‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫‪ ‬‬

‫ﺣﻞ اﻟﺮﻣﻮز وﻣﻔﺎﺗﻴﺢ اﻟﻜﻨﻮز‬

‫ﺗﺄﻟﻴﻒ‬
‫اﻟﺸﻴﺦ اﻟﻌﻼﻣﺔ‬
‫ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻼم ﺑﻦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻏﺎﻧﻢ اﻟﻤﻘﺪﺳﻲ‬
‫)اﻟﻤﺘﻮﻓﻲ ﻋﺎم ‪ ٦٧٨‬ﻩ( رﺣﻤﻪ اﷲ‬
‫‪ ‬‬
 
 
 
 ‫آﺘﺎب‬
‫ﺣﻞ اﻟﺮﻣﻮز وﻣﻔﺎﺗﻴﺢ اﻟﻜﻨﻮز‬
‫ﺗﺄﻟﻴﻒ اﻟﺸﻴﺦ اﻟﻌﻼﻣﺔ‬
‫ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻼم ﺑﻦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻏﺎﻧﻢ اﻟﻤﻘﺪﺳﻲ‬
‫رﺣﻤﻪ اﷲ‬

‫‪ ‬‬
 
 ‫ﺑﺴﻢ اﷲ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺮﺣﻴﻢ‬

‫اﻹهﺪاء‬
‫إﻟﻰ اﻟﻤﺆﻟﻒ‬
‫اﻟﻌﻼﻣﺔ ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻼم ﺑﻦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻏﺎﻧﻢ اﻟﻤﻘﺪﺳﻲ رﺣﻤﻪ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‬
‫و آﻞ ﻣﻦ أراد ﺳﻠﻮك اﻟﻄﺮﻳﻖ إﻟﻰ اﷲ ﻋ ّﺰ و ﺟ ّﻞ‬
‫ﻋﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﺠﺪﻳﺪ هﺬا اﻟﻜﺘﺎب و ﻃﺒﻌﻪ‬
‫أﺑﻮﻣﺤﻤﺪ أﻣﻴﻦ ﺣﺎﺳﺒﻴﻨﻲ‬

‫أﺣﺒﺒﺖ ﻧﺸﺮ هﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻷهﻤﻴﺘﻪ ﺑﻨﺴﺨﺔ ﻣﺼﺤﺤﺔ ﻣﻊ وﺟﻮد ﺑﻌﺾ اﻻﺧﻄﺎء و‬
‫ﺣﺬف ﻓﺼﻞ اﻻﺳﺘﻤﺎع ﻟﺘﻌﺬر ﻧﻘﻠﻪ ﻣﻦ اﻟﻤﺨﻄﻮﻃﺔ اﻟﻤﺪوﻧﺔ ﺳﺎﺑﻘ ًﺎ‬
‫و أرﺟﻮ ﻣﻦ اﷲ اﻟﻘﺒﻮل و اﻟﻤﻐﻔﺮة و ﺣﺴﻦ اﻟﻤﺂب و اﷲ وﻟﻲ اﻟﺘﻮﻓﻴﻖ‬
‫ﺁﻣﻴﻦ‬
‫ﺑﻴﺮوت ﻋﺎم ‪١٤٣١‬ﻩ ‪٢٠١٠ -‬م‬

‫ﻗﺎل اﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻼم رﺣﻤﻪ اﷲ ‪:‬‬

‫أﻧ ﺖ أﻳﻬ ﺎ اﻟﺮاﺟ ﻲ آﻴ ﻒ ﻋﻠﻤ ﺖ أﻧ ﻚ ﻧ ﺎﺟﻲ ﻓﻘ ﺎل ﺛﻘﺘ ﻲ ﺑﻔﻀ ﻠﻚ أﻣﻨﺘﻨ ﻲ ﻣ ﻦ ﻋ ﺬاﺑﻚ ﻷن‬
‫آﺘ ﺎب اﻟﻔﻀ ﻞ ﺳ ﺎﺑﻖ وﺟ ﻮاد اﻟﺠ ﻮد ﻻﺣ ﻖ ﻓﻜﻴ ﻒ ﻻ أرﺟ ﻮ أن أﻧﺠ ﻮ وأﻧ ﺎ ﺑﺮﺣﻤﺘ ﻚ واﺛ ﻖ‬
‫و ﻳ ﺎ أﻳﻬ ﺎ اﻟﺰاه ﺪ آﻴ ﻒ ﻋﻬ ﺪك ﺑﺘﻠ ﻚ اﻟﻤﻌﺎه ﺪ ﻓﻘ ﺎل ﺳ ﻤﻌﺘﻪ ﻳﻘ ﻮل ﻣ ﺎ ﻋﻨ ﺪآﻢ ﻳﻨﻔ ﺪ وﻣ ﺎ ﻋﻨ ﺪ‬
‫اﷲ ﺑ ﺎق ﻓﺘﺮآ ﺖ ﻣ ﺎ ﻋﻨ ﺪي ﻟﻤ ﺎ ﻋﻨ ﺪﻩ ﺛ ﻢ أﻏﻤﻀ ﺖ ﻋﻴﻨﻴ ﻲ ﻋ ﻦ اﻟﻔ ﺎﻧﻲ ﻓﻤ ﺎ ﻓﺘﺤﺘﻬ ﺎ إﻻ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺎﻗﻲ‪.‬‬

‫‪ ‬‬
 
 ‫﴿ ﺑﺴﻢ اﷲ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺮﺣﻴﻢ ﴾‬
‫ﺗﺮﺟﻤﺔ اﻟﻤﺆﻟﻒ‬
‫هﻮ ﻋﺒﺪ اﻟﺴﻼم ﺑﻦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻏﺎﻧﻢ ﺑﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ اﺑﺮاهﻴﻢ ﺑﻦ ﻋﺴﺎآﺮ ﺑﻦ ﺣﺴﻴﻦ‪ ،‬ﻋ ﱢﺰ اﻟﺪﻳﻦ أﺣﻤﺪ‬
‫اﻷﻧﺼﺎرى اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ اﻟﻤﻘﺪﺳﻰ‪ .‬إﺷﺘﻬﺮ ﺑﺈﺑﻦ ﻏﺎﻧﻢ اﻟﻤﻘﺪﺳﻲ‪ ،‬وﻟﻘﺐ ﺑﻌﺰ اﻟﺪﻳﻦ‪ ،‬وآﻨﻲ ﺑﺄﺑﻲ‬
‫ﻣﺤﻤﺪ‪ ،‬ﺣﻜﻴﻢ‪ ،‬ﺻﻮﻓﻲ‪ ،‬واﻋﻆ‪.‬‬
‫ﻧﺸﺄ ﻓﻲ اﻟﻘﺪس ﻓﻲ ﺑﻴﺖ ﻣﺸﻬﻮر ﺑﺎﻟﺘﻘﻰ و اﻟﺼﻼح و ﻃﻠﺐ اﻟﻌﻠﻢ‪ ،‬ﻓﺠﺪﱡﻩ هﻮ اﻟﺸﻴﺦ ﻏﺎﻧﻢ‬
‫ﺑﻦ ﻋﻠﻲ اﻟﻤﻘﺪﺳﻲ‪ .‬آﺎن ﻗﺪوة و ﺳﻴﺪًا ﻣﻦ ﺳﺎدات اﻟﻤﺸﺎﻳﺦ و أﻋﻴﺎﻧﻬﻢ و أﻋﻠﻤﻬﻢ ﺑﻄﺮﻳﻖ اﻟﻘﻮم‪،‬‬
‫و آﺎن ﻟﻪ زاوﻳﺔ ﺑﺈﺳﻤﻪ ﻓﻲ ﻗﺮﻳﺔ ﺑﻮرﻳﻦ ﻣﻦ ﻋﻤﻞ ﻧﺎﺑﻠﺲ‪.‬‬
‫ﻼ‬
‫و أﺑﻮﻩ هﻮ اﻟﺸﻴﺦ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﻏﺎﻧﻢ أﺑﻮ اﻟﻌﺒﺎس اﻷﻧﺼﺎري اﻟﻤﻘﺪﺳﻲ‪ .‬آﺎن ﺷﻴﺨًﺎ ﺟﻠﻴ ً‬
‫ﻼ ﺑﺄورادﻩ و أذآﺎرﻩ و ﺗﻼوﺗﻪ‪ ،‬ﻻ ﻳﻀﻴﻊ أوﻗﺎﺗﻪ ﻓﻲ ﺷﻲء ﻣﻦ أﻣﻮر‬ ‫ﻣﻨﻘﻄﻌًﺎ ﻋﻦ اﻟﻨﺎس‪ ،‬ﻣﺸﺘﻐ ً‬
‫اﻟﺪﱡﻧﻴﺎ‪ ،‬و ﻻ ﻳﺘﻄﻠﻊ اﻟﻰ ﻣﺸﻴﺨﺔ أو رﺋﺎﺳﺔ أو ﻣﻨﺼﺐ‪ .‬وﻋﻤﻪ هﻮ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻏﺎﻧﻢ أﺑﻮ ﻣﺤﻤﺪ‬
‫اﻷﻧﺼﺎري اﻟﻤﻘﺪﺳﻲ‪ ،‬آﺎن ﻣﻦ أﻋﻴﺎن اﻟﻤﺸﺎﻳﺦ ﻣﺸﻬﻮرًا ﺑﺎﻟﺨﻴﺮ و اﻟﻌﺒﺎدة و ﻣﻜﺎرم اﻻﺧﻼق‪ ،‬و‬
‫آﺎن ﻟﻪ زاوﻳﺔ ﻣﻌﻤﻮرة ﻓﻲ ﻧﺎﺑﻠﺲ‪.‬‬
‫إﺑﻦ ﻏﺎﻧﻢ اﻟﻤﻘﺪﺳﻲ هﻮ اﻟﻮاﻋﻆ اﻟﻤﻄﺒﻖ‪ ،‬اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻔﺼﻴﺢ اﻟﻤﻔﻠﻖ‪ ،‬اﻟﺬي ﻧﺴﺞ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻣﻨﻮال إﺑﻦ اﻟﺠﻮزي وأﻣﺜﺎﻟﻪ‪ ،‬وهﻮ أﺣﺪ اﻟﻤﺒﺮزﻳﻦ ﻓﻲ اﻟﻮﻋﻆ و اﻟﻨﻈﻢ و اﻟﻨﺜﺮ ﻓﻲ وﻗﺘﻪ‪ ،‬ذآﺮ‬
‫أﻧﻪ ﻋﻤﻞ ﻣﺠﻠﺴًﺎ ﺑﺪﻣﺸﻖ‪ ،‬ﻓﺈرﺗﺠﻞ ﻓﻴﻪ ﺧﻄﺒﺔ ﻣﻄﻠﻌﻬﺎ‪:‬‬
‫اﻟﺤﻤﺪ ﷲ اﻟﺬي ﻣﻸ اﻟﻮﺟﻮد ﺟﻮدًا و إﺣﺴﺎﻧﺎً‪ ،‬و أﺳﺒﻎ ﻋﻠﻰ آﻞ ﻣﻮﺟﻮد ﻣﻦ ﺳﻮاﺑﻎ ﻧﻌﻤﻪ‬
‫ﺳ ﱠﺮًا و إﻋﻼﻧﺎً‪ ،‬وﻗﺪ أورد ﺧﻼل ﺧﻄﺒﺘﻪ هﺬﻩ ﻣﻘﺘﻄﻔﺎت ﻣﻦ ﺷﻌﺮﻩ ﺗﺘﻐﻨﱠﻰ ﺑﺎﻟﺤﺐ اﻹﻟﻬﻲ ﺗﺜﻴﺮ‬
‫اﻟﻮﺟﺪ و اﻟﺤﻨﻴﻦ‪ ،‬و ﺗﺄﺧﺬ ﺑﻤﺠﺎﻣﻊ اﻟﻘﻠﻮب‪.‬‬
‫وﻗﺪ أورد ﻟﻪ اﻟ ُﻜﺘﱠﺎب أﺷﻴﺎء ﺣﺴﻨﺔ آﺜﻴﺮة ﻣﻠﻴﺤﺔ‪ ،‬و آﺎن ﻟﻪ ﻗﺒﻮل ﻋﻨﺪ اﻟﻨﺎس‪ُ ،‬ذ ِآ َﺮ أﻧﱠﻪ‬
‫ﺞ ﻣﺮﱠة‪ ،‬ﻓﺘﻜﻠﻢ ﺗﺠﺎﻩ اﻟﻜﻌﺒﺔ اﻟﻤﻌﻈﱠﻤﺔ‪ ،‬و آﺎن ﻓﻲ اﻟﺤﻀﺮة ﺗﺎج اﻟﺪﻳﻦ اﻟﻔﺰاري ﻣﻦ اﻟﺸﺎم‪ ،‬و‬ ‫ﺣﱠ‬
‫اﻟﺸﻴﺦ ﺗﻘﻲ اﻟﺪﻳﻦ ﺑﻦ دﻗﻴﻖ اﻟﻌﻴﺪ ﻣﻦ ﻣﺼﺮ‪ ،‬و إﺑﻦ اﻟ ُﻌﺠَﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﻴﻤﻦ‪ ،‬و أﻣﻴﺮ ﻣﻜﺔ و ﻏﻴﺮﻩ‪،‬‬
‫ﻓﺈرﺗﺠﻞ ﺧﻄﺒﺔ أوﻟﻬﺎ‪:‬‬
‫اﻟﺤﻤﺪ ﷲ ذي اﻟﻘﺪرة اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻀﺎهﻰ‪ ،‬و اﻟﺤﻜﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺘﻨﺎهﻰ‪ ،‬و اﻟﻘﺴﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ‬
‫ﻖ أن ﻳﺘﻌﺪﱠاهﺎ‪ ،‬اﻟﺬي ﺗﻌﺰﱠز ﻓﻲ أزﻟﻴﺘﻪ ﻓﻼ ﻳﻌﺮف اﻷول أوﻟﻬﺎ‪ ،‬و ﺗﺴﺮﻣﺪ ﻓﻲ أﺑﺪﻳﱠﺘﻪ‬ ‫ﻳﻀﻴﱢﻖ ﺧﻠ ُ‬
‫ﺧ ُﺮ أُﺧﺮاهﺎ‪.‬‬
‫ك اﻵ ِ‬‫ﻓﻼ ﻳﺪر ُ‬
‫وآﺎﻧﺖ وﻓﺎﺗﻪ – رﺣﻤﻪ اﷲ – ﺑﺎﻟﻘﺎهﺮة ﻓﻲ ﺷﻮال ﻣﻦ ﺳﻨﺔ )‪٦٧٨‬هـ(‪ ،‬وﻗﺒﻞ وﻓﺎﺗﻪ آﺘﺐ ﻳﻘﻮل‪:‬‬

‫‪ ‬‬
‫ﻦ ﺑﻲ ﻣﺎ ﺷﺎء‪ ،‬ﻓﺄﻧﺖ ﻋﻠﻰ‬ ‫إﻟﻬﻲ أﻧﺖ ﻗﻠﺖ‪ ،‬و ﻗﻮﻟﻚ اﻟﺤﻖ‪ :‬أﻧﺎ ﻋﻨﺪ ﻇﻦ ﻋﺒﺪي ﺑﻲ‪ ،‬ﻓﻠﻴﻈ ﱡ‬
‫ﻦ ﺑﻚ‬‫ﺴَ‬‫ﺣُ‬ ‫ﻟﻄﻔﻚ دﻟﻠﺘﻨﻲ‪ ،‬و ﻓﻲ ﺟﻨﺐ وﺟﻮدك أﻃﻌﻤﺘﻨﻲ‪ ،‬و إﻟﻰ آﺮم ﺣﺮﻣﻚ أوﺻﻠﺘﻨﻲ‪ ،‬ﻓﻘﺪ َ‬
‫ﻇﻨﱢﻲ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﻣﺎ آﺎن ِﻣﻨﱢﻲ‪ (...‬إﻟﻰ أن ﻗﺎل ‪ :‬إﻟﻬﻲ أﻧﺖ أﻣﺮﺗﻨﺎ ﺑﺎﻟﻮﺻﻴﱠﺔ‪ ،‬ﻋﻨﺪ ﺣﻠﻮل اﻟﻤﻨﻴﱠﺔ‪ ،‬ﻓﻘﺪ‬
‫َ‬
‫ﺠﻤﺖ ﻋﻠﻴﻚ‪ ،‬وﺟﻌﻠﺖ وﺻﻴﱠﺘﻲ إﻟﻴﻚ‪ ،‬ﻋﻨﺪ ﻗﺪوﻣﻲ ﻋﻠﻴﻚ‪...‬اﻟﺦ‪.‬‬ ‫ﺗﻬ ﱠ‬

‫‪ ‬‬
‫ﺻﻮرة ﻣﻦ ﻣﺨﻄﻮﻃﺔ اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻘﺪﻳﻢ‬

‫‪ ‬‬
‫‪ ‬‬
 
 
 ‫﴿ﺑﺴﻢ اﷲ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺮﺣﻴﻢ ﴾‬
‫اﻟﺤﻤﺪ ﷲ اﻟﺬي ﻓﺘﺢ ﺑﻤﻔﺎﺗﻴﺢ اﻟﻐﻴﻮب أﻗﻔﺎل اﻟﻘﻠﻮب ورﻓﻊ ﺣﺠﺐ اﻟﺴﺮاﺋﺮ وﺟﻠﻰ أﺑﺼﺎر‬
‫اﻟﺒﺼﺎﺋﺮ ﻓﻈﻬﺮ ﻣﺎ آﺎن ﻣﺤﺠﻮب وﺟﻠﻰ ﻋﺮاﺋﺲ اﻟﻮﺟﻮد ﻓﻲ ﻣﺮﺁة اﻟﺸﻬﻮد ﻓﻤﻦ ﻓﻬﻢ اﻟﻤﻘﺼﻮد‬
‫ﺑﻠﻎ اﻟﻤﻄﻠﻮب وﻓﻖ ﻣﻦ ﺷﺎء ﻣﻦ ﻋﺒﺎدﻩ ﻓﺠﺎهﺪ ﻓﻲ اﷲ ﺣﻖ ﺟﻬﺎدﻩ ﺑﻤﺎ ﺳﺒﻖ ﻟﻪ ﻓﻲ اﻟﻤﻜﺘﻮب ﺛﻢ‬
‫هﺪاﻩ ﺑﻌﺪ ﻣﺎ ﺑﻴﱠﻦ ﻟﻪ هﺪاﻩ ﺛﻢ رﻗﺎﻩ ﺑﻌﺪ ﻣﺎ ﻧﻘﺎﻩ ﻣﻦ اﻟﻌﻴﻮب ﺛﻢ واﻻﻩ ﺑﻌﺪ ﻣﺎ ﺗﻮﻻﱠﻩ ﺛﻢ أوﻻﻩ ﻧﻌﻤًﺎ ﻻ‬
‫ﻳﺤﺼﺮهﺎ ﺣﻴﺴﻮب ﺛﻢ ﺷﻐﻠﻪ ﺑﺎﻟﻤﻨﻌﻢ ﻋﻦ اﻟﻨﻌﻢ ﺛﻢ أﻗﺎﻣﻪ ﻋﻠﻰ ﻗﺪم اﻟﺨﺪﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺨﺪم ﺛﻢ ﺧﻠﻊ‬
‫ﻋﻠﻴﻪ ﺧﻠﻌﺔ ﻣﻦ ﺧﻠﻊ اﻟﻘﺪم واﻟﻮاهﺐ اﻟﻜﺮﻳﻢ ﻻ ﻳﺴﺘﺮد اﻟﻤﻮهﻮب ﻓﺄول ﻗﺪم رﻓﻌﻪ ﻣﻦ دار ﻣﻠﻜﻪ‬
‫ووﺿﻌﻪ ﻓﻲ دار ﻣﻠﻜﻮﺗﻪ ﺛﻢ أﺷﺮﻓﻪ ﻋﻠﻰ ﻋﺮﺻﺎت ﺟﺒﺮوﺗﻪ ﻓﺈﺧﺘﻄﻔﺘﻪ هﻨﺎﻟﻚ ﺧﻄﻔﺎت هﻴﺒﺘﻪ‬
‫ﻓﻬﻮ ﻣﺨﺘﻄﻒ ﻣﺠﺬوب ﺛﻢ أﻋﺮﺗﻪ ﻳﺪ اﻟﻠﻄﺎﺋﻒ اﻟﺮﺑﺎﻧﻴﱠﺔ ﻋﻦ اﻟﻜﺜﺎﺋﻒ اﻟﺠﺜﻤﺎﻧﻴﱠﺔ ﻓﻬﻮ هﻨﺎﻟﻚ‬
‫ﻣﻨﺘﻬﺐ ﻣﺴﻠﻮب ﻓﻠﻤﱠﺎ أﺧﺬﻩ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻪ وﺳﻠﺒﻪ ﻋﻦ ﺣﺴﱢﻪ وإﻧﺘﻬﺒﻪ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ أﺑﻨﺎء ﺟﻨﺴﻪ رﻓﻌﻪ إﻟﻴﻪ ﺛﻢ‬
‫ردﱠﻩ ﻋﻠﻴﻪ وﻗﺮﺑﻪ ﻟﺪﻳﻪ ﻓﻬﻮ ﺣﻴﻨﺌﺬ ﻣﺮاد وﻣﺨﻄﻮب ﻓﻠﻤﱠﺎ إﺻﻄﻔﺎﻩ ﻟﻘﺮﺑﺘﻪ وإﺟﺘﺒﺎﻩ وأﺧﻼﻩ‬
‫ﻟﺤﻀﺮﺗﻪ ﻟﻢ ﻳﻚ ﻏﻴﺮ ﻣﺤﺐ وﻣﺤﺒﻮب ﺛﻢ روق ﻟﻪ ﻣﻦ آﺮم آﺮﻣﻪ ﺷﺮاﺑًﺎ ﻣﺴﺘﺨﺮﺟًﺎ ﻣﻦ راووق‬
‫ﻳﺤﺒﻬﻢ وﻳﺤﺒﻮﻧﻪ ﻓﺴﻜﺮ ﻗﺒﻞ أن ﻳﺘﻨﺎول اﻟﻤﺸﺮوب ﺛﻢ ﺗﺠﻠﱠﻰ ﻟﻪ ﻓﻲ ﺳﺎﻋﺔ ﺳﻌﻮدﻩ ﻓﻐﺎب ﺑﺸﻬﻮدﻩ‬
‫ﻦ اﻟﻘﻠﻮب ﻓﻠﻤﱠﺎ ﺻﺢ ﺑﺬآﺮﻩ وﺻﺤﺎ ﻣﻦ‬ ‫ﻻ ﺑﻤﺬآﺮ أﻻ ﺑﺬآﺮ اﷲ ﺗﻄﻤﺌ ﱡ‬ ‫ﻋﻦ وﺟﻮدﻩ ﻓﻤﺎ أﻓﺎق إ ﱠ‬
‫ﺳﻜﺮﻩ ﺻﺎح ﻟﺴﺎن ﻋﺸﻘﻪ اﻟﻄﺮوب وﻗﻠﺖ ﻓﻲ ذﻟﻚ‪:‬‬
‫وهﻮ اﻟﻤﺤﺐ إﻳﺎي واﻟﻤﺤﺒﻮب‬ ‫أﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺤﺒﺔ ﺧﺎﻃﺐ ﻣﺨﻄﻮب‬
‫ﺣﺒﻲ ﻓﻜﻨﺖ اﻟﻄﺎﻟﺐ اﻟﻤﻄﻠﻮب‬ ‫ﻟﻮﻻ ﻗﺪﻳﻢ اﻟﺤﺐ ﻣﺎ أﺧﻠﺼﺖ ﻓﻲ‬
‫أﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺻﺎﺣﺐ ﻣﺼﺤﻮب‬ ‫أﺑﺪا ﻳﺼﺎﻓﻴﻨﻲ اﻟﻬﻮى ﻓﻜﺄﻧﻤﺎ‬
‫ﻻ اﷲ وﺣﺪﻩ ﻻ ﺷﺮﻳﻚ ﻟﻪ‬ ‫أﺣﻤﺪﻩ ﺣﻤﺪ ﻣﻦ إﻟﻴﻪ ﻳﺆوب وﻋﻦ ذﻧﺒﻪ ﻳﺘﻮب وأﺷﻬﺪ أن ﻻ إﻟﻪ إ ﱠ‬
‫ن ﻣﺤﻤﺪًا ﻋﺒﺪﻩ‬
‫ﺷﻬﺎدة أدﱠﺧﺮهﺎ ﻟﺘﻔﺮﻳﺞ اﻟﻜﺮوب ﻓﻲ ﻳﻮم ﻻ ﺷﺮوق ﻟﺸﻤﺴﻪ وﻻ ﻏﺮوب وأﺷﻬﺪ أ ﱠ‬
‫ورﺳﻮﻟﻪ اﻟﺬي إﺧﺘﺎرﻩ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ اﻷﻧﺎم ﺧﻴﺮ ﻣﺤﺒﻮب وﺟﻌﻞ ﺣﺒﻪ ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻴﻘﺘﻪ ﻣﻔﺘﺮﺿًﺎ ﻏﻴﺮ‬
‫ﻣﻨﺪوب ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﻋﻠﻰ ﺁﻟﻪ وأﺻﺤﺎﺑﻪ ﺻﻼة داﺋﻤﺔ إﻟﻰ ﻳﻮم وﻋﺪﻩ ﻏﻴﺮ ﻣﻜﺬوب‪.‬‬
‫وﺑﻌﺪ ﻓﺈﻧﱠﻪ ﻟﻤﺎ آﺎﻧﺖ اﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﺟﻮاهﺮ واﻷﻟﻔﺎظ أﺻﺪاﻓﻬﺎ واﻟﺤﻜﻢ ﻣﻌﺎدن واﻟﻘﻠﻮب أهﺪاﻓﻬﺎ‬
‫ﻞ‬
‫وﺟﺐ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻓﺘﺤﺖ اﻟﻴﻘﻈﺔ ﻋﻴﻦ ﺑﺼﻴﺮﺗﻪ وﺟﻠﺖ اﻟﻤﻮﻋﻈﺔ ﻣﺮﺁة ﺳﺮﻳﺮﺗﻪ أن ﻳﺘﺒﻊ ﻣﻦ أﺟ ّ‬
‫ﻻ‬
‫اﻟﻜﻼم ﻣﻌﺎﻧﻴﻪ وﻣﻦ اﻟﺤﻜﻢ ﻣﺎ ﻳﺒﻠﻎ ﺑﻪ أﻣﺎﻧﻴﻪ وﻻ ﻳﻘﻨﻊ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺪن ﺑﺪون آﻨﺰﻩ وﻻ ﻣﻦ اﻟﻠﻔﻆ إ ّ‬
‫ﺑﻔﻬﻢ رﻣﺰﻩ وإﻧﻲ رأﻳﺖ آﺜﻴﺮًا ﻣﻦ اﻷﻟﻔﺎظ ﻗﺪ إرﺗﺒﻚ ﻓﻲ أﻏﻤﺎﺿﻬﺎ آﺜﻴﺮ ﻣﻦ أهﻞ اﻻﻋﺘﺮاض‬
‫ﻓﻤﻨﻬﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﺘﻤﻌﻮن اﻟﻘﻮل ﻓﻴﺘﺒﻌﻮن أﺣﺴﻨﻪ أي أﺣﺴﻦ ﺟﻮاﻣﻌﻪ وﻣﻨﻬﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺤﺮﱢﻓﻮن اﻟﻜﻠﻢ‬
‫ﻋﻦ ﻣﻮاﺿﻌﻪ وﻗﺪ ﻋﺠﺰ آﺜﻴﺮ ﻋﻦ ﺣﻠﱢﻬﺎ ﻟﻌﺰ ﻣﺤﻠﻬﺎ ﻓﻤﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ اﻵﻳﺎت واﻷﺧﺒﺎر‬
‫اﻟﻤﺸﻬﻮرة وﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ اﻵﺛﺎر اﻟﻤﺄﺛﻮرة ﻓﻤﺜﺎل ﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ ﺻﺮﻳﺢ اﻟﺨﺒﺮ اﻟﺼﺤﻴﺢ آﻘﻮﻟﻪ‬
‫ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﺎ وﺳﻌﻨﻲ أرﺿﻲ و ﻻ ﺳﻤﺎﺋﻲ ووﺳﻌﻨﻲ ﻗﻠﺐ ﻋﺒﺪي اﻟﻤﺆﻣﻦ وﻣﻨﻬﺎ ﻻ ﻳﺰال‬
‫‪1 ‬‬
‫‪ ‬‬
‫ﻲ ﺑﺎﻟﻨﻮاﻓﻞ ﺣﺘﻰ أﺣﺒﱠﻪ ﻓﺈذا أﺣﺒﺒﺘﻪ آﻨﺖ ﻟﻪ ﺳﻤﻌًﺎ وﺑﺼﺮًا وﻓﻲ ﺣﺪﻳﺚ وﻓﺆادًا‬ ‫ﻋﺒﺪي ﻳﺘﻘﺮﱠب إﻟ ﱠ‬
‫وﻓﻲ ﺣﺪﻳﺚ وﻟﺴﺎﻧًﺎ وﻳﺪًا ﻓﺒﻲ ﻳﺴﻤﻊ وﺑﻲ ﻳﺒﺼﺮ و ﺑﻲ ﻳﺒﻄﺶ وﻣﻨﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ أﻧﺎ ﺟﻠﻴﺲ ﻣﻦ‬
‫ﺖ‬‫ذآﺮﻧﻲ وﻓﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﻦ ﺗﻘﺮب ﻣﻨﻲ ﺷﺒﺮًا ﺗﻘﺮﺑﺖ ﻣﻨﻪ ذراﻋًﺎ وﻣﻦ ﺗﻘﺮﱠب ﻣﻨﻲ ذراﻋًﺎ ﺗﻘﺮﱠﺑ ُ‬
‫ﻣﻨﻪ ﺑﺎﻋ ًﺎ وﻣﻦ أﺗﺎﻧﻲ ﻳﻤﺸﻲ أﺗﻴﺘﻪ هﺮوﻟﺔ وﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﺟﺎء ﺑﻠﻔﻆ اﻟﻌﻨﺪﻳﺔ ﺗﺠﺪﻧﻲ ﻋﻨﺪ اﻟﻤﻨﻜﺴﺮة‬
‫ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ﻣﻦ أﺟﻠﻲ وﺑﻠﻔﻆ اﻟﻤﻌﻴﱠﺔ وهﻮ ﻣﻌﻜﻢ أﻳﻦ ﻣﺎ آﻨﺘﻢ وﺑﻠﻔﻆ اﻻﺗﺤﺎد آﻘﻮﻟﻪ ﻟﻌﺒﺪﻩ ﻓﻲ اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻳﺎ‬
‫إﺑﻦ ﺁدم ﻣﺮﺿﺖ ﻓﻠﻢ ﺗﻌﺪﻧﻲ وإﺳﺘﻄﻌﻤﺘﻚ ﻓﻠﻢ ﺗﻄﻌﻤﻨﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ وﻣﻦ ذﻟﻚ ﻣﺎ أﺧﺒﺮ ﺑﻪ اﻟﺮﺳﻮل‬
‫ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺼﻼة و اﻟﺴﻼم ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ إﻧﻲ ﻟﺴﺖ آﺄﺣﺪآﻢ إﻧﻲ أﻇﻞ ﻋﻨﺪ رﺑﻲ ﻳﻄﻌﻤﻨﻲ وﻳﺴﻘﻴﻨﻲ وأﻣﺎ‬
‫ﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ اﻷﺛﺮ إﻣﺎ ﻓﺘﺤًﺎ وإﻣﺎ ﺷﻄﺤًﺎ آﻘﻮل اﻟﻘﺎﺋﻞ أﻧﺎ ﻣﻦ أهﻮى وﻣﻦ أهﻮى أﻧﺎ وآﻘﻮل‬
‫اﻵﺧﺮ أﻧﺎ اﷲ وآﻘﻮل اﻵﺧﺮ ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺠﺒﺔ اﻻ اﷲ وآﻘﻮل اﻵﺧﺮ ﺳﺒﺤﺎﻧﻲ وآﻘﻮل اﻵﺧﺮ ﻣﺎ‬
‫أﻋﻈﻢ ﺷﺄﻧﻲ ﻓﻬﺬا آﻠﻪ وﻣﺎ ﺷﺎآﻠﻪ وﻣﺎﺛﻠﻪ اﻟﻘﻮل ﻓﻴﻪ واﺣﺪ ﻷﻧﻬﺎ وإن إﺧﺘﻠﻔﺖ ﺛﻤﺎرهﺎ وﺗﻨﻮﻋﺖ‬
‫أزهﺎرهﺎ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﺴﻘﻰ ﺑﻤﺎء واﺣﺪ ﺗﺸﻴﺮ إﻟﻰ ﻣﺤﻮ اﻻﺛﻨﻴﻦ وﺛﺒﻮت اﻟﻮاﺣﺪ ﻓﻘﻮم ﺗﻠﻘﻮﻩ ﺑﺎﻟﺘﺴﻠﻴﻢ‬
‫وﻗﺎﺑﻠﻮﻩ ﺑﺎﻟﻘﻠﺐ اﻟﺴﻠﻴﻢ وﺣﻤﻠﻮا ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻨﻰ ﻗﻮﻟﻪ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺼﻼة و اﻟﺴﻼم إن ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻢ آﻬﻴﺌﺔ‬
‫اﻟﻤﺨﺰون ﻻ ﻳﻌﻠﻤﻪ اﻻ أهﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﷲ ﻓﺈذا ﺗﻜﻠﱠﻤﻮا ﺑﻪ أﻧﻜﺮﻩ أهﻞ اﻟﻌﺰﱠة ﺑﺎﷲ وﻗﺪ ﺑﻠﻐﻨﻲ ﻋﻦ‬
‫ﻗﻀﻴﺐ اﻟﺒﺎن ﺑﺎﻟﻤﻮﺻﻞ وآﺎن ﻋﻈﻴﻢ اﻟﺸﺄن وآﺎن ﻗﺪ ﺑﺮز ﻟﻠﻨﺎس ﺑﺎﻟﻮﻟﻪ واﻹﺧﺘﻼل وﺗﺮك‬
‫اﻟﺼﻼة ﻻ ﻳﺄوي إﻻ اﻟﻤﺰاﺑﻞ وﻻ ﻳﺘﻮﻗﻰ اﻟﻨﺠﺎﺳﺔ واﻟﻨﺎس ﻣﺘﺤﻴﺮون ﻓﻲ ﺣﺎﻟﻪ ﻣﺨﺘﻠﻔﻮن ﻓﻲ‬
‫أﻣﺮﻩ ﻓﻘﻮم ﻳﻘﻮﻟﻮن زﻧﺪﻳﻖ وﻗﻮم ﻳﻘﻮﻟﻮن ﺻﺪﻳﻖ ﻓﺒﻴﻨﻤﺎ ﻳﻮم ﻣﻦ اﻷﻳﺎم ﻗﺎﺿﻲ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻣﺎرًا إذ‬
‫رﺁﻩ ﻋﻠﻰ ﻣﺰﺑﻠﺔ وﻗﺪ ﺑﺎل ﻋﻠﻰ ﺳﺎﻗﻴﻪ ﻓﻘﺎل اﻟﻘﺎﺿﻲ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﺗﺒًﺎ ﻟﻤﻦ ﺟﻌﻠﻚ ﺻﺪﻳﻘًﺎ وﻣﺎ أﻧﺖ إﻻ‬
‫زﻧﺪﻳﻖ ﻓﻤﺎ إﺳﺘﺘﻢ اﻟﺨﺎﻃﺮ ﺣﺘﻰ ﻗﺎل ﻗﻀﻴﺐ اﻟﺒﺎن ﻳﺎ ﻗﺎﺿﻲ ﻗﺪ أﺣﻄﺖ ﺑﺠﻤﻴﻊ ﻋﻠﻢ اﷲ ﻗﺎل ﻟﻪ ﻻ‬
‫واﷲ ﻗﺎل ﻓﺄﻧﺎ ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﻌﻠﻢ اﻟﺬي ﻻ ﺗﻌﻠﻤﻪ وﻣﺎ ﻋﻠﻴﻚ إن آﻨﺖ ﺻﺪﻳﻘًﺎ أو زﻧﺪﻳﻘًﺎ ﻓﻠﻤﺎ رأﻳﺖ هﺬﻩ‬
‫اﻷﻗﻮال اﻟﺼﺎدرة ﻋﻦ أهﻞ اﻷﺣﻮال وﻗﺪ أﺷﻜﻞ ﻋﻠﻰ اﻷﻓﻬﺎم ﺗﻌﻠﻴﻠﻬﺎ وﻋﺰب ﻋﻦ اﻷوهﺎم‬
‫ﺗﺄوﻳﻠﻬﺎ أﺣﺒﺒﺖ أن أﺷﺮح ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ إﻧﺸﺮح ﻟﻪ ﺻﺪري وﺳﻨﺢ ﺑﻪ ﻓﻜﺮي وﺑﻠﻎ إﻟﻴﻪ ﻗﺪري وذآﺮت‬
‫ﻓﻴﻪ ﻣﻦ اﻟﻌﺒﺎرة ﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻪ إﺳﺘﻌﺎرة وﻗﺪﻣﺖ ذآﺮ هﺬﻩ اﻷﺣﺎدﻳﺚ وﻣﺎ ﻣﻌﻬﺎ ﻣﻦ اﻷﻟﻔﺎظ‬
‫اﻟﻤﺄﺛﻮرة ﻋﻦ اﻟﺮﺟﺎل وﺟﻌﻠﺘﻬﺎ أﺳًﺎ ﻟﻠﻜﻼم وﺑﻴﻨﺔ ﻟﺜﺒﻮت اﻷﺣﻜﺎم ﻟﺘﻜﻮن ﻣﻨﻮاﻻ أﻧﺴﺞ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﺎ‬
‫آﺎن ﺣﺎﻻ ﻻ ﻣﺤﺎﻻ وﺳﻤﻴﺘﻬﺎ "ﺣﻞ اﻟﺮﻣﻮز وﻣﻔﺎﺗﻴﺢ اﻟﻜﻨﻮز" وإﻧﻤﺎ ﺳﻤ ّْﻴﺘُﻬﺎ ﺑﻬﺬﻩ اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﻷﻧﻬﺎ‬
‫ﺗﺸﻴﺮ إﻟﻰ اﻟﻤﻘﺎم اﻷﺷﺮف اﻟﻤﻌﺮوف ﻣﻨﻪ آﻨﺖ آﻨﺰًا ﻻ أﻋﺮف ﺛﻢ ﻗﺪﱠﻣﺖ ﻟﺤﻞ هﺬﻩ اﻹﺷﻜﺎل‬
‫ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻳﺰول ﺑﻬﺎ اﻹﺷﻜﺎل إذ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﻻ ﺗﻈﻬﺮ اﻻ ﺑﺎﻟﻤﻘﺪﱢﻣﺎت واﻟﻨﻬﺎﻳﺎت ﻻ ﺗﺼﺢ اﻻ ﺑﺘﺼﺤﻴﺢ‬
‫اﻟﺒﺪاﻳﺎت ﻓﻤﻦ ﺻﺪق ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺘﻪ أﻃﻠﻌﻪ اﷲ ﻋﻠﻰ ﺣﻘﺎﺋﻖ ﻧﻬﺎﻳﺘﻪ آﻤﺎ أن ﻣﻦ ﺑﻨﻰ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﺛﺒﺖ‬
‫ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺎﻟﻜﺘﺎب واﻟﺴﻨﺔ واﻟﻘﻴﺎس ﻗﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ أﻓﻤﻦ أﺳﺲ ﺑﻨﻴﺎﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﻮى ﻣﻦ اﷲ ورﺿﻮان‬
‫اﻵﻳﺔ واﻗﻮل وﺑﺎﷲ اﻟﺘﻮﻓﻴﻖ إﻋﻠﻢ أن اﻟﻌﻠﻢ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻧﺘﻴﺠﺘﻬﺎ اﻟﻌﻤﻞ واﻟﻌﻤﻞ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻧﺘﻴﺠﺘﻬﺎ اﻟﺤﺎل‬
‫ﻓﺎﻟﻌﻠﻢ و اﻟﻌﻤﻞ آﺴﺒﻲ و اﻟﺤﺎل وهﺒﻲ ﻗﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ و اﻟﺬﻳﻦ ﺟﺎهﺪوا ﻓﻴﻨﺎ ﻟﻨﻬﺪﻳﻨﻬﻢ ﺳﺒﻠﻨﺎ‬
‫ﻓﺎﻟﻤﺠﺎهﺪات ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ واﻟﻌﻤﻞ واﻟﻬﺪاﻳﺔ ﻣﻮاهﺐ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ اﻷﺣﻮال وهﺬا ﻣﻌﻨﻰ ﻗﻮﻟﻪ ﻋﻠﻴﻪ‬
‫اﻟﺼﻼة و اﻟﺴﻼم ﻣﻦ ﻋﻤﻞ ﺑﻤﺎ ﻳﻌﻠﻢ ورﺛﻪ اﷲ ﻋﻠﻢ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻌﻠﻢ ﻓﺎﻟﺬي أورﺛﻪ اﷲ ﻟﻌﺒﺪﻩ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ‬
‫ﻦ اﷲ ﻋﻠﻰ ﻧﺒﻴﻪ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺼﻼة و اﻟﺴﻼم ﻓﻘﺎل‬ ‫ﻣﻦ آﺴﺒﻪ ﺑﻞ ﺑﻔﻀﻞ اﷲ وﺑﺮﺣﻤﺘﻪ وﺑﺬﻟﻚ ﻣ ّ‬
‫‪2 ‬‬
‫‪ ‬‬
‫وﻋﻠﻤﻚ ﻣﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﻌﻠﻢ وآﺎن ﻓﻀﻞ اﷲ ﻋﻠﻴﻚ ﻋﻈﻴﻤًﺎ ﺛﻢ إﻋﻠﻢ أن ﻣﺮاﺗﺐ اﻟﺴﻠﻮك اﻟﻰ ﻣﻨﺎزل‬
‫اﻟﻤﻠﻮك ﺛﻼﺛﺔ اﻹﺳﻼم واﻹﻳﻤﺎن واﻹﺣﺴﺎن ﻓﺎﻹﺳﻼم أول ﻣﺮاﺗﺐ اﻟﺪﻳﻦ ﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺛﻢ‬
‫اﻻﻳﻤﺎن أول ﻣﺪارج اﻟﻘﻠﺐ ﻟﺨﺎﺻﺔ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺛﻢ اﻻﺣﺴﺎن أول ﻣﻌﺎرج اﻟﺮوح ﻟﺨﺎﺻﺔ اﻟﻤﻘﺮﺑﻴﻦ‬
‫وﻗﺪ ﻓﺴﺮ ذﻟﻚ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ اﻟﻤﺸﻬﻮر وهﻮ ﻣﺎ رواﻩ ﻋﻤﺮ إﺑﻦ‬
‫اﻟﺨﻄﺎب رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﻪ ﻗﺎل ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻧﺤﻦ ﻋﻨﺪ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ ذات ﻳﻮم إذ ﻃﻠﻊ‬
‫ﻋﻠﻴﻨﺎ رﺟﻞ ﺷﺪﻳﺪ ﺑﻴﺎض اﻟﺜﻴﺎب ﺷﺪﻳﺪ ﺳﻮاد اﻟﺸﻌﺮ ﻻ ﻳﺮى ﻋﻠﻴﻪ أﺛﺮ اﻟﺴﻔﺮ وﻻ ﻳﻌﺮﻓﻪ ﻣﻨﺎ أﺣﺪ‬
‫ﺣﺘﻰ ﺟﻠﺲ إﻟﻰ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ ﻓﺄﺳﻨﺪ رآﺒﺘﻴﻪ إﻟﻰ رآﺒﺘﻴﻪ ووﺿﻊ آﻔﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﻓﺨﺬﻳﻪ‬
‫وﻗﺎل ﻳﺎ ﻣﺤﻤﺪ أﺧﺒﺮﻧﻲ ﻋﻦ اﻹﺳﻼم ﻓﻘﺎل رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ اﻹﺳﻼم أن ﺗﺸﻬﺪ أن‬
‫ﺞ‬
‫ن ﻣﺤﻤﺪًا رﺳﻮل اﷲ وأن ﺗﻘﻴﻢ اﻟﺼﻼة وﺗﺆﺗﻲ اﻟﺰآﺎة وﺗﺼﻮم رﻣﻀﺎن وﺗﺤ ﱡ‬ ‫ﻻ إﻟﻪ إﻻ اﷲ وأ ﱠ‬
‫ﻼ ﻗﺎل ﻟﻪ ﺻﺪﻗﺖ ﻓﻌﺠﺒﻨﺎ ﻟﻪ ﻳﺴﺄﻟﻪ وﻳﺼﺪﻗﻪ ﻗﺎل ﻓﺄﺧﺒﺮﻧﻲ‬ ‫اﻟﺒﻴﺖ اﻟﺤﺮام إن اﺳﺘﻄﻌﺖ إﻟﻴﻪ ﺳﺒﻴ ً‬
‫ﻋﻦ اﻹﻳﻤﺎن ﻗﺎل أن ﺗﺆﻣﻦ ﺑﺎﷲ وﻣﻼﺋﻜﺘﻪ وآﺘﺒﻪ ورﺳﻠﻪ واﻟﻴﻮم اﻵﺧﺮ واﻟﻘﺪر ﺧﻴﺮﻩ وﺷﺮﻩ ﻗﺎل‬
‫ﺻﺪﻗﺖ ﻓﺄﺧﺒﺮﻧﻲ ﻋﻦ اﻹﺣﺴﺎن ﻗﺎل أن ﺗﻌﺒﺪ اﷲ آﺄﻧﻚ ﺗﺮاﻩ ﻓﺈن ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﺮاﻩ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺮاك اﻟﺤﺪﻳﺚ‬
‫ﺛﻢ ﺑ ّﻴﻦ ﻓﻲ ﺁﺧﺮ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻗﺎل ﻳﺎ ﻋﻤﺮ أﺗﺪري ﻣﻦ اﻟﺴﺎﺋﻞ ﻗﺎل اﷲ ورﺳﻮﻟﻪ أﻋﻠﻢ ﻗﺎل ذﻟﻚ ﺟﺒﺮﻳﻞ‬
‫أﺗﺎآﻢ ﻳﻌﻠﻤﻜﻢ ﻣﻌﺎﻟﻢ دﻳﻨﻜﻢ ﻓﺄول ﻣﺎ ﻳﻔﺘﺢ ﻣﻦ اﻟﻜﻨﻮز ﻓﻲ هﺬا اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﻦ اﻟﺴﺮ اﻟﻤﺮﻣﻮز‬
‫ن ﺟﺒﺮﻳﻞ هﻮ اﻟﻔﺎﺗﺢ ﻟﻬﺬا اﻟﺒﺎب واﻟﺴﺎﺋﻞ ﻋﻦ هﺬﻩ اﻷﺳﺒﺎب واﻟﻤﺘﺄدﱢب‬ ‫واﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﻤﻠﻐﻮز وهﻮ أ ﱠ‬
‫ﺑﻬﺬﻩ اﻵداب ﻓﻔﻲ ذﻟﱠﺔ ﺳﺆاﻟﻪ إﺟﻼﻻ ﻟﻌﺰﱠة رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ إذ هﻮ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻳﻪ‬
‫آﺎﻟﻤﺘﻌﻠﱢﻢ ﺑﻌﺪ ﻣﺎ آﺎن ﻣﻌﻠﱢﻤًﺎ وﻻ ﻋﺠﺐ إذ أﺗﺎﻩ ﺟﺒﺮﻳﻞ ﻳﺘﺄدﱠب ﺑﺂداﺑﻪ وﻳﻘﻒ وﻗﻮف اﻟﺴﺎﺋﻞ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺑﺎﺑﻪ وآﻴﻒ ﻻ ﻳﻜﻮن وﻗﺪ ﺧﻠﻔﻪ ﻋﻨﺪ ﺳﺪرة اﻟﻤﻨﺘﻬﻰ وإﻧﺘﻬﻰ إﻟﻰ ﺣﻀﺮة ﻟﻴﺲ ﻟﻬﺎ ﻣﻨﺘﻬﻰ وﺟﻠﺲ‬
‫ﺣﻴﺚ ﻻ أﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺑﺴﺎط ﻗﺎب ﻗﻮﺳﻴﻦ وﺗﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﻣﻌﻠﻢ ﻓﺄوﺣﻰ إﻟﻰ ﻋﺒﺪﻩ ﻣﺎ أوﺣﻰ ﺛﻢ إﻧﺼﺮف‬
‫ﻣﻦ ﻣﻜﺘﺐ أدﺑﻨﻲ رﺑﻲ ﻓﺄﺣﺴﻦ ﺗﺄدﻳﺒﻲ ﻓﺘﻠﻘﺎﻩ ﺳﺎﺋﻖ اﻟﺮوح ﻗﺎﺋﻤًﺎ ﻋﻠﻰ ﺑﺎب ﻟﻮ ﺗﻘﺪﱠﻣﺖ ﻗﺪر أﻧﻤﻠﺔ‬
‫ﻻﺣﺘﺮﻗﺖ ﻓﻨﺎداﻩ ﺑﺬﻟﺔ اﻟﺴﺆال ﻳﺎ ﻣﺤﻤﺪ آﻨﺖ أﻇﻦ أﻧﻲ ﻋﺮﻓﺖ اﷲ ﻗﺒﻠﻚ وإﻧﻲ أﻗﺎس ﻓﻲ اﻟﺮﺗﺒﺔ‬
‫ﻣﺜﻠﻚ وﻗﺪ ﻋﺮﻓﺖ ﻗﺪرك ﻋﻨﺪ رﺑﻲ ﻣﻦ ﻗﺪري وإﻟﻰ اﷲ ﻋﺬري ﻓﺄﻧﺖ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻣﺘﻘﺪﱢم وهﺎ أﻧﺎ‬
‫ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻳﻚ ﻣﺘﻌﻠﻢ أﺧﺒﺮﻧﻲ ﻣﺎ اﻹﺳﻼم أﺧﺒﺮﻧﻲ ﻣﺎ اﻹﻳﻤﺎن أﺧﺒﺮﻧﻲ ﻣﺎ اﻹﺣﺴﺎن ﻓﺠﺒﺮﻳﻞ ﻓﻲ‬
‫اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻋﺮﻳﻒ هﺬﻩ اﻷﻣﻮﻣﻪ ﻓﻲ ﻣﻜﺘﺐ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻣﻦ ﻧﺒﻲ اﻟﺮﺣﻤﺔ‪.‬‬
‫*ﻓﺼــﻞ*‬
‫وﻗﺪ ﻟﻤﻊ ﻣﻦ هﺬﻩ اﻟﻨﻜﺘﺔ ﻟﻤﻌﺔ ﺑﺎهﻴﺔ وأﻧﺎ أدﻟﻚ ﻣﺎ هﻲ إﻋﻠﻢ أﻧﻪ ﻟﻤﺎ أدﺧﻞ اﷲ ﻋﺒﺎدﻩ ﻣﻜﺘﺐ‬
‫اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻓﺘﻘﺪﱠم ﺁدم ﻣﻦ زﻣﻦ ﺗﻘﺎدم وﻃﺎﻟﻊ ﻟﻮح اﻟﻮﺟﻮد ﻓﻘﺮأ وﻋﻠﻢ ﺁدم اﻷﺳﻤﺎء آﻠﱠﻬﺎ وﻃﺎﻟﻊ ﻣﺤﻤﺪ‬
‫ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ ﻟﻮح اﻟﺸﻬﻮد ﻓﻘﻴﻞ ﻟﻪ ﻳﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺎﻟﻚ و ﻷﺳﻤﺎء اﻟﺨﻼﺋﻖ وأﻧﺖ ﺻﻔﻮة‬
‫اﻟﺨﺎﻟﻖ إﻗﺮأ ﺑﺈﺳﻢ رﺑﻚ ﻓﻠﻤﺎ آﺘﺐ وأدب وهﺬب ﻗﻴﻞ ﻳﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﻗﺪ ﺗﻌﺮﻓﺖ إﻟﻴﻨﺎ ﺑﺎﻷﺳﻤﺎء‬
‫واﻟﺼﻔﺎت ﻓﺘﻌﺮف إﻟﻴﻨﺎ ﺑﺎﻟﺬات إﻗﺮأ ورﺑﻚ اﻷآﺮم ﻓﻠﻤﺎ ﻏﺎب ﻋﻦ اﻹﺳﻢ وﺟﺪ اﻟﻤﺴﻤﱠﻰ وﻟﻤﺎ‬
‫أﻋﺮض ﻋﻦ اﻟﻔﻌﻞ ﻗﺮأ اﻟﺤﺮف اﻟﻤﻌﻤﻰ ﻓﻠﻤﺎ ﻋﺮّﻓﻪ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﺤﻘﻪ رﻓﻌﻪ ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻘﻪ وﻣﺎ‬
‫أرﺳﻠﻨﺎك اﻻ رﺣﻤﺔ ﻟﻠﻌﺎﻟﻤﻴﻦ ﻓﺠﺎءهﻢ ﺑﻤﺜﺎل أن اﻟﺪﻳﻦ ﻋﻨﺪ اﷲ اﻻﺳﻼم ﻓﻘﺎل أﻃﻔﺎل اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ‬
‫‪3 ‬‬
‫‪ ‬‬
‫ﺑﻠﺴﺎن اﻻﺳﺘﺴﻼم ﻳﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺎ اﻹﺳﻼم ﻣﺎ اﻻﻳﻤﺎن ﻣﺎ اﻻﺣﺴﺎن ﻓﺒ ّﻴﻦ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ‬
‫ن أدب اﻟﺴﻠﻮك ﻓﻲ ﺧﺪﻣﺔ اﻟﻤﻠﻮك ﺛﻼﺛﺔ ﻓﺎﻹﺳﻼم ﻗﻴﺎم اﻟﺒﺪن ﺑﻮﻇﺎﺋﻒ‬ ‫وﺳﻠﻢ ﻓﻲ هﺬا اﻟﺤﺪﻳﺚ أ ﱠ‬
‫اﻷﺣﻜﺎم واﻹﻳﻤﺎن ﻗﻴﺎم اﻟﻘﻠﺐ ﺑﻮﻇﺎﺋﻒ اﻹﺳﺘﺴﻼم واﻹﺣﺴﺎن ﻗﻴﺎم اﻟﺮوح ﺑﻤﺸﺎهﺪة اﻟﻤﻠﻚ اﻟﻌﻼم‬
‫أﻻ ﺗﺮاﻩ ﻳﻘﻮل اﻹﺣﺴﺎن أن ﺗﻌﺒﺪ اﷲ آﺄﻧﻚ ﺗﺮاﻩ ﻓﺘﻜﻮن ﻗﺎﺋﻤًﺎ ﺑﻮﻇﺎﺋﻒ اﻟﻌﺒﻮدﻳﺔ ﻣﻊ ﺷﻬﻮدك إﻳﺎﻩ‬
‫ﻓﺈن ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﺮاﻩ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺮاك ﻓﺘﻜﻮن ﻗﺎﺋﻤًﺎ ﺑﻮﻇﺎﺋﻒ اﻟﻌﺒﻮدﻳﺔ ﻣﻊ ﺷﻬﻮدﻩ إﻳﺎك ﻓﺄﻧﺖ ﻓﻲ اﻷول‬
‫ﻣﺮاد وﻓﻲ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﺮﻳﺪ ﻷﻧﻪ ﺣﻴﻦ أرادك أﺷﻬﺪك إﻳﺎﻩ وﺣﻴﻦ أردﺗﻪ آﺎﻧﺖ اﻹرادة ﻣﻨﻚ ﻟﻪ ﻓﻠﺬﻟﻚ‬
‫ﻻ ﺑﻪ ﻗﺎل داوود ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼم‬ ‫ﺣﺠﺒﻚ ﻓﻠﻮ آﺎﻧﺖ اﻻرادة ﻣﻨﻪ ﻟﻚ ﻟﻤﺎ ﺣﺠﺒﻚ ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﺗﻮﺻﻞ إﻟﻴﻪ إ ّ‬
‫ﻳﺎ رب أﻳﻦ أﻃﻠﺒﻚ ﻗﺎل ﻳﺎ داوود أﻧﺖ ﻣﻦ أول ﻗﺪم ﻓﺎرﻗﺘﻨﻲ ﻗﺎل ﻳﺎ رب وآﻴﻒ ﻗﺎل ﻷﻧﻚ ﺟﻌﻠﺖ‬
‫اﻟﻄﻠﺐ ﻣﻨﻚ إﻟﻲ وﻟﻮ ﺟﻌﻠﺘﻪ ﻣﻨﻲ إﻟﻴﻚ ﻟﻮﺟﺪﺗﻨﻲ ﻗﺎل أﺑﻮ ﻳﺰﻳﺪ ﺗﻬﺖ ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺘﻲ ﻓﻲ ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻴﺎء‬
‫ﻦ أﻧﻲ أﺣﺒﺒﺘﻪ وﻃﻠﺒﺘﻪ وذآﺮﺗﻪ ﻓﻠﻤﺎ آﺸﻒ ﻟﻲ رأﻳﺖ ذآﺮﻩ ﻟﻲ ﺳﺎﺑﻖ ذآﺮي ﻟﻪ وﻃﻠﺒﻪ‬ ‫آﻨﺖ أﻇ ﱡ‬
‫ﻲ ﻳﻈﻬﺮ‬ ‫ﻟﻲ ﺳﺎﺑﻖ ﻃﻠﺒﻲ ﻟﻪ وﺣﺒﻪ ﻟﻲ ﺳﺎﺑﻖ ﺣﺒﻲ ﻟﻪ ﻓﺎﻟﻜﻞ ﺑﻪ وﺑﻔﻀﻠﻪ ﺛﻢ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﻌﻨﻰ ﺧﻔ ّ‬
‫ﻟﻤﻦ ﻗﻠﺒﻪ ذآﻲ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ ﻓﺈن ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﺮاﻩ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺮاك ﻓﻘﻮﻟﻪ ﻓﺈن ﻟﻢ ﺗﻜﻦ هﺬا آﻼم ﺗﺎم وﺷﺮﻃﻪ ﺗﺎم‬
‫ﺛﻢ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﺮاﻩ ﺟﺰاء هﺬا اﻟﺸﺮط ﻓﻤﻌﻨﺎﻩ إن ﻟﻢ ﺗﻜﻦ أﻧﺖ ﻓﻲ اﻟﺒﻴﻦ وﻻ ﺑﻘﻲ ﻟﻚ أﺛﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﻴﻦ‬
‫ﻓﺈﻧﻚ ﺗﺮاﻩ إﻋﻠﻢ أن هﺬﻩ اﻟﻤﺮاﺗﺐ ﻻ ﺗﺼﻞ إﻟﻰ واﺣﺪة ﻣﻨﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﺗﺤﻜﻢ ﻣﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ و ﻟﻜﻞ واﺣﺪة‬
‫ﺠﺐ ﻣﺎ ﻗﺒﻠﻬﺎ‬‫ﻣﻨﻬﺎ ﻃﺮﻳﻖ ﻣﻌﻠﻮم و ﺳﻠﻮك ﻣﻘﺴﻮم و أﺻﻞ ذﻟﻚ آﻠﻪ و ﻣﻼآﻪ اﻟﺘﻮﺑﺔ ﻷن اﻟﺘﻮﺑﻪ ﺗ ّ‬
‫ﺠﺐ ﻣﺎ ﻗﺒﻠﻪ وﺻﺤﺔ اﻟﺘﻮﺑﺔ ﻣﺒﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﺷﺮوط اﻷول اﻟﻨﺪم ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻓﺎت‬ ‫ن اﻹﺳﻼم ﻳ ّ‬‫آﻤﺎ أ ﱠ‬
‫ﻣﻦ اﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺎت اﻟﺜﺎﻧﻲ اﻟﻘﻴﺎم ﻓﻲ اﻟﺤﺎل ﻋﻠﻰ أﺣﺴﻦ اﻟﺤﺎﻻت اﻟﺜﺎﻟﺚ اﻟﻌﺰم ﻋﻠﻰ أن ﻻ ﻳﻌﻮد إﻟﻰ‬
‫ﻗﺒﻴﺢ اﻟﻌﺎدات ﻓﺈن أﺧﻞ ﺑﺸﻲء ﻣﻦ هﺬﻩ اﻟﺜﻼث ﻓﻬﻮ ﺗﺎﺋﺐ ﻧﻜﺎث وأﻣﺎ ﻗﻮﻟﻪ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺼﻼة و‬
‫اﻟﺴﻼم اﻟﻨﺪم اﻟﺘﻮﺑﺔ ﻓﻬﻮ إﻧﻤﺎ ﻧﺺ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻈﻢ أرآﺎن اﻟﺘﻮﺑﺔ ﻷن اﻟﻨﺪم وﺣﺪﻩ آﺎف ﻓﻲ اﻟﺘﻮﺑﺔ‬
‫ﻻ ﻋﺮﻓﺔ وإﻧﻤﺎ ذآﺮ ﻣﻌﻈﻢ‬ ‫آﻤﺎ ﻗﺎل ﻓﻲ اﻟﺤﺞ اﻟﺤﺞ ﻋﺮﻓﺔ ﻓﻤﺎ أراد ﺑﻪ أﻧﻪ ﻻ رآﻦ ﻓﻲ اﻟﺤﺞ إ ﱠ‬
‫ن اﻟﻨﺪم ﻣﻌﻈﻢ أرآﺎن اﻟﺘﻮﺑﺔ ﻷن اﻟﻨﺪم أﻣﺮ ﻣﺘﻌﻠﱢﻖ‬ ‫أرآﺎن اﻟﺤﺞ وهﻮ اﻟﻮﻗﻮف ﺑﻌﺮﻓﺔ وﻻ ﺷﻚ أ ﱠ‬
‫ﺑﺎﻟﻘﻠﺐ واﻟﺠﻮارح ﻓﺈذا ﻧﺪم اﻟﻘﻠﺐ رﺟﻊ ﻋﻦ اﻟﻤﻌﺎﺻﻲ ﻓﺮﺟﻌﺖ ﺑﺮﺟﻮﻋﻪ اﻟﺠﻮارح وهﻮ ﻣﻌﻨﻰ‬
‫ن ﻓﻲ اﻟﺠﺴﺪ ﻣﻀﻐﺔ إذا ﺻﻠﺤﺖ ﺻﻠﺢ ﺑﻬﺎ ﺳﺎﺋﺮ اﻟﺠﺴﺪ وإذا ﻓﺴﺪت‬ ‫ﻗﻮﻟﻪ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼم أﻻ وإ ﱠ‬
‫ن اﻟﺘﻮﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ أﻗﺴﺎم أوﻟﻬﺎ اﻟﺘﻮﺑﺔ وﺁﺧﺮهﺎ‬‫ﻓﺴﺪ ﺑﻬﺎ ﺳﺎﺋﺮ اﻟﺠﺴﺪ أﻻ وهﻲ اﻟﻘﻠﺐ ﺛﻢ إﻋﻠﻢ أ ﱠ‬
‫اﻷوﺑﺔ وأوﺳﻄﻬﺎ اﻹﻧﺎﺑﺔ ﻓﻤﻦ ﺗﺎب ﺧﻮف اﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﻓﻬﻮ ﺻﺎﺣﺐ ﺗﻮﺑﺔ وﻣﻦ ﺗﺎب رﺟﺎء ﻣﺜﻮﺑﺔ‬
‫ﻓﻬﻮ ﺻﺎﺣﺐ إﻧﺎﺑﺔ وﻣﻦ ﺗﺎب ﺣﻔﻈًﺎ وﻗﻴﺎﻣًﺎ ﺑﺎﻟﻌﺒﻮدﻳﺔ ﻻ رﻏﺒﺔ ﻓﻲ اﻟﺜﻮاب وﻻ رهﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻘﺎب‬
‫ﻓﻬﻮ ﺻﺎﺣﺐ أوﺑﺔ ﻓﺎﻟﺘﻮﺑﺔ ﺻﻔﺔ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻗﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ وﺗﻮﺑﻮا إﻟﻰ اﷲ ﺟﻤﻴﻌًﺎ أﻳﻬﺎ اﻟﻤﺆﻣﻨﻮن‬
‫وﻓﻲ هﺬﻩ اﻵﻳﺔ إﺷﺎرة ﺧﺎﺻﺔ وﺑﺸﺎرة ﻋﺎﻣﺔ أﻣﺎ اﻟﺒﺸﺎرة ﻓﻬﻮ ﻋ ّﻢ اﻟﻌﺼﺎة واﻟﻄﺎﺋﻌﻴﻦ واﻟﻤﻮاﻓﻘﻴﻦ‬
‫واﻟﻤﺨﺎﻟﻔﻴﻦ ﺑﻠﻔﻆ اﻹﻳﻤﺎن وﺳﻤﺎهﻢ ﻣﺆﻣﻨﻴﻦ ﻟﺌﻼ ﺗﻤﺰق ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ﻣﻦ ﺧﻮف اﻟﻘﻄﻴﻌﺔ وأﻣﺎ اﻹﺷﺎرة‬
‫اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻓﻔﻴﻬﺎ أﻣﺮ ﺑﺎﻟﺘﻮﺑﺔ ﻓﺄﻣﺮهﻢ ﻣﻊ ﻃﺎﻋﺘﻬﻢ ﺑﺎﻟﺘﻮﺑﺔ ﻟﺌﻼ ﻳﻌﺠﺒﻮا ﺑﻄﺎﻋﺘﻬﻢ وﻳﺼﻴﺮ ﻋﺠﺒﻬﻢ‬
‫ﺣﺠﺒﻬﻢ ﻓﺄﻣﺮهﻢ ﺑﺎﻟﺘﻮﺑﺔ ﻓﺘﺴﺎوى ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻄﺎﺋﻊ واﻟﻌﺎﺻﻲ وﻟﺬﻟﻚ ﻗﺎل ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ‬
‫ﺗﻮﺑﻮا ﻓﺈﻧﻲ أﺗﻮب إﻟﻰ اﷲ ﻓﻲ اﻟﻴﻮم واﻟﻠﻴﻠﺔ ﻣﺎﺋﺔ ﻣﺮة وأﻣﱠﺎ اﻹﻧﺎﺑﺔ ﻓﻬﻲ ﺻﻔﺔ اﻷوﻟﻴﺎء ﻗﺎل اﷲ‬
‫ﺗﻌﺎﻟﻰ وﺟﺎء ﺑﻘﻠﺐ ﻣﻨﻴﺐ واﻣﺎ اﻷوﺑﺔ ﻓﺼﻔﺔ اﻷﻧﺒﻴﺎء واﻟﻤﺮﺳﻠﻴﻦ ﻗﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻧﻌﻢ اﻟﻌﺒﺪ إﻧﻪ‬
‫‪4 ‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫ن ﺗﻮﺑﺔ اﻟﻌﻮام ﻣﻦ اﻟﺬﻧﻮب وﺗﻮﺑﺔ اﻟﺨﻮاص ﻣﻦ ﻏﻔﻠﺔ اﻟﻘﻠﻮب وﺗﻮﺑﺔ ﺧﻮاص‬ ‫أواب ﺛﻢ إﻋﻠﻢ أ ﱠ‬
‫اﻟﺨﻮاص ﻣﻦ آﻞ ﺷﻲء ﺳﻮى اﻟﻤﺤﺒﻮب ﻓﺸﺘﺎن ﺑﻴﻦ اﻟﺘﺎﺋﺐ ﻣﻦ اﻟﺰﻻت وﺑﻴﻦ اﻟﺘﺎﺋﺐ ﻣﻦ‬
‫اﻟﻐﻔﻼت وﺑﻴﻦ ﺗﺎﺋﺐ ﻣﻦ رؤﻳﺔ اﻟﺤﺴﻨﺎت وهﺬا ﻣﻌﻨﻰ ﻗﻮﻟﻬﻢ ﺣﺴﻨﺎت اﻷﺑﺮار ﺳﻴﺌﺂت اﻟﻤﻘﺮﺑﻴﻦ‬
‫ﻷن ﻣﻦ ﻋﺒﺪ اﷲ إﺳﺘﺤﻘﺎﻗًﺎ ﻟﺮﺑﻮﺑﻴﺘﻪ وﻗﻴﺎﻣًﺎ ﺑﻌﺒﻮدﻳﺘﻪ ﻻ رﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﺟﻨﺘﻪ وﻻ ﺧﻮﻓًﺎ ﻣﻦ ﻧﺎرﻩ ﻓﻌﻨﺪﻩ‬
‫رؤﻳﺔ اﻟﺜﻮاب وﻣﻼﺣﻈﺔ اﻟﻌﻘﺎب ﻧﻘﺺ ﻷﻧﻪ ﺧﺎف ﻣﺎ ﺳﻮى اﷲ وﺗﺮﺟﻰ ﻏﻴﺮ ﻣﻮﻻﻩ وإﻧﻤﺎ ﺧﻮﻓﻪ‬
‫ن اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ أوﺣﻰ اﻟﻰ داوود ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼم‬‫هﻴﺒﺔ ﻟﻪ ورﺟﺎؤﻩ ﺛﻘﺔ ﺑﻪ وﻗﺪ ﺟﺎء ﻓﻲ اﻻﺳﺮاﺋﻴﻠﻴﺎت أ ﱠ‬
‫ﻲ ﻣﻦ ﻋﺒﺪﻧﻲ ﻟﻐﻴﺮ ﻧﻮال ﺑﻞ ﻟﻴﻌﻄﻲ اﻟﺮﺑﻮﺑﻴﺔ ﺣﻘﻬﺎ وﻣﻦ أﻇﻠﻢ ﻣﻤﻦ‬ ‫ﻳﺎ داوود إن أﺣﺐ أﺣﺒﺎﺋﻲ إﻟ ﱠ‬
‫ﻋﺒﺪﻧﻲ ﻟﺠﻨﺔ أو ﻧﺎر ﻳﺎ داوود إﻧﻤﺎ ﺧﻠﻘﺖ اﻟﻨﺎر ﺳﻴﺎﻃﺎ ﻷﺳﻮق ﻋﺒﺎدي أﺳﻮﻗﻬﻢ إﻟﻰ ﺧﺪﻣﺘﻲ‬
‫وﺧﻠﻘﺖ اﻟﺠﻨﺔ ﻟﻤﺘﻮﺳﻠﻲ ﻋﺒﺎدي أوﺻﻠﻬﻢ إﻟﻰ رﺣﻤﺘﻲ و ﺟﻮاري وﻗﺮﺑﻲ ﻳﺎ داوود ﻟﻮ ﻟﻢ أﺧﻠﻖ‬
‫ﻼ أن أﻃﺎع وأﻋﺒﺪ ﻣﺤﺒﺔ ﻟﻲ وﻗﺪ ﻗﺎل ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺼﻼة و اﻟﺴﻼم ﻻ ﻳﻜﻮن‬ ‫ﺟﻨﺔ وﻻ ﻧﺎر أﻟﻢ أآﻦ أه ً‬
‫أﺣﺪآﻢ آﺎﻟﻌﺒﺪ اﻟﺴﻮء إن ﺧﺎف ﻋﻤﻞ أو آﺎﻷﺟﻴﺮ اﻟﺴﻮء إن ﻟﻢ ﻳﻌﻂ ﻟﻢ ﻳﻌﻤﻞ وﻳﻈﻬﺮ ﻣﻦ هﺬا‬
‫اﻟﻤﻌﻨﻰ ﺳﺮ ﻗﻮﻟﻪ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺼﻼة و اﻟﺴﻼم ﻧﻌﻢ اﻟﻌﺒﺪ ﺻﻬﻴﺐ ﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﺨﻒ اﷲ ﻟﻢ ﻳﻌﺼﻪ ﻓﻬﺬا ﻓﻲ‬
‫ﻟﻔﻈﺔ إﺷﻜﺎل وﺗﻔﺴﻴﺮ ذﻟﻚ وﺗﺤﻘﻴﻘﻪ أﻧﻪ أﺛﻨﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻘﻮﻟﻪ ﻧﻌﻢ اﻟﻌﺒﺪ ﻓﻠﻮ آﺎن ﻋﺼﻰ ﻣﺎ إﺳﺘﺤﻖ‬
‫اﻟﻤﺪح وﻗﺪ ﻋﻠﻖ وﺟﻮد اﻟﻤﻌﺼﻴﺔ ﻋﻠﻰ وﺟﻮد اﻟﺨﻮف وﻗﺪ ﺛﺒﺖ أﻧﻪ ﻣﺎ ﻋﺼﻰ ﻓﻌﻠﻤﻨﺎ أﻧﻪ ﻣﺎ‬
‫ﺧﺎف ﻓﺘﺮآﻪ ﻟﻠﻤﻌﺼﻴﺔ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺧﻮﻓًﺎ ﻣﻦ ﻋﻘﻮﺑﺘﻪ ﺑﻞ رﻋﺎﻳﺔ ﻟﻤﺤﺒﺘﻪ ووﺟﻪ ﺁﺧﺮ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮﻩ وهﻮ‬
‫أن ﻟﻬﺎء ﻓﻲ ﻳﻌﺼﻪ ﺿﻤﻴﺮ ﻋﺎﺋﺪ ﻋﻠﻰ ﺻﻬﻴﺐ ﻓﻤﻌﻨﺎﻩ ﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﺨﻒ اﷲ ﻟﻢ ﻳﻌﺺ ﻧﻔﺴﻪ وإﻋﻠﻢ أن‬
‫اﻟﺴﺎﻟﻚ إذا ﺻﺪق ﻓﻲ ﺗﻮﺑﺘﻪ ﻟﺰﻣﺘﻪ اﻟﻤﺠﺎهﺪة وإﺳﺘﻌﻤﺎل ﺟﻮارﺣﻪ ﻓﻲ اﻟﻄﺎﻋﺎت ﻓﺈذا داوم اﻟﻌﺒﺪ‬
‫اﻟﻤﺠﺎهﺪة أﺛﻤﺮت ﻟﻪ ﺣﺮآﺎت ﻇﺎهﺮة وﺑﺮآﺎت ﺑﺎﻃﻨﺔ ﻓﺈن ﺣﺮآﺎت اﻟﻈﺎهﺮ ﺗﻮﺟﺐ ﺑﺮآﺎت‬
‫ﻞ‬
‫اﻟﺒﺎﻃﻦ ﻷن اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺟﻌﻞ ﺑﻴﻦ اﻷﺟﺴﺎد واﻷرواح راﺑﻄﺔ رﺑﺎﻧﻴﺔ وﻋﻼﻗﺔ روﺣﺎﻧﻴﺔ ﻓﻠﻜ ﱟ‬
‫ﻣﻨﻬﺎ إرﺗﺒﺎط ﺑﺼﺎﺣﺒﻪ وﺗﻌﻠﻖ ﺑﻪ ﻳﺘﺄﺛﺮ ﺑﺘﺄﺛﺮ ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻓﺈذا ﻋﻤﻠﺖ اﻟﺠﻮارح ﺑﺎﻟﻄﺎﻋﺔ أﺛﺮ ذﻟﻚ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻗﻠﺒﻪ ﻓﻴﺨﺸﻊ ﻗﻠﺒﻪ وﺗﺼﻔﻮ روﺣﻪ وﺗﺰآﻮ ﻧﻔﺴﻪ وإذا أﺧﻠﺺ اﻟﻘﻠﺐ ﺑﺎﻟﻄﺎﻋﺔ أﺛﺮ ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺟﻮارﺣﻪ ﻓﺈﺳﺘﻌﻤﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﻃﺎﻋﺘﻪ‪ .‬أﻻ ﺗﺮاﻩ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺼﻼة و اﻟﺴﻼم ﻳﻘﻮل ﻟﺬﻟﻚ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺬي رﺁﻩ‬
‫ﻳﻌﺒﺚ ﻓﻲ ﺻﻼﺗﻪ ﻟﻮ ﺧﺸﻊ ﻗﻠﺐ هﺬا ﻟﺨﺸﻌﺖ ﺟﻮارﺣﻪ وﻗﺎل ﻣﻦ أﺧﻠﺺ ﷲ أرﺑﻌﻴﻦ ﺻﺒﺎﺣًﺎ‬
‫ﺗﻔﺠﺮت ﻳﻨﺎﺑﻴﻊ اﻟﺤﻜﻤﺔ ﻣﻦ ﻗﻠﺒﻪ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻧﻪ ﻓﻠﺰوم اﻟﻤﺠﺎهﺪة ﻳﻮﺻﻞ إﻟﻰ ﺣﻀﺮة اﻟﻤﺸﺎهﺪة أﻻ‬
‫ﺗﺮاﻩ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﻘﻮل ﻟﻨﺒﻴﱢﻪ وﺣﺒﻴﺒﻪ وﻣﻦ اﻟﻠﻴﻞ ﻓﺘﻬﺠﺪ ﺑﻪ ﻧﺎﻓﻠﺔ ﻟﻚ ﻋﺴﻰ أن ﻳﺒﻌﺜﻚ رﺑﻚ‬
‫ﻣﻘﺎﻣًﺎ ﻣﺤﻤﻮدًا‪ .‬ﻓﺈذا آﺎن ﻣﻘﺼﻮد اﻟﻮﺟﻮد ﻻ ﻳﺼﻞ إﻟﻰ اﻟﻤﻘﺎم اﻟﻤﺤﻤﻮد اﻻ ﺑﺎﻟﺮآﻮع واﻟﺴﺠﻮد‬
‫ﻓﻜﻴﻒ ﻳﻄﻤﻊ ﺑﺎﻟﻮﺻﻮل ﻣﻦ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﻣﺤﺼﻮل‪ .‬ﻗﺎل أﺑﻮ ﻋﺜﻤﺎن اﻟﻤﻐﺮﺑﻲ رﺣﻤﺔ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ آﻞ‬
‫ﻦ أﻧﻪ ﻳﻔﺘﺢ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺸﻰء ﻣﻦ هﺬﻩ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ أو ﻳﻜﺸﻒ ﻟﻪ ﻋﻦ ﺷﻲء ﻣﻨﻬﺎ ﺑﻐﻴﺮ ﻟﺰوم‬ ‫ﻣﻦ ﻇ ﱠ‬
‫اﻟﻤﺠﺎهﺪة ﻓﻬﻮ ﻓﻲ ﻏﺮور وﻏﻠﻂ وﻗﺎل أﺑﻮ زﻳﺪ اﻟﺒﺴﻄﺎﻣﻲ رﺣﻤﺔ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻜﺜﺖ إﺛﻨﻲ ﻋﺸﺮة‬
‫ﺳﻨﺔ ﺣﺪاد ﻧﻔﺴﻲ وﺧﻤﺲ ﺳﻨﻴﻦ آﻨﺖ أﺟﻠﻲ ﻣﺮﺁة ﻧﻔﺴﻲ وﺳﻨﺔ أﻧﻈﺮ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻓﺈذا ﻓﻲ وﺳﻄﻲ‬
‫زﻧﺎر ﻓﻌﻤﻠﺖ ﻓﻲ ﻗﻄﻌﺔ ﺧﻤﺲ ﺳﻨﻴﻦ أﻧﻈﺮ آﻴﻒ أﻗﻄﻌﻪ ﻓﻘﻄﻌﺘﻪ ﻓﻜﺸﻒ ﻟﻲ ﻓﻨﻈﺮت إﻟﻰ اﻟﺨﻠﻖ‬
‫ﻓﺮأﻳﺘﻬﻢ ﻣﻮﺗﻰ ﻓﻜﺒﺮت ﻋﻠﻴﻬﻢ أرﺑﻊ ﺗﻜﺒﻴﺮات وﻣﻌﻨﻰ هﺬا اﻟﻜﻼم واﷲ أﻋﻠﻢ أﻧﻪ ﻋﻤﻞ ﻓﻲ ﻣﺠﺎهﺪة‬
‫ﻧﻔﺴﻪ وإزاﻟﺔ أزﻏﺎﻟﻬﺎ وﻣﺎ ﺣﺸﻴﺖ ﺑﻪ ﻣﻦ اﻟﻌﺠﺐ واﻟﻜﺒﺮ واﻟﺤﺮص واﻟﺤﻘﺪ واﻟﺤﺴﺪ وﻣﺎ ﺷﺎﺑﻪ‬
‫‪5 ‬‬
‫‪ ‬‬
‫ذﻟﻚ ﻣﻤﺎ هﻮ ﻣﻦ ﻣﺄﻟﻮﻓﺎت اﻟﻨﻔﺲ ﻓﻌﻤﻞ ﻓﻲ إزاﻟﺔ ذﻟﻚ ﺑﺄن أدﺧﻞ ﻧﻔﺴﻪ إﻟﻰ آﻴﺮ اﻟﺘﺨﻮﻳﻒ ﺛﻢ‬
‫ﻦ أﻧﱠﻬﺎ ﻗﺪ ﻧﻈﱠﻔﺖ ﺛﻢ ﻧﻈﺮ ﻓﻲ ﻣﺮﺁة إﺧﻼص‬ ‫ﻃﺮﻗﻬﺎ ﺑﻤﻄﺎرق اﻷﻣﺮ واﻟﻨﻬﻲ ﺣﺘﻰ أﺟﻬﺪﻩ ذﻟﻚ وﻇ ﱠ‬
‫ﻲ وهﻮ اﻟﺮﻳﺎء واﻟﻨﱠﻈﺮ إﻟﻰ اﻷﻋﻤﺎل وﻣﻼﺣﻈﺔ اﻟﺜﻮاب واﻟﻌﻘﺎب‬ ‫ﻗﻠﺒﻪ ﻓﺈذا ﺑﻘﺎﻳﺎ ﻣﻦ اﻟﺸﺮك اﻟﺨﻔ ﱢ‬
‫واﻟﺘﺸﻮق إﻟﻰ اﻟﻤﻘﺎﻣﺎت واﻟﻜﺮاﻣﺎت واﻟﻤﻮاهﺐ وهﺬا ﺷﺮك ﻓﻲ اﻹﺧﻼص ﻋﻨﺪ أهﻞ‬
‫اﻹﺧﺘﺼﺎص وهﻮ اﻟﺰﻧﺎر اﻟﺬي أﺷﺎر إﻟﻴﻪ ﻓﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﻗﻄﻌﻪ ﻳﻌﻨﻲ ﻗﻄﻊ ﻧﻔﺴﻪ وﻓﻄﻤﻬﺎ ﻋﻦ‬
‫اﻟﻌﻼﺋﻖ واﻟﻌﻮاﺋﻖ واﻹﻋﺮاض ﻋﻦ اﻟﺨﻼﺋﻖ ﺣﺘﻰ أﻣﺎت ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﺎ آﺎن ﺣ ﱠﻴًﺎ وأﺣﻴﺎ ﻣﻦ ﻗﻠﺒﻪ‬
‫ﻣﺎ آﺎن ﻣﻴﺘ ًﺎ ﺣﺘﻰ ﺛﺒﺖ ﻗﺪﻣﻪ ﻓﻲ ﺷﻬﻮد اﻟﻘﺪم وأﻧﺰل ﻣﺎ ﺳﻮاﻩ ﻣﻨﺰﻟﺔ اﻟﻌﺪم ﻓﻌﻨﺪ ذﻟﻚ آﺒﺮ ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﺨﻠﻖ وإﻧﺼﺮف اﻟﻰ اﻟﺤﻖ وﻣﻌﻨﻰ ﻗﻮﻟﻪ آ ّﺒﺮت ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻠﻖ أرﺑﻊ ﺗﻜﺒﻴﺮات ﻷن اﻟﻤﻴﺖ ﻳﻜﺒﺮ‬
‫ﻋﻠﻴﻪ أرﺑﻌًﺎ ﻷن ﺣﺠﺎب اﻟﺨﻠﻖ ﻋﻦ اﻟﺤﻖ أرﺑﻊ اﻟﻨﻔﺲ واﻟﻬﻮى واﻟﺸﻴﻄﺎن واﻟﺪﻧﻴﺎ ﻓﺄﻣﺎت ﻧﻔﺴﻪ‬
‫وهﻮاﻩ ورﻓﺾ ﺷﻴﻄﺎﻧﻪ ودﻧﻴﺎﻩ ﻓﻠﺬﻟﻚ آ ّﺒﺮ ﻋﻠﻰ آﻞ واﺣﺪة ﻣﻤﻦ ﻓﻨﻲ ﻋﻨﻪ ﺗﻜﺒﻴﺮة ﻷﻧﻪ هﻮ‬
‫اﻷآﺒﺮ وﻣﺎ ﺳﻮاﻩ أذل وأﺻﻐﺮ‪.‬‬

‫*ﻓﺼــﻞ*‬
‫ﺛﻢ إﻋﻠﻢ أﻧﱠﻚ ﻻ ﺗﺼﻞ إﻟﻰ ﻣﻨﺎزل اﻟﻘﺮﺑﺎت ﺣﺘﻰ ﺗﻘﻄﻊ ﺳﺖ ﻋﻘﺒﺎت )اﻟﻌﻘﺒﺔ اﻷوﻟﻰ( ﻓﻄﻢ‬
‫اﻟﺠﻮارح ﻋﻦ اﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺎت اﻟﺸﺮﻋﻴﺔ )اﻟﻌﻘﺒﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ( ﻓﻄﻢ اﻟﻨﻔﺲ ﻋﻦ اﻟﻤﺄﻟﻮﻓﺎت اﻟﻌﺎدﻳﺔ )اﻟﻌﻘﺒﺔ‬
‫اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ( ﻓﻄﻢ اﻟﻘﻠﺐ ﻋﻦ اﻟﺮﻋﻮﻧﺎت اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ )اﻟﻌﻘﺒﺔ اﻟﺮاﺑﻌﺔ( ﻓﻄﻢ اﻟﺴﺮ ﻋﻦ اﻟﻜﺪورات‬
‫اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ )اﻟﻌﻘﺒﺔ اﻟﺨﺎﻣﺴﺔ( ﻓﻄﻢ اﻟﺮوح ﻋﻦ اﻟﺒﺨﺎرات اﻟﺤﺴﻴﺔ )اﻟﻌﻘﺒﺔ اﻟﺴﺎدﺳﺔ( ﻓﻄﻢ اﻟﻌﻘﻞ‬
‫ﻋﻦ اﻟﺨﻴﺎﻻت اﻟﻮهﻤﻴﺔ ﻓﺘﺸﺮف ﻣﻦ اﻟﻌﻘﺒﺔ اﻷوﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﻳﻨﺎﺑﻴﻊ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻘﻠﺒﻴﺔ وﺗﻄﻠﻊ ﻣﻦ اﻟﻌﻘﺒﺔ‬
‫اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺮار اﻟﻌﻠﻮم اﻟﻠﺪﻧﻴﺔ وﻳﻠﻮح ﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﻌﻘﺒﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ أﻋﻼم اﻟﻤﻨﺎﺟﺎة اﻟﻤﻠﻜﻮﺗﻴﺔ وﻳﻠﻤﻊ‬
‫ﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﻌﻘﺒﺔ اﻟﺮاﺑﻌﺔ أﻧﻮار أﻋﻼم اﻟﻤﻨﺎزﻻت اﻟﻘﺮﻳﺒﺔ وﻳﻄﻠﻊ ﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﻌﻘﺒﺔ اﻟﺨﺎﻣﺴﺔ أﻗﻤﺎر‬
‫اﻟﻤﺸﺎهﺪات اﻟﺤﺒﻴﱠﺔ وﺗﻬﺒﻂ ﻣﻦ اﻟﻌﻘﺒﺔ اﻟﺴﺎدﺳﺔ ﻋﻠﻰ رﻳﺎض اﻟﺤﻀﺮة اﻟﻘﺪﺳﻴﺔ ﻓﻬﻨﺎﻟﻚ ﺗﻐﻴﺐ ﺑﻤﺎ‬
‫ﺗﺸﺎهﺪ ﻣﻦ اﻟﻠﻄﺎﺋﻒ اﻷﻧﺴﻴﺔ ﻋﻦ اﻟﻜﺜﺎﺋﻒ اﻟﺤﺴﻴﺔ ﻓﺈذا أرادك ﻟﺨﺼﻮﺻﻴﱠﺔ اﻹﺻﻄﻔﺎﺋﻴﺔ ﺳﻘﺎك‬
‫ﺑﻜﺄس ﻣﺤﺒﺘﻪ ﺷﺮﺑﺔ ﺗﺰداد ﺑﺬﻟﻚ ﻇﻤًﺄ وﺑﺎﻟﺬوق ﺷﻮﻗًﺎ وﺑﺎﻟﻘﺮب ﻃﻠﺒًﺎ وﺑﺎﻟﺴﻜﻮن ﻗﻠﻘًﺎ وﻓﻲ ذﻟﻚ‬
‫ﻗﻴﻞ ﺷﻌﺮًا‪:‬‬
‫ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻢ ﻓﺄﻋﺠﺐ ﻣﻨﻪ ﻇﻤﺂن ﺑﺎﻟﺸﺮب‬ ‫ﻳﺰﻳﺪ ﻇﻤﺄﻩ آﻠﻤﺎ إزداد ﺷﺮﺑﻪ‬
‫وﻳﺰداد ﺑﺎﻟﻘﺮب إﺷﺘﻴﺎﻗًﺎ إﻟﻰ اﻟﻘﺮب‬ ‫وأﻋﺠﺐ ﻣﻦ ذا ﻗﺮﺑﻪ ﻟﺤﺒﻴﺒﻪ‬
‫ﺑﻪ اﻟﻘﻠﺐ ﺑﻞ ﻳﺰداد آﺮﺑًﺎ ﻋﻠﻰ آﺮب‬ ‫ﻓﻼ اﻟﺸﺮب ﻳﺮوي ﻻ وﻻ اﻟﻘﺮب ﻳﺸﺘﻔﻰ‬
‫ﺑﺄﺣﺒﺎﺑﻪ ﻓﺈﺳﻠﻚ ﺑﻪ ﺳﻨﺔ اﻟﺤﺐ‬ ‫ﻻ ﻓﻨﺎؤﻩ‬
‫وﻟﻴﺲ ﺷﻔﺎء اﻟﻘﻠﺐ إ ﱠ‬

‫‪6 ‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫ﻓﺈذا ﺗﻤﻜﻦ ﻣﻨﻚ هﺬا اﻟﺴﻜﺮ أدهﺸﻚ ﻓﺈذا أدهﺸﻚ ﺣﻴﱠﺮك ﻓﺄﻧﺖ هﻬﻨﺎ ﻣﺮﻳﺪ ﻓﺈذا أدام ﻟﻚ‬
‫ﺗﺤﻴﺮك أﺧﺬك ﻣﻨﻚ وﺳﻠﺒﻚ ﻋﻨﻚ ﻓﺘﺒﻘﻰ ﺛ ﱠﻢ ﻣﺴﻠﻮﺑًﺎ ﻣﺠﺬوﺑًﺎ ﻓﺄﻧﺖ ﺣﻴﻨﺌﺬ ﻣﺮاد إذ أﻧﺖ ﻣﻌﻪ ﺑﻼ‬
‫أﻧﺖ وﻋﻨﺪﻩ ﺑﻼ أﻳﻦ ﻣﺸﺎهﺪة ﺑﻼ آﻴﻒ ﻓﺈذا ﻓﻨﻴﺖ ذاﺗﻚ وذهﺒﺖ ﺻﻔﺎﺗﻚ ﻗﺎم ﺑﺼﻔﺎﺗﻪ ﻋﻦ ﺻﻔﺎﺗﻚ‬
‫وﺑﺒﻘﺎﺋﻪ ﻋﻦ ﻓﻨﺎﺋﻚ وﺧﻠﻊ ﻋﻠﻴﻚ ﺧﻠﻌﺔ ﻓﺒﻲ ﻳﺴﻤﻊ وﺑﻲ ﻳﺒﺼﺮ ﻓﻴﻜﻮن هﻮ ﻣﺘﻮﻟﻴﻚ وﻣﻮاﻟﻴﻚ ﻓﺈن‬
‫ﻧﻄﻘﺖ ﻓﺒﺄذآﺎرﻩ وإن ﻧﻈﺮت ﻓﺒﺄﻧﻮارﻩ وإن ﺗﺤﺮآﺖ ﻓﺒﺄﻗﺪارﻩ وإن ﺑﻄﺸﺖ ﻓﺒﺈﻗﺘﺪارﻩ ﻓﻬﻨﺎﻟﻚ‬
‫ذهﺒﺖ اﻷﺛﻨﻴﻨﻴﺔ وإﺳﺘﺤﺎﻟﺖ اﻟﺒﻴﻨﻴﱠﺔ ﻓﺈذا رﺳﺦ ﻗﺪﻣﻚ وﺗﻤﻜﻦ ﺳﺮك وﺣﺎر ﺳﻜﺮك ﻗﻠﺖ هﻮ وإن‬
‫ﻏﻠﺐ وﺟﺪك وﺗﺠﺎوز ﺑﻚ ﺳﻜﺮك ﻋﻦ ﺣﺪ اﻟﺜﺒﻮت ﻗﻠﺖ أﻧﺎ ﻓﺄﻧﺖ ﻓﻲ اﻷول ﻣﺘﻤﻜﱢﻦ وﻓﻲ اﻟﺜﺎﻧﻲ‬
‫ﻣﺘﻠﻮن وﻣﻦ هﻬﻨﺎ أﺷﻜﻞ ﻋﻠﻰ اﻷﻓﻬﺎم ﺣﻞ رﻣﺰ هﺬا اﻟﻜﻼم ﻓﻘﺎﺋﻞ ﻳﻘﻮل زﻧﺪﻳﻖ ﻓﻴﻘﺘﻞ‪ .‬وﻗﺎﺋﻞ‬
‫ﻳﻘﻮل ﺻﺪﻳﻖ ﻓﻴﺤﻤﻞ وﻗﺎﺋﻞ ﻳﻘﻮل ﻣﻐﻠﻮب ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻴﻬﻤﻞ ﻓﻬﻮ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺣﺎﻟﻪ ﻣﺤﻘﻖ ﻓﻲ‬
‫ﻋﻤﻠﻪ واﻟﺬي ﺣﻜﻢ ﻓﻲ ﻗﺘﻠﻪ ﻣﺼﻴﺐ ﻓﻲ ﺣﻜﻤﻪ إذ اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻟﻬﺎ ﺣﺪود ﻣﻦ ﺗﻌﺪﱠاهﺎ أﻗﻴﻤﺖ ﻋﻠﻴﻪ‬
‫اﻟﺤﺪود ﻗﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺗﻠﻚ ﺣﺪود اﷲ ﻓﻼ ﺗﻌﺘﺪوهﺎ واﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻟﻬﺎ ﺷﻬﻮد ﺧﺎرج ﻋﻦ ﻃﻮر هﺬا‬
‫اﻟﻮﺟﻮد‪ .‬وﻣﺎ ﻣﺜﺎل ذﻟﻚ اﻻﻣﺜﺎل ﻣﻠﻚ أوﻗﻒ أﺣﺪ ﻋﺒﻴﺪﻩ ﻋﻠﻰ ﺑﺎﺑﻪ وأﻣﺮﻩ ﺑﻠﺰوم ﻣﻘﺎﻣﻪ وأن ﻻ‬
‫ﻳﺘﺠﺎوز ﺣﺪّﻩ اﻟﻤﺤﺪود وأﻣﺮﻩ أن ﻣﻦ ﺗﻌﺪاﻩ وأراد اﻟﺪﺧﻮل إﻟﻰ اﻟﻤﻠﻚ واﻟﺘﺠﺎوز ﻋﻦ ذﻟﻚ اﻟﺤﺪ‬
‫أن ﻳﻘﺘﻠﻪ أو ﻳﺬﺑﻪ وﻳﻤﻨﻌﻪ اﻟﺪﺧﻮل ﺛﻢ أﺧﻠﺺ ﻋﺒﺪًا ﺁﺧﺮ وأذن ﻟﻪ ان ﻳﺪﺧﻞ ﻋﻠﻴﻪ وﻳﺘﺠﺎوز اﻟﻰ‬
‫ﺣﺮﻣﻪ وأن ﻳﻄﻠﻊ ﻋﻠﻰ ﺳﺮﻩ ﺑﻐﻴﺮ إذﻧﻪ وﻻ ﻳﺸﺎور ﻣﻦ هﻮ واﻗﻒ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺎب ﻓﻠﻤﺎ أراد اﻟﺪﺧﻮل‬
‫ﺷﺮع ذﻟﻚ اﻟﻤﺄﻣﻮر ﻟﻪ ﺑﺎﻟﻤﻨﻊ ﻓﻠﻤﺎ دﺧﻞ ﺑﻐﻴﺮ إذﻧﻪ وﺗﺠﺎوز اﻟﺤﺪ ﻗﺘﻠﻪ ﻓﺎﻟﻘﺎﺗﻞ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻣﺠﺘﻬﺪ‬
‫ﻣﺼﻴﺐ ﺑﺈﻣﻀﺎء أﻣﺮ اﻟﻤﻠﻚ واﻟﻮﻗﻮف ﻋﻨﺪ ﺣﺪودﻩ واﻟﻤﻘﺘﻮل ﺷﻬﻴﺪ ﻣﺮﺣﻮم ﻣﻘﺮب ﻏﻴﺮ ﻣﺘﻌﺪ‬
‫ﻓﻲ دﺧﻮﻟﻪ ﺑﻤﺎ ﺧﺼﻪ ﺑﻪ اﻟﻤﻠﻚ ﻓﺄذن ﻟﻪ ﻓﻲ اﻟﺪﺧﻮل ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻐﻴﺮ إذن وﻻ إﻃﻼع ﻋﻠﻰ ﺳﺮﻩ‬
‫وﻣﺸﺎهﺪة ﻣﻌﺎﻧﻴﻪ ﻓﻬﺬا ﺷﺄن هﺬﻩ اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻓﻲ إﻗﺎﻣﺔ اﻟﺤﺪود وﻣﺤﺎﻓﻈﺔ اﻟﻌﻬﻮد وهﺬا ﺷﺄن أهﻞ‬
‫اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻓﻲ ﺧﺼﻮﺻﻴﺔ اﻟﺸﻬﻮد وﻣﺸﺎهﺪة اﻟﻤﻌﺒﻮد ﻓﺎﻟﺸﺮﻳﻌﺔ إﻗﺎﻣﺔ ﺑﻮﻇﺎﺋﻒ اﻟﻌﺒﻮدﻳﺔ واﻟﺤﻘﻴﻘﺔ‬
‫ﻣﺸﺎهﺪة اﻟﺮﺑﻮﺑﻴﺔ ﻓﺎﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻣﺠﺎهﺪة واﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻣﺸﺎهﺪة وﻻ ﺗﺒﺎﻳﻦ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ إذ هﻤﺎ ﻣﺘﻼزﻣﺎن إذ‬
‫اﻟﻄﺮﻳﻖ إﻟﻰ اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻟﻬﺎ ﻇﺎهﺮ وﺑﺎﻃﻦ ﻓﻈﺎهﺮهﺎ اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ وﺑﺎﻃﻨﻬﺎ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻓﺒﻄﻮن اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ‬
‫ﻓﻲ اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ آﺒﻄﻮن اﻟﺰﺑﺪ ﻓﻲ ﻟﺒﻨﻪ أو اﻟﻜﻨﺰ ﻓﻲ ﻣﻌﺪﻧﻪ ﻓﻴﺬوب ﻣﺨﺾ اﻟﻠﺒﻦ أو ﺻﻔﺮ اﻟﻤﻌﺪن‬
‫ﻻ ﻳﻈﻔﺮ ﻣﻦ اﻟﻠﺒﻦ ﺑﺰﺑﺪﻩ وﻻ ﻳﻔﻮز ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺪن ﺑﺒﻠﻮغ ﻗﺼﺪﻩ ﻓﺎﻟﻤﺮاد ﻣﻦ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ واﻟﺸﺮﻳﻌﺔ‬
‫إﻗﺎﻣﺔ اﻟﻌﺒﻮدﻳﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺟﻪ اﻟﻤﺮاد ﻣﻨﻚ وآﻞ ﺷﺮﻳﻌﺔ ﻻ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻟﻬﺎ ﻓﻬﻲ ﻋﺎﻃﻠﺔ وآﻞ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻻ‬
‫ﺷﺮﻳﻌﺔ ﻣﻌﻬﺎ ﻓﻬﻲ ﺑﺎﻃﻠﺔ وﻣﺼﺪاق ذﻟﻚ ﻗﻮﻟﻪ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺼﻼة و اﻟﺴﻼم ﻟﺤﺎرﺛﻪ ﻳﺎ ﺣﺎرﺛﻪ آﻴﻒ‬
‫أﺻﺒﺤﺖ ﻗﺎل أﺻﺒﺤﺖ ﻣﺆﻣﻨًﺎ ﺣﻘًﺎ ﻓﻘﺎل ﻟﻜﻞ ﻗﻮل ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻓﻤﺎ ﺣﻘﻴﻘﺔ إﻳﻤﺎﻧﻚ ﻓﻘﺎل ﻳﺎ رﺳﻮل اﷲ‬
‫ﻋﺰﻓﺖ ﻧﻔﺴﻲ ﻋﻦ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻓﺄﺳﻬﺮت ﻟﻴﻠﻲ وأﻇﻤﺄت ﻧﻬﺎري وآﺄﻧﻲ أﻧﻈﺮ اﻟﻰ ﻋﺮش رﺑﻲ ﺑﺎرزًا‬
‫وإﻟﻰ أهﻞ اﻟﺠﻨﺔ ﻳﺘﻨﻌﻤﻮن وإﻟﻰ أهﻞ اﻟﻨﺎر ﻳﺘﻌﺎوون ﻓﻘﺎل ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺼﻼة و اﻟﺴﻼم ﻋﺮﻓﺖ ﻓﺎﻟﺰم‬
‫ﻓﺎﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﺣﻖ واﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺣﻘﻴﻘﺘﻬﺎ ﻓﺎﻟﺸﺮﻳﻌﺔ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺎﻷواﻣﺮ واﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻣﺸﺎهﺪة اﻵﻣﺮ واﻟﺤﻘﻴﻘﺔ‬
‫واﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻳﺠﻤﻌﻬﻤﺎ آﻠﻤﺘﺎن وهﻮ ﻗﻮﻟﻪ إﻳﺎك ﻧﻌﺒﺪ وإﻳﺎك ﻧﺴﺘﻌﻴﻦ ﻓﺈﻳﺎك ﻧﻌﺒﺪ ﺷﺮﻳﻌﺔ وإﻳﺎك‬
‫ﻧﺴﺘﻌﻴﻦ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺛﻢ إﻋﻠﻢ أن اﻟﻌﻠﻢ ﻋﻠﻤﺎن ﻋﻠﻢ اﻟﻈﺎهﺮ ﻟﻠﺸﺮﻳﻌﺔ وﻋﻠﻢ اﻟﺒﺎﻃﻦ ﻟﻠﺤﻘﻴﻘﺔ ﻗﺎل رﺳﻮل‬
‫اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ اﻟﻌﻠﻢ ﻋﻠﻤﺎن ﻋﻠﻢ ﺑﺎﻟﻠﺴﺎن وﻋﻠﻢ ﺑﺎﻟﻘﻠﺐ ﻓﺄﻣﺎ ﻋﻠﻢ اﻟﻠﺴﺎن ﻓﻬﻮ ﺣﺠﺔ اﷲ‬
‫‪7 ‬‬
‫‪ ‬‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺒﺎد وأﻣﺎ ﻋﻠﻢ اﻟﻘﻠﺐ ﻓﻬﻮ اﻟﻌﻠﻢ اﻷﻋﻠﻰ اﻟﺬي ﻻ ﻳﺨﺸﻰ اﷲ اﻟﻌﺒﺎد إﻻ ﺑﻪ ﻓﻌﻠﻢ اﻟﻘﻠﺐ هﻮ‬
‫اﻟﻌﻠﻢ اﻟﻠﺪﻧﻲ اﻟﺬي ﻟﻢ ﻳﺴﻄﺮ ﻓﻲ اﻟﻄﺮوس وﻟﻢ ﻳﺤﻔﻆ ﻓﻲ اﻟﺪروس وإﻧﻤﺎ هﻮ ﺗﻠﻘﻴﻦ ﻣﻦ اﷲ ﺑﻐﻴﺮ‬
‫واﺳﻄﺔ ﻣﻠﻚ وﻻ ﺳﻔﺎرة رﺳﻮل آﻤﺎ أن اﻟﺨﻀﺮ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼم ﻋّﻠﻢ ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ اﻟﻠﺪﻧﻲ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻌﻠﻤﻪ‬
‫ﻣﻮﺳﻰ ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ اﻟﻮﺣﻲ ﻓﻘﺘﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺰآﻴﺔ ﺑﻐﻴﺮ ﻧﻔﺲ هﺬا ﻋﻠﻰ ﻇﺎهﺮ اﻟﺸﺮع ﻋﺪوان ﻣﺤﺾ‬
‫ﻟﻜﻦ ﻇﻬﺮ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻓﻌﻠﻪ ﺑﻌﻠﻢ ﺁﺧﺮ ﻟﺪﻧﻲ ﻟﻢ ﻳﻨﻘﻞ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺐ واﻷوراق وإﻧﻤﺎ ﺟﺎء وﺣﻴ ًﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﻠﻚ‬
‫ﻼ ﺑﺎﻟﺸﺮﻳﻌﺔ‬‫اﻟﺨﻼﱠق ﻓﻮﺟﺐ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺳﻰ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼم إﻧﻜﺎر ذﻟﻚ وإﺳﺘﻘﺒﺎﺣﻪ ﻗﻴﺎﻣًﺎ ﺑﺎﻟﺤﺪود وﻋﻤ ً‬
‫ﻖ اﻻﻧﻜﺎر وﻟﺬﻟﻚ ﺗﺄدﱠب اﻟﺨﻀﺮ ﻣﻌﻪ‬ ‫إذ هﻮ ﻣﺸﺮع وﻣﻘﺘﺪى ﺑﻪ ﻓﻠﻮ ﺳﻜﺖ ﻋﻦ اﻻﻧﻜﺎر ﻻﺳﺘﺤ ﱠ‬
‫ﺑﻘﻮﻟﻪ إﻧﻚ ﻟﻦ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﻣﻌﻲ ﺻﺒﺮا وهﺬا ﻏﺎﻳﺔ اﻷدب ﻣﻦ اﻟﺨﻀﺮ ﻷﻧﻪ ﻋﻠﻢ أﻧﻪ ﺑﺪا ﻣﻨﻪ ﻣﺎﻻ‬
‫ﺗﻘﺮﻩ اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻓﻘﺎل أﻧﻚ ﻟﻦ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﻣﻌﻲ ﺻﺒﺮا ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺨﺎﻟﻒ اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﺛﻢ ﻟﻤﺎ أﻋﻠﻤﻪ اﻟﺨﻀﺮ‬
‫ﺑﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻋﻠﻢ ﻣﻮﺳﻰ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼم أن اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﺟﺴﺪ واﻟﺤﻘﻴﻘﺔ روﺣﻬﺎ وإذا‬
‫ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻠﺸﺮﻳﻌﺔ ﺳﻔﻴﻨﺔ ﻏﺮق ﻣﻼﺣﻬﺎ ﻓﺈن ﻗﺎل ﻗﺎﺋﻞ ﻓﻜﻴﻒ ﺗﺼﺢ دﻋﻮى ﻣﻦ إدﻋﻰ اﻷﻧﺎﻧﻴﺔ‬
‫وآﻴﻒ ﻳﺆوﱠل وﻋﻠﻰ أي ﺷﻰء ﻳﺤﻤﻞ وﻣﺎ ﻧﻈﻴﺮ ذﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﺨﺎرج وﻣﺎ ﻣﺜﺎﻟﻪ ﻓﻲ اﻟﻤﺤﺴﻮس‬
‫ﻟﺘﻘﺒﻠﻪ اﻟﻌﻘﻮل وﺗﺴﻠﻤﻪ اﻟﻨﻔﻮس ﻓﺄﻗﻮل إﻋﻠﻢ أن اﻟﻤﺤﺒﺔ ﻟﻄﻴﻔﺔ روﺣﺎﻧﻴﺔ ﺗﺴﺘﻮﻟﻲ ﺑﻠﻄﻴﻒ‬
‫روﺣﺎﻧﻴﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ آﺜﻴﻒ ﺟﺜﻤﺎﻧﻴﺔ اﻟﻤﺤﺐ ﻓﻴﺬهﺐ اﻟﻠﻄﻴﻒ اﻟﻜﺜﻴﻒ وﺗﺘﻼﺷﻰ اﻟﺠﺜﻤﺎﻧﻴﺔ ﺑﺎﻟﺮوﺣﺎﻧﻴﺔ‬
‫ﻟﻘﻮة ﺳﻠﻄﺎن اﻟﻤﺤﺒﺔ وﻳﺬوب اﻟﻤﺤﺐ ﺗﺤﺖ ﻗﻬﺮهﺎ ﻓﺈن ﻟﻨﺎرهﺎ أﺣﺘﻜﺎﻣًﺎ وﻟﺴﻠﻄﺎﻧﻬﺎ إﺻﻄﻼﻣًﺎ ﻓﺈذا‬
‫ﺁذﻧﺖ ﺑﺤﺮارﺗﻬﺎ ﺗﺪﻣﺮ آﻞ ﺷﻲء ﺑﺄﻣﺮ رﺑﻬﺎ ﻓﻤﺤﺎل أن ﻳﺜﺒﺖ ﻣﻊ اﻟﻤﺤﺒﺔ ﺳﻮاهﺎ أو ﻳﺜﻮي ﻣﺜﻮاهﺎ‬
‫وﻣﺎ ﻣﺜﺎل ﻓﻨﺎء اﻟﻤﺤﺐ ﻓﻲ ﺑﻘﺎء اﻟﻤﺤﺒﻮب اﻻ ﻣﺜﺎل اﻟﻨﺎر إذا اﺳﺘﻮﻟﺖ ﺑﻠﻄﺎﻓﺔ روﺣﺎﻧﻴﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ‬
‫آﺜﺎﻓﺔ ﺟﺜﻤﺎﻧﻴﺔ اﻟﺨﺸﺐ واﻟﺤﻄﺐ ﻓﺘﻔﻨﻰ ﺑﺸﺮﻳﺔ اﻟﺨﺸﺐ وﺗﺒﻘﻰ روﺣﺎﻧﻴﺔ اﻟﻠﻬﺐ ﻓﺎﻟﺬي ﺗﺸﺎهﺪﻩ‬
‫ﻣﻦ اﻟﺪﺧﺎن اﻟﺼﺎﻋﺪ ﻣﻦ اﻟﺨﺸﺐ ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺔ إﺳﺘﻴﻼء اﻟﻨﺎر ﻋﻠﻴﻪ ﻓﺈذا إﺳﺘﺤﻜﻤﺖ اﻟﻨﺎر ذهﺒﺖ ذاﺗﻴﺔ‬
‫اﻟﺨﺸﺐ وإﻧﻘﻄﻊ اﻟﺪﺧﺎن ﻓﻜﺬﻟﻚ ﻣﺎ ﻳﺘﺼﺎﻋﺪ ﻣﻦ ﺑﺨﺎرات ﺣﺴﻚ وﺧﻴﺎﻻت ﻧﻔﺴﻚ ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺘﻚ ﻓﺈذا‬
‫دام إﺳﺘﻴﻼء ﻧﺎر اﻟﻤﺤﺒﻪ ذهﺒﺖ ذاﺗﻴﺔ ﺻﻔﺎﺗﻚ وﻗﺎﻣﺖ ﺑﺼﻔﺎﺗﻬﺎ ﻋﻦ ﺻﻔﺎﺗﻚ وﺑﻮﺟﻮدهﺎ ﻋﻦ‬
‫وﺟﻮدك وﻣﺜﺎل آﻤﻮن اﻟﻤﺤﺒﺔ ﻓﻲ ذاﺗﻴﺔ اﻟﻤﺤﺒﻮب وﺳﻠﺐ ذاﺗﻴﺔ اﻟﻤﺤﺐ ﻋﻦ ﺻﻔﺎﺗﻬﺎ آﻜﻤﻮن‬
‫اﻟﻨﺎر ﻓﻲ ذاﺗﻴﺔ اﻟﻤﺎء اﻟﺤﺎر ﻓﺄﻧﺖ ﺗﻈﻨﱠﻪ ﻓﻲ اﻟﺼﻮرة ﻣﺎء ﻳﻐﺮق وهﻮ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻧﺎر ﺗﺤﺮق ﻓﻠﻮ‬
‫أدﻧﻴﺖ ﻣﻨﻪ ﺷﻴﺌًﺎ ﻷﺣﺮﻗﻪ ﻓﺈن ﻗﻠﺖ أن اﻟﻤﺤﺮق هﻮ اﻟﻨﺎر ﻓﺄﻳﻦ اﻟﻤﺎء وإن ﻗﻠﺖ أن اﻟﻤﻐﺮق هﻮ‬
‫اﻟﻤﺎء ﻓﺄﻳﻦ اﻟﻨﺎر وﻟﻘﺪ أﺷﺮت إﻟﻰ ذﻟﻚ ﻓﻘﻠﺖ‪:‬‬
‫وﻣﺪاﻣﻌﻲ ﺗﻨﻬﻞ آﺎﻷﻧﻮاﺋﻲ‬ ‫ﻧﺎر اﻟﻤﺤﺒﺔ أﺣﺮﻗﺖ أﺣﺸﺎﺋﻲ‬
‫اﻟﻐﺮﻳﻖ ﺑﺄدﻣﻌﻲ ﻳﺎ ﻣﻨﻘﺬ اﻟﻐﺮﻗﺎء‬ ‫ﻓﺄﻧﺎ اﻟﺤﺮﻳﻖ ﺑﺄﺿﻠﻌﻲ وأﻧﺎ‬
‫ﺗﺰداد وﻗﺪًا ﻋﻨﺪ ﻓﺮط ﺑﻜﺎﺋﻲ‬ ‫وﻣﻦ اﻟﻌﺠﺎﺋﺐ أن ﻧﺎر ﺗﺤﺮﻗﻲ‬
‫هﺬا ﻟﻌﻤﺮي أﻋﺠﺐ اﻷﺷﻴﺎء‬ ‫ﻓﺎﻟﻨﺎر واﻟﻤﺎء اﻟﻘﺮاح ﺗﺂﻟﻔﺎ‬

‫‪8 ‬‬
‫‪ ‬‬
‫ﻓﺈن ﻗﻠﺖ ﻓﻜﻴﻒ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻠﻘﺪﻳﻢ أن ﻳﺤﻞ ﻓﻲ اﻟﺤﺎدث وآﻴﻒ ﻳﺠﻮز ﻟﻠﻤﺨﻠﻮق أن‬
‫ﻳﺘﺼﻒ ﺑﺼﻔﺎت اﻟﺨﺎﻟﻖ وﻣﺎ وﺟﻪ ﻗﻮﻟﻪ آﻨﺖ ﻟﻪ ﺳﻤﻌًﺎ وﺑﺼﺮًا ﻓﺒﻲ ﻳﺴﻤﻊ وﺑﻲ ﻳﺒﺼﺮ‬
‫ﻓﺄﻗﻮل أﻻ ﺗﺮى أن اﻟﻨﺎر آﻴﻒ آﺴﺒﺖ ﺻﻔﺘﻬﺎ ﻟﻠﻤﺎء ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻟﺤﺠﺎب ﺣﺘﻰ ﻋﺎد اﻟﻤﺎء‬
‫ﻓﻲ اﻟﺼﻮرة ﻣﺎء وﻓﻲ اﻟﻤﻌﻨﻰ ﻧﺎرًا ﻳﻔﻌﻞ ﻓﻌﻞ اﻟﻨﺎر ﻓﻲ إﺣﺮاﻗﻬﺎ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ أن ﻳﺘﺤﻴﱠﺰ‬
‫اﻟﻨﺎر ﻓﻲ ذات اﻟﻤﺎء وﻻ إﺗﺼﻠﺖ ﺑﻪ وﻻ ﻣﺎزﺟﺘﻪ وﻻ ﺟﺎﻧﺴﺘﻪ ﻓﻬﻲ ﻣﺘﺼﻠﺔ ﺑﺎﻟﺬات‬
‫ﻣﻨﻔﺼﻠﺔ ﺑﺎﻟﺬات وإﻧﻤﺎ ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﻗﺮب اﻟﻤﺎء ﻣﻦ اﻟﻨﺎر آﺴﺘﻪ ﺻﻔﺘﻬﺎ اﻟﻨﺎرﻳﺔ ﻓﺼﺎر‬
‫ﻣﺤﺮﻗًﺎ ﻓﻜﺬﻟﻚ اﻟﺤﻖ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﻗﺮب ﻋﺒﺪﻩ ﻣﻨﻪ وإﻗﺒﺎﻟﻪ ﻋﻠﻴﻪ آﺴﺎﻩ اﷲ‬
‫ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﺻﻔﺔ اﻟﻨﺎرﻳﺔ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺗﺤﻴﺰ وﻻ إﺗﺼﺎل وﻻ إﻧﻔﺼﺎل وﻳﻀﺮب اﷲ‬
‫اﻷﻣﺜﺎل‪.‬‬
‫*ﻓﺼــﻞ*‬
‫ن اﻟﻤﺤﺒﻮب أﺑﺪًا ﻳﺴﻠﺐ ﺑﻠﻄﺎﻓﺔ ﺧﺎﺻﻴﺔ ﻣﺤﺒﺘﻪ وﻳﺠﺬب أﺟﺰاهﺎ إﻟﻴﻪ ﺑﻘﻮة ﺳﻠﻄﺎﻧﻪ‬
‫وإﻋﻠﻢ أ ﱠ‬
‫ﻋﻠﻴﻪ آﻤﺎ أن اﻟﻤﻐﻨﺎﻃﻴﺲ ﺗﻌﻠﻘﺖ ﺑﻪ أﺟﺰاء اﻟﺤﺪﻳﺪ وإﻧﺠﺬب إﻟﻴﻪ ﺑﺬاﺗﻪ ﻓﻬﻮ ﻳﺪور ﻣﻌﻪ‬
‫ﺣﻴﺚ ﻣﺎ دار وﻳﻨﺠﺬب إﻟﻴﻪ ﺣﻴﺚ ﻣﺎ ﺳﺎر ﻓﻤﻦ أوﺻﺎف اﻟﻤﺤﺐ اﻟﻤﻴﻞ اﻟﺪاﺋﻢ ﺑﺎﻟﻘﻠﺐ‬
‫اﻟﻬﺎﺋﻢ وﻣﺨﺎﻟﻔﺔ اﻟﻼﺋﻢ وﻗﻠﺖ ﻓﻲ ﻣﻌﻨﻰ ذﻟﻚ‪:‬‬
‫ﻣﻬﺮﻧﺎ ﻏﺎل ﻟﻤﻦ ﻳﺨﻄﺒﻨﺎ‬ ‫أﻳﻬﺎ اﻟﻌﺎﺷﻖ ﻣﻌﻨﻰ ﺣﺴﻨﻨﺎ‬
‫وﺟﻔﻮن ﻻ ﺗﺬوق اﻟﻮﺳﻨﺎ‬ ‫ﺟﺴﺪ ﻣﻀﻨﻰ وروح ﻓﻲ اﻟﻌﻨﺎ‬
‫ﻓﺈذا ﻣﺎ ﺷﺌﺖ أد اﻟﺜﻤﻨﺎ‬ ‫وﻓﺆاد ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻪ ﻏﻴﺮﻧﺎ‬
‫ﻓﺎﻟﻔﻨﺎء ﻳﺪﻧﻲ إﻟﻰ ذاك اﻟﻔﻨﺎ‬ ‫ﻓﺈﻓﻦ إن ﺷﺌﺖ ﻓﻨﺎء ﺳﺮﻣﺪا‬
‫ذﻟﻚ اﻟﺤﻲ ﻓﻔﻴﻪ ﻗﺪﺳﻨﺎ‬ ‫واﺧﻠﻊ اﻟﻨﻌﻠﻴﻦ إن ﺟﺌﺖ إﻟﻰ‬
‫وأزل ﻣﺎ ﺑﻴﻨﻨﺎ ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻨﺎ‬ ‫وﻋﻦ اﻟﻜﻮﻧﻴﻦ آﻦ ﻣﻨﺨﻠﻌًﺎ‬
‫أﻧﺎ ﻣﻦ أهﻮى وﻣﻦ أهﻮى أﻧﺎ‬ ‫وإذا ﻣﺎ ﻗﻴﻞ ﻣﻦ ﺗﻬﻮى ﻓﻘﻞ‬
‫ن ﻣﻦ أراد آﺸﻒ هﺬا اﻟﺴﺮ اﻟﺨﻔﻲ واﻟﻜﺸﻒ اﻟﺠﻠﻲ ﻓﻠﻴﺘﺪﺑﺮ ﻗﻮﻟﻪ ﻋﻠﻴﻪ‬ ‫ﺛﻢ إﻋﻠﻢ أ ﱠ‬
‫اﻟﺼﻼة و اﻟﺴﻼم ﻣﺨﺒﺮًا ﻋﻦ رﺑﻪ ﻋ ﱠﺰ وﺟﻞ ﻻ ﻳﺰال ﻋﺒﺪي ﻳﺘﻘﺮﱠب إﻟﻲ ﺑﺎﻟﻨﻮاﻓﻞ ﺣﺘﻰ‬
‫أﺣﺒﻪ ﻓﺈذا أﺣﺒﺒﺘﻪ آﻨﺖ ﻟﻪ ﺳﻤﻌًﺎ وﺑﺼﺮًا وﻓﺆادًا ﻓﻔﻬﻤﻨﺎ ﻣﻦ ذﻟﻚ أن ﻋﻼﻗﺔ وﺻﻠﺔ‬
‫اﻟﻤﺤﺒﺔ ﻟﻤﺎ إﺗﺼﻠﺖ ﺑﻬﺎ ﻟﻄﺎﻓﺔ وﺻﻠﺔ اﻟﻤﺤﺒﻮﺑﻴﺔ وإﺳﺘﻤﺴﻚ ﺑﻌﺮوة ﺣﺘﻰ أﺣﺒﻪ ﻗﻮي‬
‫ﺳﻠﻄﺎن اﻟﻤﺤﺒﻮﺑﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﻠﻄﺎن اﻟﻤﺤﺒﺔ ﻓﺄﻓﻨﺎﻩ ﻋﻦ ذاﺗﻪ وﻧﻔﺎﻩ ﻋﻦ ﺻﻔﺎﺗﻪ ﺛﻢ أﻗﺎم ﺑﺒﻘﺎﺋﻪ‬
‫ﻋﻦ ﻓﻨﺎﺋﻪ وﺧﻴﻢ ﺑﺼﻔﺎﺗﻪ ﻋﻦ ﻓﻨﺎﺋﻪ ﺗﺒﺪﻟﺖ اﻟﺼﻔﺎت ﺑﺎﻟﺼﻔﺎت وﻗﺎم اﻟﻮﺟﻮد ﺑﺎﻟﻮﺟﻮد‬
‫ﻓﺠﺎءت ﺧﻠﻊ اﻟﺠﻮد ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﻓﺒﻲ ﻳﺴﻤﻊ وﺑﻲ ﻳﺒﺼﺮ ﻓﻤﺤﺖ هﻨﺎﻟﻚ اﻵﻧﻴﺔ وذهﺒﺖ‬
‫‪9 ‬‬
‫‪ ‬‬
‫اﻷﺛﻨﻴﻨﻴﺔ وإﺳﺘﺤﺎل ﺗﻘﺪﻳﺮ اﻟﺒﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﺒﻴﻦ وﺗﻌﺬﱠر أن ﻳﺼﻴﺮ اﻟﻮاﺣﺪ إﺛﻨﻴﻦ وذﻟﻚ ﻹﺳﺘﺤﺎﻟﺔ‬
‫رؤﻳﺔ ﺑﻘﺎء اﻟﻤﺤﺐ ﻣﻊ اﻟﻤﺤﺒﻮب وهﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ ﻣﻮدع ﻓﻲ ﺳ ﱢﺮ هﺬﻩ اﻷﺑﻴﺎت‪:‬‬
‫وﻻ ﺗﺄﻟﻔﻦ ﺳﻮى أﻟﻔﻬﺎ‬ ‫وﻣﺨﻄﻮﺑﺔ اﻟﺤﺴﻦ ﻣﺤﺠﻮﺑﺔ‬
‫وأهﺪت إﻟﻴﻪ ﺷﺬا ﻋﺮﻓﻬﺎ‬ ‫إذا ﻣﺎ ﺗﺠﻠﱠﺖ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺷﻖ‬
‫ﺑﻤﺎ أﺑﺮز اﻟﺤﺴﻦ ﻣﻦ ﻟﻄﻔﻬﺎ‬ ‫ﺗﻐﻴﺐ اﻟﺼﻔﺎت وﺗﻔﻨﻰ اﻟﺬوات‬
‫وﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ ﻟﻌﻠﻰ وﺻﻔﻬﺎ‬ ‫ﻓﺈن رام ﻋﺎﺷﻘﻬﺎ ﻧﻈﺮة‬
‫ﻓﻜﺎن اﻟﺒﺼﻴﺮ ﻟﻬﺎ ﻃﺮﻓﻬﺎ‬ ‫أﻋﺎرﺗﻪ ﻃﺮﻓًﺎ رﺁهﺎ ﺑﻪ‬
‫وإﻟﻰ هﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ أﺷﺎر ﻣﻦ ﻏﻠﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺳﻜﺮﻩ ﻓﻘﺎل ﻓﻲ ﺷﻄﺤﺎﺗﻪ أﻧﺎ اﷲ وذﻟﻚ ﻷﻧﻪ ﻣﺘﻜﻠﻢ‬
‫ﻻ ﺑﻠﺴﺎﻧﻪ ﻧﺎﻇﺮ ﻻ ﺑﻌﻴﻨﻪ ﺳﺎﻣﻊ ﻻ ﺑﺂذاﻧﻪ ﺑﻞ هﻮ ﻣﺘﻜﻠﻢ ﺑﻠﺴﺎن اﻟﺤﻖ ﺳﺎﻣﻊ ﺑﺴﻤﻌﻪ ﻧﺎﻇﺮ ﺑﺒﺼﺮﻩ‬
‫ﻓﺒﻲ ﻳﺴﻤﻊ وﺑﻲ ﻳﺒﺼﺮ وﻣﺎ ﻣﺜﺎل ذﻟﻚ اﻻ ﻣﺜﺎل رﺟﻞ ﺑﻴﺪﻩ ﺳﺮاج ﻓﻲ ﻟﻴﻠﺔ ﻣﻈﻠﻤﺔ وهﻮ ﻳﻬﺘﺪي‬
‫ﻻ أﻧﻪ ﺑﻴﻦ ﺧﻮف هﺒﻮب رﻳﺢ ﺗﻄﻔﺌﻪ أو ﺗﻨﻘﺺ ﻣﺎدة‬ ‫ﺑﻨﻮر ذﻟﻚ اﻟﺴﺮاج ﻟﻴﺼﻞ ﺑﻪ إﻟﻰ ﻣﻨﺰﻟﻪ إ ﱠ‬
‫دهﻨﻪ أو ﺗﻔﺮغ ﻓﺘﻴﻠﺘﻪ ﻓﻴﺒﻘﻰ ﻓﻲ ﻇﻠﻤﺔ ﻃﺮﻳﻘﻪ ﻗﺒﻞ أن ﻳﺼﻞ إﻟﻰ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻓﺒﻴﻨﻤﺎ هﻮ ﺑﻴﻦ ﺧﻮف‬
‫اﻟﻘﻄﻴﻌﺔ ورﺟﺎء اﻟﻮﺻﻞ إذ ﻃﻠﻌﺖ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺸﻤﺲ ﻓﻨﻈﺮ ﻓﺈذا هﻮ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺰل ﻓﺄﻣﻦ هﻨﺎﻟﻚ ﻃﺮﻓﻪ‬
‫أن ﻳﻀﻞ وﻗﺪﻣﻪ أن ﻳﺰل وﻧﻮرﻩ أن ﻳﻘﻞ ﻓﻜﺬﻟﻚ ﻃﻠﻮع أﻧﻮار اﻟﻤﻌﺎرف ﻋﻠﻰ ﻇﻠﻤﺔ ﻟﻴﻞ اﻟﻌﺎرف‬
‫ﺗﺬهﺐ ﺑﻈﻠﻤﺔ اﻷﺷﺒﺎح وﺗﻐﻠﺐ ﺿﻴﺎء ﺳﺮاج اﻷرواح ﻗﺪ إﺳﺘﻮﻟﻰ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻹﺳﺘﻐﺮاق ﻓﻲ أﺷﻌﺔ‬
‫ذﻟﻚ اﻻﺷﺮاق ﻓﺎﻟﻌﺎرف ﺑﻨﻮر اﻟﻌﺮﻓﺎن ﻳﺴﻴﺮ وﺑﺤﻜﻤﻪ ﻳﺸﻴﺮ وﻓﻲ ﻓﻀﺎء أﺷﻌﺘﻪ ﻳﻄﻴﺮ ﻓﺒﻲ ﻳﺴﻤﻊ‬
‫وﺑﻲ ﻳﺒﺼﺮ‪.‬‬
‫ﺛﻢ إﻋﻠﻢ أﻧﻪ ﻇﻬﺮ ﻣﻦ ﺳﺮ هﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ ﺳﺮ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﺎ وﺳﻌﻨﻲ أرﺿﻲ و ﻻ ﺳﻤﺎﺋﻲ‬
‫ووﺳﻌﻨﻲ ﻗﻠﺐ ﻋﺒﺪي اﻟﻤﺆﻣﻦ ﻓﺬاك اﻟﻮﺳﻊ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻟﻤﻦ ﺗﺪﺑﺮ أو ﺗﻔﻜﺮ أو ﺗﺒﺼﺮ إﻧﻤﺎ اﷲ‬
‫وﺳﻊ ﻧﻔﺴﻪ وﻣﺎ وﺳﻌﻪ ﻏﻴﺮﻩ ﻷﻧﻪ وﺳﻊ آﻞ ﺷﻲء وذﻟﻚ أﻧﻪ ﺛﺒﺖ أن اﻟﻌﺒﺪ ﻟﻤﺎ إﻧﺨﻠﻊ ﻋﻦ ﺻﻔﺎﺗﻪ‬
‫اﻟﻔﺎﻧﻴﺔ ﺧﻠﻊ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻴﺪ ﺻﻔﺎﺗﻪ اﻟﺒﺎﻗﻴﺔ وهﻮ ﻗﻮﻟﻪ آﻨﺖ ﻟﻪ ﺳﻤﻌًﺎ وﺑﺼﺮًا وﻓﺆادًا ﻓﺬﻟﻚ اﻟﻔﺆاد‬
‫اﻟﺬي ﺧﻠﻌﻪ ﻋﻠﻴﻪ هﻮ اﻟﻔﺆاد اﻟﺬي وﺳﻌﻪ ﻷن اﻟﻔﺆاد واﻟﻘﻠﺐ إﺳﻤﺎن ﻟﺸﻰء واﺣﺪ ﻓﺜﺒﺖ أن ﻣﺎ‬
‫وﺳﻌﻪ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ اﻻ هﻮ ﻟﻴﺲ هﻮ اﻟﻘﻠﺐ اﻟﺼﻨﻮﺑﺮي اﻟﺸﻜﻞ ﻻن ذﻟﻚ ﻣﻀﻐﺔ ﻣﻦ ﻟﺤﻢ ودم‬
‫ﻣﺤﺪث اﻟﻮﺟﻮد وواﺟﺐ اﻟﻮﺟﻮد ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﻨﺰﻩ ﻋﻦ اﻟﺤﻠﻮل ﻓﻲ اﻟﺤﺎدث اﻟﻤﺤﺪود‬
‫وﻣﻌﻨﻰ ﺁﺧﺮ ﻓﻲ ﺳﺮ هﺬا اﻟﺤﺪﻳﺚ وهﻮ أن ﺗﻌﻠﻢ أن هﺬا اﻟﻮﺳﻊ ﻳﺴﺘﺤﻴﻞ ان ﻳﻜﻮن وﺳﻌًﺎ ﺑﺎﻟﺬات‬
‫ﻷن اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻻ ﻳﻮﺻﻒ ﺑﺬﻟﻚ و إﻧﻤﺎ هﻮ وﺳﻊ ﺑﺎﻟﺼﻔﺎت وﺻﻔﺎت اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﻗﺴﻤﻴﻦ ﻧﻔﻲ‬
‫و إﺛﺒﺎت ﻓﻴﻨﻔﻲ ﻋﻨﻪ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﺤﻴﻞ ﻋﻠﻴﻪ آﺎﻟﺸﺒﻴﻪ واﻟﻤﺜﻴﻞ واﻟﻌﺪﻳﻞ واﻟﺸﺮﻳﻚ واﻟﻀﺪ واﻟﻨﺪ واﻟﺤﺪ‬
‫واﻟﻘﺪ واﻟﻌﺪ واﻟﻌﺠﺰ واﻟﻀﻌﻒ واﻟﻨﻘﺺ وﻣﺎ ﺷﺎﺑﻪ ذﻟﻚ وﻳﺜﺒﺖ ﻟﻪ ﻣﺎ ﻳﺠﺐ ﻟﻪ آﺎﻟﻌﻠﻢ واﻟﻘﺪرة‬
‫واﻻرادة واﻟﺴﻤﻊ واﻟﺒﺼﺮ واﻟﻜﻼم وﻣﺎ ﺷﺎﺑﻪ ذﻟﻚ ﻓﺈذا ﻋﻤﻠﺖ ﺑﻘﻠﺒﻚ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﺤﻴﻞ ﻋﻠﻴﻪ وﻣﺎ ﻳﺠﺐ‬

‫‪10 ‬‬
‫‪ ‬‬
‫ﻟﻪ ﻓﻜﺄﻧﻚ ﻗﺪ أﺣﻄﺖ ﺑﺼﻔﺎﺗﻪ ﻓﺘﻜﻮن وﻗﺪ وﺳﻌﺘﻪ ﺑﺎﻟﺼﻔﺎت ﻻ ﺑﺎﻟﺬات ﻓﻬﺬا ﻣﻌﻨﻰ ووﺳﻌﻨﻲ ﻗﻠﺐ‬
‫ﻋﺒﺪي اﻟﻤﺆﻣﻦ واﻟﺤﻖ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻗﺪ ﺟﻤﻊ ﻣﻌﺎﻧﻲ ﺁﻳﺎﺗﻪ وﺻﻔﺎﺗﻪ وﺟﻮاهﺮ ﺣﻜﻤﻪ وآﻠﻤﺎﺗﻪ ﻓﻲ‬
‫ﺻﺪﻓﺔ آﻠﻤﺔ اﻻﺧﻼص ﺛﻢ أﻃﻠﻊ اﻟﺨﻮاص ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺨﻮاص وهﻲ آﻠﻤﺔ أوﻟﻬﺎ ﻧﻔﻲ‬
‫وﺁﺧﺮهﺎ إﺛﺒﺎت دﺧﻞ أوﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻠﺐ ﻓﺨﻼ ﺛﻢ ﺗﻤﻜﻦ ﺁﺧﺮهﺎ ﻣﻦ اﻟﻘﻠﺐ ﻓﺠﻼ ﻓﻨﺴﺨﺖ ﺛﻢ‬
‫رﺳﺨﺖ وﺳﻠﺒﺖ ﺛﻢ أوﺟﺒﺖ وﻣﺤﺖ ﺛﻢ اﺛﺒﺘﺖ وﻧﻘﻀﺖ ﺛﻢ ﻋﻘﺪت وأﻓﻨﺖ ﺛﻢ أﺑﻘﺖ ﻓﺄوﻟﻬﺎ ﻳﺸﻴﺮ‬
‫إﻟﻰ اﻟﻔﻨﺎء وﺁﺧﺮهﺎ ﻳﺸﻴﺮ إﻟﻰ اﻟﺒﻘﺎء ﻓﺈذا ﻗﻠﺖ ﻻ إﻟﻪ ﻓﻘﺪ ﻓﻨﻰ آﻞ ﺷﻲء وإذا ﻗﻠﺖ اﻻ اﷲ ﻓﻠﻢ‬
‫ﻻ وﺟﻬﻪ﴾‪.‬‬
‫ﻳﺒﻘﻰ ﺷﻲ ﺳﻮى اﷲ ﻗﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪﴿:‬آﻞ ﺷﻲء هﺎﻟﻚ ا ﱠ‬
‫ﺛﻢ إﻋﻠﻢ أن ﺟﻮهﺮة هﺬﻩ اﻟﺼﺪﻓﺔ وآﻌﺒﺔ ﺣﺮﻣﻬﺎ وﺣﺠﺮ آﻌﺒﺘﻬﺎ وﻣﺼﻠﻰ ﻗﺒﻠﺘﻬﺎ وروﺿﺔ‬
‫ﺣﻀﺮﺗﻬﺎ وزهﺮة روﺿﺘﻬﺎ وﺛﻤﺮة زهﺮﺗﻬﺎ وﺑﻴﺖ ﻗﺼﻴﺪﺗﻬﺎ وﻣﻌﻨﻰ ﺻﻮرﺗﻬﺎ اﻟﺬي ﻳﺸﻴﺮ‬
‫ﺳﻮﻳﺪاء اﻟﻘﻠﺐ إﻟﻴﻪ وﺗﻨﻌﻜﻒ اﻟﺴﺮاﺋﺮ ﺑﺼﻔﺎﺋﻬﺎ ﻋﻠﻴﻪ هﻮ إﺳﻢ اﻟﺠﻼﻟﺔ ﻣﻦ ﻗﻮﻟﻚ إﻻ اﷲ ﻷﻧﻪ هﻮ‬
‫اﻻﺳﻢ اﻷﻋﻈﻢ ﻟﻠﺠﻨﺎب اﻟﻤﻌﻈﻢ ﻓﻬﻮ اﻟﻤﻘﺼﻮد ﻣﻦ آﻠﻤﺔ اﻹﺧﻼص وإﻧﻤﺎ ﺟﺎءت ﻟﻔﻈﺔ ﻻ إﻟﻪ‬
‫داﻟﺔ ﻋﻠﻴﻪ وﻣﺸﻴﺮة إﻟﻴﻪ آﺎﻟﺤﺎﺟﺐ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻳﻪ أﻻ ﺗﺮى أﻧﻪ أﺗﻰ ﺑﻬﺬا اﻻﺳﻢ ﺁﺧﺮ اﻟﻜﻠﻤﺔ ﻣﺸﻴﺮًا ان‬
‫ﻻ ﺷﻲء ﺑﻌﺪﻩ وﻟﻔﻈﺔ ﻻ إﻟﻪ ﺗﻨﺎدي وﻻ ﺷﻲء ﻗﺒﻠﻪ ﴿ﻓﻠﻠﻪ اﻻﻣﺮ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ وﻣﻦ ﺑﻌﺪ﴾ ﺛﻢ إﺑﺘﺪأ هﺬا‬
‫اﻻﺳﻢ اﻟﺸﺮﻳﻒ ﺑﺤﺮف اﻷﻟﻒ ﻟﻤﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ اﻟﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠﻴﻪ واﻹﺷﺎرة إﻟﻴﻪ ﻓﺈن ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﺮﺑﻮﺑﻴﺔ‬
‫ﻣﻨﺪﻣﺠﺔ ﻣﻨﺪرﺟﺔ ﻓﻲ هﺬا اﻻﺳﻢ ﻣﻮدﻋﺔ ﻓﻴﻪ ﻓﻠﺬﻟﻚ إﺑﺘﺪأ ﺑﻈﻬﻮرﻩ ﻟﻌﺒﺎدﻩ ﻳﺴﺘﺪﻟﻮن ﺑﻪ ﻋﻠﻴﻪ‬
‫وﻳﺼﻠﻮن إﻟﻴﻪ إذ ﻻ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻰ ذاﺗﻪ ﻓﺪﻟﻬﻢ ﺑﺄﺳﻤﺎﺋﻪ وﺻﻔﺎﺗﻪ ﻓﺠﻌﻞ ﺣﺮف اﻻﻟﻒ أول إﺳﻢ و أول‬
‫ﺣﺮوف اﻟﻤﻌﺠﻢ و أول ﻣﺎ ﺧﺎﻃﺐ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﻪ ﻋﺒﺎدﻩ ﻓﻲ أول اﻟﻮﺟﻮد ﺑﻘﻮﻟﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ‪﴿ :‬أﻟﺴﺖ‬
‫ﻼ إﺷﺎرة إﻟﻰ‬ ‫ﺑﺮﺑﻜﻢ ﻗﺎﻟﻮا ﺑﻠﻰ﴾ ﻓﻠﻤﺎ إﺑﺘﺪأ ﺑﺎﻟﺤﺮوف أﺷﺎر إﻟﻰ أوﻟﻴﺘﻪ وﺟﻌﻠﻪ ﻣﻤﺘﺪًا ﻃﻮﻳ ً‬
‫ﻻ إﺷﺎرة اﻟﻰ ﻗﻴﻮﻣﻴﺘﻪ وﻋﺪاﻟﺘﻪ وﺟﻌﻠﻪ ﺻﺎﻣﺘًﺎ ﻻ ﺗﺠﻮﻳﻒ‬ ‫ﺳﺮﻣﺪﻳﺘﻪ ودﻳﻤﻮﻣﻴﺘﻪ وﺟﻌﻠﻪ ﻗﺎﺋﻤًﺎ ﻣﻌﺘﺪ ً‬
‫ﻟﻪ إﺷﺎرة اﻟﻰ ﺻﻤﺪﻳﺘﻪ وﺟﻌﻠﻪ ﻣﻨﻔﺮدًا إﺷﺎرة اﻟﻰ ﻓﺮداﻧﻴﺘﻪ وﺟﻌﻠﻪ ﺗﺘﺼﻞ ﺑﻪ اﻟﺤﺮوف وﻻ‬
‫ﻳﺘﺼﻞ هﻮ ﺑﺎﻟﺤﺮوف إﺷﺎرة اﻟﻰ إﻓﺘﻘﺎر ﺧﻠﻘﻪ إﻟﻴﻪ وأن اﷲ ﻟﻐﻨﻲ ﻋﻦ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ ﻓﺎﻟﻄﺎﺋﻒ ﺣﻮل‬
‫آﻌﺒﺔ هﺬا اﻻﺳﻢ أﻋﻨﻲ إﺳﻢ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ أول ﻣﺎ ﻳﻜﺸﻒ ﻓﻲ ﻃﻮاﻓﻪ ﻋﻦ ﺳﺮ هﺬا اﻟﺤﺮف ﴿ﻟﻴﺸﻬﺪوا‬
‫ﻣﻨﺎﻓﻊ ﻟﻬﻢ وﻳﺬآﺮوا اﺳﻢ اﷲ﴾ ﺛﻢ ﻳﺴﻌﻰ ﺑﻴﻦ ﺻﻔﺎ اﻟﻼم اﻻول وﻣﺮوة اﻟﻼم اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻓﺈذا ﺗ ﱠﻢ ﺳﻌﻴﻪ‬
‫ﻼ ﻳﻘﻮل ﻋﻨﺪ اﻟﻮﺻﻮل اﻟﻰ‬ ‫وﻗﻄﻊ ﻣﻨﺪرﺟﺔ اﻷﻟﻒ واﻟﻼم وﻗﻒ ﻋﻠﻰ ﻋﺮﻓﺎت اﻟﻬﻮﻳﺔ ﻓﻜﺄن ﻗﺎﺋ ً‬
‫اﻟﻬﺎء هﺎ هﻮ اﻟﻤﻄﻠﻮب اﻟﺬي ﺗﻌﺰﻩ اﻟﻘﻠﻮب وﺗﺤﺠﺒﻪ اﻟﻐﻴﻮب و إﻟﻰ ذﻟﻚ أﺷﺮت ﻓﻘﻠﺖ‪:‬‬
‫اﻟﻜﻞ ﻟﻤﺎ ﺳﻘﻴﺖ ﺗﺎهﻮا‬ ‫ﻳﺎ ﺳﺎﻗﻲ اﻟﻘﻮم ﻣﻦ ﺷﺬاﻩ‬
‫وﺻﺮﺣﻮا ﺑﺎﻟﻬﻮى وﻓﺎهﻮا‬ ‫ﻏﺎﺑﻮا وﺑﺎﻟﺴﻜﺮ ﻓﻴﻚ ﻃﺎﺑﻮا‬
‫ﻓﻠﺴﺖ ﺗﺪري اﻟﺸﺮاب ﻣﺎ هﻮ‬ ‫ﻳﺎ ﻋﺎذﻟﻲ ﺧﻠﻨﻲ وﺷﺮﺑﻲ‬
‫ﻓﻲ ﺻﻔﻮة اﻟﻜﺄس إذ ﺟﻼﻩ‬ ‫ﻗﻢ ﻓﺈﺟﺘﻠﻲ ﺻﻔﻮة اﻟﻤﻌﺎﻧﻲ‬
‫ﺗﻘﻮل ﻳﺎ هﻮ ﻟﺒﻴﻚ ﻳﺎ هﻮ‬ ‫وإﺳﻤﻊ اذا ﻏﻨﺖ اﻟﻤﺜﺎﻧﻲ‬
‫‪11 ‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫إﻻ وﻗﺎل اﻟﻀﻤﻴﺮ هﺎ هﻮ‬ ‫ﻣﺎ ﻗﻠﺖ ﻟﻠﻘﻠﺐ أﻳﻦ ﺣﺒﻲ‬
‫اﻻ ﻣﺤﺐ ﻗﺪ إﺻﻄﻔﺎﻩ‬ ‫ﻣﺎ ﺷﺮب اﻟﻜﺄس وإﺟﺘﻼﻩ‬
‫ﺛﻢ إﻋﻠﻢ أن هﻮ ﻓﻲ ﺧﺎﺗﻤﺔ هﺬا اﻻﺳﻢ اﻟﺸﺮﻳﻒ وﻓﻴﻪ ﻣﻌﻨﻰ ﻟﻄﻴﻒ وهﻮ أن ﻗﻮﻟﻚ هﻮ‬
‫ﺣﺮﻓﺎن هﺎء و واو ﻓﺎﻟﻬﺎء ﺣﺮف ﻳﺨﺮج ﻣﻦ ﺁﺧﺮ ﻣﺨﺎرج اﻟﺤﺮوف ﻷﻧﻪ ﻳﺨﺮج ﻣﻦ داﺧﻞ‬
‫اﻟﺤﻠﻖ ﻓﻬﻮ ﺁﺧﺮ اﻟﺤﺮوف ﻣﺨﺮﺟًﺎ واﻟﻮاو ﺣﺮف ﻳﺨﺮج ﻣﻦ ﺑﻴﻦ اﻟﺸﻔﺘﻴﻦ وهﻮ أول ﻣﺨﺎرج‬
‫اﻟﺤﺮوف ﻓﻬﻮ أول اﻟﺤﺮوف ﻣﺨﺮﺟًﺎ ﻓﺄﺷﺎر اﻟﻰ ذاﺗﻪ ﺑﻬﺬﻳﻦ اﻟﺤﺮﻓﻴﻦ ﻓﻘﺎل هﻮ ﻣﺸﻴﺮًا اﻧﻪ هﻮ‬
‫اﻻول وهﻮ اﻵﺧﺮ ﻻ أول ﻗﺒﻠﻪ وﻻ ﺁﺧﺮ ﺑﻌﺪﻩ ﺗﻨﺰﻩ ﻋﻦ اﻟﺤﻠﻮل واﻟﻨﺰول ﻻ آﻤﺎ ﻳﺨﻄﺮ ﻟﻠﻌﻘﻮل‬
‫ﻓﺈذا ﺳﻤﻌﺖ و وﺳﻌﻨﻲ ﻗﻠﺐ ﻋﺒﺪي اﻟﻤﺆﻣﻦ ﻓﺈﻋﻠﻢ أن اﻟﻘﻠﺐ ﻏﻴﺐ واﻟﺮب ﻏﻴﺐ ﻓﺈﻃﻠﻊ اﻟﻐﻴﺐ‬
‫ﻻ‪.‬‬
‫ﻻ ﻻ ﺣﻠﻮ ً‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻐﻴﺐ ﻓﻜﺎن ﻧﺰو ً‬
‫و إﻋﻠﻢ أن ﻟﻄﻴﻔﺔ ذﻟﻚ وإﺷﺎراﺗﻪ أن اﻟﻘﻠﺐ ﺧﻠﻖ آﺎﻣﻞ اﻟﻮﺻﻒ وﻟﻪ وﺟﻬﺎن ﻇﺎهﺮ‬
‫وﺑﺎﻃﻦ ﻓﻈﺎهﺮﻩ ﺗﺮاﺑﻲ أرﺿﻲ ﻃﺒﻴﻌﻲ ﻣﻈﻠﻢ ﺟﺜﻤﺎﻧﻲ وﺑﺎﻃﻨﻪ ﺳﻤﺎﺋﻲ ﻋﻠﻮي ﻧﻮري روﺣﺎﻧﻲ‬
‫ﻓﻜﺜﺎﻓﺘﻪ ﻇﺎهﺮة وﻇﻠﻤﺘﻪ ﻟﻤﺒﺎﺷﺮة اﻟﻘﻮى اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ وﻟﻄﺎﻓﺘﻪ ﺑﺎﻃﻨﻪ ﻟﻤﻮاﺟﻬﺔ اﻟﻤﻜﻮﻧﻴﺎت‬
‫اﻟﻌﻠﻮﻳﺔ اﻟﺮﺑﺎﻧﻴﺔ اﻟﺮوﺣﻴﺔ واﺳﺘﻐﺮاﻗﻪ ﻓﻌﻠﻰ ﻗﺪر ﻣﻮاﺟﻬﺘﻪ ﻟﻬﺎ وﻣﻘﺎﺑﻠﺘﻪ إﻳﺎهﺎ إﻧﻄﻤﺴﺖ ﻋﻠﻴﻪ‬
‫اﺷﻌﺔ أﻧﻮارهﺎ وإﻧﺠﻠﺖ ﻷﺳﺮارﻩ ﺑﺄﺳﺮارهﺎ ﻓﺸﺎهﺪهﺎ ﺑﺎﻷﻧﻮار اﻟﺘﻲ أﻓﺎﺿﺖ ﻋﻠﻴﻪ وأدرآﻬﺎ‬
‫ﺑﺎﻷﺳﺮار اﻟﺘﻲ أﺑﺪت إﻟﻴﻪ وهﺬا ﻣﻌﻨﻰ اﻟﻌﻜﺲ واﻟﻤﻘﺎﺑﻠﺔ ﻓﻬﻮ ﻳﺸﻬﺪ ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻣﺤﺒﻮﺑﻪ ﻓﻲ ﻣﺮﺁة ﻗﻠﺒﻪ‬
‫ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺣﺼﺮ وﻻ ﺗﺤﻴﺰ وﻻ ﺣﻠﻮل وﻻ إﻧﻔﺼﺎل وﻻ إﺗﺼﺎل ﻓﻬﻮ ﻓﻲ اﻟﻤﺜﺎل آﻤﺮﺁة ﻟﻬﺎ‬
‫وﺟﻬﺎن ﻇﺎهﺮهﺎ آﺜﻴﻒ ﻣﻈﻠﻢ وﺑﺎﻃﻨﻬﺎ ﻟﻄﻴﻒ ﻣﻀﻲء ﻓﻠﻮ ﻗﺎﺑﻠﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻜﺎﺋﻨﺎت ﻣﺎ ﻗﺎﺑﻠﻬﺎ ﻣﻦ‬
‫ﻼ‬
‫ﻼ أو ﺟﺒ ً‬‫ﻼ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻊ ﺻﻐﺮ ﺟﺮﻣﻬﺎ وآﺒﺮ اﻟﻤﺮﺋﻲ ﻓﻴﻬﺎ وﻟﻮ آﺎن ﺟﻤ ً‬ ‫ﺻﻐﻴﺮ أو آﺒﻴﺮ رأﻳﺘﻪ ﻣﺘﻤﺜ ً‬
‫رأﻳﺘﻪ ﺑﻜﻞ أﺟﺰاﺋﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺣﻠﻮل ﻓﻴﻬﺎ وﻻ إﺗﺼﺎل ﺑﻬﺎ وﻻ ﺗﺤﻴﺰ ﻓﻲ ﺷﻲء ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻜﺬﻟﻚ‬
‫اﻟﺤﻖ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ إذا ﺗﺠﻠﱠﻰ ﻋﻠﻰ ﻗﻠﺐ ﻋﺒﺪﻩ اﻟﻤﺆﻣﻦ ﻳﺸﺎهﺪﻩ ﺑﻌﻴﻦ ﻳﻘﻴﻨﻪ وﻳﺠﺘﻠﻴﻪ ﺑﺒﺼﺮ‬
‫ﺑﺼﻴﺮﺗﻪ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺣﻠﻮل وﻻ ﺗﺤﻴﱡﺰ وﻻ إﻧﻔﺼﺎل وﻻ إﺗﺼﺎل و أوﺿﺢ ﻣﻦ هﺬا اﻟﻤﻘﺎل ﻣﺎ‬
‫أﺷﺮﺣﻪ ﻓﻲ هﺬﻩ اﻷﺑﻴﺎت‪:‬‬
‫وأﺷﻬﺪﻧﻲ ذاك اﻟﺠﻤﺎل اﻟﻤﻌﻈﻤﺎ‬ ‫وﻟﻤﺎ ﺗﺠﻠﻰ ﻣﻦ أﺣﺐ ﺗﻜﺮﻣﺎ‬
‫أراﻩ ﺑﻌﻴﻨﻲ ﺟﻬﺮة ﻻ ﺗﻮهﻤﺎ‬ ‫ﺗﻌﺮف ﻟﻲ ﺣﺘﻰ ﺗﻴﻘﻨﺖ أﻧﻨﻲ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻃﻮر ﻗﻠﺒﻲ ﺣﻴﺚ آﻨﺖ ﻣﻜﻠﻤﺎ‬ ‫وﻓﻲ آﻞ ﺣﺎل أﺟﺘﻠﻴﻪ وﻟﻢ ﻳﺰل‬
‫ﺑﻤﻨﻔﺼﻞ ﻋﻨﻲ وﺣﺎﺷﺎﻩ ﻣﻨﻬﻤﺎ‬ ‫وﻣﺎ هﻮ ﻓﻲ وﺻﻠﻲ ﺑﻤﺘﺼﻞ وﻻ‬
‫وأﻳﻦ اﻟﺜﺮى ﻣﻦ رﻓﻌﺔ اﻟﺒﺪر إﻧﻤﺎ‬ ‫وﻣﺎ ﻗﺪر ﻣﺜﻠﻲ أن ﻳﺤﻴﻂ ﺑﻘﺪرﻩ‬
‫ﻻ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﺰﻩ أن ﻳﻘﺴﻤﺎ‬
‫ﺟﻤﺎ ً‬ ‫أﺷﺎهﺪﻩ ﻓﻲ ﺻﻔﻮ ﺳﺮي ﻓﺄﺟﺘﻠﻲ‬

‫‪12 ‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫ﺑﺼﻔﻮ ﻏﺪﻳﺮ وهﻮ ﻓﻲ أﻓﻖ اﻟﺴﻤﺎ‬ ‫آﻤﺎ أن ﺑﺪر اﻟﺘﻤﺎم ﻳﻨﻈﺮ وﺟﻬﻪ‬
‫وإﻋﻠﻢ أن هﺬﻩ اﻟﺨﺼﻮﺻﻴﺔ ﻹﺑﻦ ﺁدم دون اﻟﻤَﻠﻚ واﻧﻤﺎ آﺎن آﺬﻟﻚ ﻟﻤﺎ ذآﺮﻧﺎ ان اﻵدﻣﻲ‬
‫ﻣﺨﻠﻮق ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ اﻟﻜﺎﻣﻠﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﻠﻄﻴﻒ واﻟﻜﺜﻴﻒ ﻓﻨﺰل اﻟﻘﻠﺐ ﻣﻨﺰﻟﺔ اﻟﻤﺮﺋﻴﺎت ﻓﻲ ﻟﻄﻴﻔﻬﺎ‬
‫وآﺜﻴﻔﻬﺎ ﻓﻠﺬﻟﻚ ﻳﻄﺒﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﻘﺎﺑﻠﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﺮﺋﻴﺎت وﻟﻴﺲ آﺬﻟﻚ اﻟﻤَﻠﻚ ﻓﺈﻧﻪ ﻣﺨﻠﻮق ﻟﻄﻴﻒ ﻓﻘﻂ‬
‫ﻓﻬﻮ آﻠﻪ ﻧﻮر ﻳﺸﻒ ﻇﺎهﺮﻩ وﺑﺎﻃﻨﻪ ﻓﻬﻮ آﺎﻟﺰﺟﺎﺟﺔ اﻟﺸﻔﺎﻓﺔ ﻧﻮرهﺎ ﺧﺎرق وﻻ ﻳﺘﻤﺜﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎ‬
‫ﻳﻘﺎﺑﻠﻬﺎ ﻟﻌﺪم اﻟﻜﺜﻴﻒ اﻟﺬي ﻳﻌﻜﺲ ﻣﺎ ﻳﻘﺎﺑﻠﻬﺎ اﻟﻴﻬﺎ ﻓﻬﺬا ﺳﺮ اﻟﻌﻜﺲ واﻟﻤﻘﺎﺑﻠﺔ واﻣﺎ اﻟﻤﺜﺎل اﻟﺜﺎﻧﻲ‬
‫ﻓﻲ آﺜﺎﻓﺔ ﻇﺎهﺮ اﻟﻘﻠﺐ وﻇﻠﻤﺘﻪ وﻟﻄﺎﻓﺔ ﺑﺎﻃﻨﻪ وﺻﻔﺎﺋﻪ آﻤﺜﺎل ﺻﺪﻓﺔ ﺣﺸﻮهﺎ درة ﻓﺎﻟﺼﺪﻓﺔ ﻟﻬﺎ‬
‫وﺟﻬﺎن وﺟﻪ ﻣﻤﺎ ﻳﻠﻲ اﻟﺪرة ووﺟﻪ ﺧﺎرج ﻋﻦ ﺳﻤﺔ اﻟﺪرة واﻟﻮﺟﻪ اﻟﻈﺎهﺮ وهﻮ اﻟﺨﺎرج ﻋﻦ‬
‫ﺳﻤﺖ اﻟﺪرة ﻣﻈﻠﻢ أﺳﻮد آﺴﺎﺋﺮ اﻻﺣﺠﺎر واﻣﺎ اﻟﻮﺟﻪ اﻟﺬي ﻳﻠﻲ ﺟﻤﺎل اﻟﺪرة ﻓﺈآﺘﺴﺐ ﻣﻦ‬
‫ﺻﻔﺎﺋﻬﺎ وﺿﻴﺎﺋﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﺻﺎر آﺄﻧﻪ هﻲ وآﺄﻧﻪ هﻮ وﻻ ﻋﻠﺔ ﻟﺬﻟﻚ اﻻ ﻣﻮاﺟﻬﺘﻪ إﻳﺎهﺎ وﻣﻘﺎﺑﻠﺘﻪ ﻟﻬﺎ‬
‫وإﺣﺘﺠﺎﺑﻪ ﻋﻦ ﻏﻴﺮ وﺟﻬﻬﺎ ﻓﻜﺬﻟﻚ اﻟﻘﻠﺐ ﻟﻪ وﺟﻬﺎن وﺟﻪ ﻣﻤﺎ ﻳﻠﻲ اﻟﺠﺜﻤﺎﻧﻴﺔ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ووﺟﻪ‬
‫ﻣﻤﺎ ﻳﻠﻲ ﻋﻴﺎن ﺟﻤﺎل اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ﻓﺒﺎﻟﻮﺟﻪ اﻟﻤﻮاﺟﻬﺔ اﻟﺠﺜﻤﺎﻧﻴﺔ آﺴﺎﺋﺮ اﻟﻘﻠﻮب اﻟﺤﻴﻮاﻧﻴﺔ‬
‫وﺑﺎﻟﻮﺟﻪ اﻟﻤﻮاﺟﻬﺔ ﻋﻴﺎن ﺟﻤﺎل اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ وﻗﺪ إآﺘﺴﺐ ﻣﻨﻪ ﻧﻮرًا ﻏﺮق ﺻﺎﺣﺒﻪ ﻓﻴﻪ‬
‫وإﺳﺘﻐﺮﻗﻪ ﻓﻲ ﻣﺸﺎهﺪﺗﻪ ﺣﺘﻰ ﻇﻦ أﻧﻪ هﻮ ﺣﺘﻰ ﻗﺎل ﺻﺎﺣﺒﻪ أﻧﺎ هﻮ وﻻ ﻋﺠﺐ ﻟﻘﻠﺐ ﻗﺪ ﻣﻠﻰء‬
‫ﺑﺤﺐ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻹﺳﺘﻐﺮاﻗﻪ ﻓﻲ ﻣﺸﺎهﺪﺗﻪ ﻓﻬﻮ ﻏﺎﺋﺐ ﻓﻲ ﺣﻀﺮﺗﻪ ﺣﺎﺿﺮ ﻓﻲ ﻏﻴﺒﺘﻪ ﻏﺎب ﻓﻲ‬
‫ذآﺮﻩ ﺑﻤﺬآﻮرﻩ ودهﺶ ﻓﻲ ﻧﻈﺮﻩ ﺑﻤﻨﻈﻮرﻩ ﻓﻼ ﻋﺠﺐ ان ﻳﻘﻮل أﻧﺎ هﻮ ﻓﺈن هﺬﻩ دودة اﻟﺒﻘﻞ‬
‫ﻟﻤﺠﺎورﺗﻬﺎ ﻟﺒﻘﻠﺘﻬﺎ واﻧﻘﻄﺎﻋﻬﺎ اﻟﻴﻬﺎ وإﺳﺘﻤﺪادهﺎ ﻣﻨﻬﺎ ﺣﺘﻰ اﺗﺼﻔﺖ ﺑﺼﻔﺘﻬﺎ وﻟﺒﺴﺖ ﺣﻠﺘﻬﺎ ﺣﺘﻰ‬
‫ﻻ ﻳﻔﺮق ﺑﻴﻨﻬﺎ وﺑﻴﻦ ﺑﻘﻠﺘﻬﺎ ﻹﺳﺘﻐﻨﺎﺋﻬﺎ ﻋﻦ اﻟﺼﻔﺎت اﻟﺪودﻳﺔ وﺑﻘﻴﺖ ﺑﺎﻟﺼﻔﺎت اﻟﺒﻘﻠﻴﺔ ﻓﻤﺎ ﺑﺎﻟﻚ‬
‫ﺑﻘﻠﺐ ﻗﻄﻌﺖ ﻣﺎدﺗﻪ ﻣﻤﺎ ﺳﻮى اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ وﺟﻞ ﻏﺬاؤﻩ ذآﺮ اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺷﺮاﺑﻪ ﺣﺐ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‬
‫وﺣﺮآﺘﻪ ﺑﺎﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﻗﻴﺎﻣﻪ ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ وﻓﻨﻲ وﺟﻮدﻩ ﺑﺒﻘﺎء اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﺰ وﺟﻞ ﻓﺈﺳﺘﺤﺎل ﺗﻘﺪﻳﺮ‬
‫اﻟﺒﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﺒﻴﻦ ﻻﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺒﻖ ﻟﻪ أﺛﺮ وﻻ ﻋﻴﻦ وهﺬا آﻠﻪ ﻣﺒﻨﻲ ﻋﻠﻰ أﺻﻠﻴﻦ ﻣﺨﻠﺼﻴﻦ ﻣﻦ ﻗﻮﻟﻪ‬
‫ﺗﻌﺎﻟﻰ " ﻳﺤﺒﻬﻢ وﻳﺤﺒﻮﻧﻪ "‪.‬‬

‫*ﻓﺼــﻞ*‬
‫إﻋﻠﻢ أن اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ﻳﻮﺻﻒ ﺑﻤﺤﺒﺔ ﻋﺒﺪﻩ واﻟﻌﺒﺪ ﻳﻮﺻﻒ ﺑﻤﺤﺒﻮﺑﻪ ﻓﻤﺤﺒﺔ اﻟﺤﻖ‬
‫ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻟﻌﺒﺪﻩ ﺧﺼﻮص ﻣﻦ ﻋﻤﻮم إرادﺗﻪ ﻓﺎﻹرادة ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻟﺠﻤﻴﻊ اﻟﻤﺮادات ﻣﻦ اﻟﺤﺐ‬
‫واﻟﺒﻐﺾ واﻟﺮﺿﻰ واﻟﺴﺨﻂ واﻟﻘﺮب واﻟﺒﻌﺪ وآﻞ ذﻟﻚ ﻣﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻹرادة وإرادﺗﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ واﺣﺪة‬
‫وإﻧﻤﺎ اﻹﺧﺘﻼف ﻓﻲ ﻣﺘﻌﻠﻘﺎﺗﻬﺎ ﻓﺈذا ﺗﻌﻠﻘﺖ إرادﺗﻪ ﺑﺎﻟﺘﻮﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺪﻩ ﺗﺴﻤﻰ رﺣﻤﺔ وإذا ﺗﻌﻠﻘﺖ‬
‫ﺑﺎﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﺗﺴﻤﻰ ﻏﻀﺒًﺎ وإذا ﺗﻌﻠﻘﺖ ﺑﺎﻟﺰﻟﻔﻰ واﻟﻜﺮاﻣﺔ واﻟﺘﺨﺼﻴﺺ ﺗﺴﻤﻰ ﻣﺤﺒﺔ ﻓﺎﻟﻔﺮق ﺑﻴﻦ‬
‫اﻟﺮﺣﻤﺔ واﻟﻤﺤﺒﺔ ان اﻟﺮﺣﻤﺔ إرادة اﻟﺒﺮ واﻟﻠﻄﻒ واﻹﻧﻌﺎم واﻟﻤﺤﺒﺔ إرادة اﻟﻘﺮﺑﺔ واﻟﺰﻟﻔﻰ‬
‫واﻟﻜﺮاﻣﺔ وﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﻣﻦ ﻗﺎل ان ﻣﺤﺒﺔ اﷲ ﻟﻌﺒﺪﻩ هﻲ ﻣﺪﺣﻪ واﻟﺜﻨﺎء ﻋﻠﻴﻪ ﻓﺘﻜﻮن ﻣﺤﺒﺘﻪ ﻟﻪ‬
‫‪13 ‬‬
‫‪ ‬‬
‫ﻗﺪﻳﻤﺔ ﻷن ﻣﺪﺣﻪ ﻗﻮﻟﻪ وﻗﻮﻟﻪ آﻼﻣﻪ وآﻼﻣﻪ ﻗﺪﻳﻢ وﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻗﺎل إﻧﻬﺎ ﻣﻦ ﺻﻔﺎت ﻓﻌﻠﻪ ﻷن‬
‫إﺣﺴﺎﻧﻪ إﻟﻴﻪ وإﻧﻌﺎﻣﻪ ﻋﻠﻴﻪ وهﺬا ﻣﺤﺪث ﻓﺘﻜﻮن ﻣﺤﺒﺘﻪ ﻟﻪ ﻣﺤﺪﺛﺔ وﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ وﻗﻒ وﻗﺎل هﺬﻩ ﻣﻦ‬
‫ﺻﻔﺎت اﻹﺧﺒﺎر ﻷن اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ أﺧﺒﺮ ﺑﺬﻟﻚ ﻓﻼ ﻳﻌﻠﻢ ﻣﺎ هﻲ و أﻣﺎ ﻣﺤﺒﺔ اﻟﻌﺒﺪ ﻟﺮﺑﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ‬
‫وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻬﻲ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻟﻄﻴﻔﺔ ﻳﻌﺠﺰ ﻋﻦ ﺗﻔﺴﻴﺮهﺎ اﻟﻠﺴﺎن وﻳﻘﺼﺮ ﻋﻦ ﺗﺤﻘﻴﻘﻬﺎ اﻻﻧﺴﺎن ﺗﺤﻤﻠﻪ‬
‫اﻟﺤﺎﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺮك اﻟﺤﻈﻮظ و إﻳﺜﺎر اﻟﺤﻘﻮق ﻓﻴﺘﺮك ﻣﺮاداﺗﻪ ﻟﻤﺮادات ﻣﺤﺒﻮﺑﻪ إذ ﻟﻴﺲ ﻟﻠﻤﺤﺐ‬
‫ارادة ﻣﻊ ارادة ﻣﺤﺒﻮﺑﻪ وﻗﺪ أﻃﻠﻖ اﻟﻘﻮم اﻟﻘﻮل ﻓﻲ اﻟﻤﺤﺒﺔ ﺑﺄﻟﻔﺎظ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ وﻣﻌﺎن ﻣﺘﻔﺎوﺗﺔ ﻓﺘﻜﻠﻢ‬
‫آﻞ ﻣﻨﻬﻢ ﺑﺤﺴﺐ ذوﻗﻪ وﻧﻄﻖ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺪار ﺷﻮﻗﻪ وآﺬﻟﻚ إﺧﺘﻠﻔﻮا ﻓﻲ ﺗﺴﻤﻴﺘﻬﺎ و إﺷﺘﻘﺎﻗﻬﺎ ﻣﻦ‬
‫ﺣﻴﺚ اﻟﻠﻐﺔ ﻓﻘﺎل ﻗﻮم اﻟﺤﺐ إﺳﻢ ﻟﺼﻔﺎء اﻟﻤﻮدة ﻷن اﻟﻌﺮب ﺗﻘﻮل ﻟﺼﻔﺎء ﺑﻴﺎض اﻻﺳﻨﺎن‬
‫وﻧﻀﺎرﺗﻬﺎ ﺣﺒﺐ اﻻﺳﻨﺎن وﻗﻴﻞ اﻟﺤﺒﺐ ﻣﺎ ﻳﻌﻠﻮ اﻟﻤﺎء ﻋﻨﺪ اﻟﻤﻄﺮ اﻟﺸﺪﻳﺪ ﻓﻌﻠﻰ هﺬا اﻟﻤﺤﺒﺔ‬
‫ﻏﻠﻴﺎن اﻟﻘﻠﺐ وﻓﻮراﻧﻪ ﻋﻨﺪ اﻟﻌﻄﺶ واﻹهﺘﻴﺎج اﻟﻰ ﻟﻘﺎء اﻟﻤﺤﺒﻮب وﻳﻘﺎل إﺷﺘﻘﺎق اﻟﺤﺐ ﻣﻦ‬
‫اﻟﻠﺰوم واﻟﺜﺒﺎت ﻳﻘﺎل أﺣﺐ اﻟﺒﻌﻴﺮ اذا ﺑﺮك ﻻ ﻳﻘﻮم ﻓﻜﺄن اﻟﻤﺤﺐ ﻻ ﻳﺒﺮح ﺑﻘﻠﺒﻪ ﻋﻦ ذآﺮ‬
‫اﻟﻤﺤﺒﻮب وﻗﻴﻞ هﻮ ﻣﺄﺧﻮذ ﻣﻦ اﻟﺤﺐ اﻟﺬي ﻓﻴﻪ اﻟﻤﺎء ﻷﻧﻪ ﻳﻤﺴﻚ ﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﻓﻼ ﻳﺴﻊ ﻏﻴﺮ ﻣﺎ إﻣﺘﻸ‬
‫ﺑﻪ وأﻣﺎ أﻗﺎوﻳﻞ اﻟﻤﺸﺎﻳﺦ ﻓﻲ اﻟﻤﺤﺒﺔ ﻓﻜﻤﺎ ذآﺮﻧﺎ ﺁﻧﻔًﺎ آﻞ ﺗﻜﻠﻢ ﺑﺤﺴﺐ ﻣﺎ ذاق ﻓﻘﻴﻞ اﻟﻤﺤﺒﺔ ﻣﺤﻮ‬
‫اﻟﻤﺤﺐ ﻟﺼﻔﺎﺗﻪ وإﺛﺒﺎت اﻟﻤﺤﺒﻮب ﺑﺬاﺗﻪ وﻗﻴﻞ ﻣﻮاﻃﺄة اﻟﻘﻠﺐ ﻟﻤﺮادات اﻟﺮب وﺳﺌﻞ اﻟﺠﻨﻴﺪ‬
‫رﺣﻤﺔ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﻦ اﻟﻤﺤﺒﺔ ﻓﻘﺎل دﺧﻮل ﺻﻔﺎء اﻟﻤﺤﺒﻮب ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺪل ﻣﻦ ﺻﻔﺎء اﻟﻤﺤﺐ وﻗﺎل‬
‫اﻟﺸﺒﻠﻲ ﺳﻤﻴﺖ اﻟﻤﺤﺒﺔ ﻣﺤﺒﺔ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﻤﺤﻮ ﻣﻦ اﻟﻘﻠﺐ ﻣﺎ ﺳﻮى اﻟﻤﺤﺒﻮب وﻗﺎل أﻳﻀًﺎ اﻟﻤﺤﺒﺔ أن‬
‫ﺗﻐﺎر ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺤﺒﻮب أن ﻳﺤﺒﻪ اﺣﺪ ﻣﺜﻠﻚ وﻗﺎل إﺑﻦ ﻋﻄﺎء وﻗﺪ ﺳﺌﻞ ﻋﻦ اﻟﻤﺤﺒﺔ ﻓﻘﺎل اﻏﺼﺎن‬
‫ﺗﻐﺮس ﻓﺘﺜﻤﺮ ﻓﻲ اﻟﻘﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﻗﺪر اﻟﻌﻘﻮل وﻗﺎل اﻟﻨﺼﺮ أﺑﺎذي ﻣﺤﺒﺔ ﺗﻮﺟﺐ ﺣﻘﻦ اﻟﺪﻣﺎء وﻣﺤﺒﺔ‬
‫ﺗﻮﺟﺐ ﺳﻔﻚ اﻟﺪﻣﺎء وﻗﺎل اﻟﺤﺎرث اﻟﻤﺤﺎﺑﺴﻲ اﻟﻤﺤﺒﺔ ﻣﻴﻠﻚ اﻟﻰ اﻟﺸﻲء ﺑﻜﻠﻴﺘﻚ ﺛﻢ إﻳﺜﺎرك ﻟﻪ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻚ وروﺣﻚ وﻣﺎﻟﻚ ﺛﻢ ﻣﻮاﻓﻘﺘﻚ ﻟﻪ ﺳﺮًا وﺟﻬﺮًا ﺛﻢ ﻋﻤﻠﻚ ﺑﺘﻘﺼﻴﺮك ﻓﻲ ﺣﺒﻪ وﻗﺎل‬
‫اﻟﺴﺮي اﻟﺴﻘﻄﻲ ﻻ ﺗﺼﺢ اﻟﻤﺤﺒﺔ ﺑﻴﻦ إﺛﻨﻴﻦ ﺣﺘﻰ ﻳﻘﻮل اﺣﺪهﻤﺎ ﻟﻶﺧﺮ ﻳﺎ أﻧﺎ وﻗﻴﻞ اﻟﻤﺤﺒﺔ ﻧﺎر‬
‫ﺗﺤﺮق اﻟﻘﻠﺐ ﻓﻠﻢ ﺗﺪع ﻓﻴﻪ ﺷﻴﺌًﺎ ﺳﻮى اﻟﻤﺤﺒﻮب وﻗﻴﻞ اﻟﻤﺤﺒﺔ ﻧﺎر ﺣﻄﺒﻬﺎ أآﺒﺎد اﻟﻤﺤﺒﻴﻦ وﻗﻴﻞ‬
‫اﻟﻤﺤﺒﺔ ﺳﻜﺮ ﻻ ﻳﺼﺤﻮ ﺻﺎﺣﺒﻪ اﻻ ﺑﻤﺸﺎهﺪة ﻣﺤﺒﻮﺑﻪ وﻗﻴﻞ اﻟﻤﺤﺒﺔ ان ﺗﻨﻄﺒﻖ ﺟﻤﻴﻊ إرادات‬
‫اﻟﻤﺤﺐ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻴﻊ ﻣﺮادات اﻟﻤﺤﺒﻮب ﻓﻼ ﻳﺒﻘﻰ ﻟﻪ ﻣﻌﻪ إرادة وﻗﻴﻞ ﻟﻠﺸﺒﻠﻲ ﻣﺎ ﺑﺎل اﻟﻤﺤﺒﺔ‬
‫ﻣﻘﺘﺮﻧﺔ ﺑﺎﻟﻤﺤﻨﺔ ﻓﻘﺎل ﻟﺌﻼ ﻳﺪﻋﻴﻬﺎ آﻞ ﺳﻔﻠﺔ وﺗﺬاآﺮ ﻗﻮم اﻟﻤﺤﺒﺔ ﻋﻨﺪ ذي اﻟﻨﻮن ﻓﻘﺎل آﻔﻮا ﻋﻦ‬
‫هﺬﻩ اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻟﺌﻼ ﺗﺴﻤﻌﻬﺎ اﻟﻨﻔﻮس ﻓﺘﺪﻋﻴﻬﺎ ﺛﻢ أﻧﺸﺄ ﻳﻘﻮل‪:‬‬
‫إذ ﻧﺎﻟﻪ ذل اﻟﺤﺰن‬ ‫اﻟﺨﻮف أوﻟﻰ ﺑﺎﻟﻤﺴﻤﻰ‬
‫و ﺑﺎﻟﻨﻘﻲ ﻣﻦ اﻟﺪرن‬ ‫و اﻟﺤﺐ ﻳﺠﻤﻞ ﺑﺎﻟﺘﻘﻲ‬
‫وﻗﺎل اﺑﻮ ﺑﻜﺮ اﻟﻜﻨﺎﻧﻲ ﺟﺮت ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺑﻤﻜﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺤﺒﺔ ﻓﺘﻜﻠﻢ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻤﺸﺎﻳﺦ ﻓﻜﺎن اﻟﺠﻨﻴﺪ‬
‫أﺻﻐﺮهﻢ ﺳﻨًﺎ ﻓﻘﺎﻟﻮا هﺎت ﻣﺎ ﻋﻨﺪك ﻳﺎ ﻋﺮاﻗﻲ ﻓﺄﻃﺮق رأﺳﻪ ودﻣﻌﺖ ﻋﻴﻨﺎﻩ ﺛﻢ ﻗﺎل ﻋﺒﺪ ذاهﺐ‬
‫ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﺘﺼﻞ ﺑﺬآﺮ رﺑﻪ ﻗﺎﺋﻢ ﺑﺄداء ﺣﻘﻮﻗﻪ ﻧﺎﻇﺮ إﻟﻴﻪ ﺑﻘﻠﺒﻪ ﺣﺮق ﻗﻠﺒﻪ ﺑﺄﻧﻮار هﻮﻳﺘﻪ وﺻﻔﺎ‬

‫‪14 ‬‬
‫‪ ‬‬
‫ﺷﺮاﺑﻪ ﻣﻦ آﺄس ودﻩ وآﺸﻒ ﻟﻪ اﻟﺤﻖ ﻋﻦ أﺳﺘﺎر ﻏﻴﺒﻪ ﻓﺈن ﺗﻜﻠﻢ ﻓﺒﺎﷲ وإن ﺳﻤﻊ ﻓﻤﻦ اﷲ وإن‬
‫ﺗﺤﺮك ﻓﺒﺄﻣﺮ اﷲ وإن ﺳﻜﻦ ﻓﻤﻊ اﷲ ﻓﻬﻮ ﺑﺎﷲ وﷲ وﻣﻊ اﷲ ﻓﺒﻜﻰ اﻟﺸﻴﻮخ وﻗﺎﻟﻮا ﻣﺎ ﻋﻠﻰ هﺬا‬
‫ﻣﻦ ﻣﺰﻳﺪ ﺟﺒﺮك اﷲ ﻳﺎ ﺗﺎج اﻟﻌﺎرﻓﻴﻦ وﻗﻴﻞ اﻟﻤﺤﺒﺔ أوﻟﻬﺎ ﻳﺤﺒﻬﻢ وﺁﺧﺮهﺎ ﻳﺤﺒﻮﻧﻪ وﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻣﻬﺞ‬
‫ن ﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﺴﺒﻖ ﻟﻪ ﻳﺤﺒﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﺼﺢ ﻟﻪ ﻳﺤﺒﻮﻧﻪ‬ ‫ﺗﺬوب وأرواح ﺗﻄﻴﺮ اﻟﻰ اﻟﻤﺤﺒﻮب وإﻋﻠﻢ أ ﱠ‬
‫ﻓﺴﺎﺑﻘﺔ ﻳﺤﺒﻬﻢ ﻣﺤﺼﻠﺔ ﻟﻼﺣﻘﺔ ﻳﺤﺒﻮﻧﻪ وﻻﺣﻘﺔ ﻳﺤﺒﻮﻧﻪ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻳﺤﺒﻬﻢ ﻓﺴﺎﺑﻘﺔ ﻳﺤﺒﻬﻢ ﻻ‬
‫أول ﻟﻬﺎ وﻻﺣﻘﺔ ﻳﺤﺒﻮﻧﻪ ﻻ ﺁﺧﺮ ﻟﻬﺎ ﻓﻤﻦ ﺛﺒﺖ ﻗﺪﻣﻪ ﻋﻨﺪ ﺷﺮب آﺄس ﻳﺤﺒﻬﻢ ﻗﺎل هﻮ وﻣﻦ‬
‫ﺗﺠﺎوز ﺑﻪ ﺳﻜﺮﻩ ﻋﻦ ﺣﺪ اﻟﺜﺒﻮت ﺣﺘﻰ ﺗﻨﺎول آﺄﺳﻪ ﺑﻜﻒ ﻳﺤﺒﻮﻧﻪ ﻗﺎل أﻧﺎ ﻓﺎﻟﺸﺎرب ﺑﻜﺄس ﻳﺤﺒﻬﻢ‬
‫ﻣﺘﻤﻜﻦ واﻟﺸﺎرب ﺑﻜﺄس ﻳﺤﺒﻮﻧﻪ ﻣﺘﻠﻮن ﻓﺎﻟﻨﺎﻃﻖ ﺑﺎﻷﻧﺎﻧﻴﺔ ﻣﺘﻜﻠﻢ ﻣﻦ وادي اﻟﻤﺤﻮ ﺑﻠﺴﺎن اﻻﺛﺒﺎت‬
‫واﻟﻨﺎﻃﻖ ﺑﺎﻟﻬﻮﻳﺔ ﻣﺘﻜﻠﻢ ﻣﻦ وادي اﻟﻔﻨﺎء ﺑﻠﺴﺎن اﻟﺒﻘﺎء وآﻼهﻤﺎ ﻧﺎﻃﻖ ﺻﺎدق وﻟﻠﺤﻘﻴﻘﺔ ﻣﻮاﻓﻖ‬
‫ﻷن ﻣﻦ ﻗﺎل أﻧﺎ ﻣﺎ أراد ﺑﺎﻷﻧﺎﻧﻴﺔ ﻧﻔﺴﻪ ﻷﻧﻪ ﻣﺄﺧﻮذ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﺠﺬوب ﻋﻦ ﺣﺴﻪ ﻓﺄﺧﺬﻩ وﺳﺎﻟﺒﻪ‬
‫وﺟﺎذﺑﻪ هﻮ اﻟﻤﺘﻜﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻧﻪ‪ .‬وﻣﺜﺎل ذﻟﻚ ﻗﺼﺔ أﺑﻲ ﻳﺰﻳﺪ رﺣﻤﺔ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﺣﻴﻦ ﻗﺎل ﺳﺒﺤﺎﻧﻲ‬
‫ﻓﺄﻧﻜﺮوا ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻘﺎل ﺣﻖٌ ﺳﺒﺢ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎن ﻋﺒﺪﻩ ﻓﺈن اﻟﺤﻖ إذا أﺣﺐ ﻋﺒﺪًا أﺑﺪى ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺎدﻳًﺎ‬
‫ﻣﻨﻪ ﻓﻐﻴﺒﻪ ﻋﻨﻪ وﻳﻜﻮن اﻟﺒﺎدي هﻮ اﻟﻨﺎﻃﻖ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻧﻪ ﺛﻢ ﻣﻦ ﻋﻼﻣﺔ اﻟﻤﺤﺐ اﻟﺘﺮدي ﺑﺮداء‬
‫اﻟﻤﺤﺒﻮب آﻤﺎ ﺣﻜﻲ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺘﺤﺎﺑﻴﻦ اﻧﻬﻤﺎ رآﺒﺎ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮ ﻓﺴﻘﻂ اﺣﺪهﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮ ﻓﺄﻟﻘﻰ‬
‫اﻻﺧﺮ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻨﺰل اﻟﻐﻮاﺻﻮن ﻓﺄﺧﺮﺟﻮهﻤﺎ ﺳﺎﻟﻤﻴﻦ ﻓﻘﺎل اﻷول ﻟﺼﺎﺣﺒﻪ اﻣﺎ أﻧﺎ ﻓﺴﻘﻄﺖ‬
‫ﻓﺄﻧﺖ ﻟﻢ رﻣﻴﺖ ﻧﻔﺴﻚ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺮ ﻓﻘﺎل ﻟﻪ أﻧﺎ ﻏﺒﺖ ﺑﻚ ﻋﻨﻲ ﻓﺘﻮهﻤﺖ اﻧﻚ أﻧﺎ وﺳﺌﻞ اﻟﻤﺠﻨﻮن‬
‫أﺗﺤﺐ ﻟﻴﻠﻰ ﻓﻘﺎل ﻻ ﻓﻘﻴﻞ آﻴﻒ ﻓﻘﺎل ﻷن اﻟﻤﺤﺒﺔ ذرﻳﻌﺔ اﻟﻰ اﻟﻮﺻﻠﺔ وﻗﺪ ﺳﻘﻄﺖ اﻟﻮﺻﻠﺔ ﺑﻴﻨﻲ‬
‫وﺑﻴﻦ ﻟﻴﻠﻰ ﻓﺄﻧﺎ ﻟﻴﻠﻰ وﻟﻴﻠﻰ أﻧﺎ وهﺬﻩ آﻠﻪ ﻣﻌﻨﻰ ﻗﻮﻟﻪ آﻨﺖ ﻟﻪ ﺳﻤﻌًﺎ وﺑﺼﺮًا وﻳﺪًا وﻣﻌﻨﻰ ﺟﻌﺖ‬
‫ﻓﻠﻢ ﺗﻄﻌﻤﻨﻲ وﻇﻤﺌﺖ ﻓﻠﻢ ﺗﺴﻘﻨﻲ واﻣﺎ اﻟﻨﺎﻃﻖ ﺑﺎﻟﻬﻮﻳﺔ ﻓﺈﻧﻪ ﻣﺘﻤﻜﱢﻦ ﻓﻲ ﺳﻜﺮﻩ ﻣﺘﺤﻜﱢﻢ ﻓﻲ وﺟﺪﻩ‬
‫ﻣﺤﻔﻮظ ﻋﻠﻴﻪ وﻗﺘﻪ ﻣﺤﺮوس ﻋﻠﻴﻪ ﺳﺮﻩ ﻓﻬﻮ ﻣﺄﺧﻮذ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﺮدود ﻋﻠﻰ ﻗﻠﺒﻪ ﻓﻨﻲ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ‬
‫وﻓﻨﻴﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻠﻢ ﻳﺒﻖ ﻟﻪ ﻓﻲ اﻟﺒﻴﻦ ﺑﻴﻦ وﻻ ﻟﻪ أﺛﺮ وﻻ ﻋﻴﻦ وﻋﻠﻢ أن ﻟﻴﺲ هﻮ اﻻ هﻮ ﻓﻘﺎل هﻮ‪.‬‬
‫*ﻓﺼـﻞ*‬
‫ﺛﻢ إﻋﻠﻢ اﻧﻪ ﻻح ﻟﻲ ﻣﻦ هﺬﻩ اﻟﻠﻤﻌﺔ ﻻﺋﺤﺔ وﺷﻤﻤﺖ ﻣﻦ ﻋﺒﻴﻘﻬﺎ أﻃﻴﺐ راﺋﺤﺔ وهﻮ أﻧﺎ‬
‫إذا ﻗﻠﻨﺎ أن ﻣﺤﺒﺔ اﻟﺮب ﻟﻌﺒﺪﻩ إﻧﻤﺎ هﻲ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻣﺤﺒﺔ اﻟﻌﺒﺪ ﻟﺮﺑﻪ إذ ﻟﻮ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ آﺬﻟﻚ ﻟﻤﺎ آﺎﻧﺖ‬
‫ن اﻟﻌﺒﺪ ﻻ ﻳﺜﺒﺖ ﻟﻪ ﻗﺪم ﻓﻲ اﻟﻤﺤﺒﺔ ﺣﺘﻰ ﻳﻔﻨﻰ اﻟﻌﺒﺪ ﻋﻦ ﻋﺒﻮدﻳﺘﻪ وﻟﻢ ﻳﺒﻖ ﻟﻠﻌﺒﺪ ﻓﻲ‬ ‫هﺬﻩ ﺛﻢ إ ﱠ‬
‫اﻟﻌﺒﺪ أﺛﺮ وﻻ ﻟﻪ ﻣﻨﻪ ﻋﻠﻢ وﻻ ﺧﺒﺮ ﻓﻌﻠﻤﻨﺎ أن اﻟﻤﺤﺐ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ هﻮ اﻟﻤﺤﺒﻮب واﻟﻤﺤﺒﻮب هﻮ‬
‫اﻟﻤﺤﺐ ﻓﺎﻟﺤﻖ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﺤﺐ ﻣﺤﺒﻮب وﺧﺎﻃﺐ ﻣﺨﻄﻮب وﻣﺮاد وﻣﺮﻳﺪ‪ .‬ﺛﻢ ﻟﻄﻴﻔﺔ‬
‫ﺐ ﻧﻔﺴﻪ ﻷﻧﻚ ﻗﺪرﺗﻪ وﺻﻨﻌﺘﻪ وﺣﻜﻤﺘﻪ ﻓﺈذا أﺣﺒﻚ أﺣﺐ‬ ‫أﺧﺮى وهﻲ أﻧﻪ إذا أﺣﺒﻚ إﻧﻤﺎ أﺣ ﱠ‬
‫ﺻﻨﻌﺘﻪ آﺎﻟﺼﺎﻧﻊ إذا اﺗﻘﻦ ﺻﻨﻌﺘﻪ وأﺣﻜﻤﻬﺎ وأﻋﺠﺒﺘﻪ أﺣﺒﻬﺎ ﻓﻤﺎ أﺣﺐ إﻻ ﻣﺎ ﻋﻤﻠﺖ ﻳﺪﻩ‬
‫ﻼ آﺎن ﻣﻨﻪ ﺧﻠﻘ ًﺎ وﺗﻘﺪﻳﺮًا وأﻧﺖ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻣﺴﺨﺮ‬
‫وإﺳﺘﻨﺒﻄﺘﻪ ﺣﻜﻤﺘﻪ ﻓﻤﺎ آﺎن ﻣﻨﻚ آﺴﺒًﺎ وﻓﻌ ً‬
‫ﻟﻘﺪرﺗﻪ ﻣﺴﺘﻌﻤﻞ ﺑﻤﺸﻴﺌﺘﻪ ﻟﻴﺲ ﻟﻚ ﻣﻦ اﻷﻣﺮ ﺷﻲء ﻓﺈذا أرادك ﻟﻘﺮﺑﻪ أﺧﺬك ﻣﻨﻚ وﺳﻠﺒﻚ ﻋﻨﻚ‬
‫وﻋﺮّاك ﻋﻦ ﺻﻔﺎﺗﻚ اﻟﻔﺎﻧﻴﺔ وﺧﻠﻊ ﻋﻠﻴﻚ ﺻﻔﺎﺗﻪ اﻟﺒﺎﻗﻴﺔ ﻓﺒﻲ ﻳﺴﻤﻊ وﺑﻲ ﻳﺒﺼﺮ ﺛﻢ أﻗﺎﻣﻚ ﻣﻘﺎم‬
‫‪15 ‬‬
‫‪ ‬‬
‫ﻧﻔﺴﻪ وأﻗﺎم ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻘﺎﻣﻚ ﻣﺮﺿﺖ ﻓﻠﻢ ﺗﻌﺪﻧﻲ آﻤﺎ ﻓﻌﻞ ﺑﺤﺒﻴﺒﻪ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ ﻟﻤﺎ ﺧﻠﻊ ﻋﻦ‬
‫ﻗﺪﻣﻲ ﻣﺮادﻩ ﻧﻌﻠﻲ اﻟﻜﻮﻧﻴﻦ ﺧﻠﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﺧﻠﻌﺔ ﻗﺎب ﻗﻮﺳﻴﻦ وذﻟﻚ ﺑﻌﺪ إرﺗﺤﺎﻟﻪ ﻋﻦ اﻟﻮﻃﻨﻴﻦ‬
‫اﻟﺮوح واﻟﺠﺴﺪ و إﻧﺨﻼﻋﻪ ﻋﻦ اﻷﺻﻠﻴﻦ اﻟﻌﻠﻢ واﻟﻌﻤﻞ و إﻧﺘﺰاﻋﻪ ﻋﻦ اﻟﻮﺻﻔﻴﻦ اﻟﺴﻌﺎدة‬
‫واﻟﺸﻘﺎوة و إﻋﺮاﺿﻪ ﻋﻦ اﻟﺤﺎﻟﺘﻴﻦ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ و اﻟﻼﺣﻘﺔ و ذهﺎﺑﻪ ﻋﻦ اﻻﺷﺎرﺗﻴﻦ و هﻲ ﻟﻲ و ﻟﻚ‬
‫و أﻧﺎ و أﻧﺖ و ﻣﻌﻲ و ﻣﻌﻚ ﻷن هﺬﻩ آﻠﻬﺎ آﻠﻤﺎت ﻣﺄﺧﻮذة ﻣﻦ ﺻﻔﺎت اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻣﺸﻴﺮة إﻟﻴﻬﺎ‬
‫ﻓﺈرﺗﺤﻞ ﻋﻨﻬﺎ وﺳﺎر إﻟﻴﻪ ﺑﻼ واﺳﻄﺔ و وﻗﻒ ﻣﻊ ﻣﺸﺎهﺪة اﻟﺤﻖ ﻣﺘﻠﻘﻴًﺎ ﻣﺎ ﻳﺮد ﻣﻨﻪ ﻣﻦ أﺳﺮار‬
‫اﻟﻤﻜﺎﻟﻤﺔ واﻟﻤﺸﺎهﺪة وﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﻓﻴﻪ أﺛﺮ ﻓﻬﻮ ﻣﻌﻪ ﺑﻼ هﻮ ﻣﺸﺎهﺪة ﺑﻼ آﻴﻒ ﻣﺤﺎﺿﺮة ﺑﻼ أﻳﻦ ﻓﻠﻤﺎ‬
‫إﻧﺨﻠﻊ ﻋﻦ اﻟﻜﻞ ﺳﻠﻢ إﻟﻴﻪ اﻟﻜﻞ ﻓﺄﻗﺎﻣﻪ ﻣﻘﺎم ﻧﻔﺴﻪ ﻷن ﻟﻄﺎﻓﺔ وﺻﻠﺔ اﻟﻤﺤﺒﺔ أﺳﻘﻄﺖ ﻣﺎ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ‬
‫ﻣﻦ اﻟﻮﺳﺎﺋﻂ ﻹﺗﺤﺎد ﺻﻔﺔ اﻟﻤﺤﺒﺔ وﺻﻔﺎء ﻣﺰاج اﻟﺼﻔﻮة ﻓﻘﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﺨﺒﺮًا ﻋﻦ ﻗﻴﺎﻣﻪ ﻟﻪ ﻣﻘﺎم‬
‫ن اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺒﺎﻳﻌﻮﻧﻚ إﻧﻤﺎ ﻳﺒﺎﻳﻌﻮن اﷲ﴾ وﻗﺎل ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ‪﴿ :‬ﻣﻦ ﻳﻄﻊ اﻟﺮﺳﻮل ﻓﻘﺪ أﻃﺎع اﷲ﴾‬ ‫ﻧﻔﺴﻪ‪﴿ :‬إ ﱠ‬
‫وﻗﺎل ﻋﺰ وﺟﻞ‪﴿ :‬ﻗﻞ إن آﻨﺘﻢ ﺗﺤﺒﻮن اﷲ ﻓﺎﺗﺒﻌﻮﻧﻲ ﻳﺤﺒﺒﻜﻢ اﷲ﴾ و روي ان إﻣﺮأة ﺟﺎءت اﻟﻰ‬
‫اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ ﻓﻘﺎﻟﺖ ﻳﺎ رﺳﻮل اﷲ إﻋﺬرﻧﻲ ﻓﺈن ﻟﻲ ﻗﻠﺒًﺎ واﺣﺪًا ﻓﻘﺎل ﻟﻬﺎ ﻻ ﺗﺸﻐﻠﻲ‬
‫ﻗﻠﺒﻚ ﻓﺈﻧﻪ ﻣﻦ أﺣﺐ اﷲ أﺣﺒﻨﻲ وﻣﻦ أﺣﺒﻨﻲ اﺣﺐ اﷲ ﺛﻢ ﺑﻘﻲ ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﻜﺄس اﻟﺬي ﺷﺮﺑﻪ رﺳﻮل‬
‫اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ ﺑﻘﻴﺔ ﺷﺮاب ﺷﺮﺑﻪ ﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﺒﻖ ﻟﻪ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﻘﻴﺔ ﻓﺸﺮﺑﻮا ﻣﻦ ﻓﻀﻠﺔ‬
‫ﺷﺮﺑﻪ وﺳﻜﺮوا ﻣﻦ ﻧﺸﻮة ﺳﻜﺮﻩ وﻓﻲ ذﻟﻚ ﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫ﻋﻠﻰ ﻇﻤﺄ ﻣﻨﻲ ﻓﺰاد ﺗﻠﻬﺒﻲ‬ ‫ﺷﺮﺑﺖ ﺣﻤﻴًﺎ ﺣﺒﻜﻢ ﻣﺬ ﻋﺮﻓﺘﻜﻢ‬
‫وﻻ ﻣﺸﺮب ﻟﻠﻌﺎﺷﻘﻴﻦ آﻤﺸﺮﺑﻲ‬ ‫ﻓﻼ ﻣﻮرد ﻟﻠﻌﺎﻟﻤﻴﻦ آﻤﻮردي‬
‫وﻟﻲ ﻣﻨﺼﺐ ﻳﺴﻤﻮ ﻋﻠﻰ آﻞ ﻣﻨﺼﺐ‬ ‫ﻓﻠﻲ رﺗﺒﺔ ﺗﻌﻠﻮ ﻋﻠﻰ آﻞ رﺗﺒﺔ‬
‫ﻓﺈﻧﻈﺮ اﻟﻰ ﻟﻄﺎﻓﺔ وﺻﻠﺔ اﻟﻤﺤﺒﺔ اﻷزﻟﻴﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ آﻴﻒ ﻳﺼﻔﻮ ﻣﺰاﺟﻬﺎ وﻳﺨﻔﻰ ﻃﻲ‬
‫اﻧﺪﻣﺎﺟﻬﺎ وإﻧﺪراﺟﻬﺎ آﻴﻒ ﺳﺮت ﻓﻲ اﻷﺳﺮار وﺟﺮت ﻓﻲ ﻣﺠﺎري اﻻﻓﻜﺎر ﺣﺘﻰ ﺣﺼّﻠﺖ ﻣﺎ‬
‫ﻓﻲ اﻟﺼﺪور ﺑﻤﺤﺼﻮﻟﻬﺎ وﻣﻠﻜﺖ ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﻠﻮب ﺑﻮﺻﻮﻟﻬﺎ وﻃﻨﺒﺖ ﻓﻲ ﻋﺮﺻﺎت اﻻﺣﺸﺎء‬
‫ﺑﺨﻴﺎﻣﻬﺎ وﻧﺴﺨﺖ ﺳﺎﺋﺮ اﻻﺣﻜﺎم ﺑﺄﺣﻜﺎﻣﻬﺎ ﻓﺒﺎن اﻟﻤﺤﺐ ﻣﻦ اﻟﺒﻴﻦ وﻏﺎب ﻋﻦ اﻟﻌﻴﻦ ﺛﻢ ﻗﺎم‬
‫اﻟﺤﺒﻴﺐ ﻣﻘﺎم ﻣﺤﺒﺔ ﻓﻲ ﺗﻘﺎﺿﻲ اﻟﺪﻳﻦ ﻓﻘﺎل ﻣﺮﺿﺖ ﻓﻠﻢ ﺗﻌﺪﻧﻲ و ﺟﻌﺖ ﻓﻠﻢ ﺗﻄﻌﻤﻨﻲ و ﻟﻄﻴﻒ‬
‫هﺬا اﻟﻤﻌﻨﻰ ﻳﻈﻬﺮ ﻓﻲ ﻟﻄﻴﻒ ﻣﺎ أﺷﺮت إﻟﻴﻪ ﻓﻲ هﺬﻩ اﻷﺑﻴﺎت‪:‬‬
‫ﻓﺄﻧﺎ و ﻣﻦ أهﻮى آﺸﻲء واﺣﺪ‬ ‫و ﻟﻘﺪ ﺗﺼﺎﻓﻴﻨﺎ اﻟﻤﺤﺒﺔ ﺑﻴﻨﻨﺎ‬
‫ﺑﺼﺮي وﺳﻤﻌﻲ ﺣﻴﺚ آﻨﺖ وﺳﺎﻋﺪي‬ ‫ﻻ زﻟﺖ أﻗﺮب ﻣﻨﻪ ﺣﺘﻰ ﺻﺎر ﻟﻲ‬
‫و إذا ﺑﻄﺸﺖ ﻓﻼ ﻳﺰال ﻣﺴﺎﻋﺪي‬ ‫ﻓﺈذا رأﻳﺖ ﻓﻼ أرى إﻻ ﺑﻪ‬
‫أﻣﺮي ﻓﻘﺪ ﺑﻠﻐﺖ ﻣﻨﻪ ﻣﻘﺎﺻﺪي‬ ‫إن ﺷﺌﺖ ﺷﺎء و إن أﻣﺮت ﻓﺄﻣﺮﻩ‬

‫‪16 ‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫ﻣﺎ ﺷﺎء ﻳﺼﻨﻊ ﺣﺎﺳﺪي و ﻣﻌﺎﻧﺪي‬ ‫ﻓﺄﻧﺎ اﻟﺬي أهﻮى و ﻣﻦ أهﻮى أﻧﺎ‬

‫*ﻓﺼـﻞ*‬
‫ﺛﻢ إﻋﻠﻢ وﻓﻘﻚ اﷲ أن اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻻ ﻳﻮﺻﻒ ﺑﺸﻲء ﻣﻤﺎ أﺷﺮﻧﺎ إﻟﻴﻪ ﻓﻲ اﻷﺣﺎدﻳﺚ وﻻ ﻓﻲ‬
‫ﻏﻴﺮهﺎ ﺑﺤﻠﻮل و ﻻ ﺗﺰول وﻻ إﺗﺼﺎل وﻻ إﻧﻔﺼﺎل و ﻻ ﻣﻼﻣﺴﺔ ﻣﺠﺎﻧﺴﺔ ﻓﺈﺣﺬر أن ﻳﺨﺘﻠﺞ ﻓﻲ‬
‫ﻓﻬﻤﻚ أو وهﻤﻚ ﺷﻲء ﻣﻦ ذل ﻓﺘﻬﻮى ﻓﻲ اﻟﻤﻬﺎﻟﻚ ﻓﻜﻞ ﻣﺎ ﻗﺪرﺗﻪ ﻓﻲ ﺑﺎﻟﻚ ﻓﺎﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﺨﻼف‬
‫ذﻟﻚ وأﻳﻦ اﻟﺤﺎدث اﻟﻔﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻘﺪﻳﻢ اﻟﺒﺎﻗﻲ وأﻳﻦ اﻟﻌﺒﺪ اﻟﺬﻟﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﻤﻮﻟﻰ اﻟﺠﻠﻴﻞ ﻓﺈن ﻓﻬﻤﺖ ﻣﻦ‬
‫ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪﴿ :‬وإذا ﺳﺄﻟﻚ ﻋﺒﺎدي ﻋﻨﻲ ﻓﺈﻧﻲ ﻗﺮﻳﺐ أﺟﻴﺐ دﻋﻮة اﻟﺪاع إذا دﻋﺎن﴾ وﻣﻦ ﻗﻮﻟﻪ‪ :‬ﻣﻦ‬
‫ﺗﻘﺮب ﻣﻨﻲ ﺷﺒﺮًا ﺗﻘﺮﺑﺖ ﻣﻨﻪ ذراﻋًﺎ وﻣﻦ ﺗﻘﺮب ﻣﻨﻲ ذراﻋًﺎ ﺗﻘﺮﺑﺖ ﻣﻨﻪ ﺑﺎﻋًﺎ ﻓﻬﺬا و أﺷﺒﺎهﻪ‬
‫إن ﺧﻄﺮ ﺑﺒﺎﻟﻚ أو ﺗﺼﻮر ﻓﻲ ﺧﻴﺎﻟﻚ أن ذﻟﻚ ﻗﺮب ﻣﺴﺎﻓﺔ وﻣﺸﻲ ﺟﺎرﺣﻪ وﻧﺰول و إﻧﺘﻘﺎل‬
‫ﻓﺄﻧﺖ ﻻ ﺷﻚ هﺎﻟﻚ و اﷲ ﺑﺨﻼف ذﻟﻚ ﻣﻨﺰﻩ ﻋﻦ اﻟﺴﻠﻮك وﻗﺮﺑﻚ ﻣﻨﻪ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺎﻟﻚ و إﻧﻤﺎ ﻣﻌﻨﻰ‬
‫ﻗﺮﺑﻪ ﻣﻨﻚ وﻗﺮﺑﻚ ﻣﻨﻪ ﺑﺎﻟﺨﺪﻣﺔ وهﻮ ﻳﺘﻘﺮب إﻟﻴﻚ ﺑﺎﻟﺮﺣﻤﺔ و أﻧﺖ ﺗﺘﻘﺮب إﻟﻴﻪ ﺑﺎﻟﺴﺠﻮد وهﻮ‬
‫ﻳﺘﻘﺮب ﺑﺎﻟﺠﻮد و أﻧﺖ ﺗﺘﻘﺮب ﺑﺎﻟﻄﺎﻋﺔ وهﻮ ﻳﺘﻘﺮب ﺑﺘﻮﻓﻴﻖ اﻻﺳﺘﻄﺎﻋﺔ ﻗﺎل ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺼﻼة و‬
‫اﻟﺴﻼم ﻣﺨﺒﺮًا ﻋﻦ رﺑﻪ إن أﻓﻀﻞ ﻣﺎ ﻳﺘﻘﺮب ﺑﻪ ﻋﺒﺎدي إﻟﻲ أداء ﻣﺎ إﻓﺘﺮﺿﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﺄﺧﺒﺮ‬
‫ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻋﺒﺎدﻩ أن ﺗﻘﺮﺑﻬﻢ اﻟﻴﻪ ﺑﺎﻟﻌﺒﺎدة ﺛﻢ ﻗﺮﺑﻪ ﻣﻨﻚ ﻓﻲ اﻟﻴﻮم ﻣﺎ ﺧﺼﻚ ﺑﻪ ﻣﻦ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ وﻣﺤﺒﺘﻪ‬
‫وﻃﺎﻋﺘﻪ وﻗﺮﺑﻪ ﻣﻨﻚ ﻓﻲ ﻏﺪ ﺑﻤﺎ ﻳﺤﺼﻞ ﻣﻦ ﻣﺸﺎهﺪﺗﻪ وﻣﺨﺎﻃﺒﺘﻪ ﺷﻔﺎهًﺎ وآﻔﺎﺣًﺎ ﺛﻢ هﻮ ﻓﻲ‬
‫اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻗﺮب اﻟﻰ آﻞ ﺷﻲء ﻣﻦ آﻞ ﺷﻲء ﻟﻴﺲ ﺷﻲء أﻗﺮب إﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﺷﻲء وهﻮ أﺑﻌﺪ ﻣﻦ آﻞ‬
‫ﺷﻲء ﻣﻦ آﻞ ﺷﻲء ﻟﻴﺲ ﺷﻲء أﺑﻌﺪ ﻋﻨﻪ ﻣﻦ ﺷﻲء ﻓﻬﻮ ﻓﻲ ﻗﺮﺑﻪ ﺑﻌﻴﺪ وﻓﻲ ﺑﻌﺪﻩ ﻗﺮﻳﺐ وﻗﺮﺑﻪ‬
‫ﻣﻦ ﺧﻠﻘﻪ ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ أﻗﺴﺎم اﻻول ﻗﺮب ﻋﺎم وهﻮ ﻗﺮب اﻟﻌﻠﻢ واﻟﻘﺪرة واﻹرادة وهﻮ ﻗﻮﻟﻪ‬
‫ﺗﻌﺎﻟﻰ‪﴿ :‬ﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﻣﻦ ﻧﺠﻮى ﺛﻼﺛﺔ اﻻ هﻮ راﺑﻌﻬﻢ﴾ و اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻗﺮب اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ و هﻮ‬
‫ﻗﺮب اﻟﺮﺣﻤﺔ و اﻟﺒﺮ و اﻟﻠﻄﻒ وهﻮ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪﴿ :‬وهﻮ ﻣﻌﻜﻢ أﻳﻨﻤﺎ آﻨﺘﻢ﴾ واﻟﺜﺎﻟﺚ ﻗﺮﺑﻪ ﺧﺎﺻﺔ‬
‫اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﻘﺮﺑﻴﻦ وهﻮ ﻗﺮب اﻟﺤﻔﻆ واﻟﻜﻼءة واﻟﻨﺼﺮ واﻹﺟﺎﺑﺔ وذﻟﻚ ﻟﻸﻧﺒﻴﺎء واﻟﻤﺮﺳﻠﻴﻦ‬
‫ﺻﻠﻮات اﷲ ﻋﻠﻴﻬﻢ أﺟﻤﻌﻴﻦ هﻮ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪﴿ :‬وﻧﺤﻦ أﻗﺮب إﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﺣﺒﻞ اﻟﻮرﻳﺪ﴾ ﻓﺎﻟﻌﺒﺪ ﻟﻪ ﻓﻲ‬
‫ﻗﺮﺑﻪ ﺛﻼث ﻣﺮاﺗﺐ اﻻول ﻗﺮب اﻷﺑﺪان وهﻮ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﺑﺎﻷرآﺎن اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻗﺮب اﻟﻘﻠﺐ وهﻮ‬
‫اﻟﺘﺼﺪﻳﻖ واﻹﻳﻤﺎن واﻟﺜﺎﻟﺚ ﻗﺮب اﻟﺮوح ﺑﺎﻟﺘﺤﻘﻴﻖ واﻻﺣﺴﺎن ﺛﻢ اﻟﺤﻖ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ أﻗﺮب اﻟﻰ ﻋﻴﻦ‬
‫اﻻﻧﺴﺎن ﻣﻦ اﻻﻧﺴﺎن وﻣﻦ اﻹﻣﺎق اﻟﻰ اﻷﺟﻔﺎن ﻣﻮﺟﻮد ﻓﻲ آﻞ ﻣﻜﺎن ﻣﺎ ﺧﻼ ﻣﻨﻪ ﻣﻜﺎن ﻣﻨﺰﻩ‬
‫ﻋﻦ اﻟﻤﻜﺎن واﻟﺰﻣﺎن ﻣﻘﺪس ﻋﻦ اﻟﺘﻤﻜﻴﻦ ﻓﻲ إﻣﻜﺎن وﻳﻜﻔﻴﻚ ﻣﺎ ﻓﻲ هﺬﻩ اﻻﺑﻴﺎت ﻣﻦ اﻟﺒﻴﺎن‪:‬‬
‫ﻓﻔﻲ ﻣﻌﻨﺎك ﻓﺈﻃﻠﺒﻨﻲ ﺗﺠﺪﻧﻲ‬ ‫ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻮﺻﻞ ﺳﻬﻞ أن ﺗﺮدﻧﻲ‬
‫وﺣﻴﺚ ﺗﺮوح ﻓﺈﻃﻠﺒﻨﻲ ﺗﺠﺪﻧﻲ‬ ‫ﻗﺮﻳﺐ ﺣﻴﺚ آﻨﺖ وﺣﻴﺚ ﺗﻐﺪو‬
‫ﺑﻌﻴﺪ ﻋﻨﻚ ﻓﺈﻃﻠﺒﻨﻲ ﺗﺠﺪﻧﻲ‬ ‫ﻦ أﻧﻲ‬
‫وﻟﻢ أك ﻏﺎﺋﺒ ًﺎ ﻓﺘﻈ ﱡ‬
‫‪17 ‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫آﺄﻧﻚ ﻓﻲ إﺗﺤﺎد اﻟﻘﺮب أﻧﻲ‬ ‫وإﻧﻲ ﻣﻨﻚ أﻗﺮب ﻣﻨﻚ ﺣﺘﻰ‬
‫آﻘﺎب اﻟﻘﻮس ﻓﺈﻃﻠﺒﻨﻲ ﺗﺠﺪﻧﻲ‬ ‫وإﻧﻲ ﻣﻨﻚ ﻓﻲ ﻗﺮب وﺑﻌﺪ‬
‫وﻟﻜﻦ ﻳﺎ ﻗﺘﻴﻞ اﻟﺸﻮق ﺳﻠﻨﻲ‬ ‫ﻓﻼ ﺗﺴﺄل ﻣﻦ اﻟﻌﺸﺎق ﻋﻨﻲ‬
‫ﻓﻘﺎﻃﻊ آﻞ ﻣﻦ ﺗﻬﻮى وﺻﻠﻨﻲ‬ ‫ﻲ ﺷﻮﻗًﺎ‬
‫وإن ﺗﻚ ﻗﺪ ﻇﻤﺌﺖ اﻟ ﱠ‬
‫ﻣﻦ اﻟﻮاﺷﻴﻦ ﻣﺎ ﻧﻘﻠﻮﻩ ﻋﻨﻲ‬ ‫وﺻﺮح ﺑﺎﺳﻢ ﻣﻦ ﺗﻬﻮى ودﻋﻨﻲ‬
‫ﻓﻘﺎﻃﻌﻨﻲ و ودﻋﻨﻲ ودﻋﻨﻲ‬ ‫ﻼ‬
‫وان ﺗﻚ ﺗﺒﺘﻐﻲ ﻋﻨﻲ ﺑﺪﻳ ً‬
‫وﺗﺤﻤﺪ آﻞ أﻣﺮ آﺎن ﻣﻨﻲ‬ ‫ﺳﺘﺬآﺮﻧﻲ إذا ﺟﺮﺑﺖ ﻏﻴﺮي‬
‫*ﻓﺼــﻞ*‬
‫ﺛﻢ إﻋﻠﻢ أن اﻟﺴﻴﺪ اﻟﺒﺮ اﻟﻠﻄﻴﻒ ﻳﻼﻃﻒ ﻋﺒﺪﻩ اﻟﻀﻌﻴﻒ ﻓﻴﻌﺎﻣﻠﻪ ﺑﺼﻔﺔ اﻹﻓﻀﺎل ﻻ‬
‫ﺑﺼﻔﺔ اﻟﺠﻼل ﻓﺈﻧﻪ ﻟﻮ ﻋﺎﻣﻠﻚ ﺑﺼﻔﺔ ﺟﻼﻟﻪ ﻟﺘﻘﻄﻌﺖ ﻧﻴﺎط ﻗﻠﺒﻚ ﻟﻔﻘﺪ اﻟﻮﺻﻮل اﻟﻴﻪ وإﻧﻤﺎ ﻳﻌﺎﻣﻠﻚ‬
‫ﺑﺼﻔﺎت ﻟﻄﻔﻪ وﻳﺘﻌﻄﻒ ﻋﻠﻴﻚ ﻣﻦ ﺗﻌﻄﻔﺎت ﻋﻄﻔﻪ ﻓﻜﻠﻤﺎ زدﺗﻪ ﺗﻌﻈﻴﻤًﺎ زادك ﺗﻜﺮﻳﻤًﺎ وآﻠﻤﺎ ﻓﻄﻢ‬
‫اﻟﻌﺒﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻦ ﺛﺪي ﺣﺴﻪ وﺟﻨﺴﻪ ﻏﺬّاﻩ ﺑﻠﺒﺎن ﻟﻄﻔﻪ و أﻧﺴﻪ وآﻠﻤﺎ ﻗﻄﻊ ﻋﻦ ﺑﺸﺮﻳﺘﻪ ﻣﺎدة‬
‫ﻣﺄﻟﻮﻓﻪ أﻣﺪﻩ ﺑﻤﺪد ﻣﻌﺮوﻓﻪ‪ .‬أﻻ ﺗﺮى أن اﻟﻠﺒﻼﺑﺔ وهﻲ ﺣﺸﻴﺸﺔ ﺣﻤﺮاء ﻻ ورق ﻟﻬﺎ ﺗﻄﻠﻊ اﻟﻰ‬
‫ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻜﺮﻣﺔ وﺗﻠﺘﻒ ﺑﻬﺎ ﻓﺘﺸﺐ ﻣﻨﻬﺎ وﺗﻨﻤﻮ ﺑﻨﻤﻮهﺎ وﺗﺨﻀﺮ ﺑﺨﻀﺮﺗﻬﺎ ﻻ ﺗﺒﺎﻟﻲ ﻓﻠﻮ ﻗﻄﻌﺖ‬
‫ﺗﻠﻚ اﻟﻠﺒﻼﺑﺔ ﻣﻦ أﺻﻠﻬﺎ وﻣﻨﺒﺘﻬﺎ ﻟﺒﻘﻴﺖ ﺑﺒﻘﺎء اﻟﻜﺮﻣﺔ ﺗﻨﻤﻮ ﺑﻨﻤﻮهﺎ وﺗﺨﻀﺮ ﺑﺨﻀﺮﺗﻬﺎ ﻻ ﺗﺒﺎﻟﻲ‬
‫ﻋﻨﻪ وﻻ ﺑﻤﺎ ﻓﺼﻠﺖ ﻣﻨﻪ ﻓﻤﺎ ﺑﺎﻟﻚ ﺑﻤﻦ ﺗﻠﺒﻠﺒﺖ ﻟﺒﻼﺑﺔ ﻗﻠﺒﻪ ﺑﻜﺮم آﺮﻣﻪ و إﻧﻌﻄﻔﺖ ﻋﻠﻴﻪ وﻣﺎﻟﺖ‬
‫إﻟﻴﻪ و إﻧﻘﻄﻌﺖ ﻣﺎدﺗﻬﺎ ﻋﻤﺎ ﺳﻮاﻩ ﻓﻠﻢ ﺗﻌﺮف إﻻ إﻳﺎﻩ ﻓﺬآﺮﻩ ﻣﺼﺤﻮﺑﻬﺎ وﺣﺒﻪ ﻣﻄﻌﻮﻣﻬﺎ‬
‫وﻣﺸﺮوﺑﻬﺎ ﻗﺎل ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺼﻼة و اﻟﺴﻼم إﻧﻲ ﻟﺴﺖ آﺄﺣﺪآﻢ إﻧﻲ أﺑﻴﺖ ﻋﻨﺪ رﺑﻲ ﻳﻄﻌﻤﻨﻲ‬
‫وﻳﺴﻘﻴﻨﻲ ﻓﻠﻴﺲ هﺬا ﻣﻦ ﻃﻌﺎم ﺑﺨﺒﺰ و إدام و إﻧﻤﺎ هﻮ ﻃﻌﺎم ﺑﺮ و إﻧﻌﺎم و ﻓﻀﻞ و إآﺮام و‬
‫ﻣﺤﺒﺔ و إﺣﺘﺮام و آﺎن ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺼﻼة و اﻟﺴﻼم ﻳﺸﻐﻠﻪ ﻣﺎ ﻳﻔﻴﺾ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ اﻹﻧﻌﺎم اﻟﻮﺣﻲ‬
‫واﻹﻣﺪاد اﻟﻐﻴﺒﻲ واﻟﺸﻬﻮد اﻟﻘﺮﺑﻲ ﻋﻦ اﻟﻄﻌﺎم واﻟﺸﺮاب وﻓﻲ ذﻟﻚ ﻗﻠﺖ أﺑﻴﺎﺗًﺎ‪:‬‬
‫ﺛﻢ دﻋﻨﻲ ﻓﻤﺎ ﻋﻠﻴﻚ رﺷﺎدي‬ ‫ﻳﺎ ﻋﺬوﻟﻲ ﺳﻠﻢ إﻟﻰ ﻗﻴﺎدي‬
‫وآﺬا ذآﺮﻩ ﺑﻼﻏﻲ وزادي‬ ‫ﺣﺒﻪ راﺣﺘﻲ وروح ﺣﻴﺎﺗﻲ‬
‫آﻠﻤﺎ ﻋﺎدﻧﻲ ﺑﻠﻐﺖ ﻣﺮادي‬ ‫وإذا ﻣﺎ ﻣﺮﺿﺖ ﻓﻬﻮ ﻃﺒﻴﺒﻲ‬
‫ﻋﻦ ﺣﻤﺎﻩ ﻓﻮﺟﻬﻪ ﻟﻲ هﺎدي‬ ‫وإذا ﻣﺎ ﺿﻠﻠﺖ أو ﺿﻞ رآﺐ‬
‫أو ﻓﻘﻞ ﻟﻲ ﻣﺎ ﺣﻴﻠﺘﻲ واﻋﺘﻤﺎدي‬ ‫ﻳﺎ ﻋﺬوﻟﻲ ﻓﻜﻦ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﺬﻳﺮي‬

‫‪18 ‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫ﺣﺒﻪ ﻣﺬهﺒﻲ وﺣﺴﻦ اﻋﺘﻘﺎدي‬ ‫إن ﺗﻠﻤﻨﻲ او ﻻ ﺗﻠﻤﻨﻲ ﻓﺈن‬
‫ﻓﻜﺎن رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ ﺗﺎرة ﻳﺆﺧﺬ ﻣﻨﻪ ﻓﻴﻘﻮل ﻟﺴﺖ آﺄﺣﺪآﻢ وﺗﺎرة ﻳﺮد‬
‫ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻴﻘﻮل إﻧﻤﺎ أﻧﺎ ﺑﺸﺮ ﻣﺜﻠﻜﻢ وﺗﺎرة ﺗﺴﺘﻐﺮﻗﻪ اﻟﻤﺸﺎهﺪات اﻟﺮﺑﺎﻧﻴﺔ ﻓﻴﻘﻮل ﻟﻲ وﻗﺖ ﻻ ﻳﺴﻌﻨﻲ‬
‫ﻓﻴﻪ ﻏﻴﺮ رﺑﻲ وﺗﺎرة ﺗﺨﺘﻄﻔﻪ اﻟﺠﺬﺑﺎت اﻟﻘﺮﻳﺒﺔ ﻓﻴﻘﻮل ﻣﺎ أدري ﻣﺎ ﻳﻔﻌﻞ ﺑﻲ وﻻ ﺑﻜﻢ ﺛﻢ إﻋﻠﻢ ان‬
‫اﻟﻮاردات اﻟﺘﻲ آﺎﻧﺖ ﺗﺮد ﻋﻠﻴﻪ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﺛﻼث ﻣﻮارد ﻟﻜﻞ ﻣﻮرد ﻣﻨﻬﺎ ﻣﻮرد‬
‫وﻣﺼﺪر وهﻲ اﻻرواح اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻟﺮوح اﻷﻣﻴﻦ وهﻮ ﺟﺒﺮﻳﻞ وروح اﻟﻘﺪس وروح اﻷﻣﺮ ﻓﻤﻮرد‬
‫اﻟﺮوح اﻷﻣﻴﻦ ﻇﺎهﺮ اﻟﻘﻠﺐ وهﻮ اﻟﻔﺆاد وﻟﻠﻔﺆاد ﺳﻤﻊ وﺑﺼﺮ وهﻮ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪﴿ :‬ﻣﺎ آﺬب اﻟﻔﺆاد‬
‫ﻣﺎ رأى﴾ ﻓﺎﻟﺮوح اﻷﻣﻴﻦ ﻳﺮد ﺳﻔﺢ اﻟﻘﻠﺐ وهﻮ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪﴿ :‬ﻧﺰل ﺑﻪ اﻟﺮوح اﻷﻣﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﻗﻠﺒﻚ﴾‬
‫وﻣﺼﺪرﻩ ﻣﻦ ﻋﺎﻟﻢ ﺳﺪرة اﻟﻤﻨﺘﻬﻰ إذ إﻟﻴﻬﺎ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﻋﻠﻮم اﻟﺨﻼﺋﻖ ﻓﻴﺮد ﺑﻤﻮاهﺐ اﻷﻓﻌﺎل وهﺬا‬
‫ﻋﻠﻢ اﻟﻴﻘﻴﻦ وروح اﻟﻘﺪس ﻣﻮردﻩ ﺑﺎﻃﻦ اﻟﻘﻠﺐ وهﻮ اﻟﺴﻮﻳﺪاء وهﻮ ﻣﺤﻞ اﻟﻨﻔﺚ وإﻟﻴﻪ إﺷﺎرﺗﻪ‬
‫ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺼﻼة و اﻟﺴﻼم ﺑﻘﻮﻟﻪ أن روح اﻟﻘﺪس ﻧﻔﺚ ﻓﻲ روﻋﻲ واﻟﻨﻔﺚ ﻣﺎ ﻳﻠﻘﻴﻪ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ اﻟﻰ‬
‫ﻋﺒﺪﻩ إﻟﻬﺎﻣ ًﺎ آﺸﻔﻴًﺎ ﺑﻤﺸﺎهﺪة ﻋﻴﻦ اﻟﻴﻘﻴﻦ وﻣﺼﺪرﻩ ﻣﻦ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻘﺪرة ﻓﻴﺮد ﺑﺤﻘﺎﺋﻖ اﻻﺳﻤﺎء‬
‫وروح اﻷﻣﺮ ﻣﻮردﻩ اﻟﺴﺮ وهﻮ ﺑﺎﻃﻦ اﻟﺴﻮﻳﺪاء وﻣﺼﺪرﻩ ﻣﻦ ﻋﻴﻦ اﻟﻘﺪرة اﻟﻤﻄﻠﻘﺔ اﻟﺮﺑﺎﻧﻴﺔ‬
‫واﻟﺤﻀﺮة اﻟﻮﺣﺪاﻧﻴﺔ ﻓﻴﺮد ﺑﺘﺠﻠﻴﺎت أﻧﻮار اﻟﺼﻔﺎت وهﺬﻩ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺣﻖ اﻟﻴﻘﻴﻦ ﻗﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪:‬‬
‫﴿وآﺬﻟﻚ أوﺣﻴﻨﺎ اﻟﻴﻚ روﺣًﺎ ﻣﻦ أﻣﺮﻧﺎ ﻣﺎ آﻨﺖ ﺗﺪري ﻣﺎ اﻟﻜﺘﺎب وﻻ اﻹﻳﻤﺎن﴾ وﻣﻦ هﻬﻨﺎ‬
‫﴿ﻓﺄوﺣﻰ اﻟﻰ ﻋﺒﺪﻩ ﻣﺎ أوﺣﻰ﴾ ﻓﺎﻟﺮوح اﻷﻣﻴﻦ ﻳﻨﻄﻖ ﻋﻦ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻤﻠﻚ وروح اﻟﻘﺪس ﻳﻨﻄﻖ ﻋﻦ‬
‫ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻤﻠﻜﻮت وروح اﻷﻣﺮ ﻳﻨﻄﻖ ﻋﻦ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﺠﺒﺮوت اﻷﻣﻴﻦ إذا ﺗﺠﻠﻰ ﻟﺼﻔﺢ اﻟﻘﻠﺐ اﺻﻄﻠﻢ‬
‫وﻏﺎب ﻏﻴﺒﺔ اﻟﻬﻴﺒﺔ وﻣﻦ هﻬﻨﺎ ﻳﻮم زﻣﻠﻮﻧﻲ زﻣﻠﻮﻧﻲ وروح اﻟﻘﺪس إذا إﺳﺘﻮﻟﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻠﺐ‬
‫ﻏﻠﺐ ﻏﻴﺒﺔ اﻟﺤﻀﻮر ﺑﻤﺸﺎهﺪة اﻟﻌﻠﻮﻳﺎت اﻟﻤﻠﻜﻮﺗﻴﺔ وﻣﻦ هﻬﻨﺎ ﻟﺴﺖ آﺄﺣﺪآﻢ إﻧﻲ أﻇﻞ ﻋﻨﺪ رﺑﻲ‬
‫ﻳﻄﻌﻤﻨﻲ وﻳﺴﻘﻴﻨﻲ ﺛﻢ ﻳﺮﺟﻊ ﻣﻦ ﻏﻴﺒﺔ اﻟﺤﻀﻮر ﻓﻴﺜﺒﺖ ﻣﺎ ﺷﺎهﺪﻩ ﻣﻦ اﻟﻤﻠﻜﻮت ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻤﻠﻚ‬
‫وهﻮ ﻣﻌﻨﻰ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪﴿ :‬ﻗﻞ ﻧﺰﻟﻪ روح اﻟﻘﺪس ﻣﻦ رﺑﻚ اﻟﺤﻖ ﻟﻴﺜﺒﺖ اﻟﺬﻳﻦ ﺁﻣﻨﻮا وهﺪى‬
‫وﺑﺸﺮى ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﻴﻦ﴾ وﻣﻦ هﻬﻨﺎ إﺷﺎرة أﻧﻪ ﻟﻴﻐﺎن ﻋﻠﻰ ﻗﻠﺒﻲ ﻟﻴﺲ ذﻟﻚ ﻏﻴﻦ ﺣﺠﺎب وﻻ ﻏﻔﻠﺔ‬
‫ﻓﻤﻦ ﻇﻦ ذﻟﻚ ﺑﻨﺒﻴﻪ ﻓﻘﺪ أﺧﻄﺄ ﻓﻲ ﺣﻘﻪ و أﺳﺎء ﻇﻨﻪ ﺑﻪ وإﻧﻤﺎ آﺎن ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺼﻼة و اﻟﺴﻼم‬
‫ﺗﺴﺘﻐﺮﻗﻪ أﻧﻮار اﻟﺘﺠﻠﻴﺎت ﻓﻴﻐﻴﺐ ﺑﺬﻟﻚ اﻟﺤﻀﻮر ﺛﻢ ﻳﺴﺄل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ أن ﻳﺴﺘﺮ ﻋﻠﻴﻪ ﺣﺎﻟﻪ ﻓﻴﻄﻠﺐ‬
‫اﻟﻤﻐﻔﺮة وهﻲ اﻟﺴﺘﺮ ﻷﻧﻬﺎ ﻣﺄﺧﻮذة ﻣﻦ اﻟﻤﻐﻔﺮ ﻓﻜﺄﻧﻪ ﺳﺄل أن ﻳﺴﺘﺮ ﺣﺎﻟﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻏﻴﺮة ﻣﻨﻪ ﻋﻠﻴﻪ‬
‫ﻷن اﻟﺨﻮاص ﻟﻮ دام ﻟﻬﻢ اﻟﺘﺠﻠﻲ وﻣﺎ ﻳﻜﺎﺷﻔﻬﻢ ﺑﻪ ﻟﺘﻼﺷﻮا ﻋﻨﺪ ﻇﻬﻮر ﺳﻠﻄﺎن اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻓﺎﻟﺴﺘﺮ‬
‫ﻟﻬﻢ هﻨﺎﻟﻚ رﺣﻤﺔ واﻣﺎ اﻟﺴﺘﺮ ﻟﻠﻌﻮام ﻓﻌﻘﻮﺑﺔ ﻷﻧﻪ ﺣﺠﺎب ﻟﻬﻢ وﻏﻄﺎء ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻰ ﺑﺼﺎﺋﺮهﻢ ﻓﻬﻢ‬
‫ﻣﺴﺘﺘﺮون ﻋﻨﻪ ﺑﻐﻴﺮﻩ واﻟﺨﻮاص ﻣﺴﺘﻮرون ﺑﻪ ﻋﻤﺎ ﺳﻮاﻩ و أﻣﺎ روح اﻷﻣﺮ إذا إﺳﺘﻮﻟﻰ أﺧﺬﻩ‬
‫ﻣﻨﻪ وﻏﻴﺒﻪ ﻋﻨﻪ ﺣﺘﻰ ﻳﻨﻈﺮ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ اﻟﺮﺑﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ دار اﻟﻔﺮداﻧﻴﺔ وﻣﻦ هﻬﻨﺎ ﻟﻲ وﻗﺖ ﻻ ﻳﺴﻌﻨﻲ‬
‫ﻓﻴﻪ ﻏﻴﺮ رﺑﻲ ﻓﺮوح اﻟﻘﺪس ﻣﺘﻠﻖ ﻣﻦ روح اﻷﻣﺮ واﻟﺮوح اﻷﻣﻴﻦ ﻣﺘﻠﻖ ﻣﻦ روح اﻟﻘﺪس وهﻮ‬
‫ﺳﺮ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪﴿ :‬وﻻ ﺗﻌﺠﻞ ﺑﺎﻟﻘﺮﺁن ﻣﻦ ﻗﺒﻞ أن ﻳﻘﻀﻲ إﻟﻴﻚ وﺣﻴﻪ﴾ وﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﺘﻠﻘﻴ ًﺎ ﻣﻦ‬
‫ﻏﻴﺮ ﺟﺒﺮﻳﻞ ﻟﻤﺎ آﺎن ﻳﺴﺎﺑﻖ ﺟﺒﺮﻳﻞ ﻓﻲ ﺗﻼوﺗﻪ ﻓﻜﻢ ﺑﻴﻦ ﻳﺎ ﻣﺤﻤﺪ إﻗﺮأ وهﻮ ﻳﻘﻮل ﻳﺎ ﺻﺎح ﻟﺴﺖ‬

‫‪19 ‬‬
‫‪ ‬‬
‫ﺑﻘﺎرىء ﺛﻢ ﻳﺮﺟﻊ اﻟﻰ ﺧﺪﻳﺠﺔ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﻬﺎ وﻳﻘﻮل زﻣﻠﻮﻧﻲ زﻣﻠﻮﻧﻲ إﺷﺎرة اﻟﻰ اﻟﺒﺪاﻳﺎت‬
‫اﻟﻮﺣﻴﻴﺔ وﻳﻮم ﻻ ﺗﻌﺠﻞ إﺷﺎرة اﻟﻰ اﻟﻨﻬﺎﻳﺎت اﻟﻜﺸﻔﻴﺔ وﻧﻈﻴﺮ ذﻟﻚ ﻷهﻞ اﻟﺒﺪاﻳﺎت ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪:‬‬
‫﴿اﻟﺬﻳﻦ إذا ذآﺮ اﷲ وﺟﻠﺖ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ﴾ أي إﻧﺰﻋﺠﺖ وﺧﺎﻓﺖ وهﺬﻩ ﺻﻔﺔ أهﻞ اﻟﺒﺪاﻳﺎت وأﻣﺎ اهﻞ‬
‫اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻓﺼﻔﺘﻬﻢ اﻟﺘﻤﻜﻴﻦ واﻟﺜﺒﺎت واﻟﻄﻤﺄﻧﻴﻨﺔ ﻗﺎل اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ واﺻﻔًﺎ ﻟﻬﻢ ﴿أﻻ ﺑﺬآﺮ اﷲ‬
‫ﺗﻄﻤﺌﻦ اﻟﻘﻠﻮب﴾ وآﺎن ﻣﻌﺮوف اﻟﻜﺮﺧﻲ رﺣﻤﻪ اﷲ آﺜﻴﺮًا ﻣﺎ ﻳﻘﻮل ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺴﻪ ﻋﻨﺪ ذآﺮ‬
‫اﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ ﺗﻨﺰل اﻟﺮﺣﻤﺔ ﻓﻘﺎم اﻟﻴﻪ رﺟﻞ ﻣﻦ أﺻﺤﺎﺑﻪ وﻗﺎل ﻳﺎ ﺳﻴﺪي إذا آﺎن ﻋﻨﺪ ذآﺮ‬
‫اﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ ﺗﻨﺰل اﻟﺮﺣﻤﺔ ﻓﻌﻨﺪ ذآﺮ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﺎذا ﻳﻨﺰل ﻓﻐﺸﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻴﺦ ﺳﺎﻋﺔ ﺛﻢ أﻓﺎق‬
‫وﻗﺎل ﻋﻨﺪ ذآﺮ اﷲ ﺗﻨﺰل اﻟﻄﻤﺄﻧﻴﻨﺔ أﻻ ﺑﺬآﺮ اﷲ ﺗﻄﻤﺌﻦ اﻟﻘﻠﻮب وﻣﻦ هﻬﻨﺎ ﻋﺮف اﻟﺘﻠﻮﻳﻦ‬
‫ق‬
‫واﻟﺘﻤﻜﻴﻦ ﻓﺎﻟﺘﻠﻮﻳﻦ ﻋﺒﺎدة ﻋﻦ اﻹﻧﺘﻘﺎل ﻣﻦ ﺣﺎل اﻟﻰ ﺣﺎل وﺗﺤﻮل ﻣﻦ وﺻﻒ اﻟﻰ وﺻﻒ وﺗﺮ ٍ‬
‫ﻣﻦ ﻣﻘﺎم اﻟﻰ ﻣﻘﺎم ﻓﻬﺬا آﻠﻪ وﺻﻒ ﻣﻦ هﻮ ﻓﻲ اﻟﻄﺮﻳﻖ ﻟﻢ ﻳﺼﻞ إﻟﻰ اﻵن ﻓﻤﺎ دام ﻓﻲ اﻟﻄﺮﻳﻖ‬
‫ﻓﻬﻮ ﻣﺘﻠﻮن ﻓﺈذا وﺻﻞ اﻟﻤﻨﺰل ﻓﻬﻮ ﻣﺘﻤﻜﻦ واﻟﺬي ﻳﺘﺮﺟﺢ ﻋﻨﺪي أن اﻟﻤﺘﻠﻮن ﻗﺎﺑﻞ ﻟﻠﺰﻳﺎدة‬
‫واﻟﻨﻘﺺ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﻪ وﻣﻘﺎﻣﻪ ﺑﺤﺴﺐ ﺗﻘﻠﺒﻪ ﺑﺒﻘﺎﺋﻪ ﻣﻊ ﺑﺸﺮﻳﺘﻪ ورﺟﻮﻋﻪ إﻟﻴﻬﺎ واﻟﺘﻤﻜﻦ أﻣﻦ ﻣﻦ‬
‫اﻟﻨﻘﺺ ﻟﺨﻨﻮس إﺣﺴﺎﺳﻪ و إﻧﺨﻼﻋﻪ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ وﻓﻨﺎﺋﻪ ﻋﻦ ﺟﺜﻤﺎﻧﻴﺘﻪ ﻹﺳﺘﻴﻼء ﺳﻠﻄﺎن اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ‬
‫ﻋﻠﻴﻪ وﻣﺤﻮﻩ ﻓﻲ ﺛﺒﻮﺗﻬﺎ وﻓﻨﺎﺋﻪ ﻓﻲ ﺑﻘﺎﺋﻬﺎ ﻓﻬﻮ ﻣﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺣﺎﻟﻪ ﻻ ﻳﺮدﻩ اﻟﺤﻖ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ‬
‫اﻟﻰ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﻧﻔﺴﻪ وﻻ ﻣﺄﻟﻮﻓﺎت ﺟﻨﺴﻪ ﺑﻞ هﻮ ﻣﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺣﺎﻟﻪ ﺑﺤﺴﺐ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﻣﻦ اﻟﺤﻖ‬
‫ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ )ﻣﻼﺣﻈﺔ( ﻓﻌﻠﻰ هﺬا اﻟﺘﻘﺪﻳﺮ آﺎن ﻣﻮﺳﻰ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼم ﻣﺘﻠﻮﻧًﺎ إذا رﺟﻊ ﻣﻦ‬
‫ﺣﻀﺮة اﻟﻤﻨﺎﺟﺎة واﻟﻤﻜﺎﻟﻤﺔ وﻗﺪ أ ّﺛﺮ ﺣﺎﻟﻪ ﻋﻠﻰ وﺟﻬﻪ ﻓﻼ ﻳﻨﻈﺮ اﺣﺪ اﻟﻴﻪ اﻻ ﻋﻤﻲ ﻟﺘﻤﻜﻦ ﺣﺎﻟﻪ‬
‫ﻓﻴﻪ ﺣﺘﻰ أذن اﷲ ﻟﻪ أن ﻳﺘﺒﺮﻗﻊ و ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺼﻼة و اﻟﺴﻼم آﺎن ﻣﺘﻤﻜﻨًﺎ ﻷﻧﻪ رﺟﻊ ﻣﻦ‬
‫ﺣﻀﺮة اﻟﻤﺸﺎهﺪة وﻟﻢ ﻳﺆﺛﺮ ﻓﻴﻪ ﺣﺎﻟﻪ وﻻ ﺗﻐﻴﺮ ﻋﻠﻴﻪ أﻣﺮ ﻓﻬﻮ ﻣﺘﻤﻜﻦ ﻷﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺰل ﻓﻲ ﺣﻀﺮة‬
‫وﻣﺸﺎهﺪة ﻓﻨﻘﻞ ﻣﻦ ﺣﻀﺮة اﻟﻰ ﺣﻀﺮة وﻣﻦ رؤﻳﺔ اﻟﻰ رؤﻳﺔ وهﻮ ﻣﻌﻨﻰ ﻗﻮﻟﻪ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺼﻼة و‬
‫اﻟﺴﻼم ﻟﺴﺖ آﺄﺣﺪآﻢ وآﻘﻮﻟﻪ ﻟﻲ وﻗﺖ ﻻ ﻳﺴﻌﻨﻲ ﻓﻴﻪ ﻏﻴﺮ رﺑﻲ وﻧﻈﻴﺮ هﺬا ﻗﺼﺔ زﻟﻴﺨﺎ‬
‫وﺻﻮاﺣﺒﺎﺗﻬﺎ آﻦ ﺻﻮاﺣﺒﺎﺗﻬﺎ أﺻﺤﺎب ﺗﻠﻮﻳﻦ ﻓﻠﺬﻟﻚ ﻟﻢ ﻳﻄﻘﻦ اﻟﺜﺒﻮت ﻋﻨﺪ ﺗﺠﻠﻲ ﺟﻤﺎل ﻳﻮﺳﻒ‬
‫ﻦ ﻋﻦ ﻃﻮر اﻹﺣﺴﺎس‬ ‫ﻦ اﻟﺤﺎل وأﺧﺮﺟﻬ ﱠ‬ ‫ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼم ﺑﻞ دهﺸﻦ ﺑﻤﺸﺎهﺪﺗﻪ ﺣﺘﻰ أ ّﺛﺮ ﻓﻴﻬ ﱠ‬
‫ﻦ وﻟﻢ‬
‫ﻦ اﻷﻟﺘﺒﺎس ﺣﺘﻰ ﻗﻠﻦ ﺣﺎﺷﺎ ﷲ ﻣﺎ هﺬا ﺑﺸﺮًا إن هﺬا اﻻ ﻣﻠﻚ آﺮﻳﻢ وﻗﻄﻌﻦ اﻳﺪﻳﻬ ﱠ‬ ‫واﻋﺘﺮاه ﱠ‬
‫ﻳﺸﻌﺮن واﻣﺎ زﻟﻴﺨﺎ ﻓﻠﺘﻤﻜﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﻬﺎ ﻣﺎ ﺗﻐﻴﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺤﺎل وﻻ اﺛﺮ ذﻟﻚ ﻓﻴﻬﺎ ﻷﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﺰل ﻓﻲ‬
‫ﻣﺸﺎهﺪة ﻳﻮﺳﻒ ﺣﺎﺿﺮة ﻣﻌﻪ وﻗﺪ أﻧﺸﺪ ﻟﺴﺎن ﺣﺎﻟﻬﺎ ﻣﺘﺮﺟﻤًﺎ ﻋﻦ ﺣﺎﻟﻬﺎ ﻓﻘﻠﺖ ﻓﻲ ذﻟﻚ‪:‬‬
‫ﻓﻼ ﻣﻬﺠﺘﻲ ﺗﺸﻔﻰ وﻻ آﺒﺪي ﺗﺮوى‬ ‫إذا ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻌﻨﻰ ﺣﺪﻳﺜﻚ ﻟﻲ ﻳﺮوى‬
‫وﻟﻮﻻك ﻣﺎ ﻃﺎب اﻟﻬﻮى ﻟﻠﺬي ﻳﻬﻮى‬ ‫ﻧﻈﺮت ﻓﻠﻢ أﻧﻈﺮ ﺳﻮاك أﺣﺒﻪ‬
‫وﻏﻴﺒﺖ ﻗﺎل اﻟﻨﺎس ﺿﻠﺖ ﺑﻪ اﻻهﻮا‬ ‫ﻟﻮ ﻣﺎ اﺟﺘﻼك اﻟﻔﻜﺮ ﻓﻲ ﺧﻠﻮة اﻟﺮﺿﻰ‬
‫وﻟﻜﻨﻬﻢ ﻟﻤﺎ ﻋﻤﻮا أﺧﻄﺄوا اﻟﻔﺘﻮى‬ ‫ﻟﻌﻤﺮك ﻣﺎ ﺿﻞ اﻟﻤﺤﺐ وﻣﺎ ﻏﻮى‬

‫‪20 ‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫ﺷﻬﺪت ﺑﻌﻴﻦ اﻟﻘﻠﺐ ﻣﺎ أﻧﻜﺮوا اﻟﺪﻋﻮى‬
‫ﺧﻠﻴﻊ ﻋﺬار ﺳﺮﻩ ﻓﻲ اﻟﻬﻮى ﻧﺠﻮى‬
‫ﻋﻠﻴﻚ وﻃﺎﺑﺖ ﻓﻲ ﻣﺤﺒﺘﻚ اﻟﺒﻠﻮى‬
‫وﻋﺎر ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺸﺎق إن ﻳﻌﻠﻨﻮا اﻟﺸﻜﻮى‬
‫وﻋﻨﺪي أﺳﺒﺎب اﻟﻬﻮى آﻠﻬﺎ أدوا‬
‫وﻟﻜﻨﻤﺎ ﺣﻜﻢ اﻟﻬﻮى ﻏﻠﺐ اﻟﺘﻘﻮى‬
‫ﻓﻠﻮ ﺷﺎهﺪوا ﻣﻌﻨﻰ ﺟﻤﺎﻟﻚ ﻣﺜﻠﻤﺎ‬
‫ﺧﻠﻌﺖ ﻋﺬارى ﻓﻲ هﻮاك وﻟﻢ ﻳﻜﻦ‬
‫وﻣﺰﻗﺖ أﺛﻮاب اﻟﻮﻗﺎر ﺗﻬﺘﻜًﺎ‬
‫ﻓﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻬﻮى ﺷﻜﻮى وﻟﻮ ﻣﺰق اﻟﺤﺸﺎ‬
‫و ﻣﺎ ﻋﻤﻠﻮا ﻟﻠﺤﺐ داء ﺳﻮى اﻟﻬﻮى‬
‫وآﻢ آﻨﺖ ﻣﻦ ﺧﻮف اﻟﻬﻮى أﺗﻘﻲ اﻟﻬﻮى‬

‫*ﻓﺼﻞ*‬
‫و إﻋﻠﻢ أن اﻟﺘﻠﻮن واﻟﺘﻤﻜﻦ وﺻﻔﺎن ﻳﺸﻴﺮان اﻟﻰ ﺣﺎﻟﻴﻦ ﻓﻲ ﻣﺤﻠﻴﻦ ﻓﺤﺎل اﻟﺘﻠﻮﻳﻦ ﻓﻲ‬
‫ﻣﺤﻞ دار اﻟﻤﻠﻚ وﺣﺎل اﻟﺘﻤﻜﻴﻦ ﻓﻲ ﻣﺤﻞ دار اﻟﻤﻠﻜﻮت وهﻤﺎ ﻋﺎﻟﻤﺎ اﻟﻐﻴﺐ واﻟﺸﻬﺎدة ﻓﻤﻦ ﺷﻬﺪ‬
‫ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻐﻴﺐ ﻏﺎب ﻋﻦ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﺸﻬﺎدة ﻓﻠﻢ ﻳﺒﻖ ﻟﻪ رﺟﻮع اﻟﻰ ﻣﺎ ﻏﺎب ﻋﻨﻪ ﻓﻬﻮ ﻣﺘﻤﻜﻦ ﻓﻲ‬
‫ﺷﻬﻮدﻩ ﻏﺎﺋﺐ ﻋﻦ وﺟﻮدﻩ وﻧﺴﺒﺔ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻵدﻣﻲ ﻗﻠﺒﻪ وﻗﺎﻟﺒﻪ ﻓﺎﻟﻘﻮاﻟﺐ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﺸﻬﺎدة ﻓﻲ دار‬
‫اﻟﻤﻠﻚ واﻟﻘﻠﻮب ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻐﻴﺐ ﻓﻲ دار اﻟﻤﻠﻜﻮت ﻓﺠﺜﻤﺎﻧﻴﺘﻚ ﻋﺎﻟﻢ ﻣﻠﻜﻚ وروﺣﺎﻧﻴﺘﻚ ﻋﺎﻟﻢ ﻣﻠﻜﻮﺗﻚ‬
‫ﻓﻤﻦ أﺷﺮﻓﻪ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﺟﻮارﺣﻪ ﻓﺈﺳﺘﻌﻤﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺼﺎﻟﺤﻪ ﻓﻘﺪ ﻣﻠﻚ دار ﻣﻠﻜﻪ وﻣﻦ أﺷﻬﺪﻩ‬
‫ﻏﻴﺐ ﻗﻠﺒﻪ وأﻧﺰﻟﻪ ﻣﻨﺎزل ﺣﺒﻪ وﻗﺮﺑﻪ ﻓﻘﺪ ﺷﻬﺪ ﻣﻠﻜﻮت رﺑﻪ ﻓﺄﻧﺖ ﻣﻜﻮن ﻣﻦ آﻮﻧﻴﻦ ﻣﺨﻠﻮق ﻣﻦ‬
‫ﻋﺎﻟﻤﻴﻦ ﺳﻔﻠﻲ وﻋﻠﻮي ﻣﻠﻜﻲ وﻣﻠﻜﻮﺗﻲ ﻗﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪﴿ :‬ﻓﺈذا ﺳﻮﻳﺘﻪ وﻧﻔﺨﺖ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ روﺣﻲ﴾‬
‫ﻓﻜﺎن ﻣﻦ اﻟﺘﺴﻮﻳﺔ ﺟﺜﻤﺎﻧﻴﺘﻚ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ وآﺎن ﻣﻦ اﻟﻨﻔﺦ روﺣﺎﻧﻴﺘﻚ اﻟﻤﻌﻨﻮﻳﺔ وآﻞ ﻣﺨﻠﻮق ﺧﻠﻖ‬
‫ﻣﻦ آﻠﻤﺔ آﻦ واﻧﺖ آﺬﻟﻚ وأﻧﺖ زدت ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﺑﺎﻟﺘﺴﻮﻳﺔ واﻟﻨﻔﺦ ﻓﻨﺎﻟﻚ ﻣﻦ ﺑﺮآﺎت اﻟﺘﺴﻮﻳﺔ‬
‫ﺣﺮآﺎت ﺟﻮارﺣﻚ ﻟﺨﺪﻣﺘﻪ وﻧﺎﻟﻚ ﻣﻦ ﺑﺮآﺎت اﻟﻨﻔﺦ ﺣﺮآﺎت روﺣﺎﻧﻴﺘﻚ ﺑﻤﺤﺒﺘﻪ وﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﻓﺄﻧﺖ‬
‫أﻧﻤﻮذج اﻟﻜﻮن وﻣﺮاد اﻟﻜﻮن واﻟﻜﻮن ﻣﺮاد ﻻ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﺑﻞ ﻷﺟﻠﻚ وأﻧﺖ ﻣﺮاد ﻟﺬاﺗﻚ واﻟﺤﻖ‬
‫ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺧﻠﻖ اﻟﻜﻮن ﻷﺟﻠﻚ وﺧﻠﻘﻚ ﻷﺟﻞ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ وﻣﺤﺒﺘﻪ ﴿وﻣﺎ ﺧﻠﻘﺖ اﻟﺠﻦ واﻻﻧﺲ إﻻ‬
‫ﻟﻴﻌﺒﺪون﴾ أي ﻳﻮﺣﺪون وﻗﻴﻞ ﻳﻌﺮﻓﻮن وهﻮ ﻣﻌﻨﻰ ﻗﻮﻟﻪ آﻨﺖ آﻨﺰًا ﻻ أﻋﺮف ﻓﺄﺣﺒﺒﺖ أن أﻋﺮف‬
‫ﻓﺨﻠﻘﺖ ﺧﻠﻘ ًﺎ وﺗﻌﺮﻓﺖ إﻟﻴﻬﻢ ﻓﺒﻲ ﻋﺮﻓﻮﻧﻲ ﺛﻢ إﻋﻠﻢ أن اﻟﻜﻮن ﻧﺴﺨﺔ ﻣﻨﻚ وﺗﺰﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻓﻲ‬
‫اﻟﻜﻮن ﺑﻤﺎ ﺧﺼﻚ ﺑﻪ ﻣﻌﺎرﻓﻪ وﺣﻜﻤﻪ وأﺳﺮاراﻩ وأﻧﻮارﻩ وﺗﺠﻠﻴﺎﺗﻪ وﻣﻨﺎزﻻﺗﻪ آﻤﺎ أن اﻟﻔﻴﻞ وإن‬
‫آﺒﺮ ﺷﺒﺤﻪ ﻧﺴﺨﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﻌﻮﺿﺔ و إن ﺻﻐﺮت ﻷن ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻔﻴﻞ ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ أﺟﺰاء‬
‫ﺟﻮارﺣﻪ وﺗﺰﻳﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺄﺟﻨﺤﺘﻬﺎ و ﻗﺪ ﺷﺮﺣﺖ ذﻟﻚ ﻓﻲ هﺬﻩ اﻷﺑﻴﺎت ﻓﺈﻓﻬﻢ‪:‬‬
‫إذا آﻨﺖ ﺗﻘﺮأ ﻋﻠﻢ اﻟﺤﺮوف ﻓﺸﺨﺼﻚ ﻟﻮح ﺑﻪ أﺳﻄﺮ‬
‫ﻟﻜﻞ اﻟﻮﺟﻮد ﻟﻤﻦ ﻳﺒﺼﺮ‬ ‫وﺗﻤﺜﺎل ذﻟﻚ أﻧﻤﻮذج‬
‫‪21 ‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫ﻟﺬى اﻟﺠﻬﻞ آﻼ وﻻ ﺗﻈﻬﺮ‬ ‫ﺣﺮوف ﻣﻌﺎﻧﻴﻚ ﻻ ﺗﻨﻘﺮى‬
‫ﻓﻤﻌﺮوﻓﻬﺎ ﻋﻨﺪﻩ ﻣﻨﻜﺮ‬ ‫وﻣﻦ ﻳﻚ ﻏﺪا ﺑﺄﺳﺮارهﺎ‬
‫ﻓﻔﻴﻚ إﻧﻄﻮى اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻷآﺒﺮ‬ ‫ﻟﺌﻦ آﺎن ﺟﺰؤك ﺟﺰءًا ﺻﻐﻴﺮًا‬
‫ﺑﻬﺎ ﻳﻮزن اﻟﻜﻮن ﺑﻞ أآﺜﺮ‬ ‫ﻓﻼ ذرة ﻣﻨﻚ اﻻ ﻏﺪت‬
‫ﻳﻨﺎﺑﻴﻊ اﺳﺮارهﺎ أﺑﺤﺮ‬ ‫وﻻ ﻗﻄﺮة ﻣﻨﻚ اﻻ وﻓﻲ‬
‫إﻟﻴﻚ ﻓﺬاك هﻮ اﻷﺻﻐﺮ‬ ‫وآﻞ اﻟﻮﺟﻮد إذا ﻗﺴﺘﻪ‬
‫ﻳﺰول وأﻧﺖ ﺑﻪ ﺟﻮهﺮ‬ ‫وﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﻋﺮض ﺣﺎﺿﺮ‬
‫وﻣﺎ ﻓﻴﻚ ﻣﻮﺟﻮد ﻻ ﻳﺤﺼﺮ‬ ‫ﻓﺄﻧﺖ اﻟﻮﺟﻮد وآﻞ اﻟﻮﺟﻮد‬
‫ﻣﻦ اﻟﺒﺪر ﻓﻲ ﻧﻮرﻩ أﻧﻮر‬ ‫وﻓﻴﻚ أﺷﻌﺔ ﻻهﻮﺗﻪ‬
‫ﻣﻦ اﻟﺸﻤﺲ ﻓﻲ ﺿﻮﺋﻬﺎ أﻇﻬﺮ‬ ‫وﺷﻤﺲ اﻟﻤﻌﺎرف إﺷﺮاﻗﻬﺎ‬
‫ﺧﻔﺎﻳﺎ اﻟﻐﻴﻮب ﻟﻤﻦ ﻳﺒﺼﺮ‬ ‫ﻟﻘﺪ أﻇﻬﺮت ﺳﻴﻤﺎء اﻟﻘﻠﻮب‬
‫ﺗﺪور إﺷﺘﻴﺎﻗًﺎ وﻻ ﺗﻘﺼﺮ‬ ‫ﺳﻤﺎء ﻋﻠﻰ ﻗﻄﺐ ﺗﻮﺣﻴﺪﻩ‬
‫ﻧﺠﻮم ﺑﺈﺧﻼﺻﻬﺎ ﺗﺰهﺮ‬ ‫ﻟﻬﺎ ﻣﻦ أﺷﻌﺔ ﻋﺮﻓﺎﻧﻪ‬
‫وﻣﻐﺮﺑﻬﺎ ﺳﺮﻩ اﻟﻤﻀﻤﺮ‬ ‫ﻓﻤﺸﺮﻗﻬﺎ أﻓﻖ ﺳﻮﻳﺪاﺋﻬﺎ‬
‫إﻟﻴﻪ اﻧﺘﻬﻰ آﻠﻤﺎ ﻳﺴﻄﺮ‬ ‫وﻋﺮش اﻟﺼﻔﺎء ﻟﻬﺎ ﻣﺮآﺰ‬
‫ﻓﺄوﺣﻰ إﻟﻴﻬﺎ آﻠﻤﺎ ﻳﺄﻣﺮ‬ ‫هﻨﺎك اﻟﻤﻠﻴﻚ ﺗﺠﻠﻰ ﻟﻬﺎ‬
‫ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ أﺑﺪًا ﺗﺤﺬر‬ ‫ﻓﻘﺎﻣﺖ ﺑﺘﺤﻘﻴﻖ ﻣﺄﻣﻮرﻩ‬
‫وﻻ ﻋﺠﺐ ﺣﻴﺚ ﻻ ﻳﺒﺼﺮ‬ ‫وﺗﺮﺗﺎح ﻣﺮﺑﻊ أﺣﺒﺎﺑﻬﺎ‬
‫ﻓﺒﺮق اﻟﺠﻔﺎ ﻟﻬﺎ ﻣﺴﻔﺮ‬ ‫وﻋﻮد اﻟﺠﻔﺎ إذا زﺟﺮت‬
‫ﻓﻤﺎء اﻟﺤﻴﺎء ﺑﻬﺎ ﻳﻘﻄﺮ‬ ‫وإن أﻋﻮز اﻟﻐﻴﺚ ﺧﺼﺒﺎءهﺎ‬
‫ورﺣﺐ ﻣﺤﺒﺘﻬﺎ ﻣﺜﻤﺮ‬ ‫ﻓﺮوض رﻳﺎﺿﺘﻬﺎ ﻣﺰهﺮ‬
‫ﻓﻴﺒﺪو ﺷﺬا اﻟﻤﺴﻚ ﺑﻞ أﻋﻄﺮ‬ ‫ﺗﻤﺮ ﺑﻬﺎ ﻧﺴﻤﺎت اﻟﻘﺒﻮل‬

‫‪22 ‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫ﻟﻄﺎﺋﻒ ﺗﻄﻮى وﻻ ﺗﻨﺸﺮ‬ ‫وﻳﺴﺮي اﻟﻰ اﻟﺴﺮ ﻣﻦ ﻋﺮﻓﻬﺎ‬
‫وﻣﻦ ﻳﻚ ﻣﺰآﻮم ﻻ ﻳﺴﻜﺮ‬ ‫ﻓﻴﺴﻜﺮﻧﺎ ﺷﻖ أﻧﻔﺎﺳﻬﺎ‬
‫وﻓﻲ ﺣﺎﻧﻬﺎ ﺣﻠﻞ اﻟﻤﺴﻜﺮ‬ ‫ﻳﻄﺎف ﺑﻜﺄس راﺣﺎﺗﻬﺎ‬
‫ﻣﺜﺎﻧﻲ ﻟﻠﺬآﺮ ﻻ ﺗﻔﺘﺮ‬ ‫وﺗﺘﻠﻰ ﺑﺴﺎﺣﺎت ﺣﺎﻧﺎﺗﻬﺎ‬
‫ﻓﺬاك اﻟﺸﻘﻲ هﻮ اﻷﺧﺴﺮ‬ ‫ﻓﻤﻦ ﺻﻢ ﻋﻦ ﺗﺴﻤﻊ اﻟﺤﺎﻧﻬﺎ‬
‫ﻓﺬاك اﻟﻐﻮي هﻮ اﻟﻤﺪﺑﺮ‬ ‫وﻣﻦ ﻇﻞ ﻋﻦ ﺑﺎﺑﻬﺎ ﻣﻌﺮﺿًﺎ‬
‫*ﻓﺼــﻞ*‬
‫ﻓﻤﻦ ﻓﺘﺢ اﷲ ﻋﻴﻦ ﻳﻘﻈﺘﻪ وأﺷﻬﺪﻩ ﺧﻔﺎﻳﺎ ﺳﺮﻳﺮﺗﻪ ﻋﻠﻢ أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻓﻲ اﻟﻜﻮﻧﻴﻦ وﻻ ﻓﻲ‬
‫اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ ﻣﻦ ﻣﻔﺘﺮﻗﺎﺗﻪ ﺷﻲء اﻻ وهﻮ ﻣﻨﺪﻣﺞ ﻓﻲ ﻃﻮاﻳﺎ ذاﺗﻪ ﻣﻨﺪرج ﻓﻲ ﺧﻔﺎﻳﺎ ﺻﻔﺎﺗﻪ وهﺬا ﺳﺮ‬
‫ﻗﻮﻟﻪ ﻣﻦ ﻋﺮف ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻘﺪ ﻋﺮف رﺑﻪ وﻗﺪ ﻇﻬﺮ ﻟﻲ ﻣﻦ ﺳﺮ هﺬا اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻣﺎ ﻳﺠﺐ آﺸﻔﻪ‬
‫وﻳﺴﺘﺤﺴﻦ وﺻﻔﻪ وهﻮ أن اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ وﺿﻊ هﺬﻩ اﻟﺮوح اﻟﺮوﺣﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ هﺬﻩ اﻟﺠﺜﻤﺎﻧﻴﺔ ﻟﻄﻴﻔﺔ‬
‫ﻻهﻮﺗﻴﺔ ﻣﻮدﻋﺔ ﻓﻲ آﺜﻴﻔﺔ ﻧﺎﺳﻮﺗﻴﺔ داﻟﺔ ﻋﻠﻰ وﺣﺪاﻧﻴﺘﻪ و رﺑﺎﻧﻴﺘﻪ و وﺟﻪ اﻻﺳﺘﺪﻻل ﺑﺬﻟﻚ ﻣﻦ‬
‫ﻋﺸﺮة أوﺟﻪ‪.‬‬
‫اﻟﻮﺟﻪ اﻷول ان هﺬا اﻟﻬﻴﻜﻞ اﻻﻧﺴﺎﻧﻲ ﻟﻤﺎ آﺎن ﻣﻔﺘﻘﺮًا اﻟﻰ ﻣﺪﺑﺮ وﻣﺤﺮك وهﺬﻩ اﻟﺮوح ﺗﺪﺑﺮﻩ‬
‫وﺗﺤﺮآﻪ ﻋﻠﻤﻨﺎ أن اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻻ ﺑﺪ ﻟﻪ ﻣﻦ ﻣﺤﺮك وﻣﺪﺑﺮ‪.‬‬
‫اﻟﻮﺟﻪ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻟﻤﺎ آﺎن ﻣﺪﺑﺮ اﻟﺠﺴﺪ واﺣﺪًا وهﻮ اﻟﺮوح ﻋﻠﻤﻨﺎ أن ﻣﺪﺑﺮ هﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ واﺣﺪ ﻻ‬
‫ﺷﺮﻳﻚ ﻟﻪ ﻓﻲ ﺗﺪﺑﻴﺮﻩ وﺗﻘﺪﻳﺮﻩ ﻻ ﺟﺎﺋﺰ أن ﻳﻜﻮن ﻟﻪ ﺷﺮﻳﻚ ﻓﻲ ﻣﻠﻜﻪ ﻗﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪﴿ :‬ﻟﻮ آﺎن‬
‫ﻓﻴﻬﻤﺎ ﺁﻟﻬﺔ اﻻ اﷲ ﻟﻔﺴﺪﺗﺎ﴾ وﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ‪﴿ :‬ﻗﻞ ﻟﻮ آﺎن ﻣﻌﻪ ﺁﻟﻬﺔ آﻤﺎ ﻳﻘﻮﻟﻮن إذا ﻻﺑﺘﻐﻮا اﻟﻰ ذي‬
‫ﻼ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻤﺎ ﻳﻘﻮﻟﻮن ﻋﻠ ﱠﻮًا آﺒﻴﺮاً﴾ وﻗﺎل ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ‪﴿ :‬وﻣﺎ آﺎن ﻣﻌﻪ‬
‫اﻟﻌﺮش ﺳﺒﻴ ً‬
‫ﻣﻦ إﻟﻪ﴾‪.‬‬
‫اﻟﻮﺟﻪ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻟﻤﺎ آﺎن هﺬا اﻟﺠﺴﺪ ﻻ ﻳﺘﺤﺮك اﻻ ﺑﺈرادة اﻟﺮوح وﺗﺤﺮﻳﻜﻬﺎ ﻟﻪ ﻋﻠﻤﻨﺎ أﻧﻪ‬
‫ﻣﺮﻳﺪ ﻟﻤﺎ هﻮ آﺎﺋﻦ ﻓﻲ ﻣﻠﻜﻪ ﻻ ﻳﺘﺤﺮك ﻣﺘﺤﺮك ﺑﺨﻴﺮ أو ﺷﺮ إﻻ ﺑﺘﻘﺪﻳﺮﻩ وإرادﺗﻪ و ﻗﻀﺎﺋﻪ‪.‬‬
‫اﻟﻮﺟﻪ اﻟﺮاﺑﻊ ﻟﻤﺎ آﺎن ﻻ ﻳﺘﺤﺮك ﻓﻲ اﻟﺠﺴﺪ ﺷﻲء اﻻ ﺑﻌﻠﻢ اﻟﺮوح وﺷﻌﻮرهﺎ ﺑﻪ وﻻ‬
‫ﻳﺨﻔﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﺮوح ﻣﻦ ﺣﺮآﺎت اﻟﺠﺴﺪ وﺳﻜﻨﺎﺗﻪ ﺷﻲء ﻋﻠﻤﻨﺎ أﻧﻪ ﻻ ﻳﻌﺰب ﻋﻨﻪ ﻣﺜﻘﺎل ذرة ﻓﻲ‬
‫اﻷرض و ﻻ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء‪.‬‬

‫‪23 ‬‬
‫‪ ‬‬
‫اﻟﻮﺟﻪ اﻟﺨﺎﻣﺲ هﺬا اﻟﺠﺴﺪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻓﻴﻪ ﺷﻲء أﻗﺮب اﻟﻰ اﻟﺮوح ﻣﻦ ﺷﻲء ﺑﻞ هﻮ ﻗﺮﻳﺐ‬
‫اﻟﻰ آﻞ ﺷﻲء ﻓﻲ اﻟﺠﺴﺪ ﻋﻠﻤﻨﺎ أﻧﻪ ﻗﺮﻳﺐ اﻟﻰ آﻞ ﺷﻲء ﻟﻴﺲ ﺷﻲء أﻗﺮب إﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﺷﻲء وﻻ‬
‫ﺷﻲء أﺑﻌﺪ ﻋﻨﻪ ﻣﻦ ﺷﻲء ﻻ ﺑﻤﻌﻨﻰ ﻗﺮب اﻟﻤﺴﺎﻓﺔ ﻷﻧﻪ ﻣﻨﺰﻩ ﻋﻦ ذﻟﻚ‪.‬‬
‫اﻟﻮﺟﻪ اﻟﺴﺎدس ﻟﻤﺎ آﺎن اﻟﺮوح ﻣﻮﺟﻮدًا ﻗﺒﻞ وﺟﻮد اﻟﺠﺴﺪ وﻳﻜﻮن ﻣﻮﺟﻮدًا ﺑﻌﺪ ﻋﺪم‬
‫اﻟﺠﺴﺪ ﻋﻠﻤﻨﺎ أﻧﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻣﻮﺟﻮد ﻗﺒﻞ آﻮن ﺧﻠﻘﻪ وﻳﻜﻮن ﻣﻮﺟﻮدًا ﺑﻌﺪ ﻓﻘﺪ ﺧﻠﻘﻪ ﻣﺎ زال و ﻻ‬
‫ﻳﺰال و ﺗﻘﺪس ﻋﻦ اﻟﺰوال‪.‬‬
‫اﻟﻮﺟﻪ اﻟﺴﺎﺑﻊ ﻟﻤﺎ آﺎن اﻟﺮوح ﻓﻲ اﻟﺠﺴﺪ ﻻ ﻳﻌﺮف ﻟﻪ آﻴﻔﻴﺔ ﻋﻠﻤﻨﺎ أﻧﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻣﻨﺰﻩ‬
‫ﻋﻦ اﻟﻜﻴﻔﻴﺔ‪.‬‬
‫اﻟﻮﺟﻪ اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻟﻤﺎ آﺎن اﻟﺮوح ﻓﻲ اﻟﺠﺴﺪ ﻻ ﻳﻌﺮف ﻟﻪ أﻳﻨﻴﺔ ﻋﻠﻤﻨﺎ أﻧﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻣﻨﺰﻩ ﻋﻦ‬
‫اﻟﻜﻴﻔﻴﺔ واﻷﻳﻨﻴﺔ ﻓﻼ ﻳﻮﺻﻒ ﺑﺄﻳﻦ وﻻ ﺑﻜﻴﻒ ﺑﻞ اﻟﺮوح ﻣﻮﺟﻮدة ﻓﻲ ﺳﺎﺋﺮ اﻟﺠﺴﺪ ﻣﺎ ﺧﻼ ﺷﻲء‬
‫ﻣﻦ اﻟﺠﺴﺪ آﺬﻟﻚ اﻟﺤﻖ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻣﻮﺟﻮد ﻓﻲ آﻞ ﻣﻜﺎن وﺗﻨﺰﻩ ﻋﻦ اﻟﻤﻜﺎن واﻟﺰﻣﺎن‪.‬‬
‫اﻟﻮﺟﻪ اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻟﻤﺎ آﺎن اﻟﺮوح ﻓﻲ اﻟﺠﺴﺪ ﻻ ﻳﺤﺲ و ﻻ ﻳﻤﺲ ﻋﻠﻤﻨﺎ أﻧﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﻨﺰﻩ‬
‫ﻋﻦ اﻟﺤﺲ واﻟﻠﻤﺲ واﻟﻤﺲ‪.‬‬
‫اﻟﻮﺟﻪ اﻟﻌﺎﺷﺮ ﻟﻤﺎ آﺎن اﻟﺮوح ﻓﻲ اﻟﺠﺴﺪ ﻻ ﻳﺪرك ﺑﺎﻟﺒﺼﺮ ﻋﻠﻤﻨﺎ أﻧﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻻ ﺗﺪرآﻪ‬
‫اﻷﺑﺼﺎر و ﻻ ﻳﻤﺜﻞ ﺑﺎﻟﺼﻮر و اﻵﺛﺎر و ﻻ ﻳﺸﺒﱠﻪ ﺑﺎﻟﺸﻤﻮس واﻷﻗﻤﺎر ﻟﻴﺲ آﻤﺜﻠﻪ ﺷﻲء و هﻮ‬
‫اﻟﺴﻤﻴﻊ اﻟﺒﺼﻴﺮ ﻓﻬﺬا ﻣﻌﻨﻰ ﻗﻮﻟﻪ ﻣﻦ ﻋﺮف ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻘﺪ ﻋﺮف رﺑﻪ ﻓﻄﻮﺑﻰ ﻟﻤﻦ ﻋﺮف وﺑﺬﻧﺒﻪ‬
‫إﻋﺘﺮف وﻟﻬﺬا اﻟﺤﺪﻳﺚ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﺁﺧﺮ وهﻮ أن ﺗﻌﺮف ﺻﻔﺎت ﻧﻔﺴﻚ ﻋﻠﻰ اﻟﻀﺪ ﻣﻦ ﺻﻔﺎت رﺑﻚ‬
‫ﻓﻤﻦ ﻋﺮف ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺎﻟﻌﺒﻮدﻳﺔ ﻋﺮف رﺑﻪ ﺑﺎﻟﺮﺑﻮﺑﻴﺔ و ﻣﻦ ﻋﺮف ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺎﻟﻔﻨﺎء ﻋﺮف رﺑﻪ ﺑﺎﻟﺒﻘﺎء‬
‫وﻣﻦ ﻋﺮف ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺎﻟﺠﻔﺎء ﻋﺮف رﺑﻪ ﺑﺎﻟﻮﻓﺎء و اﻟﻌﻄﺎء و ﻣﻦ ﻋﺮف ﻧﻔﺴﻪ آﻤﺎ هﻲ ﻋﺮف رﺑﻪ‬
‫آﻤﺎ هﻮ‪ .‬وإﻋﻠﻢ أﻧﻪ ﻻ ﺳﺒﻴﻞ ﻟﻚ اﻟﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ إﻳﺎك آﻤﺎ إﻳﺎك ﻓﻜﻴﻒ ﻟﻚ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ إﻳﺎﻩ‬
‫ﻼ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﺤﻴﻞ ﻷﻧﻪ ﻳﺴﺘﺤﻴﻞ أن‬ ‫ﻓﻜﺄﻧﻪ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ ﻣﻦ ﻋﺮف ﻧﻔﺴﻪ ﻋﺮف رﺑﻪ ﻋﻠﻖ ﻣﺴﺘﺤﻴ ً‬
‫ﺗﻌﺮف ﻧﻔﺴﻚ وآﻴﻔﻴﺘﻬﺎ وآﻤﻴﺘﻬﺎ ﻓﺈذا آﻨﺖ ﻻ ﺗﻄﻴﻖ أن ﺗﺼﻒ ﻧﻔﺴﻚ اﻟﺘﻲ هﻲ ﺑﻴﻦ ﺟﻨﺒﻴﻚ‬
‫ﺑﻜﻴﻔﻴﺔ أو أﻳﻨﻴﺔ وﻻ ﺷﺠﻴﺔ وﻻ هﻴﻜﻠﻴﺔ وﻻ هﻲ ﺑﻤﺮﺋﻴﺔ ﻓﻜﻴﻒ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﻌﺒﻮدﻳﺘﻚ أن ﺗﺼﻒ اﻟﺮﺑﻮﺑﻴﺔ‬
‫ﺑﻜﻴﻒ وأﻳﻦ وهﻮ ﻣﻘﺪﱠس ﻋﻦ اﻟﻜﻴﻒ واﻷﻳﻦ وﻓﻲ ذﻟﻚ أﻗﻮل‪:‬‬
‫ﻗﺼﺮ اﻟﻘﻮل ﻓﺬا ﺷﺮح ﻳﻄﻮل‬ ‫ﻗﻞ ﻟﻤﻦ ﻳﻔﻬﻢ ﻋﻨﻲ ﻣﺎ أﻗﻮل‬
‫ﺿﺮﺑﺖ واﷲ أﻋﻨﺎق اﻟﻔﺤﻮل‬ ‫ﺛﻢ ﺳﺮ ﻏﺎﻣﺾ ﻣﻦ دوﻧﻪ‬
‫ﺗﺪر ﻣﻦ أﻧﺖ وﻻ آﻴﻒ اﻟﻮﺻﻮل‬ ‫أﻧﺖ ﻻ ﺗﻌﺮف إﻳﺎك وﻻ‬
‫ﻓﻴﻚ ﺣﺎرت ﻓﻲ ﺧﻔﺎﻳﺎهﺎ اﻟﻌﻘﻮل‬ ‫ﻻ وﻻ ﺗﺪري ﺻﻔﺎت رآﺒﺖ‬

‫‪24 ‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫هﻞ ﺗﺮاهﺎ ﻓﺘﺮى آﻴﻒ ﺗﺠﻮل‬ ‫أﻳﻦ ﻣﻨﻚ اﻟﺮوح ﻓﻲ ﺟﻮهﺮهﺎ‬
‫ﻻ وﻻ ﺗﺪري ﻣﺘﻰ ﻋﻨﻚ ﺗﺰول‬ ‫هﺬﻩ اﻷﻧﻔﺎس هﻞ ﺗﺤﺼﺮهﺎ‬
‫ﻏﻠﺐ اﻟﻨﻮم ﻓﻘﻞ ﻟﻲ ﻳﺎ ﺟﻬﻮل‬ ‫أﻳﻦ ﻣﻨﻚ اﻟﻌﻘﻞ واﻟﻔﻬﻢ إذا‬
‫آﻴﻒ ﻳﺨﺮج ﻣﻨﻚ أم آﻴﻒ ﺗﺒﻮل‬ ‫أﻧﺖ أآﻞ اﻟﺨﺒﺰ ﻻ ﺗﻌﺮﻓﻪ‬
‫ﺑﻴﻦ ﺟﻨﺒﻴﻚ ﺗﺮى ﻓﻴﻬﺎ ﺿﻠﻮل‬ ‫ﻓﺈذا آﺎﻧﺖ ﻃﻮاﻳﺎك اﻟﺬي‬
‫آﻴﻒ ﺗﺪري ﻣﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺮش إﺳﺘﻮى ﻻ ﺗﻘﻞ آﻴﻒ إﺳﺘﻮى آﻴﻒ اﻟﻨﺰول‬
‫ﻻ ﻓﻀﻮل‬
‫ﻓﻠﻌﻤﺮي ﻟﻴﺲ ذا إ ﱠ‬ ‫آﻴﻒ ﻳﺤﻜﻲ أم ﺗﺮى آﻴﻒ ﻳﺮى‬
‫وهﻮ رب اﻟﻜﻴﻒ واﻟﻜﻴﻒ ﻳﺤﻮل‬ ‫ﻓﻬﻮ ﻻ أﻳﻦ وﻻ آﻴﻒ ﻟﻪ‬
‫وهﻮ ﻓﻲ آﻞ اﻟﻨﻮاﺣﻲ ﻻ ﻳﺰول‬ ‫هﻮ ﻓﻮق اﻟﻔﻮق ﻻ ﻓﻮق ﻟﻪ‬
‫وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻗﺪرﻩ ﻋﻤﺎ أﻗﻮل‬ ‫ﺟﻞ ذاﺗًﺎ وﺻﻔﺎت و ﺳﻤﺎ‬
‫و إﻋﻠﻢ أن ﻣﻦ ﻋﺮف ﻧﻔﺴﻪ ﻋﺮف رﺑﻪ وﻋﺮف ﻣﺎ ﻳﺮاد ﻣﻨﻪ ﻓﺄﺷﻐﻞ ﻧﻔﺴﻪ و‬
‫إﺳﺘﻌﻤﻠﻬﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﺧﻠﻘﺖ ﻟﻪ ﻓﺄوﻗﻔﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻮاﻗﻒ اﻟﻌﺒﻮدﻳﺔ ﻟﻠﻘﻴﺎم ﺑﺤﻘﻮق اﻟﺮﺑﻮﺑﻴﺔ وﻣﺘﻰ‬
‫اﺷﺘﻐﻠﺖ ﺑﻤﻌﺎرﺿﺔ اﻟﺮﺑﻮﺑﻴﺔ ﻓﺎﺗﺘﻬﺎ اﻟﻌﺒﻮدﻳﺔ وﻟﻢ ﺗﺪرك اﻟﺮﺑﻮﻳﺔ وهﺎ أﻧﺎ أﺷﺮح ﻟﻚ‬
‫ﺻﻔﺎت ذﻟﻚ وﻣﻌﻨﻰ ﺻﻔﺎﺗﻚ ﻟﺘﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﻳﺮاد ﻣﻨﻚ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻚ وﻣﻤﺎﺗﻚ‪.‬‬
‫و إﻋﻠﻢ أن اﻟﺤﻖ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻟﻤﺎ أراد أن ﻳﺒﻨﻲ ﺻﻮرة ﺁدم ﻣﻦ زﻣﺎن ﺗﻘﺎدم إﺑﺘﻨﺎهﺎ‬
‫ﻋﻠﻰ ﺻﻮرة اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ و أﺗﻘﻦ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﺒﺎﻧﻲ ﻣﺎ ﻳﺪل ﻋﻠﻰ ﻗﺪرة اﻟﺒﺎﻧﻲ وﺣﺮك ﻓﻴﻬﺎ‬
‫ﻣﺜﺎﻟﺚ وﻣﺜﺎﻧﻲ ﻳﺸﻴﺮ أن ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﺛﺎﻧﻲ ﺛﻢ ﻧﺼﺐ وﺳﻂ هﺬﻩ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻗﺼﺮ اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ وﺑﺚ‬
‫ﺣﻮﻟﻪ اﻟﺸﺮاك اﻟﻤﻬﻠﻜﺔ وﺳﻤﻰ ذﻟﻚ اﻟﻘﺼﺮ ﺑﺎﻟﻘﻠﺐ إذ هﻮ ﺑﻴﺖ اﻟﺮب و ﺟﻌﻞ ﻣﺪار هﺬﻩ‬
‫اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻋﻠﻴﻪ و ﻣﺮﺟﻊ اﻟﻜﻞ إﻟﻴﻪ ﺑﺈﺷﺎرة اﻷوان ﻓﻲ اﻟﺠﺴﺪ ﻣﻀﻐﺔ إذا ﺻﻠﺤﺖ ﺻﻠﺢ‬
‫ﺳﺎﺋﺮ اﻟﺠﺴﺪ وإذا ﻓﺴﺪت ﻓﺴﺪ ﺳﺎﺋﺮ اﻟﺠﺴﺪ أﻻ وهﻲ اﻟﻘﻠﺐ ووﺿﻊ ﻓﻲ هﺬا اﻟﻘﺼﺮ‬
‫ﺳﺮﻳﺮ اﻟﻌﺰ واﻟﺴﻠﻄﺎن و أﺟﻠﺲ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻠﻜ ًﺎ ﻳﻘﺎل ﻟﻪ اﻹﻳﻤﺎن و ﺑﺚ اﻟﺠﻮارح ﻓﻲ ﺧﺪﻣﺘﻪ‬
‫آﺎﻟﻐﻠﻤﺎن ﻓﻘﺎل اﻟﻠﺴﺎن أﻧﺎ اﻟﺘﺮﺟﻤﺎن و ﻗﺎﻟﺖ اﻟﻌﻴﻨﺎن و ﻧﺤﻦ اﻟﺤﺎرﺳﺘﺎن و ﻗﺎﻟﺖ اﻷذﻧﺎن‬
‫و ﻧﺤﻦ اﻟﺠﺎﺳﻮﺳﺎن و ﻗﺎﻟﺖ اﻟﻘﺪﻣﺎن و ﻧﺤﻦ اﻟﺴﺎﻋﻴﺘﺎن و ﻗﺎﻟﺖ اﻟﻴﺪان و ﻧﺤﻦ اﻟﻌﺎﻣﻼن‬
‫و ﻗﺎل اﻟﻤﻠﻜﺎن و ﻧﺤﻦ اﻟﺸﺎهﺪان و ﻗﺎل ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺪﻳﻮان و آﻤﺎ ﺗﺪﻳﻦ ﺗﺪان ﺛﻢ ﺟﻌﻞ ﻟﻪ‬
‫وزﻳﺮًا وهﻮ اﻟﻌﻘﻞ ﻓﻘﺎل اﻟﻮزﻳﺮ أﻳﻬﺎ اﻟﻤﻠﻚ ﻻ ﺑ ﱠﺪ ﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﺎﺻﺔ ﺗﺼﻄﻔﻴﻬﻢ ﻟﻨﻔﺴﻚ‬
‫ﺧﻼﺻﺔ ﻳﺆﺛﺮوﻧﻚ ﻋﻠﻰ أﻧﻔﺴﻬﻢ وﻟﻮ آﺎن ﺑﻬﻢ ﺧﺼﺎﺻﺔ‪ ،‬ﻓﺄول ﻣﺎ ﺗﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﺗﺎج وهﻮ‬
‫اﻟﻮﻻﻳﺔ و اﻟﻰ ﻣﻌﺮاج هﻮ اﻟﻌﻨﺎﻳﺔ و اﻟﻰ دﻟﻴﻞ وهﻮ اﻟﻬﺪاﻳﺔ و اﻟﻰ ﻣﺮآﻮب و هﻮ‬

‫‪25 ‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫اﻟﺼﺪق و اﻟﻰ ﺣﻠﺔ و هﻲ اﻟﺴﻜﻴﻨﺔ واﻟﻰ ﺻﺎﺣﺐ و هﻮ اﻟﻌﻠﻢ و إﻟﻰ ﺑﻮاب و هﻮ اﻟﻮرع‬
‫و إﻟﻰ ﺳﻴﺎف و هﻮ اﻟﺤﻖ و اﻟﻰ آﺎﺗﺐ و هﻮ اﻟﻤﺮاﻗﺒﺔ و اﻟﻰ ﺳﺠﻦ و هﻮ اﻟﺨﻮف و‬
‫اﻟﻰ ﻣﻴﺪان و هﻮ اﻟﺮﺟﺎء و اﻟﻰ ﺳﺮاج و هﻮ اﻟﺤﻜﻤﺔ و اﻟﻰ ﻧﺪﻳﻢ و هﻮ اﻟﻔﻜﺮ و اﻟﻰ‬
‫ﺧﺰاﻧﺔ و هﻮ اﻟﻴﻘﻴﻦ و اﻟﻰ آﻨﺰ و هﻮ اﻟﻘﻨﺎﻋﺔ و اﻟﻰ ﺻﺎﺣﺐ ﺑﺮﻳﺪ وهﻮ اﻟﻔﺮاﺳﺔ ﺛﻢ أﻳﻬﺎ‬
‫اﻟﻤﻠﻚ ﺗﻨﻈﺮ اﻟﻰ رﻋﻴﺘﻚ ﺑﻌﻴﻦ اﻟﺮﺣﻤﺔ وﺗﻔﺘﺢ ﺧﺰاﺋﻦ اﻟﺤﻜﻤﺔ ﻓﺘﻌﺪل ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﻘﺴﻤﺔ‬
‫وﺗﺒﻌﺚ اﻟﻰ آﻞ واﺣﺪ ﻗﺴﻤﻪ ﻓﻴﻘﻴﻢ ﺑﻪ رﺳﻤﻪ ﻓﻘﺎل اﻟﻤﻠﻚ إﻧﻈﺮ أﻧﺖ ﻓﻲ اﻟﺮﻋﻴﺔ وأزل‬
‫ل ﺗﻔﺮﻗﺔ اﻟﺠﺎﻣﻜﻴﺔ)اﻟﻤﺮﺗﺒﺎت اﻟﺪﻳﻮاﻧﻴﺔ( ﻓﻘﺎﻟﺖ اﻟﻴﺪان أﻧﺎ ﻋﻠﻲ ﺟﻤﻊ اﻷآﻞ و‬
‫ﻋﻨﻬﻢ اﻟﺸﻜﻴﺔ و ﺗﻮ ﱠ‬
‫ﻗﺎﻟﺖ اﻷﺳﻨﺎن أﻧﺎ أﻃﺤﻦ و أﻋﺰل اﻟﻨﺨﺎﻟﺔ و ﻗﺎل اﻟﺮﻳﻖ أﻧﺎ أﻋﺠﻦ و أﺗﻮﻟﻰ اﻟﻰ اﻟﻤﻌﺪة‬
‫إرﺳﺎﻟﻪ و ﻗﺎﻟﺖ اﻟﻤﻌﺪة أﻧﺎ أﻃﺒﺦ وﻣﺎ أرﻳﺪ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻋﻤﺎﻟﺔ و ﻗﺎﻟﺖ اﻟﻜﺒﺪ أﻧﺎ ﺁﺧﺬ ﻣﺎ‬
‫ﺻﻔﺎ و أﺗﺮك اﻟﺤﺜﺎﻟﺔ ﻓﻘﺎل اﻟﻘﺪر وأﻧﺎ أﺗﻮﻟﻰ ﺗﻔﺮﻗﺘﻬﺎ وﻗﺴﻤﺘﻬﺎ ﺑﺎﻟﻌﺪاﻟﺔ ﻓﺄﺑﻌﺚ اﻟﻰ آﻞ‬
‫ﻋﻀﻮ ﻣﺎ ﻳﻄﺒﻖ إﺣﺘﻤﺎﻟﻪ ﻓﻠﻤﺎ ﻓﺮﻗﺖ اﻟﺠﺎﻣﻜﻴﺔ ﻧﻘﺪ اﻟﺤﻮاﻟﺔ وﺻﺤﺢ اﻟﻤﻠﻚ أﺣﻮاﻟﻪ ﻗﺎل ﻟﻪ‬
‫اﻟﻮزﻳﺮ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﻨﻔﻘﺔ إﻻ اﻟﻌﺮض واداء اﻟﻔﺮض ﻓﻨﺎدي ﻓﻲ ﺟﻴﺸﻚ ﺑﺎﻟﻄﻮل و اﻟﻌﺮض‬
‫ﻟﻴﻨﻈﺮ اﻟﺒﻌﺾ ﻟﻠﺒﻌﺾ ﻗﺒﻞ أن ﺗﺒﺪل اﻷرض ﻏﻴﺮ اﻷرض ﻓﻨﺎدى ﻣﻨﺎدﻳﻪ ﻳﺎ ﻣﻌﺸﺮ‬
‫اﻟﺮﻋﻴﺔ إن اﻟﻤﻠﻚ ﻗﺪ أﻗﺴﻢ ﺑﺎﻷزﻟﻴﺔ أن ﻣﻦ ﻋﺪل ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺴﻮﻳﺔ وآﻔﺮ ﺑﻨﻌﻤﺔ اﻟﻌﻄﻴﺔ‬
‫و أﻧﻔﻘﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺨﻄﻴﺔ ﻓﻠﻘﺪ أﻓﺴﺪ اﻟﻨﻴﺔ وﻧﻘﺾ اﻟﺒﻨﻴﺔ و أوﻟﺌﻚ هﻢ ﺷﺮ اﻟﺒﺮﻳﺔ و إن ﻟﻠﻤﻠﻚ‬
‫ﻋﺪوﱠا ﻗﺪ ﺳﻜﻦ ﺟﻮارﺣﻪ ﻳﻘﺎل ﻟﻪ اﻟﻨﻔﺲ اﻷﻣﺎرة و هﻲ ﺗﻨﺎزﻋﻪ اﻹﻣﺎرة و إﺳﺘﻨﺼﺮت‬
‫ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺎﻟﺪﻧﻴﺎ اﻟﻐﺮارة وﻇﺎهﺮهﺎ اﻟﻬﻮى و ﺑﻌﺚ إﻟﻴﻬﺎ أﻧﺼﺎرﻩ و ﺟﺎء اﻟﺸﻴﻄﺎن ﻓﻜﺘﺐ ﻟﻪ‬
‫ﻣﻨﺸﻮر اﻟﻮزارة وﻗﺪ ﺷ ﱡﻨﻮا ﻓﻲ أرض اﻟﻤﻠﻚ اﻟﻐﺎرة ﻓﻴﺎ ﺧﻴﻞ اﷲ إرآﺒﻲ و ﻣﻦ اﻻﻋﺪاء‬
‫ﻻ ﺗﻬﺮﺑﻲ ﻓﻬﻨﺎﻟﻚ رآﺐ اﻟﻘﻠﺐ ﺑﻴﻦ ﻣﻴﺴﺮة ﺧﻮﻓﻪ و ﻣﻴﻤﻨﺔ رﺟﺎﺋﻪ و ﻣﻘﺪﻣﺔ ﺗﻮآﻠﻪ و‬
‫ﺳﺎﻗﻪ إﻟﺘﺠﺎﺋﻪ ﻣﺘﺤﻤﻠﺔ إﻳﺎك ﻧﻌﺒﺪ وﻣﺘﻤﺴﻜ ًﺔ ﺑﺄذﻳﺎل و إﻳﺎك ﻧﺴﺘﻌﻴﻦ ﻓﻠﻤﺎ وﺻﻞ ﺑﺠﻨﻮدﻩ‬
‫إﻟﻰ ﻣﻌﺒﻮدﻩ ﺑﺼﺪق اﻟﻨﻴﺔ ﻧﺎدى ﻣﻨﺎدﻳﻪ ﻓﻲ ﻧﺎدﻳﻪ أن اﷲ ﻣﺒﺘﻠﻴﻜﻢ ﺑﻨﻬﺮ اﻟﺪﻧﻴﺎ اﻟﺪﻧﻴﺔ ﻓﻤﻦ‬
‫ﺷﺮب ﻣﻨﻪ ﻓﻠﻴﺲ ﻣﻨﻲ وﻣﻦ ﻋﻮل ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻠﻴﺘﻨﺢ ﻋﻨﻲ ﻓﻘﺎل أهﻞ اﻟﻀﺮورة ﻻ ﺑ ﱠﺪ ﻣﻦ ﻗﻴﺎم‬
‫اﻟﺼﻮرة ﻓﺠﺎءت ﻣﺮوﺣﺔ اﻟﺮاﺣﺔ ﺑﺈﺑﺎﺣﺔ اﻻ ﻣﻦ إﻏﺘﺮف ﻏﺮﻓﺔ ﺑﻴﺪﻩ و إﻋﺘﺮف ﺑﺬﻧﺒﻪ‬
‫ﻓﺄﻣﺎ ﻣﻦ ﻋﺪﻣﻮا اﻟﻔﻄﻨﺔ و وﻗﻌﻮا ﻓﻲ ﺷﺮك اﻟﻔﺘﻨﺔ ﻓﺸﺮﺑﻮا وﺗﺮووا ﺣﺘﻰ أروﺗﻬﻢ اﻟﺒﻄﻨﺔ‬
‫ﻓﻠﻤﺎ ﻗﺎﺑﻠﻬﻢ اﻟﻘﻮم ﻗﺎﻟﻮا ﻻ ﻃﺎﻗﺔ ﻟﻨﺎ اﻟﻴﻮم ﻓﻘﺎل اﻟﺬﻳﻦ ﺻﺒﺮوا إﺑﺘﻐﺎء وﺟﻪ اﷲ ﴿آﻢ ﻣﻦ ﻓﺌﺔ‬
‫ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻏﻠﺒﺖ آﺜﻴﺮة ﺑﺈذن اﷲ واﷲ ﻣﻊ اﻟﺼﺎﺑﺮﻳﻦ﴾ ﻓﺈﻟﺘﻘﻰ ﺑﺠﻴﺸﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻊ ﺑﺤﺮﻳﻬﻤﺎ‬
‫ﻼ ﺑﺎﻟﺤﺮص و اﻟﺰهﺪ ﻣﺤﺎذﻳًﺎ‬ ‫هﺬا ﻋﺬب ﻓﺮات و هﺬا ﻣﻠﺢ أﺟﺎج ﻓﻜﺎن اﻟﺘﻮآﻞ ﻣﻮآ ً‬
‫ﺑﺎﻟﺪﻧﻴﺎ و اﻟﺘﻮاﺿﻊ ﻣﺪاﻓﻌًﺎ ﻟﻠﻌﺠﺐ و اﻻﺧﻼص ﻣﺎﺣﻴًﺎ ﻟﻠﺮﻳﺎء و اﻟﺘﻘﻮى ﻧﺎﻓﻴﺔ ﻟﻠﺪﻋﻮى و‬
‫اﻟﺨﻮف ﻣﻮاﻗﻌًﺎ ﻟﻠﻬﻮى و اﻟﺘﺴﺒﻴﺢ و اﻟﺘﻘﺪﻳﺲ ﻓﻲ ﻣﺤﺎرﺑﺔ اﺑﻠﻴﺲ ﻓﺘﻘﺪم ﺣﺰب اﷲ‬
‫وﺷﻌﺎرهﻢ اﻟﻠﻬﻢ إﻧﺎ ﺟﻌﻠﻨﺎ ﺑﻚ إﻗﺪاﻣﻨﺎ ﻓﺜﺒﺖ أﻗﺪاﻣﻨﺎ ﻓﺈﻧﺎ ﻻ ﻧﺪري ﻣﺎ ﻗﺪاﻣﻨﺎ ﻓﻬﺰﻣﻮهﻢ‬
‫ل دﺑﺮﻩ وﻗﺎﺻﻢ‬ ‫ﺑﺈذن اﷲ و إﻧﺘﺼﺮوا وﻣﺎ اﻟﻨﺼﺮ اﻻ ﻣﻦ ﻋﻨﺪ اﷲ ﻓﻠﻢ ﺗﺮ ﻣﻨﻬﻢ اﻻ ﻣﻮ ٍ‬
‫ﻋﻤﺮﻩ و أﺻﺒﺤﺖ ﻣﻨﺎزل اﻟﻬﻮى و اﻟﻨﻔﺲ آﺄن ﻟﻢ ﺗﻐﻦ ﺑﺎﻷﻣﺲ و ﻣﺎ زاﻟﺖ ﺑﺄﺳﺮهﺎ ﻓﻲ‬

‫‪26 ‬‬
‫‪ ‬‬
‫أﺳﺮهﺎ ﺣﺘﻰ إﻋﺘﺮﻓﺖ ﺑﺨﺴﺮهﺎ و إﺗﺼﻔﺖ ﺑﻜﺴﺮهﺎ و ﻧﺎداهﺎ ﻣﻦ ﻟﻪ اﻟﻤﻨﺔ ﻳﺎ أﻳﺘﻬﺎ اﻟﻨﻔﺲ‬
‫اﻟﻤﻄﻤﺌﻨﺔ إرﺟﻌﻲ اﻟﻰ رﺑﻚ‬
‫ﺗﻔﺘﻀﺤﻲ ﻓﻲ اﻟﻐﺪ ﺑﻴﻦ اﻟﻌﺒﺎد‬ ‫ﻳﺎ ﻧﻔﺲ ﺗﻮﺑﻲ اﻟﻴﻮم ﻣﻦ ﻗﺒﻞ أن‬
‫ﺑﺸﺮط ﺗﺴﻠﻴﻢ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻘﻴﺎد‬ ‫ﻳﺎ ﻧﻔﺲ إن اﷲ ﻣﻨﻚ إﺷﺘﺮى‬
‫و أﺻﻠﺤﻲ ﻳﺎ ﻧﻔﺲ ﻣﻨﻚ اﻟﻔﺴﺎد‬ ‫ﻓﺈﺳﺘﺒﺸﺮي ﺑﺎﻟﺒﻴﻊ وإﺳﺘﺴﻠﻤﻲ‬
‫ﻻ ﺗﺸﺘﺮي واﻟﺴﻮق ﺳﻮق اﻟﻜﺴﺎد‬ ‫أﻓﻠﺴﺖ و اﻟﺴﻠﻌﺔ ﻣﻐﺒﻮﻧﺔ‬
‫ﻟﻬﻮل ﻳﻮم اﻟﻌﺮض ﻗﺪﻣﺖ زاد‬ ‫واﻟﺮآﺐ ﻗﺪ ﺟﺪ ﻣﺴﻴﺮًا وﻻ‬
‫ﻳﺰداد وﺟﻪ اﻟﻘﻠﺐ اﻻ ﺳﻮاد‬ ‫و آﻠﻤﺎ إﺑﻴﺾ ﻣﺸﻴﺒﻲ ﻓﻼ‬
‫ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺻﺤﺒﻲ ﻗﺪ ﺣﺮﻣﺖ اﻟﻤﺮاد‬ ‫واﺧﺠﻠﺘﻲ واﺣﺴﺮﺗﻲ إن أآﻦ‬
‫وﺟﺎهﺪي ﻓﻲ اﷲ ﺣﻖ اﻟﺠﻬﺎد‬ ‫ﻓﺨﺎﻟﻔﻲ ﻳﺎ ﻧﻔﺲ ﺣﻜﻢ اﻟﻬﻮى‬
‫وﺻﺎﺑﺮي ﻓﻲ ﺣﺮب أهﻞ اﻟﻌﻨﺎد‬ ‫و إزرﻋﻲ زرع اﻟﺘﻘﻰ وإﺻﺒﺮي‬
‫*ﻓﺼـﻞ*‬
‫وﻗﺪ أوﺿﺤﺖ ﻓﻲ هﺬﻩ اﻻرﺷﺎد ﻓﻲ إﻳﺮاد ﻣﺎ ﻳﺮاد ﻣﻦ اﻟﻌﺒﺪ ﻓﻲ ﺧﺪﻣﺔ اﻟﺮب إن ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻟﺬآﺮى‬
‫ﻟﻤﻦ آﺎن ﻟﻪ ﻗﻠﺐ أو اﻟﻘﻰ اﻟﺴﻤﻊ و هﻮ ﺷﻬﻴﺪ ﻓﺈذا إﺷﺘﻐﻠﺖ ﺑﻤﻌﺮﻓﺔ ﻣﻦ أﻧﺖ ﺷﻐﻠﻚ ﺑﻤﻌﺮﻓﺔ ﻣﻦ‬
‫هﻮ و ﻳﺠﻮز أن ﺗﻌﺮف ﻣﻦ هﻮ وﻻ ﻳﺠﻮز أن ﺗﻌﺮف ﻣﺎ هﻮ ﻷن ﻣﺎ هﻮ ﺳﺆال ﻋﻦ ﻣﺎهﻴﺔ ذاﺗﻪ‬
‫وﻻ ﻣﺎهﻴﺔ ﻟﺬاﺗﻪ و ﻣﻦ هﻮ ﺳﺆال ﻋﻦ أﺳﻤﺎﺋﻪ وﺻﻔﺎﺗﻪ وﻣﺎ ﺣﺼّﻞ أهﻞ اﻷرض واﻟﺴﻤﺎء اﻻ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻔﺎت واﻻﺳﻤﺎء ﻗﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪﴿ :‬وﻟﺌﻦ ﺳﺄﻟﺘﻬﻢ ﻣﻦ ﺧﻠﻘﻬﻢ ﻟﻴﻘﻮﻟﻦ اﷲ ﻓﺄﻧﻰ ﻳﺆﻓﻜﻮن﴾ و‬
‫ﺳﺮ هﺬا اﻟﺮﻣﺰ ﻳﻈﻬﺮ ﻣﻦ ﺳﺆال ﻓﺮﻋﻮن ﻟﻤﻮﺳﻰ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼم ﺣﻴﻦ ﻗﺎل ﻟﻪ ﻣﻮﺳﻰ ﴿إﻧﻲ رﺳﻮل‬
‫رب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ﴾ ﻓﺴﺄﻟﻪ ﻓﺮﻋﻮن ﴿وﻣﺎ رب اﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ﴾ ﻓﻘﺎل ﻣﻮﺳﻰ ﴿رب اﻟﺴﻤﻮات واﻷرض وﻣﺎ‬
‫ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ إن آﻨﺘﻢ ﻣﻮﻗﻨﻴﻦ﴾ وهﺬا اﻟﺠﻮاب ﻳﺴﻤﻰ ﺟﻮاب اﻟﻌﺪول ﻷﻧﻪ ﻋﺪل ﻓﻴﻪ ﻋﻦ ﻣﻄﺎﺑﻘﺔ اﻟﺴﺆال‬
‫ﻷن ﻓﺮﻋﻮن ﺳﺄل ﻋﻦ ﻣﺎهﻴﺔ اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ و أﺟﺎب ﻣﻮﺳﻰ ﻋﻦ ﻗﺪرﺗﻪ وﺻﻔﺎﺗﻪ ﻓﺠﺎدﻟﻪ ﺣﻴﻦ‬
‫ﺧﻠﻂ ﻓﻲ ﺳﺆاﻟﻪ وﺳﺄل ﻋﻤﺎ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ إدراآﻪ ﻓﺠﺎز ﻟﻪ ان ﻳﻌﺪل ﻋﻦ ﺳﺆاﻟﻪ وﻗﺪ ﺳﺌﻞ ﻳﺤﻲ ﺑﻦ‬
‫ﻣﻌﺎذ اﻟﺮازي ﻓﻘﻴﻞ ﻟﻪ أﺧﺒﺮﻧﺎ ﻋﻦ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻘﺎل إﻟﻪ واﺣﺪ ﻓﻘﻴﻞ آﻴﻒ هﻮ ﻓﻘﺎل إﻟﻪ ﻗﺎدر ﻓﻘﻴﻞ‬
‫ﻓﺄﻳﻦ هﻮ ﻓﻘﺎل ﺑﺎﻟﻤﺮﺻﺎد ﻓﻘﺎل اﻟﺴﺎﺋﻞ ﻟﻢ اﺳﺄﻟﻚ ﻋﻦ هﺬا ﻓﻘﺎل ﻣﺎ آﺎن ﻏﻴﺮ هﺬا ﻓﻬﻮ ﺻﻔﺔ‬
‫اﻟﻤﺨﻠﻮﻗﻴﻦ ﻓﺄﻣﺎ ﺻﻔﺔ اﻟﺨﺎﻟﻖ ﻓﺎﻟﺬي أﺧﺒﺮت ﻋﻨﻪ وﺳﺌﻞ ﺑﻌﺾ اﻟﻌﺎرﻓﻴﻦ ﻋﻦ ﻗﻮﻟﻪ ﴿اﻟﺮﺣﻤﻦ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺮش اﺳﺘﻮى﴾ ﻓﻘﺎل اﻟﺤﻖ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻋﺮّﻓﻨﺎ ﺑﻬﺬا اﻟﻘﻮل ﻣﻦ هﻮ وﻣﺎ ﻋﺮّﻓﻨﺎ ﻣﺎ هﻮ ﻷﻧﻪ ﻻ‬
‫ﻳﻌﺮف ﻣﺎ هﻮ اﻻ هﻮ وﻗﻴﻞ ﻟﺼﻮﻓﻲ أﻳﻦ اﷲ ﻓﻘﺎل ﻗﺒﺤﻚ اﷲ ﺗﻄﻠﺐ ﻣﻊ اﻟﻌﻴﻦ أﻳﻦ ﻳﺸﻴﺮ اﻟﻰ‬

‫‪27 ‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪﴿ :‬وهﻮ ﻣﻌﻜﻢ أﻳﻨﻤﺎ آﻨﺘﻢ﴾ وﺳﺌﻞ اﻟﺸﺒﻠﻲ ﻋﻦ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪﴿ :‬اﻟﺮﺣﻤﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺮش‬
‫اﺳﺘﻮى﴾ ﻓﻘﺎل اﻟﺮﺣﻤﻦ ﻟﻢ ﻳﺰل و اﻟﻌﺮش ﻣﺤﺪث ﻓﺎﻟﻌﺮش ﺑﺎﻟﺮﺣﻤﻦ إﺳﺘﻮى و ﺳﺌﻞ ذو اﻟﻨﻮن‬
‫ﻋﻦ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪﴿ :‬اﻟﺮﺣﻤﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺮش إﺳﺘﻮى﴾ ﻓﻘﺎل أﺛﺒﺖ ذاﺗﻪ وﻧﻔﻰ ﻣﻜﺎﻧﻪ ﻓﻬﻮ ﻣﻮﺟﻮد‬
‫ﺑﺬاﺗﻪ و اﻻﺷﻴﺎء آﻠﻬﺎ ﻣﻮﺟﻮدة ﺑﺤﻜﻤﺘﻪ آﻤﺎ ﺷﺎء و ﺳﺌﻞ اﻻﻣﺎم أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ ﻋﻦ اﻻﺳﺘﻮاء‬
‫ﻓﻘﺎل إﺳﺘﻮى آﻤﺎ أﺧﺒﺮ ﻻ آﻤﺎ ﻳﺨﻄﺮ ﻟﻠﺒﺸﺮ و ﺳﺌﻞ اﻻﻣﺎم اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻋﻦ اﻻﺳﺘﻮاء ﻓﻘﺎل ﺁﻣﻨﺖ‬
‫ﺑﻼ ﺗﺸﺒﻴﻪ و ﺻﺪﻗﺖ ﺑﻼ ﺗﻤﺜﻴﻞ و إﺗﻬﻤﺖ ﻧﻔﺴﻲ ﻓﻲ اﻻدراك و أﻣﺴﻜﺖ ﻋﻦ اﻟﺨﻮض ﻓﻴﻪ آﻞ‬
‫اﻻﻣﺴﺎك و ﻗﺎل أﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻣﻦ ﻗﺎل ﻻ أﻋﺮف اﷲ أﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء هﻮ أم ﻓﻲ اﻷرض هﻮ ﻓﻘﺪ آﻔﺮ‬
‫ﻷن هﺬا اﻟﻘﻮل ﻳﻮهﻢ أن ﷲ ﻣﻜﺎﻧًﺎ وﻣﻦ ﺗﻮهﻢ أن ﷲ ﻣﻜﺎﻧًﺎ ﻓﻬﻮ ﻣﺸﺒﻪ وﺳﺌﻞ اﻻﻣﺎم ﻣﺎﻟﻚ ﻋﻦ‬
‫اﻻﺳﺘﻮاء ﻓﻘﺎل اﻻﺳﺘﻮاء ﻣﻌﻠﻮم و اﻟﻜﻴﻒ ﻣﺠﻬﻮل و اﻹﻳﻤﺎن ﺑﻪ واﺟﺐ و اﻟﺴﺆال ﻋﻨﻪ ﺑﺪﻋﺔ و‬
‫هﻮ اﻟﺬي ذهﺐ إﻟﻴﻪ اﻷﺋﻤﺔ اﻻرﺑﻌﺔ و ﻻ ﺧﻼف ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻓﻲ ذﻟﻚ و ﻣﻦ ﺗﻮهﻢ أن ﺑﻴﻦ أﺣﺪ ﻣﻦ‬
‫اﻻﺋﻤﺔ اﺧﺘﻼﻓًﺎ ﻓﻲ ﺻﺤﺔ اﻻﻋﺘﻘﺎد ﻓﻘﺪ أﻋﻈﻢ اﻟﻔﺮﻳﺔ ﻋﻦ أﺋﻤﺔ اﻻﻣﺔ و أﺳﺎء ﻇﻨﻪ ﺑﺄﺋﻤﺔ‬
‫اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ و ﺳﺌﻞ اﻻﻣﺎم أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ ﻋﻦ اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﻓﻘﺎل ﻣﺎ اﻟﺬي أﻗﻮل ﻓﻴﻪ‬
‫و هﻮ اﻟﺬي أﺧﺮج ﻣﻦ ﻗﺸﻮر اﻟﺘﺸﺒﻴﻪ ﻟﺒﻠﺒﻬﺎ و أﻃﻠﻊ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎرﻓﻬﺎ أرﺑﺎﺑﻬﺎ و ﺟﻤﻊ ﺑﻤﺬهﺒﻪ‬
‫أآﻨﺎﻓﻬﺎ و أﻃﻨﺎﺑﻬﺎ ﻓﺎﻟﻤﺤﺪﺛﻮن ﺻﻴﺎدﻟﺔ و اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻃﺒﻴﺒﻬﻢ و اﻟﻔﻘﻬﺎء أآﺎﺑﺮ و اﻟﺸﺎﻓﻌﻲ آﺒﻴﺮهﻢ و‬
‫ﺳﺌﻞ اﻹﻣﺎم أﺑﻮ اﻟﻤﻌﺎﻟﻲ ﻋﻦ اﻻﻣﺎم أﺣﻤﺪ ﻓﻘﺎل إن أﺣﻤﺪ ﺿﺮب ﺑﺎﻟﺴﻴﺎط وﻟﻢ ﻳﺰغ ﻋﻦ ﺳﻮاء‬
‫اﻟﺼﺮاط ﻏﺴﻞ وﺟﻪ اﻟﺴﻨﺔ ﻣﻦ ﻏﺒﺎر اﻟﺒﺪﻋﺔ و آﺸﻒ اﻟﻐﻤﺔ ﻋﻦ ﻋﻘﻴﺪة هﺬﻩ اﻻﻣﺔ وهﺎ أﻧﺎ أذآﺮ‬
‫ﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﺘﻨﺰﻳﻪ ﻣﺎ ﻳﺠﻠﻮ ﻋﻦ ﻗﻠﺒﻚ دون اﻟﺘﺸﺒﻴﻪ ﻓﺄﻗﻮل‪:‬‬
‫وﻗﺪ ﺗﻔﻮﻩ ﺑﺎﻟﺘﻮﺣﻴﺪ إﻋﻼﻧﺎ‬ ‫ﻳﺎ أﻳﻬﺎ اﻟﻤﺪﻋﻲ ﷲ ﻋﺮﻓﺎﻧﺎ‬
‫وﺑﺎﻟﻘﻴﺎس واﻟﺮأي ﺗﺤﻘﻴﻘًﺎ وﺗﺒﻴﺎﻧ ًﺎ‬ ‫وﺗﻄﻠﺐ اﻟﺤﻖ ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ اﻟﻀﻌﻴﻒ‬
‫ﺛﻮاﻗﺐ اﻟﻔﻜﺮ أو ﺗﺪرﻳﻪ إﻳﻘﺎﻧﺎ‬ ‫ﻼ ﺑﺄن اﷲ ﺗﺪرآﻪ‬
‫ﻇﻨﻨﺖ ﺟﻬ ً‬
‫أو هﻞ أﻗﺎﻣﺖ ﺑﻪ إﻳﺎﻩ ﺑﺮهﺎﻧﺎ‬ ‫أو اﻟﻌﻘﻮل أﺣﺎﻃﺘﻪ ﺑﺪﻳﻬﺘﻬﺎ‬
‫هﻞ هﻦ إﻻ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻋﻤﻴﺎﻧﺎ‬ ‫أو اﻟﻌﻠﻮم وﻣﺎ ﺳﻄﺮت ﻓﻲ آﺘﺐ‬
‫ﻋﻠﻢ وﻋﻘﻞ و رأي ﺟﻞ ﺳﻠﻄﺎﻧﺎ‬ ‫اﷲ أﻋﻈﻢ ﺷﺄﻧﺎ ان ﻳﺤﻴﻂ ﺑﻪ‬
‫وﺧﺎﻧﻚ اﻟﻨﻘﻞ أن ﺻﻮرت ﺟﺜﻤﺎﻧﺎ‬ ‫أزرى ﺑﻚ اﻟﻌﻘﻞ أن ﻋﻄﻠﺘﻪ ﻋﺪﻣﺎ‬
‫و إﺣﺬر ﺗﻜﻦ ﻋﺎﺑﺪًا ﺑﺎﻟﻮﺻﻒ اوﺛﺎﻧﺎ‬ ‫إﻳﺎك وﻳﺤﻚ اﻟﺘﻌﻄﻴﻞ ﻓﻲ ﺻﻔﺔ‬
‫ﺁﻣﻨﺖ ﺑﺎﷲ ﺗﺼﺪﻳﻘًﺎ وإﻳﻤﺎﻧﺎ‬ ‫ﻓﺈن ﺳﻤﻌﺖ اﺣﺎدﻳﺚ اﻟﺼﻔﺎت ﻓﻘﻞ‬
‫ﻓﺈن ﺗﺄوﻟﺖ ﻗﺪ أوﻟﺖ ﺑﻬﺘﺎﻧﺎ‬ ‫ورد ﻋﻠﻢ ﺧﻔﺎﻳﺎﻩ ﻟﻌﺎﻟﻤﻪ‬

‫‪28 ‬‬
‫‪ ‬‬
‫وﻻ ﺗﺼﻐﻲ اﻟﻰ اﻟﻜﻴﻒ ﺗﻀﺤﻲ ﺛ ﱠﻢ ﻧﺪﻣﺎﻧﺎ‬
‫ﻣﻮﻻك ﻣﺎ ﻏﺎب ﻃﺮﻓًﺎ ﻻ و ﻻ ﺑﺎﻧﺎ‬
‫وﺣﻴﺚ آﻨﺖ وﺟﺪت اﷲ دﻳﺎﻧﺎ‬
‫ﻗﺪ إﻓﺘﺮى وإﺟﺘﺮى ﻇﻠﻤ ًﺎ وﻋﺪواﻧﺎ‬
‫و ﻗﺪ ﺑﺮاهﻦ إﺣﻜﺎﻣًﺎ و إﺗﻘﺎﻧﺎ‬
‫ﻗﺪ ﺣﻴﺮ اﻟﻜﻞ ﻓﻘﺪاﻧﺎ و وﺟﺪاﻧﺎ‬
‫وﻟﻢ ﻳﺰل ﻓﻲ ﻃﻼب اﷲ وﻟﻬﺎﻧﺎ‬
‫واﻟﻌﻠﻢ ﻓﻲ اﻻﺳﻢ ﻻ ﻳﻨﻔﻚ ﺣﻴﺮاﻧﺎ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻤﻰ ﻓﺼﺎر اﻻﺳﻢ ﻋﻨﻮاﻧﺎ‬
‫ﺧﻠﻖ وﻟﻮ ﺟﺎدﻟﻮا ﺷﻴﺒًﺎ و ﺷﺒﺎﻧﺎ‬
‫ﻧﺠﺎﺋﺐ اﻟﻔﻜﺮ وﺟﺪاﻧﺎ و رآﺒﺎﻧﺎ‬
‫وﺻﺎﺑﺮوا اﻟﻠﻴﻞ أﺣﻴﺎﻧًﺎ وأزﻣﺎﻧﺎ‬
‫و آﻮﺷﻔﻮا ﺑﺒﺪﻳﻊ اﻟﺴﺮ إﻋﻼﻧﺎ‬
‫و أﻟﻬﺐ اﻟﺸﻮق ﻓﻲ اﻻﺣﺸﺎء ﻧﻴﺮاﻧﺎ‬
‫وﺻﻴﺮوا اﻟﻘﻠﺐ ﻟﻠﻌﺮﻓﺎن ﻣﻴﺪاﻧﺎ‬
‫آﺬاك ﻣﻦ ﻋﺮﻓﻮﻩ راح ﺳﻜﺮاﻧﺎ‬
‫ﻧﺴﻴﻤﺔ ﻋﺒﻘﺖ روﺣًﺎ و رﻳﺤﺎﻧﺎ‬
‫و ﺣﺮآﺖ ﻣﻨﻬﻢ وﺟﺪًا و أﺷﺠﺎﻧﺎ‬
‫ﺳﺎﻗﻲ اﻟﻤﺪام وأهﺪى اﻟﻜﺄس ﻣﻸﻧﺎ‬
‫و ﻇﻞ ﺷﺎرﺑﻬﻢ ﺑﺎﻟﺸﺮب ﻇﻤﺂﻧﺎ‬
‫ﻋﻤﺎ ﺑﺄﻳﺪﻳﻬﻢ ﺣﻤﺪًا و ﺷﻜﺮاﻧﺎ‬
‫وﻃﻬﺮوا اﻟﻘﻠﺐ ﻟﻠﻤﺤﺒﻮب أوﻃﺎﻧﺎ‬
‫‪29 ‬‬
‫‪ ‬‬
‫إن ﻗﻴﻞ آﻴﻒ إﺳﺘﻮى ﻗﻞ آﻴﻒ ﺷﺎء‬
‫أو ﻗﻴﻞ أﻳﻦ ﻓﻘﻞ ﺣﻴﺚ إﺗﺠﻬﺖ ﺗﺠﺪ‬
‫هﻮ اﻟﺬي ﻓﻮق آﻞ اﻟﻔﻮق رﺗﺒﺘﻪ‬
‫ﻼ ﺑﺄن اﻟﻌﺮش ﻳﺤﻤﻠﻪ‬
‫ﻣﻦ ﻇﻦ ﺟﻬ ً‬
‫اﻟﻌﺮش و اﻟﻔﺮش و اﻟﻜﺮﺳﻲ ﺻﻨﻌﺘﻪ‬
‫ﻣﺤﺠﺒﺎت و ﻻ ﻋﻠﻢ و ﻻ ﺧﺒﺮ‬
‫اﻟﻌﺮش ﻳﻄﻠﺐ ﻣﻦ ﻗﺪ ﻋﺰ ﻣﻄﻠﺒﻪ‬
‫اﻟﺨﻠﻖ ﻓﻲ اﻟﻌﻠﻢ ﺗﺎهﻮا ﻓﻲ ﺗﻄﻠﺒﻪ‬
‫واﻻﺳﻢ دل ﺑﺴﺮ ﻓﻲ ﻏﻮاﻣﻀﻪ‬
‫وﻋﺰ ذاك اﻟﻤﺴﻤﻰ ﻟﻴﺲ ﻳﺪرآﻪ‬
‫ﺳﺎرت إﻟﻴﻪ ﻗﻠﻮب اﻟﻌﺎرﻓﻴﻦ ﻋﻠﻰ‬
‫و ﻓﺎرﻗﻮا اﻷهﻞ و اﻷوﻃﺎن و إﻋﺘﺰﻟﻮا‬
‫ﺣﺘﻰ اﻧﺘﻬﻮا ﻣﻨﺘﻬﻰ ﻋﻠﻢ وﻣﻌﺮﻓﺔ‬
‫هﻨﺎك ﻃﺎﺑﻮا و ﻏﺎﺑﻮا ﻋﻦ ﺻﻔﺎﺗﻬﻢ‬
‫و ﻋﺮﻓﻮا ﺑﺠﻤﻴﻞ اﻟﻮﺻﻒ ﻓﺈﻏﺘﺮﻓﻮا‬
‫ﻳﺮون ﻓﻲ اﻟﻨﺎس ﺳﻜﺮى ﻣﻦ ﻣﻌﺎرﻓﻬﻢ‬
‫هﺒﺖ ﻋﻠﻴﻬﻢ وﻗﺪ ﻧﺎﺟﺎهﻢ ﺳﺤﺮًا‬
‫ﻓﺄﺳﻜﻨﺖ ﻓﻲ ﻗﻠﻮب اﻟﻘﻮم ﻣﻌﺮﻓﺔ‬
‫إذا ﺑﺪا وﺗﺠﻠﱠﻰ ﻓﻲ ﺣﻀﻴﺮﺗﻪ‬
‫ﻧﺎداهﻤﻮا ﺳﻜﺮوا ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻣﺎ ﺷﺮﺑﻮا‬
‫ﻟﻤﺎ ﺗﻐﻨﻰ ﻟﻬﻢ ﺣﺎدﻳﻬﻢ إﻧﺨﻠﻌﻮا‬
‫و أﺳﻠﻤﻮا اﻟﺪﻳﻦ واﻟﺪﻧﻴﺎ ﻟﻄﺎﻟﺒﻬﺎ‬
 ‫ﻓﺄﺳﺄل اﷲ ﺗﻮﻓﻴﻘًﺎ و ﻏﻔﺮاﻧﺎ‬ ‫هﺬا إﻋﺘﻘﺎدي ﻓﺎن ﻗﺼّﺮت ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻲ‬
‫*ﻓﺼـﻞ*‬
‫ﺛﻢ إﻋﻠﻢ أﻧﻪ ﻻ ﻳﻮﺻﻞ اﻟﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ اﻻ ﺑﺎﻟﻌﺠﺰ ﻋﻦ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﻷن آﻞ‬
‫إﺷﺎرة ﻳﺸﻴﺮ ﺑﻬﺎ اﻟﺨﻠﻖ اﻟﻰ اﻟﺤﻖ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻣﺮودوة ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻷﻧﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﻨﺴﻬﻢ ﻣﺨﻠﻮﻗﺔ‬
‫ﻣﺜﻠﻬﻢ ﺣﺘﻰ ﻳﺸﻴﺮ اﻟﻰ اﻟﺤﻖ ﺑﺎﻟﺤﻖ وﻻ ﺳﺒﻴﻞ ﻟﻬﻢ اﻟﻰ ذﻟﻚ و أوﺣﻰ اﷲ اﻟﻰ داوود ﻋﻠﻴﻪ‬
‫اﻟﺴﻼم ﻳﺎ داوود إﻋﺮﻓﻨﻲ وإﻋﺮف ﻧﻔﺴﻚ ﻓﻔﻜﺮ داوود ﺳﺎﻋﺔ ﺛﻢ ﻗﺎل إﻟﻬﻰ ﻋﺮﻓﺘﻚ‬
‫ﺑﺎﻟﻔﺮداﻧﻴﺔ و اﻟﻘﺪرة و اﻟﺒﻘﺎء و ﻋﺮﻓﺖ ﻧﻔﺴﻲ ﺑﺎﻟﻀﻌﻒ و اﻟﻌﺠﺰ و اﻟﻔﻨﺎء ﻓﻘﺎل اﷲ‬
‫ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﺎ داوود اﻵن ﻋﺮﻓﺘﻨﻲ ﺣﻖ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ وﻗﺪ ﺳﺌﻞ اﻟﺼﺪﻳﻖ اﻷآﺒﺮ أﺑﻮ ﺑﻜﺮ رﺿﻲ‬
‫اﷲ ﻋﻨﻪ ﺑﻢ ﻋﺮﻓﺖ رﺑﻚ ﻓﻘﺎل ﻋﺮﻓﺖ رﺑﻲ ﺑﺮﺑﻲ و ﻟﻮﻻ رﺑﻲ ﻣﺎ ﻋﺮﻓﺖ رﺑﻲ ﻓﻘﻴﻞ ﻟﻪ و‬
‫هﻞ ﻳﺘﺄﺗﻰ ﻟﻠﺒﺸﺮ أن ﻳﺪرآﻪ ﻓﻘﺎل اﻟﻌﺠﺰ ﻋﻦ درك اﻹدراك إدراك و ﻣﻌﻨﻰ هﺬﻩ اﻹﺷﺎرة‬
‫اﻟﺼﺪﻳﻘﻴﺔ أن اﻟﺤﻮاس اﻟﺨﻤﺲ اﻟﺘﻲ هﻲ ﺁﻻت اﻻدراك ﻟﺴﺎﺋﺮ اﻟﻤﺤﺴﻮﺳﺎت ﻻ وﺻﻮل‬
‫ﻟﻬﺎ اﻟﻰ إدراآﻪ ﻓﺈذا ﻋﻠﻤﺖ أن اﻟﺤﻖ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ و ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﻨﺰﻩ ﻋﻦ إدراك هﺬﻩ اﻟﺤﻮاس‬
‫ﻟﻜﻨﺔ ذاﺗﻪ و ﺻﻔﺎﺗﻪ ﻟﻌﺠﺰهﺎ ﻋﻦ ادراآﻪ ﻓﻘﺪ ﻋﺮﻓﺖ اﻟﺤﻖ و ﻗﺪ ﺳﺌﻞ ﻣﺼﺒﺎح اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ و‬
‫ﻣﻔﺘﺎح اﻟﺘﻐﺮﻳﺪ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ آﺮﱠم اﷲ وﺟﻬﻪ ﺑ َﻢ ﻋﺮﻓﺖ رﺑﻚ ﻓﻘﺎل ﻋﺮﻓﺘﻪ ﺑﻤﺎ‬
‫ﻋﺮﱠﻓﻨﻲ ﺑﻪ ﻧﻔﺴﻪ ﻻ ُﻳﺪرك ﺑﺎﻟﺤﻮاس و ﻻ ﻳﻘﺎس ﺑﺎﻟﻨﺎس ﻗﺮﻳﺐ ﻓﻲ ﺑﻌﺪﻩ ﺑﻌﻴﺪ ﻓﻲ ﻗﺮﺑﻪ‬
‫ﻓﻮق آﻞ ﺷﻲء و ﻻ ﻳﻘﺎل ﺗﺤﺘﻪ ﺷﻲء أﻣﺎم آﻞ ﺷﻲء و ﻻ ﻳﻘﺎل أﻣﺎﻣﻪ ﺷﻲء و هﻮ ﻓﻲ‬
‫آﻞ ﺷﻲء ﻻ آﺸﻲء ﻓﻲ ﺷﻲء ﻓﺴﺒﺤﺎن ﻣﻦ هﻮ هﻜﺬا و ﻻ هﻜﺬا ﻏﻴﺮﻩ وﻗﺎل ﻋﻠﻲ رﺿﻲ‬
‫اﷲ ﻋﻨﻪ ﻣﺨﺒﺮًا ﻋﻦ ﺣﻘﻴﻘﺔ اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ رآﻀﺖ اﻻرواح ﻓﻲ ﻣﻴﺎدﻳﻦ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻓﺴﺒﻘﺖ روح‬
‫ﻧﺒﻴﻨﺎ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ أرواح اﻻﻧﺒﻴﺎء ﻓﺨﻠﻊ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺧﻠﻌﺔ اﻟﻤﻌﺮاج ﻓﻘﻴﻞ ﻟﻪ وﻣﺎ‬
‫ﻏﺎﻳﺘﻬﺎ أي اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻓﻘﺎل اﻟﺪهﺶ ﻓﻲ آﺒﺮﻳﺎء اﷲ ﻋ ﱠﺰ وﺟﻞ و ﺳﺌﻞ ﻋﻠﻲ أﻳﻀًﺎ رﺿﻲ‬
‫اﷲ ﻋﻨﻪ هﻞ ﻋﺮﻓﺖ اﷲ ﺑﻤﺤﻤﺪًا و ﻋﺮﻓﺖ ﻣﺤﻤﺪًا ﺑﺎﷲ ﻓﺄﺟﺎب ﻟﻮ ﻋﺮﻓﺖ اﷲ ﺑﻤﺤﻤﺪ ﻣﺎ‬
‫ﻋﺒﺪﺗﻪ و ﻟﻜﺎن ﻣﺤﻤﺪ أوﺛﻖ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻲ ﻣﻦ اﷲ و ﻟﻮ ﻋﺮﻓﺖ ﻣﺤﻤﺪًا ﺑﺎﷲ ﻟﻤﺎ اﺣﺘﺠﺖ اﻟﻰ‬
‫رﺳﻮل اﷲ وﻟﻜﻦ اﷲ ﻋﺮﻓﻨﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﻼ آﻴﻒ آﻤﺎ ﺷﺎء و ﺑﻌﺚ ﻣﺤﻤﺪًا ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ‬
‫وﺳﻠﻢ ﺑﺘﺒﻠﻴﻎ أﺣﻜﺎم اﻟﻘﺮﺁن و ﺑﻴﺎن ﻣﻔﺼﻼت اﻻﺳﻼم واﻹﻳﻤﺎن و إﺛﺒﺎت اﻟﺤﺠﺔ وﺗﻘﻮﻳﻢ‬
‫اﻟﻨﺎس ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻬﺞ اﻹﺧﻼص ﻓﺼﺪﻗﺖ ﺑﻤﺎ ﺟﺎء ﺑﻪ ﻓﺈﻋﻠﻢ أﻧﻪ ﻳﺴﺘﺤﻴﻞ اﻟﻮﺻﻮل اﻟﻰ‬
‫ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺷﻲء ﻣﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﷲ ﺑﻐﻴﺮ اﷲ وﻻ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ اﷲ اﻻ ﺑﺎﷲ ﻓﺈن اﻷﻓﻬﺎم و‬
‫اﻷوهﺎم و اﻟﻌﻘﻮل و اﻟﺨﻮاﻃﺮ ﻋﺎﺟﺰة ﻗﺎﺻﺮة ﻋﻦ إدراك ﺻﻮرهﺎ و ﻋﻠﻠﻬﺎ ﻓﻜﻴﻒ‬
‫ﺗﻄﻴﻖ ادراك ﻣﺼﻮرهﺎ و ﻣﻌﻴﺪهﺎ و إﻧﻤﺎ اﻟﺤﻖ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺧﻠﻖ اﻟﺨﻠﻖ آﻤﺎ ﺷﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺎ‬
‫ن اﷲ ﺧﻠﻖ‬ ‫ﺷﺎء و وﻓﻖ ﻣﻦ ﺷﺎء ﻟﻤﺎ ﺷﺎء و ﻋﺮّف ﻣﻦ ﺷﺎء ﺑﻤﺎ ﺷﺎء و ﻓﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ أ ﱠ‬
‫ﺧﻠﻘﻪ ﻓﻲ ﻇﻠﻤﺔ ﺛﻢ رش ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻧﻮرًا ﻣﻦ ﻧﻮرﻩ ﻓﻤﻦ أﺻﺎﺑﻪ ذﻟﻚ اﻟﻨﻮر إهﺘﺪى و ﻣﻦ‬
‫أﺧﻄﺄﻩ ذﻟﻚ اﻟﻨﻮر ﺿﻞ ﻓﻤﻌﺮﻓﺔ اﻟﻌﺒﺪ ﻟﺮﺑﻪ ﻧﻮر اﷲ اﻟﺬي ﻳﻘﺬﻓﻪ ﻓﻲ ﻗﻠﺐ ﻋﺒﺪﻩ ﻓﻴﺪرك‬
‫ﺑﺬﻟﻚ اﻟﻨﻮر أﺳﺮار ﻣﻠﻜﻪ و ﻳﺸﺎهﺪ ﻏﻴﺐ ﻣﻠﻜﻮﺗﻪ و ﻳﻼﺣﻆ ﺻﻔﺎت ﺟﺒﺮوﺗﻪ ﺛﻢ ﺗﻨﺰل ﻗﻮة‬
‫‪30 ‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫إدراآﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺪار ﻣﺎ أﻓﻴﺾ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﻨﻮر و هﺬا ﻣﻌﻨﻰ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪﴿ :‬اﷲ ﻧﻮر‬
‫اﻟﺴﻤﻮات واﻷرض ﻣﺜﻞ ﻧﻮرﻩ﴾ أي ﻣﺜﻞ ﻧﻮر اﻟﻤﺆﻣﻦ هﻜﺬا آﺎن ﻳﻘﺮأ أﺑﻲ ﺑﻦ آﻌﺐ‬
‫وآﺎن ﻳﻘﺮأ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮد رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﻣﺜﻞ ﻧﻮرﻩ ﻓﻲ ﻗﻠﺐ اﻟﻤﺆﻣﻦ و إﻧﻤﺎ‬
‫ﺳﻤﻰ اﻟﺤﻖ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ و ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﻧﻮرًا ﻷن اﻟﻨﻮر هﻮ اﻟﻀﻴﺂء اﻟﻤﻈﻬﺮ ﻟﻸﺷﻴﺎء ﻓﺈذًا‬
‫ﺗﺴﻤﻰ ﺑﻤﺎ ﻳﻈﻬﺮ ﻏﻴﺮﻩ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ اﻟﻰ اﻻدراك ﻧﻮرًا ﻓﻸن ﻳﺴﻤﻰ ﻣﻦ ﻳﻈﻬﺮ اﻻﺷﻴﺎء ﻣﻦ‬
‫آﺘﻢ اﻟﻌﺪم اﻟﻰ ﻗﻀﺎء اﻟﻮﺟﻮد ﺑﺎﻹﻳﺠﺎد ﻧﻮرًا أوﻟﻰ ﺑﻞ هﻮ ﻧﻮر اﻟﻨﻮر ﻣﻈﻬﺮ اﻟﻤﻈﻬﺮات‬
‫ﺛﻢ ﺿﺮب ﻣﺜﻞ ﻧﻮرﻩ ﻓﻲ ﻗﻠﺐ اﻟﻤﺆﻣﻦ وﺷﺒﻬﻪ ﻓﺸﺒﻪ ﺻﺪرﻩ ﺑﺎﻟﻤﺸﻜﺎة و ﺷﺒﻪ ﻗﻠﺒﻪ ﻓﻲ‬
‫ﺻﺪرﻩ ﺑﺎﻟﻘﻨﺪﻳﻞ ﻓﻲ اﻟﻤﺸﻜﺎة وﺷﺒﻪ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﺑﺎﻟﻤﺼﺒﺎح ﻓﻲ اﻟﻘﻨﺪﻳﻞ وﺷﺒﻪ اﻟﻘﻨﺪﻳﻞ اﻟﺬي‬
‫هﻮ ﻗﻠﺒﻪ ﺑﺎﻟﻜﻮآﺐ اﻟﺪري و ﺷﺒﻪ إﻣﺪادﻩ ﺑﻤﻌﺮﻓﺘﻪ ﺑﺎﻟﺰﻳﺖ اﻟﺼﺎﻓﻲ اﻟﺬي ﻳﻤﺪ ﺑﻪ اﻟﺴﺮاج‬
‫ﻓﻲ اﻹﺷﻌﺎل و ﻣﻌﻨﻰ ﺁﺧﺮ ﻟﻄﻴﻒ اﻟﻤﺸﻜﺎة ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ ﺑﺸﺮﻳﺘﻚ و اﻟﻤﺼﺒﺎح ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ ﻧﻮر‬
‫ﺗﻮﺣﻴﺪك و اﻟﺰﺟﺎﺟﺔ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ ﻗﻠﺒﻚ و ﺗﺸﺒﻴﻪ اﻟﻤﺸﻜﺎة ﺑﺎﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻟﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻣﻦ‬
‫اﻟﻜﺜﺎﻓﺔ وهﻮ ﻣﺤﻞ اﻟﻈﻞ و اﻟﺴﻮاد و اﻟﻤﺼﺒﺎح آﻠﻤﺎ آﺎن ﻓﻲ اﻟﻈﻞ واﻟﺴﻮاد آﺎن أﺷﺪ‬
‫ﻓﻲ اﻻﺷﺘﻌﺎل واﻹﻳﻘﺎد و ﺗﺸﺒﻴﻪ ﻧﻮر اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﺑﺎﻟﻤﺼﺒﺎح ﻷن اﻟﻤﺼﺒﺎح ﻳﺴﺘﻨﻴﺮ ﺑﻪ ﻣﺎ‬
‫ﻳﺠﺎورﻩ وﻳﺤﻞ ﻓﻴﻪ و ﻧﻮر اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻳﺴﺘﻀﻲء ﺑﻪ ﻣﺎ ﻳﺠﺎورﻩ وﻳﺤﻞ ﻓﻴﻪ وﺷﺒﻪ اﻟﻘﻠﺐ‬
‫ﺑﺎﻟﺰﺟﺎﺟﺔ ﻟﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻠﻄﺎﻓﺔ ﻓﺎن ﺷﻔﺎﻓﻬﺎ ﻳﻄﺮح أﺷﻌﺔ اﻷﻧﻮار ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﻘﺎﺑﻠﻬﺎ و‬
‫ﻳﺤﺎذﻳﻬﺎ ﻣﻦ اﻻﺟﺮام و اﻟﻘﻠﺐ ﺷﻔﺎف ﺗﻌﺒﺮ ﻣﻨﻪ أﺷﻌﺔ أﻧﻮار اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ اﻟﻰ ﻣﺎ وراءﻩ ﻣﻦ‬
‫اﻟﺠﻮارح وإﻟﻴﻪ اﻹﺷﺎرة اﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ ﻟﺬﻟﻚ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺬي آﺎن ﻳﻌﺒﺚ ﻓﻲ ﺻﻼﺗﻪ ﻟﻮ‬
‫ﺧﺸﻊ ﻗﻠﺐ هﺬا ﻟﺨﺸﻌﺖ ﺟﻮارﺣﻪ و ﻗﻴﻞ ﻓﻴﻪ ﻣﻌﻨﻰ ﺁﺧﺮ وهﻮ اﻧﻪ ﻣﺜﻞ ﻧﻮر ﻗﻠﺐ اﻟﻨﺒﻲ‬
‫ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ وروى ﻣﻘﺎﺗﻞ ﻋﻦ اﻟﻀﺤﺎك ﻗﺎل هﺬا ﻣﺜﻞ ﻟﻠﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ‬
‫ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ ﻓﺸﺒﻪ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻄﻠﺐ ﺑﺎﻟﻜﻮة و هﻲ اﻟﻤﺸﻜﺎة و ﺷﺒﻪ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﺎﻟﺰﺟﺎﺟﺔ وﺷﺒﻪ‬
‫اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ ﺑﺎﻟﻤﺼﺒﺎح آﺎن ﻓﻲ ﺻﻠﺒﻬﻤﺎ ﻓﻮرث اﻟﻨﺒﻮة ﻣﻦ اﺑﺮاهﻴﻢ ﻋﻠﻴﻪ‬
‫اﻟﺴﻼم و هﻮ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻮﻗﺪ ﻣﻦ ﺷﺠﺮة ﻣﺒﺎرآﺔ و إﻧﻤﺎ ﺳُﻤﻲ إﺑﺮاهﻴﻢ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼم ﺷﺠﺮة‬
‫ﻷن أآﺜﺮ اﻷﻧﺒﻴﺎء ﻣﻦ ﺻﻠﺒﻪ ﻻ ﺷﺮﻗﻴﺔ و ﻻ ﻏﺮﺑﻴﺔ أي ﻻ ﻳﻬﻮدﻳًﺎ وﻻ ﻧﺼﺮاﻧﻴًﺎ و ﻟﻜﻦ‬
‫آﺎن ﺣﻨﻴﻔًﺎ ﻣﺴﻠﻤًﺎ و ﻣﺎ آﺎن ﻣﻦ اﻟﻤﺸﺮآﻴﻦ‪.‬‬

‫*ﻓﺼــﻞ*‬
‫وإﻋﻠﻢ وﻓﻘﻨﺎ اﷲ وإﻳﺎك أن ﻟﻜﻞ ﺣﻖ ﺣﻘﻴﻘﺔ وﻟﻜﻞ ﺣﻘﻴﻘﺔ أهﻞ و ﻟﻜﻞ أهﻞ ﻋﻼﻣﺔ‬
‫و ﺑﺎﻟﻌﻼﻣﺔ ﻳﺘﺒﻴﱠﻦ اﻟﻤﺤﻖ ﻣﻦ اﻟﻤﺒﻄﻞ و آﻞ ﻣﻦ أﺟﻠﺴﻪ اﷲ ﻋﻠﻰ ﻣﺎﺋﺪة ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ و ﺗﻨﺎول‬
‫ﻣﻦ آﺆوس ﻣﺤﺒﺘﻪ رﻓﻊ ﺳﻴﻤﺎهﺎ ﻋﻠﻰ وﺟﻬﻪ وﺗﺒﻴﻦ أﺛﺮهﺎ ﻓﻲ ﺣﺮآﺎﺗﻪ و ﺳﻜﻨﺎﺗﻪ ﻗﺎل اﷲ‬
‫ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺗﻌﺮﻓﻬﻢ ﺑﺴﻴﻤﺎهﻢ و ﻗﺎل اﷲ ﺳﻴﻤﺎهﻢ ﻓﻲ وﺟﻮهﻬﻢ ﻣﻦ أﺛﺮ اﻟﺴﺠﻮد و ﻗﺎل ﻋﻠﻴﻪ‬
‫اﻟﺼﻼة و اﻟﺴﻼم ﻣﻦ آﺎﻧﺖ ﺳﻴﺮﺗﻪ ﺣﺴﻨﺔ أﻇﻬﺮ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻨﻬﺎ رداء ﻳﻌﺮف ﺑﻪ وﻳﺸﻬﺪ‬

‫‪31 ‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺎﻟﺨﻴﺮ وﻗﺎل أﺑﻮ ﻳﺰﻳﺪ‪ :‬اﻟﻌﺎرف ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻧﻪ وﺻﻒ اﻟﺮﺑﻮﺑﻴﺔ وﻋﻠﻰ أرآﺎﻧﻪ ﺧﺪﻣﺔ‬
‫اﻟﺪﻳﻤﻮﻣﻴﺔ وﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ أﺛﺮ اﻟﻌﺒﻮدﻳﺔ وﻓﻲ ﻗﻠﺒﻪ هﻴﺒﺔ اﻟﻔﺮداﻧﻴﺔ وﻓﻲ ﺳﺮﻩ ﻃﺮب اﻵﻟﻬﻴﺔ‬
‫وﻓﻲ روﺣﻪ ﺷﻌﺐ اﻟﻮاﺣﺪاﻧﻴﺔ و ﻗﺎﻟﺖ راﺑﻌﺔ‪ :‬ﻟﻠﻌﺎرف ﺛﻼث ﻋﻼﻣﺎت ﺑﺪﻧﻪ ﻣﺸﻐﻮل‬
‫ﺑﺎﻟﻄﻠﺐ و ﻗﻠﺒﻪ ﻣﺸﻐﻮل ﺑﺎﻟﺸﻐﺐ وروﺣﻪ ﻣﺸﻐﻮﻟﺔ ﺑﺎﻟﻄﺮب وﻗﻴﻞ ﻗﻠﺐ اﻟﻌﺎرف ﻣﻨﻮر‬
‫ﺑﻤﺼﺎﺑﻴﺢ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ و وﺟﻬﻪ ﻣﺰﻳﻦ ﺑﺴﻴﻤﺎ اﻟﻄﺎﻋﺔ و أﻃﺮاﻓﻪ ذاﺋﺒﺔ ﻣﻦ ﺧﻮف اﻟﻘﻄﻴﻌﺔ و‬
‫ﺳﺮﻩ ﻣﻨﻘﻄﻊ إﻟﻰ اﷲ ﻣﻦ آﻞ ﻋﻼﻗﺔ و ﻋﻼﻣﺔ ذﻟﻚ أن ﻳﻜﻮن ﺧﺎدﻣًﺎ ﺑﺎﻷرآﺎن ذاآﺮًا‬
‫ﺑﺎﻟﻠﺴﺎن ﻣﺴﺘﺄﻧﺴًﺎ ﺑﻪ ﻓﻲ ُآﻞﱢ أوان و ﻳﻜﻮن ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻲ اﻟﺪﱡﻧﻴﺎ ﻏﺮﻳﺒًﺎ و ﻗﻠﺒﻪ ﻓﻲ ﺻﺪرﻩ‬
‫ﻏﺮﻳﺒًﺎ و روﺣﻪ ﻓﻲ ﺟﺴﺪﻩ ﻏﺮﻳﺒًﺎ وﺳﺮﻩ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﻪ ﻏﺮﻳﺒ ًﺎ و اﻟﻐﺮﻳﺐ أﺑﺪًا ﻓﻲ ﻏﺮﺑﺘﻪ‬
‫آﺌﻴﺐ ﻓﻼ ﻳﺴﺘﺮﻳﺢ اﻟﻌﺎرف ﻣﻦ ﻏﻢ اﻟﻐﺮﺑﺔ ﻣﺎﻟﻢ ﻳﺼﻞ اﻟﻰ اﻟﺤﺒﻴﺐ و ﻣﻦ هﻬﻨﺎ ﻳﻈﻬﺮ‬
‫ﻣﻌﻨﻰ ﻗﻮﻟﻪ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺼﻼة و اﻟﺴﻼم آﻦ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﻴﺎ آﺄﻧﻚ ﻏﺮﻳﺐ أو ﻋﺎﺑﺮ ﺳﺒﻴﻞ ﻓﺘﺄﻣﻠﺖ‬
‫ﺣﻘﻴﻘﺔ هﺬا اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻓﺮأﻳﺖ أن اﻷرواح ﺧﻠﻘﺖ ﻗﺒﻞ اﻷﺟﺴﺎد ﺑﺄﻟﻔﻲ ﻋﺎم ﺛﻢ أﻓﻴﻀﺖ ﻣﻦ‬
‫ﻋﺎﻟﻤﻬﺎ اﻟﺮوﺣﺎﻧﻲ اﻟﻨﻮراﻧﻲ ﻓﺄودﻋﺖ ﻇﻠﻤﺔ هﺬا اﻟﺠﺴﺪ اﻟﺘﺮاﺑﻲ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ اﻟﺠﺜﻤﺎﻧﻲ و‬
‫اﻟﺠﺴﺪ ﻣﺨﻠﻮق ﻣﻦ اﻟﺘﺮاب و اﻟﺘﺮاب آﺎﺋﻦ ﻗﺒﻞ آﻮن اﻵدﻣﻲ ﻓﻬﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺟﻠﺒﺎ‬
‫ﻏﺮﻳﺒﻴﻦ ﻏﺮﺑًﺎ ﻋﻦ وﻃﻨﻬﻤﺎ و أﺑﻌﺪا ﻋﻦ أﺻﻠﻴﺘﻬﻤﺎ ﻓﺈﺟﺘﻤﻌﺎ اﺟﺘﻤﺎع ﻏﺮﺑﺔ آﻞ واﺣﺪ‬
‫ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻳﺸﻴﺮ اﻟﻰ وﻃﻨﻪ وﻳﻄﻴﺮ اﻟﻰ ﺳﻜﻨﻪ ﻓﺎﻟﺠﺴﺪ أﺧﻠﺪ اﻟﻰ اﻻرض و اﻟﺮوح ﺑﺪون‬
‫اﻟﺴﻤﻮ ﻟﻢ ﺗﺮض وﷲ در اﻟﻘﺎﺋﻞ‪:‬‬
‫ﺷﺘﺎن ﺑﻴﻦ ﻣﺸﺮق وﻣﻐﺮب‬ ‫راﺣﺖ ﻣﺸﺮﻗﺔ و رﺣﺖ ﻣﻐﺮﺑًﺎ‬
‫و ﻣﻦ ﺗﺄﻣﻞ ﻣﻌﻨﻰ هﺬﻩ اﻷﺑﻴﺎت ﻓﻬﻢ ﻣﺎ أﺷﺮﻧﺎ إﻟﻴﻪ و ﻋﻠﻢ ﻣﺎ ﻋﻮﻟﻨﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﺈن ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻌﻨﻰ‬
‫إزدواج اﻷﺷﺒﺎح ﺑﺎﻷرواح اﻟﻤﺴﺘﻔﺎد ﻣﻦ ﺳﺮ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪﴿ :‬ﻣﺜﻞ ﻧﻮرﻩ آﻤﺸﻜﺎة ﻓﻴﻬﺎ‬
‫ﻣﺼﺒﺎح﴾ ﻓﻤﻦ آﺎﻧﺖ ﻟﻪ ﺑﺼﻴﺮة ﻣﺴﺘﻨﻴﺮة أﺑﺼﺮ ﻣﺼﺒﺎح اﻟﻨﺠﺎح وﻣﻦ آﺎﻧﺖ ﻟﻪ اذن‬
‫ﺳﺎﻣﻌﺔ ﺳﻤﻊ ﻣﻨﺎدي اﻟﻔﻼح‪.‬‬
‫ﻻ و ﺟﺪا‬
‫وﻋﺮﻓﺖ اﻟﻐﺮام هﺰ ً‬ ‫ﻳﺎ ﺧﻠﻴﻠﻲ ﻗﺪ ﺑﻠﻐﺖ اﻟﻘﺼﺪا‬
‫ودﻋﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﺣﺐ ﺳﻠﻤﻰ و ﺳﻌﺪى‬ ‫ﺧﻠﻴﺎﻧﻲ ﻣﻦ ذآﺮ ﺳﻠﻊ و ﻧﺠﺪ‬
‫أﻗﺴﻤﺖ ﻟﻠﻌﻴﻮن ﻻ ﺗﺘﺒﺪى‬ ‫أﻧﺎ ﻟﻲ ﻓﻲ ﺣﺸﺎﺷﺔ اﻟﻘﻠﺐ ﺧﻮدا‬
‫وﺗﺠﻠﺖ ﻟﻬﺎ ﺑﻮﺟﻪ ﻣﻔﺪى‬ ‫أﺑﺮزت ﻟﻠﻘﻠﻮب ﺣﻠﺔ ﺣﺴﻦ‬
‫ﻟﻤﺤﺐ ﺻﻔﺎ إﻧﺘﻬﺎء و ﻣﺒﺪا‬ ‫ﺣﺠﺒﻮهﺎ ﻓﻠﻴﺲ ﺗﻈﻬﺮ إﻻ‬
‫ﻓﻬﻲ ﺗﺨﻔﻲ ﺻﻮﻧًﺎ ﻟﻬﺎ إن ﺗﺤﺪى‬ ‫ﺷﻬﺪت ﺣﻴﻦ ﻏﻴﺒﺖ آﻞ ﻏﻴﺐ‬
‫وﺣﻜﺖ ﻓﻲ اﻟﻮﺟﻮد زﺟﺮًا و ﻣﺪا‬ ‫ﻣﻠﻜﺖ ﻓﻲ اﻟﺸﻬﻮد ﻗﺒﻀًﺎ وﺑﺴﻄﺎ‬

‫‪32 ‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫و ﺗﻐﺎﻟﺖ ﻓﻤﺎ ﺗﺮﻳﺪ ﻣﺮدا‬ ‫ﻋﺮﻓﻮهﺎ ﻣﻈﺎهﺮًا ﻓﺘﻌﺎﻟﺖ‬
‫و ﻓﺮار ﺿﺪ ﻟﻀﺪ ﺗﺒﺪى‬ ‫ذات أﻧﺲ و وﺣﺸﺔ و ﻧﻔﺎد‬
‫ﺟﻤﻌﺖ ﻓﻲ اﻟﻤﺬاق ﺻﺒﺮًا و ﺷﻬﺪا‬ ‫رآﺒﺖ ﻣﻦ ﺗﻀﺎد ٍد ﻓﻠﻬﺬا‬
‫هﻲ ﻧﺎر ﺗﺮﻳﻚ ﺣﺮًا و ﺑﺮدا‬ ‫ﻓﻬﻲ ﺑﺪر و ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺷﻤﺲ و‬
‫ﺟﻤﻌﺖ ﻓﻲ اﻟﻜﺆوس ﻏﻴ ًﺎ و رﺷﺪا‬ ‫و هﻲ روح و ﻓﻲ اﻟﻤﺤﺒﺔ راح‬
‫ﺑﺼﻔﺎت ﺻﻔﺖ ﻣﺮاﺣًﺎ و ﻣﻐﺪا‬ ‫و هﻲ ذات ﻟﻜﻞ ذات و ﺗﺒﻐﻲ‬
‫و هﻲ آﻮن اﻟﻜﻮن ﻓﻘﺪًا و وﺟﺪا‬ ‫و هﻲ روح اﻟﻮﺟﻮد ﻓﺮﻗًﺎ و ﺟﻤﻌ ًﺎ‬
‫ﻓﺘﺒﺪى ﻟﻬﺎ ﻓﺆادي ﻣﻬﺪا‬ ‫هﺒﻄﺖ ﻣﻦ ﻣﺤﻞ ﻋﺰ رﻓﻴﻊ‬
‫ﺑﻌﺪﻩ ﻻ ﻧﺨﺎف ﻓﻲ اﻟﻘﺮب ﺑﻌﺪا‬ ‫ﻓﺄﺗﻠﻔﻨﺎ ﻟﻔﺮﻗﺔ و ﺗﻼق‬
‫ان ﺗﺄﻣﻠﺖ آﺎن ذا اﻟﺰوج ﻓﺮدا‬ ‫و ازدوﺟﻨﺎ ﻓﻨﺤﻦ زوج و ﻟﻜﻦ‬
‫ﻼ و ﺻﺪا‬
‫ﻧﻘﻄﻊ اﻟﺤﺐ ﻓﻴﻪ وﺻ ً‬ ‫ﻧﺤﻦ ﻓﻲ ﺷﺮﻋﺔ اﻟﻬﻮى ﻗﺪ ﺧﻠﻘﻨﺎ‬
‫ﻧﺘﺸﺎآﻰ ﻣﻦ اﻟﺠﻮى ﻣﺎ ﺗﻌﺪى‬ ‫ﻟﻮ ﺗﺮاﻧﺎ وﻗﺪ هﺪت آﻞ ﻋﻴﻦ‬
‫ﺛﻢ اﺻﻐﻲ ﻓﺘﺸﺘﻜﻲ ﻟﻴﺲ ﺗﻬﺪى‬ ‫هﻲ ﺗﺼﻐﻲ ﻓﺄﺷﺘﻜﻲ ﻣﺎ اﻻﻗﻲ‬
‫ﻣﻦ ﺻﺪود و آﻞ ﻣﺎ ﻗﺪ ﺗﺼﺪى‬ ‫وهﻲ ﻣﻨﻲ وآﻠﻤﺎ ﺑﻲ ﻣﻨﻬﺎ‬
‫ﺑﺮﺑﺎهﺎ ﺗﺬوب ﺷﻮﻗًﺎ و وﺟﺪا‬ ‫و ﺗﺮاهﺎ إذا ﺗﺮﻧﻢ ﺣﺎد‬
‫و أﻧﻴﻦ ﻳﻘﺪ ﻟﻠﻘﻠﺐ ﻗﺪا‬ ‫ﻻ ﺗﻠﻤﻬﺎ إذا ﺑﺪت ﺑﺤﻨﻴﻦ‬
‫ﻟﻴﺲ ﻳﻨﺴﻰ و إن ﺗﻄﺎول ﻋﻬﺪا‬ ‫ﻓﻠﻬﺎ ﻣﻌﻬﺪ ﻗﺪﻳﻢ و أﻧﺲ‬
‫ﻓﻴﻪ ﺿﻢ اﻟﻮﺻﺎل ﻣﻮﻟﻰ و ﻋﺒﺪا‬ ‫و ﻟﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﻘﺮ ﻣﻘﻌﺪ ﺻﺪق‬
‫ﺛﻢ إﻋﻠﻢ أن اﻟﺠﺴﺪ و اﻟﺮوح ﻟﻤﺎ آﺎﻧﺎ ﻏﺮﻳﺒﻴﻦ دﻋﻴﺎ ﻣﻦ دار ﻏﺮﺑﺘﻬﻤﺎ اﻟﻰ دار ﻗﺮﺑﺘﻬﻤﺎ و‬
‫ﻣﻦ ﻣﺤﻞ وﺣﺸﺘﻬﻤﺎ اﻟﻰ ﻣﺤﻞ أﻧﺴﺘﻬﻤﺎ و ﻣﻦ ﻇﻠﻤﺔ أﻧﻔﺴﻬﻤﺎ اﻟﻰ ﺣﻀﺮة ﻗﺪﺳﻬﻤﺎ ﺑﺘﺼﺮﻳﺢ و‬
‫اﷲ ﻳﺪﻋﻮ اﻟﻰ دار اﻟﺴﻼم ﺛﻢ أﻋﻠﻤﻬﻤﺎ ﻗﺮب اﻟﻤﻨﺰل وﺳﺮﻋﺔ اﻟﻤﻨﻘﻠﺐ ﺑﺘﻠﻮﻳﺢ إﻧﻤﺎ هﺬﻩ اﻟﺤﻴﺎة‬
‫ن اﻵﺧﺮة هﻲ دار اﻟﻘﺮار ﻓﺈﺗﻔﻘﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﻄﻊ ﻣﻔﺎزة اﻟﻐﺮﺑﺔ ﻟﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻣﻦ اﻟﻨﺴﺒﺔ و‬
‫اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻣﺘﺎع وإ ﱠ‬
‫ﻟﻘﺪ اﺣﺴﻦ اﻟﻘﺎﺋﻞ‪:‬‬
‫وآﻞ ﻏﺮﻳﺐ ﻟﻠﻐﺮﻳﺐ ﻧﺴﻴﺐ‬ ‫إﺟﺎزﺗﻨﺎ أﻧّﺎ ﻏﺮﻳﺒﺎن هﺎ هﻨﺎ‬
‫‪33 ‬‬
‫‪ ‬‬
‫ﺛﻢ إﺻﻄﻠﺤﺎ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻊ زاد ﻳﻘﻄﻌﺎن ﺑﻪ ﻣﺴﺎﻓﺔ اﻟﻄﺮﻳﻖ وﻳﺼﻼن ﺑﻪ اﻟﻰ ذﻟﻚ اﻟﻔﺮﻳﻖ‬
‫ﻓﻮﺟﺪا ﻣﻦ ﻣﺸﻘﺔ ﻣﺴﺎﻓﺔ اﻟﻄﺮﻳﻖ ﻣﺎ أﻓﻀﻰ ﺑﻬﻤﺎ اﻟﻰ اﻟﺘﻔﺮﻳﻖ و اﻟﺘﻤﺰﻳﻖ و ﺻﺒﺮا ﻋﻠﻰ ﻇﻤﺄ‬
‫اﻟﻬﻮاﺟﺮ ﺣﺘﻰ ﺑﻠﻐﺖ اﻟﻘﻠﻮب اﻟﺤﻨﺎﺟﺮ و ﺻﺎﺑﺮا ﻋﻠﻰ ﻗﻴﺎم اﻟﻠﻴﻞ و ﻣﺎﻻ ﻋﻠﻰ اﻧﻔﺴﻬﻤﺎ آﻞ اﻟﻤﻴﻞ‬
‫ﻓﺘﺎرة ﻳﻄﺮﻗﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﻣﻜﺎن اﻟﺨﻮف ﻃﺎرق ﻓﺘﺠﺮي اﻟﺪﻣﻮع اﻟﺴﻮاﺑﻖ و ﺗﺎرة ﻳﺒﺮق ﻟﻬﻤﺎ ﻣﻦ أﻓﻖ‬
‫اﻟﺮﺟﺎء ﺑﺎرق ﻓﻴﺴﺘﺮﻳﺢ اﻟﻴﻪ اﻟﻌﺎﺷﻖ و ﺗﺎرة ﻳﺨﻔﻖ ﻟﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﻋﺮف اﻟﻘﺒﻮل ﺧﺎﻓﻖ ﻓﻴﺴﻜﻦ اﻟﻘﻠﺐ‬
‫اﻟﺨﺎﻓﻖ ﻓﻤﺎ زاﻻ ﺑﻴﻦ إﻧﺘﻬﺎض و ﻧﺸﺎط و إﻧﻘﺒﺎض و إﻧﺒﺴﺎط ﺣﺘﻰ ﻃﻮﻳﺎ اﻟﺒﺴﺎط و واﻓﻴﺎ ﻋﻘﺐ‬
‫اﻟﻤﻮت اﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﻌﻠﻢ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻰ أﻳﻦ اﻻﻧﺤﻄﺎط ﻓﺘﻬﻴﺄ اﻟﺮوح ﻟﻠﻔﺮاق و ﻋﺰﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﻄﻼق اﻟﻰ‬
‫رﺑﻚ ﻳﻮﻣﺌﺬ اﻟﻤﺴﺎق ﻓﻘﺎل ﻟﻪ اﻟﺠﺴﺪ و هﻮ ﻓﻲ اﻟﺴﻴﺎق أﻳﻬﺎ اﻟﺨﻠﻴﻞ أهﻬﻨﺎ ﻳﺘﺮك اﻟﺨﻠﻴﻞ ﺧﻠﻴﻠﻪ و‬
‫ﻗﺪ ﺣﻞ ﺑﻲ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻨﺪﻓﻊ ﺑﺤﻴﻠﺔ و ﻣﺎ آﺎﻧﺖ أﻳﺎم اﻟﺼﺤﺒﺔ اﻻ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻓﻘﺎل إﻧﻤﺎ أﺳﺒﻘﻚ اﻟﻰ اﻟﻤﻨﺰل‬
‫اﻷول ﺛﻢ أﻋﻮد إﻟﻴﻚ أﻳﻬﺎ اﻟﺠﺴﺪ ﻓﻼ ﻧﻔﺘﺮق ﺑﻌﺪهﺎ اﻟﻰ اﻷﺑﺪ ﻓﺘﻨﻄﻠﻖ اﻟﺮوح ﻣﻊ داﻋﻲ ﻳﺎ أﻳﺘﻬﺎ‬
‫اﻟﻨﻔﺲ اﻟﻤﻄﻤﺌﻨﺔ إرﺟﻌﻲ إﻟﻰ رﺑﻚ راﺿﻴﺔ ﻣﺮﺿﻴﺔ و ﻳﻌﻮد اﻟﺠﺴﺪ إﻟﻰ ﻣﻨﺰل ﻣﻨﻬﺎ ﺧﻠﻘﻨﺎآﻢ‬
‫وﻓﻴﻬﺎ ﻧﻌﻴﺪآﻢ وﻣﻨﻬﺎ ﻧﺨﺮﺟﻜﻢ ﺗﺎرة أﺧﺮى ﻗﺎل ﻗﺎﺋﻠﻬﻢ‪:‬‬
‫وﻋﻠﻤﺖ اﻟﻔﺼﻴﺢ ﻣﻦ اﻟﺨﻄﺎب‬ ‫ﺧﻠﻘﺖ ﻣﻦ اﻟﺘﺮاب ﻓﺼﺮت ﺣﻴ ًﺎ‬
‫آﺄﻧﻲ ﻣﺎ ﺑﺮﺣﺖ ﻣﻦ اﻟﺘﺮاب‬ ‫وﻋﺪت اﻟﻰ اﻟﺘﺮاب ﻓﺼﺮت ﻣﻴﺘﺎ‬
‫و أرﺟﻊ ﺑﺎﻟﺬﻧﻮب إﻟﻰ اﻟﺘﺮاب‬ ‫ﺧﻠﻘﺖ ﻣﻦ اﻟﺘﺮاب ﺑﻐﻴﺮ ذﻧﺐ‬
‫ﻓﺈذا ﺟﺎء ﺑﺸﻴﺮ اﻟﻨﺸﻮر ﺑﻤﻨﺸﻮر و ﻧﻔﺦ ﻓﻲ اﻟﺼﻮر ﺗﺒﺎﺷﺮ أهﻞ اﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﺑﻴﻮم اﻟﻮﻋﻴﺪ‬
‫ﻓﻬﻨﺎﻟﻚ ﻳﻘﺎل ﻟﻠﺮوح ﻋﺪ اﻟﻰ ﺟﺴﺪك اﻟﻤﻌﻬﻮد و هﻠﻢ اﻟﻰ ﻣﻨﻬﻠﻚ اﻟﻤﻮرود و ﻇﻠﻚ اﻟﻤﻤﺪود و‬
‫ﻣﻘﺎﻣﻚ اﻟﻤﺤﻤﻮد و ﺣﺒﻴﺒﻚ اﻟﻤﺸﻬﻮد ﻓﺘﻠﺘﻘﻲ اﻟﺮوح ﻟﻠﺠﺴﺪ ﻟﻘﺎء اﻟﻐﺎﺋﺐ ﻟﻐﺎﺋﺒﻪ و ﻳﺘﻌﺎﻧﻘﺎن ﺗﻌﺎﻧﻖ‬
‫اﻟﻤﺤﺒﻮب ﻷﺣﺒﺎﺑﻪ وﻳﺘﺸﺎآﻴﺎن ﻣﺎ ﻟﻘﻴﺎ ﻣﻦ أوﺻﺎﺑﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﻣﺼﺎﺑﻬﻤﺎ و اآﺘﺴﺎﺑﻬﻤﺎ ﻓﻲ إﻏﺘﺮاﺑﻬﻤﺎ‬
‫ﺛﻢ ﻳﻘﺎل ﻟﻬﻤﺎ إﻧﻄﻠﻘﺎ إﻟﻰ ﻋﺮﺻﺔ اﻟﻤﺠﻤﻊ و ﻣﺤﺸﺮ اﻟﺨﻼﺋﻖ أﺟﻤﻊ ﻓﺜﻢ ﻋﺪل ﻳﺨﻔﺾ و ﻳﺮﻓﻊ و‬
‫ﻳﻌﻄﻰ و ﻳﻤﻨﻊ و ﻣﺎ ﺷﺎء ﺑﻌﺒﺪﻩ ﻳﺼﻨﻊ ﻓﺈذا ﻗﺪم اﻻﺗﺮاب ﻣﻦ ﺳﻔﺮة اﻟﺘﺮاب ﻧﺎدى اﻟﺤﺒﻴﺐ‬
‫ﺑﺎﻷﺣﺒﺎب ﺣﺪﺛﻮﻧﻲ ﻣﺎ ﺣﻞ ﺑﻨﻔﺮآﻢ ﻓﻲ ﺳﻔﺮآﻢ ﻳﺎ ﻣﻌﺸﺮ اﻟﻐﻴﺎب ﻓﻴﻘﻮل ﻟﺴﺎن اﻟﺤﺎل ﻓﻲ اﻟﺠﻮاب‬
‫ﻗﺎل ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻜﺘﺎب وﻟﻢ اﺳﺘﻌﺮ ﻓﻲ آﺘﺎﺑﻲ ﻟﻐﻴﺮي ﻏﻴﺮ هﺬﻩ اﻟﺜﻼﺛﺔ أﺑﻴﺎت و ﺑﻴﺘﻴﻦ ﻣﻔﺮدﻳﻦ‬
‫ﻗﺒﻠﻬﻤﺎ ﻓﻲ هﺬا وﻗﺪ أﻋﻠﻤﺖ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﺑﻘﻮﻟﻲ ﻓﻠﻠﻪ در اﻟﻘﺎﺋﻞ‪:‬‬
‫اﻟﻰ أن ﺗﺮاك اﻟﻌﻴﻦ ﺻﺎرت ﻣﺤﺎﻣﺪا‬ ‫إذا ﺣﻤﻠﺖ ﻓﻴﻚ اﻟﻤﻜﺎرﻩ وإﻧﺘﻬﺖ‬
‫و داﻧﺖ اﻟﻰ رؤﻳﺎك ﺻﺎرت ﻓﻮاﺋﺪا‬ ‫و إن ﺑﻠﻐﺖ ﻣﻨﻲ اﻟﺼﺒﺎﺑﺔ ﺟﻬﺪهﺎ‬
‫و ﻟﻮ أﻓﻨﺖ اﻻﻳﺎم ﻣﻦ آﺎن ﻗﺎﺻﺪا‬ ‫و ﻣﺎ ﺳﻔﺮة أدﻧﺖ اﻟﻴﻚ ﺑﻌﻴﺪة‬
‫أﻳﻬﺎ اﻟﺤﺰﻳﻦ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺑﻤﺎ وﺻﻠﺖ اﻟﻴﻨﺎ ﻗﺎل رآﺒﺖ ﺟﻮاد ﺗﻮآﻠﻲ ﻋﻠﻴﻚ و إﺷﺘﻴﺎﻗﻲ اﻟﻴﻚ ﻓﻤﺎ أﻧﺰﻟﻨﻲ‬
‫إﻻ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻳﻚ ﻳﺎ أﻳﻬﺎ اﻟﺨﺎﺋﻒ ﻣﻦ اﻟﻔﻮت آﻴﻒ وﺟﺪت اﻟﻤﻮت ﻓﻘﺎل ﻟﻤﺎ رأﻳﺖ وﺻﻠﻪ ﻣﻌﺎدﻳ ًﺎ‬
‫‪34 ‬‬
‫‪ ‬‬
‫ﻟﻀﺪﻩ و ﻗﺮﺑﻪ ﻣﻨﺎﻗﻀًﺎ ﻟﺒﻌﺪﻩ ﻓﻌﺮﻓﺖ اﻟﺸﻲء ﺑﻀﺪﻩ و ﻓﺮرت ﻣﻦ دار ﻗﻮم ﻻ ﻳﺄﻣﻨﻮن اﻟﻰ دار‬
‫ﻗﻮم ﻻ ﻳﺤﺰﻧﻬﻢ اﻟﻔﺰع اﻷآﺒﺮ و أﻧﺖ أﻳﻬﺎ اﻟﺮاﺟﻲ آﻴﻒ ﻋﻠﻤﺖ أﻧﻚ ﻧﺎﺟﻲ ﻓﻘﺎل ﺛﻘﺘﻲ ﺑﻔﻀﻠﻚ‬
‫أﻣﻨﺘﻨﻲ ﻣﻦ ﻋﺬاﺑﻚ ﻷن آﺘﺎب اﻟﻔﻀﻞ ﺳﺎﺑﻖ وﺟﻮاد اﻟﺠﻮد ﻻﺣﻖ ﻓﻜﻴﻒ ﻻ أرﺟﻮ أن أﻧﺠﻮ وأﻧﺎ‬
‫ﺑﺮﺣﻤﺘﻚ واﺛﻖ و ﻳﺎ أﻳﻬﺎ اﻟﺰاهﺪ آﻴﻒ ﻋﻬﺪك ﺑﺘﻠﻚ اﻟﻤﻌﺎهﺪ ﻓﻘﺎل ﺳﻤﻌﺘﻪ ﻳﻘﻮل ﻣﺎ ﻋﻨﺪآﻢ ﻳﻨﻔﺪ‬
‫وﻣﺎ ﻋﻨﺪ اﷲ ﺑﺎق ﻓﺘﺮآﺖ ﻣﺎ ﻋﻨﺪي ﻟﻤﺎ ﻋﻨﺪﻩ ﺛﻢ أﻏﻤﻀﺖ ﻋﻴﻨﻴﻲ ﻋﻦ اﻟﻔﺎﻧﻲ ﻓﻤﺎ ﻓﺘﺤﺘﻬﺎ اﻻ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺎﻗﻲ و ﻳﺎ أﻳﻬﺎ اﻟﻤﺤﺐ ﻟﻨﺎ آﻴﻒ آﺎن إﺗﺼﺎﻟﻚ ﺑﻨﺎ ﻓﻘﺎل هﻞ آﺎﻧﺖ اﻷﺷﺮﺑﺔ ﺷﺮﺑﺘﻬﺎ ﻓﻲ‬
‫ﺣﻀﺮة ﻳﺤﺒﻬﻢ ﻓﺴﻜﺮت ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻧﺔ ﻳﺤﺒﻮﻧﻪ ﻓﻤﺎ أﻓﻘﺖ ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﻤﺸﺮوب اﻻ ﺑﻤﺸﺎهﺪة‬
‫اﻟﻤﺤﺒﻮب ﻓﺄﻧﺖ أﻳﻬﺎ اﻟﺬاآﺮ ﻣﺎذا ﺟﺮى ﻟﻚ ﻗﺎل ﻏﺒﺖ ﻓﻲ ﻟﺬة ذآﺮﻩ ﻓﻠﻤﺎ ﺣﻀﺮت إذ أﻧﺎ ﻓﻲ‬
‫ﺣﻀﺮة اﻟﻤﺬآﻮر و أﻧﺖ أﻳﻬﺎ اﻟﻔﻘﻴﺮ آﻴﻒ وﺻﻠﺖ و ﻓﻲ ﺣﻀﺮﺗﻨﺎ ﺣﺼﻠﺖ ﻗﺎل هﺘﻒ ﺑﻲ هﺎﺗﻒ‬
‫و اﷲ ﻳﺪﻋﻮ ﻓﺈﺳﺘﻐﺮﻗﻨﻲ ﻟﺬة هﺬا اﻟﻜﻼم ﻓﻤﺎ أﻓﻘﺖ إﻻ ﻓﻲ دار اﻟﺴﻼم ﺑﻤﻨﺎدي إدﺧﻠﻮهﺎ ﺑﺴﻼم و‬
‫ﻳﺎ أﻳﻬﺎ اﻟﻌﺎرف آﻴﻒ ﻋﺮﻓﺖ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻤﻌﺎرف ﻗﺎل ﺳﻤﻌﺖ ﻣﻨﺎدي ﻣﻦ أﺗﺎﻧﻲ ﻳﻤﺸﻲ أﺗﻴﺘﻪ هﺮوﻟﺔ‬
‫ﻓﺄﺧﺬﻧﻲ ﺷﺒﻪ اﻟﻮﻟﻪ ﻓﺘﻨﻜﺮت ﻟﻸﻏﻴﺎر و ﻣﺎ ﺳﻜﻨﺖ اﻟﻰ ﻗﺮار و ﻃﻠﺒﺖ اﻟﺠﺎر ﻗﺒﻞ اﻟﺪار ﻓﻤﺸﻴﺖ‬
‫إﻟﻴﻪ ﻋﻠﻰ أﻗﺪام ﺻﺪق ﻃﻠﺒﻲ ﻟﻪ ﻓﻤﺎ ﺣﻠﻠﺖ رﺣﻠﻲ إﻻ ﻓﻲ ﻣﻘﻌﺪ ﺻﺪق ﻋﻨﺪ ﻣﻠﻴﻚ ﻣﻘﺘﺪر وﻳﺎ أﻳﻬﺎ‬
‫اﻟﺼﻮﻓﻲ ﺻﻒ ﻟﻨﺎ ﺻﻔﻮة ﺣﺎﻟﻚ ﻓﻲ إرﺗﺤﺎﻟﻚ ﻓﻘﺎل دﻋﻮة دﻋﻮﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﺳﻤﺎع أﺟﻴﺒﻮا داﻋﻲ اﷲ‬
‫ﻓﻤﺎ اﺳﺘﺘﻤﻤﺖ ﻗﻮﻟﻲ ﻟﺒﻴﻚ ﺣﺘﻰ ﻗﺎل ﻟﻲ هﺎ أﻧﺎ ﻧﺎﻇﺮ اﻟﻴﻚ وﻣﺘﺠﻞ ﻋﻠﻴﻚ ﺛﻢ ﻳﻘﺎل ﻳﺎ أهﻞ اﻟﺘﺨﻠﻒ‬
‫ﻣﺎ هﺬا اﻟﺘﻮﻗﻒ اﻟﻴﻮم ﻳﺆﺧﺬ ﺑﻨﻮاﺻﻲ ﻣﻦ ﻋﻤﻞ اﻟﻤﻌﺎﺻﻲ ﻓﻘﺪﻣﻮا ﻣﺎ ﻗﺪﻣﺘﻢ و ﻗﻮﻟﻮا ﻟﻨﺎ ﺑﺄي وﺟﻪ‬
‫ﻗﺪﻣﺘﻢ ﻓﻴﺮﺗﻔﻊ اﻟﺼﺒﺎح و ﻳﻜﺜﺮ اﻟﻨﻮاح ﺛﻢ ﻳﻘﻮﻟﻮن ﻟﺌﻦ ﻓﺎﺗﻨﺎ رﻓﻴﻖ اﻟﺼﻼح ﻓﻤﺎ ﻟﻨﺎ ﻋﻦ ﺑﺎب‬
‫رﺣﻤﺘﻚ ﻣﻦ ﺑﺮاح و ﻻ ﻟﻨﺎ ﻏﻴﺮ ﺣﺴﻦ ﻇﻨﻨﺎ ﺑﻚ ﻣﻦ ﺳﻼح و ﻻ ﻟﻈﻠﻤﺔ ﻣﻌﺎﺻﻴﻨﺎ ﻏﻴﺮ ﻧﻮر‬
‫ﻋﻔﻮك ﻣﻦ ﻣﺼﺒﺎح ﻓﻴﺄﺗﻴﻬﻢ اﻟﺠﻮاب ﻣﻦ ﺑﺎب اﻟﺴﻤﺎح ﻻ ﺗﻘﻨﻄﻮا ﻣﻦ رﺣﻤﺔ اﷲ إن اﷲ ﻳﻐﻔﺮ‬
‫اﻟﺬﻧﻮب ﺟﻤﻴﻌًﺎ إﻧﻪ هﻮ اﻟﻐﻔﻮر اﻟﺮﺣﻴﻢ‪.‬‬
‫ﺿﻲ اﻟﺤﺒﻴﺐ و واﺻﻞ اﻟﻐﻀﺒﺎن‬
‫ر ّ‬ ‫ﻳﺎ ﻗﻠﺐ ﻻ ﻳﻮدي ﺑﻚ اﻟﺨﻔﻘﺎن‬
‫ﻓﻌﻠﻴﻚ ﻓﻲ ﺣﻜﻢ اﻟﻬﻮى ﺷﻜﺮان‬ ‫وﺻﻔﺖ أوﻳﻘﺎت اﻟﺴﺮور ﺑﻮﺻﻠﻪ‬
‫ﻻ اﻟﺼﺪ ﻧﺨﺸﻰ ﻻ و ﻻ اﻟﻬﺠﺮان‬ ‫اﻟﻴﻮم ﻳﻨﺴﺦ ﺑﻴﻨﻨﺎ ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻨﺎ‬
‫ﻟﻤﺎ ﻣﺤﺎهﺎ اﻟﻌﻔﻮ واﻟﻐﻔﺮان‬ ‫ﺗﻠﻚ اﻟﺼﺤﺎﻳﻒ ﺑﺎﻟﻌﺘﺎب ﻗﺪ اﻧﻄﻮت‬
‫ﻳﻜﺒﻮ اﻟﺠﻮاد وﺗﻌﺜﺮ اﻟﻔﺮﺳﺎن‬ ‫ﻓﻠﺮﺑﻤﺎ ﻳﻨﺒﻮ اﻟﺰﻧﺎد و رﺑﻤﺎ‬
‫ﻓﺎﻟﻌﻬﺪ ﺑﺎق و اﻟﻮداد ﻣﺼﺎن‬ ‫ﻻ ﻳﺒﻌﺪﻧﻚ ﻋﺘﺒﻨﺎ ﻋﻦ ﺑﺎﺑﻨﺎ‬
‫اﻧﺴﺎن ﻋﻴﻨﻚ اﻳﻬﺎ اﻻﻧﺴﺎن‬ ‫ﻻ ﺗﻜﺤﻠﻦ ﺑﻐﻴﺮ ﻧﻮر ﺟﻤﺎﻟﻨﺎ‬
‫ﺷﺎع اﻟﺤﺪﻳﺚ و ﺳﺎرت اﻟﺮآﺒﺎن‬ ‫ﻓﺒﻠﻄﻔﻨﺎ و ﺑﺄﻧﺴﻨﺎ و ﺑﻮﺻﻠﻨﺎ‬

‫‪35 ‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫ﻟﻬﻴﺒﺘﻚ اﻟﻤﻠﻮك و هﺎﺑﻚ اﻟﺴﻠﻄﺎن‬ ‫ﻓﺈذا ذﻟﻠﺖ ﻟﻌﺰﻧﺎ وﻟﻬﺖ‬
‫ﺣﻜﻢ اﻟﻬﻮى أن ﺗﺨﻀﻊ اﻟﺸﺠﻌﺎن‬ ‫ﻓﺈﺧﻀﻊ و ذل ﻟﻤﻦ ﺗﺤﺐ ﻓﺈﻧﻪ‬
‫ﻓﻬﺬﻩ اﻟﺸﻘﺮاء واﻟﻤﻴﺪان‬ ‫ﻳﺎ أﻳﻬﺎ اﻟﻌﺸﺎق دوﻧﻜﻢ اﻟﺴﺒﺎق‬
‫*ﻓﺼــﻞ*‬
‫ﻓﺈﻋﻠﻢ أﻧﻪ ﺛﺒﺖ ﺑﻤﺎ أﺷﺮت إﻟﻴﻪ ﻣﻦ أﺣﻮال اﻟﻘﻮم و إﻧﺘﻘﺎﻟﻬﻢ ﻣﻦ هﺬﻩ اﻟﺪار اﻟﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﺪار‬
‫إذ ﻧﺤﻦ ﻧﻨﺘﻘﻞ ﻣﻦ أول ﺧﻠﻘﻨﺎ إﻟﻰ أن ﻳﺴﺘﻘ ﱠﺮ ﺑﻨﺎ اﻟﻤﻨﺰل ﻓﻲ ﺳﺘﺔ أﺳﻔﺎر )اﻟﺴﻔﺮ اﻷول( ﺳﻔﺮ‬
‫اﻟﺴﻼﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﻄﻴﻦ )اﻟﺴﻔﺮ اﻟﺜﺎﻧﻲ( ﺳﻔﺮ اﻟﻨﻄﻔﺔ ﻣﻦ اﻟﺼﻠﺐ اﻟﻰ اﻟﺮﺣﻢ )اﻟﺴﻔﺮ اﻟﺜﺎﻟﺚ( ﺳﻔﺮ‬
‫اﻟﻮﻟﺪ ﻣﻦ اﻟﺮﺣﻢ اﻟﻰ اﻟﺪﻧﻴﺎ )اﻟﺴﻔﺮ اﻟﺮاﺑﻊ( اﻟﺴﻔﺮ ﻣﻦ اﻟﺪﻧﻴﺎ اﻟﻰ اﻟﻘﺒﺮ )اﻟﺴﻔﺮ اﻟﺨﺎﻣﺲ( اﻟﺴﻔﺮ‬
‫ﻣﻦ اﻟﻘﺒﺮ اﻟﻰ اﻟﻤﻮﻗﻒ واﻟﻤﻌﺮض )اﻟﺴﻔﺮ اﻟﺴﺎدس( اﻟﺴﻔﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﻮﻗﻒ إﻟﻰ إﺣﺪى اﻟﻤﻨﺰﻟﻴﻦ‬
‫إﻣﺎ اﻟﺠﻨﺔ أو اﻟﻨﺎر ﺛﻢ ﻳﺴﺘﻘﺮ ﺑﻚ ﻓﻌﻠﻤﺖ أﻧﻚ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻋﺎﺑﺮ ﺳﺒﻴﻞ ﻓﺄﻣﺎ أهﻞ اﻟﻴﻘﻈﺔ ﻓﺸﻤﺮوا‬
‫ﺣﻴﻦ ﺳﻤﻌﻮا و اﷲ ﻳﺪﻋﻮ اﻟﻰ دار اﻟﺴﻼم ﻓﻬﻢ ﻓﻲ ﻟﺬة ذﻟﻚ اﻟﺴﻤﺎع ﻳﺸﻐﻠﻬﻢ ﺷﻮﻗﻬﻢ و ﻳﻘﻠﻘﻬﻢ‬
‫ذوﻗﻬﻢ ﻋﻦ اﻟﺘﻤﺘﻊ ﺑﺎﻟﺪﻧﻴﺎ و زﻳﻨﺘﻬﺎ هﻤﺘﻬﻢ ﻓﻲ ﻣﻄﻠﻮﺑﻬﻢ و راﺣﺘﻬﻢ ذآﺮ ﻣﺤﺒﻮﺑﻬﻢ ﻓﺄﺑﺼﺎرهﻢ‬
‫ﺗﺘﻨﺰﻩ ﻓﻲ ﻣﻠﻜﻪ وﺑﺼﺎﺋﺮهﻢ ﺗﺠﻮل ﻓﻲ ﻣﻠﻜﻮﺗﻪ وﺳﺮاﺋﺮهﻢ ﺗﺤﻮم ﺣﻮل ﺣﻤﻰ ﺟﺒﺮوﺗﻪ ﻻ ﻳﺮﻳﺪون‬
‫اﻻ هﻮ وﻻ ﻳﺒﻄﻠﻮن اﻻ ﻣﻨﻪ وﻻ ﻳﺮﺿﻮن اﻻ ﺑﻪ وﻻ ﻳﺴﻤﻌﻮن إﻻ ﻋﻨﻪ وﻻ ﻳﺸﺘﺎﻗﻮن إﻻ إﻟﻴﻪ إن‬
‫ذآﺮوﻩ ﻧﺎﺣﻮا و إن ﺷﻜﺮوﻩ ﺑﺎﺣﻮا و إن وﺟﺪوﻩ ﺻﺎﺣﻮا و إن ﺷﻬﺪوﻩ إﺳﺘﺮاﺣﻮا و إن ﺳﺮﺣﻮا‬
‫ﻓﻲ ﺣﻀﺮة ﻗﺮﺑﻪ ﺳﺎﺣﻮا ﻓﺸﻬﻮدهﻢ ﻟﻪ ﺑﻼ ﺣﺠﺎب و وﺻﺎﻟﻬﻢ ﻟﻪ ﺑﻼ إﻧﻘﻄﺎع و ﺳﻜﺮهﻢ ﺑﻪ ﺑﻼ‬
‫ﺻﺤﻮ ﻗﺪ إﺳﺘﺼﺤﺒﺖ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ودارت أﺣﺰاﻧﻬﻢ ﺑﻠﺬة ﺧﻄﺎﺑﻪ اﻷول ﻓﻲ ﻳﻮم أﻟﺴﺖ ﺑﺮﺑﻜﻢ ﻓﺼﺎر‬
‫ذﻟﻚ آﺎﻣﻨًﺎ ﻓﻲ ﻃﻮاﻳﺎ ﺳﺮاﺋﺮهﻢ وﻣﻌﺎﻧﻲ ﺻﻮرهﻢ ﻓﺈذا ﺳﻤﻌﻮا ﻣﺬآﺮًا أو ﻣﻨﺸﺪًا أو ﺻﺎﺋﺤًﺎ أو‬
‫ﻧﺎﺋﺤًﺎ إﺳﺘﻨﺎر ذﻟﻚ اﻟﺴﺮ اﻟﻜﺎﻣﻦ ﻓﻴﻬﻢ ﻓﻴﺬآﺮهﻢ ذﻟﻚ اﻟﻌﻬﺪ اﻷول ﻓﺘﺎرة ﻳﺌﻨﻮا و ﺗﺎرة ﻳﺤﻨﻮا ﻓﺈذا‬
‫ﻏﻠﺒﻬﻢ اﻟﻮﺟﺪ ﺑﻐﻠﻴﺎﻧﻪ وﺷﺮﺑﻮا ﻣﻦ ﻣﻮاردﻩ وارادﺗﻪ ﻓﻤﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻃﺮﻗﺘﻪ ﻃﻮارق اﻟﻬﻴﺒﺔ ﻓﺠﻤﺪ و‬
‫ذاب و ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﺑﺮﻗﺖ ﻟﻪ ﺑﻮارق اﻟﻠﻄﻒ ﻓﺘﺤﺮك وﻃﺎب و ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻃﻠﻌﺖ ﻟﻪ ﻃﻮاﻟﻊ اﻟﺤﺐ‬
‫ﻣﻦ ﻣﻄﺎﻟﻊ اﻟﻘﺮب ﻓﺴﻜﺮ و ﻏﺎب ﻓﺈذا رﺟﻌﻮا ﻣﻦ وﺟﺪهﻢ إﻟﻰ وﺟﻮدهﻢ ﻧﺎﻗﺸﻬﻢ ﻟﺴﺎن اﻟﺤﺎل‬
‫ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ اﻷﺣﻮال ﻓﻘﻴﻞ ﻟﻠﺼﺎﺋﺢ ﻟﻢ ﺻﺤﺖ وﻟﻠﻨﺎﺋﺢ ﻟﻢ ﻧﺤﺖ وﻟﻠﺒﺎﺋﺢ ﻟﻢ ﺑﺤﺚ وﻟﻤﻦ ﺗﻤﺰق ﻟﻢ‬
‫ﻣﺰﻗﺖ وﻟﻤﻦ ﺻﻔﻖ ﻟﻢ ﺻﻔﻘﺖ وﻟﻤﻦ ﺗﺤﺮك إﻟﻰ ﻣﻦ ﺗﺸﻮﻗﺖ ﻓﻘﺎل اﻟﺼﺎﺋﺢ آﻴﻒ ﻻ ﻳﺼﻴﺢ ﻣﻦ‬
‫ﻗﻠﺒﻪ ﻓﻲ ﻗﺒﻀﺔ ﻣﻨﺘﻬﺒﻪ ﺛﻢ ﻻ ﻳﺪري ﻣﺎ ﻳﻔﻌﻞ ﺑﻪ وﻗﺎل اﻟﻨﺎﺋﺢ آﻴﻒ ﻻ ﻳﻨﻮح ﻣﻦ اﻟﻤﻮت ﻓﻲ ﻃﻠﺒﻪ‬
‫و هﻮ رهﻦ ﻣﻨﻘﻠﺒﻪ و ﻗﺎل اﻟﺒﺎﺋﺢ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ هﻮ ﻓﻲ ﻃﺮﺑﻪ آﻤﻦ هﻮ ﻓﻲ ﺣﺮﺑﻪ أﻣﺎ أﻧﺎ ﻓﺄﺑﻮح ﺑﻤﺎ‬
‫أوﻟﻴﺖ ﻣﻦ وﺟﻮد ﻣﻮﺟﺪي ﻋﻠﻰ وﺟﻮدي ﻓﺄﻣﺎ ﺑﻨﻌﻤﺔ رﺑﻚ ﻓﺤﺪث ﻗﻴﻞ ﻟﻪ ﻓﺈﺿﻄﺮاﺑﻚ ﺑﻨﻘﺮ اﻟﺪف‬
‫و ﻧﻔﺦ اﻟﺸﺒﺎﺑﺔ ﻗﺎل ﺗﺬآﺮت ﺑﻨﻘﺮﻩ ﻓﺈذا ﻧﻘﺮ ﻓﻲ اﻟﻨﺎﻗﻮر وﺑﻨﻔﺨﻪ ﻓﺈذا ﻧﻔﺦ ﻓﻲ اﻟﺼﻮر وﺑﻨﻐﻤﺔ‬
‫اﻟﺤﺎدي ﻳﻮم ﻳﻨﺎدي اﻟﻤﻨﺎدي ﻗﻴﻞ ﻓﻠﻢ ﺻﻔﻘﺖ ﻗﺎل إﺷﺎرة اﻟﻰ ﻧﻴﻞ اﻟﻤﻄﻠﻮب و إﻟﺘﻘﺎء اﻟﻤﺤﺐ‬
‫ﺑﺎﻟﻤﺤﺒﻮب ﻗﻴﻞ ﻓﻠﻢ ﻣﺰﻗﺖ ﻗﺎل إﺷﺎرة اﻟﻰ ﺗﻤﺰﻳﻖ اﻟﺤﺠﺐ وﻇﻬﻮر اﻟﻤﺤﺠﻮب و رﻓﻊ اﻷﺳﺘﺎر و‬
‫آﺸﻒ اﻟﻐﻴﻮب ﻗﻴﻞ ﻓﻠﻢ ﺗﺤﺮآﺖ ﻗﺎل ﺳﻤﻌﺖ داﻋﻲ اﻟﺤﺒﻴﺐ ﻳﻘﻮل هﻞ ﻣﻦ داع ﻓﺄﺳﺘﺠﻴﺐ‪.‬‬
‫‪36 ‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫ﻟﻤﻦ دﻋﺎﻩ ﻣﻮﻻﻩ أن ﻳﺴﻌﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﺮأس‬ ‫ﻓﻘﻤﺖ أﺳﻌﻰ ﻋﻠﻰ رأﺳﻲ وﺣﻖ‬
‫وﻻ اﻟﺘﻤﺎﻳﻞ إن أﺧﻠﺼﺖ ﻣﻦ ﺑﺄس‬ ‫ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﻮاﺟﺪ إن ﺣﻘﻘﺖ ﻣﻦ ﺣﺮج‬
‫ﻳﺨﻔﻰ و ﻳﺤﺠﺐ ﻋﻤﻦ ﻗﻠﺒﻪ ﻗﺎﺳﻲ‬ ‫ن اﻟﺴﻤﺎع ﺻﻔﺎء ﻧﻮر ﺻﻔﻮﺗﻪ‬
‫إﱠ‬
‫ﻧﺎر ﻟﻤﻦ ﺻﺪرﻩ ﻧﺎووس وﺳﻮاس‬ ‫ﻧﻮر ﻟﻤﻦ ﻗﻠﺒﻪ ﺑﺎﻟﻨﻮر ﻣﻨﺸﺮح‬
‫ﻗﺪر اﻟﻜﺆوس ﺗﺮﻳﻚ اﻟﺼﻔﻮ ﻓﻲ اﻟﻜﺄس‬ ‫راح وآﺎﺳﺎﺗﻬﺎ اﻷرواح ﻓﻬﻲ ﻋﻠﻰ‬
‫ﺗﻘﺎدم اﻟﻌﻬﺪ ﻣﺎ اﻟﻤﺸﺘﺎق ﺑﺎﻟﻨﺎس‬ ‫ﺣﺎد ﻳﺬآﺮﻩ اﻟﻌﻬﺪ اﻟﻘﺪﻳﻢ و إن‬
‫ﺑﺄن ﻳﺤﺪو ﻻ ﻳﺨﺸﻰ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس‬ ‫ﻓﻠﻴﺲ ﻋﺎر إذا ﻏﻨﻰ ﻟﻪ ﻃﺮﺑًﺎ‬
‫*ﻓﺼﻞ*‬
‫و إﻋﻠﻢ ان اﻟﻘﻠﻮب أوﻋﻴﺔ واﻵذان أوآﻴﻪ و اﻟﻨﻐﻤﺎت أﺷﺮﺑﻪ ﻣﺮوﻳﺔ ﻷن اﻻﺻﻮات‬
‫ﺟﻤﺎل ﺗﺤﻤﻞ اﻟﻨﻐﻤﺎت ﻣﻦ اﻷﻏﺎﻧﻲ إﻟﻰ اﻷواﻧﻲ وﻟﻮﻻ ﺻﻔﻮ اﻷواﻧﻲ ﻣﺎ راﻗﺖ اﻟﻤﻌﺎﻧﻲ وﻟﻮﻻ‬ ‫ِ‬
‫ﺻﺤﺔ اﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﻣﺎ ﻃﺎﺑﺖ اﻷواﻧﻲ ﻓﺈذا وﺻﻠﺖ اﻻﺷﺮﺑﺔ إﻟﻰ أواﻧﻴﻬﺎ ﻓﺈذا آﺎﻧﺖ ﺻﺎﻓﻴﺔ ﺻﻔﺘﻪ و‬
‫ﻟﻄﻔﺘﻪ و إن آﺎﻧﺖ آﺪرة آﺜﻔﺘﻪ و ﺧﺒﺜﺘﻪ و ﻟﻘﺪ ﻗﻠﺖ هﺬﻩ اﻷﺑﻴﺎت‪:‬‬
‫ﻧﺪﻣﺎﺋﻪ ﺑﺎﻟﺨﻤﺮة اﻟﻤﺤﻠﻠﻪ‬ ‫ﻣﺎ ﺣﻴﻠﺔ اﻟﺴﺎﻗﻲ إذا ﻃﺎف ﻋﻠﻰ‬
‫ﺻﻔﻮا و هﺬا ردهﺎ ﻣﺨﻠﻠﻪ‬ ‫ﻓﻮاﺣﺪ ﻗﺪ زادهﺎ ﺑﺼﻔﻮﻩ‬
‫اﻟﻮﻋﺎء ﻗﺪ ﻃﺎب ﻣﺎ ﻗﺪ ﺣﺼﻠﻪ‬ ‫ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ أوﻋﻴﺔ ﻓﻜﻠﻤﺎ ﻃﺎب‬
‫وﺁﺧﺮ ﺑﺎﻟﻠﻬﻮ ﺻﺎر ﻣﺰﺑﻠﻪ‬ ‫ﻗﻠﺐ ﺑﺬآﺮ اﷲ أﺿﺤﻰ روﺿﺔ‬
‫وﻻ ﺷﺬا اﻟﻤﺴﻚ آﺮﻳﺢ اﻟﺒﺼﻠﻪ‬ ‫ﻣﺎ ﻣﻨﺒﺖ اﻟﻮرد آﻤﻨﺒﺖ ﻏﻴﺮﻩ‬
‫ﻣﺎ أﻧﺒﺖ اﻟﺤﻨﻈﻞ اﻻ ﺣﻨﻈﻠﻪ‬ ‫وﻟﻮ ﺳﻘﻰ اﻟﺤﻨﻈﻞ ﺷﻬﺪًا داﺋﻤ ًﺎ‬
‫و إﻋﻠﻢ أن اﻟﺨﻠﻖ آﻠﻬﻢ أﻃﻔﺎل ﻓﻲ ﺣﺠﺮ ﺗﺮﺑﻴﺔ اﻟﺤﻖ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻳﻐﺬي آﻞ واﺣﺪ ﻣﻦ ﺧﻠﻘﻪ‬
‫ﻋﻠﻰ ﻗﺪر إﺣﺘﻤﺎل ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﻓﻐﺬاء اﻟﺮﺟﺎل ﻻ ﻳﺼﻠﺢ ﻟﻸﻃﻔﺎل و ﻣﺮاآﺐ اﻻﺑﻄﺎل ﻻ ﺗﺼﻠﺢ‬
‫ﻟﻠﺒﻄﺎل أﻻ ﺗﺮى أن اﻟﻄﻔﻞ ﻟﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﻄﻖ ﺗﻨﺎول اﻟﺨﺒﺰ واﻟﻠﺤﻢ و أﻃﻌﻤﺘﻪ ﺣﺎﺿﻨﺘﻪ ﻓﻮﺻﻞ اﻟﻴﻪ‬
‫ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻟﻠﺒﻦ و ﻟﻮ أﻃﻌﻢ ذﻟﻚ ﻣﺠﺮدا ﻟﻤﺎت و ﻣﻦ هﻬﻨﺎ ﻳﻘﺎل ﻣﻦ ﻻ ﺷﻴﺦ ﻟﻪ ﻻ ﻗﺒﻠﺔ ﻟﻪ و ﻣﻦ ﻻ‬
‫ﻼ ﻓﻲ ﺣﺠﺮ‬ ‫ﺷﻴﺦ ﻟﻪ ﻓﺎﻟﺸﻴﻄﺎن ﺷﻴﺨﻪ و هﺬا أﺑﻮ ﺑﻜﺮ اﻟﺼﺪﻳﻖ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﻪ ﻟﻤﺎ آﺎن ﻃﻔ ً‬
‫ﺗﺮﺑﻴﺔ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ و ﺳﻠﻢ آﺎن ﻳﻠﻘﻤﻪ ﻣﻤﺎ آﺎن ﻳﻠﻘﻤﻪ ﻣﻦ ﻟﻘﻢ اﻟﻐﻴﺐ ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﻗﻮﻟﻪ ﻣﺎ‬
‫ﺻﺐ اﷲ ﻓﻲ ﺻﺪري ﺷﻴﺌًﺎ اﻻ ﺻﺒﺒﺘﻪ ﻓﻲ ﺻﺪر أﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﻓﻤﺎ أﻃﺎق ﺗﻨﺎول ذﻟﻚ اﻟﻐﺬاء اﻻ‬
‫ﺑﻮاﺳﻄﺔ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ و ﺳﻠﻢ و ﻣﻦ هﺬﻩ أﻳﻀًﺎ ﻗﻮﻟﻪ أﻧﺎ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﻌﻠﻢ و ﻋﻠﻲ ﺑﺎﺑﻬﺎ‬
‫‪37 ‬‬
‫‪ ‬‬
‫ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻋﻠﻲ ﻳﺤﺘﻤﻞ ﻣﺎ ﺗﺤﺘﻤﻠﻪ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ و إﻧﻤﺎ آﺎن ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ اﻟﺒﺎب ﻣﻦ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻓﻼ ﻳﺨﺮج ﻣﻦ‬
‫اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺷﻲء ﺣﺘﻰ ﻳﻤﺮ ﺑﺎﻟﺒﺎب و ﻣﻦ ﺳﺮ هﺬا اﻟﻜﺸﻒ آﺎن ﻋﻠﻲ آﺮم اﷲ وﺟﻬﻪ ﻳﻘﻮل ﻟﻮ آﺸﻒ‬
‫اﻟﻐﻄﺎء ﻣﺎ إزددت ﻳﻘﻴﻨًﺎ ﻣﻌﻨﺎﻩ ﻟﻮ آﺸﻒ ﻏﻄﺎء اﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎت ﺣﺘﻰ أﺷﺎهﺪهﺎ ﺑﻌﻴﻦ اﻟﺒﺼﺮ ﻣﺎ‬
‫إزددت ﻳﻘﻴﻨ ًﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺷﻬﺪت ﺑﻪ ﻋﻴﻦ اﻟﺒﺼﻴﺮة ﻣﻤﺎ ورﺛﺘﻪ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ اﻻوﻟﻴﻦ و اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻋﻦ ﺳﻴﺪ‬
‫اﻻوﻟﻴﻦ و اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻓﻤﺎ أراد آﺸﻒ اﻟﻐﻄﺎء اﻻ ﻋﻦ اﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎت ﻻ ﻋﻦ اﻟﺨﺎﻟﻖ ﻻ ﻳﻮﺻﻒ ﺑﺬﻟﻚ‬
‫ﻼ ﻓﻲ ﺟﺤﺮ ﻋﺎداﺗﻚ ﻣﺤﺼﻮرًا ﺑﻘﻤﺎط ﻣﺄﻟﻮﻓﺎﺗﻚ ﻓﻼ ﺗﺘﻄﺎول إﻟﻰ ﺗﻨﺎول ﻃﻌﺎم‬ ‫ﻓﺈذا آﻨﺖ ﻃﻔ ً‬
‫اﻟﺮﺟﺎل ﻓﺈن ﻃﻌﺎم اﻷﺻﺤﺎء ﻳﻀﺮ ﺑﺬوي اﻹﻋﺘﻼل و إﺷﺮاق اﻟﺸﻤﺲ اﻟﻤﻨﻴﺮة ﻳﻀﺮ ﺑﺬوي‬
‫اﻻﺑﺼﺎر اﻟﻀﻌﻴﻔﺔ وﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ و ﺳﻠﻢ ﻻ ﺗﻮْدﻋﻮا اﻟﺤﻜﻤﺔ ﻏﻴﺮ أهﻠﻬﺎ‬
‫ﻓﺘﻈﻠﻤﻮهﺎ و ﻻ ﺗﻤﻨﻌﻮهﺎ ﻓﺘﻈﻠﻤﻮهﻢ ﻓﻤﺎ آﻞ ﻗﻠﺐ ﻳﺼﻠﺢ ﻟﻠﺴ ﱢﺮ وﻻ آﻞ ﺻﺪف ﻳﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﺪر‬
‫وﻟ ُﻜﻞﱢ ﻣﻘﺎم ﻣﻘﺎل وﻻ آﻞ ﻣﺎ ﻳﻌﻠﻢ ﻳﻘﺎل ﻗﺎل ﻗﺎﺋﻞ ﻷﺑﻲ ﻳﺰﻳﺪ ﻣﺎ ﻟﻨﺎ ﻻ ﻧﻔﻬﻢ آﺜﻴﺮًا ﻣﻤﺎ ﺗﻘﻮل ﻗﺎل‬
‫ﻷن آﻼم اﻷﺧﺮس ﻻ ﻳﻔﻬﻤﻪ اﻻ أﺑﻮاﻩ‪ .‬ﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫ﺛﻢ أﺑﺼﺮت ﺣﺎذﻗًﺎ ﻻ ﺗﻤﺎري‬ ‫وإذا آﻨﺖ ﺑﺎﻟﻤﺪارك ﻏﺮا‬
‫ﻷﻧﺎس رأوﻩ ﺑﺎﻷﺑﺼﺎر‬ ‫وإذا ﻟﻢ ﺗ َﺮ اﻟﻬﻼل ﻓﺴﻠﻢ‬
‫و هﺬا ﺗﺮﺟﻤﺎن اﻟﻘﺮﺁن ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﺒﺎس رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﻳﻘﻮل إﻧﻲ ﻷﻋﻠﻢ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ‬
‫ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﺘﻨﺰل اﻷﻣﺮ ﺑﻴﻨﻬﻦ ﻋﻠﻤ ًﺎ ﻟﻮ أﺑﺤﺖ ﺑﻪ ﻟﻜﻔﺮﺗﻤﻮﻧﻲ و هﺬا أﺑﻮ هﺮﻳﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﻪ‬
‫ﻳﻘﻮل أﺧﺬت ﻋﻦ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ و ﺳﻠﻢ ﺟﺮاﺑﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻢ ﺟﺮاﺑ ًﺎ اﻟﻘﻴﺘﻪ إﻟﻴﻜﻢ وﺟﺮاﺑ ًﺎ‬
‫ﻟﻮ أﺑﺪﻳﺘﻪ ﻟﺮﺟﻤﺘﻤﻮﻧﻲ و هﺬا ﻋﻠﻲ ﺑﻦ أﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﻳﻘﻮل إن ﺑﻴﻦ ﺟﻨﺒﻲ ﻋﻠﻤًﺎ ﻟﻮ ﻗﻠﺘﻪ ﻟﺨﻀﺒﺘﻢ هﺬﻩ‬
‫ﻣﻦ هﺬﻩ وﻳﻘﻮل اﻳﻀًﺎ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﻪ ﺷﻌﺮًا‪:‬‬
‫ﻟﻘﻴﻞ ﻟﻲ أﻧﺖ ﻣﻤﻦ ﻳﻌﺒﺪ اﻟﻮﺛﻨﺎ‬ ‫إﻧﻲ ﻷﻋﻠﻢ ﻋﻠﻤﺎ ﻟﻮ أﺑﻮح ﺑﻪ‬
‫و آﺎن أﻗﺒﺢ ﻣﺎ ﻳﺄﺗﻮﻧﻪ ﺣﺴﻨﺎ‬ ‫وﻹﺳﺘﺒﺎح رﺟﺎل ﻣﺴﻠﻤﻮن دﻣﻲ‬
‫ﻓﺄﻣﱠﺎ أهﻞ اﻟﺘﻤﻜﻴﻦ ﻓﺈﻧﻬﻢ ﻋﻠﻤﻮا و آﺘﻤﻮا ﻣﺎ ﻋﻠﻤﻮا ﻟﻤﺎ ﻳﻌﻠﻤﻮن ﻣﻦ ﺿﻌﻒ إﺣﺘﻤﺎل ﻋﻘﻮل‬
‫أﻃﻔﺎل اﻟﻌﻘﻮل ﻓﻠﻬﺬا إن اﻟﺤﻼج ﻟﻤﺎ ﻋﻠﻢ ﺷﻴﺌًﺎ ﻣﻦ هﺬا اﻟﻌﻠﻢ و ﺗﻔﻮﻩ ﺑﻪ ﻓﻤﻪ أﺑﻴﺢ دﻣﻪ و آﺎن‬
‫ﺧﻄﺎؤﻩ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ إﻇﻬﺎرﻩ ﻣﺎ ﻳﻜﺘﻢ و إﻋﻼﻧﻪ ﺑﻤﺎ ﻳﺴﺮ ﻓﻜﺎن ﺣﻜﻢ ﻣﻦ ﺑﺎح أن دﻣﻪ ﻳﺒﺎح و ﻗﺪ‬
‫روي أﻧﻪ ﻟﻤﺎ أﺗﻲ ﺑﻪ ﻟﻴﺼﻠﺐ ﻓﺮأى اﻟﺨﺸﺐ و اﻟﻤﺴﺎﻣﻴﺮ ﻓﻀﺤﻚ ﺿﺤﻜًﺎ آﺜﻴﺮًا ﺛﻢ ﻧﻈﺮ ﻓﻲ‬
‫اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻓﺮأى اﻟﺸﺒﻠﻲ ﻓﻘﺎل ﻳﺎ أﺑﺎ ﺑﻜﺮ أﻣﻌﻚ ﺳﺠﺎدة ﻗﺎل ﺑﻠﻰ ﻗﺎل ﻓﺈﻓﺮﺷﻬﺎ ﻟﻲ ﻓﻔﺮﺷﻬﺎ ﻓﺘﻘﺪم و‬
‫ﺻﻠﻰ ﻓﻘﺮأ ﻓﻲ اﻷوﻟﻰ اﻟﻔﺎﺗﺤﺔ و ﺑﻌﺪهﺎ ﴿آﻞ ﻧﻔﺲ ذاﺋﻘﺔ اﻟﻤﻮت﴾ ﺛﻢ ذآﺮ أﺷﻴﺎء ﻓﻜﺎن ﻣﺎ ﺣﻔﻆ‬
‫ﻋﻨﻪ اﻟﻠﻬﻢ ﺑﺤﻖ ﻗﻴﺎﻣﻚ ﺑﺤﻘﻲ و ﺑﺤﻖ ﻗﻴﺎﻣﻲ ﺑﺤﻘﻚ و ﻗﻴﺎﻣﻲ ﺑﺤﻘﻚ ﻳﺨﺎﻟﻒ ﻗﻴﺎﻣﻚ ﺑﺤﻘﻲ ﻷن‬
‫ﻗﻴﺎﻣﻲ ﺑﺤﻘﻚ ﻧﺎﺳﻮﺗﻴﺔ و ﻗﻴﺎﻣﻚ ﺑﺤﻘﻲ ﻻهﻮﺗﻴﺔ ﻣﻊ أن ﻧﺎﺳﻮﺗﻴﺘﻲ ﻣﺴﺘﻬﻠﻜﺔ ﻓﻲ ﻻهﻮﺗﻴﺘﻚ ﻏﻴﺮ‬
‫ﻣﻤﺎزﺟﺔ إﻳﺎهﺎ وﻻهﻮﺗﻴﺘﻚ ﻣﺴﺘﻮﻟﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﺎﺳﻮﺗﻴﺘﻲ ﻏﻴﺮ ﻣﻤﺎﺛﻠﺔ ﻟﻬﺎ أﺳﺄﻟﻚ أن ﺗﻮﻓﻘﻨﻲ ﻟﺸﻜﺮ‬
‫ﻲ ﺣﻴﺚ آﺸﻔﺖ ﻟﻲ ﻋﻦ ﻣﻄﺎﻟﻊ وﺟﻬﻚ و ﺣ ّﺮﻣﺖ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮي ﻣﺎ‬ ‫هﺬﻩ اﻟﻨﻌﻤﺔ اﻟﺘﻲ أﻧﻌﻤﺖ ﺑﻬﺎ ﻋﻠ ﱠ‬
‫‪38 ‬‬
‫‪ ‬‬
‫أﺑﺤﺖ ﻟﻲ ﻣﻦ اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﻣﻜﻨﻮﻧﺎت ﺳﺮك و هﺆﻻء ﻋﺒﺎدك ﻗﺪ إﺟﺘﻤﻌﻮا ﻟﻘﺘﻠﻲ ﺗﻌﺼﺒ ًﺎ ﻟﺪﻳﻨﻚ و‬
‫ﺗﻘﺮﺑًﺎ إﻟﻴﻚ ﻓﺈﻏﻔﺮ ﻟﻬﻢ إﻧﻚ ﻟﻮ آﺸﻔﺖ ﻟﻬﻢ ﻣﺎ آﺸﻔﺖ ﻟﻲ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻮا و ﻟﻮ ﺳﺘﺮت ﻋﻨﻲ ﻣﺎ ﺳﺘﺮت‬
‫ﻋﻨﻬﻢ ﻟﻤﺎ إﺑﺘﻠﻴﺖ ﺑﻤﺎ إﺑﺘﻠﻴﺖ ﻓﻠﻚ اﻟﺤﻤﺪ ﻓﻴﻤﺎ ﺗﻔﻌﻞ و ﻟﻚ اﻟﺤﻤﺪ ﻓﻴﻤﺎ ﺗﺮﻳﺪ ﺛﻢ ﺗﻘﺪم أﺑﻮ اﻟﺤﺎرث‬
‫اﻟﺴﻴﺎف وﻟﻄﻤﻪ ﻟﻄﻤﺔ هﺸﻢ وﺟﻬﻪ وأﻧﻔﻪ ﻓﺼﺎح اﻟﺸﺒﻠﻲ وﻣﺰق ﺟﺒﺘﻪ وﻏﺸﻲ ﻋﻠﻴﻪ و ﻋﻠﻰ أﺑﻲ‬
‫اﻟﺤﺴﻦ اﻟﻮاﺳﻄﻲ و ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺸﺎﻳﺦ اﻟﻤﺸﻬﻮرﻳﻦ و ﻗﺎل ﻋﺒﺪ اﻟﻜﺮﻳﻢ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻮاﺣﺪ دﺧﻠﺖ‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺴﻴﻦ ﺑﻦ ﻣﻨﺼﻮر ﻓﻲ ﻣﺴﺠﺪ و ﺣﻮﻟﻪ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻓﻜﺎن أول ﻣﺎ ﻗﺎل ﻓﻲ آﻼﻣﻪ ﻟﻮ ﻳﻠﻘﻰ ﻣﻤﺎ‬
‫ﻓﻲ ﺑﻄﻨﻲ ذرة ﻋﻠﻰ ﺟﺒﺎل ﻟﺬاﺑﺖ وإﻧﻲ ﻟﻮ آﻨﺖ ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﻪ ﻓﻲ اﻟﻨﺎر ﻷﺣﺮﻗﺖ اﻟﻨﺎر وﻟﻮ آﻨﺖ‬
‫ﻓﻲ اﻟﺠﻨﺔ ﻟﻬﺪﻣﺘﻬﺎ و دﺧﻞ ﻳﻮﻣ ًﺎ إﻟﻰ ﺟﺎﻣﻊ اﻟﻤﻨﺼﻮر ﺑﺒﻐﺪاد وﻗﺎل ﻳﺎ أﻳﻬﺎ اﻟﻨﺎس إﺟﺘﻤﻌﻮا‬
‫وإﺳﺘﻤﻌﻮا ﻣﻨﻲ ﺣﺪﻳﺜًﺎ ﻓﺈﺟﺘﻤﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﺧﻠﻖ آﺜﻴﺮ ﻣﻨﻬﻢ ﻣﺤﺐ وﻣﻨﻜﺮ ﻓﻘﺎل إﻋﻠﻤﻮا أن اﷲ ﻗﺪ أﺑﺎح‬
‫ﻟﻜﻢ دﻣﻲ ﻓﺈﻗﺘﻠﻮﻧﻲ ﻓﺒﻜﻰ اﻟﻘﻮم ﻓﺘﻘﺪم اﻟﻴﻪ ﻋﺒﺪ اﻟﻮدود ﺑﻦ ﺳﻌﺪ اﻟﺰاهﺪ و ﻗﺎل ﻳﺎ ﺷﻴﺦ آﻴﻒ ﻧﻘﺘﻞ‬
‫ﻼ ﻳﺼﻠﻲ وﻳﺼﻮم وﻳﻘﺮأ اﻟﻘﺮﺁن ﻓﻘﺎل ﻳﺎ ﺷﻴﺦ اﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﺬي ﻳﺤﻘﻦ اﻟﺪﻣﺎء ﺧﺎرج ﻋﻦ اﻟﺼﻼة‬ ‫رﺟ ً‬
‫واﻟﺼﻮم و ﻗﺮاءة اﻟﻘﺮﺁن ﻓﺈﻗﺘﻠﻮﻧﻲ ﺗﺆﺟﺮوا و أﺳﺘﺮﻳﺢ ﻓﺘﻜﻮﻧﻮا أﻧﺘﻢ ﻣﺠﺎهﺪﻳﻦ و أﻧﺎ ﺷﻬﻴﺪ ﺛﻢ‬
‫ﻲ ﻟﻴﺲ ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺷﻐﻞ أهﻢ ﻣﻦ‬ ‫ذهﺐ ﻓﺘﺒﺘﻌﻪ اﻟﻰ دارﻩ و ﻗﻠﺖ ﻳﺎ ﺷﻴﺦ ﻣﺎ ﻣﻌﻨﻰ هﺬا ﻗﺎل ﻳﺎ ﺑﻨ ّ‬
‫ﻗﺘﻠﻲ ﻓﺈﻋﻠﻢ أن ﻗﺘﻠﺘﻪ ﻗﻴﺎم ﺑﺎﻟﺤﺪود و وﻗﻮف ﻣﻊ اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻓﺈن ﻣﻦ ﺗﺠﺎوز اﻟﺤﺪود أﻗﻴﻤﺖ ﻋﻠﻴﻪ‬
‫اﻟﺤﺪود وﻓﻲ ﻣﻌﻨﻰ ذﻟﻚ أﻗﻮل‪:‬‬
‫وﺣﻞ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﻜﻤﻬﺎ ﻣﺎ إﺳﺘﺤﻠﺖ‬ ‫أﺑﺎﺣﺖ دﻣﻲ إذ ﺑﺎح ﻗﻠﺒﻲ ﺑﺠﺒﻬﺎ‬
‫ﻋﺮوس هﻮاهﺎ ﻓﻲ ﺿﻤﻴﺮي ﺗﺠﻠﺖ‬ ‫وﻣﺎ آﻨﺖ ﻣﻤﻦ ﻳﻈﻬﺮ اﻟﺴﺮ إﻧﻤﺎ‬
‫ﻓﻐﺒﺖ ﺑﻬﺎ ﻋﻦ آﻞ آﻠﻲ و ﺟﻤﻠﺖ‬ ‫وﺷﺎهﺪﺗﻬﺎ ﻓﺈﺳﺘﻐﺮﻗﺘﻨﻲ ﻓﻜﺮة‬
‫ﻓﺈﻳﺎي إﻳﺎهﺎ إذا ﻣﺎ ﺗﺒﺪت‬ ‫وﺣﻠﺖ ﻣﺤﻞ اﻟﻜﻞ ﻣﻨﻲ ﺑﻜﻠﻬﺎ‬
‫ﻓﻼح ﻟﺠﻼﺳﻲ ﺧﻔﺎﻳﺎ ﻃﻮﻳﺖ‬ ‫و اﻟﻘﺖ ﻋﻠﻰ ﺳﺮّي أﺷﻌﺔ ﻧﻮرهﺎ‬
‫ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﻬﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﺒﺮﻳﺔ ﻧ ّﻤﺖ‬ ‫و ﻧﻤﺖ ﻋﻠﻰ ﺳﺮﱢي ﻓﻜﺎﻧﺖ هﻲ اﻟﺘﻲ‬
‫وأﻧﺖ اﻟﺬي أﻓﻨﻴﺖ ﻓﻴﻚ هﻮﻳﺘﻲ‬ ‫إذا ﺳﺄﻟﺖ ﻣﻦ أﻧﺖ ﻗﻠﺖ ﻟﻬﺎ أﻧﺎ‬
‫هﻮ اﻟﺤﻖ ﻓﻲ ﺣﺴﻦ ﺑﻐﻴﺮ ﻣﻌﻴﺔ‬ ‫أﻧﺎ اﻟﺤﻖ ﻓﻲ ﻋﺸﻘﻲ آﻤﺎ أن ﺳﻴﺪي‬
‫ﺣﻜﻤﺖ ﺑﺘﻤﺰﻳﻖ اﻟﻔﺆاد اﻟﻤﻔﺘﺖ‬ ‫ﻓﺈن أك ﻣﻦ ﺳﻜﺮي ﺷﻄﺤﺖ ﻓﺈﻧﻨﻲ‬
‫و ﻧﺎر اﻟﻬﻮى ﻟﻠﻌﺎﺷﻘﻴﻦ أﻋﺪت‬ ‫ﻓﻼ ﻏﺮو إن أﺻﻠﻴﺖ ﻧﺎر ﺗﺤﺮﻗﻲ‬
‫و ﻗﺪ ﻋﻠﻘﺖ اﻳﺪي اﻟﻬﻮى ﺑﺄﻋﻨﺘﻲ‬ ‫و ﻣﻦ ﻋﺠﺒﻲ أن اﻟﺬﻳﻦ أﺣﺒﻬﻢ‬
‫ﺟﺒﺎل ﺣﻨﻴﻦ ﻣﺎ ﺳﻘﻮﻧﻲ ﻟﻐﻨﺖ‬ ‫ﺳﻘﻮﻧﻲ و ﻗﺎﻟﻮا ﻻ ﺗﻐﻨﻲ وﻟﻮ ﺳﻘﻮا‬

‫‪39 ‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫و أهﻮن ﺷﻲء ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻣﺎ ﺗﻤﻨﺖ‬ ‫ﺗﻤﻨﺖ ﺳُﻠﻴﻤﻰ أن أﻣﻮت ﺻﺒﺎﺑﺔ‬
‫ﻓﻨﺎدى ﻟﺴﺎن ﺣﺎﻟﻪ ﻳﺎ ﺣﻼج آﻴﻒ رأﻳﺖ اﻟﻤﺤﺒﺔ ﻗﺎل رأﻳﺖ ﺣﺒﺔ ﻗﺪ ﻧﺼﺒﺖ ﻋﻠﻰ ﻓﺦ‬
‫ﺟﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﻤﺤﺒﻮب ﻓﻄﺎرت اﻟﻴﻬﺎ ﻋﺼﺎﻓﻴﺮ اﻟﻘﻠﻮب ﻓﻠﻤﺎ ﺳﻘﻄﻮا ﻟﻴﻠﺘﻘﻄﻮا إﻧﻘﻠﺒﺖ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺣﺒﺔ اﻟﻔﺦ‬
‫ﻓﺈﺧﺘﺒﻄﻮا ﻓﺤﺬﻗﻮا اﻟﻰ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﺒﺔ ﻓﺈذا هﻲ ﻧﻘﻄﺔ ﺑﺎء اﻟﻤﺤﺒﺔ ﻗﺪ ﻗﻠﺒﺘﻬﺎ اﻟﻔﺘﻨﺔ ﻓﺈﻧﻘﻠﺒﺖ‬
‫اﻟﻤﺤﺒﺔ ﻣﺤﻨﺔ ﻳﺎ ﺣﻼج ﻓﺄﻧﺖ ﺗﺤﺖ رﻗﻪ ﺗﺤﺘﺮق و ﺑﺠﺒﻞ ﻋﺸﻘﻪ ﺗﺨﺘﻨﻖ ﻓﻤﺘﻰ ﺗﺘﻔﺮغ ﻣﻦ اﻟﺨﻨﻖ‬
‫ﺣﺘﻰ ﺗﻘﻮل أﻧﺎ اﻟﺤﻖ ﻓﻠﻮ آﺎن ﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﺒﻘﺎﺋﻴﺔ ﻣﺎ ﺷﺮﺑﺖ آﺄس اﻵﻧﻴﺔ ﻓﻘﺎل ﻳﺎ ﻗﻮم ﻟﻤﺎ أﺧﺬﻧﻲ ﻣﻨﻲ‬
‫وﺳﻠﺒﻨﻲ ﻋﻨﻲ ﺗﻼﺷﺖ أوﺻﺎف ﺣﺪﺛﻲ ﻟﻤﺎ ﻇﻬﺮ ﺳﻠﻄﺎن ﻗﺪﻣﻪ ﻓﻜﺎن اﻟﺤﺪث آﺄن ﻟﻢ ﻳﻜﻦ و ﺑﻘﻲ‬
‫اﻟﻘﺪم آﺄن ﻟﻢ ﻳﺰل ﺛﻢ ﻓﻨﻴﺖ أﻧﻴﺘﻲ ﻓﻲ أﻧﻴﺘﻪ و ذهﺒﺖ هﻮﻳﺘﻲ ﻓﻲ هﻮﻳﺘﻪ و ﺗﻼﺷﺖ ﻧﺄﺳﻮﺗﻴﺘﻲ ﻓﻲ‬
‫ﻻهﻮﺗﻴﺘﻪ ﺛﻢ ﻧﻈﺮت ﻣﻨﻪ إﻟﻴﻪ ﻓﻠﻢ أ َر اﻻ هﻮ و ﺳﻤﻌﺖ ﻣﻨﻪ ﻋﻨﻪ ﻓﻠﻢ أﺳﻤﻊ اﻻ هﻮ و ﻧﻄﻘﺖ ﻟﻪ ﺑﻪ‬
‫ﻓﻌﻠﻤﺖ أن ﻟﻴﺲ هﻮ إﻻ هﻮ ﻓﻘﻠﺖ أﻧﺎ هﻮ و ﻟﺌﻦ ﻗﻠﺖ أﻧﺎ اﻟﺤﻖ ﻓﻤﺎ ﻋﺪﻟﺖ ﻋﻦ اﻟﺤﻖ ﻷﻧﻲ أﻧﺎ‬
‫اﻟﺤﻖ ﻓﻲ ﻣﺤﺒﺘﻪ و هﻮ اﻟﺤﻖ ﻓﻲ ﻣﻤﻠﻜﺘﻪ و ﻟﺌﻦ آﺎن ﺳﻜﺮي ﻧﻢ ﻋﻠﻰ ﺳﺮي ﻓﻘﺪ ﻋﺮﺑﺪ وﺟﺪي‬
‫ﻋﻠﻰ وﺟﻮدي و ﺟﻌﻞ ﺣﺪي ﻣﺤﻮ ﺣﺪودي و ﻗﻠﺖ‪:‬‬
‫إن ﻓﻲ ﻗﺘﻠﻲ ﺣﻴﺎﺗﻲ‬ ‫اﻗﺘﻠﻮﻧﻲ ﻳﺎ ﺛﻘﺎﺗﻲ‬
‫و ﺣﻴﺎﺗﻲ ﻓﻲ ﻣﻤﺎﺗﻲ‬ ‫ﻓﻤﻤﺎﺗﻲ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻲ‬
‫ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻤﻜﺮﻣﺎت‬ ‫أﻧﺎ ﻋﻨﺪي ﻣﺤﻮ ذاﺗﻲ‬
‫ﻣﻦ ﻗﺒﻴﺢ اﻟﺴﻴﺌﺂت‬ ‫و ﺑﻘﺎﺋﻲ ﻓﻲ ﺻﻔﺎﺗﻲ‬
‫ﻓﻲ اﻟﺮﺳﻮم اﻟﻔﺎﻧﻴﺎت‬ ‫ﺳﺌﻤﺖ ﻧﻔﺴﻲ ﺣﻴﺎﺗﻲ‬
‫ﺑﻌﻈﺎﻣﻲ اﻟﺒﺎﻟﻴﺎت‬ ‫ﻓﺈﻗﺘﻠﻮﻧﻲ وإﺣﺮﻗﻮﻧﻲ‬
‫ﻓﻲ اﻟﻘﺒﻮر اﻟﺪراﺳﺎت‬ ‫ﺛﻢ ﻣﺮوا ﺑﺮﻓﺎﺗﻲ‬
‫ﻓﻲ ﻃﻮاﻳﺎ اﻟﺒﺎﻗﻴﺎت‬ ‫ﺗﺠﺪوا ﺳ ﱠﺮ ﺣﺒﻴﺒﻲ‬
‫ﻳﺎ ﺣﻼج أﻧﺖ ﺷﺮﺑﺖ ﺑﻴﻦ ُﻧﺪْﻣﺎن ﻻ ﻳﺤﺘﻤﻠﻮن ﻋﺮﺑﺪﺗﻚ وﻗﺪ ﺻﻨﻌﻨﺎ ﻟﻚ دﻋﻮة ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎ‬
‫ﺗﺸﺘﻬﻲ اﻷﻧﻔﺲ وﺗﻠﺬ اﻷﻋﻴﻦ ﻓﻔﺎرق و واﻓﻖ ﻓﺜﻢ ُﻧﺪْﻣﺎن ﴿ﻳﺘﻨﺎزﻋﻮن ﻓﻴﻬﺎ آﺄﺳًﺎ ﻻ ﻟﻐﻮ ﻓﻴﻬﺎ وﻻ‬
‫ﻼ ﺳﻼﻣًﺎ‬ ‫ﺗﺄﺛﻴﻢ وﺳﻘﺎهﻢ رﺑﻬﻢ ﺷﺮاﺑًﺎ ﻃﻬﻮرًا﴾ ﺳﻤﺎﻋﻬﻢ ﴿ﻻ ﻳﺴﻤﻌﻮن ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻐﻮًا وﻻ ﺗﺄﺛﻴﻤًﺎ اﻻ ﻗﻴ ً‬
‫ﺳﻼﻣًﺎ﴾ ﻣﺸﺎهﺪﺗﻬﻢ ﴿وﺟﻮﻩ ﻳﺆﻣﺌﺬ ﻧﺎﺿﺮة اﻟﻰ رﺑﻬﺎ ﻧﺎﻇﺮة﴾‬
‫وﻣﺎ ﻗﺘﻠﻮﻩ وﻣﺎ ﺻﻠﺒﻮﻩ‬ ‫ﻓﻘﺘﻠﻮﻩ وﺻﻠﺒﻮﻩ‬
‫أﺣﺒﺎﺑﻪ ﻓﻐﻴﺒﻮﻩ‬ ‫وﻟﻜﻦ ﻏﺎر ﻋﻠﻴﻪ‬

‫‪40 ‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫ﻼ وﻻ ﺻﻠﺒﻮﻩ‬
‫آﱠ‬ ‫هﻴﻬﺎت ﻣﺎ ﻗﺘﻠﻮﻩ‬
‫ﻋﻦ وﺟﺪﻩ ﺷﺒﻬﻮﻩ‬ ‫ﻟﻜﻨﻬﻢ ﺣﻴﻦ ﻏﺎروا‬
‫آﺘﻤﺎن ﻣﺎ اودﻋﻮﻩ‬ ‫ﺳﻘﻮﻩ ﺻﺮﻓًﺎ وراﻣﻮا‬
‫ﻟﺜﻘﻞ ﻣﺎ ﺣﻤﻠﻮﻩ‬ ‫ﻓﻤﺎ أﻃﺎق ﺛﺒﻮﺗ ًﺎ‬
‫أﻧﺎ اﻟﺬي ﺗﻌﺮﻓﻮﻩ‬ ‫ﻓﺘﺎﻩ ﺳﻜﺮًا و ﻧﺎدى‬
‫ﻓﻲ اﻟﺤﺐ ﻣﺎ أﻇﻬﺮوﻩ‬ ‫ﻳﺎ ﻻﺋﻤﻲ آﻴﻒ أﺧﻔﻲ‬
‫ﺑﺎﻟﺸﻮق ﻗﺪ ﻣﺰﻗﻮﻩ‬ ‫أم آﻴﻒ ﻳﻜﺘﻢ ﻗﻠﺐ‬
‫*ﻓﺼــﻞ*‬
‫و إﻋﻠﻢ أن اﻷﺟﺴﺎد ﺗﻨﻤﻮ ﺑﻨﻤﺎء اﻷﻗﻮات آﺬﻟﻚ اﻻﺣﻮال ﺗﺼﻔﻮ ﺑﺼﻔﺎء اﻷوﻗﺎت ﻓﻘﻮت‬
‫ﺟﺴﺪك ﻣﺎ ﻋﻮدﺗﻪ ﻣﻦ اﻟﻄﻴﺒﺎت وﻗﻮت روﺣﻚ ﻣﺎ رﺑﻴﺘﻪ ﻣﻦ أﻗﻮات اﻟﻄﺎﻋﺎت ﻓﻲ أوﻗﺎت‬
‫اﻟﺨﻠﻮات و آﻠﻤﺎ ﺻﻔﺖ ﺣﻜﺖ ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﻮهﺮ اﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﻓﺈذا آﺎﻧﺖ ﻋﻴﻦ ﻧﻈﺮﺗﻚ ﻣﻨﻄﻤﺴﺔ‬
‫وﻣﻨﺎﺑﻊ ﻓﻜﺮﺗﻚ ﻣﻨﺪﻣﺴﺔ وﻣﻌﺎﻟﻢ ﻋﻠﻮﻣﻚ ﻣﺪرﺳﺔ و أﻋﻼم ﻋﺰﻳﻤﺘﻚ ﻣﻨﺘﻜﺴﺔ و ﺧﻴﻮل هﻤﺘﻚ ﻋﻦ‬
‫اﻟﻠﺤﺎق ﺑﺎﻟﻘﻮم ﻣﺤﺘﺒﺴﺔ ﻓﻤﺎ ﺑﺎﻟﻚ و اﻟﺘﻄﺎول اﻟﻰ ﻣﻨﺎزل ﻗﻮم ﻋﻴﻮن ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ﺑﺎﻟﺤﻜﻢ ﻣﻨﺒﺠﺴﺔ و‬
‫ﺳﺮاﺋﺮهﻢ ﻷﻧﻮار ﻣﻌﺎرﻓﻬﻢ ﻣﻦ ﺟﺬوة اﻟﻐﻴﺐ ﻣﻘﺘﺒﺴﺔ ﻓﻼ ﺗﺪع ﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻚ وﻻ ﺗﺘﻤﺘﺪغ ﺑﻐﻴﻚ ﺑﻤﺎ‬
‫ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻚ ﻓﺤﺴﺒﻚ ﻣﺎ ﻳﻌﻠﻤﻪ اﷲ ﻓﻴﻚ و ﻳﻜﻔﻴﻚ ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﻟﻚ أن ﺗﻘﻒ ﻣﻮﻗﻒ اﻷﺻﺎﻏﺮ وﺗﺘﺄدب‬
‫ﻼ ﻓﻲ ﺣﺠﺮ ﺗﺮﺑﻴﺔ اﻟﺤﻖ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻣﺎ ﺗﺠﺎوز ﺣﺪﻩ‬‫ﺑﺂداب اﻷآﺎﺑﺮ هﺬا ﻣﻮﺳﻰ آﻠﻴﻢ اﷲ ﻟﻤﺎ آﺎن ﻃﻔ ً‬
‫ﻲ ﻣﻦ ﺧﻴﺮ ﻓﻘﻴﺮ﴾ ﻓﻠﻤﺎ آﺒﺮ و ﺗﺮﻋﺮع وﺑﻠﻎ‬‫وﻻ ﺗﻌﺪى ﻗﺼﺪﻩ ﺑﻞ ﻗﺎل ﴿رب اﻧﻲ ﻟﻤﺎ اﻧﺰﻟﺖ اﻟ ﱠ‬
‫ب أرﻧﻲ أﻧﻈﺮ إﻟﻴﻚ﴾ ﻓﻜﺎن ﻏﺎﻳﺔ ﻃﻠﺒﻪ ﻓﻲ‬
‫ﻣﺒﻠﻎ اﻟﺮﺟﺎل ﻣﺎ رﺿﻲ ﺑﻄﻌﺎم اﻷﻃﻔﺎل ﺑﻞ ﻗﺎل ﴿ر ﱠ‬
‫ﻃﻔﻮﻟﻴﺔ ﺑﺪاﻳﺘﻪ ﻃﻌﺎم و ﺷﺮاب و آﺎن ﻣﻨﺘﻬﻰ إرﺑﻪ ﻓﻲ رﺟﻮﻟﻴﺔ ﻧﻬﺎﻳﺘﻪ رﻓﻊ اﻟﺤﺠﺎب و ﻣﺸﺎهﺪة‬
‫اﻷﺣﺒﺎب ﻓﺈذا ﺗﺄدﺑﺖ ﺑﻬﺬﻩ اﻵداب ﺗﻴﺴﺮت ﻟﻚ اﻷﺳﺒﺎب و ﻓﺘﺤﺖ ﻟﻚ اﻷﺑﻮاب و إذا وﺟﺪت ﻣﻦ‬
‫وﺟﺪ ﻣﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ واﺟﺪا و ﺷﻬﺪت ﻣﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﺸﺎهﺪا و رأﻳﺖ ﻣﻦ ورد ﻣﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ واردا و‬
‫ﺳﻤﻌﺖ ﺑﺄرﺑﺎب اﻷﺣﻮال و اﻟﻮاردا ﻓﻼ ﺗﻜﻦ ﻷﻳﺂت رﺑﻚ ﺟﺎﺣﺪا وﻻ ﻓﻲ ﺗﺄوﻳﻠﻬﺎ ﻻﺣﺪا و إﺳﺄل‬
‫ﻣﻦ أﻋﻄﺎهﻢ أن ﻳﻌﻄﻴﻚ ﻓﺈﻧﻪ ﻣﻮﻻك وﻣﻮﻻهﻢ واﺣﺪا وﻗﺪ أﺷﺮت ﻓﻲ هﺬﻩ اﻷﺑﻴﺎت اﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﻬﺪي‬
‫آﻞ ﻗﺎﺻﺪ‪:‬‬
‫ﻓﻬﻤﺖ ﺑﺎﻟﺴﺮ ﻟﻤﺎ أن إﻟﻲ ﺳﺮى‬ ‫أهﺪي اﻟﻰ اﻟﺸﺬا ﻣﻦ ﻋﺮﻓﻪ ﺧﺒﺮا‬
‫ﻣﺎ ﻗﺪ ﺟﺮى ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ اﻟﻌﺸﻖ آﻴﻒ ﺟﺮى‬ ‫وﻃﺒﺖ ﺑﻴﻦ أﺻﺤﺎﺑﻲ وﻣﺎ ﻋﻠﻤﻮا‬
‫ﺷﺮﺑﻮا ﺑﻜﺄس ﺷﺮﺑﻲ ﻟﻤﺎ ﻻﻣﻮا ﻟﻤﻦ ﺳﻜﺮا‬ ‫ﺗﻌﺠﺐ اﻟﻨﺎس ﻣﻦ ﺳﻜﺮي و ﻟﻮ‬

‫‪41 ‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫اﻻ ﻓﺘﻰ ﻣﺰق اﻻﻃﻤﺎر و إﺷﺘﻬﺮا‬ ‫ﻓﻲ ﺧﻤﺮة اﻟﻌﺸﻖ ﻣﻌﻨﻰ ﻟﻴﺲ ﻳﻌﺮﻓﻪ‬
‫ﻣﻦ أﻣﺔ اﻟﻌﺸﻖ إﻻ ﻣﻦ ﻗﺪ ﻗﺮأ و درى‬ ‫ﻋﻨﺪي رﻣﻮز آﻨﻮز ﻟﻴﺲ ﻳﺪرآﻬﺎ‬
‫و إﻧﻈﺮ ﺗﺮى ﻋﻠﻢ اﻟﻌﺮﻓﺎن ﻗﺪ ﻇﻬﺮا‬ ‫ﻓﺈﺷﺮب ﺑﻜﺄس ﺻﻔﺎء ﻗﺪ ﺷﺮﺑﺖ ﺑﻬﺎ‬
‫و ﻣﻦ أﺗﻰ اﻟﺒﻴﺖ و اﻻرآﺎن و اﻟﺤﺠﺮا‬ ‫دع ﻣﻦ ﺳﻌﻰ و دﻋﺎ او ﺣﺞ ﻣﻌﺘﻤﺮًا‬
‫ﻓﻲ ﺻﻔﻮ ﺣﺎﻟﻲ و دع ﻣﻦ ﻻم أو ﻋﺬرا‬ ‫و ﻟﺬ ﺑﺤﺎﻧﺔ ذآﺮي و إﺟﺘﻠﻲ ﻗﺪﺣﻲ‬
‫وﺻﻞ اﻟﺤﺒﻴﺐ و دع ﻣﻦ ﺻ ّﺪ أو هﺠﺮا‬ ‫ﻃﻒ ﺣﻮل آﻌﺒﺔ ﻗﻠﺒﻲ إن ﻋﺰﻣﺖ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻋﺮﻓﺎت ﻣﻌﺮﻓﺘﻲ إن آﻨﺖ ﻣﻘﺘﺪرا‬ ‫ﻗﺪ أوﺟﺐ اﻟﺤﺐ ﺣﺠﻲ واﻟﻮﻗﻮف ﻋﻠﻰ‬
‫ﺗﻨﻈﺮ ﻹﻳﺎك ﻻ ﻋﻴﻨًﺎ وﻻ أﺛﺮا‬ ‫ﻓﺈﻣﺢ اﻟﻌﻠﻮم و ﻻ ﺗﺒﻘﻲ اﻟﺮﺳﻮم و ﻻ‬
‫ذاك اﻟﻤﺴﻤﻰ ﻓﻤﻨﻚ اﻟﺴﻤﻊ واﻟﺒﺼﺮا‬ ‫وﻏﺐ ﻋﻦ اﻻﺳﻢ ﺗﺸﻬﺪ ﻋﻨﺪ ﻏﻴﺒﺘﻪ‬
‫ﻓﻲ ﺣﻮﻣﺔ اﻟﺤﺐ ﻓﻲ ﺣﻜﻢ اﻟﻬﻮى أﺳﺮى‬ ‫هﻨﺎك ﺗﺸﻬﺪ أهﻞ اﻟﻌﺸﻖ آﻠﻬﻢ‬
‫ﻓﻴﺎ أﻳﻬﺎ اﻟﻐﺎﺋﺐ ﻋﻦ ﺣﻀﺮة اﻟﺤﺒﺎﺋﺐ ﻟﻮ ﻃﻠﺒﺖ ﻣﺎ ﻃﻠﺒﻮا وﺟﺪت ﻣﺎ وﺟﺪوا و إن وردت‬
‫ﻣﺎ وردوا ﺷﻬﺪت ﻣﺎ ﺷﻬﺪوا ﻓﺎﻟﺒﺎب ﻣﻔﺘﻮح ﻟﻠﻄﻼب ﻻ ﺣﺎﺟﺐ ﻋﻠﻴﻪ وﻻ ﺑﻮاب وإﻧﻤﺎ‬
‫اﻟﻤﺤﺠﺒﻮب ﻋﻦ اﻟﺴﺒﺐ ﻣﻦ وﻗﻒ ﻣﻊ اﻷﺳﺒﺎب و ﻋﻠﻰ ﻗﺪر اﻟﺨﻄﺎب ﻳﺮد اﻟﺠﻮاب ﻓﺎﻟﻤﺸﺮوب‬
‫ﺣﺎﺿﺮ و اﻟﻤﺤﺮوم ﻣﻦ ﺣﺮم اﻟﺸﺮاب و اﻟﻤﺤﺒﻮب ﻧﺎﻇﺮ و اﻟﻤﻄﺮود ﻣﻦ وﻗﻒ ﻣﻦ وراء‬
‫اﻟﺤﺠﺎب ﻓﻤﻦ أﻧﺲ ﺑﻤﻦ ﺳﻮاﻩ ﻓﻬﻮ ﻣﺴﺘﻮﺣﺶ ﻣﻨﻪ وﻣﻦ ذآﺮ ﻏﻴﺮﻩ ﻓﻬﻮ ﻏﺎﻓﻞ ﻋﻨﻪ و ﻣﻦ ﻋﻮل‬
‫ﻼ ﺛﻢ رأﻳﺖ ﻣﻦ أوﻻﻩ اﷲ‬ ‫ﻋﻠﻰ ﺳﻮاﻩ ﻓﻬﻮ ﻣﺸﺮك ﺑﻪ ﻓﺈذا ﻟﻢ ﺗﺠﺪ إﻟﻴﻪ ﺳﺒﻴﻼ وﻻ ﻓﻲ ﻇﻠﻪ ﻣﻘﻴ ً‬
‫ﻼو‬ ‫ﻼ ﻓﺄﻟﻘﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ أﺳﺮار ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﻗﻮ ً‬
‫ﻻ ﺛﻘﻴ ً‬ ‫ﻼ و أﻋﻄﺎﻩ ﺟﺰﻳﻼ و إﺗﺨﺬﻩ ﺻﻔﻴًﺎ أو ﺧﻠﻴ ً‬ ‫ﺟﻤﻴ ً‬
‫ﻼ ﻓﻼ ﺗﻘﻒ ﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﻟﻚ ﺑﻪ ﻋﻠﻢ إن اﻟﺴﻤﻊ و اﻟﺒﺼﺮ و اﻟﻔﺆاد آﻞ‬ ‫ﺑﺎح ﺑﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﻘﻢ ﻟﻚ ﻋﻠﻴﻪ دﻟﻴ ً‬
‫أوﻟﺌﻚ آﺎن ﻋﻨﻪ ﻣﺴﺆﻻ ﻓﺄﺣﺴﻦ اﻟﻨﺎس ﻣﻦ أﺳﻠﻢ وأﺳﻠﻤﻬﻢ ﻣﻦ ﺳﻠﻢ وأﺣﺒﻬﻢ اﻟﻰ اﷲ ﻣﻦ إﺳﺘﺴﻠﻢ‬
‫ذﻟﻚ وأﺣﺴﻦ ﺗﺄوﻳﻼ وﻟﻘﺪ أﻧﺼﻒ أﺑﻮ ﺣﺎﻣﺪ اﻟﻐﺰاﻟﻲ رﺣﻤﻪ اﷲ ﺣﻴﺚ أﺟﺮى ذآﺮ هﺬﻩ اﻟﻄﺎﺋﻔﺔ‬
‫ﻣﻦ اﻟﺮﺟﺎل ﻓﻲ آﺘﺎﺑﻪ اﻟﻤﻨﻌﻮت ﺑﺈﺣﻴﺎء ﻋﻠﻮم اﻟﺪﻳﻦ ﻓﻘﺎل ﻋﻨﺪ ذآﺮهﻢ هﺆﻻء ﻗﻮم ﻏﻠﺒﺖ ﻋﻠﻴﻬﻢ‬
‫اﻻﺣﻮال ﺣﺘﻰ ﻗﺎل اﻟﻮاﺣﺪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻲ و ﻗﺎل اﻵﺧﺮ ﻣﺎ أﻋﻈﻢ ﺷﺄﻧﻲ و ﻗﺎل اﻵﺧﺮ أﻧﺎ اﷲ و ﻗﺎل‬
‫اﻵﺧﺮ ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺠﺒﺔ اﻻ اﷲ ﻓﻬﺆﻻء ﻗﻮم ﺳﻜﺎرى و ﻣﺠﺎﻟﺲ اﻟﺴﻜﺎرى ﺗﻄﻮى و ﻻ ﺗﺤﻜﻰ و‬
‫ﻣﻌﻨﺎﻩ ﺗﺴﻠﻢ اﻟﻴﻬﻢ أﺣﻮاﻟﻬﻢ و ﻻ ﺗﺮد ﻋﻠﻴﻬﻢ أﻗﻮاﻟﻬﻢ ﻷن آﻼﻣﻬﻢ ﻧﻄﻖ ﻋﻦ ذوق و ذوق ﻋﻦ‬
‫ﺷﻮق ﻓﻤﻦ ذاق ﻋﺮف و ﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﺬق ﻻ ﺣﺮج ﻋﻠﻴﻪ إذا ﺳﻠﻢ و إﻋﺘﺮف‪.‬‬

‫‪42 ‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫*ﻓﺼــﻞ*‬
‫و إﻋﻠﻢ أن ﻃﺎﺋﻔﺔ ﻣﻤﻦ ﻋﺪﻣﻮا اﻟﻌﻘﻞ و ﺧﺎﻟﻔﻮا اﻟﻨﻘﻞ ﻋﺪﻟﻮا ﻋﻦ اﻟﺤﻖ و ﺻﺪوﻩ و‬
‫ﻋﻤﺪوا إﻟﻰ هﺬا اﻟﺒﺎب ﻓﺴﺪوﻩ و ﻗﺎﻟﻮا ﺑﺈﺑﻄﺎل آﺮاﻣﺎت اﻻوﻟﻴﺎء و ﻣﻜﺎﺷﻔﺎت اﻷﺻﻔﻴﺎء‬
‫آﺎﻟﻤﻌﺘﺰﻟﺔ ﺑﺈﻋﺘﺰاﻟﻬﻢ و ﻣﻦ واﻓﻘﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺿﻼﻟﻬﻢ و ﻗﺎﻟﻮا ﻻ ﺗﻜﻮن هﺬﻩ اﻟﻜﺮاﻣﺎت و اﻟﻤﻌﺠﺰات‬
‫إﻻ ﻟﻸﻧﺒﻴﺎء ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﺴﻼم و ﻣﻦ إدﻋﻰ ذﻟﻚ ﺳﻮاهﻢ ﻓﻬﻮ ﻣﺤﺎل وﻳﻜﺬﺑﻬﻢ ﻓﻴﻤﺎ أﻧﻜﺮوﻩ وﺟﺤﺪﻩ‬
‫اﻟﻌﻘﻞ و اﻟﻨﻘﻞ ﻓﺄﻣﺎ اﻟﻌﻘﻞ ﻓﻤﻦ وﺟﻬﻴﻦ أﺣﺪهﻤﺎ أﻧﻪ ﻻ ﻣﻌﻨﻰ ﻟﻠﻜﺮاﻣﺔ إﻻ ﻣﺎ ﻳﻜﺸﻔﻪ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‬
‫ﻟﻌﺒﺪﻩ و ﻳﻄﻠﻌﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺣﻘﺎﺋﻖ اﻷﺷﻴﺎء و هﺬا ﻣﻦ ﻣﻘﺪور اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ داﺧﻞ ﺗﺤﺖ ﻣﺸﻴﺌﺘﻪ ﻓﻴﺠﺐ‬
‫وﺻﻒ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﻪ وﺑﺎﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ إﻳﺠﺎدﻩ ﻓﻜﻴﻒ ﻳﺴﺘﺤﻴﻞ وﺟﻮدﻩ ﻣﻊ ﻗﺪرة اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻴﻪ‬
‫وآﻤﺎ أﻧﻪ ﻻ ﻣﻌﻨﻰ ﻟﻠﻨﺒﻲ إﻻ أﻧﻪ ﻋﺒﺪ إﺧﺘﺼﻪ و أﻃﻠﻌﻪ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺒﻪ و آﺎﺷﻔﻪ ﺑﺤﻘﺎﺋﻖ اﻷﺷﻴﺎء‬
‫آﺬﻟﻚ اﻟﻮﻟﻲ ﻋﺒﺪ آﺎﺷﻔﻪ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﻤﺎ ﺷﺎء ﻣﻦ ﻏﻴﺒﻪ ذﻟﻚ ﻓﻀﻞ اﷲ ﻳﺆﺗﻴﻪ ﻣﻦ ﻳﺸﺎء و هﻮ ﻓﻲ‬
‫ﺣﻖ اﻟﻨﺒﻲ ﻣﻌﺠﺰة وﻓﻲ ﺣﻖ اﻟﻮﻟﻲ آﺮاﻣﺔ ﺛﻢ إﻧﻬﺎ ﻣﻠﺤﻘﺔ ﺑﻤﻌﺠﺰات ﻧﺒﻴﻪ ﻣﻨﺴﻮﺑﺔ اﻟﻴﻪ ﻷن‬
‫اﻟﻜﺮاﻣﺔ ﻻ ﺗﻈﻬﺮ إﻻ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺻﺪق ﻓﻲ إﻳﻤﺎﻧﻪ و إﺳﻼﻣﻪ ﻣﺴﺘﻔﺎد ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﻨﺒﻲ و ﻣﻦ ﺑﺮآﺘﻪ‬
‫ﻓﻜﻠﻤﺎ ﻇﻬﺮ ﻋﻠﻰ هﺬا اﻟﻮﻟﻲ آﺮاﻣﺔ آﺎﻧﺖ ﻣﻠﺤﻘﺔ ﺑﻤﻌﺠﺰة ﻧﺒﻴﻪ وﻻ ﻳﻜﻮن ﻓﻲ رﺗﺒﺔ اﻟﻨﺒﻮة‬
‫واﻟﻔﺮق ﺑﻴﻦ اﻟﻤﻌﺠﺰة واﻟﻜﺮاﻣﺔ ان اﻟﻤﻌﺠﺰة ﻳﺪﻋﻴﻬﺎ اﻟﻨﺒﻲ ﻟﻨﻔﺴﻪ وﻳﺴﺘﺪﻋﻴﻬﺎ ﻣﺘﻰ أراد و‬
‫اﻟﻜﺮاﻣﺔ ﻻ ﻳﺪﻋﻴﻬﺎ اﻟﻮﻟﻲ ﻟﻨﻔﺴﻪ و ﻻ هﻲ ﺑﺤﻜﻤﻪ ﺑﺤﻴﺚ ﻻ ﻳﺴﺘﺪﻋﻴﻬﺎ ﻣﺘﻰ أراد ﺑﻞ ﺗﺎرة ﺗﻈﻬﺮ‬
‫إﺧﺘﻴﺎرًا و ﺗﺎرة ﺗﻈﻬﺮ ﻋﻠﻴﻪ إﺿﻄﺮارًا و ﺗﺎرة ﻻ ﺗﻈﻬﺮ و ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺷﺮط اﻟﻮﻟﻲ أن ﺗﻜﻮن ﻟﻪ‬
‫آﺮاﻣﺔ و ﻻ ﻳﺆﺛﺮ ذﻟﻚ ﻓﻲ وﻻﻳﺘﻪ و ﻻ آﺬﻟﻚ اﻟﻨﺒﻲ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺠﺐ أن ﻳﻜﻮن ﻟﻪ ﻣﻌﺠﺰة ﻷن اﻟﺮﺳﻞ‬
‫واﻷﻧﺒﻴﺎء ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﺴﻼم ﺑﻌﺜﻮا ﺣﺠﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎس ﻳﺪﻋﻮﻧﻬﻢ اﻟﻰ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻼ ﺑ ﱠﺪ ﻟﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺠﺰة‬
‫ﻹﻗﺎﻣﺔ اﻟﺒﺮهﺎن و ﻗﺪ ﺳﺌﻞ أﺑﻮ ﻳﺰﻳﺪ رﺣﻤﺔ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﻦ هﺬﻩ اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻓﻘﺎل ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﺣﺼﻞ‬
‫ﻟﺴﺎﺋﺮ اﻷﻧﺒﻴﺎء ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﺴﻼم آﻤﺜﻞ زق ﻓﻴﻪ ﻋﺴﻞ ﻳﺘﺮﺷﺢ ﻣﻨﻪ ﻗﻄﺮة ﻓﻤﺜﻞ اﻟﻘﻄﺮة ﻣﺜﻞ ﻣﺎ‬
‫ﺣﺼﻞ ﻟﺴﺎﺋﺮ اﻷﻧﺒﻴﺎء ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﺴﻼم و ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺰق ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﺣﺼﻞ ﻟﻨﺒﻴﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ‬
‫وﺳﻠﻢ ﺛﻢ اﻟﺨﻼﺋﻖ ﻣﻔﺘﻘﺮون اﻟﻰ ﻇﻬﻮر ﻣﻌﺠﺰة ﻷﻧﻪ ﻣﺒﻌﻮث إﻟﻴﻬﻢ ﻟﻴﺼﺪﻗﻮﻩ و أﻣﺎ اﻟﻮﻟﻲ ﻓﻼ‬
‫ﻳﻔﺘﻘﺮ اﻟﻰ ذﻟﻚ وﻻ ﻳﺒﺎﻟﻲ ﺻﺪﻗﻮﻩ أو آﺬﺑﻮﻩ‪ .‬وﻗﺪ إﺧﺘﻠﻒ أهﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﻓﻲ اﻟﻮﻟﻲ هﻞ ﻣﻦ ﺷﺮﻃﻪ‬
‫أن ﻳﻌﻠﻢ أﻧﻪ وﻟﻲ ﻓﻜﺎن اﻹﻣﺎم أﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺑﻦ ﻓﻮرك ﻳﻘﻮل ﻻ ﻳﺠﻮز أن ﻳﻌﻠﻢ أﻧﻪ وﻟﻲ ﻷن ذﻟﻚ‬
‫ﻳﺴﻠﺒﻪ اﻟﺨﻮف وﻳﻮﺟﺐ ﻟﻪ اﻷﻣﻦ وأﻣﱠﺎ اﻟﺬي ﻳﺆﺛﺮﻩ أهﻞ اﻟﺘﺤﻘﻴﻖ وهﻮ اﻟﺤﻖ أﻧﻪ ﻳﺠﻮز وﻟﻴﺲ‬
‫ﺑﻮاﺟﺐ أﻧﻪ وﻟﻲ آﺎﻧﺖ ﻟﻪ آﺮاﻣﺔ ﻓﻲ ﺣﻘﻪ إذا أﻃﻠﻌﻪ اﷲ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ وهﺒﻪ و آﺸﻒ ﻟﻪ ﻣﺎ آﺎن‬
‫ﺣﺠﺒﻪ و ﻣﻦ ﻗﺎل أن ذﻟﻚ ﻳﺴﻠﺒﻪ اﻟﺨﻮف ﻓﻬﺬا ﺿﻌﻴﻒ ﻷن ﻣﻦ آﺎن ﺑﺎﷲ أﻋﺮف آﺎن ﻣﻦ اﷲ‬
‫أﺧﻮف ﻓﻤﻦ ﻋ ّﺮﻓﻪ اﷲ ﻧﻔﺴﻪ إﺷﺘﺪت ﻣﻬﺎﺑﺘﻪ و ﺗﻌﻈﻴﻤﻪ ﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ و ﺗﻠﻚ اﻟﻬﻴﺒﺔ ﻣﻦ ﻣﻌﺮوﻓﻪ‬
‫ﺗﺰﻳﺪ ﻋﻠﻰ أﺿﻌﺎف ﻣﻦ ﻣﺨﺎﻓﺎت اﻟﺨﺎﺋﻔﻴﻦ و ﻣﻦ ﺷﺮط اﻟﻮﻟﻲ و إن ﻋﻠﻢ ﻧﻔﺴﻪ أﻧﻪ وﻟﻲ أن‬
‫ﻳﺴﺘﺼﺤﺐ اﻟﺨﻮف و ﻻ ﻳﻔﺎرﻗﻪ و ﻻ ﻳﺴﻜﻦ اﻟﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﻜﺮاﻣﺎت و ﻻ ﻳﻼﺣﻈﻬﺎ و ﻻ ﻳﺴﺎآﻨﻬﺎ‬
‫ﺑﻘﻠﺒﻪ ﻣﺨﺎﻓﺔ أن ﻳﻜﻮن ذﻟﻚ إﺳﺘﺪراﺟًﺎ ﻓﻬﻮ ﻓﻲ ﺳﺎﺋﺮ ﺣﺎﻻﺗﻪ ﻳﻜﻮن ﺧﺎﺋﻔًﺎ راﺟﻴًﺎ ﻗﺎل اﻟﺴﺮي‬
‫ﻼ دﺧﻞ ﺑﺴﺘﺎﻧًﺎ ﻓﻴﻪ أﺷﺠﺎرًا آﺜﻴﺮة ﻋﻠﻰ آﻞ ﺷﺠﺮة ﻃﺎﺋﺮ‬ ‫اﻟﺴﻘﻄﻲ رﺣﻤﺔ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻟﻮ أن رﺟ ً‬

‫‪43 ‬‬
‫‪ ‬‬
‫ﻳﻘﻮل ﻟﻪ ﺑﻠﺴﺎن ﻓﺼﻴﺢ اﻟﺴﻼم ﻋﻠﻴﻚ ﻳﺎ وﻟﻲ اﷲ ﻓﻠﻮ ﻟﻢ ﻳﺨﻒ أﻧﻪ ﻣﻜﺮ ﻓﻤﻤﻜﻮر ﺑﻪ و أﻣﺎ اﻟﻮﺟﻪ‬
‫اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻌﻘﻞ ﻓﻬﻮ ﻋﺠﺎﺋﺐ ﻣﻤﺎ ﻳﺮاﻩ اﻟﻨﺎﺋﻢ ﻣﻦ ﻋﺠﺎﺋﺐ اﻟﺮؤﻳﺎ اﻟﺼﺎدﻗﺔ و اﻟﻜﺸﻮﻓﺎت‬
‫اﻟﺨﺎرﻗﺔ و ذﻟﻚ ﺑﻤﺸﺎهﺪة روﺣﻪ ﻟﻠﻤﻠﻜﻮﺗﻴﺎت اﻟﻐﻴﺒﻴﺎت ﺛﻢ ﻳﻈﻬﺮ ﺻﺪق ذﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﻴﻘﻈﺔ و ﻻ‬
‫ﻣﻌﻨﻰ ﻟﻠﺮؤﻳﺔ اﻻ رآﻮز اﻟﺤﻮاس وﺧﻤﻮدهﺎ و ﺧﻨﻮﺳﻬﺎ ﻋﻦ اﻻﺣﺴﺎس و ﻋﺪم إﺷﺘﻐﺎﻟﻬﺎ‬
‫ﺑﺎﻟﻤﺤﺴﻮﺳﺎت ﻓﻜﺎن اﻟﻮﻟﻲ إذا ﻗﻤﻊ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻦ اﻟﺸﻬﻮات ﺿﻌﻔﺖ ﻗﻮى اﻟﺤﻮاس ﺣﺘﻰ ﺻﺎرت‬
‫آﺎﻟﻤﻌﺪوﻣﺔ ﻷﻧﻬﺎ هﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻐﻞ ﻋﻦ اﻻﻃﻼع ﻟﻠﻤﻠﻜﻮﺗﻴﺎت اﻟﻤﻐﻴﺒﺔ ﻷن اﻟﺮوح ﻣﻦ هﻨﺎك‬
‫أﻓﻴﻀﺖ وﻓﻲ هﺬﻩ اﻟﻬﻴﺎآﻞ ﺣﺒﺴﺖ ﻓﺈذا ﺿﻌﻔﺖ اﻟﻘﻮى اﻟﻨﻔﺴﺎﻧﻴﺔ اﻟﺠﺜﻤﺎﻧﻴﺔ ﻗﻮﻳﺖ اﻟﻘﻮى‬
‫اﻟﺮوﺣﺎﻧﻴﺔ اﻟﻨﻮراﻧﻴﺔ ﻓﺘﺼﻔﻮ اﻟﺮوح وﺗﺘﻠﻄﻒ اﻟﻨﻔﺲ ﺑﺎﻟﺮﻳﺎﺿﺎت ﻓﻴﺸﺎهﺪ ﻓﻲ اﻟﻴﻘﻈﺔ ﻣﺎ ﺗﺸﺎهﺪﻩ‬
‫أﻧﺖ ﻓﻲ ﻧﻮﻣﻚ ﻋﻨﺪ ﺧﻤﻮد إﺣﺴﺎﺳﻚ و آﻢ ﻣﻦ ﻣﺴﺘﻴﻘﻆ ﻻ ﻳﺒﺼﺮ ﻣﻦ ﻳﺤﺎذﻳﻪ و ﻻ ﻳﺴﻤﻊ ﻣﻦ‬
‫ﻳﻨﺎدﻳﻪ و ﺗﺮاهﻢ ﻳﻨﻈﺮون إﻟﻴﻚ وهﻢ ﻻ ﻳﺒﺼﺮون ﻓﺈن ﻗﺎل ﻗﺎﺋﻞ هﻞ ﻳﺠﻮز أن ﻳﻜﻮن اﻟﻮﻟﻲ‬
‫ﻣﻌﺼﻤﻮﻣًﺎ أم ﻻ ﻓﻨﻘﻮل ﻻ ﻳﺠﺐ أن ﻳﻜﻮن ﻣﻌﺼﻮﻣًﺎ ﻷن اﻟﻌﺼﻤﺔ ﻟﻸﻧﺒﻴﺎء ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﺴﻼم و أﻣﺎ‬
‫اﻷوﻟﻴﺎء رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﻬﻢ ﻓﺠﺎﺋﺰ أن ﺗﺒﺪو ﻣﻨﻬﻢ اﻟﻬﻔﻮات و اﻟﺰﻻت و إﻧﻤﺎ ﻣﻦ اﻟﺠﺎﺋﺰ أن ﻳﻜﻮن‬
‫ﻣﺤﻔﻮﻇًﺎ ﻣﻦ اﻷﺿﺮار ﻋﻠﻰ اﻷوزار و ﻻ ﻳﻤﺘﻨﻊ أن ﺗﺒﺪو ﻣﻨﻪ زﻟﺔ و ﻗﺪ ﺳﺌﻞ اﻟﺠﻨﻴﺪ ﻋﻦ‬
‫اﻟﻌﺎرف هﻞ ﻳﺰﻧﻲ ﻓﺄﻃﺮق ﻣﻠﻴًﺎ ﺛﻢ رﻓﻊ رأﺳﻪ و ﻗﺎل وآﺎن أﻣﺮ اﷲ ﻗﺪرًا ﻣﻘﺪورًا و إﻋﻠﻢ أن‬
‫ﻞ اﻟﻜﺮاﻣﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻜﻮن ﻟﻸوﻟﻴﺎء ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﺴﻼم دوام اﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﻟﻠﻄﺎﻋﺎت و اﻟﻌﺼﻤﺔ ﻋﻦ‬ ‫أﺟ ّ‬
‫اﻟﻤﻌﺎﺻﻲ و اﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺎت و أﻣﺎ ﻣﺎ ﻳﻜﺬﺑﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻨﻘﻞ ﻓﻜﺘﺎب اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ وﺳﻨﺔ رﺳﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ اﷲ‬
‫ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ أﻣﺎ اﻟﻜﺘﺎب ﻣﺎ أﻇﻬﺮﻩ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﻦ اﻟﻜﺮاﻣﺔ ﻓﻲ ﻗﺼﺔ ﻣﺮﻳﻢ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺴﻼم و ﻟﻴﺴﺖ‬
‫ﺑﻨﺒﻲ ﻓﻲ ﻗﺼﺘﻬﺎ ﻣﻊ زآﺮﻳﺎ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﴿آﻠﻤﺎ دﺧﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ زآﺮﻳﺎ اﻟﻤﺤﺮاب وﺟﺪ ﻋﻨﺪهﺎ‬
‫رزﻗًﺎ﴾ ﻓﻬﺬﻩ آﺮاﻣﺔ ﻇﺎهﺮة وآﺬﻟﻚ ﻗﺼﺘﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻨﺨﻠﺔ ﴿وهﺰي اﻟﻴﻚ ﺑﺠﺬع اﻟﻨﺨﻠﺔ﴾ و آﺬﻟﻚ‬
‫ﻗﺼﺔ أهﻞ اﻟﻜﻬﻒ وﻣﺎ ﻇﻬﺮ ﻣﻦ ﻋﺠﺎﺋﺐ آﻼم اﻟﻜﻠﺐ و ﻣﻦ ﻗﺼﺔ اﻟﺨﻀﺮ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼم و ﻟﻴﺲ‬
‫ﺑﻨﺒﻲ ﻣﻊ ﻣﻮﺳﻰ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼم و ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻜﺮاﻣﺎت و ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻗﺼﺔ ذﻟﻚ ﺻﺎﺣﺐ ﺳﻠﻴﻤﺎن‬
‫ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼم اﻟﺬي أﺗﺎﻩ ﺑﻌﺮش ﺑﻠﻘﻴﺲ ﻗﺒﻞ أن ﻳﺮﺗﺪ اﻟﻴﻪ ﻃﺮﻓﻪ و ﻣﺎ ﺧﺼﻪ اﷲ ﺑﻪ ﻣﻤﺎ ﻻ ﻳﺪﺧﻞ‬
‫ﺗﺤﺖ ﻗﺪرة ﺳﻠﻴﻤﺎن ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼم و أﻣﺎ اﻻﺧﺒﺎر ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻓﻤﻨﻬﺎ ﻣﺎ ورد ﻓﻲ اﻟﺼﺤﻴﺢ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ‬
‫ﺟﺮﻳﺞ اﻟﺮاهﺐ ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ ﻟﻢ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻓﻲ اﻟﻤﻬﺪ إﻻ ﺛﻼﺛﺔ ﻋﻴﺴﻰ ﺑﻦ‬
‫ﻣﺮﻳﻢ و ﺻﺒﻲ ﺟﺮﻳﺞ وﺻﺒﻲ ﺁﺧﺮ ﻓﺄﻣﺎ ﻋﻴﺴﻰ ﻓﻘﺪ ﻋﺮﻓﺘﻤﻮﻩ و أﻣﺎ ﺟﺮﻳﺞ ﻓﻜﺎن ﻋﺎﺑﺪًا ﻓﻲ ﺑﻨﻲ‬
‫اﺳﺮاﺋﻴﻞ و آﺎﻧﺖ ﻟﻪ أم ﻓﻜﺎن ﻳﻮﻣ ًﺎ ﻳﺼﻠﻲ إذ إﺷﺘﺎﻗﺖ إﻟﻴﻪ أﻣﻪ ﻓﻘﺎﻟﺖ ﻳﺎ ﺟﺮﻳﺞ ﻓﻘﺎل ﻳﺎ رب‬
‫اﻟﺼﻼة ﺧﻴﺮ أم إﺟﺎﺑﺘﻬﺎ ﺛﻢ ﺻﻠﻰ و دﻋﺘﻪ ﻓﻘﺎل ﻣﺜﻞ ذﻟﻚ ﻓﺼﻠﻰ و دﻋﺘﻪ ﻓﻘﺎل ﻣﺜﻞ ذﻟﻚ ﻓﺈﺷﺘﺪ‬
‫ﻋﻠﻰ أﻣﻪ ﻓﻘﺎﻟﺖ اﻟﻠﻬﻢ ﻻ ﺗﻤﺘﻪ ﺣﺘﻰ ﻳﻔﺘﺘﻦ ﺑﺎﻟﻤﻮﻣﺴﺎت و آﺎﻧﺖ اﻣﺮأة زاﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﺑﻨﻲ اﺳﺮاﺋﻴﻞ‬
‫ﻓﻘﺎﻟﺖ ﻟﻬﻢ اﻧﺎ أﻓﺘﻦ ﻟﻜﻢ ﺟﺮﻳﺠًﺎ ﺣﺘﻰ ﻳﺮاﻧﻲ ﻓﺄﺗﺘﻪ ﻓﻠﻢ ﺗﻘﺪر ﻣﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﺷﻲء و آﺎن راع ﻳﺄوي‬
‫ﺑﺎﻟﻠﻴﻞ اﻟﻰ ﺻﻮﻣﻌﺘﻪ ﻓﻠﻤﺎ أﻋﻴﺎهﺎ راودت اﻟﺮاﻋﻲ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻓﺄﺗﺎهﺎ ﻓﺤﺒﻠﺖ ووﻟﺪت ﺛﻢ اﻧﻬﺎ ﻗﺎﻟﺖ‬
‫وﻟﺪي هﺬا ﻣﻦ ﺟﺮﻳﺞ ﻓﺄﺗﺎﻩ ﺑﻨﻮا إﺳﺮاﺋﻴﻞ ﻓﻜﺴﺮوا ﺻﻮﻣﻌﺘﻪ و ﺷﺘﻤﻮﻩ ﺛﻢ ﺻﻠﻰ و دﻋﺎ ﺛﻢ ﻧﺨﺲ‬
‫اﻟﻐﻼم ﻗﺎل أﺑﻮ هﺮﻳﺮة و هﻮ اﻟﺮاوي ﻓﻜﺄﻧﻲ أﻧﻈﺮ اﻟﻰ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ ﺣﻴﻦ‬
‫ﻗﺎل ﺑﻴﺪﻩ ﻳﺎ ﻏﻼم ﻣﻦ أﺑﻮك ﻓﻘﺎل اﻟﺮاﻋﻲ ﻓﻨﺪﻣﻮا ﻋﻠﻰ ﻣﺎ آﺎن ﻣﻨﻬﻢ ﻓﺈﻋﺘﺬروا اﻟﻴﻪ ﻓﻘﺎﻟﻮا ﻧﺒﻨﻲ‬
‫‪44 ‬‬
‫‪ ‬‬
‫ﺻﻮﻣﻌﺘﻚ ﻣﻦ ذهﺐ أو ﻗﺎل ﻣﻦ ﻓﻀﻪ ﻓﺄﺑﻰ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻓﺒﻨﺎهﺎ آﻤﺎ آﺎﻧﺖ و أﻣﺎ اﻟﺼﺒﻲ اﻵﺧﺮ ﻓﺈن‬
‫إﻣﺮأة آﺎن ﻣﻌﻬﺎ ﺻﺒﻲ ﺗﺮﺿﻌﻪ إذ ﻣ ﱠﺮ ﺑﻬﺎ ﺷﺎب ﺟﻤﻴﻞ ذو ﺷﺎرة ﻓﻘﺎﻟﺖ اﻟﻠﻬﻢ إﺟﻌﻞ وﻟﺪي ﻣﺜﻞ‬
‫هﺬا اﻟﺼﺒﻲ ﻓﻘﺎل اﻟﺼﺒﻲ اﻟﻠﻬﻢ ﻻ ﺗﺠﻌﻠﻨﻲ ﻣﺜﻠﻪ ﻗﺎل أﺑﻮ هﺮﻳﺮﻩ آﺄﻧﻲ أﻧﻈﺮ اﻟﻰ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ‬
‫ﻋﻠﻴﻪ و ﺳﻠﻢ ﺣﻴﻦ آﺎن ﻳﺤﻜﻲ ﻟﻠﻐﻼم و هﻮ ﻳﺮﺿﻊ ﺛﻢ ﻣﺮت ﺑﻬﺎ اﻣﺮأة ذآﺮوا أﻧﻬﺎ ﺳﺮﻗﺖ و‬
‫زﻧﺖ وﻋﻮﻗﺒﺖ ﻓﻘﺎﻟﺖ اﻟﻠﻬﻢ ﻻ ﺗﺠﻌﻞ إﺑﻨﻲ ﻣﺜﻞ هﺬﻩ ﻓﻘﺎل اﻟﻐﻼم اﻟﻠﻬﻢ إﺟﻌﻠﻨﻲ ﻣﺜﻠﻬﺎ ﻓﻘﺎﻟﺖ أﻣﻪ‬
‫ن هﺬﻩ ﻗﻴﻞ أﻧﻬﺎ زﻧﺖ وﻟﻢ ﺗﺰن و ﻗﻴﻞ ﺳﺮﻗﺖ‬ ‫ﻟﻪ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻓﻘﺎل أن اﻟﺸﺎب ﺟﺒﺎر ﻣﻦ اﻟﺠﺒﺎﺑﺮة وإ ﱠ‬
‫وﻟﻢ ﺗﺴﺮق و هﻲ ﺗﻘﻮل ﺣﺴﺒﻲ اﷲ و هﺬا ﺣﺪﻳﺚ ﺻﺤﻴﺢ و ﻣﻦ ذﻟﻚ ﺣﺪﻳﺚ اﻟﻐﺎر و هﻮ ﺻﺤﻴﺢ‬
‫ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ و ﺳﻠﻢ إﻧﻄﻠﻖ ﺛﻼﺛﺔ رهﻂ ﻣﻤﻦ آﺎن ﻗﺒﻠﻜﻢ ﻓﺄواهﻢ اﻟﻤﺒﻴﺖ اﻟﻰ‬
‫ﻏﺎر ﻓﺪﺧﻠﻮا ﻓﺈﻧﺤﻄﺖ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺻﺨﺮة ﻣﻦ اﻟﺠﺒﻞ ﻓﺴﺪت اﻟﻐﺎر ﻓﻘﺎﻟﻮا إﻧﻪ و اﷲ ﻻ ﻳﻨﺠﻴﻨﱠﻜﻢ ﻣﻦ‬
‫هﺬﻩ إﻻ أن ﺗﺪﻋﻮا اﷲ ﺑﺼﺎﻟﺢ أﻋﻤﺎﻟﻜﻢ ﻓﻘﺎل رﺟﻞ ﻣﻨﻬﻢ اﻟﻠﻬﻢ إﻧﻪ آﺎن ﻟﻲ أﺑﻮان آﺒﻴﺮان و آﻨﺖ‬
‫ﻻ و ﻻ وﻟﺪًا ﻓﺒﺎﺗﺎ ﻓﻲ ﻇﻞ ﺷﺠﺮة ﻳﻮﻣًﺎ و أﻧﺎ أروح ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﺣﺘﻰ‬ ‫ﻻ اﻋﻘﻬﻤﺎ وﻻ أﻋ ﱡﺰ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﻣﺎ ً‬
‫ﻧﺎﻣﺎ ﻓﺤﻠﺒﺖ ﻟﻬﻤﺎ ﻏﺒﻮﻗﻬﻤﺎ ﻓﺠﺌﺘﻬﻤﺎ ﺑﻪ ﻓﻮﺟﺪﺗﻬﻤﺎ ﻧﺎﺋﻤﻴﻦ ﻓﻜﺮهﺖ أن أوﻗﻈﻬﻤﺎ و آﺮهﺖ أن‬
‫ﻼ ﻓﻘﻤﺖ و اﻟﻘﺪح ﻓﻲ ﻳﺪي أﻧﺘﻈﺮ إﺳﺘﻴﻘﺎﻇﻬﻤﺎ ﺣﺘﻰ ﺑﺮق اﻟﻔﺠﺮ ﻓﺈﺳﺘﻴﻘﻈﺎ ﻓﺸﺮﺑﺎ‬ ‫أﻏﺒﻖ ﻗﺒﻠﻬﻤﺎ أه ً‬
‫ﻏﺒﻮﻗﻬﻤﺎ اﻟﻠﻬﻢ إن آﻨﺖ ﻓﻌﻠﺖ هﺬا إﺑﺘﻐﺎء وﺟﻬﻚ ﻓﺄﻓﺮج ﻋﻨﺎ ﻣﺎ ﻧﺤﻦ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ هﺬﻩ اﻟﺼﺨﺮة‬
‫ﻓﺈﻧﻔﺮﺟﺖ إﻧﻔﺮاﺟًﺎ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن اﻟﺨﺮوج ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻘﺎل رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ و ﺳﻠﻢ و ﻗﺎل‬
‫ﻲ ﻓﺮاودﺗﻬﺎ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻓﺈﻣﺘﻨﻌﺖ ﻣﻨﻲ ﺣﺘﻰ‬ ‫اﻵﺧﺮ اﻟﻠﻬﻢ آﺎﻧﺖ ﻟﻲ إﺑﻨﺔ ﻋﻢ وآﺎﻧﺖ أﺣﺐ اﻟﻨﺎس إﻟ ﱠ‬
‫أﻟﻤﺖ ﺑﻬﺎ ﺳﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﻨﻴﻦ و أﻋﻄﻴﺘﻬﺎ ﻋﺸﺮﻳﻦ و ﻣﺎﺋﺔ دﻳﻨﺎر ﻋﻠﻰ أن ﺗﺨﻠﻰ ﺑﻴﻨﻲ وﺑﻴﻦ ﻧﻔﺴﻬﺎ‬
‫ﻓﻔﻌﻠﺖ ﺣﺘﻰ إذا ﻗﺪرت ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻘﺎﻟﺖ ﻻ ﻳﺤﻞ ﻟﻚ أن ﺗﻔﺾ اﻟﺨﺎﺗﻢ إﻻ ﺑﺤﻘﻪ ﻓﺘﺤﺬرت ﻣﻦ اﻟﻮﻗﻮع‬
‫ﻲ و ﺗﺮآﺖ اﻟﺬهﺐ اﻟﺬي أﻋﻄﻴﺘﻬﺎ اﻟﻠﻬﻢ إن آﻨﺖ ﻓﻌﻠﺖ‬ ‫ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﺈﻧﺼﺮﻓﺖ و هﻲ أﺣﺐ اﻟﻨﺎس إﻟ ﱠ‬
‫ذﻟﻚ إﺑﺘﻐﺎء وﺟﻬﻚ ﻓﺄﻓﺮج ﻋﻨﺎ ﻣﺎ ﻧﺤﻦ ﻓﻴﻪ ﻓﺈﻧﻔﺮﺟﺖ اﻟﺼﺨﺮة ﻏﻴﺮ أﻧﻬﻢ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮن‬
‫اﻟﺨﺮوج ﻣﻨﻬﺎ ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ و ﻗﺎل اﻟﺜﺎﻟﺚ اﻟﻠﻬﻢ إﻧﻲ إﺳﺘﺄﺟﺮت أﺟﺮاء‬
‫ﻓﺄﻋﻄﻴﺘﻬﻢ أﺟﻮرهﻢ ﻏﻴﺮ رﺟﻞ ﻣﻨﻬﻢ ﺗﺮك اﻷﺟﺮة اﻟﺘﻲ ﻟﻪ و ذهﺐ ﻓﺜﻤﺮت أﺟﺮﺗﻪ ﺣﺘﻰ آﺜﺮت‬
‫ﻲ أﺟﺮﺗﻲ ﻓﻘﻠﺖ ﻟﻪ آﻞ ﻣﺎ ﺗﺮى ﻣﻦ‬ ‫ﻣﻨﻬﺎ اﻷﻣﻮال ﻓﺠﺎءﻧﻲ ﺑﻌﺪ ﺣﻴﻦ ﻓﻘﺎل ﻳﺎ ﻋﺒﺪ اﷲ أ ّد إﻟ ﱠ‬
‫إﺟﺮﺗﻚ ﻣﻦ اﻻﺑﻞ و اﻟﺒﻘﺮ و اﻟﻐﻨﻢ و اﻟﺮﻗﻴﻖ ﻓﻘﺎل ﻳﺎ ﻋﺒﺪ اﷲ ﻻ ﺗﺴﺘﻬﺰىء ﺑﻲ ﻓﻘﻠﺖ أﻧﺎ ﻻ‬
‫اﺳﺘﻬﺰء ﺑﻚ ﻓﺨﺬ ذﻟﻚ آﻠﻪ ﻓﺈﺳﺘﺎﻗﻪ ﻓﻠﻢ ﻳﺘﺮك ﻣﻨﻪ ﺷﻴﺌًﺎ اﻟﻠﻬﻢ إن آﻨﺖ ﻓﻌﻠﺖ ذﻟﻚ إﺑﺘﻐﺎء وﺟﻬﻚ‬
‫ﻓﺄﻓﺮج ﻋﻨﺎ ﻣﺎ ﻧﺤﻦ ﻓﻴﻪ ﻓﺈﻧﻔﺮﺟﺖ اﻟﺼﺨﺮة و ﺧﺮﺟﻮا ﻣﻦ اﻟﻐﺎر ﻳﻤﺸﻮن و هﺬا ﺣﺪﻳﺚ ﺣﺴﻦ‬
‫ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻰ ﺻﺤﺘﻪ و روى أﺑﻮ هﺮﻳﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﻪ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ ﻗﺎل‬
‫ﺑﻴﻨﻤﺎ رﺟﻞ ﻳﺴﻮق ﺑﻘﺮة ﻗﺪ ﺣﻤﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﺈﻟﺘﻔﺘﺖ اﻟﺒﻘﺮة و ﻗﺎﻟﺖ إﻧﻲ ﻟﻢ أﺧﻠﻖ ﻟﻬﺬا و إﻧﻤﺎ ﺧﻠﻘﺖ‬
‫ﻟﻠﺤﺮث ﻓﻘﺎل اﻟﻨﺎس ﺳﺒﺤﺎن اﷲ ﺑﻘﺮة ﺗﺘﻜﻠﻢ ﻓﻘﺎل رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ ﺁﻣﻨﺖ ﺑﻬﺬا‬
‫وﺁﻣﻦ أﺑﻮ ﺑﻜﺮ و ﻋﻤﺮ و هﺬا ﺣﺪﻳﺚ ﺻﺤﻴﺢ و ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻣﺎ روي أن ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﻪ آﺎن‬
‫ﻓﻲ ﺳﻔﺮ ﻣﻦ اﻷﺳﻔﺎر ﻓﻠﻘﻲ ﺟﻤﺎﻋﺔ وﻗﻔﻮا ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺮﻳﻖ ﻣﻦ ﺧﻮف اﻟﺴﺒﻊ ﻓﻄﺮد اﻟﺴﺒﻊ ﻋﻦ‬
‫ﻃﺮﻳﻘﻬﻢ ﺣﻴﻦ ﻧﺰل اﻟﻴﻪ و أﻣﺴﻚ ﺑﺄذﻧﻴﻪ و ﻗﺎل إﻧﻤﺎ ﻳﺴﻠﻂ ﻋﻠﻰ إﺑﻦ ﺁدم ﻣﺎ ﻳﺨﺎﻓﻪ ﻓﻠﻮ ﻟﻢ ﻳﺨﻒ‬
‫ﻏﻴﺮ اﷲ ﻟﻤﺎ ﺳﻠﻂ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﺷﻴﺌًﺎ و هﺬا ﺧﺒﺮ ﻣﺸﻬﻮر و ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﺤﺪﻳﺚ اﻟﺼﺤﻴﺢ أن ﻣﻦ أﻣﺘﻲ‬
‫‪45 ‬‬
‫‪ ‬‬
‫ﻣﺨﺎﻃﺒﻮن و ﻣﻜﻠﻤﻮن ﻓﺈن ﻳﻚ ﻓﺄﻧﺖ ﻣﻨﻬﻢ ﻳﺎ ﻋﻤﺮ و ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻗﺼﺔ ﺳﺎرﻳﺔ و هﻮ ﻳﻨﺎدﻳﻪ ﻋﻠﻰ‬
‫ﻣﻨﺒﺮﻩ ﻳﺎ ﺳﺎرﻳﺔ و ﺳﺎرﻳﺔ ﺣﻴﻨﺌﺬ ﻓﻲ ﻧﻬﺎوﻧﺪ ﻓﻲ ﻗﺘﺎل أﻋﺪاء اﷲ و أﺳﻤﻌﻪ اﷲ ﺻﻮﺗﻪ و ﻣﻦ ذﻟﻚ‬
‫ﻣﺎ روي أن رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ و ﺳﻠﻢ ﺑﻌﺚ اﻟﻌﻼء ﺑﻦ اﻟﺤﻀﺮﻣﻲ ﻓﻲ ﻏﺰاة ﻓﺤﺎل‬
‫ﺑﻴﻨﻬﻢ وﺑﻴﻦ اﻟﻤﻮﺿﻊ ﻗﻄﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﺤﺮ ﻓﺪﻋﻰ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﺈﺳﻤﻪ اﻷﻋﻈﻢ ﻓﻤﺸﻮا ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺎء و ﻣﻦ‬
‫ذﻟﻚ اﻟﺤﺪﻳﺚ اﻟﺼﺤﻴﺢ رب أﺷﻌﺚ أﻏﺒﺮ ذي ﻃﻤﺮﻳﻦ ﻻ ﻳﻌﺒﺄ ﺑﻪ ﻟﻮ أﻗﺴﻢ ﻋﻠﻰ اﷲ ﻷﺑﺮﻩ و هﺬﻩ‬
‫اﻷﺧﺒﺎر ﺣﺬﻓﻨﺎ أﺳﺎﻧﻴﺪهﺎ ﻟﺸﻬﺮﺗﻬﺎ و ﺻﺤﺘﻬﺎ و اﻻﺳﺘﻘﺼﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺟﺎء ﻣﻨﻬﺎ وﺻﺢ ﻣﻦ‬
‫آﺮاﻣﺎت اﻷوﻟﻴﺎء و ﻋﺠﺎﺋﺐ أﺣﻮاﻟﻬﻢ و ﻏﺮاﺋﺐ ﻣﻮاهﺒﻬﻢ ﻣﺎ ﻳﺆدي إﻟﻰ اﻹآﺜﺎر واﻹﺿﺠﺎر و‬
‫ﻟﻴﺲ هﻮ اﻟﻘﺼﺪ هﺎ هﻨﺎ و إﻧﻤﺎ اﻟﻘﺼﺪ إﻗﺎﻣﺔ اﻟﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺻﺤﺔ آﺮاﻣﺎﺗﻬﻢ و وﺟﻮد ﻣﻜﺎﺷﻔﺎﺗﻬﻢ‬
‫ﻻ ﻟﻘﻮل اﻟﻼﺣﺪﻳﻦ وآﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ إﻧﻜﺎر ذﻟﻚ و ﻗﺪ ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ‬ ‫إرﻏﺎﻣًﺎ ﻟﻠﺠﺎﺣﺪﻳﻦ و إﺑﻄﺎ ً‬
‫اﷲ ﻋﻠﻴﻪ و ﺳﻠﻢ إﺗﻘﻮا ﻓﺮاﺳﺔ اﻟﻤﺆﻣﻦ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻨﻈﺮ ﺑﻨﻮر اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ و ﻗﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﴿ إن ﻓﻲ ذﻟﻚ‬
‫ﺢ ﻋﻦ ﻋﺜﻤﺎن رﺿﻰ اﷲ ﻋﻨﻪ أﻧﻪ‬ ‫ﻵﻳﺎت ﻟﻠﻤﺘﻮﺳﻤﻴﻦ﴾ ﻗﺎل أهﻞ اﻟﺘﻔﺴﻴﺮ أي اﻟﻤﺘﻔﺮﺳﻴﻦ و ﻗﺪ ﺻ ﱠ‬
‫ﻲ أﺣﺪآﻢ و ﺁﺛﺎر اﻟﺰﻧﺎ ﻓﻲ‬
‫دﺧﻞ ﻋﻠﻴﻪ إﻧﺴﺎن و ﻗﺪ ﻧﻈﺮ اﻟﻰ إﻣﺮأة ﻓﻲ اﻟﺴﻮق ﻓﻘﺎل ﻳﺪﺧﻞ ﻋﻠ ﱠ‬
‫ﻋﻴﻨﻴﻪ ﻓﻘﺎل أوﺣﻲ ﺑﻌﺪ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ و ﺳﻠﻢ ﻗﺎل ﻻ و ﻟﻜﻦ ﻟﻠﻤﺆﻣﻦ ﻓﺮاﺳﺔ ﺻﺎدﻗﺔ‬
‫ﻓﻼ ﻳﻨﻜﺮ ذﻟﻚ إﻻ ﻃﺎﻋﻦ ﻋﻠﻰ آﺘﺎب اﷲ وﺳﻨﱠﺔ رﺳﻮﻟﻪ و ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻜﺎﺷﻔﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ رﺿﻲ‬
‫اﷲ ﻋﻨﻬﻢ أﺟﻤﻌﻴﻦ‪.‬‬
‫*ﻓﺼــﻞ*‬
‫ﻻ ﻟﻤﻦ ﺻﻔﺖ أوﺻﺎﻓﻪ و ﺻﻔﺖ أﺣﻮاﻟﻪ و‬ ‫و إﻋﻠﻢ أن هﺬﻩ اﻷوﺻﺎف اﻟﺸﺮﻳﻔﺔ ﻻ ﺗﻜﻮن إ ﱠ‬
‫ﺧﻠﺼﺖ أﻋﻤﺎﻟﻪ و ﺻﺪﻗﺖ أﻗﻮاﻟﻪ و ﻗﺼﺮت ﺁﻣﺎﻟﻪ و ﻗﺎم ﺑﻤﺎ ﻋﻠﻴﻪ و ﺗﺮك ﻣﺎﻟﻪ و ﻻ ﻳﺘﺸﻮﱠق اﻟﻰ‬
‫ذﻟﻚ و ﻻ ﻳﺴﺘﺪﻋﻴﻪ و ﻻ ﻳﺘﻌﺎﻃﺎﻩ و ﻻ ﻳﺪﻋﻴﻪ و ﻻ ﻳﻈﻬﺮ ﻣﻦ اﻟﺨﻴﺮ ﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻪ و ﻻ ﻳﻜﺘﻢ ﻣﻦ‬
‫ن اﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﻻ ﺗﺜﺒﺖ ﺑﺎﻟﺪﻋﺎوى و اﻷﻣﺎﻧﻲ ﻻ ﺗﻨﺎل ﺑﺎﻟﺘﻮاﻧﻲ و إﻧﻤﺎ اﻟﻤﻌﺎﻧﻲ‬‫ﺣﺎﻟﻪ ﻣﺎ اﷲ ﻣﺒﺪﻳﻪ ﻓﺈ ﱠ‬
‫ﺗﺤﺼﻞ ﺑﺎﻟﺘﻘﻮى و اﻟﺼﺒﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻠﻮى و اﻟﺘﻮآﻞ ﻋﻠﻰ اﷲ ﻓﻲ اﻟﺴﺮ و اﻟﻨﺠﻮى ﻓﻤﻦ إﺗﻘﻰ‬
‫إرﺗﻘﻰ و إﻻ هﺒﻂ ﻓﻲ ﻣﻬﺎوي اﻟﺸﻘﺎء و أﻣﺎ ﻣﻦ ﻇﻬﺮ ﻣﻦ ﺟﻬﺎل اﻟﻄﺮﻳﻖ و ﺑﺮز ﺑﺎﻟﻌﺪول ﻋﻦ‬
‫اﻟﺘﺤﻘﻴﻖ و ﺗﻘﺸﻒ ﺑﻘﺸﻒ أهﻞ اﻟﺘﺠﺮﻳﺪ واﻟﺘﻤﺰﻳﻖ ﺣﺘﻰ أوﻗﻌﻮا ﻋﻘﻮل اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﺮج و‬
‫ﻻ‬
‫ﻻ اﻷﺧﺴﺮون أﻋﻤﺎ ً‬ ‫اﻟﻀﻴﻖ و هﻮوا ﺑﺄهﻮاﺋﻬﻢ ﻓﻲ ﻣﻜﺎن ﺳﺤﻴﻖ ﻓﺄوﻟﺌﻚ هﻢ واﷲ اﻷﺳﻮؤن ﺣﺎ ً‬
‫اﻟﺬﻳﻦ ﺿﻞ ﺳﻌﻴﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺪﻧﻴﺎ وهﻢ ﻳﺤﺴﺒﻮن أﻧﻬﻢ ﻳﺤﺴﻨﻮن ﺻﻨﻌًﺎ و ﻟﻘﺪ ﺳﺌﻠﺖ ﻋﻦ اﻟﻔﻘﻴﺮ‬
‫ﻦ‬
‫اﻟﺼﺎدق و ﻣﺎ ﺻﻔﺘﻪ ﻓﻘﻠﺖ أﻳﻬﺎ اﻟﻤﺮاﺋﻲ ﺑﺎﻟﻠﺒﺎس اﻟﻤﺴﺎوي ﺑﻴﻦ اﻟﺤﻖ و اﻟﺒﺎﻃﻞ ﺑﺎﻹﻟﺘﺒﺎس أﺗﻈ ﱡ‬
‫أن اﻟﺘﻜﺤﻞ آﺎﻟﻜﺤﻞ ﻓﻲ اﻟﻘﻴﺎس أو ﺗﻌﺘﻘﺪ أن ﻣﻦ أﺳﺲ ﺑﻨﻴﺎﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﻮى اﷲ و رﺿﻮان آﻤﻦ‬
‫ﺑﻨﻰ ﺑﻼ أﺳﺎس ﺗﺒًﺎ ﻟﻘﻮ ٍم ﺻﺮﻓﺘﻬﻢ اﻟﻨﻔﻮس ﻋﻦ اﻟﻤﻨﻔﻮس وﻗﻠﺒﻬﻢ اﻟﻤﺤﺴﻮس اﻟﻰ اﻟﺮأي‬
‫اﻟﻤﻌﻜﻮس ورﺿﻮا ﻣﻦ اﻟﻔﻘﺮ ﺑﺤﻠﻖ اﻟﺮؤوس و ﺗﺮﻗﻴﻊ اﻟﻤﻠﺒﻮس و إﻗﺘﺼﺮوا ﻣﻦ اﻟﻌﺒﺎدة ﻋﻠﻰ‬
‫ﺣﻤﻞ اﻟﺴﺠﺎدة و ﻣﻦ اﻟﺰهﺎدة ﻋﻠﻰ ﺗﺨﺸﻴﻦ اﻟﻮﺳﺎدة أﻗﺮوا ﺑﺎﻟﺘﻮﺑﺔ و أﺻﺮوا ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻮﺑﺔ و‬
‫ﺣﻤﻠﻮا اﻟﺴﺒﺤﺔ ﻟﻠﻤﺪﺣﺔ و ﻟﺒﺴﻮا اﻟﻄﺎﻗﻴﺔ ﻟﻠﺘﻘﻴﺔ و إﻋﺘﻤﺪوا ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻜﺎز ﻟﻴﻘﺎل أﻧﻪ ﻓﺎز وﺳﺒﺤﻮا‬
‫ﻟﻴﻤﺪﺣﻮا و ذآﺮوا ﻟﻴﺬآﺮوا و ﺻﻠﻮا ﻟﻴﻮﺻﻠﻮا و ﺻﺎﻣﻮا ﻟﻴﺼﺎﻧﻮا إﺟﺘﻤﻌﻮا ﻟﻠﺒﺪﻋﺔ و إﺳﺘﻤﻌﻮا‬
‫‪46 ‬‬
‫‪ ‬‬
‫ﻟﻠﺴﻤﻌﺔ و ﺧﺸﻌﻮا ﻟﻠﺮﻓﻌﺔ ﻓﺘﻄﻮﻋﻬﻢ ﻟﻠﻄﻤﻊ ﻻ ﻟﻠﻮرع وﺗﺨﺸﻌﻬﻢ ﻟﻠﺮﺋﺎﺳﺔ ﻻ ﻟﻠﺴﻴﺎﺳﺔ إن‬
‫ﺻﺤﺒﻮا ﻣﻠﻮا وإن وهﺒﻮا ﻏﻠﻮا وإن ﺣﻮﻗﻘﻮا ﻗﻠﻮا و إن ﻧﻮﻗﺸﻮا ذﻟﻮا و إن أﻋﻄﻮا آﺘﻤﻮا وإن‬
‫ﻣﻨﻌﻮا ﺷﺘﻤﻮا و إن أﺧﺬوا اﻟﻤﺎل ﻟﺤﻖ ﺣﻘﻪ ﻗﺎﻟﻮا ﺗﻤﺘﻌﻨﺎ ﺑﺮزﻗﻪ و إن ﺻﺎﻟﻮا ﻋﻠﻰ أﺣﺪ ﻣﻦ ﺧﻠﻘﻪ‬
‫ﻗﺎﻟﻮا ﺻﻮﻟﺔ ﺑﺤﻘﻪ إﻋﺘﻘﺪوا أن اﻟﺮﺗﺒﺔ ﻣﺜﺒﺘﺔ و إﻋﺘﻤﺪوا ﻋﻠﻰ أن اﻟﻐﻴﺒﺔ ﻃﻴﺒﺔ و إن ﺟﺎدﻟﻮا ﺑﻐﻴﺮ‬
‫ﻋﻠﻢ ﻗﺎﻟﻮا ﻓﺘﺤًﺎ و إن ﺧﺮﺟﻮا ﻋﻦ اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻗﺎﻟﻮا ﺷﻄﺤًﺎ ﻓﻮاﻟﺬي أذل اﻟﻤﻠﻮك و أﻋ ﱠﺰ اﻟﻌﺒﺪ‬
‫اﻟﻤﻤﻠﻮك و هﻴﺄ اﻟﺴﺎﻟﻚ ﻟﻠﺴﻠﻮك ﻻ ﻳﻘﺒﻞ ﻓﻘﺮك إن ﻟﻢ ﺗﺮآﻦ إﻟﻴﻪ و ﻻ ﻳﺮﻓﻊ ﻗﺪرك إن ﻟﻢ ﺗﺘﻀﻊ‬
‫ﻟﺪﻳﻪ وﻻ ﻳﻔﻴﺪ دﻟﻮﻗﻚ إن ﻟﻢ ﺗﻠﺞ ﻣﻦ أﻓﻖ اﻟﺘﻮﻓﻴﻖ ﺑﺮوﻗﻚ وﻻ ﺗﺴﻤﻊ دﻋﻮاك ﺣﺘﻰ ﺗﻘﻮم ﺑﻴﻨﺔ‬
‫ﻣﻌﻨﺎك و ﻻ ﺗﻘﺒﻞ ﻃﻮاﻗﻴﻚ ﻣﻊ وﺟﻮد ﺑﻮاﻗﻴﻚ وﻻ ﻳﻨﺘﻔﻊ ﺑﺘﺴﺒﻴﺤﻚ ﻣﻊ وﺟﻮد ﺗﻘﺒﻴﺤﻚ و ﻻ ﻳﻘﻮم‬
‫ﺗﺠﺮﻳﺪك ﺑﺘﺒﺪﻳﺪك و ﻻ ﺗﺰهﻴﺪك ﺑﺘﻔﻨﻴﺪك وﻻ ﺗﻤﺰﻳﻘﻚ ﺑﺘﺰوﻳﻘﻚ وﻋﺎر ﻋﻠﻴﻚ أن ﺗﻤﺰق اﻟﺨﺮق‬
‫ﻗﺒﻞ أن ﺗﻤﺰﻗﻘﻚ اﻟﺤﺮق ﻟﻜﻦ ﻇﻠﻤﺔ ﻧﻔﺴﻚ ﺗﺤﺠﺐ ﺷﻤﺲ ﻗﺪﺳﻚ وﻣﺄﻟﻮف ﺣﺴﻚ ﻳﻮﺣﺸﻚ ﻣﻦ‬
‫ﺣﻀﺮة أﻧﺴﻚ و دﺧﺎن ﺧﻴﺎﻟﻚ ﻳﺴﻮد وﺟﻪ ﺟﻼﻟﻚ و ﻋﻮاﺻﻒ ﻓﺨﺮك ﺗﻨﺴﻒ ﺟﺒﺎل ﻓﻘﺮك ﺗﺄآﻞ‬
‫أآﻞ اﻟﺒﻬﻴﻢ و ﺗﺸﺮب ﺷﺮب اﻟﻬﻴﻢ و ﺗﺘﺨﻠﻖ ﺑﺎﻟﺨﻠﻖ اﻟﺬﻣﻴﻢ وﻟﻴﺲ هﺬا هﻮ اﻷﻣﺮ اﻟﻘﻮﻳﻢ و ﻻ‬
‫اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﻤﺴﺘﻘﻴﻢ و إﻧﻤﺎ اﻟﻤﺮاد ﺻﺪق اﻟﻄﻠﺐ و ﺣﺴﻦ اﻻدب و ﺣﺴﻦ اﻟﺘﺮﺑﻴﺔ و ﻟﻮ ﻟﺒﺲ‬
‫اﻻﻗﺒﻴﺔ و اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺎﻷواﻣﺮ و ﻟﻮ أﻧﻪ أﻣﻴﺮ ﺁﻣﺮ و ﺗﻤﺰﻳﻖ اﻟﻨﻔﻮس ﻗﺒﻞ ﺗﻤﺰﻳﻖ اﻟﻤﻠﺒﻮس و ﺗﺼﻔﻴﺔ‬
‫اﻟﻘﻠﻮب ﻗﺒﻞ ﺗﻨﻘﻴﺔ اﻟﺠﻴﻮب و اﻟﺸﺮوع ﻓﻲ اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻗﺒﻞ اﻟﺸﺮوع ﻓﻲ اﻟﺸﻴﻌﺔ و اﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻓﻲ‬
‫اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻗﺒﻞ اﻟﺠﻮاز ﻓﻲ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﻳﻨﺎل اﻟﺜﻮاب ﺑﺘﺮﻗﻴﻊ اﻷﺛﻮاب و ﻻ ﻳﺮﺗﻔﻊ اﻟﺤﺠﺎب ﻟﻤﻦ‬
‫ﻳﺤﻀﺮ ﻓﻲ ﺛﻴﺎب اﻹﻋﺠﺎب و ﻻ ﻳﺠﻠﺲ ﻋﻠﻰ ﻣﻮاﺋﺪ اﻷﺣﺒﺎب ﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﺬق ﻟﺒﺎب أوﻟﻲ اﻷﻟﺒﺎب و‬
‫ﻻ ﻳﺴﻠﻚ ﻃﺮﻳﻖ اﻹﻳﺠﺎب اﻻ ﻟﻤﻦ أﺟﺎب و ﻻ ﻳﺜﺒﺖ اﻟﻤﻘﺎم إﻻ ﻟﻤﻦ إﺳﺘﻘﺎم و ﻻ ﻳﺼﺢ اﻟﺤﺎل‬
‫ﻟﻤﺪﻋﻲ ﻣﺤﺎل و ﻻ ﻳﺮﺗﻘﻲ اﻟﻰ ذﻟﻚ اﻟﻔﻨﺎء اﻻ ﻟﻤﻦ ﻗﺪ ﺑﻘﻲ ﻓﻲ اﻟﻔﻨﺎء و ﻻ ﺗﺼﺤﺢ اﻻرادة إﻻ‬
‫ﺑﺘﺮك اﻟﻤﺎدة و ﻻ ﻳﻌﺮف اﻟﻤﻌﺮوف إﻻ ﺑﺘﺮك اﻟﻤﺄﻟﻮف و ﻻ ﻳﻌﺮف اﻟﺘﻔﺮﻗﺔ و اﻟﺠﻤﻊ إﻻ ﻣﻦ‬
‫ﻋﻠﻢ ﺣﻘﻴﻘﺔ اﻟﺸﺮع و ﻻ ﺗﻨﺎل اﻟﻜﺮاﻣﺔ إﻻ ﻣﻦ ﻗﺎل ﻟﻠﻜﺮى ﻣﻪ و ﻻ ﺗﻈﻬﺮ اﻟﻜﺸﻮف ﻟﻤﻦ أﻋﻤﺎﻟﻪ‬
‫زﻳﻮف و ﻻ ﺗﺼﺪق اﻟﻔﺮاﺳﺔ ﻟﻤﻦ ﻃﻠﺐ اﻟﺮﻳﺎﺳﺔ و ﻻ ﻳﺨﺘﺺ ﺑﺎﻟﺤﻀﻮر ﻣﻦ إرﺗﻜﺐ اﻟﻤﺤﻈﻮر‬
‫و ﻻ ﻳﺼﺢ اﻟﻮﺟﺪ و اﻟﻤﻮﺟﻮد إﻻ ﻟﻤﻦ ﺟﺎد ﺑﺎﻟﻤﻮﺟﻮد آﻴﻒ ﻳﻨﺴﺦ اﻟﻀﻴﺎء ﺑﺎﻟﻀﺒﺎب آﻴﻒ ﻳﻐﻨﻲ‬
‫اﻟﺴﺮاب ﻋﻦ اﻟﺸﺮاب آﻴﻒ ﻳﻌﺮف ذوق اﻟﺸﺮاب ﻣﻦ ﻗﻠﺒﻪ ﺧﺮاب آﻴﻒ ﻳﺼﻞ اﻟﻰ اﻻﻋﺘﺎب ﻣﻦ‬
‫هﻮ اﻵن ﻣﺎ ﺗﺎب آﻴﻒ ﺗﻘﺒﻞ ﺗﻮﺑﺔ اﻟﻜﺬاب و هﻮ ﻣﻦ ﺧﻮف ﻟﻠﻌﺬاب ﻣﺎ ذاب آﻴﻒ ﻳﻔﺘﺢ اﻟﺒﺎب‬
‫ﻟﻤﻦ هﻮ ﻏﺎﺋﺐ ﻣﺎ ﺁب آﻴﻒ ﻳﺴﻤﻊ اﻟﺨﻄﺎب ﻣﻦ هﻮ ﻣﻦ اﻟﺨﺒﺚ ﻣﺎ ﻃﺎب آﻴﻒ ﻳﺸﺎهﺪ اﻷﺣﺒﺎب‬
‫ﻣﻦ هﻮ ﻣﺤﺴﻮب ﻓﻲ اﻟﻐﻴﺎب‪.‬‬
‫و ﻗﻠﺖ ﻓﻲ ﻣﻌﻨﻰ ذﻟﻚ‪:‬‬
‫ﻻ ﺑﺎﻟﺪﻟﻮق و ﻻ ﺑﺎﻟﻌﺠﺐ و اﻟﺼﻠﻒ‬ ‫ﺑﺎﻟﺬوق و اﻟﺸﻮق ﻧﺎﻟﻮا ﻋﺰة اﻟﺸﺮف‬
‫ﺑﻬﺎ ﺗﺨﻠﻘﺖ اﻷﺟﺴﺎد ﻓﻲ اﻟﻨﻄﻒ‬ ‫و ﻣﺬهﺐ اﻟﻘﻮم أﺧﻼق ﻣﻄﻬﺮة‬
‫و أﻧﻔﺲ ﺗﻘﻄﻊ اﻷﻧﻔﺎس ﺑﺎﻟﻠﻬﻒ‬ ‫ﺻﺒﺮ وﺷﻜﺮ و إﻳﺜﺎر و ﻣﺨﻤﺼﺔ‬
‫‪47 ‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫آﻤﺎ ﻣﻀﺖ ﺳﻨﺔ اﻻﺧﻴﺎر و اﻟﺴﻠﻒ‬
‫و ﺳﻠﻤﻮا ﻋﺮض اﻻﺷﺒﺎح ﻟﻠﺘﻠﻒ‬
‫و ﻻ اﻟﺘﻜﻠﻒ ﻓﻲ ﺷﻲء ﻣﻦ اﻟﻜﻠﻒ‬
‫آﺎﻟﺪر ﻣﺎ ﺿﺮﻩ ﻣﺨﻠﻮق اﻟﺼﺪف‬
‫ﺣﺘﻰ ﺗﺨﻠﻔﺖ ﻓﻲ ﺧﻠﻒ ﻣﻦ اﻟﺨﻠﻒ‬
‫ﺑﺎﻟﺰور واﻟﺒﻬﺖ واﻟﺒﻬﺘﺎن واﻟﺤﻠﻒ‬
‫آﻼ و ﻻ اﻟﻔﻘﺮ رؤﻳﺎ دﻟﻘﻚ اﻟﺘﺮف‬
‫و ﺗﺤﺘﻬﺎ ﻣﻮﺑﻘﺎت اﻟﻜﺒﺮ و اﻟﺴﺮف‬
‫ﻋﻜﻮﻓﻬﺎ آﻌﻜﻮف اﻟﻜﻠﺐ ﻓﻲ اﻟﺠﻴﻒ‬
‫ﻓﺈرﻓﻊ ﺣﺠﺎﺑﻚ ﺗﺠﻠﻮ ﻇﻠﻤﺔ اﻟﺼﺪف‬
‫و ﻏﺐ ﻋﻦ اﻟﺤﺴﻦ و إﺟﻠﺐ دﻣﻌﺔ اﻷﺳﻒ‬
‫و اﻋﺮف ﻣﺤﻠﻚ ﻣﻦ إﻳﺎك و إﻋﺘﺮف‬
‫و ﺣﻮل آﻌﺒﺔ ﻋﺮﻓﺎن اﻟﺼﻔﺎ ﻓﻄﻒ‬
‫و ﻋﺪ إﻟﻰ ﺣﺎﻧﺔ اﻻذآﺎر آﺎﻟﺼﺤﻒ‬
‫وﺻﻞ اﻟﺤﺒﻴﺐ و ﺻﻒ ﻣﺎ ﺷﺌﺖ و‬
‫آﺄس اﻟﺘﺠﻠﻲ ﻓﺨﺬ ﺑﺎﻟﻄﺎس و إﻏﺘﺮف‬
‫ي ﻓﻮا أﺳﻔﻲ‬
‫ﻓﺈن رﺟﻌﺖ ﺑﻼ ر ّ‬
‫ﻦ ﻓﻲ ﻣﻌﻨﻰ ذﻟﻚ أﺧﺘﻢ ﺑﻬﻦ اﻟﻜﺘﺎب واﷲ اﻟﻤﻮﻓﻖ‬
‫وﻗﺪ أﺿﻔﺖ اﻟﻰ هﺬﻩ اﻵﻳﺎت أﺑﻴﺎﺗ ًﺎ ﻗﻠﺘﻬ ﱠ‬
‫زﻣﺮ ﻣﻦ اﻷوﺑﺎش واﻷﻧﺪال‬
‫ﺳﺎروا وﻟﻜﻦ ﺳﻴﺮة اﻟﺒﻄﺎل‬
‫آﺘﻘﺸﻒ اﻷﻗﻄﺎب و اﻷﺑﺪال‬
‫و اﻟﺰهﺪ ﻓﻲ آﻞ ﻓﺎن ﻻ ﺑﻘﺎء ﻟﻪ‬
‫ﻗﻮم ﻟﺘﺼﻔﻴﺔ اﻷرواح ﻗﺪ ﻋﻤﺪوا‬
‫ﻻ ﺑﺎﻟﺘﺨﻠﻒ ﻓﻲ اﻟﻤﻌﺮوف ﺗﻌﺮﻓﻬﻢ‬
‫ﻣﺎ ﺿﺮهﻢ رث أﺛﻮاب وﻻ ﺧﻠﻖ‬
‫وا ﺷﻘﻮﺗﻲ إذ ﺗﻮﻟﺖ أﻣﺔ ﺳﻠﻔﺖ‬
‫ﻳﻨﻤﻘﻮن ﻣﺰاوﻳﺮ اﻟﻐﺮور ﻟﻨﺎ‬
‫ﻟﻴﺲ اﻟﺘﺼﻮف ﻋﻜﺎزًا و ﻣﺴﺒﺤﺔ‬
‫و إن ﺗﺮوح و ﺗﻐﺪو ﻓﻲ ﻣﻮﻗﻌﺔ‬
‫و ﺗﻈﻬﺮ اﻟﺰهﺪ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﻴﺎ و أﻧﺖ ﻋﻠﻰ‬
‫اﻟﻔﻘﺮ ﺳﺮ وﻋﻨﻚ اﻟﻨﻔﺲ ﺗﺤﺠﺒﻪ‬
‫ﺲ‬
‫و ﻓﺎرق اﻟﺤﺲ و إﻓﻦ اﻟﻨﻔﺲ ﻓﻲ ﻧﻔ ٍ‬
‫و إﺧﻀﻊ ﻟﻪ و ﺗﺬﻟﻞ إن دﻋﻴﺖ ﻟﻪ‬
‫و ﻗﻒ ﻋﻠﻰ ﻋﺮﻓﺎت اﻟﺬل ﻣﻨﻜﺴﺮًا‬
‫و إدﺧﻞ اﻟﻰ ﺧﻠﻮة اﻻﻓﻜﺎر ﻣﺒﺘﻜﺮًا‬
‫و إﺗﻞ اﻟﻤﺜﺎﻧﻲ و آﺮر إن ﻋﺰﻣﺖ ﻋﻠﻰ‬
‫إﺗﺼﻒ‬
‫و إن ﺳﻘﺎك ﻣﺪﻳﺮ اﻟﺮاح ﻣﻦ ﻳﺪﻩ‬
‫ﻓﺈﺷﺮب و ﻏﻦ و ﻻ ﺗﻤﻨﻊ ﻟﺬي ﻇﻤﺄ‬
‫ﻟﻠﺼﻮاب‪:‬‬
‫ذهﺐ اﻟﺮﺟﺎل و ﺟﺎل دون ﻣﺠﺎﻟﻬﻢ‬
‫زﻋﻤﻮا ﺑﺄﻧﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺁﺛﺎرهﻢ‬
‫ﻟﺒﺴﻮا اﻟﺪﻟﻮق ﻣﺮﻗﻌًﺎ و ﺗﻘﺸﻔﻮا‬

‫‪48 ‬‬
‫‪ ‬‬
 ‫ﺳﺒﻞ اﻟﻬﺪى ﺑﺠﻬﺎﻟﺔ و ﺿﻼل‬
‫و ﺣﺸﻮا ﺑﻮاﻃﻨﻬﻢ ﻣﻦ اﻷذﻏﺎل‬
‫هﻤﺰوك هﻤﺰ اﻟﻤﻨﻜﺮ اﻟﻤﺘﻌﺎل‬
‫ﻋﻦ ﺳﺮ ﺳﺮي ﻋﻦ ﺻﻔﺎ أﺣﻮاﻟﻲ‬
‫ﻋﻦ ﺟﻠﻮﺗﻲ ﻋﻦ ﺷﺎهﺪي ﻋﻦ ﺣﺎﻟﻲ‬
‫ﻋﻦ ذات ذاﺗﻲ ﻋﻦ ﺻﻔﺎت ﻓﻌﺎﻟﻲ‬
‫اﻟﻘﺎب زور ﻧﻤﻘﺖ ﺑﻤﺤﺎل‬
‫ﺑﻄﺮاﺋﻖ اﻟﺠﻬﺎل و اﻟﻀﻼل‬
‫ﺷﻄﺤًﺎ و ﺻﺎﻟﻮا ﺻﻮﻟﺔ اﻻذﻻل‬
‫آﺘﺨﺎدع اﻟﻤﺘﻠﺼﻠﺺ اﻟﻤﺤﺘﺎل‬
‫ﻣﺘﺴﺘﺮﻳﻦ ﺑﺼﻮرة اﻷﺷﻜﺎل‬
‫و اﻟﺬاآﺮون اﷲ ﻓﻲ اﻵﺻﺎل‬
‫اﻟﻨﺎﻃﻘﻴﻦ ﺑﺄﺻﺪق اﻷﻗﻮال‬
‫اﻟﻤﺆﺛﺮﻳﻦ ﺑﺨﺎﻟﺺ اﻷﻣﻮال‬
‫ﻋﻤﻠﻮا ﻟﻘﺼﺪ ﻣﺮاء وﻻ ﻟﺠﺪال‬
‫وﺟﺪوا و ﻣﺎ ﺑﺨﻠﻮا ﺑﻔﻀﻞ ﻧﻮال‬
‫ﺻﺪ اﻟﺠﻬﻮل ﺑﺎدوﻩ ﺑﺎﻹﺟﻤﺎل‬
‫و ﺣﻨﻴﻨﻬﻢ ﺑﺘﻀﺮع وﺳﺆال‬
‫ﻣﺜﻞ اﻧﻬﻤﺎل اﻟﻮاﺑﻞ اﻟﻬﻄﺎل‬
‫آﺘﻔﺎوت اﻟﻌﻤﺎل ﻓﻲ اﻷﻋﻤﺎل‬
‫و وﺟﻮدهﻢ ﻓﻲ اﻟﺠﻮد آﺎﻷﺑﻄﺎل‬
‫ﻟﻬﻢ اﻟﻤﻠﻮك ﺑﻌﺰة اﻹﻗﺒﺎل‬
‫‪49 ‬‬
‫‪ ‬‬
‫ﻗﻄﻌﻮا ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺴﺎﻟﻜﻴﻦ و أﻇﻠﻤﻮا‬
‫ﻋﻤﺮوا ﻇﻮاهﺮهﻢ ﺑﺄﺛﻮاب اﻟﺘﻘﻰ‬
‫إن ﻗﻠﺖ ﻗﺎل اﷲ ﻗﺎل رﺳﻮﻟﻪ‬
‫و ﻳﻘﻮل ﻗﻠﺒﻲ ﻗﺎل ﻟﻲ ﻋﻦ ﺳﺮﻩ‬
‫ﻋﻦ ﺣﻀﺮﺗﻲ ﻋﻦ ﻓﻜﺮﺗﻲ ﻋﻦ ﺧﻠﻮﺗﻲ‬
‫ﻋﻦ ﺻﻔﻮ وﻗﺘﻲ ﻋﻦ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺣﻜﻤﺘﻲ‬
‫دﻋﻮى إذا ﺣﻘﻘﺘﻬﺎ أﻟﻘﻴﺘﻬﺎ‬
‫ﺗﺮآﻮا اﻟﺸﺮاﺋﻊ و اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ و إﻗﺘﺪوا‬
‫ﺟﻌﻠﻮا اﻟﻤﺮاء ﻓﺘﺤًﺎ و أﻧﻮاع اﻟﺨﻄﺎ‬
‫و ﺗﺮﺻﺪوا اآﻞ اﻟﺤﺮام ﺗﺨﺎدﻋ ًﺎ‬
‫ﻓﻬﻨﺎك ﻃﺎب اﻟﻤﺨﻠﺼﻮن و أﺻﺒﺤﻮا‬
‫ﻓﻬﻢ ﺧﻮاص اﷲ اهﻞ ودادﻩ‬
‫اﻟﻘﺎﻧﺘﻴﻦ اﻟﻤﻤﺨﺒﺘﻴﻦ ﻟﺮﺑﻬﻢ‬
‫اﻟﺘﺎرآﻴﻦ ﺣﻈﻮﻇﻬﻢ و ﻧﻔﻮﺳﻬﻢ‬
‫ﻣﺎ ﺷﺄﻧﻬﻢ ﻓﻲ ﺷﺄﻧﻬﻢ دﻋﻮى و ﻻ‬
‫ﻋﻤﻠﻮا ﺑﻤﺎ ﻋﻠﻤﻮا و ﺟﺎدوا ﺑﺎﻟﺬي‬
‫ﻳﻤﺸﻮن ﺑﻴﻦ اﻟﻨﺎس هﻮﻧًﺎ آﻠﻤﺎ‬
‫و إذا ﺑﺪا ﻟﻴﻞ ﺳﻤﻌﺖ أﻧﻴﻨﻬﻢ‬
‫و ﻋﻴﻮﻧﻬﻢ ﺗﺠﺮي ﺑﻔﻴﺾ دﻣﻮﻋﻬﻢ‬
‫ﻣﺘﻔﺎوﺗﻴﻦ ﺑﻘﺮﺑﻬﻢ و ﺑﺤﺒﻬﻢ‬
‫ﻓﻲ اﻟﻠﻴﻞ رهﺒﺎن ﻟﺨﺪﻣﺔ رﺑﻬﻢ‬
‫ﺗﺎهﻮا ﻋﻠﻰ آﻞ اﻟﻤﻠﻮك و إﻧﻬﻢ‬
 ‫وﻟﺪى اﻟﻤﻠﻴﻚ هﻮ اﻟﻌﺰﻳﺰ اﻟﻐﺎﻟﻲ‬
‫وﺑﻬﺎ أﺷﻌﺔ ﻧﻮرﻩ اﻟﻤﺘﻼﻟﻲ‬
‫ﺷﻌﺚ اﻟﺮؤوس ﻟﺮوﻋﺔ اﻻهﻮال‬
‫ذات اﻟﻴﻤﻴﻦ ﺑﻬﺎ وذات ﺷﻤﺎل‬
‫و اﻟﻔﺮش و اﻟﻌﺮش اﻟﺮﻓﻴﻊ اﻟﻌﺎﻟﻲ‬
‫ﺷﻐﻠﻮا ﺑﻪ ﻋﻦ ﺳﺎﺋﺮ اﻻﺷﻐﺎل‬
‫إﻻ وﺻﻠﺖ ﺣﺒﺎﻟﻬﻢ ﺑﺤﺒﺎﻟﻲ‬
‫ﻋﻦ ﻗﺼﺪهﻢ وا ﺧﻴﺒﺔ اﻵﻣﺎل‬
‫و ﻟﺮب اﺷﻌﺚ ﺣﻘﺮت دﻟﻮﻗﻪ‬
‫ﺑﻮﺟﻮهﻢ أﺛﺮ اﻟﺴﺠﻮد ﻟﺮﺑﻬﻢ‬
‫ﺧﻤﺺ اﻟﺒﻄﻮن ﻟﻤﺎ ﺑﻬﻢ ﻣﻦ ﻓﺎﻗﺔ‬
‫ﻟﻢ ﺗﺨﻞ أرض ﻣﻨﻬﻢ ﻗﺪ ﺣﻜﻤﻮا‬
‫ﺳﻮي ﻟﻬﻢ ﺑﻴﻦ اﻟﺜﺮﻳﺎ واﻟﺜﺮى‬
‫ﻻ ﻳﻨﻈﺮون اﻟﻰ ﺳﻮى ﻣﺤﺒﻮﺑﻬﻢ‬
‫ﻓﺒﻬﻢ اﻟﻴﻚ ﺗﻮﺳﻠﻲ ﻳﺎ ﺳﻴﺪي‬
‫وا ﺧﻴﺒﺔ اﻵﻣﺎل إن أﻗﺼﻴﺘﻨﻲ‬

‫ﺗﻢ اﻟﻜﺘﺎب ﺑﺤﻤﺪﻩ و ﻋﻮﻧﻪ و ﺗﻮﻓﻴﻘﻪ‬

‫و ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻰ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﻣﺤﻤﺪ و ﻋﻠﻰ ﺁﻟﻪ و ﺻﺤﺒﻪ و ﺳﻠﻢ‬

‫‪50 ‬‬
‫‪ ‬‬
51