Professional Documents
Culture Documents
( كل مسافر فى طريق ما لبد له من التزود بكل ما يحتاجه على طريقه ،بما يهيىء له أسباب مواصلة السير وتحقيق الغاية التى يهدف إليها من
سفره ،آخذا فى اعتباره ما سيتعرض له فى طريقه من أمور ربما تتسبب فى انقطاع الطريق به وعدم مواصلة السير ،أو قد تباعد بينه وبين
غايته أو على القل قد تعوق مسيرته ) .
وطر يق الدعوة هو كل شىء فى حياة الدا عى الى ال وأولى الطرق بالهتمام ب ما يلزم من زاد يح مى من النحراف عن الطر يق أو النقطاع و
التوقف ،أو التعويق و التعثر ،لما يترتب على ذلك من خسران مبين وتفويت لخير كبير وفوز عظيم .
هذا الزاد يتمثيل أول ميا يتمثيل فيى اليمان القوى وتقوى ال وهيى خيير زاد ثيم معينات أخرى ،كالصيحبة الصيالحة ،والدلّء الذيين يرشدون
ويقدمون الخبرة و التجربة وغير ذلك مما يجدد الطاقة و العزيمة وتجنب النحراف و الخطأ .
وللتدليل على لزوم هذا الزاد وأهميته نقول أن سيارة المسافر إذا نفد منها الوقود على الطريق ولم يتجدد صارت وكأنها قطعة من الحديد ل تعينه
على التحرك خطوة واحدة ،كذلك من ي سلك طر يق الدعوة إذا تعرض زاده للنق صان أو النفاد دون تجد يد وازدياد صار صاحبه وكأ نه ج ثة هامدة
مري ضة لت ستطيع حراكا و صدق ال العظ يم {:أو من كان ميتا فأحييناه وجعل نا له نورا يم شى به فى الناس ك من مثله فى الظلمات ل يس بخارج
منها } وقوله تعالى {:يا أيها الذين آمنوا استجيبوا ل وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن ال يحول بين المرء وقلبه } .
إن هذا الزاد من اليمان وتقوى ال يف جر يناب يع الخ ير من دا خل النفوس ويولد الطاقات ويش حذ اله مم والعزائم فت سهل الحر كة وت خف جواذب
الرض وتتخ طى العقبات وتتفادى المنعطفات وتت ضح معالم الطر يق ويكون ال صدق والخلص و العزم و الثبات ويتح قق ما يش به المعجزات من
النجازات على الطريق .
إننا على طريق الدعوة نحتاج أول ما نحتاج الى الشعور بمعية ال فى كل خطوة وكل حركة وسكنة ،بل فى كل لحظة فمن كان ال معه لم يفقد
شيئا و من تخلى ال ع نه فلن ي جد إل الضياع و الضلل ،وهذه المع ية قد منّ ال ب ها على المؤمن ين أ هل التقوى والح سان ح يث قال تعالى {:
واصبر وما صبرك إل بال ول تحزن عليهم ول تك فى ضيق مما يمكرون إن ال مع الذين اتقوا و الذين هم محسنون } وفى آية أخرى {:وأن
ال مع المؤمنين } .
ما أحوج نا على طر يق الدعوة لنور ال يضىء ل نا الطر يق فن سير على ب صيرة دون انزلق فى منعطفات تبعد نا أو عثرات تقعد نا ،وهذا يتح قق
بإذن ال بزاد من التقوى واليمان م صداقا لقول ال تعالى {:يا أي ها الذ ين آمنوا اتقوا ال وآمنوا بر سوله يؤت كم كفل ين من رحم ته ويج عل لكم
نورا تمشون به ويغفر لكم وال غفور رحيم } ،وقال تعالى {:إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون } { ،وأن
هذا صراطى مستقيما فاتبعوه ول تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون } .وعلى طريق الدعوة ولكى نستطيع أن نؤثر
ونغير الواقع الباطل لنقيم الحق يجب أن نستشعر معانى العزة و القوة وعلو المنزلة ونتخلص من كل معانى الضعف و الوهن و الذل ،ول يتحقق
ذلك إل بزاد مين اليمان {:ول تهنوا ول تحزنوا وأنتيم العلون إن كنتيم مؤمنيين } { ،ول العزة ولرسيوله وللمؤمنينين ولكين المنافقيين ل
يعلمون } { ،كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بال } .
ما أحوج نا على طر يق الدعوة الى تطو يع أنف سنا على الجهاد و التضح ية ب كل ما نملك من ن فس ومال وج هد وف كر وو قت دون تردد ،ول يقدر
على ذلك إل من تزود بإيمان يجعله يؤثر ما عند ال ويسترخص كل غال فى سبيل ال {:الذين آمنوا يقاتلون فى سبيل ال والذين كفروا يقاتلون
فى سبيل الطاغوت } { ،إن ال اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون فى يسبيل ال ف َيقْتُلُون ويُقْتَلُون } .
نتعرض على طر يق الدعوة الى اليذاء -والبتلء -فتلك سنة ال فى الدعوات -وليع ين على تح مل ذلك و ال صبر عل يه إل زاد من اليمان و
التقوى {:لتبلون فى أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذىً كثيرا وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من
عزم المور } وكان هذا منطيق رسيل ال أمام إيذاء الكفار {:ومالنيا أل نتوكيل علىال وقيد هدانيا سيبلنا ولنصيبرنّ على ميا آذيتمونيا وعلى ال
فليتوكل المتوكلون } وكان منطق سحرة فرعون بعد إيمانهم وتهديد فرعون لهم {:قالوا لن نؤثرك عل ما جاءنا من البينات و الذى فطرنا فاقض
ما أنت قاض إنما تقضى هذه الحياة الدنيا إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر وال خير وأبقى } .
ما أحوجنا على طريق الدعوة الى تثبيت ال لنا فل تردد ول شك ول بعد ول تخلّ عن العمل ،والواجبات مهما ثقلت أو كثرت ،وال سبحانه يمنّ
بذلك على الذين آمنوا {:يثبت ال الذين آمنوا بالقول الثابت فى الحياة الدنيا وفى الخرة } {: ،إذ يوحى ربك الى الملئكة أنى معكم فثبتوا الذين
آمنوا سألقى فى قلوب الذين كفروا الرعب } فاللهم ثبت أقدامنا على طريقك .
يتعرض الدعاة الى ال على طر يق الدعوة الى التخو يف و التهد يد و الوع يد من أعداء ال م ما يد عو الب عض الى الخوف و الب عد و القعود ول
ينجو من ذلك إل المتسلح بسلح اليمان المتزود بزاد التقوى {:يستبشرون بنعمة من ال وفضل وأن ال ليضع أجر المؤمنين الذين استجابوا
ل و الرسول من بعد ما أ صابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم ،الذ ين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم
إيمانا وقالوا حسبنا ال ونعم الوكيل ،فانقلبوا بنعمة من ال وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان ال وال ذو فضل عظيم إنما ذلكم الشيطان
يخوف أولياءه فل تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين } .
ما أحوجنا ونحن على طريق الدعوة الى تدعيم رابطة الخوة و الحب فى ال ليتم التعاون و التفاهم فى مهام الدعوة فى يسر والتقاء من قريب
بسبب هذا الحب وهذه الخوة ،ول يتحقق ذلك بصورة صادقة دائمة إل بين المؤمنين {:المؤمنون و المؤمنات بعضهم أولياء بعض } { ،إنما
المؤمنون إخوة فأ صلحوا ب ين أخوي كم واتقوا ال لعل كم ترحمون } ،ور سول ال صلى ال عل يه و سلم يشرط تمام اليمان بتحق يق هذا ال حب (:
ليؤمن أحدكم حتى يحب لخيه ما يحب لنفسه ).
يتعرض الداعيى الى ال وهيو على طرييق الدعوة الى فترات مين الفتور و الكسيل يُخشيى لو اسيتمرت أن تؤدى الى السيترخاء و القعود ،ولكين
المؤمن ين بالتوا صى بال حق و التوا صى بال صبر ك ما أشار القرآن يمكن هم أن يتفادوا ذلك وبالذكرى ال تى تن فع المؤمن ين و التنا صح الوا جب ب ين
المؤمنين بأن يذكر أخاه إذا نسى ويعينه إذا ذكر وأن يبصره بعيوبه ويعينه على التخلص منها .
وما أكثر ما يتعرض الداعون الى ال الى أحداث ومواقف قد تجعلهم فى ضيق أو حرج أو حيرة ويحتاجون الى تحديد الموقف الذى يمليه عليهم
إ سلمهم إزاء الموا قف أو الحداث و التقي يم ال سليم ل ها من خلل النظرة السلمية و القدام على قولة ال حق ولو كان من ورائ ها الع نت واليذاء
ول يف يد ويع ين فى كل ذلك إل زاد من اليمان وتقوى ال {:و من ي تق ال يج عل له مخرجا ويرز قه من ح يث ل يحت سب و من يتو كل على ال
ف هو ح سبه } {:و من يؤ من بال ي هد قل به } {: ،وم تى ي تق ال يج عل له من أمره ي سرا } {:رب نا آت نا من لد نك رح مة وهيىء ل نا من أمر نا
رشدا } {:يا أيها الذين آمنوا اتقوا ال وقولوا قولً سديدا } وفى الحديث (:من أفضل الجهاد عند ال كلمة حق عند سلطان جائر ) .
وعلى طريق الدعوة يتحتم على كل فرد أن يتحرى شرع ال فى كل قول وعمل ول يخالف أمر ال ول أمر رسوله فى كل أحواله ،وأن يحرص
على وحدة ال صف وعدم الخروج عل يه ،ول يع ين على ذلك إل إيمان صادق يح مى صاحبه من التق صير أو المخال فة وعدم اللتزام {:و ما كان
لمؤمن ول مؤمنة إذا قضى ال ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم } {: ،واعتصموا بحبل ال جميعا ول تفرقوا } {: ،إنما المؤمنون
الذين آمنوا بال ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه ،إن الذين يستأذنونك أولئك الذين يؤمنون بال ورسوله } .
وعلى طرييق الدعوة نحتاج الى العلم النافيع اللزم لمين يدعيو ال ال على بصييرة ول تكفيى القراءة وكثرتهيا فيى ذلك ولكين لبيد مين تقوى ال
وإخلص النية ليفيض ال من لدنه علما ونورا وتوفيقا ،وصدق ال العظيم {:واتقوا ال ويعلمكم ال } { ،وقل رب زدنى علما } .
ون حن على طر يق الدعوة نش عر بالحا جة المل حة لتأي يد ال ون صره ل نا خا صة ح ين نتعرض الى ال صور المختل فة من ك يد أعداء ال وحرب هم {:
وزلزلوا ح تى يقول الر سول و الذ ين آمنوا م عه م تى نصير ال أل إن نصير ال قر يب } ،ونصير ال و التمك ين لدي نه ل يتحقيق إل للمؤمنيين
المجاهد ين ،فالزاد من اليمان القوى سبب أ ساسى وشرط لزم لتحق يق ن صر ال و التمك ين {:وكان حقا علي نا ن صر المؤمن ين } {:إ نا لنن صر
رسلنا و الذين آمنوا فى الحياة الدنيا ويوم يقوم الشهاد } {:وعد ال الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم فى الرض كما استخلف
الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذى ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدوننى ليشركون بى شيئا } .
وأخيرا يلزم أن ن ظل أوفياء بالع هد غ ير ناكث ين ول مبدل ين ول مغير ين ح تى نل قى ال على طر يق الدعوة ون حن على ذلك ،واليمان وتقوى ال
خير زاد يعيننا على ذلك {:بلى من أوفى بعهده واتقى فإن ال يحب المتقين } {: ،من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا ال عليه فمنهم من
قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلً } .
ل بغ ير هذا الزاد من اليمان و
وهكذا رأي نا مدى حاجت نا الى الزاد على الطر يق ،وك يف أن نا لن ستطيع أن نخ طو خطوة أو نح قق خيرا ونن جز عم ً
التقوى ،فلنتزود به ولنجدده دائما على الطريق ول ندعه ينقص أو يتعرض للنفاد ،بل نعمل على أن يزداد ويزداد ،وحول التعرف على مصادر
الزاد وكيف نعمل على زيادته وتجديده ستكون هذه الموضوعات بإذن ال ونسأل ال العون و التوفيق .
الحوض :
و الحوض خصوصية أخرى لرسولنا عليه الصلة و السلم ولمته ففى حديث رواه مسلم عن أنس قال (:حينما نزلت سورة الكوثر على رسول
ال صلى ال عليه وسلم سأل الصحابة وقال هل تدرون ما الكوثر ؟ قالوا ال ورسوله أعلم ،قال إنه نهر وعدنيه ربى عز وجل عليه خير كثير
عليه حوض ترد عليه أمتى يوم القيامة آنيته عدد نجوم السماء ) .
الصلة :
و سنحاول أن نجلى ب عض صور الزاد فى هذه العبادات ل عل فى ذلك ما يع ين ويي سر التزود ل كل راغب فى الزاد ولنبدأ بال صلة و ال المو فق و
المعين .
ال صلة صلة بال تعالى ،صلة هذه النف خة في نا من روح ال بأ صلها لت ستمد م نه الحياة و النماء ...ال صلة قرب من ال وال نس بال ونرى
رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول ك( وجعلت قرة عينى فى الصلة ) ونجده صلى ال عليه وسلم يقوم الليل ويستغرق فى صلته حتى تتورم
قدماه دون أن يشعر بألم ،فمن سما بروحه ومشاعره تضاءلت عنده متاعب الجسد وآلمه .
ال صلة م صدر متجدد للطا قة الروح ية و الزاد و قد توز عت أوقات ها على الل يل و النهار لموا صلة التزود وتجد يد الر صيد من الزاد و قد ي سر ال
أداءها حتى ل نحرم الزاد فى كل الحوال والوقات فى السلم و الحرب فى السفر و القامة فى الصحة و المرض وهذا من فضل ال علينا ورحمته
بنا .
فيى الصيلة اسيترواح وخلوص مين مشاغيل الحياة وعناءهيا لنقيف بيين يدى ال فيى خشوع وخضوع ،وركوع وسيجود ،نقرأ ونسيمع كلم ال
ون سبح ال ونعظ مه ...وندعوه ون ستغفره ...وكأن ال صلة معراج لرواح نا تعرج الى ال بعيدا عن جواذب الرض ،وف تن الحياة خا صة وأن
الصلة فرضت ليلة السراء و المعراج .
من يق بل على ال صلة بقلب ن قى ون ية خال صة يف يض ال عل يه من أنواره وهداي ته وسكينته ورحم ته ب ما يع ين الم صلى على مجابهة الحياة ب كل
اطمئنان واستقرار نفسى ل فزع ل قلق ل خوف ل ضعف ،ويتحصن ضد الفتن و الفحشاء و المنكر ونزغات الشيطان فيكون فى حفظ ال ورعاة
ال ،شاعرا بمعية ال أينما سار وحيثما حلّ ،مطمئنا الى جنب ال ،متوكلً عليه مفوضا أمره إليه واثقا به كل الثقة فى طاعة وتسليم والتزام
كامل لكل أمر أو نهى دون تردد وهكذا يعيش العبودية الحقة و السعادة التامة و الرضوان الكامل ذلك لمن خشى ربه .
يش عر الم صلى أ نه م نذ و قت قل يل كان ب ين يدى ال وب عد قل يل سيقف ب ين يدى ال مرة أخرى ،فل يل يق أن يغ فل ع نه أو ين ساه ب ين ال صلتين
وهكذا يظل المحافظ على صلته لوقتها داخل المجال التأثيرى الربانى للصلة ليكاد يبعد عنه ،فل يتمكن الشيطان من الخلوة به والنحراف به
عن الصراط المستقيم {:إن الصلة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا } .
كان رسولنا الحبيب صلى ال عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع الى الصلة فيجد الراحة و المن و التوفيق و الطمأنينة ،وكان دائما ما يقول لبلل
رضى ال عنه ( :أرحنا بها يا بلل ) فالصلة للمؤمن كالواحة الوارفة وسط صحراء الحياة ولفحها .
هذا الخضوع ل و الركوع ب ين يدى ال فى ال صلة ي مد صاحبه ب كل معا نى العزة ،فالم صلى لير كع ول ينح نى إل ل فى إجلل وتعظ يم ،ول
ينحنى لبشر ول يخشى إل ال {:الذين يبلغون رسالت ال ويخشونه ول يخشون أحدا إل ال } وكلما عظمنا ال وقدرناه حق قدره ازددنا إقبال
على طاعته واللجوء إليه والطمئنان الى جانبه ،وازددنا نفرة من معصية ال ومخالفة أمره وفى هذا زاد .
هذا السجود ل فى الصلة من أعلى المقامات فيه العبودية الحقة و التذلل الخالص ل ،فيه القرب و النس وها هو رسول ال صلى ال عليه
و سلم عاش حقي قة ال سجود ل وتذوق لذ ته و ما ف يه من قرب من ال و سعادة روح ية فكان يط يل ال سجود فى تهجده بالل يل ح تى ت ظن عائ شة أم
المؤمن ين ر ضى ال عنها أ نه ق بض ...و قد نبه نا ر سولنا الكر يم الى هذا الخ ير ،ورغب نا ف يه فقال ما معناه أقرب ما يكون العبد من ر به وهو
ساجد ...يستشعر المصلى هذا المعنى وهو ساجد ويحس بهذا القرب وأن هذا أشرف وأسمى وضع له فى هذه الدنيا لنه حينئ ٍذ يكون أقرب ما
يكون من ربه حينئذٍ تكون السعادة و الزاد .
وجل سة التش هد و ما تحو يه من معان ومشا عر وجدان ية سامية نتقرب الى ال بالتحيات المباركات و ال صلوات الطيبات ،ونتو جه بتح ية ال سلم
لرسولنا الحبيب السلم عليك أيها النبى ورحمة ال وبركاته ،ثم نعود بالسلم علينا وعلى عباد ال الصالحين ،ثم نقرّ بالشهادتين ونصلى ونسلم
على رسولنا الحبيب ،ما أروعها جلسة حينما نعيشها بين يدى ال تعالى مع رسوله صلى ال عليه وسلم وحولنا عباد ال الصالحون من أمة
محمد صلى ال عليه وسلم وال تعالى ينظر إلينا ويتجلى علينا من عليائه بعين الرضا و القبول ،ثم نخرج من الصلة بعد هذه الجلسة الممتعة
لنواجه الحياة بنفوس رضية هانئة .
حركات الصلة تعود على المصلى بفائدة صحية فى بدنه .
إن التزامنا لحركات الصلة كما علمنا إياها رسول ال صلى ال عليه وسلم فى الركعة ركوع واحد وسجدتان وليس ركوعين وسجدة واحدة هذا
اللتزام فيه معنى العبودية المطلقة ل و التسليم المطلق لوامر ال ولو لم تظهر لنا الحكمة ،فما طرد إبليس من رحمة ال لمجرد معصيته أمر
ال بالسجود لبينا آدم مع الملئكة ولكن لنه اعترض على مقتضى المر وحكمة ال فيه ،وهكذا نتعلم من الصلة هذا المعنى السامى للعبودية
ل.
إن التهييؤ للصيلة بطهارة البدن و الثوب و المكان والوضوء يربيى المسيلم على النظافية و النقاء و الذوق السيليم الذى ينفير مين القاذورات و
النجاسات الحسية و المعنوية ،وحينما تصاحب الطهارة الحسية طهارة القلب من كل ما يغضب ال فالقلب موضع نظر ال فى الصلة فل حقد ول
حسد ول بغضاء ول شحناء بينه وبين إخوانه المسلمين وهذا زاد هام وضرورى للمسلم عموما ولسالك طريق الدعوة خصوصا .
إن شرط صحة الصلة بدخول الوقت و الحرص على أدائها قبل خروج وقتها يعوّد المصلى على الدقة فى المواعيد و الوفاء بها ويعوّده الحرص
على الو قت بح يث ل يله يه أى أ مر ويش غل عل يه وق ته دون انتباه .فإن أوقات ال صلة تنب هه وتوق ظه من غفل ته ،وهكذا لي سمح لى عرض من
أعراض الدنيا أن يزحم عليه وقته وفكره عن ذكر ال وإقام الصلة و الع مل و الجهاد فى سبيل ال ،هذه الصفات لزمة وهامة لكل من يسلك
طريق الدعوة ويرتبط بالعمال و المواعيد واللقاءات .
تحرى القبلة و التوجه إليها يعوّد المسلم على معرفة التجاهات وجغرافية المكان بالنسبة للكعبة بيت ال الحرام وفى الشعور باتجاه المسلمين فى
أنحاء العالم الى قبلة واحدة يكسب المسلم الشعور بالوحدة مع إخوانه المسلمين وارتباطه بهم وهذا معنى تربوى هام يلزم تحقيقه بين المسليمن
كى يستطيعوا مواجهة أعداء السلم ،كما أن التوجه الى القبلة يلزم أن يصاحبه توجه القلب الى ال بإخلص النية وتنقيتها من آثار الرياء أو
الشرك وإخلص الوجهة من أهم ما يلزم الداعية الى ال فى طريق الدعوة .
السيتجابة للنداء للصيلة بمجرد سيماعه و التخلص مين كيل شواغيل الدنييا فييه مجاهدة وتقويية للرادة و العزيمية و التغلب على أهواء النفيس
ومطامعها وفى ذلك زاد وتربية لها أثرها العملى فى حياة الداعى الى ال وترتيب الولويات فى المهام و المور .
انتظام الصفوف فى الصلة وتسويتها والتزام المام وعدم سبقه وكذلك الفتح عليه إذا نسى أو أخطأ كل ذلك له آثاره التربوية فى نفس المسلم
فالجندية و النظام و الطاعة للقيادة مع النصح و التنبيه للخطأ أمور لزمة للعاملين فى حقل الدعوة السلمية و المجاهدين فى سبيل ال .
الشعور بالمساواة فى صف واحد بين يدى ال لفرق فى الوقوف بين غنى وفقير ،ل تعالى ،ل كبر فالكل سواء بين يدى ال ،بل قد يضع الغنى
جبهته ساجدا ل قريبا من قدمى الفقير فى الصف الذي أمامه دون حرج أو اشمئزاز ،وفى هذا مجال تربوى هام وزاد ضرورى لتآلف المسلمين
وتقاربهم وتقوية الصلة بينهم .
اجتماع المسلمين على الصلة فى المسجد فى الوقات الخمسة وفى صلة الجمعة وفى العيدين من شأنه أن يتيح الفرصة بين المسلمين فى الحى
الوا حد أو البلدة الواحدة للتعارف والتآلف و الوحدة و التعاون فيعطون المحتاج ويعودون المر يض ويشارك بعض هم بعضا فى أفراح هم وأتراح هم
ويتعاطفون ويتراحمون فيما بينهم .
حرص المسلمين على الصلة فى المسجد يربطهم بالمسجد ويعيد للمسجد رسالته الهامة التى كانت له فى أول الدعوة فمسجد رسول ال صلى ال
عليه وسلم كان يدبر فيه أمر المسلمين وتجيش منه الجيوش وترسم الخطط ويتدارس فيه كل ما يهم المسلمين وما أحوج المسلمين اليوم الى
العودة بالمسجد الى رسالته الولى .
هكذا نجد الصلة كلها زاد على الطريق وكل ما يتصل بها يغذى المصلى بنوع من الزاد لزم وضرورى له .
ول أدعى أنّى أحطت بكل ما فى الصلة من مصادر وينابيع الخير و الزاد ولكن هذا جهد المقل ونسأل القبول والخلص .