You are on page 1of 159

‫مواقف‬

‫ف الدعوة والتربية‬

‫الستاذ عباس السيسي‬

‫موقع الصحوة‬
‫‪http://www.sahwah.net‬‬
‫بسم ال الرحن الرحيم‬
‫مقدمة‬
‫أيام من العمر ‪ 00‬ل تنسى‬

‫نشأت مع باكورة الدعوة‪ ،‬ف سن مبكرة‪ ،‬فغذيت من رحيقها‪ ،‬وتدرجت ف خطواتا ‪ 00‬وعشت مع إمام‬
‫الدعوة ومرشدها على القرب فترات قليلة من الزمن‪ ،‬ولكنها عميقة الثر‪ .‬فلقد كنت حريصا على تركيز انتباهى‪،‬‬
‫مشدودا إل يه ‪ 00‬ع شت م عه على الب عد ف مشغلة نف سية بالدعوة والداع ية‪ ،‬فتمك نت من أقطار نف سى وتغلغلت‬
‫جذورها ف وجدان ومشاعرى ‪0‬‬

‫ذلك أن حسن البنا ف أخلقه وتصرفاته وسلوكه كان دعوة‪ ..‬ينجذب إليه الناس على اختلف ثقافاتم‬
‫ونزعاتم‪ ،‬حيث آمن –رضى ال عنه‪ -‬بالسلم دعوة بالنسان مادتا‪ ..‬فاستنهض أحاسيسه كلها‪ ،‬لتعمل ف ميدان‬
‫العقل والنفس والشعور‪ ..‬فانبثقت ف الناس ينابيع للخي كثية كانت مهولة وتفجرت طاقات للشباب كانت مبددة‬
‫مقهورة‪ .‬وأشعلها يقظة ف الوجدان والشاعر‪ ،‬وصحوة ف القلب والوعى والشعور‪ ،‬فأدرك النسان بعد الغفلة‬
‫والنسيان أنه شىء غي هذا البنيان‪ ،‬وأنه مذخور بكل ما تنشده النسانية من حق وخي وعدل‪ ،‬وأن الياة إنا تقاس‬
‫بعظمة البدأ وشرف الغاية والنهاية فانطلق يسمو بنفسه وبالناس يبن ول يهدم يمع ول يفرق‪ ..‬يب‪ :‬بالب الذى‬
‫تتناجى به القلوب‪ ،‬وتتساقط به الذنوب‪ ..‬الب الذى جع بي الهاجرين والنصار على أعظم ما سجله التاريخ من‬
‫آيات الجد والفخار‪ ..‬الب الذى ألف بي قلوب المة‪ ،‬فذابت به الطبقية‪ ..‬والعنصرية‪ ،‬وتلشت معه الحقاد‪،‬‬
‫الب الذى قيل عنه ((إذا عطس حسن البنا ف القاهرة يقول له الخ ف أسوان‪ :‬يرحك ال))‪ :‬حب ف ال‪ ،‬فل إله‬
‫إل ال ول زعيم إل ممد رسول ال ول دستور إل القرآن ‪0‬‬

‫تلك العقيدة‪ :‬هى جامعة القلوب ومؤلفة الرواح‪ ،‬ومنفذة البشرية من الضلل‪ ،‬ل فضل فيها لحد‪ ،‬ول‬
‫نسب فيها لنسان إل نسب هذه العقيدة (بل ال ين عليكم أن هداكم لليان) ‪0‬‬

‫عاش حسن البنا ف قلوبنا‪ ،‬كأخ وأب‪ ،‬يعود مريضنا‪ ،‬ويسأل عن غائبنا‪ ،‬ويعاون ف حل مشكلتنا‪ ..‬يؤلف‬
‫بي قلوبنا برحلت تربط القريب بالبعيد‪ ،‬ويباعد بيننا وبي الصومة‪ ،‬حت لتعوق سبيلنا إل القلوب (فإذا الذى‬
‫بينك وبينه عداوة‪ ،‬كأنه ول حيم) ‪0‬‬

‫استحوذت شخصية البنا على نفوسنا وقلوبنا‪ ،‬لا وهبه ال تعال من قدرة على اللحظة النتجة‪ ،‬الت ل تفلت‬
‫من يده فيستغلها وينميها ويستفيد با ‪0‬‬

‫فالدقائق من حياته ل تضى بغي حركة وعمل‪ ،‬وأحاسيسه وعواطفه مستمرة ف النتاج‪ ..‬حت كانت مصلة‬
‫حياته الباركة‪ ،‬الت ل تتجاوز الثلثة والربعي من السني فوق التصور واليال ‪0‬‬

‫ل يرج حسن البنا على العال بنظرية من اجتهاده‪ ،‬ول ياول أن يرب لمته على ضوء ما ف العال من نظم‬
‫ومبادئ براقة‪ ..‬فقد آمن إيانا عميقا ل شك معه بالسلم دعوة وحركة ونظاما‪ ،‬وأنه التجربة الخية ف الياة‬
‫الدنيا‪ ،‬والقول الفصل ف مكمة التاريخ ‪00‬‬
‫ل ف البادئ والهداف والناهج‬‫لذا‪ ،‬فلن تد ف طريق الدعوة الطويل –بعد خسي عاما‪ -‬تغييا أو تبدي ً‬
‫برغم الزلزل والباكي الت تتعرض لا الدعوة ف كل زمان ومكان‪ ،‬ذلك لنا تستمد وجودها واستمرارها من نبع‬
‫اليان الذى ل ينضب وعظمة وشول السلم ‪0‬‬

‫* هذا الكتاب ‪ 00‬وطبعته الثانية‬

‫ول يعتب هذا الكتاب ترجة لشخصية المام الشهيد حسن البنا بالعن الفن الذى تعارف عليه كتاب‬
‫التراجم‪ ،‬يستقصى جوانب تكوين هذه الشخصية النفسية والهادية وآثارها العظيمة ف الياة السلمية العاصرة‪..‬‬
‫إنا هو مرد رؤية لبعض مواقف هذا الرائد العظيم‪ ،‬عشتها وتذوقتها وتفاعلت معها‪ ،‬فكان لا آثارها العميقة على‬
‫مرى حياتى‪ ،‬حيث انرطت با ف قافلة الداية والنقاذ ‪ ..‬قافلة الخوان السلمي السائرة على طريق السلم‬
‫الصحيح الذى سرت به بي الناس مققا سر وجودى‪ ،‬ول الفضل والنة ‪0‬‬

‫لذا وجدت أن من حق جيل الركة السلمية الديد أن أضع بي يديه ما رأيت وما وعيت من مواقف‬
‫مرشد الركة ومؤسسها‪ ،‬فالركة السلمية وأجيالا أول بأن تتلمس سبل الدعوة والتربية بالوقف لتبز من خلله‬
‫أفكارها ومبادئها وترابطها بواقع الناس وقضاياهم ومشكلتم ف متلف جوانب الياة‪ ،‬كما أن جيل الركة‬
‫السلمية الديد سيظل عاجزا عن الحساس بقيقة انتمائه وارتباطه بماعته إل بعد تفاعله بواقف مرشدهم الول‬
‫من كان معه واستيعابم لا‪ ،‬وستظل أيضا حركة هذا اليل يعوزها النضج ما ل تستلهم تارب الدعوة ف أطوارها‬
‫السابقة ‪0‬‬

‫ولا كان موضوع هذا الكتاب ف شأنه كالكائن الى يولد صغيا ث يأخذ ف النمو حت يستوى على سوقه‪،‬‬
‫فسيى الخ القارئ نوا وزيادة ف مكونات هذه الطبعة وما تتويه من مواقف‪ ،‬كما سيى اختلفا ف ترتيب‬
‫الواقف عنه ف الطبعة الول اقتضاه التسلسل التاريى للحداث ‪0‬‬

‫ولنفاذ الطبعة الول الصادرة ف ربيع ثان سنة ‪1398‬هـ – مارس ‪ 1978‬بناسبة مرور خسي عاما على قيام‬
‫أول تشكيلة للخوان السلمي رأت دار الدعوة للطبع والنشر بالسكندرية إصدار طبعة ثانية لقرائها الكرام فقدمت‬
‫لا الكتاب بعد إحداث هذا التطوير‪ ،‬الذى نرجو أن يعل ال فيه خيا ونفعا ‪0‬‬

‫‪ 000‬وال أكب ول المد ‪،،،‬‬

‫عباس السيسى‬

‫رمضان سنة ‪1401‬هـ‬ ‫رشيد ف‬


‫يوليو سنة ‪19881‬م‬
‫مدخل‬
‫بي يدى هذه الواقف‬
‫‪0‬‬ ‫‪-‬النسان ‪ 00‬تكوينه ومركزه ودوره ف الياة‬
‫‪0‬‬ ‫‪-‬موكب الرسل الكرام ‪ 00‬هداية ال للبشرية الضالة‬
‫‪0‬‬ ‫‪-‬خات النبيي ‪ 00‬كمال الدين‪ ،‬وتام النعمة‬
‫‪0‬‬ ‫‪-‬الصلحون والجددون ‪ 00‬منارات على طريق خات النبيي‬
‫‪0‬‬ ‫‪-‬حسن البنا ‪ 00‬باعث النهضة السلمية ف العصر الديث‬
‫‪0‬‬ ‫‪-‬أضواء على جوانب شخصية البنا ودعوتـــــه‬
‫‪-‬أضواء على جوانب ف منهاج البنا ف الدعوة والتريية ‪0‬‬

‫بي يدى هذه الواقف‬


‫النسان‬
‫تكوينه ومركزه ودوره‬

‫إن ال سبحانه خالق هذا الكون ومالكه ‪ 00‬خلق النسان وأودعه قوى العلم والفكر والدراك ((علم‬
‫النسان ما ل يعلم))( ) وفطره على معرفته ((فأقم وجهك للدين حنيفا‪ ،‬فطرة ال الت فطر الناس عليها))( )‪ ،‬وسواه‬
‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬

‫ميزا بي الق والباطل والي والشر ((وهديناه النجدين))( ) ((ونفس وما سواها فألما فجورها وتقواها))( )‪،‬‬
‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬

‫وأعطاه حرية الرادة والختيار ((وقل الق من ربكم فمن شاء فليؤمن‪ ،‬ومن شاء فليكفر))( )‪ ،‬ومنحه سلطة‬
‫‪5‬‬

‫للتصرف فيما يعرض له من شئون كما يشاء‪ ..‬خلق ال النسان بكل هذه الصائص‪ ،‬ليهبطه إل الرض وهو يمل‬
‫معه – بأمره سبحانه – مفاتيح كل شىء فيها‪ ،‬ليكون أهل لعالة شئونا ومزاولة مراسم اللفة فيها‪ ،‬بأمر من ال‬
‫واختيار حر منه ‪ 00‬لذلك كله جاء خلق النسان لهمة ورسالة (( أيسب النسان أن يترك سدى))( )‪0‬‬
‫‪6‬‬

‫وحينما عهد ال تعال إل النسان بنصب اللفة ف الرض‪ ،‬وكرمه بذا الستخلف أنبأه بأن حياته الدنيا‬
‫تلك ليست هى كل ما له ف الكون من وجود‪ ،‬إنا هى طور من أطوار هذا الوجود له خصائصه الت تصله با بعده‪،‬‬
‫وهو الدار الخرة‪ ،‬فهى – أى الياة الدنيا‪ -‬بالنسبة للخرة بكان القدمة من النتيجة ‪ 00‬ولذا كانت الدنيا دار‬
‫امتحان واختبار والخرة دار حساب وجزاء ((إنا خلقنا النسان من نطفة أمشاج نبتليه‪ ،‬فجعلناه سيعا بصيا‪ .‬إنا‬

‫سورة القلم ‪5 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫سورة الروم ‪30 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫سورة البلد ‪10 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫سورة الشمس ‪7 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫سورة الكهف ‪29 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫سورة القيامة ‪36 :‬‬ ‫‪6‬‬


‫هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا))( )‪(( ،‬وهو الذى جعلكم خلئف الرض‪ ،‬ورفع بعضكم فوق بعض درجات‪،‬‬
‫‪1‬‬

‫ليبلوكم فيما آتاكم‪ ،‬إن ربك سريع العقاب‪ ،‬وإنه لغفور رحيم))( )‪0‬‬
‫‪2‬‬

‫وخلفة النسان ف الرض ليست إل بكم ما اجتمع ف كيانه عن ال من العلم الذى يتضمن ركائز‬
‫الضارات من الق والي والعدل‪ ،‬ليجد به الليفة منهج اللفة شاخصا ف ضميه وما اجتمع له من خصائص‬
‫اليابية بكل طاقاتا لفرض مناهجها ف ظاهرة الياة ‪ 00‬وبذلك كان النسان كائنا منفعل بعوامل إلية لتحقيق‬
‫مقتضيات اللفة ف الرض‪ .‬والقام يقتضى أن يعلم النسان‪ :‬أنه إذ يستمد مثله وقيمه ومادة معرفته وعبه من أفق‬
‫الق العلى‪ ،‬لكى يقرها ف الرض سلوكا وأوضاعا ومعاملت وعرفا صالا‪ ،‬إنا يهب لعالنا الطبيعى هذا أمرا ليس‬
‫من طبيعته‪ ،‬أو يدخل على أرضنا هذه لونا ليس من قبيل مادتا وعناصرها ‪ 00‬فهو –أى النسان‪ -‬حامل ((روح))‬
‫من أفق إل أفق ‪ 00‬وجالب ((حق)) من كون إل كون وناقل ((رحيق)) عال قدسى إل عال يراد له أن يتقدس كل‬
‫ما فيه من أعمال العباد ومتمعاتم ‪ 00‬وذلك لب عمل النسان ف اللفة وممل إشارة إل خطورة مقامه ومركزه‪،‬‬
‫وهذه هى المانة الثقيلة الت حلها النسان‪ ..‬أمانة عقيدة التوحيد والستقامة عليها‪ ،‬وأمانة الشريعة والقيامة عليها ف‬
‫نفسه وف الرض من حوله‪ .‬وجوهر هذه المانة‪ ،‬هى طاعة النسان وخضوعه وانقياده ل بطلق إرادته‪ ،‬وكمال‬
‫إسلمه وعبوديته ل عن طواعيه واختيار ‪0‬‬

‫استخلف ال تعال النسان على الرض بذلك الستعداد الفطرى لعرفته سبحانه ومعرفة جليل صنعه‬
‫والقرار بربوبيته وألوهيته‪ ..‬هذا الستعداد كان عهدا من ال تعال لدم‪ ..‬عهد تكوين وفطرة‪ ..‬وإذا كان هذا العهد‬
‫قد بثت خصائصه وقواه ابتداء‪ ،‬فقد انتقلت إلينا – نن بنو آدم – بطريق الوراثة تلك الصائص والقوى‪ ،‬فكانت‬
‫هى التأهيل الزل الذى أعلن عنه عهد الربوبية‪ ،‬إذ قال ال تعال ((ألست بربكم ؟ قالوا ‪ :‬بلى ))( )‪ .‬وبذا العهد‬
‫‪3‬‬

‫كانت للنسانية كافة – آدم وبنيه – صلحيتها لتلقى وحى ال‪ ،‬وحل ما ف كلمه ورسالته من أمر ونى وحلل‬
‫وحرام وعقيدة وشريعة‪ ..‬ولذا اجتمعت لذا العهد مزايا العهد العام ‪0‬‬

‫وما ينل ال من عهد للناس‪ ،‬أى من شرع يأمرهم فيه وينهاهم‪ ،‬ل ينابذ أحكام هذه الفطرة بل يوافقها‬
‫ويزكيها‪ ..‬ولو خل النسان إل فطرته لستقام على عهد ال واختار ما يتضمن من مثل عليا‪ ..‬ولكن تلك الفطرة‬
‫عورضت با ف جانب النسان السى من قوى وميول‪ ،‬هى الت يسمونا الغرائز‪ ..‬أو بعبارة أصح عورضت بقابلية‬
‫هذه الغرائز للنراف عن هداية الفطرة با يزين لا الشيطان من غرور وأهداف ل حقيقة لا‪ ،‬فضلت وجحدت‬
‫وتولت من عهد ال إل ما أراد لا – الشيطان‪ -‬من معصية ‪ 00‬ولكن كيف وقعت العصية؟ وكيف شرد النسان‬
‫عن منهج ال وعهده له ؟‬

‫سورة النسان ‪2،3 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫سورة النعام ‪165 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫سورة العراف ‪172 :‬‬ ‫‪3‬‬


‫من طبيعة الشيطان أنه ل يأتى النسان من قبل صوابه الروحى‪ ،‬فهو أعجز من أن يواجه هذا النور‪ ،‬بل يأتيه‬
‫من جانبه الطاوع –جانب الغرائز والشهوات‪ -‬وهو جانب يلك الستجابة ‪ ..‬ول يلك التمييز!! يلك الستجابة‬
‫لى نداء‪ ،‬من اللك أو الشيطان‪ ..‬من ال أو من غي ال!! فإن سول الشيطان لتلك الغرائز أمرا من المور‪ ،‬أو زين‬
‫لا غاية من الغايات وهو ل يزين لا إل ما تبه – لنت لسماعه‪ ،‬ومالت إل اتباعه‪ ..‬وكان لا من اللذة الالة‪،‬‬
‫والغراء الطمع‪ ،‬ما يعل القلب يسحب الركون إليه‪ ،‬ويأنس لطاوعته والزيد منه‪ ،‬وينصرف بالتدريج عما لديه من‬
‫أمر ال‪ ،‬حت يغدو مشغول بواطر جديدة‪ ،‬وآمال غي الت كان يتعلق با‪ ،‬وغايات غي الت كان يرسها له إيانه‬
‫بال‪ ..‬وذلك هو النسيان القلب !! ومن هنا سى النسان إنسانا لكثرة نسيانه‪ ،‬قال إبن عباس‪(( :‬إنا سى إنسانا لنه‬
‫عهد إليه نسى))‪ ..‬نسى النسان إله وزال اهتمامه بأمره‪ ،‬فصرف ال عنه فضله ووكله إل نفسه ‪0‬‬

‫موكب الرسل الكرام‬


‫هداية ال للبشرية الضالة‬
‫وعندما غاب وعى الناس الركوز ف فطرة التدين وانسحب هذا الوعى إل متع الياة الدنيا وزخارفها‪ ،‬وزين‬
‫الشيطان للقلب البشرى ذكرى النافع الرضية ولذائذها وغفل عن ذكر ال وانطمس ف الناس نور الفطرة با خيم‬
‫عليه من ظلل الشهوة والوى‪ ،‬وطرأ على النسان ما أفسد فطرته ونظامها وناموسها الوحيد الذى ل تمل سواه‪،‬‬
‫وهو توحيد الالق سبحانه‪ ،‬فسقطت ف العصية والشرك بال‪ ،‬واختلت موازين العمال والقيم‪ .‬هنا تداركت عناية‬
‫ال ورحته الناس ول يشأ أن يأخذهم بذنوبم أو يتركهم ف النراف والتردى بعبادة غي ال والشراك به‪ ،‬فقضى‬
‫سبحانه رحة منه بعباده وتقديرا لغلبة الشهوات على عقولم وقلوبم أن يرسل إليهم الرسل ((مبشرين ومنذرين))( )‬
‫‪1‬‬

‫يذكرونم ويبصرونم‪ ،‬وياولون استنقاذ فطرهم وترير عقولم من ركام الشهوات الت تجب عنها دلئل الدى‬
‫وموحيات اليان ف النفس والفاق ويأمرون بعبادة ال وحده واجتناب كل ما عداه من وثنية وهوى وشهوة‬
‫وسلطان ((ولقد بعتثنا ف كل أمة رسول ‪ :‬أن أعبدوا ال واجتنبوا الطاغوت))( )‪0‬‬
‫‪2‬‬

‫خات النبيي‬
‫كمال الدين وتام النعمة‬

‫واستمرت هداية ال للناس ول تنقطع‪ ،‬فتراءى موكب رسل ال الكرام على طريق البشرية الوصول رسالة‬
‫واحدة‪ ،‬بدى واحد للنذار والتبشي‪ ..‬موكب واحد يضم هذه الصفوة الختارة من البشر‪ :‬نوع وإبراهيم وإساعيل‬
‫وإسحاق ويعقوب والسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وداود وموسى‪ ..‬وغيهم من قصهم ال على‬
‫نبيه صلى ال عليه وسلم ف القرآن‪ ،‬ومن ل يقصصهم عليه‪ ..‬موكب من شت القوام والجناس‪ ،‬وشت البقاع‬
‫والرضي‪ .‬ف شت الزمان‪ ،‬ل يفرقهم نسب ول جنس‪ ،‬ول أرض ول وطن‪ ،‬ول زمن ول بيئة‪ ،‬كلهم آت من ذلك‬

‫سورة النعام ‪48 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫سورة النحل ‪36 :‬‬ ‫‪2‬‬


‫الصدر الكري‪ ،‬وكلهم يمل ذلك النور الادى‪ ،‬وكلهم يؤدى النذار والتبشي‪ ،‬كلهم ياول أن يأخذ بزمام القافلة‬
‫البشرية إل النور‪ ..‬سواء من جاء منهم لعشية‪ ،‬ومن جاء لقوم‪ ،‬ومن جاء لدينة‪ ،‬ومن جاء لقطر‪ ..‬ث من جاء للناس‬
‫أجعي‪ :‬ممد رسول ال – صلى ال عليهم وسلم – خات النبيي ‪0‬‬

‫أولئك الرسل‪ ،‬اقتضت عدالة ال ورحته أن يبعث بم إل عباده‪ -‬يبشرونم با أعده ال للمؤمني الطائعي‬
‫من نعيم ورضوان‪ ،‬وينذرونم ما أعده ال للكافرين العصاة من جحيم وغضب‪ ..‬كل ذلك‪ :‬لئل يكون للناس على‬
‫ال حجة بعد الرسل ‪0‬‬

‫ولكننا إذا استعرضنا موكب الرسالت‪ ،‬وموكب الرسل‪ ،‬منذ فجر البشرية‪ ،‬ومنذ أول رسول – آدم عليه‬
‫السلم‪ -‬إل هذه الرسالة الخية ‪ 00‬رسالة النب المى إل الناس أجعي‪ ..‬فماذا نرى؟‬

‫نرى هذا الوكب التطاول التواصل‪ .‬موكب الدى والنور‪ .‬ونرى معال الطريق على طول الطريق‪ .‬ولكننا‬
‫ند كل رسول – قبل خات النبيي –إنا أرسل لقومه‪ .‬ونرى كل رسالة – قبل الرسالة الخية‪ -‬إنا جاءت لرحلة‬
‫من الزمان‪ ..‬رسالة خاصة‪ ،‬لجموعة خاصة‪ ،‬ف بيئة خاصة‪ ..‬ومن ث كانت كل تلك الرسالت مكومة بظروفها‬
‫هذه‪ ،‬متكيفة بذه الظروف‪ ..‬كلها تعو إل إله واحد – فهذا هو التوحيد – وكلها تدعو إل عبودية واحدة لذا الله‬
‫الواحد – فهذا هو الدين – وكلها تدعو إل التلقى عن هذا الله الواحد والطاعة لذا الله الواحد – فهذا هو‬
‫السلم‪ -‬ولكن لكل منها شريعة تناسب حالة الماعة وحالة البيئة وحالة الزمان والظروف‪ ..‬حت إذا أراد ال أن‬
‫يتم رسالته إل البشر‪ ،‬أرسل إل الناس كافة‪ ،‬رسول خات النبيي برسالة ((للنسان)) ل لجموعة من الناسى ف‬
‫بيئة خاصة‪ ،‬ف زمان خاص‪ ،‬ف ظروف خاصة ‪ 00‬رسالة تاطب ((النسان)) من وراء الظروف والبيئات والزمنة‪،‬‬
‫لنا تاطب فطرة النسان التىل تتبدل ول تتحور ول بنالا التغيي ((فطرة ال الت فطر الناس عليها ل تبديل للق‬
‫ال‪ ،‬ذلك الدين القيم))( ) ‪ ..‬وفصل ف هذه الرسالة شريعة تتناول حياة النسان من جيع أطرافها‪ ،‬وف كل جوانب‬
‫‪1‬‬

‫نشاطها‪ ،‬وتضع لا البادئ الكلية والقواعد الساسية فيما يتطور فيها ويتحور بتغي الزمان والكان‪ ،‬وتضع لا‬
‫الحكام التفصيلية والقواني الزئية فيما ل يتطور ول يتحور بتغي الزمان والكان ‪ 00‬وكذلك كانت هذه الشريعة‬
‫ببادئها الكلية وبأحكامها التفصيلية متوية كل ما تتاج إليه حياة ((النسان)) منذ تلك الرسالة إل آخر الزمان‪ ،‬من‬
‫ضوابط وتوجيهات وتشريعات وتنظيمات‪ ،‬لكى تستمر‪ ،‬وتنمو‪ ،‬وتتطور‪ ،‬وتتجدد حول هذا الحور وداخل هذا‬
‫الطار‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫الصلحون والجددون‬
‫منارات على طريق خات النبيي‬

‫وعندما أنزل ال تعال يوم عرفة ((اليوم أكملت لكم دينكم وأتمت عليكم نعمت ورضيت لكم السلم‬
‫دينا))( ) اتضحت بصورة نائية للنسانية جعاء أنه ل انتظار بعد ذلك لرسالة أخرى أو كما وضحها رسول ال‬ ‫‪1‬‬

‫صلى ال عليه وسلم ‪(( :‬مثلى ومثل النبيي من قبلى كمثل رجل بن دار فأتها إل لبنة واحدة‪ ،‬فجئت أنا فأتمت‬
‫تلك اللبنة))( )‪(( ،‬إنه ل نب بعدى ول أمة بعدكم))( )‪ ،‬فكان من الطبيعى لذه المة كأن تواجه ف مسيتا الطويلة‬
‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬

‫مواقف عصيبة ل عهد للتاريخ با‪ ،‬فابتليت ف دينها –السلم‪ -‬بؤامرات وثورات ومقاومات داخلية وخارجية‬
‫فكثيا ما كان هذا الدين عرضة لتحريف الغالي وتأويل الاهلي وانتحال البطلي‪ ،‬ودخلت فيه البدع والفكار‬
‫العجمية وتسرب إليه الشرك والاهلية عن طريق التأثر بثقافات المم الفتوحة‪ ،‬وعن طريق التقليد والهل‪ ..‬ابتليت‬
‫هذه المة بعصور وأجيال ل تعرفها أمة قبلها وأ‪ ،‬تواجه صراعا ف ميدان العقول والعلم والضارة والجتماع‬
‫والتشريع ل تواجهها أمة ف التاريخ‪ ،‬ذلك أنا المة الت كتب لا أن تقود النسانية ف شوطها الخي بدى الرسالة‬
‫الاتة‪ ،‬فأصبح من الحتم عليها أن تثبت جدارتا لذه القيادة ف كل زمان ومكان‪ ،‬وف أى ميدان ينشط فيه‬
‫النسان‪ ،‬وقد استطاعت المة السلمية أن تنهض من كبواتا وتواجه العقبات بقوة‪ ،‬لعدة عوامل منها ‪:‬‬

‫‪-‬اليوية الكامنة ف طبيعة الرسالة السلمية ذاتا‪ ،‬الت تستطيع أن تواجه احتياجات النسان التطورة دائما‪ ،‬بل‬
‫وتنمى فيه طاقات فاعلة جديدة ‪0‬‬

‫‪-‬أن ال عز وجل قد تكفل بنح المة السلمية رجال أكفاء أقوياء‪ ،‬يرثون النبياء‪ ،‬فينقلون روح الرسالة إل‬
‫عصرهم باستنارة ووعى يعيدان شباب المة بيث ل تكتهل ول ترم أبدا ‪0‬‬

‫وهاتان القوتان من لطف ال عز وجل للبشر جيعا‪ ،‬فلو فقدت المة قدرتا على استعادة قوتا وشبابا‬
‫لفقدت النسانية الرشيدة ولضاعت أمانة السماء وأمانة النسانية ((إنا نن نزلنا الذكر وإنا له لافظون))( )‪0‬‬
‫‪4‬‬

‫ومن يتتبع تاريخ السلمي الطويل حت الن يد أنه ف كل فترة ظلم وابتعاد عن روح السلم لبد أن يظهر‬
‫أحد هؤلء الدعاة إل ال يتصدى لنراف عصره بل وجل ول تردد من الباطل مهما اشتد بطشه‪ .‬ذلك أن طبيعة‬
‫الرسالة السلمية أنا تفرز من أتباعها كل عصر من هذه العصور الكرية من ينفخ نيان الماسة الدينية ليستثي‬

‫سورة الروم ‪30 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫رواه المام أحمد فى مسنده‬ ‫‪2‬‬

‫رواه البخارى فى كتاب المغازى‬ ‫‪3‬‬

‫سورة الحجر ‪9 :‬‬ ‫‪4‬‬


‫العزائم الت انتابا الور أمام سلطان الوى والشهوة الذى ابتلى العامة والاصة من البشر ((إنا جعلنا ما على الرض‬
‫زينة لا لنبلوهم أيهم أحسن عمل))( )‪0‬‬
‫‪5‬‬

‫لقد قام هؤلء الدعاة إل ال والصلحون الجددون للذود عن حياض السلم والفاظ على عزة السلمي‬
‫ولذا توزعت جهودهم على جبهتي ‪:‬‬

‫‪0‬‬ ‫‪-1‬البهة الداخلية ‪ :‬لحاربة الزندقة والبدع واللاد واليوعة الت طغت على حياة السلمي‬
‫‪-2‬البهة الارجية‪ :‬لتوحيد صفوف السلمي وشحذ همهم لحاربة العداء من الغزاة‬
‫والستعمرين ‪0‬‬

‫واهتم كل مصلح ببهة من هاتي البهتي أو بما معا‪ ،‬ولكن بشكل متفاوت حسب الظروف العامة الت‬
‫كانت تيط بم والطاقات والمكانيات الت تيأت لم والبلد الذى كانوا يعملون فيه ‪0‬‬

‫فقد عمل الصلحون وعلى رأسهم الليفة الراشد عمر بن عبد العزيز والسن البصرى والمام أحد بن حنبل‬
‫ف زمن الدولتي الموية والعباسية على تقوي الكام‪ ،‬وتوحيد صف المة‪ ،‬والرد على الفرق السلمية البتدعة‬
‫وماربة الزندقة والفكار اللادية والوثنية ‪0‬‬

‫ولا سقطت بغداد بأيدى التتار كان هم الصلحي جع شل المة ورفع روحها العنوية وشحذ همها للجهاد‬
‫ف سبيل ال والوقوف ف وجهة العتداءات الارجية على ديار السلم ‪0‬‬

‫ولا انقسم العال السلمى إل دويلت وسيطر على السلمي التصوف والنعزال‪ ،‬وظهرت الدعوات‬
‫الصوفية التطرفة‪ ،‬ونشأت الدعوات الباطنية والبدع والرافات تصدى الصلحون –وعلى رأسهم شيخ السلم ابن‬
‫تيمية لذا التيار الارف ماولي الد من قوته والقضاء عليه ف وقت كان السلمون فيه باجة إل توحيد جهودهم‬
‫لرد العدوان الارجى عن بلدهم ‪0‬‬

‫ولا سقطت اللفة العثمانية وتقطعت أوصال العال السلمى‪ .‬وبدأ الغزو العسكرى والفكرى الغرب يتاح‬
‫بلد السلم ف العصر الديث‪ ،‬كان على الصلحي‪ -‬وعلى رأسهم المام الشهيد حسن البنا – أن يعملوا ف عدة‬
‫جبهات ‪ ..‬أن يعملوا على توحيد السلمي‪ ،‬وأن يقاتلوا الغزاة بالسلح‪ ،‬وياهدوا الغزو الفكرى والعقائدى بالجة‬
‫والبهان‪ ،‬وياولوا القضاء على الور واليوعة والبعد عن السلم الذى طرأ على نفوس السلمي‪ ،‬حت تعود للسلم‬
‫دولته‪ ،‬وترفرف على الرض أعلم الق والعدل والسلم ‪0‬‬

‫سورة الكهف ‪7 :‬‬ ‫‪5‬‬


‫حسن البنا‬
‫باعث النهضة السلمية ف القرن العشرين‬

‫بر غم أن ج يع ال صلحي ف زمان نا قد اتفقوا ف الدف‪ ،‬فعملوا جاهد ين لرجاع هذه ال مة إل الطر يق‬
‫الستقيم‪ ،‬وإل كتاب ال وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم‪ ،‬إل أنم اختلفوا ف الطريق الذى يوصل إل هذا الدف‬
‫وف الساليب الت تتبع لتحقيقه‪ .‬فالدارس لدعوة كل منهم يد أنا انصرت ف جزئية من جزئيات العمل السلمى‬
‫فقد اهتم التصوفون الصادقون بالتربية الروحية أكثر من اهتمامهم بالعمل الماعى وبث روح الهاد‪ ،‬واهتم دعاة‬
‫السلفية بحاربة البدع والرافات‪ ،‬وسلك آخرون سبيل القلم واللسان فوفقوا ف جانب وتعثروا ف جوانب أخرى‪.‬‬
‫لذا أغفل هؤلء الصلحون إياد طليعة مؤمنة وقاعدة شعبية إسلمية وتنظيم حركى لدعواتم يضمن لا الستمرار‬
‫لتبلغ الغاية حت ولو بعد ماتم‪ ،‬وهكذا عاشوا جيعا قادة بل جنود منظمي‪ ،‬فلما ماتوا عاش أتباعهم جنودا بل قادة‪،‬‬
‫وانتهت بوتم دعواتم وبقيت ذكريات ف سجل التاريخ ‪0‬‬

‫أ – أضواء على جوانب ف شخصية البنا ودعوته ‪:‬‬


‫لقد سبق ((البنا)) الكث ي من هؤلء الصلحي‪ ..‬ذلك أن ال تعال قد أمده بصفات وطاقات وإمكانيات ل‬
‫تتو فر لغيه من الدعاة ف ع صرنا‪ ،‬ف قد برزت شخ صيته بعال جعلت م نه ذلك الن سان الذى يد ين له ج يل الر كة‬
‫ال سلمية الا ضر بالب عث والريادة‪ ،‬فإذا أر نا أن ندد ب عض معال هذه الشخ صية ن د أن أول ما يطالع نا في ها من‬
‫ميزات ‪:‬‬

‫‪-‬اليزة الول ‪ :‬أنه إنسان منح دعوته كل نفسه‪ ،‬روحه وراحته‪ ،‬وقته وماله‪ ،‬بل كيانه كله‪ ..‬لن هذا هو الطلوب‬
‫من العاملي للسلم ف كل مكان وزمان‪ ،‬بل هو لسان حال النبيي ومن ساروا على درب الق من بعدهم قل‬
‫إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشرتكم وأموال اقترفتموها وتارة تشون كسادها ومساكن‬
‫ترضونا أحب إليكم من ال ورسوله وجهاد ف سبيله فتربصوا حت يأتى ال بأمره ))( ) ‪ ..‬وهذا النمط من‬
‫‪1‬‬

‫الناس وحده هو الذي يستطيع أن يلف أثرا ف الرض‪ ،‬ذلك أنه استعلى على حطام الدنيا وارتفع عنه‪ .‬أما الناس‬
‫الخرون فهم عبيد هذا الطام وسدنته ومن ث فإن أكب ما يستطيعون فعله أن يغترفوا ما تود به الرض عليهم‪،‬‬
‫ث تتويهم هم وما يكنون‪ .‬وحي نقول بأن حسن البنا – رضى ال عنه‪ -‬ارتفع عن الدنيا فليس معن ذلك أنه‬
‫ترفع عن عباد ال فيها‪ ،‬بل العكس‪ ،‬فهو الب الان والخ الوف والطبيب الذى يدرك أن قومه والبشرية جعاء‬
‫باجة إليه‪ ،‬لنه إنا حل عبء الدعوة إل ال عندما تلى عنها الناس جيعا وواجب الطبيب أن يلزم مرضاه‬
‫وأن يتابعهم ف العلج وإن هم كرهوه لا يمل أو تنكروا له ف بعض من مراحل الطريق ‪ 000‬فهذا ليس بدعا ف‬
‫أخلق الناس ف كل زمان ومكان ‪0‬‬

‫سورة التوبة ‪24 :‬‬ ‫‪1‬‬


‫ل ف أمة‪ ،‬أثار فيها معان اليان بعد ركود‬ ‫‪-‬أما اليزة الثانية الت تطالعنا ف شخصية المام البنا‪ ،‬فهى أنه كان رج ً‬
‫طويل‪ .‬ولئن اكتفى بعض مصلحى هذا الزمان بأن عال مرضا من أمراض الجتمع السلمى التخلف ووقف‬
‫عنده ل يتخطاه‪ ،‬أو أنه كان إصلحيا عايش الواقع التهرئ‪ .‬فقد نظر إلينا إل السلم كنظام شامل للحياة وأخذ‬
‫به كوحدة متكاملة وعمل له ككل ل يتجزأ عقيدة وعبادة‪ ،‬سلوكا وتشريعا‪ ،‬سياسة وجهادا ف سبيل ال‪ .‬ولذا‬
‫فقد قيض ال له أن يلف حركة كبية انطلقت من مصر أصداءها ف جيع أناء العالي العرب والسلمى‪.‬‬
‫والفكر السلمى مدين إل حركة البنا كمجدد وباعث نضة فكرية ما زال الكاتبون يعيشون على فتاتا إل اليوم‬
‫‪0‬‬

‫خلصة المر أن البنا كان شخصية جامعة‪ ،‬قامت على أسس عقائدية وفكرية وحركية تنسجم مع هذه‬
‫النظرة الشاملة للسلم‪ ،‬وبذا بدت دعوته رضى ال عنه – متميزة بصائصها وميزاتا وأساليبها عن غيها من‬
‫دعوات هذا القرن ‪0‬‬

‫‪-‬وثالث هذه اليزات هو ما يطالعنا ف شخصية هذا المام العظيم‪ ،‬أنه –رضى ال عنه‪ -‬كان ف مستوى الحداث‬
‫عرضت له خلل مراحل عمله ف الركة السلمية تطيطا وتنفيذا‪ ،‬فقامت دعوته على السس التنظيمية السليمة‬
‫الت تأخذ بالسلوب العلمى والتخطيط الرحلى للعمل السلمى‪ ،‬فقد دعا للسلم كما نزل على قلب ممد‬
‫عليه الصلة والسلم وكما فهمه الصحابة – رضوان ال عليهم‪ ،‬وأوجد لذه الدعوة الطليعة الؤمنة‪ ،‬لتكون‬
‫القاعدة الت يقوم عليها صرح الدعوة‪ ،‬كما أوجد لا هيكل تنظيميا وآخر إداريا هرميا ليضمن الضبط والربط‬
‫بي القمة والقاعدة والتجاوب والتفاهم بي القاعدة والقمة ( ) ‪0‬‬
‫‪1‬‬

‫ولئن تطلع بعض الناس هذه اليام إل ما فعله البنا وإل أسلوبه ف العمل مشيين بأصبع النقد‪ ،‬فليخفضوا‬
‫تلك الصبع وليضعوها على موطن الداء ف تكوينهم هم‪ ،‬فإذا كان الرجل قد استطاع بناء حركة فواجب أهل‬
‫الختصاص والتخطيط بعده أن يستمروا ف إتام ذلك البناء الضخم الذى شاده‪ ،‬فلئن كانت الحداث قد امتدت إل‬
‫هامم البنا فأردته شهيدا على طريق الدعوة قبل أن يتم ما نذر نفسه له‪ ،‬فليس معن ذلك قصور ف السلوب والنهج‬
‫ول خطأ ف التخطيط‪ ،‬والواجب يقضى بأن يكون السلميون هذه اليام ف مستوى أحداث العصر وإمكاناته‪،‬‬
‫ليستطيعوا أن يققوا ما حقق البنا أو بعض ما حققه ‪0‬‬

‫فمما ل شك فيه أن لسان الال أوقع من لسان القال ‪ ..‬وأن نظرية فكرية أو موعظة توجيهية ل تتعدى‬
‫لسان التكلم وأذن السامع ‪0‬‬

‫وما ل شك فيه كذلك أن الصراعات ف العال إنا تعتمد على الهارات العملية وتسجيل الواقف ف سبيل‬
‫ترويج وطرح شعاراتا ونظرياتا التجريدية وليس العكس ‪0‬‬

‫انظر ‪ :‬النظام الساسى واللئحة الداخلية للخوان المسلمين (من منشورات دار النصار – القاهرة )‬ ‫‪1‬‬
‫وما ل شك فيه أن الدعوة بالوقف من شأنا أن تكسب البادئ والفكار صفة الياة ‪ ..‬كما أن من شأنا‬
‫أن تنح الركة القدرة على التأثي ف الحداث والناس ‪ 00‬كل ذلك ما يضفى عليها صفة الواقعية ‪0‬‬

‫والركة السلمية أول الركات بأن تتلمس سبل الدعوة بالوقف تترجم من خلل أفكارها ومبادئها‬
‫وتربطها بواقع الناس وقضاياهم ومشكلتم على كل صعيد‪ .‬وهى إن فعلت ذلك تكون منسجمة مع الط السلمى‬
‫الذى خطه ممد بن عبد ال صلى ال عليه وسلم والتزمه الرعيل الول من السلمي رضى ال عنهم‪ ،‬الذين ل يدخلوا‬
‫التاريخ إل با سجلوه من مواقف ‪0‬‬

‫فالفرق بي الدعوة بالنظرية والدعوة بالواقف كالفرق بي من ياهد ومن يتحدث عن الهاد‪ ،‬وكالفرق بي‬
‫من يصب ومن يتحدث عن الصب‪ ،‬وبي من يضحى ومن يتحدث عن التضحية ‪ 000‬إل ‪0‬‬

‫وعندما اعتمد البنا هذا السلوب ف الدعوة للسلم‪ ،‬وألزم جاعته به ‪ 00‬كان –رضى ال عنه‪ -‬ف شخصه‬
‫ترجة حية للمبادئ الت حلها بواقفه على صعيد القضايا الجتماعية والقتصادية والسياسية‪ ،‬كما استطاعت جاعة‬
‫الخوان السلمي أن تأخذ زمام البادرة بالواقف الت اتصلت بقضايا المة الصيية من خلل نظرية المام ومبادئه‪،‬‬
‫وكانت الساحة لا بدون منازع‪ ،‬ول تد كبي عناء ف استقطاب الماهي السلمة‪ ،‬لنا –أى هذه الماهي‪ -‬ل‬
‫تكن ولتواكب السيات ‪ 00‬مسيات الدعياء‪ ،‬فقد تبنت قضايا المة باللسان السنان ‪ 00‬بالهاد البيا ‪0‬‬

‫إن قضايا تقيق العدالة ورفع الظلم وماهدة أعداء ال وترير النسان ما يستعبده ليكون عبدا ل وحده‪ ..‬إن‬
‫مواقف التحدى للطغاة والظالي ف الداخل‪ ،-‬وللصهيونية والستعمار ف الارج‪ ..‬وإن الهاد على كل البهات‬
‫وبكل الوسائل إنا يقع كله ف صميم ما دعا إليه السلم‪ ..‬وجاء لتحقيقه وإنفاذه‪ ..‬فالسلم ثورة على فساد الفكر‬
‫كما هو ثورة على فساد الكم ‪ 00‬والسلم ثورة على النراف الخلقى كما هو ثورة على الظلم الجتماعى‬
‫وعلى الحتكار وأكل أموال الناس بالباطل ‪0‬‬

‫وكما عن السلم بزيادة المة ف مالت التوعية والتربية فقد عن كذلك بقيادتا ف ساحات الكفاح‬
‫‪0‬‬ ‫والنضال‬

‫والركة السلمية ف العصر الديث بقيادة البنا‪ ،‬الت كان لا قصب السبق ف ميادين الهاد والت غيبتها‬
‫الحنة الضاربة عن أحداث الناس وقضايا المة‪ ،‬مدعوة اليوم لتأخذ موقعها ف خط الواجهة الول لكل قضية‪،‬‬
‫وموضوع (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا‪ ،‬وإن ال لع الحسني)( )‪0‬‬
‫‪1‬‬

‫ب – أضواء على جوانب ف منهج البنا ف الدعوة والتربية‬


‫سورة العنكبوت ‪69 :‬‬ ‫‪1‬‬
‫أدرك البنا أبعاد انزام السلمي الروحى والضارى‪ ،‬وفهم سر ابتعادهم عن السلم‪ .‬فدعاهم إل تطبيق‬
‫السلم خلصا من انزامهم وحل لزمتهم‪ .‬وحل من أجاب صوته على ذلك التطبيق‪ ..‬حلهم على أسلوب ف‬
‫التربية متطابق مع منهج السلم‪ ،‬متواز ف أسلوبه مع أسلوب الرسول صلى ال عليه وسلم‪ .‬فأول النسان عنايته‬
‫الكبى‪ ،‬ورباه واعيا عناصره من روح وفكر وجسد‪ ،‬موازنا بي هذه العناصر‪ ،‬مبتكرا ف وسائل التربية با يقق‬
‫الغرض ويتناسب مع أوضاع القرن العشرين ‪0‬‬

‫لذلك جاءت تربية البنا مققة للهداف الت وضعها ف بناء جاعته‪ ،‬الت تتركز ف تقيق التفاعل بي روح‬
‫السلم وبي أفراد الماعة بيث يتحقق من هذا لتفاعل تريدهم من ذواتم‪ ..‬تريدهم من القيم الرضية كلها‪،‬‬
‫والوشائج الادية كلها‪ ..‬تريدهم من العتزاز بكل ما يعتز به من حطام وأهواء ‪ 00‬ليعتزوا بالق وحده ‪ ..‬الق مردا‬
‫من أشخاصهم ‪ 00‬الق متلبسا بذواتم ولكنه متميزا واضحا‪ ،‬بيث تتبع ذواتم الق‪ ،‬ول تتبع أهواءهم ومشاعرهم‬
‫الشخصية‪ ..‬وذلك بأن يتجردوا ل‪ ..‬يتجردوتا له تردا خالصا ‪0‬‬

‫ما أحلى وأصدق قوله – رضى ال عنه – ف وصف ذلك النموذج الذى عمل على إياده وتكوينه‪:‬‬
‫((أستطيع أن أتصور الجاهد شخصا قد أعد عدته وأخذ أهبته وملك عليه الفكر فيما هو فيه نواحى نفسه‬
‫وجوانب قلبه‪ ،‬فهو دائم التفكي‪ ،‬عظيم الهتمام‪ ،‬على قدم الستعداد أبدا‪ ،‬إن دعى أجاب‪ ،‬أو نودى لب‪ .‬غدوه‬
‫ورواحه‪ ،‬وحديثه وكلمه وجده ولعبه‪ ،‬ل يتعدى اليدان الذى أعد نفسه له‪ ،‬ول يتناول سوى الهمة الت وقف‬
‫عليها حياته وإرادته‪ ،‬ياهد ف سبيلها‪ ،‬تقرأ ف قسمات وجهه وترى ف بريق عينيه‪ ،‬وتسمع من فلتات لسانه ما‬
‫يدلك على ما يضطرم ف قلبه من جوى لصق وأل دفي‪ ،‬وما تفيض به نفسه من عزمة صادقة وهة عالية وغاية‬
‫‪0‬‬ ‫بعيدة))‬

‫هذا النموذج الذى حدد البنا خصائصه وملمه‪ ،‬ل يتركه دون توفي كل متطلبات العملية التربوية الت تكفل‬
‫تكوي نه و هى التطلبات ال ت أدرك الب نا أن ا شرط من شروط تق يق ولدة الفرد ال سلم الذى ي ثل العامود الفقرى ف‬
‫العمل السلمى برمته‪ ،‬فإذا طالعنا رسالة ((رسالة التعاليم)) ند أن خطته الت ترسم فيها خطى الداعى الول صلى‬
‫ال عليه وسلم تدور حول متطلبات ثلثة ‪:‬‬

‫أو ًل ‪ :‬النهج الصحيح‪ :‬وقد وجده الخوان السلمون ف كتاب ال وسنة رسوله وأحكام السلم حي‬
‫فهمها السلمون على وجهها غضة نقية بعيدة عن الدخائل والفتريات‪ ،‬فعكفوا على دراسة السلم على هذا الساس‬
‫دراسة سهلة واسعة مستوعبة ‪0‬‬

‫بذا النهج وتطبيقاته ف سية النب الكري وأصحابه أخذ الخوان أنفسهم بتطبيق ما فهموه من دين ال‬
‫تطبيقا ل هوادة فيه ‪0‬‬
‫ولو استعرضنا هذا النهج التربوى الذى ألزم به البنا الخوان‪ ،‬والذى وضحه ف رسالته تلك وف توجيهاته‬
‫وتعليماته‪ ،‬لوجدنا أنه استوعب كل مكونات النسان من روح وفكر وجسد‪ ،‬المر الذى يؤكد لنا دقة معالة هذا‬
‫الرب الكبي للنفس النسانية ‪0‬‬

‫‪-‬ففى مال تزكية النفس ‪ :‬ألزم الخوان بالورد اليومى من القرآن‪ ،‬وذكر الخرة‪ ،‬ونوافل العبادة‪ ،‬وصيام يوم ف‬
‫السبوع أو كل أسبوعي‪ ،‬والذكر اللسان والقلب‪ ،‬وأداء الصلة ف أوقاتا جاعة بالسجد‪ ،‬واستصحاب نية‬
‫الهاد‪ ،‬وتديد التوبة ‪ 000‬إل ‪0‬‬

‫لقد ألزم المام البنا أفراد جاعته بذه الواجبات مستهدفا ‪:‬‬

‫‪-1‬إحياء حقي قة اليان بال‪ ،‬على أ نه طمأني نة يقين ية ت ل بالقلب ومن طق رو حى حى يو جه‬
‫العقل‪ ،‬ومن شأن هذه الطمأنينة أن يكون ال ف حياة صاحبها هو كل شىء‪ ،‬فهو وحده‬
‫ال كبي التعال‪ ،‬و هو القوى الذى له جنود ال سموات والرض‪ ،‬و هو الغ ن و ما عنده خ ي‬
‫وأبقى‪ ..‬قسم الرزاق وحدد الحال‪ .‬فمن آمن بذلك سرى ف يقينه التصديق به صرف‬
‫رجاءه ف كل حال وأنزل بساحته حاجته‪ ،‬ووجد أثره ف قلبه‪ :‬غن بغي مال وأنسا بغي‬
‫أهل وعزا بغي عشية‪ ،‬وذلك من أكرم ثار اليان ‪0‬‬

‫‪-2‬إحياء حقيقة اليان باليوم الخر‪ ،‬وذلك بأن يضع الخ السلم بي عينيه أن الخرة ويوم‬
‫الساب آت ل ريب فيه‪ ،‬وأنه ف هذه الدنيا إنا يصنع بيديه ما يكون عليه ف الخرة‪.‬‬
‫وعليه أن يعل دنياه على وفق ما يريد لنفسه ف الخرة من مثوبة ال وعظيم رضوانه‪ ،‬وأن‬
‫يتحرى موقع كل عمل من آخرته قبل أن يعمله ‪0‬‬

‫‪-3‬رعاية كل ما أنزل ال من أمر ونى حق رعايته‪ ،‬ف غي غلو ياوز ما أرد ال من اليسر ول‬
‫ترخص يفسد هة الرء من تعظيم حرمات ال ‪0‬‬

‫‪-‬وف مال رعاية الفكر والعقل‪ :‬استهدف منهج البنا تزويد عقل السلم بأصح القائق وأقوم العان وأصدق‬
‫العارف‪ ،‬فإن العقل بذلك ينضج وتزداد طاقات إدراكه وتتسع آفاقه ويسمو مستواه ‪0‬‬

‫ومن أجل ذلك كانت البداية ف تكوين عقلية الخ السلم هو القرآن الكري وما صح عن رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم فهما أساس هذه العارف والقائق ومك صدقها ‪00‬‬

‫وهناك أيضا واجب دراسة رسالة ف أصول العقائد على منهج السلف وكتاب ف السية النبوية ورسالة ف‬
‫فروع الفقه‪ ،‬وكل ما يتعلق بفقه الدعوة كما تدده رسائل الخوان وصحفهم‪ ،‬وأصول السلم كنظام اجتماعى‬
‫والتاريخ السلمى ‪ 00‬تاريخ العارك والسياسة ونشاط العقل وماهدة النفس وإرشاد اللق هو التطبيق العملى لا فهم‬
‫سلفنا الصال من أحكام السلم النيف ‪0‬‬

‫وكذلك على الخ السلم أن يثقف نفسه بعارف العصر ف الجتماع‪ ،‬والقتصاد والصحة وكل ما يضطرب‬
‫فيه الناس سياسيا واجتماعيا وخلقيا من غى ورشد وفضيلة وانراف واستقامة بيث يعود نفسه أن يكم على ما‬
‫يرى ويسمع ويقرأ حكما يستهدف مقاييس السلم ‪0‬‬

‫لذلك كان المام البنا ينصح الخ السلم بضرورة تكوين مكتبة خاصة‪ ،‬فإن وجود الد الدن من الكتب‬
‫الت تعي على تقيق أهداف تثقيف السلم ضرورة كضرورة الأكل واللبس ‪0‬‬

‫‪-‬وف مال تكوين القوة السدية‪ :‬ألزم الخوان بالكشف الصحى الدورى‪ ،‬والرص على القيام ببعض التمارين‬
‫الرياضية‪ ،‬والقيام بالرحلت البلية أو الصحراوية أو القلية أو القروية أو النهرية للتجديف‪ ،‬والبتعاد عن‬
‫السراف ف شرب القهوة والشاى‪ ،‬والمتناع عن التدخي‪ ،‬والعناية بالنظافة‪ ،‬وتنب المر واليسر والفتر ‪000‬‬

‫إل ‪0‬‬

‫ل يكتف البنا بعالة عناصر الشخصية النسانية من نفس وعقل وجسم عند الخوان السلمي‪ ،‬بل عمق‬
‫تطبيقهم للسلم بأن قدم طرقا عملية لتأدية الفرائض‪ ،‬وكان ارتقاء الخ السلم ف صفوف الماعة مرهونا بتنفيذه‬
‫هذه الفرائض ‪ 00‬فرائض الج والزكاة ‪0‬‬

‫ثانيا ‪ :‬القدوة الصالة‪ :‬أدرك البنا خطورة هذا العنصر ف العملية التربوية‪ .‬فكان ف شخصه مثل لذه القدوة‬
‫الصالة‪ ،‬وأخذ عزائم الخوان وهمهم بالنهج الذى رسه لم ف رسالة ((نظام السر ورسالة التعاليم)) فأصبحوا‬
‫أمثلة تتذى وتتبع وتقلد‪ ،‬ف الماس والتضحية‪ ،‬والعيش للدعوة والبدعوة وعلموا أن براعتهم ل تكون ف ترديد‬
‫نظريات التربية والتنظيم والتخطيط ‪0‬‬

‫‪0‬‬ ‫ولكن بترجة ذلك إل وقائع مسوسة تسهم ف الدفع الباشر والتطوير الفعلى لجهزة الركة‬

‫كما علم الخ السلم أنه ف انطلقه لمل الناس على أن يقتدوا به متاج إل أن يوز ‪ :‬دمعة التهجد‪،‬‬
‫وشجاعة القاتل‪ ،‬وانتباه الفقيه ‪0‬‬

‫ذلك كله بفضـل يقظـة الضميـ وحسـاسيته الذى أحدثـه البنـا فـ نفوس الخوان‪ ،‬فجاء عملهـم مـع الناس‬
‫متوخ يا الرص على راب طة القلوب واجتماع الكل مة ب ي ال سلمي‪ ،‬ف كل من قال ل إله إل ال يلت قى مع هم ف ظل‬
‫التوحيد وتمعه وإياهم كلمة السلم وتعصم دمه وماله وعرضه حرمة الخوة ف ال‪ .‬وأحسنوا الظن بكل مالف‬
‫اجتمعوا معه على الصول فاتبعوه إن بداف قوله الق أو انصرفوا عنه إن جانبه الصواب وهم يلتمسون له العذر‪ .‬ول‬
‫يكن شىء أبغض إل نفوسهم من الدال والكابرة فما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إل أوتوا الدل ‪0‬‬
‫هذه الخلق الت طبع البنا رجاله وأودعها روح أنصاره دعوة بالكلم وقدوة بالسلوك‪ ،‬هى الت جعلت‬
‫الخوان أبدا بنأى عن إثارة السائل اللفية ف ماضراتم وأحاديثهم ومواقفهم‪ ،‬فكان شباب الخوان بمد ال‬
‫يفيضون بشعور الخوة نو كل مسلم‪ ،‬وإن معال التعصب للمذهب إن ظهرت ف كل ناد اختفت تاما من نوادى‬
‫الخوان‪ ،‬فالناشئ منهم ف أحضان التصوف يعانق الخذ برأى السلف إذا أقبل عليه‪ ،‬والعال التحرير من رجالم‬
‫يصلى وراء الشاب الامعى‪ ،‬وحامل اللحية والعذبة ل يد حرجا ف أن يأت بعارى الرأس مت سبقه إل اصلة‪ ،‬وهم‬
‫جيعا ف إحساس بعضهم نو بعض كاللقة الفرغة ل تدرى أين طرفاها ‪0‬‬

‫ثالثا ‪ :‬البيئة الصالة‪ :‬كما أدرك البنا أهية هذا العنصر ف ناح عمليته التربوية‪ ،‬فعمل على تيئة الناخات‬
‫والجواء الناسبة لتكوين وتربية عناصره فدفع بماعته إل تيئة الو السلمى لفرادها‪ ،‬حت تتكون منهم الطليعة‬
‫الؤمنة الت تأخذ على عاتقها إعلء كلمة ال‪ .‬وذلك با أتيح لم من ميط نظام السر والكتائب والعسكرات‪ ،‬وف‬
‫نطاق مالت العمل والنشاط ف الساجد والدارس والدمات الصحية‪ ،‬والشركات‪ ،‬والب والدمات الجتماعية‪..‬‬
‫وتاوزت الناخات الت تيأت للتربية الخوانية هذه الجالت إل ساحة القتال ف فلسطي والقناة‪ ،‬امتحانا لذه‬
‫النفوس وتطهيا لا‪ ،‬وتنظيفا لقلوبا‪ ،‬لكى تنال ف هذه الساحة حصيلة ضخمة من العبة والتربية‪ ،‬والوعىة والنضج‪،‬‬
‫والتمحيص والتميز‪ ،‬والتنسيق والتنظيم‪ ،‬لترتفع إل مستوى الدور القدم لا ((أم حسبتم أن تدخلوا النة‪ ،‬ولا يعلم ال‬
‫الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين؟!))( ) ‪ ..‬إنا هى التجربة الواقعية‪ ،‬والمتحان العملى‪ ،‬وإنا هو الهاد وملقاة‬
‫‪1‬‬

‫البلء‪ ،‬ث الصب على تكاليف الهاد وعلى معاناة البلء ‪0‬‬

‫هذه هى التربية الت اعتمدها ((البنا)) ف تكوين صفوف جاعته‪ ،‬ليعدهام بذه التربية للدور العظيم الائل‬
‫الشاق‪ ،‬الذى ناطه ال بالماعة الؤمنة ف هذه الرض‪ ،‬وقد شاء ال – سبحانه – أن يعل هذا الدور من نصيب‬
‫((النسان)) الذى استخلفه ف هذا اللك العريض!‬

‫•وبعد ‪:‬‬

‫لقد وقفنا أمام شخصية البنا الفذة‪ ،‬وكأننا نتطلع إليها من أسفل‪ ،‬فكان رضى ال عنه‪ -‬قمة‪ ،‬والعاملون ف‬
‫القل السلمى هذه اليام ناس ألفوا العيش ف السفح‪ ،‬فاستهونوا مساربه وسبله‪ ،‬وأعجبوا برضى العيش ورضى‬
‫النعمة السابغة فأخلدوا إل الرض‪ ،‬يتمسكون با ويغترفون منها ف بطونم ما شاءت لم الرض من عطاء‪ ،‬وما مل‬
‫جوف ابن آدم إل التراب ‪0‬‬

‫فلئن كان جيل البنا ل ينصفه فإن التاريخ سيسجل له الكان اللئق‪ ،‬فضل عن أن الرجل ما كان يعمل‬
‫ليسجل له التاريخ أو الجيال‪ ،‬وإنا كان يعمل ف سبيل ال ولعلء كلمته ‪0‬‬

‫سورة آل عمران ‪142 :‬‬ ‫‪1‬‬


‫وضوح الطريق‬

‫حي تقدم حسن البنا إل لنة المتحان الشفوى ف مدرسة دار العلوم‪ ،‬ولا جلس أمام اللجنة سأله المتحن ‪:‬‬
‫‪-‬ماذا تفظ من الشعر القدي ؟‬
‫‪-‬فأجاب ‪ :‬أحفظ العلقات السبع ‪0‬‬

‫‪-‬قال ‪ :‬أسعن معلقة طرفة بن العبد ‪0‬‬

‫فأخذ البنا يقرأها ف فصاحة وثبات‪ ،‬ولا تأكد الستاذ المتحن من جودة حفظه قال له ‪ :‬على رسلك‪.‬‬
‫أريدك أن تتار بيتا أعجبك من هذه القصيدة‪ ،‬فأطرق حسن البنا هنيهة ث قال ‪:‬‬

‫إذا القوم قالوا من فت خلت أنن‬


‫عنيت فلم أقعد ول أتبلد‬
‫فلما كان من الستاذ المتحن إل أن رفع عمامته من فوق رأسه وهو يردد فالتفت إليه المتحن الخر وقال‬
‫له ‪ :‬ماذا جرى يا مولنا ؟‬
‫فأجابه بأن هذا الفت سوف يكون له شأن كبي‪ ،‬وأسعه هذا البيت فشاركه إعجابه وتفاؤله ‪0‬‬

‫وجاءت اليام لتكشف عن فراسة هذا الشيخ وتصدق حدسه ف البنا‪ ،‬فيصبح بالفعل أمل أمته اليى‬
‫ومرشدها إل منهاج السلم الصحيح ‪0‬‬

‫لقد كان البنا هو ذلك الفت الذى أحس منذ صباه بالفراغ الذى يعان منه السلمون ف ذلك الوقت‪ ،‬وهو‬
‫عدم وجود قيادة إسلمية وطليعة مؤمنة ترد الناس إل السلم وتبصرهم بالطريق وتكتل جهودهم للوقوف ف وجه‬
‫الستعمار الغرب العسكرى منه والفكرى ‪0‬‬

‫أدرك البنا أن الهل بالسلم‪ ،‬وعدم إدراك حقيقة هذا الدين‪ ،‬وتلوث الحيط الجتماعى فكريا وأخلقيا هو‬
‫الذى انتهى بأمته إل الضياع والشرود‪ .‬والسبب ف كل ذلك إنا يعود إل ضعف التوجيه الدين السليم ف حياة‬
‫السلمي وإل خضوعهم إل توجيهات منحرفة‪ ،‬بل ومتناقضة مع تعاليم السلم‪ ،‬ومبادئه ‪0‬‬

‫ففى نطاق السياسة يكم السلمون بغي ما أنزل ال من القواني الوضعية الت ظهر فشلها ف أكثر من موطن‬
‫وميدان‪ .‬فلم يكـن فـ السـاحة السـياسية إل أحزاب وزعماء ل يعرفون إل أوربـا وحضارتاـ‪ .‬وقـد نسـوا مدهـم‬
‫وتاريهم‪ ،‬فأوربا قبلتهم ف كل شىء بنظمها وأخلقها وعاداتا وأعيادها وأوضاعها الجتماعية والسياسية‪ ،‬وهم ف‬
‫بيوتم وحياتم الاصة ل يعرفون شيئا من السلم ول آدابه وتقاليده‪ ،‬فسلوكهم العام والاص ل ينتسب إل السلم‬
‫بأدن صلة ‪0‬‬
‫وف نطاق التربية والتعليم تعبث ف عقول السلمي الناهج والنظريات الفاسدة الخربة الت جاء با الستعمر‬
‫الورب إل بلدنا‪ .‬ول يكتف الستعمر بوضع الناهج الت أنشأ الدارس والعاهد العلمية والثقافية ف عقر ديار السلم‬
‫تقذف ف نفوس أبنائه ال شك واللاد وتعلم هم ك يف ينتق صون أنف سهم ويتقرون دين هم ووطن هم وين سلخون من‬
‫تقالديهم وعقائدهم ويقدسون كل ما هو غرب‪ ،‬ويؤمنون بأن ما يصدر عن الوربيي وحده هو الثل العلى ف هذه‬
‫الياة‪ .,‬واحتوت هذه الدارس أبناء الطب قة العل يا و صارت وق فا علي ها‪ .‬وأبناء هذه الطب قة هم القادة والكام و من‬
‫سيكون بيدهم بعد قليل مقاليد المور‪ .‬ومن ل يتم نضجه ف هذه العاهد الوضعية فإن ف البعثات التلحقة ما يكفل‬
‫لم التمام ‪0‬‬

‫وف نطاق الدعوة والرشاد ل يكن بالساحة غي الزهر والطرق الصوفية‬

‫‪-‬الزهر ‪ :‬الذى ظل حت وقت قريب مثل للسلطة السلمية الواعية القادرة على احتواء الشعب وتوجيهه ودرء‬
‫كل سوء عنه ‪ ..‬السلطة الت كان من واجبها النهوض بالمة فكريا وأخلقيا‪ ،‬ماديا ومعنويا‪ ،‬اجتماعيا وسياسيا‬
‫السلطة الت كانت تقف بالمة ف مواجهة التحدى – كل تد – على أحسن ما يكون الوقوف وعيا وحكمة‬
‫وجرأة‪ ،‬هذه السلطة تلى عنها رجالا بعد أن نسوا رسالتهم وسار كثي منهم ف ركاب الكام‪ ،‬ووضعت‬
‫السياسة أصابعها ف شئونم ففقدوا فاعليتهم وأثرهم على النفوس ‪0‬‬

‫‪-‬والطرق الصوفية‪ :‬ملت قلوب وأدمغة الناس من أتباعهم بالرافات والوهام‪ ،‬وصرفتهم عن جوهر التعاليم‬
‫السلمية الصحيحة‪ ،‬ومقاصدها العزيزة الكرية‪ ،‬وعزلوهم عن الروح القيقية للسلم الت تلق الرجال‪..‬‬
‫عزلوهم عن هذه العان ونشأوهم على الهل والمول والستسلم‪ ،‬المر الذى مكن لصحاب النفوذ‬
‫والسلطان من استغللم وتسخيهم ف أغراضهم ومطامعهم ‪0‬‬

‫فكان طبيعيا والالة هذه أن يتفسخ السلمون شعبا وزعامات‪ ..‬تعتصرهم اللفات‪ ،‬وتفسد أخلقهم‬
‫ومعتقداتم الرذائل والوبقات‪ ..‬بل كان بديهيا بعد ذلك أن تنشأ ف هذه المة أجيال مقطوعة الصلة بالسلم‪ .‬وإن‬
‫أسوأ أما ف المر أن الشكلة كانت آخذة ف التعقد يوما بعد يوم‪ ،‬لن معاول الدم ف تزايد‪ ،‬والقوى السلمية‬
‫الشعبية مزقة ضائعة ‪0‬‬

‫إن هذا الوضع الطي الذى آلت إليه أحوال السلمي ف هذا البلد هو الذى حفز البنا – با حباه ال من‬
‫غية وحس مرهف ووضوح ف الرؤية – إل البادرة إل تعبئة قوى أمته وحشد طاقاتا ف مسية واحدة‪ ..‬مسية‬
‫واعية هادفة بناءة يكون من مهماتا تقيق الهداف التية ‪:‬‬

‫أو ًل ‪ :‬إعادة ثقة المة بدينها على أنه النهج الؤهل لبناء حياتم على أحسن ما يكون البناء تاسكا‬
‫واستقرارا‪ ..‬على أنه العقيدة القادرة على أن توض بم معترك كل صراع وتقق لم النصر والتمكي والستخلف ‪0‬‬
‫ثانيا ‪ :‬مواجهة الفلسفات والفكار الغازية با يكشف زيفها وانرافها‪ ،‬وينح أمتنا على نقض أصولا‬
‫وكشف مثالبها وعيوبا ‪0‬‬

‫ثالثا ‪ :‬العمل على تنظيف الجتمع من أسباب النراف والنلل‪ ،‬با يفظ على الجيال الخلق الكرية‬
‫والثل الرفيعة‪.‬‬

‫رابعا ‪ :‬العمل على تكوين طليعة واعية مؤهلة روحيا وفكريا وسياسيا وتنظيميا لستخلص السلمي من‬
‫الضياع والتيه الذى هم فيه ‪ ..‬ل ستنقاذهم من براثن الاهلية وضغوطها ومؤثراتا‪ .‬لعل القوامة ف حياتم للسلم‬
‫ونظامه ‪ ..‬لتعبيدهم ل فكرا وأخلقا وتشريعا ‪0‬‬

‫إن كل هذه الهداف ل يتم تقيقها إل برجل قادر على الواجهة والتحدى والتغيي‪ ،‬ول يكن ف الساحة‬
‫غي البنا‪ ..‬ذلك الفت الذى أدرك تطلع قومه لستخلصهم واستنقاذهم من الضياع‪ ..‬ذلك القائد والرشد الذى بدت‬
‫فيه كل ملمح القيادة والرشاد منذ صباه ومنذ تلمذته ف دار العلوم‪ ..‬لقد ظهرت فيه كل ملمح القيادة والريادة من‬
‫وعى وإدراك وإحساس عميق بثقل التبعة وعظم السئولية سجل الكثي منه ف مذكراته الت ننصح كل عامل للسلم‬
‫أن يرص على قراءتا‪ .‬وسوف نقتطف هنا موضوع النشاء الذى كتبه ف امتحان التخرج من دار العلوم‪ ،‬مبينا‬
‫كيف نذر نفسه لرشاد أمته‪ ،‬وكيف كان طريقه منذ البداية واضحا ‪ ..‬وذلك فضل ال يؤتيه من يشاء وال ذو‬
‫الفضل العظيم ‪ ..‬يقول ‪:‬‬

‫( ‪ ..‬كان أستاذنا أحد يوسف ناتى – جزاه ال خيا – مغرما بالوضوعات الدسة بالنشاء‪ ،‬وله معنا‬
‫نكات وتعليقات ظريفة ف هذه العان‪ .‬ومن كلماته الأثورة‪ ،‬حي كان يل الصحيح هذه الطولت‪ ،‬أن يقول‬
‫والكراسات على يده ينوء بملها كما ناء طول ليلة بتصحيحها ‪(( :‬خذوا يا مشايخ! وزعوا ما تزعمونه إنشاء‪.‬‬
‫عليكم بالقصد يا قوم فالبلغة الياز‪ .‬وال إن ل أشب النشاء ول أذرعه))‪ .‬ونضحك ونوزع الكراسات ‪0‬‬

‫ومن الوضوعات الت أتفنا با بناسبة آخر العام الدراسى‪ ،‬وكان بالنسبة ل ولفرقت المتحان النهائى سنة‬
‫‪ 1927‬اليلدية‪ ،‬هذا الوضوع‪(( :‬اشرح أعظم آمالك بعد إتام دراستك‪ ،‬وبي الوسائل الت تعدها لتحقيقها))‪0‬‬

‫وقد أجبت عنه بذا الوضوع‪(( :‬أعتقد أن خي النفوس تلك النفس الطيبة الت ترى سعادتا ف إسعاد الناس‬
‫وإرشادهم‪ ،‬وتستمد سرورها من إدخال السرور عليهم‪ ،‬وذود الكروه عنهم‪ ،‬وتعد التضحية ف سبيل الصلح العام‬
‫ربا وغنيمة‪ ،‬والهاد ف الق والداية – على توعر طريقهما‪ ،‬وما فيه من مصاعب ومتاعب – راحة ولذة‪ ،‬وتنفذ‬
‫إل أعماق القلوب فتشعر بأدوائها‪ ،‬وتتغلغل ف مظاهر الجتمع‪ ،‬فتتعرف ما يعكر على الناس صفاء عيشهم ومسرة‬
‫حياتم‪ ،‬وما يزيد ف هذا الصفاء‪ ،‬ويضاعف تلك السرة‪ ،‬ل يدوها إل ذلك إل شعور بالرحة لبن النسان‪ ،‬وعطف‬
‫عليهم‪ ،‬ورغبة شريفة ف خيهم‪ ،‬فتحاول أن تبئ هذه القلوب الريضة وتشرح لك الصدور الرجة وتر هاته‬
‫النفوس النقبضة‪ ،‬ل تسب ساعة أسعد من تلك الت تنقذ فيها ملوقا من هوة الشقاء البدى أو الادى‪ ،‬وترشده إل‬
‫طريق الستقامة والسعادة ‪0‬‬

‫((وأعتقد أن العمل الذى ل يعدو نفعة صاحبه‪ ،‬ول تتجاوز فائدته عاملة قاصر ضئيل‪ ،‬وخي العمال وأجلها‬
‫ذلك الذى يتمتع بنتائجه العامل وغيه‪ ،‬من أسرته وأمته وبن جنسه‪ ،‬وبقدر شول هذا النفع يكون جلله وخطره‪،‬‬
‫وعلى هذه العقيدة سلكت سبيل العلمي‪ ،‬لن أراهم نورا ساطعا يستني به المع الكثي ويرى ف هذا الم الغفي‪،‬‬
‫وإن كان كنور الشمعة الت تضىء للناس باحتراقها))‪0‬‬

‫((وأعتقد أن أجل غاية يب أن يرى النسان إليها‪ ،‬وأعظم ربح يربه أن يوز رضا ال عنه‪ ،‬فيدخله حظية‬
‫قدسه‪ ،‬ويلع عليه جلبيب أنسه‪ ،‬ويزحزحه عن جحيم عذابه‪ ،‬وعذاب غضبه‪ .‬والذى يقصد إل هذه الغاية يعترضه‬
‫مفرق طريقي‪ ،‬لكل خواصه وميزاته‪ ،‬يسلك أيهما شاء ‪:‬‬

‫أولما ‪ :‬طريق التصوف الصادق‪ ،‬الذى يتلخص ف الخلص والعمل‪ ،‬وصرف القلب عن الشتغال باللق‬
‫خيهم وشرهم وهو اقرب وأسلم ‪0‬‬

‫والثان‪ :‬طريق التعليم والرشاد‪ ،‬الذى يامع الول ف الخلص والعمل ويفارقه ف الختلط بالناس ودرس‬
‫أحوالم‪ ،‬وغشيان مامعهم‪ ،‬ووصف العلج الناجع لعللهم‪ .‬وهذا أشرف عند ال وأعظم‪ ،‬ندب إليه القرآن العظيم‬
‫ونادى بفضله الرسول الكري‪ .‬وقد رجح الثان – بعد أن نجت الول – لتعدد نفعه‪ ،‬وعظيم فضله‪ ،‬ولنه أوجب‬
‫الطريقي على التعلم‪ ،‬وأجلهما بن فقد شيئا (لينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يذرون )‪0‬‬

‫((وأعتقد أن قومى – بكم الدوار السياسية الت اجتازوها‪ ،‬والؤثرات الجتماعية الت مرت بم‪ ،‬وبتأثي‬
‫الدنية الغربية‪ ،‬والشبه الوربية‪ ،‬والفلسفة الادية‪ ،‬والتقليد الفرنى – بعدوا عن مقاصد دينهم‪ ،‬ومرامى كتابم‪ ،‬ونسوا‬
‫مد آبائهم‪ ،‬وآثار أسلفهم‪ ،‬والتبس عليهم هذا الدين الصحيح با نسب إليه ظلما وجهل‪ ،‬وسترت عنهم حقيقته‬
‫الناصعة البيضاء‪ ،‬وتعاليمه القيقية السمحة بجب من الوهام يسر دونا البصر‪ ،‬وتقف أمامها الفكر‪ ،‬فوقع العوام‬
‫ف ظلمة الهالة‪ ،‬وتاه الشبان والتعلمون ف بيداء حية وشك‪ ،‬أورثا العقيدة فسادا‪ ،‬وبدل اليان إلادا ‪))!00‬‬

‫((وأعتقد كذلك أن النفس النسانية مبة بطبعها‪ ،‬وأنه لبد من جهة تصرف إليها عاطفة حبها‪ ،‬فلم أر أحدا‬
‫أول بعاطفة حب من صديق أمتزجت روحى بروحى‪ ،‬فأوليته مبت‪ ،‬وآثرته بصداقت))‪0‬‬

‫((كل ذلك أعتقده تأصلت ف نفسى جذوتا‪ ،‬وطالت فروعها‪ ،‬واخضرت أوراقها‪ ،‬وما بقى إل أن تثمر‪،‬‬
‫فكان أعظم آمال بعد إتام حياتى الدراسية أملن ‪:‬‬

‫(خاص) – وهو إسعاد أسرتى وقرابت‪ ،‬والوفاء لذلك الصديق الحبوب ما استطعت إل ذلك سبيل‪ ،‬وإل‬
‫أكب حد تسمح به حالت ويقدرن ال عليه ‪0‬‬
‫(وعام) – وهو أن أكون مرشدا معلما‪ ،‬إذا قضيت ف تعليم البناء سحابة النهار‪ ،‬ومعظم العام قضيت ليلى‬
‫ف تعليم الباء هدف دينهم‪ ،‬ومنابع سعادتم ومسرات حياتم‪ ،‬تارة بالطابة والحاورة‪ ،‬وأخرى بالتأليف والكتابة‪،‬‬
‫وثالثة بالتجول والسياحة ‪0‬‬

‫وقد أعددت لتحقيق الول معرفة بالميل‪ ،‬وتقديرا للحسان و((هل جزاء الحسان إل الحسان؟))‬
‫ولتحقيق الثان من الوسائل اللقية‪(( :‬الثبات والتضحية)) وها ألزم للمصلح من ظله‪ ،‬وسر ناحه كله‪ ،‬وما تلق بما‬
‫مصلح فأخفق إخفاقا يزرى أو يشينه‪ ،‬ومن الوسائل العملية‪ :‬درسا طويل‪ ،‬سأحاول أن تشهد ل به الوراق الرسية‬
‫وتعرفا بالذين يعتنقون هذا البدأ‪ ،‬ويعطفون على أهله‪ ،‬وجسما تعود الشونة على ضآلته‪ ،‬وألف الشقة على نافته‪،‬‬
‫ونفسا بعتها ل صفقة رابة‪ ،‬وتارة بشيئته منجية‪ ،‬راجيا منه قبولا‪ ،‬سائله إتامها‪ ،‬ولكليهما عرفانا بالواجب وعونا‬
‫من ال سبحانه‪ ،‬أقرؤه ف قوله ((إن تنصروا ال ينصركم ويثبت أقدامكم))‪0‬‬

‫((ذلك عهد بين وبي رب‪،‬ن أسجله على نفسى‪ ،‬وأشهد عليه أستاذى‪ ،‬ف وحدة ل يؤثر فيها إل الضمي‬
‫وليل ل يطلع عليه إل اللطيف البي)) ومن أوف با عاهد عليه ال فسيؤتيه أجرا عظيما))‪0)0000‬‬

‫رأينا كيف كان البنا يعرف ما يريد‪ ،‬ويعرف سبيله إل ما يريد‪ ..‬ذلك أنه من أخطر ما يؤثر ف بناء شخصية‬
‫الداعية‪ ،‬ويقلل أو يزيد من فاعليته وحركته من أجل بناء حضارته الديدة‪ ،‬انطلقا من فكرته السلمية‪ ،‬هو درجة‬
‫وضوح فكرته لديه‪ ،‬وشعوره بالثقة الطلقة با وببساطتها بشكل يستطيع معه دخول معترك الصراع العقائدى‬
‫النسان‪ ،‬وهو يمل شعارات واضحة مددة‪ ،‬يسهل عليه مقارنتها مع العقائد والناهج بسرعة ويسر‪ ،‬ويتبي له من‬
‫خلل تلك القارنة الفرق الواضح بي فكرته وبي غيها من الفكار والناهج‪ ،‬ويسهل عليه هذا الوضوح إيصال‬
‫فكرته إل عقل كل إنسان شريف وقلبه‪ ،‬فيقنعه بأنا هى الي الحض‪ ،‬والعلم الالص والاجة اللحة‪ ..‬بذا التكوين‬
‫الربان تكن حسن البنا وبطوات الواثق الطمئن من تقدي إسلمه إل متمعه التخلف وإل النسانية‪ ،‬كحل جذرى‬
‫لا تعانيه من ضنك وآلم وعذاب‪ .‬أنظر إليه وهو ييب عن سؤال وجهه إليه صحفى يطلب منه أن يوضح بنفسه عن‬
‫شخصيته للناس‪ ،‬فقال رحه ال ((أنا سائح يطلب القيقة‪ ،‬وإنسان يبحث عن مدلول النسانية بي الناس‪ ،‬ومواطن‬
‫ينشد لوطنه الكرامة والرية والستقرار والياة الطيبة ف ظل السلم النيف ‪0‬‬

‫أنا متجرد أدرك سر وجوده‪ ،‬فنادى‪ :‬إن صلتى ونسكى ومياى وماتى ل رب العالي‪ ،‬ل شريك له‪،‬‬
‫وبذلك أمرت وأنا من السلمي ‪0‬‬

‫‪0‬‬ ‫هذا أنا‪ ،‬فمن أنت؟؟‬

‫‪0‬‬
‫حسن البنا ‪ 00‬ف رشيد‬

‫م‬
‫‪0000 1936‬‬ ‫ف أوائل سنة‬

‫كانت قلوبنا متلهفة لرؤية حسن البنا فقد سعنا عنه كثيا وتطلعنا إل رؤيته الشخصية‪ ..‬فقد كانت له عندنا‬
‫صورة – قمنا بتكبيها‪ -‬وكتبنا تتها بالط الميل – (من الؤمني رجال صدقوا ما عاهدوا ال عليه)‪0‬‬

‫وتدد موعد حضوره إل رشيد‪ ..‬وفمنا بعمل الدعاية اللزمة – وقد أوفدن الخوان إل مسجد الندى‪-‬‬
‫كى أدعو الناس لضور الفل – وبعد الصلة وقفت كى أطلب من الصلي الضور إل دار المعية للستماع إل‬
‫ماضرة يلقيها الشيخ حسن البنا ‪ 00‬ولكن حي وقفت تعلثم لسان وعجزت عن الكلم ‪ 000‬حيث كانت هذه أول‬
‫مرة أقف فيها مثل هذا الوقف ‪ 00‬ولكن الثان خففوا عن وسألون عن قصدى – قلت لم ما أريد بأسلوب العادى‬
‫وانصرفت ف خجل شديد ‪ 00‬ولكن الخوان بعد ذلك نصحون أن أستند عند الكلم إل احد أعمدة السجد حت‬
‫يتص رعدتى وخوف ‪0‬‬

‫وجهز الخوان مكان الفل تهيزا لئقا ومنظما‪ ..‬وذهبنا ف مموعة كبية على أرسها الستاذ أحد‬
‫السكرى‪ ..‬والاج مممود عبد الليم الكبي رئيس المعية – وتوجهنا إل مطة السكة الديد لستقبال حسن البنا‬
‫وصحبه ‪0‬‬

‫واقترب القطار وتطلعت العيون وتلهفت القلوب وتشوفت الرواح – لرؤيةب فضيلة الستاذ الرشد العام‬
‫‪ ..‬الذى سوف نراه لول مرة وتادى القطار حت وقف‪ ..‬ونزل جع من الخوان فتسابقنا للسلم على الستاذ‬
‫الرشد العام ‪ ..‬ومع كوننا نعرفه من الصورة إل أننا قمنا بالتسليم على شخص آخر كان يرتدى البة والعمامة‬
‫وجسمه كبي – فكان الرجل ف حرج شديد وهو يشي إل شخصية حسن البنا ‪ ..‬ويقول هذا هو فضيلة الرشد‬
‫العام‪ ..‬ول يكن هذا الشيخ سوى الشيخ سرحان عدوى من جعية الخوان السلمي ببلدة (بن مد) – بنفلوط قبلى‬
‫الذى كان ف صحبة فضيلة الرشد مع السيد ممد حامد أبو النصر من أعيان منفلوط قبلى ‪0‬‬

‫والتففنا حول فضيلة الرشد نسلم عليه وناول كعادتنا مع من هو أكب منا أن نقبل يده ولكنه كان يتنع عن‬
‫ذلك بشدة وسرنا ف موكب الرشد العام على القدام من مطة السكة الديد إل دار المعية ‪00‬‬

‫حت إذا اقتربنا من دار المعية رأى الستاذ البنا صورته موضوعة فوق منصة الطابة وكنت أسي بالقرب‬
‫منه ول يكن سن قد تاوز السابعة عشرة فربت على كتفى بيده وقال ل لن هذه الصورة؟ فقلت له –إنا صورة‬
‫الشيخ البنا‪ .‬فقال ل – إذا كان الشيخ البنا موجود شخصيا فما الداعى لوجود هذه الصورة ‪ ..‬اذهب فأنزلا ‪0‬‬

‫فصعدت فوق منصبة الطابة كى أقوم بلع الصورة ولكن الخوان صاحوا‪ ..‬قال لم الستاذ البنا أنا أمرته‬
‫بإنزالا‪ .‬فأنزلتها ‪0‬‬
‫وكانت هذه أول صلت بالستاذ البنا‪ ..‬وكان أول درس ف التوجيه والتربية تأثرت به تاما‪ ..‬وإن ل أكن قد‬
‫فقهت بعد‪ ،‬غي أن الضمي والقلب يعى دائما الدروس الصادقة ‪0‬‬

‫وبعد صلة العشاء ف مسجد الحلى توجه الستاذ البنا إل دار المعية‪ -‬حيث امتلت جيع الساحة الحيطة‬
‫با بأهال رشيد ووجهائها وأعيانا‪ ،‬وف مقدمتهم علماء رشيد الذين كنوا على مستوى كبي ف العلم والتقوى ‪0‬‬

‫‪0‬‬ ‫وافتتح الفل بالقرآن الكري‬

‫‪0‬‬ ‫‪-‬ث قامت مموعة من شباب الخوان وألقت نشيد يا رسول ال هل – يرضيك أنا‬

‫‪-‬ث قام الستاذ أحد السكرى فألقى كلمة حاسية شدت أنتباه الناس ‪ 0‬ث قال الخ عبد الكري بلول وكان ف‬
‫وقتها ل يزال طالبا بالعهد الدين فألقى قصيدة جاء فيها ‪:‬‬
‫رأيت الجد ف مرساك يرسى‬
‫فجئت اليوم أفديكم بنفسى‬
‫وأبدى أن ف بلدى رجال‬
‫لم روحى وإيان وحسى‬
‫إذا ناديتهم للحق جاءوا‬
‫إل اليدان ف أبى الدمقس‬
‫يبون الكفاح ليستردوا‬
‫إل قدس الشريعة كل قدس‬
‫لم ف الوت معن سرمدى‬
‫جيل قد خل من كل لبس‬
‫فيا من فيك آمال تسامت‬
‫وكنت التاج إن توجت رأسى‬
‫يهنئكم بعيد الفطر شهم‬
‫وعى من نور هديك كل درس‬
‫ويرجو أن تكون حليف ين‬
‫مع الخوان ف عز وبأس‬

‫ث تقدم الستاذ حسن البنا بلبابه البيض وعباءته الجازية ف خطى وئيدة إل النصة وتعالت التافات (ال‬
‫أكب والمد ل) ووقف برهة صامتا – والناس قد سادهم السكون وكأن على رؤوسهم الطي – ث بدأ بمد ال‬
‫تعال وأثن عليه ‪ 00‬وسبح بنا ف معان رقيقة رطب با قلوبنا وأرواحنا ‪ 00‬ث قال ‪:‬‬
‫أيها الخوان ف رشيد ‪ 00‬أرجو أن ل تعتبون زائر أو ضيفا – فلعل كثيا منكم ل يعرف أنن من مواليد‬
‫الحمودية وهى تبعد عن رشيد ثلثي كيلو مترا ولقد كانت الحمودية فيما مضى من أعمال مافظة رشيد وبذا ل‬
‫تعتبون ضيفا فإنا أنا من أبناء هذه النطقة وكذا والدى الشيخ عبد الرحن قد تتلمذ هنا ف مسجد زغلول على‬
‫أيدى علماء رشيد الفاضل وذكر بعض أسائهم ‪0‬‬

‫ث ل تظنوا أيها الخوة أنن جئت كى أعلمكم السلم ‪ 00‬وف بلدكم هذا نبع العلم وولد العلماء ‪ 00‬فل‬
‫تظنوا أنن إنا جئت كى أشرح لكم أو أبي لكم اللل من الرام فهذا أمر فطرى معلوم للعامة قبل الاصة – بل إن‬
‫اليوانات العجمية لتعرف اللل من الرام – ول أدل على ذلك من أن أحدكم حي يتناول طعامه ث اقتربت منه‬
‫قطة فأعطاها بيده لقمة من البز – فإن القطة سوف تأكلها وهى آمنة مطمئنة أما إذا بلت عليها بقطعة البز فإنا‬
‫ف هذه الالة سوف تسرقها ول تلبث أن ترى بعيدا عنك وهى خائفة منك تترقب أن تقوم لتضربا‪ ..‬من الذى‬
‫أودع ف روعها أنا ف الرة الول أكلت حلل وف الرة الثانية أكلت حراما؟‬

‫إذا كان هذا هو شأن اليوان فما بالكم بالنسان؟‬

‫‪00‬‬ ‫إنن ل آت إليكم من أجل ذلك فأنتم ول المد على بينة من كل هذا بفضل هؤلء العلماء الجلء‬

‫ولكنن قصدت إل أن أقول لكم هل السلم الذى ارتضاه ال تعال لنا هو ذلك السلم الذى نعيشه اليوم‬
‫ف معاملتنا وف بيوتنا وف مدارسنا وف ماكمنا وف كل أحوالنا‪ ..‬هل السلمون اليوم ‪ ..‬هم الثل الذى ينطبق مع‬
‫تعاليم السلم وأحكام القرآن – هل السلمون ينطبق عليهم قول ال تعال ‪( :‬ول العزة ولرسوله وللمؤمني)‬
‫واستطرد حسن البنا يقارن بي إسلم المس وإسلم اليوم وبي مسلمى الصدر الول ومسلمى هذا العصر ‪ ..‬مع‬
‫الستدلل بآيات القرآن الكري الت كانت تواتيه بسرعة أذهلت العلماء الذين دهشوا لسرعة بديهة الستاذ وسرعة‬
‫ملحقة اليات القرآنية حي يب الستشهاد با ‪0‬‬

‫ولقد تعود الناس كما تعود العلماء ‪ ..‬أن يأتوا ف أول أحاديثهم بالية الكرية ث يقوموا بتفسيهم ‪ ..‬ولكن‬
‫الستاذ حسن البنا خالف هذا النهج ف التفسي فهو يأتى بالوضوع حت إذا استكمله وأصبح واضحا ف ذهن‬
‫الستمع ختمه بالية القرآنيةب فتأتى تسجل العن وتزيده جلء ووضوحا بل إنا تنل على قلب الستمع بردا وسلما‬
‫وانشراحا ‪0‬‬

‫وبعد أن طاف بنا وأفاض وملك قلوبنا ومشاعرنا أعاد علينا تلخيصا لا قال ث اختتم حديثه بي تطلع الناس‬
‫إل الزيد وتلهفهم إل السلم عليه ‪0‬‬

‫‪0‬‬ ‫وأنى حديثه ث نزل من النصة ووقف يسلم على جاهي الناس‬
‫ث أتذ ملسه بعد ذلك إل جوار النصة إلىالدار ‪ ..‬وبدأ الذين تأثروا بطبته يقتربون من ملسه ‪ .‬وبدأ هو‬
‫يرحب بم ويفسح لم ف الجلس – حت إذا ل يعد ف الدار غيهم – طلب منا أن نلس معه بعض الوقت داخل‬
‫الدار ف إحدى الجرات – ث بدأ يتعرف ويسألنا عن أسائنا‪ .‬وبعد أن ت التعارف أخذ يدثنا حديثا خاصا يتقرب‬
‫به إل قلوبنا ويتعرف به على أحوالنا وكان ينادينا بأسائنا الت سرعان ما حفظها – وكان كلما ذكر اسم أحدنا‬
‫نظرنا إل هذا الخ ونن ف دهشة ‪ .‬كأنا ظننا أنه يعرفه قبلنا وسرعان ما ينادينا نن بأسائنا‪ .‬وف ختام هذا اللقاء‬
‫طلب منا الستاذ السكرى أن نأخذ من الستاذ البنا بيعة ‪0‬‬

‫وف اليوم التال للحفل – توجه الستاذ الرشد لزيارة جعية تفيظ القرآن الكري ث زيارة بعض أعيان الدينة‬
‫(رشيد) ث ودعناه أحر وداع حيث غادرنا إل القاهرة مصحوبا برعاية ال بعد أن ترك ف نفوسنا جيعا أطيب الثر‬
‫وأعمق الفهم لدعوته ورسالته ‪0‬‬

‫بركة التوكل على ال‬


‫حي حصلت على دبلوم الدارس الثانوية الصناعية ف عام ‪ 1939‬توجهت إل القاهرة لبث عن‬
‫عمل‪ ،‬والتقيت بفضيلة الرشد العام رحه ال ف دار الركز العام باللمية الديدة‪ ،‬وبعد أن رحب ب فضيلته سألن‬
‫عن سبب حضورى للقاهرة ‪0‬‬

‫قلت ‪ :‬لبث عن عمل‬


‫‪0‬‬

‫قال ‪ :‬أل تفكر ف التطوع لدرسة الصناعات اليكانيكية الربية؟‬


‫قلت ‪ :‬إن خريى الداس الصناعية معفون من خدمة اليش !!‬
‫قال ‪ :‬لكن رسالتنا توجب علينا الدمة ف هذا اليدان ‪0‬‬

‫قالت ‪ :‬ل مانع‪ ،‬ولكن سوف ل أنح ف الكشف الطب حيث أن إحدى عين عليها سحابة مزمنة ‪0‬‬

‫قال ‪ :‬توكل على ال وأنت تنجح ‪0‬‬

‫قلت ‪ :‬كيف أنح ف الكشف الطب وعين على هذه الصورة؟‬


‫قال ‪ :‬من أجل هذا قلت لك توكل على ال لنه لو كانت عينك سليمة كنت ستتوكل على عينك ‪0‬‬

‫فهزن هذا العن هزا عنيفا وتذوقت له طعما إيانيا جديدا‪ .‬وتوجهت إل مدرسة الصناعات الربية بالعباسية‬
‫متوكل على ال‪ ،‬واصطحبنا أحد الضباط مع بعض الزملء إل الستشفى العسكرى وكلى ثقة وأمل ف النجاح وبعد‬
‫الكشف الطب الكامل كنت ضمن من نح ف الكشف الطب‪ .‬والتحقت بالدرسة وأخذت حياتى مسارا جديدا ل‬
‫يكن ف السبان ‪0‬‬

‫ول أنسى أنه حي قامت الرب العالية الثانية استعجلت وزارة الربية ترجنا لنذهب إل اليدان ف الصحراء‬
‫الغربيـة‪ .‬وكان (ضرب النار) مـن مواد المتحان‪ ،‬وذهبـت مـع زملئى البالغ عددهـم حوال الائة طالب إل سـاحة‬
‫(ضرب النار) وأنا شديد السى والل حيث أخشى أن أرسب ف هذا المتحان بالنسبة لضعف عين اليمن‪ ،‬ولكن‬
‫سـرعان مـا تذكرت كلمـة المام (توكـل على ال وأنـت تنجـح) وفعل أشربـت روحـى هذه العقيدة واسـتيقنتها‪،‬‬
‫وتوجهت إل تبة (ضرب النار) بكل ثقة واطمئنان واستعملت عين الخرى وف النهاية وقف (الصاغ) حسي أحد‬
‫قائد التبة ليعلن ‪ :‬أن الفائز الول هو عباس السيسى ‪0‬‬

‫‪0‬‬ ‫وكانت مفاجأة مذهلة للذين يعرفون القيقة‪ ..‬ولكنها كانت من حقائق صدق التوكيل على ال تعال‬

‫وظلت (توكل على ال) حقيقة مشفوعة بذه الحداث ف حياتى‪ ،‬عهقيدة ثابتة ثلزمن ف كل الواقف‬
‫الصعبة الت مرت ب أتذكرها بعمق وثقة وتعطين المل والطمئنان والصب والثبات ‪0‬‬

‫هذا ولقد فهمنا من حسن البنا حقيقة التوكل كل بنفس فهم السلمي الوائل على أنه بذل الهد ف حدود‬
‫الطاقة البشرية‪ ،‬ث ترك التدبي إل من بيده التدبي‪ ..‬لقد كان هذا الفهم مفتاح كل خي وبركة ووقاية من كل شر ‪0‬‬

‫وعلى هذا الفهم قامت تربية الرشد العام‪ ،‬فالتوكل من لوازم كمال اليان‪ ..‬ذلك أن النسان الؤمن هو‬
‫النسان الوف بواجبات خلقعه وعبوديته ل‪ ،‬وهو النسان التقى النصاع دائما لمر خالقه ف كل شأن من شئون‬
‫الياة النازل عند حكم ال ف كل قضية وموضوع‪ ..‬وصفة التقوى ف الخ السلم ل تكن تتوفر إل بالتربية والتعهد‬
‫الدائبي التوافقي مع أصول السلم وأحكامه حت تتحق ولدة الفئة الؤمنة المتثلة لمر ال‪ ،‬الستعدة للجهاد ف‬
‫سبيله‪ ،‬التحرية لسنة رسوله صلى ال عليه وسلم الت ل يضرها من خالفها حت يأتى أمر ال ‪0‬‬

‫‪ 00‬على هذا الفهم اندفع الخوان السلمون ياهدون لعلء كلمة ال بعزية وإصرار ل يلوون على شىء‬
‫ول يلتفتون إل إغراء (الذين قال لم الناس إن الناس قد جعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيانا‪ ،‬وقالوا حسبنا ال ونعم‬
‫الوكيل )( )‪ ،‬فقد بصرهم إمامهم بقيقة التوكل ف شريعة السلم‪ ،‬على أنه إدراك للمسئولية والواجب وعمل جاد‬
‫‪1‬‬

‫ملص يمله أمناء بررة‪ ،‬ث هم بعد ذلك يفوضون المر إل ال‪ ،‬يرضون بقدره واختياره ‪0‬‬

‫‪ 00‬على هذا الفهم الصحيح اندفع الخوان كما اندفع السلمون الوائل‪ ،‬الذين ل يعللوا أنفسهم بالمان ول‬
‫ينتظروا أن ينصرهم ال بطريقة سحرية غامضة السباب! فظهر منهم من روائع العمال‪ ،‬من صب عند الشدائد‪،‬‬
‫وصدق عند اللقاء‪ ،‬وبذل وتضحية عندما تتطلب أمور السلمي البذل والتضحية‪ ،‬وسعى دائب ف طلب العاش ث‬
‫الرزق بعد ذلك بيد ال ل بيد أحد سواه‪ ،‬وضرب ف الرض يفتحون البلدان ويعمرونا‪ ،‬ويزبون عن الطريق أعداء‬
‫ال وأعداء النسان‪ ،‬وكان العمل الدائب الستمر على أساس من الكفاية التامة ف كل ناحية من نواحى الياة –‬
‫اقتصادية وسياسية واجتماعية – فأرغموا العال على أن ينحو نوا جديدا ويتخذ مسيا على منهج ال ل مكان فيه‬
‫للهواء والغراض والعصبيات ول مال فيه للثرة والنانية‪ ،‬ذلك هو العهد السلمى الذى ل يزال غرة ف جبي‬
‫التاريخ ‪0‬‬

‫سورة آل عمران ‪173 :‬‬ ‫‪1‬‬


‫لقد علمنا – رضى ال عنه – أن مدلول التوكل لبد أن يقوم على فهم عميق لذا الدين‪ ،‬وأن ال سبحانه‬
‫وتعال يساعد من ياهد للهدى (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا)( )‪ ،‬وأنه يغي حال الناس حي يغيون ما‬
‫‪1‬‬

‫بأنفسهم‪ ،‬وأنه ل يغي ما بم حت يغيوا ما بأنفسهم ‪( :‬أن ال ل يغي ما بقوم حت يغيوا ما بأنفسهم)( )‪ ،‬فهناك‬
‫‪2‬‬

‫علقة ل تنفك بي الهد البشرى الذى يبذله الناس‪ ،‬وعون ال ومدده الذى يسعفهم به‪ ،‬فيبلغون به ما ياهدون فيه‬
‫من الي والدى والصلح والفلح‪ .‬فإرادة ال هى الفاعلة ف النهاية‪ ،‬وبدونا ل يبلغ ((النسان)) بذاته شيئا‪ ،‬ولكن‬
‫هذه الرادة تعي من يعرف طريقها‪ ،‬ويستمد عونا‪ ،‬وياهد ف ال ليبلغ رضاه ‪0‬‬

‫وقد ارتبط هذا الفهم للتوكل ارتباطا وثيقا بقوة الدولة السلمية الول وتبوئها مكان الصدارة بالنسبة لدول‬
‫الرض وشعوبا‪ ،‬فكانت خي أمة أخرجت للناس ‪0‬‬

‫كما ارتبط انطاط الدولة السلمية وبلوغها تلك الدرجة من التخلف ف شت اليادين بالتواكل وفقدان‬
‫الوعى بفقدان إدراك طبيعة هذا الدين واعتماده على كواهل البشر وطاقاتم من أجل إقامته والتمكي له‪ ،‬فخضعت‬
‫الشعوب السلمية إل من ليسوا من أبنائها واستجابت لكل دعوة ليست من دينها وسكنت عن كل نيل من‬
‫كرامتها‪ ،‬وتملت كل ضيم ورضيت بكل هوان واستوى عندها الناصح والغاش‪ ،‬فسهل قيادها إل حتفها وهلكها‪،‬‬
‫وهى راكنة إل الذين ظلموا‪ ،‬مستسلمة إل الذين خانوها‪ ،‬مكتفية بأن تلك أقدار مقدرة وهى ل تعلم بأن ذلتها من‬
‫كسبها وتواكلها‪ ،‬وأن ضعفها يرجع إل ركونا إل غيها‪ ،‬وأن تليها عن قيادة البشرية يرجع إل عدم فهمها لقيقة‬
‫هذا الدين ورفضه الذلة والوان لبنائه مهما كانت قلة عددهم وضعف عدتم ‪0‬‬

‫ولقد كان تول حياة السلمي منالعمل الخلص الاد والتوكل على ال إل الدعة والتواكل والستسلم إل‬
‫القادير‪ ،‬هو السبب ف تول القيادة عن المة السلمة إل غيها‪ ،‬وأصابتها بعوامل الضعف الت منيت با وانقلب‬
‫عندهم ما كان واجبا من الدين من علم يتبعه عمل‪ ،‬مظورا فيه ‪000‬‬

‫وما على السلمي إذا أرادوا أن يضعوا أيديهم على بداية الطريق إل أن يعتصموا بدين ال‪ ،‬واضعي نصب‬
‫أعينهم ما أمرهم ال به من كتابه وسنة نبيه‪ ،‬فينهضوا كما سبق لسلفهم أن ينهضوا‪ ،‬فيستردوا مفقودا‪ ،‬ويفظوا‬
‫موجودا‪ ،‬وينالوا عند ال مقاما ممودا‪ ،‬مع وعد من ال قاطع بنصرهم‪ ،‬والتمكي لم أخذه علىنفسه ف قوله تعال‪:‬‬
‫(وعد ال الذين آمنوا وعملوا الصالات ليستخلفنهم ف الرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكن لم دينهم‬
‫الذى ارتضى لم‪ ،‬وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونن ل يشركون ب شيئا) ( )‪0‬‬
‫‪3‬‬

‫سورة العنكبوت ‪69 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫سورة الرعد ‪11 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫سورة النور ‪55 :‬‬ ‫‪3‬‬


‫حسن البنا ‪ 00‬وهذا القرآن‬

‫استقبلنا حسن البنا على مطة السكة الديد بالسكندرية قبيل الغرب ف أحد أيام عام ‪ ،1937‬حيث كان‬
‫على موعد ليلقى كلمة ف الحتفال بذكرى مولد الرسول صلى ال عليه وسلم ف مسجد نب ال دانيال‪ .‬وكنا ف‬
‫هذا الوقت قلة من الشباب‪ ،‬فلما دخلنا السجد وقف جهور الصلي ف دهشة واستغراب لنم لول مرة يشاهدون‬
‫شبابا يدخل الساجد‪ ،‬فهم جيعا من العمرين الذين تاوزت أعمارهم الستي عاما ‪0‬‬

‫إن مولد الرسـول صـلى ال عليـه وسـلم بدأ بنول القرآن الكريـ‪ ،‬فلول هذا الكتاب مـا عرف السـلمون‬
‫شخصية الرسول العظيم‪ ،‬لذا كان لزاما علينا أن نتعرف على هذا الكتاب الكري ‪0‬‬

‫وقال ‪ :‬إن م ثل كتاب ال كمثل ساعة‪ ،‬بعض الناس يتركون ا فيلعبون ب ا ول يعرفون قيمتها‪ ،‬وبعض الناس‬
‫يستفيدون من إصلحها‪ ،‬وآخرون هم الذين يستعملونا ف الغرض الذى صنعت من أجله‪ ..‬وهكذا كتاب ال تعال‬
‫بعض الناس يعلقونه على البواب يضعه تت وسادته عند النوم وهؤلء كالطفال‪ ،‬وآخرون يقرأونه ف الفلت أو‬
‫القابر وهؤلء هم الذ ين يتقاضون أجرا عل يه‪ ،‬وقل يل من الناس يتعا مل مع القرآن فيشر حه ويعل مه ويلتزم بتعالي مه‬
‫وهؤلء هم الذين يضبطون به حياتم وياهدون به ف سبيل إقامة الدولة السلمة لذلك فنحن نعمل جاهدين‪ ،‬لكى‬
‫يصبح القرآن دستورنا ‪0‬‬

‫ل دستور لنا إل القرآن‪ ..‬فلم ينل القرآن من علياء السماء على قلب ممد صلى ال عليه وسلم ليكون تيمة‬
‫يت جب ب ا أو أورادا تقرأ على القابر و ف الآ ت أو ليك تب ف ال سطور وي فظ ف ال صدور ف قط‪ ،‬أو ليح مل أورا قا‬
‫ويهمل أخلقا‪ ،‬أو ليحفظ كلما ويهجر أحكاما ‪0‬‬

‫وإن ا نزل ليهدى البشر ية إل ال سعادة وال ي ( قد جاء كم من ال نور وكتاب مبي يهدى به ال من ات بع‬
‫رضوانه سبل السلم‪ ،‬ويرجهم من الظلمات إل النور بإذنه‪ ،‬ويهديهم إل صراط مستقيم)()‪0‬‬

‫أل يس من الع يب أي ها ال سلمون أن ترضوا بأحكام الفر نج ول ترضوا ب كم ال‪ ،‬مع أن ال تعال قد و صم‬
‫كل أمة ل تكم بأحكام كتابه بالفسق فقال ‪( :‬ومن ل يكم با أنزل ال فأولئك هم الفاسقون)() بل جعل الفسق‬
‫هينا فوصمها بالظلم (ومن ل يكم با أنزل ال فأولئك هم الظالون)()‪0‬‬

‫إن مثل كم أي ها ال سلمون عند ما ترك تم كتاب ال وراء كم‪ ،‬كم ثل الر جل الذى بيده ال صباح‪ ،‬فيأ ب إل أن‬
‫يطفئه‪ ،‬ويلتمس غيه عند العميان ‪0‬‬

‫وأن مثل موقف السلمي اليوم من كتاب ال تعال‪ ،‬كمثل جاعة أحاط بم ظلم من كل جانب‪ ،‬فساروا‬
‫على غ ي هدى يبطون خ بط عشواء مع أن ف أيدي هم مفتاح كهرباء لو و صلت إل يه أ صابعهم‪ ،‬ي ستطيعون بر كة‬
‫بسيطة أن يضيئوا مصباحا قويا زاهرا ‪ 000‬هذا مثل موقف السلمي اليوم من كتاب ال ‪0‬‬
‫وإن العال الن‪ ،‬قد غشيته موجة مادية‪ ،‬فجعلته كسفينة حار ربانا وأتت عليها العواصف من كل جانب‪،‬‬
‫فالنسانية قلقة معذبة‪ ،‬قد اكتوت بنيان الطامع والغراض‪ ،‬فهى ف حاجة إل عذب من هدى القرآن يغسل عنها أو‬
‫ضار الشقاء ويأخذ با إل السعادة ‪0‬‬

‫وإن علماء القانون‪ ،‬عندمـا تركوا القرآن‪ ،‬واتهوا إل غيه‪ :‬مثلهـم كمثـل الرجـل الذى تكدسـت خزائنـه‬
‫بالموال‪ ،‬ث يتجه إل الرابي ليقترض منهم بأفحش الفوائد الربوية‪ ،‬ول يفعل ذلك عاقل أبدا ‪0‬‬

‫ويى على ساسة القانون ويهم‬


‫على جهود أضاعوها وما وجدوا‬
‫وبي أيديهم القرآن يوردهم‬
‫أسى الناهج والحكام لو وردوا‬

‫أيها السلمون ‪:‬‬

‫ل يس من الع جب أن هؤلء الغرب ي‪ ،‬الذ ين ل يف تح ال ب صائرهم على نور القرآن الكر ي ي سيون على غ ي‬
‫هدى لن ال تعال يقول‪( :‬و من ل ي عل ال نورا ف ما له من نور)( )‪ ،‬ول كن الع جب ف هؤلء ال سلمي‪ ،‬الذ ين ل‬
‫‪1‬‬

‫يلوا جيب من جيوبم ول بيت من بيوتم من نسخة من كتاب ال تعال ‪ 00‬هؤلء السلمون‪ ،‬استطاع الغربيون أن‬
‫يبعدوهم عن نور قرآنم وهدى نبيهم تارة بالشهوات وطورا بالقوة والعلم (يعلمون ظاهرا من الياة الدنيا وهم عن‬
‫الخرة هم غافلون)( ) حت أصبح السلمون كما أخب الصطفى صلى ال عليه وسلم إذ يقول ‪(( :‬لتتبعن سنن من‬
‫‪2‬‬

‫كان قبل كم شبا ب شب وذرا عا بذراع‪ ،‬ح ت لو دخلوا ج حر ضب خرب لدخلتموه)) قالوا ‪ :‬اليهود والن صارى يا‬
‫رسول ال ‪ .‬قال ‪(( :‬فمن غيهم))( )‪0‬‬
‫‪3‬‬

‫هذا مع أن ال تعال حذر السلمي من ذلك فقال (يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على‬
‫أعقابكم فتنقلبوا فتنقلبوا خاسرين‪ ،‬بل ال مولكم وهو خي الناصرين) ( ) عجبا عجبا!!‬
‫‪4‬‬

‫إن دعا الغرب للفوضى أستجيب له‬


‫وتنووا إن دعا القرآن والرشد‬
‫يا لف نفسى على القرآن قد غدا‬
‫يودى بأحكامه أبناءه العقد‬
‫العال العرب اليوم ف من‬

‫سورة النور ‪30 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫سورة الروم ‪7 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫رواه الشيخان‬ ‫‪3‬‬

‫سورة آل عمران ‪149 :‬‬ ‫‪4‬‬


‫تشقيه فوضى عليها الغرب يعتمد‬

‫هذا هو القرآن الكري الذى اتذناه نن الخوان السلمون قانونا لنا ودستورا نستمد منه نورا ونستلهم منه‬
‫رشدا‪ ،‬فهو النقذحي تترى الطوب والحن وهو الخرج من ربقة الذل وضلل الفت‪ ،‬وهو الصال لكل جيل ف أى‬
‫عهد أو زمن ‪0‬‬

‫وبعد انتهاء الفل خرجنا مع حسن البنا وركبنا (حنطورا) وأخذنا نوب حفلت الولد النتشرة ف الدينة‬
‫كالعادة ف هذه اليام‪ .‬وكنا نستأذن من القائمي على الفل ليشارك الستاذ البنا بكلمة ف الذكرى وكثيا ما كان‬
‫ال صخب ي سود هذه الحفال‪ ،‬فعادة الجت مع ف م ثل هذه النا سبات ل يع طى للذكرى جلل ا ول للمتحدث ال و‬
‫الناسب‪ ،‬ولكن ل يكن هذا السلك يسبب لنا يأسا أو تراجعا‪0‬‬

‫وب عد انتهاء ال ستاذ من هذه الولة ذهب نا إل دار الخوان بعمارة ماج ستيك بالنش ية‪ ،‬وهناك سعت من‬
‫حديثه‪ ..‬أنه عندما قام الخوان بعمل مظاهرات ف البلد انتصارا لقضية فلسطي عام ‪ 1936‬استدعاه رئيس النيابة ف‬
‫القاهرة للتحقيق معه‪ ،‬وقبل أن يدخل مكتب النائب العام تقدم أحد الحامي يطلب من فضيلته أن يدخل معه أثناء‬
‫التحقيق‪ .‬ولكن الستاذ لحظ أن الحامى يسك (بسيجارة) مع العلم بأن الوقت ف شهر رمضان العظم‪ ،‬فقال له‬
‫الستاذ الرشد‪ :‬نن ل نستعي بن يعصى ال ف طاعة ال تعال ‪0‬‬

‫كما أذكر أنن ذات يوم‪ ،‬وكنا نعود من جولة داخل مدينة السكندرية قلت لفضيلته‪ :‬أنا غاضب وحزين‬
‫ومتأل يا فضيلة الرشد‪ .‬أليس من أهدافنا ترير الوطن السلمى من كل سلطان أجنب؟‬

‫قال ‪ :‬نعم ‪ .‬قلت ‪ :‬فكيف علمت أن روسيا الشيوعية قد اقتحمت دولة ألبانيا السلمة‪ ..‬وبذا بدل أن نرر‬
‫وطننا من الستعمار فقد ضاع منا وطن آخر !!‬

‫قال ‪ :‬وهل أنت متأل إل هذا الد؟ قلت ‪ :‬جدا‬

‫قال ‪ :‬وهذا هو الطلوب ‪ .‬قلت ‪ :‬وكيف ذلك؟‬

‫قال ‪ :‬لو أن كل ال سلمي تألوا مثلك نكون قد بدأ نا الطر يق‪ ،‬فن حن أول ف حا جة إل يق ظة و صحوة‪،‬‬
‫فالسم اليت ل يشعر بالل ‪0‬‬

‫فعلمت أن عودة الوعى هو بداية الطريق ف نوض هذه المة ‪0‬كما أذكر حي كان الستاذ الرشد يسي ف‬
‫شارع شر يف ( صلح سال) – بال سكندرية ف طريق نا إل م طة ال سكة الد يد للعودة إل القاهرة‪ ،‬كان الشارع‬
‫مزدحا (بالواجات) بل هم الكثرة الكاثرة‪ ،‬وكانوا ف أوج العزة والكرامة كما كانوا ف أبى وأنظف صورة‪ ،‬فنظر‬
‫إلينا فضيلته‪ ،‬وقال ‪ :‬أتدرون لاذا يتمتع هؤلء (الواجات) بذا الجد وهذا السلطان وهذه السعادة؟! ‪ ..‬إنم جاهدوا‬
‫وكافحوا وقاتلوا واستعذبوا الغربة والبعد عن أوطانم‪ ،‬وبعد أن حققوا كل ما يتطلعون إليه من مد بنون الن ثار‬
‫جهاد هم‪ .‬ون ن الن ل ينب غى ل نا أن نتطلع إل هذه الظا هر من الرا حة وال سعادة ال ت نشاهد هم في ها ق بل أن ن قق‬
‫أهدافنا ف ترير بلدنا وتكيم قرآننا ليتحقق لنا متمع إسلمى فيه العزة والمن والسعادة لكل مسلم‪ ،‬والطريق طويل‬
‫والمل ف ال كبي ‪0‬‬

‫وهكذا جاء حسن البنا – كما يقول روبي جاكسون – إجابة طبيعية لقول ((غلدستون)) حينما وقف ف‬
‫ملس العموم البيطا ن و هو ي مل ((ال صحف))‪ ،‬ويقول ‪ (( :‬ما دام هذا الكتاب باق يا ف الرض فل أ مل ل نا ف‬
‫إخضاع السلمي ‪0‬‬

‫ودهش الناس يومئذ ! ماذا يقصد ((غلدستون)) من هذا القول‪ ،‬فقد كان الصحف موجودا إذ ذاك‪ ،‬ولكنه‬
‫ل يكن موجودا على الوجه الذى يشاه ((غلدستون))‪0‬‬

‫لقـد كان الناس فـ الشرق قـد طوتمـ ظلمات القرون‪ .‬وأفسـدت عقائدهـم‪ ،‬أقوال العلماء مـن صـنائع‬
‫ال سلطان‪ ،‬الذ ين أغلقوا باب الجتهاد وأفتوا ل صال الا كم الظال‪ ،‬فلم يكونوا يفهمون من القرآن إل أ نه كتاب ال‬
‫يقرآونه على القبور وف الصلة ‪0‬‬

‫حت جاء حسن البنا على أثر نداء غلدستون‪ ،‬ليقول للناس‪ ،‬إن خطر هذا الكتاب الذى يشاه الستعمرون‪،‬‬
‫ليس لن آيات تقرأ ف الصلة أو ترددها الشفاه‪ ،‬وإنا لنه كتاب تشريع وقيادة‪ ،‬وإمامة وحكم ‪0‬‬

‫وإنا يشى الغرب روح السلم لو تبدت‪ ،‬دبت اليقظة ف أوصاله فأفسد ذلك على الستعمرين أغراضهم‪.‬‬
‫وقامت ف الشرق أمة تب الوت ف سبيل الرية والكرامة والعزة ‪0‬‬

‫وكان ح سن الب نا هو الر جل الذى أخر جه ال ليك تب هذه ال صفحة الديدة ف تار يخ الشرق الد يث‪.‬‬
‫أ‪.‬هـ‪.‬‬

‫حسن البنا ‪ ..‬يافظ على جوهر الدعوة‬

‫‪1938‬‬ ‫كان ذلك ف مؤت ر الطلب للخوان ال سلمي الذى انع قد بدار جع ية الشباب ال سلمي بالقاهرة عام‬
‫حي وقف حسن البنا للخطا بة إذ تمس أحد الخوة من الطلب فهتف حياة حسن البنا – وبرغم عدم استجابة‬
‫الاضرين لذا التاف – إل أن فضيلته وقف صامتا ل يتحرك برهة‪ ،‬فاتهت إليه النظار ف تطلع‪ ..‬ث بدأ حديثه ف‬
‫غضب فقال ‪:‬‬

‫أي ها الخوان إن اليوم الذى يه تف ف دعوت نا بأشخاص لن يكون ولن يأ تى أبدا‪ ،‬إن دعوت نا إ سلمية ربان ية‬
‫قامت على عقيدة التوحيد‪ ،‬فلن تيد عنها ‪0‬‬
‫أي ها الخوان إن اليوم الذى يه تف ف دعوت نا بأشخاص لن يكون ولن يأ تى أبدا‪ ،‬إن دعوت نا إ سلمية ربان ية‬
‫قامت على عقيدة التوحيد‪ ،‬فلن تيد عنها ‪0‬‬

‫أي ها الخوان ل تن سوا ف غمرة الماس ال صول ال ت آم نا وهتف نا ب ا (الر سول قدوت نا) (إن ال وملئك ته‬
‫يصلون على النب يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما)( )‪0‬‬
‫‪1‬‬

‫وبذا الوقف وضع المام الشهيد شباب الدعوة أمام صورة حية للمحافظة على جوهر الدعوة والستمساك‬
‫با وعدم التعلق بأشخاص مهما تكن مراكزهم ف مسية العمل السلمى ‪0‬‬

‫وف مدينة رشيد أقام الخوان حفل بناسبة ذكرى السراء والعراج على صاحبهما أفضل الصلة والسلم‪.‬‬
‫وح ي جاء أ حد التكلم ي ف ال فل و قد كان من التحم سي لن شر دعوة الخوان‪ ،‬قام متحد ثا إل الناس فقال‪ :‬إن‬
‫مثل نا الن من فضيلة الستاذ الرشد وهو يشي إليه‪ ،‬كمثل ر سول ال صلى ال عليه و سلم بي أصحابه‪ .‬وما كاد‬
‫ل‪:‬‬ ‫الستاذ التحدث ينتهى من هذه العبارة حت قفز المام الشهيد إل النصة ث اته إل الناس قائ ً‬

‫أيها الخوة معذرة إذا كان الستاذ التحدث قد خانه التعبي‪ ،‬فأين نن من تلمذة تلمذة رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم ‪0‬‬

‫‪0‬‬ ‫ث نزل إل مكانه ول يستطع الستاذ التحدث إكمال الديث كما بدأه‬

‫وف اليوم التال انقطع اتصاله بالخوان ف السكندرية وبعد مدة أعلن عن تكوين جعية التقوى والرشاد!‬

‫ل يكن ف استطاعة ((البنا)) السكوت على هذه التصرفات‪ ..‬ذلك أنا كانت تس الصل الكبي الذى قامت‬
‫عل يه دعو ته وجاع ته‪ ،‬فقام ليعذر إل ال ف ال تو واللح ظة ويق طع م سلكا من م سالك النراف ف طر يق الدعوة‬
‫وأسـاسها الربانـ‪ .‬فهـو الذى علم الخوان ل يهتفوا باسـم أحـد إل ال‪ ،‬ول يعظموا شخصـا ول ييوا إنسـانا إل‬
‫الرسول الكري ‪0‬‬

‫استمع إليه وهو يشرح هذا التاف ويعمق معانيه ف النفوس حي يقول ‪:‬‬

‫ال غايتنا ‪:‬‬

‫إن دعوة السلم أيها السلمون مبدؤها ومنتهاها أن يتصل الناس بال صلة حقيقية تطهر من قلوبم وتغي من‬
‫نفوسهم وأن يتعرفوا عليه تعرفا حقيقيا وهى الغاية الت قامت عليها السموات والرض وبعث لجلها النبيون ويقوم‬
‫با الصالون ‪0‬‬

‫سورة الحزاب ‪56 :‬‬ ‫‪1‬‬


‫فالناس ل ينصلحون ول تنصلح أحوالم إل إذا عرفوا ربم ‪ 00‬نريد نن الخوان أن نقيم الناس على أمر ال‪،‬‬
‫وذلك لن يكون إل إذا عرفوه وتفتحت قلوبم عليه ‪0‬‬

‫فإذا لمست معرفة ال قلب النسان تول من حال إل حال‪ ،‬وإذا تول القلب تول الفرد‪ ،‬وإذا تول الفرد‬
‫تولت السرة‪ ،‬وإذا تولت السرة تولت المة وما المة إل مموعة أسر وأفراد ‪0‬‬

‫فإننا حينما نتف ((ال غايتنا)) فإنا نريد أن تعلوا كلمة ال علي كل كلمة وأن يسود تشريع ال على كل‬
‫تشريع وأن يصبح السلمون جيعا ربانيي ‪0‬‬

‫إذن فغايتنا ال‪ ،‬لننا ندعو الناس إل ال‪ ،‬ونمعهم على ال‪ ،‬ونعرفهم بال‪ ،‬ونن نعلم أننا ما خلقنا ف هذا‬
‫الوجود إل لعبادته (وما خلقت الن والنس إل ليعبدون)( ) ‪ ..‬ويقول ال تعال ف الديث القدسى‪(( :‬يا عبادى ما‬
‫‪1‬‬

‫خلقتكم لستكثر بكم من قلة‪ ،‬ول لستأنس بكم من وحشة‪ ،‬ول لستعي بكم على أمر عجزت عنه‪ ،‬ول للب‬
‫منفعة‪ ،‬ول لدفع مضرة‪ ،‬وإنا خلقتكم لتعبدون طويل وتذكرون كثيا وتسبحون بكرة وأصيل ))‪0‬‬

‫ونن نأتر با أمر ال به رسوله صلى ال عليه وسلم إذ قال له ‪( :‬قل إن صلتى ونسكى ومياى وماتى ل‬
‫رب العالي‪ ،‬ل شريك له‪ ،‬وبذلك أمرت وأنا أول السلمي)( )‪0‬‬
‫‪2‬‬

‫وننت صح ل ا ن صح به الر سول صلى ال عل يه و سلم ا بن ع مه ع بد ال بن عباس إذ قال له ‪(( :‬إح فظ ال‬
‫يفظك‪ .‬إحفظ ال تده تاهك‪ .‬إذا سألت فاسأل ال‪ ،‬وإذا استعنت فاستعن بال‪ ،‬واعلم أن المة لو اجتمعت على‬
‫أن ينفعوك بشىء‪ ،‬ل ينفعوك إل بشىء قد كتبه ال لك‪ ،‬ولو اجتمعوا على أن يضروك بشىء ل يضروك إل بشىء قد‬
‫كتبه ال عليك‪ .‬جفت القلم وطويت الصحف))()‪0‬‬

‫فنحن ل نتوكل إل على ال‪ ،‬ول نطلب إل من ال‪ .‬ول ناف إل ال‪ .‬فلن نضام ما دام معنا ال‪ ،‬فنحن ف‬
‫نعيم دائم ولو تكاثرت علينا مصائب الدنيا (الذين آمنوا وتطمئن قلوبم بذكر ال‪ ،‬أل بذكر ال تطمئن القلوب()‪0‬‬

‫الرسول زعيمنا ‪:‬‬

‫إننا ل نتخذ زعيما من الناس ينعق لنا وننعق له‪ ،‬ويهتف لنا ونتف له ‪ .‬ولكنا بعثنا ممدا ف نفوسنا وأحييناه‬
‫ف ضمائرنا ‪0‬‬

‫إن الرسول لى ف ضمائرنا‬


‫على الزمان يرى منا ويستمع‬
‫كأن وال ف التنيل قارؤه‬

‫سورة الذاريات ‪56 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫سورة النعام ‪162 :‬‬ ‫‪2‬‬


‫يس صوت رسول ال يرتفع‬

‫فهو صلى ال عليه وسلم زعيم بكل ما ف معن الزعامة من قوة وسؤدد ل يداينه ف زعامته أحد من الناس‪،‬‬
‫ول يضاهيه ف سياسته سواه من اللئق‪ ..‬قوة وشدة ف غي عنف‪ ،‬ولي ف غي ضعف‪ ،‬ويقظة ل تلحقها الغرة‪،‬‬
‫وفراسة تترق حجب الضمائر‪ ،‬كأنا تدثه من أمر عواقبه‪ .‬ث بعد ذلك تأييد من ال تتبعه العصمة ويده التوفيق‪ ،‬وأية‬
‫زعامة أخلد على الدنيا من زعامة ممد صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وأية سياسة أروع من سياسته الت انتجت ف عشر‬
‫سني‪ ،‬أمة وحضارة ودولة ف حي ل يكن العرب ل يعرفون شيئا من ذلك‪ ،‬إل أنا زعامة أشار إليها صلى ال عليه‬
‫وسلم بنفسه فقال ‪(( :‬أنا سيد ولد آدم ول فخر وأنا أكرم الولي والخرين ول فخر)) ‪0‬‬

‫ف كم من زعماء زالت زعامت هم برور الز من علي هم‪ ..‬أ ما زعام ته صلى ال عل يه و سلم فل تزال ف ازدياد‪،‬‬
‫وآثار شريع ته ف ن و واضطراد‪ ،‬فل يزيد ها تقدم الع صور إل ظهور وانبل جا‪ ،‬وشدة الن قد والتمح يص إل قوة وثبا تا‬
‫‪000‬‬
‫كم من زعامة سيد لو مصت‬
‫يأتى عليها النقد ل تتجلد‬
‫يبنون مدهم على قهر الورى‬
‫والجد يبأ منهم والسؤدد‬
‫الفتح عندهم هوى وتعسف‬
‫ومالك توى وأخرى تمد‬
‫دستورك القرآن أما ذكره‬
‫فهدى وأما حكمه فمسدد‬

‫تعالوا يا زعماء اليوم نلق عليكم درسا من زعامة ممد ‪ 00‬إن فيكم زعماء أحزاب وليس فيكم زعيم أمة‪،‬‬
‫أما ممد فكان زعيم النسانية جعاء‪ .‬بلغتم مكان الزعامة القليمية عن طريق الزبية أو الثروة أو القوة ول تستطيعوا‬
‫أن تنسوا ضعفكم الذى ارتفع على كواهل الغي ‪ 00‬أما ممد صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فقد بلغ الزعامة العالية عن طريق‬
‫الفقر والغربة والهاد‪ ،‬وكون ف عدد الصابع من السني أمة حكمت الدنيا وسيطرت على العال ونشرت دين ال ف‬
‫الرض ‪0‬‬

‫يا زعماء اليوم‪ :‬إنكم تكونون قبل الزعامة ناسا كالناس‪ ،‬وتصبحون بعدها آلة كاللة‪ ..‬أما ممد فقد ملك‬
‫الجاز واليمن وما داناها من العراق والشام‪ ،‬وظل ينام على فراش من أدم حشوه ليف‪ ،‬ويبيت اللليال هو وأهله ل‬
‫يدون العشاء ويكثون الش هر ل ي ستوقدون نارا – إن هو إل الت مر والاء – ول ا حضر ته الوفاة كا نت عنده سبعة‬
‫دناني فخاف أن يقبضه (ال) وهى عنده‪ ،‬فقال لهل بيته‪ :‬وزعوها على فقراء السلمي‪ .‬ولكن اشتغالم‪ -‬بتمريضه‬
‫وشدة وطأة الرض عل يه أن ساهم تنف يذ أمره‪ ،‬فل ما أفاق من غشي ته سألم ماذا فعلوا بالدنان ي؟‪ ،‬قالت عائشة ما تزال‬
‫عندها‪ ،‬فأمرها بإحضارها‪ ،‬ث وضعها على كفه وقال ‪(( :‬ما ظن ممد بربه إذا لقى ال وهذه الدناني عنده)) حقا‬
‫كانت الدنيا ف يده وليست ف قلبه ‪0‬‬

‫هذه هى زعامة ممد صلى ال عليه وسلم يا زعماء اليوم ‪ ! 000‬فهل تدون بي زعامتكم وزعامته صلة‪ ،‬أو‬
‫بي سياستكم وسياسته مشابة؟ وحسبكم ما قاله أحد مستشرقى أوربا ف هذا العن‪ :‬إن البشرية لتفخر بانتساب‬
‫رجل كمحمد إليها‪ ،‬إذ أنه رغم أميته استطاع أن يؤسس دولة ويؤلف أمة وينشر دينا ‪0‬‬

‫ذلكم ممد الذى اتذناه زعيما لنا نتدى بداه ونقتدى به ونسي على منواله‪( ،‬لقد كان لكم ف رسول ال‬
‫أسوة حسنة)( ) ونعمل على ابتعاث تراثه واستعادة مده ‪0‬‬
‫‪1‬‬

‫********‬

‫وعلى هذا كان ((البنا)) يع مل جاهدا على تنم ية هذا الو عى العقيدى ف نفوس جاع ته‪ ..‬ف قد كان –ر ضى‬
‫ال عنه –يدرك أن تكاليف العمل السلمى ضخمة وشاقة‪ ،‬وأن النهوض با يتاج إل بنيان حركى متي تتوفر فيه‬
‫كل مقومات ال صمود وال ستمرار والنجاح‪ ..‬هذه القومات ال ت تب عث على صمود الر كة وانت صارها هى وعي ها‬
‫العقيدى‪ ..‬وعيها كحركة ووعيها كأفراد ‪0‬‬

‫ذلك أن الر سول صلى ال عل يه و سلم كان شد يد الرص – م نذ اليوم الول‪ -‬على أن يأ تى بناء الما عة‬
‫ال سلمة نتي جة الو عى العقائدى‪ ،‬وثرة اللتزام به والنقياد له والتفاعل م عه‪ ..‬ل ت كن ((العاط فة)) هى قوة الد فع ف‬
‫كيان الماعة بل كانت العقيدة أساس البناء كله ‪ 000‬كل اليان الواعى وقود النفوس ومركها الصيل ف جهادها‬
‫الشاق الطويل ‪00‬‬

‫وهذا ما جعل بناء الماعة السلمة الول فريدا ف مظهره وجوهره ‪ 00‬ل يتخذ شكل ((حزبيا)) كالذى نراه‬
‫ف التنظيمات السياسية والزبية الديثة ‪ 00‬ول يتخذ شكل ((زعاميا)) يكون الناس فيه ((قطيعا)) يسي وراء الزعيم‬
‫على غي هدى ‪ 00‬إنا كانت ملمح هذه الماعة تؤكد العمق العقائدى فيها ‪0‬‬

‫ل تكن التبعية ف التجمع السلمى الول لشخاص‪ ..‬كما ل يكن القبال عليه والنتساب إليه يستهدف‬
‫مصال العاملي فيه ‪ 00‬بل إن التبعية كانت للمبادئ‪ ،‬وكان طمع التباع يستهدف رضاء ال عز وجل‪ ..‬قال شداد‬
‫بن الاد ‪(( :‬جاء رجل من العراب إل النب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فآمن به واتبعه فقال ‪ :‬أهاجر معك‪ .‬فأوصى به‬
‫بعض الصحابة ‪ ..‬فلما كانت ((غزوة خيب)) غنم رسول ال صلى ال عليه وسلم شيئا‪ ،‬فقسمه وقسم للعراب‪..‬‬
‫فقال العرا ب للر سول‪ :‬ما على هذا اتبع تك‪..‬ول كن اتبع تك على أن أر مى ها ه نا وأشار إل حل قه‪ -‬ب سهم فأموت‬
‫فأدخل النة‪ .‬فقال الرسول صلى ال عليه وسلم ‪ :‬إن تصدق ال ليصدقنك ال‪ .‬ث نضوا إل القتال‪ ،‬فأتى به وهو‬
‫مقتول‪ .‬فقال الرسول‪ :‬أهو هو؟ فقالوا‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬صدق ال فصدقه))‪.‬‬
‫سورة الحزاب ‪21 :‬‬ ‫‪1‬‬
‫هذا الو عى العقائدى هو الذى ح فظ كيان الما عة ال سلمة من النفراط ب عد موت الر سول صلى ال عل يه‬
‫وسلم‪ .‬ولقد تسد ف أبى صورة وأوقع بيان حي وقف أبو بكر الصديق رضى ال عنه يعلن على الل‪(( :‬من كان‬
‫يع بد ممدا فإن ممدا قد مات‪ ،‬و من كان يع بد ال فإن ال حى ل يوت)) ث قرأ على الناس قول ال تعال‪(( :‬و ما‬
‫ممد إل رسول قد خلت من قبله الرسل‪ ،‬أفئن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم)( )‪0‬‬
‫‪1‬‬

‫ل قد تلى هذا الو عى ف حياة ال سلمي الا صة والعا مة‪ ..‬كان الب صر الثا قب والع قل الرا جح‪ ،‬والب صية‬
‫النافذة‪ ..‬بل كان الضياء والنور وصوت الضمي ف كيان الفرد والماعة ‪0‬‬

‫ل قد كان ح سن الب نا حري صا على أن يتر سم بماع ته خ طى الما عة ال سلمة الول تنظي ما ووع يا وترب ية‬
‫والتزاما‪ ،‬لتكون ف مستوى العباء الضخمة الت حلتها بعد أن تلى عنها الناس‪ ..‬أنظر إليه – رضى ال عنه – وهو‬
‫يشترط ف بيعته أن يكون ((التجرد)) صفة لزمة للخ السلم حيث يقول ‪(( :‬وأريد بالتجرد ‪ :‬أن تتخلص لفكرتك‬
‫من كل ما سواها من البادئ والشخاص‪ ،‬لن ا أ سى الف كر وأجع ها وأعل ها ( صبغة ال و من أح سن من ال‬
‫صبغة)( ) (قد كانت لكم أسوة حسنة ف إبراهيم والذين معه‪ ،‬إذ قالوا لقومهم‪ :‬إنا برآء منكم وما تعبدون من دون‬‫‪2‬‬

‫ال‪ ،‬كفرنا بكم‪ ،‬وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا‪ ،‬حت تؤمنوا بال وحده)( )‪0‬‬
‫‪3‬‬

‫حسن البنا ‪ ..‬يطالب بكم السلم‬

‫م نذ أك ثر من أربعي عاما كتب المام الشه يد رضوان ال عليه رسالة إل أح د خشبة باشا وز ير القانية‬
‫(العدل) ف مصر حي ذاك‪ ،‬يعذر فيها إل ال ويطالبه بالكم با أنزل ال‪ ،‬فىالوقت الذى كان يعكف فيه على تربية‬
‫جيله الؤمن الديد ‪ .‬وقد أفضى إل ربه شهيد الدعوة الت عاش لا‪ ،‬وبقى اليل الذى رباه أمينا مصرا‪ ،‬ل يرضى إل‬
‫بالق‪ ،‬ول ييل مع الريح ‪0‬‬

‫*****‬

‫‪0‬‬‫(حضرت صاحب العال أحد خشبة باشا وزير القانية )‬

‫أحد إليكم ال الذى ل إله إل هو‪ .‬وأصلى وأسلم على سيدنا ممد وعلى آله وصحبه ومن تسك بشريعته‬
‫إل يوم الدين‪ ،‬وأرفع إليك تية الخوان السلمي فالسلم عليكم ورحة ال وبركاته ‪0‬‬

‫لست ف حاجة إل أن أتقدم إليكم بالباهي الكثية والجج التضافرة على أن دواء هذه المة ف رجوعها‬
‫إل هدى السلم ف كل الشئون‪ ،‬وأول هذه الشئون القانون‪ ،‬فأنت بمد ال – فيما أعتقد – مقتنع بذه الفكرة ‪:‬‬
‫سورة آل عمران ‪144 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫سورة البقرة ‪138 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫سورة الممتحنة ‪4 :‬‬ ‫‪3‬‬


‫سعتك تتحدث با وتدلل عليها وتعمل لا وانت خارج الكم‪ ،‬وأنت عضو ملس إدارة الشبان السلمي‪ ،‬وأنت أمي‬
‫صندوق اللجنة العامة للدفاع عن فلسطي‪ ،‬وأنت رئيس جاعة إحياء مد السلم ‪0‬‬

‫والن (معال الباشا) وقد جاء دور العمل وواجهنا القائق‪ ،‬ودخلنا بوتقة التجارب‪ ،‬وأصبحت وأنت شيخ‬
‫القضاة ورأس الشرعي ف مر كز تستطيع فيه أن ت قق ما يرجوه ال سلمون جيعا ويتمنونه‪ ،‬ويريدون الصول عل يه‬
‫مه ما كلف هم ذلك من أثان‪ ،‬و ما ك نت أ نت نف سك تتمناه وترجوه وتؤ من ب صلحيته وتعتقده‪ ،‬من وجوب تعد يل‬
‫القواني‪ ،‬وتوحيد الحكمة الصرية حول شريعة السلم – الن وقد صرت راعيا مسئول عن الرعية من ناحيتك ‪0‬‬

‫إن صدور المة مرجة أشد الرج لشعورها بأنا تكم بغي كتاب ال وقانونه وشريعته‪ ،‬وأن الشعوب إن‬
‫تعودت ال صب حي نا فإن النفجار نتي جة طبيع ية لذا ال صب ف كث ي من الحيان‪ ،‬ول يس يرج الن فس شىء أك ثر من‬
‫الصطدام بالعقيدة الراسخة الثابتة‪ .‬وأن قوانيننا الالية تناف السلم وتصدمه وتطمه ف نفوس الؤمني به وهم كل‬
‫هذا الشعب‪ ،‬وقد تفتحت أذهان المة وأدركت بعد ما بينها وبي دينها ف هذه الناحية فشعرت بالرج الشديد إن‬
‫بقيت الال على ما هى عليه‪ ،‬فل تلجئوا الناس إل عصيان القواني واحتقار الشرائع والتبم بالقضاء وبالحكام‪ .‬يا‬
‫(باشا) لنقف معا بي يدى ال ونسمع معا‪ ،‬أل يقل ال تبارك وتعال ‪:‬‬

‫‪(-1‬فل ور بك ل يؤمنون ح ت يكمون في ما ش جر بين هم‪ ،‬ث ل يدوا ف أنف سهم حر جا م ا‬


‫قضيت ويسلموا تسليما)( )‬
‫‪1‬‬

‫‪(-2‬وأن احكم بينهم با أنزل ال ول تتبع أهواءهم‪ ،‬واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل‬
‫ال إليـك‪ ،‬فإن تولوا فأعلم أناـ يريـد ال أن يصـيبهم ببعـض ذنوبمـ وإن كثيا مـن الناس‬
‫لفاسفون‪ .‬أفحكم الاهلية يبغون؟ ومن أحسن من ال حكما لقوم يوقنون؟)( ) ‪ .‬ف بيان‬
‫‪2‬‬

‫طويل يستفتح بالية الكرية (ومن ل يكم با أنزل ال فأولئك هم الكافرون) (والظالون)‬
‫(والفاسقون)‪.‬‬

‫‪0‬‬‫‪(-3‬إنا أنزلنا إليك الكتاب بالق لتحكم بي الناس با أراك ال ول تكن للخائني خصيما)( )‬
‫‪3‬‬

‫هذا ف الناح ية الكل ية‪ ،‬و ف الناح ية الزئ ية قد ب ي القرآن كثيا من الحكام ف كثيا من الشئون الدن ية‬
‫والنائ ية والدول ية والتجار ية و ما إلي ها‪ ،‬وأكدت الحاد يث ال صحيحة كل ذلك وأيد ته‪ ،‬و ما أنزل ا ال وقدر ها إل‬
‫ليعمل با السلمون‪ ،‬وينتهوا إل حكمه فيها‪ ،‬ويستمدوا منها ويطبقوا عليها فإذا كانت قوانيننا وشرائعنا والدستور‬
‫نفسه مستمدة من معي غي هذا العي مستقاة من مصادر أوربية بتة‪ :‬بلجيكية وفرنسية ورومانية وهى ف كثي من‬

‫سورة النساء ‪ :‬آية ‪65‬‬ ‫‪1‬‬

‫سورة المائدة ‪ :‬آية ‪50 ،49‬‬ ‫‪2‬‬

‫سورة النساء آية ‪105 :‬‬ ‫‪3‬‬


‫كلياتا وجزئياتا تتناقض تناقضا صارخا مع التعاليم السلمية الصرية‪ ،‬فيكف يكون موقف السلم الذى يؤمن بال‬
‫وكتابه فيما إذا عرضت قضية حكم فيها بغي ما أنزل ال وكان الكم مناقضا لدين ال؟! وكيف يستحل القاضى‬
‫هذه الخالفـة‪ ،‬وكيـف يسـتسيغها وكيـف يتحمـل تبعتـا شهيـخ القضاة ووزيـر العدالة والتشريـع بيـ يدى أحكـم‬
‫الاكمي؟‬

‫أنقذو نا يا (با شا) من هذا الرج وأخروجو نا من هذه الور طة‪ ،‬ول تعلوا أعمال نا ت صطدم بعقائد نا‪ .‬وأ نا‬
‫أعرف كثيا من الناس يفضل ضياع حقوقه مدنية أو جنائية أوتارية على أن يقف بي يدى قاض يكم بغي ما أنزل‬
‫ال ‪0‬‬

‫إن التبعة (يا باشا) كبية‪ ،‬ولئن كان هذا الساب شديدا فإن هناك حساب أشد‪ ،‬ومهمتنا التذكي‪ ،‬ول يغن‬
‫أن تتعلل بالعاذيـر فإن ال ل ينظـر إل القلوب والعمال‪ .‬هذا مـن الوجهـة الروحيـة البحتـة – ولنأت مـن الوجهـة‬
‫القانونية ‪0‬‬

‫أل يعترف كبار رجال القانون من م صريي وأجا نب بأن الشري عة ال سلمية من أخ صب منا بع التشر يع‬
‫وأزكا ها وأدق ها وأشل ها؟ ول ن نس ب عد ت صريح ال سيو بيول كازللى بوجوب ت صحيح القوا عد الفا سدة ف القانون‬
‫الفرن سى العمول به ف م صر طب قا للشري عة ال سلمية ول ن نس كذلك ماضرات ال سيو لمي ي وت صرياته الطية‬
‫الواضحة ف هذا الشأن‪ ،‬ول ينس بعد تقارير مؤتر لهاى ف الشادة بالشريعة السلمية وامتداح نظرياتا القانونية‬
‫والبحوث القي مة وكفايت ها ف التشر يع التام‪ .‬و ف م صر كث ي من أعلم رجال القانون يؤمنون بذلك وي صرحون به‬
‫ويودون أن يكلفوا الضطلع بذا العبء وعجيب أن يكون من بينهم الستشارون ف الحاكم الختلطة بله الحاكم‬
‫الهلية‪ ،‬ومن هؤلء ممد (بك) صادق فهمى رئيس مكمة النصورة الختلطة‪ ،‬والستاذ عبد الرازق السنهورى (بك)‬
‫عميد كلية القوق السابق‪ ،‬كما أشار إل ذلك حضرة كامل (بك) مرسى‪ ،‬وعبد الفتاح (بك) السيد الستاذ على‬
‫بدوى من أساتذة القانون ف الحاكم وف كلية القوق ‪0‬‬

‫والب حث العل مى أعدل شا هد على صحة هذه النظريات‪ ،‬و ما قال هؤلء ما قالوا إل ب عد درا سات طويلة‬
‫وبوث عميقة خلدوا بعضها بكتاباتم وبقى بعضها مستقرا ف نفوسهم إل الوقت الناسب‪ ،‬وليس القصود من هذا‬
‫الطاب هذه الوازنات‪ ،‬فذلك له موضع آخر ‪0‬‬

‫‪0‬‬ ‫ولنأت إل المر من وجته العملية‬

‫ل قد عاشرت نا هذه القوان ي خ سي عا ما وني فا‪ ،‬فماذا أفادت ال مة إل كثرة الرائم وتزايد ها عا ما ب عد عام‪،‬‬
‫ويوم بعد يوم‪ ،‬وانتشار الوبقات وارتكاب النايات؟ ذلك أنا ل تتفق مع طبيعتنا‪ ،‬ول تصلح ف بيئتنا‪ ،‬ول تدى ف‬
‫علج أدوائنا‪ ،‬ول دليل أصدق من الواقع الشاهد‪ .‬وذلك ف الوقت الذى ترى فيه البلد السلمية الت أخذت بشىء‬
‫من تشريع السلم قد استتب فيها المن‪ ،‬وتوطدت السلطة وعمت السكينة‪ ،‬وساد احترام القانون‪ ،‬واطمأن الناس‬
‫على الدماء والموال والعراض‪ .‬فهل تريـد مصـر أن تصـل إل هذه النتيجـة الرضيـة برجوعهـا إل تعاليـم السـلم‬
‫وشرائع السلم؟‬

‫يا سيدى (الباشا) ‪:‬‬

‫المر واضح ل يتاج إل بيان‪ ،‬وبقيت بعض شبهات يتعلق با الذين يقفون ف طريق الصلح بسن قصد‬
‫أو سوء قصد‪ ،‬نب أن نناقشها ف إياز وأنا معتقد أن معاليكم أعرف الناس بأن هذه الشبهة أو هى من أن تقف ف‬
‫سبيل إصلح ما ‪0‬‬

‫يقول هؤلء الرتابون ‪:‬‬

‫أو ًل ‪ :‬إن ف مصر عناصر غي إسلمية إن حكمت بأحكام السلم كان ذلك متنافيا مع حرية الد ين الت‬
‫كفلها الدستور للمواطني‪ ،‬وإن حكمت بغي أحكام السلم كان ذلك نوعا من المتياز البغيض الذى حدنا ال على‬
‫التخلص منه وإزاحة كابوسه عن الصدور‪ .‬هذه الشبهة مردودة بزءيها‪ ،‬فإنم إن عوملوا بتعاليم السلم ل يكن ف‬
‫ذلك اصطدام برية الدين‪ ،‬فإن الرية الكفولة هى حرية العقيدة وحرية العبادة والشعائر وحرية الحوال الشخصية‪،‬‬
‫أما الشئون الجتماعية فهى حق المة ومظهر سيادتا‪ ،‬فهم فيها تبع للكثرية فإذا ارتضت أكثر المة قانونا ف هذه‬
‫الشئون الجتماعية بصرف النظر عن مصدره فهو قانون للجميع‪ ،‬إذ أن ماربة الرية من حق الدولة‪ ،‬بدليل أن المم‬
‫الوربية وهى الت تفخر باحترامها للحرية والقوق الشخصية‪ ،‬وتزهى بأنا أقرت الديقراطية‪ ،‬ونادت بقوق النسان‬
‫– مع هذا هى تعا مل كل نزلئ ها وأقليات ا ب كم القوان ي الوضو عة الرض ية عند ها ب صرف الن ظر عن أديان م‬
‫وعقائد هم‪ ،‬فالن سان ف فرن سا أو انلترا أو ألان يا أو نو ها‪ ،‬سواء أكان نزيل ل يتم تع بن سيته الا صة أو مواط نا‬
‫يالف الكثرية ف الدين‪ ،‬ياكم بقتضى قانون البلد الوضوع دون نظر إل قانون بلده أو تشريع دينه‪ .‬وغي ذلك ل‬
‫تتحقق سيادة المة ول يتحقق استقللا الداخلى‪ .‬هذا إن عوملوا بأحكام السلم وبشريعته ‪0‬‬

‫إن عوملوا بسب شرائعهم مع الحتفاظ بقوق الدولة كاملة معهم فليس ف ذلك امتياز ييف‪ ،‬فإن الساواة‬
‫ف الحوال الشخصية بي السلم وغي السلم مفقودة إل إذا رضى غيه بذلك‪ .‬ول يقال إن إقرارنا لؤلء الخالفي‬
‫على أحكام دين هم ف أحوال م الشخ صية امتياز منوح ل م يفضلون به غي هم‪ ،‬بل هو أ مر خاص ب م‪ ،‬وأ ما المتياز‬
‫الؤل فهو أن تضيع حقوق أبناء الوطن ف سبيل الجانب وغي السلمي بكم الضعف والستكانة والذلة والهانة ‪0‬‬

‫والسلم الفسيح الذى ل يتم علينا أى الطريقي فنحن نتار‪ .‬والول إلينا أحب وبالنا أوجب‪ ،‬ولمر ما‬
‫قال ال تابرك وتعال ف صدر آيات الكم بتنزيله‪( :‬فل تشوا الناس واخشون ول تشتروا بآياتى ثنا قليل)( )‪0‬‬
‫‪1‬‬

‫سورة المائدة ‪44 :‬‬ ‫‪1‬‬


‫على أن نا نعرف كثيا من أفا ضل رجال القانون من مواطني نا ال سيحي جهروا كثيا بأن م يودون لو عوملوا‬
‫بأحكام الشريعة السلمية ف كل شىء ‪0‬‬

‫ثانيا‪ :‬ويقولون كذلك إن كثيا من هذه التشريعاتن ل يكن تطبيقه عمليا‪ ،‬ولنأخذ مثل (الربا) فهل نستطيع‬
‫إبطاله من ماكم نا وقانون نا ون ن مرتبطون بالنظام القت صادى الدول العام‪ .‬والشب هة مردودة كذلك ب ا نشا هد من‬
‫أحوال الدول القويـة العزائم التـ وضعـت لنفسـها نظمـا اقتصـادية خاصـة فرضتهـا على أمهـا وأجـبت العال على‬
‫احترامها‪ ،‬وكان العامل الكب ف ذلك صدق عزية حكوماتا وحسن استعداد شعوبا‪ ،‬فل عقبة أمامنا ف مثل هذا‬
‫إل الوهـن‪ ،‬وتسـيم المور والوف الذى ل مـبر له‪ .‬وننـ والمـد ل أمـة غنيـة بواردهـا‪ ،‬وكـل الوارد اليويـة‬
‫الضرور ية موفورة لدي نا ون ستطيع – ال ستغناء إل حد كبي عن غي نا – مع ح فظ كيان نا القت صادى لو صحت‬
‫عزائم نا‪ -‬ماذا فعلت إيطال يا ح ي وق فت أمام ها بالر صاد اثنتان وخ سون دولة في ها الدول العظ مى وفر ضت علي ها‬
‫العقوبات وح صرتا دا خل ديار ها؟ أل تر غم هذه الدول على احترام مشيئت ها وتقد ير عزيت ها‪ ،‬وتن فذ قرار ها بدون‬
‫سيف أو نار‪ ،‬ولكن بغية الشعب وعزية الاكمي‪ .‬وماذا فعلت الدول لتلر حينما أصدر أمره بعدم خروج النقد من‬
‫ألانيا بتاتا؟ هل وقف دولب التجارة ف ألانيا أم احترمت الشعوب الخرى هذه الرادة وعاملت ألانيا على أساس‬
‫البادلة التجارية ( )‪0‬‬
‫‪1‬‬

‫ل يقال إن هاتي الدولتي قويتان ونن ضعفاء‪ ،‬فليس الكلم ف حشد اليوش وتهيز العدات‪ ،‬ولكن نتكلم‬
‫ف الب يع والشراء وال خذ والعطاء‪ ،‬و كل ش عب مه ما ض عف حر ف ذلك كله إن حددت وجه ته‪ ،‬وا ستبانت غاي ته‬
‫وقويت عزيته ‪0‬‬

‫إن الشعوب الخرى يهمها أن تكون معها شرفاء ف العاملة‪ .‬ونن نلحظ أن كثيا من الصارف والدائني‬
‫يرضو نن بالت سويات وفي ها نزول عن شىء من ال ق ال ساسى ف سبيل ال صول على ال ق نف سه‪ ،‬فإذا م نع القانون‬
‫التعامل بالربا وتشدد ف استيفاء القوق كان ف ذلك الضمان الكاف للممولي الخرين‪ ،‬ورضوا به واطمأنوا إليه‪،‬‬
‫وعاملونا على غي أساس الربا الحرم شرعا ف كل كتاب ‪0‬‬

‫ولاذا ل تكون م صر ال سابقة بإنقاذ العال ( من نظام الر با البغ يض) ولاذا ل تب شر حكو مة م صر بذا البدأ‬
‫ال سامى الن سان الرح يم‪ ،‬ولاذا ل نر فع را ية الدعوة إل تر ير الن سانية من رق الر با وإقناع الشعوب بوجا هة هذه‬
‫الفكرة ك ما رف عت ب عض الدول الروب ية را ية الدعوة إل تر ير الن سان من رق العبود ية وأقنعت الشعوب بوجا هة‬
‫نظرتا وكسبت فخر هذا الدفاع؟‬

‫ول الوف وف يم اليأس؟ هل نع جز عن أن نقدم للن سانية خد مة جليلة ون ن الذ ين أنقذنا ها ف كث ي من‬
‫الواقف‪ ،‬وأشعلنا بي كثي من أمها شعلة العرفان والنور؟ ليس هذا من الشعر ول من اليال (يا باشا) ولكنها حقائق‬
‫سيتنبه لا العال‪ ،‬ونريد أن يكون لنا شرف السبق بذا التنبيه ‪0‬‬

‫كان ذلك قبل نشوب الحرب العالمية الثانية سنة ‪1939‬م‬ ‫‪1‬‬
‫ولاذا ل تكون هذه الطوة (يا باشا) سبلينا إل الرية القتصادية‪ ،‬وطريقنا إل تعويد هذا الشعب الذى طال‬
‫به عهد العتماد على الغي أن يعتمد على نفسه وعلى موارده‪ ،‬وأن يستغن ف كثي من شئونه عن الناس؟ وهل هناك‬
‫فرصة أثن من هذه؟ وهل هناك عامل يساق به هذا الشعب التمسك بدينه أقوى من الدين؟ وهل هناك إنقاذ لذا‬
‫الشعب الفقي أعظم من إنقاذه من اللصوص السرقة القساة من الرابي؟‬

‫هذا م ثل أحب بت أن أتقدم به لد حض هذه الشب هة‪ :‬شب هة صعوبة ت طبيق الشري عة ال سلمية‪ ،‬وأخرت لذلك‬
‫أعقد السائل وألصقها ‪,‬امسها بياة الناس حت ل يكون هناك قول لقائل‪ ،‬ول حجة لعتذر ‪0‬‬
‫ثالثا ‪ :‬ويقولون إن نا ح ي نط بق هذه الشرائع ال سلمية ف ق طع يد ال سابق ( ) ور جم الزا ن و ما إل ذلك‬
‫‪1‬‬

‫تر جع بال مة إل ع هد المج ية‪ ،‬ونفوت علي ها فر صة النتفاع ب ا بل غت من ر قى ومدن ية‪ ،‬ون سلكها ف نظام ال مم‬
‫التأخرة التببرة ‪0‬‬

‫وهذا كلم ل يساوى ساعه ول يستحق أن يرد عليه‪ ،‬وإن ا أمله على هؤلء الناس تللهم من عقدة النظم‬
‫الجتماعية وعكوفهم على الباحية ف كل شىء واعتداؤهم على ما ليس لم من أعراض وأموال‪ ،‬وتوفهم من أن‬
‫يكونوا الضحا يا الول لت طبيق هذه الن ظم الاز مة‪ ،‬و ما كا نت الري ة ف يوم من اليام مظ هر الدن ية ول الر قى ول‬

‫إن القوانين الوضعية ل تستقصى حالة السارق وقت السرقة‪ ،‬ول تستقصى أثر الحكم فيه وفى أهله وولده‪ ،‬بل تعاقبه مطلقا‪ ،‬جاهل أم عالما‪ ،‬فقيرا أم‬ ‫‪1‬‬

‫غنيا‪ ،‬بل ربما كان علمه وغناه من أسباب تخفيف العقوبة عليه ل من أسباب تغليط العقاب‪ .‬والمر ليس كذلك فى دين ال ‪0‬‬
‫إن ال عز وجل أراد ان تنشأ العفة من داخل النفس أول‪ ،‬فينصرف النسان عن المعاصى وهو فى خلوته ل يطلع عليه أحد من الناس‪ ،‬ويشعر‬
‫بأن ربه معه أينما كان‪ ،‬مطلع على أعماله‪ ،‬ل تخفى عليه منه خافية‪( :‬ما يكون من نجوى ثلثة إل هور رابعهم‪ ،‬ول خمسة إل هو سادسهم‪ ،‬ول أدنى‬
‫من ذلك ول أكثر إل هو معهم أينما كانوا‪ ،‬ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة‪ ،‬إن ال بكل شىء عليم)‪0‬‬
‫وقد ذكر ال تعالى عقاب السرقة مرة واحدة‪ ،‬ولكنه كرر النهى عن أكل أموال الناس بالباطل‪ ،‬وصوره فى صورة مؤثرة ترد من تحدثه نفسه بأن‬
‫يمد يده إلى مال غيره‪ ،‬دون حاجة إلى التخويف بالعقاب الدنيوى‪(( :‬إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون فى بطونهم نارا‪ ،‬وسيصلون‬
‫سعيرا)‪( ،‬ول تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل‪ ،‬وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالثم وانتم تعلمون)‪ .‬وفى الحديث عن الرسول عليه‬
‫السلم‪(( :‬إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم وأبشاركم عليكم حرام ))‬
‫تأمل قول ال تعالى ‪( :‬ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى‪ ،‬ويتبع غير سبيل المؤمنين نو له ما تولى‪ ،‬ونصله جهنم وساءت‬
‫مصيرا ) ‪0‬‬
‫تأمل ‪( :‬من بعد ما تبين له الهدى) أعنى أنه يجب أن تبلغ الدعوة إلى السارق‪ ،‬ويتهذب بالتهذيب القرآنى‪ ،‬ويعرف ماله وما عليه‪ .‬مما يتعين‬
‫معه القول بأن التعليم فى السلم إجبارى‪ ،‬وواجب على الفرد‪ ،‬وحق له فى الوقت نفسه‪.‬‬
‫فإحياء روح النسان وضميره‪ ،‬وتزكية نفسه‪ ،‬وتطهير قلبه واجب أول فى السلم‪ ،‬عليه أكثر المعول فى أن يسلك النسان سلوكا حسنا فى‬
‫الجماعة التى يعيش فيها‪ .‬وإذا كنا ندرك أثر التعليم العادى فى نفوس الناس‪ ،‬فما بالنا بتعليم القرآن الذى هو أساس لكل الفضائل ‪0‬‬
‫ولكن ل يكفى أن تهذب الشخص‪ ،‬وتطهر قلبه‪ ،‬وتزكى نفسه‪ ،‬وتحي ضميره لكى يكون إنسانا فاضلً‪ ،‬فإن حاجاتته الضرورية التى بها وقاية‬
‫نفسه تغلبه على الفضائل أحيانا‪ ،‬لذلك قضى أحكم الحاكمين‪ ،‬وأعدل العادلين بأن يوجد فى الدين من التنظيم ما تندفع به حاجة النسان إلى السرقة‪.‬‬
‫وبمعنى آخر لبد من أن نتأكد قبل أن نعاقب إنسانا أن عذره فى ارتكاب جنايته قد سقط‪ ،‬وأنه لم يرتكبها إل بغيا وعدوانا‪ .‬وحاجات النسان الضرورية‬
‫هى ‪:‬‬
‫‪-‬بيت يسكنه يواريه عن أعين الناس‪ ،‬ويجعله فى أمن العادين والباغين ‪0‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪-2‬طعام يحفظ به نفسه ‪0‬‬
‫‪-3‬ملبس للصيف والشتاء ‪0‬‬
‫وأقول ‪ :‬إن اليات والحاديث التى أخذ منها الفقهاء النص على هذه الشياء الثلثة تستوجب القول بأنه يجب أن يكون مضمونا لكل إنسان‬
‫العلج المجانى من المراض متى لم يكن قادرا عليه ‪0‬‬
‫هذه الضرورات ل يحصل عليها امرؤ بالستجداء‪ ،‬بل لبد من العمل‪ ،‬ودينه يحضه على ذلك‪( :‬وقل اعملوا فسيرى ال عملكم ورسوله)‪0‬‬
‫وقد جاء رجل إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم يسأله فلم يعطه ما سأل‪ ،‬بل أعطاه أداة العمل‪ ،‬ووجهة إليه‪ ،‬وقال ‪(( :‬إرجع إلى لتنبئنى‬
‫بحالك))‪0‬‬
‫فيجب حينئذ على ولى المر أن يساعد الناس على إيجاد أعمال لهم‪ ،‬ويهيئ لهم أسباب العمل‪ ،‬ويتعهدهم حتى تصلح حالهم ‪0‬‬
‫فإذا كان دخل إنسان ل يكفيه‪ ،‬أو لم يجد عمل‪ ،‬أو كان غير قادر على العمل فهو فى كفالة الدولة تمده بأسباب الحياة الضرورية التى بيناها ‪0‬‬
‫أما المال الذى يلزم لذلك فيؤخذ من الزكاة التى جعلها ال فى أموال الغنياء حقا للفقراء‪ ،‬فإن لم تكف الزكاة لسد حاجات الفقراء أصبح فرضا‬
‫على كل من عنده فضل من مال أن يعود به على الفقراء حتى يستوفوا حاجتهم ‪0‬‬
‫فإذا منع الفقير حقه فله أن يقاتل عليه‪ ،‬لن ال يأمر بمقاتلة الباغين‪(( :‬وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما‬
‫على الخرى فقاتلوا التى تبغى حتى تفئ إلى أمر ال) ول شك أن مانع الحق باغ ‪0‬‬
‫كان القانون الذى ي ستأصل الري ة ويق ضى علي ها – مه ما كان من شد ته – قا سيا ول رجع يا‪ ،‬ولك نه ع ي التقدم‬
‫ومظهر الرتقاء الصحيح‪ .‬وهى إحن قدية‪ ،‬وأفكار بالية عتيقة‪ ،‬آن لا أن تنقرض وآن للمصلحي أل يعيوها شيئا‬
‫من الهتمام بعد أن رأينا أن الفكرة العامة للتشريع أصبحت متجهة إل أخذ الجرمي بالزم واستبدال السبل الرادعة‬
‫والحكام الزاجرة بظاهر الرخاوة القانونية الت ساعدت على انتشار الرائم ف المم‪ ،‬وجعلت القواني تكاد تكون‬
‫عدي ة الفائدة ف تذ يب الناس‪ ،‬وأضا عت على الشعوب كثيا من الموال والهود ف الحا كم وال سجون والشرط‬
‫والوظفي والقضائيي بغي طائل ‪0‬‬

‫نن نريد النتائج العملية ول عبة بزخرف وتزويق العبارات ‪:‬‬

‫ويقولون إن ذلك غي مكن عمل فإن رجال الشريعة السلمية ل يسنون التنسيق الواجب ورجال القانون‬
‫ل يلمون بالشري عة ال سلمية اللام الكا مل‪ ،‬وم ت كان ال مر كذلك ف من يتول إخراج القانون ال سلمى الد يد‬
‫للناس ف صورة من سقة و صياغة قانون ية تا مة؟ وتلك شب هة واه ية كذلك‪ ،‬والتعل يق على هذه ال صعوبة من أهون‬
‫السائل‪ ،‬والدعوى غي صحيحة على إطلقها‪ ،‬فإن من رجال الشريعة السلمية من يسن التنسيق القانون إل حد‬
‫كبي‪ ،‬ومن هؤلء الستاذ الشيخ أحد إبراهيم (بك) وكيل كلية القوق‪ .‬وإن من رجال القانون من درس كثيا منن‬
‫م سائل الشري عة درا سة تا مة عمي قة‪ ،‬و من هؤلء ال ستاذ ال سنهورى‪ .‬ون سوق ذلك على سبيل الثال‪ ،‬وإل فىف فى‬
‫رجالنا والمد ل خي كثي‪ ،‬وقد اضطلع الستاذ السنهورى وحده بكثي من هذا العبء يوم دعى لتنسيق القانون ف‬
‫العراق فأحسن وأجاد ‪0‬‬

‫وأخيا ‪ :‬ير جف هؤلء القائلون فكرة ماد ية ب تة تدور حول ال صال الشخ صية فيقولون إن كم بذا تعطلون‬
‫هذا اليش من رجال الحاكم الهلية قضاة ومامي ومستشارين مترمي‪ ،‬وتتعصبون لرجال الحكمة الشرعية على‬
‫اختلف أعمال م‪ ،‬فتعطون قو ما أك ثر م ا ي ستطيعون أن يقوموا به وترمون الخر ين من كل شىء‪ .‬ذلك إل أن كم‬
‫ترون أن الحا كم الهل ية أدق نظا ما وأع ظم ف –الجراءات إحكا ما من سابقتها‪ ،‬فك يف تريدون أن تملوا الن ظم‬
‫الدقيق على ما هو أقل منه ف ذلك؟ وهذه مغالطة مكشوفة فليس العلم وقفا على قوم دون آخرين‪ ،‬وف وسع القاضى‬
‫الهلى والحا مى أن يدرس أحكام الشرع ال سلمى ف بض عة شهور‪ .‬والنظام ف الحا كم ل يتق يد بن صوص مواد‬
‫القانون‪ ،‬وإنا يرجع إل أسباب أخرى كلها تزول إذا صحت العزائم‪ .‬على أننا ل نريد بذا الصلح تعصبا لناحية بل‬
‫نريد أن يزول هذا التفريق كله ونقضى على هذا النقسام ف حياة أمة تسي إل الوحدة‪ ،‬ول قوة لا إل بالوحدة‪ ،‬فل‬
‫ماكم أهلية ول ماكم شرعية‪ ،‬ولكن مكمة واحد إسلمية على أدق النظم وأحكم الجراءات‪ ،‬عماد قانونا شريعة‬
‫ال وحكم السلم ‪0‬‬

‫فلما كفل ال عز وجل للفقير حقه‪ ،‬وأباح له القتال عليه‪ ،‬كانت العقوبة الهينة مفسدة للمجتمع ول تتفق مع المسئوليات التى فرضها ال على‬
‫الناس‪ ،‬فكان جزاء من سرق‪ -‬بعد أن استوفى حقه‪ -‬أن تقطع يده‪ ،‬وليس بعد ذلك توازن فى الحقوق‪ ،‬والواجبات ‪( :‬ومن أحسن من ال قيل) ‪0‬‬
‫من مقال للستاذ ((حسن الهضيبى)) المرشد العام للخوان المسلمين‪ ،‬بالعدد الرابع من السنة الولى ((للمسلمون))‪0‬‬
‫هذه هى بعض الشبهات الت تقال وقد رأيتم (معاليكم) أنا مردودة بالجة مدفوعة بالبهان‪ ،‬وذلك شأن‬
‫كل شبهة يليها ويراد با الصد عن القائق ‪0‬‬

‫ل ي بق ب عد ذلك عذر ( يا با شا) ولذا يتو جه الخوان ال سلمون إلي كم بالرجاء معتقد ين أن م ف ذلك إن ا‬
‫يثلون المة السلمية جيعا بذه الطلبي ‪:‬‬

‫أو ًل ‪ :‬أن تسلموا معهم ببدأ (وجوب العودة إل التشريع السلمى‪ ،‬وتوحيد الحكمة الصرية على أساسه‬
‫من الن ) ‪0‬‬

‫ثانيا ‪ :‬أن تأمروا بإعادة تشكيل لنة تعديل القواني الالية الت يرأسها الستاذ كامل (بك) صدقى تشكيل‬
‫جديدا يقق هذه الغاية بأن تسند رياستها إل معاليكم رأسا إل فضيلة شيخ الزهر أو الفت الكب‪ ،‬وأن تضم بي‬
‫أعضائها أكب عدد مكن من رجالنا البارزين ف الشريعة السلمية من رجال القضاء الشرعى والزهر الشريف‪ ،‬وف‬
‫القانون الوضعى بفروعه الختلفة‪ ،‬ول بأس بأن يكون من بينهم الستاذ كامل صدقى (بك)‪0‬‬

‫يا (معال الباشا) إننا أمة مسلمة وقد وطدنا العزم على أل نكم بغي قانون ال وشريعة القرآن الكري وتعاليم‬
‫ممد صلى ال عليه وسلم مهما كلفنا ذلك من ثن‪ ،‬ومهما بذلنا من تضحيات‪ ،‬وذلك أبسط حقوقنا كأمة ل تعدل‬
‫باستقللا ف كل مظاهرة ال سياسية والجتماع ية شيئا‪ ،‬فأعينو نا على الو صول إل هذا ال ق وارفعوا ع نا هذا الرج‪،‬‬
‫ول تلجثوا المة إل سلوك سبيل الضطرين ‪0‬‬

‫‪000‬‬ ‫والسلم عليكم ورحة ال وبركاته‬

‫حسـن البنـا‬

‫حسن البنا ‪ 00‬وأحفال الاهلية‬

‫حفل زفاف نل على ماهر باشا‬

‫أذكر أننا فوجئنا ف أحد اليام بضور فضيلة الرشد إل السكندرية وقال ‪ :‬إنه جاء تلبية لدعوة على باشا‬
‫ما هر لضور ح فل زفاف اب نه‪ ،‬وكلف فضيل ته أ حد الخوان الذ ين رافقوه ليذ هب إل ال فل‪ ،‬فإذا ل ي د ف يه أى‬
‫مالفة شرعية اتصل بالستاذ تليفونيا حت يضر‪ ،‬وإذا وجد ما يسبب أى حرج قام هو بالواجب‪ ،‬وانتظر فضيلته فترة‬
‫من الوقت فلما ل يتم التصال التليفون قال ‪ :‬أل يوجد أحد من إخواننا عنده أى مناسبة؟ قلت له ‪ :‬إن الخ ممد‬
‫خليل شرف الدين سيعقد قرانه الن ف منل أصهاره بشارع اليناء الشرقية‪.‬‬
‫فقال ‪ :‬هيا بنا‪ ،‬وكلفن بشراء هدية وانتقلنا إل النل وأدركنا الفل‪ ،‬واستقبلنا استقبال حارا مفرحا حيث‬
‫كانت مفاجأة أضفت على الفل أنسا وبجة وسرورا ووقارا ‪0‬‬

‫‪0‬‬ ‫وتدث الستاذ حديثا قصيا خفيفا وهنأ السرتي ودعا للعروسي‬

‫حفل استقبال صدقى باشا‬

‫وما يذكر‪ ،‬أنه حدث أن أعلن عن زيارة صدقى باشا لسيناء‪ ،‬واهتزت الإدارة ف الساعيلية لذلك وأخذت‬
‫ف الستعداد لستقبال رئيس الكومة وحشد الناس له بحطة السكة الديد ليقابلوه ‪0‬‬

‫وأخذوا يفكرون فيمن يطب له ف هذا الستقبال‪ ،‬ودلم أحد الهتمي إل الدرس حسن البنا‪ ،‬فدعى إل‬
‫قسم الشرطة وقابلة طنطاوى بك مأمور الضبط – إذ ذاك – وطلبوا إليه أن يطب لصدقى باشا ويييه بناسبة زيارته‬
‫للساعيلية‪ ،‬فغضب لذلك جدا ورفض‪ ،‬فلما ألحوا عليه‪ ،‬قال لم أنه على استعداد أن يقدم استقالته‪ .‬وما جاء ف‬
‫كلمه قوله ‪:‬‬

‫((إن العقد الذى بين وبي وزارة العارف ل يلزمن بأكثر من أن أحسن عملى ف التربية والتعليم وليس فيه‬
‫نص على الطابة لرؤساء الكومات ))‪0‬‬

‫حفل ضباط اليش‬

‫وماـ يذكـر للمام مـن مواقـف بشأن أحفال الاهل ية أن وجـه ضباط ال يش الدعوة إل كبار رجال الدولة‬
‫ورجال السـلك الدبلوماسـى للحفلة السـاهرة التـ يقيمهـا رئيـس هيئة أركان حرب اليـش وضباط نادى القوات‬
‫السلحة بناسبة تول جللة اللك سلطاته الدستورية مساء ذلك اليوم بثكنات القلعة – وقد دعى فضيلة الرشد العام‬
‫للخوان إل هذه الفلة – فاعتذر فضيلته عن الضور واكتفى بإرسال البقية التالية إل سكرتي نادى الضباط‪:‬‬

‫حضرة الحترم سكرتي نادى الضباط بالزمالك بالقاهرة‬

‫أش كر ل سعادة الفر يق إبراه يم ع طا ال با شا وحضرات أعضاء النادى دعوت م الوج هة إل لضور الحتفال‬
‫بنا سبة تول حضرة صاحب الللة اللك الع ظم سلطته الد ستورية وأعتذر من عدم الضور وك نت أت ن أن يكون‬
‫هذا الحتفال بعرض عسكرى قوى يليق بزم الضباط وشجاعة الندى ويبث ف النفوس معان الماسة والقدام ل‬
‫بفل غنائى ساهر ‪0‬‬

‫وال أ سأل أن يغ ي ما بأنف سنا لت صلح أحوال نا وأن ي عل ع هد جللة اللك حف ظه ال ع هد سعادة وإقبال‬
‫وحرية واستقلل – آمي ‪0‬‬
‫حسن البنا‬

‫حسن البنا … وإحياء السنة‬

‫كتب المام الشهيد ف مذكراته ‪:‬‬


‫صلة العيد ف الصحراء ‪:‬‬

‫ك نت أقوم ف رمضان بتدر يس ب عض الحكام ال سلمية ع قب صلة الف جر ف ال سجد العبا سى‬
‫وكانت أكثر ما تتعرض لحكام الصيام والزكاة ورمضان وقبيل ناية رمضان تناولنا أحكام صلة العيد بالبيان‪ ،‬وجاء‬
‫ف هذه الحكام أن من السنة أن يصلى العيد ف ظاهر البلد وأن يرج لا الناس رجال ونساء يشهدن الي وجاعة‬
‫السلمي‪ ،‬وإن الئمة قد اتفقوا جيعا على أفضلية صلتا ف الصحراء ما عدا المام الشافعى الذى أفت بأن صلتا ف‬
‫السجد أفضل إذا كان ف البلد مسجد يتسع لهلها جيعا ‪0‬‬

‫وبين ما ن ن نقرر هذه الحكام إذ اقترح أ حد ال ستمعي أن ن ي هذه ال سنة ونقوم ب صلة ع يد الف طر ف‬
‫الصحراء وباصة وليس بالساعيلية حينذاك إل مساجد صغية ل تتسع لبعض أهل البلد فضل عن كلهم‪ ،‬ومن حولا‬
‫صحراء قد اتسعت لنود الحتلل‪ ،‬وتمس السامعون جيعا لذا القتراح فلم أر بدا من موافقتهم عليه ولكن مراعاة‬
‫ل ا أعلم من سرعة انق سام الراء ف هذا البلد حول ال سائل الدين ية لشدة ح ساسيته ف هذه الناح ية ولقرب عهده‬
‫باللفات الاضية اشترطت أل نطو خطوة حت نستشي العلماء ونتفق معهم على أسلوب التنفيذ‪ ،‬فإن وافقوا فذاك‬
‫وإل فإن اجتماع الراء على خلف الول أفضل من افتراقها وتشتيت الكلمة على ما هو أفضل ‪0‬‬

‫وحاولت أن أخ طو هذه الطوة فإذا ب أفا جأ بملة عني فة من الترب صي بالدعوة واتامات قا سية بأن هذه‬
‫ابتداع بالدين وتعطيل للمساجد وماربة للسلم وافتاء بالباطل‪ ،‬ومن ذا الذى يقول‪ :‬إن الشارع أفضل من الامع‪،‬‬
‫ما سعنا بذا ف آبائ نا الول ي‪ ،‬وانت شر ال ب ب سرعة البق وأ صبح حد يث الناس ف القا هى وال ساجد والجتمعات‬
‫العامة والاصة وكانت حلة يا لا من حلة‪ .‬وتصادف أنن كنت حينذاك معتكفا العشر الواخر من رمضان بالسجد‬
‫العبا سى‪ ،‬فكان الناس يتقاطرون على عقب كل صلة وي سألونن عن هذه البد عة الديدة وأ نا استغرب هذه الملة‬
‫الت ل أساس لا‪ ،‬وأقرر حكم الدين بكل بساطة وبراءة وأطلع الناس على النصوص الفقهية ف هذا العن‪ ،‬وأتنب‬
‫الدل والراء وأو صى ب مع الكل مة والبعد عن الصومة‪ .‬ول كن المر كان قد خرج من يدى و يد العلماء وت مس‬
‫المهور للحق والسنة وأعلنوا اأن الصلة ستكون ظاهر البلد‪ ،‬وأعدوا الصلى لذلك فعل‪ ،‬وكنت لبد أن أحضر إل‬
‫القاهرة لقضى الع يد مع ال هل في ها‪ .‬فحضرت ليلة الع يد ور تب الناس أنف سهم و صلى ب م الش يخ م مد مد ين إمام‬
‫م سجد العرايش ية‪ .‬وكان سرور الناس وانشراح هم بذا الظ هر ال سلمى عظيما‪ ،‬وحلت ف نفو سهم بر كة ال سنة‬
‫النبوية الطهرة‪ .‬وعدت من إجازة العيد‪ ،‬ورأ يت آثار هذا الرتياح بادية على كل و جه‪ ،‬وخدت العا صفة الغرضة‪،‬‬
‫وتقررت السنة الباركة واستمرت صلة العيدين إل الن ظاهر البلد ف مهرجان إسلمى جيل ‪0‬‬

‫نقاش ف بيت القاضى ‪:‬‬

‫وف إحدى ليال رمضان زرت منل فضيلة قاضى الساعيلية الشرعى واجتمع ف هذه الزيارة مأمور الركز‬
‫والقاضى الهلى وناظر الدرسة البتدائية ومفتش العارف ولفيف من الدباء والفضلء والحامي والعيان‪ ،‬وكانت‬
‫جلسة سر لطيف ‪0‬‬

‫وطلب فضيلة القا ضى الشاى فقدم إلي نا ف أكواب من الف ضة وجاء دورى فطل بت كو با من زجاج ف قط‪،‬‬
‫فن ظر إل فضيل ته مبت سما‪ ،‬وقال أظ نك ل تر يد أن تشرب لن الكوب من ف ضة فقلت‪ :‬ن عم وبا صة ون ن ف ب يت‬
‫القاضى ‪0‬‬

‫فقال إن السألة خلفية‪ ،‬وفيها كلم طويل‪ ،‬ونن ل نفعل كل شىء حت نتشدد ف مثل هذا العن‪ ،‬فقلت يا‬
‫مولنا إنا خلفية إل ف الطعام والشراب فالديث متفق عليه والنهى شديد والنب صلى ال عليه وسلم يقول ((ل‬
‫تشربوا ف آنية الذهب والفضة فإنا يرجر ف بطنه نار جهنم)) ول قياس مع النص ول مناص ف المتثال‪ ،‬وحبذا لو‬
‫أمرت بأن نشرب جيعا ف أكواب من زجاج‪ ،‬وتدخل بعض الاضرين ف المر وأرادوا أن يقولوا إن المر ما دام‬
‫خلفيا فل لزوم للنكار‪ ،‬وأراد القاضى الهلى أن يدل بدلوه ف الدلء فقال للقاضى الشرعى‪ :‬يا فضيلة القاضى ما‬
‫دام هناك نص فالنص مترم‪ ،‬ولسنا ملزمي بالبحث عن الكمة وإيقاف العمل بالنص حت تظهر‪ ،‬فعلينا المتثال أولً‪،‬‬
‫ث إن عرفنا الكمة فبها وإل فذلك قصور منا والعمل على كل حال واجب‪ ،‬فانتهزتا فرصة وشكرت له وقلت له‬
‫مشيا إل إصبعه‪ ،‬وما دمت قد حكمت فاخلع هذا الات‪ ،‬فإنه من ذهب والنص يرمه‪ ،‬فابتسم وقال يا أستاذ أنا‬
‫أحكم بقواني نابليون وفضيلة القاضى يكم بالكتاب والسنة وكل منا ملزم بشريعته فدعن وتسك بقاضى الشريعة‪،‬‬
‫فقلت إن المر إنا جاء للمسلمي عامة وأنت واحد منهم فهو يتجه إليك بذا العتبار‪ ،‬فخلع خاته‪ ،‬وكانت جلسة‬
‫متعة حقا وكان لذا صداها بعد ذلك ف جهور يرى مثل هذا الوقف العادى أمرا بعروف أو نيا عن منكر ونصيحة‬
‫ف ذات ال ‪0‬‬

‫حسن البنا ‪ 00‬والتصوف‬


‫‪ 00‬وكتب المام البنا ف مذكراته ‪:‬‬
‫ول عل من الف يد أن أ سجل ف هذه الذكرات ب عض خوا طر – حول الت صوف والطرق ف تار يخ الدعوة‬
‫السلمية – تتناول نشأة التصوف وأثره وما صار إليه وكيف تكون هذه الطرق نافعة للمجتمع السلمى‪ .‬وسوف‬
‫ل أحاول الستقصاء العلمى او التعمق ف العان الصطلحية فإنا هى مذكرات تكتب عفو الاطر فتسجل ما يتردد‬
‫ف الذهن وما تتحرك به الشاعر فإن تكن صوابا فمن ال ول المد‪ ،‬وإن تكن غي ذلك فالي أردت ول المر من‬
‫قبل ومن بعد ‪0‬‬

‫حي اتسع عمران الدولة السلمية صدر القرن الول‪ ،‬وكثرت فتوحها وأقبلت الدنيا على السلمي من كان‬
‫مكان‪ ،‬و حبيت إلي هم ثرات كل شىء‪ ،‬وكان خليفت هم ب عد ذلك يقول لل سحابة ف ك بد ال سماء‪ :‬شر قى أو غر ب‬
‫فحيثما وقع قطرك جاءن خراجه‪ .‬وكان طبيعيا أن يقبلوا على هذه الدنيا يتمتعون بنعيمها ويتذوقون حلوتا وخياتا‬
‫ف اقتصاد أحيانا وف إسراف أحيانا أخرى‪ ،‬وكان طبيعيا أمام هذا التحول الجتماعى‪ ،‬من تقشف عصر النبوة الزاهر‬
‫إل لي الياة ونضارتا فيما بعد ذلك‪ ،‬أن يقوم من الصالي التقياء العلماء الفضلء دعاة مؤثرون يزهدون الناس ف‬
‫متاع هذه الياة الزائل‪ ،‬ويذكرون م ب ا قد ين سونه من متاع الخرة البا قى‪(( :‬وإن الدار الخرة ل ى اليوان لو كانوا‬
‫يعلمون ولو كانوا يعلمون))() ومـن أول هؤلء الذيـن عرفـت عنهـم هذه الدعوة –المام الواعـظ الليـل‪ -‬السـن‬
‫البصرى‪ ،‬وتبعه على ذلك كثي من أضرابه الدعاة الصالي‪ ،‬فكانت طائفة ف الناس معروفة بذه الدعوة إل ذكر ال‬
‫واليوم الخر‪ .‬والزهادة ف الدنيا‪ ،‬وتربية النفوس على طاعة ال وتقواه ‪0‬‬

‫وطرأ على هذه القائق ما طرأ على غي ها من حقائق العارف ال سلمية‪ ،‬فاخذت صورة العلم الذى ين ظم‬
‫سلوك الن سان وير سم له طري قا من الياة خا صا ‪ :‬مراحله الذ كر والعبادة ومعر فة ال‪ ،‬وناي ته الو صول إل ال نة‬
‫ومرضاة ال ‪0‬‬

‫وهذا القسم من علوم التصوف‪ ،‬وأسيه ((علوم التربية والسلوك))‪ ،‬لشك أنه من لب السلم وصميمه‪ ،‬ول‬
‫شك أن الصوفية قد بلغوا به مرتبة من علج النفوس ودوائها‪ ،‬والطب لا والرقى با‪ ،‬ل يبلغ إليها غيهم من الربي‪،‬‬
‫ولشك أنم حلوا الناس بذا السلوب على خطة عملية من حيث أداء فرائض ال واجتناب نواهيه‪ ،‬وصدق التوجيه‬
‫إل يه‪ ،‬وإن كان ذلك ل ي ل من البال غة ف كث ي من الحيان تأثرا بروح الع صور ال ت عا شت في ها هذه الدعوات‪:‬‬
‫كالبال غة ف ال صمت والوع وال سهر والعزلة‪ ..‬ولذلك كله أ صل ف الد ين يرد إل يه‪ ،‬فال صمت أ صلة العراض عن‬
‫اللغو‪ ،‬والوع أصله التطوع بالصوم والسهر أصله قيام الليل‪ ،‬والعزلة أصلها كف الذى عن النفس ووجوب العناية‬
‫با ‪ 00‬ولو وقف التطبيق العملى عند هذه الدود الت رسها الشارع لكان ف ذلك كل الي ‪0‬‬

‫ولكن فكرة الدعوة الصوفية ل تقف عند حد علم السلوك والتربية‪ ،‬ولو وقفت عند هذا الد لكان خيا لا‬
‫وللناس‪ ،‬ولكن ها جاوزت ذلك ب عد الع صور الول إل تل يل الذواق والوا جد‪ ،‬ومزج ذلك بعلوم الفل سفة والن طق‬
‫ومواريث المم الاضية وأفكارها‪ ،‬فخلطت بذلك الدين با ليس منه‪ ،‬وفتحت الثغرات الواسعة لكل زنديق أو ملحد‬
‫أو فاسد الرأى والعقيدة ليدخل من هذا الباب باسم التصوف والدعوة إل الزهد والتقشف‪ ،‬والرغبة ف الصول على‬
‫هذه النتائج الروحية الباهرة‪ .‬وأصبح كل ما يكتب أو يقال ف هذه الناحية يب أن يكون مل نظر دقيق من الناظرين‬
‫ف دين ال والريصي على صفائه ونقائه ‪0‬‬

‫وجاء ب عد ذلك دور التش كل العملى للفكرة فنشأت فرق ال صوفية وطوائف هم كل على ح سب أ سلوبه ف‬
‫الترب ية‪ .‬وتدخلت ال سياسة ب عد ذلك للتت خذ من هذه التشكيلت تكأة ع ند اللزوم‪ ،‬ونظ مت أحيا نا على هيئة الن ظم‬
‫العسكرية وأخرى على هيئة المعيات الاصة ‪ 00‬حت انتهت إل ما انتهت إليه اليوم من هذه الصورة الثرية الت‬
‫جعت بقية ألوان هذا التاريخ الطويل‪ ،‬والت يثلها الن ف مصر مشيخة الطرق الصوفية ورجالا وأتباعها ‪0‬‬

‫ول شك أن الت صوف والطرق كا نت من أ كب العوا مل ف ن شر ال سلم ف كث ي من البلدان وإي صاله إل‬
‫جهات نائبة ما كان ليصل إليها إل على يد هؤلء الدعاة‪ ،‬كما حدث ويدث ف بلدان إفريقيا وصحاريها ووسطها‪،‬‬
‫وف كثي من جهات آسيا كذلك ‪0‬‬

‫ول شك أن الخذ بقواعد التصوف ف ناحية التربية والسلوك له الثر القوى ف النفوس والقلوب‪ ،‬ولكلم‬
‫الصوفية ف هذا الباب صولة ليست لكلم غيهم من الناس ‪ 000‬ولكن هذا أفسد كثيا من هذه الفوائد وقضى عليها‬
‫‪0‬‬

‫و من وا جب ال صلحي أن يطيلوا التفك ي ف إ صلح هذه الطوائف من الناس‪ ،‬وإ صلحهم سهل مي سور‪،‬‬
‫وعندهم الستعداد الكامل له‪ ،‬ولعلهم أقرب الناس إليه لو وجهوا نوه توجيها صحيحا‪ ،‬وذلك ل يستلزم أكثر من‬
‫أن يتفرغ ن فر من العلماء ال صالي العامل ي‪ ،‬والوعاظ ال صادقي الخل صي – لدرا سة هذه الجتمعات‪ ،‬والفادة من‬
‫هذه الثروة العلمية‪ ،‬وتليصها ما علق با‪ ،‬وقيادة هذه الماهي بعد ذلك قيادة صالة ‪0‬‬

‫وأذكر أن السيد توفيق البكرى رحه ال فكر ف ذلك‪ ،‬وقد عمل دراسات علمية عملية لشيوخ الطرق وألف‬
‫لم فعل كتابا ف هذا الباب‪ ،‬ولكن الشروع ل يتم ول يهتم به من بعد الشيوخ‪ ،‬وأذكر من ذلك أن الشيخ عبد ال‬
‫عفيفى رحه ال كان معنيا بذه الناحية وكان يطيل الديث فيها مع شيوخ الزهر وعلماء الدين‪ ،‬ولكنه كان مرد‬
‫تفكيـ نظرى ل أثـر للتوجـه إل العمـل فيـه‪ .‬ولو أراد ال والتقـت قوة الزهـر بقوة الطرق الروحيـة بقوة الماعات‬
‫السلمية العملية‪ ،‬لكانت أمة ل نظي لا‪ :‬توجه ول تتوجه‪ ،‬وتقود ول تنقاد‪ ،‬وتؤثر ف غيها ول يؤثر شىء فيها‪،‬‬
‫وترشد هذا الجتمع الضال إل سواء السبيل‪ 000).‬أ‪.‬هـ‬

‫‪00‬‬‫وما يذكر لسن البنا من مواقف ف شأن ((الدروشة))‬

‫ف القوصية ف إحدى جولت الدعوة دعا وجيه هذه البلدة (أحد باشا جاد الرب) المام البنا وإخوانه إل‬
‫طعام العشاء ‪0‬‬
‫وما أن انتهى المام من إلقاء خطابه‪ ،‬وبدأ ينصرف وسار ف الطريق الارجى ومن ورائه الكثي من الخوان‬
‫‪ ..‬وهنا وقف فضيلته وقال ‪ :‬يا حسن‪ ،‬نن لسنا ((بتوع فتة)) ول يكن أن نذهب إل منل أحد باشا هكذا‪ ،‬ثلثة‬
‫فقط يذهبون معنا ‪0‬‬

‫ونظرا إل مموع مـن كان يتبعـه مـن الخوان وقال‪ :‬إخوان منفلوط يسـافروا‪ ،‬إخوان أسـيوط يذهبوا كذا‪،‬‬
‫إخوان كذا‪ ،‬وهكذا وزع كل من حوله‪ ،‬ومضى معه ثلثة فقط !‬

‫وهناك على الائدة‪ ،‬كعادته دائما ل يأكل إل القليل‪ ،‬ث يدخل إل مكان نومه ليكتب ف مذكراته خلصة‬
‫أعمال يومه ‪0‬‬

‫وبناء على هذا الو قف وغيه من الوا قف يأ تى قول المام الب نا الا سم ف ر سالته ((إل الشباب ي طئ من‬
‫يظن أن الخوان السلمي ((دراويش)) قد حصروا أنفسهم ف دائرة ضيقة من العبادات السلمية كل ههم صلة‬
‫وصوم‪ ،‬وذكر وتسبيح‪ ،‬فالخوان السلمون ل يعرفوا السلم بذه الصورة‪ ،‬ول يؤمنوا به على هذا النحو‪ ،‬ولكنهم‬
‫آمنوا به عقيدة وعبادة‪ ،‬ووط نا وجن سية‪ ،‬وخل قا ومادة‪ ،‬وثقا فة وقانو نا‪ ،‬و ساحة وقوة‪ ،‬اعتقدوه نظا ما شامل يفرض‬
‫نفسه على كل مظاهر الياة‪ ،‬ينظم أمر الدنيا كما ينظم الخرة‪ :‬اعتقدوه نظاما عمليا وروحيا معا‪ ،‬فهو عندهم دين‬
‫ودولة‪ ،‬وم صحف و سيف‪ ،‬و هم مع هذا ل يهملون أ مر عبادت م‪ ،‬ول يق صرون ف أداء فرائض هم لرب م‪ ،‬ياولون‬
‫إحسان الصلة‪ ،‬ويتلون كتاب ال ويذكرون ال تبارك وتعال على النحو الذى أمر به‪ ،‬وف الدود الت وضعها لم‪،‬‬
‫ف غي غلو ول سرف‪ ،‬فل تنطع ول تعمق‪ ،‬وهم أعرف بقول رسول ال صلى ال عليه وسلم‪(( :‬إن هذا الدين متي‬
‫فأوغل فيه برفق‪ ،‬إن النبت ل أرضا قطع ول ظهرا أبقى)) وهم مع هذا يأخذون من دنياهم بالنصيب الذى ل يضر‬
‫بآخرتمـ‪ ،‬ويعملون بقول ال تبارك وتعال ((قـل مـن حرم زينـة ال التـ أخرج لعباده والطيبات مـن الرزق)) وأن‬
‫الخوان السلمي ليعلمون أن خي وصف لي جاعة وهو وصف أصحاب النب صلى ال عليه وسلم‪(( :‬رهبان بالليل‬
‫فر سان بالنهار))‪ ،‬وكذلك ياولون أن يكونوا وال ال ستعان وي طئ من ي ظن أن الخوان ال سلمي دعاة ك سل أو‬
‫إهال‪ ،‬فالخوان يعلنون ف كل أوقاتم أن السلم ل بد أن يكون إماما ف كل شىء ول يرضون بغي القيادة‪ ،‬والعمل‬
‫والهاد‪ ،‬والسبق ف كل شىء‪ :‬ف العلم وف القوة وف الصحة وف الال‪ .‬والتأخر ف أية ناحية من هذه النواحى ضار‬
‫بفكرتنـا مالف لتعاليـم ديننـا‪ ،‬وننـ مـع هذا ننكـر على الناس هذه الاديـة الارفـة التـ تعلهـم يريدون أن يعيشوا‬
‫لنفسهم فقط وأن ينصرفوا بواهبهم وأوقاتم وجهودهم إل النانية الشخصية فل يعمل أحدهم لغيه شيئا‪ ،‬ول يعن‬
‫من أمر امته بشىء والنب صلى ال عليه وسلم يقول ‪(( :‬من ل يهتم بأمر السلمي فليس منهم)) كما يقول‪(( :‬إن ال‬
‫كتب الحسان على كل شىء))‪0‬‬

‫حسن البنا ‪ ..‬والسلفية‬

‫‪000‬‬ ‫يرمى الخوان السلمي من بعض الدليي بالزيغ ف عقيدتم‬


‫وإن كا نت دوا فع هذا الفتراء معرو فة ‪ 00‬وإن كان الخوان يكرهون الدل وال صومة والراء والتها تر‬
‫بالراء‪ ،‬فإننا نضع بي أيدى الباحثي عن الق ف قضايا العتقاد القول الفصل كما حدده إمامنا الشهيد ف رسالة‬
‫العقائد عند كلمه ف آيات الصفات وأحاديثها ‪0000‬‬

‫ولكى يعلم هؤلء الدليون أن الخوان سلفيون ف عقيدتم يسدونا للناس ف مواقف العمال وأعمال‪ ،‬ل‬
‫ف مهاترات وأقوال ‪000000‬‬

‫يقول المام ‪:‬‬

‫وردت ف القرآن الكري آيات وف السنة الطهرة أحاديث‪ ،‬توهم بظاهرها مشابة الق تبارك وتعال للقه ف‬
‫بعض صفاتم‪ ،‬نورد بعضها على سبيل الثال‪ ،‬ث نقفى بذكر ما ورد فيها من القوال‪ ،‬وال نسأل أن يوفقنا إل بيان‬
‫وجه الق ف هذه السألة‪ ،‬الت طال فيها جدل الناس ونقاشهم إل هذا العصر‪ ،‬وأن ينبنا الزلل ويلهمنا الصواب ‪0000‬‬

‫وبعد أن أورد فضيلته ناذج من اليات والحاديث الت ورد فيها لفظ الوجه ولفظ العي واليد مضافا إل ال‬
‫تبارك وتعال‪ ،‬وبعض اليات الت يؤخذ منها الهة إل ال تعال ‪ 000‬قال ‪:‬‬

‫انقسم الناس ف هذه السألة إل أربع فرق ‪:‬‬

‫‪-1‬فر قة أخذت بظواهر ها ك ما هى ‪ ،‬فن سبت إل ال وجها كوجود اللق‪ ،‬ويدا أو أيديا كأيدي هم‪،‬‬
‫وضحكا كضحكهم‪ ،‬وهكذا حت فرضوا الله شيخا‪ ،‬وبعضهم فرضه شابا‪ ،‬وهؤلء هم الجسمة‬
‫والشبهة‪ ،‬وليسوا من السلم ف شىء‪ ،‬وليس لقولم نصيب من الصحة‪ ،‬ويكفى ف الرد عليهم‪،‬‬
‫قول ال تعال‪( :‬ليـس كمثله شىء وهـو السـميع البصـي ()‪ .‬وقوله تعال ‪( :‬قـل هـو ال أحدـ‪ ،‬ال‬
‫الصمد‪ ،‬ل يلد ول يولد‪ ،‬ول يكن له كفوا أحد)‪0‬‬

‫‪-2‬فرقة عطلت معان هذه اللفاظ على أى وجه‪ ،‬يقصدون بذلك نفى مدلولتا مطلقا عن ال تبارك‬
‫وتعال‪ ،‬فال تبارك وتعال عندهـم ل يتكلم ول يسـمع ول يبصـر؛ لن ذلك ل يكون إل بارحـة‪،‬‬
‫والوارح يب أن تنفى عنه سبحانه؛ فبذلك يعطلون صفات ال تبارك وتعال ويتظاهرون بتقديسه‪،‬‬
‫وهؤلء هم العطلة‪ ،‬ويطلق علي هم ب عض علماء تار يخ العقائد ال سلمية‪ :‬الهم ية ول أ ظن أن أحدا‬
‫عنده م سكة من ع قل ي ستسيغ هذا القول التها فت! و ها قد ث بت الكلم وال سمع والب صر لب عض‬
‫اللئق بغ ي جار حة‪ ،‬فك يف يتو قف كلم ال ق تبارك وتعال على الوارح؟! تعال ال عن ذلك‬
‫علوا كبيا ‪0‬‬

‫هذان رأيان باطلن ل حظ ل ما من الن ظر‪ ،‬وب قى أمام نا رأيان ه ا م ل أنظار العلماء ف العقائد‪ ،‬وه ا رأى‬
‫السلف ورأى اللف ‪0‬‬
‫‪ -3‬أمـا السـلف رضوان ال عليهـم فقالوا‪ :‬نؤمـن بذه اليات والحاديـث كمـا وردت‪ ،‬ونترك بيان‬
‫القصود منها ل تبارك وتعال‪ ،‬فهم يثبتون اليد والعي والعي والستواء والضحك والتعجب…‬
‫ال وكل ذلك بعان ل ندركها‪ ،‬ونترك ل تبارك الحا طة بعلمها‪ ،‬ولسيما وقد نينا عن ذلك ف‬
‫قول النب صلى ال عليه وسلم‪(( :‬تفكروا ف خلق ال ول تتفكروا ف ال فإنكم لن تقدروه قدره))‪0‬‬

‫قال العرا قى ‪ :‬رواه أ بو نع يم ف ((الل ية)) بإ سناد ضع يف‪ ،‬ورواه ال صبهان ف الترغ يب والتره يب بإ سناد‬
‫أصح منه‪ ،‬ورواه أبو الشيخ كذلك مع قطعهم رضوان ال عليهم بانتفاء الشابة بي ال وبي اللق‪ .‬وإليك أقوالم ف‬
‫ذلك ‪:‬‬

‫( أ ) روى أبو قاسم الللكائى ف (أصول السنة) عن ممد بن السن صاحب أب حنيفة رضى ال عنهما‬
‫قال ‪(( :‬اتفق الفقهاء كلهم من الشرق إل الغرب على اليان بالقرآن والحاديث الت جاءت با الثقات عن رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم ف صفة الرب عن وجل من غي تفسي ول وصف ول تشبيه‪ ،‬فمن فسر اليوم شيئا من ذلك‬
‫ف قد خرج م ا كان عل يه النب صلى ال عل يه و سلم وفارق الما عة‪ ،‬فإن م ل ي صفوا ول يف سروا‪ ،‬ولكن أفتوا ب ا ف‬
‫الكتاب والسنة ث سكتوا))‪0‬‬

‫(ب) وذكر اللل ف كتاب (السنة) عن حنبل وذكره حنبل ف كتبه مثل كتاب ((السنة والحنة)) قال‬
‫حنبل‪(( :‬سألت أبا عبد ال عن الحاديث الت تروى ((إن ال تبارك وتعال ينل إل ساء الدنيا))‪ .‬و((إن ال يرى))‬
‫و((إن ال يضع قدمه)) وما أشبه هذه الحاديث؟ فقال أبو عبد ال‪ :‬نؤمن با ونصدق ول كيف ول معن ول نرد‬
‫منها شيئا‪ ،‬ونعلم أن ما جاء به الرسول صلى ال عليه وسلم حق إذا كان بأسانيد صحاح‪ ،‬ول نرد على ال قوله‪ ،‬ول‬
‫يوصف ال تبارك وتعال بأكثر ما وصف به نفسه بل حد ول غاية‪ ،‬ليس كمثله شىء))‪0‬‬

‫(ج) وروى حرملة بن يي قال ‪ :‬سعت عبد ال بن وهب يقول‪ :‬سعت مالك بن أنس يقول‪ :‬من وصف‬
‫شيئا من ذات ال م ثل قوله (وقالت اليهود يد ال مغلولة) فأشار بيده إل عن قه‪ ،‬وم ثل قوله (و هو ال سميع الب صي)‬
‫فأشار إل عينه أو أذنه أو شىء من يديه‪ ،‬قطع ذلك منه؛ لنه شبه ال بنفسه ث قال مالك‪ :‬أما سعت قول الباء حي‬
‫حدث أن ال نب صلى ال عل يه و سلم ل يض حى بأر بع من الضحا يا وأشار الباء بيده ك ما أشار ال نب صلى ال عل يه‬
‫وسلم‪ ،‬قال الباء ‪ :‬ويدى أقصر من يد رسول ال صلى ال عليه وسلم فكره الباء أن يصف يد رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم إجلل له وهو ملوق‪ ،‬فكيف الالق الذى ليس كمثله شىء؟!‬

‫( د) وروى أبو بكر الثرم‪ ،‬وأبو عمرو الطلمنكى وأبو عبد ال بن أب سلمة الاجشون كلما طويل ف هذا‬
‫لعن ختمه بقوله‪(( :‬فما وصف ال من نفسه فسماه على لسان رسوله سيناه كما ساه‪ ،‬ول نتكلف منه صفة ما‬
‫سواه‪ ،‬ل هذا ول هذا‪ ،‬ل نحد ما وصف‪ ،‬ول نتكلف معرفة ما ل يصف))‪0‬‬
‫((اعلم‪ ،‬رحك ال‪ ،‬أن العصمة ف الدين أن تنتهى حيث انتهى بك‪ ،‬ول تاوز ما قد حد لك؛ فإن من قوام‬
‫الدين معرفة العروف‪ ،‬وإنكار النكر‪ ،‬فما بسطت عليه العرفة‪ ،‬وسكنت إليه الفئدة‪ ،‬وذكر أصله ف الكتاب والسنة‬
‫وتوارث علمه المة فل تافن ف ذكره وصفته من ربك ما وصف من نفسه عينا‪ ،‬ول تكلفن با وصف من ذلك‬
‫قدرا‪ 0‬وما أنكرته نفسك‪ ،‬ول تد ذكره ف كتاب ربك‪ ،‬ول ف الديث عن نبيك من ذكر صفة ربك فل تتكلفن‬
‫علمه بعقلك‪ ،‬ول تصفه بلسانك‪ ،‬واصمت كما صمت الرب عنه من نفسه‪ ،‬فإن تكلفك معرفة ما ل يصف به نفسه‬
‫مثل إنكارك ما وصف منها‪ ،‬فكما أعظمت ما جحد الاحدون ما وصف من نفسه‪ ،‬فكذلك أعظم تكلف ما وصف‬
‫الواصـفون ماـ ل يصـف منهـا‪ ،‬فقدو ال عـز السـلمون الذيـن يعرفون العروف وبعرفتهـم يعرف‪ ،‬ينكرون النكـر‬
‫وبإنكارهم ينكر‪ ،‬يسمعون ما وصف ال به نفسه من هذا ف كتابه‪ ،‬وما يبلغهم مثله عن نبيه‪ ،‬فما مرض من ذكر هذا‬
‫وت سميته من الرب قلب م سلم‪ ،‬ول تكلف صفة قدره‪ ،‬ول ت سمية غيه من الرب مؤ من‪ ،‬و ما ذ كر عن ر سول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم أنه ساه من صفة ربه فهو بنلة ما سى ووصف الرب تعال من نفسه‪ ،‬والراسخون ف العلم‪،‬‬
‫الواقفون حيث انتهى بم علمهم‪ ،‬والواصفون لربم با وصف نفسه‪ ،‬التاركون لا ترك من ذكرها ل ينكرون صفة ما‬
‫سى منها جحدا‪ ،‬ول يتكلفون وصفه با ل يسم تعمقا‪ ،‬لن الق ترك ما ترك وسى ما سى‪ ،‬ومن (يتبع غي سبيل‬
‫الؤمني نوله نوله ما تول‪ ،‬ونصله جهنم وساءت مصيا (النساء‪ .‬وهب ال لنا ولكم حكما‪ ،‬وألقنا بالصالي))‪0‬‬

‫مذهب اللف ف آيات الصفات وأحاديثها‬

‫قد مت لك أن ال سلف‪ ،‬رضوان ال علي هم‪ ،‬يؤمنون بآيات ال صفات وأحاديث ها ك ما وردت‪ ،‬ويتركون بيان‬
‫القصود منها ال تبارك وتعال‪ ،‬مع اعتقادهم بتنيه ال تبارك وتعال عن الشابة للقه ‪0‬‬

‫فأما اللف فقد قالوا ‪ :‬إننا نقطع بأن معان ألفاظ هذه اليات والحاديث ل يراد با ظواهرها‪ ،‬وعلى ذلك‬
‫فهى مازات ل مانع من تأويلها‪ ،‬فأخذوا يؤولون ((الوجه)) بالذات و((اليد)) بالقدوة وما إل ذلك‪ ،‬هربا من شبهة‬
‫التشبيه وإليك ناذج من أقوالم ف ذلك ‪0‬‬

‫‪ -1‬قال أبو الفرج بن الوزى النبلى ف كتابه ((دفع التشبيه)) ‪:‬‬


‫قال ال تعال ‪( :‬ويبقى وجه ربك) ( ) قال الفسرون‪ :‬يبقى ربك‪ ،‬وكذلك قالوا ف قوله تعال‪( :‬يريدون وجهه) ( )‪.‬‬
‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬

‫أى يريدونه‪ .‬وقال الضحاك وأبو عبيدة‪( :‬كل شىء هالك إل وجهه)( ) إل هو ‪0‬‬
‫‪3‬‬

‫وعقد ف أول الكتاب فصل ضافيا ف الرد على ما قالوا إن الخذ بظاهر هذه اليات والحاديث هو مذهب‬
‫السلف؛ وخلصة ما قاله أن الخذ بالظاهر هو تسيم وتشبيه؛ لن ظاهر اللفظ هو ما وضع له‪ ،‬فل معن لليد حقيقة‬
‫إل الارحة‪ ،‬وهكذا‪ .‬وأما مذهب السلف فليس أخذها على ظاهرها ولكن السكوت جلة عن البحث فيها‪ .‬وأيضا‬

‫سورة الرحمن ‪27 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫سورة النعام ‪52 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫سورة القصص ‪88 :‬‬ ‫‪3‬‬


‫ف قد ذ هب إل أن ت سميتها آيات صفات وأحاد يث صفات ت سمية مبتد عة ل ترد ف كتاب ول ف سنة‪ ،‬ولي ست‬
‫حقيقةب فإنا إضافات ليس غي‪ ،‬واستدل على كلمه ف ذلك بأدلة كثية ل مال لذكرها هنا ‪0‬‬

‫‪ -2‬وقال فخر الدين الرازى ف كتابه ((أساس التقديس))‪ :‬واعلم أن نصوص القرآن ل يكن إجراؤها على‬
‫ظاهر ها لوجوه‪ :‬الول أن ظا هر قوله تعال ‪( :‬ولت صنع على عي ن)( ) يقت ضى أن يكون مو سى عل يه ال سلم م ستقرا‬
‫‪1‬‬

‫على تلك الع ي ملت صقا ب ا م ستعليا علي ها وذلك ل يقوله عا قل‪ ،‬والثا ن أن قوله تعال‪( :‬وا صنع الفلك بأعين نا) ( )‬
‫‪2‬‬

‫يقتضى أن يكون آلة تلك الصنعةن هى تلك العي‪ ،‬والثالث أن إثبات العي ف الوجه الواحد قبيح فثبت أنه لبد من‬
‫الصي إل التأويل‪ ،‬وذلك وهو أن تمل هذه اللفاظ على شدة العناية والراسة ‪0‬‬

‫‪ -3‬قال المام الغزال ف الزء الول من كتابه ((إحياء علوم الدين)) عند كلمه على نسبة العلم الظاهر إل‬
‫البا طن وأق سام ما يتأ تى ف يه الظهور والبطون والتأو يل وغ ي التأو يل‪ :‬الق سم الثالث أن يكون الشىء ب يث لو ذ كر‬
‫صريا لفهم ول يكن فيه ضرر‪ ،‬ولكن يكن عنه على سبيل الستعارة والرمز؛ ليكون وقعة ف قلب الستمع أغلب‬
‫‪ 000‬ومنه قوله صلى ال عليه وسلم ‪(( :‬إن السجد لينوى( ) من النخامة كما تنوى اللدة على النار))‪ .‬ومعناه أن‬
‫‪3‬‬

‫روح السجد وكونه معظما‪ ،‬ورمى النخامة فيه تقي له فيضاد معن السجد ل تنقبض من نامة وكذلك قوله صلى‬
‫ال عليه وسلم‪(( :‬أما يشى الذى يرفع رأسه قبل المام أن يول ال رأسه رأس حار))() وذك من حيث الصورة ل‬
‫ي كن قط ول يكون‪ ،‬ول كن من ح يث الع ن هو كائن إذ رأس المار ل ي كن بقيق ته‪ ،‬وكو نه وشكله بل با صيته‪،‬‬
‫وهى البلدة والمق‪ .‬ومن رفع رأسه قبل المام فقد صار رأسه رأس المار ف البلدة والمق‪ ،‬وهو القصود دون‬
‫الش كل‪ .‬وإن ا يعرف أن هذا ال سر على خلف الظا هر إ ما بدل يل عقلى أو شر عى‪ .‬أ ما العقلى فأن يكون حله على‬
‫الظا هر غ ي م كن‪ ،‬كقوله صلى ال عل يه و سلم‪(( :‬قلب الؤ من ب ي إ صبعي من أ صابع الرح ن ()" إذ لو فتش نا عن‬
‫قلوب الؤمني ل ند فيها أصابع‪ ،‬فعلم أنا كناية عن القدرة الت هى سر الصابع وروحها الفى‪ ،‬وكن بالصابع‬
‫عن القدرة لن ذلك أعظم وقعا ف تفهم تام القتدار " ‪0‬‬

‫‪0‬‬ ‫وقد نعرض لثل هذا الكلم ف موضع آخر‪ ،‬وفيما ذكرناه كفاية‬

‫إل هنا وضح أمامك طريقا السلف واللف‪ ،‬وقد كان هذان الطريقان مثار خلف شديد بي علماء الكلم‬
‫من أئمة السلمي‪ ،‬وأخذ كل يدعم مذهبه بالجج والدلة‪ ،‬ولو بثت المر لعلمت أن مسافة اللف بي الطريقي ل‬
‫تتمل شيئا من هذا لو ترك أهل كل منهما التطرف والغلو‪ ،‬وأن البحث ف مثل هذا الشأن‪ ،‬مهما طال فيه القول‪ ،‬ل‬
‫يؤدى ف النهاية إل إل نتيجة واحدة هى التفويض ل تبارك وتعال‪ ،‬وذلك ما سنفصله لك إن شاء ال تعال ‪0‬‬

‫سورة طه ‪39 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫سورة هود ‪37 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫قوله صلى ال عليه وسلم ‪(( :‬إن المسجد لينزوى)) أى لينقبض‪ .‬قال الزبيدى فى شرح الحياء‪ :‬قال العراقى‪ :‬هذا لم أر له أصل فى المرفوع وإنما هو‬ ‫‪3‬‬

‫من قول أبى هريرة ورواه أبن أبى شيبة فى مصنفه‪ .‬قلت ‪ :‬ورواه كذلك عبد الرازق موقوفا على أبى هريرة‪ ،‬وفى صحيح مسلم عن أبى هريرة رضى‬
‫ال عنه أيضا أن رسول ال صلى ال عليه وسلم رأى نخامة فى المسجد فى القبلة فقال‪(( :‬ما بال أحدكم مستقبل ربه فينخع أمامه أيحب أحدكم أن يستقبل‬
‫فينخع فى وجهه؟))‪0‬‬
‫بي السلف واللف ‪:‬‬

‫قد علمت أن مذهب السلف ف اليات والحاديث الت تتعلق بصفات ال تبارك وتعال أن يروها على ما‬
‫جاءت عليه‪ ،‬ويسكتوا عن تفسيها أو تأويلها؛ وأ‪ ،‬مذهب اللف أن يؤولوها با يتفق مع تنيه ال تبارك وتعال عن‬
‫مشابة خلقه‪ .‬وعلمت أن اللف شديد بي أهل الرأيي حت أدى بينهما إل التنابز باللقاب العصبية؛ وبيان ذلك‬
‫من عدة أوجه ‪:‬‬

‫‪0‬‬ ‫أو ًل ‪ :‬اتفق الفريقان على تنيه ال تبارك وتعال عن الشابة للقه‬

‫ثانيا ‪ :‬كل منهما يقطع بأن الراد بألفاظ هذه النصوص ف حق ال تبارك وتعال غي ظواهرها الت وضعت‬
‫لا هذه اللفاظ ف حق الخلوقات‪ ،‬وذلك مترتب على اتفاقهما على نفى التشبيه ‪0‬‬

‫ثالثا ‪ :‬كل من الفريق ي يعلم أن اللفاظ تو ضع للت عبي ع ما يول ف النفوس أو يقع ت ت الواس م ا يتعلق‬
‫بأصحاب اللغة وواضعيها‪ ،‬وأن اللغات‪ ،‬مهما اتسعت‪ ،‬ل تيط با ليس لهلها بقائقه علم‪ ،‬وحقائق ما يتعلق بذات‬
‫ال تبارك وتعال من هذا القب يل‪ ،‬فالل غة أق صر من أن تواتي نا باللفاظ ال ت تدل علىهذه القائق‪ ،‬فالتح كم ف تد يد‬
‫العان بذه اللفاظ تغرير ‪0‬‬

‫وإذا تقرر هذا فقد اتفق السلف واللف على أصل التأويل‪ ،‬وانصر اللف بينهما ف أن اللف زادوا تديد‬
‫العن الراد حيثما ألأتم ضرورة التنيه إل ذلك حفظا لعقائد العوام من شبهة التشبيه‪ ،‬وهو خلف ل يستحق ضجة‬
‫ول إعناتا ‪0‬‬

‫ترجيح مذهب السلف ‪:‬‬

‫وننـ نعتقـد أن رأى السـلف مـن السـكوت وتفويـض علم هذه العانـ إل ال تبارك وتعال أسـلم وأول‬
‫بالتباع‪ ،‬حسما لادة التأويل والتعطيل؛ فإن كنت من أسعده ال بطمأنينة اليان‪ ،‬وأثلج صدره ببد اليقي فل تعدل‬
‫به بديل ونعتقد إل جانب هذا أن تأويلت اللف ل توجب الكم عليهم بكفر ول فسوق‪ ،‬ول تستدعى هذا الناع‬
‫الطو يل بين هم وب ي غي هم قديا أو حديثا‪ ،‬و صدر ال سلم أو سع من هذا كله‪ .‬و قد ل أ أ شد الناس ت سكا برأى‬
‫ال سلف‪ ،‬رضوان ال علي هم‪ ،‬إل التأو يل ف عدة موا طن‪ ،‬و هو المام أح د بن حن بل ضى ال ع نه؛ من ذلك تأويله‬
‫لديث‪(( :‬الجر السود يي ال ف أرضه))( ) وقوله صلى ال عليه وسلم‪(( :‬قلب الؤمن من بي إصبعي من أصابع‬
‫‪1‬‬

‫الرحن( ) وقوله صلى ال عليه وسلم ‪(( :‬إن لجد نفس الرحن من جانب اليمي ( )" ‪0‬‬
‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬

‫قال العراقى‪ :‬رواه الحاكم وصححه من حديث عبد ال بن عمر ‪0‬‬ ‫‪1‬‬

‫رواه مسلم من حديث عبد ال بن عمرو ‪0‬‬ ‫‪2‬‬

‫قال العراقى ‪ :‬رواه أحمد من حديث أبى هريرة فى حديث قال فيه ‪(( :‬وأجد نفس ربكم من قبل اليمن)) ورجاله ثقات ‪0‬‬ ‫‪3‬‬
‫و قد رأ يت للمام النووى ر ضى ال ع نه ما يف يد قرب م سافة اللف ب ي الرأي ي م ا ل يدع مال للناع‬
‫والدال ولسيما وقد قيد اللف أنفسهم ف التأويل بوازه عقل وشرعا بيث ل يصطدم بأصل من أصول الدين ‪0‬‬

‫قال الرازى ف كتا به ((أ ساس التقد يس))‪ (( :‬ث إن جوز نا التأو يل اشتغل نا على سبيل ال تبع بذ كر تلك‬
‫التأويلت على التف صيل‪ ،‬وإن ل ن ز التأو يل فوض نا ب ا إل ال تعال‪ ،‬فهذا هو القانون الكلى الرجوع إل يه ف ج يع‬
‫التشابات‪ ،‬وبال التوفيق))‪0‬‬

‫وخلصة هذا البحث أن السلف واللف قد اتفقا على أن الراد غي الظاهر التعارف بي اللق‪ ،‬وهو تأويل‬
‫ف الملة‪ ،‬واتفقا كذلك على أن كل تأويل يصطدم الشرعية غي جائز‪ ،‬فانصر اللف ف تأويل اللفاظ با يوز ف‬
‫الشرع‪ ،‬وهو هي كما ترى‪ ،‬وأمر لأ إليه بعض السلف أنفسهم‪ ،‬وأهم ما يب أن تتوجه إليه هم السلمي الن‬
‫توحيد الصفوف‪ ،‬وجع الكلمة ما استطعنا إل ذلك سبيل‪ ،‬وال حسبنا ونعم الوكيل ‪0‬‬

‫حسن البنا ‪ 000‬ورجال الفكر والثقافة‬

‫دعا الخوان السلمون بالسكندرية إل حفل شاى أقاموه ف نادى حديقة ((أنطونيادس)) لصفوة من رجال‬
‫الفكر وأساتذة الامعة بالسكندرية‪ ،‬حضره الستاذ عمر باء الدين الميى من قادة الخوان بسوريا ‪0‬‬

‫وحي جاء دور فضيلة الرشد ف الديث‪ ،‬تدث بأسلوب النطقي الذى يقوم على القدمات والنتائج‪ ،‬وهو‬
‫أسلوب العلماء الذين يبحثون ف ظواهر الشياء مستخدمي ((النهج العلمى)) ف البحث بغية الوصول إل القواني‬
‫الت تكم هذه الظواهر‪ ..‬تدث فضيلته عن حركة التاريخ السلمى‪ ،‬وكيف انتقلت قيادة البشرية اليوم إل الغرب‪،‬‬
‫ح يث الختراع واللة و سرعة الوا صلت‪ ،‬واتفاق دول الغرب ر غم اختلف هم في ما بين هم على تدم ي أ مة ال سلمي‬
‫وحضارتم ‪0‬‬

‫ث أ خذ ف عرض خصائص الن سان الغر ب وحضارته وانفلته من القيم وال ثل النسانية العل يا‪ ..‬فالن سان‬
‫الغرب بتكوينه التاريى مادى بطبيعته‪ ،‬وجاءت حضارته الديثة لتؤصل فيه الروح الادية وتزيدها عمقا‪ ،‬نتيجة حتمية‬
‫لصلته الشديدة باللة الصماء الت ل تروى ظمأ القلوب ول تتجاوب مع الفطرة النسانية‪ ،‬فالنسان ف الغرب يضى‬
‫أكثر حياته يتعامل مع اللة حت أصبح وكأنه آلة تتحرك وجدان ول شعور ‪000‬‬

‫بدأ فضيلته الديث عن حركة التاريخ السلمى‪ ،‬وكيف بدأ بقيام الدولة السلمية الول على قواعد النظام‬
‫الجتماعى القرآن الفاضل‪ ،‬تؤمن به إيانا عميقا وتطبقه دقيقا وتنشره ف العالي‪ ،‬حت كان اللفة الول رضى ال‬
‫عنه يقول‪(( :‬لو ضاع من عقال بعي لوجدته ف كتاب ال)) وحت أنه ليقاتل ما نعى الزكاة ويعتبهم مرتدين لدمهم‬
‫هذا الركـن مـن أركان هذا النظام ويقول‪(( :‬وال لو منعونـ عقال كانوا يؤدونـه لرسـول ال صـلى ال عليـه وسـلم‬
‫لقاتلتهم مت استمسك السيف بيدى)) وكانت الوحدة بكل معانيها‪ ،‬ومظاهرها تشمل هذه المة الناشئة‪ .‬فالوحدة‬
‫الجتماعية شاملة بتعميم نظام القرآن ولغة القرآن‪ ،‬والوحدة السياسية شاملة ف ظل أمي الؤمني وتت لواء اللفة‬
‫ف العاصمة‪ ،‬ول يل دونا أن كانت الفكرة السلمية فكرة ل مركزية ف اليوش‪ ،‬وف بيوت الال‪ ،‬وف تصرفات‬
‫الولدة‪ ،‬إذ أن الم يع ي صدرون عن عقيدة واحدة ويعملون بتوج يه عام مت حد‪ .‬ول قد طاردت هذه البادئ القرآن ية‬
‫الوثنية الخرفة ف جزيرة العرب وبلد الفرس فضت عليها‪ ،‬وطاردت اليهودية الاكرة فحصرتا ف نطاق ضيق وقضت‬
‫على سلطانا الدي ن وال سياسى قضاء تا ما‪ ،‬و صارعت ال سيحية ال صليبية ح ت ان صر ظل ها ف قار تى آ سيا وأفريق يا‬
‫وانازت إل أور با ف ظل الدولة الرومان ية الشرق ية بالق سطنطينية وتر كز بذلك ال سلطان الرو حى وال سياسى بالدولة‬
‫ال سلمية ف القارت ي العظيمت ي وأل ت على القارة الثال ثة تا جم الق سطنطينية من الشرق وتا صرها ح ت يهد ها‬
‫الصار وتأتيها من الغرب وتقتحم الندلس وتصل جيوشها الظفرة إل قلب فرنسا وإل شال وجنوب إيطاليا وتقيم‬
‫ف غرب أور با دولة شام ة البنيان مشر قة بالعلم والعرفان‪ ،‬وي تم ل ا ب عد ذلك ف تح الق سطنطينية نف سها وح صر‪-‬‬
‫الصليبية ف هذا الزء الحدود من قلب أوربا‪ ،‬وتخر الساطيل السلمية عباب البحرين البيض والحر فيصي كل‬
‫منه ما بية إ سلمية‪ ،‬وتق بض قوات الدولة ال سلمية بذلك على مفات يح البحار ف الشرق والغرب وت تم ل ا ال سيادة‬
‫البية والبحرية وقد اتصلت هذه المم السلمية بغيها من المم‪ ،‬ونقلت كثيا من الضارات ولكنها تغلبت بقوة‬
‫إيانا ومتانة نظامها عليها جيعا فعربتها أو كادت واستطاعت أن تصبغها وأن تملها على لغتها ودينها با فيها من‬
‫روعـة وحيويـة وجال‪ ،‬ول ينعهـا أن تأخـذ النافـع مـن هذه الضارات جيعا مـن غيـ أن يؤثـر ذلك فـ وحدتاـ‬
‫الجتماعية أو السياسية ‪0‬‬

‫و مع هذه القوة البال غة وال سلطان الوا سع فإن عوا مل التحلل قد أخذت تت سلل إل كيان هذه ال مة القرآن ية‬
‫وتعظم وتنشر وتقوى شيئا فشيئا ‪000‬‬

‫وأخذت ال مة ال سلمية تنت قل من هزي ة إل هزي ة و من اندحار إل اندحار و من حفرة إل حفرة ب سبب‬
‫اللفات والنصراف السياسية والعصبية وتنازع الرياسة والاه‪ ..‬واللفات الدينية والذهبية والنصراف عن جوهر‬
‫الد ين ‪ ،0000‬والنغماس ف ألوان الترف والنع يم ‪ 00‬وانتقال ال سلطة إل من ل يتذوقوا ط عم ال سلم ال صحيح ‪00‬‬

‫وإهال العلوم العمل ية والعارف الكون ية ‪ ..‬والغرور ب سلطانم والنداع بقوت م وإهال الن ظر ف التطور الجتما عى‬
‫للمم من غيهم والنداع بدسائس التملقي من خصومهم ‪0‬‬

‫أخذت هذه العوا مل تع مل ف كيان الدولة ال سلمية وال مة ال سلمية عمل ها وظ نت ال مم الوتورة أن قد‬
‫سنحت الفرصة لتأخذ بثأرها وتقضى على هذه الدولة السلمية الت فتحت بلدها من قبل وغيت معال أوضاعها‬
‫ف كل شئون الياة‪ ،‬فاندر التتار كال سيل الدا فق على الدولة ال سلمية وأخذوا يقطعون أشلء ها جزءا جزءا ح ت‬
‫و صلوا إل بغداد عا صمة الل فة العبا سية ووطأو ها بنعال م ف ش خص اللي فة ال ستعصم‪ ،‬وبذلك تبدد ش ل الدولة‬
‫وانت ثر ع قد الل فة لول مرة وتفر قت ال مة ال سلمية إل دويلت صغية‪ ،‬ف كل قبيلة في ها أم ي للمؤمن ي وم نب‪،‬‬
‫وتنبهت الصليبية ف أوربا وجعت جوعها وقذفت الشرق السلم ف آسيا وافريقيا بكتائبها ف تسع حلت صليبية‬
‫اشتملت على خ ي ما في ها من فر سان وملوك وعتاد‪ ،‬وتك نت هذه القوات الزاح فة من إقا مة دولة صليبية ف ب يت‬
‫القدس وتديد أمم السلم ف الشرق والغرب‪ ،‬ومهاجة مصر أقوى هذه الدول إذ ذاك ‪0‬‬

‫ولكن ال تبارك وتعال ل يأذن بعد للباطل أن ينتصر نعلى الق فاستطاعت مصر أن تمع حولا فلول بعض‬
‫هذه الدويلت وتقذف ب م ف ن ر ال صليبيي بقيادة صلح الد ين فت ستعيد من هم ب يت القدس وتري هم ك يف تكون‬
‫الزية ف حطي‪ ،‬ث تقف ف وجه اللتتار بقيادة الظاهر بيبس وتردهم على أعقابم خاسئي ف عي جالوت ث تعيد‬
‫ر سم الل فة من جد يد‪ ،‬وير يد ال ب عد ذلك أن تقوم لل سلم دولة وار فة الظلل قو ية البأس شديدة الراس ت مع‬
‫كل مة أهله وت ضم ت ت لوائ ها مع ظم أم ة وشعو به ويأ ب ل ا علو ال مة إل أن تغزوا ال صليبية ف ع قر دار ها فتف تح‬
‫القسطنطينية ويتد سلطانا ف قلب أوربا حت يصل إل فيينا‪ ،‬تلك هى دولة التراك العثمانية ‪0‬‬

‫واطمأنت الدولة السلمية تت لواء العثمانيي إل سلطانا واستنامت إليه وغفلت عن كل ما يدور حولا‬
‫ول كن أور با ال ت ات صلت بأضواء ال سلم غر با بالندلس وشر قا بالملت ال صليبية ل ت ضع الفر صة ول تغ فل عن‬
‫الستفادة بذه الدروس فأخذت تتقوى وتتجمع تت لواء الفرنة ف بلد الغال‪ ،‬واستطاعت بعد ذلك أن تصد تيار‬
‫الغزو السلمى الغرب وأن تبث الدسائس بي صفوف السلمي بالندلس وأن تضرب بعضهم ببعض إل أن قذفت‬
‫بمـ أخيا إل مـا وراء البحـر أو إل العدوة الفريقيـة‪ ،‬فقامـت مقامهـم الدولة السـبانيولية الفتيـة ومـا زالت تتقوى‬
‫وتتج مع وتف كر وتتعلم وتوب البلد وتك شف القطار ح ت كان ك شف أمي كا عمل من أعمال أ سبانيا وك شف‬
‫طر يق ال ند عمل من أعمال البتغال‪ ،‬وتوالت صيحات ال صلح ون بغ ب ا كث ي من ال صلحينن وأقبلت على العلم‬
‫الكو ن والعر فة النت جة الثمرة‪ .‬وانت هت ب ا هذه الثورات ال صلحية إل تكو ين القوميات وقيام دولة قو ية جعلت‬
‫هدف ها جي عا أن تزق هذه الدولة ال سلمية ال ت قا ستها أور با وا ستأثرت دون ا بإفريق يا وآ سيا وتال فت هذه الدول‬
‫الفتية على ذلك أحلفا رقت با إل درجة القداسة ف كثي من الحيان ‪0‬‬

‫وامتدت اليدى الورب ية بكم الكشف والضرب ف الرض والرحلة إل أقصى آفاقها البعيدة إل كثي من‬
‫بلدان ال سلم النائ ية كال ند وب عض الوليات ال سلمية الجاورة ل ا وأخذت تع مل ف جد للوصول إل تز يق دولة‬
‫ال سلم القو ية الوا سعة وأخذت ت ضع لذلك الشروعات الكثية ت عب عن ها أحيانا بال سألة الشرق ية وأخرى بإقت سام‬
‫تركة الرجل الريض‪ ،‬وأخذت كل دولة تنتهز الفرصة السانة وتنتحل السباب الواهية وتاجم الدولة الوادعة اللهية‬
‫ل انسلخ فيه عن الدولة العثمانية كثي‬‫فتنقص بعض أطرافها أو تد جانبا من كيانا‪ ،‬واستمرت هذه الهاجة أمدا طوي ً‬
‫من القطار السلمية‪ ،‬وقعت تت السلطان الورب (كالغرب القصى وشال أوربا) واستقل فيه كثي من البلد غي‬
‫ال سلمية ال ت كا نت ت ت سلطان العثماني ي كاليونان ودول البلقان وكان الدور التا مى ف هذا ال صراع الرب‬
‫العال ية الول سنة ‪ 1918-1914‬ميلد ية الذى انت هى بزي ة ترك يا وحلفائ ها وبذلك سنحت الفر صة الكاملة لقوى‬
‫ـ على هذا الياث الض خم مـن أمـم ال سلم‬‫شعوب أور با (انلترا وفرن سا) وإل جوارهاـ (إيطال يا) فوضعـت يده ا‬
‫وشعبوه‪ ،‬وبسطت سلطانا عليها ف أساء متلفة من احتلل واستعمار ووصاية وانتداب ‪0‬‬

‫ولقد خرجت الدول الوربية من الرب العالية وبذور القد والبغضاء متأصلة ف صدور الكثي منها وجاء‬
‫مؤتر الصلح ومعاهداته لطمات قاسية لبعضها وخيبة أمل مؤلة لكثي منها‪ ،‬هذا إل ظهور كثي من الفكر الديدة‬
‫والبادئ التعصبة الشديدة التعصب‪ ،‬ولبد أن تنتهى هذه الال بذه المم إل خلف جديد وحرب طاحنة ضروس‬
‫تبدد شلهم وتزق وحدتم وتعيدهم إل رشدهم وتردهم عن ظلمهم‪ ،‬وتب لمم السلم فرصة أخرى تسوى فيها‬
‫صفوفها وتمع شلها وتستكمل حريتها وتسترد دولتها ووحدتا تت لواء أمي الؤمني‪( :‬ونريد أن نن على الذين‬
‫استضعفوا ف الرض وتعلهم الوارثي)‪0‬‬

‫إن ال مم الورب ية ال ت ات صلت بال سلم وشعو به ف الشرق بالروب ال صليبية و ف الغرب بجاورة عرب‬
‫الندلس ومالطتهم ل تستفد من هذا التصال مرد الشعور القوى أو التجمع والتوحد السياسى ولكنها أفادت ذلك‬
‫يق ظة ذهنية وعقلية كبية واكتسبت علوما ومعارف جة وظهرت فيها نضة أدبية وعلمية وا سعة النطاق‪ ،‬وقامت‬
‫الكنيسة تناهض هذه الظاهرة الغريبة بكل ما أوتيت من قوة‪ ،‬وتذيق رجالا من الدباء والعلماء مر العذاب‪ ،‬فتعتدى‬
‫عليهم ماكم التفتيش وتثي ضدهم الدول والشعوب‪ ،‬ولكن ذلك كله ل يدها نفعا ول تثبت تعاليمها أمام حقائق‬
‫العلم وكشوفه‪ ،‬وخرجت النهضة العلمية منتصرة كل النتصار وتنبهت الدولة بذلك فصارعت الكنيسة هى الخرى‬
‫حت صرعتها وتلص بذلك الجتمع الأورب تلصا تاما من سلطانا وطارد رجالا إل العابد والديرة وألزم الباب‬
‫القامة ف الفاتيكان وحصر عمل رجال الدين ف نطاق ضيق من شئون الياة ل يرجون عنه ول يتطلعون إل سواه‬
‫ول ت بق أور با على ال سيحية إل كتراث تاري ى‪ ،‬وعا مل من عوا مل تذ يب الب سطاء والغرار من دهاء الشعوب‪،‬‬
‫ووسـيلة مـن وسـائل التغلب والسـتعمار وقضاء الآرب السـياسية‪ ،‬وامتـد أمام الوربييـ رواق العلم وانفسـخ مال‬
‫الختراعات والكشف وضاعفت الاكينة النتاج ووجهت الياة وجهة صناعية‪ ،‬وسار ذلك جنبا إل جنب مع نشأة‬
‫الدولة القوية وامتداد سلطانا إل كثي من البلد والقطار‪ ،‬فأقبلت الدنيا على هذه المم من كل مكان فكان طبيعيا‬
‫ب عد ذلك أن تقوم الياة الورب ية على قاعدة إق صاء الد ين عن مظا هر الياة الجتماع ية وبا صة الدولة والحك مة‬
‫والدرسة وطغيان النظرة الادية وجعلها القياس ف كل شىء ‪ 000‬وتبعا لذلك سارت مظاهر هذه الضارة مادية بتة‬
‫تدم ما جاءت به الديان السماوية وتنا قض كل الناقضة تلك الصول ال ت قرر ها ال سلم الن يف وجعل ها أ ساسا‬
‫لضارته‪ ،‬الت جعت بي الروحاية والادية جيعا‪ ،‬ومن أهم الظواهر الذى لزمت الدنية الوربية ‪:‬‬

‫ـد حدود الكون الادى‬


‫ـيان الزاء الخروى‪ ،‬والوقوف عنـ‬‫ـ ال وإنكار الروح ونسـ‬ ‫ـك فـ‬ ‫‪-1‬اللاد والشـ‬
‫الحسوس‪:‬‬
‫(يعلمون ظاهرا من الياة الدنيا وهم عن الخرة هم غافلون)( )‪0‬‬
‫‪1‬‬

‫سورة الروم ‪7 :‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪-2‬الباحية والتهافت على اللذة والتفنن ف الستمتاع وإطلق الغرائز الدنيا من عقالا وإشباع شهوتى البطن‬
‫والفرج وته يز الرأة ب كل صنوف الفا تن والغريات والغراق ف الوبقات إغرا قا ي طم الج سام والعقول‬
‫ويقضى على نظام السر ويهدم سعادة البيوت‪(( :‬والذين كفروا يتمتعون‪ ،‬ويأكلون كما تأكل النعام والنار‬
‫مثوى لم )( )‪0‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-3‬الثرة ف الفراد‪ ،‬فكل إن سان ل ير يد إل خي نفسه‪ .‬و ف الطبقات ف كل طب قة تتعال عمن سواها وتود أن‬
‫تظى بالغان دونا‪ .‬وف الشعوب‪ ،‬فكل أمة تتعصب لنسها وتنتقص غيها وتاول أن تلتهم من هى أضعف‬
‫منها ‪0‬‬

‫‪-4‬الربا والعتراف بشرعيته واعتباره قاعدة التعامل والتفنن ف صورة وضروبه وتعميمه بي الدول والفراد‪ ،‬وقد‬
‫انت جت هذه الظا هر الاد ية البح تة ف الجت مع الور ب ف ساد النفوس وض عف الخلق والترا خى ف مار بة‬
‫الرائم فكثرت الشكلت وظهرت البادئ الدامـة واشتعلت الثورات الخربـة الدمرة واضطربـت النظـم‬
‫القتصـادية والجتماعيـة والسـياسية فلم تسـتقر على حال وتزقـت الدول بالطوائف والحزاب وتناحرت‬
‫الشعوب على الطا مع والحقاد‪ ،‬وأثب تت هذه الدن ية الدي ثة عجز ها التام عن تأم ي مت مع الن سان وإقرار‬
‫الطمأنينة والسلم فيه وفشلها ف إسعاد الناس رغم ما فتحت عليه من حقائق العلم والعرفة وما وفرت لم‬
‫من أسباب الغن والثراء وما مكنت لدولا ف الرض من قوة وسلطان ولا يض عليها قرن كامل من الزمان‬
‫‪) (0‬‬ ‫‪2‬‬

‫وانتهى المام رضى ال عنه إل هذا الد الذى كشف فيه عن زيف الضارة الغربية وسذاجة من اندعوا‬
‫ب ا‪ ،‬ث انت قل إل ك شف ذلك الغزو الضارى لل مة ال سلمية فقال (ع مل الوربيون جاهد ين على أن تغ مر مو جة‬
‫هذه الياة الاد ية بظاهر ها الفا سدة وجراثيم ها القتالة ج يع البلد ال سلمية ال ت امتدت إلي ها أيدي هم وأوقع ها سوء‬
‫الطالع تتـ سلطانم‪ ،‬مع حرصـهم الشد يد على أن يتجزوا دون هذه المـم عنا صر الصـلح والقوة مـن العلوم‬
‫والعارف وال صناعات والن ظم الناف عة و قد أحكموا خ طة هذا الغزو الجتما عى إحكا ما شديدا وا ستعانوا بدهائ هم‬
‫السياسى وسلطانم العسكرى حت ت لم ما أرادوا ) ‪0‬‬

‫وهكذا كان حسن البنا قادرا‪ -‬بعون ال تعال له – أن ياطب كل فئة بلغتها وف ميدانا وعلى طريقتها ‪..‬‬
‫لقـد كان رحهـ ال يعرف لكـل مقام مقاله فكان يعرف لغات الزهرييـ والامعييـ والهندسـي والصـوفية وأهـل‬
‫ال سنة‪ ..‬كان يعرف ل غة الفلح ي وأ صحاب الرف… كان يعرف كل ذلك ليب طه ف لبا قة مع دعو ته ومعال ها‬
‫الكبى‪ ،‬فيجئ كلمه عجبا يأخذ باللباب ‪000‬‬

‫سورة محمد ‪12 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫يؤسفنى عدم التمكن من تسجيل هذا الحديث فى وقت القائه‪ ،‬وكنت أود ذلك لول جاذبية أسلوب المام رضى ال عنه (ومعالجته الخاذة لهذا‬ ‫‪2‬‬

‫الموضوع‪ ..‬ولهمية المعانى والحقائق التى تضمنها الحديث وضرورتها للنشء المسلم وجدت من الضرورى إثباتها فى كتابى هذا فاستعنت فى سردها‬
‫بما جاء فى رسالة ن((بين المس واليوم)) فقد احتوت خلصة لهذا الحديث القيم ‪0‬‬
‫حسن البنا ‪ 0000‬والكيد الرخيص‬

‫لبد لن يتصرو لثل هذا العمل الكبي ف الوقت الذى فسدت فيه النفوس ول يعد هناك عمل يكن أن يفهم‬
‫على أنه مرد أو خالص ل ‪00‬‬

‫كان ل بد ل سن الب نا من أن يوا جه بكائد من ذوى الغراض‪ ،‬و قد حفلت حياة هذا الرائ العظ يم بألوان‬
‫شت من الكيد الرخيص ل تنته يوما ول تدأ لظة ‪00‬‬

‫ومنذ اليوم الول‪ ،‬ول يكن للرجل يومها قوة لا خطرها‪ ،‬ومع ذلك فقد كان ذلك الطابع للدعوة يثي بعض‬
‫النفوس الريضة الت تكره العيش ف النور‪ ،‬وتقد على كل عامل ‪000‬‬

‫واجهت حسن البنا مكائد متعددة كان يقضى عليها بالكمة‪ ..‬فقد كان خلقه الياب‪ ،‬يكنه من مواصلة‬
‫هذه الكائد‪ ،‬وقد بدأ ذلك عندما وطن نفسه على العمل لفكرته ‪0‬‬

‫عريضة إل صدقى باشا ‪:‬‬

‫حدث عند ما بدأ الخوان بناء م سجدهم ف ال ساعيلية‪ ،‬وكان عمل ضخ ما جديدا أن أو عز ب عض الناس‬
‫ال صدور على ال ستاذ الب نا‪ ..‬فنش طت الد سائس والفت نة‪ ،‬وكان من بين ها عري ضة موق عة بأ ساء لف يف من أهال‬
‫الساعيلية إل رئيس الوزراء اساعيل صدقى باشا – إذ ذاك – جاء فيها ‪:‬‬

‫‪0‬‬ ‫أو ًل ‪ :‬إن هذا الدرس متصل بوسكو ويستمد الال من هناك لنه يبن مسجد وجيعة‬

‫ثانيا ‪ :‬إن هذا الدرس وفدى‪ ،‬يع مل ضد النظام الا ضر (نظام صدقى) ويقول إن النتخابات بذه ال صورة‬
‫باطلة‪ ،‬وأن دستور سنة ‪30‬باطل ‪0‬‬

‫ثالثا ‪ :‬إن هذا الدرس ألقى ماضرة ف نادى العمال سنة ‪ 1930‬عن أب بكر الصديق‪ ،‬فقال إن انتخابه كان‬
‫مباشرا ول يكن من درجتي وإن النتخاب باطل‪ ،‬وأنه ألقى ماضرة أخرى عن عمر بن عبد العزيز قال فيها إن عمر‬
‫ل يأخذ من بيت الال شيئا ‪0‬‬

‫واهتمت الكومة إهتماما كبيا بذه العريضة‪ ،‬وكلفت مراقب التعليم ف الساعيلية بتحقيقها فزار الدرسة‬
‫‪000‬‬

‫وف حجرة الناظر قال الراقب ‪ :‬هو ده كله الستاذ حسن ‪! 000‬‬

‫‪000‬‬ ‫قال الناظر ‪ :‬أهو دا يا بك‬

‫قال الدرس ‪ :‬يضع سره ف أضعف خلقه‬


‫واستطاع الستاذ البنا بعون ال له أن يمل الراقب على زيارة مسجد المعية ودارها‪ ،‬وكان قد أعد العدة‬
‫لدعوة طائفة من أعيان البلدة وكبار الوظفي‪ ،‬وأقام حفل شاى ‪0‬‬

‫ودعـا الغرضيـ والشتركيـ فـ العريضـة كذلك‪ ،‬والتأم الشمـل‪ ،‬وتعاقـب الطباء‪ ..‬ودهـش الرجـل وهـو‬
‫يستمع‪ ،‬أن هذا الطيب نار والخر جناين والثالث مكوجى ‪000‬‬

‫وقال ‪ :‬هذه أعجب مدرسة رأيتها‪ ..‬ول يلبث أن تناول شارة الخوان ووضعها على صدره وأعلن انضمامه‬
‫‪00‬‬ ‫للجماعة‬

‫***‬

‫‪00‬‬ ‫آله يعبد‬

‫كتب المام البنا ف مذكراته يقول ‪:‬‬

‫ذات يوم فوجئت بإثن ي من أخلص الخوان دخل على ف حالة من الل الشد يد‪ ،‬وقال إن ف البلد إشا عة‬
‫قوية ضدنا ونن ل يكنننا أن نسكت على هذه الشاعات فأسح لنا أن ننتقم من هؤلء الذين يتقولون علينا بالباطل‬
‫فابتسمت وقلت لما إن ذلك من الي وال تبارك وتعال يقول ‪ (( :‬لتبلون ف أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين‬
‫أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيا وإن تصبوا وتتقوا فإن ذلك من عزم المور))( ) فعلينا بالصب‬
‫‪1‬‬

‫وبالتقوى‪ ،‬وهذا دليل حقية الدعوات أن يتقول عليها الناس بالباطل وأنتما تعلمان ماذا قيل عن دعوة السلم الول‬
‫وعن رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وأخذت أسترسل ف هذه العان‪ .‬فقال ف أل ولكن هذا الذى سعناه ل يكن‬
‫أنسكت عليه أبدا فإنه كلم فظيع يذيعه قوم معروفون ولم أثرهم ف نفوس الناس!!!‬

‫فقلت ‪ :‬وما هذا‪ ،‬فقالوا إنم يقولون إنك تقول لنا ف دروسك اعبدون من دون ال‪ ،‬وإن الخوان السلمي‬
‫يعتقدون بناء على هذا أن الشيخ البنا إله يعبد وليس بشرا ول نبيا ول وليا ول شيخا)) ‪ .‬ولقد ترينا مصدر الشاعة‬
‫قبل أن نضر إليك فعرفنا أن الذى يذيع هذا شيخ عال يشغل منصبا دينيا ويصدقه الناس فيما يقول‪ ،‬فلم نكتف بذا‬
‫ولكنا ذهبنا إليه وسألناه من الذى أخبه بذا فقال ‪ :‬لقد سعته بأذن من استاذكم‪ ،‬فأستغربنا المر وكررنا عليه القول‬
‫فأكد لنا أنه سع هذا القول منك‪ .‬ونن طبعا ل نصدق هذا أبدا‪ ،‬ولكنا جئنا نسأل ونن ف أشد الدهشة من جرأة‬
‫هؤلء الناس‪ ،‬ونريد مع هذا أن نعرف حقيقة هذا القول وأصل هذه الشاعة!!!‬

‫نزل هذا الكلم نزول الصـاعقة‪ ،‬وعجبـت كيـف يبلغ الكيـد بالناس بعضهـم لبعـض هذا البلغ العجيـب‪،‬‬
‫وأخذت أف كر ف ملس ج عى بذا الش يخ أو شىء ي كن أن يكون ذري عة لب عض هذا القول فلم أتذ كر شيئا‪ ،‬ولك ن‬
‫قمت من فورى وأخذت هذين الخوين واستدعيت إثني من إخواننا الدرسي الفضلء أعلم أن لما بذا الشخص‬

‫سورة آل عمران ‪186 :‬‬ ‫‪1‬‬


‫صلة وثيقة وبينهم صداقة وتزاور‪ ،‬وقصصت عليهما القصة وقلت لبد أن نذهب إليه الن‪ ،‬ونسأله بأنفسنا عن أصل‬
‫هذه الشاعة لن أصارحكما بأن ل أستطع بعد أن أصدق هذين الخوين ف نقلهما عن هذا الرجل ولعله مظلوم أو‬
‫لعلهما ل يفقها قوله‪ ،‬وليست التهمة ما يتساهل فيه‪ ،‬أو يغفل عنه فهيا بنا إليه وذهبنا نن المسة وطرقنا باب الرجل‬
‫ودخلنا إل حجرة النتظار وجاء يسلم علينا‪ ،‬فلما رآنا بمعنا هذا أصفر وجهه وبدا الضطراب ف صوته وحركاته‪.‬‬
‫وكأ نه ش عر ما هنالك ‪ .‬ول أدع له فر صة وقلت له توا يا أ ستاذ‪ :‬هذان الخوان نقلل الن أ نك تقول كذا وكذا‬
‫وأنك قلت لما سعت هذا القول من شخصيا بأنك‪ .‬وهل ما نقله هذان الخوان عنك صحيح وأنت قلت لما هذا‬
‫القول؟ فقال نعم‪ .‬فقلت ‪ :‬برئت ساحتهما وأديا المانة‪ ،‬والتفت إليهما وقلت‪ :‬جزا كما ال خيا‪ .‬ث وجهت القول‬
‫إل يه ثان ية وقلت ‪ :‬وأ نت يا أ ستاذ م ت سعت م ن هذا القول فقال ‪ :‬أتذ كر م نذ ش هر تقريبا إن نا ك نا جال سي ف‬
‫((صندرة)) السجد فدخل علينا أحد الدرسي واسه ممد الليثى أفندى وجلس معنا‪ ،‬وجاء الخوان يسلمون عليك‬
‫ف ش غف شد يد واحترام فقال لك هذا الدرس يا أ ستاذ إن الخوان يبو نك إل حد العبادة‪ ،‬فقلت له إذا كان هذا‬
‫الب خالصا لوجه ال فأنعم به من حب‪ .‬ونسأل ال أن يزيدنا منه‪ ،‬وتثلت بقول الشافعى ‪:‬‬

‫فليشهد الثقلن أن رافض‬ ‫إن كان رفضا حب آل ممد‬

‫فقلت له نعم أذكر هذه الكاية فقال أليس معن هذا أنم يعبدونك‪ .‬وهنا رأينا أحد الخوان من أصدقائه‬
‫الدرسي الذين معى قام من فوره وإنال عليه شتما وهم به ليضربه ف بيته فأخذ ياطبه أهذا ما تعلمته يا أستاذ وهذا‬
‫مبلغك من الفهم ومن المانة ف الجالس ومن الصدق ف نقل القول‪ .‬ولكنا حلنا بينهما والتفت إلي وقلت له يا‬
‫إ ستاذ ل قد ذكرت هذا ولك أن تف هم ف يه ما تشاء ولك نك أض فت إل يه أن ن أ نا الذى آ مر الخوان بعبادة غ ي ال‬
‫((حاش ل وتعالت دعوته عن ذلك علوا كبيا)) وأن هذه هى عقيدة الخوان الت سعتها من‪ ،‬وحذفت من القول‬
‫أنن عاتبته على هذا التعبي عتابا قاسيا وقلت له إن هذا التعبي غي إسلمى جاءنا به الدب الورب واليوعة الغربية‪،‬‬
‫وانزلق إل أل سنتنا وأقلم نا ب كم التقل يد الع مى‪ ،‬وإن من وا جب كل م سلم أن يترس من م ثل هذه الت عبيات‬
‫واللفاظ‪ .‬لقد ذكرت الكاية يا أ ستاذ ون سيت هذا التعل يق‪ ،‬وعلى كل حال فح سبنا هذا منك و قد و ضح الصبح‬
‫لذى عيني‪ ،‬ولكن الخوان الاضرين وكلهم أصدقاؤه ل يكتفوا بذا وألزموه أن يوضح المر توضحيا جليا ف حفل‬
‫عام من إحفال الخوان وإل فهم سيعلمون كيف يعاقبونه أشد العقاب وقد كا‪ ،‬ونزل الرجل على حكم أصدقائه‪،‬‬
‫و ف أول ماضرة أ سبوعية و قف فأعلن الكا ية وأعلن أ نه ل يق صد إل مرد نقل ها ك ما هى‪ ،‬وأ نه شا كر للخوان‬
‫ودعوتم جيل أثرها ف نفوس المة عامة والشباب خاصة‪ ،‬وقضى المر ‪0‬‬

‫حسن البنا ‪ 000‬ف مؤتراته ولقاءاته‬

‫الؤتر الامس للخوان السلمي‬


‫ب عد مرور ع شر سنوات على قيام جا عة الخوان ال سلمي – د عا الخوان إل الؤت ر الا مس الذى عقده‬
‫ب سراى آل ل طف ال بالزيرة‪ ،‬وك نت يؤمئذ ل أزال طال با بدر سة م مد على ال صناعية ول ي سعدن ح ظى بضور‬
‫هذا الؤت ر ح يث كا نت المتحانات على البواب‪ ،‬ولك ن ترق بت إخوان – ال سكندرية العائد ين من الؤت ر كى‬
‫يتحدثوا إلينا عن مشاهداتم‪ ،‬وقد سردوا لنا روعة هذا الؤتر الت كان من مظاهرها حرص وفود جيع القاليم على‬
‫الضور‪ .‬وقيام فرق الوالة با ستعراض قوى وإشراف ها الدق يق على تنظ يم الؤت ر‪ ،‬وخطاب ال ستاذ الر شد الذى ألقاه‬
‫ف الؤتر وكيف أن الطاب كان تطورا جديدا بل بعثا جديدا لفهوم دعوة الخوان وكشفا واضحا صريا لنهجهم‬
‫ورسالتهم ف العال السلمى أجع ‪0‬‬

‫ومن أجل ما حدث أنه بعد أن ألقى الستاذ الرشد خطابه‪ ،‬كان قد سبق واعده مطبوعا ف ملة النذير‪ ،‬فقام‬
‫الخوة بتوزي عه على الاضر ين ف الال‪ ،‬وقالوا إ نه لول مرة ي ضر مندو بو ال صحف والجلت‪ ،‬وم ا هو جد ير‬
‫بالذ كر أن ر سالة الؤت ر الا مس تع تب من أ هم الر سائل ال ت تو ضح (مبادئ الخوان وحركت هم ومنهج هم ف كل‬
‫الجالت بقوة وصراحة ووضوح وهى مرجع هام ومصدر أمي لتفهم حقيقة (حركة الخوان السلمي)‪0‬‬

‫ولقد لفت نظرى ف دعوة الستاذ الرشد العام إل الؤتر الامس أنه دعا (على باشا إسلم) وهو شخصية‬
‫كبية ومن الحبي للخوان ف مدي نة بن سويف ‪ ..‬ليقوم بإفتتاح هذا الؤتر‪ ..‬مع أن هذا الصنف نادر وجوده ف‬
‫صفوف جاعة الخوان‪ ،‬ولكن الستاذ البنا يعطى لكل موقف ما يناسبه من الرجال وما يصلح لتحقيق غاية ل يصلح‬
‫لا غيه – (والكمة ضالة الؤمن) ولا كان هذا الؤتر له أهيته الكبى فقد اختار فضيلة الرشد له مكانا يعتب أكب‬
‫دار لا شهرتا وهى سراى آل لطف ال باليزة‪ ،‬واتذ له كل تدابي الدعاية اللزمة على أوسع نطاق‪ ،‬ولا كانت‬
‫الصحافة والشعور العام ل يهتم إل بالؤترات الت يضرها العيان والوجهاء فكان لبد من أن يستعان بأحد هؤلء‬
‫الوجهاء الشهود لم بالسمعة الطيبة وحسن اللق ومبة الناس له ‪0‬‬

‫وبالفعـل صـدرت جريدة الهرام فـ اليوم التال ناشرة على إحدى صـفحاتا أخبار هذا الؤترـ وصـورة‬
‫فوتوغراف ية لعلى إ سلم با شا و هو ي طب ف الؤت ر وبذا ا ستطاع الرأى العام أن يتعرف على كل شىء من أهداف‬
‫جاعة الخوان السلمي… ورحم ال إمامنا الشهيد‪ ،‬الذى كان يعرف أقدار الرجال ويعرف لكل موقف ما يلئمه‬
‫ليصل به إل ما يقق أهداف الدعوة ف صب وحلم وأناة وإنتهى هذا الؤتر العظيم بالقرارات التية ‪:‬‬

‫أو ًل ‪ :‬يقرر الؤترون تأي يد مك تب الرشاد العام للخوان ال سلمي ف خطو ته الوف قة ويشكرون لضرات‬
‫أعضائه نوضهم بعبء الدعوة ‪0‬‬

‫ثانيا ‪ :‬الع مل علىن شر دعوة الخوان‪ ،‬كل دائرة في ما ي يط ب ا من القرى والبلدان‪ ،‬والع مل على تكو ين‬
‫الكتائب وفرق الوالة ف شعبهم ‪0‬‬

‫ثالثا ‪ :‬يقترح الؤترون على مكتب الرشاد العام السراع ف تشكيل اللجان التية ‪:‬‬
‫( أ ) ل نة د ستورية من أعضاء الما عة الخت صي لدرا سة ن صوص الد ستور ال صرى والواز نة بين ها وب ي‬
‫القواعد الساسية ف نظام الكم السلمى‪ ،‬ث العمل على لحلل النظم السلمية مل غيها ما ل يتفق معها ‪0‬‬

‫(ب) لنة قانونية للموازنة بي القانون الوضعى ف كل فروعه وبي القانون السلمى وبيان نواحى اللف‬
‫بينهما‪ ،‬ومطالبة الكومة بتعديل القانون حت يتفق مع أحكام السلم ‪0‬‬

‫(ج) ل نة علم ية لو ضع كتاب مت صر مف يد ف العقائد والعبادات والخلق والعاملت ال سلمية‪ ،‬مد عم‬
‫بالدلة من الكتاب والسنة‪ ،‬بعيد عن مناحى اللف وتشعب الراء حت يكون مرجعا للخوان ولن شاء ‪0‬‬

‫(د ) لنة فنية تكون مهمتها دراسة مشروع بناء دار لكتب الرشاد العام بالقاهرة ومعرفة ما يلزم لذلك من‬
‫‪0‬‬ ‫النواحى‬

‫(هــ) ل نة خاصـة لدرا سة قض ية طرابلس وإتاذ ما ي كن مـن الو سائل للمحاف ظة على كيان ا العر ب‬
‫والسلمى ‪0‬‬

‫رابعا ‪ :‬تية الفت الكب والجاهدين الكرام ف فلسطي الباركة وأعضاء اللجنة العربية العليا وفضلء أعضاء‬
‫الوفود ال سلمية الماد بؤت ر لندن‪ ،‬مع إر سال برق ية ل سماحة الف ت بقره بلبنان‪ ،‬ول سمو رئ يس و فد م صر بلندن‬
‫بالؤتر‪ ،‬ولوزير خارجية انلترا بتأييد الطالب العربية بناسبة إنعقاد الؤتر الامس للخوان السلمي ‪0‬‬

‫خامسا ‪ :‬مطال بة الكو مة الصرية بال سراع ف سن التشريعات اللزمة لماية الداب والخلق والعقائد‪،‬‬
‫ويقترح الؤترون على الكومـة أن تسـرع فـ تكويـن لنـة مـن علماء الزهـر ورجال المعيات السـلمية ورجال‬
‫القانون لرشادها إل ما يب أن تفعل ف هذا السبيل ف كل نواحى التربية الامة‪ .‬وتضي القواني اللزمة لذلك‬
‫فالمر ل يتمل البطاء ‪0‬‬

‫سـادسا ‪ :‬رفـع هذه القرارات وإبلغهـا إل الهات الختصـة وإذاعتهـا فـ الرائد وعلى شعـب الخوان‬
‫السلمي ف القطر وف الارج ‪0‬‬

‫‪0‬‬ ‫وقد أرسلت البقيات الشار إليها إل أصحابا‪ ،‬وأخذ الكتب يعد العدة لنفاذ هذه القرارات‬

‫الؤتر الشعب الول بالقاهرة‬

‫ب عد أن عاد ممود فه مى النقرا شى با شا ب عد إلقاء خطا به بالمع ية العموم ية لل مم التحدة‪ ،‬قام الخوان‬
‫ال سلمون بع مل مؤترات شعب ية لتأي يد الطالب الوطن ية بلء النل يز عن أرض م صر ‪ 00‬إذ كانوا قادوا الظاهرات‬
‫وأعلنوا عن يوم اللء ويوم الريق‪ :‬إذ كانوا يمعون كل الكتب والجلت النليزية ويرقونا ف اليادين العامة ف‬
‫عوا صم الحافظات‪ ،‬ك ما قاموا بتوز يع آلف من شارات اللء‪ ،‬وأنزلوا كل اللفتات الكتو بة بالل غة النليز ية من‬
‫الحال التجارية ‪0‬‬

‫وكان الؤتر الشعب الول بدينة القاهرة ف أحد أيام عيد الضحى البارك‪ ،‬حيث اجتمع له أكثر من نصف‬
‫مليون موا طن ل تت سع ل م دار الخوان ففر شت الشوارع الحي طة بيدان اللم ية الديدة بال صي‪ ،‬وخ طب ف هذا‬
‫الؤتر الستاذ احد السكرى والستاذ لويس فانوس عضو ملس الشيوخ‪ .‬وحي دعى الستاذ الرشد للقاء كلمته‬
‫قام من وسط الماهي حيث كان يلس معهم على الصي ‪0‬‬

‫وتدث حسن البنا ف هذا الؤتر ‪ ،‬فكان ما قال ‪:‬‬

‫إن نا ن ن ال صريي نطالب بلء القوات البيطان ية عن الو طن العر ب وال سلمى و ف ن فس الو قت ل نزال‬
‫نتعامل معهم وناملهم وليس هذا السلوب بخرجهم من بلدنا‪ .‬إننا ف حاجة إل شعور من البعض ينبع من قلوبنا‬
‫ومن فقه عقيدتنا… إنه ل يكن خروج العداء بالعن السياسى وحده ول الصلحة وحدها‪ ،‬ولكن لبد من عامل‬
‫العقيدة أولً‪ ،‬فلبد من أن يدفعنا إل ذلك شعور من البغض‪ ،‬وهل اليان إل الب والبغض؟ ! ولذا فأنا أقول لكم‬
‫إذا سلم عليكم إنليزى فأغسل يديك سبع مرات بالاء إحداهن بالتراب ‪0‬‬

‫ث قال ‪ :‬يب أن يعلم كل مصرى أن مصر تدين بريطانيا العظمى بوال ‪500‬مليون جنيه‪ ،‬وعلى هذا يكون‬
‫نصيب كل فرد عشرون جنيها فيجب على كل مصرى أن يطالب بقه ف هذا الدين ‪0‬‬

‫ث قال ‪ :‬ليعلم كل م صرى أن بريطان يا قد خر جت من الرب العال ية الثان ية فقية ومدي نة لم يع الدول‪،‬‬
‫وأصـبح مثلهـا الن فـ نظـر الشعوب (كخيال الآتـة) الذى يضعـه الزارعون ف وسـط الزارع ليهبوا بـه العصـافي‬
‫والطيور‪ ،‬أو مثل رجل غن أصابه الفقر وباع كل ما يلكه سوى بدلة (ريدنوت)‪ ،‬أبقى عليها وحدها ليلبسها ف‬
‫الفلت الكبى ليظن الناس حي يرج با أنه ل يزال باهه وغناه ‪0‬‬

‫وختم الستاذ الرشد خطابه فقال‪ :‬إننا يب أن نرضع أطفالنا كراهية وبغض النليز‪ ،‬وسنجعل من قنوتنا ف‬
‫الصلة (اللهم رب العالي وأمان الائفي ومذل التكبين وقاسم البارين‪ :‬تقبل دعاءنا وأجب نداءنا وأنلنا حقنا ورد‬
‫إلينا حريتنا‪ .‬اللهم إن هؤلء الظالي قد طغوا ف البلد فأكثروا فيها الفساد‪ ،‬اللهم فرق جعهم وفل حدهم وشتت‬
‫شلهم وأجعل بأسهم بينهم شديدا واهزمهم وانصرنا عليهم ) ‪0‬‬

‫‪ 00‬ث قال بكل قوة وحاس‪ :‬سوف نعلم أولدنا الرية والوطنية كما نعلمهم السورة من القرآن‪ ..‬إياك نعبد‬
‫وإياك نستعي‪ .‬إهدنا الصراط الستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غي الغضوب عليهم‪ .‬كما نعلمهم اخرجوا من‬
‫بلدنا مصر والسودان وفلسطي وسوريا ولبنان والعراق وسائر بلد السلمي ‪0‬‬
‫وضج الؤتر بالتافات الت دوت ف كل الرجاء‪ ،‬واختتم ف ساعة متأخرة من الليل وبات آلف الخوان ف‬
‫القاهرة والقاليم ف الرض الفضاء العدة لبناء دار الطباعة والنشر السلمية القابلة لسجد قيسون بشارع ممد على‬
‫‪0‬‬

‫وف أرض دار الطباعة والنشر وقف الستاذ الرشد على منصة وظل الخوان يسلمون عليه أفرادا إل قبيل‬
‫الفجر‪ ..‬ول زلت أذكر وأنا أقف ف الصف الطويل كى أسلم على فضيلته‪ :‬قول أحد الخوة وهو يسلم عليه ‪ :‬هل‬
‫تذكرن يا فضيلة الرشد؟ فنظر إليه ث قال له ‪ :‬نعم أذكرك‪ ،‬ألست فلن الذى ألقى قصيدة ف حفل طنطا مطلعها‬
‫كذا‪ .‬وك نت ق بل أن يرد عل يه ال ستاذ ف غا ية الشفاق من هذا الو قف الرج‪ ،‬ك ما ك نت غ ي م ستسيغ ل ثل هذا‬
‫ال سؤال‪ ،‬ذلك أن الستاذ الر شد كثيا ما يسلم على كل بأسه وأحيانا ي ستوقفه ليسأله عن بعض شأنه‪ ،‬والديث‬
‫يطول ف الحاطة بدة ذاكرة الستاذ الرشد الت ميزه ال با ‪0‬‬

‫و من أج ل ما كان ف هذا الؤت ر – ف خات ته – هو تول فضيل ته ب ي الخوان ولقاؤه ب م جاعات ح ت‬


‫أدركه الفجر فأدى صلة الفجر بالخوان ف جامع قيسون ث بدأت الوفود تنصرف ‪0‬‬

‫الؤتر الشعب الثان بالسكندرية‬

‫وبعد إنتهاء الؤتر الشعب الول بالقاهرة دعا الخوان السلمون بالسكندرية إل عقد مؤتر شعب‪ ،‬وقاموا‬
‫بالدعاية اللزمة‪ ،‬حت احتشد أكثر من عشرة آلف مواطن داخل الكان العد للحفل وخارجه‪ .‬كما حرص الخوان‬
‫ف هذا الؤت ر علىتوف ي كل و سائل ال من والحاف ظة على النظام‪ .‬وذه بت جوالة الخوان بال سكندرية ل ستقبال‬
‫فضيلة الر شد و صحبه حي حضورهم بالقطار ف الح طة‪ ،‬فعندما و صل القطار تعالت التافات ((بشراك يا مصر))‬
‫كل ردد الخوان ال سلمون هتاف هم ( ال أ كب ول ال مد) مدو يا ف كل الرجاء‪ ،‬ونزل من القطار الو فد الرا فق‬
‫لل ستاذ الر شد ليقول ل نا ‪ :‬إن ال ستاذ سيلتقى ب كم ف شع بة مرم بك‪ .‬وانتاب الخوان شعرو بالض يق‪ ،‬ول كن ل‬
‫يسعهم إل النصراف بنفس النظام إل الشعبة ف مظاهرة إسلمية رائعة‪ ،‬والشرطة تراقب دون أى تدخل ‪0‬‬

‫وبعد أن انصرف الخوان من مطة السكة الديد خرج الستاذ الرشد من الحطة ذاتا ف هدوء وركب‬
‫عربة (حنطور) وسار ف الطريق إل شعبة مرم بك‪ ،‬ول نلتفت لذا الوقف إل بعد أن وصلنا حيث فهمنا من ذلك‬
‫أن الستاذ الرشد ل يرغب ف هذه الصورة من الستقبالت‪ ،‬وأنه آثر أن يكون الستقبال عاديا ‪0‬‬

‫وف الساء تدث فضيلته ف الؤتر الذى حضره فيمن حضر الستاذ فؤاد سراج الدين سكرتي حزب الوفد‬
‫وآخرون‪ ،‬وكان مـن كلمـه فـ هذا الؤترـ قوله‪ :‬إن السـلم نظام شامـل كامـل‪ ،‬إذا كان بعـض السـلمي يهلون‬
‫السلم بذا الشمول‪ ،‬فإننا نعذرهم إذا صح أن الهل عذر ‪0‬‬

‫ولزلت أذكر هذا الثل الدقيق‪ ،‬الذى صور به –فضيلته‪ -‬حال الناس ف نظرهم إل السلم أجزاء وتفاريق‪..‬‬
‫قال ‪ :‬إن ن أم ثل ال سلم كهرم كبي له أرب عة أركان‪ ،‬إذا و قف أ حد أما مه ل يرى م نه إل وج ها واحدا‪ ،‬فيقول‪ :‬إن‬
‫السلم عبادة‪ ،‬ويقول آخر‪ :‬إن السلم تصوف‪ ،‬ويقول ثالث‪ :‬إن السلم معاملة‪ ،‬ويقول رابع إن السلم سياسة‪،‬‬
‫و كل من هم يتع صب ل ا رأى‪ ..‬وهكذا تعددت آراؤ هم وت صوراتم ب سب ما رأوا من أركان ال سلم والقي قة أن‬
‫ال سلم هو كل هذا الذى رأى كل من هم‪ ،‬ولكن هم لن يدركوه كامل ولن ييطوا به كله إل إذا وقفوا على ق مة‬
‫الرم‪ ،‬وساعتئذ تنكشف لم حقيقة السلم التكاملة مرة واحدة ‪0‬‬

‫وبعد أن انتهى الؤتر الذى أستمر أكثر من أربع ساعات متصلة ازدحم الناس ليسلموا على فضيلته فأقبل‬
‫عليهم بانشراح وبعد أن اتنتهى خرج إل الباب فوجد الستاذ فؤاد سراج الدين ينتظره بسيارته‪ ،‬فلما دعاه ليكب‬
‫معه شكره واعتذر له حيب أن شعبة مرم بك على مقربة من الكان ‪0‬‬

‫ولا ذهب فضيلته إل شعبة مرم بك وقف الخوان من حوله يسلمون عليه‪ ،‬وقد لحظت أن بعض الخوة‬
‫يعودون مرة أخرى لل سلم‪ ،‬وطل بت من الخوان أن يت صرفوا ح ت يعطوا لفضيلة الر شد فر صة للرا حة‪ ،‬فان صرف‬
‫الخوان ‪0‬‬

‫وح ي ذهب نا إل منل الهندس م مد القراق صى لل مبيت عنده طلب ن ال ستاذ و سألن ف عتاب‪ :‬لاذا أمرت‬
‫الخوان ف شعبة مرم بك بالنصراف؟ فقلت ‪ :‬لنن اشفقت على فضيلتكم من التعب والرهاق‪ .‬فقال ‪ :‬ومن قال‬
‫إتن متعب‪ .‬قلت‪ :‬السفر طويل والؤتر الذى استمر أكثر من أربع ساعات ث إن بعض الخوان يسلمون عليك أكثر‬
‫من مرة‪ ،‬ولكن يبدو أنك ل تفهم ‪ 00‬إن سعادتى ل تقدر حي أضع يدى ف يد إخوان‪ ..‬إنا روح وحياة وسعادة‬
‫تسح التعب والل والرهاق‪ .‬فأطرقت خجل وبدأت أفهم بل أتذوق ‪0‬‬

‫وحيـ جاء موعـد تناول طعام العشاء‪ ،‬جل سنا على الائدة وكان فضيلتـه يقوم بنف سه بتوز يع الطعام علي نا‪،‬‬
‫ويرغبنا ف الصناف الوجودة‪ ،‬ويتناول معنا الحاديث الت تدخل علينا السرور… ‪ 0000‬ذلك أنه كان يتلطف معنا‬
‫بصورة ترفع كل التكلف وتشعرنا بالب والخوة الصادقة‪ ،‬حيث يشعر كل واحد منا بأنه أقرب إل قلبه من غيه ‪0‬‬

‫‪0‬‬ ‫وف صباح اليوم التال غادر السكندرية ف أمان ال إى دمنهور حيث دعى لصلة المعة ف مسجد الزرقا‬

‫‪0‬‬ ‫إجتماع رؤساء الناطق والشعب ومراكز الهاد‬

‫دعا الركز العام للخوان السلمي رؤساء الناطق والشعب ومراكز الهاد ف جيع أناء الملكة الصرية إل‬
‫الجتماع ف اليوم الثا ن من ع يد الف طر ‪ 2‬من شوال ‪ 1364‬الوا فق ‪ 8‬من سبتمب ‪ 1945‬للن ظر ف مو قف الخوان من‬
‫القوق والوطنية ف ذه الونة ‪0‬‬

‫و قد ل ب الدعوى ألفان وخ سمائة ع ضو يثلون فروع اليئة ودام الجتماع برئا سة فضيلة ال ستاذ ((ح سن‬
‫الب نا)) الر شد العام حوال أر بع ساعات تناولوا ف يه الب حث ف مو قف الما عة من القوق الوطن ية‪ ،‬ك ما تناولوا‬
‫موضوع القانون ر قم ‪ 49‬ل سنة ‪ ) ( 1945‬الذى أ صدرته وزارة الشئون الجتماع ية الاص بالمعيات وب عد مناقشات‬
‫‪1‬‬

‫أصدروا القرارات التية ‪:‬‬

‫يقرر الجتمعون بإعتبارهم المعية العمومية للخوان السلمون الت تثل مناطقهم وشعبهم ف الملكة الصرية‬
‫ما يأتى ‪:‬‬

‫أولً – فيما يتعلق بوقف الخوان السلمي بناسبة صدور القانون رم ‪ 49‬لسنة ‪ 1945‬الاص بتنظيم المعيات‬
‫اليية والؤسسات الجتماعية ‪0‬‬

‫إن جا عة الخوان ال سلمي هيئة إ سلمية جام عة تع مل لتحق يق القا صد والغراض ال ت جاء ب ا ال سلم‬
‫النيف ومنها ‪:‬‬

‫‪-1‬الغرض العل مى‪ :‬و هو شرح دعوة القرآن الكر ي شرحا دقيقا‪ ،‬وعرض ها عرضا يوا فق روح‬
‫العصر ويرد عنها الباطيل والشبهات ‪0‬‬

‫‪-2‬الغرض العلمى‪ :‬وهو جع كلمة المة الصرية والمم السلمية عامة على هذه البادئ احت‬
‫يتكون رأى إسلمى عام يعمل على نصرتا وتقيقها ‪0‬‬

‫‪-3‬الغرض القتصادى‪ :‬وهو يرمى إل تنمية الثروة القومية من زراعية وصناعية وتارية ويعمل‬
‫على تريرها وحايتها ‪0‬‬

‫‪-4‬الغرض الجتماعى ‪ :‬وهو يقق رفع مستوى العيشة وكفالة التوازن الجتماعى بي الفراد‬
‫والطبقات وضمان تكافؤ الفرص للجميع بكافحة الرض والفقر والهل والرذيلة وتشجيع‬
‫أعمال الب ‪0‬‬

‫‪-5‬الغرض الوط ن القو مى‪ :‬و هو تر ير وادى الن يل‪ ،‬وال ساهة ف الع مل على ا ستقلل البلد‬
‫العرب ية والشعوب ال سلمية من كل سلطان أج نب‪ ،‬وا ستنقاذ القليات ال سلمية ف كل‬
‫مكان ومساعدتا إل الوصول إل حقها وتأييد الوحدة العربية والسي إل الامعة السلمية‬
‫‪0‬‬

‫‪-6‬الغرض العال ى ‪ :‬و هو الشار كة ف بناء ال سلم العال ى على قوا عد من الخوة الن سانية‬
‫والعدالة الدول ية‪ ،‬وتل ية مبادئ ال سلم العال ية ال ت ت قق هذه القوا عد ليقوم النظام العال ى‬
‫على أساس جديد من تآزر الادة والروح ‪0‬‬

‫انظر قصة هذا القانون كاملة فى كتاب ((الخوان المسلمون‪ ..‬أحداث صنعت التاريخ)) للستاذ محمود عبد الحليم الجزء الثانى الصفحات من ‪ 175‬إلى‬ ‫‪1‬‬

‫‪( 199‬من منشورات دار الدعوة باسكندرية) ‪0‬‬


‫ووافق الجتمعون على التعديل العروض للقانون العام وفقا لذه الغراض‬

‫ثانيا ‪ - :‬فيما يتعلق بوقف اليئة من القوق الوطنية فقد قرر الجتمعون ما يأتى ‪:‬‬

‫‪ -1‬من حق م صر أن تنال حقوق ها الوطن ية و من وا جب بريطان يا وال مم التحدة أن‬


‫تعترف لا بذلك‪ ،‬وف مقدمة هذه القوق ‪:‬‬

‫( أ ) جلء القوات الجنبية جيعا عن أرض وادى النيل فورا‬


‫‪0‬‬

‫(ب) حل مسألة السودان حل سريعا على أساس أن مصر والسودان وطن واحد للسودان ما للمصرى من‬
‫حقوق وعليه ما عليه من واجبات ‪0‬‬

‫(ج) قناة السويس أرض مصرية تقوم مصر وحدها براستها وحايتها وتنظيم شئونا ‪0‬‬

‫(د ) ر فع ج يع القيود القت صادية والتجار ية والال ية والنقد ية ال ت قبلت ها م صر م ساهة من ها ف الجهود‬
‫الرب( )‪ .‬واستيفاء ديون الرصدة السترلينية والديون الخرى الت لصر على انلترا ‪0‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-2‬مطالبـة المـم التحدة – تطبيقـا ليثاق الطلنطـى الذى أعلنتـه – أن تعترف بقـ‬
‫الو طن العر ب وال سلمى ف الر ية وال ستقلل‪ .‬وإ ستنكار كان ت صريح أو رأى‬
‫ير مى إل انتقاض حقوق هذه ال مم وتشج يع ال ستعمار الظال على التد خل ف‬
‫شئونا ‪0‬‬

‫ـز هذه‬
‫ـب اليئات والحزاب والماعات أن تنتهـ‬ ‫ـن واجـ‬ ‫‪-3‬يرى الجتمعون أن مـ‬
‫الفر صة ال ت إن فا تت فل تعوض‪ ،‬للع مل متمع ي أو منفرد ين على هذه الهداف‬
‫بو سائل يت فق علي ها‪ .‬وعلى الر كز العام للخوان ال سلمي أن يؤلف لنةتذكر هم‬
‫بواجبهم وتدعوهم إل القيام به إبراء للذمة وإعذارا إل ال والناس ‪0‬‬

‫‪-4‬على الركـز العام للخوان السـلمي أن يقوم بواجبـه كامل فـ هذه السـاعات‬
‫الفاصلة بأن يعمل بكل الوسائل لتحقيق هذه الغايات ومن ذلك ‪:‬‬

‫( أ ) إذاعة البيانات والنشرات‬


‫‪0‬‬

‫(ب) عقد الؤترات ف عواصم الحافظات والديريات والدن الامة ‪0‬‬

‫(ج) الدعوة لعقد مؤتر عرب إسلمى ف إحدى عواصم القطار العربية لتن سيق خطة العمل الشترك بي‬
‫الشعوب العرب ية وال سلمية والبدء ف ذلك م نذ الن بإر سال مندوب ي من الر كز العام للخوان ال سلمي‬
‫للتفاهم على ذلك مع اليئات الوطنية والسلمية الختلفة ف هذه البلد ‪0‬‬

‫فى الحرب العالمية الثانية‪ ،‬فقد كانت مصر حليفة لبريطانيا فى هذا الوقت ‪0‬‬ ‫‪1‬‬
‫(د ) إرسال الوفود والبعثات إل عواصم الدول الكبى لبث الدعوة وتنوير الشعوب والكومات ف القضية‬
‫الوطنية والسلمية ‪0‬‬

‫‪-5‬إن مصر‪ ،‬والمم العربية والسلمية – وهى ترى من واجبها أن تساهم ف المن‬
‫العالىـ وفـ بناء الضارة الديدة على أسـاس العدالة والسـاواة ل تعـد غافلة ول‬
‫له ية ع ما يدور حول ا من أحداث ج سام وإتفاقات ومؤترات تتناول م صالها‬
‫الوهرية وحقوقها الطبيعية‪ .‬وإن من حق أية دولة أن تثل ف أى اجتماع يتصل‬
‫بذا القوق والصـال فإذا ل تدرك المـم الكـبى هذه القائق فإن الجتمعيـ –‬
‫و هم الري صون على إ ستقرار الطمأني نة وال سلم – يدركون أن الش عب ال صرى‬
‫والشعوب العربية والسلمية ستضطر اضطرارا إل الوقوف من الدول العتدية ف‬
‫الارج والكومات غيـ الوطنيـة التـ تصـادقها فـ الداخـل موقفـا ل يعيـ على‬
‫التعاون العالى النشود الذى هو أمنية الميع ‪0‬‬

‫‪ -6‬با أن العال الن تتقاذفه عدة تيارات فكرية ونفسانية‪ ،‬وبا أن الشعور العالى قد‬
‫تيأ للرجوع إل الدوء الروحى وبا أن كلمة الدول الكبى قد اجتمعت على أن‬
‫من حق كل أمة أن تضع نظامها الداخلى كما تريد‪ ،‬وبا أن الفكرة السلمية قد‬
‫ظفرت بالتقدير الكامل ف مؤتر لهاى سنة ‪ 1938‬وف مؤتر واشنطون سنة ‪1942‬‬

‫وبا أنا ف حقيقتها أكمل نظام إجتماعى للمسلم وغي السلم عرفته النسانية بوما‬
‫أن الدستور الصرى ينص ف الادة ‪ 149‬على أن (السلم دين الدولة واللغة العربية‬
‫لغتها الرسية) فإ من واجب الكومة الصرية كائنة ما كانت أن تعمل على تقيق‬
‫ذلك عمليا وأن يكون من مظاهر ذلك ‪:‬‬

‫‪0‬‬ ‫( أ ) أن تعلن أنا حكومة إسلمية تلتزم أحكام السلم وتدعو إليه وتثل فكرته دوليا‬
‫(ب) أن تترم فرائضه وتقاليده رسيا وتلزم با موظفيها وعمالا السلمي ‪0‬‬

‫(ج) أن ترم النكرات الت يرمها السلم من المر وما يتصل با والزنا وما يهد له والربا وما يحقه من‬
‫قمار وكسب حرام ‪0‬‬

‫(د) أن ي ستند التعل يم على الترب ية ال سلمية وي قق ف نفوس التعلم ي فضائل ال سلم العل يا ويثقف هم ف‬
‫أحكامه ‪0‬‬

‫(هـ) أن يستند التعليم على التربية السلمية ويقق ف نفوس التعلمي فضائل السلم العليا ويثقفهم ف‬
‫أحكامه ‪0‬‬

‫( و) أن تصدر الكومة عن هذا التوجيه السلمى ف كل تصرفاتا العامة والاصة ‪0‬‬


‫‪-7‬يرفـع الركـز العام هذه القرارات إل الهات الرسـية وإل مثلى الدول العربيـة‬
‫والسلمية والجنبية وتنشر ف الصحف ويصدر با عدد خاص من ملة الخوان‬
‫السلمي ‪0‬‬

‫حسن البنا ‪ 000‬يشرح مراحل دعوته‬

‫عدنـا بعـد حفـل الشاى الذى أقامـه الخوان لرجال الفكـر والامعـة بالسـكندرية فـ نادى حديقـة‬
‫((انطونيادس))( ) إل دار شع بة الخوان بحرم بك وكا نت نوع ية ال ستمعي تتلف عن نوع ية ال ستمعي ف ح فل‬ ‫‪1‬‬

‫الشاى‪ ،‬فأختلف أ سلوب الدعوة والداع ية‪ ..‬ف فى هذه الرة أ خذ ال ستاذ الب نا يشرح دعو ته‪ ،‬ومراحل ها م ستخدما‬
‫أسلوب التشبيه وضرب المثال‪ ،‬هذا السلوب الذى يىء ف القرآن الكري بتصويره الفن للتوضيح والبانة وإقامة‬
‫الدليل‪ ،‬فلو قرأت قوله تعال ‪(( :‬أل تر كيف ضرب ال مثل كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها ف السماء‬
‫تؤ تى أكل ها كل ح ي بإذن رب ا‪ ،‬ويضرب ال المثال للناس لعل هم يتذكرون‪ ،‬وم ثل كل مة خبي ثة اجت ثت من فوق‬
‫الرض ما ل ا من قرار)( ) تل حظ أ سلوبا رائ عا ف الت صوير الف ن وإبراز الكل مة الطي بة ف أج ل بشجرة مقطو عة ل‬
‫‪2‬‬

‫تستقر ف مكانا ‪0‬‬

‫‪ 000‬ذكر فضيلته أن وزيرا حدثه فقال ‪ :‬أنت يا فضيلة الرشد مثلك ف هذه الدعوة كرجل ورث مع أهله‬
‫قصرا فخما كبيا مضى عليه أكثر من ألف عام ‪ ،‬وهذا القصر بدأ يتهدم وكاد يسقط‪ .‬فرأيت أن تمع الورثة جيعا‬
‫وتشاورهم ف أمر إصلح هذا القصر وترميمه قبل أن يسقط‪ .‬ولكن الميع رفضوا ذلك‪ ،‬فبعضهم إحتج بأن القصر‬
‫ل مالة سيسقط وأن إ صلحه ع بث ل طائل من ورائه‪ .‬وبعض هم اعتذر عن أ نه ل ي عد له أ مل ف هذه الياة ف قد‬
‫قارب الوت‪ .‬وبعضهم احتج بضيق ذات يده‪ ..‬وهكذا تعلل الميع بالعاذير‬

‫‪ 00‬ومضى فضيلته ف سرد القصة‪:‬‬

‫ولقد كنت مقدرا لو تعاون معى الورثة تعاونا وثيقا‪ ،‬فإنه ف المكان أن نتصر الوقت ف إصلح هذا القصر‬
‫ح ت ي تم ذلك في ما ل يزد عن عشر ين عا ما‪ .‬فل ما ر فض الور ثة التعاون م عى رأ يت أن ل أتلى عن وا جب الوفاء‬
‫لنقاذ هذا القصر‪ ،‬وقلت ف نفسى الهم هو الوصول إل الصلح كطال الزمن أم قصر‪ ،‬ومضيت ف العمل مستعينا‬
‫بال تعال‪ .‬وبدأت أحيط هذا القصر بسور عال كما يفعل ف تديد العمارات اليلة للسقوط‪ ..‬وحجبت القصر عن‬
‫الع ي تا ما‪ .‬وأخذت أجوب البلد وأتدث مع العباد وأب ن لب نة ح ت إذا أطمأن نت إل سلمة الق صر وقوة بنيا نه‬
‫رفعت هذا السور‪ ،‬ففوجئ الناس بذا القصر قويا جديدا ودهشوا مت وكيف ت ذلك؟! ث أشاعوا من أين الال ومن‬
‫أين الرجال؟! ‪ 00‬ولكن كل ذلك حدث بعد فوات الوان‪ ،‬وبعد أن ظهر القصر قويا شاما ‪0‬‬

‫انظر ‪ :‬موضوع ((حسن البنا‪ ..‬ورجال الفكر والثقتافة)) فى هذا الكتاب ‪0‬‬ ‫‪1‬‬

‫سورة إبراهيم ‪0 24 :‬‬ ‫‪2‬‬


‫رأينا ف الثال السابق كيف شبه المام البنا الدعوة يوم قيامه با بقصر متداع تلى عنه أصحابه فحمل هو‬
‫عبء الصلح‪ ،‬كما رأينا كيف أشار إل مراحل دعوته الت بدأها باتصالت وماولت لفز هم رجالت المة‬
‫وهيئاتا للعمل على إعادة كيان المة السلمية واستئناف دورها الضارى ‪ 0‬ولكن كانت نتيجة هذه الحاولت هى‬
‫هذه التعلت والعاذ ير ال ت ك شف عن ها فضيل ته ف مثاله الذى ضر به‪ ،‬وي كن الرجوع إل تف صيل ذلك ف كتا به‪-‬‬
‫((مذكرات الدعوة والداعية))‪0‬‬

‫‪ 000‬ل قد نشأت دعوة الخوان ال سلمي ف نا ية العشرينات وتبلورت أهدجاف ها أول ما تبلورت ف ن فس‬
‫المام الشهيد‪ ،‬وقد أجع الذين عاصروه والذين كتبوا عنه من معارضيه ومؤيديه أنه كان داعية متمكنا من دعوته‬
‫فاها لضمونا الجتماعى والركى مدركا لا ييط با وما ستواجهه من أخطار وما يب عليه أن يققه من أهداف‪.‬‬
‫وايان الداعية بدعوته وتكنه منها هو أول بوادر النجاح والنصر لا‪ ،‬لذا حرص البنا من أول يوم ف دعوته أن يدد‬
‫ال سس العقائد ية والرك ية ل ا تديدا واض حا ل ل بس ف يه ول غموض‪ ،‬ول كن التكت يك الر كى كان يق ضى بأن ل‬
‫يوضح مراحل دعوته ومعال طريقها بشكل كامل منذ اليوم الول لنطلقته‪ ،‬ولذا ل يفصح البنا عن جيع أهداف‬
‫دعوة الخوان ووسائلها جلة واحدة فيلفت إليها أنظار العداء التربصي با فيضربونا قبل أن يشتد عودها ويكثر‬
‫أتباعها‪ ،‬ولذا كانت مططات الدعوة واضحة بالنسبة للبنا وضوح الشمس ف رابعة النهار كما كانت مراحلها مددة‬
‫ومتكاملة ف نفسه‪ ،‬إل أنه كان يفصح عنها الاصة إخوانه بي الفينة والخرى أما بقية الناس فكانوا ل يعرفون عن‬
‫أهداف الدعوة ووسائلها إل الهداف والوسائل الرحلية النية الت كان يعلن عنها ف أحاديثه وخطبه للناس كافة‪،‬‬
‫والذى يراجع كتابات البنا يرى أن التسلسل التاريى لا كان يدم الهدافن الرحلية الت حددت مرحلة من مراحل‬
‫ال سية العا مة لدعو ته‪ ،‬ولعدم وضوح هذه الفكرة ف نفوس الكثي ين أخذوا يتهمون هذه الدعوة بأن ا ل ت قم على‬
‫أسس عقائدية أو حركية وإنا قامت على شعارات عاطفية وخطب نارية ومقالت وكتب يطغى عليها هذا الطابع‪،‬‬
‫والذى يرا جع ر سائل المام الشه يد يرى أن دعوة الخوان قا مت على أ سس ثاب تة لتحق يق أهداف مدودة بو سائلن‬
‫مشروعة ومعروفة وأنه يؤكد على أسلوب ((التدرج ف الطوات))( ) للوصول بالدعوة إل أهدافها ‪0‬‬
‫‪1‬‬

‫والقي قة أن هذه الدعوة بق يت مهولة بالن سبة للعداء‪ ،‬إذ كانوا يعدون ا واحدة من الركات ال صوفية أو‬
‫جع ية دين ية تقليد ية من المعيات ال ت كا نت منتشرة ف م صر آنذاك‪ ،‬ول ي كن هدف الدعوة ف مرحلة التعر يف‬
‫والتربية هذه تميع أكب عدد من الفراد الذين يرتفع الد العاطفى ف نفوسهم بدرجة كافية‪ ،‬ولكن كان الدف هو‬
‫اختيار النصار الذين يصلحون لمل أعباء هذه الدعوة لتكوين القاعدة القوية السليمة منهم كجزء من مطط الدعوة‬
‫الشامـل الذى يهدف إل إياد جيـل مـن الؤمنيـ الفاهيـ لتعاليـم السـلم والذى يكون الطليعـة الؤمنـة التـ تقود‬
‫السلمي لقامة حكم ال ف الرض ‪0‬‬

‫وبق يت دعوة الخوان مهولة بالن سبة للعداء ول تبز كقوة تدد أطماع ال ستعمرين وتعر قل مططات م إل‬
‫حين ما أف صح الب نا عن أهداف هذه الدعوة ف ((الؤت ر الا مس)) لقادة الخوان الذى ع قد عام ‪ 1939‬ح يث أعلن‬
‫انظر رسالة ((المؤتمر الخامس))‪0‬‬ ‫‪1‬‬
‫موقف الخوان من الستعمرين غربيي وشرقيي‪ ،‬وموقفهم من الدعوات الاضرة كالقومية والوطنية‪ ،‬وموقفهم من‬
‫الحزاب واليئات وأنظ مة ال كم القائ مة ف م صر والعال العر ب‪ .‬وم نذ ذلك ال ي أ خذ العداء يعدون الخططات‬
‫لضرب هذه الدعوة‪ .‬وعلى أثـر إشتراك الخوان فـ الرب الفلسـطينية عام ‪ ،1947‬ظهروا كأكـب حركـة شعبيـة‬
‫إلسلمية ف مصر والعال السلمى‪ ،‬ولكن مع ازدياد قوة الخوان شعبيا وحركيا ازداد إهتمام العداء بم وأخذوا‬
‫ينظرون إليهم على أنم العدو الوحيد الذى يتهدد مطامعهم‪ ،‬ولذا قرروا القضاء عليهم مهما كلفهم ذلك من ثن‪،‬‬
‫وم نذ عام ‪ 1948‬بدأت مرحلة جديدة ف م سية هذه الدعوة ‪ 00‬مرحلة البتلء والح نة‪ ،‬وبدأت ترى علي هم سنة ال‬
‫ف – تح يص أ صحاب الدعوات‪ .‬وتوالت ال حن ح ت الن وكان م كر العداء عات يا ول كن ال كان خ ي الاكر ين‪،‬‬
‫فإزدادت الدعوة حت شل نورها كل قارات الدنيا وإزدادت عمقا ف نفوس أصحابا‪ ..‬وال غالب على أمره ولكن‬
‫أكثر الناس ل يعلمون ‪0‬‬

‫حسن البنا ‪ 0000‬والتعجلون‬

‫ق بل أن أذ هب إل القاهرة لول مرة ‪ 000‬ك نت أطالع ف ملة النذ ير ل سان حال الخوان ال سلمي مقالت‬
‫كثية ت ت عنوان ( يا شباب سيدنا م مد)‪ ،‬وكان هذا ال ستفتاح ملف تا للن ظر ح يث أ نه يتكرر – وأخيا و صل إل‬
‫علم نا ون ن ف ال سكندرية أن هناك ممو عة من شباب الخوان التح مس قد اختلف مع ال ستاذ الب نا حول ب عض‬
‫المور‪ :‬من ها تع جل موا قف ق بل أوانن ها وق بل أن تث بت الدعوة أركان ا وتتع مق روح ها ف قلوب الناس ‪ 00‬وعقدت‬
‫جلسات كثية معهم لتصفية هذا اللف ولكن الشباب أصر على موقفه – ‪ -‬ما دعا الستاذ الرشد إل الستجابة‬
‫لنسحابم من جاعة الخوان السلمي وتنازل لم عن ملة النذير وما بقى من مال ف صندوق الماعة ‪0‬‬

‫وبالرجوع إل ر سالة الؤت ر الا سم نقرأ في ها ما يش ي إل مقدمات هذا اللف ف قد جالء ف فقرة ت ت‬
‫عنوان (مصارحة) ما يلى ‪:‬‬

‫أيها الخوان السلمون وباصة التحمسون التعجلون منكم ‪:‬‬

‫اسعوها من كلمة عالية داوية من فوق هذا النب ف مؤتركم هذا الامع إن طريقكم هذا مرسومة خطواته‬
‫موضو عة حدوده‪ .‬ول ست مال فا هذه الدود ال ت اقتن عت كل القتناع بأن ا ا سلم طر يق للو صول‪ ،‬أ جل قد تكون‬
‫طريقا طويلة ولكن ليس هناك غيها – وإنا تظهر الرجولة بالصب والثابرة والد والعمل الدائب‪ ،‬فمن أراد منكم أن‬
‫يستعجل ثرة قبل نضجها أو يقتطف زهرة قبل أوانا فلست معه ف ذلك بال‪ ،‬وخي له أن ينصرف عن هذه الدعوة‬
‫إل غيها من الدعوات‪ ،‬ومن صب معى حت تنمو البذرة وتنبت الشجرة وتصلح الثمرة ويي القطاف فأجره ف ذلك‬
‫على ال‪ ،‬ولن يفوتنا وإياه أجر الحسني‪ :‬إما النصر والسيادة‪ ،‬وإما الشهادة والسعادة))‪0‬‬
‫وتفا صيل هذه الق صة ل أعرف عن ها شيئا ( ) سوى أن ن قد عثرت على الوثائق ال ت تو ضح ن قط اللف‬
‫‪1‬‬

‫بينهم وبي الستاذ الرشد ‪0‬‬

‫‪0‬‬ ‫وقد خرجت هذه الجموعة وأطلقوا على أنفسهم (جاعة شباب سيدنا ممد) صلى ال عليه وسلم‬

‫وهذه هى الوثي قة الول ال ت صدرت ف أول الحرم سنة ‪ 1359‬الوا فق ‪ 9‬فباير ‪ – 1940‬ف العدد الول من‬
‫السنة الثالثة ف ملة النذير (لسان حال شباب ممد)‪ 00‬تت عنوان ‪:‬‬

‫غضبة ف سبيل ال !!‬

‫ب سم ال الرح ن الرح يم الذى بيده اللك و هو ل كل شىء قد ير وبأن با سم الرع يم الع ظم م مد سيد ال نبياء‬
‫والر سلي نتقدم إل إخوان نا ف ال معلن ي ت ت را ية القرآن الكر ي مدار اللف الذى ا ستعر بينناب وب ي الخوان‬
‫السلمي مسائل جوهرية تص صميم الدعوة الت بايعنا ال على أن نعمل ف ميدانا ف غر هوادة أو ضعف أو لي‬
‫مشهدين ال على ما نقول وهو نعم الول ونعم النصي ‪0‬‬

‫وإل إخوان نا ف ال ن سرد بإياز أو جه اللف بين نا وبين هم مذكر ين من عرفوا الدعوة وآمنوا ب ا بأن ا ل‬
‫تنحصر ف مكان ول تتوقف على شخص ولكنها دعوة الق‪ ،‬دعوة إلها واحدة وزعيمها واحد خات النبياء ممد‬
‫صلوات ال وسلمه عليه وهى مفروضة على كل مؤمن ‪0‬‬

‫أوجه اللف‬
‫(‪ )1‬الشورى‬
‫يرى فضيلة الرشد العام للخوان السلمي أنه ل شورى ف الدعوة‪ ،‬وأن الدعوة إنا ينهض با فرد واحد له‬
‫أن يأمر وعلى الميع أن يطيع‪ .‬وقد خالفناه ف هذا الرأى‪ .‬واصرررنا على موقفنا لن ف رأى فضيلته مالفة للنظام‬
‫السياسى للسلم وتديا لصدريه العظيمي الكتاب والسنة ((فبما رحة من ال لنت لم ولو كنت فظا غليظ القلب‬
‫ل نفضوا من حولك‪ ،‬فاعف عنهم واستغفر لم وشاورهم ف المر))‪(( .‬وأمرهم شورى بينهم))‪0‬‬

‫حاول نا أن نتفا هم مع فضيل ته كثيا فأ ب إل أن يكون را ية الف صل ولو كان ف ذلك إق صاء للمخل صي من‬
‫الخوان السلمي‪ .‬ث عاد إل التعلل أخيا بأنه ل يد ف الخوان من هو أهل للشورى وهذا ما ل نقره عليه ‪0‬‬

‫(‪ )2‬العمل تت لواء الاكمي بغي ما أنزل ال‬

‫من مبادئ الخوان السلمي ان ل ناح للدعوة إل بقوة الشعب الذاتية وتوجيه الرأى العام توجيها إسلميا‬
‫خالصـا دون العتماد على الكام ولكـن السـتاذ حاد عـن هذا البدأ القويـ معلنـا أن ناح الدعوة مرهون بإرضاء‬
‫انظر تفاصيل هذه الفتنة فى كتاب ((الخوان المسلمون‪ ..‬أحداث صنعت التاريخ ))للستاذ محمود عبد الحليم‪ ،‬الجزء الول الصفحات من ‪ 200‬إلى‬ ‫‪1‬‬

‫‪ – 213‬نشر دار الدعوة باسكندرية ‪0‬‬


‫الكام والعمل تت الويتهم الزبية وأخذ يسلك سبل متفرقة ما بايعنا ال عليها ((وان هذا صراطى مستقيما فاتبعون‬
‫ول تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله)) متناسيا إل أمل للسلم فيهم وانم يكمون بغي ما أنزل ال – وال تعال‬
‫يقول ((ومـن ل يكـم باـ أنزل ال فأولئك هـم الكافرون – الظالون الفاسـقون))‪(( .‬ول تركنوا إل الذيـن ظلموا‬
‫فتمسكم النار وما لكم من دون ال من أولياء ث ل تتنصرون))‪(( .‬وايبتغون عندهم العزة‪ ،‬فإن العزة ل جيعا))‪0‬‬

‫عارضنا هذا بكل قوة مرددين أقوال فضيلته بأننا إسلميون غي حزبيي واننا نعمل ل ولرسوله ل لزعيم ول‬
‫لزب مدعمي هذا بطبه ف الناسبات الكثية وبقالته ف صحف الخوان ‪0‬‬

‫فأب إل العمل براية واصر على الضى فيه ((افحكم الاهلية يبغون ومن أحسن من ال حكما لقوم يوقنون))‬
‫‪0‬‬

‫(‪ )3‬التلعب الال‬

‫طلبنا من فضيلته تكوين هيئة قوية لراقبة الال والحافظة عليه لتكون مسئولة أمام الخوان السلمي فأعرض‬
‫فضيلته واصم اذنيه عن هذا القول الذى نعده طلبا عادل يتفق مع ابسط مبادئ الدارة ‪0‬‬

‫وكان من نتيجة عدم الخذ بذا الرأى أن انفقت اموال كثية ل نقول ف أغراض شخصية ولكن على القل‬
‫ف غي الغراض الت جعت من أجلها ‪0‬‬

‫فأو ًل ‪ :‬على سبيل الثال‪ :‬قد ج ع ف عام ‪ 1939‬أك ثر من ‪300‬جن يه م صرى قي مة اشتراكات سهم الدعوة‪،‬‬
‫وكان الواجب أن يكون نصف هذا البلغ على القل باقيا ف خزانة الماعة حسب القانون الال لذا السهم‪ ،‬ولكن‬
‫بكل اسف ل يوجد مليم واحد من هذا البلغ ف خزانة الخوان ‪0‬‬

‫ثانيا‪ :‬على سبيل الثال أيضا قد جع ف خلل عام أو أكثر على سبيل الكتتاب من الشعب مبالغ لساعدة‬
‫فلسطي الشقيقة ف منتها الت تتازها وبلغ مموع هذه الكتتابات حسب بيان الستاذ الخي مبلغ ‪570‬جنيها مصريا‬
‫‪0‬‬

‫وما ل شك فيه أن هذا البلغ يعتب أمانة ف ذمة الخوان فرض عليهم أن يؤدوها لصحابا بجرد وصولا إل‬
‫‪0‬‬ ‫أيديهم‬

‫ومع ذلك فلم ي صل لفل سطي من هذا البلغ سوى ‪465‬جنيها على ثلث دفعات أما با قى البلغ ف قد اعترف‬
‫الستاذ ان جزءا كبيا منه انفق ف شئون المعية الاصة‪ ،‬ول يرى فضيلته ف ذلك مانعا شرعيا ‪0‬‬

‫ث عاد وقال بعد أن سع من احد الخوان حكم الشرع ف هذا أنه مستعد لمع هذا البلغ وإرساله والهم أنه‬
‫ل يوجد كذلك بزانة المعية مليم واحد من هذا البلغ أيضا‪0‬‬
‫(‪ )4‬تطهي الدعوة‬

‫الفنـا على فضيله ورجوناه غيـ مرة أن يرص على طهارة الدعوة باقصـاء كـل العضاء الذيـن تشوب اخلقهـم‬
‫الشوائب ليسلم هذا البناء الذى كنا وما زلنا نفديه بأنفسنا وحت يسمو عن الظان والشبهات وكان من بي هؤلء‬
‫العضاء اشخاص اعترف فضيل ته ف احاد يث متعددة ب عد أن تبي تقيقات اجرا ها بنف سه بأن ف وجود هم أضرارا‬
‫ب سمعة الدعوة من الناح ية اللق ية‪ .‬ولك نه أ صر على إبقائ هم فضل عن أ نه ا سند إلي هم اعمال رئي سية وأ خذ يش يد‬
‫بذكرهم ف رحلته إل الصعيد وغيه ‪0‬‬

‫وأخيا‬

‫‪0‬‬ ‫على هذا اختلفنا وكان موقفنا واضحا جليا ل غموض فيه‬

‫وكان اختلف نا على البادئ العا مة فلم نل جأ إل دعا ية شخ صية ول إل أ ساليب كلم ية متخذ ين من م مد‬
‫صلوات ال وسلمه عليه إماما ومن كتاب ال الكري منهاجا ‪0‬‬

‫هوجنا أشد الهاجة وعودينا أشد العاداة فلم نقابل العدوان بثله بل كنا نردد قوله تعال ((وإذا سعوا اللغو‬
‫أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلم عليكم ل نبتغى الاهلي))‪0‬‬

‫غي أن هذا الوقف الادئ نفسه ل يعجب فضيلة الستاذ‪ .‬فقد اعلن وقد راعه تأييد الخوان السلمي التوال‬
‫لوقفنا بأنه ل يستطيع العمل معنا على هذ السس الت نتمسك با بق كل الستمساك ويأب بكل قوة أن يب على‬
‫أى واحد منها ولذلك فقد اعلن فصلنا من جاعة الخوان السلمي ‪0‬‬

‫ولا كنا قد عاهدنا ال تعال على أن نظل طوال حياتنا جنودا للسلم ناهد ف سبيله ((حت ل تكون فتنة‬
‫ويكون الدين كله ل)) عاملي تت راية القرآن متأسي بالزعيم الول سيد النبياء‪ ،‬واشرف الرسلي ممد بن عبد‬
‫ال عليه أفضل الصلة والسلم ‪0‬‬

‫ولا كان الهاد ف سبيل ال والعمل تت راية رسوله ل يتقيد بأمكنة ول أشخاص فقد عزمنا على السي ف‬
‫طريقنا مستعيني بال مقتدين بسية سيد النبياء معتمدين على أنفسنا وروضها على العمل لتحقيق الثل العليا الت‬
‫نؤمن با‪ ( .‬ولينصرن ال من ينصره إن ال لقوى عزيز) (إن تنصروا ال ينصركم ويثبت أقدامكم)‪0‬‬

‫ونن إذ نسي ف طريقنا ف عزم وقوة مزودين بأعمق اليان رائدنا الخلص ووجهتنا ال‪ ،‬نرحب بجهود‬
‫كل شاب مؤمن يدين بذه الغاية النبيلة مقبلي علىتلك اليادين الت تعرفونا‪.‬‬

‫أيها السلمون البرار – ميادين الهاد والتضحية مترسي خطى الجاهدين والنصار الذين صدقوا ما عاهدوا‬
‫‪0‬‬ ‫ال عليه‬
‫رد الستاذ الرشد على شباب سيدنا ممد ( )‬
‫إل الذين تلفوا عن الصف‬
‫السلم عليكم ورحة ال وبركاته‬

‫وب عد ‪ :‬ف قد قرأت بيان كم ف ملة النذ ير عن موقف كم م ن و من إخوان كم ف جا عة الخوان السلمي ال ت‬
‫نشأت ف روضها ودرجتم ف عشها وتعلمتم الغية على السلم من دعاتا‪ .‬وإليكم كلمت فيما ذكرت ل حرصا على‬
‫الرد ولكن تبيانا للحق وتذكرة لكم ويعلم ال كم يعز على ويز ف نفسى أن تقفوا هذا الوقف وأن تتنكروا للحقيقة‬
‫هذا التن كر وأن ت ستفتحوا عمل كم الد يد بذا التج ن الذى نيت كم ع نه وحذرت كم إياه والذى ما زد ت به على أن‬
‫نقضتم عهدكم وعققتم أباكم وخاصمتم إخوتكم وقللتم عددكم وأوهنتم جلدكم وأضعتفتم قوتكم وحاولتم صدع‬
‫بناء شادة ال وهو عليه حفيظ‪ ،‬وقد حاول ذلك من قبلكم من هو أشد منكم قوة وأكثر جعا فلم يظفروا بطائل وال‬
‫غالب على أمره‪ ،‬ولقد كنت أود لكم غي هذا من العمل الدى واليادين النافعة وتعهدت لكم بساعدتكم ف ذلك‬
‫أ كب ال ساعدة إن سلكتم هذه ال سبيل فغلبت كم العاط فة على عقول كم ووضع تم لنف سكم ألقا با و صفات لتج سموا‬
‫الطب وتولوا الواقع ولكن الناس بأخلقهم ل بألقابم‪ ،‬فغفر ال لكم وهدانا وإياكم وصدق ال العظيم (إن هى إل‬
‫فتنتك تضل با من تشاء وتدى با من تشاء وأنت ولينا فأغفر لنا وأرحنا وأنت خي الغافرين)( )‪0‬‬
‫‪1‬‬

‫‪ -1‬يسرن أن تعلموا‬

‫علم ال أي ها البناء أن ن ل ي سؤن – لو صدقتم‪ -‬أن أ جد ل كم رو حا وثا بة وحا سة فيا ضة وغية صادقة‬
‫ويسرن أن أراكم تعملون للسلم ف اليدان الذى ترضونه تبنون ول تدمون وتؤسسون ول تنقضون ‪0‬‬

‫ول قد قل تم أن ن فضلت كم وأن تم تعلمون – وإخوان كم الذ ين حضروا الجتماع الذى دعوت كم إل يه يعلمون‬
‫كذلك أنكم أنتم الذين أحلفتم ف طلب الفصل وألحتم إلاحا‪ ،‬وذلك لا بينتموه من نية وما اعتزمتموه من عمل‬
‫منذ أمد بعيد‪ ،‬وأنتم بي ظهر انينا فلم يسعن إل أن أنزل على رغبتكم ف ذلك داعيا لكم بالتوفيق والخلص‪ ،‬إذ أن‬
‫أكب ما يسر الوالد أن يرى أبنه موفقا وأن ل ينسب إليه هذا التوفيق وأنتم تعلمون أن ملة النذير كانت ل فأعطيتكم‬
‫إياها وتنازلت لكم عنها عن طيب خاطر بشرط أن تنصرف جهودكم إل عمل نافع وميدان فيه خي للسلم‪ ،‬ولئن‬
‫كان العدد الول علينا فالعدد الثان وما يليه قد يكون لنا بكم خدمة الدعوة العامة الت نعمل لا جيعا ‪0‬‬

‫‪ -2‬الشورى‬

‫زعمتم أيها البناء أن أرى أنه ل شورى ف الدعوى وسامكم ال ف هذا الدعاء على وعلى القيقة‪ ،‬فأنا ل‬
‫أقل هذا ولكن أنركت أن يتحكم فرد تأثر بدعايته سبعة عشر فردا من أفراد أسرة ف بقية ألف من هؤلء الفراد‬

‫صدر هذا الرد فى نشرة خاصة‪ ،‬فلم يكن للخوان فى ذلك الوقت مجلة بعد أن تنازل فضيلة المرشد عن مجلة ((النذير)) لشباب محمد ‪0‬‬
‫سورة العراف ‪155 :‬‬ ‫‪1‬‬
‫وهم إخوانكم بالقاهرة وهو ما أردتوه أنتم فقد أبيتم إل أن أنزل على أراء بعضكم ولو خالف هذا آراء الميع من‬
‫الخوان‪ ،‬أفهذه هـى الشورى التـ تريدوناـ؟ وقـد دعوتكـم إل المعيـة العموميـة للخوان بالقاهرة لتعرضوا عليهـا‬
‫آراءكم وتطلبون إليها ماتريدون فأبيتم هذا ول زلت أدعوكم إليه وأستطيع أن أقول إنن أكتب هذا باسم ألف من‬
‫إخوانكم ف القاهرة عدا شعب القاليم المسمائة فماذا ترون؟ وهل بعد هذا لزلتم تصرون على أنه ل شورى ف‬
‫الدعوة؟‬

‫هذا هو ما وقع وهذا هو ما نسي عليه الن‪ ،‬فالشورى ماثلة ف كل عمل من أعمالنا والمد ل كما أرادها‬
‫السلم وصورها‪ ،‬والشورى السلمية ليس فيها أغلبية ول أقلية‪ ،‬فالمام يستوضح الراء‪ ،‬والشورى السلمية ليس‬
‫في ها أغلب ية ول أقل ية‪ ،‬فالمام ي ستوضح الراء و هو أم ي علي ها ث يأ خذ ب ا ي تبينله من ها جي عا فينفذه و فق أحكام‬
‫السلم‪ ،‬وهو مسئول بعد ذلك عن نتائج سياسته‪ ،‬هذه هى النظرية السلمية للشورى وإن كنا ف الواقع قد اتذنا‬
‫ف تطبيق ها صورة قري بة إل ما الف الناس من هذه التشكيلت‪ ،‬ول قد كان آ خر نظام للخوان ف مك تب القاهرة‬
‫أرتضيتموه أنتـم وعملتـم على أسـاسه ووقعتـم بذلك على مضره هـو نظام اللجان‪ ،‬فلكـل لنـة عملهـا واسـتقللا‬
‫والشورى تسودها بأوسع معانيها‪ ،‬ولقد كان بعضكم ف هذه اللجان فعل فهل شعرت بأن أحدا وقف ف طريقكم ف‬
‫شىء؟ ولكنكم أردت الستئثار الذى يتناف مع الشورى فأبينا عليكم ذلك حرصا على قوق إخوانكم الذين هم أكثر‬
‫منكم إلاما بالدعوة وغية عليها وحرصا على خيها والنهوض با ويفضلونكم بعد ذلك بالسبقية إليها والصب على‬
‫آلمها والتضحيات ف سبيلها‪ ،‬ث بالسن الذى يقدره السلم ويله الحل اللئق بلل التجربة ‪0‬‬

‫وب عد‪ ،‬فن حن ف دور تكو ين وترب ية والتكو ين والترب ية ف حا جة إل التوج يه الازم والب عد عن اللف ف‬
‫الرأى والنقسام ف النقاش وهو ما أقصد إليه وأعمل عليه ويوافقن ف ذلك كل الخوان السلمي ‪0‬‬

‫‪ -3‬التلعب الال‬

‫غفـر ال لكـم أيهـا البناء – فلكـم أن تقولوا كـل شىء إل أن الخوان‪ -‬ينظرون إل الال أو يتطلعون إل‬
‫الدنيا فإن من يقرأ هذا العنوان يظن أن الخوان قد ملوا جيوبم من الموال العامة‪ ،‬ث ماذا تذكرون بعد ذلك ‪0‬‬

‫(‪)1‬تذكرون أن سـهم الدعوة قـد بلغ أكثـر مـن ‪300‬ثلثائة جنيـه مصـرى وكان الفروض أن‬
‫ن صفها ي ب أن ي ظل للم ساهي‪ ،‬ون سيتم أن قرار ج ع سهم الدعوة أجاز للمك تب أن‬
‫يستخدم هذا النصف ف عمل تارى‪ ،‬وذلك ما كان فإننا جددنا مطبعة الخوان السلمي‬
‫وقيمتهـا الن تزيـد على أكثـر مـن الائة والمسـي جنيهـا‪ ،‬فماذا فـ هذا التصـرف مـن‬
‫التلعب‪ ،‬وقد وقع وفقا للقرار العلن الوضوع ف حدود مصلحة الدعوة وخيها ‪0‬‬

‫(‪)2‬وتذكرون أن مبل غا يبلغ الائة جن يه م ا ج ع لفل سطي ل ي صل إل فل سطي ول تذكروا –‬


‫وأن تم أعلم الناس بذلك‪ -‬أن الك تب بالقاهرة قد بلغت م صروفاته الا صة بأعمال الدعا ية‬
‫لقض ية فل سطي نف سها ول مع هذه النقود قد و صلت إل أك ثر من ‪ 124‬جن يه مائة وأرب عة‬
‫وعشر ين جني ها ما ب ي مطبوعات ور سائل يب يد وبرقيات و سفر مندوب ي وط بع ق سائم‬
‫وع مل شارات وتذاكر شخصية وما إل ذلك عدا ما صرف لقضية فلسطي ف غي هذه‬
‫البواب أيضا ما يعرفه الكثي من الخوان ‪0‬‬

‫فهل يقال بعد هذا إن هناك تلعبا فيما يمع من أموال‪ ،‬وإذا كان كل ما جع معروفا بالليم وكل ما صرف‬
‫كذلك بدليل ما أوردت من أرقام فأين التلعب الزعوم؟‬

‫ولقد علم الناس أجعون‪ ،‬وف مقدمتهم أبناء فلسطي البواسل أن الخوان السلمي هم الذين يفدون فلسطي‬
‫الشقيقة بأموالم وأولدهم ودمائهم‪ ،‬ولكنكم أردت أن ترفعوا بذلك ((قميص عثمان)) وال بيننا وبينكم وهو أحكم‬
‫الاكمي‪.‬‬

‫إنن أعتب عليكم ف هذا عتبا شديدا وما كنت أظن أنكم تتجاوزون الق هذه الجاوزة ف نقاط واضحة‬
‫بينة‪ ،‬تعلمون أنتم وجه الق فيها قبل غيكم من الناس‪ ،‬ولكن غفر ال لكم أيضا ‪0‬‬

‫‪ -4‬العمل تت لواء الاكمي بغي ما أنزل ال‬

‫وأك ثر أمر كم عج با بل أشده غرا بة وأ كبه تن يا أن تذكروا أن ن أعل نت ((أن ناح الدعوة مرهون بإرضاء‬
‫الكام والعمل تت ألويتهم الزبية ‪ )) ..‬وما كنت أدرى أن لاجتكم ف الصومة تدوكم إل هذا الفتراء البي‬
‫على شخصى وأنتم تعلمون وقد تلقيتم أن ناحها مرهون بإرضاء ال وحده والسي على منهاج رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم كما اعترفتم بذلك ف بيانكم وعليه سرنا ونسي حت يفتح ال بينننا وبي قومنا بالق وهو خي الفاتي‪،‬‬
‫ون ن نرى مع هذا أن توج يه الدعوة للحاكم ي وماطبت هم ب ا وتعريف هم إيا ها من أن فع الشياء لتحق يق أغراض ها‬
‫والوصول من أقرب الطرق إل أهدافها فإن ال يصلح بالواحد منهم أمة – لو أصلحه ال وأنتم تعلمون قول رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم ((الدين النصيحة قلنا لن يا رسول ال قال ل ولرسوله ولئمة السلمي وعامتهم ((وقول‬
‫السن البصرى)) لو ككانت ل دعوة أعلم أنا مستجابة لعلتها للسلطان فإن ال يصلح بصلحه خلقا كثيا ولقد‬
‫علم الناس جيمعا با فيهم والكام أنفسهم أننا كم وجهنا ونوجه على الدوام إليهم كلمة الق قوية مدوية ل يثنينا‬
‫عن ذلك ما قاسيناه من اضطهاد وعنت‪ ،‬ول نشى إل ال وهو حسبنا ونعم الوكيل ‪0‬‬

‫ونن نرى كذلك أنه ليست ف كل الظروف تكون ماصمة الاكم وإخراجه من السلم‪ ،‬فقد يقف الاكم‬
‫أمام خصم قوى للسلم يدفعه ويول دون غايته فيكون من المق ل من الد ين أن يرح السلمون من يول دون‬
‫وصول عدوهم إل غايته منهم‪ ،‬وهذا كلم أنتم أعلم بضمونه ول يفى معناه على الناس‪ ،‬وعلى كل حال لن يكون‬
‫الاكمون أعوا نا للخوان ال سلمي على ترب ية الش عب وتوجي هه إ سلميا مثمرا خ ي من أن يكونوا خ صوما لؤلء‬
‫الداعي يولون بينهم وبي ما يريدون وموقفنا من الكام جيعا ومن الحزاب جيعا موقف الدعاة ل الشياع ومال‬
‫أن ننضوى تت لواء حزب كائنا من كان أو أن نالئ حاكما كائنا من كان ‪0‬‬

‫وأغلب الظن أيها البناء‪ .‬أنكم أنتم الذين استخدمتم مطايا للحزبية البغيضة من حيث ل تشعرون وفتشوا‬
‫أنفسكم من يتصل الن بكم ومن ينشط ف نشر دعايتكم معكم فستعلمون صدق ما أقول ‪0‬‬

‫وما يؤسف حقا أن تعجز الحزاب عن أن تد سبيل إل صفوف الخوان إل عن طريقكم‪ ،‬وإن كان كل‬
‫ذلك وأكثر منه سيتحطم على صخرة الدعوة الباركة الت ستظل بعون ال وحده الوى اللصق بي جوانح كل ما‬
‫يريد الكيد للسلم وتسؤه الدعوة إل ال ‪0‬‬

‫‪ -5‬تطهي الدعوة‬

‫من فضل ال على الخوان السلمي ف كل و قت أن دعوت م تن فى خبث ها ك ما ين فى الك ي خ بث الد يد‪،‬‬
‫وهذه قاعدة جربناها مرارا كثية ونجموعة الخوان ف القاهرة فيما أعتقد هى أطهر مموعة عرفتها هيئة من اليئات‬
‫ولقد تنيتم على بعض إخوانكم بكلم ل حقيقة له‪ ،‬ولقد أصغيت إليكم ودرست ما قلتم وتبينت مبلغه من الصحة‬
‫فإذا هو إتام واه منهار ل أساس له ول دليل عليه وما كنت لدع يقين لشككم ولقد نصحت لكم وعرفتكم حكم‬
‫السلم فيما تقولون فأبيتم إل أن تلجوا بالباطل ول أقول ف هذه غفر ال لكم فليست هذه من حقى‪ ،‬ولكن أنصح‬
‫لكم مرة أخرى أن تسترضوا إخوانكم الذين خضتم فيهم فإن عقاب ال ف ذلك قاس شديد ول أزال أذكركم بقوله‬
‫تعال ((والذين يؤذون الؤمني والؤمنات بغي ما اكتسبوا فقد احتملوا بتانا وإثا مبينا))()‪0‬‬

‫وأخيا‬

‫ل أعرض هنا لا سلكتم من أساليب ل تتفق مع الق الر فضل عن السمو والتكرم الذين يب أن يكون أول‬
‫ما يتصف به عامل للسلم‪ ،‬ول أحاول أن أكشف عما ف بيانكم من مغالطات وأمور ل تتفق مع الواقع فإن أكره‬
‫الدل أشد الكراهية‪ ،‬وحسب أن تكلمت ف رؤوس الوضوعات الامة‪ ،‬وطبعا سيكون هذا هو البيان الول والخي‬
‫من جهت ف هذا الوضوع ‪0‬‬

‫‪0‬‬ ‫ول معكم بعد ذلك كلمة أخية فأستمعوا إليها إن شئتم وال يتولنا وإياكم بسن الرعاية‬

‫أول – ما دمتم قد أعددت أنفسكم للعمل للسلم ف ميدان أخذتوه فأوصيكم أن تكونوا بنائي ل هادمي‬
‫وحينئذ عليكم أن تفكروا ف ابتكار ميادين تعملون فيها وتذمون السلم با ودعوا الصومة جانبا فإن النصراف‬
‫إل البناء خي ألف مرة وأجدى من النصراف إل الدم‪ ،‬وعلم ال أنن ل أريد بذا إل أن تنصرف الهود إل النافع‬
‫الفيد ‪0‬‬
‫ثانيا – لقد كنتم قبل الن جنودا فأصبحتم تقولون إنكم اليوم قادة‪ ،‬وواجبات القائد القائد أثقل بكثي وأدق‬
‫من واجبات الندى فأحرصوا دائما على أن تظهروا أمام الناس بالظهر اللئق بكرامة الدعوة السلمية ف كل ناحية‬
‫من نواحى تصرفاتكم الشخصية أو المعية ‪0‬‬

‫ثالثا ‪ :‬أحب أن تكموا خطتكم وأن تسوسوا طريقكم بالعقل والعاطفة معا فل تتركوا للحماسة وحدها أن‬
‫تقودكم ف مسالك ل يفيد فيها الدعوة ول ينفع الداعي إل العقل الكامل والتصرف الدقيق الحكم‪ ،‬فالكيس الكبس‬
‫أيها البناء‪.‬‬

‫رابعا ‪ :‬أحب أن تعتقدوا أول وآخرا أنن ل أضمر لكم إل الي وقد أغضبت عن سيئاتكم لسناتكم وعن‬
‫ت صرفكم لنيات كم ال ت أر جو أن تكون خية فاضلة‪ ،‬وال أ سأل أن ل يكون ذلك ل كم فت نة و هو ال ستعان على ما‬
‫تصفون ‪0‬‬

‫إل الخوان السلمي خاصة‬

‫أي ها الخوان ال سلمون – لقد أراد إخوان كم هؤلء أن يتطوا لنف سكم هذا الطر يق فدعوهم و ما اختاروا‬
‫لنفسهم حت يرشدهم العمل وهو خي مرشد إل مناهج الصواب وعزية عليكم مشددة مؤكدة أن ل توضوا فيهم‬
‫وأن ل تنالوا منهم وأن ل تملوا لم ف نفوسكم إل الحبة والخاء واذكروا قول ال تبارك وتعال (ول تنسوا الفضل‬
‫بينكم)() وقوله تعال (فامساك بعروف أو تسريح بإحسان) ولقد تاسكنا يوم عملنا معا بالعروف فنحب أن نفترق‬
‫بالح سان و هو من جانب نا أن ن سكت فل نرح وأن نتف ضل فنعفوا ون صفح ول تن سوا أن م ثل دعوت كم البار كة‬
‫الباركة القوية لبد وأن تلقى صعابا وأشواكا سواء من الذين بعدوا عنها فلم يستجيبوا لا أو من الذين خالطوها فلم‬
‫تفقهها قلوبم‪ ،‬ولقد علمتم أن مثل هذا قد سبق أن وقع لكم ولغيكم وهى سنة الدعوات قديا وحديثا‪ ،‬وقد خرج‬
‫عليكم بعض إخوانكم وداروا دورتم فمنهم من رجع إل حظية الخوان ثانية ولأ إل الصف كما كان ومنهم من‬
‫قبع ف داره حت يفصل ال ف أمره وهو أحكم الاكمي على أننا سنعمل على الستفادة من هذه الدروس القيمة إن‬
‫شاء ال ولن نتلقاها الن ونن ل نزال ف بدء الطريق خي من أن نتلقاها ف وقت يعظم فيه أثر الطأ وتتضخم فيه‬
‫نتائج الغلط ‪0‬‬

‫وفق ال الميع لي العمل وصلى ال على سيدنا ممد وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬والسلم عليكم ورحة ال‬
‫‪0‬‬ ‫وبركاته‬

‫القاهرة ف ‪ :‬الحرم سنة ‪1359‬هـ‬


‫فبايـر سنة ‪1940‬م‬
‫حسن البنا‬
‫الرشد العام للخوان السلمي‬
‫رب ضارة نافعة‬

‫كان مساء الميس من كل أسبوع ف الركز العام القدي من عام ‪ 1940‬موعدا للقاء دائم لفضيلة الرشد العام‬
‫مع الطلب ‪ 00‬وكانت ماضرة ذلك اليوم (نظرة السلم للمرأة)‪ ،‬وبينما فضيلته يتحدث إلينا إذا بلبة تدث خارج‬
‫ال صالة‪ ،‬ويتقدم أ حد الخوة بور قة مكتو بة‪ ،‬فيقرأ ها ال ستاذ الر شد ث ي ستأذن معتذرا عن الحاضرة ويرج‪ ..‬وبعد‬
‫فترة من الوقت يعتلى الشيخ عبد العز عبد الستار النصة ويتحدث إلينا حديثا حاسيا ينبئ أن ف المر شيئا‪ .‬نتبي‬
‫بعده أنه قد صدر أمر عسكرى بنقل الستاذ إل قنا ‪0‬‬

‫وإجتمع مكتب الرشاد ف الال وتناول المر بالبحث والناقشة‪ ،‬وتمس أكثر العضاء لعدم تنف يذ المر‬
‫على أن يقدم ال ستاذ الرشد إ ستقالته من وزارة العارف‪ ،‬وبذلك ل يكون ل حد سلطان عل يه‪ .‬وب عد أن استفاضت‬
‫الناقشات‪ ..‬أخذ فضيلته الكلمة فقال‪ :‬إن أمر الستقالة سهل ل يتطلب سوى ورقة وقلم‪ ،‬ولكن هل سيقف المر‬
‫عند الستقالة؟ إن أمرا عسكريا آخر سيصدر بإعتقال ف الال وخاصة أن الحكام العسكرية مفروضة على البلد‬
‫والعباد‪ ،‬لذلك أرى أن النقل أيسر الضرار وأنفع للدعوة من العتقال‪ ،‬وهى فرصة أتاحها ال تعال لنعطى للصعيد‬
‫حقه ف نشر الدعوة‪ ،‬وتربية الخوان‪ ،‬ويؤجر الرء رغم أنفه ‪ ..‬ث إننا ل نقدم للستقالة با يعوضنا عنها حيث جزءا‬
‫كبيا من الرتب يدفع لدمة الدعوة‪ ،‬وبعد الستقالة فإن الدعوة ستدفع‪ ،‬ول ين وقت ذلك بعد‪ ..‬وشرح ال صدور‬
‫الخوان بذا الرأى ‪0‬‬

‫وحزم ال ستاذ الر شد أمتع ته وغادر القاهرة ف أول قطار إلىق نا ‪ 00‬وفو جئ الخوان هناك بن قل فضيل ته‬
‫إلي هم‪ ،‬ول يل بث أن شارك هم ف نشاط هم بالدار كوا حد من هم‪ ،‬واند هش الشباب ك يف أ نه كان ي ستقبل بعض هم‬
‫ويسلم عليه بأسهن دون أن يراه قبل ذلك على الطلق‪ ،‬فلما سألوه عن ذلك متعجبي‪ :‬أخبهم أنه كان حي يوقع‬
‫على بطاقة الوالة بصفته الرئيس العام للجوالة كان يفظ السم والصورة معا ‪0‬‬

‫وبعد أن استقر الرشد ف قنا عدة أيام دعا الخوان إل مؤتر جامع حضره السلمون والسيحيون على السواء‬
‫يتقدمهم شيخ العهد الدين ومطران قنا‪ .‬وتناول حسن البنا ف خطابه قضية الكم بالشريعة السلمية‪ .‬فقال‪ :‬ما هو‬
‫معلوم عن جاعة الخوان السلمي أنم يدعون ويتصدرون الدعوة إل الكم بالقرآن الكري‪ ،‬وهذه القضية ولشك‬
‫تثي بعض الوف والشكوك عند إخواننا السيحي‪ .‬وأنا أحب أن أجلى هذه القضية بروح الودة با قد خفى أو يفى‬
‫عن الناس من أمور لن يتبينوا فيها وجه الق والصواب‪ .‬فالناس أعداء ما جهلوا‪ .‬ل شك أننا مع إخواننا القباط نعتب‬
‫أنفسنا عربا‪ ،‬حيث أننا جيعا نتكلم اللغة العربية ونتعامل با… وما دمنا عربا فمن الطبيعى أن نتحمس للتحاكم مور‬
‫لن يتبينوا فيها وجه الق والصواب‪ .‬فالناس أعداء ما جهلوا‪ .‬ل شك أننا مع إخواننا القباط نعتب أنفسنا عربا‪ ،‬حيث‬
‫أننا جيعا نتكلم اللغة العربية ونتعامل با… وما دمنا عربا فمن الطبيعى أن نتحمس للتحاكم إل قانون عرب ل إل‬
‫قانون غرب متنوع الصادر فرنسى وبلجيكى وغي ذلك‪ ،‬والقانون العرب الوحيد الامع الشامل الذى جربناه مسلمي‬
‫ومسيحيي مئات السني هو القرآن الكري ‪000‬‬

‫فإذا اعترض على أن القرآن كتاب السلمي‪ ،‬فنقول‪ ،‬فيكن ذلك اعتقادا السلمي كدين وليكن قانونا عاديا‬
‫عند القباط‪ ،‬كما نتحاكم نن اليوم إل قانون نابليون ‪0‬‬

‫‪ 000‬ث قال ‪ :‬إن الشواهد التاريية الكررة والت ل تتمل النكار بال تشهد بأنه ف ظل حكم الشريعة‬
‫ال سلمية عاش ال سلمون وال سيحون ف وئام و سلم ل يس له مث يل‪ ،‬وضرب بذلك عدة أمثلة‪ ،‬أه ها مو قف اللي فة‬
‫ع مر بن الطاب ر ضى ال ع نه من ال صلة من كني سة القيا مة‪ ،‬ك ما ذ كر بع ضا من و صيته الشهية‪ ،‬وا ستطرد ف‬
‫ضرب المثلة الية من واقع تاريخ اللفاء ‪0‬‬

‫ث ختم حديثه فقال ‪ :‬إن السلم ل يعرف معن الديقراطية الت يد مدلولا الناس حسبما تقضى مصالهم‪،‬‬
‫فالسلم ل يعرف هذه التغيات بل هو شريعة العدل الت ل تتغي ول تتبدل تبعا للمصال والهواء ‪0‬‬

‫و قد أثار هذا الد يث متلف التاهات‪ ،‬ف قد كان حدي ثا على نقله إل ق نا‪ ،‬بعيدا عن ال ستدلل باليات‬
‫القرآنية أو الحكام الفقهية‪ .‬ول تض أسابيع وهو ف حركة دائبة ورحلت وزيارات وخطب وماضرات‪ ،‬إل وقد‬
‫صدر قرار من وزير العارف بنقله فورا من قنا إل القاهرة ‪0‬‬

‫ول ت ض أيام ح ت صدر قرار باعتقاله ف معت قل الزيتون بالقاهرة‪ ،‬فاعت صم الطلب ف م سجد ال سلطان‬
‫السن بعد صلة يوم من أيام المعة‪ ،‬فأفرج عن فضيلته بعد أيام…‪ .‬وبعد أن ت الفراج عن فضيلة الرشد استقبلناه‬
‫ف مصلى (بدروم) الركز العام القدي بكل أشواقنا وعواطفنا الارة‪ .‬وبدأ حديثه معنا فقال ‪ :‬لقد كانت فترة العتقال‬
‫بثابة إعتكاف إجبارى أو مطة ف طريق السفر الطويل راجعت فيها كتاب ال تعال حفظا ودراسة وتدبرا‪ ،‬وعرفت‬
‫واختل طت بأناس آخر ين‪ .‬ووجدت فر صة أخلو في ها إل نف سى أ ستعرض أحداث الا ضى وأف كر ف الا ضر بدوء‬
‫وروية‪ ،‬وأعتقد أننا لن نسر شيئا ف أمر قد قدره ال لنا‪ ..‬فإن ما يدث لنا من عذاب أو اضطهاد‪ ،‬أمر قد تعاهدنا‬
‫عليه‪ ،‬فل غرابة فيه ولن يؤثر فيما عقدنا العزم عليه‪ ،‬ولكنه فقط – يعطينا الؤشرات ويذرنا من الطبات ويفتح أعيننا‬
‫على ما هو آت ‪ 00‬فإن ما يدث لنا لن يوقف حركة الدعوة‪ ،‬ولن يرهب أبناءها الذين اعتقدوا أن أقل ما يطلب ف‬
‫سبيلها هو الدم والال ‪( 000‬وال غالب على أمره ولكن أكثر الناس ل يعلمون)‪0‬‬

‫‪ 000‬ث استطرد الستاذ الب نا فقال ‪ :‬حي جاء أمر الفراج ع ن سألت عن شول هذا المر بالفراج عن‬
‫ال ساتذة أح د ال سكرى وع بد الك يم عابد ين‪ ،‬فق يل الفراج ع نك وحدك‪ .‬فر ضت الروج وا ستمسكت بذلك‬
‫متذكرا قصة المام والصياد الت حفظناها من أيام الدراسة‪ ،‬الت تكى أن مموعة من المام قد وضعت ف شبكة‬
‫صـياد‪ ،‬وتصـادف وجود فأر صـديق لقائد سـرب المام‪ ،‬فأراد أن يقوم بقرض الشبكـة لتخليـص قائد المام وحده‬
‫فرفض أن ينجو بنفسه دون زملئه‪ .‬فقام الفأر بتخليص الميع ‪ 000‬وهكذا خجلت من نفسى‪ ،‬كيف أخرج وأترك‬
‫إخوان؟ ولكن ماولت واتصالت كثية بذلت حت أعطون وعدا بإستصدار قرار الفراج عنهم ‪ 000‬وخرجت آسفا‬
‫لذلك‪ ،‬ولكن كما قلت لكم من قبل‪ :‬هذا هو الطريق‪ ،‬وبقى علينا أن نواصل العمل مسترشدين بذه الحداث ف‬
‫سبيل الوصول إل الغاية النشودة ‪0‬‬

‫حسن البنا ‪ 000‬وبعد النظر‬

‫ف إجتماع بالك تب الدارى للخوان بال سكندرية ف ع هد وزارة إ ساعيل با شا صدقى‪ ،‬أل قت الشر طة‬
‫القبض على حوال ‪50‬خسي من الخوان‪ ،‬وأودعتهم سجن الجانب‪ .‬وف نفس السبوع نظم الخوان مظاهرة من‬
‫فر قة الوالة خر جت فجأة من ميدان م طة ال سكة الد يد قب يل الغرب ت مل الشا عل متج هة إل ميدان ق صر رأس‬
‫الت ي‪ ،‬خ طب في ها ال ستاذ أح د ال سكرى من شر فة مك تب ال ستاذ أم ي مر عى الحا مى بشارع الغر فة التجار ية‬
‫((سعيد))‪ ،‬ث مضت هذه الظاهرة ف سيها حت بلغت القصر وقدمت مذكرة بشأن معاهدة صدقى بيفن ث انصرفت‬
‫‪0‬‬

‫وبعد فترة حققت النيابة مع الخوة الحتجزين ف سجن الجانب ث أمرت بالفراج عنهم‪ .‬وبصفت والخ‬
‫عادل بجت من العسكريي فقد حولنا إل السلطة العسكرية‪ ،‬حيث وضعت ف معتقل معسكر كوم الشقافة والخ‬
‫عادل ف معسكر اللوائح العسكرية سلح الصيانة‪ ،‬وحوكمنا أمام ملس عسكرى مركزى بتهمة انضمامنا إل جاعة‬
‫الخوان مالف ي بذلك اللوائح الع سكرية ال ت تق ضى بعدم تد خل رجال ال يش ف ال سياسة‪ .‬وأر سلت إل فضيلة‬
‫الرشد عدة خطابات أبدى استعدادنا لتحمل كل ما يترتب من عقوبات مهمنا كانت شدتا وقسوتا‪ ،‬وأطلب منه‬
‫أل يمل نفسه عبء السعى لساعدتنا وانشغاله بقضيتنا فالمور ترى بالقادير ‪00‬‬

‫وف سراى سيدى بشر انعقد الجلس العسكرى‪ ،‬وحضرنا بالراسة الشددة فوجدنا ف استقبالنا مموعة من‬
‫الحامي الذين أوفدهم فضيلة الرشد العام ‪0‬‬

‫وبعد أن أقسم أعضاء الجلس العسكرى اليمي على الصحف الشريف سألنا رئيس الجلس‪ ،‬هل هناك أى‬
‫اعتراض على الجلس؟ فقلت له‪ :‬ل‪ ،‬ول كن ل نا طلب‪ .‬فقال ‪ :‬ما هو؟ فقلت ن ن ل نر يد ماك مة على أ ساس قانون‬
‫الجراءات العسكرية‪ ،‬ولكن نريد الحاكمة على أساس الصحف الشريف الذى أقسمت عليه ‪0‬‬

‫وهنا أحس رئيس الجلس أن القضية سوف تتحول إل قضية إسلمية سياسية‪ ،‬ث اته إل السادة الحامي‬
‫فطلبوا من الحك مة تأج يل الل سة أ سبوعا للطلع على تقار ير الق سم الخ صوص (البا حث) العا مة الن‪ ،‬فوا فق‬
‫ورفعت اللسة ‪0‬‬

‫وعد نا إل مع سكر سلح ال صيانة م عا‪ ،‬و ف ال ساء من ن فس اليوم صدر قرار بالفراج ع نا‪ ،‬وتوجه نا من‬
‫العسكر إل شعبة الخوان برأس التي حيث استقبلنا الخوان أحسن استقبال ‪0‬‬
‫ث سافرت والخ عادل لقابلة فضيلة الر شد بالقاهرة‪ ،‬وب عد أن شكرناه على جهده الكر ي مع نا‪ ،‬قلت ‪ :‬يا‬
‫فضيلة الرشـد‪ ،‬لاذا أجهدت نفسـك كـل هذا الجهاد فـ سـبيل الفراج عنـا؟ فقال ‪ :‬أنتـم تنظرون إل تبعات هذه‬
‫القضية نظرة فردية وأنا أنظر إليها نظرة أبعد وأشل‪ ،‬ذلك أن صدور أى حكم عليكما بتهمة النتماء إل الخوان ‪00‬‬

‫هذا الكم مهما كانت شدته سوف يعوق حركتنا الوليدة ف صفوف اليش‪ ،‬كما أن طبيعة العمل باليش تتلف‬
‫عن طبيعته ف القطاعات الخرى فلبد منتقدير تبعات كل عمل بالنسبة لستقبل الدعوة أولً‪0‬‬

‫وه نا ح ضر الخ ال كبي ال صاغ ممود لب يب الذى ر حب ب نا ودعا نا لتناول طعام الغذاء م عه فلبي نا الدعوة‬
‫‪0‬‬ ‫شاكرين‬

‫وكان الخوان بالسكندرية بصدرون نشرة شهرية عن نشاطهم يوزعونا على جيع الناطق‪ ،‬وبينما كنت‬
‫بطبعة رمسيس أراجع السودة فيها خب ف صدر الصفحة الول بعنوان (لقاء رجلي ‪ 00‬التقى اليوم الستاذ حسن‬
‫البنا الرشد العام للخوان السلمي بسماحة الشيخ أمي السين مفت فلسطي الكب بعد غياب طويل‪ ،‬وكان لقاء‬
‫وكانت ذكريات)‪0‬‬

‫فكرت أن أعود إل الر شد كى أطل عه على م سودة النشرة وأ ستاذنه ف ن شر هذا الزء من ال ب‪ ،‬ول ا قرأ‬
‫الب‪ ،‬توقف قليل ث قال ‪ :‬وما هو الغرض من نشر هذا النبأ‪ ،‬وما هى الفائدة الت ستعود علينا من نشرة؟ قلت‪ :‬لقد‬
‫قرأت ف جيع الصحف نبأ زيارة كل الزعماء السياسي لسماحة الفت‪ ،‬ولسنا أقل من هؤلء ف أداء الواجب‪ .‬فتبسم‬
‫الستاذ الرشد وقال ‪ :‬يا أخى هذه إعلنات وزيارات ماملة‪ ،‬أما زيارتى فهى زيارة ترى بنظار آخر ويفهمها أعداء‬
‫السلم بفهم آخر‪ ..‬إن زيارات الخوان ينبن عليها عمل ‪0‬‬

‫ومن قبل حي بدأ حسن البنا دعوته ف الساعيلية عام ‪ .1928‬كانت الدعوة قد اكتمل تصورها ف ضميه‪،‬‬
‫ولكنه كان يؤمن بأن الزمن جزء من العلج‪ ،‬وأن لكل مقام مقال‪ ..‬لذا فهو حي كون ما يسمى (فرق العمل) ليتم‬
‫با الصور أو صورة الدعوة‪ ،‬كانت هذه الفرق على هيئة الفرق العسكرية من حيث النظام والتدريب وأيضا اللبس‬
‫الت كانت على شكل بنطلون طويل يشبه بنطلون عسكرى السوارى وله (قايش) من اللد‪ ..‬لذا تنبه حسن البنا إل‬
‫هذه الصورة وأدرك أنا سوف تترك ف نفوس الناس فضل عن السلطة والنليز شعورا بالذر والوف ما قد يتضح‬
‫من أمرها‪ ،‬ولسيما أن تسميتها (فرق العمل) يوحى بثل هذا الشك ‪00‬‬

‫لذا أ سرع ح سن الب نا بإلغاء هذه الفرق وتويل ها إل فرق الكشا فة وانض مت إل جع ية الكشا فة الهل ية‬
‫وأصبحت تابعة لنظامها الساسى ‪0‬‬

‫وبعد توقيع معاهدة ‪ 1936‬اتذ حزب الوفد فرقا شبه عسكرية لونا أزرق‪ ،‬وكان مسموحا لكل إنسان أن‬
‫ينضـم إليهـا‪ .‬وكذلك اتذـ حزب مصـر الفتاة بينهمـا‪ ،‬فانتهـز اللك فاروق الفرصـة واصـدر أمرا ملكيـا بلـ جيـع‬
‫التشكيلت ش به الع سكرية‪ ،‬ول ا كا نت فرق الخوان قد تولت لمع ية الكشا فة العا مة‪ ،‬فلم يشمل هم هذا ال مر ‪..‬‬
‫وهكذا كان حسن البنا بعيد النظر يرى بنور ال‪.‬‬

‫خطب حسن البنا المعة ف مسجد الشيخ باليدان بالسكندرية وامتلت الشوارع‪ ،‬وبعد الصلة خرجنا من‬
‫ال سجد ون ن ف طريق نا إل شارع (فرن سا) مرر نا بارة ي سكن ب ا ب عض اليهود وفجأة سقط من النازل لوح من‬
‫زجاج بوار ح سن الب نا ول كن ال سلم فلم ي صب أ حد ب سوء‪ ،‬غ ي أن الخوة أخذوا يتشككون ف ال مر ول كن‬
‫الستاذ هونه عليهم ول يتخذ منه فرصة للثارة وقال ‪ :‬إنه حادث عابر غي مقصود ‪0‬‬

‫وتوجه نا إل الك تب الدارى بشارع كني سة دبا نة‪ ،‬فأ ستراح فضيل ته ب عض الو قت‪ ،‬ث ا ستأنفنا ال سفر إل‬
‫الزيرة الضراء و هى بلدة ال ستاذ أم ي مر عى الحا مى رئ يس الخوان بال سكندرية آنذاك‪ ،‬وت قع هذه البلدة ف‬
‫مواجهة مدينة رشيد من الشرق‪ ،‬وف الطريق وقفت أمام كشك مرور كوبرى الدية ولحظ فضيلة الرشد وجود‬
‫(قلة ماء) أمام شرطى الرور فاستأذنه للشرب فأسرع الشرطى مسرورا مرحبا به وتدث معه كلمات‪ ،‬فلما بدأت‬
‫السيارة تتحرك قلت له‪ :‬ربا تكون القلة غي صحية‪ ،‬فنظر إل وقال ‪ :‬لقد وقفنا لظة ويب الستفادة با ف نشر‬
‫الدعوة ‪0‬‬

‫ووصلنا إل رشيد وركبنا ف طريقنا إل الزيرة الضراء حيث استقبلنا استقبال طيبا‪ ،‬ث تناولنا الغداء على‬
‫مائدة الستاذ أمي مرعى شقيق الستاذ مصطفى مرعى النائب العام السابق‪ ،‬وبعده توجهنا إل مسجد البلدة‪ .‬وبدأ‬
‫فضيلة الر شد حدي ثه الذى يؤلف القلوب وير طب الشا عر‪ ،‬ث عرج على ق صة فقال ‪ :‬كان هناك ملك‪ ..‬وقام أ حد‬
‫الوزراء ف المل كة بع مل فت نة دف عت اللك إل ال ستغناء عن وزرائه واحدا تلو ال خر‪ .‬وذات يوم جاء لزيارة اللك‬
‫رجل صال‪ ،‬وجنس بي اللك وبي الوزير ومعه صورة لا وجهان إحداها قبيح والخر جيل‪ ،‬وسأل اللك عن رأيه‬
‫ف هذه الصورة فقال اللك‪ :‬إنا صورة قبيحة جدا ‪ ..‬ث سأل الوزير عن الصورة الت يراها فقال ‪ :‬صورة جيلة‪ ،‬وهنا‬
‫حدثت مشادة كبية بي اللك والوزير‪ .‬ولكن الرجل الصال أسرع وقلب الصورة‪ ،‬فتبي كل منهما حقيقة الصورة‬
‫بوجهيها‪ ،‬وهنا قال الشيخ للملك‪ :‬يب على كل إنسان أن ل يصدق حكما على شىء قبل أن يتبينه (يا أيها الذين‬
‫()‬
‫‪1‬‬
‫آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمي) ‪0‬‬

‫وبعد أن أنى فضيلته حديثه العميق‪ ،‬فهمنا بعد ذلك أنه توجد ف هذه البلدة بعض اللفات‪ ،‬كما عرفنا أن‬
‫حسن البنا قبل أن يدخل أى بلدة يلم بكل ما يتعلق با من أحوال حت ل يصطدم بأمور تعوق أداء رسالته ‪0‬‬

‫وعدنا إل مدينة رشيد ف مركب آلية وكان عددنا كبيا‪ ،‬وجلس الستاذ مع مموعة من الخوان ف مقدمة‬
‫الر كب وجلس با قى الخوة على ال سطح الذى تو جد ت ته الاكي نة ال ت ترك الر كب‪ ،‬ول ا اقتر بت الر كب من‬
‫الشاطىء اصطدمت بقاع النيل فسقط بعض الخوة داخل الركب ففزع الخوان وبقى حسن البنا ثابتا ل يتحرك‪،‬‬
‫حت إذا هدأت الثائرة قال للخوان الثبات عند الشدة أنا وأكرم ‪0‬‬

‫سورة الحجرات ‪:‬‬ ‫‪1‬‬


‫وتوجه نا إل شع بة رش يد‪ ،‬وهناك تدث فضيل ته إل الخوان حدي ثا مت صرا‪ ،‬وب عد فترة من الرا حة ا ستأنفنا‬
‫سفرنا إل شع بة سيدى ب شر بال سكندرية ح يث أقام الخوان حفل ليخطب ف يه ال ستاذ بعد صلة العشاء‪ .‬ول فت‬
‫نظرى أن الستاذ الرشد حي بدأ حديثه قال‪ :‬أيها الخوة ف العام الاضى تدثت ف موضوع مراحل الدعوة‪ ،‬ول‬
‫نستكمل هذا الديث لضيق الوقت‪ ،‬وف هذا العام أستأنف معكم باقى هذا الديث ‪ 00‬ث استطرد ف الديث حت‬
‫آخره‪ ،‬وبعد الفل توجهنا إلىداخل الكتب الدارى حيث جلس فضيلته مع أعضاء الكتب الدارى لتصريف شئون‬
‫الدعوة وتوجيه الخوان‪ ،‬وبات ليلته ف الدار وف الصباح الباكر غادرنا إل القاهرة مصحوبا بعناية ال تعال ‪0‬‬

‫وف كفر الصيلحة بلدة عبد العزيز باشا فهمى حدثت مشادة بي الخوان وبي أفراد عائلة الباشا‪ ،‬وكان من‬
‫عادة ال ستاذ الب نا و من أخل قه ال سلمية إ نه إذا نزل بلدا فإ نه يبدأ بزيارة عمدت ا أو كبي ها‪ .‬و من وراء هذا الع ن‬
‫مدلولت ل حصر لا ‪0‬‬

‫وعلى أثر هذه الشادة توجه بعض الخوان من كفر الصيلحة إل القاهرة وقدموا شكواهم إل فضيلة الرشد‬
‫وقالوا في ما قالوا إ نه ب عد ذلك ل ي ستحب لفضيلت كم أن تقوم بزيارة ع بد العز يز با شا فه مى ع ند حضورك للبلدة‪.‬‬
‫وصرفهم الستاذ الرشد ونصحهم أن يلتزموا الكمة والصب ‪0‬‬

‫وم ضت اليام واعتزم ال ستاذ زيارة ك فر ال صيلحة – وا ستقبل الخوان مرشد هم هذه الرة ب صورة شعب ية‬
‫حاسية‪ .‬وسار الوكب متجها ناحية شعبة الخوان السلمي – غي أن الستاذ البنا طلب من السائق التوجه إل دار‬
‫عبد العزيز باشا فهمى كالعادة – ول يستطع السائق إل تنفيذ طلب الستاذ أمام تعجب الخوان ودهشتهم وسار‬
‫الوكب حت وصل إل منل الباشا الذى كان هو وعائلته يتشككون ف هذه الزيارة بعد الذى حدث واستقبله الباشا‬
‫وعائلته استقبال كريا وودعوه وداعا لئقا ‪0‬‬

‫‪0‬‬ ‫وف الساء ازدحم السرادق بالخوان والذين جاءوا ليزيدوا النار اشتعال ويصطادوا ف الاء العكر‬

‫ووقف حسن البنا وحلق بالناس جيعا ف عال جديد بعيد كل البعد عما يول ف خاطرهم حت إذا رطب‬
‫النفوس وربط بي القلوب برباط السلم النيف عاد إل الوضوع‪ ،‬فقال إنه جاء منذ مدة وفد من الشعبة وحدثوه‬
‫عن الشادة الت حدثت بي الخوان وبي عائلة عبد العزيز باشا فهمى وقالوا له إنه ل يستحسن بعد ذلك أن تبدأ‬
‫بزيار ته كالعتاد ووعدت م خيا ول كن الخوان ك ما تعلمون ف كل ت صرفاتم عن عقيدة وشري عة ول يتكمون إل‬
‫هوى ول يقادون إل شهوة (ول يرـ منكـم شنآن قوم على أن ل تعدلوا‪ ،‬اعدلوا هـو أقرب للتقوى)()‪ ،‬لذا حيـ‬
‫جئت إل هذا البلد الط يب كان ل بد أن أد خل البلد من الباب ول ي كن أن أدخله من الشباك‪ ،‬والباب الوح يد لذا‬
‫البلد هو منل عبد العزيز باشا فهمى ‪0‬‬

‫حت إذا أنى الستاذ الرشد هذه الكلمات الكيمة الؤمنة تعالت التافات (ال أكب ول المد) من الناس‬
‫جيعا‪ ..‬الخوان وغي الخوان وأعداء الخوان ‪0‬‬
‫وتصافحت اليدى وربط ال ب ي القلوب وهكذا فقه الرشد رحه ال بعمق معن قوله تعال (ومن أحسن‬
‫قول من دعا إل ال وعمل صالا وقال إنن من السلمي ول تستوى السنة ول السيئة‪ ،‬ادفع بالت هى أحسن فإذا‬
‫الذى بينك وبينه عداوة كأنه ول حيم)( )‪0‬‬
‫‪1‬‬

‫حسن البنا ‪ 0000000‬وأرجاس الحزاب السياسية‬

‫بعد توقيع معاهدة سنة ‪ 1936‬مع انلترا ( ) توجه مصطفى النحاس باشا رئيس الكومة وزعيم حزب الوفد‬
‫‪2‬‬

‫إل فرنسا لضور مؤتر مونترو لبحث إلغاء المتيازات الجنبية والحاكم الختلطة ‪00‬‬

‫وقبـل أن يغادر ميناء السـكندرية كان هناك وفـد مـن شباب الخوان السـلمي يقدم له مذكرة مـن فضيلة‬
‫الر شد العام‪ ،‬تف يد بأن إلغاء المتيازات الجنب ية هى مرحلة وفر صة سانة ل ستقلل القضاء ال صرى ا ستقلل يبعده‬
‫عن ال ستمرار ف ج عل القوان ي الضريب ية هى م صدره ف الحكام‪ ..‬تلك القوان ي ال ت فرض ها علي نا ال ستعمر تبعا‬
‫لهدافه ف تطيم عقيدة السلمي‪ .‬أما وقد أعطينا الفرصة للختبار فينبغى أن نتار التشريع السلمى الذى ينبع من‬
‫عقيدة المة وتاريها الحيد‪ ،‬وهو تشريع ممع عليه من جيع السلمي وأقرته ج يع الؤترات الدولية الت اعتبت‬
‫التشريع السلمى معطيا ومستجيبا لكل متطلبات التغي ف الجتمعات النسانية ف كل زمان ومكان ‪0‬‬

‫لقد كتب حسن البنا هذه الذكرة الت تمل نصيحته لصطفى النحاس باشا قبل سفره‪ ،‬لنه كان يعرف تام‬
‫العرفة أن مؤتر مونترو يمع كل أصحاب الصال الستعمارية ف البلد العربية والسلمية‪ ،‬وأنم ل يوافقون إطلقا‬
‫على ال كم بالشري عة ال سلمية عن ال كم‪ ،‬ح يث أن هذا أ مر قد توا صى به أعداء ال سلم‪ .‬فضل عن أن زعماء‬
‫ال سلمي وقادت م ل يكونوا قد ترروا ب عد من ال ستعمار الفكرى الذى رضعوه ف مدارس ال ستعمار والتبش ي‪،‬‬
‫فقلدوا الغرب ف كل شىء وصبغوا حياتنا الجتماعية والدرسية بطابع بعيد كل البعد عن روح السلم ومنهجه ف‬
‫الياة ‪0‬‬

‫عودة النحاس باشا من مؤتر مونترو‬

‫وعاد النحاس باشا من رحلته إل فرنسا بعد قرار إلغاء المتيازات الجنبية وأقام له رجال حزب الوفد حفل‬
‫إ ستقبال كبي ف حدي قة انطونيادس بالن هة بال سكندرية خ طب ف يه رف عة النحاس با شا خطا با مذا عا نوه ف يه عن‬
‫مضمون الرسالة الت بعث با إليه الستاذ الرشد العام – فقال ‪:‬‬

‫سورة فصلت ‪0 34،35 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫تضمنت هذه المعاهدة نصا بإلغاء المتيازات الجنبية‪ ،‬التى كانت كانت تخول للجانب‪ -‬انجليز وفرنسيين وإيطاليين وغيره من الوربين – حقوقا‬ ‫‪2‬‬

‫يتميزون بها عن الوطنيين المصريين‪ ،‬كان منها أنه إذا ارتكب أحدهم جرما فإنه ل يحاكم أمام المحاكم الوطنية حيث شكلت لهم محاكم خاصة بهم أطلق‬
‫عليها اسم ((المحاكم المختلطة)) تميزت أحكامها بأنها كانت صورية تختلف اختلفا كبيرا عن ألحكام التى تصدرها المحاكم الوطنية على المصريين فى‬
‫جرائم متشابهة ‪0‬‬
‫إن جا عة ل وزن ل ا ول قي مة تطالب أن يكون القرآن د ستور ال مة – وال سلم عال النبات ول يس ف‬
‫حاجة إل هذه الصيحات – أو هكذا قال ‪.‬‬

‫وف السبوع التال صدرت ملة (النذير) لسان حال ((الخوان السلمون)) بطاب مفتوح إل صاحب القام‬
‫الرفيع مصطفى النحاس باشا رئيس الكومة وزعيم حزب الوفد – جاء فيه ‪000‬‬

‫يا صاحب القام الرفيع‬

‫نن حي نكتب إل رفعتكم هذا الطاب ل نطلب منكم مصلحة شخصية ول منفعة ذاتية وإنا هى النصيحة‬
‫ل ولرسوله ولئمة السلمي وعامتهم ‪0‬‬

‫يا رفعة الباشا ‪ :‬لقد جاء ف خطاب كم بنا سبة إلغاء المتيازات الجنبية والذى أنعقد ف حديقة انطونيادس‬
‫بالسكندرية – كلم يتصل بماعتنا وكان لزاما علينا أن نرد الق إل نصابه – فقد قلتم إن جاعة ولى وزن لا‬
‫ول قيمة تطالب بأن يكون القرآن دستور المة – والسلم عال النبات وليس ف حاجة إل هذه الصيحات!!‬

‫أ ما أن هذه الما عة ل وزن ل ا ول قي مة ‪ ..‬فهذا أ مر متروك للز من يقول ف يه كلم ته … ون ن ل ند عى‬


‫لنفسنا فضل ول منة – فلله وحده الفضل والنة أما أنننا نطالب أن يكون القرآن دستور المة – فذلك ما عاهدنا‬
‫ال تعال عليه نعمل له وناهد ف سبيله ما وسعنا الهاد وهو مطلب شعب يتمناه كل مسلم فضل عن أنه عقيدة كل‬
‫مسلم ل يتم إسلمه إل به ‪0‬‬

‫أ ما أن السلم عال النبات وليس ف حا جة إل هذه الصيحات ‪ .‬فإ ن أقول أن وا قع السلمي من وجود‬
‫الحتلل على أرضهم ف كل البلد العربية والسلمية – فضل عن أنم يكمون ف بلدهم بغي شريعة ربم ‪ ..‬دليل‬
‫على أن السلم ف حاجة شديدة وملحة لكل صيحة بل ولكل يد تبن صرح السلم من جديد ‪0‬‬

‫وكيف يكون السلم عال النبات يا رفعة الباشا وقد عقدت مؤتركم هذا قبل صلة الغرب وانتهى بعد‬
‫صلة العشاء فأهدر ت فري ضة إ سلمية على اللف من ال سلمي الذ ين حضروا هذا الؤت ر وعلى رأ سهم زع يم أ مة‬
‫تدعى السلم‪.‬‬

‫وإ ن لزلت أذ كر ت صريح رفعت كم لرا سل إحدى الوكالت الجنب ية( ) ح ي قلت إ نك مع جب بل ت فظ‬
‫‪1‬‬

‫بكمال أتاتورك مؤسس تركيا الديثة‪ ..‬لقد تعجبنا كيف يكون إعجابك برجل حارب السلم بإناء اللفة وتغيي‬
‫اللغـة العربيـة إل اللغـة اللتينيـة ومنـع الذان باللغـة العربيـة وإغلق السـاجد وإحالتهـا إل متاحـف ‪ ..‬وأخيا إلغاء‬
‫التحاكم بالشريعة السلمية ‪0‬‬

‫صدر التصريح لمراسل شركة البناء الناضولية فى يونيو سنة ‪ 1935‬ونصه كما جاء على لسان النحاس باشا ‪(( :‬أنا بل تحفظ بكمال أتاتورك ليس‬ ‫‪1‬‬

‫فقط بناحيته العسكرية ولكن لعبقريته الخالصة وفهمه لمعنى الدولة الحديثة التى تستطيع وحدها فى الحوال العالمية الحاضرة أن تعيش وتنمو ))!!!‬
‫يا رفعة الباشا ‪ :‬يب أن تعلم أن ضمي مصر ل يزال حيا مفعما بالسلم وأن الشعب السلم ل يرتضى بغي‬
‫الكم بالقرن شرعة وبديل ‪0‬‬

‫مؤتر مونتروا وحفل أنطونيادس‬

‫كتب ال ستاذ الرشد ف ملة النذير العدد العاشر ‪5‬جاد ثان سنة ‪ 1357‬ال سنة الول (االخوان بي السياسة‬
‫والدين – أهو تدخل حزب أم قيام بواجب إسلمى؟ أيها الناس تردوا عن الغاية وافهموا المور على وجهها )‪0‬‬

‫ل ير يد كث ي من الناس أن ينظروا إل القائق إل بنظار مطموس بالغايات ملوث بالهواء سودته الزازات‬
‫الزبية وتكاثفت على زجاجه الضغائن الشخصية وما دام ذلك كذلك فلن يصل هذا إل الق وإن كان أوضح من‬
‫النهار وأضوأ من الش مس الشر قة – فالوى وال ق ل يتمعان ‪ .‬والغا ية والن صاف خ صمان لدودان ولو أت بع ال ق‬
‫أهواءهم لفسدت السموات والرض ومن فيهن))‪0‬‬

‫ول يريـد هذا الصـنف مـن الناس أن يفهـم أن السـلم قـد أفتـ فـ شئون الياة جيعا وتناول أمور الدنيـا‬
‫والخرة بالبيان واليضاح ورسم للناس فيها حدودا إن إتبعوها فهم مسلمون صادقون وإن خرجوا عليها فهم آثون‬
‫مالفون يقولون مال يفعلون‪ .‬ومـا دام السـلم قـد بيـ للناس نظام الكـم وقواعده‪ ،‬ووضـح لمـ حقوق الاكـم‬
‫والحكوم ف بيان شامل فاصل فإن السلم بذا قد ضرب ف صميم السياسة وتناول أخص خصائص رجالا وزج‬
‫بأحكا مه ف تيار ها وألزم الناس النول على هذه الحكام و هل أو ضح ف هذا من ال تبارك وتعال (( وأن أح كم‬
‫بينهم با أنزل ال ول تتبعأهواءهم وأحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل ال إليك فإن تولوا فأعلم أنا يريد ال أن‬
‫يصيبهم ببعض دنوبم وإن كثيا من الناس لفاسقون أفحكم الاهلية يبغون من أحسن من ال حكما لقوم يوقنون)‪.‬‬
‫وما دام السلم قد فرض على الناس أن يهروا بالق وأن يأمروا بالعروف وأن ينهوا عن النكر وأل يقروا ظالا على‬
‫ظلمه وأل يستسلموا لائر ف جوره وأن ياهدوا أمراءهم وحكامهم وأول الرأى منهم ف سبيل إقامة موازين العدل‬
‫حت تقوم وإعلء كلمة ال حت ترتفع على الرءوس وإظهار شعائر السلم حت تسمو كل منار فهو بذلك قد فرض‬
‫على السلمي جيعا اليقظة السياسية والتدخل ف شئون السياسة وأعطى المة حق مراقبة قوادها وزعمائها وحكامها‬
‫وأمرائ ها وملوك ها ووزراءئ ها وأ هل النفوذ والرأى في ها ف ما من كبي إل وال ق م نه و ما من ضع يف إل و هو أقوى‬
‫الناس بقه وهل أوضح ف ذلك من قول ال تعال (لعن الذين كفروا من بن إسرائيل على لسان داود وعيسى بن‬
‫مر ي ذلك ب ا ع صوا وكانوا يعتدون‪ ،‬كانوا ل يتناهون عن من كر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون) و من قول الر سول‬
‫صلى ال عل يه و سلم ( سيد الشهداء حزة بن ع بد الطلب ور جل قام إل إمام جائر فأمره وناه فقتله ) ف أحاد يث‬
‫وآيات أك ثر من أن يت سع ل ا كتاب‪ ..‬ما دام ال سلم يقول هذا أي ها الناس فل يس هناك شىء أ سه د ين وآ خر ا سه‬
‫سياسة وهى بدعة أوربية أراد خصومكم با أن تفتر حاستكم للسلم وأن يصرفوكم عن نظمه إل نظمهم الفاسدة‪،‬‬
‫وليس هناك ف حقيقة المر إل شىء واحد هو شريعة ال الت صلح عليها أمر الدنيا والخرة ووضعت الناس أفضل‬
‫الن ظم ف سياسة معاش هم ومعاد هم وحكم ها وقضائ هم وحرب م و سلمهم وأخذ هم وعطائ هم (اليوم أكملت ل كم‬
‫دينكم وأتمت عليكم نعمت ورضيت لكم السلم دينا ) ‪0‬‬

‫أي ها الناس – ضعوا عن أب صاركم هذه الناظ ي اللو نة ال ت قدمت ها إلي كم أور با وروج ها علي كم ساسة هذا‬
‫العصـر وانظروا إل السـلم بنور ال الذى هداكـم إليـه فحبـب إليكـم اليان وزينـه فـ قلوبكـم ترون ذلك جليـا‬
‫وتبصرونه واضحا وتعلمون أن الق ف جانب الخوان السلمي وأن الطأ كل الطأ ف نظرات الزعماء السياسي‬
‫الذين يفرقون بي السياسة والدين ‪0‬‬

‫وب عد – أي ها الناس ‪ .‬ف قد اختل فت أحكام كم على الخوان وكتابات – الخوان ف هذه ال صحيفة وذهب تم‬
‫في ها كل مذ هب وجافي تم ال صواب كثيا وحكم تم بأهوائ كم إل بقي قة ال مر وال سألة أب سط من ذلك وأهون م ا‬
‫تظنون ‪0‬‬

‫كتب الخوان ينتقدون رجال الكومة الاضرة نقدا مرا لذعا أليما فيه صراحة وفيه وضوح وفيه حساب‬
‫عسي وفيه مؤاخذة شديدة ‪ .‬نقدوا وزير الارجية ف حفل البعثة اليرانية وما كان فيه من خر ورقص وعبث ولو‬
‫بأموال الفلحي با يالف أوامر الدين‪ ،‬ونقدوا وزير الداخلية السابق ف سفره ظهر المعة وتركه أداء فريضتها مع‬
‫منشوره للمديرين والحافظي ورجال الدارة بوجوب مشاركة السلمي ف أداء هذه الفريضة القدسة‪ ،‬ونقدوا وزير‬
‫الال ية الال والنائب العام ف حضور مياد ين ال سباق والراه نة على ال يل و هى بوضعها الا ضر قمار صريح ل شك‬
‫ف يه‪ ،‬ونقدوا رئ يس الوزراء ف ت صريه الاص بقض ية فل سطي( ) و ف إعجا به بفر سان الغار بة يزينون مياد ين فرن سا‬
‫‪1‬‬

‫وهم سللة الشاوس الفاتي من أبطال الوحدين كتبوا ف كل هذا وسوف ل تقف هذه القلم عن هذا النقد أو‬
‫هذا النصح ما وجدت إليه سبيل ولن تقف ف سبيلها عقو بة أو ماكمة فنحن نر تل دائ ما قول الر سول (إن أع ظم‬
‫كلمة حق عن سلطان جائر) فلماذا تأولتم أنتم أيها الناس كلماتنا هذه؟ ونظرت إليها من خلل غايتكم وغفلتم تاما‬
‫عن الدافع القيقى لا‪ ،‬فأما الكوميون منكم فقالوا ف أنفسهم وف متمعاتم وفديون ناسيون مهرجون مأجورون‬
‫ل يرضي هم شىء ول يعترفون بحمدة‪ ،‬كل ه هم خ صومة الكو مة وعداوة الكو مة والن يل من الكو مة ورجال‬
‫الكومـة‪ .‬وقال الوفديون وأنصـارهم إن الكومـة ل تغدق على هؤلء القوم مـن العانات الاديـة ول تعطهـم مـن‬
‫ال صروفات ال سرية ول تقق ل م مطالب شخ صية ف هم لذا يملون عليها وينتقدون رجالا ويشهرون بأعمال ا وهو‬
‫انتصار للوفد مبي ‪0‬‬

‫وك تب الخوان مع الكلمات ال سابقة و ف أعداد واحدة ينقدون رف عة النحاس با شا ف ت صريه عن الدود‬
‫السلمية وينددون بوقفه من التشريع السلمى ويعيبون على الؤتر الوفدى إضاعته لصلة الغرب ويطالبون الوفد‬
‫ورجال الوفـد بالرص على شعائر السـلم ومظاهـر السـلم‪ .‬فانعكسـت اليـة وانقلبـت التهمـة وفرح الكوميون‬

‫سئل رفعته من أحد الصحفيين عما أعده لقضية فلسطين‪ ،‬فأجاب ‪ :‬أنا رئيس وزراء مصر ولست رئيس وزراء فلسطين)‪ ..‬ومعنى ها أن الستعمار‬ ‫‪1‬‬

‫نجح فى عزل مصر عزل تاما عن قضايا العرب والمسلمين ‪0‬‬


‫واغتاظ الوفديون وأ صدر كل منه ما على العدد الوا حد من أعداد النذ ير حكم ي متناقض ي ف هو العدد بعي نه و من‬
‫يكتب فيه وفدى وحكومى وماهرى وناسى ومؤيد ومعارض كل ذلك ف وقت واحد هذه الحكام التناقضة كلها‬
‫خاطئة وإنا جر الناس إليها أمرا واحد هو أنم ل ينظرون إل المور إل من وراء الفكار الزبية‪ .‬والق أيها الناس‬
‫أن نا ح ي نن قد الكو مة أو الو فد ل نكره واحدا منه ما ول نع تب هذا الن قد معار ضة إل ف هذا الع مل الذى نقدناه‬
‫وحي نؤيد واحدا منهما ونثن على عمل حيد صدر منه معن هذا أننا معه أو مؤيدوه إل ف هذا العمل وحده ونن‬
‫على إ ستعداد لن نؤ يد اليوم من نقدناه بالمس إذا أحسن أجاد وأن ننقد اليوم من أيدناه بال مس إذا أعوج والتوى‬
‫وليس ذلك بتلون منا ول نفاق ولكنه نزول على حكم الق أينما كان – وليس هذا أيها الناس تدخل حزب أو كيد‬
‫سياسى ولك نه أداء وا جب دي ن فر ضه ال هو وا جب ال مر بالعروف والن هى عن الن كر فهل آن أن نتف هم معاهدة‬
‫القي قة فنتعاون جي عا على أن نرى ال ق ح قا ونتب عه والبا طل فنجتن به ونار به ذلك ما نر يد أن يفه مه الناس ع نا‬
‫ويملوا عليه كتاباتنا ولنا عود إل هذا الوضوع ‪0‬‬

‫حسن البنا‬

‫وتضى اليام ويعرف حزب الوفد الخوان السلمي وزنم وقدرهم ‪ 000‬وهذا هو الدليل ‪:‬‬

‫زيارة وزراء حكومة الوفد للمركز العام للخوان السلمي ‪:‬‬

‫ف مساء الحد ‪ 12‬من جادى الول الوافق ‪ 16‬من مايو ‪ 1943‬كنت ف القاهرة حي تفضل بزيارة دار الركز‬
‫العام للخوان ال سلمي أ صحاب العال فؤاد سراج الد ين با شا وز ير الزرا عة وع بد الم يد ع بد ال ق وز ير الشئون‬
‫الجتماعية وأحد حزة بك وزير التموين – وممود سليمان عنان وزير التجارة والصناعة وسعادة صلح الدين بك‬
‫سكرتي عام ملس الوزراء – وبعض حضرات الشيوخ والنواب الحترمي يتقدمهم صاحب العزة عبد الميد الوكيل‬
‫بـك وممود عبـد اللطيـف بـك وكان بيـ زوار الدار فـ هذه الليلة صـاحب العزة ممود زكـى بـك خـبي مصـر‬
‫القتصادى ف السودان يرافقه حضرات إخواننا طلب القوق السودانيي ‪0‬‬

‫وعلى مائدة شاى ب سيطة على سطح الدار جهزت ب كبات ال صوت – أو صلت كلمات الطباء إل ألوف‬
‫الاضرين من الخوان وأهال الى وكانت فرق الوالة على جانب الطريق لتحية الضيوف والحافظة على النظام ‪0‬‬

‫‪0‬‬ ‫واجتزئ هنا بعض كلمات الضيوف الكرام‬

‫أما صفة التواضع فقد تلت ف وقفة وزير الزراعة وقوله ((إنه يعتب نفسه من الن جنديا ف جيش الخوان‬
‫الرار )) ‪0‬‬

‫وقال وز ير الشئون الجتماع ية ‪(( :‬إ نه يعت قد أن دعوة الخوان سيكون ل ا شأن عظ يم ف ال ستقبل ح يث‬
‫سيلتقى عندها الميع وتكون الوسيلة الوحيدة لنقاذ الشعب الصرى)) ‪000‬‬
‫وقد ذكر حضرات أصحاب العال الوزراء ما قامت به الكومة من مناصرة الفكرة السلمية وتقيق كثي‬
‫ما يطالب به السلم ويعمل له الخوان السلمون كإلغاء البغاء والشروع ف تنظيم الزكاة ومناصرة اللغة العربية لغة‬
‫القرآن الكري وتري تعاطى المور ف أيام الواسم والعياد الرسية ‪000‬‬

‫كلمة الستاذ الرشد ف حفل الوزراء ( )‬


‫‪1‬‬

‫وباخت صار شد يد أذ كر من كلمات ال ستاذ الر شد حضرات أ صحاب العال وال سعادة والعزة ‪ :‬حضرات‬
‫ال سادة الفضلء والخوة الح بة جي عا – ال سلم علي كم ورح ة ال وبركا ته وب عد – ف هى ساعة طي بة كري ة تلك‬
‫الساعة الت تفضلتم فيها – بزيارة دار الخوان فأسعدتونا بلقائكم وآنستمونا بتشريفكم – فشكر ال لكم وجزاكم‬
‫عنا خيا ‪00‬‬

‫وكانت مفاجأة سارة أن يزورنا كذلك هؤلء الخوة الكرام من طلبة القوق بالسودان‪ ،‬أولئك الذين انتقلوا‬
‫من وطنهم النوب إل وطنهم الشمال وخرجوا من دارهم إل دارهم ف سبيل التزود من العلم وتوثيق روابط الخوة‬
‫والب‪ ..‬ول يس هذا أي ها ال سادة بأول ج يل تسدونه لذا الدار ومن ها الذ ين في ها – ف قد أراد ال أن يت حن الخوان‬
‫لظ هر مبلغ حكمت هم وح سن تقدير هم للظروف وعلج هم للحوادث ولي سلك ب م ف ذلك المتحان م سالك أ هل‬
‫الدعوات واليان من قبل (أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم ل يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن‬
‫ال الذين صدقوا وليعلمن الكاذبي) ‪0‬‬

‫فوجدنا من حضراتكم حي الحنة ج يل الشاركة ف العاطفة وح سن الساعدة والعاونة على تصفية الو‬
‫ومناصرة الق‪ .‬حت عادت الياه إل ماريها بفضل جهودكم الوفقة‪ ..‬وانقشعت الغشاوة وظهر وجه الباءة مشرقا‬
‫وتلك سنة ال أل يقوم البا طل إل ف غفلة ال ق – بل نقذف بال ق على البا طل فيندم غه فإذا هو زا هق – وإن من‬
‫الوفاء أن أذكر ف هذا الوقف رجل جليل وقف إل جانب الخوان حي الحنة موقفا كريا وكان له ف الدفاع عن‬
‫دعوتم أثر مشكور ونصيب موفور ذلك هو سعادة عبد الواحد الوكيل باشا رحه ال وتغمده برضوانه ‪0‬‬

‫ولي ست هذه الوا قف إل جا نب الخوان دعوت م غري بة من كم‪ ،‬لن هذه الدعوة لي ست بعيدة من كم‪ ،‬فدار‬
‫الخوان بأبـ قرقاص هـى دار معال وزيـر الشئون الجتماعيـة باذات وأسـركم الكريةـ وآلكـم الفضـل هـم الذيـن‬
‫يشجعون هذه الدعوة ف البلدجان والقاليم فليس من العجيب بعد ذلك أن تسعد بكم دار الخوان لنكما جيعا من‬
‫الخوان وتدفعن هذه الصلة بي حضراتكم وبي الدعوة إل أن أتبسط قليل ف الديث عن غاية الخوان ووسائلهم‬
‫وخصائص دعوتم ‪00‬‬

‫‪00‬‬ ‫وبعد أن مضى ف شرح أهداف الخوان ووسائلهم‬

‫عن مجلة ((الخوان المسلمون)) العدد ‪ 12‬الصادر فى ‪9‬جمادى الخر سنة ‪1362/12‬يونيه سنة ‪( 1943‬باختصار)‪0‬‬ ‫‪1‬‬
‫قال ‪ :‬و من خ صائص هذه الدعوة أن ا م نذ نشأت و قد م ضى علي ها الن خ س عشرة سنة عا صرت في ها‬
‫متلف اليئات والكومات ل تنحدر يو ما من اليام إل الزالق ال سياسية ول تنحدر يو ما ول تتلون باللوان الزب ية‬
‫ول تتورط ف النافع الشخصية ول تضع ليمنة عظيم من العظماء أو سلطان وجيه من الوجهاء – ول تعمل ساعة‬
‫من نار ل ساب ش خص أو هيئة أو حزب أو دولة لن ا صبغة ال و من أح سن من ال صبغة ودعوة ال سلم و هل‬
‫أقدس منها دعوة؟‬

‫وهداية ال للناس أجعي ل تنفرد با أمة دون أمة (تبارك الذى نزل الفرقان على عبده ليكون للعالي نذيرا)‬
‫وهى مياث رسول ال صلى ال عليه وسلم – فهى أكرم على ال وعلى القائمي با من أن تكون وسيلة لغنم حزب‬
‫أو تورط سياسى أو استغلل شخصى (ومن أحسن قول من دعا إل ال وعمل صالا وقال إنن من السلمي)‪0‬‬

‫ولقد قام الخوان السلمي بدعوتم معتمدين بعد ال وحده على أنفسهم وجهودهم ل يتوجهون إل بوحى‬
‫من ضمائرهم ول ينفقون إل من ذات يدهم ول يستمدون من أحد عونا إل ال ( وكفى بال وليا وكفى بال نصيا)‬
‫و هم يعتقدون أن ذلك سر ناح هم به متم سكون وع يه ثابتون إن شاء ال (ولين صرن ال من ين صره إن ال لقوى‬
‫عزيز)‪0‬‬

‫وكان ما يظن بعض الناس أن الخوان السلمي فكرة موضوعة وهيئة مصنوعة صنعتها أيد وأهواء لتنال من‬
‫الو فد أو من غيه فتنتصر لزب على حزب أو تظا هر قو ما على قوم وذلك و هم ل أصل له وبا طل ل خ ي ف يه (إن‬
‫يتبعون إل الظن وما توى النس ولقد جائهم من ربم الدى‪ ،‬وإن الظن ل يغن عن الق شيئا) فالخوة السلمون‬
‫حزبيي ولن يكونوا كذلك بل هم دعاة وحدة وسلم وصفاء ووئام يمعون ول يفرقون ويبنون ول يهدمون ويودون‬
‫من أعماق قلوبم أن تتمع كلمة العالي من أبناء هذا الوطن العزيز على ما فيه خيه وهناءته ويشي إل ذلك قانونم‬
‫الساسى… وهم بعد ذلك يأملون من الوفد وهو اليئة التأسيسية والسياسية الكبى ومن رفعة رئيسة الليل وهو‬
‫الر جل ال سلم الغيور على دي نه – الؤدى لفرائ ضه أن يكون عو نا للخوان على أداء ر سالتهم وتق يق غايت هم فيقدم‬
‫للمجتمع الصرى خدمة جلى يكتب له أجرها ويسجل له أثرها (فمن يعمل مثقال ذرة خيا يره)‪0‬‬

‫وقال الستاذ الرشد ‪ 00‬وكلمة ختام ية أتوجه با إل حضرات أصحاب العال الوزراء خاصة وإل أولياء‬
‫المور عا مة بعاطفة الو طن ل بلسان السياسى و هى النصيحة الواجبة ل معدى عنها ول مناص منها ‪ -‬ر سول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪( .‬الدين النصيحة قلنا لن يا رسول ال قال ‪ :‬ل ولرسوله ولكتابه ولئمة السلمي وعامتهم)‪0‬‬

‫أيها السادة الوزراء – إنكم أولياء المر ورعاة الشعب وأنتم السئولون بي يدى ال عما استودعكم وقد قال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم ( ككلم راع وكلكم مسئول عن رعيته) ف أيدى سلطات واسعة ل يجزكم شىء‬
‫عن استخدامها والنتفاع ف خي هذا الشعب با – إن ال ليزع بالسلطان مال يزع بالقرآن فاقدروا هذه التبعة وإنا‬
‫لعظية – واستخدوا هذه السلطات النتشرة وتقربوا إل ال بناصرة العروف النكر وصال العمل (واتقوا يوما ترجعون‬
‫فيه إل ال ث توف كل نفس ما كسبت وهم ل يظلمون ) ‪0‬‬

‫من مدرس الط إل الرئيس الليل ‪:‬‬

‫وف الطاب الشهور باسم ((من مدرس إل رفعة الرئيس الليل)) ( )‪ ،‬وهو الطاب الذى بعثه الرشد إل‬
‫‪1‬‬

‫حزب الوفد يشكره وأعضاء حزبه على تقريرهم مساعدة إخواننا البطال الجاهدين عرب فلسطي ف ذلك الوقت‬
‫وأيضا على دعوتم مثلى الشعوب الشرقية الظلومة إل حضور مؤتر الزب ‪0‬‬

‫‪ 00‬ف هذا الطاب الذى ذكره فيه بوقفه من السلم وتاون أعضاء حزبه ف واجباتم السلمية وإهالم‬
‫إحياء شرائع السلم لساب ما يسمونه ((الوحدة الوطنية بي عنصرى المة‪ ،‬ف هذا الطاب قام فضيلته بكشف‬
‫أبعاد تصريح (الرئيس الليل) لكا تب شر كة البناء الناضولية ودللت إعجابه بكمال أتاتورك الت تع ن أن الوفد‬
‫يشجع اللدينية فقال ‪ 00 (( :‬هذا التصريح ليس تصريا أجوفا وليس تصريا يصدر هكذا عن ماملة أو عن غي‬
‫روية سابقة وفكرة مستقرة تريد أن تبز إل حيز الوجود ف الوقت الناسب حي تتهيأ لا الظروف وإن سبق اللسان‬
‫فأظ هر مكنون الضم ي فأن تم ت سجلون ف هذا الت صريح أن هناك شيئا ا سه الدولة الدي ثة‪ ،‬و هى ال ت فهم ها كمال‬
‫أتاتورك ف دولته الديثة قد ترد من كل الظاهر السلمية فكأنكم ف هذا تعلنون ف صراحة أن مصر ل تستطيع أن‬
‫تعيش وأن تنمو ف الحوال العالية الاضرة إل إذا تردت هى الخرى من كل مظاهر السلم كما فعلت تركيا‪،‬‬
‫وكأن هذا هو عنوان منهاجكم ومور الصلح الذى تريدونه لذا الوطن بعد النتهاء من قضاياه الارجية‪ ،‬ولست‬
‫رجل من آحاد الناس بل أنتم زعيم يؤول إليه الكم وتلقى إليه مقاليد المة !!!‬

‫‪ 000‬هذا التصريح دليل مادى بي يدى الذين يرون أن الوفد يعمل على سياسة إن ل تكن تناوئ السلم‬
‫فهى على القل ل تستمد منه ول تعن بشأنه ويسرها أن تتخلص من تبعاته ‪00‬‬

‫وما جاء ف هذا الطاب أيضا قول فضيلة الرشد ‪ 00 (( :‬والن وقد فكرت ف التاه إل الناحية السلمية‬
‫العربية فأصدرت فراركم بصوص فلسطي الباسلة وبصوص دعوة مثلى المم الشرقية ‪00‬‬

‫الن والمر كذلك – هل لنا أن نأخذ من هذا أن الوفد جاد ف تعديل موقفه الاضى من السلم أم لزالت‬
‫هذه الظاهرات مناورات سياسية إقتضتها الظروف والوادث يراد با النتصار السياسى على خصوم والوفد والعودة‬
‫إل قيادة الرأى العام ث إل ال كم‪ ،‬ح ت إذا ت عاد سيته الول من الغضاء والتجا هل والهال ل كل إ صلح ي ت‬
‫بصلة إل السلم – ثق يا باشا بأنه إذا كانت هذه الغاية فإن ال ل يؤيد إل من أخلص له وصدق توجهه إليه ولن‬
‫ينال الو فد شيئا م ا يف كر ف يه أو يتطلع إل يه فإن ال أ شد غية على دي نه من أن يكون سلما للمطا مع ومط ية للهواء‬
‫والشهوات وإن كانت الول فندع الاضى جانبا ولننسه بيه وشره ولنضع منهاجا للمستقبل فذلك هو الذى يعن‬

‫انظر نص هذا الخطاب فى كتابنا القادم بمشيئة ال (فى قافلة الخوان المسلمين) ‪0‬‬ ‫‪1‬‬
‫ال مة ويؤدى إل النجاح ولي كن هذا النهاج مرتكزا على قوا عد ال سلم م ستمدا من تعالي مه ال سامية وأ صوله ال نبيلة‬
‫الدقيقة ‪ .‬ولذلك – إن صح العزم عليه – علمات ودلئل نطالبكم با وناسبكم عليها فل قيمة لدعوى بغي دليل‬
‫وبرهان‪ .‬ومن هذه الدلئل ‪:‬‬

‫أو ًل ‪ :‬أن يكون أعضاء الو فد واليئة الوفد ية وعلى رأ سهم رفعت كم ناذج صالة لل ستمساك بال سلم ف‬
‫أنفسهم وبيوتم وكل مظاهر حياتم فيؤدون الفرائض ويؤمون الساجد ويتنعون عن غشيان الندية الفاجرة والذهاب‬
‫إل الصالت الليفة ويصدرون عن هذه السالك ف ت صرفاتم العا مة والاصة وتزد أن اجتماعات الوفد ومؤترات‬
‫الوفد بلحظة الوقات وأداء الصلوات ويبنه على ذلك تنبيها جادا ف كل اللجان الوفدية صغية أو كبية ويراقب‬
‫أعضاؤ ها ف هذا ويؤخذون به على أن القدوة ال سنة من جانب كم وجا نب أعضاء الو فد البارز ين في ها الكفا ية ف‬
‫التأثي وحل النصار على إنتهاج هذه الطة القوية والتمسك بآداب السلم وشعائره ومظاهره ‪0‬‬

‫ثانيا ‪ :‬أن يعلن الوفد منهاجه الصلحى مستمدا من قواعد إسلمية متضمنا لا يأتى ‪:‬‬

‫‪0‬‬ ‫‪-1‬العناية بإصلح التشريع وتوحيد الحكمة الصرية ف ظل الشريعة السلمية‬


‫‪-2‬العناية بإصلح التعليم وتوحيد الدرسة الصرية ف ظل الشريعة السلمية كذلك ‪0‬‬

‫‪-3‬العناية بتجنيد القادرين ف المة جيعا تنيدا تطوعيا ل يكلف الكومة شيئا باسم الواجب‬
‫الدين الفروض على كل مسلم؛ واجب الهاد القدس الذى يدوى به النفي العام ف قوله‬
‫تعال ((انفروا خفافا وثقال وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم ف سيل ال))‪0‬‬

‫‪-4‬ماربة الوبقات الت يرمها ال والت أفسدت أخلقنا وهددت متمعنا والقضاء عليها قضاء‬
‫تاما كالبغاء والقمار والمور والتهتك والراقص والصالت والندية الداعرة ‪ 00‬إل‪ ،‬وأخذ‬
‫كل خارج عن أداب السلم بالعقوبة الرادعة ‪0‬‬

‫‪-5‬العنا ية بشروعات ال صلح القت صادى وال ستعانة ف تق يق ذلك بتنظ يم الزكاة جبا ية‬
‫ومصرفا ‪0‬‬

‫‪-6‬مقاومة روح التقليد الورب وتعويد الشعب العتزاز بكرامته وقوميته ‪0‬‬

‫‪-7‬العنا ية بإ صلح الدارة وال سرة والقر ية وتطه ي ذلك كله من كل ما يتنا ف تهيدا لعودة‬
‫((اللفة)) وتوكيدا للوحدة الت فرضها السلم ‪0‬‬

‫‪-8‬دعوة خصوم الوفد السياسيي إل انتهاج هذا النهج وبذلك يقضى على الزبية السياسية ‪0‬‬

‫هذه ناذج ماـ يبـ أن يعلنـه الوفـد فـ منهاجـه الديـد على المـة ل نقصـد بإيرادهـا السـتقراء التام ول‬
‫الستقصاء الكامل ولكن نسوقها كأمثلة ما يب أن يكون ‪0‬‬

‫جرية منكرة ‪:‬‬


‫وف ربيع الول سنة ‪ .. 1367‬دبرت عناصر حزبية جرية بشع هى ف سجل الزبية والحزاب ف مصر أمر‬
‫ل يس بالغر يب ‪ ..‬ف فى شبي الكوم الثانو ية وجدت العنا صر الزب ية أن الطلب قد بدأوا ينحازون إل صف الر كة‬
‫السلمية بدافع الفطرة الت تبحث عن الي فتتجه إليه وتس البيث فتنصرف عنه ‪0‬‬

‫وعـز على الحزاب يومهـا أن تطوى صـفحتها بيـ الطلب وجاهيهـم بعـد أن جرى السـلم فـ عروق‬
‫الركة الطلبية فأيقظ وجدانا وحرك ضميها فدبرت عناصر من تلك الحزاب جريتها بأحد النوادى الاصة با ف‬
‫شبي الكوم ليل ‪ 00‬ونفذت ا ف مدر سة شبي الكوم الثانو ية نارا ‪ 00‬وكا نت النا سبة ال ت أختارت ا العنا صر الزب ية‬
‫لتنفيذ مؤامرتا هى ذكرى الولد النبوى ‪0‬‬

‫‪1367‬‬‫لقد قامت هذه العناصر الزبية باغتيال الطالب صادق سعد مرعى ف ‪ 24‬ربيع الول من العام الجرى‬
‫‪ ..‬حيث التف طلب الدرسة حول الفكرة السلمية وأقاموا احتفال بذكرى الولد ل يد الزبيون لم فيه مال‬
‫فأعماهم القد والنق عن السبيل السوى ‪ 00‬فعبوا عما ف النفوس ف حزبية منحرفة ضلت طريقها بنجر أغمدوه‬
‫ف صدر الطالب الشهيد ‪0‬‬

‫وكتبت جريدة ((الخوان السلمي )) تقول ‪:‬‬

‫ل يس اغتيال صادق سعد مر عى يوم ال سبت الا ضى بتلك الطع نة الئ مة ال ت سددها إل قل به وك يل إحدى‬
‫اللجان الزبية بدرسة شبي الكوم الثانوية إل ثرة من ثار النظل الت ننيها من شجرة الزبية البغيضة القاتلة منذ‬
‫قامت ف مصر هذه الحزاب ‪ ..‬ومن الي لذه المة أن تتجرع كأس القيقة وإن كان مرا من أن نتمادى ف تاهل‬
‫هذا الداء عن ذلك الوباء‪ ،‬فما زال سبيل اللص ف يدها… وما زالت إرادتا من إرادة ال‪ ،‬وال يقول‪(( :‬وإن هذه‬
‫امتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون))‪00‬‬

‫لقد حل الشهيد إخوانه الطلب والهال على العناق إل بلدته ميت موسى ف مشهد رهيب حيث قر ف‬
‫مثواه الخي وشيعوه بالعبات السفوحة ورثوه بسيته العطرة فقد كان زهرة شباب الدرسة وألعهم نما‪ .‬أنضر ما‬
‫يكون فتوة وشبابا وأقوى ما يكون وطنية وإيانا وأكمل ما يكون خلقا ودينا ‪00‬وتبادل الناس فيه العزاء وكلهم ف‬
‫الطب سواء ‪ ..‬ومع ذلك فما بقى من الادث السيف ف قلب مصر‪ ،‬وتلف عنه ف نفس كل مصرى أكب من أن‬
‫يزول بالدموع والل أو ينسى مع الحداث واليام‪ .‬وإن ما شهدناه بأعيننا ولسناه بأنفسنا ف شبي الكوم وف بلد‬
‫الفقيد وعند كل من بلغه الب من الزن البالغ على الشهيد العزيز والثورة الصارخة على هؤلء الثي الذين حاكوا‬
‫الؤامرة ف نادي هم و سخروا ل ا الدوات من الشباب الضلل ل يردع هم عن ذلك ما فة ح ساب من د ين أو قانون‪.‬‬
‫وحديث الناس ف كل مكان عن هذا الادث وبواعثه وعن مدبريه وحزبم‪ ،‬كل ذلك جعل المر أخطر وأجل من‬
‫أن يعال بالكتفاء بتقد ي ع نق القا تل للمق صلة ف الو قت الذى يعلم الم يع ف يه أن ال سئول عن هذا التوج يه وذلك‬
‫التدبي هم السئولون عن الزب الذين أعمتهم شهوة الكم عن الصلحة العامة وأحلت لم ما حرم ال من قتل أنفس‬
‫البرياء بدافع القد على المني العاملي لدعوة ال ورسوله ما داموا ل يعملون لدعوة زعيم أو حزب كأنا هى أمة‬
‫الطاغوت ل أمة السلم ‪0‬‬

‫لقد كان الناس يتساءلون ‪ :‬أحقا هى يد مصرية تلك الت سددت الطعنة إل قلب مصرى؟ وهل هو توجيه‬
‫إ سلمى ذلك التوج يه الذى ا ستعمل الغتيال وتدم ي هذه الؤامرات؟ ‪ ..‬فكان الواب الذى ل يتغ ي ‪ :‬بل هى يد‬
‫حزبية عمياء ‪ ..‬ل يكمها وطن أو دين ‪0‬‬

‫وف ‪3‬ربيع الثان سنة ‪ 13 ،1368‬فباير سنة ‪ :1948‬كتب المام الشهيد حسن البنا نداءه إل الخوان الطلب‬
‫يذكرهم برسالتهم وبضرورة الرتفاع عن مهاترات الحزاب ووسائلها ومؤامراتا ‪ ..‬كتب رحه ال يقول ‪:‬‬

‫((السلم عليكم ورحة ال ‪ ..‬وبعد ‪ ..‬فالن وقد إنتهت إجازتكم وعدت إل معاهدكم أحب أن أتقدم‬
‫إليكم بالوصية بعد جيل العزاء ف شهيدنا البور وفقيدنا العزيز الطالب النجيب‪ :‬صادق سعد مرعى ‪ ..‬عوضنا ال‬
‫فيه الي وأجزل له ولسرته الكرية ولنا أجر الصب آمي ‪ ..‬فأوصيكم بثلث فاذكروا دائما ‪:‬‬

‫‪-1‬أنكـم فـ دور العلم ومعاهده طلب قبـل أن تكونوا منتسـبي إل – أحزاب أو هيئات ‪..‬‬
‫أنكـم أسـرة واحدة تمعهـا كرامـة العلم وقدسـية الزمالة واحفظوا على أنفسـكم وحدتاـ‬
‫واحذروا كل فتنة‪ ،‬وأعرضوا عن اللغو ول تشغلوا أنفسكم إل بالنافع الفيد ‪00‬‬

‫‪-2‬ول تن سوا أبدا أن خ ي ما تك سبونه لنف سكم وتعتدون به لمت كم ف هذه الرحلة من‬
‫حياتكم أن تنهلوا من العلم الذى بي أيديكم وأن تستزيدوا منه ما وسعتكم الستزادة ول‬
‫يكن قصارى هكم أن تتازوا امتحانا ولكن اجعلوا هكم أن تلوا قلوبكم ورءوسكم با‬
‫يقيم مد هذه المة على أساس متي ‪0‬‬

‫‪-3‬والثال ثة يا شباب أن تكونوا أمناء على الدور الذى تملو نه ف قلوب كم وعلى معادن ل ي‬
‫الت أقرتا يد ال ف حنايا ضلوعكم وأعلموا أن المل فيكم بقدر ما تفظون من أخلقكم‬
‫وليكن جهادكم لنفسكم أول شعية ترضون با ربكم وتعززون با أوطانكم‪ .‬فو ال ما‬
‫أودى بذا الوطن العظيم سلح ول رهبة إل هذا الصغار ف اللق والعبث ف الضمائر ف‬
‫النفوس الرخي صة أ ما أن تم يا طلب شبي الكوم فو صيت ل كم خا صة أن تت سبوا فقيد كم‬
‫الكري ل عز وجل وأن تتركوا للقضاء ما يعن له من الكم الرادع إن شاء ال وأن يكون‬
‫ا ستشهاد فقيد كم العز يز عبة تلمون ب ا شل كم موتقطعون ب ا الطر يق على فت نة يراد ب ا‬
‫التفر يق ب ي صفوفكم ع ما أن تم ب سبيله من طلب العلم والتفرغ له‪ .‬هذه و صيت أزجي ها‬
‫إليكم‪ .‬وكلى فيكم أمل وثقة‪ .‬وال على قلوبكم نعم الليفة‪ ..‬والسلم عليكم ورحة ال‬
‫وبركاته ‪00‬‬
‫حسن البنا‬
‫الرشد العام للخوان السلمي‬

‫‪000‬‬ ‫حت السجد انتهكوا حرمته‬


‫عقد الخوان السلمون مؤترا شعبيا بالقاهرة لناصرة القض ية الوطنية وتله مؤت ر آ خر بال سكندرية ( سبق‬
‫ذكر وقائعهما) ‪ ..‬وعقب انتهاء مؤتر السكندرية دعا الخوان بدمنهور فضيلة الرشد كى يؤدى بم صلة المعة‬
‫ف م سجد الزر قا‪ ،‬وحاول فضيل ته العتذار نظرا للظروف والشا كل ال ت ب ي الخوان ف دمنهور وب عض الوفدي ي‪،‬‬
‫ولكن الخوان أصروا على تلبية دعوتم‪ ،‬فاستجاب لرغبتهم ‪0‬‬

‫وغادر نفضيلة الر شد و صحبه ال سكندرية إل دمنهور‪ ،‬وع ند ال سجد كان الش هد مثيا ح يث حا صرت‬
‫قوات المنن السجد من كل مكان‪ ،‬ودخل الستاذ الرشد مع ناية الذان‪ ،‬وفوجئنا بعركة بي الخوان والوفديي‬
‫باليدى مع ضج يج التافات‪ .‬ول يتن به الخوان لطورة الو قف و ما يتر تب على ذلك من ما طر على حياة فضيلة‬
‫الرشد ف هذا الزحام الذى يتلط فيه من نعرف بن ل نعرف ‪0‬‬

‫ولكن الستاذ ل ينتظر‪ ،‬فقد صعد النب ف الال وصاح بأعلى صوته‪ :‬يا أبناء السلم‪ ..‬يا أتباع ممد عليه‬
‫ال صلة وال سلم‪ ..‬يا من جئ تم لعبادة ال وحده ‪ ..‬و ظل ال ستاذ ينادى ب ثل هذه العا ن إل أن جلس الناس جي عا‬
‫وهدأت الثائرة وخيم الصمت الرهيب على الميع‪ :‬ث بدأ يطب المعة ملقا بالصلي ف ساء الب والخوة ف ال‬
‫تعال‪ ،‬وتناول كيف وحد السلم بي الوس والزرج وبي البيض والسود وبي العرب والعجمى‪ ،‬وتناول اليات‬
‫والحاديث النبوية الشريفة ف هذا الباب حت تاوبت القلوب ودمعت العيون ‪000‬‬

‫وبعد أداء صلة المعة أسرع فضيلته إل إلقاء كلمة أخرى‪ ،‬حت ل يدع فرصة للشقاق واللف واستمر‬
‫حديثه أكثر من ساعة حت انفض الناس ف هدوء وخرجوا من السجد وقد ظهر عليهم الل والزنلما أوقعهم فيه‬
‫الشيطان‪ ،‬واستطاع الستاذ الرشد با وهبه ال تعال من قوة العزية وسرعةالركة والبادرة أن ينقذ الوقف ويرد إل‬
‫الماه ي رشد ها ووعي ها دون أن يش ي ف خطب ته إل أى إتام أو تر يح أو مفاضلة ول كن رد الناس جي عا إل أ صل‬
‫عقيدتم السلمية الت من ال عليهم با حيث يقول ‪( :‬واذكروا نعمة ال عليكم إذ كنتم أعداء‪ ،‬فألف بي قلوبكم‪،‬‬
‫فأصبحتم بنعمته إخوانا)‪0‬‬

‫سخائمهم ف بور سعيد ‪:‬‬

‫ول ت ض شهور على هذا الادث‪ ،‬ح ت سافر ال ستاذ الر شد إل مدي نة بور سعيد‪ ،‬فا ستقبله الخوان هناك‬
‫ومعهم فرق الوالة ا ستقبال شعب يا كري ا‪ ،‬وبين ما كان مو كب الوالة ي شق طري قه ف قلب الدي نة إذا بشباب حزف‬
‫الوفد يهاجم الخوان ويلقى عليهم الجارة ويصطدم بم ف معركة‪ ..‬ث ل يقنع شباب حزب الوفد بذا فتوجه إل‬
‫دار شع بة الخوان وح طم زجاج نوافذ ها وأتلف ب عض أثاث ها‪ .‬وح ضر مد ير ال من ف الال و سيطر على الو قف‬
‫وطلب من فضيلة الر شد أن ي ساعده على ذلك‪ ،‬وقال له ال ستاذ الر شد‪ :‬إ نه قد أمر كل الخوان أن يلتزموا الدوء‬
‫والسكينة‪ ،‬وأنه شخصيا قد اعتزم السفر إلىالقاهرة وسوف يوفد بعض الخوان لتصفية الو بي الخوان والوفد ‪0‬‬

‫وغادر فضيلته بور سعيد‪ ،‬ول يلبث أن أوفد الستاذ عمر التلمسان وفوضه بالتصرف ف الوضوع‪ .‬وقابل‬
‫ال ستاذ ع مر مد ير ال من الذى أده شه ك يف أن الخوان و قد اعتدى علي هم ي سعون لل صلح مع اللج نة الوفد ية ف‬
‫بور سعيد فر حب بذه ال سماحة‪ .‬وع قد الخوان ف دار اللج نة اجتما عا للم صالة وعند ما أراد العقلء من اللج نة‬
‫الوفدية الذهاب إلىدار الخوان لرد الزيارة اعترض على ذلك زعماء الزب‪ ،‬ولكن برغم هذا العتراض ذهب وفد‬
‫منهـم إل دار الخوان واسـتقبلوا هناك أحسـن إسـتقبال‪ ،‬ومـع هذا هاجـم بعـض شباب الوفـد دار الخوان وقـت‬
‫وجودوفد هم ف ضيا نة الخوان‪ ،‬ول كن الخوان ل يلتفتوا إل ذلك وتاهلوه تا ما‪ .‬وانت هت الفت نة وق ضى علي ها ف‬
‫مهدها‪ ،‬ونسى الوفديون والخوان ف بورسعيد هذا الادث ‪000‬‬

‫وتضى شهور ث تندلع الرب ف فلسطي عام ‪ ، 1948‬واشترك الخوان السلمون ف العركة بكتيبتي من‬
‫شبابم ‪ ..‬كتيبة قادها فضيلة الرشد إل غزة عن طريق القنطرة شرق والعريش‪ ،‬وكتيبة أخرى تركت إل القدس بعد‬
‫إتام تدريبها ف معسكر قطنا بسوريا ‪00‬‬

‫وكان من القرر ترحيل الكتيبة الثانية من ميناء السكندرية ولكن الستاذ الرشد رأى ترحيلها عن طريق بور‬
‫سعيد فأرسل إل الخ الاج أحد الصرى كى يتسعد لستقبال الكتيبة لتوديعها إل سوريا بكل ما تمله من سلح‬
‫وعتاد ومؤمن بالسفن من ميناء بور سعيد ‪00‬‬

‫وانتقل حسن البنا إل بور سعيد قبل أن تصل الكتيبة ‪ ،‬وحي وصلت كان ف استقبالا جوالة الخوان هناك‬
‫بالو سيقى والناشيـد الما سية واسـتيقظت بور سـعيد على هذا الشهـد الرائع الثيـ الذى ألبـ العواطـف وأشعـل‬
‫الماس ‪0‬‬

‫ووقف حسن البنا وسط الموع الحتشدة من أهل بور سعيد ليقول كلمات قليلة ذات دللة ‪:‬‬

‫أيها الناس ‪ 00‬أتذكرون يوما ف العام الاضى ‪ ..‬يوم كنا ف مثل هذا الستعراض ودون أسباب ول مبرات‬
‫هوجنا وحطمت دارنا بل ذنب ول جريرة‪ ،‬أتذكرون هذا اليوم؟ ‪ ..‬إن الخوان السلمي أبعد نظرا من أن تستفزهم‬
‫هذه العارك الانب ية‪ ،‬لن م أحرص على دماء ب ن دين هم ووطن هم أن تذ هب ف سبيل الطا مع والهواء‪ ..‬ف سبيل‬
‫الزعامات ال ت ل ت قى رب ا و ف أرواح أبناء وطن ها‪ .‬ول قد كان الخوان ي ستطيعونأن يردوا هذا العتداء بثله‪ ،‬ول كن‬
‫السارة ستكون علينا جيعا فنحن مهما اختلفنا ف الرأى فإننا بنود دين واحد يعيش ف متمع واحد ف وطن واحد‬
‫‪ 0‬لذا آ ثر الخوان ال سلمون الك مة وادخروا جهد هم وجهاد هم لقتال أعداء ال سلم‪ .‬وها هم جنود ال سلم‬
‫يتحركون على بر كة ال إل فل سطي (فليقا تل ف سبيل ال الذ ين يشرون الياة الدن يا بالخرة) و ف هذا فليتنا فس‬
‫التنافسون‪ ..‬والسلم عليكم ورحة ال وبركاته ‪0‬‬
‫وتعالت التافات وازداد الماس وتركت الكتيبة وسط مظاهرة من عامة الشعب إل ميناء بور سعيد‪ ،‬وعاد‬
‫الستاذ الرشد إل القاهرة ليصرف شئون دعوته‪ ،‬ث ينتقل إل دمشق ليلحق بذه الكتيبة ويستقبلها هناك مع الخوان‬
‫بسوريا ف وجود الدكتور مصطفى السباعى‪ ،‬فكانت هذه أول مرة ينتقل فيها الستاذ البنا إل سوريا ‪0‬‬

‫والصحف امتهنوا قداسته ‪:‬‬

‫وبناسبة الديث عن مواقف الستاذ البنا من تصرفات حزب الوفد‪ ،‬أذكر أنه ف يوم من أيام سنة ‪ 1947‬قام‬
‫الخوان بالقاهرة بع مل ا ستعراض لفرق الوالة ب ى الدرب الح ر وبين ما هذه الفرق تول الشوارع يتقدم ها أ حد‬
‫الخوان حامل بي يديه ((الصحف الشريف))‪ ،‬إذ تصدى للجوالة رجال الشرطة وعلى رأسهم مأمور قسم الدرب‬
‫الح ر‪ ،‬و قد ت سبب هذا الشتباك ف سقوط ((ال صحف الشر يف)) علىالرض فثار الخوان وهاج مع هم الهال‬
‫الذين استثارتم هذه الفعلة النكراء ‪0‬‬

‫وكادت تدث فتنة‪ ،‬لول وجود الخ الستاذ سعد الدين الوليلى الذى عمل بكل جهده على تدئة الثورة ف‬
‫النفوس‪ ،‬ف الوقت الذى اضطلع اللواء سليم زكى حكمدار القاهرة بإنقاذ الوقف‪ .‬وكان من الصعب جدا تدئة الو‬
‫ح يث اع تب الخوان ومع هم عا مة الناس أن هذا الاد يث ف يه إها نة بال غة لكتاب ال تعال وامتهان لقدا سته‪ ،‬وذ هب‬
‫اللواء سليم زكى إلىدار الركز العام – للخوان القريب من الادث وقابل الستاذ الرشد واعتذر له‪ .‬ولكن الستاذ‬
‫الب نا اح تج على هذا الادث الث ي والذى لول حك مة شباب الخوان لدى إل أ سوأ العوا قب‪ ..‬وهدأ فضيلة الر شد‬
‫من ثائرة الخوان ووعدهم بأنه سوف يرد على هذا الوقف با يتناسب مع حكمة الخوان وجلل الدعوة ‪0‬‬

‫وفـ م ثل هذا اليوم ونفـس الوقـت مـن ال سبوع التال خرجـت جوالة الخوان بعدد كبي يضا عف العدد‬
‫ال سابق تتقدم ها فرق الو سيقى مع أعلم الخوان‪ ،‬وتتلو ها كوك بة من الخوان ييطون بالخ ((حا مل ال صحف‬
‫الشر يف)) و سارت هذه الفرق توب ن فس الشوارع‪ ،‬وت تف ببادئ ال سلم وتن شد الناش يد ال سلمية الما سية‪،‬‬
‫والماهي تستقبلها بالتافات والتصفيق وتيط با من كل جانب ف حاسة متحدية بذلك رجال الشرطة ‪0‬‬

‫وبعد هذا الستعراض الرائع والستقبال العظيم عادت الفرق إل الركز العام‪ ،‬حيث كان ف استقبالا فضيلة‬
‫الرشد الذى تدث إليهم حديثا أراح قلوبم وأثلج صدورهم ‪0‬‬

‫‪00‬‬ ‫وهذه سخائم السعديي‬

‫حيـث وقـف النقراشـى باشـا فـ ملس المـن يعرض قضيـة مصـر ويطالب بلء النليـز‪ ،‬وقـف الخوان‬
‫السـلمون بكـل ثقلهـم فـ البلد يدعمون موقفـه‪ .‬وحيـ عاد إل مصـر – بعـد أن خذله ملس المـن – واسـتسلم‬
‫للعيب النليز وصارت قضية البلد ألعوبه ف يد الستعمر – بعث إليه الخوان السلمون برسالة نشرتا جريدة‬
‫(الخوان السلمون) منذ ثلثي عاما‪ .‬تضع النقاط على الروف‪ ،‬وتوضح العال‪ ،‬وتؤكد ‪ :‬أن الخوان السلمي –‬
‫من واقع إيانم بدعوتم وفهمهم لصولا – إنا يتحركون وهم ل يستهدفون إل الصلحة العامة‪ ،‬ول يرصون إل‬
‫على رضاء ال‪ ،‬وإعلء راية السلم ‪0‬‬

‫‪0‬‬ ‫ومن أجل ذلك كانت رسالة الخوان السلمي لرئيس الكومة حينئذ صورة لفهمهم‬

‫((حضرة صاحب الدولة ممود فه مى النقرا شى با شا رئ يس الكو مة ال صرية‪ .‬ال سلم علي كم ورح ة ال‬
‫وبركاته ‪ ،‬وبعد ‪00‬‬

‫فقد شعر الخوان السلمي منذ عودة دولتكم من أمريكا بعد تعليق القضية الصرية ف ملس المن بأن تلك‬
‫الماسة الباهرة‪ ،‬وتلك الصراحة الظاهرة‪ ،‬قد خبت جذوتا‪ ،‬ولنت حدتا‪ ،‬وراقبوا مواقف الكومة وتصرفاتا ف‬
‫شئون البلد اليو ية‪ ،‬فلم يدوا أن ا خ طت بال مة خطوة حاز مة ف تق يق مطالب ها‪ ،‬أون جت ب ا ن جا واض حا ف‬
‫الصلح الداخلى يقضى على مظاهر التحلل والفساد ف حياتا الجتماعية ف كل تصرف‪ .‬ولا ل يدوا أثرا لذلك‪:‬‬
‫ل يكن بد من أن يقولوا كلمتهم ويؤدوا أمانتهم ‪0‬‬

‫تدى الكومة للخوان‬

‫وقـد اعتـبت الكومـة عريضـة الخوان الرفوعـة إل ملك البلد معارضـة لاـ‪ ،‬فرتبـت على ذلك خطوات‬
‫إيابية‪ -‬على قاعدة الكومة الصرية الت يضيق صدرها بكلمة الق – وأصدرت أمرها إل رجالا بصادرة حرية‬
‫الخوان‪ ،‬والوقوف ف طر يق نشاط هم‪ .‬وكان من ذلك أن صودر ح فل فرع هيئة وادى الن يل العل يا لنقاذ فل سطي‬
‫بالنيا بجرد أن تبينت الدارة أن للخوان يدا ف إقامته – كما قبض على بعض طلب الامعة من الخوان وزج بم‬
‫ف ال سجن وعوملوا أ سوأ معاملة ف الو قت الذى ترك ف يه العتدون الشاغبون ي سرحون ويرحون ويظهرون بظ هر‬
‫العتدى عليهم وطارد البوليس طلب مدرسة السنطة الصناعية وأطلق عليها الرصاص وأصاب منهم عشرين طالبا لن‬
‫معظمهم من طلب الخوان ‪0‬‬

‫الخوان وقضايا العرب والسلمي‬

‫ولا كان الظرف ف غاية الدقة والرج وكنا جيعا أمام قضايا هامة يتصل با مستقبل العال العرب السلمى‬
‫كله ويتوقف عليها مصيه وأهها قضية فلسطي القدسة وكان نشاط الخوان ف هذه النواحى هاما وأساسيا وعظيما‬
‫لنم اليئة الت حلت هذا العبء منذ أكثر من خس عشرة سنة‪ ،‬ونضت به ونبهت الذهان إليه وجعت القلوب‬
‫والهود من حوله والت هى على استعداد كامل لواصلة هذا الهاد حت يتحقق النصر بإذن ال ‪ 00‬لذا أحببت أن‬
‫أكتب لدولتكم حت تتحدد المور والواقف ‪0‬‬

‫الخوان معارضون للحكومة‬


‫فأما أن الخوان السلمي معارضون للحكومة فهذا حق ل شك فيه‪ ،‬وأقول بكل وضوح أنم ل يكونوا يوما‬
‫من اليام مع أ ية حكو مة من الكومات ف غ ي هذا الو ضع لن دعوت م الام عة وأهداف هم ال صلحية ومبادئ هم‬
‫السلمية ل تسلم أبدا بذه الوضاع الزبية الفرقة ول تستسيغ هذا التناقض ف نظام الكم ف بلد يقرر دستوره أن‬
‫دينها السلم ث ترى فيه كل المور على نقيض ذلك ‪0‬‬

‫قاعدة الخوان ف العارضة‬

‫ولكن هذه العارضة تكون قوية واضحة أو هادثة لينة حسب ما يترتب عليها من خي للوطن والسلم‪ .‬فإذا‬
‫ظهر من إحدى الكومات استعداد لتقبل النصح وعزم على التاه إل الي وكانت تصرفاتا ل تؤدى إل كارثة من‬
‫الكوارث الوطنية أو الجتماعية كانت معارضة الخوان إياها هادئة لينة أخذا بأداب القرآن الكري ‪ ( :‬فقول له قول‬
‫لي نا لعله يتذكر أو يشى أما إذا كانت الظروف واللبسات والعمال والتصرفات ستؤدى إل نكسة وطنية يضيق‬
‫معها حق وطن وتكبل نضته بالقيود والغلل فإن الخوان ل يسعهم ف دينهم ول ف وطنيتهم أن يسكتوا عن ذلك‬
‫ساعة من نار أخذا بأدب القرآن أيضا ‪(( :‬فأنبذ إليهم على سواء))‪ .‬وهم حينئذ ل يهربون من تبعات ول يتنصلون‬
‫من مسئوليات ويعتبون كل ما يصيبهم جهادا ف سبيل ال لم أجره ومثوبته‪.‬‬

‫تلك قاعدة الخوان ال سلمي العا مة ال ت طبقو ها مع كل الكومات على ال سواء ل يلينوا يو ما لرغ بة ول‬
‫يعنفوا لره بة ول يالئوا أحدا على حقوق الو طن ولن ت ستطيع حكو مة من الكومات كائ نة ما كا نت أن ترى ل ا‬
‫عليهم يدا يغضون لا حي تغضب وذلك هو بعينه مسلكهم مع حكومتكم أول وآخرا ‪0‬‬

‫واجب الكومة‬

‫ول كن الخوان مع هذا ل يعلنوا ب عد إن م خارجون على القانون ف هم سيجعلون معارضت هم ف حدود ها‬
‫القانونية‪ .‬يكتبون ف صحفهم ويتمعون ف أنديتهم وينشرون رأيهم بكل وسيلة مشروعة ‪0‬‬

‫وهم يريدون من الكومة أن تسلك معهم هذا السلك وترتفع بأساليبها عن التصرفات الصغية الت تتعارض‬
‫مع القانون وتعتب عدوانا عليه‪ ،‬فل تنع إجتماعا بغي حق ول تقبض على أحد بل مبر لتكون قدوة للمة ول تضطر‬
‫غيها لرتكاب الطأ فتسقط هيبة النظم وتضيع حرمة القواني‪.‬‬

‫وإذا ل تأ خذ الكو مة بذا التوجيه السليم والنصح الخلص فل ها أن تتع سف كما تشاء وعلي ها تبعة عملها‬
‫وعلى الباغى تدور الدائرة ‪0‬‬

‫حسن البنا ‪ 000‬والستعمار النليزى وجها لوجه‬


‫ح ي أعل نت الرب العال ية الثان ية ف ش هر سبتمب ‪ 1939‬وأعل نت م عه الحكام العرف ية وتعاق بت الوزارات‬
‫وجاءت وزارة ح سي سرى با شا واش تد ض غط النل يز على الكو مة لتق ضى على نشاط الخوان ال سلمي وت ل‬
‫جاعت هم وتارب دعوت م وذلك ب عد أن يئس النل يز من أن يك سبوا هذه الما عة إل صفهم تارة بالو عد والغراء‬
‫وتارة بالوع يد والتهد يد ‪ 0‬وكان من نتي جة ض غط حكو مة ح سي سرى با شا على جا عة الخوان أن تعطلت‬
‫الجتماعات وتوقفت النش طة وروق بت الخوان السلمي واغل قت صحفهم ومن عت الصحف جيعا من أن تذ كر‬
‫اسهم ف أية مناسبة أو تشي إليهم بكلمة وأغلقت مطبعتهم ‪0‬‬

‫وأذ كر أن رق يب الطبوعات ال ستر (فيز نس) م نع ط بع ر سالة الأثورات من عا با تا فلجأ نا إل أ حد ال سئولي‬


‫الوكل إليه المر وقلنا له ‪ :‬هذه آيات‪ ،‬وأحاديث يقرأها الناس ف القرآن الكري صباحا ومساء ويطالعونا ف كتب‬
‫السنة مت شاءوا وكيفما أرادوا فكيف تيزون لنفسكم هذا النع وب تبرونه وإنتهى الوقف بعد ذلك بأن سح لنا‬
‫بالطبع ولكن بشرط أن تحى عبارة (من رسائل الخوان السلمي)‪0‬‬

‫إل ملس النواب بقرار من مكتب الرشاد ‪:‬‬

‫وكانت اللحظة الواضحة اللية أن النفذ الوحيد لعلن الرأى وأن النب الذى كانت تعلن فيه شكاية أهل‬
‫ال ق ف ذلك الو قت هو م نب ملس النواب الذى كا نت ال صحف ل ترؤ على و قف ن شر مضاب طه و ما ب ا من‬
‫مناقشات‪ ..‬فكان هذا الجلس بذلك هو البصيص الوحيد من النور الذى يني الظلم أمام الكبوتي الضطهدين ‪0‬‬

‫وهذا هو الذى حدا بالؤت ر ال سادس للخوان ال سلمي النع قد ف ينا ير ‪ 1941‬أن ي صدر قرار ن صه (الذن‬
‫لكتـب الرشاد العام للخوان السـلمي بالتقدم بالكفاء مـن الخوان السـلمي إل اليئات النيابيـة الختلفـة ليفعوا‬
‫صوت الدعوة وليعلنوا كل مة الما عة في ما ي هم الو طن) وكان هذا أول تو جه للخوان ال سلمي إل اقتحام ميدان‬
‫النتخابات ‪0‬‬

‫وف مارس ‪ 1942‬تقدم الستاذ الرشد ورشح نفسه ف دائرة الساعيلية ونظرا لن الخوان يأخذون أنفسهم‬
‫ب سنة التدرج ف الطوات ف قد رأوا أن يتقدم من هم ال ستاذ الر شد ف قط عن دائرة ال ساعيلية – و ف مارس تو جه‬
‫الستاذ الرشد إلىالساعيلية فأستقبل من عامة الهال بالترحاب والتأييد حينما أعلن إعتزامه ترشيح نفسه نائبا عن‬
‫مدينة الساعيلية‪ .‬حامية الدعوة ورافعة لوائها‪ ،‬وسرعان ما إنتشرت اللفتات والعلنات الت تمل عبارات التأييد‬
‫مثل (انتخبوا رجل الدعوة السلمية ف القرن العشرين) (مرحبا بسن البنا داعية السلم) (الساعيلية ترحب بقائد‬
‫النه ضة ال سلمية) وخر جت ملة و ف أ حد صفحاتا (روبرتاج) عن ترش يح ح سن الب نا عن دائرة ال ساعيلية بقلم‬
‫الستاذ مصطفى أمي وعلى الصفحة صورة للستاذ الرشد ف موقف خطاب رائع يسبح ف آفاق من السمو ويلق‬
‫بالماهي ف ساء من الصفاء والخوة والب ف ال تعال وتدث الستاذ مصطفى أمي عن روعة إستقبال الشعب‬
‫الساعيلى للستاذ حسن البنا وكيف أنم دفعوا له قيمة التأمي‪ .‬وختم حديثه بقوله (إن مستقبل هذه الماعة ليفوق‬
‫حساب كل متفائل) ونشط الستاذ البنا ف زياراته بدائرة الساعيلية يطب وياضر ويقوم بزيارات السر والعائلت‬
‫والماعات مسلمي ومسيحيي حت أنه قد وكل أحد السيحيي ليكون وكيل عنه ف إحدى دوائر الساعيلية ‪0‬‬

‫التنازل عن الترشيح ‪:‬‬


‫وف وسط هذا الشعور الارف وهذه الظاهرات والفراح دعا الستاذ البنا إل مؤتر عقد بالشارع الثلثين‬
‫بعد صلة العشاء حضره جع حاشد وف هذا الؤتر قال حسن البنا بعد الفتتاحية ‪ :‬إنه قد رشح نفسه عن الساعيلية‬
‫بناء على طلب الخوان (( ولقد جئت اليوم لضع أمام الخوان هذه التطورات الديدة‪ ،‬فقد دعان مصطفى النحاس‬
‫باشا رئيس الكومة إل مكتبه وطلب من ضرورة أن أتنازل عن ترشيح نفسى عن دائرة الساعيلية‪ ،‬فلما سالته عن‬
‫السـباب البـرة لذا الطلب‪ ،‬قال ل البلد فـ حالة حرب‪ ،‬ومصـلحة البلد فـ أن تتنازل ‪ .‬فقلت له ‪ :‬أل يكفـى أن‬
‫الكومة قيدت خطواتى ول تسمح ل بالسفر خارج القاهرة إل بإذن من وزارة الداخلية وأن الدعوة بذه الصورة ل‬
‫ت د مال للنطلق‪ .‬فيكون التنازل عن الترش يح حجرا على الدعوة والداعل ية فقال م صطفى النحاس با شا ‪ :‬إ نه ف‬
‫حالة قبول التنازل‪ ،‬ل مانع عندى من أن يكون لك حرية الدعوة ف كل مكان‪ ..‬وأمام هذا التصريح وافقت على أن‬
‫أتنازل عن ترشيح نفسى ))‪0‬‬

‫فتعالت التافات غاض بة من كل مكان‪ ،‬ول كن ال ستاذ الر شد قال ‪ :‬أي ها الخوة ال سألة أول وأخيا م سألة‬
‫دعوة ليست مسألة أشخاص‪ .‬ولقد تأسيت ف هذا الوقف بوقف رسولنا صلى ال عليه وسلم ف صلح الديبية يوم‬
‫رأى ال صحابة رضوان ال علي هم أن ل يعطوا الدن ية ف دين هم‪ ،‬ورأى ر سول ال صلى ال عل يه و سلم‪ .‬ون ن ل سنا‬
‫طلب مراكز ول نرد من الترش يح إل أن ند م نبا نعلن ف يه عن دعوتنا ونقول ف يه كل مة ال ق‪ .‬فإذا تيسر لنا ذلك‬
‫على أو سع مدى ف حدود الظروف ال ت يتاح ل أن أف صلها ل كم ح ي ت سمح الظروف بذلك نكون قد وفق نا إل‬
‫أحسن اللول وعسى أن تكرهوا شيئا ويعل ال فيه خيا كثيا ‪ 00‬إن أريد الصلح ما استطعت وما توفيقى إل بال‬
‫‪0‬‬

‫ث قال ال ستاذ الر شد‪ :‬أي ها الخوة ننت قل إل مع ن آ خر‪ .‬تعلمون أن هناك حر با ضرو سا تأ كل الخ ضر‬
‫واليابس‪ ،‬ونن نعيش على أطراف هذه الرب‪ ،‬وأعتقادى أن ال تعال قد صنع هذه الرب لصال العرب والسلمي‬
‫وأذكر أنن كنت ف سفر فرأيت بعض الفلحي يشعلون النار ف أراضيهم الزراعية فلما سألت عن السبب قيل ل إن‬
‫هذه الرض قد شاخت وتعذرت زراعتها والريق يقوم بتجديد تربتها‪ ،‬وتذكرت ف الال أن هذه الرب لبد أن‬
‫فيها خيا إما أن تصلح من طبيعة الغرب فتعيد إليه رشده وترد إليه عقله فيخرج من بلدنا إل غي عودة‪ ،‬وإما أن‬
‫تكون نارا عليهم ونورا يضىء لنا الطريق ‪0‬‬

‫أيها الخوة ‪ :‬إن تفاوت التوازن بي قوة البلد العربية والسلمية وقوة الدول الغربية ال ستعمارية ل تعطى‬
‫فرصـة للتحرر واللص‪ .‬فكانـت هذه الروب إرادة ربانيـة ليذيـق ال الغرب بعضهـم بأس بعـض‪ ،‬فيشتـت شلهـم‬
‫ويضعف قوتم وينهى دولتهم‪ .‬وبذا يكون هناك شبه توازن ف القوى بي الشرق والغرب‪ .‬والذى يهمنا الن هو أن‬
‫توجد قيادة إسلمية تستفيد من هذه الظروف العالية الت نادرا ما تتحقق‪ ،‬فتتوحد كل البهات السلمية ف وجه‬
‫فلول ال ستعمار‪ ،‬فتخرج بريطان يا‪ ،‬فتتو حد كل البهات ال سلمية ف و جه فلول ال ستعمار‪ ،‬فتخرج بريطان يا من‬
‫م صر وفل سطي وال سودان‪ ،‬والعراق ‪ ،‬وتغادر فرن سا سوريا ولبنان وبلد الغرب‪ ،‬وتذ هب إيطال يا من ليب يا إل غ ي‬
‫رجعة‪ ،‬وتعود النند وأندونيسيا وأفريقيا وغيها بلدا إسلمية ترفرف عليها راية القرآن ‪0‬‬

‫أيها الخوة‪ :‬ل تظنوا أن هذا خيال أو مال ‪ 00‬إنه حقيقة مستقرة ف قلوب الؤمني‪ ،‬وإن كنتم ف ريب من‬
‫ذلك‪ ،‬فل قد قرأت اليوم على أ ثر اليش اللان ( خط ماجي نو) الذى ي مى حدود فرن سا‪ ..‬قرأت أن ((بيتان)) زع يم‬
‫فرنسا ورئيس حكومتها قد أمر قائد السطول البحرى الفرنسى أن يدخل ف وسط البحر البيض التوسط ويقوم‬
‫بتدمي السطول كله‪ ،‬خوفا أن يستول عليه اليش اللان ويستعمله ف حرب برية ضد انلترا حليفة فرنسا‬

‫وقائد القائد الفرنسى بتنفيذ الهمة بنجاح !!‬

‫أيها الخوة ‪ :‬ف ختام كلمت هذه نقرأ معا قول ال تعال ‪ ( :‬هو الذى أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب‬
‫من ديارهم لول الشر ما ظننتم أن يرجوا‪ ،‬وظنوا أنم مانعتهم حصونم من ال‪ ،‬فآتاهم ال من حيث ل يتسبوا‬
‫وقذف ف قلوبم الرعب ‪ 0‬يربون بيوتم بأيديهم وأيدى الؤمني فاعتبوا يا أول البصار)‪0‬‬

‫‪0‬‬‫أيها الخوة الفضلء ‪ :‬هذه بيوتم يربونا بأيديهم ‪ 0 0‬بقى أيدى الؤمني (كتب ال لغلب أنا ورسلى)‬

‫وانفض هذا الجتماع الطي بدوء وسلم‪ ،‬وعاد حسن البنا إل القاهرة ليسم خطة مرحلته الديدة على‬
‫ضوء مـا وعده النحاس باشـا‪ ،‬وأخـذ يوب البلد طول وعرضا داعيا إل ال تعال دون أن يترك لظـة مـن حياتـه‬
‫الباركة إل ويضيها عامل لي دعوته‪ ..‬فكانت الفترة الزمنية ما بي عام ‪ 1942‬إل ناية العام ‪ 1948‬هى أبرك الفترات‬
‫وأنحها ف تاريخ الدعوة‪ ،‬حيث أتيح للمام أن يسابق الزمن ف الوصول بالدعوة السلمية إل مضمونا الكامل ف‬
‫كل متاحى الياة الجتماعية والسياسية والقتصادية والتربوية ‪0‬‬

‫الترشيح للمرة الثانية‬

‫و ف وزارة أ حد با شا ما هر عام ‪ .. 1945‬عاد الخوان ف ال ساعيلية إل ترش يح ال ستاذ الب نا للمرة الثان ية‬
‫وإزدحت الدينة بوفود الخوان من كل البلد وإمتلت الساجد والدارس الهلية والنازل بالوافدين‪ ،‬وعلت التافات‬
‫السـلمية على كـل لسـان حتـ ألسـنة الطفال فـ كـل مكان وإرتفعـت العلم فـ الدينـة وامتلت باللفتات‬
‫والعلنات والنشورات‪ ،‬وسرت الظاهرات السلمية بالدراجات (والوتوسيكلت) والسيارات الت تمل اللفتات‪،‬‬
‫وانعقدت الؤترات الت خطب فيها حسن البنا فكانت صورة شعبية رائعة لمارسة الخوان أساليب الياة الجتماعية‬
‫والسياسية ‪00‬‬

‫ومن النشورات النتخابية الت صدرت عن فضيلة الرشد النشور التال ‪:‬‬
‫بسم ال الرحن الرحيم‬
‫المد ل وصلى على سيدنا مد وعلى آله وصحبه وسلم‬
‫الساعيلية ف ‪12‬مرم ‪1364‬هجرية‬
‫سيدى الخ الناضل الكري‬
‫السلم عليكم ورحة ال وبركاته‬
‫وب عد – ف قد عر فت في كم ب مد ال صدق الد ين وقوة اليق ي وتأي يد العامل ي فا ستخرت ال تبارك وتعال‬
‫وتقدمت مرشحا نفسى لعضوية ملس النواب عن دائرتكم الكرية لعمل ف هذا اليدان على ما فيه حفظ حقوق‬
‫الو طن العز يز وصلح الجت مع ال صرى والرجوع به إل هدى ال سلم الن يف وتعال يم القرآن الكر ي ال ت ي سعد ف‬
‫ظلها السلمون وغي السلمي من أبناء هذا الوطن البارك فما بعث سيدنا ممد صلى ال عليه وسلم إل رحة للعالي‬
‫والت تدعو إل الماعة والوحدة وتنظر إل الخالفي نظرة الب والحسان ((ل ينهاكم ال عن الذين ل يقاتلوكم ف‬
‫الديـن ول يرجوكـم مـن دياركـم أن تـبوهم وتسـقطوا إليهـم‪ ،‬إن ال يبـ القسـطي))‪ ،‬تقدمـت لتظهـر الفكرة‬
‫السلمية ف هذا الوسط الذى بيده مقاليد التشريع لذه المة العزيزة ولتلتفت إليها أنظار النواب وهم خلصة أعيان‬
‫البلد فنعمل جيعا على أن تعود المة إل هدى السلم ونظام السلم وساطلب بأسكم بالمور التية إن شاء ال ‪:‬‬
‫(‪)1‬إ صلح الدر سة ال صرية بو ضع سياسة ثاب تة للتعل يم ترت كز على تعال يم ال سلم وقوا عد الترب ية الوطن ية‬
‫الصحيحة ‪0‬‬

‫(‪)2‬إصلح الحكمة الصرية باستمداد القانون من وحى السماء ومن وضع ال ل من شهوات الناس وأهوائهم‬
‫وبذلك يسود المن وتنوى الرية وتقام حدود ال بعد أن تللت روابط السرة الصرية وتفككت عراها‬
‫ويب إصلح تعليم الفتيات والقضاء على هذا التيار الفاسد من التبج والختلط ‪0‬‬

‫(‪)3‬إصلح منابع الثقافة العامة من الصحف والرائد والجلت‪ ،‬والذاعات ‪0‬‬

‫(‪)4‬ماربة النكرات الت حطمت أرواحنا وأجسامنا وذهبت بعقولنا وأموالنا وأوجبت سخط ال ونقمته من الزنا‬
‫والبغاء والمر واليسر والراقص ودور اللهو الليج ماربة مثمرة بإسم القانون والنيابة ‪0‬‬

‫(‪)5‬ر فع م ستوى العي شة ف طبقات الش عب الظلو مة بتنظ يم الزكاة ومقاو مة الر با وت صي الشركات ومقاو مة‬
‫البطالة وإنصاف العامل والزارع‪ ،‬والوظف الصغي وتنظيم الضمان الجتماعى لؤلء جيعا ‪0‬‬

‫(‪)6‬هذا إل تقو ية روح العتزاز بالكرا مة القوم ية وإظهار ذلك ف كل النا سبات والفلت الر سية والحاف ظة‬
‫الكاملة على حقوق الواطن العزيز وسلمته وحريته واستقلله ‪0‬‬

‫سيدى الخ الفضال الكري ‪:‬‬

‫هذه بعض الطالب ال ت نلح ف إجابتها و سنعمل على تقيقها بتأي يد ال سبحانه وح سن مؤازرتكم وج يل‬
‫ثقت كم ويعلم ال ما ق صدت بذلك مغن ما دنيو يا من مال أو جاه فذلك كله زائل وعرض حائل وإن ا شعرت شعورا‬
‫قويا بأن الكفاح ف سبيل هذه الغايات واجب متوم يفرضه السلم على كل مسلم وتقضية مصلحة والوطن من كل‬
‫مصرى ول شك أنكم تشاركونن هذه العقيدة وتدونن بتأييدكم ف العمل لا وال ول التوفيق ولست أقصد بذلك‬
‫تر يح ش خص ول مار بة حزب ول تن قص زع يم فالم يع مطالبون بالع مل لذا النهاج القو ي وأ نا ب مد ال أع مل‬
‫لذلك منذ أكثر من عشرات سنوات ولذا تألفت جاعات الخوان السلمي ف نواحى القطر الختلفة وأعتقد أنه قد‬
‫جاء الوقت للعمل لذه الغايات بالوسائل الرسية ف ملس النواب والقضية لذا ليست قضية شخصية أو حزبية ولكنها‬
‫قضية الوطن والسلم وهو يوم له ما بعده إن شاء ال‪ ،‬فاستلهموا ال الرشد وسلوه جيل السداد وأيدوا هذه الدعوة‬
‫البيئة الالصة لوجهه الكري وإل لقاء قريب نتفاهم فيه مشافهة تفاها أوسع إن شاء ال وفقنا ال وإياكم لي ما‬
‫يب ويرضى – والسلم عليكم ورحة ال وبركاته)‪،،،‬‬

‫حسن البنا‬

‫وكان منافس الستاذ البنا –ف هذه الرة – الدكتور سليمان عيد – وهو طبيب ولكنه مع ذلك وف نفس‬
‫الوقت التعهد بتوريد جيع أنواع الغذية لقوات اليش النليزى ف منطقة القناة‪ ،‬ومن هنا كانت أهية ناحه ف‬
‫النتخابات‪ ،‬ولذا كان مدعما من كل السلطات ‪0‬‬

‫ـ والدكتور سليمان ع يد‪ ،‬فامتلت ال ساعيلية ف إنتخابات‬‫وانتهـت النتخابات بالعادة بيـ ال ستاذ البن ا‬
‫العادة بوفود غزيرة من متلف البلد‪ ،‬وكانت القطارات الت تر بالساعيلية تمل الوفود وقد زينت بالورود وسعف‬
‫النخيل عليها شعارات الخوان السلمي‪ ،‬كما حاصرت قوات المن الت جاءت إل الدينة من العاصمة جيع منافذ‬
‫الدي نة‪ ،‬فضل عن تأ هب قوات الحتلل – ر غم صدور الوا مر بعدم نزول قوات ال يش النليزى إل ال ساعيلية‬
‫طوال أيام النتخابات ‪0‬‬

‫وف صبيحة يوم القتراع بالصوات توزع الخوان ف كل الناطق لراقبة لان النتخابات ‪ 000‬وقبيل العصر‬
‫فوجئ الخوان بماعات من غي أهل الدينة ينضمون لصفوف الناخبي ومعهم تذاكر إنتخابية مزورة‪ ،‬ولا أكتشف‬
‫الخوان التزوير وعلموا أن هناك مزنا كبيا للدكتور سليمان عيد يتجمع فيه هؤلء‪ ،‬ث يتم توزيعهم من هناك إل‬
‫مقار لان النتخابات ‪0‬‬

‫وصـدر المـر للخوان فتجمعوا حول هذا الخزن بصـورة رهيبـة تنذر بالطـر( ) وفجأة اقتحمـت بعـض‬
‫‪1‬‬

‫سيارات اليش النليزى الضخمة هذا التجمع وخاضت بيننا بسرعة وبل اكتراث‪ ،‬كما تبعها قوات الشرطة الصرية‬
‫وهم يطلقون النار على جوع الخوان‪ ،‬وإستطاع بعض الخوان أن يستول منهم علت ببعض السلحة‪ ،‬وهنا كادت‬
‫تقع كارثة لول أن أصدر الستاذ الرشد أوامره إل الستاذ سعد الدين الوليلى بأن يصرف الخوان ف الوقت الذى‬

‫ومما يذكر لمامنا الشهيد‪ ،‬أنه كان غاية خصمه‪ ،‬بحيث ل يقع منا ما يكدر سفوه أو يسىء إليه‪ ،‬يقول أحد المعلقين الجانب؛ لقد كان الخوان غاية فى‬ ‫‪1‬‬

‫الحماسة والشدة فى سبيل عدم تمكين خصمهم من الوصول إلى غايته عن طريق غير شريف‪ ،‬فكانوا يحاصرون مصنع اللبن وفيه التذاكر المزورة‪،‬‬
‫وكادت أن تنشب المعركة‪ ،‬لول أن جاءها الرجل ((القصير)) – يقصد المرشد‪ -‬ونادى بصوته الحازم‪ :‬تعالوا ‪ ..‬وسرعان ما انصرفت هذه المجموعات‬
‫الضخمة ملبية أمر هذا الرجل‪ ..‬عجبا‪ ،‬هؤلء جميعا يطيعون هذا الرجل القصير !‪00‬‬
‫أ سرع فيـه اللواء النليزى ((فا يز باترك)) حكمدار الشر طة ال صرية ف القناة برجاء لل ستاذ الب نا أن يرد الخوان‬
‫السلح إل الشرطة‪ .‬وكان الستاذ قد سبقه إل ذلك حقنا للدماء رغم ما حدث من القبض على بعضهم وما أصاب‬
‫الخوان من إصابات بالغة ‪0‬‬

‫وك تب ال ستاذ الر شد مذكرة إل أح د ما هر ك ما أر سل له عدة برقيات احتجا جا على التزو ير وت صدى‬
‫رجال المن للخوان ‪0‬‬

‫ويقول الستاذ الرشد ردا على سؤال لحد الخوان يقول ‪:‬‬

‫((إذا كانت الكومة ل ترغب ف أن تفوز ف النتخابات‪ ،‬فلماذا ل تصارحك؟ كما فعل ذلك من قبل‬
‫النحاس باشا عام ‪1942‬؟ ‪000‬‬

‫قال ‪ :‬ل كل حكو مة أ سلوب و سياسة ع مل‪ ،‬وهذه الكو مة ل تر يد إخفاء خضوع ها لل ستعمار‪ .‬ك ما أن ا‬
‫تريد ف نفس الوقت أن ل تعل من الخوان ف نظر الشعب أبطال‪ ،‬وتريد أن تصور للناس أن النتخابات حرة ليس‬
‫فيها أى ضغط من الكومة‪ ،‬وف نفس الوقت هى متفقة مع النليز وتعهدت بالعمل على سقوط مرشح الخوان ‪0‬‬

‫ولزلت أتصور مشهد آخر أمسية سبقت يوم إجراء النتخابات‪ ،‬حيث عقد مؤتر ضخم ف شارع الثلثي‬
‫حضره فضيلة الرشد ومموعة من النواب الذين فازوا ف الدور الول للنتخابات فىالبلد الجاورة وقد جاءوا لتأييد‬
‫الستاذ الرشد ‪ 0‬وكان هتافنا (إل البلان يا بنا) من التافات التقليدية ف –النتخابات‪ ،‬ولكن هتافا جديدا (إل البنا‬
‫يا برلان) قد صدر من الخ الرحوم مصطفى شعبان من السكندرية قد دوى ف الجتماع فرددته الماهي كالرعد‬
‫بوعى وحاس ‪0‬‬

‫وف اليوم الذى أعلن فيه فوز الدكتور سليمان عيد على منافسه فضيلة الرشد العام ‪ 00‬بل ف الساعة الت هز‬
‫هذا النبأ مشاعر الخوان‪ ،‬خرجت الساعيلية ف أقوى مسية – شيبا وشبابا وأطفال – تتف بالدعوة السلمية ف‬
‫قوة وحاس واندفاع إل دار الخوان ال سلمي ف صورة رهي بة‪ ،‬ول ي د ح سن الب نا بدا من الروج إل الماه ي‬
‫خطي با وبأعلى صوت قال ‪ :‬يا أبناء ال ساعيلية الوفياء ‪ 00‬أي ها الخوان الذ ين جئ تم من كل مكان إن هذه الشود‬
‫الائلة بذه الصورة القوية الرائعة‪ :‬بذا الواقع الصادق والقيقة القائمة لتصم الكومة بالتزوير والتضليل‪ ،‬وإن الباطل‬
‫ل يغن عن الق شيئا‪ ،‬وإن دولة الظلم ساعة ودولة الق إل قيام الساعة ‪0‬‬

‫وإن ع جز أ مة عن أن تد فع أ حد أبنائ ها إل البلان ليقول كل مة ال ق وال سلم لدل يل على أن الر ية رياء‬
‫وهباء وأن الستعمار هو سر البلء ‪0‬‬

‫أيها الخوة‪ :‬إنن أحس أن مراجلكم تغلى بالثورة وعلى شفا النفجار ولكن ف هذا الوقف لبد من صمام‬
‫المان فاكظموا غيظكم وادخروا ماءكم ليوم الفصل‪ ،‬وهو آت ل ريب فيه‪ ..‬ويؤمئذ يفرج الؤمنون بنصر ال ‪0‬‬
‫ووصـيت لكـم أيهـا الخوان‪ ،‬أن تنصـرفوا إل منازلكـم وبلدكـم مشكوريـن مأجوريـن‪ ،‬وأن تفوتوا على‬
‫أعدائكم فرصة الصطدام بكم ‪0‬‬

‫‪00‬‬ ‫والسلم عليكم ورحة ال وبركاته‬

‫ويضر ن ه نا ما كت به فضيل ته ف م نب الم عة على صفحات جريدة الخوان ال سلمي اليوم ية ت ت عنوان‬
‫((منطق الؤمني)) كتب فضيلته يقول ‪:‬‬

‫(وجه إل أحد الخوان هذا السؤال‪ :‬هذه هى الفاوضات بيننا وبي النليز‪ ،‬تسي ف طريق ملتو متشعب ل‬
‫أول له ول آخر‪ ،‬وهاهم أولء يراوغوننا على عادتم‪ ،‬ويؤخرون البت ف قضيتنا حت يفرغوا من مشاكلهم وستضيع‬
‫منا الفرص فرصة بعد أخرى‪ ،‬من مؤتر الصلح إل ملس المن‪ ،‬إل هيئة المم‪ .‬فلماذا ننتظر بعد ذلك؟‬

‫‪0‬‬ ‫فقلت ‪ :‬وليكن ذلك‪ ،‬لن يضرونا إل أذى‪ ،‬وكل الوقت للمؤمن فرصة طال الزمن أو قصر‬

‫ووجه إل آخر ف نفس الجلس سؤال ثانيا فقال ‪ :‬وها هى ذى انلترا جادة ف أن تصرف أنظار الناس ف‬
‫قض ية فل سطي إل مشروع التق سيم البغ يض الذى لن يقبله عر ب وا حد‪ ،‬ولن يوا فق عل يه م سلم وا حد من الح يط‬
‫الادى إل الح يط الطل سى‪ ،‬ك ما أن ا هى وحليفت ها أمري كا‪ ،‬لزال تا تاولن إتام الرض القد سة بالهاجر ين من‬
‫اليهود سرا وعلنية‪ ،‬حت يتم لم ما قرروا من إدخال مائة ألف يهودى ونن قاعدون‪ ،‬فهل تودون أن ننتظر متفرجي‬
‫حت تغص فلسطي بؤلء الفاقي؟‬

‫‪0‬‬ ‫فقلت ‪ :‬وماذا يضيك؟ أل تفظ جواب السكندر‪ :‬أن الزار الاهر تسره كثرة الغنم‬

‫وان فض الجلس ‪ 0‬وخلوت إل نف سى أف كر في ما سعت وقلت‪ ،‬ودارت بلدى هذه الوا طر‪ :‬إن نا مع شر‬
‫العرب وال سلمي ف أناء الرض‪ ،‬نطلب ح قا مقررا ل نا‪ ،‬مقد سا عند نا‪ ،‬عزيزا علي نا‪ ،‬فن حن نطلب الرب ية‪ ،‬و هى‬
‫للنسان كالغذاء والواء والاء‪ ،‬ل يكن أن نعيش بغيها ول أن نيا بدونا ونطلب الوحدة والرتباط والتجمع ‪ ،‬وأن‬
‫تزول من بيننا هذه الواجز الصناعية والوائل السياسية التىمزقت با وحدتنا يد الطامع والهواء ف حوادث التاريخ‬
‫التعاقبة‪ ،‬ووحدتنا من صنع ال لنا‪ ،‬قررها القرآن وأكدها اليان‪ ،‬ومهدت لا طبيعة أرضنا‪ ،‬وثبتتها شركة تاريية ف‬
‫الصال واللم والمال‪ ،‬هى أبقى على الزمن الباقى من الزمن ‪0‬‬

‫ونطلب بعد هذين القي أن يفسح لنا الجال بي المم العاملة لنقول كلمتنا وإنا لق‪ ،‬ولنبلغ رسالتنا وإنا‬
‫لي‪ ،‬ولنساهم ف بناء العال وإن ذلك لعدل وإنصاف ‪0‬‬

‫ذلك ما نرجو من مطالب‪ ،‬وما ناهد ف سبيله من حقوق ل بغى فيه ول عدوان‪ ،‬ول جحود ول نكران‪،‬‬
‫وليس فيه من الباطل مثقال ذرة ‪0‬‬
‫ولذا نن مؤمنون أعمق اليان بأننا سنفوز ف نضالنا وسننتصر ف كفاحنا لننا على الق والق باق خالد‬
‫ول قيام للباطل إل ف غفلة الق ‪0‬‬

‫ونن معشر العرب والسلمي‪ ،‬نؤمن بكتاب كري‪ ،‬وعدنا ربنا فيه بأنه سيضاعف الجر ويزل الثوبة للذين‬
‫ياهدون ف سبيل الق‪ ،‬فمن قال كلمة أو أنفق نفقة‪ ،‬أو احتمل مشقة أو شاكته شوكة‪ ،‬أو مسه جوع أو نصب ‪،‬‬
‫أو ل قى ف جهاده أ قل عناء‪ ،‬فذلك كله ع ند ر به ي سجله له ويز يه به وثي به عل يه‪( :‬ذلك بأن م ل ي صيبهم ظ مأ ول‬
‫ن صب ول مم صة ف سبيل ال‪ ،‬ول يطأون موطئا يغ يظ الكفار‪ ،‬ول ينالون من عدو نيل‪ ،‬إل ك تب ل م به ع مل‬
‫صال‪ ،‬إن ال ل يضيع اجر الحنسني‪ .‬ول ينفقون نفقة صغية ول كبية‪ ،‬ول يقطعون واديا إل كتب لم‪ ،‬ليجزيهم‬
‫ال أحسن ما كانوا يعملون) ‪0‬‬

‫ون ن مع شر العرب وال سلمي‪ ،‬نعت قد أن أول البدهيات ف إيان نا‪ ،‬وح جر الزاو ية ف عقيدت نا أن ‪ :‬ل نا ر با‬
‫عظيما قويا قديرا‪ ،‬بيده ملكوت كل شىء‪ ،‬له التصرف واللك واللق والمر من قبل ومن بعد‪( :‬إن ربكم ال الذى‬
‫خلق ال سموات والرض ف ستة أيام‪ ،‬ث ا ستوى على العرش‪ ،‬يغ شى الل يل والنهار يطل به حثي ثا‪ ،‬والش مس والق مر‬
‫والنجوم مسخرات بأمره‪ ،‬أل له اللق والمر تبارك ال رب العالي)‪( .‬ولن يصيبنا إل ما كتب ال لنا)‪0‬‬

‫ـ بيده‪ ،‬ي صرف الناس في ها ك يف‬


‫فالرزق وال جل‪ ،‬والن فع والضـر‪ ،‬والياة والوت‪ ،‬والرض والشفاء‪ ،‬كله ا‬
‫يشاء‪ ،‬فلن يوت أحدنا إل بأجله‪( :‬فإذا جاء أجلهم ل يستأخرون ساعة ول يستقدمون)‪0‬‬

‫‪0‬‬ ‫ولن ينقص ال أحدا شيئا من رزقه‪( .‬وف السماء رزقكم وما توعدون)‬

‫ـ بيده‪ ،‬ي صرف الناس في ها ك يف‬


‫فالرزق وال جل‪ ،‬والن فع والضـر‪ ،‬والياة والوت‪ ،‬والرض والشفاء‪ ،‬كله ا‬
‫يشاء‪ ،‬فلن يوت أحدنا إل بأجله‪( :‬فإذا جاء أجلهم ل يستأخرون ساعة ول يستقدمون) ‪0‬‬

‫‪0‬‬ ‫ولن ينقص ال أحدا شيئا من رزقه ز( وف السماء رزقكم وما توعدون)‬

‫ولن تتد إليه يد بنفع أو ضر‪ ،‬إل بقضاء الق وقدر سبق‪( :‬جفت القلم وطويت الصحف)‪ .‬ولقد عاتب‬
‫القرآن ب عض الضعفاء‪ ،‬وك شف عن خبيئة الضعف ف أنف سهم‪ ،‬فقال (وطائ فة قد أهت هم أنف سهم‪ ،‬يظنون بال غ ي‬
‫الق ظن الاهلية‪ ،‬يقولون‪ :‬هل لنا من المر من شىء؟! قل ‪ :‬إن المر كله ل‪ ،‬يفون ف أنفسهم مال يبدون لك‪،‬‬
‫يقولون ‪ :‬لو كان ل نا من ال مر شىء ما قتلنا ها ه نا‪ ،‬قل ‪ :‬لو كن تم ف بيوت كم لبز الذ ين ك تب علي هم الق تل إل‬
‫مضاجعهم‪ ،‬وليبتلى ال ما ف صدوركم‪ ،‬وليمحص ما ف قلوبكم‪ ،‬وال عليم بذات الصدور) ‪0‬‬

‫و قد وعد نا هذا الرب الل يل ال كبي العظ يم – والذى بيده ملكوت كل شىء‪ ،‬والذى له ج ند ال سموات‬
‫والرض‪ ،‬والذى ل يعلم جنوده إل هـو‪ ،‬والذى أحاط بكـل شىء علمـا وعدا لن يلف ‪ :‬أنـه ينصـر عباده الؤمنيـ‬
‫ويدهم بتأييده الغالب ما جاهدوا ف سبيله واستقاموا على الق الذى رسم لم ‪( :‬إنا لتنصر رسلنا والذين آمنوا ف‬
‫الياة الدنيا ويوم يقوم الشهاد)‪( .‬ولينصرن ال من ينصره إن ال لقوى عزيز)‪( .‬وكان حقا علينا نصر الؤمني)‪( .‬إن‬
‫ينصركم ال فل غالب لكم)‪( .‬وال غالب على أمره ولكن أك ثر الناس ل يعلمون)‪( .‬إن الرض ل يورث ها من يشاء‬
‫من عباده والعاقبة للمتقي)‪( .‬إذ يوحى ربك إل اللئكة‪ :‬أن معكم‪ ،‬فثبتوا الذين آمنوا‪ ،‬سألقى ف قلوب الذين كفروا‬
‫الرعب‪ ،‬فأضربوا فوق العناق وأضربوا منهم كل بنان)‪ (.‬فلم تقتلوهم ولكن ال قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن‬
‫ال ر مى‪ ،‬وليبلى الؤمن ي م نه بلء ح سنا إن ال سيع عل يم)‪ ( .‬هو الذى أخرج الذ ين كفروا من أ هل الكتاب من‬
‫ديارهم لول الشر‪ ،‬ما ظننتم أن يرجوا ‪ ،‬وظنوا أنم مانعتهم حصونم من ال‪ ،‬فأتاهم ال من حيث ل يتسبوا‪،‬‬
‫وقذف ف قلوبم الرعب‪ ،‬يرجون بيوتم بأيديهم وأيدى الؤمني‪ ،‬فاعتبوا يا أول البصار) ‪0‬‬

‫ول يشترط علينا ربنا لينل نصره إل أن نؤمن به وحده‪ ،‬ونعتمد عليه وحده‪ ،‬ونفعل أمره ونتنب نيه‪ ،‬ونعد‬
‫لعدائنا ما استطعنا من قوة‪ ،‬ليس بلزم أن تكون نظي قوتم‪ ،‬أو مثل عدتم‪ ،‬فإنا يراد منا ما إستطعنا ونرجو من ال‬
‫ب عد ذلك مال يرجون‪( :‬وعد ال الذ ين آمنوا من قبل هم‪ ،‬وليمك نن ل م دينهم الذى أرتضى ل م‪ ،‬وليبدلنهم من بعد‬
‫خوفهم أمنا‪ ،‬يعبدونن ل يشركون ب شيئا)‪( .‬وأعدوا لم ما أستطعتم من قوة ومن رباط اليل‪ ،‬ترهبون به عدو ال‬
‫وعدوكم) ‪0‬‬

‫ومن هذه القدمات السابقة ‪ :‬أننا على الق ولن يضيع ال أجر العاملي للحق‪ ،‬ولن يصيبهم إل ما كتب ال‬
‫ل م‪ ،‬ولن يتخلى عن هم رب م ويدع هم لعدائ هم وخ صومهم‪ ،‬بل الن صر حليف هم والعاق بة مكفولة ل م‪ ،‬ن ستطيع أن‬
‫نستخلص النتيجة الحققة ‪0‬‬

‫إنه مهما حاول الغاصبون البطلون‪ ،‬وراوغ الدهاة الطامعون‪ ،‬فإننا إل حقنا واصلون‪ ،‬ولن يغي ذلك شيئا من‬
‫النتيجة الحتمة والرادة الحكمة‪ ،‬ولن تد لسنة ال تبديل ‪0‬‬

‫ذلك منطقنا نن الؤمني ف سهولته وبساطته ومقدماته ونتائجه وقد عاهدنا ال عهدا لن نيس به ولن ننث‬
‫فيه إن شاء ال‪ ،‬أن نيا لذه القوق أو نوت ف سبيلها وكلها جيل ‪( :‬قل‪ :‬هل تربصون بنا إل إحدى السنيي)‪0‬‬

‫‪0‬‬ ‫ولعل من الي لنا وللقوم أل يهزأوا بذا النطق‪ ،‬أو يضحكوا من هذا الديث‪ .‬ليعلمن نبأه بعد حي‬

‫حسن البنا والصحفى اليهودى جون كيمش‬

‫ب عد أن وض عت الرب العال ية الثان ية أوزار ها سنة ‪ ،1945‬نقلت‪ ،‬وكالت النباء عن جون كي مش و هو‬
‫مراسل يهودى لوكالة رويتر قوله ‪ :‬أن جاعة فاشيستية ف مصر هى جاعة (الخوان السلمون)) قد انتهزوا فرصة‬
‫الرب فقاموا بتدريب جنودهم والستيلء على بعض السلحة من اليش البيطان أثناء معارك الصحراء سنة ‪،1941‬‬
‫ليشنوا با حربا على النليز ‪0‬‬
‫وجاء هذا النبأ ف الفترة الت حل فيها الخوان لواء الركة الوطنية ضد الحتلل البيطان حيث برز شبابم‬
‫الامعى الذى قاد حلت التوعية بالقوق الوطنية وإثارة الشاعر ضد الستعمر الغاصب ماول دفع الكومة لتاذ‬
‫موقف إياب يقق آمال المة ف الرية والستقلل ووحدة وادى النيل‪ ..‬والتقى فضيلة الرشد العام برئيس الكومة‬
‫يهيب به أن يعمل بغي تردد وأن يسارع بذا العمل مت وجد الطريق أمامه مهدة‪ ،‬وإل فعليه أن يستنفر المة للجهاد‬
‫ويتقدمها هو ف هذه العركة الصيية‪ ،‬وليكن على ثقة تامة بأنا جيعا من ورائه ‪0‬‬

‫وللسف إنصرت جهود الكومة ف الذكرة الصرية والرد البيطان عليها‪ ،‬المر الذى أثار الشاعر وألب‬
‫الفكار‪ ،‬فخرج الطلب ليعلنوا احتجاج هم على هذا الو قف التخاذل‪ ،‬و هم ف الطر يق إل ق صر عابد ين دبرت ل م‬
‫الكومة ما يعرف بادث كوبرى عباس ( )‪0‬‬
‫‪1‬‬

‫‪ 00‬ف ظل هذه الظروف أصدر جون كيمش تصريه وطالعه الخوان وأدركوا ما يرمى من بلبلة الفكار‪،‬‬
‫فضل عن التحريض السافر عليهم والتشكيك ف نواياهم بالنسبة للحكومة والقصر ‪0‬‬

‫وكان من طبي عة المام الب نا أن ين ظر إل المور من زوا يا تتلف عن ن ظر كث ي من الخوان‪ ،‬ف هو دائما‬
‫يستفيد من الحداث حت لو كانت ضد جاعة الخوان فيحولا إل إتاه ف مصلحة الماعة بكل هدوء وحكمة ‪00‬‬

‫لذا أسرع فضيلته فدعا رجال الصحافة ( ) ووكالت النباء العالية والحلية إل مؤتر صحفى على مائدى شاى بدار‬
‫‪2‬‬

‫طالع تفاصيل حادث كوبرى عباس‪ .‬فى كتاب ((الخوان المسلمون‪ ..‬أحداث صنعت التاريخ)) للستاذ محمود عبد الحليم‪ ،‬الجزء الول‪ ..‬نشر دار‬ ‫‪1‬‬

‫الدعوة باسكندرية ‪0‬‬


‫من كبار الصحفيين المصريين الذين حضروا هذا المؤتمر‪ :‬أنطون الجميل رئيس تحرير الهرام وفكرى أباظة رئيس تحرير المصور ‪0‬‬ ‫‪2‬‬

‫نشرت جريدة الهرام فى ‪ 3/10/1945‬خلصة هذا الحديث قالت ‪:‬‬


‫‪ 00‬وقال (أى المام الشهيد حسن البنا) ‪ :‬إن الدعوة تحض على معرفة ال‪ ،‬والديان جميعا تدعو إلى هذه المعرفة‪ ،‬وتخص على السمو‬
‫بالنفس لنها من روح ال‪ ،‬وتحض على حب الناس‪ ،‬وتدعو إلى عمل الخير وإلى النسانية الشاملة‪ ،‬وإن هذه المبادئ ليس هدفها السياسة‪ ،‬بل إنه يعلن أن‬
‫الدعوة ل يمكن أن تكون سياسية بالمعنى الذى أصطلح عليه السياسيون ‪0‬‬
‫غير أنه لما كانت هذه الغراض النبيلة التى يعملون لتحقيقها ل يمكن أن تترعرع إل فى ظل الحربية والعزة والكرامة؛ فإنهم يطلبون لمصر‬
‫وللبلد العربية والسلمية الحربية والستقلل‪ ،‬وإنهم يشتركون فى هذا القدر وحده مع السياسيين ‪0‬‬
‫بقى ما قيل من أن فيها تعصبا دينيا فوضح الستاذ البنا بيأن السلم ينهى عن هذا التعصب‪ ،‬وأنه دين إنسانى يدعو إلى المحبة والخاء‪ ،‬واستدل‬
‫بآيات من القرآن فيها تمجيد لموسى وعيسى‪ ،‬وفيها تنويه بأن ال اصطفى مريم عليها السلم وطهرها واصطفاها على نساء العالمين ‪0‬‬
‫وأن فى القرآن دعوة إلى المعاملة الحسنة بين المسلمين وأهل الكتاب‪ ،‬وأن طعام كل منهم حل للخرين‪ ،‬وأن نساء أهل الكتاب يحل للمؤمنين‬
‫الزواج بهن خلفا – للمشركات‪ .‬وقال ‪ :‬إن القرآن أتى فى هذا بما لم تأت به التوراة والنجيل ‪0‬‬
‫وتناول ما قيل عن الخوان من أنهم يدعون إلى الخذ بالتشريع السلمى فقال‪ :‬إنهم يزعجون الخرين بهذه الدعاية إذ يصورون هذه‬
‫الشريعة على أنها قطع يد السارق ورجم الزانى فقط؛ فى حين أن المقصود هو النتفاع بما فيها من كنوز غالية من الحكام والتطبيقات التى أورثنا إياها‬
‫فطاحل رجال الفقه السلمى ‪0‬‬
‫وعرض لرأى الخوان فى الجانب فقال ‪ :‬إنه ل ينكر أن مصر استفادت من الغرب فى العلوم والنظم‪ ،‬ولكن ل يمكن الصبر على أن تظل أوربا‬
‫تستنزف خيرات هذا البلد وأبناؤه المليين فى أشد الحاجة إليه‪ ،‬وأن كل ما يريده هو أن يكون لنا من هذه الخيرات نصيبنا الكامل ‪0‬‬
‫وعرض لما قاله مراسل ((رويتر)) من أه هيئة الخوان ثورية مسلحة‪ ،‬فسخر من هذا الدعاء قائل ‪ :‬إن مليين الجنود ألقت أسلحتها فهل يعقل أن‬
‫تكون للسلحة فائدة بعد هذا؟ وأكد أن الخوان أهل حجة وإقناع وأن السلح إذا تدخل أفسد سبيل القناع ‪0‬‬
‫وقال ‪ :‬إنه يتحدث باسم نصف مليون من الخوان تنبض قلوبهم بما تنبض به قلوب سبعين مليونا من العرب وثلثمائة مليونا من المسلمين (فى‬
‫ذلك الوقت أى سنة ‪0 )1945‬‬
‫الر كز العام للخوان السلمي بالقاهرة وكان أكثر هؤلء الصحفيي والراسليي ل يشاهدوا الخوان ومرشدهم من‬
‫قبل ‪0‬‬

‫وحي سرى نبأ هذا الؤتر إحتشد عدد كبي من الخوان – ليستقبلوا ضيوفهم أكرم إستقبال‪ ،‬فوقف حسن‬
‫البنا يتحدث إل الضيوف باللغة العربية الت يترجها أحد الخوة إل لغة أجنبية ‪ ..‬وقف فضيلته بتحدث بنفس الروح‬
‫والشا عر ال ت يتحدث ب ا إل عا مة الخوان‪ .‬شار حا للحاضر ين دعوة الخوان ال سلمي وغايت هم وو سائلهم بل غة‬
‫بسيطة أفهمتهم أهداف الماعة وكان ما قاله‪ :‬إن جاعة الخوان‪ ..‬جاعة إسلمية تعن بشئون وطنها السلمى كله‬
‫إجتماعيا وسياسيا لن العدالة والربية من صميم الدعوة السلمية‪ ،‬ول يتم إسلم السلم ول يقق شريعته إل بالرية‬
‫‪0‬‬

‫ث أشار إل تصريات جون كيمش فقال ‪ :‬كنا نب للكاتب أن يتحرى القيقة فل يلجئنا للرد عليه‪ ،‬ولكننا‬
‫نشكره على كل حال إذ هيأ لنا هذا اللقاء الطيب بالتحدث إليكم‪ ،‬فالواقع الذى يؤيده الدليل أن الخوان ل يوجد‬
‫عندهم جيش بالصطلح العروف‪ ،‬ولكن هناك ما يسمى فرق الكشافة وهى منظمة معترف نبها دوليا ومعروف أن‬
‫ـ ف جع ية الكشا فة الهل ية بالقاهرة‪ ،‬وتارس‬ ‫مؤسـسها هو (بادن باول)‪ ،‬وفرق الكشا فة الخوان ية مسـجلة قانون ا‬
‫نشاط ها طبقا للوائح والقوان ي‪ ،‬ف هى إذن نظام ر سى معترف به من الدولة‪ ،‬وم ثل هذه الفرق ل يطلق علي ها ج يش‬
‫كما ادعى جون كيمش ف رسالته ‪ 0‬أما أنه يستعدى علينا النليز وعملءهم مدعيا أننا نغتصب منهم السلحة كى‬
‫نطرد هم ب ا من بلد نا‪ ،‬فالعروف أن النل يز وأ سلحتهم غ ي مرغوب فيه ما على أرض نا‪ ،‬أ ما و قد وض عت الرب‬
‫أزوارها فإنه يتعي أن يرجوا من بلدنا ويتركوا أسلحتهم لنا‪ ،‬ولم ثنها من مبلغ الربعمائة مليون جنيه الذى هو‬
‫د ين لشعب نا على بريطان يا‪ ،‬فإذا ل تف عل بريطان يا ذلك فلتعلم أن نا قطع نا الع هد مع رب نا على النت صار لدين نا وبلد نا‬
‫ولتعلمن نبأه بعد حي ‪00‬‬

‫وتناول المام الب نا ب عد ذلك التطورات ال ت نشأت م نذ دخول النل يز م صرى ح ت بلغ هذا الش عب وع يه‬
‫وقوة عزمه على إجلئهم بال يتمل أى تسويف‪ .‬وختم كلمته – للضيوف وشكرهم‪ ،‬ث دعاهم لزيارة الركز العام‬
‫وخصوصا الكتبة السلمية بالدار وودعهم الخوان بظاهر الحترام والودة ‪0‬‬

‫‪ 00‬وهكذا ي ستطيع ح سن الب نا ف الو قت النا سب با سته الؤم نة أن يعلن عن فكر ته ومبادئه ال سلمية‬
‫بالكمة ويرد الكيد إل نور أصحابه ‪0‬‬

‫حسن البنا ‪ 000‬وثورة سوريا الشقيقة‬

‫وقال ‪ :‬إن هذه الشبهات إن دلت على شىء فإنما تدل على تجاهل حقيقة مبادئ هذه الجماعة وأهدافها‪ ،‬وإننا قد أعلنا مرارا أن الخوان هيئة إسلمية‬
‫جامعة‪ ،‬تعمل فى وضح النهار على تحقيق المبادئ السلمية التى ترتكز على الشورى الحقة‪ ،‬وتكفل سعادة المجتمع وتحفظ حقوق الوطن‪ ،‬وهى ل تعمل‬
‫فى الظلم‪ ،‬وذلك سر ما وصلت إليه من قوة وانتشار‪ ،‬أما ما يقال من أن الخوان يحرزون أسلحة وجدوها فى الصحراء فهى فرية مضحكة ل تجد لها‬
‫محل إل فى خيال صاحبها وحده‪( .‬عن كتاب ((حسن البنا)) للستاذ أنور الجندى)‪0‬‬
‫قبيـل إنتهاء الرب العاليـة الثانيـة وإنزام فرنسـا أمام اليوش اللانيـة طالبـت سـوريا الشقيقـة بلء قوات‬
‫الحتلل الفرن سى عن أراضي ها‪ ،‬ول كن فرن سا ماطلت ول ت قف ول تف بوعودها وأصرت على إ ستمرار الحتلل‬
‫رغم أنزامها فهب الشعب السورى الشقيق ف ثورة عارمة يدافع عن حريته وكرامته‬

‫وه نا رأى المام الشه يد بعاطف ته ال سلمية وإح ساسه العم يق بوحدة الشا عر وال صي أن ي قف الخوان ف‬
‫مصر إل جانب إخوانم الجاهدين ف سوريا‪ ،‬فأرسل إل سفي سوريا بصر الطاب التال ‪:‬‬

‫حضرة صاحب السعادة ‪ :‬وزير سوريا الفوض بالقاهرة‬

‫السلم عليكم ورحة ال وبركاته – وبعد ‪.‬‬

‫فإن الخوان السلمي ف الملكة الصرية يشاركون الكومة السورية الجاهدة السورى الباسل الشعور ضد‬
‫ال ستعمار والعدوان والظلم ف هذه الو نة الدقي قة من تار يخ العرو بة و هم ينتهزون هذه الفر صة فيعلنون أن عشرة‬
‫ألف شاب من شباب الخوان يرجون قبولم كمتطوعي ف اليش السورى وهم على أت الستعداد للسفر ف أى‬
‫و قت ترى الكو مة ال سورية أن تدعو هم ف يه إل النضمام إل القوات الجاهدة وأداء الوا جب الفروض على كل‬
‫عرب‪ ،‬فأتشرف بأن أخطر سيادتكم بذلك إنتظارا لوامركم ‪0‬‬

‫مع أصدق العواطف وأطيب التمنيات‬

‫والسلم عليكم‪( ،،‬حسن البنا)‬

‫بعثة طبية إخوانية إل سوريا ‪:‬‬

‫وعندمـا قابلت فرسـنا بقواتاـ الغاشةـ هذه الثورة بالقوة والنار وقصـفت مدفعيتهـا الثقيلة الشعـب السـورى‬
‫العزل ف سقط كث ي من الضحا يا والشهداء‪ ،‬رأى ح سن الب نا أن من وا جب الخوان وبو حى من مبادئ هم و من‬
‫صميمها (إنا الؤمنون إخوة) أن يسارعوا بأداء حقوق الخوة بتضميد جراح القاتلي وهذا أضعف اليان‪ ..‬لذا قرر‬
‫الخوان إيفاد بعثة طبية إل سوريا برياسة الخ الدكتور ممد سليمان وسكرتارية الستاذ عبد الكيم عابدين لؤاساة‬
‫سوريا ف نكبتها‪ ،‬وقد غادرت البعثة القاهرة إل دمشق( )‪ ،‬وهى مزودة بالطباء والمرضي وكل ما تتاجه من أدوية‬
‫‪1‬‬

‫وإسعافات ‪0‬‬

‫وهناك شرت البعثة عن ساعد الد ونزلت الساجد وجعلوا منها مستشفيات‪ ،‬وواصلوا الليل بالنهار ف صب‬
‫وصمت وعاطفة جياشة بالب نو إخوانم ف سوريا ‪0‬‬

‫كان فى استقبال هذه البعثة حين وصولها إلى دمشق كل من السادة نجيب بك البرازى نائب حماه وخالد بك الداغستانى محافظ حماة وسعد اله الجابرى‬ ‫‪1‬‬

‫رئيس مجلس النواب السورى ‪0‬‬


‫ول حظ الش عب ال سورى الشق يق نشاط هذه البع ثة ال ت تقوم بواجب ها ف غ ي ض جة ول دعا ية و ف حب‬
‫وإخلص وإيثار وانقطاع‪ ..‬وأعطت السوريي مفهوما جديدا عن السلم التحرك التجاوب مع الحداث والواقف‬
‫‪ ..‬السلم الذى ل يعرف عصبية ول قومية ول أنان ية‪ ،‬هذا ال سلم هو الذى تر كت به هذه البع ثة تط بق قول‬
‫الرسول الكري‪(( :‬مثل الؤمني ف توادهم وتراحهم كمثل السد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر السد‬
‫بال سهر وال مى)‪ .‬فتأ ثر الش عب الش عب ال سورى بذه الروح ال سلمية الفيا ضة التفان ية ف صدق‪ ،‬فكت بت ملة‬
‫(الامعة السلمية) الت تصدر ف حلب ف مقالا الفتتاحى ما يلى ‪:‬‬

‫(كا نت طائ فة من الناس ف سوريا تن ظر إل م صر بظ هر ب عض صحفها اللي عة وب عض أقلم ها الغاو ية‪،‬‬


‫ويأخذها الل عليها بيول قبضة من كتابا الظاهرين من أدباء الية والتقليد العمى‪ ،‬وتكم عليها أنا سائرة وراء‬
‫مفاسـد الغرب ‪ ..‬حتـ جاءت بعثـة ((الخوان ال سلمي))‪ .‬فبعـد أن داوت الرحـى وآسـت ذوى القتلى‪ ،‬وبذلت‬
‫جهدهـا وأموالاـ وعوناـ فـ هذا السـبيل الحبوب التفتـت إل نفوس الحياء فأنعشتهـا وأوقدت حاسـها‪ ،‬وأذكـت‬
‫شعور ها ن و الدف ال سى والبغ ية الثلى‪ ،‬ون و إحياء ال جد والدعوة ال قة فأرتدت أبصار الطائ فة ع ما خد عت به‬
‫وغدت م صر ملء الفواه وملء ال ساع وملء الب صار ك ما هى ملء القلوب والعقول‪ ،‬شقي قة م سلمة غيورة على‬
‫الامعة العظمى‪ ،‬والخوة الكبى يوم يد الد وأيام اللمات والحن))‪0‬‬

‫بعثة سورية لشكر الخوان السلمي ‪:‬‬

‫وبعد مضى عدة أسابيع من وصول بعثة الخوان الطبية للقاهرة وبعد أداء رسالتها ف سوريا‪ .‬جاءنا وفد من‬
‫دار الرقم من شباب سيدنا ممد صلى ال عليه وسلم من حلب بسوريا الشقيقة – لزيارة الخوان بالقاهرة والقاليم‬
‫ردا على البعثة الطبية – وكان جيعهم من الشباب وعلى رأسهم الستاذ عبد الرحن الباشا ‪ ..‬واستقبلهم الخوان‬
‫بال سكندرية أع ظم ا ستقبال وقاموا بزيارة كث ي من ش عب الث غر وكان في هم خطباء على در جة كبية من الماس‬
‫والوعى وكانوا كثيا ما يتناولون ف خطبهم ما يسمى (بالقومية العربية)‪ ،‬ويشيدون با ويتكرر الكلم عنها كثيا ما‬
‫ل فت ن ظر جوع الخوان – ح يث أن الخوان ل ي سبق أن جعلوا للقوم ية العرب ية مكان ال صدارة ف أحاديث هم ف هم‬
‫يؤمنون بالامعة السلمية واللفة السلمية – وف اللسات الاصة ناقشنا معهم هذا السلوب وأبدينا رأينا فيما‬
‫يتصل بوضوع القومية العربية – ولقد تبي من الناقشات أن موضوع القومية العربية هو الذى يسود الفكر السورى‬
‫ومنطقة (الوادى الصيب) سوريا والردن والعراق ‪0‬‬

‫جاعة شباب ممد بسوريا تنضم للخوان ‪:‬‬

‫وعلى أ ثر هذه الزيارات التبادلة ب ي جا عة الخوان ف م صر وجع ية شباب م مد ب سوريا وعلى أ ثر هذا‬
‫التل حم والتجاوب – اجت مع الخوة من شباب م مد صلى ال عل يه و سلم ب سوريا وتناقشوا ف أ مر انضمام هم إل‬
‫جاعـة الخوان السـلمي بالقاهرة وإختاروا فضيلة السـتاذ الشيـخ مصـطفى السـباعى ليكون مراقبا عاما للخوان‬
‫السلمي بسوريا ‪0‬‬

‫وعلى أثر هذا جاء وفد من إخوان سوريا على رأسهم فضيلة الشيخ مصطفى السباعى لقابلة فضيلة الرشد‬
‫العام ومبايعتـه‪ ،‬وتـ ذلك والمـد ل رب العاليـ وأقام الخوتان بالقاهرة حفل كـبيا بذه الناسـبة الطيبـة وترحيبا‬
‫بالخوة السوريي الكرام ‪0‬‬

‫من جهود الخوان الصحية ف مصر ‪:‬‬

‫وف عام ‪ 1947‬دخلت الكوليا وإنتشر وباؤها ف مصر‪ ،‬وإنتاب الشعب الصرى الفزع والوف‪ ،‬وأسرع‬
‫فضيلة الرشد بتجنيد شباب الخوان ف جيع البلد للمساهة ف النشاط الطب وعزل الصحاء عن الرضى والساعدة‬
‫ف الجراءات ال صحية والتطع يم والتمو ين‪ .‬وب عد إنقاذ البلد من هذا البلد رأت وزارة الشئون الجتماع ية أن تقدم‬
‫لشباب الخوان الذين اشتركوا ف هذا الجهود الطي مكافآت مالية تقديرا لهادهم ‪0‬‬

‫ول كن ال ستاذ الر شد رح ه ال ر فض الكافآت باعتبار أن الخوان ال سلمي قد قاموا بواجب هم ال سلمى‪،‬‬
‫الذى يفرضه عليهم دينهم وعقيدتم ومشاعرهم السلمية ‪0‬‬

‫وهكذا يغت نم ال ستاذ الب نا هذه الظروف ليعلن عن شول الدعوة ال سلمية وإحاطت ها وحركت ها ال ت تش مل‬
‫أمور السلمي جيعا ‪0‬‬

‫حرارة العاطفة ‪ 00‬ورقة الشعور‬

‫‪0000‬‬ ‫ويضرن كذلك‬

‫بعد أن أدى الستاذ الرشد صلة العيد توجه إل دار الركز العام القدي باللمية الديدة‪ ،‬وتوافد الخوان‬
‫لتهنئته بالعيد‪ ،‬وجلست ف زاوية من الجرة الفسيحة أرقبه‪ ،‬فكان رحه ال يستقبل كل أخ مسلما عليه بأسه أو‬
‫بكنيته برارة وابتسامة مشرقة‪ ،‬ث يشي إليه ليجلس‪ .‬ث يتابعه بالسؤال عن صحته‪ ،‬والستفسار عن أحواله الشخصية‬
‫الت كان يعرف الكثي منها حيث كان موضع ثقة الخوان ومشورتم‪ .‬ودخل أحد الخوان فسلم عليه وهنأه ث قال‬
‫له ‪ :‬لعل المر قد انتهى بي والخ الطبيب قد وفقه ال‪ .‬فقال الخ ‪ :‬ببكة دعواتكم يا فضيلة الرشد‪ ..‬وكانت هذه‬
‫الكلمات مدعاة لي سأل ب عض الخوة هذا الخ عن الوضوع و هى مشار كة أخو ية واج بة تفرض ها آداب ال سلم‬
‫وأخل قه‪ ،‬فتب سم الخ قائل ‪ :‬الوضوع أن فضيلة الر شد كان عند نا ف البلد وكا نت عندى جامو سة متع سرة ف‬
‫الولدة فلما علم بذلك نصحن بإحضار طبيب لنقاذها ‪0‬‬
‫ث تدث أ حد الخوة من الاضر ين فطلب من ال ستاذ الر شد أن يت صل بوز ير الوقاف ل ساعدته ف بناء‬
‫م سجد بالبلد‪ ..‬فقال له ‪ :‬طبعا ي ستحسن أن نت صل به الن أول لتهنئ ته بالع يد‪ ،‬وب عد الع يد نتحدث م عه ف هذا‬
‫الوضوع ‪0‬‬

‫ث دخل بعد ذلك أحد الخوة ومعه طفلن فأستقبله الستاذ الرشد أحسن إستقبال ث قبل الطفلي وأجلس‬
‫كل طفل منهما على ناحية بواره‪ ،‬ودق الرس فحضر الستاذ أنس الجاجى فهمس ف أذنه بكلمات وانصرف ث‬
‫عاد بعد قليل ومعه قطعتان من اللوى (شيكولته) فأعطى الستاذ الرشد لكل طفل منها واحدة ‪0‬‬

‫وبعد فترة نزل الخوان إل فناء الركز العام حيث ضاقت الجرة بم وجاء الستاذ الرشد وشاركنا الديث‬
‫وأجاب على بعض السئلة‪ .‬وبينما ن ن كذلك إذا بعزيز با شا الصرى يدخل علينا فحيانا وصعد إل الدور العلوى‬
‫وبقى الستاذ الرشد جالسا معنا‪ .‬وبعد قليل جاء الستاذ أنس يب فضيلته بوجود الباشا ويطلب مقابلته ‪ .‬فاستأذن‬
‫فضيلته قائل ‪ :‬هل تسمحوا ل ؟‬

‫وبعد القابلة الت ل تطل كثيا عاد إلينا واستأنف حديثه معنا‪ .‬وبعد صلة الظهر إنصرفنا وعاد إل منله ف‬
‫‪0‬‬ ‫أمان ال‬

‫‪00‬‬ ‫وهكذا كان يعيش الستاذ بي الخوان بكل حواسه ومشاعره وكله حركة وحياة ويقظة‬

‫دموع‬

‫وأنقل هنا ما سجله أحد الخوة عن حساسية المام الشهيد ‪ 00‬كتب الخ يقول ‪:‬‬
‫" ‪ ..‬دخلت عليه" فقابلن بالبشر والترحاب‪ ،‬وقال ‪ :‬ستسافر يوم الثلثاء للسودان "‬
‫‪0‬‬

‫فقلت على الفور ‪ :‬أمر مطاع يا فضيلة الستاذ ‪0‬‬

‫وأردت أن أنصرف‪ ،‬ث التفت إليه فجأة وقلت ‪ :‬ولكن يا فضيلة الستاذ !؟‬
‫قال ( رحه ال) ‪ :‬ولكن ماذا؟‬
‫قلت ‪ :‬إن ل مشاكل كثية وشكاوى وفية‪ ،‬أود أن أتدث إليكم فيها بعضها عام وبعضها خاص‬
‫فقال ‪ :‬هون عليك‪ ،‬وكل أمرك إل ال ‪00‬‬

‫قلت ‪ :‬ولكن أود أن تعرف ‪00‬‬

‫فقال ‪ :‬إنن أعرف ‪00‬‬

‫قلت ‪ :‬إذن أ نا أ سعد ما أكون‪ ،‬ماد مت تعرف‪ ..‬ولك نه ا ستبقان‪ ،‬وأ خذ يتحدث عن مشاكلى وشكاواى‬
‫يتحدث هو بنفسه ‪ ..‬عجبت وال كل العجب‪ ،‬لنه أحاط بدقائق نفسى ودخائل حسى‪ ،‬بل إن هناك مسائل كانت‬
‫ف با طن الشعور‪ ،‬هو الذى ذكر ن ب ا‪ ..‬و ما انت هى من حدي ثه ح ت قلت ‪ :‬وال يا فضيلة ال ستاذ‪ ،‬إ ن سعيد كل‬
‫ال سعادة ول أش كو من شىء أبدا ‪ ..‬قلت ذلك و صوتى متهدج ودمو عى منهمرة وأحا سيسى متدف قة‪ ،‬ث هج مت‬
‫عليه‪ ،‬وكان واقفا ول شىء على رأسه‪ ..‬هجمت عليه واحتضنته بي ذراعى ف شدة وعنف وأخذت أقبل رأسه‪..‬‬
‫فاستمر هذا الوقف فترة من الزمن‪ ،‬وهو صامت مستسلم‪ ،‬ول أتركه إل حي دخل علينا الخ الستاذ سعد الوليلى‪،‬‬
‫وإذا بالستاذ يبكى بكائى وعيناه مليئتان بالدموع ‪0‬‬

‫وكثيا ما كان هذا الب طل القوى يب كى بدموع غزار‪ ،‬وإ ن لذ كر ف ذلك اليوم أن أ ستلم ذات يوم بدار‬
‫(الشهاب) برقية من والد أحد الشهداء ف فلسطي‪ ،‬ردا على برقية من فضيلة الستاذ له‪ ،‬وكانت برقية والد الشهيد‬
‫برقية مؤثرة فيها تضحية وفدائية وإستبسال … بكى الستاذ كثيا‪ ،‬وبكى الاضرون‪ ،‬وكانت لظات من الساسية‬
‫الرهفة والشعور العميق! وهذه لحة خاطفة على كل حال للذكرى والتبصرة ‪0‬‬

‫ومع قصة دموع هذا القائد العظيم يروى لحد الخوان هذا الشهد يقول ‪:‬‬

‫عرضت عليه – يقصد فضيلة الرشد – ذات مرة خطابا من أحد الخوان وكان بي عدة خطابات وأوراق‬
‫قدمتها إليه‪ ،‬وغفلت لظة‪ ،‬أنظر إل من ف الغرفة‪ ،‬وإذا ب أرى دمعات كبية تتساقط على الطاب‪ ..‬ودهشت‪ ،‬لقد‬
‫كنت قرأت الطاب قبل ذلك‪ ،‬ولكنه ل يثر ف نفسى ما أثاره ف نفس الرجل الكبي؟‬

‫ك نت أعرف أن الرا سل ب عث ‪4‬جنيهات إعا نة للجما عة‪ ،‬فماذا ف هذا من ع جب‪ ،‬ف الو قت الذى كا نت‬
‫هناك مئات النيهات تتقاطر علينا !! ‪ 00‬ولكنه هو – كقائد – قد أثاره ما ل يثرن ‪0‬‬

‫كت بالراسل يقول ‪ :‬أكتتب كثيون ف أسهم جريدة الخوان‪ ،‬ث تنازلوا عنها عندما ناديتم فضيلتكم بأن‬
‫يتنازلون عنها‪ ..‬ولا كنت راغبا ف أن اشارك ف هذه التضحية‪ ،‬ول يكن ل شرف الساهة لضيق ذات يدى‪ ،‬فقد‬
‫أرسلت لكم نصف مرتب الشهرى وهو قيمة ثن سهم‪ ،‬أتنازل عنه ‪00‬‬

‫‪00‬‬ ‫وقال الرجل معلقا ‪ :‬بثل هؤلء وبذه النقود القليلة تنتصر الدعوة‬

‫كراهيته للتميز عن الخوان ‪:‬‬

‫وم ضت اليام وجاء ال ستاذ الر شد إل ال سكندرية ف ليلة من ش هر رمضان البارك‪ ،‬وكان م عه و فد من‬
‫الخوان بالسودان وبعد أن حضروا مؤترا شعبيا ف حى باكوس‪ ،‬عاد الستاذ إل دار الكتب الدارى قبيل منتصف‬
‫الليل‪ ،‬وأوصان أن أوقظه قبيل الفجر لتناول السحور ولكنه بقى ف حجرته يصلى القيام لفترة طويلة ث نام ‪0‬‬

‫وحضرت ممو عة من الخوان لت صلى مع فضيل ته وتتناول م عه ال سحور‪ ،‬وأحضرت له طعا ما فاخرا‪ ،‬فل ما‬
‫اجتمع الخوان على الطعام قال ل ‪ :‬هل كل الخوان سيأكلون مثل طعامى هذا؟ فقلت له ‪ :‬كل واحد حضر ومعه‬
‫طعامه‪ .‬فقال ‪ :‬سآكل من طعامهم‪ ،‬ورفض هذا الطعام فوزعناه على الخوان ‪0‬‬
‫ولا دخلنا مسجد الدار وجد الحذية خارج الصلى بدون تنظيم‪ ،‬فقال مدعبا‪ :‬ألستم ف أسر؟ قلنا ‪ :‬نعم ‪.‬‬
‫فقال ‪ :‬فلماذا ل تعلوا أحذيتكم على شكل أسر؟‬

‫وبعد الصلة قرآنا الأثورات‪ ،‬وعند شروق الشمس حضر الستاذ الستشار مني دله بسيارته‪ ،‬فقد كان على‬
‫مو عد مع فضيلته للعودة إل القاهرة وع ند باب النل وقبل أن ير كب السيارة سألن عن بواب العمارة‪ ،‬فقلت‪ :‬إ نه‬
‫نائم‪ .‬فأعطان له مبلغا مع تياته ‪0‬‬

‫حديث الثلثاء ‪:‬‬

‫كان حديث الثلثاء أو ك ما كان يلو لكثي من الخوان أن يسميه ((عاطفة الثلثاء))‪ ..‬كان هذا الديث‬
‫عجبا من العجب الذى أحاط بذا الرجل ‪ 000‬من ج يع أناء القاهرة‪ ،‬يتجمع يوم الثلثاء من كل أسبوع بالركز‬
‫العام‪ ،‬الخوان وغ ي الخوان‪ ،‬وي قف الر جل ف لبا سه الب يض الشفاف‪ ،‬والعباءة البيضاء والو جه الوضاء واللح ية‬
‫الرسلة‪ ،‬يتحدث ف موضوع يتاره ل على سبيل الحاضرة‪ ،‬ولكن على سبيل الديث الرسل ‪0‬‬

‫‪ 00‬كان هذا الديث عجبا‪ ..‬كان كل أخ له مشكلة أو مسألة أو قضية يذهب إل هذا اللقاء البارك ليعود‬
‫إل بيته وقد حلت مشكلته ‪0‬‬

‫ف هذا اللقاء ال سبوعى‪ ،‬كان التكا فل ال سلمى يتحول ع ند ح سن الب نا إل عمل ية ((تآخ)) فعال‪ ..‬و هى‬
‫عمل ية جوهر ية ب ا ي صبح الن سان ((أ خا م سلما)) بتأث ي ال ية القرآن ية ح يث كا نت ت صدر من هذا القائد بن فس‬
‫الشروط النفسية الت كانت ف عمل النب صلى ال عليه وسلم وصحابته الكرام من قبل ‪ 00‬هذه العملية كانت من نبع‬
‫الق وفيضه‪ ،‬وهو السر الذى أشرق ف متمع مكة المزق‪ ،‬فآخى بي بلد ((البعد)) وأب بكر ((السيد)) وجعلهما‬
‫أخوين ل يول بي روحيهما ف ال حائل ‪0‬‬

‫‪00‬‬ ‫ونورد فيما يلى جزءا من أحد أحاديث فضيلته ف هذا اللقاء يؤكد فيه على رابطة القلوب بي السلمي‬
‫يقول ‪:‬‬

‫‪ 00‬قلت لكم دائما وأكرر هذا القول ليثبت ف الذهان أنا نعمتان ل تشتريان بال ول تنالن بيلة أو مهود‬
‫ولكنهما منحة من ال لعباده يقذفهما ف قلب من يشاء منهم – هاتان ها (اليان والب)‪0‬‬

‫أكرر لكم هذا العن – أردت أن أذكركم بذه القيقة حقيقة الخاء الذى يمعنا على اليان بعقيدة الناداة‬
‫بكتاب ال كنظام أساسى للحكم ولصلح العال – وما يستتبعه هذا الخاء من شعور الب نو الجتمعي على هذه‬
‫الغاية السامية الكرية الرتبطي با ‪0‬‬
‫هذه القيقة يب أن نؤمن با ونذيعها ف الناس ونطبقها على أنفسنا أول كإخوان مسلمي فل نشعر نو‬
‫مسلم إل بالب والخاء ول نفتح باب الشر بالصومة والفرقة والنقسام والنتيجة من هذا كله – أن كل مسلم أخ‬
‫ل نا – لن نا جي عا إخوة نع مل ف اليدان ال سلمى العام – وإذا ل يرع الناس هذا ف سنرعاه ن ن من جانب نا – لن نا‬
‫مقيدون با نقول وبا ندعوا إليه الناس‪ .‬إننا دعاة مبادئ فلنتمسك با ول أقبل منكم أيها الخوان تاونا أو تفريطا ف‬
‫هذا البدأ ‪ 0‬فزنوا صلتكم بالناس بذا اليزان – ول يستخفنكم الغضب للنفس وأقبلوا النصيحة من السلم – ما كان‬
‫حق فخذوه وإل فاستمسكوا ببدأكم إن أعداءنا وخصومنا هم الكافرون – الذين ينشرون الباطيل بيننا – ويغيون‬
‫على أوطاننا وحرياتنا ويضمرون الشر لنا ويريدون أن يتفرق السلمون وينقسموا ‪ ،‬فإذا عرفتم هذا فأعلموا أن هؤلء‬
‫الذين يتحدونكم لعلهم يقولون ما يقولون فيكم بدافع الغية والرص على سلمة الدين وسلمة الجتمع السلمى‬
‫من وجهة نظرهم ‪0‬‬

‫فد يكون أسلوبم هذا خاطئا – وفكرتم فيها غلو وشطط ولكن الدافع كري والقصد حسن فإذا تققتم من‬
‫براءة النية فتقبلوا النصح أو ناقشوه – وقد يكون اللف ف الوسيلة – فهم يسكون البل من أحد طرفيه مثل بينما‬
‫غيهم يرى رأس الكمة ف أن يسك البل من الوسط حت ل ييد ف يده ‪ .‬ولكن مع هذا فتعرفوا القصد فإن كان‬
‫خيا فل تتهموه وتفاهوا مع صاحب الرأى ف رأ يه ‪ .‬فإذا ل يقت نع فقولوا له ( ما دام صادق الن ية م با للخ ي) ‪ :‬إن‬
‫الكم بيننا وبينك ف الفصل ف هذا اللف هو (إمام) لننا مستعبدون فتعال (للمام) وليس للمسلمي الن إمام –‬
‫فتعال نن سى كل شىء الن – ونع طل كل شىء أمام القض ية ال كبى –قض ية تر ير الرض ال سلمية فلنج عل هذا‬
‫غايتنا الول – حت نستطيع أن نأت بكم ال ونفصل ف هذه اللفات – إذ أنه بدون هذه الكومة السلمية الت‬
‫تمى شرع ال فل نظام للمسلمي ول أحكام !؟‬

‫كان من أدب الخوان بالقاهرة إذا أراد أحدهم أن يسافر إل بلدته إستأذن ف ذلك من الستاذ الرشد رحه‬
‫ال ‪ .‬فضل عن أنه إذا كانت هناك رسالة أو مهمة تقتضى السرعة كلفه با ‪0‬‬

‫وذات يوم توجه الخ الاج عبد الرزاق هويدى يستأذن ف السفر إل بلدته‪ ،‬فلما إستفسر منه فضيلة الرشد‬
‫عن سبب سفره الفا جئ أ خبه أن جده مر يض وير يد عياد ته‪ .‬فد عا له وأبل غه تنيا ته له بالشفاء وتو جه الاج ع بد‬
‫الرزاق إل بلده – وفـ اليوم التال فوجئت عائلة هويدى جيعـا فأسـرعت ترحـب بقدمـه‪ .‬وشباب عائلة هويدى له‬
‫ميول سياسية متباينة فمنهم الوفدى ومنهم السعدى وحول سرير الد الكب دارت بعض الحاديث الفيفة‪ .‬وقال‬
‫ال د كلمات ترح يب وش كر لل ستاذ الر شد ونوه بف ضل الخوان ف أن م جعلوا من الاج ع بد الرزاق شخ صية‬
‫إسلمية مؤمنة ‪0‬‬

‫فرد الستاذ الرشد فقال إنه ل فضل للخوان ف ذلك‪ .‬فلخوان والمد ل يرزقون من كل عائلة كرية بن‬
‫يثلهم ف هذه العائلة ‪0‬‬
‫ونزلت هذه الكلمات الرقيقة الواعية على قلوب الميع بردا وسلما وتذوقوا منها وبا قيمة الدعوة الداعية‬
‫‪00‬‬

‫وأذ كر يوم تو ف إل رح ة ال والد أ حد الخوان الفضلء ف أ سيوط وكان على خلف مع الخوان م نذ‬
‫سنتي ‪ ..‬ولكن فضيلة الرشد انتقل بسرعة من القاهرة إل بلدته – وحي وصل أستقبل أحسن استقبال وحي جاء‬
‫وقت صلة العصر توجهت جوع العزين إل السجد وبعد أداء الصلة – طلب الصلون من فضيلة الستاذ الرشد‬
‫أن يلقـى عليهـم موعظـة فوقـف فضيلتـه وشكرهـم وقال ‪ :‬لقـد حئت معزيـا ول آت داعيـا وكانـت هذه الكلمات‬
‫الخلصة الكبية العن هى أعظم دعوة ‪0‬‬

‫صراخ الطفال ‪:‬‬

‫ف منة الخوان سنة ‪1948‬م ‪ 00‬كان كل شىء عند المام البنا هينا ف سبيل إخراج العتقلي‪ ،‬فكان يروى أنه‬
‫يسمع صراخ أطفال العتقلي يدوى ف أذنيه ليل نار ‪00‬‬

‫قالوا له ‪ :‬لقد أعتقلوهم جيعا وتركوك! فما هى الكمة؟! ‪ ..‬إنه من الي أن نرج إل سوريا‪ ،‬أو الجاز‪،‬‬
‫أو باكستان‪ ،‬فرفض وقال ‪ :‬هذا هو الب‪ ،‬كيف أترك هؤلء ف العتقلت ول أسعى لخراجهم ‪00‬‬

‫وكتبوا له ف العتقل يقولون ‪ :‬دعك من أمرنا ‪ 00‬وخذ الطريق الذى تراه‪ ،‬ولكنه أصر على أن يرج هؤلء‬
‫أو يوت !‬

‫وقال له بعض التحمسي ‪ :‬أل ترى أنم قد حاربونا‪ ،‬أع نف الرب فحطموا بناء عشرين عاما‪ ..‬صودرت‬
‫الموال وحلت الشركات‪ ،‬وأغل قت الش عب والر كز العام وأعت قل الخوان باللف‪ ،‬أل يس هذا مو عد ال ية‪(( :‬أذن‬
‫للذين يقاتلون بأنم ظلموا ‪0)) 000‬‬

‫قال ‪ :‬لن أكون داعية فتنة‪ ،‬ولن آمر بنكر‪ ..‬ولن أغضب لشخصى‪ ،‬ولن أنتقم لنفسى‪..‬‬

‫ول ا سع بق تل ((النقرا شى)) ‪ ..‬جزع وأ سف‪ ،‬وإن و جد عذره ف أ نه قد ح يل بي نه وب ي أتبا عه‪ ،‬ب عد أن‬
‫إنفرط من يده بل الماعة وسائل التوجيه والقيادة ‪ 00‬و ‪000‬‬

‫حسن البنا ‪ 000‬غن بالدعوة‬


‫حي ضاقت دار الركز العام للخوان السلمي باللمية الديدة بالقاهرة بشت ألوان النشاط‪ ..‬فكر الخوان‬
‫ف شراء دار أخرى فسيحة تساعد على إستيعاب النشاط العام للجماعة‪ .‬وأثناء ذلك لفتت أنظار الخوان فيل كبية‬
‫تقا بل دار مركز هم العام‪ ،‬ي يط ب ا فناء ف سيح ف ن فس اليدان‪ ،‬فعرضوا أ مر شرائ ها على فضيلة الر شد‪ ،‬فأوفد هم‬
‫ليتفاهوا مع أصحابا ‪ 00‬فوافق أصحاب الفيل على بيعها ف حدود عشرة آلف جنيه‪ ،‬ول يكن ف صندوق الخوان‬
‫سوى خسمائة جنيه فقط‪ ،‬فكتب الستاذ الرشد العقد البتدائى بذا البلغ ‪0‬‬

‫وأش فق مك تب الرشاد أن ل ي ستطيع الخوان سداد با قى البلغ‪ .‬فطلبوا من فضيلة الر شد ع قد اجتماع‬
‫لناقشة هذا الوضوع‪ .‬وف الجتماع طمأنم فضيلته قائل‪ :‬إنن سوف أعلن ف ملة الخوان عن شراء دار للجماعة‬
‫مع صورة لا على الصفحة الول وأطلب من الخوان التبع‪ ..‬وأتعشم أن يسددوا البلغ ف الشهر الول أو الشهر‬
‫الثان أو الثالث‪ ،‬فإذا ل يغطوا قيمة البلغ كله فإن أحفظ من أساء الخوان أكثر من عشرين ألفا‪ ،‬وسوف أكتب لك‬
‫واحد منهم خطابا بالبيد أطالبه أن يساهم ف شراء الدار ببلغ جنيه واحد ‪ 00‬فصمت أعضاء الكتب ول يعترضوا‬
‫وكلهم أمل ف أن يوفق ال الخوان ف هذا الشروع ‪0‬‬

‫ول ت ض الشهور الثل ثة ح ت سدد الخوان البلغ مع تكال يف التأث يث‪ ،‬فضل عن أن الخوات ال سلمات‬
‫أرسـلن لفضيلة الرشـد بعـض حليهـن وبعـض متاعهـن‪ ،‬كمـا وصـلت للمركـز العام تـبعات كثية مـن أناء العال‬
‫السلمى وبقيت الشياء العينية مثل اللى وخلفه وديعة ف خزينة الركز العام‪ ،‬فلم يقبل الستاذ الرشد أن يتصرف‬
‫فيها كرمز على وفاء الخوان وبذلم ف سبيل دعوتم ‪0‬‬

‫و ف حد يث لجلة (م سامرات ال يب) مع فضلة الر شد‪ ،‬سأل مندوب الجلة فضيل ته فقال ‪ :‬هل أ نت غ ن؟ وكان‬
‫جوا به ر ضى ال ع نه‪ :‬ن عم أ نا غ ن بذه القلوب الؤم نة ال ت تا بت م عى ف ال‪ .‬فقال مندوب الجلة‪ :‬أقصد الناح ية‬
‫الادية‪ .‬فقال فضيلته ‪ :‬نعم غن والمد ل‪ ..‬فكل أموال الخوان الت ف جيوبم ملك للدعوة ‪0‬‬

‫وحي سدد الخوان ثن الدار وت تأثيثها‪ ،‬دعا الركز العام الخوان للحتفال بافتتاح دارهم الديدة وأعد‬
‫لذلك إستعراضا لوالة الخوان ف حدود عشرين ألف يثلون جيع الشعب والناطق ف أناء البلد‪ ،‬وأعد لك الفرق‬
‫الوافدة مراكز إيواء مهزة بكل وسائل الراحة والتموين ‪0‬‬

‫وبين ما كا نت وفود الخوان ف طريق ها إل القاهرة ع صر يوم الم يس ا ستعدادا للحتفال ال كبي ف صباح‬
‫يوم المعة صدر قرار من دولة أحد باشا ماهر رئيس الكومة بنع الحتفال ومنع الستعراض‪ ،‬ولكن أكثر الدعوين‬
‫كانوا قد و صلوا إل القاهرة وا ستضافتهم مرا كز اليواء ف صدر توج يه من الر كز العام بأن يؤدى الخوان جيع هم‬
‫صلة المعة ف جامع الزهر‪ .‬وما أن أقترب موعد الصلة حت ل يعد ف ساحة السجد متسع لحد ف الوقت الذى‬
‫حاصرت قوات الشرطة كل الطرق الؤدية إل السجد ‪0‬‬

‫وما أن انتهت الصلة حت اشرأبت العناق إل الشيخ عبد العز عبد الستار كان موجودا بالسجد ‪ ..‬فقال‬
‫فضيل ته يدث نا وب عد أن ح د ال تعال وأث ن عل يه قال ب صوت قوى‪ :‬أي ها الخوان ن ن ل نل تق ف هذا ال سجد على‬
‫شكل مظاهرة‪ ،‬وإن ا ليس ف القاهرة بعد قرار مصادرة الحتفال بافتتاح دار نا مكان يت سع لذا اللقاء ف شكله و ف‬
‫مضمونه سوى الامع الزهر ‪ 00‬وصاح الستاذ أي ها الخوان إن نا لسنا را غبي ف إثارة ول خائفي من أ ية قوة‪،‬‬
‫ولكن نا أب عد نظرا من أن ت ستفزنا الوادث فنغا مر بأ مر دعوت نا‪ ،‬وإن ن وال أي ها الخوان ل ضع ال ق ف ي ن وأ ضع‬
‫روحى ف يسارى ل أخاف ف ال لومة لئم‪ ،‬وليس أعظم ف الصب من أن يلك النسان نفسه عند الغضب‪ ،‬والن‬
‫أيها الخوة لقد حقق نا بذا اللقاء بعض ما تيش به نفوسنا بنحوكم‪ ،‬كما أنكم أعلنتم بذا اللقاء مدى ارتباطكم‬
‫بدعوتكم ف دقة التنظيم وسرعة الستجابة وضبط النفس‪ ،‬فإن أهيب بكم أن تنصرفوا ف هدوء مشكورين مأجورين‬
‫ول تعطوا لعدائكم فرصة الصطدام بكم ‪0‬‬

‫ودوى السجد بالتافات السلمية‪ ،‬وبدأت هذه الموع تنصرف ف هدوء ونظام‪ ،‬ول أكون مبالغا إذا قلت‬
‫إن بعض الخوان غلب عليهم البكاء والنشيج من جلل الوقف وروعته‪ ..‬وخرجت الوفود من الامع جاعات ف‬
‫صمت ‪0‬‬

‫وبغي توجيه سابق وجدت جوع الخوان نفسها متجهة إل ميدان اللمية الديدة ول تض أكثر من ساعة‬
‫حت تمعت ف دار الركز العام الديد دون أن تعترض طريقها قوات الرطة‪ ..‬وما أن ازدحت الدار وما حولا حت‬
‫وصل فضيلة الرشد مع بعض الخوان وفوجئ بذا الؤتر الذى افتتح بالقرآن الكري‪ ،‬ث تكلم الستاذ عبد الكيم‬
‫عابد ين كل مة حا سية‪ ،‬و ما أن بلغ ف كل مه حد الجوم العن يف على ق صر عابد ين وق صر الدوبارة (م قر الندوب‬
‫السامى البيطان) إذا بفضيلة الرشد يشي باختتام الفل‪ .‬وبعد أن ت الفل بآيات من القرآن الكري خرج الخوان‬
‫ليعودوا إل بلدهم ف هدوء ‪0‬‬

‫وجاءت سنة ‪ 1948‬ليصدر النقراشى باشا رئيس الكومة السعدية حينئذ قرارا عسكريا بل جاعة الخوان‬
‫السلمي ووضع متلكاتم تت الراسة ‪ 0‬ث قرر أن يعل من مركزهم العام مقرا للبوليس‪ .‬وجاء من بعده إبراهيم‬
‫عبد الادى فظل على سياسة سلفه ف ماربة الخوان ودعوتم والتنكيل بم‪ .‬ث ألف حسي سرى باشا وزارة إئتلفية‬
‫لجراء انتخابات ف البلد‪ ،‬ووعد حزب الوفد الخوان السلمي بعودة جاعتهم ودورهم ومركزهم العام إذا صوتووا‬
‫إل جانبه ف النتخابات‪ .‬ولكن بعد فوز الوفد وتشكيله الكومة تنكر وزير الداخلية الوفدى لكل الوعود ومضى ف‬
‫سياسة منع الماعة من مزاولة نشاط ها فأ صدر قانون المعيات بقصد م نع الخوان السلمي من الع مل بالسياسة‪.‬‬
‫فلما قاوم الخوان هذا القانون ف مظاهرة كبى أام ملس النواب حينئذ قرر الوزير الوفدى بيع الركز العام للخوان‬
‫السلمي إل وزارة الداخلية لعله مقرا لبوليس الدرب الحر‪ .‬وف سنة ‪ 1951‬ألغت الكومة معاهدة سنة ‪ 1936‬مع‬
‫انلترا تت ضغط الشعب ‪ 00‬ول يكن ف اليدان غي الخوان السلمي ليواجهوا الحتلل بقوة السلح ‪ 00‬وخضع‬
‫الوز ير الوفدى – ت ت ض غط الظروف – لقرار ملس الدولة الذى كان قد أن صف الخوان ب عد أن رفعوا دعوا هم‬
‫ضد الكومة أمامه ‪0‬‬

‫عبة‬
‫وتسلم الخوان السلمون مركزهم العام الذى اشتروه بلى نسائهم وبا باعوه من متلكاتم‪ ..‬كما تسلموا‬
‫جيع السلمي متلكاتم ‪ ..‬ومضى عهد ‪ ..‬وبدأ عهد‪ ،‬وعادت الماعة لنشر دعوتا وجع السلمي على السلم‪-‬‬
‫الصحيح ‪ ..‬وكان وما زال ف كل ذلك أكثر من عبة ‪ 00‬لن يعتب !!‬

‫وت ت عنوان (جاء ال ق وز هق البا طل) كت بت ملة الدعوة م نذ ستة وعشر ين عا ما تتحدث عن ذلك ‪..‬‬
‫فقالت ‪ :‬ف يوم ‪8‬ديسمب ‪ 1948‬وف الساعة الادية عشر مساء دوى صوت الذيع لنشرة الخبار بأول خب فإذا به أمر‬
‫ع سكرى ب ل جع ية الخوان ال سلمي‪ .‬فأ سرعنا إل دار الر كز العام باللم ية الديدة ح يث وجد نا المام الشه يد‬
‫الرشد الراحل ف مكتبه رابط الأش ثابت النان وقد وصله ومعه صفوة من الخوان ل تكن قد انصرفت بعد ‪0‬‬

‫ومضت دقائق معدودات ف حديث هام وإذا بصوت يشق الفضاء عرفنا فيه صوت معاون الدار وخرجنا إل‬
‫الفناء نستطلع ما يدث فرأينا القوات السلحة والسيارات الصفحة تاصر الدار من كل جانب ث تقتحمها وكأنا‬
‫تقت حم ح صنا منيعا ملؤه النود وال سلح وعلى رأس القوة ضا بط شا هر م سدسه مث بت ب صره وحوا سه ف ش خص‬
‫فضيلة الرشد العام وقال ‪ :‬إن عندى أمرا بالقبض على من بالدار عدا فضيلة الرشد‪ .‬ث أخذ يرجو فضيلته أن يسهل‬
‫مهمته لنه (عبد الأمور)‪00‬‬

‫وخرجنا من الر كز العام ب عد أن أغلق البول يس أبوا به إل سيارة من سيارات البول يس كا نت ع ند الباب وركب نا ف‬
‫حراسة الند وهم شاهروا السلح وأب فضيلة الرشد العام رحه ال إل أن يركب معنا ويطلب إل رئيس القوة أن‬
‫يعتقله معنا ‪ 00‬وعبثا حاول الضابط العتذار وقد ركب معنا السيارة حت مقر الحافظة من السيارة واته إل مكتب‬
‫الكمدار ‪ 0‬وكان هذا آخر عهدنا به – رحه ال – ‪00‬‬

‫أما بقية القصة فيعرفها الخوان تاما وسع الناس عنها أشياء وغابت عنهم أشياء فقد رحل الحرار إل الناف‬
‫والعتقلت وتوالت حوادث التعذيـب والتنكيـل بالطهار وانتهكـت الرمات وقتـل البرياء ‪ ..‬ففـى ‪8‬ديسـمب ‪1948‬‬

‫أغلقت دار الركز العام للخوان السلمي وصودرت متلكات م وشركاتم وأموالم ف كل مكان ظل مصيها م نذ‬
‫ذلك الي يتأرجح ف كفة القدر‪ ،‬فقد قرر النقراشى باشا رئيس الوزراء والاكم العسكرى ووزير الداخلية يومئذ أ‬
‫نيجعل من هذه الدار مقرا لقسم الدرب الحر‪ ،‬وقرر دولته بكل هيلمانه أن يفتتحه بنفسه ف أول يناير سنة ‪ 1949‬ما‬
‫يدل دللة واضحة على أن حل جاعة الخوان ومصادرة أملكهم ل يكن الغرض منه الحافظة على المن العام كما‬
‫تب جح وكيله ع بد الرح ن عمار وإن ا كان النتقام والتش فى وإرواء غل يل ال قد الدف ي ‪ 0‬قرر النقرا شى با شا ذلك‬
‫فضحكت منه القدار‪ ..‬وجاء بعده إبراهيم باشا عبد الخادى ول يفكر كسلفه ف إفتتاح قسم الدرب الحرم بدار‬
‫الركز العام ‪ .‬وظل ف منصبه حت طرد من الكم ‪00‬‬

‫وجاءت وزارة سرى با شا الئتلف ية وكان وز ير العارف في ها من ال سعديي فلم يك تم ح قه فأ صدر أمرا‬
‫بتحويل الركز العام إل مدرسة للبنات ‪ 00‬ولكن ‪ ،‬مرة أخرى تضحك القدام ويسقط وزير العارف إل غي رجعة‬
‫‪00‬‬
‫وأخيا ترى النتخابات ويعود الوفد إل الكم على أكتاف الخوان السلمي وبعد أن بذل سكرتيه العام‬
‫الوعود بعودة جا عة الخوان ورد الموال الغت صبة ‪ ..‬ول كن معال يه ل ي كد يلس علىكر سى ال كم ح ت تبخرت‬
‫الوعود‪ ،‬و مد ال مر الع سكرى ب ل جا عة الخوان ال سلمي سنة أخرى‪ ،‬وظلت الدار وبق ية المتلكات ت ت يد‬
‫الارس المي بعد أن رفعت الراسة عن أموال اليهود والصهيونيي ‪00‬‬

‫وحاول معاليه مع بعضهم أن يغي الخوان اسم جاعتهم حت يأخذوا دارهم ومتلكاتم فرفض الخوان‪..‬‬
‫وذهب البعض وبقى الخوان بأسهم وعلى عهدهم ‪ ..‬وف ‪20‬أبريل من نفس العام سقط المر العسكرى وحل مله‬
‫قانون المعيات ‪00‬‬

‫وف أول مايو قابل وزير الداخلية ف حكومة الوفد وفدا من الخوان السلمي ذهب يطالبه بتسليم الركز‬
‫العام وبقية الدور ‪ ..‬فرفض معاليه واعتذر بأن المعية ليس لا كيان قانون وهو ل يدرى لن يسلم الدار ‪ .‬ث أخذ‬
‫يساوم ويقرى بتسجيل الخوان طبقا لقانون المعيات الديد ‪ 00‬وبعدئذ فهو على استعداد لتسليم الدار والموان ‪00‬‬

‫ورفض الخوان ف إباء وشم بعد أن قاوموا قانون المعيات الذى أراد أن يسخ دعوتم ويول بينهم وبي الشتغال‬
‫بالشئون الوطنية وفتحوا شعبهم من السكندرية إل أسوان وإتذوا لم مركزا عاما مؤقتا ف حى الظاهر يباشرون فيه‬
‫نشاطهـم ويعقدون اجتماعاتمـ ويديرون حركتهـم ودعوتمـ فـ سـبيل إعلء كلمـة ال وإعادة مدـ السـلم وعزة‬
‫السلمي ‪0‬‬

‫وب قى الر كز العام وبق ية الملتكات والموال م صادرة‪ .‬وأراد وز ير الداخل ية الوفدى أن ينت قم من الخوان‬
‫الذين شقوا عليه عصا الطاعة ول يروا له ولقانونه ساجدين فأوعز بكتابة مذكرة ببيع الركز العام إل وزارة الداخلية‬
‫ليكون مقرا لقسم الدرب الحر ‪ ..‬وهكذا بعث الوزير الوفدى اقتراح النقراشى باشا من رمسه ولكن معاليه ل يكن‬
‫أسعد حظا من دولته‪ ..‬فقد سخرت القدار منه كما سخرت من سلفه‪ ..‬فقد رفع الخوان قضية أمام ملس الدولة‬
‫ليقاف تنفيذ البيع فحكم لم القضاء وقرر البادئ الالدة الت أقرت الق والعدل فقرر أن جاعة الخوان السلمي‬
‫عادت بسقوط الحكام العرفية وأن أموالم ومتلكاتم يب أن ترد إليهم وأن قانون المعيات ل ينطبق عليهم ‪00‬‬

‫ولكن وزير داخلية الكومة الوفدية رفض أن يضع لمر القضاء وأصر على عدم تسليم الدار والمتلكات‬
‫حت جاءت الظروف السياسية الخية بعد إلغاء معاهدة سنة ‪ 1936‬فإذا به يتنازل عن قانون المعيات ويصرح بأن‬
‫للخوان أن يتشغلوا بال سياسة ك سائر ال صريي ث أر سل ي ستفت ملس الدولة بشأن الموال فأفتاه بأحق ية الما عة‬
‫لدورها وأموالا ‪00‬‬

‫وأخيا ‪ ..‬وف ‪15‬ديسمب سنة ‪ 1951‬هبط الوحى على الوزير فطلب الوراق الاصة بماعة الخوان السلمي‬
‫وأطلع على فتوى قسم الرأى ف ملس الدولة بشأن متلكاتم‪ ،‬ولعل معاليه ل يكن قد أطلع عليها من قبلّ!!‪ .‬ث رأى‬
‫معاليه أن إلغاء الحكام العرفية قد أعاد إل الماهي حياتا القانونية!! وأنه ينبغى أن تسلم أموالا إليها‪ ،‬ولذلك أصدر‬
‫معاليه قرارا بذلك وتسلم الخوان دار الركز العام ‪00‬‬

‫ومضى عصر ‪ ..‬ث جاء عصر عبد الناصر با هو أنكى وأمر ‪ 00‬جاء ليفعل الفاعيل با ل يستطع غيه من‬
‫وزراء الحزاب ف عصر ما قبل الثورة ‪ 00‬جاء ليفتعل حادث العتداء عليه بالنشية ويثي الدهاء لتقوم بإشعال النار‬
‫ف الركز العام ومكتبته السلمية ف أكتوبر سنة ‪ ،1954‬ث ليجعل من هذا الركز الذى كان ملتقى للمسلمي ف كل‬
‫مكان مقرا لقسم شرطة الدرب الحر ‪0‬‬

‫هذه قصة الركز العام نذكرها اليوم للعبة وللتاريخ وهى عبة ذات شقي ‪- :‬‬

‫‪-‬أ ما ال شق الول ‪ ،‬ف هو خاص بالطغاة وال ستبدين وأرزاق هم فإذا ب م ل يلكون لنف سهم نفعا ول ضرا ولو كان‬
‫بعضهم لبعض ظهيا !!‬

‫‪-‬أ ما ال شق الثا ن عن ال عبة‪ ،‬ف هو خاص بالؤمن ي ال صادقي‪ ..‬فمه ما أظل مت اليام وادل مت الطوب وبل غت‬
‫القلوب الناجر فما عليهم إل أن يستعينوا بالصب والصلة ويكونوا با ف يد ال أوثق ما ف يد الناس وليطلبوا‬
‫الوائج بعزة النفس فالنصر لم ف النهاية والعاقبة للمتقي ‪0‬‬

‫فيا أيها السعديون والوفديون والناصريون ‪ :‬هل اعتبت ‪ ..‬هل رأيتم ما وعكم ربكم حقا ؟‬

‫إن نا ن ن الخوان ال سلمي قد رأي نا ما وعد نا رب نا حقا‪( ..‬و قل جاء ال ق وز هق البا طل‪ ،‬إن البا طل كان‬
‫زهوقا)‬
‫‪0‬‬

‫حسن البنا يرسى قواعد العلم السلمى‬


‫كان أمل أش به باليال وال ستحيل‪ ،‬أن ي صدر للتاه ال سلمى صحيفة يوم ية ت عب عن الفكرة ال سلمية‬
‫الجاهدة ومبادئها وتربطها بواقع المة السلمية وقضاياها ومشكلتا ف متلف جوانب الياة السياسية والجتماعية‬
‫والثقافية ‪00‬‬

‫ولكن ليس هناك مع هة حسن البنا وعزمه وتصميمه وأمله العظيم ف نصر ال وتأييده شىء اسه الستحيل‪،‬‬
‫ف فى صباح يوم ‪3‬جادى الثان ية سنة ‪1365‬ه ـ الوا فق ‪5‬ما يو سنة ‪ 1946‬ت قق ال مل وأ صبح ال ستحيل مكنا واليال‬
‫حقي قة‪ ،‬وطل عت على الناس أو ضح من فلق ال صبح ((الخوان ال سلمون)) ل سان حال دعوة ال ق والقوة والر ية)‬
‫جريدة يومية‪ ،‬ظلت تصدر موجهة الياة والحداث من منطلق إسلمى خالص حت أواخر سنة ‪1948‬م ‪ ،‬حت أغلقها‬
‫النقراشى مع الجراءت التعسفية الت سبقت أمره العسكرى بل هيئة الخوان ومصادرة متلكاتا وإلقاء اللف من‬
‫أعضائ ها ف غيابات ال سجون والعتقلت ض من خ طة إ ستعمارية صهيونية صليبية للقضاء على هذه اليئة واغتيال‬
‫مرشدها المي ‪0‬‬
‫‪ 00‬صدرت ((الخوان ال سلمون))جريدة يوم ية تارب اللاد والباح ية والظال الجتماع ية وال سياسية‬
‫الزبية والستعمار والصهيونية‪ ..‬صدرت لتدحض كل دعاوى الزيف والباطل والجون ف صحافة الانات وأوكار‬
‫اليانة والتآمر والرذيلة‪ ،‬صحافة جورجى زيدان ويعقوب صروف وآل تقل ‪0‬‬

‫صدر العدد الول يرسى فيه المام البنا قواعد العلم السلمى بقال ضاف بعنوان ((مطلع الفجر)) زينت‬
‫به هذه الريدة صفحتها الول‪ ،‬وتع تب البادئ ال ت قرر ها ح سن الب نا والن هج الذى أخت طه هذا الرائد العظ يم هو‬
‫()‬
‫الساس الذى استقى منه نؤتر جاكرتا للعلم السلمى النعقد ف أواخر سنة ‪ 1980‬ميثاقه ‪0‬‬
‫‪1‬‬

‫ورأي نا أن نورد ف ال صفحات التال ية نص مقال المام بفقرا ته ال سبع مع قبي بب عض الوقائع ال ت تك شف ل نا‬
‫كيف ألزم الخوان بأخلقيات هذا اليثاق ‪0‬‬

‫مطالع الفجر‬

‫إيمانا بال ورسوله واستلماما لكتاب ال عز وجل وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم وعمل باسلم وعطائه الموصول ووعيا بما يحدق بهذه المة من‬ ‫‪1‬‬

‫اخطار وبدور السلم فى حمايتهما وانبعاثها وتقديرا لهمية الدور الذى تقوم به وسائل العلم على اختلف أصنافها‪ ،‬وحافظا على الواجب العلمى‬
‫وسمو أهدافه وشرف المهنة وتقاليدها‪ ،‬وانطلقا من الهداف التى تمثل آمال المة السلمية وطموحاتها‪ ،‬يقر العلميون المسلمون ميثاق الشرف‬
‫العلمى السلمى الذى يلتزمون به ويجعلونه نبراس أعمالهم ومصر التقنين لواجابتهم وحقوقهم ‪0‬‬
‫المادة (‪: )1‬‬
‫اللتزام ‪:‬‬
‫( أ ) بترسيخ إيمانه بقيم السلم ومبادئه الخلقية ‪0‬‬
‫(ب) بالعمل على تكامل شخصيته السلمية ‪0‬‬
‫(ج ) بتقديم الحقيقة له خالصة فى حدود الداب السلمية ‪0‬‬
‫( د) بتبيين واجباته له تجاه الخرين وبحقوقه وحرياته الساسية ‪0‬‬
‫المادة (‪: )2‬‬
‫يعمل العلميون على جمع كلمة المسلمين ويدعون إلى التحلى بالعقل والخوة السلمية‪ ،‬والتسامح فى حل مشكلتهم ويلتزمون ‪:‬‬
‫( أ ) بمجاهدة الستعمار واللحاد فى كل أشكاله والعدوان فى شتى صوره والحركات الفاشية والعنصرية ‪0‬‬
‫(ب) بمجاهدة الصهيونية واستعمارهم الستيطانىوأشكال القمع والقهر التى يمارسها العدو الصهيونى ضد الشعب الفلسطينى والشعوب العربية ‪0‬‬
‫(ج ) باليقظة الكاملة لمواجهة الفكار والتيارات المعادية للسلم ‪0‬‬
‫المادة (‪: )3‬‬
‫يلتزمون ‪:‬‬
‫( أ ) بالتدقيق فيما يذاع وينشر ويعرض حماية للمة السلمية من التأثيرات الضارة بشخصيتها السلمية وبيمها ومقدساتها ودرء الخطار عنها‬
‫‪0‬‬
‫(ب) بأداء رسالتهم فى الموب عف كريم حرصا على شرف المهنة وعلى الداب السلمية فل يستخدمون ألفاظا نابية ول ينشرون صورا خليعة‬
‫ول يتعرضون بالسخرية والطع الشخصى والقذف والسب والشتم وإثارة الفتن ونشر الشائعات وسائر المهاترات ‪0‬‬
‫(ج) بالمتناع عن إذاعة ونشر كل ما يسم الداب العامة أو يوحى بالنحلل الخلقى أو يرغب فى الجريمة والعنف والنتحار أو يبعث الرعب أو‬
‫يثير الغرائز سواء بطريق مباشر أو غير مباشر‪.‬‬
‫(د ) بالمتناع عن إذاعة ونشر العلن التجارى فى حالة تعارضه مع الخلق العامة والقيم السلمية ‪0‬‬
‫المادة (‪: )4‬‬
‫يلتزمون بنشر الدعوة السلمية والتعريف بالقضايا السلمية ‪0‬‬
‫((بسم ال الرحن الرحيم‪ ،‬المد ل رب العالي‪ ،‬الرحن الرحيم‪ ،‬مالك يوم الدين إياك‪ ،‬نعبد وإياك نستعي‪،‬‬
‫إهدنا الصراط الستقيم – ربنا آتنا من لدنك رحة وهىء لنا من أمرنا رشدا ‪0‬‬

‫()‬ ‫‪1‬‬

‫تكون الدعوة من الدعوات واض حة ناج حة‪ ،‬و مع وضوح ها وناح ها ي ظل أمر ها مغمورا ف الناس‪ ،‬وت ظل‬
‫قلوبم منصرفة عنها‪ ،‬حت يتم لا أن تتلك قلوب الؤمني با وأن تنجسم ف أشخاصهم وأن تؤثر ف مريات حياتم‬
‫وحخياة من يتصل بم ‪ ،‬وحينئذ تتنبه أحاسيس الناس ومشاعرهم‪ ،‬وتتفتح أبصارهم‪ ،‬ويلتفتون ينة ويسرة نو هذا‬
‫النور ي سبونه جديدا و هو قد ي‪ ،‬ويظنو نه مفاجئا وهو متئد‪ ،‬ويك ثر التهامس والتساؤل ث يتحول إل نقاش وتاور‪،‬‬
‫و قد يتجاوز هذا ل د إل إتام وتا تر‪ ،‬أو ت جم وتشا جر‪ ،‬وينت هى ذلك كله بإنت صار ال ق وإنت صاف أهله‪ ،‬كذلك‬
‫يضرب ال الق والباطل‪ ،‬فأما الزبد فيذهب جفاء‪ ،‬وأما ما ينفع الناس فيمكث ف الرض ‪ 0‬وكذلك نشأت دعوة‬
‫الخوان السلمي منذ سبعة عشر عاما واضحة ناجحة إسلمية صحيحة‪ ،‬وأخذت طريقها إل الظهور حت تلكت‬
‫الف القلوب من الؤمني با‪ ،‬وتسمت صورة كاملة ف صورهم ومشت على الرض قوية فتية بأقدامهم وأثرت ف‬
‫مريات حيات م واه تز لذا التأ ثر كيان الجت مع ال صرى و سرى هذا التيار البارك إل القطار الجاورة فتل فت الناس‬
‫يتساءلون مت؟ وأين وكيف؟ وماذا يقصدون؟ وف أى طريق يسيون؟ أتابعون أم متبوعون؟ دينيون أم سياسيون؟ وما‬
‫شأن جعية خيية بشركات مالية‪ ،‬وما موضع دعوة دينية ف الياة الصرية ؟ ‪ 0000‬إل ‪0‬‬

‫(‪)2‬‬

‫والسلم النيف دعوة إنسانية عالية ل دعوة جنسية إقليمية‪ ،‬وقد تصوره السلمون أنفسهم بفعل الوادث‬
‫التعاقبة‪ ،‬وظروف الجيال التطاولة على صور شت منها القريب من حقيقته‪ ،‬ومنها البعيد كل البعد من أهدافه وغايته‬
‫ومنها ما أصاب الحز وطبق الفصل ووصل إل عي اليقي وكل إناء بالذى فيه ينصح ‪0‬‬

‫كما أحاطت به عند غي السلمي خرافات وشبهات وأقاصيص وخيالت ليست من الق ف قليل ول كثي‬
‫ولذا سيكون من مهمة هذه الصحيفة حيال الدعوة السلمية العامة واجبات خس ‪:‬‬

‫(أول ا) تل ية تعال يم ال سلم والك شف ع ما في ها من رو عة وجال‪ ،‬وعرض ها عر ضا يلئم أ سلوب الع صر‬
‫ويثبت أنا أفضل النظمة للجمعية النسانية ‪0‬‬

‫نص ميثاق جاكرتا الذى حضره (‪ )450‬أربعمائة وخمسون شخصية من كافة أشكال ووسائل العلم السلمى يمثلون بلدهم‪ :‬والدفاع عنها وتعريف‬ ‫‪1‬‬

‫الشعوب السلمية بعضها ببعض والهتمام بالتراث السلمى والتاريخ والحضارة السلمية ومزيد العناية باللغة العربية والحرص على سلمتها‬
‫ونشرها بين أبناء المة السلمية وبالخصوص بين القليات السلمية وبإحلل الشريعة السلمية محل القوانين الوضعية لسترجاع السيادة التشريعية‬
‫للقرآن والسنة ‪0‬‬
‫ويتعهدون بالمجاهدة من أجل تحرير فلسطين وفى مقدمتها القدس وكافة القطار السلمية المضطهدة ‪0‬‬
‫ويلتزمون بتثبيت فكرة المة السلمية المنزهة عن القليمية الضيقة والتعصب العنصرى والقبلى واستنهاض الهمم لمقاومة التخلف فى جميع‬
‫مظاهره وتحقيق التنمية الشاملة التى تضمن للمة الزدهار والرق والمناعة ‪0‬‬
‫‪0‬‬ ‫(وثانيهما) رد ما يوجه إليها من إتامات باطلة وشبهات ل حقيقة لا‬

‫(وثالث ها) تقر يب وجهات النظ كر ب ي أ هل القبلة جي عا من غ ي دخول ف مناقشات مذهب ية عقي مة‪ ،‬أو‬
‫مادلت ل توصـل إل حقيقـة والعمـل على جعـ الكلمـة حول القـ الشترك بأنزه القلم وأنبلهـا‪ ،‬وأعدل الراء‬
‫وأحكمها ف حدود القاعدة الذهبية ‪ ( 00‬نتعاون فيما أتفقنا عليه‪ ،‬ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا عليه)‪0‬‬

‫(ورابعها) تعزيز هذه القيقة الليلة الرائعة الت يتعامى عنها كثي من الغرضي وياولون إخفاءها أو تشويهها‬
‫و هى ‪ :‬أن ال سلم الن يف ل يا صم دي نا ول يه ضم عقيدة ول يظلم غ ي الؤمن ي به مثقال ذرة‪ ،‬ول تث مر تعالي مه‬
‫حي تسود بي أبناء الوطن الواحد إل الب والوئام والتعاون والسلم مهما إختلفت نلهم وتباينت معقتداتم (ل‬
‫ينها كم ال عن الذ ين ل يقاتلو كم ف الد ين ول يرجو كم من ديار كم أن تبوهم وتق سطوا إلي هم‪ ،‬إن ال ي ب‬
‫القسطي)‪0‬‬

‫(وخامسها) رسم الطريق الوصلة إل إعادة نظامه وتطبيق أحكامه ف الياة الفردية وف البيت وف الدرسة‬
‫وف الدولة وف كل شئون الجتمع الصالة والتحذير من الروج على هذه التعاليم السمحة ‪0‬‬

‫(‪)3‬‬

‫ول نا مع قضايا نا هذه ال سابقة‪ ،‬قض ية أخرى ل ت قل عن ها خطرا ول تن قص عن ها أه ية و هى قض ية أوطان نا‬


‫وديارنا‪ ،‬الت باغتها الستعمار الغرب بعد أن بيت لا أجيال طويلة فأحاط با‪ ،‬وقيد حكوماتا وشعوبا وحال بينها‬
‫وبي التقدم‪ ،‬وبلغ ذلك مداه ف ناية الرب العالية الول‪ ،‬إذ كانت مصر تت الماية البيطانية‪ ،‬وفلسطي والعراق‬
‫ف قب ضة إنلترا‪ ،‬و سوريا ولبنان وتو نس والزائر ومرا كش ف يد فرن سا وطرابلس وبر قة مع إيطال يا‪ ،‬ح ت ترك يا‬
‫الوربية والسيوية وهى دار اللفة وقعت تت يد إحتلل اللفاء وأدى ذلك السترقاق والستهتار بكرامات المم‬
‫وحريات الشعوب‪ ،‬إل إنفجار الثورات ف كل مكان‪ ،‬واشتد النضال بي أصحاب الق وغاصبية حت تررت هذه‬
‫الوطان بعض الشىء وتيقظت وعرفت طريقها إل الهاد والكفاح‪ .‬وجاءت الرب العالية الثانية وهذه البلد كلها‬
‫تاهد ف صف الدول الديقراطية إذ أقسم زعماؤها وأكد رؤساؤها أنم إنا يكافحون ف سبيل الربية وإقرار العدالة‬
‫الجتماعية ف أرض ال‪ ،‬وكان طبيعيا وقد وضعت الرب أوزارها أن يطالب الظلومون بقهم وأن ياهدوا ف سبيل‬
‫تي أوطانم ‪0‬‬

‫وستناضل هذه الصحيفة ف سبيل هذه القوق بكل ما أوتيت من قوة فتعمل للحرية والوحدة وتارب الظلم‬
‫والطغيان ف كل مكان وهى حي تعن أعظم العناية بالكفاح ف سبيل حرية وادى النيل ووحدته لن تنسى أبدا أداء‬
‫واجبهـا كامل فـ سـبيل أى قطـر مـن أقطار العروبـة وأوطان السـلم مهمـا بعدت بـه الدار‪ .‬إناـ الؤمنون إخوة‪،‬‬
‫والسلمون عدول بعضهم على بعض يسعى بذمتهم أدناهم‪ ،‬وهم يد على من سواهم‪ .‬فلئن كانت جريدة الخوان‬
‫بكم مصدرها مصرية إقليمية‪ ،‬فهى بكم روحها ومنهجها عربية إسلمية بل لك أن تقول إنا إنسانية عالية‪(( ،‬وما‬
‫أرسلناك إل رحة للعالي))‪0‬‬

‫(‪)4‬‬

‫ولقد ترك الستعمار كما تركت الرب أعمق الثار ف أخلقنا وإقتصادياتنا ومدارسنا وكل شئون حياتنا‪،‬‬
‫ووجه نا مـن الشكلت الجتماع ية ما يتاج إل العلج الا سم السـريع‪ ،‬وإرتفعـت أصـوات الكث ي مـن الطوائف‬
‫واليئات التـ شعرت بوطأة الفقـر والرض أدركـت سـوء أثـر الهـل والرذيلة بالشكايـة والسـتصراخ‪ ،‬وصـحيفة‬
‫كصحيفة الخوان تعتمد على الشعب وتتصل بختلف طبقاته‪ ،‬ويشعر القائمون عليها أت الشعور با يعان من ضيق‬
‫وإرهاق‪ ،‬لبـد أن تفتـح صـدرها لذه الظلمات‪ ،‬ويعلو صـوتا بذه الشكايات‪ ،‬ويشتـد إهتمامهـا بعلج هذه‬
‫الشكلت‪ ،‬وتصـل عـن طريقهـا مطالب الواطنيـ مـن موظفيـ وعمال ومزارعيـ وتار وطلب‪ ..‬إل‪ .‬إل جهات‬
‫الختصاص ‪0‬‬

‫(‪)5‬‬

‫وجريدة الخوان وإن كانت صحيفة إخوانية فلن تكون خاصة بم‪ ،‬أو وقفا عليهم‪ ،‬بل هى ترجو أن تكون‬
‫النب العام للهيئات السلمية‪ ،‬والماعات الصلحية‪ ،‬على اختلف ألوانا وبلدانا وترحب بكل ما يقدم إليها ما دام‬
‫متفقا مع خطتها ومنهاجها ‪0‬‬

‫(‪)6‬‬

‫إننا نؤمن أعمق اليان بأن رسالتنا الول أن نقول الق‪ ،‬وأن نهر به ل يقعدنا عن ذلك رغبة أو رهبة‪ ،‬ول‬
‫نشى فيه لومة لئم كما نؤمن بأن النصيحة والرشاد والثناء أو النقد يب أن يكون ذلك كله ف أسلوب عال رفيع‪،‬‬
‫ل مهاترة ول افتراء ((أدفع بالت هى أحسن فإذا الذى بينك وبينه عداوة كأنه ول حيم)) وسيكون ذلك موقفنا من‬
‫الفرادواليئات والحزاب والكومات على السواء‪ ،‬ل نؤيد ول ناتر‪ ،‬ولكن نرقب ونوجه ونرجوا ف ذلك كله وجه‬
‫ال وصال الوطن ‪0‬‬

‫(‪)7‬‬

‫سنحاول ما ا ستطعنا أل تكون جريدة الخوان مق صورة على لون من ألوان الغذاء الفكرى والرو حى‪ ،‬ما‬
‫وجدنا إل الستيعاب سبيل‪ ،‬فسيكون فيها دنيا ودين وعلم وفن وأدب ورياضة وقصص وفكاهة فالقلوب تل كما‬
‫تل البدان‪ ،‬فالتمسوا لا طرائف الكمة‪ ،‬وستعترضنا ف بعض الوضوعات عقبات واعتراضات وليس القيد بالرأى‬
‫كالطلق من القيد‪ ،‬ويا ويح الشجى من اللى‪ ،‬ولكنا مع هذا سنسدد ونقارب فما كان خيا نشرناه ول نبال‪ ،‬وما‬
‫كان شرا كإعلنات المر وأندية اليسر وحفلت اللعة والجون أهلناه ول كرامة‪ .‬وما اختلفت فيه الثار والنتائج‬
‫ترينا الفائدة ف النشر أو الهال ونبهنا على جانب الصلح‪ ،‬وحذرنا من عوامل السوء والفساد‪ ،‬يملنا على ذلك‬
‫الرغبة ف أن تكون الصحيفة وافية باجات القراء‪ .‬على أن الصحافة مرآن لياة المة ومهمة الصحفى الكشف عن‬
‫مستور الياة ومواجهة واقعها والعمل على تدعيم نواحى الي ومقاومة نواحى الشر‪ ،‬وليس معن النشر ف ناحية من‬
‫النواحى‪ ،‬إقرارها أو الوافقة عليها‪ ،‬فقد يكون كل الغرض الدللة عليها والتحذير منها ‪0‬‬

‫ونن بعد ذلك نرحب بكل نصح أو توجيه‪ ،‬والكمة ضالة الؤمن أن وجدها فهو أحق الناس با‪ ،‬وكنا‬
‫نرجو أن تكون صحيفتنا مولودا ل طفولة لا‪ ،‬لول أن ذلك ليس من سنة الياة‪ ،‬فل أقل من أن نتعاون جيعا على أن‬
‫ينشأ هذا الولود وهو ابن كل مب للصلح نشأةو طبيعية تدفع به دفعا سريعا إل النمو والكمال ‪0‬‬

‫‪0000‬‬ ‫بذه الكلمة‪ ،‬وهذا الرجاء‪ ،‬نقدم هذه الصحيفة إل قرائها الكرام‬

‫حسن البنا‬

‫وظل حسن البنا ساهرا على إرساء هذه القواعد عمليا‪ ،‬فلم يسمح بأى خروج أو انراف عن تلكم البادىء‬
‫من أحد مررى هذه الريدة ‪0‬‬

‫فد حدث أن هاجت صحافة حزب الوفد هجوما يمل ف طياته كل رذائل الزبية وموبقاتا مستخدمة ف‬
‫ذلك كــل فنون الكذب والفتراء متحللة مــن كــل قيود الخلق‪ ،‬فأثار ذلك حفيظــة الخوة مررى جريدة‬
‫((الخوان)) فرد بعهضم على الجوم بنفس السلوب‪ ،‬وكالوا بنفس الكيال فردهم المام البنا إل منهج الريدة‪،‬‬
‫وكتب إليهم الرسالة التالية الت نشرت على صفحات الريدة إذعانا للحق ‪00‬‬

‫رسالة من الرشد العام إل رئيس التحرير‬

‫حضرة الخ الفضال رئ يس تر ير (الخوان ال سلمون) وب عد ف قد قرأت ما ك تب من تعليقات عن ((ز هد‬


‫النحاس)) و عن ((النحاس الورع)) ف عدد ال مس فلم أره ي ساير ال سلوب الذى ترتض يه دعوة الخوان ال سلمي‬
‫ويتفق مع طابع الريدة الت تنطق بلسانا – بل هو بالساليب الزبية والصحف التجارية أشبه وإليها أقرب – وأظنن‬
‫نبتكم مرة من قبل إل هذا العن – ويظهر أنكم نسيتموه ‪0‬‬

‫وكان الخ الكاتب يستطيع أن يصل إل كل ما يريد بعبارة قوية رصينة تمل طابع النصيحة والرص على‬
‫قبول ا وال ستماع ل ا – تبت عد عن التشه ي والل مز – و قد ني نا ع ند أ شد الن هى‪ ،‬وإن من إرشاد ال ق تبارك وتعال‬
‫لوسى وهارون عليهما الصلة والسلم ((فقول له قول لينا لعله يتذكر أو يشى)) ‪ .‬ول حجة فيما تتناوله الصحف‬
‫الوفدية من أعراضنا بغي الق‪ ،‬أو تلغ فيه صباح مساء من الباطل‪ ،‬وأين إذن فضل الدعوة وسو الفكرة – وجلل‬
‫در جة الع قو ومنلة الكاظم ي الغ يظ والقتداء ب سيد الب شر صلى ال عل يه و سلم )) ((الل هم ا هد قو مى فإن م ل‬
‫يعلمون )) ونن حي نكتب ما نكتب ف بعض الحيان من ردود على ما ينشر ف هذه الصحف‪ ،‬أنا نريد أن نق‬
‫حقا ونب طل باطل – ل أن نساجلها ف ميدان ال صومة فالصومة بيننا وب ي القوم – لي ست خصومة شخصية أبدا‬
‫ولن تكون ولكنها خصومة فكرة ونظام – هم يريدون لذه المة نظاما اجتماعيا مسوخا من تقليد الغرب والكم‬
‫والسياسة والقضاء والتعليم والقتصاد والثقافة – ونن نريد لا وضعا ربانيا سليما من تعاليم السلم وهديه وإرشاده‬
‫فـ هذه النواحـى جيعـا ‪ 00‬وهـم يعلمون تام العلم أنمـ ل يسـتطيعون أن يقفوا أمام هذه الدعوة الؤيدة بنصـر ال‬
‫التمك نة ف قلوب الؤمن ي من أبناء هذه ال مة الدعو مة بإيان خ سمائة مليون من الب شر ( ) من الح يط إل الح يط‬
‫‪1‬‬

‫كلهم يفرح با ويهش لا – ويتمن للداعية لا كل توفيق وناح – فهم لذا يعملون جاهدين على صبغ هذا اللف‬
‫بالصبغة الشخصية والتاه إل الناورات الزبية – فمنلق إل منازلم ف هذا اليدان التافه وهم فيه أغلب وعليه أقدر‬
‫ولكننا بمد ال أشد يقظة مايظنون وأنفذ بصية ما يسبون ((او من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يشى به ف‬
‫الناس كمن مثله ف الظلمات ليس بارج منها ( ) ولذا أرجو أن ترص الريدة – كل الرص على تي اللفاظ –‬
‫‪2‬‬

‫وانتقاء‪ ،‬العبارات – وتنب النواحى الشخصية التافهة وترى العان الكلية الامعة مع تصحيح النية – وكبح جاح‬
‫الغضب وكظم الغيظ وقتل شهوة النتقام ال يعلم أننا أشد الناس ألا لصومة ل يستفيد منها إل أعداء الوطن والدين‬
‫– وإننا نر قب بفارغ الصب تلك الساعة الت يفتح ال فيها هذه القلوب ويهدى إل الق هذه النفوس والقلوب بي‬
‫يدى ال يقلبها كيف يشاء – اللهم يا مقلب القلوب والبصار ثبت قلوبنا على دينك ‪0‬‬

‫كمـا قرأت كذلك تتـ الصـورة التـ نشرتوهـا بالمـس أيضا تقدياـ ل ولفضيلة الخ السـتاذ مصـطفى‬
‫السباعى وف نايته هاتان الكلمتان (قائد وجندى) فإن أردت بالقائد فضيلة الستاذ السباعى وبالندى هذا الضعيف‬
‫الذى ما أعتب نفسه يوما من اليام إل أصغر جنود دعوة الق فقد أحسنتم وصفا وشكر ال لكم وإن كنتم تقصدون‬
‫مـا تبادر إل الذهان مـن أول وهلة حيـ يرون مرشدا ومراقبـا – فإل ال أبرأ ماـ صـنعتم وإل الخوان أعتذر عمـا‬
‫وضعتم‪ ،‬وأرجو أن ل تملنكم الداعبات الصحفية على مثل هذه التعبات النفسية وال أسأل أن يوفقنا جيعا للخي‬
‫وأن يسدد خطانا لا يب ويرضى وأن يمع القلوب على ما فيه خي الوطن العزيز ‪0‬‬

‫حسن البنا يقود أكب مسية لنقاذ فلسطي‬

‫دعـا الخوان متلف طوائف الشعـب الصـرى‪ ..‬علماء وأطباء وماميـ وطلب وعمال إل القيام بظاهرة‬
‫سلمية كبى للتعبي عن مشاعر شعب وادى النيل نو فلسطي الشقيقة‪ ،‬تبدأ يوم الحد أول صفر سنة ‪1367‬هـ –‬
‫‪ 14‬من ديسمب سنة ‪1947‬م بعد صلة الظهر من ميدان الزهر الشريف ‪00‬‬

‫وبر غم كل الؤامرات ال ستعمارية ال ت عملت على تفت يت وحدة ال مة ال سلمة وعزل شعوب ا بعض ها عن‬
‫بعض وضرب مشاعر الخوة السلمية‪ ،‬لب أكثر من نصف مليون من هيئات وطوائف شعب مصر النداء فخرج يعب‬

‫تضاعف هذا العدد الن فأصبح (ألف مليون)‬ ‫‪1‬‬

‫سورة النعام ‪122 :‬‬ ‫‪2‬‬


‫عن مشاعره ال سلمية الكنو نة ف قلوب أبنائه الكرام البرة ن و فل سطي الشقي قة ف هذه الظاهرة ال ت فا قت ف‬
‫روعتها وعظمتها كل السابات ‪00‬‬

‫و ف ل ظة من نار هذا اليوم الالد قدم ح سن الب نا للدن يا جيعا البهان ال ساطع والدل يل القا طع على ز يف‬
‫دعاوى القومية والوالنعرات الشعوبية‪ ،‬حيث هبت جاهي مصر تترق كل حجب الظلم الت أقامها الستعمر الثيم‬
‫ليحول بي نه وب ي رؤ ية الآ سى والفظائع ال ت يتجرع ويلت ا أشقاؤه ف أوطان ال سلم‪ ..‬هب ش عب م صر كال سيل‬
‫الادر يز يح ركام الز يف والهالة‪ ،‬ركام الفكار العف نة والذا هب النت نة ‪ 00‬انت قض ش عب م صر ي طم كل حوا جز‬
‫الفر قة والختلف ال ت ا صطنعتها الهواء وغمقت ها ال سياسة ال ستعمارية ‪ 00‬انت قض هذا الش عب ال سلم من غفو ته‬
‫يعلنها ف حسم وحزم كالرعد تصم آذان العملء والبناء‪ :‬أن مصر عاشت إسلمية وستعيش إسلمية رغم الكيد‪،‬‬
‫فهى بأرواحها وأفلذ أكبادها فداء الرض القدسة ف فلسطي وفداء شعبها الشقيق ‪0‬‬

‫وصدرت جريدة ((الخوان السلمون)) ف اليوم التال تصف هذه الظاهرة ف كلمات من نور ‪ 00‬تقول ك‬
‫(مظاهرة خالدة ل يسبق لا مثيل ‪000‬‬

‫‪00‬‬ ‫‪-‬احتشد أكثر من نصف مليون ف حاسة بالغة من متلف الدارس‪ ،‬والعاهد – طلب الامعات والعمال‬

‫‪0‬‬ ‫‪-‬الرشد العام يقف خارج الزهر يشرف بدقة على تنظيم الظاهرة الكبى‬

‫‪-‬أعلم العرب فوق (الكونتننتال) – ازدحم الفندق بمثلى الصحف‪ ،‬وكان عدد الصحفيي المريكيي كبي ‪!!00‬‬

‫‪-‬تكلم الر شد العام ‪ )1( :‬دماؤ نا فداء فل سطي – أرواح نا فداء فل سطي – يا زعماء العرب أن تم القادة وهؤلء‬
‫النود قد وقفوا دماء هم للدفاع عن فل سطي يا زعماء العرب‪ :‬إن هذا الشباب ل يس هازل ولكن هم جادون قد‬
‫عاهدوا ال‪ ،‬ث عاهدوا الوطن أن يوتوا من أجله – إن كان ينقصنا السلح فسنستخلصه من أعدائنا ونقذف بم‬
‫ف البحر ‪0‬‬

‫يا زعماء العروبة ‪ :‬لقد تألبت الدنيا تريد أن تسلب حقنا‪ ،‬ولقد عاهدنا ال على أن نعيش كراما أو نوت‬
‫كراما‪ ،‬وإن أعلن من فوق هذا النب أن الخوان السلمي قد تبعوا بعشرة آلف متطوع هم على أت استعداد لتلبية‬
‫ندائكم ف سبيل إنقاذ فلسطي ‪00‬‬

‫واعمراه ‪ 000‬وامعتصماه ‪!! 00‬‬

‫وكتب فضيلة الرشد ف جريدة ((الخوان السلمون)) اليومية ف بابه السبوعى ((حديث المعة)) يستصرخ‬
‫الضمائر السلمية‪ ،‬ويستنصر الشقاء للشعب الذبيح ف فلسطي الشقيقة ‪ 00‬وهذا نص الديث ‪:‬‬
‫(( وإن استنصروكم ف الدين ‪ 00‬فعليكم النصر ‪ 00‬إل على قوم بينكم وبينهم ميثاق وال با تعملون بصي‪.‬‬
‫والذين كفروا ‪ ..‬بعضهم أولياء بعض‪ ،‬إل تفعلوه تكن فتنة ف الرض وفساد كبي ))( )‬
‫‪1‬‬

‫ف عهد مضى – أعاد ال علينا دولته – قال الراوى ‪:‬‬

‫دخلت الق سطنطينية تاجرا ف ع هد ع مر بن ع بد العز يز فأخذت أطوف ف ب عض سككها ح ت إنت هى ب‬


‫الطاف إل فناء وا سع‪ ..‬رأ يت ف يه رجل أع مى ويد ير الر حى ‪ .‬و هو يقرأ القرآن ‪ ! ..‬فعجبت وقلت ف نف سى‪ :‬ف‬
‫القسطنطينية رجل أعمى‪ ،‬يتكلم العربية ويدير الرحى‪ ،‬ويقرأ القرآن ‪ 00‬إن له لنبأ ‪! 00‬‬

‫فدنوت منه‪ ،‬وسلمت عليه بالعربية – فرد السلم ‪ 00‬فقلت ‪ :‬من أنت يرحك ال ‪ 0‬وما نبؤك؟ فقال ‪ :‬أسي‬
‫من السلمي ‪ 00‬أسرن هذا الرومى‪ ،‬وعاد ب إل بلده ففقأ عين‪ ،‬وجعلن هكذا أدير الرحى‪ ،‬حت يأتى أمر ال فسألته‬
‫عن اسه‪ ،‬وبلده‪ ،‬وقبيلته‪ ،‬ونسبه‪ ..‬وما كان ل من عمل حي عدت ‪ ،‬قبل أنطرقت باب أمي الؤمني وأخبته الب‬
‫‪ ..‬فأحتقن وجهه‪ ،‬واحتدم غضبا‪ ،‬ودعا بداوة‪ ،‬وكتب للك الروم‪ :‬قد بلغن من الن كذا وكذا ‪ ..‬وأنكم بذلك قد‬
‫نقضتم ما بيننا وبينكم من عهد ((أن تسلموا كل أسي من السلمي))‪ ..‬فوا ال الذى ل إله إل هو ‪ ،‬لئن ل ترسل إل‬
‫بذا السي‪ ،‬لبعثن إليك بنود يكون ألما عندك‪ ،‬وآخرها عندى ودعا برسول‪ ،‬فسلمه الكتاب‪ ،‬وأمره أل يضيع وقتا‬
‫ف غي ضرورة حت يصل ‪0‬‬

‫ودخل الرسول على ملك الروم‪ ،‬وسلمه الكتاب ‪ .‬فأصفر وجهه وأقسم أنه ما علم عن أمر هذا السي شيئا‪.‬‬
‫وقال ‪:‬‬

‫‪00‬‬ ‫ل نكلف الرجل الصال عناء الرب‪ ،‬ولكنا نبعث له بأسيه معززا مكرما‪ ،‬وقد كان‬

‫ويذكر تلميذتنا‪ ،‬وطلبة الكاتب من أبنائنا‪ ..‬قصة أسية عمورية الت هتفت باسم العتصم أمي الؤمني‪،‬‬
‫فأجاب ا من فوره‪ ،‬وأق سم أن يدرك ها حجرا حجرا و سار على رأس جي شه فب بق سمه‪ ،‬وانت صر على عدوه و سوى‬
‫عمورية بالرض وما اسها ورسها من صحائف الوجود وانتقم لعزة السلم‪ ،‬واستخلص السية من بي ذراعى‬
‫وجب هة ال سد‪ ،‬وعاد مظفرا كري ا وقرأت ‪ ..‬وابت سمت وبك يت ‪ ..‬ف كتب نا الفقه ية م سألة ‪ :‬أمرأة سبيت بالشرق‬
‫وجب على أهل الغرب إستنقاذها مهما كلفهم ذلك‪،‬وينفق المام ما ف بيت الال فإن فن أنفق ما له هو كله‪ ،‬فإن‬
‫ل يف‪ .‬استدان من الرعية على بيت الال حت يستنقذ هذه السبية ‪0‬‬

‫أيها العرب والسلمون ‪:‬‬

‫سورة النفال ‪72 :‬‬ ‫‪1‬‬


‫ل ت عد ال سألة أ سي وأ سية‪ ،‬ولكن ها أ صبحت أ كب وأض خم‪ ،‬وأ جل وأع ظم‪ ..‬إن ا قض ية الياة والشرف‪،‬‬
‫والكرامة والوجود لشعب بأسره‪ ،‬أحتضنته المة العربية كلها وتظاهرت على نصرته جهود العال السلمى ف أقطار‬
‫الرض‪ ..‬ث هى قضية مستقبل الرض الباركة‪ ،‬والسجد القصى‪ ،‬ثالث الرمي وأول القبلتي ‪0‬‬

‫فاذكروا فظائع اليهود الوحشية ف ‪:‬‬


‫قرية دير ياسي ‪ 00‬وقرية ناصر الدين ‪00‬‬

‫وقرية أبو زريق ‪ 00‬وقرية ساريس ‪0‬‬

‫ث اذكروا ((حيفا)) إحدى عواصم فلسطي الثلث ‪000‬‬

‫واذكروا ما بعدها إن ظللتم قاعدين ‪00‬‬

‫ث انظروا ماذا أنتم فاعلون؟ ول يكن حظكم من النتصار لذه الواطن الذبيحة أن تصيحوا ‪:‬‬
‫واعمـراه ‪! 00‬‬
‫وامعتصماه ‪!00‬‬

‫لو كان معى ثلثة آلف من هؤلء لفتحت بم فلسطي ‪:‬‬

‫ودخل ماهدو الخوان السلمي فلسطي‪ ،‬ليقرروا القيقة الالدة ‪ :‬أن الرض القدسة ف فلسطي ل تررها‬
‫إل الرب القد سة ت ت را ية ل إله إل ال م مد ر سول ال‪ ،‬يوض ها م سلمون متوضئون‪ ..‬وهذه هى القي قة ك ما‬
‫تقررها وقائع العركة الول‪ .‬كما وصفتها جريدة الخوان اليومية ف عددها رقم ‪ 604‬الصادر ف ‪9‬جادى الخرة سنة‬
‫‪1367‬هـ – ‪ 18‬أبريل سنة ‪ 1948‬م ‪ ..‬قالت ‪:‬‬

‫تلقت زميلتنا أخبار اليوم الرسالة التالية من مراسلها ف غزة ‪:‬‬

‫أكتب إليكم من ميدان القتال – نن الن ف منتصف الطر يق بي غزة وخان يونس انتهت العر كة الول‬
‫بي الصريي واليهود – إنا أول معركة حربية توضها مصر ضد اليهود – إثنا عشر شهيدا وخسة من الرحى‪ ،‬إنم‬
‫يملون م الن ليدفنوا ف د ير البلح‪ ،‬إن ن أتأ مل القتلى واحدا واحدا ل يس بين هم وا حد م صاب ف ظهره إن بعض هم‬
‫أصيب مرة أو مرتي ومع ذلك بقى يمل بندقيته ويضرب با – إنم يملونم الن ليدفنوا كما هم بغي غسيل أو‬
‫كفن فإن تقاليد السلم أن يدفن الشهيد بلبس العركة – كان منظرا رائعا – هذا جيوش الارشال اللنب وانتصرت‬
‫إنت صاراتا الخية ‪ ..‬أ صبحت نق طة البدا ية ال ت تطلق من ها م صر ر صاصاتا على م ستعمرات اليهود وت صاعدت‬
‫الصوات تبحث عن الاج عبد الالق لقد كان يارب ف العركة ومعه ابنه ممد عبد الالق – وسقط ابنه قتيل إل‬
‫جانبه فلمن يبك عليه بل حل بندقيته وراح يقتل با الذين قتلوا ولده ! ث انتهت العركة ول ينتظر الاج عبد الالق‬
‫ليشيع جنازة ولده مع الشيعي بل ذهب مع ابن أخيه الريح أحد يوسف إل مستشفى غزة ‪0‬‬
‫وقال له إخوانه إننا نغزيك ! قال كل بل هنئون هنئون إنن سأبقى هنا لنال بعض الشرف الذى ناله ابن‬
‫– قلت من عبد الالق …؟! فإذا به عبد الالق يوسف حسن يوسف من بلده قويسنا منوفية ‪ ..‬وهو مزارع يبلغ‬
‫الام سة والربع ي طو يل القا مة فارغ العود ‪ ..‬حاد الن ظر تبدو عل يه الث قة والطمئنان‪ ،‬و قف يتق بل تا ن الجاهد ين‬
‫وكأنه يزف ولده إل عروس ‪ 0‬وقد كان ولده يبلغ العشرين من العمر ‪0‬‬

‫ومن العجيب أن أغلب القتلى الصريي ل يتجاوز الامسة والعشرين وجيعهم من الخوان السلمي‪ ..‬وقد‬
‫و قف القائد ممود لب يب يروى ل نا أن أ حد الشباب إنتدب لفارة الع سكر ولك نه أ صر على أن يكون ف مقد مة‬
‫الجاهدين – وقال له القائد أنت صغي السن‪ ،‬فليتقدم أول من يكبك سنا وبكى الشاب الصرى ولكن القائد أصر‬
‫على بقائه – ولا علم أن الذى حل مكانه قد قتل ف بداية العركة وأخبه زملؤه بذلك إزداد بكاء وحزنا ‪0‬‬

‫‪1948‬‬ ‫وبدأت هذه العر كة ف ال ساعة الثان ية من صباح ال سبت ‪30‬جادى الول سنة ‪ 1367‬الوا فق ‪ 10‬أبر يل‬
‫كان الو أشبه بالنسيم العليل – وقد أصر النود على أن يستحموا قبل العركة إستعدادا للموت وصلوا على أنفسهم‬
‫صلة النازة وتلوا جيعا آيات من كتاب ال وذ هب كل من هم إل الو قع الذى اخت ي له‪ ،‬كان الظلم دام سا‪ ،‬ف قد‬
‫كنا ف آخر يوم للشهر العرب‪ ،‬سواد ف كل مكان ترى أشباحا تتحرك وقد إرتدت أحذية من الكاوتشوك تمل ف‬
‫أيديها الدافع والبنادق كلم كالمس وبدأوا يقصون السلك الشائكة الت تيط بالستعمرة اليهودية حت إذا انتهوا‬
‫من خطها الول أخذوا ينسفون الط الثان وإذا بدافع الاون وقنابل الدخان تطلق من الهة الشرقية لتغطية الجوم‪.‬‬
‫وا ستيقظ اليهود وراحوا يضربون أوكار مدا فع الاون و هم يظنون أن الجوم العر ب قد بدأ من تلك الناح ية‪ ،‬وه نا‬
‫ت سلل الفدائيون واقتحموا الما كن اللغو مة ووضعوا اللغام والتفجرات ف ال صون فن سفوا جزءا من البج ودمروا‬
‫كل ال صون‪ ،‬وأ خذ ال صريون واليهود يتقاذفون القنا بل اليدو ية ويتراشقون بدا فع التو ن جن والبنادق البن‪ ،‬و ظن‬
‫اليهود ف أول ال مر أن العر كة ب سيطة ولكن هم ب عد ساعتي تنبهوا إل خطورة الجوم فا ستغاثوا بال يش البيطا ن‬
‫فحضرت الدبابات ول ا وجدت أن ال صريي قد لغموا الرض را حت تر فع اللغام وكا نت الدبابات البيطان ية تر فع‬
‫العلم البيضاء ووقفت بي الصريي واليهود وصدرت الوامر بعدم إطلق النار ‪0‬‬

‫ورأى القائد البيطا ن الشهداء وأطل عه قائد الخوان على تفا صيل العر كة وك يف أن العرب ل ي سروا من‬
‫أسلحتهم شيئا بل إنم استعادوا أسلحة الشهداء والرحى فدهش‪ ،‬وذهب إل حيث يرقد الشهداء وحن رأسه قائل‪:‬‬
‫إنن ف دهشة كيف استطعتم أن تفعلوا كل هذا‪ ..‬لقد كنت ف فرقة الكوماندوس البيطانية ول أشهد جرأة كالت‬
‫رأيتها الن ‪ 00‬ولو كان معى ثلثة آلف من هؤلء لفتحت بم فلسطي‪ ،‬ث تقدم القائد البيطانىت إل الرحى‬
‫الصريي وقبل كل منهم ف جبينه وقال من أى بلد هؤلء البطال!! فقالوا من مصر ‪0‬‬

‫من وحى الشهداء ‪ 00‬وجها لوجه ‪:‬‬


‫وف أعقاب هذه العركة‪ ،‬ومن وحى شهدائها البرار‪ ،‬كتب فضيلة الرشد ف ((حديث المعة)) بالريدة‬
‫اليومية عن حقائق اليان العملية كما تقررها بسالة ماهدى الخوان ف فلسطي ‪ 00‬يقول ‪:‬‬

‫" أم حسبتم أن تدخلوا النة‪ ،‬ولا يعلم ال الذين جاهدوا منكم‪ ،‬ويعلم الصابرين ‪) ())0‬‬
‫‪1‬‬

‫أما حقائق الدعاية ‪ 00‬وجها لوجه‬


‫لبد من امتحان لقيقة إيان الؤمني ‪0‬‬

‫ودعوى اليان وحدها ل تكفى ف كثي ول قليل! ((ومن الناس من يقول آمنا بال‪ ،‬وباليوم الخر‪ ،‬وما هم‬
‫بؤمني))( )‬
‫‪2‬‬

‫وهذا ناموس ال الذى ل يتغ ي‪ ،‬و سنته ال ت ل تتخلف‪(( :‬ولنبلون كم ح ت نعلم الجاهد ين من كم وال صابرين‬
‫ونبلو أخباركم))‪) (0‬‬
‫‪3‬‬

‫وكلنا مؤمنون بكم الوراثة‪ ،‬فقد ولدنا على هذا الدين القيم‪ ،‬والمد ل على نعمة اليان وكثيهم الؤمنون‬
‫بالتعلم والطا بة‪ ،‬ول كن سن هم الذ ين ي ستطيعون أن يتمثلوا مع ن اليان‪ ،‬وي سنوا الت عبي ع نه لنف سهم وللناس ‪0‬‬

‫هؤلء ومن من يصدق فيه معن اليان حت يتذوق حلوته‪ ،‬ويد طعمه ويستشعر برده على فؤاده‪ ،‬كما يس برارته‬
‫ودفئه ونوره وإشراقه؟؟؟‬

‫ولكن هذا كله ل يكفى‪ ،‬حت يقف الرء وجها لوجه أمام حقائق اليان العملية‪ ،‬وأوضح هذه القائق‪ :‬ما‬
‫اتصل بالهاد والشهادة والوت ف سبيل ال والعزوف عن متع الياة الدنيا‪ ،‬إيثارا لا عند ال ‪0‬‬

‫وهؤلء الشهداء الثن عشر‪ ،‬ومن قبلهم الشهيد العزيز السعيد الخ حسي اللوس‪ ،‬الذى اختاره ال لواره‬
‫ف حادث انقلب سيارة الؤمن والهمات للشهداء بسيناء‪ ..‬قد أوقفونا نن الخوان وأوقفوا أسرهم الكرية وأوقفوا‬
‫المة الصرية كلها‪ ..‬أما حقائق اليان وجها لوجه ‪00‬‬

‫إن مـن حقائق اليان الول أن الوت حـق‪ ،‬وأن الجـل مدود‪ ،‬وأن العمـر واحـد‪ ،‬ل ينقـص ول يزيـد ‪..‬‬
‫((فإذا جاء أجلهم ل يستأخرون ساعة ول يستقدمون))( )‪ 0‬وأن الب لن يؤخر الوفاة وأن الشجاعة لن تدن الوت‪،‬‬
‫‪4‬‬

‫وأن قدر ال من وراء ذلك كله‪ ،‬ول راد لقضائه ول مع قب لك مه‪(( ..‬أين ما تكونوا يدرك كم الوت‪ ،‬ولو كن تم ف‬

‫سورة آل عمران ‪0 142 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫سورة البقرة ‪8 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫سورة محمد ‪31 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫سورة النحل ‪91 :‬‬ ‫‪4‬‬


‫بروج مشيدة))( )‪(( .‬الذيـن قالوا لخوانمـ وقعدوا ‪ ..‬لو أطاعونـا مـا قتلوا‪ .‬قـل ‪ :‬فادرأوا عـن أنفسـكم إن كنتـم‬
‫‪1‬‬

‫صادقي))( )‪0‬‬
‫‪2‬‬

‫‪0‬‬ ‫ولن يستطيعوا أن يدرأوه طبعا ومن ل يت بالسيف مات بغيه‬

‫وإن من حقائق اليان الول أن ال تبارك وتعال‪ ،‬ك تب على الؤمن ي كتا با لز ما‪ ،‬وفري ضة مك مة‪ ..‬أن‬
‫يقاتلوا ف سبيل الق‪ ،‬وأن يدافعوا عن صورة الدين‪ ،‬وأن ياهدوا ف سبيل ال تعال‪ ،‬حت تعلوا كلمته‪ ،‬وترفع رايته‪.‬‬
‫وأن من نكص عن ذلك فله عذاب أليم ف الدنيا بالصغار وف الخرة بالحيم والنار ‪(( ..‬كتب عليكم القتال وهو‬
‫كره لكم‪ ،‬وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خي لكم‪ ،‬وعسى أن تبوا شيئا وهو شر لكم‪ ،‬وال يعلم وأنتم ل تعلمون))‬
‫‪) (0‬‬ ‫‪3‬‬

‫((إن ال اشترى من الؤمني أنفسهم وأموالم ‪ ..‬بأ‪ ،‬لم النة‪ ،‬يقاتلون ف سبل ال فيقتلون ويقتلون‪ ،‬وعدا‬
‫عليه حقا ف التوراة والنيل والقرآن ‪ 00‬ومن أوف بعهده من ال ‪ 00‬؟ فأستبشروا ببيعكم الذى بايعتم به‪ ،‬وذلك هو‬
‫الفوز العظيم))( )‪0‬‬
‫‪4‬‬

‫وأن من حقائق اليان الول‪ :‬أن من مات ف سبيل ال أو ق تل ماهدا ‪ ..‬ف هو شه يد‪ ،‬حى يرزق ع ند ال‬
‫تبارك وتعال‪ ،‬وأنه ل يد من مس الوت‪ ،‬إل كما يد النسان الى الساس من قرصة نلة‪ ،‬وأنه ل يفت ف موته‪،‬‬
‫وكفى ببارقة السيوف على رأسه فتنة‪ ،‬وأنه يبعث يوم القيامة بكلومه وجروحه ودمائه الطاهرة الزكية ‪ 00‬اللون لون‬
‫الدم‪ ،‬والريح ريرح السك‪ ،‬وأن له عند ال تبارك وتعال من الثوبة والجر‪ ،‬وأفضل ما عند ال لسائر الذين ماتوا بغي‬
‫شهادة ((ل ي ستوى القاعدون من الؤمن ي غ ي أول الضرر‪ ،‬والجاهد ين ف سبيل ال بأموال م وأنف سهم‪ ،‬ف ضل ال‬
‫الجاهد ين بأموال م وأنف سهم على القاعد ين در جة وكل و عد ال ال سن وف ضل ال الجاهد ين على القاعد ين أ جر‬
‫عظيما‪ ،‬درجات منه ومغفرة ورحة‪ ،‬وكان ال غفورا رحيما))( )‪0‬‬
‫‪5‬‬

‫((الذيـن آمنوا‪ ،‬وهاجروا‪ ،‬وجاهدوا فـ سـبيل ال بأموالمـ وأنفسـهم أعظـم درجـة عنـد ال وأولئك هـم‬
‫الفائزون‪ ،‬يبشرهـم ربمـ برحةـ م نه وروضان‪ ،‬وجنات ل م في ها نع يم مقيـم‪ ،‬خالد ين في ها أبدا‪ ،‬إن ال عنده أجـر‬
‫عظيم))( )‪0‬‬‫‪6‬‬

‫ومن يؤمن بذه القائق إيانا صحيحا‪ ،‬لشك ول ريب ف أنه يفرح ويسر‪ ،‬ويسارع ويبادر‪ ،‬ويار لحبابه‬
‫وذويه هذه الوتة السعيدة الكرية‪ ،‬الت لن تأتى قبل أوانا‪ ،‬ولكنها تظهر ف أروع صورها‪ ،‬وأجل ألوانا ‪00‬‬

‫سورة النساء ‪78 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫سورة آل عمران ‪168 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫سورة البقرة ‪216 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫سورة التوبة ‪111 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫سورة النساء ‪96 - 65 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫سورة التوبة ‪22 - 20 :‬‬ ‫‪6‬‬


‫وبقدر ر سوخ العقيدة ف هذه القائق‪ ،‬بقدر الرضاء والت سليم بقضاء ال وقدره ف شهادة الشهداء‪ ،‬وموت‬
‫‪0‬‬ ‫العزاء‬

‫فيا أيها الخوان السلمون‪ ،‬أنتم وأسركم والتصلون بكم‪ :‬لقد عاهدت ال على اليان الكامل بكل حقائقه‬
‫ومقتضياته‪ ،‬ولقد كان‪ ،‬وسجلوا عليكم هتافكم وعرف الناس عنكم ذلك ف كل الدن‪ :‬الهاد سبيلنا‪ ..‬والوت ف‬
‫سبيل ال أسى أمانينا‪ .‬وأنتم بذا التاف كنتم تعلنون حقائق اليان نظريا‪ .‬وها أنتم أولء قد وقفتم أمامها عمليا‪..‬‬
‫فماذا أنتم فاعلون ‪ ..‬؟‬

‫أغلب الظن أنكم ستنجحون ف هذا المتحان‪ ،‬ناحا منقطع النظي بإذن ال‪ ،‬وبشائر ذلك واضحة‪ ،‬ودلئله‬
‫لئحة‪ ،‬وأن الدار الخرة لى اليوان لو كانوا يعلمون ‪0‬‬

‫حسن البنا ‪ 00‬وعشرون عاما من الهاد‬

‫احتفل الخوان السلمون ف جيع الشعب والناطق احتفالت رائعة بناسبة مرور عشرين عاما على تأسيس‬
‫أول شعبة للجماعة ف الساعيلية ف شهر ذى القعدة سنة ‪ 1347‬الوافق مارس ‪ 1928‬حيث بلغت عدد شعب الخوان‬
‫حت هذا اليوم ألفان (‪ )2000‬شعبة ف مصر وخسون ( ‪ )50‬شعبة ف ال سودان والبلد العرب ية والسلمية وبلغ عدد‬
‫الخوان العامل ي ن صف مليون وب عد صدور القانون ر قم ‪ 49‬لعام ‪ 1945‬أنشئت طبقا لن صوصه أق سام الب والد مة‬
‫الجتماعية للخوان السلمي ‪0‬‬

‫وبناسبة الحتفال برور عشرين عاما فقد عقد ف مدينة الساعيلية مركز الدعوة الول مؤترا إسلميا كبيا‬
‫حضره آلف من رجال الخوان من جيع الشعب كما حضره مندوبون من الخوان بالدول العربية والسلمية كذا‬
‫ب عض الزعماء ال سلمي الذ ين يعملون ف ح قل الدعوة ال سلمية ف العال – ك ما ا ستعرض ال ستاذ الر شد العام‬
‫وصـحبه الكرام أكـب اسـتعراض لوالة والكشافـة إذ تاوز عددهـم عشرة آلف بلبسـهم الكشفيـة وموسـيقاهم‬
‫الماسية تتقدمهم الوتوسيكلت والسيارات وأعلم الناطق ث على راس هذا العرض الكبي حرس شرف حول حامل‬
‫الصحف الشريف – واستمر هذا الؤتر ثلث أيام متتالية شهدت فيه الساعيلية أبى أيامها حيث أرتفعت اللفتات‬
‫والعلم تر حب برجال وضيوف الدعوة ال سلمية وقا مت الدي نة بالترح يث بالوافد ين ففتحوا بيوت م ومدار سهم‬
‫وجيع الساجد لتكون دورا للضيافة ‪0‬‬

‫وصدر العدد الاص لريدة الخوان السلمي اليومية بناسبة مرور عشرين عاما ف يوم ‪2‬ذى القعدة ‪– 1368‬‬
‫‪5‬سبتمب ‪ 1948‬يزيد صفحاته عن العشرين متوجا بصور مؤتر الساعيلية واستعراض الوالة وصور الطباء وبعد ذلك‬
‫سـرد متكامـل لتاريـخ جاعـة الخوان السـلمي – كمـا صـدر نفـس هذا العدد بعدة لغات كالنليزيـة والفرنسـية‬
‫والردية وأرسلت منه مئات النسخ للعال العرب والسلمى‪ .‬ويعتب هذا العدد من أهم مصادر معرفة تاريخ الدعوة‬
‫كما كان سجل حافل بأهم الواقف والحداث ‪0‬‬
‫‪00‬‬ ‫غزة تتفل‬

‫وإنتهز الخوان ف شعبة غزة هذه الفرصة فدعوا إل عقد مؤتر بدارهم وكانت فرصة التقى فيها جع كبي‬
‫من أبناء مدينة غزة وقدتدث ف هذا اللقاء فضيلة الشيخ عمر صوان قاضى قضاة غزة فأثن على الدعوة ومنهجها ف‬
‫التكوين والتربية كذا أشار إل خطوات الدروسة ف تقيق أهدافهم ونوه بشخصية الستاذ البنا الذى يقود الماعة‬
‫على أ ساس من كتاب ال و سنة ر سوله – ث تدث عن تاريخ دعوة الخوان م ستندا ف حدي ثه إل ك تب الخوان‬
‫ورسائل الستاذ الرشد العام – ث أبرق إخوان غزة إل الستاذ الرشد مهنئي بذه الناسبة الكرية ‪0‬‬

‫بيان للستاذ الرشد ف الؤتر الصحفى‬

‫عقد بدار الركز العام للخوان السلمي بالقاهرة مؤترا صحفيا بناسبة مرور عشرين عاما على تأسيس أول‬
‫شعبة للخوان ‪0‬‬

‫وما جاء ف كلمة الستاذ الرشد ما يلى ‪:‬‬

‫‪ 00‬أكثر الناس ل يعرفون إل أن الخوان يريدون إقامة الدود السلمية وهذا ف القيقة تصور قاصر‪ ،‬فإن الخوان‬
‫يريدون إحياء النظام ال سلمى الجتما عى الكا مل و هو كل ل يق بل التجزئة ووحخدة متكاملة ب كل مظاهره من‬
‫حيث الثل العليا الجتماعية أول ث من حيث أوضاعه العملية الت تل كل مشاكل الياة القتصادية والجتماعية‬
‫علىأن قضية الدود السلمية نفسها ل يفهمها الكثرون على وضعها السلمى الصحيح ولو فهمو ها لعرفوا أنا‬
‫أعدل وأرحم وأحكم تشريع لكافحة الرية مكافحة ناجحة تفوق أحدث النظريات القانونية والنفسية والجتماعية‬
‫للتشريع الديث ما ل يدع مل لتاذ الدود وأحكامها سببا لتام الركة السلمية التقدمية بالرجعية – وليست‬
‫حركة الخوان السلمي حركة طائفية موجهة ضد عقيدة من العقائد أو دين من الديان أو طائفة من الطوائف إذ أن‬
‫الشعور الذى يهيمن على نفوس القائمي با أن القواعد الساسية للرسالت جيعا قد أصبحت مهددة الن باللادية‬
‫والباح ية وعلى الرجال الؤمن ي بذه الديان أن يتكاتفوا ويوجهوا جهود هم إل إنقاذ الن سانية من هذ ين الطر ين‬
‫الزاحف ي – ول يكره الخوان ال سلمون الجا نب النلء ف البلدالعرب ية وال سلمية ول يضمرون ل م سوءا ح ت‬
‫اليهودالواطن ي ل ي كن بين نا وبين هم إل العلقات الطي بة – أ ما اشتراك هم الفعلى ف م ساعدة الع صابات ال صهيونية‬
‫بفلسطي بكل صنوف الساعدة فلم يكن بد من أن يشعروا بأن هذا السلك العوج الاطئ قد أفقدهم العطف‪ .‬ولقد‬
‫لونت الفهام القاصرة والدعايات الغرضة دعوة الخوان (السلمية النقية) بثلث ألوان خاطئة‪ :‬ابتدأت باللون الدين‬
‫القاصـر إذ أن الخوان متمسـكون فـ دعوتمـ وتصـرفاتم بآداب السـلم وتوجيهاتـه‪ .‬ثـ تل ذلك اللون السـياسى‬
‫الا طئ بنا سبة اشتراك الخوان ف الهادالوط ن القدس وبلؤ هم ف ذلك البلء ال سن الذى سبقوا به الحزاب‬
‫السياسية الحترفة والذى هو ف القيقة سر هذا الوعى الوطن الديد والعامل الكب ف قوة الرأى العام الصرى ما‬
‫جعـل بعـض الناس يظـن أن الخوان السـلمي قـد انصـرفوا مـن الديـن إل السـياسة ول يفرقوا بيـ العمـل الوطنـ‬
‫والحتراف السـياسى ومادروا أن هذا الهاد الوطنـ مـن صـميم السـلم‪ ..‬واللون القيقـى للدعوة بعيـد عـن هذا‬
‫الت صور كله فهو اللون السلمى النقى الالص ( صبغة ال ومن أحسن من ال صبغة ونن له عابدون) وهم لذلك‬
‫متدينون ووطنيون وماهدون لن هذا كله من لب السلم وصميمه ‪0‬‬

‫ولسنا نعتقد أن ف مصر حزبية وخطط بالعن السياسى الدقيق وكل ما هنالك خلفات شخصية بي نفر من‬
‫العيان الذين يتداولون كراسى الكم خلفات تدور حول مسالك الشخاص ومصال التباع‪ ،‬ولقد كنا حريصي‬
‫على أن تكون صلتنا بالم يع طي بة ح ت ن ستطيع أن ن صل بالدعوة وأهدف ها ال سامية إل قلوب م فيجتمعون علي ها أو‬
‫ين صر إلي ها من هم من ي مع ال به الكل مة ويقرب مرا حل الطر يق‪ ،‬ول كن ق صور النظرة الشخ صية والزب ية ومطا مع‬
‫الذناب والو سطاء ودس النل يز والجراء حال دون ا ستقرار هذا ال و الادئ الذى ت حص ف يه القائق وتدد ف يه‬
‫الوسائل والغايات‪ .‬ونن نشعر أمام هذا الوضع بكثي من السف على ما يضيع ف هذا العداء الوهى من جهد ومال‬
‫ف و قت ن ن أحوج ما نكون ف يه من م صائب وويلت – ل ي كف ب عد لقناع نا بأ نه ل ناح إل بالوحدة والتفاق‬
‫ونن ل نعتب أنفسنا حزبا سياسيا – بل نن حركة إسلمية شاملة مهمتنا توجيه الشعب توجيها سليما وتيئته تيئة‬
‫صالة ‪0‬‬

‫كلمة أخية لفضيلة الرشد ف الناسبة‬

‫أيها الخوة الضفلء‪ :‬كلمة أخية بذه الناسبة مضى عشرين عاما على دعوة الخوان السلمي‪ :‬إن من الي‬
‫أن أصارحكم بأ‪،‬كم قد وصلتم بدعوتكم إل هذه الرحلة من النجاح والظهور ووصلت حالة العال إل ما وصلت‬
‫إليه من التغي والتطور‪ ،‬وتفصيل ذلك أنكم قد أصبحتم تواجهون الدنيا جيعا بدعوتكم وأقول وأنا شديد السف‬
‫أنكم الن القوة الوحيدة الصامدة أمام الطرين الداهي اللذين يهددان العال السلمى العرب أول ويهددان البشرية‬
‫كلها بعد ذلك وهى خطر اللاد وخطر الستعباد فإن هذه الادية الطاغية الارفة الت استولت على تفكي وتصرفات‬
‫الدول الكبى فجعلتها ل تزن المور إل بيزان النافع والصال الشخصية الستعمارية – ول تقيم وزنا لا عدا ذلك‬
‫من الثل العليا وقواعد الي والنصاف والسمو ودفعت با بعد ذلك إل الرغبة والتحايل على أن تبقى قيود العبودية‬
‫وأغلل ا ف أعناق وأيدى وأر جل الشعوب الناشئة ال ت ل تر ضى أبدا بغ ي الر ية والتقدم‪ ،‬هذه الاد ية ال ت تقود ها‬
‫اليهود ية العال ية وتول ا الدول ال ستعمارية ل علج ل ا إل ف دعوتك من ل قوة ت صمد أمام ها الن مع ال سف إل‬
‫جاعتكم ولذا أبشركم – وأنذركم بأنكم منذ الساعة ستتعرضون لشد المتحانات وأقسى الختبارات ولكنكم إن‬
‫صبت وثبتم فستكون لكم الغلبة ول شك – فاستعدوا للمتحان وأصبوا وصابروا ولن يكون إل إحدى السنيي‬
‫السعادة بالنصر أو الشهادة ف سبيل الق وكلها خي ول المد وكل عشرين سنة وأنتم بي ‪0‬‬

‫والسلم عليكم ورحة ال وبركاته‪،‬‬


‫الجة الخية ‪ 00‬ث الستشهاد‬

‫كانت بعثة الج للخوان السلمي ف عام ‪ 1367‬هجرية الوافق ‪ 1948‬ميلدية أكب بعثة عرفتها مكة مهبط‬
‫الوحى من جيع البعثات‪ ،‬وقد أراد المام البنا – رضى ال عنه – أن يؤدى رسالته على أتها‪ ،‬وكأن به كان يشعر‬
‫بد نو ال جل واللقاء القر يب بالح بة – م مد صلى ال عل يه و سلم و صحبه – فو ضع منا سك ال ج على الذا هب‬
‫الربعة بميع اللغات الشرقية من عربية وأردية وفارسية وتركية وجعلها ف عدد خاص من جريدة الخوان السلمي‪،‬‬
‫وفيها دعوة كرية موجهة من الرشد العام للخوان السلمي إل عامة السلمي ف جيع القطار بأن يرجعوا إل دينهم‬
‫فيعرفوه‪ ،‬وإل قرآن م فيجعلوه د ستورهم ال ق وإل سنة نبيهم فيقيمو ها‪ ،‬ث ينظرون ماذا سيكون ل م‪ .‬و هم ل بد‬
‫بالغون كل ما يريدون ف دنيا هم وأخرا هم بف ضل توكل هم على ال ورضا هم عن دي نه وعبادت م لالق هم سبحانه‬
‫وتعال ‪0‬‬

‫‪ 00‬ف مكة الكرمة وبوار الكعبة القدسة دعا فضيلته إل مؤتر إسلمى لمراء الج من جيع أناء العال‬
‫السلمى‪ ،‬كما وجهت الدعوة إل المراء والوزراء السعوديي‪ .‬وكان اجتماعا كبيا انعقد ف القاعة الكبى (بفندق‬
‫بنك مصر ) بوار وزارة الالية السعودية وقريبا من قصر أمي الدينة ونائب اللك ‪ 00‬وكان موضوع هذا الجتماع‬
‫(الدعوة إلىجمع كلمة السلمي‪ ،‬وأنه ل خي ول سعادة للمة السلمية إل إذا جعلت دستورها القرآن الكري)‬
‫وكان من خطباء هذا الؤت ر مندوبون من ‪ :‬الباك ستان وال ند وجزر الل يو وجاوة والعراق وإيران وترك يا والزائر‬
‫وتونـس ومراكـش وليبيـا والسـودان واليمـن والكويـت ومصـر والجاز والتركسـتان الشرقيـة وسـوريا وفلسـطي‬
‫وأفغانستان والصي ‪0‬‬

‫وبعد أن انتهى الندوبون جيعا من إلقاء كلماتم الؤثرة النطوية على الي للسلم والسلمي‪ ،‬أعتلى فضيلة‬
‫الرشد منصة الطابة‪ ،‬وكان بادى التأثر من الكلمنات الت ألقيت والت ترمى إل هدف واحد أل وهو‪ :‬العمل بكتاب‬
‫ال وسنة نبيه صلى ال عليه وسلم ‪ ..‬وقف حسن البنا وقفته الخية بي زعماء السلمي جيعا‪ ،‬ث افتتح كلمه‪،‬‬
‫فقال ‪:‬‬

‫ال مد ل رب العال ي‪ ،‬والصلة وال سلم على أشرف ال سلمي سيدنا ممد وعلى آله وصبه أجعي‪ ،‬وبعد‬
‫فالسلم عليكم ورحة ال وبركاته أيها السلمون الكرام ‪:‬‬

‫إخوان ‪ :‬إن أشعر بأن جعنا هذا يباركه ال رب العالي وتضره ملئكة السماء‪ .‬ل بل يباركه رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم الشرع العظم الذى جاء على فترة من الرسل لداية الناس إل حظية رب العالي ‪0‬‬

‫أيها الخوان‪ :‬إننا ف هذا البلد الرام‪ ،‬وأمام بيت ال الرام‪ ،‬وزمزم ومقام إبراهيم نعاهد ال عهدا وثيقا على‬
‫أننا سنحمل عبء الهاد والتضحية ف سبيل إعتناقب مبادئ السلم السامية‪ ،‬وتعاليمه الكيمة‪ ،‬وسنحارب بعون‬
‫ال جيع البدع والرافات الدخيلة على ديننا السليم البن على التوحيد الصحيح نلكم الفكرة السليمة الت من ذاق‬
‫طعمها ذاق حلوة اليان وكان عند ال من القبولي ‪0‬‬

‫أي ها الخوان ‪ :‬هل تدركون لاذا تأخر نا عن أ سلفنا؟ إ نه جواب وا حد ل ثا ن له أول و هو‪ ،‬عدول نا عن‬
‫طر يق القرآن والع مل ب كل ما جاء به ال نب الكر ي عل يه ال صلة وال سلم‪ ،‬ث ارت فع صوته قائل‪ :‬بعبارة مؤثرة بلي غة‪:‬‬
‫أعلموا أن سعادة السلمي ل تتحقق ول تكون إل بعلهم القرآن الكري دستورهم وقانونم‪ ،‬وأحلوها عن كلمة‪ ،‬إن‬
‫ال ل ين صر القوم الفا سقي الذ ين هجروا دين هم و سلكوا طر يق الشيطان الرج يم‪ .‬ويوم أن نعود إل حظية القرآن‬
‫والسنة والطهرة يوم أن نرى نصر ال ماثل أمام أعيننا لنه وعد من ال ووعد ال صادق ل يتخلف‪ ،‬اقرأوا قول ال‬
‫تعال (وكان حقا علينا نصر الؤمني) ‪0‬‬

‫ث خنقته العبات فقال بصوت متهدج‪ :‬اللهم قد بلغت‪ ،‬ال فأشهد ‪.‬‬

‫‪0‬‬ ‫هنا وجلت القلوب وإنسابت العيون بالعبات وانفض الجتماع على التمسك بذا العهد‬

‫وانتقل حسن البنا إل مدينة رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وتوجه إل مسجده الشريف ومكث فيه رضى‬
‫ال ع نه متأمل متفكرا ح ت جاء و قت ال صلة وكان سوقت الظ هر فأدى ال صلة‪ ،‬ث أط بق عل يه الم يع من زعماء‬
‫المم السلمية يستشيونه ف أمر دينهم‪ ،‬ويطلبون من ال تعال بإلاح ف هذه الماكن والبقاع الطهرة أن يعز ال‬
‫السلم وال سلمي وينصرهم على أعدائهم ث حدثهم فقال ‪( :‬إن ال ل يغي ما بقوم ح ت يغيوا ما بأنفسهم‪ ،‬وإذا‬
‫أراد ال بقوم سوءا فل مرد له و ما ل م من دو نه من وال)( )‪ ..‬وأ خذ يشرح ل م هذه ال ية بأ سلوبه الع طر العذب‬
‫‪1‬‬

‫الميل ويشي لم أن الرسول الكري نزل عليه القرآن ف أن مبة ال للمؤمني ل تكون إل بأتباعهم للنب‪ ،‬قال تعال ‪:‬‬
‫( قل إن كن تم تبون ال فاتبعون يبب كم ال‪ ،‬ويغفر لكم ذنوبكم وال غفور رحيم)( ) فما علي نا إل اتباع هذا النب‬
‫‪2‬‬

‫حت تكون من أمته الية الت يذكرها ال ف كتابه ‪( :‬كنتم خي أمة أخرجت للناس تأمرون بالعروف وتنهون عن‬
‫المن كر وتؤمنون بال ( ) وقوله ‪( :‬وكذلك جعلنا كم أ مة و سطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الر سول علي كم‬
‫‪3‬‬

‫شهيدا)( )‪0‬‬
‫‪4‬‬

‫أيها الخوة السلمون‪ :‬إن دين السلم الذى أضعنا تعاليمه وأهدرنا أحكامه ف هذه اليام ونظرنا إل المم‬
‫الغربية وقلدناها ف مدنيتها الكاذبة‪ .‬جدير بأن يلقى منا رعاية وعناية‪ .‬ونسأل ال رب العرش العظيم أن يهدينا جيعا‬
‫سواء السبيل ويرينا الق حقا ويرزقنا إتباعه‪ ،‬والباطل باطل ويرزقنا اجتنابه‪ ..‬إن رب سيع الدعاء ‪0‬‬

‫سورة الرعد ‪11 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫سورة آل عمران ‪31 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫سورة آل عمران ‪110 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫سورة البقرة ‪143 :‬‬ ‫‪4‬‬


‫ث توجه فضيل ته لزيارة البقيع ومعه ج ع من زعماء السلمي‪ ..‬وق بل الوصول إل هذه القبة الشريفة خلع‬
‫نعليه ومشى خاشعا بنفس مؤمنة‪ ،‬وسلم على أصحاب النب صلى ال عليه وسلم وأمهات الؤمني زوجاته‪ ،‬وأخذ‬
‫يدعو ال والميع يؤمنون على دعائه ف أن ينصر ال السلمي على أعدائهم ويرحهم ويعفوا عنهم كما دعا ال لهل‬
‫البقيع بالغفرة والرضوان‪ ،‬ث زار قب النب صلى ال عليه وسلم وكذا قب السيدة فاطمة الزهراء‪ ،‬وباقى قبور الصحابة‬
‫الطهار والتابعي‪ ،‬وف مقدمتهم المام مالك بن أنس إمام دار الجرة رضى ال عنه‪ .‬ث توجه بنفس ملئت خشية من‬
‫ال واتعاظا كبيا ورجوعا إل ال ف ال سر والعلن إل مسجد رسول ال صلى ال عليه وسلم وزار قبه‪ ،‬وأخذ ف‬
‫الناجاة والدموع ت سيل من عين يه‪ ،‬و هو ينا جى ال بيب ويطلب من ال تعال أن يعله شفي عا له يوم القيا مة‪ ،‬ويعرج‬
‫على أب بكر الصديق وعمر بن الطاب رضى ال عنهما‪ .‬وبعد ذلك جلس ف روضة الصطفى صلى ال عليه وسلم‬
‫ف إنتظار وقت الصلة يتلو القرآن ف سره ويرتله ترتيل ‪0‬‬

‫بعد النتهاء من الصلة وإلقاء كلمة جامعة ف السلمي ف السجد النبوى توجه مسرعا إل زيارة الشهداء ف‬
‫غزوة أ حد وخا صة قب سيدنا حزة بن ع بد الطلب عم ال نب صلى ال عل يه و سلم و سيد الشهداء الذى حزن عل يه‬
‫الرسول حزنا شديدا‪ ،‬والذى عندما سع بأ‪ ،‬الكفار مثلوا بسده رضى ال عنه تثيل قال لمثلن بسبعي منهم‪ ،‬فنل‬
‫قوله تعال ‪( :‬وإن عاقب تم فعاقبوا ب ثل ما عوقب تم به‪ ،‬ولئن صبت ل و خ ي لل صابرين‪ .‬وا صب و ما صبك إل بال ول‬
‫تزن عليهم ولتك ف ضيق ما يكرون‪ ،‬إن ال مع الذين اتفقوا والذين هم مسنون)‪) (.‬‬
‫‪1‬‬

‫تذكر المام الشهيد نذه الادثة وتلك الصيبة الت من با النب الكري ف عمه حزه رضى ال عنه‪ ،‬فتمن‬
‫على ال أن ينال هذه الشهادة وي شر مع الشهداء وال صالي‪ ،‬ث صلى ركعت ي ف الما كن الطاهرة‪ ،‬وأ خذ يتر حم‬
‫على الشهداء واحدا واحدا‪ ،‬وأخذ يذكرهم ويترجم حياة كل شهيد وقصة استشهاده كأنه كان حاضرا الوقعة مع‬
‫ر سول ال صلى ال عل يه و سلم‪ .‬ح ت أن الرافق ي له دهشوا عند ما وجدوا أن فضيل ته يعرف هم حقائق عن هؤلء ل‬
‫يعرفوها‪ .‬ويقول الناس ف هذه الماكن‪ :‬أن حسن البنا يعلم الكثي ما نعلم بل أنه يزداد عنا علما ودقة عن علمنا ف‬
‫هذه الثار السلمية الكرية ‪0‬‬

‫وانتهت الزيارة ف الدينة النورة‪ ..‬وعدنا بعدها إل مصر لنجد أمامنا خيوطا للمؤامرة الكبى على تصفية‬
‫الماعة باعتقال أفرادها واغتيال إمامها ‪0‬‬

‫حسن البنا ‪ 00‬هكذا استشهد وهكذا خرجت جنازته‬

‫م مد على الطا هر أ ستاذ ج يل من القادة والزعماء العرب‪ ،‬كانوا يرتادون مال سه ال ت كا نت ندوات – ف‬
‫القاهرة – تضـم إل جانـب الصـحفيي والدباء زعماء التحرريـة اللجئيـ إل القاهرة آنذاك‪ .‬ولقـد اخرج السـتاذ‬
‫الطاهر ف سنة ‪ 1950‬كتابا بعنوان ((معتقلت هاكستيب)) لكن الكتاب اختفى من السواق ف ماولة من السلطة‬

‫سورة النحل ‪128 - 126 :‬‬ ‫‪1‬‬


‫الاكمة الغبية آنذاك لكبت أى صوت يفضح جرائمها وأساليبها الوحشية‪ .‬وفيما يلى فصل من هذا الكتاب نضعه‬
‫بي يدى الخوة القراء وكشهادة من رجل عاش احداث الرية وكل ظروفها وملبساتا ‪0‬‬

‫هكذا استشهد‬

‫تكنت الصحف أخيا بعد تفيف الرقابة من نشر كيفية استشهاد الشيخ حسن البنا رحه ال وكيفية دفنه‪.‬‬
‫وإن أثبت هذه اللصات عن تارينا الاضر ليعرفها اليل القبل ‪00‬‬

‫((ف نو الساعة الثامنة والنصف من مساء يوم السبت الثان عشر من شهر فباير عام ‪ 1949‬غادر الشيخ‬
‫حسن البنا وزوج شقيقته الستاذ عبد الكري منصور الحامى دار جعية الشبان السلمي بشارع اللكة نازل بالقاهرة‬
‫‪ 0‬وا ستدعى الش يخ ح سن الب نا سيارة ركب ها وم عه صهره‪ ..‬وا ستدارت ال سيارة لتت جه بالش يخ ح سن الب نا ورفي قه‬
‫وجهت ها من باب المع ية إل شارع الل كة نازل فإذا بشاب ي ضع حول رأ سه ((كوف يه) بيضاء يش هر م سدسا راح‬
‫يطلق منه الرصاص على من ف السيارة فأصابت الطلقة الول صدر الشيخ حسن البنا من الهة اليمن ولا التفت إل‬
‫الناحية الت ظن أن العتدى يقف فيها أصيب بمس رصاصات أخرى ف ظهره‪ .‬ولا فزع واقفا أصيب بطلق آخر ف‬
‫فخذه اليسر‪ ،‬أما السائق قد انبطح على ((دواسة)) مقعده‪ ،‬ث أفاق من ذهوله بعد برهة فأطلق لسيارته العنان إل مقر‬
‫السعاف‪ ..‬ورأى طبيب السعاف سوء حالة الشيخ البنا فأمر بنقله إل مستشفى القصر العين‪ ،‬وهناك تبي أن الشيخ‬
‫قد أصيب برصاصتي نافذتي ف صدره‪ ،‬وكسر أحد أضلعه‪ ،‬وحدوث نزيف باطن‪ ،‬أما الحامى فكانت حالته ل‬
‫تدعوا إل اليأس الشديد‪..‬‬

‫وأجريت عملية نقل الدم إل الشيخ البنا ‪ 00‬وف الساعة الثانية عشرة والدقيقة الثانية والعشرين فاضت روحه‬
‫متأثرا براحه ‪00‬‬

‫كيف دفنوا الشهيد ؟‬

‫ونشرت جريدة ((الكتلة)) الت يصدرها الستاذ مكرم عبيد (باشا) وصف د فن الرحوم الشيخ حسن البنا‬
‫و ما راف قه من أحداث وفظائع وجعل ته ت ت عنوانات تك فى تلوت ا لل عن الظال ي الجرم ي‪ ،‬و هى ‪ :‬الق بض على‬
‫العزين‪ ،‬ومنع الصلة على جثمان الفقيد‪ ،‬ومنع تلوة القرآن على روحه‪ ،‬ث نشرت الوصف التاريى التى‪ ،‬وهو‬
‫مستقى من أقوال فضيلة الشيخ أحد البنا والد الرحوم الشيخ حسن البنا ‪0‬‬

‫نقلت جثة الفقيد إل بيته ف سيارة ترسها سيارات ملوءة بفريق من رجال البوليس السلحي‪ ،‬وقد أنساهم‬
‫هول الرية أن الوتى ل يتكلمون ول ينطقون!‬

‫و ف أ حد شوارع اللم ية وق فت القافلة ونزل ال ند فأحاطوا ب يت المام الفق يد ول يتركوا ثق با ين فذ إل يه‬


‫إنسان إل سدوه بند وسلح‪ .‬أما والد الشيخ البنا ذلك الشيخ الرم الذى جاوز التسعي عاما فلم ينوء با ول تبد‬
‫عليه عوامل السني كما بدت ف هذه الليلة النكباء‪ .‬فقد عرف بب وفاة ولده من أحد الضباط ساعة وقوعها‪ ،‬وظل‬
‫ساهرا تفجعه الحزان منتظرا الفجر ليؤدى فريضة ال ويقول له ((سبحانك‪ ،‬وعدالتكم يا رب ‪ 00‬لقد قتلوا ولدى ‪0‬‬

‫‪0‬‬ ‫وتتابعت على باب السكن طرقات كان صداها يطحن قلب الشيخ الكبي طحن الرحى‬

‫ل بكاء ول عويل ‪! 00‬‬

‫كان الوالد هو وحده الذى يعلم وينتظر‪ ،‬فإن أشقاء الفقيد جيعا كانوا داخل العتقلت والسجون‪ .‬وفتحوا‬
‫الباب وأدخلوا الثـة‪ ،‬ونشـج الوالد الحطـم بالبكاء فقالوا له ‪ ..‬ل بكاء ول عويـل‪ ،‬بـل ول مظاهـر حداد ول أحـد‬
‫يصلى عليه سواك ‪0‬‬

‫ولنترك الشيخ أحد البنا والد الشيخ حسن يتم القصة قال ‪ :‬أبلغت نبأ موته ف الساعة الواحدة وقيل أنم لن‬
‫يسلموا إل جثتهم إل إذا وعدتم بأن تدفن ف الساعة التاسعة صباحا بل احتفال ‪ .‬وإل فإنم سيضطرون إل حل‬
‫الثة من مستشفى القصر العين إل القب ‪0‬‬

‫واضطررت إزاء هذه الوامر إل أن أعدهم بتفيذ كل ما تطلبه الكومة رغبة من ف أن تصل جثة ولدى إل‬
‫بيته فألقى عليه نظرة أخية ‪0‬‬

‫‪0‬‬ ‫وقبيل الفجر حلوا الثة إل البيت متسللي فلم يشهدها أحد من اليان ول يعلم بوصولا سواى‬

‫حصار حول البيت ‪:‬‬

‫و ظل ح صار البول يس مضرو با ل حول الب يت وحده بل حول ال ثة نف سها ل ي سمحون لن سان بالقتراب‬
‫منها مهما كانت صلته بالفقيد ‪0‬‬

‫وق مت بنف سى بإعداد ج ثة ولدى للدفـن‪ .‬فإن أحدا من الرجال الختصـي بذا ل ي سمح له بالدخول‪ .‬ثـ‬
‫أنزلت الثة حي وضعت ف النعش وبقيت مشكلة من يملها إل مقرها الخي ‪0‬‬

‫طلبت إل رجال البوليس أن يضروا رجال يملون النعض فرفضوا‪ .‬قلت لم ليس ف البيت رجال‪ ،‬فأجابوا‪:‬‬
‫فليحمله النساء ! وخرج نعش الفقيد ممول على أكتاب النساء !‬

‫ومشت النازة الفريدة ف الطريق فإذا بالشارع كله قد رصف برجال البوليس‪ ،‬وإذا بعيون الناس من النوافذ‬
‫والبواب تصرح ببيق الزن والل‪ ،‬والسخط على الظلم الذى احتل جانب الطريق!‬

‫وعندما وصلنا إل جامع قيسون للصلة على جثمان الفقيد‪ ،‬كان السجد خاليا حت من الدم ‪ .‬وفهمت‬
‫بعد ذلك أن رجال البوليس قدموا إل بيت ال وأمروا من فيه بالنصراف ريثما تتم الصلة على جثمان ولدى ‪0‬‬
‫ووق فت أمام الن عش أ صلى فأنر مت دمو عى‪ .‬ل ت كن دمو عا بل كا نت ابتهالت إل ال سماء أن يدرك ال‬
‫الناس برحته ‪00‬‬

‫ومضى النعش إل مدافن المام فوارينا التراب هذا المل الغال وعدنا إل البيت الباكى الزين‪ .‬ومضى النهار‬
‫وجاء الليل ول يضر أحد من العزين لن النود منعوا الناس من الدخول‪ .‬أما الذين استطاعوا الوصول إلينا للعزاء‬
‫فلم ي ستطيعوا العودة إل بيوت م ف قد ق بض علي هم وأودعوا العتقلت‪ ،‬إل شخ صا واحدا هو مكرم عب يد با شا‪ ،‬الذى‬
‫كان يتحدى الظالي ‪0‬‬

‫بعد دفن الشهيد ‪:‬‬

‫ونشرت جريدة الكتلة البيانات التالية عما حدث بعد دفن الرحوم الشيخ حسن البنا تت عنوانات صارخة‬
‫مؤلة وهى ‪(( :‬البوليس بلقى القبض على جثة الشيخ البنا‪ ،‬وكيف قبضوا على ميت آخر‪ ..‬حصار البوليس للمقابر‬
‫وإقامة حراسة دائمة‪ ،‬وبعد ذلك سردت (الكتلة)) ما يأتى ‪:‬‬

‫ف إثنت عشرة ساعة قتل الشيخ البنا‪ ،‬وشرح‪ ،‬وغسل‪ ،‬وإنطوت صفحة حياته‪ .‬عادت النساء الل تى حلن‬
‫النعش على أكتافهن وعاد الوالد الواله الزين‪ .‬وقبل أن يغشى مدافن حى المام الشافعى كانت ثلة من النود تاصر‬
‫الطرق الؤد ية إل ال قبة وقوات كبية ت يط بنل الفق يد لتم نع الداخل ي ولو كانوا من مرتلى آى الذ كر الك يم‪،‬‬
‫وتقبض على الارجي ولو كانوا من جيان الراحل الكري ‪0‬‬

‫ول قد ق بض أ حد رجال البول يس ف ذلك اليوم على ر جل من أ صدقاء الفق يد متلب سا بري ة إحراز م صحف‬
‫كان يفيه ف طيات ثبابه فأسلموه إل من بيدهم أوامر العتقال !‬

‫واليوم نسطر قصة جديدة‪ ،‬من قصص الظلم والهل ظلت مطويةب ل يعلم با الناس‪ .‬قصة الصراع العنيف‬
‫الذى دار بي رجال البوليس وبي جثمان الشيخ حسن البنا ‪0‬‬

‫فقد أشيع ذات مساء أن أصدقاء الشيخ البنا من آلهم أن يدفن الرجل بذه الصورة الزرية الؤلة‪ ،‬قد اعتزموا‬
‫اختطاف الثة من قبها وإخفاءها عن أعي البوليس ‪0‬‬

‫وطي الب إل السلطات‪ ،‬فأمرت بضاعفة الراسة والتأكد من كل شخص ير بالطرقات الؤدية إل مدافن‬
‫المام الشافعى‪ ،‬وكان النود – السلحون يتناوبون الراسة بعيون يقظة وقلوب مرتعشة‪ ..‬خصصوا فرقا من رجال‬
‫البوليس للسهر (على جثته) وحراستها خشية أن ينقلها بعض الناس إل مكان يليق بقامها‪ .‬وأب الظالون الذين كان‬
‫بيد هم ال مر إل أن يضطهدوا الر جل ف مو ته وإل أن ير سوه ب ند من عند هم ك ما كان ول يزال يرس ش خص‬
‫إبراهيم عبد الادى باشا بطل العهد الغابر الثيم نفسه!‬
‫و ف الليلة ال ت ظنوا أن ا مو عد تنف يذ الؤامرة اليال ية‪ ،‬مؤامرة خ طف ال ثة‪ ،‬امتلت مقابر المام الشاف عى‬
‫برجال البوليس‪ ،‬ولول مرة تنعج مقابر الحياء وتقض مضاجعهم ‪0‬‬

‫وكان رجال البوليس كلما اشتبهوا ف شخص أو ف جاعة من الارة أوقفوهم وفتشوهم‪ ،‬وسألوهم إل أين‬
‫هم ذاهبون‪ ،‬فإذا اطمأنوا إلي هم – وهذا أ مر نادر – سحوا ل م بالن صراف وإذا أرتابوا في هم – وهذا هو الغالب‬
‫قبضوا عليهم وأودعوهم غياهب العتقلت ‪ .‬ولح نفر من البوليس بعض الناس يملون نعشا ويسيون به بي القابر‪،‬‬
‫ولعلهم كانوا قد قدموا به من مكان بعيد يدركوا القابر إل بعد الغروب‪ ،‬فوجئ الشيعون بأسلحة تلمع ف الظلم‬
‫وأصوات تأمرهم بالوقوف وبوضع النعش على الرض للتحقق من اليت‪ .‬ورفع أحد النود غطاء النعش وسلط عليه‬
‫ضوء مصباح كهربائى ف يده‪ ،‬ث أمرهم بإعادة الغطاء وأن يضوا ف طريقهم‪ ،‬بعد أن تبي للجندى الذكى أن وجه‬
‫ال يت يتلف عن و جه الش يخ نالب نا! وهكذا قدر للموات أن يلقوا ن صيبهم من الظلم الذى حاق بالحياء ف ذلك‬
‫العهد ‪0‬‬

‫وهكذا ظلت القابر تنعم بالراحة والدوء منذ الزل حت جاء هذا العهد فلم يسلم من ظلمه وجوره وخوفه‬
‫وجهله الموات الذين هم ف رعاية ال وبي يديه ‪0‬‬

‫بعد جنازة البنا ‪:‬‬


‫ث اقتبس ما يلى عن جريدة ((الكتلة)) وقد نشرته تت عنوانات مثية ومزنة وهى ((القبض على كل حزين‬
‫يوم م صرع الش يخ ح سن الب نا – حا مد جودة رئ يس ملس النواب يلع ال سودا ف ذلك اليوم – حلة تأديب ية على‬
‫ال ساجد بعد كل صلة !)) ث قالت ((الكتلة))‪ :‬والغالب أن الكا تب لذا الفصل وما سبقه هو مكرم عبيد (باشا)‬
‫نفسه ‪- :‬‬

‫ن ن الن ع قب جنازة الش يخ ح سن الب نا‪ .‬و قد و صفنا لك جان با م ا حدث دا خل ب يت الش يخ وخار جه‪..‬‬
‫وبقى أن نصف ما وقع من حوادث أثناء سي النازة وبعدها أدت إل اعتقال مئات من الناس لسباب غريبة ل تكاد‬
‫ت صدق و قد حشدوا هؤلء الظلوم ي حشدا دا خل غر فة ضي قة عف نة هى سجن نق طة المام ي القري بة من الدا فن!‬
‫وإليك بعض السباب الت اعتقلوهم من أجلها ‪:‬‬

‫هذا الشاب الذى يلبس رباط عنق أسود (كرافته) حدادا على أبيه التوف منذ أيام‪ .‬لقد أدرك رجل البوليس‬
‫بفطنته أنه يلبسها حدادا على الشيخ البنا‪ ،‬واستبعدت فطنته ويقظته أن يكون هناك سبب آخر دفع بالثياب إل لبس‬
‫الكرافتة السوداء‪ ،‬فهو إذن من غي شك من أشياع البنا ومريديه الذين كانت تتعقبهم السلطة الغاشة تنكل بم أسوأ‬
‫تنكيل ‪ ..‬وقد أودعوه السجن ث العتقل رهن التحقيق !!‬

‫قراءة الفاتة ‪ 00‬جرية !‬


‫وذلك الر جل الذى طل عت من جبه ته و صدغيه وعين يه آثار اللكمات ‪ 00‬يا له من مرم خط ي! ت صوروا أن‬
‫أحد رجال البوليس ضبطه يتمتم بالفاتة من إحدى النوافذ أثناء سي جنازة الشيخ الرهيبة‪ ،‬فصعد إليه وإقتاده من بي‬
‫أطفاله وزوج ته وال سلح ف ظهره م ستعدا لي سكته إذا حاول القاو مة أو الفرار و ف م فر البوليس سألوه عن صحة‬
‫سالتهمة وهل قرأ حقا على روح الشيخ البنا! فأجاب بالياب ‪ 000‬وهنا إزدحت الكف والقبضات والقدام فوق‬
‫وج هة وج سمه! ‪ .‬وعادوا ي سألونه ‪ - :‬ولاذا قرأ الفات ة؟ فأجاب الر جل‪ :‬إن من شعائر الد ين أن نقرأ الشهادت ي‬
‫عند ما ي ر م يت وأن نقرأ الفات ة على رو حه‪ .‬و صرخ أ حد رجال البول يس و قد ا ستقرت يده على و جه ال سكي‬
‫لتصافحه برارة وهو يقول ‪ :‬كان لزم تعمل حنبلى يا ابن الـ ‪ 00‬وهنا نسك عما نطق به رجل البوليس الهذب‪..‬‬
‫ف صاح الت هم البئ الذى كان احترا مه لشعائر دي نه ذن با ل يغت فر قائل ‪ :‬و هل ف قراءة الفات ة جري ة يعا قب علي ها‬
‫القانون؟ ‪ .‬ومرة أخرى‪ ..‬إزدحت الكف والقبضات والقدام فوق وجهه وجسمه وأغمى عليه‪ .‬وأفاق ليجد نفسه‬
‫ف الغرفة الباردة العفنة مع عشرات آخرين ويداه مكبلتان بالديد من خلف – أى وال من خلف – لرساله إل‬
‫العتقل بل ماكمة‪ ،‬فقد كانت جرية ل تغتفر ف رأى ابراهتم عبد الادى باشا أن يقرأ مسلم الفاتة على روح ميت‬
‫تر جنازته أمامه ‪ 00‬جرية بلغ من بشاعتها أن يرسل من يرتكبها إل العتقل بل ماكمة لنه ل يد ف القانون عقابا‬
‫يكن أن يكون جزاء عادل لن يقرأ الفاتة على روح ميت!‬

‫لقد خلع الستاذ حامد جودة رئيس ملس النواب النحل السواد الذى كان يلبسه حدادا على ممود باشا ف‬
‫ذلك اليوم بالذات حت ل يقال أنه حزن على مقتل الشيخ البنا فيلقى بعض التاعب من البوليس!‬

‫ول نسب أن هناك سببا آخر دفعه إل أن يلع السواد ف ذلك اليوم ول يضن على مقتل النقراشى باشا إل‬
‫أيام !! ( )‬ ‫‪1‬‬

‫و شن البول سفى ذلك اليوم حلة عني فة على ال ساجد ف العا صمة‪ .‬فكانوا ل ي سمحون ل حد بال صلة أو‬
‫العبادة ب عد ال صلوة مباشرة‪ ،‬وإن أ حد حدث ته نف سه بأن يط يل ف ال صلة فإ نه يكون قد أورد نف سه موارد التهل كة‬
‫وعرض حريته للضياع وشخصه للتنكيل وأولده وأسرته للتشريد والوع والل‪ ،‬والدموع ‪0‬‬

‫وكان بعض رجال البوليس من وهبهم الول رقة قلب عبد الادى باشا يستنكفون أن يلعوا أحذيتهم أثناء‬
‫دخول ال ساجد فكانوا يقتحمون ا بأحذيت هم القذرة يطأون ال سجد بنعال م غ ي مراع ي حر مة ال سجد ول كرا مة‬
‫السلمي‪ .‬وليتخيل القارئ شخصا واقفا بي يدى اله يؤدى فرائض دينه‪ ،‬فإذا بعصا غليظة أو غي غليظة تنهال عليه‬
‫وإذا برجال البوليس يدفعونه من بيت ال إل منفى الطور وعيون موسى بصحراء سيناء إرضاء لعيون عبد الادى باشا‬
‫‪0‬‬

‫نابليون اعتذر ‪:‬‬

‫تعليل جانبه الصواب‪ ،‬لن حامد جوده كان أحد المسئولين فى الحكومة التى نفذت مؤامرة قتل المام‪ ،‬فإن كان قد خلع السواد‪ ،‬فقد خلعه فرحا لنجاح‬ ‫‪1‬‬

‫المؤامرة كما فرحت كل دوائر الستعمار والصهيونية والصليبية ‪0‬‬


‫‪0‬‬ ‫إن دخول الساجد بالحذية والنعال أمر ل تشهده مصر منذ كانت الساجد سوى ف عهدين‬

‫الرة الول ف ع هد نابليون يوم وطئت خيوله – ولعل ها كا نت جامة – صحن الامع الزهر‪ ،‬و قد اعتذر‬
‫نابليون ليئة كبار العلماء وتأسف لذا الادث ‪0‬‬

‫والرة الثان ية بل مئات الرات حد ثت ف ع هد إبراه يم ع بد الادى با شا ول يعتذر ل ل ول للناس – إنت هى‬
‫كلم جريدة الكتلة ‪0‬‬

‫إن منع الناس من شهود النازة ومن التعزية قد وقفت على شىء منه بنفسى‪ ،‬وذلك أن خب مصرع الشهيد‬
‫البنا ل أعرف به إل من صحف الصباح ويا له من صباح‪ ،‬فلم أتردد لظة بان الرحوم قد أغتيل غدرا وأن لعصابة‬
‫إبراهيم باشا عبد الادى إطلعا على إغتياله أخذا بثأر رئيس وزراء عهدهم ممود النقراشى باشا على ظن منهم أن‬
‫الستاذ البنا هو الذى أوعز بقتله!‬

‫وقد بادرت إل التليفون أ سأل ب عض الصدقاء عن موعد النازة لنشهد ها جي عا فقالوا إن الفق يد قد أسلم‬
‫الروح عند منتصف الليل وأنه دفن ف الصباح البكر بأمر الكومة حت ل تقع مظاهرات أو إضطرابات‪ ،‬فلم استغرب‬
‫هذه الفظائع من وزارة (عهد))مغضوب عليها من المة‪ ،‬وقد لطخت سعتها بدم رجل عظيم كالستاذ البنا‪ ،‬الذى‬
‫يكم له كل من عرفه بالتزان والرصانة وإستحالة التفكي ف اليعاز بقتل أحد‪ ،‬ل النقراشى ول سواه ‪00‬‬

‫كان مكتب ف تلك الليلة حافل بالزائرين أكثر من كل ليلة‪ ،‬وكان الديث كله حديث جرية قتل الرحوم‬
‫البنا‪ ،‬وكان كل منا يعزى الخر‪ ،‬وقد اقترحت على الاضرين أن نقوم جيعا ونذهب إل سرادق التعزية العتاد ف‬
‫مثل هذا الظروف‪ ،‬فقالوا إن الكومة منعت إقامة سرادق للعزاء ولذلك جئنا لنتبادل العزاء عندك ‪0‬‬

‫إل دار حسن البنا ‪:‬‬

‫وقب يل منت صف الل يل ل ي بق ف الك تب عندى إل ال ستاذ م مد سعيد العريان وكان من زملء الفق يد ف‬
‫الدراسة فكان يبكى صديقه بكاء شديدا ‪0‬‬

‫فقلت له ما رأيك يا فلن ف أن نذهب الن إل منل الفقيد لتعزية والده وأهله فقال هذا حسن وهيا بنا‪،‬‬
‫فركب نا سيارة ال ستاذ العريان‪ .‬فإذا ب ى اللم ية الذى ف يه دار الرحوم الب نا مظلم النبات مط فأ الضواء‪ ،‬وكا نت‬
‫الدكاكيـ كلهـا مغلقـة‪ ،‬فأطلقنـا أنوار السـيارة فإذا بالنود بألبسـتهم السـوداء يلحون فـ ذلك الظلم كالشباح‪،‬‬
‫وبأيدي هم البنادق مشر عة‪ ،‬وإذا ب م يقفون ل نا ف عرض الطر يق سدا‪ ،‬ويشيون إل ال سائق بالتاه إل غ ي اتاه نا‪،‬‬
‫فتعجب نا من هذه الحتياطات وأوعز نا إل ال سائق بالتاه إل غ ي اتاه نا‪ ،‬وأوعز نا إل ال سائق أن يدور ويد خل من‬
‫النطقة من شارع آخر وليكن ما يكون‪ ،‬ولكن الشرطة ل تسمح بالركة إل إذا عادت من حيث أتت وإل! ‪ ..‬وإل‬
‫فإنم يطلقون علينا النار! عند ذلك رجعنا ونن نمد ال على أنم اكتفوا منا بالرجوع ‪000‬‬
‫حسن البنا ‪ 000‬الرجل الذى حطم الطاغوت‬

‫كان حسن البنا إمام دعوة وقائد أمة ( )‬


‫•‬

‫ول يس كل إن سان ي كن أن يكون قائدا ‪ ،‬لن القيادة ل ا ميزات ا وخ صائصها ولذا فبين ما ت د من ب ن آدم‬
‫كثيين تد القادة العظماء ف تاريخ البشرية قليلي ‪0‬‬

‫وقد يكون النسان قائدا‪ ،‬ولكن ليس كل القادة سواء‪ ،‬فبعضهم‪ ،‬يكون قائدا ف ناحية معينة‪ ،‬وبعضهم تتوفر‬
‫فيه العناصر القيادية بكاملها فيقى إل مصاف القادة العظماء‪ ،‬وقد يكون النسان قائدا عظيما‪ ،‬ولكن الفرق شاسع‬
‫بي القائد الذى يسخر طاقاته ومواهبه لصلحته الشخصية وبي القائد الذى يعيش لغيه ويسخر مواهبه لسعاد أمته‬
‫وبن وطنه ‪0‬‬

‫وليـس كـل قائد يكـن أن يكون داعيـة‪ ،‬لن القادئ قـد يقود الناس بالترغيـب أو بالترهيـب بالحسـان أو‬
‫بالقهر‪ ،‬فيطيعهخ الناس إتقاء لشره أو طعمعا ف خيه‪ ،‬أما الداعية فيقود قلوب الناس إل ما يريد أن يقود أجسادهم‪،‬‬
‫لن ف كلمه طاقة ربانية تنطلق من قلبه العامر باليان لتصل إل قلوب الناس‪ ،‬فيتبعونه عن قناعة ويطيعونه عن مبة‬
‫ور ضا لن رباط الخوة ف ال قد ج ع بين هم فكان هذا الرباط هو ال ساس ل كل ع مل والنطلق ل كل ترك‪ .‬و كل‬
‫داع ية ي كن أن يكون قائدا ول كن ل يس كل قائد ي كن أنيكون داع ية‪ ،‬لن الدعاة إل ال ي ستندون إل ر كن رك ي‬
‫ويعتمدون على قوة ل تنضب ول تفقد تلك قوة ال الزظلية الت تدعم الؤمني‪ ،‬فهم بروح ال يعملون‪ ،‬وبكلم ال‬
‫ينطقون‪ ،‬وبتأييده ينتصرون وعليه يتوكلون (وكان حقا علينا نصر الؤمني)‪0‬‬

‫وليس كل داعية يكن أن يكون شهيدا‪ ،‬فالداعية يعمل ل وف سبيله ولكنه قد ينجح وقد يفشل‪ ،‬وقد يتقبل‬
‫ال عمله و قد ل يتق بل‪ ،‬أ ما الشه يد ف قد تق بل ال عمله‪ ،‬ومن حه شهادة اجتياز المتحان الربا ن‪ ،‬ش هد علي ها ال‬
‫وملئكته قبل أن يشهد عليها الناس ‪0‬‬

‫ول يس القائد ال صلح هو من ياول الؤرخون ف هذه اليام أن يبنوا له مدا أك ثر من مده‪ ،‬أو ي صنعوا له‬
‫تاريا أكب من عمله‪ ،‬فأصحاب القلم الرخيصة كثيون ف هذه اليام فهم يستطيعون أن يصنعوا ذلك لقل الناس‬
‫قدرا وأكثرهم أذى لمته ووطنه‪ ،‬فإذا به بي عشية وضحاها بطل من أبطال التاريخ وعلما من أعلم هذه المة‪ ،‬لن‬
‫المانةم العلم ية لذه اليام قد تضاءلت وغل بت الهواء والعتقدات الشخ صية على القائق العلم ية‪ ،‬ولذا كان القائد‬
‫الصلح هو من ياول الكتاب – ف هذه اليام‪ -‬أن يشوهوا تاريه‪ ،‬ويفوا ذكراه ويستصغروا أعماله‪ ،‬ولكن حسن‬
‫البنا رحه ال كان شخصية ل يدرك البلى ذكراها‪ ،‬ول يستطيع الغش السياسى أن يطمس تاريها أو يشوه حقيقتها‪،‬‬
‫لنه رحه ال كان أكب من الؤرخي‪ ،‬لقد كان كالشمس ف رابعة النهار ‪0‬‬

‫هذا الموضوع فى أصله مقال للستاذ نبيه عبد ربه نعيد نشرة ببعض تصرف نشرته جريدة ((الشهاب)) البيروتية فى ذكرى استشهاد المام سنة‬
‫‪0 1971‬‬
‫قد تنكر العي ضوء الشمس من رمد وينكر الفم طعم الاء من سقم والداعية الؤمن أكب من السلطة والدنيا‪،‬‬
‫لنه عرف الدنيا على حقيقتها‪ ،‬وأدرك كنهها وطبيعتها‪ ،‬فهى ليست له بدار مقام‪ ،‬ولكنه فيها كعابر سبيل يبحث عن‬
‫الطريق إل الدار الباقية‪ ،‬ويبحث عن الزاد الذى يعينه على السي ف هذا الطريق حت نايته فيجد ف تقوى ال خي‬
‫زاد‪ ،‬و ف رضوان ال أف ضل غا ية‪ ،‬فل يع مل إل ال ول وحده ل يبت غى ال جر إل من ال وحده‪ ،‬ل يط مع ف جزاء‬
‫الناس أو شكر هم له ف حيا ته‪ ،‬ك ما ل يط مع ف مدح هم وثنائ هم ب عد ما ته‪ ،‬لن رضا هم ل ينف عه بدون ر ضا ال‪،‬‬
‫ومدحهم ل يديه نفعا إذا ل يزده قرب من ال‪ ،‬ولكن حسن الذكرى جائزة معجلة ينحها ال للمؤمني‪ ،‬فقد روى‬
‫مسلم عن أب ذر رضى ال عنه أنه قال يا رسول ال ((الرجل يعمل العمل ويمده الناس عليه ويثنون عليه به؟!))‪.‬‬
‫فقال عليه الصلة والسلم ((تلك عاجل بشرى الؤمن)) وصدق ال العظيم (الذين آمنوا وكانوا يتقون‪ ،‬لم البشرى‬
‫ف الياة الدنيا وف الخرة‪ .‬ل تبديل لكلمات ال ذلك هو الفوز العظيم)( )‪0‬‬
‫‪1‬‬

‫لقد عاش حسن البنا ل‪ ،‬ووهب حياته للدعوة ل وكان هدفه رضوان ال‪ ،‬فصغرت ف عينيه الدنيا بكاملها‪،‬‬
‫فلم يكن يبتغى فيها من الناس جزاء ول شكورا ول زعامة ول مال‪ ،‬بل كان يفرغ من جيبه بيوبم‪ ،‬ويدل من دلوه‬
‫بدلئهم‪ ،‬فلم يكن يشى غي ال ربا‪ ،‬ول يضمر لحد أذى ول شرا‪ ،‬تفوا نفسه للشهادة ف سبيل ال ف كل حي‪،‬‬
‫ف قد كان رح ه ال ي سأل ال الشهادة دائما أثناء سجوده‪ ،‬ل قد صدق ال ف صدقه ال‪ ،‬وأ قر عي نه وإ ستجاب دعاءه‪،‬‬
‫وألقه ف موكب النبيي والصديقي والشهداء ف مقعد صدق عند مليك مقتدر ‪0‬‬

‫‪ -1‬نشأته وحياته ‪:‬‬


‫كان الشيخ عبد الرحن البنا ((جد المام الشهيد)) من وجهاء وأغنياء قرية ((ششية)) مركز ((فوه‪-‬غربية))‬
‫ف مصر‪ ،‬وكان له ولدان ‪ :‬أحد وممد‪ .‬أما أحد وممد‪ .‬أما أحد فقد تفرغ لطلب العلم ف الزهر وأما الثان فعمل‬
‫ف القرية‪ ،‬ولا توف والدها حصل بينهما خلف ف الرث ولكن أحد حسم هذا الناع وهجر قريته وذهب ليقيم ف‬
‫الحمودية ‪0‬‬

‫أقام الشيخ ((أحد عبد الرحن البنا)) – والد الشهيد‪ ،‬ف الحمودية يعمل سحابة ناره ف إصلح الساعات‬
‫ويقضى ما بقى من وقته ف دراسة الفقه‪ ،‬والتوحيد وحفظ القرآن وتويده‪ ،‬وكانت له مكتبة قيمة تضم متلف الفنون‬
‫والعلوم ال سلمية‪ ،‬ول ا ب ن أ هل القر ية م سجدا ل م كلفوه بإلقاء أول خط بة ج عة ف يه‪ ،‬فنال إعجاب الم يع لعل مه‬
‫وف صاحته‪ .‬واشت غل ب عد ذلك إما ما وخطي با ل سجد البلدة‪ ،‬فكان يق سم وق ته ب ي الدرا سة ال سلمية‪ ،‬وإ صلح‬
‫الساعات ‪0‬‬

‫ع كف الش يخ أح د على درا سة الف قه على الذا هب الرب عة وك تب ال سنة فدرس ((مو طأ مالك وم سند‬
‫الشافعى)) وألف كتبا عدة منها ((بدائع النن ف جع وترتيب مسند الشافعى والسنن)) وعلق عليه وشرحه‪ ،‬ورتب‬

‫سورة يونس ‪64 :‬‬ ‫‪1‬‬


‫جزءا من م سانيد الئ مة الرب عة‪ ،‬ك ما ر تب م سند المام أح د و ساه ((الف تح الربا ن ف ترت يب م سند المام أح د‬
‫الشيبان)) وشرح باسم ((بلوغ المان منن أسرار الفتح الربان))‪0‬‬

‫‪0‬‬ ‫تزوج الشيخ أحد امرأة تقية من عائلة ((أبو قورة)) فولدت له خسة ذكور وبنتي‬

‫كان ((حسن البنا)) أكب أولد الشيخ ((أحد البنا)) ولد ف ((الحمودية)) من ريف مصر ف ((أكتوبر سنة‬
‫‪ ))1906‬وتلقى علومه البتدائية ف قريته ف ((مدرسة الرشاد الدينية)) ث انتقل بعد ذلك إل الدرسة العدادية‪ ،‬ولا‬
‫قرر ملس مديريـة البحية إلغاء نظام الدارس العداديـة ل يكـن أمامـه إل أن يتار بيـ أن يتقدم إل العهـد الدينـ‬
‫بالسكندرية ليكون أزهريا‪ ،‬أو إل مدرسة العلمي الولية وهو ل يزال ف منتصف سن الرابعة عشرة من العمر‪ ،‬وقد‬
‫ا ستغرقت الدرا سة في ها ثلث سنوات كا نت نتيجت ته ف إمتحان الكفاءة الول الول على مدر سته والا مس على‬
‫القطر الصرى‪ .‬وقد أهلته نتيجتهخ هذه لن يقبل ف ((دار العلوم ول يتجاوز من العمر السادسة عشرة‪ ،‬فانتقل لذلك‬
‫إل القاهرة ث تبعته عائلته بعد ذلك‪ ،‬وكان يقسم وقته ف القاهرة بي دراسته‪ ،‬والدعوة إل ال‪ ،‬ومساعدة وتالده ف‬
‫إصلح الساعات‪ ،‬وحصل على ((دبلوم دار العلوم)) ف يونيه من عام ‪ .1927‬وكانت نفسه مترددمة بعد ذلك بي‬
‫السـتزادة مـن العلم بأن يتقدم بطلب بعثـة للخارج أو أن يعمـل مدرسـا فيعلم الولد فـ النهار ويعلم آباءهـم أمور‬
‫دينهـم بعـد ذلك‪ ،‬قود حسـم هذا التردد عنده أن دار العلوم ل ترشـح أحدا للبع ثة فـ ذلك العام‪ ،‬فعيـ مدرسـا فـ‬
‫الساعيلية ‪0‬‬

‫ف الساعيلية‬

‫و ف ‪ 19‬سبتمب ‪ 1927‬سافر ((ح سن الب نا)) إل ال ساعيلية لت سلم في ها عمله الد يد‪ ،‬وكان مل صا ف عمله‬
‫ينتزع إعجاب جيع رؤسائه‪ ،‬وكان يقضى أوقات فراغه ف التلوة والرياضة والطالعة‪ ،‬حت إذا أرخى الليل سدوله‬
‫ذهب إل ((زاوية الاج مصطفى بالعراقية)) ليعظ فيها من الغرب إل العشاء من تمع من طلب العلم وأهل الي‪،‬‬
‫وبعد ذلك يرج إل القاه ليعظ جهورها ويسمعهم كلمة الق ويلقى ف قلوبم أشعة اليان‪ ،‬وكان هدفه من كل‬
‫هذا دراسة متمع الساعيلية وما فيه من تيارات وإتاهات لغرض ف نفسه وعهد قطعه مع ربه على أن يمع قوى‬
‫الي ويربط بينها برباط العقيدة‪ ،‬ويوجه هذه القوى الوجهة الت تعود على السلم بالي وتصلح حال السلمي ‪0‬‬

‫نتيجة لذه الهود التف حول ((حسن البنا)) جع خفي وأعجب به كل من رآه أو سعه وكانوا يسألونه ف‬
‫خلواتم هذا السؤال ((ولكن ما هو السبيل؟ وأخيا زاره ف منله ستة من الؤمني وطلبوا منه أن يدد لم الطريق‬
‫العملى لستعادة مد السلم وعزة السلمي‪ ،‬فشكر لم هذه الروح الطيبة وطلب منهم أن يبايعوا ال على أن يكونوا‬
‫جنودا لدعوة ال سلم ففي ها حياة الو طن وعزة ال مة‪ ،‬وكا نت بي عه…‪ .‬وكان ق سما أن ن يا إخوا نا نع مل لل سلم‬
‫وناهد ف سبيله ‪0‬‬
‫وهكذا ولدت أول تشكيلة للخوان ال سلمي من هؤلء ال ستة حول هذه الفكرة وعلى هذه ال صورة وبذه‬
‫‪0‬‬ ‫التسمية‬

‫ووضع الجر الساسى لدار الخوان السلمي ومسجدهم ف الساعيلية ف ‪5‬مرم ‪ 1348‬هـ وتوالت بعد‬
‫ذلك افتتاح شعب للخوان ف منطقة الساعيلية والسويس‪ ،‬أما ف القاهرة فقد قررت ((جعية الضارة السلمية))‬
‫أن تنضم بركزها وجيع فروعها إل ((جاعة الخوان السلمي)) إيانا منها بأن وحدة الصف السلمى وضم الهود‬
‫الية بعض ها إل ب عض أف ضل من التفر قة والع مل ت ت أك ثر من ا سم أو لف تة وبذا نشأت أول شع بة للخوان ف‬
‫القاهرة والت ما لبثت أن نت وإزداد نشاطها وأصبحت فيما بعد الركز العام للخوان السلمي‪ ،‬وكان ذلك ف عام‬
‫‪ 1932‬للميلد ‪0‬‬

‫زواجه ‪:‬‬

‫لقد أعجب أهل الساعيلية بالستاذ (حسن البنا) أيا إعجاب وخاصة الؤمني منهم‪ ،‬وكان من بي هؤلء‬
‫(الاج حسي الصول) من وجهاء الساعيلية إذ كان يقف إل جانب الستاذ البنا ويشد أزره ويساعد ف كثي من‬
‫المور‪ ،‬وكان له عدد من الولد كلهم من الخوان السلمي‪ ،‬فأحب الاج حسي أن تتم اللفة بينهم فزوجه من‬
‫إحدى بناتـه‪ ،‬وكان زواج السـتاذ البنـا مـن ابنـة الاج حسـي ليلة السـابع والعشريـن مـن شهـر رمضان مـن عام‬
‫‪1351‬هـ‪ ،‬فكانت أمرأة مؤمنة متسبة كانت مع الستاذ البنا ف السراء‪ ،‬والضراء وهذه سنة ال أن (الطيبات للطيبي)‬
‫‪0‬‬

‫ولا اطمأن الستاذ البنا على دعوته ف الساعيلية‪ ،‬وجد أن وجوده ف القاهرة أفضل من بقائه ف الساعيلية‬
‫لن ا مر كز كل نشاط‪ ،‬ولذا ل بد أن يكون لل سلم نشاط بارز في ها‪ ،‬ولذا طلب النتقال إل القاهرة ر سيا‪ ،‬فن قل‬
‫إليها ف أكتوبر عام ‪ . 1932‬وبانتقال الستاذ البنا إل القاهرة بدأ عهد جديد بالنسبة لدعوة الخوان اتسم بالتوسع‬
‫والنفتاح فقوى الركز العام‪ ،‬وإزداد نشاطه وزادت شعب الخوان ف طول مصر وعرضها حت بلغت حوال الفى‬
‫شعبة ف مصر وحدها عدا شعبهم ف معظم البلد العربية والسلمية ‪0‬‬

‫‪ -2‬استشهاده ‪:‬‬

‫كان ح سن الب نا خا صة والخوان بش كل عام شو كة ف حلق فاروق وزباني ته‪ ،‬و صخرة شام ة ف و جه‬
‫الستعمار والصهيونية وأذنابم‪ ،‬ولقد حاول النليز وفاروق النيل منه ومن إخوانه تارة بالساعدات الادية والعروض‬
‫الغرية وتارة بالتهديد والفصل من الوظيفة والنقل إل الماكن النائية‪ ،‬وتارة بالعتقال والسجن إل أن ذلك ما كان‬
‫يزيده (رحه ال) إل ثباتا على دعوته وشحذا لعزيته فكان يزيدهم ذلك حقدا وحنقا عليه‪ ،‬وقد تطور هذا القد إل‬
‫ت صميم للتخلص م نه رح ه ال ظ نا من هم أ نه إن مات ما تت دعو ته بو ته‪ ،‬وأخيا تآ مر ال ستعمار وال صهيونية على‬
‫اغتياله‪ ،‬فاغتيل أمام جعية الشبان السلمي ف القاهرة‪ ،‬وبالرغم أن إصابته ل تكن قاتلة إل أنه لا نقل إل – الستشفى‬
‫ل ي سعف وب قى كذلك ح ت تو ف رح ه ال‪ .‬وكان ا ستشهاده ف ‪ 12‬من فباير ‪ 1949‬و قد بلغ من الع مر الثان ية‬
‫والربعي‪ ،‬وسارت جنازته متواضعة ل يمل نعشها إل النساء ول يسي خلفها إللى والده ماطا بملة السلح من‬
‫زبانية فاروق الذين إغتالوا (حسن البنا) ليقدموه هدية له يوم عيد ميلده‪ ،‬ولا اطمأن فاروق أن حسن البنا قد مات‬
‫يروى عنه أ نه قال (الن إستقر عرشى) و قد طو يت قض ية مقتله ول ي قق فيها التحق يق اللزم لن الصم فيها هو‬
‫القاضى وسجلت قضية مقتله ضد مهول ‪0‬‬

‫ل يت حسن البنا وإنا انطلقت مبادؤه من إطارها الذى التزمته حينا وتررت الفكرة السلمية من نطاق‬
‫اللحم والدم لتواصل أمرها ف آخرين‪ ،‬إنطلقت الفكرة من قلب واحد لتربو من جديد ف قلوب هيأها لا ال على‬
‫قدر‪ ،‬أ ما الطار الطا هر وال سم العز يز ف قد رد إل أهله‪ ،‬ليخرج من هذه الدن يا متواض عا ي سي الظ هر ك ما دخل ها‬
‫متواض عا ي سي الظ هر وك ما عاش في ها كذلك‪ ،‬و ساهت الكو مة التحضرة ف هذا التوا ضع والي سر فحر مت على‬
‫الشيع ي أن يقربوه ورأى الناس يؤمئذ عج با ف النازات‪ ،‬رأوا نع شا ي مل لول مرة ف تار يخ الب شر على أعناق‬
‫النساء ‪0‬‬

‫وفـ وحشـة الشارع القفـر مـن الغادى والرائح‪ ،‬إل مـن هذه النازة التمهلة الفريدة‪ ،‬إرتتـ النازل على‬
‫الانبي وأجهشت النوافذ والشرفات بالبكاء وهم يرون حسن البنا العظيم‪ ،‬يمل على كتف زوجته وابنته إل مقره‬
‫الخي ‪0‬‬

‫واستشهد حسن البنا وبقيت دعوة ال بعده وقد زادها استشهاده أنصارا كما زادها صلبة وقوة‪،‬؛ وذهب‬
‫فاروق وبقيت دعوة الخوان صامدة شامة ‪0‬‬

‫قول فصل‬

‫(( بل نقذف بالق على الباطل‪،‬‬


‫‪0000‬‬ ‫فيدمغه ‪ 00‬فإذا هو زاهق‬
‫ولكم الويل ما تصفـــون ))‬
‫(سورة النبياء ‪)18 :‬‬

‫جاء ف الذكرة الت كتبها المام الشهيد حسن البنا قبيل إستشهاده مفندا با أسباب التامات الباطلة‪ ،‬الت‬
‫انتحلتها حكومة السعديي للكيد للخوان وتدبي قرار الل الغاشم الذى استصدرته ضد القانون والدستور عام ‪1948‬‬

‫وقد عنونت هذه الذكرة بعنوان ((قول فصل))‪0‬‬

‫وهذه الذكرة العظيمة‪ ،‬رغم أنا تعال موقفا سياسيا بي جاعة مغلوبة على أمرها قد حلت بأمر عسكرى‬
‫للعملء بوحى من سادتم الستعمرين‪ ،‬وتدبي من الصهيونية العالية على أثر إنتكاس حرب فلسطي وتوقيع معاهدة‬
‫(رودس) والشتراط ف أحد بنودها بتعهد الدول العربية (بل جيع اليئات الدينية التطرفة‪ -‬ف زعمهم) ‪ -‬والخوان‬
‫بالطبع على رأس هذه اليئات الت تارب اليهود ف فلسطي‪ .‬ورغم أن الوضوع يقتضى أن يعال بصورة فيها بعض‬
‫الهادنة للوصول إل تقيق مصلحة الماعة ف الروج من مأزق منة مدبرة على أوسع حدود وأبعد من حدود مصر‬
‫ذاتا ‪ 000‬رغم كل هذا فإن أسجل هنا سطورا من هذه الذكرة ليقف الخ السلم أو كل مسلم على حقيقة اليان‬
‫وعظمة العقيدة السلمية ‪0‬‬

‫يقول المام الشهيد ف صفحة ‪ 29‬من ((قول فصل)) ‪) ( :‬‬


‫‪1‬‬

‫(ول ننسى ف هذا الضمار عمل الصابع الفية والدسائس من ذوى الغايات الذين خاصموا هذه الدعوة من‬
‫أول يوم وترب صوا ب ا الدوائر‪ .‬ح ت أمكنت هم منه عا الفر صة و ساعدتم الظروف فأحكموا ال طة ودأبوا على التدب ي‬
‫والكيد حت وصلوا ف النهاية إل ما يريدون فاليهودية العالية والشيوعية الدولية والدول الستعمارية وأنصار اللاد‬
‫والباحية‪ ،‬كل هؤلء من أول يوم يرون الخوان ودعوت م ال سد الن يع الذى يول بينهم وبي ما يريدون من با طل‬
‫وفو ضى وإف ساد ول يألون جهدا ف معادات م بكل ما ي ستطيعون و هم ل ي ستطيعوا كتمان شعورهم هذا ول إخفاء‬
‫سرورهم وفرحهم لنجاح خطتهم حي أعلن قرار الل فأقاموا الآدب وأولوا الولئم وتبادلوا التهان وجعلوه يوما من‬
‫أيام الوا سم والعياد – وهكذا أقرت الكو مة ال صرية بذا الت صرف أع ي الضال ي الضلل ي بالعدوان على الؤمن ي‬
‫العامل ي فإل ال الشت كى وال غالب على أمره ول كن أك ثر الناس ل يعلمون – وتلك اليام نداول ا ب ي الناس ول‬
‫عاقبة المور ) ‪0‬‬

‫وكتب المام الشهيد ف الصفحة ‪ 41‬من نفس الذكرة تت عنوان ‪ :‬من الذى يفعل هذا ويكم به ؟‬

‫الكومة الصرية الت أخفقت ف الفاوضات مع النليز فقطعتها وذهبت إل ملس المن فعادت يفى حني‬
‫وتركت قضية الوطن على رفوفه ف زوايا الهال والنسيان وتاهلت النليز بعد ذلك تاهل تاما وتركتهم يفعلون‬
‫ما يريدون حجت أضاعت بذا التجاهل السودان وأتبعت سياسة التردد والضطراب ف قضية فلسطي‪ .‬وقبلت الدنة‬
‫الول فأضاعت بذا القبول كل شىء‪ ،‬وحرمت اليش الصرى الباسل ثرة إنتصاره وأفقدت الوطن مليي الموال‬
‫وآلف الرجال فضل عن فقدان الكرا مة و سوء الال والال – ودللت يهود م صر ((فلم تت خذ أى إجراء يت فق مع‬
‫موقف هم من منا صرة أعداء الو طن)) ال ت يع يش في ها الج نب آم نا مطمئ نا على نف سه وماله وعب ثه وف ساده وي مى‬
‫جنود ها حانات ال سكرات وبيوت العاهرات ودور النكرات وأبواب الرا قص والبارات – وال ت عجزت كل الع جز‬
‫عن إنقاذ شعبها من براثن الفقر والرض والهل والغلء الفاحش الذى يئن منه القوياء فضل عن الضعفاء – والت ل‬
‫يؤيدها ول يساندها إل نفر قليل ضئيل من أصحاب الصال الشخصية فهىن ف واد والمة ف واد‪ .‬هذه الكومة‬
‫هى الت تطارد الخوان السلمي وهم الشعب وتكم عليهم بالجرام والنفى والتشريد ومصادرة الموال والملك‬
‫والريات ‪0‬‬

‫طبعة مطبعة دار الملوك – القاهرة – ديسمبر سنة ‪0 1950‬‬ ‫‪1‬‬


‫ولو أخذت المور وضعهـا الصـحيح وكانـت الكلمـة للحـق ل للقوة لاكمناكـم يـا أيهـا الفرطون على‬
‫التفر يط‪ ،‬ول سابناكم على هذا الع جز أ شد ال ساب ول كن دولة الظلم ساعة ودولة ال ق إل قيام ال ساعة‪(( .‬وال‬
‫غالب على أمره ولكن أكثر الناس ل يعلمون)) ‪0‬‬

You might also like