Professional Documents
Culture Documents
عمر التلمسانى
شاهدا على العصر
الخوان المسلمون فى دائرة الحقيقة الغائبة
المختار السلمى
للطباعة والنشر والتوزيع
///////////////////////
إهداء
الى :
العالم السلمى الذى طالت رقدته وغفوته لعله يستيقظ قبل أن يفوت الوان
الى :
روح المام الشهيد المرشد والمعلم والمربى على منهاج كتاب ال سبحانه وتعالى وسنة رسوله المصطفى صلى ال عليه وسلم
الى :
المدافعين عن كلمة ال فى أرضه :السابقين واللحقين بالكلمة واالقلم والخلق والعمل والجهاد والسالكين فى دروب النور اللهى
والشهداء البرار الطهار .
* أهدي هذه الضافة المتواضعه *
تصدير
دائرة الحقيقة
الحمد ل رب العالمين والصلة والسلم على خاتم النبيين والمرسلين محمد الذى بعثه ال رسول ومبشرا ونذيرا ورحمة للعالمين .
لقد انطلقت رسالة السلم الى قلوب وأفئدة البشر لتخرجهم من ظلمات الجهل والجهالة الى دروب النور واليمان ولتحكم كلمة
السلم اليمانية سائر أنحاء المعمورة ولتهوى الى البد امبراطوريات ظالمة جائرة على الفطرة النسانية وتسلح اصحاب الدعوة
الوائل بسلح اليمان فانطلقوا الى مشارق الرض ومغاربها ( فاتحين ) ومبشرين بالنور اللهى وبنى السلم دولته مستندة على
عقيدة ل اله ال ال محمد رسول ال ولكن سرعان ما باعدت أهواء الدنيا وبريقها بين العقيدة وأهلها الذين تفرقوا شيعا وفرقا ولكن
ال سبحانه وتعالى يقيض من يذكر هذه المة العريقة الصيلة بعقيدتها الكاملة المتكاملة .
ووسط عوامل الضعف والوهن الذى أصاب جسد المة السلمية بسبب الهجمات الشرسة التى وجهت للعقيدة السمحاء فإن شابا
مسلما قد عز عليه ما أصاب دينه وعقيدته وامته فتولدت فى نفسه كل عوامل الغيرة على دينه وأنه ل بد من إنقاذ هذه المة من
عثرتها وإيقاظها من غفوتها وتخلفها .ز فانطلق حامل روحه على كفه داعيا ومرشدا ومعلما ومربيا على هدى من كتاب ال وسنة
رسوله صلى ال عليه وسلم والسلف الصالح .ز هذا الشاب هو المام ا لشهيد حسن البنا الذى عز عليه حال السلم فانطلق داعيا
لنشاء ( الجماعة المسلمة ) التى تقف وسط بحار المدينة وأهواء البشر ول تغرق فيها وعلى مدى عشرين عاما قاد المام الشهيد
حركة الخوان المسلمين وهى ا لحركة التى شهدلها العداء قبل الصدقاء أنها كانت من أنضج وأقوى الحركات السلمية فى العصر
الحديث والذى يقرأ تاريخ مصر الحديث ل بد أن يجد الخوان المسلمين على خريطة الحياة السياسية المصرية متعاملين ومتفاعلين
مع كل الحداث والتجاهات على مدى نصف قرن من الزمان .
ولكن هذه الجماعة المسلمة لم تسلم من الطعنات وزالسهام الجارحة المميته وحملت التشويه والتزييف ول فى أصحابها كل ألوان
المحن والتعذيب من أجل انتزاع العقيدة من قلوب أعضائها .
وهذا الكتاب محاولة لرصد جانب كبير من تاريخ مصر من خلل هذه الجماعة التى استقرت على خريطة مصر السياسية خلل نصف
قرن ولكن هذه الحركة رغم تراثها فإنها لم تعن بتسجيل نشاطها ورصد تاريخها اللهم إل كتابات المام الشهيد حسن البنا وبعض
الخوة المسلمين ممامما أتاح لهواة ومحترفى التصنيف والتشويه أن يطعنوا ظهر هذه الدعوة ويبتدعوا الروايات الكاذبة والتصورات
الوهمية وكان ل بد من رصد تاريخ هذه الحركة وهنا كان اللتقاء مع أحد الذين عاصروا جهاد هذه الجماعة على مدى 50عاما ودفع
مع غيره من المجاهدين ضريبة الجهاد من ابتلء واختبار ..إنه الستاذ عمر التلمسانى الذى سعدت وسيسعد الكثيرون من
المخلصين للعقيدة السلمية أن يسمعوا شهادته للتاريخ حيث عايش تاريخ الحركة وتفاعل مع أحداثها وواجه مع غيره تلك
الصدمات والهجمات ا لشرسة من كل الطراف المعادية للفكرة السلمية ودفع حريته ثمنا ليمانه وإخلصه لعقيدته وليكشف للقراء
تاريخ ما أهمله التاريخ وما قصد الكثيرون طمس معالمه والكتاب محاولة مبصرة وليست عمياء ـ لكشف حقيقة علقات الخوان
المسلمين بالحداث وبأطراف الصراع على مدى خمسين عاما ـ ولقد حاكمت الخوان المسلمين عشرات الدوائر القضائية ولكن
دائرة واحدة لم يقدم لها الخوان المسلمون وهى دائرة الحقيقة التى غابت سنين طويلة وآن الوان أن يدخلها الخوان بتاريخهم
وجهادهم ليقولوا للناس جميعا :هذه رسالتنا وهذه دعوتنا وهذه حقيقتنا وتاريخ المم هو ضميرها ـ والتاريخ ل يعرف الرحمة
والشفقة والمحاولت التى بذلت لهالة التراب عليه حتى ل يراه الناس ـ هى محاولة ل بد أن تستمر لن كلمة الحق ل بد أن تقال ..
وهذا الكتاب محاولة متواضعة لوضع النقاط فوق الحروف حول تاريخ جماعة الخوانا لمسلمين وتقديم الصورة الصادقة أمام دائرة
الحقيقة .
ول يسعنى إل أن أتقدم بالشكر للستاذ الفاضل عمر التلمسانى على مساهمته الفائقة فى هذا الكتاب ..والتى كان لها الفضل فى
خروج مادة الكتاب كما أخص بالشكر زوجتى الفاضلة التى وقفت بإخلص ودون كلل وراء إتمامى هذا العمل وأتوجه بشكرى أيضا
لكل من ساهموا فى إخراج هذا الكتاب الى النور .
وال الموفق وهو المستعان
المؤلف إبراهــــيم قاعـــــــــــــــود
القاهرة فى :رجب 1403
إبريل 1983
ويستطرد المام الشهيد " كان لهذه الموجة رد فعل قوى فى ا لوساط الخاصة المعنية بهذه الشئون كالزهر وبعض الدوائر السلمية
ولكن جمهرة الشعب حينذاك كانت إما من الشباب المثقف وهو معجب بما يسمع من هذه اللوان وإما من العامة الذين انصرفوا عن
التفكير فى هذه الشئون لقلة المنبهين والموجهين وكنت مـتألما أشد اللم فهأنذا أرى أن المة المصرية العزيزة تتأرجح حياتها
الجتماعية بين أسلمها الغالى العزيز الذى ورثته وحمته وألفته وعاشت به واعتز بها اربعة عشر قرنا كاملة وبين هذا الغزو
الغربى العنيف المسلح المجهز بكل السلحة الماضية الفتاكة من المال والجاه والمظهر والمتعة والقوة ووسائل الدعاية " ز
وانتقل الشهيد المام حسن البنا الى مرحلة أخرى من تفكيره فلم يجلس مستسلما لما يجد من حوادث عظام وإنما بدأ اللم الذى كان
يحترق فى صدر ه يتحول الى عمل فبدأ اتصاله بكبار رجال الزهر ومنهم الشيخ " أحمد يوسف الدجوى " وتحدث اليه فأظهر اللم
والسف وأخذ يعدد مظاهر الداء والثار السيئة المترتبة على انتشار هذه الظاهرة فى ألمة وخلص من ذلك الى ضعف المعسكر
السلمى أمام هؤلء المتآمرين عليه وكيف أن الزهر حاول كثيرا أن يصد هذا التيار فلم يستطع .
وقد زاد حلكة هذه الفترة التى عاشها الشهيد حسن البنا فترة شبابه الحملت التبشيرية الضخمة التى أرسلها النجليز لمصر ومهدوا
لها بنشر المرض والجهل وانتشر المبشرون فى كافة أنحاء البلد فى الوجهين البحرى والقبلى تحت سمع وبصر المسئولين والحكام
واستغل المبشرون فقر الناس وحاجتهم وجهلهم وبثوا دعواتهم ووجدوا بالتحديد فى الصعيد مرتعا خصبا لدعوتهم وأفكارهم حيث
الجهل والنهزال والفقر واستغل النجليز سلطتهم فأسكتوا الصحف المعارضة لهذه الحملة المسمومة بالغلق والمصادرة وتكميم
الفواه .
وبفورة وحماس الشباب انطلق الشهيد البنا يعلن غضبه واعتراضه على هذا الستسلم والخفاق واندفع يتحدث عن السبيل لنقاذ
المة السلمية وأن أسلوب التألم واجترار الماضى لم يعد يصلح لمقاومة هذه التيارات الجارفة ووجد الشهيد البنا معارضة لقواله
وتأييدا جارفا فى نفس الوقت ولم تنقض هذه الجلسة إل واتفق على اصدار مجلة " الفتح السلمية " وأسندت رياسة تحريرها للكاتب
السلمى محب الدين الخطيب ..
ولم تستطع الحملة التبشيرية أن تصمد أكثر من عام وحملت أمتعتها وغادرت مصر غير مأسوف عليها وتطهرت مصر منها ..بعد
أن نجحت مجلى الفتح فى فضح المؤامرة وتواطؤ النجليز وأذنابهم فيها كما تكونت لجنة برياسة الشيخ " محمد مصطفى المراغى "
لمقاومة التبشير وتصدت له بكل قوة وعنف حتى استسلم المبشرون وسقطت حججهم ودعاواهم أمام العقيدة السلمية ثم تلى ذلك
إنشاء جمعية " الشبان المسلمين " التى أسندت رياستها للدكتور عبد الحميد سعيد " وكان المام الشهيد أول من سارع بالنضمام
إليها .
ومضت سنوات الدراسة بدار العلوم وتخرج المام الشهيد وكان أول دفعته عام 1927ولم يرشحه أحد لبعثة دراسية فى الخارج كما
هو المعتاد وعين الشهيد البنا بالسماعيلية وبعد عام من سفره للسماعيلية تكونت أول نواه لتشكيلت الخوان المسلمين وشعبهم .
وفكر المام الشهيد أن يعاود تنفيذ تجربته السابقة فى ا لدرس والوعظ فى القهاوى للمرة الثانية نجحت الفكرة نجاحا كبيرا فى
اجتذاب رواد القهاوى نظرا لسلمة أسلوب الشهيد المام وقدرته الفائقة على التصال بجمهور ورواد القهاوى وكان هو فى نفس
الوقت يقوم بعملية جس نبض للمجتمع الجديد والمؤثرات التى تحكمه واتضح أنها :العلماء وشيوخ الطريق والعيان والندية
وسعى بالفعل بالتصال بهذه العناصر للعمل على خدمة السلم وإعلء شأنه وإنقاذه من المسلمات التى لحقت به وأحاطت به ..
وكانت لمدينة السماعيلية سماتها الخاصة التى تميزها عن باقى القطر المصرى فهناك ترامى المعسكر النجليزى ببأسه وسلطانه و
هناك مكتب شركة قناة السويس الذى كان يسيطر على كل شئون المدينة وهناك المنازل الفخمة فى حى الفرنج يقابلها المساكن
المتواضعة فى حى العرب .
وأحس المام الشهيد حسن البنا بأن ال قد اختار له هذه البقعة لتبدأ فيها حركته ودعوته ..وقد كان .
الباب الول
لمــاذا أخترت الخوان ؟
الفصل الول
عمر التلمسانى يتحدث ..
على مدى نصف قرن من الزمان وأكثر هى عمر حركة الخوان المسلمين متعاملة ومتفاعلة مع واقع المور ومجرياتها ل قت فيها
ما لقت وتعرضت لما تعرضت له من أهوال يشيب لها الولدان فى بطون أمهاتهم ويعجز منطق الكلم عن وصفها كان ل بد من أن
نتجه الى من عايش خضم هذا البحر الهائج من الحداث ليفتح لنا ملف ذكرياته ويكشف ما غمض من أسرار ويجلى الحقائق ويظهر
ما استتر منها علنا نصل الى مكان فى دائرة الحقيقة الغائبة على مدى نصف قرن بين التضليل والتشويه والتلفيق المتعمد وقد آن
الوان لتقديم الصورة الصادقة الحقيقية بعد طول غياب للحقيقة .
لقد عايش الستاذ عمر التلمسانى هذه الحداث على مدى نصف قرن من الزمان عاشها عضوا فى مكتب الرشاد وأتاحت له الظروف
أن يتعامل ويتفاعل مع هذه الحداث وكان قريبا من المام الشهيد حسن البنا وعاش كل المواجهات والصراعات التى خاضتها حركة
الخوان المسلمين مع كل القوى :سواء أحزاب ما قبل حركة يوليو 1952والقصر أم جماعة الضباط الحرار والنجليز ورحلة
جماعة الخوان عقب حركة 1952وعصر السادات كما شهد الخلفات التى وقعت داخل الحركة نفسها والتى تفجرت بصفة خاصة
بعد استشهاد المام حسن البنا عام . 1948
لقد دخل الستاذ عمر التلمسانى جماعة الخوان المسلين شابا يافعا مرفها مترفا فخلع أرية الترف والرفاهية ليعيش زاهدا عابدا لربه
متمسكا بعقيدته عامل على إحياء مجد السلم مع رفاقه فى العقيدة وضحى بالكثير وعاش بين جدران السجون ما يقرب من 18
عاما دافعا لضريبة الجهاد فى سبيل ا ل مخلصا النية والعزم مؤثرا عقيدته على ما سواها .
وكان ل بد أن نبدأ مع قصته أو رحلته فى الحياة كما يرويها التلمسانى طفولة وشبابا ،يقول " :ولدت عام 1904فى أحد البيوت
فى حى سيدنا الحسين رضى ال عنه وكان للسرة منزل فى قرية " نوى " بمركز شبين القناطر بمحافظة القليوبية وكان منزلنا
مكونا من خمس شقق فى طابقين وكان يجمع والدى وجدى وعمى وكان جدى متزوجا من اثنين وكذا والدى وكانت اسرتنا ميسورة
الحال يمتلك جدى ثلثمائة فدان .
وتلقيت علومى الولية فى كتاب القرية وأذكر أول من تلقيت العلم على أيديهم الشيخ عبد العزيز القلماوى والشيخ أحمد رفاعى نصار
عليهم رحمة ال وكنت بحكم نشأتى ذا وضع مرموق فى كتاب القرية وبعيدا عن إساءة المدرسين فكان إصرارى علىالعلم ميسرا
وما كنت أنفر من حصص اللغة كالطفال الخرين وكنت أجد فى نفسى رغبة للتعلم وتوفى جدى فى يناير 1918وانتقل أبى بنا الى
القاهرة وفى نفس البيت الذى ولدت فيه فى حارة " حوش قدم " وكان البيت مملوكا لنا وكانت الحارة فى شارع الغورية وهناك
درست المرحلة البتدائية فى مدرسة الجمعية الخيرية السلمية وكذلك الثانوى ثم أكملت الدراسة الثانوية فى مدرسة " بنبا قادن "
بحى الحلمية الجديدة وكنت متفوقا فى دراستى والتحقت بمدرسة الحقوق عام 1924وفى السنة الولى تزوجت فكان الزواج مشغلة
لى عن الدراسة خاصة بعد وفاة أبى بعد زواجى بستة أشهر وتخلفت فى الكلية سنتين وتخرجت عام 1930واتخذت لى مكتبا فى
مركز شبين القناطر ول أستطيع القول :إننى كنت محاميا ل معا ولكننى فى الوقت ذاته لم أكن مغمورا .
وقد كان لسرتى تأ ثير كبير فى حياتى وفى ترسيخ القيمة الدينية لدى وكان جدى رحمه ال عليه محافظا على الفروض الدينية
وكان فى معاملته مع الذين يعملون أجراء فى أرضه نموذجا طيبا فقد كان بعضهم يقصر فى دفع إيجار الرض بالكامل فكان يبحث
حالته فإذا وجده مضطرا أعفاه من باقى اليجار وإن وجده موسرا ويستطيع أن يدفع فكان يحاسبه ويأخذ منه اليجار بالكامل وكانت
له حديقة موالح فى القرية وكان يبيح لكل رجال القرية أن يأكلوا من الحديقة ما يشاءون فإن خرج أحدهم ببرتقاله واحدة من
الحديقة كان يحاسبه عليها حسابا عسيرا وكان يضربه لن الشرع يعتبر هذه سرقة فكانت معاملته للفلحين على هذا النمط وكان
يصحو قبل الفجر بساعة تقريبا ويوقظ جميع رجال القرية من الفلحين ليصلوا الفجر جماعة حاضرا " .
ويضيف الستاذ التلمسانى " :هذا الجو الذى كنت أرى فيه رجال العائلة ونساءها جميعا يؤدون كل واجباتهم الشرعية ترك أثره فى
نفسى وبالنسبة لى ل أدرى فى أى سن بدأت الصلة ؟ ول متى بدأت الصيام ؟ وعندما تنبهت لنفسى وجدت نفسى أصوم وأصلى
تلقائيا .
وكان يزور القرية كل شهر أو شهرين بعض علماء الزهر يقضون يوما أو بعض يوم وكانت المناقشات تدور بينهم وبين جدى
حول الراء الفقهية وكان جدى عليه رحمة ال يأخذ بمذهب " محمد بن عبد الوهاب " وكان متأثرا بابن تيمية وكانت المناقشات
تدور بينه وبين المتصوفين حول أرجح الراء الفقهية وكانت المناقشات تحتدم لدرجة كنت اتصور أنهم سوف يتشابكون باليدى
وينتهى المر بسلم وكأن شيئا لم يكن .
هذه الصورة جعلتنى بالفعل متأثرا بالدين وأمارس شعائره عن اقتناع ل عن تقليد وما ضاعت منى والحمد ل فريضة فى يوم من
اليام منذ شببت عن الطوق وأدركت واجباتى الدينية وظللت على هذا الى التحقت بكلية الحقوق فكانت أعلى الدرجات التى أحصل
عليها فى مواد الدراسة هى درجات الشريعة السلمية وكنت محل تقدير من هذه الناحية عند المرحوم الشيخ أحمد إبراهيم عليه
رحمة ال ..هذه الصور وهذاالتجاه جعلنى أنظر الى نشوء الحزاب وتصرفاتها فى حذر كنت حقا أعتقد أن " سعد زغلول " كان
زعيما وطنيا ولكننى كنت أراه ـ بمنظورى ـ فى رمضان ل يصوم ويدخن السجائر علنا .فكان يبدو هذا فى ذهنى غريبا .ز كيف
أن زعيما مسلما ومصريا مفطر فى رمضان وما كنت أظن أن حالته الصحية تتيح له هذا لنه كان فى حالة صحية جيدة وكل رجال
الحزاب أو زعمائها كانوا تقريبا على هذه الوتيرة فكانت ثقتى فيهم مهزوزة وإن كنت أميل ما أكون الى الوفد متأثرا بالرأى العام
فى البلد حتى أننى طلب منى أن أكون عضوا فى اللجنة المركزية فى مديرية القليوبية ودخلت بالفعل وظل هذا الوضع يتأرجح فى
ذهنى الى أن ظهرت دعوة الخوان فى عام 1928ما كنت أعرف عنها شيئا ول قرأت عنها الى أن زارنى اثنان من الخوان
وعرضوا الفكرة واقتنعت بها وصرت مع الخوان من ذلك اليوم ولكنى لم أكن أقاطع الوفد كانت صلتى بهم سائرة الى ان تبين لى
تماما أن الوفد يظن بالخوان المسلمين أنهم ينافسونه فى الزعامة أو الشعبية وبدات مظاهر القطيعة من جانب الوفد وبدا يهاجم
الخوان فتحدد الموقف فى نظرى بصورة واضحة تماما واعتزلت جميع الحزاب وسرت فى طريقى مع الخوان المسلمين الى يومنا
هذا ..ولقد كان التزامى جانب القرآن الكريم منذ طفولتى له بالغ الثر فى حياتى حيث قرأت أجزاء كبيرة منه وحفظتها حتى مرحلة
الدراسة الثانوية ثم انقطع التزامى وفتر حفظى له وتسرب الكثير مما حفظت ولكن منذ عام 1940عاودت ملزمة القرآن الكريم الى
أن حفظته تماما وكنت أحفظه بمفردى وما كنت أحفظ على يد أى إنسان ..ولقد دخلت مدرسة الحقوق لن دراستى كانت أدبية حيث
كنت ميال للناحية الدبية وكنت أحب قراءة التاريخ والجغرافيا والدب وأثناء دراستى الثانوية كنت أتردد على المحاكم وكانت هناك
قضايا سياسية تنظر فى ذلك الوقت مثل قضية نزاهة الحكم وقضية محاكمة الزعماء الوفد وقضايا أخرى كثيرة كانت دراسة الحقوق
تستهوينى ولم تكن منصة القضاء أو النيابه تجذبنىوإنما كان إعجابى كله محصورا فى موقف الدفاع فتمكنت من نفسى غريزة حب
موقف الدفاع وصممت على أن أكون محاميا ل أن أكون موظفا .
وقد عايشت فى هذه الفترة أحداث ومظاهرات ثورة 1919وما بعدها ولعلى اشتركت فى جميع المظاهرات ولنم تفتنى واحدة منها فى
القاهرة مناديا بشعارات الوفد لقد كانت ثورة حقيقية نابعة من أعماق الشعب لن كل أ فراد الشعب وطبقاته كانوا متجاوبين
ومتفاهمين مع التجاه الوطنى ومحاولة التخلص من الستعمار وآثاره فكانت مشاركتى فى هذه الحداث مشاركة فعلية ما كنت أكتفى
بالقراءة عنها ولكنى كنت أشارك فى هذه المظاهرات وأذهب الى منزل سعد زغلول وأستمع الى خطبة وكنت فى ذلك الوقت معتقدا أن
كل العمال تعمل خالصة لوجه ال والوطن الى أن تكشفت لى الحقيقة شيئا فشيئا فلقد أخذ على سعد زغلول أنه عين كثيرا من
أقربائه فى الوظائف العليا ويوم أن كان رئيسا للوزراء صرح أنه لو استطاع أن يجعل الحكومة كلها زغلولية عظما ولحما ودما لفعل
..فتبين لى أن الغرض هو حب الزعامة واكتساب المظاهر الشعبية خاصة وأن كل المصريين يعلمون أن سعد زغلول نشأ فى
صالون الميرة " نازلى " وكان هذا الصالون يضم كل السماء اللمعة فى ذلمك الوقت وكان معروفا عن تلك الميرة أن لها صلت
بالسفارة أو دار الحماية البريطانية كما كانت تسمى فى ذلك الوقت وشيئا فشيئا رأيت كبار رجال الحزاب يتنافسون علىا لحكم
وقرأت ما كان يكتبه بعضهم ضد بعض من تشنيع واتهامات حتى أ نه إذا قرأت ما كتب فى تلك الفترة عن سعد زغلول وعن عدلى
يكن وعبد الخالق ثروت واسماعيل صدقى والنحاس ل تكاد تصدق أن واحدا منهم كان نظيفا كل النظافة ومخلصا كل الخلص لن
كل واحد من هؤلء كان يطعن فى الخرين ويتهمهم بالعمالة ويتهمونه بعدم الخلص فاستقر رأيى أخيرا على أن فكرة قيام دستور
وإنشاء أحزاب أصل كانت فكرة استعمارية قصد منها الوقيعة بين أبناء الوطن الواحد وجعلهم يتشاحنون ويتقاطعون بغية ا لوصول
الى ا لحكم وذلك مما أساء الى الحركة الوطنية لثورة 1919فبعد أن كانت أسمى وأنظف الحركات الوطنية فى العالم تمزقت شيعا
وذهب كل فريق وراء زعيم وأصبح كل واحد من هؤلء ل يهمه إل تحقيق مصلحته الشخصية وفى الحقيقة أنه لم يكن فى البداية
لهذه الثورة صراعات بين فريق وآخر كان الشعب كله يكاد يكون وفديا ويأخذ بوجهة نظر سعد زغلول فى المسائل ا لسياسية
ويعجب بخطبه وكلماته " الحق فوق القوة والمة فوق الحكومة " ..كانت عباراته تلهب مشاعر الجماهير وكان النزاع حقيقة بين
الوفد وبين السراى وأرادت ا لسراى أن تضعف من شأن هذا التجاه فأنشأت الحزاب :الحرار الدستوريين فى أول المر ثم بعد ذلك
السعديين والكتلة وتعددت الحزاب فى مصر وكان كل حزب يطعن فى الحزب الثانى ويتهمه حتى لوثت سمعة جميع الزعماء الذين
كانوا يشتغلون بالسياسة فى هذا الوقت وكنا نرى فعل أن بعض الوزراء يدخلون ا لوزارة ل يملكون شيئا ثم نرى بعد ذلك عزبا
وأراضى باسم بعض الوزراء فكان هذا يثير الشك فى نفوس الناس قد يكون الحصول على هذه الملك من طريق سليم إنما البادى
للناس أن غمكانيات هذا ا لشخص ما كانت تمكنه من الحصول على هذه الملك الواسعة وهم أنفسهم كان بعضهم يتهم بعضا فكان
يقول قائل منهم الخر :كيف حصلت على هذه العزبة وهذه العمارة ..من أين ؟ وهكذا دار الصراع وكان صراعا شخصيا محضا
بعيدا كل البعد ما كان للوطن فيه دخل إل للتأثير على نفسية الشعب فقط ..إنما حقيقة كان الصراع فيها بينهم شخصيا ثم كانوا هم
أول من بدءوا بوسائل العنف لن الوفد أنشأ تشكيلة القمصان الزرقاء تم هيئة أخرى هى :حزب مصر الفتاة أنشأت تشكيله تماثلها
اسمها :القمصان الخضراء .
وهكذا كانت كل هذه المظاهر تدل على أن الرغبة المتمكنة فى نفوس الحزاب هى الوصول الى الحكم ل أكثر ول أقل والمرة الوحيدة
التى أجتمعت فيها الحزاب وكونت وزارة ائتلفية كان الغرض منها إعادة دستور .. 1923وكان للطلبة دور فى هذا فشكلت لجنة
من الطلبة وزارت كل رؤساء الحزاب وألحت عليهم أن يتفقوا أو يشكلوا ائتلفا ليعملوا على زحزحة النجليز من مصر .
وكان أصرح هؤلء الزعماء إسماعيل صدقى لنه كان من الذين يقولون بإنقاذ ما يمكن أنقاذه ..ما كان يرى أن الحق من الممكن
الحصول عليه مرة واحدة فكان ينادى :بأننا يجب أن نأخذ من النجليز كل ما نستطيع أن نحصل عليه شيئا فشيئا حتى نحصل على
حقوقنا كاملة ..إنما التهامات التى كان يوجهها بعضهم الى بعض كانت اتهامات فى منتهى القسوة والشناعة ووصلت لدرجة التهام
بالعمالة .ز فلن يقول على آخر :إن هذا عميل انجليزى وآخر عميل ألمانى وكانت السيطرة فى واقع المر للسراى ودار الحماية
البريطانية والثنتان كانتا مصدر التأثير والنفوذ فى مصر .
وأعود الى مسار حياتى ..فقد عملت بعد تخرجى من مدرسة الحقوق ـ كما تمنيت محاميا وظللت أشتغل محاميا حتى عام 1954
عندما حكم على بالسجن 15سنة وعامين اعتقال فانقطعت عن المحاماه وخرجت فوجدت أن أكثر القوانين قد أصابها التغيير وأننى
فى حاجة لعادة الدراسة من جديد لدرس كل القوانين التى صدرت إن كنت أريد أن أستأنف مزاولة مهنة المحاماة فآثرت اعتزال
المهنة .
ولقد كانت مهنة المحاماة عندما مارستها فى الذروة والقمة وكان المحامون مثل فى اللقاء باللغة العربية وفى الذكاء واستخراج
الدلة والبراهين والقرائن والوقائع التى تؤيد وجهة نظرهم وكان القضاء يأخذ نفس الوضع وكان الحترام متبادل بين القضاء
والمحاماة وما كنت تجد محاميا من صنف معين إل على ندرة إنما كان كل المحامين فى الذروة فى الخلق والعلم وكانت نقابة
المحامين أولى النقابات التى كانت لقراراتها السياسية أثر بالغ فى نفوس المة من أسوان وحتى السكندرية .ولقد رفضت عرضا
للعمل فى النيابة عام 1936كما عرض على منصب فى القضاء عام 1942فرفضت أيضا مؤثرا أن أكون محاميا مدافعا عن الحق
وذلك بطبيعة نشأتى وتكوينى لقد كنت أحب الحرية فى كل شىء ..فى عملى ..فى معيشتى ..فى تفكيرى فوجدت أن المجال الوحيد
الذى يستطيع أن يستمتع النسان فيه بحريته هو مهنة ا لمحاماة ولقد علمتنى المهنة كيف يستطيع النسان أن يعتد بكلمة الحق
وبالتزام الحق وبالدفاع عن الحق فكانت كل حياتى قائمة على هذا المعنى ما كنت استطيع أبدا أن أقول كلمة غير صحيحة وكنت
أشعر أنى لو حاولت تغيير حقيقة أن كل الناس يرون مكتوبا على وجهى غضب ال سبحانه وتعالى على أننى كنت صادقا مع نفسى
ومع الناس ومع ا ل فى كل ما كنت أزاول من عمل والحمد ل على كل شىء “ .وهكذا نجد أن النبع السلمى الذى نشأ فيه
الستاذ عمر التلمسانى ونهل منه هيأه لما بعده من أمور وأحداث ..نشأة دينية ووسط مواجهات هادئة بين مسلمين متحمسين
لعقيدتهم ورغبة جارفة فى ا لتزام موقف الدفاع عن الحق دفعه الى دراسة ا لحقوق ثم مشاركة فى أحداث الوطن ثم عودته لتقييمها
على الوجه الصحيح وصيغة ما وصل اليه حال الوطن من تمزقات نتيجة صراعات زعماء الحزاب غيرالمسئولة ..كل هذه العوامل
هيأت وأتاحت له الفرصة بل نقول ودفعته الى دخول حركة الخوان المسلمين عن قناعة بضرورة أن يعود للعقيدة السلمية دورها
فى إعادة التوازن لعناصر المة من أخلق ومعاملت فيما بين العباد بعضهم البعض وفيما بينهم وبين خالقهم والتى اهتزت داخل
جدران المة المصرية بسبب العوامل التى سبق ذكرها فى تمهيد الكتاب .
الفصــل الثانـــــــى
وبدأت الرحلـــــة بالبيعــــــــــة
اعتمد الشهيد المام حسن البنا فى بداية التحرك الفعلى بعد البيعة التى تمت للمرة الولى فى تاريخ الحركة والتى حددت بدايتها
الفعلية عام 1928على عدة عوامل لحركته :
أ ) سرعة نقل نشاط الحركة خارج دائرة مدينة السماعيلية الى سائر أنحاء القطر المصرى .
ب) عدم الدخول فى مواجهات أو صدمات من أى نوع مع قوى الضغط والنفوذ فى البلد وأخطرها النجليز والسراى ثم قوى الحزاب
ورجالتها .
ج ) النتشارالفكرى والثقافى من خلل الدروس والنشرات والمجلت التى صدرت عقب وقت غير بعيد من تاريخ بدء نشاط الجماعة
.
د ) ممارسة أسلوب الدعوة وضم من يرغب عن قناعة كاملة بالجماعة وتوجهاتها وأسلوب النتقاء والختيار للعناصر التى تشكل
تأثيرا فكريا أو سياسيا أو من يسمون فى العصر الحديث بقادة الرأى العام ولذا فقد انتشر العضاء المؤسسون ومن تبعهم بعد ذلك
فى أنحاء القطر المصرى بحثا عمن يتوسم فيهم سلمة عقيدته السلمية وقوة تأثيره وصلح خلقه للنضمام للجماعة وأيضا من
أصحاب النفوذ من العيان والتجار الذين يشهد لهم بالصلح والتقوى ..وذلك لقدرة هؤلء جميعا على التأثير فى المحيط الذين
يعيشون فيه بالكلمة الحسنة والثر الطيب ..وكان كل عضو فى الجماعة حريصا ـ حرصه على عقيدته ـ على جذب الكثيرين حوله
للنضمام للجماعة لتصحيح مسار المة وإعادة العقيدة الصحيحة لقلوب وعقول إخوانهم بعد أن أبعدتهم عنها قوى البغى والنحلل
التى ل تريد لدولة السلم عودة بأى صورة من الصور ..
هـ ) المشاركة بصورة فعلية فى كافة المناسبات السلمية والذكريات المجيدة فى القاهرة والقاليم .
و ) أن يكون للجماعة إطار تنظيمى محدد بدءا بمكتب الرشاد والشعب المختلفة والتشكيلت الكشفية والرياضية وقسم الطلب
وغيرها وتحديد السلم التنظيمى لعضاء الجماعة وذلك تسهيل للتصال وتبادل الراء والتوجيهات بين كافة مستويات الحركة منعا
للتخبط والعشوائية بين أعضاء وتشكيلت الحركة .
وكان للعضاء ثلث درجات هى الخ المساعد ،الخ المنتسب ،الخ العامل ثم هناك درجة رابعة هى درجة النضمام " الجهادى " ـ
اى الخ المجاهد وهنا نعود الىا لستاذ عمر التلمسانى ليروى لنا قصة دخوله جماعة الخوان المسلمين يقول " فى سنة 1933
زارنى فى مكتبى اثنان من الخوان المسلمين وسألنى أحدهما ما ذا تعمل ؟ وضايقنى السؤال وقلت لهم ساخرا :أقوم بتربية
الكتاكيت ولم يضايقهما الرد وأجاب أحدهما مبتسما ولكن هناك من هم فى حاجة الى التربية أكثر من الكتاكيت ..قلت من ؟ قال
المسلمون ..فقلت لهما ولكن هناك جهات حكومية وهناك الزهر وهى كفيلة بالقيام بهذه العملية فألحا على أن التقى بالستاذ
الشهيد حسن البنا لدير معه حوارا لعلى أقتنع بوجهة نظرهما ..وكنت فى تلك السن حريصا على المعرفة .
فلما ذهبت اليه فى بيته استقبلنى فى حجرة متواضعة ـ لم ترقنى الحجرة ـ وجلست ودار بيننا حديث عن المسلمين بعد كانوا فى
صدارة العالم وكانت الدنيا تقف لهم احتراما وتقديرا .
ومضى الحديث فى قرابة الساعة واقتنعت بوجهة نظره ولكنه لم يرض أن يستغل هذا القتناع وقال لى أرجىء هذا لسبوعين وأدر
الموضوع فى ذهنك وحدث نفسك بما سمعت فإذا اقتنعت فلنلتق بعد أسبوعين فغذا قبلت فنحن إخوان وإذا رفضت فنحن أصدقاء ول
يضيرنا أن يرفض دعوتنا أحد ما دمنا مقتنعين بها .
وفعل حرصت على أن أحضر فى الموعد بعد أسبوعين وذهبت إليه وتمت بينى وبينه البيعة وكان هذا نصها :
" أقسم بال أن أكون وفيا لدعوة الخوان المسلمين مطيعا للمرشد العام فيماأحب وفيما أكره فى المنشط والمكره وأن أنفذ كل ما
يصدر الى من أوامر إل ما كان فيه معصية ل فل طاعة لمخلوق فى معصية الخالق " .
وبهذه المناسبة يشيع كثير من الناس أقاويل ومعانى ل حقيقة لها حول البيعة فالبيعة للمرشد أو أمير الجماعة أو أمير المؤمنين أو
المسؤول معناها أنك ل تبايع إنسانا بذاته فغن ال سبحانه وتعالى يقول ك " إن الذين يبايعونك إنما يبايعون ال " .فإذا كانت البيعة
مع الرسول صلى ال عليه وسلم هى مع ال جل شأنه فمن باب أولى أن تكون البيعة لى إنسان هى مع ال فالخوان ل يقدسون ـ
كما يشيع البعض من المغرضين عنهم ـ حسن البنا ولكنهم يعتقدون أنه بشر يخطىء ويصيب ولكن عليهم أن يسمعوا ويطيعوا من
غير معصية ال وفيما أمر به رسول ال صلوات ال وسلمه عليه انطلقا من الحديث الشريف " ل طاعة لمخلوق فى معصية الخالق
".
وليست البيعة كما يتصورها البعض أنها نقلة بالنسان من حال الى حال يعنى أن الشخص الذى كان يبايع المرشد كان يعتقد تماما أن
المرشد إنسان مثله وأنه إنسان ليس بمقدس ول فوق مستوى الوضاع الدمية ولكن الناس لغراض شوهوا معنى البيعة ويحاولون
ـ وإن فشلوا فى هذا ـ أن يصوروا أن البيعة معناها الرهاب والتعصب وإغلق الذهن وعدم الفهم وكل هذه المسائل التى أثاروها
حول البيعة وحقيقة المر أننا مأمورون فى القرآن بأن نبايع فكان السلم ل يتم إل نتيجة من يسلم لرسول ال صلى ال عليه وسلم
ثم تل ذلك مبايعة المسلمين لمير المؤمنين وظل هذاالمر على هذه الوتيرة .
ولقد اخترت جماعة الخوان دون غيرها لنه لم يكن فى ذلك العهد أية جماعات دينية لها أثر ولها وجود إنما كانت جماعة الخوان
هى الجماعة الوحيدة التى كانت تنشط فى سبيل الدعوة وتغشى الندية والقهاوى والمساجد والمجتمعات وانتشرت داخل أسوار
الجامعة فى وقت لم يكن هناك أى اثر وأى معنى لكلمة السلم فى صفوف الجامعة إنما دعوة الخوان كان لها وجودها ونشاطها
وتحركاتها وأثرها فى نفوس الناس .
ولقد كان باب النضمام للخوان المسلمين مفتوحا لكل من أراد أن ينضم للخوان وجاء ليبايع المام المرشد العام أو مندوب المرشد
العام الذى يوجد فى المنطقة وكان الخوان يتقبلون بيعته ويعد من الخوان المسلمين وكان للخوان درجات :فهناك الصدقاء وهم
الذين يحبون الخوان ول يبايعون المرشد والمنتسبون وهم الذين يأحذون بمبادىء الخوان المسلمين ويبايعون المرشد وهذا مدى
حظهم فى الخوان المسلمين والخوان العاملون وهم الذين يبايعون المرشد ويشاركون فى كل أعمال الدعوة من حضور لدروسها
الى دفع الشتراكات وكل ما يطلب من الخ المسلم ويكون متوافرا عنده لى أخ من الخوان يعتبر من الخوان العاملين ولم تكن
هناك شروط للنضمام للجماعة سوى أن يكون الخ مسلما محافظا على دينه ول يرتكب الجرائم والمنكرات أو الكبائر ويقتصر المر
فيها على أنه مسلم نظيف .
ولقد كان الغرض الساسى لنشاء جماعة الخوان المسلمين عند المام الشهيد حسن البنا هو تربية المسلمين على تعاليم السلم
وأنه ل يكفى أن يكون المسلم مصليا وصائما وحاجا ومزكيا هذه عبادات فردية وفروض عينية يلتزم بها كل شخص إنما كانت هناك
معان أخرى فى السلم أوسع من هذا ..حرية المسلم وسعادتة ورقية وعزته ومكانتة وكان المام البنا يغرس كل هذا فى نفوس
الخوان الشباب ليستعيدوا أمجاد السلم الماضية وتعود للمسلمين مكانتهم فى العالم بدل من ان يكونوا مستعمرين ومستغلين
ومستعبدين وحتى يصبحوا هم سادة أنفسهم خصوصا وأن هذه المنطقة من أغنى مناطق العالم بالثروات الطبيعية من زراعية
ومعدنية فكان هم الدعوة الولى إعادة المسلمين الى أوضاعهم الولى ولما اشتد الضفط النجليزى على مصر وخاصة بعد ثورة
1919وأصبح المر فى يد السفير البريطانى الذى كان يسمى مندوب الحماية أو المندوب السامى وبعد أن بدأت مظاهر إحلل اليهود
فى فلسطين مكان أهلها بدأ التفكير فى إنشاء تشكيل ليدفع عن مصر شر الستعمار بمقاومة النجليز مقاومة مادية ومحاربة اليهود
حتى ل يكون لهم استقرار فى فلسطين ..وكان هذا هو الساس الذى دعا الى انشاء " النظام الخاص " أو ما يسميه الناس " النظام
السرى " فى الخوان المسلمين وهو نظام أنشىء أساسا لمقاومة الحتلل البريطانى بعد أن رأى الخوان أن كل الحزاب ل تفكر فى
المقاومة العملية مجرد خطب رنانة وسياسات وانتخابات وإنما ل شىء أكثر من هذا ولهذا يسر النجليز لمصر أن تصدر دستورا
وأن تقيم دستورا لنهم يعرفون جيدا أن النتيجة أن يختلف زعماء الحزاب بعضهم مع بعض ويتفرق المصريون شيعا كانت الفكرة
فى تشكيل النظام الخاص هى تحرير مصر الستعمار البريطانى وإنقاذ فلسطين من أيدى اليهود وانجلترا التى كانت تعمل على ان
تجعل من فلسطين وطنا قوميا لليهود ..حقا حدثت بعض أخطاء من بعض أفراد هذا النظام وهذا شىء طبيعى فى كل العالم ل يوجد
مجتمع أو أسرة أو أمة ل يوجد فيها من يخطىء والخطأ طبيعة البشر فكانت هناك تصرفات فردية لبعض أعضاء هذا التشكيل فكان
ينكرها الستاذ البنا ول يرضى عنها ويعلن فى الصحف أنه يتبرأ من مثل هذه العمال هذا التشكيل لم ينشأ ليعتدى على المصريين
أنفسهم وأنما أنشىء لمقاومة الستعمار البريطانى ومقاومة الستيطان اليهودى فى فلسطين ..إنما أعداء الدعوة وخاصة أجهزة
العلم العالمية شوهت هذا الوضع وصورت الخوان المسلمين فى صورة الرهابيين المتعصبين الرجعيين القتلة والى غيره من
التهامات .
ولقد اختار الستاذ البنا مدينة السماعيلية لبداية حركته لظروف عمله فى السماعيلية حيث خطر له خاطر إنشاء الجماعة ثم كانت
البيعة الولى مع مجموعة الخوان المسلمين وتسميتهم الخوان المسلمين باعتبار أنهما لفظان مختاران من القرآن الكريم .
والواقع أن الخوة الذين اشتركوا مع الستاذ البنا كانوا فى منتهى النشاط ومنتهى الوفاء لدرجة أن واحدا منهم كان يعمل سائقا فى
شركة قناة السويس وكان يحضر على دراجته من السماعيلية لمقر الشركة فى السماعيلية وكان يحضر فى المواعيد بدقة ثم بدأ
يتأخر عن مواعيده وسأله رؤساؤه إنك كنت نشطا وكنت تحضر فى المواعيد فما سر تأخيرك ؟ فقال لهم كان عندى دراجة وكنت
أحضر عليها فى المواعيد وإنما الن أنا عضو فى جماعة اسمها الخوان المسلمون ونبحث عن شقة نسكنها ونفرشها ونجعلها مقرا
للخوان المسلمين ولكن فقراء وكنت ضمن المتبرعين فبعت ا لدراجة الخاصة بى وقدمت ثمنها للستاذ المرشد لساهم فى تكوين
مركز للخوان وشقة مفروشة وأعجب به رؤساؤه فعل واشتروا له دراجة جديدة بدل من دراجته القديمة التى باعها ..كانوا فى
نتهى الوفاء للخوان المسلمين وكان الستاذ البنا يأخذ سبورة صغيرة ويذهب بها الى القهاوى فى مدينة السماعيلية ويجلس فى
القهوة وبعد أن يطلب الشاى أو القهوة يستأذن صاحب القهوة فى أن يقول كلمه فيأذن له صاحب القهوة وكان لبقا ومؤثرا وكان
الناس يحبون الستماع اليه فبدأ رواد القهاوى يتزايدون على المكان الذى كان يوجد فيه حسن البنا فكان أصحاب القهاوى يتنافسون
فى جذب الستاذ حسن البنا الى مقاهيهم لتكثر زبائنهم ويكثر عملؤهم وبدأ العمل بعد أن انتشرت الدعوة فى السماعيلية وبنوا
مسجدا هناك ودارا للضيافة فى السماعيلية وكانت تكاليف البناء فى ذلك الوقت ميسرة وسهلة وأحس رجال شركة قناة السويس
وكانت أجنبية بمدى تأثير حسن البنا على أهالى السماعيلية فعملوا جهدهم لدى ا لحكومة لتنقل حسن البنا من السماعيلية فنقل
بالفعل للقاهرة فىمدرسة عباس البتدائية بناء على رغبته فى أكتوبر عام 1932فكانت إرادة ال سبحانه وتعالى أ ن يكون هذا
النقل فاتحة خير وكان المجال فى القاهرة أوسع والنتشار أكبر فانتشرت الدعوة فى لقاهرة وظل هو فى ا لقاهرة حتى نقلوه الى قنا
ولما ذهب الى قنا أثر فى أهالى قنا فأرجعوه للقاهرة وظل على هذا الوضع حتى استقال من التدريس عام " 1946
واقعة تبرع شركة قناة السويس :
لقد ذهب الكثيرون مذاهب شتى فى تفسير هذه ا لخطوة من جانب الخوان ومن جانب النجليز وخاصة الكتاب الماركسيين ويقول
صلح عيسى فى دراسته فى مقدمة كتاب الخوان المسلمين * " لكن الخوان ـ الذين كان مؤسسهم حسن البنا من أذكى
الشخصيات السياسية فى العالم العربى ـ تركوا السلطات القائمة وقتها تظن أن حركتهم تخدمها ـ وهو ما كان يتحقق موضوعيا ـ
بحكم أنهم يستلبون الشبان الذين كانوا منهمكين تحت قيادة حزب الوفد فى النضال ضد دكتاتورية اسماعيل صدقى بل إن شركة قناة
السويس وكانت آنذاك شركة دولية لنجلترا الجانب الكبر من أسهمها قد نظرت اليهم بنفس النظرة فمنحتهم تبرعا قدره خمسمائة
جنيه مصرى وهو ما يعتبر دعما قويا إذا ما نظرنا الى قيمة الجنيه آنذاك وقد ثبت بعد أن ذكاء الخوان المسلمين السياسى فوق
مستوى الشبهات وهو ما تأكد من الطريقة التى تعاملوا بها مع الحتلل النجليزى فى مصر إذ تعاملوا بحجمهم الحقيقى ل بأهدافهم
التى أعلنوها تدريجيا وفيما بعد وكما نجحوا فى خديعة شركة قناة السويس وحصلوا منها على منحة تصل الى خمسمائة جنيه رغم
أنها شركة تعمل لمصلحة الحتلل النجليزى وردا على هذه المقولة نقول :أية خديعة تلك التى يتصورها صلح عيسى فعلها
الخوان ؟
وأية خدمة تلك التى قدمها الخوان المسلمين للنجليز والتى كانت تتحقق موضوعيا فى رأى صلح عيسى ؟ والتى يعطى النجليز
مقابلها مبلغ خمسمائة جنيه مكافأة على خدمتهم ـ أى الخوان ـ للنجليز " ..والذين يقولون هذا ـ على حد تعبير الستاذ عمر
التلمسانى " :ل يفهمون حقيقة السلم فالرسول صلوات ال وسلمه عليه كان يرهن درعه عند اليهود وعند المشركين لجل معين
على أن يدفعه لهم إذا لم يكن لديه شىء فأنا إذا أردت أن أقيم مسجدا وتبرع لى يهودى أو مسيحى أو بوذى أو ملحد بمبلغ من المال
لقيم به المسجد ..ل علي شرعا أن آخذ منه ما يريد أن يدفعه لقيم به مسجدا ل سبحانه وتعالى ..ليس فى ذلك عيب ..إنما هم
يريدون أن يستخرجوا من كل شىء شبهة تلوث سمعة حسن البنا وجماعة الخوان المسلمين " ..
ثم ألم يأت هذاالتبرع فى إطار حملة تبرعات دعا اليها الخوان المسلمون لبناء المسجد أم جاء التبرع منفردا وفى غير مكانه ووقته
؟
ثم هل اتجه مؤشر المعارضة لوجود الحتلل النجليزى لدى حسن البنا والخوان فى اتجاه النجليز وتأييدهم بعد هذا التبرع أم ظل
عداء تقليديا صارما على مدى سنوات وحول الخوان ؟ إن الظواهر تؤكد بما ل يدع مجال للشك أن توجيه الشبهة للجماعة فى
قبولها هذاا لتبرع محض افتراء واضح ول يقصد منه سوى التشكيك فى ذمة وأخلق وأهداف جماعة الخوان المسلمين ..ثم هل
سعى الخوان المسلمون ..للحصول على هذا المبلغ نظير " الخدمات الجليلة التى ألمح اليها صلح عيسى بشكل متوارب وخبيث ؟ !
إن القصة كما يرويها الشهيد المام حسن البنا تقول " :وقبل أن يتم بناء المسجد بقليل وقد أوشكت النقود المجموعة أن تنفد وأمامنا
بعد مشروع المسجد ومشروع المدرسة والدار وهى من تمامة بل كلها مشروع واحد تصادف أن مر البارون دى بنوا مدير شركة
القنال ومعه سكرتيره المسيولوم فرأى البناء فسأل عنه وأخذ معلومات موجزة وبينما أنا فى المدرسة إذ جاءنى أحد الموظفين
يدعونى لمقابلة البارون بمكتبه بالشركة فذهبت اليه فتحدث الى عن طريق مترجم بأنه رأى البناء وهو يود أن يساعدنا بتبرع مالى
وهو لهذا يطلب منا رسما ومذكرة للمشروع فشكرت له ذلك وانصرفت ووافيته بعد ذلك بما طلب ومضى على ذلك شهور كدنا ننسى
فيها البارون ووعده ولكنى فوجئت بعد ذلك بدعوة ثانية منه الى مكتبه فذهبت اليه فرحب ثم ذكر لى أن الشركة اعتمدت مبلغ
خمسمائة جنيه مصرى للمشروع فشكرت له وأفهمته أن المبلغ قليل جدا ولم يكن منتظرا من الشركة تقديره لنها فى الوقت الذى
تبنى فيه على نفقتها كنيسة تكلفها 500000خمسمائة ألف جنيه أى نصف مليون جنيه تعطى المسجد خمسمائة جنيه فقط فاقتنع
بوجهة نظرى وأظهر مشاركتى فيها ولكنه أسف لن هذا هو القرار ورجانى قبول المبلغ على أنه إذا استطاع أن يفعل شيئا بعد ذلك
فلن يتأخر وشكرت له مرة ثانية وقلت له إن تسلم المبلغ ليس من اختصاصى ولكنه من اختصاص أمين الصندوق الشيخ محمد
حسين الزملوط الذى تبرع وحده بمثل ما تبرعت الشركة وسأخبره ليحضر لتسلمه وقد كان وتسلم أمين الصندوق هذا المبلغ وطبعا
لم يفكر البارون فى عمل شىء آخر ولم نفكر نحن فى أن نطلب منه شيئا كذلك " ..ثم ألم تكن هذه هى أموال مصر من دخل شركة
قناة السويس التى تقع فى مصر وليس فى بحر المانش ولكن النجليز اغتصبوها فى غفلة من الزمان ؟ ! لقد أسمى الشهيد المام
حسن البنا ذلك فقها أعوج !..
الفصل الثالث
التمهيد فى الثلثينات
فى مطلع الثلثينات من هذاالقرن وبعد أن انتهى المام الشهيد من مرحلة وضع البذور بدأ مرحلته الثانية فى ترسيخ جذور الجماعة
لتضع أقدامها على أرض صلبة وثابتة فصعب على الكثيرين من أعداء الدعوة اجتثاثها من قلوب وعقول أعضاء الجماعة فلم
يجتثوها إل بإزهاق أرواح هؤلء الدعاة المخلصين فيما سيلى من حوادث وأمور على مدى زمن وجود الحركة .
ويرى الستاذ التلمسانى أن " فترة الثلثينات ـ وهى من الفترات الزاهية فى تاريخ جماعة الخوانالمسلمين ـ كانت فترة تمهيد لما
وراءها من انتشار الوعى بالخوان المسلمين وكان المام الشهيد يحرص يوميا ـ تقريبا ـ وكان همه منصرفا ومركزا على
المدارس الثانوية وإن كان فى تلك الفترة أيضا لم يحرم المدارس البتدائية من لقائه بهم وإعطائهم الدروس التربوية التى تتناسب
ومداركهم وأفهامهم وأذكر أننى صحبته ذات يوم من اليام لمدرسة المحمدية البتدائية بالعباسية واجتمع صغار الطلبة فى ا لمدرسة
فطلب منى أن أتحدث إليهم قليل فكان جوابى :إننى ل أحسن الكلم الى الصغار والطفال لن عملى طبعنى بطابع خاص وهو الحديث
فى أوساط معينة والى أناس معينين بالذات ووقف رضوان ال عليه ليتحدث الىالطلبة حديثا فى غاية الغرابة لدرجة أن الطفال
أنفسهم كانوا مشدودين مشدوهين اليه ولم يعبث أحد منهم عبث الطفال فى مثل هذه المناسبات وكان يعنى بالمدارس البتدائية عناية
خاصة لنه كان يرى فيهم الجيل الزاحف على أبواب مستقبل اليام وأنه بعد سنوات سيكون هؤلء الطفال هم طلبة المدارس الثانوية
والجامعات فيحظون بهذه العناية المبكرة بنوع من التربية السلمية ما كان لهم به عهد من قبل ويصبحون فى شبابهم فتيانا على
وعى طيب وعلى استعداد كامل لحمل أعباء دعوة الخوان المسلمين فى مختلف ميادينها وما كان يقصر نشاطه علىالقاهرة ولكنه
كان دائم التنقل فى محافظات القطر من السكندرية الى أسوان فى الوقت الذى كان فيه كبار مصر وأثرياؤها يسافرون الى السكندرية
والى خارج البلد ترويحا عن أنفسهم من عناء الحر وفى هذه الفترة كان هو يتجه الى جنوب الوادى فيزور مديريات الصعيد
مديرية تلو مديريية من الجيزة لسوان ول يقتصر فى تجواله علىالمراكز أو المدن ولكنه كان يغشى القرى والكفور والنجوع وأبعد
مكان يمكن الوصول اليه فى القرى التى تقع فى أحضان الجبل فى منطقة الصعيد وكان دأبه عجيبا ويكفيه أنه كان ل ينام سوى
أربع أ خمس ساعات فقط من اليوم كله وكان ل يكل من العمل ول يفتر وكان الشباب الذين يصحبونه فى هذه الرحلت يجدون من
المتاعب والمشاق مال يجده هو ولكنهم يخفون ما فى أنفسهم من تعب اقتداء بمرشدهم وإرضاء له فى مهمته الكبرى ولذلك تخرج
هذا الشباب تخرجا طيبا فى الدعوة وحملوا على أكتافهم أعباءها وانتشروا هم بدورهم فى مختلف أنحاء القطر وكانت إجازاتهم
الصيفية ل يقضونها كما يقضيها أقرانهم من الشباب فى اللهو واللعب ولكنهم كانوا يقومون بدور الدعاة فى كل بلد يوجدون فيه
وفى كل قرية يحلون بها وكان لذلك أثره الطيب إذ أنه بعد انتهاء الجازات كان الطلبة الذين يتخرجون من المدارس الثانوية وقصدوا
القاهرة للجامعات ولم تكن هناك جامعات فى بادىء المر إل فى القاهرة وبعدها بقليل السكندرية وكان كثير من الطلبة الذين ل
يعرفون شيئا عن الخوان المسلمين يتلقون تعاليمها فى فترة الجازات عن طريق الشباب الذى تفهم هذه الدعوة وحملها بداءة ..
وكان أول مكان لجماعة الخوان المسلمين فى حى المغربلين بقسم ا لدرب الحمر فى منطقة تعرف بمنطقة اليكنية فى شارع " عبد
ال بك " ثم بعد ذلك انتقلت الى شارع المبتديان بالسيدة ذينب وبعد تنقلت استقرت فى لوكاندة البرلمان فى ميدان العتبة الخضراء
ومن هنا عزم الستاذ البنا على شراء دار تكون مركزا عاما للخوان المسلمين ووقع الختيار على قصر كبير فى حى الحلمية
الجديدة واشترى هذا القصر بحوالى 8آلف جنيه فى مطالع الربعينات ولم يكن لدى الخوان المسلمين فى ذلك الوقت سوى 500
جنيه فقط ولكن ما أن علم الخوان فى شتى أنحاء القطر المصرى بعزم المرشد علىشراء هذه الدار حتى تبرعوا كل بقدر ما يستطيع
حتى السيدات كن يرسلن مساهمة منهن فى شراء الدار وفى ظرف أسبوع تم جمع المبلغ وسجل العقد المام الشهيد ل بصفته
الشخصية ولكن سجله باسم جماعةالخوان المسلمين باعتباره المرشد العام لهذه الجماعة ولو كان كما يقال من قبل المغرضين لكان
من الميسور عليه أن يسجل هذا العقد باسمه ليصبح القصر ملكا له ولورثته ولكنه لم يفعل لنه ل يراعى إل جانب ال سبحانه
وتعالى فى جميع تصرفاته..
** التنظيمات الخوانية :
لقد بدأت حركة الخوان المسلمين وانضم إليها عشرات اللوف ورأى ا لستاذ البنا أنه ل بد من إقامة إدارة دقيقة منظمة لتتولى
شئون الجماعة لنه لو ربطت الجماعة بشخص حسن البنا فمعنى ذلك أنه إذا مات حسن البنا انتهت الجماعة فاراد أن يجد لها
تشكيل وتنظيما معينا تلتف حوله الجماعة سواء وجد حسن البنا أم لم يوجد ..فبدأت الفكرة عند الخوان المسلمين فى جميع أنحاء
القطر المصرى فى الشعب الخوانية وهم يشكلون الجمعية العمومية للخوان هذهالشعب تنتخب من بينها أعدادا معينة لينتخبوا
أعضاء الهيئة التأسيسية كانت تجتمع لتنتخب أعضاء مكتب الرشاد الذين هم بمثابة الهيئة التنفيذية أو الوزارة كما يقال فى
الوضاع السياسية المتعارف عليها لدارة شئون الخوان المسلمين ..هذا المكتب هو الذى ينتخب هذه الهيئة التأسيسية أيضا بعد
أن ينتخبوا مكتب الرشاد يقوم أعضاء المكتب بانتخاب المرشد العام للخوان المسلمين فتم النظام على هذه الصورة ..جمعية
عمومية ـ هيئة تأسيسية ـ مكتب إرشاد ـ مرشد إخوان مسلمين ..وعندما بدأ تطبيق هذا التشكيل كنت أقيم فى مديرية القليوبية
فكان تكوين المكتب قاصرا على انتخاب أشخاص يقيمون بالقاهرة ليحضروا اجتماعات مجلس مكتب الرشاد أسبوعيا ولكى يمثل
الوجه البحرى والقبلى ضم الى مكتب الرشاد عن الوجه البحرى عمر التلمسانى وعن الوجه القبلى السيد محمد حامد أبو النصر أحد
أعيان مركز منفلوط مديرية أسيوط ..هكذا كان الترتيب وكان النظام فى المكتب وكنت فيه عندما أنشىء باعتبارى ممثل للوجه
البحرى وجاء ذلك بالتعيين من المام وبعد ذلك انتقلت للقاهرة وأصبح دورى فى المكتب الترشيح ل عن طريق الختيار فانتخبت من
أهالى القاهرة عن طريق الهيئة التأسيسية .
وهكذا بدأت حركة الخوان المسلمين تواصل العداد لحركتها وتنظيمها بشكل دقيق استفادة من تجارب الخرين واقتداء بسنة رسول
ال صلى ا ل عليه وسلم ..ولقد كنت من أوائل الخوة الذين عملوا فى هذا المكتب ومكتب الرشاد ..
وقد حرص الستاذ البنا على إنشاء الشعب الخوانية فى كل مدينة وقرية وكان يحل بهذه الشعب فى رحلته ويخطب فى مسجد أو
فى دار من دور أعيان المنطقة ويلتقى فيها بالناس الذين لديهم ميول نحو نصرة دينهم بالستاذ البنا يكونون شعبة من عدة أعضاء
يرأسها أحدهم ولها سكرتير وأمين صندوق ومجلس إدارة فكانت هذه الشعب متناثرة فى ارجاء القطر المصرى وطبعا لم تكون هذه
الشعب مرة واحدة ولكنها أخذت تزداد عاما بعد عام حتى بلغت حوالى ألف شعبة ..أما ما قاله البعض عن رحلة الخمسة آلف قرية
التى قام بها الشهيد المام ففيها شىء من المبالغة ..كانت الشعب إذا اتسعت فى منطقة تكون هيئة منها للمنطقة ذاتها تضم الشعب
فيها فإذا اتسعت الجهود كان ينشأ فى تلك المنطقة ما يسمى بالمكتب الدارى لتلك المنطقة فكانت السكندرية مثل لها مكتب إدارى
والدقهلية وكل محافظة تنشط فى عملها نشاطا ملحوظا وتضم أعدادا وفيرة من الشعب كان ينشأ فيها مكتب إدارى ليجمع شمل هذه
الشعب كلها تحت إدارته وهو الذى يتولى إدارتها وتنظيمها نيابة عن المركز العام وعن مكتب الرشاد ولنه قطعا كان ا لمركز العام
فى القاهرة ل يستطيع بمفرده أن يلم بأحوال الخوان فى كل أنحاء القطر فكان فى كل محافظة مكتب إدارى لمثل هذه العملية وكان
الستاذ البنا رضوان ال عليه حريصا على إنشاء الشعب وما كان يحرص على أن يتولى رئاسة الشعب شخص شديد التعلق بدعوة
الخوان المسلمين ولكنه كان يتخير الشخص المستقيم الذى له وضعه الجتماعى فى القرية أو المركز سواء أكان مؤمنا بدعوة
الخوان أو غير مؤمن بها وإنما هو شخص له وضعيته الجتماعية فى هذه المنطقة ما دام ذا خلق ودين وبهذه الوضعية لهذا
الرئيس كانت الشعبة تتسع حينا بعد حين فى ظل حمايته وفى ظل وضعه الجتماعى والذين ينضمون فى ظل هذه المعانى منهم من
كان يشرح ال صدره لتفهم مبادىء الخوان المسلمين تفهما حقيقيا فيصبح أخا مسلما ومن كان يحب المظاهر والرياسات له ما
يشاء فى جماعة الخوان المسلمين دون غضاضة ول حرج عليه ما دام حسن السيرة والسلوك .
* ردود فعل السراى والنجليز :
فى الوقت الذى وضع المام الشهيد حسن البنا أسس الجماعة ونظامها وتشكيلتها وبدأ فى النضمام للجماعة العشرات بل اللوف
فإن هذا المر لم يلفت أنظار عناصر وقوى الضغط والنفوذ وأبرزها النجليز والسراى وهكذا نجحت الدعوة ـ وهذا من توفيق ال
وذكاء المام الشهيد ـ فى تثبيت أقدامها وترسيخها ثم بدأت ردود الفعل التى تفاوتت بين الشدة والهدوء .
ويقول الستاذ عمر التلمسانى " فى بداية المر فإن النجليز والسراى لم يكونوا منتبهين لداء حسن البنا وكانوا يظنونه شيخا من
مشايخ الطرق الصوفية ولم يقيموا له وزنا أو احتياطا لما كان يهدف اليه فظلت الدعوة تنشر فى المطالبة بعودة المسلمين الى تعاليم
دينهم ولما تكشفت ا لحقائق وعلمت السراى والنجليز أن الخوان يريدون أن يكون الحكم شورى بين ا لمسلمين ـ كما ورد فى
القرآن الكريم ـ شعر الطرفان أن دعوة الخوان كانت تهدف أصل الى تحرير الوطان السلمية من الستعمار والجانب فأدركوا قوة
وخطر الخوان وأدركوا حقيقة أهداف الخوان المسلمين ولذلك نجد العالم غير المسلم ل يركز على جماعة من الجماعات السلمية
فى العالم كله إل على جماعة الخوان المسلمين يتهمونها بكل التهم التى يمكن أن توجه لى إنسان ..لماذا ؟ لنهم يعلمون حقيقة
هذه الدعوة وأنها لو نجحت فآثارها خطيرة عليهم لنهم سيحرمون من هذه السواق الواسعة العريضة التى يصرفون فيها منتجاتهم
ويستغلونها أسوأ استغلل أما حقيقة ألمر فالخوان المسلون ليسوا بجماعة صوفية يقتصر نشاطهم على الذكر وليسوا بجماعة
يجلسون فى المساجد ليصلوا فحسب ولكنهم هيئة تعمل لقامة السلم كما جاء ونزل علىا لرسول صلى ال عليه وسلم باعتباره
نظاما شامل ينظم للمسلم كل حركة من حركات حياته فى كل ناحية من هذه الحياة وهذا طبعا ل يرضى أعداء السلم فهم ل يريدون
للسلم أن يعود لما كان عليه من أمجاد وعزة ومكانة فى العالم وهم يحاولون باستمرار ضرب هذه الجماعة للسف الشديد بأيد
مسلمة " .
*** وقفة عند شخصية المام الشهيد :
وهنا ل بد لنا من وقفة تأمل وتمحيص وإلقاء الضواء على شخصية الرجل الذى أسس وقاد هذه الحركة على مدى 20عاما ألقى
بتأثيراته وروح أفكاره التى ظلت منارا ومرشدا لعضائها بعد انتقاله الى جوار ربه مع الصديقين والشهداء وكيف استطاع أن يجمع
هذه الجموع المؤلفة على اللتفاف حول مبادىء هذه الدعوة لتجديد شباب المة السلمية والوطن السلمى باعتبار أن ذلك هو الحل
المثل لمشكلة مصر والعالم العربى والسلمى وقفز بالجماعة من مجرد جمعية دينية صغيرة فى السماعيلية الى النتشار على
خريطة مصر السياسية والفكرية وما زالت تؤثر الى يومنا هذا فى كل الجيال وفى كل سنى العمر دينيا وفكريا وسياسيا .
ويرى الستاذ عمر التلمسانى " أن الخوان المسلمين بدءوا يتبينون أهداف هذه الدعوة ومراميها والى أى شىء تقصد هذه الدعوة
فى هدوء وفى بعد عن الشعارات والعلنات وكان المام الشهيد حسن البنا حسن الصلة بكل الناس وكل الحزاب ل يتشاتم وإذا
هوجم ل يرد الهجوم بل كان يترك الساءات التى توجه اليه تموت من تلقاء نفسها لنها ل تجد من يؤجج سعيرها فى الرد والخذ
والشد والجذب فسارت الدعوة فى تلك الفترة سيرا غاية فى الغرابه كان القبال عليها منقطع النظير ولم يعرف عن جماعة أو
جماعات أو حزب من الحزاب أن ينضم إليه فى فترة من فترات تكوينه مثل ما انضم الى جماعة الخوان المسلمين فى الثلثينات
وفى أواخر الثلثينات بدأ ت الهداف تتضح وشعر اصحاب الغراض بأن هذه الجماعة هى أخطر هيئة نبتت فى هذا ا لعهد لها
خطورتها على الستعمار والستغلل والقصر والقطاع والشيوعية فعادوها جميعا وتحالفوا على توجيه الساءات اليها بمختلف
وسائل الذاعات غير الكريمة وكان من حسن سياسة المام الشهيد أن يترك هذه الشائعات دون أن يعنى بها أو يرد عليها حتى أنه
لما أخذ الوفد بعد ذلك يهاجم الجماعة فى صحفه تحت عنوان " هذه الجماعة تهوى " ويدخل تحت هذا ا لعنوان أسماء موجودة فعل
أو غير موجودة وأنها تستقيل من جماعة الخوان المسلمين فما كان من المام الشهيد إل أن أعد عمودا فى جريدة الخوان
المسلمين تحت عنوان " هذه الجماعة تهوى " نفس الحروف مع تغيير التشكيل وكان الذى يدخل تحت هذ ا العنوان ل أكثر من
إخوان حقيقيين يرسلون الى مرشدهم بالتأييد وأنهم معه وهما تقول المتقولون أو أشاعوا أو أذاعوا عنه ما شتم .. ..ما هاجم ما
رد بإساءة بإساءة ولكن كان حريصا دائما على أن يعلم الناس الخلق السلمى الواقعى كان يلقى الساءة بالعفو واليذاء بالصبر
والجهل بالتغاضى عن الجاهلين ولذلك ما كنت تجد له عدوا إل إنسانا تحترق نفسه أن يرى معلما إلزاميا وابتدائيا يحظى من جماهير
مصر بمثل هذاالتقدير والحترام " .
ويضيف الستاذ التلمسانى " لقد كان المام الشهيد رجل عاديا جدا ل يمتاز مظهره بما يمثله ويعطيه وضعية بين الناس كان أقرب
الى القصر منه الى الطول ولكنه كان ذكيا ـ ما فى ذلك من شك ـ لماحا ومستوعبا لكل قواعد الشريعة السلمية عن قراءة
ودراسة كان خطيبا مفوها ولو ظل يتحدث الساعات الطوال لما مل الناس من الستماع اليه حتى أنهم إذا ما انتهى من خطابه
يستفيقون كأنهم يستردون عقولهم وقلوبهم التى كانت معلقة بحسن البنا وهو يتحدث من هذه الناحية كان متواضعا بحيث لم تكن
تشعر وأنت معه بأنه رئيسك وأنه مرشد الخوان المسلمين يعاملك كما يتعامل إثنان عاديان بالمرة ل فرق بين كبير وصغير ولكن
هذا ل يمنع أننا كنا نحبه حبا شديدا للغاية ولكن ليس بالحب الذى يرفعه فوق مرتبة القداسة أو ما فوق ما هو مرتبة النسان .ز
كان فى نظرنا أنه إنسان عادى لن الرسول صلى ال عليه وسلم يقول " :ما أنا إل بشر مثلكم “ فل يبقى حسن البنا أحسن من
الرسول صلى ال عليه وسلم فالذين يتهمون الخوان المسلمين بأنهم كانوا يقدسون حسن البنا أو يرتفعون بمكانته الى ما فوق
البشر مغرضون وغير صادقين فيما يتهمون الخوان فى هذه المسألة وكان تأثيرى به شديدا بدون شك ويستطيع أى إنسان أن
يتعرف الى شخصية حسن البنا والى أخلقه من خلل مذكرات الدعوة والداعية “ من خلل رسائل المام الشهيد “ والتى تطرح
مناهج الخوان المسلمين وما هى وسائلهم وما هى الهداف التى يرمون إليها ويكفى ما قاله الستاذ أحمد بهاء الدين حين كتب فى
عموده اليومى بالهرام عن حسن البنا أنه استطاع أن يؤثر فى لمليين وهو رجل غير رسمى وغير حكومى “ .
ولكن رحم ال المام الشهيد لم يسلم من القاء التهامات جزافا من كل اتجاه وميل ففى عام 1930قدمت العديد من الشكاوى حول
الحركة ونواياها تجاه وزارة صدقى باشا وزعمت التهامات بأن المام الشهيد كان :شيوعيا يستخدم الموال الشيوعية فى القيام
بنشاطه وأنه كان وفديا يعمل ضد صدقى وجمهوريا يعمل ضد الملك فؤاد ومجرما انتهك شروط الوظيفة التى تحظر جمع الموال
واستخدامها لغراض غير قانونية وقد تم التحقيق مع المام الشهيد وانتهى التحقيق بتبرئة ساحته من جميع التهم .
ويقول الستاذ عمر التلمسانى “ الحقيقة أن هذه التهامات المتضاربة المتعارضة المتنافرة تثبت قطعا براءة الستاذ البنا والخوان
المسلمين مما نسب اليهم لن النسان ل يمكن أن يكون ملكيا وجمهوريا ول رأسماليا وشيوعيا ول إقطاعيا ول يمكن أن يجمع
إنسان بين هذه الصفات المتعارضة بأية صورة من الصور فهذه التهامات دليل قاطع على أن الخوان كانوا يسيرون علىا لحق
وما كانوا فى أى صورة من هذه الصور التى تنسب اليهم ..اسماعيل صدقى عندما ذهب لمفاوضات صدقى ببفن عام 1946حاول
أن يكتسب صداقة الخوان المسلمين فأرسل صهره الستاذ ابراهيم رشيد للشهيد البنا فى المركز العام ودارت مفاوضات بين ا
لخوان وإسماعيل صدقى على أن يؤيدوه فى موقفه فى هذه ا لمفاوضات فكان الشرط الول والخير هو مطالبة اسماعيل صدقى أل
يفرط وأراد أن يرتكز على شعبية الخوان المسلمين فيعطيهم وعدا بأن يطبق شرع ال فى هذا البلد فلما تجلت الحقائق وكانت
المفاوضات ليست بالمعنى الذى يصبواليه الخوان المسلمون وظهر أن اسماعيل صدقى ليس حريصا على تطبيق الشريعة السلمية
انتهى المر عند هذا الحد ”.
أما المقولة الثانية والتى يدفع بها الكاتب صلح عيسى فى مقدمته لكتاب ميتشيل “ :يتمثل ذكاء حسن البنا وقدرته الفذه على عدم
الدخول فى صدام مباشر قبل أن يستعد له فى نقطتين جوهريتين :
* أنه رفض إبان الحرب عرضا بانقلب يقوم به مشتركا مع حزب مصر الفتاة بزعامة أحمد حسين ويستند على اعداد نحدودة من
اتجاهين فى كل قرية ومدينة مصرية يقومون فى وقت واحد بالستيلء على السلطة المدنية والعسكرية فى هذه القرية أو المدينة
بينما تتجه مجموعة للستلء على العاصمة بنفس الطريقة وقد ناقش المر مع أحمد حسين بشكل منطقى وانتهى منه الى أن الخطة
غير عملية وأنه ل يستطيع أن يحارب أنجلترا ولها جيوش جرارة فى مصر ببنادق قديمة أو بقنابل من مخلفات الحرب العالمية
الولى ( رواية أحمد حسين الدكتور خالد ـ مطبعة مصر ) 1960
* أنه رفض أن يصوغ برنامجا تفصيليا قبل الوان وقد ذكر أحد أقطاب الخوان فيما بعد أنه ناقشه فى هذا المر فكان من رأية أن
محاولة صياغة رأى الخوان فى القضايا التفصيلية وكيفية تطبيق الشريعة السلمية على حياة المجتمع المعاصر هى محاولة
ضررها أكثر من نفعها فإذا كانت صياغة مثل هذه قادرة على مواجهة ا لخصوم السياسيين الذين أخذوا على الخوان دائما أنهم
يطرحون شعارات عامة ول يقدمون حلول تفصيلية للمشاكل فإنها تفتح الباب فى نفس الوقت لشقاق كبير بين المسلمين أنفسهم
لتعدد المذاهب والجتهادات وأن أوان معارك مثل هذه لم يؤن بعد ( شهادة هنداوى دوير أمام محكمة الشعب عام .. ) 1954بهذا
الذكاء فى رسم التحالفات السياسية عاش حسن البنا وبه انتشر الخوان المسلمون وبسببه تعرضوا لول صدماتهم الدموية مع
الحكم المصرى قبل الثورة “ .
ويرد الستاذ التلمسانى على هذه المقولة قائل “ :الواقع أن كل هذه القوال مغرضة وكتناقضة ول تقوم على أساس من الصحة
بدليل ..أن الستاذ البنا له رسائل جمعت فى مجلدات باسم “ رسائل المام الشهيد “ والذى يقرأ هذه الرسائل قراءة عميقة متفحصة
يعرف تماما ما هو منهاج الخوان المسلمين وما هى رسائلهم وما هى الهداف التى يرمون اليها .
أما أنه كان يتصل بمصر الفتاة وغير مصر الفتاة لجل انقلب فيكفى أن يرجع النسان المنصف الى رسالة المؤتمر الخامس حيث
يقول فيها المام الشهيد :أنا ل أدعو الى العنف لن الرأى العام يجب أن يكون مقتنعا تمام القتناع بالفكرة التى يوجه اليها .
أما أننى أقسم الشعب قسمين :قسم الى جانب الحكومة وقسم الى جانب فكرته ويتصارع القسمان فليس فى ذلك مصلحة إل لعداء
هذه المة “ ..الذين يتهمون البنا بأنه لم يضع برنامجا أو منهاجا مفصل غير صادقين ..فليرجعوا الى رسائل المام الشهيد ليجدوا
أنه وضع برنامجا للتربية وبرنامجا للحب وبرنامجا للقتصاد والجتماع لم يترك شيئا لم يضع له برنامجا ..صحيح أنه لم يضع
برنامجا تفصيليا إنما وضع قواعد البرنامج نفسها وترك لمن يريد أن يتوسع أن يفصل هذه القواعد مقتديا فى هذا بكتاب ال سبحانه
وتعالى حيث انزل ال جل وعل القواعد العامة وجاء رسول ال صلى ال عليه وسلم بعد ذلك ببعض التفسيرات ثم قام فقهاء السلم
بشرح القرآن وتفسير ا لحاديث ..إنهم غير صادقين فى هذا وليس لهم من غرض سوى تشويه سمعة الستاذ البنا وتشويه سمعة
الخوان ولو كنا تركنا ألستنا تنطلق فى النيل من الناس وفى ذكر عيوبهم وأخطائهم لقلنا فى هؤلء الناس ما نعرفه عنهم وهو
حقيقة واقعة إنما نحن ل نتحدث عن الناس بسوء ..نحن نرفع عن أنفسنا هذه التهامات الكاذبة التى توجه إلينا فى كل مكان “ .
ويضيف الستاذ عمر “ :ما أساء ألستاذ البنا لحد وما دعا الى القطيعة أو الشحناء وما كان من خلقه ذلك بأية صورة من الصور
ولقد ازدهرت الدعوة فى تلك اليام وبدأنا نفكر فى النواحى القتصادية فأنشئت شركة المعاملت السلمية فى غرفة لوكاندة البرلمان
فى العتبة الخضراء وكان كل ما فيها ل يزيد عن عشرين جنيها صابون سكر حلوة طحينية ثم اتسع العمل وأصبحت شركة
المعاملت تعمل فى اللوف من الجنيهات ولول أن الحكومات المتعاقبة صادرت أموال الخوان مرة بعد مرة وجمدت أموالهم لكانت
هذه الشركة من أكبر الشركات القتصادية فى مصر وفى الشرق كله فى تلك الفترة أيضا .كما ابتدأت العناية بإنشاء المدارس
البتدائية التى تتبع فى نظمها وبرامجها برامج وزارة المعارف ويزيد عليها مواد التربية السلمية ومدرس اللغة العربية إذا دخل
يدرس فل يكتفى بذكر علمات النصب والرفع والخفض ولكنه كان يضيف ويدرس معانى تربوية إسلمية تلفت نظر الصغار الى
حقيقة هذا الدين ومدى ارتباط كل تصرفات الحياة النسانية بهذه العقيدة ومرت الثلثينيات فى هدوء تقريبا لم يعكر صفوها مصادرات
ول مصادمات ول حل وإنما القبال يزداد ويزداد وينتشر ولما رأى الوفد أن اللف من مؤيديه يتسربون من صفوفه الى جماعة
الخوان فأحسن الصلة بهم فترة وأرسل بعض زعمائه منهم من هو على قيد الحياة ومنهم من انتقل الى رحمة ال وأقيم لهم حفل
طيب فى دار الخوان المسلمين وحضروا بالدار وخطبوا فيها وزكوا دعوة الخوان المسلمين وأثنوا عليها ولكن السياسة غير ذلك
فلما رأوا أن المر كاد أن يفلت من أيديهم قلبوا ظهر المجن وبدأت المصادمات العنيفة تتوالى من جانب النجليز والقصر والقطاع
والشيوعيين وحدث من الحداث ما هو معروف فى الصحف والجرائد والمجلت ممن عاصروا ذلك العهد أو ممن قرءوا ما كتب فى
ذلك العهد أو ممن قرءوا ما كتب عنها بعد أن بلغوا السن التى تسمح لهم بالقراءة والطلع على التاريخ فى ذلك الوقت “ .
ثم يطرح الكاتب اليسارى صلح عيسى مقولة أخرى يقول فيها * “ فبينما كان العضاء الجماهيريون ـ بالجهاز العام ـ ينضمون
للخوان فى أغلب الحيان استجابة لمشاعرهم الدينية الفطرية التى لم يبذلوا جهدا فى تعميقها أو تنظيرها وسعيا وراء كسب مثوبة
الدعوة للخير والفضيلة ومقاومة الرذائل فى النفس النسانية الى الدرجة التى يعتبرها بعضهم أصل حركة سياسية تجمع بين
عضويتها وبين عضوية أحزاب أخرى كالوفد المصرى مثل “ ..
ويقول الستاذ التلمسانى ردا على هذه المقولة “ هذا غير صحيح ..المسألة أن واحدا مثل الستاذ محمد عبد الرحمن نصير ـ
رحمه ال ـ كان عضوا فى حزب الحرار الدستوريين وكان يأخذ بمبادىء الخوان المسلمين فلم يكن هناك تناقض أبدا لن أسلوبه
وكلمه فى المجلس وفى المجتمعات خاص بدعوة الخوان المسلمين إنما الصفة الحزبية التى عرف بها فى بادىء المر أنه كان “
أحرار دستوريين “ وأنا نفسى كنت فى الهيئة أو اللجنة المركزية لحزب الوفد فى القليوبية ولكن بعد أن تبينت لى فكرة الخوان
وأهدافهم ومناهجهم واقنعت بها تماما كنت ل أعمل إل من أجل الخوان المسلمكين رغم أن لى صفة أنى عضو فى لجنة الوفد فمع
ذلك لم يكن هناك جمع بين صفتين بصورة عملية ..لقد كنت عضوا فى لجنة الوفد وعضوا فى الخوان المسلمين ومحمد عبد
الرحمن نصير كان عضوا فى الحرار الدستوريين والخوان ولكن هناك حقيقة ل بد أن تقرر وهى :أننا إخوان مسلمون قبل كل
شىء . “ ..
ونتابع المقولت وبشكل أدق “ التقولت “ التى قيلت وتقولت فى حق الخوان المسلمين وقال الكاتب المريكى ريتشارد ميتشل فى
كتابه “ الخوان المسلمون “ فى معرض حديثه عن الخلف الذى ثار حول اختيار من يخلف المام الشهيد فى السماعيلية بعد أن
قرر النتقال للقاهرة وانشق البعض على اختيار الممثل المنتخب وطعنوا بعدم كفاءته فى المور الدارية ولكن المام الشهيد أعلن
وبموافقة دائنى الجماعة على تحمله شخصيا مبلغ القروض المقدمة للجماعة بأسرها وعندما أعلن ذلك قدمت ا لتبرعات الخاصة
لتمكينه من سداد الديون بالكامل .
قال ميتشل :ثم قدم المنشقون وكان من بينهم أمين صندوق الجماعة بلغا رسميا ضد البنا متهمين إياه بإساءة استخدام أموال
الجماعة وذلك بتوزيعها على الشعب الجديدة ومن بينها الشعبة التى يرأسها شقيقه فى القاهرة وقد أصدر النائب قرارا ببراءة البنا
من التهمة التى أعترف المدعى بأن العضاء أنفسهم يؤيدون تصرف البنا ..واقتنع البنا أن هؤلء الرجال قد فقدوا إدراكهم لطبيعة
الجماعة وإيمانهم بطاعة القيادة وبأن من الواجب فصلهم إل أنهم استقالوا قبل أن يقدم على اتخاذ هذا الجراء ليشنوا حملة من
الشائعات حول خطورة الجماعة وعملها السرى وليشددوا بالذات على وقوفها ضد “ حرية الرأى “ ..وذلك هو الخلف الوحيد فى
حياة الجماعة ..فى عهد البنا ـ الذى توجد له رواية رسمية بهذا الشمول ..
ويرد الستاذ التلمسانى على هذه المقولة قائل “ :ل لم يكن هذا هو الخلف الوحيد كما يقول ميتشل ففى عهد المام الشهيد حصلت
خلفات كثيرة منها استقالة الخ أحمد السكرى وكان وكيل للجماعة ثانيا انشق فريق من الخوان وكونوا ما يسمى بجماعة “ شباب
محمد “ كما انشق فريق آخر وكون جماعة “ الشباب المسلم “ ..هذه الخلفات أمر طبيعى فى أية جماعة من الجماعات وفى أى
هيئة من الهيئات ل يمكن أن يجتمع رأى اللف من الناس فهو يعتقد أنه فى مجال المساواة فى فهم حسن البنا لدعوة الخوان
المسلمين ويريد أن يتجه بهم اتجاها غير الذى أنشئت من أجله جماعة الخوان المسلمين كانت هناك خلفات وانشقاقات ولكنها كانت
مسألة عادية للغاية ولو أن حسن البنا كان يستغل ـ كما ردد البعض ـ أموال الخوان لظهرت عليه أعراض الثراء لقد كان يكتفى
بمرتبه ما بين 10جنيهات وهذا الذى كان ينفقه على نفسه وأهل بيته وكان كل الشتراكات التى تأتى للخوان المسلمين تودع ـ
كما هو معروف فى موضعها عند أمين الخزانة وتطلع عليها اللجنة المالية ويحاسب عليها قرشا بقرش وما كانت الشتراكات ذات
قيمة حتى يقال :ان الشهيد البنا كان يستغلها أو يستعملها ونفس الوفد انشق وحدث فيه تشكيل “ الكتلة “ والدستوريين كانوا جزءا
من الوفد وأصبحوا “ أحرارا دستوريين “ وانشق أيضا فى الوفد السعديون كل الهيئات لم يكن يمكن أن تتفق آراؤها مائة فى
المائة مع بعضها البعض .
أما الخطاء والنقسامات التى يبالغ فيها البعض ممن لهم غرض فى ذلك فأقول :ل ..الجماعة كانت مدرسة يتربى فيها الشباب
والشباب تتفاوت مراتب ذكائه وفهمه وعلمه بعض الشباب يكون على شىء من الحاطة بالعلوم العامة والبعض الخر يكون عنده
قدرة على الخطابة والكلم ..مثل هذا ا لشباب يحظى بمكانة فى صفوف الشباب ويقدرونه ويعطونه منزلة خاصة وأحيانا يتسرب
الغرور فى نفس هذا الشخص الذى أخذ موضعا معينا فى صفوف الخوان حتى أنهم يعرفون فى الحتفالت على أن فلنا ل بد أن
يتكلم من موقع حبهم وتقديرهم له فالغرور يعمل أثره فى نفوس هذا الشباب فيبدأ فى التفكير فى مسائل ل تتمشى مع السلوب الذى
لعبه الستاذ البنا والهدف الذى يتبعه الستاذ البنا والهدف الذى يرمى اليه فيبدأ فى الكلم وإثارة أقوال ضد الفكرة وإثارة أخطاء ضد
الستاذ البنا فينتهى المر أن الخوان ـ بعد أن كان له مكانة عندهم ـ ينصرفون عنه ويعتزل الخوان ويبعد عنهم ..كما حصل
بعدد من الناس الذين أنشقوا من الخوان وكانت كل معرفة الناس لهم عن طريق الخوان المسلمين " ..
ولقد كان من أهم دعائم تقوية الروابط بين الخوان وتشكيلتهم المختلفة المؤتمرات التى عقدت خلل الثلثينات والتى أثرت الفكر
الحركى والتنظيمى للجماعة وساهمت فى وضع الطر التى حددت مسار الحركة وتقييم نشاط الحركة واندفاعهخا الى آفاق أرحب
وأشمل لنشاطات الجماعة ومدارسة لحوال الجماعة وإعداد العدة للمستقبل ..هذه كانت الفكرة الصيلة والمبدئية لمؤتمرات الجماعة
وقد عقد المؤتمر الول للخوان وأطلق عليه اجتماع مجلس الشورى العام ( وحضره نواب فروع الخوان المسلمين بالقطر المصرى
بمدينة السماعيلية يوم 22صفر سنة 1352هـ ( ) 1936وكان للخوان المسلمين فى ذلك الوقت 15شعبة بالقطر المصرى
وكانت أهم توصيات المؤتمر الول للخوان توصية بتشكيل مكتب الرشاد العام من عشرة أعضاء وعقد المؤتمر الثانى فى بورسعيد
وكانت أهم توصياته تكوين شركة صغيرة لنشاء مطبعة للخوان المسلمين وعقد المؤتمر الثالث فى عطلة عيد الضحى عام 1353
هـ وأصدر هذا المؤتمر توصيات هامة حول بعض التغييرات فى مكتب الرشاد ومواصلة الكتتاب لتغطية حصص الشركة المساهمة
الخاصة بالمطبعة وتنشيط جريدة الخوان المسلمين وإنشاء صندوق الدعوة للنفاق على نشر الدعوة وتعيين الوعاظ والموظفين
للقيام بأعباء الدعوة وتحديد منهاج الخوان المسلمين وتحديد مواقف الخوان من غيرهم من الهيئات وتحديد درجات ومراتب العضو
داخل الجماعة وهى الخ المساعد الخ المنتسب الخ العامل الخ المجاهد كما حدد المؤتمر الهيئات الدارية للخوان المسلمين وهى
:المرشد العام ـ مكتبق ا لرشاد ،ـ مجلس الشورى العام ـ نواب المناطق والقسام ـ نواب الفروع ـ مجالس الشورى المركزية
ـ مؤتمرات المناطق ـ مندوبو المكتب ـ فرق الرحلت ـ فرق الخوات .
كما وضعت لئحة الزكاة والحج وتحديد الخطوط المالية للجماعة ـ ثم جاء المؤتمر الرابع عام ( 1356هـ ) وبدأ من خلل موكب
مهيب للخوان بلغ أكثر من 200ألف فى أكبر حشد شهدته مصر فى تاريخهاالحديث يهتفون * ( ال أكبر ول الحمد ) السلم منقذ
النسانية ،القرآن الكريم دستور الدنيا ـ ومن يتبع غير القرآن قانونا فقد ضل ـ نبايعك على كتاب ال وسنة رسوله وكان هذا
الموكب احتفال بحضور الملك فاروق وتسلمه مهام العرش وقد ثارت شبهات حول هذه النقطة سنرد عليها فى حينها ثم جاء المؤتمر
الدورى الخامس عام 1357هـ حيث أوصى بتشكيل لجان دستورية وقانونية وعلمية وفنية ومطالبة الحكومة المصرية بسن
تشريعات لحماية الخلق والعقائد ورفع هذه القرارات للملك فاروق والجهات المختصة ونشرت قراراته بصحف الجماعة وخاصة "
النذير " لسان حال الجماعة وكان المؤتمر الخامس من أهم مؤتمرات الدعوة حيث طرح الخوان من خلل " النذير " وعلى لسان
مؤسس الجماعة المام ا لشهيد حسن البنا كلمة جامعة لدعوة الخوان :تاريخها وأهدافها ومواقفها من الهيئات والشخاص
والحوادث وهكذا ساهمت المؤتمرات العامة للجماعة والتى تلتها وجاء فيما بين مواعيد انعقادها المؤتمرات القليمية للجماعة فى
رسم الخطوط العريضة لحركة الجماعة وأهدافها ومواقعها داخليا وخارج إطار الجماعة فى مواجهة المواقف والحداث المختلفة
والمتعاقبة وأبرزت دور ونشاط الحركة علىالساحة الجماهيرية والسياسية .
ويقول الستاذ عمر التلمسانى :المؤتمرات عادة معروفة الهداف فكل هيئة أو جماعة أو حزب يستعرض بين حين وآخر المهام التى
قام بها والوعود التى تحققت والمدى الذى وصل اليه انتشاره وشرح برامجه التى تنضح فترة بعد أخرى فكان كل مؤتمر يعقد فى ا
لقاهرة يغشاه الخوان وكذلك كان يحضره كثير من الهيئات الخرى وما كانت هذه المؤتمرات قاصرة على الخوان فقط ولكن كثيرا
من أعضاء الحزاب الخرى الذين كان يدفعهم حب الستطلع لحضور هذه المؤتمرات ليعرفوا ما يدور داخلها وكانوا يستقبلون من
جانب الخوان بالترحاب والتقدير وكان المام الشهيد حسن البنا يتولى الخطابة فى غالب هذه المؤتمرات وحده ليشرح بدء قيام
جماعة ا لخوان المسلمين والتطورات التى ل زمت هذه الجماعة من وقت قيامها الى وقت انعقاد المؤتمر ويشرح لهم البرامج وما
تحقق منها وما لم يتحقق ويعرض عليهم آمال المستقبل وما ينتوى أن يفعله الخوان المسلمون ..وفكرة المؤتمرات قد أصبحت
مؤتمرا للمن الغذائى ومؤتمرا اقتصاديا وغيرها من المؤتمرات كل هذه المعانى فى هذه المؤتمرات اقتبست من جماعة الخوان
المسلمين يوم أن كانوا يعقدون هذه المؤتمرات لمدارسة أحوالهم واسترجاع تاريخهم وما يعدونه للمستقبل وحتى ذلك الحين لم تكن
بعد المؤتمرات فى الدول الجنبية أخذت وضعها الصحيح الذى هى عليه الن فكان الخوان المسلمون أسبق من غيرهم فى إقامة تلك
المؤتمرات ولقد كانت هذه المؤتمرات ضرورة من ضرورات نشر الدعوة وفى العصر الحديث الذى نعيشه نرى أن بعض الدول ذات
التجاهات المعروفة تعقد مثل هذه المؤتمرات بين فترة وأخرى ويجتمع فيها الذين يؤمنون بمبدأ تلك الدولة من مشارق الرض
ومغاربها يتدارسون شئون مبدئهم ومدى انتشاره والمعوقات والمور التى تساهم فى انتشار الفكرة وكانت ضرورة للخوان ليتبين
للناس حينا بعد حين مدى توفيق الجماعة فى خطواتها وما هى المعوقات التى وقفت فى طريق انتشارها .ز وإذا تتبع النسان هذه
المؤتمرات مؤتمرا بعد مؤتمر لتبين له الخطوات التى خطاها الخوان المسلمون وما وصلوا اليه فى المؤتمر الذى يعقد وتنشر وقائع
وتوصيات المؤتمر فى مجلت الخوان المسلمين " والمباحث و" النذير وغيرها " .
ثم جاء المؤتمر السادس وهو آخر المؤتمرات العامة للدعوة وأقيم بدار المركز العام بالحلمية الجديدة فى 9يناير سنة 1941
وحضره عدد كبير من الخوان فى القاهرة والقاليم وقد طرق الستاذ البنا موضوعين جديدين هما :الشركات الجنبية فى مصر
وكانت حوالى 230شركة تقريبا ونبه " الخوان المسلمون " لخطورة وجود هذه الشركات وسيطرتها على اقتصاد البلد وامتصاصها
لخيرات مصر أما الموضوع الثانى فكان عن الملك فاروق الذى كان محطا لمال الشعب بعد توليه العرش وذكر المحاولت التى تبذل
ليغار صدر الملك فاروق على الخوان ونفى أن الخوان أعداء للملك ..وهكذا كان المؤتمر السادس خاتمة هذه ا لمؤتمرات
واستغنى عن أسلوب المؤتمرات بنظام الهيئة التأسيسية والمكاتب الدارية وتسلسل القيادة .
ثم أضيفت دعامة جديدة للحركة وهى خطوة إنشاء فرق الكشافة أو الجوالة وهى التى ضمت شباب الدعوة السلمية ويثير الكاتب
صلح عيسى شبهة حول هذه الفرق قائل " :وفى استعراضه لملمح المساندة التى قدمتها أحزاب القليات السياسية الى الخوان
المسلمين فى حربهم للوفد وضد أحمد حسين أن حكومة السعديين قد سمحت للخوان بإنشاء " الجوالة " التى كانت تشكيل شبه
عسكرى برغم أن القانون المصرى كان يحرم قيام تشكيلت من هذاا لنوع فقد تضخمت جوالة الخوان المسلمين حتى وصلت الى
عشرين ألفا كان باستطاعة الخوان تعبئتهم فى أى مكان شاءت . " ..
ويرد الستاذ التلمسانى على هذه المقولة قائل " :هذاالكلم مسموم ومغرض لن الكشافة نظام معروف فى العالم كله وفى مصر
نفسها وقبل أن تنشىء جماعة ا لخوان المسلمين نظام الجوالة كانت توجد فى مصر كشافة ومنشآت جوالة وكانت منتشرة فى
المدارس الثانوية فأنشىء نظام الجوالة خلل الثلثينات فى ظل الظروف ولم يسمح به أحد ولم يمن به أحد على الخوان المسلمين
لن بعض الجمعيات الخرى كالشبان المسلمين وغيرهم كانت لهم كشافة فنظام الكشافة ليس بنظام عجيب ول هو بنظام ممنوح
للخوان المسلمين بصفة استثنائية ولكنه كان نظاما معروفا وليس كما يقول صلح عيسى أو د .عبد العظيم رمضان ومن نحا نحوه
ووضع السم بين ثنايا السطور التى كتبها فى مؤلفاته ليشوهوا مظاهر الخوان المسلمين .
حقا إن جوالة الخوان المسلمين كانت تمتاز على الجوالت الخرى فى القطر المصرى بعدة ميزات :كانت جوالة نظيفة من حيث
الخلق وكانت جوالة تؤدى الواجبات الدينية فى حرص حتى أنه عندما بدىء فى تنظيم الجوالة قام خلف فقهى شديد بين أعضاء
الجماعة الخوان المسلمين فيما يختص بلبس الجوالة القصير الذى يعلو الركبة فكان كثير من الخوان يعارضون فى هذه الملبس
والبعض الخر يؤيدونها وانتهى المر بالتفاق بينهم على أن هذا المر ليس بمستنكر فى شرع ال سبحانه وتعالى وأن كشف الرجل
لما فوق الركبة ليس فيه ما يخالف الشريعة السلمية وكانت الجوالة لها مظهرها المحترم الرهيب وأراد الستاذ البنا أن يشعر الملك
فاروق بقوة الجماعة كما أراد أن يفهمه من طريق خفى أن عليه أن ينصرف عن المنكرات التى يرتكبها والستهتارات التى يقوم بها
وأن فى مصر شبابا مستعدا لحماية هذا ا لدين حماية فعلية ففى أعقاب عودته من الخارج عام 1937استقبلته جوالة الخوان
المسلمين استقبال رائعا أدهشه هو نفسه وما كان الستقبال احتراما للملك أو ترحيبا به وإنما كانت الفكرة من وراء هذا الستقبال أن
يبشعر الملك وعن رؤية واقعة بمدى قوة هذه الجماعة وأنها تستطيع ان تفعل الكثير ..وليست كما يقول ريتشارد ميتشل * إنها
لعبت خلل الحتفال باعتلء فاروق العرش أول أدوارها الهامة كقوى " للنظام والمن " ـ وحقيقة لو أراد الستاذ البنا كما يشيع
المغرضون أن يحدث حدثا لفعل ولكنه كما هو مكتوب فى رسائله أنه ل يلجأ الى العنف ول الى الثورات وأنه يريد أن يربى الشعب
تربية إسلمية حتى يتم وعى الشعب الكامل عن طريق الشعب نفسه لنه إذا كان الشباب الذى يتخرج من الجامعة كله أو غالبيته
يدين بمبادىء الخوان المسلمين فهم الرجال الذين سيتولون شئون هذا ا لبلد ومختلف المؤسسات من قضاء الى طب الى وزارات
وغيرها فما دام الخوان أو جيل مصرى قد تربى تربية إسلمية سيتم التغيير بأسهل وسيلة ومن غير عنف أو صراع وهذه كانت
الفكرة السائدة فى ذهن الستاذ البنا وهو ما دعا يوما الى عنف أو تحريض .. " ..
وكانت أيضا دعامة قوية وهامة لنشاط جماعة ا لخوان وهى "حديث الثلثاء " وهو الحديث الذى ظل المام الشهيد حسن البنا
حريصا على إلقائه من أول يوم عرفت فيه دار الخوان سنة * 1936ولعدة مرات انتقلت دار الخوان لعدة أماكن ومع انتقالتها كان
يكثر عدد حضور هذا الحديث أو الدرس وتحول حديث الثلثاء لمؤتمر أسبوعى لبحث قضاياالساعة يمثل فيه شعب الخوان وعدد
كبير من أبناء الشعب وطغى حديث الثلثاء على شعبية غيره من صور اللقاء سواء فى صورة احتفالت أو مؤتمرات وجذب اليه
الكثير من الشباب والرجال ولم يجتمع أبناء الشعب حول فرد أو سلطة مثلما اجتمعوا حول آراء وأفكار وبلغه وعطاء الشهيد المام
حسن البنا ولقد تحول حديث الثلثاء الى منبر وطنى وعقيدى وساحة للفكر السلمى ومركز للشعاع والستناره وكل من عاصر هذه
الفترة يعرف ما كان يمثله هذا اللقاء السبوعى لدرجة كانت تضيق معه الشوارع المحيطة بالمركز بمن فيها من الناس الذين
تجمعوا لسماع الستاذ البنا وضاقت معها صدور عناصر النفوذ من النجليز والسراى والحزاب لقدرة المام الشهيد على أن يجمع
كل أبناء الشعب وطوائفه حوله ..
وهكذا كانت فترة الثلثينات من أزهى عصور الدعوة التى حملت لواءها جماعة الخوان المسلمين حيث استطاعت تكوين أرضية
جماهيرية واسعة ومترامية عبر أقاليم ومديريات القطر المصرى بدءا بمدينة السماعيلية وانطلقا من القاهرة لتشكيل الشعب
الخوانية التى وصلت الى حوالى الفى شعبة فى مدن ومراكز وقرى ونجوع وكفور القطر وانتشارا من خلل البعد العلمى وأثره
والذى أدركه وفهم أبعاده المام الشهيد فكانت مجلت وجرائد الخوان المتعددة كما استطاع المام الشهيد أن يضع النظام الفكرى
والحركى والتنظيمى للحركة بالمساهمة مع أفكار أعضاء الخوان على كافة مستوياتهم التنظيمية ولم تقبع الحركة داخل الحجرات
المقفلة أو داخل دور العبادة وإنما خرجت لتقول كلمتها فى المواقف والمور والحداث التى تحدث داخل وخارج القطر ا لمصرى
فكانت جهود الخوان فى مقاومة موجات التبشير ودورهم فى مساندة القضية الفلسطينية عام 1936والوقوف الى جانب الفلسطينيين
فى نضالهم ضد المؤامرة النجليزية ـ اليهودية فى انتزاع حقوق الفلسطينيين فى ا لوجود والحياة فوق ارضهم ثم كان ذلك الحشد
الضخم عند مقدم الملك فاروق لعتلء العرش واتجاه الخوان لتنمية البعد القتصادى بإنشاء شركة المعاملت السلمية للخوان
المسلمين .
ولكن يبقى هناك سؤال على بساط البحث حول تقييم الحركة لنشاطها خلل الثلثينات انطلقا لتطور حركتها يقول الستاذ التلمسانى :
" الخوان المسلمون كانوا يتبعون ول يزالون فى تحركاتهم السلوب الذى يتبعه الرسول صلى ال عليه وسلم ـ فهم ليدعون الى
عنف أو صدام وهم يعلمون تمام العلم أن نتيجة الصدام بين المواطنين وبين الحكومة وقيادة الجيش فيه خسارة على الوطن
ومصلحة لعداء هذا الوطن وهم حريصون على خدمة وطنهم وعلى أل يستفيد أعداء السلم والوضع الطبيعى الذى أسفر
عنهالتاريخ منذ وجود سيدنا آدم عليه السلم وحتى اليوم أن كل شىء يولد صغيرا ثم يكبر فإذا كان الخوان المسلمون قد بدءوا قلة
وبدءوا متواضعين ثم اشتد ساعدهم شيئا فشيئا فهذا شأن كل شىء فى هذه الحياة إنما ماذا نفعل للذين يريدونأن يصوروا أو
يشوهوا كل تصرف من تصرفات الخوان المسلمين بأنهم كذا وكذا ..وحسبنا أننا اتهمنا بأننا شيوعيون ورأسماليون وأنصار القصر
والقطاع ول يمكن أن يكون الخوان أنصارا لى طرف من هذه الطراف لن النفور تحقق بين هذه الهيئات وهو نفور ل يدعو الى
وئام ول الى اتفاق أو سلم ..فكل ما ينسب الى الخوان المسلمين فى هذه الناحية محض افتراء ول أساس له من الصحة لنه
يتنافى تمام المنافاه مع مبادىء هذه الدعوة التى تدعو الى روابط اللفة والمحبة من الجماعات أو للنسان والفرد يولد طفل ل
يستطيع أن يتحرك ثم يجلس ل يستطيع أن يسير ثم يسير متعثرا الى أن تستقر أوضاعه ويصبح شابا يضرب فى نواحى الحياة هكذا
حال الجماعات تنشأ صغيرة وتكبر شيئا فشيئا ليس فى هذا غرابة أبدأ .
كما يتحدث عن خطة الشباب وهى من أهم الدعامات التى ارتكزت عليه دعوة الخوانالمسلمين فيقول الستاذ التلمسانى " :كل خير
فى هذه الدعوة كان وليد تفكير الستاذ البنا ولكنه رضوان ال عليه إذا فكر فى أمر من المور ما كان ينفذه من تلقاء نفسه ولكنه
كان يعرضه على مكتب الرشاد ويقول :إن لديه اقتراحا فإذا أقره خرج الى حيز التنفيذ وإن لم يقره يرجأ الى حينه ودعوة الخوان
المسلمين أصل تقوم على تربية الشباب ول تقوم على تعليم الشباب ـ وفارق بين التعليم والتربية ـ فالتربية هى ا لتنفيذ الفعلى
لتعاليم السلم كما كان رسول ال صلى ال عليه وسلم الذى وصف بأنه قرآن متنقل ـ قرآن يسير على قدمين ـ هذا ما كانت تعنى
به دعوة الخوان المسلمين وما يزالون يعنون حتى الن بفكرة التربية يريدون أن يقيموا شبابا حرا نظيفا طاهرا مؤمنا بدينه
وعقيدته كله رجوله وصراحة وشجاعة ووضوح وكانت هذه المسائل تشغل بال الخوان المسلمين منذ قيامها الىالن فنحن ل نعنى
بالناحية العلمية إل بلقدر الذى يصحح تعاليم ديننا إنما الذى يهمنا فعل أن نربى شبابا على كل المعانى التى يعنى بها السلم من
وفاء ونتمنى أن يكون شبابنا كله فى مصر على هذه الصفات " .
وهكذا ظهر الخوان المسلمون بشكل فعلى وواقعى على خريطة الحياة السياسية وسرعان ما بدأت المواجهات والصدامات مع القوى
الذى خشيت أن يهدد وجودها تلك الشعبية العارمة لجماعة الخوان بدءا بالحزاب والنجليز ..وهكذا جاءت الصدمات بسرعة نحو
الجماعة وكان البتلء والختبار ..والمحن .
العقبات فى طريقنا
" أحب أن أصارحكم أن دعوتكم ل زالت مجهولة عند كثير من الناس ويوم يعرفونها ويدركون مراميها وأهدافها ستلقى منهم
خصومة شديدة وعداوة قاسية وستجدون أمامكم كثيرا من المشقات وسيعترضكم كثير من العقبات وفى هذا الوقت وحده تكونون قد
بدأتم تسلكون سبيل أصحاب الدعوات أما الن فل زلتم مجهولين ول زلتم مجتهدين للدعوة وتسنعدون لما تتطلبه من كفاح وجهاد .
سيقف جهل الشعب بحقيقة السلم عقبة فى طريقكم وستجدون من أهل التدين ومن العلماء الرسميين من يستغرب فهمكم للسلم
وينكر عليكم جهادكم فى سبيله وسيحقد عليكم الرؤساء والزعماء وذوو الجاه والسلطة وستقف فى وجهكم كل الحكومات على
السواء وستحاول كل حكومة أن تحد من نشاطكم وأن تضع العراقيل فى طريقكم .
ويستكمل المام الشهيد قائل :أيها الخوة المسلمون اسمعوا :أردت بهذه الكلمات أن أضع فكرتكم أمام أنظاركم فلعل ساعات
عصيبة تنتظرنا يحال فيها بينى وبنكم الى حين فل أستطيع أن أتحدث معكم أو أكتب اليكم فأوصيكم أن تتدبروا هذه الكلمات وأن
تحفظوها إذا استطعتم وأن تجمعوا عليها وإن تحت كل كلمة لمعانى جمه .
أيها الخوان أنتملستم جمعية خيرية ول حزبا سياسيا ول هيئة موضوعة لغراض محدودة المقاصد ولكنكم روح جديدة يسرى فى
قلب هذه المة فيحييه بالقرآن ونور جديد يشرق فيبدد ظلم المادة بمعرفة ال وصوت داو يعلو مرددا دعوة الرسول صلى ال عليه
وسلم إذا قيل لكم :إلم تدعون ؟ فقولوا ندعو الى السلم لذى جاء به محمد صلى ال عليه وسلم والحكومة جزء منه والحرية
فريضة من فرائضه فإن قيل لكم :هذه سياسة فقولوا هذا هو السلم ونحن ل نعرف هذه القسام وإن قيل لكم :أنتم دعاة ثورة
فقولوا :نحن دعاة حق وسلم نعتقد ونعتز به .فإن ثرتم علينا ووقفتم فى طريق دعوتنا فقد أذن ال أن ندفع عن أنفسنا وكنتم
الثائرين الظالمين وإن قيل لكم أنتم تستعينون بالشخاص والهيئات فقولوا " :آمنا بال وحده وكفرنا بما كنتم به مشركين " فإن لجوا
فى عدوانهم فقولوا " سلم عليكم ل نبتغى الجاهلين " .
ويقول الستاذ عمر التلمسانى " :هذه الواقعة لها نصيب من الصحة ولكن على غير الصورة التى أوردها ميتشل فى كتابة عن ا
لخوان المسلمين فعندما قامتالحرب العالمية الثانية كان زعماء انجلترا وفرنسا والوليات المتحدة قد صدرت منهم دعايات وأصوات
تدعو لحماية حقوق النسان وحماية الديمقراطية وإنكار فضيلة بعض الجناس والواقع أن هذه الدعايات وجدت اتساعا وانتشارا
ووجدت مسرى فى نفوس الكثيرين وظنوا مخطئين أن هذه الدول تدافع حقا عن حقوق النسان وعن حريته ومن هذه الوسائل جرى
اتصال من جانب السفارة البريطانية بالستاذ البنا وطلبت منه أن يلقى محاضرات فى الذاعة عن الديمقراطية وحددت له خمسة آلف
جنيه فى المحاضرة الواحدة فسألهم .هل أتحدث عن حقوق النسان والحريات والديمقراطية بمفهومى أنا ومفهوم ا لسلم أم أن لكم
غرضا آخر للحديث عن الديمقراطية فكان جوابهم :إنك تعرف أننا فى حرب مع ألمانيا وأننا نريد أن ينضم الرأى العام العالمى كله
الى جانبنا فإذا تحدثت عن الحريات من وجه نظرنا فيكون لذلك أثر فى الرأى العام العالمى ويساعدنا فى هذا الموقف فقال لهم المام
الشهيد :إن أردتم أن أتحدث فى الديمقراطية والحرية وحقوق النسان فأنا على استعداد أن أتحدث عنها فى الذاعة وبل مقابل على
شريطة أن أتحدث بوجه نظرى أنا ووجهة نظر السلم وليس من وجهة نظركم ..هذا كل ما تم من اتصالت أو كلم أو لقاء فى هذه
" الشوشرة " التى يفتعلها ميتشل وأمثاله وانتهى فيها بأنه قال :إن هذه لم تسفر عن شىء ..والستاذ البنا يوم أن فكر فى هذه
الجماعة ومن يوم أن قامت وانتشرت وكل الخوان المسلمين ـ وليس الستاذ البنا بمفرده ـ يعلمون أن أشد أعداء هذه الفكرة هم
الصليبيون وأن أنصار الصليب ل يريدون أن تقوم للسلم قائمة فى أية بقعة من بقاع الرض ..وكنا جميعا على ثقة كاملة من
عدائهم لهذه الدعوة ولذلك تجد أن شعار الخوان المسلمين أو هتافهم " الموت فى سبيل ال أسمى أمانينا " كانوا يعلمون أنهم
عرضة لمضايقات واعتقالت واغتيالت ولكل شىء كانوا يعدون أنفسهم لهذا فرحين مستبشرين بأنه إذا قتل إنسان منهم فى سبيل
ال فمأواه الجنة والنعيم الدائم عند ال سبحانه وتعالى ..ولقد كان أمرا متوقعا عند جميع الخوان " .
الفصل الخامس
إنشاء النظام الخاص
بعد ان استكمل المام الشهيد بناء أركان النظام العام للجماعة وقواعده متمثلة فى مكتب الرشاد والمرشد العام ـ على قمة التنظيم
ـ ونزول فى السلم التنظيمى الى الشعب الخوانية فى مدن وقرى القطر المصرى ..وأحس المام الشهيد بأن الجماعة تمضى فى
تحقيق أهدافها بشكل طيب وإيجابى ولكن ثمة ما ينقص هذه الجماعة وأطال التفكير فى هذه المسالة وهى إيجاد البعد المادى للدعوة
وهو أن تمثل الجماعة الى جانب أدوارها المعنوية فى إيقاظ شعلة الوعى السلمى بين المصريين قوة مادية قادرة أن تبطش بأعداء
الدعوة السلمية وحماية الدعوة من هؤلء العداء وكانت مجريات المور فى تلك الفترة تشير الى ان النجليز يشددون قبضتهم
علىالبلد مستندين الى تحالف طبيعى وتقليدى مع القصر فى حين لم تشكل الحزاب خطرا من أى نوع على وجودهم وخاصة بعد أن
أتوا بوزارة النحاس باشا الوفدية للحكم بالدبابات النجليزية فى حادث 4فبراير .. 1942وفى نفس الوقت كانت تجرى مؤامرة
خطيرة هدفها بيع أرض فلسطين لليهود بتواطىء أنجليزى ولطرد أهل فلسطين من أرضهم التى عاشوا فيها آلف السنين وشعر
الستاذ البنا أن مثل هذه المور تجرى دون أن تجد من يقف لها ويواجهها فالحكومات العربية فى ذلك الوقت ومنها الحكومة
المصرية كانت أسيرة قوى الحتلل متهالكة هزيلة المواقف ل تنفع ول تضر ول تتحرك قيد أنمله لدرء الخطار المحيطة بدولها
وشعوبها .
وهداه تفكيره لنشاء النظام الخاص للجماعة لنه الحل الوحيد لكى يشعر المحتل النجليزى بوجود المقاومة لوجوده غير المشروع
على الرض المصرية ولحماية الدعوة ومواجهة خطر اليهود فى فلسطين وهى الهداف التى قام من أجلها الجهاز الخاص وليس كما
يزعم عباقرة الكتاب الماركسيون من أساتذة التصنيف والتوصيف والتشويه ـ بأنه أنشىء للقيام بالغتيالت السياسية وقلب نظام
الحكم .
ويقول الستاذ عمر التلمسانى " الخوانا لمسلمون أعلنوا أن هذا النظام الذى أنشئ عام 1936كان هدفه الول هو تحرير مصر من
الستعمار البريطانى وإنقاذ فلسطين من اليهود ولكن ا لغراض والهواء كانت دائما تنكر هذا المعنى الحقيقى وتنسب الى الخوان
أن النظام لم ينشأ فى الخوانا لمسلمين إل سعيا وراء الحكم وما من شك أن هذا ا لنظام قام بأدوار غاية فى البطولة بالنسبة للوطن
والساءة الى الضباط والجنود البريطانيين المحتلين كما قام بدورة المجيد فى حرب العصابات فى فلسطين ضد اليهود ـ
والمغرضون ينسون هذه المواقف ول يتذكرون إل أن النظام أنشئ فى الخوان لغرض الستيلء علىا لحكم ومن المسلم به بداهة أن
الشئون التى فيها الشكل العسكرى أو الحربى ـ فى كل دول العالم فإنها تأخذ صورة من السرية وليست هناك دولة فى العالم تطلع
غيرها من الدول على أسرار الجيش حتى المواطنين أنفسهم ل يكونون على علم بالشئون الحربية ول يتدخلون فيها ربما أن النظام
كان الجانب الكبر من دوره الحربى هو مقاتلة النجليز باعتبارهم محتلين ومقاتلة ا ليهود باعتبارهم مغتصبين لرض فلسطين كان
هناك شئ من السرية فى عدم التصريح بأسماء الجهاز وحقيقة وقعت أخطاء من بعض أفراد النظام ولكنها فى مجملها أخطاء
شخصية يجب أل تنصرف الى الخوان جميعا أو ل تنصب على ا لخوان جميعا وهنا لبد أن نقف وقفة مع ما جاء فى مقدمة صلح
عيسى عن هذه الفقرات حيث يقول * لقد سعى حسن البنا الى بناء منظمة من الكوادر تتلقى تربية وإعدادا خاصا وتعد لتكون
( ميليشيا ) سرية مسلحة مهمتها أن تستولى علىا لحكم بتحرك إنقلبى "
ول ندرى كيف استنتج الكاتب استنتاجه هذا وهل دلته نشاطات التنظيم السرى خلل فترات وجوده على وجود هذه النية لدى أفراد
الجهاز ثم ألم يطلع الكاتب على أدوار الجهاز فى مقاومة النجليز بدءا بإثارة الفزع والرعب فى قلوب جنود الحتلل السكارى
المعربدين فى شوارع ومدن مصر وانتهاء بدورهم فى مقاومة اليهود ونحيل الكاتب الى قضايا الوكار وسيارة الجب ـ التى
سنعرض لها فيما بعد ـ لو وجد أن كل هذا من أجل فلسطين وليس سعيا وراء ما يسميه الكاتب بالتحرك النقلبى ـ وربما تكون
هناك أخطاء قد وقعت فى هذا الجهاز وهذا وضع طبيعى لجهاز يشرف عليه بشر وطبيعة البشر الخطأ ـ ولقد وضع هذا الجهاز
لتربية الشباب تربية جادة وإشعارهم بالمسئولية نحو أوطانهم ونحو عقيدتهم ..لقد كان الهدف الول للنظام هو الجهاد فى سبيل ال
دفاعا عن الدين .
نظام السر والكتائب :
ولقد واصل الستاذ البنا إكمال عناصر البناء المتكامل للخوان المسلمين فأنشأ نظام الكتائب ونظام السر .
وبالنسبة لنظام السر يقول الستاذ عمر التلمسانى " نظام السر كان الغرض منه فى الخوان المسلمين تعارف أفراد الخوان بعضهم
على بعض فمثل إذا كان جماعة الخوان أسرة كل أسرة مكونة من خمسة أو سبعة أفراد فرؤساء هذه السر كانوا يكونون بدورهم
أسرا جديدة ولرؤساء السر الجديدة رؤساء ومن بينهم تتكون أسر أخرى وهكذا ..فكان نظام السر فى الخوان يقصد به التعارف
والتعاون والتكامل والحب وإن السرة الواحدة كانت تتكافل فيما بينها فى جميع أوجه شئون الحياة المحتاج يعطيه من لديه والبن
يعطيه المدرس فى أسرته درسا وهكذا كان التكافل بين أعضاء السر على وجه متكامل وبناء وكان المقصود من نظام السر وحدة
الفهم وإيجاد نوع من التكافل بين الخوان المسلمين جميعا ولم يقصد أن يعارض أى نظام آخر .
أما الكتائب فهى أيضا صورة من صور النظام الخاص لم يكن هناك فروق بين هذه التشكيلت وكان الهدف منها جميعا هو إيقاظ
الوعى السلمى فى نفوس المصريين ليعودوا الى تطبيق تعاليم كتاب ال وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم ..وكان هدف الكتائب
هو تحقيق أسلوب التربية العميقة وبشكل مباشر ولعل الستاذ البنا قد اشتقه من اجتماعات دار الرقم بن أبى الرقم حيث كان رسول
ال صلى ال عليه وسلم يجمع المؤمنين به فى ذلك الوقت المبكر ولقد كان لهذا النظام تأثيره العميق علىا لخوان فأفرز هذا النظام
مجاهدين ل يخافون فى ال لومة لئم ودعاة مخلصين للعقيدة وعلماء على بينة من أمور دينهم " ..
الفصل السادس
حرب فلسطين
كانت قضية فلسطين مجهولة للكثير خلل فنترة الثلثينات وقد حاول الخوان المسلمون جاهدين تنبيه الذهان لخطورة المؤامرة التى
تجرى على أرض فلسطين عن طريق الخطب والمساجد وكتباتالمام الشهيد ضد الختلل النجليزى لفلسطين وطبع المنشورات التى
تهاجم النجليز لتواطئهم مع اليهود كما دعا الخوان لمقاطعة المحلت اليهودية فى القاهرة فكان لهذه الدعوة تأثير بالغ فى النفوس
كما سجلت كتابات الخوان المسلمين فضائح التواطؤ النجليزى ـ اليهودى كما قاد الخوان مظاهرات عارمة فى ذكرى وعد بلفور
وحاول النجليز فصل مصر عن المة العربية ولكن الخوان وقفوا إزاء هذا التخطيط الخبيث وعقد أول مؤتمر عربى من أجل
فلسطين فى دار المركز العام بالعتبة مما دفع انجلترا إزاء الضغط الشعبى الى الدعوة لمؤتمر المائدة المستديره بلندن وأصدر
المؤتمر الكتاب البيض الذى وضع حدا لهجرة اليهود الى فلسطين وتشكلت لجنة التحقيق البريطانية المريكية بإيعاذ من اليهود
والتى طافت بمختلف مناطق الوطن العربى واستمعت ضمن جولتها لرأى ا لخوان المسلمين فى قضية فلسطين ولكنها ضمنت
تقريرها السماح لمائة ألف يهودى بالهجرة لفلسطين ثم جاءت المم المتحدة لتقرر واقعا جديدا وغريبا وهو تقسيم فلسطين بين
دولتين :أحدهما عربية والخرى يهودية فى قرارها فى 29نوفمبر عام 1947عمت موجة من الغضب فى سائر أنحاء مصر والعالم
العربى وفى مايوا 1948وعد الشهيد المام حسن البنا زعماء الدول العربية الذين أجتمعوا فى " عالية " بلبنان بإرسال 10آلف
مجاهد كدفعة أولى لفلسطين وسارع الخوان للتطوع فى كافة أنحاء الجمهورية ولما انسحب النجليز من فلسطين فى مايو 1948
دخلت الجيوش العربية وكان من بينهم متطوعو الخوان المسلمين والجيش المصرى .
ويقول الستاذ عمر التلمسانى " :كان قرار دخول الخوان المسلمين الحرب أمرا بديهيا ول بد أن يكون لن المسلم ل يرضى أن
يحتل اليهود بلدا مسلما فل بد أن يقاوموا هذا الحتلل أما تدريب هذه الكتائب فكان يتم فى الجامعة فى معسكرات تحت إشراف
الحكومة والقائمين على شئون الجامعة وكان السلح من عند الحكومة نفسها وقد جمعوا فيما بينهم أموال ليشتروا بها السلح عن
طريق التبرعات ..وقد أبلى الخوان المسلمون بل ء حسنا فى هذه المعارك أو فى حرب العصابات ضد العصابات الرهابية اليهودية
والصورة الواضحة فى هذه المسألة أن النجليز واليهود كانوا يقررون أنهم علىا ستعداد أن يقابلوا فرقا من الجيوش ول يلتقوا
بأحد من الخوان المسلمين لن الخ كان إذا خرج لغزو كان يخرج وهو مستعد للموت ما كان يفكر فى العودة حيا ولقد كون الخوان
المسلمون خطورة كاملة لن حرب العقائد أقوى وأكبر من أى حرب وأشد أثرا فى نفوس أصحاب العقائد لنهم يعتقدون أنهم إذا قتلوا
فإنهم شهداء وسيدخلون الجنة وفعل من الحداث الطيبة أن سبعة من الخوان تسللوا ذات ليلة الى احدى المستوطنات اليهودية فى
فلسطين وقبل الفجر بساعة تسلل أحدهم الىالجامع الذى كان فى تلك المستوطنة وأذن لصلةالفجر من فوق مئذنة المسجد فظن
سكان المستوطنة أن الخوان المسلمين احتلوا المستوطنة ففروا هاربين ومعهم الجنود اليهود وسلم الخوان القرية للجيش المصرى
ولكن بعد أيام استردها اليهود من الجيش مرة أخرى وقد شهد قادة الجيش مثل النواوى وفؤاد صادق شهادات قيمة بالنسبة للخوان
ولتضحياتهم وشجاعتهم وقد استشهد فى معارك حرب فلسطين ما بين 30ـ 40من الخوان " ..
ثم كانت المفاجأة التى أذهلت مجاهدى الخوان وهى قبول الدول العربية للهدنة الولى وأصدرت أوامرها للجيوش العربية بوقف
القتال لمدة 4أسابيع من 11يونية 1948وحاول الخوان تقديم نصيحتهم للحكومة المصرية بعدم قبول الهدنة أو المماطلةفى
تنفيذها لن الجيوش العربية كانت تواصل انتصاراتها وقد أعلن الخوان رفضهم وعدم قبولهم هذه الهدنة المخططة وذلك فى بيان
للمام الشهيد حسن البنا فى الثالث من يونية عام 1948وبعد نهاية الهدنة واصللجيش المصرى ومعه كتائب الخوان تقدمهم داخل
فلسطين ثم فرضت الهدنة الثانية ولكن اليهود ضربوا بالهدنة عرض الحائط وبدأت الموازين تختل لصالح عصابات الرهاب اليهودى
وقد حقق الخوان المسلمون بطولت خارقة لحماية الجيش عند انسحابه ..أماا لنجليز فلم يكونوا راضين عن دخول
الخوانالمسلمين الحرب لنهمأصحاب فكرة استيطان اليهود فى فلسطين ولم يوجه النجليز معارضة مباشرة للخوان لن الخوان
مصريون وللمصريين حكومة فكانت اتصالتهم بالحكومة فلما ضاقوا بالمر اجتمعوا فى فايد ( سفراء انجلترا وفرنساا وأمريكا )
وأرسلوا قرارا للنقراشى وقد أخذت صورة القرار بأسلوب معين وقدمت فى قضية سيارة الجيب وكان القرار يقضى بأن تقوم
الحكومة بحل الخوان المسلمين وإما أن تحتل الدول الثلث السكندرية والقاهرة فكان عند النقراشى ما فى نفسه تجاه الخوان فنفذ
قرار حل الجماعة .
أما الكتائب التى كانت تحارب من الخوان المسلمين فلم تكن كتائب بالمعنى الدقيق وإنما مجموعات فى حدود مائتين وكان يخفف
العبء أن هؤلء الفراد لم يكونوا يتناولون أجرا على انتظامهم فىالعصابات ولم يكبدوا الجماعة أى مصاريف وكان الخ المجاهد
ينفق على نفسه فى ميادين القتال الى جانب أن العاشة من طعام وشراب كانت تقدمه الحكومة وقد تم السفر بموافقة الحكومة ثم
عادت تتنكر لمواقفها حينما وقع الشقاق بين النقراشى والجماعة فاستغلوا الفرصة وقبض على عدد من الخوان المجاهدين فى حرب
فلسطين وهم فى أرض القتال وأرسلوا مكبلين بالحديد من فلسطين الى مصر " ..
وقد وصفت احدى الصحف المريكية الستاذ حسن البنا قائلة " :إنه صار أقوى شخصية فى الشرق العربى وإن هذه الشخصية لن
تهزم إل أن تصير الحداث أقوى منها " وكانت إشارة وتلميحا لتدبير مؤامرات ضد المام الشهيد وجماعة الخوان المسلمين ولقد
أثارت بطولت الخوان وشجاعتهم النادرة قلوب الحاقدين سواء فىا لسراى أم فى الوزارة السعدية وماعكسته هذه البطولت من
انعكاسات شعبية عارمة مؤيدة للخوان وانتشار ساحق لحركة الخوان ومن هنا بدأت التربصات والمؤامرات التى تدبر فى الخفاء
ولكن ال كشفها جميعا وهكذا كان الخوان المسلمون على مستوى الحداث واستيعاب المتغيرات السياسية علىالساحة المصرية
والعربية وكانوا وراء التحرك المصرى فى حرب فلسطين ولكن مؤامرات النظمة العربية وضعفها إزاء طغيان المستعمر الذى كان
يكبل المنطقة العربية أوقع فلسطين فريسة سهلة فى أفواه عصابات اليهود الوحشية والرهابية والتف النظام المصرى الخاضع
للسراى والنجليز ليوجه ضرباته للحركة ذات الشعبية الواسعة ـ الخوان المسلمين ..
الفصل الســـــابع
حكايتنا مع النقراشـــــى
بعد مقتل أحمد ماهر رئيس وزراء مصر ورئيس الحزب السعدى فى فبراير 1945عقب إعلنه الحرب علىالمحور على يد شاب
ينتمى للحزب الوطنى شكل نائبه محمود فهمى النقراشى باشا الوزارة لول مرة وكان أهم ما يؤرق وزارة النقراشى هو كيفية
القضاء على الخوان المسلمين الذى أصبح لهم نشاط واسع المدى بين كافة الوساط والمجتمعات على خريطة مصر الجتماعية
والقتصادية والسياسية وكان دورهم فى الحركة الوطنية له مكان الصدارة وكان رأى جمهرة الخوان أن النقراشى يصلح لكل
العمال إل الرياسة لما يغمر السعديين من نوايا وأحقاد ولكن الخوان عملوا على حث الحكومة علىالمطالبة بحقوق البلد فى
الستقلل والوحدة لوادى النيل وتقدم الحكومة بمذكرة ضعيفة جعلت النجليز ل يعنون بمجرد الرد عليها وأصدرت الهيئات المختلفة
بيانا احتجت فيه على هذا الموقف وقد سجل الخوان فى اجتماع الهيئة التاسيسية موقفهم من هذا ا لموقف المتخاذل لحكومة
النقراشى وتردد صدى هذا البيان فى كل أنحاء مصر ولم تتحرك حكومة النقراشى الولى خطوة واحدة فى سبيل تحقيق المطالب
الوطنية المصرية وعقب هذا البيان وقعتمصادمات عنيفة بين البوليس والشباب فى القاهرة والسكندرية وتكررت مأساة حادث
كوبرى عباس للمرة الثانية فقد أصدر وكيل وزارة الداخلية عبد الرحمن عمار أوامره للجنود بإطلق الرصاص علىالشباب البرىء
على نفس الكوبرى وراح ضحية هذا الحادث الثيم أكثر من 25طالبا وجرح المئات وانطلقت المظاهرات فى كل مصر وحاصر
البوليس المركز العام للخوان المسلمين فأرسلت الجماعة بيان احتجاج على تصرفات ا لحكومة الى جريدة المصرى فقامت الحكومة
بمصادرة الجريدة ..وتهاوت وزارة النقراشى الولى فى 14فبراير 1946بعد أن فشلت فى أن تحقق مطلبا وطنيا واحدا ثم جاءت
وزارة اسماعيل صدقى التى هوت هى الخرى لعجزها وخضوعها للنجليز وفشل اسماعيل صدقى فى تحقيق الحد الدنى من المطالب
المصرية فى المفاوضات المصرية ـ البريطانية وعندما قامت مظاهرات ضخمة فى فبراير 1946للمطالبة بحقوق البلد تصدت لها
قوات الجيش البريطانى وفتكت بعدد كبير منهم وقد طالب الخوان اسماعيل صدقى باشا فى بيانهم الذى سلمه له وكيل الجماعة
بمطالبة النجليز بالجلء التام عن مصر وعرض قضية مصر على مجلس المن الدولى والتحقيق فى تلك الحداث واعتذار النجليز
عنها وتعويض أسر الشهداء وفشلت المفاوضات مع النجليز وأحس اسماعيل صدقى بعجزه وضعفه إزاء السخط الشعبى الذى عم
مصر فقدم استقالته فى 9ديسمبر عام 1946ليعود للوزارة مرة أخرى النقراشى باشا ولتبدأ صفحة من الصدام مع هذا الرجل ورغم
مايعلمه الخوان ورأوه من فشله فى وزارته الولى فقد أرسلوا اليه بخطاب يحدون فيه خطوات إصلح الموقف المتدهور فى البلد
بعد فشل مفاوضات الجلء مع النجليز وقد سافر أحد الخوان ( مصطفى مؤمن ) الى المم المتحدة وألقى بيانا داخل مجلس المن
عن مطالب مصر الخاصة بالستقلل وبوحدة شطرى النيل :مصر والسودان وقامت مظاهرات فى سائر أنحاء مصر تهتف بمطالب
البلد ووقعت مصادمات عنيفة وخيب النقراشى أمل المصريين فى مسألة المفاوضات وخضع للنفوذ النجليزى وتحولت مصر كلها
الى شعلة من الوطنية إزاء الموقف المتخاذل للنقراشى باشا ثم ظهرت كارثة قرار المم المتحدة بتقسيم فلسطين وقد أبلى الخوان
المسلمون بلء حسنا فى معارك فلسطين ـ وسبق القول بالتعرض فى فصل سابق لهذه النقطة ـ وبدأ النقراشى فى تنفيذ مؤامراته
ضد الخوان بعد أن انتشروا انتشارا ساحقا بسبب بطولتهم فى فلسطين معتمدا على جهاز البوليس السياسى فى تدبير هذه
المؤامرات وتلفيقها للخوان المسلمين واعتمد النقراشى فى تنفيذ سياسة العدائية للخوان علىنائبه إبراهيم عبد الهادى وعبد
الرحمن عمار وكيل الداخلية للمن العام ثم كان القرار العسكرى الذى أصدره النقراشى وهو المر العسكرى رقم 63لسنة 1948
بحل جماعة الخوان المسلمين وإغلق كل شعبها ومصادرة أموالها وقد رد المام الشهيد بمذكرة فند فيها ما نسبته المذكرة
التفسيرية لقرار الحل مما وجه الخوان من اتهامات ومنها أتهام الخوان بالدعاية للمحور وقد ثبت براءة ألخوان منها وحوادث
الشغب التى أشترك فيها شباب من كل الحزاب والفئات وألصقت بالخوان وحدهم دون غيرهم .
ويقول الستاذ عمر التلمسانى :
" لقد خضع النقراشى للقصر والنجليز وأى شعب ل يرضى أن يكون رئيس حكومته خاضعا لدولة أجنبية ولقصر مستبد وتاريخ
النقراشى حافل بالخطاء والجرائم لنه فتح كوبرى عباس وعليه المئات واللف من الشباب الجامعى منهم من غرق ومنهم من قتل
برصاص النجليز فكان حكمه كله إرهابيا ودمويا وما من شك أن النقراشى لم يتخذ قرار الحل من تلقاء نفسه وإنما بضغط من
الحلف الثلثى ( انجلترا ـ فرنسا ـ الوليات المتحدة ) ومصادرة أموال الخوان المسلمين كان عمل ظالما ما كان يصح أن يلجأ اليه
حاكم عادل أو منصف فكان هذاالتصرف له أسوأ الثر فى نفوس الخوان "
الفصل الثامن
مؤامرة إغتيال الشهيد
بعد أغتيال النقراشى فى 28ديسمبر 1948بعد عشرين يوما من صدور المر العسكرى بحل جماعة الخوان المسلمين والقبض على
عدد كبير من الخوان فى ظل وزارة إبراهيم عبد الهادى الذى خلف النقراشى باشا وجاءت هذه الوزارة بإجراءات أكثر عنفا
وشراسة تجاه الخوان المسلمين وقد اتسمت صفحات هذا ا لرجل ومواقفة من الخوان بالسواد وأ تى بتصرفات يندى لها الجبين
بحكم خضوعه للملك والنجليز وكان أداة طيعيحركونها كيفما شاءوا ولقدحاول الستاذ تهدئة الجو وأجرى عدة اتصالت بالحكومة
أمل فى أن يفيئوا الى رشدهم ويعودوا لجادة الصواب .
وأصدر الشهيد البنا " بيان للناس " ونشر فى 11يناير 1949وقال فى بعض فقراته " :ولقد حدث أن وقعت أحداث نسبت الى بعض
من دخلوا الجماعة دون أن يتشربوا روحها أو يلتزموا نهجها مما ألقى عليها ظل من الشبهة فصدر أمر بحلها وتل ذلك هذاالحادث
المروع حادث اغتيال رئيس دولة الحكومة المصرية محمود فهمى النقراشى باشا الذى أسفت البلد لوفاته وخسرت بفقده علما من
أعلم نهضتها وقائدا من قادة حركتها ومثل طيبا للنزاهة الوطنية والفقه من أفضل أبنائها ولسنا أقل من غيرنا أسفا من أجله
وتقديرا لجهوده وخلقه .
ولما كانت طبيعة دعوة السلم تتنافى مع العنف بل تنكره وتمقت الجريمة مهما يكن نوعها أو تسخط على من يرتكبها فنحن نبرأ
الى ال من الجرائم ومرتكبيها ولما كانتبلدنا تجتاز الن مرحلة من أدق مراحل حياتها مما يوجب أن يتوفر لها كامل الهدوء
والطمأنينة والستقرار .ومضى ا لمام الشهيد قائل :لهذا أناشد إخوانى ال ةالمصلحة العامة أن يكون كل منهم عونا على تحقيق
هذا المعنى وأن ينصرفوا الى اعمالهم ويبتعدوا عن كل عمل يتعارض مع استقرار المن وشمول الطمأنينة حتى يؤدوا بذلك حق ال
والوطن عليهم ..
ويقل الستاذ محمود عبد الحليم لقد أصدر الستاذ المرشد البيان ونشر فى الصحف تحت عنوان " بيان للناس " وإن كان ممثلو
الحكومة قد ألزموه بإثبات عبارات معينة لم يكن هو راضيا عنها ولكن ـ أمل فى تدارك الموقف المتفاقم ـ أجازها كارها "
وقد بدأت خيوط المؤامرة حول المام الشهيد منذ اغتيال النقراشى باشا تتضح فقد اعتقلت مجموعة كبيرة من الخوان المسلمين
ومكتب الرشاد عدا المام الشهيد تمهيدا لرتكاب الجريمة البشعة وتركه حرا ليجرى اتصالته مع الحكومة حتى يكون تحت عين
أجهزة المن " البوليس السياسى " وقد شعر المام الشهيد بهذه المؤامرة وأنها تستهدفه هو شخصيا فطلب اعتقاله مع زملئه أو أن
تفرج الحكومة عنهم كما طلب الشهيد من الحكومة مغادرة القاهرة لمكان آخر فلم ترد الحكومة على طلبه بينما كانت خيوط المؤامرة
يتم نسجها فى أجهزة البوليس السياسى فإن عيون هذا الجهاز تراقب كل حركة وكل سكنة للمام الشهيد ولكن المفاوضات مع
الحكومة انهارت بسبب محاولة نسف محكمة الستئناف فى 133يناير 1949وألقى القبض على أحد أعضاء الجهاز السرى بعد أن
اكتشفت أنه سلم القنبلة لحد السعاه لوضعها داخل المحكمة ولكنها انفجرت خارجها وتأثر المام الشهيد بهذا الحادث أيضا واتصل به
بعض المسئولين فى الحكومة وحصلوا منه على بيان " ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين " ولكن بدل من أن تنشره ا لحكومة كما فعلت
مع البيان الول فإنها حجبت البيان حوالى شهر أى فى 12فبراير 1949بعد ارتكاب الجريمة ا لبشعة واغتيال المام الشهيد حتى
يحجبوا الحقيقة عن الناس وليهامهم أن مرتكبى حادث محكمة الستئناف هم من الخوان المسلمين وكان المرشد العام يلح
علىالحكومة أن تتيح له فرصة اللتقاء بإخوانه فى السجون والمعتقلت ليستعين بهم فى تهدئة الجو ولكن الحكومة كانت ترفض
دائما ولكن بدون مقدمات وافقت ـ وبشكل مريب ـ على موعد يقوم فيه المرشد العام بزيارة الخوان المعتقلين وبصفة خاصة
أعضاء مكتب الرشاد .
وكان إبراهيم عبد الهادى قد أخبر أحد وزرائه وهو زكى على باشا وكان وزير دولة وأكده لحد أقربائه وهو الستاذ الناغى الذى
كان عضوا مؤسسا فى جمعية الشبان المسلمين وأرسل اليه أحد أعضاء جمعية ا لشبان ا لمسلمين ليخبر المام الشهيد بالنبأ السار
ويطلب منه الحضور لدار الجمعية فى الساعة الخامسة يوم السبت الموافق 14ربيع الثانى 12فبراير 1949وبعد مقابلة المام
الشهيد للستاذ الناغى خرج الستاذ حسن البنا ومعه الستاذ عبد الكريم منصور والستاذ الليثى ـ الذى أرسله الستاذ الناغى
للمام الشهيد وركب ا لمام الشهيد سيارة أجرة وفجأة ظهر ثلثة رجال مسلحون وانهالوا بمسدساتهم علىالسيارة فأصيب المام
الشهيد إصابة خطيرة ونقل المام الشهيد البنا الى مستشفى قصر العينى ل سعافه .
ويقول الستاذ عمر التلمسانى " :لقد ظنوا قتل الستاذ حسن البنا سينهى وجود الخوان ولقد دبروا ذهابه لجمعية الشبان المسلمين
ليلتقى بمندوب من قبل ابراهيم عبد الهادى ليتحدث ويهدىء الجو ولكنهم كانوا يدبرون لقتله وانتظره ثلثة من المخبرين فى الشارع
وعند خروج المام الشهيد أطئت أنوار نفس الشارع الذى توجد فيه جمعية الشبان المسلمين وانطلقت سبع رصاصات ونقل
لمستشفى قصرا لعينى وهو حى وصدرت الوامر من الملك الى ادارة قصر العينى بأن ل يسعف حسن البنا وظل المام الشهيد ينزف
طويل حتى فاضت روحه الطاهرة إنما لو كان فى أجله بقية وأدركوه بالسعاف لما مات قبلن يحين الجل ولكنها إرادة ال عز وجل
..ويؤيد ذلك شهادة الستاذ محمد الليثى الذى كان مع المام الشهيد لحظة وقوع الجريمة ـ والذى لقى تعذيبا شديدا بعد ذلك
بسبب شهادته ـ فقال الستاذ محمد الليثى :ذهبت الى قصر ا لعينى ورأيت الستاذ المام حين أدخل غرفة العمليات وكانت حالتة
فى نظرى غير خطيرة بدليل أنه حينما طلب الدكتور من التومرجى خلع ملبس الشيخ البنا هب الشيخ وجلس وخلع ملبسه بنفسه
وبعد ذلك وجدت شخصا يقول للدكتور :أنا جاى من قبل الحكمدار لعرف حالة البنا وكان هذا ا لشخص هو المير لى " محمد
وصفى " ممثل الملك فى الجريمة ..والغريب أن الشخص الثانى الذى كان مع المام الشهيد وهو عبد الكريم منصور كانت حالتة
خطيرة بدليل أنه لم يستطع الجابة عن عنوانه حين سألة الطبيب وتولى المام الجابة عنه " ولكن بعد ساعات أعلن وفاة الستاذ
المام الشهيد وشفاء عبد الكريم منصور ولم تكتف الصابع الثيمة بما فعلته وإنما نقلت جثمان المام الشهيد وسط مظاهرة مسلحة
من رجال البوليس بالبنادق والمسدسات وأرغمت السيدات على حمل الجسثمان الى النعش ولم يسمح لحد من السرة بالقتراب من
الجثة ..حتى القرآن حرم عليهم تلوته ونقل الجثمان الى مسجد فيسون القريب من المنزل ولم يسمح لحد بتشييعه ولم يستطع أحد
تقديم العزاء سوى مكرم عبيد باشا وظلت الحراسة مستمرة على قبره واعتقال كل من يقترب من قبر المام الشهيد طيب ال ثراه .
إن هذه الوقائع تكشف بشكل واضح وسافر عن الجريمة البشعة التى اشترك فيها القصر بالتفاق مع وزارة الداخلية وجهاز البوليس
السياسى ولقد حاولت هذه الطراف إخفاء وطمس معالم الجريمة ولم تسمح لحد بالعزاء فى المامالشهيد والطريقة الفظة والبشعة
التى أوصلوا بها جثمان المام الشهيد لبيته تثير آلف الشكوك حول المخطط الذى جرى تنفيذه فى الظلم للقضاء على داعية ما كان
يدعو فى يوم من اليام لعنف أو كراهية ..وقد مر التحقيق فى اغتيال الشهيد بعدة مراحل أولها فى عهد وزارة ابراهيم عبد الهادى
وكان النائب العام وهو محمود منصور ولم يجرؤ أحد أن يتقدم بشهادته وعذب " محمد الليثى " بسبب إفصاحه عن رقم السيارة التى
ارتكبت الحادث ضد المام الشهيد وقيد الحادث جناية ضد مجهول وثانيها :فى عهد وزارة الوفد ( حسين سرى باشا ) وجرت
التحقيقات سرية ولكن لم يتم التوصل للجناة الحقيقيين .
وثالثهما فتح التحقيق بعد قيام انقلب يوليو قبض على بعض المشتبه فى قيامهم بالجريمة ولكن طوال المدة بين ارتكاب الجريمة
والتحقيق فيها طمس الكثير من معالمها ولذا فقد قررت الحكومة التى شكلت عام 1952أنه ل محل لقامة الدعوى على ابراهيم عبد
الهادى وعبد الرحمن عمار وكيل الداخلية فى عهده ثم توالت دائرة الجنايات برياسة الدكتور كامل ثابت نظر القضية فى 10نوفمبر
1953ثم أصدرت المحكمة فى 2أغسطس 1954حكما بالسجن على أحمد حسين جاد ومحمد محفوظ ومحمود عبد المجيد بالسجن
مددا تتراوح بين الشغال الشاقة (25عاما 15 ،عاما ) ودفع تعويضات لسرة الشهيد وأثبتت الحيثيات تواطؤ وزارة إبراهيم عبد
الهادى والقصر فى القضاء على زعيم الخوان المسلمين الشهيد المام ..
الفصل التاسع
هذه هى مواقفنا
خلل رحلة الدعوة السلمية التى سار فيها الخوان المسلمون على مدى نصف قرن من الزمان تعاملوا وتفاعلوا مع الحداث تلك
الحقبة الطويلة من الزمن وكانت لهم مواقفهم التى يعرفها القاصى والدانى كما كانت لهم مواقفهم من القضايا الخلفية التى ثارت
داخللمجتمع المصرى وعلى كل المستويات الدينية والفكرية والسياسية وقد أدرنا هذاالفصل لطرح مواقف الخوان من هذه القضايا
ومواقفهم مع بعض الشخصيات ذات التجاهات الفكرية وفى كل مواقف الخوان فإنهم لم يسعوا لستخدام العنف فى ا لتعبير عن
مواقفهم .
والذى يقرأ مذكرات المام الشهيد حسن ا لبنا يجده قد حدد موقف الخوان من هذه المسألة فلم يكن واردا فى تخطيط الخوان
المسلين الوصول لكرسى الحكم وهو أحد الهداف الرئيسية لتكوين الحزاب ونشاطها ولو كان الخوان يريدون ذلك لدخلوا فى
تحالفات سياسية أو انضووا تحت أحد الحزاب ذات ا لشعبية الهائلة ولكن أمرا كهذا لم يحدث على مدى تاريخ الخوان المسلمين .
المسألة الثانية ك أن الخوان أعلنوا مرارا معارضتهم لتشكيل الحزب لن معظم الحزاب قبلت ورضيت بالقوانين الوضعية وتنفيذها
المر الذى لم يقبله الخوان لن حكم ال فوق كل حكم وهم كانوا يريدون أن تحكم مصر بشرع ال ولم يكن ذلك واردا فى أى برنامج
حزبى موجود فى تلك الوقات .
وقد سبق للستاذ عمر التلمسانى أن قال فى فصل سابق " للحزب برنامج ونحن ليس لنا برنامج أو منهاج لننا ندين بكتاب ال
وسنة رسوله وما جاء فى كتاب ال هو برنامجنا وما جاء فى سنةرسوله صلى اللهعليه وسلم هو منهاجنا كما اننا لسنا حريصين
على أن يكون رئيس الدولة من الخوان المسلمين مادام يتبع كتاب ال سبحانه وتعالى وسنة رسوله الكريم صلى ال عليه وسلم
فنحن جنده " ويقول الستاذ عمر التلمسانى :ان الخوان المسلمين ل يقيمون حزبا ول يرضون عن الحزاب جميعا لنهم لم يرضوا
عن أى منهاج يخالف كتاب ال وسنة رسوله صلى ا ل عليه وسبلم أما مسألة دخول مجلس النواب فهذا أمر آخر ليس فيه اعتراف
بالحزاب ول اعتراف بصواب مناهج الحزاب .
والخوان ا لمسلمون ينطلقون من قاعدة أساسية وهى تربية المسلمين على المنهج السلمى واقتداء برسول ال صلى اله عليه
وسلم وإيقاظ الوعى السلمى فإنها ستكون قادرة على تطبيق شريعة ال فى أرضه واختيار الحاكم المسلم الذى يتبع قواعد الشريعة
السلمية فدعوة الخوان المسلمين هى تربية من القاعدة للقمة وترسيخ القواعد وحين يتكون هذا الرأى العام المسلم فإنه سيكون
أعم وأشمل وأكثر تأثيرا من الحزاب فى تحقيق مصلحة الوطان فما دام الشعب قد تربى تربية اسلمية سيتم التغيير بأسهل وسيلة
ودون عنف .
ومن قال إن رفض قيام الحزاب فى السلم يوقع فى حيرة شديدة عن كيفية ترشيح الحاكم ويقود الى الحكم المطلق فإنه لم يدر جيدا
بدعوة الخوان المسلمين فالحكم المطلق القائم على غير شريعة ا ل مرفوض من الخوان ا لمسلمين وليس الحكم المطلق وحده
وإنما كافة أشكال الحكم التى تستند على قوانين وضعية ـ من عند غير ال ،ـ أما من يقول بأن عدم وضوح مسألة الحزبية لدى
الخوان قد أدت الى بطش عبد الناصر نقول لهم :سواء انضوى الخوان تحت راية حزب يؤسسونه أو ظلوا كما هم فإن النيات قد
توافرت لدى عبد الناصر للتخلص منهم بأية صورة من الصور كما تأكد هذا ا لغرض فى قانون الحزاب الذى أصدرة السادات .
لقد حققت الجماعة انتشارا واسعا فى الثلثينات والربعينات خارج نطاق التجربة الحزبية رغم كل المصاعب والهجمات التى تلقتها
كما أثار انتشارها ضيق وحقد الحزاب ..الموجودة التى انطلقت فى صراعات حزبية بالغة العنف فى اتجاه التنافس على كراسى
الوزارة بينما دفعت مصر ثمن ممارساتهم على مدى التجربة الحزبية .لقد اختار الخوان المسلمون أل يضيقوا نطاق الدعوة
ويحددوها فى إطار ضيق هو أطار الحزبية وأن يجدوا أنفسهم فى صراع من أجل مقاعد مجلس النواب أو كراسى الوزارة وربما
يغوى ذلك البريق نفوس الكثير من الخوان فيخرجوا عن الخط الساسى للجماعة وهو أحد المحاذير التى تنبه لها القائمين على أمر
هذه الدعوة ولذلك اتجهت ا لدعوة من خلل الجماعة ونصح الحاكمين والقائمين بالمر وتكوين الرأى العام المسلم الذى يستطيع
التغيير ..هذا كان طريق الخوان المسلمين ..
الفصل العاشر
علقتنا بالضباط الحرار
علقة الخوان بجماعة الضباط الحرار التى خططت ودبرت ونفذت انقلب 23يوليو عام 1952علقة تمتد الى الربعينات وبدأت
باتصالت للشهيد المام حسن البنا مع بعض القيادات والرتب فى الجيش المصرى فى إطار أنتشار دعوة الخوان المسلمين وليس
لهداف أخرى كما يدعى بعض المغرضين وذهبوا فى ذلك مذاهب شتى .
وقد اتفق كل من ميتشل وصلح عيسى وعبد العظيم رمضان على اتصالت المام الشهيد بالجيش وأن ذلك جاء عن طريق عزيز
المصرى الذى كان على صلة وثيقة بالستاذ البنا .
ويرد الستاذ عمر التلمسانى على هذه المقولة قائل " :هؤلء الناس لنهم ل يأخذون بالمفاهيم السلمية فإنهم يستطيعون أن يقولوا
كما يشاءون ..الذين اختلطوا بعزيز المصرى يرحمه ال يعرفون أخلقه تماما ..ولو أنه مباح لى كمسلم أن أتحدث عن عزيز
المصرى لتحدثت الكثير عن أيام أن كان مديرا لكلية البوليس وما كان يقوله للطلبة فى الكلية وما يعرفه الناس عن عزيز المصرى
لقلت الكثير ولكنى أقول :إن عزيز المصرى وجد أن هذه الجماعة جماعة منظمة وتدعوالى العمل المادى الواقعى والتربية التى
تنتهى بالوعى الكامل فاستهوته هذه الناحية فى جماعة الخوان المسلمين أما الفكرة الدينية فى حد ذاتها فلم يكن لها وجود فكانت
ميول عزيز المصرى مجرد إعجاب لنه عسكرى إعجاب بتنظيم إعجاب بقوة وبشباب طاهر هذا كل ما فى المر .أما إن الخوان
أتصلوا ببعض ضباط الجيش فهذا صحيح وضباط الجيش أنفسهم اعترفوا بهذا وكان فى الجيش عشرات الضباط من الخوان
المسلمين واتصال الستاذ المام بهؤلء الناس ليس فيه شىء مستنكر أو غريب إن الذى يدعو الشباب المدنى الى عبادة ال وترسيخ
دينه ليس بعجيب أن يدعو القوات العسكرية أن تؤمن بال وتصحح دينها ..ولكن أصحاب النوايا التى يعلم ال خفاياها يريدون أن
يشوهوا هذه الحركة وعزيز المصرى لم يكن واسطة بين الخوان والضباط الحرار لن هذه الصلة كانت بعيدة تماما عن عزيز
المصرى إنما حدث أن ألتقى المام الشهيد ببعض الضباط فى بيت عزيز المصرى والذين عرفوا هذا صوروها أن عزيز المصرى هو
الواسطة بين الخوان والضباط الحرار وعندما وقع حادث هروب عزيز المصرى من مصر ووقوع الطائرة فى قليوب وكان يقود
الطائرة عبد المنعم عبد الرؤوف أحد الضباط الذين كانوا يأخذون بمبادىء الخوان المسلمين وجد أعداء الدعوة وخصومها فرصة
يبنون على أساسها أن عزيز المصرى كان الواسطة وعزيز المصرى ل يصلح لدعوة إسلمية علىالطلق لن تكوينه ل يقبل هذا
الوضع أما ما يورده أنور السادات فى جميع كتبه عن علقةالخوان بالضباط الحرار فليس فيها كلمة واحدة صحيحة وإذا كان يلتقى
بالستاذ البنا فقد كان يلتقى به كتلميذ مع أستاذ ول يستطيع أنور السادات ول غيره أن يقول للستاذ البنا ما قاله فى كتابه " البحث
عن الذات " من أنه هو الذى أنشأ جماعة الخوان المسلمين مع حسن البنا ..هذا الكلم ل أساس له من الصحة ولكن أنور السادات
كان رئيسا للجمهورية وما كان أحد يستطيع أن يكذبه فى الوقائع التى ذكرها فى كتابه ول يمكن أن نأخذ حرفا واحدا صادقا من
كلمه فى البحث عن الذات سواء عن علقته بالستاذ البنا أو علقته بجمال عبد الناصر ولو اطلع البعض منا على وثائق محاكمة
اغتيال السادات لعرفوا تماما من هو أنور السادات .ز وقد جاءت فكرة إنشاء تشكيله الضباط الحرار بسبب عدم رضاء مجموعات
من الضباط الشبان عن أستمرار الحتلل النجليزى وتصرفات الملك ومفاسدة وكانت المبادىء الخوان المسلمين سارية بين صفوف
الضباط الشباب فبدأ نوع من التقارب فى وجهات النظر بين الخوان والضباط الشبان والتقى الستاذ البنا بالسادات مرة فى بيت
عزيز المصرى ومرة فى المركز العام ولقد جرت إجتماعات ولقاءات فى المركز العام بيننا وبين مجموعة الضباط الحرار لتفاقنا
على ضرورة القضاء على الحتلل ولكن أن يتزايد أنور السادات ويقول :إنه أنشأ الخوان مع الستاذ البنا فهذا أمر غير مقبول منه
ولم يكن الخوان ينظرون لصلتهم بالضباط الحرار نظرة استفادة وإنما كانوا ينظرون للصالح العام .
ولقد امتدت صلة الخوان المسلمين مع الضباط الحرار حتى قيامهم بتنفيذ انقلب يوليو وكانت الصلت بين الجماعة والضباط
الحرار تتم فى صورة لقاءات منفردة أو جماعية وفى صورة تدريب بعض الضباط الحرار لعدد من كتائب الخوان على استخدام
السلحة لمواجهة الحتلل النجليزى وللدخول فى حرب فلسطين التى أبلى فيها الخوان المسلمون بلء حسنا باعتراف كثير من
الضباط فى المحاكمات التى جرت حول السلحة الفاسدة بعد قيام النقلب وكانت اتصالت الخوان بالضباط الحرار تنبع من ابتغاء
المصلحة العامة وتوسيع دائرة انتشار الدعوة السلمية داخل صفوف الجيش وكان الخوان يتعاملون بنوايا حسنة مع مجموعة
الضباط بينما نظر الضباط الحرار لهذه العلقة بمنظور هم الخاص وخاصة جمال عبد الناصر لتبدأ سلسلة غريبة من الحداث التى
تكشف الكثير عن طبيعة النظام الذى حكم ممارسات عبد الناصر بعد ان اعتلى الحكم ..
لقد تضاربت روايات الصحف حول المسدس أو سلح الجريمة الذى استخدم فى محاولة الغتيال فقالت صحيفة :إن الشعب قبض
على الجانى وفى يده المسدس .كما قبض الشعب علىالجناة الذين كانوا معه بينما قالت صحف أخرى :إن المجرم ضبط متلبسا
بإطلق الرصاص فقد هجم عليه العسكرى إبراهيم حسن الحالتى وهو من بوليس باب شرق وكان يبعد عنالمتهم بأربعة أمتار .
اختفاء ذكر وجود المسدس فى الصحف المصرية فى ا ليام التالية للحادث قال حسن العشماوى * فى مذكراته بروزاليوسف مع
الصباح علمنا أن ا لذى أطلق النار هو محمود عبد اتللطيف وأنه اعترف بأن محرضه هو هنداوى دوير المحامى بامبابة ـ وانا
أعرف محمود عبد اللطيف منذ معركة قناة السويس عام 1951وأعلم أنه انضم الى الجهازالسرى أيضا وأعرف مهارته فى إصابة
الهدف بالمسدس على نحو غير طبيعى ..ويضيف حسن عشماوى كان يوسف طلعت رئيس الجهاز السرى يؤمن بأن حادث المنشية
حادث مفتعل لم يحدث لم يحدث على هذا ا لنحو وإن قام بجانب من أدواره أشخاص فى الجهاز السرى وكان يستمد إيمانه هذا ـ كما
تصورت ـ من أنه لم يكلف أحدا بالقدام عليه وأن ا لمرحوم إبراهيم الطيب الذى يليه فى الرياسه لم يأمر به أيضا ..أيضا المسافة
بين مطلق النار وموقف عبد الناصر والميل الشديد فى التجاه ووقوف المجنى عليه وراء حاجز وذهاب محاولة القتل وحده دون
شريك يسنده بمسدس أو قنبلة ثم عدم اصابة الهدف من شخص يعرف مقدرته الفائقة ز وكان يوسف يتساءل دائما عن تفسير لن
يرسل هنداوى دوير شخصا واحدا وهو يستطيع أن يرسل من عنده عشرة أشخاص ..ولن يرسل مسدسا واحدا بدل من عدة
مسدسات وعدة قنابل ..وقد سمعت بعد ذلك من موظف عاين مكان الحادث رسميا أن ا لحائط المواجه لطلق النار ليس به أثر
للرصاص وأنه يعتقد أن المسدس الذى سمعت طلقاته كان محشوا بالبارود فقط دون الرصاص .
*******************************
التوافق الزمنى الغريب بين إطلق الرصاص وانسكاب القلم الحبر الحمر على صدر جمال عبد الناصر وما أداه من إلهاب مشاعر
الناس الذين رأوا اللون الحمر على صدر جمال عبد الناصر ..وإصرار عبد الناصر علىالكلم وأنه لم يمت ـ أى انه كان واعيا
تماما بما يجرى ولم يتأثر بحالة الزعر الجماعى التى أصابت الجميع فى ساحة ميدان المنشية وربما كان جمال عبد الناصر هو
الوحيد الذى كان يعى ماذا يفعل .
أليس غريبا فى مثل هذه الظروف أن تجرى المور بعد الحادث بشكل مرتب ودقيق رغم أن هذه المحاولة تشكل حالة من الضطراب
فى كل أجهزة الدولة وقيادة الثورة ولقد قبض على اللف من الخوان وصلوا فى التقديرات ما بين 18و 24ألف من الخوان فى
نفس الليلة !! أما تلك القصة المحبوكة والعاطفية عن ذلك العامل الذى جاء على فلنكات "السكة الحديد من السكندرية للقاهرة فقد
قصد بها كسب المزيد من التعاطف مع عبد الناصر وقصد بها أن يذهب مواطن لعبد الناصر نفسه وليس لحد أقسام البوليس حتى ل
يقال إنه مدفوع من اجهزة المن لتدبير موضوع تسليم المسدس وهى قصة من تأليف البوليس على حد قول حسن العشماوى فى
مذكراته *
ثم ألم تذكر الصحف اليومية أن المسدس الذى ضبط مع الجانى ظهر بعد ذلك أنه ليس من عيار الرصاص المضبوط حيث ضبط معه
مسدس من نوع " المشط " وهو نوع ل يلفظ إل الظرف الفارغة !!
ثم هناك واقعة الرداء الواقى من الرصاص والذى يرتديه عبد الناصر فقد قال حسن التهامى فى شهادة للتاريخ ..أما بالنسبة لحادث
إطلق الرصاص على عبد الناصر فى ساحة المنشية بالسكندرية فلم أكن معه أثناء إلقاء هذه الخطبة كما لم أصحبه فى العديد من
مثل تلك المناسبات الخطابية وزياراته للمحافظات وعلمت بنبأ إطلق الرصاص على عبد الناصر وقد كان من بين إجراءات تأمين
عبد الناصر وقتها محاولة إقناعه بارتداء قميص واق من الرصاص يرتديه على صدره وكانالقميص قد ورد فعل من أمريكا قبل
الحادث ببضعة اسابيع وكان مودعا عنده فى بيته بمنشية البكرى وأرسلناه إليه فى نفس الليلة فوصله فى الصباح الباكر اعتقادا منا
بأن فشل النحاولة الولى قد يعقبه تكرار لمحاولة طالما هو مازال بالسكندرية وعندما رآه فى الصباح وكان معه العديد من الزملء
يهنئونه على نجاته ضحك كعادته وقال “ كل شىء انتهى “ ! يقصد أن المحاولة انتهت ول داعى للقميص “ .
ولكن هناك شاهد آخر يكذب أقوال حسن التهامى بخصوص القميص الواقى من الرصاص ـ فى مجلة الدعوة ـ كتب شوكت التونى
المحامى قائل :قام النقلب العسكرى عام 1952بحجة إصلح الفاسد من نظام الحكم وإذ بنا نرى منذ يوليو سنة 1953الى أن
انقشعت كل هذه الغمة تسلطا على كل ما هو جميل بدءوا يريقون دم العمال ليخيفوا العمال ـ نسفوا النظام الحزبى ـ نسفوا
الدستور ...ثم ابتدءوا بمذبحة الخوان المسلمين سنة . 1954ز هناك جريمة كانت معدة اعدادا ..وهى جريمة واقعة المنشية كانت
معدة أعدادا لكى يطاح بالخوان المسلمين ..وحين أقول ذلك ل أقوله خيال ولكن بالواقع فقد حدث أن وكلت وترافعت عن العقيد “
عبد الرحمن مخيون “ وكان مديرا لمكتب عبد الناصر سنة 1961واتهم بتدبير انقلب فإذا به يقول لى فى السجن الحربى :أنا الذى
أعددت القميص الواقى لعبد الناصر وألبسته له فى مبنى البورصة فى السكندرية ( قبل الحفل الذى أطلق فيه الرصاص على عبد
الناصر ولما تأخر القميص فى الوصول ربع ساعة تأخر الحفل ربع ساعة عن موعده وهكذا جاءت الرصاصة المزعومة فى قلب عبد
الناصر فلماذا لم يمت ؟ لنها كانت مدبرة ـ قميص واق تنشين مضبوط فل يموت عبد الناصر !!
ان تمثيلية المنشية قد أحسن أداؤها من جمال عبد الناصر ومن حوله بعد أن وصل ترمومتر علقته بالشعب الى درجة الصفر قبل
هذاالحادث المرسوم وما جرى بعد ذلك من حملت شنها عبد الناصر على الخوان واستغلله لنقابات العمال التى كانت الحكومة
تسيطر عليها سيطرة كاملة وأثار هذه الحملت فى تضليل أبناء الشعب المصرى لدرجة أوصلتهم لضرام النيران فى المركز العام
للخوان المسلمين والمقار المختلفة فى شتى أنحاء البلد .
** أغرب محاكمات فى التاريخ :
الى جانب السرعة الغريبة فى تشكيل ما أطلق عليه “ محكمة الشعب “ فإن ما دار فيها وما وصلت اليه من أحكام ل يمت للقضاء
أو القانون ول يمت أيضا بالعدالة بأدنى صلة ..تشكلت المحكمة فى أول نوفمبر عام 1954أى بعد أسبوع واحد فقط من حادث
المنشية برياسة قائد الجناح جمال سالم وعضوية القائمقام حسين الشافعى والبكباشى أنور السادات ومكتب ادعاء برياسة البكباشى
زكريا محى الدين .
أما المحاكمة فقد بدأت فى الحادية عشرة من صباح الثلثاء 9نوفمبر أى بعد أسبوعين من الحادث وفىا لجلسة الولى التى
خصصت لمحاكمة محمود عبد اللطيف وأقر فيها بأنه مذنب كان هناك موقف غريب للغاية ..فقد سألت المحكمة محمود عبد اللطيف
عن المحامى الذى يحب أن تنتدبه المحكمة فذكر أسماء [ 3محامين ] طلب الى رئيس المحكمة جمال سالم أن يدافع عنه واحد منهم
وكانوا :محمود سليمان غنام وفتحى سلمة ومكرم عبيد وفجأة جمال سالم قائل :وإذا رفضوا ؟ ! قال محمود عبد اللطيف تنتدب لى
المحكمة أى محام ثان .
وبالفعل كما رسم جمال سالم فقد رفض المحامون الثلثة الدفاع عن محمود عبد اللطيف ـ وكانت كل تهمتة محاولة شروع فى قتل
ـ وقال أحدهم زهز محمود سليمان غنام لمندوب جريدة الخبار “ ل أوافق إطلقا على الدفاع عنه لنى أستنكر كل الستنكار هذه ا
لجريمة البشعة !!وقال المحامى الثانى وهو فتحى سلمة :أرفض الدفاع عن هذا المتهم لنى محام ولى شعور وطنى ولنى أحتقر
هذاا لمجرم وقال مكرم عبيد ل أستطيع أن أدافع عن من يعتدى على جمال عبد الناصر ..مستحيل ..مستحيل ّ!!
أية مهزلة كانت تجرى ..إن عتاة المجرمين يجدون من يدافعون عنهم وربما يجدون لهم العذار التى قد تؤدى لتبرئتهم مثل الخلل
العقلى والدفاع عن الشرف والدفاع عن النفس والضطراب النفسى وغيرها من السباب التى قد تؤدى لتخفيف الحكام أو تبرئة ا
لمتهم ولكن أن يرفض ثلثة من المحامين الدفاع عن متهم كل تهمته الشروع فى قتل ـ إذا كان ذلك صحيحا ـ فهذه أولى مهازل
محاكمة نظام عبد الناصر للخوان المسلمين .
وتوالت المهازل ـ ويقول الستاذ عمر التلمسانى ( إن المحكمة التى أمر عبد الناصر بتشكيلها لم تكن محكمة .ز لقد كانت وسيلة
للوصول الىأحكام بالقتل والسجن والمحامون لم يكونوا يقدرون أن يؤدوا زاجبهم كما يجب أمام هذه المحكمة والمتهمون ظنوا انهم
أمام محكمة حقيقية وأرادوا أن يعدلوا عن اعترافاتهم الكاذبة التى أخذت منهم تحت ضغط التهديد والتعذيب فكان جمال سالم رحمه
ال يرفع الجلسة ويطلب من السجين أن يعدل عن اعترافاته فيؤخذ المتهم ليضرب مرة أخرى ليعود فيقر أن اعترافاته الولى كانت
صحيحة وفعل حصل ان جمال سالم طلب من المرحوم الدكتور خميس حميدة أن يقرأ الفاتحة بالمقلوب وباعتبار أن سورة " آل
عمران " كانت نازلة فى أحدى غزوات الرسول صلى ا ل عليه وسلم فما كان جمال سالم يعرف أن اسمها " آل عمران " فكان يقول
للمتهمين اقرءوا سورة " العمران " وما كان يعرف السم الصحيح لنطقها !!
ويضيف الستاذ عمر التلمسانى :لقد كان الضباط فى أجهزة المن والسجون يجمعون معلومات من هنا وهناك ثم يطلبون من الخ
المعتقل أن يكتبها بخط يده ويعترف بأنه ارتكب أفعال معينة فمن رفض كان يعذب حتى الموت فقد مات كثيرون بل عشرات من
الخوان من التعذيب للعتراف بمسائل ل يعلمون عنها شيئا ول دراية لهم بها ..حقا لقد حصل تعذيب فى الحصول على العترافات
بالغ الشناعة والبشاعة فيما يختص بالخوان البعض استجاب والبعض الخر ل يدرى شيئا ول يعلم شيئا فمات من التعذيب " .
..وامتد التخطيط المرسوم بدقة ليكمل الصورة ففى الجلسات الولى للمحكمة الصورية ورد اسم ـ أو أريد لسم محمد نجيب أن يرد
ـ فى خلل مناقشة المحكمة لقوال هنداوى دوير المحامى وأن هناك أتفاقا تم بين محمد نجيب والخوان أن يقوم محمد نجيب
بمسايرة الخوان بعد اغتيال الرئيس عبد الناصر واعضاء مجلس قيادة الثورة وفى نفس اليوم وفى نفس اليوم أطاح عبد الناصر
بآخر وجه كان ينافسه الشعبية الجماهيرية وصدر قرار مجلس قيادة الثورة بتنحية محمد نجيب من رئاسة الجمهورية وإبعاده من
مجلس قيادة الثورة لينفرد عبد الناصر بحكم البلد دون منافس أو معارض واحد !!
أما ما دار فى " كواليس " هذه المهزلة التى سميت محاكمة فهناك الكثير كانت أسئلة المحامين تستهدف إدانة المتهمين وليس
الدفاع عنهم وأيجاد الثغرات والظروف المخففة لهم وجه جمال سالم من ألفاظ السباب ما يعف اللسان عن ذكره وكان يكره بعض
المتهمين علىا لعتراف بالتهديد ولم يكن يسمح لمتهم أن يلتقى بمتهم آخر وكان يسمح للجمهور الذى يحضر المحاكمات أن يشارك
المحكمة فى ممارسة السخريةوالستهزاء بالمتهمين .
أما صحافة تلك الفترة فكانت صحافة موجهة مزيفة للحقائق فقد أفاضت فى ذكر التهامات وإلصاقها بقيادات وأعضا ء الخوان
وتبارت فيما بينها فى توجيه أفظع السباب والشتائم لجماعة الخوان ولم تنشر سطرا واحدا من محاورات الدفاع وإنما كانت كل
مساحتها مخصصة للدعاء ـ والقول بأن محاولة اغتيال عبد الناصر كانت جزءا من مخطط شامل أومؤامرة كبرى للطاحة بنظام
الحكم والقضاء على " الثورة ".
ثم صدرت الحكام فى الرابع من ديسمبر بعد أن عقدت 19جلسة لمحاكمة 19متهمت منهت 7جلسات لمحاكمة المتهم الول محمود
عبد اللطيف !! ..وعند النطق بالحكام كان المتهم يحضر وحده ليسمع الحكم عليه ويصحبه الحراس لخارج المحكمة وكانت الحكام
تقضى بإعدام 8هم :محمود عبد اللطيف ـ حسن الهضيبى ـ يوسف طلعت ـ إبراهيم الطيب ـ هنداوى دوير ـ محمد فرغلى ـ
عبد القادر عودة ـ والشغال الشاقة المؤبدة لسبعة هم :خميس حميدة ،حسين كمال الدين ،محمد كمال خليفة ،منير الدلة ،صالح
أبو رقيق ،حامد أبوالنصر ،أحمد عبد العزيز عطية ،والسجن 15عاما لحمد شريت ،عمر التلمسانى وبراءة عبد الرحمن البنا
والبهى الخولى وعبد المعز عبد الستار .
وبنفس السرعة التى تمت بها المحاكمة ( )26يوما تم التصديق على ا لحكام بعد صدورها بخمس عشرة دقيقة فقط ؟ !! فيما عدا
حكم العدام للستاذ الهضيبى فقد حففت للشغال الشاقة المؤبدة وبنفس السرعة أيضا تم تنفيذ أحكام العدام وصعدت أرواح الشهداء
الى بارئها ..وقال الشهيد عبد القادر عودة فى الدقائق الخيرة من حياته :الحمد ل الذى أماتنى شهيدا وإنه لقادر على أن يجعل
دمى لعنة تحيق برجال الثورة .
والغريب على حد قول الستاذ عمر التلمسانى * :أن حاكم ذلك العهد جمال عبد الناصر لما رفعت اليه تقارير جواسيسه بأثر ذلك
الغتيال قال فى حديث نشرته الصحف ما معناه :عجبت لمر هذا الشعب ل يرضى بالجريمة ولكن إذا عوقب المجرم ثار عطفه على
المجرمين " .
وهكذا أسدل الستار على العلقة بين جماعة الخوان المسلمين والضباط الحرار وكذلك الوجود الفعلى والشرعى للجماعة وكذلك
أى نشاط دينى من أى مستوى داخل مصروبدأت أجهزة القمع والتعذيب داخل وخارج سجون ومعتقلت عبد الناصر فى تنفيذ مهامها
الوحشية بتعليمات واضحة من جمال عبد الناصر وليس من وراء ظهره كما يدعى بعض المدافعين عن عبد الناصر وسواء كان يعلم
ـ وهذا أغلب الظن ـ أو ل يعلم فتلك مصيبة ..فقد تخلص عبد الناصر من كل معارضيه قبل أن تمضى السنة الرابعة من قيام
انقلب يوليو تخلص من الحزاب القديمة وتخلص من محمد نجيب والخوان المسلمين فى ضربة واحدة مزدوجة رسم لها خطة
دقيقة لينفرد بحكم البلد وحده أما من عارضه من الضباط الحرار فقد أقصاه عبد الناصر ولتصبح مصر فريسة فى يد حكم فرد واحد
وكانت مأساة الشعب المصرى على مدى 18عاما مع حكم الفرد .
ويقول الستاذ عمر التلمسانى " إن هذه الوثيقة صحيحة وكان يقصد بها أن ينخلع الخوان المسلمون عن هذه الدعوة حتى أنهم
قالوا :إنه يجب أن يحرم من كافة موارد الرزق حتى تضطر نساؤهم للبغاء والتسول فى الشوارع وقد نفذت هذه ا لوثيقة ضد
الخوان ولكن ال سبحانه وتعالى لم يرد أن يحبس صوت الخوان رغم كل هذه الظروف المفزعة والبشعة والوثيقة ـ رغم الفكر
الجرامى الذىتحمله فى طيات سطورها ـ تعترف بطهارة الخوان المسلمين وبطاقتهم الفكرية وبقدرتهم على التحمل ومثابرتهم
وتفوقهم فى المجالت العلمية والعملية وقوة تأثيرهم فى المحيط الذى يخاطبونه ويسعون فيه بالدعوة وقوة الروابط التى تحكم
علقات الخوان وتوافقهم الروحى وعدم اكتراث الشعب بما يتردد حولهم من أكاذيب وأساليب للتشويه لنهم أصحاب بطولت فى
حرب فلسطين كما أقرت الوثيقة بانتفاء صفة العمالة أو الخيانه عن الخوان وهى التى رددها البعض طعنا فى سمعة وسلمة
تصرفات زعماء الخوان أما ما جاء فى الوثيقة من اجراءات فقد تم تنفيذها على مدى 18سنة من حكم عبد الناصر بحرفية تامة الى
درجة اتهام من يواظب على ارتياد مساجد ال للتعبد والخضوع من المتدينين الذين تجب مراقبة تصرفاتهم وربما محاربتهم فى
رزقهم وحياتهم !! ..لقد استمدت هذه ا لوثيقة من تلك الفكار التى جاءت فى " بروتوكولت حكماء صهيون " التى فرقت بين
اليهود شعب ال المختار ـ كما يدعون ـ وسائر الجناس أو الجوييم " وهم فى مرتبة الجنس الدنى وأقرب الى الحيوانات وفرقت
الوثيقة هنا بين الشعب والمتدين واعتبار التدين " سبة " فى جبين المجتمع ول بد من إزالة صاحبه ومحاربته لنه فرد فاسد أصيب "
بسرطان " التدين وانتقلت عدوى الخوان " الرهابيين " اليه فوجب استئصاله من الجذور .
هكذا كان يفكرأفراد نظام عبد الناصر وهكذا كانوا يتعاملون لقد حكم منطق الغاب سلوكياتهم وانتزعت من قلوبهم معانى اليمان
ومعانى العبودية ل سبحانه وتعالى ونسواأن لكل ظالم دولة وأن ال يداول اليام بين الناس ..ولكنهم اكتشفوا ذلك بعد فوات الوان
.
ولنعد الى " امبراطور " التعذيب صلح نصر الذى ذكر فى كتابه مفهوم " غسيل المخ " وقد استخدم هذا السلوب مع الكثيرين من
الخوان المسلمين لنقل انتمائهم وولئهم من الجماعة الىالطرف الخر منها .
ويقول الستاذ عمر التلمسانى " كلمة غسيل المخ كلمة مخففه ولكن الواقع أن الوسيلة الوحيدة التى كانت تمارس هى التعذيب
الوحشى حتى أنهم كانوا يرسلون الى السجن فى أبى زعبل بعض المشايخ ليهاجموا الخوان المسلمين ويؤيدواا لحكومة ويبرروا
اعمالها حتى بلغ الهوس ببعض هؤلء المشايخ أنه اعترض على " حد السرقة " فقال لبعض الخوان :أنتم تريدون أن نعيش فى
مجتمع مشوه ( لقطع يد السارق ) وكانت " تفاهة هؤلء المشايخ قد وصلت الى الحد الذى كان يسخر فيه الخوان منهم فما كان لهم
من أثر أو تأثير وانتهى المر بأن الدارة طلبت من بعض الخوان أن يخطبوا فى الخوان مبينين مزايا حكم عبد الناصر ومساوىء
الخوان فكان البعض يستجيب والبعض الخر ى يستجيب وكان الذين يستجيبون معذورين لما يقع عليهم من تعذيب وإيذاء " .
ويضيف الستاذ عمر التلمسانى :
" لم يقم الدكتور عبدالعزيز كامل بدور المرشد للحكومة وإنما خاشن الخوان وانفصل عنهم وأغواه زكريا محى الدين على أن يهاجم
الخوان وعينه نائبا لوزير الوقاف فخرج من السجن الى نيابة الوزارة مرة واحدة ..فصار أكثر مخاشنة للخوان وكان ينتصر
لجمال عبد الناصر وما كان يليق بالدكتور عبد العزيز كامل أن يشبه السيدة عائشة رضى ال عنها بحرم جمال عبد الناصر والعكس
إن شاء الصحيح وكان يشبه مجتمع المدينة فى عهد الرسول عليه الصلة والسلم بمجتمع جمال عبد الناصر والعكس هو الصحيح
إنما لم يعمل مرشدا لى جهة من المباحث إنما كان هناك إخوة آخرون بلغ بهم الضعف الى هذا الحد أنهم كانوا يتجسسون على
الخوان ويكتبون تقارير ويقدمونها للمباحث ويقولون :إن هذا الخ متشدد وهذا الخ سهل وإن هذا سيؤد وهذا لن يؤيد أما على
عشماوى فكان فى أحداث سنة 1965ينفذ كل ما تطلبه منه السلطة مقابل تخفيف الحكم الى الشغال الشاقة ا لمؤبدة والىا لفراج
عنه بعد فترة قصيرة وهكذا حال قدرة ا لبشر فى التحمل حين البتلء والبشر متفاوتون فى هذه القدرة ولكن الخطر من هذا هو أن
رد الفعل العنيف الذى تحرك بين جموع الشباب تجاه هذا التطرف فى الساليب الو حشيية والذى أسفر عن فكر متحمس ولكن فى
اتجاه عنيف لقد ظهرت فكرة ا لتكفير والهجرة كرد فعل عنيف لما يجرى داخل المعتقلت وبين أوساط الشباب .
قال أنور ال سادات :وه نا أنت قل لع تب ..كان لع مر التلم سانى ع تب ..ولى أي ضا عل يه ع تب ..أر سلت جما عة ا لخوان الم سلمين
بواسطة محاميها لرئيس الوزراء السابق ممدوح سالم إنذارا أو إعلنا بأن قرار حل الجمعية أنها ل تعترف به أو أنه غير قائم ..أنا
لم أعلم بهذا أبدا إل بعد استقال ممدوح سالم ولو علمت لقلت آسف ..ل القرار قائم وحقيقى أقولها أمامكم جميعا ويكتب افتتاحيتها
الستاذ عمر التلمسانى على أ ساس أن ا لجمعية مسجلة فى الشئون الجتماعية نعم ..مسجلة ولكن قرار إلغائها قائم ومع ذلك ل
أظن أنى أرسلت اليكم ووضعتكم فى المعتقل من أجل هذا ..ويزيد ألمر مرارة فى نفسى يوم أن أكتب لشبابنا الذى أ تحدث عنه لكم
عن تكوينه ليقابل هذا ا لتحدى من حولنا تحدى أولئك الذين يظنون أن المال هو كل شىء السعوديون وغيرهم والذين يحاولون أن
يعلقوا عضو ية م صر فى العالم ال سلمى ب كل بذاءة وب كل وقا حة وتجرؤ على م صر يخرج ع مر وفى صدر المجلة بمقال من خطاب
وصله أن الحكومة المريكية أو المخابرات المريكية أرسلته لممدوح سالم رئيس الوزراء بتقول له فيه أنه اوعوا خدوا بالكم من
الجماعات السلمية لن دول خ طر جدا واضربو هم واخل صوا من هم أ نا شاهد وأ نت تعلم ( موج ها حدي ثه لع مر التلم سانى ) والجم يع
والشيخ عبد الرحمن ( الشيخ عبد الرحمن البنا شقيق الشهيد حسن البنا ) أن يدى كانت فى يد الشيخ البنا ال يرحمه ..التنظيم
السرى أمامى وبأشخاصه وبما كان فيه من أسلحة أمامى ..ولكن ماذا فعلت أنا برغم كل هذا ؟ لم يتعرض لكم أحد ولم أقفل الجريدة
وإن ما أر سلت لوز ير الداخل ية ل كى يقول لك ع يب وقالك فعل ..ك ما تحدث ع مر بالذات فى الن فس الم سلمة ل يكون الح قد ول يع يش
الحقد ..
وفى جزء آخر من الخطاب قال أنور السادات لما قلت ل دين فى السياسة ول سياسة فى الدين كان سببها إيه أنا أرسلت لك ياعمر
برضـه فـى معركـة نقيـب مـن نقباء للنقابات المهنيـة تصـادف شىء غريـب جدا فوجئت بأن الخوان الشيوعييـن الوفدييـن القدامـى
النتهازيين شوفوا المفارقات العجيبة جميعا يتكتلوا وراء مرشح معين لنه بيشتم فى الدولة وبعثت لعمر وقلت ل يا عمر عيب إيه
هو الدين من يشتم فى الدولة أو ننتخب من كل مؤهلته هى البذاءة .ويضيف :هل يعقل فى تركيبة واحدة من الخوان الشيوعين
الوفد الجديد اللى هم بقايا الفساد القديم اللى قبل 23يوليو على النتهازيين يبقى دى كله مع بعضه ..هل هذا يصح ؟ حزنى أن هذا
ال سلوب كان ل بد أن ينت هى ب عد كل ما جرى ياع مر فى الما ضى ..ك ما تحد ثت أ نت تما ما فت حت ال سجون والمعتقلت أعدت ل كم
اعتباركم أعطيت سيادة القانون وحرية كاملة بدليل أنه لكم كل اعتباركم أعطيت سيادة القانون وحرية كاملة دليل أنه تصدر مجلة فل
يتعرض لك أ حد مع أن إ صدارها قائم على أ ساس غ ير قانو نى ول بد أن تو قف فى الحال أبدا ..ب قى لى شىء وا حد بس أرجو من
جماعات نا الدين ية أل تق بل أموال ها من أولئك القزام لن عندى البيان وإذا كان ال مر مق صودا به خد مة ال سلم على الع ين والراس
وليكن علنا أما بالساليب ألخرى ل .
وهنا نهض عمر التلمسانى بعد أن فاض به الكيل مما كاله أنور السادات من هجمات على ا لخوان وطلب أن يتكلم وهنا قال السادات
:عمر عايز يدافع وله الحق أنا يمكن ركزت عليه شوية هو كان طالب مقابلتى وأنا رفضت الى أ ن قابلته النهاردة لكى نتكلم أمام
الش عب لن هذا هو أ سلوبى لن أتكلم إل أمام الش عب ليعرف الحقي قة الحقي قة كاملة فل يس لى ح قد مع أ حد وإل ك نت اتخذت إجراءات
من يومها وخلصت اتفضل يا عمر قال عمر التلمسانى :أرسل زعماء الحزب الشيوعى أكثر من مرة يدعوننى لحضور هذه الندوات
عند هم فك نت أر فض كل مرة ل نى أعلم ما ب ين ال سلم والشيوع ية من عداء وأن الثن ين ل يم كن أن يجتم عا فى ر كب وا حد أو أن
ي سيرا فى طر يق وا حد ..أعلم تما ما أن هم أر سلوا الى لح ضر ندوات ل لن هم يتعاونون أو يريدون أن يشاركوا فى اتجاه ..إن ما
يريدون أن ينشروا أن عمر التلمسانى جالس مع زعماء الشيوعية ويصدر هذا للشعب ويقال :إن الخوان والشيوعية مع بعض ولن
يكون الخوان والشيوعية فى يوم من اليام مع بعض ..أرسل الى من الحزاب التى تحدثت سيادتك عنها للزيارة قلت من جهة ا
لزيارة للتحية والسلم والسؤال عن المور العادية أهل وسهل ..إذا كانت الزيارة للكلم فى سياسة فى جبهات ..الخوان المسلمون
لن يسيروا فى جبهة مع أحد ..لن طريقهم إسلمى محدد معروف ..أرسلت الى ا لسفارة النجليزية تخطرنى أن أحد كبار وزارة
الخارجية النجليزية سيزور مصر وسيزورنى فى يوم 12/6الساعة 12وأرسلت الخطاب الى وزير الداخلية وأرسلت ا لرد بتاعى
وقلت أنا ليه أسمح بزيارة إل إذا أستأذنت ؟ أما أنه كانت الزيارة لمعان صحفية أهل ..إن كانت سياسة أنا لن أتحدث لجنبى فى
سياسة مصر ..لو أن غيرك اتهمنى كنت أرفع المر اليك ..إنما اليوم الى من أرفع أمرى ؟ الى ال أنا برىء من كل ما قلت ..أنا
طا هر من كل ما قلت ..أ نا نظ يف ..أ نا م سلم ..أ نا مخلص غا ية الخلص وي سمعنى ا لكثيرون أن نى دعوت ال أن يد يم ح كم
السادات الى أطول عهد ممكن لننا نستمتع فيه بحريتنا وإن كان هذا جزائى عند أنور السادات الحمد ل والسلم عليكم ورحمة ال .
** الرئيس :أخشى أنك عايز تطلعنى أننى استغليت موقفى ووجهت لك هذاالكلم يا عمر ..ل أنت استدعاك وزير الداخلية كام مرة
يا عمر ؟
** عمر التلمسانى :تعلم سيادتك أن فترة النتخابات كنت فى السعودية وأبلغ ذلك أحد الخوان الوزير أنى كنت أحج ..
** الرئيس :ل النتخابات بتاعة النقابة .
** عمر التلمسانى :انتخابات أحمد الخواجة وعبد العزيز الشربجى ( نقابة المحامين طالع فى الجرايد أسماء إخوان محامين وذهلت
و سألت أحد هم وأجي به ل سيادتك يزورك ويقول لك ..قال لى هؤلء كتبوا أ سماءنا بغ ير إذن وهذه شئون انتخاب ية ول نا د خل ل نا مع
هؤلء ول هؤلء وإذا قال إنسان إنى أمرت أو كلفت فلنا أنا أستحق كل ما قلته عنى
** الرئيس :يا عمر علشان نجلو المر وحتى ل أكون متجنيا أخبرت وزير الداخلية بهذا وبهذا أخبرك وزير الداخلية أيضا فى شأن
المقال ..إذن أنا لم أذكر وقائع تجنيت فيها عليك ..لم يحدث ولم أتخذ إجراء ولن أتخذ إجراء .. ..وإل كان ما يكونش السبيل هو
الكلم اللى احنا بنقوله النهاردة ..إذن ل حق لك فى شكوتى الى ال لنى أنا أخافه ..أخافه فعل فأنا بعتلك وقد حكيت ما حدث أنا
أحكيه ..وأقول يا عمر لو أن هناك نية مسبقة أو رؤيا كونته ما تركت مجلتك تسير على أساس غير قانونى ولو أننى كونت لتخذت
الجراءات والقانون معى ل ..وأنا باكلمك النهاردة كبير العائلة الذى أراد ال له أن يجلس فى هذا الكرسى ويعلم ال أننى أريد أن
استريح من كل هذا حقيقة وال ولكنى فضلت أن أؤجل الكلم ده اللى بقاله شهور الى أن نلتقى وكان اللقاء اليوم ولعلك ل تذكر ول
تعرف أنى كلفت منصور حسن أننى عايز عمر ييجى لنه لم يكن فى التخطيط أنك تحضر قلت أنا عايز عمر ييجى للمعنى اللى أنا
بأقوله هو أننا كعائلة نقعد ونتناقش بمنتهى الصراحة وبعد ذلك يبقى اللى يخطىء عليه أن يتحمل تبعته ولو أننى كونت رأيا مسبقا
أو إدانه مسبقة ل تخذت الجراء ولما كان هناك داع أن تأتى اليوم ..وعلى اسحب شكواك أمام ال ..
** عمر التلمسانى :المدعى الشتراكى أرسل الى وحقق معى ومضى على هذا التحقيق مايو ويونيو ويوليو وأغسطس ول أدرى ما
ذا تم ؟ ولو كنت أعتقد أن هناك خطأ أو إساءة ما كان المدعى الشتراكى يتأخر عن إقامة الدعوى أو اتخاذ إجراء لم يحدث هذا وأنا
على ا ستعداد كا مل أن أقدم ليعلم مح مد أنور ال سادات رئ يس جمهور ية م صر العرب ية الر جل المسلم أ نه ل يمكن لع مر التلم سانى ل
خل قا ول دي نا ول ترب ية ول من شأ أن يتآ مر أن يكذب أن يش تم وال أبدا ما حدث على ل سانى ..ل ما ك نت فى المعت قل فق يل ان فلن
توفى الى رحمة ال أول كلمة خرجت من لسانى بعد ما قضيت 17سنة فى ا لسجن ال يرحمه ..لم يصدر من لسانى كلمة سباب
لحد بعد 17سنة سجن الكلمة الولى ال يرحمه ..مش أنا اللى اتآمر أو أؤذى أو أسب بلغت من العمر الذى ل يسمح أن أسير فى
هذا ..ا نت الن يا سيادة الرئ يس عفوا ستجعلنى ألزم فرا شى أش هر لن هذا الذى و جه الى آذا نى نف سيا ومعنو يا وأ سأل ال أن
يلطف بى هذه السن وأن ل ألزم الفراش وأن أغادر الدنيا خيرا من ألزم الفراش مريضا وأنا إذا شكوت الى ال فأنا أشكو الى عادل
وإن ك نت قد تجن يت سيعلم ال أ نا ل أش كو الى ظالم أش كو الى عادل بيده الح كم وإل يه الم صير بدل أ نا ما أ سحب الشكوى بتاع تى
سيادتك اتخذ طريق تعالج به التعب الذى نالنى الن ) ..
** الرئيس :أحسن طريق لهذا هو أنه كل ما تحدثنا عنه مضى وفات وعلينا أن نبدأ جميعا أيدينا فى أيدى بعض لنقيم البناء ) ..
وأحدث حوار ال سادات والتلم سانى ارتيا حا لدى الرأى العام الذى حج بت ع نه الحقائق عن تاري خه لك ثر من ر بع قرن من الزمان
وزيفت أكثر الحقائق وصور له أصحاب الحق والعقيدة بأنهم سادة الرهاب ـ وأحس الناس بأن حوار وكلمات وردود عمر التلمسانى
نوع مـن المعارضـة الهادئة البناءة التـى ل تبغـى إل صـلح الفرد والجماعـة ..كان واضحـا أن أنور السـادات كان فـى قمـة غضبـه
وثور ته على موا قف الخوان لدر جة خرو جه عن شعوره كرئ يس الدولة ــ ورب العائلة المصـرية ــ كمـا كان يحلو له ول عل هذا
يكشف سبب استدعاء السادات لعمر التلمسانى ـ لقد أراد أن يوقعه فى الحرج وتصور له أنه قادر على الطعن فى الخوان حتى أ
نه انهال بالشتائم وطرح ب عض الحقائق بش كل مل تو أو ط مس معالم الحقي قة ك ما فعلت أجهزة العلم الم صرية وخا صة ضد جما عة
الخوان المسلمين ..
أما اللقاء الثانى بين السادات وعمر التلمسانى فكان فى القناطر الخيرية وفى السنة التالية فى السماعيلية ..ويقول عمر التلمسانى
:استدعانى السادات لمقابلته فى 2ديسمبر 1980فذهبت لمقابلته واستغرقت المقابلة قرابة الساعة على انفراد عرض فيها على أن
أوافـق على تعيينـى فى مجلس الشورى فرف ضت ..وكا نت رغبتـه فى أن ينشـر نبـأ هذه المقابلة فرف ضت وأن تكون مقابلة ك سائر
المقابلت العاد ية ..و فى هذه المقابلة وعد نى بأن يع يد جما عة الخوان الم سلمين ..كان يريد ها أن تعود ـ ن عم ول كن فى صورة
جمعيـة خاضعـة لسـلطة وزارة الشئون الجتماعيـة وليـس هذا فـى برنامـج الخوان المسـلمين لن الجمعيات التـى تخضـع للشئون
الجتماعية عرضه للحل فى أ ى وقت وعرضه أيضا لتغيير مجالس إدارتها فى أى وقت إذا لم ترض الوزارة عنها ولم يكن هذا أيضا
فى برنامج الخوان ا لمسلمين ..كان السادات يحاول جاهدا فى هذه الناحية لم أكن حريصا فى أن أتحدث معه فى المسألة مرة أخرى
..
وهكذا ن جد أن الخلف الذى تف جر مع هجوم أنور ال سادات على الخوان الم سلمين فى ملت قى ال سماعيلية والذى ك شف عن ح نق
وض يق أنور ال سادات من موا قف الخوان المختل فة وخا صة موقف هم من معاهدة ال سلم واتفاقي تى كا مب ديف يد لل صلح مع ا سرائيل
انطل قا من مو قف عقيدى يت فق ومبادىء السلم الحن يف ..و قد حاول أنور ال سادات أن ي ضع الخوان فى موا جه المد فع بإ صراره
حضور ا حد قيادات هم البارزة ليقا عه فى ا لحرج والته جم بل مبرر وبل سند على جما عة الخوان وأفكار ها وخا صة ب عد أنتشار
وامتداد تأثيـر الجماعـة ــ غيـر الم سجلة أو المعلنـة رسـميا ــ فى أوسـاط الرأى ا لعام وبصـفة خاصـة شباب الجامعات الذى بدأت
موجات من التد ين والحرص على تعال يم ال سلم ت سوده م ما أثار غ ضب ال سادات ح يث كانوا الن بض ال حى لمشا عر الناس وأكثر هم
قدرة على الحركـة السـريعة ورد الفعـل التلقائى تجاه ا لحداث انطلقـا مـن عاطفـة إسـلمية جياشـة ..وظهرت ردود أفعال شباب
الجامعات فى معارضت هم القو ية لمعاهدة ال سلم مع إ سرائيل ..ول عل ت صور ال سادات و من حوله أن جما عة الخوان الم سلمين هى
التيار المغذى الرئيسى لحركات شباب الجامعات هو الذى دفعه لمخاطبة الشباب خلل خطبته فى ملتقى السماعيلية محذرا إياهم من
تل قى أموال من أولئك القزام " .ز وكا نت التقار ير ال تى ت صل السادات يوم يا تحذر من ازدياد نشاط الشباب الم سلم و سيطرته على ا
تحادات الطلب الجامع ية وجذب هم الكث ير للتيار ال سلمى ول عل الحداث تك شف في ما ب عد ك يف ع صف أنور ال سادات بالشباب الذ ين
حرص فى كل خطاباته على مناداتهم " بأبنائى وبناتى " ..ولكن أصحاب العقيدة سواء كانوا شبابا أو شيوخا صمدوا للطوفان الذى
أراد إغراق الرض وفى نفس الوقت فإن قوى ا ليسار والشيوعيين رغم تقليم أظافرها فى أحداث يناير 1977وما تلته من قوانين
استثنائية بدأت تشكل نوعا من القلق فى مواقفها تجاه السادات ..
الفصل العشرون
( لعبة الفتنة الطائفية )
منذ بداية السبعينات ظهرت على سطح الحياة السياسية فى مصر قوى جديدة لم تكن فى حسبان القيادة السياسية المصرية ..هذه
القوى تحركت بوعى وأحينا بل وعى ـ تفاعل مع مجريات المور ..لقد ظهرت الجماعات السلمية " الشابة هذه الجماعات كانت
نبضا حيا إزاء المواقف والحداث التى مرت بها بعد حرب أكتوبر .. 1973ول شك أن مناخ الحياة السياسية والحنين ا لى العودة
الصادقة الى أحضان الدين والعقيدة هو الذى مهد لقيامها ..وربما دفع الحماس بعض أفكار هذه الجماعات الى مواجهة ظاهرة
النحراف بأشكالها المختلفة بنوع من التطرف أو ا لمغاله فى التصورات السلمية وأيضا انتمى بعض من هذه الجماعات لرد الفعل
العكسى والعنيف لما حدث من وحشية وبشاعة فى سجون عبد الناصر .
وهنا ل بد أن نتوقف عند المتغيرات التى لحقت بالمجتمع المصرى عقب حرب رمضان أكتوبر 1973حتى نتبين أوجه الخلل فى بنية
المجتمع المصرى والتى أفرزت ظواهر التطرف من جانب بعض الشباب المسلم ) .
( لقد أعلن السادات إنهاء عصر انغلق مصر اقتصاديا واتباع سياسة النفتاح القتصادى فى عام .. 1974وهو تفكير محمود إذا
كان يقصد بها مصلحة البلد فى التصال بالعالم ا لخارجى وتنشيط حركة الستثمارات داخل مصر ..واستبشر الشعب خيرا من
تطبيق سياسة النفتاح فهى ستتيح فرصا للرزق للكثير من شبابنا ورجالنا وسوف نخرج بكنوز وثروات الرجال التى كنزت فى عهد
عبد الناصر خوفا من الحراسة والتأميم ـ لتحقيق الخير للبلد .
( ولكن الوجه الخر للعملة أن هذه السياسة والتى تحولت الى انفتاح استهلكى قد سببت الكثير من المشاكل وتسببت فى أحداث
أزمات أقتصادية ما زال المجتمع المصرى يعانى منها حتى الن نتيجة لسوء التخطيط والدارة ..لقد انتظر الشعب المصرى وتوقع
ازدهار اقتصاديا بعد انتهاء عصر الحروب التى خاضتها جيوشه على مدى ثلثين عاما وهذا يعكس حسن النية البالغ من الجماهير
ولها العذر فى ذلك بعد أن أقنعته أجهزة إعلمه بهذه النغمة )
وأحس الشباب المسلم بسلبيات عصر النفتاح ـ لن إيجابيات النفتاح كان مقصورة على مجموعات من المستثمرين وأيضا
المستفيدين ـ كما أحسوا بالتناقضات الغربية فى بنية ا لمجتمع المصرى وظواهر النحراف المنتشرة فظهر تيارهم للجنو الى العنف
كوسيلة للتغيير ..وإن كان السلم يرفض ظاهرة العنف ويؤمن السلم فى المجتمع فإن الغراق والسراف وظهور طبقات جديدة
من أثرياء النفتاح ـ بحق وبدون وجه حق ـ بالضافة الىأن الجماعاتالقديمة ( صالح سرية ـ وشكرى مصطفى ) لهم خلفياتهم
نتيجة تجارب التعذيب الوحشية فى المعتقلت المصرية فإن النوعية الجديدة منهم بدأت تنتشر ويقول الستاذ التلمسانى " * :إن أهم
أسباب انحراف الشباب الى العنف هو التعذيب الذى ل قوه أيام السجن وهو شىء ليس بقليل ناحية أخرى أن مظاهر المجتمع كلها
فى نظر أى مسلم طاهر يرى الشباب أن تعاليم دينه تقضى بأوضاع معينة ويرى أن هذه الوضاع ل تتبع وخاصة فى دولة يقول
دينها إن دستورها الرسمى هو السلم وإن الشريعة هى المصدر الرئيسى للتقنين قطعا الشباب يتأثر ويفكر طويل هل هذا العمل
ينطبق مع ما يقال إنها دولة إسلمية أم ل ؟ ..وهذا بالفعل يؤدى بالشباب الى أن يفكر طويل لنه إذا لم يفكر يعيش على هامش
الحياة ول يهمه دولته ول دينه ..أرى أيضا أن الشباب يعرف من خلل تعاليم السلم كيف تكون الفتاة فى زيها واحترامها وتعاملها
ثم يرى فى الجامعة معرضا " فاترينه " لزياء ل ترضى السلم ., .فالشباب معذور عندما يرى هذه المظاهر ..إنه يقول إن
الوضاع غير سليمة ول بد أن تتغير وعندما يعرض التلفزيون فى الفلم مشاهد خليعة وخارجة ..أين الرقابة ؟ وأين السلم ؟ ثم
هذا النفتاح الستهلكى وما جره على البلد من مشاكل ..وأنا عندما أستنكر هذا النفتاح الستهلكى ل أستنكر شيئا أتحدث عنه
وحدى لكن أنتم أيضا تتكلمون عنه ..ونحن نقرأ لكم ما تكتبونه .
هناك فى البلد ثروات ضخمه وهذه الثروات نستطيع معالجتها ..بحيث نحافظ على حق الثرى وينتفع المسلمون جميعا فعندما يقول
ال فى كتابه " والذين فى أموالهم حق معلوم " فهذا ليس صدقة أو إحسانا ول زكاه إن حق الزكاة فريضة ..وفيما يقول الرسول "
ليس منا من بات شبعانا وجاره جوعان " فإن هذا هو التكافل الجتماعى على أية حال فإن السلم ل يرضى لى غنى من الغنياء ـ
دون ذكر اسماء ـ أن يكون عنده قصور وسرايات وبجانبه ناس فقراء أى أسلم هذا ؟ ) ..
( أنا ل أستنكر المال عند الغنى ولكن استنكر تصرفه هو فى ماله ..إذا لم يؤد واجبه المفروض عليه ) ..
ولعل من المفيد أن نطرح العوامل التى أدت ا لى إصابة الشعب المصرى بنوع من خيبة المل بعد توقيع معاهدات السلم انتظارا
للرخاء المأمول ) :
* إن السادات أعلن مرارا وتكرارا فى خطبه بعد معاهدة السلم بأن عام " 1980هو عام الرخاء " وأن القتصاد المصرى سوف
يشهد عددا من التغيرات فى طريق النتعاش وأنه سوف يتم القضاء على كافة المشاكل المزمنة جذريا .
إن النفتاح ـ برغم ما حققه من انتعاش اقتصادى ـ قد أوجد طبقات أثرت ثراء غير مشروع ـ على غرار أثرياء الحرب ـ مثل
السماسرة وعمولتهم من الصفقات والمتتبع لهذه الحالت على مدى السبعينات وأوائل الثمانينات يرى العديد من هذه الصور مما
أثار ضيق وحنق الطبقات المحدودة الدخل التى تعانى الضائقة القتصادية إزاء دخولها المحدودة والسعار التى قفزت قفزات غير
عادية ) ..
( فشل كثير من المشروعات الستثمارية وهروب الكثير من المستثمرين نتيجة فساد الجهاز الدارى والعراقيل التى تقف فى طريقهم
) ..
( تدهور أجهزة المرافق وا لخدمات وتدهور النتاج الزراعى وتغيير الخطط بتغيير الوزارات ..ونقص العمالة نتيجة موجات الهجرة
المتتابعة للخارج مما زاد من معاناه الشعب المصرى ) ..
( أما البعد الثانى من المتغيرات التى أدت لزمة سبتمبر 1981فهو علقة مصر وإسرائيل بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد ومعاهدة
السلم وبدء عملية التطبيع بكافة مستوياتها فإن هذه الخطوات التى اتخذتها القيادة المصرية قد أدت الى انقطاع علقة مصر خارجيا
بالدول العربية وبعض الدول السلمية وتعليق عضويتها فى منظمة المؤتمر السلمى ..وكان لذلك أثره داخليا حيث انقطع مورد
الدعم العربى لمصر وبحثت القيادة المصرية عن مصادر تمويل جديدة وهى الدول الغربية وخاصة الوليات المتحد\ة ا لمريكية
حليف اسرائيل القوى فى المنظمة بالضافة الى خرق اسرائيل المستمر والمتوالى لتعهداتها ـ كالعادة ـ فشنت اسرائيل هجمات على
جنوب لبنان ودمرت المفاعل النووى العراقى وأعلنت ضم القدس العربية كعاصمة موحدة لها وأبدية لسرائيل واغتيال الشخصيات
العلمية والسياسية العربية وضم الجولن وغيرها من التصرفات ) .
( وقد بدأ نشاط الجماعات السلمية يظهر بداية فى الجامعات المصرية حيث ظهرت لهم تجمعات قوية ونشاط تمثل فى المعسكرات
والمؤتمرات والندوات وغيرها ثم انطلقوا خارج الجامعات وكان ضرب المفاعل النووى العراقى بداية جديدة لهذا النشاط حيث عقدوا
مؤتمرات فى ا لزهر الشريف ثم مسجد النور بالعباسية بالقاهرة حضره اللف من الشباب والشيوخ وحضره الستاذ عمر
التلمسانى والشيخ حافظ سلمة والشيخ صلح أبو إسماعيل .
وطالب المتحدثون * بالغاء كل خطوات التطبيع وسحب السفير المصرى من اسرائيل وإعداد المة للجهاد المقدس ووجه شباب
الجماعات السلمية خطابا بهذا المعنى لرئيس الجمهورية وكان خروج الجماعات السلمية بنشاطها الذى يجمع حوله اللف من
الشباب مؤشر خطورة لدى القيادة المصرية التى وقفت باستمرار أمام خطواتهم ..وكانت زيارات السادات
* لم تصدر وزارة الداخلية تكذيبا لهذه الحقائق التى ذكرتها مجلة الدعوة وهذا يؤكد قيام رجالها بهذا ،ذلك العهد لن ينسى لن
الذنب لن يبلى والديان ل يموت وما اقتحام دار مجلة مسلمة مصرية إل صورة من صور ذلك العهد الذى ما زال البعض يتغنى
بعظمة حاكمه .ز إننا حيث نحن من موقف المعارضة رضى الحكم القائم أو أبى فما رضاه مغنما ول غضبه مغرما .ولئن لم نصبر
على ما صبر عليه أسلفنا فما أحرانا أن نتخلى عن الدعوة الى ال التى ارتضاها ال لنا لباسا وقد عاهدناه على أل نخلعه مهما لقينا
فى سبيله لن التحمل فى سبيل ال أسمى ما يرتضيه الداعى الى موله ألم يلفتنا ربنا الى هذا فكيف نغفل عنه ول نحمده عليه "
ولنبلونكم بشىء من الخوف والجوع ونقص من الموال والنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا ل
وإنا اليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون " ..ياوزارة الداخلية إننا ندعولك بالهداية ول ندعو
عليك بالدمار لن صلح حالك خير للمسلمين من سوء تصرفاتك وقد يغضبك هذا القول ولكن لو تبينت الحقيقة لعلمت أى خير نريده
لك .وحتى إذا لم تتبينى حسن قصدنا وسلمة صدورنا ومضيت فى هذا السلوب فلتكونى على ثقة أن من عاهد ال على العمل
لنصرته لن تقلقه تصرفاتك ول تصرفات آلف الوزارات من أمثالك هذاأمر انتهى عند الخوان المسلمين فما عادوا يقيمون حسابا
لمن يخاشنهم من أجل دعوة ال وسنظل نعمل ما بقى فينا لسان ينطق وأيد تمسك بقلم وأرجل تسعى الى تحقيق الخير ألكيد إن الذى
يفزع الناس وينزل الرعدة بأوصالهم هو الذى نستهين به فالسجن خلوة والنفى هجرة والتعذيب تكفير والقتل شهادة والموت فى
سبيل ال أسمى أمانينا ..
صادروا المجلة إن شئتم فكلمة ال لن تتوقف لن كل ألسنة المسلمين مجلت وأغلقوا الدار إن أردتم فكل قلوب المسلمين دور لدعوة
ال وافعلوا بالدعاة الى ال ما حل لكم فالدعوة ليست دعوتهم ولكنها دعوة ملك الملوك الجبار الذى ل يقهر والقوى الذى ل يغلب
والباطش الذى ل يهن ول يدحر " إن بطش ربك لشديد أنه هو يبدى ويعيد وهو ا لغفور الودود ذو العرش المجيد فعال لما يريد “
ولعل كلمات عمر التلمسانى كانت احساسا واستشفافا صادقا لما سيجرى بعد ذلك على ساحة الحداث لقد قالها واضحة لنور السادات
فى عبارة موجزة “ أما أن يكون رفع الظلم لشد المظلوم فى مركبة من رفع الظلم عنه فهذا أمر حابط ل ثواب عليه من ال ول شكر
له من أحد “ وأوضح للنظام القائم أن الخوان المسلمين يتوقعون كافة وسائل التنكيل والتعذيب بدءا من مصادرة المجلة ( وحدث
ذلك بالفعل وفى نفس العدد الذى كتبت فيه هذه الكلمات ) وأغلقت ا لدار بالفعل بعد ذلك وأودع كتابها السجون ويقول الستاذ عمر
التلمسانى :لعل ما فجر الخلف مع أنور السادات هو موقفنا من معاهدة السلم مع اسرائيل ومن استقراء الحداث يمكن أن يستتنتج
النسان خطأ أو صوابا :أن معاملة السادات للخوان كانت تنفيذا لهذه المعاهدة أما ما حدث من مصادمات مباشرة تمثلت فى حادث
اقتحام مجلة الدعوة فنحن ما ظننا فى يوم من اليام أن القوى التى تخاصم الخوان المسلمين فى الداخل والخارج ستتركنا نسير فى
طريقنا آمنين وكنا نتوقع فى كل وقت أنه قد يحدث شىء فهم اسفروا عن وجههم باقتحام دار المجلة وبالرجوع الى العداد الخاصة
بهذين الشهرين يمكن تبين كل الحداث ومواقفنا ورأينا فى هذا العمل الذى لم يكن له داع على الطلق .
الفصل الحادى والعشرون
وعادت المعتقلت
كما قلنا ـ بأن المواجهة ازدادت احتداما بين أجهزة المن وجماعات وأحزاب المعارضة فيما تمثل فى مصادرة بعض أعداد من
جرائد ومجلتالمعارضة وتكثيف نشاط أجهزة القمع داخل الجامعات للحد من خطورة ونشاط الجماعاتالسلمية وكان ما كان من
اقتحام مجلة الدعوة بشكل مريب غير قانونى أو دستورى ..وقلنا أن أنور السادات كان يهدف من نشاط المعارضة فيما يتعلق
بعلقاته مع اسرائيل أن يرى اليهود ديمقراطية حكمه وأن هناك نشاطا معاديا لمعاهدة السلم ونشاطه فى محاولة كسب الرأى ا لعام
المصرى لتسيير عملية تطبيع العلقات فى مسارها المرسوم لها طبقا لنصوص وبنود معاهدة السلم واتفاقية كامب ديفيد قبلها ..
وخلصنا الى أ ن موقف الخوان مبدئيا كان معارضة التصالح مع اليهود لسباب عقيدية انطلقا مما نصت عليه آيات وسور القرآن
الكريم فى شان اليهود وخصالهم ولم يتطرق أى عضو من الجماعة لستخدام أسلوب آخر غير أسلوب الكلمة فى معارضة هذا الصلح
.
ثم جاءت عملية ـ وبشكل أدق ـ " لعبة " الفتنة الطائفية ليختلط الحابل بالنابل ومقولة :إن الخوان المسلمين كان لهم دور فى
إذكاء شعلة الفتنة ا لطائفية بين مسلمى مصر وأقباطها وهى مقولة مدحوضة تماما ويكذبها الدور الذى قام به عمر التلمسانى
وبعض أقطاب الخوان فى إخماد نار الفتنة فى مهادها فى منطقة الزاوية الحمراء ـ ولعل هناك شاهدا على قيد الحياة يشهد بذلك
الدور وهو " محمد نبوى اسماعيل " وزير الداخلية السابق ـ حيث نزل عمر التلمسانى فى عدة مرات آخذا بأسلوب الحوار فى
محاولة تهدئة المور فى المنطقة المشتعلة ـ بل كانت مجلة الدعوة أمينة فى طرحها لحداث الزاوية الحمراء حين دعت لشجب
مسألة الفتنة الطائفية ودعت الخوان المسيحيين للتعقل والحكمة رغم ما بدر منها من تصرفات مشينة من بعض المتطرفين القباط
.
وقد قال عمر التلمسانى فى حديث لمجلة المصور * بعد خروجه من العتقال ـ الذى سيرد ذكره ل حقا ـ قال لم نشهد ما يسمونه
فتنة طائفية فى مصر إل فى السنين الخيرة وأنا أعمل فى السياسة منذ 50عاما ولم أر مثل هذه الصورة من قبل ..مصر ليس فيها
فتنة طائفية لنك ترى عيادة الطبيب المسيحى وبها الكثير من المسلمين ومكتب المحامى المسلم يمتلىء بالعديد من المسيحيين إن
الفتنة الطائفية فى رأيى شعار تسرب الى مصر لزعزعة المن وخلق شقاق بين طائفتين من أبناء هذه ألمة لقد كان معى فى
مستشفى قصر العينى " الب صمويل ط قسيس إحدى كنائس السكندرية وما زال موجودا بالمستشفى أخبرنى إن الذاعات التى كان
يسمعها صورتنى له وحشا تقطر أظافره دما فلما رآنى وعاش معى قال لى :أنا الذى سيتول الدفاع عنك فى كل المواقف " كما قال
الستاذ صالح عشماوى فى نفس العدد ليس هناك ما يسمى ذلك فجميعنا إخوة شركاء فى وطن واحد ..لقد كنا نشترى ورق مجلة
الدعوة من رجل مسيحى يعاملنا معاملة تفوق معاملة الكثير من المسلمين .
ولكن فى هذه الفترة طفت فوق السطح أمور غريبة ..فقد وصلت الى كثير من البيوت المسلمة منشورات أرسلت أحيانا بالبريد
وأحياناأخرى وجدت تحت البواب تهاجم السلم وتهاجم رسول البشرية صلوات ال عليه وسلمه عليه مما أثار علمات قلق عن
مصدر تلك الرسائل المشبوهة والمسمومة .
ثم وصلت المواجهة ذروتها بين السادات ومعارضيه .
فهرس الكتاب
صفحة الموضــــــــــــــــــوع
5 اهــــــــــــداء
7 تقديم بقلم الستاذ عمر التلمسانى
11 تصديـــــــــــــر
13 تمهيد تاريخى ـ هكذا بدأ الخوان المسلمون
21 الباب الول ـ لماذا اخترت الخوان
23 الفصل الول ـ عمر التلمسانى يتحدث
29 الفصل الثانى ـ وبدأت الرحلة باليعة
35 الفصل ا لثالث ـ التمهيد فى ا لثلثينات
51 الباب الثانى :عقد الصدمات
53 الفصل ا لرابع ـ واشتعلت ا لحرب العالمية
63 الفصل الخامس ـ انشاء النظام الخاص
69 الفصل السادس ـ حرب فلسطين
72 الفصل ا لسابع ـ حكايتنا مع النقراشى
76 الفصل الثامن ـ مؤامرة اغتيال الشهيد
83 الفصل التاسع ـ هذه هى مواقفنا
89 الباب الثالث ـ قصتنا مع انقلب يوليو
91 الفصل العاشر ـ علقتنا بالضباط الحرار
93 الفصل الحادى عشر ـ هكذا أيدنا الحركة
96 الفصل ا لثانى عشر ـ خلفاتنا مع النقلب
105 الفصل الثالث عشر ـ حل الجماعة
108 الفصل الرابع عشر ـ أزمة مارس 54
113 الباب الرابع ـ المؤامرة الكبرى
115 الفصل الخامس عشر ـ وجاءت تمثيلية المنشية
126 الفصل السادس عشر ـ جرائم وراء السوار
135 الفصل السابع عشر ـ ظهور فكرة التكفير
141 الباب الخامس ـ اسرار الخلف مع أنور السادات
143 الفصل الثامن عشر ـ بداية طيبة ولكن ؟
150 الفصل التاسع عشر ـ خلف بسبب المعاهدة
163 الفصل العشرون ـ لعبة الفتنة الطائفية
176 الفصل الحادى والعشرون ـ وعادت المعتقلت
0186 الفصل الثانى والعشرون ـ إغتيال السادات
191 مصادر الكتاب