Are you sure?
This action might not be possible to undo. Are you sure you want to continue?
عمر التلمسانى
شاهدا على العصر
الخوان المسلمون فى دائرة الحقيقة الغائبة
المختار السلمى
للطباعة والنشر والتوزيع
///////////////////////
إهداء
الى :
العالم السلمى الذى طالت رقدته وغفوته لعله يستيقظ قبل أن يفوت الوان
الى :
روح المام الشهيد المرشد والمعلم والمربى على منهاج كتاب ال سبحانه وتعالى وسنة رسوله المصطفى صلى ال عليه وسلم
الى :
المدافعين عن كلمة ال فى أرضه :السابقين واللحقين بالكلمة واالقلم والخلق والعمل والجهاد والسالكين فى دروب النور اللهى
والشهداء البرار الطهار .
قصة هذا الكتاب
* أهدي هذه الضافة المتواضعه *
تقديم بقلم :الستاذ عمر التلمسانى
طالبنى بعض من أعرف بكتابة مذكراتى باعتبارى مشتغل بالمور السياسية فى هذاالوطن الغالى منذ عشرات السنين ولم أجد
فىصدرى راحة لكتابة مذكرات على النمط الذى قام به الكثيرون ذلك لن كاتب المذكرات إذا كان جادا ومنصفا يتناول جانبين من
حياته :الجانب الخاص والجانب العام .ولئن كانت الحضارة الحالية ل تقيم وزنا للعامل فى الميادين العامة من ناحيتهالخاصة ما دام
عمله فى الناحية العامة جيدا ولكنى كمسلم ل أسلم بهذا الرأى الفضفاض لنى أومن بأن التلحم بين الناحية العامة للشخص وناحيته
الخاصة أمر ل يمكن فصله على النحو الذى يراه المحدثون إن الناحية الخاصة للنسان بالغة الثر فى ناحيته العامة لن الرأى دائما
وليد العقل والعاطفة معا على السواء ول يستطيع العقل أن يحكم فى أمر متجردا من ناحيته العاطفية وإل كان إنسانا آليا وهذا ما ل
يرضاه لنفسه من يحترم نفسه فالحب والبغض التفاق والختلف والنفور والنسجام والقرار والنكار والقرب والبعد الرضا
والزورار الستعطاف والستثقال كل هذه المشاعر والحاسيس الغلبة ل يستطيع العقل ان يتخلص منها وهو يقضى فى أمر من
المور أو يصدر حكما من الحكام .وما من شك أن الحكم ليس هو الحق فى ذاته ولكنه مظهر من مظاهر الحق ل أكثر و ل أقل
خاصة إذا كان أحد الطرفين ألحن بحجته وأذكى فى التدليل والبرهنة وما دمنا ل نستطيع أن نعرى أنفسنا أمام الناس فى خاصة
شئوننا فل يجمل بنا أن ندعى أن ما نكتبه مذكرات للتاريخ والنسان المين إذا تحدث عن نفسه ل يقدمها مبرأة من العيوب والسيئات
بل يقدمها كما هى بشرها وخيرها وعجزها وبجرها وهذاأمر نحن مطالبون أل نشيعه بين الناس لن ال إذا ستر على عبد فى
معصيته فل يجوز أبدا لهذا العبد أن ينشرها على المل فكيف إذا يباح لمسلم ما أن يخالف تعاليم دينه .من هذه الناحية رفضت
وأرفض وسأرفض فكرة كتابتى لمذكرات تنسب الى على أنى كاتبها .
ولما ألح الستاذ الفاضل ابراهيم قاعود ووجد منى الصرار على المتناع اقترح أن يوجه الى أسئلة أجيبه عليها وبهذا يرفع عنى
الحرج ما دمت ملتزما الدقة والمانة فى الجابة ودارت بينه وبينى أحاديث وطالت جلسات وكثرت أسئلة من هنا وهناك وانتهى منها
الى وضع كتابه هذا ولول أن هذاالكتاب يصحح الكثير من التهامات والمغالطات التى وجهت للخوان المسلمين لما رحبت بنشره فى
حياتى ولكن ما دامت أجهزة العلم كلها موصدة أبوابها دون الكثير مما يجب أن يعرفه الناس عن المشتغلين بالمسائل العامة فل
مندوحة إذا من ولوج باب مفتوح لذكر كثير من الحقائق التى تخفى على جمهور القارئين داخل مصر وخارجها ول أطالب القارىء
أن يأخذ إجاباتى قضية مسلمة بل عليه أن يوازن بين التهام والدفاع حتى يخرج لنفسه بالحقيقة التى يرتاح اليها الضمير النقى
المنصف العادل وإنها لمانة ويجب أن تؤدى فى صدق الى أهلها من الحاضرين والتين على مرالسنين .
وما من شك أن هذا الجهد الكبير والعمل المتواصل أمر مشكور للستاذ إبراهيم قاعود لن هدفه تجلية الحقائق وهذا دوره فى مؤلفه
هذا إذ أنه لم يتحيز الى جانب من الجوانب المتخالفة من شخصيات هذا ا لكتاب واسأل ال أن يثيبه على قدر نيته كما أعتذر الى
القراء عن انشغالهم وقتا ما بأمور تمسنى فى هذا المؤلف الكبير فما كان فى ذلك من بد معاونة للمؤلف على ما لمست فيه من
رغبة صادقة فى تحرى الحقيقة من مصادر تعودت أن تلتزم جانب الحق ولو ضد مصلحتها أو موقفها .
والكتاب كما يرى القارىء استعان مؤلفه ببعض ما كتب المام الشهيد وبما نقله عنى وكم كنت أود لو أستعان بآخرين ليتسع أمامه
البحث والمقارنة والتأكيد على صدق ما أخذ نفسه به فى هذا المجال ولول أن أبواب أجهزة العلم أوصدت فى وجه الخوان
المسلمين إل من بعض المقالت التى ل تفى بالغرض وحصر ما نسب الى الخوان ولول أن ما تفضل به بعض الكتاب أمثال
الستاذين الفاضلين :أنور الجندى ومحمود عبد الحليم فى الدفاع عن الخوان المسلمين يحفز القلم على السير فى هذا التجاه
ولول وفاء لهذه الدعوة الشاملة النافعة ولول وجوب الفصاح عن كلمة الحق إذا ما سئل النسان عنها لول ذلك كله لتحرجت عن
إجابة الستاذ المؤلف الى ما طلب أو سأل .
إن العالم كله يشهد مدى ضراوة خصوم السلم فى النيل من الخوان ا لمسلمين بغير الحق فكان لزاما على كل راغب فى الحقيقة
ونصرة الحق أن ينبرى لكشف الباطيل التى قيلت عن الخوان المسلمين ليس معنى هذا أن الخوان المسلمين مبرؤون من الخطأ
ولكن الموازين القسط توازن بين الحسنات والسيئات فإذا رجحت كفة الحسنات فى جانب الخوان المسلمين وهذا ما أحسب ول أزكى
على ال أحد ا فقد فاز الخوان برضاء ال عنهم هذا الى أن الخطاء الفردية ل يجوز شرعا أن تؤخذ بها الجماعة كلها " ول تزر
وازرة وزر أخرى " .لن الحساب يوم الحساب فردى وشخصى " يوم تأتى كل نفس تجادل عن نفسها " حيث ل قيمة للحياة ول
للسلطان " يوم ل ينفع مال ول بنون " .
ولما كانت المعلومات التى ذكرت فى الكتاب على لسانى مرجعها الذاكرة ولما كانت ذاكرة المتقدمين فى السن من أمثالى عرضه
للنسيان فإنى أقرر صادقا أننى تحريت فيها ا لدقة الكاملة والنصاف المريح الذى ل تأثير للعاطفة عليه هذا ا لى أننى على استعداد
كامل لتقبل أى تصحيح يرى ناصحه أنه هو الحق لننا جميعا نسعى لسرد التاريخ المجرد عن الهوى المصفى من الغرض المنقى
من التحريف ميل مع أى دافع يدفع صاحبه الى التستر أو التخفى .
إن الجهد الذى بذله الستاذ إبراهيم قاعود جهد مضن ومشكور وكل ساع الى ذكر الحقيقة خليق بأن يشكر وأن يثنى عليه ففيه
إحاطة وافية عن أحداث تاريخية قريبة وفيه حفظ لهذا التاريخ أن يتبدد بين دفات المجلت والصحف وحبذا لو تبارى الكتاب فى
تاريخ هذه الفترة من الزمن القريب قبل أن تضيع معالمها ما دامت الحكومات قد منعت نشر الوثائق الرسمية الخاصة بهذه الفترة
فمرحبا بالمؤلف الجديد وعلى بركة ال .
تصدير
دائرة الحقيقة
عمر التلمسانى
الحمد ل رب العالمين والصلة والسلم على خاتم النبيين والمرسلين محمد الذى بعثه ال رسول ومبشرا ونذيرا ورحمة للعالمين .
لقد انطلقت رسالة السلم الى قلوب وأفئدة البشر لتخرجهم من ظلمات الجهل والجهالة الى دروب النور واليمان ولتحكم كلمة
السلم اليمانية سائر أنحاء المعمورة ولتهوى الى البد امبراطوريات ظالمة جائرة على الفطرة النسانية وتسلح اصحاب الدعوة
الوائل بسلح اليمان فانطلقوا الى مشارق الرض ومغاربها ( فاتحين ) ومبشرين بالنور اللهى وبنى السلم دولته مستندة على
عقيدة ل اله ال ال محمد رسول ال ولكن سرعان ما باعدت أهواء الدنيا وبريقها بين العقيدة وأهلها الذين تفرقوا شيعا وفرقا ولكن
ال سبحانه وتعالى يقيض من يذكر هذه المة العريقة الصيلة بعقيدتها الكاملة المتكاملة .
ووسط عوامل الضعف والوهن الذى أصاب جسد المة السلمية بسبب الهجمات الشرسة التى وجهت للعقيدة السمحاء فإن شابا
مسلما قد عز عليه ما أصاب دينه وعقيدته وامته فتولدت فى نفسه كل عوامل الغيرة على دينه وأنه ل بد من إنقاذ هذه المة من
عثرتها وإيقاظها من غفوتها وتخلفها .ز فانطلق حامل روحه على كفه داعيا ومرشدا ومعلما ومربيا على هدى من كتاب ال وسنة
رسوله صلى ال عليه وسلم والسلف الصالح .ز هذا الشاب هو المام ا لشهيد حسن البنا الذى عز عليه حال السلم فانطلق داعيا
لنشاء ( الجماعة المسلمة ) التى تقف وسط بحار المدينة وأهواء البشر ول تغرق فيها وعلى مدى عشرين عاما قاد المام الشهيد
حركة الخوان المسلمين وهى ا لحركة التى شهدلها العداء قبل الصدقاء أنها كانت من أنضج وأقوى الحركات السلمية فى العصر
الحديث والذى يقرأ تاريخ مصر الحديث ل بد أن يجد الخوان المسلمين على خريطة الحياة السياسية المصرية متعاملين ومتفاعلين
مع كل الحداث والتجاهات على مدى نصف قرن من الزمان .
ولكن هذه الجماعة المسلمة لم تسلم من الطعنات وزالسهام الجارحة المميته وحملت التشويه والتزييف ول فى أصحابها كل ألوان
المحن والتعذيب من أجل انتزاع العقيدة من قلوب أعضائها .
وهذا الكتاب محاولة لرصد جانب كبير من تاريخ مصر من خلل هذه الجماعة التى استقرت على خريطة مصر السياسية خلل نصف
قرن ولكن هذه الحركة رغم تراثها فإنها لم تعن بتسجيل نشاطها ورصد تاريخها اللهم إل كتابات المام الشهيد حسن البنا وبعض
الخوة المسلمين ممامما أتاح لهواة ومحترفى التصنيف والتشويه أن يطعنوا ظهر هذه الدعوة ويبتدعوا الروايات الكاذبة والتصورات
الوهمية وكان ل بد من رصد تاريخ هذه الحركة وهنا كان اللتقاء مع أحد الذين عاصروا جهاد هذه الجماعة على مدى 50عاما ودفع
مع غيره من المجاهدين ضريبة الجهاد من ابتلء واختبار ..إنه الستاذ عمر التلمسانى الذى سعدت وسيسعد الكثيرون من
المخلصين للعقيدة السلمية أن يسمعوا شهادته للتاريخ حيث عايش تاريخ الحركة وتفاعل مع أحداثها وواجه مع غيره تلك
الصدمات والهجمات ا لشرسة من كل الطراف المعادية للفكرة السلمية ودفع حريته ثمنا ليمانه وإخلصه لعقيدته وليكشف للقراء
تاريخ ما أهمله التاريخ وما قصد الكثيرون طمس معالمه والكتاب محاولة مبصرة وليست عمياء ـ لكشف حقيقة علقات الخوان
المسلمين بالحداث وبأطراف الصراع على مدى خمسين عاما ـ ولقد حاكمت الخوان المسلمين عشرات الدوائر القضائية ولكن
دائرة واحدة لم يقدم لها الخوان المسلمون وهى دائرة الحقيقة التى غابت سنين طويلة وآن الوان أن يدخلها الخوان بتاريخهم
وجهادهم ليقولوا للناس جميعا :هذه رسالتنا وهذه دعوتنا وهذه حقيقتنا وتاريخ المم هو ضميرها ـ والتاريخ ل يعرف الرحمة
والشفقة والمحاولت التى بذلت لهالة التراب عليه حتى ل يراه الناس ـ هى محاولة ل بد أن تستمر لن كلمة الحق ل بد أن تقال ..
وهذا الكتاب محاولة متواضعة لوضع النقاط فوق الحروف حول تاريخ جماعة الخوانا لمسلمين وتقديم الصورة الصادقة أمام دائرة
الحقيقة .
ول يسعنى إل أن أتقدم بالشكر للستاذ الفاضل عمر التلمسانى على مساهمته الفائقة فى هذا الكتاب ..والتى كان لها الفضل فى
خروج مادة الكتاب كما أخص بالشكر زوجتى الفاضلة التى وقفت بإخلص ودون كلل وراء إتمامى هذا العمل وأتوجه بشكرى أيضا
لكل من ساهموا فى إخراج هذا الكتاب الى النور .
وال الموفق وهو المستعان
المؤلف إبراهــــيم قاعـــــــــــــــود
القاهرة فى :رجب 1403
إبريل 1983
قبل أن نبدأ :
تمهيد تاريخى
هكذا بدأ الخوان المسلمون
أخذت جماعة "الخوان المسلمون " موقعها على خريطة الحياة السياسية فى مصر والشرق العربى والسلمى على مدى نصف قرن
من الزمان وكذا على خريطة الفكر السلمى كأبرز الحركات السياسية السلمية فى ا لعصر الحديث ـ وذلك باعتراف خصومها
وأعدائها قبل مؤيديها ـ رغم ما ل قته من صنوف التعذيب والتنكيل والتشويه التى تعد ت حدود الطاقة البشرية ودائرة إنسانية
النسان ومع هذا كله ظلت علتها متأججه وضاءة رغم أحداث السنين .
وخلف هذه الحركة العريقة التاريخ والتى تخطت الخمسين من عمرها وقف المام الشهيد حسن البنا نموذجا فريدا على دروب
المجددين للمة السلمية مؤسسا ومعلما ومرشدا لهذه الحركة على امتداد حياته ـ القصيرة ـ والتى أنهتها رصاصات ا لغدر التى
وجهت لصدر الشهيد العزل وسط شوارع القاهرة ليسقط فى ساحة الشرف ولم تسقط الراية التى تلقفتها أيدى المجاهدين ..راية "
ل إله إل ال محمد رسول ال " صلوات ال وسلمه عليه وحين خرجت هذه الجماعة لتأخذ موقعها على خريطة الواقع والتاريخ
حاملة شعار تجديد شباب المة المسلمة والوطن السلمى والتمسك بالجذور السلمية وإحياء حضارة السلم فى عصوره الباهرة
فإنها وجدت تفاعل تلقائيا مع جماهير الشعب البسيط و المثقف منه ..أزعج أرباب السلطان سواء فى ظل النظام الملكى ثم بعد ذلك
نظام الضباط الحرار العسكرى الشمولى لنها شهرت سلح العقيدة السلمية فى وجه من يريدون إطفاء نور ال من صدور عباده
المخلصين ويحولون دون وصول رسالته للعالمين .
والذى يتتبع ويرصد مسار هذه الحركة يستطيع أن يرسم خطا بيانيا لزيادة مطردة أو تناسبا طرديا بين متغيرين .
الول :نجاح الحركة والتفاف اللف بل المليين حولها وما يمثله ذلك من التفاف حول العقيدة السلمية .
الثانى :ازدياد وتصاعد موجة ا لضطهاد والتنكيل بأعضاء الجماعة ـ وخاصة أقطابها ـ ليدفعوا ضريبة الجهاد الغالية .
وهذا ما تنبه له وأدركه المام الشهيد حسن البنا بحسه الصادق حين قال " :أحب أن أصارحكم أن دعوتكم ل زالت مجهولة عند كثير
من الناس ويوم يعرفونها ويدركون مراميها وأهدافها ستلقى منهم خصومة شديدة وعداوة قاسية وستجدون أمامكم كثيرا من
المشاق وسيعترضكم كثير من العقبات وسيحقد عليكم الرؤساء والزعماء وذوو الجاه والسلطان وستقف فى وجهكم كل الحكومات
على السواء .
وهذا ما حدث بالفعل !..
والطريق للتعرف على شخصية المام الشهيد حسن البنا ل بد أن يمر بمرحلة طفولته وشبابه أو التعرف الى جذوره الولى والتى
أسهمت دون شك فى دفعه على رأس جماعة الخوان المسلمين لخوض غمار حرب ضروس طوال حياته فى مواجهة قوى شتى
وصراعات جمة .
المام الشهيد حسن البنا من مواليد عام 1906بقرية " شمشيرة " مركز فوة ( التابع الن لمحافظة كفر الشيخ ) ونزح والده وهو
صغير الى بلدة المحمودية ( بمحافظة البحيرة ) حيث افتتح الوالد محل لتصليح الساعات ومن هنا لقب " بالساعاتى ط والتحق
الصغير بإحدى المدارس ألولية وأتم حفظ لقرآن الكريم ثم التحق بمدرسة المعلمين الولية بدمنهور وعين بعد حصوله على
دبلومالمعلمين بمدرسة " خربتا " الولية بمركز كوم حمادة وعلى مدى السنوات الولى من حياة الفتى الصغير نلمح توجهاته الدينية
الفطرية فى مواظبته على أداء الصلوات فى المسجد الصغير بالمحمودية وحرصه على حضور دروس الوعظ وحلقات الذكر وحبه
للستزادة من مناهل الفكر والفلسفة وتأثره بفلسفة السلم وعلى رأسهم المام " أبو حامد الغزالى " وسعيه لتكوين جماعة صغيرة
هى الجمعية الحصافية الخيرية والتى عين سكرتيرا لها وعين الستاذ " أحمد السكرى " التاجر بالمحمودية رئيسا لها للمر
بالمعروف والنهى عن المنكر ومحاربة موجة التبشير التى استشرت على يد الرساليات النجيلية فى ذلك الوقت وفى مذكراته * "
كانت أيام دمنهور ومدرسة المعلمين أيام الستغراق فى عاطفة التصوف والعبادة . " ..
ثم ججاءت فترة أحداث ثورة 1919التى انفعل بها المام الشهيد أيما انفعال وأصدر ديوانا شعريا كبيرا كان نصيبه الحرق الكامل .
كما يذكر المام الشهيد الصور التى تسابقت أمام مخيلته وترسخت فيها فهو يقول " * :ول زلت أذكر منظر بعض الجنود النجليز
وقد هبطوا القرية وعسكروا فى كثير من نواحيها واحتك بعضهم ببعض الهالى فأخذ يعدو خلفه بحزامه الجلد ..حتى انفرد الوطنى
بالنجليزى فأوسعه ضربا ورده على أعقابه خاسئا وهو حسير ول زلت أذكر الحرس الهلى الذى أقامه أهل القرية من أنفسهم
وأخذوا يتناوبون الحراسة ليالى نتعددة حتى ل يقتحم الجنود البريطانيون المنازل ويهتكوا حرمة الناس ..وكان حظنا من هذا كله
كطلب أن نضرب فى بعض الحيان وأن نشترك فى هذه المظاهرات وأن نصغى الى أحاديث الناس حول قضية الوطن وظروفها
وتطوراتها " ..
ثم فكر فى إكمال دراسته العليا وبالفعل تقدم لللتحاق بدار العلوم بالقاهرة حيث قبل بها وعمره ستة عشر عاما وأقام مع بعض
أصدقائه بحى السيدة ذينب وكانت رحلته فى دار العلوم مع التفوق حيث بز أقرانه واستحق نكافآت التفوق ثم انتقلت أسرته للقاهرة
وكان ينتهز فرصة اجازة الدراسة الصيفية فى العمل فى دكان أقامه لتصليح الساعات ـ وهى نفس مهنة والده ـ ليعول نفسه
ويكسب من عمل يده وفىنفس الوقت كان يجد سعادة فى هذه الجازة ليلتقى بصديقة الستاذ أحمد السكرى ـ الذى جمعته بالمام
الشهيد صداقة لم يفرقها سوى استشها د الستاذ البنا عام 1948ـ أما خلل فترات الدراسة بدار العلوم فكان حريصا كل الحرص
على حضور المنتديات السلمية القليلة فى ذلك الوقت وطرأت فى ذهنه فكرة الدعوة السلمية خارج حدود المسجد الذى رأى تأثيره
ضعيفا وسط زحف موجات النحلل والبعد عن الخلق السلمية فدعا رفقة من إخوته فى السلم لرتياد القهاوى وإلقاء الخطب
والمواعظ فى العقيدة والخلق السلمية ونجحت التجربة ووجدت قبول طيبا لدى رواد القهاوى ويمكن اعتبار هذه التجربة هى
الرهاصة الولى لفكر حسن البنا والتى أثمرت فى النهاية خروجه بفكرة تشكيل جماعة الخوان المسلمين الى حيز النور .
فقد بدأت فكرة انقاذ المة السلمية تختمر وتلح على ذهن المام الشهيد الحريص على إسلمه وعقيدته السمحاء ورأى وطنه ممزقا
بين قوى الحتلل النجليزى التى تجثم على صدره وموجات النحلل ونشاط الرساليات النجيلية التبشيرية والذى امتد ليشمل كل
أرجاء القطر المصرى وترددت تلك الصيحة المدوية الخالدة :واإسلماه !!واإسلماه !! ويروى المام الشهيد حسن البنا فى
مذكراته * أحداث تلك الفترة التى قضاها فى القاهرة " :وعقب الحرب الماضية ( يقصد الحرب العالمية الولى ) وفى هذه الفترة
التى قضيتها بالقاهرة اشتد تيار موجة التحلل فى النفوس والراء والفكار باسم التحرر العقلى ثم فى المسالك والخلق وألعمال
باسم التحرر الشخصى فكانت موجه إلحاد وإباحية قوية جارفة طاغية ل يثبت أمامها شىء تساعد عليها الحوادث والظروف لقد
قامت تركيا بانقلبها الكمالى وأعلن " مصطفى كمال باشا " إلغاء الخلفة وفصل الدولة عن الدين فى أمة كانت الى بضع سنوات فى
عرف الدنيا مقر أمير المؤمنين واندفعت الحكومة التركية فى هذاالسبيل فى كل مظاهر الحياة " .
ويستطرد المام الشهيد " كان لهذه الموجة رد فعل قوى فى ا لوساط الخاصة المعنية بهذه الشئون كالزهر وبعض الدوائر السلمية
ولكن جمهرة الشعب حينذاك كانت إما من الشباب المثقف وهو معجب بما يسمع من هذه اللوان وإما من العامة الذين انصرفوا عن
التفكير فى هذه الشئون لقلة المنبهين والموجهين وكنت مـتألما أشد اللم فهأنذا أرى أن المة المصرية العزيزة تتأرجح حياتها
الجتماعية بين أسلمها الغالى العزيز الذى ورثته وحمته وألفته وعاشت به واعتز بها اربعة عشر قرنا كاملة وبين هذا الغزو
الغربى العنيف المسلح المجهز بكل السلحة الماضية الفتاكة من المال والجاه والمظهر والمتعة والقوة ووسائل الدعاية " ز
وانتقل الشهيد المام حسن البنا الى مرحلة أخرى من تفكيره فلم يجلس مستسلما لما يجد من حوادث عظام وإنما بدأ اللم الذى كان
يحترق فى صدر ه يتحول الى عمل فبدأ اتصاله بكبار رجال الزهر ومنهم الشيخ " أحمد يوسف الدجوى " وتحدث اليه فأظهر اللم
والسف وأخذ يعدد مظاهر الداء والثار السيئة المترتبة على انتشار هذه الظاهرة فى ألمة وخلص من ذلك الى ضعف المعسكر
السلمى أمام هؤلء المتآمرين عليه وكيف أن الزهر حاول كثيرا أن يصد هذا التيار فلم يستطع .
وقد زاد حلكة هذه الفترة التى عاشها الشهيد حسن البنا فترة شبابه الحملت التبشيرية الضخمة التى أرسلها النجليز لمصر ومهدوا
لها بنشر المرض والجهل وانتشر المبشرون فى كافة أنحاء البلد فى الوجهين البحرى والقبلى تحت سمع وبصر المسئولين والحكام
واستغل المبشرون فقر الناس وحاجتهم وجهلهم وبثوا دعواتهم ووجدوا بالتحديد فى الصعيد مرتعا خصبا لدعوتهم وأفكارهم حيث
الجهل والنهزال والفقر واستغل النجليز سلطتهم فأسكتوا الصحف المعارضة لهذه الحملة المسمومة بالغلق والمصادرة وتكميم
الفواه .
وبفورة وحماس الشباب انطلق الشهيد البنا يعلن غضبه واعتراضه على هذا الستسلم والخفاق واندفع يتحدث عن السبيل لنقاذ
المة السلمية وأن أسلوب التألم واجترار الماضى لم يعد يصلح لمقاومة هذه التيارات الجارفة ووجد الشهيد البنا معارضة لقواله
وتأييدا جارفا فى نفس الوقت ولم تنقض هذه الجلسة إل واتفق على اصدار مجلة " الفتح السلمية " وأسندت رياسة تحريرها للكاتب
السلمى محب الدين الخطيب ..
ولم تستطع الحملة التبشيرية أن تصمد أكثر من عام وحملت أمتعتها وغادرت مصر غير مأسوف عليها وتطهرت مصر منها ..بعد
أن نجحت مجلى الفتح فى فضح المؤامرة وتواطؤ النجليز وأذنابهم فيها كما تكونت لجنة برياسة الشيخ " محمد مصطفى المراغى "
لمقاومة التبشير وتصدت له بكل قوة وعنف حتى استسلم المبشرون وسقطت حججهم ودعاواهم أمام العقيدة السلمية ثم تلى ذلك
إنشاء جمعية " الشبان المسلمين " التى أسندت رياستها للدكتور عبد الحميد سعيد " وكان المام الشهيد أول من سارع بالنضمام
إليها .
ومضت سنوات الدراسة بدار العلوم وتخرج المام الشهيد وكان أول دفعته عام 1927ولم يرشحه أحد لبعثة دراسية فى الخارج كما
هو المعتاد وعين الشهيد البنا بالسماعيلية وبعد عام من سفره للسماعيلية تكونت أول نواه لتشكيلت الخوان المسلمين وشعبهم .
وفكر المام الشهيد أن يعاود تنفيذ تجربته السابقة فى ا لدرس والوعظ فى القهاوى للمرة الثانية نجحت الفكرة نجاحا كبيرا فى
اجتذاب رواد القهاوى نظرا لسلمة أسلوب الشهيد المام وقدرته الفائقة على التصال بجمهور ورواد القهاوى وكان هو فى نفس
الوقت يقوم بعملية جس نبض للمجتمع الجديد والمؤثرات التى تحكمه واتضح أنها :العلماء وشيوخ الطريق والعيان والندية
وسعى بالفعل بالتصال بهذه العناصر للعمل على خدمة السلم وإعلء شأنه وإنقاذه من المسلمات التى لحقت به وأحاطت به ..
وكانت لمدينة السماعيلية سماتها الخاصة التى تميزها عن باقى القطر المصرى فهناك ترامى المعسكر النجليزى ببأسه وسلطانه و
هناك مكتب شركة قناة السويس الذى كان يسيطر على كل شئون المدينة وهناك المنازل الفخمة فى حى الفرنج يقابلها المساكن
المتواضعة فى حى العرب .
وأحس المام الشهيد حسن البنا بأن ال قد اختار له هذه البقعة لتبدأ فيها حركته ودعوته ..وقد كان .
** نحن إذن " الخوان المسلمون "
وفى ذى القعدة سنة 1347هـ مارس سنة 1928زار المام الشهيد حسن البنا ستة :من الخوة هم :حافظ عبد الحميد ،أحمد
الحصرى ،فؤاد إبراهيم ،عبد الرحمن حسب ال ،إسماعيل زكى ،زكى المغربى ،وهم من الذين تأثروا بالدروس التى ألقاها المام
الشهيد وتحدثوا إليه قائلين * " :لقد سمعنا ووعينا " .ز وتأثرنا ول ندرى ما ا لطريق العملية الى عزة السلم وخير المسلمين ؟
ولقد سئمنا هذه الحياة :حياة الذل والقيود وها أنت ترى أن ا لعرب والمسلمين فى هذا ا لبلد ل حظ لهم منزلة أو كرامة وأنهم ل
يعدون مرتبة الجراء التابعين لهؤلء الجانب ..ونحن ل نملك إل هذه الدماء تجرى حارة بالعزم فى عروقنا وهذه الرواح تسرى
مشرقة اليمان والكرامة مع أنفسنا وهذه الدراهم القليلة من قوت أبنائنا ول نستطيع أن ندرك الطريق الى العمل كما تدرك أو نتعرف
السبيل الى خدمة الوطن والدين والمة كما تعرف وكل الذى نريده الن أن نقدم لك ما نملك لنبرأ من التبعة بين يدى ال وتكون أنت
المسئول بين يديه عنا وعما يجب أن نعمل وإن جماعة تعاهد ال مخلصة على أن تحيا لدينه .وتموت فى سبيله ل تبغى بذلك إل
وجهه لجديرة أن تنتصر وإن قل عددها وضعفت عددها .
ويقول المام الشهيد كان لهذا القول المخلص أثره البالغ فى نفسى ولم أستطع أن أتنصل من حمل ما حملت وهو ما أدعو إليه
وماأعمل له وما أحاول جمع الناس عليه فقلت لهم فى تأثر عميق " شكر ال لكم وبارك هذه النية الصالحة ووقفنا الى عمل صالح
يرضى ال وينفع الناس وعلينا العمل وعلى ال النجاح فلنبايع ال على أن نكون لدعوة السلم جندا وفيها حياة الوطن وعزة المة "
.
وكانت بيعة .
وكان قسما أن نحيا إخوانا نعمل للسلم ونجاهد فى سبيله .
وقال قائلهم :بم نسمى أنفسنا ؟ وهل نكون جمعية أو ناديا أو طريقة أو نقابة حتى نأخذ الشكل الرسمى ؟ فقلت :ل هذا ول ذاك
دعونا من الشكليات ومن الرسميات وليكن أول اجتماعنا وأساسه :الفكرة والمعنويات والعمليات .نحن إخوة فى خدمة السلم فنحن
إذن " الخوان المسلمين " .
وجاءت بغته ..وذهبت مثل ..وولدت أول تشكيله للخوان المسبلمين من هؤلء الستة حول هذه الفكرة على هذه الصورة وبهذه
التسمية .وهكذا يمكن اعتبار مارس 1928هو البداية الفعلية لنطلق حركة جماعة " الخوان المسلمين " بعد أن ظلت تراود ذهن
المام الشهيد حسن البنا لفترة من الوقت حيث ازداد تفكيره فى حال المة السلمية وما وصلت اليه من ضعف إزاء التيارات الجارفة
والعاتية التى تهدد كيان هذه المة وتكاد تعصف بمستقبل أبنائها ..وكانت البيعة بين مجموعة من المسلمين الحريصين على
اسلمهم وعقيدتهم وتوحدت توجهاتهم فى :
* احتجاجهم الصارخ على ما أصاب القطر المصرى من داء النحلل والتحلل والبعد عن الخلق السلمية .
* احتجاجهم على أسلوب الرفض السلبى والصامت من جانب علماء الدين وخاصة فى الزهر إزاء ما يجرى من مجريات المور
ومحاربة السلم والمؤمنين به .
* اتفاقهم على التسليم بالبيعة لهذا الشاب المخلص الذى توسموا فيه خيرا كبيرا وذلك من خلل دروسه وخطبه فى القهاوى
والمنتديات العامة وبالسماعيلية وما أحدثته هذه الدروس من آثار طيبة .
* اتفاق وجهات نظرهم على أن الطريق لنقاذ المة السلمية يبدأ من خلل جماعة إسلمية قوية قادرة على النهوض بأعباء هذه
المهمة الصعبة مهما كانت التضحيات ومهما عظم وغل ثمنها .
وهكذا وضع المجتمعون اللبنة الولى فى صرح بناء جماعة الخوان المسلمين وانطلق الشهيد البنا يدعم هذا الصرح مستعينا بأول
تشكيل من الجماعة بادئا بعدة خطوات منها " مدرسة التهذيب " التى تعنى فى جانب كبير بدراسة القرآن الكريم والعقائد والعبادات
والمنهاج السلمى القيم وفى جانب آخر كان الشهيد المام يهدف لدعم أواصر التعارف والمودة والمحبة بين أفراد التشكيل الول
كما رنا الشهيد الى خارج حدود السماعيلية لنشر الدعوة وتنقل داعيا ما بين القاهرة والمحمودية والسماعيلية لهذاالغرض ..
وواجهت دعوته فى البداية صعوبات جمة ولكن إيمانه بال هو ورفاقه جعل الصعاب هينة ما دامت فى سبيل ا ل ونجح المام
الشهيد فى إقامة مسجد فى مدينة السماعيلية كان بمثابة مركز لنطلق الحركة ثم مدرسة حرة فوق المسجد ثم إنتقل مركز الحركة
من السماعيلية فى عام 1932لتبدأ مرحلة جديدة أكثر انتشارا وظهورا وتألفت فرقة الرحلت للخوان المسلمين على نظام الكشافة
وانتقلت شعب الخوان كلها للقاهرة " ثم بدأت مرحلة " رسائل المام الشهيد " للخوان وكانت أولى الرسائل هى :القانون الساسى
للخوان المسلمين واللئحة الداخلية وكانت بتاريخ 20شعبان عام 1351الموافق 19ديسمبر 1932ثم ظهرت جريدة الخوان
المسلمين السبوعية بتاريخ أواخر شهر مايو 1933برأس مال جنيهين فقط واستمرت تصدر أربع سنوات كاملة ثم أصدر الخوان
مجلة " النذير سياسية أسبو عية " لتحدد الخطوط العريضة للخوان وصدرت فى مايو 1938أى بعد عشر سنوات من البداية الفعلية
لحركة الخوان وحتى ذلك الوقت كان الخوان المسلمين 15شعبة بالقطر المصرى ثم تطورت الحركة وعقد الجتماع الول ..
لمجلس الشورى العام أو المؤتمر الول للخوان المسلمين فى 22صفر 1352هـ ( 1932والذى تلته عدة مؤتمرات ثم تألفت
لول مرة هيئة مكتب الرشاد العام للخوان المسلمين بناء على قرارات مجلس الشورى وبدأت دعوة الخوان تشق طريقها على
ساحة الحداث متفاعلة مع الواقع مستندة على مبادىء العقيدة السلمية السمحاء وتكونت فرقة للخوات المسلمات فى القاهرة ولم
تكتف الحركة بالركون للتحرك داخل حدود القطر المصرى وإنما تعدتها الى كل من دمشق وبيروت وفلسطين مستندة على العقيدة
السلمية سيفا والقرآن الكريم كلمة ال لعباده صوتا وسنة رسوله صلى ا ل عليه وسلم نبراسا ودليل علىالطريق ولقى أصحابها
من المحن والختبارات ما يعجز عنه الكثير من البشر وزادتهم هذه المحن ثباتا على الحق غير زائغين عن طريقه ووقع بعضهم فى
أخطاء لنهم بشر وشيمة البشر الخطأ والتوبة إيمانا بقول المصطفى صلى ال عليه وسلم " :كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين
التوابون " .
الباب الول
لمــاذا أخترت الخوان ؟
* عمر التلمسانى يتحدث
* وبدأت الرحلة بالبيعة
* التمهيد فى الثلثينات
الفصل الول
عمر التلمسانى يتحدث ..
على مدى نصف قرن من الزمان وأكثر هى عمر حركة الخوان المسلمين متعاملة ومتفاعلة مع واقع المور ومجرياتها ل قت فيها
ما لقت وتعرضت لما تعرضت له من أهوال يشيب لها الولدان فى بطون أمهاتهم ويعجز منطق الكلم عن وصفها كان ل بد من أن
نتجه الى من عايش خضم هذا البحر الهائج من الحداث ليفتح لنا ملف ذكرياته ويكشف ما غمض من أسرار ويجلى الحقائق ويظهر
ما استتر منها علنا نصل الى مكان فى دائرة الحقيقة الغائبة على مدى نصف قرن بين التضليل والتشويه والتلفيق المتعمد وقد آن
الوان لتقديم الصورة الصادقة الحقيقية بعد طول غياب للحقيقة .
لقد عايش الستاذ عمر التلمسانى هذه الحداث على مدى نصف قرن من الزمان عاشها عضوا فى مكتب الرشاد وأتاحت له الظروف
أن يتعامل ويتفاعل مع هذه الحداث وكان قريبا من المام الشهيد حسن البنا وعاش كل المواجهات والصراعات التى خاضتها حركة
الخوان المسلمين مع كل القوى :سواء أحزاب ما قبل حركة يوليو 1952والقصر أم جماعة الضباط الحرار والنجليز ورحلة
جماعة الخوان عقب حركة 1952وعصر السادات كما شهد الخلفات التى وقعت داخل الحركة نفسها والتى تفجرت بصفة خاصة
بعد استشهاد المام حسن البنا عام . 1948
لقد دخل الستاذ عمر التلمسانى جماعة الخوان المسلين شابا يافعا مرفها مترفا فخلع أرية الترف والرفاهية ليعيش زاهدا عابدا لربه
متمسكا بعقيدته عامل على إحياء مجد السلم مع رفاقه فى العقيدة وضحى بالكثير وعاش بين جدران السجون ما يقرب من 18
عاما دافعا لضريبة الجهاد فى سبيل ا ل مخلصا النية والعزم مؤثرا عقيدته على ما سواها .
وكان ل بد أن نبدأ مع قصته أو رحلته فى الحياة كما يرويها التلمسانى طفولة وشبابا ،يقول " :ولدت عام 1904فى أحد البيوت
فى حى سيدنا الحسين رضى ال عنه وكان للسرة منزل فى قرية " نوى " بمركز شبين القناطر بمحافظة القليوبية وكان منزلنا
مكونا من خمس شقق فى طابقين وكان يجمع والدى وجدى وعمى وكان جدى متزوجا من اثنين وكذا والدى وكانت اسرتنا ميسورة
الحال يمتلك جدى ثلثمائة فدان .
وتلقيت علومى الولية فى كتاب القرية وأذكر أول من تلقيت العلم على أيديهم الشيخ عبد العزيز القلماوى والشيخ أحمد رفاعى نصار
عليهم رحمة ال وكنت بحكم نشأتى ذا وضع مرموق فى كتاب القرية وبعيدا عن إساءة المدرسين فكان إصرارى علىالعلم ميسرا
وما كنت أنفر من حصص اللغة كالطفال الخرين وكنت أجد فى نفسى رغبة للتعلم وتوفى جدى فى يناير 1918وانتقل أبى بنا الى
القاهرة وفى نفس البيت الذى ولدت فيه فى حارة " حوش قدم " وكان البيت مملوكا لنا وكانت الحارة فى شارع الغورية وهناك
درست المرحلة البتدائية فى مدرسة الجمعية الخيرية السلمية وكذلك الثانوى ثم أكملت الدراسة الثانوية فى مدرسة " بنبا قادن "
بحى الحلمية الجديدة وكنت متفوقا فى دراستى والتحقت بمدرسة الحقوق عام 1924وفى السنة الولى تزوجت فكان الزواج مشغلة
لى عن الدراسة خاصة بعد وفاة أبى بعد زواجى بستة أشهر وتخلفت فى الكلية سنتين وتخرجت عام 1930واتخذت لى مكتبا فى
مركز شبين القناطر ول أستطيع القول :إننى كنت محاميا ل معا ولكننى فى الوقت ذاته لم أكن مغمورا .
وقد كان لسرتى تأ ثير كبير فى حياتى وفى ترسيخ القيمة الدينية لدى وكان جدى رحمه ال عليه محافظا على الفروض الدينية
وكان فى معاملته مع الذين يعملون أجراء فى أرضه نموذجا طيبا فقد كان بعضهم يقصر فى دفع إيجار الرض بالكامل فكان يبحث
حالته فإذا وجده مضطرا أعفاه من باقى اليجار وإن وجده موسرا ويستطيع أن يدفع فكان يحاسبه ويأخذ منه اليجار بالكامل وكانت
له حديقة موالح فى القرية وكان يبيح لكل رجال القرية أن يأكلوا من الحديقة ما يشاءون فإن خرج أحدهم ببرتقاله واحدة من
الحديقة كان يحاسبه عليها حسابا عسيرا وكان يضربه لن الشرع يعتبر هذه سرقة فكانت معاملته للفلحين على هذا النمط وكان
يصحو قبل الفجر بساعة تقريبا ويوقظ جميع رجال القرية من الفلحين ليصلوا الفجر جماعة حاضرا " .
ويضيف الستاذ التلمسانى " :هذا الجو الذى كنت أرى فيه رجال العائلة ونساءها جميعا يؤدون كل واجباتهم الشرعية ترك أثره فى
نفسى وبالنسبة لى ل أدرى فى أى سن بدأت الصلة ؟ ول متى بدأت الصيام ؟ وعندما تنبهت لنفسى وجدت نفسى أصوم وأصلى
تلقائيا .
وكان يزور القرية كل شهر أو شهرين بعض علماء الزهر يقضون يوما أو بعض يوم وكانت المناقشات تدور بينهم وبين جدى
حول الراء الفقهية وكان جدى عليه رحمة ال يأخذ بمذهب " محمد بن عبد الوهاب " وكان متأثرا بابن تيمية وكانت المناقشات
تدور بينه وبين المتصوفين حول أرجح الراء الفقهية وكانت المناقشات تحتدم لدرجة كنت اتصور أنهم سوف يتشابكون باليدى
وينتهى المر بسلم وكأن شيئا لم يكن .
هذه الصورة جعلتنى بالفعل متأثرا بالدين وأمارس شعائره عن اقتناع ل عن تقليد وما ضاعت منى والحمد ل فريضة فى يوم من
اليام منذ شببت عن الطوق وأدركت واجباتى الدينية وظللت على هذا الى التحقت بكلية الحقوق فكانت أعلى الدرجات التى أحصل
عليها فى مواد الدراسة هى درجات الشريعة السلمية وكنت محل تقدير من هذه الناحية عند المرحوم الشيخ أحمد إبراهيم عليه
رحمة ال ..هذه الصور وهذاالتجاه جعلنى أنظر الى نشوء الحزاب وتصرفاتها فى حذر كنت حقا أعتقد أن " سعد زغلول " كان
زعيما وطنيا ولكننى كنت أراه ـ بمنظورى ـ فى رمضان ل يصوم ويدخن السجائر علنا .فكان يبدو هذا فى ذهنى غريبا .ز كيف
أن زعيما مسلما ومصريا مفطر فى رمضان وما كنت أظن أن حالته الصحية تتيح له هذا لنه كان فى حالة صحية جيدة وكل رجال
الحزاب أو زعمائها كانوا تقريبا على هذه الوتيرة فكانت ثقتى فيهم مهزوزة وإن كنت أميل ما أكون الى الوفد متأثرا بالرأى العام
فى البلد حتى أننى طلب منى أن أكون عضوا فى اللجنة المركزية فى مديرية القليوبية ودخلت بالفعل وظل هذا الوضع يتأرجح فى
ذهنى الى أن ظهرت دعوة الخوان فى عام 1928ما كنت أعرف عنها شيئا ول قرأت عنها الى أن زارنى اثنان من الخوان
وعرضوا الفكرة واقتنعت بها وصرت مع الخوان من ذلك اليوم ولكنى لم أكن أقاطع الوفد كانت صلتى بهم سائرة الى ان تبين لى
تماما أن الوفد يظن بالخوان المسلمين أنهم ينافسونه فى الزعامة أو الشعبية وبدات مظاهر القطيعة من جانب الوفد وبدا يهاجم
الخوان فتحدد الموقف فى نظرى بصورة واضحة تماما واعتزلت جميع الحزاب وسرت فى طريقى مع الخوان المسلمين الى يومنا
هذا ..ولقد كان التزامى جانب القرآن الكريم منذ طفولتى له بالغ الثر فى حياتى حيث قرأت أجزاء كبيرة منه وحفظتها حتى مرحلة
الدراسة الثانوية ثم انقطع التزامى وفتر حفظى له وتسرب الكثير مما حفظت ولكن منذ عام 1940عاودت ملزمة القرآن الكريم الى
أن حفظته تماما وكنت أحفظه بمفردى وما كنت أحفظ على يد أى إنسان ..ولقد دخلت مدرسة الحقوق لن دراستى كانت أدبية حيث
كنت ميال للناحية الدبية وكنت أحب قراءة التاريخ والجغرافيا والدب وأثناء دراستى الثانوية كنت أتردد على المحاكم وكانت هناك
قضايا سياسية تنظر فى ذلك الوقت مثل قضية نزاهة الحكم وقضية محاكمة الزعماء الوفد وقضايا أخرى كثيرة كانت دراسة الحقوق
تستهوينى ولم تكن منصة القضاء أو النيابه تجذبنىوإنما كان إعجابى كله محصورا فى موقف الدفاع فتمكنت من نفسى غريزة حب
موقف الدفاع وصممت على أن أكون محاميا ل أن أكون موظفا .
وقد عايشت فى هذه الفترة أحداث ومظاهرات ثورة 1919وما بعدها ولعلى اشتركت فى جميع المظاهرات ولنم تفتنى واحدة منها فى
القاهرة مناديا بشعارات الوفد لقد كانت ثورة حقيقية نابعة من أعماق الشعب لن كل أ فراد الشعب وطبقاته كانوا متجاوبين
ومتفاهمين مع التجاه الوطنى ومحاولة التخلص من الستعمار وآثاره فكانت مشاركتى فى هذه الحداث مشاركة فعلية ما كنت أكتفى
بالقراءة عنها ولكنى كنت أشارك فى هذه المظاهرات وأذهب الى منزل سعد زغلول وأستمع الى خطبة وكنت فى ذلك الوقت معتقدا أن
كل العمال تعمل خالصة لوجه ال والوطن الى أن تكشفت لى الحقيقة شيئا فشيئا فلقد أخذ على سعد زغلول أنه عين كثيرا من
أقربائه فى الوظائف العليا ويوم أن كان رئيسا للوزراء صرح أنه لو استطاع أن يجعل الحكومة كلها زغلولية عظما ولحما ودما لفعل
..فتبين لى أن الغرض هو حب الزعامة واكتساب المظاهر الشعبية خاصة وأن كل المصريين يعلمون أن سعد زغلول نشأ فى
صالون الميرة " نازلى " وكان هذا الصالون يضم كل السماء اللمعة فى ذلمك الوقت وكان معروفا عن تلك الميرة أن لها صلت
بالسفارة أو دار الحماية البريطانية كما كانت تسمى فى ذلك الوقت وشيئا فشيئا رأيت كبار رجال الحزاب يتنافسون علىا لحكم
وقرأت ما كان يكتبه بعضهم ضد بعض من تشنيع واتهامات حتى أ نه إذا قرأت ما كتب فى تلك الفترة عن سعد زغلول وعن عدلى
يكن وعبد الخالق ثروت واسماعيل صدقى والنحاس ل تكاد تصدق أن واحدا منهم كان نظيفا كل النظافة ومخلصا كل الخلص لن
كل واحد من هؤلء كان يطعن فى الخرين ويتهمهم بالعمالة ويتهمونه بعدم الخلص فاستقر رأيى أخيرا على أن فكرة قيام دستور
وإنشاء أحزاب أصل كانت فكرة استعمارية قصد منها الوقيعة بين أبناء الوطن الواحد وجعلهم يتشاحنون ويتقاطعون بغية ا لوصول
الى ا لحكم وذلك مما أساء الى الحركة الوطنية لثورة 1919فبعد أن كانت أسمى وأنظف الحركات الوطنية فى العالم تمزقت شيعا
وذهب كل فريق وراء زعيم وأصبح كل واحد من هؤلء ل يهمه إل تحقيق مصلحته الشخصية وفى الحقيقة أنه لم يكن فى البداية
لهذه الثورة صراعات بين فريق وآخر كان الشعب كله يكاد يكون وفديا ويأخذ بوجهة نظر سعد زغلول فى المسائل ا لسياسية
ويعجب بخطبه وكلماته " الحق فوق القوة والمة فوق الحكومة " ..كانت عباراته تلهب مشاعر الجماهير وكان النزاع حقيقة بين
الوفد وبين السراى وأرادت ا لسراى أن تضعف من شأن هذا التجاه فأنشأت الحزاب :الحرار الدستوريين فى أول المر ثم بعد ذلك
السعديين والكتلة وتعددت الحزاب فى مصر وكان كل حزب يطعن فى الحزب الثانى ويتهمه حتى لوثت سمعة جميع الزعماء الذين
كانوا يشتغلون بالسياسة فى هذا الوقت وكنا نرى فعل أن بعض الوزراء يدخلون ا لوزارة ل يملكون شيئا ثم نرى بعد ذلك عزبا
وأراضى باسم بعض الوزراء فكان هذا يثير الشك فى نفوس الناس قد يكون الحصول على هذه الملك من طريق سليم إنما البادى
للناس أن غمكانيات هذا ا لشخص ما كانت تمكنه من الحصول على هذه الملك الواسعة وهم أنفسهم كان بعضهم يتهم بعضا فكان
يقول قائل منهم الخر :كيف حصلت على هذه العزبة وهذه العمارة ..من أين ؟ وهكذا دار الصراع وكان صراعا شخصيا محضا
بعيدا كل البعد ما كان للوطن فيه دخل إل للتأثير على نفسية الشعب فقط ..إنما حقيقة كان الصراع فيها بينهم شخصيا ثم كانوا هم
أول من بدءوا بوسائل العنف لن الوفد أنشأ تشكيلة القمصان الزرقاء تم هيئة أخرى هى :حزب مصر الفتاة أنشأت تشكيله تماثلها
اسمها :القمصان الخضراء .
وهكذا كانت كل هذه المظاهر تدل على أن الرغبة المتمكنة فى نفوس الحزاب هى الوصول الى الحكم ل أكثر ول أقل والمرة الوحيدة
التى أجتمعت فيها الحزاب وكونت وزارة ائتلفية كان الغرض منها إعادة دستور .. 1923وكان للطلبة دور فى هذا فشكلت لجنة
من الطلبة وزارت كل رؤساء الحزاب وألحت عليهم أن يتفقوا أو يشكلوا ائتلفا ليعملوا على زحزحة النجليز من مصر .
وكان أصرح هؤلء الزعماء إسماعيل صدقى لنه كان من الذين يقولون بإنقاذ ما يمكن أنقاذه ..ما كان يرى أن الحق من الممكن
الحصول عليه مرة واحدة فكان ينادى :بأننا يجب أن نأخذ من النجليز كل ما نستطيع أن نحصل عليه شيئا فشيئا حتى نحصل على
حقوقنا كاملة ..إنما التهامات التى كان يوجهها بعضهم الى بعض كانت اتهامات فى منتهى القسوة والشناعة ووصلت لدرجة التهام
بالعمالة .ز فلن يقول على آخر :إن هذا عميل انجليزى وآخر عميل ألمانى وكانت السيطرة فى واقع المر للسراى ودار الحماية
البريطانية والثنتان كانتا مصدر التأثير والنفوذ فى مصر .
وأعود الى مسار حياتى ..فقد عملت بعد تخرجى من مدرسة الحقوق ـ كما تمنيت محاميا وظللت أشتغل محاميا حتى عام 1954
عندما حكم على بالسجن 15سنة وعامين اعتقال فانقطعت عن المحاماه وخرجت فوجدت أن أكثر القوانين قد أصابها التغيير وأننى
فى حاجة لعادة الدراسة من جديد لدرس كل القوانين التى صدرت إن كنت أريد أن أستأنف مزاولة مهنة المحاماة فآثرت اعتزال
المهنة .
ولقد كانت مهنة المحاماة عندما مارستها فى الذروة والقمة وكان المحامون مثل فى اللقاء باللغة العربية وفى الذكاء واستخراج
الدلة والبراهين والقرائن والوقائع التى تؤيد وجهة نظرهم وكان القضاء يأخذ نفس الوضع وكان الحترام متبادل بين القضاء
والمحاماة وما كنت تجد محاميا من صنف معين إل على ندرة إنما كان كل المحامين فى الذروة فى الخلق والعلم وكانت نقابة
المحامين أولى النقابات التى كانت لقراراتها السياسية أثر بالغ فى نفوس المة من أسوان وحتى السكندرية .ولقد رفضت عرضا
للعمل فى النيابة عام 1936كما عرض على منصب فى القضاء عام 1942فرفضت أيضا مؤثرا أن أكون محاميا مدافعا عن الحق
وذلك بطبيعة نشأتى وتكوينى لقد كنت أحب الحرية فى كل شىء ..فى عملى ..فى معيشتى ..فى تفكيرى فوجدت أن المجال الوحيد
الذى يستطيع أن يستمتع النسان فيه بحريته هو مهنة ا لمحاماة ولقد علمتنى المهنة كيف يستطيع النسان أن يعتد بكلمة الحق
وبالتزام الحق وبالدفاع عن الحق فكانت كل حياتى قائمة على هذا المعنى ما كنت استطيع أبدا أن أقول كلمة غير صحيحة وكنت
أشعر أنى لو حاولت تغيير حقيقة أن كل الناس يرون مكتوبا على وجهى غضب ال سبحانه وتعالى على أننى كنت صادقا مع نفسى
ومع الناس ومع ا ل فى كل ما كنت أزاول من عمل والحمد ل على كل شىء “ .وهكذا نجد أن النبع السلمى الذى نشأ فيه
الستاذ عمر التلمسانى ونهل منه هيأه لما بعده من أمور وأحداث ..نشأة دينية ووسط مواجهات هادئة بين مسلمين متحمسين
لعقيدتهم ورغبة جارفة فى ا لتزام موقف الدفاع عن الحق دفعه الى دراسة ا لحقوق ثم مشاركة فى أحداث الوطن ثم عودته لتقييمها
على الوجه الصحيح وصيغة ما وصل اليه حال الوطن من تمزقات نتيجة صراعات زعماء الحزاب غيرالمسئولة ..كل هذه العوامل
هيأت وأتاحت له الفرصة بل نقول ودفعته الى دخول حركة الخوان المسلمين عن قناعة بضرورة أن يعود للعقيدة السلمية دورها
فى إعادة التوازن لعناصر المة من أخلق ومعاملت فيما بين العباد بعضهم البعض وفيما بينهم وبين خالقهم والتى اهتزت داخل
جدران المة المصرية بسبب العوامل التى سبق ذكرها فى تمهيد الكتاب .
الفصــل الثانـــــــى
وبدأت الرحلـــــة بالبيعــــــــــة
اعتمد الشهيد المام حسن البنا فى بداية التحرك الفعلى بعد البيعة التى تمت للمرة الولى فى تاريخ الحركة والتى حددت بدايتها
الفعلية عام 1928على عدة عوامل لحركته :
أ ) سرعة نقل نشاط الحركة خارج دائرة مدينة السماعيلية الى سائر أنحاء القطر المصرى .
ب) عدم الدخول فى مواجهات أو صدمات من أى نوع مع قوى الضغط والنفوذ فى البلد وأخطرها النجليز والسراى ثم قوى الحزاب
ورجالتها .
ج ) النتشارالفكرى والثقافى من خلل الدروس والنشرات والمجلت التى صدرت عقب وقت غير بعيد من تاريخ بدء نشاط الجماعة
.
د ) ممارسة أسلوب الدعوة وضم من يرغب عن قناعة كاملة بالجماعة وتوجهاتها وأسلوب النتقاء والختيار للعناصر التى تشكل
تأثيرا فكريا أو سياسيا أو من يسمون فى العصر الحديث بقادة الرأى العام ولذا فقد انتشر العضاء المؤسسون ومن تبعهم بعد ذلك
فى أنحاء القطر المصرى بحثا عمن يتوسم فيهم سلمة عقيدته السلمية وقوة تأثيره وصلح خلقه للنضمام للجماعة وأيضا من
أصحاب النفوذ من العيان والتجار الذين يشهد لهم بالصلح والتقوى ..وذلك لقدرة هؤلء جميعا على التأثير فى المحيط الذين
يعيشون فيه بالكلمة الحسنة والثر الطيب ..وكان كل عضو فى الجماعة حريصا ـ حرصه على عقيدته ـ على جذب الكثيرين حوله
للنضمام للجماعة لتصحيح مسار المة وإعادة العقيدة الصحيحة لقلوب وعقول إخوانهم بعد أن أبعدتهم عنها قوى البغى والنحلل
التى ل تريد لدولة السلم عودة بأى صورة من الصور ..
هـ ) المشاركة بصورة فعلية فى كافة المناسبات السلمية والذكريات المجيدة فى القاهرة والقاليم .
و ) أن يكون للجماعة إطار تنظيمى محدد بدءا بمكتب الرشاد والشعب المختلفة والتشكيلت الكشفية والرياضية وقسم الطلب
وغيرها وتحديد السلم التنظيمى لعضاء الجماعة وذلك تسهيل للتصال وتبادل الراء والتوجيهات بين كافة مستويات الحركة منعا
للتخبط والعشوائية بين أعضاء وتشكيلت الحركة .
وكان للعضاء ثلث درجات هى الخ المساعد ،الخ المنتسب ،الخ العامل ثم هناك درجة رابعة هى درجة النضمام " الجهادى " ـ
اى الخ المجاهد وهنا نعود الىا لستاذ عمر التلمسانى ليروى لنا قصة دخوله جماعة الخوان المسلمين يقول " فى سنة 1933
زارنى فى مكتبى اثنان من الخوان المسلمين وسألنى أحدهما ما ذا تعمل ؟ وضايقنى السؤال وقلت لهم ساخرا :أقوم بتربية
الكتاكيت ولم يضايقهما الرد وأجاب أحدهما مبتسما ولكن هناك من هم فى حاجة الى التربية أكثر من الكتاكيت ..قلت من ؟ قال
المسلمون ..فقلت لهما ولكن هناك جهات حكومية وهناك الزهر وهى كفيلة بالقيام بهذه العملية فألحا على أن التقى بالستاذ
الشهيد حسن البنا لدير معه حوارا لعلى أقتنع بوجهة نظرهما ..وكنت فى تلك السن حريصا على المعرفة .
فلما ذهبت اليه فى بيته استقبلنى فى حجرة متواضعة ـ لم ترقنى الحجرة ـ وجلست ودار بيننا حديث عن المسلمين بعد كانوا فى
صدارة العالم وكانت الدنيا تقف لهم احتراما وتقديرا .
ومضى الحديث فى قرابة الساعة واقتنعت بوجهة نظره ولكنه لم يرض أن يستغل هذا القتناع وقال لى أرجىء هذا لسبوعين وأدر
الموضوع فى ذهنك وحدث نفسك بما سمعت فإذا اقتنعت فلنلتق بعد أسبوعين فغذا قبلت فنحن إخوان وإذا رفضت فنحن أصدقاء ول
يضيرنا أن يرفض دعوتنا أحد ما دمنا مقتنعين بها .
وفعل حرصت على أن أحضر فى الموعد بعد أسبوعين وذهبت إليه وتمت بينى وبينه البيعة وكان هذا نصها :
" أقسم بال أن أكون وفيا لدعوة الخوان المسلمين مطيعا للمرشد العام فيماأحب وفيما أكره فى المنشط والمكره وأن أنفذ كل ما
يصدر الى من أوامر إل ما كان فيه معصية ل فل طاعة لمخلوق فى معصية الخالق " .
وبهذه المناسبة يشيع كثير من الناس أقاويل ومعانى ل حقيقة لها حول البيعة فالبيعة للمرشد أو أمير الجماعة أو أمير المؤمنين أو
المسؤول معناها أنك ل تبايع إنسانا بذاته فغن ال سبحانه وتعالى يقول ك " إن الذين يبايعونك إنما يبايعون ال " .فإذا كانت البيعة
مع الرسول صلى ال عليه وسلم هى مع ال جل شأنه فمن باب أولى أن تكون البيعة لى إنسان هى مع ال فالخوان ل يقدسون ـ
كما يشيع البعض من المغرضين عنهم ـ حسن البنا ولكنهم يعتقدون أنه بشر يخطىء ويصيب ولكن عليهم أن يسمعوا ويطيعوا من
غير معصية ال وفيما أمر به رسول ال صلوات ال وسلمه عليه انطلقا من الحديث الشريف " ل طاعة لمخلوق فى معصية الخالق
".
وليست البيعة كما يتصورها البعض أنها نقلة بالنسان من حال الى حال يعنى أن الشخص الذى كان يبايع المرشد كان يعتقد تماما أن
المرشد إنسان مثله وأنه إنسان ليس بمقدس ول فوق مستوى الوضاع الدمية ولكن الناس لغراض شوهوا معنى البيعة ويحاولون
ـ وإن فشلوا فى هذا ـ أن يصوروا أن البيعة معناها الرهاب والتعصب وإغلق الذهن وعدم الفهم وكل هذه المسائل التى أثاروها
حول البيعة وحقيقة المر أننا مأمورون فى القرآن بأن نبايع فكان السلم ل يتم إل نتيجة من يسلم لرسول ال صلى ال عليه وسلم
ثم تل ذلك مبايعة المسلمين لمير المؤمنين وظل هذاالمر على هذه الوتيرة .
ولقد اخترت جماعة الخوان دون غيرها لنه لم يكن فى ذلك العهد أية جماعات دينية لها أثر ولها وجود إنما كانت جماعة الخوان
هى الجماعة الوحيدة التى كانت تنشط فى سبيل الدعوة وتغشى الندية والقهاوى والمساجد والمجتمعات وانتشرت داخل أسوار
الجامعة فى وقت لم يكن هناك أى اثر وأى معنى لكلمة السلم فى صفوف الجامعة إنما دعوة الخوان كان لها وجودها ونشاطها
وتحركاتها وأثرها فى نفوس الناس .
ولقد كان باب النضمام للخوان المسلمين مفتوحا لكل من أراد أن ينضم للخوان وجاء ليبايع المام المرشد العام أو مندوب المرشد
العام الذى يوجد فى المنطقة وكان الخوان يتقبلون بيعته ويعد من الخوان المسلمين وكان للخوان درجات :فهناك الصدقاء وهم
الذين يحبون الخوان ول يبايعون المرشد والمنتسبون وهم الذين يأحذون بمبادىء الخوان المسلمين ويبايعون المرشد وهذا مدى
حظهم فى الخوان المسلمين والخوان العاملون وهم الذين يبايعون المرشد ويشاركون فى كل أعمال الدعوة من حضور لدروسها
الى دفع الشتراكات وكل ما يطلب من الخ المسلم ويكون متوافرا عنده لى أخ من الخوان يعتبر من الخوان العاملين ولم تكن
هناك شروط للنضمام للجماعة سوى أن يكون الخ مسلما محافظا على دينه ول يرتكب الجرائم والمنكرات أو الكبائر ويقتصر المر
فيها على أنه مسلم نظيف .
ولقد كان الغرض الساسى لنشاء جماعة الخوان المسلمين عند المام الشهيد حسن البنا هو تربية المسلمين على تعاليم السلم
وأنه ل يكفى أن يكون المسلم مصليا وصائما وحاجا ومزكيا هذه عبادات فردية وفروض عينية يلتزم بها كل شخص إنما كانت هناك
معان أخرى فى السلم أوسع من هذا ..حرية المسلم وسعادتة ورقية وعزته ومكانتة وكان المام البنا يغرس كل هذا فى نفوس
الخوان الشباب ليستعيدوا أمجاد السلم الماضية وتعود للمسلمين مكانتهم فى العالم بدل من ان يكونوا مستعمرين ومستغلين
ومستعبدين وحتى يصبحوا هم سادة أنفسهم خصوصا وأن هذه المنطقة من أغنى مناطق العالم بالثروات الطبيعية من زراعية
ومعدنية فكان هم الدعوة الولى إعادة المسلمين الى أوضاعهم الولى ولما اشتد الضفط النجليزى على مصر وخاصة بعد ثورة
1919وأصبح المر فى يد السفير البريطانى الذى كان يسمى مندوب الحماية أو المندوب السامى وبعد أن بدأت مظاهر إحلل اليهود
فى فلسطين مكان أهلها بدأ التفكير فى إنشاء تشكيل ليدفع عن مصر شر الستعمار بمقاومة النجليز مقاومة مادية ومحاربة اليهود
حتى ل يكون لهم استقرار فى فلسطين ..وكان هذا هو الساس الذى دعا الى انشاء " النظام الخاص " أو ما يسميه الناس " النظام
السرى " فى الخوان المسلمين وهو نظام أنشىء أساسا لمقاومة الحتلل البريطانى بعد أن رأى الخوان أن كل الحزاب ل تفكر فى
المقاومة العملية مجرد خطب رنانة وسياسات وانتخابات وإنما ل شىء أكثر من هذا ولهذا يسر النجليز لمصر أن تصدر دستورا
وأن تقيم دستورا لنهم يعرفون جيدا أن النتيجة أن يختلف زعماء الحزاب بعضهم مع بعض ويتفرق المصريون شيعا كانت الفكرة
فى تشكيل النظام الخاص هى تحرير مصر الستعمار البريطانى وإنقاذ فلسطين من أيدى اليهود وانجلترا التى كانت تعمل على ان
تجعل من فلسطين وطنا قوميا لليهود ..حقا حدثت بعض أخطاء من بعض أفراد هذا النظام وهذا شىء طبيعى فى كل العالم ل يوجد
مجتمع أو أسرة أو أمة ل يوجد فيها من يخطىء والخطأ طبيعة البشر فكانت هناك تصرفات فردية لبعض أعضاء هذا التشكيل فكان
ينكرها الستاذ البنا ول يرضى عنها ويعلن فى الصحف أنه يتبرأ من مثل هذه العمال هذا التشكيل لم ينشأ ليعتدى على المصريين
أنفسهم وأنما أنشىء لمقاومة الستعمار البريطانى ومقاومة الستيطان اليهودى فى فلسطين ..إنما أعداء الدعوة وخاصة أجهزة
العلم العالمية شوهت هذا الوضع وصورت الخوان المسلمين فى صورة الرهابيين المتعصبين الرجعيين القتلة والى غيره من
التهامات .
ولقد اختار الستاذ البنا مدينة السماعيلية لبداية حركته لظروف عمله فى السماعيلية حيث خطر له خاطر إنشاء الجماعة ثم كانت
البيعة الولى مع مجموعة الخوان المسلمين وتسميتهم الخوان المسلمين باعتبار أنهما لفظان مختاران من القرآن الكريم .
والواقع أن الخوة الذين اشتركوا مع الستاذ البنا كانوا فى منتهى النشاط ومنتهى الوفاء لدرجة أن واحدا منهم كان يعمل سائقا فى
شركة قناة السويس وكان يحضر على دراجته من السماعيلية لمقر الشركة فى السماعيلية وكان يحضر فى المواعيد بدقة ثم بدأ
يتأخر عن مواعيده وسأله رؤساؤه إنك كنت نشطا وكنت تحضر فى المواعيد فما سر تأخيرك ؟ فقال لهم كان عندى دراجة وكنت
أحضر عليها فى المواعيد وإنما الن أنا عضو فى جماعة اسمها الخوان المسلمون ونبحث عن شقة نسكنها ونفرشها ونجعلها مقرا
للخوان المسلمين ولكن فقراء وكنت ضمن المتبرعين فبعت ا لدراجة الخاصة بى وقدمت ثمنها للستاذ المرشد لساهم فى تكوين
مركز للخوان وشقة مفروشة وأعجب به رؤساؤه فعل واشتروا له دراجة جديدة بدل من دراجته القديمة التى باعها ..كانوا فى
نتهى الوفاء للخوان المسلمين وكان الستاذ البنا يأخذ سبورة صغيرة ويذهب بها الى القهاوى فى مدينة السماعيلية ويجلس فى
القهوة وبعد أن يطلب الشاى أو القهوة يستأذن صاحب القهوة فى أن يقول كلمه فيأذن له صاحب القهوة وكان لبقا ومؤثرا وكان
الناس يحبون الستماع اليه فبدأ رواد القهاوى يتزايدون على المكان الذى كان يوجد فيه حسن البنا فكان أصحاب القهاوى يتنافسون
فى جذب الستاذ حسن البنا الى مقاهيهم لتكثر زبائنهم ويكثر عملؤهم وبدأ العمل بعد أن انتشرت الدعوة فى السماعيلية وبنوا
مسجدا هناك ودارا للضيافة فى السماعيلية وكانت تكاليف البناء فى ذلك الوقت ميسرة وسهلة وأحس رجال شركة قناة السويس
وكانت أجنبية بمدى تأثير حسن البنا على أهالى السماعيلية فعملوا جهدهم لدى ا لحكومة لتنقل حسن البنا من السماعيلية فنقل
بالفعل للقاهرة فىمدرسة عباس البتدائية بناء على رغبته فى أكتوبر عام 1932فكانت إرادة ال سبحانه وتعالى أ ن يكون هذا
النقل فاتحة خير وكان المجال فى القاهرة أوسع والنتشار أكبر فانتشرت الدعوة فى لقاهرة وظل هو فى ا لقاهرة حتى نقلوه الى قنا
ولما ذهب الى قنا أثر فى أهالى قنا فأرجعوه للقاهرة وظل على هذا الوضع حتى استقال من التدريس عام " 1946
واقعة تبرع شركة قناة السويس :
لقد ذهب الكثيرون مذاهب شتى فى تفسير هذه ا لخطوة من جانب الخوان ومن جانب النجليز وخاصة الكتاب الماركسيين ويقول
صلح عيسى فى دراسته فى مقدمة كتاب الخوان المسلمين * " لكن الخوان ـ الذين كان مؤسسهم حسن البنا من أذكى
الشخصيات السياسية فى العالم العربى ـ تركوا السلطات القائمة وقتها تظن أن حركتهم تخدمها ـ وهو ما كان يتحقق موضوعيا ـ
بحكم أنهم يستلبون الشبان الذين كانوا منهمكين تحت قيادة حزب الوفد فى النضال ضد دكتاتورية اسماعيل صدقى بل إن شركة قناة
السويس وكانت آنذاك شركة دولية لنجلترا الجانب الكبر من أسهمها قد نظرت اليهم بنفس النظرة فمنحتهم تبرعا قدره خمسمائة
جنيه مصرى وهو ما يعتبر دعما قويا إذا ما نظرنا الى قيمة الجنيه آنذاك وقد ثبت بعد أن ذكاء الخوان المسلمين السياسى فوق
مستوى الشبهات وهو ما تأكد من الطريقة التى تعاملوا بها مع الحتلل النجليزى فى مصر إذ تعاملوا بحجمهم الحقيقى ل بأهدافهم
التى أعلنوها تدريجيا وفيما بعد وكما نجحوا فى خديعة شركة قناة السويس وحصلوا منها على منحة تصل الى خمسمائة جنيه رغم
أنها شركة تعمل لمصلحة الحتلل النجليزى وردا على هذه المقولة نقول :أية خديعة تلك التى يتصورها صلح عيسى فعلها
الخوان ؟
وأية خدمة تلك التى قدمها الخوان المسلمين للنجليز والتى كانت تتحقق موضوعيا فى رأى صلح عيسى ؟ والتى يعطى النجليز
مقابلها مبلغ خمسمائة جنيه مكافأة على خدمتهم ـ أى الخوان ـ للنجليز " ..والذين يقولون هذا ـ على حد تعبير الستاذ عمر
التلمسانى " :ل يفهمون حقيقة السلم فالرسول صلوات ال وسلمه عليه كان يرهن درعه عند اليهود وعند المشركين لجل معين
على أن يدفعه لهم إذا لم يكن لديه شىء فأنا إذا أردت أن أقيم مسجدا وتبرع لى يهودى أو مسيحى أو بوذى أو ملحد بمبلغ من المال
لقيم به المسجد ..ل علي شرعا أن آخذ منه ما يريد أن يدفعه لقيم به مسجدا ل سبحانه وتعالى ..ليس فى ذلك عيب ..إنما هم
يريدون أن يستخرجوا من كل شىء شبهة تلوث سمعة حسن البنا وجماعة الخوان المسلمين " ..
ثم ألم يأت هذاالتبرع فى إطار حملة تبرعات دعا اليها الخوان المسلمون لبناء المسجد أم جاء التبرع منفردا وفى غير مكانه ووقته
؟
ثم هل اتجه مؤشر المعارضة لوجود الحتلل النجليزى لدى حسن البنا والخوان فى اتجاه النجليز وتأييدهم بعد هذا التبرع أم ظل
عداء تقليديا صارما على مدى سنوات وحول الخوان ؟ إن الظواهر تؤكد بما ل يدع مجال للشك أن توجيه الشبهة للجماعة فى
قبولها هذاا لتبرع محض افتراء واضح ول يقصد منه سوى التشكيك فى ذمة وأخلق وأهداف جماعة الخوان المسلمين ..ثم هل
سعى الخوان المسلمون ..للحصول على هذا المبلغ نظير " الخدمات الجليلة التى ألمح اليها صلح عيسى بشكل متوارب وخبيث ؟ !
إن القصة كما يرويها الشهيد المام حسن البنا تقول " :وقبل أن يتم بناء المسجد بقليل وقد أوشكت النقود المجموعة أن تنفد وأمامنا
بعد مشروع المسجد ومشروع المدرسة والدار وهى من تمامة بل كلها مشروع واحد تصادف أن مر البارون دى بنوا مدير شركة
القنال ومعه سكرتيره المسيولوم فرأى البناء فسأل عنه وأخذ معلومات موجزة وبينما أنا فى المدرسة إذ جاءنى أحد الموظفين
يدعونى لمقابلة البارون بمكتبه بالشركة فذهبت اليه فتحدث الى عن طريق مترجم بأنه رأى البناء وهو يود أن يساعدنا بتبرع مالى
وهو لهذا يطلب منا رسما ومذكرة للمشروع فشكرت له ذلك وانصرفت ووافيته بعد ذلك بما طلب ومضى على ذلك شهور كدنا ننسى
فيها البارون ووعده ولكنى فوجئت بعد ذلك بدعوة ثانية منه الى مكتبه فذهبت اليه فرحب ثم ذكر لى أن الشركة اعتمدت مبلغ
خمسمائة جنيه مصرى للمشروع فشكرت له وأفهمته أن المبلغ قليل جدا ولم يكن منتظرا من الشركة تقديره لنها فى الوقت الذى
تبنى فيه على نفقتها كنيسة تكلفها 500000خمسمائة ألف جنيه أى نصف مليون جنيه تعطى المسجد خمسمائة جنيه فقط فاقتنع
بوجهة نظرى وأظهر مشاركتى فيها ولكنه أسف لن هذا هو القرار ورجانى قبول المبلغ على أنه إذا استطاع أن يفعل شيئا بعد ذلك
فلن يتأخر وشكرت له مرة ثانية وقلت له إن تسلم المبلغ ليس من اختصاصى ولكنه من اختصاص أمين الصندوق الشيخ محمد
حسين الزملوط الذى تبرع وحده بمثل ما تبرعت الشركة وسأخبره ليحضر لتسلمه وقد كان وتسلم أمين الصندوق هذا المبلغ وطبعا
لم يفكر البارون فى عمل شىء آخر ولم نفكر نحن فى أن نطلب منه شيئا كذلك " ..ثم ألم تكن هذه هى أموال مصر من دخل شركة
قناة السويس التى تقع فى مصر وليس فى بحر المانش ولكن النجليز اغتصبوها فى غفلة من الزمان ؟ ! لقد أسمى الشهيد المام
حسن البنا ذلك فقها أعوج !..
الفصل الثالث
التمهيد فى الثلثينات
فى مطلع الثلثينات من هذاالقرن وبعد أن انتهى المام الشهيد من مرحلة وضع البذور بدأ مرحلته الثانية فى ترسيخ جذور الجماعة
لتضع أقدامها على أرض صلبة وثابتة فصعب على الكثيرين من أعداء الدعوة اجتثاثها من قلوب وعقول أعضاء الجماعة فلم
يجتثوها إل بإزهاق أرواح هؤلء الدعاة المخلصين فيما سيلى من حوادث وأمور على مدى زمن وجود الحركة .
ويرى الستاذ التلمسانى أن " فترة الثلثينات ـ وهى من الفترات الزاهية فى تاريخ جماعة الخوانالمسلمين ـ كانت فترة تمهيد لما
وراءها من انتشار الوعى بالخوان المسلمين وكان المام الشهيد يحرص يوميا ـ تقريبا ـ وكان همه منصرفا ومركزا على
المدارس الثانوية وإن كان فى تلك الفترة أيضا لم يحرم المدارس البتدائية من لقائه بهم وإعطائهم الدروس التربوية التى تتناسب
ومداركهم وأفهامهم وأذكر أننى صحبته ذات يوم من اليام لمدرسة المحمدية البتدائية بالعباسية واجتمع صغار الطلبة فى ا لمدرسة
فطلب منى أن أتحدث إليهم قليل فكان جوابى :إننى ل أحسن الكلم الى الصغار والطفال لن عملى طبعنى بطابع خاص وهو الحديث
فى أوساط معينة والى أناس معينين بالذات ووقف رضوان ال عليه ليتحدث الىالطلبة حديثا فى غاية الغرابة لدرجة أن الطفال
أنفسهم كانوا مشدودين مشدوهين اليه ولم يعبث أحد منهم عبث الطفال فى مثل هذه المناسبات وكان يعنى بالمدارس البتدائية عناية
خاصة لنه كان يرى فيهم الجيل الزاحف على أبواب مستقبل اليام وأنه بعد سنوات سيكون هؤلء الطفال هم طلبة المدارس الثانوية
والجامعات فيحظون بهذه العناية المبكرة بنوع من التربية السلمية ما كان لهم به عهد من قبل ويصبحون فى شبابهم فتيانا على
وعى طيب وعلى استعداد كامل لحمل أعباء دعوة الخوان المسلمين فى مختلف ميادينها وما كان يقصر نشاطه علىالقاهرة ولكنه
كان دائم التنقل فى محافظات القطر من السكندرية الى أسوان فى الوقت الذى كان فيه كبار مصر وأثرياؤها يسافرون الى السكندرية
والى خارج البلد ترويحا عن أنفسهم من عناء الحر وفى هذه الفترة كان هو يتجه الى جنوب الوادى فيزور مديريات الصعيد
مديرية تلو مديريية من الجيزة لسوان ول يقتصر فى تجواله علىالمراكز أو المدن ولكنه كان يغشى القرى والكفور والنجوع وأبعد
مكان يمكن الوصول اليه فى القرى التى تقع فى أحضان الجبل فى منطقة الصعيد وكان دأبه عجيبا ويكفيه أنه كان ل ينام سوى
أربع أ خمس ساعات فقط من اليوم كله وكان ل يكل من العمل ول يفتر وكان الشباب الذين يصحبونه فى هذه الرحلت يجدون من
المتاعب والمشاق مال يجده هو ولكنهم يخفون ما فى أنفسهم من تعب اقتداء بمرشدهم وإرضاء له فى مهمته الكبرى ولذلك تخرج
هذا الشباب تخرجا طيبا فى الدعوة وحملوا على أكتافهم أعباءها وانتشروا هم بدورهم فى مختلف أنحاء القطر وكانت إجازاتهم
الصيفية ل يقضونها كما يقضيها أقرانهم من الشباب فى اللهو واللعب ولكنهم كانوا يقومون بدور الدعاة فى كل بلد يوجدون فيه
وفى كل قرية يحلون بها وكان لذلك أثره الطيب إذ أنه بعد انتهاء الجازات كان الطلبة الذين يتخرجون من المدارس الثانوية وقصدوا
القاهرة للجامعات ولم تكن هناك جامعات فى بادىء المر إل فى القاهرة وبعدها بقليل السكندرية وكان كثير من الطلبة الذين ل
يعرفون شيئا عن الخوان المسلمين يتلقون تعاليمها فى فترة الجازات عن طريق الشباب الذى تفهم هذه الدعوة وحملها بداءة ..
وكان أول مكان لجماعة الخوان المسلمين فى حى المغربلين بقسم ا لدرب الحمر فى منطقة تعرف بمنطقة اليكنية فى شارع " عبد
ال بك " ثم بعد ذلك انتقلت الى شارع المبتديان بالسيدة ذينب وبعد تنقلت استقرت فى لوكاندة البرلمان فى ميدان العتبة الخضراء
ومن هنا عزم الستاذ البنا على شراء دار تكون مركزا عاما للخوان المسلمين ووقع الختيار على قصر كبير فى حى الحلمية
الجديدة واشترى هذا القصر بحوالى 8آلف جنيه فى مطالع الربعينات ولم يكن لدى الخوان المسلمين فى ذلك الوقت سوى 500
جنيه فقط ولكن ما أن علم الخوان فى شتى أنحاء القطر المصرى بعزم المرشد علىشراء هذه الدار حتى تبرعوا كل بقدر ما يستطيع
حتى السيدات كن يرسلن مساهمة منهن فى شراء الدار وفى ظرف أسبوع تم جمع المبلغ وسجل العقد المام الشهيد ل بصفته
الشخصية ولكن سجله باسم جماعةالخوان المسلمين باعتباره المرشد العام لهذه الجماعة ولو كان كما يقال من قبل المغرضين لكان
من الميسور عليه أن يسجل هذا العقد باسمه ليصبح القصر ملكا له ولورثته ولكنه لم يفعل لنه ل يراعى إل جانب ال سبحانه
وتعالى فى جميع تصرفاته..
** التنظيمات الخوانية :
لقد بدأت حركة الخوان المسلمين وانضم إليها عشرات اللوف ورأى ا لستاذ البنا أنه ل بد من إقامة إدارة دقيقة منظمة لتتولى
شئون الجماعة لنه لو ربطت الجماعة بشخص حسن البنا فمعنى ذلك أنه إذا مات حسن البنا انتهت الجماعة فاراد أن يجد لها
تشكيل وتنظيما معينا تلتف حوله الجماعة سواء وجد حسن البنا أم لم يوجد ..فبدأت الفكرة عند الخوان المسلمين فى جميع أنحاء
القطر المصرى فى الشعب الخوانية وهم يشكلون الجمعية العمومية للخوان هذهالشعب تنتخب من بينها أعدادا معينة لينتخبوا
أعضاء الهيئة التأسيسية كانت تجتمع لتنتخب أعضاء مكتب الرشاد الذين هم بمثابة الهيئة التنفيذية أو الوزارة كما يقال فى
الوضاع السياسية المتعارف عليها لدارة شئون الخوان المسلمين ..هذا المكتب هو الذى ينتخب هذه الهيئة التأسيسية أيضا بعد
أن ينتخبوا مكتب الرشاد يقوم أعضاء المكتب بانتخاب المرشد العام للخوان المسلمين فتم النظام على هذه الصورة ..جمعية
عمومية ـ هيئة تأسيسية ـ مكتب إرشاد ـ مرشد إخوان مسلمين ..وعندما بدأ تطبيق هذا التشكيل كنت أقيم فى مديرية القليوبية
فكان تكوين المكتب قاصرا على انتخاب أشخاص يقيمون بالقاهرة ليحضروا اجتماعات مجلس مكتب الرشاد أسبوعيا ولكى يمثل
الوجه البحرى والقبلى ضم الى مكتب الرشاد عن الوجه البحرى عمر التلمسانى وعن الوجه القبلى السيد محمد حامد أبو النصر أحد
أعيان مركز منفلوط مديرية أسيوط ..هكذا كان الترتيب وكان النظام فى المكتب وكنت فيه عندما أنشىء باعتبارى ممثل للوجه
البحرى وجاء ذلك بالتعيين من المام وبعد ذلك انتقلت للقاهرة وأصبح دورى فى المكتب الترشيح ل عن طريق الختيار فانتخبت من
أهالى القاهرة عن طريق الهيئة التأسيسية .
وهكذا بدأت حركة الخوان المسلمين تواصل العداد لحركتها وتنظيمها بشكل دقيق استفادة من تجارب الخرين واقتداء بسنة رسول
ال صلى ا ل عليه وسلم ..ولقد كنت من أوائل الخوة الذين عملوا فى هذا المكتب ومكتب الرشاد ..
وقد حرص الستاذ البنا على إنشاء الشعب الخوانية فى كل مدينة وقرية وكان يحل بهذه الشعب فى رحلته ويخطب فى مسجد أو
فى دار من دور أعيان المنطقة ويلتقى فيها بالناس الذين لديهم ميول نحو نصرة دينهم بالستاذ البنا يكونون شعبة من عدة أعضاء
يرأسها أحدهم ولها سكرتير وأمين صندوق ومجلس إدارة فكانت هذه الشعب متناثرة فى ارجاء القطر المصرى وطبعا لم تكون هذه
الشعب مرة واحدة ولكنها أخذت تزداد عاما بعد عام حتى بلغت حوالى ألف شعبة ..أما ما قاله البعض عن رحلة الخمسة آلف قرية
التى قام بها الشهيد المام ففيها شىء من المبالغة ..كانت الشعب إذا اتسعت فى منطقة تكون هيئة منها للمنطقة ذاتها تضم الشعب
فيها فإذا اتسعت الجهود كان ينشأ فى تلك المنطقة ما يسمى بالمكتب الدارى لتلك المنطقة فكانت السكندرية مثل لها مكتب إدارى
والدقهلية وكل محافظة تنشط فى عملها نشاطا ملحوظا وتضم أعدادا وفيرة من الشعب كان ينشأ فيها مكتب إدارى ليجمع شمل هذه
الشعب كلها تحت إدارته وهو الذى يتولى إدارتها وتنظيمها نيابة عن المركز العام وعن مكتب الرشاد ولنه قطعا كان ا لمركز العام
فى القاهرة ل يستطيع بمفرده أن يلم بأحوال الخوان فى كل أنحاء القطر فكان فى كل محافظة مكتب إدارى لمثل هذه العملية وكان
الستاذ البنا رضوان ال عليه حريصا على إنشاء الشعب وما كان يحرص على أن يتولى رئاسة الشعب شخص شديد التعلق بدعوة
الخوان المسلمين ولكنه كان يتخير الشخص المستقيم الذى له وضعه الجتماعى فى القرية أو المركز سواء أكان مؤمنا بدعوة
الخوان أو غير مؤمن بها وإنما هو شخص له وضعيته الجتماعية فى هذه المنطقة ما دام ذا خلق ودين وبهذه الوضعية لهذا
الرئيس كانت الشعبة تتسع حينا بعد حين فى ظل حمايته وفى ظل وضعه الجتماعى والذين ينضمون فى ظل هذه المعانى منهم من
كان يشرح ال صدره لتفهم مبادىء الخوان المسلمين تفهما حقيقيا فيصبح أخا مسلما ومن كان يحب المظاهر والرياسات له ما
يشاء فى جماعة الخوان المسلمين دون غضاضة ول حرج عليه ما دام حسن السيرة والسلوك .
* ردود فعل السراى والنجليز :
فى الوقت الذى وضع المام الشهيد حسن البنا أسس الجماعة ونظامها وتشكيلتها وبدأ فى النضمام للجماعة العشرات بل اللوف
فإن هذا المر لم يلفت أنظار عناصر وقوى الضغط والنفوذ وأبرزها النجليز والسراى وهكذا نجحت الدعوة ـ وهذا من توفيق ال
وذكاء المام الشهيد ـ فى تثبيت أقدامها وترسيخها ثم بدأت ردود الفعل التى تفاوتت بين الشدة والهدوء .
ويقول الستاذ عمر التلمسانى " فى بداية المر فإن النجليز والسراى لم يكونوا منتبهين لداء حسن البنا وكانوا يظنونه شيخا من
مشايخ الطرق الصوفية ولم يقيموا له وزنا أو احتياطا لما كان يهدف اليه فظلت الدعوة تنشر فى المطالبة بعودة المسلمين الى تعاليم
دينهم ولما تكشفت ا لحقائق وعلمت السراى والنجليز أن الخوان يريدون أن يكون الحكم شورى بين ا لمسلمين ـ كما ورد فى
القرآن الكريم ـ شعر الطرفان أن دعوة الخوان كانت تهدف أصل الى تحرير الوطان السلمية من الستعمار والجانب فأدركوا قوة
وخطر الخوان وأدركوا حقيقة أهداف الخوان المسلمين ولذلك نجد العالم غير المسلم ل يركز على جماعة من الجماعات السلمية
فى العالم كله إل على جماعة الخوان المسلمين يتهمونها بكل التهم التى يمكن أن توجه لى إنسان ..لماذا ؟ لنهم يعلمون حقيقة
هذه الدعوة وأنها لو نجحت فآثارها خطيرة عليهم لنهم سيحرمون من هذه السواق الواسعة العريضة التى يصرفون فيها منتجاتهم
ويستغلونها أسوأ استغلل أما حقيقة ألمر فالخوان المسلون ليسوا بجماعة صوفية يقتصر نشاطهم على الذكر وليسوا بجماعة
يجلسون فى المساجد ليصلوا فحسب ولكنهم هيئة تعمل لقامة السلم كما جاء ونزل علىا لرسول صلى ال عليه وسلم باعتباره
نظاما شامل ينظم للمسلم كل حركة من حركات حياته فى كل ناحية من هذه الحياة وهذا طبعا ل يرضى أعداء السلم فهم ل يريدون
للسلم أن يعود لما كان عليه من أمجاد وعزة ومكانة فى العالم وهم يحاولون باستمرار ضرب هذه الجماعة للسف الشديد بأيد
مسلمة " .
*** وقفة عند شخصية المام الشهيد :
وهنا ل بد لنا من وقفة تأمل وتمحيص وإلقاء الضواء على شخصية الرجل الذى أسس وقاد هذه الحركة على مدى 20عاما ألقى
بتأثيراته وروح أفكاره التى ظلت منارا ومرشدا لعضائها بعد انتقاله الى جوار ربه مع الصديقين والشهداء وكيف استطاع أن يجمع
هذه الجموع المؤلفة على اللتفاف حول مبادىء هذه الدعوة لتجديد شباب المة السلمية والوطن السلمى باعتبار أن ذلك هو الحل
المثل لمشكلة مصر والعالم العربى والسلمى وقفز بالجماعة من مجرد جمعية دينية صغيرة فى السماعيلية الى النتشار على
خريطة مصر السياسية والفكرية وما زالت تؤثر الى يومنا هذا فى كل الجيال وفى كل سنى العمر دينيا وفكريا وسياسيا .
ويرى الستاذ عمر التلمسانى " أن الخوان المسلمين بدءوا يتبينون أهداف هذه الدعوة ومراميها والى أى شىء تقصد هذه الدعوة
فى هدوء وفى بعد عن الشعارات والعلنات وكان المام الشهيد حسن البنا حسن الصلة بكل الناس وكل الحزاب ل يتشاتم وإذا
هوجم ل يرد الهجوم بل كان يترك الساءات التى توجه اليه تموت من تلقاء نفسها لنها ل تجد من يؤجج سعيرها فى الرد والخذ
والشد والجذب فسارت الدعوة فى تلك الفترة سيرا غاية فى الغرابه كان القبال عليها منقطع النظير ولم يعرف عن جماعة أو
جماعات أو حزب من الحزاب أن ينضم إليه فى فترة من فترات تكوينه مثل ما انضم الى جماعة الخوان المسلمين فى الثلثينات
وفى أواخر الثلثينات بدأ ت الهداف تتضح وشعر اصحاب الغراض بأن هذه الجماعة هى أخطر هيئة نبتت فى هذا ا لعهد لها
خطورتها على الستعمار والستغلل والقصر والقطاع والشيوعية فعادوها جميعا وتحالفوا على توجيه الساءات اليها بمختلف
وسائل الذاعات غير الكريمة وكان من حسن سياسة المام الشهيد أن يترك هذه الشائعات دون أن يعنى بها أو يرد عليها حتى أنه
لما أخذ الوفد بعد ذلك يهاجم الجماعة فى صحفه تحت عنوان " هذه الجماعة تهوى " ويدخل تحت هذا ا لعنوان أسماء موجودة فعل
أو غير موجودة وأنها تستقيل من جماعة الخوان المسلمين فما كان من المام الشهيد إل أن أعد عمودا فى جريدة الخوان
المسلمين تحت عنوان " هذه الجماعة تهوى " نفس الحروف مع تغيير التشكيل وكان الذى يدخل تحت هذ ا العنوان ل أكثر من
إخوان حقيقيين يرسلون الى مرشدهم بالتأييد وأنهم معه وهما تقول المتقولون أو أشاعوا أو أذاعوا عنه ما شتم .. ..ما هاجم ما
رد بإساءة بإساءة ولكن كان حريصا دائما على أن يعلم الناس الخلق السلمى الواقعى كان يلقى الساءة بالعفو واليذاء بالصبر
والجهل بالتغاضى عن الجاهلين ولذلك ما كنت تجد له عدوا إل إنسانا تحترق نفسه أن يرى معلما إلزاميا وابتدائيا يحظى من جماهير
مصر بمثل هذاالتقدير والحترام " .
ويضيف الستاذ التلمسانى " لقد كان المام الشهيد رجل عاديا جدا ل يمتاز مظهره بما يمثله ويعطيه وضعية بين الناس كان أقرب
الى القصر منه الى الطول ولكنه كان ذكيا ـ ما فى ذلك من شك ـ لماحا ومستوعبا لكل قواعد الشريعة السلمية عن قراءة
ودراسة كان خطيبا مفوها ولو ظل يتحدث الساعات الطوال لما مل الناس من الستماع اليه حتى أنهم إذا ما انتهى من خطابه
يستفيقون كأنهم يستردون عقولهم وقلوبهم التى كانت معلقة بحسن البنا وهو يتحدث من هذه الناحية كان متواضعا بحيث لم تكن
تشعر وأنت معه بأنه رئيسك وأنه مرشد الخوان المسلمين يعاملك كما يتعامل إثنان عاديان بالمرة ل فرق بين كبير وصغير ولكن
هذا ل يمنع أننا كنا نحبه حبا شديدا للغاية ولكن ليس بالحب الذى يرفعه فوق مرتبة القداسة أو ما فوق ما هو مرتبة النسان .ز
كان فى نظرنا أنه إنسان عادى لن الرسول صلى ال عليه وسلم يقول " :ما أنا إل بشر مثلكم “ فل يبقى حسن البنا أحسن من
الرسول صلى ال عليه وسلم فالذين يتهمون الخوان المسلمين بأنهم كانوا يقدسون حسن البنا أو يرتفعون بمكانته الى ما فوق
البشر مغرضون وغير صادقين فيما يتهمون الخوان فى هذه المسألة وكان تأثيرى به شديدا بدون شك ويستطيع أى إنسان أن
يتعرف الى شخصية حسن البنا والى أخلقه من خلل مذكرات الدعوة والداعية “ من خلل رسائل المام الشهيد “ والتى تطرح
مناهج الخوان المسلمين وما هى وسائلهم وما هى الهداف التى يرمون إليها ويكفى ما قاله الستاذ أحمد بهاء الدين حين كتب فى
عموده اليومى بالهرام عن حسن البنا أنه استطاع أن يؤثر فى لمليين وهو رجل غير رسمى وغير حكومى “ .
ولكن رحم ال المام الشهيد لم يسلم من القاء التهامات جزافا من كل اتجاه وميل ففى عام 1930قدمت العديد من الشكاوى حول
الحركة ونواياها تجاه وزارة صدقى باشا وزعمت التهامات بأن المام الشهيد كان :شيوعيا يستخدم الموال الشيوعية فى القيام
بنشاطه وأنه كان وفديا يعمل ضد صدقى وجمهوريا يعمل ضد الملك فؤاد ومجرما انتهك شروط الوظيفة التى تحظر جمع الموال
واستخدامها لغراض غير قانونية وقد تم التحقيق مع المام الشهيد وانتهى التحقيق بتبرئة ساحته من جميع التهم .
ويقول الستاذ عمر التلمسانى “ الحقيقة أن هذه التهامات المتضاربة المتعارضة المتنافرة تثبت قطعا براءة الستاذ البنا والخوان
المسلمين مما نسب اليهم لن النسان ل يمكن أن يكون ملكيا وجمهوريا ول رأسماليا وشيوعيا ول إقطاعيا ول يمكن أن يجمع
إنسان بين هذه الصفات المتعارضة بأية صورة من الصور فهذه التهامات دليل قاطع على أن الخوان كانوا يسيرون علىا لحق
وما كانوا فى أى صورة من هذه الصور التى تنسب اليهم ..اسماعيل صدقى عندما ذهب لمفاوضات صدقى ببفن عام 1946حاول
أن يكتسب صداقة الخوان المسلمين فأرسل صهره الستاذ ابراهيم رشيد للشهيد البنا فى المركز العام ودارت مفاوضات بين ا
لخوان وإسماعيل صدقى على أن يؤيدوه فى موقفه فى هذه ا لمفاوضات فكان الشرط الول والخير هو مطالبة اسماعيل صدقى أل
يفرط وأراد أن يرتكز على شعبية الخوان المسلمين فيعطيهم وعدا بأن يطبق شرع ال فى هذا البلد فلما تجلت الحقائق وكانت
المفاوضات ليست بالمعنى الذى يصبواليه الخوان المسلمون وظهر أن اسماعيل صدقى ليس حريصا على تطبيق الشريعة السلمية
انتهى المر عند هذا الحد ”.
أما المقولة الثانية والتى يدفع بها الكاتب صلح عيسى فى مقدمته لكتاب ميتشيل “ :يتمثل ذكاء حسن البنا وقدرته الفذه على عدم
الدخول فى صدام مباشر قبل أن يستعد له فى نقطتين جوهريتين :
* أنه رفض إبان الحرب عرضا بانقلب يقوم به مشتركا مع حزب مصر الفتاة بزعامة أحمد حسين ويستند على اعداد نحدودة من
اتجاهين فى كل قرية ومدينة مصرية يقومون فى وقت واحد بالستيلء على السلطة المدنية والعسكرية فى هذه القرية أو المدينة
بينما تتجه مجموعة للستلء على العاصمة بنفس الطريقة وقد ناقش المر مع أحمد حسين بشكل منطقى وانتهى منه الى أن الخطة
غير عملية وأنه ل يستطيع أن يحارب أنجلترا ولها جيوش جرارة فى مصر ببنادق قديمة أو بقنابل من مخلفات الحرب العالمية
الولى ( رواية أحمد حسين الدكتور خالد ـ مطبعة مصر ) 1960
* أنه رفض أن يصوغ برنامجا تفصيليا قبل الوان وقد ذكر أحد أقطاب الخوان فيما بعد أنه ناقشه فى هذا المر فكان من رأية أن
محاولة صياغة رأى الخوان فى القضايا التفصيلية وكيفية تطبيق الشريعة السلمية على حياة المجتمع المعاصر هى محاولة
ضررها أكثر من نفعها فإذا كانت صياغة مثل هذه قادرة على مواجهة ا لخصوم السياسيين الذين أخذوا على الخوان دائما أنهم
يطرحون شعارات عامة ول يقدمون حلول تفصيلية للمشاكل فإنها تفتح الباب فى نفس الوقت لشقاق كبير بين المسلمين أنفسهم
لتعدد المذاهب والجتهادات وأن أوان معارك مثل هذه لم يؤن بعد ( شهادة هنداوى دوير أمام محكمة الشعب عام .. ) 1954بهذا
الذكاء فى رسم التحالفات السياسية عاش حسن البنا وبه انتشر الخوان المسلمون وبسببه تعرضوا لول صدماتهم الدموية مع
الحكم المصرى قبل الثورة “ .
ويرد الستاذ التلمسانى على هذه المقولة قائل “ :الواقع أن كل هذه القوال مغرضة وكتناقضة ول تقوم على أساس من الصحة
بدليل ..أن الستاذ البنا له رسائل جمعت فى مجلدات باسم “ رسائل المام الشهيد “ والذى يقرأ هذه الرسائل قراءة عميقة متفحصة
يعرف تماما ما هو منهاج الخوان المسلمين وما هى رسائلهم وما هى الهداف التى يرمون اليها .
أما أنه كان يتصل بمصر الفتاة وغير مصر الفتاة لجل انقلب فيكفى أن يرجع النسان المنصف الى رسالة المؤتمر الخامس حيث
يقول فيها المام الشهيد :أنا ل أدعو الى العنف لن الرأى العام يجب أن يكون مقتنعا تمام القتناع بالفكرة التى يوجه اليها .
أما أننى أقسم الشعب قسمين :قسم الى جانب الحكومة وقسم الى جانب فكرته ويتصارع القسمان فليس فى ذلك مصلحة إل لعداء
هذه المة “ ..الذين يتهمون البنا بأنه لم يضع برنامجا أو منهاجا مفصل غير صادقين ..فليرجعوا الى رسائل المام الشهيد ليجدوا
أنه وضع برنامجا للتربية وبرنامجا للحب وبرنامجا للقتصاد والجتماع لم يترك شيئا لم يضع له برنامجا ..صحيح أنه لم يضع
برنامجا تفصيليا إنما وضع قواعد البرنامج نفسها وترك لمن يريد أن يتوسع أن يفصل هذه القواعد مقتديا فى هذا بكتاب ال سبحانه
وتعالى حيث انزل ال جل وعل القواعد العامة وجاء رسول ال صلى ال عليه وسلم بعد ذلك ببعض التفسيرات ثم قام فقهاء السلم
بشرح القرآن وتفسير ا لحاديث ..إنهم غير صادقين فى هذا وليس لهم من غرض سوى تشويه سمعة الستاذ البنا وتشويه سمعة
الخوان ولو كنا تركنا ألستنا تنطلق فى النيل من الناس وفى ذكر عيوبهم وأخطائهم لقلنا فى هؤلء الناس ما نعرفه عنهم وهو
حقيقة واقعة إنما نحن ل نتحدث عن الناس بسوء ..نحن نرفع عن أنفسنا هذه التهامات الكاذبة التى توجه إلينا فى كل مكان “ .
ويضيف الستاذ عمر “ :ما أساء ألستاذ البنا لحد وما دعا الى القطيعة أو الشحناء وما كان من خلقه ذلك بأية صورة من الصور
ولقد ازدهرت الدعوة فى تلك اليام وبدأنا نفكر فى النواحى القتصادية فأنشئت شركة المعاملت السلمية فى غرفة لوكاندة البرلمان
فى العتبة الخضراء وكان كل ما فيها ل يزيد عن عشرين جنيها صابون سكر حلوة طحينية ثم اتسع العمل وأصبحت شركة
المعاملت تعمل فى اللوف من الجنيهات ولول أن الحكومات المتعاقبة صادرت أموال الخوان مرة بعد مرة وجمدت أموالهم لكانت
هذه الشركة من أكبر الشركات القتصادية فى مصر وفى الشرق كله فى تلك الفترة أيضا .كما ابتدأت العناية بإنشاء المدارس
البتدائية التى تتبع فى نظمها وبرامجها برامج وزارة المعارف ويزيد عليها مواد التربية السلمية ومدرس اللغة العربية إذا دخل
يدرس فل يكتفى بذكر علمات النصب والرفع والخفض ولكنه كان يضيف ويدرس معانى تربوية إسلمية تلفت نظر الصغار الى
حقيقة هذا الدين ومدى ارتباط كل تصرفات الحياة النسانية بهذه العقيدة ومرت الثلثينيات فى هدوء تقريبا لم يعكر صفوها مصادرات
ول مصادمات ول حل وإنما القبال يزداد ويزداد وينتشر ولما رأى الوفد أن اللف من مؤيديه يتسربون من صفوفه الى جماعة
الخوان فأحسن الصلة بهم فترة وأرسل بعض زعمائه منهم من هو على قيد الحياة ومنهم من انتقل الى رحمة ال وأقيم لهم حفل
طيب فى دار الخوان المسلمين وحضروا بالدار وخطبوا فيها وزكوا دعوة الخوان المسلمين وأثنوا عليها ولكن السياسة غير ذلك
فلما رأوا أن المر كاد أن يفلت من أيديهم قلبوا ظهر المجن وبدأت المصادمات العنيفة تتوالى من جانب النجليز والقصر والقطاع
والشيوعيين وحدث من الحداث ما هو معروف فى الصحف والجرائد والمجلت ممن عاصروا ذلك العهد أو ممن قرءوا ما كتب فى
ذلك العهد أو ممن قرءوا ما كتب عنها بعد أن بلغوا السن التى تسمح لهم بالقراءة والطلع على التاريخ فى ذلك الوقت “ .
ثم يطرح الكاتب اليسارى صلح عيسى مقولة أخرى يقول فيها * “ فبينما كان العضاء الجماهيريون ـ بالجهاز العام ـ ينضمون
للخوان فى أغلب الحيان استجابة لمشاعرهم الدينية الفطرية التى لم يبذلوا جهدا فى تعميقها أو تنظيرها وسعيا وراء كسب مثوبة
الدعوة للخير والفضيلة ومقاومة الرذائل فى النفس النسانية الى الدرجة التى يعتبرها بعضهم أصل حركة سياسية تجمع بين
عضويتها وبين عضوية أحزاب أخرى كالوفد المصرى مثل “ ..
ويقول الستاذ التلمسانى ردا على هذه المقولة “ هذا غير صحيح ..المسألة أن واحدا مثل الستاذ محمد عبد الرحمن نصير ـ
رحمه ال ـ كان عضوا فى حزب الحرار الدستوريين وكان يأخذ بمبادىء الخوان المسلمين فلم يكن هناك تناقض أبدا لن أسلوبه
وكلمه فى المجلس وفى المجتمعات خاص بدعوة الخوان المسلمين إنما الصفة الحزبية التى عرف بها فى بادىء المر أنه كان “
أحرار دستوريين “ وأنا نفسى كنت فى الهيئة أو اللجنة المركزية لحزب الوفد فى القليوبية ولكن بعد أن تبينت لى فكرة الخوان
وأهدافهم ومناهجهم واقنعت بها تماما كنت ل أعمل إل من أجل الخوان المسلمكين رغم أن لى صفة أنى عضو فى لجنة الوفد فمع
ذلك لم يكن هناك جمع بين صفتين بصورة عملية ..لقد كنت عضوا فى لجنة الوفد وعضوا فى الخوان المسلمين ومحمد عبد
الرحمن نصير كان عضوا فى الحرار الدستوريين والخوان ولكن هناك حقيقة ل بد أن تقرر وهى :أننا إخوان مسلمون قبل كل
شىء . “ ..
ونتابع المقولت وبشكل أدق “ التقولت “ التى قيلت وتقولت فى حق الخوان المسلمين وقال الكاتب المريكى ريتشارد ميتشل فى
كتابه “ الخوان المسلمون “ فى معرض حديثه عن الخلف الذى ثار حول اختيار من يخلف المام الشهيد فى السماعيلية بعد أن
قرر النتقال للقاهرة وانشق البعض على اختيار الممثل المنتخب وطعنوا بعدم كفاءته فى المور الدارية ولكن المام الشهيد أعلن
وبموافقة دائنى الجماعة على تحمله شخصيا مبلغ القروض المقدمة للجماعة بأسرها وعندما أعلن ذلك قدمت ا لتبرعات الخاصة
لتمكينه من سداد الديون بالكامل .
قال ميتشل :ثم قدم المنشقون وكان من بينهم أمين صندوق الجماعة بلغا رسميا ضد البنا متهمين إياه بإساءة استخدام أموال
الجماعة وذلك بتوزيعها على الشعب الجديدة ومن بينها الشعبة التى يرأسها شقيقه فى القاهرة وقد أصدر النائب قرارا ببراءة البنا
من التهمة التى أعترف المدعى بأن العضاء أنفسهم يؤيدون تصرف البنا ..واقتنع البنا أن هؤلء الرجال قد فقدوا إدراكهم لطبيعة
الجماعة وإيمانهم بطاعة القيادة وبأن من الواجب فصلهم إل أنهم استقالوا قبل أن يقدم على اتخاذ هذا الجراء ليشنوا حملة من
الشائعات حول خطورة الجماعة وعملها السرى وليشددوا بالذات على وقوفها ضد “ حرية الرأى “ ..وذلك هو الخلف الوحيد فى
حياة الجماعة ..فى عهد البنا ـ الذى توجد له رواية رسمية بهذا الشمول ..
ويرد الستاذ التلمسانى على هذه المقولة قائل “ :ل لم يكن هذا هو الخلف الوحيد كما يقول ميتشل ففى عهد المام الشهيد حصلت
خلفات كثيرة منها استقالة الخ أحمد السكرى وكان وكيل للجماعة ثانيا انشق فريق من الخوان وكونوا ما يسمى بجماعة “ شباب
محمد “ كما انشق فريق آخر وكون جماعة “ الشباب المسلم “ ..هذه الخلفات أمر طبيعى فى أية جماعة من الجماعات وفى أى
هيئة من الهيئات ل يمكن أن يجتمع رأى اللف من الناس فهو يعتقد أنه فى مجال المساواة فى فهم حسن البنا لدعوة الخوان
المسلمين ويريد أن يتجه بهم اتجاها غير الذى أنشئت من أجله جماعة الخوان المسلمين كانت هناك خلفات وانشقاقات ولكنها كانت
مسألة عادية للغاية ولو أن حسن البنا كان يستغل ـ كما ردد البعض ـ أموال الخوان لظهرت عليه أعراض الثراء لقد كان يكتفى
بمرتبه ما بين 10جنيهات وهذا الذى كان ينفقه على نفسه وأهل بيته وكان كل الشتراكات التى تأتى للخوان المسلمين تودع ـ
كما هو معروف فى موضعها عند أمين الخزانة وتطلع عليها اللجنة المالية ويحاسب عليها قرشا بقرش وما كانت الشتراكات ذات
قيمة حتى يقال :ان الشهيد البنا كان يستغلها أو يستعملها ونفس الوفد انشق وحدث فيه تشكيل “ الكتلة “ والدستوريين كانوا جزءا
من الوفد وأصبحوا “ أحرارا دستوريين “ وانشق أيضا فى الوفد السعديون كل الهيئات لم يكن يمكن أن تتفق آراؤها مائة فى
المائة مع بعضها البعض .
أما الخطاء والنقسامات التى يبالغ فيها البعض ممن لهم غرض فى ذلك فأقول :ل ..الجماعة كانت مدرسة يتربى فيها الشباب
والشباب تتفاوت مراتب ذكائه وفهمه وعلمه بعض الشباب يكون على شىء من الحاطة بالعلوم العامة والبعض الخر يكون عنده
قدرة على الخطابة والكلم ..مثل هذا ا لشباب يحظى بمكانة فى صفوف الشباب ويقدرونه ويعطونه منزلة خاصة وأحيانا يتسرب
الغرور فى نفس هذا الشخص الذى أخذ موضعا معينا فى صفوف الخوان حتى أنهم يعرفون فى الحتفالت على أن فلنا ل بد أن
يتكلم من موقع حبهم وتقديرهم له فالغرور يعمل أثره فى نفوس هذا الشباب فيبدأ فى التفكير فى مسائل ل تتمشى مع السلوب الذى
لعبه الستاذ البنا والهدف الذى يتبعه الستاذ البنا والهدف الذى يرمى اليه فيبدأ فى الكلم وإثارة أقوال ضد الفكرة وإثارة أخطاء ضد
الستاذ البنا فينتهى المر أن الخوان ـ بعد أن كان له مكانة عندهم ـ ينصرفون عنه ويعتزل الخوان ويبعد عنهم ..كما حصل
بعدد من الناس الذين أنشقوا من الخوان وكانت كل معرفة الناس لهم عن طريق الخوان المسلمين " ..
ولقد كان من أهم دعائم تقوية الروابط بين الخوان وتشكيلتهم المختلفة المؤتمرات التى عقدت خلل الثلثينات والتى أثرت الفكر
الحركى والتنظيمى للجماعة وساهمت فى وضع الطر التى حددت مسار الحركة وتقييم نشاط الحركة واندفاعهخا الى آفاق أرحب
وأشمل لنشاطات الجماعة ومدارسة لحوال الجماعة وإعداد العدة للمستقبل ..هذه كانت الفكرة الصيلة والمبدئية لمؤتمرات الجماعة
وقد عقد المؤتمر الول للخوان وأطلق عليه اجتماع مجلس الشورى العام ( وحضره نواب فروع الخوان المسلمين بالقطر المصرى
بمدينة السماعيلية يوم 22صفر سنة 1352هـ ( ) 1936وكان للخوان المسلمين فى ذلك الوقت 15شعبة بالقطر المصرى
وكانت أهم توصيات المؤتمر الول للخوان توصية بتشكيل مكتب الرشاد العام من عشرة أعضاء وعقد المؤتمر الثانى فى بورسعيد
وكانت أهم توصياته تكوين شركة صغيرة لنشاء مطبعة للخوان المسلمين وعقد المؤتمر الثالث فى عطلة عيد الضحى عام 1353
هـ وأصدر هذا المؤتمر توصيات هامة حول بعض التغييرات فى مكتب الرشاد ومواصلة الكتتاب لتغطية حصص الشركة المساهمة
الخاصة بالمطبعة وتنشيط جريدة الخوان المسلمين وإنشاء صندوق الدعوة للنفاق على نشر الدعوة وتعيين الوعاظ والموظفين
للقيام بأعباء الدعوة وتحديد منهاج الخوان المسلمين وتحديد مواقف الخوان من غيرهم من الهيئات وتحديد درجات ومراتب العضو
داخل الجماعة وهى الخ المساعد الخ المنتسب الخ العامل الخ المجاهد كما حدد المؤتمر الهيئات الدارية للخوان المسلمين وهى
:المرشد العام ـ مكتبق ا لرشاد ،ـ مجلس الشورى العام ـ نواب المناطق والقسام ـ نواب الفروع ـ مجالس الشورى المركزية
ـ مؤتمرات المناطق ـ مندوبو المكتب ـ فرق الرحلت ـ فرق الخوات .
كما وضعت لئحة الزكاة والحج وتحديد الخطوط المالية للجماعة ـ ثم جاء المؤتمر الرابع عام ( 1356هـ ) وبدأ من خلل موكب
مهيب للخوان بلغ أكثر من 200ألف فى أكبر حشد شهدته مصر فى تاريخهاالحديث يهتفون * ( ال أكبر ول الحمد ) السلم منقذ
النسانية ،القرآن الكريم دستور الدنيا ـ ومن يتبع غير القرآن قانونا فقد ضل ـ نبايعك على كتاب ال وسنة رسوله وكان هذا
الموكب احتفال بحضور الملك فاروق وتسلمه مهام العرش وقد ثارت شبهات حول هذه النقطة سنرد عليها فى حينها ثم جاء المؤتمر
الدورى الخامس عام 1357هـ حيث أوصى بتشكيل لجان دستورية وقانونية وعلمية وفنية ومطالبة الحكومة المصرية بسن
تشريعات لحماية الخلق والعقائد ورفع هذه القرارات للملك فاروق والجهات المختصة ونشرت قراراته بصحف الجماعة وخاصة "
النذير " لسان حال الجماعة وكان المؤتمر الخامس من أهم مؤتمرات الدعوة حيث طرح الخوان من خلل " النذير " وعلى لسان
مؤسس الجماعة المام ا لشهيد حسن البنا كلمة جامعة لدعوة الخوان :تاريخها وأهدافها ومواقفها من الهيئات والشخاص
والحوادث وهكذا ساهمت المؤتمرات العامة للجماعة والتى تلتها وجاء فيما بين مواعيد انعقادها المؤتمرات القليمية للجماعة فى
رسم الخطوط العريضة لحركة الجماعة وأهدافها ومواقعها داخليا وخارج إطار الجماعة فى مواجهة المواقف والحداث المختلفة
والمتعاقبة وأبرزت دور ونشاط الحركة علىالساحة الجماهيرية والسياسية .
ويقول الستاذ عمر التلمسانى :المؤتمرات عادة معروفة الهداف فكل هيئة أو جماعة أو حزب يستعرض بين حين وآخر المهام التى
قام بها والوعود التى تحققت والمدى الذى وصل اليه انتشاره وشرح برامجه التى تنضح فترة بعد أخرى فكان كل مؤتمر يعقد فى ا
لقاهرة يغشاه الخوان وكذلك كان يحضره كثير من الهيئات الخرى وما كانت هذه المؤتمرات قاصرة على الخوان فقط ولكن كثيرا
من أعضاء الحزاب الخرى الذين كان يدفعهم حب الستطلع لحضور هذه المؤتمرات ليعرفوا ما يدور داخلها وكانوا يستقبلون من
جانب الخوان بالترحاب والتقدير وكان المام الشهيد حسن البنا يتولى الخطابة فى غالب هذه المؤتمرات وحده ليشرح بدء قيام
جماعة ا لخوان المسلمين والتطورات التى ل زمت هذه الجماعة من وقت قيامها الى وقت انعقاد المؤتمر ويشرح لهم البرامج وما
تحقق منها وما لم يتحقق ويعرض عليهم آمال المستقبل وما ينتوى أن يفعله الخوان المسلمون ..وفكرة المؤتمرات قد أصبحت
مؤتمرا للمن الغذائى ومؤتمرا اقتصاديا وغيرها من المؤتمرات كل هذه المعانى فى هذه المؤتمرات اقتبست من جماعة الخوان
المسلمين يوم أن كانوا يعقدون هذه المؤتمرات لمدارسة أحوالهم واسترجاع تاريخهم وما يعدونه للمستقبل وحتى ذلك الحين لم تكن
بعد المؤتمرات فى الدول الجنبية أخذت وضعها الصحيح الذى هى عليه الن فكان الخوان المسلمون أسبق من غيرهم فى إقامة تلك
المؤتمرات ولقد كانت هذه المؤتمرات ضرورة من ضرورات نشر الدعوة وفى العصر الحديث الذى نعيشه نرى أن بعض الدول ذات
التجاهات المعروفة تعقد مثل هذه المؤتمرات بين فترة وأخرى ويجتمع فيها الذين يؤمنون بمبدأ تلك الدولة من مشارق الرض
ومغاربها يتدارسون شئون مبدئهم ومدى انتشاره والمعوقات والمور التى تساهم فى انتشار الفكرة وكانت ضرورة للخوان ليتبين
للناس حينا بعد حين مدى توفيق الجماعة فى خطواتها وما هى المعوقات التى وقفت فى طريق انتشارها .ز وإذا تتبع النسان هذه
المؤتمرات مؤتمرا بعد مؤتمر لتبين له الخطوات التى خطاها الخوان المسلمون وما وصلوا اليه فى المؤتمر الذى يعقد وتنشر وقائع
وتوصيات المؤتمر فى مجلت الخوان المسلمين " والمباحث و" النذير وغيرها " .
ثم جاء المؤتمر السادس وهو آخر المؤتمرات العامة للدعوة وأقيم بدار المركز العام بالحلمية الجديدة فى 9يناير سنة 1941
وحضره عدد كبير من الخوان فى القاهرة والقاليم وقد طرق الستاذ البنا موضوعين جديدين هما :الشركات الجنبية فى مصر
وكانت حوالى 230شركة تقريبا ونبه " الخوان المسلمون " لخطورة وجود هذه الشركات وسيطرتها على اقتصاد البلد وامتصاصها
لخيرات مصر أما الموضوع الثانى فكان عن الملك فاروق الذى كان محطا لمال الشعب بعد توليه العرش وذكر المحاولت التى تبذل
ليغار صدر الملك فاروق على الخوان ونفى أن الخوان أعداء للملك ..وهكذا كان المؤتمر السادس خاتمة هذه ا لمؤتمرات
واستغنى عن أسلوب المؤتمرات بنظام الهيئة التأسيسية والمكاتب الدارية وتسلسل القيادة .
ثم أضيفت دعامة جديدة للحركة وهى خطوة إنشاء فرق الكشافة أو الجوالة وهى التى ضمت شباب الدعوة السلمية ويثير الكاتب
صلح عيسى شبهة حول هذه الفرق قائل " :وفى استعراضه لملمح المساندة التى قدمتها أحزاب القليات السياسية الى الخوان
المسلمين فى حربهم للوفد وضد أحمد حسين أن حكومة السعديين قد سمحت للخوان بإنشاء " الجوالة " التى كانت تشكيل شبه
عسكرى برغم أن القانون المصرى كان يحرم قيام تشكيلت من هذاا لنوع فقد تضخمت جوالة الخوان المسلمين حتى وصلت الى
عشرين ألفا كان باستطاعة الخوان تعبئتهم فى أى مكان شاءت . " ..
ويرد الستاذ التلمسانى على هذه المقولة قائل " :هذاالكلم مسموم ومغرض لن الكشافة نظام معروف فى العالم كله وفى مصر
نفسها وقبل أن تنشىء جماعة ا لخوان المسلمين نظام الجوالة كانت توجد فى مصر كشافة ومنشآت جوالة وكانت منتشرة فى
المدارس الثانوية فأنشىء نظام الجوالة خلل الثلثينات فى ظل الظروف ولم يسمح به أحد ولم يمن به أحد على الخوان المسلمين
لن بعض الجمعيات الخرى كالشبان المسلمين وغيرهم كانت لهم كشافة فنظام الكشافة ليس بنظام عجيب ول هو بنظام ممنوح
للخوان المسلمين بصفة استثنائية ولكنه كان نظاما معروفا وليس كما يقول صلح عيسى أو د .عبد العظيم رمضان ومن نحا نحوه
ووضع السم بين ثنايا السطور التى كتبها فى مؤلفاته ليشوهوا مظاهر الخوان المسلمين .
حقا إن جوالة الخوان المسلمين كانت تمتاز على الجوالت الخرى فى القطر المصرى بعدة ميزات :كانت جوالة نظيفة من حيث
الخلق وكانت جوالة تؤدى الواجبات الدينية فى حرص حتى أنه عندما بدىء فى تنظيم الجوالة قام خلف فقهى شديد بين أعضاء
الجماعة الخوان المسلمين فيما يختص بلبس الجوالة القصير الذى يعلو الركبة فكان كثير من الخوان يعارضون فى هذه الملبس
والبعض الخر يؤيدونها وانتهى المر بالتفاق بينهم على أن هذا المر ليس بمستنكر فى شرع ال سبحانه وتعالى وأن كشف الرجل
لما فوق الركبة ليس فيه ما يخالف الشريعة السلمية وكانت الجوالة لها مظهرها المحترم الرهيب وأراد الستاذ البنا أن يشعر الملك
فاروق بقوة الجماعة كما أراد أن يفهمه من طريق خفى أن عليه أن ينصرف عن المنكرات التى يرتكبها والستهتارات التى يقوم بها
وأن فى مصر شبابا مستعدا لحماية هذا ا لدين حماية فعلية ففى أعقاب عودته من الخارج عام 1937استقبلته جوالة الخوان
المسلمين استقبال رائعا أدهشه هو نفسه وما كان الستقبال احتراما للملك أو ترحيبا به وإنما كانت الفكرة من وراء هذا الستقبال أن
يبشعر الملك وعن رؤية واقعة بمدى قوة هذه الجماعة وأنها تستطيع ان تفعل الكثير ..وليست كما يقول ريتشارد ميتشل * إنها
لعبت خلل الحتفال باعتلء فاروق العرش أول أدوارها الهامة كقوى " للنظام والمن " ـ وحقيقة لو أراد الستاذ البنا كما يشيع
المغرضون أن يحدث حدثا لفعل ولكنه كما هو مكتوب فى رسائله أنه ل يلجأ الى العنف ول الى الثورات وأنه يريد أن يربى الشعب
تربية إسلمية حتى يتم وعى الشعب الكامل عن طريق الشعب نفسه لنه إذا كان الشباب الذى يتخرج من الجامعة كله أو غالبيته
يدين بمبادىء الخوان المسلمين فهم الرجال الذين سيتولون شئون هذا ا لبلد ومختلف المؤسسات من قضاء الى طب الى وزارات
وغيرها فما دام الخوان أو جيل مصرى قد تربى تربية إسلمية سيتم التغيير بأسهل وسيلة ومن غير عنف أو صراع وهذه كانت
الفكرة السائدة فى ذهن الستاذ البنا وهو ما دعا يوما الى عنف أو تحريض .. " ..
وكانت أيضا دعامة قوية وهامة لنشاط جماعة ا لخوان وهى "حديث الثلثاء " وهو الحديث الذى ظل المام الشهيد حسن البنا
حريصا على إلقائه من أول يوم عرفت فيه دار الخوان سنة * 1936ولعدة مرات انتقلت دار الخوان لعدة أماكن ومع انتقالتها كان
يكثر عدد حضور هذا الحديث أو الدرس وتحول حديث الثلثاء لمؤتمر أسبوعى لبحث قضاياالساعة يمثل فيه شعب الخوان وعدد
كبير من أبناء الشعب وطغى حديث الثلثاء على شعبية غيره من صور اللقاء سواء فى صورة احتفالت أو مؤتمرات وجذب اليه
الكثير من الشباب والرجال ولم يجتمع أبناء الشعب حول فرد أو سلطة مثلما اجتمعوا حول آراء وأفكار وبلغه وعطاء الشهيد المام
حسن البنا ولقد تحول حديث الثلثاء الى منبر وطنى وعقيدى وساحة للفكر السلمى ومركز للشعاع والستناره وكل من عاصر هذه
الفترة يعرف ما كان يمثله هذا اللقاء السبوعى لدرجة كانت تضيق معه الشوارع المحيطة بالمركز بمن فيها من الناس الذين
تجمعوا لسماع الستاذ البنا وضاقت معها صدور عناصر النفوذ من النجليز والسراى والحزاب لقدرة المام الشهيد على أن يجمع
كل أبناء الشعب وطوائفه حوله ..
وهكذا كانت فترة الثلثينات من أزهى عصور الدعوة التى حملت لواءها جماعة الخوان المسلمين حيث استطاعت تكوين أرضية
جماهيرية واسعة ومترامية عبر أقاليم ومديريات القطر المصرى بدءا بمدينة السماعيلية وانطلقا من القاهرة لتشكيل الشعب
الخوانية التى وصلت الى حوالى الفى شعبة فى مدن ومراكز وقرى ونجوع وكفور القطر وانتشارا من خلل البعد العلمى وأثره
والذى أدركه وفهم أبعاده المام الشهيد فكانت مجلت وجرائد الخوان المتعددة كما استطاع المام الشهيد أن يضع النظام الفكرى
والحركى والتنظيمى للحركة بالمساهمة مع أفكار أعضاء الخوان على كافة مستوياتهم التنظيمية ولم تقبع الحركة داخل الحجرات
المقفلة أو داخل دور العبادة وإنما خرجت لتقول كلمتها فى المواقف والمور والحداث التى تحدث داخل وخارج القطر ا لمصرى
فكانت جهود الخوان فى مقاومة موجات التبشير ودورهم فى مساندة القضية الفلسطينية عام 1936والوقوف الى جانب الفلسطينيين
فى نضالهم ضد المؤامرة النجليزية ـ اليهودية فى انتزاع حقوق الفلسطينيين فى ا لوجود والحياة فوق ارضهم ثم كان ذلك الحشد
الضخم عند مقدم الملك فاروق لعتلء العرش واتجاه الخوان لتنمية البعد القتصادى بإنشاء شركة المعاملت السلمية للخوان
المسلمين .
ولكن يبقى هناك سؤال على بساط البحث حول تقييم الحركة لنشاطها خلل الثلثينات انطلقا لتطور حركتها يقول الستاذ التلمسانى :
" الخوان المسلمون كانوا يتبعون ول يزالون فى تحركاتهم السلوب الذى يتبعه الرسول صلى ال عليه وسلم ـ فهم ليدعون الى
عنف أو صدام وهم يعلمون تمام العلم أن نتيجة الصدام بين المواطنين وبين الحكومة وقيادة الجيش فيه خسارة على الوطن
ومصلحة لعداء هذا الوطن وهم حريصون على خدمة وطنهم وعلى أل يستفيد أعداء السلم والوضع الطبيعى الذى أسفر
عنهالتاريخ منذ وجود سيدنا آدم عليه السلم وحتى اليوم أن كل شىء يولد صغيرا ثم يكبر فإذا كان الخوان المسلمون قد بدءوا قلة
وبدءوا متواضعين ثم اشتد ساعدهم شيئا فشيئا فهذا شأن كل شىء فى هذه الحياة إنما ماذا نفعل للذين يريدونأن يصوروا أو
يشوهوا كل تصرف من تصرفات الخوان المسلمين بأنهم كذا وكذا ..وحسبنا أننا اتهمنا بأننا شيوعيون ورأسماليون وأنصار القصر
والقطاع ول يمكن أن يكون الخوان أنصارا لى طرف من هذه الطراف لن النفور تحقق بين هذه الهيئات وهو نفور ل يدعو الى
وئام ول الى اتفاق أو سلم ..فكل ما ينسب الى الخوان المسلمين فى هذه الناحية محض افتراء ول أساس له من الصحة لنه
يتنافى تمام المنافاه مع مبادىء هذه الدعوة التى تدعو الى روابط اللفة والمحبة من الجماعات أو للنسان والفرد يولد طفل ل
يستطيع أن يتحرك ثم يجلس ل يستطيع أن يسير ثم يسير متعثرا الى أن تستقر أوضاعه ويصبح شابا يضرب فى نواحى الحياة هكذا
حال الجماعات تنشأ صغيرة وتكبر شيئا فشيئا ليس فى هذا غرابة أبدأ .
كما يتحدث عن خطة الشباب وهى من أهم الدعامات التى ارتكزت عليه دعوة الخوانالمسلمين فيقول الستاذ التلمسانى " :كل خير
فى هذه الدعوة كان وليد تفكير الستاذ البنا ولكنه رضوان ال عليه إذا فكر فى أمر من المور ما كان ينفذه من تلقاء نفسه ولكنه
كان يعرضه على مكتب الرشاد ويقول :إن لديه اقتراحا فإذا أقره خرج الى حيز التنفيذ وإن لم يقره يرجأ الى حينه ودعوة الخوان
المسلمين أصل تقوم على تربية الشباب ول تقوم على تعليم الشباب ـ وفارق بين التعليم والتربية ـ فالتربية هى ا لتنفيذ الفعلى
لتعاليم السلم كما كان رسول ال صلى ال عليه وسلم الذى وصف بأنه قرآن متنقل ـ قرآن يسير على قدمين ـ هذا ما كانت تعنى
به دعوة الخوان المسلمين وما يزالون يعنون حتى الن بفكرة التربية يريدون أن يقيموا شبابا حرا نظيفا طاهرا مؤمنا بدينه
وعقيدته كله رجوله وصراحة وشجاعة ووضوح وكانت هذه المسائل تشغل بال الخوان المسلمين منذ قيامها الىالن فنحن ل نعنى
بالناحية العلمية إل بلقدر الذى يصحح تعاليم ديننا إنما الذى يهمنا فعل أن نربى شبابا على كل المعانى التى يعنى بها السلم من
وفاء ونتمنى أن يكون شبابنا كله فى مصر على هذه الصفات " .
وهكذا ظهر الخوان المسلمون بشكل فعلى وواقعى على خريطة الحياة السياسية وسرعان ما بدأت المواجهات والصدامات مع القوى
الذى خشيت أن يهدد وجودها تلك الشعبية العارمة لجماعة الخوان بدءا بالحزاب والنجليز ..وهكذا جاءت الصدمات بسرعة نحو
الجماعة وكان البتلء والختبار ..والمحن .
الباب الثانى -عقــــد الصدمــــات
واشتعلت الحرب العالمية
إنشاء النظام الخاص
حرب فلسطين
حكايتنا مع النقراشى
مؤامرة إغتيال الشهيد
هذه هى مواقفنا
الفصل ارابع
واشتعلت الحرب العالمية
دقت طبول الحرب ودوى صوت المدافع والبارود فى أجزاء متفرقة من العالم إيذانا باشتعال الحرب العالمية الثانية من سبتمبر عام
1939بين الحلفاء ودول المحور ومع دق طبول الحرب سقطت وزارة محمد محمود باشا وألف على ماهر باشا الوزارة فى
أغسطس عام 1939وبدأت مع وزارته حرب من نوع آخر حول سؤال مصيرى هل تدخل مصر الحرب مع بريطانيا أم ل تدخل ؟
واستمرت هذه المعركة فترة طويلة انقسمت فيها الحزاب وتشتت بين مؤيد ومعارض لدخول الحرب مع النجليز فكان هناك فريق
السعديين وكان يرى دخول مصر الحرب فورا مع انجلترا وفريق الوفد ويرى دخول مصر المشروط باستجابتها للمطالب الوطنية
وفريق ثالث وهو الوزارة ورأى عدم دخول مصر الحرب .
وكان للخوان موقفهم المحدد من تلك القضية والذى حدده المام الشهيد حسن البنا حين بعث بمذكرة الى على ماهر باشا رئيس
الوزراء بعد اندلع الحرب بأيام حدد فيها رأى الخوان فى موقف مصر الدولى قال فيها " يا صاحب الرفعة إن موقف مصر الدولى
يجب أن يكون واضحا صريحا ويجب أل تتورط الحكومة فى شئ ل شأن لها فيه ول صلة لها به إننا أمة مستقلة تمام الستقلل
بحكم القانون الدولى وبيننا وبين انجلترا معاهدة قبلها من قبلها تحت ضغط ظروف وأحوال خاصة ل على أنها غاية ما ترجوه مصر
ولكن على انها خطوة فى سبيل تحقيق الهداف المصرية السلمية وتنص المادة ( )7من هذه المعاهدة على أن مساعدات مصر
لنجلترا إنما تكون فى داخل البلد المصرية ومحصورة فى حدود معينة ..ولقد ظلت مصر وفية كل الوفاء بهذه التعهدات وعملت فى
ذلك أقصى ما يمكن أن يعمل فكل زيادة على هذا ل يمكن أن يقبلها مصرى أيا كان لونه الحزبى أو السياسى وكل زيادة على هذا
تفريط وتصنيع لحقوق هذا الوطن وجناية على هذه ا لمة الناهضة الوفية .
فالخوان المسلمون وهم الذين يرون فى المعاهدة المصرية ـ النجليزية إجحافا كبيرا بحقوق مصر واستقللها الكامل يريدون من
حكومة مصر أن ل تتجاوز هذه ا لحدود المرسومة على ما فيها من اجحاف بأية حال ومهما كانت الدوافع اليه وأن تنتهز كل فرصة
للستفادة من الظروف الحاضرة وتكسير قيود الحتلل التى تقيد حريتنا واستقللنا وحقوق نهضتنا فإن اعتدت علينا أية دولة ونحن
فى ارضنا فكل شبر من مصر الغالية فداؤه الدماء والرواح والموال والبناء والخوان المسلمين حينئذ على أتم استعداد لن يذودوا
عن حياض هذاالوطن بكل ما يملكون من نفس ومال وإن الدول الوربية يا رفعة الرئيس مهما كان لونها ل عهد لها ول ذمة ومهما
تظاهرت بالحياد والمودة فإنها تخفى غير ما تظهر ول تتردد فى تكذيب نفسها إذا وجدت مصلحتها فى هذا التكذيب فمن واجبنا أن ل
ننخدع بحياد محايد بل ل بد من الستعداد التام بكل معانيه وبكل سرعة وهمة وحتى نواجه الخطر ونحن على تمام الهبة فلنقف
موقف الحياد وسنعمل جاهدين للستعداد " *.
كما تناولت المذكرة رأي الخوان فى الصلح الداخلى وتحديدا دقيقا وشامل لماهية الخوان المسلمين ودورهم ودعوتهم .
وهنا نورد مقولة د .عبد العظيم رمضان حيث يقول :كان موقف حزب مصر الفتاة وجماعة الخوان المسلمين أقل شجاعة من
موقف صدقى باشا ..لقد كان موقف الخوان المسلمين محسوبا بدقة ومشوبا بالحذر الشديد وقد تحاشوا فيه التناقض الضار الذى
وقع فيه حزب مصر الفتاة فبينما أوضحوا عدم تأييدهم لمعاهدة 1936إل أنهم رأوا أن تعنى مصر بالتزاماتها دون زيادة ثم أيدوا
دخول مصر الحرب إذا اعتدى على اراضيها " .
ويقول الستاذ التلمسانى ردا على المقولة " :للدكتور عبد العظيم رمضان أن يقول ما يشاء فالكلم ل ثمن له ويستطيع أى انسان أن
يختلق من الوقائع غير الصحيحة ما يشاء ما دام ل حساب هناك عليه والحقيقة أن موقف الخوان المسلمين من تلك الحرب كان هو
الموقف الواضح الصحيح الذى كان يجب أن يفعله كل مسلم ومواطن يعرف قيمة الوفاء بالمعاهدات الدولية ولقد كان بيننا وبين
انجلترا معاهدة وقعت عام 1936وأقرها ممثلو الشعب فى ذلك الوقت سواء كان انتخابهم صحيحا أو مزيفا أقرها مجلس النواب
وأصبحت معاهدة دولية من الواجب الوفاء بها ولم يكن فى قدرة مصر عسكريا أن تتنكر لهذه المعاهدة فى ذلك الحين والسلم يأمر
المسلمين بأن يفوا بالمعاهدات حيث يقول ال سبحانه وتعالى " :يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود " فكل عقد يعقده المسلم مع غيره
مسلما كان أم غير مسلم يجب عليه الوفاء بهذا العقد فالستاذ البنا أو ممثل الخوان المسلمين قال :إن بيننا وبين انجلترا معاهدة
ويجب أن نعنى بالتزاماتنا تجاه هذه كمعاهدة على أل نزيد وهذا موقف سليم مائة فى المائة وموقف رجولى وبطولى ول معاهدة ما
كانت تلزمنا بأن نهاجم أعداء انجلترا ولذلك قال الستاذ البنا :إننا ل ندخل الحرب إل إذا هوجمت مصر بالذات فإذا لم تهاجم فل
شأن لنا بهذه المسألة ولكننا نفى بتعهداتنا فى هذه المعاهدة فالموقف كان واضحا كل الوضوح ل لبس فيه ول غموض ولكن البعض
يريدون أن يحملوا اللفاظ مال تحتمله أو يريدون أن يعملوا من " الحبة قبة " ليعرفوا بين الناس أو يعرف الناس أنهم يكتبون فى
التاريخ وأنهم يناقشون أقوى جماعات مصر والمثل الذى يقول " خالف تعرف " كان سنتهم فى تلك الكتابات فما كان واحد يكتب ضد
الخوان المسلمين إل ليعرف فى جنبات مصر والذين يعرفون الستاذ عبد العظيم رمضان حق المعرفة ـ ولم يكن لى حظ فى التعرف
عليه حتى الن ـ يحدثوننا عنه كثيرا ويقولون عنه :ما يعرفة هو عن نفسه بالذات "
ول يفتأ د .عبد العظيم إل أن يلقى بسهم آخر من جعبته المليئة بالمغالطات حول الخوان المسلمين فيقول * حول اندلع مظاهرات
الى المام ياروميل " من جموع الطلبة الزهريين وأما الخوان المسلمين فإن نفوذ القصر وعلى ماهر باشا كان يمارس من خلل
هذه الجماعة كما يقول " كيرك " وقد أشرنا الى انه كان يعزى اليهم الدور الول فى إيجاد تيار الدعاية والكراهية ضد بريطانيا فى
خريف عام 1941وذكر أنه حينما طلب النجليز من رئيس الحكومة اعتقال البنا لم يلبث أن أطلق سراحه " بضغط القصر " فيما
يظهر والذى قيل إنه يمده بمعونة سخية وواضح أن النجليز كانوا يهدفون من اعتقال حسن البنا وكبار أعوانه الى تقليم أظافر
فاروق وعلى ماهر باشا وحرمانهما من أداة يمارسان من خللها نشاطهما بين الجماهير الشعبية العريضة ومع ذلك نلحظ أن حسين
سرى باشا لم يتهم الخوان بأى دور فى تحريك المظاهرات .
ويرد الستاذ عمر التلمسانى على هذه المغالطات قائل " :هذا الكلم ل أساس له من الصحة علىالطلق وإنما الذى دعاهم الى هذا
الكلم أن العداء بين المصريين جميعا وبين النجليز كان عداء طبيعيا لن النجليز يحتلون مصر ويستعمرونها ويستغلون مواردها
ويستفيدون من قطنها ومنتجاتها فى مصانعهم ويحرمون المصريين من هذا فكان بديهيا وطبيعيا أن يكره المستعمر وجود المستعمر
هذه مسألة ل يمكن الجدل فيها سواء كنا " إخوانا مسلمين " أو غير اخوان مسلمين كل الهيئات كانت تتظاهر لنها تكره الستعمار
وتكره الحتلل البريطانى هذه المسألة ليست جديدة والحديث فيها حديث ممجوج لنه إن لم يكن الوضع هو كراهية الشخص المحتل
للشخص الذى احتلة ل يبقى إنسانا بالمعنى المعروف ولكنهم يديرون المسائل وفق أهوائهم فكان العداء بين الخوان المسلمين
والنجليز عداء طبيعيا لدرجة أنهم حين وقعت أحداث القناة فيما بعد كان يقوم بها الخوان ..ول يمكن أن نطالب بأن يحل اللمان
محل النجليز واحتلل أراضينا ونحن إذا كرهنا أن يحتلنا النجليز فالمسألة تنصب على ا للمان أيضا ونحن نريد حرية كاملة بعيدا
عن أى احتلل أو استعمار ..فمظاهرات " الى المام ياروميل " لم تكن وليدة حب المصريين لروميل إنما كان واقعا كراهية
المصريين للنجليز فاتفقت كراهية المصريين للنجليز كمحتلين مع كراهية اللمان للنجليز كمحاربين فى وجهة نظر واحدة ..وما
كان المصريون يفكرون أبدا فى أن تخرج انجلترا لتحل محلها ألمانيا فى احتللنا وإل كنا بلهاء وأغبياء والحمد ل لم يستطع واحد
من هؤلء المغرضين أن يتهمنا بأننا كنا دعاة الى ا لمام ياروميل أو غيرها وكما قلت أكثر من مرة أن تهمة استغلل القصر لنا أو
مساعدتنا للقصر تهمه مدحوضة من أساسها لن الذى قتل حسن البنا هو القصر وعجيب أن يقتل الملك إخوانه وأنصاره كما يدعى
هؤلء .
اعتقال الشهيد المام :
أعادت بريطانيا دراسة حساباتها فى مصر خلل الحرب العالمية الثانية بعد العصيان المسلح الذى قام به رشيد عالى ( الكيلنى ) فى
العراق وأحست أن موقف على ماهر باشا الوطنى باعتباره ذا ميول هدامة بعد استقالته وتشكيل حكومة برياسة حسن صبرى باشا
فى /29يونيو 1940وأصدرت الحكومة المصرية قرارا بنقل المام الشهيد الى الصعيد ثم سمح له بالعودة للقاهرة ثم ألقى القبض
عليه ويلقى صلح عيسى ظلل من الشك حول مقابلة حامد جودة سكرتير الحزب السعدى للشهيد المام البنا فى معتقل الزيتون حيث
قال * " وفى أحد اليام زار حامد جودة سكرتير الحزب السعدى معتقل الزيتون حيث التقى بالشيخ حسن البنا وقضى معه عدة
ساعات واعتذر اليه من اعتقاله ثم ما لبث حسن البنا أن خرج من المعتقل بعدها بقليل ..وعلى الرغم من أن أحدا لم يعرف ماذا دار
بين الوزير السعدى والزعيم الخوانى إل أن الراصدين للتطورات السياسية فى مصر ل حظوا أنه خلل سنوات الحرب وعندما كان
العمل السياسى فى مصر مصادرا بقسوة فإن الخوان المسلمين الذين كانوا حتى ذلك الوقت مجرد جمعية صغيرة ل تختلف فى وزنها
عن مثيلتها كجمعية الشبان المسلمين والجمعية الشرعية قد توسعت بشكل قاس وانطلق خطباؤهم فى ا لمساجد يهاجمون النازية ..
"
ويرد الستاذ التلمسانى على هذا الدعاء قائل " :يؤسفنى أن يزل لسانى بكلمة ..إن هذا كلم حشاشين لماذا ؟ لن الستاذ حسن
البنا لم يكن المعتقل الوحيد فى ذلك الوقت ولكن كان هناك الكثير من المعتقلين من المعروفين بالعمل السياسى فى مصر فليس
اعتقال حسن البنا بعجيب على هؤلء وكون خروج الستاذ البنا قبل غيره فهذا هو الذى يحدث عادة فى المعتقالت وفى كل تاريخ أن
يخرج الناس من المعتقالت أفواجا أفواجا وقد تصادف أن يخرج البنا قبل غيره وبعد غيره ليس فى هذا ما يلفت النظر أو يدعو الى
الشكوك والظنون .. ..وكون حامد جودة قابل الشهيد البنا فى المعتقل فمن البديهى أن أنصار الحكم القائم يحاولون التصال بمن
يتصورون بأنهم معارضون لهم ليحاولوا أن يجتذبوهم الى صفوفهم وكون الخوان المسلمين انتشروا انتشارا لم يصل اليه غيرهم
فهذا ذكاء من الخوان المسلمين واستغلل الفرص التى يستطيعون من خللها أن ينشروا دعوتهم ..كلها هذه الدعاءات عيوب
مفتعلة وافتعالت صغيرة ما كان يصح أن ترصد فى كتب إنما هكذا شاء بعض الناس أصحاب الغراض " .
لقاء المام الشهيد بالنجليز:
ويبدو أن النجليز حاولوا بشكل ملتو إثناء المام الشهيد ورفاقه عن المضى فى مهاجمته النجليز وأعقب لقاءه ..أى المام الشهيد
بوثيقة موجهة لجماعة الخوان المسلمين ويقول ميتشل فى خصوص هذه الواقعة وبعد الفراج عن البنا فى أكتوبر 1941جرى
اتصال بين السفارة البريطانية والخوان المسلمين والواقع أن مسألة من الذى بادر بالتصال ؟ كانت وما تزال موضعا للخلف وعلى
أن الواضح أن التصال قد تم بالفعل وأنه لم يسفر عن نتائج إيجابية والنقطة الساسية هنا هى أ ن الخوان قد رأوا فى فشل
بريطانيا فى “ شرائهم “ سببا لمضايقات النحاس للجماعة أول برفضه ترشيح البنا للنتخابات وثانيا موافقة العدائية المتكررة
تجاههم طوال فترة بقائه فى الحكم وتأكد الخوان بشكل قاطع من الموقف العدائى الثابت للبريطانيين تجاههم حتى ان البنا كتب
رسالة وداع لتباعه فى منتصف عام 1943نتيجة لقتناعه بأن المخابرات البريطانية تعمل جاهدة وتضم هذه الوثيقة ـ التى تحتل
مكانا بارزا فى قائمة القرارات المعروفة للعضاء من المعناه التى تنتظرهم فى مواجهة تزايد العداء الخارجى ويجدر الستشهاد
بجزء من تلك الوثيقة بوصفها انعكاسا لتجاه فكرى أساسى فى الحركة وبوصفها ايضا نوعا من التنبؤ بما سيقع من أحداث .
العقبات فى طريقنا
" أحب أن أصارحكم أن دعوتكم ل زالت مجهولة عند كثير من الناس ويوم يعرفونها ويدركون مراميها وأهدافها ستلقى منهم
خصومة شديدة وعداوة قاسية وستجدون أمامكم كثيرا من المشقات وسيعترضكم كثير من العقبات وفى هذا الوقت وحده تكونون قد
بدأتم تسلكون سبيل أصحاب الدعوات أما الن فل زلتم مجهولين ول زلتم مجتهدين للدعوة وتسنعدون لما تتطلبه من كفاح وجهاد .
سيقف جهل الشعب بحقيقة السلم عقبة فى طريقكم وستجدون من أهل التدين ومن العلماء الرسميين من يستغرب فهمكم للسلم
وينكر عليكم جهادكم فى سبيله وسيحقد عليكم الرؤساء والزعماء وذوو الجاه والسلطة وستقف فى وجهكم كل الحكومات على
السواء وستحاول كل حكومة أن تحد من نشاطكم وأن تضع العراقيل فى طريقكم .
ويستكمل المام الشهيد قائل :أيها الخوة المسلمون اسمعوا :أردت بهذه الكلمات أن أضع فكرتكم أمام أنظاركم فلعل ساعات
عصيبة تنتظرنا يحال فيها بينى وبنكم الى حين فل أستطيع أن أتحدث معكم أو أكتب اليكم فأوصيكم أن تتدبروا هذه الكلمات وأن
تحفظوها إذا استطعتم وأن تجمعوا عليها وإن تحت كل كلمة لمعانى جمه .
أيها الخوان أنتملستم جمعية خيرية ول حزبا سياسيا ول هيئة موضوعة لغراض محدودة المقاصد ولكنكم روح جديدة يسرى فى
قلب هذه المة فيحييه بالقرآن ونور جديد يشرق فيبدد ظلم المادة بمعرفة ال وصوت داو يعلو مرددا دعوة الرسول صلى ال عليه
وسلم إذا قيل لكم :إلم تدعون ؟ فقولوا ندعو الى السلم لذى جاء به محمد صلى ال عليه وسلم والحكومة جزء منه والحرية
فريضة من فرائضه فإن قيل لكم :هذه سياسة فقولوا هذا هو السلم ونحن ل نعرف هذه القسام وإن قيل لكم :أنتم دعاة ثورة
فقولوا :نحن دعاة حق وسلم نعتقد ونعتز به .فإن ثرتم علينا ووقفتم فى طريق دعوتنا فقد أذن ال أن ندفع عن أنفسنا وكنتم
الثائرين الظالمين وإن قيل لكم أنتم تستعينون بالشخاص والهيئات فقولوا " :آمنا بال وحده وكفرنا بما كنتم به مشركين " فإن لجوا
فى عدوانهم فقولوا " سلم عليكم ل نبتغى الجاهلين " .
ويقول الستاذ عمر التلمسانى " :هذه الواقعة لها نصيب من الصحة ولكن على غير الصورة التى أوردها ميتشل فى كتابة عن ا
لخوان المسلمين فعندما قامتالحرب العالمية الثانية كان زعماء انجلترا وفرنسا والوليات المتحدة قد صدرت منهم دعايات وأصوات
تدعو لحماية حقوق النسان وحماية الديمقراطية وإنكار فضيلة بعض الجناس والواقع أن هذه الدعايات وجدت اتساعا وانتشارا
ووجدت مسرى فى نفوس الكثيرين وظنوا مخطئين أن هذه الدول تدافع حقا عن حقوق النسان وعن حريته ومن هذه الوسائل جرى
اتصال من جانب السفارة البريطانية بالستاذ البنا وطلبت منه أن يلقى محاضرات فى الذاعة عن الديمقراطية وحددت له خمسة آلف
جنيه فى المحاضرة الواحدة فسألهم .هل أتحدث عن حقوق النسان والحريات والديمقراطية بمفهومى أنا ومفهوم ا لسلم أم أن لكم
غرضا آخر للحديث عن الديمقراطية فكان جوابهم :إنك تعرف أننا فى حرب مع ألمانيا وأننا نريد أن ينضم الرأى العام العالمى كله
الى جانبنا فإذا تحدثت عن الحريات من وجه نظرنا فيكون لذلك أثر فى الرأى العام العالمى ويساعدنا فى هذا الموقف فقال لهم المام
الشهيد :إن أردتم أن أتحدث فى الديمقراطية والحرية وحقوق النسان فأنا على استعداد أن أتحدث عنها فى الذاعة وبل مقابل على
شريطة أن أتحدث بوجه نظرى أنا ووجهة نظر السلم وليس من وجهة نظركم ..هذا كل ما تم من اتصالت أو كلم أو لقاء فى هذه
" الشوشرة " التى يفتعلها ميتشل وأمثاله وانتهى فيها بأنه قال :إن هذه لم تسفر عن شىء ..والستاذ البنا يوم أن فكر فى هذه
الجماعة ومن يوم أن قامت وانتشرت وكل الخوان المسلمين ـ وليس الستاذ البنا بمفرده ـ يعلمون أن أشد أعداء هذه الفكرة هم
الصليبيون وأن أنصار الصليب ل يريدون أن تقوم للسلم قائمة فى أية بقعة من بقاع الرض ..وكنا جميعا على ثقة كاملة من
عدائهم لهذه الدعوة ولذلك تجد أن شعار الخوان المسلمين أو هتافهم " الموت فى سبيل ال أسمى أمانينا " كانوا يعلمون أنهم
عرضة لمضايقات واعتقالت واغتيالت ولكل شىء كانوا يعدون أنفسهم لهذا فرحين مستبشرين بأنه إذا قتل إنسان منهم فى سبيل
ال فمأواه الجنة والنعيم الدائم عند ال سبحانه وتعالى ..ولقد كان أمرا متوقعا عند جميع الخوان " .
الخلف مع الوفد :
ذكرنا من قبل أن هناك إحساسا تولد لدى الوفد أن ا لخوان المسلمين يسحبون البساط ـ وهو الشعبية والغلبية ـ من تحت أقدامه
وأن الخوان ينافسونه وخاصة فى مجال اجتذاب الشباب رغم محاولته الولى تحسين صلته بالجماعة وتزكية بعض زعمائه لجماعة
الخوان ـ على اعتبار أنها جمعية دينية ل تحشر أنفها فى خضم السياسة ودهاليزها فلم يحاول الخوان المسلمون فى يوم من
اليام أن يدخلوا فى صدام أو صراع مع أية جبهة من الجبهات السياسية المعروفة فى ذلك الوقت وعلى وجه الخصوص " الوفد "
صاحب الغلبية الجماهيرية ولكن سرعان ما سبب النتشار السريع لتشكيلت الجماعة وشعبها قلقا بالغا لدى زعماء حزب الوفد
وسرعان ما تحرك هذا القلق فى اتجاه الحركة والصدام مع الخوان "
ولكن حزب الوفد كان حزب الغلبية وأحس أ ن الخوان امتد نفوذهم الى الشباب واصبح الكثير من هؤلء الشباب يتسللون من الوفد
الى صفوف الخوان وطبعا حرص رئيس حزب الغلبية أنتظل أغلبيته كما هى فل بد أن يفتعل المواقف للصدام مع الهيئة التى
تنافسه الزعامة علىالشعب فحدث ما حدث عندما استدعى النحاس باشا الستاذ حسن البنا وقابله فى " مينا هاوس " وألح عليه أن
يتنازل عن ترشيح نفسه للنتخابات فى السماعيلية بحجة ان موقفه هذا وتصميمه على المضى فى النتخابات أمر ل يفيد الخوان
المسلمين بقدر ما يضر البلد نفسها لن النجليز ل يريدون أن يدخل البنا مجلس النواب ولن الستاذ البنا كان يقدر دائما مصلحة
البلد فاستجاب الى هذا الرجاء وتنازل عن ترشيح نفسه ولكن الوفد ظل على موقفه من الخوان لنها الهيئه الوحيدة التى كان
يستجيب المواطنون لها ولم يكن لحزب الحرار الدستوريين أو السعديين أو غيرهم أى اثر فى نفوس الشعب لنها كانت احزاب أقلية
ل تنجح فى النتخابات إل إذا كان هناك تأثير من الحكومة القائمة لتستبعد الوفد عن مجلس النواب وحلت الشعب تقريبا ولم يبق
غير المركز العام وحاول الوفد بمختلف الوسائل شأنه شأن غيره فى ذلك الوقت أن يشكك الناس فى دعوة الخوان المسلمين
واتهمهم بأنهم يسعون الى الحكم وفى كل هذه الطوار لم يقل الخوان كلمة واحدة تجاه النحاس باشا أو غيره ولكنهم كانوا يستمعون
الى التهامات والشاعات بدون اكتراث لنها تموت من تلقاء نفسها ولنها ل أساس لها من الصحة ولما عجز الوفد عن أن يحتوى
الخوان المسلمين أو أن يضمهم الى صفوفه أسفر عن حقيقة نواياه وأغلق الشعب والمركز العام ولكن لم يكن فى تصرفات الوفد
تجاه الخوان ما انحدر الي غيره من الحزاب أو القصر ـ حقا حصل قبض واعتقال ولكن كل هذا كان يتم فى صورة بعيدة عن
العنف أو ل يجرح مشاعر الناس فى مجالت القبض والعتقال وما كان يمكن أ تكون هناك علقة مودة وصفاء من ناحية الوفد أو
الحزاب ألخرى تجاه الخوان لنه فى الوقت يعتبرون فيه الخوان دعاة لمصلحة هذا البلد وحمله لتعاليم دينه كان الوفد والحزاب
الخرى تنظر لهذه المسألة من زاوية أخرى وهى أن الخوان منافس خطير لهم على زعامة الشعب .وكان هذا المر ل يرضيهم بأى
حال من الحوال لن الوفد كان يعتقد بأنه صاحب الغلبية وصاحب الشعبية وأن المة كلها تثق فيه فلما رأوا إقباللشباب على
مبادىء الخوانالمسلمين راوا أنهم " الخطر الحقيقى " على شعبيتهم فكان ما كان من عدم وفاق واتفاق فى وجهاتالنظر .والحقيقة
أن الخوان المسلمين كان موقفهم موحدا تجاه جميع الحزاب ما كانوا يفضلون الوفد على الحرار الدستوريين ول يفضلون
السعديين على الوفديين ولشىء من هذا القبيل لن النزاع كان على مبادىء والمبادئ لها جذور عميقة والخوان المسلمون كانوا
يريدون أن تحكم مصر بشرع ال وهذا أمر لم يكن وارد ا فى أى برنامج من برامج الحزاب بل كلها كانت راضية لتنفيذ القوانين
الوضعية المر الذى رأى الخوان المسلمون بأنهم ل يصح أن يقبلوه لن حكم ال فوق كل حكم ولذلك أمر ال سبحانه وتعالى فى
كتابه الكريم " :إن الحكم إل ل " أى أن الحكم ل يجوز أن يكون إل بكتاب ال وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم "
ومن نافلة القول :أن الخوان ا لمسلمين لم يرسموا لنفسهم الدخول فى تحالفات سياسية أو النضواء تحت جبهات معينة وإنما
انطلقوا فى دعوتهم مستقلين عن أى ضغوط يمكن أن تمارس عليهم .ولم يهدفوا كما ذكر الستاذ البنا فى مذكراته للوصول الى
كرسى الحكم كما كانت تسعى الحزاب صاحبة الغلبية والقلية البرلمانية أو فى المستوى الجماهيرى .
ويقول الستاذ عمر التلمسانى " :نحن رفضنا أن نكون حزبا لن للحزاب أسلوبا معيبا فى العمل ولن للحزب برنامجا ونحن ليس
لنا برنامج أو منهاج لننا ندين بكتاب ال وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم وهو منهاجنا لهذا ا لمعنى ولننا ل نقر الساليب التى
تتخذها الحزاب سبيل للوصول الى أهدافها ومن بينها الحكم ولم نرض أنفسنا أن نكون حزبا لننا نتبع أسلوبا يخلو من أى غرض
شخصى نحن يرضينا أن يأتى أى انسان من أى حزب يطبق شريعة ال فنتبعه ول نعارضه ونحن لسنا حريصين علىأن يكون
رئيس الدولة من الخوان المسلمين .
وما دام يتبع كتاب ال وسنة رسوله فنحن لسنا ضده هذا ا لذى حال بيننا وبين أن نكون حزبا لننا نعرف كيف تتعامل الحزاب مع
بعضها البعض وكيف تسلك مختلف الطرق التى ل نقرها للوصول الى المجالس النيابية " .
والغريب أن يسعى كاتب مثل صلح عيسى للتقول على ا لخوان حين يقول :وهم أى الخوان ـ ل يقرون بأنهم فصيلة سياسية بين
فصائل أخرى ولكنهم يرون أنفسهم " حزب ال " حيث ل يجوز مع حزب ال أن توجد أحزاب أخرى ,,ونتسائل من أين أتى صلح
عيسى بهذا التصور الغريب ـ إن فكرة الحزبية لم تكن واردة بشكل صريح أو متوارب فى دعوة الخوان المسلمين وكون أنهم ل
يرضون أن يكونوا جزءا من التحالفات السياسية ل يعنى أن يدخلوا ضمن ما وصفه الكاتب " بالنتهازية السيباسية " .
إن حكومة النحاس باشا التى جاءت الى الحكم فى حادث 4فبراير 1942بمساندة الدبابات النجليزية أبت أن يقلق مضجعها وجود
شعبية تقارب شعبيتها وأن تقلق النفوذ النجليزى الذى حرصت تلك الحكومة الوفدية أل تثير قضيته وسادت موجة من التوتر وعدم
استقرار العلقات بين حزب الوفد وجماعة الخوان ثم أغلق النحاس باشا جميع شعب الخوان عدا المركز العام فى نهاية عام 1942
وعقب زيارة لمجموعة من كبار رجال الوفد تغير الموقف ثم عاد للتدهور وهكذا كان " ترمومتر" العلقة بين الخوان والنحاس باشا
مرتبطا بالنجليز ..وهكذا ظل التوتر قائما بين الجماعة والحزب وسرعان ما تحول الى صراعات عنيفة لم يكن الخوان المسلمون
بمثيريها .
الفصل الخامس
إنشاء النظام الخاص
بعد ان استكمل المام الشهيد بناء أركان النظام العام للجماعة وقواعده متمثلة فى مكتب الرشاد والمرشد العام ـ على قمة التنظيم
ـ ونزول فى السلم التنظيمى الى الشعب الخوانية فى مدن وقرى القطر المصرى ..وأحس المام الشهيد بأن الجماعة تمضى فى
تحقيق أهدافها بشكل طيب وإيجابى ولكن ثمة ما ينقص هذه الجماعة وأطال التفكير فى هذه المسالة وهى إيجاد البعد المادى للدعوة
وهو أن تمثل الجماعة الى جانب أدوارها المعنوية فى إيقاظ شعلة الوعى السلمى بين المصريين قوة مادية قادرة أن تبطش بأعداء
الدعوة السلمية وحماية الدعوة من هؤلء العداء وكانت مجريات المور فى تلك الفترة تشير الى ان النجليز يشددون قبضتهم
علىالبلد مستندين الى تحالف طبيعى وتقليدى مع القصر فى حين لم تشكل الحزاب خطرا من أى نوع على وجودهم وخاصة بعد أن
أتوا بوزارة النحاس باشا الوفدية للحكم بالدبابات النجليزية فى حادث 4فبراير .. 1942وفى نفس الوقت كانت تجرى مؤامرة
خطيرة هدفها بيع أرض فلسطين لليهود بتواطىء أنجليزى ولطرد أهل فلسطين من أرضهم التى عاشوا فيها آلف السنين وشعر
الستاذ البنا أن مثل هذه المور تجرى دون أن تجد من يقف لها ويواجهها فالحكومات العربية فى ذلك الوقت ومنها الحكومة
المصرية كانت أسيرة قوى الحتلل متهالكة هزيلة المواقف ل تنفع ول تضر ول تتحرك قيد أنمله لدرء الخطار المحيطة بدولها
وشعوبها .
وهداه تفكيره لنشاء النظام الخاص للجماعة لنه الحل الوحيد لكى يشعر المحتل النجليزى بوجود المقاومة لوجوده غير المشروع
على الرض المصرية ولحماية الدعوة ومواجهة خطر اليهود فى فلسطين وهى الهداف التى قام من أجلها الجهاز الخاص وليس كما
يزعم عباقرة الكتاب الماركسيون من أساتذة التصنيف والتوصيف والتشويه ـ بأنه أنشىء للقيام بالغتيالت السياسية وقلب نظام
الحكم .
ويقول الستاذ عمر التلمسانى " الخوانا لمسلمون أعلنوا أن هذا النظام الذى أنشئ عام 1936كان هدفه الول هو تحرير مصر من
الستعمار البريطانى وإنقاذ فلسطين من اليهود ولكن ا لغراض والهواء كانت دائما تنكر هذا المعنى الحقيقى وتنسب الى الخوان
أن النظام لم ينشأ فى الخوانا لمسلمين إل سعيا وراء الحكم وما من شك أن هذا ا لنظام قام بأدوار غاية فى البطولة بالنسبة للوطن
والساءة الى الضباط والجنود البريطانيين المحتلين كما قام بدورة المجيد فى حرب العصابات فى فلسطين ضد اليهود ـ
والمغرضون ينسون هذه المواقف ول يتذكرون إل أن النظام أنشئ فى الخوان لغرض الستيلء علىا لحكم ومن المسلم به بداهة أن
الشئون التى فيها الشكل العسكرى أو الحربى ـ فى كل دول العالم فإنها تأخذ صورة من السرية وليست هناك دولة فى العالم تطلع
غيرها من الدول على أسرار الجيش حتى المواطنين أنفسهم ل يكونون على علم بالشئون الحربية ول يتدخلون فيها ربما أن النظام
كان الجانب الكبر من دوره الحربى هو مقاتلة النجليز باعتبارهم محتلين ومقاتلة ا ليهود باعتبارهم مغتصبين لرض فلسطين كان
هناك شئ من السرية فى عدم التصريح بأسماء الجهاز وحقيقة وقعت أخطاء من بعض أفراد النظام ولكنها فى مجملها أخطاء
شخصية يجب أل تنصرف الى الخوان جميعا أو ل تنصب على ا لخوان جميعا وهنا لبد أن نقف وقفة مع ما جاء فى مقدمة صلح
عيسى عن هذه الفقرات حيث يقول * لقد سعى حسن البنا الى بناء منظمة من الكوادر تتلقى تربية وإعدادا خاصا وتعد لتكون
( ميليشيا ) سرية مسلحة مهمتها أن تستولى علىا لحكم بتحرك إنقلبى "
ول ندرى كيف استنتج الكاتب استنتاجه هذا وهل دلته نشاطات التنظيم السرى خلل فترات وجوده على وجود هذه النية لدى أفراد
الجهاز ثم ألم يطلع الكاتب على أدوار الجهاز فى مقاومة النجليز بدءا بإثارة الفزع والرعب فى قلوب جنود الحتلل السكارى
المعربدين فى شوارع ومدن مصر وانتهاء بدورهم فى مقاومة اليهود ونحيل الكاتب الى قضايا الوكار وسيارة الجب ـ التى
سنعرض لها فيما بعد ـ لو وجد أن كل هذا من أجل فلسطين وليس سعيا وراء ما يسميه الكاتب بالتحرك النقلبى ـ وربما تكون
هناك أخطاء قد وقعت فى هذا الجهاز وهذا وضع طبيعى لجهاز يشرف عليه بشر وطبيعة البشر الخطأ ـ ولقد وضع هذا الجهاز
لتربية الشباب تربية جادة وإشعارهم بالمسئولية نحو أوطانهم ونحو عقيدتهم ..لقد كان الهدف الول للنظام هو الجهاد فى سبيل ال
دفاعا عن الدين .
نظام السر والكتائب :
ولقد واصل الستاذ البنا إكمال عناصر البناء المتكامل للخوان المسلمين فأنشأ نظام الكتائب ونظام السر .
وبالنسبة لنظام السر يقول الستاذ عمر التلمسانى " نظام السر كان الغرض منه فى الخوان المسلمين تعارف أفراد الخوان بعضهم
على بعض فمثل إذا كان جماعة الخوان أسرة كل أسرة مكونة من خمسة أو سبعة أفراد فرؤساء هذه السر كانوا يكونون بدورهم
أسرا جديدة ولرؤساء السر الجديدة رؤساء ومن بينهم تتكون أسر أخرى وهكذا ..فكان نظام السر فى الخوان يقصد به التعارف
والتعاون والتكامل والحب وإن السرة الواحدة كانت تتكافل فيما بينها فى جميع أوجه شئون الحياة المحتاج يعطيه من لديه والبن
يعطيه المدرس فى أسرته درسا وهكذا كان التكافل بين أعضاء السر على وجه متكامل وبناء وكان المقصود من نظام السر وحدة
الفهم وإيجاد نوع من التكافل بين الخوان المسلمين جميعا ولم يقصد أن يعارض أى نظام آخر .
أما الكتائب فهى أيضا صورة من صور النظام الخاص لم يكن هناك فروق بين هذه التشكيلت وكان الهدف منها جميعا هو إيقاظ
الوعى السلمى فى نفوس المصريين ليعودوا الى تطبيق تعاليم كتاب ال وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم ..وكان هدف الكتائب
هو تحقيق أسلوب التربية العميقة وبشكل مباشر ولعل الستاذ البنا قد اشتقه من اجتماعات دار الرقم بن أبى الرقم حيث كان رسول
ال صلى ال عليه وسلم يجمع المؤمنين به فى ذلك الوقت المبكر ولقد كان لهذا النظام تأثيره العميق علىا لخوان فأفرز هذا النظام
مجاهدين ل يخافون فى ال لومة لئم ودعاة مخلصين للعقيدة وعلماء على بينة من أمور دينهم " ..
أخطــاء عبد الرحمن السندى :
لقد عهد المام الشهيد بتيسير أمور هذا النظام الى أحد الشباب بعد تزكية من بعض عناصر الخوان وبعد مبايعة للمام الشهيد
وكان أول أعمال النظام الخاص بث الفزع والرعب فى قلوب المحتلين النجليز حيث تم اختيار ليلة عيد الميلد * واختاروا النادى
البريطانى حيث يكون مكتظا بالجنود النجليز وضباطهم وألقوا عليهم قنبلة لم تقتل أحدا ولكنها بعثت الرعب فى نفوسهم وحققت
الغرض منها تماما فبدءوا يفهمون أنهم يعيشون وسط قوم يستطيعون أن يحفظوا كرامة أنفسهم وأن يلقنوا من يعتدى عليهم دروسا
قاسية " ..
وقد سار عبد الرحمن السندى سيرا حسنا موفقا نال به رضاء القيادات والفراد فى النظامين الخاص والعام فى الخوان المسلمين ..
ولكن ثمة تغيرات ظهرت على شخصية عبد الرحمن السندى فى التجاه العكسى .
ويقول الستاذ عمر التلمسانى " بانتشار وازدياد قوة النظام الخاص أحس عبد الرحمن السندى رحمه ال بقوته وسلطانه * وكان
يتصرف فى بعض الحيان تصرفات ل يقرها الستاذ المام وهذا ليس أمرا مقصورا على الخوان المسلمين قد يتصرف بعض أفرادها
تصرفات ل تقرها رئاسة الحزب وقد تحمل الخوان المسلمون كل العباء التى حدثت بعد ذلك ولذلك عندما طلب من المام الشهيد ـ
أن يصدر بيانا ـ فى أيام النقراشى باشا رحمة ال عليه ـ يستنكر فيه ما حدث كان المام على أتم استعداد ونشر فى الصحف بيانا
عنوانه " هذا بيان للناس " وبيانا آخر بعنوان " ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين " ..أما مسألة شعور عبد الرحمن السندى أنه على
مستوى الندية مع المام الشهيد لكبر دليل على أن قيادة الخوان المسلمين أبعد ما تكون عن العنف لنها لو كانت عنيفة أو تدعو
الى العنف لتم التفاق بين المام وعبد الرحمن السندى على العمل فى طريق واحد وتخيل عبد الرحمن السندى وصل الى مرحلة
الندية مع المام البنا فإن هذا ل يسىء الى الستاذ البنا ول يعيب الخوان المسلمين ..إنما هو إحساس إنسان بلغت به القوة الى حد
أنه يضع نفسه فى مستوى قائد الجماعة وهذا النسان أغرته القوة وأغواه الشيطان ولما لم يرض رئيس الجماعة عن ذلك وقع
الخلف بينهما أما لماذا لم يفصل عبد الرحمن السندى ؟ فإن أى إنسان فى أى جماعة ينمو وتزداد قوته يوما بعد يوم قد ل يدرك
خطره إل بعد أن يصل أمره الى منتهاه وهذا ما حدث ،والسلح الذى ضبط مع الخوان أيام الرئيس جمال عبد الناصر فإن لهذا
السلح قصته فحين حدث حريق القاهرة وشعر الضباط الحرار بأنهم موضع تفتيش لجئوا الى الخوان المسلمين لتهريب السلحة
التى كانت فى بيوتهم وكانت من اسلحة الجيش استعانوا بالخوان المسلمين ووضع جمال عبد الناصر بنفسه التصميم للمخابىء
ووضعت فيها السلحة بالسمنت وهو يعرفها ولما وقعت المشاكل بين عبد الناصر والخوان قال :إنه عثر على مخازن للخوان
تكفى لنسف القاهرة عشر مرات .
لقد نشأ الجهاز لمقاومة الوجود الجنبى ثم انحرف عن الطريق ولو أن الحكومات اعتقدت أننا أخطأنا وأخذتنا بالحسنى وتفاوضت
معنا بدل التعذيب فربما كان الحال الن غير الحال "..
ويضيف الستاذ عمر التلمسانى ":ومن المسلم به بداهة وأنا أقتنع بمواقف الستاذ البنا كنت أرى أن عبد الرحمن السندى قد تجاوز
حدوده عندما شعر بطاعة أفراد النظام له باعتباره أنه رئيس هذا التنظيم وبلغ به المر أنه عندما حدث صدام بين فريق من هذا
النظام وبين الستاذ الهضيبى ـ الذى خلف الستاذ البنا فى مركز المرشد العام ـ أن كنت من الساعين الى التوفيق بين وجهات
النظر فالتقيت مع عبد الرحمن السندى فى مكان اسمه دار الكتاب العربى لصاحبها المرحوم حلمى المنياوى فسألت عبد الرحمن
السندى :هل أخذت رأى من معك قبل أن تقف هذا الموقف من الستاذ الهضيبى ؟ فكان رده عجيبا جدا قال :إننى ماتعودت أن آخذ
رأى أحد أبدا فتركته وانصرفت ودارت اليام والسنون وألقى جمال عبد الناصر القبض على الستاذ الهضيبى وبعض الخوان فى
يناير 1954فكنا نلتقى فى مكتب المرحوم عبد القادر عودة لعلج الموقف فحضر عبد الرحمن السندى فى ليلة من الليالى وظل هو
والحاضرون يتناقشون فى الموقف وظللت أنا صامتا ولحظ ذلك عبد الرحمن السندى فبادرنى قائل :لماذا ل تبدىء رأيك ول تتكلم
يا فلن ؟ فقلت له يا أستاذ عبد الرحمن السندى أنا سمعت منك أن ل تأخذ رأى أحد فيما تريد أن تفعل فل داعى لن أناقش فى أمر
من المور فحاول جاهدا أن ينكر هذا وأنه ما قال مثل هذا القول فتأكد لى من الحداث الواقعة ان الغرور تملك المرحوم عبد الرحمن
السندى فأخذ هذا الموقف من الستاذ حسن الهضيبى مثلما وقف نفس الموقف مع الستاذ حسن البنا رضوانال عليه ولمتطل أيام
الستاذ البنا حتى يتخذ إجراء معينا مع السندى فوقف عبد الرحمن السندى هذاالموقف واحتل المركز العام هو وبعض أنصاره وذهبوا
الى منزل الستاذ الهضيبى وأساءوا اليه واجتمعت هيئة مكتب الرشاد والهيئة التأسيسية وقررت فصل السندى وبعض من معه وكان
من فضل ال أن الغلبية كانت ساحقة من أفراد هذاا لنظام التزمت بكلم الستاذ المرشد ولم تتابع عبد الرحمن السندى على أهوائه
واتجاهاته وزاد المور وضوحا فى نوايا عبد الرحمن السندى حين عينه عبد الناصر فى شركة " شل " فى قناة السويس وأفرد له
فيل " معينه وسيارة وأثث له منزل وأطلعه عبد الرحمن السندى ـ مع بالغ السف ـ على الكثير من أحوال النظام الخاص وأسماء
أعضائه مما مكن لجمال عبد الناصر من أن يسىء لهذا النظام إساءة بالغة كما ثبت من التحقيقات والقضايا التى صدر فيها أحكام
ضد المخابرات التى عذبت الحوان المسلمين فى مبدأ حكم جمال عبد الناصر ولقد نجح عبد الناصر فى التأثير على عبد الرحمن
السندى واجتذبه الى جانبه فاتخذ هذا ا لموقف مع الستاذ الهضيبى هو وبعض الشخصيات أيضا ـ ولم يكن هناك كما شاع فى ذلك
الوقت تنظيم سرى بالمعنى المعروف ولكنهم الشباب الذين تحالفوا على مقاومة اليهود فى فلسطين ولقد أراد عبد الرحمن السندى أن
يكون له دور فى توجيه سياسة الخوان المسلمين إل أن الفريق الذى كان له صله بعبد الرحمن السندى عندما تم انتخاب أعضاء
مكتب الرشاد فى بدء عهد الستاذ الهضيبى كانت الغلبية الكبرى من أعضاء المكتب من المدنيين ـ أى لم يدرسوا فى الزهر
وليسوا مشايخ فلعل مثل هذا أساء البعض وأدخل فى روع عبد الرحمن السندى أنه تحول فى السياسة ومقابلة الستاذ الهضيبى
خصوصا وأن الستاذ الهضيبى كان لديه مبدأ الحزم فى آرائه وتصرفاته بحكم عمله لفترة طويلة كقاض كان يقدر ويحكم وربما كان
الستاذ البنا أكثر تحمل وصبرا فى مواجهة المور ومعالجتها بالهدوء ولكن مواقف الستاذ الهضيبى كانت تتسم بالحسم العاجل فى
المور "..
وهكذا نخلص أن الجهاز السرى كانت بدايته طيبة ويعمل وفق النسق العام لحركة ومنهاج الخوان ـ وهو مقاومة الحتلل
النجليزى ومقاومة التآمر اليهودى ـ النجليزى فى فلسطين ولكن هذاالجهاز انحرف عن طريقه وأصاب رئيس الجهاز عبد الرحمن
السندى الغرور فظن أنه ينافس أو يضع نفسه فى مرتبة مع المام الشهيد حسن البنا ثم مع الستاذ حسن الهضيبى كما وقعت بعض
أخطاء من الشباب المتحمس الذى انطلق من تلقاء نفسه فى ارتكاب هذه الخطاء مثل حوادث نسف المحلت اليهودية أثناء حرب
فلسطين ومقتل المستشار الخازندار ونسف شركة العلنات الشرقية وغيرها وكان ذلك نفكيرا ل تقره الجماعة مما أوجد خلفات
حادة لم تنته إل بفصل عبد الرحمن السندى وتشكيل الجهاز بأسلوب جديد بعيد عن كل مظاهر العنف والخروج من طاعة الجماعة
ولكن أحدا ل ينكر أدوار هذا الجهاز فى محاربة النجليز والحتلل الصهيونى لفلسطين .
الفصل السادس
حرب فلسطين
كانت قضية فلسطين مجهولة للكثير خلل فنترة الثلثينات وقد حاول الخوان المسلمون جاهدين تنبيه الذهان لخطورة المؤامرة التى
تجرى على أرض فلسطين عن طريق الخطب والمساجد وكتباتالمام الشهيد ضد الختلل النجليزى لفلسطين وطبع المنشورات التى
تهاجم النجليز لتواطئهم مع اليهود كما دعا الخوان لمقاطعة المحلت اليهودية فى القاهرة فكان لهذه الدعوة تأثير بالغ فى النفوس
كما سجلت كتابات الخوان المسلمين فضائح التواطؤ النجليزى ـ اليهودى كما قاد الخوان مظاهرات عارمة فى ذكرى وعد بلفور
وحاول النجليز فصل مصر عن المة العربية ولكن الخوان وقفوا إزاء هذا التخطيط الخبيث وعقد أول مؤتمر عربى من أجل
فلسطين فى دار المركز العام بالعتبة مما دفع انجلترا إزاء الضغط الشعبى الى الدعوة لمؤتمر المائدة المستديره بلندن وأصدر
المؤتمر الكتاب البيض الذى وضع حدا لهجرة اليهود الى فلسطين وتشكلت لجنة التحقيق البريطانية المريكية بإيعاذ من اليهود
والتى طافت بمختلف مناطق الوطن العربى واستمعت ضمن جولتها لرأى ا لخوان المسلمين فى قضية فلسطين ولكنها ضمنت
تقريرها السماح لمائة ألف يهودى بالهجرة لفلسطين ثم جاءت المم المتحدة لتقرر واقعا جديدا وغريبا وهو تقسيم فلسطين بين
دولتين :أحدهما عربية والخرى يهودية فى قرارها فى 29نوفمبر عام 1947عمت موجة من الغضب فى سائر أنحاء مصر والعالم
العربى وفى مايوا 1948وعد الشهيد المام حسن البنا زعماء الدول العربية الذين أجتمعوا فى " عالية " بلبنان بإرسال 10آلف
مجاهد كدفعة أولى لفلسطين وسارع الخوان للتطوع فى كافة أنحاء الجمهورية ولما انسحب النجليز من فلسطين فى مايو 1948
دخلت الجيوش العربية وكان من بينهم متطوعو الخوان المسلمين والجيش المصرى .
ويقول الستاذ عمر التلمسانى " :كان قرار دخول الخوان المسلمين الحرب أمرا بديهيا ول بد أن يكون لن المسلم ل يرضى أن
يحتل اليهود بلدا مسلما فل بد أن يقاوموا هذا الحتلل أما تدريب هذه الكتائب فكان يتم فى الجامعة فى معسكرات تحت إشراف
الحكومة والقائمين على شئون الجامعة وكان السلح من عند الحكومة نفسها وقد جمعوا فيما بينهم أموال ليشتروا بها السلح عن
طريق التبرعات ..وقد أبلى الخوان المسلمون بل ء حسنا فى هذه المعارك أو فى حرب العصابات ضد العصابات الرهابية اليهودية
والصورة الواضحة فى هذه المسألة أن النجليز واليهود كانوا يقررون أنهم علىا ستعداد أن يقابلوا فرقا من الجيوش ول يلتقوا
بأحد من الخوان المسلمين لن الخ كان إذا خرج لغزو كان يخرج وهو مستعد للموت ما كان يفكر فى العودة حيا ولقد كون الخوان
المسلمون خطورة كاملة لن حرب العقائد أقوى وأكبر من أى حرب وأشد أثرا فى نفوس أصحاب العقائد لنهم يعتقدون أنهم إذا قتلوا
فإنهم شهداء وسيدخلون الجنة وفعل من الحداث الطيبة أن سبعة من الخوان تسللوا ذات ليلة الى احدى المستوطنات اليهودية فى
فلسطين وقبل الفجر بساعة تسلل أحدهم الىالجامع الذى كان فى تلك المستوطنة وأذن لصلةالفجر من فوق مئذنة المسجد فظن
سكان المستوطنة أن الخوان المسلمين احتلوا المستوطنة ففروا هاربين ومعهم الجنود اليهود وسلم الخوان القرية للجيش المصرى
ولكن بعد أيام استردها اليهود من الجيش مرة أخرى وقد شهد قادة الجيش مثل النواوى وفؤاد صادق شهادات قيمة بالنسبة للخوان
ولتضحياتهم وشجاعتهم وقد استشهد فى معارك حرب فلسطين ما بين 30ـ 40من الخوان " ..
ثم كانت المفاجأة التى أذهلت مجاهدى الخوان وهى قبول الدول العربية للهدنة الولى وأصدرت أوامرها للجيوش العربية بوقف
القتال لمدة 4أسابيع من 11يونية 1948وحاول الخوان تقديم نصيحتهم للحكومة المصرية بعدم قبول الهدنة أو المماطلةفى
تنفيذها لن الجيوش العربية كانت تواصل انتصاراتها وقد أعلن الخوان رفضهم وعدم قبولهم هذه الهدنة المخططة وذلك فى بيان
للمام الشهيد حسن البنا فى الثالث من يونية عام 1948وبعد نهاية الهدنة واصللجيش المصرى ومعه كتائب الخوان تقدمهم داخل
فلسطين ثم فرضت الهدنة الثانية ولكن اليهود ضربوا بالهدنة عرض الحائط وبدأت الموازين تختل لصالح عصابات الرهاب اليهودى
وقد حقق الخوان المسلمون بطولت خارقة لحماية الجيش عند انسحابه ..أماا لنجليز فلم يكونوا راضين عن دخول
الخوانالمسلمين الحرب لنهمأصحاب فكرة استيطان اليهود فى فلسطين ولم يوجه النجليز معارضة مباشرة للخوان لن الخوان
مصريون وللمصريين حكومة فكانت اتصالتهم بالحكومة فلما ضاقوا بالمر اجتمعوا فى فايد ( سفراء انجلترا وفرنساا وأمريكا )
وأرسلوا قرارا للنقراشى وقد أخذت صورة القرار بأسلوب معين وقدمت فى قضية سيارة الجيب وكان القرار يقضى بأن تقوم
الحكومة بحل الخوان المسلمين وإما أن تحتل الدول الثلث السكندرية والقاهرة فكان عند النقراشى ما فى نفسه تجاه الخوان فنفذ
قرار حل الجماعة .
أما الكتائب التى كانت تحارب من الخوان المسلمين فلم تكن كتائب بالمعنى الدقيق وإنما مجموعات فى حدود مائتين وكان يخفف
العبء أن هؤلء الفراد لم يكونوا يتناولون أجرا على انتظامهم فىالعصابات ولم يكبدوا الجماعة أى مصاريف وكان الخ المجاهد
ينفق على نفسه فى ميادين القتال الى جانب أن العاشة من طعام وشراب كانت تقدمه الحكومة وقد تم السفر بموافقة الحكومة ثم
عادت تتنكر لمواقفها حينما وقع الشقاق بين النقراشى والجماعة فاستغلوا الفرصة وقبض على عدد من الخوان المجاهدين فى حرب
فلسطين وهم فى أرض القتال وأرسلوا مكبلين بالحديد من فلسطين الى مصر " ..
وقد وصفت احدى الصحف المريكية الستاذ حسن البنا قائلة " :إنه صار أقوى شخصية فى الشرق العربى وإن هذه الشخصية لن
تهزم إل أن تصير الحداث أقوى منها " وكانت إشارة وتلميحا لتدبير مؤامرات ضد المام الشهيد وجماعة الخوان المسلمين ولقد
أثارت بطولت الخوان وشجاعتهم النادرة قلوب الحاقدين سواء فىا لسراى أم فى الوزارة السعدية وماعكسته هذه البطولت من
انعكاسات شعبية عارمة مؤيدة للخوان وانتشار ساحق لحركة الخوان ومن هنا بدأت التربصات والمؤامرات التى تدبر فى الخفاء
ولكن ال كشفها جميعا وهكذا كان الخوان المسلمون على مستوى الحداث واستيعاب المتغيرات السياسية علىالساحة المصرية
والعربية وكانوا وراء التحرك المصرى فى حرب فلسطين ولكن مؤامرات النظمة العربية وضعفها إزاء طغيان المستعمر الذى كان
يكبل المنطقة العربية أوقع فلسطين فريسة سهلة فى أفواه عصابات اليهود الوحشية والرهابية والتف النظام المصرى الخاضع
للسراى والنجليز ليوجه ضرباته للحركة ذات الشعبية الواسعة ـ الخوان المسلمين ..
الفصل الســـــابع
حكايتنا مع النقراشـــــى
بعد مقتل أحمد ماهر رئيس وزراء مصر ورئيس الحزب السعدى فى فبراير 1945عقب إعلنه الحرب علىالمحور على يد شاب
ينتمى للحزب الوطنى شكل نائبه محمود فهمى النقراشى باشا الوزارة لول مرة وكان أهم ما يؤرق وزارة النقراشى هو كيفية
القضاء على الخوان المسلمين الذى أصبح لهم نشاط واسع المدى بين كافة الوساط والمجتمعات على خريطة مصر الجتماعية
والقتصادية والسياسية وكان دورهم فى الحركة الوطنية له مكان الصدارة وكان رأى جمهرة الخوان أن النقراشى يصلح لكل
العمال إل الرياسة لما يغمر السعديين من نوايا وأحقاد ولكن الخوان عملوا على حث الحكومة علىالمطالبة بحقوق البلد فى
الستقلل والوحدة لوادى النيل وتقدم الحكومة بمذكرة ضعيفة جعلت النجليز ل يعنون بمجرد الرد عليها وأصدرت الهيئات المختلفة
بيانا احتجت فيه على هذا الموقف وقد سجل الخوان فى اجتماع الهيئة التاسيسية موقفهم من هذا ا لموقف المتخاذل لحكومة
النقراشى وتردد صدى هذا البيان فى كل أنحاء مصر ولم تتحرك حكومة النقراشى الولى خطوة واحدة فى سبيل تحقيق المطالب
الوطنية المصرية وعقب هذا البيان وقعتمصادمات عنيفة بين البوليس والشباب فى القاهرة والسكندرية وتكررت مأساة حادث
كوبرى عباس للمرة الثانية فقد أصدر وكيل وزارة الداخلية عبد الرحمن عمار أوامره للجنود بإطلق الرصاص علىالشباب البرىء
على نفس الكوبرى وراح ضحية هذا الحادث الثيم أكثر من 25طالبا وجرح المئات وانطلقت المظاهرات فى كل مصر وحاصر
البوليس المركز العام للخوان المسلمين فأرسلت الجماعة بيان احتجاج على تصرفات ا لحكومة الى جريدة المصرى فقامت الحكومة
بمصادرة الجريدة ..وتهاوت وزارة النقراشى الولى فى 14فبراير 1946بعد أن فشلت فى أن تحقق مطلبا وطنيا واحدا ثم جاءت
وزارة اسماعيل صدقى التى هوت هى الخرى لعجزها وخضوعها للنجليز وفشل اسماعيل صدقى فى تحقيق الحد الدنى من المطالب
المصرية فى المفاوضات المصرية ـ البريطانية وعندما قامت مظاهرات ضخمة فى فبراير 1946للمطالبة بحقوق البلد تصدت لها
قوات الجيش البريطانى وفتكت بعدد كبير منهم وقد طالب الخوان اسماعيل صدقى باشا فى بيانهم الذى سلمه له وكيل الجماعة
بمطالبة النجليز بالجلء التام عن مصر وعرض قضية مصر على مجلس المن الدولى والتحقيق فى تلك الحداث واعتذار النجليز
عنها وتعويض أسر الشهداء وفشلت المفاوضات مع النجليز وأحس اسماعيل صدقى بعجزه وضعفه إزاء السخط الشعبى الذى عم
مصر فقدم استقالته فى 9ديسمبر عام 1946ليعود للوزارة مرة أخرى النقراشى باشا ولتبدأ صفحة من الصدام مع هذا الرجل ورغم
مايعلمه الخوان ورأوه من فشله فى وزارته الولى فقد أرسلوا اليه بخطاب يحدون فيه خطوات إصلح الموقف المتدهور فى البلد
بعد فشل مفاوضات الجلء مع النجليز وقد سافر أحد الخوان ( مصطفى مؤمن ) الى المم المتحدة وألقى بيانا داخل مجلس المن
عن مطالب مصر الخاصة بالستقلل وبوحدة شطرى النيل :مصر والسودان وقامت مظاهرات فى سائر أنحاء مصر تهتف بمطالب
البلد ووقعت مصادمات عنيفة وخيب النقراشى أمل المصريين فى مسألة المفاوضات وخضع للنفوذ النجليزى وتحولت مصر كلها
الى شعلة من الوطنية إزاء الموقف المتخاذل للنقراشى باشا ثم ظهرت كارثة قرار المم المتحدة بتقسيم فلسطين وقد أبلى الخوان
المسلمون بلء حسنا فى معارك فلسطين ـ وسبق القول بالتعرض فى فصل سابق لهذه النقطة ـ وبدأ النقراشى فى تنفيذ مؤامراته
ضد الخوان بعد أن انتشروا انتشارا ساحقا بسبب بطولتهم فى فلسطين معتمدا على جهاز البوليس السياسى فى تدبير هذه
المؤامرات وتلفيقها للخوان المسلمين واعتمد النقراشى فى تنفيذ سياسة العدائية للخوان علىنائبه إبراهيم عبد الهادى وعبد
الرحمن عمار وكيل الداخلية للمن العام ثم كان القرار العسكرى الذى أصدره النقراشى وهو المر العسكرى رقم 63لسنة 1948
بحل جماعة الخوان المسلمين وإغلق كل شعبها ومصادرة أموالها وقد رد المام الشهيد بمذكرة فند فيها ما نسبته المذكرة
التفسيرية لقرار الحل مما وجه الخوان من اتهامات ومنها أتهام الخوان بالدعاية للمحور وقد ثبت براءة ألخوان منها وحوادث
الشغب التى أشترك فيها شباب من كل الحزاب والفئات وألصقت بالخوان وحدهم دون غيرهم .
ويقول الستاذ عمر التلمسانى :
" لقد خضع النقراشى للقصر والنجليز وأى شعب ل يرضى أن يكون رئيس حكومته خاضعا لدولة أجنبية ولقصر مستبد وتاريخ
النقراشى حافل بالخطاء والجرائم لنه فتح كوبرى عباس وعليه المئات واللف من الشباب الجامعى منهم من غرق ومنهم من قتل
برصاص النجليز فكان حكمه كله إرهابيا ودمويا وما من شك أن النقراشى لم يتخذ قرار الحل من تلقاء نفسه وإنما بضغط من
الحلف الثلثى ( انجلترا ـ فرنسا ـ الوليات المتحدة ) ومصادرة أموال الخوان المسلمين كان عمل ظالما ما كان يصح أن يلجأ اليه
حاكم عادل أو منصف فكان هذاالتصرف له أسوأ الثر فى نفوس الخوان "
من وراء الحل ؟
رغم أن الننقراشى أعلن أنه هو الذى أصدر المر العسكرى ولكن تكشفت أبعاد خطيرة تؤكد أن هناك مؤامرة دولية وراء قرار الحل
ففى مرافعة الستاذ شمس الدين الشناوى فى قضية "السيارة الجب " أمام محكمة الجنايات فى 21يناير 1951حيث قدم للمحكمة
وثيقة مكتوبة باللغة النجليزية وسلمها للمحكمة وتلى نصها باللغة العربية وهذه عبارة عن رد من القيادة العليا للقوات البريطانية
فى الشرق الوسط على إشارة وردت اليها من السفارة البريطانية وتقول القيادة فى الوثيقة " لقد أخطرت هذه القيادة رسميا بأن
خطوات دبلوماسية ستتخذ لقناع السلطات المصرية بحل جماعة الخوان المسلمين فى أقرب وقت ممكن " وذيلت الوثيقة بإمضاء
رئيس إدارة قوات القيادة العليا الحربية البريطانية فى الشرق الوسط ـ وطعنت النيابة فى الوثيقة بأنها مزورة فقا ل رئيس
المحكمة :إلى أن تقرر السفارة البريطانية بأن هذه الوثيقة مزورة وغير صحيحة فإنها يجب أن تعد صحيحة ولما ردت السفارة
البريطانية بعد صحة الوثيقة ولكن الستاذ الشناوى طلب أن تقدم القيادة العليا للقوات البريطانية فى الشرق الوسط ردها على هذه
الوثيقة وإنكارها ولم يصل أى رد بعد ذلك وقال الستاذ الشناوى :إن هذه الوثيقة رسمية صادرة من موظف رسمى مختص
بتحريرها وهو المستر " ماك رموث " .
اغتيال النقراشى :
ولم يكد يمضى على القرار العسكرى بحل الجماعة سوى عشرين يوما إل وتقدم شاب من النقراشى باشا وأطلق الرصاص عليه وهو
على سلم وزارة الداخلية فى 28ديسمبر 1948وقتله واسمه عبد المجيد حسن وكان عضوا بجماعة الخوان المسلمين .
ويقول الستاذ عمر التلمسانى " :إن دوافع هذه ا لجريمة كانت دوافع نفسية محضة لقد كان فردا فى جماعة ورأى النقراشى يحل
هذه الجماعة ويعتقل أفرادها ويعذبهم ويصادر أموالهم ويجمد ممتلكاتهم فاندفع هو وبعض الشبان معه لرتكاب مثل هذا التصرف
الذى استنكره الستاذ البنا صراحة على صفحات الجرائد ولم يكن هناك تخطيط جماعى ولكن كان هناك تخطيط بين جماعة من
الشباب فيما بينهم والواقع أن النقراشى هو الذى قتل نفسه ولم يقتله الخوان المسلمين بسبب ما اقترفه فى حق هذا ا لبلد
وتصرفاته هى التى أودت بحياته وحملت بعض الشباب المتحمسين لقتله على هذه الصورة ولقد كان حل الجماعة أثر بالغ على
نفوس الخوان جميعا من أولهم لخرهم وهذا الثر السىء كان يختلف انعكاسه فى النفوس على قدر احتمال كل إنسان لما يصادفه
من صعاب وعقبات البعض يحتمل ويطول احتماله والبعض الخر ل يطول احتماله فكانت النتيجة ارتكاب الشباب المتحمس لهذا الفعل
؟؟ "
وهكذا جاءت نهاية حكم النقراشى على هذه الصورة وبهذه الكيفية والتى لم يخطط لها أى مستوى قيادى فى الخوان سواء فى
النظام العام أو الخاص وإنما دفع الحماس بعض الشباب للنتقام من الشخص الذى حل جماعتهم ولقد كانت فترات حكم النقراشى من
الفترات التى تمتلىء صفحاتها بالتهاون والعجز والخضوع لسلطة القصر وسطوة النجليز وأيضا من الفترات الساخنة على مستوى
الحركة الوطنية والصدامات العنيفة والتى دفع ثمنها فى النهاية النقراشى ولتغلق صفحة أخرى من صفحات العداء للخوان وما زال
الزمن يحمل للخوان صفحات جديدة .
الفصل الثامن
مؤامرة إغتيال الشهيد
بعد أغتيال النقراشى فى 28ديسمبر 1948بعد عشرين يوما من صدور المر العسكرى بحل جماعة الخوان المسلمين والقبض على
عدد كبير من الخوان فى ظل وزارة إبراهيم عبد الهادى الذى خلف النقراشى باشا وجاءت هذه الوزارة بإجراءات أكثر عنفا
وشراسة تجاه الخوان المسلمين وقد اتسمت صفحات هذا ا لرجل ومواقفة من الخوان بالسواد وأ تى بتصرفات يندى لها الجبين
بحكم خضوعه للملك والنجليز وكان أداة طيعيحركونها كيفما شاءوا ولقدحاول الستاذ تهدئة الجو وأجرى عدة اتصالت بالحكومة
أمل فى أن يفيئوا الى رشدهم ويعودوا لجادة الصواب .
وأصدر الشهيد البنا " بيان للناس " ونشر فى 11يناير 1949وقال فى بعض فقراته " :ولقد حدث أن وقعت أحداث نسبت الى بعض
من دخلوا الجماعة دون أن يتشربوا روحها أو يلتزموا نهجها مما ألقى عليها ظل من الشبهة فصدر أمر بحلها وتل ذلك هذاالحادث
المروع حادث اغتيال رئيس دولة الحكومة المصرية محمود فهمى النقراشى باشا الذى أسفت البلد لوفاته وخسرت بفقده علما من
أعلم نهضتها وقائدا من قادة حركتها ومثل طيبا للنزاهة الوطنية والفقه من أفضل أبنائها ولسنا أقل من غيرنا أسفا من أجله
وتقديرا لجهوده وخلقه .
ولما كانت طبيعة دعوة السلم تتنافى مع العنف بل تنكره وتمقت الجريمة مهما يكن نوعها أو تسخط على من يرتكبها فنحن نبرأ
الى ال من الجرائم ومرتكبيها ولما كانتبلدنا تجتاز الن مرحلة من أدق مراحل حياتها مما يوجب أن يتوفر لها كامل الهدوء
والطمأنينة والستقرار .ومضى ا لمام الشهيد قائل :لهذا أناشد إخوانى ال ةالمصلحة العامة أن يكون كل منهم عونا على تحقيق
هذا المعنى وأن ينصرفوا الى اعمالهم ويبتعدوا عن كل عمل يتعارض مع استقرار المن وشمول الطمأنينة حتى يؤدوا بذلك حق ال
والوطن عليهم ..
ويقل الستاذ محمود عبد الحليم لقد أصدر الستاذ المرشد البيان ونشر فى الصحف تحت عنوان " بيان للناس " وإن كان ممثلو
الحكومة قد ألزموه بإثبات عبارات معينة لم يكن هو راضيا عنها ولكن ـ أمل فى تدارك الموقف المتفاقم ـ أجازها كارها "
وقد بدأت خيوط المؤامرة حول المام الشهيد منذ اغتيال النقراشى باشا تتضح فقد اعتقلت مجموعة كبيرة من الخوان المسلمين
ومكتب الرشاد عدا المام الشهيد تمهيدا لرتكاب الجريمة البشعة وتركه حرا ليجرى اتصالته مع الحكومة حتى يكون تحت عين
أجهزة المن " البوليس السياسى " وقد شعر المام الشهيد بهذه المؤامرة وأنها تستهدفه هو شخصيا فطلب اعتقاله مع زملئه أو أن
تفرج الحكومة عنهم كما طلب الشهيد من الحكومة مغادرة القاهرة لمكان آخر فلم ترد الحكومة على طلبه بينما كانت خيوط المؤامرة
يتم نسجها فى أجهزة البوليس السياسى فإن عيون هذا الجهاز تراقب كل حركة وكل سكنة للمام الشهيد ولكن المفاوضات مع
الحكومة انهارت بسبب محاولة نسف محكمة الستئناف فى 133يناير 1949وألقى القبض على أحد أعضاء الجهاز السرى بعد أن
اكتشفت أنه سلم القنبلة لحد السعاه لوضعها داخل المحكمة ولكنها انفجرت خارجها وتأثر المام الشهيد بهذا الحادث أيضا واتصل به
بعض المسئولين فى الحكومة وحصلوا منه على بيان " ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين " ولكن بدل من أن تنشره ا لحكومة كما فعلت
مع البيان الول فإنها حجبت البيان حوالى شهر أى فى 12فبراير 1949بعد ارتكاب الجريمة ا لبشعة واغتيال المام الشهيد حتى
يحجبوا الحقيقة عن الناس وليهامهم أن مرتكبى حادث محكمة الستئناف هم من الخوان المسلمين وكان المرشد العام يلح
علىالحكومة أن تتيح له فرصة اللتقاء بإخوانه فى السجون والمعتقلت ليستعين بهم فى تهدئة الجو ولكن الحكومة كانت ترفض
دائما ولكن بدون مقدمات وافقت ـ وبشكل مريب ـ على موعد يقوم فيه المرشد العام بزيارة الخوان المعتقلين وبصفة خاصة
أعضاء مكتب الرشاد .
وكان إبراهيم عبد الهادى قد أخبر أحد وزرائه وهو زكى على باشا وكان وزير دولة وأكده لحد أقربائه وهو الستاذ الناغى الذى
كان عضوا مؤسسا فى جمعية الشبان المسلمين وأرسل اليه أحد أعضاء جمعية ا لشبان ا لمسلمين ليخبر المام الشهيد بالنبأ السار
ويطلب منه الحضور لدار الجمعية فى الساعة الخامسة يوم السبت الموافق 14ربيع الثانى 12فبراير 1949وبعد مقابلة المام
الشهيد للستاذ الناغى خرج الستاذ حسن البنا ومعه الستاذ عبد الكريم منصور والستاذ الليثى ـ الذى أرسله الستاذ الناغى
للمام الشهيد وركب ا لمام الشهيد سيارة أجرة وفجأة ظهر ثلثة رجال مسلحون وانهالوا بمسدساتهم علىالسيارة فأصيب المام
الشهيد إصابة خطيرة ونقل المام الشهيد البنا الى مستشفى قصر العينى ل سعافه .
ويقول الستاذ عمر التلمسانى " :لقد ظنوا قتل الستاذ حسن البنا سينهى وجود الخوان ولقد دبروا ذهابه لجمعية الشبان المسلمين
ليلتقى بمندوب من قبل ابراهيم عبد الهادى ليتحدث ويهدىء الجو ولكنهم كانوا يدبرون لقتله وانتظره ثلثة من المخبرين فى الشارع
وعند خروج المام الشهيد أطئت أنوار نفس الشارع الذى توجد فيه جمعية الشبان المسلمين وانطلقت سبع رصاصات ونقل
لمستشفى قصرا لعينى وهو حى وصدرت الوامر من الملك الى ادارة قصر العينى بأن ل يسعف حسن البنا وظل المام الشهيد ينزف
طويل حتى فاضت روحه الطاهرة إنما لو كان فى أجله بقية وأدركوه بالسعاف لما مات قبلن يحين الجل ولكنها إرادة ال عز وجل
..ويؤيد ذلك شهادة الستاذ محمد الليثى الذى كان مع المام الشهيد لحظة وقوع الجريمة ـ والذى لقى تعذيبا شديدا بعد ذلك
بسبب شهادته ـ فقال الستاذ محمد الليثى :ذهبت الى قصر ا لعينى ورأيت الستاذ المام حين أدخل غرفة العمليات وكانت حالتة
فى نظرى غير خطيرة بدليل أنه حينما طلب الدكتور من التومرجى خلع ملبس الشيخ البنا هب الشيخ وجلس وخلع ملبسه بنفسه
وبعد ذلك وجدت شخصا يقول للدكتور :أنا جاى من قبل الحكمدار لعرف حالة البنا وكان هذا ا لشخص هو المير لى " محمد
وصفى " ممثل الملك فى الجريمة ..والغريب أن الشخص الثانى الذى كان مع المام الشهيد وهو عبد الكريم منصور كانت حالتة
خطيرة بدليل أنه لم يستطع الجابة عن عنوانه حين سألة الطبيب وتولى المام الجابة عنه " ولكن بعد ساعات أعلن وفاة الستاذ
المام الشهيد وشفاء عبد الكريم منصور ولم تكتف الصابع الثيمة بما فعلته وإنما نقلت جثمان المام الشهيد وسط مظاهرة مسلحة
من رجال البوليس بالبنادق والمسدسات وأرغمت السيدات على حمل الجسثمان الى النعش ولم يسمح لحد من السرة بالقتراب من
الجثة ..حتى القرآن حرم عليهم تلوته ونقل الجثمان الى مسجد فيسون القريب من المنزل ولم يسمح لحد بتشييعه ولم يستطع أحد
تقديم العزاء سوى مكرم عبيد باشا وظلت الحراسة مستمرة على قبره واعتقال كل من يقترب من قبر المام الشهيد طيب ال ثراه .
إن هذه الوقائع تكشف بشكل واضح وسافر عن الجريمة البشعة التى اشترك فيها القصر بالتفاق مع وزارة الداخلية وجهاز البوليس
السياسى ولقد حاولت هذه الطراف إخفاء وطمس معالم الجريمة ولم تسمح لحد بالعزاء فى المامالشهيد والطريقة الفظة والبشعة
التى أوصلوا بها جثمان المام الشهيد لبيته تثير آلف الشكوك حول المخطط الذى جرى تنفيذه فى الظلم للقضاء على داعية ما كان
يدعو فى يوم من اليام لعنف أو كراهية ..وقد مر التحقيق فى اغتيال الشهيد بعدة مراحل أولها فى عهد وزارة ابراهيم عبد الهادى
وكان النائب العام وهو محمود منصور ولم يجرؤ أحد أن يتقدم بشهادته وعذب " محمد الليثى " بسبب إفصاحه عن رقم السيارة التى
ارتكبت الحادث ضد المام الشهيد وقيد الحادث جناية ضد مجهول وثانيها :فى عهد وزارة الوفد ( حسين سرى باشا ) وجرت
التحقيقات سرية ولكن لم يتم التوصل للجناة الحقيقيين .
وثالثهما فتح التحقيق بعد قيام انقلب يوليو قبض على بعض المشتبه فى قيامهم بالجريمة ولكن طوال المدة بين ارتكاب الجريمة
والتحقيق فيها طمس الكثير من معالمها ولذا فقد قررت الحكومة التى شكلت عام 1952أنه ل محل لقامة الدعوى على ابراهيم عبد
الهادى وعبد الرحمن عمار وكيل الداخلية فى عهده ثم توالت دائرة الجنايات برياسة الدكتور كامل ثابت نظر القضية فى 10نوفمبر
1953ثم أصدرت المحكمة فى 2أغسطس 1954حكما بالسجن على أحمد حسين جاد ومحمد محفوظ ومحمود عبد المجيد بالسجن
مددا تتراوح بين الشغال الشاقة (25عاما 15 ،عاما ) ودفع تعويضات لسرة الشهيد وأثبتت الحيثيات تواطؤ وزارة إبراهيم عبد
الهادى والقصر فى القضاء على زعيم الخوان المسلمين الشهيد المام ..
الجماعة تمضى رغم المحنة .
وقد كانت ردود الفعل قاسية ومريرة على أعضاء جماعة الخوان إزاء الجريمة البشعة التى ارتكبت ضد مرشدهم ومعلمهم وإمامهم
الشهيد حسن البنا لقد سادت موجة من الحزن الدفين لدى معظم أعضاء الجماعة لتكالب قوى ا لفساد ضد دعوتهم فلقد كان حب
الخوان للمام الشهيد حبا ل يقبل الشك ول الجدل وكانت الصدمة قاسية بالنسبة لهم وكان لها تأثير فيما بعد ولم يكتف إبراهيم عبد
الهادى بمؤامرته ضد الخوان وآخرها مؤامرة اغتيال المام الشهيد والذى ثبت ادانة اطرافها بعد قيام انقلب يوليو 1952ـ وإنما
مارس من خلل أجهزته ألوانا بشعة من التعذيب ضد الخوان المسلمين الذين اعتقلهم وثبت هذا التعذيب أيضا بأحكام من محكمة
الجنايات بمصر كما اعتقل الكثير بعد استشهاد المام حسن البنا وضاعف الحصار حول البلد بقوات المن والبوليس السياسى حتى
ترك إبراهيم عبد الهادى غير مأسوف عليه فى 25يوليو 1949وكان الوزر الكبر على ابراهيم عبد الهادى ـ على حد قول الستاذ
عمر التلمسانى أنه حيث انتهى من التعذيب بدأ جمال عبد الناصر ومن بعده فى هذه الجراءات " .
ويضيف الستاذ التلمسانى " إن الجماعة مضت فى طريقها رغم المحنة التى واجهتها وكانت محظورة بعد قرار الحل ولكننا كنا
نجتمع فى مكتب ا لستاذ طاهر الخشاب وظلت أمور الخوان كما هى دون وجود الشكل الرسمى والقانونى لها "
فقد حفلت ا لمحاكم بعدة قضايا أطلق عليها " قضايا الخوان " ووقعت كل أحداثها فى عهد وزارة ابراهيم عبد الهادى عدا قضية
سيارة الجيب فكانت فى عهد النقراشى وكانت خمس سنوات وهى قضية اغتيال النقراشى ومحاولة نسف محكمةالستئناف وسيارة
الجيب ومحاولة اغتيال حامد جودة رئيس مجلس النواب وقضية الوكار .
أما بالنسبة لقضية مقتل النقراشى فقد سبق الحديث عنها أما قضية الوكار يقول عنها الستاذ التلمسانى " إن الخوان المسلمين
كانوا يختفون فى أماكن معينة لكيل يقبض عليهم وكانوا يقاومون البوليس إذا ما هاجم منزل أو شقة من الشقق فأطلقوا عليها
الوكار بدل من شقة أو بيت وقد دفع محامو المتهمين بممارسة التعذيب ضد المعتقلين على ذمة القضية .
وظلت القضية معلقة حتى أول أكتوبر 1954حيث تقرر إعادة عرضها من جديد على محكمة الجنايات ..أما قضية مقتل المستشار
الخازندار فقد قبض على بعض شباب النظام الخاص فى حوادث اعتداء على الضباط النجليز كما قبض على رجل أعمال كبير فى
السكندرية اسمه حسن قناوى وكان مصابا بالشذوذ الجنسى وقام بقتل اثنين من الشباب وحاول قتل الثالث ولكنه نجا من المحاولة
فضبط حسن قناوى ولم تثبت عليه جريمتا القتل السابقتان وحكم عليه المستشار الخازندار بالسجن 7سنوات بينما حكم على الشباب
من الخوان بعشر سنوات والشباب لم يدرس القانون جيدا خاصة وأن جريمة حسن قناوى هى شروع فى قتل فظنوا أن الخازندار
يمالىء المستعمرين وينتقم منهم لنهم اعتدوا عليهم وكان هذا الظن خاطئا ففعلوا ما فعلوا وكنا جميعا نستنكر مثل هذه التصرفات .
أما قضية سيارة الجيب فالشىء المهم هو الكراسة أو الدفتر الذى وجد مع أحد أفراد النظام الخاص عندما حصل انفجار وقبض عليه
بعض المخبرين وعرفوا من الحقيقة أسماء أعضاء التنظيم والسماء الحركية لهم “ .
وقد صدرت الحكام فى سيارة الجيب ببراءة 14متهما من 32متهما وحكم على ا لباقى بأحكام تتراوح بين ثلث سنوات وسنتين
بسبب التعذيب الذى لقاه المعتقلون أما قضية الوكار فحكم فيها بالبراءة عام 1954وامتد نظر بعض القضايا بعد قيام حركة يوليو
عام . 1952
ولكن أبرز الحكام التى صدرت لصالح الخوان المسلمين هو قرار مجلس الدولة فى 17/9/1951والذى قررأن جمعية الخوان
المسلمين موجودة قانونا حيث إنها سجلت أوجه نشاطها الخيرية فى وزارة الشئون الجتماعية طبقا لنص القانون رقم 49لسنة
1949وقام الخوان بفتح المركز كما قضت محكمة القضاء الدارى فى جلسة 3/6/1952بالغاء المر الدارى رقم 63بحل جمعية
الخوانالمسلمين لنه قرار على أساس غير سليم من القانون ويتعين إلغاؤه ..وهكذا عادت الجماعة للنشاط الرسمى رغم كل
المحاولت التى بذلها النقراشى وإبراهيم عبد الهادى للقضاء على الجماعة والمؤامرات التى دبرت وكان أخطرها على الطلق
مؤامرة اغتيال المام الشهيد حسن البنا وسبقها حل جماعة الخوان المسلمين واعتقال عدد كبير من أعضائها وتعذيبهم بأسلوب
وحشى .
الستاذ حسن الهضيبى
ويقول الستاذ عمر التلمسانى “ :الستاذ حسن الهضيبى رحمه ال كان قديم الصلة بالخوان المسلمين وكان شخصية يمكن أن
تتولى قيادة الخوان المسلمين وفى مثل هذه المور بل فى العالم كله يختلف الناس فيمن يتولى رئاسة الحزب أو الحكومة أو الدولة
فريق يعطى صوته لهذا وفريق ثان يعطى صوته لذاك وعندئذ يؤخذ رأى الغلبية وهكذا تسير المور بمنتهى البساطة إذ ليس هناك
تعقيد ول مؤامرات .أما من يقول بحدوث تجاوزات فى اختيارالمرشد العام الجديد فنقول له :إن الحقيقة لم تكن هناك تجاوزات فى
القانون ولكنها هى تنفيذ لروح منهاج الخوان المسلمين وحصل هذا فى عهد الصحابة حين قتل سيدنا عمر بن الخطاب ووكل المر
الى ستة من الصحابة الكبار وقيل لهم اختاروا من بينكم واحدا فاختاروا ثم جاءت الغلبية فى صف سيدنا عثمان بن عفان فانتخب
لقد كان اختيار المرشد العام الجديد فيه نوع من المرونة أما ما يقال عن دور للملك فاروق فى تسهيل تعيين الستاذ حسن الهضيبى
فهذا الكلم محض افتراء ول أصل له من الحقيقة لن الثغرة التى نفذ منها المغرضون عند الخوان المسلمين هى أن “ نجيب سالم “
الذى كان ناظر للخاصة الملكية كان صهر أحد ابناء الستاذ الهضيبى فجعلوا من هذه المصاهرة سببا لن يفرض فاروق الستاذ
الهضيبى على جماعة الخوان المسلمين وهذا غير صحيح بالمرة لن موقف الخوان المسلمين فىكل الظروف سواء كان فى عهد
الستاذ البنا أم الستاذ الهضيبى كان مقاومة استبداد القصر وحكم الفرد ويدعون الى تطبيق الشريعة السلمية ومعنى هذا أنه غير
راض عن حكم فاروق وتصرفاته فى البلد فأعداء الدعوة والذين يريدون أن يشوهوا موقفها وتصرفاتها فى كل وقت وكل تصرف
من التصرفات يلجئون الى مثل هذه الثغرات ويجعلون من الحبة قبة “ كما يقال ولقد كان الستاذ الهضيبى على علقة بجماعة
الخوان قبل اختياره لمنصب المرشد العا م حيث كان المستشار القانونى للمام الشهيد حسن البنا وكان يعمل مستشارا بمحكمة
النقض والبرام وله تاريخ طويل فى المطالبة بتطبيق الشريعة السلمية وكان زملؤة يرون فيه مثال للنزاهة والحسم والحزم وقوة
الشخصية وبعد النظر أما ما يثيره أيضا المغرضون من زيارة الستاذ الهضيبى للملك فإننى أقول :إن هذا هو خلق السلم فإذا
حصل أمر فليس من خلل المسلم أن يستمر على حقد وضغينة أو كراهية ولكن المسلم يتصرف التصرف الذى يصلح لمفاداة الخطار
والمواقف وكان هذا موقف الستاذ الهضيبى فقد رأى أن حسن البنا قد انتقل ا لى رحمة ال ولن يعود حسن البنا للحياة هذا أمر
مفروغ منه ولكن كيف يكون الحال مع الخوان ومن دعوة الخوان ؟ ل بد أن يكون التصرف متفقا مع مصلحة الخوان ومصلحة
الدعوة السلمية ل مودة ول تقرب وإل لما حصل ما حصل بيننا وبين الملك ثم لماذا حصل ما حصل بيننا وبين الملك ؟ ثم ماذا
يحصل إذا تقربنا الى الملك ما نتيجة هذا التقرب ..ل شىء لقد كنا فى موقف الناصحين للملك حتى أنه لما خرج قرر أنه بعلم أن
الذى فعل هذا النقلب هم الخوان المسلمون " ..
حريق القاهرة :
فى 26يناير 1952اشتعلت النيران فجأة فى شارع فؤاد ألول ( 26يوليو ) وكان ول يزال من أهم الشوارع التجارية فى مصر
وبحث البوليس السيباسى عمن يوجهون له التهام فلم يجدوا سوى الستاذ أحمد حسين زعيم الحزب الشتراكى وذلك لمهاجمته
النظام بأسلوب عنيف ولكن الستاذ عمر التلمسانى يقول " :الحقيقة أن مسألة حريق القاهرة لم تتحدد الى اليوم بطريقة قاطعة
ويمكن أن يلقى عبؤها على هيئة من الهيئات أو حزب من الحزاب إنما الشواهد كلها التى حدثت فى هذا الوضع كدعوة الملك لجميع
ضباط البوليس والشرطة للسراى فى حفلة وقطعهم عن القيام بواجباتهم والشراف على ا لقاهرة وأمنها وإشعال الحريقوهو ليس من
وسائل الخوان أو مصر الفتاة لن الدين والسلم ينهى عن مثل هذه الفعال وهذه المور فى أغلب الظن ول أقول يقينا هى من
الملك ومن النجليز ليصلوا الى ما وصلوا اليه "..
وخلصة القول :إن المؤامرات والدسائس قد أحاطت بجماعة ا لخوان المسلمين من كل جانب سواء من وزارتى النقراشى وأبراهيم
عبد الهادى أو الملك أو النجليز واتفقوا كلهم على شىء واحد هو :ضرورة التخلص من هذه الجماعة المسلحة وراح ضحية هذه
المؤامرات الشهيد المام حسن البنا ولفقت عشرات القضايا للخوان المسلمين ولكن ال سبحانه وتعالى قيض لهذه الدعوة وإظهار
الحق فى جانبها قضاء عادل ونزيها وقضاة مخلصين لسلمهم ومصريتهم ولقد كانت أحكام القضاء فى تلك الفترة من الحكام
المشرفة وكانت أزهى فترات عدالة القضاء وساهم ذلك فى استمرار جماعة الخوان فى ممارسة دورها الطبيعى ..
الفصل التاسع
هذه هى مواقفنا
خلل رحلة الدعوة السلمية التى سار فيها الخوان المسلمون على مدى نصف قرن من الزمان تعاملوا وتفاعلوا مع الحداث تلك
الحقبة الطويلة من الزمن وكانت لهم مواقفهم التى يعرفها القاصى والدانى كما كانت لهم مواقفهم من القضايا الخلفية التى ثارت
داخللمجتمع المصرى وعلى كل المستويات الدينية والفكرية والسياسية وقد أدرنا هذاالفصل لطرح مواقف الخوان من هذه القضايا
ومواقفهم مع بعض الشخصيات ذات التجاهات الفكرية وفى كل مواقف الخوان فإنهم لم يسعوا لستخدام العنف فى ا لتعبير عن
مواقفهم .
المسألة الحزبية :
ثار خلف وجدل واسع حول موقف الخوان من المسألة الحزبية وكان السؤال الذى يتردد على مدى تاريخ الخوان المسلمين
العريض :لماذا لم يشكل الخوان حزبا ليتحرك من خلله علىالساحة ويضفى مزيدا من الشرعية على وجوده ؟
وبادىء ذى بدء فإن الخوان المسلمين وإمامهم ومرشدهم الشهيد حسن البنا قد شاهدوا التجربة الحزبية فى مصر ومدى ما وصلت
اليه الحزاب من صدامات ومواجهات عنيفة وطعن وتشويه الحزاب فى ذمة ونزاهة وسمعة بعضها البعض فكانت ثمار هذه ا لتجربة
مريرة وماثلة بكل مثالبها أمام أعين المام ا لشهيد وأحس وأدرك أن الحزاب كلها بل استثناء ل هم لها إل التفكير فى الوصول الى
الحكم والمناصب الوزارية ولم يتفق زعماء أحزاب ما قبل حركة الجيش فى 23يوليو إل مرة واحدة فى محاولتهم إعادة دستور
1923ورأى الخوان أن الحزاب ما هى إل لعبة استعمارية هذفها إذكاء نارالصراعات بين أبناء الوطن وتقسيمهم الى وفديين
وأحرار سعديين ودستوريين وغيرهم والفكرة الحزبية كما ذكرنا فى فصل سابق لم تأت بشكل صريح أو متوارب .
وهنا نرد على ما طرحه فاروق عبد السلم * الذى أفرد فصل عن الخوان المسلمين والمسألة الحزبية وقال “ :إل أنها ـ أى
جماعة الخوان المسلمين ـ وضعت نفسها موضع الشبهات بموقفها غير المدروس من قضية الحزبية وربما تعددت السباب وراء
ذلك كله إل أن ما يعنينا منها بالدرجة ا لولى وما نعتقد أنه أهم السباب جميعا وراء هذا الموقف المتناقض هو اعتقاد الجماعة بأن
الحزاب السياسية ل تتفق وروح الشريعة ا لسلمية وأن النظام الحزبى حرام ومرفوض من وجهة نظر الشريعة “ .
والذى يقرأ مذكرات المام الشهيد حسن ا لبنا يجده قد حدد موقف الخوان من هذه المسألة فلم يكن واردا فى تخطيط الخوان
المسلين الوصول لكرسى الحكم وهو أحد الهداف الرئيسية لتكوين الحزاب ونشاطها ولو كان الخوان يريدون ذلك لدخلوا فى
تحالفات سياسية أو انضووا تحت أحد الحزاب ذات ا لشعبية الهائلة ولكن أمرا كهذا لم يحدث على مدى تاريخ الخوان المسلمين .
المسألة الثانية ك أن الخوان أعلنوا مرارا معارضتهم لتشكيل الحزب لن معظم الحزاب قبلت ورضيت بالقوانين الوضعية وتنفيذها
المر الذى لم يقبله الخوان لن حكم ال فوق كل حكم وهم كانوا يريدون أن تحكم مصر بشرع ال ولم يكن ذلك واردا فى أى برنامج
حزبى موجود فى تلك الوقات .
وقد سبق للستاذ عمر التلمسانى أن قال فى فصل سابق " للحزب برنامج ونحن ليس لنا برنامج أو منهاج لننا ندين بكتاب ال
وسنة رسوله وما جاء فى كتاب ال هو برنامجنا وما جاء فى سنةرسوله صلى اللهعليه وسلم هو منهاجنا كما اننا لسنا حريصين
على أن يكون رئيس الدولة من الخوان المسلمين مادام يتبع كتاب ال سبحانه وتعالى وسنة رسوله الكريم صلى ال عليه وسلم
فنحن جنده " ويقول الستاذ عمر التلمسانى :ان الخوان المسلمين ل يقيمون حزبا ول يرضون عن الحزاب جميعا لنهم لم يرضوا
عن أى منهاج يخالف كتاب ال وسنة رسوله صلى ا ل عليه وسبلم أما مسألة دخول مجلس النواب فهذا أمر آخر ليس فيه اعتراف
بالحزاب ول اعتراف بصواب مناهج الحزاب .
والخوان ا لمسلمون ينطلقون من قاعدة أساسية وهى تربية المسلمين على المنهج السلمى واقتداء برسول ال صلى اله عليه
وسلم وإيقاظ الوعى السلمى فإنها ستكون قادرة على تطبيق شريعة ال فى أرضه واختيار الحاكم المسلم الذى يتبع قواعد الشريعة
السلمية فدعوة الخوان المسلمين هى تربية من القاعدة للقمة وترسيخ القواعد وحين يتكون هذا الرأى العام المسلم فإنه سيكون
أعم وأشمل وأكثر تأثيرا من الحزاب فى تحقيق مصلحة الوطان فما دام الشعب قد تربى تربية اسلمية سيتم التغيير بأسهل وسيلة
ودون عنف .
ومن قال إن رفض قيام الحزاب فى السلم يوقع فى حيرة شديدة عن كيفية ترشيح الحاكم ويقود الى الحكم المطلق فإنه لم يدر جيدا
بدعوة الخوان المسلمين فالحكم المطلق القائم على غير شريعة ا ل مرفوض من الخوان ا لمسلمين وليس الحكم المطلق وحده
وإنما كافة أشكال الحكم التى تستند على قوانين وضعية ـ من عند غير ال ،ـ أما من يقول بأن عدم وضوح مسألة الحزبية لدى
الخوان قد أدت الى بطش عبد الناصر نقول لهم :سواء انضوى الخوان تحت راية حزب يؤسسونه أو ظلوا كما هم فإن النيات قد
توافرت لدى عبد الناصر للتخلص منهم بأية صورة من الصور كما تأكد هذا ا لغرض فى قانون الحزاب الذى أصدرة السادات .
لقد حققت الجماعة انتشارا واسعا فى الثلثينات والربعينات خارج نطاق التجربة الحزبية رغم كل المصاعب والهجمات التى تلقتها
كما أثار انتشارها ضيق وحقد الحزاب ..الموجودة التى انطلقت فى صراعات حزبية بالغة العنف فى اتجاه التنافس على كراسى
الوزارة بينما دفعت مصر ثمن ممارساتهم على مدى التجربة الحزبية .لقد اختار الخوان المسلمون أل يضيقوا نطاق الدعوة
ويحددوها فى إطار ضيق هو أطار الحزبية وأن يجدوا أنفسهم فى صراع من أجل مقاعد مجلس النواب أو كراسى الوزارة وربما
يغوى ذلك البريق نفوس الكثير من الخوان فيخرجوا عن الخط الساسى للجماعة وهو أحد المحاذير التى تنبه لها القائمين على أمر
هذه الدعوة ولذلك اتجهت ا لدعوة من خلل الجماعة ونصح الحاكمين والقائمين بالمر وتكوين الرأى العام المسلم الذى يستطيع
التغيير ..هذا كان طريق الخوان المسلمين ..
القومية السلمية والمصرية :
برزت فى الثلثينات دعوة الى القومية المصرية قادها كل من الدكتور طه حسين وسلمة موسى ومحاولة سلخ مصر من الطار
العربى باعتبار أن جذور مصر تمتد الى عهد الفراعنة وقد رد الستاذ البنا على هذه الدعوة قائل :تلك فكرة ل ينفرد بها ا لدكتور
طه وحده بل نادى بها من قبله الستاذ سلمة موسى وحمل لواءها كل من يحمل ضغنا على العربية وحفيظة على السلم إنها خطأ
محض ـ خطأ تاريخى وخطأ إجتماعى وخطأ فى جانب القومية المصرية ل يغتفر وهى فكرة غرسها الجانب للقضاء على قوة
الشرق ووحدته ..فهل يرى الدكتور طه وغيره أن لمصر لغة غير اللغة العربية وأن لها دينا غير الدين الذى حمل لواءه العرب ؟
وهل يرون أننا نستطيع أن نتخلى عن اللغة العربية والقرآن العربى والشعور العربى ونحل محل ذلك كله لغة ودينا وثقافة تختص
بمصر والمصريين ؟ " .
ويقول الستاذ عمر التلمسانى :السلم ل يعرف القومية وينكرها تماما ويراها نوعا من أنواع التعصب وإنما يرى الذى يجمع بين
الناس هو العقيدة إما مسلمين أوغير مسلمين والستاذ البنا رضوان ال عليه كان يستمد كل آرائه وأفكاره ونظمه من كتاب ال
وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم والقرآن والسنة ينكران مسألة اتلقومية ول يقرانها لنها مدعاة الى النفور بين القوميات
المختلفة وبسبب من أسباب الخلف والحروب وغيرها لن السلم حدد المسألة فى قوله تعالى " :وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا
ربكم فاتقون " .معنى هذا ان المسلمين جميعا أمة واحدة سواء فى الشرق أو الغرب ولذلك نجده ما كان يدعو الى ما يسمى "
القومية السلمية " أو غيرها وإنما كانوا يدعو الى وحدة المسلمين فى كافة بقاع الرض وكان يدعو الى عودة الخلفة السلمية
باعتبارها رمزا لهذه الوحدة السلمية بين المسلمين جميعا ولذلك كان حكام البلد السلمية ينشرون هذاالمعنى باعتبار أنه مقلل
لسلطانهم فى بلدهم وباعتبارهم سيخضعون لحاكم واحد هو خليفة المسلمين أو أمير المؤمنين وهذا الفهم فى الواقع فهم خاطىء لن
الخلفة العثمانية كان كل قطر يكاد يكون مستقل فى أموره مثل النظام القائم فى أمريكا بين الول يات المتحدة فكل ولية منها
مستقلة بكافة شئونها الداخلية ول يجمع بينها إل وحدة الدفاع عن الوطن المريكى والسياسة الخارجية هذه كانت فكرة ألستاذ البنا
والخوان المسلمين جميعا فيما يختص بهذه المسألة أما القومية فإننا ننكرها جميعا وكفى ما حدث أيام هتلر عندما دعا الى أفضلية
الجنس الرى ..وتفوقه على كافة الجناس الخرى وما يفعله اليهود من دعوات أنهم شعب ال المختار كل هذه أمور ليس منها
خير للنسانية باعتبار أننا كلنا فى النهاية جميعا أبناء آدم وحواء وإن اختلفنا دينا فيجب أل نختلف الخلف الذى يدعو الى القطيعة
والحرب والقضاء والتدمير يجب أن نتعاون جميعا على مصلحة النسان وكرامته أيا كان لونه وعقيدته أو أتجاهه .طه حسين كان
يدعو الى تقبل مصر للثقافة الوربية كما دعا فى كتابه " مستقبل الثقافة فى مصر " الى الرتماء فى أحضان الغرب وقد جرت
مواجهة بين الستاذ حسن البنا والدكتور طه حسين وقال فيها الدكتور طه حسين للمام الشهيد " ليت أعدائى مثل طه حسن البنا إذن
لمددت لهم يدى من أول يوم " .وقد كان من نتيجة هذا اللقاء أن عدل طه حسين عن آرائه التى سجلها فى هذا الكتاب .
الصوفية والزهــر :
يقول الستاذ عمر التلمسانى " :الخوان فى حقيقة ألمر ـ من ضمن مقومات دعوتهم أنهم ـ دعوة صوفية ولكنها الصوفية التى
كانت معروفة فى صفوف الصدر الول من السلم فإن كانوا ينتقدون الصوفية الن فإنهم ينتقدونها للمظاهر التى تبدو ليس بينها
وبين الشرع صلة كالرايات والطبل والرقص فى الشوارع بمناسبة شهر رمضان وغيرها هذا ما كنا نعترض عليه وكنا ننتقده ما كنا
نحرم زيارة القبور وزيارة الولياء وإن كنا ندعو الناس أل يتمسحوا بالقبور وأن يعلموا أن ال وحده هو الفعال وإن كان حقا أن
صاحب هذا بالطبع رجل صالح ومن أولياء ال إل أنه ل يليق بمسلم أن يستعين بغير ال سبحانه وتعالى لننا ليس بيننا وبين ا ل
واسطة ال العمل الذى نقوم به " ..
أما موقف الخوان المسلمين من الزهر فيقول الستاذ عمر التلمسانى :من ناحية الزهر كنا ول زلنا نحس أن تعيين شيخ الزهر
قيد من القيود التى تحد من حرية تصرف الزهر فى إبداء القرار فى المسائل الدينية وكنا نتمنى أن ينزل رجال الزهر الى العمل فى
وعظ الناس وتوعيتهم ونحن ل نطلب من رجال الزهر أن يكونوا سلطة تنفيذية ولكن كنا نريد منهم ول زلنا أن يقوموا بواجبهم
الدعائى للسلم على الصورة التى ترضى المسلمين جميعا لننا نعتقد أن كلمة حق واحدة من الزهر لها أثرها فى نفوس العالم
السلمى كله ولقد كنت على صلة دائمة بشيخ الزهر المرحوم الدكتور عبد الحليم محمود وكلفنى فى فترة من الفترات أن ألقى
دروسا تربوية على الوعاظ فى المدينة الجامعية بالزهر التى أنشأها وحضرت معهم شهرا وساءنى أنهم ما كانوا يعنون بالوعظ قدر
عنايتهم بحالتهم المادية وما يعانونه من شظف العيش وسوء المعاملة وعدم الحترام الكامل لهم أثناء تأدية عملهم وكانت هذه
الشكوى حقيقية كما كنت على صلة بكل رجال الزهر حتى الشيخ عبد الرحمن بيصار رحمه ال أرسل الى فى يوم من اليام سكرتيره
الخاص وقابلته لمدة ساعة وتحدثنا فى المور العامة ومهام الزهر ومهام الخوان المسلمين فى جو ودى خالص وكنت دائم الهتمام
بالزهر ورجاله " .
موقفنا من الشيوعية :
حدد الخوان منذ نشأة الحركة رفضهم للشيوعية باعتبار أنها تنافى الفطرة النسانية التى فطر ال سبحانه وتعالى عباده عليها
وأنها تتبع تقنينا غير تقنيين السلم على طول الخط وقد حصلت محاورات ومناقشات واسعة داخل المعتقلت بين الخوان المسلمين
وأصحاب الفكر الماركسى ويقول الستاذ عمر التلمسانى :المعتقلون كانوا ثلثة أصناف :الخوان ـ ا لشيوعيين ـ الوفديين
وغيرهم وكانوا يسمونهم النشاط المعادى ولننا كنا قريبين من بعضنا البعض فكنا نجلس ونتناقش ونتحاور ولكن أنا بالذات لم أكن
أجد فى نفسى ميل للدخول فى مثل هذه المناقشات أو الحوارات ولكن حصل حوار طويل بين بعض قادة الشيوعيين وأخ اسمه محمد
عبد الحليم وكتب كتابا أسماه " وراء السوار " وهو كتاب يرد بالدلة المنطقية بأن السلم خير كله وأن الشيوعية ل تصل الى الخير
الذى وصل اليه السلم ولم يستطيعوا أن يوجدوا دليل واحدا يدحضون به مقولة الستاذ عبد الحليم خفاجى ..والغريب ما فعله عبد
الناصر بالشيوعيين حيث كان دخولهم السجن مرتبطا بترمومتر العلقة مع موسكو وعلى سبيل المثال عام 1964عندما كنا بسجن
الواحات وحدث خلف بين " خروشوف " وعبد الناصر ..وخروشوف قال عن عبد الناصر :إنه " ولد طائش " فاشتدت نقمة عبد
الناصر على الشيوعيين ظنا منه أنهم يحاولون العمل على خلعه من الحكم فاعتقل منهم اللف وعذبهم ولكنه فى النهاية كان تعذيبا
ل يرقى لدرجة تعذيب الخوان وعندما تم الصلح بين جمال عبد الناصر وبينهم وعادت المياة لمجاريها أفرج عن هؤلء الشيوعيين
وبقى الخوان داخل السجون .
ويقول الستاذ محمود عبد الحليم * :كان الستاذ البنا يرى أ ن الوقت الذى نضيعه فى مهاجمة فكرة كالشيوعية نحن أحوج اليه
لنشر فكرتنا وتوضيح معالمها وأهدافها ..حتى الكتب التى ألفها بعض الخوان عن الشيوعية لم يكن المقصود منها أكثر من تفقيه
الخوان فى الفكار التى يضطرب بها العالم من حولهم .ومع أن الخوان لم يتعرضوا للشيوعية تعرضا مباشرا مما يعده الناس
مقاومة إيجابية فإن الشيوعية العالمية كانت تعد الخوان المسلمين ألد أعدائها وأكبر عائق فى سبيل انتشارها ..والغريب أن
الشيوعيين اتهموا حسن البنا فى نهاية الربعينات فى منشوراتهم بأنه أكبر رأسمالى فى مصر وأنه يملك أسهما قيمتها ربع مليون
جنيه ( بالرقام والحروف ) فى شركة الجريدة وربع مليون جنيه فى شركة الطباعة ـ وهى الشركات التى أنشأها الخوان ولم يكن
المام الشهيد يملك شيئا يذكر فى هاتين الشركتين سوى مرتبه الشهرى ..ومنحته الهيئة التأسيسية أسهما فى حدود مائة سهم
قيمتها أربعمائة جنيه ليكون ضمن هيئة المؤسسين كما يطلب القانون .
ويضيف محمود عبد الحليم :وقد أيقنت بعد قراءة هذه الورقة أن هناك تواطؤا بين الشرق والغرب أى بين الشيوعية والرأسمالية
على إبادة هذه الدعوة السلمية من الوجود ..أما الغرب فأدواته هم حكامنا وأما الشيوعية فإنها تفترس الشباب الغافل خالى الذهن
فى غيبة الحقائق عنه وفى ظل حكم إرهابى كمم أفواه البراء ليطلق رعاع ا لشيوعيين عليهم ألسنة حدادا وألسنة كذابا آمنين من أن
يعترض طريقهم من يستطيعون أن يفضحوا كذبهم ويدحضوا افتراءاتهم .
موقف عباس العقاد :
ويقول الستاذ عمر التلمسانى " :العقاد كان وفديا والوفد بطبيعته عادى الخوان المسلمين لمصاتلح وفدية محضة ظنا منه أن
الخوان المسلمين إذا انتشروا سيكون فى هذا إضعاف لقوتهم كحزب صاحب أغلبية فى هذا البلد وطبعا هذا ألمر ل يرضى
السياسيين ول يرضى الحزاب فنابذوا الخوان العداء وحملوا عليهم حملة شعواء وإنما كانت مخاصمة الوفد للخوان ل تعدو
الحملت الصحفية والتشهير والتشنيع إنما لم يتخذوا مع الخوان الوسائل التى أتخذها إبراهيم عبد الهادى أو جمال عبد الناصر أو
السادات لقد كانت خصومة كلمية ل أكثر ول أقل " .
لقد عرضنا فى عجالة لبعض مواقف الخوان من بعض الطراف خلل الثلثينات والربعينات لنزيل الشبهات حول هذه المواقف
وحتى ل يجد أساتذة التشويه فرصة للنيل من جماعة الخوان لبعض مواقفهم وال الهادى ..
الباب الثالث -قصتنا مع إنقلب يوليو
* علقتنا بالضباط الحرار .
* هكذا أيدنا الحركة .
* خلفاتنا مع النقلب .
* حل الجماعة .
الفصل العاشر
علقتنا بالضباط الحرار
علقة الخوان بجماعة الضباط الحرار التى خططت ودبرت ونفذت انقلب 23يوليو عام 1952علقة تمتد الى الربعينات وبدأت
باتصالت للشهيد المام حسن البنا مع بعض القيادات والرتب فى الجيش المصرى فى إطار أنتشار دعوة الخوان المسلمين وليس
لهداف أخرى كما يدعى بعض المغرضين وذهبوا فى ذلك مذاهب شتى .
وقد اتفق كل من ميتشل وصلح عيسى وعبد العظيم رمضان على اتصالت المام الشهيد بالجيش وأن ذلك جاء عن طريق عزيز
المصرى الذى كان على صلة وثيقة بالستاذ البنا .
ويرد الستاذ عمر التلمسانى على هذه المقولة قائل " :هؤلء الناس لنهم ل يأخذون بالمفاهيم السلمية فإنهم يستطيعون أن يقولوا
كما يشاءون ..الذين اختلطوا بعزيز المصرى يرحمه ال يعرفون أخلقه تماما ..ولو أنه مباح لى كمسلم أن أتحدث عن عزيز
المصرى لتحدثت الكثير عن أيام أن كان مديرا لكلية البوليس وما كان يقوله للطلبة فى الكلية وما يعرفه الناس عن عزيز المصرى
لقلت الكثير ولكنى أقول :إن عزيز المصرى وجد أن هذه الجماعة جماعة منظمة وتدعوالى العمل المادى الواقعى والتربية التى
تنتهى بالوعى الكامل فاستهوته هذه الناحية فى جماعة الخوان المسلمين أما الفكرة الدينية فى حد ذاتها فلم يكن لها وجود فكانت
ميول عزيز المصرى مجرد إعجاب لنه عسكرى إعجاب بتنظيم إعجاب بقوة وبشباب طاهر هذا كل ما فى المر .أما إن الخوان
أتصلوا ببعض ضباط الجيش فهذا صحيح وضباط الجيش أنفسهم اعترفوا بهذا وكان فى الجيش عشرات الضباط من الخوان
المسلمين واتصال الستاذ المام بهؤلء الناس ليس فيه شىء مستنكر أو غريب إن الذى يدعو الشباب المدنى الى عبادة ال وترسيخ
دينه ليس بعجيب أن يدعو القوات العسكرية أن تؤمن بال وتصحح دينها ..ولكن أصحاب النوايا التى يعلم ال خفاياها يريدون أن
يشوهوا هذه الحركة وعزيز المصرى لم يكن واسطة بين الخوان والضباط الحرار لن هذه الصلة كانت بعيدة تماما عن عزيز
المصرى إنما حدث أن ألتقى المام الشهيد ببعض الضباط فى بيت عزيز المصرى والذين عرفوا هذا صوروها أن عزيز المصرى هو
الواسطة بين الخوان والضباط الحرار وعندما وقع حادث هروب عزيز المصرى من مصر ووقوع الطائرة فى قليوب وكان يقود
الطائرة عبد المنعم عبد الرؤوف أحد الضباط الذين كانوا يأخذون بمبادىء الخوان المسلمين وجد أعداء الدعوة وخصومها فرصة
يبنون على أساسها أن عزيز المصرى كان الواسطة وعزيز المصرى ل يصلح لدعوة إسلمية علىالطلق لن تكوينه ل يقبل هذا
الوضع أما ما يورده أنور السادات فى جميع كتبه عن علقةالخوان بالضباط الحرار فليس فيها كلمة واحدة صحيحة وإذا كان يلتقى
بالستاذ البنا فقد كان يلتقى به كتلميذ مع أستاذ ول يستطيع أنور السادات ول غيره أن يقول للستاذ البنا ما قاله فى كتابه " البحث
عن الذات " من أنه هو الذى أنشأ جماعة الخوان المسلمين مع حسن البنا ..هذا الكلم ل أساس له من الصحة ولكن أنور السادات
كان رئيسا للجمهورية وما كان أحد يستطيع أن يكذبه فى الوقائع التى ذكرها فى كتابه ول يمكن أن نأخذ حرفا واحدا صادقا من
كلمه فى البحث عن الذات سواء عن علقته بالستاذ البنا أو علقته بجمال عبد الناصر ولو اطلع البعض منا على وثائق محاكمة
اغتيال السادات لعرفوا تماما من هو أنور السادات .ز وقد جاءت فكرة إنشاء تشكيله الضباط الحرار بسبب عدم رضاء مجموعات
من الضباط الشبان عن أستمرار الحتلل النجليزى وتصرفات الملك ومفاسدة وكانت المبادىء الخوان المسلمين سارية بين صفوف
الضباط الشباب فبدأ نوع من التقارب فى وجهات النظر بين الخوان والضباط الشبان والتقى الستاذ البنا بالسادات مرة فى بيت
عزيز المصرى ومرة فى المركز العام ولقد جرت إجتماعات ولقاءات فى المركز العام بيننا وبين مجموعة الضباط الحرار لتفاقنا
على ضرورة القضاء على الحتلل ولكن أن يتزايد أنور السادات ويقول :إنه أنشأ الخوان مع الستاذ البنا فهذا أمر غير مقبول منه
ولم يكن الخوان ينظرون لصلتهم بالضباط الحرار نظرة استفادة وإنما كانوا ينظرون للصالح العام .
ولقد امتدت صلة الخوان المسلمين مع الضباط الحرار حتى قيامهم بتنفيذ انقلب يوليو وكانت الصلت بين الجماعة والضباط
الحرار تتم فى صورة لقاءات منفردة أو جماعية وفى صورة تدريب بعض الضباط الحرار لعدد من كتائب الخوان على استخدام
السلحة لمواجهة الحتلل النجليزى وللدخول فى حرب فلسطين التى أبلى فيها الخوان المسلمون بلء حسنا باعتراف كثير من
الضباط فى المحاكمات التى جرت حول السلحة الفاسدة بعد قيام النقلب وكانت اتصالت الخوان بالضباط الحرار تنبع من ابتغاء
المصلحة العامة وتوسيع دائرة انتشار الدعوة السلمية داخل صفوف الجيش وكان الخوان يتعاملون بنوايا حسنة مع مجموعة
الضباط بينما نظر الضباط الحرار لهذه العلقة بمنظور هم الخاص وخاصة جمال عبد الناصر لتبدأ سلسلة غريبة من الحداث التى
تكشف الكثير عن طبيعة النظام الذى حكم ممارسات عبد الناصر بعد ان اعتلى الحكم ..
الفصل الحادى عشر
هكــــذا أيدنــــا الحركـــــة
مع بزوغ فجر الثالث والعشرين من يوليو عام 1952تحركت مجموعات من الضباط فى عدة اتجاهات وسيطرت علىالمواقع
والمنشآت الحيوية معلنة قيام " حركة الجيش المباركة " ـ ظل هذا التعبير مستخدما حتى أضفى عليه قادة الحركة لفظ ثورة فى
يناير 1953ـ وتصدر هذه الحركة اللواء محمد نجيب كما عين على ماهر رئيسا للوزراء ولم يستمر سوى 45يوما فقط من قيام
الحركة وأطيح به ليحل محله محمد نجيب ورحل الملك فاروق عن مصر يوم 26يوليو 1952ثم أصدرت حركة النقلب قانونا
بالغاء اللقاب فى مصر فى 12أغسطس 1952ودعوة الحزاب لتطهير نفسها .
ول يهمنا الدخول فى تفصيلت هذه الحركة بقدر ما يهمنا التعرض لموقف الخوان من النقلب وقبل ذلك فهناك سؤال يطرح نفسه
وهو :هل كان الخوان على علم بموعد قيام النقلب ؟
يقول الستاذ عمر التلمسانى " :هذه المسألة هم يعترفون بها ـ الضباط الحرار ـ وكانت الصلت بين بعض الخوان وبعض
القائمين بحركة الضباط ومنهم عبد الناصر وكانوا على لقاءات مستمرة ودائمة فى تنظيم هذا النقلب ومدى مساعدة الخوان
للضباط الحرار فى مثل هذه الحالة فكانت كل التصرفات تتم عن لقاءات واتفاقات من الخوان المسبلمين إنما كان ا لخطأ الذى أرتكبه
ضباط الخوان أنهم لم يدخلوا مجلس قيادة الثورة واكتفوا بقيادة القوات التى حاصرت قصر عابدين ورأس التين وغيرها من
المنشآت وكان جديرا بهم أن يكونوا داخل هذاا لمجلس ليحكموا تصرفاته وفق شرع ال والذى يعرفه الكثيرون أنه قبل قيام الحركة
كان هناك اتفاق بين الخوان والضباط الحرار على كيفية حكم مصر وتعاهد الضباط الحرار والخوان على ذلك أمام الشيخ محمد
حسن الودن رحمه ال عليه وصلوا المغرب جماعة خلفه على أنهم إذا تم النقلب يكون الوضع على صورة معينة وهى شريعة ال
سبحانه وتعالى وكان هذا فى مايو أو يونيو 1952دون أن يفكر الخوان فى المشاركة فى الحكم لن كل الذى بينهم هو تطبيق شرع
ال بصرف النظر عمن يطبقه .
وقد أعلن الخوان تأييدهم لحركة الجيش فى جلسة استثنائية للهيئة التأسيسية عقدت يوم 26يوليو وأعلنت بيانها فى الول من
أغسطس فى مشروع بيان أعلنته وتعرب الجماعة فيه عن فرحتها بنجاح المباركة واحتوى بيان الجماعة عرضا لراء الجماعة فى
قضايا الصلح الجتماعى والخلقى والسياسى والقتصادى التى تواجه الشعب المصرى مع بداية العهد الجديد وقد ذهب والد المام
الشهيد حسن البنا للمركز العام ـ للمرة الولى منذ وفاة المام الشهيد ـ واتجه للمسجد وقال للخوان " :أيها الخوان اليوم تحققت
رسالتكم إنه فجر جديد بالنسبة لكم ويوم جديد للمة فاستبقوا الفجر أيها ألخوان شدوا من أزر نجيب وأعينوه بقلوبكم ودمائكم
وأموالكم وكونوا جنوده فتلك هى رسالة ( حسن ) التى أراد ال لها النجاح " .
ويقول الستاذ عمر التلمسانى :أيد المصريون قيام النقلب وقد أيدناه بالطبع لننا مصريون ومسلمون عانينا الكثير من ويلت
الحتلل وتحكم القصر الكل كان يرضى عن هذا النقلب وكنا نحن نحرس المنشآت العامة فىمصر لكيل تمس والمعنى أننا راضون
عن هذه الحركة وأننا معها ما دمنا اتفقنا على أ ن نطبق كتاب ال وسنة رسوله فى حكم البلد ومثل هذه الحركات كانت ل بد أن
يؤخذ رأى الجهات المسؤوله فى كل هيئة وكل حزب وكانت قيادة الخوان المسلمين تضم ( المرشد ومكتب الرشاد ) فلم تكن
المسألةموضع خلف ولكنها كانت نية مبيتة قبل أن تقوم هذه الحركة والذى عرفناه فيما بعد أن عبد الناصر كان على اتصال بكل
الطراف ألخرى سواء الوفد أو الحرار الدستوريين والشيوعية وكل الهيئات ولقد كنا فى غاية الوفاء فى حماية هذا ا لنقلب
وحماية المنشآت بمفردنا .
وخلصة القول :/أن الضباط الحرار تعاهدوا وأقسموا على أن يحكموا بشرع ال قبل قيامهم بهذا النقلب وعلى رأسهم جمال عبد
الناصر وأوفى الخوان بعهدهم فى مساندة ودعم النقلب وكان لبيان الخوان فى تأييد النقلب بالغ الثر فى كل ربوع مصر نظرا
لمتداد وانتشار شعب الخوان فى كل بقعة من أرض مصر وكان تأييدهم دفعة شعبية وضعت حركة النقلب على أرض صلبة
للسيطرة على مقادير المور فى مصر ..وحين أيد الخوان النقلب فإنهم لم يؤيدوا تأييدا أجوف مفرغا من المعانى والراء وإنما
طالبوا منذ اللحظة الولى بالصلح فى كافة شئون البلد استنادا الى أساس من الشرعية السلمية وتطبيق شرع ال فى أرضه .
ويقل الستاذ صلح شادى * " لقد تنكر عبد الناصر ومعه ثمانية من مجلس قيادة الثورة لبيعتهم مع المام الشهيد والصاغ محمود
لبيب وعبد الرحمن السندى بعد نجاح الحركة فى الوقت الذى تأخر فيه موعد قيام الحركة فى يوليه 1952يوما فى انتظار موافقة
المرشد حسن الهضيبى الذى ذهب نفر من الخوان الى السكندرية للحصول على موافقته " .
تنكر عبد الناصر لتأييد الخوان وبعد 29شهرا من قيام النقلب كان قد أطاح برؤوس عدد من الشهداء البرار وألقى بالمئات بل
اللوف خلف أسوار السجون والمعتقلت من الخوان المسلمين .
ويقول الستاذ عمر التلمسانى " :أشهد ال أن ا لمرحوم حسن الهضيبى وفؤاد سراج الدين كانا الوحيدين فى مصر اللذين قطعا من
اول أيام الحركة أن جمال عبد الناصر رجل ل يؤمن وفاؤه بعهده "
الفصل الثانى عشر
خلفاتنا مع النقلب
كانت نزعةالتحمس والتأييد غالبة على كافة أعضاء الخوان لقيام هذه الحركة بينما طالبت قيادة الخوان مجموعة الضباط بأن
يسيروا على الخط السلمى وقد سبق أن قطعوا على أنفسهم عهدا بذلك وقد تصور بعض الكتاب ـ من أصحاب الغراض ـ أن فى
هذا وصاية على النقلب وعلى زعمائه ومنهم الكاتب د .عبد العظيم رمضان .
ويقول الستاذ عمر التلمسانى :للسف الشديد أن كل كتابات عبد العظيم رمضان فى هذا الموضوع كتابات مغرضة لم يقصد بها إل
تشويه وضع الخوان المسلمين جمال عبد الناصر من أول المر كان يريد التخلص من كل حزب وكل هيئة وجماعة ومن كل قوة
موجودة وكان هذا أسلوبه وتخطيطه حتى من قبل أن تقوم حركة الضباط الحرار فالمسألة لم تكن مسألة نزاعات أو صراعات مع
قادة النقلب وإنما كانت النية مبيتة ومسألة تنفيذ خطة قديمة ليصل بها جمال عبد الناصر حتى أنه تخلص بعد ذلك من زملئه فى
مجلس قيادة الثورة والقصة معروفة للجميع .
* قانون الصلح الزراعى :
طرح موضوع تحديد الملكية الزراعية بعد قيام النقلب بقليل ـ الذى ادعت حركة يوليو أنه من بنات أفكارها وإنما جرت محاولت
كثيرة فى هذا المضمار قبل قيام الحركة ولقد طرح هذا المر وقال الخوان كلمتهم فيه .
ويقول الستاذ عمر التلمسانى " :ما يثار أن إدلء الخوان المسلمين برأيهم فى قضية تحديد الملكية الزراعية هو بداية الصدام مع
نظام الضباط الحرار إنما هو فى الحقيقة أوهام فى رءوس البعض فكون أن الخوان طالبوا أن يكون الحد القصى لملكية الرض
500فدان بينماأصرت الحركة على تحديدها بحوالى 200فدان فقط هل فى هذا صدام ؟ ..نحن رأينا أن هذا الحد معقول وهم رأوا
عكس ذلك فهذا مجرد خلف فى وجهات ا لنظر لقد أيدنا تحديد الملكيات الزراعية واختلفنا معهم فى رقم التحديد ليست مشكلة
يصورها البعض على أنها الصدام الول وغيره " .
وصدر قانون الصلح الزراعى فى أول اجتماع عقدته وزارة محمد نجيب يوم 8سبتمبر عام 1952وأصدر معه أيضا قانون تنظيم
الحزاب السياسية الذى قضى بعد ذلك على كل الحزاب القديمة .
ثم قللت الحركة بعد ذلك الحد القصى فوصل الى 100فدان عام 1961ثم 50فدانا للفرد و 100فدان للسرة عام 1969وهذا
القانون الذى فاخرت به حركة يوليو وحشت به رءوس جيل الخمسينات وحتى الثمانينات ضجت الشكوى من تطبيقه بسبب ما فعله
فى الكثيرين فقد تفتت الملكيات الزراعية وأهملت الرض وتناقصت رقعة الرض الزراعية حتى بعد استصلح آلف الفدادين وضج
الملك من تعسف القانون إزاء حقوقهم ونمت ثمار جديدة فى ا لريف المصرى بين صغار الملك ـ على حد قول الستاذ صلح
منتصر * ـ والمسـتأجرون هم ثمارا لحقد والعداء وسلسلة طويله من جرائم إحراق المنازل وسم المواشى وإتلف المزروعات
وبعد أن كان المالك هو إقطاعى ما قبل ا لثورة أصبح المستأجر فى نظر كثير من صغار الملك هو القطاعى الجديد الذى يحتكر
النتفاع بالرض بينما الفتات للمالك الذى وصل به الحال الى حد عدم مقدرته على رؤية أرضه إل بتصريح من المسـتأجر " ..
* فتح ملفات اغتيال الشهيد البنا :
وفى محاولة لجتذاب الراى العام قرر مجلس قيادة حركة النقلب تصفية نفوذ البوليس السياسى وعلى رأسهم محمد الجزار الذى
خطط ودبر لجريمة اغتيال الشهيد البنا كما تم العلن عن إعادة التحقيق فى مقتل الشهيد البنا التى حفظت دون التوصل الى شىء
ـ أو هكذا أرادت السلطات فى ذلك الوقت مع السراى ..كما تم الفراج عن قتلة المستشار الخازندار ..ويقول الستاذ عمر
التلمسانى " :لم يكن هذا نوع من إظهار النوايا الحسنة من جانب قيادة الثورة بقدر ماكان أسلوبا من أساليب جمال عبد الناصر
لكسب الرأى العام لن الرأى العام كام مع مرتكبى الحوادث السياسية وكان يعطف عليهم وكان أسلوب جمال عبد الناصر أن يفرج
عن هؤلء اكتسابا لشعبية الرأى العام فى البلد وليس تقربا من الخوان" ...
والجدير بالذكر أن التحقيقات فى قضية اغتيال الشهيد حسن البنا كانت قد حفظت بأمر من النائب العام الذى أمر بحفظه وتقييد
الجناية ضد مجهول وبعدها بقليل أنعم الملك فاروق برتبة البكوية على محمود عبد المجيد مدير المباحث الجنائية بوزارة الداخلية
مكافأة له على التخلص من الشهيد حسن البنا ؟ !!
وبعد قيام حركة النقلب أمرت القيادة بالقبض على العميد محمود عبد المجيد والقبض على المتهمين الخرين وأصدرت المحكمة
حكمها بعد مداولت طويلة ( من 10نوفمبر 1953الى 2أغسطس 1954وبلغ عدد صفحات أوراق القضية أربعةآلف صفحة )
بمعاقبة أحمد حسين جاد بالشغال الشاقة المؤبدة ومحمد محفوظ ومحمود عبد المجيد بالشغال الشاقة 15سنة وان يدفعوا عشرة
آلف جنيه لزوجة المام الشهيد وباحكام أخرى بالتعويض وأثبتت التحقيقات تواطؤ كل من البوليس السياسى والقصر فى مؤامرة
اغتيال الشهيد البنا ..
** حكاية ا لوزارة ..
ثار جدل كبير حول موقف الخوان المسلمين من مسألة الشتراك فى الوزارة وانهالت كثير من التهامات للخوان حول هذه المسألة
وكان ل بد من جلئها إحقاقا للحق والحقيقة .
يقول الستاذ عمر التلمسانى :لقد طلبنا الشتراك فى الوزارة ووافق مجلس قيادة الثورة على ترشيح ثلثة أسماء فقط فعرض عليه
الستاذ حسن الهضيبى ثلثة مرشحين هم حسن العشماوى ،عبد القادر عودة ،منير الدلة ،الحقيقة أن جمال عبد الناصر لم يرد
أحدا من الخوان المسلمين وقال عن الثلثة :إن حسن العشماوى ما زال صغيرا وعن منير الدلة :إنه ما زال مساعد مستشار فى
مجلس الدولة ول يصح أن يصبح وزيرا وقال عن عبد القادر عودة إنه" ثقيل الدم " كانت النية مبيتة أما مسألة عرض الوزارة
على الستاذ أحمد حسن الباقورى فلم تكن بترشيح من الخوان المسلمين وإنما كما قال الستاذ الباقورى إنه حاول التصال بقيادة
الخوان ليأخذ رأيها فى مسألة ترشيحه فعجز عن التصال فقبل الوزارة وانتهى المر واستقال الباقورى من الخوان وبقى فى
الوزارة إلى أن خرج منها بالصورة التى يعرفها الناس وقد رشح الستاذ الهضيبى لهم وزير العدل ولم يكن من الخوان وإنما كان
مستشارا فى فى محكمة النقض وبالفعل تولى وزارة العدل وقد قرر مكتب الرشاد بالجماع عدم الشتراك فى الوزراة لقد كان
الخوان يعلمون نية عبد الناصر التخلص منهم ولكن ماذا كنا نفعل ونحن لسنا دعاة عنف أو صراع أو تخريب ؟ فقط نعمل على
النصح وندل علىالطريق السليم لخير هذا البلد والجميع يعلمون أن الخوان بعد رفضهم الشتراك فى الوزارة لم يأتوا باآ رد فعل
فى معاداة النقلب وانصرفوا لدعوتهم فى سلم .
* وقفة عند شخصية عبد الناصر :
وكان ل بد من أن نتوقف هذه الوقفة عند شخصية الرجل الذى اعتبر المحرك الرئيسى لجماعة الضباط الحرار والذى كان يبيت النية
للتخلص من الخوان المسلمين .
ويقول الستاذ التلمسانى " :لقد التقيت بجمال عبد الناصر كثيرا والحقيقة أنه كان فى حديثه ملفتا للنظر وكان لين الجانب بصورة
عجيبة كان هادىء الطبع فى لقاءاته مع الخوان المسلمين ولكنه كان يخفى غير ما يظهر لنه كما ثبت من كتابات السادات وغيره
أن جمال عبد الناصر التقى بجميع الهيئات والحزاب فى مصر وكذلك بالشيوعيين والدستوريين ومصر الفتاة والخوان شخص مثل
هذا النسان ل يمكن القول بأن له مبدأ من المبادىء يتمسك به وإنما كان يتسلل الى صفوف كل هذه الجماعات والهيئات والحزاب
ليعلم دخائلها وليكون لنفسه مستقبل على أ ساس هذه المعلومات فلما هيأت له الظروف فرصة النقلب العسكرى الذى حصل استفاد
من هذه الخبرات وتخلص من الوفد والحرار الدستوريين أول ولم يرض أن يضم الخوان المسلمين فى هذا المر ثم انفرد بالسلطان
ولم يكن أمامه غير الخوان المسلمين فانقلب عليهم واستعمل معهم كل الوسائل غير النظيفة التى كتبت عنها الصحف والمجلت
وأصدرت بشأنها محاكم الجنايات أحكامها .ز ولقد دعانى ذات مرة عبد الناصر فى منزله بمنشية البكرى يوم 9سبتمبر 1954أنا
وتسعة من الخوان فالتقينا به هناك وأخذ يقص علينا كيف لم يرض عن رؤساء الوزارات الذين عينهم لنهم اختلفوا معه فى طريقة
الوصول لحسن السبل لحكم مصر بحرية كاملة فوصف محمد نجيب بأنه " فقر " ووصف على ماهر بأنه " خبيث " وأنه كان يميل
للرأسمالية ويريد العودة للحكم القديم وأخذ يسرد كل هذه ا لحداث الى أ ن وصل الى كلمة أنه يعانى كثيرا ويخاف من حماقات بعض
الضباط الحرار واعتبرت أنا بالذات هذا القول تهديدا للخوان المسلمين فكان ردى عليه :إنك رئيس الوزارة وتستطيع أن تقبض
وتحبس وتحاكم ولكن ل داعى للتهديد ونحن فى منزلك أنت طلبتنا للقائك فل يليق أن تهددنا فى منزلك بحماقات الضباط الحرار
وكان يعنى أنهم يريدون الدخول على بيوت الخوان المسلمين وتدميرها وتخريبها وقتل من فيها هذا الذى كان يريده ولكنه حاول أن
يبرر هذا الكلم بأنه ل يقصد المعنى الذى استقر فى ذهنى ولعل جمال عبد الناصر كان يفكر فى إدخالى السجن مع من أدخلهم رغم
علمه بأننى بطبيعتى ل أقر أعمال العنف ولشىء من هذا القبيل ..
هذا هو جمال عبد الناصر ولقد بدأ عبد الناصر فى التنصل من وعوده وكان الكثير من الخوان يبررون تصرفاته أمام الخوان حين
يقع الشقاق بين الخوان وعبد الناصر " .
لعبة التطهير !
وبدأ جمال عبد الناصر ينفذ ما وضعه من قواعد اللعبة الخاصة بالتخلص من كل خصومة أو قوى الضغط أو القوى التى يحسب لها
حساب فى شعبيتها وتأثيرها وكانت المناورة التى اتبعها عبد الناصر ففى 10سبتمبر طلبت حركة ا لنقلب من الحزاب أن تقدم
إخطارات إعادة تكوينها وتطهير نفسها وبالطبع كان جمال عبد الناصر يعرف بحكم اتصاله بهذه الحزاب ما سيحدث وقد حدث فعل
صدامات داخل هذه الحزاب فغرقت هذه الحزاب فى تصفية حساباتها القديمة على حساب استمرارها .
ويقول الستاذ عمر التلمسانى " :لقد اكتشف الستاذ الهضيبى هذه اللعبة من أول خطوة خطتها ..وقال :إن جمال عبد الناصر
سيتخلص من الحزاب بطلبه أن تطهر نفسها ثم يترك الخوان المسلمين لنه أراد أن يتخلص من الحزاب لينفرد بالخوان
المسلمين دون ان يكون فى البلد أية هيئة أخرى هذا ما توقعه الستاذ الهضيبى وقاله للذين يحسنون الظن بجمال عبد الناصر ل
تفرحوا بحل الحزاب فالدور آت عليكم وفعل حصل ما توقعه الستاذ الهضيبى رحمه ال عليه ..فعندما تخلص عبد الناصر من
الحزاب التفت للخوان وانقلب عليهم وفعل بهم ما فعل بعد ذلك ولقد أراد جمال عبد الناصر أن تقسم الحزاب وتنهار وأن تشتم
نفسها بنفسها ثم أصدرت قيادة ا لنقلب قرار ا فى 17يناير 1953بحل جميع الحزاب القديمة كما توقع الستاذ الهضيبى .
وهنا نورد واقعة ذكرها الستاذ عبد العظيم رمضان * حيث يقول " ففى صبيحة يوم الحل حضر الى مكتب جمال عبد الناصر ـ كما
يقول بيان مجلس الثورة فى هذا ا لشأن ـ كل من صلح شادى ومنير الدلة ودار بينهما وبينه حديث مثير بدأه الثنان بقولهما " :
الن وبعد حل الحزاب لم يبق من مؤيد للثورة إل الخوان ..ولهذا فإنهم يجب أن يكونوا فى وضع يمكنهم من أ ،يردوا على كل
أسباب التساؤل ! " وقد سألهما عبد الناصر عما هو ا لوضع المطلوب فأجابا بأنهما يقصدان الشتراك فى الوزارة .فرد عليهما عبد
الناصر قائل " إننا لسنا فى محنة وإذا كنتم تعتقدون أن هذا الظرف هو ظرف المطالب وفرض ا لشروط فأنتم مخطئون " .فا قترحا
عليه حل آخر يشركهم فى الحكم من وراء ستار ويقضى بأن تتكون لجنة من هيئة الخوان تعرض عليها القوانين قبل صدورها
للموافقة عليها واعتبر أن هذا الحل " هو سبيلنا لتأييدكم إن أرتم التأييد " .
ولكن جما ل عبد الناصر أجابهما بأنه قد سبق أن قال للمرشد " لننا لن نقبل الوصاية وأنه يكررها اليوم مرة أخرى فى عزم
وإصرار” .
ويقول الستاذ عمر التلمسانى " :هذه الوقائع التى رواها د .عبد العظيم رمضان رواها من جانب واحد هو مجلس قيادة الثورة
وكان لزاما عليه ـ ككاتب موضوعى ـ أن يسأل الطرف الخر ولكنه اكتفى بما حصل عليه من جانب واحد واستقى المعلومات من
بيان مجلس قيادة الثورة والبيان عملة ذات وجه واحد والخوان هم الوجه الخر للعملة وكان عليه أن يسأل قيادة الخوان
المسلمين عن صحة ما ورد فى البيان وعن مدى مطابقته للحقيقة ولكن لم يفعل سوى قراءة بيان مجلس قيادة الثورة وبنى حكمه
على هذا الساس ول يستطيع قاض أو مؤرخ أن يحكم على الحداث والمور إل بعد سماع كل أطراف المسألة " .
إنشاء هيئة التحرير :
وواصل عبد الناصر خطواته لترسيخ أقدامة فى ا لحكم فعمل على إنشاء هيئة التحرير كتنظيم يعمل على حمايته على المستوى
الشعبى وبث فكرة " الثور ة " فى الجماهير وكان المقصود منها أن تسحب البساط من تحت أقدام جماعة الخوان والقضاء عليها بعد
ذلك فتفقد رد الفعل الجماهيرى إزاء الطاحة بها أما ما يذكره بعض الكتاب من تعبيرات مثل الصراع الجتماعى الذى أورده الدكتور
عبد العظيم فى إنشاء هيئة التحرير فيقول الستاذ التلمسانى ":كل اتعبيرات والشعارات الشيوعية تأخذ نوعا ولونا من الضخامة
الصراع السياسى الدموى وفوارق الطبقات كلها شعارات وألفاظ ضخمة ل حقيقة لها وفيها إضفاء من ا لمؤلف على ما يكتب أما
هيئة التحرير فإنها من تدبيرات عبد الناصر الذى كان يريد أن يقاوم بها جماعات الخوان المسلمين ولكنه عندما أنشأ هيئة التحرير
طلب منا أن نضع له قانون إنشاء هذه الهيئة فتولى ا لستاذ محمد البهى رحمة ال عليه وضع أسس هذا التنظيم وسلمة لعبد
الناصر وكان فى رأى بعض الخوان أن ينضموا الى هذه التشكيلة ولكن الغلبية الساحقة رفضت أن تنضم الى أى تشكيل آخر غير
الخوان المسلمين " .
الخلف بين المرشد والسندى :
وقع هذا الخلف بين المرشد الستاذ الهضيبى ةعبد الرحمن السندى رئيس الجهاز السرى عندما رأى المرشد تجاوزات السندى .
ويقول الستاذ عمر التلمسانى " :رأى بعض الخوان ـ نتيجة لخطاء الجهاز السرى وتجاوزاته ـ أنه ل داعى لوجودة على هذه ا
لصورة ثم أعلن عبد الرحمن السندى خروجه على الجماعة وكنت من الداعين بعدم استمرار هذا الجهاز ـ لننى بطبيعتى ل أميل
للسرية ـ وخلفه لم يكن مع الستاذ الهضيبى وإنما كان مع المام الشهيد حسن البنا وإن كان الستاذ صالح العشماوى قد اتخذ
موقفا من الستاذ الهضيبى فإنما مرجع ذلك الى أن تشكيل مكتب الرشاد فى بدء عهد الستاذ الهضيبى كان أكثره من الحقوقيين
والمدنيين ولم يكن فيه أحد من المشايخ أو علماء الدين كما يقولون هذا من أسباب الخلف وبدأت المنازعات الى أن بلغ المر الى
أن الفريق الذى كان يناصره الستاذ صالح العشماوى ذهب الى بيت الستاذ الهضيبى وقطعوا التليفون وأساءوا اليه وأخرجوه من
منزله واحتلوا المركز العام فترة من الوقت وكانت خلفات داخل إطار الخوان ويحدث مثلها كثيرا فى الهيئات والحزاب وليست
المور كما صورها الدكتور عبد العظيم فى السلسلة التى نشرها فى مجلة روزا ليوسف ولم أقرأها ول أعرف عنها شيئا إل من
بعض الخوان وكنت أطلب منهم أن يهملوها ول يعنوا بالرد عليها .
ويضيف الستاذ التلمسانى " :أما ما قاله عبد العظيم رمضان عن ضعف سلطات الستاذ الهضيبى على الجهاز السرى بعد تعيين "
يوسف طلعت " فهذا كلم غير صحيح لن الستاذ الهضيبى والخوان يفهمون أن النظام الخاص لم ينشأ إل لغراض معينة فلما
شطح الفكر ببعض الشباب وارتكبوا بعض الحداث لم يرض عنها ا لخوان المسلمون ..اراد الستاذ الهضيبى أن يضيق دائرة
التصرفات الفردية والشخصية وأن يحكم السيطرة عليها فكان يوسف طلعت من الذين يستجيبون للستاذ الهضيبى ولم يحدث بين
الستاذ الهضيبى ويوسف طلعت أى خلف إطلقا "
شبهة التصال بالنجليز :
ويبدو أن عبد الناصر كان يتمنى أن ينفض شمل الخوان فى الخلف الذى وقع خلل عام 1953ولكن الخوان استطاعوا أن يتفادوا
امتداد تأثيرات الخلف الى الخارج واستطاعوا توحيد صفوفهم ونبذ العناصر الخارجة فألقى عبد الناصر بورقة أخرى فى سبيل
خطواته للتخلص من الخوان المسلمين وكانت الورقة الجديدة التى ألقاها عبد الناصر هى أن تحوم الشبهات حول الخوان باتصالت
لهم مع النجليز وإجرائهم مفاوضات سرية من وراء ظهر الحكومة ويقول الستاذ صالح أبو رقيق فى مجلة الدعوة تحت عنوان
الحقيقة الكاملة فيما يدور عن الخوان المسلمين والسلحة والنجليز " والحقيقة التى أشهد ال عليها وألقاه بها أن المرحوم الستاذ
حسن العشماوى لم يقابل المستر كروزول " الوزير المفوض البريطانى فى مصر فى ذلك الحين " ل فى فى بيته ول فى غير بيته ..
أول :يدعون أن الزيارة المزعومة قد حدثت فى العاشر من الليل ولم يقل لنا متى بدأت ؟ والحقيقة التى تبطل كذب القوم ان الستاذ
حسن العشماوى كان معتقل فى السجن الحربى مع الكثيرين من إخوانه بأمر من صديقه جمال عبد الناصر .
والحقيقة أنه كانت هناك أتصالت بين الحكومة والخوان من ناحية والنجليز من ناحية أخرى بخصوص الجلء عن البلد ..وكانت
كل هذه المحادثات بالطبع تصل عبد الناصر أول بأول وذلك بحضور كمال الدين حسين وعندما استشعر جمال عبد الناصر أن الثمرة
فى سبيلها الى النضوج أراد إخراج الخوان المسلمين من الصورة فافتعل حادث جامعة القاهرة واتخذه ذريعة لعتقال مجموعة كبيرة
من الخوان المسلمين وكنا ضمن المعتقلين فى السجن الحربى فى أول يناير 1954وأصدر بيانا يتهم الخوان المسلمين بالتصال
بالنجليز كان لقلب نظام الحكم وقلنا يا للعجب ! ..حسبنا ال ونعم الوكيل أما مسألة السلحة فقد أصدرت الحكومة بينا تتهمنا
بمؤامرة وباتصلت كاذبة وبحيازة أسلحة للتآمر فى عزبة حسن العشماوى مع أنها أسلحة عبد الناصر نقلناها بطلب منه من مكاتب
الثكنات لرفع الحرج عنه ووضعناها فى عزبة حسن العشماوى بعلم وبرأى منه " .
ورد الستاذ حسن التهامى على هذه الوقائع فى شهادة للتاريخ * فيما نشر فى المقال بشأن اتصال بعض قيادات الخوان المسلمين
بالسفارة البريطانية فى القاهرة وذلك عام 1954فإنه وإن كانت أمور عديدة مثل هذه المور فى ذلك الوقت لم تكن من مسئوليتى
المباشرة أثناء عملى مع عبد الناصر فى تلك السنوات كما لم يشأ عبد الناصر منى أن أتدخل فى سياسته الداخلية بشأن الخوان
المسلمين بالذات ولعلمة بالنظرة اليمانية الهادفة التى آليت على نفسى منذ زمن بعيد ـ قبل الثورة وبعدها ـ أن أنتهجها خطا
أساسيا فى فكرى ومعاملتى " .
إل أنه أمام ما نشرته المجلة ـ روزاليوسف فى عددها 2601فى باب حوار السبوع تحت عنوان " هذه الحقيقة " صفحة 41
والتوجيه الصريح أن أدلى بفكرى إزاء ما نشرته المجلة فل يسعنى إل أن أقول بأننى سمعت عبد الناصر شخصيا يتحدث فى مبنى
قيادة الثورة فى الجزيرة عن اتصال بعض الخوان ا لمسلمين وأن مجموعة قيادية ومن بينهم السيد حسن عشماوى ـ الذى كان
كثير التردد على عبد الناصر وكان الكثير يعرفون عن صلتهما ولقاءاتهما المتكررة وقد حضرت اليه المجموعة القيادية لتخبره بأن
البريطانيين يسعون للتصال بالخوان للتفاهم عن أوضاع داخلية أساسها كما سمعت من حديث عبد الناصر دخول الخوان المسلمين
فى محاولة للمساك بالحكم وأن عبد الناصر قد صرح لهم بإجراء هذه التصالت وإبلغه بما يتم وإحاطته علما بمخطط النجليز
الذين يهدفون اليه وحسب علمى وما كان يعرفه كثيرون ممن حول عبد الناصر وأبلغ الخوان عبد الناصر بنتائج هذا التصال ...
وهكذا شهد شاهد من أهلها بأن التصالت لم تكن تجرى فى الخفاء ومن وراء ظهر نظام عبد الناصر وإنما كان يعلم بكل ما يجرى
ولكنه تنكر لذلك مدعيا وملمحا باتصال الخوان مع جهات أجنبية .
إفتعال أحداث الجامعة :
ويبدو أن جمال عبد الناصر قد عقد النية على افتعال مواقف تكون مبررا وذريعة له لتصفية حركة الخوان بشكل نهائى ففى 12
يناير 1954التقى طلب الجامعة ببعض أعضاء جماعة الخوان المسلمين وكانت ا لمناسبة الحتفال بالذكرى السنوية لشهداء
الجامعه ثم ظهرت مجموعة من الشخاص ينتمون الى هيئة التحرير التى شكلها عبد الناصر لمواجهة الخوان وحدث نوع من
الصدام والذى كان واضحا أن المجموعة التى خططت له كانت تهدف لوقوعه .
ويقول الستاذ عمر التلمسانى " :لقد أرادت مجموعة من هيئة التحرير افتعال هذا الموقف حتى يحدث الصدام بينها وبين جماعة
الخوان أمام حضور الزعيم اليرانى " نواب صفوى " الحفل فلم يكن مقصودا به استعراض القوة كما يردد بعض الكتاب وإنما دعى
هذا الرجل ليحضر هذاالحتفال فى إطار دعم الصلت بين الخوان المسلمين والشباب اليرانى ولم يكن احد من الخوان مسئول عن
إثارة هذاالتوتر أو الصدام لنهم كانوا يرتبون لحدوث الصدام بأوامر عليا حتى يجد عبد الناصر ذريعة للتخلص من الخوان وبأنهم
مثيرون للشغب "
ومن نافلة القول أن نقول :إن الخوان المسلمين قدموا تأييدهم ودعمهم لنقلب يوليو دون شروط سوى اللتزام بما قطعه عبد
الناصر وجماعته على انفسهم ـ ول يستطيع احد منهم أن ينكر ذلك ـ بتطبيق شرع ال فى ا لبلد ولكن ما كان من الواضح أن
بريق القوة والسلطان الذى أصاب تشكيل الضباط الحرار قد جعلهم يتنكرون لهذه العهود وكانت خلفات الخوان مع أعضاء مجلس
قيادة الثورة خلفات فى إطار المصلحة العامة ولم تتخذ سبيل الى الصدام أو العنف ولكن عبد الناصر كان ينوى التخلص من
منافسيه فى الزعامة الشعبية ولذلك فقد كان مخططه هو التخلص من بقايا العهد القديم ثم التفرغ لمواجهة الحركة التى امتدت الى
الحاضر بشكل أقوى رغم المحن التى ل قتها ورغم حملت التشويه والتزييف وكل ما يقال عن فرصة الخوان المسلمين لوصايتهم
أو محاولتهم ذلك على مجلس قيادة الثورة هو اختلق للمعاذير لما فعلته يد عبد الناصر بعد ذلك ولو كان الخوان يسعون للسلطة
لقام الستاذ الهضيبى الدنيا ولم يقعدها يوم رفض جمال عبد الناصر السماء التى رشحها له ..ولكن شيئا من هذا لم يحدث .
الفصل الثالث عشـر
حـــل الجماعة
استقر فى ذهن جمال عبد النصر أن يطيح بجماعة الخوان المسلمين بدعوى حفظ النظام العام فبعد يوم واحد من الصدام المفتعل
لحماة النظام الجديد " هيئة التحرير " داخل أسوار الجامعة القاهرة قرر مجلس الوزارة حل جماعة الخوان المسلمين بحجة أنها
أعلنت نفسها " حزبا سياسيا " وصدر قرار الحل يحمل بنودا أبسط ما يقال عنها أنها جحود ونكران للوقفة التى وقفتها الجماعة مع
قادة النقلب فقد أنكر هذا القرار تأييد الستاذ الهضيبى للنقلب ومناهضة قانون الصلح الزراعى بينما لم يفعل الستاذ الهضيبى
سوى إعلن بأن الحد القصى للملكية الزراعية يجب أن يكون 500وليس 200فدان وفى نفس الوقت فإن البيان قلب الموازين
فجعل الثورة هى الحمل الوديع فى مواجه " غول " الخوان وأنها فعلت الكثير من أجلهم مثل إعادة التحقيق فى مقتل الستاذ البنا
والفراج عن المعتقلين السياسيين " وإنقاذ " الحكومة الخوان من التعرض لحكام قانون الحزاب السياسية وأن الجماعة أرادت
فرض وصايتها على شئون الدولة وأن ا لخوان يتسترون خلف ستار الدين لتحقيق أغراضهم واجتماعاتهم مع النجليز من خلف
ظهر الحكومة ومعارضتهم لنشاء حزب التحرير وعديد من الكاذيب والفتراءات وأن الخوان كانوا يدبرون لقلب نظام الحكم وتم حل
الجماعة والقبض على 450من أعضاء الجماعة .ويقول الستاذ عمر التلمسانى " :لم يبلغ قرار الحل لجماعة ا لخوان ا لمسلمين
وإنما ذهبت قوات الشرطة لبيوت المطلوب القبض عليهم وقبضت عليهم ووضعتهم فى السجون والمعتقلت وفى اليوم التالى صدرت
الصحف تنشر هذا ا لخبر وقالت :إن هؤلء الشخاص هم الذين كانوا سيحكمون مصر إذا فشلت حركة الضباط الحرار لقد كان
تصرفا فرديا من جانب جمال عبد الناصر بقبضه على ا لخوان ولم أكن من الذين قبض عليهم فى يناير ولكن فى فبراير قبض على
ومعى المرحوم عبد القادر عودة وبعض الخوان الخرين عندما رأى رجال النقلب أننا ل زلنا على قلب رجل واحد من الذين هم
داخل المعتقلت قبض علينا وأفرج عنا بعد شهر عندما حدث خلف بين رجال وضباط النقلب وبين بعض وحدات الجيش وسلح
المهندسين فأفرج عنا جمال عبد الناصر ليظهر للبلد أنه رجل ديمقراطى ورجل حرية وأنه ل يريد أن يعاقب فلما استتب له المر
تخلص من نجيب ومن معه وظهرت نواياه الحقيقية وتصرفاته ,ولم يكتف جمال عبد الناصر بقرار الحل وإنما ذهب الى أبعد من
ذلك فقد وجه صحافة مصر فى الوجهة التى يريدها وجعلها تشن حملت مكثفة من التشويه والتزييف وكان من بين هذه حملت ما
نشرته الصحف فى 18يناير 1954بعنوان " ضبط مدافع وديناميت عند الخوان 219 ،قنبلة و 15مدفعا و 10آلف طلقة
ومحطتين للذاعة والعثور على مخزن للسلحة ومواد تنسف مدينة كاملة فى عزبة حسن العشماوى ومعها كتاب عن الجرائم
السياسية فى القرن العشرين .
ويقول الستاذ التلمسانى " :الحقيقة التى يعرفها الكثيرون أن جمال عبد الناصر وبعض الضباط الحرار كانوا يشتركون فى تدريب
الخوان على استعمال السلحة فى النظام السرى من عام 45ـ 1947بقصد تدريبهم على إجادة استخدام السلحة لمحاربة اليهود
والنجليز وعندما حدث حريق القاهرة فى يناير 1952كان لدى جمال عبد الناصر وبعض الضباط الحرار كثير من أسلحة الجيش فى
بيوتهم بغير حق وعلى صورة يؤاخذون بها عسكريا فلما أحسوا بالخطورة فى حريق القاهرة طلبوا من الخوان أن يساعدوهم فى
إخفاء هذه السلحة وفعل استخدموا سيارات بعض الخوان فى نقل هذه السلحة الى عزبة العشماوى باشا ووضع جمال عبد الناصر
التصميم للمخابىء التى وضعت فيها ا لسلحة وأخفاها فلما وقع الشقاق بين الخوان والضباط الحرار فى بداية عام 1954أرسل
قوة من المخابرات والمباحث وضبطوها لنه يعلم تماما بمكان السلحة وهوالذى وضعها بيده وصمم المخابىء التى تخفى فيها ثم
أعلن أن الخوان يخفونها وأنها تكفى لنسف القاهرة عشر مرات " ! ..
ويقول ميتشل فى كتابه * " :وقد انتشرت على نطاق واسع إشاعة تقول :بأن تلك السلحة هى بعينها السلحة التى سبق أن خبأها
أعضاء المجموعة العسكرية قبل الثورة بأنفسهم هناك وأن هذا التهام جلب على الحكومة بعض السخرية كما عزز صورة الجماعة
المضطهدة . " ..
ويقول الستاذ عمر التلمسانى " :لما شعر جمال عبد الناصر ببعض التحركات خصوصا سلح الفرسان وكنا وقتها فى الغتقال
وأحس أن " محمد نجيب " غير راض عن بعض الضباط رأى أن مصلحته أن يفرج عن الخوان المسلمين فأفرج عنهم بالفعل فى
أواخر مارس وذهب الى منزل الستاذ الهضيبى معتذرا عما حدث ودعا الخوان الى طعام العشاء فى سلح الفرسان فى الحلمية
والخوان المسلمون دعوة للعشاء هو والضباط الحرار وبدا الجولة بمصالحة بين الطرفين واعتذار من جمال عبد الناصر عما قام به
نحو الخوان المسلمين ولكنه ـ على حسب عادته ـ كان دائما يستر تصرفاته بخطوات سلمية فى البداية تحسبه صافيا ول يحمل
شيئا لحد ،وفجأة يتصرف التصرف الذى ل يليق و ل يصح أن يحدث مع المواطنين فى هذا البلد . " ..وقبل ذلك أى قبل الفراج
عن الخوان وفى يوم 23فبراير زار جمال عبد الناصر قبرالمام الشهيد حسن البنا كنوع من إثبات حسن نواياه ولكنه كعادته إنه
يقول غير ما يفعل ويفعل غير ما يقول ؟"...
على حد قول الستاذ صلح شادى * :ولقد ظهر الخلف بين عبد الناصر ومحمد نجيب لدىالتنافس بينهما على زيارة قبر
المامالشهيد حسنا لبنا فى 12فبراير سنة 1954ففى هذا اليوم الذى ظهر فيه هذا الخلف بين محمد نجيب وعبد الناصر كان قرار
حل الجماعة قائما ودار الخوان مغلقة وكنا فى السجن الحربى حينذاك مع المرشد نحو اربعمائة من الخوان وذلك بخلف المعتقلين
بالسجون الخرى ويبدو ان محمد نجيب عندما علم برغبة عبد الناصر فى هذه المجامله ظن أن جمال أراد أن يكسب لنفسه شعبية
لدى ا لخوان المسلمين ينفرد بها دونه فعزم كذلك على الذهاب الى قبر الشهيد ليشاركه فى هذه الشعبية وغضب عبد الناصر
غضبا شديدا لنه أراد أن يستغل وحده دعاية الذهاب الى قبر الشهيد فاستدعى إسماعيل فريد ياور محمد نجيب وسب محمد نجيب
ولعنه أمامه وطلب منه أن يبلغ ذلك الى محمد نجيب نفسه محذرا إياه من الذهاب الى مقبرة الشهيد وإل فإن العاقبة ستكون وخيمة
ولذا فعندما سمعنا ونحن فى السجن الحربى سنة 1954بذهاب عبد الناصر الى قبر المام الشهيد أدركت أن وراءذهابه الى القبر
محاولة جديدة منه لتقسيم الخوان الى فريقين :فريق راض عنه وفريق آخر غاضب عليه لنهم كما كان يقول عنهم دائما ـ عصاه
ـ ويزعم أنه ليس معارضا للجماعة ذاتها وإنما هو يعارض أصحاب الفكار المنحرفة فيها ،العصاه ،ـ "
أزمة مارس 1954
الفصل الرابع عشر
لكى نطلع على أبعاد الصراع الذى دار على كرسة الحكم فى أزمة مارس 1954المعروفة فل بد أن نعود لجذور هذا الصراع والتى
بدأت بوادرها باستقالة محمد نجيب من رياسة الجمهورية ورياسة الوزراء والصراع الذى دار داخل مجلس قيادة الثورة بعد ذلك
فقبل قيام انقلب يوليو اتفق بعض قادة الحركة على أن يتصدر النقلب ضابط من أصحاب الرتب العالية ويلقى قبول الجماهير
واحترامها واتفقوا على اختيار اللواء محمد نجيب ليكون على رأس النقلب وقد اتفقت آراؤهم على هذه المسألة فى محاكمة ثورة
يوليو * ووافق محمد نجيب على ذلك وتحمل فى شجاعة عواقب ومخاطر هذه ا لمسألة وبعد نجاح النقلب استطاع محمد نجيب أن
يكسب شعبية كبيرة بين الجماهير بينما كان عبد الناصر يتحرك فى كل التجاهات ليقبض بيده على زمام المور باعتبار محمد نجيب
فى رأيه ورأى زملئه فى مجلس قيادة الثورة مجرد خطوة فى طريقهم وأنه مجرد واجهة يمكن أن تلقى قبول طيبا لدى الجماهير
وقد كان وأثارت هذه الشعبية أحقادا دفينة لدى عبد الناصر وأحس بخطورة وضع محمد نجيب بالنسبة لهدافه وطموحاته .
وحدث التكتل داخل مجلس قيادة الثورة ضد محمد نجيب مما أدى بالرجل الى تقديم أستقالته واحتل نبأ استقالة صدر الصفحات الولى
من الصحف المصرية من رياسة الجمهورية ورياسة الوزراء وجميع الوظائف التى يشغلها وإن يستمر مجلس قيادة الثورة بقيادة
البكباشى جمال عبد الناصر فى تولى كافة سلطاته الحالية مع تعيينه رئيسا لمجلس الوزراء مع بقاء منصب رئيس الجمهورية
شاغرا وجاء فى أسباب قبول الستقالة مطالبة محمد نجيب بسلطة فردية مطلقة ومباشرة سلطته فى تعيينه الوزراء وعزلهم وترقية
الضباط وبعد ذلك بأيام فى 26فبراير قال صلح سالم " إن إقامة محمد نجيب تحددت فى منزله بالزيتون وإن أعضاء مجلس قيادة
الثورة قرروا أن ينسحبوا لمراكزهم فى صفوف الجيش تاركين محمد نجيب بمفرده ليحكم مصر وقد أبلغوا وحدات ا لجيش بهذا
القرار ولكن ضباط الجيش لم يقبلوا هذا الوضع " ـ وكان واضحا أن عبد الناصر أراد وا أن يساعدوا بين نجيب والشعب الذى كان
يميل لشخص محمد نجيب .وبعد أيام وفى 26فبراير 1954عادت الصحف التى هاجمت على صفحاتها محمد نجيب لتعلن عودة
محمد نجيب الى رياسة الجمهورية مرة ثانية .
( عبد القادر عودة القاضى الذى تقرر إعدامه قبل أن يحاكم )
وفى اليوم التالى لعودة محمد نجيب للحكم خرجت الجماهير مؤيدة لمحمد نجيب ومطالبة بالقلع عن الظلم ـ ويقول الستاذ
عمرالتلمسانى لقد زحفت اللف الى ميدان عابدين وقتذاك تطالب السيد محمد نجيب بالفراج عن المعتقلين وتنحية الباطش ومعاقبة
الذين قتلوا المتظاهرين عند كوبرى قصر النيل وتطبيق شرع رب العالمين وأدرك القائمون علىالمر خطورة الموقف وطلبوا من
المتظاهرين الثائرين أن ينصرفوا ولكن بل مجيب فاستعان محمد نجيب بالشهيد عبد القادر عودة على تهدئة الموقف متعهدا بإجابة
المة الى مطالبها ومن شرفة قصر عابدين وقف الشهيد يطلب من الجماهير الثائرة أن تنصرف فى هدوء وقد وعد رئيس الجمهورية
بإجابة مطالبها ..فإذا بهذا البحر الزاخر من البشر ينصرف فى دقائق معدودة وبمنطق الحكم الديكاتورى الذى كان يهيمن على البلد
حينذاك كان ل بد أن يصدر قرار فى عبد القادر عودة فإذا كان الشهيد قد استطاع أن يصرف الجموع الحاشدة التى جاءت محتجة
تطالب بإطلق الحريات وإفساح المجال للحياة الدستورية السليمة الصلية والوفاء بالوعود وتأدية المانات ..فهو يمثل خطورة على
هذا الحكم الذى كان مفهومة لدى الحاكم أن يضغط على الجراس فيلبى نداؤه وعلى ا لزرار فتتحرك المة قياما وقعودا .
ومن هنا كانت مظاهرة عابدين هى أول وأخطر حيثيات الحكم علىالشهيد عبد القادر عودة بعد ذلك بالعدام ولذلك لم يكن غريبا أن
أعتقل هو والكثيرون من أصحابه فى مساء اليوم نفسه ووقفوا على أرجلهم فى السجن الحربى من الرابعة صباحا حتى السابعة
صباحا يضربهم ضباط السجن وعساكره فى وحشية وقسوة شأنهم شأن الذين إذا خل الميدان أمامهم طلبوا الطعن وحدهم والنزال"..
وقد علم محمد نجيب بواقعة تعذيب عبد القادر عودة وزملئه وقال فى تصريح للخبار * " ل يوجد مسئول يوافق على ارتكاب هذا
الجرم إن صح ول بد أن يحاسب مرتكبه بمنتهى الشدة إذا ثبت العتداء ولقد جرى التحقيق فور التبليغ عنه وكان بودى لو اتسع
وقتى لحضره بنفسى وهو يسير بسرعة وبكل دقة "
ويقول الستاذ عمر التلمسانى " :لقد وقف عبد القادر عودة الى جانب حركة 23يوليو 1952ظنا منه أن رئيسها سيحقق الخير
الذى أعلنه على الناس ولكنه لما اكتشف أمامه النوايا وبدأت تظهر الحقائق سلك الطريق الذى ألزم به نفسه فى حياته ..طريق
الحق والصدق ..قال له رئيس الجمهورية السابق ـ جمال عبد الناصر ـ إنه سيقضى بدوره على الطغاة الظالمين ..وقدم عبد
القادر عودة فى تهمة ل صلة له بها ول علم وحكموا علىالشهيد بالعدام ـ فى تمثيلية المنشية فيما سيأتى من أحداث " .
ثم توالت الحداث واشتعل الصراع بين محمد نجيب وعبد الناصر وصدر قرار بحل مجلس قيادة الثورة وعودة الحزاب وأفرج عن
الستاذ حسن الهضيبى وأحمد حسين و 200معتقل وقرر جمال عبد الناصر كنوع من الدهاء أن يعود للجيش وأن مجلس قيادة
الثورة يعلن انتهاءها ثم كانت مظاهرات التأييد المفتعلة التى حركتها هيئة التحرير حامية عبد الناصر وأنه ل بد أن تستمر الثورة
وما حدث من إصرار لعمال النقل وخروج المظاهرات وكانت اتحادات النقل تسيطر عليها الحكومة سيطره كاملة وبحركة تمثيلية
بارعة واستجابة لرغبة الجماهير أو " الرادة الشعبية " عاد مجلس قيادة الثورة وألغى كل قراراته السابقة وإلغاء الحزاب عدا
الخوانالمسلمين ..وقد أوضح الستاذ الهضيبى موقف الجماعة مما حدث قائل " * :إن الخوان يريدون أن يكون هناك حياة
برلمانية ونحن ساعون فى ذلك وسنجلس مع أولى المر لنقول لهم هذا خطأ وهذا صواب فإن ال قد أمر بالشورى " .
** علقة نجيب بالخوان:
لقد ألمح عبد الناصر واتهم نجيب صراحة بتواطئه مع الخوانالمسلمين وحقيقة علقة محمد نجيب بالخوان كما يقول الستاذ عمر
التلمسانى :محمد نجيب كان على علقة طيبة بالخوان وكان فى تقديرنا أنه ليس بالشخص الذى يصلح للعمل مع جمال عبد الناصر
لن عبد الناصر يخطط ويبنى منذ زمن طويل .
وكان محمد نجيب رجل خالص النية تولى قيادة النقلب لصلح البلد فكانت علقتنا به طيبة وحتى علقته بالنحاس باشا علقة
طيبة ..وعلقاته أيضا مع كل الناس طيبة وقد قام الستاذ الهضيبى بواسطة الصلح بينه وبين جمال عبد الناصر لكيل يحدث صدام
فى الجيش ل تؤمن عواقبه " .
* مفاوضات الجلء :
وفى 27يوليو عام 1954أعلنت حكومتا مصر وبريطانيا موافقتهما المشتركة على رءوس موضوعات اتفاق كأساس لمعاهدة جديدة
لتسوية النزاع وجلء القوات النجليزية وقد أبدى الستاذ الهضيبى اعتراضه على بعض بنود النقاط الساسية للتفاقية .
ويقل الستاذ التلمسانى :لقد اعترض الخوان كلهم من مكتب إرشاد الى هيئة تأسيسية علىا لمعاهدة ولقد كتبت مذكرة عن هذا
الموضوع لنه ساءنى أن تكون مصر حليفة أو شريكة فى حرب إذا حصل اعتداء على انجلترا نفسها وهذا ل شأن لنا به فى مصر
فكانت مثل هذه المور التى تعرض مصر للخطر ل علقة لها بها إرضاء لنجلترا ولقد كان موضوع استنكار منا وعدم قبول فرفضنا
ذلك ولم نعارض جلء النجليز وإنما عارضنا البنود التى كانت تذهب بقيمة هذا الجلء " .
وهكذا يتضح مما سبق التناقضات الواضحة التى كان يعيشها عبد الناصر ونواياه تجاه معارضيه وخصومه والكاذيب التى ظلت
الصحف تنشرها فى حملت تمهيدية لحل جماعة الخوان المسلمين ثم حملت بعد الحل والتى تمثلت فى محاولة التأثير على الرأى
العام وتحويل اتجاهاته الى تأييد عبد الناصر وكانت كل لقاءات عبد الناصر مع الخوان تتسم بنوع من الدهاء والحيلة أو ما يسمونه
" التكتيك السياسى " فقد كان يتظاهر بالحرص على مطالبهم وتطبيقها بينما كان يضمر لهم كل سوء ووجد عبد الناصر أن ´محمد
نجيب " بدأ برفض منطق الواجهة ليكون له دور فعال فة تسيير دفة المور فكانت تكتلته داخل مجلس قيادة الثورة وأحس عبد
الناصر بالضغط الشعبى بعد استقاله نجيب والتأييد الجارف له بعد عودته للحكم فعقد النية والعزم أن يتخلص من آخر أقوى الطراف
المواجهة لطموحاته ونواياه وهم :محمد نجيب ـ والخوان المسلمون ..وقد كان !!
الباب الرابع -المؤامرة الكبرى
* وجاءت تمثيلية المنشية .
* جرائم وراء السوار
* ظهور فكرة التكفير والهجرة .
الفصل الخامس عشر
وجاءت " تمثيلية " المنشـــــيـة
يوم السادس والعشرين من أكتوبر عام 1954يوم ل بد أن نقف عنده طويل ففى ذلك اليوم نشهد فصل الختام فى ظهور نوايا عبد
الناصر الحقيقية التى طالما حاول أن يظهر عكسها ولكن جمهور الخوان قيادة وأعضاء كانوا يعلمون النيات المبيتة لدى جمال عبد
الناصر تجاه من ناصروه وأيدوه من اللحظة الولى لقيام الحركة فلم تكن المسألة كما قال الستاذ عمر التلمسانى فى فصل سابق ردا
على ا لكتابات المغرضه لبعض الكتاب الماركسيين حول صراعات وخلفات ونزاعات الجماعة مع عبد الناصر ونظامه .إن جمال
عبد الناصر كان يبيت النية للتخلص من الخوان بعد أن انفرد بهم بعد تخلصه من الحزاب القديمة وأنهم ـ أى ا لخوان ـ كان
يعلمون ذلك وانهم كانوا على ثقة بأنه سيفعل ذلك .ز وقد فعل .
ففى هذا اليوم كان قد مر على قيام الحركة 27شهرا وعلى علقتهم بالخوان المسلمين وعلى تأييد الخوان ـ أقوى الهيئات
والجماعات شعبية فى مصر فى ذلك الوقت ..ولقد جاء فصل الختام الذى لم يكن مسكا سريعا كما توقع الخوان وسندع الحداث
كشريط مصور تمر أمامأذهاننا وعيوننا لعلنا نفهم أبعاد تلك الحداث التى جرت فى ساحة ميدان المنشية بالسكندرية فى السادس
والعشرين من أكتوبر . 1954
فى مساء ذلك اليوم توجه جمال عبد الناصر ـ وكان رئيسا للوزراء فى ذلك الوقت ليلقى خطابا أمام جمهور كبير من المواطنين فى
ساحة الميدان ليعلن اكتمال الكفاح باتفاقية الجلء ووقعها مع النجليز قبل أسبوع من الحادث ..ولم تمض ثلث دقائق حتى انطلقت
رصاصات من مسدس يحمله شاب من وسط الجماهير ..ويبدو أن الرصاصات طاشت وكانت ثمانى رصاصات ـ كما اتضح هذا
خلل التحقيق ـ والغريب أن جمال عبد الناصر أستأنف الحديث غير آبه بالحادث وصاح فى ا لجماهير :فليبق كل منكم فى مكانه ..
أيها الرجال فليبق كل منكمم فى مكانه ..دمى فداء لكم ..حياتى لكم ..دمى منكم ولكم ..دمى فداء لكم ..أنا لست جبانا ..أنا أقبل
الموت من أجل حريتكم ..من أجل عزتكم ..أنا جمال عبد الناصر ل أخشى الموت ..أنا جمال عبد الناصر أتكلم بعد أن حاول
المغرضون العتداء على وعلى حياتى . .إن حياتى فداء لكم ..دمى فداء لكم ..أيها الرجال
أيها الرجال ..أيها الحرار ..ان
جمال عبد الناصر ملك لمصر كلها ..وها هو جمال عبد الناصر يتكلم أنا لست جبانا أنا أستقبل الموت سعيدا من أجل حريتكم ..
ومن أجل عزتكم ومن أجل كرامتكم واستمر يقول ..أيها الناس ،أيها الحرار وحتى لو قتلونى فقد وضعت فى نفوسكم العزة
فليقتلونى الن فقد غرست فى ضمير المة الحرية والكرامة والعزة من أ جل مصر حرية مصر ..سأعيش من أجل مصر وفى سبيل
مصر سأموت . " ..
هذا ما أوردته الصحف اليومية * فى اليوم التالى حول وقائع هذاالحادث وتحدثت الصحف عن وقائع ما جرى بين عبد الناصر
ورفاقه قالت :وزاد فى كهربة الموقف أنه كان فى جيب جاكته جمال العلى قلمه الحبر وهو قلم أحمر وفى أثناء جذب جمال
وتخلصه من أيدى زملئه انفتح صمام القلم الحمر وسقط الحبر الحمر على صدر جمال وظن من حوله أنه جرح وأن هذا دمه
وعندما انتهى جمال عبد الناصر من كلمته أقبل زملؤة عليه يبحثون عن مكان الجرح فقال لهم :إن الذى جرح قلمى الحمر .
والشىء الغريب أنالصحف اليومية خرجت صباح اليوم التالى دون ذكر شىء عن سلح الجريمة الذى استخدمه هذاالشاب باستثناء
جريدة الهرام التى قالت :إنه عثر فى المكان الذى يقف فيه الجانى على أربعة أظرف عيار 26ملليمترا وأنها تختلف عن طلقات
المسدس الذى ضبط مع المتهم إذ أن المسدس الذى عثر عليه مع المتهم من نوع " المشط " الذى ل يلفظ إل ظرف الفارغة ..ثم
اختفى ذكر سلح الجريمة من جميع الصحف المصرية وكأنه " فص ملح وذاب " ونمضى مع رحلة المسدس المختفى ونقرأ هذه
القصة اللطيفة !! والتى نشرتها الصحف أيضا حيث نشرت صورة عامل يدعى " خديوى آدم " عامل بناء حضر من السكندرية
ليحضر الى جمال عبد الناصر المسدس الذى استخدمه المتهم فى جريمته وقالت الصحف * إن عامل البناء كان ضمن الموجودين فى
السرادق وسقط على الرض مع الذين سقطوا عقب إطلق الرصاص وجاءت سقطته على ا لمسدس " وكان ل يزال ساخنا فعرف أنه
المسدس المستخدم فى الجريمة وقرر أن يسلمه بنفسه للرئيس عبد الناصر .
ولما لم يكن معه نقود ليستقل وسيلة مواصلت الى القاهرة التى عاد اليها الرئيس فى اليوم التالى للجريمة فإن هذا ا لعامل قرر أن
يسافر الى العاصمة سيرا على القدام .ز وبالفعل بدأ رحلته فجر الربعاء 27أكتوبر مستخدما قضبان السكة الحديد دليل له فى ا
لمجىء الى القاهرة التى وصلها يوم الثنين أول نوفمبر وفى خلل الطريق وبسبب أفلسه الشديد فإنه إضطر لبيع قفطانه ليشترى
بثمنه " سندوتشا " يأكله وفور وصوله الى ا لقاهرة أتجه الى مقر قيادة الثورة وطلب مقابلة الرئيس عبد الناصر بعد أن كشف
للحرس عن المسدس الذى يحمله وبالفعل استقبله عبد الناصر وعندما عرف حكايته وأنه من القصر تأثر وعانقه وقال له " يعيش
أبناء القصر " وأعطاه مكافأة 100جنيه !!
وذكرت الصحف ـ فيما يتعلق بالطرف الثانى من أركان الجريمة ـ أن الشعب قبض على الجانى وفى يده المسدس ـ هذا ما ذكرته
الصحف فىاليوم التالى ـ كما قبض الشعب على الجناه الذين كانوا معه والجانى أسمه محمود عبد اللطيف وهو سمكرى من امبابة
ومن الخوان المسلمين وتولت النيابة التحقيق مع المتهم فى السجن الحربى بمعسكر مصطفى كامل وجاءت التحقيقات تقول :إنه
يبلغ من العمر 30سنة ومتزوج من عشر سنوات وله ثلثة أولد وعضو فى ا لخوان المسلمين منذ 16سنه وكما ذكرت الصحف
فى اليوم التالى للحادث أن المجرم ضبط متلبسا بإطلق الرصاص فقد هجم عليه العسكرى إبراهيم حسن الحالتى وهو من بوليس
باب شرقى وكان يبعد عن المتهم بأربعة أمتار وفى ا لتحقيق الذى أجرى مع المتهم اعترف أنه اطلق النار ولكنه فى بادى المر قال
:إنه أطلقه على سبيل البتهاج باعتبار أنه محارب قديم فى فلسطين ثم عاد واعترف بأنه كان يريد اغتيال جمال عبد الناصر وأنه
سبق أن حاول منذ عشرة أيام اغتيال جمال عبد الناصر فى القاهرة أثناء خطابه فى مؤتمر الموظفين بميدان الجمهورية ولكنه لم
يستطع تنفيذ محاولته لنه منع من الدخول ووقف على مسافة بعيدة من مكان الرئيس مما دعاه لتأجيل مؤامرته لفرصة ثانية
وعندما سئل من الذى حرضك على هذه المحاولت ؟ قال :إن الجهاز السرى لجماعة الخوان المسلمين دربه على إحكام إصابة
الهدف فى أرض فضاء بمدينة الوقاف بجهة إمبابة منذ أكثر من شهرين وأنه تسلم من هنداوى دوير رئيس فرع الجهاز السرى
بمنطقة امبابة المسدس الذى استخدمه فى ارتكابه الحادث وكانت محاولة الغتيال قد جرت مساء الثلثاء 26أكتوبر وخلل نفس
الليلة تم القبض على ما يقرب من 18الف شخص ( على حد قول جمال عبد الناصر فى أحدى خطاباته اللحقة ) وذكر أحد
الرسميين أن العدد وصل الى 24ألف شخص خلل ليلة واحدة كما تم ضبط كميات كبيرة من السلحة من مختلف الماكن وبعد أربعة
أيام أعلن الصاغ صلح سالم وزير الرشاد القومى أن هنداوى دوير المحامى اعترف بمعلومات خطيرة عن الخطة التى وضعها
الجهازالسرى لجماعة الخوان لمحاربة الحكومة وكان محمود عبد اللطيف قد اعترف بأن هنداوى سلمه السلح لقتل الرئيس وأن
قتل عبد الناصر كان بمثابه إشارة يتبعها تنفيذ مخطط لغتيال أعضاء مجلس قيادة الثورة وقتل 160ضابطا أو خطفهم .
وبعد يومين من هذا التصريح أعلن تشكيل محكمة أطلق عليها اسم " محكمة الشعب " للنظر فى الفعال التى تعتبر خيانه للوطن أو
ضد سلمته فى الداخل والخارج وشكلت برياسة قائد الجناح جمال سالم وعضوية القائمقام أنور السادات والبكباشى حسين الشافعى
وشكل مكتب ادعاء برياسة البكباشى زكريا محى ا لدين كماأعلن تشكيل ثلث دوائر جديدة لمحكمة الشعب الى جانب الدائرة
الرئيسية التى يرأسها جمال سالم وذلك للنظر فى القضايا العديدة التى كشفت لتحقيقات الواسعة والتى أدت الى اعتقال المئات
واعترافهم ـ كما ذكرت الصحف ـ بسلسلة من المؤامرات اليجابية الخطيرة .
لقد أردنا بهذاا لعرض السريع لوقائع الحادث أن نرويها كما جاءت حرفيا بالصحف اليومية دون إضافة أو تعديل وقبل ان ننتقل الى
ما وقع من أحداث المحاكمات التى جرت بعد ذلك ل بد أن نتوقف قليل عند هذه الوقائع ونضعها تحت مجهر البحث التحليلى الهادىء
لما سماه صلح سالم وزير الرشاد القومى بأبعاد المؤامرة الكبرى وما حفلت به الصحف المصرية .
إن الظروف التى سبقت الحادث ل بد ان تعكس نوعا من الستنتاج يمكن أن نستشف منه شيئا فقد اهتزت شعبية جمال عبد الناصر
بسبب الخلفات داخل مجلس قيادة الثورة وازدياد حدة الخلف بينه وبين الرئيس محمد نجيب وازدياد شعبية الخير خاصة بعد
انتهاء أزمة مارس . 1954
ولنسمع شهادة حسن التهامى فى " شهادة للتاريخ عن حادث المنشية * يقول " .ز وقد شد انتباهنا أن خبيرا ـ امريكى الجنسية ـ
فى الدعاية والعلم ومن اشهر خبراء العالم وقتها فى الدعاية كان قد حضر الى مصر وكان من مقترحاته غير العادية والتى لم
تتمش مع مفهومنا وقت اقتراحها هو " اختلق محاولة لطلق الرصاص على عبد الناصر ونجاته منها فإن هذا الحادث بمنطق
العاطفة والشعور الشعبى لتأهيله للحكم الجماهيرى العاطفى أكثر من أية حملة دعائية منظمة توصله الى القيادة الشعبية فى أقرب
الطرق العاطفية .
بالنسبة لنا كان مرادفه هذا الحادث لهذه الفكرة وحدوثها بعد القتراح بشهور قليلة جدا مثار دهشة كنا قد فسرنا ها وقتها " توادر
أفكار عجيب ومصادفة " .
وكان حسن التهامى يرد بهذه الشهادة على دعوة الستاذ صالح أبو رقيق فى عدد سابق من هذهالمجلة فى باب حوار السبوع تحت
عنوان " رسالة " صالح أبو رقيق " قال فيها .. " :كما أن هناك شاهدا أحسبه أمينا وأتعشم أن تقوى ال التى تنزل على قلبه الن
تدعو الى أن يجلى الحقيقة فى هذا الحادث " حادث المنشية المشئوم " ويظهر الحق لعباد ال وهى شهادة أطالبه بها أمام ا ل فى
الدنيا وبين يديه فى الخرة هو السيد حسن التهامى يقول فقط من أطلق الثمان رصاصات فى الهواء الطلق ؟ "
ويقول الستاذ عمر التلمسانى " ..لقد سمعنا فى تلك الفترة أن جمال عبد الناصر استدعى أحد الخبراء المريكيين فى ا لدعاية
لوضع خطة يكسب بها تأييد الجماهير وأشار عليه بفكرة اختلق حادث إطلق رصاص وهمى أما بالنسبة للمتهم وهو محمود عبد
اللطيف " فقد غرر به واستخدم كطعم فى هذه التمثيلية الواضحة التى كان هدفها التخلص من جميع معارضى جمالف عبد الناصر
سواء الخوان أو محمد نجيب وقد تحقق له ما خطط ورتب له وكان يبيت النية له منذ زمن والخوان يعلمون مسيقا بما ينويه عبد
الناصر " .
أما شهاد ة السيد حسين الشافعى عضو مجلس قيادة الثورة فى روزاليوسف * فيقول فيها :/الحقائق التى رآها الناس تثبت أن
الخوان المسلمين قد أطلقوا الرصاص على عبد الناصر !! ولو كان المرحوم حسن البنا موجودا عند قيام الثورة لرحب بها وتم
تعاون وثيق بين الثورة والخوان ولكن قيادة الخوان ـ فى ذلك الوقت ـ كانت لها رواية مختلفة لهذاا لتعاون كان تصورهم أن
الجيش قام بما عليه عندما أزاح الملك وانهم الوريث الشرعى للحكم " .
ولعلنا نسأل السيد حسين الشافعى أية حقيقة تلك التى رآها الناس ؟ ولماذا هذه الشهادة المقتضبة حول الحادث ؟ وهل كانت الظروف
خلل وقت الحادث وما بعده وطوال فترة حكم الضباط الحرار تسمح للناس أن يروا الحقائق ـ التى طالما أضفت عليها حركة يوليو
1952ستارا من التعتيم العلمى على مدى 30عاما ؟ ! ثم ما هذا النكران والجحود تجاه حركة الخوان التى وقفت مؤيدة مشجعة
للحركة ودافعة لمزيد من التأييد الشعبى الذى افتقدتة حركة النقلب فى بدايتها ؟ ! وماذا كان يتصور السيد حسين الشافعى صورة
هذا التعاون من الخوان الذين كان المام الشهيد لهم معلما ومرشدا ومربيا ؟ لو امتد الجل بالماما لشهيد ليد النقلب يوليو بنفس
الصورة وليس بصورة التعاون كما رسمها قادة النقلب فى مخيلتهم لقد كان تعاون الخوان فى عهد المام الشهيد ينطلق من النصح
لرؤساء الحكوماات والملك بتطبيق شرع ال المستند على كتاب ال وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم والخوان فى فترة الستاذ
حسن الهضيبى لم يفكروا أنهم الوريث الشرعى للحكم كما يتصور السيد حسين الشافعى وإنما اقتصرت المسألة على مطالبتهم وحثهم
لجماعة الضباط الحرار علىالعمل بشرع ا ل ـ فتصور معظمهم أن هذا نوع من الوصاية وفرض أفكار ومبادىء الخوان ولكنها
العقيدة التى طالما نادى بها الخوان بأن تأخذ مسارها فى مصر وأن تحكم مصر بالشرع اللهى الذى ل يترك صغيرة ول كبيرة إل
أحصاها .ونعود لحداث تلك المسية من ذلك اليوم ـ 26أكتوبر 1954ـ ونطرح علىبساط البحث هذا التضارب فى الوقائع ـ
والتى طبقا لنصوص القانون أن الشبهات تفسر لصالح المتهم ـ والمتهم هنا هم جماعة الخوان المسلمين .
لقد تضاربت روايات الصحف حول المسدس أو سلح الجريمة الذى استخدم فى محاولة الغتيال فقالت صحيفة :إن الشعب قبض
على الجانى وفى يده المسدس .كما قبض الشعب علىالجناة الذين كانوا معه بينما قالت صحف أخرى :إن المجرم ضبط متلبسا
بإطلق الرصاص فقد هجم عليه العسكرى إبراهيم حسن الحالتى وهو من بوليس باب شرق وكان يبعد عنالمتهم بأربعة أمتار .
اختفاء ذكر وجود المسدس فى الصحف المصرية فى ا ليام التالية للحادث قال حسن العشماوى * فى مذكراته بروزاليوسف مع
الصباح علمنا أن ا لذى أطلق النار هو محمود عبد اتللطيف وأنه اعترف بأن محرضه هو هنداوى دوير المحامى بامبابة ـ وانا
أعرف محمود عبد اللطيف منذ معركة قناة السويس عام 1951وأعلم أنه انضم الى الجهازالسرى أيضا وأعرف مهارته فى إصابة
الهدف بالمسدس على نحو غير طبيعى ..ويضيف حسن عشماوى كان يوسف طلعت رئيس الجهاز السرى يؤمن بأن حادث المنشية
حادث مفتعل لم يحدث لم يحدث على هذا ا لنحو وإن قام بجانب من أدواره أشخاص فى الجهاز السرى وكان يستمد إيمانه هذا ـ كما
تصورت ـ من أنه لم يكلف أحدا بالقدام عليه وأن ا لمرحوم إبراهيم الطيب الذى يليه فى الرياسه لم يأمر به أيضا ..أيضا المسافة
بين مطلق النار وموقف عبد الناصر والميل الشديد فى التجاه ووقوف المجنى عليه وراء حاجز وذهاب محاولة القتل وحده دون
شريك يسنده بمسدس أو قنبلة ثم عدم اصابة الهدف من شخص يعرف مقدرته الفائقة ز وكان يوسف يتساءل دائما عن تفسير لن
يرسل هنداوى دوير شخصا واحدا وهو يستطيع أن يرسل من عنده عشرة أشخاص ..ولن يرسل مسدسا واحدا بدل من عدة
مسدسات وعدة قنابل ..وقد سمعت بعد ذلك من موظف عاين مكان الحادث رسميا أن ا لحائط المواجه لطلق النار ليس به أثر
للرصاص وأنه يعتقد أن المسدس الذى سمعت طلقاته كان محشوا بالبارود فقط دون الرصاص .
*******************************
التوافق الزمنى الغريب بين إطلق الرصاص وانسكاب القلم الحبر الحمر على صدر جمال عبد الناصر وما أداه من إلهاب مشاعر
الناس الذين رأوا اللون الحمر على صدر جمال عبد الناصر ..وإصرار عبد الناصر علىالكلم وأنه لم يمت ـ أى انه كان واعيا
تماما بما يجرى ولم يتأثر بحالة الزعر الجماعى التى أصابت الجميع فى ساحة ميدان المنشية وربما كان جمال عبد الناصر هو
الوحيد الذى كان يعى ماذا يفعل .
أليس غريبا فى مثل هذه الظروف أن تجرى المور بعد الحادث بشكل مرتب ودقيق رغم أن هذه المحاولة تشكل حالة من الضطراب
فى كل أجهزة الدولة وقيادة الثورة ولقد قبض على اللف من الخوان وصلوا فى التقديرات ما بين 18و 24ألف من الخوان فى
نفس الليلة !! أما تلك القصة المحبوكة والعاطفية عن ذلك العامل الذى جاء على فلنكات "السكة الحديد من السكندرية للقاهرة فقد
قصد بها كسب المزيد من التعاطف مع عبد الناصر وقصد بها أن يذهب مواطن لعبد الناصر نفسه وليس لحد أقسام البوليس حتى ل
يقال إنه مدفوع من اجهزة المن لتدبير موضوع تسليم المسدس وهى قصة من تأليف البوليس على حد قول حسن العشماوى فى
مذكراته *
ثم ألم تذكر الصحف اليومية أن المسدس الذى ضبط مع الجانى ظهر بعد ذلك أنه ليس من عيار الرصاص المضبوط حيث ضبط معه
مسدس من نوع " المشط " وهو نوع ل يلفظ إل الظرف الفارغة !!
ثم هناك واقعة الرداء الواقى من الرصاص والذى يرتديه عبد الناصر فقد قال حسن التهامى فى شهادة للتاريخ ..أما بالنسبة لحادث
إطلق الرصاص على عبد الناصر فى ساحة المنشية بالسكندرية فلم أكن معه أثناء إلقاء هذه الخطبة كما لم أصحبه فى العديد من
مثل تلك المناسبات الخطابية وزياراته للمحافظات وعلمت بنبأ إطلق الرصاص على عبد الناصر وقد كان من بين إجراءات تأمين
عبد الناصر وقتها محاولة إقناعه بارتداء قميص واق من الرصاص يرتديه على صدره وكانالقميص قد ورد فعل من أمريكا قبل
الحادث ببضعة اسابيع وكان مودعا عنده فى بيته بمنشية البكرى وأرسلناه إليه فى نفس الليلة فوصله فى الصباح الباكر اعتقادا منا
بأن فشل النحاولة الولى قد يعقبه تكرار لمحاولة طالما هو مازال بالسكندرية وعندما رآه فى الصباح وكان معه العديد من الزملء
يهنئونه على نجاته ضحك كعادته وقال “ كل شىء انتهى “ ! يقصد أن المحاولة انتهت ول داعى للقميص “ .
ولكن هناك شاهد آخر يكذب أقوال حسن التهامى بخصوص القميص الواقى من الرصاص ـ فى مجلة الدعوة ـ كتب شوكت التونى
المحامى قائل :قام النقلب العسكرى عام 1952بحجة إصلح الفاسد من نظام الحكم وإذ بنا نرى منذ يوليو سنة 1953الى أن
انقشعت كل هذه الغمة تسلطا على كل ما هو جميل بدءوا يريقون دم العمال ليخيفوا العمال ـ نسفوا النظام الحزبى ـ نسفوا
الدستور ...ثم ابتدءوا بمذبحة الخوان المسلمين سنة . 1954ز هناك جريمة كانت معدة اعدادا ..وهى جريمة واقعة المنشية كانت
معدة أعدادا لكى يطاح بالخوان المسلمين ..وحين أقول ذلك ل أقوله خيال ولكن بالواقع فقد حدث أن وكلت وترافعت عن العقيد “
عبد الرحمن مخيون “ وكان مديرا لمكتب عبد الناصر سنة 1961واتهم بتدبير انقلب فإذا به يقول لى فى السجن الحربى :أنا الذى
أعددت القميص الواقى لعبد الناصر وألبسته له فى مبنى البورصة فى السكندرية ( قبل الحفل الذى أطلق فيه الرصاص على عبد
الناصر ولما تأخر القميص فى الوصول ربع ساعة تأخر الحفل ربع ساعة عن موعده وهكذا جاءت الرصاصة المزعومة فى قلب عبد
الناصر فلماذا لم يمت ؟ لنها كانت مدبرة ـ قميص واق تنشين مضبوط فل يموت عبد الناصر !!
ان تمثيلية المنشية قد أحسن أداؤها من جمال عبد الناصر ومن حوله بعد أن وصل ترمومتر علقته بالشعب الى درجة الصفر قبل
هذاالحادث المرسوم وما جرى بعد ذلك من حملت شنها عبد الناصر على الخوان واستغلله لنقابات العمال التى كانت الحكومة
تسيطر عليها سيطرة كاملة وأثار هذه الحملت فى تضليل أبناء الشعب المصرى لدرجة أوصلتهم لضرام النيران فى المركز العام
للخوان المسلمين والمقار المختلفة فى شتى أنحاء البلد .
** أغرب محاكمات فى التاريخ :
الى جانب السرعة الغريبة فى تشكيل ما أطلق عليه “ محكمة الشعب “ فإن ما دار فيها وما وصلت اليه من أحكام ل يمت للقضاء
أو القانون ول يمت أيضا بالعدالة بأدنى صلة ..تشكلت المحكمة فى أول نوفمبر عام 1954أى بعد أسبوع واحد فقط من حادث
المنشية برياسة قائد الجناح جمال سالم وعضوية القائمقام حسين الشافعى والبكباشى أنور السادات ومكتب ادعاء برياسة البكباشى
زكريا محى الدين .
أما المحاكمة فقد بدأت فى الحادية عشرة من صباح الثلثاء 9نوفمبر أى بعد أسبوعين من الحادث وفىا لجلسة الولى التى
خصصت لمحاكمة محمود عبد اللطيف وأقر فيها بأنه مذنب كان هناك موقف غريب للغاية ..فقد سألت المحكمة محمود عبد اللطيف
عن المحامى الذى يحب أن تنتدبه المحكمة فذكر أسماء [ 3محامين ] طلب الى رئيس المحكمة جمال سالم أن يدافع عنه واحد منهم
وكانوا :محمود سليمان غنام وفتحى سلمة ومكرم عبيد وفجأة جمال سالم قائل :وإذا رفضوا ؟ ! قال محمود عبد اللطيف تنتدب لى
المحكمة أى محام ثان .
وبالفعل كما رسم جمال سالم فقد رفض المحامون الثلثة الدفاع عن محمود عبد اللطيف ـ وكانت كل تهمتة محاولة شروع فى قتل
ـ وقال أحدهم زهز محمود سليمان غنام لمندوب جريدة الخبار “ ل أوافق إطلقا على الدفاع عنه لنى أستنكر كل الستنكار هذه ا
لجريمة البشعة !!وقال المحامى الثانى وهو فتحى سلمة :أرفض الدفاع عن هذا المتهم لنى محام ولى شعور وطنى ولنى أحتقر
هذاا لمجرم وقال مكرم عبيد ل أستطيع أن أدافع عن من يعتدى على جمال عبد الناصر ..مستحيل ..مستحيل ّ!!
أية مهزلة كانت تجرى ..إن عتاة المجرمين يجدون من يدافعون عنهم وربما يجدون لهم العذار التى قد تؤدى لتبرئتهم مثل الخلل
العقلى والدفاع عن الشرف والدفاع عن النفس والضطراب النفسى وغيرها من السباب التى قد تؤدى لتخفيف الحكام أو تبرئة ا
لمتهم ولكن أن يرفض ثلثة من المحامين الدفاع عن متهم كل تهمته الشروع فى قتل ـ إذا كان ذلك صحيحا ـ فهذه أولى مهازل
محاكمة نظام عبد الناصر للخوان المسلمين .
وتوالت المهازل ـ ويقول الستاذ عمر التلمسانى ( إن المحكمة التى أمر عبد الناصر بتشكيلها لم تكن محكمة .ز لقد كانت وسيلة
للوصول الىأحكام بالقتل والسجن والمحامون لم يكونوا يقدرون أن يؤدوا زاجبهم كما يجب أمام هذه المحكمة والمتهمون ظنوا انهم
أمام محكمة حقيقية وأرادوا أن يعدلوا عن اعترافاتهم الكاذبة التى أخذت منهم تحت ضغط التهديد والتعذيب فكان جمال سالم رحمه
ال يرفع الجلسة ويطلب من السجين أن يعدل عن اعترافاته فيؤخذ المتهم ليضرب مرة أخرى ليعود فيقر أن اعترافاته الولى كانت
صحيحة وفعل حصل ان جمال سالم طلب من المرحوم الدكتور خميس حميدة أن يقرأ الفاتحة بالمقلوب وباعتبار أن سورة " آل
عمران " كانت نازلة فى أحدى غزوات الرسول صلى ا ل عليه وسلم فما كان جمال سالم يعرف أن اسمها " آل عمران " فكان يقول
للمتهمين اقرءوا سورة " العمران " وما كان يعرف السم الصحيح لنطقها !!
ويضيف الستاذ عمر التلمسانى :لقد كان الضباط فى أجهزة المن والسجون يجمعون معلومات من هنا وهناك ثم يطلبون من الخ
المعتقل أن يكتبها بخط يده ويعترف بأنه ارتكب أفعال معينة فمن رفض كان يعذب حتى الموت فقد مات كثيرون بل عشرات من
الخوان من التعذيب للعتراف بمسائل ل يعلمون عنها شيئا ول دراية لهم بها ..حقا لقد حصل تعذيب فى الحصول على العترافات
بالغ الشناعة والبشاعة فيما يختص بالخوان البعض استجاب والبعض الخر ل يدرى شيئا ول يعلم شيئا فمات من التعذيب " .
..وامتد التخطيط المرسوم بدقة ليكمل الصورة ففى الجلسات الولى للمحكمة الصورية ورد اسم ـ أو أريد لسم محمد نجيب أن يرد
ـ فى خلل مناقشة المحكمة لقوال هنداوى دوير المحامى وأن هناك أتفاقا تم بين محمد نجيب والخوان أن يقوم محمد نجيب
بمسايرة الخوان بعد اغتيال الرئيس عبد الناصر واعضاء مجلس قيادة الثورة وفى نفس اليوم وفى نفس اليوم أطاح عبد الناصر
بآخر وجه كان ينافسه الشعبية الجماهيرية وصدر قرار مجلس قيادة الثورة بتنحية محمد نجيب من رئاسة الجمهورية وإبعاده من
مجلس قيادة الثورة لينفرد عبد الناصر بحكم البلد دون منافس أو معارض واحد !!
أما ما دار فى " كواليس " هذه المهزلة التى سميت محاكمة فهناك الكثير كانت أسئلة المحامين تستهدف إدانة المتهمين وليس
الدفاع عنهم وأيجاد الثغرات والظروف المخففة لهم وجه جمال سالم من ألفاظ السباب ما يعف اللسان عن ذكره وكان يكره بعض
المتهمين علىا لعتراف بالتهديد ولم يكن يسمح لمتهم أن يلتقى بمتهم آخر وكان يسمح للجمهور الذى يحضر المحاكمات أن يشارك
المحكمة فى ممارسة السخريةوالستهزاء بالمتهمين .
أما صحافة تلك الفترة فكانت صحافة موجهة مزيفة للحقائق فقد أفاضت فى ذكر التهامات وإلصاقها بقيادات وأعضا ء الخوان
وتبارت فيما بينها فى توجيه أفظع السباب والشتائم لجماعة الخوان ولم تنشر سطرا واحدا من محاورات الدفاع وإنما كانت كل
مساحتها مخصصة للدعاء ـ والقول بأن محاولة اغتيال عبد الناصر كانت جزءا من مخطط شامل أومؤامرة كبرى للطاحة بنظام
الحكم والقضاء على " الثورة ".
ثم صدرت الحكام فى الرابع من ديسمبر بعد أن عقدت 19جلسة لمحاكمة 19متهمت منهت 7جلسات لمحاكمة المتهم الول محمود
عبد اللطيف !! ..وعند النطق بالحكام كان المتهم يحضر وحده ليسمع الحكم عليه ويصحبه الحراس لخارج المحكمة وكانت الحكام
تقضى بإعدام 8هم :محمود عبد اللطيف ـ حسن الهضيبى ـ يوسف طلعت ـ إبراهيم الطيب ـ هنداوى دوير ـ محمد فرغلى ـ
عبد القادر عودة ـ والشغال الشاقة المؤبدة لسبعة هم :خميس حميدة ،حسين كمال الدين ،محمد كمال خليفة ،منير الدلة ،صالح
أبو رقيق ،حامد أبوالنصر ،أحمد عبد العزيز عطية ،والسجن 15عاما لحمد شريت ،عمر التلمسانى وبراءة عبد الرحمن البنا
والبهى الخولى وعبد المعز عبد الستار .
وبنفس السرعة التى تمت بها المحاكمة ( )26يوما تم التصديق على ا لحكام بعد صدورها بخمس عشرة دقيقة فقط ؟ !! فيما عدا
حكم العدام للستاذ الهضيبى فقد حففت للشغال الشاقة المؤبدة وبنفس السرعة أيضا تم تنفيذ أحكام العدام وصعدت أرواح الشهداء
الى بارئها ..وقال الشهيد عبد القادر عودة فى الدقائق الخيرة من حياته :الحمد ل الذى أماتنى شهيدا وإنه لقادر على أن يجعل
دمى لعنة تحيق برجال الثورة .
والغريب على حد قول الستاذ عمر التلمسانى * :أن حاكم ذلك العهد جمال عبد الناصر لما رفعت اليه تقارير جواسيسه بأثر ذلك
الغتيال قال فى حديث نشرته الصحف ما معناه :عجبت لمر هذا الشعب ل يرضى بالجريمة ولكن إذا عوقب المجرم ثار عطفه على
المجرمين " .
وهكذا أسدل الستار على العلقة بين جماعة الخوان المسلمين والضباط الحرار وكذلك الوجود الفعلى والشرعى للجماعة وكذلك
أى نشاط دينى من أى مستوى داخل مصروبدأت أجهزة القمع والتعذيب داخل وخارج سجون ومعتقلت عبد الناصر فى تنفيذ مهامها
الوحشية بتعليمات واضحة من جمال عبد الناصر وليس من وراء ظهره كما يدعى بعض المدافعين عن عبد الناصر وسواء كان يعلم
ـ وهذا أغلب الظن ـ أو ل يعلم فتلك مصيبة ..فقد تخلص عبد الناصر من كل معارضيه قبل أن تمضى السنة الرابعة من قيام
انقلب يوليو تخلص من الحزاب القديمة وتخلص من محمد نجيب والخوان المسلمين فى ضربة واحدة مزدوجة رسم لها خطة
دقيقة لينفرد بحكم البلد وحده أما من عارضه من الضباط الحرار فقد أقصاه عبد الناصر ولتصبح مصر فريسة فى يد حكم فرد واحد
وكانت مأساة الشعب المصرى على مدى 18عاما مع حكم الفرد .
الفصــل الســادس عشــــر
جرائم وراء السوار
إن ماتعرض له الخوان المسلمون ـ دون غيرهم من الفئات سواء من عتاه المجرمين أو الشيوعيين أو حتى المعتقلين اليهود ـ
كان أقصى ما يتعرض
له البشر من ألوان التعذيب وكان تعذيبهم موجهاالى كرامة النسان وجسده وعقله ونفسه وأهله وروحه
فى النهاية وعادن محااكم التفتيش تطل برأسها فى سجون ومعتقلت عبد الناصر ولكن بصورة أكثر تطورا وحداثة ومهما قيل عن
إنجازات "أو مكاسب لنقلب 23يوليو 1952أو لجمال عبد الناصر فهى ل قيمة لها مع هدم النسان المصرى داخل وحارج
السجون .
ويقول الستاذ عمر التلمسانى " لو سئلت ما هى إنجازات عبد الناصر لقلت ل شىء سوى انتهاك الحرمات وهتك العراض وهدم
النسان والقتل وسفك الدماء إننى فى اليوم الول لدخول السجن لتنفيذ الحكم بالسجن 15سنة دخلت السجن الحربى وأخذونى الى
غرفة رقم 42فى عنبر رقم " "4وقيدونى بالحبال ـ يدى ورجلى وظهرى ـ ورفعونى الى سقف الحجرة وانهالوا على بالسياط وبعد
ذلك ـ إقرارا بالحق ـ لم يعتد على أحد بعد ذلك الحادث أما الخوان فكان تعذيبهم يجرى ليل نهار وكان صراخهم وتوجعهم يحطم
أعصاب الخوة الموجودين داخل السجن وبلغت قسوة التعذيب أنهم ـ أى أساطين التعذيب كانوا يجلسون الخوان على مناشير من
الخشب وإذا حققوا معهم ـحققوا معهم وهم عراه والمحققون كانوا من ضباط الجيش أو المخابرات جالسين على مكاتبهم يدخنون
السجائر وغير السجائر وإذا ما حل لحدهم أن يطفىء سيجارة قام من على كرسيه وأطفأها فى أمكنة حساسة من جسم الخ الواقف
أمامه ذلك غير الضرب المبرح الذى ينتهى بأنه إذا أعادوه الى زنزانته بعد الضرب لم يجدوا فى جسمه مكانا يمسكون به فكانوا
يضعونه فى بطاطين ثم يحملونها ويلقونها بما فيها فى الزنزانة كانت آلم ووحشية فى التعذيب ويكفىأن محاكم الجنايات قالت :إن
ما حدث فى ذلك العهد لم يحدث فى التاريخ مثله على طول الزمن !!
أما من يقول :إن عبد الناصر كان ل يدرى بتلك الوسائل الوحشية فى المعتقلت فمردود عليه بأن ذلك غير صحيح بالمرة لنه
كانت تؤخذ أعمال صوتية ومرئية لما يجرى فى السجن الحربى من تعذيب وكانت تعرض على جمال عبد الناصر فى منزله فى
سهراته مع بعض الضباط ..لقد كان يعلم تمام العلم والجميع الذين اعتقلوا يعلمون ماذا كان يفعل حمزة البسيونى رئيس السجن
الحربى وكان رجل أجوف يتظاهر بالقوة والعظمة وهو أجبن من النعامة وأيضا صلح نصر ورياض ابراهيم وشمس بدران وصفوت
الروبى و " سمبو " وآخرون كثيرون من أساطين الوحشية والتعذيب أما صلح نصر الذى كتب كتابا اسمه " الحرب النفسية " وكان
كل ما ذكره كان هو يفعله لنه كان رأس كل هذه المذابح الخسيسة وانتهى فى كتابه الى أن أصحاب المبادىء والعقائد ل يزيدهم
التعذيب أو التنكيل إل تمسكا بمبادئهم أو عقيدتهم ولقد استمرت صور التعذيب لفترات بينما عذبنا نفسيا مثل الحرمان من زيارات
الهالى أو إرسال أشياء من بيوتنا الينا واستمر ذلك سنين طويله وكانت إذا جاءت بعض الشياء من بيوتنا فى ا لمناسبات الدينية
يحجبها السجانون لسابيع حتى تتلف ويعيدوها مرة أخرى للهالى "
مذبحة لومان طرة
فى أول شهر يونيو عام 1957وقعت هذه الجريمة البشعة والتى شهدتها زنازين ليمان طره وجرت وقائع هذه الجريمة بعد تدهور
العلقات بين مصر وسوريا وقال عبد الناصر :إن الخوان المسلمين فى سوريا لهم دخل فى هذا وكانت يده ل تصل الىا لخوان فى
سوريا فصب جام غضبه علىالخوان فى مصر وطلب من الضباط أن يضايقوا الخوان أشد المضايقات داخل السجون وحدث انه فى
يوم من اليام دخل أحد الضباط العنبر الذى يوجد به الخوان وحاول إدخالهم الزنازين فى وقت الفسحة فانتزع منه بعض الخوان
مسدسه وأدخلوه فى زنزانه من الزنازين فثارت ثائرة القائمين على السجن ووجدوا انها الفرصة الملئمة فاستدعوا فرق المتطوعين
فى الجيش بأسلحتهم ووقفوا على سطح العنبر وأخذوا يطلقون ا لنار على من فيه ثم دخلوا الى الزنازين فقتلوا 22فى تلك الجريمة
البشعة وانتهى المر بحفظ التحقيق فى هذه القضية وقالوا :إنها ثورة فى سجن وانتهت المسألة .
وثيقة تصفية الخوان :
فى الحكم الصادر من محكمة جنوب القاهرة الدائرة التاسعة المدنية يوم 30مارس 1975أصدرت حكما فى أحدى قضايا التعذيب
ورد فى حيثيات ودفاع المستشار على جريشة هذه الوثيقة ويقول نص الوثيقة * التى نشرها الشيخ محمد الغزالى :بناء على أمر
السيد رئيس الجمهورية بتشكيل لجنة عليا لدراسة واستعراض الوسائل التى تم الوصول اليها بخصوص مكافحة جماعة الخوان
المسلمين المنحلة ولوضع برنامج لفضل الطرق التى يجب استعمالها فى قسمى مكافحة الخوان بالمخابرات والمباحث العامة لبلوغ
هدفين :
1ـ غسل مخ الخوان من أفكارهم
2ـ منع عدوى أفكارهم من النتقال لغيرهم
اجتمعت اللجنة المشكلة من
1ـ سيادة رئيس مجلس الوزراء
2ـ السيد /قائد المخابرات
3ـ السيد /قائد المباحث الجنائية العسكرية
4ـ السيد /مدير المباحث العامة
5ـ لسيد /مدير مكتب السيد /المشير
وذلك كله فى مبنى المخابرات العامة بكوبرىالقبة وعقدت عشرة اجتماعات متتالية وبعد دراسة كل التقارير والبيانات والحصائيات
السابقة أمكن تلخيص المعلومات المجتمعة فى التى :
1ـ تبين أن تدريس التاريخ السلمى فى المدارس للنشىء بحالتة القديمة يربط السياسة بالدين فى ل شعور كثير من التلميذ منذ
الصغر ويسهل تتابع ظهور معتنقى الفكارالخوانية .
2ـ صعوبة واستحالة التمييز بين أصحاب الميول والنزعات الدينية وبين معتنقى الفكار الخوانية وسهولة فجائية تحول الفئة
الولى الى الثانية بتطرف أكبر .
3ـ غالبية أفراد الخوان عاش على وهم الطهارة ولم يمارس الحياة الجتماعية الحديثة ويمكن اعتبارهم من هذه الناحية " خام " .
4ـ غالبيتهم ذو و وطاقة فكرية وقدرة تحمل ومثابرة كبيرة علىا لعمل وقد أدى ذلك الى اطراد دائم وملموس فى تفوقهم فى
المجالت العلمية والعملية التى يعيشون فيها وفى مستواهم العلمى والفكرى والجتماعى بالنسبة لندادهم رغم أن جزءا غير بسيط
من وقتهم موجه لنشاطهم الخاص بدعوتهم المشئومة .
5ـ هناك انعكاسات ايجابية كبيرة تظهر عند تحرك كل منهم للعمل فى المحيط الذى يقتنع به .
6ـ تداخلهم فى بعض ودوام اتصالهم الفردى ببعض وتزاورهم والتعارف بين بعضهم البعض يؤدى الى ثقة كل منهم فى الخر ثقة
كبيرة .
7ـ هناك توافق روحى وتقارب فكرى وسلوكى يجمع بينهم فى كل مكان حتى ولو لم تكن هناك صلة بينهم .
8ـ رغم كل المحاولت التى بذلت منذ سنة 1939لفهام العامة والخاصة بأنهم يتسترون خلف الدين لبلوغ أهداف سياسية إل أن
احتكاكهم الفردى بالشعب يؤدى الى محو هذه الفكرة عنهم رغم أنها بقيت بالنسبة لبعض زعمائهم .
9ـ تزعمهم حروب العصابات فى فلسطين سنة 1948والقنال 1951رسب فى افكار الناس صورهم كأصحاب بطولت وطنية عملية
وليست دعائية فقط بجوار أن الطماع السرائيلية والستعمارية الشيوعية فى المنطقة ل تخفى أغراضها فى القضاء عليهم .
10ـ نفورهم من كل من يعادى فكرتهم جعلهم ل يرتبطون بأى سياسة خارجية سواء عربية أو شيوعية أو استعمارية وهذا يوحى
لمن ينظر لماضيهم بأنهم ليسوا عملء وبناء على ذلك رأت اللجنة أنالسلوب الجديد فى المكافحة يجب أن يشمل أساسا بندين
متداخلين وهما :
1ـ محو فكرة ارتباط السياسة بالدين السلمى
2ـ إبادة تدريجية بطيئة مادية ومعنوية وفكرية للجيل القائم فعل والموجود من معتنقى الفكرة ويمكن تلخيص أسس السلوب الذى
يجب استخدامه لبلوغ هذين الهدفين فى التى :
أول ـ سياسة وقائية عامة :
1ـ تغيير مناهج تدريس التاريخ السلمى والدين فى المدارس وربطها بالمعتقدات الشتراكية كأوضاع إجتماعية وإقتصادية وليست
سياسية مع إبراز مفاسد الخلفة وخاصة من العثمانيين وتقدم الغرب السريع عقب هزيمة الكنيسة وإقصائها عن السياسة .
2ـ التحرى الدقيق عن رسائل وكتب ونشرات ومقالت الخوان فى كل مكان ثم مصادرتها وإعدامها .
3ـ يحرم بتاتا قبول ذوى الخوان وأقربائهم حتى الدرجة الثالثة من القرابة من النخراط فى السلك العسكرى أو البوليس أو
السياسة مع سرعة عزل الموجودين من هؤلء القرباء من هذه الماكن أو نقلهم الى أماكن فى حالة ثبوت ولئهم .
4ـ مضاعفة الجهود المبذوله فى سياسة العمل الدائم على فقدان الثقة بينهم وتحطيم وحدتهم بشتى الوسائل وخاصة عن طريق
إكراه البعض على كتابة تقارير عن زملئهم بخطهم ثم مواجهة الخرين بها مع العمل على منع كل من الطرفين من لقاء الخر
أطول فترة ممكنة لتزيد شقة انعدام الثقة بينهم .
5ـ بعد دراسة عميقة لموضوع المتدينين من غير الخوان وهم الذين يمثلون ا لحتياطى لهم وجد أن هناك حتمية طبيعية وعملية
للتقاء الصنفين فى المدى الطويل ووجد أن الفضل أن يبدأ بتوحيد معاملتهم بمعاملة الخوان قبل أن يفاجئونا كالعادة باتحادهم معهم
علينا .
ومع افتراض احتمال كبير لوجود أبرياء كثيرين منهم إل أن التضحية بهم خير من التضحية بالثورة فى يوم علىأيديهم ولصعوبة
واستحالة التمييز بين الخوان المتدينين بوجه عام فل بد من وضع الجميع ضمن فئة واحدة ومراعاة ما يلى معهم :
( أ ) تضييق فرص العمل والظهور أمام المتدينيين عموما فى المجالت العلمية والعملية
(ب ) محاسبتهم بشدة وباستمرار فى أى لقاء فردى أو زيارات أو اجتماعات تحدث بينهم .
(ج) عزل المتدينيين عموما عن أى تنظيم أو اتحاد شعبى أو حكومى أو اجتماعى أو طلبى أو عمالى أو اعلمى .
( د ) التوقف عن السياسة السابقة فى السماح لى متدين بالسفر للخارج للدراسة أو العمل حيث فشلت هذه السياسة فى تطوير
معتقداتهم وسلوكهم وعدد بسيط جدا هو الذى تجاوب مع الحياة الوربية فى البلد التى سافروا اليها أما غالبيتهم فإن من هبط منهم
فى مكان ما بدأ ينظم فيه التصالت والصلوات الجماعية أو المحاضرات لنشر أفكارهم .
(و ) التوقف عن سياسة استعمال المتدينين فى حرب الشيوعيين واستعمال الشيوعيين فى حربهم بغرض القضاء علىالفئتين حيث
ثبت تفوق المتدينين فى هذاالمجال ولذلك يجب أن تعطى الفرص للشيوعيين لحربهم وحرب أفكارهم ومعتقداتهم ومع حرمان
المتدينين من الماكن العلمية .
6ـ تشويش الفكرة الموجودة عن الخوان فى حرب فلسطين والقنال وتكرار النشر بالتلميح والتصريح عن اتصا ل النجليز
بالهضيبى وقيادةالخوان حتى يمكن غرس فكرة أنهم عملء للستعمار فى ذهن الجميع .
7ـ الستمرار فى سياسة محاولة اليقاع بين الخوان المقيمين فى الخارج وبين الحكومات العربية المختلفة وخاصة فى الدول
الرجعية السلمية المرتبطة بالغرب وذلك بأن يروج عنهم فى تلك الدول أنهم عناصر مخربة ومعادية لهم بأنهم يضرون بمصالحها
وبذلك تسهل عملية محاصرتهم فى الخارج .
ثانيا :سياسة استئصال ( السرطان ) الموجود الن .
بالنسبة للخوان الذين اعتقلوا أو سجنوا فى أى عهد من العهود ويعتبرون جميعا قد تمكنت منهم الفكرة كما يتمكن السرطان من
الجسم ول يرجى شفاؤه ولذا تجرى عملية استئصالهم كالتى :
المرحلة الولى :
إدخالهم فى سلسلة متصلة من المتاعب تبدأ بالستيلء أو وضع الحراسة على أموالهم وممتلكاتهم ويتبع ذلك فى اعتقالهم .وأثناء
العتقال يستعمل معهم أشد أنواع الهانة والعنف والتعذيب على مستوى فردى ودورى حتى يصيب الجميع ثم يعاد وهكذا وفى نفس
الوقت ل يتوقف التكدير على المستوى الجماعى بل يكون ملزما للتأديب الفردى وهذه المرحلة إن نفذت بدقة ستؤدى الى ما يأتى :
بالنسبة للمعتقلين :إهتزاز المثل والفكار فى عقولهم وانتشار الضطرابات العصبية والنفسية والعاهات والمراض بينهم بالنسبة
لنسائهم :سواء كن زوجات أو أخوات أو بنات فسوف يتحررن ويتمردن بغياب عائلهم وحاجتهن المادية قد تؤدى الى انزلقهن
بالنسبة للولد تضطر العائلت لغياب العائل وحاجتهم المادية الى توقيف البناء عن الدراسة وتوجيههم للحرف والمهن وبذلك يخلو
جيل الموجهين المتعلم القادم ممن فى نفوسهم حقد وثأر أو آثار من أفكار آبائهم .
المرحلة الثانية :
إعدام كل من ينظر اليه كداعية ومن تظهر عليه الصلبة سواء داخل السجون أو المعتقلت أو بالمحاكمات ثم الفراج عن الباقى
على دفعات مع عمل الدعاية اللزمة لنتشار أبناء العفو عنهم حتى يكون ذلك سلحا يمكن استعماله ضدهم من جديد فى حالة الرغبة
فى العودة الى ا عتقالهم حيث يتهمون بأى تدبير ويوصفون حين ذلك بالجحود المتكرر لفضل العفو عنهم .
وهذه المرحلة إن أحسن تنفيذها باشتراكها مع المرحلة السابقة ستكون النتائج كما يلى :
1ـ يخرج المعفو عنهم الى الحياة فإن كان طالبا فقد تأخر عن أقرانه ويمكن أن يفصل من دراسته ويحرم من متابعة تعليمه .
2ـ إن كان موظفا أو عا مل فقد تقدمه زملؤه وترقوا وهو قابع مكانه ويمكن أيضا أن يحرم من العودة الى وظيفته أو عمله .
3ـ إن كانتاجرا فقد أفلست تجارته ويمكن أن يحرم من مزاولة تجارته
4ـ إن كان مزارعا فلن يجد أرضا يزرعها حيث وضعت تحت الحراسة أو صدر بها قرار استيلء .
وسوف تشترك جميع الفئات المعفو عنها فى التى :
1ـ الضعف الجسمانى والصحى والسعى المستمر خلف العلج والشعور المستمر بالضعف المانع من أية مقاومة .
2ـ الشعور العميق بالنكبات التى جرتها عليهم دعوة الخوان وكراهية الفكرة والنقمة عليها .
3ـ عدم ثقة كل منهم فى الخر وهى نقطة لها أهميتها فى انعزالهم عن المجتمع وانطوائهم على أنفسهم .
4ـ خروجهم بعائلتهم من مستوى اجتماعى الى مستوى أقل نتيجة لعوامل الفقار التى أحيطت بهم .
5ـ تمرد نسائهم على تقاليدهم وفى هذا إذلل فكرى ومعنوى لكون النساء فى بيوتهن سلوكهن يخالف أفكارهم وتبعا للضعف
الجسمانى ل يمكنهم العتراض .
6ـ كثرة الديون عليهم نتيجة لتوقف إيراداتهم واستمرار مصروفات عائلتهم والنتائج اليجابية لهذه الساسة هى :
1ـ الضباط والجنود الذين يقيمون بتنفيذ هذه السياسة سواء من الجيش أو البوليس سيعتبرون فئة جديدة أرتبطمصيرها بمصير هذا
الحكم القائم حيث عقب التنفيذ سيشعر كل منهم أنه فى حاجة الى هذاالحكم ليحميه من أى عمل انتقامى قد يقوم به الخوان كثأر
2ـ إثارة الرعب فى نفس كل من تسول له نفسه القيام بمعارضة فكرية للحكم القائم
3ـ وجود الشعور الدائم بأن المخابرات تشعر بكل صغيرة وكبيرة وأن المعارضين لن يتستروا وسيكون مصيرهم أسوأ مصير ز
4ـ محو فكرة ارتباط السياسة بالدين انتهى ويعرض على السيد الرئيس جمال عبد الناصر
إمضاء ـ السيد رئيس الوزراء
إمضاء ـ السيد قائد المخابرات
إمضاء ـ السيد مدير المباحث العامة
إمضاء ـ السيد شمس بدران
انتهى
يعتمد
رئيس الجمهورية
ويقول الستاذ عمر التلمسانى " إن هذه الوثيقة صحيحة وكان يقصد بها أن ينخلع الخوان المسلمون عن هذه الدعوة حتى أنهم
قالوا :إنه يجب أن يحرم من كافة موارد الرزق حتى تضطر نساؤهم للبغاء والتسول فى الشوارع وقد نفذت هذه ا لوثيقة ضد
الخوان ولكن ال سبحانه وتعالى لم يرد أن يحبس صوت الخوان رغم كل هذه الظروف المفزعة والبشعة والوثيقة ـ رغم الفكر
الجرامى الذىتحمله فى طيات سطورها ـ تعترف بطهارة الخوان المسلمين وبطاقتهم الفكرية وبقدرتهم على التحمل ومثابرتهم
وتفوقهم فى المجالت العلمية والعملية وقوة تأثيرهم فى المحيط الذى يخاطبونه ويسعون فيه بالدعوة وقوة الروابط التى تحكم
علقات الخوان وتوافقهم الروحى وعدم اكتراث الشعب بما يتردد حولهم من أكاذيب وأساليب للتشويه لنهم أصحاب بطولت فى
حرب فلسطين كما أقرت الوثيقة بانتفاء صفة العمالة أو الخيانه عن الخوان وهى التى رددها البعض طعنا فى سمعة وسلمة
تصرفات زعماء الخوان أما ما جاء فى الوثيقة من اجراءات فقد تم تنفيذها على مدى 18سنة من حكم عبد الناصر بحرفية تامة الى
درجة اتهام من يواظب على ارتياد مساجد ال للتعبد والخضوع من المتدينين الذين تجب مراقبة تصرفاتهم وربما محاربتهم فى
رزقهم وحياتهم !! ..لقد استمدت هذه ا لوثيقة من تلك الفكار التى جاءت فى " بروتوكولت حكماء صهيون " التى فرقت بين
اليهود شعب ال المختار ـ كما يدعون ـ وسائر الجناس أو الجوييم " وهم فى مرتبة الجنس الدنى وأقرب الى الحيوانات وفرقت
الوثيقة هنا بين الشعب والمتدين واعتبار التدين " سبة " فى جبين المجتمع ول بد من إزالة صاحبه ومحاربته لنه فرد فاسد أصيب "
بسرطان " التدين وانتقلت عدوى الخوان " الرهابيين " اليه فوجب استئصاله من الجذور .
هكذا كان يفكرأفراد نظام عبد الناصر وهكذا كانوا يتعاملون لقد حكم منطق الغاب سلوكياتهم وانتزعت من قلوبهم معانى اليمان
ومعانى العبودية ل سبحانه وتعالى ونسواأن لكل ظالم دولة وأن ال يداول اليام بين الناس ..ولكنهم اكتشفوا ذلك بعد فوات الوان
.
ولنعد الى " امبراطور " التعذيب صلح نصر الذى ذكر فى كتابه مفهوم " غسيل المخ " وقد استخدم هذا السلوب مع الكثيرين من
الخوان المسلمين لنقل انتمائهم وولئهم من الجماعة الىالطرف الخر منها .
ويقول الستاذ عمر التلمسانى " كلمة غسيل المخ كلمة مخففه ولكن الواقع أن الوسيلة الوحيدة التى كانت تمارس هى التعذيب
الوحشى حتى أنهم كانوا يرسلون الى السجن فى أبى زعبل بعض المشايخ ليهاجموا الخوان المسلمين ويؤيدواا لحكومة ويبرروا
اعمالها حتى بلغ الهوس ببعض هؤلء المشايخ أنه اعترض على " حد السرقة " فقال لبعض الخوان :أنتم تريدون أن نعيش فى
مجتمع مشوه ( لقطع يد السارق ) وكانت " تفاهة هؤلء المشايخ قد وصلت الى الحد الذى كان يسخر فيه الخوان منهم فما كان لهم
من أثر أو تأثير وانتهى المر بأن الدارة طلبت من بعض الخوان أن يخطبوا فى الخوان مبينين مزايا حكم عبد الناصر ومساوىء
الخوان فكان البعض يستجيب والبعض الخر ى يستجيب وكان الذين يستجيبون معذورين لما يقع عليهم من تعذيب وإيذاء " .
ويضيف الستاذ عمر التلمسانى :
" لم يقم الدكتور عبدالعزيز كامل بدور المرشد للحكومة وإنما خاشن الخوان وانفصل عنهم وأغواه زكريا محى الدين على أن يهاجم
الخوان وعينه نائبا لوزير الوقاف فخرج من السجن الى نيابة الوزارة مرة واحدة ..فصار أكثر مخاشنة للخوان وكان ينتصر
لجمال عبد الناصر وما كان يليق بالدكتور عبد العزيز كامل أن يشبه السيدة عائشة رضى ال عنها بحرم جمال عبد الناصر والعكس
إن شاء الصحيح وكان يشبه مجتمع المدينة فى عهد الرسول عليه الصلة والسلم بمجتمع جمال عبد الناصر والعكس هو الصحيح
إنما لم يعمل مرشدا لى جهة من المباحث إنما كان هناك إخوة آخرون بلغ بهم الضعف الى هذا الحد أنهم كانوا يتجسسون على
الخوان ويكتبون تقارير ويقدمونها للمباحث ويقولون :إن هذا الخ متشدد وهذا الخ سهل وإن هذا سيؤد وهذا لن يؤيد أما على
عشماوى فكان فى أحداث سنة 1965ينفذ كل ما تطلبه منه السلطة مقابل تخفيف الحكم الى الشغال الشاقة ا لمؤبدة والىا لفراج
عنه بعد فترة قصيرة وهكذا حال قدرة ا لبشر فى التحمل حين البتلء والبشر متفاوتون فى هذه القدرة ولكن الخطر من هذا هو أن
رد الفعل العنيف الذى تحرك بين جموع الشباب تجاه هذا التطرف فى الساليب الو حشيية والذى أسفر عن فكر متحمس ولكن فى
اتجاه عنيف لقد ظهرت فكرة ا لتكفير والهجرة كرد فعل عنيف لما يجرى داخل المعتقلت وبين أوساط الشباب .
الفصل السابع عشر
ظهور فكرة التكفير
أدت المحاورات العنيفة بين المشايخ الذين أرسلتهم الحكومة للقيام بعملية غسل المخ يكملها إقامة حلقات التعذيب المتواصلة فى
محاولة لحكام ا لحصار حول معتنقى الفكرة السلمية لستسلم البعض وإصرار البعض الخر على عدم التخلى عن عقيدته وقناعته
اليمانية متحمل الهانة والضرب المبرح وأساليب التعذيب وربما الجنون والموت على ترك هذا المر .
ولكن قبل الدخول الى هذا الموضوع الشائك ل بد أن نقول :إن عبد الناصر لم يكتف بالتصفية الولى للخوان فقرر أن أن يعيد
الكرة والقضاء نهائيا على هذه الجماعة فقرر القبض على ا للف من الخوان مرة ثانية وكان البعض منهم قد أفرج عنه قبل شهور
من يوليو 1965حيث صدر قرار سرى بالقبض على الخوان وفاخر جمال عبد الناصر بقراره حيث أعلنه فى 29أغسطس 1965
أثناء زيارة له لموسكو وجاء هذا القبض باسم مؤامرة قلب نظام الحكم فعاد من أفرج عنه للسجن ولم يتنسم عبير الحرية إل بضعه
شهور واعتقل فى هذه العملية ما يقرب من 20ألف شخص واعتبرهم متهمين حتى تثبت براءتهم ولم تثبت إل بعد الفراج عنهم فى
عام 1971ولم يقبض على جميع قيادات الخوان فمنهم من هرب خلل أحداث 1954المريرة ومنهم من سافر للبلد العربية وعاش
فيها .
ويقول الستاذ عمر التلمسانى :
" كل المتهمين فى عام 1965حوكموا وعذبوا تعذيبا شديدا ولم يكن هؤلء متهمين فى قضايا إنما كان الغرض من اعتقالهم عدم
تمكينهم من إقامة أى إثارة فى المحيط الذى يقيمون فيه وعذب الكثير من أقارب ومعارف بعض الخوان وكانت كل تهمتهم صلة
القرابة والمعرفة ولم يحاكم كل العشرين ألفا ولكن حوكم ألف تقريبا وأثبتت المحاكم إدانتهم ثم جرت المحاكمات عام 1966وأعلن
القاضى العسكرى الدجوى والقاضى العسكرى التميمى أن التعذيب الذى يلقاه المتهمون هو " الهيلتون " الذى أعددناه لهم .
وقد نشر المرحوم الستاذ سامى جوهر تحقيقا عن هذه الوقائع فكتب يقول " ولم يكن أحد يعرف أين يساق من أخذوه ؟ وتمر أيام ..
وأسابيع ..وأحيانا شهور ..وبعد الوساطة أو الرشوة يعرف الب أين أبنه ؟ أوتعرف الزوجة أين زوجهاا ؟ أو يعرف البن أين
أبوه وأى اتهام ملفق موجه اليه ؟ "
وبنفس الطرق المتطورة فى التعذيب وباستخدام آلت وحشية كان يعامل المعتقلون فى أحداث 1965واضطر الكثيرون من الخوان
تحت ضغط التعذيب البربرى بخلف الحكم الجائر الذى أصدرته محاكم الدجوى بإعدام مجموعة جديدة من الخوان من بينهم الكاتب
والمفكر الشهيد سيد قطب وعبد الفتاح اسماعيل ويوسف هواش وهكذا أجهز جمال عبد الناصر يدفعه حقده وتسلطه على الجماعة
المنهكة القوى من فرط ما لقت من بشاعات .
ولقد كان طبيعيا ان يفرز هذاالجو ظهور فكرة تكفير المجتمع وحاكمه ولقد كان من العوامل التى ساهمت الى حد كبير فى ظهور مثل
هذا الفكر من جانب الشباب تلك الوسائل الوحشية الخارجة عن البعاد البشرية والنسانية والتى مارسها النظام الحاكم فى مصر فى
عهد جمال عبد الناصر تجاه أصحاب الفكر السلمى أو المتدينين بصفة عامة كما رأى هذا الشباب ما انحدرت اليه الخلق فى
مجتمعهم من انحرافات واستشراء الفكر الماركسى الملحد ومن هنا ظهرت فكرة التكفير لدى بعض شباب جماعة التبليغ وبعض شباب
الخوان المسلمين واستند بعضهم لكتابات الشهيد سيد قطب عن جاهلية المجتمع وخرجوا منها بفهم خاص وهو ارتداد المجتمع
المسلم وكفره .
ولقد طلب من المعتقلين ذات مرة فى سجون أبى زعبل وطرة والسجن الحربى تأييد رئيس الدولة مقرونا بالتهديد بمضاعفة التعذيب
والبادة ورفض الكثيرون فحل بهم ما حل من صنوف العذاب والهوان والوحشية وأعلنوا رغم ذلك كله رفضهم إعلن الولء للحاكم
وجرت عمليات غسيل المخ ـ المعروفة من الناحية النفسية لكثيرين من الشباب المعتقل دون هوادة وطوابير التعذيب مستمرة
لنتزاع الفكار من رءوس هذا الشباب ولكن دون جدوى ولكن فى نفس الوقت فإن بعض قادة الخوان المسلمين اختلف كثيرا على
منهج هؤلء الشباب رغم دوافعه ومسبباته ومنهم الستاذ حسن الهضيبى المرشد العام للجماعة والذى أصدر ردوده على هذه
المناظرات التى جرت بينه وبين الشباب الداعى لفكرة تكفير وهجرة المجتمع الجاهلى فى كتابه المعروف "دعاة ل قضاة "
فقد امتد أسلوب هذه الجماعات الى ابتداع قاعدة خاطئة * وهى تكفير من لم يكفر الكافر وأرادوا بها تكفير من خالفهم فى الرأى
وكانت حجتهم أن المام محمد بن عبد الوهاب وبعض شيوخه يرون كفر من لم يكفر الكافر المعين ..وهذا حق أريد به باطل فالكافر
المعين المجمع على كفره ل يحل ادعاء أنه مؤمن لن فى هذا إنكار لحكم ال عليه بالكفر أما إن كان الحكم بكفر الشخص ليس محل
اجماع كما هو الحال فى كفر تارك الصلة فل يجوز استخدام هذه القاعدة فى هذا الموضع .
وبالتالى فالمسائل التى رأى هؤلء الحكم بالكفر على المسلمين مثل كفر من لم ينخرط فى جماعتهم أو من مات ولم يبايع إمامهم أو
من خالفهم فى تكفير جميع حكام المسلمين فهذه المور كلها الحكم فيها بالكفر ليس محل اجماع وبالتالى ل مجال هنا لتطبيق هذه
القاعدة وللستاذ سالم البهنساوى بحث مشهور فى هذه القضية وجذورها ودوافعها .
وإن ما تم ممارسته داخل المعتقلت المصرية فى السجن الحربى وأبى زعبل وطرة والواحات وغيرها من أبشع ألوان العذاب
والوحشية ويكفى تدليل على هذا القول ما جاء فى حيثيات حكم المحكمة العسكرية العليا بعد حركة مايو 1971ونشر ذلك بالصحف
المصرية والعربية جاء فيه ك إن المحكمة لتسجل بحق أن الجريمة موضوع هذه الدعوى ( تعذيب ) كانت سبة فى جبين الحكم
المصرى يندى لها خزيا وعارا ولعل فى حكم المحكمة ما يدل على حقبة من تاريخ مصر امتهنت فيها وأهينت كرامة النسان الذى
كفل العلن العالمى لحقوق النسان حدها الدنى ـ حقبة من تاريخ مصر كانت فيها السيادة للسياط توصل للرهاب ولللقاء فى
غياهب السجون أو تقريبا وزلفى للحكام والرؤساء حقبة من تاريخ مصر تضاءلت فيها سمعة سجن الباستيل فى فرنسا وطغت
عليها سمعة السجن الحربى بمصر حقبة منتاريخ مصر أعادت الى الذهان ذكرى محاكم التفتيش وما كان يجرى فيها من مخاز
وفظائع حقبة من تاريخ مصر تسابق فيها الجلدون الى ابتكار وسائل التعذيب .
ولقد كان التعذيب الذى ل قاه الخوان المسلمون والشباب المسلم كان أضعاف التعذيب الذى تعرضت له الفئات الخرى سواء
الشيوعيون أو عتاه المجرمين فى القضايا العادية أو حتى اليهود الذيناعتقلوا بعد هزيمة . 1967
ويقول الستاذ عمر التلمسانى لقد كان معنا اليهود اختلطوا بنا فى معتقل مزرعة ليمان طرة وكانوا فى منتهى الدب ومنتهى كمال
الصلة بالخوان المسلمين وكانوا يقدمون كل ما يطلب منهم من خدمات وكانوا يقولون لنا إذا كنتم الن فى راحة وبعض التسهيلت
فإنما سببها وجودنا معكم وعندما نخرج ستنقلب الية ويعودون الى مضايقاتكم كما كانوا قبل أن نحضر وحصل هذا فعل !! وكان
اليهود فى معتقل مزرعة ليمان طرة يعاملوننا معاملة فى منتهى الكمال وتأتيهم زيارات وهدايا بصورة غير معقوله ولما حصل
العتداء اليهودى على نادى الضباط بالمعادى تجنب الطيارون ضرب المعتقل لن هناك العشرات من اليهود كانوا معتقلين فيه
أما ظهور فكرة التكفير والهجرة فإن التاريخ يحدثنا عن ظهور أفكار وآراء مختلفة فى كل فترة من الفترات وجماعة ا لتبليغ كانت
تنتمى الى جماعات هندية كانت تكتفى بتبليغ الرسالة ل أكثر ول أقل ل تطلب عمل ول تطلب جهادا إنما يقال لهم اذهبوا فبلغوا
الدعوة كانوا ينتشرون فى القرى والرياف والمدن يبيتون فى المساجد فى أى مكان ليبلغوا الدعوة أما فكرة التكفير والهجرة فكانت
مبنية على تكفير الناس ومقاومة الكفر كما يجب أن يقاوم الكافرون وانتهت الحداث فيما يختص بهم الى هذا المصير .
ولقد ظهرت هذه الفكار بسبب التعذيب الذى تعرض له الخوان المسلمون وهى ل يمكن القول بأنها كانت انشقاقا عن الخوان إنما
الذى حصل أن هناك فريقا كان يريد أن يؤيد وفريق ل يريد أن يؤيد ذلك وكان هناك اختلف فى الراء ولم تحدث بينهم وبين
الخوان مصادمات أو مشاحنات وكل إنسان كان فى حالة المؤيدون فى حالهم وغير المؤيدين فى حالة ولقد طاف بأذهان البعض بعد
ما رأى من ألوان التعذيب ما يعجز عن تحمله البشر وإن مسلما ل يمكن أن يتصرف مع مسلم مثل هذا ا لتصرف ول يمكن أن يكون
الشخص الذى ينتهك عرض سيدة أو رجل ل يمكن أن يكون مسلما فنضجت هذه الفكرة فى أذهان البعض وكانت فى رأس شكرى
مصطفى زعيم جماعة التكفير والهجرة وظنوا أن فى بعض كتابات المرحوم سيد قطب من تعرض لذكر الجاهلية الولى والثانية
والمظالم والظلم والتنكيل ظنوا أن هذا معناه يكفر من يفعل هذه المسائل ـ هو ل يقصد هذا بالطبع ـ سيد قطب ما دعا يوما للتفكير
والهجرة لحد أبدا وتكونت هذه الجماعة بشكل ظاهر وكانت فى مزرعة ليمان طرة ووصلت الفكرة وانتقلت الى كل سجون القطر التى
كان يوجد داخلها إخوان مسلمون وتكونت " شلل " صغيرة تأخذ بهذا الرأى وتدعو اليه ولما انتقل الستاذ الهضيبى من مستشفى
ليمان طرة الى معتقل مزرعة طرة استدعى القائمين على هذا الفكر وناقشهم طويل فكان يظهرون القتناع بوجهة نظر ه فى الوقت
الذى مضوا فيه على تصميمهم فى هذاا لمسار واضطر الستاذ الهضيبى لن يصدر كتاب " دعاه ل قضاة " وعندما وجد الستاذ
الهضيبى أن المسألة استفحلت استدعى بعض الخوان الذين كان لهم شىء من الدراية بأحكام ا لشرع وطلب منهم أن يدلوا برأيهم
فى هذا الموضوع فكتب بعض الخوان آراءهم فى موضوع التكفير وأجمعوا على أنه من قال لخيه المسلم " ياكافر فقد باء أحدهم
بها فبدأ وضع هذا الكتاب وشاركه فى كتابته [ 7أفراد ] شاركوا الستاذ الهضيبى فى جمع المعلومات والسانيد وألدلة وقدموها له
والخوان المسلمون أنفسهم وأولهم المرشد المام الشهيد حسن البنا نفوا نفيا قاطعا التكفير والعنف والبداء ورغم ذلك يصر ا لناس
على اتهام الخوان المسلمين بأن جماعات التكفير والهجرة خرجت من جبتهم .وعند خروج هؤلء الشباب من السجون والمعتقلت
كانت الفكرة قد اشتدت ورسخت فى أذهانهم وظهرت بشكل واضح وتحدث عنها رجال المن فى وزارة الداخلية حتىأنه عندما
ارتكب حادث مقتل المرحوم " الشيخ الذهبى " ألصقوا هذه التهمة بجماعة التكفير والهجرة وشكرى مصطفى كان معتقل معنا فى
سجن مزرعة طرة ولكنى لم أكلمه أو أحدثه وفى الوقت الذى كان ينادى الخوان المسلمون بمنهاج " ادع الى سبيل ربك بالحكمة
والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى هى أحسن " فإن هؤلء الشباب اتخذوا معنا أسلوبا شيعيا وهو أسلوب التقية وهو أن يتحدث معك
على أنه مقتنع وهو غير مقتنع ولقد كفرونا جميعا بعد ذلك وبعد خروجهم وخروجنا من السجون وقالوا :إن الخوان المسلمين هم
أيضا فى زمرة الكافرين لنهم قعدوا عن الجهاد ورضوا بالوضاع القائمة وكل هذا غير صحيح وإنما تراءى لهم ففعلوه " .
سيد قطب وقضية التكفير :
ربط الكثيرون بين كتابات المرحوم سيد قطب وبين نشوء فكرة التكفير والهجرة وهذا نوع من اللتباس والخلط ويقول الستاذ عمر
التلمسانى :من يرجع الى كتب سيد قطب ل يجد فيها أنه كفر أحدا ولكن حملته على مظاهر النحراف والنحلل والفساد ومجانبة
تطبيق شرع ال استنبطوا منها أن هذا نوع من أنواع التكفير أما هو فى كتبه جميعا ول تزال قائمة وموجودة حتى الن لم يكن
يدعو الى تكفير انسان أبدا ..
وربما كان سيد قطب قاسيا أو شديد الوطأة على هذه المظاهر حتى ظن البعض أنه عندما كان يتكلم عن الجاهلية وأن الحكم ل أنه
يكفر من ل يفعل ذلك إنما هو لم يدع فى أى كتاب من كتاباته لذلك ونحن عندما نقرأ تفسير المرحوم سيد قطب لبعض آيات القرآن
الكريم والتى تتعلق بمن ل يحكم بما أنزل ال ل تجد معنى للتكفير هذا الى أن بعض المفسرين يقول :إن الحاكم إذا حكم قائل إننى
أحكم بقانون من عندى ل من عند ال فهو ليس بكافر وإنما إذا قال :إن الذى عندى هو من عند ال ويخالف حكم ال فهو كافر فإلى
هذا الحد السلم حريص فى ناحية التكفير على أبعاد الناس فى هذا .
والشيخ النمر له رأى معلن ومنشور تعرض فيه لهذه الناحية وقال :/إن سبب نزوع الشباب لتيار العنف ما رأوه من تعذيب لم يكن
يخطر على بال إنسان نحن لم نشاهد فى العالم أيام محاكم التفتيش مثل هذا الذى شهدناه ..فالشباب له عذره فى أن يقول إن هذا
ليس عمل مسلمين ومن هنا تولدت فكرة لدى بعض الناس بأن الخرين ليسوا مسلمين ..نحن نقول :للذى يبكى ل تبك بدل من أن
نقول للذى يضرب ل تضرب إننا نعكس الية ونقول شباب مخرب إرهابى وقد قلنا للمسئولين أكثر من مرة دعونا نحن نتحدث مع
هؤلء الشباب ونصحح له الفهم الخاطىء ونقيمه علىا لصراط المستقيم ..لن معالجة المر ليس بالعنف لن العنف يولد العنف " .
إن ظهور فكرة التكفير والهجرة جاءت إفراز ا طبيعيا لممارسات نظام عبد الناصر من تعذيب ووحشية خرجت عن الدوائر النسانية
بينما لم تعامل الفئات الخرى بمثل الوحشية التى عومل بها أصحاب التيار الدينى ولم يجدوا من أجهزة الدولة المختلفة من يتفهم
أسباب اعتناقهم لكل هذه الفكار بل وجدوا كل تعسف واتهام بالرهاب الفكرى وأدت بهم الى اعتقاد كفرالمجتمع حكومة وشعبا ولو
تحقق ما طالب به الشباب من تطهير البلد من مظاهر الفساد ووقف تيار التعذيب والوحشية ضد المعتقلين السياسيين من أصحاب
التيار الدينى لما وجد هذا التيار ـ من معتنقى فكرة التكفير والهجرة ـ عوامل تغذى انتشار هذه الفكار بين أوساط الشباب المسلم .
وجاءت الهزيمة فى 5يونيو : 1967
ويبدو دائما أن الرياح ل تأتى بما تشتهى السفن ففى الخامس من يونيو عام 1967بدأت فصول المأساة الدرامية التى عاشها شعب
مصر المسلم دافعا الثمن لممارسات نظام عبد الناصر ومفاسد إدارته فقد دخلت مصر عصر الهزيمة وبدون أن تدخل حربا حقيقية
فقد جرت معركة بالراديو والشعارات واستبيحت عقول أبناء الشعب المصرى وادعت قيادته بأن القوات المسلحة المصرية فى طريقها
الى النصر الى تل أبيب بينما كانت الهزيمة تسعى وراء جيش مصر الذى مزقت أوصاله وانقطعت أطرافه وتاه فى تيه سيناء الكبير
.
ويقول الستاذ عمر التلمسانى " كنا نتوقع هذا المر وكنا على ثقة بأن ظننا لن يدوم وأن عبد الناصر سوف ينتقم ال منه بأية
صورة من الصور فلما حصلت هزيمة يونيو 1967رأى الخوان أن هذا انتقام من ال سبحانه وتعالى من جمال عبد الناصر وكسر
شوكته وإذلله ولكننا كنا على حزن لن وطننا هزم واستبيحت كرامة جيشنا وكانت فضيحة ل حد لها فى العالم كله حتى أن بعض
الذاعات الجنبية والتلفزيونات كانت ترافق الطيارين اليهود فى سيناء أثناء مطارتهم الجيوش وترسم الصور للجنود والضباط
الفارين بصورة مزرية حتى ا لمصريين فى الخارج كانوا منكسى الرءوس عندما تعرض هذه الصور لقد كانت فضيحة وهزيمة
جعلتنا نعيش الحزان لسنوات طويلة "
والغريب ان تلك اليام لم تجرؤ القيادة المصرية على العتراف بالهزيمة وأطلقت عليها " نكسة " ولكنها كانت قمة الهزائم لننا
هزمنا دون أن نحارب وتلك كانت المأساة ولقد دفعت مصر ثمن ديكتاتورية عبد الناصر منذ انفرد بالحكم وتخلص من كل معارضيه
بغض النظر عن السلوب الذى تخلص به منهم ولقد عاشت مصر سنوات ما بعد الهزيمة سنوات حالكة السواد يتذكرها الكثيرون
وبقى الحال كما هو داخل السجون ـ موجات تلو موجات من التعذيب والمعتقلت ظلت تعج بآلف من المعتقلين دون أمل فى الحرية
".
الباب الخامس -أسرار الخلف مع انور السادات
* بداية طيبة ..ولكن ؟
* خلف بسبب المعاهدة
* لعبة الفتنة الطائفية
* وعادت المعتقلت
* إغتيا ل السادات
الفصل الثامن عشر
بداية طيبة ..ولكن ؟
يمكن أن يؤرخ لبداية السادات رئيسا وحاكما ـ باليوم العاشر بعد وفاة عبد الناصر ـ بعد انتهاء دوامات الحزن الغريبة التى غرق
فيها أبناء شعب مصر على زعيمه الشعبى على مدى 18عاما كانت لهذا الشعب خللها أذن واحدة أو هكذا أريد أن يفقد السمع فى
أذنه الثانية التى وهبها له ال الى جانب الولى لتكتمل نعمة السمع ولتستمع لصوت الحق الذى أريد له أن يخبو ولكن اليام دول .
فى ذلك ا ليوم ـ السابع من أكتوبر عام 1970عقدمجلس الشعب المصرى جلسة لعلن خلو منصب رئيس الجمهورية وترشيح
انور السادات ـ الذى كان نائبا لعبد الناصر خلفا له على كرسى الرياسة .
ولعل الكثيرين من أصحاب الرأى والفكر والعقيدة قد تنفسوا الصعداء ـ خاصة من هم خارج الوطن وخارج وداخل السجون السوداء
لهذا العهد ـ لنتماء العصر الذى حوربت فيه الكلمة والعرض والشرف والعقل وسحق فيه كل معارض ينبس ببنت شفة مجرد بنت
شفة وجرى ذلك كله تحت شعارات زائفه ترضى أذواق الحكام فى دول متخلفة منها حماية مكاسب الثورة والقضاء على أعداء الثورة
أو الثورة المضادة وبدأ هذا العصر بمصر والسودان كيان واحد وانتهى بمصر ناقصة أو فاقدة السيادة على ثلث أراضيها بعد أن
سلمت سيناء لقمة سائغة يسيرة الهضم والبتلع لدولة إسرائيل النزراعية فى المنطقة العربية كجسر للصهيونية وأحلم هرتزل فى
" فى بال " فى نهاية القرن الماضى ومطامع الغرب فى ا حتواء المنطقة العربية والسلمية وبعد أن راح ضحية هذه الحرب مئات
اللوف من الرواح الطاهرة والجرحى و المفقودين وفاقدى ا لنطق والعقل وهى حرب دخلتها مصر ووصلت الى تل أبيب " عاصمة
الكيان الصهيونى عن طريق ماسبيرو " أو الذاعة المصرية وكان مذيعى هذه الذاعة هم القادة الذين يعلمون أين تتحرك القوات
المصرية ومواقع انسحابها أما مطربو المة المصرية فهم طبول الحرب وآلتهم تدوى كالمدافع والصواريخ بينما تاه جيش مصر
المغلوب على أمره فى صحراء القرارات المتضاربة وأوامر التقدم والنسحاب فى آن واحد وكم كانت خيبة المل كبيرة لدى أبناء
الشعب وإحساسه بالهوان من جراء هذه الهزيمة النكراء التى دللوها وقالوا :إنها نكسة يونيو وهى قاسية للشعب الذى هز فى
سالف العصور جحافل التتار وحملت الصليب وغيرهم .
وبدأ الصراع حول الكراسى :
بعد أعتلء السادات كرسى الحكم واجه مصاعب جمة عقب اعتلئه من أهمها :
ـ فقدان رصيد التأييد الشعبى له خاصة فى مجال المقارنة بينه وبين عبد الناصر
ـ إحساس الشعب المصرى بأنه ـ أى أنور السادات ـ لم يكن له وجود فعلى وملموس فى ساحة ا لسياسة أو فى صنع القرار
السياسى فى عهد عبد الناصر باستثناء دوره المحدود فى عملية 23يوليو وبعض المناصب التى تولها فى الستينات .
ـ وجود العديد من المؤامرات حوله وخاصة من جانب من أسمو ا أنفسهم بورثة ا لناصرية ومن أنصار الكرملين فى مصر .
ـ الجو العام الذى كان يسود الشعب المصرى كان مشبعا بخيبة المل واليأس بعد هزيمة يونيو وما أورثته من ازمات اقتصادية
وكوارث اجتماعية ووسط هذه الظروف المتعددة ووسط جو من النكات اللزعة حول أنور السادات التى كانت تشير لعدم تهيؤ
الشعب المصرى لقبول هذاالوضع الجديد وهو تولية السلطة فى البلد وحاولت مجموعة تيار موسكو المعروفة بولئها للتيار
الماركسى أولئك الذين حاولوا زرعه فى صفوف وتنظيمات الشباب المصرى خلل فترة الستينات قلب نظام أنور السادات فيما سمى
بمؤامرة مايو أو حركة التصحيح فى 15مايو 1971وكان من الواضح أن ميول السادات قد اتضحت مبكرا حيث بدأ مشواره فى
التقارب مع الغرب باستقباله بعد شهور قليلة من توليه الحكم وزير الخارجية ا لمريكى " وليام روجرز " وفشل مبادرته للسلم بين
مصر وإسرائيل وكانت البداية التى أنتهت لتوقيع معاهدة السلم واتفاقية كامب ديفيد وقد فشلت مبادرة روجرز بسبب تعنت
السرائيليين الذين كانوا يتحدثون من مواقع القوة والنصر ولم يرضوا إل بالتنازل عن مواقع الشرف والكرامة حتى يوافقوا على
السلم
وحاول السادات على المستوى الداخلى أن يكسب أرضية شعبية عن طريق بعض الخطوات اليجابية فأصدر قراراته الخاصة بإغلق
المعتقلت والفراج عن المعتقلين السياسيين الذين ظل بعضهم جزءا من عهد عبد الناصر أو طوال عهده خلف أسوار السجون
والزنازين وأعلن السادات أنه لن يبقى معتقل سياسى وأن المواطن سيكون آمنا على نفسه وأولده فى ظل ما أسماه " دولة
المؤسسات " التى تعتمد على الحكم بالقانون والعدل رغم أنه تراجع عن ذلك كلية فى نهاية عهده وقبيل اغتياله ـ واستقبلت هذه ا
لممارسات بنوع من القبول لدى أبناء شعب مصر بعد كل ما عاناه من كبت واضطهاد فيما مضى .
كان من بين المفرج عنهم المئات من قيادات وأعضاء جماعة الخوان المسلمين سواء ممن
1ـ اعتقلوا بعد " مذبحة المنشية " أو الذين اعتقلوا فى المذابح الثانية فيماأطلق عليه مؤامرة قلب نظام الحكم عام . 1965
وبعد 17عاما خلف أسوار السجون غادر عمر التلمسانى زنزانته وعندما سئل عن علقته بأنور السادات * قال " :حين خرجنا من
السجون عام 1971كان أول شىء فعلته هو ذهابى الى قصر عابدين لتسجيل شكرى للرئيس السادات بإفراجه عنا .
وهكذا نجد أن الخوان مثلهم مثل باقى الطوائف وفئات المة استقبلوا هذه الخطوة استقبال حسنا إل أن الخوان استوعبوا الدروس
السابقة جيدا وتعاملوا مع واقع المور برؤية فيها درجة من الختلف عن تعامل الخرين كان تعاملهم بشكل حذر ويقظ أيضا .
وقد حكمت علقة الخوان بأنور السادات ونظامه عدة اعتبارات وبشكل أدق محاذير ضبطت هذه العلقة على مدى السنوات الحدى
عشرة من بينها :
ـ لم ينس الخوان ـ ولهم كل العذر فى ذلك ـ أن أنور السادات رئيس الجمهورية هو نفسه ـ جسدا وشخصا هو القائمقام أنور
السادات عضو محكمة الشعب التى أصدرت أحكامها ـ بعد محاكمات صورية ومزرية ل تمت لى أشكال الحكم بالقانون بصلة ـ
بالسجن والعدام على أقطاب وأعضاء الجماعة عقب حادث المنشية المدبر فى نهاية عام 1954والتى عصفت وللبد بعلقات جماعة
الخوان وجماعة ا لضباط الحرار كما أطاحت هذه المحكمة برءوس عدد من الشهداء البرار الطاهرة أرواحهم وسجن اللف من
الخوان لفترات تراوحت بين شهور وسنين طويلة امتدت حتى بداية حكم ا لسادات نفسه وهو شىء علمه السادات جيدا وأحس بأنه
لن يكون هناك صفاء فى العلقة بينه وبين جماعة الخوان وإن حاول أن يقترب إليهم بشتى الطرق .
2ـ أن الخوان المسلمين رأوا بعد استيعابهم بالطبع لدرس الضباط الحرار خاصة بعد إعلن السادات بشكل غير متوار :أنه جاء
على طريق عبد الناصر محافظا على نهجه وعلى مكاسب الثورة وأنه يتحمل المسئولية كاملة فيما أصدره عبد الناصر من قرارات ـ
وإن كانت جمهرة الخوان يرون أن قرارات عبد الناصر كانت أحادية البعد وهو بعد عبد الناصر فقط ولم يكن يسمح لى من
المقربين منه من صفوة رجال الحكم بإبداء رأيه سواء بشكل صريح أو متوارب ويعلم الخوان تمامات كيف كانت طبيعة العلقة بين
عبد الناصر والسادات وعبد الناصر وبقية جماعة الضباط الحرار والذين اختلف معهم عبد الناصر واختلفوا معه وأطاح بهم فى
النهاية الواحد تلو الخر عدا السادات ..
3ـ أن جماعة الضباط الحرار الذين اتفقت آراؤهم على الطاحة والتخلص نهائيا من جماعة الخوان المسلمين صاحبة الثقل
السياسى والشعبى الخطير والذى هدد شعبية الضباط الحرار ومن بين هؤلء أنور السادات والذى رأى الخوان أن الخلف معه
سوف يؤدى الى نفس الطريق المسدود والمعتقلت وهذا ما حدث بعد ذلك بكل دقة .
هذه ـ بعض من كل العتبارات التى حددت الخطوط العريضة لتعاملت الخوان مع النظام الساداتى الجديد وحددت ايضا الرضية
التى تعامل الخوان عليها مع السادات طوال فترة حكمه التى امتدت 11عاما كامل .
وربما تجدر الشارة الى أن الخوان كانوا خلل تعاملتهم مع انور السادات اختلفوا مع السادات فكريا ولم يسعوا للصدام أو إثارة
الشغب أو الفتن أو القلقل وهو أمر اعترف به السادات فى ثورة غضبه إبان أحداث العتقالت التى وقعت فى نهاية عهد السادات
والختلف فى الرأى ل يفسد للود قضية فلم يكن الخوان على مدى 11عاما دعاة عنف أو تطرف وإنما انطلقوا كعهدهم دعاة
للسلم دون الدخول فى جبهات أو أحزاب لن هدفهم الول والخير كان ابتغاء إعلء كلمة ال فى الرض ويحد الستاذ عمر
التلمسانى موقف الخوان منالسادات قائل " :الخوان المسلمون لم يؤيدوا أنور السادات فى يوم من اليام ولكنهم كانوا يلتزمون
جانب الحيدة وبما أنه بدأ عهده سهل هينا لم يكن هناك داع من مخاشنه الخوان له لن قاعدة الخوان الساسية فى مناهجهم تطبيق
الشريعة ال فى مصر فكل من ل يطبق هذه الشريعة يقفون منه موقف الحيدة ما دام يحسن المعاملة فإن أساء التصرف تظاهروا
عليه ونحن لم نخاشنه فى أول عهده وكان موقفنا طوال مدة حكم السادات من أيام مبادرة القدس الى أن انتقل الى رحمة ال هو
موقف المعارضة والدعوة تشهد بموقفنا منه " ( وهذا يناقض ما كتبه الكاتب الماركسى صلح عيسى " فى دراسته عن الخوان فى
مقدمة دراسة " ريتشارد ميتشيل " * " وربما يكون هذا البيان أو العلن شبه رسمى بأن الخوان المسلمين يعتبرون أنفسهم كيانا
سياسيا قائما ينشط فى ظل تأييد كامل لسياسة الرئيس أنور السادات " )
( أما هذا العلن الذى يقصده صلح عيسى فهو مواقف بعض الخوان فى أعقاب استيلء " صالح سرية " على الكلية الفنية
العسكرية بالقاهرة عام 1974حيث نشرت فى الصحف فى أعقاب ذلك بيانا للسيدة زينب الغزالى ـ إحدى العضوات البارزات فى
الخوان وحكم عليها بالشغال الشاقة المؤبدة عام 1965ـ تنفى فيه ما قاله صالح سريه من أنه أتصل بها بشأن تنفيذ عملية
القتحام وقالت زينب الغزالى فى البيان :ليس أنور السادات هو ذلك الرجل الذى تقبل زينب الغزالى أن تلتقى برجل تعلم أنه ضده ـ
إننى أقول :إن أنور السادات جاء لحكم جمهورية مصر العزيزة المسلمة وبحار من دماء الظلم تجرى فعمل على أن يوقفها وأوقفها
فعل . .وإن أنور السادات رجل مؤمن ابن رجل مؤمن وأناأعرف اباه وأعرف إيمان أبيه وتقواه كما صدرت بيانات استنكار مشابهة
من الستاذ صالح أبو رقية والشيخ محمد الغزالى ( ويقول عمر التلمسانى عندما وقعت أحداث صالح سرية الخاصة بمهاجمة الكلية
الفنية العسكرية ذكر اسم زينب الغزالى والستاذ صالح أبو رقية وطبعا الجريمه كانت جريمه خطيرة فكل منهم كان يحاول الدفاع عن
نفسه فسلكوا هذاالمسلك أما الخوان المسلمون فى مجموعهم فلم يؤيدوا أنور السادات "..
( هذه هى صورة موقف الخوان المسلمين منذ بداية وخلل عهد أنور السادات وحتى ل يذهب الكثيرون مناحى شتى فى العتقاد بأن
الخوان كانوا يؤيدون أنور السادات ـ ولو كحركة تكتيكية ـ ثم انقلبوا عليه واصطدم بهم ) .
( ويروى عمر التلمسانى كيف أفرج عنه ومشاعره لحظة الفراج قائل :استقبلت هذا الخبر كأى خبر أقل من عادى :لم أشعر بغرح
ولم أشعر بتغير فى عواطفى أو مشاعرى ..لقد قابلته بمنتهى الفتور ..حتى أننى عندما بلغنى الخبر عند صلة المغرب وطلب منى
مدير السجن مغادرة السجن فطلبت منه أن أبيت تلك الليلة فى السجن فأين سأذهب فى تلك الساعة فتعجب منى قائل :ألم تشبع من
السجن ؟ ابحث عن مكان آخر أنا ل أستطيع أن أسمح لك بأن تبيت فى السجن لن الوامر صدرت بإطلق سراحك ولو حدث لك فى
السجن الليلة سأحاسب عليها طلبت منه أن يطلب لى سيارة أجرة وعدت بها لمنزلى ..كان أمرا عاديا لنى أعتبر أن الحبس
والسجن والفراج كلها قضاء من ال سبحانه وتعالى يتقبلها المسلم بكل رضاء وطمأنينة ..أما نبأ تولى السادات فلم يكن يعنى لى
شيئا لنه فى أول خطبه له فى مجلس الشعب قال :أنا جئت ومعى الميثاق وساسير على أثر جمال عبد الناصر ..واعتقدت أنه
سيسير كما سار جمال عبد الناصر وبعد ذلك رأى ضمن تخطيطه أن يفرج عن الخوان المسلمين وغيرهم لعله يكتسب بذلك تأييدا
وشعبية وفعل عندما أفرج عن جميع الخوان المسلمين المعتقلين أحس الناس بنوع من الراحة واكتسب هو فعل شعبية لها قيمتها
..ولكن بعد ذلك دلت تصرفاته على أن هذا التخطيط له ما وراءه فيما ظهر بعد ذلك من أفعال والتى انتهت باحداث ( 3سبتمبر ـ
) 1981ويضيف عمر التلمسانى :لقد أحسست بتغيير كبير بعد خروجى من المعتقل فأدهشنى ما رأيته تغير كامل فى كل شىء فى
العلقات فى الخلق فى المعاملت ـ كان شيئا غريبا جدا فمصر بلد ل يزال فيه جانب كبير من القيم مراعى ومحترما ومتبعا فلما
خرجت وجدت أن كل هذا قد انتهى وقضى عليه ولم يبق منه ال أقل القليل للذين يتمسكون بتقاليدهم وتقاليد دينهم )
* عودة جماعة الخوان :
وقد ثار الجدل على الساحة السياسية والشعبية عقب الفراج عن الخوان المسلمين حول احتمال وإمكانية عودتهم نشاطهم السابق
وأنهم يسعون لذلك ويقول عمر التلمسانى :بعد خروجى 1971لم يكن هناك عودة فى التفكير لعادة الجماعة لن التفكير فى
الجماعة لم ينقطع ى داخل السجن ول خارجه ..الذين دخلوا السجن دخلوا وهم على عقيدة وخرجوا وهم على نفس العقيدة وأن
عليهم أن يستمروا فى العمل لدعوة الخوان المسلمين وفعل ظلوا على هذا طوال فترة حكم السادات وكان لهم نشاطهم الذى يعرفه
الشعب كله من الحفلت والمواسم الدينية وإصدار المجلة والنشرات وغيرها من النشطة )..
*** وعادت مجلة الدعوة :
( فى شهر رجب عام ( 1396يوليو ) 1976بدا ظهور الدعوزة فى شكلها الجديد كمجلة والمتتبع لمجلة الدعوة على مدى 25عاما
يرى أنها لم تتوقف كمجلة عن الصدور وإن اتخذت عدةأ شكال ..وكان ظهورها فى ثوبها ا لجديد فى عام 1976كامتداد لها ولكن
فى شكل جديد فقد تصدر العدد رقم 375ـ العام الخامس والعشرون ) ويقول الستاذ عمر التلمسانى *صدرت الدعوة فى الربعينات
وليس للرئيس السادات فضل فى إعادة صدور المجلة لن الستاذ صالح العشماوى كان حريصا على صدور المجلة بصفة مستمرة
ولكنها كانت تصدر متواضعه فكان يصدرها فى صفحتين وثلث محافظة على التصريح والرخصة وحين خرجنا من السجن كانت
مجلة الدعوة تصدر حتى عام .. 1971ولم ينقطع صدور المجلة وكانت تصدر وفيها إعلنات المحاكم للمحافظة على الرخصة ..أى
بصورة متواضعة فليس لحد فضل فى إصدار هذه المجلة ول يمكن أن يقال إننا متواطئون مع الرئيس أنور السادات إنما للسف
الشديد لم نقل هذه الحقائق فى كثير من الخطب وبالتالى فهى ليست دليل على أن بيننا وبينه شيئا والذى يرصد حركة الحداث
يستطيع القول إن مجلة الدعوة كانت محورا هاما وأساسيا فى الكشف عن مسار العلقات بين أنور السادات والخوان المسلمين كما
أنها كانت منبرا لطرح أفكار وتصورات قيادة الحركة وأيضا كشفت المجلة الكثير عما دار بين الحركة وقوى الصراع قبل وبعد حركة
يوليبو 1952وقد كانت أول مقالة فى المجلة للستاذ عمر التلمسانى وكانت بعنوان " الدعوة على الطريق "
حيث طرح الخطوط العامة لدعوة الخوان واللبس والغموض حول أهداف الحركة ..كما خصصت المجلة على مدى أعدادها الخمسة
والستون حتى إغلقها وسحب ترخيصها صفحات لشهداء الحركة وأدوارهم كما طرحت المجلة استفتاء لعلماء الدين وقادة الفكر حول
عودة حركة الخوان المسلمين ..ولكن فى الوقت نفسه رفض الخوان تسجيل حركتهم كجمعية ().ويقول الستاذ عمر التلمسانى :
لقد كنت أرفض أن تكون الخوان المسلمين مجرد جمعية خيرية وعندما قال لى الرئيس السادات توجه الى الدكتورة آمال عثمان
( وزيرة التأمينات والشئون الجتماعية ) قلت للرئيس السابق :وقد جعلت ذلك حجتى ..مجرد حجة إننى مع إحترامى الكامل للسيدة
آمال عثمان فأنا أرجو أن ترسلنى الى النبوى اسماعيل أو الى منصور حسن ولكن ل داعى للسيدة آمال ..ومن نافلة القول :أن
الخوان المسلمين لم يسعوا لعودة الجماعة فى شكلها القديم ..ولم يرضوا أن يكونوا محل شبهات فى الوجود غير القانونى أو أى
شكل من أشكال مخالفة القانون حيث يقول الستاذ عمر التلمسانى فى حديث لجريدة السياسة الكويتية * الخوان المسلمون تنظيم
غير معترف بوجوده قانونا فى مصر ونحن قوم نلتزم بالقانون فإن ادعيت أننى رئيس للخوان المسلمين سأكون قد تجرأت على
القانون لننا غير موجودين فى نظر القانون ..
ولكن دورهم الحقيقى تمثل فى استمرار دعوتهم للمناهج السلمية والسعى لتطبيق الشريعة السلمية .
وبث الروح السلمية فى ا لشباب المسلم وأن ينحوا بعيدا عن تيارات التطرف والعنف الذى يشجبه السلم الحنيف وكشف الستار
عن الكثير من الحقائق التى خيم عليها ضباب كثيف وربما عاشت كثيرا فى ظلم دامس تحت وطأة التعتيم العلمى المكثف وحجب
الجانب الخر من الحقيقة مثلهم مثل الذى قرأ قوله عز وجل " ولتقربوا الصلة " واكتفى دون أن يكمل الية " وأنتم سكارى حتى
تعلموا ما تقولون ("..وهكذا نخلص الى أن جماعة الخوان لم تفكر بشكل كبير فى عودة الحركة فى نظام السادات لطبيعة النظام
وخلفياتهم عنه وما يراد لهم من ذلك الوجود واقتصرت الحركة على طرح آرائها فى مجلة الدعوة ومن خلل الندوات والمؤتمرات
وغيرها ..
الفصل التاسع عشر
خلف بسبب المعــاهدة
لم تسر المور بين أنور السادات والخوان سيرا هادئا ففى نوفمبر استقل السادات طائرة من مطار " أبو صوير " قاصدا مطار " اللد "
السرائيلى ورافعا شعار السلم وما يعنيه من العتراف الرسمى المشهور امام المجتمع الدولى بدولة اسرائيل التى يعلم المسلمون
كيف جاءت الى الوجود واستمدت شرعيتها من عام 1948بفضل تعاون القوى الستعمارية على زرعها كشوكة فى ظهر السلم .
وزار السادات القدس والمسجد القصى ويقول هو نفسه فى كتابه البحث عن الذات " وفى الصباح خرجت لصلة العيد ودخلت القدس
لثانى مرة منذ 22عاما كاملة وكانت ا لمرة الولى عندما كنت وزير دوله وسكرتيرا عاما للمؤتمر السلمى وتبين لى علىالفور أن
المسجدالقصى قد ساءت حالة إذ ما تزال آثار الحريق الذى اجتاحه عام 1969قائمة ..وجدت منبر صلح الدين قد احترق تماما
وأن عملية إصلحه تسير بصورة بالغة البطء ولهذا أمرت ببناء المنبر من جديد إن المصريين هم الذيم بنوا منبر صلح الدين "..
وأضاف أنور السادات " عدت من إسرائيل بعد أن اتفقت هناك على شيئين أساسيين
أول :أن تكون حرب أكتوبر آخر الحروب .
ثانيا :أن نتناقش حول مائدة المفاوضات فى موضوع المن لهم ولنا .
وقد تباينت ردود الفعل لهذه المبادرة بين شعوب العالم غربه وشرقه وكانت نوعا من المفاجآت التى ل يمكن هضمها بسهوله
وخاصة للشعوب السلمية خاصة وأنهم تعاملوا خلل التاريخ للف السنين مع اليهود ويعرفون طبيعتهم جيدا ..واستقبل الشعب
المصرى هذه المبادرة استقبال طيبا فقد طال به أمد الحروب لكثر من ثلثين عاما راح ضحيتها مئات اللف من الشهداء والجرحى
وتوالت الحداث ـ مع وجود التصلب اليهودى المعروف ووقعت اتفاقيات كامب ديفيد فى البيت البيض ألمريكى فى سبتمبر 1978
وتبعها توقيع معاهدة فى مارس . 1979
موقف الخوان :
منذ ذهاب أنور السادات فى مبادرته للقدس وتوقيع اتفاقية كامب ديفيد ومعاهدة السلم مع اسرائيل فإن موقف الخوان حدد بوضوح
تجاه الخطوات وعبر عنه أقطاب الخوان بصراحه على صفحات مجلة ا لدعوة وهو المعارضة التامة لهذه الخطوات ولكنهم ـ أى
الخوان ـ أبدوا معارضتهم بأسلوب يتسم بالصراحة والموضوعية بعيدا عن السفاف والدخول فى معارضة جانبية ..وحرص عمر
التلمسانى على طرح هذا الموضوع مرارا فى افتتاحيات الدعوة وعبر بوضوح عن وجهة النظر السلمية تجاه هذه الخطوات قائل
فى حديث لجريدة السياسة الكويتية *
" إن السادات كان يحب أن يرى فى مصر من يعارض المعاهدة مع اسرائيل ويعتبر أن هذا شدا لزره ضد المفاوض اليهودى ..فنحن
جميعا عارضنا المعاهدة عن عقيدة لن هذا عمل ينكره السلم ..وحينما اشتدت معارضتنا ووجد ا ،الستقبال الشعبى للمعاهدة
وخاصة بعد تلعب السرائيليين بالمعاهدة ومواقفهم فيما يعنى الحكم الذاتى قلب ظهرة وتنكر لنا خاصة بعد أن وجد أن الرأى العام
تجمع حول رأى الخوان المسلمين " ..
ويقول عمر التلمسانى :عندما علمنا بنبأ حرب أكتوبر 1973وانتصار ا لجيش المصرى أرسل الستاذ حسن الهضيبى رحمة ال
عليه تلغرافا يهنىء فيه الرئيس أنور السادات بالنصر وطبعا أى مواطن كريم يسعده أن جيشه ينتصر على جيش آخر بأية وسيلة
من الوسائل وكنا نظن أننا سنجنى ثمار هذا النصر فوائد كثيرة تعود على مصر ولكن انتهى المر ..بمعاهدة السلم " كامب ديفيد "
ومبادرة القدس ووقفنا منها موقف المعارضة من أول المر الى الن ونحن ل نقرها لنها اعتبرت وجود اسرائيل فى هذه المنطقة
وجودا شرعيا وهذا أمر ل يقره السلم بأية صورة من الصور ..قد يظن البعض أنه ل وسيلة إل هذه المعاهدة وإل فماذا كنا نفعل
ونحن ضعاف ول نستطيع أن نقاوم أمريكا أو أسرائيل ؟ لنهم كانوا جميعا متآمرين على زرع اسرائيل فى هذه المنطقة لتقطع
اوصال العالم السلمى ..نحن كنا ل نيأس من رحمة ال وكنا نظن أن صمودنا على رفض أى خطوة تعطى لسرائيل شرعية فى
هذا المكان هو قوة وتضحية وأن ال سبحانه وتعالى ل بد أن يحدث لنا فرجا نتمكن معه من إجلء إسرائيل من هذه المنطقة لن
الغيب ل يعلمه إل ال ول ندرى ماذا سيحدث فى الغد ؟ إنما الناس وعامة الناس الذين يستجيبون الى المن والسلم والدعة يمكن أن
تكون المعاهدة قد أرضتهم لنها جنبتهم الحداث والحروب الى آخره ..ولكن لو علموا ما عاناه المسلمون وقاسوه فى أول دعوة
الرسول صلى ال عليه وسلم لم يكونوا ليقبلوا هذا الوضع ولكن بعدهم عن تعاليم ال ورضاؤهم بالعيش على حساب العقيدة والدين
جعلهم يميلون الى هذا الرأى .
ويقول الستاذ عمر التلمسانى فى مكان آخر فى افتتاحية الدعوة :
ورضى بعض الشعب بما حدث طلبا للسلمة المفترضة والمن المزعوم ظانين أن ما حدث هو نهاية ما بيننا وبين اسرائيل ومن
وراءها غافلين عن الهدف الذى غرست إسرائيل من أجله وهو الفصل بين العقيدة وبين الشريعة عند المسلمين هذا إن كفاهم ما
نقول متجاوزين .ولعل هذا البعض الذى رضى بما تم سيظل على هذا ا لرضا حتى يفيق على خاتمة سريعه ترده الى الستبصار
حين ل تنفع هذه الستفاقة ففى هذا الرضا ما يقضى على كل شىء ونسأل ال جلت قدرته أل يكون ما نحن واثقون منه لننا نراه
رأى العين ل ذكاء منا ولكن إيمانا بأن النتائج كلها فىتقدير البشر وليدة هذه المقدمات ولهذا دلئله "" ..
فى افتتاحية أخرى يقول عمر التلمسانى بعنوان " البديل موجود لمن يريد " الضعف الذى نستشعره فى أنفسنا والقوة التى يهولنا
أمرها عند خصمنا هو السبب الوحيد الذى يجعل ساستنا وكتاب صحافتنا يبحثون عن بديل للسلم مع إسرائيل فيخيل اليهم أنهم ل
يجدون :الوهن الذى أصبح يمل فلوبنا التى ترهبها القوة المادية هو الذى يحير ساستنا وكتابنا عند البحث عن بديل للسلم فل
يجدون ..التهافت على السلم المضيع لكثير من الحقوق دفعا لثقال النضال وتبعات الكفاح وأعباء الجهاد هو الذى يجعلنا نضرب
أسداسا فى أ خماس للوصول الى حاصل ضرب يجنبنا الحرب حتى مع الفئران فل نجد ؟ ألم يعلم ساستنا أنه كان إذا أسر جندى
اسرائيلى كان يبكى وينحنى على قدم العسكرى المصرى أل يقتله لنه خرج الى الحرب رغم أنفه مكرها ؟؟
ياسادة ..يا ساسة ..يا أبطال ..يا رجال ..البديل موجود لمن يريد أن يراه والبديل قائم أمام من يريد أن يلجأ إليه ولكننا نغمض
أعيننا فل نرى البديل ونبحث بأقفيتنا ل بوجوهنا فنضل السبيل !
ويستطرد عمر التلمسانى :البديل أيها السادة هو عودتكم الى شعوبكم وتوثيق ما بينكم وبينها حتى تشعر أنها شريكتكم فى السراء
والضراء فى ميسور العيش وقسوته فى التنعم بخيرات بلدها ل بحرمانها منها البديل أيها السادة فى وحدتكم ونبذ الشقاق فيما بينكم
وعودة الوفاق والتعاون وخيرلكم ألف مرة أن يرأسكم واحد منكم أيا كان خير لكم ألف مرة من أن يسودكم عدوكم " ..
وفى افتتاحية أخرى بعنوان يا حكام المسلمين انصروا ال ينصركم :
قال عمر التلمسانى :ل يعارض عاقل فى أن السعى الى الحلول السلمية أمر يرضاه كل الناس الذين يحبون السلم أما أن يكون
الحرص على السلم نتيجة ما نرى من إضعاف روح المقاومة فى ألمم السلمية والتمكين القهرى لليهود حتى يحققوا أمانيهم
وتصبح خرائطهم المعلقة على جدران الكنيست حدودا واقعة فى عالم الرض والحدود الدولية أما كل هذا فشىء ل اجد له فى اللغة
وصفا يمكن أن يوصف به :وأهم وصف فى تقديرى أن حكام المسلمين أصبحوا ل يعلمون البديهة السافرة التى يعرفها كل من له
أبسط المام بالسياسة العالمية :بديهية أن الدول ل تقيم وزنا للقيم والعواطف عند التعامل مع بعضها ا لبعض ولكنها تنظر الى
مصالحها ولو ضحت فى سبيلها بكل شىء حتى شرف الكلمة أو شرف المعاهدات .,
نحن مسلمون هذا صحيح ..والمسلم إذا وعد أوفى وإذا قال صدق وإذا عاهد أنجز ..كل هذه أخلق إسلمية عرفها العالم فى عالم
السياسة يوم أن كانت السيادة للمسلمين أما اليوم والعرف السياسى كما نرى ونعلم فلم يعد لنا إل أن نتذأب لهم ومن لم يتذأب فى
عالم الذئاب تأكله الذئاب .
إن المسلم يجب أل يكون خبا ول يرضى أن يخدعه الخب ..إن المسلم ل يجب أن يكون أبله يستغله البلهاء والغبياء وغيرهم لقد
حان ـ وربى ـ أن يتغير حال حكام المسلمين الى غير ما هم عليه وإل فهم أول ضحايا هذا التوانى والتخاذل ل بيد شعوبهم ولكن
بيد أعدائهم الذين يحسنون بهم الظن " ..
وتحت عنوان " يوم أغبر " قال عمر التلمسانى :
يوم قاتم الغبرة من اليام الحزينة التى تجثم على الشعوب المبتله فى أيام محنتها يوم ا لحد 26من أكتوبر سنة 1980يوم زار
نافون مصر يوم وطئت أقدام أشد الناس عداوة للذين آمنوا أرضهم الطاهرة .لقد أعتصر الحزن المكتوم أهل مصر وهم يرون ضباط
جيشهم يرفعون أيديهم * تحية لممثل سفاحى دير ياسين ومغتصبى بلد المسلمين لقد عارضنا محالفة هؤلء الناس وما زلنا نعارض
ولكن هذا المنظر أدمى قلوبنا وحز فى نفوسنا إننا ننكر هذه الزيارة وننكر مظهرها الذى بدأ فى مطار القاهرة ورجالنا يمدون أيديهم
مبتسمين يصافحون يد ممثل دولة ما تزال أيدى رجالها ملطخة بدماء الفلسطينيين البرار المغلوبين على أمرهم غنه سوء الطالع
وكم لهذه الدنيا من نكد .ل أهل ول سهل ول مرحبا ولكن بعدا بعدا ورفضا رفضا وسحقا سحقا .وماذا نملك اليوم إل السترجاع .
إنه من نكد الدنيا على الحر أن يرى صداقة عدو ما من صداقته بد وبد وبد ..
فل حول ول قوة إل بال العلى العظيم .اللهم إنك تعلم أننا ل نملك اليوم إل هذا ولكن أملنا فى عافيتك واسع فسيح سنترقب يوم
الخلص يوم استرداد الحق المغصوب والمال المنهوب مهما طال زمان المحن ولن يقرب منا هذا اليوم ال بقدر ما نقترب من تعاليم
السلم .هيا ياشباب المسلمين إقبال على ربكم وتمسكا بدينكم ..فعلى أيديكم سيفرح المؤمنون بنصر ال فى يوم يظنونه بعيدا
ونراه قريبا " وال من ورائهم محيط "
وهكذا أعلن الخوان رأيهم بوضوح ل لبس فيه وهو معارضتهم التامة لمعاهدات واتفاقيات السلم من منظور إسلمى محض ل
يصادره الواقع ول تجبره الظروف على اللتواء ..والذين يعرفون أنور السادات يعلمون تماما أنه كان على عكس ما صوره وأبداه
فى خطبه كان يضيق بالمعارضة حتى ولو كانت بين صفوف رجاله فى السلطة التنفيذية ..وكثيرا ماغضب وأرغى وأزبد عند
سماعه رأيا معارضا لمعاهدة السلم وخطواته للصلح مع اليهود .
وخلصة القول ك إن الخوان المسلمين لم يحاولوا الطعن فى أنور السادات شخصيا كما فعلت ألنظمة العربية وأجهزة إعلمها من
المحيط الطلسى وحتى الخليج العربى وإنما أنطلقوا فى معارضتهم الى لب القضية وهى تخاذل العالمين العربى والسلمى عن واجب
الجهاد المقدس وأن أنور السادات ـ على حد قول عمر التلمسانى فى إحدى مقالته ـ قد فعل ما فى استطاعته وفى حدود إمكانياته
ولكن ما ذا فعل قادة وزعماء العالم العربى والسلمى ؟ وأين هذا الجهاد المقدس الذى يتغنون به فى إذاعاتهم وصحفهم ؟ ولكن
رغم سلوك الخوان فى معارضتهم فإنه لم يرض أنور السادات من قريب أو بعيد وبدأت بوادر الصدام تظهر فى الفق !!
واقعة ميتشل والمخابرات المريكية
بدأت أولى بوادر الصدام ـ فالسادات لم يرضيه موقف الخوان من خطواته للصلح مع اليهود وفى أحد أعداد الدعوة *
نشرت رسالة بعث بها ريتشاردميتشل أستاذ تاريخ مصر والعرب فى جامعة ميتشجن المريكية المتخصصة فى الشرق ألوسط وله
دراسة عن الخوان المسلمين الى رئيس هيئة الخدمة السرية بالمخابرات المركزية المريكية قال فيها
" بناء على ما أ شرت اليه من تجمع المعلومات لديكم من عملءنا ومن تقارير المخابرات السرائيلية والمصرية التى تفيد أن القوى
الحقيقية التى يمكن أن تقف فى اتفاقية السلم المزمع عقدها بين أسرائيل ومصر هى التجمعات السلمية وفى مقدمتها جماعة
الخوان المسلمين بصورها المختلفة فى الدول الغربية وامتداداتها فى أوربا وأمريكا الشمالية ،وبناء على نصح مخابرات إسرائيل
من ضرورة توجيه ضربه قوية لهذه الجماعة فى مصر قبل توقيع التفاق ضمانا لتوقيعه ثم لستمراره وفى ضوء التنفيذ الجزئى
لهذه النصيحة من قبل حكومة السيد ممدوح سالم باكتفائها بضرب جماعة التكفير والهجرة " ..وتمضى الوثيقة فى شرح وسائل
القضاء على جماعة ا لخوان على غرار وثيقة ضرب جماعة ا لخوان فى عهد جمال عبد الناصر وقد ردت السفارة المريكية فى
القاهرة وكذلك ريتشارد ميتشل ينفيان صحة هذه الرسالة وأنه لم تصدر منه رسالة للمخابرات كما ل توجد هيئة بهذا السم فى جهاز
المخابرات ولكن بعد عامين كتب عمر التلمسانى فى افتتاحية الدعوة قائل :وعندما نشرنا وثيقة منذ عامين أو أكثر أو أقل ترسم
الخطة التى تؤدى الى القضاء على الخوان المسلمين ثارت ثائرة البعض فى الداخل والخارج ..ولم نضف على أصحاب الشأن بنشر
تكذيبهم لتلك الوثيقة وتجرى اليام تباعا حافلة بكل ما يثبت أن ما جاء فى هذه الوثيقة تلك إنما هو جزء من كل اعد إعدادا دقيقا
ومدروسا للتخلص من الخوان المسلمين بكافة الطرق ..وإننى أعتقد أن هذه الوثيقة رغم تكذيبها صحيحة ..
ويكشف عمر التلمسانى عن حقيقة نوايا الغرب ضد السلم قائل :فقد أذاعت وكالة أ .ش .أ .لندن فى 13فبراير 1981ما
نصه ( ذكرت مجلة اليكونوميست البريطانية فى دراسة لها عن التهديد الذى تواجهه مصر من قبل ا لجماعات السلمية ما يلى :
إن جماعة الخوان المسلمين تعتبر حتى الن البديل الوحيد الممكن لنظام حكم السادات فى مصر وقالت ا لمجلة :إن الجماعات ا
لسلمية ظهرت كمنظمة قوية منذ ثلث سنوات وأنها تضم نخبة طلبية اسلمية وهى تعمل علنية فى المدارس العليا والجامعات
وأن عدد أعضائها نحو ما ئة ألف عضو وأن أ عضاء الجماعة يتميزون بالخلص والنظام الشديدين وهم موزعون فى خليا جيدة
التنظيم حيث يستطيعون أن يحشدوا عشرة آلف رجل وامرأة فى شوارع أية بلدة أو مدينة مصرية خلل ساعات وأنهم متعصبون
وضيقوالفق وغير متسامحين وهم على استعداد لستخدام ا لقوة ضد معارضيهم على الرغم من أنهم ل يظهرون أسلحتهم وأوضحت
المجلة أن الجماعات تتمتع بتأييد علنى بين رجال الشرطة ومن بينهم بعض الضباط ذوو الرتب المتوسطة ومن المشكوك فيه قيام
البوليس باستخدام قوته الكاملة ضدهم وعن مصادر تمويل تلك الجماعات قالت اليكونوميست :إنه من المحتمل أن الموال تأتى
إليهم من السعودية ومن رجال العمال الذين يتسمون بالتقوى والورع ونوهت المجلةبالقوة المتزايدة للخوان المسلمين فى السودان
وذكرت أنه
لدى الرئيس السادات ونميرى القوى لوقف الفيضان السلمى وإن كان الرئيسان يحاولن فى نفس الوقت استرضاء الميليشيات
السلمية والمزايدة عليها وأشارت المجلة كذلك الى أن السادات تحدث كثيرا عن تغيير القانون المصرى لجعله موافقا للشريعة
السلمية إل أنه لم يجد بدا فى حقيقة المر من تأجيل تنفيذ ذلك وير الستاذ عمر التلمسانى قائل إن كل كلمة فى هذاالمقال تقطر
سما وتحمل تحريضا سافرا وتدعهوز الى اسلوب معين وتنبه الى أخطار وهمية وتسرجد وقائع كاذبة ل أساس لها ول وجود إل فى
مخيلى أعداء السلم الكارهين ليقظة أبنائه والمقاومين لمده .إن المقال يقرر أن الخوان ا لمسلمين هم البديل الوحيد لنظام
السادات فى مصر وهى القرية الكبرى التى يلوح بها أعداء السلم للفرقة بين كل حاكم لبلد اسلمى وبين دعاة السلم فى تلك البلد
وللسف المخزى فقد أفلحت هذه الكاذيب فى بعض بلد المسلمين التى ل يستطيع داعية مسلم أن يباشرل فيها مهمته فى نشر
الدعوة السلمية ..إن الخوان المسلمين لن يفكروا يوما من اليام فى استبدال حاكم بحاكم " فالكل فى الهوى سواء " ولكنهم
يعملون ويصرحون وينادون باحلل حكم ال محل حكم البشر لن فيه الخير والصلح " ومن أحسن من ال حكما لقوم يوقنون ":
ولو أراد الخوان المسلمون الحكم لنالته أيديهم ولتسمنوا غاربة منذ أمد بعيد ولكنهم عن زهو الدنيا فى شغل وما أرادوا إل حكم ال
وتطبيق شريعته علىأية يد وأيا كانت هذه اليد التى تطبق هذه الشريعة السمحاء وما من شك أن كل حاكم لبلد إسلمى يعلم عن
طريق جواسيسه ومخابراته أن الخوان المسلمين ل يتآمرون ول يخربون لن أساس دعوتهم الحكمة والصراحة والوضوح " ادع
الى سبيل ربك بالحكمة " وهم لو لجئوا الى الستخفاء لما علم أحد بدعوتهم "..
(ونعود الى رسالة ميتشل للمخابرات المركزية المريكية والتى أحدثت ردود فعل غاضبة لدى السادات واستدعى كبار القطاب من
الخوان المسلمين للتحقيق فى هذه الرسالة ..ووجد أنور السادات فى هذه الوثيقة فرصته الذهبية للنيل من الخوان والتشهير بهم
وكان ذلك فى الملتقى الول بمدينة السماعيلية )
البداية فى السماعيلية
( فى ليلة 27رمضان 21 ( 1399أغسطس ) 1979التقى أنور السادات بعلماء الزهر والمفكرين السلميين ودار حوار شدة انتباه
الناس فـى ذلك الوقـت بعـد فترة مـن جمود فـى التجاهات والمواقـف وبعـد أن كان الناس ينسـون مسـألة تعارض وجهات النظـر
والمعارضة ( ويقول عمر التلمسانى :بدأت معرفتى بأنور السادات حين استدعانى السيد منصور حسن وكان وزيرا للعلم فى ذلك
الو قت وألح على أن أح ضر هذه الندوة ولم ي سعنى إل القبول وكا نت تلك هى المرة الولى ال تى أتقا بل في ها مع أنور ال سادات و قد
تأكدت بعد ذلك أنه كان مطلوبا بإلحاح حضورى هذا اللقاء لنه عندما وصلت جلست فى الصف الخير فإذا أحدهم ينقلنى من الصف
الخير الى الصف ألول فى مواجه السادات .
وقال عمر التلمسانى فى الكلمة التى القاها فى بداية الندوة * يتابع المواطنون هذه اللقاءات فى اهتمام ويسألون ال أن يفتح منها
النفع على هذا الوطن وهم فى هذا محقون كل الحق لول عتب يسير على الذين حضروا هذه اللقاءات السابقة فى أن يطلبوا فى هذه
المنا سبات طلبات خا صة ف هى لقاءات ت هم ال مة كل ها ولذلك لن ت سنع سيادتكم من حملة ر سالة الدعوة ال سلمية طل با خا صا وإن ما
مطالب عا مة تعود على الو طن بالن فع .جئت الى الح كم وكا نت ال سجون والمعتقلت ت عج باللف فت حت ال سجون والمعتقلت وأب حت
حر ية وأب حت لل صحف ان تتحدث كل هذا جم يل ومقدر كل التقد ير وانطلق الذ ين خرجوا من السجون يربطون ب ين الحاكم والمحكوم
بالمحبة لن عاطفة الود والوئام هى الساس الوطيد لدوام كل حكم ولمحبة كل حاكم وما دامت أواصر القلوب مرتبطه فهى التى نمت
وتحرس وتؤبد .
بقى ـ ول أطيل ـ أن نقول كل من يحضر هذه اللقاءات يطالب بإصلح كل شىء فى هذا البلد وكنا فى غنى عن هذه التفصيلت بأن
يطبق شرع ال فينطلق الناس بما جاء فى كتاب ال وسنة رسوله فى ذلك أكبر الضمان بين الشعب قلبا واحدا ويوم أن ترتبط
قلوب نا بهذا المع نى ستجد الش عب ي سيروا وراءك يقول :لب يك وح تى نض حى ب كل غال ل كى نفتدى هذا الو طن ل كى نكون جمي عا قل با
واحدا ويدا واحدة بدون حقد )
( إن الداعية الى ال خير كله كلنا نريد بك ولك الخير وأن يوفقك اللهلما فيه خير هذا الوطن وال يرعاكم لهذا البلد تقيمون فيه
شرع ال وتطبقون فيـه حكـم ال والشعـب كاه خلف السـادات يوم أن يقول ال وحكـم ال وكتاب ال خـذ بكتاب ال وسـترى منـا مـا
يرضيك ويرضى ال ..نحن مخلصون ول نكره ول يجتمع اليمان والكراهية ..على بركة ال سر بأمتك وال يحفظك ويرعاك .
وبدأ انور السادات بعد أن انتهى علماء الزهر من إلقاء كلماتهم فى خطابه لهم الذى وضح منذ البداية أنه يحمل نوعا من الغضب
المكتوم والحنق تجاه المعارضين وخاصة من أصحاب التيار الدينى ولعله ركز ـ وأشار هو بنفسه لذلك ـ على الخوان ومواقفهم
وأنه يقدر الطاحة بهم بجرة قلم !! ..
قال أنور ال سادات :وه نا أنت قل لع تب ..كان لع مر التلم سانى ع تب ..ولى أي ضا عل يه ع تب ..أر سلت جما عة ا لخوان الم سلمين
بواسطة محاميها لرئيس الوزراء السابق ممدوح سالم إنذارا أو إعلنا بأن قرار حل الجمعية أنها ل تعترف به أو أنه غير قائم ..أنا
لم أعلم بهذا أبدا إل بعد استقال ممدوح سالم ولو علمت لقلت آسف ..ل القرار قائم وحقيقى أقولها أمامكم جميعا ويكتب افتتاحيتها
الستاذ عمر التلمسانى على أ ساس أن ا لجمعية مسجلة فى الشئون الجتماعية نعم ..مسجلة ولكن قرار إلغائها قائم ومع ذلك ل
أظن أنى أرسلت اليكم ووضعتكم فى المعتقل من أجل هذا ..ويزيد ألمر مرارة فى نفسى يوم أن أكتب لشبابنا الذى أ تحدث عنه لكم
عن تكوينه ليقابل هذا ا لتحدى من حولنا تحدى أولئك الذين يظنون أن المال هو كل شىء السعوديون وغيرهم والذين يحاولون أن
يعلقوا عضو ية م صر فى العالم ال سلمى ب كل بذاءة وب كل وقا حة وتجرؤ على م صر يخرج ع مر وفى صدر المجلة بمقال من خطاب
وصله أن الحكومة المريكية أو المخابرات المريكية أرسلته لممدوح سالم رئيس الوزراء بتقول له فيه أنه اوعوا خدوا بالكم من
الجماعات السلمية لن دول خ طر جدا واضربو هم واخل صوا من هم أ نا شاهد وأ نت تعلم ( موج ها حدي ثه لع مر التلم سانى ) والجم يع
والشيخ عبد الرحمن ( الشيخ عبد الرحمن البنا شقيق الشهيد حسن البنا ) أن يدى كانت فى يد الشيخ البنا ال يرحمه ..التنظيم
السرى أمامى وبأشخاصه وبما كان فيه من أسلحة أمامى ..ولكن ماذا فعلت أنا برغم كل هذا ؟ لم يتعرض لكم أحد ولم أقفل الجريدة
وإن ما أر سلت لوز ير الداخل ية ل كى يقول لك ع يب وقالك فعل ..ك ما تحدث ع مر بالذات فى الن فس الم سلمة ل يكون الح قد ول يع يش
الحقد ..
وفى جزء آخر من الخطاب قال أنور السادات لما قلت ل دين فى السياسة ول سياسة فى الدين كان سببها إيه أنا أرسلت لك ياعمر
برضـه فـى معركـة نقيـب مـن نقباء للنقابات المهنيـة تصـادف شىء غريـب جدا فوجئت بأن الخوان الشيوعييـن الوفدييـن القدامـى
النتهازيين شوفوا المفارقات العجيبة جميعا يتكتلوا وراء مرشح معين لنه بيشتم فى الدولة وبعثت لعمر وقلت ل يا عمر عيب إيه
هو الدين من يشتم فى الدولة أو ننتخب من كل مؤهلته هى البذاءة .ويضيف :هل يعقل فى تركيبة واحدة من الخوان الشيوعين
الوفد الجديد اللى هم بقايا الفساد القديم اللى قبل 23يوليو على النتهازيين يبقى دى كله مع بعضه ..هل هذا يصح ؟ حزنى أن هذا
ال سلوب كان ل بد أن ينت هى ب عد كل ما جرى ياع مر فى الما ضى ..ك ما تحد ثت أ نت تما ما فت حت ال سجون والمعتقلت أعدت ل كم
اعتباركم أعطيت سيادة القانون وحرية كاملة بدليل أنه لكم كل اعتباركم أعطيت سيادة القانون وحرية كاملة دليل أنه تصدر مجلة فل
يتعرض لك أ حد مع أن إ صدارها قائم على أ ساس غ ير قانو نى ول بد أن تو قف فى الحال أبدا ..ب قى لى شىء وا حد بس أرجو من
جماعات نا الدين ية أل تق بل أموال ها من أولئك القزام لن عندى البيان وإذا كان ال مر مق صودا به خد مة ال سلم على الع ين والراس
وليكن علنا أما بالساليب ألخرى ل .
وهنا نهض عمر التلمسانى بعد أن فاض به الكيل مما كاله أنور السادات من هجمات على ا لخوان وطلب أن يتكلم وهنا قال السادات
:عمر عايز يدافع وله الحق أنا يمكن ركزت عليه شوية هو كان طالب مقابلتى وأنا رفضت الى أ ن قابلته النهاردة لكى نتكلم أمام
الش عب لن هذا هو أ سلوبى لن أتكلم إل أمام الش عب ليعرف الحقي قة الحقي قة كاملة فل يس لى ح قد مع أ حد وإل ك نت اتخذت إجراءات
من يومها وخلصت اتفضل يا عمر قال عمر التلمسانى :أرسل زعماء الحزب الشيوعى أكثر من مرة يدعوننى لحضور هذه الندوات
عند هم فك نت أر فض كل مرة ل نى أعلم ما ب ين ال سلم والشيوع ية من عداء وأن الثن ين ل يم كن أن يجتم عا فى ر كب وا حد أو أن
ي سيرا فى طر يق وا حد ..أعلم تما ما أن هم أر سلوا الى لح ضر ندوات ل لن هم يتعاونون أو يريدون أن يشاركوا فى اتجاه ..إن ما
يريدون أن ينشروا أن عمر التلمسانى جالس مع زعماء الشيوعية ويصدر هذا للشعب ويقال :إن الخوان والشيوعية مع بعض ولن
يكون الخوان والشيوعية فى يوم من اليام مع بعض ..أرسل الى من الحزاب التى تحدثت سيادتك عنها للزيارة قلت من جهة ا
لزيارة للتحية والسلم والسؤال عن المور العادية أهل وسهل ..إذا كانت الزيارة للكلم فى سياسة فى جبهات ..الخوان المسلمون
لن يسيروا فى جبهة مع أحد ..لن طريقهم إسلمى محدد معروف ..أرسلت الى ا لسفارة النجليزية تخطرنى أن أحد كبار وزارة
الخارجية النجليزية سيزور مصر وسيزورنى فى يوم 12/6الساعة 12وأرسلت الخطاب الى وزير الداخلية وأرسلت ا لرد بتاعى
وقلت أنا ليه أسمح بزيارة إل إذا أستأذنت ؟ أما أنه كانت الزيارة لمعان صحفية أهل ..إن كانت سياسة أنا لن أتحدث لجنبى فى
سياسة مصر ..لو أن غيرك اتهمنى كنت أرفع المر اليك ..إنما اليوم الى من أرفع أمرى ؟ الى ال أنا برىء من كل ما قلت ..أنا
طا هر من كل ما قلت ..أ نا نظ يف ..أ نا م سلم ..أ نا مخلص غا ية الخلص وي سمعنى ا لكثيرون أن نى دعوت ال أن يد يم ح كم
السادات الى أطول عهد ممكن لننا نستمتع فيه بحريتنا وإن كان هذا جزائى عند أنور السادات الحمد ل والسلم عليكم ورحمة ال .
** الرئيس :أخشى أنك عايز تطلعنى أننى استغليت موقفى ووجهت لك هذاالكلم يا عمر ..ل أنت استدعاك وزير الداخلية كام مرة
يا عمر ؟
** عمر التلمسانى :تعلم سيادتك أن فترة النتخابات كنت فى السعودية وأبلغ ذلك أحد الخوان الوزير أنى كنت أحج ..
** الرئيس :ل النتخابات بتاعة النقابة .
** عمر التلمسانى :انتخابات أحمد الخواجة وعبد العزيز الشربجى ( نقابة المحامين طالع فى الجرايد أسماء إخوان محامين وذهلت
و سألت أحد هم وأجي به ل سيادتك يزورك ويقول لك ..قال لى هؤلء كتبوا أ سماءنا بغ ير إذن وهذه شئون انتخاب ية ول نا د خل ل نا مع
هؤلء ول هؤلء وإذا قال إنسان إنى أمرت أو كلفت فلنا أنا أستحق كل ما قلته عنى
** الرئيس :يا عمر علشان نجلو المر وحتى ل أكون متجنيا أخبرت وزير الداخلية بهذا وبهذا أخبرك وزير الداخلية أيضا فى شأن
المقال ..إذن أنا لم أذكر وقائع تجنيت فيها عليك ..لم يحدث ولم أتخذ إجراء ولن أتخذ إجراء .. ..وإل كان ما يكونش السبيل هو
الكلم اللى احنا بنقوله النهاردة ..إذن ل حق لك فى شكوتى الى ال لنى أنا أخافه ..أخافه فعل فأنا بعتلك وقد حكيت ما حدث أنا
أحكيه ..وأقول يا عمر لو أن هناك نية مسبقة أو رؤيا كونته ما تركت مجلتك تسير على أساس غير قانونى ولو أننى كونت لتخذت
الجراءات والقانون معى ل ..وأنا باكلمك النهاردة كبير العائلة الذى أراد ال له أن يجلس فى هذا الكرسى ويعلم ال أننى أريد أن
استريح من كل هذا حقيقة وال ولكنى فضلت أن أؤجل الكلم ده اللى بقاله شهور الى أن نلتقى وكان اللقاء اليوم ولعلك ل تذكر ول
تعرف أنى كلفت منصور حسن أننى عايز عمر ييجى لنه لم يكن فى التخطيط أنك تحضر قلت أنا عايز عمر ييجى للمعنى اللى أنا
بأقوله هو أننا كعائلة نقعد ونتناقش بمنتهى الصراحة وبعد ذلك يبقى اللى يخطىء عليه أن يتحمل تبعته ولو أننى كونت رأيا مسبقا
أو إدانه مسبقة ل تخذت الجراء ولما كان هناك داع أن تأتى اليوم ..وعلى اسحب شكواك أمام ال ..
** عمر التلمسانى :المدعى الشتراكى أرسل الى وحقق معى ومضى على هذا التحقيق مايو ويونيو ويوليو وأغسطس ول أدرى ما
ذا تم ؟ ولو كنت أعتقد أن هناك خطأ أو إساءة ما كان المدعى الشتراكى يتأخر عن إقامة الدعوى أو اتخاذ إجراء لم يحدث هذا وأنا
على ا ستعداد كا مل أن أقدم ليعلم مح مد أنور ال سادات رئ يس جمهور ية م صر العرب ية الر جل المسلم أ نه ل يمكن لع مر التلم سانى ل
خل قا ول دي نا ول ترب ية ول من شأ أن يتآ مر أن يكذب أن يش تم وال أبدا ما حدث على ل سانى ..ل ما ك نت فى المعت قل فق يل ان فلن
توفى الى رحمة ال أول كلمة خرجت من لسانى بعد ما قضيت 17سنة فى ا لسجن ال يرحمه ..لم يصدر من لسانى كلمة سباب
لحد بعد 17سنة سجن الكلمة الولى ال يرحمه ..مش أنا اللى اتآمر أو أؤذى أو أسب بلغت من العمر الذى ل يسمح أن أسير فى
هذا ..ا نت الن يا سيادة الرئ يس عفوا ستجعلنى ألزم فرا شى أش هر لن هذا الذى و جه الى آذا نى نف سيا ومعنو يا وأ سأل ال أن
يلطف بى هذه السن وأن ل ألزم الفراش وأن أغادر الدنيا خيرا من ألزم الفراش مريضا وأنا إذا شكوت الى ال فأنا أشكو الى عادل
وإن ك نت قد تجن يت سيعلم ال أ نا ل أش كو الى ظالم أش كو الى عادل بيده الح كم وإل يه الم صير بدل أ نا ما أ سحب الشكوى بتاع تى
سيادتك اتخذ طريق تعالج به التعب الذى نالنى الن ) ..
** الرئيس :أحسن طريق لهذا هو أنه كل ما تحدثنا عنه مضى وفات وعلينا أن نبدأ جميعا أيدينا فى أيدى بعض لنقيم البناء ) ..
وأحدث حوار ال سادات والتلم سانى ارتيا حا لدى الرأى العام الذى حج بت ع نه الحقائق عن تاري خه لك ثر من ر بع قرن من الزمان
وزيفت أكثر الحقائق وصور له أصحاب الحق والعقيدة بأنهم سادة الرهاب ـ وأحس الناس بأن حوار وكلمات وردود عمر التلمسانى
نوع مـن المعارضـة الهادئة البناءة التـى ل تبغـى إل صـلح الفرد والجماعـة ..كان واضحـا أن أنور السـادات كان فـى قمـة غضبـه
وثور ته على موا قف الخوان لدر جة خرو جه عن شعوره كرئ يس الدولة ــ ورب العائلة المصـرية ــ كمـا كان يحلو له ول عل هذا
يكشف سبب استدعاء السادات لعمر التلمسانى ـ لقد أراد أن يوقعه فى الحرج وتصور له أنه قادر على الطعن فى الخوان حتى أ
نه انهال بالشتائم وطرح ب عض الحقائق بش كل مل تو أو ط مس معالم الحقي قة ك ما فعلت أجهزة العلم الم صرية وخا صة ضد جما عة
الخوان المسلمين ..
أما اللقاء الثانى بين السادات وعمر التلمسانى فكان فى القناطر الخيرية وفى السنة التالية فى السماعيلية ..ويقول عمر التلمسانى
:استدعانى السادات لمقابلته فى 2ديسمبر 1980فذهبت لمقابلته واستغرقت المقابلة قرابة الساعة على انفراد عرض فيها على أن
أوافـق على تعيينـى فى مجلس الشورى فرف ضت ..وكا نت رغبتـه فى أن ينشـر نبـأ هذه المقابلة فرف ضت وأن تكون مقابلة ك سائر
المقابلت العاد ية ..و فى هذه المقابلة وعد نى بأن يع يد جما عة الخوان الم سلمين ..كان يريد ها أن تعود ـ ن عم ول كن فى صورة
جمعيـة خاضعـة لسـلطة وزارة الشئون الجتماعيـة وليـس هذا فـى برنامـج الخوان المسـلمين لن الجمعيات التـى تخضـع للشئون
الجتماعية عرضه للحل فى أ ى وقت وعرضه أيضا لتغيير مجالس إدارتها فى أى وقت إذا لم ترض الوزارة عنها ولم يكن هذا أيضا
فى برنامج الخوان ا لمسلمين ..كان السادات يحاول جاهدا فى هذه الناحية لم أكن حريصا فى أن أتحدث معه فى المسألة مرة أخرى
..
وهكذا ن جد أن الخلف الذى تف جر مع هجوم أنور ال سادات على الخوان الم سلمين فى ملت قى ال سماعيلية والذى ك شف عن ح نق
وض يق أنور ال سادات من موا قف الخوان المختل فة وخا صة موقف هم من معاهدة ال سلم واتفاقي تى كا مب ديف يد لل صلح مع ا سرائيل
انطل قا من مو قف عقيدى يت فق ومبادىء السلم الحن يف ..و قد حاول أنور ال سادات أن ي ضع الخوان فى موا جه المد فع بإ صراره
حضور ا حد قيادات هم البارزة ليقا عه فى ا لحرج والته جم بل مبرر وبل سند على جما عة الخوان وأفكار ها وخا صة ب عد أنتشار
وامتداد تأثيـر الجماعـة ــ غيـر الم سجلة أو المعلنـة رسـميا ــ فى أوسـاط الرأى ا لعام وبصـفة خاصـة شباب الجامعات الذى بدأت
موجات من التد ين والحرص على تعال يم ال سلم ت سوده م ما أثار غ ضب ال سادات ح يث كانوا الن بض ال حى لمشا عر الناس وأكثر هم
قدرة على الحركـة السـريعة ورد الفعـل التلقائى تجاه ا لحداث انطلقـا مـن عاطفـة إسـلمية جياشـة ..وظهرت ردود أفعال شباب
الجامعات فى معارضت هم القو ية لمعاهدة ال سلم مع إ سرائيل ..ول عل ت صور ال سادات و من حوله أن جما عة الخوان الم سلمين هى
التيار المغذى الرئيسى لحركات شباب الجامعات هو الذى دفعه لمخاطبة الشباب خلل خطبته فى ملتقى السماعيلية محذرا إياهم من
تل قى أموال من أولئك القزام " .ز وكا نت التقار ير ال تى ت صل السادات يوم يا تحذر من ازدياد نشاط الشباب الم سلم و سيطرته على ا
تحادات الطلب الجامع ية وجذب هم الكث ير للتيار ال سلمى ول عل الحداث تك شف في ما ب عد ك يف ع صف أنور ال سادات بالشباب الذ ين
حرص فى كل خطاباته على مناداتهم " بأبنائى وبناتى " ..ولكن أصحاب العقيدة سواء كانوا شبابا أو شيوخا صمدوا للطوفان الذى
أراد إغراق الرض وفى نفس الوقت فإن قوى ا ليسار والشيوعيين رغم تقليم أظافرها فى أحداث يناير 1977وما تلته من قوانين
استثنائية بدأت تشكل نوعا من القلق فى مواقفها تجاه السادات ..
الفصل العشرون
( لعبة الفتنة الطائفية )
منذ بداية السبعينات ظهرت على سطح الحياة السياسية فى مصر قوى جديدة لم تكن فى حسبان القيادة السياسية المصرية ..هذه
القوى تحركت بوعى وأحينا بل وعى ـ تفاعل مع مجريات المور ..لقد ظهرت الجماعات السلمية " الشابة هذه الجماعات كانت
نبضا حيا إزاء المواقف والحداث التى مرت بها بعد حرب أكتوبر .. 1973ول شك أن مناخ الحياة السياسية والحنين ا لى العودة
الصادقة الى أحضان الدين والعقيدة هو الذى مهد لقيامها ..وربما دفع الحماس بعض أفكار هذه الجماعات الى مواجهة ظاهرة
النحراف بأشكالها المختلفة بنوع من التطرف أو ا لمغاله فى التصورات السلمية وأيضا انتمى بعض من هذه الجماعات لرد الفعل
العكسى والعنيف لما حدث من وحشية وبشاعة فى سجون عبد الناصر .
وهنا ل بد أن نتوقف عند المتغيرات التى لحقت بالمجتمع المصرى عقب حرب رمضان أكتوبر 1973حتى نتبين أوجه الخلل فى بنية
المجتمع المصرى والتى أفرزت ظواهر التطرف من جانب بعض الشباب المسلم ) .
( لقد أعلن السادات إنهاء عصر انغلق مصر اقتصاديا واتباع سياسة النفتاح القتصادى فى عام .. 1974وهو تفكير محمود إذا
كان يقصد بها مصلحة البلد فى التصال بالعالم ا لخارجى وتنشيط حركة الستثمارات داخل مصر ..واستبشر الشعب خيرا من
تطبيق سياسة النفتاح فهى ستتيح فرصا للرزق للكثير من شبابنا ورجالنا وسوف نخرج بكنوز وثروات الرجال التى كنزت فى عهد
عبد الناصر خوفا من الحراسة والتأميم ـ لتحقيق الخير للبلد .
( ولكن الوجه الخر للعملة أن هذه السياسة والتى تحولت الى انفتاح استهلكى قد سببت الكثير من المشاكل وتسببت فى أحداث
أزمات أقتصادية ما زال المجتمع المصرى يعانى منها حتى الن نتيجة لسوء التخطيط والدارة ..لقد انتظر الشعب المصرى وتوقع
ازدهار اقتصاديا بعد انتهاء عصر الحروب التى خاضتها جيوشه على مدى ثلثين عاما وهذا يعكس حسن النية البالغ من الجماهير
ولها العذر فى ذلك بعد أن أقنعته أجهزة إعلمه بهذه النغمة )
وأحس الشباب المسلم بسلبيات عصر النفتاح ـ لن إيجابيات النفتاح كان مقصورة على مجموعات من المستثمرين وأيضا
المستفيدين ـ كما أحسوا بالتناقضات الغربية فى بنية ا لمجتمع المصرى وظواهر النحراف المنتشرة فظهر تيارهم للجنو الى العنف
كوسيلة للتغيير ..وإن كان السلم يرفض ظاهرة العنف ويؤمن السلم فى المجتمع فإن الغراق والسراف وظهور طبقات جديدة
من أثرياء النفتاح ـ بحق وبدون وجه حق ـ بالضافة الىأن الجماعاتالقديمة ( صالح سرية ـ وشكرى مصطفى ) لهم خلفياتهم
نتيجة تجارب التعذيب الوحشية فى المعتقلت المصرية فإن النوعية الجديدة منهم بدأت تنتشر ويقول الستاذ التلمسانى " * :إن أهم
أسباب انحراف الشباب الى العنف هو التعذيب الذى ل قوه أيام السجن وهو شىء ليس بقليل ناحية أخرى أن مظاهر المجتمع كلها
فى نظر أى مسلم طاهر يرى الشباب أن تعاليم دينه تقضى بأوضاع معينة ويرى أن هذه الوضاع ل تتبع وخاصة فى دولة يقول
دينها إن دستورها الرسمى هو السلم وإن الشريعة هى المصدر الرئيسى للتقنين قطعا الشباب يتأثر ويفكر طويل هل هذا العمل
ينطبق مع ما يقال إنها دولة إسلمية أم ل ؟ ..وهذا بالفعل يؤدى بالشباب الى أن يفكر طويل لنه إذا لم يفكر يعيش على هامش
الحياة ول يهمه دولته ول دينه ..أرى أيضا أن الشباب يعرف من خلل تعاليم السلم كيف تكون الفتاة فى زيها واحترامها وتعاملها
ثم يرى فى الجامعة معرضا " فاترينه " لزياء ل ترضى السلم ., .فالشباب معذور عندما يرى هذه المظاهر ..إنه يقول إن
الوضاع غير سليمة ول بد أن تتغير وعندما يعرض التلفزيون فى الفلم مشاهد خليعة وخارجة ..أين الرقابة ؟ وأين السلم ؟ ثم
هذا النفتاح الستهلكى وما جره على البلد من مشاكل ..وأنا عندما أستنكر هذا النفتاح الستهلكى ل أستنكر شيئا أتحدث عنه
وحدى لكن أنتم أيضا تتكلمون عنه ..ونحن نقرأ لكم ما تكتبونه .
هناك فى البلد ثروات ضخمه وهذه الثروات نستطيع معالجتها ..بحيث نحافظ على حق الثرى وينتفع المسلمون جميعا فعندما يقول
ال فى كتابه " والذين فى أموالهم حق معلوم " فهذا ليس صدقة أو إحسانا ول زكاه إن حق الزكاة فريضة ..وفيما يقول الرسول "
ليس منا من بات شبعانا وجاره جوعان " فإن هذا هو التكافل الجتماعى على أية حال فإن السلم ل يرضى لى غنى من الغنياء ـ
دون ذكر اسماء ـ أن يكون عنده قصور وسرايات وبجانبه ناس فقراء أى أسلم هذا ؟ ) ..
( أنا ل أستنكر المال عند الغنى ولكن استنكر تصرفه هو فى ماله ..إذا لم يؤد واجبه المفروض عليه ) ..
ولعل من المفيد أن نطرح العوامل التى أدت ا لى إصابة الشعب المصرى بنوع من خيبة المل بعد توقيع معاهدات السلم انتظارا
للرخاء المأمول ) :
* إن السادات أعلن مرارا وتكرارا فى خطبه بعد معاهدة السلم بأن عام " 1980هو عام الرخاء " وأن القتصاد المصرى سوف
يشهد عددا من التغيرات فى طريق النتعاش وأنه سوف يتم القضاء على كافة المشاكل المزمنة جذريا .
إن النفتاح ـ برغم ما حققه من انتعاش اقتصادى ـ قد أوجد طبقات أثرت ثراء غير مشروع ـ على غرار أثرياء الحرب ـ مثل
السماسرة وعمولتهم من الصفقات والمتتبع لهذه الحالت على مدى السبعينات وأوائل الثمانينات يرى العديد من هذه الصور مما
أثار ضيق وحنق الطبقات المحدودة الدخل التى تعانى الضائقة القتصادية إزاء دخولها المحدودة والسعار التى قفزت قفزات غير
عادية ) ..
( فشل كثير من المشروعات الستثمارية وهروب الكثير من المستثمرين نتيجة فساد الجهاز الدارى والعراقيل التى تقف فى طريقهم
) ..
( تدهور أجهزة المرافق وا لخدمات وتدهور النتاج الزراعى وتغيير الخطط بتغيير الوزارات ..ونقص العمالة نتيجة موجات الهجرة
المتتابعة للخارج مما زاد من معاناه الشعب المصرى ) ..
( أما البعد الثانى من المتغيرات التى أدت لزمة سبتمبر 1981فهو علقة مصر وإسرائيل بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد ومعاهدة
السلم وبدء عملية التطبيع بكافة مستوياتها فإن هذه الخطوات التى اتخذتها القيادة المصرية قد أدت الى انقطاع علقة مصر خارجيا
بالدول العربية وبعض الدول السلمية وتعليق عضويتها فى منظمة المؤتمر السلمى ..وكان لذلك أثره داخليا حيث انقطع مورد
الدعم العربى لمصر وبحثت القيادة المصرية عن مصادر تمويل جديدة وهى الدول الغربية وخاصة الوليات المتحد\ة ا لمريكية
حليف اسرائيل القوى فى المنظمة بالضافة الى خرق اسرائيل المستمر والمتوالى لتعهداتها ـ كالعادة ـ فشنت اسرائيل هجمات على
جنوب لبنان ودمرت المفاعل النووى العراقى وأعلنت ضم القدس العربية كعاصمة موحدة لها وأبدية لسرائيل واغتيال الشخصيات
العلمية والسياسية العربية وضم الجولن وغيرها من التصرفات ) .
( وقد بدأ نشاط الجماعات السلمية يظهر بداية فى الجامعات المصرية حيث ظهرت لهم تجمعات قوية ونشاط تمثل فى المعسكرات
والمؤتمرات والندوات وغيرها ثم انطلقوا خارج الجامعات وكان ضرب المفاعل النووى العراقى بداية جديدة لهذا النشاط حيث عقدوا
مؤتمرات فى ا لزهر الشريف ثم مسجد النور بالعباسية بالقاهرة حضره اللف من الشباب والشيوخ وحضره الستاذ عمر
التلمسانى والشيخ حافظ سلمة والشيخ صلح أبو إسماعيل .
وطالب المتحدثون * بالغاء كل خطوات التطبيع وسحب السفير المصرى من اسرائيل وإعداد المة للجهاد المقدس ووجه شباب
الجماعات السلمية خطابا بهذا المعنى لرئيس الجمهورية وكان خروج الجماعات السلمية بنشاطها الذى يجمع حوله اللف من
الشباب مؤشر خطورة لدى القيادة المصرية التى وقفت باستمرار أمام خطواتهم ..وكانت زيارات السادات
مؤتمرات الجماعات السلمية .
للجامعات المصرية واللتقاء بالشباب فيها فى محاولة لوقف هذه الجماعات ومنع انتشارها تأثيرها خارج الجامعات وأعطيت
تعليمات صارمة لرؤساء الجامعات بعدم السماح ببمارسة السياسة داخل جدران الجامعات ..وأن الجامعات مكان للعلم فقط ول مجال
فيها للمارسة النشاط السياسى والدينى ..وأبدى أعضاء الجماعات السلمية ضيقهم وغضبهم من زيارة مناحم بيجن وزمرته لمصر
..وقد أحس السادات بما يعتمل فى صدور المصريين تجاه النظام الصهيونى ولذلك فقد كانت زيارات بيجن ووزراء حكومته زيارات
قصيرة وخارج القاهرة وعلى المستوى الرسمى دون الشعبى والذى لم ولن يتقبل وجود مثل هذه الزمرة الطاغية وهذا الطاغية "
بيجن " كان يبرهن للحليف الطبيعى والحميم السرائيلى الوليات المتحدة المريكية أنه اليد التى تبطش فى المنطقة وأنه يمثل
الشرطى الذى يحفظ النظام بين القوم والرعاة ولذلك عندما كان يحس باهتزاز وضعف لدى المريكيين كان يبرهن لهم بتصرفات
حمقاء على وجوده القوى فتغضب أريكا وتقيم الدنيا ول تقعدها ثم تخبو هذه الصوات وكأن شيئا لم يكن ..وقائع ضم القدس
والجولن وغزو لبنان الوحشى تشهد بذلك ..ولقد قالها موشى ديان وزير الدفاع والخارجية السرائيلى السابق " إننا نريدها ـ أى
اسرائيل قوية مكروهة خير من اسرائيل ضعيفة محبوبة "
وكان ل بد لنور السادات أن فعل مثلما يفعل الطرف السرائيلى ليثبت أقدامه فى معركة المفاوضات من أجل استعادة الرض ..
ولذلك فقد اتسمت تصرفاته فى بداية عقد الثمانينات بنوع من الغضب وتوتر العصاب تجاه معارضيه خاصة من الجماعات
السلمية وجماعة الخوان المسلمين الذين ينطلثقون ـ عكس غيرهم ـ من منطق عقيدى وعلى وحى من القرآن وسنة الرسول
صلى ال عليه وسلم
** أحداث الزاوية الحمراء :
عاشت مصر 14قرنا من الزمان لم تقربها فتنة طائفتى المسلمين والمسيحيين من قريب أو من بعيد وحتى عندما أثيرت مثل تلك
المسألة فإنها كانت تجتث من جذورها وهى فى مهدها ..وذلك لن السلم يحترم أصحاب الديان الخرى ويحفظ لهم وجودهم ويوفر
لهم كل الرعاية ويشهد تاريخ السلم قديما وحديثا على حسن سماحة السلم وحسم معاملتهم للنصارى وغيرهم انطلقا من أوامر
دينهم ووصية رسولهم صلى ال عليه وسلم ..كما ل تتمتع أقلية دينية فى أى بلد من بلدان العالم بمثل ما تتمتع به القلية
المسيحية فى مصر ويشهد بذلك العالم كافة ..ولكن كانت هناك مؤامرة قصد بها الشحن المستمر بين المسلمين والمسيحيين
والطاحة بقيادات الطرفين فى أيام قليلة ..ولندع الحداث تتكلم عما وقع وبدأ فى الزاوية الحمراء
( بدأت أحداث حادث الزاوية الحمراء يوم الربعاء 17يونيو 1981عقب صلة المغرب بمسجد النصر بالزاوية الحمراء بالقاهرة
حيث كان المسلمون يصلون وفوجئوا بكرة قدم تصيب المصلين داخل المسجد والتى كان يلعب بها بعض الشباب النصرانى ..وعندما
خرج المصلون يعتبون عليهم كان ردهم فيه سوء أدب واستفزاز مما دفع أحد المصلين الى تحذير إخوانه من الستدراج وطلب منهم
النصراف ) ..
( ولكن قبل أن ينصرف المصلون إذ بوابل من الرصاص ينطلق من العمارة المواجهة للمسجد فأحدثت مقتل من واحد من المصلين
فحدث هرج ومرج وانتشر الخبر فى كل الحى فكانت هناك ردود أفعال من بعض المصلين ضد المسيحين ولكن عقب صلة العشاء
وعند خروج المصلين من مسجد النذير ويبعد حوالى 500متر تقريبا عن مسجد النصر أطلق النصرانى كامل الموان وأولده
الرصاص على المسلمين داخل وخارج المسجد من مسدساتهم الوتوماتيكية واستمروا فى إطلق الرصاصحتى الساعة الثانية صباح
الخميس ولم يتوقف اطلق الرصاص إل بعد القبض عليهم كما أطلق نصارى آخرون الرصاص على المسلمين فى منطقة الجنينة
وعزبة أبو ليلة ..وسقط من المسلمين صباح ذلك اليوم أكثر من 60قتيل ومصابا )
( وقد وجهت مجلة الدعوة نداء على صفحاتها لبناء الوطن قالت فيه إن هذا الوطن العزيز يشق طريقه اليوم بين أحداث غاية فى
الخطورة على مستقبله ولئن لم يتبين هذا الشعب طريقه فى ضوء قرآنه وسنة نبيه عليه الصلة والسلم فال وحده العالم بعاقبة ا
لمور )
( والحداث الخيرة وما صاحبها من جراح ودماء وأرواح باعيرة نارية لم تصب إل المسلمين يجب أن تقف عند حد محدود اتقاء
لشر مستطير وإنا لنهيب بأفراد هذا الشعب مسلمين ونصارى أن يقدروا دقة الظروف التى تمر بها البلد كما نهيب بالحكومة أن تتخذ
على وجه الستعجال كل الوسائل التى تعيد المان الى نفوس الجميع فى إجراء ات قوامها الحزم والعدل والمساواة ومراعاة
الملبسات كلها حتى يشعر كل مواطن بأنه آمن معافى والغريب أن الحداث التى وقعت تمت فى غيبة تامة عن رجال الشرطة والمن
الذين سارعوا باللتجاء لرجال الدين من الطرفين ..ويذكر عمر التلمسانى ..أن رجال وزارة ا لداخلية قد طلبوا منه النزول للزاوية
ا لحمراء لعلج الموقف المتدهور ويشهد على ذلك النبوى اسماعيل وزير الداخلية فى ذلك ا لوقت ..فكيف أتهم بإثارة الفتنة بعد
ذلك والمسئولون فى الداخلية يشهدون على دورى فى تهدئة ا لموقف المتفجر ؟
( لقد كان هناك اتجاه لثارة هذه الفتنة الطائفية كمفهوم ينتشر بين عامة ا لناس وكذلك الصفوة من جانب البعض لمواجهة موجة
المعارضة العارمة لمواقفنا على معاهدة السلم والتصالح مع اسرائيل ـ التى انطلقت تعربد فى المنطقة وبل هوادة فى كلتجاه )
( ويحدد عمر التلمسانى موقف الخوان من هذه القضية الشائكة فى حواره مع المصور قائل :
نعود بأذهاننا الى التاريخ سنة 1910أو 1911كان هناك مؤتمران :مؤتمر فى مصر الجديدة ومؤتمر آخر فى أسيوط ..هذا
للمسلمين وذلك للمسيحين وتبودلت فيهما التهم وانتهى المر بسلم .
لم تتضخم المور كما حدث مؤخرا كانت هناك منشورات توزع فى الوتوبيسات والترام والشوارع تطعن فى الدين السلمى وفى
محمد عليه الصلة والسلم ..أنا وصلت لى مجموعة من هذه المنشورات وقدمتها لوزير الداخلية ..
ويستطرد الستاذ عمر التلمسانى قائل :حين أعود بذهنى للتاريخ أرى أن الذى يقولون عنه " فتنة طائفية " ليس هو كذلك وإنما كان
هناك منذ 70سنة موقف كهذا ـ فى مصر ـ ولم تتضخم المور بهذا القدر .
النشرات التى تحدثت عنها ل أستبعد أن تكون صادرة عن أى فريق ثالث إنما طالما نحن نفترض يصبح كل فرض محتمل ..طالما
أنه ل يوجد عندى دليل قاطع نحن كمسلمين نؤمن بأن عيسى عليه الصلة و السلم رسول ول يمكن أن يبلغ بنا السفة فى ديننا أن
نتناول عيسى أو مريم بأى سوء أبدا ..نحن ننزه مريم عما قاله فيها اليهود نحن نعتقد أنها بتول وطاهرة وأنها نفخ فيها من روح
ال سبحانه وأن المسيح نبى ورسول ..وغيرنا ل يعتبر محمدا بهذه الصورة ..غيرنا ينكر على محمد رسالته ..
أنا كمسلم ـ رغم أنفى ـ أردت أو لم أرد تشدنى الغيرة على محمد عندما يسبه أحد ..ول أكون مرتاحا لهذا بالطبع ..إنما الهوس
ل يبلغ بالخوان المسلمين الى الدرجة ا لتى يتصورها الناس ..لنه فى فترة من الفترات كانت هناك لجنة سياسية للخوان
المسلمين وكان من بين أعضائها وهيب دوس وأخنوخ لويس ..كانا عضوين فى اللجنة السياسية للخوان المسلمين ..
الذى يأتى بهؤلء ليكونوا أعضاء فى لجنة سياسية لدعوة أسلمية ليس إنسانا متعصبا إن الشعار التى انتشر مؤخرا فى مصر لم
يكن له وجود ..شعار الفتنة الطائفية ..هذا كلم فارغ ليس فى مصر فتنة طائفية ..ل يحدث فى مصر أن يذبح مسلم قبطيا أو
يقتل قبطى مسلما أبدا ..إنما هى مسائل عادية مثلما يقتل مسلما مسلما ..أو قبطى قبطيا أو العكس مسائل عادية جدا فى العرف
الجتماعى ..
ولقد أقام أنور السادات فى خطابات بعد أحداث الزاوية الحمراء الدنيا ولم يقعدها وألقى بالتهامات شمال ويمينا وفى كل الجهات
الصلية وتحدث عن تضليل الجماعات السلمية صارت تشكل له صداعا مزمنا بسبب نشاطها المكثف فى الوقت الذى عجزت بل
وفشلت جميع تنظيمات الشباب أن تقدم ـ منذ بداية حركة 1952مضامين جادة تنبع من قيم ومعتقدات هذاا لوطن المسلم فوقع هذا
الشباب ضحية وفريسة سهلة لتيارات الشرق الماركسية وتيارات الغرب ( وما حملته من أفكار وقيم قريبة من النحلل ) بل أن
التنظيمات مضت فى مخطط تحت دعوى الشتراكية فى بث الفكار الماركسية المسمومة لشبابنا ويشهد علىذلك معسكرات العمل
والتثقيف التى كانت تقام طوال عهد عبد الناصر واستمرت جزءا من فترة حكم أنور السادات ويكفى ما قاله أحد المحللين المصريين
فى أعقاب مبادرة السادات حين قال إن ظاهرة التحول الغريب فى مشاعر المصريين تجاه اليهود فى شكل الحوار والتعامل بعد 30
عاما من الكراهية وبحور الدم ل تعنى سوى شىء واحد هو فشل التنظيمات السياسية فى تنشئة الجماهير على أسس سليمة ولكن
من أين لهذه التنظيمات السياسية بهذه السس حيث إن فاقد الشىء ل يعطيه ..ولقد أريد من استقراء الحداث خاصة بعد أحداث
الزاوية الحمراء لكل قوى المعارضة المخلصة وأصحاب الدعوة والعقيدة السلمية المخلصين لها أن يفرقوا ـ رغم أنفهم ـ فى
أوحال لعبة الفتنة ا لطائفية والتى قادتهم فى نهاية المر الى الماكن المظلمة فى غياهب السجون جزءا تجرئهم على معارضة النظام
القائم .
كانت عيون أجهزة المن ترصد تحركات وتصرفات المعارضة بكافة أشكالها وفى نفس الوقت جرت عملية تقليم أظافر للمعارضة
داخل مجلس الشعب وأقصى الكثيرون من أحزاب المعارضة ولم يتمكنوا من العودة لمقاعدهم ومنهم الشيخ عاشور ود .محمود
القاضى وعددمن أعضاء حزب التجمع الماركسى وذلك بعد أن ازدادت حملت المعارضة خاصة ضد عملية التطبيع فى العلقات بين
مصر وإسرائيل كما بدأت حملة ضد صحف المعارضة ومن بينها جريدة الحرار ( لسان حال حزب الحرار ) والشعب ( لسان حال
حزب العمل الشتراكى ) ثم كانت الحملة على مجلة الدعوة لسان حال جماعة الخوان المسلمين حيث جرى أكثر من تحقيق مع
الستاذ عمر التلمسانى حول بعض المقالت التى نشرت بالمجلة .
وكانت هذه التحقيقات مؤشرا لما قد يجرى فى الفق من تطورات بل ومضاعفات بدء ا برقابة صارمة على الصحف التى قيل إن
الرقابة رفعت عنها فى بداية عام 1974ـ وكانت إحدى مفاخر أنور السادات التى عددها فى خطبه ـ ثم ما هو أسوأ من فرض
الرقابة على الصحف وهو فرض الرقابة على الشخاص أنفسهم .
والبلد الذى عاش 1400سنة بعيدا عن هذا ا لمعنى ليس هو البلد الذىتنشأ فيه ـ فجأة ـ هذه الفكرة ..فكرة الفتنة الطائفية ..إن
المسلمين ـ وخاصة الدعاة يحرصون كل الحرص على إفهام الشباب أن لغير المسلمين حقوقا يجب أن تحترم وأن تصان وأن يدافع
عنها ..ونحن أحق الناس بهذا ..
وفى مصر ول الحمد الكثير من الكنائس الموجودة والتى تبنى ..ومصر بلد السماحة ولو ذهب أحدنا الى وزارة الداخلية وقارن
نسبة التصاريح التى تعطى لبناء الكنائس لوجد أن النسبة هائلة ..من قال إن دعاة المسلمين حاربوا فكرة بناء الكنائس فى مصر
..الكنائس تبنى من قديم ا لزمان ..اليوم الخوة المسيحيون يحصلون على ما يريدونه ول توجد فتنة طائفية أحيانا يكون هناك
طبيبان مسلم ومسيحى تجد المسلمين هم الكثرة الغالبة عند الطبيب المسيحى ..ولو أن هناك فتنة طائفية ..أو تعصب عهل اترك
الطبيب المسلم وأذهب الى المسيحى ؟ ..إن البعض يخترعون لنا فكرة فتنة طائفية وربما تخفى هذه الفكرة أو هذا ا لشعار وراءه
أغراضا كثيرة أو قد يخفى مسائل ليس من حقى أن أتحدث عنها لنها تمس أشياء حساسة ..لماذا نقول ونعلن على المل أن هناك
فتنة طائفية “ يقوم بها بعض المسلمين وبعض المسيحيين ..ياليتكم زرتمونى فى مستشفى قصر العينى وكان معى أب اسمه
صمويل راعى كنيسة فى السكندرية كان يقول لى :أنا كنتأتصور عمر التلمسانى وحشا يقطر من أظافره الدم ..مما كان يقال له
عنى وقال أيضا :عندما رأيتك وجدتك شيئا مختلفا تماما ) ..
وعلى مدى عام 1981بدأت عمليات منظمة “ لتقليم أظافر “ أعضاء الجماعات السلمية مستخدما كافة السلحة منها أسلحة الفصل
والتأديب فى الجامعات حتى جاءت مسألة الفتنة الطائفية ..وازدادت المواجهة معهم حدة ..وفى خطاب أنور السادات عن الكثير
من الغضب والعنف إزاء هذه ا لظاهرة التى حاول أن ينفيها ولكن بعد فوات الوان بعد أن انتشرت الشائعات بين ا لطرفين ـ
المسلمين والمسيحيين ـ عن خسائر بالمئات واللف وفرضت رقابة صارمة بالسلحة والجنود حول الكنائس وحدث نوع من التعبئة
الغريبة تحت دعوى كبت ووأد الفتنة فى مهدها ..فى حين أن النيات التى وضحت فيما بعد أن المعارضين فى أحزاب المعارضة
الثلثة والخوان المسلمين قد زج بهم فى السجون بتهمة الفتنة الطائفية والحفاظ على الوحدة الوطنية فى مصر ..
إن ما حدث عقب أحداث الزاوية الحمراء التى تعتبر الى حد كبير صراع بعض القلة المتعصبة الجاهلة لسماحة الديان وأيضا
لسماحة السلم بصفة خاصة لم تكن لتكون بهذا الحجم ..وقد أعلن السادات أن هناك تحقيقات تجرى حول أحداث الزاوية ا لحمراء
ولكن هذا الموضوع صار حبيس الدراج الموصدة .
** اقتحام مجلة الدعوة :
وجاءت ذروة بداية المواجهة بين أنور السادت والخوان المسلمين عندمااقتحم رجال المن من وزارة الداخلية مقر مجلة الدعوة
بشارع التوفيقية بالقاهرة فى شهر رمضان عام 1401والتى روت مجلة الدعوة تفاصيلها فى عدد سبتمبر 1981والذى تمت
مصادرته تقول وقائع هذا القتحام *
الوقت :الربعاء 22من رمضان عام 1401خلت الدار من جميع الخوة العاملين فيها والمترددين عليها عقب صلة العصر ولم
يبق بالدار إل السعاة :الخ توفيق ـ الخ عبد ال ومعهما ضيف ابن عم لهما ..وضيف أفغانى يعالج فى القاهرة .
الخ توفيق والخ عبد ال عاملن فى قرى الصعيد وليسا من جماعة الخوان المسلمين وهما نموذجان لبساطة المواطن المصرى .
نزل عبد ال واشترى كيلو تين وضعه فىا لثلجة انتظارا لساعة الفطار وجلس توفيق يعد الطعام للفطار وجلس معهما ابن عمهما
الضيف .
وفى الساعة الخامسة والنصف تقريبا أراد الضيف الفغانى أن يخرج من الدار لقضاء بعض شأنه ..ذهب معه الخ توفيق ليفتح له
الباب ويغلقه من خلفه ..وعندما خرج الضيف الفغانى من باب الشقة وقبل ان يغلق الخ توفيق الباب اقتحم الدار قرابة ا لثلثين
فى مقدمتهم ثلثة ضباط شرطه ..بسرعة أحاطوا بتوفيق ..وعبد ال وابن عمهما الضيف الذى قال للمقتحمين من أنتم ؟
ـ نحن الحكومة .
ـ من يدرينا أنكم الحكومة ..فيه ناس كثيرون يقولون إنهم الحكومة ويكونوا حرامية ؟ وهنا أخرج بعض المقتحمين بطاقتهم
الشخصية ..
يروى الخ توفيق :أمسكنى الرائد محمد تاج من ذراعى واندفع بى الى حجرة الستاذ عمر التلمسانى ومعه ثلثة أو أربعة من
الرجال وباقى الفراد وزعهم على التليفونات وعلىا لبواب فى الشقتين وبعض الفراد أحاطوا بالخ عبد ال وبالضيف كحارسين
لهما .
والذين اقتحموا حجرة الستاذ عمر أخذوا يفتشون فى أدراج المكتب ويجمعون أوراقا بعينها ..حاولت أن أخرج من الحجرة فأمرنى
أل أخرج وأجلسنى وأخذ يقرأ فى أوراق الستاذ عمر وأخذ منها ما اراد وترك الباقى .
وبعد ان انتهى من التفتيش فى حجرة مكتب الستاذ عمر سألنى عن مكتب مدير الدار
الخ إبراهيم شرف وفتشه وأخذ منه أوراقا ثم فتشوا حجرة الخ الستاذ مصطفى مشهور وجمعوا الكثير من الوراق وأخذوا كثيرا
من الملفات .
أثناء التفتيش سألنى الرائد محمد تاج :متى يحضر الستاذ عمر الى هنا ؟ أجبته الستاذ عمر ل يحضر أثناء النهار الى الدار .
وواصل رجال المن تفتيشهم لجميع مكاتب المجلة وأخذوا أوراقا كثيرة .ز ثم ذهبوا الى الشقة الثانية وهكذا جمع رجال الداخلية ما
حل لهم أن يجمعوه حتى التين الموجود فى الثلجة أكلوه واقتادوا العمال البسطاء معهم فى عربة أمن مركزى الى مباحث أمن الدولة
وطلبوا منهم أن يدخلواالحجز فقالوا لهم :حجز إيه ما هى الجريمة التى ارتكبناها حتى تدخلونا الحجز .ز ووافق رجال الداخلية على
بقائهم جالسين فى أماكنهم بجوار البوفيه ثم طلبوا واحدا بعد الخر وانهالوا عليهم بالسئلة حول عملهم بالدعوة .
وفى منتصف الليل عادت بهم سيارة الى مجلة الدعوة مرة أخرى وقال لهم الرائد :أنت يا توفيق عرفت المكان وعرفت مكتبى أريد
منك أن تزورنى بين وقت وآخر فقال له :أنا ل آتيك فى هذاالمكان لنه مكان مخيف فقال إن شاء ال بعد العيد أعزمك فى منزلى
ونتغدى معا فقال له توفيق :إن شاء ال ووصل العمال البسطاء لمقر المجلة وأعطاهم رجال الداخلية مفاتيح المجلة ونزعوا
المسامير التى كانوا مسمكرين بها الباب .
والسؤال الذى طرح نفسه بشدة :ماذا كان رجال الداخلية يعملون فى مجلة الدعوة ؟ وعم كانوا يبحثون ولماذا هذا التصرف الغريب
للغاية ؟ ولماذا استباحوا حرمة المكان بهذه الصورة المزرية فى شهر مبارك ؟ وهل كانوا يتصورون أن مجلة الدعوة سوف تزخر
ترسانة أسلحة لقلب نظام الحكم ؟
لقد كان هذاا لقتحام الشاذ وغير المنطقى إشارة تحذير لجماعة الخوان لما سيجد من ممارسات وإجراءات هدفها القضاء على أية
معارضة خاصة فيما يتعلق بمعاهدة السلم مع اسرائيل وأحس أنور السادات أن المعارضة التى خدمته فى تفاوضه مع اليهود
واستخدمها كسلح ضغط فى التفاوض تحت دعوى وجود معارضة شعبية للتفاق والصلح مع اسرائيل ـ هذا السلم وضح أنه قد
تعدى المدى والحد الذى تصوره أنور السادات وامتد اليه شخصيا وتعدى مسألة معاهدة السلم الى كل الشئون والمسائل الداخلية .
هنا كانت هذه الفترة ـ أى فى صيف عام 1981حافلة بالتوتر والشحن المستمر ضد المعارضة وتوقع الناس بحسهم المرهف ـ أن
هناك عاصفة على وشك أن تهب لتعصف بكل قوى المعارضة وبدت بوادرها بتدخلت الحكومة فى انتخابات النقابات المهنية
وخاصة فى نقابة المحامين والصحفيين ونادىا لقضاة وفى افتتاحية العدد 65والذى تمت مصادرته كتب الستاذ عمر التلمسانى
مقال بعنوان :لماذا اقتحم رجال الداخلية مقر مجلة الدعوة ؟ كتب يقول " :إن تصرفات العقلء منزهة عن العبث وما من انسان
يتصرف تصرفا معينا إل إذا كان هذاالتصرف نتيجة لشىء سابق أو تحقيقا لغرض لحق ولقد ذهب الناس كل مذهب فى محاولة
الوصول الى السباب والهداف التى حدت برجال الشرطة الى اقتحام دار مجلة الدعوة وتفتيشها والستيلء على بعض الوراق
والمستندات الموجودة بها دون إذن من النيابه ودون تحريز محضر بأحداث التفتيش وفى غيبة كل من فى الدار إل الفراشين وإذا
عن لمتطفل أن يسأل :لماذا لم يقتحم رجال الشرطة الدار إل فى آخر النهار وفى غيبة كل موظفى الدار ؟ فالجواب لهذا المتطفل
كيف يبيح لنفسه أن يسأل من يستطيع أن يفعل ما يشاء ما دام فى يده السلطان لماذا ؟ وكيف ؟ ومتى ؟ وأنى ؟ وبماذا ؟ ولذلك
أرحنا أنفسنا من كل هذه النتساؤلت ؟ لعدم اهتمامنا بما حدث وأسبابه لن ذلك فى حسابنا وتقديرنا من أول يوم عادت فيه المجلة
الى الظهور بعد غيبة طالت سنين والحمد ل الذى جاءت هذه الحداث على هذاا لقدر لن ما خفى قد يكون أعظم عند فاعلية وإن كان
عندنا أهون مما يظن الكثيرون ( وياما دقت على الرأس الطبول ) إن الظلم مقيت ومن يرتكبه فهو ظالم ومن يرفع الظلم عن مظلوم
فهو مثاب من قبل ال مشكور من لناس أجمعين بشرط واحد هو أن يكون رفع الظلم يبتغى به وجه ال حبا فى العدالة والنصاف
أما أن يكون رفع الظلم لشد المظلوم فى مركبة من رفع الظلم فهذا أمر حابط ل ثواب عليه من ال ول شكر له من أحد كما أن ترك
الناس يستمتعون بالحرية التى من ال بها على عباده أمر طبيعى ل يمن به إل إذا اعتقد المان بأنه فضل منه على أحد كما أن
الحرية حق من أغلى وأعز حقوق النسان .
ويمضى عمر التلمسانى قائل :إذا وضحت هذه الحقائق نفعنى ال وإياكم بها ـ فتعال أستعرض معك ما فعله رجال الشرطة بدار
مجلة الدعوة وإنها لحقائق بعيدة عن التزييف والتلوين والتزلف ل يرويها من حضرها من فراشى الدار ولكنها الوقائع ذاتها هى
التى تتحدث عن نفسها بنفسها وقد تنكر وزارة الداخلية وهى ستنكر فعل * ولكن ل النكار يدحضها ول العتراف يدعمها لن الحق
حق سواء ظهر أو حيل بينه وبين الظهور ولعل الذين عاشوا حكم عبد الناصر وكانوا يقرءون حين ذلك ويسمعون من أجهزة العلم
عن عدالة عبد الناصر واستمتاع شعب مصر بحريته فى حكم ذلك الفتى الملهم كما كان يصفه شيخ الزهر المرحوم " الشيخ شلتوت
" غفر ال لنا وله ولعل الذين عايشوا ذلك الحكم البغيض الذى سودت حلوكته كل شىء فى مصر لم ينسوا أحداثه...
* لم تصدر وزارة الداخلية تكذيبا لهذه الحقائق التى ذكرتها مجلة الدعوة وهذا يؤكد قيام رجالها بهذا ،ذلك العهد لن ينسى لن
الذنب لن يبلى والديان ل يموت وما اقتحام دار مجلة مسلمة مصرية إل صورة من صور ذلك العهد الذى ما زال البعض يتغنى
بعظمة حاكمه .ز إننا حيث نحن من موقف المعارضة رضى الحكم القائم أو أبى فما رضاه مغنما ول غضبه مغرما .ولئن لم نصبر
على ما صبر عليه أسلفنا فما أحرانا أن نتخلى عن الدعوة الى ال التى ارتضاها ال لنا لباسا وقد عاهدناه على أل نخلعه مهما لقينا
فى سبيله لن التحمل فى سبيل ال أسمى ما يرتضيه الداعى الى موله ألم يلفتنا ربنا الى هذا فكيف نغفل عنه ول نحمده عليه "
ولنبلونكم بشىء من الخوف والجوع ونقص من الموال والنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا ل
وإنا اليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون " ..ياوزارة الداخلية إننا ندعولك بالهداية ول ندعو
عليك بالدمار لن صلح حالك خير للمسلمين من سوء تصرفاتك وقد يغضبك هذا القول ولكن لو تبينت الحقيقة لعلمت أى خير نريده
لك .وحتى إذا لم تتبينى حسن قصدنا وسلمة صدورنا ومضيت فى هذا السلوب فلتكونى على ثقة أن من عاهد ال على العمل
لنصرته لن تقلقه تصرفاتك ول تصرفات آلف الوزارات من أمثالك هذاأمر انتهى عند الخوان المسلمين فما عادوا يقيمون حسابا
لمن يخاشنهم من أجل دعوة ال وسنظل نعمل ما بقى فينا لسان ينطق وأيد تمسك بقلم وأرجل تسعى الى تحقيق الخير ألكيد إن الذى
يفزع الناس وينزل الرعدة بأوصالهم هو الذى نستهين به فالسجن خلوة والنفى هجرة والتعذيب تكفير والقتل شهادة والموت فى
سبيل ال أسمى أمانينا ..
صادروا المجلة إن شئتم فكلمة ال لن تتوقف لن كل ألسنة المسلمين مجلت وأغلقوا الدار إن أردتم فكل قلوب المسلمين دور لدعوة
ال وافعلوا بالدعاة الى ال ما حل لكم فالدعوة ليست دعوتهم ولكنها دعوة ملك الملوك الجبار الذى ل يقهر والقوى الذى ل يغلب
والباطش الذى ل يهن ول يدحر " إن بطش ربك لشديد أنه هو يبدى ويعيد وهو ا لغفور الودود ذو العرش المجيد فعال لما يريد “
ولعل كلمات عمر التلمسانى كانت احساسا واستشفافا صادقا لما سيجرى بعد ذلك على ساحة الحداث لقد قالها واضحة لنور السادات
فى عبارة موجزة “ أما أن يكون رفع الظلم لشد المظلوم فى مركبة من رفع الظلم عنه فهذا أمر حابط ل ثواب عليه من ال ول شكر
له من أحد “ وأوضح للنظام القائم أن الخوان المسلمين يتوقعون كافة وسائل التنكيل والتعذيب بدءا من مصادرة المجلة ( وحدث
ذلك بالفعل وفى نفس العدد الذى كتبت فيه هذه الكلمات ) وأغلقت ا لدار بالفعل بعد ذلك وأودع كتابها السجون ويقول الستاذ عمر
التلمسانى :لعل ما فجر الخلف مع أنور السادات هو موقفنا من معاهدة السلم مع اسرائيل ومن استقراء الحداث يمكن أن يستتنتج
النسان خطأ أو صوابا :أن معاملة السادات للخوان كانت تنفيذا لهذه المعاهدة أما ما حدث من مصادمات مباشرة تمثلت فى حادث
اقتحام مجلة الدعوة فنحن ما ظننا فى يوم من اليام أن القوى التى تخاصم الخوان المسلمين فى الداخل والخارج ستتركنا نسير فى
طريقنا آمنين وكنا نتوقع فى كل وقت أنه قد يحدث شىء فهم اسفروا عن وجههم باقتحام دار المجلة وبالرجوع الى العداد الخاصة
بهذين الشهرين يمكن تبين كل الحداث ومواقفنا ورأينا فى هذا العمل الذى لم يكن له داع على الطلق .
الفصل الحادى والعشرون
وعادت المعتقلت
كما قلنا ـ بأن المواجهة ازدادت احتداما بين أجهزة المن وجماعات وأحزاب المعارضة فيما تمثل فى مصادرة بعض أعداد من
جرائد ومجلتالمعارضة وتكثيف نشاط أجهزة القمع داخل الجامعات للحد من خطورة ونشاط الجماعاتالسلمية وكان ما كان من
اقتحام مجلة الدعوة بشكل مريب غير قانونى أو دستورى ..وقلنا أن أنور السادات كان يهدف من نشاط المعارضة فيما يتعلق
بعلقاته مع اسرائيل أن يرى اليهود ديمقراطية حكمه وأن هناك نشاطا معاديا لمعاهدة السلم ونشاطه فى محاولة كسب الرأى ا لعام
المصرى لتسيير عملية تطبيع العلقات فى مسارها المرسوم لها طبقا لنصوص وبنود معاهدة السلم واتفاقية كامب ديفيد قبلها ..
وخلصنا الى أ ن موقف الخوان مبدئيا كان معارضة التصالح مع اليهود لسباب عقيدية انطلقا مما نصت عليه آيات وسور القرآن
الكريم فى شان اليهود وخصالهم ولم يتطرق أى عضو من الجماعة لستخدام أسلوب آخر غير أسلوب الكلمة فى معارضة هذا الصلح
.
ثم جاءت عملية ـ وبشكل أدق ـ " لعبة " الفتنة الطائفية ليختلط الحابل بالنابل ومقولة :إن الخوان المسلمين كان لهم دور فى
إذكاء شعلة الفتنة ا لطائفية بين مسلمى مصر وأقباطها وهى مقولة مدحوضة تماما ويكذبها الدور الذى قام به عمر التلمسانى
وبعض أقطاب الخوان فى إخماد نار الفتنة فى مهادها فى منطقة الزاوية الحمراء ـ ولعل هناك شاهدا على قيد الحياة يشهد بذلك
الدور وهو " محمد نبوى اسماعيل " وزير الداخلية السابق ـ حيث نزل عمر التلمسانى فى عدة مرات آخذا بأسلوب الحوار فى
محاولة تهدئة المور فى المنطقة المشتعلة ـ بل كانت مجلة الدعوة أمينة فى طرحها لحداث الزاوية الحمراء حين دعت لشجب
مسألة الفتنة الطائفية ودعت الخوان المسيحيين للتعقل والحكمة رغم ما بدر منها من تصرفات مشينة من بعض المتطرفين القباط
.
وقد قال عمر التلمسانى فى حديث لمجلة المصور * بعد خروجه من العتقال ـ الذى سيرد ذكره ل حقا ـ قال لم نشهد ما يسمونه
فتنة طائفية فى مصر إل فى السنين الخيرة وأنا أعمل فى السياسة منذ 50عاما ولم أر مثل هذه الصورة من قبل ..مصر ليس فيها
فتنة طائفية لنك ترى عيادة الطبيب المسيحى وبها الكثير من المسلمين ومكتب المحامى المسلم يمتلىء بالعديد من المسيحيين إن
الفتنة الطائفية فى رأيى شعار تسرب الى مصر لزعزعة المن وخلق شقاق بين طائفتين من أبناء هذه ألمة لقد كان معى فى
مستشفى قصر العينى " الب صمويل ط قسيس إحدى كنائس السكندرية وما زال موجودا بالمستشفى أخبرنى إن الذاعات التى كان
يسمعها صورتنى له وحشا تقطر أظافره دما فلما رآنى وعاش معى قال لى :أنا الذى سيتول الدفاع عنك فى كل المواقف " كما قال
الستاذ صالح عشماوى فى نفس العدد ليس هناك ما يسمى ذلك فجميعنا إخوة شركاء فى وطن واحد ..لقد كنا نشترى ورق مجلة
الدعوة من رجل مسيحى يعاملنا معاملة تفوق معاملة الكثير من المسلمين .
ولكن فى هذه الفترة طفت فوق السطح أمور غريبة ..فقد وصلت الى كثير من البيوت المسلمة منشورات أرسلت أحيانا بالبريد
وأحياناأخرى وجدت تحت البواب تهاجم السلم وتهاجم رسول البشرية صلوات ال عليه وسلمه عليه مما أثار علمات قلق عن
مصدر تلك الرسائل المشبوهة والمسمومة .
ثم وصلت المواجهة ذروتها بين السادات ومعارضيه .
* أحداث 3سبتمبر : 1981
غير بعيد عن الذهان الخوة القراء ما وقع من أحداث فى ذلك اليوم فقد انطلقت قوافل مؤلفة من عشرات السيارات من المن
المركزى ورجال الشرطة السريين يقودهم مجموعات من ضباط الداخلية وطرقت أبواب اللف من كافة ا لتيارات السلمية
والشيوعية وأحزاب المعارضة والصحفيين والمحاميين وغيرهم ليودعوا فى كافة سجون مصر الفرعية والمركزية ..وخرجت
صحف القاهرة فى اليوم التالى بعناوين ضخمة من التحفظ على مثيرى الفتنة الطائفية وأحس الناس أن هناك إنقلبا فى تصرفات
وتوجهات أنور السادات وأن ا لصدام الذى أحسوا به ل ئحا فى الفق قد وقع والغريب بل والشد غرابة فى نوعيات الذين تم التحفظ
عليهم والتهمة الموجه اليهم هى " الفتنة الطائفية " فمن بين من تم التحفظ عليهم كتاب ماركسيون وما يدعون أنفسهم ناصريين
وأعضاء الجماعات السلمية وبعض العناصر المسيحية وأقطاب أحزاب المعارضة
وكان من بين الذين تم اعتقالهم رهن التحفظ الستاذ عمر التلمسانى الذى يروى قصة اعتقاله قائل :جاءونى يوم الخميس الموافق
3سبتمبر 1981وفى الساعة السادسة صباحا وعلى رأسهم اثنان من الضباط ومعهم ستة من المخبرين السريين والحقيقة انهم
كانوا مؤدبين وكانت __________
عندما دخل الستاذ عمر التلمسانى السجن كان عمره 77عاما
أحاديثهم معى مهذبة ومؤدبة وطلبوا منى أن أصحبهم الى قسم الظاهر فذهبت معهم الى هناك ثم أخذونى الى ليمان طرة وظللت
طوال يوم 3سبتمبر فى طرة الى العشاء تقريبا حيث حضر مدير السجن وأرسلوا لى فى الزنزانه لقابله وأخبرنى أن هناك توصيات
من السيد وزير الداخلية " محمد نبوى اسماعيل " بأن أعامل معاملة مريحة وطيبة وخاصة وصحبونى الى مستشفى ليمان طرة الى
الدور الثانى وكان هذا ا لدور مشغول بالمرضى من المسجونين العاديين ووضعت فى حجرة كان يقيم فيها " شمس بدران " وفى
اليوم التالى أخلوا هذاالدور من كل إنسان ولم يبق سواى وانقطعت أى صلة لى بالناس كأنى فى سجن انفرادى ل أرى فيه أحدا إل
نادرا ..كانت مقابلت الضباط ومدير السجن مقابلت مهذبة ومؤدبة إنما المعاملة كانت فى منتهى الفظاعة لنه أحيانا كان يمر يوم
كامل بساعاته دون أن يحضر لى طعام وأحيانا كان يأتينى طعام الفطار فى ا لساعة الثانية ظهرا أو الثالثة بعد الظهر ..دورة المياه
لم تكن معدة لمن هو فى مثل سنى ..فكنت أقاسى من هذه ا لمسائل مقاساة ومعاناة متعبة للغاية ..كنت أنا الذى أغسل الطباق
التى آكل فيها ا لعدس والفول وهذا منتهى ما كان يصل الى ..ولكن كان بعض المسجونين عندهم من الشهامة الكثير وكانوا
يرسلون الى ما يستطيعون فى السر والخفاء من الطعمة والمأكولت وظللت على هذاا لحال حتى يوم 12نوفمبر عام 1981حيث
أرسل لى السيد وزير الداخلية واستصحبنى بعض الضباط لوزارة الداخلية حيث تحدث معى الوزير حديثا طويل فى الموقف وأنهى
الحديث بقوله :تحب تروح مستشفى قصر العينى فكان ردى عليه :إنه يستوى عندى ليمان طرة بقصر العينى بأى مكان تضعنى
فيه الحكومة لنه ليس لى طلبات ول أريد شيئا وفى عصر ذلك اليوم حضر بعض الضباط واستصحبونى لمستشفى قصرالعينى
واعتقد أن متاعب السجن كلها انتهت بوجودى فى مستشفى قصر العينى لن المعاملة هناك كانت طيبة جدا والعناية الطيبة كانت
فائقة وليس لى شكوى فى هذا .
وقد بلغ عدد المتحفظ عليهم حسب مصادر أجهزة المن 1536من كافة التيارات الدينية والسياسية وغيرها .
** خطاب السادات العنيف :
ع قب حر كة العتقالت الوا سعة ت حت أ سم " التح فظ " أل قى أنور ال سادات خطا با عني فا ت حت ق بة مجلس الش عب ..و قد حل لب عض
الصحف المسماه بالقومية بإطلق شعارات فاقعة اللون على هذا الخطاب وما ورد فيه من قرارات لحماية الوحدة الوطنية بما شمله
من اعتقال اللف وإبعاد الكث ير من ال صحفيين خارج مؤ سساتهم وعزل الن با " شنودة " والدعوة الى ال ستفتاء على هذه القرارات
على مستوى الشعب ووضعت هذه ا لصحف الخطاب بأنه ثورة 5سبتمبر * ..
ول عل أ هم ما تناولة أنور ال سادات فى خطا به ويتعلق بالخوان الم سلمين والجماعات ال سلمية هو قوله " بدأ نا ن سمع حا جة ا سمها
الجماعات ال سلمية ..إن ها بعيدة عن الخوان الم سلمين " " الخوان الم سلمين دى حا جة والجماعات ال سلمية دى حا جة تان ية " "
بادىء ذى بدء عايز اقول لكم حاجة الخوان المسلمين كجمعية غير موجودة رسميا وغير شرعية .لنه بمقتضى قرار مجلس قيادة
الثورة الجمعية محلولة وبالتالى ل حق لها فى إصدار جريدة وهى الدعوة " " وعايز أضيف حاجة ..أما شفت النبا شنوده وشفت
التلمسانى وقلت له هذا الكلم اللى بقوله لكم الن :
" يا تلمسانى الجمعية غير شرعية بمقتضى قرار مجلس قيادة الثورة ..اكتبوا طلب جديد وابعتوه الى وزارة الشئون الجتماعية
عشان تسجلوا الجمعية من جديد الى أن يتم هذا بالروح اللى احنا عارفنها وبالروح التى خلتنى أقول لشنودة ياأخى بلش 30،35
كنيسة
" قلت للتلمسانى كمل وقدم الطلب والجريدة علشان تاخد وضعهخا بس ل دين فى السياسة ول سياسة فى الدين " .
" وللسف فإنه من الجانبين سواء من الجماعات السلمية والخوان المسلمين أو من ناحية النبا شنودة والكنيسة القبطية ..الى أن
وصلنا الى عملية الزاوية الحمراء "
" التلمسانى لما جانى كان عندى فكرة أنه أدخله مجلس الشورى باعتبار أن فيه لنا جزء بالتعيين فيبقى فيه أقباط معينين وأعين
أيضا التلمسانى عشان داخل المجلس الناس تبتدى تعرف بعضها وزى ما قلنا مجلس الشورى ده مجلس العيلة ..ما كنتش أعرف
أبدا أن هناك للخوان والجماعات السلمية وزى ما هاوريكم دلوقتى ما فيش حاجة اسمها إخوان مسلمين وجماعات اسلمية كله
واحد ..الخوان المسلمين أتارى لها تار مع ثورة 23يوليو تار ليه ؟ لكن ما بقيتش فاهم بدليل أنى شفت التلمسانى شفته فى
السماعيلية وأنا باجمع فى رمضان الجماعات السلمية ندهت له وقلت له :مش عيب يا تلمسانى فى مجلة الدعوة بتاعتك تكتب أن
أمريكا بعتت لممدوح سالم وهو رئيس وزراة تقول :اضرب الجماعات السلمية أحسن دول خطر عليكم وموش عيب هو احنا بنقبل
تبليغات من حد وهو أنا لما كان فيه سبعتاشر الف خبير سوفيتى وشميت ريحة من التحاد السوفيتى محاولة فرض إرادة علينا
طلعتهم فى اسبوع ده قلته قدامه له ما قدرش يرد "
" فقال شوف عدد الدعوة اللى هية زى ما قلت لكم جمعية غير شرعية الدعوة وجمعية الشبان ا لمسلمين غير شرعية زى ما قلت
للتلمسانى قلت له روح سجل وخذ الذن له من هنا لهناك خللى الدعوة ماشية بس ل سياسة فى الدين ول دين فى السياسة ..تعالوا
بقى للعدد بتاع أغسطس 81بتشتم العرب التلمسانى بيقول لهم عقدت مصر معاهدة السلم مع اسرائيل وعارضناها من أول لنها
كانت ول تزال شر من جميع نواحيها وعلت صرختكم غضبا وكنا نظن أنكم ستفعلون شيئا ينقذ المسلمين من أخطار هذه المعاهدة
الفظيعة "
" بيستعدى على بلده لنه هو الرجل المسئول عن الدين وعن السلم ولى ال على الرض وبيهاجم العرب إزاى إحنا نعارضها وأنتم
ما تعملوش حاجة وتكتفوا بالكلم بس "
" وبعدين يكتب واحد من الكتاب بتوعهم فى نفس العدد أول وقبل كل شىء ..فى صفحة 8ونحن نرفض فكرة فصل الدين عن
السياسة وما يترتب على ذلك بعدم إقامة أحزاب سياسية على أساس دينى وعدم اشتغال الجمعيات الدينية بالسياسة ..بمنتهى
الوضوح كده دا واحد من اللى بيكتبوا فى الدعوة ومن الخوان المعروفين أنا محيرنى كان إيه ؟ الخوان فعل خلل 18سنة قبل ما
أتولى رئاسة الجمهورية حصل معركتين معاهم المعركة الولى كانت فى 54زى ماأنتم فاكرين انحلتالخوان وحاولوا يموتوا عبد
الناصر فحصل اللى حصل وقبض عليهم واتصفت الجمعية والجهاز السرى و " المرفقعات " وكل اللى انتم عارفينه .
العملية الثانية كانت فى 65ـ طيب أنا لما جيت عام 70طلعت جميع الخوان من السجن اللى محكوم عليه أعدتهم لوظائفهم صرفوا
لهم فرق الماهية اللى كانوا مسجونين بيها أنا اعتقدت أن الموضوع خلص اتصفى وانتهى ل شغل اللى يقولوا عليه التقية ..بس
التقية ما هياش عندنا احنا السنة ..المسلمين السنة فأتاريهم كانوا بيكلمونى بلسان إنما ل دا تارهم مع ثورة 23يوليو وقعدوا
الوقت ده كله يرتبوا والجماعات السلمية وغيره لليوم المعهود وعلى هذا " كمالة المقال " ده " فالخوان المسلمون ل يطلبون الحكم
لنفسهم فإن وجدوا من ألمة من يستعد لحمل هذا العبء وأداء هذه المانة والحكم بمنهاج إسلمى قرآنى فهم جنوده وأنصاره
وأعوانه وإن لم يجدوا فالحكم من منهاجهم وسيعملون لستخلصه من أيدى كل حكومة ل تنفذ أوامر ال "
" طيب أداء المانة والحكم بمنهاج إسلمى قرآنى ..مين اللى يحددوه هم اللى يحددوه طبعا وعليه كده بوضوح وبعدين لقيت ما هو
أخطر صورة أنا وبيجن وكارتر فى كامب ديفيد اللى بنسلم فيها على بعض وبعدين كاتبين تحت الصورة " فى كامب ديفيد خرجت
مصر من ساحة الجهاد خرجت مصر من ساحة الجهاد ده اللى بيقولوه أعداء مصر وجبهة الرفض القذافى وحافظ السد اللى بيقتلوا
شعوبهم واللى بيسجلوا واللى فى إيران كل يوم بيندبح 70، 50،60وبيتنسف من الناحية الخرى 70الجرأة والبذاءة دى ما هو بقى
أخطر ".
" " العنوان مقالة أمريكا والتآمر على مصر المسلمة " فى نصف المقال بيقول إيه اللى هو عدد أغسطس 81ولقد ابتدعت الوليات
المتحدة المريكية أسلوبا إجراميا للمجىء بهؤلء الحكام هو بيتكلم عن الحكام اللى بيتعاونوا مع أمريكا أو أنجلترا أو فرنسا أو مع
الستعمار عموما هو أسلوب النقلبات العسكرية الذى كان أخطرها على الطلق انقلب 23يوليو الذى سمته المخابرات المريكية
على لسان رجلها مايلز كوبلن العملية الكبرى ..ولقد جاء هذا ا لنقلب بالنموذج الكامل لشخصية الحاكم العميل الذى تطابقت
ملمحه الشخصية مع ما رسمته المخابرات المريكية واستطاع أن يؤدى الدور المرسوم له بعبقرية إجرامية فاقت خيال الذين جاءوا
به ..على عبد الناصر وموش عبد الناصر بقى ل ..ده انا اللى أعلنت ثورة 23يوليو ده انا اللى اعلنتها الصبح ده أنا اللى اترفت
من الجيش واتحبست واعتقلت وجعت وشردت على ما رجعت بعد 8سنين للجيش تانى وعملنا ثورتنا سنة 52الكتاب اللى بيستشهد
به بتاع ما يلزكوبلن ..مايلز كوبلن دا صحيح رجل من السى .آى إيه " "
" البعض بيسأل بره بيقول :ال طيب الفتنة الطائفية طيب جايبين التانيين دول ليه العملية كلها حلقة واحدة وتنسيق واتحدة ..ثورة
23يوليو زى الثورة الفرنسية تمام بالنسبة لمصر وزى ثورة أمريكا بالنسبة لمريكا فلما ييجى بالبساطة يكتب بهذة فلما بهذه
البذاءة والتهجم والجرام دى ثورة شعب طلع من جديد وكان محكوم عليهم اتعلموا وعادت الحقوق لصحابها ..كامب ديفيد ما
خرجتش مصر من ساحة الجهاد .ده أسيادهم اللى بى ولوهم ولزم يدفعوا ثمنه وثورة 23يوليو أنا طلعت غلطان كان لزم أخليهم
فى مكانهم " تصفيق حاد "" زى ما حاحكى لكم كل من مهد أو ساند أو جند من أحزاب ..من مشتغلين بالحياة السياسية ..من
صحفيين ..من أساتذة جامعة ..لن أرحمه أبدا "
ثم قرأ السادات القرارات التى قيل أنها لحماية الوحدة الوطنية وإخماد الفتنة وشملت قرارات التحفظ والنقل والفصل لوظائف أخرى
وحل عدد من الجمعيات الدينية السلمية والمسيحية ومصادرة مجلتها والدعوة لستفتا ء شعبى .
وهكذا نجد أن أنور السادات ألقى بجميع أوراق اللعبة على مائدة توجهاته نحو جماعة الخوان ..فهو قد كشف بوضوح ندمة على
إخراج الخوان من السجون وحنقه من مواقف الخوان المعارضة لمعاهدة السلم والغريب أن أنور السادات أشار الى أن عمر
التلمسانى من أسباب الفتنة فى حين أنه فى إحدى خطبه السابقة قال إن المؤتمر الدائم للجماعات السلمية كان له دور مشكور فى
إخماد الفتنة وكان التلمسانى رئيسا لهذا المؤتمر والغريب أن الحضور فى المرتين صفقوا له *
كما لم يكمل السادات حديثه فيما يختص بعرض دخول عمر التلمسانى مجلس الشورى وهو اعتذار التلمسانى عن قبول هذا العرض
شاكرا وذلك فى أحد اللقاءات الثنائية بين السادات والتلمسانى فى القناطر الخيرية .
ولقد كشف أنور السادات فى هذا الخطاب ما بينه وما بين جماعة الخوان حين قال :إن هناك " تار بايت " بين الخوان المسلمين
وثورة 23يوليو ولكن استقراء الحداث يقول :إن مسألة النتقام لم تكن فى ذهن أى عضو بجماعة ا لخوان وإنما تركوا المسألة
برمتها للعزيز الجبار المنتقم وكان واضحا أن تهمة الفتنة الطائفية كانت فى ذيل التهامات الموجهة للخوان المسلمين وكان على
رأس القائمة موقف الخوان من معاهدة السلم ـ حيث كان صوت الخوان من المعاهدة أعلى وأبرز الصوات معارضة لها ـ دون
تطرف وإنما فى حدود الكلمة وبالحسنى فقط وتوالت خطب وبيانات ا لسادات فتحدث مع مراسلى الصحف الجنبية وكان واضحا
للرأى العام المصرى حالة التوتر والعصبية التى كانت تسيطر على السادات وحديثه لحد المراسلين قائل " :لو لم تكن فى بلدى
لطلقت عليك الرصاص " حينما حاول المراسل الربط بين زيارة مناحم بيجن لمصر وزيارة السادات لمريكا وما حدث بعد ذلك من
حملة اعتقالت لكل صوت معارض فى مصر .
ثم كان بيان السادات للشعب حيث واصل حملته على جماعة الخوان وروى قصتها مع الضباط الحرار وحرص السادات على الربط
بين نشاط الجماعات السلمية والخوان المسلمين بل مضى الى أكثر من ذلك فى قوله :عبر السنوات الثلث الماضية بقى
الجماعات السلمية بدأت طبعا ومعاها الخوان المسلمين لنه زى ما قلت لكم الجماعات السلمية هى الجهاز السرى للخوان
المسلمين "
ويقول عمر التلمسانى :لقد كان شائعا فى صفوف المصريين حتى رجل الشارع أن زيارة بيجن التى انتهت فى السكندرية والتى
انتهت بأحداث 3سبتمبر 1981كانت هى السبب الحقيقى فى كل ما جرى فى مصر بعد ذلك .
ويضيف التلمسانى :ل شك أن السلوب الذى سلكه السادات فى آخر أيام حكمه وما شاع من أن هناك إصلحات فى سجن الطور
لقامة معتقلت دائمة الى آخره يدل على أنه كان سيسلك نفس الطريق الذى سلكه عبد الناصر ولكن فى هذه المرة الجميع إخوان
وغير إخوان ووفديين وشيوعيين وغيره بالجملة .
** تحقيقات المدعى الشتراكى :
وبعد عدة أسابيع من التحفظ على ال 1536حسب المصادر الرسمية ـ بدأت التحقيقات تجرى يوميا فى مكاتب المدعى الشتراكى
وقد استغرقت التحقيقات مع عمر التلمسانى أربع جلسات على مدى شهر كامل ويقول الستاذ التلمسانى " :لقد سألونى عن كل
المحاضرات والمقالت التى كتبتها منذ خمس سنوات لن المباحث العامة قدمت مذكرات تحوى كل تحركاتى وكتاباتى وحسبت أيضا
خطواتى فى السنوات السابقة على هذا العتقال ..حتى أنى قد ألقيت محاضرة فى نقابة المحامين عن الحرية فى السلم وذكرت
فيها “ أن مصر تتمتع بجزء قليل من الحرية ولكننا نريد حريات أوسع وأكبر حتى تأخذ الحرية وضعها الصحيح فكانت مذكرة
المباحث :إن عمر ألقى محاضرة فى الحرية ولم يقولوا إنها كانت مع الحرية أو ضد الحرية وكانوا يقتطعون بعض العبارات من
المقالت ويرسلونها فى مذكرتهم المدعى الشتراكى كدليل على أننى أقاوم الحكم القائم حتى أن المحقق لما سألنى عن أحسن نظم
الحكم قلت له :الخلفة السلمية فكان بدوره يسأل أيضا أليس فى هذا معنى لقلب نظام الحكم وتغيير النظمة فى مصر ؟ فقلت :هذا
فهم عجيب لن الخلفة السلمية ليس معناها أن أنور السادات سيطاح به من الحكم أو يتغير ونفس الشتراكية أخذت الكثير من
المبادىء ولكنها ل تحتاج إل لشىء من التعديل ل أكثر ول أقل ..فنحن ما فكرنا فى يوم من اليام ل فى مؤامرات ول فى قلب الحكم
ول فى إزالة حاكم ول غيره من هذه الشياء .
ويضيف عمر التلمسانى فى المرة ا لرابعة شكوت من سوء المعاملة بل ورفضت إجراء التحقيق معى والسبب أنه فى كل مرة عندما
يدار التحقيق كنت أطلب من السيد المحقق أنه يتصل بإدارة السجن لتعديل المعاملة التى كنت أعامل بها لدرجة أننى قلت له :إنهم
يقتلوننى جوعا فلم أجد نتيجة لكلمى ففى المرة الثالثة أو الرابعة عندما بدأ سؤالى قلت له :لن أجيب على أى سؤال من هذه
السئلة ما دامت المعاملة على هذه الصورة وأنتم ل تتدخلون ولم أر شيئا مما حدث ولكننى أريد القول :إن المعاملة لم تكن مخاشنة
من ضباط السجن أو رئيس السجن وإنما الحقيقة أنهم كانوا فى منتهى الدب معى ..إنما التصرف المادى من ناحية الكل والطعام
والراحة وقضاء الحاجة كانت مفقودة تماما ..أما بقية المعتقلين فكنت معزول عنهم فى سجنى النفرادى وكنت أسمع أنه كان هناك
بعض المضايقات وكان بعض الذين يترددون على المعتقلين فى مختلف السجون وكان منهم أفراد يعملون فى المنشآت التى كانت
تقام فى الطور كانوا يقولون :إن هناك إعدادا تاما لقامة كل من سيحكم عليه فى قضايا القيم او العيب بالرسال الى الطور ويظل
هناك حتى نهاية حياته سواء كان وفديا أو شيوعيا أو إخوانا مسلمين أو جميع الهيئات التى تنكر لها السادات وألقى القبض على
قادتها وزعمائها .
" " وقد قال عمر التلمسانى خلل التحقيقات :لقد دعوت سابقا للرئيس أنور السادات بطول العمر والن فإننى أسحب هذا الدعاء ":
وفى الجلسة الولى للتحقيقات تدافع أكثر من 30محاميا للحضور مع الستاذ التلمسانى مماأضطر مكتب المدعىا لشتراكى
لقصرالحضور على عدد محدود منهم وقدم لهم عمر التلمسانى شكره على تطوعهم للدفاع عنه وانصرف الباقى وقد استمرت
التحقيقات فى بعض الحيان أكثر من 10ساعات وقد طلب الستاذ عمر التلمسانى أكثر من مرة حضور وزير الداخلية ( نبوى
اسماعيل ) كشاهد على ما يقوله حول دوره فى أحداث الزاوية الحمراء وغيرها من المواقف وقد منعت الزيارة أو التصال عن كل
المعتقلين خلل فترة حكم أنور السادات ومنعت عنهم كل وسائل المعرفة بما يدور خارج المعتقلت وكان الشىء الوحيد المسموح به
هو إرسال الملبس والنقود للكانتين " فقط وعدا ذلك يدخل قائمة الممنوعات .
ويقول الستاذ عمر التلمسانى :وفى مجال التحقيقات فقد ذكرت أنه كان مضيقا علينا بصورة غير معقوله وهذا الكلم قلته لوزير
الداخلية السابق قلت إنكم ركزت كل مسئولياتكم على الخوان المسلمين وتركتم هذه الجماعات وقد بلغته أكثر من مرة دعونا أعطونا
فرصة لكى نفهم الشباب ..إن هذه الجماعات الدينية تعتبر الزهر وعلماءه موظفينرسميين ..دعونا نحن ولم يمكنونا وفى بعض
الحيان كان وزير الداخلية يرسلنى الى بعض كليات الجامعة وحين كنت أخطب فى ا لشباب كانوا يتقبلون كلمى ونصيحتى ضد
التظاهر وضد العنف وضد الضراب وضد التخريب والعتصام كل هذه المظاهر كنت أقاومها بمنتهى الوضوح ومنتهى الصراحة وفى
الزاوية الحمراء أنا أول انسان اتصل به السيد نبوى اسماعيل وأول إنسان خدمته فى هذا " ..
ومن نافلة القول أنا لسادات أراد فى ضربة واحدة تصفية كل قوى المعارضة التى اقلقت مضجعه وهزت كيانه السياسى وكشفت
الكثير مما يعانيه الشعب من نظامه خاصة البعد القتصادى والزمات المتوالية التى غرق فيها الناس فى ظل وعود بتحقيق رخاء
وهمى ربما تحقق للبعض من استثمار سياسة النفتاح وما تكشف عنها من ثراء غير مشروع للكثيرين وتضارب القوانين القتصادية
وتفصيلها على البعض من المستفيدين من هذه السياسة ولعل الماضى القريب يذكر وقفات أنور السادات التى أسماها " موضوعية "
وهى تعكس تراجعات السادات المستمرة عن المضى فى سياسة إتاحة الفرص للراء المعارضة أن تقول كلمتها ولقد وصل أنور
السادات لذروة إثارته العصبية بعد أن نجحت طبول الدعاية الغربية فى تصويره أنه أحد معجزات الزعامة فى القرن العشرين بعد
مبادرته واتفاقيات كامب ديفيد ومعاهدة السلم ولم يتصور السادات للحظة أنه يمكن أن يقف أمامه رأى معارض بعد ما حققه من
أمجاد لذلك فقد رتبت مذبحة 3سبتمبر للطاحة بأصحاب كل التجاهات وعلى رِأسها الخوان ا لمسلمون العدو رقم " واحد " لنور
السادات لما تمتعوا به من ثقة المصريين ولعتمادهم فى دعوتهم على كتاب ال وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم وخاصة فى
موقفهم من الصلح مع اليهود فى من حديد مقاليد المور حتى ل يفكروا فى الطاحة به وحتى يقف على قدم المساواة فى مفاوضات
الصلح مع صديقة الجديد مناحم بيجين زعيم الراجون الرهابى " السابق " وفى نفس الوقت فقد خرجت تحليلت خارج البلد وخاصة
فى المجلت النجليزية والمريكية تقول :أن ما يحدث فى مصر الن من حملة ضخمة للعتقالت سوف تفجر موجة من الغتيالت
السياسة حيث ستنشط التنظيمات السرية ( فى القاع 9بعد اختفاء التنظيمات الرعية ( فى القمة ) وأن مصر سوف تشهد موجة من
الغليان وعدم الستقرار بعد وقوع هذه الحداث الجسام .
ـ وهذا ما حدث بالفعل !!
إغتيال السادات
الفصل الثانى والعشرون
أسفرت موجة العتقالت التى جرت أحداثها صبيحة الثالث من سبتمبر 1981والتى شملت حسب المصادر الرسمية 1536تم
التحفظ عليهم فى سجون مصر المركزية عن موجة صامتة من الغليان وسط فئات وطوائف الشعب المصرى الذى تعاطف معظم
أبنائه مع من دخلوا المعتقلت التى عادت للظهور ـ وكانت خطوة إغلقها إحدى مفاخر عهد السادات بغض النظر عن الستفتاء
الذى جرى عقب حركة العتقالت لنه ل بد أن نجنب جميع الستفتاءات التى جرت خلل عهدى عبد الناصر والسادات جانبا لعدم
جديتها وصدقها فى إظهار مواقف الشعب المصرى ولنها لم تكن تقل فى تأييدها لمواقف النظام الحاكم عن نسبة التسعين فى المائة
وربما ل تقل عن % 95فى أحيان كثيرة !! وأحس الناس بأن هناك نارا تحت الرماد وأن " شطحات " السادات ل بد وأن تقوده فى
النهاية الى مصير محتوم ..وقد كان .
ففى الذكرى الثامنة لحتفال مصر فى السادس من أكتوبر بالنتصار الكبير على العدو الصهيونى وأثناء الستعراض العسكرى الذى
جرت أحداثه فى أرض الستعراض بمدينة نصر هو موقع أختير لقامة العروض العسكرية توقفت إحدى المركبات العسكرية أمام
المنصة التى كان يجلس عليها السادات وكبار رجال الدولة واندفع أربعة من العسكريين نحو هذه المنصة حاملين الرشاشات والبنادق
ليسددوها نحو المنصة ليسقط السادات قتيل فى الحال كما لقى عدد من العسكريين والمدنيين مصرعهم .
وعقب وقوع الحادث سادت موجة من الضطراب والفوضى ونزلت قوات الجيش لمحاصرة مخارج ومداخل القاهرة والمدن الكبرى
والسيطرة على المنشآت الحيوية ومع قدوم عيد الضحى المبارك عقب الحادث بيومين سادت مصر موجة من العنف خاصة فى
محافظات الصعيد وبالتحديد فى محافظة أسيوط حيث اشتبكت مجموعة من الجماعات الدينية مع قوات البوليس راح ضحية هذه
الشتباكات عشرات من الضحايا من الطرفين ومن المدنيين البرياء ـ وجرت فيما بعد محاكمة أعضاء هذه الجماعات فى قضية أمن
الدولة العليا تحت اسم تنظيم الجهاد وعقب اغتيال السادات جرت عملية انتقال السلطة حيث عين ـ بمقتضى الدستور الدكتور صوفى
أبو طالب رئيسا مؤقتا للجمهورية لحين إجراء النتخابات ودعى أبناء الشعب المصرى لحضور النتخابات والتى انتخب فيها الرئيس
محمد حسنى مبارك رئيسا للجمهورية خلفا للرئيس الراحل السادات .
أما الغريب فهو كيف استقبل أبناء الشعب المصرى اغتيال السادات فقد استقبلوه بنوع من الوجوم والذهول ـ على عكس ما جرى
بشكل غريب من موت عبد الناصر والغريب أيضا أن وزارة الداخلية كانت قد أعلنت قبيل اغتيال السادات ببدء السماح بزيارة
المتحفظ عليهم والسماح لهم بالملبس والمأكولت وتم إلغاء هذا السماح بعد الحادث .
وبينما كانت تجرى تلك الحداث كان المتحفظ عليهم يتابعون أيضا هذه الحداث ويقول الستاذ عمر التلمسانى " :أنا بطبيعتى أكره
العنف وكنت أفضل أن يترك أمر أنور السادات الى أن تكشف أعماله عنه صراحة فيعرف المصريون من هو أنور السادات ؟ إنما لم
أحزن ولم أفرح ..المسألة كانت عادية بالنسبة لى إنما يشهد ال أننى لم أهتز ل فرحا ول تأسيت على كل ما تم وإنما قلت :هذا
قضاء ال وأنا أعارض العنف فى مواقفى وكتاباتى كلها ..أنا استنكرت بكل قوة العنف أو القتل أو الغتيال " وبالرغم من معاناتى
فإنى أمقت هذا الذى حدث من كل قلبى ذلك لن السلم ل يعرف الغتيال السياسى *
وقد حجبت أجهزة المن المصرية أسماء من قاموا بعملية الغتيال لعدةأيام وأعلنتها فيما بعد وقبيل محاكمة من قاموا بها " واتضح
من التحقيقات أن المجموعة التى نفذت عملية الغتيال تكونت من أربعة أفراد يقودهم ضابط شاب اسمه خالد شوقى السلمبولى
وضم للمجموعة المنفذة شاب آخر ويعمل مهندسا اسمه محمد عبد السلم فرج وقدموا للمحاكمة العسكرية التى بدأت جلستها يوم
21نوفمبر 1981أى بعد مضى 45يوما على اغتيال السادات حيث صدرت عليهم أحكام بالعدام لخمسة منهم وحكم على الباقين (
18متهما ) بأحكام تتراوح بين الشغال الشاقة المؤبدة والسجن لمدد متفاوتة ورأس هذه المحكمة اللواء دكتور سمير فاضل
وعضوية اللواء مصطفى ماهر عبد العزيز الشاعر وقد جرت المحاكمات فى سرية تامة باستثناء جلسة الجراءات الولى وجلسة
إعلن الحكام واكتفت أجهزة العلم المصرية ـ كدأبها على مدى ثلثين عاما ـ بنشر مقتطفات من أقوال الدعاء وممثل النيابة
وحجبت كالمعتاد ـ مرافعات الدفاع وأقوال المتهمين وقد أحدثت هذه الحكام أصداء حزينة لدى ا لراى العام المصرى ـ خاصة فى
ظل توقعات متفائلة باحتمال تخفيف الحكام ـ خاصة أن المحكوم عليهم تقع أعمار معظمهم فى العشرينات وقد دافع المتهمون عن
أنفسهم بأنهم كانوا يريدون قتل السادات وحده دون غيره وطلبوا شهادة كبار رجال الدولة الذين كانوا يجلسون وقت الحادث بجوار
أنور السادات ولم يستجب لطلبهم ودفعوا بأنهم شكلوا فيما بينهم جماعة للفتوى أفتت بأنه ل بد من احتثاث الفساد ورأس الفساد
الممثل فى أنور السادات عمل باليات القرآنية والسنة النبوية المشرفة والتى تدعو للقضاء علىالفسادوالمفسدين وكانت جلسات
المحاكمة العسكرية أشبه بمحاكمة تاريخية لنظام السادات بأخطائه وسلبياته ومظالمه .
** أخطاء السادات :
ويموت السادات طويت صفحة أخرى من صفحات نظام حكم الفرد أو حكم الصوت الواحد رغم وجود مليين الحناجر وطويت صفحة
أخرى لممارسات ثانى أعضاء مجلس قيادة حركة يوليو 52العسكرية جاهر الول بفرديته وديكتاتوريته وقننها دستوريا ودعا
عشرات المفكرين لقناع الرأى العام المصرى بحتمية الديكتاتورية وحاجة شعب مصر ـ باعتباره أحد الشعوب فى العالم المتخلف ـ
لن يحكم بيد من حديد للقضاء على أعداء الثورة أو الثورة المضادة بينما استتر الثانى وراء شعارات الديمقراطية ودولة المؤسسات
واستتر أخيرا ـ نتيجة تفاعل وتصاعد المد السلمى الجارف خاصة بين جيل الشباب المصرى ـ وراء السلم ..
ويقول الستاذ عمر التلمسانى بالنسبة لمسألة الحكم ـفالحكم فى مصر لم يكن بالشريعة السلمية كما تردد وهذه مسألة يعرفها
الجميع ..الناحية الثانية الصحف لم تأخذ حريتها الكاملة وحتى القول بأنه لم تكن هناك رقابة علىا لصحف إل أننى فى مرة من
المرات كنت عند الرقيب فى مقر الذاعة وأظن اسمه طلعت خالد وكان يحاول منع نشر كلمة فى المجلة فذهبت اليه وقلت له :إما أن
تصدر المجلة كما هى وإما أل تصدر وفى أثناء الحديث طلب أخبار اليوم وتحدث مع من ..ل أدرى ولكنه قال له :لم يكن هناك داع
أنكم تقولون على حكام سوريا أنهم علويون أو غير علويين وأرجوأن تتجنبوا مثل هذه المسائل مرة أخرى وما من شك أن هذا نوع
من أنواع الرقابة ولقد سمعته بأذنى وكل التحقيقات التىتدور الن تشير بأصبعها الى سوء الدارة وأن الزمات التى مرت بها مصر
من الناحية الغذائية والقتصادية والسكانمية كان سببها كثير من الذين يحيطون بالسادات وما كان يتدخل ليقاف مثل هذه التصرفات
حتى ظهرت وطفت فوق السطح !
والفرق بين جمال عبد الناصر والسادات أن عبد الناصر كان واضحا فى تحدية للدعوة وللسلم أما السادات فلم يكن عنده شجاعة
عبد الناصر فى تحدى الدعوة وكان يتظاهر بالسلم وباسم ال وباليات القرآنية وهو فى الحقيقة يبتعد بتصرفاته عن الدعوة وما
كان وجود الخوان يريحه أو يرضيه ولكنه كان يطاول حتى تواتيه الفرصة فلما ظن أنها واتته فعل ما فعل فى 3سبتمبر 1981
ونحن جميعا كنا نعلم أن فترات الهدوء التى كانت بيننا وبين عبد الناصر والسادات كانت فترات مؤقته كنا نعلم تماما أنه ما كان
يرضيهما أن تكون فى هذه البلد قوة تقف أمامهما وكانا يطالبان من البلد جميعا أن يسلموا بما يقولن وأن يسير الجميع وراءهما
فى أى
اتجاه يسيران فيه وتستطيع أن تعرف السادات وأخلقه لو قرأت كتاب " البحث عن الذات " بدقة وعناية وقد رد على مقالة السادات
خالد محى الدين فى مجموعة مقالت كتبها فى جريدة " الشرق الوسط " حيث ذكر أحد مواقف السادات حيث قال :إنه فى ليلة
الثورة وبعد أن أخطر باقتراب ساعة الصفر للقيام بالتحرك ذهب للسينما وافتعل مشاجرة بينه وبين أحد الموجودين فى دار السينما
وذهب لقسم البوليس وحرر محضرا بذلك من باب الحتياط فإذا فشلت الثورة أثبت أنه كان بعيدا عن منفذى العملية ثم كل الناس تعلم
تماما كيف كان عبد الناصر يعامل السادات وادعاء السادات بأن عبد الناصر كان يستشيره فى كل شىء ادعاء ل أساس له من
الصحة .
ولقد مضى السادات فى طريق تحديه للدعوة طوال سنوات حكمه وأنهى ذلك بإصداره التعليمات باصلح سجن الطور المنعزل فى
صحراء سيناء للقضاء على معارضيه وسجنهم فيه للبد ولكن اليام دول ثم كان موقفنا المبدئى من معاهدات الصلح مع اليهود وهو
المعارضة وانظر الن ما ذا يحدث على خريطة الحداث فاسرائيل ل تكتفى بالخريطة المعلقة بالكنيست وهى تريد أن تضم المنطقة
من النيل الى الفرات ومن جنوب الجزيرة العربية الى لبنان ثم أنظر ما ذا حدث بعد توقيع معاهدة السلم ..غزت إسرائيل لبنان
وسفكت الدماء وارتكبت أبشع المذابح ومضت فى سياسة إقامة المعسكرات اليهودية الجديدة على الرض العربية وضمت القدس
عاصمة أبدية موحدة لها لتلغى وجودها العربى والسلمى فى حين يقف العالم السلمى مكتوف اليدى فى حين أن العقيدة السلمية
تمنع أن يحتل غير مسلم أرضا مسلمة وإذا ديست أراضى ا لمسلمين وجب عليهم الجهاد :السيدة بغير إذن زوجها والعبد بغير إذن
سيده ول يمكن أن يقوم إسلم مع بقاء إسرائيل .ز هذا خيال لن إسرائيل ـ كما رأينا فى لبنان تنفذ المعاهدة بندا بندا وأمريكا
وروسيا تعينانها على ذلك ولو اجتمعت المة على رأى واحد لن تستطيع أمريكا أو روسيا أو إسرائيل أن يؤثروا على ا لموقف بأية
صورة من الصور .
وهكذا كانت محصلة نظام وممارسات السادات ـ الذى كان امتدادا طبيعيا للحكم العسكرى والشمولى والذى أرسلت عليه دعائمه
جماعة الضباط الحرار ـ وأسبغ هذا النظام على نفسه صبغة الديمقراطية وحرية الكلمة والعمل بالشريعة السلمية ..ولكن سرعان
ما تكشفت مواطن الفساد والفساد التى تفشت فى خلل أجهزة هذاا لنظام وأضرت بمصالح البلد وأمن وحرية المواطن انفتاح بل
ضوابط ول حدود أدى لثراء الكثيرين وتحولهم من خانة الصفار الى خانة عشرات الصفار فى اتجاه اليمين عشرات الصفقات
المريبة والمشبوهة معظمها من النوع الفاسد اقتصاد متضارب الستراتيجيات والمبادىء لدرجة أن يقف الرجل الول والمسئول عن
القتصاد ليحلف بالكعبة الشريفة أنه ل يوجد عجز فى الميزانية العامة للدولة بطريقة حسابه ا لشخصى العجيب ووصل حجم
الديون الخارجية الى عشرات المليارات من العملت الصعبة وانهيار قيمة الجنيه المصرى داخليا وخارجيا وعلقات خارجية مقطوعة
من الجانب العربى والمسلم .ز وغيرها كثير من مساوىء هذا النظام الذى أرسى دعائمه رب العائلة المصرية الذى يعلو
علىالخلفات والذى عاش حياة مترفة دون بقية عائلته ولم يكن قدوة لعائلته ولم يتأس بخلق الرسول صلى ال عليه وسلم الذى كان
يجوع ول يوقد فى بيته النار لمدة ثلثة أشهر وظل يعيش على الخبز والخل والماء ول بأمير المؤنين سيدنا عمر بن الخطاب الذى
كان يلبس القميص القديم فى الوقت الذى دنت لدولة السلم ممالك وامبراطوريات العالم تحت إمرته ..وهكذا اتفق عبد الناصر
والسادات فى الكثير من ممارستهما وأخطائهما واتجها بمصر وشعبها الى طريق مسدود ولكن مرآة التاريخ ل تخطىء .
فهرس الكتاب
صفحة
الموضــــــــــــــــــوع
اهــــــــــــداء
5
تقديم بقلم الستاذ عمر التلمسانى
7
تصديـــــــــــــر
11
تمهيد تاريخى ـ هكذا بدأ الخوان المسلمون
13
الباب الول ـ لماذا اخترت الخوان
21
الفصل الول ـ عمر التلمسانى يتحدث
23
الفصل الثانى ـ وبدأت الرحلة باليعة
29
الفصل ا لثالث ـ التمهيد فى ا لثلثينات
الباب الثانى :عقد الصدمات
35
51
الفصل ا لرابع ـ واشتعلت ا لحرب العالمية
53
الفصل الخامس ـ انشاء النظام الخاص
63
الفصل السادس ـ حرب فلسطين
69
الفصل ا لسابع ـ حكايتنا مع النقراشى
72
الفصل الثامن ـ مؤامرة اغتيال الشهيد
76
الفصل التاسع ـ هذه هى مواقفنا
الباب الثالث ـ قصتنا مع انقلب يوليو
83
89
الفصل العاشر ـ علقتنا بالضباط الحرار
91
الفصل الحادى عشر ـ هكذا أيدنا الحركة
93
الفصل ا لثانى عشر ـ خلفاتنا مع النقلب
96
الفصل الثالث عشر ـ حل الجماعة
105
الفصل الرابع عشر ـ أزمة مارس 54
الباب الرابع ـ المؤامرة الكبرى
108
113
الفصل الخامس عشر ـ وجاءت تمثيلية المنشية
115
الفصل السادس عشر ـ جرائم وراء السوار
126
الفصل السابع عشر ـ ظهور فكرة التكفير
الباب الخامس ـ اسرار الخلف مع أنور السادات
الفصل الثامن عشر ـ بداية طيبة ولكن ؟
الفصل التاسع عشر ـ خلف بسبب المعاهدة
الفصل العشرون ـ لعبة الفتنة الطائفية
الفصل الحادى والعشرون ـ وعادت المعتقلت
الفصل الثانى والعشرون ـ إغتيال السادات
مصادر الكتاب
135
141
143
150
163
176
0186
191
This action might not be possible to undo. Are you sure you want to continue?