You are on page 1of 50

‫وعلى طريق الدعوة ‪ ...

‬نحتاج الى زاد‬

‫( كل مسافر فى طريق ما لبد له من التزود بكل ما يحتاجه على طريقه ‪ ،‬بما يهيىء له أسباب مواصلة السير وتحقيق الغاية التى يهدف إليها من‬
‫سفره ‪ ،‬آخذا فى اعتباره ما سيتعرض له فى طريقه من أمور ربما تتسبب فى انقطاع الطريق به وعدم مواصلة السير ‪ ،‬أو قد تباعد بينه وبين‬
‫غايته أو على القل قد تعوق مسيرته ) ‪.‬‬
‫وطر يق الدعوة هو كل شىء فى حياة الدا عى الى ال وأولى الطرق بالهتمام ب ما يلزم من زاد يح مى من النحراف عن الطر يق أو النقطاع و‬
‫التوقف ‪ ،‬أو التعويق و التعثر ‪ ،‬لما يترتب على ذلك من خسران مبين وتفويت لخير كبير وفوز عظيم ‪.‬‬
‫هذا الزاد يتمثيل أول ميا يتمثيل فيى اليمان القوى وتقوى ال وهيى خيير زاد ثيم معينات أخرى ‪ ،‬كالصيحبة الصيالحة ‪ ،‬والدلّء الذيين يرشدون‬
‫ويقدمون الخبرة و التجربة وغير ذلك مما يجدد الطاقة و العزيمة وتجنب النحراف و الخطأ ‪.‬‬
‫وللتدليل على لزوم هذا الزاد وأهميته نقول أن سيارة المسافر إذا نفد منها الوقود على الطريق ولم يتجدد صارت وكأنها قطعة من الحديد ل تعينه‬
‫على التحرك خطوة واحدة ‪ ،‬كذلك من ي سلك طر يق الدعوة إذا تعرض زاده للنق صان أو النفاد دون تجد يد وازدياد صار صاحبه وكأ نه ج ثة هامدة‬
‫مري ضة لت ستطيع حراكا و صدق ال العظ يم ‪ {:‬أو من كان ميتا فأحييناه وجعل نا له نورا يم شى به فى الناس ك من مثله فى الظلمات ل يس بخارج‬
‫منها } وقوله تعالى ‪ {:‬يا أيها الذين آمنوا استجيبوا ل وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن ال يحول بين المرء وقلبه } ‪.‬‬
‫إن هذا الزاد من اليمان وتقوى ال يف جر يناب يع الخ ير من دا خل النفوس ويولد الطاقات ويش حذ اله مم والعزائم فت سهل الحر كة وت خف جواذب‬
‫الرض وتتخ طى العقبات وتتفادى المنعطفات وتت ضح معالم الطر يق ويكون ال صدق والخلص و العزم و الثبات ويتح قق ما يش به المعجزات من‬
‫النجازات على الطريق ‪.‬‬
‫إننا على طريق الدعوة نحتاج أول ما نحتاج الى الشعور بمعية ال فى كل خطوة وكل حركة وسكنة ‪ ،‬بل فى كل لحظة فمن كان ال معه لم يفقد‬
‫شيئا و من تخلى ال ع نه فلن ي جد إل الضياع و الضلل ‪ ،‬وهذه المع ية قد منّ ال ب ها على المؤمن ين أ هل التقوى والح سان ح يث قال تعالى ‪{:‬‬
‫واصبر وما صبرك إل بال ول تحزن عليهم ول تك فى ضيق مما يمكرون إن ال مع الذين اتقوا و الذين هم محسنون } وفى آية أخرى ‪ {:‬وأن‬
‫ال مع المؤمنين } ‪.‬‬
‫ما أحوج نا على طر يق الدعوة لنور ال يضىء ل نا الطر يق فن سير على ب صيرة دون انزلق فى منعطفات تبعد نا أو عثرات تقعد نا ‪ ،‬وهذا يتح قق‬
‫بإذن ال بزاد من التقوى واليمان م صداقا لقول ال تعالى ‪ {:‬يا أي ها الذ ين آمنوا اتقوا ال وآمنوا بر سوله يؤت كم كفل ين من رحم ته ويج عل لكم‬
‫نورا تمشون به ويغفر لكم وال غفور رحيم } ‪ ،‬وقال تعالى ‪ {:‬إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون } ‪ { ،‬وأن‬
‫هذا صراطى مستقيما فاتبعوه ول تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون } ‪.‬وعلى طريق الدعوة ولكى نستطيع أن نؤثر‬
‫ونغير الواقع الباطل لنقيم الحق يجب أن نستشعر معانى العزة و القوة وعلو المنزلة ونتخلص من كل معانى الضعف و الوهن و الذل ‪ ،‬ول يتحقق‬
‫ذلك إل بزاد مين اليمان ‪ {:‬ول تهنوا ول تحزنوا وأنتيم العلون إن كنتيم مؤمنيين } ‪ { ،‬ول العزة ولرسيوله وللمؤمنينين ولكين المنافقيين ل‬
‫يعلمون } ‪ { ،‬كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بال } ‪.‬‬
‫ما أحوج نا على طر يق الدعوة الى تطو يع أنف سنا على الجهاد و التضح ية ب كل ما نملك من ن فس ومال وج هد وف كر وو قت دون تردد ‪ ،‬ول يقدر‬
‫على ذلك إل من تزود بإيمان يجعله يؤثر ما عند ال ويسترخص كل غال فى سبيل ال ‪ {:‬الذين آمنوا يقاتلون فى سبيل ال والذين كفروا يقاتلون‬
‫فى سبيل الطاغوت } ‪ { ،‬إن ال اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون فى يسبيل ال ف َيقْتُلُون ويُقْتَلُون } ‪.‬‬
‫نتعرض على طر يق الدعوة الى اليذاء ‪ -‬والبتلء ‪ -‬فتلك سنة ال فى الدعوات ‪ -‬وليع ين على تح مل ذلك و ال صبر عل يه إل زاد من اليمان و‬
‫التقوى ‪ {:‬لتبلون فى أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذىً كثيرا وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من‬
‫عزم المور } وكان هذا منطيق رسيل ال أمام إيذاء الكفار ‪ {:‬ومالنيا أل نتوكيل علىال وقيد هدانيا سيبلنا ولنصيبرنّ على ميا آذيتمونيا وعلى ال‬
‫فليتوكل المتوكلون } وكان منطق سحرة فرعون بعد إيمانهم وتهديد فرعون لهم ‪ {:‬قالوا لن نؤثرك عل ما جاءنا من البينات و الذى فطرنا فاقض‬
‫ما أنت قاض إنما تقضى هذه الحياة الدنيا إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر وال خير وأبقى } ‪.‬‬
‫ما أحوجنا على طريق الدعوة الى تثبيت ال لنا فل تردد ول شك ول بعد ول تخلّ عن العمل ‪،‬والواجبات مهما ثقلت أو كثرت ‪ ،‬وال سبحانه يمنّ‬
‫بذلك على الذين آمنوا ‪ {:‬يثبت ال الذين آمنوا بالقول الثابت فى الحياة الدنيا وفى الخرة } ‪ {: ،‬إذ يوحى ربك الى الملئكة أنى معكم فثبتوا الذين‬
‫آمنوا سألقى فى قلوب الذين كفروا الرعب } فاللهم ثبت أقدامنا على طريقك ‪.‬‬
‫يتعرض الدعاة الى ال على طر يق الدعوة الى التخو يف و التهد يد و الوع يد من أعداء ال م ما يد عو الب عض الى الخوف و الب عد و القعود ول‬
‫ينجو من ذلك إل المتسلح بسلح اليمان المتزود بزاد التقوى ‪ {:‬يستبشرون بنعمة من ال وفضل وأن ال ليضع أجر المؤمنين الذين استجابوا‬
‫ل و الرسول من بعد ما أ صابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم ‪ ،‬الذ ين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم‬
‫إيمانا وقالوا حسبنا ال ونعم الوكيل ‪ ،‬فانقلبوا بنعمة من ال وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان ال وال ذو فضل عظيم إنما ذلكم الشيطان‬
‫يخوف أولياءه فل تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين } ‪.‬‬
‫ما أحوجنا ونحن على طريق الدعوة الى تدعيم رابطة الخوة و الحب فى ال ليتم التعاون و التفاهم فى مهام الدعوة فى يسر والتقاء من قريب‬
‫بسبب هذا الحب وهذه الخوة ‪ ،‬ول يتحقق ذلك بصورة صادقة دائمة إل بين المؤمنين ‪ {:‬المؤمنون و المؤمنات بعضهم أولياء بعض } ‪ { ،‬إنما‬
‫المؤمنون إخوة فأ صلحوا ب ين أخوي كم واتقوا ال لعل كم ترحمون } ‪ ،‬ور سول ال صلى ال عل يه و سلم يشرط تمام اليمان بتحق يق هذا ال حب ‪(:‬‬
‫ليؤمن أحدكم حتى يحب لخيه ما يحب لنفسه )‪.‬‬
‫يتعرض الداعيى الى ال وهيو على طرييق الدعوة الى فترات مين الفتور و الكسيل يُخشيى لو اسيتمرت أن تؤدى الى السيترخاء و القعود ‪ ،‬ولكين‬
‫المؤمن ين بالتوا صى بال حق و التوا صى بال صبر ك ما أشار القرآن يمكن هم أن يتفادوا ذلك وبالذكرى ال تى تن فع المؤمن ين و التنا صح الوا جب ب ين‬
‫المؤمنين بأن يذكر أخاه إذا نسى ويعينه إذا ذكر وأن يبصره بعيوبه ويعينه على التخلص منها ‪.‬‬
‫وما أكثر ما يتعرض الداعون الى ال الى أحداث ومواقف قد تجعلهم فى ضيق أو حرج أو حيرة ويحتاجون الى تحديد الموقف الذى يمليه عليهم‬
‫إ سلمهم إزاء الموا قف أو الحداث و التقي يم ال سليم ل ها من خلل النظرة السلمية و القدام على قولة ال حق ولو كان من ورائ ها الع نت واليذاء‬
‫ول يف يد ويع ين فى كل ذلك إل زاد من اليمان وتقوى ال ‪ {:‬و من ي تق ال يج عل له مخرجا ويرز قه من ح يث ل يحت سب و من يتو كل على ال‬
‫ف هو ح سبه } ‪ {:‬و من يؤ من بال ي هد قل به } ‪ {: ،‬وم تى ي تق ال يج عل له من أمره ي سرا } ‪ {:‬رب نا آت نا من لد نك رح مة وهيىء ل نا من أمر نا‬
‫رشدا } ‪ {:‬يا أيها الذين آمنوا اتقوا ال وقولوا قولً سديدا } وفى الحديث ‪ (:‬من أفضل الجهاد عند ال كلمة حق عند سلطان جائر ) ‪.‬‬
‫وعلى طريق الدعوة يتحتم على كل فرد أن يتحرى شرع ال فى كل قول وعمل ول يخالف أمر ال ول أمر رسوله فى كل أحواله ‪ ،‬وأن يحرص‬
‫على وحدة ال صف وعدم الخروج عل يه ‪ ،‬ول يع ين على ذلك إل إيمان صادق يح مى صاحبه من التق صير أو المخال فة وعدم اللتزام ‪ {:‬و ما كان‬
‫لمؤمن ول مؤمنة إذا قضى ال ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم } ‪ {: ،‬واعتصموا بحبل ال جميعا ول تفرقوا } ‪ {: ،‬إنما المؤمنون‬
‫الذين آمنوا بال ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه ‪ ،‬إن الذين يستأذنونك أولئك الذين يؤمنون بال ورسوله } ‪.‬‬
‫وعلى طرييق الدعوة نحتاج الى العلم النافيع اللزم لمين يدعيو ال ال على بصييرة ول تكفيى القراءة وكثرتهيا فيى ذلك ولكين لبيد مين تقوى ال‬
‫وإخلص النية ليفيض ال من لدنه علما ونورا وتوفيقا ‪ ،‬وصدق ال العظيم ‪ {:‬واتقوا ال ويعلمكم ال }‪ { ،‬وقل رب زدنى علما } ‪.‬‬
‫ون حن على طر يق الدعوة نش عر بالحا جة المل حة لتأي يد ال ون صره ل نا خا صة ح ين نتعرض الى ال صور المختل فة من ك يد أعداء ال وحرب هم ‪{:‬‬
‫وزلزلوا ح تى يقول الر سول و الذ ين آمنوا م عه م تى نصير ال أل إن نصير ال قر يب } ‪ ،‬ونصير ال و التمك ين لدي نه ل يتحقيق إل للمؤمنيين‬
‫المجاهد ين ‪ ،‬فالزاد من اليمان القوى سبب أ ساسى وشرط لزم لتحق يق ن صر ال و التمك ين ‪ {:‬وكان حقا علي نا ن صر المؤمن ين } ‪ {:‬إ نا لنن صر‬
‫رسلنا و الذين آمنوا فى الحياة الدنيا ويوم يقوم الشهاد } ‪ {:‬وعد ال الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم فى الرض كما استخلف‬
‫الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذى ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدوننى ليشركون بى شيئا } ‪.‬‬
‫وأخيرا يلزم أن ن ظل أوفياء بالع هد غ ير ناكث ين ول مبدل ين ول مغير ين ح تى نل قى ال على طر يق الدعوة ون حن على ذلك ‪ ،‬واليمان وتقوى ال‬
‫خير زاد يعيننا على ذلك ‪ {:‬بلى من أوفى بعهده واتقى فإن ال يحب المتقين } ‪ {: ،‬من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا ال عليه فمنهم من‬
‫قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلً } ‪.‬‬
‫ل بغ ير هذا الزاد من اليمان و‬
‫وهكذا رأي نا مدى حاجت نا الى الزاد على الطر يق ‪ ،‬وك يف أن نا لن ستطيع أن نخ طو خطوة أو نح قق خيرا ونن جز عم ً‬
‫التقوى ‪ ،‬فلنتزود به ولنجدده دائما على الطريق ول ندعه ينقص أو يتعرض للنفاد ‪ ،‬بل نعمل على أن يزداد ويزداد ‪ ،‬وحول التعرف على مصادر‬
‫الزاد وكيف نعمل على زيادته وتجديده ستكون هذه الموضوعات بإذن ال ونسأل ال العون و التوفيق ‪.‬‬

‫فلنتزود ‪ ......‬من القرآن‬


‫أرا نى أش عر بالع جز ع ند الكتا بة حول موضوع الزاد على الطر يق وخا صة حول كيف ية التزود وك يف نن هل من زاد اليمان و التقوى و الهدا ية و‬
‫النور ‪ ،‬فال مر ل يس أ مر خبرة وتجر بة ومعر فة لكنّ ه بالدر جة الولى ير جع الى تف ضل المع طى الوهاب سبحانه وتعالى { يخ تص برحم ته من‬
‫يشاء } وهو الذى يمنّ علينا بالهداية واليمان ويفيض بأنواره ورحمته بل حدود فل حرج على فضل ال ‪.‬‬
‫{ يمنون عليك أن أسلموا قل ل تمنوا علىّ إسلمكم بل ال يمن عليكم أن هداكم لليمان إن كنتم صادقين } ‪،‬‬
‫{ ما يفتح ال للناس من رحمة فل ممسك لها وما يمسك فل مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم } ‪.‬‬

‫ال مصدر كل خير ‪:‬‬


‫فال سبحانه مصدر كل خير ولكنه تفضلً منه ورحمة بنا أرشدنا الى الوسائل والسباب التى نأخذ بها كى نستجلب هذا الزاد منه سبحانه ‪ ،‬ولو‬
‫دقق نا لوجد نا أن ال مر بالدر جة الولى ير جع الى حال الع بد الذى ي قف بباب ر به ي سأله ليعط يه ‪ ،‬فيطلع م نه ر به على خضو عه وخشو عه وذله‬
‫وافتقاره إليه وخوفه منه وخشيته له ورجائه منه وطمعه فى رحمته ‪ ،‬هذا هو الصل ثم تأتى بعد ذلك الوسائل والسباب ‪ ،‬وبقدر صدق العبد فى‬
‫هذه الحوال يكون العطاء و الفضل من ال الوهاب ‪.‬‬
‫ل لذلك‬
‫من هنا أجدنى أشعر بالشفاق على نفسى وقد يصل الشفاق الى الخوف عندما أجدنى أتعرض لرشاد غيرى فى هذا المر وقد ل أكون أه ً‬
‫‪.‬ول كن أمام إح ساسى بالحا جة الما سة و الضرورة المل حة لهذا الزاد بالن سبة ل كل من ي سلك طر يق الدعوة فإ نى أ ستعين بال وأك تب لمحات‬
‫للسترشاد بها ‪.‬‬
‫ول ما كان هذا الزاد شأن كل زاد قا بل للزيادة و النق صان ‪ ،‬بل قد يتعرض للنفاد ‪ ،‬لزم أن يحرص كل م نا على تجديده وزياد ته و المحاف ظة عل يه‬
‫من النقصان و النفاد ‪ ،‬وكما سنرى نجد أن ال قد يسر لنا السباب وفى كل الوقانت دون عوائق ‪.‬‬
‫القرآن ‪:‬‬
‫ومن أهم وأيسر وأغزر الوسائل وأكثر فيضا كتاب ال العزيز فهو معين لينضب من الزاد ‪ ،‬بل إننا نجد فيه أيضا التوجيه الى غيره من الوسائل‬
‫التى نتزود بها ‪ ،‬إننا نجد فيه النور و الهداية و الرحمة و الذكر ‪.‬‬
‫فالقرآن يرشدنا الى أن تلوته من أفضل الوسائل للتزود باليمان وتقوى ال ‪ ،‬ويرشدنا الى توحيد ال الذى يحقق السلم و الطمأنينة داخل النفس‬
‫‪ ،‬ويوجهنا الى عبادة ال التى تكسب صاحبها الزاد المتجدد من تقوى ال ‪ ،‬ويدعونا الى التفكر فى خلق ال فنتعرف من خلله على صفات ال‬
‫فيتولد تعظيم نا وإجلل نا وتقدي سنا ل سبحانه وتعالى و فى ذلك خ ير زاد من اليمان بال وتقواه ‪ ،‬و فى القرآن ن جد الع ظة و ال عبرة من ق صص‬
‫السابقين من الرسل وأقوامهم مما يزودنا بالخبرة و الحكمة ونحن ندعو الى ال ‪.‬‬
‫و القرآن يطلب منا طاعة الرسول صلى ال عليه وسلم والقتداء به وفى ذلك خير عون وإرشاد فى الطريق ‪ ،‬وفى القرآن التوجيه الى فعل الخير‬
‫و الحث عليه و التحذير من الشر و البعد عنه ‪ ،‬وفيه التذكير باليوم الخر و البعث و الحساب و الجزاء ‪ ،‬فيه الترغيب فى الجنة و التبشير بها و‬
‫الترهيب من النار و التنفير منها ‪ ،‬وبالجملة نجد فى القرآن كل خير يحتاجه النسان لتتحقق له السعادة والخرة ويحفظه وينجيه من العنت و‬
‫الشقاء فى الدنيا ومن عذاب الخرة ‪ ،‬كما أن فيه كل مقومات التربية التى تصنع رجال العقيدة وتفجر فيهم طاقات الخير ‪ {:‬إن هذا القرآن يهدى‬
‫لل تى هى أقوم } ‪ { ،‬هذا ب صائر للناس وهدى وموع ظة للمتق ين } ‪ {:‬وننزل من القرآن ما هو شفاء ورح مة للمؤمن ين } ‪ {: ،‬يا أي ها الناس قد‬
‫جاءت كم موع ظة من رب كم وشفاء ل ما فى ال صدور وهدىً ورح مة للمؤمن ين } ‪ {: ،‬قد جاء كم من ال نورٌ وكتاب مبين يهدى به ال من ات بع‬
‫رضوانه سبل السلم ويخرجهم من الظلمات الى النور بإذنه ويهديهم الى صراط مستقيم } ‪.‬‬

‫من الجاهلية الى السلم ‪:‬‬


‫لو ت ساءلنا ما الذى جدّ على الجزيرة العرب ية وغيّ ر تلك ال مة من الجاهل ية ال تى كا نت علي ها ب كل ألوان ف سادها وضلل ها الى خ ير أ مة أخر جت‬
‫للناس ‪ ،‬و صنع من ها رجا ًل بل نماذج فذة ضر بت أروع المثلة فى كل مياد ين الخ ير ؟ لو نظر نا لوجد نا أن الذى جدّ على الجزيرة هو نزول هذا‬
‫القرآن على رسول ال صلى ال عليه وسلم نزل به المين جبريل على المين محمد صلى ال عليه وسلم فبلغه بأمانة الى الناس ثم تربى من‬
‫آ من من الم سلمين فى مدر سة ر سول ال صلى ال عل يه و سلم على مائدة القرآن ‪ ،‬فغير هم القرآن و صنع من هم تلك النماذج ال تى قا مت على‬
‫أكتافها الدولة السلمية وتمت على أيديهم الفتوحات السلمية وعم النور وتبدد الظلم ‪ ،‬رأينا من استحوذت عليهم العقيدة السلمية وتحملوا‬
‫صنوف العذاب دون أن يتخلوا عن ها ‪ ،‬وا سترخصوا أرواح هم وأموال هم فى مقا بل ثبات هم على عقيدت هم ‪ ،‬فيا سر و سمية وبلل و صهيب وغير هم‬
‫رضى ال عنهم جميعا نماذج رائعة ستظل مضرب المثال على مر الجيال ‪.‬‬
‫راينا رجالً ضربوا المثل فى مجاهدة أنفسهم و الترفع بها عن كل قبيح و التحلى بكل خلق فاضل ‪ ،‬ضربوا المثال فى الصدق و الوفاء والمانة و‬
‫ل لقيادة‬
‫الحلم و الزهيد وو الحيب واليثار و الجهاد ومجالدة العداء و الجود وإقامية العدل و الشعور بالمسيئولية ‪ ،‬خرج مين الشباب مين كان أه ً‬
‫الجيوش كأسامة بن زيد رضى ال عنهما ‪.‬‬

‫القرآن بين أيدينا ‪:‬‬


‫ها هو ذا القرآن بين أيدينا دون تحريف فقد تعهد ال بحفظه ‪ {:‬إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون } وها هى ذى مدرسة رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم ماثلة أمامنا فى سيرته وسنته ‪ ،‬فهل يمكن أن تغير وتتخرج منا نماذج شبيهة بتلك النماذج ؟‬
‫أقول نعم لو أننا تعاملنا مع كتاب ال وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم كما تعامل المسلمون الول ‪.‬‬
‫كان الم سلمون الول يعظمون القرآن ح ين ي سمعونه أو يتلو نه ل نه كلم ال العظ يم ال كبير المتعال ‪ ،‬ويقدرون ف ضل ال ولط فه بخل قه فى إي صال‬
‫معانى كلمه الى أفهام خلقه فى طى حروف وأصوات هى من وسائل البشر ‪ ،‬كانوا يستمعون إليه بقلوب حاضرة وبتدبر وتفهم متخلين عن كل‬
‫موانع الفهم ‪ ،‬يسمعه كل واحد منهم وكأن ال يخصه فيه بكل أمر أو نهى ‪ ،‬متأثرين بكل ما فيه من عظات وعبر وزواجر ومبشرات كلما سمعوا‬
‫نداء ‪ {:‬يا أيها الذين آمنوا } أصغوا فى انتباه واهتمام كبير بما سيأتى بعد هذا النداء من توجيه أو أمر أو نهى لينزلوا عليه وينفذوه بكل دقة‬
‫وتسليم مطلق ورضا كامل دون تردد أو تراخ ‪ ،‬فإنه ليس نداء أحد من البشر ولكنه نداء من ال خالق البشر صاحب الملك و الجبروت ‪ ،‬هكذا‬
‫كان حالهم مع كتاب ال ومع رسول ال صلى ال عليه وسلم فى كل ما يدعوهم إليه ويأمرهم به أو ينهاهم عنه فقد ايقنوا أنه صلى ال عليه‬
‫وسلم لينطق عن الهوى ولكن بوحى وتوجيه من ال ‪.‬‬
‫{ إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا الى ال ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون } ‪ { ،‬وما كان لمؤمن ول مؤمنة‬
‫إذا ق ضى ال ور سوله أمرا أن يكون ل هم الخيرة من أمر هم } ‪ { ،‬فل ور بك ل يؤمنون ح تى يحكموك في ما ش جر بين هم ثم ليجدوا فى أنف سهم‬
‫حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما } ‪ { ،‬وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا } ‪ {:‬من يطع الرسول فقد أطاع ال } وبذلك صار قرآنا‬
‫حيا يمشى على الرض وكانوا يستعينون بالعمل على الحفظ ل بالحفظ على العمل ‪.‬‬
‫أ ما م سلموا اليوم ف قد ورثوا ال سلم دون ج هد أو معاناة ‪ ،‬ورثوه مجتزأ محشوا بالبدع و الخرافات ‪ ،‬ورثوه و قد سلب م نه جوهره وحيوي ته ‪،‬‬
‫ورثوه فى فتور وض عف وخمول ‪ ،‬لم يقدروا منزلت هم بهذا الد ين ال حق ‪ ،‬لم ي ستشعروا عظ مة هذا القرآن باعتباره كلم رب العالم ين ‪ ،‬هجروه‬
‫وأعرضوا عنه وإذا استمعوا إليه لم يتدبروه أو يتأثروا به أو ينزلوا على أوامره ونواهيه ‪ ،‬وإنما شغلهم نغم القارىء وألحانه وكأنهم يسمعون‬
‫مغنيا وت سمع ل هم جل بة وضوضاء ت عبيرا عن إعجاب هم ب صوت القارىء ولو تدبروا وتأثروا لن صتوا فى خشوع كأ مر ال تعالى ‪ {:‬وإذا قرىء‬
‫القرآن فاسيتمعوا له وأنصيتوا لعلكيم ترحمون } وبئس هؤلء القراء الذيين يعجبون بهذا التهرييج ‪ ،‬ولو احترموا القرآن لطلبوا مين المسيتمعين‬
‫النصات فإن أبوا وقفوا عن القراءة ‪.‬‬
‫إن كثيرا من مسلمى اليوم ألهتهم الحياة الدنيا وزحمت عليهم أفئدتهم وعقولهم وصارت حوائل تمنع نور القرآن من أن يشع فى قلوبهم فيضيئها‬
‫بنور اليمان ‪ {:‬لك بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون } ‪.‬‬

‫نماذج يمكن أن تتكرر ‪:‬‬


‫ورغم ذلك فقد شاءت إرادة ال أن يبقى الخير فى أمة محمد صلى ال عليه وسلم الى يوم القيامة ‪ ،‬فحينما أراد ال أن يجدد لهذه المة أمر دينها‬
‫على يد المام الشهيد حسن البنا رحمه ال إذ علم سر القرآن وتأثيره فى النفوس فجمع الخوان على كتاب ال وسنة نبيه وأرشدهم ورباهم على‬
‫ما كان عليه السلف الصالح من تعامل مع القرآن وتأدب بآدابه وامتثال لكل توجيهاته ‪ ،‬ومع مدارسة السيرة وإظهار النماذج الرائدة التى تخرجت‬
‫على يد رسول ال صلى ال عليه وسلم إذا ب نا نجد صورا لهذه النماذج تتكرر ‪ ،‬ظهرت فى مجالت مختلفة فى الجهاد و الفداء والستشهاد فى‬
‫فل سطين و القنال وظهرت ب ين الناس كنماذج رائ عة فى امتثال تعال يم ال سلم فكانوا مو ضع الث قة ب صدقهم ووفائ هم وأمانت هم وح سن خلق هم ‪،‬‬
‫وظهرت فيمن تحملوا اليذاء و التعذيب والبتلء من أعداء ال وثبتوا ولم يتخلوا واتخذ ال منهم شهداء ‪ ،‬وظلت الراية مرفوعة حتى يسلموها‬
‫لمن بعدهم عالية دون تفريط أو ضعف أو تهاون ودون تبديل ول تغيير ‪ {:‬من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا ال عليه فمنهم من قضى نحبه‬
‫ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلً } ‪ {: ،‬فما وهنوا لما أصابهم فى سبيل ال وما ضعفوا وما استكانوا وال يحب الصابرين } ‪.‬‬

‫تعالوا نحسن تعاملنا مع القرآن ‪:‬‬


‫وب عد أن و ضح ل نا أ ثر القرآن وك يف يغ ير النفوس ويضىء ل ها الطر يق ويهدي ها الى ال صراط الم ستقيم ‪ ،‬وأن تلو ته تز يد المؤ من إيمانا بال‬
‫وتوكلً عليه كما قرر ال ذلك فى قوله تعالى ‪ {:‬إنما المؤمنون الذين إذا ذكر ال وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم‬
‫يتوكلون } ‪ ،‬فلو قدر القارىء ر به حق قدره وخ شى ال لتأ ثر بالقرآن واقش عر جلده ع ند تلو ته أو سماعه فال تعالى يقول ‪ {:‬ال نزل أح سن‬
‫الحد يث كتابا متشابها مثا نى تقش عر م نه جلود الذ ين يخشون رب هم ثم تل ين جلود هم وقولب هم الى ذ كر ال ذلك هدى ال يهدى به من يشاء من‬
‫عباده } ‪ {: ،‬لو أنزلنا هذا القرآن عل جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية ال وتلك المثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون } ‪.‬‬
‫لو أح سنّا ال صلة بآ ية واحدة من كتاب ال ل سرى تأثير ها وهزت المشا عر وأنارت القلوب كتيار الكهرباء حين ما يحدث الت صال ت سرى الكهرباء‬
‫وتنير وتولد الطاقات أما وجد العازل لم يسر التيار ولم يحدث له أى تأثير ‪.‬‬
‫‪ -‬القرآن يعالج قضية اليمان بكل جوانبها ويدلل عليها فى مواطن كثيرة بما ييسر اليمان لغير المؤمن وبما يزيد المؤمن إيمانا كلما قرأ القرآن‬
‫أو استمع إليه ‪.‬‬
‫‪ -‬القرآن يحدد لنا رسالتنا فى هذه الحياة الدنيا لنؤديها ول نحيد عنها وذلك فى قوله تعالى ‪ {:‬وما خلقت الجن والنس إل ليعبدون } ‪.‬‬
‫‪ -‬القرآن يتعهدنا ويرشدنا كيف يكون حال المؤمن وموقفه من الحوال المختلفة لنسلك سبيل المؤمنين فى أقوالنا وأفعالنا ‪ ،‬نلجأ الى ال عند‬
‫الف قر أو المرض أو الض يق والشدة وع ند لقاء العدو وكذا الش كر على نع مه علي نا وهكذا وهذه اليات تو ضح ذلك ‪ {:‬فقال رب إ نى ل ما أنزلت الىّ‬
‫من خ ير فقير } ‪ {،‬وأيوب إذ نادى ر به انى مسنى ال ضر وأنت أرحم الراحمين } ‪ {،‬وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى فى‬
‫الظلمات أن ل إله إل أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجى المؤمنين } ‪ {:‬ولما برزوا لجالوت وجنوده‬
‫قالوا ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين } ‪ {،‬حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعنى أن أشكر نعمتك‬
‫التى أنعمت علىّ وعلى والدىّ وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لى فى ذريتى إنى تبت إليك وإنى من المسلمين } ‪.‬‬
‫‪ -‬ونجد القرآن يحذرنا ويحمينا من الوقوع فى دائرة اليأس و القنوط من رحمة ال ويبعث فينا كل معانى الطمأنينة و الراحة النفسية والمل و‬
‫الطمع فى رحمة ال ‪ {:‬قل ياعبادى الذين أسرفوا على أنفسهم ل تقنطوا من رحمة ال إن ال يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم } ‪.‬‬
‫‪ -‬الداعى الى ال يجد فى القرآ‪ ،‬خير عون وخير زاد له على الطريق حيث يتعرف على أسلوب الدعوة الصحيح عل لسان الرسل ال صلوات ال‬
‫وسلمه عليهم أجمعين وكيف كانوا يصبرون على أذى أقوامهم ويرغبون فى اليمان وينفّرونهم من الكفر و العصيان ‪.‬‬
‫‪ -‬فلى قراءة القرآن وحفظه خير زاد للداعى الى ال يعينه على الستشهاد باليات القرآنية عند الحديث فى أى معنى من المعانى مما يجعل حديثه‬
‫اكثر تأثيراُ فى النفوس ‪.‬‬

‫التباع و التطبيق ‪:‬‬


‫لنتدبر القرآن ح ين نقرؤه وإذا لم نتمكن من التدبر إل بترد يد بعض اليات فلنردد ‪ ،‬فقد ورد بإ سناد صحيح أن ر سول ال صلى ال عل يه و سلم‬
‫قام بآية يرددها وهى قوله تعالى ‪ {:‬إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم } ‪.‬‬
‫ليكن هم نا الول من القراءة التباع و الت طبيق ‪ {:‬واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم } ‪ ،‬ولنتبع توج يه ر سول ال صلى ال عل يه وسلم فى‬
‫قراءت نا للقرآن ح يث يقول فى حد يث مت فق عل يه ‪ (:‬اقرؤوا القرآن ما ائتل فت عل يه قلوب كم ول نت له جلود كم فإذا اختلف تم فل ستم تقرأو نه ) و فى‬
‫رواية ‪ (:‬فإاذ اختلفتم فقوموا عنه ) ‪.‬‬
‫ولنحذر أن تشغلنا مخارج الحروف وأحكام التلوة عن التدبر و التفهم فينصرف كل الهتمام إليها دون المعنى و التأثر به ‪.‬‬
‫ولنداوم على تلوة القرآن ول نهجره كى يتجدد الزاد ولتدم صلتنا بال عن طريق تلوة كلمه ‪ ،‬ولنحفظ ما استطعنا فإنه يعين فى الصلة وقيام‬
‫الل يل والستشهاد بالقرآن في ما ند عو إل يه ‪ ،‬و قد تعرض لك ظروف يحال في ها بي نك وب ين كتاب ال المسطور فتر جع الى الر صيد الذى حفظ ته ‪{:‬‬
‫ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدّكر } ‪.‬‬

‫التفكر فى خلق ال ‪ ...‬وآياته‬


‫( إن عامل الترام المختص بتحويل الشريط وتغيير اتجاه الترام ليحمل الترام فيوجهه حيث يشاء ‪ ،‬إنما بعصا بسيطة هى عصا التحويل وبغمزة‬
‫خفي فة يحول الشر يط فيتحول الترام أو يتجيه وجهتيه الجديدة دون عناء ‪ ،‬فالقلب الن سانى ومعر فة ال تعالى هكذا ‪ ،‬المعرفية الحقية ل هىعصيا‬
‫التحوييل فإذا مسيت القلب النسيانى تحول مين حال الى حال ‪ ،‬فإذا تحول فقيد تحرك النسيان كله ‪ ،‬وإذا تحول الفرد تحولت المية ‪ ،‬فلو أردت‬
‫الصلح فأصلح القلب البشرى بأن تعرفه بال حق المعرفة ) من كلم للمام الشهيد فى أحد دروس الثلثاء ‪.‬‬
‫فما أحوجنا الى هذه المعرفة الحقة ل تبارك وتعالى لتصلح قلوبنا وتغير حالنا كى يتغير حال المة كلها ‪ ،‬وما يزودنا بهذه المعرفة التفكر فى‬
‫خلق ال وآياته فى هذا الكون ‪ ،‬وتدبر أسمائه وصفاته سبحانه وتعالى ‪.‬‬
‫و القرآن الكريم يحثنا فى كثير من آياته على التفكر ‪ {:‬إن فى خلق السموات والرض واختلف الليل و النهار ليات لولى اللباب الذين يذكرون‬
‫ال قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون فى خلق السموات والرض ربنا ما خلقت هذا باطلً سبحانك فقنا عذاب النار } ‪ {:‬قل انظروا ماذا فى‬
‫السموات والرض } ‪ {،‬أفل ينظرون الى البل كيف خلقت } ‪ {: ،‬وإن لكم فى النعام لعبرة } ‪ { ،‬وفى أنفسكم أفل تبصرون } ‪.‬‬
‫كما يعيب القرآن على الذين ل يعملون عقولهم وأبصارهم فيما حولهم من آيات ‪ {:‬وكأين من آية فى السموات والرض يمرون عليها وهم عنها‬
‫معرضون } ‪ {:‬ول قد ذرأ نا لجه نم كث ير من ال جن وال نس ل هم قلوب ليفقهون ب ها ول هم أع ين ليب صرون ب ها ول هم آذان لي سمعون ب ها أولئك‬
‫كالنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون } ‪.‬‬
‫والتفكر فى خلق ال وآياته فى هذا الكون مجالته كثيرة لتحصى فهى تشمل كل شىء ‪.‬‬

‫فى كل شىء آية ‪:‬‬


‫إذ أن له فى كل شىء آية تدل على أنه الواحد ‪ ...‬ولما كنا لنستطيع الحاطة بها فسنكتفى بضرب المثلة فى تركيز شديد تاركين لكم الستزادة‬
‫في ما يعر ضه كتاب ال المقروء و من عظمة ال وقدر ته فى خلقه فى كتاب ال المنظور وهو هذا الكون الفسيح ‪ ،‬وقد ظهرت كتب تناولت بعض‬
‫التفصيل الذى كشف عنه العلم الحديث من أسرار هذا الكون تدل دللة كافية على وجود ال ووحدانيته واتصافه بكل صفات الكمال ‪.‬‬
‫‪ -‬فى هذا الكون الفسيح إذا نظرنا الى الكرة الرضية وجدناها شيئا ضخما بالنسبة لكل منا ‪ ،‬ولكن إذا تخطيناها ونظرنا الى هذا الفضاء وما فيه‬
‫من نجوم وكواكب وعلمنا ما اكتشفه العلم الحديث من معلومات حول أعدادها الهائلة وأحجامها وأوزانها وأبعادها وسرعاتها لعجزت عقولنا عن‬
‫ت صور هذه المعلومات ‪ ،‬فالش مس حجم ها مليون ومائتان وخم سون ألف مرة م ثل ح جم الرض ‪،‬وهناك نجوم حجم ها م ثل ح جم الش مس ملي ين‬
‫المرات ‪.‬‬
‫وكل فى فلك يسبحون دون صدام أو خلل ‪ ،‬ذلك تقدير العزيز العليم ‪ ،‬ووحدة قياس مسافات النجوم هى السنة الضوئية أى المسافة التى يقطعها‬
‫الضوء خلل سينة كاملة ميع العلم أن سيرعة الضوء ثلثمائة ألف كيلو متير فيى الثانيية ‪ .‬ويقول علماء الفلك أن هناك نجوما تبعيد عنيا بمئات‬
‫المليين من السنين الضوئية ‪ ،‬وصدق ال العظيم ‪ {:‬فل أقسم بمواقع النجوم وإنه لقسم لو تعلمون عظيم } ‪ ،‬واليوم وبعد أربعة عشر قرنا من‬
‫نزول هذه اليات بدأ نا ندرك شيئا عن موا قع النجوم وعظمت ها وال تعالى يقول ‪ {:‬وال سماء بنينا ها بأ يد وإ نا لمو سعون والرض فرشنا ها فن عم‬
‫الماهدون } ‪ ،‬وإذا نظرنا الى الدقة المتناهية فى السنن التى قدرها ال للشمس و الرض و القمر من حيث المسافات و السرعات والوزان وميل‬
‫محور الرض وسرعة دورانها حول نفسها وحول الشمس بما ييسر الحياة على الرض فى جو مناسب ولنعلم عدد السنين والحساب سبحانه خلق‬
‫كل شىء فقدره تقديرا ‪.‬‬
‫ومن الكون الفسيح الى عالم الجزىء و الذرة وتكوينها واختلف العناصر و المواد فى خصائصها بسبب اختلف مكونات كل ذرة حسب النظريات‬
‫التى افترضها العلماء كتفسير الظواهر التى يلمسونها ‪ ،‬وقرأت فى هذا المجال كلما طيبا وهو أن البشر مهما أجهدوا أنفسهم ليعرفوا كنه المادة‬
‫فلن يصلوا إليه لن هذا سر الصنعة وسر الصنعة عند ال وحده ‪.‬‬

‫عالم النبات و الحشرات ‪:‬‬


‫و فى عالم النبات تتجلى عظ مة ال وقدر ته بش كل وا ضح ‪ ،‬ف كل ح بة من نبات تح مل خ صائص نوع ها المتم يز عن غير ها فى ال ساق والوراق‬
‫والزهار و الثمار واللوان والمذاق و الرائحة ‪ ،‬وصدق ال العظيم ‪ {:‬وفى الرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير‬
‫صنوان ي سقى بماء وا حد ونف ضل بعض ها على ب عض فى ال كل إن فى ذلك ليات لقوم يعقلون } ‪ { ،‬أفرأي تم ما تحرثون أأن تم تزرعو نه أم ن حن‬
‫الزارعون } هذا الختلف بين النباتات فى أوقات نموها وفترات النمو والجواء المناسبة وغير ذلك الكثير مما اكتشف ومما ليزال مستورا لن‬
‫ي ستطيع العلماء مه ما أوتوا من علم أن ي صنعوا ح بة نبات بح يث لو وض عت فى الرض ورو يت بالماء تخرج نباتا ‪ ،‬لن سر النبات فى الح بة‬
‫الصلية من اختصاص ال وحده ول يستطيع بشر أن يودعه حبة صناعية ‪.‬‬
‫و فى عالم الحشرات ن جد الع جب العجاب فأى حشرة مه ما صغرت ل ها أجهزت ها وحوا سها ونظام ها الخاص فى حيات ها ك ما فطر ها ال ‪،‬وك شف‬
‫العلماء ول يزالون يكتشفون ما يذ هل الع قل م ما يحدث دا خل مجت مع كل نوع من هذه الحشرات من ع مل دائب ونظام دق يق وعدم التدا خل فى‬
‫الختصاصات ودقة عجيبة فى بناء مساكنها وتكييفها بما يحمى من اختلف الجواء ‪ ،‬فنرى مثلً خليةالنحل وتوزيع العمل واختصاص كل نوع‬
‫وهذه القراص الشمعية السداسية الدقيقة ‪ ،‬إنها الفطرة التى فطر ال عليها هذا الخلق ‪،‬‬
‫وصدق ال ‪ {:‬هذا خلق ال فارونى ماذا خلق الذين من دونه } ‪:‬‬
‫{ الذى أع طى كل شىء خل قه ثم هدى } ويقول علماء الحشرات أ نه يكت شف سنويا بمعدل عشرة آلف نوع جد يد من الحشرات ‪ ،‬وأن صنف‬
‫ل يوجد م نه ثلثون ألف نوع غير الخنافس البشر ية التى ظهرت حديثا !! كما أنه لي ستطيع بشر أن يخلق حشرة لن سر الحياةمن‬
‫الخنافس مث ً‬
‫اخت صاص ال وحده ‪ {:‬يا أي ها الناس ضرب م ثل فا ستمعوا له إن الذ ين تدعون من دون ال لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن ي سلبهم الذباب‬
‫شيئا ليستنقذوه منه ضعف الطالب و المطلوب ما قدروا ال حق قدره إن ال لقوى عزيز } ‪.‬‬

‫آفاق وآفاق ‪:‬‬


‫و فى عالم الطيور وكثرة أنواع ها واختلف أشكال ها وأحجام ها وألوان ها وأ صواتها وأعمار ها ون سبة تكاثر ها وقيام ها بحضا نة الب يض ورعايت ها‬
‫لفراخ ها وإطعام ها الطعام المنا سب لمرا حل نمو ها ‪ ،‬وكذلك رحلت الهجرة الطويلة فى موا سم محددة والى أما كن معي نة وعودت ها الى أوطان ها‬
‫دون خريطة أو بوصلة ‪ ،‬ونلمس فى عالم الطير غيرة الذكر على أنثاه بما لنراه عند كثير من البشر اليوم ‪.‬‬
‫ولو تتبع نا تطور الجن ين فى البي ضة ح تى ي تم نموه وك يف يخرج م ستعدا لمواج هة الحياة لتجلت ل نا قدرة ال ورحم ته ب ما ليدع شكا لمتردد فى‬
‫اليمان بال وتقديسه وإجلله ‪.‬‬
‫و فى عالم الحيوان آفاق وا سعة كذلك فمن ها الم ستأنس و المتو حش ‪ ،‬وكذلك اختلف أنواع ها وأشكال ها وأحجام ها وألوان ها وطباع ها وأعمار ها‬
‫وأنواع طعامها ‪ ،‬وتركيبها الداخلى ووظيفة كل جهاز وتكوين الجنين وتطوير نموه وفترات نموه وهذا اللبن من بين فرث ودم يخرج مناسبا لغذاء‬
‫المولود الرض يع ول يزال علماء الحيوان يكتشفون كل يوم جديدا يؤ كد إبداع ال فى خل قه وحكم ته البال غة ل من كان له قلب أو أل قى ال سمع و هو‬
‫شهيد ‪.‬‬
‫وعالم البحار واتساعه وكثرة ما فيه من عجائب رغم قلة مااكتشف بسبب التأخر فى اختراع الوسائل الحديثة للغوص تحت الماء فى أمان ‪ ،‬ويقال‬
‫إن ما فى البحار أكثر مما على اليابسة من حيث النواع والعداد ‪ ،‬كذلك لو تأملنا من زاوية ما تؤديه هذه البحار من تلطيف للجو من تبخر الماء‬
‫الذى يتكون منه السحاب ثم تسقط المطار فى أنحاء متفرقة ولول الجبال ما كانت النهار ‪.‬‬
‫وهذا الغلف الجوى المحيط بالرض وما أودعه ال فيه من غازات مختلفة بنسب معينة بما يهيىء الجو المناسب للحياة على الرض ‪ ،‬والوظيفة‬
‫التى يؤديها كل غاز ‪ ....‬ولو تغيرت النسب لختلّت الحياة عل الرض للكائنات الحية والنباتات ‪ ،‬هذه التغيرات الجوية وكيف تتم وتأثير حرارة‬
‫الشمس واختلف الضغط وإثارة الرياح وتراكم السحاب وسقوط المطار وعلماء الرصاد الجوية ليزالون يكتشفون الكثير حول هذه المور الغاية‬
‫فى الدقة والبداع ‪.‬‬
‫‪ {:‬ألم تر أن ال يزجى سحابا ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاما فترى الودق يخرج من خلله وينزل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به من‬
‫يشاء ويصرفه عمن يشاء يكاد سنا برقه يذهب بالبصار يقلب ال الليل و النهار إن فى ذلك لعبرة لولى البصار } ‪:‬‬
‫{ أفرأيتم الماء الذى تشربون أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون لو نشاء جعلناه أجاجا فلول تشكرون } ‪،‬‬
‫{ وفى أنفسكم أفل تبصرون } لو تأملنا فى أنفسنا وتكويننا وهذه الجهزة المختلفةمن هضمى ودموى وتنفسى وعصبى وبولى وغير ذلك لما‬
‫ا ستطعنا أن نح يط بقدرة ال وعظم ته فى هذا البداع والتقان ‪ {:‬صنع ال الذى أت قن كل شىء } ‪ ،‬رح مة ال وقدر ته تتجلى فى تطور الجن ين‬
‫ونموه وحفظ ال ورعايته له ‪ ،‬هذا العقل وكيف يعمل وكيف يفكر ‪ ،‬وهذه الذاكرة وكيف تستوعب المعلومات وكيف نستخرجها منها ‪ ،‬والحقيقة‬
‫أن المجال ليس مجال إحاطة ولكن ذكر أمثلة فقط ‪.‬‬
‫وهذا قل يل من كث ير ‪ ...‬وعموما ‪ ،‬كل ما فى العلوم التجريب ية و النظر ية تتجلى ف يه صفات الكمال ل سبحانه وتعالى ‪ ،‬و ما اكتش فه الناس من‬
‫أسرار هذا الكون ليذكر بالنسبة لما يجهلونه ‪ {:‬وما أوتيتم من العلم إل قليلً } ‪:‬‬
‫{ وعنده مفاتح الغيب ليعلمها إل هو ويعلم ما فى البر و البحر وما تسقط من ورقة إل يعلمها ول حبة فى ظلمات الرض ول رطب ول يابس إل‬
‫فى كتاب مبين } { سنريهم آياتنا فى الفاق وفى أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق } ‪.‬‬
‫ما أحوجنا أن نربط العلم بالخالق ‪ {:‬اقرأ باسم ربك الذى خلق } ‪ ،‬فالعلم يدعو لليمان ‪ ...‬وهكذا بالتفكر فى آيات ال وخلق ال تتحقق معرفة ال‬
‫ويزداد اليمان بال وتعظي مه وتقدي سه ‪ ،‬وبقدر منزلة ال فى قلوب نا تكون إن شاء ال منزلت نا ع ند ال ‪ ،‬ولي كن معلوما أن نا لن ن ستطيع أن نقدر‬
‫ال حق قدره ‪،‬‬
‫وحقا سبحان من ليعلم قدره غيره ول يبلغ الواصفون صفته ‪.‬‬

‫التفكر ‪ ......‬فى نعم ال‬


‫تجد الناس يحمد بعضهم بعضا حينما يُقدّم أحدهم عونا لخيه ولو كان صغيرا ول تجد الكثيرين منهم يحمدون ال على نعمه عليهم رغم عظمها‬
‫وكثرتها ‪ ،‬وكأن هذه النعم حق مكتسب لفضل ل عليهم فيها ‪ ،‬بل كثيرا ما يستعملونها فى معصيته ‪ ،‬إنها الغفلة و الجحود و الكفران بالنعمة ‪.‬‬
‫ليقدرون قيمة هذه النعم إل إذا حُرِمُوا منها أو أصيبوا فيها فيجأرون ل بالدعاء ومنهم من يضيق بالحياة وقد يلجأ الى النتحار ‪ {:‬وما بكم من‬
‫نع مة ف من ال ‪ ،‬ثم إذا م سكم الضرّ فإل يه تجأرون ثم إذا ك شف الضرّ عن كم إذا فر يق من كم برب هم يشركون ليكفروا ب ما آتينا هم فتمتعوا ف سوف‬
‫تعلمون } ‪ { ،‬وإن تعدوا نعمة ال لتحصوها إن النسان لظلوم كفار } ‪.‬‬
‫ولهذا نجد القرآن الكريم يدعونا الى التفكر والتعرف على نعم ال التى ل تحصى ‪ ،‬وأن نقدرها قدرها ونستشعر فضل ال علينا ‪ ،‬ونقوم بواجب‬
‫الح مد والشكير له على ما أن عم ‪ ،‬ف ما أجدر نا أن ن قف ع ند هذه اليات وق فة تدبر وتقديير لهذه الن عم لنزداد شعورا بفضيل ال وكر مه ورحمتيه‬
‫وإحسانه ومدى فقر نا وحاجت نا إل يه سبحانه فى كل لح ظة و فى كل حركة وسكنة ‪ ،‬وكذا مدى تق صيرنا فى واجب الشكر وضرورة استعمال هذه‬
‫النعم فى طاعته و البعد بها عن معصيته ‪.‬‬
‫ولنبدأ بكبرى النعم وأعظمها وهى نعمة السلم ‪ {:‬اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم السلم دينا } ‪ { ،‬إن الدين عند ال‬
‫السلم } ‪ { ،‬ومن يبتغ غير السلم دينا فلن يقبل منه وهو فى الخرة من الخاسرين } بهذا الدين تكون السعادة و الهناءة و السكينة فى الدنيا و‬
‫الفوز و النع يم والنجاة فى الخرة ‪ ،‬وبدو نه يكون الشقاء و الضياع و التمزق فى الدن يا و الخ سران و العقاب و الحرمان من رضوان ال و من‬
‫النعيم فى الخرة ‪.‬‬
‫إن الكث ير من المسلمين ليقدرون ما هم فيه من نعمة بانتسابهم الى هذا الدين العظ يم ربما لنهم ورثوه دون جهد منهم ‪ ،‬ولم يحاولوا التعرف‬
‫على ما يحققه لهم من خير فى دنياهم وآخرتهم ‪ ،‬إن نعمة السلم هى كل شىء وما عداها ل شىء ‪ ،‬لن يصاب الواحد منا فى ماله أو ولده أو‬
‫سمعه أو بصره أو أى شىء من متاع الدنيا أهون عليه من أن تكون مصيبته فى دينه ‪ ،‬وها هو ذا رسولنا الحبيب صلى ال عليه وسلم يوجهنا‬
‫ال ذلك فى هذا الدعاء ‪ (:‬اللهم لتجعل مصيبتنا فى ديننا ول تجعل الدنيا أكبر همنا ول مبلغ علمنا ) ما أحوجنا أن نردد دائما حمدنا ل على هذه‬
‫النع مة ‪ {:‬الح مد ل الذى هدا نا لهذا و ما ك نا لنهتدى لول أن هدا نا ال } وال سبحانه وتعالى يدعو نا للمحاف ظة على هذه النع مة ح تى نل قى ال‬
‫عليها ‪ {:‬يا أيها الذين آمنوا اتقوا ال ول تموتن إلّ وأنتم مسلمون } لن المور بخواتيمها ‪ ،‬وها هو ذا سيدنا يوسف عليه السلم بعدما آتاه‬
‫ال الملك يدعو ال أن يتوفاه مسلما ‪ {:‬رب قد آتيتنى من الملك وعلمتنى من تأويل الحاديث فاطر السموات والرض أنت ولىّ فى الدنيا توفنى‬
‫مسلما وألحقنى بالصالحين } ‪.‬‬
‫ولكى تكمل علينا هذه النعمة يجب أن نكون مسلمين حقا ‪.‬‬
‫ونعمة الخوة فى ال و الحب فى ال هذه الرابطة القوية الخالصة لوجه ال ما أعظم ما تضفيه على أصحابها من سعادة وراحة نفسية ليقدرها‬
‫إل من عاشها فمن ذاق عرف من خلل التعاون على البر و التناصح و التذكير بالخير و التكافل و المودة و الرحمة ‪ ،‬وال سبحانه يذكرنا بهذه‬
‫النعمة فيقول ‪ {:‬وألّف بين قلوبهم لو أنفقت ما فى الرض جميعا ما ألّفت بين قلوبهم ولكن ال ألّف بينهم إنه عزيز حكيم } { واعتصموا بحبل‬
‫ال جميعا ول تفرقوا واذكروا نعمة ال عليكم إذ كنتم أعداءً فألّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا } ‪.‬‬
‫وأن حياة وسط قوم يمل قلوبهم الحقد و الغلّ و الشحناء و البغضاء حياة ل تطاق كلها همّ وغمّ وكربٌ و العياذ بال ‪.‬‬
‫وبعد هذه النعم الكبرى ننتقل الى ما دونها فنفكر فيها لنعرف قدرها ‪ ،‬فأطلب منك أن تخلو لنفسك وتتصور أنك أصبت فى بصرك وفقدته وعجز‬
‫الطباء أن يردوه إليك ‪ ،‬وفكّر فى التغيير الذى سيطرأ على حياتك بشىء من التفصيل ‪ :‬فى عملك وعلمك وحركتك وكل ما يتصل بحياتك ومدى ما‬
‫ستتعرض له من قيود وحرج وضيق ‪ .‬بقدر عمق تفكرك ذلك بقدر تقديرك لهذه النعمة بحيث لو خيّرت بينها وبين المال الوفير لخترتها دونه ‪.‬‬
‫وتكون حينئذ على استعداد كامل لن تعطى المواثيق ل لو رد إليك بصرك لسخرته لطاعة ال وما استعملته فى معصية ال ‪ ،‬فهلّ ألزمنا أنفسنا‬
‫بذلك أم نتظر حتى نصاب ثم نعطى المواثيق ‪.‬‬
‫تصور ياأخى بعد ذلك أنك بسبب أو بآخر فقدت السمع مع فقد البصر ‪ ،‬كيف يكون الحال حينئذ ستجد نفسك فى سجن مظلم لترى ول تسمع من‬
‫حولك وسيزداد الحرج و العنت و الضيق أو القيود فى الحركة وكل أمور الحياة ‪.‬‬
‫وستعرف حينئذ قيمة هذه النعم وفضل ال عليك وعظم رحمته وإحسانه وفقرك واحتياجك إليه وأنك لو صمت النهار كله وقمت الليل كله وأنفقت‬
‫العمر كله فى طاعة ال ما وفيت حق الشكر على هاتين النعمتين ‪.‬‬
‫لتضيق ييا أخيى واسيتمر معيى وتصيور ميع فقدان السيمع و البصير فقدت النطيق أيضا وتصيور حالك حينئذ سييزداد السيجن ظلما وتزداد القيود‬
‫ويصيعب التعاميل ميع الحياة ‪ ،‬فإذا أردت شيئا أو أراد أحيد منيك شيئا كان مين العسيير التعرف على هذه الرغبات إسيأل نفسيك عين مدى صيبرك‬
‫ل نلزم أنفسنا أن نستعمل هذه النعم فى طاعة ال فل ننظر إل‬
‫ورضاك بهذه الحال ما لم تكن متمتعا بنعمة اليمان ما تحملت مثل هذه الحياة ‪ ،‬فه ّ‬
‫الى حلل ول نستمع إل الى حلل ‪ ،‬ول ننطق إل خيرا ‪.‬‬
‫ونعمة العقل ما أعظمها وما أجملها نعمة من ال ‪ ،‬لو ردت إليك حواسك الثلثة السابقة ولكن طرأت عليك إصابة أو لوثة بالعقل مجرد تصور‬
‫فأنت و الحمد ل بعقلك وإل لما تابعت معى ما أكتب ولرحت نفسى ‪ ،‬كيف يكون الحال ؟ ل انضباط ‪ ،‬ل وعى ‪ ،‬ل إدراك لى خطر ‪ ،‬ول تفاهم ‪،‬‬
‫ول أمان من حدوث أى تصرف فى أى وقت ‪ ،‬ثم يكون المصير الحبس مع أمثاله حتى توافيه منيته ‪ .‬فهلّ نستشعر قيمة نعمة العقل ونستعملها‬
‫فى التعرف على ال وما ينفعنا وما ينفع ديننا ول نسخرها فيما يغضب ال ‪.‬‬
‫هكذا لو فكّر نا فى غ ير ذلك من الن عم ال تى يحتوي ها ج سدنا كاليدى وأ صابعها والر جل وأقدام ها و كل أجهزة الج سم و كل أعضائه الداخل ية وأن‬
‫الواحد لو أصيب بعطب فى شىء من ذلك لشل حركته وربما جعله سجين الفراش معظم حياته ‪.‬‬
‫وم ثل هذه ال صور موجودة وماثلة أمام نا وعلى سبيل المثال جل طة ب سيطة فى شعيرة من شعيرات ال مخ يمكن أن تحدث شللً وفقدا للن طق وغ ير‬
‫ذلك فهل نحمد ال على نعمة العافية ونقرأ قول ال تعالى فى تدبر وخشوع ‪ {:‬يا أيها النسان ما غرّك بربك الكريم الذى خلقك فسواك فعدلك فى‬
‫أى صورة ما شاء ركبك } ‪.‬‬
‫وهذه النعم الكثيرة ال تى يحتاج ها الج سم من غذاء وماء وهواء ودفء ‪ ،‬هذه الحيوانات و النباتات و الطيور و كل هذه الن عم ال تى لو حرم نا من ها‬
‫لتعرضنا للموت و الهلك ‪ ،‬هذا الماء الذى جعل ال منه كل شىء حى ‪ ،‬هل فكّرت كيف يصل إليك ميسرا هذه الدورة التى يسير فيها من بخار من‬
‫ماء المحيطات فتحمله الرياح ليصير سحابا تسير به الرياح ويسقط مطرا وبسب الجبال و الهضاب يجرى فى أنهار حتى يصل إليك ‪.‬‬
‫هذا الهواء وما فيه من غازات لزمة للحياة وهكذا لو تصورنا حرمانك من الماء أو الهواء أو الغذاء أو الدفء لما طقت الحياة ولتعرضت للهلك‬
‫‪.‬وما أجمل سنة رسول ال صلى ال عليه وسلم التى تذكرنا بفضل ال وإنعامه علينا كلما استمتعنا بشىء من هذه النعم ‪.‬‬
‫وهل ننسى نعمة الزوجة الصالحة و الذرية الصالحة ‪ {:‬ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما } ‪.‬‬
‫تصور حياتك مع زوجة غير صالحة وما تسببه لك من إزعاج ونصب بل وفتنة ‪ ،‬أو حياتك بدون زوجة ‪ ،‬وكذلك الذرية إذا لم تكن صالحة مثار‬
‫هم وكرب ‪ ،‬وانظر أيضا الى من لم يرزقوا ذرية وكم شوقهم إليها ‪.‬‬
‫فلنحمد ال على هذه النعم ولنتق ال فيها ونقوم بواجباتنا نحوها ‪ ،‬وصدق ال العظيم ‪ {:‬ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها‬
‫وجعل بينكم مودة ورحمة إن فى ذلك ليات لقوم يتفكرون } ‪.‬‬
‫{ ال الذى خلق السموات والرض وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم وسخّر لكم الفلك لتجرى فى البحر بأمره وسخّر لكم‬
‫النهار وسخّر لكم الشمس و القمر دائبين وسخّر لكم الليل و النهار وآتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمة ال ل تحصوها إن النسان لظلوم‬
‫كفار } ‪.‬‬
‫صدقت رب نا لن نح صيها ولن ن ستطيع أن نقوم ب ما ت ستحقه من الثناء عل يك أ نت ك ما أثن يت على نف سك ‪ ،‬هل فكّرت يا أ خى فى نع مة الل يل و‬
‫النهار ‪ ،‬هل فكّرت فى نعمة النوم ‪ ،‬وما يكون عليه حالك لو حرمت هذه النعمة ‪ ،‬ما أجمل قول ال تعالى وهو يذكرنا بذلك بقوله ‪ {:‬قل أرأيتم إن‬
‫ج عل ال علي كم الل يل سرمدا الى يوم القيا مة من إله غ ير ال يأتي كم بضياء أفل ت سمعون ‪ ،‬قل أرأي تم إن ج عل ال علي كم النهار سرمدا الى يوم‬
‫القيا مة من إله غ ير ال يأتي كم بل يل ت سكنون ف يه أفل تب صرون ‪ ،‬و من رحم ته ج عل ل كم الل يل و النهار لت سكنوا ف يه ولتبتغوا من فضله ولعل كم‬
‫تشكرون } ‪.‬‬
‫إننا لن نستطيع أن نستمر فى سرد نعم ال علينا ولكن يا أخى استشعر نعمة ال عليك فى كل شىء عندما تتحرك أو تنطق أو تأكل أو تشرب أو‬
‫تلبس أو تنام أو تستيقظ أو ترى أو تسمع أو تشم أو تتذوق أو تباشر أى أمر من أمور حياتك وأنه لول فضل ال ورحمته ما استطعت أن تفعل‬
‫شيئا من ذلك ‪.‬‬
‫فراقب ال سبحانه واجعل كل ما يصدر منك ل وباسم ال وموافقا لشرع ال ‪.‬‬
‫يخطىء الكثير من الناس ويحصرون نظرتهم الى نعم ال عليهم بدخلهم الشهرى أو السنوى من دراهم أو ما شابه ذلك وينسون باقى النعم التى‬
‫ذكرنا بعضها و التى ل يعدلها مليين المليين من المال ‪ ،‬وصدق ال العظيم ‪ {:‬فأما النسان إذا ماابتله ربه فأكرمه ونعّمه فيقول رب أكرمن ‪،‬‬
‫وأما إذا ماابتله فقدر عليه رزقه فيقول ربى أهانن } ‪.‬‬
‫ف ما أحوج نا الى تصحيح م ثل هذه النظرة ونعلم أن نا فى هذه الحياة فى امتحان ونبتلى بالخ ير ك ما نبتلى بال شر ‪ {:‬كل ن فس ذائ قة الموت ونبلوكم‬
‫بالشر و الخير فتنة وإلينا ترجعون } ‪.‬‬
‫بعد مثل هذه الجولة من التفكر فى نعم ال أحسب أننا نخرج بزاد من معرفة فضل ال علينا وجميل إحسانه ومدى فقرنا إليه سبحانه ‪.‬‬
‫هذا الزاد يدفعنا على تعظيم ال وإجلله وطاعته وشكره وحسن عبادته ويحفظنا من الجرأة عل استعمال نعمه علينا فى معصيته ‪ ،‬ولو أمسك ال‬
‫رحمته عن إنسان لتحولت هذه النعم الى نقم يشقى بها ويأثم بسببها ‪.‬‬

‫التفكر فى الغيب ‪ ....‬الذى ينتظرهم‬


‫كثير من الناس ل يفكرون فى الغيب الذى ينتظرهم و المصير الذى يسيرون إله ويعيشون يومهم ودنياهم فقط وكأن هذا الغيب ل يستحق الهتمام‬
‫مع أنه الجدير بكل الهتمام فهو المستقبل أو الحياة الحقيقية البدية ‪.‬‬
‫ف هل يشكون فى وقو عه ل نه غ يب ل يلم سونه بحوا سهم ؟ أم أن الدن يا ألهت هم وشغلت هم ع نه ؟ إن كا نت الولى فليراجعوا إيمان هم ‪ ،‬وإن كا نت‬
‫الثانية فلينتبهوا قبل فوات الوان ‪ ،‬إن اليمان بالغيب وباليوم الخر شرط لزم لتحقق اليمان وكيف ل نؤمن إيمانا يقينيا وال عز وجل يقسم‬
‫بقوله ‪ {:‬فورب السماء والرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون } ‪.‬‬
‫إنها الغفلة والنشغال بمتاع الدنيا وزخرفها فلم يعد عند الناس وقت ول حيز للتفكير فى الخرة ‪.‬‬
‫ما أجدرنا أن نتخلص من كل آثار الغفلة ونفكر فى هذا الغيب وكأننا نمر به ونعيشه كأنه واقع كما صوره لنا القرآن و السنة فسينتج هذا التفكر‬
‫تقديرا حقيقيا لهذا الغيب يدفعنا الى العمل والستعداد لمواجهة هذا الغيب وهذا المصير بما فيه سعادتنا ‪.‬‬
‫و الغيب يبدأ باللحظة التالية وإذا حاولنا تجزئته الى مراحل فنبدأ بالمرحلة من اللحظة التالية حتى الموت ‪ ،‬ثم الموت ثم القبر وحياة البرزخ ‪ ،‬ثم‬
‫البعث ثم العرض و الحساب و الصراط ثم الجنة أو النار ‪.‬‬

‫الفترة الباقية من الجل ‪:‬‬


‫الفترة الباقية من الجل لندرى أتطول أم تقصر وهل سنوفق فيها الى الخير و العمل الصالح ‪ ،‬أم سنتعرض الى فتن وانحراف أو زيغ ‪ ،‬خاصة‬
‫فى هذا العصر الذى كثرت فيه الفتن وتنوعت ‪ ،‬الشعور بالخوف و الحذر مع الشعور بالطمع و الرجاء فى رحمة ال يجب أن يلزما كل واحد منا‬
‫هكذا بصورة تولد فينا الدافع القوى لستغلل الوقت فى تقديم الخير الذى ينفعنا ‪ {:‬وما تقدموا لنفسكم من خير تجدوه عند ال هو خيرا وأعظم‬
‫أجرا } ‪.‬‬
‫وعل طريقتنا فى التفكير اجلس ياأخى واخْلُ الى نفسك وتصور أنك أو أحد غيرك ‪ -‬إن كان ذلك يزعجك ‪ -‬قد قرر الطباء أنه مريض بمرض‬
‫سيلقى ال بسببه بعد مدة ل تزيد على ستة أشهر مثلً ‪ ،‬وقد علم هو بذلك وبدت له مدة الحياة هكذا محدودة وبدأ العد التنازلى ‪ ،‬تصور معى كيف‬
‫يكون حاله ‪ -‬على فرض أنه مؤمن ‪ -‬لشك أنه سيسارع الى عمل الخيرات بكل ما يستطيع مستغلً كل وقته دون أن يضيع لحظة فيما ل ينفعه‬
‫فى الخرة ونجده يقدم ماله وجهده وفكره ونف سه و كل ما يملك فى سبيل ال دون تردد ول ب خل ‪ ،‬وأح سب أ نه ل يقدم على مع صية بل إن ها ل‬
‫تخطر بباله ‪ ،‬كيف وهو يتهيأ للقاء ال و الحساب و الجزاء هذا ما أتصوره ‪.‬‬
‫فهل يا أخى يضمن أحد منا أن يستمر أجله ستة أشهر أو أياما أو ساعات أو دقائق أو حتى ست ثوان ؟ فهل حاولنا أن نكون قريبا من هذا الحال‬
‫فنترقب لقاء ال ونتهيأ له فإنه يأتى بغتة ‪ {:‬وما تدرى نفس ماذا تكسب غدا وما تدرى نفس بأى أرض تموت } كلما واتتك فرصة عمل خير فل‬
‫تؤجل ها ‪ ،‬واغتنم ها ف قد يحال بي نك وبين ها بل ل تنت ظر فرص الخ ير ح تى تأ تى إل يك ولكن ا سع إلي ها واب حث عن ها لتكون م من قال ال في هم ‪{:‬‬
‫أولئك ي سارعون فى الخيرات و هم ل ها سابقون } ‪ ،‬إن نا نرى من ي سافرون وي سهرون ويجهدون أنف سهم لغتنام ك سب مادى دنيوى تا فه و قد‬
‫ينسون أنفسهم دون طعام أو نوم مدة طويلة بسبب الرغبة القوية فى الكسب المادى ‪ ،‬فهل نأخذ العبرة وننشط ونجهد أنفسنا فى تجارتنا مع ال‬
‫وشتان ما بين التجارتين وبين الربحين ‪.‬‬
‫اجتهد يا أخى واعمل ما وسعك العمل ل فى إخلص والتزام لشرع ال واستقامة على أمر ال ‪ ،‬احرص على ألّ يأتيك الموت وعليك دين لحد‬
‫ود ين ال أ حق بالوفاء ‪ ،‬واحرص أن تل قى ال وأ نت سليم ال صدر ن حو إخوا نك الم سلمين واعلم أن أد نى مرا تب الخوة فى ال سلمة ال صدر‬
‫وأعلها اليثار ‪ ،‬فل تبيتن ليلة إل على هذه الحال ‪.‬‬
‫وسارع يا أخى الى التوبة والستغفار قبل حلول الموت فإن التوبة ل تقبل عند حضور الموت ‪ {:‬إنما التوبة على ال للذين يعملون السوء بجهالة‬
‫ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب ال عليهم وكان ال عليما حكيما } ‪.‬‬
‫{ وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إنى تبت الن ول الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذابا أليما }‬
‫‪.‬‬

‫مرحلة الموت ‪:‬‬


‫ثم ننتقل الى مرحلة الموت كحد فاصل وهام بين مرحلتين فى هذا الغيب الذى ينتظرنا ‪ ،‬ليشك أحد منا أنه سيموت ‪ ،‬فال سبحانه وتعالى يقول ‪{:‬‬
‫كيل نفيس ذائقية الموت } ولم نير أحدا فرّ مين الموت ‪ ،‬ولكين رغيم ذلك نرى كثيرا مين الناس ينسيون الموت وكأنيه كتيب على غيرهيم بسيبب‬
‫انشغالهم بالدنيا ‪.‬‬
‫ي جب علي نا أن نتذ كر الموت دائما ونكون على أه بة ال ستعداد للقاء ال ‪ ،‬إذا و سوس الشيطان لن سان بارتكاب مع صية وتذ كر الموت وأ نه رب ما‬
‫يفاجئه وهو يرتكب المعصية ول يستطيع له دفعا وكيف يختم حياته بهذه الخاتمة وأى لقاء يلقى به ربه وهو على إثم ‪ ،‬لشك أن تذكر الموت‬
‫كفيل أن يصرف عنه هذا الوسواس ويزجره ويعينه على شيطانه ‪.‬‬
‫والرسول صلى ال عليه وسلم يدلنا على دوام تذكر الموت كما فى دعاء النوم ودعاء الستيقاظ ‪.‬‬
‫احرص ياأخى أن يأتيك الموت وأنت على خير وفى طاعة ‪ ،‬استقم على أمر ال وكن من المتقين ‪ {:‬الذين تتوفاهم الملئكة طيبين يقولون سلم‬
‫عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون } ‪.‬‬
‫لقد بكيت ياأخى عند ولدتك والهل حولك يضحكون سرورا فاحرص يوم موتك وهم يبكون حولك أن تكون فرحا مسرورا ‪ .‬أحب لقاء ال يحب ال‬
‫لقاءك ‪.‬‬
‫إجعل هذا الموت فى سبيل ال بل اجعله أسمى أمانيك ‪ ،‬احرص أن تحول موتك الى حياة بأن تلقى ال شهيدا ‪:‬ل{ ول تحسبن الذين قتلوا فى سبيل‬
‫ال أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم ال من فضله } ‪.‬‬
‫اع قد ياأ خى ال صفقة الراب حة مع ال إن لم ت كن عقدت ها من ق بل ‪ ،‬ب عه نف سك ومالك لتنال ج نة عرض ها ال سموات والرض ‪ ،‬فإذا جاء ال جل ب عد‬
‫عقدها ولو بلحظة فزت ونلت الثمن ‪ ،‬وإذا تأخر الجل فكن دائما على وفائك بعهدك وعقدك ول تتردد أو تبخل ‪ {:‬ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه‬
‫وال الغنيى وأنتيم الفقراء وإن تتولوا يسيتبدل قوما غيركيم ثيم ل يكونوا أمثالكيم } ‪ { ،‬إن ال اشترى مين المؤمنيين أنفسيهم وأموالهيم بأن لهيم‬
‫الجنة } ‪.‬‬

‫القبر وحياة البرزخ ‪:‬‬


‫تعالى ياأخى بعد ذلك لننتقل الى القبر لنزوره ونحن أحياء قبل أن نزوره عند الموت ول يلهينا التكاثر ‪ ،‬تعال نزوره لنتعرف عليه وعلى طبيعة‬
‫الحياة فيه ونعده ونهيئه لستقبالنا ل بالجص و الرخام و الرمل الناعم فل أثر ول تأثير لذلك على المقبورين ‪ ،‬ولكن لنأخذ العبرة التى تحثنا على‬
‫العمل الصالح ‪ ،‬فالعمل هو الذى سيصحبنا فى القبر وهو الذى يجعله إما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار ‪.‬‬
‫والحياة فى ال قبر فترة محدودة أش به بالزيارة يكون بعد ها الب عث و النشور و الح ساب و الجزاء و صدق ال العظ يم ‪ {:‬أله كم التكا ثر ح تى زر تم‬
‫المقابر } ‪.‬‬
‫ل يس فى مقدور نا أن نعرف بد قة طبيعة الحياة فى هذه الفترة فهى لشك مغايرة لحيات نا الن ‪ ،‬فالروح تنف صل عن الجسد الفا نى ‪ ،‬و ما ورد فى‬
‫الكتاب و السنة يعطينا ملمح حول هذه الحياة ‪ ،‬فالشهداء أحياء عند ربهم يرزقون وال أعلم بطبيعة هذه الحياة التى يحيونها عند ربهم ‪ ،‬وهناك‬
‫مساءلة القبر وفتنة القبر التى وجهنا رسول ال صلى ال عليه وسلم للستعاذة بال منها ‪.‬‬
‫والقرآن يذكر لنا فى شأن فرعون وآل فرعون فيقول ‪ {:‬النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب } ‪.‬‬
‫و العذاب فى القبر يشير إليه حديث رسول ال صلى ال عليه وسلم عن ابن عباس رضى ال عنهما أن النبى صلى ال عليه وسلم مرّ بقبرين‬
‫فقال ‪ :‬إنهما يعذبان وما يعذبان فى كبير ‪ -‬أى يكبر ويشق عليهما فعله ‪ -‬أما أحدهما فكان ل يستنزه من البول ‪ ،‬وأما الخر فكان يمشى بالنميمة‬
‫‪ ...‬رواه الجماعة ‪.‬‬
‫لنذكر القبر وحياته دائما فهو ليس منا ببعيد فقد يصبح الواحد منا فى بيته وبين أهله ويمسى وحيدا فى قبره ‪.‬‬
‫ول يفوتنى فى هذه المناسبة أن أذكر خاطرة لحد الخوة أكرمه ال عندما اعتقل فى جوف الليل وأخذه جند الطاغية من بين أهله وألقوا به فى‬
‫زنزانة مظلمة خالية من كل شىء وأغلقوا الباب خلفهم وإذا به ليرى شيئا من شدة الظلم ‪ ،‬فكانت تلك الخاطرة ‪ :‬فقد تصور أنه خرج من الدنيا‬
‫وصار فى القبر وأنه يواجه الحساب و الجزاء وأن عمله ليضمن له النجاة من العذاب ففزع وخاف وتمنى أن يعيده ال تعالى الى الدنيا ليتدارك‬
‫أمره ويصلح حاله وكأن ال حقق أمنيته وها هو فى الدنيا وقد تجددت له فرصة العمل وإصلح أمره فكان لهذه الخاطرة الثر الفعال فى نفسه‬
‫فقد جعلته يرضى بحاله التى هو فيها ولو كان فى زنزانة مظلمة بعد أن كان بين أهله من لحظات فل جزع ول غم ول كرب فهذا أهون بكثير من‬
‫التعرض لعذاب ال ‪ ،‬ك ما قوّت هذه الخاطرة فى نف سه دوا فع الخ ير و العزم على الم سارعة الى كل ع مل صالح ينال به رضوان ال وينج يه من‬
‫عذاب ال ‪.‬‬
‫هذه جولة تفكر فى بعض مراحل الغيب الذى ينتظرنا لنقرأها مرات ولنتذكرها دائما لنتزود بالزاد الذى يحفظنا ويعيننا على الطريق وال المستعان‬
‫وبال التوفيق ‪.‬‬

‫التفكر ‪ ........‬فى اليوم الخر‬


‫لأكون مغاليا إذا قلت إن اليوم الخر ل ينال من تفكير واهتمام كثير من المسلمين مثل ما يناله يوم من أيام الدنيا ‪ ،‬بل ربما مرّت فترات طويلة‬
‫على الب عض دون أن يخ طر على بال هم ذلك اليوم العظ يم يوم يقوم الناس لرب العالم ين ‪ ،‬أل ترى الناس ي ستعدون ويتشمرون ل حر ال صيف وبرد‬
‫الشتاء ويتهاونون ول يستعدون لتقاء حر جهنم وزمهريرها ‪.‬‬
‫ورغيم تكرار عبارة اليمان بال و باليوم ال خر فى القرآن نرى الكثيير ليذكرون ذلك اليوم ويرونيه بعييد والولى بالهتمام الشىء القر يب وهيو‬
‫الدنيا ‪.‬‬
‫إن مجرد سماع أسماء ذلك اليوم الخر ووقع رنينها من شأنه أن يهز المشاعر ويوقظ القلوب الغافلة ‪ :‬القارعة ‪ ،‬الحاقة ‪ ،‬الصاعقة ‪ ،‬الواقعة ‪،‬‬
‫الصاخة ‪ ،‬الطامة الكبرى ‪ ،‬ال غاشية ‪ ،‬الرجفة الى آخر هذه السماء و الصفات ‪.‬‬
‫ولو تدبرنا ما ورد فى الكتاب و السنة من وصف لهذا اليوم وما سيحدث فيه وعشنا هذا الوصف حقا لما طرفت لنا عين بنوم ولما ابتسمت لنا‬
‫شفاه ولما هنأ لنا بال ولما جف لنا دمع ‪.‬‬
‫من ذا الذى يقرا أو يسمع هذه اليات ول يتأثر ول يصحو من غفلته ‪ {:‬يا ايها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شىء عظيم يوم ترونها تذهل‬
‫كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وماهم بسكارى ولكن عذاب ال شديد } ‪.‬‬
‫فتعال يا أخى نتفكر سويا فى اليوم الخر وما فيه من أحداث ومشاهد يشيب لها الولدان ‪ ،‬نتفكر فى النفخ فى الصور والبعث و النشور و العرض‬
‫على الجبار للحساب و السؤال عن القليل و الكثير ونصب الميزان لمعرفة المقادير وتحديد المصير واجتياز الصراط الى السعاد بالجنة أو الشقاء‬
‫بالنار ‪.‬‬
‫إننا لن نستطيع أن نتناول كل هذه المشاهد بتفصيل فى مقال أو أكثر ولكننا سنذكر بعض الملمح ونأخذ العبر كمثال ومنهج للتفكر و التدبر يزيد‬
‫من إيماننا واهتمامنا باليوم الخر ‪.‬‬

‫النفخ فى الصور ‪:‬‬


‫وتبدأ مشاهد اليوم العظيم بالنفخة الولى فى الصور فيصعق من فى السموات ومن فى الرض إل من شاء ال ويصاحب ذلك أمور يصعب علينا‬
‫مجرد تصيورها كانفطار السيماء وتناثير النجوم ونسيف الجبال وتسيجير البحار وزلزلة الرض وتبعثير القبور ثيم تبدل الرض غيير الرض و‬
‫السموات ثم تأتى النفخة الخرى ويكون البعث و النشور ويكون الناس كالفراش المبثوث حفاة عراة ‪ ،‬ولنقرأ بعض اليات و الحاديث التى تصف‬
‫هذه المشا هد ‪ {:‬ون فخ فى ال صور ف صعق من فى ال سموات و من فى الرض إل من شاء ال ثم ن فخ ف يه أخرى فإذا هم قيام ينظرون } ‪ {:‬يوم‬
‫ترجف الراجفة تتبعها الرادفة قلوب يومئذ واجفة أبصارها خاشعة يقولون إئنا لمردودون فى الحافرة } ‪ {: ،‬فإذا برق البصر وخسف القمر وجمع‬
‫الشمس و القمر يقول النسان يومئذٍ أين المفر } ‪ {:‬بيوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرىء منهم يومئذٍ شأ نٌ يغنيه‬
‫وجوهٌ يومئذٍ مسفرة ضاحكةٌ مستبشرة ووجوهٌ يومئذٍ عليها غبرة ترهقها قترة أولئك هم الكفرة الفجرة } ‪.‬‬
‫هكذا فز عٌ وهل عٌ وحرٌ وعر قٌ وذهول ‪ ،‬وفى حديث ابن عمر قال قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ (:‬يوم يقوم الناس لرب العالمين حتى يغيب‬
‫أحدهم فى رشحه الى أنصاف أذنيه ) متفق عليه فعلينا أن نجتهد اليوم لنكون فى ذلك اليوم من أصحاب الوجوه المسفرة الضاحكة المستبشرة ‪.‬‬

‫العرض و الحساب و الميزان ‪:‬‬


‫تصور نفسك يا اخى بين يدى ال عز وجل تسأل عن كل فعل أو قول صدر منك مهما صغر ‪ ،‬إذا كان البعض هنا فى الدنيا ترتعد فرائصهم عندما‬
‫ي سألهم رؤ ساؤهم عن خ طأ ارتكبوه ف ما بال نا بالعرض على ال سبحانه ‪ {:‬يومئذٍ تعرضون ل تخ فى من كم خاف ية } ‪ {: ،‬يومئذٍ يود الذ ين كفروا‬
‫وعصيوا الرسيول لو تسيوى بهيم الرض ول يكتمون ال حديثا } ‪ ..‬ل إنكار ول اعتذار ول تهرب ‪ {:‬بيل النسيان على نفسيه بصييرة ولو ألقيى‬
‫معاذيره } والشهود بعيض أعضاء الجسيم ‪ {:‬يوم تشهيد عليهيم ألسينتهم وأيديهيم وأرجلهيم بميا كانوا يعملون } وفيى هذا الموقيف ترد المظالم‬
‫ويستوفى كل صاحب مظلمة حقه ممن ظلمه وهنا يجمل أن نذكر حديث رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ (:‬هل تدرون من المفلس ؟ قلنا المفلس‬
‫فينا يارسول ال من ل درهم له ول دينار ول متاع ‪ ،‬قال ‪ :‬المفلس من أمتى من يأتى يوم القيامة بصلة وصيام وزكاة ويأتى وقد شتم هذا وأكل‬
‫مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت‬
‫عليه ثم طرح فى النار ) ‪.‬‬
‫وفى هذا الموقف تبدو الحسرة و الخزى و الندامة و الخوف و الهلع وتجد من يقول ‪ {:‬ياليتنى اتخذت مع الرسول سبيلً ياويلتى ليتنى لم أتخذ‬
‫ل لقد أضلنى عن الذكر بعد إذ جاءنى وكان الشيطان للنسان خذولً } كما أن هناك آخرين فى أمن وسرور واستبشار نسأل ال أن نكون‬
‫فلنا خلي ً‬
‫منهم ‪.‬‬
‫الصراط ‪:‬‬
‫وبعد هذا العرض و الحساب يأتى دور اجتياز الصراط المنصوب فوق جهنم ولو تصورت هذا المشهد كواقع أمامك لرتاع قلبك من مجرد التفكير‬
‫فى اجتيازه تدبر معى حديث رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ (:‬يمر الناس على جسر جهنم وعليه حسك وكلليب وخطاطيف تختطف الناس يمينا‬
‫وشمالً ‪ ،‬وعلى ج نبيه ملئ كة يقولون الل هم سلّم الل هم سلّم ف من الناس من ي مر م ثل البرق ومن هم من ي مر كالر يح ومن هم من ي مر كالفارس‬
‫ومنهم من يسعى سعيا ومنهم من يمشى مشيا ومنهم من يحبو حبوا ومنهم من يزحف زحفا ‪ ،‬فأما أهل النار الذين هم أهلها فل يموتون ول‬
‫يحيون وأما ناس فيؤخذون بذنوب وخطايا فيحترقون فيكونون فحما ثم يؤذن فى الشفاعة ) متفق عليه عن أبى سعيد الخدرى ‪.‬‬
‫الشفاعة ‪:‬‬
‫وبعض من حق عليهم دخول النار من المؤمنين يتفضل ال عليهم بقبول شفاعة من يرتضى فيهم من أنبياء أو شهداء صالحين ورسولنا صلى‬
‫ال عليه وسلم أعطى الشفاعة ففى حديثه ‪ (:‬أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلى ‪ ...‬الشفاعة إحداهن وفى حديث آخر ‪ (:‬لكل نبى دعو مستجابة‬
‫فأريد أن أختبىء دعوتى شفاعة لمتى يوم القيامة ) متفق عليه ‪.‬‬
‫وهذا فضل وإكرام من ال للمة السلمية ونبيها صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬

‫الحوض ‪:‬‬
‫و الحوض خصوصية أخرى لرسولنا عليه الصلة و السلم ولمته ففى حديث رواه مسلم عن أنس قال ‪ (:‬حينما نزلت سورة الكوثر على رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم سأل الصحابة وقال هل تدرون ما الكوثر ؟ قالوا ال ورسوله أعلم ‪ ،‬قال إنه نهر وعدنيه ربى عز وجل عليه خير كثير‬
‫عليه حوض ترد عليه أمتى يوم القيامة آنيته عدد نجوم السماء ) ‪.‬‬

‫نار جهنم ‪:‬‬


‫التفكر فى اليوم الخر لكى يكون له أثره الفعال فى النفس يلزم أن نتفكر فى الجنة وفى النار فنت صور الحياة فى كل منه ما متمثلين المشاهد و‬
‫الوصف الذى ورد فى كل منهما فى القرآن والحاديث فيتولد الخوف و الفزع من النار فنفر منها بفرارنا من المعاصى ونتشوق للجنة فنسارع ‪،‬‬
‫وسنكتفى بذكر بعضها على سبيل المثال ولو أن آية واحدة من تلك اليات لمست القلب المؤمن دون حائل فهزت صاحبه هزا واقشعر جلده ‪.‬‬
‫اقرأ معى بعد أن تخلى قلبك وعقلك من كل المشاغل و الصوارف ‪ {:‬هذا خصمان اختصموا فى ربهم فالذين كفروا قطّعت لهم ثياب من نار يصب‬
‫فوق رؤ سهم الحم يم يُ صهر به ما فى بطون هم و الجلود ول هم مقا مع من حد يد كل ما أرادوا أن يخرجوا من ها من غم أعيدوا في ها وذوقوا عذاب‬
‫الحريق } ‪ { ،‬إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب إن ال كان عزيزا حكيما } ‪{:‬‬
‫واستفتحوا وخاب كل جبارٍ عنيد من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد يتجرعه ول يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ومن‬
‫ورائه عذاب غليظ } ‪ {:‬إن شجرة الزقوم طعام الثيم كالمهل يغلى فى البطون كغلى الحميم خذوه فاعتلوه الى وساء الجحيم ثم صبوا فوق رأسه‬
‫من عذاب الحميم ذق إنك أنت العزيز الكريم } ‪.‬‬
‫ه نا فى الدن يا لو أن حريقا شبّ فى مسكن مرتفع ولم ي ستطع أهله أن يفروا من ال سلم يقذفون أنف سهم من الشرفات خوفا من النار ر غم علم هم‬
‫أنهم يتعرضون بذلك الى مخاطر وربما الى الموت فهلّ خافوا من نار جهنم خوفهم من نار الدنيا ‪ ،‬فنار جهنم أجدر بالخوف ‪.‬‬
‫ول ننسى أن نذكر موقف إبليس مع أتباعه حين يتبرأ ويعود باللئمة عليهم ‪ {:‬وقال الشيطان لما قضى المر إن ال وعدكم وعد الحق ووعدتكم‬
‫فأخلفتكم وما كان لى عليكم من سلطان إل أن دعوتكم فاستجبتم لى فل تلومونى ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخىّ إنى كفرت بما‬
‫أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم } ‪.‬‬

‫الجنة ونعيمها ‪:‬‬


‫هبى ريح الجنة ما أطيب ريحك وما أشوقنا إليك ‪ ،‬إن ما ذكر فى كتاب ال وأحاديث رسو ال صلى ال عليه وسلم عن الجنة ووصف نعيمها هو‬
‫على سبيل التشبيه بما فى دنيانا من نعيم ‪ ،‬ولكن حقيقته تفوق ما فى دنيانا بصورة لتخطر على بالنا ‪ ،‬ارجع أخى الى كتاب ال واقرأ وتمهل‬
‫وتدبّر تلك اليات ال تى في ها ذ كر الج نة ونعيم ها واغ مض عين يك وت صور نف سك و سط هذا النع يم وا ستشعر الشوق و الحن ين الى هذا الم صير ‪،‬‬
‫هناك المن و السعادة وكل أنواع النعيم ل فزع ول خوف لنصب ول قتر ول ذلة لغل لبغضاء بل إخوانا على سرر متقابلين ‪.‬‬
‫وإذا كا نت الق صور و الجنات و الحور الع ين وألوان الطعام و الشراب والفاك هة واللباس و كل ذلك م ما تهفوا إل يه النفوس ول كن الذى يفوق ذلك‬
‫كله رضوان ال والنظير الى وجهيه الكرييم ‪ {:‬ورضوان مين ال أكيبر ذلك هيو الفوز العظييم } كذلك صيحبة النيبيين و الصيديقين و الشهداء و‬
‫الصالحين وحسن أولئك رفيقا ‪.‬‬
‫فلنبدأ كل الج هد فى سبيل ال ون صرة دي نه ولنتح مل كل ما نل قى فى طر يق الدعوة طمعا فى رضوان ال ول أن سى مع نى طيبا ذكّر نا به أ حد‬
‫الخوة داخل السجن فى المرة الولى عام ‪ 1948‬حيث قال ‪ :‬سيدنا موسى عليه السلم قضى ثمانى أو عشر سنين أشغالً صداقا لعروسه فى الدنيا‬
‫فانظرا الى الحور العين كم يكون صداقهن ؟ ‪.‬‬
‫وفيى ختام هذه الجولة مين التفكير فيى الغييب الذى ينتظرنيا أحكيى قصية قرأتهيا وهيى أن أحيد المسيلمين كان يعصيى ال ويتوب ولكنيه يعود الى‬
‫المعصية ويتكرر ذلك منه فشكا حاله الى أحد الصالحين فقال له ذلك الرجل الصالح إذا قدرت على خمسة أشياء فل تشغل بالك من ناحية المعصية‬
‫؟ قال وما هى ؟ قال ‪ :‬إذا أردت أن تعصى ال فل تسكن فى ملكه فقال ل أستطيع ذلك ‪ ،‬قال ما الثانية ؟ قال ‪ :‬إذا أردت أن تعصى ال فل تأكل من‬
‫رز قه ؟ قال ‪ :‬إذن أموت جوعا ‪ ،‬قال ‪ :‬ما الثال ثة ؟ قال ‪ :‬إذا أردت أن تع صى ال فاع صه فى مكان ليراك أ حد ف يه قال لتخ فى عل يه خاف ية قال‬
‫ت سكن فى مل كه وتأ كل من رز قه وتع صيه مواج هة هذا منت هى الجحود ‪ ،‬قال ‪ :‬ما الراب عة ؟ قال ‪ :‬حين ما يأت يك ملك الموت أطلب م نه أن يتر كك‬
‫ح تى تتوب تو بة ن صوحا ‪ ،‬قال ‪ :‬ل ي ستجيب لى قال إذن لماذا ل ت سارع بالتو بة الن صوح ‪ ،‬قال ‪ :‬ما الخام سة ؟ قال حين ما ت ساق الى جه نم فل‬
‫تذهب معهم ‪ ،‬قال هذا مستحيل ‪.‬‬
‫ثم تاب هذه المرة وكانت توبة نصوحا لم يعد بعدها ‪.‬‬
‫والذى حدث أن معا نى اليمان بال و اليوم ال خر كا نت خامدة فى نف سه وأيقظ ها الر جل ال صالح فى نف سه بهذا ال سلوب فكان ل ها أثر ها فكا نت‬
‫توبة نصوحا ‪.‬‬
‫ونرجو أن يكون لما مثل هذا التأثر بتفكرنا الذى سقناه وبال التوفيق ‪.‬‬

‫وفى السيرة العطرة ‪ ....‬زاد‬


‫إن الدعاة الى ال اليوم و ال سالكين طر يق الدعوة يجدون فى سيرة ر سول ال صلى ال عل يه و سلم خ ير زاد على الطر يق وذلك ل سباب كثيرة‬
‫منها ‪:‬‬
‫أن طريق الدعوة الذى نسير عليه هى نفس الطريق التى سار عليها رسول ال صلى ال عليه وسلم وصحابته من قبل ‪ ،‬ولننا نعيش مرحلة‬
‫كبيرة الش به بالمرحلة الولى للدعوة ‪ ...‬فال سلم عاد غريبا و الجاهل ية عادت تهدد مجتمعات نا ‪ ،‬والداع ية الى ال يض يق علي هم ويضطهدون‬
‫ويعذبون ‪ ،‬وأعداء ال يكيدون ويترب صون ‪ ،‬وهذا يؤ كد ضرورة تزود نا مه ال سيرة ب كل ما في ها من من موا قف وأحداث ‪ ،‬خا صة وأن الرائد و‬
‫القائد هو رسول ال صلى ال عليه وسلم وهو خير قدوة لنا كما قرر ال عز وجل ‪ {:‬لقد كان لكم فى رسول ال أسوة حسنة لمنك كان يرجو‬
‫ال و اليوم الخر وذكر ال كثيرا } ‪.‬‬
‫ك ما أن ال سائر م عه على طر يق الدعوة هم ال صحابة رضوان ال علي هم الذ ين قا مت على كواهل هم الدولة ال سلمية الولى ‪ ،‬و هم كالم صابيح‬
‫بأيهم اقتدينا واهتدينا ‪.‬‬
‫ولذلك فإن ال سيرة تم ثل فترة زاهرة وزاخرة ب كل معا نى الخ ير ‪ ،‬ف هى فترة تنزّل فيوضات ال ورحما ته وأنواره للبشر ية كل ها عن طر يق نزول‬
‫الوحى على رسول ال صلى ال عليه وسلم وبعد ذلك كله فالسيرة تمثل التطبيق الول و الصحيح للسلم فى حياة الناس ‪.‬‬
‫كل ذلك يح تم علي نا درا سة ال سيرة درا سة ع مل واقتداء وتعرف دقي قي ل كل ما تعرض له ر سول ال صلى ال عل يه و سلم و صحابته من موا قف‬
‫وأحداث وكيف كان سلوكهم وتصرفهم إزاءها لنأخذ القدوة و العبرة و الزاد ‪.‬‬
‫وغنى عن البيان أن القدوة العملية لها تأثيرها الفعال فى النفوس أكثر من الموعظة المجردة وفى هذا خير زاد على الطريق ‪.‬‬
‫ولن نستطيع أن نحيط بكل ما فى السيرة مه عظات وعبر ودروس ولكن سنعرض بعضها على سبيل المثال ونؤكد على ضرورة دراسة السيرة‬
‫ول نقول قراءة السيرة ‪.‬‬
‫إن من أول وأهم ما يتزود به من السيرة ونحتاجه على طريق الدعوة العداد النفسى و الزاد الروحى فذلك خير عون للقيام بمتطلبات الدعوة و‬
‫التغلب على العقبات و الصعاب و التحرز من المنعطفات والنحراف ‪ ،‬ونرى ذلك فى إلهام ال لرسوله قبل البعثة بالتحنث فى الغار اليام والليالي‬
‫ل نصفه أو انقص منه قليلً أو زد‬
‫الطوال ‪ ،‬كما يتمثل فى توجيه ال لرسوله صلى ال عليه وسلم بقيام الليل ‪ {:‬يا أيها المزمل قم الليل إل قلي ً‬
‫ل } فالتقرب الى ال وإحسان الصلة به خير زاد على الطريق ‪.‬‬
‫عليه ورتل القرآن ترتيلً إنا سنلقى عليك قولً ثقي ً‬
‫كل ما قرأ نا ما تعرض له ر سول ال صلى ال عل يه و سلم من صنوف اليذاء و صبره وتحمله مع حر صه على هدا ية قو مه أخذ نا بالزاد و القوة‬
‫لل سير بالدعوة واحتمال كل أذى ‪ ،‬ك ما أن فى ا ستشهاد يا سر و سمية ت حت التعذ يب وث با بلل زادا ووقودا للجيال على مرّ الزمان و الع صور ‪،‬‬
‫وتثبيتا لهم على الحق ‪.‬‬
‫ان ظر يا أ خى الى ال ثر العم يق الذى يحد ثه فى نفو سنا ذلك المو قف العظ يم لر سول ال صلى ال عل يه و سلم وقول ته الخالدة عند ما عرض عل يه‬
‫ك و الجاه و السيادة فقال ‪ (:‬وال ياعم لو وضعوا الشمس فى يمينى و القمر فى يسارى على أن أترك هذا المر ما تركته حتى يظهره ال أو‬
‫المُلْ َ‬
‫أهلك دونه ) فيها تحدّ للباطل واستخفاف بكل أعراض الدنيا ‪.‬‬
‫ر سول ال صلى ال عل يه و سلم ات هم بالكذب و ال سحر و الجنون ف صبر ولم يغ ضب لذلك ول كن الوا قع العملى أث بت ز يف هذه التهامات وقديما‬
‫اتهم موسى عليه السلم بالفساد وادعى فرعون أنه هو الذى يهدى الى سبيل الرشاد ‪.‬‬
‫وات هم الدعاة الى ال هذه اليام بالرهاب و الت ستر وراء الد ين وغ ير ذلك ر غم أن هذه التهامات ث بت من ق بل ب صورة قاط عة زيف ها وبطلن ها‬
‫فليصبروا ول يهنوا ول يستكينوا ‪.‬‬
‫انظر يا أخى الى تحمل المسلمين الول الجوع و الحرمان فترة المقاطعة فى شعب أبى طالب ثلث سنوات حتى أكلوا ورق الشجر ولم يتخلوا عن‬
‫عقيدتهم وآثروا دعوة ال على كل متاع الدنيا ‪.‬‬
‫ل فى قصة الذهاب رسول ال صلى ال عليه وسلم الى الطائف وقطع المسافات الطوال لتبليغ الدعوة وما لقاه من‬
‫كل داع الى ال يجد زادا هائ ً‬
‫إعراض وإيذاء وبعد ذلك يقول ‪ (:‬رب اهد قومى فإنهم ليعلمون ) ‪.‬‬
‫وهذا الدعاء الذى يشكو فيه الى ال ض عف قو ته وقلة حيل ته وهوا نه على الناس و ما يحو يه من معان كبيرة وعميقة من لجوء الى ال وخروج‬
‫من حوله وقوته الى حول ال وقوته وأه ليخشى إل غضب ال عليه ‪ (:‬إن لم يكن بك علىّ غضب فل أبالى ) الى آخر هذه المعانى الدافعة الى‬
‫الخير والى الستمرار فى تبليغ الدعوة رغم كل اليذاء ‪.‬‬
‫و فى مو قف ال سيدة خدي جة أم المؤمن ين ر ضى ال عن ها مع ر سول ال صلى ال عل يه و سلم خ ير زاد وقدوة ل كل أ خت م سلمة كى تكون عونا‬
‫لزوجها على طريق الدعوة تؤازره وتطمئنه لتثبطه ول تخذله ‪.‬‬
‫ومن يقرأ أحاديث السراء و المعراج فى السيرة يخرج منه بزاد وعبرة ودروس كثيرة تزيد الذين آمنوا إيمانا وما أشد حاجة المسلمين اليوم الى‬
‫إحساسهم بمنزلة المسجد القصى وما حوله وما يجب علينا نحو تحرير هذه الماكن المقدسة من أيدى الصهاينة المغتصبين ‪.‬‬
‫وحادث الهجرة كله دروس و عبر وزاد ل ن ستطيع ح صرها ه نا فل كل فرد اشترك أو شارك في ها موا قف ونماذج رائ عة لجا نب أو أك ثر من جوا نب‬
‫الخ ير يقتدى به الدعاة الى ال ‪ ،‬فاطمئنان الر سول وثق ته فى ربه وحرص أبى بكر على رسول ال صلى ال عليه وسلم وفدائ ية علىّ وربا طة‬
‫جأش عبد ال بن أبى بكر وأسماء وقيامهما بدورهما وسط هذا الجو الصاخب وكتمانهما المر ‪.‬‬
‫ووعد رسول ال صلى ال عليه وسلم سراقة سوارى كسرى وما فيه من ثقة بنصر ال ثم هذا الحب الدافق و الشوق الكبير عند أهل المدينة‬
‫الواضح من ترقبهم حضوره واحتفائهم به وغير ذلك من المعانى ذات الثر النفسى الكبير كل ذلك يحتاجه الداعى وهو على الطريق ‪.‬‬
‫وخذ العبرة يا أخى من اهتمام الرسول صلى ال عليه وسلم ببناء المسجد فى كل مكان يقيم فيه لنعرف أهمية رسالة المسجد ودوره فى بناء‬
‫الدولة السلمية لكى نعمل على إعادة هذا الدور الهام للمسجد وأل يقتصر على أداء الصلوات فيه ‪.‬‬
‫وثمة درس نحتاجه اليوم وهو موقف الرسول صلى ال عليه وسلم من اليهود وموقفهم منه ومن دعوته ‪ ،‬فقد حرص أول مقامه بالمدينة أن يقيم‬
‫بينه وبينهم علئق سلمي وأن يؤمنهم على دينهم وأموالهم وكتب لهم كتابا ‪ ،‬ولكنهم قوم غدر فما لبثوا غير قليل حتى تآمروا على قتله وكان‬
‫سببا فى غزوة بنى النضير ‪ ،‬ثم نقضوا عهده فى أشد المواقف حرجا يوم الحزاب مما كان سببا فى غزوة بنى قريظة ثم تجمعوا من كل جانب‬
‫يهيئون السلح ويبيتوا الدسائس لينقضوا فى غدر وخسة على المدينة و المؤمنون مما كان سببا فى غزوة خيبر فهؤلء قوم ليصدق لهم وعد‬
‫ول يستقيم لهم عهد فلنأخذ الدرس ول ننخدع بغير ذلك ‪.‬‬
‫تزود يا أخى من غزوة تبوك وان ظر ما يفعله اليمان ال صادق فى نفوس المؤمنين من إثارة عزائمهم للقتال و اندفاع أيديهم فى بذل المال ومن‬
‫استعذابهم المر و العناء و التعب الشديد فى سبيل ال ومرضاته ‪.‬‬
‫خذ الزاد من موقف هؤلء النفر الذين جاءوا للجهاد فردهم الرسول صلى ال عليه وسلم لنه لم يجد ما يحملهم عليه فتولوا وأعينهم تفيض من‬
‫الدمع حزنا على حرمانهم شرف الجهاد وفرصة الستشهاد فى سبيل ال تعالى فى حين أن طبيعة النسان أن يفرح لنجاته من الخطار وابتعاده‬
‫عن الحروب ولك نه اليمان ال صادق ي صحح المواز ين فيج عل كل موت فى سبيل ال شهادة وكيل أذى فى دعوة ال حق شرفا وكيل بلء ب سبب‬
‫الصلح خلودا ‪.‬‬
‫ما أحوج من يسلك طر يق الدعوة الى الزاد الذى يح صل عل يه عند ما يقرأ فى ال سيرة عن مؤاخاة الر سول صلى ال عل يه و سلم ب ين المهاجر ين‬
‫والن صار و ما صاحبها من صور ال حب واليثار و ال تى عبر عن ها القرآن الكر يم فى قوله تعالى ‪ (:‬و الذ ين تبوءوا الدار واليمان من قبل هم‬
‫يحبون من ها جر إليهم ول يجدون فى صدورهم حاجة م ما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خ صاصة ومن يوق شح نف سه فأولئك هم‬
‫المفلحون } ‪.‬‬
‫وفيى الغزوات زاد فنرى صيورا مين القدام و الجهاد والنفاق والسيتشهاد فيى سيبيل ال ‪ ...‬ونرى فيى غزوة بدر كييف نصير ال الفئة القليلة‬
‫المؤم نة على الكثرة الباغ ية الكافرة ‪ ،‬ونرى فى غزوة الف تح توا ضع الر سول صلى ال عل يه و سلم ع ند الن صر وعدم الغرور أو التعالى ‪ ،‬و فى‬
‫غزوة أ حد وحن ين دروس و عبر كثيرة حول أ سباب الهزي مة وضرورة التزام الوا مر والتعليمات ‪ ،‬و فى غزوة تبوك دروس و عبر كثيرة فالخروج‬
‫للجهاد رغم الحر و الجهد وعدم الستجابة لتثبيط المنافقين الذين قالوا ل تنفروا فى الحر ‪ ،‬ثم فى قصة الثلثة الذين خلّفوا دروس وعبر كثيرة‬
‫لصحاب الدعوات‬
‫و فى ال سيرة ن جد حب الم سلمين الشد يد لر سول ال صلى ال عل يه و سلم و الحرص على القتداء به صلى ال عل يه و سلم فى كل صغيرة‬
‫و كبيرة ‪ ،‬ونرى ح سن ا ستجابة المؤمن ين ل كل أ مر أو ن هى فى القرآن أو من ر سول ال صلى ال عل يه و سلم دون تردد ك ما حدث ع ند تحر يم‬
‫الخمر وعند نزول آية الحجاب للنساء ‪.‬‬
‫ولل خت الم سلمة زاد كبير من خلل ال سيرة وعلى سبيل المثال مو قف ن سيبة أم عمارة الن صارية ر ضى ال عن ها فى غزوة أ حد حين ما جرح‬
‫ر سول ال صلى ال عل يه و سلم ووقع وتكا ثر عل يه المشركون يريدون قتله فث بت وث بت معه ن فر من المؤمن ين منهم أ بو دجا نة ر ضى ال ع نه‬
‫تترس على رسول ال صلى ال عليه وسلم ليحميه من نبال المشركين فكان النبل يقع على ظهره ومنهم نسيبة أم عمارة تركت سقاية الجرحى‬
‫وأخذت تقا تل بال سيف وتر مى بالنبال دفاعا عن ر سول ال صلى ال عل يه و سلم و قد قال فى حقها ‪ (:‬ماالتفت يمينا أو شمالً يوم أحد إل رأيت ها‬
‫تقاتل دونى وقد جرحت يومئذٍ إثنى عشر جرحا ) ‪.‬‬
‫وللشباب المسلم أن يأخذ الزاد و الثقة حينما يقرأ عن بعث أسامة بن زيد رضى ال عنه وكيف يفسح السلم المجال لكفاءات الشباب وعبقرياتهم‬
‫وتمكين هم من قيادة ال مر ح ين يكونون صالحين لذلك ‪ ،‬و فى تأم ير أ سامة على م ثل أ بى ب كر وع مر وعثمان وعلىّ ر ضى ال عن هم درس وزاد‬
‫ودليل على مدى التهذيب النفسى و الخلقى الذى وصلوا إليه بفضل هداية ال وتربية رسول ال صلى ال عليه وسلم وإرشاده لهم ‪.‬‬
‫ولكى تستفيد فائدة كبيرة من قراءتك للسيرة يا أخى اقرأها وكيأنك تعيش أحداثها مع رسول ال صلى ال عليه وسلم وصحابته ‪.‬‬
‫وفى مقابل ذلك وأنت على طريق الدعوة هذه اليام عليك أن تواجه الحداث و المواقف متخذا الموقف الذى يقفه رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫وصحابته لو كانوا بين أظهرنا يقودونا على الطريق ‪.‬‬

‫وفى العبادات زاد ( الصلة )‬


‫( فالعبادات تزود صاحبها بتقوى ال وهى خير زاد ‪ { ...‬يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذى خلقكم و الذين من قبلكم لعلكم تتقون } ‪ { ،‬يا أيها‬
‫الذين آمنوا استعينوا بالصبر و الصلة إن ال مع الصابرين } ‪ { ،‬واستعينوا بالصبر و الصلة وإنها لكبيرة إل على الخاشعين } ‪ {:‬إن الصلة‬
‫تنهى عن الفحشاء و المنكر } ‪ { ،‬يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون } ‪ { ،‬خذ من أموالهم صدقة‬
‫تطهره وتزكيهم بها وصلّ عليهم إن صلتك سكن لهم } { الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فل رفث ول فسوق ول جدال فى الحج‬
‫وما تفعلوا من خير يعلمه ال وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولى اللباب } ‪.‬‬
‫هكذا نجيد هذا العبادات مصيادر أسياسية ودائمية ومتجددة للزاد الذى يزكيى النفيس ويسيمو بهيا عين جواذب الرض ويعيين على تخطيى العقبات‬
‫وتفادى المنعطفات ‪.‬‬
‫ولكل عبادة من هذه العبادات زادها وأثرها الذى يغاير زاد وأثر العبادات الخرى من بعض الجوانب بحيث يكمل بعضها بعضا ‪ .‬وكما أنها تغطى‬
‫جوانب شخصية المسلم فهى كذلك تغطى أيام حياته فنجد منها المتكرر يوميا كالصلة خمس مرات فى اليوم ومنها المتكرر شهرا كل عام كالصوم‬
‫‪ ،‬ومنها ما يتم حسب الحوال كالزكاة و الحج حسب الستطاعة والمكان ‪.‬‬
‫وهناك أيضا مجال السنن و التطوع فى كل منها بعد الفرائض لكل راغب فى المزيد من الزاد و التقوى و القرب من ال ‪ ...‬وقد سن لنا رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم هذه السنن من منطلق حبه الخير لنا ‪.‬‬

‫الصلة ‪:‬‬
‫و سنحاول أن نجلى ب عض صور الزاد فى هذه العبادات ل عل فى ذلك ما يع ين ويي سر التزود ل كل راغب فى الزاد ولنبدأ بال صلة و ال المو فق و‬
‫المعين ‪.‬‬
‫ال صلة صلة بال تعالى ‪ ،‬صلة هذه النف خة في نا من روح ال بأ صلها لت ستمد م نه الحياة و النماء ‪ ...‬ال صلة قرب من ال وال نس بال ونرى‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول ك( وجعلت قرة عينى فى الصلة ) ونجده صلى ال عليه وسلم يقوم الليل ويستغرق فى صلته حتى تتورم‬
‫قدماه دون أن يشعر بألم ‪ ،‬فمن سما بروحه ومشاعره تضاءلت عنده متاعب الجسد وآلمه ‪.‬‬
‫ال صلة م صدر متجدد للطا قة الروح ية و الزاد و قد توز عت أوقات ها على الل يل و النهار لموا صلة التزود وتجد يد الر صيد من الزاد و قد ي سر ال‬
‫أداءها حتى ل نحرم الزاد فى كل الحوال والوقات فى السلم و الحرب فى السفر و القامة فى الصحة و المرض وهذا من فضل ال علينا ورحمته‬
‫بنا ‪.‬‬
‫فيى الصيلة اسيترواح وخلوص مين مشاغيل الحياة وعناءهيا لنقيف بيين يدى ال فيى خشوع وخضوع ‪ ،‬وركوع وسيجود ‪ ،‬نقرأ ونسيمع كلم ال‬
‫ون سبح ال ونعظ مه ‪ ...‬وندعوه ون ستغفره ‪ ...‬وكأن ال صلة معراج لرواح نا تعرج الى ال بعيدا عن جواذب الرض ‪ ،‬وف تن الحياة خا صة وأن‬
‫الصلة فرضت ليلة السراء و المعراج ‪.‬‬
‫من يق بل على ال صلة بقلب ن قى ون ية خال صة يف يض ال عل يه من أنواره وهداي ته وسكينته ورحم ته ب ما يع ين الم صلى على مجابهة الحياة ب كل‬
‫اطمئنان واستقرار نفسى ل فزع ل قلق ل خوف ل ضعف ‪ ،‬ويتحصن ضد الفتن و الفحشاء و المنكر ونزغات الشيطان فيكون فى حفظ ال ورعاة‬
‫ال ‪ ،‬شاعرا بمعية ال أينما سار وحيثما حلّ ‪ ،‬مطمئنا الى جنب ال ‪ ،‬متوكلً عليه مفوضا أمره إليه واثقا به كل الثقة فى طاعة وتسليم والتزام‬
‫كامل لكل أمر أو نهى دون تردد وهكذا يعيش العبودية الحقة و السعادة التامة و الرضوان الكامل ذلك لمن خشى ربه ‪.‬‬
‫يش عر الم صلى أ نه م نذ و قت قل يل كان ب ين يدى ال وب عد قل يل سيقف ب ين يدى ال مرة أخرى ‪ ،‬فل يل يق أن يغ فل ع نه أو ين ساه ب ين ال صلتين‬
‫وهكذا يظل المحافظ على صلته لوقتها داخل المجال التأثيرى الربانى للصلة ليكاد يبعد عنه ‪ ،‬فل يتمكن الشيطان من الخلوة به والنحراف به‬
‫عن الصراط المستقيم ‪ {:‬إن الصلة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا } ‪.‬‬
‫كان رسولنا الحبيب صلى ال عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع الى الصلة فيجد الراحة و المن و التوفيق و الطمأنينة ‪ ،‬وكان دائما ما يقول لبلل‬
‫رضى ال عنه ‪ ( :‬أرحنا بها يا بلل ) فالصلة للمؤمن كالواحة الوارفة وسط صحراء الحياة ولفحها ‪.‬‬
‫هذا الخضوع ل و الركوع ب ين يدى ال فى ال صلة ي مد صاحبه ب كل معا نى العزة ‪ ،‬فالم صلى لير كع ول ينح نى إل ل فى إجلل وتعظ يم ‪ ،‬ول‬
‫ينحنى لبشر ول يخشى إل ال ‪ {:‬الذين يبلغون رسالت ال ويخشونه ول يخشون أحدا إل ال } وكلما عظمنا ال وقدرناه حق قدره ازددنا إقبال‬
‫على طاعته واللجوء إليه والطمئنان الى جانبه ‪ ،‬وازددنا نفرة من معصية ال ومخالفة أمره وفى هذا زاد ‪.‬‬
‫هذا السجود ل فى الصلة من أعلى المقامات فيه العبودية الحقة و التذلل الخالص ل ‪ ،‬فيه القرب و النس وها هو رسول ال صلى ال عليه‬
‫و سلم عاش حقي قة ال سجود ل وتذوق لذ ته و ما ف يه من قرب من ال و سعادة روح ية فكان يط يل ال سجود فى تهجده بالل يل ح تى ت ظن عائ شة أم‬
‫المؤمن ين ر ضى ال عنها أ نه ق بض ‪ ...‬و قد نبه نا ر سولنا الكر يم الى هذا الخ ير ‪ ،‬ورغب نا ف يه فقال ما معناه أقرب ما يكون العبد من ر به وهو‬
‫ساجد ‪ ...‬يستشعر المصلى هذا المعنى وهو ساجد ويحس بهذا القرب وأن هذا أشرف وأسمى وضع له فى هذه الدنيا لنه حينئ ٍذ يكون أقرب ما‬
‫يكون من ربه حينئذٍ تكون السعادة و الزاد ‪.‬‬
‫وجل سة التش هد و ما تحو يه من معان ومشا عر وجدان ية سامية نتقرب الى ال بالتحيات المباركات و ال صلوات الطيبات ‪ ،‬ونتو جه بتح ية ال سلم‬
‫لرسولنا الحبيب السلم عليك أيها النبى ورحمة ال وبركاته ‪ ،‬ثم نعود بالسلم علينا وعلى عباد ال الصالحين ‪ ،‬ثم نقرّ بالشهادتين ونصلى ونسلم‬
‫على رسولنا الحبيب ‪ ،‬ما أروعها جلسة حينما نعيشها بين يدى ال تعالى مع رسوله صلى ال عليه وسلم وحولنا عباد ال الصالحون من أمة‬
‫محمد صلى ال عليه وسلم وال تعالى ينظر إلينا ويتجلى علينا من عليائه بعين الرضا و القبول ‪ ،‬ثم نخرج من الصلة بعد هذه الجلسة الممتعة‬
‫لنواجه الحياة بنفوس رضية هانئة ‪.‬‬
‫حركات الصلة تعود على المصلى بفائدة صحية فى بدنه ‪.‬‬
‫إن التزامنا لحركات الصلة كما علمنا إياها رسول ال صلى ال عليه وسلم فى الركعة ركوع واحد وسجدتان وليس ركوعين وسجدة واحدة هذا‬
‫اللتزام فيه معنى العبودية المطلقة ل و التسليم المطلق لوامر ال ولو لم تظهر لنا الحكمة ‪ ،‬فما طرد إبليس من رحمة ال لمجرد معصيته أمر‬
‫ال بالسجود لبينا آدم مع الملئكة ولكن لنه اعترض على مقتضى المر وحكمة ال فيه ‪ ،‬وهكذا نتعلم من الصلة هذا المعنى السامى للعبودية‬
‫ل‪.‬‬
‫إن التهييؤ للصيلة بطهارة البدن و الثوب و المكان والوضوء يربيى المسيلم على النظافية و النقاء و الذوق السيليم الذى ينفير مين القاذورات و‬
‫النجاسات الحسية و المعنوية ‪ ،‬وحينما تصاحب الطهارة الحسية طهارة القلب من كل ما يغضب ال فالقلب موضع نظر ال فى الصلة فل حقد ول‬
‫حسد ول بغضاء ول شحناء بينه وبين إخوانه المسلمين وهذا زاد هام وضرورى للمسلم عموما ولسالك طريق الدعوة خصوصا ‪.‬‬
‫إن شرط صحة الصلة بدخول الوقت و الحرص على أدائها قبل خروج وقتها يعوّد المصلى على الدقة فى المواعيد و الوفاء بها ويعوّده الحرص‬
‫على الو قت بح يث ل يله يه أى أ مر ويش غل عل يه وق ته دون انتباه ‪.‬فإن أوقات ال صلة تنب هه وتوق ظه من غفل ته ‪ ،‬وهكذا لي سمح لى عرض من‬
‫أعراض الدنيا أن يزحم عليه وقته وفكره عن ذكر ال وإقام الصلة و الع مل و الجهاد فى سبيل ال ‪ ،‬هذه الصفات لزمة وهامة لكل من يسلك‬
‫طريق الدعوة ويرتبط بالعمال و المواعيد واللقاءات ‪.‬‬
‫تحرى القبلة و التوجه إليها يعوّد المسلم على معرفة التجاهات وجغرافية المكان بالنسبة للكعبة بيت ال الحرام وفى الشعور باتجاه المسلمين فى‬
‫أنحاء العالم الى قبلة واحدة يكسب المسلم الشعور بالوحدة مع إخوانه المسلمين وارتباطه بهم وهذا معنى تربوى هام يلزم تحقيقه بين المسليمن‬
‫كى يستطيعوا مواجهة أعداء السلم ‪ ،‬كما أن التوجه الى القبلة يلزم أن يصاحبه توجه القلب الى ال بإخلص النية وتنقيتها من آثار الرياء أو‬
‫الشرك وإخلص الوجهة من أهم ما يلزم الداعية الى ال فى طريق الدعوة ‪.‬‬
‫السيتجابة للنداء للصيلة بمجرد سيماعه و التخلص مين كيل شواغيل الدنييا فييه مجاهدة وتقويية للرادة و العزيمية و التغلب على أهواء النفيس‬
‫ومطامعها وفى ذلك زاد وتربية لها أثرها العملى فى حياة الداعى الى ال وترتيب الولويات فى المهام و المور ‪.‬‬
‫انتظام الصفوف فى الصلة وتسويتها والتزام المام وعدم سبقه وكذلك الفتح عليه إذا نسى أو أخطأ كل ذلك له آثاره التربوية فى نفس المسلم‬
‫فالجندية و النظام و الطاعة للقيادة مع النصح و التنبيه للخطأ أمور لزمة للعاملين فى حقل الدعوة السلمية و المجاهدين فى سبيل ال ‪.‬‬
‫الشعور بالمساواة فى صف واحد بين يدى ال لفرق فى الوقوف بين غنى وفقير ‪ ،‬ل تعالى ‪ ،‬ل كبر فالكل سواء بين يدى ال ‪ ،‬بل قد يضع الغنى‬
‫جبهته ساجدا ل قريبا من قدمى الفقير فى الصف الذي أمامه دون حرج أو اشمئزاز ‪ ،‬وفى هذا مجال تربوى هام وزاد ضرورى لتآلف المسلمين‬
‫وتقاربهم وتقوية الصلة بينهم ‪.‬‬
‫اجتماع المسلمين على الصلة فى المسجد فى الوقات الخمسة وفى صلة الجمعة وفى العيدين من شأنه أن يتيح الفرصة بين المسلمين فى الحى‬
‫الوا حد أو البلدة الواحدة للتعارف والتآلف و الوحدة و التعاون فيعطون المحتاج ويعودون المر يض ويشارك بعض هم بعضا فى أفراح هم وأتراح هم‬
‫ويتعاطفون ويتراحمون فيما بينهم ‪.‬‬
‫حرص المسلمين على الصلة فى المسجد يربطهم بالمسجد ويعيد للمسجد رسالته الهامة التى كانت له فى أول الدعوة فمسجد رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم كان يدبر فيه أمر المسلمين وتجيش منه الجيوش وترسم الخطط ويتدارس فيه كل ما يهم المسلمين وما أحوج المسلمين اليوم الى‬
‫العودة بالمسجد الى رسالته الولى ‪.‬‬
‫هكذا نجد الصلة كلها زاد على الطريق وكل ما يتصل بها يغذى المصلى بنوع من الزاد لزم وضرورى له ‪.‬‬
‫ول أدعى أنّى أحطت بكل ما فى الصلة من مصادر وينابيع الخير و الزاد ولكن هذا جهد المقل ونسأل القبول والخلص ‪.‬‬

‫وفى العبادات زاد ‪ ( .......‬الصوم )‬


‫ذكرنا أن العبادات من صلة وصيام وزكاة وحج تعتبر مصادر هامة ومتجددة للزاد على الطريق‪ ،‬وقد حاولنا توضيح ذلك بالنسبة للصلة ‪ ،‬وها‬
‫نحن نحاول ذلك بالنسبة للصوم بعون ال يقول ال تعالى ‪ {:‬يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون }‬
‫فالصوم يلبس صاحبه لباس التقوى وهو جنة وحصانة للصائم من الشرور و الفتن ‪ ،‬ويتميز الصوم من بين سائر العبادات بخاصية النسبة الى‬
‫ال تعالى ‪ ،‬فعن أبى هريرة رضى ال عنه قال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ (:‬قال ال عز وجل كل عمل ابن آدم له إل لصوم فإنه لى‬
‫وأنا أجزى به ‪ ،‬والصيام جُنّة فإذا كان يوم صوم أحدكم فل يرفث ول يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إنى صائم ‪ ،‬والذى نفس محمد بيده‬
‫لخلوف فم الصائم أطيب عند ال من ريح المسك ‪ ،‬للصائم فرحتان يفرحهما ‪ ،‬إذا أفطر فرح بفطره وإذا لقى ربه فرح بصومه ) متفق عليه ‪.‬‬
‫وقد ارتبطت فريضة الصوم بشهر رمضان ‪ ،‬وإذا ذكر رمضان فكأنما تذكر جنة فيحاء يمر بها المسلم وهو يسير وسط صحراء الحياة ولفحها‬
‫وفتنها ‪ ،‬وإذا كان الصيام كله زادا وخيرا فكونه فى شهر رمضان من شأنه أن يضاعف هذا الزاد ويزيد الصيام بها خيرا ‪ ،‬فقد خ صّ ال شهر‬
‫ى للناس‬
‫رمضان بخير كثير يجعلنا لو علمنا هذا الخير لتمنينا رمضان السنة كلها ‪ ،‬ففيه نزل القرآن ‪ {:‬شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن هد ً‬
‫وبينات من الهدى و الفرقان } وفيه ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر ‪ .‬وفيه تفتح أبواب الجنة وتغلق أبواب النار‬
‫وتصفد الشياطين وفيه يضاعف الجر وفيه العتكاف و القيام ‪ ،‬وهكذا يستقبل المسلم الصادق شهر رمضان بالفرح و السرور ‪ ،‬فرح المؤمنين‬
‫بفضل ال ورحمته يستروح فيه من عناء الحياة ويتزود ويجدد نشاطه كى يواصل السير على الطريق ول يستمتع بذلك الخير ويحصل على ذلك‬
‫الزاد إل من عاش رمضان وأدى الصوم كما أرشد رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫ففى شهر رمضان يزداد إقبالنا على القرآن تلوة وممارسة وحفظا ونقوم به الليل فننهل بذلك من معين ل ينضب نورا وحكمة وهداية وموعظة‬
‫وشفاء لما فى الصدور وفى ذلك زاد أى زاد ‪.‬‬
‫و فى ش هر القيام يؤدى ال صائمون القيام كل ليلة شهرا كاملً و فى ذلك زاد مك ثف وتطو يع للن فس على العبادة و ال صبر علي ها وتذوق ها ومداو مة‬
‫الصلة و القرب من ال و الخضوع و الخشوع له ‪.‬‬
‫وفى شهر رمضان يسن العتكاف ‪ ،‬وللعتكاف آثاره وانطباعاته على المعتكف فهو يعيش فترة فى ضيافة ال فى بيت ال وقد خلص من مشاغل‬
‫الحياة وتفرغ لطا عة ال و التقرب الى ال بالذ كر و ال صلة و الدعاء و المناجاة وقراءة القرآن وال ستغفار و التو بة و البكاء من خش ية ال ‪،‬‬
‫وهكذا يكرم ال أضيافه فيفيض عليهم بأنواره وهدايته ويخرجون مزودين بزاد من التقوى واليمان والرشاد ‪ ،‬وفى وسط آيات ال صوم تجد قول‬
‫ال تعالى ‪ {:‬وإذا سألك عبادى عنى فإنى قريب أجيب دعوة الداعى إذا دعان فليستجيبوا لى وليؤمنوا بى لعلهم يرشدون } ‪.‬‬
‫و الصوم يكسب الصائم صفة الخلص ل وحسن مراقبته لنه س ٌر بين العبد وربه ‪ ،‬والخلص ل من أعظم وألزم الزاد لكل مسلم على طريق‬
‫الدعوة ‪ ،‬فل خير من عملٍ أو جهد إذا خل من الخلص ل سبحانه فال غنى عن الشركة ول يقبل إل العمل الخالص لوجهه ‪.‬‬
‫و الصوم فيه مجاهدة لرغبات النفس و الجسد ‪ ،‬وفى ذلك تقوية لرادة المسلم ‪ ،‬وهذا زاد لزم ضرورى للداعى الى ال و المجاهد فى سبيل ال ‪.‬‬
‫فال صائم يك بح جماح نف سه وشهوا ته على الحلل فترة من اليوم طوال الش هر أدا ًء لعبادة ال صوم ‪ ،‬و فى ذلك عون له على أن يمت نع عن الحرام‬
‫باقى الوقات ‪.‬‬
‫الصوم يكسب الصائم فضيلة الصبر وهى من ألزم الصفات للدعاة الى ال فيعينهم الصبر على تخطى العقبات ومواصلة السير على طريق الدعوة‬
‫دون وهن أو ضعف أو استكانة ‪ {:‬فما وهنوا لما أصابهم فى سبيل ال وما ضعفوا وما استكانوا وال يحب الصابرين } فل يثنيهم وعيد أو تهديد‬
‫أو إيذاء أو تشريد ‪.‬‬
‫الصوم يربى الجوارح ويهذبها شهرا كاملً فتعتاد ذلك فل يقتصر الصوم على شهوتى البطن و الفرج ‪ ،‬ولكن الصوم الصحيح أن تصوم الجوارح‬
‫كلها عن كل ما حرّم ال ‪ ،‬فالعين والذن واللسان و اليد و الرجل بجانب الفم و الفرج ‪ ،‬وهذا جانب تربوى هام فى شخصية المسلم ‪.‬‬
‫ال صوم يكسب صاحبه فضيلة الحلم على الجاهل ين ‪ ،‬فإذا خا صمه أ حد أو سابه أو ا ستثاره يك ظم غي ظه ويحلم ويقول إ نى صائم إ نى صائم ‪ .‬و ما‬
‫أحوج الداع ين إلى ال الى هذا الخلق من ض بط الن فس و سعة ال صدر وعدم الغ ضب للن فس و فى هذا ك سب ل صالح الدعوة ‪ {:‬ولو ك نت فظا غل يظ‬
‫القلب لنفضوا من حولك } و فى هذا أيضا توف ير للو قت والج هد ل صالح الدعوة والنتاج بد ًل من تضي يع الو قت و الج هد نتي جة الغ ضب فى جدال‬
‫وخلفات وتحقيقات ومصالحات ويكون الضحية الدعوة والنتاج و العمل لها ‪ ،‬وصدق ال العظيم ‪ {:‬ول تستوى الحسنة ول السيئة ادفع بالتى هى‬
‫أحسن} ‪.‬‬
‫ال صوم ير بى فى قلب ال صائم الع طف على الفق ير و المحتاج حين ما يش عر بألم الجوع في سارع الى مد يد العون له وجاءت زكاة الف طر لتؤ كد هذا‬
‫المعنى وتذكّر به وهذا جانب تربوى هام ويلزم أن يسود بين المسلمين ‪.‬‬
‫أثناء الصيام وخلو المعدة وتخفيفها من الطعام تسمو الروح ويصفو القلب وتزول الحجب وجواذب الرض ‪ ،‬فيكون الصفاء والشراق ويشع نور‬
‫الحق فى القلوب فيضيئها وتتهيأ النفس للتزكية بالذكر و تلوة القرآن والستغفار و التوبة و الدعاء وتكون السعادة الحقة و المتعة الروحية و‬
‫الشعور بالقرب مين ال ويؤكيد هذا المعنيى قول الرسيول صيلى ال علييه وسيلم ‪ (:‬إن الشيطان يجرى مين ابين آدم مجرى الدم فضيقوا مجارييه‬
‫بالجوع ) متفق عليه ‪.‬‬
‫الصوم وخاصة أيام الحر الشديد يهيىء المسلم للصبر و التحمل فى ميادين الجهاد و القتال ومجالدة العداء أو ما قد يمر به من ظروف قاسية‬
‫فى مجالت الدعوة وميادينها ول تكون جواذب الرض ومطالب الجسد معوقا له أو مقعدة عن مواصلة السير ‪.‬‬
‫الصوم يعلّم الصائم ما يفرح له المؤمن من توفيق ال وعونه لداء العبادة والخلص ل حينما يذكرنا رسول ال صلى ال عليه وسلم أن للصائم‬
‫فرحتيين إذا أفطير فرح ‪ ،‬وإذا لقيى ربيه فرح بصيومه ‪ {:‬قيل بفضيل ال وبرحمتيه فبذلك فليفرحوا هيو خيير مميا يجمعون } وفيى هذا تصيحيح‬
‫لتصورات خاطئة عند الكثير عندما يفرحون لعراض الدنيا حينما تقبل عليهم ويحزنون عند افتقادها ‪.‬‬
‫الصوم يدعم معنى الجماعة فى نفس الصائم ‪ ،‬فالمسلمون فى أنحاء العالم يصومون فى شهر واحد ويحسون أن ما فيه من خير بسبب الصوم ‪،‬‬
‫وش هر رمضان يشارك هم ف يه إخوان هم فى جم يع أنحاء العالم على اختلف أجنا سهم وألوان هم والشعور بوحدة الم سلمين أ مر هام ولزم خا صة‬
‫لصحاب الدعوات ‪.‬‬
‫ن لنا رسول ال صلى ال عليه وسلم صيام أيام غير الفريضة على مدار العام رغبنا فى ذلك من منطق حرصه صلى‬
‫ولما فى الصوم من خير س ّ‬
‫ال عليه وسلم وحبه الخير لنا ‪.‬‬
‫وإذا كان من رح مة ال ب نا وح به الخ ير ل نا ي سر ل نا الصلة فى السفر و المرض و الحرب ولك نه خففها بعض الشىء علي نا حتى لنحرم خيرها‬
‫وزادها فإنه سبحانه من منطلق رحمته بنا وكى ليشق علينا رخص لنا فى الصوم بالقضاء أو الفدية فى السفر أو المرض ‪.‬‬
‫الصيوم يربيط المسيلم بهذا الكون وميا فييه مين أقمار ونجوم حيين يتحرى أول الشهير ويبحيث عين الهلل فيى أول رمضان وأول شوال ويتحرى‬
‫مطالعه ويتعرف على هذا الجانب من خلق ال وما فيه من دللة على عظمة ال وقدرته ‪.‬‬
‫ال صوم يعود الم سلم على الهتمام بالوقات و الد قة فى المواع يد ف كل صائم يتحرى و قت الم ساك وو قت الفطار ويد قق فى ذلك ح تى ل يب طل‬
‫صومه ب سبب الهمال أو عدم الد قة و تكرار ذلك كل يوم لمدة ش هر يك سب صاحبه هذه الخا صية و ما أحوج الداع ين الى ال إلي ها فى حيات هم‬
‫بالدعوة ولقاءاتهم وعملهم بما ل يتسبب فى تعطيل أمر هام أو ضياع أوقات غيرهم دون فائدة ‪.‬‬
‫الصوم مع ذلك كله له آثاره الصحية المباركة على الجسد وقد كشف الطب الحديث هذه الحقيقة أخيرا ولجأت بعض المصحات الى الصوم كوسيلة‬
‫فعالة فى علج كثير من المراض ‪.‬‬
‫كل هذا الزاد وهذه الثار التربوية فى الصوم وشهر رمضان سهلة المنال لمن صدق النية وصام كما يريد ال لنا أن نصوم وكما علمنا رسولنا‬
‫الكريم صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫أميا مانراه اليوم عنيد كثيير مين المسيلمين ح يث تحول الشهير الصيوم الى شهير التخمية والكثار مين ألوان الطعام بدلً مين الجوع والقلل مين‬
‫الطعام ‪ ،‬ومين تحول شهير العبادة و القيام و القرآن الى شهير السيمر و اللهيو وأنيه فرصية الفنانيين و الفنانات ليقوموا بإحياء ليالى رمضان‬
‫بف سادهم وإف سادهم ‪ ،‬وهذا الح شد من المنكرات أقول إن هذا كله تشو يه لحقي قة رمضان وحال ل ير ضى عن ها ال ول ر سوله ويلزم الع مل على‬
‫تصحيحها ‪.‬‬
‫وأخيرا أسأل ال أن ينفعنا بخير رمضان وزاد الصيام وما ذكرته ليس إحاطة بالموضوع ولكن بعض جوانبه نفعنا ال بها ‪.‬‬

‫وفى العبادات زاد ‪ ( ......‬الزكاة )‬


‫( الزكاة كما هو واضح من اسمها تزكية للنفس وسمو بها عن جواذب الرض وتطهر من الدنس والوزار وال سبحانه وتعالى قرر ذلك فى قوله‬
‫تعالى ‪ {:‬خذ من أموال هم صدقة تطهر هم وتزكي هم ب ها } وتزك ية الن فس وتطهير ها زاد عظ يم وفلح كبير ‪ {:‬قد أفلح من زكا ها و قد خاب من‬
‫دساها } فالزكاة و الصدقات والنفاق فى سبيل ال عموما تعبد وتقرب الى ال وفى الوقت ذاته زاد روحى وتربوى هام )‬
‫النسان فى فطرته حب المال وحب التملك ‪ ،‬والقرآن يقرر ذلك ‪ {:‬وتحبون المال حبا جما } وفى حديث رسول ال صلى ال عليه وسلم ما معناه‬
‫أو لو كان ل بن آدم واد من ذ هب لتم نى أن يكون له واد آ خر و ما يمل ع ين ا بن آدم إل التراب ) و فى فطرة الن سان ال شح ‪ {:‬إن الن سان خلق‬
‫هلوعا إذا م سه ال شر جزوعا وإذا م سه الخ ير منوعا } { و من يوق شح نف سه فأولئك هم المفلحون } ولذلك نرى هذا التكالب من الناس على‬
‫أعراض الدنيا واقتتالهم عليها وهذه النانية وهذا الصراع بين الناس بعضهم البعض و الحقد و الكراهية و الحسد والنانية الى مستوى الحيوانية‬
‫إذا خل المجتمع من معانى اليمان ‪.‬‬
‫ول كن إ سلمنا العظ يم يهذب ذلك كله وي سمو بنفوس الم سلمين ويعالج ارتباط هم بالمال وأعراض الدن يا ‪ ،‬فيعلم الم سلم أن المال مال ال فى يده‬
‫وأنه عرض زائل يستعين به لداء رسالته فى الحياة وهى عبادة ال ‪ ،‬وأن ال يقسم الرزاق بحكمته وعلمه وأن السلم ينظم توزيع المال بين‬
‫الناس وتكافل هم بطري قة ل نظ ير ل ها ول مث يل ب ما يح قق الحياة الطي بة الكري مة الخال ية من الشحناء و البغضاء و الح سد و الكراه ية بل يعم ها‬
‫الحب واليثار و القناعة و الرضا و الرحمة و الشفقة ‪ ،‬وكما يضع العقوبة الزاجرة لمن تسول له نفسه بعد ذلك أن يعتدى على حقوق الغير ‪.‬‬
‫كما رسم السلم الطريق للكسب والنفاق ‪.‬‬
‫وسنعرض هنا بعض الزاد النافع المتصل بالزكاة والنفاق فى صورة نقاط وبال التوفيق ‪:‬‬
‫‪ -‬فى إخراج الزكاة والنفاق فى سبيل ال تطويع للنفس وترو يض لها على مغالبة حب المال و التعلق به وحث على العطف على الفقراء و‬
‫المحتاجيين وكذلك الشعور بالمشاركية فيى أمور المية السيلمية ‪ ،‬والدولة السيلمية و الجهاد فيى سيبيل ال ولذلك كله أثره فيى بناء شخصيية‬
‫المسلم الحق المتكاملة النافعة وما أحوج أصحاب الدعوات لهذه المعانى ‪.‬‬
‫‪ -‬من يمتثل أمر ال بإخراج الزكاة و الصدقات والنفاق فى سبيل ال يشعر أن المال مال ال وأنه يتصرف فيه حسب أوامر وتعاليم صاحبه‬
‫سبحانه وأنه ليحل له أن يخالف هذه التعاليم فى جمعه وصرفه ‪.‬‬
‫‪ -‬المسلم ينظر الى المال علىأنه وسيلة يستعين بها على طاعة ال وأن جمعه ليس غاية ‪ ،‬وبهذا يظل المال فى أيدينا نستخدمه ونستعين به ول‬
‫يدخل الى قلوبنا ويستحوذ عليها ويسخرنا له ويستخدمنا لجمعه وحراسته وتنميته ويصير شغلنا الشاغل ‪ {:‬ألهكم التكاثر حتى زرتم المقابر } ‪{:‬‬
‫ويل لكل همزة لمزة الذى جمع ما ًل وعدده يحسب أن ماله أخلده كل لينبذن فى الحطمة } ‪.‬‬
‫‪-‬الزكاة تعلم المسلم أن هذا التفاوت فى الرزاق من صنع ال وتقديره لحكمته ‪ ...‬فهو بعباده خبير بصير ولكى تسير الحياة بين الناس فى تعاون‬
‫ويخدم بعض هم بعضا ‪ {:‬ال يب سط الرزق ل من يشاء ويقدر } ‪ { ،‬أ هم يق سمون رح مة ر بك ن حن ق سمنا بين هم معيشت هم فى الحياة الدن يا ورفع نا‬
‫بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ورحمة ربك خير مما يجمعون } ‪.‬‬
‫‪ -‬المؤمن الصادق يعتقد أن ما حصل عليه من مال إنما هو من فضل ال وليس بمقدرته الشخصية وعلمه كما قال قارون إنما أوتيته على علم‬
‫عندى ‪.‬‬
‫‪ -‬المؤمن يرضى بما قسمه ال له من رزق فال بعباده خبير بصير ‪ {:‬ولو بسط ال الرزق لعباده لبغوا فى الرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء إنه‬
‫بعباده خبير بصير } ‪.‬‬
‫‪ -‬الزكاة تربى فى نفس المزكى الثقة المطلقة بال و الثقة بما عند ال أكثر من الثقة بما فى يده ‪ ،‬فظاهر المر أن الزكاة أخذ من المال أو‬
‫انتقاص له ولكن المزكى يثق بعكس ذلك ‪ ...‬وكما أن الربا ظاهره زيادة فى المال ولكن فى حقيقته محق له وتدمير وإهلك وذلك مصداقا لقول‬
‫ال تعالى ‪ {:‬و ما أوتيتم من ر با لير بو فى أموال الناس فل ير بو عند ال ‪ ،‬و ما أوتيتم من زكاة تريدون و جه ال فأولئك هم المضعفون } وكذا‬
‫إنذاره بحرب من ال ورسوله لمن ل يترك الربا ‪.‬‬
‫‪ -‬الزكاة تدفع المسلمين لستثمار أموالهم بما ينفع المسلمين بدلً من تعطيلها ‪ ،‬وفى ذلك نماء وقوة للسلم و المسلمين ودفعا إليهم لستعمار‬
‫الرض والفادة من نعم ال وعدم تحكم غيرهم فى اقتصادهم ‪. .‬‬
‫‪ -‬غ ير المؤمن ين مقياسهم المال ويقدرون الناس بقدر ما عندهم من مال ولو كانوا ضالين مفسدين ‪ ،‬ولكن المؤمن ين مقياسهم ربا نى ‪ {:‬إن‬
‫أكرمكم عند ال أتقاكم } وينزلون المال قدره المناسب على أنه عرض زائل وليس من مقومات الشخصية ‪.‬‬
‫‪ -‬غير المؤمنين يفرحون فرحا شديدا عندما يقبل عليهم المال وأعراض الدنيا وقد يكون فى هذا القبال هلكهم وزيغهم ويجزعون جزعا شديدا‬
‫عند إدبار الدنيا و المال عنهم ‪ ،‬وقد يدفع هذا الجزع بعضهم الى النتحار ‪.‬‬
‫‪ -‬أما المؤمن فحاله متقارب عند إقبال الدنيا أو إدبارها فل يفرح بما آتاه ‪ ،‬ول يجزع أو يأسى على ما فاته فيطمئن الى أن هذا هو قدر ال وقدر‬
‫ال له خير ‪ ...‬ويكون فرح المؤمن بفضل ال ورحمته وتوفيقه وهدايته ‪ {:‬قل بفضل ال وبرحمته هو خير مما يجمعون } ‪.‬‬
‫‪ -‬المال يمكن أن يكون وسيلة لجلب الخير و الثواب العظيم إذا جمع من حلل وأنفق فى سبيل ال وأدى حق ال فيه ويمكن أن يكون وسيلة شر‬
‫وجلب لغضب ال وعذابه فى الخرة إذ ا لم يتجه صاحبه الطرق الحلل فى جمعه ولم يؤد حق ال فيه ‪.‬‬
‫هؤلء الذ ين يحر صون على المال وعلى جم عه واكتنازه يخطئون الطر يق فالمحاف ظة الحقيق ية للمال تكون بإنفا قه فى سبيل ال ‪ ،‬وتنمي ته تكون‬
‫بذلك أيضا ‪ ...‬فال تعالى يقول ‪ {:‬م ثل الذ ين ينفقون أموالهم فى سبيل ال كم ثل حبة أنبتت سبع سنابل فى كل سنبلة مائة ح بة وال يضاعف‬
‫ل من يشاء وال وا سع عل يم } ويقول ر سول ال صلى ال عل يه و سلم ‪ (:‬ل يس لك يا بن آدم من مالك إل ما أكلت فأفن يت أو لب ست فأبل يت أو‬
‫تصدقت فأبقيت ) ‪.‬‬
‫‪ -‬المزكى يشعر أن ما يعطيه للفقير المحروم ليس تفضلً منه ولكنه حق معلوم قسمه ال لهذا الفقير أجراه ال على يديه وكان من الممكن أن‬
‫يتبادل المراكز مع هذا الفقير ويكون هو المتصدّق عليه و الفقير هو المزكى ‪.‬‬
‫‪ -‬القرآن يحثنا على عدم إبطال ثواب الصدقات بالمن والذى و الرياء وفى هذا جانب تربوى هام ينمى الخلص ل سبحانه وتعالى وكف الذى‬
‫عن الناس و الحث على المودة و الرحمة ‪ {:‬يا أيها الذين آمنوا ل تبطلوا صدقاتكم بالمن والذى كالذى ينفق ماله رئاء الناس } بل يريد وجه‬
‫ال فقط ‪.‬‬
‫‪ -‬ال طيب ل يقبل إل طيبا و القرآن يحثنا على النفاق من الطيب الذى نحبه ول نقدم الخبيث وهذا جانب تربوى هام فيه مقاومة للنانية وحب‬
‫الن فس ‪ {:‬يا أي ها الذ ين آمنوا أنفقوا من طيبات ما ك سبتم وم ما أخرج نا ل كم من الرض ول تيمموا ال خبيث م نه تنفقون ول ستم بآخذ يه إل أن‬
‫تغمضوا فيه واعلموا أن ال غنى حميد } ‪ { ،‬لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون } ‪.‬‬
‫‪ -‬ما أجمل أن تسمو مشاعر المتصدق فيحس أن حاجته للفقير ليتصدق عليه أشد من حاجة الفقير إليه ‪ ،‬ذلك أنه أشد حاجة الى الحسنات وثواب‬
‫ال يوم القيامة من حاجة الفقير الى المال فى الدنيا ‪ ...‬يحتاج الى ثواب ال لينجيه من العذاب ويدخل جنة ال ‪ ،‬ولهذا فعليه أن يسعى هو الى‬
‫الفقير ل ينتظر شكرا من الفقير بل عليه هو أن يشكر الفقير الذى أتاح له فرصة زاد ينفعه فى الخرة ‪.‬‬
‫يخطىء الكثيرون عندما يقيسون نعم ال بما يدخل فى جيوبهم من راتب أو دخل وينسون نعم ال عليهم من سمع و بصر وعقل ونطق وغير ذلك‬
‫وكأن ذلك حق مكتسب ليس ل فيه فضل عليهم ‪ ،‬فما أجدرنا أن نصحح هذه النظرة ونحس بفضل ال ونعمه علينا وأننا لو خيرنا بين أى نعمة‬
‫من هذه النعم وبين قناطير من الذهب ما رضينا بديلً عنها ‪.‬‬
‫المزكى أو المتصدق يلزم أن يشعر أنه حينما يعطى الفقير إنما يقدم هذا العطاء ل ‪ {:‬ألم يعلموا أن ال هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات‬
‫} وقد تذوقت السيدة عائشة رضى ال عنها هذا المعنى من هذه الية فكانت تنظف وتجلى درهم الصدقة ‪.‬‬
‫‪ -‬إن المؤمن الحق ليستحى من ال المنعم المتفضل وهو يدعوالمسلمين الى النفاق فى سبيل ال فى صورة طلب قرض ‪ {:‬من ذا الذى يقرض‬
‫ال قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة } ‪ ،‬فمن تذوق هذ الية حق التذوق ل يملك إل أن يستجيب مقدما كل ما يملك فى حياء وخشوع ‪.‬‬
‫‪ -‬ما أجدرنا أن نقتدى برسول ال صلى ال عليه وسلم وصحابته فى الجود والنفاق فقد كان صلى ال عليه وسلم أجود من الريح المرسلة ‪،‬‬
‫وكان أجود ما يكون فى رمضان ‪ ،‬وخرج كث ير من ال صحابة عن أموال هم فى سبيل ال ولجيوش الم سلمين ويروى أن أ حد ال صحابة كان ين فق‬
‫بسخاء فراجعه فى ذلك بعض القريبين منه فقال لهم عودت خلق ال عادة وعودنى ال عادة وهى الكرم فأخشى أن أغير عادتى مع خلقه فيغير‬
‫عادته معى ‪.‬‬
‫‪ -‬أسلوب القرآن يحث على المسارعة بالنفاق ق بل فوات الوان بالموت وهذا جانب تربوى هام ينمى صفة الم سارعة الى الخيرات ‪ {:‬أولئك‬
‫ي سارعون فى الخيرات و هم ل ها سابقون } ‪ {:‬أنفقوا م ما رزقنا كم من ق بل أن يأ تى أحدكم الموت فيقول رب لول أخرت نى الى أ جل قر يب فأ صدق‬
‫وأكن من الصالحين ولن يؤخر ال نفسا إذا جاء أجلها وال خبير بما تعملون } ‪.‬‬
‫‪ -‬إن شمول فريضة الزكاة لكثير من أنواع الثمار والمحاصيل و الحيوانات وغيره فيه معنى مشاركة الفقير لكل هذه النواع وعدم حرمانه من‬
‫شىء منها بسبب فقره ‪.‬‬
‫وهكذا نجد الزكاة والنفاق كله دروس وزاد لمن أراد أن يتزود ‪.‬‬
‫ول أدعى أنى أحطت بالموضوع كاملً وللمستزيد أن يستزيد ‪ .......‬وبال التوفيق ‪.‬‬

‫وفى العبادات زاد ‪ ( ....‬الحج )‬


‫{ الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فل رفث ول فسوق ول جدال فى الحج وما تفعلوا من خير يعلمه ال } ‪.‬‬
‫زاد ال حج زاد مك ثف وف ير يكرم ال به زوار بي ته الحرام ‪ ،‬فالفيوضات الربان ية أثناء فترة ال حج و فى الما كن المقد سة وع ند أداء هذه الشعائر‬
‫فيوضات غامرة من النور و الهدا ية و التقوى و الرح مة و ال سكينة ‪ ،‬خا صة إذا كان جهاز ال ستقبال و هو قلب الحاج سليما نقيا نظيفاَ مخل صا‬
‫الوجهة ل ‪ ،‬فالمشاعر الوجدانية التى تتملك الحاج قبل سفره من رغبة ملحة وشوق كبير لداء فريضة الحج وزيارة بيت ال الحرام وقبر رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم و التى تزداد أثناء السفر ‪ ،‬ثم اللحظات التى يقع فيها البصر لول مرة على الكعبة المشرفة ‪ ،‬ما أعظمها وأروعها من‬
‫لحظات فكأن شحنة روحية تدفقت على القلب الحاج فملته خشية وخشوعا ل وتعظيما ومهابة لبيت ال الحرام ‪ ،‬وعند استلم الحجر السعد يمين‬
‫ال فى الرض ‪ ،‬وعند الوقوف بأعتاب الكعبة عند الملتزم حيث تسيل العبرات وتذرف دموع الخشية و الضراعة و التوبة و الندم ‪ ،‬وهناك أيضا‬
‫على عرفات ال وعلى جبل الرحمة فيض غامر ‪ ،‬الجميع فى صعيد واحد يجأرون إلى ال بالدعاء وقد أتوا من كل ف جٍ عميق ‪ ،‬والحج عرفة كما‬
‫قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فيكون إكرام ال لزوار بيته فل يردهم خائبين ‪ ،‬فيقبل توبة التائبين واستغفار المستغفرين ودعاء الداعين‬
‫وتتنزل عليهم السكينة وتغشاهم الرحمة وتغمر قلوبهم بنور ال وتقوى ال وتكون السعادة الحقة التى تذكر بسعادة أهل الجنة ‪.‬‬
‫زاد ال صلة و ال صوم و الزكاة يتجدد ويتكرر لن هذه العبادات تتكرر مع اليام و الش هر و العوام ‪ ،‬ول كن ل ما كا نت فري ضة ال حج هى فري ضة‬
‫الع مر ت سقط بأدائ ها مرة فكأن ال سبحانه وتعالى كرما م نه وفضلً قد خ صها بهذا الف يض الغا مر و الزاد الوف ير الذى يف يد صاحبه بق ية حيا ته‬
‫ويجعله يعود نقيا كيوم ولدته أمه وكأنه حط عن كاهله أحمالً وأوزارا ثقيلة ‪.‬‬
‫‪-‬إن الحاج من وقت خروجه من منزله لداء فريضة الحج يعيش فترة خالصة ل خالية من مشاغل الدنيا يعيشها بوجدانه ومشاعره وكيانه كله‬
‫بقلبه وعقله وجسده وجوارحه وحواسه ونفسه وخلجات قلبه ويبذل فيها وقته وجهده وماله وكل ما يملك ‪ ،‬وهكذا يطوع كل هذه النعم ل ولطاعة‬
‫ال بعيدا عن معصية ال وفى هذا التطويع زاد كبير وتربية وتهذيب يمتد أثرها فى حياته بعد ذلك ‪.‬‬
‫إن توقف وجوب فريضة الحج على شروط توافر الستطاعة له تأثير غير مباشر على المسلم الصادق أن يجعله يراقب حاله دائما ويراقب ال فى‬
‫تحد يد و قت توا فر هذا الشرط فل يترا خى ول يتردد فى ال سعى لداء الفري ضة بمجرد توا فر ال ستطاعة ل نه ل يض من امتداد أجله ‪ ،‬وإل لتعرض‬
‫لعذاب ال ويكون مثله كمن ترك الصلة تراخيا أو حلّ عليه شهر رمضان ولم يصم أو وجبت عليه الزكاة ولم يؤدها ‪.‬‬
‫‪ -‬إن ال طيب ل يقبل إل طيبا فمن ينوى أداء فريضة الحج لبد وأن يتحرى فى كسبه الحلل الطيب بعيدا عن الحرام أو ما فيه شبهة وفى هذا‬
‫أيضا جانب تربوى هام فى حياة المسلم ‪.‬‬
‫‪ -‬ما أشبه الحاج الذى يخرج من بيته وقد اغتسل ولبس ملبس الحرام وخرج من مشاغل الدنيا ليخلص بقلبه ل وترك الهل و المال و الولد‬
‫خلفه ‪ ،‬ما أشبهه بمن يخرج من الدنيا عند لقاء ال ‪ ،‬فالغتسال يقابله التغسيل وملبس الحرام تقابل ملبس التكفين والخروج من مشاغل الدنيا‬
‫يقابله الخروج الج سدى من الدن يا ‪ ،‬وتود يع ال هل وترك المال و الولد أ مر مشترك فى الحال ين ‪ ،‬ف ما أج مل أن يتذ كر الحاج هذا المع نى ويأ خذ‬
‫العبرة و العظة ‪ ،‬ويستعد للقاء ال على طهر ونقاء ‪ ،‬فيرد المظالم ويقضى الديون ويطلب الصفح ممن أساء إليه ويتوب الى ال فربما لقى ال‬
‫فى سفره هذا ‪ ،‬وبهذا يبدأ رحلته بدءا طيبا كريما ‪.‬‬
‫‪ -‬صلى عليك ال ياسيدى يارسول ال علمتنا دعاء نقوله عند السفر لو عشنا ما يتضمنه من معان بحق لخرجنا بزاد تربوى كبير ‪ (:‬اللهم إنا‬
‫نسألك فى سفرنا هذا البر و التقوى ومن العمل ما ترضى ) توجيه النية و القصد الى البر و التقوى و العمل الصالح وأن الهدف هو رضوان ال‬
‫و سؤال ذلك من ال ف يه شعور وإقرار أن هذا ل يتح قق إل بتوف يق ال وإراد ته ‪ ،‬والفقرة التالي من الدعاء ‪ (:‬الل هم أ نت ال صاحب فى ال سفر و‬
‫الخليفة فى الهل و المال و الولد ) ما أعظم أثر هذا الدعاء فى نفس المؤمن يشعر بصحبة ال ومعيته فى السفر ‪ ،‬فهو فى حفظ ال ورعاية ال‬
‫وضمان ال ‪ ،‬ثم الطمئنان أن ال هو الخليفة فى الهل و المال و الولد فل قلق ول انشغال على شىء من ذلك ‪.‬‬
‫هكذا يتحقق التفويض ل وجميل التوكل عليه بصورة عملية واقعية ‪ ،‬ثم الفقرة التالية ‪ (:‬اللهم هون علينا سفرنا هذا واطوى عنا بعده ) لجوء‬
‫الى ال فى تيسير السفر وتخفيف مشاقه ‪ ،‬فالمر كله ل ول يظن أحد أن هذا التيسير كامن فيما أخذ من أسباب كطائرة أو سيارة ولكن لسهل إل‬
‫ما جعله ال سهلً ‪ ،‬فقد تصير السيارة سبب مشقة ل سبب راحة إن أمسك ال رحمته ووكلنا لنفسنا ‪ ،‬ثم الفقرة التالية ‪ (:‬اللهم إنا نعوذ بك من‬
‫وعثاء السفر وكآبة المنظر وسوء المنقلب فى الهل و المال ) شعور بالعجز ولجوء الى ال واستعاذة به مما يتعرض له المسافرون أحيانا من‬
‫متاعب وأخطار فى السفر أو فى أهلهم وأموالهم عند عودتهم إليها ‪.‬‬
‫‪ -‬ليستشعر الحاج عند بدء السفر أنه يبدأ رحلة فى ضيافة الرحمن وأن من معه من ركب كلهم ضيوف الرحمن وزوار بيته الحرام فيطمئن أنه‬
‫فى حفظ ال ورعايته ويتعامل مع ضيوف الرحمن بكل رفق ولين وتسامح وحب وتعاون ‪ ،‬يعين الضعيف و المريض ويقضى حاجة المحتاج ‪{:‬‬
‫فل رفث ول فسوق ول جدال فى الحج } وترويض النفس على ذلك طوال الرحلة زاد تربوى ضرورى للمسلم فى حياته ولزم للدعاة الى ال على‬
‫وجه الخصوص ‪.‬‬
‫‪ -‬و الدعاء المتبادل عند توديع الهل والصحاب عند السفر الذى أرشدنا إليه رسولنا الكريم فيه خير كبير ومعان تربوية هامة ‪ (:‬استودع ال‬
‫دي نك وأمان تك وخوات يم عملك ) هكذا يقول المق يم للم سافر ‪ ،‬ويقول أيضا ‪ (:‬زودك ال بالتقوى ) ويقول أيضا ‪ (:‬لتن سانا يا أ خى من دعائك )‬
‫قال ها ر سول ال صلى ال عل يه و سلم لع مر بن الخطاب ر ضى ال ع نه ع ند سفره ‪ ...‬ويقول الم سافر للمقيم ين ‪ (:‬أ ستودعكم ال الذى لتض يع‬
‫ودائ عه ) مو قف كله ذ كر ل وافتراق على ال وف يه التوا صى بال حق و الثبات على ال مر و الحرص على ح سن الخات مة ‪ ،‬عاط فة و حب للخ ير‬
‫متبادل لنجده إل بين المسلمين ‪.‬‬
‫‪ -‬اختيار أمير للركب فيه امتثال لمر رسول ال صلى ال عليه وسلم وتحقيق لمعنى الوحدة و النظام واجتماع الكلمة وحفظ من الشيطان ببركة‬
‫الجماعة ‪ ،‬وهذا جانب تربوى هام خاصة لصحاب الدعوات السائرين على طريق الدعوة ‪.‬‬
‫‪ -‬وهذا الدعاء عند ركوب الدابة أو وسيلة السفر إذ يسمى ال أزلً وعندما يركب يقول الحمد ل ويكبر ثلثا وإذا استوى يقول ‪ (:‬سبحان الذى‬
‫سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا الى ربنا لمنقلبون ) وفى ذلك تذكر لفضل ال فى تسخير هذه الوسيلة ول يرجع الفضل لصانعى الطائرة أو‬
‫السيارة وحدهم فالفضل أولً وأخيرا ل هو الذى سخر لهم المواد لصنعها ورزقهم العقل الذى يفكرون به ‪.‬‬
‫‪ -‬التلبية وما تحمل ألفاظها من معانى الستجابة لداعى ال وما فيها من تنزيه عن الشرك وأن الحمد له وحده و النعمة و الملك له وحده ‪ ،‬ثم‬
‫إن تكرارها باللسان وانشغال القلب بها فى تأكيد وتثبيت لمعانى اليمان و التوحيد و الشعور بفضل ال وفقرنا إليه ‪ (:‬لبيك اللهم لبيك ‪ ...‬لبيك‬
‫لشريك لك لبيك ‪ ...‬إن الحمد و النعمة لك و الملك ‪ ...‬ل شريك لك ) ‪.‬‬
‫واسيتبدالها بالسيلم عنيد لقاء الحجييج بعضهيم البعيض فييه تذكيير وتأكييد للجتماع على عقيدة التوحييد و الشعور بالمشاركية فيى هذه العبادة‬
‫الجماعية ‪.‬‬
‫‪ -‬كلما سما الحجاج بأرواحهم ‪ ...‬قلّ شعورهم بالتعب الجسمانى بل تذوقوا لهذا التعب طعما آخر غير التعب إذ يكون مصدرا لثواب ال ورحمته ‪.‬‬
‫‪ -‬كلما اقترب الحجاج من بيت ال الحرام ‪ ...‬ازداد شوقهم وتعلقهم به كيتأثير المغناطيس يشتد جذبه بالقتراب منه وهذا أمر أودعه ال قلوب‬
‫عباده المخلصين ‪ ،‬وفى ذلك دللة على حب ال لهؤلء العباد الذين حبب إليهم زيارة بيته الحرام إن شاء ال ‪.‬‬
‫‪ -‬عندما يقع بصر الحاج أول مر على الكعبة المشرفة يتملكه شعور بالمهابة و التعظيم وروعة المشهد وحال من التأثير و الرهبة الممزوجة‬
‫بالفرح و السرور و الوصف هنا ل يكفى ولكن من ذاق عرف ‪ ...‬ثم هذا الدعاء المأثور وما فيه من خير ‪ (:‬اللهم زد هذا البيت تشريفا وتعظيما‬
‫وتكريما ومها بة ‪ ،‬وزد من شر فه وكر مه م من ح جه أو اعتمره تشريفا وتكريما وتعظيما وبرا ) ( الل هم أ نت ال سلم وم نك ال سلم فحي نا رب نا‬
‫بالسلم ) ‪.‬‬
‫‪ -‬رحلة الحج ليست كغيرها من الرحلت إنها ليست رحلة بالجساد الى مكة حيث الكعبة وجبل عرفات ‪ ،‬إنها رحلة ربانية ‪ ،‬رحلة نورانية ‪ ،‬رحلة‬
‫قلوب وأرواح تسعى الى خالقها ‪ ،‬فتتصل بأصلها وتستمد القوة و الحياة و السعادة وتتزود بالتقوى خير زاد ‪.‬‬
‫إن هذا البيت الحرام ليس كغيره من البيوت وإن كان من حجارة متشابهة إنه بيت اله الحرام ‪ ،‬وهذا الجبل ليس كغيره من الجبال ‪ ،‬وإن كان من‬
‫ن فس مكونات الجبال ل قد خ صهما ال بأ سرار وفيوضات وتأث ير وتجليات ك ما خص سبحانه القرآن كل مه العظ يم بأ سرار وإعجاز وتأث ير ‪ ،‬وإن‬
‫كان من ألفاظ وحروف مثل التى نتكلم بها ‪ ،‬وهذا فضل منه ورحمة بنا وتيسير ‪ ،‬فإننا ل نقوى على تحمل كلم ال على حقيقته مباشرة ‪ {:‬لو‬
‫أنزل نا هذا القرآن على ج بل لرأي ته خاشعا مت صدعا من خش ية ال } ك ما أن نا ل ن ستطيع تح مل تجلى ال ‪ {:‬فل ما تجلى ر به للح بل جعله دكا وخرّ‬
‫موسى صعقا } فيسر ال لنا زيارته و القرب منه ومناجاته و النيل من فيوضاته بزيارة بيته الحرام الذى تجلى عليه وخصه بفيوضات وأنوار‬
‫تنعكس علينا بالقدر الذى نتحمله ‪.‬‬
‫وعلى قدر ته يؤ القلوب ال تى تخ شى رب ها على قدر ا ستقبالها لهذه النوار و الفيوضات الربان ية ك ما هو الحال مع كتاب ال ‪ {:‬ال نزل أح سن‬
‫الحديث كتابا متشابها مثانى تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم الى ذكر ال } ‪ .‬فيا أخي عش رحلة الحج من خلل‬
‫هذه النظرة الربانية كرحلة حياة للقلوب والرواح ‪ ،‬ل من خلل النظرة الجسدية الحسية فينشغل القلب بال والقلب منه التزود من فضله وإحسانه‬
‫ورحمته فيتحقق لك الحج المبرور و الزاد الموفور و الذنب المغفور وتعود طاهرا نقيا كيوم ولدتك أمك ‪.‬‬
‫‪ -‬وبهذه النظرة تعرف سر تلك المشاعر والحاسيس الغامرة التى هى مزيج من أحاسيس الخشية و المهابة و الفرح والسعادة عند وقوع بصرك‬
‫على الكعبة المشرفة لول مرة ‪.‬‬
‫ل الرسول صلى ال عليه وسلم فى هذا‬
‫‪ -‬و الطواف بالكعبة وهو تحية هذا المسجد تبدأ باستلم الحجر السود وتقبيله إذا تيسر لك ذلك متمث ً‬
‫ال ستلم وهذا التقب يل م صطحبا ن ية الع هد مع ال على التزام صراطه الم ستقيم و القيام بواجبات السلم من جهاد وتضح ية ‪ ،‬ون صرة لدي نه فى‬
‫عزم صادق على الوفاء بالعهد وإتمام الب يع واستشعاره خطورة النكث فى العهد و ما يترتب عل يه من غضب ال وعذا به ‪ ،‬و فى إتمام هذا العهد‬
‫بهذه الصورة زاد على طريق الدعوة ‪.‬‬
‫‪ -‬الطواف حول البيت صلة فى صورة خطوات ودورات ودعوات فأده كأدائك للصلة فى خشوع وحضور قلب وأدب ورفق بإخوانك أثناء الطواف‬
‫وا ستشعر اطلع ال عل يك وأ نت تؤدى هذه العباد حول بي ته الحرام ‪ ،‬واعلم أن قل بك هو مو ضع ن ظر ال إل يك فأخله من كل شىء إل ال و حب‬
‫ال ‪ ،‬الخلص ل حينئذٍ تسمو الروح وكأنها هى التى تطوف حول البيت وليست القدام ‪ ،‬ولتكثر من ذكر ال و الدعاء لك ولخوانك ولدعوتك ‪.‬‬
‫‪ -‬وعند الملتزم بعد الطواف استشعر التصاقك بالبيت الرغبة الشديدة فى القرب من ال وبتعلقك بأستار الكعبة ‪ ،‬استشعر الفقر و الحاجة الى ال‬
‫والى مغفر ته ورضوا نه ‪ ،‬وبوقو فك على أعتاب الكع بة ا ستشعر وقوف الع بد الفق ير على باب الغ نى الكر يم ‪ ،‬وليطلع ال م نك على صدق القبال‬
‫عل يه والخلص له والخوف م نه و الرجاء ف يه والندم و التو بة الن صوح و الشعور أن ل مل جأ ول من جى من ال إل إل يه مع الشعور بال حب و‬
‫الخضوع ولذة القرب و الطا عة و فى هذا مز يج من المشا عر الطي بة ال سامية ‪ ،‬أك ثر الدعاء وا سكب ال عبرات وجدد العزم والعهد مع ال وكأ نك ل‬
‫تريد أن تترك أعتاب بابه إل لتتيح الفرصة لغيرك من ضيوف الرحمن ‪.‬‬
‫‪ -‬وعند مقام إبراهيم تصلى ركعتين وتتذكر الصلة الروحية الممتدة عبر الجيال بيننا وبين سيدنا إبراهيم عليه السلم واستجابة ال لدعواته بأن‬
‫بعث فينا محمدا صلى ال عليه وسلم رحم للعالمين ‪.‬‬
‫‪ -‬وماء زمزم ليس كغيره من الماء فقد خصه ال كذلك بخير كثير ولنتذكر عند شربنا منه السيدة هاجر أم إسماعيل وكم قاسا من العطش قبل‬
‫ظهور زمزم ‪ ،‬فلنروض أنفسنا على تحمل المشاق فى سبيل ال فى ميادين الجهاد‬
‫‪ -‬و السعى بين الصفا و المروة أيضا من شعائر الحج و العمرة ‪ ،‬فهو عبادة وليس مجرد سير هذه الشواط وإذا صاحبها شعور بالتعب و‬
‫المشقة فلنتذكر السيدة هاجر وسعيها بين الصفا و المروة بحثا عن الماء لوليدها الذى أشرف على الهلك فما أجدرنا أن نتحمل المشاق السفر و‬
‫الجهاد فى سبيل ال تعبدا وتقربا الى ال زكاة لصحتنا وشغلً لبداننا بطاعة ال ‪.‬‬
‫‪ -‬فى أيام إقامتك بمكة وفى رحاب البيت الحرام ما أروع وأجمل أن تنتهز الفرصة وتؤدى جميع الصلوات و الكعبة المشرفة أمام ناظريك ‪.‬‬
‫وفى هدوء الليل تنتحى جانبا فى رحاب الكعبة وتتهجد ل وتناجيه وتخبت له وتخشع وتطرق باب الكريم بركعات وسجدات ودعوات ودمعات من‬
‫خشيته ‪ ،‬وفى هذا الجو الربانى ل تنس أن تسأل ال أن يعز جنده وينصر دينه ويهزم أعداء السلم فى كل مكان ‪.‬‬
‫وفى مكة حين تسير فى شعابها وبين أرجائها وتزور غار حراء وغار ثور ‪ ،‬عش ذكريات أيام الدعوة الولى وما تعرض له رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم و المسلمون الول ‪ ،‬من إعنات وتعذيب وإيذاء بسبب عقيدة التوحيد ‪ ،‬وتذكر صبرهم وثباتهم وإصرارهم على تبليغ الدعوة ‪ .‬وتذكر‬
‫دار الرقم بن أبى الرقم التى ربى فيها رسول ال صلى ال عليه وسلم هؤلء البطال الذى اندكت على أيديهم كل الضللت وحصونها من عبدة‬
‫الصنام وعبدة النار ‪ ،‬والروم و اليهود ‪ ،‬واستشعر أنك تسير على أرض سار عليها رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫‪ -‬إن فى اجتماع الحجاج من كل أقطار العالم فرصة سانحة لتقوية الروابط بين المسلمين وتعارفهم وتعرفهم على أحوال بعضهم البعض ‪ ،‬وتبادل‬
‫المشاعر والمال واللم ليكونوا حقا كالجسد الواحد وكالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا وليتدارسوا أهم القضايا التى يعيشها العالم السلمى‬
‫والقليات ال سلمية ‪ ،‬وك يد العداء و كل ما ي هم الم سلمين وحبذا لو تبادلوا المرا سلت ب عد ال حج لتدوم ال صلة وتعرف الحوال وليتم ثل الحجاج‬
‫شعار وحدة المة السلمية ‪ {:‬وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون } ‪.‬‬
‫‪ -‬وعلى عرفات ال هذا الجبل الذى خصه ال دون الجبال بهذا الخير ‪ ،‬وهذا الفضل وهذه الفيوضات و الرحمات تتنزل على ضيوف الرحمن وقد‬
‫اجتمعوا جميعا فوق هذا الج بل ‪ ،‬فى زى الحرام المب سط يجأرون الى ال بالدعاء ب صورة تذكرهم بيوم الح شر ‪ ،‬إ نه مشهد عظ يم ويوم عظ يم ‪،‬‬
‫وقد روى مسلم وغيره عن عائشة رضى ال عنها أن النبى صلى ال عليه وسلم قال ‪ (:‬ما من يوم أكثر من أن يعتق ال فيه عبدا من النار من‬
‫يوم عرفه وأنه ليدنو عز وجل ثم يباهى بهم الملئكة فيقول ما أراد هؤلء ؟ ) ‪.‬‬
‫ومن الخير الذى أفاضه ال على هذا اليوم أن جعل صيامه لغير الحجاج يكفر سنة قبله وسنة بعده فعن أبى قتادة رضى ال عنه قال سئل رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم عن صوم يوم عرفة ‪ (:‬قال ‪ :‬يكفّر السنة الماضية و الباقية ) رواه مسلم ‪.‬‬
‫وعند الفاضة من عرفات تجيش المشاعر عند وداع هذا الجبل الحبيب وهذا اليوم المبارك وهذا الموقف العظيم وتتعلق القلوب برجاء القبول ‪.‬‬
‫و فى ر مى الجمار مع نى النقياد لل مر وتحق يق العبود ية بالمتثال ‪ ،‬وإن لم ي كن للع قل حظ فى هذا الف عل ‪ ،‬ولتذ كر تعرض إبل يس ل سيدنا إبراه يم‬
‫عل يه ال سلم ليثن يه عن طا عة أ مر ال وعدم ا ستجابة الخل يل لهذه الو سوسة ‪ ،‬ف ما أجدرك أي ها الحاج أن تتج سم أما مك خطورة نزغات الشيطان‬
‫ووسوسته وضرورة مقاومته وأنت ترمى الجمرات دحرا لهذا الشيطان الرجيم ‪.‬‬
‫‪ -‬وفى ذبح الهدى وتوزيعه على المحتاجين من المسلمين قربة ل ومرضاة له ورجاء فى أن يعتقك ال من النار ‪ ،‬وفى ذلك أيضا تحقيق معنى‬
‫الع طف على الفقراء وإطعام هم من أف ضل الهدى ‪ {:‬والبدن جعلنا ها ل كم من شعائر ال ل كم في ها خ ير فاذكروا ا سم ال علي ها صواف فإذا وج بت‬
‫جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع و المعتر كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون } ‪.‬‬
‫‪ -‬وفى طواف الوداع الحساس بفراق أعز الماكن وأحبها الى قلبك وكلك رجاء فى قبول ال هذا الحج ورجاء فى العودة فيما يقبل من العمر ‪.‬‬
‫‪ -‬و فى الرحلة الى المدي نة تذ كر هجرة الر سول صلى ال عل يه و سلم و الم سافات ال تى قطع ها و هو يطارد وا ستقبال أ هل المدي نة وبدئه ببناء‬
‫الم سجد و عش هذه الذكريات العطرة ‪ ،‬و ما في ها من إنجازات كبيرة على يد ر سول ال صلى ال عل يه و سلم و صحابته و الغزوات و الفتوحات‬
‫وتطهير الجزيرة من الشرك والصنام ومن اليهود بعد حنثهم العهود كما هى عادتهم التى قررها القرآن ‪.‬‬
‫‪ -‬وفى مسجد الرسول صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬تذكر حديث رسول ال صلى ال عليه وسلم الذى رواه البخارى ‪ (:‬مابين بيتى ومنبرى روضة من‬
‫رياض الجنة ومنبرى على حوضى ) فعش هذه السعادة الروحية التى هى أقرب الى سعادة أهل الجنة برضوان ال ‪ -‬واستشعر الصلة الروحية‬
‫بينك وبين الرسول الحبيب وأنه حريص علينا وبالمؤمنين رؤوف رحيم عزيز عليه إعناتنا ‪ ،‬سلّم عليه وصلّ عليه وادع ال أن يجازيه عنا خير‬
‫ماجازى نبيا عن أم ته ‪ ،‬وكذلك الخلي فة الول أ بى ب كر ال صديق ر ضى ال ع نه ‪ ،‬وع مر بن الحطاب أم ير المؤمن ين ‪ ،‬وادع ال أن يحشر نا مع‬
‫هؤلء النفر الكرام ‪.‬‬
‫‪ -‬وزر المشاهد فى المدينة والحداث التى جرت عليها و التى غيرت وجه التاريخ وزر البقيع الذى يطوى أبطالً أطهارا وزر أُحد هذا الجبل الذى‬
‫دارت عنده غزوة أُحد وتذكر ما فيها من عبر ودروس ‪.‬‬
‫وهكذا عش تلك الفترة من السيرة العطرة بذكرياتها الطيبة التى تمنحك الزاد و العظة و العبرة التى أنت فى أشد الحاجة إليها وأنت تسير على‬
‫طريق الدعوة ‪.‬‬

‫وفى قيام الليل زاد‬


‫س ما أخفى لهم من قرة أعين جزا ًء بما كانوا‬
‫{ تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون * فل تعلم نف ٌ‬
‫يعملون } ‪.‬‬
‫ال صلة زاد ولكن ها فى جو الل يل و فى جوف الل يل يزداد ب ها القرب و الزاد و العطاء ‪ ،‬ي حن العاشقون الى الل يل ‪ ،‬والمتهجدون أ شد حنينا إل يه‬
‫فالذين آمنوا أشد حبا ل ‪ ،‬فى ثنايا الليل قيام وركوع وسجود وذكر وتسبيح وقرآن وتوبة واستغفار ومناجاة ودعاء وبكاء من خشية ال وفى كل‬
‫ذلك زاد ‪ {:‬ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلً طويلً } ‪.‬‬
‫‪ -‬الذين يسلكون طريق الدعوة أحوج ما يكونون الى قيام الليل لما يعطيه من زاد ‪ ،‬فقد وجه ال رسوله صلى ال عليه وسلم فى اليام الولى‬
‫للدعوة الى قيام الل يل ليعده لتح مل أمانات الدعوة الثقيلة فقال تعالى ‪ {:‬يا أي ها المز مل قم الل يل إل قليلً ن صفه أو ان قص م نه قليلً أو زد عل يه‬
‫ل} ‪.‬‬
‫ل إن ناشئة الليل هى أشد وطئا وأقوم قي ً‬
‫ورتل القرآن ترتيلً إنا سنلقى عليك قولً ثقي ً‬
‫‪ -‬فى قيام الليل مجاهد وتقوية للرادة و العزيمة ومغالبة للشيطان وترويض للنفس على الخضوع ل ‪ ،‬فمن يترك النوم و الراحة و الفراش و‬
‫الدفء ويقاوم رغبات الجسد ويقوم ويتطهر ‪ -‬وقد يكون الجو باردا ‪ -‬ويؤثر التعبد ل و التقرب إليه ‪ ،‬لشك فى أن ذلك زادا وإعدادا له وعونا‬
‫على طريق الدعوة ‪.‬‬
‫‪ -‬القيام بالليل و الناس نيام فيه خلوص وتجرد وإخلص ل وتخلية للقلب من أى أثر للرياء ‪ ...‬والخلص من ألزم الصفات للداعى إلى ال‬
‫وبدونه تحبط العمال ‪.‬‬
‫‪ -‬فى كتاب ال آيات كثيرة تحث على قيام الليل وتبين ما خص به القائمين بالليل من خير فقال ‪ {:‬وعباد الرحمن الذين يمشون على الرض هونا‬
‫وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلما و الذين يبيتون لربهم سجدا وقياما } ‪ {:‬أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحية وسلما } ‪.‬‬
‫‪ -‬وللقائمين بالليل أحوال يتقلبون فيها ذكر القرآن بعضها من قيام وسجود وذكر وتسبيح واستغفار ودعاء ففى قوله تعالى ‪ {:‬أمّن هو قانت آناء‬
‫الليل ساجدا وقائما يحذر الخرة ويرجو رحمة ربه * قل هل يستوى الذين يعلمون و الذين ل يعلمون إنما يتذكر أولوا اللباب } ‪ ،‬يذكر من أرّقَه‬
‫تفكيره فى الخرة و ما في ها من ح ساب وجزاء ونع يم وعذاب ف صار يع يش الخوف و الرجاء فى سجوده وقيا مه و فى هذا زاد يعي نه على الع مل‬
‫والستعداد لهذا المصير ‪.‬‬
‫‪ -‬ذكر ال وتسبيحه فى الليل غذاء للرواح و القلوب يحرص من تذوقه أل يحرم منه وفى القرآن آيات تحث عليه ‪ {:‬واذكر ربك بكرة وأصيلً‬
‫ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلً طويلً } ‪ {:‬واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب ومن الليل فسبحه‬
‫وإدبار السجود } ‪.‬‬
‫‪ -‬كلنا مذنبون مق صّرون ‪ ،‬فما أجدرنا أن نطرق باب ال وقت السحر ونسأله المغفرة و الرحمة فهو وقت إجابة وقد أثنى ال على المستغفرين‬
‫بالسحار فقال تعالى ‪ {:‬للذين اتقوا عند ربهم جنات تجرى من تحتها النهار خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من ال وال بصير بالعباد‬
‫الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار الصابرين و الصادقين و القانتين و المستغفرين بالسحار } ‪ ،‬وقوله تعالى ‪ {:‬إن‬
‫المتقين فى جنات وعيون آخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين كانوا قليلً من الليل ما يهجعون وبالسحار هم يستغفرون }‬
‫‪ -‬الدعاء فى الل يل من أروح العبادات وأفضلها جنح الظلم يتذلل العبد لموله الكريم يسأله ليعطيه ‪ {:‬ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه ل يحب‬
‫المعتدين ول تفسدوا فى الرض بعد إصلحها وادعوه خوفا وطمعا إن رحمة ال قريب من المحسنين } ‪ ،‬وعن أبى أمامة قال ‪ (:‬قيل يا رسول‬
‫ال ‪ :‬أى الدعاء أسمع ؟ قال ‪ :‬جوف الليل الخير ودبر الصلوات المكتوبات ) رواه الترمذى ‪.‬‬
‫وعن جابر رضى ال عنه قال ‪ :‬سمعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول ‪ ( :‬إن فى الليلة ساعة ل يوافقها رجل مسلم يسأل ال تعالى خيرا‬
‫من أمر الدنيا والخرة إل أعطاه إياه وذلك كل ليلة ) رواه مسلم ‪.‬‬
‫‪ -‬و الدعاء أثناء السجود مطلوب فهذه لحظات قرب من ال يلح فيها المسلم بالدعاء فعن أبى هريرة رضى ال عنه أن رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم قال ‪ (:‬أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء ) أخرجه مسلم وأبو داود و النسائى ‪.‬‬
‫‪ -‬ما أجدر أصحاب الدعوات الذين يتعرضون لذى العداء وكيدهم أن يستعينوا عليهم بسهام القدر ودعاء السحر ‪ ،‬قم يا أخى بالسحر وادع ال‬
‫وقل ‪ :‬اللهم إنا ندرأ بك فى نحور العداء والجبارين ونعوذ بك من شرورهم ‪ ،‬وقل ‪ :‬ربنا ل تجعلنا فتنة للقوم الظالمين ونجنا برحمتك من القوم‬
‫الكافرين ‪ ،‬وقل ‪ :‬اللهم اهزم أعدائك أعداء الدين وانصرنا عليهم نصرا عزيزا يشفى صدورنا ويذهب غيظ قلوبنا ‪ .‬وما يفتح ال به عليك من‬
‫الدعاء ‪.‬‬
‫‪ -‬وفى حديث رواه البخارى ومالك ومسلم وغيرهم عن أبى هريرة رضى ال عنه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ (:‬ينزل ربنا كل ليلة‬
‫الى سماء الدنيا ح ين يقضى ثلث الل يل الخ ير فيقول ‪ :‬من يدعونى فأستجب له من يسألنى فأعطيه و من يستغفرنى فأغ فر له ) فهل بعد هذا‬
‫الغراء و التشويق نتراخى ونتكاسل ؟ ولو قيل للناس فى هذا الوقت من الل يل من يحضر فى مكان ما سيأخذ ما ًل أو لحما أو عرضا من الدنيا‬
‫لسارعوا وتكاثروا ‪ ،‬ورسولنا الحبيب صلوات ال وسلمه عليه يرغبنا فى حديث له عن أبى هريرة رضى ال عنه قال ‪ (:‬ليس صلة أثقل على‬
‫المنافقين من صلة الفجر و العشاء ولو يعلمون ما فيهما لتوهما ولو حبوا ) متفق عليه ‪ ،‬أى ما فيهما من خير ‪.‬‬
‫‪ -‬إن البيت الذى يحيى الليل بالقيام بيت تحفه الملئكة وتتنزل عليه الرحمة وتسوده السعادة الحقة ‪ ،‬ما أجمل أن يتعاون كل من الزوج و الزوجة‬
‫فى تحق يق هذا الخ ير ‪ ،‬فعن أ بى هريرة ر ضى ال ع نه قال ‪ :‬قال ر سول ال صلى ال عل يه و سلم ‪ (:‬ر حم ال رجلً قام من الل يل ف صلى وأي قظ‬
‫امرأته فإن أبت نضح فى وجهها الماء ‪ ...‬رحم ال امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها فإن أبى نضحت فى وجهه الماء ) رواه أبو‬
‫داود بإسناد صحيح ‪.‬‬
‫‪ -‬تقرب الى ال يا أخى ما استطعت بالنوافل ومن أفضلها قيام الليل مصداقا لحديث رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ (:‬أفضل الصلة بعد المكتوبة‬
‫قيام الل يل ) رواه م سلم ‪ .‬وم ما يعي نك على قيام الل يل إخلص الن ية وا ستحضار العزي مة وتجد يد التو بة و الب عد بالنهار عن المع صية و التبك ير‬
‫بالنوم و القيلولة إن أمكن والستعانة بال ‪.‬‬
‫‪ -‬على المسلم أن يداوم على قيام الليل وينهل من هذا الزاد فقد روى عن عبد ال بن عمرو بن العاص رضى ال عنهما قال ‪ :‬قال رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ (:‬ياعبد ال ل تكن مثل فلن كان يقوم الليل فترك قيام الليل ) متفق عليه ‪.‬‬
‫‪ -‬أ ما عن عدد الركعات فعن عائ شة ر ضى ال عن ها قالت ‪ (:‬كانت صلة ر سول ال صلى ال عل يه و سلم ع شر ركعات ويو تر ب سجدة ويركع‬
‫ركعتتى الفجر فتلك ثلث عشرة ركعة ) أخرجه الستة وهذا لفظ مسلم ‪.‬‬
‫ما أكثر الزاد فى هذا الدعاء المأثور عن رسول ال صلى ال عليه وسلم عند القيام من الليل للتهجد ‪ ،‬فعن ابن عباس رضى ال عنهما قال ‪:‬‬
‫كان رسول ال صلى ال عليه وسلم إذا قام من الليل يتهجد قال ‪ (:‬اللهم ربنا لك الحمد أنت قيوم السماوات والرض ومن فيهن ولك الحمد أنت‬
‫نور ال سماوات والرض و من في هن ‪ ،‬ولك الح مد أ نت مالك ال سماوات والرض و من في هن ‪ ،‬ولك الح مد أ نت ال حق ووعدك حق ولقاءك حق و‬
‫الجنة حق و النار حق والنبيون حق ومحمد صلى ال عليه وسلم حق و الساعة حق ‪ ،‬اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت‬
‫وبك خاصمت وإليك حاكمت فاغفر لى ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أنت أعلم به منى أنت المقدم وأنت المؤخر ل إله إل أنت )‬
‫أخرجه الستة وهذا لفظ الشيخين ‪.‬‬
‫‪ -‬فى رسالة المناجاة للمام الشهيد حسن البنا يحث الخوان على قيام الليل ‪ :‬يا أخى لعل أطيب أوقات المناجاة أن تخلوا بربك و الناس نيام‬
‫والخليون هجّ ع و قد سكن الكون كله ‪ ،‬ور خى الل يل سدوله وغا بت نجو مه ‪ ،‬فت ستحضر قل بك وتتذ كر ر بك وتتم ثل ضع فك وعظ مة مولك فتأ نس‬
‫بحضرتيه ويطمئن قلبيك بذكره وتفرح بفضله ورحمتيه وتبكيى مين خشيتيه وتشعير بمراقبتيه وتلح فيى الدعاء وتجتهيد فيى السيتغفار وتفضيى‬
‫بحوائجك لمن ليعجزه شىء ول يشغله شىء عن شىء إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ‪ ،‬وتسأله لدنياك وآخرتك وجهادك ودعوتك‬
‫وآمالك وأمانيك ووطنك وعشيرتك ونفسك وأخوتك ‪ {:‬وما النصر إل من عند ال العزيز الحكيم } ‪.‬‬
‫‪ -‬إن ما فى قيام الليل و المناجاة من النس و الراحة النفسية ما ل يشعر بعناء الجسام وتعب القدام وهذا هو الحبيب صلى ال عليه وسلم يقوم‬
‫الل يل ويط يل القيام حتى تتورم قدماه و ما يشعر بألم لستغراقه فى القرب من ال والنس به ‪ ،‬وقد قال بعض ال صالحين ‪ :‬ليس فى الدن يا وقت‬
‫يشبه نعيم الخرة إل ما يجد أهل القيام فى قلوبهم من حلوة المناجاة فلنحاول تذوق هذه الحلوة ‪.‬‬
‫‪ -‬وأخيرا أقول لك يا أخى قم من الليل قيام العبد الفقير الذليل يتسلل فى جنح الظلم ليطرق باب سيده الكريم ‪ ،‬ويقف على أعتاب بابه فى ذلٍ‬
‫وانكسار وشعور بالتقصير واعتراف بالذنوب وإحساس بالحاجة الملحة الى عفو سيده ورضاه عنه مع الرجاء الملح فى رحمته ورضوانه وجناته‬
‫‪.‬‬
‫اطرق يا أخى باب مولك فى ظلم الليل بركعات خاشعة وسجدات طويلة ودعوات خالصة وتسبيحات ودمعات من خشيته ‪ ،‬وكن موقنا بإجابة ربك‬
‫لدعواتك ‪ ،‬ول تنس فى هذه الغمرة من الخير دعوتك فتسأل ال النصر و التمكين لدينه وتدعو لخوانك بظهر الغيب ‪.‬‬
‫عند سطو العاديات‬ ‫سبحى نفسى وصلى‬
‫من تباريح الحياة‬ ‫فإذا القلب تنزى‬
‫واسكبيها فى الصلة‬ ‫رقرقى النفس دموعا‬
‫للنفوس الباكيات‬ ‫فإله الكون يصغى‬

‫وفى الذكر والدعاء ‪ .....‬زاد‬


‫{ يا أيها الذين آمنوا اذكروا ال ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلً }‬
‫ال غايتنا وهو خالقنا ورازقنا فهل نغفل عن ذكره ؟ وهل هناك من نسعد بذكره أفضل منه سبحانه ؟ إنها سعادة لتسمو عليها سعادة ‪ ،‬إنها‬
‫قرب من ال وأنس به واطمئنان الى جنبه وانشراح الصدور بنوره وأمن وأمان وتفويض وإسلم المر له سبحانه ‪ ،‬ل خوف ول قلق ل حية ل‬
‫شقاء ل اضطراب ‪ {:‬الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر ال أل بذكر ال تطمئن القلوب } ‪.‬‬
‫كل ما ذكرت ال ك نت مع ال وكان ال م عك ‪ ،‬ك نت مع الغ نى القوى القهار الرح من الرح يم الرزاق من بيده ال مر و هو على كل شىء قد ير ‪ ،‬فل‬
‫تشعر بحاجة الى أى شىء ‪ ،‬فماذا فقد من وجد ال ؟ ل شىء ‪ .............‬وماذا وجد من فقد ال ؟ ل شىء ‪.‬‬
‫كل ما ذكرت ال با سم من أ سمائه أو صفة من صفاته ترك ذلك أثرا وانطباعا خا صا فى الن فس و القلب وزاد للروح ي سمو ب صاحبه وي سمو كل ما‬
‫ازداد ذكره ل ‪ ،‬وتعلو منزل ته ع ند ال ‪ ،‬أ ما الغا فل عن ذ كر ال فيتعرض لو سوسة الشيطان الذى يذكره بالمعا صى و الشهوات والثام و سيىء‬
‫العمال ‪ ،‬ويظل يهبط به ويهبط الى أسفل سافلين ويصدق فيه قول ال تعالى ‪ {:‬أولئك كالنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون } ‪.‬‬
‫ال تعالى يقول ‪ {:‬فاذكرو نى أذكر كم واشكروا لى ول تكفرون } هل هناك أ سمى منزلة م من يذكره ال تعالى فيكون فى حف ظه ورعاي ته ورحم ته‬
‫وفضله ‪ ،‬وهذا رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول ‪ (:‬يقول ال تعالى أنا عند ظن عبدى بى وأنا معه إذا ذكرنى فإن ذكرنى فى نفسه ذكرته فى‬
‫نفسى وإن ذكرنى فى مل ذكرته فى مل خير منهم ) متفق عليه ‪.‬‬
‫إننا بذكر ال نخلص أنفسنا من هذه الجواء العفنة و الفتن المتزاحمة ونطهر قلوبنا ونفر الى ال ونخلص إليه ‪ {:‬ففروا الى ال إنى لكم منه نذير‬
‫مبين } وكلما ذكرنا ال خنس الشيطان بوسوسته وانصرف عنا وتطهرنا من رجسه ‪.‬‬
‫عندما نعيش بقلوبنا كل صفة من أو اسم من أسمائه نذكره به يزداد إيماننا به وتعظيمنا له سبحانه وفى هذا خير زاد لنا على الطريق ‪.‬‬
‫وهذه الرحمة التى تتغشانا والسكينة التى تتنزل علينا عندما نجلس لذكر ال كلها خير وزاد كبير ‪ ،‬ففى الحدي الذى يرويه مسلم ‪ (:‬ليقعد قوم‬
‫يذكرون ال عز وجل إل حفتهم الملئكة وغشيتهم الرحمة وذكرهم ال فيمن عنده ) هذا وإن ال سبحانه يباهى ملئكته بمجالس الذكر هذه ‪.‬‬
‫وفى ذكرنا ل تعالى ما يدفعنا الى التحلى بالصفات التى يحل لنا أن نتصف بها ل تلك التى ليحل لنا أن ننازعه إياها فكلما ذكرنا ال الرحمن البر‬
‫الرحيم الحليم الكريم الصبور الشكور العفو الغفور وجدنا أنفسنا لبد لننال رحمة ال أن نرحم من فى الرض ‪ ،‬ولكى نحظى بجود ال وكرمه يلزم‬
‫أن نكون كذلك مع خلق ال المحتاجين ولكى يشملنا عفو ال يجب أن نعفو عمن يسيىء إلينا وهكذا وفى ذلك زاد كبير ‪.‬‬
‫ولما فى الذكر من خير يدعونا ال الى ذكره فى أحوالنا وأوقاتنا حتى لنحرم هذا الخير وهذه المعية فيقول تعالى ‪ {:‬يا أيها الذين آمنوا اذكروا‬
‫ال ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيل * هو الذى يصلى عليكم وملئك ته ليخرجكم من الظلمات الى النور وكان بالمؤمنين رحيما } ويقول تعالى‬
‫ل سبحانك فقنا عذاب النار } أى كرم‬
‫‪ {:‬الذين يذكرون ال قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون فى خلق السموات وارض ربنا ما خلقت هذا باط ً‬
‫من ال وفضل أن يسمح لنا بذكره فى كل أحوالنا حتى ونحن على جنوبنا سبحانك ربى ما أكرمك ‪.‬‬
‫احرص يا أخى أن يكون لسانك رطبا بذكر ال فتذكر ال عند طعامك وشرابك ولباسك ونومك ويقظتك وفى طريقك الى العمل وفى عملك وفى كل‬
‫أحوالك ول تسمح أن ت مر بك لحظات سهو أو لهو أو لغو ‪ ....‬فما لم تكن مشغولً بعمل أو عبادة فاشغل نفسك بذكر ال فتستكثر من الحسنات‬
‫وتحظى بالطمأنينة ومعية ال ويحط ال عنك السيئات ما شاء ‪.‬‬
‫واعلم يا أخى أن الذكر المقصود ذكر القلب قبل اللسان ‪ ،‬فإذا ذكر العبد ربه بقلبه انعكس ذلك على جوارحه فإذا باللسان يذكر ال فل ينطق إل‬
‫خيرا و الع ين تذ كر ال فل تن ظر الى حرام ‪ ،‬والذن تذ كر ال فل ت سمع الى ما يغ ضب ال ‪ ،‬وال يد تذ كر ال فل تتحرك الى شر أو إ ثم ‪ ،‬والر جل‬
‫كذلك بل و العقل ل يفكر فى شىء حرام و القلب ليخطر به إل كل خير ‪.‬‬
‫وهكذا بالمفهوم الشامل للذكر نرى أن كل أمر راقبت فيه ربك وتذكرت نظره إليك ورقابته عليك فهو ذكر ‪ ،‬فالتوبة ذكر و التفكر من أعلى أنواع‬
‫الذكر و طلب العلم ذكر وطلب الرزق إذا أحسنت فيه النية ذكر وهكذا ‪.‬‬
‫ومع ذكرنا ل فى كل أحوالنا وأمورنا فإن ذكر ال فى خلوة له أثره وله متعته وحلوته فى القلب ونوره وانشراحه خاصة إذا صاحب ذلك فيض‬
‫العين بالدمع من خشية ال ‪ ،‬فمن السبعة الذين يظلهم ال بظله يوم ل ظل إل ظله ‪ .... (:‬رجل ذكر ال خاليا ففاضت عيناه ‪. ) ....‬‬
‫يشقى الناس فى حياتهم ويتعبون ويبحثون عن السعادة و الطمأنينة وينفقون الموال للحصول على ذلك لعلهم يجدونها فى وسائلهم المادية ول‬
‫يجدونها ‪ ،‬فى حين أن هذه السعادة و الراحة و الطمأنينة تتوافر بكل يسر لمن يذكر ال ويدعوه بإخلص ‪.‬‬
‫الغافلون و الملحدون ل يذكرون ال فإذا أ صابتهم شدة أو نزلت ب هم نازلة ذكروا ال وإذا هم يجأرون إل يه بالدعاء أن ينقذ هم وينجي هم من هذه‬
‫الضائقة أو النازلة وإذا كشفها ال عنهم إذا هم يعودون لغفلتهم وإلحادهم ‪ ،‬أما المؤمنون فهم يذكرون ال فى الرخاء و الشدة وفى كل أحوالهم‬
‫يذكرونه ول ينسونه ‪.‬‬
‫إن المؤمن إذا ذكر ال وقت عافيته وبسطة المال عنده يشكر ال ويتذكر فضل ال عليه فى ذلك فل يطغى ول تفتنه الدنيا وحين يذكر ال وقت‬
‫الشدة و الضائقة يذهب ال عنه الضيق ويبدله سكينة وطمأنينة وأنسا وراحة بال ‪.‬‬
‫وبهذه المناسبة أذكر أن أحد الخوة كانا محبوسا فى زنزانة ضيقة حبسا انفراديا يعنى وحده ومغلق عليه الباب طوال الوقت تقريبا ‪ ،‬ولكنه بذكره‬
‫ال سبحانه وتعالى كان يش عر بأ نس ورا حة نف سية ول ي حس بأن للزنزا نة جدران وباب مغلق وكأ نه فى الكون الف سيح و الحارس الذى خارج‬
‫الباب م ستشعر أن الخ فى ض يق ب سبب غلق الباب عل يه وكان يغا فل الضا بط ويف تح باب الزنزا نة فت حة صغيرة ب عض الو قت ليخ فف عن الخ‬
‫ولكن الخ يحكى ويقول أنه حينما كان يفتح الباب يشعر بوحشة ويقل أنسه الذى كان يعيشه مع ذكره ل تعالى ‪.‬‬
‫ومن جميل فضل ال علينا وحسن جزائه للذاكرين ما جاء فى هذا الحديث الشريف يقول رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ (:‬يقول ال عز وجل من‬
‫شغله ذكرى عن مسألتى أعطيته أفضل مما أعطى السائلين ) رواه مسلم ‪.‬‬
‫إن التهليل و التحميد والتكبير و التسبيح والستغفار و الحمد و الثناء و الصلة و السلم على رسول ال صلى ال عليه وسلم كل ذلك له فضل‬
‫كبير وثواب عظ يم و قد ورد فى ذلك آيات وأحاد يث كثيرة وتناولت ب عض ال صيغ المأثورة عن ر سول ال صلى ال عل يه و سلم ف ما أحوج نا الى‬
‫كسب الحسنات وطرح السيئات بهذا الذكر ‪.‬‬
‫أما عن الدعاء فهو مصدر هام من مصادر الزاد فالدعاء فى ذاته يعنى شعور العبد بفقره الى ال وشعوره بقدرة ال وأن المور كلها بيده ‪ ،‬وهذا‬
‫عين العبود ية و التسليم ل واليمان به سبحانه ‪ ،‬شعور بالنكسار ل و التضرع و التذلل له سبحانه وشعور بفضله وكر مه وإحسانه وأ نه على‬
‫كل شىء قدير وحياة القلوب بهذه المعانى فى ذاته زاد عظيم ‪.‬‬
‫الدعاء عبادة و العراض عنه استكبار وجحود ومن تفضل ال علينا أن يدعونا لدعائه ويعدنا بالستجابة فعن النعمان ابن بشير رضى ال عنه‬
‫أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ (:‬الدعاء هو العبادة ثم قرأ ‪ {:‬وقال ربكم ادعونى أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون‬
‫جهنم داخرين } ) أخرجه أبو داود ‪ ،‬وعن أبى هريرة رضى ال عنه قال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ (:‬من لم يسأل ال يغضب ) رواه‬
‫الترمذى ‪.‬‬
‫ما أجمل أن يتبادل الخوة مافى الدعاء من خير بأن يدعو كل لخيه بظهر الغيب ‪ ،‬فعن أبى الدرداء رضى ال عنه قال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ (:‬ما من عبد مسلم يدعو لخيه بظهر الغيب إل قال الملك ولك بمثل ) أخرجه مسلم ‪.‬‬
‫ومن قول أحد الصالحين ادع بلسان لم تعصه به ‪ ،‬سئل كيف ؟ قال ‪ :‬تسأل أخاك أن يدعو ال لك ‪ .‬وفى ذلك تقوية لروابط الحب والخوة فى ال‬
‫‪.‬‬
‫وللدعاء أوقات ير جى في ها الجا بة وردت فى أحاد يث نبو ية يم كن الرجوع إلي ها و من هذه الوقات ليلة القدر وب ين الذان والقا مة و فى ال سجود‬
‫وفى السفر وتحت المطر ووقت السحر وعند النداء و الصف وعند المظلمة ‪.‬‬
‫وهناك أدعية فى القرآن وأدعية مأثورة عن رسول ال صلى ال عليه وسلم وكذا أدعية لبعض الصالحين يمكن الرجوع إليها ففى ذلك خير ‪.‬‬
‫وللذكر و الدعاء آداب يجب أن نلتزم بها رجاء الجابة والستفادة ‪ ،‬ومن هذه الداب ‪:‬‬
‫حضور القلب و الخش ية والسكون وحسن الدب مع ال حق تبارك وتعالى واستفتاح الدعاء بحمد ال و الثناء عل يه وال صلة و السلم على ر سول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم ويختم بها ‪.‬‬
‫ومين الداب أيضا الهدوء وعدم رفيع الصيوت بالدعاء أو الذكير ‪ ،‬واختيار جواميع الكلم أى الدعوات الجامعات للخيير و التكرار ثلثا ‪ ،‬وأن يكون‬
‫موقنا بالجابية ول يتعجلهيا ‪ ،‬وأل يدعيو على نف سه ول على ولده ول على ماله بسيوء ‪ ،‬وأن يبدأ بنف سه إذا دعيا لغيره كأن يقول اللهيم اهدنيا‬
‫وإياك ‪.‬‬
‫من راعى هذه الداب فى الذكر و الدعاء سيجد بإذن ال أثر ذلك حلوة فى قلبه ونورا لروحه وانشراحا فى صدره وفيضا من ال تعالى ‪.‬‬
‫وعلى المسلم أن ينصرف من مجلس الذكر و الدعاء فى خشوع وأدب مع اجتناب اللغط و اللهو الذى يذهب بفائدة الذكر و الدعاء وأثره ‪.‬‬

‫وفى اتباع السنة ‪ ....‬زاد‬


‫السنة المطهرة لها فى القلوب المسلمين منزلتها العظيمة فهى التطبيق الول و الصحيح للسلم على يد رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وهى‬
‫المنهج السليم للحياة كما أراد ال لعباده ‪ ،‬وهى الشارحة المبينة لكتاب ال العزيز ‪ ،‬وهى المصدر الثانى للتشريع ‪ ،‬ول يقبل إسلم من أنكرها‬
‫وجحدها ‪ ،‬وكما أن القرآن الكريم مصدر زاخر للزاد فكذلك السنة مصدر وافر بالزاد ‪.‬‬
‫وتلزمنا وقفة حول أهمية السنة ومنزلتها قبل الحديث عن الزاد الذى نحصل عليه باتباعنا لها كى يتولد الدافع القوى لهذا التباع دون تفريط أو‬
‫تراخ ‪ ،‬خاصة أننا نسمع ونقرأ لصوات ناشزة تحاول أن تقلل من أهمية السنة أو تشكك فى صحتها ‪.‬‬
‫إن موقفنا من السنة هو الذى يحدد موقفنا من السلم نفسه ‪ ،‬فإذا قبلنا تعاليم السلم كما بسطها القرآن الكريم وكما أوردها الرسول صلى ال‬
‫عليه وسلم فيجب علينا أنم نقبلها تامة غير منقوصة ‪.‬‬
‫وهل لنا أن نتردد فى اتباع رسول ال صلى ال عليه وسلم والهتداء بهديه وسنته بعد أمر ال لنا فى قرآنه الكريم ‪ {:‬وما آتاكم الرسول فخذوه‬
‫و ما نها كم ع نه فانتهوا } وقوله تعالى ‪ {:‬إن ما كان قول المؤمن ين إذا دعوا الى ال ور سوله ليح كم بين هم أن يقولوا سمعنا وأطع نا وأولئك هم‬
‫المفلحون } ‪ ،‬وقوله تعالى ‪ {:‬فل ور بك ل يؤمنون ح تى يحكموك في ما ش جر بينهم ثم ليجدوا فى أنف سهم حرجا م ما قض يت ويسلموا تسليما }‬
‫وقوله تعالى ‪ {:‬قل إن كن تم تحبون ال فاتبعو نى يحببكم ال ويغ فر لكم ذنوبكم وال غفور رحيم * قل أطيعوا ال و الر سول فإن تولوا فإن ال‬
‫ليحب الكافرين } ‪.‬‬
‫وبعد هذا الوضوح فى الية الكريمة ال تى تر بط حب نا ل وحب ال لنا باتباعنا لسنة رسوله الحبيب صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬هل يجوز أن يتردد‬
‫مسلم صادق فى المسارعة الى اتباع سنة رسول ال صلى ال عليه وسلم بل يجد نفسه مدفوعا الى تحرى هذه السن فى كل أموره وأحواله‬
‫لكى يحظى بحب ال وحب رسوله و الفوز بسعادة الدنيا والخرة ‪.‬‬
‫إذا كنا نعتقد أن القرآن الكريم كلم ال ‪ ،‬وأم محمدا صلى ال عليه وسلم رسول ال ‪ ....‬نصبح ملزَمين بأن نتبع هدى رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم دون تردد أو تراخٍ ‪.‬‬
‫إن مافى القرآن و السنة المطهرة من تعاليم من ألزم الشياء للنسان ول يتحقق صلح أو فلح إل بالتزامهما فال تعالى يقول ‪ {:‬فإما يأتينكم‬
‫منى هدى فمن تبع هداى فل يضل ول يشقى ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى } وهذا رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم يقول فى حديثه الشريف ‪ (:‬تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدى أبدا كتاب ال وسنتى ) ‪.‬‬
‫إن الذين عاشوا فى صحبة الرسول صلى ال عليه وسلم رأوا جميعهم فى أقواله وأفعاله أعظم الهمية ل لن شخصية الر سول صلى ال عليه‬
‫وسيلم أثرت فيهيم فخلبيت ألبابهيم فقيط بيل لنهيم كانوا أيضا على اعتقاد جازم بأن ذلك كان أمرا مين ال تعالى لتنظييم حياتهيم حتيى فيى أدق‬
‫تفاصيلها ‪ ،‬وكانوا شديدى الحرص على أل يفوتهم شىء من أقواله وأفعاله ‪.‬‬
‫إن رسيالتنا فيى هذه الحياة هيى عبادة ال تعالى وبهيا ننال رضوان ال والفوز بالجنية و النجاة مين النار ‪ ،‬ومفهوم العبادة لييس مقصيورا على‬
‫العبادات كال صلة و ال صيام و الزكاة و ال حج ف قط ولك نه يش مل حيات نا كل ها ‪ ،‬فأكل نا عبادة وشرب نا عبادة ونوم نا وعمل نا وعلم نا وزواج نا و كل‬
‫أمور حياتنا عبادة ‪ ،‬وكما نتحرى فى صلتنا وصومنا أحكام صحتها لتكون مقبولة ونلتزم بهدى الرسول صلى ال عليه وسلم فيها كذلك علينا أن‬
‫نقتدى برسولنا فى كل أمر من هذه المور وغيرها حتى تكون عبادة مقبولة ‪.‬‬
‫ترى أصيحاب المصيانع يلتزمون بالتعليمات المصياحبة لللت و التيى وضعهيا مصيمموا هذه اللت كيى يضمنوا سيلمة سيير هذه اللت وعدم‬
‫تعطلها ‪ ،‬فما دمنا نوقن أن ال هو خالقتنا ويعلم كل ما يتصل بنا ‪ ،‬ما ينفعنا وما يضرنا ‪ ،‬ما يفسدنا وما يصلحنا ‪ ،‬وقد وضع لنا تعاليم فى‬
‫كتابه وسنة نبيه فكيف نخالفها ونجرى وراء تشريعات بشرية وعادات وتقاليد فى حياتنا مخالفة لهدى رسول ال وسنته ؟ فالنتيجة الحتمية لهذا‬
‫أن نتعرض للشقاء و الحيرة و الضلل ونحرم الحياة الطيبة الهانئة و الطمأنينة والمن و السعادة فى الدنيا والخرة ‪.‬‬
‫إن السن هى المثال الذى أقامه لنا رسولنا الكريم صلى ال عليه وسلم من أقواله وأعماله فكانت حياته صلى ال عليه وسلم تمثيلً حيا وتفسيرا‬
‫لما جاء فى القرآن الكريم ‪ ،‬ول يمكننا أن ننصف القرآن الكريم بأكثر من أن نتبع الذى نزل عليه الوحى وبلّغه ‪.‬‬
‫إن اتباع نا ل سنة ر سول ال صلى ال عل يه و سلم فى كل أمور حيات نا يجعل نا نح يا دائما فى حال من الو عى الداخلى و اليق ظة الشديدة وض بط‬
‫النفس ‪ ،‬فيصبح كل شىء نفعله أو نقوله مقدورا بإرادتنا خاضعا لمراقبتنا الروحية ‪ ،‬نحاسب أنفسنا عليه قبل أن نحاسب يوم القيامة ‪ ،‬وفى هذا‬
‫زاد كبير ‪.‬‬
‫ك ما أن لتباع ال سنة ن فع اجتما عى ‪ ،‬فاختلف المز جة و الميول فى الفراد يح مل الناس على عادات مختل فة و بالمراس تتحول هذه العادات الى‬
‫حوافيز بيين الفراد وتثيير الخلفات و النزاعات ‪ ،‬ولكين السيلم الحنييف يحميل أفراد البيئة الجتماعيية بطريقية منظمية على أن تكون عاداتهيم‬
‫طباع هم متماثلة مه ما كا نت أحوال هم الجتماع ية والقت صادية متنافرة ‪ ،‬في صير كل م سلم وكأ نه لب نة شكلت فى قالب معيّ ن يتل حم ويتلءم مع‬
‫إخوانه كأنهم بنيان مرصوص ل اعوجاج ول نشوز ‪.‬‬
‫إن اتباع الم سلمين ل سنة نبيهم صلى ال عل يه و سلم يغني هم عن تقل يد الغرب فى أمور حيات هم ويشعر هم بتميز هم وا ستقلل شخ صيتهم ‪ ،‬وأن هم‬
‫يستطيعون التطور نحو مستقبل حى فى ثقة بالنفس وعدم شعور بالتبعية لشرق أو لغرب ولكن اتباع لرسول ال صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫إن قض ية تقل يد التمدن الج نبى فى حياة الم سلمين قض ية ل ها آثار ها العمي قة و الخطيرة ‪ ،‬هى نتي جة شعور بالن قص ونتي جة ت صور خاطىء بأن‬
‫المسلمين ل يستطيعون أن يسايروا الرقى الموجود فى بعض بلد الغربية ما لم يقبلوا القواعد الجتماعية والقتصادية التى قبلها الغرب ‪ ...‬فل‬
‫يمكن تقليد مدنية ما فى مظاهرها الخارجية من غير التأثر فى الوقت نفسه بروحها ‪ .‬فالمدنية ليست شكلً أجوف ولكنها نشاط حى وإذا تقبلنا‬
‫شكلها سرت مجاريها الساسية ومؤثراتها الفعالة تعمل فينا ثم تخلع على اتجاهنا شكلً معينا ولكن ببطء من غير أن نلحظ ذلك ‪ ،‬وحديث رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم يثبت هذا المعنى ‪ (:‬من تشبّه بقوم فهو منهم ) مسند ابن حنبل وسنن أبى داود ‪.‬‬
‫يتصور البعض أن عادات وتقاليد الغرب فى حياتهم سامية وقريبة من الكمال ‪ ،‬وأن عاداتنا و تقاليدنا نحن المسلمين هابطة متخلفة و الحقيقة أن‬
‫المسلمين هم الذين بعدوا فى حياتهم عن سنة نبيهم وتعاليم إسلمهم التى هى أفضل أسلوب للحياة وأرقى مستويات الذوق فى حياة البشر ‪ ،‬لن‬
‫رسولنا صلى ال عليه وسلم لين طق عن الهوى ولكنه يستقى من المصدر اللهى الذى يت صف بالكمال سبحانه أل يعلم من خلق وهو اللطيف‬
‫الخبير ‪.‬‬
‫يعترض بعض النقاد من غير الموالين للسلم عادة ويقولون أليس الجبار على تقليد حياة رسول ال صلى ال عليه وسلم فى كل حياته افتئاتا‬
‫على الحر ية الفرد ية فى الشخ صية الن سانية ‪ ،‬وهذا اعتراض با طل ‪ ،‬فالحر ية الح قة فى التزام من هج الحياة الذى ر سمه ل نا ال الذى خلق نا و قد‬
‫طبقه رسول ال على نفسه ‪,‬امرنا ال أن نقتدى برسول ال صلى ال عليه وسلم حيث قال ‪ {:‬لقد كان لكم فى رسول ال أسوة حسنة لمن كان‬
‫يرجو ال و اليوم الخر وذكر ال كثيرا } ‪.‬‬
‫إن أوا مر ر سول ال صلى ال عل يه و سلم تت صل بأمور تعبد ية روح ية خال صة وأخرى تت صل بقضا يا المجتمع وقضا يا حيات نا اليوم ية ‪ ،‬والقول‬
‫بأننا مجبرون على اتباع الوامر المتعلقة بالنوع الول ‪ ،‬ولكن لسنا مجبرين على أن نتبع الوامر المتعلقة بالنوع الثانى ‪ ،‬إنما هو نظر سطحى‬
‫وبخس شديد لقدر النور النبوى ‪ ،‬فهل هناك أفضل من هذا النموذج الربانى لكى نتبعه فى كل أمور الحياة ‪.‬‬
‫وهؤلء الذين يشككون فى السنة وفى صحة مصادرها تافهون وواهمون ‪ ،‬فإن وعد ال بحفظ كتابه العزيز يمتد ويشمل سنة نبيه صلى ال عليه‬
‫وسلم فهى الشارحة و المبينة له ‪ {:‬إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون } فقد قيض ال من الئمة الفضلء لجمع الحاديث وتمحيصها وتصنيفها‬
‫أمثال المامين البخارى ومسلم وغيرهما ‪ ،‬وقد قاموا بكل ما فى طاقة البشر عند عرض كل حديث على قواعد التحديث عرضا أشد كثيرا من ذلك‬
‫الذى يلجأ إليه المؤرخون الوروبيون عادة عند النظر فى مصادر التاريخ القديم ‪ ...‬وقد وضعوا للرواة رجالً كانوا أم نساءً تراجم خضعت لبحث‬
‫دقيق يقوم على قواعد غاية فى الدقة ‪ ،‬فإذا لم تقم حجة معقولة أى علمية على الشك فى المصدر نفسه أو فى أحد رواته المتأخرين ‪ ،‬وإذا لم‬
‫يكن ث مة خبر آخر يناقضه كان حتما علي نا حينئذٍ أن نق بل الحديث على أنه صحيح ‪ ،‬وليس ثمة مبرر مطلقا من الناحية العلمية أن يجرح أحد‬
‫صحة مصدر تاريخى ما ما لم يكن باستطاعته أن يبرهن على أن هذا المصدر منقوص ‪.‬‬
‫بعد كل ما تقدم على كل مسلم أن يعتز بدينه وبسنة نبيه صلى ال عليه وسلم ول يقف موقف الذى يدفع التهم عن دينه وسنة نبيه ولكن موقف‬
‫الواثق من أنه على الدين الحق وأن سنة رسولنا هى أفضل منهج للحياة ‪.‬‬

‫وفى الجهاد فى سبيل ال ‪ ....‬زاد‬


‫الجهاد فريضة ماضية الى يوم القيامة ‪ ،‬فقد قال ال تعالى ‪ {:‬كتب عليكم القتال وهو كره لكم } ‪ ،‬كما قال تعالى ‪ {:‬كتب عليكم الصيام كما كتب‬
‫على الذ ين من قبل كم لعلكم تتقون } ‪ ،‬و هو ذروة سنام ال مر ‪ .‬إذ ل بد لل حق من قوة تحم يه و صدق ال العظ يم ‪ {:‬ولول د فع ال الناس بعض هم‬
‫بب عض لهد مت صوامع وب يع و صلوات وم ساجد يذ كر في ها ا سم ال كثيرا ولين صرن ال من ين صره إن ال لقوى عز يز } واليات والحاد يث‬
‫الخاصة بالجهاد كثيرة ‪.‬‬
‫والمجاهد يحتاج الى زاد من اليمان وتقوى ال تعينه فى كل مراحل الجهاد ‪ ،‬زاد يدفعه الى المسارعة فى الستجابة الى داعى الجهاد دون تردد‬
‫فل يثاقل الى الرض وزاد يعينه على الثبات والقدام عند الزحف ومجالدة العداء دون تفكير فى أن يوليهم دبره ‪ ،‬وزاد تخلص به نيته من كل‬
‫شائبة أو أغراض دنيوية كى يفوز بالشهادة الصادقة فتكون نيته أن تكون كلمة ال هى العليا ‪.‬‬
‫و مع ذلك فالجهاد فى سبيل ال أيضا م صدر للزاد ‪ ،‬فالم سلم حين ما يع يش فى جو الجهاد الته يؤ والعداد له يرت فع وي سمو عن دنا يا الرض‬
‫ومطالب الج سد و الشهوات ومغريات الدن يا وت سمو رو حه ويشرئب بعن قه يتن سم ر يح الج نة و ما في ها من نع يم ‪ ،‬و فى هذا ال سمو و التر قى و‬
‫التخلص من جواذب الرض زاد أى زاد ‪.‬‬
‫المجاهد يقدم على الجهاد لتحقيق النصر و التمكين لدين ال لتسعد البشرية كلها بما يحققه هذا الدين لها من كل أسباب الخير وليجنبها شرور‬
‫الشرك و الضلل ‪ ...‬وهذه الهتمامات ال كبيرة تج عل من صاحبها شخ صية ل ها شأن ها ودور ها بالمقار نة بأولئك الذ ين يشغلون أنف سهم ومطالب‬
‫أجسادهم ول يفكرون إل فى سفاسف المور وفى ذلك ارتقاء وبناء لشخصية المسلم ‪.‬‬
‫الذى يقدم على الجهاد يطمع فى رضوان ال و الفوز بالنصر أو الشهادة ول يعقل لمن كان هذا هو حاله أن يبقى فى قلبه بغض أو حقد لخوانه‬
‫المسلمين ول يفكر فى أن يرتكب إثما أو يؤذى أحدا أو يغتصب حقوق غيره أو أى شىء يغضب ال تعالى ‪ ،‬كيف ذلك وهو على موعد فى ساحة‬
‫القتال و الستشهاد فى سبيل ال ‪ ،‬وفى هذا التطهر و المجاهدة زاد ينفع ويسمو به ‪ ،‬ولو لم يفز بالشهادة فى عاجل أمره ‪.‬‬
‫الذى يقدم على الجهاد فى سبيل ال يقاوم نزغات الشيطان الذى يريد أن يقعده ويثبط همته حيث يزين له الراحة و الدعة و الزوج والولد وما‬
‫قد يتعرضون له من متا عب و من يخل فه في هم بعده الى غ ير ذلك من و ساوس الشيطان ‪ ،‬و فى هذه المقاو مة و المجالدة لنزغات الشيطان تقو ية‬
‫للرادة وح صانة ‪ ،‬فإيثار ما ع ند ال على كل هذه الغراض الدنيو ية و التو كل على ال والعتماد عل يه وأ نه ال صاحب فى ال سفر و الخلي فة فى‬
‫الهل و المال و الولد ‪ ،‬كل ذلك ترويض للنفس وتقوية للرادة وبناء للشخصية المسلمة على أساس من التقوى وفى ذلك زاد كبير ‪.‬‬
‫لبد للمجاهد أن يأخذ بأسباب القوة ‪ {:‬وأعدوا لهم ما ا ستطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو ال وعدوكم } و القوة ل تقتصر على‬
‫قوة ال سلح و العتاد ولكن ها تش مل أيضا قوة العقيدة ‪ ،‬واليمان وقوة الوحدة والراب طة وقوة العلم و المال و كل أ سباب القوة ‪ ،‬و فى تحق يق ذلك‬
‫زاد للمؤمن ‪ ،‬وكما يؤخذ بأسباب القوة عليه أن يتخلص من كل أسباب الضعف أو الشعور به ‪،‬كضعف الرادة بالهم و الحزن ‪ ،‬وضعف النتاج‬
‫بالعجز والكسل ‪ ،‬وضعف القلب و المال بالجبن و البخل ‪ ،‬وضعف العزة و الكرامة بالدين و القهر ‪ ،‬والرسول الكريم صلى ال عليه وسلم يرشدنا‬
‫بهذا الدعاء الجامع للتخلص من هذه السباب ‪ (:‬اللهم إ نى أ عذ بك من ال هم و الحزن وأعوذ بك من الع جز و الك سل ‪ ،‬وأعوذ بك من الج بن و‬
‫البخل ‪ ،‬وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال ) وفى التخلص من أسباب الضعف زاد ‪.‬‬
‫ما أجدر كل أخ مسلم عقد الن ية على الجهاد أن يخلو الى كتاب ال تعالى ويقرؤه وي قف ع ند اليات ال تى تت صل بالجهاد من قريب أو بع يد ‪ ،‬فإن‬
‫التهيؤ النفسى للجهاد سيجعله يتذوق هذه اليات تذوقا جديدا عميقا وسيخرج من هذه التلوة بزاد كبير وعبر ودروس كلمات يسترشد بها فى كل‬
‫مراحل الجهاد ‪ ،‬وسنذكر بعض هذه اليات على سبيل المثال لنرى كيف يعالج المور فى دقة ووضوح ‪:‬‬
‫{ فليقاتل فى سبيل ال الذين يشرون الحياة الدنيا بالخرة ومن يقاتل فى سبيل ال فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرا عظيما * وما لكم ل تقاتلون‬
‫فى سبيل ال و الم ستضعفين من الرجال و الن ساء و الولدان الذ ين يقولون رب نا أخرج نا من هذه القر ية الظالم أهل ها واج عل ل نا من لد نك وليا‬
‫واجعل لنا من لدنك نصيرا * الذين آمنوا يقاتلون فى سبيل ال و الذين كفروا يقاتلون فى سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان‬
‫كان ضعيفا * ألم تر الى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلة وآتوا الزكاة فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية ال‬
‫أو أشد خشية وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لول أخرتنا الى أجل قريب * قل متاع الدنيا قليل والخرة خير لمن اتقى ول تظلمون فتيلً }‪.‬‬
‫ثم انظر الى هذه اليات التى تتناول أخطر اللحظات التى يتعرض لها المؤمن حين يتحدد حاله بين موقفين أحدهما ينال فيه الثواب و الجر العظيم‬
‫والخر يتعرض فيه لعذاب ال و غضبه ‪ {:‬يا أيها الذين آمنوا مالكم إذا قيل لكم انفروا فى سبيل ال اثاقلتم الى الرض أرضيتم بالحياة الدنيا من‬
‫الخرة فما متاع الحياة الدنيا فى الخرة إل قليل * إل تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم ول تضروه شيئا وال على كل شىء قدير‬
‫} { يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فل تولوهم الدبار ومن يولهم يومئذٍ دبره إل متحرفا لقتال أو متحيزا الى فئةٍ فقد باء بغضب‬
‫من ال ومأواه جهنم وبئس المصير } ‪.‬‬
‫وفى قصة طالوت و المل من بنى إسرائيل فى سورة البقرة و المراحل التى مروا بها و التصفيات التى تعرضوا لها حتى وصلت تلك الفئة التى‬
‫صبرت وثب تت ولجأت الى ال ت سأله الثبات و الن صر ‪ ،‬وتح قق ل ها الن صر بإذن ال ‪ {:‬فل ما ف صل طالوت بالجنود قال إن ال مبتلي كم بن هر ف من‬
‫ل منهم فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه قالوا ل‬
‫شرب منه فليس منى ومن لم يطعمه فإنه منى إل من اغترف غرفة بيده فشربوا منه إل قلي ً‬
‫طا قة ل نا اليوم بجالوت وجنوده * قال الذ ين يظنون أن هم ملقوا ال كم من فئة قليلة غل بت فئة كثيرة بإذن ال وال مع ال صابرين * ول ما برزوا‬
‫لجالوت وجنوده قالوا رب نا أفرغ علي نا صبرا وث بت أقدام نا وان صرنا على القوم الكافرين فهزموهم بإذن ال وق تل داود جالوت وآتاه ال الملك و‬
‫الحكمة وعلمه مما يشاء ولول دفع ال الناس بعضهم ببعض لفسدت الرض ولكن ال ذو فضل على العالمين } ‪.‬‬
‫الشعور النفسيى الذى يخامير المجاهيد حينميا يرى انتفاش الباطيل واسيتعلئه وتترسيه بأسيباب القوة الرضيية وتفوقيه فيى العدد و العدة وتهديده‬
‫ووعيده لهل الحق مما يرهب الناس ‪ ،‬أما المؤمنين الذين يعلمون أن النصر من عند ال وأن القوة ل جميعا فيزيدهم هذا الوعيد إيمانا مصداقا‬
‫لقول ال تعالى ‪ {:‬الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا ال ونعم الوكيل * فانقلبوا بنعمة من ال‬
‫وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان ال وال ذو فضل عظيم * إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فل تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين } ‪.‬‬
‫وهكذا فى جو الجهاد يزادا اليمان بخلف فترات العافية ‪ ،‬يعلمنا القرآن أن من أهم أسباب النصر ذكر ال و الصبر وعدم الوهن والستكانة و‬
‫البعيد عين المعاصيى وسيؤال المغفرة مين الذنيب و تثيبيت ال للمجاهديين ‪ {:‬ييا أيهيا الذيين آمنوا إذا لقيتيم فئة فاثبتوا واذكروا ال كثيرا لعلكيم‬
‫تفلحون } ‪ {:‬وكأين من نبى قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم فى سبيل ال وما ضعفوا وما استكانوا وال يحب الصابرين * وما‬
‫كان قولهم إل أن قالوا ربنا اغفر ل نا ذنوبنا وإ سرافنا فى أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين فآتاهم ال ثواب الدنيا وحسن ثواب‬
‫الخرة وال يحب المحسنين } فيعلم المجاهدون أن معصيتهم ل أخطر عليهم من عدوهم فيتحرزون من المعاصى أكثر من تحرزهم من عدوهم‬
‫وفى ذلك زاد كبير ‪.‬‬
‫المجاهد حينما ينوى الجهاد إنما هو فى الحقيقة يعقد مع ال بيعا ويبرم عقدا بالصفقة التى عرضها ال على عباده المؤمنين تلك الصفقة الرابحة‬
‫المضمو نة ‪ {:‬إن ال اشترى من المؤمن ين أنف سهم أموال هم بأن ل هم الج نة يقاتلون فى سبيل ال فيقتلون ويقتلون وعداً عل يه حقا فى التوراة‬
‫والنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من ال فاستبشروا ببيعكم الذى بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم } وليعلم الذى بنوى الجهاد أن لهذه الصفقة‬
‫شروطا ومواصفات يلزم تحققها لكى تتم ‪ ،‬فال تعالى قال إن ال اشترى من المؤمنين ولم يقل من المسلمين ‪ ،‬وللمؤمنين صفات ورد ذكرها فى‬
‫كتاب ال وأحادييث رسيول ال صيلى ال علييه وسيلم ولعيل اليية التاليية للي السيابقة تؤكيد هذا المعنيى وهيى ‪ {:‬التائبون العابدون الحامدون‬
‫السائحون الراكعون الساجدون المرون بالمعروف و الناهون عن المنكر و الحافظون لحدود ال وبشر المؤمنين } ‪.‬‬
‫فعلى كل من ا ستيقظت معا نى اليمان فى نف سه ودفع ته للتطوع للجهاد فى سبيل ال أن يرا جع نف سه ليطمئن الى مطابقت ها ل صفات المؤمن ين‬
‫الواردة فى الكتاب و ال سنة كى ي تم الب يع وينال الجر الغالى ج نة عرض ها ال سموات والرض فيها مال ع ين رأت ول أذن سمعت ول خ طر على‬
‫قلب بشر ‪ ،‬وبهذا يكون الجهاد دافعا قويا للمؤمن أن يلزم نفسه بصفات المؤمنين وفى هذا زاد كبير ‪.‬‬
‫من ألزم المعانى للمجاهد أن يعلم أن ال غنى عنه وعن جهاده وأنه هو الفقير الى ال المحتاج إليه فل يبخل بشىء فى سبيل ال أو يمن على‬
‫ال بما يقدم فى سبيله ‪ {:‬ولو يشاء ال لنتصر منهم ولكن ليبلوا بعضكم ببعض والذين قتلوا فى سبيل ال فلن يضل أعمالهم سيهديهم ويصلح‬
‫بالهم ويدخلهم الجنة عرفها لهم } ‪ { ،‬ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه إن ال لغنى عن العالمين } ‪ {:‬هاأنتم هؤلء تدعون لتنفقوا فى سبيل ال‬
‫فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه وال الغنى وأنتم الفقراء وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم ل يكونوا أمثالكم } وعندما تتملك‬
‫هذه المعانى من نفس المجاهد يتحقق له خير كبير وزاد عظيم ‪.‬‬
‫{ قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضوها أحب إليكم من ال‬
‫ورسوله وجهاد فى سبيله فتربصوا حتى يأتى ال بأمره وال ليحب القوم الفاسقين } ‪.‬‬
‫إن الجهاد فى سبيل ال يح تم على المجاهد ين أن يكونوا متحاب ين متآخ ين مترابط ين وك يف يت صور أن يكون فى قلوب هم ما يشوب هذا ال حب‬
‫ويضعف هذه الصلة القوية و الرابطة المتينة وكل منهم معرّض أن يلقى ال شهيدا ‪ ،‬وإن أى تخلٍ منه عن أخيه قد يسلمه وأخاه الى العداء ‪،‬‬
‫فل بد من ال حب و الث قة واللتحام الشد يد ‪ {:‬إن ال ي حب الذ ين يقاتلون فى سبيله صفا كأن هم بنيان مر صوص } وهكذا نرى أن الجهاد يقوى‬
‫الرابطة بين المسلمين ويدعم معانى الخوة فى ال التى أدناها سلمة الصدر وأعلها مرتبة اليثار ‪ ،‬والسيرة العطرة تحكى لنا صورا رائعة من‬
‫هذا الحب واليثار بين صحابة رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫الجهاد يك شف المنافق ين وأ ساليب ت ثبيطهم للمؤمن ين وك يف يتح صن المؤ من من هم و من توهين هم لل صف ‪ ،‬و ما أروع سورة التو بة فى فضح هم‬
‫وفضح أساليبهم ولذلك سميت الكاشفة أو الفاضحة مما يلزم المجاهد أن يعاود قراءتها قراءة دراسة متأنية ليأخذ العبرة و الحصانة وفى ذلك‬
‫زاد كثير ‪ ،‬وعلى سبيل المثال هذه اليات الكريمة ‪:‬‬
‫{ وقالوا لتنفروا فى الحر قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون } ‪ {:‬لو خرجوا فيكم ما زادوكم إل خبالً ولوضعوا خللكم يبغونكم الفتنة‬
‫وفيكم سمّاعون لهم وال عليم بالظالمين } ‪.‬‬
‫إن أعداء المسلمين يتداعون علينا كما تداعى الكلة الى قصعتها كما حدثنا رسولنا الكريم صلى ال عليه وسلم ولن يمتنع الطعام على آكليه ما‬
‫دام شهيا لينا سهل البتلع ولكنهم سيرفضونه حينما يصير علقما ليستسيغونه أو شوكة تقف فى حلوقهم فيخشون القتراب منه ولن يكون ذلك‬
‫إل إذا تخلصنا من كل معانى الغثائية و الوهن و الضعف وآثرنا ما عند ال وجعلنا الشهادة فى سبيل ال أسمى أمنية فى حياتنا حينما يقذف ال‬
‫فى قلوب أعدائنا الرعب و المهابة منا ‪.‬‬
‫والمجاهد ي ستفيد من الحرب و القتال دروسا كثيرة كالجند ية و السمع و الطاعة وكذلك الخروج من حوله وقو ته الى حول ال وقو ته ‪ ،‬وإن كيد‬
‫الشيطان ضعيف وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن ال وغير ذلك من المعانى التى هى بمثابة قوة وزاد لصاحبها على الطريق ‪ ،‬كما أن‬
‫القتال فى السلم له آداب وحدود تتخلله الرحمة رغم قسوة الموقف فل مثلة ول سرقة ول انتهاب للموال ول انتهاك للحرمات ففى حديث بريدة‬
‫رضى ال عنه قال ‪ ( :‬كان رسول ال صلى ال عليه وسلم إذا أمّر المير على جيش أو سرية أوصاه فى خاصته بتقوى ال تعالى ومن معه من‬
‫المسلمين خيرا ثم قال اغزوا باسم ال فى سبيل ال قاتلوا من كفر بال اغزوا ول تغلوا ول تمثلوا ول تقتلوا وليدا ) رواه مسلم ‪.‬‬
‫و ما أج مل هذه العبارة للمام الشه يد ح سن الب نا فى هذا المجال نخ تم ب ها حلقت نا هذه ‪ :‬إن الزمان سيتمخض عن كل من الحوادث الج سام وإن‬
‫الفرص ستسنح للعمال العظيمة وأن العالم ينتظر دعوتكم دعوة الهداية و الفوز و السلم لتخلصه مما هو فيه من آلم ‪ ،‬وإن الدور عليكم فى‬
‫قيادة المم وسيادة الشعوب وتلك اليام نداولها بين الناس وترجون من ال مال يرجون فاستعدوا واعملوا فقد تعجزون عن العمل غدا ‪.‬‬

‫وفى اتباع السنة ‪ ......‬زاد‬


‫السنة النبوية زاد كلها فهى تحيى قلوب متبعيها وتسمو بهم الى درجات عالية من اليمان وتقوى ال ‪ ،‬وتزود المسلم بكل الخير وتجنبه كل الشر‬
‫وتبنى شخصية المسلم عقيديا وعباديا وخلقيا وبدنيا وفكريا واجتماعيا بصورة قوية وسامية ‪.‬‬
‫إن السنة تتعهد المسلم بكل رعاية وعناية فى كل مرحلة من مراحل حياته بل قبل مولده وبعد وفاته ‪ ،‬فى يقظته ونومه وحركته وسكونه وفى‬
‫حله وترحاله ‪ ،‬فى البيت ‪ ،‬فى المسجد ‪ ،‬فى الطريق ‪ ،‬فى المتجر فى كل مكان يتواجد فيه وفى كل أوقاته وكأنها للمسلم كمحضن مزود بكل ما‬
‫ينفعه ويقويه وبما يحميه من كل ما يضعفه ويؤذيه ‪ ،‬فيتزود بكل مقومات الحياة على أساس من عقيدة السلم الذى ارتضاه ال لعباده ‪.‬‬
‫و الحياة ال تى أعني ها ليق صد ب ها ف قط تلك الحياة ال تى يشارك نا في ها الحيوانات ول كن أق صد بالدر جة الولى حياة القلوب بمعر فة ال واليمان به‬
‫مصداقا لقول ال تعالى ‪ {:‬أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشى به فى الناس كمن مثله فى الظلمات ليس بخارج منها } وقوله تعالى‬
‫‪ {:‬يا أيها الذين آمنوا استجيبوا ل وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم } فاتباع السنة استجابة لهذا النداء وتتحقق بها حياة القلوب وفى هذا زاد كبير‬
‫‪ ،‬كما لم تغفل السنة ما فيه حياة البدان وسلمة الجساد ‪ .‬إن رسولنا صلى ال عليه وسلم يحبنا ويحب لنا الخير وحريص علينا ويعز عليه ما‬
‫يعنت نا وب نا رؤوف رح يم هكذا و صفه ال تعالى ‪ {:‬ل قد جاءكم ر سول من أنفسكم عز يز عل يه ما عن تم حر يص علي كم بالمؤمن ين رؤوف رح يم }‬
‫فكيف ل نسارع الى اتباع سنته وكلنا اطمئنان الى أنها منبع نقى فياض بالزاد و الخير ‪ ،‬ثم إننا نعلم أنه فى أقواله وأفعاله وأمره ونهيه يستمد‬
‫ذلك من التوج يه الربا نى من ال خالق الب شر الحك يم ال خبير بعباده وب ما ينفع هم و ما يضر هم ‪ {:‬أل يعلم من خلق و هو اللط يف ال خبير } فهدى‬
‫رسولنا صلى ال عليه وسلم من هدى ال الرؤوف الرحيم ‪.‬‬

‫النموذج الكامل ‪:‬‬


‫كأ نى بر سول ال صلى ال عل يه و سلم يم ثل النموذج الكا مل للحياة ال تى ير يد ال سبحانه لعباده أن يحيو ها وال تى دعا نا للقتداء في ها بالر سول‬
‫صلى ال عليه وسلم فى قوله ‪ {:‬لقد كان لكم فى رسول ال أسوة حسنة لمن كان يرجو ال و اليوم الخر وذكر ال كثيرا } وفى قوله تعالى‬
‫‪ {:‬قل إن كن تم تحبون ال فاتبعو نى يحببكم ال ويغ فر لكم ذنوبكم وال غفور رح يم { فر بط ال حب نا له وح به ل نا ومغفر ته لذنوب نا باتباع نا‬
‫لرسوله الكريم ‪.‬‬
‫إن رسولنا ال حبيب قمة سامقة فى اليمان و التقوى فاجتهادنا فى القتداء به واتباع سنته سعى منا للرقى فى درجات اليمان و التزود بالتقوى‬
‫فحينما نعلم أنه صلى ال عليه وسلم كان يقوم الل يل حتى تتورم قدماه دون شعور بالتعب يدفعنا ذلك الى القتداء به بقيام بعض الل يل فى صلة‬
‫ودعاء ومناجاة وذلك خير زاد ‪.‬‬
‫كان صلى ال عليه وسلم موصول القلب بربه ل يغفل لحظة لذا كان يذكره ويذكر نعمه وفضله عليه فى كل أحواله وفى كل أقواله وأفعاله وما‬
‫يعرض له من خير أو ضر وما يقع عليه بصره من آيات ال وما يحدث من ظواهر كونية ‪ ،‬وهكذا يرى ال فى كل شىء فحينما نقتدى به صلى‬
‫ال عليه وسلم يعيننا ذلك على دوام اتصال قلوبنا بال وفى هذا زاد كبير متصل متجدد ‪.‬‬
‫اتباع السنة فى أكلنا وشربنا ولبسنا وخلعنا ونومنا ويقظتنا وقضاء حاجتنا وتعاملنا مع الغير وفى كل أفعالنا يجعلنا نمارسها فى وعى وذكر ل ‪،‬‬
‫ولفضله علينا فنتحرى فى كل ذلك ما يرضى ال ونبتعد عما حرم وهذا خير زاد ‪ ،‬ومن ليتبع السنة فى هذه المور يكون فى غفلة ويصير أشبه‬
‫بالحيوان وهو يمارس حياته دون ذكر ال وفضله عليه ‪ ،‬ولو ذكرنا مثلً واحدا كالدعاء المأثور بعد قضاء الحاجة وفيه حمد ل أن أذهب الذى ‪،‬‬
‫فلو تصورنا ماذا يكون الحال لو احتبس البول أو الغائط لشك آلم شديدة قد تؤدى الى الموت ‪.‬‬
‫والحاطة بسنة رسول ال صلى ال عليه وسلم وما فيها من خير وزاد هنا فى هذا المجال أمر غير ممكن ولبد من الرجوع الى كتب السنة التى‬
‫جمعتها وصنفتها بجهد أئمة فضلء ‪ ،‬ولكن سنحاول هنا أن نضرب أمثلة فقط فى إيجاز واعتراف بالعجز عن تجلية روائع السنة وما فيها من‬
‫كنوز ‪.‬‬
‫من روائع السنة ‪:‬‬
‫نلحظ أن السنة النبوية تتعهد المسلم حتى قبل أن يكون جنينا فى بطن أمه وذلك بالحث على تأسيس السرة المسلمة على التقوى من أول يوم‬
‫باختيار الزوجة ذات الدين ‪ ،‬فيتهيأ المناخ السلمي النظيف الذى سيشب فيه المولود ويتربى ‪ ،‬ثم نجد السنة تذكر بالستعاذة من الشيطان عند‬
‫المباشرة الزوج ية ‪ ،‬وأن يج نب ال الشيطان ما يرزق هم من ذر ية ‪ ،‬وتو صى ال سنة ب ما يح مى الجن ين وأ مه من كل أذى ‪ ،‬وعند ما يولد يؤذن‬
‫للصلة فى أذنه اليمنى وتقام الصلة فى الذن اليسرى ‪ ،‬وتوصى السنة بحسن اختيار أسماء البناء ‪ ،‬وهكذا توالى السنة تعهدها للمسلم فى كل‬
‫مراحل حياته بصورة لتسمو إليها حصيلة الدراسات و التجارب التى وصلت إليها العقول البشرية فى هذا المجال ‪.‬‬
‫نجد من السنة المربى و المعلم و الطبيب و المدرب العسكرى و الرائد الموجه فى كل جانب مكن جوانب الحياة فتوصى بالعلم و الوقاية الصحية‬
‫و التمرن على السباحة و الرماية وركوب الخيل وتوصى الشباب بالزواج وتحذر من كل ما يهدم السرة و المجتمع ‪.‬‬
‫وكما تعهدت السنة المسلم قبل ولدته فإنها تتعهده عند وفاته وبعد وفاته فتوصى بتلقين الميت ل إله إل ال محمد رسول ال وبعد موته توصى‬
‫بتغسيله ثم إكرامه بتعجيل دفنه وتنهى عن نبش القبور كما توصى بالدعاء له وعدم النياحة عليه ‪.‬‬
‫رسيولنا الحيبيب جاء رحمية للعالميين وتظهير هذه الرحمية فيى وصييته صيلى ال علييه وسيلم بالنسياء والطفال و الخادم والسيير و الفقراء و‬
‫المساكين والضعفاء و المرضى وذوى الحاجة وحتى الحيوانات ‪ ،‬وما أعظم الزاد حينما نكتسب صفة الرحمة باتباعنا للسنة ‪.‬‬
‫السنة النبوية تراعى المشاعر بدرجة عالية فنجده صلى ال عليه وسلم إذا تحدث مع إنسان يبدو عليه الهتمام والصغاء والقبال عليه بوجهه‬
‫ويوضيح الكلم واللفاظ ‪ ،‬ونجده إذا أراد أن ينبيه الى فعيل خطيأ يقول ( ميا بال أقوام يقولون كذا أو يفعلون كذا ‪ )..‬دون ذكير شخيص بعينيه‬
‫وتوصى السنة بعدم تناجى اثنين دون ثالث من أجل أن ذلك يحزنه وغير ذلك كثير ‪.‬‬
‫السنة تدعو الى تقوية الروابط بين الباء والمهات والبناء وذوى القربى و الجيران وتحث على التحاب فى ال و التزاور و التهادى و السلم‬
‫و المصافحة والبتسامة فى وجه أخيك وعيادة المريض وإجابة الدعوة وتشميت العاطس واتباع الجنائز وكل ما يقوى الرابطة بين هذه الخوة و‬
‫الرابطة زاد لزم للمسلم وخاصة على طريق الدعوة ‪.‬‬

‫السنة وبناء الشخصية ‪:‬‬


‫ما أعظم الزاد من السنة لبناء الشخصية المسلمة القوية فى إيمانها و القوية فى عزيمتها وفى إرادتها وفى بنيتها وفى أخلقها وفى كل صور‬
‫القوة و العزة وتخلى الن فس المسلم من كل صور الضعف من جبن أو ب خل أو ع جز أو ك سل أو تردد أو و سوسة أو طيرة أو تشاؤم وأل يكون‬
‫المسلم إمعة يقاد ول يقود ويتأثر ول يؤثر ‪.‬‬
‫ال سنة تد عو الم سلم الى التخ فف من جواذب الرض والى عدم النشغال بمتاع الدن يا بل يج عل ه مه الخرة ورضوان ال ‪ ،‬و ما أحوج نا الى هذا‬
‫المعنى هذه اليام التى نرى الناس فيها فى دوامة السعى لكسب المال وتحقيق مطالب العيش وهم فى سباق مرير بين ارتفاع السعار الحاجات‬
‫وك سب المال اللزم ل ها وي صاحب ذلك اختراع و سائل وأشياء حدي ثة تغرى الناس بشرائ ها وفي ها ترف وإخلد الى الرض وكأن الدن يا هى دار‬
‫النعيم ‪ ،‬فالسنة النبوية تحمينا من ذلك وفى هذا زاد ‪.‬‬
‫ان ظر ال سنة الرحي مة تتعهد المسلم ح تى فى نو مه فتو صى بالنوم على وضوء وأن ينام على ال شق اليمن ويقول الدعاء المأثور ع ند النوم وف يه‬
‫تذكير بالموت ‪ ،‬ثم تلك الدعية عند الرق وعندما يرى رؤيا يكرهها وتقلقه ‪ ،‬ثم الدعاء عند الستيقاظ وكأن السنة أم رؤوم ترعى ابنها الوحيد‬
‫وتهدهده إذا فزع وتهدىء من روعه وتحميه من كل ما يؤذيه صلى ال عليك وسلم ياسيدى يارسول ال وجزاك ال عنا خير الجزاء ‪.‬‬
‫وهكذا نجد الزاد الوفير و الخير العميم فى كل سنة سنها لنا رسولنا الكريم وهى بعد ذلك كله تحقق الشخصية المسلمة المتميزة المستقلة ل تلك‬
‫الشخصية المرقعة التى تقلد وتكسب عادات من هنا وهناك ‪.‬‬
‫وث مة أ مر هام نل فت الن ظر إل يه و هو أل ين قص اهتمام نا بال سنة من اهتمام نا بالفرض وأل نج عل من ال سنة قضا يا كل ية نختلف ونتدابر ويفا صل‬
‫بعضنا بعضا بسبب التمسك بها أو عدم اللتزام بها ‪ ،‬وليفرق كل منا بين إلزامه نفسه بالسنة وبين التزام غيره بها ‪.‬‬
‫فعلينا أن نتواصى بالخذ بها ‪ ،‬وندعو بالحكمة و الموعظة الحسنة للتمسك بها دون تجريح أو تفسيق أو تباعد وتفرق ‪.‬‬
‫وأذ كر فى هذا المجال أن المام ح سن الب نا رح مه ال فى إحدى جول ته للدعوة الى ال و جد أ هل قر ية مختلف ين ومنق سمين الى فريق ين يكادان‬
‫يقتتلن بسبب الخلف كلى كيفية أداء أذان الصلة وما يتبعه البعض من الصلة و السلم على رسول ال بطريقة معينة فقال لهم رحمه ال ‪ :‬ل‬
‫تؤذنوا وصلوا بدون أذان ‪ ،‬فتعجب القوم وقالوا لنرضى أل يرتفع صوت الذان للصلة بالقرية ‪ ،‬فقال لهم ‪ :‬إن الذان سنة ووحدتكم واجتماع‬
‫كلمتكم فرض وواجب ‪ ،‬فلندع السنة إذا تسببت فى إبطال الواجب فانتبه الجميع الى خطئهم بهذا الخلف وعدلوا عنه ‪.‬‬
‫وال الموفق و المعين ‪.‬‬ ‫فلنأخذ الدروس النافعة و الزاد المفيد من السنة ونكون متبعين ول نكون مبتدعين‬
‫وفى الدعوة الى ال ‪ .......‬زاد‬
‫الدعوة الى ال واجب على كل مسلم ومسلمة لتحقيق شهادتنا على الناس كما قال ال تعالى ‪ {:‬وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على‬
‫الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا } هى مهمة الرسل صلوات ال وسلمه عليهم فهى شرف عظيم ومنزلة سامية وثوابها عند ال عظيم ‪،‬‬
‫وهى فى نفس الوقت مصدر وافر لزاد التقوى واليمان ‪.‬‬
‫و الشعور بهذا الشرف وهذه المنزلة العاليية المتمثلة فيى قول ال تعالى ‪ {:‬ومين أحسين قو ًل ممين دعيا الى ال وعميل صيالحا وقال إننيى مين‬
‫ل لهذا الشرف وتلك المنزلة ‪ ،‬فل يبدو مين أقواله أو أفعاله مال يلييق بجلل هذه المهمية وفيى‬
‫المسيلمين } يدفيع الداعيى الى أن يكون أه ً‬
‫مصاحبة هذا المعنى له زاد دائم ورقيب يقظ ‪.‬‬
‫القضية الساسية فى الدعوة الى ال هى قضية اليمان أى توحيد ال وعبادته وفى قيام الداعى الى ال بتوصيل هذا المعنى الى الناس وإحياء‬
‫قلوبهم بمعرفة ال وحثهم على طاعته ما يجعل إيمانه هو متجددا وناميا وقلبه متصلً دائما بال وفى هذا زاد كبير ‪.‬‬
‫الداعى الى ال يقضى جزءا كبيرا من وقته يرتع فى رياض الجنة فهذه اللقاءات التى يجتمع فيها بمن يدعوهم الى ال هى مجالس ذكر ال تحفهم‬
‫فيها الملئكة وتتغشاهم الرحمة وتتنزل عليهم السكينة ويذكرهم ال فيمن عنده وهذا فى حد ذاته خير كبير وزاد عظيم ‪.‬‬
‫الداعى الى ال يدعو الناس ويذكرهم بكل معانى الخير و فضائل العمال وبكل ما من شأنه أن يسمو بهم ويصلح حالهم ويجنبهم الزلل و الشرور‬
‫‪ ،‬وفى هذا تذكير مباشر له فيستفيد هو كما يفيد غيره بخلف من ل يقوم بواجب الدعوة الى ال فقد يغفل عن كثير من هذه المعانى ويكون فى‬
‫حاجة الى من يذكره ‪.‬‬
‫من يتعرض الى الدعوة الى ال يحرص على أن يكون قدوة صالحة لمن يدعوهم فى كل ما يدعوهم إليه من خير ويخالفهم فيه ‪ ،‬ول ينهاهم عن‬
‫منكر ويأت يه مستشعرا الخوف من غضب ال وعقا به واضعا نصب عين يه اليات الكري مة ‪ {:‬أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأ نت تتلون‬
‫الكتاب أفل تعقلون } ‪ { ،‬يا أيها الذين آمنوا لم تقولون مال تفعلون كبر مقتا عند ال أن تقولوا مال تفعلون } }‬
‫الداعى الى ال يتخير المعانى الهامة والساسية المتصلة بدعوة ال ودين ال ويستشهد فى حديثه بآيات قرآنية وأحاديث نبوية شريفة ‪ ،‬ومعلوم‬
‫ما لكلم ال وأحاديث رسوله صلى ال عليه وسلم من تأثير طيب يجدد اليمان ويزيده ‪ ،‬خاصة إذا كان الداعى الى ال متفاعلً بقلبه بما يجرى‬
‫على ل سانه ‪ ،‬وهذا أ مر لزم للدا عى كى يؤ ثر في من يدعو هم ف ما خرج من القلب ي صل الى القلب ‪ ،‬و ما خرج من الل سان ل يتجاوز الذان ‪،‬‬
‫فيتزود هو كما يعطى غيره زادا ‪.‬‬
‫الداعى الى ال يطوع وقته وجهده وماله وبدنه بأسفاره المتكررة فى سبيل الدعوة الى ال ‪ ،‬وفى هذا ترويض للنفس وتخليص لها من كل معانى‬
‫الك سل و الب خل و الو هن و الج بن ‪ ،‬ير فع صوته بكل مة ال حق ولو كان مرا غ ير هياب ‪ ...‬و فى هذا الترو يض و التطو يع خ ير كث ير فى بناء‬
‫شخصية الداعى الى ال وزاد مطلوب على طريق الدعوة ‪.‬‬
‫الداعى الى ال يتولد عنده الحرص على الستزادة من العلم و التحصيل و البحث و الدراسة و المدارسة لكى يكون عنده رصيد طيب يعينه على‬
‫العطاء وتقديم الخير للناس ولكى يتمكن من الجابة عما يوجه إليه من أسئلة وفى السعى لنماء هذا الرصيد زاد مطلوب على الطريق ‪.‬‬
‫ممارسة الدعوة الى ال تكسب صاحبها صفة التبين و الدقة فى صحة ما يحدث به الناس بحيث ليكون فى حديثه خطأ أو انحراف أو أى شىء‬
‫يخالف كتاب ال وسنة رسوله لما يترتب على ذلك من إثم انتشار هذا الخطأ و العمل به وصعوبة حسره بعد ذلك وإصلح ما يترتب عليه وفى‬
‫تعود الدقة فى القول وتحرى الصواب خير كثير فى بناء شخصية رجل الدعوة ‪.‬‬
‫وكما يستشعر الداعى الى ال مسئوليته أما ال عن حسن توجيه من يدعوهم ‪ ،‬كذلك يجب عليه أن يشعر بمسئوليته عن أوقاتهم فيلتزم بالحضور‬
‫فى المو عد ول يض يع علي هم وقتا فى النتظار أو يحدث هم حديثا قل يل الفائدة ‪ ،‬و فى تعود ذلك واللتزام به ك سب للداع ية فى مع نى الحرص على‬
‫الوقت وحسن استغلله فالوقت هو الحياة و الواجبات أكثر من الوقات ‪.‬‬
‫الداعى الى ال يعمل ل وابتغاء مرضات ال فل يطوع هذه الوظيفة السامية لمغنم دنيوى أو لحساب أحد مهما كان سلطانه فإنه لو فعل ذلك لحبط‬
‫عمله واستجلب غضب ال باستخدامه الدعوة الى ال لتضليل الناس ولصار من أخسر الناس الذين يبيعون آخرتهم لدنيا غيرهم ‪.‬‬
‫الداعى الى ال الواجب عليه أن يتبع تعاليم ال فى دعوته إليه و التى اتصف بها رسول ال صلى ال عليه وسلم فى دعوته للناس من لين‬
‫الجانب و الرحمة و الحكمة و الموعظة الحسنة و الجدال بالتى هى أحسن و الصبر على أذى من يدعوهم ‪ ،‬وهكذا ‪ ،‬وصدق ال العظيم ‪ {:‬فبما‬
‫رحمة من ال لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لنفضوا من حولك فاعف عنهم } { ادع الى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة وجادلهم‬
‫بال تى هى أح سن } { ول قد كذ بت ر سل من قبلك ف صبروا على ما كذبوا وأوذوا ح تى أتا هم ن صرنا } ‪ ،‬وهذا الشعور من بالشفاق على الناس‬
‫ب سبب إعراضهم عن دعوة ال ‪ {:‬فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا } وهكذا تتولد هذه ال صفات فى نفس الداعى‬
‫الى ال خلل ممارسته للدعوة وفى هذا كسب كبير وزاد عظيم ‪.‬‬
‫الدا عى الى ال ليجوز أن يعو قه عن أداء مهم ته ت عب ول ن صب ول ألم ول سفر ول سهر ول بذل ول تضح ية ‪ ،‬لن ذلك كله من الزاد المؤ كد‬
‫نفعه وفائدته فى سفره الطويل البعيد الى الخرة ‪ ،‬بل إنه سيجد فى تعبه راحة وفى ألمه لذة وفى بذله ربحا وفى تضحيته عوضا مضمونا ‪.‬‬
‫الداعى الى ال يروض نفسه أل يداخلها الغرور إذا وجد القبال المتزايد من المستمعين إليه والى أحاديثه ‪ ،‬كما ل يداخلها يأس أو فتور إذا وجد‬
‫عكس ذلك ‪ ،‬ومهما كان حال من يدعوهم سيئا فقد يخرج من القلة خير أكثر من الكثرة ‪ ....‬وليعلم أن عليه أن يدعو وليس عليه أن يستجيب‬
‫الناس فالهدى هدى ال ‪ {:‬و ما على الر سول إل البلغ } ‪ {:‬إ نك ل تهدى من أحببت ولكن ال يهدى من يشاء } و فى إخلء النفس من الغرور‬
‫ومن اليأس زاد كبير ‪.‬‬
‫على الداعيى الى ال أن يواصيل دعوتيه الى ال مهميا تعرض للذى بسيبب ذلك ‪ ،‬هكذا كان رسيولنا الكرييم صيلى ال علييه وسيلم يقابيل أذى‬
‫المشركين بالدعاء لهم ‪ (:‬اللهم اهد قومى فإنهم ل يعلمون ) ويستمر فى دعوته رغم ذلك ‪ ،‬وكان المام الشهيد حسن الب نا يقول للخوان فى‬
‫هذا المعنى ‪ :‬كونوا مع الناس كالشجر يرمونه بالحجر ويرميهم بالثمر ‪ ،‬وفى ترويض النفس على مقابلة الساءة بالحسنة زاد كبير وصدق ال‬
‫العظ يم ‪ {:‬ول ت ستوىالحسنة و ل ال سيئة اد فع بال تى هى أح سن فإذا الذى بي نك وبي نه عداوة كأ نه ولى حم يم و ما يلقا ها إل الذ ين صبروا و ما‬
‫يلقاها إل ذو حظ عظيم } ‪.‬‬
‫الدا عى الى ال بقدر نجا حه فى مهم ته بقدر ما ينال حب من يدعوهم حبا خال صا ل ‪ ،‬وهذا فى ذا ته خ ير ونع مة من ال محروم من ها كث ير من‬
‫الناس ‪ ،‬ويكفى الداعى أن ينال ممن أحبوه دعوة صالحة بظهر الغيب أونظرة حب فى ال يغفر ال له ولهم بها ‪.‬‬
‫الداعى الى ال يفوز بثواب كبير من ال إذا وفقه ال وجعل حديثه سببا فى هداية الكثير وتحولهم من الغواية الى الهداية ‪ ،‬وفى الحديث الصحيح‬
‫عن رسولنا الحبيب صلى ال عليه وسلم ‪ (:‬لن يهدى ال بك رجلً واحدا خير لك من حمر النعم ) وفى هذا الجر الكبير زاد وأى زاد ‪.‬‬
‫وعلى الداعى الى ال الصادق أن يعلم أم ما يوفق إليه فى حديثه مع الغير من معان طيبة مؤثرة هى مما يفتح ال عليه وليس براعة أو مقدرة‬
‫شخصية فل يتعالى بل يتواضع ل ويتقيه ويشكره ويحسن اللجوء إليه فيزيده ال فتوحا ‪ {:‬واتقوا ال ويعلمكم ال } ‪ {:‬لئن شكرتم لزيدنكم } ‪.‬‬
‫الداعى الى ال بتطوافه وأسفاره الى البلد المختلفة سيزداد دراسة ومعرفة للشعوب السلمية وظروفها المحلية وقضايا العالم السلمى ‪ ،‬وفى‬
‫هذا زاد لرجل الدعوة على طريق الدعوة كما أنه سيزداد دربة وخبرة فى مخاطبة المستويات المختلفة من مثقفين وأميين وعمال وفلحين ‪،‬‬
‫وكذا سييتعرض الى أقوام يعيشون الجزئيات دون الكليات ‪ ،‬والى آخريين ورثوا انحرافات وبدع وخرافات ومين يعيشون النظرة السيطحية دون‬
‫العمق ومن يعيشون النظرة اللحظية دون النظرة البعيدة و التقدير لعواقب المور وهكذا فى التعامل مع هؤلء وتصحيح أفهامهم ونظراتهم وما‬
‫يحتاجه من حكمة وخبرة وصبر ‪ ...‬زاد وكسب للداعى الى ال ليصل إليه من ل يمارس الدعوة الى ال مثله ‪.‬‬
‫الداعى الى ال المخلص يتقى ال ويزن الحداث الجارية وموقف الدين منها بالميزان السلمى الصحيح دون نفاق أو مجاملة أو خوف من أحد‬
‫مهما كان سلطانه فل يلبس الحق مع الباطل فى أذهان الناس ويميز ال به الخبيث من الطيب ويتعلم الناس منه الموازين الربانية وفى هذا خير‬
‫كثير لدعوة ال ‪.‬‬

‫وفى الصحبة الصالحة ‪ .....‬زاد‬


‫الخوة فى ال نعمة كبرى وزاد وافر متجدد على الطريق وقد منّ ال على المؤمنين بهذه النعمة وهو يدعوهم الى الوحدة وعدم التفرق فى قوله‬
‫تعالى ‪ {:‬واعتصموا بحبل ال جميعا ول تفرقوا واذكروا نعمة ال عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا‬
‫حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين ال لكم آياته لعلكم تهتدون } ‪.‬‬
‫وهى نعمة ل تشترى بالمال أو العراض الدنيوية ولكنها تتم بفضل ال وقدرته ‪ {:‬وألف بين قلوبكم لو أنفقت ما فى الرض جميعا ما ألفت بين‬
‫قلوبهم ولكن ال ألف بينهم إنه عزيز حكيم } ‪.‬‬
‫إن رابطة العقيدة السلمية هى أقوى الروابط على الطلق ‪.‬‬
‫إن الذين يعيشون فى ظل الحب و الخوة فى ال يحسون بسعادة وراحة نفسية ليحظى بمثلها من يجتمعون على عرض من أعراض الدن يا فى‬
‫تجارة أو لهو أو متاع دنيوى ‪ ،‬وقد تذوق الخوان هذه السعادة ‪ ...‬لذلك نجد الخ يشعر بوحشة إذا غاب عن إخوانه أو إذا اضطرته الظروف أن‬
‫يكون بعيدا عنهم ويضرب بعضهم المثل ‪ :‬إن الجو الخوانى بالنسبة للخ كالماء بالنسبة للسمك ‪.‬‬
‫ولهم ية الخوة فى ال على طر يق الدعوة آخى رسول ال صلى ال عليه وسلم بين المهاجرين والن صار الذين ضربوا الم ثل العل يا فى الحب‬
‫واليثار ‪.‬‬
‫إن المه مة ال كبرى ال تى كان يهيىء ر سول ال صلى ال عل يه و سلم الم سلمين للقيام ب ها و هى التمك ين لعقيدة التوح يد وإقا مة دولة ال سلم‬
‫تستلزم قو التلحم و الترابط بين أفراد هذه الجماعة التى باعت نفسها ل وتعاهدت على نصرة شريعته ليكونوا صفا متلحما كالبنيان المرصوص‬
‫‪.‬‬
‫وبعد أن بينا فضل الصحبة الصالحة وأهميتها ‪ ...‬نحاول أن نوضح كيف أنها عون وزاد على الطريق ‪:‬‬
‫‪ -‬الفرد الم سلم ل ي سير فى طر يق آ من ولك نه ي سير فى طر يق محفوف بالمكاره و المزالق و العقبات و الف تن وشياط ين ال نس و ال جن له‬
‫بالمرصاد فهو أحوج فى مثل هذه الطريق الى من يأخذ بيده ويرشده ويبصره ويذكره إذا نسى ويعينه إذا ذكر وصدق ال العظيم ‪ {:‬و العصر إن‬
‫النسان لفى خسر إل الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر } ‪.‬‬
‫‪ -‬تأتى على الفرد المسلم فرا فتور أو غفلة أو نسيان أو استجابة لوسوسة الشيطان فلو كان وحده لتمادى واستمرأ تلك الحالة ولتعرض الى‬
‫الضياع و الهلك ‪ (:‬إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية ) ‪ ،‬أما إذا كانت له صحبة صالحة فلن يتركوه الى نفسه وشيطانه إذا افتقدوه فى مجالت‬
‫العمل الصالح سيبحثون عنه ليدعوه ويذكروه ويعاونوه على نفسه وشيطانه وفى ذلك عون وزاد على الطريق ‪.‬‬
‫‪ -‬إن الصاحب الصالح بمجرد رؤيتك له تذكرك بال وبطاعة ال ‪ ،‬أما رفيق السوء فرؤيته تذكر بالمعاصى والثام وفعل المنكرات ‪ ،‬فشتان بين‬
‫الفريقين ‪ ،‬وصدق رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ (:‬مثل الجليس الصالح كمثل صاحب المسك إن لم يصبك منه شىء أصابك من ريحه ‪ ،‬ومثل‬
‫الجليس السوء كمثل صاحب الكير إن لم يصبك شرره أصابك من دخانه ) رواه أبو داود ‪.‬‬
‫‪ -‬المرء كثير بإخوانه ‪ ...‬يشعر أنه وحده شىء ل يذكر ولكنه ذو شأن بارتباطه بإخوانه ‪.‬‬
‫وإذا كان أهيل الشير الذيين يعتدون على أموال الناس وحرماتهيم يتجمعون ليسياند بعضهيم بعضا وكثيرا ميا ينصيبون عليهيم رئيسيا ويلتزمون‬
‫بطاعته ‪ ،‬فأولى بأهل الحق و العاملين لنصرة دين ال أن يرتبطوا ويتحدوا و المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا كما قال رسولنا الحبيب‬
‫صلى ال عليه وسلم ول يمكن أن تكون هناك جماعة تنجز أعمالً وتحقق أهدافا وليس بين أفرادها رباط محبة وأخوة ‪.‬‬
‫‪ -‬المؤمن مرآة أخيه ‪ ...‬ما من فرد إل وفيه عيوب وقصور وكثيرا ما يغفل عنها ول ينتبه لها ‪ ،‬فهو أحوج ما يكون الى من يبصره ويعينه‬
‫على إ صلحها و التخلص من ها ول يقدر على ذلك إل أخ م حب مخلص دائم ال صلة رق يق المعاملة حك يم فى ن صحه وتب صيره ‪ ،‬وهذا خ ير عون‬
‫وزاد على الطريق ز‬
‫‪ -‬وفى مجال النصيحة يجمل أن نشير الى أى شىء من آدابها وكيف تؤدى بالحكمة و الموعظة الحسنة و الجدال بالتى هى أحسن امتثالً لقوله‬
‫تعالى ‪ {:‬ادع الى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسن وجادلهم بالتى هى أحسن } ‪ ،‬وكذا قول بعض السلف الصالح ‪ (:‬أد النصيحة على أكمل‬
‫وجه واقبلها على أى وجه ‪ ،‬ومن وعظ أخاه سرا فقد نصحه وزانه ‪ ،‬ومن وعظ أخاه علنية فقد فضحه وشانه ) ‪.‬‬
‫‪ -‬الصحبة الصالحة تضاعف من قدرات الفرد وطاقاته ‪ ،‬فحينما يفكر فى أمر فكأنما يفكر بعقول إخوانه جميعا لنه يسترشد بآرائهم ‪ ،‬وحينما‬
‫يقوم بعمل فهم جميعا عون له بطاقاتهم ويفيدونه بخبراتهم ‪.‬‬
‫‪ -‬ال صحبة ال صالحة تضا عف سعادة الفرد بمشارك ته فى م سراته وتخفف ع نه متاع به وآل مه إذا أ صابه ضرر أو م صيبة ‪ ،‬يعينو نه بأموالهم‬
‫وجهدهم ويذكرونه بال و الصبر على البلء وعدم الستسلم للحزن أو النطواء ‪....‬وفى ذلك عون كثير ‪.‬‬
‫‪-‬كأنى بالخ المسلم على طريق الدعوة ل يتحرك بزاد قلبه وحده ولكن بزاد قلوب إخوانه جميعا ‪ ،‬فكل أخ ل يبخل على إخوانه بما فتح ال عليه‬
‫من زاد روحى يعين على معرفة الطريق وعلى الطاعة و الثبات وتخطى العقبات ‪ ،‬وليس فى ذلك زاد فقط بل زاد مضاعف ‪.‬‬
‫‪ -‬ال سبحانه وتعالى يدعونا الى التعاون على البر و التقوى فيقول ‪ {:‬وتعاونوا على البر و التقوى ول تعاونوا على الثم و العدوان } وهو‬
‫توجيه الى جمع وليس أفراد متفرقين ‪ ،‬فالصحبة الصالحة واجبة ولزمة لتحقيق ذلك ‪ ،‬ما أجمل الخوة فى الحى الواحد أو القرية الواحدة حينما‬
‫يتعاونون فى مجالت الخ ير و الطاعات خا صة تلك ال تى غ فل عن ها وق صر في ها كث ير من الم سلمين كقيام الل يل و صلة الجما عة فى الم ساجد‬
‫وخاصة صلة الفجر و العشاء وحضور موائد القرآن و العلم والذكر وقوافل الدعوة الى ال ومعاونة الفقراء وذوى الحاجة ‪.‬‬
‫‪ -‬ما أعظم فائدة الصحبة الصالحة وقت الشدائد و المحن حينما يتعرض الفرد المسلم الى ضغوط شديد لتصرفه عن العمل لعدو ال أو لتحرفه عن‬
‫الطريق الصحيح المستقيم مع أمر ال ‪ ،‬هنا تظهر أهمي الصحب الصالح التى تحافظ عليه وتعمل على حمايته من التفلت أو القعود أو النحراف‬
‫أو التأ ثر بو عد أو وع يد أعداء ال ومحاولت هم الشيطا ني لتخلى العامل ين لل سلم عن مواقع هم فى ال صف ‪ ،‬و قد لم سنا أ ثر ذلك واضحا خلل‬
‫المحن التى مرت بالخوان وهذا بعض خير وبركة الجماعة والخوة الصادقة فى ال ‪.‬‬
‫‪ -‬ما أع ظم الزاد الذى يح ظى به الفرد فى ال صحبة ال صالحة حين ما يد عو له إخوا نه بظهر الغيب بدعوات صالحات وهى دعوات م ستجابة ك ما‬
‫أخبرنا الحبيب صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫‪ -‬ما أعظم الزاد يناله الفرد فى الصحبة الصالحة المتحابة فى ال حيث يفوز بحب ال ومغفرته وحسن مثوبته له بما يتم بينه وبين إخوانه من‬
‫نظرة حب فى ال يتبادلون ها و من م صافحة و من تب سم فى وجوه بعض هم الب عض ‪ ،‬و من تزاور وتجالس بين هم و من توا صى وتذك ير بال حق‬
‫بينهم ‪ ،‬والحاديث فى هذا الباب كثيرة ومنها حديث السبعة الذين يظلهم ال فى ظله يوم ل ظل إل ظله فمنهم رجلن تحابا فى ال اجتمعا عليه‬
‫ل زار أخ له فى قرية فأرصد ال على مدرجته ملكا‬
‫وافترقا عليه ‪ .‬وعن أبى هريرة رضى ال عنه عن رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ (:‬أن رج ً‬
‫فلما أتى عليه قال ‪ :‬أين تريد ؟ قال ‪ :‬أريد أخ لى فى هذه القرية ‪ ،‬قال ‪ :‬هل لك عليه من نعمة تربها ؟ قال ‪ :‬ل ‪ ...‬غير أنى أحببته فى ال ‪ ،‬قال‬
‫فإنى رسول ال إليك بأن ال قد أحبك كما أحببته فيه ) رواه مسلم ‪ .‬تربها ‪ :‬أى ترعاها ‪.‬‬
‫وروى مسلم فى كتاب الذكر أن رسول ال صلى ال عليه وسلم خرج على حلقة من أصحابه فقال ‪ :‬ما أجلسكم ؟ قالوا ‪ :‬جلسنا نذكر ال ونحمده‬
‫على ما هدانا للسلم ومن به علينا ‪ ،‬قال ‪ :‬آل ما أجلسكم إل ذلك ؟ قالوا ‪ :‬وال ما أجلسنا إل ذلك ‪ ،‬قال ‪ :‬أما إنى لم أستحلفكم تهمة لكم ولكنه‬
‫أتانى جبريل فأخبرنى أن ال يباهى بكم الملئكة ‪.‬‬
‫‪ -‬ولهمية الصحبة الصالحة وما يترتب عليها من خير للسلم و المسلمين نجد السلم و شريعة السلم تحافظ عليها وترعاها من كل ما ينال‬
‫وحدتها وتآلفها وتحرم ما من شأنه أن ينال منها ويوقع الشحناء و البغضاء بين المسلمين كالغش و الخيانة وبيع الغرر و الربا و الخمر و‬
‫المي سر وغ ير ذلك كالتحا سد و التبا غض وال سخرية و سوء ال ظن و التج سس و التقا طع و التدابر ‪ ،‬وهذا حد يث ر سول ال صلى ال عل يه و سلم‬
‫الذى رواه أنس رضى ال عنه ‪ (:‬ل تقاطعوا ول تدابروا ول تباغضوا ول تحاسدوا وكونوا عباد ال إخوانا ‪ ،‬ول يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق‬
‫ثلث ) رواه الشيخان ‪.‬‬
‫وال سبحانه وتعالى يرسم لنا فى سورة الحجرات مع ما سبق كيف يزال الخلف بين المؤمنين إذا حدث من أقرب الطرق ‪ ،‬وواجب المؤمن ين‬
‫بالتدخل للصلح بين المتخاصمين من المؤمنين ‪ {:‬وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما ‪ { ، } ...‬إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين‬
‫أخويكم واتقوا ال لعلمكم ترحمون } ‪.‬‬
‫وبقدر ما تحقق الخوة والصحبة الصالحة من وحدة وقوة وخير للسلم و المسلمين بقدر ما تحقق الفرقة و الخلف من فشل وضعف وضرر و‬
‫ال تعالى يقول ‪ {:‬ول تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن ال مع الصابرين } ‪.‬‬
‫‪ -‬الشيطان وأعداء ال يغيظهم وحدة المسلمين وعاونهم ويبذلون الجهد فى إيجاد الفرقة ‪ ،‬فما أحوجنا الى النتباه الى ذلك وعدم إعطاء الفرصة‬
‫لتحق يق ذلك ‪ ،‬فل نغ ضب لنف سنا ول نقول ما ي سىء لخوان نا ا ستجابة لتوح يد ال ل نا ‪ {:‬و قل لعبادى يقولوا ال تى هى أح سن إن الشيطان ينزغ‬
‫بين هم إن الشيطان كان للن سان عدوا مبينا } ‪ -‬ما أ سعدنا بنع مة ال سلم وبنع مة الخوة فى ال و ما أجدر نا بالمحاف ظة على هذه الن عم ب كل ما‬
‫نستطيع وما نملك من وسائل ‪.‬‬
‫فعليك يا أخى بالصحبة الصالحة فهى عون وزاد لك على الطريق ‪.‬‬

‫وفى العمل الصالح ‪ ....‬زاد‬


‫اليمان والعمل الصالح متلزمان ‪ ،‬فاعمل الصالح مصدق لليمان واليمان لزم لقبول العمل الصالح ‪.‬‬
‫و قد تكرر ذكره ما متجاوران فى كث ير من آيات القرآن الكر يم وهكذا ن جد اليمان يد فع الى الع مل ال صالح و الع مل ال صالح يؤ كد اليمان ويدع مه‬
‫ويقو يه ‪ ،‬و هو أيضا م صدر للتزود بالتقوى واليمان على الطرييق ‪ ،‬ف هو مجال الممار سة و الت طبيق وترو يض الن فس ومجاهدتهيا وتطويع ها‬
‫لتكون عند مرضاة ال سبحانه وفى هذا عون وزاد على الطريق ‪.‬‬
‫‪ -‬إن تحقيق اليمان و العمل الصالح وتحقيقهما فى الفرد و الجماعة يترتب عليه خير عظيم وفوز كبير كما قرر كتاب ال النجاة من الخسران‬
‫م صداقا لقوله تعالى ‪ {:‬و الع صر إن الن سان ل فى خ سر إل الذ ين آمنوا وعملوا ال صالحات وتوا صوا بال حق وتوا صوا بال صبر } و المغفرة و‬
‫الجر العظيم ‪ {:‬وعد ال الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما } وقبول التوبة وإبدال السيئات حسنات ‪ {:‬إل من تاب وآمن‬
‫وعمل صالحا فأولئك يبدل ال سيئاتهم حسنات وكان ال غفورا رحيما } وتحقق الفلح ‪ {:‬فأما من تاب وآمن وعمل صالحا فعسى أن يكون من‬
‫المفلحيين } ‪ ،‬ودخول الجنية ‪ {:‬ومين يعميل مين الصيالحات مين ذكير أو أنثيى وهيو مؤمين فأولئك يدخلون الجنية ول يظلمون نقيرا } والتمكيين‬
‫والستخلف فى الرض ‪ (:‬وعد ال الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم فى الرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم‬
‫الذى ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدوننى ليشركون بى شيئا } ‪.‬‬
‫‪ -‬العمل الصالح مجال تطبيق العلم الذى نقرؤه ونسمعه فيكون بذلك حجة لنا ل علينا ‪ ،‬وفى العمل تثبيت للعلم وخروج من مجال النظريات و‬
‫الخيال الى واقع الحياة وميادين المجاهدة و الجهاد وفى هذا ارتقاء بالنفس وبناء للشخصية وتقوية للرادة وكسب للخبرة و التجربة ‪ ،‬وكما‬
‫قال المام البنيا رحميه ال أن ميدان القول غيير ميدان الخيال ‪ ،‬وميدان العميل غيير ميدان القول ‪ ،‬وميدان الجهاد غيير ميدان العميل وميدان‬
‫الجهاد الحق غير ميدان الجهاد المخطىء ‪ ،‬إننا نرى كثيرا من الناس يسهل عليهم القراءة و العلم ولكن تحويل هذا العلم الى عمل قد يصعب‬
‫على الكثير ‪.‬‬
‫نوازع الخير ونوازع الشر فى كل إنسان تتدافعان وفى ممارسة العمل الصالح دليل على تغلب نوازع الخير وتقوية لها وإضعاف لنوازع الشر‬
‫وهذا فى ذاته زاد وخير ومن أمثلة ذلك ‪:‬‬
‫‪ -‬نقرأ عن فضل النفاق فى سبيل ال فتتوق أنفسنا الى النفاق وعند الممارسة قد تظهر نوازع البخل و الشح وحب المال لتحول دون النفاق‬
‫فإذا مارسنا النفاق نكون قد قهرنا أنفسنا وروضناها على البذل و العطاء وهذا خير ‪.‬‬
‫‪ -‬نقرأ عن فضل الجهاد فى سبيل ال وقد يظل ذلك نظريا حتى تتم الممارسة العملية للجهاد فننفر فى سبيل ال متغلبين على جواذب الرض‬
‫ومطالب الجسد ومتع الدنيا و الخوف من الموت وغير ذلك مما يجعل صاحبه يثاقل الى الرض وفى التغلب على هذه الجواذب نصر على النفس‬
‫وزاد كبير ‪.‬‬
‫‪-‬نقرأ عن الصبر و التحمل و الثبات على طريق الدعوة وننتشى بما نقرأه من مواقف لصحاب الدعوات على طريق الدعوة وعندما نتعرض‬
‫لذلك عمليا يكون الترو يض و ال صقل وزيادة اليمان ‪ {:‬الذ ين قال ل هم الناس إن الناس قد جمعوا ل كم فاخشو هم فزاد هم إيما نا وقالوا ح سبنا ال‬
‫ونعم الوكيل } { وليمحص ال الذين آمنوا ويمحق الكافرين } ‪.‬‬
‫‪ -‬الدعوات تقوم على العزائم وأولى العزم ول تقوم على الرخص و المترخصين والقرآن الكريم يحثنا على ذلك ‪ {:‬يا يحيى خذ الكتاب بقوة } ‪،‬‬
‫‪ {:‬واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم } فعلى الخ المسلم أن يأخذ نفسه بذلك فى حياته ويجد فى العمل الصالح بكل طاقاته ففى ذلك زاد ‪.‬‬
‫‪ -‬مجال العمل الصالح متسع وليس محدودا مما يعطى الفرصة الكبيرة لتزود الخ المسلم فى كل ميدان ثم إنه موزع على الوقات فهناك أعمال‬
‫صالحة مطلوبة فى اليوم والليلة وأخرى أسبوعية وغيرها شهرية وكذلك أعمال سنوية وفى ذلك تجديد واستمرار للزاد على الطريق ‪.‬‬
‫‪ -‬ليفوتنا أن ننبه الى فرصة العمل الصالح فى شهر رمضان المبارك حيث يتضاعف الجر ويكثر الزاد فى هذا الشهر الكريم كما أشارت أحاديث‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫‪ -‬العمل الصالح تزكية للنفس وسمو بها وتطهير لها من الدنايا و الخطايا وتحلية لها بفضائل الخلق و الصفات وهذا زاد ‪.‬‬
‫‪ -‬إن الخ المسلم يقوم بالعمل الصالح لداء الواجب أولً ثم للجر الخروى ثانيا ثم للفادة ثالثا وهو إن عمل فقد أدى الواجب وفاز بثواب ال‬
‫متى توافرت شروطه وبقيت الفادة وأمرها الى ال فقد تأتى فرصة لم تكن فى حسابه تجعل عمله يأتى بأبرك الثمرات ‪.‬‬
‫أما الذى يقعد عن العمل الصالح فقد لزمه إثم التقصير وضاع منه أجر الجهاد وحرم الفادة قطعا فأى الفريقين خير مقاما وأحسن نديا ‪.‬‬
‫‪ -‬إن ال يحب معالى المور ويكره سفاسفها وبممارستنا العمل الصالح نعيش دائما معالى المور ونعلو على سفاسفها وفى هذا زاد وسمو ‪.‬‬
‫‪ -‬العمل الصالح يجعل من صاحبه قدوة صالحة للغير وفى ذلك معاونة على نشر الفضيلة فى المجتمع بالقدوة العملية وهى أكثر تأثيرا من القول‬
‫أو الكتابة ‪.‬‬
‫‪ -‬العمل الصالح يوصل التوجيه الى غير المتعلمين بصورة عملية ل قولية كما يوصله الى الذين ليقرأون لعدم وجود وقت عندهم للطلع ‪.‬‬
‫‪ -‬ل كى يكون الع مل ال صالح مقبولً يلزم أن يتوا فر م عه الخلص واللتزام ب سنة ر سول ال صلى ال عل يه و سلم وتوا فر هذ ين الشرط ين‬
‫بممارسة العمل الصالح زاد كبير لصاحبه ‪.‬‬
‫‪ -‬العمال الصالحة هى مجال تنفيذ أوامر ال سبحانه وتعالى والبتعاد عن نواهيه ولم يأمرنا ال إل بكل خير لنا ولغيرنا ولم ينهنا إل عن كل‬
‫شر لنا ولغيرنا ‪ ،‬ولكل منا طاقات وإمكانيات من وقت وجهد وصحة وفكر ومال ونفس إذا بذلناها فى مجال العمل الصالح تحققت حكمة ال من‬
‫وراء هذه الوامر وأصبحنا مصدر إسعاد لنا وللبشرية وهذه منزلة عالية ‪ ،‬أما إذا بذلت هذه الطاقات فى غير العمل الصالح كان الفساد والفساد‬
‫فى الرض ونعوذ بال من ذلك ‪ ...‬هذا فى الدنيا ‪ ،‬أما فى الخرة فالفوز و النعيم للصنف الول و الخسران و العذاب للصنف الثانى وهكذا نرى‬
‫فضل العمل الصالح ‪.‬‬
‫‪ -‬الظروف التى تمر بها الدعوة السلمية و المسلمون اليوم تحتم النهوض من هذه الكبوة و العمل المتواصل لمجابهة أهل الباطل وأعداء‬
‫السلم الذين يبذلون جهدهم للقضاء على السلم و المسلمين ‪ ...‬وهذا يعظم من قدر وأهمية العمل الصالح وخيره وأثره فى مجال الدعوة ‪.‬‬
‫‪ -‬إن نهوض المة السلمية يتطلب من أبنائها قوة روحية ونفسية هائلة تتمثل كما قال المام البنا فى عدة أمور ك( إرادة قوية ل يتطرق إليها‬
‫ضعف ‪ ،‬ووفاء ثابت ليعدو عليه تلون ول غدر ‪ ،‬وتضحية عزيزة ليحول دونها طمع ول بخل ‪ ،‬ومعرفة بالمبدأ وإيمان به وتقدير له يعصم من‬
‫الخطأ فيه والنحراف عنه و المساومة عليه و الخديعة بغيره ‪.‬‬
‫وتحقق هذه الصفات ليتم إل من خلل العمل و العمل الجاد ‪.‬‬
‫‪ -‬العمل الصالح يحقق التغيير المطلوب فى النفس وهو مفتاح الخير لهذه المة مصداقا لقول ال تعالى ‪ {:‬إن ال ليغير ما بقوم حتى يغيروا ما‬
‫بأنفسهم } فإذا تغلبنا على أنفسنا وألزمناها تعاليم السلم استطعنا أن نؤثر فى غيرنا حتى نقيم المجتمع المسلم و الدولة السلمية وإل ففاقد‬
‫الشىء ل يعطيه ‪.‬‬
‫‪ -‬الخ المسلم الذى يحرص على العمال الصالحة فى حياته وأوقاته يكتسب صفة هامة وهى الحرص على الوقت فل يضيع جزءا من وقته إل‬
‫فى عمل نافع مفيد ويدفعه ذلك الى تنظيم وقته وأعماله وترتيبها حسب أهميتها مستشعرا أن الوقت هو الحياة وأن الواجبات أكثر من الوقات‬
‫وفى حسن استغلل الوقت زاد وخير كبير ‪.‬‬
‫‪ -‬العمل الصالح مجال طيب لكسب الثواب الخروى وبقدر ما يقدم المسلم من عمل صالح بقدر ما يزداد رصيده من الحسنات فمن يعمل مثقال‬
‫ذرة خير يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره وما أشد حاجة كل منا يوم القيامة الى ما يرجح كفة حسناته ‪.‬‬
‫‪ -‬العمل الصالح وفعل الخير يقوم به الخ المسلم فى أى مكان فيظل ذكرى طيبة له ولجماعته فى ذلك المكان حتى بعد مغادرته أو بعد وفاته ‪.‬‬
‫‪ -‬المسلمون يتفاوتون بالنسبة الى إقبالهم على العمل الصالح وفعل الخيرات فمنهم من تتاح له فرصة عمل الخير ويتركها تمر دون أن يعمل‬
‫ل ‪ ،‬ومنهم من يؤديه بهمة واهتمام وأفضل من هؤلء من لينتظرون فرصة عمل الخير حتى تأتيهم‬
‫ذلك الخير ‪ ،‬ومنهم من يعمل الخير متثاق ً‬
‫ولكنهم يفتشون ويبحثون عنها ويسعون إليها ‪ {:‬أولئك يسارعون فى الخيرات وهم لها سابقون } ‪.‬‬
‫وهذا ما يجب أن تكون عليه أخى المسلم إذا كنا صادقين فى دعوانا وما نتصدى له من مهام وآمال ‪.‬‬

You might also like