيق د‪ .‬عفيف عبد الرحمن ط ‪1406 ،1‬هـ ‪1986 -‬م‬
‫مؤسسة الرسالة بيروت‪.‬‬
‫‪ -25‬التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل‪ ،‬لبي حيان الندلسي‪ ،‬تحقيق د‪ .‬حسن‬
‫هنداوي‪ ،‬ط ‪ ،1‬دار القلم‪ ،‬دمشق‪.‬‬
‫‪ -26‬تفسير البحر المحيط‪ ،‬لبي حيان‪ ،‬ط ‪ 1403 ،2‬هـ ‪ 1983 -‬م دار الفكر‪.‬‬
‫‪ -27‬التكملة )وهي الجزء الثاني من اليضاح العضدي(‪ ،‬لبي علي الفارسي‪ ،‬تحقيق‬
‫د‪.‬حسن الشاذلي فرهود‪ ،‬ط ‪ 1401 ،1‬هـ ‪1981 -‬م عمادة شؤون المكتبات جامعة‬
‫الرياض‪.‬‬
‫‪ -28‬التكملة والذيل والصلة لكتاب تاج اللغة وصحاح العربية‪ ،‬للصاغاني‪ ،‬مجمع اللغة‬
‫العربية‪ ،‬القاهرة‪1970 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -29‬التنبيه واليضاح عما وقع في الصحاح‪ ،‬لبن بري‪ ،‬تحقيق مصطفى حجازي‪ ،‬ط‬
‫‪1980 1‬م مجمع اللغة العربية‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ -30‬توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك‪ ،‬للمرادي‪ ،‬تحقيق د‪ .‬عبد‬
‫الرحمن علي سليمان‪ ،‬ط ‪ ،1‬مكتبة الكليات الزهرية‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ -31‬الجامع لحكام القرآن‪ ،‬للقرطبي‪ ،‬ط ‪ ،2‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -32‬الجنى الداني في حروف المعاني‪ ،‬للحسن بن قاسم المرادي‪ ،‬تحقيق د‪ .‬فخر الدين‬
‫قباوة والستاذ محمد نديم فاضل ط ‪ 1403 ،2‬هـ ‪1983 -‬م دار الفاق الجديدة‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -33‬جهود الفراء الصوفية‪ ،‬لمحمد علي خيرات )رسالة ماجستير( جامعة أم القرى‪،‬‬
‫مكة المكرمة‪.‬‬
‫‪ -34‬حاشية الخضري على شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك‪ ،‬ضبط يوسف البقاعي‪،‬‬
‫‪ 1415‬هـ ‪1995 -‬م دار الفكر ‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫@‪@487‬‬
‫‪ -35‬حاشية الصبان على شرح الشموني على ألفية ابن مالك‪ ،‬مطبعة عيس البابي‬
‫الحلبي‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ -36‬حاشية العليمي على شرح التصريح = شرح التصريح‪.‬‬
‫‪ -37‬خزانة الدب ولب لباب لسان العرب‪ ،‬لعبد القادر البغدادي‪ ،‬تحقيق الستاذ عبد‬
‫السلم هارون‪ ،‬ط ‪ 1409 ،3‬هـ ‪1989 -‬م مكتبة الخانجي‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ -38‬الخصائص‪ ،‬لبن جني‪ ،‬تحقيق محمد علي النجار‪ ،‬دار الكتاب العربي بيروت‪.‬‬
‫‪ -39‬دراسات في علم اللغة‪ ،‬د‪ .‬كمال محمد بشر‪ ،‬ط ‪ ،1986 ،9‬دار المعارف بمصر‪.‬‬
‫‪ -40‬درة الغواص في أوهام الخواص‪ ،‬للحريري‪ ،‬تحقيق عبد ال الحسيني‪ ،‬ط ‪،1‬‬
‫‪ 1417‬هـ ‪1996 -‬م المكتبة الفيصلية‪ ،‬مكة المكرمة‪.‬‬
‫‪ -41‬ديوان جميل بثينة‪ ،‬تحقيق د‪ .‬حسين نصار‪1967 ،‬م‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ -42‬ديوان شعر المثقب العبدي‪ ،‬تحقيق حسن كامل الصيرفي‪ ،‬معهد المخطوطات‬
‫العربية‪ 1391 ،‬هـ‪1971 -‬م‪.‬‬
‫‪ -43‬ديوان عمر بن أبي ربيعة = شرح ديوان عمر بن أبي ربيعة‬
‫‪ -44‬ديوان قيس بن الخطيم عن ابن السكيت وغيره‪ ،‬تحقيق د‪ .‬ناصر الدين السد‪ ،‬ط‬
‫‪ 1381 ،1‬هـ ‪ 1962‬م‪ ،‬مكتبة دار العروبة‪.‬‬
‫‪ -45‬ديوان لبيد ابن ربيعة العامري‪ 1386 ،‬هـ ‪1966 -‬م‪ ،‬دار صادر‪.‬‬
‫‪ -46‬رصف المباني في شرح حروف المعاني‪ ،‬لحمد بن عبد النور المالقي‪ ،‬تحقيق د‪.‬‬
‫أحد الخراط‪ ،‬ط ‪ 1405 ،2‬هـ ‪1985 -‬م دار القلم‪ ،‬دمشق‪.‬‬
‫‪ -47‬الزاهر في معاني كلمات الناس‪ ،‬لبي بكر النباري‪ ،‬تحقيق د‪.‬حاتم الضامن‪ ،‬ط ‪،1‬‬
‫‪ 1412‬هـ ‪1992 -‬م مؤسسة الرسالة‪.‬‬
‫‪ -48‬السبعة في القراءات‪ ،‬لبي بكر بن مجاهد‪ ،‬تحقق د‪.‬شوقي ضيف‪ ،‬ط ‪1980 ،2‬م‪،‬‬
‫دار المعارف‪.‬‬
‫‪ -49‬سر صناعة العراب‪ ،‬لبي الفتح بن جني‪ ،‬تحقيق د‪ .‬حسن هنادوي‪ ،‬ط ‪1405 ،1‬‬
‫هـ ‪1985‬م دار القلم‪ ،‬دمشق‪.‬‬
‫@‪@488‬‬
‫‪ -50‬السير الحثيث إلى الستشهاد بالحديث في النحو العربي‪ ،‬د‪ .‬محمود فجال‪ ،‬ط ‪،1‬‬
‫‪1407‬هـ‪ 1986 -‬م نادي أبها الدبي‪.‬‬
‫‪ -51‬شرح أبيات سيبويه‪ ،‬لبن السيرافي‪ ،‬تحقيق د‪ .‬محمد علي سلطان‪1979 ،‬م‪ ،‬دار‬
‫المأمون للتراث‪.‬‬
‫‪ -52‬شرح ألفية ابن مالك‪ ،‬لبن الناظم )بدر الدين محمد( تحقيق د‪ .‬عبد الحميد السيد‪،‬‬
‫دار الجيل‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -53‬شرح ألفية ابن معط لبي جعفر الرعيني‪ ،‬السفر السابع‪ ،‬تحقيق عبد ال عمر حاج‬
‫إبراهيم‪) ،‬رسالة دكتوراه‪ 1417 :‬هـ ‪1997 -‬م( جامعة أم القرى‪.‬‬
‫‪ -54‬شرح ألفية ابن معط ‪ ،‬لعبد العزيز بن جمعة القواس‪ ،‬تحقيق علي موسى الشوملي‬
‫ط ‪ 1405 ،1‬هـ ‪1985 -‬م‪ ،‬مكتبة الخريجي الرياض‪.‬‬
‫‪ -55‬شرح الشموني على ألفية ابن مالك‪ ،‬دار إحياء الكتب العربية‪ ،‬عيسى البابي‬
‫الحلبي وشركاه‪.‬‬
‫‪ -56‬شرح التسهيل‪ ،‬لبن مالك ‪ ،‬تحقيق د‪.‬عبد الرحمن السيد ود‪ .‬محمد بدوي المختون‬
‫ط ‪ 1410 ،1‬هـ ‪1990-‬م هجر للطباعة‪.‬‬
‫‪ -57‬شرح التصريح على التوضيح‪ ،‬للشيخ خالد الزهري‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪ -58‬شرح التصريف‪ ،‬لعمر بن ثابت الثمانيني‪ ،‬تحقيق د‪ .‬إبراهيم البعيمي‪ ،‬ط ‪1419 ،1‬‬
‫هـ ‪ 1999 -‬مكتبة الرشد الرياض‪.‬‬
‫‪ -59‬شرح ديوان عمر ابن أبي ربيعة‪ ،‬عبد أ‪ .‬علي مهنا ط ‪ 1406 ،1‬هـ ‪1986 -‬م‬
‫دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -60‬شرح الرضي لكافية ابن الحاجب‪ ،‬تحقيق د‪ .‬حسن الحفظي ود‪ .‬يحيى مصري ط‬
‫‪ 1414 ،1‬هـ ‪1993 -‬م إدارة الثقافة والنشر‪ ،‬جامعة المام محمد بن سعود السلمية‪،‬‬
‫الرياض‪.‬‬
‫‪ -61‬شرح الكافية الشافية‪ ،‬لبن مالك‪ ،‬تحقيق د‪.‬عبد المنعم هريدي‪ ،‬ط ‪ 1402 ،1‬هـ ‪-‬‬
‫‪1982‬م مركز البحث العلمي وإحياء التراث السلمي بجامعة أم القرى‪ ،‬مكة المكرمة‪.‬‬

‫@‪@489‬‬
‫‪ -62‬شرح اللمع‪ ،‬للصفهاني أبي الحسن الباقولي‪ ،‬تحقيق د‪.‬إبراهيم أبو عباة‪ 1411 ،‬هـ‬
‫‪1990 -‬م إدارة الثقافة والنشر‪ ،‬جامعة المام محمد بن سعود السلمية‪.‬‬
‫‪ -63‬شرح المفصل‪ ،‬لبن يعيش الحلبي‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬بيروت‪ ،‬ومكتبة المتنبي‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ -64‬شرح الملوكي في التصريف‪ ،‬لبن يعيش الحلبي تحقيق د‪ .‬فخر الدين قباوة‪ ،‬ط ‪،1‬‬
‫‪ 1393‬هـ ‪1973 -‬م المكتبة العربية‪ ،‬حلب‪.‬‬
‫‪ -65‬شرج جمل الزجاجي‪ ،‬لبن عصفور‪ ،‬تحقيق د‪ .‬صاحب أو جناح‪ ،‬وزارة الوقاف‪،‬‬
‫بغداد‪.‬‬
‫‪ -66‬شرح جمل الزجاجي لبن الضائع = ابن الضائع وأثره النحوي‪.‬‬
‫‪ -67‬شرح شافية ابن الحاجب‪ ،‬لرضي الدين الستراباذي‪ ،‬تحقيق محمد نور الحسن‪،‬‬
‫ومحمد الزفزاف‪ ،‬ومحمد يحيى الدين عبد الحميد ‪ 1395‬هـ ‪1975 -‬م دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫بيروت‪.‬‬
‫‪ -68‬شرح شواهد الشافية = شرح شافية ابن الحاجب‪.‬‬
‫‪ -69‬شرح كتاب سيبويه‪ ،‬لبي سعيد السيرافي‪ ،‬مخطوط‪ ،‬نسخة دار الكتب القومية رقم‬
‫‪ 137‬نحو‪.‬‬
‫‪ -70‬شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلت الجامع الصحيح‪ ،‬لبن مالك‪ ،‬تحقيق محمد‬
‫فؤاد عبد الباقي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -71‬الصاحبي‪ ،‬لبن فارس‪ ،‬تحقيق السيد أحمد صقر‪ ،‬مطبعة عيسى البابي الحلبي‪،‬‬
‫القاهرة‪.‬‬
‫‪ -72‬الصحاح‪ ،‬للجوهري‪ ،‬تحقيق أحمد عبد الغفور عطار‪ ،‬ط ‪1990 ،4‬م دار العلم‬
‫للمليين‪.‬‬
‫‪ -73‬صحيح البخاري بشرح الكرماني‪ ،‬ط ‪ 1401 ،2‬هـ ‪1981 -‬م دار إحياء التراث‬
‫العربي‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -74‬ضرائر الشعر‪ ،‬أو كتاب ما يسوغ للشاعر في الضرورة‪ ،‬للقزاز القيرواني‪ ،‬تحقيق‬
‫د‪ .‬محمد زغلول سلم ود‪ .‬مصطفى هدارة‪1973 ،‬م منشأة المعارف‪ ،‬السكندرية‪.‬‬
‫@‪@490‬‬
‫‪ -75‬ضرائر الشعر‪ ،‬لبن عصفور‪ ،‬تحقيق السيد إبراهيم محمد‪1980 ،‬م دار الندلس‪.‬‬
‫‪ -76‬الضرائر وما يسوغ للشاعر دون الناثر‪ ،‬لمحمود شكري اللوسي‪ ،‬دار البيان‪،‬‬
‫بغداد‪ ،‬دار صعب‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -77‬ظاهرة التعويض في العربية وما حمل عليها من المسائل‪ ،‬د‪ .‬عبد الفتاح حموز‪ ،‬ط‬
‫‪ 1407 ،1‬هـ ‪1987 -‬م دار عمار‪ ،‬عمان‪.‬‬
‫‪ -78‬عقد الخلص في نقد كلم الخلص‪ ،‬لبن الحنبلي‪ ،‬تحقيق نهاد حسوبي‪ ،‬ط ‪،1‬‬
‫‪ 1407‬هـ ‪1987 -‬م‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -79‬عقود الزبرجد على مسند المام أحمد‪ ،‬للسيوطي‪ ،‬تحقيق أحمد عبد الفتاح وسمير‬
‫حسين‪ ،‬ط ‪1987 – 1407 ،1‬م دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -80‬علل النحو‪ ،‬لبي الحسن محمد بن عبد ال الوراق‪ ،‬تحقيق د‪ .‬محمود جاسم‬
‫الدرويش‪ ،‬ط ‪1999 – 1420 ،1‬م مكتبة الرشد‪ ،‬الرياض‪.‬‬
‫‪ -81‬عمدة القاري شرح صحيح البخاري‪ ،‬لبدر الدين العيني‪ ،‬دار إحياء التراث‬
‫العربي‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -82‬العين‪ ،‬للخليل ابن أحمد الفراهيدي‪ ،‬تحقيق د‪ .‬مهدي المخزومي ود‪ .‬إبراهيم‬
‫السامرائي‪ ،‬ط ‪ 1408 ،1‬هـ ‪1988 -‬م مؤسسة العلمي‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -83‬فتح الباري بشرح صحيح البخاري‪ ،‬لبن حجر العسقلني‪ ،‬تحقيق محمد فؤاد عبد‬
‫الباقي‪ ،‬والشيخ عبد العزيز بن باز‪ ،‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪ -84‬الفوائد العجيبة في إعراب الكلمات الغريبة‪ ،‬لبن عابدين‪ ،‬تحقيق د‪ .‬حاتم الضامن‪،‬‬
‫ط ‪ 1410 1‬هـ ‪1990 -‬م دار الرائد العربي‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -85‬الكامل في اللغة والدب‪ ،‬لبي العباس المبرد‪ ،‬تحقيق محمد أحمد الدالي‪ ،‬ط ‪،1‬‬
‫‪ 1406‬هـ ‪1986 -‬م مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -86‬الكتاب‪ ،‬لسيبويه‪ ،‬تحقيق عبد السلم هارون ط ‪1977 ،2‬م مكتبة الخانجي‪،‬‬
‫القاهرة‪.‬‬
‫‪ -87‬كتاب الملء‪ ،‬لحسين والي‪ 1405 ،‬هـ ‪1985 -‬م دار القلم‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫@‪@491‬‬
‫‪ -88‬الكشاف‪ ،‬للزمخشري‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -89‬الكليات )معجم في المصطلحات والفروق اللغوية( لبي البقاء الكفوي‪ ،‬عناية د‪.‬‬
‫عدنان الدرويش‪ ،‬ومحمد المصري‪ ،‬ط ‪ 1412 ،1‬هـ ‪1992 -‬م‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -90‬لباب العراب‪ ،‬لمحمد السفراييني‪ ،‬تحقيق د‪ .‬بهاء الدين عبد الرحمن‪ ،‬ط ‪،1‬‬
‫‪ 1405‬هـ ‪1985 -‬م دار الرفاعي‪ ،‬الرياض‪.‬‬
‫‪ -91‬اللباب في علل البناء والعراب‪ ،‬لبي البقاء العكبري‪ ،‬تحقيق‪ :‬ج ‪ 1‬د‪ .‬غازي‬
‫طليمات‪ ،‬وج ‪ 2‬الستاذ عبد الله نبهان‪ ،‬ط ‪ 1416 ،1‬هـ ‪1995 -‬م مركز جمعة الماجد‬
‫للثقافة والتراث‪ ،‬دبي‪.‬‬
‫‪ -92‬لسان العرب‪ ،‬لبن منظور‪ ،‬تنسيق وتعليق وفهرسة‪ :‬علي شيري‪ ،‬ط ‪ 1408 ،1‬هـ‬
‫‪1988 -‬م‪ ،‬دار إحياء التراث العربي بيروت‪.‬‬
‫‪ -93‬اللهجات العربية في التراث‪ ،‬د‪ .‬أحمد علم الدين الجندي‪ ،‬الدار العربية للكتاب‪.‬‬
‫‪ -94‬ليس في كلم العرب‪ ،‬لبن خالويه‪ ،‬تحقيق أحمد عبد الغفور عطا ط ‪ 1399 ،2‬هـ‬
‫‪1979 -‬م مكة المكرمة‪.‬‬
‫‪ -95‬ما يحتمل الشعر من الضرورة‪ ،‬لبي سعيد السيرافي‪ ،‬تحقيق د‪ .‬عوض القوزي‪ ،‬ط‬
‫‪ 1412 ،2‬هـ ‪ 1991 -‬م‪.‬‬
‫‪ -96‬ما ينصرف وما ل ينصرف‪ ،‬لبي إسحاق الزجاج‪ ،‬تحقيق د‪ .‬هدى قراعة‪ ،‬ط ‪،2‬‬
‫‪ 1414‬هـ ‪1994 -‬م مكتبة الخانجي‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ -97‬المبهج في تفسير أسماء شعراء الحماسة‪ ،‬لبن جني‪ ،‬تحقيق د‪ .‬حسن هنداوي‪ ،‬ط‬
‫‪ 1407 ،1‬هـ ‪1987 -‬م دار القلم‪ ،‬دمشق ‪ ،‬دار المنارة‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -98‬مجالس العلماء‪ ،‬لبي القاسم الزجاجي‪ ،‬تحقيق الستاذ عبد السلم هارون‪ ،‬ط ‪،2‬‬
‫‪ 1403‬هـ ‪1983 -‬م مكتبة الخانجي في القاهرة‪ ،‬ودار الرفاعي في الرياض‪.‬‬
‫‪ -99‬مجالس ثعلب‪ ،‬تحقيق الستاذ عبد السلم هارون‪ ،‬ط ‪1987 ، 5‬م دار المعارف‪،‬‬
‫القاهرة‪.‬‬
‫@‪@492‬‬
‫‪ -100‬المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات واليضاح‪ ،‬لبن جني‪ ،‬تحقيق علي‬
‫النجدي ناصف وآخرين‪ ،‬ط ‪ 1406 ،2‬هـ ‪1986 -‬م دار سزكين‪ ،‬اسطنبول‪.‬‬
‫‪ -101‬المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز‪ ،‬لبن عطية الندلسي‪ ،‬تحقيق الشيخ عبد‬
‫ال النصاري وآخرين ط ‪ ،1‬رئاسة المحاكم والشؤون الدينية‪ ،‬قطر‪.‬‬
‫‪ -102‬المحكم والمحيط العظم في اللغة‪ ،‬لبن سيده‪ ،‬تحقيق مصطفى السقا وآخرين‪ ،‬ط‬
‫‪ 1377 ،1‬هـ ‪1958 -‬م معهد المخطوطات‪.‬‬
‫‪ -103‬مختصر في شواذ القرآن من كتاب البديع لبن خالويه‪ ،‬مكتبة المتنبي‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ -104‬المخصص‪ ،‬لبن سيده‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -105‬المزهر في علوم اللغة وأنواعها‪ ،‬للسيوطي‪ ،‬تحقيق محمد جاد وآخرين‪ ،‬دار‬
‫الجيل‪ ،‬بيروت ودار الفكر‪.‬‬
‫‪ -106‬المسائل البصريات‪ ،‬لبي علي الفارسي‪ ،‬تحقيق محمد الشاطر أحمد‪ ،‬ط ‪1405 ،1‬‬
‫هـ ‪1985 -‬م مطبعة المدني‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ -107‬المسائل المشكلة )البغداديات(‪ ،‬لبي علي الفارسي‪ ،‬تحقيق صلح الدين السنكاوي‪،‬‬
‫مطبعة المدني‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ -108‬المساعد على تسهيل الفوائد‪ ،‬لبن عقيل‪ ،‬تحقيق د‪ .‬محمد كامل بركات‪ ،‬مركز‬
‫البحث العلمي وإحياء التراث السلمي‪ ،‬جامعة أم القرى‪ ،‬مكة المكرمة‪.‬‬
‫‪ -109‬المستوفى في النحو‪ ،‬لكمال الدين أبي سعد علي بن مسعود بن محمود بن الحكم‬
‫الفرخان‪ ،‬تحقيق د‪ .‬محمد بدوي المختون ‪ 1407‬هـ ‪1987 -‬م دار الثقافة العربية‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ -110‬مشكلة الهمزة العربية‪ ،‬د‪ .‬رمضان عبد التواب‪ ،‬ط ‪ 1417 ،1‬هـ ‪1996 -‬م‪،‬‬
‫مكتب الخانجي‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ -111‬المصباح المنير في غريب الشرح الكبير‪ ،‬لحمد الفيومي‪ ،‬المكتبة العلمية‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -112‬معاني الحروف‪ ،‬المنسوب للرماني )وهو لبن فضال المجاشعي(‪ ،‬تحقيق د‪ .‬عبد‬
‫الفتاح شلبي‪ ،‬ط ‪ 1407 ،2‬هـ ‪1986 -‬م مكتبة الجامعي‪ ،‬مكة المكرمة‪.‬‬
‫@‪@493‬‬
‫‪ -113‬معاني القرآن‪ ،‬لبي الحسن سعيد بن مسعدة الخفش‪ ،‬تحقيق د‪ .‬هدى قراعة‪ ،‬ط ‪،1‬‬
‫‪ 1411‬هـ ‪1990 -‬م مكتبة الخانجي‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ -114‬معاني القرآن‪ ،‬للفراء‪ ،‬تحقيق محمد علي النجار وآخرين‪ ،‬دار السرور‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -115‬معاني القرآن وإعرابه‪ ،‬لبي إسحاق الزجاج‪ ،‬تحقيق د‪ .‬عبد الجليل شلبي‪ ،‬ط ‪،1‬‬
‫‪ 1408‬هـ ‪1988 -‬م‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -116‬مغني اللبيب عن كتب العاريب‪ ،‬لبن هشام النصاري‪ ،‬تحقيق د‪ .‬مازن المبارك‪،‬‬
‫ومحمد علي حمد ال‪ ،‬ط ‪1985 ،6‬م دار الفكر‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -117‬المفصل‪ ،‬للزمخشري‪ ،‬تحقيق د‪ .‬محمد عز الدين السعيدي‪ ،‬ط ‪1410 ،1‬هـ ‪-‬‬
‫‪1990‬م‪ ،‬دار إحياء العلوم‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -118‬المقتصد في شرح اليضاح‪ ،‬لعبد القاهر الجرجاني‪ ،‬تحقيق كاظم بحر المرجان‬
‫‪1982‬م‪ ،‬منشورات وزارة الثقافة والعلم العراقية‪ ،‬بغداد‪.‬‬
‫‪ -119‬المقتضب‪ ،‬لبي العباس المبرد‪ ،‬تحقيق د‪ .‬محمد عبد الخالق عضيمة‪ ،‬المجلس‬
‫العلى للشؤون السلمية‪ ،‬لجنة إحياء التراث السلمي‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ -120‬الممتع في التصريف‪ ،‬لبن عصفور‪ ،‬تحقيق‪ .‬فخر الدين قباوة‪ ،‬ط ‪ 1407 ،1‬هـ ‪-‬‬
‫‪1978‬م دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫‪ -121‬المنصف‪،‬لبي افتح بن جني‪ ،‬تحقيق الستاذين‪ :‬إبراهيم مصطفى وعبد ال أمين‪ ،‬ط‬
‫‪ 1373 ،1‬هـ ‪1954 -‬م مطبعة مصطفى الباب الحلبي‪ ،‬مصر‪.‬‬
‫‪ -122‬منهج الكوفيين في الصرف‪ ،‬لمؤمن بن صبري غنام‪) ،‬رسالة دكتوراه‪ 1418 :‬هـ‬
‫‪1997 -‬م( جامعة أم القرى‪ ،‬مكة المكرمة‪.‬‬
‫‪ -123‬الموفقي في النحو‪ ،‬لبن كيسان‪ ،‬تحقيق د‪ .‬عبد الحسين الفتلي وهاشم طه شلش‪،‬‬
‫مجلة المورد وزارة العلم العراقية‪ ،‬المجلد الرابع‪ ،‬العدد الثاني ‪ 1395‬هـ ‪1975 -‬م‪.‬‬
‫‪ -124‬النحو الوافي‪ ،‬لعباس حسن‪ ،‬ط ‪ ،5‬دار المعارف‪.‬‬
‫‪ -125‬النكت في تفسير كتاب سيبويه‪ ،‬للعلم الشنتمري‪ ،‬تحقيق زهير سلطان‪ ،‬ط ‪،1‬‬
‫‪ 1407‬هـ ‪1987 -‬م معهد المخطوطات العربية‪ ،‬الكويت‪.‬‬
‫‪ -126‬الهمزة في اللغة العربية‪ ،‬لخالدية محمود البياع‪ ،‬ط ‪ ،1‬دار ومكتبة الهلل ‪1995‬م‬
‫بيروت‪.‬‬
‫‪ -127‬الهمزة مشكلتها وعلجها‪ ،‬لحمد شوقي بدوي النجار‪ ،‬ط ‪ ،1‬دار الرفاعي‬
‫‪1984‬م الرياض‪.‬‬
‫بعض العوامل المعيقة للسياحة الداخلية في المجتمع السعودي‬
‫من وجهة نظر الذكور والناث‬

‫الدكتور‪ /‬عبد ال بن عبد العزيز اليوسف )باحث رئيس( قسم الجتماع – كلية‬
‫العلوم الجتماعية‬
‫جامعة المام محمد بن سعود السلمية‬

‫المشاركون‬
‫د‪ .‬محمد بن طاهر اليوسف‬ ‫د‪ .‬عبد المحسن بن عبد ال الحجي‬
‫جامعة الملك سعود‬ ‫جامعة الملك سعود‬
‫@‪@497‬‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫شهدت العقود الثلثة الخيرة اهتماًما عالمّيا غير معهود بالسياحة‪ ،‬حيث إنها لم تعد ترًفا مقصوًرا‬
‫على فئة محدودة من القادرين على نفقتها بل عملية مطلوبة لعامة الناس وخاصتهم‪ .‬هذا الهتمام‬
‫بالسياحة لم يكن وليد الصدفة بل هو نتيجة لعدة مستجدات لعل أحدها هو التوسع الحضري الذي‬
‫يدفع الناس إلى الهرب من المدينة ومن روتين الحياة اليومية للبحث عن أماكن الراحة والستجمام‪،‬‬
‫وتعتبر السياحة داخلية في أي دولة أحد الروافد الهامة للدخل السياحي‪ ،‬فهي تستوعب حوالي ‪%80‬‬
‫من إجمالي النفاق السياحي العالمي‪ ،‬ويختلف هذا المعدل من دولة لخرى حيث تبلغ على سبيل‬
‫المثال في الوليات المتحدة )‪ ،(% 94‬وفي بريطانيا )‪ ،(%70‬وسويسرا )‪# (%46‬العقيل صالح‬
‫عبد ال‪ 1423) ،‬هـ( العوامل المؤثرة في اتجاه المواطن نحو السياحة الداخلية في المملكة العربية‬
‫السعودية‪ .‬دراسة استطلعية على عينة من أرباب السر وطلب الجامعة‪ ،‬رسالة ماجستير غير‬
‫منشورة‪ ،‬قسم الجتماع والخدمة الجتماعية‪ ،‬كلية العلوم الجتماعية‪ ،‬جامعة المام محمد بن سعود‬
‫السلمية‪ ،‬الرياض‪ #.‬وتعد المملكة العربية السعودية من أكثر الدول حاجة لقيام وتنشيط حركة‬
‫السياحة الداخلية لبناء الوطن‪ ،‬نظًرا لتدني نسبة إسهام قطاع السياحة في إجمالي الناتج المحلي‬
‫للمملكة إذ بلغ عام )‪2001‬م ‪ (%4:‬أي ما يعادل )‪ (9.6‬مليارات دولر فقط وهو ما يضع هذا‬
‫القطاع في المرتبة الثالثة من حيث الهمية بعد صناعة النفط والغاز بالضافة لمعدلت النفاق‬
‫العالية على السياحة الخارجية التي يقوم بها المواطنون خارج المملكة حيث يعد متوسط إنفاق‬
‫السائح السعودي على السياحة خارج المملكة من أعلى المتوسطات المعروفة عالمّيا إذ يبلغ في الليلة‬
‫@‪@498‬‬
‫الواحدة حوالي )‪ (500‬ريال مقابل مبلغ يتراوح بين )‪ 250‬إلى ‪ 300‬ريال( ينفقها في الليلة‬
‫الواحدة داخلّيا‪#‬المرجع السابق‪#‬‬
‫وتمثل هذه الدراسة إحدى المحاولت التي تهدف إلى معرفة بعض العوامل المعيقة للسياحة في‬
‫المجتمع السعودي من وجهة نظر الذكور والناث‪.‬‬
‫وتصبح الحاجة إلى مثل هذه المعرفة واضحة إذا أخذنا في العتبار أن تذليل الصعوبات‬
‫والمعوقات التي تواجه السياحة الداخلية سوف يؤدي إلى ازدهارها والحد من السياحة الخارجية بكل‬
‫ما تحمله من سلبيات اجتماعية واقتصادية على المجتمع‪.‬‬
‫مشكلة الدراسة‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫تتحدد مشكلة الدراسة الحالية في معرفة آراء عينة من أفراد المجتمع السعودي من الجنسين‬
‫الذكور والناث نحو العوامل المعيقة للسياحة الداخلية‪ ،‬حيث تقود تلك المعرفة إلى تحديد السباب‬
‫المعيقة للسياحة الداخلية‪ ،‬وبالتالي محاولة الحد من تلك المعوقات لتنمية سياحية داخلية واعدة‪.‬‬
‫أهمية الدراسة‪:‬‬ ‫‪-2‬‬
‫الهمية العلمية‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫تبرز الهمية العلمية لهذه الدراسة في ظل عدم وجود دراسات سابقة عن معوقات السياحة‬
‫الداخلية في المجتمع السعودي‪ ،‬كما أن الدراسات السابقة التي عالجت موضوع السياحة في‬
‫المجتمع السعودي كانت محدودة‪ ،‬وتعاني من محدودية المناطق التي سحبت منها العينة حيث‬
‫اقتصرت على منطقة واحدة‪ ،‬أما الدراسة الحالية فقد شملت عدة مناطق‪ ،‬كما اشتملت على مناطق‬
‫ذات جاذبية سياحية‪ ،‬وأخرى ليست ذات تجربة سياحية مما يعطيه بعًدا علمّيا مميًزا‪.‬‬
‫الهمية العملية‪:‬‬ ‫‪-2‬‬
‫وتبرز أهمية هذه الدراسة من خلل ارتباطها بأهمية قطاع السياحة في المملكة العربية السعودية‪،‬‬
‫ما لها من مردود اقتصادي على المجتمع من خلل معرفة أبرز العوامل المعيقة للسياحة الداخلية‬
‫من وجهة نظر الذكور والناث‪ ،‬ووضعها أمام جهات الختصاص المسؤولة عن التخطيط‬
‫للسياحة الداخلية في المملكة العربية السعودية‪ ،‬وذلك بهدف وضع سياسات كفيلة باتخاذ إجراءات‬
‫لرفع مستوى السياحة الداخلية‪ ،‬بالضافة إلى أن هذه الدراسة ستؤدي إلى إضافة علمية تعزز من‬
‫معرفتنا بطبيعة العوامل المعيقة للسياحة الداخلية في المجتمع السعودي من وجهة نظر الذكور‬
‫والناث‪.‬‬
‫ج‪ -‬أهداف الدراسة وتساؤلتها‪:‬‬
‫من خلل ما تم استعراضه في مشكلة الدراسة وأهميتها يتضح أن الدراسة الحالية تهدف إلى‬
‫معرفة العوامل المعيقة للسياحة الداخلية من وجهة نظر الذكور والناث في المجتمع السعودي‪.‬‬
‫وتقوم هذه الدراسة على الجابة عن سؤال بحثي رئيس هو‪:‬‬
‫ما العوامل المعيقة للسياحة الداخلية في المجتمع السعودي من وجهة نظر الذكور والناث؟ وما‬
‫العوامل المؤثرة فيها؟‬
‫ويتفرع من هذا التساؤل مجموعة من التساؤلت الفرعية على النحو التي‪:‬‬
‫هناك فروق ذات دللة إحصائية بين عينة الذكور والناث في رؤيتهم لمعوقات‬ ‫‪-1‬‬
‫السياحة الداخلية؟‬
‫تختلف اتجاهات المبحوثين من الجنسين نحو معوقات السياحة الداخلية باختلف‬ ‫‪-2‬‬
‫فئاتهم العمرية؟‬

‫@‪@500‬‬
‫تختلف اتجاهات المبحوثين من الجنسين نحو معوقات السياحة الداخلية باختلف‬ ‫‪-3‬‬
‫حالتهم الجتماعية )أو العائلية(؟‬
‫تختلف اتجاهات المبحوثين من الجنسين من معوقات السياحة الداخلية باختلف‬ ‫‪-4‬‬
‫مستوياتهم التعليمية؟‬
‫تختلف اتجاهات المبحوثين من الجنسين من معوقات السياحة الداخلية باختلف‬ ‫‪-5‬‬
‫مهنهم؟‬
‫تختلف اتجاهات المبحوثين من الجنسين من معوقات السياحة الداخلية باختلف‬ ‫‪-6‬‬
‫مستوياتهم التعليمية؟‬
‫تختلف اتجاهات المبحوثين من الجنسين من معوقات السياحة الداخلية باختلف‬ ‫‪-7‬‬
‫مستوياتهم القتصادية؟‬
‫الطار النظري والدراسات السابقة‪:‬‬
‫مفاهيم الدراسة‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫تعريف السياحة‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫لعل أول المصاعب التي تواجه دراسة السياحة هي تنوع التعريفات الخاصة بها وكذلك التداخل بين‬
‫السياحة والترويح ووقت الفراغ وحسبما ذكر ‪Robinson#Robinson,H.,(1976), A‬‬
‫‪#.geography of Tourism, Macdonald and Evans, London‬‬
‫فغن أحد التعريفات المبكرة هو ذلك التعريف الذي يشير إلى أن السياحة في مفهومها العام وتعني‬
‫انتقال الفراد خارج الحدود السياسية للدولة التي يعيشون فيها مدة تزيد عن أربعة وعشرين ساعة‪،‬‬
‫وتقل عن عام واحد‪ ،‬على أل يكون الهدف من وراء ذلك القامة الدائمة أو العمل‪ ،‬أو الدراسة أو‬
‫مجرد عبور الدولة الخرى )ترانزيت(‪ .‬ورغم شيوع هذا التعريف إل أنه ل يتسم مع ظاهرة‬
‫السياحة الداخلية التي تحدث في ضمن حدود الدولة التي‬

‫@‪@501‬‬
‫يقيم فيها السائح‪ .‬وبما أن هذه الدراسة تتحدث عن المعوقات التي تعيق السياحة الداخلية‪ ،‬فسوف‬
‫يتبنى الباحث التعريف الذي قدمه )ماتسيون و وول( للسياحة الداخلية والذي حدد فيه سياح الداخل‬
‫بأنهم الفراد الذين ينتقلون داخل حدود بلدهم‪ ،‬ويمكثون بعيًدا عن المنزل لفترة تزيد عن )‪24‬‬
‫ساعة( ‪Mathieson,A.,and Wall, G.,(1987), Tourism#‬‬
‫‪# .Economic physical and social Impacts, Longman,New York‬‬
‫والدراسة الحالية سوف تأخذ بهذا التعريف كتعريف إجرائي لمفهوم السياحة الداخلية‪.‬‬
‫معوقات السياحة‪:‬‬ ‫‪-2‬‬
‫أما المعوقات فتشير إلى جميع العوامل الجتماعية والثقافية والنفسية والشخصية‪ ،‬والمكانية من‬
‫إمكانيات وخدمات وخلفه التي قد تدفع أفراد المجتمع من الذكور والناث لتخاذ قرار قضاء‬
‫لجازة خارج ارض الوطن‪.‬‬
‫ج‪ -‬مفهوم التجاه‪:‬‬
‫يعرف التجاه بأنه )الميل إلى الفعل بأسلوب يتسق مع موضوعات ومواقف بعينها مترابطة‬
‫ومحددة(‪.‬ويشير الستخدام الجتماعي لمصطلح التجاه على مدى الستجابة عن طريق العلقات‬
‫والواجبات والراء الجتماعية لموضوع معين بتشكيل اتجاه نحوه‪#‬حامد‪ ،‬زهران‪1997) ،‬م(‪ ،‬علم‬
‫النفس الجتماعي‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص ص ‪ #.32‬ويتضمن بناء التجاه ثلث مكونات أولها‬
‫)المكون المعرفي( ويتمثل في إدراك الشخص لموضوع التجاه ومعتقداته وأفكاره عن هذا‬
‫الموضوع وما يتقبله عنه من حجج‪ .‬أما الثاني فهو المكون الوجداني ويعني مشاعر الشخص‬
‫ورغباته نحو موضوع التجاه بما تحدد درجة حبه أو كرهه لهذا الموضوع‪ .‬أما الثالث فهو المكون‬
‫السلوكي‪ ،‬ويتمثل في الستجابة والستعداد‬
‫@‪@502‬‬
‫للستجابة حيال موضوع التجاه بطريقة ما‪ .‬ومن خصائص هذه المكونات الثلثة لبناء التجاه أنها‬
‫متداخلة مع بعضها البعض كما تختلف من حيث التكافؤ ودرجة التغير ‪#‬سويف‪ ،‬مصطفى‪) ،‬‬
‫‪1978‬م(‪ ،‬مقدمة لعلم النفس الجتماعي‪ ،‬مكتبة النجلو المصرية‪ ،‬ط ‪ ،5‬القاهرة‪ .‬ص ص ‪– 50‬‬
‫‪#.60‬‬
‫وإجرائّيا يقصد الباحثون بالتجاهات في هذه الدراسة حاصل تفاعل أحكام المبحوثين ومشاعرهم‬
‫النفعالية‪ ،‬ونزعاتهم السلوكية نحو السياحة الداخلية التي يجري التعبير عنها في إجاباتهم المكتوبة‬
‫على بنود الستبانة المستخدمة في هذه الدراسة‪.‬‬
‫النظريات المفسرة للموضوع‪:‬‬ ‫‪-2‬‬
‫تنطلق غالبية الرؤى والتوجهات النظرية التي حاولت تفسير أسباب رغبة الفراد في النتقال من‬
‫أماكن حياتهم اليومية إلى أماكن جديدة بهدف قضاء بعض الوقت للراحة والستجمام من رؤية‬
‫السياحة والترويح كمفهومين متداخلين في أكثر الطر النظرية‪ ،‬بأنها وسيلة اجتماعية للتخلص من‬
‫الضطرابات العصبية التي تنتج من الستمرار في أداء العمل لساعات طويلة‪ ،‬وذلك لن السياحة‬
‫والترويح تعطي الفرد الحرية للنطلق والتلقائية‪ .‬مما يساعد على تجديد نشاط الجسم‪ ،‬واستعادة‬
‫الطاقة المستنفدة في العمل‪ ،‬والتخلص من التوتر العصبي والجهاد العقلي والنفسي‪.‬‬
‫كما ترى بعض الطر النظرية أن السياحة فرصة لشباع حاجيات شخصية وميول ذاتية ل‬
‫تستطيع إشباعها نظًرا لروتين العمل اليومي كما تنطلق أبعاد نظرية أخرى من رؤية السياحة‬
‫كمجال خصب للسترخاء والتخلص من‬
‫@‪@503‬‬
‫المتاعب والتوترات الناتجة عن مسيرة الحياة اليومية‪ ،‬وقد تكون السياحة في نظر البعض شكل من‬
‫أشكال الهروب والبقاء لفترة معلومة في مكان بعيد عن ضغوط الحياة اليومية ورتابتها فالسائح‬
‫يهدف إلى تغيير الماكن التي اعتاد رؤيتها على أماكن أخرى لم يعتد على رؤيتها وبذلك فغن‬
‫السياحة هي البحث عن أشياء جديدة ل يجدها السائح في موطنه الصلي‪Burkart, A, and#‬‬
‫‪Medlik, S.,(1987), Tourism Past, present and Future,Heinemann,‬‬
‫‪London.#Cohen,E.,(1979), Rethinking the sociology of Tourism,‬‬
‫‪Annals of Tourism of Research, Vol. 9 (1), pp.35 – 18.##Fish,M.,‬‬
‫‪(1982), Taxing International Tourism in West Africa, 103-91 Annals of‬‬
‫‪#.Tourism Research, Vol. 9 (1), pp‬‬

‫الدراسات السابقة‪:‬‬ ‫‪-3‬‬


‫هناك العديد من الدراسات التي تناولت السياحة كظاهرة لها أبعادها وآثارها القتصادية‬
‫والجتماعية والبيئية والمكانية‪ ،‬ووفًقا لهداف الدراسة وتساؤلتها سوف يتم الختصار في هذه‬
‫المراجعة على الدراسات التي تناولت السياحة الداخلية في المملكة العربية السعودية‪ ،‬والتي‬
‫ركزت بصفة خاصة على الحركة المكانية )أو النسياب السياحي( والعوامل التي تؤثر فيها‪.‬‬
‫وتعني السياحة الداخلية في المملكة العربية السعودية‪ ،‬والتي ركزت بصفة خاصة على الحركة‬
‫المكانية )أو النسياب السياحي( والعوامل التي تؤثر فيها‪ .‬وتعني السياحة الداخلية )حركة السياح‬
‫داخل حدود البلد الواحد( ويشترط فيها أل تقل الفترة التي يقضيها السائح في مكان ما عن )‪(24‬‬
‫ساعة‪ .‬ولم يجد الباحثون أي دراسات تناقش معوقات السياحة الداخلية‪.‬‬
‫ومن الدراسات التي تناولت الحركة السياحية داخل المملكة العربية السعودية دراسة‬
‫الثقفي‪#‬الثقفي‪ ،‬سلطان أحمد )‪ 1419‬هـ( السياحة في المملكة العربية السعودية‪ ،‬السلوك النماط‪،‬‬
‫أركان الخليج‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪ ،‬الرياض‪ #.‬عن السلوك والنماط السياحية لثلث‬
‫عينات أخذت من المدن‬
‫@‪@504‬‬
‫الثلثة الرئيسية في منطقة مكة المكرمة‪ ،‬وهي مكة المكرمة وجدة والطائف‪ .‬وكان من أهم نتائج‬
‫هذه الدراسة ما يتعلق بمناطق المملكة التي زارها أفراد العينة خلل إجازاتهم خلل السنوات‬
‫الخمس السابقة للدراسة‪ ،‬حيث وجد الثقفي أن منطقة المدينة )‪ ،(%68.7‬ومنطقة مكة )مدينة جدة‬
‫‪ ،(%57.3‬ومدينة مكة المكرمة ‪ ، %59.2‬ومدينة الطائف )‪ .(%45.2‬ومنطقة الرياض )‬
‫‪ ،(%48.3‬ومنطقة عسير )‪ ،(%45.2‬ومنطقة الباحة)‪ (%30.8‬والمنطقة الشرقية )‪(%25.3‬‬
‫هي الكثر جاذبية بالنسبة لفراد العينة‪.‬‬
‫وتبين من نتائج الدراسة أن المدن الكبرى أو رئيسة في المناطق المذكورة تستقطب غالبية أفراد‬
‫العينة‪ ،‬فعلى سبيل المثال‪ :‬هناك ما يقرب من )‪ (%72‬من أفراد عينة مكة زاروا المدينة المنورة‬
‫خلل السنوات الخمس السابقة‪ ،‬وليس بعيًدا من هذه النسبة من المبحوثين أتوا إلى المدينة المنورة‬
‫ضا معظم زيارات المبحوثين في المدن‬ ‫من جدة )‪ (%65.2‬والطائف )‪ .(%69.0‬وتركزت أي ً‬
‫الكبرى للمناطق كالرياض‪ ،‬وأبها‪ ،‬والباحة ومدن المنطقة الشرقية الرئيسة‪ .‬ولقد وجد الثقفي‬
‫فروًقا إحصائية بين العينات الثلثة يقضون إجازاتهم في المدن التي أخذت العينات منها )مكة‪،‬‬
‫جدة‪ ،‬والطائف(‪ .‬وهذا يعني أن ارتفاع السياحة البينية بين مدن منطقة مكة المكرمة‪.‬‬
‫وبالنسبة لخر أماكن إجازة قضاها أفراد العينة )خلل السنة التي سبقت البحث(‪ ،‬يتضح أن جدة‬
‫تأتي على رأس القائمة من حيث عدد الزوار )‪ ،(%20.7‬ويليها عدد من المناطق والمدن بنسب‬
‫متفاوتة تتراوح ما بين )‪ %14.9‬لمدينة الطائف( و)‪ %2.4‬للمنطقة الشرقية(‪.‬‬
‫@‪@505‬‬
‫ويتضح من بيانات هذه الدراسة أهمية المسافة المكانية المتمثلة في تبادل الزيارة بين أماكن أخذ‬
‫العينة الثلثة‪ ،‬وفي حجم المدن في اجتذاب أفراد العينة يتضح من عدد زوار جدة والرياض‪ .‬ومن‬
‫ضا يتضح أهمية مدن جدة والطائف وعسير والباحة كمقاصد لقضاء‬ ‫نتائج هذه الدراسة أي ً‬
‫الجازات لما تتمتع به من مناظر طبيعية‪ ،‬واعتدال في المناخ في المدن الثلثة‪ ،‬ولعوامل الجذب‬
‫الحضرية في جدة أهمية خاصة للسباب الدينية المتوقعة لزيارة مكة والمدينة‪.‬‬
‫ومن الدراسات التي بحثت في التدفق السياحي سلسلة الدراسات السياحية التي قام بها القحطاني‬
‫وعبد المنعم‪#‬القحطاني‪ ،‬محمد مفرح وإبراهيم عبد المنعم )‪ 1418‬هـ(‪ :‬عدد السياح والمصطافين‬
‫في منطقة عسير خلل صيف ‪ 1417‬هـ الغرفة التجارية بأبها‪# #.‬القحطاني‪ ،‬محمد مفرح‬
‫وإبراهيم عبد المنعم )‪1420‬هـ (‪ :‬عدد السياح والمصطافين في منطقة عسير خلل صيف‬
‫‪1419‬هـ الغرفة التجارية بأبها‪#.‬‬
‫وزملؤه في منطقة عسير في العوام )‪1417‬هـ‪ 1418 ،‬هـ‪ 1419 ،‬هـ(‪ .‬وفي هذه الدراسات‬
‫تناول الباحثون نمط توزيع سياح الداخل وفق مناطق القدوم على منطقة عسير‪ ،‬فوجدوا أن هناك‬
‫اختلًفا في متوسط عدد القادمين إلى منطقة عسير من المناطق الخرى خلل السنوات )‪ 411‬هـ‬
‫‪ 1419 -‬هـ(‪ ،‬فحوالي )‪ (%32‬من سياح عسير قدموا من المنطقة الوسطى‪ ،‬يلي هذه المنطقة‬
‫على التوالي‪ :‬الغربية )‪ (%24.7‬والشرقية )‪ ،(%10‬والشمالية )‪ (%3.9‬والجنوبية – عدا‬
‫عسير – )‪ .(%7.3‬كما أشارت دراسات القحطاني وعبد المنعم إلى أن هناك تكرارية ملحوظة‬
‫لنفس أفراد العينة لمنطقة عسير فما يزيد على )‪ (%74‬من سياح‬
‫@‪@506‬‬
‫منطقة عسير‪ ،‬زاروا هذه المنطقة لكثر من مرة واحدة‪ .‬وهذه النتائج ل تختلف كثيًرا عما وجده‬
‫الفارس‪#‬الفارس‪ ،‬محمد عبد العزيز )‪1998‬م( مصايف المملكة العربية السعودية‪ ،‬دراسة في‬
‫الجغرافية السياحية‪ ،‬رسالة ماجستير غير منشورة‪ ،‬جامعة المام محمد بن سعود السلمية‪،‬‬
‫الرياض‪ #.‬والدراسة التي قامت بها الهيئة العليا للسياحة )برنامج السياحة والمجتمع‪ 1422 ،‬هـ(‬
‫لمنطقة عسير‪#.‬الهيئة العليا للسياحة‪ ،‬برنامج السياحة والمجتمع المملكة العربية السعودية‪،‬‬
‫الرياض‪#.‬‬
‫ومن الدراسات الخرى التي ناقشت الجذب السياحي في مدينة جدة دراسة الصالح‪#‬الصالح‪،‬‬
‫سميرة سعد محمد )‪ 1414‬هـ( معوقات الجذب السياحي في مدينة جدة‪ ،‬رسالة ماجستير غير‬
‫منشورة‪ ،‬جامعة الملك عبد العزيز‪ ،‬جدة‪ #.‬والتي هدفت إلى تحديد معوقات الجذب السياحي‬
‫الموجود في جدة ولقد توصلت الباحثة إلى مجموعة من العوامل التي تجذب السياح على منطقة‬
‫جدة‪ ،‬ولعل أهم هذه العوامل هو البحر الحمر‪ ،‬كما أظهرت الدراسة أهمية الخدمات والنشطة‬
‫وأماكن الترفيه كعامل جذب سياحي‪ ،‬وأكدت على توطيد العلقة بين السياحة والنقل‪.‬‬
‫ولعل من أقرب الدراسات لهذه الدراسة هي دراسة النبوي‪#‬النبوي‪ ،‬نسرين إسماعيل‪1412) ،‬‬
‫هـ(‪ ،‬تقدير دالة الطلب على السياحة الداخلية في مدينة جدة‪ ،‬رسالة ماجستير غير منشورة‪ ،‬قسم‬
‫القتصاد‪ ،‬جامعة الملك سعود‪ ،‬الرياض‪ #.‬عن السياحة في مدينة جدة حيث أجرت دراستها على‬
‫عينة عشوائية بلغت )‪ (350‬فرًدا على السياح السعوديين الموجودين في مدينة جدة خلل فترة‬
‫نصف العلم الدراسي لمعرفة أكثر المتغيرات أهمية في جذب السياح للسياحة الداخلية‪ ،‬وقد‬
‫توصلت الباحثة إلى أن دخل السرة والتكاليف المتوقعة للسفر هي أهم المتغيرات التي تجذب‬
‫الفراد للسياحة الداخلية‪.‬‬
‫@‪@507‬‬
‫وهناك دراسة أخرى أجراها الغامدي‪#‬الغامدي‪ ،‬عبد الرحيم‪1996) ،‬م(‪ ،‬دوافع واتجاهات‬
‫السائحين نحو خدمات السياحة الداخلية في المملكة العربية السعودية‪ ،‬درا الشروق‪ ،‬الرياض‪#.‬‬
‫حول اتجاهات السائحين نحو خدمات السياحة الداخلية في المملكة العربية السعودية لمعرفة‬
‫دوافعهم نحو السياحة الداخلية وقد توصل الباحث إلى أن السرة السعودية ترغب في السياحة‬
‫الداخلية بهدف الترفيه‪ ،‬ويأتي دافع زيارة القارب في المرتبة الثانية‪ ،‬بينما يأتي الدافع الثقافي‬
‫والذي يتمثل في اكتساب معارف جديدة عن المناطق السياحية في المملكة في المرتبة الثالثة‪،‬‬
‫ويأتي في المرتبة الرابعة دافع التسوق‪.‬‬
‫أجرى التركستاني‪#‬التركستاني‪ ،‬حبيب‪1406) ،‬هـ(‪ ،‬اتجاهات سلوك السائح السعودي نحو‬
‫السياحة الداخلية‪ ،‬مجلة دراسات الخليج والجزيرة العربية‪ ،‬عدد ‪ ،91‬ص ص ‪#.287– 257‬‬
‫دراسة حول العوامل المؤثرة في سلوك السائح المحلي نحو السياحة الداخلية وذلك بهدف اتخاذ‬
‫القرار السياحي الداخلي على عينة قوامها )‪ (222‬فرًدا تم اختيارهم عشوائّيا من عدة مناطق‬
‫سياحية بالمملكة‪ ،‬وتوصل الباحث إلى أن أهم العوالم التي تؤثر في اتجاهات السائح نحو السياحة‬
‫الداخلية مرتبة حسب الهمية هي العوامل الطبيعية الجغرافية ثم العوامل القتصادية‪ ،‬فالترفيهية‬
‫والتي وجد الباحث أنها تتأثر باختلف العمال والحالة الجتماعية للسياح المحليين‪ .‬وفي المقابل‬
‫فغن الباحث لم يجد أي علقة بين السياحة الداخلية ومستوى دخل السرة‪.‬‬
‫وفي دراسة العقيل‪#‬العقيل‪1423) ،‬هــ( مرجع سابق‪ #.‬حول العوامل المؤثرة في اتجاه المواطن‬
‫نحو السياحة الداخلية في المملكة العربية السعودية وجد أن اتجاه المواطن نحو السياحة الداخلية‬
‫يختلف باختلف تقديره لهمية ملءمتها لعاداته وتقاليده الجتماعية وحجم السرة ومستوى‬
‫السعار بالضافة على المستوى التعليمي للمبحوثين‪.‬‬

‫@‪@508‬‬
‫د‪ -‬مناقشة الدراسات السابقة‪:‬‬
‫ما تم استعراضه من دراسات سابقة يمثل بعض الدراسات التي ناقشت أبعاد السياحة الداخلية‪،‬‬
‫والملحظ على غالبية الدراسات السابقة أنها ركزت على الحركة المكانية )النسياب السياحي( هذا‬
‫بالضافة إلى صغر حجم العينة المدروسة وعدم تفريقها بين الذكور والناث‪ ،‬كما أن غالبية هذه‬
‫الدراسات هي أطروحات علمية تميزت بمحدودية المكانات والمساحة الجغرافية المشتملة عليها‬
‫الدراسة‪ .‬ويشير ما سبق ذكره إلى الحاجة الماسة للمزيد من الدراسات المتعمقة في هذا الموضوع‪.‬‬
‫ول سيما دراسات تبحث في معوقات السياحة الداخلية‪ ،‬والتي أغفلتها الدراسات السابقة حسب ما تم‬
‫الطلع عليه‪.‬‬
‫الجراءات المنهجية‪:‬‬
‫التعاريف الجرائية لمتغيرات الدراسة‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫احتوت أهداف الدراسة وتساؤلتها على عدد من المتغيرات والمصطلحات التي هي بحاجة إلى‬
‫ل لجمعها ومعالجتها إحصائّيا‪ .‬ولقد حاولنا في هذه‬ ‫تعاريف إجرائية )تحديد مستويات قياسها(؛ تسهي ً‬
‫الدراسة اتباع التعاريف الجرائية التي استخدمت في الدراسات السابقة لكي تسهل المقارنة بين‬
‫النتائج‪ .‬ويتضح بصفة خاصة في صفات )أو خصائص( أفرد العينة )كالعمر‪ ،‬والحالة العائلية‪،‬‬
‫والمستويات التعليمية والقتصادية والمهنية(‬
‫والمقصود بأفراد العينة أو )وحدات العينة )‪ (Units of Sampling‬في هذه الدراسة الذين تم‬
‫جمع البيانات منهم )الذين أجابوا عن أسئلة الدراسة(‪.‬‬
‫ويقصد بالزائر )أو السائح( الفرد الذي سافر من مكان إقامته )قام بعمل زيارة( لمكان آخر داخل‬
‫المملكة العربية السعودية بقصد السياحة أو قضاء الجازة وبقي في ذلك المكان ليلة واحدة على‬
‫القل‪.‬‬
‫@‪@509‬‬
‫مجتمع وعينة الدراسة‪:‬‬ ‫‪-2‬‬
‫يمثل مجتمع الدراسة المواطنين السعوديين المقيمين في مناطق مختلفة من المملكة‪ .‬ولقد تم اختيار‬
‫عينتين تمثل إحداهما مجتمع الرجال وتمثل الخرى مجتمع الناث‪ ،‬كما تم اختيار العينتين من سبعة‬
‫عشر مكاًنا )مدينة وقرية( وفًقا لمعيارين هما درجة تحضر هذه الماكن )ما إذا كان المكان مدًنا أو‬
‫قرى(‪ ،‬ومدى التجربة السياحية لها) مدتن متطورة نسبّيا يتوفر فيها جذب سياحي‪ ،‬ومدن غير‬
‫معروفة بجاذبيتها السياحية(‪ .‬والفتراض الساسي لهذا التصنيف هو أن لدرجة التحضر ومدى‬
‫جاذبية المكان علقة بالسلوك السياحي للسكان وإن المعوقات السياحية قد تختلف باختلف درجة‬
‫التحضر والتجربة السياحية للماكن‪.‬‬
‫وتتكون عينة الرجال )الذكور( من )‪ (1000‬رجل ممن تزيد أعمارهم عن )‪ (17‬سنة‪ ،‬ولقد استخدم‬
‫الباحثون العينة العشوائية المساحية المتعددة المراحل )‪ (Multisage Areal Sampling‬حيث‬
‫تم تقسيم كل مدينة أو قرية على مناطق )أحياء(‪ ،‬وتم اختيار عدد من الحياء عشوائّيا‪ ،‬ثم تم اختيار‬
‫عدد من المساكن من كل حي بالطريقة المنتظمة العشوائية‪ .‬وتم مقابلة رب العائلة أو اكبر فرد في‬
‫حال غياب رب العائلة‪ ،‬وبطبيعة الحال قام فريق من الرجال بمقابلة أفراد العينة من الرجال‪ ،‬كما تم‬
‫مقابلة أفراد العينة من الناث بواسطة فريق مدرب من النساء‪ .‬وجمع العينة تم بواسطة مجموعة من‬
‫الباحثين المدربين على هذا العمل‪.‬‬
‫أداة جمع البيانات‪:‬‬
‫ولجمع البيانات تم بناء استبيان واحد لكل عينة‪ .‬تتكون كل استبانة من ثلثة أجزاء‪ .‬يحتوي الجزء‬
‫الول على أسئلة تبحث في التجربة السياحية لفراد العينة )الماكن والمعوقات التي زاروها بقصد‬
‫السياحة‪ ،‬والماكن التي يفضلون زيارتها داخل المملكة(‪.‬‬
‫ويضم الجزء الثاني عبارات متعددة تقيس اتجاهات وآراء أفراد العينة نحو مفاهيم السياحة‬
‫واتجاهاتهم نحو مجموعة من العبارات باستخدام مقياس )ليكرت( الخماسي البعاد حيث تمثل موافق‬
‫جّدا أقصى درجات القبول‪ ،‬ومعارض جّدا أقصى درجات الرفض للعبارة‪ ،‬وقد تم التعامل مع‬
‫العبارات السالبة بإعادة ترميزها لتصبح موجبة بعد جمع المعلومات‪ .‬ويشمل الجزء الثالث عدًدا من‬
‫السئلة حول خصائص وصفات أفراد العينة وأسرهم كمكان الميلد والعمر والحالة العائلية‬
‫والمستويات التعليمية والقتصادية‪.‬‬
‫ونظًرا لن هذه الدراسة تبحث في آراء واتجاهات أفراد العينة حول العوائق التي يرونها تعيق‬
‫السياحة الداخلية؛ فإن التحليلت الحصائية سوف تنحصر في أفراد العينة الذين قاموا برحلت‬
‫سياحية داخلية خلل الفترة المذكورة‪ ،‬ويشمل التحليل أفراد العينة الذين قاموا بزيارة داخلية فقط‪ ،‬أو‬
‫حا‪ ،‬أو ما يعادل )‪ (%90‬من مجموع أفراد العينة‪.‬‬ ‫داخلية وخارجية‪ ،‬والبالغ عددهم )‪ (1315‬سائ ً‬
‫ويمثل الجدول رقم )‪ (1‬التوزيع الفعلي لفراد العينة‪.‬‬
‫@‪@511‬‬
‫جدول رقم )‪(1‬‬
‫يوضح توزيع أفراد عينة الذكور والناث حسب المدن والقرى التي تم جمع العينات منها‬
‫ووفًقا لدرجة التحضر ومدى الجاذبية السياحية‬
‫إناث‬ ‫ذكور‬ ‫المنطقة‬ ‫التصنيف‬
‫الدارية‬
‫مدن ذات جذب سياحي‪:‬‬
‫جدة‬
‫‪40‬‬ ‫‪80‬‬ ‫مكة‬ ‫الطائف‬
‫‪35‬‬ ‫‪75‬‬ ‫مكة‬ ‫الرياض‬
‫‪40‬‬ ‫‪80‬‬ ‫الرياض‬ ‫الدمام‬
‫‪40‬‬ ‫‪81‬‬ ‫الشرقية‬ ‫المدينة المنورة‬
‫‪40‬‬ ‫‪80‬‬ ‫المدينة‬ ‫أبها‬
‫‪35‬‬ ‫‪76‬‬ ‫عسير‬
‫مدن غير معروفة بجذبها‬
‫السياحي‪:‬‬
‫‪40‬‬ ‫‪83‬‬ ‫الجوف‬ ‫القريات‬
‫‪40‬‬ ‫‪80‬‬ ‫القصيم‬ ‫بريدة‬
‫‪40‬‬ ‫‪80‬‬ ‫جازان‬ ‫جيزان‬
‫‪40‬‬ ‫‪80‬‬ ‫حايل‬ ‫حايل‬

‫قرى ذات جذب سياحي‪:‬‬


‫‪16‬‬ ‫‪34‬‬ ‫الحساء‬ ‫القارة‬
‫‪17‬‬ ‫‪34‬‬ ‫عسير‬ ‫رجال ألمع‬
‫‪18‬‬ ‫‪35‬‬ ‫الباحة‬ ‫رغدان‬

‫قرى غير معروفة بجذبها‬


‫السياحي‪:‬‬
‫‪12‬‬ ‫‪25‬‬ ‫الرياض‬ ‫جلجل‬
‫‪12‬‬ ‫‪25‬‬ ‫الجوف‬ ‫الحوطة‬
‫‪12‬‬ ‫‪25‬‬ ‫نجران‬ ‫قرة )قرية قرب مدينة‬
‫نجران(‬

‫@‪@512‬‬
‫نتائج الدراسة الميدانية‪:‬‬
‫وصف تحليل البيانات‪:‬‬
‫يحتوي هذا الجزء من الدراسة على وصف وتحليل واستخراج بيانات الدراسة‪ ،‬ويتكون من جزأين‬
‫رئيسين هما‪:‬‬
‫الجزء الول‪ :‬وصف إحصائي أولي لمتغيرات الدراسة بما في ذلك المقارنة بين عينتي الذكور‬
‫والناث بالنسبة لهذه الخصائص‪.‬‬
‫الجزء الثاني‪ :‬يتعلق بالجابة عن تساؤلت الدراسة‪ ،‬أي بتحليل اتجاهات الذكور والناث حول ما‬
‫يشكل عوائق للسياحة الداخلية‪ .‬ويبدأ الجزء الثاني بمقارنة ثنائية بين الذكور والناث من حيث مدى‬
‫موافقتهم من عدمها على اثنتين وعشرين عبارة مختارة تصف أنواع العوائق المحتملة للسياحة‬
‫الداخلية يلي ذلك وصف لبناء مؤشرات تجميعية لهذه العبارات‪ ،‬أخيًرا ثم يأتي عرض وصفي‬
‫تحليلي لهذه المؤشرات والعوامل المؤثرة فيها‪.‬‬
‫أوًل‪ :‬الوصف الحصائي الولي لخصائص أفراد عينتي الذكور والناث‪:‬‬
‫العمار‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫تمثل الفئة العمرية )‪ (35– 26‬سنة النسبة المئوية العلى بين عينتي الذكور والناث بما نسبته‬
‫)‪ (%37.5‬للذكور‪ ،‬و)‪ (%37‬للناث‪.‬‬
‫الحالة العائلية‪:‬‬ ‫‪-2‬‬
‫يمثل المتزوجون النسبة المئوية العلى‪ ،‬حيث بلغت نسبة المتزوجين من الذكور )‪،(%67.4‬‬
‫فيما بلغت نسبة المتزوجات من الناث )‪ ،(%71.2‬مقارنة بـ)‪ (%32.6‬من الذكور العزاب‪،‬‬
‫و)‪ (%28.8‬من الناث غير المتزوجات‪.‬‬
‫@‪@513‬‬
‫المستوى التعليمي‪:‬‬ ‫‪-3‬‬
‫تشير بيانات الدراسة إلى أن غالبية عينة الذكور هم من الفراد الذين يحملون الشهادة الثانوية‪،‬‬
‫أو ما يعادلها بما نسبته )‪ ،(%39.2‬بينما يغلب على عينة الناث أنهن يحملن شهادات أقل من‬
‫الشهادة الثانوية بما نسبته )‪.(%46.7‬‬
‫المهنة‪:‬‬ ‫‪-4‬‬
‫تشير بيانات الدراسة إلى أن غالبية عينة الذكور يعملون في وظائف حكومية بما نسبته )‬
‫‪ ،(%44.2‬بينما تمتهن الغالبية العظمى من عينة الناث العمال المنزلية بما نسبته )‬
‫‪.(%73.5‬‬
‫مستوى الدخل الشهري للعائلة‪:‬‬ ‫‪-5‬‬
‫تشير بيانات الدراسة إلى أن غالبية أفراد العينة من الذكور تقع دخولهم بين )‪ 6000‬إلى‬
‫‪ (9000‬ريال بما نسبته )‪ ،(%31‬كما تقع عينة أفراد الناث في نفس مستويات الدخل بالنسبة‬
‫للذكور مع زيادة في النسبة لصالح فئة عينة الناث بما نسبته )‪.(%35.7‬‬
‫تجربة السفر السياحي‪:‬‬ ‫‪-6‬‬
‫تشير البيانات إلى أن غالبية أفراد العينة من الذكور قد مروا بتجربة السفر الداخلي والخارجي‬
‫بما نسبته )‪ ،(%55.7‬فيما تشير بيانات الدراسة إلى أن الغالبية العظمى من عينة النساء قد‬
‫مررن بتجربة السفر الداخلي فقط‪ ،‬بما نسبته )‪.(%70.2‬‬
‫ثانًيا ‪ :‬اتجاهات أفراد العينة حول معوقات السياحة الداخلية‪:‬‬
‫وصف أولي ومقارنة بين عينتي الذكور والناث‪:‬‬ ‫‪-1‬‬
‫يحتوي الجدول رقم )‪ (2‬على )‪ (22‬عبارة أو جملة تصف عدًدا من العوائق المحتملة التي قد‬
‫تعيق السياحة الداخلية‪ ،‬أو التي قد تجعل الفرد السعودي يعزف عن السياحة الداخلية‪ .‬ولكل عبارة‬
‫هناك توزيع تكراري ونسب مئوية تمثل مدى موافقة )أو عدم موافقة( الذكور والناث من أفراد‬
‫العينة على محتوى كل عبارة‪ .‬ولقياس مدى التشابه أو الختلف )الفرق( بين الجنسين في كل‬
‫عبارة على حدة تم استخدام مربع )كاي( كلها تدل على وجود فروق ذات دللة إحصائية بين‬
‫الذكور والناث من حيث تقييمهم للعبارات المختلفة‪ .‬ويمكن تفصيل هذه الختلفات فيما يلي‪:‬‬
‫تشير العبارة الولى من الجدول رقم )‪ (2‬إلى أن غالبية أفراد العينة من الذكور والناث تقع‬
‫عا ما إلى الموافقة الكلية‪ ،‬على "أن المستثمر في السياحة‬ ‫إجاباتهم في غالبيتها ما بين الموافقة نو ً‬
‫عا ما )‪ (%42.3‬والموافقين كلّيا )‬ ‫ل يهمه إل الربح المبالغ فيه"‪ ،‬حيث بلغت نسبة الموافقين نو ً‬
‫عا ما )‪ ،(%35.4‬ونسبة الموافقات كلّيا )‬ ‫‪ (%43‬من عينة الذكور‪ ،‬كما بلغت نسبة الموافقات نو ً‬
‫‪ (%22‬بالنسبة للناث‪ ،‬وهن أعلى نسبة في الجدول ‪ ،‬وهذا التباين في استجابة أفراد العينة ذو‬
‫دللة إحصائية‪.‬‬
‫@‪@515‬‬
‫جدول )‪(2‬‬
‫المقارنة بين أفراد عينتي الذكور والناث من حيث آرائهم نحو معوقات السياح الداخلية‬
‫قيمة‬ ‫أوافق كلّيا‬ ‫عا ما‬
‫أوافق نو ً‬ ‫غير متأكد‬ ‫ل أوافق‬ ‫الجنس ل أوافق‬ ‫العبارات‬ ‫م‬
‫مربع‬ ‫بالمرة‬

‫‪%‬‬ ‫تكرار‬ ‫‪%‬‬ ‫تكرار‬ ‫‪%‬‬ ‫تكرار ‪ %‬تكرار‪ %‬تكرار‬ ‫ذكور‬ ‫ل يهم المستثمر في‬ ‫‪1‬‬
‫‪*71.5 43.043.0‬‬ ‫‪369‬‬ ‫‪42.3‬‬ ‫‪326‬‬ ‫‪9.7‬‬ ‫‪89 10.0 92 1.8 17‬‬ ‫السياحة إل الربح‬
‫المبالغ فيه‬
‫‪22.0‬‬ ‫‪94‬‬ ‫‪35.4‬‬ ‫‪181‬‬ ‫‪11.0‬‬ ‫‪47 19.6 84 5.1‬‬ ‫‪22‬‬ ‫إناث‬
‫*‪22.8‬‬ ‫‪31.4‬‬ ‫‪288‬‬ ‫‪33.6‬‬ ‫‪308‬‬ ‫‪22.0‬‬ ‫‪202 10.3 94 2.7‬‬ ‫‪25‬‬ ‫ذكور‬ ‫بالنظر إلى النشطة‬ ‫‪2‬‬
‫‪25.1‬‬ ‫‪107‬‬ ‫‪30.0‬‬ ‫‪128‬‬ ‫‪22.2‬‬ ‫‪95 18.7 80 4.0‬‬ ‫‪17‬‬ ‫إناث‬ ‫المتكررة وغلئها‪،‬‬
‫أعتقد أن الجهات‬
‫المختصة ل تتابع‬
‫القائمين على‬
‫النشطة السياحية‬
‫‪9.0‬‬ ‫‪64.4‬‬ ‫‪591‬‬ ‫‪31.3‬‬ ‫‪287‬‬ ‫‪3.1‬‬ ‫‪28 1.1 10 2.0‬‬ ‫‪2‬‬ ‫ذكور‬ ‫ينبغي أن تقدم‬ ‫‪3‬‬
‫‪71.6‬‬ ‫‪307‬‬ ‫‪25.4‬‬ ‫‪109‬‬ ‫‪1.4‬‬ ‫‪6 1.4 6 2.0‬‬ ‫‪1‬‬ ‫إناث‬ ‫الخدمات السياحية‬
‫بأسعار‬
‫تناسب كل‬
‫المستويات‬
‫القتصادية في بلدنا‬
‫*‪43.6‬‬ ‫‪25.6‬‬ ‫‪235‬‬ ‫‪41.8‬‬ ‫‪384‬‬ ‫‪14.7‬‬ ‫‪135 15.3 141 2.6‬‬ ‫‪24‬‬ ‫ذكور‬ ‫على الرغم مما يقال‬ ‫‪4‬‬
‫‪12.9‬‬ ‫‪55‬‬ ‫‪41.5‬‬ ‫‪177‬‬ ‫‪15.0‬‬ ‫‪64 25.5 109 5.2‬‬ ‫‪22‬‬ ‫إناث‬ ‫عن السياحة الداخلية‬
‫فإنه ل يزال هناك‬
‫عقبات اجتماعية‬
‫تحول دون نجاحها‪.‬‬
‫‪9.2‬‬ ‫‪40.7‬‬ ‫‪374‬‬ ‫‪44.6‬‬ ‫‪410‬‬ ‫‪8.6‬‬ ‫‪79 4.8 44 1.3‬‬ ‫‪12‬‬ ‫ذكور‬ ‫السياحة تتطلب مزيًدا‬ ‫‪5‬‬
‫‪37.0‬‬ ‫‪159‬‬ ‫‪51.9‬‬ ‫‪223‬‬ ‫‪6.7‬‬ ‫‪29 4.2 18 2.0‬‬ ‫‪1‬‬ ‫إناث‬ ‫من المرونة في إقامة‬
‫النشطة السياحية‪.‬‬
‫*‪54.9‬‬ ‫‪22.0‬‬ ‫‪202‬‬ ‫‪37.1‬‬ ‫‪340‬‬ ‫‪15.6‬‬ ‫‪143 19.5 179 5.8‬‬ ‫‪53‬‬ ‫ذكور‬ ‫كثير من الفراد في‬ ‫‪6‬‬
‫‪11.7‬‬ ‫‪50‬‬ ‫‪33.1‬‬ ‫‪142‬‬ ‫‪11.2‬‬ ‫‪48 33.8 14510.3‬‬ ‫‪44‬‬ ‫إناث‬ ‫الناطق السعودية ل‬
‫يجيدون التعامل مع‬
‫السائحين‪.‬‬

‫@‪@516‬‬

‫قيمة‬ ‫أوافق كلّيا‬ ‫عا ما‬


‫أوافق نو ً‬ ‫غير متأكد‬ ‫ل أوافق‬ ‫الجنس ل أوافق‬ ‫العبارات‬ ‫م‬
‫مربع‬ ‫بالمرة‬

‫‪%‬‬ ‫تكرار‬ ‫‪%‬‬ ‫تكرار‬ ‫‪%‬‬ ‫تكرار‬ ‫تكرار‪%‬‬ ‫تكرار ‪%‬‬ ‫تدخل البعض‬ ‫‪7‬‬
‫وتطفلهم يجعلني ل‬
‫‪*80.8‬‬ ‫‪22.0‬‬ ‫‪202‬‬ ‫‪28.6‬‬ ‫‪262‬‬ ‫‪15.7‬‬ ‫‪144 25.8 237 7.9‬‬ ‫‪72‬‬ ‫ذكور‬ ‫ارتاح للسياحة‬
‫الداخلية‬
‫‪7.7‬‬ ‫‪33‬‬ ‫‪24.3‬‬ ‫‪104‬‬ ‫‪10.7‬‬ ‫‪46 42.8 18314.5‬‬ ‫‪62‬‬ ‫إناث‬
‫‪6.1‬‬ ‫‪64.5‬‬ ‫‪593‬‬ ‫‪30.8‬‬ ‫‪283‬‬ ‫‪3.2‬‬ ‫‪29 1.2 11‬‬ ‫‪.4‬‬ ‫‪4‬‬ ‫ذكور‬ ‫ل بد من وجود‬ ‫‪8‬‬
‫‪61.9‬‬ ‫‪266‬‬ ‫‪34.4‬‬ ‫‪148‬‬ ‫‪1.9‬‬ ‫‪8 1.9 8‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬ ‫إناث‬ ‫توعية سياحية‬
‫مستمرة في مناطق‬
‫السياحة الداخلية من‬
‫أجل أن تنجح‬
‫السياحة‬
‫*‪36.5‬‬ ‫‪9.1‬‬ ‫‪84‬‬ ‫‪13.5‬‬ ‫‪124‬‬ ‫‪14.6‬‬ ‫‪134 40.5 37222.3 205‬‬ ‫ذكور‬ ‫الخجل من أن‬ ‫‪9‬‬
‫‪7.2‬‬ ‫‪31‬‬ ‫‪13.0‬‬ ‫‪56‬‬ ‫‪6.5‬‬ ‫‪28 56.0 24117.2 74‬‬ ‫إناث‬ ‫يقابلني من أعرفه‬
‫يجعلني أتجنب كثيًرا‬
‫من النشطة في‬
‫المواقع السياحية‬
‫داخل المملكة‬
‫*‪133.7‬‬ ‫‪18.0‬‬ ‫‪165‬‬ ‫‪28.1‬‬ ‫‪258‬‬ ‫‪27.2‬‬ ‫‪250 19.3 177 7.5‬‬ ‫‪69‬‬ ‫ذكور‬ ‫مقارنة بالسياحة‬ ‫‪10‬‬
‫‪4.7‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪16.6‬‬ ‫‪71‬‬ ‫‪22.1‬‬ ‫‪95 45.5 19511.2‬‬ ‫‪48‬‬ ‫إناث‬ ‫الخارجية تعقيدات‬
‫السياحة الداخلية‬
‫ليس لها أول ول‬
‫آخر‬
‫*‪118.7‬‬ ‫‪4.6‬‬ ‫‪42‬‬ ‫‪14.7‬‬ ‫‪135‬‬ ‫‪17.9‬‬ ‫‪165 45.8 42217.0 157‬‬ ‫السياحة الداخلية تعني ليذكور‬ ‫‪11‬‬
‫‪2.1‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪14.5‬‬ ‫‪62‬‬ ‫‪11.4‬‬ ‫‪49 49.0 21023.1 99‬‬ ‫إناث‬ ‫ولسرتي مزيًدا من‬
‫الضغوط الجتماعية‪.‬‬
‫*‪159.5‬‬ ‫‪26.6‬‬ ‫‪245‬‬ ‫‪37.4‬‬ ‫‪344‬‬ ‫‪9.3‬‬ ‫‪86 21.5 198 5.2‬‬ ‫‪89‬‬ ‫الخدمات السياحية في ذكور‬ ‫‪12‬‬
‫‪8.1‬‬ ‫‪35‬‬ ‫‪29.1‬‬ ‫‪125‬‬ ‫‪4.7‬‬ ‫‪20 37.4 16120.7‬‬ ‫‪48‬‬ ‫بلدنا ل تزال ضعيفة إناث‬
‫ومحدودة‬
‫*‪57.7‬‬ ‫‪21.3‬‬ ‫‪196‬‬ ‫‪31.2‬‬ ‫‪287‬‬ ‫‪9.8‬‬ ‫‪90 25.9 23712.0 110‬‬ ‫ل يوجد لدينا أنشطة ذكور‬ ‫‪13‬‬
‫‪10.5‬‬ ‫‪45‬‬ ‫‪22.1‬‬ ‫‪95‬‬ ‫‪8.6‬‬ ‫‪37 39.8 17119.1 82‬‬ ‫إناث‬ ‫سياحية بالمفهوم‬
‫الحقيقي للسياحة‪.‬‬

‫@‪@517‬‬

‫قيمة‬ ‫أوافق كلّيا‬ ‫عا ما‬


‫أوافق نو ً‬ ‫غير متأكد‬ ‫ل أوافق‬ ‫الجنس ل أوافق‬ ‫العبارات‬ ‫م‬
‫مربع‬ ‫بالمرة‬

‫‪%‬‬ ‫تكرار‬ ‫‪%‬‬ ‫تكرار‬ ‫‪%‬‬ ‫تكرار‬ ‫تكرار‪%‬‬ ‫تكرار ‪%‬‬ ‫‪ 14‬السياحة الداخلية‬
‫خسارة مادية عالية‬
‫‪*118.7‬‬ ‫‪12.2‬‬ ‫‪111‬‬ ‫‪20.2‬‬ ‫‪186‬‬ ‫‪17.6‬‬ ‫‪162 36.8 17913.3 122‬‬ ‫ذكور‬ ‫في مقابل خدمات‬
‫سياحية متدنية‬
‫‪6.8‬‬ ‫‪29‬‬ ‫‪11.2‬‬ ‫‪48‬‬ ‫‪5.8‬‬ ‫‪25 41.7 26043.5 148‬‬ ‫إناث‬
‫*‪70.8‬‬ ‫‪13.4‬‬ ‫‪123‬‬ ‫‪32.4‬‬ ‫‪298‬‬ ‫‪19.2‬‬ ‫‪177 28.3 124 6.7‬‬ ‫‪62‬‬ ‫ذكور‬ ‫‪ 15‬النشطة السياحية‬
‫‪22.8‬‬ ‫‪98‬‬ ‫‪30.7‬‬ ‫‪167‬‬ ‫‪3.5‬‬ ‫‪15 28.8 150 6.0‬‬ ‫‪26‬‬ ‫إناث‬ ‫في بلدنا ل تقدم ما‬
‫يلبي حاجة المرأة‪.‬‬
‫*‪16.2‬‬ ‫‪27.8‬‬ ‫‪256‬‬ ‫‪35.3‬‬ ‫‪283‬‬ ‫‪17.7‬‬ ‫‪163 16.3 90 7.5‬‬ ‫‪69‬‬ ‫ذكور‬ ‫‪ 16‬النشطة السياحية‬
‫‪26.6‬‬ ‫‪114‬‬ ‫‪29.8‬‬ ‫‪151‬‬ ‫‪13.6‬‬ ‫‪58 21.0 269 3.5‬‬ ‫‪15‬‬ ‫إناث‬ ‫في بلدنا ل تقدم ما‬
‫يلبي حاجات كبار‬
‫السن‪.‬‬
‫*‪60.0‬‬ ‫‪14.9‬‬ ‫‪137‬‬ ‫‪36.0‬‬ ‫‪274‬‬ ‫‪3.3‬‬ ‫‪162 29.2 140 8.6 79‬‬ ‫ذكور‬ ‫السياحة الداخلية‬ ‫‪17‬‬
‫‪14.0‬‬ ‫‪60‬‬ ‫‪25.5‬‬ ‫‪155‬‬ ‫‪17.5‬‬ ‫‪14 32.6 30514.2 61‬‬ ‫إناث‬ ‫موجهة للطفال فقط‬
‫*‪166.1‬‬ ‫‪15.5‬‬ ‫‪143‬‬ ‫‪12.1‬‬ ‫‪235‬‬ ‫‪6.8‬‬ ‫‪161 33.2 228 8.3 76‬‬ ‫ذكور‬ ‫سوء الخدمة في‬ ‫‪18‬‬
‫‪4.0‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪22.3‬‬ ‫‪52‬‬ ‫‪19.1‬‬ ‫‪29 53.1 27324.0 103‬‬ ‫إناث‬ ‫المناطق السياحية‬
‫الداخلية تجعلني أفضل‬
‫السياحة الخارجية‪.‬‬
‫*‪111.1‬‬ ‫‪11.6‬‬ ‫‪107‬‬ ‫‪14.9‬‬ ‫‪205‬‬ ‫‪4.2‬‬ ‫‪176 29.6 21117.4 160‬‬ ‫ذكور‬ ‫أعتقد أن ما لدينا في‬ ‫‪19‬‬
‫‪4.9‬‬ ‫‪21‬‬ ‫‪13.5‬‬ ‫‪64‬‬ ‫‪20.3‬‬ ‫‪18 48.2 38926.8 115‬‬ ‫إناث‬ ‫المملكة من أماكن‬
‫سياحية ل يغري‬
‫بالسياحة‪.‬‬
‫*‪126.0‬‬ ‫‪8.9‬‬ ‫‪82‬‬ ‫‪9.3‬‬ ‫‪124‬‬ ‫‪5.6‬‬ ‫‪187 42.3 18615.0 138‬‬ ‫ذكور‬ ‫السياحة الداخلية ليست‬ ‫‪20‬‬
‫‪3.7‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪11.7‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪13.5‬‬ ‫‪24 43.3 37238.1 164‬‬ ‫إناث‬ ‫بسياحة؛ ولذلك ل أقوم‬
‫بصرف نقودي عليها‪.‬‬
‫*‪23.6‬‬ ‫‪7.5‬‬ ‫‪69‬‬ ‫‪9.3‬‬ ‫‪108‬‬ ‫‪7.2‬‬ ‫‪124 40.4 20926.9 248‬‬ ‫ذكور‬ ‫ل أظن أن بلدنا يمكن‬ ‫‪21‬‬
‫‪4.0‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪22.0‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪24.8‬‬ ‫‪31 48.6 30930.9 133‬‬ ‫إناث‬ ‫أن تكون بلًدا سياحّيا‬
‫بالمعنى الصحيح‪.‬‬
‫*‪59.8‬‬ ‫‪10.3‬‬ ‫‪95‬‬ ‫‪14.9‬‬ ‫‪202‬‬ ‫‪15.8‬‬ ‫‪228 32.3 29710.6‬‬ ‫‪97‬‬ ‫ذكور‬ ‫ل أثق فيما يقال عن‬ ‫‪22‬‬
‫‪4.7‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪14.9‬‬ ‫‪64‬‬ ‫‪15.8‬‬ ‫‪68 45.3 19519.3‬‬ ‫‪83‬‬ ‫إناث‬ ‫مميزات السياحة‬
‫الداخلية مقارنة‬
‫بالسياحة الخارجية‪.‬‬

‫قيمة مربع كاي ذات دللة إحصائية عند مستوى )‪ (0.05‬فأقل‪.‬‬

‫@‪@518‬‬
‫وفي هذا السياق ذاته نجد أن غالبة أفراد العينة من الذكور والناث تقع استجابتهم للعبارة رقم )‪(2‬‬
‫عا ما‪ ،‬والموافقة الكلية حول عدم متابعة القائمين على النشطة السياحية‬ ‫في الجدول بين الموافقة نو ً‬
‫على أسعار الخدمات السياحية‪ ،‬وعدم وجود نوع من التجديد فيه‪ ،‬وهذا التباين في استجابة‬
‫المبحوثين من الذكور والناث ذو دللة إحصائية‪.‬‬
‫إما العبارة رقم )‪" (3‬على الرغم مما يقال عن تشجيع السياحة الداخلية فإنه ل يزال هناك عقبات‬
‫عا ما‬
‫اجتماعية تحول دون نجاحها‪ ،‬مع العلم بأن غالبية استجابة المبحوثين تقع في فئة الموافقة نو ً‬
‫إلى الموافقة الكلية للذكور والناث‪ ،‬كما تشير إلى ذلك بيانات الجدول إلى أن هذه الفروق ليست‬
‫ذات دللة إحصائية‪.‬‬
‫تشير بيانات الجدول إلى أن غالبية أفراد العينة من الذكور تقع إجابتهم حول الفقرة رقم )‪ (4‬والتي‬
‫عا ما في أغلبها‪ ،‬إلى‬ ‫تشير إلى وجود"عقبات تحول دون نجاح السياحة الداخلية" ما بين الموافقة نو ً‬
‫عا ما إلى عدم الموافقة‪ ،‬وهذا‬ ‫الموافقة الكلية‪ ،‬أما الناث فقد وقعت غالبية الجابات في الموافقة نو ً‬
‫التباين في مستويات الموافقة ذو دللة إحصائية‪.‬‬
‫أما بالنسبة لرؤية أفراد العينة للعبارة )‪ (5‬في الجدول حول ضرورة وجود مرونة في إقامة النشطة‬
‫السياحية" فإن التباين بين عينة الذكور والناث في هذه الفقرة ل يمثل دللة إحصائية حسب قيمة‬
‫عا ما إلى‬
‫مربع )كاي(‪ ،‬أما إجابة المبحوثين من الذكور فقد وقعت في غالبيتها في زاوية الموافقة نو ً‬
‫الموافقة الكلية للذكور والناث‪.‬‬
‫@‪@519‬‬
‫وعند سؤال المبحوثين عن )العبارة ‪ (6‬في مدى إجادة السعوديين للتعامل مع السائحين )العبارة ‪(6‬‬
‫فقد كان التباين بين الذكور والناث في هذه الفقرة ذا دللة إحصائية حسبما توضحه قيمة مربع‬
‫عا ما إلى الموافقة الكلية‪ ،‬أما‬
‫)كاي( في الجدول‪ ،‬ووقعت غالبية استجابة الذكور في الموافقة نو ً‬
‫عا ما‪.‬‬
‫استجابة الناث فقد وقعت بين عدم الموافقة والموافقة نو ً‬
‫كما تشير بيانات الجدول رقم )‪ (2‬في الفقرة )‪ (7‬إلى "أن تطفل وتدخل الخرين يجعل البعض ل‬
‫يرتاح للسياحة الداخلية" حيث تباينت اتجاهات الذكور الناث حول هذه العبارة تبايًنا ذا دللة‬
‫إحصائّية‪ ،‬كما تشير إلى ذلك قيمة مربع )كاي(‪ ،‬حيث وقعت غالبية إجابات الذكور ما بين الموافقة‬
‫عا ما إلى عدم الموافقة‪ ،‬بينما كانت إجابات الناث تقع في غالبيتها بين عدم الموافقة‪ ،‬والموافقة‬ ‫نو ً‬
‫عا ما‪.‬‬
‫نو ً‬
‫وفيما يخص الفقرة )‪ (8‬ل يوجد فروق ذات دللة إحصائية في استجابة أفراد العينة على "ضرورة‬
‫وجود توعية سياحية مستمرة في مناطق السياحة الداخلية لنجاح السياحة‪ ،‬حسبما تشير إليه قيمة‬
‫مربع )كاي(‪ ،‬أما استجابة الذكور والناث فقد تركزت في غالبيتها بين الموافقة الكلية والموافقة‬
‫عا ما‪.‬‬
‫نو ً‬
‫وفي الفقرة )‪ (9‬يمثل " الخجل من مقابلة شخص يعرفه السائح الداخلي أحد السباب التي تجعل‬
‫البعض يتجنب السياحة داخل المملكة‪ ،‬والتباين في هذه النقطة ذو دللة إحصائية‪ ،‬كما تشير إليه‬
‫قيمة مربع )كاي(‪ ،‬حيث وقعت غالبية إجابات أفراد العينة من الذكور والناث في فئة عدم الموافقة‪،‬‬
‫إل أن نسبة عدم موافقة الناث كانت أكبر حيث جاءت نسبة الذكور )‪ ،(%40.5‬بينما كانت نسبة‬
‫عدم موافقة الناث )‪ ،(%56‬أما عدم الموافقة نهائّيا فقد كانت النسبة العلى للذكور )‪،(%22.3‬‬
‫أما الناث فقد كانت )‪.(%17.2‬‬
‫@‪@520‬‬
‫ل يوافق غالبية أفراد العينة من الذكور والناث على العبارة رقم )‪ (11‬من الجدول والتي تشير إلى‬
‫أن السياحة الداخلية تعني لهم ولسرهم مزيًدا من الضغوط الجتماعية"‪ ،‬حيث تقع غالبية آراء أفراد‬
‫العينة من عدم الموافقة إلى عدم الموافقة بالمرة على العبارة السابقة‪ ،‬وتباينت اتجاهات الذكور‬
‫والناث حول هذه العبارة تبايًنا ذا دللة إحصائية‪ ،‬كما تشير إلى ذلك قيمة مربع )كاي(‪.‬‬
‫يرى غالبية أفراد العينة من الذكور "أن الخدمات السياحية في بلدنا ل تزال ضعيفة ومحدودة"‬
‫عا ما إلى الموافقة الكلية على ذلك‪ ،‬فيما تقع‬ ‫)العبارة رقم ‪ ،(12‬وتقع إجاباتهم ما بين الموافقة نو ً‬
‫عا ما على العبارة السابقة‪ ،‬وهذا التباين‬ ‫استجابات عينة الناث ما بين عدم الموافقة إلى الموافقة نو ً‬
‫بين استجابة أفراد العينة الذكور والناث ذو دللة إحصائية‪.‬‬
‫عا ما‪ ،‬وعدم الموافقة على العبارة رقم )‬ ‫وتقع إجابة غالبية أفراد العينة من الذكور ما بين الموافقة نو ً‬
‫‪ (13‬المتعلقة" بعدم وجود أنشطة سياحية بالمفهوم الحقيقي للسياحة" بينما تقع غالبية آراء الناث ما‬
‫عا ما‪ ،‬وهذا التباين في آراء أفراد العينة الذكور والناث ذو دللة‬ ‫بين عدم الموافقة إلى الموافقة نو ً‬
‫إحصائية‪ ،‬كما تشير إلى ذلك قيمة مربع )كاي(‪.‬‬
‫عا ما‪ ،‬وعدم الموافقة على العبارة رقم‬ ‫تقع إجابات غالبية أفراد العينة من الذكور ما بين الموافقة نو ً‬
‫)‪ (14‬التي تشير إلى أن "السياحة الداخلية تعني خسارة مادية عالية مقابل خدمات سياحية متدنية"‪،‬‬
‫بينما تقع غالبية آراء عينات الناث ما بين عدم الموافقة إلى عدم الموافقة نهائّيا‪ ،‬وهذا التباين في‬
‫آراء الذكور والناث ذو دللة إحصائية‪ ،‬كما تشير إلى ذلك قيمة مربع )كاي(‪.‬‬
‫@‪@521‬‬
‫أما بالنسبة للعبارة رقم )‪ (15‬حول تلبية النشطة السياحية في بلدنا لحاجة المرأة" فقد كانت غالبية‬
‫عا ما إلى عدم الموافقة‪ ،‬أما الناث فقد جاءت ما بين الموافقة‬ ‫إجابات الذكور تقع ما بين الوافقة نو ً‬
‫عا ما إلى عدم الموافقة‪ ،‬وكانت الفروق بين إجابات الذكور والناث ذات دللة إحصائية‪.‬‬ ‫نو ً‬
‫أما عن تلبية النشطة السياحية لحاجات كبار السن )العبارة ‪ (16‬فقد جاءت استجابات الذكور‬
‫عا ما إلى الموافقة الكلية على أن النشطة السياحية في بلدنا ل تقدم ما‬ ‫والناث ما بين الموافقة نو ً‬
‫يلبي حاجات كبار السن‪ ،‬وقد كانت هذه الفروق من الذكور والناث ذات دللة إحصائية‪.‬‬
‫وبالنسبة للعبارة رقم )‪ (18‬المتعلقة "بتفضيل السياحة الخارجية بسبب سوء الخدمة في المناطق‬
‫عا ما‪،‬‬
‫السياحية الداخلية" فقد جاءت غالبية استجابات الذكور في خانة عدم الموافقة إلى الموافقة نو ً‬
‫أما الناث فقد وقعت غالبيتها في خانة عدم الموافقة إلى عدم الوافقة نهائّيا‪ ،‬وهذه الفروق ذات دللة‬
‫إحصائية‪.‬‬
‫وعند سؤال أفراد العينة عن اعتقادهم حول أن "ما لدينا من أماكن سياحية ل يغري بالسياحة"‬
‫عا ما‪ ،‬بينما جاءت‬ ‫)العبارة ‪ (19‬جاءت أغلب إجابات الذكور في خانة عدم الموافقة إلى الموافقة نو ً‬
‫إجابات الناث بنسب أعلى من عدم الموافقة نهائّيا‪ ،‬وهذه الفروق ذات دللة إحصائية كما توضحها‬
‫قيمة مربع )كاي(‪.‬‬
‫غالبية الذكور والناث ل يوافقون على العبارة التي تشير إلى "أن السياحة الداخلية ليست بسياحة‪،‬‬
‫ول يجب صرف النقود عليها" )العبارة ‪ ،(20‬حيث‬
‫@‪@522‬‬
‫تقع غالبية إجابات الذكور بين عدم الموافقة إلى غير متأكد من موقفه‪ .‬أما الناث فإن غالبية‬
‫اتجاهاتهن تقع ما بين عدم الموافقة إلى عدم الموافقة نهائّيا‪ ،‬وهذه الفروق ذات دللة إحصائية كما‬
‫تشير إليها قيمة مربع )كاي(‪.‬‬
‫وحول العبارة رقم )‪ (21‬التي تشير إلى "ل أظن أن بلدنا يمكن أن يكون بلًدا سياحّيا بالمعنى‬
‫الصحيح" أجاب غالبية الذكور والناث بعدم موافقتهم إلى عدم الموافقة التامة على العبارة السابقة‪،‬‬
‫ويشير التباين في إجابات المبحوثين في الفقرة السابقة إلى وجود فروق ذات دللة إحصائية‪.‬‬
‫وبالنسبة للعبارة الخيرة في الجدول حول "عدم ثقة المبحوثين فيما يقال عن مميزات السياحة‬
‫الداخلية مقارنة بالسياحة الخارجية" فقد جاءت إجابات المبحوثين من الذكور والناث بعدم الموافقة‬
‫على العبارة السابقة‪ ،‬ويشير هذا التباين إلى وجود فروق ذات دللة إحصائية كما تشير إليها قيمة‬
‫مربع )كاي(‪.‬‬
‫ب‪ -‬بناء مؤشرات معوقات السياحة الداخلية‪:‬‬
‫كما اتضح من تحليل بيانات الجدول رقم )‪ (2‬فغن هناك اختلفات جوهرية بين الذكور والناث من‬
‫حيث اتجاهاتهم نحو ما يعيق السياحة الداخلية‪ .‬والسؤال الذي يمكن أن نطرحه هنا هو هل تختلف‬
‫اتجاهات كل الفريقين من حيث خصائصهم )العمر‪ ،‬الحالة العائلية‪...‬إلخ( وتجاربهم السياحية؟ أي‬
‫هل تتباين اتجاهات الجنسين نحو معوقات السياحة الداخلية بتباين خصائصهم الجتماعية‬
‫والقتصادية وتجربتهم السياحية؟ وللجابة عن هذا التساؤل يمكننا القيام بقياس الفروق لكل عبارة‬
‫والخصائص المختلفة لكل من عبارة كونها تقيس بعًدا معيًنا من أبعاد معوقات السياحة كالبعد‬
‫المتعلق بأسعار‬

‫@‪@523‬‬
‫ل؛ لجأنا إلى وضع مختلف العبارات في مؤشرات تقيس أبعاًدا مختلفة للمعوقات‬ ‫الخدمات مث ً‬
‫السياحية الداخلية‪.‬‬
‫ولبناء هذه المؤشرات تم استخدام التحليل العاملي ) ‪( Factor Analaysis‬؛ لتقليص عدد‬
‫العبارات الثنتين والعشرين إلى عدد أقل من العوامل بحيث ينضوي تحت كل عامل منها عدد من‬
‫العبارات )أو المتغيرات( التي تتسم بوجود ترابط فيما بينها‪.‬‬
‫ويتضح من قيم نتائج التحليل الموضحة في الجدول رقم )‪ (3‬أن المتغيرات )أو العبارات( اندرجت‬
‫تحت أربعة عوامل رئيسة يحتوي كل عامل على عدد من المتغيرات‪ ،‬ووفًقا لنصوص العبارات‬
‫التي تحتوي عليها والعوامل يمكننا إعطاءها المسميات التية‪:‬‬
‫العامل الول‪ :‬يتعلق بالمعوقات المرتبطة بالخدمات والنشطة السياحية العامة أو‬ ‫‪-1‬‬
‫بالبيئة المادية العامة للسياحة الداخلية‪ ،‬ويحتوي على ثماني عبارات‪.‬‬
‫العمل الثاني‪ :‬يتعلق بالمعوقات المرتبطة بالخدمات والنشطة السياحية الموجهة أو‬ ‫‪-2‬‬
‫بالبيئة المادية للسياحة الخاصة بفئات معينة من السكان‪ ،‬ويحتوي هذا العالم على ثلث‬
‫عبارات‪.‬‬
‫العامل الثالث‪ :‬يتعلق بالمعوقات المرتبطة بالبيئة الجتماعية‪ ،‬ويحتوي على ثماني‬ ‫‪-3‬‬
‫عبارات‪.‬‬
‫العامل الرابع‪ :‬يتعلق بالمعوقات المرتبطة بأسعار الخدمات والنشطة السياحية‬ ‫‪-4‬‬
‫ويحتوي على ثلث عبارات‪.‬‬
‫وعلى الرغم من أن المتغيرات تأخذ قيًما أعلى نسبّيا على أحد العوامل دون العوامل الخرى إل أن‬
‫ضا يأخذ )يتحمل( على عوامل أخرى بقيم‬ ‫الكثير منها أي ً‬
‫@‪@524‬‬
‫أقل إلى جانب العامل الرئيس الذي تنضوي تحته‪ .‬هذا الوضع يشير على ما يعرف بالتعقيد العاملي‬
‫الذي يبين أن المتغيرات تصف أكثر من بعد واحد من أبعاد معوقات السياحة الداخلية‪ .‬فعلى سبيل‬
‫المثال عبارة "ل يوجد لدينا أنشطة سياحية بالمفهوم الحقيقي للسياحة" نجدها تنضوي تحت العامل‬
‫الول )الخدمات والنشطة السياحية العامة( في الجدول )‪ (3‬من حيث قيم معامل الرتباط‪ ،‬غل أنها‬
‫ضا بعمل مؤشر خامس‬ ‫في نفس الوقت تنضوي تحت كل من العامل المتعلق بالنشطة؛ لذلك قمنا أي ً‬
‫)أسميناه بالمؤشر الكلي( يجمع كل المتغيرات المذكورة في العوامل الربعة أعله‪ ،‬وكذلك العامل‬
‫القتصادي حيث يشير هذا التعقيد العاملي إلى أن العبارة تصف أبعاًدا مختلفة لمعوقات السياحة‪.‬‬
‫@‪@525‬‬

‫جدول )‪(3‬‬
‫نتائج التحليل العاملي لتجاهات أفراد العينتين حول بعض معوقات السياحة الداخلية‬
‫العــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوامل‬ ‫العبارات‬
‫العامل ‪4‬‬ ‫العامل ‪3‬‬ ‫العامل ‪2‬‬ ‫العامل ‪1‬‬
‫أوًل‪ :‬عوائق تتعلق بالبيئة المادية للسياحة )خدمات وأنشطة سياحية عامة(‬
‫‪0.73‬‬ ‫السياحة‬
‫الداخلية ليست‬
‫بسياحة؛‬
‫ولذلك ل أقوم‬
‫بصرف‬
‫نقودي عليها‪.‬‬
‫‪0.43‬‬ ‫‪0.68‬‬ ‫سوء الخدمة‬
‫في المناطق‬
‫السياحية‬
‫الداخلية‬
‫تجعلني أفضل‬
‫السياحة‬
‫الخارجية‪.‬‬
‫‪0.66‬‬ ‫السياحة‬
‫الداخلية تعني‬
‫خسارة مادية‬
‫عالية في‬
‫مقابل خدمات‬
‫سياحية‬
‫متدنية‬
‫‪0.65‬‬ ‫أعتقد أن ما‬
‫لدينا في‬
‫المملكة من‬
‫أماكن سياحية‬
‫ل يغري‬
‫بالسياحة‬
‫‪0.30‬‬ ‫‪0.37‬‬ ‫‪0.61‬‬ ‫ل يوجد لدينا‬
‫أنشطة سياحة‬
‫بالمفهوم‬
‫الحقيقي‬
‫للسياحة‬
‫‪0.30‬‬ ‫‪0.60‬‬ ‫ل أظن أن‬
‫بلدنا يمكن أن‬
‫تكون بلًدا‬
‫سياحّيا‬
‫بالمعنى‬
‫الصحيح‬
‫‪0.30‬‬ ‫‪0.28‬‬ ‫‪0.60‬‬ ‫ل أثق كثيًرا‬
‫فيما يقال عن‬
‫مميزات‬
‫السياحة‬
‫الداخلية‬
‫مقارنة‬
‫بالسياحة‬
‫الخارجية‬
‫‪0.34‬‬ ‫‪0.54‬‬ ‫الخدمات‬
‫السياحية في‬
‫بلدنا ل تزال‬
‫ضعيفة‬
‫ومحدودة‬
‫ثانًيا‪ :‬عوائق تتعلق بالبيئة المادية للسياحة )خدمات وأنشطة سياحية موجههة(‬
‫‪0.95‬‬ ‫‪0.30‬‬ ‫النشطة‬
‫السياحية في‬
‫بلدنا ل تقدم‬
‫ما يلبي حاجة‬
‫المرأة‪.‬‬
‫‪0.87‬‬ ‫‪0.28‬‬ ‫النشطة‬
‫السياحية في‬
‫بلدنا ل تقدم‬
‫ما يلبي حاجة‬
‫كبار السن‪.‬‬
‫‪0.32‬‬ ‫‪0.65‬‬ ‫‪0.26‬‬ ‫السياحة‬
‫الداخلية‬
‫موجهة‬
‫للطفال فقط‬
‫ثالًثا ‪ :‬عوائق تتعلق بالبيئة الجتماعية للسياحة )معوقات اجتماعية(‬
‫‪0.95‬‬ ‫‪0.30‬‬ ‫السياحة‬
‫تتطلب مزيًدا‬
‫من المرونة‬
‫في إقامة‬
‫النشطة‬
‫السياحية‬
‫‪0.66‬‬ ‫لبد من وجود‬
‫توعية‬
‫سياحية‬
‫مستمرة في‬
‫مناطق‬
‫الساحة‬
‫الداخلية من‬
‫أجل أن تنجح‬
‫السياحة‬
‫‪0.62‬‬ ‫‪032‬‬ ‫مقارنة‬
‫بالسياحة‬
‫الخارجية‬
‫تعقيدات‬
‫السياحة‬
‫الداخلية ليس‬
‫لها أول ول‬
‫آخر‪.‬‬
‫‪0.49‬‬ ‫‪0.30‬‬ ‫السياحة‬
‫الداخلية تعني‬
‫لي ولسرتي‬
‫مزيًدا من‬
‫الضغوط‬
‫الجتماعية‬
‫‪0.47‬‬ ‫‪0.31‬‬ ‫كثير من‬
‫الفراد في‬
‫المناطق‬
‫السعودية ل‬
‫يجيدون‬
‫التعامل مع‬
‫السائحين‬
‫‪0.45‬‬ ‫‪0.32‬‬ ‫تدخل البعض‬
‫وتطفلهم‬
‫جعلني ل‬
‫أرتاح‬
‫للسياحة‬
‫الداخلية‬
‫‪0.44‬‬ ‫‪0.33‬‬ ‫الخجل من أن‬
‫يقابلني من‬
‫أعرفه يجعلني‬
‫أتجنب كثيًرا‬
‫من النشطة‬
‫في المواقع‬
‫السياحية‬
‫داخل المملكة‬
‫‪0.43‬‬ ‫‪0.34‬‬ ‫‪0.30‬‬ ‫على الرغم‬
‫مما يقال عن‬
‫السياحة‬
‫الداخلية فإنه‬
‫ل يزال هناك‬
‫عقبات‬
‫اجتماعية‬
‫تحول دون‬
‫نجاحها‪.‬‬
‫رابًعا‪ :‬عوائق تتعلق بأسعار الخدمات السياحية )معوقات اقتصادية(‬
‫‪0.73‬‬ ‫ل يهم‬
‫المستثمرون‬
‫في السياحة‬
‫إل الربح‬
‫المبالغ فيه‪.‬‬
‫‪0.62‬‬ ‫‪0.32‬‬ ‫بالنظر إلى‬
‫النشطة‬
‫المتكررة‬
‫وغلئها‪،‬‬
‫أعتقد أن‬
‫الجهات‬
‫المختصة ل‬
‫تتابع القائمين‬
‫على النشطة‬
‫السياحية‪.‬‬
‫‪0.54‬‬ ‫‪0.36‬‬ ‫‪0.30‬‬ ‫ينبغي أن تقدم‬
‫الخدمات‬
‫السياحية‬
‫بأسعار تناسب‬
‫كل المستويات‬
‫القتصادية في‬
‫بلدنا‪.‬‬

‫@‪@526‬‬
‫ولوضع مؤشرات )‪ (Indexes‬للعوامل فإنه بالمكان استخدام الدرجات المعيارية )معاملت‬
‫ضا اتباع‬
‫الرتباط( للعامل التي يمكن استخراجها مباشرة مع نتائج مخرجات الحاسب‪ ،‬وبالمكان أي ً‬
‫طريقة أخرى لوضع مؤشرات للعوامل‪ ،‬وذلك ببناء مؤشرات مركبة )‪(Composite Indexes‬‬
‫من جميع القيم الولية للعبارات التي انضوت تحت كل عامل‪ .‬وتمتاز هذه الطريقة الخيرة بسهولة‬
‫ووضوح المقارنة بين متوسطات المؤشرات مقارنة بالطريقة الولى‪ .‬ولهذا تم اتباع طريقة‬
‫المؤشرات المركبة‪ ،‬وهي طريقة متبعة في كثير من البحاث السابقة‪ .‬ولقد تم وضع أربع مؤشرات‬
‫لعينة الذكور‪ ،‬ومثلها لعينة الناث‪.‬‬
‫يحتوي الجدول رقم )‪ (4‬على وصف إحصائي لمؤشرات معوقات السياحة التي تم بناؤها‪ .‬إن‬
‫ل( يعود إلى اختلف عدد‬ ‫اختلف مقاييس الوصف الحصائي لكل مؤشر )كالمتوسطات مث ً‬
‫العبارات الداخلة في تركيب كل مؤشر‪ .‬ومن الملحظ أن المتوسطات المتعلقة بعينة الذكور تزيد‬
‫عا ما عن مثيلتها في عينة الناث‪ .‬كما أن النحرافات المعيارية تشير على نسبة من التجانس في‬ ‫نو ً‬
‫الراء أكبر بين أفراد عينة الناث مقارنة بعينة الذكور‪.‬‬
‫جدول )‪(4‬‬
‫مقاييس الوصف الحصائي لمؤشرات عوائق السياحة الداخلية للذكور‬
‫والناث‬
‫الذكور‬ ‫مؤشرات معوقات‬
‫السياحة الداخلية‬
‫المتوسط‬ ‫أعلى‬ ‫اقل‬ ‫النحراف‬ ‫المتوسط‬
‫قيمة‬ ‫قيمة‬ ‫معياري‬
‫‪11.6‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪2.1‬‬ ‫‪12.4‬‬ ‫أسعار الخدمات‬
‫والنشطة السياحية‬
‫‪25.0‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪4.6‬‬ ‫‪27.4‬‬ ‫البيئة الجتماعية‬
‫للسياحة‬
‫‪18.4‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪7.0‬‬ ‫‪23.4‬‬ ‫الخدمات والنشطة‬
‫السياحية‬
‫‪9.8‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2.5‬‬ ‫‪9.8‬‬ ‫الخدمات والنشطة‬
‫السياحية الموجهة‬
‫‪64.7‬‬ ‫‪110‬‬ ‫‪39‬‬ ‫‪12.8‬‬ ‫‪73.1‬‬ ‫المؤشر الكلي‬
‫للمعوقات‬

‫@‪@527‬‬
‫‪ -‬العلقة بين خصائص أفراد العينة ونظرتهم لمعوقات السياحة الداخلية‪:‬‬
‫توي هذا الجزء على الجابة عن تساؤلت الدراسة‪ ،‬وتقيس بيانات الجداول )‪ (17 -5‬العلقة بين مؤشرات‬
‫وقات السياحة الداخلية الربعة المذكورة‪ ،‬وخصائص أفراد عينتي الذكور والناث كل على حدة‪ .‬وفيما يلي‬
‫تعراض للنتائج في ضوء تساؤلت الدراسة‪.‬‬
‫ساؤل الول‪:‬‬
‫ل هناك فروق ذات دللة إحصائية بين عينة الذكور والناث في رؤيتهم لمعوقات السياحة الداخلية؟‬
‫ين من جدول رقم )‪ (5‬أن هناك فروًقا جوهرية )أو إحصائية( بين الذكور والناث في ثلث متوسطات‬
‫شرات معوقات السياحة الداخلية‪ ،‬وهي‪ :‬المؤشر القتصادي‪ ،‬والجتماعي‪ ،‬والخدمات والنشطة السياحية‬
‫امة‪ ،‬كما تدل على ذلك قيمة )ت( ودرجات المعنوية المصاحبة لها‪ .‬ويتبين من أحجام متوسطات هذه المؤشرات‬
‫لثة أن الذكور يشعرون أكثر مما تشعر به النساء بأن أسعار الخدمات والنشطة السياحية‪ ،‬وأن البيئة الجتماعية‬
‫سياحة‪ ،‬وأن الخدمات والنشطة السياحية العامة عناصر معيقة للسياحة الداخلية‪ .‬أما الخدمات والنشطة السياحية‬
‫حا‬
‫وجهة فلم تتضح هناك فروق بين الذكور والناث‪ ،‬مما يعكس أن القصور في هذا الجانب يمثل عنصًرا واض ً‬
‫جميع‪.‬‬

‫جدول )‪(5‬‬
‫التباين بين مؤشرات معوقات السياحة الداخلية وجنس أفراد العينة‬
‫الدرجة‬ ‫قيمة )ت(‬ ‫الجنس‬ ‫مؤشرات‬
‫المعنوية‬ ‫معوقات‬
‫أنثى‬ ‫ذكر‬ ‫السياحة‬
‫الداخلية‬

‫‪0.00‬‬ ‫‪6.05‬‬ ‫‪11.96‬‬ ‫‪12.9‬‬ ‫أسعار‬


‫الخدمات‬
‫والنشطة‬
‫السياحية‬
‫‪0.00‬‬ ‫‪9.69‬‬ ‫‪25.00‬‬ ‫‪27.43‬‬ ‫البيئة‬
‫الجتماعية‬
‫للسياحة‬
‫‪0.00‬‬ ‫‪13.70‬‬ ‫‪18.35‬‬ ‫‪23.46‬‬ ‫الخدمات‬
‫والنشطة‬
‫السياحية‬
‫‪0.85‬‬ ‫‪0.19‬‬ ‫‪9.86‬‬ ‫‪9.89‬‬ ‫الخدمات‬
‫والنشطة‬
‫السياحية‬
‫الموجهة‬
‫‪0.00‬‬ ‫‪11.79‬‬ ‫‪64.78‬‬ ‫‪73.13‬‬ ‫المؤشر الكلي‬
‫للمعوقات‬

‫ساؤل الثاني‪:‬‬
‫ل تختلف اتجاهات المبحوثين من الجنسين نحو معوقات السياحة الداخلية باختلف فئاتهم العمرية؟‬
‫ضح من الجدول رقم )‪ (6‬أن آراء واتجاهات الذكور نحو معوقات السياحة الداخلية المتمثلة في المؤشرات‬
‫ربعة )أسعار الخدمات‪ ،‬البيئة الجتماعية‪ ،‬والخدمات والنشطة السياحية العامة والموجهة( تختلف إحصائّيا‬
‫ختلف فئات أعمارهم‪ ،‬كما تدل على ذلك قيم )ف( والدرجات المعنوية المصاحبة لها‪ .‬ويتضح أن الفئة العمرية‬
‫حصورة بين ‪ (45– 026‬سنة )فئة متوسطي العمار( تختلف جوهرّيا في اتجاهاتها نحو معوقات السياحة‬
‫اخلية عن الفئتين الخريين‪:‬‬
‫ة من تقل أعمارهم عن )‪ 26‬سنة – فئة صغار السن(‪ ،‬ومن تزيد أعمارهم عن )‪ 45‬سنة – فئة كبار السن(‪.‬‬
‫بالنسبة لعينة الناث فإنه باستثناء مؤشر معوقات الخدمات والنشطة السياحية العامة‪ ،‬فل يتضح أن آراءهن‬
‫و معوقات السياحة الداخلية تختلف اختلًفا جوهرّيا باختلف أعمارهن‪ .‬أو بمعنى آخر إن فئات أعمار النساء‬
‫واء كانت تلك المعوقات أسعار الخدمات و النشطة‪ ،‬أو البيئة الجتماعية‪ ،‬أو الخدمات والنشطة السياحية‬
‫وجهة‪ ،‬كما يتبين ذلك في قيم الجدول رقم )‪ .(7‬ول تزال فئة من تنحصر أعمارهن بين )‪ (45– 26‬سنة تحظى‬
‫توسطات أعلى من الفئتين الخريين‪.‬‬
‫ضا في المؤشر الكلي للمعوقات‪ ،‬كما يتضح من السطر الخير في الجدولين )‬ ‫ي النتيجة بالنسبة للجنسين نجدها أي ً‬
‫( و)‪.(7‬‬
‫@‪@529‬‬

‫جدول )‪(6‬‬
‫التباين بين مؤشرات معوقات السياحة الداخلية وفئات العمار لعينة الذكور‬
‫الدرجة‬ ‫قيمة )ف(‬ ‫فئات العمار‬ ‫مؤشرات‬
‫المعنوية‬ ‫معوقات‬
‫أكبر‬ ‫‪– 26‬‬ ‫أقل من ‪26‬‬ ‫السياحة‬
‫من‬ ‫‪45‬‬ ‫سنة‬ ‫الداخلية‬
‫‪45‬‬
‫سنة‬
‫‪0.00‬‬ ‫‪6.3‬‬ ‫‪12.2‬‬ ‫‪12.60‬‬ ‫‪12.0‬‬ ‫أسعار‬
‫الخدمات‬
‫والنشطة‬
‫السياحية‬
‫‪0.05‬‬ ‫‪2.8‬‬ ‫‪29.4‬‬ ‫‪30.4‬‬ ‫‪30.1‬‬ ‫البيئة‬
‫الجتماعية‬
‫للسياحة‬
‫‪0.00‬‬ ‫‪6.3‬‬ ‫‪22.1‬‬ ‫‪23.9‬‬ ‫‪22.6‬‬ ‫الخدمات‬
‫والنشطة‬
‫السياحية‬

‫‪0.00‬‬ ‫‪5.3‬‬ ‫‪9.5‬‬ ‫‪10.1‬‬ ‫‪9.5‬‬ ‫الخدمات‬


‫والنشطة‬
‫السياحية‬
‫الموجهة‬
‫‪0.00‬‬ ‫‪6.7‬‬ ‫‪73.3‬‬ ‫‪77.0‬‬ ‫‪74.3‬‬ ‫المؤشر الكلي‬
‫للمعوقات‬

‫@‪@529‬‬
‫جدول )‪(7‬‬
‫التباين بين مؤشرات معوقات السياحة الداخلية وفئات العمار لعينة الناث‬
‫جدول )‬ ‫قيمة )ف(‬ ‫فئات العمار‬ ‫مؤشرات‬
‫‪6‬الدرجة‬ ‫معوقات‬
‫المعنوية‬ ‫أكبر من‬ ‫‪– 26‬‬ ‫أقل من ‪26‬‬ ‫السياحة‬
‫‪ 45‬سنة‬ ‫‪45‬‬ ‫سنة‬ ‫الداخلية‬

‫‪0.45‬‬ ‫‪0.78‬‬ ‫‪11.7‬‬ ‫‪11.8‬‬ ‫‪11.5‬‬ ‫أسعار‬


‫الخدمات‬
‫والنشطة‬
‫السياحية‬
‫‪0.19‬‬ ‫‪1.63‬‬ ‫‪26.8‬‬ ‫‪27.8‬‬ ‫‪27.4‬‬ ‫البيئة‬
‫الجتماعية‬
‫للسياحة‬
‫‪0.031‬‬ ‫‪3.51‬‬ ‫‪16.9‬‬ ‫‪18.9‬‬ ‫‪17.8‬‬ ‫الخدمات‬
‫والنشطة‬
‫السياحية‬

‫‪0.48‬‬ ‫‪0.73‬‬ ‫‪9.8‬‬ ‫‪10.2‬‬ ‫‪9.8‬‬ ‫الخدمات‬


‫والنشطة‬
‫السياحية‬
‫الموجهة‬
‫‪0.09‬‬ ‫‪2.35‬‬ ‫‪65.5‬‬ ‫‪68.7‬‬ ‫‪66.5‬‬ ‫المؤشر الكلي‬
‫للمعوقات‬

‫ساؤل الثالث‪:‬‬
‫ل تختلف اتجاهات المبحوثين من الجنسين نحو معوقات السياحة الداخلية باختلف حالتهم الجتماعية )أو‬
‫ائلية(؟‬
‫ضح من بيانات الجدول رقم )‪ (8‬أنه ل توجد فروق ذات دللة إحصائية بين المتزوجين والعزاب من الرجال من‬
‫ث اتجاهاتهم حول معوقات السياحة الداخلية المتمثلة في مؤشرات أسعار الخدمات والنشطة‪ ،‬ومدى توفر‬
‫خدمات‬
‫@‪@530‬‬
‫لنشطة السياحية العامة والموجهة‪ ،‬وكذلك المؤشر الكلي لمعوقات السياحة‪ ،‬كما تشير إلى ذلك قيم )ت(‪ .‬الفرق‬
‫حصائي الوحيد بين المتزوجين والعزاب هو في مؤشر البيئة الجتماعية للسياحة؛ إذ إن المتزوجين يرون أنها‬
‫ي المتوسط( أكثر إعاقة للسياحة الداخلية من العزاب‪.‬‬

‫جدول )‪(8‬‬
‫التباين بين مؤشرات معوقات السياحة الداخلية وفئات العمار لعينة الذكور‬
‫الدرجة‬ ‫قيمة )ت(‬ ‫الحالة العائلية‬ ‫مؤشرات‬
‫المعنوية‬ ‫معوقات‬
‫أعزب‬ ‫متزوج‬ ‫السياحة‬
‫الداخلية‬

‫‪0.63‬‬ ‫‪0.48‬‬ ‫‪12.5‬‬ ‫‪12.4‬‬ ‫أسعار‬


‫الخدمات‬
‫والنشطة‬
‫السياحية‬
‫‪0.05‬‬ ‫‪1.81‬‬ ‫‪29.3‬‬ ‫‪30.9‬‬ ‫البيئة‬
‫الجتماعية‬
‫للسياحة‬
‫‪0.83‬‬ ‫‪0.21‬‬ ‫‪23.3‬‬ ‫‪23.4‬‬ ‫الخدمات‬
‫والنشطة‬
‫السياحية‬

‫‪0.91‬‬ ‫‪0.11‬‬ ‫‪9.8‬‬ ‫‪9.8‬‬ ‫الخدمات‬


‫والنشطة‬
‫السياحية‬
‫الموجهة‬
‫‪0.45‬‬ ‫‪0.75‬‬ ‫‪75.5‬‬ ‫‪76.3‬‬ ‫المؤشر الكلي‬
‫للمعوقات‬
‫لنسبة لعينة الناث فغن بيانات الجدول رقم )‪ (9‬تشير إلى وجود فروق ذات دللة إحصائية بين المتزوجات من‬
‫ث اعتابرهن أسعار الخدمات والنشطة السياحية والبيئة الجتماعية كمعوقات للسياحة الداخلية‪ .‬ويتضح من قيم‬
‫توسطات أن المتزوجات يعتبرن السعار أكثر إعاقة للسياحة الداخلية من المتزوجات‪ .‬كما تدل بيانات الجدول‬
‫ضا على أنه ل توجد فروق ذات دللة إحصائية بين المتزوجات وغير المتزوجات من أفراد العينة بالنسبة‬ ‫ً‬
‫عوقات المرتبطة بالخدمات والنشطة السياحية العامة أو الموجهة أو بالنسبة للمؤشر الكلي لمعوقات السياحة‪.‬‬

‫@‪@531‬‬
‫جدول )‪(9‬‬
‫التباين بين مؤشرات معوقات السياحة الداخلية والحالة العائلية لعينة الناث‬
‫الدرجة‬ ‫قيمة )ت(‬ ‫الحالة الجتماعية‬ ‫مؤشرات‬
‫المعنوية‬ ‫معوقات‬
‫عزباء‬ ‫متزوجة‬ ‫السياحة‬
‫الداخلية‬

‫‪0.02‬‬ ‫‪2.43‬‬ ‫‪11.9‬‬ ‫‪11.3‬‬ ‫أسعار‬


‫الخدمات‬
‫والنشطة‬
‫السياحية‬
‫‪0.05‬‬ ‫‪1.87‬‬ ‫‪27.3‬‬ ‫‪28.9‬‬ ‫البيئة‬
‫الجتماعية‬
‫للسياحة‬
‫‪0.22‬‬ ‫‪1.22‬‬ ‫‪18.1‬‬ ‫‪18.9‬‬ ‫الخدمات‬
‫والنشطة‬
‫السياحية‬

‫‪0.67‬‬ ‫‪0.42‬‬ ‫‪10.0‬‬ ‫‪10.1‬‬ ‫الخدمات‬


‫والنشطة‬
‫السياحية‬
‫الموجهة‬
‫‪0.27‬‬ ‫‪1.10‬‬ ‫‪67.2‬‬ ‫‪68.7‬‬ ‫المؤشر الكلي‬
‫للمعوقات‬

‫ساؤل الرابع‪:‬‬
‫ل تختلف اتجاهات المبحوثين من الجنسين نحو معوقات السياحة الداخلية باختلف مستوياتهم التعليمية؟‬
‫ضح من خلل معطيات الجدول رقم )‪ (10‬أن آراء واتجاهات الذكور نحو معوقات السياحة الداخلية المتمثلة في‬
‫ؤشرات الربعة المحددة في الجدول تختلف إحصائّيا باختلف مستوياتهم التعليمية كما تدل على ذلك قيم "ف"‬
‫درجات المعنوية المصاحبة لها‪ .‬وتبين أن متوسط من مستواهم التعليمي " الجامعي فما فوق" تختلف في‬
‫جاهاتها نحو معوقات السياحة الداخلية عن المرحلتين التعليميتين السابقتين‪.‬‬

‫جدول )‪(10‬‬
‫التباين بين مؤشرات معوقات السياحة الداخلية ومستويات التعليم لعينة الذكور‬
‫الدرجة‬ ‫قيمة )ت(‬ ‫مستويات التعليم‬ ‫مؤشرات‬
‫المعنوية‬ ‫معوقات‬
‫جامعي‬ ‫ثانوية عامة أو‬ ‫أقل من‬ ‫السياحة‬
‫فما‬ ‫ما يعادلها‬ ‫الثانوية‬ ‫الداخلية‬
‫فوق‬ ‫العامة‬

‫‪0.00‬‬ ‫‪6.9‬‬ ‫‪12.8‬‬ ‫‪12.3‬‬ ‫‪12.2‬‬ ‫أسعار‬


‫الخدمات‬
‫والنشطة‬
‫السياحية‬
‫‪0.00‬‬ ‫‪5.8‬‬ ‫‪30.7‬‬ ‫‪30.3‬‬ ‫‪29.3‬‬ ‫البيئة‬
‫الجتماعية‬
‫للسياحة‬
‫‪0.00‬‬ ‫‪5.8‬‬ ‫‪24.3‬‬ ‫‪23.3‬‬ ‫‪22.2‬‬ ‫الخدمات‬
‫والنشطة‬
‫السياحية‬

‫‪0.83‬‬ ‫‪0.18‬‬ ‫‪9.9‬‬ ‫‪9.8‬‬ ‫‪9.8‬‬ ‫الخدمات‬


‫والنشطة‬
‫السياحية‬
‫الموجهة‬
‫‪0.00‬‬ ‫‪6.7‬‬ ‫‪77.7‬‬ ‫‪75.6‬‬ ‫‪73.5‬‬ ‫المؤشر الكلي‬
‫للمعوقات‬

‫@‪@532‬‬
‫بالنسبة لعينة الناث فبيانات الجدول رقم )‪ (11‬تشير إلى وجود اختلف إحصائي بين اتجاهات المبحوثات نحو‬
‫وقات السياحة المتمثلة في المؤشرات الربعة باختلف مستوياتهن التعليمية كما هو واضح من قيم )ف(‬
‫درجات المعنوية المصاحبة لها‪ .‬حيث اتضح أن متوسط مستواهن التعليمي الجامعي فما فوق يختلف إحصائّيا في‬
‫جاهاتهن نحو معوقات السياحة الداخلية عن المرحلتين التعليميتين السابقتين‪.‬‬
‫جدول )‪(11‬‬
‫التباين بين مؤشرات معوقات السياحة الداخلية ومستويات التعليم لعينة الناث‬
‫الدرجة‬ ‫قيمة )ت(‬ ‫متوسطات مستويات التعليم‬ ‫مؤشرات‬
‫المعنوية‬ ‫معوقات‬
‫جامعي‬ ‫ثانوية عامة أو‬ ‫أقل من‬ ‫السياحة‬
‫فما‬ ‫ما يعادلها‬ ‫الثانوية‬ ‫الداخلية‬
‫فوق‬ ‫العامة‬

‫‪0.03‬‬ ‫‪3.5‬‬ ‫‪12.2‬‬ ‫‪11.7‬‬ ‫‪11.5‬‬ ‫أسعار‬


‫الخدمات‬
‫والنشطة‬
‫السياحية‬
‫‪0.00‬‬ ‫‪7.5‬‬ ‫‪28.8‬‬ ‫‪27.8‬‬ ‫‪26.9‬‬ ‫البيئة‬
‫الجتماعية‬
‫للسياحة‬
‫‪0.00‬‬ ‫‪11.3‬‬ ‫‪20.5‬‬ ‫‪18.4‬‬ ‫‪16.9‬‬ ‫الخدمات‬
‫والنشطة‬
‫السياحية‬

‫‪0.05‬‬ ‫‪2.9‬‬ ‫‪10.6‬‬ ‫‪9.9‬‬ ‫‪9.8‬‬ ‫الخدمات‬


‫والنشطة‬
‫السياحية‬
‫الموجهة‬
‫‪0.00‬‬ ‫‪11.0‬‬ ‫‪72.1‬‬ ‫‪67.8‬‬ ‫‪65.0‬‬ ‫المؤشر الكلي‬
‫للمعوقات‬

‫ساؤل الخامس‪:‬‬
‫ل تختلف اتجاهات المبحوثين من الجنسين نحو معوقات السياحة الداخلية باختلف المهن التي يزاولونها؟‬
‫ن من خلل بيانات الجدول رقم )‪ (12‬أنه باستثناء مؤشر الخدمات والنشطة السياحية الموجهة يوجد اختلف‬
‫صائي في آراء واتجاهات الذكور نحو معوقات السياحة الداخلية المتمثلة في المؤشرات الثلثة المتبقية باختلف‬
‫هن التي يزاولونها‪ ،‬كما دلت على ذلك قيم )ف( والدرجات المعنوية المصاحبة لها‪.‬‬
‫بين أن متوسط مهنة "الموظف" تختلف إحصائّيا في اتجاهاتها نحو معوقات السياحة الداخلية عن متوسط المهنتين‬
‫خيرتين‪.‬‬
‫@‪@533‬‬
‫جدول )‪(12‬‬
‫التباين بين مؤشرات معوقات السياحة الداخلية ونوعية مهن عينة الذكور‬
‫الدرجة‬ ‫قيمة )ف(‬ ‫نوع المهنة‬ ‫مؤشرات‬
‫المعنوية‬ ‫معوقات‬
‫أخرى‬ ‫أعمال حرة‬ ‫موظف‬ ‫السياحة‬
‫)متقاعد‪،‬‬ ‫الداخلية‬
‫طالب(‬
‫‪0.00‬‬ ‫‪5.2‬‬ ‫‪12.0‬‬ ‫‪12.5‬‬ ‫‪12.6‬‬ ‫أسعار‬
‫الخدمات‬
‫والنشطة‬
‫السياحية‬
‫‪0.00‬‬ ‫‪5.0‬‬ ‫‪29.6‬‬ ‫‪29.3‬‬ ‫‪30.6‬‬ ‫البيئة‬
‫الجتماعية‬
‫للسياحة‬
‫‪0.00‬‬ ‫‪6.5‬‬ ‫‪21.8‬‬ ‫‪23.1‬‬ ‫‪23.9‬‬ ‫الخدمات‬
‫والنشطة‬
‫السياحية‬

‫‪0.97‬‬ ‫‪0.9‬‬ ‫‪9.6‬‬ ‫‪9.8‬‬ ‫‪9.9‬‬ ‫الخدمات‬


‫والنشطة‬
‫السياحية‬
‫الموجهة‬
‫‪0.00‬‬ ‫‪6.4‬‬ ‫‪73.1‬‬ ‫‪74.6‬‬ ‫‪76.9‬‬ ‫المؤشر الكلي‬
‫للمعوقات‬

‫بالنسبة لعينة الناث فقد اتضح من خلل بيانات الجدول رقم )‪ (13‬وجود اختلف إحصائي بين آراء واتجاهات المبحوثات‬
‫و معوقات السياحة والمتمثلة في المؤشرات الربعة باختلف مهنهن كما هو واضح من قيم )ت( والدرجات المعنوية‬
‫صاحبة لها‪ .‬حيث تبين أن متوسط مهنة "موظفة" يختلف إحصائّيا في آرائها واتجاهاتها نحو معوقات السياحة الداخلية عن‬
‫اء واتجاهات مهنة ربة بيت‪.‬‬

‫جدول )‪(13‬‬
‫التباين بين مؤشرات معوقات السياحة الداخلية ونوعية مهن عينة الناث‬
‫الدرجة‬ ‫قيمة )ت(‬ ‫نوع المهنة‬ ‫مؤشرات‬
‫المعنوية‬ ‫معوقات‬
‫ربة منزل أو طالبة‬ ‫موظفة‬ ‫السياحة‬
‫الداخلية‬

‫‪0.09‬‬ ‫‪1.69‬‬ ‫‪11.6‬‬ ‫‪12.1‬‬ ‫أسعار‬


‫الخدمات‬
‫والنشطة‬
‫السياحية‬
‫‪0.01‬‬ ‫‪2.57‬‬ ‫‪27.3‬‬ ‫‪28.6‬‬ ‫البيئة‬
‫الجتماعية‬
‫للسياحة‬
‫‪0.00‬‬ ‫‪3.45‬‬ ‫‪17.7‬‬ ‫‪20.2‬‬ ‫الخدمات‬
‫والنشطة‬
‫السياحية‬

‫‪0.14‬‬ ‫‪1.47‬‬ ‫‪9.9‬‬ ‫‪10.4‬‬ ‫الخدمات‬


‫والنشطة‬
‫السياحية‬
‫الموجهة‬
‫‪0.00‬‬ ‫‪3.42‬‬ ‫‪66.4‬‬ ‫‪71.4‬‬ ‫المؤشر‬
‫الكلي‬
‫للمعوقات‬

‫ساؤل السادس‪:‬‬
‫ل تختلف اتجاهات المبحوثين من الجنسين نحو معوقات السياحة الداخلية باختلف مستويات دخولهم؟‬
‫@‪@534‬‬
‫توي الجدول رقم )‪ (14‬على وصف إحصائي لمؤشرات معوقات السياحة الداخلية ومستويات الدخل لعينة من الذكور فقد‬
‫ن أنه ل توجد فروق ذات دللة إحصائية من حيث اتجاهاتهم حول معوقات السياحة الداخلية المتمثلة في مؤشرات أسعار‬
‫خدمات والنشطة‪ ،‬والبيئة الجتماعية للسياحة‪ ،‬ومدى توفر الخدمات والنشطة السياحية العامة‪ ،‬والخدمات والنشطة‬
‫سياحية الموجهة وكذلك المؤشر الكلي لمعوقات السياحة مهما اختلفت دخولهم كما تشير إلى ذلك قيم )ف( والدرجات المعنوية‬
‫صاحبة لها‪.‬‬
‫جدول )‪(14‬‬
‫التباين بين مؤشرات معوقات السياحة الداخلية ومستويات الدخل لعينة الذكور‬
‫الدرجة‬ ‫قيمة )ت(‬ ‫مستويات الدخل بالريال‬ ‫مؤشرات‬
‫المعنوية‬ ‫معوقات‬
‫‪9000‬‬ ‫‪-6000‬‬ ‫أقل من ‪6000‬‬ ‫السياحة‬
‫فأكثر‬ ‫‪8999‬‬ ‫الداخلية‬

‫‪0.80‬‬ ‫‪0.22‬‬ ‫‪12.5‬‬ ‫‪12.5‬‬ ‫‪12.4‬‬ ‫أسعار‬


‫الخدمات‬
‫والنشطة‬
‫السياحية‬
‫‪0.22‬‬ ‫‪1.48‬‬ ‫‪30.6‬‬ ‫‪30.1‬‬ ‫‪28.9‬‬ ‫البيئة‬
‫الجتماعية‬
‫للسياحة‬
‫‪0.30‬‬ ‫‪1.20‬‬ ‫‪23.9‬‬ ‫‪23.0‬‬ ‫‪23.2‬‬ ‫الخدمات‬
‫والنشطة‬
‫السياحية‬

‫‪0.43‬‬ ‫‪0.84‬‬ ‫‪9.7‬‬ ‫‪9.8‬‬ ‫‪10.0‬‬ ‫الخدمات‬


‫والنشطة‬
‫السياحية‬
‫الموجهة‬
‫‪0.37‬‬ ‫‪0.99‬‬ ‫‪76.2‬‬ ‫‪75.2‬‬ ‫‪75.6‬‬ ‫المؤشر‬
‫الكلي‬
‫للمعوقات‬

‫بالنسبة للناث فيبين الجدول رقم )‪ (15‬أنه ل توجد فروق ذات دللة إحصائية مهما اختلفت دخولهن في اتجاهاتهن‬
‫رائهن نحو معوقات السياحة الداخلية والمتمثلة في المؤشرات الربعة المحددة في الجدول وكذلك المؤشر الكلي لمعوقات‬
‫سياحة‪ ،‬كما يدل على ذلك قيم )ف( والدرجات المعنوية المصاحبة لها‪.‬‬
‫@‪@535‬‬

‫جدول )‪(15‬‬
‫التباين بين مؤشرات معوقات السياحة الداخلية ومستويات الدخل لعينة الناث‬
‫الدرجة‬ ‫قيمة )ت(‬ ‫مستويات الدخل بالريال‬ ‫مؤشرات‬
‫المعنوية‬ ‫معوقات‬
‫‪9000‬‬ ‫‪-6000‬‬ ‫أقل من ‪6000‬‬ ‫السياحة‬
‫فأكثر‬ ‫‪8999‬‬ ‫الداخلية‬

‫‪0.38‬‬ ‫‪0.93‬‬ ‫‪12.0‬‬ ‫‪11.7‬‬ ‫‪11.6‬‬ ‫أسعار‬


‫الخدمات‬
‫والنشطة‬
‫السياحية‬
‫‪0.84‬‬ ‫‪0.17‬‬ ‫‪27.6‬‬ ‫‪27.7‬‬ ‫‪27.4‬‬ ‫البيئة‬
‫الجتماعية‬
‫للسياحة‬
‫‪0.09‬‬ ‫‪2.37‬‬ ‫‪19.1‬‬ ‫‪18.7‬‬ ‫‪17.5‬‬ ‫الخدمات‬
‫والنشطة‬
‫السياحية‬

‫‪0.91‬‬ ‫‪0.09‬‬ ‫‪10.1‬‬ ‫‪10.1‬‬ ‫‪10.0‬‬ ‫الخدمات‬


‫والنشطة‬
‫السياحية‬
‫الموجهة‬
‫‪0.34‬‬ ‫‪1.07‬‬ ‫‪68.8‬‬ ‫‪68.1‬‬ ‫‪66.5‬‬ ‫المؤشر‬
‫الكلي‬
‫للمعوقات‬

‫ساؤل السابع‪:‬‬
‫ل تختلف اتجاهات المبحوثين من الجنسين نحو معوقات السياحة الداخلية باختلف تجربة السفر التي قاموا بها؟‬
‫ضح من خلل بيانات الجدول رقم )‪ (16‬أن آراء واتجاهات الذكور نحو معوقات السياحة الداخلية المتمثلة في المؤشرات‬
‫ربعة المحددة في الجدول تختلف إحصائّيا باختلف تجربة السفر السياحي التي قاموا بها كما تدل على ذلك قيم )ت(‬
‫درجات المعنوية المصاحبة لها‪ .‬حيث تبين أن متوسط من قاموا بتجربة السفر بنوعية )الداخلي والخارجي( تختلف إحصائّيا‬
‫اتجاهاتهم وآرائهم نحو معوقات السياحة الداخلية عن آراء واتجاهات الذين قاموا فقط بالسفر السياحي الداخلي‪ ،‬وإن كان‬
‫ا الختلف أقل في المؤشرين‪ ،‬مثل أسعار الخدمات والنشطة السياحية‪ ،‬الخدمات والنشطة السياحية الموجهة‪.‬‬

‫جدول )‪(16‬‬
‫التباين بين مؤشرات معوقات السياحة الداخلية وتجربة السفر السياحي لعينة الذكور‬
‫الدرجة‬ ‫قيمة )ت(‬ ‫جهة السفر‬ ‫مؤشرات‬
‫المعنوية‬ ‫معوقات‬
‫سفر داخلي وخارجي‬ ‫سفر داخلي فقط‬ ‫السياحة‬
‫الداخلية‬

‫‪0.15‬‬ ‫‪1.41‬‬ ‫‪12.5‬‬ ‫‪12.4‬‬ ‫أسعار‬


‫الخدمات‬
‫والنشطة‬
‫السياحية‬
‫‪0.00‬‬ ‫‪3.97‬‬ ‫‪30.8‬‬ ‫‪29.4‬‬ ‫البيئة‬
‫الجتماعية‬
‫للسياحة‬
‫‪0.00‬‬ ‫‪5.3‬‬ ‫‪24.4‬‬ ‫‪21.9‬‬ ‫الخدمات‬
‫والنشطة‬
‫السياحية‬

‫‪0.08‬‬ ‫‪1.65‬‬ ‫‪9.9‬‬ ‫‪9.7‬‬ ‫الخدمات‬


‫والنشطة‬
‫السياحية‬
‫الموجهة‬
‫‪0.00‬‬ ‫‪4.63‬‬ ‫‪13.6‬‬ ‫‪12.8‬‬ ‫المؤشر‬
‫الكلي‬
‫للمعوقات‬

‫بالنسبة لعينة الناث فبيانات الجدول رقم )‪ (17‬يشير إلى وجود اختلف إحصائي بين اتجاهات المبحوثين نحو معوقات‬
‫سياحة والمتمثلة في المؤشرات الربعة باختلف تجربة السفر السياحي التي قمن بها‪ ،‬كما هو واضح من قيم )ت( والدرجات‬
‫عنوية المصاحبة لها‪ .‬حيث اتضح أن متوسط من قمن بتجربة السفر بنوعيه الداخلي والخارجي تختلف إحصائّيا في‬
‫جاهاتهم وآرائهم نحو معوقات السياحة الداخلية عن آراء واتجاهات اللتي قمن فقط بالسفر السياحي الداخلي وإن كان هذا‬
‫ختلف ظهر بدرجة أقل في مؤشر الخدمات والنشطة السياحية الموجهة‪.‬‬

‫جدول )‪(17‬‬
‫التباين بين مؤشرات معوقات السياحة الداخلية وتجربة السفر السياحي لعينة الناث‬
‫الدرجة‬ ‫قيمة )ت(‬ ‫جهة السفر‬ ‫مؤشرات‬
‫المعنوية‬ ‫معوقات‬
‫سفر داخلي وخارجي‬ ‫سفر داخلي فقط‬ ‫السياحة‬
‫الداخلية‬

‫‪0.00‬‬ ‫‪2.97‬‬ ‫‪12.2‬‬ ‫‪11.5‬‬ ‫أسعار‬


‫الخدمات‬
‫والنشطة‬
‫السياحية‬
‫‪0.00‬‬ ‫‪3.04‬‬ ‫‪28.6‬‬ ‫‪27.1‬‬ ‫البيئة‬
‫الجتماعية‬
‫للسياحة‬
‫‪0.00‬‬ ‫‪3.34‬‬ ‫‪20.4‬‬ ‫‪17.4‬‬ ‫الخدمات‬
‫والنشطة‬
‫السياحية‬

‫‪0.17‬‬ ‫‪1.34‬‬ ‫‪10.3‬‬ ‫‪9.9‬‬ ‫الخدمات‬


‫والنشطة‬
‫السياحية‬
‫الموجهة‬
‫‪0.00‬‬ ‫‪4.09‬‬ ‫‪71.7‬‬ ‫‪65.9‬‬ ‫المؤشر‬
‫الكلي‬
‫للمعوقات‬

‫مناقشة النتائج‪:‬‬
‫ضح من نتائج الدراسة الميدانية لعينة الذكور والناث نحو معوقات السياحة الداخلية أن هناك فروًقا في آراء أفراد العينة‬
‫كور والناث حول معوقات السياحة الداخلية‪ ،‬وسوف يرد شرح لبراز هذه الفروق في هذا الجزء من مناقشة النتائج‪.‬‬
‫تضح كذلك أن هناك اتفاًقا بين الذكور والناث على وجود عوائق اجتماعية تحول دون نجاح السياحة الداخلية‪ ،‬وأنه ل بد‬
‫ن توفير المزيد من المرونة في إقامة النشطة السياحية‪ ،‬وضرورة وجود توعية سياحية مستمرة في مناطق السياحة الداخلية‬
‫ن أجل أن تنجح السياحة الداخلية‪ ،‬ويلحظ التداخل بين هذه المعوقات الثلثة‪ ،‬فالعوائق الجتماعية تحتاج إلى المزيد من‬
‫رونة والتوعية في تقبل الناس لبعض التغييرات في المجتمع مثل تقبل السياحة الداخلية‪ .‬عكست نتائج الدراسة أن الذكور‬
‫عرون أكثر من الناث بأن أسعار الخدمات والنشطة السياحية معيقة لنمو السياحة الداخلية‪ ،‬وبطبيعة الحال فغن الذكور هم‬
‫حا من النساء‪.‬‬‫سؤولون عن النفاق على العائلة مما يجعل شعورهم بهذا المؤشر أكثر وضو ً‬
‫ا اتضح أن الذكور يشعرون أن البيئة الجتماعية والخدمات والنشطة السياحية العامة عناصر معيقة للسياحة الداخلية أكثر‬
‫ا تشعر به الناث‪ ،‬ولعل ذلك يرجع على أن الذكور لديهم خبرات أكثر في تجارب السياحة من الناث تمكنهم من عقد‬
‫قارنات‪ ،‬ويتضح كذلك أن فئة الذكور الذين تقع أعمارهم ما بين )‪ (45 – 26‬عاًما تشعر بمعوقات السياحة الداخلية في‬
‫شراتها الربعة )أسعار الخدمات‪ ،‬البيئة الجتماعية‪ ،‬والخدمات والنشطة السياحية العامة‬
‫@‪@538‬‬
‫موجهة( أكثر من الفئات العمرية الخرى‪ ،‬ولعل ذلك يعود إلى أن هذه الفئة العمرية تمثل الفئة المنتجة في المجتمع‪ ،‬والتي‬
‫حمل أعباء ومسؤوليات السرة‪ ،‬وبالتالي تدرك المشكلت والمعوقات أكثر مما تشعر به الفئات العمرية الخرى‪ ،‬كما تشير‬
‫ئج الدراسة إلى أن الحالة الجتماعية بالنسبة للذكور غير مؤثرة في اتجاهاتهم نحو معوقات السياحة الداخلية عدا مؤشر‬
‫يئة الجتماعية للساحة بالنسبة للمتزوجين‪ .‬أما الناث فقد اعتبرن البيئة الجتماعية معوقة للسياحة بالنسبة للمتزوجات‪،‬‬
‫لسعار معوق للسياحة لغير المتزوجات‪.‬‬
‫حقيقة أن التعليم الجامعي يمثل عنصًرا مهّما في آراء عينة الذكور والناث نحو معوقات السياحة الداخلية‪ ،‬فقد اتضح أن الذين‬
‫وا تعليمهم الجامعي أو ما فوق يشعرون بالمعوقات القتصادية والجتماعية‪ ،‬والخدمات والنشطة السياحية العامة بالنسبة‬
‫جنسين أكثر من غيرهم‪ ،‬ولعل ذلك راجع إلى وعيهم بما لدى الخرين أكثر من القل تعليًما‪.‬‬
‫عل ما يثر النتباه في الدراسة الحالية أن الدخل لم يكن مؤثًرا في اتجاه الفراد نحو السياحة من الجنسين‪ ،‬ولعل ذلك يعزى‬
‫ى أن الفراد ينظرون للسياحة كعنصر أساسي في حياتهم كما تشير إليه النظريات التي تم استعراضها من حيث أن السياحة‬
‫صبحت ضرورة للجميع‪ ،‬وبالتالي فالجميع يعتبرها من متطلبات الحياة العصرية بصرف النظر عن مستوى دخله أو الوضع‬
‫قتصادي الذي يعيشه‪.‬‬
‫عن تجارب السفر فقد كانت ذات تأثير في آراء العينة الذكور والناث نحو ما يعتبرونه معوقات للسياحة‪ ،‬حيث إن خبرات‬
‫فراد في السفر والسياحة‬
‫@‪@539‬‬
‫خارجية تمكنهم من عقد المقارنات‪ ،‬وبالتالي الحكم على مستوى السياحة الداخلية ومدى رضاهم عنها‪.‬‬
‫عن ارتفاع نسبة خبرات السفر الداخلي بالنسبة للناث فقد يعود إلى تفضيل السرة السعودية للسفر الداخلي أكثر من‬
‫خارجي‪ ،‬نظًرا لخصوصية المجتمع السعودي وطبيعة هذا المجتمع مما يجعل السرة السعودية تفضل السفر الداخلي على‬
‫سفر الخارجي حتى ولو كان هناك ومعوقات أمام السياحة الداخلية‪.‬‬
‫صيات الدراسة‪:‬‬
‫ضوء النتائج التي توصلت إليها هذه الدراسة فغن الباحث يوصي بما يلي‪:‬‬
‫تحويل السياحة الداخلية في المملكة إلى صناعة تسهم في القتصاد الوطني‪ ،‬وتحول دون تسرب الموال خارج‬ ‫‪-1‬‬
‫الوطن من خلل التخطيط السياحي الشامل الذي يبدأ بحصر الموارد السياحية‪ ،‬وعوامل الجذب السياحي‪ ،‬وتحديد أهداف‬
‫الخطة السياحية بحيث ل تتداخل مع أهداف القطاعات الخرى‪ ،‬ثم توضع الخطة موضع التنفيذ الذي يتطلب المتابعة من‬
‫قبل الهيئة العليا للسياحة في المملكة‪.‬‬
‫نشر الوعي السياحي لتثقيف المواطن بأهمية السياحة الداخلية في المملكة‪ ،‬وذلك من خلل وسائل العلم‬ ‫‪-2‬‬
‫والكتيبات والنشرات‪ ،‬وتنظيم المعارض والمهرجانات التي تخدم الدعاية لجميع الهداف والغراض السياحية‪.‬‬
‫دعم وتنشيط النشطة السياحية الخاصة بالعائلت والتي تحقق لها الخصوصية أثناء ممارسة السياحة في‬ ‫‪-3‬‬
‫المناطق السياحية داخل المملكة من خلل ملءمتها للعادات والتقاليد الجتماعية وفق التعاليم السلمية التي تنطوي على‬
‫احترام خصوصية الخرين‪.‬‬
‫توفير الخدمات السياحية غير المتوفرة وتطوير المتوفر منها في المناطق السياحية داخل المملكة‪ ،‬وذلك بالشكل‬ ‫‪-4‬‬
‫الذي يحقق الطموحات‪ ،‬ويشبع الحتياجات والرغبات لدى جميع أفراد المجتمع على اختلف أعمارهم وطبقاتهم‬
‫ومستوياتهم المادية والتعليمية والجتماعية‪.‬‬
‫العمل على تسخير كافة الخدمات السياحية بما يتناسب ومستوى دخل السرة مع فرض الرقابة الداخلية من قبل‬ ‫‪-5‬‬
‫الهيئة العليا للسياحة في المملكة بوصفها الجهة المسؤولة الولى عن السياحة‪.‬‬

‫@‪@541‬‬
‫حث وتشجيع المكاتب السياحية على تشجيع وتسويق السياحة الداخلية بالمملكة وذلك بتنظيم الحملت الترويجية‬ ‫‪-6‬‬
‫للمناطق السياحية‪ ،‬والقيام بتنظيم الرحلت الجماعية إلى مناطق الجذب السياحي‪.‬‬
‫تشجيع البحوث والدراسات العلمية المتعمقة حول السياحة‪ ،‬وذلك من خلل إيجاد ميزانية خاصة لهذه الدراسات‬ ‫‪-7‬‬
‫ودعمها‪.‬‬
‫@‪@542‬‬
‫رس المراجع‪:‬‬
‫ًل‪ :‬المراجع العربية‪:‬‬
‫التركستاني‪ ،‬حبيب )‪ 1406‬هـ(‪ ،‬اتجاهات سلوك السائح السعودي نحو السياحة الداخلية‪ ،‬مجلة دراسات الخليج‬ ‫‪-1‬‬
‫والجزيرة العربية‪ ،‬عدد ‪ ،91‬ص ‪.287 – 257‬‬
‫الثقفي‪ ،‬سلطان‪ 1419) ،‬هـ(‪ ،‬السياحة في المملكة العربية السعودية – السلوك والنماط‪ ،‬أركان الخليج ‪،‬‬ ‫‪-2‬‬
‫الرياض‪.‬‬
‫حامد‪ ،‬زهران‪1997) ،‬م( ‪ ،‬علم النفس الجتماعي‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬القاهرة‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫سويف‪ ،‬مصطفى‪1978) ،‬م(‪ ،‬مقدمة لعلم النفس الجتماعي‪ ،‬مكتبة النجلو المصرية‪ ،‬ط ‪ ،5‬القاهرة‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫العقيل‪ ،‬صالح عبد ال‪1423) ،‬هـ( العوامل المؤثرة في اتجاه المواطن نحو السياحة الداخلية في المملكة‬ ‫‪-5‬‬
‫العربية السعودية‪ ،‬دراسة استطلعية على عينة أرباب السر وطلب الجامعة بمدينة الرياض‪ ،‬رسالة ماجستير غير‬
‫منشورة‪ ،‬قسم الجتماع والخدمة الجتماعية‪ ،‬كلية العلوم الجتماعية‪ ،‬جامعة الغمام محمد بن سعود السلمية‪ ،‬الرياض‪.‬‬
‫الغامدي‪ ،‬عبد الرحيم‪1996) ،‬م(‪ ،‬دوافع واتجاهات السائحين نحو خدمات السياحة الداخلية في المملكة العربية‬ ‫‪-6‬‬
‫السعودية‪ ،‬درا الشروق‪ ،‬الرياض‪.‬‬
‫النبوي‪ ،‬نسرين إسماعيل‪ 1412) ،‬هـ(‪ ،‬تقدير دالة الطلب على السياحة الداخلية في مدينة جدة‪ ،‬رسالة‬ ‫‪-7‬‬
‫ماجستير‪ ،‬قسم القتصاد‪ ،‬جامعة الملك سعود‪ ،‬الرياض‪.‬‬
‫الفارس‪ ،‬محمد عبد العزيز )‪1988‬م( مصايف المملكة العربية السعودية‪ ،‬دراسة في الجغرافية السياحية‪،‬‬ ‫‪-8‬‬
‫رسالة ماجستير غير منشورة‪ ،‬جامعة المام محمد بن سعود السلمية‪ ،‬الرياض‪.‬‬
‫الصالح‪ ،‬سميرة سعد محمد )‪ 1414‬هـ( معوقات الجذب السياحي في مدينة جدة‪ ،‬رسالة ماجستير غير‬ ‫‪-9‬‬
‫منشورة‪ ،‬جامعة الملك عبد العزيز‪ ،‬جدة‪.‬‬
‫القحطاني‪ ،‬محمد مفرح وإبراهيم عبد المنعم )‪ 1418‬هـ(‪ :‬عدد السياح والمصطافين في منطقة عسير خلل‬ ‫‪-10‬‬
‫صيف ‪ 1417‬هـ‪ ،‬الغرفة التجارية بأبها‪.‬‬

You might also like