You are on page 1of 99

‫إبراهيم قاعود‬

‫عمر التلمسانى‬
‫شاهدا على العصر‬
‫الخوان المسلمون فى دائرة الحقيقة الغائبة‬

‫المختار السلمى‬
‫للطباعة والنشر والتوزيع‬
‫‪///////////////////////‬‬

‫إهداء‬
‫الى ‪:‬‬
‫العالم السلمى الذى طالت رقدته وغفوته لعله يستيقظ قبل أن يفوت الوان‬
‫الى ‪:‬‬
‫روح المام الشهيد المرشد والمعلم والمربى على منهاج كتاب ال سبحانه وتعالى وسنة رسوله المصطفى صلى ال عليه وسلم‬
‫الى ‪:‬‬
‫المدافعين عن كلمة ال فى أرضه ‪ :‬السابقين واللحقين بالكلمة واالقلم والخلق والعمل والجهاد والسالكين فى دروب النور اللهى‬
‫والشهداء البرار الطهار ‪.‬‬
‫* أهدي هذه الضافة المتواضعه *‬

‫تقديم بقلم ‪ :‬الستاذ عمر التلمسانى‬


‫قصة هذا الكتاب‬
‫طالبنى بعض من أعرف بكتابة مذكراتى باعتبارى مشتغل بالمور السياسية فى هذاالوطن الغالى منذ عشرات السنين ولم أجد‬
‫فىصدرى راحة لكتابة مذكرات على النمط الذى قام به الكثيرون ذلك لن كاتب المذكرات إذا كان جادا ومنصفا يتناول جانبين من‬
‫حياته‪ :‬الجانب الخاص والجانب العام ‪ .‬ولئن كانت الحضارة الحالية ل تقيم وزنا للعامل فى الميادين العامة من ناحيتهالخاصة ما دام‬
‫عمله فى الناحية العامة جيدا ولكنى كمسلم ل أسلم بهذا الرأى الفضفاض لنى أومن بأن التلحم بين الناحية العامة للشخص وناحيته‬
‫الخاصة أمر ل يمكن فصله على النحو الذى يراه المحدثون إن الناحية الخاصة للنسان بالغة الثر فى ناحيته العامة لن الرأى دائما‬
‫وليد العقل والعاطفة معا على السواء ول يستطيع العقل أن يحكم فى أمر متجردا من ناحيته العاطفية وإل كان إنسانا آليا وهذا ما ل‬
‫يرضاه لنفسه من يحترم نفسه فالحب والبغض التفاق والختلف والنفور والنسجام والقرار والنكار والقرب والبعد الرضا‬
‫والزورار الستعطاف والستثقال كل هذه المشاعر والحاسيس الغلبة ل يستطيع العقل ان يتخلص منها وهو يقضى فى أمر من‬
‫المور أو يصدر حكما من الحكام ‪ .‬وما من شك أن الحكم ليس هو الحق فى ذاته ولكنه مظهر من مظاهر الحق ل أكثر و ل أقل‬
‫خاصة إذا كان أحد الطرفين ألحن بحجته وأذكى فى التدليل والبرهنة وما دمنا ل نستطيع أن نعرى أنفسنا أمام الناس فى خاصة‬
‫شئوننا فل يجمل بنا أن ندعى أن ما نكتبه مذكرات للتاريخ والنسان المين إذا تحدث عن نفسه ل يقدمها مبرأة من العيوب والسيئات‬
‫بل يقدمها كما هى بشرها وخيرها وعجزها وبجرها وهذاأمر نحن مطالبون أل نشيعه بين الناس لن ال إذا ستر على عبد فى‬
‫معصيته فل يجوز أبدا لهذا العبد أن ينشرها على المل فكيف إذا يباح لمسلم ما أن يخالف تعاليم دينه ‪ .‬من هذه الناحية رفضت‬
‫وأرفض وسأرفض فكرة كتابتى لمذكرات تنسب الى على أنى كاتبها ‪.‬‬
‫ولما ألح الستاذ الفاضل ابراهيم قاعود ووجد منى الصرار على المتناع اقترح أن يوجه الى أسئلة أجيبه عليها وبهذا يرفع عنى‬
‫الحرج ما دمت ملتزما الدقة والمانة فى الجابة ودارت بينه وبينى أحاديث وطالت جلسات وكثرت أسئلة من هنا وهناك وانتهى منها‬
‫الى وضع كتابه هذا ولول أن هذاالكتاب يصحح الكثير من التهامات والمغالطات التى وجهت للخوان المسلمين لما رحبت بنشره فى‬
‫حياتى ولكن ما دامت أجهزة العلم كلها موصدة أبوابها دون الكثير مما يجب أن يعرفه الناس عن المشتغلين بالمسائل العامة فل‬
‫مندوحة إذا من ولوج باب مفتوح لذكر كثير من الحقائق التى تخفى على جمهور القارئين داخل مصر وخارجها ول أطالب القارىء‬
‫أن يأخذ إجاباتى قضية مسلمة بل عليه أن يوازن بين التهام والدفاع حتى يخرج لنفسه بالحقيقة التى يرتاح اليها الضمير النقى‬
‫المنصف العادل وإنها لمانة ويجب أن تؤدى فى صدق الى أهلها من الحاضرين والتين على مرالسنين ‪.‬‬
‫وما من شك أن هذا الجهد الكبير والعمل المتواصل أمر مشكور للستاذ إبراهيم قاعود لن هدفه تجلية الحقائق وهذا دوره فى مؤلفه‬
‫هذا إذ أنه لم يتحيز الى جانب من الجوانب المتخالفة من شخصيات هذا ا لكتاب واسأل ال أن يثيبه على قدر نيته كما أعتذر الى‬
‫القراء عن انشغالهم وقتا ما بأمور تمسنى فى هذا المؤلف الكبير فما كان فى ذلك من بد معاونة للمؤلف على ما لمست فيه من‬
‫رغبة صادقة فى تحرى الحقيقة من مصادر تعودت أن تلتزم جانب الحق ولو ضد مصلحتها أو موقفها ‪.‬‬
‫والكتاب كما يرى القارىء استعان مؤلفه ببعض ما كتب المام الشهيد وبما نقله عنى وكم كنت أود لو أستعان بآخرين ليتسع أمامه‬
‫البحث والمقارنة والتأكيد على صدق ما أخذ نفسه به فى هذا المجال ولول أن أبواب أجهزة العلم أوصدت فى وجه الخوان‬
‫المسلمين إل من بعض المقالت التى ل تفى بالغرض وحصر ما نسب الى الخوان ولول أن ما تفضل به بعض الكتاب أمثال‬
‫الستاذين الفاضلين ‪ :‬أنور الجندى ومحمود عبد الحليم فى الدفاع عن الخوان المسلمين يحفز القلم على السير فى هذا التجاه‬
‫ولول وفاء لهذه الدعوة الشاملة النافعة ولول وجوب الفصاح عن كلمة الحق إذا ما سئل النسان عنها لول ذلك كله لتحرجت عن‬
‫إجابة الستاذ المؤلف الى ما طلب أو سأل ‪.‬‬
‫إن العالم كله يشهد مدى ضراوة خصوم السلم فى النيل من الخوان ا لمسلمين بغير الحق فكان لزاما على كل راغب فى الحقيقة‬
‫ونصرة الحق أن ينبرى لكشف الباطيل التى قيلت عن الخوان المسلمين ليس معنى هذا أن الخوان المسلمين مبرؤون من الخطأ‬
‫ولكن الموازين القسط توازن بين الحسنات والسيئات فإذا رجحت كفة الحسنات فى جانب الخوان المسلمين وهذا ما أحسب ول أزكى‬
‫على ال أحد ا فقد فاز الخوان برضاء ال عنهم هذا الى أن الخطاء الفردية ل يجوز شرعا أن تؤخذ بها الجماعة كلها " ول تزر‬
‫وازرة وزر أخرى " ‪ .‬لن الحساب يوم الحساب فردى وشخصى " يوم تأتى كل نفس تجادل عن نفسها " حيث ل قيمة للحياة ول‬
‫للسلطان " يوم ل ينفع مال ول بنون " ‪.‬‬
‫ولما كانت المعلومات التى ذكرت فى الكتاب على لسانى مرجعها الذاكرة ولما كانت ذاكرة المتقدمين فى السن من أمثالى عرضه‬
‫للنسيان فإنى أقرر صادقا أننى تحريت فيها ا لدقة الكاملة والنصاف المريح الذى ل تأثير للعاطفة عليه هذا ا لى أننى على استعداد‬
‫كامل لتقبل أى تصحيح يرى ناصحه أنه هو الحق لننا جميعا نسعى لسرد التاريخ المجرد عن الهوى المصفى من الغرض المنقى‬
‫من التحريف ميل مع أى دافع يدفع صاحبه الى التستر أو التخفى ‪.‬‬
‫إن الجهد الذى بذله الستاذ إبراهيم قاعود جهد مضن ومشكور وكل ساع الى ذكر الحقيقة خليق بأن يشكر وأن يثنى عليه ففيه‬
‫إحاطة وافية عن أحداث تاريخية قريبة وفيه حفظ لهذا التاريخ أن يتبدد بين دفات المجلت والصحف وحبذا لو تبارى الكتاب فى‬
‫تاريخ هذه الفترة من الزمن القريب قبل أن تضيع معالمها ما دامت الحكومات قد منعت نشر الوثائق الرسمية الخاصة بهذه الفترة‬
‫فمرحبا بالمؤلف الجديد وعلى بركة ال ‪.‬‬
‫عمر التلمسانى‬

‫تصدير‬
‫دائرة الحقيقة‬
‫الحمد ل رب العالمين والصلة والسلم على خاتم النبيين والمرسلين محمد الذى بعثه ال رسول ومبشرا ونذيرا ورحمة للعالمين ‪.‬‬
‫لقد انطلقت رسالة السلم الى قلوب وأفئدة البشر لتخرجهم من ظلمات الجهل والجهالة الى دروب النور واليمان ولتحكم كلمة‬
‫السلم اليمانية سائر أنحاء المعمورة ولتهوى الى البد امبراطوريات ظالمة جائرة على الفطرة النسانية وتسلح اصحاب الدعوة‬
‫الوائل بسلح اليمان فانطلقوا الى مشارق الرض ومغاربها ( فاتحين ) ومبشرين بالنور اللهى وبنى السلم دولته مستندة على‬
‫عقيدة ل اله ال ال محمد رسول ال ولكن سرعان ما باعدت أهواء الدنيا وبريقها بين العقيدة وأهلها الذين تفرقوا شيعا وفرقا ولكن‬
‫ال سبحانه وتعالى يقيض من يذكر هذه المة العريقة الصيلة بعقيدتها الكاملة المتكاملة ‪.‬‬
‫ووسط عوامل الضعف والوهن الذى أصاب جسد المة السلمية بسبب الهجمات الشرسة التى وجهت للعقيدة السمحاء فإن شابا‬
‫مسلما قد عز عليه ما أصاب دينه وعقيدته وامته فتولدت فى نفسه كل عوامل الغيرة على دينه وأنه ل بد من إنقاذ هذه المة من‬
‫عثرتها وإيقاظها من غفوتها وتخلفها ‪.‬ز فانطلق حامل روحه على كفه داعيا ومرشدا ومعلما ومربيا على هدى من كتاب ال وسنة‬
‫رسوله صلى ال عليه وسلم والسلف الصالح ‪.‬ز هذا الشاب هو المام ا لشهيد حسن البنا الذى عز عليه حال السلم فانطلق داعيا‬
‫لنشاء ( الجماعة المسلمة ) التى تقف وسط بحار المدينة وأهواء البشر ول تغرق فيها وعلى مدى عشرين عاما قاد المام الشهيد‬
‫حركة الخوان المسلمين وهى ا لحركة التى شهدلها العداء قبل الصدقاء أنها كانت من أنضج وأقوى الحركات السلمية فى العصر‬
‫الحديث والذى يقرأ تاريخ مصر الحديث ل بد أن يجد الخوان المسلمين على خريطة الحياة السياسية المصرية متعاملين ومتفاعلين‬
‫مع كل الحداث والتجاهات على مدى نصف قرن من الزمان ‪.‬‬
‫ولكن هذه الجماعة المسلمة لم تسلم من الطعنات وزالسهام الجارحة المميته وحملت التشويه والتزييف ول فى أصحابها كل ألوان‬
‫المحن والتعذيب من أجل انتزاع العقيدة من قلوب أعضائها ‪.‬‬
‫وهذا الكتاب محاولة لرصد جانب كبير من تاريخ مصر من خلل هذه الجماعة التى استقرت على خريطة مصر السياسية خلل نصف‬
‫قرن ولكن هذه الحركة رغم تراثها فإنها لم تعن بتسجيل نشاطها ورصد تاريخها اللهم إل كتابات المام الشهيد حسن البنا وبعض‬
‫الخوة المسلمين ممامما أتاح لهواة ومحترفى التصنيف والتشويه أن يطعنوا ظهر هذه الدعوة ويبتدعوا الروايات الكاذبة والتصورات‬
‫الوهمية وكان ل بد من رصد تاريخ هذه الحركة وهنا كان اللتقاء مع أحد الذين عاصروا جهاد هذه الجماعة على مدى ‪50‬عاما ودفع‬
‫مع غيره من المجاهدين ضريبة الجهاد من ابتلء واختبار ‪ ..‬إنه الستاذ عمر التلمسانى الذى سعدت وسيسعد الكثيرون من‬
‫المخلصين للعقيدة السلمية أن يسمعوا شهادته للتاريخ حيث عايش تاريخ الحركة وتفاعل مع أحداثها وواجه مع غيره تلك‬
‫الصدمات والهجمات ا لشرسة من كل الطراف المعادية للفكرة السلمية ودفع حريته ثمنا ليمانه وإخلصه لعقيدته وليكشف للقراء‬
‫تاريخ ما أهمله التاريخ وما قصد الكثيرون طمس معالمه والكتاب محاولة مبصرة وليست عمياء ـ لكشف حقيقة علقات الخوان‬
‫المسلمين بالحداث وبأطراف الصراع على مدى خمسين عاما ـ ولقد حاكمت الخوان المسلمين عشرات الدوائر القضائية ولكن‬
‫دائرة واحدة لم يقدم لها الخوان المسلمون وهى دائرة الحقيقة التى غابت سنين طويلة وآن الوان أن يدخلها الخوان بتاريخهم‬
‫وجهادهم ليقولوا للناس جميعا ‪ :‬هذه رسالتنا وهذه دعوتنا وهذه حقيقتنا وتاريخ المم هو ضميرها ـ والتاريخ ل يعرف الرحمة‬
‫والشفقة والمحاولت التى بذلت لهالة التراب عليه حتى ل يراه الناس ـ هى محاولة ل بد أن تستمر لن كلمة الحق ل بد أن تقال ‪..‬‬
‫وهذا الكتاب محاولة متواضعة لوضع النقاط فوق الحروف حول تاريخ جماعة الخوانا لمسلمين وتقديم الصورة الصادقة أمام دائرة‬
‫الحقيقة ‪.‬‬
‫ول يسعنى إل أن أتقدم بالشكر للستاذ الفاضل عمر التلمسانى على مساهمته الفائقة فى هذا الكتاب ‪ ..‬والتى كان لها الفضل فى‬
‫خروج مادة الكتاب كما أخص بالشكر زوجتى الفاضلة التى وقفت بإخلص ودون كلل وراء إتمامى هذا العمل وأتوجه بشكرى أيضا‬
‫لكل من ساهموا فى إخراج هذا الكتاب الى النور ‪.‬‬
‫وال الموفق وهو المستعان‬
‫المؤلف إبراهــــيم قاعـــــــــــــــود‬
‫القاهرة فى ‪ :‬رجب ‪1403‬‬
‫إبريل ‪1983‬‬

‫قبل أن نبدأ ‪:‬‬


‫تمهيد تاريخى‬
‫هكذا بدأ الخوان المسلمون‬
‫أخذت جماعة "الخوان المسلمون " موقعها على خريطة الحياة السياسية فى مصر والشرق العربى والسلمى على مدى نصف قرن‬
‫من الزمان وكذا على خريطة الفكر السلمى كأبرز الحركات السياسية السلمية فى ا لعصر الحديث ـ وذلك باعتراف خصومها‬
‫وأعدائها قبل مؤيديها ـ رغم ما ل قته من صنوف التعذيب والتنكيل والتشويه التى تعد ت حدود الطاقة البشرية ودائرة إنسانية‬
‫النسان ومع هذا كله ظلت علتها متأججه وضاءة رغم أحداث السنين ‪.‬‬
‫وخلف هذه الحركة العريقة التاريخ والتى تخطت الخمسين من عمرها وقف المام الشهيد حسن البنا نموذجا فريدا على دروب‬
‫المجددين للمة السلمية مؤسسا ومعلما ومرشدا لهذه الحركة على امتداد حياته ـ القصيرة ـ والتى أنهتها رصاصات ا لغدر التى‬
‫وجهت لصدر الشهيد العزل وسط شوارع القاهرة ليسقط فى ساحة الشرف ولم تسقط الراية التى تلقفتها أيدى المجاهدين ‪ ..‬راية "‬
‫ل إله إل ال محمد رسول ال " صلوات ال وسلمه عليه وحين خرجت هذه الجماعة لتأخذ موقعها على خريطة الواقع والتاريخ‬
‫حاملة شعار تجديد شباب المة المسلمة والوطن السلمى والتمسك بالجذور السلمية وإحياء حضارة السلم فى عصوره الباهرة‬
‫فإنها وجدت تفاعل تلقائيا مع جماهير الشعب البسيط و المثقف منه ‪ ..‬أزعج أرباب السلطان سواء فى ظل النظام الملكى ثم بعد ذلك‬
‫نظام الضباط الحرار العسكرى الشمولى لنها شهرت سلح العقيدة السلمية فى وجه من يريدون إطفاء نور ال من صدور عباده‬
‫المخلصين ويحولون دون وصول رسالته للعالمين ‪.‬‬
‫والذى يتتبع ويرصد مسار هذه الحركة يستطيع أن يرسم خطا بيانيا لزيادة مطردة أو تناسبا طرديا بين متغيرين ‪.‬‬
‫الول ‪ :‬نجاح الحركة والتفاف اللف بل المليين حولها وما يمثله ذلك من التفاف حول العقيدة السلمية ‪.‬‬
‫الثانى ‪ :‬ازدياد وتصاعد موجة ا لضطهاد والتنكيل بأعضاء الجماعة ـ وخاصة أقطابها ـ ليدفعوا ضريبة الجهاد الغالية ‪.‬‬
‫وهذا ما تنبه له وأدركه المام الشهيد حسن البنا بحسه الصادق حين قال ‪ " :‬أحب أن أصارحكم أن دعوتكم ل زالت مجهولة عند كثير‬
‫من الناس ويوم يعرفونها ويدركون مراميها وأهدافها ستلقى منهم خصومة شديدة وعداوة قاسية وستجدون أمامكم كثيرا من‬
‫المشاق وسيعترضكم كثير من العقبات وسيحقد عليكم الرؤساء والزعماء وذوو الجاه والسلطان وستقف فى وجهكم كل الحكومات‬
‫على السواء ‪.‬‬
‫وهذا ما حدث بالفعل ‪!..‬‬
‫والطريق للتعرف على شخصية المام الشهيد حسن البنا ل بد أن يمر بمرحلة طفولته وشبابه أو التعرف الى جذوره الولى والتى‬
‫أسهمت دون شك فى دفعه على رأس جماعة الخوان المسلمين لخوض غمار حرب ضروس طوال حياته فى مواجهة قوى شتى‬
‫وصراعات جمة ‪.‬‬
‫المام الشهيد حسن البنا من مواليد عام ‪ 1906‬بقرية " شمشيرة " مركز فوة ( التابع الن لمحافظة كفر الشيخ ) ونزح والده وهو‬
‫صغير الى بلدة المحمودية ( بمحافظة البحيرة ) حيث افتتح الوالد محل لتصليح الساعات ومن هنا لقب " بالساعاتى ط والتحق‬
‫الصغير بإحدى المدارس ألولية وأتم حفظ لقرآن الكريم ثم التحق بمدرسة المعلمين الولية بدمنهور وعين بعد حصوله على‬
‫دبلومالمعلمين بمدرسة " خربتا " الولية بمركز كوم حمادة وعلى مدى السنوات الولى من حياة الفتى الصغير نلمح توجهاته الدينية‬
‫الفطرية فى مواظبته على أداء الصلوات فى المسجد الصغير بالمحمودية وحرصه على حضور دروس الوعظ وحلقات الذكر وحبه‬
‫للستزادة من مناهل الفكر والفلسفة وتأثره بفلسفة السلم وعلى رأسهم المام " أبو حامد الغزالى " وسعيه لتكوين جماعة صغيرة‬
‫هى الجمعية الحصافية الخيرية والتى عين سكرتيرا لها وعين الستاذ " أحمد السكرى " التاجر بالمحمودية رئيسا لها للمر‬
‫بالمعروف والنهى عن المنكر ومحاربة موجة التبشير التى استشرت على يد الرساليات النجيلية فى ذلك الوقت وفى مذكراته * "‬
‫كانت أيام دمنهور ومدرسة المعلمين أيام الستغراق فى عاطفة التصوف والعبادة ‪. " ..‬‬
‫ثم ججاءت فترة أحداث ثورة ‪ 1919‬التى انفعل بها المام الشهيد أيما انفعال وأصدر ديوانا شعريا كبيرا كان نصيبه الحرق الكامل ‪.‬‬
‫كما يذكر المام الشهيد الصور التى تسابقت أمام مخيلته وترسخت فيها فهو يقول ‪ " * :‬ول زلت أذكر منظر بعض الجنود النجليز‬
‫وقد هبطوا القرية وعسكروا فى كثير من نواحيها واحتك بعضهم ببعض الهالى فأخذ يعدو خلفه بحزامه الجلد ‪ ..‬حتى انفرد الوطنى‬
‫بالنجليزى فأوسعه ضربا ورده على أعقابه خاسئا وهو حسير ول زلت أذكر الحرس الهلى الذى أقامه أهل القرية من أنفسهم‬
‫وأخذوا يتناوبون الحراسة ليالى نتعددة حتى ل يقتحم الجنود البريطانيون المنازل ويهتكوا حرمة الناس ‪ ..‬وكان حظنا من هذا كله‬
‫كطلب أن نضرب فى بعض الحيان وأن نشترك فى هذه المظاهرات وأن نصغى الى أحاديث الناس حول قضية الوطن وظروفها‬
‫وتطوراتها " ‪..‬‬
‫ثم فكر فى إكمال دراسته العليا وبالفعل تقدم لللتحاق بدار العلوم بالقاهرة حيث قبل بها وعمره ستة عشر عاما وأقام مع بعض‬
‫أصدقائه بحى السيدة ذينب وكانت رحلته فى دار العلوم مع التفوق حيث بز أقرانه واستحق نكافآت التفوق ثم انتقلت أسرته للقاهرة‬
‫وكان ينتهز فرصة اجازة الدراسة الصيفية فى العمل فى دكان أقامه لتصليح الساعات ـ وهى نفس مهنة والده ـ ليعول نفسه‬
‫ويكسب من عمل يده وفىنفس الوقت كان يجد سعادة فى هذه الجازة ليلتقى بصديقة الستاذ أحمد السكرى ـ الذى جمعته بالمام‬
‫الشهيد صداقة لم يفرقها سوى استشها د الستاذ البنا عام ‪ 1948‬ـ أما خلل فترات الدراسة بدار العلوم فكان حريصا كل الحرص‬
‫على حضور المنتديات السلمية القليلة فى ذلك الوقت وطرأت فى ذهنه فكرة الدعوة السلمية خارج حدود المسجد الذى رأى تأثيره‬
‫ضعيفا وسط زحف موجات النحلل والبعد عن الخلق السلمية فدعا رفقة من إخوته فى السلم لرتياد القهاوى وإلقاء الخطب‬
‫والمواعظ فى العقيدة والخلق السلمية ونجحت التجربة ووجدت قبول طيبا لدى رواد القهاوى ويمكن اعتبار هذه التجربة هى‬
‫الرهاصة الولى لفكر حسن البنا والتى أثمرت فى النهاية خروجه بفكرة تشكيل جماعة الخوان المسلمين الى حيز النور ‪.‬‬
‫فقد بدأت فكرة انقاذ المة السلمية تختمر وتلح على ذهن المام الشهيد الحريص على إسلمه وعقيدته السمحاء ورأى وطنه ممزقا‬
‫بين قوى الحتلل النجليزى التى تجثم على صدره وموجات النحلل ونشاط الرساليات النجيلية التبشيرية والذى امتد ليشمل كل‬
‫أرجاء القطر المصرى وترددت تلك الصيحة المدوية الخالدة ‪ :‬واإسلماه !!واإسلماه !! ويروى المام الشهيد حسن البنا فى‬
‫مذكراته * أحداث تلك الفترة التى قضاها فى القاهرة ‪ " :‬وعقب الحرب الماضية ( يقصد الحرب العالمية الولى ) وفى هذه الفترة‬
‫التى قضيتها بالقاهرة اشتد تيار موجة التحلل فى النفوس والراء والفكار باسم التحرر العقلى ثم فى المسالك والخلق وألعمال‬
‫باسم التحرر الشخصى فكانت موجه إلحاد وإباحية قوية جارفة طاغية ل يثبت أمامها شىء تساعد عليها الحوادث والظروف لقد‬
‫قامت تركيا بانقلبها الكمالى وأعلن " مصطفى كمال باشا " إلغاء الخلفة وفصل الدولة عن الدين فى أمة كانت الى بضع سنوات فى‬
‫عرف الدنيا مقر أمير المؤمنين واندفعت الحكومة التركية فى هذاالسبيل فى كل مظاهر الحياة " ‪.‬‬

‫ويستطرد المام الشهيد " كان لهذه الموجة رد فعل قوى فى ا لوساط الخاصة المعنية بهذه الشئون كالزهر وبعض الدوائر السلمية‬
‫ولكن جمهرة الشعب حينذاك كانت إما من الشباب المثقف وهو معجب بما يسمع من هذه اللوان وإما من العامة الذين انصرفوا عن‬
‫التفكير فى هذه الشئون لقلة المنبهين والموجهين وكنت مـتألما أشد اللم فهأنذا أرى أن المة المصرية العزيزة تتأرجح حياتها‬
‫الجتماعية بين أسلمها الغالى العزيز الذى ورثته وحمته وألفته وعاشت به واعتز بها اربعة عشر قرنا كاملة وبين هذا الغزو‬
‫الغربى العنيف المسلح المجهز بكل السلحة الماضية الفتاكة من المال والجاه والمظهر والمتعة والقوة ووسائل الدعاية " ز‬
‫وانتقل الشهيد المام حسن البنا الى مرحلة أخرى من تفكيره فلم يجلس مستسلما لما يجد من حوادث عظام وإنما بدأ اللم الذى كان‬
‫يحترق فى صدر ه يتحول الى عمل فبدأ اتصاله بكبار رجال الزهر ومنهم الشيخ " أحمد يوسف الدجوى " وتحدث اليه فأظهر اللم‬
‫والسف وأخذ يعدد مظاهر الداء والثار السيئة المترتبة على انتشار هذه الظاهرة فى ألمة وخلص من ذلك الى ضعف المعسكر‬
‫السلمى أمام هؤلء المتآمرين عليه وكيف أن الزهر حاول كثيرا أن يصد هذا التيار فلم يستطع ‪.‬‬
‫وقد زاد حلكة هذه الفترة التى عاشها الشهيد حسن البنا فترة شبابه الحملت التبشيرية الضخمة التى أرسلها النجليز لمصر ومهدوا‬
‫لها بنشر المرض والجهل وانتشر المبشرون فى كافة أنحاء البلد فى الوجهين البحرى والقبلى تحت سمع وبصر المسئولين والحكام‬
‫واستغل المبشرون فقر الناس وحاجتهم وجهلهم وبثوا دعواتهم ووجدوا بالتحديد فى الصعيد مرتعا خصبا لدعوتهم وأفكارهم حيث‬
‫الجهل والنهزال والفقر واستغل النجليز سلطتهم فأسكتوا الصحف المعارضة لهذه الحملة المسمومة بالغلق والمصادرة وتكميم‬
‫الفواه ‪.‬‬
‫وبفورة وحماس الشباب انطلق الشهيد البنا يعلن غضبه واعتراضه على هذا الستسلم والخفاق واندفع يتحدث عن السبيل لنقاذ‬
‫المة السلمية وأن أسلوب التألم واجترار الماضى لم يعد يصلح لمقاومة هذه التيارات الجارفة ووجد الشهيد البنا معارضة لقواله‬
‫وتأييدا جارفا فى نفس الوقت ولم تنقض هذه الجلسة إل واتفق على اصدار مجلة " الفتح السلمية " وأسندت رياسة تحريرها للكاتب‬
‫السلمى محب الدين الخطيب ‪..‬‬
‫ولم تستطع الحملة التبشيرية أن تصمد أكثر من عام وحملت أمتعتها وغادرت مصر غير مأسوف عليها وتطهرت مصر منها ‪ ..‬بعد‬
‫أن نجحت مجلى الفتح فى فضح المؤامرة وتواطؤ النجليز وأذنابهم فيها كما تكونت لجنة برياسة الشيخ " محمد مصطفى المراغى "‬
‫لمقاومة التبشير وتصدت له بكل قوة وعنف حتى استسلم المبشرون وسقطت حججهم ودعاواهم أمام العقيدة السلمية ثم تلى ذلك‬
‫إنشاء جمعية " الشبان المسلمين " التى أسندت رياستها للدكتور عبد الحميد سعيد " وكان المام الشهيد أول من سارع بالنضمام‬
‫إليها ‪.‬‬
‫ومضت سنوات الدراسة بدار العلوم وتخرج المام الشهيد وكان أول دفعته عام ‪ 1927‬ولم يرشحه أحد لبعثة دراسية فى الخارج كما‬
‫هو المعتاد وعين الشهيد البنا بالسماعيلية وبعد عام من سفره للسماعيلية تكونت أول نواه لتشكيلت الخوان المسلمين وشعبهم ‪.‬‬
‫وفكر المام الشهيد أن يعاود تنفيذ تجربته السابقة فى ا لدرس والوعظ فى القهاوى للمرة الثانية نجحت الفكرة نجاحا كبيرا فى‬
‫اجتذاب رواد القهاوى نظرا لسلمة أسلوب الشهيد المام وقدرته الفائقة على التصال بجمهور ورواد القهاوى وكان هو فى نفس‬
‫الوقت يقوم بعملية جس نبض للمجتمع الجديد والمؤثرات التى تحكمه واتضح أنها ‪ :‬العلماء وشيوخ الطريق والعيان والندية‬
‫وسعى بالفعل بالتصال بهذه العناصر للعمل على خدمة السلم وإعلء شأنه وإنقاذه من المسلمات التى لحقت به وأحاطت به ‪..‬‬
‫وكانت لمدينة السماعيلية سماتها الخاصة التى تميزها عن باقى القطر المصرى فهناك ترامى المعسكر النجليزى ببأسه وسلطانه و‬
‫هناك مكتب شركة قناة السويس الذى كان يسيطر على كل شئون المدينة وهناك المنازل الفخمة فى حى الفرنج يقابلها المساكن‬
‫المتواضعة فى حى العرب ‪.‬‬
‫وأحس المام الشهيد حسن البنا بأن ال قد اختار له هذه البقعة لتبدأ فيها حركته ودعوته ‪..‬وقد كان ‪.‬‬

‫** نحن إذن " الخوان المسلمون "‬


‫وفى ذى القعدة سنة ‪ 1347‬هـ مارس سنة ‪ 1928‬زار المام الشهيد حسن البنا ستة ‪ :‬من الخوة هم ‪ :‬حافظ عبد الحميد ‪ ،‬أحمد‬
‫الحصرى ‪ ،‬فؤاد إبراهيم ‪ ،‬عبد الرحمن حسب ال ‪ ،‬إسماعيل زكى ‪ ،‬زكى المغربى ‪ ،‬وهم من الذين تأثروا بالدروس التى ألقاها المام‬
‫الشهيد وتحدثوا إليه قائلين * ‪ " :‬لقد سمعنا ووعينا " ‪.‬ز وتأثرنا ول ندرى ما ا لطريق العملية الى عزة السلم وخير المسلمين ؟‬
‫ولقد سئمنا هذه الحياة ‪ :‬حياة الذل والقيود وها أنت ترى أن ا لعرب والمسلمين فى هذا ا لبلد ل حظ لهم منزلة أو كرامة وأنهم ل‬
‫يعدون مرتبة الجراء التابعين لهؤلء الجانب ‪ ..‬ونحن ل نملك إل هذه الدماء تجرى حارة بالعزم فى عروقنا وهذه الرواح تسرى‬
‫مشرقة اليمان والكرامة مع أنفسنا وهذه الدراهم القليلة من قوت أبنائنا ول نستطيع أن ندرك الطريق الى العمل كما تدرك أو نتعرف‬
‫السبيل الى خدمة الوطن والدين والمة كما تعرف وكل الذى نريده الن أن نقدم لك ما نملك لنبرأ من التبعة بين يدى ال وتكون أنت‬
‫المسئول بين يديه عنا وعما يجب أن نعمل وإن جماعة تعاهد ال مخلصة على أن تحيا لدينه ‪ .‬وتموت فى سبيله ل تبغى بذلك إل‬
‫وجهه لجديرة أن تنتصر وإن قل عددها وضعفت عددها ‪.‬‬
‫ويقول المام الشهيد كان لهذا القول المخلص أثره البالغ فى نفسى ولم أستطع أن أتنصل من حمل ما حملت وهو ما أدعو إليه‬
‫وماأعمل له وما أحاول جمع الناس عليه فقلت لهم فى تأثر عميق " شكر ال لكم وبارك هذه النية الصالحة ووقفنا الى عمل صالح‬
‫يرضى ال وينفع الناس وعلينا العمل وعلى ال النجاح فلنبايع ال على أن نكون لدعوة السلم جندا وفيها حياة الوطن وعزة المة "‬
‫‪.‬‬
‫وكانت بيعة ‪.‬‬
‫وكان قسما أن نحيا إخوانا نعمل للسلم ونجاهد فى سبيله ‪.‬‬
‫وقال قائلهم ‪ :‬بم نسمى أنفسنا ؟ وهل نكون جمعية أو ناديا أو طريقة أو نقابة حتى نأخذ الشكل الرسمى ؟ فقلت ‪ :‬ل هذا ول ذاك‬
‫دعونا من الشكليات ومن الرسميات وليكن أول اجتماعنا وأساسه ‪ :‬الفكرة والمعنويات والعمليات ‪ .‬نحن إخوة فى خدمة السلم فنحن‬
‫إذن " الخوان المسلمين " ‪.‬‬
‫وجاءت بغته ‪ ..‬وذهبت مثل ‪ ..‬وولدت أول تشكيله للخوان المسبلمين من هؤلء الستة حول هذه الفكرة على هذه الصورة وبهذه‬
‫التسمية ‪ .‬وهكذا يمكن اعتبار مارس ‪ 1928‬هو البداية الفعلية لنطلق حركة جماعة " الخوان المسلمين " بعد أن ظلت تراود ذهن‬
‫المام الشهيد حسن البنا لفترة من الوقت حيث ازداد تفكيره فى حال المة السلمية وما وصلت اليه من ضعف إزاء التيارات الجارفة‬
‫والعاتية التى تهدد كيان هذه المة وتكاد تعصف بمستقبل أبنائها ‪ ..‬وكانت البيعة بين مجموعة من المسلمين الحريصين على‬
‫اسلمهم وعقيدتهم وتوحدت توجهاتهم فى ‪:‬‬
‫* احتجاجهم الصارخ على ما أصاب القطر المصرى من داء النحلل والتحلل والبعد عن الخلق السلمية ‪.‬‬
‫* احتجاجهم على أسلوب الرفض السلبى والصامت من جانب علماء الدين وخاصة فى الزهر إزاء ما يجرى من مجريات المور‬
‫ومحاربة السلم والمؤمنين به ‪.‬‬
‫* اتفاقهم على التسليم بالبيعة لهذا الشاب المخلص الذى توسموا فيه خيرا كبيرا وذلك من خلل دروسه وخطبه فى القهاوى‬
‫والمنتديات العامة وبالسماعيلية وما أحدثته هذه الدروس من آثار طيبة ‪.‬‬
‫* اتفاق وجهات نظرهم على أن الطريق لنقاذ المة السلمية يبدأ من خلل جماعة إسلمية قوية قادرة على النهوض بأعباء هذه‬
‫المهمة الصعبة مهما كانت التضحيات ومهما عظم وغل ثمنها ‪.‬‬
‫وهكذا وضع المجتمعون اللبنة الولى فى صرح بناء جماعة الخوان المسلمين وانطلق الشهيد البنا يدعم هذا الصرح مستعينا بأول‬
‫تشكيل من الجماعة بادئا بعدة خطوات منها " مدرسة التهذيب " التى تعنى فى جانب كبير بدراسة القرآن الكريم والعقائد والعبادات‬
‫والمنهاج السلمى القيم وفى جانب آخر كان الشهيد المام يهدف لدعم أواصر التعارف والمودة والمحبة بين أفراد التشكيل الول‬
‫كما رنا الشهيد الى خارج حدود السماعيلية لنشر الدعوة وتنقل داعيا ما بين القاهرة والمحمودية والسماعيلية لهذاالغرض ‪..‬‬
‫وواجهت دعوته فى البداية صعوبات جمة ولكن إيمانه بال هو ورفاقه جعل الصعاب هينة ما دامت فى سبيل ا ل ونجح المام‬
‫الشهيد فى إقامة مسجد فى مدينة السماعيلية كان بمثابة مركز لنطلق الحركة ثم مدرسة حرة فوق المسجد ثم إنتقل مركز الحركة‬
‫من السماعيلية فى عام ‪ 1932‬لتبدأ مرحلة جديدة أكثر انتشارا وظهورا وتألفت فرقة الرحلت للخوان المسلمين على نظام الكشافة‬
‫وانتقلت شعب الخوان كلها للقاهرة " ثم بدأت مرحلة " رسائل المام الشهيد " للخوان وكانت أولى الرسائل هى ‪ :‬القانون الساسى‬
‫للخوان المسلمين واللئحة الداخلية وكانت بتاريخ ‪20‬شعبان عام ‪ 1351‬الموافق ‪ 19‬ديسمبر ‪ 1932‬ثم ظهرت جريدة الخوان‬
‫المسلمين السبوعية بتاريخ أواخر شهر مايو ‪ 1933‬برأس مال جنيهين فقط واستمرت تصدر أربع سنوات كاملة ثم أصدر الخوان‬
‫مجلة " النذير سياسية أسبو عية " لتحدد الخطوط العريضة للخوان وصدرت فى مايو ‪ 1938‬أى بعد عشر سنوات من البداية الفعلية‬
‫لحركة الخوان وحتى ذلك الوقت كان الخوان المسلمين ‪ 15‬شعبة بالقطر المصرى ثم تطورت الحركة وعقد الجتماع الول ‪..‬‬
‫لمجلس الشورى العام أو المؤتمر الول للخوان المسلمين فى ‪ 22‬صفر ‪ 1352‬هـ ( ‪ 1932‬والذى تلته عدة مؤتمرات ثم تألفت‬
‫لول مرة هيئة مكتب الرشاد العام للخوان المسلمين بناء على قرارات مجلس الشورى وبدأت دعوة الخوان تشق طريقها على‬
‫ساحة الحداث متفاعلة مع الواقع مستندة على مبادىء العقيدة السلمية السمحاء وتكونت فرقة للخوات المسلمات فى القاهرة ولم‬
‫تكتف الحركة بالركون للتحرك داخل حدود القطر المصرى وإنما تعدتها الى كل من دمشق وبيروت وفلسطين مستندة على العقيدة‬
‫السلمية سيفا والقرآن الكريم كلمة ال لعباده صوتا وسنة رسوله صلى ا ل عليه وسلم نبراسا ودليل علىالطريق ولقى أصحابها‬
‫من المحن والختبارات ما يعجز عنه الكثير من البشر وزادتهم هذه المحن ثباتا على الحق غير زائغين عن طريقه ووقع بعضهم فى‬
‫أخطاء لنهم بشر وشيمة البشر الخطأ والتوبة إيمانا بقول المصطفى صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين‬
‫التوابون " ‪.‬‬

‫الباب الول‬
‫لمــاذا أخترت الخوان ؟‬

‫* عمر التلمسانى يتحدث‬


‫* وبدأت الرحلة بالبيعة‬
‫* التمهيد فى الثلثينات‬

‫الفصل الول‬
‫عمر التلمسانى يتحدث ‪..‬‬
‫على مدى نصف قرن من الزمان وأكثر هى عمر حركة الخوان المسلمين متعاملة ومتفاعلة مع واقع المور ومجرياتها ل قت فيها‬
‫ما لقت وتعرضت لما تعرضت له من أهوال يشيب لها الولدان فى بطون أمهاتهم ويعجز منطق الكلم عن وصفها كان ل بد من أن‬
‫نتجه الى من عايش خضم هذا البحر الهائج من الحداث ليفتح لنا ملف ذكرياته ويكشف ما غمض من أسرار ويجلى الحقائق ويظهر‬
‫ما استتر منها علنا نصل الى مكان فى دائرة الحقيقة الغائبة على مدى نصف قرن بين التضليل والتشويه والتلفيق المتعمد وقد آن‬
‫الوان لتقديم الصورة الصادقة الحقيقية بعد طول غياب للحقيقة ‪.‬‬
‫لقد عايش الستاذ عمر التلمسانى هذه الحداث على مدى نصف قرن من الزمان عاشها عضوا فى مكتب الرشاد وأتاحت له الظروف‬
‫أن يتعامل ويتفاعل مع هذه الحداث وكان قريبا من المام الشهيد حسن البنا وعاش كل المواجهات والصراعات التى خاضتها حركة‬
‫الخوان المسلمين مع كل القوى ‪ :‬سواء أحزاب ما قبل حركة يوليو ‪ 1952‬والقصر أم جماعة الضباط الحرار والنجليز ورحلة‬
‫جماعة الخوان عقب حركة ‪ 1952‬وعصر السادات كما شهد الخلفات التى وقعت داخل الحركة نفسها والتى تفجرت بصفة خاصة‬
‫بعد استشهاد المام حسن البنا عام ‪. 1948‬‬
‫لقد دخل الستاذ عمر التلمسانى جماعة الخوان المسلين شابا يافعا مرفها مترفا فخلع أرية الترف والرفاهية ليعيش زاهدا عابدا لربه‬
‫متمسكا بعقيدته عامل على إحياء مجد السلم مع رفاقه فى العقيدة وضحى بالكثير وعاش بين جدران السجون ما يقرب من ‪18‬‬
‫عاما دافعا لضريبة الجهاد فى سبيل ا ل مخلصا النية والعزم مؤثرا عقيدته على ما سواها ‪.‬‬
‫وكان ل بد أن نبدأ مع قصته أو رحلته فى الحياة كما يرويها التلمسانى طفولة وشبابا ‪ ،‬يقول ‪ " :‬ولدت عام ‪ 1904‬فى أحد البيوت‬
‫فى حى سيدنا الحسين رضى ال عنه وكان للسرة منزل فى قرية " نوى " بمركز شبين القناطر بمحافظة القليوبية وكان منزلنا‬
‫مكونا من خمس شقق فى طابقين وكان يجمع والدى وجدى وعمى وكان جدى متزوجا من اثنين وكذا والدى وكانت اسرتنا ميسورة‬
‫الحال يمتلك جدى ثلثمائة فدان ‪.‬‬
‫وتلقيت علومى الولية فى كتاب القرية وأذكر أول من تلقيت العلم على أيديهم الشيخ عبد العزيز القلماوى والشيخ أحمد رفاعى نصار‬
‫عليهم رحمة ال وكنت بحكم نشأتى ذا وضع مرموق فى كتاب القرية وبعيدا عن إساءة المدرسين فكان إصرارى علىالعلم ميسرا‬
‫وما كنت أنفر من حصص اللغة كالطفال الخرين وكنت أجد فى نفسى رغبة للتعلم وتوفى جدى فى يناير ‪ 1918‬وانتقل أبى بنا الى‬
‫القاهرة وفى نفس البيت الذى ولدت فيه فى حارة " حوش قدم " وكان البيت مملوكا لنا وكانت الحارة فى شارع الغورية وهناك‬
‫درست المرحلة البتدائية فى مدرسة الجمعية الخيرية السلمية وكذلك الثانوى ثم أكملت الدراسة الثانوية فى مدرسة " بنبا قادن "‬
‫بحى الحلمية الجديدة وكنت متفوقا فى دراستى والتحقت بمدرسة الحقوق عام ‪ 1924‬وفى السنة الولى تزوجت فكان الزواج مشغلة‬
‫لى عن الدراسة خاصة بعد وفاة أبى بعد زواجى بستة أشهر وتخلفت فى الكلية سنتين وتخرجت عام ‪ 1930‬واتخذت لى مكتبا فى‬
‫مركز شبين القناطر ول أستطيع القول ‪ :‬إننى كنت محاميا ل معا ولكننى فى الوقت ذاته لم أكن مغمورا ‪.‬‬
‫وقد كان لسرتى تأ ثير كبير فى حياتى وفى ترسيخ القيمة الدينية لدى وكان جدى رحمه ال عليه محافظا على الفروض الدينية‬
‫وكان فى معاملته مع الذين يعملون أجراء فى أرضه نموذجا طيبا فقد كان بعضهم يقصر فى دفع إيجار الرض بالكامل فكان يبحث‬
‫حالته فإذا وجده مضطرا أعفاه من باقى اليجار وإن وجده موسرا ويستطيع أن يدفع فكان يحاسبه ويأخذ منه اليجار بالكامل وكانت‬
‫له حديقة موالح فى القرية وكان يبيح لكل رجال القرية أن يأكلوا من الحديقة ما يشاءون فإن خرج أحدهم ببرتقاله واحدة من‬
‫الحديقة كان يحاسبه عليها حسابا عسيرا وكان يضربه لن الشرع يعتبر هذه سرقة فكانت معاملته للفلحين على هذا النمط وكان‬
‫يصحو قبل الفجر بساعة تقريبا ويوقظ جميع رجال القرية من الفلحين ليصلوا الفجر جماعة حاضرا " ‪.‬‬
‫ويضيف الستاذ التلمسانى ‪ " :‬هذا الجو الذى كنت أرى فيه رجال العائلة ونساءها جميعا يؤدون كل واجباتهم الشرعية ترك أثره فى‬
‫نفسى وبالنسبة لى ل أدرى فى أى سن بدأت الصلة ؟ ول متى بدأت الصيام ؟ وعندما تنبهت لنفسى وجدت نفسى أصوم وأصلى‬
‫تلقائيا ‪.‬‬
‫وكان يزور القرية كل شهر أو شهرين بعض علماء الزهر يقضون يوما أو بعض يوم وكانت المناقشات تدور بينهم وبين جدى‬
‫حول الراء الفقهية وكان جدى عليه رحمة ال يأخذ بمذهب " محمد بن عبد الوهاب " وكان متأثرا بابن تيمية وكانت المناقشات‬
‫تدور بينه وبين المتصوفين حول أرجح الراء الفقهية وكانت المناقشات تحتدم لدرجة كنت اتصور أنهم سوف يتشابكون باليدى‬
‫وينتهى المر بسلم وكأن شيئا لم يكن ‪.‬‬
‫هذه الصورة جعلتنى بالفعل متأثرا بالدين وأمارس شعائره عن اقتناع ل عن تقليد وما ضاعت منى والحمد ل فريضة فى يوم من‬
‫اليام منذ شببت عن الطوق وأدركت واجباتى الدينية وظللت على هذا الى التحقت بكلية الحقوق فكانت أعلى الدرجات التى أحصل‬
‫عليها فى مواد الدراسة هى درجات الشريعة السلمية وكنت محل تقدير من هذه الناحية عند المرحوم الشيخ أحمد إبراهيم عليه‬
‫رحمة ال ‪ ..‬هذه الصور وهذاالتجاه جعلنى أنظر الى نشوء الحزاب وتصرفاتها فى حذر كنت حقا أعتقد أن " سعد زغلول " كان‬
‫زعيما وطنيا ولكننى كنت أراه ـ بمنظورى ـ فى رمضان ل يصوم ويدخن السجائر علنا ‪ .‬فكان يبدو هذا فى ذهنى غريبا ‪.‬ز كيف‬
‫أن زعيما مسلما ومصريا مفطر فى رمضان وما كنت أظن أن حالته الصحية تتيح له هذا لنه كان فى حالة صحية جيدة وكل رجال‬
‫الحزاب أو زعمائها كانوا تقريبا على هذه الوتيرة فكانت ثقتى فيهم مهزوزة وإن كنت أميل ما أكون الى الوفد متأثرا بالرأى العام‬
‫فى البلد حتى أننى طلب منى أن أكون عضوا فى اللجنة المركزية فى مديرية القليوبية ودخلت بالفعل وظل هذا الوضع يتأرجح فى‬
‫ذهنى الى أن ظهرت دعوة الخوان فى عام ‪ 1928‬ما كنت أعرف عنها شيئا ول قرأت عنها الى أن زارنى اثنان من الخوان‬
‫وعرضوا الفكرة واقتنعت بها وصرت مع الخوان من ذلك اليوم ولكنى لم أكن أقاطع الوفد كانت صلتى بهم سائرة الى ان تبين لى‬
‫تماما أن الوفد يظن بالخوان المسلمين أنهم ينافسونه فى الزعامة أو الشعبية وبدات مظاهر القطيعة من جانب الوفد وبدا يهاجم‬
‫الخوان فتحدد الموقف فى نظرى بصورة واضحة تماما واعتزلت جميع الحزاب وسرت فى طريقى مع الخوان المسلمين الى يومنا‬
‫هذا ‪ ..‬ولقد كان التزامى جانب القرآن الكريم منذ طفولتى له بالغ الثر فى حياتى حيث قرأت أجزاء كبيرة منه وحفظتها حتى مرحلة‬
‫الدراسة الثانوية ثم انقطع التزامى وفتر حفظى له وتسرب الكثير مما حفظت ولكن منذ عام ‪ 1940‬عاودت ملزمة القرآن الكريم الى‬
‫أن حفظته تماما وكنت أحفظه بمفردى وما كنت أحفظ على يد أى إنسان ‪ ..‬ولقد دخلت مدرسة الحقوق لن دراستى كانت أدبية حيث‬
‫كنت ميال للناحية الدبية وكنت أحب قراءة التاريخ والجغرافيا والدب وأثناء دراستى الثانوية كنت أتردد على المحاكم وكانت هناك‬
‫قضايا سياسية تنظر فى ذلك الوقت مثل قضية نزاهة الحكم وقضية محاكمة الزعماء الوفد وقضايا أخرى كثيرة كانت دراسة الحقوق‬
‫تستهوينى ولم تكن منصة القضاء أو النيابه تجذبنىوإنما كان إعجابى كله محصورا فى موقف الدفاع فتمكنت من نفسى غريزة حب‬
‫موقف الدفاع وصممت على أن أكون محاميا ل أن أكون موظفا ‪.‬‬
‫وقد عايشت فى هذه الفترة أحداث ومظاهرات ثورة ‪ 1919‬وما بعدها ولعلى اشتركت فى جميع المظاهرات ولنم تفتنى واحدة منها فى‬
‫القاهرة مناديا بشعارات الوفد لقد كانت ثورة حقيقية نابعة من أعماق الشعب لن كل أ فراد الشعب وطبقاته كانوا متجاوبين‬
‫ومتفاهمين مع التجاه الوطنى ومحاولة التخلص من الستعمار وآثاره فكانت مشاركتى فى هذه الحداث مشاركة فعلية ما كنت أكتفى‬
‫بالقراءة عنها ولكنى كنت أشارك فى هذه المظاهرات وأذهب الى منزل سعد زغلول وأستمع الى خطبة وكنت فى ذلك الوقت معتقدا أن‬
‫كل العمال تعمل خالصة لوجه ال والوطن الى أن تكشفت لى الحقيقة شيئا فشيئا فلقد أخذ على سعد زغلول أنه عين كثيرا من‬
‫أقربائه فى الوظائف العليا ويوم أن كان رئيسا للوزراء صرح أنه لو استطاع أن يجعل الحكومة كلها زغلولية عظما ولحما ودما لفعل‬
‫‪ ..‬فتبين لى أن الغرض هو حب الزعامة واكتساب المظاهر الشعبية خاصة وأن كل المصريين يعلمون أن سعد زغلول نشأ فى‬
‫صالون الميرة " نازلى " وكان هذا الصالون يضم كل السماء اللمعة فى ذلمك الوقت وكان معروفا عن تلك الميرة أن لها صلت‬
‫بالسفارة أو دار الحماية البريطانية كما كانت تسمى فى ذلك الوقت وشيئا فشيئا رأيت كبار رجال الحزاب يتنافسون علىا لحكم‬
‫وقرأت ما كان يكتبه بعضهم ضد بعض من تشنيع واتهامات حتى أ نه إذا قرأت ما كتب فى تلك الفترة عن سعد زغلول وعن عدلى‬
‫يكن وعبد الخالق ثروت واسماعيل صدقى والنحاس ل تكاد تصدق أن واحدا منهم كان نظيفا كل النظافة ومخلصا كل الخلص لن‬
‫كل واحد من هؤلء كان يطعن فى الخرين ويتهمهم بالعمالة ويتهمونه بعدم الخلص فاستقر رأيى أخيرا على أن فكرة قيام دستور‬
‫وإنشاء أحزاب أصل كانت فكرة استعمارية قصد منها الوقيعة بين أبناء الوطن الواحد وجعلهم يتشاحنون ويتقاطعون بغية ا لوصول‬
‫الى ا لحكم وذلك مما أساء الى الحركة الوطنية لثورة ‪ 1919‬فبعد أن كانت أسمى وأنظف الحركات الوطنية فى العالم تمزقت شيعا‬
‫وذهب كل فريق وراء زعيم وأصبح كل واحد من هؤلء ل يهمه إل تحقيق مصلحته الشخصية وفى الحقيقة أنه لم يكن فى البداية‬
‫لهذه الثورة صراعات بين فريق وآخر كان الشعب كله يكاد يكون وفديا ويأخذ بوجهة نظر سعد زغلول فى المسائل ا لسياسية‬
‫ويعجب بخطبه وكلماته " الحق فوق القوة والمة فوق الحكومة ‪ " ..‬كانت عباراته تلهب مشاعر الجماهير وكان النزاع حقيقة بين‬
‫الوفد وبين السراى وأرادت ا لسراى أن تضعف من شأن هذا التجاه فأنشأت الحزاب ‪ :‬الحرار الدستوريين فى أول المر ثم بعد ذلك‬
‫السعديين والكتلة وتعددت الحزاب فى مصر وكان كل حزب يطعن فى الحزب الثانى ويتهمه حتى لوثت سمعة جميع الزعماء الذين‬
‫كانوا يشتغلون بالسياسة فى هذا الوقت وكنا نرى فعل أن بعض الوزراء يدخلون ا لوزارة ل يملكون شيئا ثم نرى بعد ذلك عزبا‬
‫وأراضى باسم بعض الوزراء فكان هذا يثير الشك فى نفوس الناس قد يكون الحصول على هذه الملك من طريق سليم إنما البادى‬
‫للناس أن غمكانيات هذا ا لشخص ما كانت تمكنه من الحصول على هذه الملك الواسعة وهم أنفسهم كان بعضهم يتهم بعضا فكان‬
‫يقول قائل منهم الخر ‪ :‬كيف حصلت على هذه العزبة وهذه العمارة ‪ ..‬من أين ؟ وهكذا دار الصراع وكان صراعا شخصيا محضا‬
‫بعيدا كل البعد ما كان للوطن فيه دخل إل للتأثير على نفسية الشعب فقط ‪ ..‬إنما حقيقة كان الصراع فيها بينهم شخصيا ثم كانوا هم‬
‫أول من بدءوا بوسائل العنف لن الوفد أنشأ تشكيلة القمصان الزرقاء تم هيئة أخرى هى ‪ :‬حزب مصر الفتاة أنشأت تشكيله تماثلها‬
‫اسمها ‪ :‬القمصان الخضراء ‪.‬‬
‫وهكذا كانت كل هذه المظاهر تدل على أن الرغبة المتمكنة فى نفوس الحزاب هى الوصول الى الحكم ل أكثر ول أقل والمرة الوحيدة‬
‫التى أجتمعت فيها الحزاب وكونت وزارة ائتلفية كان الغرض منها إعادة دستور ‪ .. 1923‬وكان للطلبة دور فى هذا فشكلت لجنة‬
‫من الطلبة وزارت كل رؤساء الحزاب وألحت عليهم أن يتفقوا أو يشكلوا ائتلفا ليعملوا على زحزحة النجليز من مصر ‪.‬‬
‫وكان أصرح هؤلء الزعماء إسماعيل صدقى لنه كان من الذين يقولون بإنقاذ ما يمكن أنقاذه ‪ ..‬ما كان يرى أن الحق من الممكن‬
‫الحصول عليه مرة واحدة فكان ينادى ‪ :‬بأننا يجب أن نأخذ من النجليز كل ما نستطيع أن نحصل عليه شيئا فشيئا حتى نحصل على‬
‫حقوقنا كاملة ‪ ..‬إنما التهامات التى كان يوجهها بعضهم الى بعض كانت اتهامات فى منتهى القسوة والشناعة ووصلت لدرجة التهام‬
‫بالعمالة ‪.‬ز فلن يقول على آخر ‪ :‬إن هذا عميل انجليزى وآخر عميل ألمانى وكانت السيطرة فى واقع المر للسراى ودار الحماية‬
‫البريطانية والثنتان كانتا مصدر التأثير والنفوذ فى مصر ‪.‬‬
‫وأعود الى مسار حياتى ‪ ..‬فقد عملت بعد تخرجى من مدرسة الحقوق ـ كما تمنيت محاميا وظللت أشتغل محاميا حتى عام ‪1954‬‬
‫عندما حكم على بالسجن ‪ 15‬سنة وعامين اعتقال فانقطعت عن المحاماه وخرجت فوجدت أن أكثر القوانين قد أصابها التغيير وأننى‬
‫فى حاجة لعادة الدراسة من جديد لدرس كل القوانين التى صدرت إن كنت أريد أن أستأنف مزاولة مهنة المحاماة فآثرت اعتزال‬
‫المهنة ‪.‬‬
‫ولقد كانت مهنة المحاماة عندما مارستها فى الذروة والقمة وكان المحامون مثل فى اللقاء باللغة العربية وفى الذكاء واستخراج‬
‫الدلة والبراهين والقرائن والوقائع التى تؤيد وجهة نظرهم وكان القضاء يأخذ نفس الوضع وكان الحترام متبادل بين القضاء‬
‫والمحاماة وما كنت تجد محاميا من صنف معين إل على ندرة إنما كان كل المحامين فى الذروة فى الخلق والعلم وكانت نقابة‬
‫المحامين أولى النقابات التى كانت لقراراتها السياسية أثر بالغ فى نفوس المة من أسوان وحتى السكندرية ‪ .‬ولقد رفضت عرضا‬
‫للعمل فى النيابة عام ‪ 1936‬كما عرض على منصب فى القضاء عام ‪ 1942‬فرفضت أيضا مؤثرا أن أكون محاميا مدافعا عن الحق‬
‫وذلك بطبيعة نشأتى وتكوينى لقد كنت أحب الحرية فى كل شىء ‪ ..‬فى عملى ‪ ..‬فى معيشتى ‪ ..‬فى تفكيرى فوجدت أن المجال الوحيد‬
‫الذى يستطيع أن يستمتع النسان فيه بحريته هو مهنة ا لمحاماة ولقد علمتنى المهنة كيف يستطيع النسان أن يعتد بكلمة الحق‬
‫وبالتزام الحق وبالدفاع عن الحق فكانت كل حياتى قائمة على هذا المعنى ما كنت استطيع أبدا أن أقول كلمة غير صحيحة وكنت‬
‫أشعر أنى لو حاولت تغيير حقيقة أن كل الناس يرون مكتوبا على وجهى غضب ال سبحانه وتعالى على أننى كنت صادقا مع نفسى‬
‫ومع الناس ومع ا ل فى كل ما كنت أزاول من عمل والحمد ل على كل شىء “ ‪ .‬وهكذا نجد أن النبع السلمى الذى نشأ فيه‬
‫الستاذ عمر التلمسانى ونهل منه هيأه لما بعده من أمور وأحداث ‪ ..‬نشأة دينية ووسط مواجهات هادئة بين مسلمين متحمسين‬
‫لعقيدتهم ورغبة جارفة فى ا لتزام موقف الدفاع عن الحق دفعه الى دراسة ا لحقوق ثم مشاركة فى أحداث الوطن ثم عودته لتقييمها‬
‫على الوجه الصحيح وصيغة ما وصل اليه حال الوطن من تمزقات نتيجة صراعات زعماء الحزاب غيرالمسئولة ‪ ..‬كل هذه العوامل‬
‫هيأت وأتاحت له الفرصة بل نقول ودفعته الى دخول حركة الخوان المسلمين عن قناعة بضرورة أن يعود للعقيدة السلمية دورها‬
‫فى إعادة التوازن لعناصر المة من أخلق ومعاملت فيما بين العباد بعضهم البعض وفيما بينهم وبين خالقهم والتى اهتزت داخل‬
‫جدران المة المصرية بسبب العوامل التى سبق ذكرها فى تمهيد الكتاب ‪.‬‬

‫الفصــل الثانـــــــى‬
‫وبدأت الرحلـــــة بالبيعــــــــــة‬
‫اعتمد الشهيد المام حسن البنا فى بداية التحرك الفعلى بعد البيعة التى تمت للمرة الولى فى تاريخ الحركة والتى حددت بدايتها‬
‫الفعلية عام ‪ 1928‬على عدة عوامل لحركته ‪:‬‬
‫أ ) سرعة نقل نشاط الحركة خارج دائرة مدينة السماعيلية الى سائر أنحاء القطر المصرى ‪.‬‬
‫ب) عدم الدخول فى مواجهات أو صدمات من أى نوع مع قوى الضغط والنفوذ فى البلد وأخطرها النجليز والسراى ثم قوى الحزاب‬
‫ورجالتها ‪.‬‬
‫ج ) النتشارالفكرى والثقافى من خلل الدروس والنشرات والمجلت التى صدرت عقب وقت غير بعيد من تاريخ بدء نشاط الجماعة‬
‫‪.‬‬
‫د ) ممارسة أسلوب الدعوة وضم من يرغب عن قناعة كاملة بالجماعة وتوجهاتها وأسلوب النتقاء والختيار للعناصر التى تشكل‬
‫تأثيرا فكريا أو سياسيا أو من يسمون فى العصر الحديث بقادة الرأى العام ولذا فقد انتشر العضاء المؤسسون ومن تبعهم بعد ذلك‬
‫فى أنحاء القطر المصرى بحثا عمن يتوسم فيهم سلمة عقيدته السلمية وقوة تأثيره وصلح خلقه للنضمام للجماعة وأيضا من‬
‫أصحاب النفوذ من العيان والتجار الذين يشهد لهم بالصلح والتقوى ‪ ..‬وذلك لقدرة هؤلء جميعا على التأثير فى المحيط الذين‬
‫يعيشون فيه بالكلمة الحسنة والثر الطيب ‪ ..‬وكان كل عضو فى الجماعة حريصا ـ حرصه على عقيدته ـ على جذب الكثيرين حوله‬
‫للنضمام للجماعة لتصحيح مسار المة وإعادة العقيدة الصحيحة لقلوب وعقول إخوانهم بعد أن أبعدتهم عنها قوى البغى والنحلل‬
‫التى ل تريد لدولة السلم عودة بأى صورة من الصور ‪..‬‬
‫هـ ) المشاركة بصورة فعلية فى كافة المناسبات السلمية والذكريات المجيدة فى القاهرة والقاليم ‪.‬‬
‫و ) أن يكون للجماعة إطار تنظيمى محدد بدءا بمكتب الرشاد والشعب المختلفة والتشكيلت الكشفية والرياضية وقسم الطلب‬
‫وغيرها وتحديد السلم التنظيمى لعضاء الجماعة وذلك تسهيل للتصال وتبادل الراء والتوجيهات بين كافة مستويات الحركة منعا‬
‫للتخبط والعشوائية بين أعضاء وتشكيلت الحركة ‪.‬‬
‫وكان للعضاء ثلث درجات هى الخ المساعد ‪ ،‬الخ المنتسب ‪ ،‬الخ العامل ثم هناك درجة رابعة هى درجة النضمام " الجهادى " ـ‬
‫اى الخ المجاهد وهنا نعود الىا لستاذ عمر التلمسانى ليروى لنا قصة دخوله جماعة الخوان المسلمين يقول " فى سنة ‪1933‬‬
‫زارنى فى مكتبى اثنان من الخوان المسلمين وسألنى أحدهما ما ذا تعمل ؟ وضايقنى السؤال وقلت لهم ساخرا ‪ :‬أقوم بتربية‬
‫الكتاكيت ولم يضايقهما الرد وأجاب أحدهما مبتسما ولكن هناك من هم فى حاجة الى التربية أكثر من الكتاكيت ‪ ..‬قلت من ؟ قال‬
‫المسلمون ‪ ..‬فقلت لهما ولكن هناك جهات حكومية وهناك الزهر وهى كفيلة بالقيام بهذه العملية فألحا على أن التقى بالستاذ‬
‫الشهيد حسن البنا لدير معه حوارا لعلى أقتنع بوجهة نظرهما ‪ ..‬وكنت فى تلك السن حريصا على المعرفة ‪.‬‬
‫فلما ذهبت اليه فى بيته استقبلنى فى حجرة متواضعة ـ لم ترقنى الحجرة ـ وجلست ودار بيننا حديث عن المسلمين بعد كانوا فى‬
‫صدارة العالم وكانت الدنيا تقف لهم احتراما وتقديرا ‪.‬‬
‫ومضى الحديث فى قرابة الساعة واقتنعت بوجهة نظره ولكنه لم يرض أن يستغل هذا القتناع وقال لى أرجىء هذا لسبوعين وأدر‬
‫الموضوع فى ذهنك وحدث نفسك بما سمعت فإذا اقتنعت فلنلتق بعد أسبوعين فغذا قبلت فنحن إخوان وإذا رفضت فنحن أصدقاء ول‬
‫يضيرنا أن يرفض دعوتنا أحد ما دمنا مقتنعين بها ‪.‬‬
‫وفعل حرصت على أن أحضر فى الموعد بعد أسبوعين وذهبت إليه وتمت بينى وبينه البيعة وكان هذا نصها ‪:‬‬
‫" أقسم بال أن أكون وفيا لدعوة الخوان المسلمين مطيعا للمرشد العام فيماأحب وفيما أكره فى المنشط والمكره وأن أنفذ كل ما‬
‫يصدر الى من أوامر إل ما كان فيه معصية ل فل طاعة لمخلوق فى معصية الخالق " ‪.‬‬
‫وبهذه المناسبة يشيع كثير من الناس أقاويل ومعانى ل حقيقة لها حول البيعة فالبيعة للمرشد أو أمير الجماعة أو أمير المؤمنين أو‬
‫المسؤول معناها أنك ل تبايع إنسانا بذاته فغن ال سبحانه وتعالى يقول ك " إن الذين يبايعونك إنما يبايعون ال " ‪ .‬فإذا كانت البيعة‬
‫مع الرسول صلى ال عليه وسلم هى مع ال جل شأنه فمن باب أولى أن تكون البيعة لى إنسان هى مع ال فالخوان ل يقدسون ـ‬
‫كما يشيع البعض من المغرضين عنهم ـ حسن البنا ولكنهم يعتقدون أنه بشر يخطىء ويصيب ولكن عليهم أن يسمعوا ويطيعوا من‬
‫غير معصية ال وفيما أمر به رسول ال صلوات ال وسلمه عليه انطلقا من الحديث الشريف " ل طاعة لمخلوق فى معصية الخالق‬
‫"‪.‬‬
‫وليست البيعة كما يتصورها البعض أنها نقلة بالنسان من حال الى حال يعنى أن الشخص الذى كان يبايع المرشد كان يعتقد تماما أن‬
‫المرشد إنسان مثله وأنه إنسان ليس بمقدس ول فوق مستوى الوضاع الدمية ولكن الناس لغراض شوهوا معنى البيعة ويحاولون‬
‫ـ وإن فشلوا فى هذا ـ أن يصوروا أن البيعة معناها الرهاب والتعصب وإغلق الذهن وعدم الفهم وكل هذه المسائل التى أثاروها‬
‫حول البيعة وحقيقة المر أننا مأمورون فى القرآن بأن نبايع فكان السلم ل يتم إل نتيجة من يسلم لرسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫ثم تل ذلك مبايعة المسلمين لمير المؤمنين وظل هذاالمر على هذه الوتيرة ‪.‬‬
‫ولقد اخترت جماعة الخوان دون غيرها لنه لم يكن فى ذلك العهد أية جماعات دينية لها أثر ولها وجود إنما كانت جماعة الخوان‬
‫هى الجماعة الوحيدة التى كانت تنشط فى سبيل الدعوة وتغشى الندية والقهاوى والمساجد والمجتمعات وانتشرت داخل أسوار‬
‫الجامعة فى وقت لم يكن هناك أى اثر وأى معنى لكلمة السلم فى صفوف الجامعة إنما دعوة الخوان كان لها وجودها ونشاطها‬
‫وتحركاتها وأثرها فى نفوس الناس ‪.‬‬
‫ولقد كان باب النضمام للخوان المسلمين مفتوحا لكل من أراد أن ينضم للخوان وجاء ليبايع المام المرشد العام أو مندوب المرشد‬
‫العام الذى يوجد فى المنطقة وكان الخوان يتقبلون بيعته ويعد من الخوان المسلمين وكان للخوان درجات ‪ :‬فهناك الصدقاء وهم‬
‫الذين يحبون الخوان ول يبايعون المرشد والمنتسبون وهم الذين يأحذون بمبادىء الخوان المسلمين ويبايعون المرشد وهذا مدى‬
‫حظهم فى الخوان المسلمين والخوان العاملون وهم الذين يبايعون المرشد ويشاركون فى كل أعمال الدعوة من حضور لدروسها‬
‫الى دفع الشتراكات وكل ما يطلب من الخ المسلم ويكون متوافرا عنده لى أخ من الخوان يعتبر من الخوان العاملين ولم تكن‬
‫هناك شروط للنضمام للجماعة سوى أن يكون الخ مسلما محافظا على دينه ول يرتكب الجرائم والمنكرات أو الكبائر ويقتصر المر‬
‫فيها على أنه مسلم نظيف ‪.‬‬
‫ولقد كان الغرض الساسى لنشاء جماعة الخوان المسلمين عند المام الشهيد حسن البنا هو تربية المسلمين على تعاليم السلم‬
‫وأنه ل يكفى أن يكون المسلم مصليا وصائما وحاجا ومزكيا هذه عبادات فردية وفروض عينية يلتزم بها كل شخص إنما كانت هناك‬
‫معان أخرى فى السلم أوسع من هذا ‪ ..‬حرية المسلم وسعادتة ورقية وعزته ومكانتة وكان المام البنا يغرس كل هذا فى نفوس‬
‫الخوان الشباب ليستعيدوا أمجاد السلم الماضية وتعود للمسلمين مكانتهم فى العالم بدل من ان يكونوا مستعمرين ومستغلين‬
‫ومستعبدين وحتى يصبحوا هم سادة أنفسهم خصوصا وأن هذه المنطقة من أغنى مناطق العالم بالثروات الطبيعية من زراعية‬
‫ومعدنية فكان هم الدعوة الولى إعادة المسلمين الى أوضاعهم الولى ولما اشتد الضفط النجليزى على مصر وخاصة بعد ثورة‬
‫‪ 1919‬وأصبح المر فى يد السفير البريطانى الذى كان يسمى مندوب الحماية أو المندوب السامى وبعد أن بدأت مظاهر إحلل اليهود‬
‫فى فلسطين مكان أهلها بدأ التفكير فى إنشاء تشكيل ليدفع عن مصر شر الستعمار بمقاومة النجليز مقاومة مادية ومحاربة اليهود‬
‫حتى ل يكون لهم استقرار فى فلسطين ‪ ..‬وكان هذا هو الساس الذى دعا الى انشاء " النظام الخاص " أو ما يسميه الناس " النظام‬
‫السرى " فى الخوان المسلمين وهو نظام أنشىء أساسا لمقاومة الحتلل البريطانى بعد أن رأى الخوان أن كل الحزاب ل تفكر فى‬
‫المقاومة العملية مجرد خطب رنانة وسياسات وانتخابات وإنما ل شىء أكثر من هذا ولهذا يسر النجليز لمصر أن تصدر دستورا‬
‫وأن تقيم دستورا لنهم يعرفون جيدا أن النتيجة أن يختلف زعماء الحزاب بعضهم مع بعض ويتفرق المصريون شيعا كانت الفكرة‬
‫فى تشكيل النظام الخاص هى تحرير مصر الستعمار البريطانى وإنقاذ فلسطين من أيدى اليهود وانجلترا التى كانت تعمل على ان‬
‫تجعل من فلسطين وطنا قوميا لليهود ‪ ..‬حقا حدثت بعض أخطاء من بعض أفراد هذا النظام وهذا شىء طبيعى فى كل العالم ل يوجد‬
‫مجتمع أو أسرة أو أمة ل يوجد فيها من يخطىء والخطأ طبيعة البشر فكانت هناك تصرفات فردية لبعض أعضاء هذا التشكيل فكان‬
‫ينكرها الستاذ البنا ول يرضى عنها ويعلن فى الصحف أنه يتبرأ من مثل هذه العمال هذا التشكيل لم ينشأ ليعتدى على المصريين‬
‫أنفسهم وأنما أنشىء لمقاومة الستعمار البريطانى ومقاومة الستيطان اليهودى فى فلسطين ‪ ..‬إنما أعداء الدعوة وخاصة أجهزة‬
‫العلم العالمية شوهت هذا الوضع وصورت الخوان المسلمين فى صورة الرهابيين المتعصبين الرجعيين القتلة والى غيره من‬
‫التهامات ‪.‬‬
‫ولقد اختار الستاذ البنا مدينة السماعيلية لبداية حركته لظروف عمله فى السماعيلية حيث خطر له خاطر إنشاء الجماعة ثم كانت‬
‫البيعة الولى مع مجموعة الخوان المسلمين وتسميتهم الخوان المسلمين باعتبار أنهما لفظان مختاران من القرآن الكريم ‪.‬‬
‫والواقع أن الخوة الذين اشتركوا مع الستاذ البنا كانوا فى منتهى النشاط ومنتهى الوفاء لدرجة أن واحدا منهم كان يعمل سائقا فى‬
‫شركة قناة السويس وكان يحضر على دراجته من السماعيلية لمقر الشركة فى السماعيلية وكان يحضر فى المواعيد بدقة ثم بدأ‬
‫يتأخر عن مواعيده وسأله رؤساؤه إنك كنت نشطا وكنت تحضر فى المواعيد فما سر تأخيرك ؟ فقال لهم كان عندى دراجة وكنت‬
‫أحضر عليها فى المواعيد وإنما الن أنا عضو فى جماعة اسمها الخوان المسلمون ونبحث عن شقة نسكنها ونفرشها ونجعلها مقرا‬
‫للخوان المسلمين ولكن فقراء وكنت ضمن المتبرعين فبعت ا لدراجة الخاصة بى وقدمت ثمنها للستاذ المرشد لساهم فى تكوين‬
‫مركز للخوان وشقة مفروشة وأعجب به رؤساؤه فعل واشتروا له دراجة جديدة بدل من دراجته القديمة التى باعها ‪ ..‬كانوا فى‬
‫نتهى الوفاء للخوان المسلمين وكان الستاذ البنا يأخذ سبورة صغيرة ويذهب بها الى القهاوى فى مدينة السماعيلية ويجلس فى‬
‫القهوة وبعد أن يطلب الشاى أو القهوة يستأذن صاحب القهوة فى أن يقول كلمه فيأذن له صاحب القهوة وكان لبقا ومؤثرا وكان‬
‫الناس يحبون الستماع اليه فبدأ رواد القهاوى يتزايدون على المكان الذى كان يوجد فيه حسن البنا فكان أصحاب القهاوى يتنافسون‬
‫فى جذب الستاذ حسن البنا الى مقاهيهم لتكثر زبائنهم ويكثر عملؤهم وبدأ العمل بعد أن انتشرت الدعوة فى السماعيلية وبنوا‬
‫مسجدا هناك ودارا للضيافة فى السماعيلية وكانت تكاليف البناء فى ذلك الوقت ميسرة وسهلة وأحس رجال شركة قناة السويس‬
‫وكانت أجنبية بمدى تأثير حسن البنا على أهالى السماعيلية فعملوا جهدهم لدى ا لحكومة لتنقل حسن البنا من السماعيلية فنقل‬
‫بالفعل للقاهرة فىمدرسة عباس البتدائية بناء على رغبته فى أكتوبر عام ‪ 1932‬فكانت إرادة ال سبحانه وتعالى أ ن يكون هذا‬
‫النقل فاتحة خير وكان المجال فى القاهرة أوسع والنتشار أكبر فانتشرت الدعوة فى لقاهرة وظل هو فى ا لقاهرة حتى نقلوه الى قنا‬
‫ولما ذهب الى قنا أثر فى أهالى قنا فأرجعوه للقاهرة وظل على هذا الوضع حتى استقال من التدريس عام ‪" 1946‬‬
‫واقعة تبرع شركة قناة السويس ‪:‬‬
‫لقد ذهب الكثيرون مذاهب شتى فى تفسير هذه ا لخطوة من جانب الخوان ومن جانب النجليز وخاصة الكتاب الماركسيين ويقول‬
‫صلح عيسى فى دراسته فى مقدمة كتاب الخوان المسلمين * " لكن الخوان ـ الذين كان مؤسسهم حسن البنا من أذكى‬
‫الشخصيات السياسية فى العالم العربى ـ تركوا السلطات القائمة وقتها تظن أن حركتهم تخدمها ـ وهو ما كان يتحقق موضوعيا ـ‬
‫بحكم أنهم يستلبون الشبان الذين كانوا منهمكين تحت قيادة حزب الوفد فى النضال ضد دكتاتورية اسماعيل صدقى بل إن شركة قناة‬
‫السويس وكانت آنذاك شركة دولية لنجلترا الجانب الكبر من أسهمها قد نظرت اليهم بنفس النظرة فمنحتهم تبرعا قدره خمسمائة‬
‫جنيه مصرى وهو ما يعتبر دعما قويا إذا ما نظرنا الى قيمة الجنيه آنذاك وقد ثبت بعد أن ذكاء الخوان المسلمين السياسى فوق‬
‫مستوى الشبهات وهو ما تأكد من الطريقة التى تعاملوا بها مع الحتلل النجليزى فى مصر إذ تعاملوا بحجمهم الحقيقى ل بأهدافهم‬
‫التى أعلنوها تدريجيا وفيما بعد وكما نجحوا فى خديعة شركة قناة السويس وحصلوا منها على منحة تصل الى خمسمائة جنيه رغم‬
‫أنها شركة تعمل لمصلحة الحتلل النجليزى وردا على هذه المقولة نقول ‪ :‬أية خديعة تلك التى يتصورها صلح عيسى فعلها‬
‫الخوان ؟‬
‫وأية خدمة تلك التى قدمها الخوان المسلمين للنجليز والتى كانت تتحقق موضوعيا فى رأى صلح عيسى ؟ والتى يعطى النجليز‬
‫مقابلها مبلغ خمسمائة جنيه مكافأة على خدمتهم ـ أى الخوان ـ للنجليز ‪ " ..‬والذين يقولون هذا ـ على حد تعبير الستاذ عمر‬
‫التلمسانى ‪ " :‬ل يفهمون حقيقة السلم فالرسول صلوات ال وسلمه عليه كان يرهن درعه عند اليهود وعند المشركين لجل معين‬
‫على أن يدفعه لهم إذا لم يكن لديه شىء فأنا إذا أردت أن أقيم مسجدا وتبرع لى يهودى أو مسيحى أو بوذى أو ملحد بمبلغ من المال‬
‫لقيم به المسجد ‪ ..‬ل علي شرعا أن آخذ منه ما يريد أن يدفعه لقيم به مسجدا ل سبحانه وتعالى ‪ ..‬ليس فى ذلك عيب ‪ ..‬إنما هم‬
‫يريدون أن يستخرجوا من كل شىء شبهة تلوث سمعة حسن البنا وجماعة الخوان المسلمين " ‪..‬‬
‫ثم ألم يأت هذاالتبرع فى إطار حملة تبرعات دعا اليها الخوان المسلمون لبناء المسجد أم جاء التبرع منفردا وفى غير مكانه ووقته‬
‫؟‬
‫ثم هل اتجه مؤشر المعارضة لوجود الحتلل النجليزى لدى حسن البنا والخوان فى اتجاه النجليز وتأييدهم بعد هذا التبرع أم ظل‬
‫عداء تقليديا صارما على مدى سنوات وحول الخوان ؟ إن الظواهر تؤكد بما ل يدع مجال للشك أن توجيه الشبهة للجماعة فى‬
‫قبولها هذاا لتبرع محض افتراء واضح ول يقصد منه سوى التشكيك فى ذمة وأخلق وأهداف جماعة الخوان المسلمين ‪ ..‬ثم هل‬
‫سعى الخوان المسلمون ‪ ..‬للحصول على هذا المبلغ نظير " الخدمات الجليلة التى ألمح اليها صلح عيسى بشكل متوارب وخبيث ؟ !‬
‫إن القصة كما يرويها الشهيد المام حسن البنا تقول "‪ :‬وقبل أن يتم بناء المسجد بقليل وقد أوشكت النقود المجموعة أن تنفد وأمامنا‬
‫بعد مشروع المسجد ومشروع المدرسة والدار وهى من تمامة بل كلها مشروع واحد تصادف أن مر البارون دى بنوا مدير شركة‬
‫القنال ومعه سكرتيره المسيولوم فرأى البناء فسأل عنه وأخذ معلومات موجزة وبينما أنا فى المدرسة إذ جاءنى أحد الموظفين‬
‫يدعونى لمقابلة البارون بمكتبه بالشركة فذهبت اليه فتحدث الى عن طريق مترجم بأنه رأى البناء وهو يود أن يساعدنا بتبرع مالى‬
‫وهو لهذا يطلب منا رسما ومذكرة للمشروع فشكرت له ذلك وانصرفت ووافيته بعد ذلك بما طلب ومضى على ذلك شهور كدنا ننسى‬
‫فيها البارون ووعده ولكنى فوجئت بعد ذلك بدعوة ثانية منه الى مكتبه فذهبت اليه فرحب ثم ذكر لى أن الشركة اعتمدت مبلغ‬
‫خمسمائة جنيه مصرى للمشروع فشكرت له وأفهمته أن المبلغ قليل جدا ولم يكن منتظرا من الشركة تقديره لنها فى الوقت الذى‬
‫تبنى فيه على نفقتها كنيسة تكلفها ‪ 500000‬خمسمائة ألف جنيه أى نصف مليون جنيه تعطى المسجد خمسمائة جنيه فقط فاقتنع‬
‫بوجهة نظرى وأظهر مشاركتى فيها ولكنه أسف لن هذا هو القرار ورجانى قبول المبلغ على أنه إذا استطاع أن يفعل شيئا بعد ذلك‬
‫فلن يتأخر وشكرت له مرة ثانية وقلت له إن تسلم المبلغ ليس من اختصاصى ولكنه من اختصاص أمين الصندوق الشيخ محمد‬
‫حسين الزملوط الذى تبرع وحده بمثل ما تبرعت الشركة وسأخبره ليحضر لتسلمه وقد كان وتسلم أمين الصندوق هذا المبلغ وطبعا‬
‫لم يفكر البارون فى عمل شىء آخر ولم نفكر نحن فى أن نطلب منه شيئا كذلك " ‪ ..‬ثم ألم تكن هذه هى أموال مصر من دخل شركة‬
‫قناة السويس التى تقع فى مصر وليس فى بحر المانش ولكن النجليز اغتصبوها فى غفلة من الزمان ؟ ! لقد أسمى الشهيد المام‬
‫حسن البنا ذلك فقها أعوج ‪!..‬‬

‫الفصل الثالث‬
‫التمهيد فى الثلثينات‬
‫فى مطلع الثلثينات من هذاالقرن وبعد أن انتهى المام الشهيد من مرحلة وضع البذور بدأ مرحلته الثانية فى ترسيخ جذور الجماعة‬
‫لتضع أقدامها على أرض صلبة وثابتة فصعب على الكثيرين من أعداء الدعوة اجتثاثها من قلوب وعقول أعضاء الجماعة فلم‬
‫يجتثوها إل بإزهاق أرواح هؤلء الدعاة المخلصين فيما سيلى من حوادث وأمور على مدى زمن وجود الحركة ‪.‬‬
‫ويرى الستاذ التلمسانى أن " فترة الثلثينات ـ وهى من الفترات الزاهية فى تاريخ جماعة الخوانالمسلمين ـ كانت فترة تمهيد لما‬
‫وراءها من انتشار الوعى بالخوان المسلمين وكان المام الشهيد يحرص يوميا ـ تقريبا ـ وكان همه منصرفا ومركزا على‬
‫المدارس الثانوية وإن كان فى تلك الفترة أيضا لم يحرم المدارس البتدائية من لقائه بهم وإعطائهم الدروس التربوية التى تتناسب‬
‫ومداركهم وأفهامهم وأذكر أننى صحبته ذات يوم من اليام لمدرسة المحمدية البتدائية بالعباسية واجتمع صغار الطلبة فى ا لمدرسة‬
‫فطلب منى أن أتحدث إليهم قليل فكان جوابى ‪ :‬إننى ل أحسن الكلم الى الصغار والطفال لن عملى طبعنى بطابع خاص وهو الحديث‬
‫فى أوساط معينة والى أناس معينين بالذات ووقف رضوان ال عليه ليتحدث الىالطلبة حديثا فى غاية الغرابة لدرجة أن الطفال‬
‫أنفسهم كانوا مشدودين مشدوهين اليه ولم يعبث أحد منهم عبث الطفال فى مثل هذه المناسبات وكان يعنى بالمدارس البتدائية عناية‬
‫خاصة لنه كان يرى فيهم الجيل الزاحف على أبواب مستقبل اليام وأنه بعد سنوات سيكون هؤلء الطفال هم طلبة المدارس الثانوية‬
‫والجامعات فيحظون بهذه العناية المبكرة بنوع من التربية السلمية ما كان لهم به عهد من قبل ويصبحون فى شبابهم فتيانا على‬
‫وعى طيب وعلى استعداد كامل لحمل أعباء دعوة الخوان المسلمين فى مختلف ميادينها وما كان يقصر نشاطه علىالقاهرة ولكنه‬
‫كان دائم التنقل فى محافظات القطر من السكندرية الى أسوان فى الوقت الذى كان فيه كبار مصر وأثرياؤها يسافرون الى السكندرية‬
‫والى خارج البلد ترويحا عن أنفسهم من عناء الحر وفى هذه الفترة كان هو يتجه الى جنوب الوادى فيزور مديريات الصعيد‬
‫مديرية تلو مديريية من الجيزة لسوان ول يقتصر فى تجواله علىالمراكز أو المدن ولكنه كان يغشى القرى والكفور والنجوع وأبعد‬
‫مكان يمكن الوصول اليه فى القرى التى تقع فى أحضان الجبل فى منطقة الصعيد وكان دأبه عجيبا ويكفيه أنه كان ل ينام سوى‬
‫أربع أ خمس ساعات فقط من اليوم كله وكان ل يكل من العمل ول يفتر وكان الشباب الذين يصحبونه فى هذه الرحلت يجدون من‬
‫المتاعب والمشاق مال يجده هو ولكنهم يخفون ما فى أنفسهم من تعب اقتداء بمرشدهم وإرضاء له فى مهمته الكبرى ولذلك تخرج‬
‫هذا الشباب تخرجا طيبا فى الدعوة وحملوا على أكتافهم أعباءها وانتشروا هم بدورهم فى مختلف أنحاء القطر وكانت إجازاتهم‬
‫الصيفية ل يقضونها كما يقضيها أقرانهم من الشباب فى اللهو واللعب ولكنهم كانوا يقومون بدور الدعاة فى كل بلد يوجدون فيه‬
‫وفى كل قرية يحلون بها وكان لذلك أثره الطيب إذ أنه بعد انتهاء الجازات كان الطلبة الذين يتخرجون من المدارس الثانوية وقصدوا‬
‫القاهرة للجامعات ولم تكن هناك جامعات فى بادىء المر إل فى القاهرة وبعدها بقليل السكندرية وكان كثير من الطلبة الذين ل‬
‫يعرفون شيئا عن الخوان المسلمين يتلقون تعاليمها فى فترة الجازات عن طريق الشباب الذى تفهم هذه الدعوة وحملها بداءة ‪..‬‬
‫وكان أول مكان لجماعة الخوان المسلمين فى حى المغربلين بقسم ا لدرب الحمر فى منطقة تعرف بمنطقة اليكنية فى شارع " عبد‬
‫ال بك " ثم بعد ذلك انتقلت الى شارع المبتديان بالسيدة ذينب وبعد تنقلت استقرت فى لوكاندة البرلمان فى ميدان العتبة الخضراء‬
‫ومن هنا عزم الستاذ البنا على شراء دار تكون مركزا عاما للخوان المسلمين ووقع الختيار على قصر كبير فى حى الحلمية‬
‫الجديدة واشترى هذا القصر بحوالى ‪ 8‬آلف جنيه فى مطالع الربعينات ولم يكن لدى الخوان المسلمين فى ذلك الوقت سوى ‪500‬‬
‫جنيه فقط ولكن ما أن علم الخوان فى شتى أنحاء القطر المصرى بعزم المرشد علىشراء هذه الدار حتى تبرعوا كل بقدر ما يستطيع‬
‫حتى السيدات كن يرسلن مساهمة منهن فى شراء الدار وفى ظرف أسبوع تم جمع المبلغ وسجل العقد المام الشهيد ل بصفته‬
‫الشخصية ولكن سجله باسم جماعةالخوان المسلمين باعتباره المرشد العام لهذه الجماعة ولو كان كما يقال من قبل المغرضين لكان‬
‫من الميسور عليه أن يسجل هذا العقد باسمه ليصبح القصر ملكا له ولورثته ولكنه لم يفعل لنه ل يراعى إل جانب ال سبحانه‬
‫وتعالى فى جميع تصرفاته‪..‬‬
‫** التنظيمات الخوانية ‪:‬‬
‫لقد بدأت حركة الخوان المسلمين وانضم إليها عشرات اللوف ورأى ا لستاذ البنا أنه ل بد من إقامة إدارة دقيقة منظمة لتتولى‬
‫شئون الجماعة لنه لو ربطت الجماعة بشخص حسن البنا فمعنى ذلك أنه إذا مات حسن البنا انتهت الجماعة فاراد أن يجد لها‬
‫تشكيل وتنظيما معينا تلتف حوله الجماعة سواء وجد حسن البنا أم لم يوجد ‪ ..‬فبدأت الفكرة عند الخوان المسلمين فى جميع أنحاء‬
‫القطر المصرى فى الشعب الخوانية وهم يشكلون الجمعية العمومية للخوان هذهالشعب تنتخب من بينها أعدادا معينة لينتخبوا‬
‫أعضاء الهيئة التأسيسية كانت تجتمع لتنتخب أعضاء مكتب الرشاد الذين هم بمثابة الهيئة التنفيذية أو الوزارة كما يقال فى‬
‫الوضاع السياسية المتعارف عليها لدارة شئون الخوان المسلمين ‪ ..‬هذا المكتب هو الذى ينتخب هذه الهيئة التأسيسية أيضا بعد‬
‫أن ينتخبوا مكتب الرشاد يقوم أعضاء المكتب بانتخاب المرشد العام للخوان المسلمين فتم النظام على هذه الصورة ‪ ..‬جمعية‬
‫عمومية ـ هيئة تأسيسية ـ مكتب إرشاد ـ مرشد إخوان مسلمين ‪ ..‬وعندما بدأ تطبيق هذا التشكيل كنت أقيم فى مديرية القليوبية‬
‫فكان تكوين المكتب قاصرا على انتخاب أشخاص يقيمون بالقاهرة ليحضروا اجتماعات مجلس مكتب الرشاد أسبوعيا ولكى يمثل‬
‫الوجه البحرى والقبلى ضم الى مكتب الرشاد عن الوجه البحرى عمر التلمسانى وعن الوجه القبلى السيد محمد حامد أبو النصر أحد‬
‫أعيان مركز منفلوط مديرية أسيوط ‪ ..‬هكذا كان الترتيب وكان النظام فى المكتب وكنت فيه عندما أنشىء باعتبارى ممثل للوجه‬
‫البحرى وجاء ذلك بالتعيين من المام وبعد ذلك انتقلت للقاهرة وأصبح دورى فى المكتب الترشيح ل عن طريق الختيار فانتخبت من‬
‫أهالى القاهرة عن طريق الهيئة التأسيسية ‪.‬‬
‫وهكذا بدأت حركة الخوان المسلمين تواصل العداد لحركتها وتنظيمها بشكل دقيق استفادة من تجارب الخرين واقتداء بسنة رسول‬
‫ال صلى ا ل عليه وسلم ‪ ..‬ولقد كنت من أوائل الخوة الذين عملوا فى هذا المكتب ومكتب الرشاد ‪..‬‬
‫وقد حرص الستاذ البنا على إنشاء الشعب الخوانية فى كل مدينة وقرية وكان يحل بهذه الشعب فى رحلته ويخطب فى مسجد أو‬
‫فى دار من دور أعيان المنطقة ويلتقى فيها بالناس الذين لديهم ميول نحو نصرة دينهم بالستاذ البنا يكونون شعبة من عدة أعضاء‬
‫يرأسها أحدهم ولها سكرتير وأمين صندوق ومجلس إدارة فكانت هذه الشعب متناثرة فى ارجاء القطر المصرى وطبعا لم تكون هذه‬
‫الشعب مرة واحدة ولكنها أخذت تزداد عاما بعد عام حتى بلغت حوالى ألف شعبة ‪ ..‬أما ما قاله البعض عن رحلة الخمسة آلف قرية‬
‫التى قام بها الشهيد المام ففيها شىء من المبالغة ‪ ..‬كانت الشعب إذا اتسعت فى منطقة تكون هيئة منها للمنطقة ذاتها تضم الشعب‬
‫فيها فإذا اتسعت الجهود كان ينشأ فى تلك المنطقة ما يسمى بالمكتب الدارى لتلك المنطقة فكانت السكندرية مثل لها مكتب إدارى‬
‫والدقهلية وكل محافظة تنشط فى عملها نشاطا ملحوظا وتضم أعدادا وفيرة من الشعب كان ينشأ فيها مكتب إدارى ليجمع شمل هذه‬
‫الشعب كلها تحت إدارته وهو الذى يتولى إدارتها وتنظيمها نيابة عن المركز العام وعن مكتب الرشاد ولنه قطعا كان ا لمركز العام‬
‫فى القاهرة ل يستطيع بمفرده أن يلم بأحوال الخوان فى كل أنحاء القطر فكان فى كل محافظة مكتب إدارى لمثل هذه العملية وكان‬
‫الستاذ البنا رضوان ال عليه حريصا على إنشاء الشعب وما كان يحرص على أن يتولى رئاسة الشعب شخص شديد التعلق بدعوة‬
‫الخوان المسلمين ولكنه كان يتخير الشخص المستقيم الذى له وضعه الجتماعى فى القرية أو المركز سواء أكان مؤمنا بدعوة‬
‫الخوان أو غير مؤمن بها وإنما هو شخص له وضعيته الجتماعية فى هذه المنطقة ما دام ذا خلق ودين وبهذه الوضعية لهذا‬
‫الرئيس كانت الشعبة تتسع حينا بعد حين فى ظل حمايته وفى ظل وضعه الجتماعى والذين ينضمون فى ظل هذه المعانى منهم من‬
‫كان يشرح ال صدره لتفهم مبادىء الخوان المسلمين تفهما حقيقيا فيصبح أخا مسلما ومن كان يحب المظاهر والرياسات له ما‬
‫يشاء فى جماعة الخوان المسلمين دون غضاضة ول حرج عليه ما دام حسن السيرة والسلوك ‪.‬‬
‫* ردود فعل السراى والنجليز ‪:‬‬
‫فى الوقت الذى وضع المام الشهيد حسن البنا أسس الجماعة ونظامها وتشكيلتها وبدأ فى النضمام للجماعة العشرات بل اللوف‬
‫فإن هذا المر لم يلفت أنظار عناصر وقوى الضغط والنفوذ وأبرزها النجليز والسراى وهكذا نجحت الدعوة ـ وهذا من توفيق ال‬
‫وذكاء المام الشهيد ـ فى تثبيت أقدامها وترسيخها ثم بدأت ردود الفعل التى تفاوتت بين الشدة والهدوء ‪.‬‬
‫ويقول الستاذ عمر التلمسانى " فى بداية المر فإن النجليز والسراى لم يكونوا منتبهين لداء حسن البنا وكانوا يظنونه شيخا من‬
‫مشايخ الطرق الصوفية ولم يقيموا له وزنا أو احتياطا لما كان يهدف اليه فظلت الدعوة تنشر فى المطالبة بعودة المسلمين الى تعاليم‬
‫دينهم ولما تكشفت ا لحقائق وعلمت السراى والنجليز أن الخوان يريدون أن يكون الحكم شورى بين ا لمسلمين ـ كما ورد فى‬
‫القرآن الكريم ـ شعر الطرفان أن دعوة الخوان كانت تهدف أصل الى تحرير الوطان السلمية من الستعمار والجانب فأدركوا قوة‬
‫وخطر الخوان وأدركوا حقيقة أهداف الخوان المسلمين ولذلك نجد العالم غير المسلم ل يركز على جماعة من الجماعات السلمية‬
‫فى العالم كله إل على جماعة الخوان المسلمين يتهمونها بكل التهم التى يمكن أن توجه لى إنسان ‪ ..‬لماذا ؟ لنهم يعلمون حقيقة‬
‫هذه الدعوة وأنها لو نجحت فآثارها خطيرة عليهم لنهم سيحرمون من هذه السواق الواسعة العريضة التى يصرفون فيها منتجاتهم‬
‫ويستغلونها أسوأ استغلل أما حقيقة ألمر فالخوان المسلون ليسوا بجماعة صوفية يقتصر نشاطهم على الذكر وليسوا بجماعة‬
‫يجلسون فى المساجد ليصلوا فحسب ولكنهم هيئة تعمل لقامة السلم كما جاء ونزل علىا لرسول صلى ال عليه وسلم باعتباره‬
‫نظاما شامل ينظم للمسلم كل حركة من حركات حياته فى كل ناحية من هذه الحياة وهذا طبعا ل يرضى أعداء السلم فهم ل يريدون‬
‫للسلم أن يعود لما كان عليه من أمجاد وعزة ومكانة فى العالم وهم يحاولون باستمرار ضرب هذه الجماعة للسف الشديد بأيد‬
‫مسلمة " ‪.‬‬
‫*** وقفة عند شخصية المام الشهيد ‪:‬‬
‫وهنا ل بد لنا من وقفة تأمل وتمحيص وإلقاء الضواء على شخصية الرجل الذى أسس وقاد هذه الحركة على مدى ‪ 20‬عاما ألقى‬
‫بتأثيراته وروح أفكاره التى ظلت منارا ومرشدا لعضائها بعد انتقاله الى جوار ربه مع الصديقين والشهداء وكيف استطاع أن يجمع‬
‫هذه الجموع المؤلفة على اللتفاف حول مبادىء هذه الدعوة لتجديد شباب المة السلمية والوطن السلمى باعتبار أن ذلك هو الحل‬
‫المثل لمشكلة مصر والعالم العربى والسلمى وقفز بالجماعة من مجرد جمعية دينية صغيرة فى السماعيلية الى النتشار على‬
‫خريطة مصر السياسية والفكرية وما زالت تؤثر الى يومنا هذا فى كل الجيال وفى كل سنى العمر دينيا وفكريا وسياسيا ‪.‬‬
‫ويرى الستاذ عمر التلمسانى " أن الخوان المسلمين بدءوا يتبينون أهداف هذه الدعوة ومراميها والى أى شىء تقصد هذه الدعوة‬
‫فى هدوء وفى بعد عن الشعارات والعلنات وكان المام الشهيد حسن البنا حسن الصلة بكل الناس وكل الحزاب ل يتشاتم وإذا‬
‫هوجم ل يرد الهجوم بل كان يترك الساءات التى توجه اليه تموت من تلقاء نفسها لنها ل تجد من يؤجج سعيرها فى الرد والخذ‬
‫والشد والجذب فسارت الدعوة فى تلك الفترة سيرا غاية فى الغرابه كان القبال عليها منقطع النظير ولم يعرف عن جماعة أو‬
‫جماعات أو حزب من الحزاب أن ينضم إليه فى فترة من فترات تكوينه مثل ما انضم الى جماعة الخوان المسلمين فى الثلثينات‬
‫وفى أواخر الثلثينات بدأ ت الهداف تتضح وشعر اصحاب الغراض بأن هذه الجماعة هى أخطر هيئة نبتت فى هذا ا لعهد لها‬
‫خطورتها على الستعمار والستغلل والقصر والقطاع والشيوعية فعادوها جميعا وتحالفوا على توجيه الساءات اليها بمختلف‬
‫وسائل الذاعات غير الكريمة وكان من حسن سياسة المام الشهيد أن يترك هذه الشائعات دون أن يعنى بها أو يرد عليها حتى أنه‬
‫لما أخذ الوفد بعد ذلك يهاجم الجماعة فى صحفه تحت عنوان " هذه الجماعة تهوى " ويدخل تحت هذا ا لعنوان أسماء موجودة فعل‬
‫أو غير موجودة وأنها تستقيل من جماعة الخوان المسلمين فما كان من المام الشهيد إل أن أعد عمودا فى جريدة الخوان‬
‫المسلمين تحت عنوان " هذه الجماعة تهوى " نفس الحروف مع تغيير التشكيل وكان الذى يدخل تحت هذ ا العنوان ل أكثر من‬
‫إخوان حقيقيين يرسلون الى مرشدهم بالتأييد وأنهم معه وهما تقول المتقولون أو أشاعوا أو أذاعوا عنه ما شتم ‪ .. ..‬ما هاجم ما‬
‫رد بإساءة بإساءة ولكن كان حريصا دائما على أن يعلم الناس الخلق السلمى الواقعى كان يلقى الساءة بالعفو واليذاء بالصبر‬
‫والجهل بالتغاضى عن الجاهلين ولذلك ما كنت تجد له عدوا إل إنسانا تحترق نفسه أن يرى معلما إلزاميا وابتدائيا يحظى من جماهير‬
‫مصر بمثل هذاالتقدير والحترام " ‪.‬‬
‫ويضيف الستاذ التلمسانى " لقد كان المام الشهيد رجل عاديا جدا ل يمتاز مظهره بما يمثله ويعطيه وضعية بين الناس كان أقرب‬
‫الى القصر منه الى الطول ولكنه كان ذكيا ـ ما فى ذلك من شك ـ لماحا ومستوعبا لكل قواعد الشريعة السلمية عن قراءة‬
‫ودراسة كان خطيبا مفوها ولو ظل يتحدث الساعات الطوال لما مل الناس من الستماع اليه حتى أنهم إذا ما انتهى من خطابه‬
‫يستفيقون كأنهم يستردون عقولهم وقلوبهم التى كانت معلقة بحسن البنا وهو يتحدث من هذه الناحية كان متواضعا بحيث لم تكن‬
‫تشعر وأنت معه بأنه رئيسك وأنه مرشد الخوان المسلمين يعاملك كما يتعامل إثنان عاديان بالمرة ل فرق بين كبير وصغير ولكن‬
‫هذا ل يمنع أننا كنا نحبه حبا شديدا للغاية ولكن ليس بالحب الذى يرفعه فوق مرتبة القداسة أو ما فوق ما هو مرتبة النسان ‪.‬ز‬
‫كان فى نظرنا أنه إنسان عادى لن الرسول صلى ال عليه وسلم يقول ‪ " :‬ما أنا إل بشر مثلكم “ فل يبقى حسن البنا أحسن من‬
‫الرسول صلى ال عليه وسلم فالذين يتهمون الخوان المسلمين بأنهم كانوا يقدسون حسن البنا أو يرتفعون بمكانته الى ما فوق‬
‫البشر مغرضون وغير صادقين فيما يتهمون الخوان فى هذه المسألة وكان تأثيرى به شديدا بدون شك ويستطيع أى إنسان أن‬
‫يتعرف الى شخصية حسن البنا والى أخلقه من خلل مذكرات الدعوة والداعية “ من خلل رسائل المام الشهيد “ والتى تطرح‬
‫مناهج الخوان المسلمين وما هى وسائلهم وما هى الهداف التى يرمون إليها ويكفى ما قاله الستاذ أحمد بهاء الدين حين كتب فى‬
‫عموده اليومى بالهرام عن حسن البنا أنه استطاع أن يؤثر فى لمليين وهو رجل غير رسمى وغير حكومى “ ‪.‬‬
‫ولكن رحم ال المام الشهيد لم يسلم من القاء التهامات جزافا من كل اتجاه وميل ففى عام ‪ 1930‬قدمت العديد من الشكاوى حول‬
‫الحركة ونواياها تجاه وزارة صدقى باشا وزعمت التهامات بأن المام الشهيد كان ‪ :‬شيوعيا يستخدم الموال الشيوعية فى القيام‬
‫بنشاطه وأنه كان وفديا يعمل ضد صدقى وجمهوريا يعمل ضد الملك فؤاد ومجرما انتهك شروط الوظيفة التى تحظر جمع الموال‬
‫واستخدامها لغراض غير قانونية وقد تم التحقيق مع المام الشهيد وانتهى التحقيق بتبرئة ساحته من جميع التهم ‪.‬‬
‫ويقول الستاذ عمر التلمسانى “ الحقيقة أن هذه التهامات المتضاربة المتعارضة المتنافرة تثبت قطعا براءة الستاذ البنا والخوان‬
‫المسلمين مما نسب اليهم لن النسان ل يمكن أن يكون ملكيا وجمهوريا ول رأسماليا وشيوعيا ول إقطاعيا ول يمكن أن يجمع‬
‫إنسان بين هذه الصفات المتعارضة بأية صورة من الصور فهذه التهامات دليل قاطع على أن الخوان كانوا يسيرون علىا لحق‬
‫وما كانوا فى أى صورة من هذه الصور التى تنسب اليهم ‪ ..‬اسماعيل صدقى عندما ذهب لمفاوضات صدقى ببفن عام ‪ 1946‬حاول‬
‫أن يكتسب صداقة الخوان المسلمين فأرسل صهره الستاذ ابراهيم رشيد للشهيد البنا فى المركز العام ودارت مفاوضات بين ا‬
‫لخوان وإسماعيل صدقى على أن يؤيدوه فى موقفه فى هذه ا لمفاوضات فكان الشرط الول والخير هو مطالبة اسماعيل صدقى أل‬
‫يفرط وأراد أن يرتكز على شعبية الخوان المسلمين فيعطيهم وعدا بأن يطبق شرع ال فى هذا البلد فلما تجلت الحقائق وكانت‬
‫المفاوضات ليست بالمعنى الذى يصبواليه الخوان المسلمون وظهر أن اسماعيل صدقى ليس حريصا على تطبيق الشريعة السلمية‬
‫انتهى المر عند هذا الحد ‪”.‬‬
‫أما المقولة الثانية والتى يدفع بها الكاتب صلح عيسى فى مقدمته لكتاب ميتشيل ‪ “ :‬يتمثل ذكاء حسن البنا وقدرته الفذه على عدم‬
‫الدخول فى صدام مباشر قبل أن يستعد له فى نقطتين جوهريتين ‪:‬‬
‫* أنه رفض إبان الحرب عرضا بانقلب يقوم به مشتركا مع حزب مصر الفتاة بزعامة أحمد حسين ويستند على اعداد نحدودة من‬
‫اتجاهين فى كل قرية ومدينة مصرية يقومون فى وقت واحد بالستيلء على السلطة المدنية والعسكرية فى هذه القرية أو المدينة‬
‫بينما تتجه مجموعة للستلء على العاصمة بنفس الطريقة وقد ناقش المر مع أحمد حسين بشكل منطقى وانتهى منه الى أن الخطة‬
‫غير عملية وأنه ل يستطيع أن يحارب أنجلترا ولها جيوش جرارة فى مصر ببنادق قديمة أو بقنابل من مخلفات الحرب العالمية‬
‫الولى ( رواية أحمد حسين الدكتور خالد ـ مطبعة مصر ‪) 1960‬‬
‫* أنه رفض أن يصوغ برنامجا تفصيليا قبل الوان وقد ذكر أحد أقطاب الخوان فيما بعد أنه ناقشه فى هذا المر فكان من رأية أن‬
‫محاولة صياغة رأى الخوان فى القضايا التفصيلية وكيفية تطبيق الشريعة السلمية على حياة المجتمع المعاصر هى محاولة‬
‫ضررها أكثر من نفعها فإذا كانت صياغة مثل هذه قادرة على مواجهة ا لخصوم السياسيين الذين أخذوا على الخوان دائما أنهم‬
‫يطرحون شعارات عامة ول يقدمون حلول تفصيلية للمشاكل فإنها تفتح الباب فى نفس الوقت لشقاق كبير بين المسلمين أنفسهم‬
‫لتعدد المذاهب والجتهادات وأن أوان معارك مثل هذه لم يؤن بعد ( شهادة هنداوى دوير أمام محكمة الشعب عام ‪ .. ) 1954‬بهذا‬
‫الذكاء فى رسم التحالفات السياسية عاش حسن البنا وبه انتشر الخوان المسلمون وبسببه تعرضوا لول صدماتهم الدموية مع‬
‫الحكم المصرى قبل الثورة “ ‪.‬‬
‫ويرد الستاذ التلمسانى على هذه المقولة قائل ‪ “ :‬الواقع أن كل هذه القوال مغرضة وكتناقضة ول تقوم على أساس من الصحة‬
‫بدليل ‪ ..‬أن الستاذ البنا له رسائل جمعت فى مجلدات باسم “ رسائل المام الشهيد “ والذى يقرأ هذه الرسائل قراءة عميقة متفحصة‬
‫يعرف تماما ما هو منهاج الخوان المسلمين وما هى رسائلهم وما هى الهداف التى يرمون اليها ‪.‬‬
‫أما أنه كان يتصل بمصر الفتاة وغير مصر الفتاة لجل انقلب فيكفى أن يرجع النسان المنصف الى رسالة المؤتمر الخامس حيث‬
‫يقول فيها المام الشهيد ‪ :‬أنا ل أدعو الى العنف لن الرأى العام يجب أن يكون مقتنعا تمام القتناع بالفكرة التى يوجه اليها ‪.‬‬
‫أما أننى أقسم الشعب قسمين ‪ :‬قسم الى جانب الحكومة وقسم الى جانب فكرته ويتصارع القسمان فليس فى ذلك مصلحة إل لعداء‬
‫هذه المة “ ‪ ..‬الذين يتهمون البنا بأنه لم يضع برنامجا أو منهاجا مفصل غير صادقين ‪ ..‬فليرجعوا الى رسائل المام الشهيد ليجدوا‬
‫أنه وضع برنامجا للتربية وبرنامجا للحب وبرنامجا للقتصاد والجتماع لم يترك شيئا لم يضع له برنامجا ‪ ..‬صحيح أنه لم يضع‬
‫برنامجا تفصيليا إنما وضع قواعد البرنامج نفسها وترك لمن يريد أن يتوسع أن يفصل هذه القواعد مقتديا فى هذا بكتاب ال سبحانه‬
‫وتعالى حيث انزل ال جل وعل القواعد العامة وجاء رسول ال صلى ال عليه وسلم بعد ذلك ببعض التفسيرات ثم قام فقهاء السلم‬
‫بشرح القرآن وتفسير ا لحاديث ‪ ..‬إنهم غير صادقين فى هذا وليس لهم من غرض سوى تشويه سمعة الستاذ البنا وتشويه سمعة‬
‫الخوان ولو كنا تركنا ألستنا تنطلق فى النيل من الناس وفى ذكر عيوبهم وأخطائهم لقلنا فى هؤلء الناس ما نعرفه عنهم وهو‬
‫حقيقة واقعة إنما نحن ل نتحدث عن الناس بسوء ‪ ..‬نحن نرفع عن أنفسنا هذه التهامات الكاذبة التى توجه إلينا فى كل مكان “ ‪.‬‬
‫ويضيف الستاذ عمر ‪ “ :‬ما أساء ألستاذ البنا لحد وما دعا الى القطيعة أو الشحناء وما كان من خلقه ذلك بأية صورة من الصور‬
‫ولقد ازدهرت الدعوة فى تلك اليام وبدأنا نفكر فى النواحى القتصادية فأنشئت شركة المعاملت السلمية فى غرفة لوكاندة البرلمان‬
‫فى العتبة الخضراء وكان كل ما فيها ل يزيد عن عشرين جنيها صابون سكر حلوة طحينية ثم اتسع العمل وأصبحت شركة‬
‫المعاملت تعمل فى اللوف من الجنيهات ولول أن الحكومات المتعاقبة صادرت أموال الخوان مرة بعد مرة وجمدت أموالهم لكانت‬
‫هذه الشركة من أكبر الشركات القتصادية فى مصر وفى الشرق كله فى تلك الفترة أيضا ‪ .‬كما ابتدأت العناية بإنشاء المدارس‬
‫البتدائية التى تتبع فى نظمها وبرامجها برامج وزارة المعارف ويزيد عليها مواد التربية السلمية ومدرس اللغة العربية إذا دخل‬
‫يدرس فل يكتفى بذكر علمات النصب والرفع والخفض ولكنه كان يضيف ويدرس معانى تربوية إسلمية تلفت نظر الصغار الى‬
‫حقيقة هذا الدين ومدى ارتباط كل تصرفات الحياة النسانية بهذه العقيدة ومرت الثلثينيات فى هدوء تقريبا لم يعكر صفوها مصادرات‬
‫ول مصادمات ول حل وإنما القبال يزداد ويزداد وينتشر ولما رأى الوفد أن اللف من مؤيديه يتسربون من صفوفه الى جماعة‬
‫الخوان فأحسن الصلة بهم فترة وأرسل بعض زعمائه منهم من هو على قيد الحياة ومنهم من انتقل الى رحمة ال وأقيم لهم حفل‬
‫طيب فى دار الخوان المسلمين وحضروا بالدار وخطبوا فيها وزكوا دعوة الخوان المسلمين وأثنوا عليها ولكن السياسة غير ذلك‬
‫فلما رأوا أن المر كاد أن يفلت من أيديهم قلبوا ظهر المجن وبدأت المصادمات العنيفة تتوالى من جانب النجليز والقصر والقطاع‬
‫والشيوعيين وحدث من الحداث ما هو معروف فى الصحف والجرائد والمجلت ممن عاصروا ذلك العهد أو ممن قرءوا ما كتب فى‬
‫ذلك العهد أو ممن قرءوا ما كتب عنها بعد أن بلغوا السن التى تسمح لهم بالقراءة والطلع على التاريخ فى ذلك الوقت “ ‪.‬‬
‫ثم يطرح الكاتب اليسارى صلح عيسى مقولة أخرى يقول فيها * “ فبينما كان العضاء الجماهيريون ـ بالجهاز العام ـ ينضمون‬
‫للخوان فى أغلب الحيان استجابة لمشاعرهم الدينية الفطرية التى لم يبذلوا جهدا فى تعميقها أو تنظيرها وسعيا وراء كسب مثوبة‬
‫الدعوة للخير والفضيلة ومقاومة الرذائل فى النفس النسانية الى الدرجة التى يعتبرها بعضهم أصل حركة سياسية تجمع بين‬
‫عضويتها وبين عضوية أحزاب أخرى كالوفد المصرى مثل ‪“ ..‬‬
‫ويقول الستاذ التلمسانى ردا على هذه المقولة “ هذا غير صحيح ‪ ..‬المسألة أن واحدا مثل الستاذ محمد عبد الرحمن نصير ـ‬
‫رحمه ال ـ كان عضوا فى حزب الحرار الدستوريين وكان يأخذ بمبادىء الخوان المسلمين فلم يكن هناك تناقض أبدا لن أسلوبه‬
‫وكلمه فى المجلس وفى المجتمعات خاص بدعوة الخوان المسلمين إنما الصفة الحزبية التى عرف بها فى بادىء المر أنه كان “‬
‫أحرار دستوريين “ وأنا نفسى كنت فى الهيئة أو اللجنة المركزية لحزب الوفد فى القليوبية ولكن بعد أن تبينت لى فكرة الخوان‬
‫وأهدافهم ومناهجهم واقنعت بها تماما كنت ل أعمل إل من أجل الخوان المسلمكين رغم أن لى صفة أنى عضو فى لجنة الوفد فمع‬
‫ذلك لم يكن هناك جمع بين صفتين بصورة عملية ‪ ..‬لقد كنت عضوا فى لجنة الوفد وعضوا فى الخوان المسلمين ومحمد عبد‬
‫الرحمن نصير كان عضوا فى الحرار الدستوريين والخوان ولكن هناك حقيقة ل بد أن تقرر وهى ‪ :‬أننا إخوان مسلمون قبل كل‬
‫شىء ‪. “ ..‬‬
‫ونتابع المقولت وبشكل أدق “ التقولت “ التى قيلت وتقولت فى حق الخوان المسلمين وقال الكاتب المريكى ريتشارد ميتشل فى‬
‫كتابه “ الخوان المسلمون “ فى معرض حديثه عن الخلف الذى ثار حول اختيار من يخلف المام الشهيد فى السماعيلية بعد أن‬
‫قرر النتقال للقاهرة وانشق البعض على اختيار الممثل المنتخب وطعنوا بعدم كفاءته فى المور الدارية ولكن المام الشهيد أعلن‬
‫وبموافقة دائنى الجماعة على تحمله شخصيا مبلغ القروض المقدمة للجماعة بأسرها وعندما أعلن ذلك قدمت ا لتبرعات الخاصة‬
‫لتمكينه من سداد الديون بالكامل ‪.‬‬
‫قال ميتشل ‪ :‬ثم قدم المنشقون وكان من بينهم أمين صندوق الجماعة بلغا رسميا ضد البنا متهمين إياه بإساءة استخدام أموال‬
‫الجماعة وذلك بتوزيعها على الشعب الجديدة ومن بينها الشعبة التى يرأسها شقيقه فى القاهرة وقد أصدر النائب قرارا ببراءة البنا‬
‫من التهمة التى أعترف المدعى بأن العضاء أنفسهم يؤيدون تصرف البنا ‪ ..‬واقتنع البنا أن هؤلء الرجال قد فقدوا إدراكهم لطبيعة‬
‫الجماعة وإيمانهم بطاعة القيادة وبأن من الواجب فصلهم إل أنهم استقالوا قبل أن يقدم على اتخاذ هذا الجراء ليشنوا حملة من‬
‫الشائعات حول خطورة الجماعة وعملها السرى وليشددوا بالذات على وقوفها ضد “ حرية الرأى “ ‪ ..‬وذلك هو الخلف الوحيد فى‬
‫حياة الجماعة ‪ ..‬فى عهد البنا ـ الذى توجد له رواية رسمية بهذا الشمول ‪..‬‬
‫ويرد الستاذ التلمسانى على هذه المقولة قائل ‪ “ :‬ل لم يكن هذا هو الخلف الوحيد كما يقول ميتشل ففى عهد المام الشهيد حصلت‬
‫خلفات كثيرة منها استقالة الخ أحمد السكرى وكان وكيل للجماعة ثانيا انشق فريق من الخوان وكونوا ما يسمى بجماعة “ شباب‬
‫محمد “ كما انشق فريق آخر وكون جماعة “ الشباب المسلم “ ‪ ..‬هذه الخلفات أمر طبيعى فى أية جماعة من الجماعات وفى أى‬
‫هيئة من الهيئات ل يمكن أن يجتمع رأى اللف من الناس فهو يعتقد أنه فى مجال المساواة فى فهم حسن البنا لدعوة الخوان‬
‫المسلمين ويريد أن يتجه بهم اتجاها غير الذى أنشئت من أجله جماعة الخوان المسلمين كانت هناك خلفات وانشقاقات ولكنها كانت‬
‫مسألة عادية للغاية ولو أن حسن البنا كان يستغل ـ كما ردد البعض ـ أموال الخوان لظهرت عليه أعراض الثراء لقد كان يكتفى‬
‫بمرتبه ما بين ‪ 10‬جنيهات وهذا الذى كان ينفقه على نفسه وأهل بيته وكان كل الشتراكات التى تأتى للخوان المسلمين تودع ـ‬
‫كما هو معروف فى موضعها عند أمين الخزانة وتطلع عليها اللجنة المالية ويحاسب عليها قرشا بقرش وما كانت الشتراكات ذات‬
‫قيمة حتى يقال ‪ :‬ان الشهيد البنا كان يستغلها أو يستعملها ونفس الوفد انشق وحدث فيه تشكيل “ الكتلة “ والدستوريين كانوا جزءا‬
‫من الوفد وأصبحوا “ أحرارا دستوريين “ وانشق أيضا فى الوفد السعديون كل الهيئات لم يكن يمكن أن تتفق آراؤها مائة فى‬
‫المائة مع بعضها البعض ‪.‬‬
‫أما الخطاء والنقسامات التى يبالغ فيها البعض ممن لهم غرض فى ذلك فأقول ‪ :‬ل ‪ ..‬الجماعة كانت مدرسة يتربى فيها الشباب‬
‫والشباب تتفاوت مراتب ذكائه وفهمه وعلمه بعض الشباب يكون على شىء من الحاطة بالعلوم العامة والبعض الخر يكون عنده‬
‫قدرة على الخطابة والكلم ‪ ..‬مثل هذا ا لشباب يحظى بمكانة فى صفوف الشباب ويقدرونه ويعطونه منزلة خاصة وأحيانا يتسرب‬
‫الغرور فى نفس هذا الشخص الذى أخذ موضعا معينا فى صفوف الخوان حتى أنهم يعرفون فى الحتفالت على أن فلنا ل بد أن‬
‫يتكلم من موقع حبهم وتقديرهم له فالغرور يعمل أثره فى نفوس هذا الشباب فيبدأ فى التفكير فى مسائل ل تتمشى مع السلوب الذى‬
‫لعبه الستاذ البنا والهدف الذى يتبعه الستاذ البنا والهدف الذى يرمى اليه فيبدأ فى الكلم وإثارة أقوال ضد الفكرة وإثارة أخطاء ضد‬
‫الستاذ البنا فينتهى المر أن الخوان ـ بعد أن كان له مكانة عندهم ـ ينصرفون عنه ويعتزل الخوان ويبعد عنهم ‪ ..‬كما حصل‬
‫بعدد من الناس الذين أنشقوا من الخوان وكانت كل معرفة الناس لهم عن طريق الخوان المسلمين " ‪..‬‬
‫ولقد كان من أهم دعائم تقوية الروابط بين الخوان وتشكيلتهم المختلفة المؤتمرات التى عقدت خلل الثلثينات والتى أثرت الفكر‬
‫الحركى والتنظيمى للجماعة وساهمت فى وضع الطر التى حددت مسار الحركة وتقييم نشاط الحركة واندفاعهخا الى آفاق أرحب‬
‫وأشمل لنشاطات الجماعة ومدارسة لحوال الجماعة وإعداد العدة للمستقبل ‪ ..‬هذه كانت الفكرة الصيلة والمبدئية لمؤتمرات الجماعة‬
‫وقد عقد المؤتمر الول للخوان وأطلق عليه اجتماع مجلس الشورى العام ( وحضره نواب فروع الخوان المسلمين بالقطر المصرى‬
‫بمدينة السماعيلية يوم ‪ 22‬صفر سنة ‪ 1352‬هـ ( ‪ ) 1936‬وكان للخوان المسلمين فى ذلك الوقت ‪ 15‬شعبة بالقطر المصرى‬
‫وكانت أهم توصيات المؤتمر الول للخوان توصية بتشكيل مكتب الرشاد العام من عشرة أعضاء وعقد المؤتمر الثانى فى بورسعيد‬
‫وكانت أهم توصياته تكوين شركة صغيرة لنشاء مطبعة للخوان المسلمين وعقد المؤتمر الثالث فى عطلة عيد الضحى عام ‪1353‬‬
‫هـ وأصدر هذا المؤتمر توصيات هامة حول بعض التغييرات فى مكتب الرشاد ومواصلة الكتتاب لتغطية حصص الشركة المساهمة‬
‫الخاصة بالمطبعة وتنشيط جريدة الخوان المسلمين وإنشاء صندوق الدعوة للنفاق على نشر الدعوة وتعيين الوعاظ والموظفين‬
‫للقيام بأعباء الدعوة وتحديد منهاج الخوان المسلمين وتحديد مواقف الخوان من غيرهم من الهيئات وتحديد درجات ومراتب العضو‬
‫داخل الجماعة وهى الخ المساعد الخ المنتسب الخ العامل الخ المجاهد كما حدد المؤتمر الهيئات الدارية للخوان المسلمين وهى‬
‫‪ :‬المرشد العام ـ مكتبق ا لرشاد ‪،‬ـ مجلس الشورى العام ـ نواب المناطق والقسام ـ نواب الفروع ـ مجالس الشورى المركزية‬
‫ـ مؤتمرات المناطق ـ مندوبو المكتب ـ فرق الرحلت ـ فرق الخوات ‪.‬‬
‫كما وضعت لئحة الزكاة والحج وتحديد الخطوط المالية للجماعة ـ ثم جاء المؤتمر الرابع عام (‪ 1356‬هـ ) وبدأ من خلل موكب‬
‫مهيب للخوان بلغ أكثر من ‪200‬ألف فى أكبر حشد شهدته مصر فى تاريخهاالحديث يهتفون * ( ال أكبر ول الحمد ) السلم منقذ‬
‫النسانية ‪ ،‬القرآن الكريم دستور الدنيا ـ ومن يتبع غير القرآن قانونا فقد ضل ـ نبايعك على كتاب ال وسنة رسوله وكان هذا‬
‫الموكب احتفال بحضور الملك فاروق وتسلمه مهام العرش وقد ثارت شبهات حول هذه النقطة سنرد عليها فى حينها ثم جاء المؤتمر‬
‫الدورى الخامس عام ‪ 1357‬هـ حيث أوصى بتشكيل لجان دستورية وقانونية وعلمية وفنية ومطالبة الحكومة المصرية بسن‬
‫تشريعات لحماية الخلق والعقائد ورفع هذه القرارات للملك فاروق والجهات المختصة ونشرت قراراته بصحف الجماعة وخاصة "‬
‫النذير " لسان حال الجماعة وكان المؤتمر الخامس من أهم مؤتمرات الدعوة حيث طرح الخوان من خلل " النذير " وعلى لسان‬
‫مؤسس الجماعة المام ا لشهيد حسن البنا كلمة جامعة لدعوة الخوان ‪ :‬تاريخها وأهدافها ومواقفها من الهيئات والشخاص‬
‫والحوادث وهكذا ساهمت المؤتمرات العامة للجماعة والتى تلتها وجاء فيما بين مواعيد انعقادها المؤتمرات القليمية للجماعة فى‬
‫رسم الخطوط العريضة لحركة الجماعة وأهدافها ومواقعها داخليا وخارج إطار الجماعة فى مواجهة المواقف والحداث المختلفة‬
‫والمتعاقبة وأبرزت دور ونشاط الحركة علىالساحة الجماهيرية والسياسية ‪.‬‬
‫ويقول الستاذ عمر التلمسانى ‪ :‬المؤتمرات عادة معروفة الهداف فكل هيئة أو جماعة أو حزب يستعرض بين حين وآخر المهام التى‬
‫قام بها والوعود التى تحققت والمدى الذى وصل اليه انتشاره وشرح برامجه التى تنضح فترة بعد أخرى فكان كل مؤتمر يعقد فى ا‬
‫لقاهرة يغشاه الخوان وكذلك كان يحضره كثير من الهيئات الخرى وما كانت هذه المؤتمرات قاصرة على الخوان فقط ولكن كثيرا‬
‫من أعضاء الحزاب الخرى الذين كان يدفعهم حب الستطلع لحضور هذه المؤتمرات ليعرفوا ما يدور داخلها وكانوا يستقبلون من‬
‫جانب الخوان بالترحاب والتقدير وكان المام الشهيد حسن البنا يتولى الخطابة فى غالب هذه المؤتمرات وحده ليشرح بدء قيام‬
‫جماعة ا لخوان المسلمين والتطورات التى ل زمت هذه الجماعة من وقت قيامها الى وقت انعقاد المؤتمر ويشرح لهم البرامج وما‬
‫تحقق منها وما لم يتحقق ويعرض عليهم آمال المستقبل وما ينتوى أن يفعله الخوان المسلمون ‪ ..‬وفكرة المؤتمرات قد أصبحت‬
‫مؤتمرا للمن الغذائى ومؤتمرا اقتصاديا وغيرها من المؤتمرات كل هذه المعانى فى هذه المؤتمرات اقتبست من جماعة الخوان‬
‫المسلمين يوم أن كانوا يعقدون هذه المؤتمرات لمدارسة أحوالهم واسترجاع تاريخهم وما يعدونه للمستقبل وحتى ذلك الحين لم تكن‬
‫بعد المؤتمرات فى الدول الجنبية أخذت وضعها الصحيح الذى هى عليه الن فكان الخوان المسلمون أسبق من غيرهم فى إقامة تلك‬
‫المؤتمرات ولقد كانت هذه المؤتمرات ضرورة من ضرورات نشر الدعوة وفى العصر الحديث الذى نعيشه نرى أن بعض الدول ذات‬
‫التجاهات المعروفة تعقد مثل هذه المؤتمرات بين فترة وأخرى ويجتمع فيها الذين يؤمنون بمبدأ تلك الدولة من مشارق الرض‬
‫ومغاربها يتدارسون شئون مبدئهم ومدى انتشاره والمعوقات والمور التى تساهم فى انتشار الفكرة وكانت ضرورة للخوان ليتبين‬
‫للناس حينا بعد حين مدى توفيق الجماعة فى خطواتها وما هى المعوقات التى وقفت فى طريق انتشارها ‪.‬ز وإذا تتبع النسان هذه‬
‫المؤتمرات مؤتمرا بعد مؤتمر لتبين له الخطوات التى خطاها الخوان المسلمون وما وصلوا اليه فى المؤتمر الذى يعقد وتنشر وقائع‬
‫وتوصيات المؤتمر فى مجلت الخوان المسلمين " والمباحث و" النذير وغيرها " ‪.‬‬
‫ثم جاء المؤتمر السادس وهو آخر المؤتمرات العامة للدعوة وأقيم بدار المركز العام بالحلمية الجديدة فى ‪ 9‬يناير سنة ‪1941‬‬
‫وحضره عدد كبير من الخوان فى القاهرة والقاليم وقد طرق الستاذ البنا موضوعين جديدين هما ‪ :‬الشركات الجنبية فى مصر‬
‫وكانت حوالى ‪ 230‬شركة تقريبا ونبه " الخوان المسلمون " لخطورة وجود هذه الشركات وسيطرتها على اقتصاد البلد وامتصاصها‬
‫لخيرات مصر أما الموضوع الثانى فكان عن الملك فاروق الذى كان محطا لمال الشعب بعد توليه العرش وذكر المحاولت التى تبذل‬
‫ليغار صدر الملك فاروق على الخوان ونفى أن الخوان أعداء للملك ‪ ..‬وهكذا كان المؤتمر السادس خاتمة هذه ا لمؤتمرات‬
‫واستغنى عن أسلوب المؤتمرات بنظام الهيئة التأسيسية والمكاتب الدارية وتسلسل القيادة ‪.‬‬
‫ثم أضيفت دعامة جديدة للحركة وهى خطوة إنشاء فرق الكشافة أو الجوالة وهى التى ضمت شباب الدعوة السلمية ويثير الكاتب‬
‫صلح عيسى شبهة حول هذه الفرق قائل ‪ " :‬وفى استعراضه لملمح المساندة التى قدمتها أحزاب القليات السياسية الى الخوان‬
‫المسلمين فى حربهم للوفد وضد أحمد حسين أن حكومة السعديين قد سمحت للخوان بإنشاء " الجوالة " التى كانت تشكيل شبه‬
‫عسكرى برغم أن القانون المصرى كان يحرم قيام تشكيلت من هذاا لنوع فقد تضخمت جوالة الخوان المسلمين حتى وصلت الى‬
‫عشرين ألفا كان باستطاعة الخوان تعبئتهم فى أى مكان شاءت ‪. " ..‬‬
‫ويرد الستاذ التلمسانى على هذه المقولة قائل ‪ " :‬هذاالكلم مسموم ومغرض لن الكشافة نظام معروف فى العالم كله وفى مصر‬
‫نفسها وقبل أن تنشىء جماعة ا لخوان المسلمين نظام الجوالة كانت توجد فى مصر كشافة ومنشآت جوالة وكانت منتشرة فى‬
‫المدارس الثانوية فأنشىء نظام الجوالة خلل الثلثينات فى ظل الظروف ولم يسمح به أحد ولم يمن به أحد على الخوان المسلمين‬
‫لن بعض الجمعيات الخرى كالشبان المسلمين وغيرهم كانت لهم كشافة فنظام الكشافة ليس بنظام عجيب ول هو بنظام ممنوح‬
‫للخوان المسلمين بصفة استثنائية ولكنه كان نظاما معروفا وليس كما يقول صلح عيسى أو د‪ .‬عبد العظيم رمضان ومن نحا نحوه‬
‫ووضع السم بين ثنايا السطور التى كتبها فى مؤلفاته ليشوهوا مظاهر الخوان المسلمين ‪.‬‬
‫حقا إن جوالة الخوان المسلمين كانت تمتاز على الجوالت الخرى فى القطر المصرى بعدة ميزات ‪ :‬كانت جوالة نظيفة من حيث‬
‫الخلق وكانت جوالة تؤدى الواجبات الدينية فى حرص حتى أنه عندما بدىء فى تنظيم الجوالة قام خلف فقهى شديد بين أعضاء‬
‫الجماعة الخوان المسلمين فيما يختص بلبس الجوالة القصير الذى يعلو الركبة فكان كثير من الخوان يعارضون فى هذه الملبس‬
‫والبعض الخر يؤيدونها وانتهى المر بالتفاق بينهم على أن هذا المر ليس بمستنكر فى شرع ال سبحانه وتعالى وأن كشف الرجل‬
‫لما فوق الركبة ليس فيه ما يخالف الشريعة السلمية وكانت الجوالة لها مظهرها المحترم الرهيب وأراد الستاذ البنا أن يشعر الملك‬
‫فاروق بقوة الجماعة كما أراد أن يفهمه من طريق خفى أن عليه أن ينصرف عن المنكرات التى يرتكبها والستهتارات التى يقوم بها‬
‫وأن فى مصر شبابا مستعدا لحماية هذا ا لدين حماية فعلية ففى أعقاب عودته من الخارج عام ‪ 1937‬استقبلته جوالة الخوان‬
‫المسلمين استقبال رائعا أدهشه هو نفسه وما كان الستقبال احتراما للملك أو ترحيبا به وإنما كانت الفكرة من وراء هذا الستقبال أن‬
‫يبشعر الملك وعن رؤية واقعة بمدى قوة هذه الجماعة وأنها تستطيع ان تفعل الكثير ‪ ..‬وليست كما يقول ريتشارد ميتشل * إنها‬
‫لعبت خلل الحتفال باعتلء فاروق العرش أول أدوارها الهامة كقوى " للنظام والمن " ـ وحقيقة لو أراد الستاذ البنا كما يشيع‬
‫المغرضون أن يحدث حدثا لفعل ولكنه كما هو مكتوب فى رسائله أنه ل يلجأ الى العنف ول الى الثورات وأنه يريد أن يربى الشعب‬
‫تربية إسلمية حتى يتم وعى الشعب الكامل عن طريق الشعب نفسه لنه إذا كان الشباب الذى يتخرج من الجامعة كله أو غالبيته‬
‫يدين بمبادىء الخوان المسلمين فهم الرجال الذين سيتولون شئون هذا ا لبلد ومختلف المؤسسات من قضاء الى طب الى وزارات‬
‫وغيرها فما دام الخوان أو جيل مصرى قد تربى تربية إسلمية سيتم التغيير بأسهل وسيلة ومن غير عنف أو صراع وهذه كانت‬
‫الفكرة السائدة فى ذهن الستاذ البنا وهو ما دعا يوما الى عنف أو تحريض ‪.. " ..‬‬
‫وكانت أيضا دعامة قوية وهامة لنشاط جماعة ا لخوان وهى "حديث الثلثاء " وهو الحديث الذى ظل المام الشهيد حسن البنا‬
‫حريصا على إلقائه من أول يوم عرفت فيه دار الخوان سنة ‪ * 1936‬ولعدة مرات انتقلت دار الخوان لعدة أماكن ومع انتقالتها كان‬
‫يكثر عدد حضور هذا الحديث أو الدرس وتحول حديث الثلثاء لمؤتمر أسبوعى لبحث قضاياالساعة يمثل فيه شعب الخوان وعدد‬
‫كبير من أبناء الشعب وطغى حديث الثلثاء على شعبية غيره من صور اللقاء سواء فى صورة احتفالت أو مؤتمرات وجذب اليه‬
‫الكثير من الشباب والرجال ولم يجتمع أبناء الشعب حول فرد أو سلطة مثلما اجتمعوا حول آراء وأفكار وبلغه وعطاء الشهيد المام‬
‫حسن البنا ولقد تحول حديث الثلثاء الى منبر وطنى وعقيدى وساحة للفكر السلمى ومركز للشعاع والستناره وكل من عاصر هذه‬
‫الفترة يعرف ما كان يمثله هذا اللقاء السبوعى لدرجة كانت تضيق معه الشوارع المحيطة بالمركز بمن فيها من الناس الذين‬
‫تجمعوا لسماع الستاذ البنا وضاقت معها صدور عناصر النفوذ من النجليز والسراى والحزاب لقدرة المام الشهيد على أن يجمع‬
‫كل أبناء الشعب وطوائفه حوله ‪..‬‬
‫وهكذا كانت فترة الثلثينات من أزهى عصور الدعوة التى حملت لواءها جماعة الخوان المسلمين حيث استطاعت تكوين أرضية‬
‫جماهيرية واسعة ومترامية عبر أقاليم ومديريات القطر المصرى بدءا بمدينة السماعيلية وانطلقا من القاهرة لتشكيل الشعب‬
‫الخوانية التى وصلت الى حوالى الفى شعبة فى مدن ومراكز وقرى ونجوع وكفور القطر وانتشارا من خلل البعد العلمى وأثره‬
‫والذى أدركه وفهم أبعاده المام الشهيد فكانت مجلت وجرائد الخوان المتعددة كما استطاع المام الشهيد أن يضع النظام الفكرى‬
‫والحركى والتنظيمى للحركة بالمساهمة مع أفكار أعضاء الخوان على كافة مستوياتهم التنظيمية ولم تقبع الحركة داخل الحجرات‬
‫المقفلة أو داخل دور العبادة وإنما خرجت لتقول كلمتها فى المواقف والمور والحداث التى تحدث داخل وخارج القطر ا لمصرى‬
‫فكانت جهود الخوان فى مقاومة موجات التبشير ودورهم فى مساندة القضية الفلسطينية عام ‪ 1936‬والوقوف الى جانب الفلسطينيين‬
‫فى نضالهم ضد المؤامرة النجليزية ـ اليهودية فى انتزاع حقوق الفلسطينيين فى ا لوجود والحياة فوق ارضهم ثم كان ذلك الحشد‬
‫الضخم عند مقدم الملك فاروق لعتلء العرش واتجاه الخوان لتنمية البعد القتصادى بإنشاء شركة المعاملت السلمية للخوان‬
‫المسلمين ‪.‬‬
‫ولكن يبقى هناك سؤال على بساط البحث حول تقييم الحركة لنشاطها خلل الثلثينات انطلقا لتطور حركتها يقول الستاذ التلمسانى ‪:‬‬
‫" الخوان المسلمون كانوا يتبعون ول يزالون فى تحركاتهم السلوب الذى يتبعه الرسول صلى ال عليه وسلم ـ فهم ليدعون الى‬
‫عنف أو صدام وهم يعلمون تمام العلم أن نتيجة الصدام بين المواطنين وبين الحكومة وقيادة الجيش فيه خسارة على الوطن‬
‫ومصلحة لعداء هذا الوطن وهم حريصون على خدمة وطنهم وعلى أل يستفيد أعداء السلم والوضع الطبيعى الذى أسفر‬
‫عنهالتاريخ منذ وجود سيدنا آدم عليه السلم وحتى اليوم أن كل شىء يولد صغيرا ثم يكبر فإذا كان الخوان المسلمون قد بدءوا قلة‬
‫وبدءوا متواضعين ثم اشتد ساعدهم شيئا فشيئا فهذا شأن كل شىء فى هذه الحياة إنما ماذا نفعل للذين يريدونأن يصوروا أو‬
‫يشوهوا كل تصرف من تصرفات الخوان المسلمين بأنهم كذا وكذا ‪ ..‬وحسبنا أننا اتهمنا بأننا شيوعيون ورأسماليون وأنصار القصر‬
‫والقطاع ول يمكن أن يكون الخوان أنصارا لى طرف من هذه الطراف لن النفور تحقق بين هذه الهيئات وهو نفور ل يدعو الى‬
‫وئام ول الى اتفاق أو سلم ‪ ..‬فكل ما ينسب الى الخوان المسلمين فى هذه الناحية محض افتراء ول أساس له من الصحة لنه‬
‫يتنافى تمام المنافاه مع مبادىء هذه الدعوة التى تدعو الى روابط اللفة والمحبة من الجماعات أو للنسان والفرد يولد طفل ل‬
‫يستطيع أن يتحرك ثم يجلس ل يستطيع أن يسير ثم يسير متعثرا الى أن تستقر أوضاعه ويصبح شابا يضرب فى نواحى الحياة هكذا‬
‫حال الجماعات تنشأ صغيرة وتكبر شيئا فشيئا ليس فى هذا غرابة أبدأ ‪.‬‬
‫كما يتحدث عن خطة الشباب وهى من أهم الدعامات التى ارتكزت عليه دعوة الخوانالمسلمين فيقول الستاذ التلمسانى ‪ " :‬كل خير‬
‫فى هذه الدعوة كان وليد تفكير الستاذ البنا ولكنه رضوان ال عليه إذا فكر فى أمر من المور ما كان ينفذه من تلقاء نفسه ولكنه‬
‫كان يعرضه على مكتب الرشاد ويقول ‪ :‬إن لديه اقتراحا فإذا أقره خرج الى حيز التنفيذ وإن لم يقره يرجأ الى حينه ودعوة الخوان‬
‫المسلمين أصل تقوم على تربية الشباب ول تقوم على تعليم الشباب ـ وفارق بين التعليم والتربية ـ فالتربية هى ا لتنفيذ الفعلى‬
‫لتعاليم السلم كما كان رسول ال صلى ال عليه وسلم الذى وصف بأنه قرآن متنقل ـ قرآن يسير على قدمين ـ هذا ما كانت تعنى‬
‫به دعوة الخوان المسلمين وما يزالون يعنون حتى الن بفكرة التربية يريدون أن يقيموا شبابا حرا نظيفا طاهرا مؤمنا بدينه‬
‫وعقيدته كله رجوله وصراحة وشجاعة ووضوح وكانت هذه المسائل تشغل بال الخوان المسلمين منذ قيامها الىالن فنحن ل نعنى‬
‫بالناحية العلمية إل بلقدر الذى يصحح تعاليم ديننا إنما الذى يهمنا فعل أن نربى شبابا على كل المعانى التى يعنى بها السلم من‬
‫وفاء ونتمنى أن يكون شبابنا كله فى مصر على هذه الصفات " ‪.‬‬
‫وهكذا ظهر الخوان المسلمون بشكل فعلى وواقعى على خريطة الحياة السياسية وسرعان ما بدأت المواجهات والصدامات مع القوى‬
‫الذى خشيت أن يهدد وجودها تلك الشعبية العارمة لجماعة الخوان بدءا بالحزاب والنجليز ‪ ..‬وهكذا جاءت الصدمات بسرعة نحو‬
‫الجماعة وكان البتلء والختبار ‪..‬والمحن ‪.‬‬

‫الباب الثانى ‪ -‬عقــــد الصدمــــات‬


‫واشتعلت الحرب العالمية‬
‫إنشاء النظام الخاص‬
‫حرب فلسطين‬
‫حكايتنا مع النقراشى‬
‫مؤامرة إغتيال الشهيد‬
‫هذه هى مواقفنا‬
‫الفصل ارابع‬
‫واشتعلت الحرب العالمية‬
‫دقت طبول الحرب ودوى صوت المدافع والبارود فى أجزاء متفرقة من العالم إيذانا باشتعال الحرب العالمية الثانية من سبتمبر عام‬
‫‪ 1939‬بين الحلفاء ودول المحور ومع دق طبول الحرب سقطت وزارة محمد محمود باشا وألف على ماهر باشا الوزارة فى‬
‫أغسطس عام ‪ 1939‬وبدأت مع وزارته حرب من نوع آخر حول سؤال مصيرى هل تدخل مصر الحرب مع بريطانيا أم ل تدخل ؟‬
‫واستمرت هذه المعركة فترة طويلة انقسمت فيها الحزاب وتشتت بين مؤيد ومعارض لدخول الحرب مع النجليز فكان هناك فريق‬
‫السعديين وكان يرى دخول مصر الحرب فورا مع انجلترا وفريق الوفد ويرى دخول مصر المشروط باستجابتها للمطالب الوطنية‬
‫وفريق ثالث وهو الوزارة ورأى عدم دخول مصر الحرب ‪.‬‬
‫وكان للخوان موقفهم المحدد من تلك القضية والذى حدده المام الشهيد حسن البنا حين بعث بمذكرة الى على ماهر باشا رئيس‬
‫الوزراء بعد اندلع الحرب بأيام حدد فيها رأى الخوان فى موقف مصر الدولى قال فيها " يا صاحب الرفعة إن موقف مصر الدولى‬
‫يجب أن يكون واضحا صريحا ويجب أل تتورط الحكومة فى شئ ل شأن لها فيه ول صلة لها به إننا أمة مستقلة تمام الستقلل‬
‫بحكم القانون الدولى وبيننا وبين انجلترا معاهدة قبلها من قبلها تحت ضغط ظروف وأحوال خاصة ل على أنها غاية ما ترجوه مصر‬
‫ولكن على انها خطوة فى سبيل تحقيق الهداف المصرية السلمية وتنص المادة ( ‪ )7‬من هذه المعاهدة على أن مساعدات مصر‬
‫لنجلترا إنما تكون فى داخل البلد المصرية ومحصورة فى حدود معينة ‪ ..‬ولقد ظلت مصر وفية كل الوفاء بهذه التعهدات وعملت فى‬
‫ذلك أقصى ما يمكن أن يعمل فكل زيادة على هذا ل يمكن أن يقبلها مصرى أيا كان لونه الحزبى أو السياسى وكل زيادة على هذا‬
‫تفريط وتصنيع لحقوق هذا الوطن وجناية على هذه ا لمة الناهضة الوفية ‪.‬‬
‫فالخوان المسلمون وهم الذين يرون فى المعاهدة المصرية ـ النجليزية إجحافا كبيرا بحقوق مصر واستقللها الكامل يريدون من‬
‫حكومة مصر أن ل تتجاوز هذه ا لحدود المرسومة على ما فيها من اجحاف بأية حال ومهما كانت الدوافع اليه وأن تنتهز كل فرصة‬
‫للستفادة من الظروف الحاضرة وتكسير قيود الحتلل التى تقيد حريتنا واستقللنا وحقوق نهضتنا فإن اعتدت علينا أية دولة ونحن‬
‫فى ارضنا فكل شبر من مصر الغالية فداؤه الدماء والرواح والموال والبناء والخوان المسلمين حينئذ على أتم استعداد لن يذودوا‬
‫عن حياض هذاالوطن بكل ما يملكون من نفس ومال وإن الدول الوربية يا رفعة الرئيس مهما كان لونها ل عهد لها ول ذمة ومهما‬
‫تظاهرت بالحياد والمودة فإنها تخفى غير ما تظهر ول تتردد فى تكذيب نفسها إذا وجدت مصلحتها فى هذا التكذيب فمن واجبنا أن ل‬
‫ننخدع بحياد محايد بل ل بد من الستعداد التام بكل معانيه وبكل سرعة وهمة وحتى نواجه الخطر ونحن على تمام الهبة فلنقف‬
‫موقف الحياد وسنعمل جاهدين للستعداد " ‪*.‬‬
‫كما تناولت المذكرة رأي الخوان فى الصلح الداخلى وتحديدا دقيقا وشامل لماهية الخوان المسلمين ودورهم ودعوتهم ‪.‬‬
‫وهنا نورد مقولة د‪ .‬عبد العظيم رمضان حيث يقول ‪ :‬كان موقف حزب مصر الفتاة وجماعة الخوان المسلمين أقل شجاعة من‬
‫موقف صدقى باشا ‪ ..‬لقد كان موقف الخوان المسلمين محسوبا بدقة ومشوبا بالحذر الشديد وقد تحاشوا فيه التناقض الضار الذى‬
‫وقع فيه حزب مصر الفتاة فبينما أوضحوا عدم تأييدهم لمعاهدة ‪ 1936‬إل أنهم رأوا أن تعنى مصر بالتزاماتها دون زيادة ثم أيدوا‬
‫دخول مصر الحرب إذا اعتدى على اراضيها " ‪.‬‬
‫ويقول الستاذ التلمسانى ردا على المقولة ‪ " :‬للدكتور عبد العظيم رمضان أن يقول ما يشاء فالكلم ل ثمن له ويستطيع أى انسان أن‬
‫يختلق من الوقائع غير الصحيحة ما يشاء ما دام ل حساب هناك عليه والحقيقة أن موقف الخوان المسلمين من تلك الحرب كان هو‬
‫الموقف الواضح الصحيح الذى كان يجب أن يفعله كل مسلم ومواطن يعرف قيمة الوفاء بالمعاهدات الدولية ولقد كان بيننا وبين‬
‫انجلترا معاهدة وقعت عام ‪ 1936‬وأقرها ممثلو الشعب فى ذلك الوقت سواء كان انتخابهم صحيحا أو مزيفا أقرها مجلس النواب‬
‫وأصبحت معاهدة دولية من الواجب الوفاء بها ولم يكن فى قدرة مصر عسكريا أن تتنكر لهذه المعاهدة فى ذلك الحين والسلم يأمر‬
‫المسلمين بأن يفوا بالمعاهدات حيث يقول ال سبحانه وتعالى ‪ " :‬يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود " فكل عقد يعقده المسلم مع غيره‬
‫مسلما كان أم غير مسلم يجب عليه الوفاء بهذا العقد فالستاذ البنا أو ممثل الخوان المسلمين قال ‪ :‬إن بيننا وبين انجلترا معاهدة‬
‫ويجب أن نعنى بالتزاماتنا تجاه هذه كمعاهدة على أل نزيد وهذا موقف سليم مائة فى المائة وموقف رجولى وبطولى ول معاهدة ما‬
‫كانت تلزمنا بأن نهاجم أعداء انجلترا ولذلك قال الستاذ البنا ‪ :‬إننا ل ندخل الحرب إل إذا هوجمت مصر بالذات فإذا لم تهاجم فل‬
‫شأن لنا بهذه المسألة ولكننا نفى بتعهداتنا فى هذه المعاهدة فالموقف كان واضحا كل الوضوح ل لبس فيه ول غموض ولكن البعض‬
‫يريدون أن يحملوا اللفاظ مال تحتمله أو يريدون أن يعملوا من " الحبة قبة " ليعرفوا بين الناس أو يعرف الناس أنهم يكتبون فى‬
‫التاريخ وأنهم يناقشون أقوى جماعات مصر والمثل الذى يقول " خالف تعرف " كان سنتهم فى تلك الكتابات فما كان واحد يكتب ضد‬
‫الخوان المسلمين إل ليعرف فى جنبات مصر والذين يعرفون الستاذ عبد العظيم رمضان حق المعرفة ـ ولم يكن لى حظ فى التعرف‬
‫عليه حتى الن ـ يحدثوننا عنه كثيرا ويقولون عنه ‪ :‬ما يعرفة هو عن نفسه بالذات "‬
‫ول يفتأ د‪ .‬عبد العظيم إل أن يلقى بسهم آخر من جعبته المليئة بالمغالطات حول الخوان المسلمين فيقول * حول اندلع مظاهرات‬
‫الى المام ياروميل " من جموع الطلبة الزهريين وأما الخوان المسلمين فإن نفوذ القصر وعلى ماهر باشا كان يمارس من خلل‬
‫هذه الجماعة كما يقول " كيرك " وقد أشرنا الى انه كان يعزى اليهم الدور الول فى إيجاد تيار الدعاية والكراهية ضد بريطانيا فى‬
‫خريف عام ‪ 1941‬وذكر أنه حينما طلب النجليز من رئيس الحكومة اعتقال البنا لم يلبث أن أطلق سراحه " بضغط القصر " فيما‬
‫يظهر والذى قيل إنه يمده بمعونة سخية وواضح أن النجليز كانوا يهدفون من اعتقال حسن البنا وكبار أعوانه الى تقليم أظافر‬
‫فاروق وعلى ماهر باشا وحرمانهما من أداة يمارسان من خللها نشاطهما بين الجماهير الشعبية العريضة ومع ذلك نلحظ أن حسين‬
‫سرى باشا لم يتهم الخوان بأى دور فى تحريك المظاهرات ‪.‬‬
‫ويرد الستاذ عمر التلمسانى على هذه المغالطات قائل ‪ " :‬هذا الكلم ل أساس له من الصحة علىالطلق وإنما الذى دعاهم الى هذا‬
‫الكلم أن العداء بين المصريين جميعا وبين النجليز كان عداء طبيعيا لن النجليز يحتلون مصر ويستعمرونها ويستغلون مواردها‬
‫ويستفيدون من قطنها ومنتجاتها فى مصانعهم ويحرمون المصريين من هذا فكان بديهيا وطبيعيا أن يكره المستعمر وجود المستعمر‬
‫هذه مسألة ل يمكن الجدل فيها سواء كنا " إخوانا مسلمين " أو غير اخوان مسلمين كل الهيئات كانت تتظاهر لنها تكره الستعمار‬
‫وتكره الحتلل البريطانى هذه المسألة ليست جديدة والحديث فيها حديث ممجوج لنه إن لم يكن الوضع هو كراهية الشخص المحتل‬
‫للشخص الذى احتلة ل يبقى إنسانا بالمعنى المعروف ولكنهم يديرون المسائل وفق أهوائهم فكان العداء بين الخوان المسلمين‬
‫والنجليز عداء طبيعيا لدرجة أنهم حين وقعت أحداث القناة فيما بعد كان يقوم بها الخوان ‪ ..‬ول يمكن أن نطالب بأن يحل اللمان‬
‫محل النجليز واحتلل أراضينا ونحن إذا كرهنا أن يحتلنا النجليز فالمسألة تنصب على ا للمان أيضا ونحن نريد حرية كاملة بعيدا‬
‫عن أى احتلل أو استعمار ‪ ..‬فمظاهرات " الى المام ياروميل " لم تكن وليدة حب المصريين لروميل إنما كان واقعا كراهية‬
‫المصريين للنجليز فاتفقت كراهية المصريين للنجليز كمحتلين مع كراهية اللمان للنجليز كمحاربين فى وجهة نظر واحدة ‪ ..‬وما‬
‫كان المصريون يفكرون أبدا فى أن تخرج انجلترا لتحل محلها ألمانيا فى احتللنا وإل كنا بلهاء وأغبياء والحمد ل لم يستطع واحد‬
‫من هؤلء المغرضين أن يتهمنا بأننا كنا دعاة الى ا لمام ياروميل أو غيرها وكما قلت أكثر من مرة أن تهمة استغلل القصر لنا أو‬
‫مساعدتنا للقصر تهمه مدحوضة من أساسها لن الذى قتل حسن البنا هو القصر وعجيب أن يقتل الملك إخوانه وأنصاره كما يدعى‬
‫هؤلء ‪.‬‬

‫اعتقال الشهيد المام ‪:‬‬


‫أعادت بريطانيا دراسة حساباتها فى مصر خلل الحرب العالمية الثانية بعد العصيان المسلح الذى قام به رشيد عالى ( الكيلنى ) فى‬
‫العراق وأحست أن موقف على ماهر باشا الوطنى باعتباره ذا ميول هدامة بعد استقالته وتشكيل حكومة برياسة حسن صبرى باشا‬
‫فى ‪/29‬يونيو ‪ 1940‬وأصدرت الحكومة المصرية قرارا بنقل المام الشهيد الى الصعيد ثم سمح له بالعودة للقاهرة ثم ألقى القبض‬
‫عليه ويلقى صلح عيسى ظلل من الشك حول مقابلة حامد جودة سكرتير الحزب السعدى للشهيد المام البنا فى معتقل الزيتون حيث‬
‫قال * " وفى أحد اليام زار حامد جودة سكرتير الحزب السعدى معتقل الزيتون حيث التقى بالشيخ حسن البنا وقضى معه عدة‬
‫ساعات واعتذر اليه من اعتقاله ثم ما لبث حسن البنا أن خرج من المعتقل بعدها بقليل ‪ ..‬وعلى الرغم من أن أحدا لم يعرف ماذا دار‬
‫بين الوزير السعدى والزعيم الخوانى إل أن الراصدين للتطورات السياسية فى مصر ل حظوا أنه خلل سنوات الحرب وعندما كان‬
‫العمل السياسى فى مصر مصادرا بقسوة فإن الخوان المسلمين الذين كانوا حتى ذلك الوقت مجرد جمعية صغيرة ل تختلف فى وزنها‬
‫عن مثيلتها كجمعية الشبان المسلمين والجمعية الشرعية قد توسعت بشكل قاس وانطلق خطباؤهم فى ا لمساجد يهاجمون النازية ‪..‬‬
‫"‬
‫ويرد الستاذ التلمسانى على هذا الدعاء قائل ‪ " :‬يؤسفنى أن يزل لسانى بكلمة ‪ ..‬إن هذا كلم حشاشين لماذا ؟ لن الستاذ حسن‬
‫البنا لم يكن المعتقل الوحيد فى ذلك الوقت ولكن كان هناك الكثير من المعتقلين من المعروفين بالعمل السياسى فى مصر فليس‬
‫اعتقال حسن البنا بعجيب على هؤلء وكون خروج الستاذ البنا قبل غيره فهذا هو الذى يحدث عادة فى المعتقالت وفى كل تاريخ أن‬
‫يخرج الناس من المعتقالت أفواجا أفواجا وقد تصادف أن يخرج البنا قبل غيره وبعد غيره ليس فى هذا ما يلفت النظر أو يدعو الى‬
‫الشكوك والظنون ‪ .. ..‬وكون حامد جودة قابل الشهيد البنا فى المعتقل فمن البديهى أن أنصار الحكم القائم يحاولون التصال بمن‬
‫يتصورون بأنهم معارضون لهم ليحاولوا أن يجتذبوهم الى صفوفهم وكون الخوان المسلمين انتشروا انتشارا لم يصل اليه غيرهم‬
‫فهذا ذكاء من الخوان المسلمين واستغلل الفرص التى يستطيعون من خللها أن ينشروا دعوتهم ‪ ..‬كلها هذه الدعاءات عيوب‬
‫مفتعلة وافتعالت صغيرة ما كان يصح أن ترصد فى كتب إنما هكذا شاء بعض الناس أصحاب الغراض " ‪.‬‬

‫لقاء المام الشهيد بالنجليز‪:‬‬


‫ويبدو أن النجليز حاولوا بشكل ملتو إثناء المام الشهيد ورفاقه عن المضى فى مهاجمته النجليز وأعقب لقاءه ‪ ..‬أى المام الشهيد‬
‫بوثيقة موجهة لجماعة الخوان المسلمين ويقول ميتشل فى خصوص هذه الواقعة وبعد الفراج عن البنا فى أكتوبر ‪ 1941‬جرى‬
‫اتصال بين السفارة البريطانية والخوان المسلمين والواقع أن مسألة من الذى بادر بالتصال ؟ كانت وما تزال موضعا للخلف وعلى‬
‫أن الواضح أن التصال قد تم بالفعل وأنه لم يسفر عن نتائج إيجابية والنقطة الساسية هنا هى أ ن الخوان قد رأوا فى فشل‬
‫بريطانيا فى “ شرائهم “ سببا لمضايقات النحاس للجماعة أول برفضه ترشيح البنا للنتخابات وثانيا موافقة العدائية المتكررة‬
‫تجاههم طوال فترة بقائه فى الحكم وتأكد الخوان بشكل قاطع من الموقف العدائى الثابت للبريطانيين تجاههم حتى ان البنا كتب‬
‫رسالة وداع لتباعه فى منتصف عام ‪1943‬نتيجة لقتناعه بأن المخابرات البريطانية تعمل جاهدة وتضم هذه الوثيقة ـ التى تحتل‬
‫مكانا بارزا فى قائمة القرارات المعروفة للعضاء من المعناه التى تنتظرهم فى مواجهة تزايد العداء الخارجى ويجدر الستشهاد‬
‫بجزء من تلك الوثيقة بوصفها انعكاسا لتجاه فكرى أساسى فى الحركة وبوصفها ايضا نوعا من التنبؤ بما سيقع من أحداث ‪.‬‬

‫العقبات فى طريقنا‬
‫" أحب أن أصارحكم أن دعوتكم ل زالت مجهولة عند كثير من الناس ويوم يعرفونها ويدركون مراميها وأهدافها ستلقى منهم‬
‫خصومة شديدة وعداوة قاسية وستجدون أمامكم كثيرا من المشقات وسيعترضكم كثير من العقبات وفى هذا الوقت وحده تكونون قد‬
‫بدأتم تسلكون سبيل أصحاب الدعوات أما الن فل زلتم مجهولين ول زلتم مجتهدين للدعوة وتسنعدون لما تتطلبه من كفاح وجهاد ‪.‬‬
‫سيقف جهل الشعب بحقيقة السلم عقبة فى طريقكم وستجدون من أهل التدين ومن العلماء الرسميين من يستغرب فهمكم للسلم‬
‫وينكر عليكم جهادكم فى سبيله وسيحقد عليكم الرؤساء والزعماء وذوو الجاه والسلطة وستقف فى وجهكم كل الحكومات على‬
‫السواء وستحاول كل حكومة أن تحد من نشاطكم وأن تضع العراقيل فى طريقكم ‪.‬‬
‫ويستكمل المام الشهيد قائل ‪ :‬أيها الخوة المسلمون اسمعوا ‪ :‬أردت بهذه الكلمات أن أضع فكرتكم أمام أنظاركم فلعل ساعات‬
‫عصيبة تنتظرنا يحال فيها بينى وبنكم الى حين فل أستطيع أن أتحدث معكم أو أكتب اليكم فأوصيكم أن تتدبروا هذه الكلمات وأن‬
‫تحفظوها إذا استطعتم وأن تجمعوا عليها وإن تحت كل كلمة لمعانى جمه ‪.‬‬
‫أيها الخوان أنتملستم جمعية خيرية ول حزبا سياسيا ول هيئة موضوعة لغراض محدودة المقاصد ولكنكم روح جديدة يسرى فى‬
‫قلب هذه المة فيحييه بالقرآن ونور جديد يشرق فيبدد ظلم المادة بمعرفة ال وصوت داو يعلو مرددا دعوة الرسول صلى ال عليه‬
‫وسلم إذا قيل لكم ‪ :‬إلم تدعون ؟ فقولوا ندعو الى السلم لذى جاء به محمد صلى ال عليه وسلم والحكومة جزء منه والحرية‬
‫فريضة من فرائضه فإن قيل لكم ‪ :‬هذه سياسة فقولوا هذا هو السلم ونحن ل نعرف هذه القسام وإن قيل لكم ‪ :‬أنتم دعاة ثورة‬
‫فقولوا ‪ :‬نحن دعاة حق وسلم نعتقد ونعتز به ‪ .‬فإن ثرتم علينا ووقفتم فى طريق دعوتنا فقد أذن ال أن ندفع عن أنفسنا وكنتم‬
‫الثائرين الظالمين وإن قيل لكم أنتم تستعينون بالشخاص والهيئات فقولوا ‪ " :‬آمنا بال وحده وكفرنا بما كنتم به مشركين " فإن لجوا‬
‫فى عدوانهم فقولوا " سلم عليكم ل نبتغى الجاهلين " ‪.‬‬
‫ويقول الستاذ عمر التلمسانى ‪ " :‬هذه الواقعة لها نصيب من الصحة ولكن على غير الصورة التى أوردها ميتشل فى كتابة عن ا‬
‫لخوان المسلمين فعندما قامتالحرب العالمية الثانية كان زعماء انجلترا وفرنسا والوليات المتحدة قد صدرت منهم دعايات وأصوات‬
‫تدعو لحماية حقوق النسان وحماية الديمقراطية وإنكار فضيلة بعض الجناس والواقع أن هذه الدعايات وجدت اتساعا وانتشارا‬
‫ووجدت مسرى فى نفوس الكثيرين وظنوا مخطئين أن هذه الدول تدافع حقا عن حقوق النسان وعن حريته ومن هذه الوسائل جرى‬
‫اتصال من جانب السفارة البريطانية بالستاذ البنا وطلبت منه أن يلقى محاضرات فى الذاعة عن الديمقراطية وحددت له خمسة آلف‬
‫جنيه فى المحاضرة الواحدة فسألهم ‪ .‬هل أتحدث عن حقوق النسان والحريات والديمقراطية بمفهومى أنا ومفهوم ا لسلم أم أن لكم‬
‫غرضا آخر للحديث عن الديمقراطية فكان جوابهم ‪ :‬إنك تعرف أننا فى حرب مع ألمانيا وأننا نريد أن ينضم الرأى العام العالمى كله‬
‫الى جانبنا فإذا تحدثت عن الحريات من وجه نظرنا فيكون لذلك أثر فى الرأى العام العالمى ويساعدنا فى هذا الموقف فقال لهم المام‬
‫الشهيد ‪ :‬إن أردتم أن أتحدث فى الديمقراطية والحرية وحقوق النسان فأنا على استعداد أن أتحدث عنها فى الذاعة وبل مقابل على‬
‫شريطة أن أتحدث بوجه نظرى أنا ووجهة نظر السلم وليس من وجهة نظركم ‪ ..‬هذا كل ما تم من اتصالت أو كلم أو لقاء فى هذه‬
‫" الشوشرة " التى يفتعلها ميتشل وأمثاله وانتهى فيها بأنه قال ‪ :‬إن هذه لم تسفر عن شىء ‪ ..‬والستاذ البنا يوم أن فكر فى هذه‬
‫الجماعة ومن يوم أن قامت وانتشرت وكل الخوان المسلمين ـ وليس الستاذ البنا بمفرده ـ يعلمون أن أشد أعداء هذه الفكرة هم‬
‫الصليبيون وأن أنصار الصليب ل يريدون أن تقوم للسلم قائمة فى أية بقعة من بقاع الرض ‪ ..‬وكنا جميعا على ثقة كاملة من‬
‫عدائهم لهذه الدعوة ولذلك تجد أن شعار الخوان المسلمين أو هتافهم " الموت فى سبيل ال أسمى أمانينا " كانوا يعلمون أنهم‬
‫عرضة لمضايقات واعتقالت واغتيالت ولكل شىء كانوا يعدون أنفسهم لهذا فرحين مستبشرين بأنه إذا قتل إنسان منهم فى سبيل‬
‫ال فمأواه الجنة والنعيم الدائم عند ال سبحانه وتعالى ‪ ..‬ولقد كان أمرا متوقعا عند جميع الخوان " ‪.‬‬

‫الخلف مع الوفد ‪:‬‬


‫ذكرنا من قبل أن هناك إحساسا تولد لدى الوفد أن ا لخوان المسلمين يسحبون البساط ـ وهو الشعبية والغلبية ـ من تحت أقدامه‬
‫وأن الخوان ينافسونه وخاصة فى مجال اجتذاب الشباب رغم محاولته الولى تحسين صلته بالجماعة وتزكية بعض زعمائه لجماعة‬
‫الخوان ـ على اعتبار أنها جمعية دينية ل تحشر أنفها فى خضم السياسة ودهاليزها فلم يحاول الخوان المسلمون فى يوم من‬
‫اليام أن يدخلوا فى صدام أو صراع مع أية جبهة من الجبهات السياسية المعروفة فى ذلك الوقت وعلى وجه الخصوص " الوفد "‬
‫صاحب الغلبية الجماهيرية ولكن سرعان ما سبب النتشار السريع لتشكيلت الجماعة وشعبها قلقا بالغا لدى زعماء حزب الوفد‬
‫وسرعان ما تحرك هذا القلق فى اتجاه الحركة والصدام مع الخوان "‬
‫ولكن حزب الوفد كان حزب الغلبية وأحس أ ن الخوان امتد نفوذهم الى الشباب واصبح الكثير من هؤلء الشباب يتسللون من الوفد‬
‫الى صفوف الخوان وطبعا حرص رئيس حزب الغلبية أنتظل أغلبيته كما هى فل بد أن يفتعل المواقف للصدام مع الهيئة التى‬
‫تنافسه الزعامة علىالشعب فحدث ما حدث عندما استدعى النحاس باشا الستاذ حسن البنا وقابله فى " مينا هاوس " وألح عليه أن‬
‫يتنازل عن ترشيح نفسه للنتخابات فى السماعيلية بحجة ان موقفه هذا وتصميمه على المضى فى النتخابات أمر ل يفيد الخوان‬
‫المسلمين بقدر ما يضر البلد نفسها لن النجليز ل يريدون أن يدخل البنا مجلس النواب ولن الستاذ البنا كان يقدر دائما مصلحة‬
‫البلد فاستجاب الى هذا الرجاء وتنازل عن ترشيح نفسه ولكن الوفد ظل على موقفه من الخوان لنها الهيئه الوحيدة التى كان‬
‫يستجيب المواطنون لها ولم يكن لحزب الحرار الدستوريين أو السعديين أو غيرهم أى اثر فى نفوس الشعب لنها كانت احزاب أقلية‬
‫ل تنجح فى النتخابات إل إذا كان هناك تأثير من الحكومة القائمة لتستبعد الوفد عن مجلس النواب وحلت الشعب تقريبا ولم يبق‬
‫غير المركز العام وحاول الوفد بمختلف الوسائل شأنه شأن غيره فى ذلك الوقت أن يشكك الناس فى دعوة الخوان المسلمين‬
‫واتهمهم بأنهم يسعون الى الحكم وفى كل هذه الطوار لم يقل الخوان كلمة واحدة تجاه النحاس باشا أو غيره ولكنهم كانوا يستمعون‬
‫الى التهامات والشاعات بدون اكتراث لنها تموت من تلقاء نفسها ولنها ل أساس لها من الصحة ولما عجز الوفد عن أن يحتوى‬
‫الخوان المسلمين أو أن يضمهم الى صفوفه أسفر عن حقيقة نواياه وأغلق الشعب والمركز العام ولكن لم يكن فى تصرفات الوفد‬
‫تجاه الخوان ما انحدر الي غيره من الحزاب أو القصر ـ حقا حصل قبض واعتقال ولكن كل هذا كان يتم فى صورة بعيدة عن‬
‫العنف أو ل يجرح مشاعر الناس فى مجالت القبض والعتقال وما كان يمكن أ تكون هناك علقة مودة وصفاء من ناحية الوفد أو‬
‫الحزاب ألخرى تجاه الخوان لنه فى الوقت يعتبرون فيه الخوان دعاة لمصلحة هذا البلد وحمله لتعاليم دينه كان الوفد والحزاب‬
‫الخرى تنظر لهذه المسألة من زاوية أخرى وهى أن الخوان منافس خطير لهم على زعامة الشعب ‪ .‬وكان هذا المر ل يرضيهم بأى‬
‫حال من الحوال لن الوفد كان يعتقد بأنه صاحب الغلبية وصاحب الشعبية وأن المة كلها تثق فيه فلما رأوا إقباللشباب على‬
‫مبادىء الخوانالمسلمين راوا أنهم " الخطر الحقيقى " على شعبيتهم فكان ما كان من عدم وفاق واتفاق فى وجهاتالنظر ‪ .‬والحقيقة‬
‫أن الخوان المسلمين كان موقفهم موحدا تجاه جميع الحزاب ما كانوا يفضلون الوفد على الحرار الدستوريين ول يفضلون‬
‫السعديين على الوفديين ولشىء من هذا القبيل لن النزاع كان على مبادىء والمبادئ لها جذور عميقة والخوان المسلمون كانوا‬
‫يريدون أن تحكم مصر بشرع ال وهذا أمر لم يكن وارد ا فى أى برنامج من برامج الحزاب بل كلها كانت راضية لتنفيذ القوانين‬
‫الوضعية المر الذى رأى الخوان المسلمون بأنهم ل يصح أن يقبلوه لن حكم ال فوق كل حكم ولذلك أمر ال سبحانه وتعالى فى‬
‫كتابه الكريم ‪ " :‬إن الحكم إل ل " أى أن الحكم ل يجوز أن يكون إل بكتاب ال وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم "‬
‫ومن نافلة القول ‪ :‬أن الخوان ا لمسلمين لم يرسموا لنفسهم الدخول فى تحالفات سياسية أو النضواء تحت جبهات معينة وإنما‬
‫انطلقوا فى دعوتهم مستقلين عن أى ضغوط يمكن أن تمارس عليهم ‪ .‬ولم يهدفوا كما ذكر الستاذ البنا فى مذكراته للوصول الى‬
‫كرسى الحكم كما كانت تسعى الحزاب صاحبة الغلبية والقلية البرلمانية أو فى المستوى الجماهيرى ‪.‬‬
‫ويقول الستاذ عمر التلمسانى ‪ " :‬نحن رفضنا أن نكون حزبا لن للحزاب أسلوبا معيبا فى العمل ولن للحزب برنامجا ونحن ليس‬
‫لنا برنامج أو منهاج لننا ندين بكتاب ال وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم وهو منهاجنا لهذا ا لمعنى ولننا ل نقر الساليب التى‬
‫تتخذها الحزاب سبيل للوصول الى أهدافها ومن بينها الحكم ولم نرض أنفسنا أن نكون حزبا لننا نتبع أسلوبا يخلو من أى غرض‬
‫شخصى نحن يرضينا أن يأتى أى انسان من أى حزب يطبق شريعة ال فنتبعه ول نعارضه ونحن لسنا حريصين علىأن يكون‬
‫رئيس الدولة من الخوان المسلمين ‪.‬‬
‫وما دام يتبع كتاب ال وسنة رسوله فنحن لسنا ضده هذا ا لذى حال بيننا وبين أن نكون حزبا لننا نعرف كيف تتعامل الحزاب مع‬
‫بعضها البعض وكيف تسلك مختلف الطرق التى ل نقرها للوصول الى المجالس النيابية " ‪.‬‬
‫والغريب أن يسعى كاتب مثل صلح عيسى للتقول على ا لخوان حين يقول ‪ :‬وهم أى الخوان ـ ل يقرون بأنهم فصيلة سياسية بين‬
‫فصائل أخرى ولكنهم يرون أنفسهم " حزب ال " حيث ل يجوز مع حزب ال أن توجد أحزاب أخرى ‪ ,,‬ونتسائل من أين أتى صلح‬
‫عيسى بهذا التصور الغريب ـ إن فكرة الحزبية لم تكن واردة بشكل صريح أو متوارب فى دعوة الخوان المسلمين وكون أنهم ل‬
‫يرضون أن يكونوا جزءا من التحالفات السياسية ل يعنى أن يدخلوا ضمن ما وصفه الكاتب " بالنتهازية السيباسية " ‪.‬‬
‫إن حكومة النحاس باشا التى جاءت الى الحكم فى حادث ‪ 4‬فبراير ‪ 1942‬بمساندة الدبابات النجليزية أبت أن يقلق مضجعها وجود‬
‫شعبية تقارب شعبيتها وأن تقلق النفوذ النجليزى الذى حرصت تلك الحكومة الوفدية أل تثير قضيته وسادت موجة من التوتر وعدم‬
‫استقرار العلقات بين حزب الوفد وجماعة الخوان ثم أغلق النحاس باشا جميع شعب الخوان عدا المركز العام فى نهاية عام ‪1942‬‬
‫وعقب زيارة لمجموعة من كبار رجال الوفد تغير الموقف ثم عاد للتدهور وهكذا كان " ترمومتر" العلقة بين الخوان والنحاس باشا‬
‫مرتبطا بالنجليز ‪ ..‬وهكذا ظل التوتر قائما بين الجماعة والحزب وسرعان ما تحول الى صراعات عنيفة لم يكن الخوان المسلمون‬
‫بمثيريها ‪.‬‬

‫الفصل الخامس‬
‫إنشاء النظام الخاص‬
‫بعد ان استكمل المام الشهيد بناء أركان النظام العام للجماعة وقواعده متمثلة فى مكتب الرشاد والمرشد العام ـ على قمة التنظيم‬
‫ـ ونزول فى السلم التنظيمى الى الشعب الخوانية فى مدن وقرى القطر المصرى ‪ ..‬وأحس المام الشهيد بأن الجماعة تمضى فى‬
‫تحقيق أهدافها بشكل طيب وإيجابى ولكن ثمة ما ينقص هذه الجماعة وأطال التفكير فى هذه المسالة وهى إيجاد البعد المادى للدعوة‬
‫وهو أن تمثل الجماعة الى جانب أدوارها المعنوية فى إيقاظ شعلة الوعى السلمى بين المصريين قوة مادية قادرة أن تبطش بأعداء‬
‫الدعوة السلمية وحماية الدعوة من هؤلء العداء وكانت مجريات المور فى تلك الفترة تشير الى ان النجليز يشددون قبضتهم‬
‫علىالبلد مستندين الى تحالف طبيعى وتقليدى مع القصر فى حين لم تشكل الحزاب خطرا من أى نوع على وجودهم وخاصة بعد أن‬
‫أتوا بوزارة النحاس باشا الوفدية للحكم بالدبابات النجليزية فى حادث ‪ 4‬فبراير ‪ .. 1942‬وفى نفس الوقت كانت تجرى مؤامرة‬
‫خطيرة هدفها بيع أرض فلسطين لليهود بتواطىء أنجليزى ولطرد أهل فلسطين من أرضهم التى عاشوا فيها آلف السنين وشعر‬
‫الستاذ البنا أن مثل هذه المور تجرى دون أن تجد من يقف لها ويواجهها فالحكومات العربية فى ذلك الوقت ومنها الحكومة‬
‫المصرية كانت أسيرة قوى الحتلل متهالكة هزيلة المواقف ل تنفع ول تضر ول تتحرك قيد أنمله لدرء الخطار المحيطة بدولها‬
‫وشعوبها ‪.‬‬
‫وهداه تفكيره لنشاء النظام الخاص للجماعة لنه الحل الوحيد لكى يشعر المحتل النجليزى بوجود المقاومة لوجوده غير المشروع‬
‫على الرض المصرية ولحماية الدعوة ومواجهة خطر اليهود فى فلسطين وهى الهداف التى قام من أجلها الجهاز الخاص وليس كما‬
‫يزعم عباقرة الكتاب الماركسيون من أساتذة التصنيف والتوصيف والتشويه ـ بأنه أنشىء للقيام بالغتيالت السياسية وقلب نظام‬
‫الحكم ‪.‬‬
‫ويقول الستاذ عمر التلمسانى " الخوانا لمسلمون أعلنوا أن هذا النظام الذى أنشئ عام ‪ 1936‬كان هدفه الول هو تحرير مصر من‬
‫الستعمار البريطانى وإنقاذ فلسطين من اليهود ولكن ا لغراض والهواء كانت دائما تنكر هذا المعنى الحقيقى وتنسب الى الخوان‬
‫أن النظام لم ينشأ فى الخوانا لمسلمين إل سعيا وراء الحكم وما من شك أن هذا ا لنظام قام بأدوار غاية فى البطولة بالنسبة للوطن‬
‫والساءة الى الضباط والجنود البريطانيين المحتلين كما قام بدورة المجيد فى حرب العصابات فى فلسطين ضد اليهود ـ‬
‫والمغرضون ينسون هذه المواقف ول يتذكرون إل أن النظام أنشئ فى الخوان لغرض الستيلء علىا لحكم ومن المسلم به بداهة أن‬
‫الشئون التى فيها الشكل العسكرى أو الحربى ـ فى كل دول العالم فإنها تأخذ صورة من السرية وليست هناك دولة فى العالم تطلع‬
‫غيرها من الدول على أسرار الجيش حتى المواطنين أنفسهم ل يكونون على علم بالشئون الحربية ول يتدخلون فيها ربما أن النظام‬
‫كان الجانب الكبر من دوره الحربى هو مقاتلة النجليز باعتبارهم محتلين ومقاتلة ا ليهود باعتبارهم مغتصبين لرض فلسطين كان‬
‫هناك شئ من السرية فى عدم التصريح بأسماء الجهاز وحقيقة وقعت أخطاء من بعض أفراد النظام ولكنها فى مجملها أخطاء‬
‫شخصية يجب أل تنصرف الى الخوان جميعا أو ل تنصب على ا لخوان جميعا وهنا لبد أن نقف وقفة مع ما جاء فى مقدمة صلح‬
‫عيسى عن هذه الفقرات حيث يقول * لقد سعى حسن البنا الى بناء منظمة من الكوادر تتلقى تربية وإعدادا خاصا وتعد لتكون‬
‫( ميليشيا ) سرية مسلحة مهمتها أن تستولى علىا لحكم بتحرك إنقلبى "‬
‫ول ندرى كيف استنتج الكاتب استنتاجه هذا وهل دلته نشاطات التنظيم السرى خلل فترات وجوده على وجود هذه النية لدى أفراد‬
‫الجهاز ثم ألم يطلع الكاتب على أدوار الجهاز فى مقاومة النجليز بدءا بإثارة الفزع والرعب فى قلوب جنود الحتلل السكارى‬
‫المعربدين فى شوارع ومدن مصر وانتهاء بدورهم فى مقاومة اليهود ونحيل الكاتب الى قضايا الوكار وسيارة الجب ـ التى‬
‫سنعرض لها فيما بعد ـ لو وجد أن كل هذا من أجل فلسطين وليس سعيا وراء ما يسميه الكاتب بالتحرك النقلبى ـ وربما تكون‬
‫هناك أخطاء قد وقعت فى هذا الجهاز وهذا وضع طبيعى لجهاز يشرف عليه بشر وطبيعة البشر الخطأ ـ ولقد وضع هذا الجهاز‬
‫لتربية الشباب تربية جادة وإشعارهم بالمسئولية نحو أوطانهم ونحو عقيدتهم ‪ ..‬لقد كان الهدف الول للنظام هو الجهاد فى سبيل ال‬
‫دفاعا عن الدين ‪.‬‬
‫نظام السر والكتائب ‪:‬‬
‫ولقد واصل الستاذ البنا إكمال عناصر البناء المتكامل للخوان المسلمين فأنشأ نظام الكتائب ونظام السر ‪.‬‬
‫وبالنسبة لنظام السر يقول الستاذ عمر التلمسانى " نظام السر كان الغرض منه فى الخوان المسلمين تعارف أفراد الخوان بعضهم‬
‫على بعض فمثل إذا كان جماعة الخوان أسرة كل أسرة مكونة من خمسة أو سبعة أفراد فرؤساء هذه السر كانوا يكونون بدورهم‬
‫أسرا جديدة ولرؤساء السر الجديدة رؤساء ومن بينهم تتكون أسر أخرى وهكذا ‪..‬فكان نظام السر فى الخوان يقصد به التعارف‬
‫والتعاون والتكامل والحب وإن السرة الواحدة كانت تتكافل فيما بينها فى جميع أوجه شئون الحياة المحتاج يعطيه من لديه والبن‬
‫يعطيه المدرس فى أسرته درسا وهكذا كان التكافل بين أعضاء السر على وجه متكامل وبناء وكان المقصود من نظام السر وحدة‬
‫الفهم وإيجاد نوع من التكافل بين الخوان المسلمين جميعا ولم يقصد أن يعارض أى نظام آخر ‪.‬‬
‫أما الكتائب فهى أيضا صورة من صور النظام الخاص لم يكن هناك فروق بين هذه التشكيلت وكان الهدف منها جميعا هو إيقاظ‬
‫الوعى السلمى فى نفوس المصريين ليعودوا الى تطبيق تعاليم كتاب ال وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم ‪ ..‬وكان هدف الكتائب‬
‫هو تحقيق أسلوب التربية العميقة وبشكل مباشر ولعل الستاذ البنا قد اشتقه من اجتماعات دار الرقم بن أبى الرقم حيث كان رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم يجمع المؤمنين به فى ذلك الوقت المبكر ولقد كان لهذا النظام تأثيره العميق علىا لخوان فأفرز هذا النظام‬
‫مجاهدين ل يخافون فى ال لومة لئم ودعاة مخلصين للعقيدة وعلماء على بينة من أمور دينهم ‪" ..‬‬

‫أخطــاء عبد الرحمن السندى ‪:‬‬


‫لقد عهد المام الشهيد بتيسير أمور هذا النظام الى أحد الشباب بعد تزكية من بعض عناصر الخوان وبعد مبايعة للمام الشهيد‬
‫وكان أول أعمال النظام الخاص بث الفزع والرعب فى قلوب المحتلين النجليز حيث تم اختيار ليلة عيد الميلد * واختاروا النادى‬
‫البريطانى حيث يكون مكتظا بالجنود النجليز وضباطهم وألقوا عليهم قنبلة لم تقتل أحدا ولكنها بعثت الرعب فى نفوسهم وحققت‬
‫الغرض منها تماما فبدءوا يفهمون أنهم يعيشون وسط قوم يستطيعون أن يحفظوا كرامة أنفسهم وأن يلقنوا من يعتدى عليهم دروسا‬
‫قاسية ‪" ..‬‬
‫وقد سار عبد الرحمن السندى سيرا حسنا موفقا نال به رضاء القيادات والفراد فى النظامين الخاص والعام فى الخوان المسلمين ‪..‬‬
‫ولكن ثمة تغيرات ظهرت على شخصية عبد الرحمن السندى فى التجاه العكسى ‪.‬‬
‫ويقول الستاذ عمر التلمسانى " بانتشار وازدياد قوة النظام الخاص أحس عبد الرحمن السندى رحمه ال بقوته وسلطانه * وكان‬
‫يتصرف فى بعض الحيان تصرفات ل يقرها الستاذ المام وهذا ليس أمرا مقصورا على الخوان المسلمين قد يتصرف بعض أفرادها‬
‫تصرفات ل تقرها رئاسة الحزب وقد تحمل الخوان المسلمون كل العباء التى حدثت بعد ذلك ولذلك عندما طلب من المام الشهيد ـ‬
‫أن يصدر بيانا ـ فى أيام النقراشى باشا رحمة ال عليه ـ يستنكر فيه ما حدث كان المام على أتم استعداد ونشر فى الصحف بيانا‬
‫عنوانه " هذا بيان للناس " وبيانا آخر بعنوان " ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين " ‪ ..‬أما مسألة شعور عبد الرحمن السندى أنه على‬
‫مستوى الندية مع المام الشهيد لكبر دليل على أن قيادة الخوان المسلمين أبعد ما تكون عن العنف لنها لو كانت عنيفة أو تدعو‬
‫الى العنف لتم التفاق بين المام وعبد الرحمن السندى على العمل فى طريق واحد وتخيل عبد الرحمن السندى وصل الى مرحلة‬
‫الندية مع المام البنا فإن هذا ل يسىء الى الستاذ البنا ول يعيب الخوان المسلمين ‪ ..‬إنما هو إحساس إنسان بلغت به القوة الى حد‬
‫أنه يضع نفسه فى مستوى قائد الجماعة وهذا النسان أغرته القوة وأغواه الشيطان ولما لم يرض رئيس الجماعة عن ذلك وقع‬
‫الخلف بينهما أما لماذا لم يفصل عبد الرحمن السندى ؟ فإن أى إنسان فى أى جماعة ينمو وتزداد قوته يوما بعد يوم قد ل يدرك‬
‫خطره إل بعد أن يصل أمره الى منتهاه وهذا ما حدث ‪ ،‬والسلح الذى ضبط مع الخوان أيام الرئيس جمال عبد الناصر فإن لهذا‬
‫السلح قصته فحين حدث حريق القاهرة وشعر الضباط الحرار بأنهم موضع تفتيش لجئوا الى الخوان المسلمين لتهريب السلحة‬
‫التى كانت فى بيوتهم وكانت من اسلحة الجيش استعانوا بالخوان المسلمين ووضع جمال عبد الناصر بنفسه التصميم للمخابىء‬
‫ووضعت فيها السلحة بالسمنت وهو يعرفها ولما وقعت المشاكل بين عبد الناصر والخوان قال ‪ :‬إنه عثر على مخازن للخوان‬
‫تكفى لنسف القاهرة عشر مرات ‪.‬‬
‫لقد نشأ الجهاز لمقاومة الوجود الجنبى ثم انحرف عن الطريق ولو أن الحكومات اعتقدت أننا أخطأنا وأخذتنا بالحسنى وتفاوضت‬
‫معنا بدل التعذيب فربما كان الحال الن غير الحال ‪"..‬‬
‫ويضيف الستاذ عمر التلمسانى ‪ ":‬ومن المسلم به بداهة وأنا أقتنع بمواقف الستاذ البنا كنت أرى أن عبد الرحمن السندى قد تجاوز‬
‫حدوده عندما شعر بطاعة أفراد النظام له باعتباره أنه رئيس هذا التنظيم وبلغ به المر أنه عندما حدث صدام بين فريق من هذا‬
‫النظام وبين الستاذ الهضيبى ـ الذى خلف الستاذ البنا فى مركز المرشد العام ـ أن كنت من الساعين الى التوفيق بين وجهات‬
‫النظر فالتقيت مع عبد الرحمن السندى فى مكان اسمه دار الكتاب العربى لصاحبها المرحوم حلمى المنياوى فسألت عبد الرحمن‬
‫السندى ‪ :‬هل أخذت رأى من معك قبل أن تقف هذا الموقف من الستاذ الهضيبى ؟ فكان رده عجيبا جدا قال ‪ :‬إننى ماتعودت أن آخذ‬
‫رأى أحد أبدا ‍ فتركته وانصرفت ودارت اليام والسنون وألقى جمال عبد الناصر القبض على الستاذ الهضيبى وبعض الخوان فى‬
‫يناير ‪ 1954‬فكنا نلتقى فى مكتب المرحوم عبد القادر عودة لعلج الموقف فحضر عبد الرحمن السندى فى ليلة من الليالى وظل هو‬
‫والحاضرون يتناقشون فى الموقف وظللت أنا صامتا ولحظ ذلك عبد الرحمن السندى فبادرنى قائل ‪ :‬لماذا ل تبدىء رأيك ول تتكلم‬
‫يا فلن ؟ فقلت له يا أستاذ عبد الرحمن السندى أنا سمعت منك أن ل تأخذ رأى أحد فيما تريد أن تفعل فل داعى لن أناقش فى أمر‬
‫من المور فحاول جاهدا أن ينكر هذا وأنه ما قال مثل هذا القول فتأكد لى من الحداث الواقعة ان الغرور تملك المرحوم عبد الرحمن‬
‫السندى فأخذ هذا الموقف من الستاذ حسن الهضيبى مثلما وقف نفس الموقف مع الستاذ حسن البنا رضوانال عليه ولمتطل أيام‬
‫الستاذ البنا حتى يتخذ إجراء معينا مع السندى فوقف عبد الرحمن السندى هذاالموقف واحتل المركز العام هو وبعض أنصاره وذهبوا‬
‫الى منزل الستاذ الهضيبى وأساءوا اليه واجتمعت هيئة مكتب الرشاد والهيئة التأسيسية وقررت فصل السندى وبعض من معه وكان‬
‫من فضل ال أن الغلبية كانت ساحقة من أفراد هذاا لنظام التزمت بكلم الستاذ المرشد ولم تتابع عبد الرحمن السندى على أهوائه‬
‫واتجاهاته وزاد المور وضوحا فى نوايا عبد الرحمن السندى حين عينه عبد الناصر فى شركة " شل " فى قناة السويس وأفرد له‬
‫فيل " معينه وسيارة وأثث له منزل وأطلعه عبد الرحمن السندى ـ مع بالغ السف ـ على الكثير من أحوال النظام الخاص وأسماء‬
‫أعضائه مما مكن لجمال عبد الناصر من أن يسىء لهذا النظام إساءة بالغة كما ثبت من التحقيقات والقضايا التى صدر فيها أحكام‬
‫ضد المخابرات التى عذبت الحوان المسلمين فى مبدأ حكم جمال عبد الناصر ولقد نجح عبد الناصر فى التأثير على عبد الرحمن‬
‫السندى واجتذبه الى جانبه فاتخذ هذا ا لموقف مع الستاذ الهضيبى هو وبعض الشخصيات أيضا ـ ولم يكن هناك كما شاع فى ذلك‬
‫الوقت تنظيم سرى بالمعنى المعروف ولكنهم الشباب الذين تحالفوا على مقاومة اليهود فى فلسطين ولقد أراد عبد الرحمن السندى أن‬
‫يكون له دور فى توجيه سياسة الخوان المسلمين إل أن الفريق الذى كان له صله بعبد الرحمن السندى عندما تم انتخاب أعضاء‬
‫مكتب الرشاد فى بدء عهد الستاذ الهضيبى كانت الغلبية الكبرى من أعضاء المكتب من المدنيين ـ أى لم يدرسوا فى الزهر‬
‫وليسوا مشايخ فلعل مثل هذا أساء البعض وأدخل فى روع عبد الرحمن السندى أنه تحول فى السياسة ومقابلة الستاذ الهضيبى‬
‫خصوصا وأن الستاذ الهضيبى كان لديه مبدأ الحزم فى آرائه وتصرفاته بحكم عمله لفترة طويلة كقاض كان يقدر ويحكم وربما كان‬
‫الستاذ البنا أكثر تحمل وصبرا فى مواجهة المور ومعالجتها بالهدوء ولكن مواقف الستاذ الهضيبى كانت تتسم بالحسم العاجل فى‬
‫المور ‪"..‬‬
‫وهكذا نخلص أن الجهاز السرى كانت بدايته طيبة ويعمل وفق النسق العام لحركة ومنهاج الخوان ـ وهو مقاومة الحتلل‬
‫النجليزى ومقاومة التآمر اليهودى ـ النجليزى فى فلسطين ولكن هذاالجهاز انحرف عن طريقه وأصاب رئيس الجهاز عبد الرحمن‬
‫السندى الغرور فظن أنه ينافس أو يضع نفسه فى مرتبة مع المام الشهيد حسن البنا ثم مع الستاذ حسن الهضيبى كما وقعت بعض‬
‫أخطاء من الشباب المتحمس الذى انطلق من تلقاء نفسه فى ارتكاب هذه الخطاء مثل حوادث نسف المحلت اليهودية أثناء حرب‬
‫فلسطين ومقتل المستشار الخازندار ونسف شركة العلنات الشرقية وغيرها وكان ذلك نفكيرا ل تقره الجماعة مما أوجد خلفات‬
‫حادة لم تنته إل بفصل عبد الرحمن السندى وتشكيل الجهاز بأسلوب جديد بعيد عن كل مظاهر العنف والخروج من طاعة الجماعة‬
‫ولكن أحدا ل ينكر أدوار هذا الجهاز فى محاربة النجليز والحتلل الصهيونى لفلسطين ‪.‬‬

‫الفصل السادس‬
‫حرب فلسطين‬
‫كانت قضية فلسطين مجهولة للكثير خلل فنترة الثلثينات وقد حاول الخوان المسلمون جاهدين تنبيه الذهان لخطورة المؤامرة التى‬
‫تجرى على أرض فلسطين عن طريق الخطب والمساجد وكتباتالمام الشهيد ضد الختلل النجليزى لفلسطين وطبع المنشورات التى‬
‫تهاجم النجليز لتواطئهم مع اليهود كما دعا الخوان لمقاطعة المحلت اليهودية فى القاهرة فكان لهذه الدعوة تأثير بالغ فى النفوس‬
‫كما سجلت كتابات الخوان المسلمين فضائح التواطؤ النجليزى ـ اليهودى كما قاد الخوان مظاهرات عارمة فى ذكرى وعد بلفور‬
‫وحاول النجليز فصل مصر عن المة العربية ولكن الخوان وقفوا إزاء هذا التخطيط الخبيث وعقد أول مؤتمر عربى من أجل‬
‫فلسطين فى دار المركز العام بالعتبة مما دفع انجلترا إزاء الضغط الشعبى الى الدعوة لمؤتمر المائدة المستديره بلندن وأصدر‬
‫المؤتمر الكتاب البيض الذى وضع حدا لهجرة اليهود الى فلسطين وتشكلت لجنة التحقيق البريطانية المريكية بإيعاذ من اليهود‬
‫والتى طافت بمختلف مناطق الوطن العربى واستمعت ضمن جولتها لرأى ا لخوان المسلمين فى قضية فلسطين ولكنها ضمنت‬
‫تقريرها السماح لمائة ألف يهودى بالهجرة لفلسطين ثم جاءت المم المتحدة لتقرر واقعا جديدا وغريبا وهو تقسيم فلسطين بين‬
‫دولتين ‪ :‬أحدهما عربية والخرى يهودية فى قرارها فى ‪ 29‬نوفمبر عام ‪ 1947‬عمت موجة من الغضب فى سائر أنحاء مصر والعالم‬
‫العربى وفى مايوا ‪ 1948‬وعد الشهيد المام حسن البنا زعماء الدول العربية الذين أجتمعوا فى " عالية " بلبنان بإرسال ‪ 10‬آلف‬
‫مجاهد كدفعة أولى لفلسطين وسارع الخوان للتطوع فى كافة أنحاء الجمهورية ولما انسحب النجليز من فلسطين فى مايو ‪1948‬‬
‫دخلت الجيوش العربية وكان من بينهم متطوعو الخوان المسلمين والجيش المصرى ‪.‬‬
‫ويقول الستاذ عمر التلمسانى ‪ " :‬كان قرار دخول الخوان المسلمين الحرب أمرا بديهيا ول بد أن يكون لن المسلم ل يرضى أن‬
‫يحتل اليهود بلدا مسلما فل بد أن يقاوموا هذا الحتلل أما تدريب هذه الكتائب فكان يتم فى الجامعة فى معسكرات تحت إشراف‬
‫الحكومة والقائمين على شئون الجامعة وكان السلح من عند الحكومة نفسها وقد جمعوا فيما بينهم أموال ليشتروا بها السلح عن‬
‫طريق التبرعات ‪ ..‬وقد أبلى الخوان المسلمون بل ء حسنا فى هذه المعارك أو فى حرب العصابات ضد العصابات الرهابية اليهودية‬
‫والصورة الواضحة فى هذه المسألة أن النجليز واليهود كانوا يقررون أنهم علىا ستعداد أن يقابلوا فرقا من الجيوش ول يلتقوا‬
‫بأحد من الخوان المسلمين لن الخ كان إذا خرج لغزو كان يخرج وهو مستعد للموت ما كان يفكر فى العودة حيا ولقد كون الخوان‬
‫المسلمون خطورة كاملة لن حرب العقائد أقوى وأكبر من أى حرب وأشد أثرا فى نفوس أصحاب العقائد لنهم يعتقدون أنهم إذا قتلوا‬
‫فإنهم شهداء وسيدخلون الجنة وفعل من الحداث الطيبة أن سبعة من الخوان تسللوا ذات ليلة الى احدى المستوطنات اليهودية فى‬
‫فلسطين وقبل الفجر بساعة تسلل أحدهم الىالجامع الذى كان فى تلك المستوطنة وأذن لصلةالفجر من فوق مئذنة المسجد فظن‬
‫سكان المستوطنة أن الخوان المسلمين احتلوا المستوطنة ففروا هاربين ومعهم الجنود اليهود وسلم الخوان القرية للجيش المصرى‬
‫ولكن بعد أيام استردها اليهود من الجيش مرة أخرى وقد شهد قادة الجيش مثل النواوى وفؤاد صادق شهادات قيمة بالنسبة للخوان‬
‫ولتضحياتهم وشجاعتهم وقد استشهد فى معارك حرب فلسطين ما بين ‪30‬ـ ‪ 40‬من الخوان " ‪..‬‬
‫ثم كانت المفاجأة التى أذهلت مجاهدى الخوان وهى قبول الدول العربية للهدنة الولى وأصدرت أوامرها للجيوش العربية بوقف‬
‫القتال لمدة ‪ 4‬أسابيع من ‪ 11‬يونية ‪ 1948‬وحاول الخوان تقديم نصيحتهم للحكومة المصرية بعدم قبول الهدنة أو المماطلةفى‬
‫تنفيذها لن الجيوش العربية كانت تواصل انتصاراتها وقد أعلن الخوان رفضهم وعدم قبولهم هذه الهدنة المخططة وذلك فى بيان‬
‫للمام الشهيد حسن البنا فى الثالث من يونية عام ‪ 1948‬وبعد نهاية الهدنة واصللجيش المصرى ومعه كتائب الخوان تقدمهم داخل‬
‫فلسطين ثم فرضت الهدنة الثانية ولكن اليهود ضربوا بالهدنة عرض الحائط وبدأت الموازين تختل لصالح عصابات الرهاب اليهودى‬
‫وقد حقق الخوان المسلمون بطولت خارقة لحماية الجيش عند انسحابه ‪ ..‬أماا لنجليز فلم يكونوا راضين عن دخول‬
‫الخوانالمسلمين الحرب لنهمأصحاب فكرة استيطان اليهود فى فلسطين ولم يوجه النجليز معارضة مباشرة للخوان لن الخوان‬
‫مصريون وللمصريين حكومة فكانت اتصالتهم بالحكومة فلما ضاقوا بالمر اجتمعوا فى فايد ( سفراء انجلترا وفرنساا وأمريكا )‬
‫وأرسلوا قرارا للنقراشى وقد أخذت صورة القرار بأسلوب معين وقدمت فى قضية سيارة الجيب وكان القرار يقضى بأن تقوم‬
‫الحكومة بحل الخوان المسلمين وإما أن تحتل الدول الثلث السكندرية والقاهرة فكان عند النقراشى ما فى نفسه تجاه الخوان فنفذ‬
‫قرار حل الجماعة ‪.‬‬
‫أما الكتائب التى كانت تحارب من الخوان المسلمين فلم تكن كتائب بالمعنى الدقيق وإنما مجموعات فى حدود مائتين وكان يخفف‬
‫العبء أن هؤلء الفراد لم يكونوا يتناولون أجرا على انتظامهم فىالعصابات ولم يكبدوا الجماعة أى مصاريف وكان الخ المجاهد‬
‫ينفق على نفسه فى ميادين القتال الى جانب أن العاشة من طعام وشراب كانت تقدمه الحكومة وقد تم السفر بموافقة الحكومة ثم‬
‫عادت تتنكر لمواقفها حينما وقع الشقاق بين النقراشى والجماعة فاستغلوا الفرصة وقبض على عدد من الخوان المجاهدين فى حرب‬
‫فلسطين وهم فى أرض القتال وأرسلوا مكبلين بالحديد من فلسطين الى مصر ‪" ..‬‬
‫وقد وصفت احدى الصحف المريكية الستاذ حسن البنا قائلة ‪ " :‬إنه صار أقوى شخصية فى الشرق العربى وإن هذه الشخصية لن‬
‫تهزم إل أن تصير الحداث أقوى منها " وكانت إشارة وتلميحا لتدبير مؤامرات ضد المام الشهيد وجماعة الخوان المسلمين ولقد‬
‫أثارت بطولت الخوان وشجاعتهم النادرة قلوب الحاقدين سواء فىا لسراى أم فى الوزارة السعدية وماعكسته هذه البطولت من‬
‫انعكاسات شعبية عارمة مؤيدة للخوان وانتشار ساحق لحركة الخوان ومن هنا بدأت التربصات والمؤامرات التى تدبر فى الخفاء‬
‫ولكن ال كشفها جميعا وهكذا كان الخوان المسلمون على مستوى الحداث واستيعاب المتغيرات السياسية علىالساحة المصرية‬
‫والعربية وكانوا وراء التحرك المصرى فى حرب فلسطين ولكن مؤامرات النظمة العربية وضعفها إزاء طغيان المستعمر الذى كان‬
‫يكبل المنطقة العربية أوقع فلسطين فريسة سهلة فى أفواه عصابات اليهود الوحشية والرهابية والتف النظام المصرى الخاضع‬
‫للسراى والنجليز ليوجه ضرباته للحركة ذات الشعبية الواسعة ـ الخوان المسلمين ‪..‬‬

‫الفصل الســـــابع‬
‫حكايتنا مع النقراشـــــى‬
‫بعد مقتل أحمد ماهر رئيس وزراء مصر ورئيس الحزب السعدى فى فبراير ‪ 1945‬عقب إعلنه الحرب علىالمحور على يد شاب‬
‫ينتمى للحزب الوطنى شكل نائبه محمود فهمى النقراشى باشا الوزارة لول مرة وكان أهم ما يؤرق وزارة النقراشى هو كيفية‬
‫القضاء على الخوان المسلمين الذى أصبح لهم نشاط واسع المدى بين كافة الوساط والمجتمعات على خريطة مصر الجتماعية‬
‫والقتصادية والسياسية وكان دورهم فى الحركة الوطنية له مكان الصدارة وكان رأى جمهرة الخوان أن النقراشى يصلح لكل‬
‫العمال إل الرياسة لما يغمر السعديين من نوايا وأحقاد ولكن الخوان عملوا على حث الحكومة علىالمطالبة بحقوق البلد فى‬
‫الستقلل والوحدة لوادى النيل وتقدم الحكومة بمذكرة ضعيفة جعلت النجليز ل يعنون بمجرد الرد عليها وأصدرت الهيئات المختلفة‬
‫بيانا احتجت فيه على هذا الموقف وقد سجل الخوان فى اجتماع الهيئة التاسيسية موقفهم من هذا ا لموقف المتخاذل لحكومة‬
‫النقراشى وتردد صدى هذا البيان فى كل أنحاء مصر ولم تتحرك حكومة النقراشى الولى خطوة واحدة فى سبيل تحقيق المطالب‬
‫الوطنية المصرية وعقب هذا البيان وقعتمصادمات عنيفة بين البوليس والشباب فى القاهرة والسكندرية وتكررت مأساة حادث‬
‫كوبرى عباس للمرة الثانية فقد أصدر وكيل وزارة الداخلية عبد الرحمن عمار أوامره للجنود بإطلق الرصاص علىالشباب البرىء‬
‫على نفس الكوبرى وراح ضحية هذا الحادث الثيم أكثر من ‪ 25‬طالبا وجرح المئات وانطلقت المظاهرات فى كل مصر وحاصر‬
‫البوليس المركز العام للخوان المسلمين فأرسلت الجماعة بيان احتجاج على تصرفات ا لحكومة الى جريدة المصرى فقامت الحكومة‬
‫بمصادرة الجريدة ‪ ..‬وتهاوت وزارة النقراشى الولى فى ‪ 14‬فبراير ‪ 1946‬بعد أن فشلت فى أن تحقق مطلبا وطنيا واحدا ثم جاءت‬
‫وزارة اسماعيل صدقى التى هوت هى الخرى لعجزها وخضوعها للنجليز وفشل اسماعيل صدقى فى تحقيق الحد الدنى من المطالب‬
‫المصرية فى المفاوضات المصرية ـ البريطانية وعندما قامت مظاهرات ضخمة فى فبراير ‪ 1946‬للمطالبة بحقوق البلد تصدت لها‬
‫قوات الجيش البريطانى وفتكت بعدد كبير منهم وقد طالب الخوان اسماعيل صدقى باشا فى بيانهم الذى سلمه له وكيل الجماعة‬
‫بمطالبة النجليز بالجلء التام عن مصر وعرض قضية مصر على مجلس المن الدولى والتحقيق فى تلك الحداث واعتذار النجليز‬
‫عنها وتعويض أسر الشهداء وفشلت المفاوضات مع النجليز وأحس اسماعيل صدقى بعجزه وضعفه إزاء السخط الشعبى الذى عم‬
‫مصر فقدم استقالته فى ‪ 9‬ديسمبر عام ‪ 1946‬ليعود للوزارة مرة أخرى النقراشى باشا ولتبدأ صفحة من الصدام مع هذا الرجل ورغم‬
‫مايعلمه الخوان ورأوه من فشله فى وزارته الولى فقد أرسلوا اليه بخطاب يحدون فيه خطوات إصلح الموقف المتدهور فى البلد‬
‫بعد فشل مفاوضات الجلء مع النجليز وقد سافر أحد الخوان ( مصطفى مؤمن ) الى المم المتحدة وألقى بيانا داخل مجلس المن‬
‫عن مطالب مصر الخاصة بالستقلل وبوحدة شطرى النيل ‪ :‬مصر والسودان وقامت مظاهرات فى سائر أنحاء مصر تهتف بمطالب‬
‫البلد ووقعت مصادمات عنيفة وخيب النقراشى أمل المصريين فى مسألة المفاوضات وخضع للنفوذ النجليزى وتحولت مصر كلها‬
‫الى شعلة من الوطنية إزاء الموقف المتخاذل للنقراشى باشا ثم ظهرت كارثة قرار المم المتحدة بتقسيم فلسطين وقد أبلى الخوان‬
‫المسلمون بلء حسنا فى معارك فلسطين ـ وسبق القول بالتعرض فى فصل سابق لهذه النقطة ـ وبدأ النقراشى فى تنفيذ مؤامراته‬
‫ضد الخوان بعد أن انتشروا انتشارا ساحقا بسبب بطولتهم فى فلسطين معتمدا على جهاز البوليس السياسى فى تدبير هذه‬
‫المؤامرات وتلفيقها للخوان المسلمين واعتمد النقراشى فى تنفيذ سياسة العدائية للخوان علىنائبه إبراهيم عبد الهادى وعبد‬
‫الرحمن عمار وكيل الداخلية للمن العام ثم كان القرار العسكرى الذى أصدره النقراشى وهو المر العسكرى رقم ‪ 63‬لسنة ‪1948‬‬
‫بحل جماعة الخوان المسلمين وإغلق كل شعبها ومصادرة أموالها وقد رد المام الشهيد بمذكرة فند فيها ما نسبته المذكرة‬
‫التفسيرية لقرار الحل مما وجه الخوان من اتهامات ومنها أتهام الخوان بالدعاية للمحور وقد ثبت براءة ألخوان منها وحوادث‬
‫الشغب التى أشترك فيها شباب من كل الحزاب والفئات وألصقت بالخوان وحدهم دون غيرهم ‪.‬‬
‫ويقول الستاذ عمر التلمسانى ‪:‬‬
‫" لقد خضع النقراشى للقصر والنجليز وأى شعب ل يرضى أن يكون رئيس حكومته خاضعا لدولة أجنبية ولقصر مستبد وتاريخ‬
‫النقراشى حافل بالخطاء والجرائم لنه فتح كوبرى عباس وعليه المئات واللف من الشباب الجامعى منهم من غرق ومنهم من قتل‬
‫برصاص النجليز فكان حكمه كله إرهابيا ودمويا وما من شك أن النقراشى لم يتخذ قرار الحل من تلقاء نفسه وإنما بضغط من‬
‫الحلف الثلثى ( انجلترا ـ فرنسا ـ الوليات المتحدة ) ومصادرة أموال الخوان المسلمين كان عمل ظالما ما كان يصح أن يلجأ اليه‬
‫حاكم عادل أو منصف فكان هذاالتصرف له أسوأ الثر فى نفوس الخوان "‬

‫من وراء الحل ؟‬


‫رغم أن الننقراشى أعلن أنه هو الذى أصدر المر العسكرى ولكن تكشفت أبعاد خطيرة تؤكد أن هناك مؤامرة دولية وراء قرار الحل‬
‫ففى مرافعة الستاذ شمس الدين الشناوى فى قضية "السيارة الجب " أمام محكمة الجنايات فى ‪ 21‬يناير ‪ 1951‬حيث قدم للمحكمة‬
‫وثيقة مكتوبة باللغة النجليزية وسلمها للمحكمة وتلى نصها باللغة العربية وهذه عبارة عن رد من القيادة العليا للقوات البريطانية‬
‫فى الشرق الوسط على إشارة وردت اليها من السفارة البريطانية وتقول القيادة فى الوثيقة " لقد أخطرت هذه القيادة رسميا بأن‬
‫خطوات دبلوماسية ستتخذ لقناع السلطات المصرية بحل جماعة الخوان المسلمين فى أقرب وقت ممكن " وذيلت الوثيقة بإمضاء‬
‫رئيس إدارة قوات القيادة العليا الحربية البريطانية فى الشرق الوسط ـ وطعنت النيابة فى الوثيقة بأنها مزورة فقا ل رئيس‬
‫المحكمة ‪ :‬إلى أن تقرر السفارة البريطانية بأن هذه الوثيقة مزورة وغير صحيحة فإنها يجب أن تعد صحيحة ولما ردت السفارة‬
‫البريطانية بعد صحة الوثيقة ولكن الستاذ الشناوى طلب أن تقدم القيادة العليا للقوات البريطانية فى الشرق الوسط ردها على هذه‬
‫الوثيقة وإنكارها ولم يصل أى رد بعد ذلك وقال الستاذ الشناوى ‪ :‬إن هذه الوثيقة رسمية صادرة من موظف رسمى مختص‬
‫بتحريرها وهو المستر " ماك رموث " ‪.‬‬
‫اغتيال النقراشى ‪:‬‬
‫ولم يكد يمضى على القرار العسكرى بحل الجماعة سوى عشرين يوما إل وتقدم شاب من النقراشى باشا وأطلق الرصاص عليه وهو‬
‫على سلم وزارة الداخلية فى ‪ 28‬ديسمبر ‪ 1948‬وقتله واسمه عبد المجيد حسن وكان عضوا بجماعة الخوان المسلمين ‪.‬‬
‫ويقول الستاذ عمر التلمسانى ‪ " :‬إن دوافع هذه ا لجريمة كانت دوافع نفسية محضة لقد كان فردا فى جماعة ورأى النقراشى يحل‬
‫هذه الجماعة ويعتقل أفرادها ويعذبهم ويصادر أموالهم ويجمد ممتلكاتهم فاندفع هو وبعض الشبان معه لرتكاب مثل هذا التصرف‬
‫الذى استنكره الستاذ البنا صراحة على صفحات الجرائد ولم يكن هناك تخطيط جماعى ولكن كان هناك تخطيط بين جماعة من‬
‫الشباب فيما بينهم والواقع أن النقراشى هو الذى قتل نفسه ولم يقتله الخوان المسلمين بسبب ما اقترفه فى حق هذا ا لبلد‬
‫وتصرفاته هى التى أودت بحياته وحملت بعض الشباب المتحمسين لقتله على هذه الصورة ولقد كان حل الجماعة أثر بالغ على‬
‫نفوس الخوان جميعا من أولهم لخرهم وهذا الثر السىء كان يختلف انعكاسه فى النفوس على قدر احتمال كل إنسان لما يصادفه‬
‫من صعاب وعقبات البعض يحتمل ويطول احتماله والبعض الخر ل يطول احتماله فكانت النتيجة ارتكاب الشباب المتحمس لهذا الفعل‬
‫؟؟ "‬
‫وهكذا جاءت نهاية حكم النقراشى على هذه الصورة وبهذه الكيفية والتى لم يخطط لها أى مستوى قيادى فى الخوان سواء فى‬
‫النظام العام أو الخاص وإنما دفع الحماس بعض الشباب للنتقام من الشخص الذى حل جماعتهم ولقد كانت فترات حكم النقراشى من‬
‫الفترات التى تمتلىء صفحاتها بالتهاون والعجز والخضوع لسلطة القصر وسطوة النجليز وأيضا من الفترات الساخنة على مستوى‬
‫الحركة الوطنية والصدامات العنيفة والتى دفع ثمنها فى النهاية النقراشى ولتغلق صفحة أخرى من صفحات العداء للخوان وما زال‬
‫الزمن يحمل للخوان صفحات جديدة ‪.‬‬

‫الفصل الثامن‬
‫مؤامرة إغتيال الشهيد‬
‫بعد أغتيال النقراشى فى ‪ 28‬ديسمبر ‪ 1948‬بعد عشرين يوما من صدور المر العسكرى بحل جماعة الخوان المسلمين والقبض على‬
‫عدد كبير من الخوان فى ظل وزارة إبراهيم عبد الهادى الذى خلف النقراشى باشا وجاءت هذه الوزارة بإجراءات أكثر عنفا‬
‫وشراسة تجاه الخوان المسلمين وقد اتسمت صفحات هذا ا لرجل ومواقفة من الخوان بالسواد وأ تى بتصرفات يندى لها الجبين‬
‫بحكم خضوعه للملك والنجليز وكان أداة طيعيحركونها كيفما شاءوا ولقدحاول الستاذ تهدئة الجو وأجرى عدة اتصالت بالحكومة‬
‫أمل فى أن يفيئوا الى رشدهم ويعودوا لجادة الصواب ‪.‬‬
‫وأصدر الشهيد البنا " بيان للناس " ونشر فى ‪ 11‬يناير ‪ 1949‬وقال فى بعض فقراته ‪ " :‬ولقد حدث أن وقعت أحداث نسبت الى بعض‬
‫من دخلوا الجماعة دون أن يتشربوا روحها أو يلتزموا نهجها مما ألقى عليها ظل من الشبهة فصدر أمر بحلها وتل ذلك هذاالحادث‬
‫المروع حادث اغتيال رئيس دولة الحكومة المصرية محمود فهمى النقراشى باشا الذى أسفت البلد لوفاته وخسرت بفقده علما من‬
‫أعلم نهضتها وقائدا من قادة حركتها ومثل طيبا للنزاهة الوطنية والفقه من أفضل أبنائها ولسنا أقل من غيرنا أسفا من أجله‬
‫وتقديرا لجهوده وخلقه ‪.‬‬
‫ولما كانت طبيعة دعوة السلم تتنافى مع العنف بل تنكره وتمقت الجريمة مهما يكن نوعها أو تسخط على من يرتكبها فنحن نبرأ‬
‫الى ال من الجرائم ومرتكبيها ولما كانتبلدنا تجتاز الن مرحلة من أدق مراحل حياتها مما يوجب أن يتوفر لها كامل الهدوء‬
‫والطمأنينة والستقرار‪ .‬ومضى ا لمام الشهيد قائل ‪ :‬لهذا أناشد إخوانى ال ةالمصلحة العامة أن يكون كل منهم عونا على تحقيق‬
‫هذا المعنى وأن ينصرفوا الى اعمالهم ويبتعدوا عن كل عمل يتعارض مع استقرار المن وشمول الطمأنينة حتى يؤدوا بذلك حق ال‬
‫والوطن عليهم ‪..‬‬
‫ويقل الستاذ محمود عبد الحليم لقد أصدر الستاذ المرشد البيان ونشر فى الصحف تحت عنوان " بيان للناس " وإن كان ممثلو‬
‫الحكومة قد ألزموه بإثبات عبارات معينة لم يكن هو راضيا عنها ولكن ـ أمل فى تدارك الموقف المتفاقم ـ أجازها كارها "‬
‫وقد بدأت خيوط المؤامرة حول المام الشهيد منذ اغتيال النقراشى باشا تتضح فقد اعتقلت مجموعة كبيرة من الخوان المسلمين‬
‫ومكتب الرشاد عدا المام الشهيد تمهيدا لرتكاب الجريمة البشعة وتركه حرا ليجرى اتصالته مع الحكومة حتى يكون تحت عين‬
‫أجهزة المن " البوليس السياسى " وقد شعر المام الشهيد بهذه المؤامرة وأنها تستهدفه هو شخصيا فطلب اعتقاله مع زملئه أو أن‬
‫تفرج الحكومة عنهم كما طلب الشهيد من الحكومة مغادرة القاهرة لمكان آخر فلم ترد الحكومة على طلبه بينما كانت خيوط المؤامرة‬
‫يتم نسجها فى أجهزة البوليس السياسى فإن عيون هذا الجهاز تراقب كل حركة وكل سكنة للمام الشهيد ولكن المفاوضات مع‬
‫الحكومة انهارت بسبب محاولة نسف محكمة الستئناف فى ‪ 133‬يناير ‪ 1949‬وألقى القبض على أحد أعضاء الجهاز السرى بعد أن‬
‫اكتشفت أنه سلم القنبلة لحد السعاه لوضعها داخل المحكمة ولكنها انفجرت خارجها وتأثر المام الشهيد بهذا الحادث أيضا واتصل به‬
‫بعض المسئولين فى الحكومة وحصلوا منه على بيان " ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين " ولكن بدل من أن تنشره ا لحكومة كما فعلت‬
‫مع البيان الول فإنها حجبت البيان حوالى شهر أى فى ‪ 12‬فبراير ‪ 1949‬بعد ارتكاب الجريمة ا لبشعة واغتيال المام الشهيد حتى‬
‫يحجبوا الحقيقة عن الناس وليهامهم أن مرتكبى حادث محكمة الستئناف هم من الخوان المسلمين وكان المرشد العام يلح‬
‫علىالحكومة أن تتيح له فرصة اللتقاء بإخوانه فى السجون والمعتقلت ليستعين بهم فى تهدئة الجو ولكن الحكومة كانت ترفض‬
‫دائما ولكن بدون مقدمات وافقت ـ وبشكل مريب ـ على موعد يقوم فيه المرشد العام بزيارة الخوان المعتقلين وبصفة خاصة‬
‫أعضاء مكتب الرشاد ‪.‬‬
‫وكان إبراهيم عبد الهادى قد أخبر أحد وزرائه وهو زكى على باشا وكان وزير دولة وأكده لحد أقربائه وهو الستاذ الناغى الذى‬
‫كان عضوا مؤسسا فى جمعية الشبان المسلمين وأرسل اليه أحد أعضاء جمعية ا لشبان ا لمسلمين ليخبر المام الشهيد بالنبأ السار‬
‫ويطلب منه الحضور لدار الجمعية فى الساعة الخامسة يوم السبت الموافق ‪ 14‬ربيع الثانى ‪ 12‬فبراير ‪ 1949‬وبعد مقابلة المام‬
‫الشهيد للستاذ الناغى خرج الستاذ حسن البنا ومعه الستاذ عبد الكريم منصور والستاذ الليثى ـ الذى أرسله الستاذ الناغى‬
‫للمام الشهيد وركب ا لمام الشهيد سيارة أجرة وفجأة ظهر ثلثة رجال مسلحون وانهالوا بمسدساتهم علىالسيارة فأصيب المام‬
‫الشهيد إصابة خطيرة ونقل المام الشهيد البنا الى مستشفى قصر العينى ل سعافه ‪.‬‬
‫ويقول الستاذ عمر التلمسانى ‪ " :‬لقد ظنوا قتل الستاذ حسن البنا سينهى وجود الخوان ولقد دبروا ذهابه لجمعية الشبان المسلمين‬
‫ليلتقى بمندوب من قبل ابراهيم عبد الهادى ليتحدث ويهدىء الجو ولكنهم كانوا يدبرون لقتله وانتظره ثلثة من المخبرين فى الشارع‬
‫وعند خروج المام الشهيد أطئت أنوار نفس الشارع الذى توجد فيه جمعية الشبان المسلمين وانطلقت سبع رصاصات ونقل‬
‫لمستشفى قصرا لعينى وهو حى وصدرت الوامر من الملك الى ادارة قصر العينى بأن ل يسعف حسن البنا وظل المام الشهيد ينزف‬
‫طويل حتى فاضت روحه الطاهرة إنما لو كان فى أجله بقية وأدركوه بالسعاف لما مات قبلن يحين الجل ولكنها إرادة ال عز وجل‬
‫‪ ..‬ويؤيد ذلك شهادة الستاذ محمد الليثى الذى كان مع المام الشهيد لحظة وقوع الجريمة ـ والذى لقى تعذيبا شديدا بعد ذلك‬
‫بسبب شهادته ـ فقال الستاذ محمد الليثى ‪ :‬ذهبت الى قصر ا لعينى ورأيت الستاذ المام حين أدخل غرفة العمليات وكانت حالتة‬
‫فى نظرى غير خطيرة بدليل أنه حينما طلب الدكتور من التومرجى خلع ملبس الشيخ البنا هب الشيخ وجلس وخلع ملبسه بنفسه‬
‫وبعد ذلك وجدت شخصا يقول للدكتور ‪ :‬أنا جاى من قبل الحكمدار لعرف حالة البنا وكان هذا ا لشخص هو المير لى " محمد‬
‫وصفى " ممثل الملك فى الجريمة ‪..‬والغريب أن الشخص الثانى الذى كان مع المام الشهيد وهو عبد الكريم منصور كانت حالتة‬
‫خطيرة بدليل أنه لم يستطع الجابة عن عنوانه حين سألة الطبيب وتولى المام الجابة عنه " ولكن بعد ساعات أعلن وفاة الستاذ‬
‫المام الشهيد وشفاء عبد الكريم منصور ولم تكتف الصابع الثيمة بما فعلته وإنما نقلت جثمان المام الشهيد وسط مظاهرة مسلحة‬
‫من رجال البوليس بالبنادق والمسدسات وأرغمت السيدات على حمل الجسثمان الى النعش ولم يسمح لحد من السرة بالقتراب من‬
‫الجثة ‪ ..‬حتى القرآن حرم عليهم تلوته ونقل الجثمان الى مسجد فيسون القريب من المنزل ولم يسمح لحد بتشييعه ولم يستطع أحد‬
‫تقديم العزاء سوى مكرم عبيد باشا وظلت الحراسة مستمرة على قبره واعتقال كل من يقترب من قبر المام الشهيد طيب ال ثراه ‪.‬‬
‫إن هذه الوقائع تكشف بشكل واضح وسافر عن الجريمة البشعة التى اشترك فيها القصر بالتفاق مع وزارة الداخلية وجهاز البوليس‬
‫السياسى ولقد حاولت هذه الطراف إخفاء وطمس معالم الجريمة ولم تسمح لحد بالعزاء فى المامالشهيد والطريقة الفظة والبشعة‬
‫التى أوصلوا بها جثمان المام الشهيد لبيته تثير آلف الشكوك حول المخطط الذى جرى تنفيذه فى الظلم للقضاء على داعية ما كان‬
‫يدعو فى يوم من اليام لعنف أو كراهية ‪ ..‬وقد مر التحقيق فى اغتيال الشهيد بعدة مراحل أولها فى عهد وزارة ابراهيم عبد الهادى‬
‫وكان النائب العام وهو محمود منصور ولم يجرؤ أحد أن يتقدم بشهادته وعذب " محمد الليثى " بسبب إفصاحه عن رقم السيارة التى‬
‫ارتكبت الحادث ضد المام الشهيد وقيد الحادث جناية ضد مجهول وثانيها ‪ :‬فى عهد وزارة الوفد ( حسين سرى باشا ) وجرت‬
‫التحقيقات سرية ولكن لم يتم التوصل للجناة الحقيقيين ‪.‬‬
‫وثالثهما فتح التحقيق بعد قيام انقلب يوليو قبض على بعض المشتبه فى قيامهم بالجريمة ولكن طوال المدة بين ارتكاب الجريمة‬
‫والتحقيق فيها طمس الكثير من معالمها ولذا فقد قررت الحكومة التى شكلت عام ‪ 1952‬أنه ل محل لقامة الدعوى على ابراهيم عبد‬
‫الهادى وعبد الرحمن عمار وكيل الداخلية فى عهده ثم توالت دائرة الجنايات برياسة الدكتور كامل ثابت نظر القضية فى ‪ 10‬نوفمبر‬
‫‪ 1953‬ثم أصدرت المحكمة فى ‪ 2‬أغسطس ‪ 1954‬حكما بالسجن على أحمد حسين جاد ومحمد محفوظ ومحمود عبد المجيد بالسجن‬
‫مددا تتراوح بين الشغال الشاقة (‪25‬عاما ‪ 15 ،‬عاما ) ودفع تعويضات لسرة الشهيد وأثبتت الحيثيات تواطؤ وزارة إبراهيم عبد‬
‫الهادى والقصر فى القضاء على زعيم الخوان المسلمين الشهيد المام ‪..‬‬

‫الجماعة تمضى رغم المحنة ‪.‬‬


‫وقد كانت ردود الفعل قاسية ومريرة على أعضاء جماعة الخوان إزاء الجريمة البشعة التى ارتكبت ضد مرشدهم ومعلمهم وإمامهم‬
‫الشهيد حسن البنا لقد سادت موجة من الحزن الدفين لدى معظم أعضاء الجماعة لتكالب قوى ا لفساد ضد دعوتهم فلقد كان حب‬
‫الخوان للمام الشهيد حبا ل يقبل الشك ول الجدل وكانت الصدمة قاسية بالنسبة لهم وكان لها تأثير فيما بعد ولم يكتف إبراهيم عبد‬
‫الهادى بمؤامرته ضد الخوان وآخرها مؤامرة اغتيال المام الشهيد والذى ثبت ادانة اطرافها بعد قيام انقلب يوليو ‪ 1952‬ـ وإنما‬
‫مارس من خلل أجهزته ألوانا بشعة من التعذيب ضد الخوان المسلمين الذين اعتقلهم وثبت هذا التعذيب أيضا بأحكام من محكمة‬
‫الجنايات بمصر كما اعتقل الكثير بعد استشهاد المام حسن البنا وضاعف الحصار حول البلد بقوات المن والبوليس السياسى حتى‬
‫ترك إبراهيم عبد الهادى غير مأسوف عليه فى ‪ 25‬يوليو ‪ 1949‬وكان الوزر الكبر على ابراهيم عبد الهادى ـ على حد قول الستاذ‬
‫عمر التلمسانى أنه حيث انتهى من التعذيب بدأ جمال عبد الناصر ومن بعده فى هذه الجراءات " ‪.‬‬
‫ويضيف الستاذ التلمسانى " إن الجماعة مضت فى طريقها رغم المحنة التى واجهتها وكانت محظورة بعد قرار الحل ولكننا كنا‬
‫نجتمع فى مكتب ا لستاذ طاهر الخشاب وظلت أمور الخوان كما هى دون وجود الشكل الرسمى والقانونى لها "‬
‫فقد حفلت ا لمحاكم بعدة قضايا أطلق عليها " قضايا الخوان " ووقعت كل أحداثها فى عهد وزارة ابراهيم عبد الهادى عدا قضية‬
‫سيارة الجيب فكانت فى عهد النقراشى وكانت خمس سنوات وهى قضية اغتيال النقراشى ومحاولة نسف محكمةالستئناف وسيارة‬
‫الجيب ومحاولة اغتيال حامد جودة رئيس مجلس النواب وقضية الوكار ‪.‬‬
‫أما بالنسبة لقضية مقتل النقراشى فقد سبق الحديث عنها أما قضية الوكار يقول عنها الستاذ التلمسانى " إن الخوان المسلمين‬
‫كانوا يختفون فى أماكن معينة لكيل يقبض عليهم وكانوا يقاومون البوليس إذا ما هاجم منزل أو شقة من الشقق فأطلقوا عليها‬
‫الوكار بدل من شقة أو بيت وقد دفع محامو المتهمين بممارسة التعذيب ضد المعتقلين على ذمة القضية ‪.‬‬
‫وظلت القضية معلقة حتى أول أكتوبر ‪ 1954‬حيث تقرر إعادة عرضها من جديد على محكمة الجنايات ‪ ..‬أما قضية مقتل المستشار‬
‫الخازندار فقد قبض على بعض شباب النظام الخاص فى حوادث اعتداء على الضباط النجليز كما قبض على رجل أعمال كبير فى‬
‫السكندرية اسمه حسن قناوى وكان مصابا بالشذوذ الجنسى وقام بقتل اثنين من الشباب وحاول قتل الثالث ولكنه نجا من المحاولة‬
‫فضبط حسن قناوى ولم تثبت عليه جريمتا القتل السابقتان وحكم عليه المستشار الخازندار بالسجن ‪ 7‬سنوات بينما حكم على الشباب‬
‫من الخوان بعشر سنوات والشباب لم يدرس القانون جيدا خاصة وأن جريمة حسن قناوى هى شروع فى قتل فظنوا أن الخازندار‬
‫يمالىء المستعمرين وينتقم منهم لنهم اعتدوا عليهم وكان هذا الظن خاطئا ففعلوا ما فعلوا وكنا جميعا نستنكر مثل هذه التصرفات ‪.‬‬
‫أما قضية سيارة الجيب فالشىء المهم هو الكراسة أو الدفتر الذى وجد مع أحد أفراد النظام الخاص عندما حصل انفجار وقبض عليه‬
‫بعض المخبرين وعرفوا من الحقيقة أسماء أعضاء التنظيم والسماء الحركية لهم “ ‪.‬‬
‫وقد صدرت الحكام فى سيارة الجيب ببراءة ‪ 14‬متهما من ‪ 32‬متهما وحكم على ا لباقى بأحكام تتراوح بين ثلث سنوات وسنتين‬
‫بسبب التعذيب الذى لقاه المعتقلون أما قضية الوكار فحكم فيها بالبراءة عام ‪ 1954‬وامتد نظر بعض القضايا بعد قيام حركة يوليو‬
‫عام ‪. 1952‬‬
‫ولكن أبرز الحكام التى صدرت لصالح الخوان المسلمين هو قرار مجلس الدولة فى ‪ 17/9/1951‬والذى قررأن جمعية الخوان‬
‫المسلمين موجودة قانونا حيث إنها سجلت أوجه نشاطها الخيرية فى وزارة الشئون الجتماعية طبقا لنص القانون رقم ‪ 49‬لسنة‬
‫‪1949‬وقام الخوان بفتح المركز كما قضت محكمة القضاء الدارى فى جلسة ‪3/6/1952‬بالغاء المر الدارى رقم ‪ 63‬بحل جمعية‬
‫الخوانالمسلمين لنه قرار على أساس غير سليم من القانون ويتعين إلغاؤه ‪ ..‬وهكذا عادت الجماعة للنشاط الرسمى رغم كل‬
‫المحاولت التى بذلها النقراشى وإبراهيم عبد الهادى للقضاء على الجماعة والمؤامرات التى دبرت وكان أخطرها على الطلق‬
‫مؤامرة اغتيال المام الشهيد حسن البنا وسبقها حل جماعة الخوان المسلمين واعتقال عدد كبير من أعضائها وتعذيبهم بأسلوب‬
‫وحشى ‪.‬‬

‫الستاذ حسن الهضيبى‬


‫ويقول الستاذ عمر التلمسانى ‪ “ :‬الستاذ حسن الهضيبى رحمه ال كان قديم الصلة بالخوان المسلمين وكان شخصية يمكن أن‬
‫تتولى قيادة الخوان المسلمين وفى مثل هذه المور بل فى العالم كله يختلف الناس فيمن يتولى رئاسة الحزب أو الحكومة أو الدولة‬
‫فريق يعطى صوته لهذا وفريق ثان يعطى صوته لذاك وعندئذ يؤخذ رأى الغلبية وهكذا تسير المور بمنتهى البساطة إذ ليس هناك‬
‫تعقيد ول مؤامرات ‪ .‬أما من يقول بحدوث تجاوزات فى اختيارالمرشد العام الجديد فنقول له ‪ :‬إن الحقيقة لم تكن هناك تجاوزات فى‬
‫القانون ولكنها هى تنفيذ لروح منهاج الخوان المسلمين وحصل هذا فى عهد الصحابة حين قتل سيدنا عمر بن الخطاب ووكل المر‬
‫الى ستة من الصحابة الكبار وقيل لهم اختاروا من بينكم واحدا فاختاروا ثم جاءت الغلبية فى صف سيدنا عثمان بن عفان فانتخب‬
‫لقد كان اختيار المرشد العام الجديد فيه نوع من المرونة أما ما يقال عن دور للملك فاروق فى تسهيل تعيين الستاذ حسن الهضيبى‬
‫فهذا الكلم محض افتراء ول أصل له من الحقيقة لن الثغرة التى نفذ منها المغرضون عند الخوان المسلمين هى أن “ نجيب سالم “‬
‫الذى كان ناظر للخاصة الملكية كان صهر أحد ابناء الستاذ الهضيبى فجعلوا من هذه المصاهرة سببا لن يفرض فاروق الستاذ‬
‫الهضيبى على جماعة الخوان المسلمين وهذا غير صحيح بالمرة لن موقف الخوان المسلمين فىكل الظروف سواء كان فى عهد‬
‫الستاذ البنا أم الستاذ الهضيبى كان مقاومة استبداد القصر وحكم الفرد ويدعون الى تطبيق الشريعة السلمية ومعنى هذا أنه غير‬
‫راض عن حكم فاروق وتصرفاته فى البلد فأعداء الدعوة والذين يريدون أن يشوهوا موقفها وتصرفاتها فى كل وقت وكل تصرف‬
‫من التصرفات يلجئون الى مثل هذه الثغرات ويجعلون من الحبة قبة “ كما يقال ولقد كان الستاذ الهضيبى على علقة بجماعة‬
‫الخوان قبل اختياره لمنصب المرشد العا م حيث كان المستشار القانونى للمام الشهيد حسن البنا وكان يعمل مستشارا بمحكمة‬
‫النقض والبرام وله تاريخ طويل فى المطالبة بتطبيق الشريعة السلمية وكان زملؤة يرون فيه مثال للنزاهة والحسم والحزم وقوة‬
‫الشخصية وبعد النظر أما ما يثيره أيضا المغرضون من زيارة الستاذ الهضيبى للملك فإننى أقول ‪ :‬إن هذا هو خلق السلم فإذا‬
‫حصل أمر فليس من خلل المسلم أن يستمر على حقد وضغينة أو كراهية ولكن المسلم يتصرف التصرف الذى يصلح لمفاداة الخطار‬
‫والمواقف وكان هذا موقف الستاذ الهضيبى فقد رأى أن حسن البنا قد انتقل ا لى رحمة ال ولن يعود حسن البنا للحياة هذا أمر‬
‫مفروغ منه ولكن كيف يكون الحال مع الخوان ومن دعوة الخوان ؟ ل بد أن يكون التصرف متفقا مع مصلحة الخوان ومصلحة‬
‫الدعوة السلمية ل مودة ول تقرب وإل لما حصل ما حصل بيننا وبين الملك ثم لماذا حصل ما حصل بيننا وبين الملك ؟ ثم ماذا‬
‫يحصل إذا تقربنا الى الملك ما نتيجة هذا التقرب ‪ ..‬ل شىء لقد كنا فى موقف الناصحين للملك حتى أنه لما خرج قرر أنه بعلم أن‬
‫الذى فعل هذا النقلب هم الخوان المسلمون ‪" ..‬‬
‫حريق القاهرة ‪:‬‬
‫فى ‪ 26‬يناير ‪ 1952‬اشتعلت النيران فجأة فى شارع فؤاد ألول ( ‪ 26‬يوليو ) وكان ول يزال من أهم الشوارع التجارية فى مصر‬
‫وبحث البوليس السيباسى عمن يوجهون له التهام فلم يجدوا سوى الستاذ أحمد حسين زعيم الحزب الشتراكى وذلك لمهاجمته‬
‫النظام بأسلوب عنيف ولكن الستاذ عمر التلمسانى يقول "‪ :‬الحقيقة أن مسألة حريق القاهرة لم تتحدد الى اليوم بطريقة قاطعة‬
‫ويمكن أن يلقى عبؤها على هيئة من الهيئات أو حزب من الحزاب إنما الشواهد كلها التى حدثت فى هذا الوضع كدعوة الملك لجميع‬
‫ضباط البوليس والشرطة للسراى فى حفلة وقطعهم عن القيام بواجباتهم والشراف على ا لقاهرة وأمنها وإشعال الحريقوهو ليس من‬
‫وسائل الخوان أو مصر الفتاة لن الدين والسلم ينهى عن مثل هذه الفعال وهذه المور فى أغلب الظن ول أقول يقينا هى من‬
‫الملك ومن النجليز ليصلوا الى ما وصلوا اليه ‪"..‬‬
‫وخلصة القول ‪ :‬إن المؤامرات والدسائس قد أحاطت بجماعة ا لخوان المسلمين من كل جانب سواء من وزارتى النقراشى وأبراهيم‬
‫عبد الهادى أو الملك أو النجليز واتفقوا كلهم على شىء واحد هو ‪ :‬ضرورة التخلص من هذه الجماعة المسلحة وراح ضحية هذه‬
‫المؤامرات الشهيد المام حسن البنا ولفقت عشرات القضايا للخوان المسلمين ولكن ال سبحانه وتعالى قيض لهذه الدعوة وإظهار‬
‫الحق فى جانبها قضاء عادل ونزيها وقضاة مخلصين لسلمهم ومصريتهم ولقد كانت أحكام القضاء فى تلك الفترة من الحكام‬
‫المشرفة وكانت أزهى فترات عدالة القضاء وساهم ذلك فى استمرار جماعة الخوان فى ممارسة دورها الطبيعى ‪..‬‬

‫الفصل التاسع‬
‫هذه هى مواقفنا‬
‫خلل رحلة الدعوة السلمية التى سار فيها الخوان المسلمون على مدى نصف قرن من الزمان تعاملوا وتفاعلوا مع الحداث تلك‬
‫الحقبة الطويلة من الزمن وكانت لهم مواقفهم التى يعرفها القاصى والدانى كما كانت لهم مواقفهم من القضايا الخلفية التى ثارت‬
‫داخللمجتمع المصرى وعلى كل المستويات الدينية والفكرية والسياسية وقد أدرنا هذاالفصل لطرح مواقف الخوان من هذه القضايا‬
‫ومواقفهم مع بعض الشخصيات ذات التجاهات الفكرية وفى كل مواقف الخوان فإنهم لم يسعوا لستخدام العنف فى ا لتعبير عن‬
‫مواقفهم ‪.‬‬

‫المسألة الحزبية ‪:‬‬


‫ثار خلف وجدل واسع حول موقف الخوان من المسألة الحزبية وكان السؤال الذى يتردد على مدى تاريخ الخوان المسلمين‬
‫العريض ‪ :‬لماذا لم يشكل الخوان حزبا ليتحرك من خلله علىالساحة ويضفى مزيدا من الشرعية على وجوده ؟‬
‫وبادىء ذى بدء فإن الخوان المسلمين وإمامهم ومرشدهم الشهيد حسن البنا قد شاهدوا التجربة الحزبية فى مصر ومدى ما وصلت‬
‫اليه الحزاب من صدامات ومواجهات عنيفة وطعن وتشويه الحزاب فى ذمة ونزاهة وسمعة بعضها البعض فكانت ثمار هذه ا لتجربة‬
‫مريرة وماثلة بكل مثالبها أمام أعين المام ا لشهيد وأحس وأدرك أن الحزاب كلها بل استثناء ل هم لها إل التفكير فى الوصول الى‬
‫الحكم والمناصب الوزارية ولم يتفق زعماء أحزاب ما قبل حركة الجيش فى ‪ 23‬يوليو إل مرة واحدة فى محاولتهم إعادة دستور‬
‫‪ 1923‬ورأى الخوان أن الحزاب ما هى إل لعبة استعمارية هذفها إذكاء نارالصراعات بين أبناء الوطن وتقسيمهم الى وفديين‬
‫وأحرار سعديين ودستوريين وغيرهم والفكرة الحزبية كما ذكرنا فى فصل سابق لم تأت بشكل صريح أو متوارب ‪.‬‬
‫وهنا نرد على ما طرحه فاروق عبد السلم * الذى أفرد فصل عن الخوان المسلمين والمسألة الحزبية وقال ‪ “ :‬إل أنها ـ أى‬
‫جماعة الخوان المسلمين ـ وضعت نفسها موضع الشبهات بموقفها غير المدروس من قضية الحزبية وربما تعددت السباب وراء‬
‫ذلك كله إل أن ما يعنينا منها بالدرجة ا لولى وما نعتقد أنه أهم السباب جميعا وراء هذا الموقف المتناقض هو اعتقاد الجماعة بأن‬
‫الحزاب السياسية ل تتفق وروح الشريعة ا لسلمية وأن النظام الحزبى حرام ومرفوض من وجهة نظر الشريعة “ ‪.‬‬

‫والذى يقرأ مذكرات المام الشهيد حسن ا لبنا يجده قد حدد موقف الخوان من هذه المسألة فلم يكن واردا فى تخطيط الخوان‬
‫المسلين الوصول لكرسى الحكم وهو أحد الهداف الرئيسية لتكوين الحزاب ونشاطها ولو كان الخوان يريدون ذلك لدخلوا فى‬
‫تحالفات سياسية أو انضووا تحت أحد الحزاب ذات ا لشعبية الهائلة ولكن أمرا كهذا لم يحدث على مدى تاريخ الخوان المسلمين ‪.‬‬
‫المسألة الثانية ك أن الخوان أعلنوا مرارا معارضتهم لتشكيل الحزب لن معظم الحزاب قبلت ورضيت بالقوانين الوضعية وتنفيذها‬
‫المر الذى لم يقبله الخوان لن حكم ال فوق كل حكم وهم كانوا يريدون أن تحكم مصر بشرع ال ولم يكن ذلك واردا فى أى برنامج‬
‫حزبى موجود فى تلك الوقات ‪.‬‬
‫وقد سبق للستاذ عمر التلمسانى أن قال فى فصل سابق " للحزب برنامج ونحن ليس لنا برنامج أو منهاج لننا ندين بكتاب ال‬
‫وسنة رسوله وما جاء فى كتاب ال هو برنامجنا وما جاء فى سنةرسوله صلى اللهعليه وسلم هو منهاجنا كما اننا لسنا حريصين‬
‫على أن يكون رئيس الدولة من الخوان المسلمين مادام يتبع كتاب ال سبحانه وتعالى وسنة رسوله الكريم صلى ال عليه وسلم‬
‫فنحن جنده " ويقول الستاذ عمر التلمسانى ‪ :‬ان الخوان المسلمين ل يقيمون حزبا ول يرضون عن الحزاب جميعا لنهم لم يرضوا‬
‫عن أى منهاج يخالف كتاب ال وسنة رسوله صلى ا ل عليه وسبلم أما مسألة دخول مجلس النواب فهذا أمر آخر ليس فيه اعتراف‬
‫بالحزاب ول اعتراف بصواب مناهج الحزاب ‪.‬‬
‫والخوان ا لمسلمون ينطلقون من قاعدة أساسية وهى تربية المسلمين على المنهج السلمى واقتداء برسول ال صلى اله عليه‬
‫وسلم وإيقاظ الوعى السلمى فإنها ستكون قادرة على تطبيق شريعة ال فى أرضه واختيار الحاكم المسلم الذى يتبع قواعد الشريعة‬
‫السلمية فدعوة الخوان المسلمين هى تربية من القاعدة للقمة وترسيخ القواعد وحين يتكون هذا الرأى العام المسلم فإنه سيكون‬
‫أعم وأشمل وأكثر تأثيرا من الحزاب فى تحقيق مصلحة الوطان فما دام الشعب قد تربى تربية اسلمية سيتم التغيير بأسهل وسيلة‬
‫ودون عنف ‪.‬‬
‫ومن قال إن رفض قيام الحزاب فى السلم يوقع فى حيرة شديدة عن كيفية ترشيح الحاكم ويقود الى الحكم المطلق فإنه لم يدر جيدا‬
‫بدعوة الخوان المسلمين فالحكم المطلق القائم على غير شريعة ا ل مرفوض من الخوان ا لمسلمين وليس الحكم المطلق وحده‬
‫وإنما كافة أشكال الحكم التى تستند على قوانين وضعية ـ من عند غير ال ‪،‬ـ أما من يقول بأن عدم وضوح مسألة الحزبية لدى‬
‫الخوان قد أدت الى بطش عبد الناصر نقول لهم ‪ :‬سواء انضوى الخوان تحت راية حزب يؤسسونه أو ظلوا كما هم فإن النيات قد‬
‫توافرت لدى عبد الناصر للتخلص منهم بأية صورة من الصور كما تأكد هذا ا لغرض فى قانون الحزاب الذى أصدرة السادات ‪.‬‬
‫لقد حققت الجماعة انتشارا واسعا فى الثلثينات والربعينات خارج نطاق التجربة الحزبية رغم كل المصاعب والهجمات التى تلقتها‬
‫كما أثار انتشارها ضيق وحقد الحزاب ‪ ..‬الموجودة التى انطلقت فى صراعات حزبية بالغة العنف فى اتجاه التنافس على كراسى‬
‫الوزارة بينما دفعت مصر ثمن ممارساتهم على مدى التجربة الحزبية ‪ .‬لقد اختار الخوان المسلمون أل يضيقوا نطاق الدعوة‬
‫ويحددوها فى إطار ضيق هو أطار الحزبية وأن يجدوا أنفسهم فى صراع من أجل مقاعد مجلس النواب أو كراسى الوزارة وربما‬
‫يغوى ذلك البريق نفوس الكثير من الخوان فيخرجوا عن الخط الساسى للجماعة وهو أحد المحاذير التى تنبه لها القائمين على أمر‬
‫هذه الدعوة ولذلك اتجهت ا لدعوة من خلل الجماعة ونصح الحاكمين والقائمين بالمر وتكوين الرأى العام المسلم الذى يستطيع‬
‫التغيير ‪ ..‬هذا كان طريق الخوان المسلمين ‪..‬‬

‫القومية السلمية والمصرية ‪:‬‬


‫برزت فى الثلثينات دعوة الى القومية المصرية قادها كل من الدكتور طه حسين وسلمة موسى ومحاولة سلخ مصر من الطار‬
‫العربى باعتبار أن جذور مصر تمتد الى عهد الفراعنة وقد رد الستاذ البنا على هذه الدعوة قائل ‪ :‬تلك فكرة ل ينفرد بها ا لدكتور‬
‫طه وحده بل نادى بها من قبله الستاذ سلمة موسى وحمل لواءها كل من يحمل ضغنا على العربية وحفيظة على السلم إنها خطأ‬
‫محض ـ خطأ تاريخى وخطأ إجتماعى وخطأ فى جانب القومية المصرية ل يغتفر وهى فكرة غرسها الجانب للقضاء على قوة‬
‫الشرق ووحدته ‪ ..‬فهل يرى الدكتور طه وغيره أن لمصر لغة غير اللغة العربية وأن لها دينا غير الدين الذى حمل لواءه العرب ؟‬
‫وهل يرون أننا نستطيع أن نتخلى عن اللغة العربية والقرآن العربى والشعور العربى ونحل محل ذلك كله لغة ودينا وثقافة تختص‬
‫بمصر والمصريين ؟ " ‪.‬‬
‫ويقول الستاذ عمر التلمسانى ‪ :‬السلم ل يعرف القومية وينكرها تماما ويراها نوعا من أنواع التعصب وإنما يرى الذى يجمع بين‬
‫الناس هو العقيدة إما مسلمين أوغير مسلمين والستاذ البنا رضوان ال عليه كان يستمد كل آرائه وأفكاره ونظمه من كتاب ال‬
‫وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم والقرآن والسنة ينكران مسألة اتلقومية ول يقرانها لنها مدعاة الى النفور بين القوميات‬
‫المختلفة وبسبب من أسباب الخلف والحروب وغيرها لن السلم حدد المسألة فى قوله تعالى ‪ " :‬وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا‬
‫ربكم فاتقون " ‪ .‬معنى هذا ان المسلمين جميعا أمة واحدة سواء فى الشرق أو الغرب ولذلك نجده ما كان يدعو الى ما يسمى "‬
‫القومية السلمية " أو غيرها وإنما كانوا يدعو الى وحدة المسلمين فى كافة بقاع الرض وكان يدعو الى عودة الخلفة السلمية‬
‫باعتبارها رمزا لهذه الوحدة السلمية بين المسلمين جميعا ولذلك كان حكام البلد السلمية ينشرون هذاالمعنى باعتبار أنه مقلل‬
‫لسلطانهم فى بلدهم وباعتبارهم سيخضعون لحاكم واحد هو خليفة المسلمين أو أمير المؤمنين وهذا الفهم فى الواقع فهم خاطىء لن‬
‫الخلفة العثمانية كان كل قطر يكاد يكون مستقل فى أموره مثل النظام القائم فى أمريكا بين الول يات المتحدة فكل ولية منها‬
‫مستقلة بكافة شئونها الداخلية ول يجمع بينها إل وحدة الدفاع عن الوطن المريكى والسياسة الخارجية هذه كانت فكرة ألستاذ البنا‬
‫والخوان المسلمين جميعا فيما يختص بهذه المسألة أما القومية فإننا ننكرها جميعا وكفى ما حدث أيام هتلر عندما دعا الى أفضلية‬
‫الجنس الرى ‪ ..‬وتفوقه على كافة الجناس الخرى وما يفعله اليهود من دعوات أنهم شعب ال المختار كل هذه أمور ليس منها‬
‫خير للنسانية باعتبار أننا كلنا فى النهاية جميعا أبناء آدم وحواء وإن اختلفنا دينا فيجب أل نختلف الخلف الذى يدعو الى القطيعة‬
‫والحرب والقضاء والتدمير يجب أن نتعاون جميعا على مصلحة النسان وكرامته أيا كان لونه وعقيدته أو أتجاهه ‪ .‬طه حسين كان‬
‫يدعو الى تقبل مصر للثقافة الوربية كما دعا فى كتابه " مستقبل الثقافة فى مصر " الى الرتماء فى أحضان الغرب وقد جرت‬
‫مواجهة بين الستاذ حسن البنا والدكتور طه حسين وقال فيها الدكتور طه حسين للمام الشهيد " ليت أعدائى مثل طه حسن البنا إذن‬
‫لمددت لهم يدى من أول يوم " ‪ .‬وقد كان من نتيجة هذا اللقاء أن عدل طه حسين عن آرائه التى سجلها فى هذا الكتاب ‪.‬‬

‫الصوفية والزهــر ‪:‬‬


‫يقول الستاذ عمر التلمسانى ‪ " :‬الخوان فى حقيقة ألمر ـ من ضمن مقومات دعوتهم أنهم ـ دعوة صوفية ولكنها الصوفية التى‬
‫كانت معروفة فى صفوف الصدر الول من السلم فإن كانوا ينتقدون الصوفية الن فإنهم ينتقدونها للمظاهر التى تبدو ليس بينها‬
‫وبين الشرع صلة كالرايات والطبل والرقص فى الشوارع بمناسبة شهر رمضان وغيرها هذا ما كنا نعترض عليه وكنا ننتقده ما كنا‬
‫نحرم زيارة القبور وزيارة الولياء وإن كنا ندعو الناس أل يتمسحوا بالقبور وأن يعلموا أن ال وحده هو الفعال وإن كان حقا أن‬
‫صاحب هذا بالطبع رجل صالح ومن أولياء ال إل أنه ل يليق بمسلم أن يستعين بغير ال سبحانه وتعالى لننا ليس بيننا وبين ا ل‬
‫واسطة ال العمل الذى نقوم به ‪" ..‬‬
‫أما موقف الخوان المسلمين من الزهر فيقول الستاذ عمر التلمسانى ‪ :‬من ناحية الزهر كنا ول زلنا نحس أن تعيين شيخ الزهر‬
‫قيد من القيود التى تحد من حرية تصرف الزهر فى إبداء القرار فى المسائل الدينية وكنا نتمنى أن ينزل رجال الزهر الى العمل فى‬
‫وعظ الناس وتوعيتهم ونحن ل نطلب من رجال الزهر أن يكونوا سلطة تنفيذية ولكن كنا نريد منهم ول زلنا أن يقوموا بواجبهم‬
‫الدعائى للسلم على الصورة التى ترضى المسلمين جميعا لننا نعتقد أن كلمة حق واحدة من الزهر لها أثرها فى نفوس العالم‬
‫السلمى كله ولقد كنت على صلة دائمة بشيخ الزهر المرحوم الدكتور عبد الحليم محمود وكلفنى فى فترة من الفترات أن ألقى‬
‫دروسا تربوية على الوعاظ فى المدينة الجامعية بالزهر التى أنشأها وحضرت معهم شهرا وساءنى أنهم ما كانوا يعنون بالوعظ قدر‬
‫عنايتهم بحالتهم المادية وما يعانونه من شظف العيش وسوء المعاملة وعدم الحترام الكامل لهم أثناء تأدية عملهم وكانت هذه‬
‫الشكوى حقيقية كما كنت على صلة بكل رجال الزهر حتى الشيخ عبد الرحمن بيصار رحمه ال أرسل الى فى يوم من اليام سكرتيره‬
‫الخاص وقابلته لمدة ساعة وتحدثنا فى المور العامة ومهام الزهر ومهام الخوان المسلمين فى جو ودى خالص وكنت دائم الهتمام‬
‫بالزهر ورجاله " ‪.‬‬

‫موقفنا من الشيوعية ‪:‬‬


‫حدد الخوان منذ نشأة الحركة رفضهم للشيوعية باعتبار أنها تنافى الفطرة النسانية التى فطر ال سبحانه وتعالى عباده عليها‬
‫وأنها تتبع تقنينا غير تقنيين السلم على طول الخط وقد حصلت محاورات ومناقشات واسعة داخل المعتقلت بين الخوان المسلمين‬
‫وأصحاب الفكر الماركسى ويقول الستاذ عمر التلمسانى ‪ :‬المعتقلون كانوا ثلثة أصناف ‪ :‬الخوان ـ ا لشيوعيين ـ الوفديين‬
‫وغيرهم وكانوا يسمونهم النشاط المعادى ولننا كنا قريبين من بعضنا البعض فكنا نجلس ونتناقش ونتحاور ولكن أنا بالذات لم أكن‬
‫أجد فى نفسى ميل للدخول فى مثل هذه المناقشات أو الحوارات ولكن حصل حوار طويل بين بعض قادة الشيوعيين وأخ اسمه محمد‬
‫عبد الحليم وكتب كتابا أسماه " وراء السوار " وهو كتاب يرد بالدلة المنطقية بأن السلم خير كله وأن الشيوعية ل تصل الى الخير‬
‫الذى وصل اليه السلم ولم يستطيعوا أن يوجدوا دليل واحدا يدحضون به مقولة الستاذ عبد الحليم خفاجى ‪ ..‬والغريب ما فعله عبد‬
‫الناصر بالشيوعيين حيث كان دخولهم السجن مرتبطا بترمومتر العلقة مع موسكو وعلى سبيل المثال عام ‪ 1964‬عندما كنا بسجن‬
‫الواحات وحدث خلف بين " خروشوف " وعبد الناصر ‪ ..‬وخروشوف قال عن عبد الناصر ‪ :‬إنه " ولد طائش " فاشتدت نقمة عبد‬
‫الناصر على الشيوعيين ظنا منه أنهم يحاولون العمل على خلعه من الحكم فاعتقل منهم اللف وعذبهم ولكنه فى النهاية كان تعذيبا‬
‫ل يرقى لدرجة تعذيب الخوان وعندما تم الصلح بين جمال عبد الناصر وبينهم وعادت المياة لمجاريها أفرج عن هؤلء الشيوعيين‬
‫وبقى الخوان داخل السجون ‪.‬‬
‫ويقول الستاذ محمود عبد الحليم * ‪ :‬كان الستاذ البنا يرى أ ن الوقت الذى نضيعه فى مهاجمة فكرة كالشيوعية نحن أحوج اليه‬
‫لنشر فكرتنا وتوضيح معالمها وأهدافها ‪ ..‬حتى الكتب التى ألفها بعض الخوان عن الشيوعية لم يكن المقصود منها أكثر من تفقيه‬
‫الخوان فى الفكار التى يضطرب بها العالم من حولهم ‪ .‬ومع أن الخوان لم يتعرضوا للشيوعية تعرضا مباشرا مما يعده الناس‬
‫مقاومة إيجابية فإن الشيوعية العالمية كانت تعد الخوان المسلمين ألد أعدائها وأكبر عائق فى سبيل انتشارها ‪ ..‬والغريب أن‬
‫الشيوعيين اتهموا حسن البنا فى نهاية الربعينات فى منشوراتهم بأنه أكبر رأسمالى فى مصر وأنه يملك أسهما قيمتها ربع مليون‬
‫جنيه ( بالرقام والحروف ) فى شركة الجريدة وربع مليون جنيه فى شركة الطباعة ـ وهى الشركات التى أنشأها الخوان ولم يكن‬
‫المام الشهيد يملك شيئا يذكر فى هاتين الشركتين سوى مرتبه الشهرى ‪ ..‬ومنحته الهيئة التأسيسية أسهما فى حدود مائة سهم‬
‫قيمتها أربعمائة جنيه ليكون ضمن هيئة المؤسسين كما يطلب القانون ‪.‬‬
‫ويضيف محمود عبد الحليم ‪ :‬وقد أيقنت بعد قراءة هذه الورقة أن هناك تواطؤا بين الشرق والغرب أى بين الشيوعية والرأسمالية‬
‫على إبادة هذه الدعوة السلمية من الوجود ‪..‬أما الغرب فأدواته هم حكامنا وأما الشيوعية فإنها تفترس الشباب الغافل خالى الذهن‬
‫فى غيبة الحقائق عنه وفى ظل حكم إرهابى كمم أفواه البراء ليطلق رعاع ا لشيوعيين عليهم ألسنة حدادا وألسنة كذابا آمنين من أن‬
‫يعترض طريقهم من يستطيعون أن يفضحوا كذبهم ويدحضوا افتراءاتهم ‪.‬‬

‫موقف عباس العقاد ‪:‬‬


‫ويقول الستاذ عمر التلمسانى ‪ " :‬العقاد كان وفديا والوفد بطبيعته عادى الخوان المسلمين لمصاتلح وفدية محضة ظنا منه أن‬
‫الخوان المسلمين إذا انتشروا سيكون فى هذا إضعاف لقوتهم كحزب صاحب أغلبية فى هذا البلد وطبعا هذا ألمر ل يرضى‬
‫السياسيين ول يرضى الحزاب فنابذوا الخوان العداء وحملوا عليهم حملة شعواء وإنما كانت مخاصمة الوفد للخوان ل تعدو‬
‫الحملت الصحفية والتشهير والتشنيع إنما لم يتخذوا مع الخوان الوسائل التى أتخذها إبراهيم عبد الهادى أو جمال عبد الناصر أو‬
‫السادات لقد كانت خصومة كلمية ل أكثر ول أقل " ‪.‬‬
‫لقد عرضنا فى عجالة لبعض مواقف الخوان من بعض الطراف خلل الثلثينات والربعينات لنزيل الشبهات حول هذه المواقف‬
‫وحتى ل يجد أساتذة التشويه فرصة للنيل من جماعة الخوان لبعض مواقفهم وال الهادى ‪..‬‬
‫الباب الثالث ‪ -‬قصتنا مع إنقلب يوليو‬

‫* علقتنا بالضباط الحرار ‪.‬‬


‫* هكذا أيدنا الحركة ‪.‬‬
‫* خلفاتنا مع النقلب ‪.‬‬
‫* حل الجماعة ‪.‬‬

‫الفصل العاشر‬
‫علقتنا بالضباط الحرار‬
‫علقة الخوان بجماعة الضباط الحرار التى خططت ودبرت ونفذت انقلب ‪ 23‬يوليو عام ‪ 1952‬علقة تمتد الى الربعينات وبدأت‬
‫باتصالت للشهيد المام حسن البنا مع بعض القيادات والرتب فى الجيش المصرى فى إطار أنتشار دعوة الخوان المسلمين وليس‬
‫لهداف أخرى كما يدعى بعض المغرضين وذهبوا فى ذلك مذاهب شتى ‪.‬‬
‫وقد اتفق كل من ميتشل وصلح عيسى وعبد العظيم رمضان على اتصالت المام الشهيد بالجيش وأن ذلك جاء عن طريق عزيز‬
‫المصرى الذى كان على صلة وثيقة بالستاذ البنا ‪.‬‬
‫ويرد الستاذ عمر التلمسانى على هذه المقولة قائل ‪ " :‬هؤلء الناس لنهم ل يأخذون بالمفاهيم السلمية فإنهم يستطيعون أن يقولوا‬
‫كما يشاءون ‪ ..‬الذين اختلطوا بعزيز المصرى يرحمه ال يعرفون أخلقه تماما ‪ ..‬ولو أنه مباح لى كمسلم أن أتحدث عن عزيز‬
‫المصرى لتحدثت الكثير عن أيام أن كان مديرا لكلية البوليس وما كان يقوله للطلبة فى الكلية وما يعرفه الناس عن عزيز المصرى‬
‫لقلت الكثير ولكنى أقول ‪ :‬إن عزيز المصرى وجد أن هذه الجماعة جماعة منظمة وتدعوالى العمل المادى الواقعى والتربية التى‬
‫تنتهى بالوعى الكامل فاستهوته هذه الناحية فى جماعة الخوان المسلمين أما الفكرة الدينية فى حد ذاتها فلم يكن لها وجود فكانت‬
‫ميول عزيز المصرى مجرد إعجاب لنه عسكرى إعجاب بتنظيم إعجاب بقوة وبشباب طاهر هذا كل ما فى المر ‪ .‬أما إن الخوان‬
‫أتصلوا ببعض ضباط الجيش فهذا صحيح وضباط الجيش أنفسهم اعترفوا بهذا وكان فى الجيش عشرات الضباط من الخوان‬
‫المسلمين واتصال الستاذ المام بهؤلء الناس ليس فيه شىء مستنكر أو غريب إن الذى يدعو الشباب المدنى الى عبادة ال وترسيخ‬
‫دينه ليس بعجيب أن يدعو القوات العسكرية أن تؤمن بال وتصحح دينها ‪ ..‬ولكن أصحاب النوايا التى يعلم ال خفاياها يريدون أن‬
‫يشوهوا هذه الحركة وعزيز المصرى لم يكن واسطة بين الخوان والضباط الحرار لن هذه الصلة كانت بعيدة تماما عن عزيز‬
‫المصرى إنما حدث أن ألتقى المام الشهيد ببعض الضباط فى بيت عزيز المصرى والذين عرفوا هذا صوروها أن عزيز المصرى هو‬
‫الواسطة بين الخوان والضباط الحرار وعندما وقع حادث هروب عزيز المصرى من مصر ووقوع الطائرة فى قليوب وكان يقود‬
‫الطائرة عبد المنعم عبد الرؤوف أحد الضباط الذين كانوا يأخذون بمبادىء الخوان المسلمين وجد أعداء الدعوة وخصومها فرصة‬
‫يبنون على أساسها أن عزيز المصرى كان الواسطة وعزيز المصرى ل يصلح لدعوة إسلمية علىالطلق لن تكوينه ل يقبل هذا‬
‫الوضع أما ما يورده أنور السادات فى جميع كتبه عن علقةالخوان بالضباط الحرار فليس فيها كلمة واحدة صحيحة وإذا كان يلتقى‬
‫بالستاذ البنا فقد كان يلتقى به كتلميذ مع أستاذ ول يستطيع أنور السادات ول غيره أن يقول للستاذ البنا ما قاله فى كتابه " البحث‬
‫عن الذات " من أنه هو الذى أنشأ جماعة الخوان المسلمين مع حسن البنا ‪ ..‬هذا الكلم ل أساس له من الصحة ولكن أنور السادات‬
‫كان رئيسا للجمهورية وما كان أحد يستطيع أن يكذبه فى الوقائع التى ذكرها فى كتابه ول يمكن أن نأخذ حرفا واحدا صادقا من‬
‫كلمه فى البحث عن الذات سواء عن علقته بالستاذ البنا أو علقته بجمال عبد الناصر ولو اطلع البعض منا على وثائق محاكمة‬
‫اغتيال السادات لعرفوا تماما من هو أنور السادات ‪.‬ز وقد جاءت فكرة إنشاء تشكيله الضباط الحرار بسبب عدم رضاء مجموعات‬
‫من الضباط الشبان عن أستمرار الحتلل النجليزى وتصرفات الملك ومفاسدة وكانت المبادىء الخوان المسلمين سارية بين صفوف‬
‫الضباط الشباب فبدأ نوع من التقارب فى وجهات النظر بين الخوان والضباط الشبان والتقى الستاذ البنا بالسادات مرة فى بيت‬
‫عزيز المصرى ومرة فى المركز العام ولقد جرت إجتماعات ولقاءات فى المركز العام بيننا وبين مجموعة الضباط الحرار لتفاقنا‬
‫على ضرورة القضاء على الحتلل ولكن أن يتزايد أنور السادات ويقول ‪ :‬إنه أنشأ الخوان مع الستاذ البنا فهذا أمر غير مقبول منه‬
‫ولم يكن الخوان ينظرون لصلتهم بالضباط الحرار نظرة استفادة وإنما كانوا ينظرون للصالح العام ‪.‬‬
‫ولقد امتدت صلة الخوان المسلمين مع الضباط الحرار حتى قيامهم بتنفيذ انقلب يوليو وكانت الصلت بين الجماعة والضباط‬
‫الحرار تتم فى صورة لقاءات منفردة أو جماعية وفى صورة تدريب بعض الضباط الحرار لعدد من كتائب الخوان على استخدام‬
‫السلحة لمواجهة الحتلل النجليزى وللدخول فى حرب فلسطين التى أبلى فيها الخوان المسلمون بلء حسنا باعتراف كثير من‬
‫الضباط فى المحاكمات التى جرت حول السلحة الفاسدة بعد قيام النقلب وكانت اتصالت الخوان بالضباط الحرار تنبع من ابتغاء‬
‫المصلحة العامة وتوسيع دائرة انتشار الدعوة السلمية داخل صفوف الجيش وكان الخوان يتعاملون بنوايا حسنة مع مجموعة‬
‫الضباط بينما نظر الضباط الحرار لهذه العلقة بمنظور هم الخاص وخاصة جمال عبد الناصر لتبدأ سلسلة غريبة من الحداث التى‬
‫تكشف الكثير عن طبيعة النظام الذى حكم ممارسات عبد الناصر بعد ان اعتلى الحكم ‪..‬‬

‫الفصل الحادى عشر‬


‫هكــــذا أيدنــــا الحركـــــة‬
‫مع بزوغ فجر الثالث والعشرين من يوليو عام ‪ 1952‬تحركت مجموعات من الضباط فى عدة اتجاهات وسيطرت علىالمواقع‬
‫والمنشآت الحيوية معلنة قيام " حركة الجيش المباركة " ـ ظل هذا التعبير مستخدما حتى أضفى عليه قادة الحركة لفظ ثورة فى‬
‫يناير ‪ 1953‬ـ وتصدر هذه الحركة اللواء محمد نجيب كما عين على ماهر رئيسا للوزراء ولم يستمر سوى ‪ 45‬يوما فقط من قيام‬
‫الحركة وأطيح به ليحل محله محمد نجيب ورحل الملك فاروق عن مصر يوم ‪ 26‬يوليو ‪ 1952‬ثم أصدرت حركة النقلب قانونا‬
‫بالغاء اللقاب فى مصر فى ‪ 12‬أغسطس ‪ 1952‬ودعوة الحزاب لتطهير نفسها ‪.‬‬
‫ول يهمنا الدخول فى تفصيلت هذه الحركة بقدر ما يهمنا التعرض لموقف الخوان من النقلب وقبل ذلك فهناك سؤال يطرح نفسه‬
‫وهو ‪ :‬هل كان الخوان على علم بموعد قيام النقلب ؟‬
‫يقول الستاذ عمر التلمسانى ‪ " :‬هذه المسألة هم يعترفون بها ـ الضباط الحرار ـ وكانت الصلت بين بعض الخوان وبعض‬
‫القائمين بحركة الضباط ومنهم عبد الناصر وكانوا على لقاءات مستمرة ودائمة فى تنظيم هذا النقلب ومدى مساعدة الخوان‬
‫للضباط الحرار فى مثل هذه الحالة فكانت كل التصرفات تتم عن لقاءات واتفاقات من الخوان المسبلمين إنما كان ا لخطأ الذى أرتكبه‬
‫ضباط الخوان أنهم لم يدخلوا مجلس قيادة الثورة واكتفوا بقيادة القوات التى حاصرت قصر عابدين ورأس التين وغيرها من‬
‫المنشآت وكان جديرا بهم أن يكونوا داخل هذاا لمجلس ليحكموا تصرفاته وفق شرع ال والذى يعرفه الكثيرون أنه قبل قيام الحركة‬
‫كان هناك اتفاق بين الخوان والضباط الحرار على كيفية حكم مصر وتعاهد الضباط الحرار والخوان على ذلك أمام الشيخ محمد‬
‫حسن الودن رحمه ال عليه وصلوا المغرب جماعة خلفه على أنهم إذا تم النقلب يكون الوضع على صورة معينة وهى شريعة ال‬
‫سبحانه وتعالى وكان هذا فى مايو أو يونيو ‪ 1952‬دون أن يفكر الخوان فى المشاركة فى الحكم لن كل الذى بينهم هو تطبيق شرع‬
‫ال بصرف النظر عمن يطبقه ‪.‬‬
‫وقد أعلن الخوان تأييدهم لحركة الجيش فى جلسة استثنائية للهيئة التأسيسية عقدت يوم ‪ 26‬يوليو وأعلنت بيانها فى الول من‬
‫أغسطس فى مشروع بيان أعلنته وتعرب الجماعة فيه عن فرحتها بنجاح المباركة واحتوى بيان الجماعة عرضا لراء الجماعة فى‬
‫قضايا الصلح الجتماعى والخلقى والسياسى والقتصادى التى تواجه الشعب المصرى مع بداية العهد الجديد وقد ذهب والد المام‬
‫الشهيد حسن البنا للمركز العام ـ للمرة الولى منذ وفاة المام الشهيد ـ واتجه للمسجد وقال للخوان ‪ " :‬أيها الخوان اليوم تحققت‬
‫رسالتكم إنه فجر جديد بالنسبة لكم ويوم جديد للمة فاستبقوا الفجر أيها ألخوان شدوا من أزر نجيب وأعينوه بقلوبكم ودمائكم‬
‫وأموالكم وكونوا جنوده فتلك هى رسالة ( حسن ) التى أراد ال لها النجاح " ‪.‬‬
‫ويقول الستاذ عمر التلمسانى ‪ :‬أيد المصريون قيام النقلب وقد أيدناه بالطبع لننا مصريون ومسلمون عانينا الكثير من ويلت‬
‫الحتلل وتحكم القصر الكل كان يرضى عن هذا النقلب وكنا نحن نحرس المنشآت العامة فىمصر لكيل تمس والمعنى أننا راضون‬
‫عن هذه الحركة وأننا معها ما دمنا اتفقنا على أ ن نطبق كتاب ال وسنة رسوله فى حكم البلد ومثل هذه الحركات كانت ل بد أن‬
‫يؤخذ رأى الجهات المسؤوله فى كل هيئة وكل حزب وكانت قيادة الخوان المسلمين تضم ( المرشد ومكتب الرشاد ) فلم تكن‬
‫المسألةموضع خلف ولكنها كانت نية مبيتة قبل أن تقوم هذه الحركة والذى عرفناه فيما بعد أن عبد الناصر كان على اتصال بكل‬
‫الطراف ألخرى سواء الوفد أو الحرار الدستوريين والشيوعية وكل الهيئات ولقد كنا فى غاية الوفاء فى حماية هذا ا لنقلب‬
‫وحماية المنشآت بمفردنا ‪.‬‬
‫وخلصة القول ‪ :/‬أن الضباط الحرار تعاهدوا وأقسموا على أن يحكموا بشرع ال قبل قيامهم بهذا النقلب وعلى رأسهم جمال عبد‬
‫الناصر وأوفى الخوان بعهدهم فى مساندة ودعم النقلب وكان لبيان الخوان فى تأييد النقلب بالغ الثر فى كل ربوع مصر نظرا‬
‫لمتداد وانتشار شعب الخوان فى كل بقعة من أرض مصر وكان تأييدهم دفعة شعبية وضعت حركة النقلب على أرض صلبة‬
‫للسيطرة على مقادير المور فى مصر ‪ ..‬وحين أيد الخوان النقلب فإنهم لم يؤيدوا تأييدا أجوف مفرغا من المعانى والراء وإنما‬
‫طالبوا منذ اللحظة الولى بالصلح فى كافة شئون البلد استنادا الى أساس من الشرعية السلمية وتطبيق شرع ال فى أرضه ‪.‬‬
‫ويقل الستاذ صلح شادى * " لقد تنكر عبد الناصر ومعه ثمانية من مجلس قيادة الثورة لبيعتهم مع المام الشهيد والصاغ محمود‬
‫لبيب وعبد الرحمن السندى بعد نجاح الحركة فى الوقت الذى تأخر فيه موعد قيام الحركة فى يوليه ‪ 1952‬يوما فى انتظار موافقة‬
‫المرشد حسن الهضيبى الذى ذهب نفر من الخوان الى السكندرية للحصول على موافقته " ‪.‬‬
‫تنكر عبد الناصر لتأييد الخوان وبعد ‪ 29‬شهرا من قيام النقلب كان قد أطاح برؤوس عدد من الشهداء البرار وألقى بالمئات بل‬
‫اللوف خلف أسوار السجون والمعتقلت من الخوان المسلمين ‪.‬‬
‫ويقول الستاذ عمر التلمسانى ‪ " :‬أشهد ال أن ا لمرحوم حسن الهضيبى وفؤاد سراج الدين كانا الوحيدين فى مصر اللذين قطعا من‬
‫اول أيام الحركة أن جمال عبد الناصر رجل ل يؤمن وفاؤه بعهده "‬

‫الفصل الثانى عشر‬


‫خلفاتنا مع النقلب‬
‫كانت نزعةالتحمس والتأييد غالبة على كافة أعضاء الخوان لقيام هذه الحركة بينما طالبت قيادة الخوان مجموعة الضباط بأن‬
‫يسيروا على الخط السلمى وقد سبق أن قطعوا على أنفسهم عهدا بذلك وقد تصور بعض الكتاب ـ من أصحاب الغراض ـ أن فى‬
‫هذا وصاية على النقلب وعلى زعمائه ومنهم الكاتب د‪ .‬عبد العظيم رمضان ‪.‬‬
‫ويقول الستاذ عمر التلمسانى ‪ :‬للسف الشديد أن كل كتابات عبد العظيم رمضان فى هذا الموضوع كتابات مغرضة لم يقصد بها إل‬
‫تشويه وضع الخوان المسلمين جمال عبد الناصر من أول المر كان يريد التخلص من كل حزب وكل هيئة وجماعة ومن كل قوة‬
‫موجودة وكان هذا أسلوبه وتخطيطه حتى من قبل أن تقوم حركة الضباط الحرار فالمسألة لم تكن مسألة نزاعات أو صراعات مع‬
‫قادة النقلب وإنما كانت النية مبيتة ومسألة تنفيذ خطة قديمة ليصل بها جمال عبد الناصر حتى أنه تخلص بعد ذلك من زملئه فى‬
‫مجلس قيادة الثورة والقصة معروفة للجميع ‪.‬‬
‫* قانون الصلح الزراعى ‪:‬‬
‫طرح موضوع تحديد الملكية الزراعية بعد قيام النقلب بقليل ـ الذى ادعت حركة يوليو أنه من بنات أفكارها وإنما جرت محاولت‬
‫كثيرة فى هذا المضمار قبل قيام الحركة ولقد طرح هذا المر وقال الخوان كلمتهم فيه ‪.‬‬
‫ويقول الستاذ عمر التلمسانى ‪ " :‬ما يثار أن إدلء الخوان المسلمين برأيهم فى قضية تحديد الملكية الزراعية هو بداية الصدام مع‬
‫نظام الضباط الحرار إنما هو فى الحقيقة أوهام فى رءوس البعض فكون أن الخوان طالبوا أن يكون الحد القصى لملكية الرض‬
‫‪ 500‬فدان بينماأصرت الحركة على تحديدها بحوالى ‪ 200‬فدان فقط هل فى هذا صدام ؟ ‪ ..‬نحن رأينا أن هذا الحد معقول وهم رأوا‬
‫عكس ذلك فهذا مجرد خلف فى وجهات ا لنظر لقد أيدنا تحديد الملكيات الزراعية واختلفنا معهم فى رقم التحديد ليست مشكلة‬
‫يصورها البعض على أنها الصدام الول وغيره " ‪.‬‬
‫وصدر قانون الصلح الزراعى فى أول اجتماع عقدته وزارة محمد نجيب يوم ‪ 8‬سبتمبر عام ‪ 1952‬وأصدر معه أيضا قانون تنظيم‬
‫الحزاب السياسية الذى قضى بعد ذلك على كل الحزاب القديمة ‪.‬‬
‫ثم قللت الحركة بعد ذلك الحد القصى فوصل الى ‪100‬فدان عام ‪ 1961‬ثم ‪ 50‬فدانا للفرد و ‪ 100‬فدان للسرة عام ‪ 1969‬وهذا‬
‫القانون الذى فاخرت به حركة يوليو وحشت به رءوس جيل الخمسينات وحتى الثمانينات ضجت الشكوى من تطبيقه بسبب ما فعله‬
‫فى الكثيرين فقد تفتت الملكيات الزراعية وأهملت الرض وتناقصت رقعة الرض الزراعية حتى بعد استصلح آلف الفدادين وضج‬
‫الملك من تعسف القانون إزاء حقوقهم ونمت ثمار جديدة فى ا لريف المصرى بين صغار الملك ـ على حد قول الستاذ صلح‬
‫منتصر * ـ والمسـتأجرون هم ثمارا لحقد والعداء وسلسلة طويله من جرائم إحراق المنازل وسم المواشى وإتلف المزروعات‬
‫وبعد أن كان المالك هو إقطاعى ما قبل ا لثورة أصبح المستأجر فى نظر كثير من صغار الملك هو القطاعى الجديد الذى يحتكر‬
‫النتفاع بالرض بينما الفتات للمالك الذى وصل به الحال الى حد عدم مقدرته على رؤية أرضه إل بتصريح من المسـتأجر ‪" ..‬‬
‫* فتح ملفات اغتيال الشهيد البنا ‪:‬‬
‫وفى محاولة لجتذاب الراى العام قرر مجلس قيادة حركة النقلب تصفية نفوذ البوليس السياسى وعلى رأسهم محمد الجزار الذى‬
‫خطط ودبر لجريمة اغتيال الشهيد البنا كما تم العلن عن إعادة التحقيق فى مقتل الشهيد البنا التى حفظت دون التوصل الى شىء‬
‫ـ أو هكذا أرادت السلطات فى ذلك الوقت مع السراى ‪ ..‬كما تم الفراج عن قتلة المستشار الخازندار ‪ ..‬ويقول الستاذ عمر‬
‫التلمسانى ‪ " :‬لم يكن هذا نوع من إظهار النوايا الحسنة من جانب قيادة الثورة بقدر ماكان أسلوبا من أساليب جمال عبد الناصر‬
‫لكسب الرأى العام لن الرأى العام كام مع مرتكبى الحوادث السياسية وكان يعطف عليهم وكان أسلوب جمال عبد الناصر أن يفرج‬
‫عن هؤلء اكتسابا لشعبية الرأى العام فى البلد وليس تقربا من الخوان‪" ...‬‬
‫والجدير بالذكر أن التحقيقات فى قضية اغتيال الشهيد حسن البنا كانت قد حفظت بأمر من النائب العام الذى أمر بحفظه وتقييد‬
‫الجناية ضد مجهول وبعدها بقليل أنعم الملك فاروق برتبة البكوية على محمود عبد المجيد مدير المباحث الجنائية بوزارة الداخلية‬
‫مكافأة له على التخلص من الشهيد حسن البنا ؟ !!‬
‫وبعد قيام حركة النقلب أمرت القيادة بالقبض على العميد محمود عبد المجيد والقبض على المتهمين الخرين وأصدرت المحكمة‬
‫حكمها بعد مداولت طويلة ( من ‪10‬نوفمبر ‪ 1953‬الى ‪2‬أغسطس ‪ 1954‬وبلغ عدد صفحات أوراق القضية أربعةآلف صفحة )‬
‫بمعاقبة أحمد حسين جاد بالشغال الشاقة المؤبدة ومحمد محفوظ ومحمود عبد المجيد بالشغال الشاقة ‪ 15‬سنة وان يدفعوا عشرة‬
‫آلف جنيه لزوجة المام الشهيد وباحكام أخرى بالتعويض وأثبتت التحقيقات تواطؤ كل من البوليس السياسى والقصر فى مؤامرة‬
‫اغتيال الشهيد البنا ‪..‬‬
‫** حكاية ا لوزارة ‪..‬‬
‫ثار جدل كبير حول موقف الخوان المسلمين من مسألة الشتراك فى الوزارة وانهالت كثير من التهامات للخوان حول هذه المسألة‬
‫وكان ل بد من جلئها إحقاقا للحق والحقيقة ‪.‬‬
‫يقول الستاذ عمر التلمسانى ‪ :‬لقد طلبنا الشتراك فى الوزارة ووافق مجلس قيادة الثورة على ترشيح ثلثة أسماء فقط فعرض عليه‬
‫الستاذ حسن الهضيبى ثلثة مرشحين هم حسن العشماوى ‪ ،‬عبد القادر عودة ‪ ،‬منير الدلة ‪ ،‬الحقيقة أن جمال عبد الناصر لم يرد‬
‫أحدا من الخوان المسلمين وقال عن الثلثة ‪ :‬إن حسن العشماوى ما زال صغيرا وعن منير الدلة ‪ :‬إنه ما زال مساعد مستشار فى‬
‫مجلس الدولة ول يصح أن يصبح وزيرا وقال عن عبد القادر عودة إنه" ثقيل الدم " كانت النية مبيتة أما مسألة عرض الوزارة‬
‫على الستاذ أحمد حسن الباقورى فلم تكن بترشيح من الخوان المسلمين وإنما كما قال الستاذ الباقورى إنه حاول التصال بقيادة‬
‫الخوان ليأخذ رأيها فى مسألة ترشيحه فعجز عن التصال فقبل الوزارة وانتهى المر واستقال الباقورى من الخوان وبقى فى‬
‫الوزارة إلى أن خرج منها بالصورة التى يعرفها الناس وقد رشح الستاذ الهضيبى لهم وزير العدل ولم يكن من الخوان وإنما كان‬
‫مستشارا فى فى محكمة النقض وبالفعل تولى وزارة العدل وقد قرر مكتب الرشاد بالجماع عدم الشتراك فى الوزراة لقد كان‬
‫الخوان يعلمون نية عبد الناصر التخلص منهم ولكن ماذا كنا نفعل ونحن لسنا دعاة عنف أو صراع أو تخريب ؟ فقط نعمل على‬
‫النصح وندل علىالطريق السليم لخير هذا البلد والجميع يعلمون أن الخوان بعد رفضهم الشتراك فى الوزارة لم يأتوا باآ رد فعل‬
‫فى معاداة النقلب وانصرفوا لدعوتهم فى سلم ‪.‬‬
‫* وقفة عند شخصية عبد الناصر ‪:‬‬
‫وكان ل بد من أن نتوقف هذه الوقفة عند شخصية الرجل الذى اعتبر المحرك الرئيسى لجماعة الضباط الحرار والذى كان يبيت النية‬
‫للتخلص من الخوان المسلمين ‪.‬‬
‫ويقول الستاذ التلمسانى ‪ " :‬لقد التقيت بجمال عبد الناصر كثيرا والحقيقة أنه كان فى حديثه ملفتا للنظر وكان لين الجانب بصورة‬
‫عجيبة كان هادىء الطبع فى لقاءاته مع الخوان المسلمين ولكنه كان يخفى غير ما يظهر لنه كما ثبت من كتابات السادات وغيره‬
‫أن جمال عبد الناصر التقى بجميع الهيئات والحزاب فى مصر وكذلك بالشيوعيين والدستوريين ومصر الفتاة والخوان شخص مثل‬
‫هذا النسان ل يمكن القول بأن له مبدأ من المبادىء يتمسك به وإنما كان يتسلل الى صفوف كل هذه الجماعات والهيئات والحزاب‬
‫ليعلم دخائلها وليكون لنفسه مستقبل على أ ساس هذه المعلومات فلما هيأت له الظروف فرصة النقلب العسكرى الذى حصل استفاد‬
‫من هذه الخبرات وتخلص من الوفد والحرار الدستوريين أول ولم يرض أن يضم الخوان المسلمين فى هذا المر ثم انفرد بالسلطان‬
‫ولم يكن أمامه غير الخوان المسلمين فانقلب عليهم واستعمل معهم كل الوسائل غير النظيفة التى كتبت عنها الصحف والمجلت‬
‫وأصدرت بشأنها محاكم الجنايات أحكامها ‪.‬ز ولقد دعانى ذات مرة عبد الناصر فى منزله بمنشية البكرى يوم ‪ 9‬سبتمبر ‪ 1954‬أنا‬
‫وتسعة من الخوان فالتقينا به هناك وأخذ يقص علينا كيف لم يرض عن رؤساء الوزارات الذين عينهم لنهم اختلفوا معه فى طريقة‬
‫الوصول لحسن السبل لحكم مصر بحرية كاملة فوصف محمد نجيب بأنه " فقر " ووصف على ماهر بأنه " خبيث " وأنه كان يميل‬
‫للرأسمالية ويريد العودة للحكم القديم وأخذ يسرد كل هذه ا لحداث الى أ ن وصل الى كلمة أنه يعانى كثيرا ويخاف من حماقات بعض‬
‫الضباط الحرار واعتبرت أنا بالذات هذا القول تهديدا للخوان المسلمين فكان ردى عليه ‪ :‬إنك رئيس الوزارة وتستطيع أن تقبض‬
‫وتحبس وتحاكم ولكن ل داعى للتهديد ونحن فى منزلك أنت طلبتنا للقائك فل يليق أن تهددنا فى منزلك بحماقات الضباط الحرار‬
‫وكان يعنى أنهم يريدون الدخول على بيوت الخوان المسلمين وتدميرها وتخريبها وقتل من فيها هذا الذى كان يريده ولكنه حاول أن‬
‫يبرر هذا الكلم بأنه ل يقصد المعنى الذى استقر فى ذهنى ولعل جمال عبد الناصر كان يفكر فى إدخالى السجن مع من أدخلهم رغم‬
‫علمه بأننى بطبيعتى ل أقر أعمال العنف ولشىء من هذا القبيل ‪..‬‬
‫هذا هو جمال عبد الناصر ولقد بدأ عبد الناصر فى التنصل من وعوده وكان الكثير من الخوان يبررون تصرفاته أمام الخوان حين‬
‫يقع الشقاق بين الخوان وعبد الناصر " ‪.‬‬
‫لعبة التطهير !‬
‫وبدأ جمال عبد الناصر ينفذ ما وضعه من قواعد اللعبة الخاصة بالتخلص من كل خصومة أو قوى الضغط أو القوى التى يحسب لها‬
‫حساب فى شعبيتها وتأثيرها وكانت المناورة التى اتبعها عبد الناصر ففى ‪10‬سبتمبر طلبت حركة ا لنقلب من الحزاب أن تقدم‬
‫إخطارات إعادة تكوينها وتطهير نفسها وبالطبع كان جمال عبد الناصر يعرف بحكم اتصاله بهذه الحزاب ما سيحدث وقد حدث فعل‬
‫صدامات داخل هذه الحزاب فغرقت هذه الحزاب فى تصفية حساباتها القديمة على حساب استمرارها ‪.‬‬
‫ويقول الستاذ عمر التلمسانى ‪ " :‬لقد اكتشف الستاذ الهضيبى هذه اللعبة من أول خطوة خطتها ‪ ..‬وقال ‪ :‬إن جمال عبد الناصر‬
‫سيتخلص من الحزاب بطلبه أن تطهر نفسها ثم يترك الخوان المسلمين لنه أراد أن يتخلص من الحزاب لينفرد بالخوان‬
‫المسلمين دون ان يكون فى البلد أية هيئة أخرى هذا ما توقعه الستاذ الهضيبى وقاله للذين يحسنون الظن بجمال عبد الناصر ل‬
‫تفرحوا بحل الحزاب فالدور آت عليكم وفعل حصل ما توقعه الستاذ الهضيبى رحمه ال عليه ‪ ..‬فعندما تخلص عبد الناصر من‬
‫الحزاب التفت للخوان وانقلب عليهم وفعل بهم ما فعل بعد ذلك ولقد أراد جمال عبد الناصر أن تقسم الحزاب وتنهار وأن تشتم‬
‫نفسها بنفسها ثم أصدرت قيادة ا لنقلب قرار ا فى ‪ 17‬يناير ‪ 1953‬بحل جميع الحزاب القديمة كما توقع الستاذ الهضيبى ‪.‬‬
‫وهنا نورد واقعة ذكرها الستاذ عبد العظيم رمضان * حيث يقول " ففى صبيحة يوم الحل حضر الى مكتب جمال عبد الناصر ـ كما‬
‫يقول بيان مجلس الثورة فى هذا ا لشأن ـ كل من صلح شادى ومنير الدلة ودار بينهما وبينه حديث مثير بدأه الثنان بقولهما ‪" :‬‬
‫الن وبعد حل الحزاب لم يبق من مؤيد للثورة إل الخوان ‪ ..‬ولهذا فإنهم يجب أن يكونوا فى وضع يمكنهم من أ‪ ،‬يردوا على كل‬
‫أسباب التساؤل ! " وقد سألهما عبد الناصر عما هو ا لوضع المطلوب فأجابا بأنهما يقصدان الشتراك فى الوزارة ‪ .‬فرد عليهما عبد‬
‫الناصر قائل " إننا لسنا فى محنة وإذا كنتم تعتقدون أن هذا الظرف هو ظرف المطالب وفرض ا لشروط فأنتم مخطئون " ‪ .‬فا قترحا‬
‫عليه حل آخر يشركهم فى الحكم من وراء ستار ويقضى بأن تتكون لجنة من هيئة الخوان تعرض عليها القوانين قبل صدورها‬
‫للموافقة عليها واعتبر أن هذا الحل " هو سبيلنا لتأييدكم إن أرتم التأييد " ‪.‬‬
‫ولكن جما ل عبد الناصر أجابهما بأنه قد سبق أن قال للمرشد " لننا لن نقبل الوصاية وأنه يكررها اليوم مرة أخرى فى عزم‬
‫وإصرار” ‪.‬‬
‫ويقول الستاذ عمر التلمسانى ‪ " :‬هذه الوقائع التى رواها د ‪ .‬عبد العظيم رمضان رواها من جانب واحد هو مجلس قيادة الثورة‬
‫وكان لزاما عليه ـ ككاتب موضوعى ـ أن يسأل الطرف الخر ولكنه اكتفى بما حصل عليه من جانب واحد واستقى المعلومات من‬
‫بيان مجلس قيادة الثورة والبيان عملة ذات وجه واحد والخوان هم الوجه الخر للعملة وكان عليه أن يسأل قيادة الخوان‬
‫المسلمين عن صحة ما ورد فى البيان وعن مدى مطابقته للحقيقة ولكن لم يفعل سوى قراءة بيان مجلس قيادة الثورة وبنى حكمه‬
‫على هذا الساس ول يستطيع قاض أو مؤرخ أن يحكم على الحداث والمور إل بعد سماع كل أطراف المسألة " ‪.‬‬
‫إنشاء هيئة التحرير ‪:‬‬
‫وواصل عبد الناصر خطواته لترسيخ أقدامة فى ا لحكم فعمل على إنشاء هيئة التحرير كتنظيم يعمل على حمايته على المستوى‬
‫الشعبى وبث فكرة " الثور ة " فى الجماهير وكان المقصود منها أن تسحب البساط من تحت أقدام جماعة الخوان والقضاء عليها بعد‬
‫ذلك فتفقد رد الفعل الجماهيرى إزاء الطاحة بها أما ما يذكره بعض الكتاب من تعبيرات مثل الصراع الجتماعى الذى أورده الدكتور‬
‫عبد العظيم فى إنشاء هيئة التحرير فيقول الستاذ التلمسانى ‪ ":‬كل اتعبيرات والشعارات الشيوعية تأخذ نوعا ولونا من الضخامة‬
‫الصراع السياسى الدموى وفوارق الطبقات كلها شعارات وألفاظ ضخمة ل حقيقة لها وفيها إضفاء من ا لمؤلف على ما يكتب أما‬
‫هيئة التحرير فإنها من تدبيرات عبد الناصر الذى كان يريد أن يقاوم بها جماعات الخوان المسلمين ولكنه عندما أنشأ هيئة التحرير‬
‫طلب منا أن نضع له قانون إنشاء هذه الهيئة فتولى ا لستاذ محمد البهى رحمة ال عليه وضع أسس هذا التنظيم وسلمة لعبد‬
‫الناصر وكان فى رأى بعض الخوان أن ينضموا الى هذه التشكيلة ولكن الغلبية الساحقة رفضت أن تنضم الى أى تشكيل آخر غير‬
‫الخوان المسلمين ‪" .‬‬
‫الخلف بين المرشد والسندى ‪:‬‬
‫وقع هذا الخلف بين المرشد الستاذ الهضيبى ةعبد الرحمن السندى رئيس الجهاز السرى عندما رأى المرشد تجاوزات السندى ‪.‬‬
‫ويقول الستاذ عمر التلمسانى ‪ " :‬رأى بعض الخوان ـ نتيجة لخطاء الجهاز السرى وتجاوزاته ـ أنه ل داعى لوجودة على هذه ا‬
‫لصورة ثم أعلن عبد الرحمن السندى خروجه على الجماعة وكنت من الداعين بعدم استمرار هذا الجهاز ـ لننى بطبيعتى ل أميل‬
‫للسرية ـ وخلفه لم يكن مع الستاذ الهضيبى وإنما كان مع المام الشهيد حسن البنا وإن كان الستاذ صالح العشماوى قد اتخذ‬
‫موقفا من الستاذ الهضيبى فإنما مرجع ذلك الى أن تشكيل مكتب الرشاد فى بدء عهد الستاذ الهضيبى كان أكثره من الحقوقيين‬
‫والمدنيين ولم يكن فيه أحد من المشايخ أو علماء الدين كما يقولون هذا من أسباب الخلف وبدأت المنازعات الى أن بلغ المر الى‬
‫أن الفريق الذى كان يناصره الستاذ صالح العشماوى ذهب الى بيت الستاذ الهضيبى وقطعوا التليفون وأساءوا اليه وأخرجوه من‬
‫منزله واحتلوا المركز العام فترة من الوقت وكانت خلفات داخل إطار الخوان ويحدث مثلها كثيرا فى الهيئات والحزاب وليست‬
‫المور كما صورها الدكتور عبد العظيم فى السلسلة التى نشرها فى مجلة روزا ليوسف ولم أقرأها ول أعرف عنها شيئا إل من‬
‫بعض الخوان وكنت أطلب منهم أن يهملوها ول يعنوا بالرد عليها ‪.‬‬
‫ويضيف الستاذ التلمسانى ‪ " :‬أما ما قاله عبد العظيم رمضان عن ضعف سلطات الستاذ الهضيبى على الجهاز السرى بعد تعيين "‬
‫يوسف طلعت " فهذا كلم غير صحيح لن الستاذ الهضيبى والخوان يفهمون أن النظام الخاص لم ينشأ إل لغراض معينة فلما‬
‫شطح الفكر ببعض الشباب وارتكبوا بعض الحداث لم يرض عنها ا لخوان المسلمون ‪ ..‬اراد الستاذ الهضيبى أن يضيق دائرة‬
‫التصرفات الفردية والشخصية وأن يحكم السيطرة عليها فكان يوسف طلعت من الذين يستجيبون للستاذ الهضيبى ولم يحدث بين‬
‫الستاذ الهضيبى ويوسف طلعت أى خلف إطلقا "‬
‫شبهة التصال بالنجليز ‪:‬‬
‫ويبدو أن عبد الناصر كان يتمنى أن ينفض شمل الخوان فى الخلف الذى وقع خلل عام ‪ 1953‬ولكن الخوان استطاعوا أن يتفادوا‬
‫امتداد تأثيرات الخلف الى الخارج واستطاعوا توحيد صفوفهم ونبذ العناصر الخارجة فألقى عبد الناصر بورقة أخرى فى سبيل‬
‫خطواته للتخلص من الخوان المسلمين وكانت الورقة الجديدة التى ألقاها عبد الناصر هى أن تحوم الشبهات حول الخوان باتصالت‬
‫لهم مع النجليز وإجرائهم مفاوضات سرية من وراء ظهر الحكومة ويقول الستاذ صالح أبو رقيق فى مجلة الدعوة تحت عنوان‬
‫الحقيقة الكاملة فيما يدور عن الخوان المسلمين والسلحة والنجليز " والحقيقة التى أشهد ال عليها وألقاه بها أن المرحوم الستاذ‬
‫حسن العشماوى لم يقابل المستر كروزول " الوزير المفوض البريطانى فى مصر فى ذلك الحين " ل فى فى بيته ول فى غير بيته ‪..‬‬
‫أول ‪ :‬يدعون أن الزيارة المزعومة قد حدثت فى العاشر من الليل ولم يقل لنا متى بدأت ؟ والحقيقة التى تبطل كذب القوم ان الستاذ‬
‫حسن العشماوى كان معتقل فى السجن الحربى مع الكثيرين من إخوانه بأمر من صديقه جمال عبد الناصر ‪.‬‬
‫والحقيقة أنه كانت هناك أتصالت بين الحكومة والخوان من ناحية والنجليز من ناحية أخرى بخصوص الجلء عن البلد ‪ ..‬وكانت‬
‫كل هذه المحادثات بالطبع تصل عبد الناصر أول بأول وذلك بحضور كمال الدين حسين وعندما استشعر جمال عبد الناصر أن الثمرة‬
‫فى سبيلها الى النضوج أراد إخراج الخوان المسلمين من الصورة فافتعل حادث جامعة القاهرة واتخذه ذريعة لعتقال مجموعة كبيرة‬
‫من الخوان المسلمين وكنا ضمن المعتقلين فى السجن الحربى فى أول يناير ‪ 1954‬وأصدر بيانا يتهم الخوان المسلمين بالتصال‬
‫بالنجليز كان لقلب نظام الحكم وقلنا يا للعجب ! ‪ ..‬حسبنا ال ونعم الوكيل أما مسألة السلحة فقد أصدرت الحكومة بينا تتهمنا‬
‫بمؤامرة وباتصلت كاذبة وبحيازة أسلحة للتآمر فى عزبة حسن العشماوى مع أنها أسلحة عبد الناصر نقلناها بطلب منه من مكاتب‬
‫الثكنات لرفع الحرج عنه ووضعناها فى عزبة حسن العشماوى بعلم وبرأى منه " ‪.‬‬
‫ورد الستاذ حسن التهامى على هذه الوقائع فى شهادة للتاريخ * فيما نشر فى المقال بشأن اتصال بعض قيادات الخوان المسلمين‬
‫بالسفارة البريطانية فى القاهرة وذلك عام ‪ 1954‬فإنه وإن كانت أمور عديدة مثل هذه المور فى ذلك الوقت لم تكن من مسئوليتى‬
‫المباشرة أثناء عملى مع عبد الناصر فى تلك السنوات كما لم يشأ عبد الناصر منى أن أتدخل فى سياسته الداخلية بشأن الخوان‬
‫المسلمين بالذات ولعلمة بالنظرة اليمانية الهادفة التى آليت على نفسى منذ زمن بعيد ـ قبل الثورة وبعدها ـ أن أنتهجها خطا‬
‫أساسيا فى فكرى ومعاملتى " ‪.‬‬
‫إل أنه أمام ما نشرته المجلة ـ روزاليوسف فى عددها ‪ 2601‬فى باب حوار السبوع تحت عنوان " هذه الحقيقة " صفحة ‪41‬‬
‫والتوجيه الصريح أن أدلى بفكرى إزاء ما نشرته المجلة فل يسعنى إل أن أقول بأننى سمعت عبد الناصر شخصيا يتحدث فى مبنى‬
‫قيادة الثورة فى الجزيرة عن اتصال بعض الخوان ا لمسلمين وأن مجموعة قيادية ومن بينهم السيد حسن عشماوى ـ الذى كان‬
‫كثير التردد على عبد الناصر وكان الكثير يعرفون عن صلتهما ولقاءاتهما المتكررة وقد حضرت اليه المجموعة القيادية لتخبره بأن‬
‫البريطانيين يسعون للتصال بالخوان للتفاهم عن أوضاع داخلية أساسها كما سمعت من حديث عبد الناصر دخول الخوان المسلمين‬
‫فى محاولة للمساك بالحكم وأن عبد الناصر قد صرح لهم بإجراء هذه التصالت وإبلغه بما يتم وإحاطته علما بمخطط النجليز‬
‫الذين يهدفون اليه وحسب علمى وما كان يعرفه كثيرون ممن حول عبد الناصر وأبلغ الخوان عبد الناصر بنتائج هذا التصال ‪...‬‬
‫وهكذا شهد شاهد من أهلها بأن التصالت لم تكن تجرى فى الخفاء ومن وراء ظهر نظام عبد الناصر وإنما كان يعلم بكل ما يجرى‬
‫ولكنه تنكر لذلك مدعيا وملمحا باتصال الخوان مع جهات أجنبية ‪.‬‬
‫إفتعال أحداث الجامعة ‪:‬‬
‫ويبدو أن جمال عبد الناصر قد عقد النية على افتعال مواقف تكون مبررا وذريعة له لتصفية حركة الخوان بشكل نهائى ففى ‪12‬‬
‫يناير ‪ 1954‬التقى طلب الجامعة ببعض أعضاء جماعة الخوان المسلمين وكانت ا لمناسبة الحتفال بالذكرى السنوية لشهداء‬
‫الجامعه ثم ظهرت مجموعة من الشخاص ينتمون الى هيئة التحرير التى شكلها عبد الناصر لمواجهة الخوان وحدث نوع من‬
‫الصدام والذى كان واضحا أن المجموعة التى خططت له كانت تهدف لوقوعه ‪.‬‬
‫ويقول الستاذ عمر التلمسانى ‪ " :‬لقد أرادت مجموعة من هيئة التحرير افتعال هذا الموقف حتى يحدث الصدام بينها وبين جماعة‬
‫الخوان أمام حضور الزعيم اليرانى " نواب صفوى " الحفل فلم يكن مقصودا به استعراض القوة كما يردد بعض الكتاب وإنما دعى‬
‫هذا الرجل ليحضر هذاالحتفال فى إطار دعم الصلت بين الخوان المسلمين والشباب اليرانى ولم يكن احد من الخوان مسئول عن‬
‫إثارة هذاالتوتر أو الصدام لنهم كانوا يرتبون لحدوث الصدام بأوامر عليا حتى يجد عبد الناصر ذريعة للتخلص من الخوان وبأنهم‬
‫مثيرون للشغب "‬
‫ومن نافلة القول أن نقول ‪ :‬إن الخوان المسلمين قدموا تأييدهم ودعمهم لنقلب يوليو دون شروط سوى اللتزام بما قطعه عبد‬
‫الناصر وجماعته على انفسهم ـ ول يستطيع احد منهم أن ينكر ذلك ـ بتطبيق شرع ال فى ا لبلد ولكن ما كان من الواضح أن‬
‫بريق القوة والسلطان الذى أصاب تشكيل الضباط الحرار قد جعلهم يتنكرون لهذه العهود وكانت خلفات الخوان مع أعضاء مجلس‬
‫قيادة الثورة خلفات فى إطار المصلحة العامة ولم تتخذ سبيل الى الصدام أو العنف ولكن عبد الناصر كان ينوى التخلص من‬
‫منافسيه فى الزعامة الشعبية ولذلك فقد كان مخططه هو التخلص من بقايا العهد القديم ثم التفرغ لمواجهة الحركة التى امتدت الى‬
‫الحاضر بشكل أقوى رغم المحن التى ل قتها ورغم حملت التشويه والتزييف وكل ما يقال عن فرصة الخوان المسلمين لوصايتهم‬
‫أو محاولتهم ذلك على مجلس قيادة الثورة هو اختلق للمعاذير لما فعلته يد عبد الناصر بعد ذلك ولو كان الخوان يسعون للسلطة‬
‫لقام الستاذ الهضيبى الدنيا ولم يقعدها يوم رفض جمال عبد الناصر السماء التى رشحها له ‪ ..‬ولكن شيئا من هذا لم يحدث ‪.‬‬

‫الفصل الثالث عشـر‬


‫حـــل الجماعة‬
‫استقر فى ذهن جمال عبد النصر أن يطيح بجماعة الخوان المسلمين بدعوى حفظ النظام العام فبعد يوم واحد من الصدام المفتعل‬
‫لحماة النظام الجديد " هيئة التحرير " داخل أسوار الجامعة القاهرة قرر مجلس الوزارة حل جماعة الخوان المسلمين بحجة أنها‬
‫أعلنت نفسها " حزبا سياسيا " وصدر قرار الحل يحمل بنودا أبسط ما يقال عنها أنها جحود ونكران للوقفة التى وقفتها الجماعة مع‬
‫قادة النقلب فقد أنكر هذا القرار تأييد الستاذ الهضيبى للنقلب ومناهضة قانون الصلح الزراعى بينما لم يفعل الستاذ الهضيبى‬
‫سوى إعلن بأن الحد القصى للملكية الزراعية يجب أن يكون ‪ 500‬وليس ‪ 200‬فدان وفى نفس الوقت فإن البيان قلب الموازين‬
‫فجعل الثورة هى الحمل الوديع فى مواجه " غول " الخوان وأنها فعلت الكثير من أجلهم مثل إعادة التحقيق فى مقتل الستاذ البنا‬
‫والفراج عن المعتقلين السياسيين " وإنقاذ " الحكومة الخوان من التعرض لحكام قانون الحزاب السياسية وأن الجماعة أرادت‬
‫فرض وصايتها على شئون الدولة وأن ا لخوان يتسترون خلف ستار الدين لتحقيق أغراضهم واجتماعاتهم مع النجليز من خلف‬
‫ظهر الحكومة ومعارضتهم لنشاء حزب التحرير وعديد من الكاذيب والفتراءات وأن الخوان كانوا يدبرون لقلب نظام الحكم وتم حل‬
‫الجماعة والقبض على ‪ 450‬من أعضاء الجماعة ‪ .‬ويقول الستاذ عمر التلمسانى ‪ " :‬لم يبلغ قرار الحل لجماعة ا لخوان ا لمسلمين‬
‫وإنما ذهبت قوات الشرطة لبيوت المطلوب القبض عليهم وقبضت عليهم ووضعتهم فى السجون والمعتقلت وفى اليوم التالى صدرت‬
‫الصحف تنشر هذا ا لخبر وقالت ‪ :‬إن هؤلء الشخاص هم الذين كانوا سيحكمون مصر إذا فشلت حركة الضباط الحرار لقد كان‬
‫تصرفا فرديا من جانب جمال عبد الناصر بقبضه على ا لخوان ولم أكن من الذين قبض عليهم فى يناير ولكن فى فبراير قبض على‬
‫ومعى المرحوم عبد القادر عودة وبعض الخوان الخرين عندما رأى رجال النقلب أننا ل زلنا على قلب رجل واحد من الذين هم‬
‫داخل المعتقلت قبض علينا وأفرج عنا بعد شهر عندما حدث خلف بين رجال وضباط النقلب وبين بعض وحدات الجيش وسلح‬
‫المهندسين فأفرج عنا جمال عبد الناصر ليظهر للبلد أنه رجل ديمقراطى ورجل حرية وأنه ل يريد أن يعاقب فلما استتب له المر‬
‫تخلص من نجيب ومن معه وظهرت نواياه الحقيقية وتصرفاته ‪ ,‬ولم يكتف جمال عبد الناصر بقرار الحل وإنما ذهب الى أبعد من‬
‫ذلك فقد وجه صحافة مصر فى الوجهة التى يريدها وجعلها تشن حملت مكثفة من التشويه والتزييف وكان من بين هذه حملت ما‬
‫نشرته الصحف فى ‪ 18‬يناير ‪ 1954‬بعنوان " ضبط مدافع وديناميت عند الخوان ‪ 219 ،‬قنبلة و ‪ 15‬مدفعا و ‪ 10‬آلف طلقة‬
‫ومحطتين للذاعة والعثور على مخزن للسلحة ومواد تنسف مدينة كاملة فى عزبة حسن العشماوى ومعها كتاب عن الجرائم‬
‫السياسية فى القرن العشرين ‪.‬‬
‫ويقول الستاذ التلمسانى ‪ " :‬الحقيقة التى يعرفها الكثيرون أن جمال عبد الناصر وبعض الضباط الحرار كانوا يشتركون فى تدريب‬
‫الخوان على استعمال السلحة فى النظام السرى من عام ‪ 45‬ـ ‪ 1947‬بقصد تدريبهم على إجادة استخدام السلحة لمحاربة اليهود‬
‫والنجليز وعندما حدث حريق القاهرة فى يناير ‪ 1952‬كان لدى جمال عبد الناصر وبعض الضباط الحرار كثير من أسلحة الجيش فى‬
‫بيوتهم بغير حق وعلى صورة يؤاخذون بها عسكريا فلما أحسوا بالخطورة فى حريق القاهرة طلبوا من الخوان أن يساعدوهم فى‬
‫إخفاء هذه السلحة وفعل استخدموا سيارات بعض الخوان فى نقل هذه السلحة الى عزبة العشماوى باشا ووضع جمال عبد الناصر‬
‫التصميم للمخابىء التى وضعت فيها ا لسلحة وأخفاها فلما وقع الشقاق بين الخوان والضباط الحرار فى بداية عام ‪ 1954‬أرسل‬
‫قوة من المخابرات والمباحث وضبطوها لنه يعلم تماما بمكان السلحة وهوالذى وضعها بيده وصمم المخابىء التى تخفى فيها ثم‬
‫أعلن أن الخوان يخفونها وأنها تكفى لنسف القاهرة عشر مرات ‪" ! ..‬‬
‫ويقول ميتشل فى كتابه * ‪ " :‬وقد انتشرت على نطاق واسع إشاعة تقول ‪ :‬بأن تلك السلحة هى بعينها السلحة التى سبق أن خبأها‬
‫أعضاء المجموعة العسكرية قبل الثورة بأنفسهم هناك وأن هذا التهام جلب على الحكومة بعض السخرية كما عزز صورة الجماعة‬
‫المضطهدة ‪. " ..‬‬
‫ويقول الستاذ عمر التلمسانى ‪ " :‬لما شعر جمال عبد الناصر ببعض التحركات خصوصا سلح الفرسان وكنا وقتها فى الغتقال‬
‫وأحس أن " محمد نجيب " غير راض عن بعض الضباط رأى أن مصلحته أن يفرج عن الخوان المسلمين فأفرج عنهم بالفعل فى‬
‫أواخر مارس وذهب الى منزل الستاذ الهضيبى معتذرا عما حدث ودعا الخوان الى طعام العشاء فى سلح الفرسان فى الحلمية‬
‫والخوان المسلمون دعوة للعشاء هو والضباط الحرار وبدا الجولة بمصالحة بين الطرفين واعتذار من جمال عبد الناصر عما قام به‬
‫نحو الخوان المسلمين ولكنه ـ على حسب عادته ـ كان دائما يستر تصرفاته بخطوات سلمية فى البداية تحسبه صافيا ول يحمل‬
‫شيئا لحد‪ ،‬وفجأة يتصرف التصرف الذى ل يليق و ل يصح أن يحدث مع المواطنين فى هذا البلد ‪ . " ..‬وقبل ذلك أى قبل الفراج‬
‫عن الخوان وفى يوم ‪ 23‬فبراير زار جمال عبد الناصر قبرالمام الشهيد حسن البنا كنوع من إثبات حسن نواياه ولكنه كعادته إنه‬
‫يقول غير ما يفعل ويفعل غير ما يقول ؟‪"...‬‬
‫على حد قول الستاذ صلح شادى * ‪ :‬ولقد ظهر الخلف بين عبد الناصر ومحمد نجيب لدىالتنافس بينهما على زيارة قبر‬
‫المامالشهيد حسنا لبنا فى ‪ 12‬فبراير سنة ‪ 1954‬ففى هذا اليوم الذى ظهر فيه هذا الخلف بين محمد نجيب وعبد الناصر كان قرار‬
‫حل الجماعة قائما ودار الخوان مغلقة وكنا فى السجن الحربى حينذاك مع المرشد نحو اربعمائة من الخوان وذلك بخلف المعتقلين‬
‫بالسجون الخرى ويبدو ان محمد نجيب عندما علم برغبة عبد الناصر فى هذه المجامله ظن أن جمال أراد أن يكسب لنفسه شعبية‬
‫لدى ا لخوان المسلمين ينفرد بها دونه فعزم كذلك على الذهاب الى قبر الشهيد ليشاركه فى هذه الشعبية وغضب عبد الناصر‬
‫غضبا شديدا لنه أراد أن يستغل وحده دعاية الذهاب الى قبر الشهيد فاستدعى إسماعيل فريد ياور محمد نجيب وسب محمد نجيب‬
‫ولعنه أمامه وطلب منه أن يبلغ ذلك الى محمد نجيب نفسه محذرا إياه من الذهاب الى مقبرة الشهيد وإل فإن العاقبة ستكون وخيمة‬
‫ولذا فعندما سمعنا ونحن فى السجن الحربى سنة ‪ 1954‬بذهاب عبد الناصر الى قبر المام الشهيد أدركت أن وراءذهابه الى القبر‬
‫محاولة جديدة منه لتقسيم الخوان الى فريقين ‪ :‬فريق راض عنه وفريق آخر غاضب عليه لنهم كما كان يقول عنهم دائما ـ عصاه‬
‫ـ ويزعم أنه ليس معارضا للجماعة ذاتها وإنما هو يعارض أصحاب الفكار المنحرفة فيها ‪ ،‬العصاه ‪،‬ـ ‍ "‬

‫الفصل الرابع عشر‬


‫أزمة مارس ‪1954‬‬
‫لكى نطلع على أبعاد الصراع الذى دار على كرسة الحكم فى أزمة مارس ‪ 1954‬المعروفة فل بد أن نعود لجذور هذا الصراع والتى‬
‫بدأت بوادرها باستقالة محمد نجيب من رياسة الجمهورية ورياسة الوزراء والصراع الذى دار داخل مجلس قيادة الثورة بعد ذلك‬
‫فقبل قيام انقلب يوليو اتفق بعض قادة الحركة على أن يتصدر النقلب ضابط من أصحاب الرتب العالية ويلقى قبول الجماهير‬
‫واحترامها واتفقوا على اختيار اللواء محمد نجيب ليكون على رأس النقلب وقد اتفقت آراؤهم على هذه المسألة فى محاكمة ثورة‬
‫يوليو * ووافق محمد نجيب على ذلك وتحمل فى شجاعة عواقب ومخاطر هذه ا لمسألة وبعد نجاح النقلب استطاع محمد نجيب أن‬
‫يكسب شعبية كبيرة بين الجماهير بينما كان عبد الناصر يتحرك فى كل التجاهات ليقبض بيده على زمام المور باعتبار محمد نجيب‬
‫فى رأيه ورأى زملئه فى مجلس قيادة الثورة مجرد خطوة فى طريقهم وأنه مجرد واجهة يمكن أن تلقى قبول طيبا لدى الجماهير‬
‫وقد كان وأثارت هذه الشعبية أحقادا دفينة لدى عبد الناصر وأحس بخطورة وضع محمد نجيب بالنسبة لهدافه وطموحاته ‪.‬‬
‫وحدث التكتل داخل مجلس قيادة الثورة ضد محمد نجيب مما أدى بالرجل الى تقديم أستقالته واحتل نبأ استقالة صدر الصفحات الولى‬
‫من الصحف المصرية من رياسة الجمهورية ورياسة الوزراء وجميع الوظائف التى يشغلها وإن يستمر مجلس قيادة الثورة بقيادة‬
‫البكباشى جمال عبد الناصر فى تولى كافة سلطاته الحالية مع تعيينه رئيسا لمجلس الوزراء مع بقاء منصب رئيس الجمهورية‬
‫شاغرا وجاء فى أسباب قبول الستقالة مطالبة محمد نجيب بسلطة فردية مطلقة ومباشرة سلطته فى تعيينه الوزراء وعزلهم وترقية‬
‫الضباط وبعد ذلك بأيام فى ‪ 26‬فبراير قال صلح سالم " إن إقامة محمد نجيب تحددت فى منزله بالزيتون وإن أعضاء مجلس قيادة‬
‫الثورة قرروا أن ينسحبوا لمراكزهم فى صفوف الجيش تاركين محمد نجيب بمفرده ليحكم مصر وقد أبلغوا وحدات ا لجيش بهذا‬
‫القرار ولكن ضباط الجيش لم يقبلوا هذا الوضع " ـ وكان واضحا أن عبد الناصر أراد وا أن يساعدوا بين نجيب والشعب الذى كان‬
‫يميل لشخص محمد نجيب ‪ .‬وبعد أيام وفى ‪ 26‬فبراير ‪ 1954‬عادت الصحف التى هاجمت على صفحاتها محمد نجيب لتعلن عودة‬
‫محمد نجيب الى رياسة الجمهورية مرة ثانية ‪.‬‬

‫( عبد القادر عودة القاضى الذى تقرر إعدامه قبل أن يحاكم )‬


‫وفى اليوم التالى لعودة محمد نجيب للحكم خرجت الجماهير مؤيدة لمحمد نجيب ومطالبة بالقلع عن الظلم ـ ويقول الستاذ‬
‫عمرالتلمسانى لقد زحفت اللف الى ميدان عابدين وقتذاك تطالب السيد محمد نجيب بالفراج عن المعتقلين وتنحية الباطش ومعاقبة‬
‫الذين قتلوا المتظاهرين عند كوبرى قصر النيل وتطبيق شرع رب العالمين وأدرك القائمون علىالمر خطورة الموقف وطلبوا من‬
‫المتظاهرين الثائرين أن ينصرفوا ولكن بل مجيب فاستعان محمد نجيب بالشهيد عبد القادر عودة على تهدئة الموقف متعهدا بإجابة‬
‫المة الى مطالبها ومن شرفة قصر عابدين وقف الشهيد يطلب من الجماهير الثائرة أن تنصرف فى هدوء وقد وعد رئيس الجمهورية‬
‫بإجابة مطالبها ‪ ..‬فإذا بهذا البحر الزاخر من البشر ينصرف فى دقائق معدودة وبمنطق الحكم الديكاتورى الذى كان يهيمن على البلد‬
‫حينذاك كان ل بد أن يصدر قرار فى عبد القادر عودة فإذا كان الشهيد قد استطاع أن يصرف الجموع الحاشدة التى جاءت محتجة‬
‫تطالب بإطلق الحريات وإفساح المجال للحياة الدستورية السليمة الصلية والوفاء بالوعود وتأدية المانات ‪ ..‬فهو يمثل خطورة على‬
‫هذا الحكم الذى كان مفهومة لدى الحاكم أن يضغط على الجراس فيلبى نداؤه وعلى ا لزرار فتتحرك المة قياما وقعودا ‪.‬‬
‫ومن هنا كانت مظاهرة عابدين هى أول وأخطر حيثيات الحكم علىالشهيد عبد القادر عودة بعد ذلك بالعدام ولذلك لم يكن غريبا أن‬
‫أعتقل هو والكثيرون من أصحابه فى مساء اليوم نفسه ووقفوا على أرجلهم فى السجن الحربى من الرابعة صباحا حتى السابعة‬
‫صباحا يضربهم ضباط السجن وعساكره فى وحشية وقسوة شأنهم شأن الذين إذا خل الميدان أمامهم طلبوا الطعن وحدهم والنزال‪"..‬‬
‫وقد علم محمد نجيب بواقعة تعذيب عبد القادر عودة وزملئه وقال فى تصريح للخبار * " ل يوجد مسئول يوافق على ارتكاب هذا‬
‫الجرم إن صح ول بد أن يحاسب مرتكبه بمنتهى الشدة إذا ثبت العتداء ولقد جرى التحقيق فور التبليغ عنه وكان بودى لو اتسع‬
‫وقتى لحضره بنفسى وهو يسير بسرعة وبكل دقة "‬
‫ويقول الستاذ عمر التلمسانى ‪ " :‬لقد وقف عبد القادر عودة الى جانب حركة ‪ 23‬يوليو ‪ 1952‬ظنا منه أن رئيسها سيحقق الخير‬
‫الذى أعلنه على الناس ولكنه لما اكتشف أمامه النوايا وبدأت تظهر الحقائق سلك الطريق الذى ألزم به نفسه فى حياته ‪ ..‬طريق‬
‫الحق والصدق ‪ ..‬قال له رئيس الجمهورية السابق ـ جمال عبد الناصر ـ إنه سيقضى بدوره على الطغاة الظالمين ‪ ..‬وقدم عبد‬
‫القادر عودة فى تهمة ل صلة له بها ول علم وحكموا علىالشهيد بالعدام ـ فى تمثيلية المنشية فيما سيأتى من أحداث " ‪.‬‬
‫ثم توالت الحداث واشتعل الصراع بين محمد نجيب وعبد الناصر وصدر قرار بحل مجلس قيادة الثورة وعودة الحزاب وأفرج عن‬
‫الستاذ حسن الهضيبى وأحمد حسين و ‪ 200‬معتقل وقرر جمال عبد الناصر كنوع من الدهاء أن يعود للجيش وأن مجلس قيادة‬
‫الثورة يعلن انتهاءها ثم كانت مظاهرات التأييد المفتعلة التى حركتها هيئة التحرير حامية عبد الناصر وأنه ل بد أن تستمر الثورة‬
‫وما حدث من إصرار لعمال النقل وخروج المظاهرات وكانت اتحادات النقل تسيطر عليها الحكومة سيطره كاملة وبحركة تمثيلية‬
‫بارعة واستجابة لرغبة الجماهير أو " الرادة الشعبية " عاد مجلس قيادة الثورة وألغى كل قراراته السابقة وإلغاء الحزاب عدا‬
‫الخوانالمسلمين ‪ ..‬وقد أوضح الستاذ الهضيبى موقف الجماعة مما حدث قائل ‪ " * :‬إن الخوان يريدون أن يكون هناك حياة‬
‫برلمانية ونحن ساعون فى ذلك وسنجلس مع أولى المر لنقول لهم هذا خطأ وهذا صواب فإن ال قد أمر بالشورى " ‪.‬‬
‫** علقة نجيب بالخوان‪:‬‬
‫لقد ألمح عبد الناصر واتهم نجيب صراحة بتواطئه مع الخوانالمسلمين وحقيقة علقة محمد نجيب بالخوان كما يقول الستاذ عمر‬
‫التلمسانى ‪ :‬محمد نجيب كان على علقة طيبة بالخوان وكان فى تقديرنا أنه ليس بالشخص الذى يصلح للعمل مع جمال عبد الناصر‬
‫لن عبد الناصر يخطط ويبنى منذ زمن طويل ‪.‬‬
‫وكان محمد نجيب رجل خالص النية تولى قيادة النقلب لصلح البلد فكانت علقتنا به طيبة وحتى علقته بالنحاس باشا علقة‬
‫طيبة ‪ ..‬وعلقاته أيضا مع كل الناس طيبة وقد قام الستاذ الهضيبى بواسطة الصلح بينه وبين جمال عبد الناصر لكيل يحدث صدام‬
‫فى الجيش ل تؤمن عواقبه " ‪.‬‬
‫* مفاوضات الجلء ‪:‬‬
‫وفى ‪ 27‬يوليو عام ‪ 1954‬أعلنت حكومتا مصر وبريطانيا موافقتهما المشتركة على رءوس موضوعات اتفاق كأساس لمعاهدة جديدة‬
‫لتسوية النزاع وجلء القوات النجليزية وقد أبدى الستاذ الهضيبى اعتراضه على بعض بنود النقاط الساسية للتفاقية ‪.‬‬
‫ويقل الستاذ التلمسانى ‪ :‬لقد اعترض الخوان كلهم من مكتب إرشاد الى هيئة تأسيسية علىا لمعاهدة ولقد كتبت مذكرة عن هذا‬
‫الموضوع لنه ساءنى أن تكون مصر حليفة أو شريكة فى حرب إذا حصل اعتداء على انجلترا نفسها وهذا ل شأن لنا به فى مصر‬
‫فكانت مثل هذه المور التى تعرض مصر للخطر ل علقة لها بها إرضاء لنجلترا ولقد كان موضوع استنكار منا وعدم قبول فرفضنا‬
‫ذلك ولم نعارض جلء النجليز وإنما عارضنا البنود التى كانت تذهب بقيمة هذا الجلء " ‪.‬‬
‫وهكذا يتضح مما سبق التناقضات الواضحة التى كان يعيشها عبد الناصر ونواياه تجاه معارضيه وخصومه والكاذيب التى ظلت‬
‫الصحف تنشرها فى حملت تمهيدية لحل جماعة الخوان المسلمين ثم حملت بعد الحل والتى تمثلت فى محاولة التأثير على الرأى‬
‫العام وتحويل اتجاهاته الى تأييد عبد الناصر وكانت كل لقاءات عبد الناصر مع الخوان تتسم بنوع من الدهاء والحيلة أو ما يسمونه‬
‫" التكتيك السياسى " فقد كان يتظاهر بالحرص على مطالبهم وتطبيقها بينما كان يضمر لهم كل سوء ووجد عبد الناصر أن ´محمد‬
‫نجيب " بدأ برفض منطق الواجهة ليكون له دور فعال فة تسيير دفة المور فكانت تكتلته داخل مجلس قيادة الثورة وأحس عبد‬
‫الناصر بالضغط الشعبى بعد استقاله نجيب والتأييد الجارف له بعد عودته للحكم فعقد النية والعزم أن يتخلص من آخر أقوى الطراف‬
‫المواجهة لطموحاته ونواياه وهم ‪ :‬محمد نجيب ـ والخوان المسلمون ‪ ..‬وقد كان !!‬

‫الباب الرابع ‪ -‬المؤامرة الكبرى‬


‫* وجاءت تمثيلية المنشية ‪.‬‬
‫* جرائم وراء السوار‬
‫* ظهور فكرة التكفير والهجرة ‪.‬‬

‫الفصل الخامس عشر‬


‫وجاءت " تمثيلية " المنشـــــيـة‬
‫يوم السادس والعشرين من أكتوبر عام ‪ 1954‬يوم ل بد أن نقف عنده طويل ففى ذلك اليوم نشهد فصل الختام فى ظهور نوايا عبد‬
‫الناصر الحقيقية التى طالما حاول أن يظهر عكسها ولكن جمهور الخوان قيادة وأعضاء كانوا يعلمون النيات المبيتة لدى جمال عبد‬
‫الناصر تجاه من ناصروه وأيدوه من اللحظة الولى لقيام الحركة فلم تكن المسألة كما قال الستاذ عمر التلمسانى فى فصل سابق ردا‬
‫على ا لكتابات المغرضه لبعض الكتاب الماركسيين حول صراعات وخلفات ونزاعات الجماعة مع عبد الناصر ونظامه ‪ .‬إن جمال‬
‫عبد الناصر كان يبيت النية للتخلص من الخوان بعد أن انفرد بهم بعد تخلصه من الحزاب القديمة وأنهم ـ أى ا لخوان ـ كان‬
‫يعلمون ذلك وانهم كانوا على ثقة بأنه سيفعل ذلك ‪.‬ز وقد فعل ‪.‬‬
‫ففى هذا اليوم كان قد مر على قيام الحركة ‪ 27‬شهرا وعلى علقتهم بالخوان المسلمين وعلى تأييد الخوان ـ أقوى الهيئات‬
‫والجماعات شعبية فى مصر فى ذلك الوقت ‪..‬ولقد جاء فصل الختام الذى لم يكن مسكا سريعا كما توقع الخوان وسندع الحداث‬
‫كشريط مصور تمر أمامأذهاننا وعيوننا لعلنا نفهم أبعاد تلك الحداث التى جرت فى ساحة ميدان المنشية بالسكندرية فى السادس‬
‫والعشرين من أكتوبر ‪. 1954‬‬
‫فى مساء ذلك اليوم توجه جمال عبد الناصر ـ وكان رئيسا للوزراء فى ذلك الوقت ليلقى خطابا أمام جمهور كبير من المواطنين فى‬
‫ساحة الميدان ليعلن اكتمال الكفاح باتفاقية الجلء ووقعها مع النجليز قبل أسبوع من الحادث ‪ ..‬ولم تمض ثلث دقائق حتى انطلقت‬
‫رصاصات من مسدس يحمله شاب من وسط الجماهير ‪ ..‬ويبدو أن الرصاصات طاشت وكانت ثمانى رصاصات ـ كما اتضح هذا‬
‫خلل التحقيق ـ والغريب أن جمال عبد الناصر أستأنف الحديث غير آبه بالحادث وصاح فى ا لجماهير ‪ :‬فليبق كل منكم فى مكانه ‪..‬‬
‫أيها الرجال فليبق كل منكمم فى مكانه ‪ ..‬دمى فداء لكم ‪ ..‬حياتى لكم ‪ ..‬دمى منكم ولكم ‪ ..‬دمى فداء لكم ‪ ..‬أنا لست جبانا ‪ ..‬أنا أقبل‬
‫الموت من أجل حريتكم ‪ ..‬من أجل عزتكم ‪ ..‬أنا جمال عبد الناصر ل أخشى الموت ‪ ..‬أنا جمال عبد الناصر أتكلم بعد أن حاول‬
‫أيها الرجال ‪ ..‬أيها الحرار ‪..‬ان‬ ‫المغرضون العتداء على وعلى حياتى ‪ . .‬إن حياتى فداء لكم ‪ ..‬دمى فداء لكم ‪ ..‬أيها الرجال‬
‫جمال عبد الناصر ملك لمصر كلها ‪ ..‬وها هو جمال عبد الناصر يتكلم أنا لست جبانا أنا أستقبل الموت سعيدا من أجل حريتكم ‪..‬‬
‫ومن أجل عزتكم ومن أجل كرامتكم واستمر يقول ‪ ..‬أيها الناس ‪ ،‬أيها الحرار وحتى لو قتلونى فقد وضعت فى نفوسكم العزة‬
‫فليقتلونى الن فقد غرست فى ضمير المة الحرية والكرامة والعزة من أ جل مصر حرية مصر ‪ ..‬سأعيش من أجل مصر وفى سبيل‬
‫مصر سأموت ‪. " ..‬‬
‫هذا ما أوردته الصحف اليومية * فى اليوم التالى حول وقائع هذاالحادث وتحدثت الصحف عن وقائع ما جرى بين عبد الناصر‬
‫ورفاقه قالت ‪ :‬وزاد فى كهربة الموقف أنه كان فى جيب جاكته جمال العلى قلمه الحبر وهو قلم أحمر وفى أثناء جذب جمال‬
‫وتخلصه من أيدى زملئه انفتح صمام القلم الحمر وسقط الحبر الحمر على صدر جمال وظن من حوله أنه جرح وأن هذا دمه‬
‫وعندما انتهى جمال عبد الناصر من كلمته أقبل زملؤة عليه يبحثون عن مكان الجرح فقال لهم ‪ :‬إن الذى جرح قلمى الحمر ‪.‬‬
‫والشىء الغريب أنالصحف اليومية خرجت صباح اليوم التالى دون ذكر شىء عن سلح الجريمة الذى استخدمه هذاالشاب باستثناء‬
‫جريدة الهرام التى قالت ‪ :‬إنه عثر فى المكان الذى يقف فيه الجانى على أربعة أظرف عيار ‪ 26‬ملليمترا وأنها تختلف عن طلقات‬
‫المسدس الذى ضبط مع المتهم إذ أن المسدس الذى عثر عليه مع المتهم من نوع " المشط " الذى ل يلفظ إل ظرف الفارغة ‪ ..‬ثم‬
‫اختفى ذكر سلح الجريمة من جميع الصحف المصرية وكأنه " فص ملح وذاب " ونمضى مع رحلة المسدس المختفى ونقرأ هذه‬
‫القصة اللطيفة !! والتى نشرتها الصحف أيضا حيث نشرت صورة عامل يدعى " خديوى آدم " عامل بناء حضر من السكندرية‬
‫ليحضر الى جمال عبد الناصر المسدس الذى استخدمه المتهم فى جريمته وقالت الصحف * إن عامل البناء كان ضمن الموجودين فى‬
‫السرادق وسقط على الرض مع الذين سقطوا عقب إطلق الرصاص وجاءت سقطته على ا لمسدس " وكان ل يزال ساخنا فعرف أنه‬
‫المسدس المستخدم فى الجريمة وقرر أن يسلمه بنفسه للرئيس عبد الناصر ‪.‬‬
‫ولما لم يكن معه نقود ليستقل وسيلة مواصلت الى القاهرة التى عاد اليها الرئيس فى اليوم التالى للجريمة فإن هذا ا لعامل قرر أن‬
‫يسافر الى العاصمة سيرا على القدام ‪.‬ز وبالفعل بدأ رحلته فجر الربعاء ‪ 27‬أكتوبر مستخدما قضبان السكة الحديد دليل له فى ا‬
‫لمجىء الى القاهرة التى وصلها يوم الثنين أول نوفمبر وفى خلل الطريق وبسبب أفلسه الشديد فإنه إضطر لبيع قفطانه ليشترى‬
‫بثمنه " سندوتشا " يأكله وفور وصوله الى ا لقاهرة أتجه الى مقر قيادة الثورة وطلب مقابلة الرئيس عبد الناصر بعد أن كشف‬
‫للحرس عن المسدس الذى يحمله وبالفعل استقبله عبد الناصر وعندما عرف حكايته وأنه من القصر تأثر وعانقه وقال له " يعيش‬
‫أبناء القصر " وأعطاه مكافأة ‪100‬جنيه !!‬
‫وذكرت الصحف ـ فيما يتعلق بالطرف الثانى من أركان الجريمة ـ أن الشعب قبض على الجانى وفى يده المسدس ـ هذا ما ذكرته‬
‫الصحف فىاليوم التالى ـ كما قبض الشعب على الجناه الذين كانوا معه والجانى أسمه محمود عبد اللطيف وهو سمكرى من امبابة‬
‫ومن الخوان المسلمين وتولت النيابة التحقيق مع المتهم فى السجن الحربى بمعسكر مصطفى كامل وجاءت التحقيقات تقول ‪ :‬إنه‬
‫يبلغ من العمر ‪ 30‬سنة ومتزوج من عشر سنوات وله ثلثة أولد وعضو فى ا لخوان المسلمين منذ ‪ 16‬سنه وكما ذكرت الصحف‬
‫فى اليوم التالى للحادث أن المجرم ضبط متلبسا بإطلق الرصاص فقد هجم عليه العسكرى إبراهيم حسن الحالتى وهو من بوليس‬
‫باب شرقى وكان يبعد عن المتهم بأربعة أمتار وفى ا لتحقيق الذى أجرى مع المتهم اعترف أنه اطلق النار ولكنه فى بادى المر قال‬
‫‪ :‬إنه أطلقه على سبيل البتهاج باعتبار أنه محارب قديم فى فلسطين ثم عاد واعترف بأنه كان يريد اغتيال جمال عبد الناصر وأنه‬
‫سبق أن حاول منذ عشرة أيام اغتيال جمال عبد الناصر فى القاهرة أثناء خطابه فى مؤتمر الموظفين بميدان الجمهورية ولكنه لم‬
‫يستطع تنفيذ محاولته لنه منع من الدخول ووقف على مسافة بعيدة من مكان الرئيس مما دعاه لتأجيل مؤامرته لفرصة ثانية‬
‫وعندما سئل من الذى حرضك على هذه المحاولت ؟ قال ‪ :‬إن الجهاز السرى لجماعة الخوان المسلمين دربه على إحكام إصابة‬
‫الهدف فى أرض فضاء بمدينة الوقاف بجهة إمبابة منذ أكثر من شهرين وأنه تسلم من هنداوى دوير رئيس فرع الجهاز السرى‬
‫بمنطقة امبابة المسدس الذى استخدمه فى ارتكابه الحادث وكانت محاولة الغتيال قد جرت مساء الثلثاء ‪ 26‬أكتوبر وخلل نفس‬
‫الليلة تم القبض على ما يقرب من ‪ 18‬الف شخص ( على حد قول جمال عبد الناصر فى أحدى خطاباته اللحقة ) وذكر أحد‬
‫الرسميين أن العدد وصل الى ‪ 24‬ألف شخص خلل ليلة واحدة كما تم ضبط كميات كبيرة من السلحة من مختلف الماكن وبعد أربعة‬
‫أيام أعلن الصاغ صلح سالم وزير الرشاد القومى أن هنداوى دوير المحامى اعترف بمعلومات خطيرة عن الخطة التى وضعها‬
‫الجهازالسرى لجماعة الخوان لمحاربة الحكومة وكان محمود عبد اللطيف قد اعترف بأن هنداوى سلمه السلح لقتل الرئيس وأن‬
‫قتل عبد الناصر كان بمثابه إشارة يتبعها تنفيذ مخطط لغتيال أعضاء مجلس قيادة الثورة وقتل ‪ 160‬ضابطا أو خطفهم ‪.‬‬
‫وبعد يومين من هذا التصريح أعلن تشكيل محكمة أطلق عليها اسم " محكمة الشعب " للنظر فى الفعال التى تعتبر خيانه للوطن أو‬
‫ضد سلمته فى الداخل والخارج وشكلت برياسة قائد الجناح جمال سالم وعضوية القائمقام أنور السادات والبكباشى حسين الشافعى‬
‫وشكل مكتب ادعاء برياسة البكباشى زكريا محى ا لدين كماأعلن تشكيل ثلث دوائر جديدة لمحكمة الشعب الى جانب الدائرة‬
‫الرئيسية التى يرأسها جمال سالم وذلك للنظر فى القضايا العديدة التى كشفت لتحقيقات الواسعة والتى أدت الى اعتقال المئات‬
‫واعترافهم ـ كما ذكرت الصحف ـ بسلسلة من المؤامرات اليجابية الخطيرة ‪.‬‬
‫لقد أردنا بهذاا لعرض السريع لوقائع الحادث أن نرويها كما جاءت حرفيا بالصحف اليومية دون إضافة أو تعديل وقبل ان ننتقل الى‬
‫ما وقع من أحداث المحاكمات التى جرت بعد ذلك ل بد أن نتوقف قليل عند هذه الوقائع ونضعها تحت مجهر البحث التحليلى الهادىء‬
‫لما سماه صلح سالم وزير الرشاد القومى بأبعاد المؤامرة الكبرى وما حفلت به الصحف المصرية ‪.‬‬
‫إن الظروف التى سبقت الحادث ل بد ان تعكس نوعا من الستنتاج يمكن أن نستشف منه شيئا فقد اهتزت شعبية جمال عبد الناصر‬
‫بسبب الخلفات داخل مجلس قيادة الثورة وازدياد حدة الخلف بينه وبين الرئيس محمد نجيب وازدياد شعبية الخير خاصة بعد‬
‫انتهاء أزمة مارس ‪. 1954‬‬
‫ولنسمع شهادة حسن التهامى فى " شهادة للتاريخ عن حادث المنشية * يقول " ‪.‬ز وقد شد انتباهنا أن خبيرا ـ امريكى الجنسية ـ‬
‫فى الدعاية والعلم ومن اشهر خبراء العالم وقتها فى الدعاية كان قد حضر الى مصر وكان من مقترحاته غير العادية والتى لم‬
‫تتمش مع مفهومنا وقت اقتراحها هو " اختلق محاولة لطلق الرصاص على عبد الناصر ونجاته منها فإن هذا الحادث بمنطق‬
‫العاطفة والشعور الشعبى لتأهيله للحكم الجماهيرى العاطفى أكثر من أية حملة دعائية منظمة توصله الى القيادة الشعبية فى أقرب‬
‫الطرق العاطفية ‪.‬‬
‫بالنسبة لنا كان مرادفه هذا الحادث لهذه الفكرة وحدوثها بعد القتراح بشهور قليلة جدا مثار دهشة كنا قد فسرنا ها وقتها " توادر‬
‫أفكار عجيب ومصادفة " ‪.‬‬
‫وكان حسن التهامى يرد بهذه الشهادة على دعوة الستاذ صالح أبو رقيق فى عدد سابق من هذهالمجلة فى باب حوار السبوع تحت‬
‫عنوان " رسالة " صالح أبو رقيق " قال فيها ‪ .. " :‬كما أن هناك شاهدا أحسبه أمينا وأتعشم أن تقوى ال التى تنزل على قلبه الن‬
‫تدعو الى أن يجلى الحقيقة فى هذا الحادث " حادث المنشية المشئوم " ويظهر الحق لعباد ال وهى شهادة أطالبه بها أمام ا ل فى‬
‫الدنيا وبين يديه فى الخرة هو السيد حسن التهامى يقول فقط من أطلق الثمان رصاصات فى الهواء الطلق ؟ "‬
‫ويقول الستاذ عمر التلمسانى ‪ " ..‬لقد سمعنا فى تلك الفترة أن جمال عبد الناصر استدعى أحد الخبراء المريكيين فى ا لدعاية‬
‫لوضع خطة يكسب بها تأييد الجماهير وأشار عليه بفكرة اختلق حادث إطلق رصاص وهمى أما بالنسبة للمتهم وهو محمود عبد‬
‫اللطيف " فقد غرر به واستخدم كطعم فى هذه التمثيلية الواضحة التى كان هدفها التخلص من جميع معارضى جمالف عبد الناصر‬
‫سواء الخوان أو محمد نجيب وقد تحقق له ما خطط ورتب له وكان يبيت النية له منذ زمن والخوان يعلمون مسيقا بما ينويه عبد‬
‫الناصر " ‪.‬‬
‫أما شهاد ة السيد حسين الشافعى عضو مجلس قيادة الثورة فى روزاليوسف * فيقول فيها ‪ :/‬الحقائق التى رآها الناس تثبت أن‬
‫الخوان المسلمين قد أطلقوا الرصاص على عبد الناصر !! ولو كان المرحوم حسن البنا موجودا عند قيام الثورة لرحب بها وتم‬
‫تعاون وثيق بين الثورة والخوان ولكن قيادة الخوان ـ فى ذلك الوقت ـ كانت لها رواية مختلفة لهذاا لتعاون كان تصورهم أن‬
‫الجيش قام بما عليه عندما أزاح الملك وانهم الوريث الشرعى للحكم " ‪.‬‬
‫ولعلنا نسأل السيد حسين الشافعى أية حقيقة تلك التى رآها الناس ؟ ولماذا هذه الشهادة المقتضبة حول الحادث ؟ وهل كانت الظروف‬
‫خلل وقت الحادث وما بعده وطوال فترة حكم الضباط الحرار تسمح للناس أن يروا الحقائق ـ التى طالما أضفت عليها حركة يوليو‬
‫‪ 1952‬ستارا من التعتيم العلمى على مدى ‪ 30‬عاما ؟ ! ثم ما هذا النكران والجحود تجاه حركة الخوان التى وقفت مؤيدة مشجعة‬
‫للحركة ودافعة لمزيد من التأييد الشعبى الذى افتقدتة حركة النقلب فى بدايتها ؟ ! وماذا كان يتصور السيد حسين الشافعى صورة‬
‫هذا التعاون من الخوان الذين كان المام الشهيد لهم معلما ومرشدا ومربيا ؟ لو امتد الجل بالماما لشهيد ليد النقلب يوليو بنفس‬
‫الصورة وليس بصورة التعاون كما رسمها قادة النقلب فى مخيلتهم لقد كان تعاون الخوان فى عهد المام الشهيد ينطلق من النصح‬
‫لرؤساء الحكوماات والملك بتطبيق شرع ال المستند على كتاب ال وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم والخوان فى فترة الستاذ‬
‫حسن الهضيبى لم يفكروا أنهم الوريث الشرعى للحكم كما يتصور السيد حسين الشافعى وإنما اقتصرت المسألة على مطالبتهم وحثهم‬
‫لجماعة الضباط الحرار علىالعمل بشرع ا ل ـ فتصور معظمهم أن هذا نوع من الوصاية وفرض أفكار ومبادىء الخوان ولكنها‬
‫العقيدة التى طالما نادى بها الخوان بأن تأخذ مسارها فى مصر وأن تحكم مصر بالشرع اللهى الذى ل يترك صغيرة ول كبيرة إل‬
‫أحصاها ‪ .‬ونعود لحداث تلك المسية من ذلك اليوم ـ ‪ 26‬أكتوبر ‪ 1954‬ـ ونطرح علىبساط البحث هذا التضارب فى الوقائع ـ‬
‫والتى طبقا لنصوص القانون أن الشبهات تفسر لصالح المتهم ـ والمتهم هنا هم جماعة الخوان المسلمين ‪.‬‬

‫لقد تضاربت روايات الصحف حول المسدس أو سلح الجريمة الذى استخدم فى محاولة الغتيال فقالت صحيفة ‪ :‬إن الشعب قبض‬
‫على الجانى وفى يده المسدس ‪ .‬كما قبض الشعب علىالجناة الذين كانوا معه بينما قالت صحف أخرى ‪ :‬إن المجرم ضبط متلبسا‬
‫بإطلق الرصاص فقد هجم عليه العسكرى إبراهيم حسن الحالتى وهو من بوليس باب شرق وكان يبعد عنالمتهم بأربعة أمتار ‪.‬‬
‫اختفاء ذكر وجود المسدس فى الصحف المصرية فى ا ليام التالية للحادث قال حسن العشماوى * فى مذكراته بروزاليوسف مع‬
‫الصباح علمنا أن ا لذى أطلق النار هو محمود عبد اتللطيف وأنه اعترف بأن محرضه هو هنداوى دوير المحامى بامبابة ـ وانا‬
‫أعرف محمود عبد اللطيف منذ معركة قناة السويس عام ‪ 1951‬وأعلم أنه انضم الى الجهازالسرى أيضا وأعرف مهارته فى إصابة‬
‫الهدف بالمسدس على نحو غير طبيعى ‪ ..‬ويضيف حسن عشماوى كان يوسف طلعت رئيس الجهاز السرى يؤمن بأن حادث المنشية‬
‫حادث مفتعل لم يحدث لم يحدث على هذا ا لنحو وإن قام بجانب من أدواره أشخاص فى الجهاز السرى وكان يستمد إيمانه هذا ـ كما‬
‫تصورت ـ من أنه لم يكلف أحدا بالقدام عليه وأن ا لمرحوم إبراهيم الطيب الذى يليه فى الرياسه لم يأمر به أيضا ‪ ..‬أيضا المسافة‬
‫بين مطلق النار وموقف عبد الناصر والميل الشديد فى التجاه ووقوف المجنى عليه وراء حاجز وذهاب محاولة القتل وحده دون‬
‫شريك يسنده بمسدس أو قنبلة ثم عدم اصابة الهدف من شخص يعرف مقدرته الفائقة ز وكان يوسف يتساءل دائما عن تفسير لن‬
‫يرسل هنداوى دوير شخصا واحدا وهو يستطيع أن يرسل من عنده عشرة أشخاص ‪ ..‬ولن يرسل مسدسا واحدا بدل من عدة‬
‫مسدسات وعدة قنابل ‪ ..‬وقد سمعت بعد ذلك من موظف عاين مكان الحادث رسميا أن ا لحائط المواجه لطلق النار ليس به أثر‬
‫للرصاص وأنه يعتقد أن المسدس الذى سمعت طلقاته كان محشوا بالبارود فقط دون الرصاص ‪.‬‬
‫*******************************‬
‫التوافق الزمنى الغريب بين إطلق الرصاص وانسكاب القلم الحبر الحمر على صدر جمال عبد الناصر وما أداه من إلهاب مشاعر‬
‫الناس الذين رأوا اللون الحمر على صدر جمال عبد الناصر ‪ ..‬وإصرار عبد الناصر علىالكلم وأنه لم يمت ـ أى انه كان واعيا‬
‫تماما بما يجرى ولم يتأثر بحالة الزعر الجماعى التى أصابت الجميع فى ساحة ميدان المنشية وربما كان جمال عبد الناصر هو‬
‫الوحيد الذى كان يعى ماذا يفعل ‪.‬‬
‫أليس غريبا فى مثل هذه الظروف أن تجرى المور بعد الحادث بشكل مرتب ودقيق رغم أن هذه المحاولة تشكل حالة من الضطراب‬
‫فى كل أجهزة الدولة وقيادة الثورة ولقد قبض على اللف من الخوان وصلوا فى التقديرات ما بين ‪ 18‬و ‪ 24‬ألف من الخوان فى‬
‫نفس الليلة !! أما تلك القصة المحبوكة والعاطفية عن ذلك العامل الذى جاء على فلنكات "السكة الحديد من السكندرية للقاهرة فقد‬
‫قصد بها كسب المزيد من التعاطف مع عبد الناصر وقصد بها أن يذهب مواطن لعبد الناصر نفسه وليس لحد أقسام البوليس حتى ل‬
‫يقال إنه مدفوع من اجهزة المن لتدبير موضوع تسليم المسدس وهى قصة من تأليف البوليس على حد قول حسن العشماوى فى‬
‫مذكراته *‬
‫ثم ألم تذكر الصحف اليومية أن المسدس الذى ضبط مع الجانى ظهر بعد ذلك أنه ليس من عيار الرصاص المضبوط حيث ضبط معه‬
‫مسدس من نوع " المشط " وهو نوع ل يلفظ إل الظرف الفارغة !!‬
‫ثم هناك واقعة الرداء الواقى من الرصاص والذى يرتديه عبد الناصر فقد قال حسن التهامى فى شهادة للتاريخ ‪ ..‬أما بالنسبة لحادث‬
‫إطلق الرصاص على عبد الناصر فى ساحة المنشية بالسكندرية فلم أكن معه أثناء إلقاء هذه الخطبة كما لم أصحبه فى العديد من‬
‫مثل تلك المناسبات الخطابية وزياراته للمحافظات وعلمت بنبأ إطلق الرصاص على عبد الناصر وقد كان من بين إجراءات تأمين‬
‫عبد الناصر وقتها محاولة إقناعه بارتداء قميص واق من الرصاص يرتديه على صدره وكانالقميص قد ورد فعل من أمريكا قبل‬
‫الحادث ببضعة اسابيع وكان مودعا عنده فى بيته بمنشية البكرى وأرسلناه إليه فى نفس الليلة فوصله فى الصباح الباكر اعتقادا منا‬
‫بأن فشل النحاولة الولى قد يعقبه تكرار لمحاولة طالما هو مازال بالسكندرية وعندما رآه فى الصباح وكان معه العديد من الزملء‬
‫يهنئونه على نجاته ضحك كعادته وقال “ كل شىء انتهى “ ! يقصد أن المحاولة انتهت ول داعى للقميص “ ‪.‬‬
‫ولكن هناك شاهد آخر يكذب أقوال حسن التهامى بخصوص القميص الواقى من الرصاص ـ فى مجلة الدعوة ـ كتب شوكت التونى‬
‫المحامى قائل ‪ :‬قام النقلب العسكرى عام ‪ 1952‬بحجة إصلح الفاسد من نظام الحكم وإذ بنا نرى منذ يوليو سنة ‪ 1953‬الى أن‬
‫انقشعت كل هذه الغمة تسلطا على كل ما هو جميل بدءوا يريقون دم العمال ليخيفوا العمال ـ نسفوا النظام الحزبى ـ نسفوا‬
‫الدستور ‪ ...‬ثم ابتدءوا بمذبحة الخوان المسلمين سنة ‪. 1954‬ز هناك جريمة كانت معدة اعدادا ‪ ..‬وهى جريمة واقعة المنشية كانت‬
‫معدة أعدادا لكى يطاح بالخوان المسلمين ‪ ..‬وحين أقول ذلك ل أقوله خيال ولكن بالواقع فقد حدث أن وكلت وترافعت عن العقيد “‬
‫عبد الرحمن مخيون “ وكان مديرا لمكتب عبد الناصر سنة ‪ 1961‬واتهم بتدبير انقلب فإذا به يقول لى فى السجن الحربى ‪ :‬أنا الذى‬
‫أعددت القميص الواقى لعبد الناصر وألبسته له فى مبنى البورصة فى السكندرية ( قبل الحفل الذى أطلق فيه الرصاص على عبد‬
‫الناصر ولما تأخر القميص فى الوصول ربع ساعة تأخر الحفل ربع ساعة عن موعده وهكذا جاءت الرصاصة المزعومة فى قلب عبد‬
‫الناصر فلماذا لم يمت ؟ لنها كانت مدبرة ـ قميص واق تنشين مضبوط فل يموت عبد الناصر !!‬
‫ان تمثيلية المنشية قد أحسن أداؤها من جمال عبد الناصر ومن حوله بعد أن وصل ترمومتر علقته بالشعب الى درجة الصفر قبل‬
‫هذاالحادث المرسوم وما جرى بعد ذلك من حملت شنها عبد الناصر على الخوان واستغلله لنقابات العمال التى كانت الحكومة‬
‫تسيطر عليها سيطرة كاملة وأثار هذه الحملت فى تضليل أبناء الشعب المصرى لدرجة أوصلتهم لضرام النيران فى المركز العام‬
‫للخوان المسلمين والمقار المختلفة فى شتى أنحاء البلد ‪.‬‬
‫** أغرب محاكمات فى التاريخ ‪:‬‬
‫الى جانب السرعة الغريبة فى تشكيل ما أطلق عليه “ محكمة الشعب “ فإن ما دار فيها وما وصلت اليه من أحكام ل يمت للقضاء‬
‫أو القانون ول يمت أيضا بالعدالة بأدنى صلة ‪ ..‬تشكلت المحكمة فى أول نوفمبر عام ‪ 1954‬أى بعد أسبوع واحد فقط من حادث‬
‫المنشية برياسة قائد الجناح جمال سالم وعضوية القائمقام حسين الشافعى والبكباشى أنور السادات ومكتب ادعاء برياسة البكباشى‬
‫زكريا محى الدين ‪.‬‬
‫أما المحاكمة فقد بدأت فى الحادية عشرة من صباح الثلثاء ‪ 9‬نوفمبر أى بعد أسبوعين من الحادث وفىا لجلسة الولى التى‬
‫خصصت لمحاكمة محمود عبد اللطيف وأقر فيها بأنه مذنب كان هناك موقف غريب للغاية ‪ ..‬فقد سألت المحكمة محمود عبد اللطيف‬
‫عن المحامى الذى يحب أن تنتدبه المحكمة فذكر أسماء [‪ 3‬محامين ] طلب الى رئيس المحكمة جمال سالم أن يدافع عنه واحد منهم‬
‫وكانوا‪ :‬محمود سليمان غنام وفتحى سلمة ومكرم عبيد وفجأة جمال سالم قائل ‪ :‬وإذا رفضوا ؟ ! قال محمود عبد اللطيف تنتدب لى‬
‫المحكمة أى محام ثان ‪.‬‬
‫وبالفعل كما رسم جمال سالم فقد رفض المحامون الثلثة الدفاع عن محمود عبد اللطيف ـ وكانت كل تهمتة محاولة شروع فى قتل‬
‫ـ وقال أحدهم زهز محمود سليمان غنام لمندوب جريدة الخبار “ ل أوافق إطلقا على الدفاع عنه لنى أستنكر كل الستنكار هذه ا‬
‫لجريمة البشعة !!وقال المحامى الثانى وهو فتحى سلمة ‪ :‬أرفض الدفاع عن هذا المتهم لنى محام ولى شعور وطنى ولنى أحتقر‬
‫هذاا لمجرم وقال مكرم عبيد ل أستطيع أن أدافع عن من يعتدى على جمال عبد الناصر ‪ ..‬مستحيل ‪ ..‬مستحيل ّ!!‬
‫أية مهزلة كانت تجرى ‪ ..‬إن عتاة المجرمين يجدون من يدافعون عنهم وربما يجدون لهم العذار التى قد تؤدى لتبرئتهم مثل الخلل‬
‫العقلى والدفاع عن الشرف والدفاع عن النفس والضطراب النفسى وغيرها من السباب التى قد تؤدى لتخفيف الحكام أو تبرئة ا‬
‫لمتهم ولكن أن يرفض ثلثة من المحامين الدفاع عن متهم كل تهمته الشروع فى قتل ـ إذا كان ذلك صحيحا ـ فهذه أولى مهازل‬
‫محاكمة نظام عبد الناصر للخوان المسلمين ‪.‬‬
‫وتوالت المهازل ـ ويقول الستاذ عمر التلمسانى ( إن المحكمة التى أمر عبد الناصر بتشكيلها لم تكن محكمة ‪.‬ز لقد كانت وسيلة‬
‫للوصول الىأحكام بالقتل والسجن والمحامون لم يكونوا يقدرون أن يؤدوا زاجبهم كما يجب أمام هذه المحكمة والمتهمون ظنوا انهم‬
‫أمام محكمة حقيقية وأرادوا أن يعدلوا عن اعترافاتهم الكاذبة التى أخذت منهم تحت ضغط التهديد والتعذيب فكان جمال سالم رحمه‬
‫ال يرفع الجلسة ويطلب من السجين أن يعدل عن اعترافاته فيؤخذ المتهم ليضرب مرة أخرى ليعود فيقر أن اعترافاته الولى كانت‬
‫صحيحة وفعل حصل ان جمال سالم طلب من المرحوم الدكتور خميس حميدة أن يقرأ الفاتحة بالمقلوب وباعتبار أن سورة " آل‬
‫عمران " كانت نازلة فى أحدى غزوات الرسول صلى ا ل عليه وسلم فما كان جمال سالم يعرف أن اسمها " آل عمران " فكان يقول‬
‫للمتهمين اقرءوا سورة " العمران " وما كان يعرف السم الصحيح لنطقها !!‬
‫ويضيف الستاذ عمر التلمسانى ‪ :‬لقد كان الضباط فى أجهزة المن والسجون يجمعون معلومات من هنا وهناك ثم يطلبون من الخ‬
‫المعتقل أن يكتبها بخط يده ويعترف بأنه ارتكب أفعال معينة فمن رفض كان يعذب حتى الموت فقد مات كثيرون بل عشرات من‬
‫الخوان من التعذيب للعتراف بمسائل ل يعلمون عنها شيئا ول دراية لهم بها ‪ ..‬حقا لقد حصل تعذيب فى الحصول على العترافات‬
‫بالغ الشناعة والبشاعة فيما يختص بالخوان البعض استجاب والبعض الخر ل يدرى شيئا ول يعلم شيئا فمات من التعذيب " ‪.‬‬
‫‪ ..‬وامتد التخطيط المرسوم بدقة ليكمل الصورة ففى الجلسات الولى للمحكمة الصورية ورد اسم ـ أو أريد لسم محمد نجيب أن يرد‬
‫ـ فى خلل مناقشة المحكمة لقوال هنداوى دوير المحامى وأن هناك أتفاقا تم بين محمد نجيب والخوان أن يقوم محمد نجيب‬
‫بمسايرة الخوان بعد اغتيال الرئيس عبد الناصر واعضاء مجلس قيادة الثورة وفى نفس اليوم وفى نفس اليوم أطاح عبد الناصر‬
‫بآخر وجه كان ينافسه الشعبية الجماهيرية وصدر قرار مجلس قيادة الثورة بتنحية محمد نجيب من رئاسة الجمهورية وإبعاده من‬
‫مجلس قيادة الثورة لينفرد عبد الناصر بحكم البلد دون منافس أو معارض واحد !!‬
‫أما ما دار فى " كواليس " هذه المهزلة التى سميت محاكمة فهناك الكثير كانت أسئلة المحامين تستهدف إدانة المتهمين وليس‬
‫الدفاع عنهم وأيجاد الثغرات والظروف المخففة لهم وجه جمال سالم من ألفاظ السباب ما يعف اللسان عن ذكره وكان يكره بعض‬
‫المتهمين علىا لعتراف بالتهديد ولم يكن يسمح لمتهم أن يلتقى بمتهم آخر وكان يسمح للجمهور الذى يحضر المحاكمات أن يشارك‬
‫المحكمة فى ممارسة السخريةوالستهزاء بالمتهمين ‪.‬‬
‫أما صحافة تلك الفترة فكانت صحافة موجهة مزيفة للحقائق فقد أفاضت فى ذكر التهامات وإلصاقها بقيادات وأعضا ء الخوان‬
‫وتبارت فيما بينها فى توجيه أفظع السباب والشتائم لجماعة الخوان ولم تنشر سطرا واحدا من محاورات الدفاع وإنما كانت كل‬
‫مساحتها مخصصة للدعاء ـ والقول بأن محاولة اغتيال عبد الناصر كانت جزءا من مخطط شامل أومؤامرة كبرى للطاحة بنظام‬
‫الحكم والقضاء على " الثورة "‪.‬‬
‫ثم صدرت الحكام فى الرابع من ديسمبر بعد أن عقدت ‪ 19‬جلسة لمحاكمة ‪ 19‬متهمت منهت ‪ 7‬جلسات لمحاكمة المتهم الول محمود‬
‫عبد اللطيف !! ‪ ..‬وعند النطق بالحكام كان المتهم يحضر وحده ليسمع الحكم عليه ويصحبه الحراس لخارج المحكمة وكانت الحكام‬
‫تقضى بإعدام ‪ 8‬هم ‪ :‬محمود عبد اللطيف ـ حسن الهضيبى ـ يوسف طلعت ـ إبراهيم الطيب ـ هنداوى دوير ـ محمد فرغلى ـ‬
‫عبد القادر عودة ـ والشغال الشاقة المؤبدة لسبعة هم ‪ :‬خميس حميدة ‪ ،‬حسين كمال الدين ‪ ،‬محمد كمال خليفة ‪ ،‬منير الدلة ‪ ،‬صالح‬
‫أبو رقيق ‪ ،‬حامد أبوالنصر ‪ ،‬أحمد عبد العزيز عطية ‪ ،‬والسجن ‪ 15‬عاما لحمد شريت ‪ ،‬عمر التلمسانى وبراءة عبد الرحمن البنا‬
‫والبهى الخولى وعبد المعز عبد الستار ‪.‬‬
‫وبنفس السرعة التى تمت بها المحاكمة ( ‪ )26‬يوما تم التصديق على ا لحكام بعد صدورها بخمس عشرة دقيقة فقط ؟ !! فيما عدا‬
‫حكم العدام للستاذ الهضيبى فقد حففت للشغال الشاقة المؤبدة وبنفس السرعة أيضا تم تنفيذ أحكام العدام وصعدت أرواح الشهداء‬
‫الى بارئها ‪ ..‬وقال الشهيد عبد القادر عودة فى الدقائق الخيرة من حياته ‪ :‬الحمد ل الذى أماتنى شهيدا وإنه لقادر على أن يجعل‬
‫دمى لعنة تحيق برجال الثورة ‪.‬‬
‫والغريب على حد قول الستاذ عمر التلمسانى * ‪ :‬أن حاكم ذلك العهد جمال عبد الناصر لما رفعت اليه تقارير جواسيسه بأثر ذلك‬
‫الغتيال قال فى حديث نشرته الصحف ما معناه ‪ :‬عجبت لمر هذا الشعب ل يرضى بالجريمة ولكن إذا عوقب المجرم ثار عطفه على‬
‫المجرمين ‪" .‬‬
‫وهكذا أسدل الستار على العلقة بين جماعة الخوان المسلمين والضباط الحرار وكذلك الوجود الفعلى والشرعى للجماعة وكذلك‬
‫أى نشاط دينى من أى مستوى داخل مصروبدأت أجهزة القمع والتعذيب داخل وخارج سجون ومعتقلت عبد الناصر فى تنفيذ مهامها‬
‫الوحشية بتعليمات واضحة من جمال عبد الناصر وليس من وراء ظهره كما يدعى بعض المدافعين عن عبد الناصر وسواء كان يعلم‬
‫ـ وهذا أغلب الظن ـ أو ل يعلم فتلك مصيبة ‪ ..‬فقد تخلص عبد الناصر من كل معارضيه قبل أن تمضى السنة الرابعة من قيام‬
‫انقلب يوليو تخلص من الحزاب القديمة وتخلص من محمد نجيب والخوان المسلمين فى ضربة واحدة مزدوجة رسم لها خطة‬
‫دقيقة لينفرد بحكم البلد وحده أما من عارضه من الضباط الحرار فقد أقصاه عبد الناصر ولتصبح مصر فريسة فى يد حكم فرد واحد‬
‫وكانت مأساة الشعب المصرى على مدى ‪ 18‬عاما مع حكم الفرد ‪.‬‬

‫الفصــل الســادس عشــــر‬


‫جرائم وراء السوار‬
‫إن ماتعرض له الخوان المسلمون ـ دون غيرهم من الفئات سواء من عتاه المجرمين أو الشيوعيين أو حتى المعتقلين اليهود ـ‬
‫له البشر من ألوان التعذيب وكان تعذيبهم موجهاالى كرامة النسان وجسده وعقله ونفسه وأهله وروحه‬ ‫كان أقصى ما يتعرض‬
‫فى النهاية وعادن محااكم التفتيش تطل برأسها فى سجون ومعتقلت عبد الناصر ولكن بصورة أكثر تطورا وحداثة ومهما قيل عن‬
‫إنجازات "أو مكاسب لنقلب ‪ 23‬يوليو ‪ 1952‬أو لجمال عبد الناصر فهى ل قيمة لها مع هدم النسان المصرى داخل وحارج‬
‫السجون ‪.‬‬
‫ويقول الستاذ عمر التلمسانى " لو سئلت ما هى إنجازات عبد الناصر لقلت ل شىء سوى انتهاك الحرمات وهتك العراض وهدم‬
‫النسان والقتل وسفك الدماء إننى فى اليوم الول لدخول السجن لتنفيذ الحكم بالسجن ‪ 15‬سنة دخلت السجن الحربى وأخذونى الى‬
‫غرفة رقم ‪ 42‬فى عنبر رقم "‪ "4‬وقيدونى بالحبال ـ يدى ورجلى وظهرى ـ ورفعونى الى سقف الحجرة وانهالوا على بالسياط وبعد‬
‫ذلك ـ إقرارا بالحق ـ لم يعتد على أحد بعد ذلك الحادث أما الخوان فكان تعذيبهم يجرى ليل نهار وكان صراخهم وتوجعهم يحطم‬
‫أعصاب الخوة الموجودين داخل السجن وبلغت قسوة التعذيب أنهم ـ أى أساطين التعذيب كانوا يجلسون الخوان على مناشير من‬
‫الخشب وإذا حققوا معهم ـحققوا معهم وهم عراه والمحققون كانوا من ضباط الجيش أو المخابرات جالسين على مكاتبهم يدخنون‬
‫السجائر وغير السجائر وإذا ما حل لحدهم أن يطفىء سيجارة قام من على كرسيه وأطفأها فى أمكنة حساسة من جسم الخ الواقف‬
‫أمامه ذلك غير الضرب المبرح الذى ينتهى بأنه إذا أعادوه الى زنزانته بعد الضرب لم يجدوا فى جسمه مكانا يمسكون به فكانوا‬
‫يضعونه فى بطاطين ثم يحملونها ويلقونها بما فيها فى الزنزانة كانت آلم ووحشية فى التعذيب ويكفىأن محاكم الجنايات قالت ‪ :‬إن‬
‫ما حدث فى ذلك العهد لم يحدث فى التاريخ مثله على طول الزمن !!‬
‫أما من يقول ‪ :‬إن عبد الناصر كان ل يدرى بتلك الوسائل الوحشية فى المعتقلت فمردود عليه بأن ذلك غير صحيح بالمرة لنه‬
‫كانت تؤخذ أعمال صوتية ومرئية لما يجرى فى السجن الحربى من تعذيب وكانت تعرض على جمال عبد الناصر فى منزله فى‬
‫سهراته مع بعض الضباط ‪ ..‬لقد كان يعلم تمام العلم والجميع الذين اعتقلوا يعلمون ماذا كان يفعل حمزة البسيونى رئيس السجن‬
‫الحربى وكان رجل أجوف يتظاهر بالقوة والعظمة وهو أجبن من النعامة وأيضا صلح نصر ورياض ابراهيم وشمس بدران وصفوت‬
‫الروبى و " سمبو " وآخرون كثيرون من أساطين الوحشية والتعذيب أما صلح نصر الذى كتب كتابا اسمه " الحرب النفسية " وكان‬
‫كل ما ذكره كان هو يفعله لنه كان رأس كل هذه المذابح الخسيسة وانتهى فى كتابه الى أن أصحاب المبادىء والعقائد ل يزيدهم‬
‫التعذيب أو التنكيل إل تمسكا بمبادئهم أو عقيدتهم ولقد استمرت صور التعذيب لفترات بينما عذبنا نفسيا مثل الحرمان من زيارات‬
‫الهالى أو إرسال أشياء من بيوتنا الينا واستمر ذلك سنين طويله وكانت إذا جاءت بعض الشياء من بيوتنا فى ا لمناسبات الدينية‬
‫يحجبها السجانون لسابيع حتى تتلف ويعيدوها مرة أخرى للهالى "‬
‫مذبحة لومان طرة‬
‫فى أول شهر يونيو عام ‪ 1957‬وقعت هذه الجريمة البشعة والتى شهدتها زنازين ليمان طره وجرت وقائع هذه الجريمة بعد تدهور‬
‫العلقات بين مصر وسوريا وقال عبد الناصر ‪ :‬إن الخوان المسلمين فى سوريا لهم دخل فى هذا وكانت يده ل تصل الىا لخوان فى‬
‫سوريا فصب جام غضبه علىالخوان فى مصر وطلب من الضباط أن يضايقوا الخوان أشد المضايقات داخل السجون وحدث انه فى‬
‫يوم من اليام دخل أحد الضباط العنبر الذى يوجد به الخوان وحاول إدخالهم الزنازين فى وقت الفسحة فانتزع منه بعض الخوان‬
‫مسدسه وأدخلوه فى زنزانه من الزنازين فثارت ثائرة القائمين على السجن ووجدوا انها الفرصة الملئمة فاستدعوا فرق المتطوعين‬
‫فى الجيش بأسلحتهم ووقفوا على سطح العنبر وأخذوا يطلقون ا لنار على من فيه ثم دخلوا الى الزنازين فقتلوا ‪ 22‬فى تلك الجريمة‬
‫البشعة وانتهى المر بحفظ التحقيق فى هذه القضية وقالوا ‪ :‬إنها ثورة فى سجن وانتهت المسألة ‪.‬‬
‫وثيقة تصفية الخوان ‪:‬‬
‫فى الحكم الصادر من محكمة جنوب القاهرة الدائرة التاسعة المدنية يوم ‪ 30‬مارس ‪ 1975‬أصدرت حكما فى أحدى قضايا التعذيب‬
‫ورد فى حيثيات ودفاع المستشار على جريشة هذه الوثيقة ويقول نص الوثيقة * التى نشرها الشيخ محمد الغزالى ‪ :‬بناء على أمر‬
‫السيد رئيس الجمهورية بتشكيل لجنة عليا لدراسة واستعراض الوسائل التى تم الوصول اليها بخصوص مكافحة جماعة الخوان‬
‫المسلمين المنحلة ولوضع برنامج لفضل الطرق التى يجب استعمالها فى قسمى مكافحة الخوان بالمخابرات والمباحث العامة لبلوغ‬
‫هدفين ‪:‬‬
‫‪1‬ـ غسل مخ الخوان من أفكارهم‬
‫‪ 2‬ـ منع عدوى أفكارهم من النتقال لغيرهم‬

‫اجتمعت اللجنة المشكلة من‬


‫‪1‬ـ سيادة رئيس مجلس الوزراء‬
‫‪2‬ـ السيد ‪ /‬قائد المخابرات‬
‫‪3‬ـ السيد‪ /‬قائد المباحث الجنائية العسكرية‬
‫‪4‬ـ السيد ‪ /‬مدير المباحث العامة‬
‫‪ 5‬ـ لسيد ‪ /‬مدير مكتب السيد ‪ /‬المشير‬
‫وذلك كله فى مبنى المخابرات العامة بكوبرىالقبة وعقدت عشرة اجتماعات متتالية وبعد دراسة كل التقارير والبيانات والحصائيات‬
‫السابقة أمكن تلخيص المعلومات المجتمعة فى التى ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ تبين أن تدريس التاريخ السلمى فى المدارس للنشىء بحالتة القديمة يربط السياسة بالدين فى ل شعور كثير من التلميذ منذ‬
‫الصغر ويسهل تتابع ظهور معتنقى الفكارالخوانية ‪.‬‬
‫‪2‬ـ صعوبة واستحالة التمييز بين أصحاب الميول والنزعات الدينية وبين معتنقى الفكار الخوانية وسهولة فجائية تحول الفئة‬
‫الولى الى الثانية بتطرف أكبر ‪.‬‬
‫‪3‬ـ غالبية أفراد الخوان عاش على وهم الطهارة ولم يمارس الحياة الجتماعية الحديثة ويمكن اعتبارهم من هذه الناحية " خام " ‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ غالبيتهم ذو و وطاقة فكرية وقدرة تحمل ومثابرة كبيرة علىا لعمل وقد أدى ذلك الى اطراد دائم وملموس فى تفوقهم فى‬
‫المجالت العلمية والعملية التى يعيشون فيها وفى مستواهم العلمى والفكرى والجتماعى بالنسبة لندادهم رغم أن جزءا غير بسيط‬
‫من وقتهم موجه لنشاطهم الخاص بدعوتهم المشئومة ‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ هناك انعكاسات ايجابية كبيرة تظهر عند تحرك كل منهم للعمل فى المحيط الذى يقتنع به ‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ تداخلهم فى بعض ودوام اتصالهم الفردى ببعض وتزاورهم والتعارف بين بعضهم البعض يؤدى الى ثقة كل منهم فى الخر ثقة‬
‫كبيرة ‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ هناك توافق روحى وتقارب فكرى وسلوكى يجمع بينهم فى كل مكان حتى ولو لم تكن هناك صلة بينهم ‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ رغم كل المحاولت التى بذلت منذ سنة ‪ 1939‬لفهام العامة والخاصة بأنهم يتسترون خلف الدين لبلوغ أهداف سياسية إل أن‬
‫احتكاكهم الفردى بالشعب يؤدى الى محو هذه الفكرة عنهم رغم أنها بقيت بالنسبة لبعض زعمائهم ‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ تزعمهم حروب العصابات فى فلسطين سنة ‪ 1948‬والقنال ‪ 1951‬رسب فى افكار الناس صورهم كأصحاب بطولت وطنية عملية‬
‫وليست دعائية فقط بجوار أن الطماع السرائيلية والستعمارية الشيوعية فى المنطقة ل تخفى أغراضها فى القضاء عليهم ‪.‬‬
‫‪10‬ـ نفورهم من كل من يعادى فكرتهم جعلهم ل يرتبطون بأى سياسة خارجية سواء عربية أو شيوعية أو استعمارية وهذا يوحى‬
‫لمن ينظر لماضيهم بأنهم ليسوا عملء وبناء على ذلك رأت اللجنة أنالسلوب الجديد فى المكافحة يجب أن يشمل أساسا بندين‬
‫متداخلين وهما ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ محو فكرة ارتباط السياسة بالدين السلمى‬
‫‪ 2‬ـ إبادة تدريجية بطيئة مادية ومعنوية وفكرية للجيل القائم فعل والموجود من معتنقى الفكرة ويمكن تلخيص أسس السلوب الذى‬
‫يجب استخدامه لبلوغ هذين الهدفين فى التى ‪:‬‬
‫أول ـ سياسة وقائية عامة ‪:‬‬
‫‪1‬ـ تغيير مناهج تدريس التاريخ السلمى والدين فى المدارس وربطها بالمعتقدات الشتراكية كأوضاع إجتماعية وإقتصادية وليست‬
‫سياسية مع إبراز مفاسد الخلفة وخاصة من العثمانيين وتقدم الغرب السريع عقب هزيمة الكنيسة وإقصائها عن السياسة ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ التحرى الدقيق عن رسائل وكتب ونشرات ومقالت الخوان فى كل مكان ثم مصادرتها وإعدامها ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ يحرم بتاتا قبول ذوى الخوان وأقربائهم حتى الدرجة الثالثة من القرابة من النخراط فى السلك العسكرى أو البوليس أو‬
‫السياسة مع سرعة عزل الموجودين من هؤلء القرباء من هذه الماكن أو نقلهم الى أماكن فى حالة ثبوت ولئهم ‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ مضاعفة الجهود المبذوله فى سياسة العمل الدائم على فقدان الثقة بينهم وتحطيم وحدتهم بشتى الوسائل وخاصة عن طريق‬
‫إكراه البعض على كتابة تقارير عن زملئهم بخطهم ثم مواجهة الخرين بها مع العمل على منع كل من الطرفين من لقاء الخر‬
‫أطول فترة ممكنة لتزيد شقة انعدام الثقة بينهم ‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ بعد دراسة عميقة لموضوع المتدينين من غير الخوان وهم الذين يمثلون ا لحتياطى لهم وجد أن هناك حتمية طبيعية وعملية‬
‫للتقاء الصنفين فى المدى الطويل ووجد أن الفضل أن يبدأ بتوحيد معاملتهم بمعاملة الخوان قبل أن يفاجئونا كالعادة باتحادهم معهم‬
‫علينا ‪.‬‬
‫ومع افتراض احتمال كبير لوجود أبرياء كثيرين منهم إل أن التضحية بهم خير من التضحية بالثورة فى يوم علىأيديهم ولصعوبة‬
‫واستحالة التمييز بين الخوان المتدينين بوجه عام فل بد من وضع الجميع ضمن فئة واحدة ومراعاة ما يلى معهم ‪:‬‬
‫( أ ) تضييق فرص العمل والظهور أمام المتدينيين عموما فى المجالت العلمية والعملية‬
‫(ب ) محاسبتهم بشدة وباستمرار فى أى لقاء فردى أو زيارات أو اجتماعات تحدث بينهم ‪.‬‬
‫(ج) عزل المتدينيين عموما عن أى تنظيم أو اتحاد شعبى أو حكومى أو اجتماعى أو طلبى أو عمالى أو اعلمى ‪.‬‬
‫( د ) التوقف عن السياسة السابقة فى السماح لى متدين بالسفر للخارج للدراسة أو العمل حيث فشلت هذه السياسة فى تطوير‬
‫معتقداتهم وسلوكهم وعدد بسيط جدا هو الذى تجاوب مع الحياة الوربية فى البلد التى سافروا اليها أما غالبيتهم فإن من هبط منهم‬
‫فى مكان ما بدأ ينظم فيه التصالت والصلوات الجماعية أو المحاضرات لنشر أفكارهم ‪.‬‬
‫(و ) التوقف عن سياسة استعمال المتدينين فى حرب الشيوعيين واستعمال الشيوعيين فى حربهم بغرض القضاء علىالفئتين حيث‬
‫ثبت تفوق المتدينين فى هذاالمجال ولذلك يجب أن تعطى الفرص للشيوعيين لحربهم وحرب أفكارهم ومعتقداتهم ومع حرمان‬
‫المتدينين من الماكن العلمية ‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ تشويش الفكرة الموجودة عن الخوان فى حرب فلسطين والقنال وتكرار النشر بالتلميح والتصريح عن اتصا ل النجليز‬
‫بالهضيبى وقيادةالخوان حتى يمكن غرس فكرة أنهم عملء للستعمار فى ذهن الجميع ‪.‬‬
‫‪7‬ـ الستمرار فى سياسة محاولة اليقاع بين الخوان المقيمين فى الخارج وبين الحكومات العربية المختلفة وخاصة فى الدول‬
‫الرجعية السلمية المرتبطة بالغرب وذلك بأن يروج عنهم فى تلك الدول أنهم عناصر مخربة ومعادية لهم بأنهم يضرون بمصالحها‬
‫وبذلك تسهل عملية محاصرتهم فى الخارج ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬سياسة استئصال ( السرطان ) الموجود الن ‪.‬‬
‫بالنسبة للخوان الذين اعتقلوا أو سجنوا فى أى عهد من العهود ويعتبرون جميعا قد تمكنت منهم الفكرة كما يتمكن السرطان من‬
‫الجسم ول يرجى شفاؤه ولذا تجرى عملية استئصالهم كالتى ‪:‬‬
‫المرحلة الولى ‪:‬‬
‫إدخالهم فى سلسلة متصلة من المتاعب تبدأ بالستيلء أو وضع الحراسة على أموالهم وممتلكاتهم ويتبع ذلك فى اعتقالهم ‪ .‬وأثناء‬
‫العتقال يستعمل معهم أشد أنواع الهانة والعنف والتعذيب على مستوى فردى ودورى حتى يصيب الجميع ثم يعاد وهكذا وفى نفس‬
‫الوقت ل يتوقف التكدير على المستوى الجماعى بل يكون ملزما للتأديب الفردى وهذه المرحلة إن نفذت بدقة ستؤدى الى ما يأتى ‪:‬‬
‫بالنسبة للمعتقلين ‪ :‬إهتزاز المثل والفكار فى عقولهم وانتشار الضطرابات العصبية والنفسية والعاهات والمراض بينهم بالنسبة‬
‫لنسائهم ‪ :‬سواء كن زوجات أو أخوات أو بنات فسوف يتحررن ويتمردن بغياب عائلهم وحاجتهن المادية قد تؤدى الى انزلقهن‬
‫بالنسبة للولد تضطر العائلت لغياب العائل وحاجتهم المادية الى توقيف البناء عن الدراسة وتوجيههم للحرف والمهن وبذلك يخلو‬
‫جيل الموجهين المتعلم القادم ممن فى نفوسهم حقد وثأر أو آثار من أفكار آبائهم ‪.‬‬
‫المرحلة الثانية ‪:‬‬
‫إعدام كل من ينظر اليه كداعية ومن تظهر عليه الصلبة سواء داخل السجون أو المعتقلت أو بالمحاكمات ثم الفراج عن الباقى‬
‫على دفعات مع عمل الدعاية اللزمة لنتشار أبناء العفو عنهم حتى يكون ذلك سلحا يمكن استعماله ضدهم من جديد فى حالة الرغبة‬
‫فى العودة الى ا عتقالهم حيث يتهمون بأى تدبير ويوصفون حين ذلك بالجحود المتكرر لفضل العفو عنهم ‪.‬‬
‫وهذه المرحلة إن أحسن تنفيذها باشتراكها مع المرحلة السابقة ستكون النتائج كما يلى ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ يخرج المعفو عنهم الى الحياة فإن كان طالبا فقد تأخر عن أقرانه ويمكن أن يفصل من دراسته ويحرم من متابعة تعليمه ‪.‬‬
‫‪2‬ـ إن كان موظفا أو عا مل فقد تقدمه زملؤه وترقوا وهو قابع مكانه ويمكن أيضا أن يحرم من العودة الى وظيفته أو عمله ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ إن كانتاجرا فقد أفلست تجارته ويمكن أن يحرم من مزاولة تجارته‬
‫‪ 4‬ـ إن كان مزارعا فلن يجد أرضا يزرعها حيث وضعت تحت الحراسة أو صدر بها قرار استيلء ‪.‬‬
‫وسوف تشترك جميع الفئات المعفو عنها فى التى ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ الضعف الجسمانى والصحى والسعى المستمر خلف العلج والشعور المستمر بالضعف المانع من أية مقاومة ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ الشعور العميق بالنكبات التى جرتها عليهم دعوة الخوان وكراهية الفكرة والنقمة عليها ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ عدم ثقة كل منهم فى الخر وهى نقطة لها أهميتها فى انعزالهم عن المجتمع وانطوائهم على أنفسهم ‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ خروجهم بعائلتهم من مستوى اجتماعى الى مستوى أقل نتيجة لعوامل الفقار التى أحيطت بهم ‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ تمرد نسائهم على تقاليدهم وفى هذا إذلل فكرى ومعنوى لكون النساء فى بيوتهن سلوكهن يخالف أفكارهم وتبعا للضعف‬
‫الجسمانى ل يمكنهم العتراض ‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ كثرة الديون عليهم نتيجة لتوقف إيراداتهم واستمرار مصروفات عائلتهم والنتائج اليجابية لهذه الساسة هى ‪:‬‬
‫‪1‬ـ الضباط والجنود الذين يقيمون بتنفيذ هذه السياسة سواء من الجيش أو البوليس سيعتبرون فئة جديدة أرتبطمصيرها بمصير هذا‬
‫الحكم القائم حيث عقب التنفيذ سيشعر كل منهم أنه فى حاجة الى هذاالحكم ليحميه من أى عمل انتقامى قد يقوم به الخوان كثأر‬
‫‪2‬ـ إثارة الرعب فى نفس كل من تسول له نفسه القيام بمعارضة فكرية للحكم القائم‬
‫‪3‬ـ وجود الشعور الدائم بأن المخابرات تشعر بكل صغيرة وكبيرة وأن المعارضين لن يتستروا وسيكون مصيرهم أسوأ مصير ز‬
‫‪ 4‬ـ محو فكرة ارتباط السياسة بالدين انتهى ويعرض على السيد الرئيس جمال عبد الناصر‬
‫إمضاء ـ السيد رئيس الوزراء‬
‫إمضاء ـ السيد قائد المخابرات‬
‫إمضاء ـ السيد مدير المباحث العامة‬
‫إمضاء ـ السيد شمس بدران‬
‫يعتمد‬ ‫انتهى‬
‫رئيس الجمهورية‬

‫ويقول الستاذ عمر التلمسانى " إن هذه الوثيقة صحيحة وكان يقصد بها أن ينخلع الخوان المسلمون عن هذه الدعوة حتى أنهم‬
‫قالوا ‪ :‬إنه يجب أن يحرم من كافة موارد الرزق حتى تضطر نساؤهم للبغاء والتسول فى الشوارع وقد نفذت هذه ا لوثيقة ضد‬
‫الخوان ولكن ال سبحانه وتعالى لم يرد أن يحبس صوت الخوان رغم كل هذه الظروف المفزعة والبشعة والوثيقة ـ رغم الفكر‬
‫الجرامى الذىتحمله فى طيات سطورها ـ تعترف بطهارة الخوان المسلمين وبطاقتهم الفكرية وبقدرتهم على التحمل ومثابرتهم‬
‫وتفوقهم فى المجالت العلمية والعملية وقوة تأثيرهم فى المحيط الذى يخاطبونه ويسعون فيه بالدعوة وقوة الروابط التى تحكم‬
‫علقات الخوان وتوافقهم الروحى وعدم اكتراث الشعب بما يتردد حولهم من أكاذيب وأساليب للتشويه لنهم أصحاب بطولت فى‬
‫حرب فلسطين كما أقرت الوثيقة بانتفاء صفة العمالة أو الخيانه عن الخوان وهى التى رددها البعض طعنا فى سمعة وسلمة‬
‫تصرفات زعماء الخوان أما ما جاء فى الوثيقة من اجراءات فقد تم تنفيذها على مدى ‪ 18‬سنة من حكم عبد الناصر بحرفية تامة الى‬
‫درجة اتهام من يواظب على ارتياد مساجد ال للتعبد والخضوع من المتدينين الذين تجب مراقبة تصرفاتهم وربما محاربتهم فى‬
‫رزقهم وحياتهم !! ‪ ..‬لقد استمدت هذه ا لوثيقة من تلك الفكار التى جاءت فى " بروتوكولت حكماء صهيون " التى فرقت بين‬
‫اليهود شعب ال المختار ـ كما يدعون ـ وسائر الجناس أو الجوييم " وهم فى مرتبة الجنس الدنى وأقرب الى الحيوانات وفرقت‬
‫الوثيقة هنا بين الشعب والمتدين واعتبار التدين " سبة " فى جبين المجتمع ول بد من إزالة صاحبه ومحاربته لنه فرد فاسد أصيب "‬
‫بسرطان " التدين وانتقلت عدوى الخوان " الرهابيين " اليه فوجب استئصاله من الجذور ‪.‬‬
‫هكذا كان يفكرأفراد نظام عبد الناصر وهكذا كانوا يتعاملون لقد حكم منطق الغاب سلوكياتهم وانتزعت من قلوبهم معانى اليمان‬
‫ومعانى العبودية ل سبحانه وتعالى ونسواأن لكل ظالم دولة وأن ال يداول اليام بين الناس ‪ ..‬ولكنهم اكتشفوا ذلك بعد فوات الوان‬
‫‪.‬‬
‫ولنعد الى " امبراطور " التعذيب صلح نصر الذى ذكر فى كتابه مفهوم " غسيل المخ " وقد استخدم هذا السلوب مع الكثيرين من‬
‫الخوان المسلمين لنقل انتمائهم وولئهم من الجماعة الىالطرف الخر منها ‪.‬‬
‫ويقول الستاذ عمر التلمسانى " كلمة غسيل المخ كلمة مخففه ولكن الواقع أن الوسيلة الوحيدة التى كانت تمارس هى التعذيب‬
‫الوحشى حتى أنهم كانوا يرسلون الى السجن فى أبى زعبل بعض المشايخ ليهاجموا الخوان المسلمين ويؤيدواا لحكومة ويبرروا‬
‫اعمالها حتى بلغ الهوس ببعض هؤلء المشايخ أنه اعترض على " حد السرقة " فقال لبعض الخوان ‪ :‬أنتم تريدون أن نعيش فى‬
‫مجتمع مشوه ( لقطع يد السارق ) وكانت " تفاهة هؤلء المشايخ قد وصلت الى الحد الذى كان يسخر فيه الخوان منهم فما كان لهم‬
‫من أثر أو تأثير وانتهى المر بأن الدارة طلبت من بعض الخوان أن يخطبوا فى الخوان مبينين مزايا حكم عبد الناصر ومساوىء‬
‫الخوان فكان البعض يستجيب والبعض الخر ى يستجيب وكان الذين يستجيبون معذورين لما يقع عليهم من تعذيب وإيذاء " ‪.‬‬
‫ويضيف الستاذ عمر التلمسانى ‪:‬‬
‫" لم يقم الدكتور عبدالعزيز كامل بدور المرشد للحكومة وإنما خاشن الخوان وانفصل عنهم وأغواه زكريا محى الدين على أن يهاجم‬
‫الخوان وعينه نائبا لوزير الوقاف فخرج من السجن الى نيابة الوزارة مرة واحدة ‪ ..‬فصار أكثر مخاشنة للخوان وكان ينتصر‬
‫لجمال عبد الناصر وما كان يليق بالدكتور عبد العزيز كامل أن يشبه السيدة عائشة رضى ال عنها بحرم جمال عبد الناصر والعكس‬
‫إن شاء الصحيح وكان يشبه مجتمع المدينة فى عهد الرسول عليه الصلة والسلم بمجتمع جمال عبد الناصر والعكس هو الصحيح‬
‫إنما لم يعمل مرشدا لى جهة من المباحث إنما كان هناك إخوة آخرون بلغ بهم الضعف الى هذا الحد أنهم كانوا يتجسسون على‬
‫الخوان ويكتبون تقارير ويقدمونها للمباحث ويقولون ‪ :‬إن هذا الخ متشدد وهذا الخ سهل وإن هذا سيؤد وهذا لن يؤيد أما على‬
‫عشماوى فكان فى أحداث سنة ‪ 1965‬ينفذ كل ما تطلبه منه السلطة مقابل تخفيف الحكم الى الشغال الشاقة ا لمؤبدة والىا لفراج‬
‫عنه بعد فترة قصيرة وهكذا حال قدرة ا لبشر فى التحمل حين البتلء والبشر متفاوتون فى هذه القدرة ولكن الخطر من هذا هو أن‬
‫رد الفعل العنيف الذى تحرك بين جموع الشباب تجاه هذا التطرف فى الساليب الو حشيية والذى أسفر عن فكر متحمس ولكن فى‬
‫اتجاه عنيف لقد ظهرت فكرة ا لتكفير والهجرة كرد فعل عنيف لما يجرى داخل المعتقلت وبين أوساط الشباب ‪.‬‬

‫الفصل السابع عشر‬


‫ظهور فكرة التكفير‬
‫أدت المحاورات العنيفة بين المشايخ الذين أرسلتهم الحكومة للقيام بعملية غسل المخ يكملها إقامة حلقات التعذيب المتواصلة فى‬
‫محاولة لحكام ا لحصار حول معتنقى الفكرة السلمية لستسلم البعض وإصرار البعض الخر على عدم التخلى عن عقيدته وقناعته‬
‫اليمانية متحمل الهانة والضرب المبرح وأساليب التعذيب وربما الجنون والموت على ترك هذا المر ‪.‬‬
‫ولكن قبل الدخول الى هذا الموضوع الشائك ل بد أن نقول ‪ :‬إن عبد الناصر لم يكتف بالتصفية الولى للخوان فقرر أن أن يعيد‬
‫الكرة والقضاء نهائيا على هذه الجماعة فقرر القبض على ا للف من الخوان مرة ثانية وكان البعض منهم قد أفرج عنه قبل شهور‬
‫من يوليو ‪ 1965‬حيث صدر قرار سرى بالقبض على الخوان وفاخر جمال عبد الناصر بقراره حيث أعلنه فى ‪ 29‬أغسطس ‪1965‬‬
‫أثناء زيارة له لموسكو وجاء هذا القبض باسم مؤامرة قلب نظام الحكم فعاد من أفرج عنه للسجن ولم يتنسم عبير الحرية إل بضعه‬
‫شهور واعتقل فى هذه العملية ما يقرب من ‪ 20‬ألف شخص واعتبرهم متهمين حتى تثبت براءتهم ولم تثبت إل بعد الفراج عنهم فى‬
‫عام ‪ 1971‬ولم يقبض على جميع قيادات الخوان فمنهم من هرب خلل أحداث ‪ 1954‬المريرة ومنهم من سافر للبلد العربية وعاش‬
‫فيها ‪.‬‬
‫ويقول الستاذ عمر التلمسانى ‪:‬‬
‫" كل المتهمين فى عام ‪ 1965‬حوكموا وعذبوا تعذيبا شديدا ولم يكن هؤلء متهمين فى قضايا إنما كان الغرض من اعتقالهم عدم‬
‫تمكينهم من إقامة أى إثارة فى المحيط الذى يقيمون فيه وعذب الكثير من أقارب ومعارف بعض الخوان وكانت كل تهمتهم صلة‬
‫القرابة والمعرفة ولم يحاكم كل العشرين ألفا ولكن حوكم ألف تقريبا وأثبتت المحاكم إدانتهم ثم جرت المحاكمات عام ‪ 1966‬وأعلن‬
‫القاضى العسكرى الدجوى والقاضى العسكرى التميمى أن التعذيب الذى يلقاه المتهمون هو " الهيلتون " الذى أعددناه لهم ‪.‬‬
‫وقد نشر المرحوم الستاذ سامى جوهر تحقيقا عن هذه الوقائع فكتب يقول " ولم يكن أحد يعرف أين يساق من أخذوه ؟ وتمر أيام ‪..‬‬
‫وأسابيع ‪ ..‬وأحيانا شهور ‪ ..‬وبعد الوساطة أو الرشوة يعرف الب أين أبنه ؟ أوتعرف الزوجة أين زوجهاا ؟ أو يعرف البن أين‬
‫أبوه وأى اتهام ملفق موجه اليه ؟ "‬
‫وبنفس الطرق المتطورة فى التعذيب وباستخدام آلت وحشية كان يعامل المعتقلون فى أحداث ‪ 1965‬واضطر الكثيرون من الخوان‬
‫تحت ضغط التعذيب البربرى بخلف الحكم الجائر الذى أصدرته محاكم الدجوى بإعدام مجموعة جديدة من الخوان من بينهم الكاتب‬
‫والمفكر الشهيد سيد قطب وعبد الفتاح اسماعيل ويوسف هواش وهكذا أجهز جمال عبد الناصر يدفعه حقده وتسلطه على الجماعة‬
‫المنهكة القوى من فرط ما لقت من بشاعات ‪.‬‬
‫ولقد كان طبيعيا ان يفرز هذاالجو ظهور فكرة تكفير المجتمع وحاكمه ولقد كان من العوامل التى ساهمت الى حد كبير فى ظهور مثل‬
‫هذا الفكر من جانب الشباب تلك الوسائل الوحشية الخارجة عن البعاد البشرية والنسانية والتى مارسها النظام الحاكم فى مصر فى‬
‫عهد جمال عبد الناصر تجاه أصحاب الفكر السلمى أو المتدينين بصفة عامة كما رأى هذا الشباب ما انحدرت اليه الخلق فى‬
‫مجتمعهم من انحرافات واستشراء الفكر الماركسى الملحد ومن هنا ظهرت فكرة التكفير لدى بعض شباب جماعة التبليغ وبعض شباب‬
‫الخوان المسلمين واستند بعضهم لكتابات الشهيد سيد قطب عن جاهلية المجتمع وخرجوا منها بفهم خاص وهو ارتداد المجتمع‬
‫المسلم وكفره ‪.‬‬
‫ولقد طلب من المعتقلين ذات مرة فى سجون أبى زعبل وطرة والسجن الحربى تأييد رئيس الدولة مقرونا بالتهديد بمضاعفة التعذيب‬
‫والبادة ورفض الكثيرون فحل بهم ما حل من صنوف العذاب والهوان والوحشية وأعلنوا رغم ذلك كله رفضهم إعلن الولء للحاكم‬
‫وجرت عمليات غسيل المخ ـ المعروفة من الناحية النفسية لكثيرين من الشباب المعتقل دون هوادة وطوابير التعذيب مستمرة‬
‫لنتزاع الفكار من رءوس هذا الشباب ولكن دون جدوى ولكن فى نفس الوقت فإن بعض قادة الخوان المسلمين اختلف كثيرا على‬
‫منهج هؤلء الشباب رغم دوافعه ومسبباته ومنهم الستاذ حسن الهضيبى المرشد العام للجماعة والذى أصدر ردوده على هذه‬
‫المناظرات التى جرت بينه وبين الشباب الداعى لفكرة تكفير وهجرة المجتمع الجاهلى فى كتابه المعروف "دعاة ل قضاة "‬
‫فقد امتد أسلوب هذه الجماعات الى ابتداع قاعدة خاطئة * وهى تكفير من لم يكفر الكافر وأرادوا بها تكفير من خالفهم فى الرأى‬
‫وكانت حجتهم أن المام محمد بن عبد الوهاب وبعض شيوخه يرون كفر من لم يكفر الكافر المعين ‪ ..‬وهذا حق أريد به باطل فالكافر‬
‫المعين المجمع على كفره ل يحل ادعاء أنه مؤمن لن فى هذا إنكار لحكم ال عليه بالكفر أما إن كان الحكم بكفر الشخص ليس محل‬
‫اجماع كما هو الحال فى كفر تارك الصلة فل يجوز استخدام هذه القاعدة فى هذا الموضع ‪.‬‬
‫وبالتالى فالمسائل التى رأى هؤلء الحكم بالكفر على المسلمين مثل كفر من لم ينخرط فى جماعتهم أو من مات ولم يبايع إمامهم أو‬
‫من خالفهم فى تكفير جميع حكام المسلمين فهذه المور كلها الحكم فيها بالكفر ليس محل اجماع وبالتالى ل مجال هنا لتطبيق هذه‬
‫القاعدة وللستاذ سالم البهنساوى بحث مشهور فى هذه القضية وجذورها ودوافعها ‪.‬‬
‫وإن ما تم ممارسته داخل المعتقلت المصرية فى السجن الحربى وأبى زعبل وطرة والواحات وغيرها من أبشع ألوان العذاب‬
‫والوحشية ويكفى تدليل على هذا القول ما جاء فى حيثيات حكم المحكمة العسكرية العليا بعد حركة مايو ‪ 1971‬ونشر ذلك بالصحف‬
‫المصرية والعربية جاء فيه ك إن المحكمة لتسجل بحق أن الجريمة موضوع هذه الدعوى ( تعذيب ) كانت سبة فى جبين الحكم‬
‫المصرى يندى لها خزيا وعارا ولعل فى حكم المحكمة ما يدل على حقبة من تاريخ مصر امتهنت فيها وأهينت كرامة النسان الذى‬
‫كفل العلن العالمى لحقوق النسان حدها الدنى ـ حقبة من تاريخ مصر كانت فيها السيادة للسياط توصل للرهاب ولللقاء فى‬
‫غياهب السجون أو تقريبا وزلفى للحكام والرؤساء حقبة من تاريخ مصر تضاءلت فيها سمعة سجن الباستيل فى فرنسا وطغت‬
‫عليها سمعة السجن الحربى بمصر حقبة منتاريخ مصر أعادت الى الذهان ذكرى محاكم التفتيش وما كان يجرى فيها من مخاز‬
‫وفظائع حقبة من تاريخ مصر تسابق فيها الجلدون الى ابتكار وسائل التعذيب ‪.‬‬
‫ولقد كان التعذيب الذى ل قاه الخوان المسلمون والشباب المسلم كان أضعاف التعذيب الذى تعرضت له الفئات الخرى سواء‬
‫الشيوعيون أو عتاه المجرمين فى القضايا العادية أو حتى اليهود الذيناعتقلوا بعد هزيمة ‪. 1967‬‬
‫ويقول الستاذ عمر التلمسانى لقد كان معنا اليهود اختلطوا بنا فى معتقل مزرعة ليمان طرة وكانوا فى منتهى الدب ومنتهى كمال‬
‫الصلة بالخوان المسلمين وكانوا يقدمون كل ما يطلب منهم من خدمات وكانوا يقولون لنا إذا كنتم الن فى راحة وبعض التسهيلت‬
‫فإنما سببها وجودنا معكم وعندما نخرج ستنقلب الية ويعودون الى مضايقاتكم كما كانوا قبل أن نحضر وحصل هذا فعل !! وكان‬
‫اليهود فى معتقل مزرعة ليمان طرة يعاملوننا معاملة فى منتهى الكمال وتأتيهم زيارات وهدايا بصورة غير معقوله ولما حصل‬
‫العتداء اليهودى على نادى الضباط بالمعادى تجنب الطيارون ضرب المعتقل لن هناك العشرات من اليهود كانوا معتقلين فيه‬
‫أما ظهور فكرة التكفير والهجرة فإن التاريخ يحدثنا عن ظهور أفكار وآراء مختلفة فى كل فترة من الفترات وجماعة ا لتبليغ كانت‬
‫تنتمى الى جماعات هندية كانت تكتفى بتبليغ الرسالة ل أكثر ول أقل ل تطلب عمل ول تطلب جهادا إنما يقال لهم اذهبوا فبلغوا‬
‫الدعوة كانوا ينتشرون فى القرى والرياف والمدن يبيتون فى المساجد فى أى مكان ليبلغوا الدعوة أما فكرة التكفير والهجرة فكانت‬
‫مبنية على تكفير الناس ومقاومة الكفر كما يجب أن يقاوم الكافرون وانتهت الحداث فيما يختص بهم الى هذا المصير ‪.‬‬
‫ولقد ظهرت هذه الفكار بسبب التعذيب الذى تعرض له الخوان المسلمون وهى ل يمكن القول بأنها كانت انشقاقا عن الخوان إنما‬
‫الذى حصل أن هناك فريقا كان يريد أن يؤيد وفريق ل يريد أن يؤيد ذلك وكان هناك اختلف فى الراء ولم تحدث بينهم وبين‬
‫الخوان مصادمات أو مشاحنات وكل إنسان كان فى حالة المؤيدون فى حالهم وغير المؤيدين فى حالة ولقد طاف بأذهان البعض بعد‬
‫ما رأى من ألوان التعذيب ما يعجز عن تحمله البشر وإن مسلما ل يمكن أن يتصرف مع مسلم مثل هذا ا لتصرف ول يمكن أن يكون‬
‫الشخص الذى ينتهك عرض سيدة أو رجل ل يمكن أن يكون مسلما فنضجت هذه الفكرة فى أذهان البعض وكانت فى رأس شكرى‬
‫مصطفى زعيم جماعة التكفير والهجرة وظنوا أن فى بعض كتابات المرحوم سيد قطب من تعرض لذكر الجاهلية الولى والثانية‬
‫والمظالم والظلم والتنكيل ظنوا أن هذا معناه يكفر من يفعل هذه المسائل ـ هو ل يقصد هذا بالطبع ـ سيد قطب ما دعا يوما للتفكير‬
‫والهجرة لحد أبدا وتكونت هذه الجماعة بشكل ظاهر وكانت فى مزرعة ليمان طرة ووصلت الفكرة وانتقلت الى كل سجون القطر التى‬
‫كان يوجد داخلها إخوان مسلمون وتكونت " شلل " صغيرة تأخذ بهذا الرأى وتدعو اليه ولما انتقل الستاذ الهضيبى من مستشفى‬
‫ليمان طرة الى معتقل مزرعة طرة استدعى القائمين على هذا الفكر وناقشهم طويل فكان يظهرون القتناع بوجهة نظر ه فى الوقت‬
‫الذى مضوا فيه على تصميمهم فى هذاا لمسار واضطر الستاذ الهضيبى لن يصدر كتاب " دعاه ل قضاة " وعندما وجد الستاذ‬
‫الهضيبى أن المسألة استفحلت استدعى بعض الخوان الذين كان لهم شىء من الدراية بأحكام ا لشرع وطلب منهم أن يدلوا برأيهم‬
‫فى هذا الموضوع فكتب بعض الخوان آراءهم فى موضوع التكفير وأجمعوا على أنه من قال لخيه المسلم " ياكافر فقد باء أحدهم‬
‫بها فبدأ وضع هذا الكتاب وشاركه فى كتابته [ ‪ 7‬أفراد ] شاركوا الستاذ الهضيبى فى جمع المعلومات والسانيد وألدلة وقدموها له‬
‫والخوان المسلمون أنفسهم وأولهم المرشد المام الشهيد حسن البنا نفوا نفيا قاطعا التكفير والعنف والبداء ورغم ذلك يصر ا لناس‬
‫على اتهام الخوان المسلمين بأن جماعات التكفير والهجرة خرجت من جبتهم ‪ .‬وعند خروج هؤلء الشباب من السجون والمعتقلت‬
‫كانت الفكرة قد اشتدت ورسخت فى أذهانهم وظهرت بشكل واضح وتحدث عنها رجال المن فى وزارة الداخلية حتىأنه عندما‬
‫ارتكب حادث مقتل المرحوم " الشيخ الذهبى " ألصقوا هذه التهمة بجماعة التكفير والهجرة وشكرى مصطفى كان معتقل معنا فى‬
‫سجن مزرعة طرة ولكنى لم أكلمه أو أحدثه وفى الوقت الذى كان ينادى الخوان المسلمون بمنهاج " ادع الى سبيل ربك بالحكمة‬
‫والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى هى أحسن " فإن هؤلء الشباب اتخذوا معنا أسلوبا شيعيا وهو أسلوب التقية وهو أن يتحدث معك‬
‫على أنه مقتنع وهو غير مقتنع ولقد كفرونا جميعا بعد ذلك وبعد خروجهم وخروجنا من السجون وقالوا ‪ :‬إن الخوان المسلمين هم‬
‫أيضا فى زمرة الكافرين لنهم قعدوا عن الجهاد ورضوا بالوضاع القائمة وكل هذا غير صحيح وإنما تراءى لهم ففعلوه " ‪.‬‬

‫سيد قطب وقضية التكفير ‪:‬‬


‫ربط الكثيرون بين كتابات المرحوم سيد قطب وبين نشوء فكرة التكفير والهجرة وهذا نوع من اللتباس والخلط ويقول الستاذ عمر‬
‫التلمسانى ‪ :‬من يرجع الى كتب سيد قطب ل يجد فيها أنه كفر أحدا ولكن حملته على مظاهر النحراف والنحلل والفساد ومجانبة‬
‫تطبيق شرع ال استنبطوا منها أن هذا نوع من أنواع التكفير أما هو فى كتبه جميعا ول تزال قائمة وموجودة حتى الن لم يكن‬
‫يدعو الى تكفير انسان أبدا ‪..‬‬
‫وربما كان سيد قطب قاسيا أو شديد الوطأة على هذه المظاهر حتى ظن البعض أنه عندما كان يتكلم عن الجاهلية وأن الحكم ل أنه‬
‫يكفر من ل يفعل ذلك إنما هو لم يدع فى أى كتاب من كتاباته لذلك ونحن عندما نقرأ تفسير المرحوم سيد قطب لبعض آيات القرآن‬
‫الكريم والتى تتعلق بمن ل يحكم بما أنزل ال ل تجد معنى للتكفير هذا الى أن بعض المفسرين يقول ‪ :‬إن الحاكم إذا حكم قائل إننى‬
‫أحكم بقانون من عندى ل من عند ال فهو ليس بكافر وإنما إذا قال ‪ :‬إن الذى عندى هو من عند ال ويخالف حكم ال فهو كافر فإلى‬
‫هذا الحد السلم حريص فى ناحية التكفير على أبعاد الناس فى هذا ‪.‬‬
‫والشيخ النمر له رأى معلن ومنشور تعرض فيه لهذه الناحية وقال ‪ :/‬إن سبب نزوع الشباب لتيار العنف ما رأوه من تعذيب لم يكن‬
‫يخطر على بال إنسان نحن لم نشاهد فى العالم أيام محاكم التفتيش مثل هذا الذى شهدناه ‪ ..‬فالشباب له عذره فى أن يقول إن هذا‬
‫ليس عمل مسلمين ومن هنا تولدت فكرة لدى بعض الناس بأن الخرين ليسوا مسلمين ‪ ..‬نحن نقول ‪ :‬للذى يبكى ل تبك بدل من أن‬
‫نقول للذى يضرب ل تضرب إننا نعكس الية ونقول شباب مخرب إرهابى وقد قلنا للمسئولين أكثر من مرة دعونا نحن نتحدث مع‬
‫هؤلء الشباب ونصحح له الفهم الخاطىء ونقيمه علىا لصراط المستقيم ‪ ..‬لن معالجة المر ليس بالعنف لن العنف يولد العنف " ‪.‬‬
‫إن ظهور فكرة التكفير والهجرة جاءت إفراز ا طبيعيا لممارسات نظام عبد الناصر من تعذيب ووحشية خرجت عن الدوائر النسانية‬
‫بينما لم تعامل الفئات الخرى بمثل الوحشية التى عومل بها أصحاب التيار الدينى ولم يجدوا من أجهزة الدولة المختلفة من يتفهم‬
‫أسباب اعتناقهم لكل هذه الفكار بل وجدوا كل تعسف واتهام بالرهاب الفكرى وأدت بهم الى اعتقاد كفرالمجتمع حكومة وشعبا ولو‬
‫تحقق ما طالب به الشباب من تطهير البلد من مظاهر الفساد ووقف تيار التعذيب والوحشية ضد المعتقلين السياسيين من أصحاب‬
‫التيار الدينى لما وجد هذا التيار ـ من معتنقى فكرة التكفير والهجرة ـ عوامل تغذى انتشار هذه الفكار بين أوساط الشباب المسلم ‪.‬‬
‫وجاءت الهزيمة فى ‪ 5‬يونيو ‪: 1967‬‬
‫ويبدو دائما أن الرياح ل تأتى بما تشتهى السفن ففى الخامس من يونيو عام ‪ 1967‬بدأت فصول المأساة الدرامية التى عاشها شعب‬
‫مصر المسلم دافعا الثمن لممارسات نظام عبد الناصر ومفاسد إدارته فقد دخلت مصر عصر الهزيمة وبدون أن تدخل حربا حقيقية‬
‫فقد جرت معركة بالراديو والشعارات واستبيحت عقول أبناء الشعب المصرى وادعت قيادته بأن القوات المسلحة المصرية فى طريقها‬
‫الى النصر الى تل أبيب بينما كانت الهزيمة تسعى وراء جيش مصر الذى مزقت أوصاله وانقطعت أطرافه وتاه فى تيه سيناء الكبير‬
‫‪.‬‬
‫ويقول الستاذ عمر التلمسانى " كنا نتوقع هذا المر وكنا على ثقة بأن ظننا لن يدوم وأن عبد الناصر سوف ينتقم ال منه بأية‬
‫صورة من الصور فلما حصلت هزيمة يونيو ‪ 1967‬رأى الخوان أن هذا انتقام من ال سبحانه وتعالى من جمال عبد الناصر وكسر‬
‫شوكته وإذلله ولكننا كنا على حزن لن وطننا هزم واستبيحت كرامة جيشنا وكانت فضيحة ل حد لها فى العالم كله حتى أن بعض‬
‫الذاعات الجنبية والتلفزيونات كانت ترافق الطيارين اليهود فى سيناء أثناء مطارتهم الجيوش وترسم الصور للجنود والضباط‬
‫الفارين بصورة مزرية حتى ا لمصريين فى الخارج كانوا منكسى الرءوس عندما تعرض هذه الصور لقد كانت فضيحة وهزيمة‬
‫جعلتنا نعيش الحزان لسنوات طويلة "‬
‫والغريب ان تلك اليام لم تجرؤ القيادة المصرية على العتراف بالهزيمة وأطلقت عليها " نكسة " ولكنها كانت قمة الهزائم لننا‬
‫هزمنا دون أن نحارب وتلك كانت المأساة ولقد دفعت مصر ثمن ديكتاتورية عبد الناصر منذ انفرد بالحكم وتخلص من كل معارضيه‬
‫بغض النظر عن السلوب الذى تخلص به منهم ولقد عاشت مصر سنوات ما بعد الهزيمة سنوات حالكة السواد يتذكرها الكثيرون‬
‫وبقى الحال كما هو داخل السجون ـ موجات تلو موجات من التعذيب والمعتقلت ظلت تعج بآلف من المعتقلين دون أمل فى الحرية‬
‫‪".‬‬

‫الباب الخامس ‪ -‬أسرار الخلف مع انور السادات‬

‫* بداية طيبة ‪ ..‬ولكن ؟‬


‫* خلف بسبب المعاهدة‬
‫* لعبة الفتنة الطائفية‬
‫* وعادت المعتقلت‬
‫* إغتيا ل السادات‬
‫الفصل الثامن عشر‬
‫بداية طيبة ‪ ..‬ولكن ؟‬
‫يمكن أن يؤرخ لبداية السادات رئيسا وحاكما ـ باليوم العاشر بعد وفاة عبد الناصر ـ بعد انتهاء دوامات الحزن الغريبة التى غرق‬
‫فيها أبناء شعب مصر على زعيمه الشعبى على مدى ‪ 18‬عاما كانت لهذا الشعب خللها أذن واحدة أو هكذا أريد أن يفقد السمع فى‬
‫أذنه الثانية التى وهبها له ال الى جانب الولى لتكتمل نعمة السمع ولتستمع لصوت الحق الذى أريد له أن يخبو ولكن اليام دول ‪.‬‬
‫فى ذلك ا ليوم ـ السابع من أكتوبر عام ‪ 1970‬عقدمجلس الشعب المصرى جلسة لعلن خلو منصب رئيس الجمهورية وترشيح‬
‫انور السادات ـ الذى كان نائبا لعبد الناصر خلفا له على كرسى الرياسة ‪.‬‬
‫ولعل الكثيرين من أصحاب الرأى والفكر والعقيدة قد تنفسوا الصعداء ـ خاصة من هم خارج الوطن وخارج وداخل السجون السوداء‬
‫لهذا العهد ـ لنتماء العصر الذى حوربت فيه الكلمة والعرض والشرف والعقل وسحق فيه كل معارض ينبس ببنت شفة مجرد بنت‬
‫شفة وجرى ذلك كله تحت شعارات زائفه ترضى أذواق الحكام فى دول متخلفة منها حماية مكاسب الثورة والقضاء على أعداء الثورة‬
‫أو الثورة المضادة وبدأ هذا العصر بمصر والسودان كيان واحد وانتهى بمصر ناقصة أو فاقدة السيادة على ثلث أراضيها بعد أن‬
‫سلمت سيناء لقمة سائغة يسيرة الهضم والبتلع لدولة إسرائيل النزراعية فى المنطقة العربية كجسر للصهيونية وأحلم هرتزل فى‬
‫" فى بال " فى نهاية القرن الماضى ومطامع الغرب فى ا حتواء المنطقة العربية والسلمية وبعد أن راح ضحية هذه الحرب مئات‬
‫اللوف من الرواح الطاهرة والجرحى و المفقودين وفاقدى ا لنطق والعقل وهى حرب دخلتها مصر ووصلت الى تل أبيب " عاصمة‬
‫الكيان الصهيونى عن طريق ماسبيرو " أو الذاعة المصرية وكان مذيعى هذه الذاعة هم القادة الذين يعلمون أين تتحرك القوات‬
‫المصرية ومواقع انسحابها أما مطربو المة المصرية فهم طبول الحرب وآلتهم تدوى كالمدافع والصواريخ بينما تاه جيش مصر‬
‫المغلوب على أمره فى صحراء القرارات المتضاربة وأوامر التقدم والنسحاب فى آن واحد وكم كانت خيبة المل كبيرة لدى أبناء‬
‫الشعب وإحساسه بالهوان من جراء هذه الهزيمة النكراء التى دللوها وقالوا ‪ :‬إنها نكسة يونيو وهى قاسية للشعب الذى هز فى‬
‫سالف العصور جحافل التتار وحملت الصليب وغيرهم ‪.‬‬

‫وبدأ الصراع حول الكراسى ‪:‬‬


‫بعد أعتلء السادات كرسى الحكم واجه مصاعب جمة عقب اعتلئه من أهمها ‪:‬‬
‫ـ فقدان رصيد التأييد الشعبى له خاصة فى مجال المقارنة بينه وبين عبد الناصر‬
‫ـ إحساس الشعب المصرى بأنه ـ أى أنور السادات ـ لم يكن له وجود فعلى وملموس فى ساحة ا لسياسة أو فى صنع القرار‬
‫السياسى فى عهد عبد الناصر باستثناء دوره المحدود فى عملية ‪ 23‬يوليو وبعض المناصب التى تولها فى الستينات ‪.‬‬
‫ـ وجود العديد من المؤامرات حوله وخاصة من جانب من أسمو ا أنفسهم بورثة ا لناصرية ومن أنصار الكرملين فى مصر ‪.‬‬
‫ـ الجو العام الذى كان يسود الشعب المصرى كان مشبعا بخيبة المل واليأس بعد هزيمة يونيو وما أورثته من ازمات اقتصادية‬
‫وكوارث اجتماعية ووسط هذه الظروف المتعددة ووسط جو من النكات اللزعة حول أنور السادات التى كانت تشير لعدم تهيؤ‬
‫الشعب المصرى لقبول هذاالوضع الجديد وهو تولية السلطة فى البلد وحاولت مجموعة تيار موسكو المعروفة بولئها للتيار‬
‫الماركسى أولئك الذين حاولوا زرعه فى صفوف وتنظيمات الشباب المصرى خلل فترة الستينات قلب نظام أنور السادات فيما سمى‬
‫بمؤامرة مايو أو حركة التصحيح فى ‪ 15‬مايو ‪ 1971‬وكان من الواضح أن ميول السادات قد اتضحت مبكرا حيث بدأ مشواره فى‬
‫التقارب مع الغرب باستقباله بعد شهور قليلة من توليه الحكم وزير الخارجية ا لمريكى " وليام روجرز " وفشل مبادرته للسلم بين‬
‫مصر وإسرائيل وكانت البداية التى أنتهت لتوقيع معاهدة السلم واتفاقية كامب ديفيد وقد فشلت مبادرة روجرز بسبب تعنت‬
‫السرائيليين الذين كانوا يتحدثون من مواقع القوة والنصر ولم يرضوا إل بالتنازل عن مواقع الشرف والكرامة حتى يوافقوا على‬
‫السلم‬
‫وحاول السادات على المستوى الداخلى أن يكسب أرضية شعبية عن طريق بعض الخطوات اليجابية فأصدر قراراته الخاصة بإغلق‬
‫المعتقلت والفراج عن المعتقلين السياسيين الذين ظل بعضهم جزءا من عهد عبد الناصر أو طوال عهده خلف أسوار السجون‬
‫والزنازين وأعلن السادات أنه لن يبقى معتقل سياسى وأن المواطن سيكون آمنا على نفسه وأولده فى ظل ما أسماه " دولة‬
‫المؤسسات " التى تعتمد على الحكم بالقانون والعدل رغم أنه تراجع عن ذلك كلية فى نهاية عهده وقبيل اغتياله ـ واستقبلت هذه ا‬
‫لممارسات بنوع من القبول لدى أبناء شعب مصر بعد كل ما عاناه من كبت واضطهاد فيما مضى ‪.‬‬
‫كان من بين المفرج عنهم المئات من قيادات وأعضاء جماعة الخوان المسلمين سواء ممن‬
‫‪1‬ـ اعتقلوا بعد " مذبحة المنشية " أو الذين اعتقلوا فى المذابح الثانية فيماأطلق عليه مؤامرة قلب نظام الحكم عام ‪. 1965‬‬
‫وبعد ‪ 17‬عاما خلف أسوار السجون غادر عمر التلمسانى زنزانته وعندما سئل عن علقته بأنور السادات * قال ‪ " :‬حين خرجنا من‬
‫السجون عام ‪ 1971‬كان أول شىء فعلته هو ذهابى الى قصر عابدين لتسجيل شكرى للرئيس السادات بإفراجه عنا ‪.‬‬
‫وهكذا نجد أن الخوان مثلهم مثل باقى الطوائف وفئات المة استقبلوا هذه الخطوة استقبال حسنا إل أن الخوان استوعبوا الدروس‬
‫السابقة جيدا وتعاملوا مع واقع المور برؤية فيها درجة من الختلف عن تعامل الخرين كان تعاملهم بشكل حذر ويقظ أيضا ‪.‬‬
‫وقد حكمت علقة الخوان بأنور السادات ونظامه عدة اعتبارات وبشكل أدق محاذير ضبطت هذه العلقة على مدى السنوات الحدى‬
‫عشرة من بينها ‪:‬‬
‫ـ لم ينس الخوان ـ ولهم كل العذر فى ذلك ـ أن أنور السادات رئيس الجمهورية هو نفسه ـ جسدا وشخصا هو القائمقام أنور‬
‫السادات عضو محكمة الشعب التى أصدرت أحكامها ـ بعد محاكمات صورية ومزرية ل تمت لى أشكال الحكم بالقانون بصلة ـ‬
‫بالسجن والعدام على أقطاب وأعضاء الجماعة عقب حادث المنشية المدبر فى نهاية عام ‪ 1954‬والتى عصفت وللبد بعلقات جماعة‬
‫الخوان وجماعة ا لضباط الحرار كما أطاحت هذه المحكمة برءوس عدد من الشهداء البرار الطاهرة أرواحهم وسجن اللف من‬
‫الخوان لفترات تراوحت بين شهور وسنين طويلة امتدت حتى بداية حكم ا لسادات نفسه وهو شىء علمه السادات جيدا وأحس بأنه‬
‫لن يكون هناك صفاء فى العلقة بينه وبين جماعة الخوان وإن حاول أن يقترب إليهم بشتى الطرق ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ أن الخوان المسلمين رأوا بعد استيعابهم بالطبع لدرس الضباط الحرار خاصة بعد إعلن السادات بشكل غير متوار ‪ :‬أنه جاء‬
‫على طريق عبد الناصر محافظا على نهجه وعلى مكاسب الثورة وأنه يتحمل المسئولية كاملة فيما أصدره عبد الناصر من قرارات ـ‬
‫وإن كانت جمهرة الخوان يرون أن قرارات عبد الناصر كانت أحادية البعد وهو بعد عبد الناصر فقط ولم يكن يسمح لى من‬
‫المقربين منه من صفوة رجال الحكم بإبداء رأيه سواء بشكل صريح أو متوارب ويعلم الخوان تمامات كيف كانت طبيعة العلقة بين‬
‫عبد الناصر والسادات وعبد الناصر وبقية جماعة الضباط الحرار والذين اختلف معهم عبد الناصر واختلفوا معه وأطاح بهم فى‬
‫النهاية الواحد تلو الخر عدا السادات ‪..‬‬
‫‪3‬ـ أن جماعة الضباط الحرار الذين اتفقت آراؤهم على الطاحة والتخلص نهائيا من جماعة الخوان المسلمين صاحبة الثقل‬
‫السياسى والشعبى الخطير والذى هدد شعبية الضباط الحرار ومن بين هؤلء أنور السادات والذى رأى الخوان أن الخلف معه‬
‫سوف يؤدى الى نفس الطريق المسدود والمعتقلت وهذا ما حدث بعد ذلك بكل دقة ‪.‬‬
‫هذه ـ بعض من كل العتبارات التى حددت الخطوط العريضة لتعاملت الخوان مع النظام الساداتى الجديد وحددت ايضا الرضية‬
‫التى تعامل الخوان عليها مع السادات طوال فترة حكمه التى امتدت ‪ 11‬عاما كامل ‪.‬‬
‫وربما تجدر الشارة الى أن الخوان كانوا خلل تعاملتهم مع انور السادات اختلفوا مع السادات فكريا ولم يسعوا للصدام أو إثارة‬
‫الشغب أو الفتن أو القلقل وهو أمر اعترف به السادات فى ثورة غضبه إبان أحداث العتقالت التى وقعت فى نهاية عهد السادات‬
‫والختلف فى الرأى ل يفسد للود قضية فلم يكن الخوان على مدى ‪ 11‬عاما دعاة عنف أو تطرف وإنما انطلقوا كعهدهم دعاة‬
‫للسلم دون الدخول فى جبهات أو أحزاب لن هدفهم الول والخير كان ابتغاء إعلء كلمة ال فى الرض ويحد الستاذ عمر‬
‫التلمسانى موقف الخوان منالسادات قائل ‪ " :‬الخوان المسلمون لم يؤيدوا أنور السادات فى يوم من اليام ولكنهم كانوا يلتزمون‬
‫جانب الحيدة وبما أنه بدأ عهده سهل هينا لم يكن هناك داع من مخاشنه الخوان له لن قاعدة الخوان الساسية فى مناهجهم تطبيق‬
‫الشريعة ال فى مصر فكل من ل يطبق هذه الشريعة يقفون منه موقف الحيدة ما دام يحسن المعاملة فإن أساء التصرف تظاهروا‬
‫عليه ونحن لم نخاشنه فى أول عهده وكان موقفنا طوال مدة حكم السادات من أيام مبادرة القدس الى أن انتقل الى رحمة ال هو‬
‫موقف المعارضة والدعوة تشهد بموقفنا منه " ( وهذا يناقض ما كتبه الكاتب الماركسى صلح عيسى " فى دراسته عن الخوان فى‬
‫مقدمة دراسة " ريتشارد ميتشيل " * " وربما يكون هذا البيان أو العلن شبه رسمى بأن الخوان المسلمين يعتبرون أنفسهم كيانا‬
‫سياسيا قائما ينشط فى ظل تأييد كامل لسياسة الرئيس أنور السادات " )‬
‫( أما هذا العلن الذى يقصده صلح عيسى فهو مواقف بعض الخوان فى أعقاب استيلء " صالح سرية " على الكلية الفنية‬
‫العسكرية بالقاهرة عام ‪ 1974‬حيث نشرت فى الصحف فى أعقاب ذلك بيانا للسيدة زينب الغزالى ـ إحدى العضوات البارزات فى‬
‫الخوان وحكم عليها بالشغال الشاقة المؤبدة عام ‪ 1965‬ـ تنفى فيه ما قاله صالح سريه من أنه أتصل بها بشأن تنفيذ عملية‬
‫القتحام وقالت زينب الغزالى فى البيان ‪ :‬ليس أنور السادات هو ذلك الرجل الذى تقبل زينب الغزالى أن تلتقى برجل تعلم أنه ضده ـ‬
‫إننى أقول ‪ :‬إن أنور السادات جاء لحكم جمهورية مصر العزيزة المسلمة وبحار من دماء الظلم تجرى فعمل على أن يوقفها وأوقفها‬
‫فعل ‪ . .‬وإن أنور السادات رجل مؤمن ابن رجل مؤمن وأناأعرف اباه وأعرف إيمان أبيه وتقواه كما صدرت بيانات استنكار مشابهة‬
‫من الستاذ صالح أبو رقية والشيخ محمد الغزالى ( ويقول عمر التلمسانى عندما وقعت أحداث صالح سرية الخاصة بمهاجمة الكلية‬
‫الفنية العسكرية ذكر اسم زينب الغزالى والستاذ صالح أبو رقية وطبعا الجريمه كانت جريمه خطيرة فكل منهم كان يحاول الدفاع عن‬
‫نفسه فسلكوا هذاالمسلك أما الخوان المسلمون فى مجموعهم فلم يؤيدوا أنور السادات ‪"..‬‬
‫( هذه هى صورة موقف الخوان المسلمين منذ بداية وخلل عهد أنور السادات وحتى ل يذهب الكثيرون مناحى شتى فى العتقاد بأن‬
‫الخوان كانوا يؤيدون أنور السادات ـ ولو كحركة تكتيكية ـ ثم انقلبوا عليه واصطدم بهم ‪) .‬‬
‫( ويروى عمر التلمسانى كيف أفرج عنه ومشاعره لحظة الفراج قائل ‪ :‬استقبلت هذا الخبر كأى خبر أقل من عادى ‪ :‬لم أشعر بغرح‬
‫ولم أشعر بتغير فى عواطفى أو مشاعرى ‪ ..‬لقد قابلته بمنتهى الفتور ‪ ..‬حتى أننى عندما بلغنى الخبر عند صلة المغرب وطلب منى‬
‫مدير السجن مغادرة السجن فطلبت منه أن أبيت تلك الليلة فى السجن فأين سأذهب فى تلك الساعة فتعجب منى قائل ‪ :‬ألم تشبع من‬
‫السجن ؟ ‍ ابحث عن مكان آخر أنا ل أستطيع أن أسمح لك بأن تبيت فى السجن لن الوامر صدرت بإطلق سراحك ولو حدث لك فى‬
‫السجن الليلة سأحاسب عليها طلبت منه أن يطلب لى سيارة أجرة وعدت بها لمنزلى ‪ ..‬كان أمرا عاديا لنى أعتبر أن الحبس‬
‫والسجن والفراج كلها قضاء من ال سبحانه وتعالى يتقبلها المسلم بكل رضاء وطمأنينة ‪ ..‬أما نبأ تولى السادات فلم يكن يعنى لى‬
‫شيئا لنه فى أول خطبه له فى مجلس الشعب قال ‪ :‬أنا جئت ومعى الميثاق وساسير على أثر جمال عبد الناصر ‪..‬واعتقدت أنه‬
‫سيسير كما سار جمال عبد الناصر وبعد ذلك رأى ضمن تخطيطه أن يفرج عن الخوان المسلمين وغيرهم لعله يكتسب بذلك تأييدا‬
‫وشعبية وفعل عندما أفرج عن جميع الخوان المسلمين المعتقلين أحس الناس بنوع من الراحة واكتسب هو فعل شعبية لها قيمتها‬
‫‪ ..‬ولكن بعد ذلك دلت تصرفاته على أن هذا التخطيط له ما وراءه فيما ظهر بعد ذلك من أفعال والتى انتهت باحداث ( ‪ 3‬سبتمبر ـ‬
‫‪ ) 1981‬ويضيف عمر التلمسانى ‪ :‬لقد أحسست بتغيير كبير بعد خروجى من المعتقل فأدهشنى ما رأيته تغير كامل فى كل شىء فى‬
‫العلقات فى الخلق فى المعاملت ـ كان شيئا غريبا جدا فمصر بلد ل يزال فيه جانب كبير من القيم مراعى ومحترما ومتبعا فلما‬
‫خرجت وجدت أن كل هذا قد انتهى وقضى عليه ولم يبق منه ال أقل القليل للذين يتمسكون بتقاليدهم وتقاليد دينهم )‬
‫* عودة جماعة الخوان ‪:‬‬
‫وقد ثار الجدل على الساحة السياسية والشعبية عقب الفراج عن الخوان المسلمين حول احتمال وإمكانية عودتهم نشاطهم السابق‬
‫وأنهم يسعون لذلك ويقول عمر التلمسانى ‪ :‬بعد خروجى ‪ 1971‬لم يكن هناك عودة فى التفكير لعادة الجماعة لن التفكير فى‬
‫الجماعة لم ينقطع ى داخل السجن ول خارجه ‪ ..‬الذين دخلوا السجن دخلوا وهم على عقيدة وخرجوا وهم على نفس العقيدة وأن‬
‫عليهم أن يستمروا فى العمل لدعوة الخوان المسلمين وفعل ظلوا على هذا طوال فترة حكم السادات وكان لهم نشاطهم الذى يعرفه‬
‫الشعب كله من الحفلت والمواسم الدينية وإصدار المجلة والنشرات وغيرها من النشطة ‪)..‬‬
‫*** وعادت مجلة الدعوة ‪:‬‬
‫( فى شهر رجب عام ‪( 1396‬يوليو ‪ ) 1976‬بدا ظهور الدعوزة فى شكلها الجديد كمجلة والمتتبع لمجلة الدعوة على مدى ‪ 25‬عاما‬
‫يرى أنها لم تتوقف كمجلة عن الصدور وإن اتخذت عدةأ شكال ‪ ..‬وكان ظهورها فى ثوبها ا لجديد فى عام ‪ 1976‬كامتداد لها ولكن‬
‫فى شكل جديد فقد تصدر العدد رقم ‪ 375‬ـ العام الخامس والعشرون ) ويقول الستاذ عمر التلمسانى *صدرت الدعوة فى الربعينات‬
‫وليس للرئيس السادات فضل فى إعادة صدور المجلة لن الستاذ صالح العشماوى كان حريصا على صدور المجلة بصفة مستمرة‬
‫ولكنها كانت تصدر متواضعه فكان يصدرها فى صفحتين وثلث محافظة على التصريح والرخصة وحين خرجنا من السجن كانت‬
‫مجلة الدعوة تصدر حتى عام ‪ .. 1971‬ولم ينقطع صدور المجلة وكانت تصدر وفيها إعلنات المحاكم للمحافظة على الرخصة ‪ ..‬أى‬
‫بصورة متواضعة فليس لحد فضل فى إصدار هذه المجلة ول يمكن أن يقال إننا متواطئون مع الرئيس أنور السادات إنما للسف‬
‫الشديد لم نقل هذه الحقائق فى كثير من الخطب وبالتالى فهى ليست دليل على أن بيننا وبينه شيئا والذى يرصد حركة الحداث‬
‫يستطيع القول إن مجلة الدعوة كانت محورا هاما وأساسيا فى الكشف عن مسار العلقات بين أنور السادات والخوان المسلمين كما‬
‫أنها كانت منبرا لطرح أفكار وتصورات قيادة الحركة وأيضا كشفت المجلة الكثير عما دار بين الحركة وقوى الصراع قبل وبعد حركة‬
‫يوليبو ‪ 1952‬وقد كانت أول مقالة فى المجلة للستاذ عمر التلمسانى وكانت بعنوان " الدعوة على الطريق "‬
‫حيث طرح الخطوط العامة لدعوة الخوان واللبس والغموض حول أهداف الحركة ‪ ..‬كما خصصت المجلة على مدى أعدادها الخمسة‬
‫والستون حتى إغلقها وسحب ترخيصها صفحات لشهداء الحركة وأدوارهم كما طرحت المجلة استفتاء لعلماء الدين وقادة الفكر حول‬
‫عودة حركة الخوان المسلمين ‪ ..‬ولكن فى الوقت نفسه رفض الخوان تسجيل حركتهم كجمعية ‪().‬ويقول الستاذ عمر التلمسانى ‪:‬‬
‫لقد كنت أرفض أن تكون الخوان المسلمين مجرد جمعية خيرية وعندما قال لى الرئيس السادات توجه الى الدكتورة آمال عثمان‬
‫( وزيرة التأمينات والشئون الجتماعية ) قلت للرئيس السابق ‪ :‬وقد جعلت ذلك حجتى ‪ ..‬مجرد حجة إننى مع إحترامى الكامل للسيدة‬
‫آمال عثمان فأنا أرجو أن ترسلنى الى النبوى اسماعيل أو الى منصور حسن ولكن ل داعى للسيدة آمال ‪ ..‬ومن نافلة القول ‪ :‬أن‬
‫الخوان المسلمين لم يسعوا لعودة الجماعة فى شكلها القديم ‪ ..‬ولم يرضوا أن يكونوا محل شبهات فى الوجود غير القانونى أو أى‬
‫شكل من أشكال مخالفة القانون حيث يقول الستاذ عمر التلمسانى فى حديث لجريدة السياسة الكويتية * الخوان المسلمون تنظيم‬
‫غير معترف بوجوده قانونا فى مصر ونحن قوم نلتزم بالقانون فإن ادعيت أننى رئيس للخوان المسلمين سأكون قد تجرأت على‬
‫القانون لننا غير موجودين فى نظر القانون ‪..‬‬
‫ولكن دورهم الحقيقى تمثل فى استمرار دعوتهم للمناهج السلمية والسعى لتطبيق الشريعة السلمية ‪.‬‬
‫وبث الروح السلمية فى ا لشباب المسلم وأن ينحوا بعيدا عن تيارات التطرف والعنف الذى يشجبه السلم الحنيف وكشف الستار‬
‫عن الكثير من الحقائق التى خيم عليها ضباب كثيف وربما عاشت كثيرا فى ظلم دامس تحت وطأة التعتيم العلمى المكثف وحجب‬
‫الجانب الخر من الحقيقة مثلهم مثل الذى قرأ قوله عز وجل " ولتقربوا الصلة " واكتفى دون أن يكمل الية " وأنتم سكارى حتى‬
‫تعلموا ما تقولون ‪ ("..‬وهكذا نخلص الى أن جماعة الخوان لم تفكر بشكل كبير فى عودة الحركة فى نظام السادات لطبيعة النظام‬
‫وخلفياتهم عنه وما يراد لهم من ذلك الوجود واقتصرت الحركة على طرح آرائها فى مجلة الدعوة ومن خلل الندوات والمؤتمرات‬
‫وغيرها ‪..‬‬

‫الفصل التاسع عشر‬


‫خلف بسبب المعــاهدة‬
‫لم تسر المور بين أنور السادات والخوان سيرا هادئا ففى نوفمبر استقل السادات طائرة من مطار " أبو صوير " قاصدا مطار " اللد "‬
‫السرائيلى ورافعا شعار السلم وما يعنيه من العتراف الرسمى المشهور امام المجتمع الدولى بدولة اسرائيل التى يعلم المسلمون‬
‫كيف جاءت الى الوجود واستمدت شرعيتها من عام ‪ 1948‬بفضل تعاون القوى الستعمارية على زرعها كشوكة فى ظهر السلم ‪.‬‬
‫وزار السادات القدس والمسجد القصى ويقول هو نفسه فى كتابه البحث عن الذات " وفى الصباح خرجت لصلة العيد ودخلت القدس‬
‫لثانى مرة منذ ‪ 22‬عاما كاملة وكانت ا لمرة الولى عندما كنت وزير دوله وسكرتيرا عاما للمؤتمر السلمى وتبين لى علىالفور أن‬
‫المسجدالقصى قد ساءت حالة إذ ما تزال آثار الحريق الذى اجتاحه عام ‪ 1969‬قائمة ‪ ..‬وجدت منبر صلح الدين قد احترق تماما‬
‫وأن عملية إصلحه تسير بصورة بالغة البطء ولهذا أمرت ببناء المنبر من جديد إن المصريين هم الذيم بنوا منبر صلح الدين ‪"..‬‬
‫وأضاف أنور السادات " عدت من إسرائيل بعد أن اتفقت هناك على شيئين أساسيين‬
‫أول ‪ :‬أن تكون حرب أكتوبر آخر الحروب ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬أن نتناقش حول مائدة المفاوضات فى موضوع المن لهم ولنا ‪.‬‬
‫وقد تباينت ردود الفعل لهذه المبادرة بين شعوب العالم غربه وشرقه وكانت نوعا من المفاجآت التى ل يمكن هضمها بسهوله‬
‫وخاصة للشعوب السلمية خاصة وأنهم تعاملوا خلل التاريخ للف السنين مع اليهود ويعرفون طبيعتهم جيدا ‪ ..‬واستقبل الشعب‬
‫المصرى هذه المبادرة استقبال طيبا فقد طال به أمد الحروب لكثر من ثلثين عاما راح ضحيتها مئات اللف من الشهداء والجرحى‬
‫وتوالت الحداث ـ مع وجود التصلب اليهودى المعروف ووقعت اتفاقيات كامب ديفيد فى البيت البيض ألمريكى فى سبتمبر ‪1978‬‬
‫وتبعها توقيع معاهدة فى مارس ‪. 1979‬‬
‫موقف الخوان ‪:‬‬
‫منذ ذهاب أنور السادات فى مبادرته للقدس وتوقيع اتفاقية كامب ديفيد ومعاهدة السلم مع اسرائيل فإن موقف الخوان حدد بوضوح‬
‫تجاه الخطوات وعبر عنه أقطاب الخوان بصراحه على صفحات مجلة ا لدعوة وهو المعارضة التامة لهذه الخطوات ولكنهم ـ أى‬
‫الخوان ـ أبدوا معارضتهم بأسلوب يتسم بالصراحة والموضوعية بعيدا عن السفاف والدخول فى معارضة جانبية ‪ ..‬وحرص عمر‬
‫التلمسانى على طرح هذا الموضوع مرارا فى افتتاحيات الدعوة وعبر بوضوح عن وجهة النظر السلمية تجاه هذه الخطوات قائل‬
‫فى حديث لجريدة السياسة الكويتية *‬
‫" إن السادات كان يحب أن يرى فى مصر من يعارض المعاهدة مع اسرائيل ويعتبر أن هذا شدا لزره ضد المفاوض اليهودى ‪ ..‬فنحن‬
‫جميعا عارضنا المعاهدة عن عقيدة لن هذا عمل ينكره السلم ‪ ..‬وحينما اشتدت معارضتنا ووجد ا‪ ،‬الستقبال الشعبى للمعاهدة‬
‫وخاصة بعد تلعب السرائيليين بالمعاهدة ومواقفهم فيما يعنى الحكم الذاتى قلب ظهرة وتنكر لنا خاصة بعد أن وجد أن الرأى العام‬
‫تجمع حول رأى الخوان المسلمين ‪" ..‬‬
‫ويقول عمر التلمسانى ‪ :‬عندما علمنا بنبأ حرب أكتوبر ‪ 1973‬وانتصار ا لجيش المصرى أرسل الستاذ حسن الهضيبى رحمة ال‬
‫عليه تلغرافا يهنىء فيه الرئيس أنور السادات بالنصر وطبعا أى مواطن كريم يسعده أن جيشه ينتصر على جيش آخر بأية وسيلة‬
‫من الوسائل وكنا نظن أننا سنجنى ثمار هذا النصر فوائد كثيرة تعود على مصر ولكن انتهى المر ‪ ..‬بمعاهدة السلم " كامب ديفيد "‬
‫ومبادرة القدس ووقفنا منها موقف المعارضة من أول المر الى الن ونحن ل نقرها لنها اعتبرت وجود اسرائيل فى هذه المنطقة‬
‫وجودا شرعيا وهذا أمر ل يقره السلم بأية صورة من الصور ‪ ..‬قد يظن البعض أنه ل وسيلة إل هذه المعاهدة وإل فماذا كنا نفعل‬
‫ونحن ضعاف ول نستطيع أن نقاوم أمريكا أو أسرائيل ؟ لنهم كانوا جميعا متآمرين على زرع اسرائيل فى هذه المنطقة لتقطع‬
‫اوصال العالم السلمى ‪ ..‬نحن كنا ل نيأس من رحمة ال وكنا نظن أن صمودنا على رفض أى خطوة تعطى لسرائيل شرعية فى‬
‫هذا المكان هو قوة وتضحية وأن ال سبحانه وتعالى ل بد أن يحدث لنا فرجا نتمكن معه من إجلء إسرائيل من هذه المنطقة لن‬
‫الغيب ل يعلمه إل ال ول ندرى ماذا سيحدث فى الغد ؟ إنما الناس وعامة الناس الذين يستجيبون الى المن والسلم والدعة يمكن أن‬
‫تكون المعاهدة قد أرضتهم لنها جنبتهم الحداث والحروب الى آخره ‪ ..‬ولكن لو علموا ما عاناه المسلمون وقاسوه فى أول دعوة‬
‫الرسول صلى ال عليه وسلم لم يكونوا ليقبلوا هذا الوضع ولكن بعدهم عن تعاليم ال ورضاؤهم بالعيش على حساب العقيدة والدين‬
‫جعلهم يميلون الى هذا الرأى ‪.‬‬
‫ويقول الستاذ عمر التلمسانى فى مكان آخر فى افتتاحية الدعوة ‪:‬‬
‫ورضى بعض الشعب بما حدث طلبا للسلمة المفترضة والمن المزعوم ظانين أن ما حدث هو نهاية ما بيننا وبين اسرائيل ومن‬
‫وراءها غافلين عن الهدف الذى غرست إسرائيل من أجله وهو الفصل بين العقيدة وبين الشريعة عند المسلمين هذا إن كفاهم ما‬
‫نقول متجاوزين ‪ .‬ولعل هذا البعض الذى رضى بما تم سيظل على هذا ا لرضا حتى يفيق على خاتمة سريعه ترده الى الستبصار‬
‫حين ل تنفع هذه الستفاقة ففى هذا الرضا ما يقضى على كل شىء ونسأل ال جلت قدرته أل يكون ما نحن واثقون منه لننا نراه‬
‫رأى العين ل ذكاء منا ولكن إيمانا بأن النتائج كلها فىتقدير البشر وليدة هذه المقدمات ولهذا دلئله ‪"" ..‬‬
‫فى افتتاحية أخرى يقول عمر التلمسانى بعنوان " البديل موجود لمن يريد " الضعف الذى نستشعره فى أنفسنا والقوة التى يهولنا‬
‫أمرها عند خصمنا هو السبب الوحيد الذى يجعل ساستنا وكتاب صحافتنا يبحثون عن بديل للسلم مع إسرائيل فيخيل اليهم أنهم ل‬
‫يجدون ‪ :‬الوهن الذى أصبح يمل فلوبنا التى ترهبها القوة المادية هو الذى يحير ساستنا وكتابنا عند البحث عن بديل للسلم فل‬
‫يجدون ‪ ..‬التهافت على السلم المضيع لكثير من الحقوق دفعا لثقال النضال وتبعات الكفاح وأعباء الجهاد هو الذى يجعلنا نضرب‬
‫أسداسا فى أ خماس للوصول الى حاصل ضرب يجنبنا الحرب حتى مع الفئران فل نجد ؟ ألم يعلم ساستنا أنه كان إذا أسر جندى‬
‫اسرائيلى كان يبكى وينحنى على قدم العسكرى المصرى أل يقتله لنه خرج الى الحرب رغم أنفه مكرها ؟؟‬
‫ياسادة ‪ ..‬يا ساسة ‪ ..‬يا أبطال ‪ ..‬يا رجال ‪ ..‬البديل موجود لمن يريد أن يراه والبديل قائم أمام من يريد أن يلجأ إليه ولكننا نغمض‬
‫أعيننا فل نرى البديل ونبحث بأقفيتنا ل بوجوهنا فنضل السبيل !‬
‫ويستطرد عمر التلمسانى ‪ :‬البديل أيها السادة هو عودتكم الى شعوبكم وتوثيق ما بينكم وبينها حتى تشعر أنها شريكتكم فى السراء‬
‫والضراء فى ميسور العيش وقسوته فى التنعم بخيرات بلدها ل بحرمانها منها البديل أيها السادة فى وحدتكم ونبذ الشقاق فيما بينكم‬
‫وعودة الوفاق والتعاون وخيرلكم ألف مرة أن يرأسكم واحد منكم أيا كان خير لكم ألف مرة من أن يسودكم عدوكم ‪" ..‬‬

‫وفى افتتاحية أخرى بعنوان يا حكام المسلمين انصروا ال ينصركم ‪:‬‬


‫قال عمر التلمسانى ‪ :‬ل يعارض عاقل فى أن السعى الى الحلول السلمية أمر يرضاه كل الناس الذين يحبون السلم أما أن يكون‬
‫الحرص على السلم نتيجة ما نرى من إضعاف روح المقاومة فى ألمم السلمية والتمكين القهرى لليهود حتى يحققوا أمانيهم‬
‫وتصبح خرائطهم المعلقة على جدران الكنيست حدودا واقعة فى عالم الرض والحدود الدولية أما كل هذا فشىء ل اجد له فى اللغة‬
‫وصفا يمكن أن يوصف به ‪ :‬وأهم وصف فى تقديرى أن حكام المسلمين أصبحوا ل يعلمون البديهة السافرة التى يعرفها كل من له‬
‫أبسط المام بالسياسة العالمية ‪ :‬بديهية أن الدول ل تقيم وزنا للقيم والعواطف عند التعامل مع بعضها ا لبعض ولكنها تنظر الى‬
‫مصالحها ولو ضحت فى سبيلها بكل شىء حتى شرف الكلمة أو شرف المعاهدات ‪.,‬‬
‫نحن مسلمون هذا صحيح ‪ ..‬والمسلم إذا وعد أوفى وإذا قال صدق وإذا عاهد أنجز ‪ ..‬كل هذه أخلق إسلمية عرفها العالم فى عالم‬
‫السياسة يوم أن كانت السيادة للمسلمين أما اليوم والعرف السياسى كما نرى ونعلم فلم يعد لنا إل أن نتذأب لهم ومن لم يتذأب فى‬
‫عالم الذئاب تأكله الذئاب ‪.‬‬
‫إن المسلم يجب أل يكون خبا ول يرضى أن يخدعه الخب ‪ ..‬إن المسلم ل يجب أن يكون أبله يستغله البلهاء والغبياء وغيرهم لقد‬
‫حان ـ وربى ـ أن يتغير حال حكام المسلمين الى غير ما هم عليه وإل فهم أول ضحايا هذا التوانى والتخاذل ل بيد شعوبهم ولكن‬
‫بيد أعدائهم الذين يحسنون بهم الظن ‪" ..‬‬
‫وتحت عنوان " يوم أغبر " قال عمر التلمسانى ‪:‬‬
‫يوم قاتم الغبرة من اليام الحزينة التى تجثم على الشعوب المبتله فى أيام محنتها يوم ا لحد ‪ 26‬من أكتوبر سنة ‪ 1980‬يوم زار‬
‫نافون مصر يوم وطئت أقدام أشد الناس عداوة للذين آمنوا أرضهم الطاهرة ‪.‬لقد أعتصر الحزن المكتوم أهل مصر وهم يرون ضباط‬
‫جيشهم يرفعون أيديهم * تحية لممثل سفاحى دير ياسين ومغتصبى بلد المسلمين لقد عارضنا محالفة هؤلء الناس وما زلنا نعارض‬
‫ولكن هذا المنظر أدمى قلوبنا وحز فى نفوسنا إننا ننكر هذه الزيارة وننكر مظهرها الذى بدأ فى مطار القاهرة ورجالنا يمدون أيديهم‬
‫مبتسمين يصافحون يد ممثل دولة ما تزال أيدى رجالها ملطخة بدماء الفلسطينيين البرار المغلوبين على أمرهم غنه سوء الطالع‬
‫وكم لهذه الدنيا من نكد ‪ .‬ل أهل ول سهل ول مرحبا ولكن بعدا بعدا ورفضا رفضا وسحقا سحقا ‪ .‬وماذا نملك اليوم إل السترجاع ‪.‬‬
‫إنه من نكد الدنيا على الحر أن يرى صداقة عدو ما من صداقته بد وبد وبد ‪..‬‬
‫فل حول ول قوة إل بال العلى العظيم ‪.‬اللهم إنك تعلم أننا ل نملك اليوم إل هذا ولكن أملنا فى عافيتك واسع فسيح سنترقب يوم‬
‫الخلص يوم استرداد الحق المغصوب والمال المنهوب مهما طال زمان المحن ولن يقرب منا هذا اليوم ال بقدر ما نقترب من تعاليم‬
‫السلم ‪ .‬هيا ياشباب المسلمين إقبال على ربكم وتمسكا بدينكم ‪ ..‬فعلى أيديكم سيفرح المؤمنون بنصر ال فى يوم يظنونه بعيدا‬
‫ونراه قريبا " وال من ورائهم محيط "‬
‫وهكذا أعلن الخوان رأيهم بوضوح ل لبس فيه وهو معارضتهم التامة لمعاهدات واتفاقيات السلم من منظور إسلمى محض ل‬
‫يصادره الواقع ول تجبره الظروف على اللتواء ‪ ..‬والذين يعرفون أنور السادات يعلمون تماما أنه كان على عكس ما صوره وأبداه‬
‫فى خطبه كان يضيق بالمعارضة حتى ولو كانت بين صفوف رجاله فى السلطة التنفيذية ‪ ..‬وكثيرا ماغضب وأرغى وأزبد عند‬
‫سماعه رأيا معارضا لمعاهدة السلم وخطواته للصلح مع اليهود ‪.‬‬
‫وخلصة القول ك إن الخوان المسلمين لم يحاولوا الطعن فى أنور السادات شخصيا كما فعلت ألنظمة العربية وأجهزة إعلمها من‬
‫المحيط الطلسى وحتى الخليج العربى وإنما أنطلقوا فى معارضتهم الى لب القضية وهى تخاذل العالمين العربى والسلمى عن واجب‬
‫الجهاد المقدس وأن أنور السادات ـ على حد قول عمر التلمسانى فى إحدى مقالته ـ قد فعل ما فى استطاعته وفى حدود إمكانياته‬
‫ولكن ما ذا فعل قادة وزعماء العالم العربى والسلمى ؟ وأين هذا الجهاد المقدس الذى يتغنون به فى إذاعاتهم وصحفهم ؟ ولكن‬
‫رغم سلوك الخوان فى معارضتهم فإنه لم يرض أنور السادات من قريب أو بعيد وبدأت بوادر الصدام تظهر فى الفق !!‬
‫واقعة ميتشل والمخابرات المريكية‬
‫بدأت أولى بوادر الصدام ـ فالسادات لم يرضيه موقف الخوان من خطواته للصلح مع اليهود وفى أحد أعداد الدعوة *‬
‫نشرت رسالة بعث بها ريتشاردميتشل أستاذ تاريخ مصر والعرب فى جامعة ميتشجن المريكية المتخصصة فى الشرق ألوسط وله‬
‫دراسة عن الخوان المسلمين الى رئيس هيئة الخدمة السرية بالمخابرات المركزية المريكية قال فيها‬
‫" بناء على ما أ شرت اليه من تجمع المعلومات لديكم من عملءنا ومن تقارير المخابرات السرائيلية والمصرية التى تفيد أن القوى‬
‫الحقيقية التى يمكن أن تقف فى اتفاقية السلم المزمع عقدها بين أسرائيل ومصر هى التجمعات السلمية وفى مقدمتها جماعة‬
‫الخوان المسلمين بصورها المختلفة فى الدول الغربية وامتداداتها فى أوربا وأمريكا الشمالية ‪ ،‬وبناء على نصح مخابرات إسرائيل‬
‫من ضرورة توجيه ضربه قوية لهذه الجماعة فى مصر قبل توقيع التفاق ضمانا لتوقيعه ثم لستمراره وفى ضوء التنفيذ الجزئى‬
‫لهذه النصيحة من قبل حكومة السيد ممدوح سالم باكتفائها بضرب جماعة التكفير والهجرة ‪ " ..‬وتمضى الوثيقة فى شرح وسائل‬
‫القضاء على جماعة ا لخوان على غرار وثيقة ضرب جماعة ا لخوان فى عهد جمال عبد الناصر وقد ردت السفارة المريكية فى‬
‫القاهرة وكذلك ريتشارد ميتشل ينفيان صحة هذه الرسالة وأنه لم تصدر منه رسالة للمخابرات كما ل توجد هيئة بهذا السم فى جهاز‬
‫المخابرات ولكن بعد عامين كتب عمر التلمسانى فى افتتاحية الدعوة قائل ‪ :‬وعندما نشرنا وثيقة منذ عامين أو أكثر أو أقل ترسم‬
‫الخطة التى تؤدى الى القضاء على الخوان المسلمين ثارت ثائرة البعض فى الداخل والخارج ‪ ..‬ولم نضف على أصحاب الشأن بنشر‬
‫تكذيبهم لتلك الوثيقة وتجرى اليام تباعا حافلة بكل ما يثبت أن ما جاء فى هذه الوثيقة تلك إنما هو جزء من كل اعد إعدادا دقيقا‬
‫ومدروسا للتخلص من الخوان المسلمين بكافة الطرق ‪ ..‬وإننى أعتقد أن هذه الوثيقة رغم تكذيبها صحيحة ‪..‬‬
‫ويكشف عمر التلمسانى عن حقيقة نوايا الغرب ضد السلم قائل ‪ :‬فقد أذاعت وكالة أ ‪ .‬ش ‪ .‬أ ‪ .‬لندن فى ‪ 13‬فبراير ‪ 1981‬ما‬
‫نصه ( ذكرت مجلة اليكونوميست البريطانية فى دراسة لها عن التهديد الذى تواجهه مصر من قبل ا لجماعات السلمية ما يلى ‪:‬‬
‫إن جماعة الخوان المسلمين تعتبر حتى الن البديل الوحيد الممكن لنظام حكم السادات فى مصر وقالت ا لمجلة ‪ :‬إن الجماعات ا‬
‫لسلمية ظهرت كمنظمة قوية منذ ثلث سنوات وأنها تضم نخبة طلبية اسلمية وهى تعمل علنية فى المدارس العليا والجامعات‬
‫وأن عدد أعضائها نحو ما ئة ألف عضو وأن أ عضاء الجماعة يتميزون بالخلص والنظام الشديدين وهم موزعون فى خليا جيدة‬
‫التنظيم حيث يستطيعون أن يحشدوا عشرة آلف رجل وامرأة فى شوارع أية بلدة أو مدينة مصرية خلل ساعات وأنهم متعصبون‬
‫وضيقوالفق وغير متسامحين وهم على استعداد لستخدام ا لقوة ضد معارضيهم على الرغم من أنهم ل يظهرون أسلحتهم وأوضحت‬
‫المجلة أن الجماعات تتمتع بتأييد علنى بين رجال الشرطة ومن بينهم بعض الضباط ذوو الرتب المتوسطة ومن المشكوك فيه قيام‬
‫البوليس باستخدام قوته الكاملة ضدهم وعن مصادر تمويل تلك الجماعات قالت اليكونوميست ‪ :‬إنه من المحتمل أن الموال تأتى‬
‫إليهم من السعودية ومن رجال العمال الذين يتسمون بالتقوى والورع ونوهت المجلةبالقوة المتزايدة للخوان المسلمين فى السودان‬
‫وذكرت أنه‬
‫لدى الرئيس السادات ونميرى القوى لوقف الفيضان السلمى وإن كان الرئيسان يحاولن فى نفس الوقت استرضاء الميليشيات‬
‫السلمية والمزايدة عليها وأشارت المجلة كذلك الى أن السادات تحدث كثيرا عن تغيير القانون المصرى لجعله موافقا للشريعة‬
‫السلمية إل أنه لم يجد بدا فى حقيقة المر من تأجيل تنفيذ ذلك وير الستاذ عمر التلمسانى قائل إن كل كلمة فى هذاالمقال تقطر‬
‫سما وتحمل تحريضا سافرا وتدعهوز الى اسلوب معين وتنبه الى أخطار وهمية وتسرجد وقائع كاذبة ل أساس لها ول وجود إل فى‬
‫مخيلى أعداء السلم الكارهين ليقظة أبنائه والمقاومين لمده ‪ .‬إن المقال يقرر أن الخوان ا لمسلمين هم البديل الوحيد لنظام‬
‫السادات فى مصر وهى القرية الكبرى التى يلوح بها أعداء السلم للفرقة بين كل حاكم لبلد اسلمى وبين دعاة السلم فى تلك البلد‬
‫وللسف المخزى فقد أفلحت هذه الكاذيب فى بعض بلد المسلمين التى ل يستطيع داعية مسلم أن يباشرل فيها مهمته فى نشر‬
‫الدعوة السلمية ‪ ..‬إن الخوان المسلمين لن يفكروا يوما من اليام فى استبدال حاكم بحاكم " فالكل فى الهوى سواء " ولكنهم‬
‫يعملون ويصرحون وينادون باحلل حكم ال محل حكم البشر لن فيه الخير والصلح " ومن أحسن من ال حكما لقوم يوقنون "‪:‬‬
‫ولو أراد الخوان المسلمون الحكم لنالته أيديهم ولتسمنوا غاربة منذ أمد بعيد ولكنهم عن زهو الدنيا فى شغل وما أرادوا إل حكم ال‬
‫وتطبيق شريعته علىأية يد وأيا كانت هذه اليد التى تطبق هذه الشريعة السمحاء وما من شك أن كل حاكم لبلد إسلمى يعلم عن‬
‫طريق جواسيسه ومخابراته أن الخوان المسلمين ل يتآمرون ول يخربون لن أساس دعوتهم الحكمة والصراحة والوضوح " ادع‬
‫الى سبيل ربك بالحكمة " وهم لو لجئوا الى الستخفاء لما علم أحد بدعوتهم ‪"..‬‬
‫(ونعود الى رسالة ميتشل للمخابرات المركزية المريكية والتى أحدثت ردود فعل غاضبة لدى السادات واستدعى كبار القطاب من‬
‫الخوان المسلمين للتحقيق فى هذه الرسالة ‪ ..‬ووجد أنور السادات فى هذه الوثيقة فرصته الذهبية للنيل من الخوان والتشهير بهم‬
‫وكان ذلك فى الملتقى الول بمدينة السماعيلية )‬
‫البداية فى السماعيلية‬
‫( فى ليلة ‪ 27‬رمضان ‪21 ( 1399‬أغسطس ‪ ) 1979‬التقى أنور السادات بعلماء الزهر والمفكرين السلميين ودار حوار شدة انتباه‬
‫الناس فـى ذلك الوقـت بعـد فترة مـن جمود فـى التجاهات والمواقـف وبعـد أن كان الناس ينسـون مسـألة تعارض وجهات النظـر‬
‫والمعارضة ( ويقول عمر التلمسانى ‪ :‬بدأت معرفتى بأنور السادات حين استدعانى السيد منصور حسن وكان وزيرا للعلم فى ذلك‬
‫الو قت وألح على أن أح ضر هذه الندوة ولم ي سعنى إل القبول وكا نت تلك هى المرة الولى ال تى أتقا بل في ها مع أنور ال سادات و قد‬
‫تأكدت بعد ذلك أنه كان مطلوبا بإلحاح حضورى هذا اللقاء لنه عندما وصلت جلست فى الصف الخير فإذا أحدهم ينقلنى من الصف‬
‫الخير الى الصف ألول فى مواجه السادات ‪.‬‬
‫وقال عمر التلمسانى فى الكلمة التى القاها فى بداية الندوة * يتابع المواطنون هذه اللقاءات فى اهتمام ويسألون ال أن يفتح منها‬
‫النفع على هذا الوطن وهم فى هذا محقون كل الحق لول عتب يسير على الذين حضروا هذه اللقاءات السابقة فى أن يطلبوا فى هذه‬
‫المنا سبات طلبات خا صة ف هى لقاءات ت هم ال مة كل ها ولذلك لن ت سنع سيادتكم من حملة ر سالة الدعوة ال سلمية طل با خا صا وإن ما‬
‫مطالب عا مة تعود على الو طن بالن فع ‪ .‬جئت الى الح كم وكا نت ال سجون والمعتقلت ت عج باللف فت حت ال سجون والمعتقلت وأب حت‬
‫حر ية وأب حت لل صحف ان تتحدث كل هذا جم يل ومقدر كل التقد ير وانطلق الذ ين خرجوا من السجون يربطون ب ين الحاكم والمحكوم‬
‫بالمحبة لن عاطفة الود والوئام هى الساس الوطيد لدوام كل حكم ولمحبة كل حاكم وما دامت أواصر القلوب مرتبطه فهى التى نمت‬
‫وتحرس وتؤبد ‪.‬‬
‫بقى ـ ول أطيل ـ أن نقول كل من يحضر هذه اللقاءات يطالب بإصلح كل شىء فى هذا البلد وكنا فى غنى عن هذه التفصيلت بأن‬
‫يطبق شرع ال فينطلق الناس بما جاء فى كتاب ال وسنة رسوله فى ذلك أكبر الضمان بين الشعب قلبا واحدا ويوم أن ترتبط‬
‫قلوب نا بهذا المع نى ستجد الش عب ي سيروا وراءك يقول ‪ :‬لب يك وح تى نض حى ب كل غال ل كى نفتدى هذا الو طن ل كى نكون جمي عا قل با‬
‫واحدا ويدا واحدة بدون حقد )‬
‫( إن الداعية الى ال خير كله كلنا نريد بك ولك الخير وأن يوفقك اللهلما فيه خير هذا الوطن وال يرعاكم لهذا البلد تقيمون فيه‬
‫شرع ال وتطبقون فيـه حكـم ال والشعـب كاه خلف السـادات يوم أن يقول ال وحكـم ال وكتاب ال خـذ بكتاب ال وسـترى منـا مـا‬
‫يرضيك ويرضى ال ‪ ..‬نحن مخلصون ول نكره ول يجتمع اليمان والكراهية ‪ ..‬على بركة ال سر بأمتك وال يحفظك ويرعاك ‪.‬‬
‫وبدأ انور السادات بعد أن انتهى علماء الزهر من إلقاء كلماتهم فى خطابه لهم الذى وضح منذ البداية أنه يحمل نوعا من الغضب‬
‫المكتوم والحنق تجاه المعارضين وخاصة من أصحاب التيار الدينى ولعله ركز ـ وأشار هو بنفسه لذلك ـ على الخوان ومواقفهم‬
‫وأنه يقدر الطاحة بهم بجرة قلم ‪!! ..‬‬

‫قال أنور ال سادات ‪ :‬وه نا أنت قل لع تب ‪ ..‬كان لع مر التلم سانى ع تب ‪ ..‬ولى أي ضا عل يه ع تب ‪ ..‬أر سلت جما عة ا لخوان الم سلمين‬
‫بواسطة محاميها لرئيس الوزراء السابق ممدوح سالم إنذارا أو إعلنا بأن قرار حل الجمعية أنها ل تعترف به أو أنه غير قائم ‪ ..‬أنا‬
‫لم أعلم بهذا أبدا إل بعد استقال ممدوح سالم ولو علمت لقلت آسف ‪ ..‬ل القرار قائم وحقيقى أقولها أمامكم جميعا ويكتب افتتاحيتها‬
‫الستاذ عمر التلمسانى على أ ساس أن ا لجمعية مسجلة فى الشئون الجتماعية نعم ‪ ..‬مسجلة ولكن قرار إلغائها قائم ومع ذلك ل‬
‫أظن أنى أرسلت اليكم ووضعتكم فى المعتقل من أجل هذا ‪ ..‬ويزيد ألمر مرارة فى نفسى يوم أن أكتب لشبابنا الذى أ تحدث عنه لكم‬
‫عن تكوينه ليقابل هذا ا لتحدى من حولنا تحدى أولئك الذين يظنون أن المال هو كل شىء السعوديون وغيرهم والذين يحاولون أن‬
‫يعلقوا عضو ية م صر فى العالم ال سلمى ب كل بذاءة وب كل وقا حة وتجرؤ على م صر يخرج ع مر وفى صدر المجلة بمقال من خطاب‬
‫وصله أن الحكومة المريكية أو المخابرات المريكية أرسلته لممدوح سالم رئيس الوزراء بتقول له فيه أنه اوعوا خدوا بالكم من‬
‫الجماعات السلمية لن دول خ طر جدا واضربو هم واخل صوا من هم أ نا شاهد وأ نت تعلم ( موج ها حدي ثه لع مر التلم سانى ) والجم يع‬
‫والشيخ عبد الرحمن ( الشيخ عبد الرحمن البنا شقيق الشهيد حسن البنا ) أن يدى كانت فى يد الشيخ البنا ال يرحمه ‪ ..‬التنظيم‬
‫السرى أمامى وبأشخاصه وبما كان فيه من أسلحة أمامى ‪ ..‬ولكن ماذا فعلت أنا برغم كل هذا ؟ لم يتعرض لكم أحد ولم أقفل الجريدة‬
‫وإن ما أر سلت لوز ير الداخل ية ل كى يقول لك ع يب وقالك فعل ‪ ..‬ك ما تحدث ع مر بالذات فى الن فس الم سلمة ل يكون الح قد ول يع يش‬
‫الحقد ‪..‬‬
‫وفى جزء آخر من الخطاب قال أنور السادات لما قلت ل دين فى السياسة ول سياسة فى الدين كان سببها إيه أنا أرسلت لك ياعمر‬
‫برضـه فـى معركـة نقيـب مـن نقباء للنقابات المهنيـة تصـادف شىء غريـب جدا فوجئت بأن الخوان الشيوعييـن الوفدييـن القدامـى‬
‫النتهازيين شوفوا المفارقات العجيبة جميعا يتكتلوا وراء مرشح معين لنه بيشتم فى الدولة وبعثت لعمر وقلت ل يا عمر عيب إيه‬
‫هو الدين من يشتم فى الدولة أو ننتخب من كل مؤهلته هى البذاءة ‪ .‬ويضيف ‪ :‬هل يعقل فى تركيبة واحدة من الخوان الشيوعين‬
‫الوفد الجديد اللى هم بقايا الفساد القديم اللى قبل ‪ 23‬يوليو على النتهازيين يبقى دى كله مع بعضه ‪ ..‬هل هذا يصح ؟ حزنى أن هذا‬
‫ال سلوب كان ل بد أن ينت هى ب عد كل ما جرى ياع مر فى الما ضى ‪ ..‬ك ما تحد ثت أ نت تما ما فت حت ال سجون والمعتقلت أعدت ل كم‬
‫اعتباركم أعطيت سيادة القانون وحرية كاملة بدليل أنه لكم كل اعتباركم أعطيت سيادة القانون وحرية كاملة دليل أنه تصدر مجلة فل‬
‫يتعرض لك أ حد مع أن إ صدارها قائم على أ ساس غ ير قانو نى ول بد أن تو قف فى الحال أبدا ‪ ..‬ب قى لى شىء وا حد بس أرجو من‬
‫جماعات نا الدين ية أل تق بل أموال ها من أولئك القزام لن عندى البيان وإذا كان ال مر مق صودا به خد مة ال سلم على الع ين والراس‬
‫وليكن علنا أما بالساليب ألخرى ل ‪.‬‬
‫وهنا نهض عمر التلمسانى بعد أن فاض به الكيل مما كاله أنور السادات من هجمات على ا لخوان وطلب أن يتكلم وهنا قال السادات‬
‫‪ :‬عمر عايز يدافع وله الحق أنا يمكن ركزت عليه شوية هو كان طالب مقابلتى وأنا رفضت الى أ ن قابلته النهاردة لكى نتكلم أمام‬
‫الش عب لن هذا هو أ سلوبى لن أتكلم إل أمام الش عب ليعرف الحقي قة الحقي قة كاملة فل يس لى ح قد مع أ حد وإل ك نت اتخذت إجراءات‬
‫من يومها وخلصت اتفضل يا عمر قال عمر التلمسانى ‪ :‬أرسل زعماء الحزب الشيوعى أكثر من مرة يدعوننى لحضور هذه الندوات‬
‫عند هم فك نت أر فض كل مرة ل نى أعلم ما ب ين ال سلم والشيوع ية من عداء وأن الثن ين ل يم كن أن يجتم عا فى ر كب وا حد أو أن‬
‫ي سيرا فى طر يق وا حد ‪ ..‬أعلم تما ما أن هم أر سلوا الى لح ضر ندوات ل لن هم يتعاونون أو يريدون أن يشاركوا فى اتجاه ‪ ..‬إن ما‬
‫يريدون أن ينشروا أن عمر التلمسانى جالس مع زعماء الشيوعية ويصدر هذا للشعب ويقال ‪ :‬إن الخوان والشيوعية مع بعض ولن‬
‫يكون الخوان والشيوعية فى يوم من اليام مع بعض ‪ ..‬أرسل الى من الحزاب التى تحدثت سيادتك عنها للزيارة قلت من جهة ا‬
‫لزيارة للتحية والسلم والسؤال عن المور العادية أهل وسهل ‪ ..‬إذا كانت الزيارة للكلم فى سياسة فى جبهات ‪ ..‬الخوان المسلمون‬
‫لن يسيروا فى جبهة مع أحد ‪ ..‬لن طريقهم إسلمى محدد معروف ‪ ..‬أرسلت الى ا لسفارة النجليزية تخطرنى أن أحد كبار وزارة‬
‫الخارجية النجليزية سيزور مصر وسيزورنى فى يوم ‪ 12/6‬الساعة ‪ 12‬وأرسلت الخطاب الى وزير الداخلية وأرسلت ا لرد بتاعى‬
‫وقلت أنا ليه أسمح بزيارة إل إذا أستأذنت ؟ أما أنه كانت الزيارة لمعان صحفية أهل ‪ ..‬إن كانت سياسة أنا لن أتحدث لجنبى فى‬
‫سياسة مصر ‪ ..‬لو أن غيرك اتهمنى كنت أرفع المر اليك ‪ ..‬إنما اليوم الى من أرفع أمرى ؟ الى ال أنا برىء من كل ما قلت ‪ ..‬أنا‬
‫طا هر من كل ما قلت ‪ ..‬أ نا نظ يف ‪ ..‬أ نا م سلم ‪ ..‬أ نا مخلص غا ية الخلص وي سمعنى ا لكثيرون أن نى دعوت ال أن يد يم ح كم‬
‫السادات الى أطول عهد ممكن لننا نستمتع فيه بحريتنا وإن كان هذا جزائى عند أنور السادات الحمد ل والسلم عليكم ورحمة ال ‪.‬‬
‫** الرئيس ‪ :‬أخشى أنك عايز تطلعنى أننى استغليت موقفى ووجهت لك هذاالكلم يا عمر ‪ ..‬ل أنت استدعاك وزير الداخلية كام مرة‬
‫يا عمر ؟‬
‫** عمر التلمسانى ‪ :‬تعلم سيادتك أن فترة النتخابات كنت فى السعودية وأبلغ ذلك أحد الخوان الوزير أنى كنت أحج ‪..‬‬
‫** الرئيس ‪ :‬ل النتخابات بتاعة النقابة ‪.‬‬
‫** عمر التلمسانى ‪ :‬انتخابات أحمد الخواجة وعبد العزيز الشربجى ( نقابة المحامين طالع فى الجرايد أسماء إخوان محامين وذهلت‬
‫و سألت أحد هم وأجي به ل سيادتك يزورك ويقول لك ‪ ..‬قال لى هؤلء كتبوا أ سماءنا بغ ير إذن وهذه شئون انتخاب ية ول نا د خل ل نا مع‬
‫هؤلء ول هؤلء وإذا قال إنسان إنى أمرت أو كلفت فلنا أنا أستحق كل ما قلته عنى‬
‫** الرئيس ‪ :‬يا عمر علشان نجلو المر وحتى ل أكون متجنيا أخبرت وزير الداخلية بهذا وبهذا أخبرك وزير الداخلية أيضا فى شأن‬
‫المقال ‪ ..‬إذن أنا لم أذكر وقائع تجنيت فيها عليك ‪ ..‬لم يحدث ولم أتخذ إجراء ولن أتخذ إجراء ‪ .. ..‬وإل كان ما يكونش السبيل هو‬
‫الكلم اللى احنا بنقوله النهاردة ‪ ..‬إذن ل حق لك فى شكوتى الى ال لنى أنا أخافه ‪ ..‬أخافه فعل فأنا بعتلك وقد حكيت ما حدث أنا‬
‫أحكيه ‪ ..‬وأقول يا عمر لو أن هناك نية مسبقة أو رؤيا كونته ما تركت مجلتك تسير على أساس غير قانونى ولو أننى كونت لتخذت‬
‫الجراءات والقانون معى ل ‪ ..‬وأنا باكلمك النهاردة كبير العائلة الذى أراد ال له أن يجلس فى هذا الكرسى ويعلم ال أننى أريد أن‬
‫استريح من كل هذا حقيقة وال ولكنى فضلت أن أؤجل الكلم ده اللى بقاله شهور الى أن نلتقى وكان اللقاء اليوم ولعلك ل تذكر ول‬
‫تعرف أنى كلفت منصور حسن أننى عايز عمر ييجى لنه لم يكن فى التخطيط أنك تحضر قلت أنا عايز عمر ييجى للمعنى اللى أنا‬
‫بأقوله هو أننا كعائلة نقعد ونتناقش بمنتهى الصراحة وبعد ذلك يبقى اللى يخطىء عليه أن يتحمل تبعته ولو أننى كونت رأيا مسبقا‬
‫أو إدانه مسبقة ل تخذت الجراء ولما كان هناك داع أن تأتى اليوم ‪ ..‬وعلى اسحب شكواك أمام ال ‪..‬‬
‫** عمر التلمسانى ‪ :‬المدعى الشتراكى أرسل الى وحقق معى ومضى على هذا التحقيق مايو ويونيو ويوليو وأغسطس ول أدرى ما‬
‫ذا تم ؟ ولو كنت أعتقد أن هناك خطأ أو إساءة ما كان المدعى الشتراكى يتأخر عن إقامة الدعوى أو اتخاذ إجراء لم يحدث هذا وأنا‬
‫على ا ستعداد كا مل أن أقدم ليعلم مح مد أنور ال سادات رئ يس جمهور ية م صر العرب ية الر جل المسلم أ نه ل يمكن لع مر التلم سانى ل‬
‫خل قا ول دي نا ول ترب ية ول من شأ أن يتآ مر أن يكذب أن يش تم وال أبدا ما حدث على ل سانى ‪ ..‬ل ما ك نت فى المعت قل فق يل ان فلن‬
‫توفى الى رحمة ال أول كلمة خرجت من لسانى بعد ما قضيت ‪ 17‬سنة فى ا لسجن ال يرحمه ‪ ..‬لم يصدر من لسانى كلمة سباب‬
‫لحد بعد ‪ 17‬سنة سجن الكلمة الولى ال يرحمه ‪ ..‬مش أنا اللى اتآمر أو أؤذى أو أسب بلغت من العمر الذى ل يسمح أن أسير فى‬
‫هذا ‪ ..‬ا نت الن يا سيادة الرئ يس عفوا ستجعلنى ألزم فرا شى أش هر لن هذا الذى و جه الى آذا نى نف سيا ومعنو يا وأ سأل ال أن‬
‫يلطف بى هذه السن وأن ل ألزم الفراش وأن أغادر الدنيا خيرا من ألزم الفراش مريضا وأنا إذا شكوت الى ال فأنا أشكو الى عادل‬
‫وإن ك نت قد تجن يت سيعلم ال أ نا ل أش كو الى ظالم أش كو الى عادل بيده الح كم وإل يه الم صير بدل أ نا ما أ سحب الشكوى بتاع تى‬
‫سيادتك اتخذ طريق تعالج به التعب الذى نالنى الن ‪) ..‬‬
‫** الرئيس ‪ :‬أحسن طريق لهذا هو أنه كل ما تحدثنا عنه مضى وفات وعلينا أن نبدأ جميعا أيدينا فى أيدى بعض لنقيم البناء ‪) ..‬‬
‫وأحدث حوار ال سادات والتلم سانى ارتيا حا لدى الرأى العام الذى حج بت ع نه الحقائق عن تاري خه لك ثر من ر بع قرن من الزمان‬
‫وزيفت أكثر الحقائق وصور له أصحاب الحق والعقيدة بأنهم سادة الرهاب ـ وأحس الناس بأن حوار وكلمات وردود عمر التلمسانى‬
‫نوع مـن المعارضـة الهادئة البناءة التـى ل تبغـى إل صـلح الفرد والجماعـة ‪ ..‬كان واضحـا أن أنور السـادات كان فـى قمـة غضبـه‬
‫وثور ته على موا قف الخوان لدر جة خرو جه عن شعوره كرئ يس الدولة ــ ورب العائلة المصـرية ــ كمـا كان يحلو له ول عل هذا‬
‫يكشف سبب استدعاء السادات لعمر التلمسانى ـ لقد أراد أن يوقعه فى الحرج وتصور له أنه قادر على الطعن فى الخوان حتى أ‬
‫نه انهال بالشتائم وطرح ب عض الحقائق بش كل مل تو أو ط مس معالم الحقي قة ك ما فعلت أجهزة العلم الم صرية وخا صة ضد جما عة‬
‫الخوان المسلمين ‪..‬‬
‫أما اللقاء الثانى بين السادات وعمر التلمسانى فكان فى القناطر الخيرية وفى السنة التالية فى السماعيلية ‪ ..‬ويقول عمر التلمسانى‬
‫‪ :‬استدعانى السادات لمقابلته فى ‪ 2‬ديسمبر ‪ 1980‬فذهبت لمقابلته واستغرقت المقابلة قرابة الساعة على انفراد عرض فيها على أن‬
‫أوافـق على تعيينـى فى مجلس الشورى فرف ضت ‪ ..‬وكا نت رغبتـه فى أن ينشـر نبـأ هذه المقابلة فرف ضت وأن تكون مقابلة ك سائر‬
‫المقابلت العاد ية ‪ ..‬و فى هذه المقابلة وعد نى بأن يع يد جما عة الخوان الم سلمين ‪ ..‬كان يريد ها أن تعود ـ ن عم ول كن فى صورة‬
‫جمعيـة خاضعـة لسـلطة وزارة الشئون الجتماعيـة وليـس هذا فـى برنامـج الخوان المسـلمين لن الجمعيات التـى تخضـع للشئون‬
‫الجتماعية عرضه للحل فى أ ى وقت وعرضه أيضا لتغيير مجالس إدارتها فى أى وقت إذا لم ترض الوزارة عنها ولم يكن هذا أيضا‬
‫فى برنامج الخوان ا لمسلمين ‪ ..‬كان السادات يحاول جاهدا فى هذه الناحية لم أكن حريصا فى أن أتحدث معه فى المسألة مرة أخرى‬
‫‪..‬‬
‫وهكذا ن جد أن الخلف الذى تف جر مع هجوم أنور ال سادات على الخوان الم سلمين فى ملت قى ال سماعيلية والذى ك شف عن ح نق‬
‫وض يق أنور ال سادات من موا قف الخوان المختل فة وخا صة موقف هم من معاهدة ال سلم واتفاقي تى كا مب ديف يد لل صلح مع ا سرائيل‬
‫انطل قا من مو قف عقيدى يت فق ومبادىء السلم الحن يف ‪ ..‬و قد حاول أنور ال سادات أن ي ضع الخوان فى موا جه المد فع بإ صراره‬
‫حضور ا حد قيادات هم البارزة ليقا عه فى ا لحرج والته جم بل مبرر وبل سند على جما عة الخوان وأفكار ها وخا صة ب عد أنتشار‬
‫وامتداد تأثيـر الجماعـة ــ غيـر الم سجلة أو المعلنـة رسـميا ــ فى أوسـاط الرأى ا لعام وبصـفة خاصـة شباب الجامعات الذى بدأت‬
‫موجات من التد ين والحرص على تعال يم ال سلم ت سوده م ما أثار غ ضب ال سادات ح يث كانوا الن بض ال حى لمشا عر الناس وأكثر هم‬
‫قدرة على الحركـة السـريعة ورد الفعـل التلقائى تجاه ا لحداث انطلقـا مـن عاطفـة إسـلمية جياشـة ‪ ..‬وظهرت ردود أفعال شباب‬
‫الجامعات فى معارضت هم القو ية لمعاهدة ال سلم مع إ سرائيل ‪ ..‬ول عل ت صور ال سادات و من حوله أن جما عة الخوان الم سلمين هى‬
‫التيار المغذى الرئيسى لحركات شباب الجامعات هو الذى دفعه لمخاطبة الشباب خلل خطبته فى ملتقى السماعيلية محذرا إياهم من‬
‫تل قى أموال من أولئك القزام " ‪.‬ز وكا نت التقار ير ال تى ت صل السادات يوم يا تحذر من ازدياد نشاط الشباب الم سلم و سيطرته على ا‬
‫تحادات الطلب الجامع ية وجذب هم الكث ير للتيار ال سلمى ول عل الحداث تك شف في ما ب عد ك يف ع صف أنور ال سادات بالشباب الذ ين‬
‫حرص فى كل خطاباته على مناداتهم " بأبنائى وبناتى " ‪ ..‬ولكن أصحاب العقيدة سواء كانوا شبابا أو شيوخا صمدوا للطوفان الذى‬
‫أراد إغراق الرض وفى نفس الوقت فإن قوى ا ليسار والشيوعيين رغم تقليم أظافرها فى أحداث يناير ‪ 1977‬وما تلته من قوانين‬
‫استثنائية بدأت تشكل نوعا من القلق فى مواقفها تجاه السادات ‪..‬‬

‫الفصل العشرون‬
‫( لعبة الفتنة الطائفية )‬
‫منذ بداية السبعينات ظهرت على سطح الحياة السياسية فى مصر قوى جديدة لم تكن فى حسبان القيادة السياسية المصرية ‪ ..‬هذه‬
‫القوى تحركت بوعى وأحينا بل وعى ـ تفاعل مع مجريات المور ‪ ..‬لقد ظهرت الجماعات السلمية " الشابة هذه الجماعات كانت‬
‫نبضا حيا إزاء المواقف والحداث التى مرت بها بعد حرب أكتوبر ‪ .. 1973‬ول شك أن مناخ الحياة السياسية والحنين ا لى العودة‬
‫الصادقة الى أحضان الدين والعقيدة هو الذى مهد لقيامها ‪ ..‬وربما دفع الحماس بعض أفكار هذه الجماعات الى مواجهة ظاهرة‬
‫النحراف بأشكالها المختلفة بنوع من التطرف أو ا لمغاله فى التصورات السلمية وأيضا انتمى بعض من هذه الجماعات لرد الفعل‬
‫العكسى والعنيف لما حدث من وحشية وبشاعة فى سجون عبد الناصر ‪.‬‬
‫وهنا ل بد أن نتوقف عند المتغيرات التى لحقت بالمجتمع المصرى عقب حرب رمضان أكتوبر ‪ 1973‬حتى نتبين أوجه الخلل فى بنية‬
‫المجتمع المصرى والتى أفرزت ظواهر التطرف من جانب بعض الشباب المسلم ‪) .‬‬
‫( لقد أعلن السادات إنهاء عصر انغلق مصر اقتصاديا واتباع سياسة النفتاح القتصادى فى عام ‪ .. 1974‬وهو تفكير محمود إذا‬
‫كان يقصد بها مصلحة البلد فى التصال بالعالم ا لخارجى وتنشيط حركة الستثمارات داخل مصر ‪ ..‬واستبشر الشعب خيرا من‬
‫تطبيق سياسة النفتاح فهى ستتيح فرصا للرزق للكثير من شبابنا ورجالنا وسوف نخرج بكنوز وثروات الرجال التى كنزت فى عهد‬
‫عبد الناصر خوفا من الحراسة والتأميم ـ لتحقيق الخير للبلد ‪.‬‬
‫( ولكن الوجه الخر للعملة أن هذه السياسة والتى تحولت الى انفتاح استهلكى قد سببت الكثير من المشاكل وتسببت فى أحداث‬
‫أزمات أقتصادية ما زال المجتمع المصرى يعانى منها حتى الن نتيجة لسوء التخطيط والدارة ‪ ..‬لقد انتظر الشعب المصرى وتوقع‬
‫ازدهار اقتصاديا بعد انتهاء عصر الحروب التى خاضتها جيوشه على مدى ثلثين عاما وهذا يعكس حسن النية البالغ من الجماهير‬
‫ولها العذر فى ذلك بعد أن أقنعته أجهزة إعلمه بهذه النغمة )‬
‫وأحس الشباب المسلم بسلبيات عصر النفتاح ـ لن إيجابيات النفتاح كان مقصورة على مجموعات من المستثمرين وأيضا‬
‫المستفيدين ـ كما أحسوا بالتناقضات الغربية فى بنية ا لمجتمع المصرى وظواهر النحراف المنتشرة فظهر تيارهم للجنو الى العنف‬
‫كوسيلة للتغيير ‪ ..‬وإن كان السلم يرفض ظاهرة العنف ويؤمن السلم فى المجتمع فإن الغراق والسراف وظهور طبقات جديدة‬
‫من أثرياء النفتاح ـ بحق وبدون وجه حق ـ بالضافة الىأن الجماعاتالقديمة ( صالح سرية ـ وشكرى مصطفى ) لهم خلفياتهم‬
‫نتيجة تجارب التعذيب الوحشية فى المعتقلت المصرية فإن النوعية الجديدة منهم بدأت تنتشر ويقول الستاذ التلمسانى ‪ " * :‬إن أهم‬
‫أسباب انحراف الشباب الى العنف هو التعذيب الذى ل قوه أيام السجن وهو شىء ليس بقليل ناحية أخرى أن مظاهر المجتمع كلها‬
‫فى نظر أى مسلم طاهر يرى الشباب أن تعاليم دينه تقضى بأوضاع معينة ويرى أن هذه الوضاع ل تتبع وخاصة فى دولة يقول‬
‫دينها إن دستورها الرسمى هو السلم وإن الشريعة هى المصدر الرئيسى للتقنين قطعا الشباب يتأثر ويفكر طويل هل هذا العمل‬
‫ينطبق مع ما يقال إنها دولة إسلمية أم ل ؟ ‪ ..‬وهذا بالفعل يؤدى بالشباب الى أن يفكر طويل لنه إذا لم يفكر يعيش على هامش‬
‫الحياة ول يهمه دولته ول دينه ‪ ..‬أرى أيضا أن الشباب يعرف من خلل تعاليم السلم كيف تكون الفتاة فى زيها واحترامها وتعاملها‬
‫ثم يرى فى الجامعة معرضا " فاترينه " لزياء ل ترضى السلم ‪., .‬فالشباب معذور عندما يرى هذه المظاهر ‪ ..‬إنه يقول إن‬
‫الوضاع غير سليمة ول بد أن تتغير وعندما يعرض التلفزيون فى الفلم مشاهد خليعة وخارجة ‪ ..‬أين الرقابة ؟ وأين السلم ؟ ثم‬
‫هذا النفتاح الستهلكى وما جره على البلد من مشاكل ‪ ..‬وأنا عندما أستنكر هذا النفتاح الستهلكى ل أستنكر شيئا أتحدث عنه‬
‫وحدى لكن أنتم أيضا تتكلمون عنه ‪ ..‬ونحن نقرأ لكم ما تكتبونه ‪.‬‬
‫هناك فى البلد ثروات ضخمه وهذه الثروات نستطيع معالجتها ‪ ..‬بحيث نحافظ على حق الثرى وينتفع المسلمون جميعا فعندما يقول‬
‫ال فى كتابه " والذين فى أموالهم حق معلوم " فهذا ليس صدقة أو إحسانا ول زكاه إن حق الزكاة فريضة ‪ ..‬وفيما يقول الرسول "‬
‫ليس منا من بات شبعانا وجاره جوعان " فإن هذا هو التكافل الجتماعى على أية حال فإن السلم ل يرضى لى غنى من الغنياء ـ‬
‫دون ذكر اسماء ـ أن يكون عنده قصور وسرايات وبجانبه ناس فقراء أى أسلم هذا ؟ ‪) ..‬‬
‫( أنا ل أستنكر المال عند الغنى ولكن استنكر تصرفه هو فى ماله ‪ ..‬إذا لم يؤد واجبه المفروض عليه ‪) ..‬‬
‫ولعل من المفيد أن نطرح العوامل التى أدت ا لى إصابة الشعب المصرى بنوع من خيبة المل بعد توقيع معاهدات السلم انتظارا‬
‫للرخاء المأمول ‪) :‬‬
‫* إن السادات أعلن مرارا وتكرارا فى خطبه بعد معاهدة السلم بأن عام ‪ " 1980‬هو عام الرخاء " وأن القتصاد المصرى سوف‬
‫يشهد عددا من التغيرات فى طريق النتعاش وأنه سوف يتم القضاء على كافة المشاكل المزمنة جذريا ‪.‬‬
‫إن النفتاح ـ برغم ما حققه من انتعاش اقتصادى ـ قد أوجد طبقات أثرت ثراء غير مشروع ـ على غرار أثرياء الحرب ـ مثل‬
‫السماسرة وعمولتهم من الصفقات والمتتبع لهذه الحالت على مدى السبعينات وأوائل الثمانينات يرى العديد من هذه الصور مما‬
‫أثار ضيق وحنق الطبقات المحدودة الدخل التى تعانى الضائقة القتصادية إزاء دخولها المحدودة والسعار التى قفزت قفزات غير‬
‫عادية ‪) ..‬‬
‫( فشل كثير من المشروعات الستثمارية وهروب الكثير من المستثمرين نتيجة فساد الجهاز الدارى والعراقيل التى تقف فى طريقهم‬
‫‪) ..‬‬
‫( تدهور أجهزة المرافق وا لخدمات وتدهور النتاج الزراعى وتغيير الخطط بتغيير الوزارات ‪ ..‬ونقص العمالة نتيجة موجات الهجرة‬
‫المتتابعة للخارج مما زاد من معاناه الشعب المصرى ‪) ..‬‬
‫( أما البعد الثانى من المتغيرات التى أدت لزمة سبتمبر ‪ 1981‬فهو علقة مصر وإسرائيل بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد ومعاهدة‬
‫السلم وبدء عملية التطبيع بكافة مستوياتها فإن هذه الخطوات التى اتخذتها القيادة المصرية قد أدت الى انقطاع علقة مصر خارجيا‬
‫بالدول العربية وبعض الدول السلمية وتعليق عضويتها فى منظمة المؤتمر السلمى ‪ ..‬وكان لذلك أثره داخليا حيث انقطع مورد‬
‫الدعم العربى لمصر وبحثت القيادة المصرية عن مصادر تمويل جديدة وهى الدول الغربية وخاصة الوليات المتحد\ة ا لمريكية‬
‫حليف اسرائيل القوى فى المنظمة بالضافة الى خرق اسرائيل المستمر والمتوالى لتعهداتها ـ كالعادة ـ فشنت اسرائيل هجمات على‬
‫جنوب لبنان ودمرت المفاعل النووى العراقى وأعلنت ضم القدس العربية كعاصمة موحدة لها وأبدية لسرائيل واغتيال الشخصيات‬
‫العلمية والسياسية العربية وضم الجولن وغيرها من التصرفات ‪) .‬‬
‫( وقد بدأ نشاط الجماعات السلمية يظهر بداية فى الجامعات المصرية حيث ظهرت لهم تجمعات قوية ونشاط تمثل فى المعسكرات‬
‫والمؤتمرات والندوات وغيرها ثم انطلقوا خارج الجامعات وكان ضرب المفاعل النووى العراقى بداية جديدة لهذا النشاط حيث عقدوا‬
‫مؤتمرات فى ا لزهر الشريف ثم مسجد النور بالعباسية بالقاهرة حضره اللف من الشباب والشيوخ وحضره الستاذ عمر‬
‫التلمسانى والشيخ حافظ سلمة والشيخ صلح أبو إسماعيل ‪.‬‬
‫وطالب المتحدثون * بالغاء كل خطوات التطبيع وسحب السفير المصرى من اسرائيل وإعداد المة للجهاد المقدس ووجه شباب‬
‫الجماعات السلمية خطابا بهذا المعنى لرئيس الجمهورية وكان خروج الجماعات السلمية بنشاطها الذى يجمع حوله اللف من‬
‫الشباب مؤشر خطورة لدى القيادة المصرية التى وقفت باستمرار أمام خطواتهم ‪ ..‬وكانت زيارات السادات‬

‫مؤتمرات الجماعات السلمية ‪.‬‬


‫للجامعات المصرية واللتقاء بالشباب فيها فى محاولة لوقف هذه الجماعات ومنع انتشارها تأثيرها خارج الجامعات وأعطيت‬
‫تعليمات صارمة لرؤساء الجامعات بعدم السماح ببمارسة السياسة داخل جدران الجامعات ‪ ..‬وأن الجامعات مكان للعلم فقط ول مجال‬
‫فيها للمارسة النشاط السياسى والدينى ‪ ..‬وأبدى أعضاء الجماعات السلمية ضيقهم وغضبهم من زيارة مناحم بيجن وزمرته لمصر‬
‫‪ ..‬وقد أحس السادات بما يعتمل فى صدور المصريين تجاه النظام الصهيونى ولذلك فقد كانت زيارات بيجن ووزراء حكومته زيارات‬
‫قصيرة وخارج القاهرة وعلى المستوى الرسمى دون الشعبى والذى لم ولن يتقبل وجود مثل هذه الزمرة الطاغية وهذا الطاغية "‬
‫بيجن " كان يبرهن للحليف الطبيعى والحميم السرائيلى الوليات المتحدة المريكية أنه اليد التى تبطش فى المنطقة وأنه يمثل‬
‫الشرطى الذى يحفظ النظام بين القوم والرعاة ولذلك عندما كان يحس باهتزاز وضعف لدى المريكيين كان يبرهن لهم بتصرفات‬
‫حمقاء على وجوده القوى فتغضب أريكا وتقيم الدنيا ول تقعدها ثم تخبو هذه الصوات وكأن شيئا لم يكن ‪ ..‬وقائع ضم القدس‬
‫والجولن وغزو لبنان الوحشى تشهد بذلك ‪ ..‬ولقد قالها موشى ديان وزير الدفاع والخارجية السرائيلى السابق " إننا نريدها ـ أى‬
‫اسرائيل قوية مكروهة خير من اسرائيل ضعيفة محبوبة "‬
‫وكان ل بد لنور السادات أن فعل مثلما يفعل الطرف السرائيلى ليثبت أقدامه فى معركة المفاوضات من أجل استعادة الرض ‪..‬‬
‫ولذلك فقد اتسمت تصرفاته فى بداية عقد الثمانينات بنوع من الغضب وتوتر العصاب تجاه معارضيه خاصة من الجماعات‬
‫السلمية وجماعة الخوان المسلمين الذين ينطلثقون ـ عكس غيرهم ـ من منطق عقيدى وعلى وحى من القرآن وسنة الرسول‬
‫صلى ال عليه وسلم‬
‫** أحداث الزاوية الحمراء ‪:‬‬
‫عاشت مصر ‪ 14‬قرنا من الزمان لم تقربها فتنة طائفتى المسلمين والمسيحيين من قريب أو من بعيد وحتى عندما أثيرت مثل تلك‬
‫المسألة فإنها كانت تجتث من جذورها وهى فى مهدها ‪ ..‬وذلك لن السلم يحترم أصحاب الديان الخرى ويحفظ لهم وجودهم ويوفر‬
‫لهم كل الرعاية ويشهد تاريخ السلم قديما وحديثا على حسن سماحة السلم وحسم معاملتهم للنصارى وغيرهم انطلقا من أوامر‬
‫دينهم ووصية رسولهم صلى ال عليه وسلم ‪ ..‬كما ل تتمتع أقلية دينية فى أى بلد من بلدان العالم بمثل ما تتمتع به القلية‬
‫المسيحية فى مصر ويشهد بذلك العالم كافة ‪ ..‬ولكن كانت هناك مؤامرة قصد بها الشحن المستمر بين المسلمين والمسيحيين‬
‫والطاحة بقيادات الطرفين فى أيام قليلة ‪ ..‬ولندع الحداث تتكلم عما وقع وبدأ فى الزاوية الحمراء‬
‫( بدأت أحداث حادث الزاوية الحمراء يوم الربعاء ‪ 17‬يونيو ‪ 1981‬عقب صلة المغرب بمسجد النصر بالزاوية الحمراء بالقاهرة‬
‫حيث كان المسلمون يصلون وفوجئوا بكرة قدم تصيب المصلين داخل المسجد والتى كان يلعب بها بعض الشباب النصرانى ‪ ..‬وعندما‬
‫خرج المصلون يعتبون عليهم كان ردهم فيه سوء أدب واستفزاز مما دفع أحد المصلين الى تحذير إخوانه من الستدراج وطلب منهم‬
‫النصراف ‪) ..‬‬
‫( ولكن قبل أن ينصرف المصلون إذ بوابل من الرصاص ينطلق من العمارة المواجهة للمسجد فأحدثت مقتل من واحد من المصلين‬
‫فحدث هرج ومرج وانتشر الخبر فى كل الحى فكانت هناك ردود أفعال من بعض المصلين ضد المسيحين ولكن عقب صلة العشاء‬
‫وعند خروج المصلين من مسجد النذير ويبعد حوالى ‪ 500‬متر تقريبا عن مسجد النصر أطلق النصرانى كامل الموان وأولده‬
‫الرصاص على المسلمين داخل وخارج المسجد من مسدساتهم الوتوماتيكية واستمروا فى إطلق الرصاصحتى الساعة الثانية صباح‬
‫الخميس ولم يتوقف اطلق الرصاص إل بعد القبض عليهم كما أطلق نصارى آخرون الرصاص على المسلمين فى منطقة الجنينة‬
‫وعزبة أبو ليلة ‪ ..‬وسقط من المسلمين صباح ذلك اليوم أكثر من ‪ 60‬قتيل ومصابا )‬
‫( وقد وجهت مجلة الدعوة نداء على صفحاتها لبناء الوطن قالت فيه إن هذا الوطن العزيز يشق طريقه اليوم بين أحداث غاية فى‬
‫الخطورة على مستقبله ولئن لم يتبين هذا الشعب طريقه فى ضوء قرآنه وسنة نبيه عليه الصلة والسلم فال وحده العالم بعاقبة ا‬
‫لمور )‬
‫( والحداث الخيرة وما صاحبها من جراح ودماء وأرواح باعيرة نارية لم تصب إل المسلمين يجب أن تقف عند حد محدود اتقاء‬
‫لشر مستطير وإنا لنهيب بأفراد هذا الشعب مسلمين ونصارى أن يقدروا دقة الظروف التى تمر بها البلد كما نهيب بالحكومة أن تتخذ‬
‫على وجه الستعجال كل الوسائل التى تعيد المان الى نفوس الجميع فى إجراء ات قوامها الحزم والعدل والمساواة ومراعاة‬
‫الملبسات كلها حتى يشعر كل مواطن بأنه آمن معافى والغريب أن الحداث التى وقعت تمت فى غيبة تامة عن رجال الشرطة والمن‬
‫الذين سارعوا باللتجاء لرجال الدين من الطرفين ‪ ..‬ويذكر عمر التلمسانى ‪ ..‬أن رجال وزارة ا لداخلية قد طلبوا منه النزول للزاوية‬
‫ا لحمراء لعلج الموقف المتدهور ويشهد على ذلك النبوى اسماعيل وزير الداخلية فى ذلك ا لوقت ‪ ..‬فكيف أتهم بإثارة الفتنة بعد‬
‫ذلك والمسئولون فى الداخلية يشهدون على دورى فى تهدئة ا لموقف المتفجر ؟‬
‫( لقد كان هناك اتجاه لثارة هذه الفتنة الطائفية كمفهوم ينتشر بين عامة ا لناس وكذلك الصفوة من جانب البعض لمواجهة موجة‬
‫المعارضة العارمة لمواقفنا على معاهدة السلم والتصالح مع اسرائيل ـ التى انطلقت تعربد فى المنطقة وبل هوادة فى كلتجاه )‬
‫( ويحدد عمر التلمسانى موقف الخوان من هذه القضية الشائكة فى حواره مع المصور قائل ‪:‬‬
‫نعود بأذهاننا الى التاريخ سنة ‪ 1910‬أو ‪ 1911‬كان هناك مؤتمران ‪ :‬مؤتمر فى مصر الجديدة ومؤتمر آخر فى أسيوط ‪ ..‬هذا‬
‫للمسلمين وذلك للمسيحين وتبودلت فيهما التهم وانتهى المر بسلم ‪.‬‬
‫لم تتضخم المور كما حدث مؤخرا كانت هناك منشورات توزع فى الوتوبيسات والترام والشوارع تطعن فى الدين السلمى وفى‬
‫محمد عليه الصلة والسلم ‪ ..‬أنا وصلت لى مجموعة من هذه المنشورات وقدمتها لوزير الداخلية ‪..‬‬
‫ويستطرد الستاذ عمر التلمسانى قائل ‪ :‬حين أعود بذهنى للتاريخ أرى أن الذى يقولون عنه " فتنة طائفية " ليس هو كذلك وإنما كان‬
‫هناك منذ ‪ 70‬سنة موقف كهذا ـ فى مصر ـ ولم تتضخم المور بهذا القدر ‪.‬‬
‫النشرات التى تحدثت عنها ل أستبعد أن تكون صادرة عن أى فريق ثالث إنما طالما نحن نفترض يصبح كل فرض محتمل ‪ ..‬طالما‬
‫أنه ل يوجد عندى دليل قاطع نحن كمسلمين نؤمن بأن عيسى عليه الصلة و السلم رسول ول يمكن أن يبلغ بنا السفة فى ديننا أن‬
‫نتناول عيسى أو مريم بأى سوء أبدا ‪ ..‬نحن ننزه مريم عما قاله فيها اليهود نحن نعتقد أنها بتول وطاهرة وأنها نفخ فيها من روح‬
‫ال سبحانه وأن المسيح نبى ورسول ‪ ..‬وغيرنا ل يعتبر محمدا بهذه الصورة ‪ ..‬غيرنا ينكر على محمد رسالته ‪..‬‬
‫أنا كمسلم ـ رغم أنفى ـ أردت أو لم أرد تشدنى الغيرة على محمد عندما يسبه أحد ‪ ..‬ول أكون مرتاحا لهذا بالطبع ‪ ..‬إنما الهوس‬
‫ل يبلغ بالخوان المسلمين الى الدرجة ا لتى يتصورها الناس ‪ ..‬لنه فى فترة من الفترات كانت هناك لجنة سياسية للخوان‬
‫المسلمين وكان من بين أعضائها وهيب دوس وأخنوخ لويس ‪ ..‬كانا عضوين فى اللجنة السياسية للخوان المسلمين ‪..‬‬
‫الذى يأتى بهؤلء ليكونوا أعضاء فى لجنة سياسية لدعوة أسلمية ليس إنسانا متعصبا إن الشعار التى انتشر مؤخرا فى مصر لم‬
‫يكن له وجود ‪ ..‬شعار الفتنة الطائفية ‪ ..‬هذا كلم فارغ ليس فى مصر فتنة طائفية ‪ ..‬ل يحدث فى مصر أن يذبح مسلم قبطيا أو‬
‫يقتل قبطى مسلما أبدا ‪ ..‬إنما هى مسائل عادية مثلما يقتل مسلما مسلما ‪ ..‬أو قبطى قبطيا أو العكس مسائل عادية جدا فى العرف‬
‫الجتماعى ‪..‬‬
‫ولقد أقام أنور السادات فى خطابات بعد أحداث الزاوية الحمراء الدنيا ولم يقعدها وألقى بالتهامات شمال ويمينا وفى كل الجهات‬
‫الصلية وتحدث عن تضليل الجماعات السلمية صارت تشكل له صداعا مزمنا بسبب نشاطها المكثف فى الوقت الذى عجزت بل‬
‫وفشلت جميع تنظيمات الشباب أن تقدم ـ منذ بداية حركة ‪ 1952‬مضامين جادة تنبع من قيم ومعتقدات هذاا لوطن المسلم فوقع هذا‬
‫الشباب ضحية وفريسة سهلة لتيارات الشرق الماركسية وتيارات الغرب ( وما حملته من أفكار وقيم قريبة من النحلل ) بل أن‬
‫التنظيمات مضت فى مخطط تحت دعوى الشتراكية فى بث الفكار الماركسية المسمومة لشبابنا ويشهد علىذلك معسكرات العمل‬
‫والتثقيف التى كانت تقام طوال عهد عبد الناصر واستمرت جزءا من فترة حكم أنور السادات ويكفى ما قاله أحد المحللين المصريين‬
‫فى أعقاب مبادرة السادات حين قال إن ظاهرة التحول الغريب فى مشاعر المصريين تجاه اليهود فى شكل الحوار والتعامل بعد ‪30‬‬
‫عاما من الكراهية وبحور الدم ل تعنى سوى شىء واحد هو فشل التنظيمات السياسية فى تنشئة الجماهير على أسس سليمة ولكن‬
‫من أين لهذه التنظيمات السياسية بهذه السس حيث إن فاقد الشىء ل يعطيه ‪ ..‬ولقد أريد من استقراء الحداث خاصة بعد أحداث‬
‫الزاوية الحمراء لكل قوى المعارضة المخلصة وأصحاب الدعوة والعقيدة السلمية المخلصين لها أن يفرقوا ـ رغم أنفهم ـ فى‬
‫أوحال لعبة الفتنة ا لطائفية والتى قادتهم فى نهاية المر الى الماكن المظلمة فى غياهب السجون جزءا تجرئهم على معارضة النظام‬
‫القائم ‪.‬‬
‫كانت عيون أجهزة المن ترصد تحركات وتصرفات المعارضة بكافة أشكالها وفى نفس الوقت جرت عملية تقليم أظافر للمعارضة‬
‫داخل مجلس الشعب وأقصى الكثيرون من أحزاب المعارضة ولم يتمكنوا من العودة لمقاعدهم ومنهم الشيخ عاشور ود‪ .‬محمود‬
‫القاضى وعددمن أعضاء حزب التجمع الماركسى وذلك بعد أن ازدادت حملت المعارضة خاصة ضد عملية التطبيع فى العلقات بين‬
‫مصر وإسرائيل كما بدأت حملة ضد صحف المعارضة ومن بينها جريدة الحرار ( لسان حال حزب الحرار ) والشعب ( لسان حال‬
‫حزب العمل الشتراكى ) ثم كانت الحملة على مجلة الدعوة لسان حال جماعة الخوان المسلمين حيث جرى أكثر من تحقيق مع‬
‫الستاذ عمر التلمسانى حول بعض المقالت التى نشرت بالمجلة ‪.‬‬
‫وكانت هذه التحقيقات مؤشرا لما قد يجرى فى الفق من تطورات بل ومضاعفات بدء ا برقابة صارمة على الصحف التى قيل إن‬
‫الرقابة رفعت عنها فى بداية عام ‪ 1974‬ـ وكانت إحدى مفاخر أنور السادات التى عددها فى خطبه ـ ثم ما هو أسوأ من فرض‬
‫الرقابة على الصحف وهو فرض الرقابة على الشخاص أنفسهم ‪.‬‬
‫والبلد الذى عاش ‪ 1400‬سنة بعيدا عن هذا ا لمعنى ليس هو البلد الذىتنشأ فيه ـ فجأة ـ هذه الفكرة ‪ ..‬فكرة الفتنة الطائفية ‪ ..‬إن‬
‫المسلمين ـ وخاصة الدعاة يحرصون كل الحرص على إفهام الشباب أن لغير المسلمين حقوقا يجب أن تحترم وأن تصان وأن يدافع‬
‫عنها ‪ ..‬ونحن أحق الناس بهذا ‪..‬‬
‫وفى مصر ول الحمد الكثير من الكنائس الموجودة والتى تبنى ‪ ..‬ومصر بلد السماحة ولو ذهب أحدنا الى وزارة الداخلية وقارن‬
‫نسبة التصاريح التى تعطى لبناء الكنائس لوجد أن النسبة هائلة ‪ ..‬من قال إن دعاة المسلمين حاربوا فكرة بناء الكنائس فى مصر‬
‫‪ ..‬الكنائس تبنى من قديم ا لزمان ‪ ..‬اليوم الخوة المسيحيون يحصلون على ما يريدونه ول توجد فتنة طائفية أحيانا يكون هناك‬
‫طبيبان مسلم ومسيحى تجد المسلمين هم الكثرة الغالبة عند الطبيب المسيحى ‪ ..‬ولو أن هناك فتنة طائفية ‪ ..‬أو تعصب عهل اترك‬
‫الطبيب المسلم وأذهب الى المسيحى ؟ ‪ ..‬إن البعض يخترعون لنا فكرة فتنة طائفية وربما تخفى هذه الفكرة أو هذا ا لشعار وراءه‬
‫أغراضا كثيرة أو قد يخفى مسائل ليس من حقى أن أتحدث عنها لنها تمس أشياء حساسة ‪ ..‬لماذا نقول ونعلن على المل أن هناك‬
‫فتنة طائفية “ يقوم بها بعض المسلمين وبعض المسيحيين ‪ ..‬ياليتكم زرتمونى فى مستشفى قصر العينى وكان معى أب اسمه‬
‫صمويل راعى كنيسة فى السكندرية كان يقول لى ‪ :‬أنا كنتأتصور عمر التلمسانى وحشا يقطر من أظافره الدم ‪ ..‬مما كان يقال له‬
‫عنى وقال أيضا ‪ :‬عندما رأيتك وجدتك شيئا مختلفا تماما ‪) ..‬‬
‫وعلى مدى عام ‪ 1981‬بدأت عمليات منظمة “ لتقليم أظافر “ أعضاء الجماعات السلمية مستخدما كافة السلحة منها أسلحة الفصل‬
‫والتأديب فى الجامعات حتى جاءت مسألة الفتنة الطائفية ‪ ..‬وازدادت المواجهة معهم حدة ‪ ..‬وفى خطاب أنور السادات عن الكثير‬
‫من الغضب والعنف إزاء هذه ا لظاهرة التى حاول أن ينفيها ولكن بعد فوات الوان بعد أن انتشرت الشائعات بين ا لطرفين ـ‬
‫المسلمين والمسيحيين ـ عن خسائر بالمئات واللف وفرضت رقابة صارمة بالسلحة والجنود حول الكنائس وحدث نوع من التعبئة‬
‫الغريبة تحت دعوى كبت ووأد الفتنة فى مهدها ‪ ..‬فى حين أن النيات التى وضحت فيما بعد أن المعارضين فى أحزاب المعارضة‬
‫الثلثة والخوان المسلمين قد زج بهم فى السجون بتهمة الفتنة الطائفية والحفاظ على الوحدة الوطنية فى مصر ‪..‬‬
‫إن ما حدث عقب أحداث الزاوية الحمراء التى تعتبر الى حد كبير صراع بعض القلة المتعصبة الجاهلة لسماحة الديان وأيضا‬
‫لسماحة السلم بصفة خاصة لم تكن لتكون بهذا الحجم ‪ ..‬وقد أعلن السادات أن هناك تحقيقات تجرى حول أحداث الزاوية ا لحمراء‬
‫ولكن هذا الموضوع صار حبيس الدراج الموصدة ‪.‬‬
‫** اقتحام مجلة الدعوة ‪:‬‬
‫وجاءت ذروة بداية المواجهة بين أنور السادت والخوان المسلمين عندمااقتحم رجال المن من وزارة الداخلية مقر مجلة الدعوة‬
‫بشارع التوفيقية بالقاهرة فى شهر رمضان عام ‪ 1401‬والتى روت مجلة الدعوة تفاصيلها فى عدد سبتمبر ‪ 1981‬والذى تمت‬
‫مصادرته تقول وقائع هذا القتحام *‬
‫الوقت ‪ :‬الربعاء ‪ 22‬من رمضان عام ‪ 1401‬خلت الدار من جميع الخوة العاملين فيها والمترددين عليها عقب صلة العصر ولم‬
‫يبق بالدار إل السعاة ‪ :‬الخ توفيق ـ الخ عبد ال ومعهما ضيف ابن عم لهما ‪ ..‬وضيف أفغانى يعالج فى القاهرة ‪.‬‬
‫الخ توفيق والخ عبد ال عاملن فى قرى الصعيد وليسا من جماعة الخوان المسلمين وهما نموذجان لبساطة المواطن المصرى ‪.‬‬
‫نزل عبد ال واشترى كيلو تين وضعه فىا لثلجة انتظارا لساعة الفطار وجلس توفيق يعد الطعام للفطار وجلس معهما ابن عمهما‬
‫الضيف ‪.‬‬
‫وفى الساعة الخامسة والنصف تقريبا أراد الضيف الفغانى أن يخرج من الدار لقضاء بعض شأنه ‪ ..‬ذهب معه الخ توفيق ليفتح له‬
‫الباب ويغلقه من خلفه ‪ ..‬وعندما خرج الضيف الفغانى من باب الشقة وقبل ان يغلق الخ توفيق الباب اقتحم الدار قرابة ا لثلثين‬
‫فى مقدمتهم ثلثة ضباط شرطه ‪ ..‬بسرعة أحاطوا بتوفيق ‪ ..‬وعبد ال وابن عمهما الضيف الذى قال للمقتحمين من أنتم ؟‬
‫ـ نحن الحكومة ‪.‬‬
‫ـ من يدرينا أنكم الحكومة ‪ ..‬فيه ناس كثيرون يقولون إنهم الحكومة ويكونوا حرامية ؟ وهنا أخرج بعض المقتحمين بطاقتهم‬
‫الشخصية ‪..‬‬
‫يروى الخ توفيق ‪ :‬أمسكنى الرائد محمد تاج من ذراعى واندفع بى الى حجرة الستاذ عمر التلمسانى ومعه ثلثة أو أربعة من‬
‫الرجال وباقى الفراد وزعهم على التليفونات وعلىا لبواب فى الشقتين وبعض الفراد أحاطوا بالخ عبد ال وبالضيف كحارسين‬
‫لهما ‪.‬‬
‫والذين اقتحموا حجرة الستاذ عمر أخذوا يفتشون فى أدراج المكتب ويجمعون أوراقا بعينها ‪ ..‬حاولت أن أخرج من الحجرة فأمرنى‬
‫أل أخرج وأجلسنى وأخذ يقرأ فى أوراق الستاذ عمر وأخذ منها ما اراد وترك الباقى ‪.‬‬
‫وبعد ان انتهى من التفتيش فى حجرة مكتب الستاذ عمر سألنى عن مكتب مدير الدار‬
‫الخ إبراهيم شرف وفتشه وأخذ منه أوراقا ثم فتشوا حجرة الخ الستاذ مصطفى مشهور وجمعوا الكثير من الوراق وأخذوا كثيرا‬
‫من الملفات ‪.‬‬
‫أثناء التفتيش سألنى الرائد محمد تاج ‪ :‬متى يحضر الستاذ عمر الى هنا ؟ أجبته الستاذ عمر ل يحضر أثناء النهار الى الدار ‪.‬‬
‫وواصل رجال المن تفتيشهم لجميع مكاتب المجلة وأخذوا أوراقا كثيرة ‪.‬ز ثم ذهبوا الى الشقة الثانية وهكذا جمع رجال الداخلية ما‬
‫حل لهم أن يجمعوه حتى التين الموجود فى الثلجة أكلوه واقتادوا العمال البسطاء معهم فى عربة أمن مركزى الى مباحث أمن الدولة‬
‫وطلبوا منهم أن يدخلواالحجز فقالوا لهم ‪ :‬حجز إيه ما هى الجريمة التى ارتكبناها حتى تدخلونا الحجز ‪.‬ز ووافق رجال الداخلية على‬
‫بقائهم جالسين فى أماكنهم بجوار البوفيه ثم طلبوا واحدا بعد الخر وانهالوا عليهم بالسئلة حول عملهم بالدعوة ‪.‬‬
‫وفى منتصف الليل عادت بهم سيارة الى مجلة الدعوة مرة أخرى وقال لهم الرائد ‪ :‬أنت يا توفيق عرفت المكان وعرفت مكتبى أريد‬
‫منك أن تزورنى بين وقت وآخر فقال له ‪ :‬أنا ل آتيك فى هذاالمكان لنه مكان مخيف فقال إن شاء ال بعد العيد أعزمك فى منزلى‬
‫ونتغدى معا فقال له توفيق ‪ :‬إن شاء ال ووصل العمال البسطاء لمقر المجلة وأعطاهم رجال الداخلية مفاتيح المجلة ونزعوا‬
‫المسامير التى كانوا مسمكرين بها الباب ‪.‬‬
‫والسؤال الذى طرح نفسه بشدة ‪ :‬ماذا كان رجال الداخلية يعملون فى مجلة الدعوة ؟ وعم كانوا يبحثون ولماذا هذا التصرف الغريب‬
‫للغاية ؟ ولماذا استباحوا حرمة المكان بهذه الصورة المزرية فى شهر مبارك ؟ وهل كانوا يتصورون أن مجلة الدعوة سوف تزخر‬
‫ترسانة أسلحة لقلب نظام الحكم ؟‬
‫لقد كان هذاا لقتحام الشاذ وغير المنطقى إشارة تحذير لجماعة الخوان لما سيجد من ممارسات وإجراءات هدفها القضاء على أية‬
‫معارضة خاصة فيما يتعلق بمعاهدة السلم مع اسرائيل وأحس أنور السادات أن المعارضة التى خدمته فى تفاوضه مع اليهود‬
‫واستخدمها كسلح ضغط فى التفاوض تحت دعوى وجود معارضة شعبية للتفاق والصلح مع اسرائيل ـ هذا السلم وضح أنه قد‬
‫تعدى المدى والحد الذى تصوره أنور السادات وامتد اليه شخصيا وتعدى مسألة معاهدة السلم الى كل الشئون والمسائل الداخلية ‪.‬‬
‫هنا كانت هذه الفترة ـ أى فى صيف عام ‪ 1981‬حافلة بالتوتر والشحن المستمر ضد المعارضة وتوقع الناس بحسهم المرهف ـ أن‬
‫هناك عاصفة على وشك أن تهب لتعصف بكل قوى المعارضة وبدت بوادرها بتدخلت الحكومة فى انتخابات النقابات المهنية‬
‫وخاصة فى نقابة المحامين والصحفيين ونادىا لقضاة وفى افتتاحية العدد ‪ 65‬والذى تمت مصادرته كتب الستاذ عمر التلمسانى‬
‫مقال بعنوان ‪ :‬لماذا اقتحم رجال الداخلية مقر مجلة الدعوة ؟ كتب يقول ‪ " :‬إن تصرفات العقلء منزهة عن العبث وما من انسان‬
‫يتصرف تصرفا معينا إل إذا كان هذاالتصرف نتيجة لشىء سابق أو تحقيقا لغرض لحق ولقد ذهب الناس كل مذهب فى محاولة‬
‫الوصول الى السباب والهداف التى حدت برجال الشرطة الى اقتحام دار مجلة الدعوة وتفتيشها والستيلء على بعض الوراق‬
‫والمستندات الموجودة بها دون إذن من النيابه ودون تحريز محضر بأحداث التفتيش وفى غيبة كل من فى الدار إل الفراشين وإذا‬
‫عن لمتطفل أن يسأل ‪ :‬لماذا لم يقتحم رجال الشرطة الدار إل فى آخر النهار وفى غيبة كل موظفى الدار ؟ فالجواب لهذا المتطفل‬
‫كيف يبيح لنفسه أن يسأل من يستطيع أن يفعل ما يشاء ما دام فى يده السلطان لماذا ؟ وكيف ؟ ومتى ؟ وأنى ؟ وبماذا ؟ ولذلك‬
‫أرحنا أنفسنا من كل هذه النتساؤلت ؟ لعدم اهتمامنا بما حدث وأسبابه لن ذلك فى حسابنا وتقديرنا من أول يوم عادت فيه المجلة‬
‫الى الظهور بعد غيبة طالت سنين والحمد ل الذى جاءت هذه الحداث على هذاا لقدر لن ما خفى قد يكون أعظم عند فاعلية وإن كان‬
‫عندنا أهون مما يظن الكثيرون ( وياما دقت على الرأس الطبول ) إن الظلم مقيت ومن يرتكبه فهو ظالم ومن يرفع الظلم عن مظلوم‬
‫فهو مثاب من قبل ال مشكور من لناس أجمعين بشرط واحد هو أن يكون رفع الظلم يبتغى به وجه ال حبا فى العدالة والنصاف‬
‫أما أن يكون رفع الظلم لشد المظلوم فى مركبة من رفع الظلم فهذا أمر حابط ل ثواب عليه من ال ول شكر له من أحد كما أن ترك‬
‫الناس يستمتعون بالحرية التى من ال بها على عباده أمر طبيعى ل يمن به إل إذا اعتقد المان بأنه فضل منه على أحد كما أن‬
‫الحرية حق من أغلى وأعز حقوق النسان ‪.‬‬
‫ويمضى عمر التلمسانى قائل ‪ :‬إذا وضحت هذه الحقائق نفعنى ال وإياكم بها ـ فتعال أستعرض معك ما فعله رجال الشرطة بدار‬
‫مجلة الدعوة وإنها لحقائق بعيدة عن التزييف والتلوين والتزلف ل يرويها من حضرها من فراشى الدار ولكنها الوقائع ذاتها هى‬
‫التى تتحدث عن نفسها بنفسها وقد تنكر وزارة الداخلية وهى ستنكر فعل * ولكن ل النكار يدحضها ول العتراف يدعمها لن الحق‬
‫حق سواء ظهر أو حيل بينه وبين الظهور ولعل الذين عاشوا حكم عبد الناصر وكانوا يقرءون حين ذلك ويسمعون من أجهزة العلم‬
‫عن عدالة عبد الناصر واستمتاع شعب مصر بحريته فى حكم ذلك الفتى الملهم كما كان يصفه شيخ الزهر المرحوم " الشيخ شلتوت‬
‫" غفر ال لنا وله ولعل الذين عايشوا ذلك الحكم البغيض الذى سودت حلوكته كل شىء فى مصر لم ينسوا أحداثه‪...‬‬

‫* لم تصدر وزارة الداخلية تكذيبا لهذه الحقائق التى ذكرتها مجلة الدعوة وهذا يؤكد قيام رجالها بهذا ‪ ،‬ذلك العهد لن ينسى لن‬
‫الذنب لن يبلى والديان ل يموت وما اقتحام دار مجلة مسلمة مصرية إل صورة من صور ذلك العهد الذى ما زال البعض يتغنى‬
‫بعظمة حاكمه ‪.‬ز إننا حيث نحن من موقف المعارضة رضى الحكم القائم أو أبى فما رضاه مغنما ول غضبه مغرما ‪ .‬ولئن لم نصبر‬
‫على ما صبر عليه أسلفنا فما أحرانا أن نتخلى عن الدعوة الى ال التى ارتضاها ال لنا لباسا وقد عاهدناه على أل نخلعه مهما لقينا‬
‫فى سبيله لن التحمل فى سبيل ال أسمى ما يرتضيه الداعى الى موله ألم يلفتنا ربنا الى هذا فكيف نغفل عنه ول نحمده عليه "‬
‫ولنبلونكم بشىء من الخوف والجوع ونقص من الموال والنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا ل‬
‫وإنا اليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون " ‪ ..‬ياوزارة الداخلية إننا ندعولك بالهداية ول ندعو‬
‫عليك بالدمار لن صلح حالك خير للمسلمين من سوء تصرفاتك وقد يغضبك هذا القول ولكن لو تبينت الحقيقة لعلمت أى خير نريده‬
‫لك ‪.‬وحتى إذا لم تتبينى حسن قصدنا وسلمة صدورنا ومضيت فى هذا السلوب فلتكونى على ثقة أن من عاهد ال على العمل‬
‫لنصرته لن تقلقه تصرفاتك ول تصرفات آلف الوزارات من أمثالك هذاأمر انتهى عند الخوان المسلمين فما عادوا يقيمون حسابا‬
‫لمن يخاشنهم من أجل دعوة ال وسنظل نعمل ما بقى فينا لسان ينطق وأيد تمسك بقلم وأرجل تسعى الى تحقيق الخير ألكيد إن الذى‬
‫يفزع الناس وينزل الرعدة بأوصالهم هو الذى نستهين به فالسجن خلوة والنفى هجرة والتعذيب تكفير والقتل شهادة والموت فى‬
‫سبيل ال أسمى أمانينا ‪..‬‬
‫صادروا المجلة إن شئتم فكلمة ال لن تتوقف لن كل ألسنة المسلمين مجلت وأغلقوا الدار إن أردتم فكل قلوب المسلمين دور لدعوة‬
‫ال وافعلوا بالدعاة الى ال ما حل لكم فالدعوة ليست دعوتهم ولكنها دعوة ملك الملوك الجبار الذى ل يقهر والقوى الذى ل يغلب‬
‫والباطش الذى ل يهن ول يدحر " إن بطش ربك لشديد أنه هو يبدى ويعيد وهو ا لغفور الودود ذو العرش المجيد فعال لما يريد “‬
‫ولعل كلمات عمر التلمسانى كانت احساسا واستشفافا صادقا لما سيجرى بعد ذلك على ساحة الحداث لقد قالها واضحة لنور السادات‬
‫فى عبارة موجزة “ أما أن يكون رفع الظلم لشد المظلوم فى مركبة من رفع الظلم عنه فهذا أمر حابط ل ثواب عليه من ال ول شكر‬
‫له من أحد “ وأوضح للنظام القائم أن الخوان المسلمين يتوقعون كافة وسائل التنكيل والتعذيب بدءا من مصادرة المجلة ( وحدث‬
‫ذلك بالفعل وفى نفس العدد الذى كتبت فيه هذه الكلمات ) وأغلقت ا لدار بالفعل بعد ذلك وأودع كتابها السجون ويقول الستاذ عمر‬
‫التلمسانى ‪ :‬لعل ما فجر الخلف مع أنور السادات هو موقفنا من معاهدة السلم مع اسرائيل ومن استقراء الحداث يمكن أن يستتنتج‬
‫النسان خطأ أو صوابا ‪ :‬أن معاملة السادات للخوان كانت تنفيذا لهذه المعاهدة أما ما حدث من مصادمات مباشرة تمثلت فى حادث‬
‫اقتحام مجلة الدعوة فنحن ما ظننا فى يوم من اليام أن القوى التى تخاصم الخوان المسلمين فى الداخل والخارج ستتركنا نسير فى‬
‫طريقنا آمنين وكنا نتوقع فى كل وقت أنه قد يحدث شىء فهم اسفروا عن وجههم باقتحام دار المجلة وبالرجوع الى العداد الخاصة‬
‫بهذين الشهرين يمكن تبين كل الحداث ومواقفنا ورأينا فى هذا العمل الذى لم يكن له داع على الطلق ‪.‬‬
‫الفصل الحادى والعشرون‬
‫وعادت المعتقلت‬
‫كما قلنا ـ بأن المواجهة ازدادت احتداما بين أجهزة المن وجماعات وأحزاب المعارضة فيما تمثل فى مصادرة بعض أعداد من‬
‫جرائد ومجلتالمعارضة وتكثيف نشاط أجهزة القمع داخل الجامعات للحد من خطورة ونشاط الجماعاتالسلمية وكان ما كان من‬
‫اقتحام مجلة الدعوة بشكل مريب غير قانونى أو دستورى ‪ ..‬وقلنا أن أنور السادات كان يهدف من نشاط المعارضة فيما يتعلق‬
‫بعلقاته مع اسرائيل أن يرى اليهود ديمقراطية حكمه وأن هناك نشاطا معاديا لمعاهدة السلم ونشاطه فى محاولة كسب الرأى ا لعام‬
‫المصرى لتسيير عملية تطبيع العلقات فى مسارها المرسوم لها طبقا لنصوص وبنود معاهدة السلم واتفاقية كامب ديفيد قبلها ‪..‬‬
‫وخلصنا الى أ ن موقف الخوان مبدئيا كان معارضة التصالح مع اليهود لسباب عقيدية انطلقا مما نصت عليه آيات وسور القرآن‬
‫الكريم فى شان اليهود وخصالهم ولم يتطرق أى عضو من الجماعة لستخدام أسلوب آخر غير أسلوب الكلمة فى معارضة هذا الصلح‬
‫‪.‬‬
‫ثم جاءت عملية ـ وبشكل أدق ـ " لعبة " الفتنة الطائفية ليختلط الحابل بالنابل ومقولة ‪ :‬إن الخوان المسلمين كان لهم دور فى‬
‫إذكاء شعلة الفتنة ا لطائفية بين مسلمى مصر وأقباطها وهى مقولة مدحوضة تماما ويكذبها الدور الذى قام به عمر التلمسانى‬
‫وبعض أقطاب الخوان فى إخماد نار الفتنة فى مهادها فى منطقة الزاوية الحمراء ـ ولعل هناك شاهدا على قيد الحياة يشهد بذلك‬
‫الدور وهو " محمد نبوى اسماعيل " وزير الداخلية السابق ـ حيث نزل عمر التلمسانى فى عدة مرات آخذا بأسلوب الحوار فى‬
‫محاولة تهدئة المور فى المنطقة المشتعلة ـ بل كانت مجلة الدعوة أمينة فى طرحها لحداث الزاوية الحمراء حين دعت لشجب‬
‫مسألة الفتنة الطائفية ودعت الخوان المسيحيين للتعقل والحكمة رغم ما بدر منها من تصرفات مشينة من بعض المتطرفين القباط‬
‫‪.‬‬
‫وقد قال عمر التلمسانى فى حديث لمجلة المصور * بعد خروجه من العتقال ـ الذى سيرد ذكره ل حقا ـ قال لم نشهد ما يسمونه‬
‫فتنة طائفية فى مصر إل فى السنين الخيرة وأنا أعمل فى السياسة منذ ‪ 50‬عاما ولم أر مثل هذه الصورة من قبل ‪ ..‬مصر ليس فيها‬
‫فتنة طائفية لنك ترى عيادة الطبيب المسيحى وبها الكثير من المسلمين ومكتب المحامى المسلم يمتلىء بالعديد من المسيحيين إن‬
‫الفتنة الطائفية فى رأيى شعار تسرب الى مصر لزعزعة المن وخلق شقاق بين طائفتين من أبناء هذه ألمة لقد كان معى فى‬
‫مستشفى قصر العينى " الب صمويل ط قسيس إحدى كنائس السكندرية وما زال موجودا بالمستشفى أخبرنى إن الذاعات التى كان‬
‫يسمعها صورتنى له وحشا تقطر أظافره دما فلما رآنى وعاش معى قال لى ‪ :‬أنا الذى سيتول الدفاع عنك فى كل المواقف " كما قال‬
‫الستاذ صالح عشماوى فى نفس العدد ليس هناك ما يسمى ذلك فجميعنا إخوة شركاء فى وطن واحد ‪ ..‬لقد كنا نشترى ورق مجلة‬
‫الدعوة من رجل مسيحى يعاملنا معاملة تفوق معاملة الكثير من المسلمين ‪.‬‬
‫ولكن فى هذه الفترة طفت فوق السطح أمور غريبة ‪ ..‬فقد وصلت الى كثير من البيوت المسلمة منشورات أرسلت أحيانا بالبريد‬
‫وأحياناأخرى وجدت تحت البواب تهاجم السلم وتهاجم رسول البشرية صلوات ال عليه وسلمه عليه مما أثار علمات قلق عن‬
‫مصدر تلك الرسائل المشبوهة والمسمومة ‪.‬‬
‫ثم وصلت المواجهة ذروتها بين السادات ومعارضيه ‪.‬‬

‫* أحداث ‪ 3‬سبتمبر ‪: 1981‬‬


‫غير بعيد عن الذهان الخوة القراء ما وقع من أحداث فى ذلك اليوم فقد انطلقت قوافل مؤلفة من عشرات السيارات من المن‬
‫المركزى ورجال الشرطة السريين يقودهم مجموعات من ضباط الداخلية وطرقت أبواب اللف من كافة ا لتيارات السلمية‬
‫والشيوعية وأحزاب المعارضة والصحفيين والمحاميين وغيرهم ليودعوا فى كافة سجون مصر الفرعية والمركزية ‪ ..‬وخرجت‬
‫صحف القاهرة فى اليوم التالى بعناوين ضخمة من التحفظ على مثيرى الفتنة الطائفية وأحس الناس أن هناك إنقلبا فى تصرفات‬
‫وتوجهات أنور السادات وأن ا لصدام الذى أحسوا به ل ئحا فى الفق قد وقع والغريب بل والشد غرابة فى نوعيات الذين تم التحفظ‬
‫عليهم والتهمة الموجه اليهم هى " الفتنة الطائفية " فمن بين من تم التحفظ عليهم كتاب ماركسيون وما يدعون أنفسهم ناصريين‬
‫وأعضاء الجماعات السلمية وبعض العناصر المسيحية وأقطاب أحزاب المعارضة‬
‫وكان من بين الذين تم اعتقالهم رهن التحفظ الستاذ عمر التلمسانى الذى يروى قصة اعتقاله قائل ‪ :‬جاءونى يوم الخميس الموافق‬
‫‪ 3‬سبتمبر ‪ 1981‬وفى الساعة السادسة صباحا وعلى رأسهم اثنان من الضباط ومعهم ستة من المخبرين السريين والحقيقة انهم‬
‫كانوا مؤدبين وكانت __________‬

‫عندما دخل الستاذ عمر التلمسانى السجن كان عمره ‪ 77‬عاما‬


‫أحاديثهم معى مهذبة ومؤدبة وطلبوا منى أن أصحبهم الى قسم الظاهر فذهبت معهم الى هناك ثم أخذونى الى ليمان طرة وظللت‬
‫طوال يوم ‪ 3‬سبتمبر فى طرة الى العشاء تقريبا حيث حضر مدير السجن وأرسلوا لى فى الزنزانه لقابله وأخبرنى أن هناك توصيات‬
‫من السيد وزير الداخلية " محمد نبوى اسماعيل " بأن أعامل معاملة مريحة وطيبة وخاصة وصحبونى الى مستشفى ليمان طرة الى‬
‫الدور الثانى وكان هذا ا لدور مشغول بالمرضى من المسجونين العاديين ووضعت فى حجرة كان يقيم فيها " شمس بدران " وفى‬
‫اليوم التالى أخلوا هذاالدور من كل إنسان ولم يبق سواى وانقطعت أى صلة لى بالناس كأنى فى سجن انفرادى ل أرى فيه أحدا إل‬
‫نادرا ‪ ..‬كانت مقابلت الضباط ومدير السجن مقابلت مهذبة ومؤدبة إنما المعاملة كانت فى منتهى الفظاعة لنه أحيانا كان يمر يوم‬
‫كامل بساعاته دون أن يحضر لى طعام وأحيانا كان يأتينى طعام الفطار فى ا لساعة الثانية ظهرا أو الثالثة بعد الظهر ‪ ..‬دورة المياه‬
‫لم تكن معدة لمن هو فى مثل سنى ‪ ..‬فكنت أقاسى من هذه ا لمسائل مقاساة ومعاناة متعبة للغاية ‪ ..‬كنت أنا الذى أغسل الطباق‬
‫التى آكل فيها ا لعدس والفول وهذا منتهى ما كان يصل الى ‪ ..‬ولكن كان بعض المسجونين عندهم من الشهامة الكثير وكانوا‬
‫يرسلون الى ما يستطيعون فى السر والخفاء من الطعمة والمأكولت وظللت على هذاا لحال حتى يوم ‪ 12‬نوفمبر عام ‪ 1981‬حيث‬
‫أرسل لى السيد وزير الداخلية واستصحبنى بعض الضباط لوزارة الداخلية حيث تحدث معى الوزير حديثا طويل فى الموقف وأنهى‬
‫الحديث بقوله ‪ :‬تحب تروح مستشفى قصر العينى فكان ردى عليه ‪ :‬إنه يستوى عندى ليمان طرة بقصر العينى بأى مكان تضعنى‬
‫فيه الحكومة لنه ليس لى طلبات ول أريد شيئا وفى عصر ذلك اليوم حضر بعض الضباط واستصحبونى لمستشفى قصرالعينى‬
‫واعتقد أن متاعب السجن كلها انتهت بوجودى فى مستشفى قصر العينى لن المعاملة هناك كانت طيبة جدا والعناية الطيبة كانت‬
‫فائقة وليس لى شكوى فى هذا ‪.‬‬
‫وقد بلغ عدد المتحفظ عليهم حسب مصادر أجهزة المن ‪ 1536‬من كافة التيارات الدينية والسياسية وغيرها ‪.‬‬
‫** خطاب السادات العنيف ‪:‬‬
‫ع قب حر كة العتقالت الوا سعة ت حت أ سم " التح فظ " أل قى أنور ال سادات خطا با عني فا ت حت ق بة مجلس الش عب ‪ ..‬و قد حل لب عض‬
‫الصحف المسماه بالقومية بإطلق شعارات فاقعة اللون على هذا الخطاب وما ورد فيه من قرارات لحماية الوحدة الوطنية بما شمله‬
‫من اعتقال اللف وإبعاد الكث ير من ال صحفيين خارج مؤ سساتهم وعزل الن با " شنودة " والدعوة الى ال ستفتاء على هذه القرارات‬
‫على مستوى الشعب ووضعت هذه ا لصحف الخطاب بأنه ثورة ‪ 5‬سبتمبر * ‪..‬‬
‫ول عل أ هم ما تناولة أنور ال سادات فى خطا به ويتعلق بالخوان الم سلمين والجماعات ال سلمية هو قوله " بدأ نا ن سمع حا جة ا سمها‬
‫الجماعات ال سلمية ‪ ..‬إن ها بعيدة عن الخوان الم سلمين " " الخوان الم سلمين دى حا جة والجماعات ال سلمية دى حا جة تان ية " "‬
‫بادىء ذى بدء عايز اقول لكم حاجة الخوان المسلمين كجمعية غير موجودة رسميا وغير شرعية ‪ .‬لنه بمقتضى قرار مجلس قيادة‬
‫الثورة الجمعية محلولة وبالتالى ل حق لها فى إصدار جريدة وهى الدعوة " " وعايز أضيف حاجة ‪ ..‬أما شفت النبا شنوده وشفت‬
‫التلمسانى وقلت له هذا الكلم اللى بقوله لكم الن ‪:‬‬
‫" يا تلمسانى الجمعية غير شرعية بمقتضى قرار مجلس قيادة الثورة ‪ ..‬اكتبوا طلب جديد وابعتوه الى وزارة الشئون الجتماعية‬
‫عشان تسجلوا الجمعية من جديد الى أن يتم هذا بالروح اللى احنا عارفنها وبالروح التى خلتنى أقول لشنودة ياأخى بلش ‪30،35‬‬
‫كنيسة‬
‫" قلت للتلمسانى كمل وقدم الطلب والجريدة علشان تاخد وضعهخا بس ل دين فى السياسة ول سياسة فى الدين " ‪.‬‬
‫" وللسف فإنه من الجانبين سواء من الجماعات السلمية والخوان المسلمين أو من ناحية النبا شنودة والكنيسة القبطية ‪ ..‬الى أن‬
‫وصلنا الى عملية الزاوية الحمراء "‬
‫" التلمسانى لما جانى كان عندى فكرة أنه أدخله مجلس الشورى باعتبار أن فيه لنا جزء بالتعيين فيبقى فيه أقباط معينين وأعين‬
‫أيضا التلمسانى عشان داخل المجلس الناس تبتدى تعرف بعضها وزى ما قلنا مجلس الشورى ده مجلس العيلة ‪ ..‬ما كنتش أعرف‬
‫أبدا أن هناك للخوان والجماعات السلمية وزى ما هاوريكم دلوقتى ما فيش حاجة اسمها إخوان مسلمين وجماعات اسلمية كله‬
‫واحد ‪ ..‬الخوان المسلمين أتارى لها تار مع ثورة ‪ 23‬يوليو تار ليه ؟ لكن ما بقيتش فاهم بدليل أنى شفت التلمسانى شفته فى‬
‫السماعيلية وأنا باجمع فى رمضان الجماعات السلمية ندهت له وقلت له ‪ :‬مش عيب يا تلمسانى فى مجلة الدعوة بتاعتك تكتب أن‬
‫أمريكا بعتت لممدوح سالم وهو رئيس وزراة تقول ‪ :‬اضرب الجماعات السلمية أحسن دول خطر عليكم وموش عيب هو احنا بنقبل‬
‫تبليغات من حد وهو أنا لما كان فيه سبعتاشر الف خبير سوفيتى وشميت ريحة من التحاد السوفيتى محاولة فرض إرادة علينا‬
‫طلعتهم فى اسبوع ده قلته قدامه له ما قدرش يرد "‬
‫" فقال شوف عدد الدعوة اللى هية زى ما قلت لكم جمعية غير شرعية الدعوة وجمعية الشبان ا لمسلمين غير شرعية زى ما قلت‬
‫للتلمسانى قلت له روح سجل وخذ الذن له من هنا لهناك خللى الدعوة ماشية بس ل سياسة فى الدين ول دين فى السياسة ‪ ..‬تعالوا‬
‫بقى للعدد بتاع أغسطس ‪ 81‬بتشتم العرب التلمسانى بيقول لهم عقدت مصر معاهدة السلم مع اسرائيل وعارضناها من أول لنها‬
‫كانت ول تزال شر من جميع نواحيها وعلت صرختكم غضبا وكنا نظن أنكم ستفعلون شيئا ينقذ المسلمين من أخطار هذه المعاهدة‬
‫الفظيعة "‬
‫" بيستعدى على بلده لنه هو الرجل المسئول عن الدين وعن السلم ولى ال على الرض وبيهاجم العرب إزاى إحنا نعارضها وأنتم‬
‫ما تعملوش حاجة وتكتفوا بالكلم بس "‬
‫" وبعدين يكتب واحد من الكتاب بتوعهم فى نفس العدد أول وقبل كل شىء ‪ ..‬فى صفحة ‪ 8‬ونحن نرفض فكرة فصل الدين عن‬
‫السياسة وما يترتب على ذلك بعدم إقامة أحزاب سياسية على أساس دينى وعدم اشتغال الجمعيات الدينية بالسياسة ‪ ..‬بمنتهى‬
‫الوضوح كده دا واحد من اللى بيكتبوا فى الدعوة ومن الخوان المعروفين أنا محيرنى كان إيه ؟ الخوان فعل خلل ‪ 18‬سنة قبل ما‬
‫أتولى رئاسة الجمهورية حصل معركتين معاهم المعركة الولى كانت فى ‪ 54‬زى ماأنتم فاكرين انحلتالخوان وحاولوا يموتوا عبد‬
‫الناصر فحصل اللى حصل وقبض عليهم واتصفت الجمعية والجهاز السرى و " المرفقعات " وكل اللى انتم عارفينه ‪.‬‬
‫العملية الثانية كانت فى ‪ 65‬ـ طيب أنا لما جيت عام ‪ 70‬طلعت جميع الخوان من السجن اللى محكوم عليه أعدتهم لوظائفهم صرفوا‬
‫لهم فرق الماهية اللى كانوا مسجونين بيها أنا اعتقدت أن الموضوع خلص اتصفى وانتهى ل شغل اللى يقولوا عليه التقية ‪ ..‬بس‬
‫التقية ما هياش عندنا احنا السنة ‪ ..‬المسلمين السنة فأتاريهم كانوا بيكلمونى بلسان إنما ل دا تارهم مع ثورة ‪ 23‬يوليو وقعدوا‬
‫الوقت ده كله يرتبوا والجماعات السلمية وغيره لليوم المعهود وعلى هذا " كمالة المقال " ده " فالخوان المسلمون ل يطلبون الحكم‬
‫لنفسهم فإن وجدوا من ألمة من يستعد لحمل هذا العبء وأداء هذه المانة والحكم بمنهاج إسلمى قرآنى فهم جنوده وأنصاره‬
‫وأعوانه وإن لم يجدوا فالحكم من منهاجهم وسيعملون لستخلصه من أيدى كل حكومة ل تنفذ أوامر ال "‬
‫" طيب أداء المانة والحكم بمنهاج إسلمى قرآنى ‪ ..‬مين اللى يحددوه هم اللى يحددوه طبعا وعليه كده بوضوح وبعدين لقيت ما هو‬
‫أخطر صورة أنا وبيجن وكارتر فى كامب ديفيد اللى بنسلم فيها على بعض وبعدين كاتبين تحت الصورة " فى كامب ديفيد خرجت‬
‫مصر من ساحة الجهاد خرجت مصر من ساحة الجهاد ده اللى بيقولوه أعداء مصر وجبهة الرفض القذافى وحافظ السد اللى بيقتلوا‬
‫شعوبهم واللى بيسجلوا واللى فى إيران كل يوم بيندبح ‪ 70، 50،60‬وبيتنسف من الناحية الخرى ‪ 70‬الجرأة والبذاءة دى ما هو بقى‬
‫أخطر "‪.‬‬
‫" " العنوان مقالة أمريكا والتآمر على مصر المسلمة " فى نصف المقال بيقول إيه اللى هو عدد أغسطس ‪ 81‬ولقد ابتدعت الوليات‬
‫المتحدة المريكية أسلوبا إجراميا للمجىء بهؤلء الحكام هو بيتكلم عن الحكام اللى بيتعاونوا مع أمريكا أو أنجلترا أو فرنسا أو مع‬
‫الستعمار عموما هو أسلوب النقلبات العسكرية الذى كان أخطرها على الطلق انقلب ‪ 23‬يوليو الذى سمته المخابرات المريكية‬
‫على لسان رجلها مايلز كوبلن العملية الكبرى ‪ ..‬ولقد جاء هذا ا لنقلب بالنموذج الكامل لشخصية الحاكم العميل الذى تطابقت‬
‫ملمحه الشخصية مع ما رسمته المخابرات المريكية واستطاع أن يؤدى الدور المرسوم له بعبقرية إجرامية فاقت خيال الذين جاءوا‬
‫به ‪ ..‬على عبد الناصر وموش عبد الناصر بقى ل ‪ ..‬ده انا اللى أعلنت ثورة ‪ 23‬يوليو ده انا اللى اعلنتها الصبح ده أنا اللى اترفت‬
‫من الجيش واتحبست واعتقلت وجعت وشردت على ما رجعت بعد ‪ 8‬سنين للجيش تانى وعملنا ثورتنا سنة ‪ 52‬الكتاب اللى بيستشهد‬
‫به بتاع ما يلزكوبلن ‪ ..‬مايلز كوبلن دا صحيح رجل من السى ‪.‬آى إيه " "‬
‫" البعض بيسأل بره بيقول ‪ :‬ال طيب الفتنة الطائفية طيب جايبين التانيين دول ليه العملية كلها حلقة واحدة وتنسيق واتحدة ‪ ..‬ثورة‬
‫‪ 23‬يوليو زى الثورة الفرنسية تمام بالنسبة لمصر وزى ثورة أمريكا بالنسبة لمريكا فلما ييجى بالبساطة يكتب بهذة فلما بهذه‬
‫البذاءة والتهجم والجرام دى ثورة شعب طلع من جديد وكان محكوم عليهم اتعلموا وعادت الحقوق لصحابها ‪ ..‬كامب ديفيد ما‬
‫خرجتش مصر من ساحة الجهاد ‪ .‬ده أسيادهم اللى بى ولوهم ولزم يدفعوا ثمنه وثورة ‪ 23‬يوليو أنا طلعت غلطان كان لزم أخليهم‬
‫فى مكانهم " تصفيق حاد "" زى ما حاحكى لكم كل من مهد أو ساند أو جند من أحزاب ‪ ..‬من مشتغلين بالحياة السياسية ‪ ..‬من‬
‫صحفيين ‪ ..‬من أساتذة جامعة ‪ ..‬لن أرحمه أبدا "‬
‫ثم قرأ السادات القرارات التى قيل أنها لحماية الوحدة الوطنية وإخماد الفتنة وشملت قرارات التحفظ والنقل والفصل لوظائف أخرى‬
‫وحل عدد من الجمعيات الدينية السلمية والمسيحية ومصادرة مجلتها والدعوة لستفتا ء شعبى ‪.‬‬
‫وهكذا نجد أن أنور السادات ألقى بجميع أوراق اللعبة على مائدة توجهاته نحو جماعة الخوان ‪ ..‬فهو قد كشف بوضوح ندمة على‬
‫إخراج الخوان من السجون وحنقه من مواقف الخوان المعارضة لمعاهدة السلم والغريب أن أنور السادات أشار الى أن عمر‬
‫التلمسانى من أسباب الفتنة فى حين أنه فى إحدى خطبه السابقة قال إن المؤتمر الدائم للجماعات السلمية كان له دور مشكور فى‬
‫إخماد الفتنة وكان التلمسانى رئيسا لهذا المؤتمر والغريب أن الحضور فى المرتين صفقوا له *‬
‫كما لم يكمل السادات حديثه فيما يختص بعرض دخول عمر التلمسانى مجلس الشورى وهو اعتذار التلمسانى عن قبول هذا العرض‬
‫شاكرا وذلك فى أحد اللقاءات الثنائية بين السادات والتلمسانى فى القناطر الخيرية ‪.‬‬
‫ولقد كشف أنور السادات فى هذا الخطاب ما بينه وما بين جماعة الخوان حين قال ‪ :‬إن هناك " تار بايت " بين الخوان المسلمين‬
‫وثورة ‪ 23‬يوليو ولكن استقراء الحداث يقول ‪ :‬إن مسألة النتقام لم تكن فى ذهن أى عضو بجماعة ا لخوان وإنما تركوا المسألة‬
‫برمتها للعزيز الجبار المنتقم وكان واضحا أن تهمة الفتنة الطائفية كانت فى ذيل التهامات الموجهة للخوان المسلمين وكان على‬
‫رأس القائمة موقف الخوان من معاهدة السلم ـ حيث كان صوت الخوان من المعاهدة أعلى وأبرز الصوات معارضة لها ـ دون‬
‫تطرف وإنما فى حدود الكلمة وبالحسنى فقط وتوالت خطب وبيانات ا لسادات فتحدث مع مراسلى الصحف الجنبية وكان واضحا‬
‫للرأى العام المصرى حالة التوتر والعصبية التى كانت تسيطر على السادات وحديثه لحد المراسلين قائل ‪ " :‬لو لم تكن فى بلدى‬
‫لطلقت عليك الرصاص " حينما حاول المراسل الربط بين زيارة مناحم بيجن لمصر وزيارة السادات لمريكا وما حدث بعد ذلك من‬
‫حملة اعتقالت لكل صوت معارض فى مصر ‪.‬‬
‫ثم كان بيان السادات للشعب حيث واصل حملته على جماعة الخوان وروى قصتها مع الضباط الحرار وحرص السادات على الربط‬
‫بين نشاط الجماعات السلمية والخوان المسلمين بل مضى الى أكثر من ذلك فى قوله ‪ :‬عبر السنوات الثلث الماضية بقى‬
‫الجماعات السلمية بدأت طبعا ومعاها الخوان المسلمين لنه زى ما قلت لكم الجماعات السلمية هى الجهاز السرى للخوان‬
‫المسلمين "‬
‫ويقول عمر التلمسانى ‪ :‬لقد كان شائعا فى صفوف المصريين حتى رجل الشارع أن زيارة بيجن التى انتهت فى السكندرية والتى‬
‫انتهت بأحداث ‪ 3‬سبتمبر ‪ 1981‬كانت هى السبب الحقيقى فى كل ما جرى فى مصر بعد ذلك ‪.‬‬
‫ويضيف التلمسانى ‪ :‬ل شك أن السلوب الذى سلكه السادات فى آخر أيام حكمه وما شاع من أن هناك إصلحات فى سجن الطور‬
‫لقامة معتقلت دائمة الى آخره يدل على أنه كان سيسلك نفس الطريق الذى سلكه عبد الناصر ولكن فى هذه المرة الجميع إخوان‬
‫وغير إخوان ووفديين وشيوعيين وغيره بالجملة ‪.‬‬
‫** تحقيقات المدعى الشتراكى ‪:‬‬
‫وبعد عدة أسابيع من التحفظ على ال ‪ 1536‬حسب المصادر الرسمية ـ بدأت التحقيقات تجرى يوميا فى مكاتب المدعى الشتراكى‬
‫وقد استغرقت التحقيقات مع عمر التلمسانى أربع جلسات على مدى شهر كامل ويقول الستاذ التلمسانى ‪ " :‬لقد سألونى عن كل‬
‫المحاضرات والمقالت التى كتبتها منذ خمس سنوات لن المباحث العامة قدمت مذكرات تحوى كل تحركاتى وكتاباتى وحسبت أيضا‬
‫خطواتى فى السنوات السابقة على هذا العتقال ‪ ..‬حتى أنى قد ألقيت محاضرة فى نقابة المحامين عن الحرية فى السلم وذكرت‬
‫فيها “ أن مصر تتمتع بجزء قليل من الحرية ولكننا نريد حريات أوسع وأكبر حتى تأخذ الحرية وضعها الصحيح فكانت مذكرة‬
‫المباحث ‪ :‬إن عمر ألقى محاضرة فى الحرية ولم يقولوا إنها كانت مع الحرية أو ضد الحرية وكانوا يقتطعون بعض العبارات من‬
‫المقالت ويرسلونها فى مذكرتهم المدعى الشتراكى كدليل على أننى أقاوم الحكم القائم حتى أن المحقق لما سألنى عن أحسن نظم‬
‫الحكم قلت له ‪ :‬الخلفة السلمية فكان بدوره يسأل أيضا أليس فى هذا معنى لقلب نظام الحكم وتغيير النظمة فى مصر ؟ فقلت ‪ :‬هذا‬
‫فهم عجيب لن الخلفة السلمية ليس معناها أن أنور السادات سيطاح به من الحكم أو يتغير ونفس الشتراكية أخذت الكثير من‬
‫المبادىء ولكنها ل تحتاج إل لشىء من التعديل ل أكثر ول أقل ‪ ..‬فنحن ما فكرنا فى يوم من اليام ل فى مؤامرات ول فى قلب الحكم‬
‫ول فى إزالة حاكم ول غيره من هذه الشياء ‪.‬‬
‫ويضيف عمر التلمسانى فى المرة ا لرابعة شكوت من سوء المعاملة بل ورفضت إجراء التحقيق معى والسبب أنه فى كل مرة عندما‬
‫يدار التحقيق كنت أطلب من السيد المحقق أنه يتصل بإدارة السجن لتعديل المعاملة التى كنت أعامل بها لدرجة أننى قلت له ‪ :‬إنهم‬
‫يقتلوننى جوعا فلم أجد نتيجة لكلمى ففى المرة الثالثة أو الرابعة عندما بدأ سؤالى قلت له ‪ :‬لن أجيب على أى سؤال من هذه‬
‫السئلة ما دامت المعاملة على هذه الصورة وأنتم ل تتدخلون ولم أر شيئا مما حدث ولكننى أريد القول ‪ :‬إن المعاملة لم تكن مخاشنة‬
‫من ضباط السجن أو رئيس السجن وإنما الحقيقة أنهم كانوا فى منتهى الدب معى ‪ ..‬إنما التصرف المادى من ناحية الكل والطعام‬
‫والراحة وقضاء الحاجة كانت مفقودة تماما ‪ ..‬أما بقية المعتقلين فكنت معزول عنهم فى سجنى النفرادى وكنت أسمع أنه كان هناك‬
‫بعض المضايقات وكان بعض الذين يترددون على المعتقلين فى مختلف السجون وكان منهم أفراد يعملون فى المنشآت التى كانت‬
‫تقام فى الطور كانوا يقولون ‪ :‬إن هناك إعدادا تاما لقامة كل من سيحكم عليه فى قضايا القيم او العيب بالرسال الى الطور ويظل‬
‫هناك حتى نهاية حياته سواء كان وفديا أو شيوعيا أو إخوانا مسلمين أو جميع الهيئات التى تنكر لها السادات وألقى القبض على‬
‫قادتها وزعمائها ‪.‬‬
‫" " وقد قال عمر التلمسانى خلل التحقيقات ‪ :‬لقد دعوت سابقا للرئيس أنور السادات بطول العمر والن فإننى أسحب هذا الدعاء ‪":‬‬
‫وفى الجلسة الولى للتحقيقات تدافع أكثر من ‪ 30‬محاميا للحضور مع الستاذ التلمسانى مماأضطر مكتب المدعىا لشتراكى‬
‫لقصرالحضور على عدد محدود منهم وقدم لهم عمر التلمسانى شكره على تطوعهم للدفاع عنه وانصرف الباقى وقد استمرت‬
‫التحقيقات فى بعض الحيان أكثر من ‪ 10‬ساعات وقد طلب الستاذ عمر التلمسانى أكثر من مرة حضور وزير الداخلية ( نبوى‬
‫اسماعيل ) كشاهد على ما يقوله حول دوره فى أحداث الزاوية الحمراء وغيرها من المواقف وقد منعت الزيارة أو التصال عن كل‬
‫المعتقلين خلل فترة حكم أنور السادات ومنعت عنهم كل وسائل المعرفة بما يدور خارج المعتقلت وكان الشىء الوحيد المسموح به‬
‫هو إرسال الملبس والنقود للكانتين " فقط وعدا ذلك يدخل قائمة الممنوعات ‪.‬‬
‫ويقول الستاذ عمر التلمسانى ‪ :‬وفى مجال التحقيقات فقد ذكرت أنه كان مضيقا علينا بصورة غير معقوله وهذا الكلم قلته لوزير‬
‫الداخلية السابق قلت إنكم ركزت كل مسئولياتكم على الخوان المسلمين وتركتم هذه الجماعات وقد بلغته أكثر من مرة دعونا أعطونا‬
‫فرصة لكى نفهم الشباب ‪ ..‬إن هذه الجماعات الدينية تعتبر الزهر وعلماءه موظفينرسميين ‪ ..‬دعونا نحن ولم يمكنونا وفى بعض‬
‫الحيان كان وزير الداخلية يرسلنى الى بعض كليات الجامعة وحين كنت أخطب فى ا لشباب كانوا يتقبلون كلمى ونصيحتى ضد‬
‫التظاهر وضد العنف وضد الضراب وضد التخريب والعتصام كل هذه المظاهر كنت أقاومها بمنتهى الوضوح ومنتهى الصراحة وفى‬
‫الزاوية الحمراء أنا أول انسان اتصل به السيد نبوى اسماعيل وأول إنسان خدمته فى هذا ‪" ..‬‬
‫ومن نافلة القول أنا لسادات أراد فى ضربة واحدة تصفية كل قوى المعارضة التى اقلقت مضجعه وهزت كيانه السياسى وكشفت‬
‫الكثير مما يعانيه الشعب من نظامه خاصة البعد القتصادى والزمات المتوالية التى غرق فيها الناس فى ظل وعود بتحقيق رخاء‬
‫وهمى ربما تحقق للبعض من استثمار سياسة النفتاح وما تكشف عنها من ثراء غير مشروع للكثيرين وتضارب القوانين القتصادية‬
‫وتفصيلها على البعض من المستفيدين من هذه السياسة ولعل الماضى القريب يذكر وقفات أنور السادات التى أسماها " موضوعية "‬
‫وهى تعكس تراجعات السادات المستمرة عن المضى فى سياسة إتاحة الفرص للراء المعارضة أن تقول كلمتها ولقد وصل أنور‬
‫السادات لذروة إثارته العصبية بعد أن نجحت طبول الدعاية الغربية فى تصويره أنه أحد معجزات الزعامة فى القرن العشرين بعد‬
‫مبادرته واتفاقيات كامب ديفيد ومعاهدة السلم ولم يتصور السادات للحظة أنه يمكن أن يقف أمامه رأى معارض بعد ما حققه من‬
‫أمجاد لذلك فقد رتبت مذبحة ‪ 3‬سبتمبر للطاحة بأصحاب كل التجاهات وعلى رِأسها الخوان ا لمسلمون العدو رقم " واحد " لنور‬
‫السادات لما تمتعوا به من ثقة المصريين ولعتمادهم فى دعوتهم على كتاب ال وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم وخاصة فى‬
‫موقفهم من الصلح مع اليهود فى من حديد مقاليد المور حتى ل يفكروا فى الطاحة به وحتى يقف على قدم المساواة فى مفاوضات‬
‫الصلح مع صديقة الجديد مناحم بيجين زعيم الراجون الرهابى " السابق " وفى نفس الوقت فقد خرجت تحليلت خارج البلد وخاصة‬
‫فى المجلت النجليزية والمريكية تقول ‪ :‬أن ما يحدث فى مصر الن من حملة ضخمة للعتقالت سوف تفجر موجة من الغتيالت‬
‫السياسة حيث ستنشط التنظيمات السرية ( فى القاع ‪ 9‬بعد اختفاء التنظيمات الرعية ( فى القمة ) وأن مصر سوف تشهد موجة من‬
‫الغليان وعدم الستقرار بعد وقوع هذه الحداث الجسام ‪.‬‬
‫ـ وهذا ما حدث بالفعل !!‬

‫الفصل الثانى والعشرون‬


‫إغتيال السادات‬
‫أسفرت موجة العتقالت التى جرت أحداثها صبيحة الثالث من سبتمبر ‪ 1981‬والتى شملت حسب المصادر الرسمية ‪ 1536‬تم‬
‫التحفظ عليهم فى سجون مصر المركزية عن موجة صامتة من الغليان وسط فئات وطوائف الشعب المصرى الذى تعاطف معظم‬
‫أبنائه مع من دخلوا المعتقلت التى عادت للظهور ـ وكانت خطوة إغلقها إحدى مفاخر عهد السادات بغض النظر عن الستفتاء‬
‫الذى جرى عقب حركة العتقالت لنه ل بد أن نجنب جميع الستفتاءات التى جرت خلل عهدى عبد الناصر والسادات جانبا لعدم‬
‫جديتها وصدقها فى إظهار مواقف الشعب المصرى ولنها لم تكن تقل فى تأييدها لمواقف النظام الحاكم عن نسبة التسعين فى المائة‬
‫وربما ل تقل عن ‪ % 95‬فى أحيان كثيرة !! وأحس الناس بأن هناك نارا تحت الرماد وأن " شطحات " السادات ل بد وأن تقوده فى‬
‫النهاية الى مصير محتوم ‪ ..‬وقد كان ‪.‬‬
‫ففى الذكرى الثامنة لحتفال مصر فى السادس من أكتوبر بالنتصار الكبير على العدو الصهيونى وأثناء الستعراض العسكرى الذى‬
‫جرت أحداثه فى أرض الستعراض بمدينة نصر هو موقع أختير لقامة العروض العسكرية توقفت إحدى المركبات العسكرية أمام‬
‫المنصة التى كان يجلس عليها السادات وكبار رجال الدولة واندفع أربعة من العسكريين نحو هذه المنصة حاملين الرشاشات والبنادق‬
‫ليسددوها نحو المنصة ليسقط السادات قتيل فى الحال كما لقى عدد من العسكريين والمدنيين مصرعهم ‪.‬‬
‫وعقب وقوع الحادث سادت موجة من الضطراب والفوضى ونزلت قوات الجيش لمحاصرة مخارج ومداخل القاهرة والمدن الكبرى‬
‫والسيطرة على المنشآت الحيوية ومع قدوم عيد الضحى المبارك عقب الحادث بيومين سادت مصر موجة من العنف خاصة فى‬
‫محافظات الصعيد وبالتحديد فى محافظة أسيوط حيث اشتبكت مجموعة من الجماعات الدينية مع قوات البوليس راح ضحية هذه‬
‫الشتباكات عشرات من الضحايا من الطرفين ومن المدنيين البرياء ـ وجرت فيما بعد محاكمة أعضاء هذه الجماعات فى قضية أمن‬
‫الدولة العليا تحت اسم تنظيم الجهاد وعقب اغتيال السادات جرت عملية انتقال السلطة حيث عين ـ بمقتضى الدستور الدكتور صوفى‬
‫أبو طالب رئيسا مؤقتا للجمهورية لحين إجراء النتخابات ودعى أبناء الشعب المصرى لحضور النتخابات والتى انتخب فيها الرئيس‬
‫محمد حسنى مبارك رئيسا للجمهورية خلفا للرئيس الراحل السادات ‪.‬‬
‫أما الغريب فهو كيف استقبل أبناء الشعب المصرى اغتيال السادات فقد استقبلوه بنوع من الوجوم والذهول ـ على عكس ما جرى‬
‫بشكل غريب من موت عبد الناصر والغريب أيضا أن وزارة الداخلية كانت قد أعلنت قبيل اغتيال السادات ببدء السماح بزيارة‬
‫المتحفظ عليهم والسماح لهم بالملبس والمأكولت وتم إلغاء هذا السماح بعد الحادث ‪.‬‬
‫وبينما كانت تجرى تلك الحداث كان المتحفظ عليهم يتابعون أيضا هذه الحداث ويقول الستاذ عمر التلمسانى ‪ " :‬أنا بطبيعتى أكره‬
‫العنف وكنت أفضل أن يترك أمر أنور السادات الى أن تكشف أعماله عنه صراحة فيعرف المصريون من هو أنور السادات ؟ إنما لم‬
‫أحزن ولم أفرح ‪ ..‬المسألة كانت عادية بالنسبة لى إنما يشهد ال أننى لم أهتز ل فرحا ول تأسيت على كل ما تم وإنما قلت ‪ :‬هذا‬
‫قضاء ال وأنا أعارض العنف فى مواقفى وكتاباتى كلها ‪ ..‬أنا استنكرت بكل قوة العنف أو القتل أو الغتيال " وبالرغم من معاناتى‬
‫فإنى أمقت هذا الذى حدث من كل قلبى ذلك لن السلم ل يعرف الغتيال السياسى *‬
‫وقد حجبت أجهزة المن المصرية أسماء من قاموا بعملية الغتيال لعدةأيام وأعلنتها فيما بعد وقبيل محاكمة من قاموا بها " واتضح‬
‫من التحقيقات أن المجموعة التى نفذت عملية الغتيال تكونت من أربعة أفراد يقودهم ضابط شاب اسمه خالد شوقى السلمبولى‬
‫وضم للمجموعة المنفذة شاب آخر ويعمل مهندسا اسمه محمد عبد السلم فرج وقدموا للمحاكمة العسكرية التى بدأت جلستها يوم‬
‫‪ 21‬نوفمبر ‪ 1981‬أى بعد مضى ‪ 45‬يوما على اغتيال السادات حيث صدرت عليهم أحكام بالعدام لخمسة منهم وحكم على الباقين (‬
‫‪ 18‬متهما ) بأحكام تتراوح بين الشغال الشاقة المؤبدة والسجن لمدد متفاوتة ورأس هذه المحكمة اللواء دكتور سمير فاضل‬
‫وعضوية اللواء مصطفى ماهر عبد العزيز الشاعر وقد جرت المحاكمات فى سرية تامة باستثناء جلسة الجراءات الولى وجلسة‬
‫إعلن الحكام واكتفت أجهزة العلم المصرية ـ كدأبها على مدى ثلثين عاما ـ بنشر مقتطفات من أقوال الدعاء وممثل النيابة‬
‫وحجبت كالمعتاد ـ مرافعات الدفاع وأقوال المتهمين وقد أحدثت هذه الحكام أصداء حزينة لدى ا لراى العام المصرى ـ خاصة فى‬
‫ظل توقعات متفائلة باحتمال تخفيف الحكام ـ خاصة أن المحكوم عليهم تقع أعمار معظمهم فى العشرينات وقد دافع المتهمون عن‬
‫أنفسهم بأنهم كانوا يريدون قتل السادات وحده دون غيره وطلبوا شهادة كبار رجال الدولة الذين كانوا يجلسون وقت الحادث بجوار‬
‫أنور السادات ولم يستجب لطلبهم ودفعوا بأنهم شكلوا فيما بينهم جماعة للفتوى أفتت بأنه ل بد من احتثاث الفساد ورأس الفساد‬
‫الممثل فى أنور السادات عمل باليات القرآنية والسنة النبوية المشرفة والتى تدعو للقضاء علىالفسادوالمفسدين وكانت جلسات‬
‫المحاكمة العسكرية أشبه بمحاكمة تاريخية لنظام السادات بأخطائه وسلبياته ومظالمه ‪.‬‬

‫** أخطاء السادات ‪:‬‬


‫ويموت السادات طويت صفحة أخرى من صفحات نظام حكم الفرد أو حكم الصوت الواحد رغم وجود مليين الحناجر وطويت صفحة‬
‫أخرى لممارسات ثانى أعضاء مجلس قيادة حركة يوليو ‪ 52‬العسكرية جاهر الول بفرديته وديكتاتوريته وقننها دستوريا ودعا‬
‫عشرات المفكرين لقناع الرأى العام المصرى بحتمية الديكتاتورية وحاجة شعب مصر ـ باعتباره أحد الشعوب فى العالم المتخلف ـ‬
‫لن يحكم بيد من حديد للقضاء على أعداء الثورة أو الثورة المضادة بينما استتر الثانى وراء شعارات الديمقراطية ودولة المؤسسات‬
‫واستتر أخيرا ـ نتيجة تفاعل وتصاعد المد السلمى الجارف خاصة بين جيل الشباب المصرى ـ وراء السلم ‪..‬‬
‫ويقول الستاذ عمر التلمسانى بالنسبة لمسألة الحكم ـفالحكم فى مصر لم يكن بالشريعة السلمية كما تردد وهذه مسألة يعرفها‬
‫الجميع ‪ ..‬الناحية الثانية الصحف لم تأخذ حريتها الكاملة وحتى القول بأنه لم تكن هناك رقابة علىا لصحف إل أننى فى مرة من‬
‫المرات كنت عند الرقيب فى مقر الذاعة وأظن اسمه طلعت خالد وكان يحاول منع نشر كلمة فى المجلة فذهبت اليه وقلت له ‪ :‬إما أن‬
‫تصدر المجلة كما هى وإما أل تصدر وفى أثناء الحديث طلب أخبار اليوم وتحدث مع من ‪ ..‬ل أدرى ولكنه قال له ‪ :‬لم يكن هناك داع‬
‫أنكم تقولون على حكام سوريا أنهم علويون أو غير علويين وأرجوأن تتجنبوا مثل هذه المسائل مرة أخرى وما من شك أن هذا نوع‬
‫من أنواع الرقابة ولقد سمعته بأذنى وكل التحقيقات التىتدور الن تشير بأصبعها الى سوء الدارة وأن الزمات التى مرت بها مصر‬
‫من الناحية الغذائية والقتصادية والسكانمية كان سببها كثير من الذين يحيطون بالسادات وما كان يتدخل ليقاف مثل هذه التصرفات‬
‫حتى ظهرت وطفت فوق السطح !‬
‫والفرق بين جمال عبد الناصر والسادات أن عبد الناصر كان واضحا فى تحدية للدعوة وللسلم أما السادات فلم يكن عنده شجاعة‬
‫عبد الناصر فى تحدى الدعوة وكان يتظاهر بالسلم وباسم ال وباليات القرآنية وهو فى الحقيقة يبتعد بتصرفاته عن الدعوة وما‬
‫كان وجود الخوان يريحه أو يرضيه ولكنه كان يطاول حتى تواتيه الفرصة فلما ظن أنها واتته فعل ما فعل فى ‪ 3‬سبتمبر ‪1981‬‬
‫ونحن جميعا كنا نعلم أن فترات الهدوء التى كانت بيننا وبين عبد الناصر والسادات كانت فترات مؤقته كنا نعلم تماما أنه ما كان‬
‫يرضيهما أن تكون فى هذه البلد قوة تقف أمامهما وكانا يطالبان من البلد جميعا أن يسلموا بما يقولن وأن يسير الجميع وراءهما‬
‫فى أى‬
‫اتجاه يسيران فيه وتستطيع أن تعرف السادات وأخلقه لو قرأت كتاب " البحث عن الذات " بدقة وعناية وقد رد على مقالة السادات‬
‫خالد محى الدين فى مجموعة مقالت كتبها فى جريدة " الشرق الوسط " حيث ذكر أحد مواقف السادات حيث قال ‪ :‬إنه فى ليلة‬
‫الثورة وبعد أن أخطر باقتراب ساعة الصفر للقيام بالتحرك ذهب للسينما وافتعل مشاجرة بينه وبين أحد الموجودين فى دار السينما‬
‫وذهب لقسم البوليس وحرر محضرا بذلك من باب الحتياط فإذا فشلت الثورة أثبت أنه كان بعيدا عن منفذى العملية ثم كل الناس تعلم‬
‫تماما كيف كان عبد الناصر يعامل السادات وادعاء السادات بأن عبد الناصر كان يستشيره فى كل شىء ادعاء ل أساس له من‬
‫الصحة ‪.‬‬
‫ولقد مضى السادات فى طريق تحديه للدعوة طوال سنوات حكمه وأنهى ذلك بإصداره التعليمات باصلح سجن الطور المنعزل فى‬
‫صحراء سيناء للقضاء على معارضيه وسجنهم فيه للبد ولكن اليام دول ثم كان موقفنا المبدئى من معاهدات الصلح مع اليهود وهو‬
‫المعارضة وانظر الن ما ذا يحدث على خريطة الحداث فاسرائيل ل تكتفى بالخريطة المعلقة بالكنيست وهى تريد أن تضم المنطقة‬
‫من النيل الى الفرات ومن جنوب الجزيرة العربية الى لبنان ثم أنظر ما ذا حدث بعد توقيع معاهدة السلم ‪ ..‬غزت إسرائيل لبنان‬
‫وسفكت الدماء وارتكبت أبشع المذابح ومضت فى سياسة إقامة المعسكرات اليهودية الجديدة على الرض العربية وضمت القدس‬
‫عاصمة أبدية موحدة لها لتلغى وجودها العربى والسلمى فى حين يقف العالم السلمى مكتوف اليدى فى حين أن العقيدة السلمية‬
‫تمنع أن يحتل غير مسلم أرضا مسلمة وإذا ديست أراضى ا لمسلمين وجب عليهم الجهاد ‪ :‬السيدة بغير إذن زوجها والعبد بغير إذن‬
‫سيده ول يمكن أن يقوم إسلم مع بقاء إسرائيل ‪.‬ز هذا خيال لن إسرائيل ـ كما رأينا فى لبنان تنفذ المعاهدة بندا بندا وأمريكا‬
‫وروسيا تعينانها على ذلك ولو اجتمعت المة على رأى واحد لن تستطيع أمريكا أو روسيا أو إسرائيل أن يؤثروا على ا لموقف بأية‬
‫صورة من الصور ‪.‬‬
‫وهكذا كانت محصلة نظام وممارسات السادات ـ الذى كان امتدادا طبيعيا للحكم العسكرى والشمولى والذى أرسلت عليه دعائمه‬
‫جماعة الضباط الحرار ـ وأسبغ هذا النظام على نفسه صبغة الديمقراطية وحرية الكلمة والعمل بالشريعة السلمية ‪ ..‬ولكن سرعان‬
‫ما تكشفت مواطن الفساد والفساد التى تفشت فى خلل أجهزة هذاا لنظام وأضرت بمصالح البلد وأمن وحرية المواطن انفتاح بل‬
‫ضوابط ول حدود أدى لثراء الكثيرين وتحولهم من خانة الصفار الى خانة عشرات الصفار فى اتجاه اليمين عشرات الصفقات‬
‫المريبة والمشبوهة معظمها من النوع الفاسد اقتصاد متضارب الستراتيجيات والمبادىء لدرجة أن يقف الرجل الول والمسئول عن‬
‫القتصاد ليحلف بالكعبة الشريفة أنه ل يوجد عجز فى الميزانية العامة للدولة بطريقة حسابه ا لشخصى العجيب ووصل حجم‬
‫الديون الخارجية الى عشرات المليارات من العملت الصعبة وانهيار قيمة الجنيه المصرى داخليا وخارجيا وعلقات خارجية مقطوعة‬
‫من الجانب العربى والمسلم ‪.‬ز وغيرها كثير من مساوىء هذا النظام الذى أرسى دعائمه رب العائلة المصرية الذى يعلو‬
‫علىالخلفات والذى عاش حياة مترفة دون بقية عائلته ولم يكن قدوة لعائلته ولم يتأس بخلق الرسول صلى ال عليه وسلم الذى كان‬
‫يجوع ول يوقد فى بيته النار لمدة ثلثة أشهر وظل يعيش على الخبز والخل والماء ول بأمير المؤنين سيدنا عمر بن الخطاب الذى‬
‫كان يلبس القميص القديم فى الوقت الذى دنت لدولة السلم ممالك وامبراطوريات العالم تحت إمرته ‪ ..‬وهكذا اتفق عبد الناصر‬
‫والسادات فى الكثير من ممارستهما وأخطائهما واتجها بمصر وشعبها الى طريق مسدود ولكن مرآة التاريخ ل تخطىء ‪.‬‬

‫فهرس الكتاب‬
‫صفحة‬ ‫الموضــــــــــــــــــوع‬
‫‪5‬‬ ‫اهــــــــــــداء‬
‫‪7‬‬ ‫تقديم بقلم الستاذ عمر التلمسانى‬
‫‪11‬‬ ‫تصديـــــــــــــر‬
‫‪13‬‬ ‫تمهيد تاريخى ـ هكذا بدأ الخوان المسلمون‬
‫‪21‬‬ ‫الباب الول ـ لماذا اخترت الخوان‬
‫‪23‬‬ ‫الفصل الول ـ عمر التلمسانى يتحدث‬
‫‪29‬‬ ‫الفصل الثانى ـ وبدأت الرحلة باليعة‬
‫‪35‬‬ ‫الفصل ا لثالث ـ التمهيد فى ا لثلثينات‬
‫‪51‬‬ ‫الباب الثانى ‪ :‬عقد الصدمات‬
‫‪53‬‬ ‫الفصل ا لرابع ـ واشتعلت ا لحرب العالمية‬
‫‪63‬‬ ‫الفصل الخامس ـ انشاء النظام الخاص‬
‫‪69‬‬ ‫الفصل السادس ـ حرب فلسطين‬
‫‪72‬‬ ‫الفصل ا لسابع ـ حكايتنا مع النقراشى‬
‫‪76‬‬ ‫الفصل الثامن ـ مؤامرة اغتيال الشهيد‬
‫‪83‬‬ ‫الفصل التاسع ـ هذه هى مواقفنا‬
‫‪89‬‬ ‫الباب الثالث ـ قصتنا مع انقلب يوليو‬
‫‪91‬‬ ‫الفصل العاشر ـ علقتنا بالضباط الحرار‬
‫‪93‬‬ ‫الفصل الحادى عشر ـ هكذا أيدنا الحركة‬
‫‪96‬‬ ‫الفصل ا لثانى عشر ـ خلفاتنا مع النقلب‬
‫‪105‬‬ ‫الفصل الثالث عشر ـ حل الجماعة‬
‫‪108‬‬ ‫الفصل الرابع عشر ـ أزمة مارس ‪54‬‬
‫‪113‬‬ ‫الباب الرابع ـ المؤامرة الكبرى‬
‫‪115‬‬ ‫الفصل الخامس عشر ـ وجاءت تمثيلية المنشية‬
‫‪126‬‬ ‫الفصل السادس عشر ـ جرائم وراء السوار‬
‫‪135‬‬ ‫الفصل السابع عشر ـ ظهور فكرة التكفير‬
‫‪141‬‬ ‫الباب الخامس ـ اسرار الخلف مع أنور السادات‬
‫‪143‬‬ ‫الفصل الثامن عشر ـ بداية طيبة ولكن ؟‬
‫‪150‬‬ ‫الفصل التاسع عشر ـ خلف بسبب المعاهدة‬
‫‪163‬‬ ‫الفصل العشرون ـ لعبة الفتنة الطائفية‬
‫‪176‬‬ ‫الفصل الحادى والعشرون ـ وعادت المعتقلت‬
‫‪0186‬‬ ‫الفصل الثانى والعشرون ـ إغتيال السادات‬
‫‪191‬‬ ‫مصادر الكتاب‬

You might also like