You are on page 1of 19

‫خطب الشيخ محمد حسان )هل نعرف الله (ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(1‬‬

‫هل نعرف الله ؟‬


‫ن الحمد لله ‪ ،‬نحمده ونســتعينه ونســتغفره ‪ ،‬ونعــوذ‬ ‫إ ّ‬
‫بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ‪ ،‬مــن يهــده‬
‫الله فل مضل له ‪ ،‬ومن يضلل فل هادى لــه ‪ ،‬وأشــهد أن ل‬
‫إله إل الله ‪ ،‬وحده ل شريك له ‪ ،‬وأشهد أن ســيدنا محمــدا ً‬
‫عبده ورسوله ‪.‬‬
‫َ‬
‫ول‬ ‫ه َ‬ ‫قققات ِ ِ‬ ‫ق تُ َ‬ ‫حقق ّ‬ ‫ه َ‬ ‫قوا الل ّ َ‬ ‫مُنوا ات ّ ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫)َيا أي ّ َ‬
‫ن ( آل عمران‪. 102/‬‬ ‫ت َموت ُن إّل َ‬
‫مو َ‬ ‫سل ِ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م ُ‬ ‫وأن ْت ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ ِ‬ ‫ُ‬
‫خل َ َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫مق ْ‬ ‫م ِ‬ ‫قك ُق ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫م ال ّق ِ‬ ‫قوا َرب ّك ُ ُ‬ ‫س ات ّ ُ‬ ‫ها الّنا ُ‬ ‫)َيا أي ّ َ‬
‫جال ً‬ ‫ر َ‬ ‫ما ِ‬ ‫ه َ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ث ِ‬ ‫وب َ ّ‬ ‫ها َ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫ها َز ْ‬ ‫من ْ َ‬ ‫ق ِ‬ ‫خل َ َ‬ ‫و َ‬ ‫ة َ‬ ‫حد َ ٍ‬ ‫وا ِ‬ ‫س َ‬ ‫ف ٍ‬ ‫نَ ْ‬
‫ه‬‫ن ِبقق ِ‬ ‫سققاءَُلو َ‬ ‫ذي ت َ َ‬ ‫ه اّلقق ِ‬ ‫قققوا الّلقق َ‬ ‫وات ّ ُ‬ ‫سققاءً َ‬ ‫ون ِ َ‬ ‫ك َِثيققرا ً َ‬
‫قيبا ً ( النساء‪. 1/‬‬ ‫م َر ِ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫حا َ‬ ‫واْل َْر َ‬ ‫َ‬
‫قول ُققوا َ‬ ‫َ‬
‫ول ً‬ ‫قق ْ‬ ‫و ُ‬
‫ه َ‬ ‫قوا الل ّ ق َ‬ ‫مُنوا ات ّ ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫)َيا أي ّ َ‬
‫م‬ ‫كق ْ‬ ‫فقْر ل َ ُ‬ ‫غ ِ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫مقال َك ُ ْ‬ ‫ع َ‬‫م أَ ْ‬ ‫كق ْ‬ ‫ح لَ ُ‬ ‫صل ِ ْ‬ ‫يُ ْ‬ ‫ديدا ً )‪(70‬‬ ‫س ِ‬ ‫َ‬
‫وزا ً‬ ‫فق ْ‬ ‫فققاَز َ‬ ‫ق قد ْ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ه َ‬ ‫سققول َ ُ‬ ‫وَر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ع الل ّق َ‬ ‫ذُُنوب َك ُ ْ‬
‫ن ي ُطِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬
‫ظيما ً ( الحزاب ‪. 70/71‬‬ ‫ع ِ‬ ‫َ‬
‫أمــا بعــد ‪ ..‬فــإن أصــدق الحــديث كتــاب اللــه ‪ ،‬وخيــر‬
‫الهدى هدى نبينا محمد ‪ ‬وشــر المــور محــدثاتها ‪ ،‬وكــل‬
‫محدثة بدعة ‪ ،‬وكل بدعة ضللة ‪ ،‬وكل ضللة في النار ‪.‬‬
‫ثم أما بعد ‪..‬‬
‫فحيــاكم اللــه أيهــا الخــوة الفضــلء وطبتــم وطــاب‬
‫ممشاكم وتبــوأتم جميعـا ً مــن الجنــة منــزل ‪ ،‬وأســأل اللــه‬
‫الحليم الكريم جل وعل الذي جمعنــي مــع حضــراتكم فــي‬
‫هذا البيت الطيب المبارك علــى طــاعته ‪ ،‬أن يجمعنــا فــي‬
‫الخرة مع سيد الدعاة المصطفى في جنته ودار مقــامته ‪،‬‬
‫إنه ولى ذلك والقادر عليه ‪..‬‬

‫‪1‬‬
‫خطب الشيخ محمد حسان )هل نعرف الله (ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(2‬‬

‫أحبتي في الله هل نعرف الله ؟‬


‫هذا السؤال هو عنوان لقائنا مــع حضــراتكم فــي هــذا‬
‫اليوم الكريــم ‪ ،‬وكعــادتي حــتى ل ينســحب بســاط الــوقت‬
‫سريعا ً من تحت أقدامنا فسوف ينتظــم جــوابي علــى هــذا‬
‫السؤال الذي يبدو غريبا ً لول وهلة في العناصــر المحــددة‬
‫التالية ‪.‬‬
‫أول ً ‪ :‬جدد إيمانك ومعرفتك بالله جل وعل ‪.‬‬
‫ثانيا ً ‪ :‬مع القرآن الكريم في آفاق السماء ‪.‬‬
‫ثالثا ً ‪ :‬مع القرآن الكريم في جنبات الرض ‪.‬‬
‫رابعا ً ‪ :‬مع القرآن الكريم في مراحل خلق النسان ‪.‬‬
‫وأخيرا ً ‪ :‬عتاب مخجل ‪.‬‬
‫فأعرني قلبك وســمعك أيهــا الحــبيب الكريــم ‪ ،‬واللــه‬
‫ن‬ ‫عو َ‬ ‫م ُ‬ ‫سققت َ ِ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫أســأل أن يجعلنــي وإيــاكم ممــن ) اّلقق ِ‬
‫ه‬‫م الّلقق ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫دا ُ‬ ‫هقق َ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ك ال ّ ِ‬ ‫ه ُأول َئ ِ َ‬ ‫سن َ ُ‬‫ح َ‬
‫َ‬
‫نأ ْ‬ ‫عو َ‬ ‫في َت ّب ِ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫و َ‬ ‫ق ْ‬‫ال ْ َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫وُأول َئ ِ َ‬
‫ب( الزمر‪18/‬‬ ‫م أوُلو اْلل َْبا ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ك ُ‬ ‫َ‬
‫أول ‪ :‬جدد إيمانك ومعرفتك بالله جل وعل ‪:‬‬
‫ذي‬ ‫و ال ّ ق ِ‬ ‫ه َ‬ ‫إن اليمان يزيــد وينقــص قــال تعــالى ‪ُ ) :‬‬
‫مانا ً‬ ‫دوا ِإي َ‬ ‫دا ُ‬ ‫ن ل ِي َْز َ‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬‫م ْ‬ ‫ب ال ْ ُ‬ ‫قُلو ِ‬ ‫في ُ‬ ‫ة ِ‬ ‫كين َ َ‬ ‫س ِ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫أ َن َْز َ‬
‫هم ( الفتح‪ 4/‬وقال النبي ‪ ‬في الحديث الــذي‬ ‫مان ِ ِ‬ ‫ع ِإي َ‬ ‫م َ‬ ‫َ‬
‫رواه الطــبراني بســند حســن ‪ " :‬إن اليمــان ليخلــق فــي‬
‫جوف أحدكم كما يخلق الثــوب " أى ‪ :‬كمــا يبلــى الثــوب "‬
‫)‪(1‬‬
‫فاسألوا الله أن يجدد اليمان في قلوبكم"‬
‫فنحن في أمس الحاجة إلى أن نجدد إيماننا ومعرفتنا‬
‫ي‬ ‫حق ّ‬ ‫و ال ْ َ‬ ‫هق َ‬ ‫ه إ ِّل ُ‬ ‫ه ل إ ِل َق َ‬ ‫بالله جل جلله من آن لخر )الل ّ ُ‬
‫فقققي‬ ‫مقققا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫م ل َققق ُ‬ ‫و ٌ‬ ‫ول ن َققق ْ‬ ‫ة َ‬ ‫سقققن َ ٌ‬ ‫خقققذُهُ ِ‬ ‫م ل ت َأ ْ ُ‬ ‫قي ّقققو ُ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ع‬ ‫ف ُ‬ ‫شق َ‬ ‫ذي ي َ ْ‬ ‫ذا ال ّق ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ْ َ‬
‫مق ْ‬ ‫ض َ‬ ‫فققي الْر ِ‬ ‫مققا ِ‬ ‫و َ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫سق َ‬ ‫ال ّ‬
‫خل ْ َ‬ ‫َ‬
‫ول‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ف ُ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫دي ِ‬‫ن أي ْ ِ‬ ‫ما ب َي ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫عل َ ُ‬‫ه يَ ْ‬ ‫عن ْدَهُ إ ِّل ب ِإ ِذْن ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫أخرجه أحمد في مسنده )‪ ، (2/359‬والطبراني في الكبير )‪ 1/52‬مجمع( ‪،‬‬ ‫)‪(1‬‬ ‫‪1‬‬

‫والحاكم في مستدركه )‪ . (1/4‬وصححه اللباني في صحيح الجامع )‪(1/159‬‬


‫‪2‬‬
‫خطب الشيخ محمد حسان )هل نعرف الله (ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(3‬‬

‫ع‬‫سقق َ‬ ‫و ِ‬ ‫شققاءَ َ‬ ‫مققا َ‬ ‫ه إ ِّل ب ِ َ‬ ‫مقق ِ‬ ‫عل ْ ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫مقق ْ‬ ‫ء ِ‬ ‫ي ٍ‬ ‫شقق ْ‬ ‫ن بِ َ‬ ‫طققو َ‬ ‫حي ُ‬ ‫يُ ِ‬
‫َ‬
‫مققا‬ ‫ه َ‬ ‫فظُ ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫ؤودُهُ ِ‬ ‫ول ي َق ُ‬ ‫ض َ‬ ‫واْلْر َ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫سق َ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫س قي ّ ُ‬ ‫ك ُْر ِ‬
‫م ( البقرة‪. 255/‬‬ ‫ظي ُ‬ ‫ع ِ‬ ‫ي ال ْ َ‬ ‫عل ِ ّ‬ ‫و ال ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫غي ْق ِ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫عققال ِ ُ‬ ‫و َ‬ ‫هق َ‬ ‫ه إ ِّل ُ‬ ‫ذي ل إ ِل َق َ‬ ‫ه ال ّق ِ‬ ‫و الل ّق ُ‬ ‫هق َ‬ ‫) ُ‬
‫ذي‬ ‫ه ال ّ ِ‬ ‫و الل ّ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫م )‪ُ (22‬‬ ‫حي ُ‬ ‫ن الّر ِ‬ ‫م ُ‬ ‫ح َ‬ ‫و الّر ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ة ُ‬ ‫هادَ ِ‬ ‫ش َ‬ ‫وال ّ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫م ُ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫مقق ْ‬ ‫م ال ْ ُ‬ ‫سققل ُ‬ ‫س ال ّ‬ ‫دو ُ‬ ‫قق ّ‬ ‫ك ال ْ ُ‬ ‫مل ِ ق ُ‬ ‫و ال ْ َ‬ ‫هق َ‬ ‫ه إ ِّل ُ‬ ‫ل إ ِل َ ق َ‬
‫مقا‬ ‫ع ّ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الّلق ِ‬ ‫حا َ‬ ‫سقب ْ َ‬ ‫مت َك َب ُّر ُ‬ ‫جّباُر ال ْ ُ‬ ‫زيُز ال ْ َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م ُ‬ ‫هي ْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ه‬‫وُر ل َ ق ُ‬ ‫ص ّ‬ ‫م َ‬ ‫ئ ال ْ ُ‬ ‫ر ُ‬ ‫ق ال َْبا ِ‬ ‫خال ِ ُ‬ ‫ه ال ْ َ‬ ‫و الل ّ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ن )‪ُ (23‬‬ ‫كو َ‬ ‫ر ُ‬ ‫ش ِ‬ ‫يُ ْ‬
‫َ‬
‫ت‬ ‫وا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫سق َ‬ ‫فققي ال ّ‬ ‫مققا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ح ل َق ُ‬ ‫سقب ّ ُ‬ ‫سقَنى ي ُ َ‬ ‫ح ْ‬ ‫ماءُ ال ْ ُ‬ ‫سق َ‬ ‫اْل ْ‬
‫م ( الحشر ‪. 22/24‬‬ ‫زيُز ال ْ َ‬ ‫و ال ْ َ‬ ‫ْ َ‬
‫كي ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫ض َ‬ ‫والْر ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫ول َ ْ‬ ‫م ي َل ِدْ َ‬ ‫د )‪ (2‬ل َ ْ‬ ‫م ُ‬‫ص َ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫حدٌ )‪ (1‬الل ّ ُ‬ ‫ه أ َ‬ ‫و الل ّ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ل ُ‬ ‫ق ْ‬ ‫) ُ‬
‫َ‬
‫د ( )الخلص(‬ ‫ح ٌ‬ ‫فوا ً أ َ‬ ‫ه كُ ُ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫م ي َك ُ ْ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫ُيول َدْ )‪َ (3‬‬
‫وفي صحيح مسلم من حديث أبي موســى الشــعرى‬
‫أن النبي ‪ ‬قال ‪" :‬إن الله ل ينام ول ينبغــي لــه أن ينــام‬
‫يخفض القسط ويرفعه ‪ ،‬يرفع إليه عمل الليل قبــل عمــل‬
‫النهار وعمل النهار‪ ،‬قبل عمــل الليــل ‪ ،‬حجــابه النــور ‪ ،‬لــو‬
‫كشفه لحرقت سبحات وجهــه مــا انتهــى إليــه بصــره مــن‬
‫)‪(1‬‬
‫خلقه"‬
‫وفي صحيح مسلم مـن حـديث أبـى هريـرة أن حـبرا ً‬
‫من أحبار اليهود جاء يوما إلى النبي ‪ ‬وقال ‪ :‬يا محمد إنا‬
‫نرى عندنا فــي التــوراة أن اللــه تعــالى يجعــل الســماوات‬
‫على إصبع ‪ ،‬والرضين علــى إصــبع ‪ ،‬والمــاء والــثرى علــى‬
‫إصبع ‪ ،‬والشجر على إصبع ‪ ،‬وسائر الخلئق على إصبع ثــم‬
‫يهزهن ‪ ،‬ويقول ‪ :‬أنا الملك ‪ ،‬فضحك النــبي ‪ ‬حــتى بــدت‬
‫نواجذه – تصديقا ً لقول الحبر – وقــرأ النــبي ‪ ‬قــول اللــه‬
‫تعالى ‪:‬‬

‫أخرجه مسلم في اليمان – باب قوله عليه السلم ‪ " :‬إن ال ل ينام" )‬ ‫)‪(1‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 1/295‬إيمان( ‪ ،‬وابن ماجه في المقدمة ‪ ،‬باب فيما أنكرت الجهمية )‪ (1/195‬وأحمد‬


‫في مسنده )‪. (4/395،401‬‬

‫‪3‬‬
‫خطب الشيخ محمد حسان )هل نعرف الله (ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(4‬‬

‫ميع قا ً‬ ‫َ‬
‫ج ِ‬ ‫ض َ‬ ‫واْلْر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ر ِ‬ ‫ق َ‬
‫ق قد ْ ِ‬ ‫حق ّ‬ ‫ه َ‬ ‫قدَُروا الل ّ َ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬‫) َ‬
‫ه‬‫مين ِ ق ِ‬ ‫ت ب ِي َ ِ‬ ‫مطْ ِ‬
‫وي ّققا ٌ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ُ‬ ‫ما َ‬ ‫س َ‬ ‫وال ّ‬ ‫ة َ‬ ‫م ِ‬ ‫قَيا َ‬‫م ال ْ ِ‬ ‫و َ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫ضت ُ ُ‬ ‫قب ْ َ‬ ‫َ‬
‫ن ( )الزمر‪. (67/‬‬ ‫كو َ‬ ‫ر ُ‬
‫ش ِ‬ ‫ما ي ُ ْ‬ ‫ع ّ‬ ‫عاَلى َ‬ ‫وت َ َ‬
‫ه َ‬ ‫حان َ ُ‬ ‫سب ْ َ‬‫ُ‬
‫وفي صحيح مسلم مــن حــديث أنــس قــال ‪ :‬نهينــا أن‬
‫نسأل رسول الله ‪ ‬فكان يعجبنا أن يأتي الرجــل العاقــل‬
‫مـن الباديـة ليسـأل رسـول اللـه ‪ ‬ونحـن نسـمع فجـاءه‬
‫إعرابي فقال ‪ :‬يا محمد لقد أتانا رسولك فزعم أنك تزعــم‬
‫أن الله أرسلك – انظر إلــى هــذا الخطــاب الشــديد ‪ :‬لقــد‬
‫أتانــا رســولك فزعــم أنــك تزعــم أن اللــه أرســلك فقــال‬
‫صــــــــــــــــــــــــــــــاحب الخلــــــــــــــــــــــــــــــق‬
‫الكريم ‪ " : ‬صدق " أي صدق رسولي ‪ ،‬انظــر إلــى هــذا‬
‫العرابي الفقيه ‪.‬‬
‫فقال للنبي ‪ :‬يا محمد فمن الــذي خلــق الســماء ؟‬
‫فقال المصطفى ‪ " ‬الله "‬
‫فقــال العرابــي ‪ :‬فمــن الــذي خلــق الرض ؟ فقــال‬
‫المصــطفى ‪ " :‬اللــه " فقــال العرابــي ‪ :‬فمــن خلــق‬
‫الجبال وجعل فيها ما جعل ؟ فقــال المصــطفى ‪ " :‬اللــه "‬
‫فقال العرابي الفقيه ‪ :‬فبالذي خلق السماء وخلق الرض‬
‫ونصب الجبال وجعل فيها ما جعــل آللــه أرســلك ؟ فقــال‬
‫)‪(1‬‬
‫المصطفى ‪ "‬نعم"‬
‫الشاهد من الحديث أن جواب النبي ‪ ‬على كل هذه‬
‫السئلة كانت بكلمة واحدة أل وهي لفظ الجللـــة ‪ " :‬الله‬
‫" الله هــو الســم المفــرد العلــم الــدال علــي كــل أســماء‬
‫الجلل وصفات الكمال ‪ ،‬لذا نسب السماء الحســنى كلهــا‬
‫ك‬ ‫مل ِق ُ‬‫و ال ْ َ‬ ‫هق َ‬‫ه إ ِّل ُ‬ ‫ذي ل إ ِل َ َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬ ‫و الل ّ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫إليه قال تعالى ‪ُ ) :‬‬
‫ن ()الحشر‪(23/‬‬ ‫م ُ‬ ‫ؤ ِ‬‫م ْ‬ ‫م ال ْ ُ‬ ‫سل ُ‬ ‫س ال ّ‬ ‫دو ُ‬ ‫ق ّ‬ ‫ال ْ ُ‬

‫أخرجه البخاري في كتاب العلم ‪ ،‬باب ما جاء في العلم )‪ (1/63‬تعليقا ‪،‬‬ ‫)‪(1‬‬ ‫‪1‬‬

‫ومسلم في اليمان ‪ ،‬باب السؤال عن أركان السلم )‪ ، (11-1/10‬والترمذي في‬


‫الزكاة ‪ ،‬باب ما جاء إذا أديت الزكاة فقد قضيت ما عليك )‪ ، (3/619‬والنسائي في‬
‫كتاب الصيام ‪ ،‬باب وجوب الصيام )‪. (4/2090‬‬
‫‪4‬‬
‫خطب الشيخ محمد حسان )هل نعرف الله (ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(5‬‬

‫فالقدوس من أسماء الله ‪ ،‬والسلم من أســماء اللــه‬


‫ول يقال ‪ :‬الله من أسماء القــدوس ‪ ،‬ول يقــال ‪ :‬اللــه مــن‬
‫أسماء العزيز ‪ ،‬فهو السم المفرد العلــم الــدال علــى كــل‬
‫السماء الحسنى والصفات العل‪ .‬لذا قال المام ابن القيم‬
‫والمام الطحاوى ‪ :‬لفظ الجلله على الراجح أنه اسم الله‬
‫العظم الذي إن سئل بــه أعطــى ‪ ،‬وإن دعــي بــه أجــاب ‪،‬‬
‫فهو السم الذي ورد ذكره في القرآن ما يقرب مــن ألــف‬
‫مرة ‪ ،‬هو السم الذي ورد ذكره في القرآن ما يقرب مــن‬
‫ألف مرة ‪ ،‬الله هو السم الذي ما ذكر في قليل إل كثره ‪،‬‬
‫الله هو السم الذي ما ذكر عند خــوف إل أمنــه ‪ ،‬اللــه هــو‬
‫السم الذي ما ذكــر عنــد هــم إل فرجــه اللــه ‪ ،‬هــو الســم‬
‫الذي ما ذكر عند غم إل أزالــه اللــه ‪ ،‬هــو الســم الــذي مــا‬
‫تعلق به فقيرا ً إل أغناه الله ‪ ،‬هو السم الذي مــا تعلــق بــه‬
‫ضعيف إل قواه الله ‪ ،‬هو السم الذي ما تعلق بــه مظلــوم‬
‫إل نصره وآواه‪.‬‬
‫هو السـم الــذي ُتســتنزل بـه الرحمـات ‪ ،‬هـو السـم‬
‫الذي تســتجاب بــه الــدعوات ‪ ،‬هــو الســم الــذي تقــال بــه‬
‫العثرات ‪ ،‬هو السم الذي تســتدفع بــه النقــم ‪ ،‬هــو الســم‬
‫الذي قامت له وبه الرض والسموات ‪ ،‬الله ‪ ،‬الله ‪.‬‬
‫الله ‪ :‬اسم لصاحبه كــل جلل ‪ ،‬اللــه ‪ :‬اســم لصــاحبه‬
‫كل كمال ‪ ،‬الله ‪ :‬اســم لصــاحبه كــل جمــال ‪ ،‬اللــه ‪ :‬جــدد‬
‫إيمانك بالله ‪ ،‬فإن اليمان به أصــل الســعادة والنجــاة فــي‬
‫الدنيا والخرة ‪ ،‬لذا لست مبالغا ً أيها الفضلء إن قلت بــأن‬
‫القرآن الكريم كله من أوله إلى آخره حديث عــن اليمــان‬
‫بــالله جــل جللــه ‪ ،‬والقــرآن الكريــم يخــاطب ســكان‬
‫الصــحراء ‪ ،‬وســكان الباديــة ‪ ،‬وســكان القريــة والمدينــة ‪،‬‬
‫ويخاطب عالم الذرة وعالم الفضاء ‪.‬‬
‫لذا فإن أعظم أسلوب للتعريف علي اللـه تعـالى هــو‬
‫أسلوب القرآن الكريم فــالقرآن يســتنطق أعمــاق أعمــاق‬

‫‪5‬‬
‫خطب الشيخ محمد حسان )هل نعرف الله (ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(6‬‬

‫الفطــرة ‪ ،‬يخــاطب أعمــاق أعمــاق الفطــرة ‪ ،‬ليســتنطقها‬


‫بوحدانية الله جل جلله وهذا هو عنصرنا الثاني بإيجاز ‪.‬‬
‫مع القرآن الكريم في آفاق السماء ‪:‬‬
‫أيها الحبيب ‪ :‬أنا أعلم أنك ترى الســماء كــل يــوم ‪،‬‬
‫ولكنني أخاطبكم اليوم أن تجدد النظــر إلــى الســماء ‪ ،‬إن‬
‫نظرة فاحصــة متأنيــة إلــى الســماء فــي ليلــة صــافية تمل‬
‫القلب بالرهبة والعظمة والخشوع ‪ ،‬لذي العظمة والبــداع‬
‫والجلل ‪.‬‬
‫إن بلدة اللفة قد تنسى النسان أن يتفكر في آيــات‬
‫الله جل وعل ‪ ،‬في هذه القبة السماوية الزرقاء مع أنك لو‬
‫نظــرت إليهــا بعيــن التــدبر والتفكــر لوجــدت رب الرض‬
‫والســماء رفعهــا بغيــر عمــد ترونهــا وزينهــا بــالكواكب ‪،‬‬
‫والنجوم ‪ ،‬والشموس والقمار ‪ ،‬إنــه جمــال متجــدد متعــدد‬
‫باللوان من ليلة مظلمة ‪ ،‬لليلة صافية لشــروق ‪ ،‬لصــباح ‪،‬‬
‫لليلة باردة ‪ ،‬لليلة حارة ‪ ،‬جمال متجدد جمال متعدد ‪.‬‬
‫انظر إلى هذه الية لتتعرف على عظمة الخــالق جــل‬
‫َ‬
‫ن(‬ ‫عو َ‬ ‫سقق ُ‬ ‫مو ِ‬ ‫وإ ِّنققا ل َ ُ‬‫د َ‬ ‫هققا ب ِأْيقق ٍ‬ ‫ماءَ ب َن َي َْنا َ‬ ‫سقق َ‬ ‫وال ّ‬ ‫جللــه ) َ‬
‫ع‬
‫قق ِ‬ ‫وا ِ‬‫م َ‬ ‫م بِ َ‬ ‫سق ُ‬ ‫ق ِ‬ ‫فل أ ُ ْ‬ ‫)الــذريات‪ ، (47/‬وقــال تعــالى ‪َ ) :‬‬
‫م(‬ ‫ظي ق ٌ‬ ‫ع ِ‬ ‫ن َ‬ ‫مققو َ‬ ‫عل َ ُ‬‫و تَ ْ‬‫م ل َق ْ‬ ‫سق ٌ‬ ‫ق َ‬ ‫ه لَ َ‬ ‫وإ ِن ّق ُ‬
‫جققوم ِ )‪َ (75‬‬ ‫الن ّ ُ‬
‫ظققُروا إ َِلققى‬ ‫م ي َن ْ ُ‬ ‫َ‬
‫فَلقق ْ‬ ‫)الواقعــة‪ (76/‬وقــال تعــالى ‪ ) :‬أ َ‬
‫ن‬‫مق ْ‬ ‫هققا ِ‬ ‫ما ل َ َ‬ ‫و َ‬‫ها َ‬ ‫وَزي ّّنا َ‬ ‫ها َ‬ ‫م ك َي ْ َ‬
‫ف ب َن َي َْنا َ‬ ‫ه ْ‬‫ق ُ‬‫و َ‬‫ف ْ‬‫ء َ‬ ‫ما ِ‬‫س َ‬‫ال ّ‬
‫ق‪. (6/‬‬ ‫ج() ّ‬ ‫فُرو ٍ‬ ‫ُ‬
‫تدبر ‪ ،‬انظر إلى هذه النجمــة الوحيــدة الــتي انفــردت‬
‫بعيدا بعيــدا وحــدها فــي أفــق الســماء وكأنهــا عيــن طفلــة‬
‫جميلــة تلتمــع بــالبراءة والصــفاء ‪ ،‬ثــم انظــر إلــى هــاتين‬
‫النجمتين المنفردتين كأن كل واحدة منها تناجى الخــرى ‪،‬‬
‫ثــم انظــر إلــى هــذه المجموعــة المتضــامنة المتشــابكة ‪،‬‬
‫وكأنها قــد انضــمت إلــى بعضــها البعــض فــي عــرس بهيــج‬
‫سعيد جميل ‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫خطب الشيخ محمد حسان )هل نعرف الله (ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(7‬‬

‫انظــر إلــى هــذه اليــات لتتعــرف علــى عظمــة رب‬


‫الرض والسماوات ثم انظــر إلــى الشــمس ‪ ،‬وانظــر إلــى‬
‫م‬ ‫هقق ْ‬
‫ذا ُ‬ ‫فققإ ِ َ‬ ‫هاَر َ‬ ‫ه الن ّ َ‬ ‫من ْ ُ‬
‫خ ِ‬ ‫سل َ ُ‬ ‫ل نَ ْ‬ ‫م الل ّي ْ ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫ة لَ ُ‬ ‫وآي َ ٌ‬ ‫القمر ) َ‬
‫ك‬ ‫هقا ذَِلق َ‬ ‫قّر ل َ َ‬ ‫ست َ َ‬‫م ْ‬ ‫ري ل ِ ُ‬ ‫ج ِ‬ ‫س تَ ْ‬ ‫م ُ‬ ‫ش ْ‬‫وال ّ‬ ‫ن)‪َ (37‬‬ ‫مو َ‬‫مظْل ِ ُ‬ ‫ُ‬
‫س‬ ‫م ُ‬ ‫ش ْ‬ ‫عِليم ِ ( )ّيـس‪) ، (38/‬ـ ل ال ّ‬ ‫ز ال ْ َ‬ ‫زي ِ‬ ‫ع ِ‬‫ديُر ال ْ َ‬ ‫ق ِ‬ ‫تَ ْ‬
‫ر‬ ‫هققا‬ ‫ّ‬ ‫ن‬‫ال‬ ‫ق‬ ‫ب‬‫سا‬ ‫ُ‬
‫ل‬ ‫ي‬‫ّ‬ ‫ل‬‫ال‬ ‫ول‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫َ‬
‫ق‬ ‫ْ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ر‬ ‫د‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫غي ل َها أ َ‬ ‫ي َن ْب َ ِ‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن ( )ّيـس‪(40/‬‬ ‫حو َ‬ ‫سب َ ُ‬
‫ك يَ ْ‬ ‫فل َ ٍ‬ ‫في َ‬ ‫ل ِ‬ ‫وك ُ ّ‬ ‫َ‬
‫لقد قال رئيس أكاديمية العلوم في نيويورك ‪ :‬لقد توصــلنا‬
‫بعد عديـد مــن التجــارب والدراســات أن هــذا الكــون كـان‬
‫نتيجــة عمليــة خلــق مبدعــة ‪ ،‬نعــم إنــه كتــاب مفتــوح يمل‬
‫القلب باليمان بالله ‪ ،‬بمعرفة الله تعالى ‪.‬‬
‫والققبر والبحققر فيققض‬ ‫الشمس والبققدر مققن‬
‫مقققققققن عطايقققققققاه‬ ‫لثقققققققار ققققققققدرته‬
‫والمققققققوج كققققققبره‬ ‫والطيقققققر سقققققبحه‬
‫والحققققققوت ناجققققققاه‬ ‫والقققققوحش مجقققققده‬
‫والنحل يهتققف حمققدا‬ ‫والنمققققققل تحققققققت‬
‫فققققققققي خليققققققققاه‬ ‫الصخور الصم قدسه‬
‫والعبد ينسققى وربققى‬ ‫والنققققاس يعصققققونه‬
‫ليقققققققس ينسقققققققاه‬ ‫جهققققرا فيسققققترهم‬

‫أيها الحبة في الله ‪ :‬لو ترك القمر مــداره الــذي‬


‫يدور فيه وحدده له مدبر الكون ‪ ،‬لو ترك القمر مكانه إلى‬
‫أعلى أو إلى أسفل قليل ‪ ،‬لختلت حركة المد والجزر على‬
‫ظهر الرض ‪ ،‬وغــرق كــل حــي علــى ســطح الرض ‪ ،‬ولــو‬
‫تركــت الشــمس مــدارها وابتعــدت عــن مــدارها قليل إلــى‬
‫أعلى ‪ ،‬أو إلى أسفل لو ارتفعت قليل ً لتجمد كل حي علــى‬
‫ظهــر الرض‪ ،‬ولــو نزلــت إلــى الرض عــن مــدارها قليل‬
‫لحترق كل حي على ظهر الرض ‪.‬‬
‫ز‬
‫زي ق ِ‬ ‫ديُر ال ْ َ‬
‫ع ِ‬ ‫قق ِ‬ ‫ألم تقرأ معي قــول اللــه تعــالى ‪) :‬ذَل ِ َ‬
‫ك تَ ْ‬
‫عِليم ِ ( ) يس‪ (37/‬آيــات ‪ ،‬انظــر إلــى الســماء لتتعــرف‬ ‫ال ْ َ‬
‫‪7‬‬
‫خطب الشيخ محمد حسان )هل نعرف الله (ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(8‬‬

‫علــى عظمــة رب الرض والســماوات ثــم هــا هــو القــرآن‬


‫ينقلنا من آيات السماء إلى جنبات الرض وهذا هو عنصرنا‬
‫الثالث بإيجاز ‪.‬‬
‫مع القرآن الكريم في آفاق الرض ‪:‬‬
‫هذه الرض التي نعيش عليها ونحيا ‪ ،‬ربما نسينا كثيرا‬
‫ما أودع الله فيها من آيات تأخذ بالقلوب واللبــاب ‪ ،‬لننــي‬
‫كما ذكرت أن بلدة اللفـة قـد تنسـى النسـان آيـات اللـه‬
‫َ‬
‫ة‬‫مي َْتق ُ‬ ‫ض ال ْ َ‬ ‫م اْلْر ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫ة لَ ُ‬ ‫وآي َ ٌ‬‫الكثيرة معه في هذه الرض ) َ‬
‫ْ‬ ‫وأ َ ْ‬ ‫َ‬
‫ن)‪(33‬‬ ‫ه ي َ قأك ُُلو َ‬ ‫من ْ ق ُ‬ ‫ف ِ‬ ‫حب ّ قا ً َ‬ ‫هققا َ‬ ‫من ْ َ‬ ‫جن َققا ِ‬ ‫خَر ْ‬ ‫هققا َ‬ ‫حي َي َْنا َ‬ ‫أ ْ‬
‫ها‬ ‫في َ‬ ‫جْرَنا ِ‬ ‫ف ّ‬ ‫و َ‬‫ب َ‬ ‫عَنا ٍ‬ ‫وأ َ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫خي ٍ‬ ‫ن نَ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫جّنا ٍ‬ ‫ها َ‬ ‫في َ‬ ‫عل َْنا ِ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ه‬ ‫ملت ْق ُ‬ ‫ع ِ‬‫مققا َ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ر ِ‬ ‫مق ِ‬ ‫ن ثَ َ‬ ‫مق ْ‬ ‫ن)‪ (34‬ل ِي َقأك ُلوا ِ‬ ‫عي ُققو ِ‬ ‫ن ال ُ‬ ‫مق َ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫خَلقق َ‬
‫ق‬ ‫ذي َ‬ ‫ن اّلقق ِ‬ ‫حا َ‬ ‫سققب ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫ن)‪(35‬‬ ‫شققك ُُرو َ‬ ‫فل ي َ ْ‬ ‫مأ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫دي ِ‬ ‫أْيقق ِ‬
‫ما‬ ‫م ّ‬ ‫و ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫ن أ َن ْ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫و ِ‬ ‫ض َ‬
‫َ‬
‫ت اْلْر ُ‬ ‫ما ت ُن ْب ِ ُ‬ ‫م ّ‬ ‫ها ِ‬ ‫ج ك ُل ّ َ‬ ‫وا َ‬ ‫اْلْز َ‬
‫َ‬
‫و‬ ‫هقق َ‬ ‫ن( )ّيـــس‪ ، (36-33/‬وقــال ســبحانه ‪ُ ) :‬‬ ‫مققو َ‬ ‫عل َ ُ‬‫ل يَ ْ‬
‫ض ذَُلول ً َ‬ ‫َ‬
‫هققا‬ ‫مَناك ِب ِ َ‬ ‫في َ‬ ‫شوا ِ‬ ‫م ُ‬ ‫فا ْ‬ ‫م اْلْر َ‬ ‫ل ل َك ُ ُ‬ ‫ع َ‬ ‫ج َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫شوُر( )الملك‪. (15:‬‬ ‫ه الن ّ ُ‬ ‫وإ ِل َي ْ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ق ِ‬ ‫رْز ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫وك ُُلوا ِ‬ ‫َ‬
‫نعم إن الرض دابة ذلول ‪ ،‬بكل ما تحمل الكلمة مــن‬
‫ن ‪ ،‬إن الرض دابة ذلول‪ ،‬ولكنها في الوقت ذاتــه دابــة‬ ‫معا ٍ‬
‫حلوب تدر على أهلها مــن الخيــرات والنعــم مــا ل يعــد ول‬
‫ها (‬ ‫صقققو َ‬ ‫ح ُ‬ ‫ه ل تُ ْ‬ ‫ت الل ّققق ِ‬ ‫مققق َ‬ ‫ع َ‬ ‫دوا ن ِ ْ‬ ‫عققق ّ‬ ‫ن تَ ُ‬ ‫وإ ِ ْ‬ ‫يحصـــى ) َ‬
‫)ابراهيم‪(34/‬‬
‫وهقققققذه الصقققققحارى‬ ‫سل الواحقة الخضقراء‬
‫والجبقققال الرواسقققيا‬ ‫والمقققققققاء جاريقققققققا ً‬
‫سل الليققل والصققباح‬ ‫سققل الققروض مزدانققا ً‬
‫والطيققققققر شققققققاديا ً‬ ‫سققل الزهققر والنققدى‬
‫وسل كل شئ تسمع‬ ‫وسققل هققذه النسققام‬
‫التوحيقققققد سقققققاريا ً‬ ‫والرض والسقققققققققما‬
‫فمن غير ربى يرجققع‬ ‫فلققو جققن هققذا الليققل‬
‫الصققققققققبح ثانيققققققققا‬ ‫وامتققققققد سققققققرمدا‬

‫‪8‬‬
‫خطب الشيخ محمد حسان )هل نعرف الله (ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(9‬‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫ع الله ؟‬
‫هم َ‬‫ع الله ؟ أإ ِل َ ٌ‬ ‫أإ ِل َ ٌ‬
‫هم َ‬
‫ذات الغصون النضره‬ ‫انظققر لتلققك الشققجرة‬
‫وكيف صارت شققجره‬ ‫كيققف نمققت مققن حبققه‬
‫يخققرج منهققا الثمققره‬ ‫ابحقققث وققققل مقققن ذا‬
‫أنعمققققققه منهمققققققره‬ ‫الققققققققققققققققققققققققذي‬
‫وققققققدرة مقتقققققدره‬ ‫ذاك هقققو اللقققه القققذي‬
‫جققققذوتها مسققققتعره‬ ‫ذو حكمققققققة بققققققالغه‬
‫حقققققرارة منتشقققققرة‬ ‫وانظر لتلك الشققمس‬
‫يخققرج منهققا الشققرره‬ ‫الققققققققققققققققققققققققتي‬
‫أنعمققققققه منهمققققققره‬ ‫فيهقققا ضقققياء وكقققذا‬
‫وققققققدرة مقتقققققدره‬ ‫ابحقققث وققققل مقققن ذا‬
‫الققققققققققققققققققققققققذي‬
‫ذاك هقققو اللقققه القققذي‬
‫ذو حكمققققققة بالغققققققة‬

‫لقد أثبت العلم الحديث أن الرض تلك الدابة الــذلول‬


‫المذللة المسخرة ‪ ،‬أثبــت العلــم الحــديث أن الرض تــدور‬
‫حول نفسها بسرعة مذهلة تصــل إلــى )‪ (1000‬ميــل فــي‬
‫الساعة ‪.‬‬
‫تصور ‪ ..‬وأنت ل تشعر بهذه الحركــة ‪ ،‬لنهــا ذلولــة مذللــة‬
‫تــدور حــول نفســها بســرعة تقــدر بـ ـ )‪ (1000‬ميــل فــي‬
‫الساعة الواحــدة ‪ ،‬وتــدور الرض حــول الشــمس بســرعة‬
‫تقدر بحــوالي )‪ (65000‬ميــل فــي الســاعة الواحـدة ‪ ،‬ثـم‬
‫تدور مع المجموعة الشمسية دورة أخــرى كاملــة بســرعة‬
‫تقدر بـ ـ )‪ (20000‬ميــل فــي الســاعة الواحــدة وراكبهــا ل‬
‫تتمزق أشلؤه ‪ ،‬ول تتحطم أعضاؤه ‪ ،‬لنها دابة ذلول ذللها‬
‫ربنا جل وعل وسخرها لبنـى النسـان ليعيـش عليهـا هـانئا ً‬
‫آمنا ً مطمئنا ً وفي الوقت ذاته ربما يتجرأ بالكفر بــالله جــل‬
‫وعل وربما يتجرأ علــى معصــية اللــه ول حــول ول قــوة إل‬
‫بالله العلي العظيم ‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫خطب الشيخ محمد حسان )هل نعرف الله (ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(10‬‬

‫هذه الرض أيها الحبة مشــحونة باليــات الــتي يجــب‬


‫علينا أن ننظـر فيهـا ‪ ،‬وأن نتفكـر فيهـا لنتعـرف مـن خلل‬
‫هــذه اليــات علــى الخــالق – رب الرض والســماوات –‬
‫ليتجدد إيماننا في قلوبنا ولنزداد حبا ومعرفــة لربنــا تبــارك‬
‫وتعالى ‪.‬‬
‫وها هو القرآن ينتقل بنا من آفاق الرض إلى مراحــل‬
‫الخلق ‪.‬‬
‫أيها الحبيب ‪ :‬هل عرفــت أصــلك وكيفيــة خلقــك ؟‬
‫ن‬‫مق ْ‬ ‫ة ِ‬ ‫سققلل َ ٍ‬ ‫ن ُ‬ ‫مق ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫سا َ‬ ‫قَنا اْل ِن ْ َ‬ ‫خل َ ْ‬ ‫قد ْ َ‬ ‫ول َ َ‬‫قال تعالى ‪َ ) :‬‬
‫م‬ ‫ن ( )المؤمنــون‪ (12/‬هــذا مــن حيــث الصــل ) ُثقق ّ‬ ‫طيقق ٍ‬ ‫ِ‬
‫قن َققا‬ ‫خل َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ن )‪ (13‬ث ُق ّ‬ ‫كي ق ٍ‬ ‫م ِ‬ ‫ر َ‬ ‫ق قَرا ٍ‬ ‫فققي َ‬ ‫ة ِ‬ ‫فق ً‬ ‫عل َْناهُ ن ُطْ َ‬‫ج َ‬ ‫َ‬
‫قَنققا‬ ‫خل َ ْ‬ ‫ف َ‬‫ة َ‬ ‫غ ً‬ ‫ضقق َ‬ ‫م ْ‬
‫ة ُ‬ ‫ققق َ‬ ‫عل َ َ‬ ‫قَنققا ال ْ َ‬ ‫خل َ ْ‬ ‫ة َ‬
‫ف َ‬ ‫ققق ً‬ ‫عل َ َ‬‫ة َ‬ ‫فقق َ‬‫الن ّطْ َ‬
‫ظام ل َحما ً ث ُم أ َن ْ َ ْ‬
‫ه‬
‫شققأَنا ُ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ع َ َ‬ ‫وَنا ال ْ ِ‬ ‫س ْ‬ ‫فك َ َ‬‫ظاما ً َ‬ ‫ع َ‬ ‫ة ِ‬ ‫غ َ‬
‫ض َ‬‫م ْ‬‫ال ْ ُ‬
‫ن(‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ك الّلققق َ‬ ‫فت ََبقققاَر َ‬ ‫خقققَر َ‬ ‫خْلققققا ً آ َ‬
‫قي َ‬ ‫خقققال ِ ِ‬ ‫سققق ُ‬ ‫ح َ‬ ‫هأ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫)المؤمنون‪(14-13/‬‬
‫يلتقــي الرجــل بــامرأته فــي الحلل الطيــب ‪ ،‬فيلقــى‬
‫نطفته ‪ ،‬تلك النطفة التي تحتوى على مئات الملييــن مــن‬
‫الحيوانــات المنويــة ‪ ،‬فتتســابق كــل هــذه الملييــن مــن‬
‫الحيوانات المنوية لتصل إلى عروس واحدة ‪.‬‬
‫نعم إنها عروس ‪ ،‬وما أبعدت النجعة حينما قلت ‪ :‬إنها‬
‫عروس ‪ ،‬إنها البويضة التي تخرج كعــروس مزينــة لزوجهــا‬
‫في ليلة الزفاف ‪ ،‬تخرج البويضة مــن الرحــم مـرة واحــدة‬
‫كل شهر ‪ ،‬تخرج وعليها تاج مشع ‪ ،‬وهــذه اللفظــة ليســت‬
‫اصــطلحا بلغي ـا ً ول أدبي ـا ً مــن عنــدي‪ ،‬بــل إنهــا اصــطلح‬
‫علمي ‪ ،‬تخرج وعليها تاج مشع لعلها تلفت نظر الحيوانات‬
‫المنوية الهائلة ‪ ،‬فتتسابق كل هــذه الحيوانــات لتصــل إلــى‬
‫هذه العروس الواحدة فتموت كل الحيوانــات المنويــة فــي‬
‫الطريق ‪ ،‬ول يصل إلى البويضة إل حيوان منوي واحد ‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫خطب الشيخ محمد حسان )هل نعرف الله (ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(11‬‬

‫تلك الحقيقة العلمية الهائلة التي لــم تكشــف إل فــي‬


‫السنوات القليلة الماضــية قــد أخــبر بهــا الصــادق الــذي ل‬
‫ينطق عن الهوى منذ قرن ونصف تقريبا قال عليه الصــلة‬
‫والسلم ‪ " :‬ما مــن كــل المــاء يكــون الولــد وإذا أراد اللــه‬
‫خلق شئ لم يمنعه شئ " )‪.(1‬‬
‫فإذا وصل الحيوان المنوي إلى جــدار البويضــة تقــوم‬
‫البويضــة بفــرز ســائل مــن وظــائفه أن يمســك بــالحيوان‬
‫المنوي على جدارها ‪ ،‬فإذا التصق الحيوان المنــوي بجــدار‬
‫البويضة أفرز هو الخر سائل ‪ ،‬من وظــائفه أن يبــدد التــاج‬
‫المشــع علــى جســم البويضــة ‪ ،‬ليســهل عليــه أن يخــترق‬
‫جدارها ‪ ،‬فإذا اخترق الحيوان المنوي جدار البويضة أغلقت‬
‫عليــه وأحكمــت الغلق ول تســمح بعــد ذلــك لي حيــوان‬
‫منوي آخر أن يخترق جدارها ‪.‬‬
‫اسمحوا لي أن أسأل وأقول ‪ :‬من الذي علم البويضة‬
‫ذلــك ‪ ،‬قــف مــع كــل آيــة ‪ ،‬ثــم بعــد ذلــك تتحــول النطفــة‬
‫المشاج بعد تخصيب البويضة إلى علقه ‪ ،‬وسميت بالعلقة‬
‫‪ ،‬لتعلقها بجدار رحم المرأة ‪ ،‬وبعد أيام تتمايز العلقــة إلــى‬
‫طبقـــتين ‪ :‬طبقـــة خارجيـــة ‪ ،‬وطبقـــة داخليـــة ‪ ،‬الطبقـــة‬
‫الخارجيــة وظيفتهــا أن تمتــص الغــذاء مــن جــدار الرحــم‬
‫لتوصله إلى الطبقة الداخلية من طبقتي العلقة الــتي هــي‬
‫مسؤولة بأمر رب العالمين عــن نمــو الجنيــن داخــل رحــم‬
‫أمه ثم تتحول العلقة إلى مضغة ‪.‬‬
‫وسمى القرآن الجنين في هــذه المرحلــة بالمضــغة ‪،‬‬
‫لن الجنين يشبه قطعة اللحم الممضوغة بالســنان تمام ـا ً‬
‫ثم تتحول المضغة إلى عظام ‪.‬‬
‫أخي الحبيب ‪ :‬لحــظ أننــي لــم أقــل ‪ :‬ثــم تتحــول‬
‫المضغة إلى عظم بل إلى عظام إلـى هيكـل عظمـى فـي‬
‫غايــة التناســق والجمــال والبــداع ‪ ،‬وانظــر إلــى الهيكــل‬
‫)‪ (1‬أخرجه مسلم في كتاب النكاح ‪ ،‬باب حكم العزل )‪2/133‬نكاح( ‪ ،‬وأحمد في مسنده‬ ‫‪1‬‬

‫)‪ (3/49‬والبيهقي في سننه )‪(7/229‬‬


‫‪11‬‬
‫خطب الشيخ محمد حسان )هل نعرف الله (ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(12‬‬

‫العظمى للنسان ‪ ،‬إلى عظام الــوجه والصــدر والــذراعين‬


‫والساقين ‪ ،‬والظهر سترى هيكل ًَ عظميا ً وضع بغاية الدقــة‬
‫والتناسق والبداع ثم يكسى هذا الهيكل العظمى باللحم ‪.‬‬
‫ثم تــأتى مرحلــة الخلــق الخــر أل وهــى مرحلــة نفــخ‬
‫الروح وهنا صرخ عالم شهير من أشهر علمــاء الجنــة فــي‬
‫الرض إنــه )ألكــس إســكرل( ذلكــم العــالم الــذي راقــب‬
‫مراحل نمو الجنين في رحم امرأة يوما بعــد يــوم وســاعة‬
‫بساعة ‪ ،‬فلما تحولت النطفة إلــى علقــه مــا اهتــم كــثيرا ‪،‬‬
‫ولما تحــولت العلقــة إلــى مضــغة ‪ ،‬والمضــغة إلــى عظــام‬
‫وكسيت العظام باللحم ‪ ،‬كــان المــر عاديـا ً جــدا ً عنــد هــذا‬
‫العالم ولما نفخت الروح في الجنين وتحرك الجنين حركــة‬
‫كاملة في رحم أمه ‪ ،‬صرخ هذا العالم صرخة وقــال كلمــة‬
‫جميلة قال ‪ ( Here Is God ) :‬هنا الله ‪ ،‬هنا الله ‪ ،‬من أيــن‬
‫م‬ ‫جاءت هــذه الحيــاة ؟ ومــن أيــن دبــت هــذه الــروح ؟ )ث ُ ّ‬
‫ن(‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ك الل ّ َ‬
‫فت ََباَر َ‬ ‫شأ َْناهُ َ‬
‫خْلقا ً آ َ‬
‫خَر َ‬ ‫أ َن ْ َ‬
‫قي َ‬ ‫خققال ِ ِ‬ ‫سقق ُ‬
‫ح َ‬
‫هأ ْ‬‫ُ‬
‫)المؤمنون‪(14/‬‬
‫ثم انظر إلى خلقــك بعــد ذلــك فنظــرك فيــك يكفيــك‬
‫على أن الــذي يســتحق أن يعبــد هــو اللــه ‪ ،‬فنظــرك فيــك‬
‫يكفيك على أن الذي يستحق أن يوحد هــو اللــه ‪ ،‬فنظــرك‬
‫فيك يكفيك على أن الذي يستحق أن يكون الخالق المبدع‬
‫هو الله ‪.‬‬
‫انظر إلى الوجه ‪ ،‬انظر إلى العين ‪ ،‬انظر إلى النف ‪،‬‬
‫انظر إلى الفم ‪ ،‬انظر إلــى الذن‪ ،‬فلقــد خلــق اللــه العيــن‬
‫ووضعها في علبة عظيمــة قويــة متينــة وظللهــا بــالرموش‬
‫حتى تعكس أشعة الشمس حتى ل تؤذى العين ‪.‬‬
‫ن الله عز وجل علينا بماء داخــل العيــن ‪ ،‬إنــه مــاء‬ ‫وم ّ‬
‫مالح إنها الدموع ‪ ،‬فماء العين مالح ‪ ،‬وماء النف حــامض ‪،‬‬
‫وماء الذن مر ‪ ،‬وماء الفم حلو ‪ ،‬وأصــل المــاء واحــد وهــو‬
‫رأسك أيها النسان ‪ ،‬وجعل الله مــاء النــف حامضـا ً ثخينـا ً‬
‫ثقيل ً ‪ ،‬لتتعلــق بــه الميكروبــات أثنــاء التنفــس فهــو فلــتر‬
‫‪12‬‬
‫خطب الشيخ محمد حسان )هل نعرف الله (ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(13‬‬

‫للتنقيــة ‪ ،‬وجعــل اللــه مــاء الذن مــرا حــتى ل تتســرب‬


‫الحشرات لذنك يابن آدم وأنت نائم ول تدرى وجعــل اللــه‬
‫مــــاء الفــــم حلــــو لتتــــذوق بــــه ألــــوان الطعــــام‬
‫أإله مع الله ؟ ‪.‬‬
‫ثم انظر إلــى الســنان ‪ ،‬تمــد يــدك فتمســك الصــابع‬
‫والنامل بأسلوب جميل وتمد اللقمة إلــى فمــك ‪ ،‬أو تضــع‬
‫اللقمة في فمك فتقطع القواطع وتمــزق النيــاب وتطحــن‬
‫الضروس ويتحرك اللسان ويفرز اللعاب ‪.‬‬
‫ثم تأتى إلى هذه البوابة المنيعة الحصينة التي تسمى‬
‫بلسان المزمار التي لو تعطلت عن وظيفتهــا لحظــة ‪ ،‬بــل‬
‫ثانية بل ميكرو ثانية ‪ ،‬لربمــا هلــك النســان ‪ ،‬هــذه البوابــة‬
‫المنيعة التي تسمى بلسان المزمار ‪ ،‬جعلها الله عز وجــل‬
‫فــي مــوطن عجيــب ‪ ،‬فهــي تســد البلعــوم عنــد التنفــس ‪،‬‬
‫وتسد القصبة الهوائية عند البلع ‪ ،‬حتى ل ينزل الطعام إلى‬
‫المريء ‪ ،‬وحتى ل ينزل التنفس إلى المعدة ‪.‬‬
‫انظروا إلى دقة وعظمة الخالق تبارك وتعــالى ‪ ،‬إلــى‬
‫حكمة وعظمة الخالق تبارك وتعالى ‪ ،‬ثم ينزل الطعام إلى‬
‫المعدة ‪ ،‬فتقوم المعدة بدورها ويقوم البنكريــاس بــدوره ‪،‬‬
‫ويقــوم الكبــد بــدوره ‪ ،‬وتقــوم المعــاء الدقيقــة بــدورها ‪،‬‬
‫والمعاء الغليظة بدورها ‪ ،‬ثم يتحول هذا الطعام إلــى دم ‪،‬‬
‫فيقوم القلب بدوره فيضخ هذا الدم عن طريق هذا الملك‬
‫الذي استقر في أعلى النسان ‪ ،‬أل وهو المخ عــن طريــق‬
‫إشارات الستقبال والرسال كل هذا من صــنع مــن ؟ كــل‬
‫هذا من خلق من ؟ كل هذا من صنع مــن ؟ كــل هــذا مــن‬
‫خلق من ؟‬
‫قل للطبيب تخطفته يد‬
‫القققققققققققققققققققققققققردى‬

‫يققا شققافي المققراض‬


‫مققققققققن أرداكققققققققا‬
‫‪13‬‬
‫خطب الشيخ محمد حسان )هل نعرف الله (ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(14‬‬

‫قققققل للمريققققض نجققققا‬


‫وعقققققوفي بعقققققد مقققققا‬

‫عجزت فنققون الطققب‬


‫مققققققققن عافاكققققققققا‬

‫قل للصحيح مات ل مققن‬


‫علققققققققققققققققققققققققققققة‬

‫من يا صحيح بالمنايققا‬


‫دهاكققققققققققققققققققققققا‬

‫بل سائل العمققى خطققا‬


‫وسققققققققط الزحققققققققام‬

‫بل اصققطدام مققن يققا‬


‫أعمققى يقققود خطاكققا‬

‫بل سققائل البصققير كققان‬


‫يحقققققققققذر حفقققققققققرة‬

‫فهقققوى بهقققا مقققن ذا‬


‫القققققققذي أهواكقققققققا‬

‫وسقققل الجنيقققن يعيقققش‬


‫معققققققققققققققققققققزول بل‬

‫راع ومرعقققى مقققن ذا‬


‫القققققققذي يرعاكقققققققا‬

‫وسققققل الوليققققد بكققققى‬

‫‪14‬‬
‫خطب الشيخ محمد حسان )هل نعرف الله (ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(15‬‬

‫وأجهقققققققش بالبكقققققققا‬

‫لدى الولدة مققا الققذي‬


‫أبكاكققققققققققققققققققققققا‬

‫وإذ ترى الثعبققان ينفققث‬


‫سققققققققققققققققققققققققققمه‬

‫فسققله مققن يققا ثعبققان‬


‫بالسققققققم حشققققققاكا‬

‫واسأله كيققف تعيققش يققا‬


‫ثعبققققققققققققققققققققققان أو‬

‫تحيا وهذا السققم يمل‬


‫فاكققققققققققققققققققققققققا‬

‫واسققأل بطققون النحققل‬


‫كيقققققققف تققققققققاطرت‬

‫شققهدا وقققل للشققهد‬


‫مقققققققققن حلكقققققققققا‬

‫بقققققل سقققققائل اللبقققققن‬


‫المصققققفى مققققن بيققققن‬

‫فققققرث ودم ٍ مققققن ذا‬


‫القققققققذي صقققققققفاكا‬

‫وإذا رأيققققققت النخققققققل‬


‫مشققققققققوق النقققققققوى‬

‫‪15‬‬
‫خطب الشيخ محمد حسان )هل نعرف الله (ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(16‬‬

‫فاسأله مققن يققا نخققل‬


‫شققققققققق نواكققققققققا‬

‫وإذا رأيت البققدر يسققرى‬


‫ناشقققققققققققققققققققققققققرا‬

‫أنققواره فاسققأله مققن‬


‫أسققققققققققققققققققققراك‬

‫وإذ تققرى الجبققل الشققم‬


‫مناطحقققققققققققققققققققققققا‬

‫قمم السقحاب فسققله‬


‫مققققققققن أرسققققققققاكا‬

‫وإذا رأيققت النققار شققب‬


‫لهيبهقققققققققققققققققققققققققا‬

‫فاسققأل لهيققب النققار‬


‫مققققققققققققققققن أوراك‬

‫للققه فققي الفققاق آيققات‬


‫لعققققققققققققققققققققققققققققل‬

‫أقلهققا هققو مققا إليققه‬


‫هققققققققققققققققققققققداكا‬

‫ولعل فققي النفققس مققن‬


‫آيقققققققققققققققققققققققققققاته‬

‫عجب عجاب لققو تققرى‬


‫عينققققققققققققققققققققققاك‬

‫‪16‬‬
‫خطب الشيخ محمد حسان )هل نعرف الله (ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(17‬‬

‫الكون مشحون بأسققرار‬

‫حققاولت تفسققيرا لهققا‬


‫أعياكققققققققققققققققققققققا‬

‫أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ‪.‬‬


‫الخطبة الثانية ‪:‬‬
‫الحمد للــه رب العــالمين ‪ ،‬وأشــهد أن ل إلــه إل اللــه‬
‫ولى المتقين وأشهد أن سيدنا محمدا ً عبده ورسوله ‪ ،‬قائد‬
‫الغر الميامين اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه وعلى آلــه‬
‫وأصحابه أجمعين ‪..‬‬
‫أما بعد ‪..‬‬
‫فيا أيها الحبة الكرام‬
‫وأخيرا ‪ :‬عتاب مخجل ‪:‬‬
‫َ‬
‫ك‬‫ك ب َِرب ّق َ‬
‫غ قّر َ‬
‫مققا َ‬ ‫ن َ‬ ‫هققا اْل ِن ْ َ‬
‫سققا ُ‬ ‫قال تعالى ‪َ ) :‬يا أي ّ َ‬
‫َ‬ ‫عدَل َ َ‬ ‫خل َ َ‬
‫ي‬
‫في أ ّ‬ ‫ك)‪ِ (7‬‬ ‫ك َ‬
‫ف َ‬ ‫وا َ‬‫س ّ‬ ‫ف َ‬ ‫ك َ‬ ‫ق َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ريم ِ )‪ (6‬ال ّ ِ‬ ‫ال ْك َ ِ‬
‫ك ( )النفطار ‪ (8-6‬روى المام أحمد‬ ‫شاءَ َرك ّب َ َ‬ ‫ما َ‬ ‫ة َ‬
‫صوَر ٍ‬ ‫ُ‬
‫في مسنده بسند حسن أن النــبي )ص( بصــق يومــا علــى‬
‫كفه ووضع إصبعه عليها ثم قــال ‪ " :‬قــال اللــه تعــالى ‪ :‬يــا‬
‫ابن آدم أنى تعجزني وقد خلقتك مــن مثــل هــذه حــتى إذا‬
‫سويتك وعــدلتك بيــن برديــن وللرض منــك وئيــد فجمعــت‬
‫ومنعت حتى إذا بلغت التراقي قلــت ‪ :‬أتصــدق وأنــى أوان‬
‫)‪(1‬‬
‫الصدقة "‬
‫أيها الحبيب ‪ :‬هذا الله العظيم الــذي تعرفنــا علــى‬
‫شئ يسير من نعمه وآياته علينــا ؟ أى يســتحق أن نفــرده‬
‫بالتوحيــد ؟ أل يســتحق أن نفــرده بالســؤال والســتعانة‬
‫والتوكل والرجاء والنابة ؟‬

‫)‪ (1‬أخرجه أحمد في مسنده )‪(4/210‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪17‬‬
‫خطب الشيخ محمد حسان )هل نعرف الله (ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(18‬‬

‫أيها الحبيب هيا جدد إيمانك به جل وعل ‪ ،‬إذا سألت فســأل‬


‫اللـه ‪ ،‬وإذا اســتعنت فاســتعن بــالله فل تحلــف إل بـه ‪ ،‬ول‬
‫تقدم النذر إل له ول تتوكــل إل عليــه ول تفــوض أمــرك إل‬
‫إليه ول ترج إل الله ‪.‬‬
‫أبشققر بخيققر ‪ ،‬فققأن‬ ‫يا صققاحب الهققم إن‬
‫الفققققققارج اللققققققه‬ ‫الهقققققم منفقققققرج‬
‫فحسققبك اللققه فققي‬ ‫والله مققا لكققم غيققر‬
‫كققققل لققققك اللققققه‬ ‫اللققققه مققققن أحققققد‬

‫روى البخاري ومسلم من حديث معاذ بن جبل قــال ‪:‬‬


‫كنت رديف النبي ‪ ‬يوما على حمار فقال النــبي لمعــاذ "‬
‫يا معاذ أتدرى ما حق الله على العباد ؟ " فقال معاذ ‪ :‬الله‬
‫ورسوله أعلم ‪ :‬فقال النبي ‪ " ‬حق اللــه علــى العبــاد أن‬
‫يعبدوه ول يشــركوا بــه شــيئا ‪ ،‬وحــق العبــاد علــى اللــه أل‬
‫)‪(1‬‬
‫يعذب من ل يشرك به شيئا "‬
‫فحق اللــه علينــا أن نعبــده وأن نوحــده ‪ ،‬وأن نفــرده‬
‫بالطاعة وأن نمتثل أمره وأن نتجنب نهيــه وأن نقــف عنــد‬
‫حده ‪.‬‬
‫فهيــا أيهــا المســلمون ‪ :‬جــددوا العبوديــة للــه تبــارك‬
‫وتعــالى ‪ ،‬امتثلــوا أمــره واجتنبــوا نهيــه ‪ ،‬وقفــوا عنــد حــده‬
‫تبارك وتعالى ‪ ،‬والعبادة ليست أمرا ً على هــامش الطريــق‬
‫فالعبادة هي اسم جامع لكــل مــا يحبــه اللــه ويرضــاه مــن‬
‫القوال والعمال الظاهرة والباطنة وأركانهــا كمــال الــذل‬
‫لله ‪ ،‬مع كمال الحــب للــه ‪ ،‬وشــروط قبولهــا مــن اللــه أن‬
‫تكون مخلصا ً تبتغى بعبادتك وجه الله ‪ ،‬وأن تكــون موافقـا ً‬
‫في عبادتك لهدى الحــبيب رســول اللــه صــلى اللــه عليــه‬
‫وآله ومن واله ‪.‬‬
‫)‪ (1‬أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير ‪ ،‬باب اسم الفرس والحمار )‪، (6/2856‬‬ ‫‪1‬‬

‫ومسلم في كتاب اليمان ‪ ،‬باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعا‬
‫)‪ ، (1/49‬والترمذي في كتاب اليمان ‪ ،‬باب ما جاء في افتراق هذه المة )‬
‫‪ ، (5/2634‬وأحمد في مسنده )‪(5/234‬‬
‫‪18‬‬
‫خطب الشيخ محمد حسان )هل نعرف الله (ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(19‬‬

‫‪19‬‬

You might also like