You are on page 1of 21

‫خطب الشيخ محمد حسان )الشهـــــــــوات (‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(53‬‬

‫الشهوات‬
‫الحمد لله رب العالمين ‪ ،‬وأشهد أن ل إله إل الله‬
‫الحق ‪ ،‬وأن ما يدعون من دونه الباطل ‪ ،‬وهو العلي الكبير‬
‫‪ ،‬وأشهد أن ل إله إل الله ‪ ،‬وحده ل شريك له ‪ ،‬هو الواحد‬
‫الذي ل ضد له ‪ ،‬هو الصمد الذي ل منازع له ‪ ،‬هو الغني‬
‫الذي ل حاجة له ‪ ،‬هو جبار السموات والرض ‪ ،‬فل راد‬
‫لحكمه ول معقب لقضائه وأمره ‪.‬‬
‫وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وعظيمنا وقائدنا ومعلمنا‬
‫وقدوتنا وقرة أعيننا محمد رسول الله ‪ ،‬اللهم صل وسلم‬
‫وبارك عليك يا سيدي يا رسول الله ‪ ،‬صلة وسلما يليقان‬
‫بمقامك يا أمير النبياء ويا سيد المرسلين ‪.‬‬
‫وأشهد لك يا سيدي يا رسول الله ويشهد معي‬
‫الموحدون أنك قد أديت المانة وبلغت الرسالة ونصحت‬
‫المة وكشف الله بك الغمة وعبدت ربك حتى لبيت‬
‫داعيه ‪ ،‬وجاهدت في سبيل ربك ‪ ،‬حتى أجبت مناديه ‪.‬‬
‫وعشت طوال أيامك ولياليك تمشي على شوك‬
‫السى ‪ ،‬وتخطو على جمر الكيد والعنت ‪ ،‬تلتمس الطريق‬
‫لهداية الضالين وإرشاد الحائرين ‪ ،‬حتى علمت الجاهل يا‬
‫سيدي ‪ ،‬وقومت المعوج يا سيدي ‪ ،‬وأمنت الخائف يا‬
‫سيدي ‪ ،‬وطمأنت القلق يا سيدي ‪ ،‬ونشرت أضواء الحق‬
‫والخير واليمان والتوحيد كما تنشر الشمس ضياءها في‬
‫رابعة النهار ‪.‬‬
‫فصلي الله وسلم وبارك عليك يا سيدي يا رسول الله‬
‫وجزاك الله عنا خير ما جزى به الله نبيا عن أمته ورسول‬
‫عن رسالته ‪..‬‬
‫أما بعد ‪..‬‬
‫فيا أيها الحباب الكرام ‪ :‬تعالوا بنا لنواصل مسيرتنا‬
‫المباركة في شرحنا ليات من كتاب ربنا عز وجل ‪.‬‬
‫خطب الشيخ محمد حسان )الشهـــــــــوات (‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(54‬‬
‫ومع اللقاء السابع والعشرين على التوالي ما زلنا‬
‫بفضل الله وطوله وحوله ومدده نطوف مع حضراتكم في‬
‫بستان سورة مريم المبارك وكنا قد توقفنا في اللقاء‬
‫م‬‫ه ْ‬‫د ِ‬ ‫ع ِ‬‫ن بَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫خل َ َ‬ ‫ف َ‬ ‫الماضي عند قول الحق جل وعل ‪َ ) :‬‬
‫ف‬‫و َ‬ ‫س ْ‬ ‫ف َ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ش َ‬ ‫عوا ال ّ‬ ‫وات ّب َ ُ‬ ‫صلةَ َ‬ ‫عوا ال ّ‬ ‫ضا ُ‬ ‫ف أَ َ‬ ‫خل ْ ٌ‬ ‫َ‬
‫غي ّا ً ( )مريم‪ (59/‬وانتهينا من شرح هذه الية في‬ ‫ن َ‬ ‫و َ‬ ‫ق ْ‬ ‫ي َل ْ َ‬
‫خل ْ ٌ‬
‫ف‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫د ِ‬‫ع ِ‬ ‫ن بَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫خل َ َ‬ ‫ف َ‬ ‫شطرها الول أل وهو ‪َ ) :‬‬
‫صلةَ ( ونحن اليوم على موعد مع شطر الية‬ ‫عوا ال ّ‬ ‫ضا ُ‬ ‫أَ َ‬
‫ت(‬ ‫وا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ش َ‬ ‫عوا ال ّ‬ ‫وات ّب َ ُ‬ ‫الثاني أل وهو قول الله عز وجل ‪َ ) :‬‬
‫ة‬
‫صل َ‬ ‫عوا ال ّ‬ ‫ضا ُ‬ ‫ف أَ َ‬ ‫خل ْ ٌ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫د ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫ن بَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫خل َ َ‬ ‫ف َ‬ ‫) َ‬
‫ف‬‫و َ‬ ‫س ْ‬ ‫ف َ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ش َ‬ ‫عوا ال ّ‬ ‫وات ّب َ ُ‬ ‫َ‬
‫غي ّا ً(‬ ‫ن َ‬ ‫و َ‬ ‫ق ْ‬ ‫ي َل ْ َ‬
‫والشهوات أيها الحبة الكرام جمع شهوة ولقد عرفها‬
‫ابن منظور في " لسان العرب " فقال ‪ :‬إن الشهوة‬
‫ليست خاصة بشيء معين أو محدد ولكنها في كل شيء‬
‫من معاصي الله عز وجل‪.‬‬
‫والشهوات أيها الحباب من أعظم الفتن على‬
‫النسان ‪ ،‬لن الفتنة نوعان والكلم لستاذنا المام ابن‬
‫القيم يقول ‪ :‬إن الفتنة نوعان ‪ :‬فتنة الشبهات ‪ ،‬وفتنة‬
‫الشهوات ‪ ،‬أما فتنة الشبهات فتأتي من قلة العلم ومن‬
‫اتباع الهوى ‪ ،‬ولقد حذر الله جل وعل من اتباع الهوى ‪،‬‬
‫لن اتباع الهوى يضل عن سبيل الله فقال سبحانه ‪َ ) :‬يا‬
‫ْ َ‬ ‫عل َْنا َ‬
‫ن‬
‫م ب َي ْ َ‬ ‫حك ُ ْ‬ ‫فا ْ‬ ‫ض َ‬ ‫في الْر ِ‬ ‫ة ِ‬ ‫ف ً‬ ‫خِلي َ‬ ‫ك َ‬ ‫ج َ‬ ‫ودُ إ ِّنا َ‬ ‫دا ُ‬ ‫َ‬
‫ل‬
‫سِبي ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ك َ‬ ‫ضل ّ َ‬ ‫في ُ ِ‬ ‫وى َ‬ ‫ه َ‬ ‫ع ال ْ َ‬ ‫ول ت َت ّب ِ ِ‬ ‫ق َ‬ ‫ح ّ‬ ‫س ِبال ْ َ‬ ‫الّنا ِ‬
‫ب‬ ‫ذا ٌ‬ ‫ع َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ه لَ ُ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ضّلو َ‬ ‫ن يَ ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫ه إِ ّ‬ ‫الل ّ ِ‬
‫ص‪ (26/‬فأما فتنة‬ ‫ب( ) ّ‬ ‫سا ِ‬ ‫ح َ‬ ‫م ال ْ ِ‬ ‫و َ‬ ‫سوا ي َ ْ‬ ‫ما ن َ ُ‬ ‫ديدٌ ب ِ َ‬ ‫ش ِ‬ ‫َ‬
‫الشهوات فسببها كثرة المعاصي وفسق العمال وسيطرة‬
‫الدنيا على القلوب ولذا فلقد قال سلفنا الصالح ‪ :‬احذروا‬
‫من الناس صنفين ‪ :‬صاحب هوى قد فتنه هواه ‪ ،‬وصاحب‬
‫دنيا قد أعمته دنياه ‪.‬‬
‫خطب الشيخ محمد حسان )الشهـــــــــوات (‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(55‬‬
‫وأقول – ول حول ول قوة إل بالله العلي العظيم –‬
‫لقد ابتلنا الله جل وعل في بلدنا وفي أيامنا هذه وفي‬
‫زماننا هذا بهذين الصنفين ‪ ،‬ابتلنا الله جل وعل ابتلءا ً‬
‫شديدا ‪ ،‬بكثير من الناس الذين قد أعمتهم شهوات الدنيا‬
‫وشبهات الباطل فراحوا يقولون في هذا الدين بغير علم ‪،‬‬
‫وراحوا يفترون على الله جل وعل ‪ ،‬وراحوا يعلنون العداء‬
‫لهذا الدين ‪ ،‬وراحوا يظهرون حقدهم الدفين على هذا‬
‫الدين ويشنون عليه الحرب الهوجاء باسم الدين ‪ ،‬ولكنت‬
‫يأبى الله جل وعل إل أن يظهر حقدهم الدفين ‪ ،‬وإل أن‬
‫يظهر نفاقهم المبين على هذا السلم ‪ ،‬وعلى هذا الدين‬
‫العظيم في زلت ألسنتهم ‪ ،‬وعلى صفحات وجوههم ‪،‬‬
‫ليميز الله الخبيث من الطيب ‪ ،‬وليعلم الموحدون العدو‬
‫من الصديق ‪.‬‬
‫أيها الحبة الكرام ‪ :‬لقد ابتلنا الله جل وعل في‬
‫هذه اليام ابتلءا شديدا بكثير من الناس الذين يقولون‬
‫في ديننا بغير علم ‪ ،‬الذين يقولون في ديننا بالهوى والذي‬
‫أعمت أعينهم نار الشبهات ‪ ،‬وظلمات الشهوات فراحوا‬
‫يفترون على الله الكذب وراحوا يعلنون العداء للسلم‬
‫ولرسول السلم ‪. ‬‬
‫نعم ‪ ،‬ولكن الله جل وعل وعدنا بأنه هو الذي‬
‫ن ن َّزل َْنا‬
‫ح ُ‬
‫سيتولى حفظ دينه وهو الذي قال ‪ ) :‬إ ِّنا ن َ ْ‬
‫ن ( )الحجر‪ (9/‬اعلموا أيها‬ ‫ظو َ‬‫ف ُ‬ ‫ه لَ َ‬
‫حا ِ‬ ‫وإ ِّنا ل َ ُ‬
‫الذّك َْر َ‬
‫الحباب أنه ليس من العيب أن يزل العالم ‪ ،‬لنه ليس‬
‫بمعصوم لن العصمة للنبي ‪ ‬وحده ولكن مكمن الخطر‪،‬‬
‫ولكن مصيبة المصائب أن يقول العالم في الدين بغير‬
‫علم ‪ ،‬أو أن يقول العالم ‪ ،‬ويصر على خطئه وعلى عناده‬
‫وعلى كبره بعدما يتبين له الحق بالدليل الشرعي استحياء‬
‫من الناس أو خجل ً من الناس أو خوفا ً من الناس والله ل‬
‫يستحي من الحق ‪.‬‬
‫خطب الشيخ محمد حسان )الشهـــــــــوات (‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(56‬‬
‫أقولها بمنتهى الوضوح والصراحة ‪ :‬إننا نحب علمائنا‬
‫إننا نحب شيوخنا ولكن الحق أحب إلينا من شيوخنا‬
‫وعلمائنا ‪.‬‬
‫أيها الحباب الكرام ‪ :‬إن مكمن الخطورة في‬
‫فتاوي عصرنا المنحرفة والمضللة إنها سرعان ما تنتشر‬
‫وسرعان ما يعرفها مليين من البشر بواسطة وسائل‬
‫العلم الحديثة المسموعة والمرئية والمقروءة ‪.‬‬
‫وإن مكمن الخطر كذلك ‪ ،‬وإن مصيبة المصائب أن‬
‫الذين يتحكمون في أنظمة الفكر في بلدنا ‪ ،‬وأن الذين‬
‫يسيطرون على عقول الناس بما يملون عليهم من آراء‬
‫وأفكار هذا الصنف من الناس عادة ما يحاط بهالة من‬
‫الدعاية تستر كذبه وتستر جهله وتغطي حقده الدفين‬
‫على هذا السلم وعلى هذا الدين ‪.‬‬
‫وعادة ما يحاط هؤلء بهالة عجيبة من الدعاية‬
‫والعلن ليلوي هؤلء الناس أعناق الناس إليهم ‪ ،‬وليلفت‬
‫هؤلء الناس أسماع الناس إليهم ‪ ،‬فيرضخوا لفتاويهم‬
‫ويرضخوا لكلماتهم ‪ ،‬ويأبى الله جل وعل إل أن يقيض لهذا‬
‫الدين من يحذر الناس من فتاوى هؤلء ومن دعاوى هؤلء‬
‫‪.‬‬
‫اعلموا أيها الناس بأن هذه الهالة وبأن هذه الدعوات‬
‫وبأن هذا العلن ل يقرب هؤلء – أي أصحاب الفكر – من‬
‫قلوب الناس ‪ ،‬ول يجعل من جهلهم علما ول يجعل من‬
‫بعدهم عن قلوب الناس قربا ‪ ،‬مثلهم كمثل الطبل‬
‫الجوف يسمع صوته من بعيد وباطنه من الخيرات خال ‪.‬‬
‫نعم ‪ ،‬إنني أقدم بهذه المقدمة الطويلة لماذا ؟‬
‫لنه مما يمزق الضمائر الحية أن ينبري أعداء ديننا‬
‫في هذه اليام وعبيد الفكر الغربي لحرب هذا السلم ‪،‬‬
‫حربا ً صريحا ً وحربا ً هوجاء ‪ ،‬وأرى أن أعداء هذا الفكر –‬
‫أي الفكر السلمي – وأنصار هذا الفكر – أي الفكر‬
‫خطب الشيخ محمد حسان )الشهـــــــــوات (‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(57‬‬
‫الغربي – راحوا ينفثون سمومهم على صفحات الجرائد‬
‫وعبر شاشات التليفزيون ‪ ،‬وعبر الذاعات المسموعة في‬
‫كل زمان وفي كل مكان يريدون إسلما على أمزجتهم ‪،‬‬
‫يريدون إسلما ً خاصا ً بأهوائهم ‪ ،‬يريدون إسلما ً خاصا ً بما‬
‫يمليه عليهم قادة الغرب من المستشرقين ومن‬
‫المبشرين ومن الشيوعيين ومن العلمانيين‬
‫فتارة يقولون ‪ :‬إننا ل نأخذ بآراء الفقهاء ‪ ،‬ول بآراء‬
‫المفسرين ‪ ،‬ول بآراء العلماء ل نأخذ إل بالوحي من‬
‫القرآن والسنة ‪ ،‬فإن وافقتهم جدل على ذلك إن وافقتهم‬
‫أن يتركوا آراء الفقهاء وآراء العلماء وآراء المفسرين‬
‫ويأخذوا بالقرآن والسنة بعد فترة يقولون لك ‪ :‬إننا ل نأخذ‬
‫بالسنة بكاملها ‪ ،‬لن في السنة ما هو ضعيف ‪ ،‬لن في‬
‫السنة ما هو مردود لن في السنة ما هو موضوع ‪ ،‬ول‬
‫نأخذ إل بالقرآن الكريم فإذا ما ضيعوا السنة ولم يبق‬
‫أمامهم إل القرآن ‪ .‬قالوا لك بعد ذلك ‪ :‬إن القرآن قد نزل‬
‫ليعالج أوضاع البيئة العربية في أرض الجزيرة ولذا فإنه‬
‫ينبغي أن نأخذ من القرآن ما يتفق مع روح عصرنا وما‬
‫يتمشى مع روح التطور والتحرر ‪.‬‬
‫أضاعوا آراء الفقهاء وأضاعوا السنة ‪ ،‬وفي النهاية‬
‫قالوا ‪ :‬لبد أن نأخذ من القرآن ما يتفق مع روح عصرنا‬
‫ومع روح مدنيتنا ‪ ،‬وتطورنا آمنوا ببعض الكتاب وكفروا‬
‫بالبعض الخر ‪.‬‬
‫فإن قلت لهم ‪ :‬إن القرآن الكريم يقول ‪ :‬إن الخنزير‬
‫رجس لقد وصف القرآن الكريم لحم الخنزير بأنه رجس‬
‫لقالوا لك ‪ :‬لقد وصف القرآن الكريم هذه الخنازير ‪،‬‬
‫ولحوم الخنازير بأنها رجس ‪ ،‬لن وصفه كان لخنازير في‬
‫العصور المتخلفة ‪ ،‬كانت خنازير سيئة التغذية ‪ ،‬أما خنازير‬
‫اليوم – وما أكثرها – فإنها خنازير متطورة فإنها خنازير‬
‫متحضرة ‪ ،‬فإنها خنازير ليست بخنازير متخلفة ‪ ،‬كخنازير‬
‫العصور الماضية ‪.‬‬
‫خطب الشيخ محمد حسان )الشهـــــــــوات (‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(58‬‬
‫وإن قلت لهم ‪ :‬إن القرآن الذي تؤمنون به يقول ‪) :‬‬
‫ل َ ّ ْ ُ‬
‫ن ( )النساء‪ (11/‬في الميراث‬ ‫حظ الن ْث َي َي ْ ِ‬ ‫مث ْ ُ‬
‫ر ِ‬‫ِللذّك َ ِ‬
‫يقولون لك ‪ :‬لقد قال القرآن ذلك في عصور ماضية قبل‬
‫أن تخرج المرأة بميدان العمل ‪ ،‬أما يوم أن خرجت‬
‫المرأة لميدان العمل ‪ ،‬فأصبحت مساوية للرجل في كل‬
‫شيء وهكذا ‪ ،‬إنها نار الشهوات وفتن الشبهات ‪.‬‬
‫وأنا كما قلت ‪ :‬أقدم بهذه المقدمة الطويلة لهذه‬
‫الشهوات والشبهات ‪ ،‬التي يحارب بها إسلمنا وديننا في‬
‫هذه اليام ‪ ،‬لنه كاد قلبي ينخلع وكاد عقلي يطير لما‬
‫قرأته على صفحات جريدة إسلمية ‪ ،‬ول أقول على‬
‫صفحات جريدة شيوعية ‪ ،‬أو علمانية أو ماركسية ‪ ،‬وإنما‬
‫أقول ‪ :‬على صفحات جريدة إسلمية ‪ ،‬بعنوان " تذكير‬
‫الصحاب بتحريم النقاب " أسمعتم ؟ أرأيتم ؟ على‬
‫صفحات جريدة إسلمية عنوان ضخم يقول ‪ " :‬تذكير‬
‫الصحاب بتحريم النقاب "‬
‫إلى هذا الحد يحارب السلم ! إلى هذا الحد يحارب‬
‫اللتزام ! إلى هذا الحد يحارب الحتشام ! ‪ ،‬أنا ل أدري ‪،‬‬
‫ل أدري لماذا يثير النقاب هذه البغضاء في قلوب هؤلء ؟‬
‫والله ل أدري ‪ ،‬فمنهم من يصف النقاب بأنه خيمة ‪،‬‬
‫ومنهم من يصف المنتقبات بأنهن متأخرات ومتخلفات‬
‫ورجعيات ومتحجرات ‪.‬‬
‫ل أدري لماذا كل هذه الحرب الشعواء ‪ ،‬لماذا كل‬
‫هذه الحرب الهوجاء على النقاب؟ لماذا لم تكن هذه‬
‫الحرب على السفور ؟ لماذا لم تكن هذه الحرب على‬
‫العري والتبرج ؟ لماذا لم تكن هذه الحرب على الختلط‬
‫السافر ؟‬
‫لماذا لماذا ؟ لماذا لم تكن هذه الحرب على‬
‫المتبرجات الكاسيات العاريات المائلت المميلت اللئي‬
‫تفتح لهن البواب ‪ ،‬وتيسر لهن السباب ‪ ،‬وتذلل لهن‬
‫الصعاب وينلن كل الرضا وكل الحترام ‪ ،‬وكل التقدير من‬
‫خطب الشيخ محمد حسان )الشهـــــــــوات (‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(59‬‬
‫هؤلء ‪ ،‬من أصحاب الشهوات من أصحاب القلوب‬
‫المريضة ؟!‬
‫أما المنتقبات ‪ ،‬أما العفيفات ‪ ،‬أما الطاهرات ‪ ،‬أما‬
‫المتوضئات ‪ ،‬فإن الحرب تصب على رؤوسهن صبا ً ‪ ،‬ل‬
‫تفتح لهن البواب ‪ ،‬ل تفتح لهن أبواب الجامعات ل تفتح‬
‫لهن أبواب المدارس ‪ ،‬ل تفتح لهن أبواب الوزارات ‪ ،‬أو‬
‫أبواب العمال ل تفتح لهن البواب ‪ ،‬ول تذلل لهن‬
‫الصعاب ‪ ،‬ول تيسر لهن السباب ‪ ،‬ويصب هؤلء الحاقدين‬
‫على رؤوسهن الحرب صبا ً ‪ .‬لماذا كل ذلك ؟ لماذا هذه‬
‫الحرب الشعواء على النقاب وعلى السلم وعلى الخوة‬
‫الذين توضؤوا لله جل وعل ‪ ،‬والذين سجدوا لله عز وجل ‪،‬‬
‫والذين رفعوا شعار ل إله إل الله لماذا ؟‬
‫إنني أتعجب ‪ ،‬والله إنني لتألم من هذه الحرب ‪،‬‬
‫ولكنني أتعجب ويزداد عجبي أن تكون هذه الحرب على‬
‫النقاب ‪ ،‬ليس من أعداء السلم ‪ ،‬وإنما ممن ينتسبون‬
‫ظلما وزورا إلى السلم إلى هذا الحد تحارب المنتقبة من‬
‫المسلمين ؟ تحارب المنتقبة ممن يتسمون بسمة أهل‬
‫العلم والدين إلى هذا الحد ؟ إنا لله وإنا له راجعون ‪ ،‬إنا‬
‫لله وإنا إليه راجعون ‪.‬‬
‫ولكنني أقول ‪ :‬أيتها الخت المنتقبة ‪ ،‬اصبري يا أختاه‬
‫اصبري يا أختاه واعلمي علم اليقين أن النبي ‪ ‬قال في‬
‫الحديث الصحيح الذي خرجه المام مسلم ‪ ،‬والذي خرجه‬
‫غيره من أهل السنن وأهل المسانيد أن النبي ‪ ‬قال من‬
‫حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال ‪ " :‬بدأ السلم غريبا‬
‫وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء " ‪.‬‬
‫وفي رواية للمام أحمد قيل ‪ :‬من الغرباء يا رسول‬
‫)‪(1‬‬
‫الله ؟ قال ‪ " :‬الذين يصلحون إذا فسد الناس"‬

‫)‪ (1‬أخرجه مسلم في اليمان ‪ ،‬باب بيان أن السلم بدأ غريبا وسيعود غريبًا )‪(1/145‬‬ ‫‪1‬‬

‫وابن ماجة في الفتن‪ ،‬باب بدأ السلم غريبًا )‪ (2/3987‬وأحمد في مسنده )‪(4/73‬‬
‫خطب الشيخ محمد حسان )الشهـــــــــوات (‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(60‬‬
‫الغرباء الذين يصلحون إذا ما فسد الناس ‪ .‬الذين‬
‫يتمسكون بالقرآن ويتمسكون بهدي النبي ‪ ‬في وقت‬
‫قل فيه التمسك بالقرآن في وقت قل فيه التمسك بسنة‬
‫النبي ‪‬‬
‫وفي الحديث الصحيح أيضا الذي أخرجه المام‬
‫الترمذي بسند صحيح من حديث أنس بن مالك رضي الله‬
‫عنه أن النبي ‪ ‬قال ‪ " :‬سيأتي على الناس زمان الصابر‬
‫)‪(2‬‬
‫فيه علي دينه كالقابض على الجمر"‬
‫وهذا هو زماننا ‪ ،‬وهذه هي أيامنا فمن صبر في هذه‬
‫اليام ‪ ،‬ومن صبر في هذا الزمان على دينه كمن قبض‬
‫على جمر بين يديه ‪.‬‬
‫فاصبري يا أختاه واصبروا أيها الخوة اصبروا أيها‬
‫الشباب ‪ ،‬اصبروا أيها المسلمون فإن الله جل وعل قال ‪:‬‬
‫سراً(‬‫ر يُ ْ‬
‫س ِ‬ ‫ع ال ْ ُ‬
‫ع ْ‬ ‫م َ‬
‫ن َ‬
‫سراً)‪ (5‬إ ِ ّ‬
‫ر يُ ْ‬
‫س ِ‬
‫ع ْ‬‫ع ال ْ ُ‬
‫م َ‬
‫ن َ‬ ‫) َ‬
‫فإ ِ ّ‬
‫)الشرح‪(6-5/‬‬
‫ويقول لكم ‪ :‬ابشروا فإن أشد ساعات الليل سوادا‬
‫هي الساعة التي يأتي بعدها ضوء الفجر ‪ ،‬وفجر السلم‬
‫قادم ‪ ،‬ونور السلم قادم ‪ ،‬ونور محمد قادم وعز السلم‬
‫قادم ‪ ،‬ولكننا نحتاج إلى الصبر ‪ ،‬اصبري يا أختاه اصبري يا‬
‫من التزمت بشرع الله ‪ ،‬اصبر يا من التزمت بشرع‬
‫رسول الله ‪. ‬‬
‫فإني أتعجب !! النقاب حرام !! هذا آخر ما كنت‬
‫أتخيله ‪ ،‬أن النقاب حرام ليخرج علينا بعد ذلك هذا الفذ‬
‫العبقري بهذا الختراع المدوي وبهذا الكتشاف الكبير‬
‫وبهذه القنبلة المدوية ليقول لنا ‪ :‬إن النقاب حرام والله‬
‫ما قال بذلك أحد من أسلفك الولين ‪.‬‬
‫اعلموا أيها الناس ‪ ،‬اعلموا أن أعداء السلم علموا أن‬
‫المرأة سبب فلح المة السلمية ‪ ،‬ومصدر من مصادر‬
‫)‪ (2‬أخرجه الترمذي في كتاب الفتن )‪ (4/2260‬وأحمد في مسنده )‪ (2/390‬وقال أبو‬ ‫‪2‬‬

‫عيسى ‪ ،‬حديث غريب من هذا الوجه ‪.‬‬


‫خطب الشيخ محمد حسان )الشهـــــــــوات (‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(61‬‬
‫نجاحها ‪ ،‬اعلموا أن أعداء السلم يعلمون أن عز المة‬
‫عند امرأة مسلمة ‪ ،‬ويعلمون كذلك أن المرأة المسلمة‬
‫مصدر من مصادر الفتن والهتك والهدم والتدمير ‪ ،‬فإن‬
‫المرأة سلح ذو حدين ‪.‬‬
‫ولقد علم أعداء السلم ذلك ولقد قالها أحد أقطاب‬
‫المستعمرين يوم أن قال ‪ :‬كأس وغانية يفعلن في المة‬
‫المحمدية ما ل يمكن أن يفعله ألف مدفع ‪ ،‬فأغرقوا المة‬
‫في الشهوات والملذات هكذا أفلح أعداء ديننا وهكذا‬
‫خطط أعداء إسلمنا ‪ ،‬علموا علم اليقين أن المرأة سلح‬
‫ذو حدين فهي مصدر عزة للمة ومصدر هتك وهدم‬
‫وتدمير فهي سلح ذو حدين ‪.‬‬
‫ومن هذا المنطلق كان للمرأة النصيب الكبر والحظ‬
‫الوفر من المؤامرات ‪ ،‬ومن المخططات ‪ ،‬ومن‬
‫التدميرات التي دبرت لسلمنا والتي دبرت لمتنا والتي‬
‫دبرت لديننا فانتبهوا جيدا ً ‪.‬‬
‫علموا علم اليقين أن المرأة إن التزمت بما قال لها‬
‫ربها وبما قال لها نبيها ‪ #‬فهي مصدر الرعب ‪ ،‬فقد ظلت‬
‫المرأة المسلمة طيلة القرون الماضية متربعة مصونة في‬
‫عرشها تهز المهد بيمينها ‪ ،‬وتزلزل عروش الكفر بشمالها‬
‫فعز على أعداء ديننا أن تجود المرأة المسلمة في أيامنا ‪،‬‬
‫وفي بلدنا ‪ ،‬وفي زماننا أن تنجب عمر كعمر بن‬
‫الخطاب ‪ ،‬أو أن تنجب خالدا ً كخالد بن الوليد ‪ ،‬أو أن‬
‫تنجب صلحا كصلح الدين فراحوا يدبرون ‪ ،‬وراحوا‬
‫يخططون ‪.‬‬
‫ووالله الذي ل إله غيره ما ترك الستعمار بلدنا وما‬
‫سحب الستعمار جيوشه من بلدنا ومن أرضنا إل بعد أن‬
‫اطمأنوا اطمئنانا ً كامل – أي والله – من قادة الفكر ‪،‬‬
‫وقادة الدب ‪ ،‬وقادة الفن ‪.‬‬
‫خطب الشيخ محمد حسان )الشهـــــــــوات (‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(62‬‬
‫هؤلء الذين سماهم الستعمار وأطلق عليهم زورا ً‬
‫وبهتانا ً لضلل المسلمين أطلق عليهم صفات المحررين‬
‫وصفات المطورين ‪ ،‬وصفات المجددين هذه الدعاوى‬
‫الباطلة ‪ ،‬وهذه الدعاوى الكاذبة ‪.‬‬
‫ومن هؤلء ؟ من هؤلء الذي انخدع فيهم كثير من‬
‫الشباب وكثير من المسلمين من قادة هذه المة ‪ :‬رفاعة‬
‫رافع الطهطاوى هذا الذي أعدت له المسلسلت وأعدت‬
‫له الكتب وقررت سيرته على الشباب وعلى الطلبة‬
‫وعلى الطالبات هذا هو رفاعة رافع الطهطاوى يقول‬
‫بالحرف الواحد في كتابه الشهير ‪ " :‬تخليص البريز في‬
‫تلخيص باريس " يقول بالحرف الواحد ‪ :‬إن السفور‬
‫والختلط بين الجنسين ليس داعيا ً من دواعي الفساد‪.‬‬
‫هل حلت جميع مشاكلنا أيها العبقري ‪ ،‬ولم يتبق إل‬
‫مشكلة النقاب سقطت ذبابة على نخلة البلح فلما أرادت‬
‫الذبابة أن تنصرف قالت الذبابة للنخلة ‪ :‬تماسكي أيتها‬
‫النخلة فإني راحلة عنك أمر عجيب ! الذبابة تقول للنخلة‬
‫العملقة ‪ :‬تماسكي أيتها النخلة فإني راحلة عنك فردت‬
‫عليها النخلة العملقة وقالت لها ‪ :‬انصرفي أيتها الذبابة‬
‫الحقيرة فهل أحسست بك حينما سقطت علي لستعد لك‬
‫وأنت راحلة عني ‪.‬‬
‫قل ما شئت وليقل الحاقدون ما شاءوا ‪ ،‬والله لو‬
‫اجتمع أهل الرض على أن يطفئوا نور الله ما استطاعوا‬
‫والله ما استطاعوا ‪ ،‬وسيعلوا صوت الله جل وعل في كل‬
‫زمان وفي كل مكان ‪ ،‬وسيعلوا صوت الحبيب ‪ ‬في كل‬
‫زمان وفي كل مكان ويأبى الله إل أن يتم نوره ولو كره‬
‫الكافرون ‪ ،‬ولو كره المشركون ‪ ،‬ولو كره الحاقدون ‪ ،‬ولو‬
‫كره المنافقون الذين يأبى الله جل وعل – إل أن يظهر‬
‫نفاقهم ‪ ،‬وإل أن يظهر حقدهم على صفحات وجوههم ‪،‬‬
‫وعلى صفحات جرائدهم ‪ ،‬وفي زلت ألسنتهم ‪ ،‬ليميز الله‬
‫خطب الشيخ محمد حسان )الشهـــــــــوات (‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(63‬‬
‫الخبيث من الطيب ‪ ،‬ولنعرف نحن الموحدين العدو من‬
‫الصديق إن النقاب حرام ‪ ،‬إن النقاب حرام ؟!!‬
‫ليتك قلت ‪ :‬إن التبرج حرام ‪ ،‬ليتك قلت ‪ :‬إن العري‬
‫حرام ‪ ،‬ليتك قلت ‪ :‬إن السفور حرام ‪ ،‬ليتك قلت ‪ :‬إن‬
‫الربا حرام ‪ ،‬ليتك قلت ‪ :‬إن الخمر حرام ‪ ،‬ليتك قلت ‪:‬‬
‫إن الزنا حرام ‪ ،‬ليتك قلت ‪ :‬إن كباريهات شارع الهرم‬
‫حرام ‪ ،‬ليتك قلت ‪ :‬إن البنوك وفوائدها من الربا حرام ‪،‬‬
‫ليتك قلت ‪ :‬إن سلب الحريات حرام ‪ ،‬ليتك قلت ‪ :‬إن‬
‫تيتم الطفال حرام ‪ ،‬ليتك قلت ‪ :‬إن الزنا حرام ‪ ،‬ليتك‬
‫قلت ‪ :‬إن قتل البرياء من الطفال والشيوخ والنساء على‬
‫أرض فلسطين الذبيحة حرام ‪ ،‬ليتك قلت ‪ :‬إن اجتماع‬
‫الغرب بأسره على السلم حرام ‪ ،‬ليتك قلت ‪ :‬إن‬
‫حملت التبشير والتنصير والعداء للسلم حرام ‪ ،‬ليتك‬
‫قلت ذلك ‪.‬‬
‫هل انتهيت من كل ذلك أيها العبقري أيها الدكتور‬
‫لتترك كل ذلك وتقول ‪ :‬إن النقاب حرام ؟! هل حلت‬
‫جميع مشاكل مصر ؟! هل حلت مشاكل الشباب ؟! هل‬
‫حلت مشاكل النساء والفتيات ولم يبق لنا إل مشكلة‬
‫النقاب لنتبارى فيها بنار الشهوات والشبهات لنضل الناس‬
‫بغير علم ؟! ‪.‬‬
‫والله لقد كنت أعددت لكم الدلة من الكتاب والسنة‬
‫على وجوب النقاب عند كثير من أهل العلم ‪ ،‬ولكنني أرى‬
‫الوقت ل يتسع فإنه موضوع كامل يحتاج منا إلى كتاب‬
‫كامل ‪ ،‬لنعلم إن هؤلء ما تحركوا بهذه الفتاوى إل من‬
‫منطلق الهوى وإل من منطلق فتن الشبهات والشهوات ‪.‬‬
‫ولكن أيها المسلمون ‪ :‬اعلموا علم اليقين والله الذي‬
‫ل إله غيره ل عز لنا إل بالسلم ‪ ،‬ول كيان لنا إل‬
‫بالسلم ‪ ،‬ول وجود لنا إل باتباع محمد عليه الصلة‬
‫والسلم‪.‬‬
‫خطب الشيخ محمد حسان )الشهـــــــــوات (‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(64‬‬
‫ولقد ورد في مستدرك الحاكم وقال الحاكم ‪ :‬حديث‬
‫صحيح على شرط الشيخين البخارى ومسلم ووافقه في‬
‫ذلك المام الذهبي قال ‪ :‬إن عمر بن الخطاب رضي الله‬
‫عنه خرج يوما ً إلى الشام ومعه أبو عبيدة الجراح وكان‬
‫عمر بن الخطاب يركب على ناقته ‪ ،‬وفي الطريق مر‬
‫عمر بن الخطاب على مخاضة أي على بركة من الطين‬
‫والماء ‪ ،‬ونظر عمر بن الخطاب إلى هذه المخاضة ‪ ،‬إلى‬
‫بركة الطين والماء ‪ ،‬فماذا صنع أمير المؤمنين ‪.‬‬
‫أشفق عمر بن الخطاب على ناقته فنزل من على ظهرها‬
‫وجرها ‪ ،‬سحبها بيديه وخلع نعليه ووضعهما على عاتقه‬
‫وأخذ بزمام الناقة خشي من الله جل وعل أن يركب على‬
‫ظهرها لتخوض به هذه المخاضة ‪.‬‬
‫أرأيتم ؟ أرأيتم ؟ فهو الذي كان يمد يده الشريفة في‬
‫دبر البعير المريض ليداويه ويعالجه وإذا ما نظر إلى البعير‬
‫المريض وهو يشتكي وهو يئن بكى عمر بن الخطاب وقال‬
‫له ‪ :‬والله إني لخائف أن يحاسبني ربي عما بك من مرض‬
‫يوم القيامة ‪..‬‬
‫عمر ينزل من على ظهر الناقة ويضع نعليه على‬
‫عاتقه ويسحب ناقته من زمامها وينظر أبو عبيدة بن‬
‫الجراح ويتعجب لحال عمر ويقول له ‪ :‬يا أمير المؤمنين‬
‫أأنت تصنع ذلك ؟ والله ما أحب أن القوم قد استشرفوك‬
‫– أي إنني أكره أن يراك أحد وأنت على هذه الحالة – ل‬
‫أحب أن يراك أحد وأنت على هذه الحالة يا أمير المؤمنين‬
‫‪.‬‬
‫أتدرون ماذا قال عمر ؟ قال عمر ‪ :‬آه يا أبا عبيدة ‪،‬‬
‫لو قالها أحد غيرك ‪ ،‬لجعلته نكال ً لمة محمد ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬يا‬
‫أبا عبيدة والله لقد كنا أذل قوم ‪ ،‬فأعزنا الله بالسلم ‪،‬‬
‫ومهما ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله ‪.‬‬
‫خطب الشيخ محمد حسان )الشهـــــــــوات (‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(65‬‬
‫ل عز لنا إل بإسلمنا ‪ ،‬ول كيان لنا إل بديننا ‪ ،‬ول بقاء‬
‫لنا إل بالتزامنا ‪ ،‬أما أن ينعق كل ناعق ‪ ،‬وأن يفتري كل‬
‫مفتر ‪ ،‬ويقول في العلم وفي الدين بغير علم بالهوى ‪ ،‬إن‬
‫النبي ‪ ‬قال في الحديث الصحيح الذي خرجه المام‬
‫البخاري والمام مسلم من حديث عبد الله بن عمرو إنه‬
‫‪ ‬قال ‪ " :‬إن الله ل ينزع العلم انتزاعا ينتزعه من صدور‬
‫الرجال ‪ ،‬ولكن يقبض العلم بقبض العلماء ‪ ،‬فإذا لم يتبق‬
‫عالم اتخذ الناس رؤوسا ً جهال ً فسئلوا فأفتوا بغير علم‬
‫)‪(1‬‬
‫فضلوا وأضلوا "‬
‫أين أنتم يا هؤلء ؟ يا من تتبجحون على الدين بغير‬
‫علم يا من تجترئون على الدين بغير علم أين أنتم من‬
‫رسول الله ‪ ‬الذي كان إذا ما سئل يقول ‪ " :‬انتظروا‬
‫حتى يأتينى جبريل بالوحي من عند الله " ‪ ..‬أين أنتم من‬
‫صحابة رسول الله ؟ أين أنتم من التابعين ؟ ‪.‬‬
‫وهذا هو القاسم بن محمد إمام من أئمة الفقه‬
‫السبعة في المدينة المنورة يأتيه سائل ليسأله عن شيء‬
‫فيقول القاسم ‪ :‬إني ل أحسنه ‪ ،‬إني ل أعرف ‪ ،‬ل أدري‬
‫فتعجب السائل وقال له ‪ :‬يا قاسم أنا اتيتك ل أعرف‬
‫غيرك وأنت تقول ‪ :‬ل أعرف ‪ ،‬ل أدري ؟ فنظر إليه‬
‫القاسم وقال ‪ :‬يا أخي ل تنظر إلى طول لحيتي ول إلى‬
‫كثرة الناس من حولي ‪ ،‬والله ل أحسنه ‪ ،‬والله ل أعرف ‪،‬‬
‫والله ل أدري ‪ ،‬فكان هناك شيخ إلى جوار القاسم من‬
‫شيوخ قريش فقال له ‪ :‬أيها العالم يا بن عم يا ابن عم‬
‫الزمها ‪ ،‬الزمها فوالله ما رأيناك في مجلس أنبل منك‬
‫اليوم فقال القاسم ‪ :‬والله ‪ ،‬والله لن يقطع لساني خير‬
‫لي وأحب من أن أقول في الدين بما ل علم لي به ‪..‬‬

‫)‪ (1‬أخرجه البخارى في العلم ‪ ،‬باب كيف يقبض العلم )‪ (1/100‬ومسلم في كتاب‬ ‫‪1‬‬

‫العلم ‪ ،‬باب رفع العلم وقبضه )‪ (4/2673‬والترمذى في كتاب العلم ‪ ،‬باب ما جاء في‬
‫ذهاب العلم )‪ (5/2652‬وأحمد في مسنده )‪ (2/162‬والدارمى في المقدمة باب في‬
‫ذهاب العلم )‪(1/239‬‬
‫خطب الشيخ محمد حسان )الشهـــــــــوات (‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(66‬‬
‫أما هؤلء الذين يجترئون على الدين ويقولون في‬
‫الدين بغير علم من منطلق الهوى‪ ،‬والهوى يضل صاحبه‬
‫في‬ ‫ة ِ‬ ‫ف ً‬ ‫خِلي َ‬‫ك َ‬ ‫عل َْنا َ‬ ‫ج َ‬‫ودُ إ ِّنا َ‬ ‫دا ُ‬ ‫عن سبيل الله )َيا َ‬
‫ْ َ‬
‫وى‬ ‫ع ال ْ َ‬
‫ه َ‬ ‫ول ت َت ّب ِ ِ‬ ‫ق َ‬‫ح ّ‬ ‫س ِبال ْ َ‬ ‫ن الّنا ِ‬ ‫م ب َي ْ َ‬‫حك ُ ْ‬ ‫فا ْ‬ ‫ض َ‬‫الْر ِ‬
‫ن‬‫ع ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ضّلو َ‬ ‫ن يَ ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫ه إِ ّ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ك َ‬ ‫ضل ّ َ‬
‫في ُ ِ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫و َ‬ ‫سوا ي َ ْ‬ ‫ما ن َ ُ‬ ‫ديدٌ ب ِ َ‬ ‫ش ِ‬‫ب َ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫ع َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ه لَ ُ‬‫ل الل ّ ِ‬‫سِبي ِ‬ ‫َ‬
‫ص‪(26/‬‬ ‫ب( ) ّ‬ ‫سا ِ‬ ‫ح َ‬‫ال ْ ِ‬
‫أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه ‪..‬‬
‫خطب الشيخ محمد حسان )الشهـــــــــوات (‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(67‬‬

‫الخطبة الثانية ‪:‬‬


‫الحمد لله وحده ‪ ،‬والصلة على من ل نبي بعده ‪،‬‬
‫وأشهد أن ل إله إل الله وحده ل شريك له ‪ ،‬وأشهد أن‬
‫سيدنا محمد عبده ورسوله ‪ ،‬اللهم صل وسلم وبارك عليه‬
‫وعلى آله وأصحابه وأتباعه ‪..‬‬
‫فيا أيها الحبة الكرام ‪ :‬كنت قد أعددت لكم كثيرا‬
‫لن الموضوع لم ينته بعد خشية أن يطول الوقت بنا‬
‫لجعلت لموضوع الشهوات جمعة أخرى ‪ ،‬لن كثيرا من‬
‫الشهوات قد سيطرت على الناس في هذه اليام فهناك‬
‫شهوة الغناء وحب الغناء ‪.‬‬
‫بل من العلماء من قال بأن الغناء ل شيء فيه ‪ ،‬بل‬
‫من العلماء من طالعنا في كتبه الخيرة‪ ،‬وأنا ل أنتقد‬
‫أحدا ً ‪ ،‬وإنما أذكر والله ‪ ،‬والله الذي ل إله غيره ليس من‬
‫جرح أحدا ً من العلماء ‪ ،‬أو أن أنتقد أحدا ً من‬‫طبعي أن أ ُ‬
‫العلماء ‪ ،‬لني على يقين كامل أنه ل ينبغي أن يخطئ‬
‫العالم إل عالم ولست من العلماء ‪ ،‬ولكنني أقول من باب‬
‫التذكير والتحذير ‪.‬‬
‫يقول عالم من علمائنا – وكما قلت ‪ :‬إننا نحب‬
‫علماءنا ‪ ،‬ولكننا نحب الحق أكثر من حبنا لعلمائنا –‬
‫يقول ‪ :‬لقد دخل على شاب كنت مشرفا ً على رسالته‬
‫فدخل على وأنا أستمع إلى الغناء ‪ ،‬كان يستمع إلى الغناء‬
‫من صوت محبب لديه ‪ ،‬ودخل هذا الشاب الصغير فلما‬
‫رأى أستاذه يستمع إلى الغناء وأنتم تدرون وكلكم على‬
‫علم بكلمات أغانينا في أيامنا هذه ‪ ،‬إن الشريط الملعون‬
‫ط ( ‍ )‪8‬مليون(‬‫) لولكي( قد وزع منه )‪ 8‬مليون( شري ‍‬
‫شريط من هذا السفاف العقلي ومن هذه الخزعبلت‬
‫والهراءات )‪8‬مليون( أمر عجيب ‪.‬‬
‫دخل الشاب على أستاذه وتعجب فقال أستاذه ‪ :‬إن‬
‫الغناء ل شئ فيه فلما لم يستطع التلميذ مناقشة أستاذه ‪،‬‬
‫خطب الشيخ محمد حسان )الشهـــــــــوات (‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(68‬‬
‫استحلفه بالله أن يغلق المذياع فاستجاب الستاذ لتلميذه‬
‫وأغلق الراديو يقول أستاذنا ‪ :‬فلم أستطع أن أصمت‬
‫فجعلت أردد كلمات الغنية بصوتي أنا ‪ ،‬وغيرها من‬
‫الشهوات وغيرها ‪.‬‬
‫أقول ‪ :‬إن الموضوع طويل ‪ ،‬ولكن هناك نقطة أخيرة‬
‫في غاية الهمية أود أن أنبه إليها حضراتكم ‪ ،‬وهي ‪ :‬أن‬
‫في الجمعة الماضية في مسجد مبارك من مساجد‬
‫السويس كان أحد الدعاة الفاضل والكرام يفسر على‬
‫المنبر سورة الفجر ولكنه أخطأ خطأ كبيرا أود أن أذكر‬
‫العقول به ‪.‬‬
‫وأنا أقول بداية ‪ :‬والله الذي ل إله غيره ليس من‬
‫باب تصيد الخطاء وليس من باب النتقاد للدعاة أو ينبري‬
‫البعض للبعض الخر ‪ ،‬وليس من باب التقليل من شأن‬
‫الداعية الكريم ‪ ،‬فإني أشهد الله والله شهيد على ما في‬
‫قلبي أني أحبه في الله عز وجل ‪ ،‬وأشهد له أنه من‬
‫الدعاة الذين يحترمون المنبر ويحترمون العقول ويعدون‬
‫للجمعة إعدادا ً جيدا ً وكامل ً ‪ ،‬وأسأل الله أن يغفر لي وله‬
‫ولكن من باب التذكير ومن باب النصح ل أكثر من ذلك ‪.‬‬
‫والله الذي ل إله غيره لقد قال هذا الداعية الكريم‬
‫ن‬
‫في تفسير سورة الفجر في قول الله جل وعل ‪ ) :‬إ ِ ّ‬
‫صاِد ( )الفجر‪ (14/‬قال ‪ :‬ولقد استمعت إلى‬ ‫مْر َ‬ ‫ك ل َِبال ْ ِ‬‫َرب ّ َ‬
‫الشريط بأذني رأسي حتى أكون على يقين قال في‬
‫صاِد ( ظل يعدد أن الله سبحانه‬ ‫ك ل َِبال ْ ِ‬
‫مْر َ‬ ‫ن َرب ّ َ‬‫قوله ‪ ) :‬إ ِ ّ‬
‫وتعالى يراك في كل مكان ‪ ،‬ثم قال عبارة اقشعر منها‬
‫بدني حيث قال ‪ :‬فلو ذهبت إلى الخمارة لوجدت الله‬
‫جاءَ َرب ّ َ‬
‫ك‬ ‫و َ‬
‫هناك ثم قال في قول الله عز وجل ‪َ ) :‬‬
‫فا ً ( )الفجر‪ (22/‬قال بالحرف الواحد ‪:‬‬ ‫ص ّ‬‫فا ً َ‬ ‫ص ّ‬‫ك َ‬ ‫مل َ ُ‬ ‫وال ْ َ‬
‫َ‬
‫ل مجيء لله أبدا ونفى المجيء عن الله عز وجل‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬بأن هذا الموضوع جد خطير وكان يحتاج مني‬
‫إلى وقفة وإلى تذكير والله ل من باب النتقاص ول‬
‫خطب الشيخ محمد حسان )الشهـــــــــوات (‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(69‬‬
‫النتقاد ‪ ،‬لنه أمر في صلب العقيدة ‪ ،‬يقول علماؤنا وهذا‬
‫هو مذهب أهل السنة والجماعة في مسألة السماء‬
‫والصفات لرب الرض والسماوات يقول علماؤنا ‪ :‬إن لله‬
‫جل وعل أسماء وصفات ‪ ،‬ويذهب أهل السنة والجماعة‬
‫في هذه السماء والصفات أننا نؤمن بها صريحة ونمررها‬
‫كما هي انتبهوا من غير تحريف ‪ ،‬ول تكييف ‪ ،‬ول تأويل ‪،‬‬
‫ول تعطيل ‪ ،‬ول تشبيه أو تمثيل كيف ؟ ‪.‬‬
‫الله سبحانه وتعالى له أسماء وله صفات أثبتها الله‬
‫جل وعل لذاته في القرآن الكريم وأثبتها له نبينا ‪‬‬
‫فينبغي أن نؤمن بهذه السماء وتلك الصفات كما أثبتها‬
‫الله لذاته وكما أثبتها النبي ‪ ‬لربه جل وعل ‪.‬‬
‫أول ‪ :‬نؤمن بصفات الله جل وعل بغير تحريف ما‬
‫معني ذلك ؟ أي نأخذ الصفة دون أن نحرفها عما جاءت‬
‫في القرآن والحديث ‪.‬‬
‫على سبيل المثال ‪ :‬أثبت الله جل وعل لذاته صفة‬
‫الكلم ‪ ،‬لقد أثبت الله لذاته في القرآن وفي الحديث‬
‫م‬‫وك َل ّ َ‬‫الصحيح عن النبي ‪ ‬أن الله يتكلم فقال سبحانه ) َ‬
‫سى ت َك ِْليما ً ()النساء‪ (164/‬فرد هؤلء الذين‬ ‫مو َ‬‫ه ُ‬‫الل ّ ُ‬
‫قالوا بتعطيل الصفات كالجهمية والمعطلة والشاعرة‬
‫والمعتزلة وغيرهم ‪ ،‬قالوا بأن هذه الية أهل السنة‬
‫والجماعة ما فهموها حق فهمها قيل لهم ‪ :‬لماذا ؟ قالوا ‪:‬‬
‫لن الية معناها أو قراءتها الصحيحة ‪ ) :‬وكلم الله موسى‬
‫تكليما ( جعلوا الله لفظ الجللة في محل مفعول به مقدم‬
‫وأخروا موسى ليأتي فاعل ليكون الكلم من موسى أي‬
‫أن الذي تكلم هو موسى لينفوا صفة الكلم عن الله ‪.‬‬
‫فرد عليهم علماؤنا وقالوا لهم ‪ :‬إذا كنتم تقولون في‬
‫هذه الية بأن المتكلم هو موسى لتقديمكم وتأخيركم‬
‫ما‬ ‫ول َ ّ‬
‫بالباطل فماذا تقولون في قول الله جل وعل ‪َ ) :‬‬
‫ه ()لعراف‪ (143/‬ماذا‬ ‫ه َرب ّ ُ‬ ‫وك َل ّ َ‬
‫م ُ‬ ‫مي َ‬
‫قات َِنا َ‬ ‫سى ل ِ ِ‬‫مو َ‬‫جاءَ ُ‬ ‫َ‬
‫خطب الشيخ محمد حسان )الشهـــــــــوات (‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(70‬‬
‫تقولون في هذه ؟ ؟ الله أثبت لنفسه الكلم وأثبت النبي‬
‫‪ ‬لربه الكلم ‪.‬‬
‫إذن نؤمن بأن الله يتكلم ولكن كيف ؟ الله أعلم ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬نؤمن بصفات الله جل وعل بدون تأويل ‪ ،‬بدون‬
‫تأويل بمعنى أن نأخذ الصفة ول نؤولها على هوانا ‪.‬‬
‫مثل نقول ‪ :‬في قول الله جل وعل كما قال هؤلء‬
‫المعطلة للصفات من الجهمية والمعطلة والشاعرة‬
‫ه‬
‫دا ُ‬‫ل يَ َ‬‫والمعتزلة قالوا في قول الله جل وعل ‪ ) :‬ب َ ْ‬
‫شاءُ ()المائدة‪ (64/‬أولوا‬ ‫ق ك َي ْ َ‬
‫ف يَ َ‬ ‫ف ُ‬ ‫ن ي ُن ْ ِ‬ ‫سوطََتا ِ‬ ‫مب ْ ُ‬ ‫َ‬
‫صفة اليد هنا لله جل وعل أولوها وقالوا ‪ :‬بل يداه‬
‫مبسوطتان أي بل نعمتاه مبسوطتان جعلوا لله نعمتين‬
‫هل‬ ‫ت الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ع َ‬
‫دوا ن ِ ْ‬‫ع ّ‬
‫ن تَ ُ‬
‫وإ ِ ْ‬‫اثنتين والله جل وعل يقول ‪َ ) :‬‬
‫ها ()ابراهيم‪ (34/‬فنأخذ الصفة بدون تأويل ‪.‬‬ ‫صو َ‬ ‫ح ُ‬ ‫تُ ْ‬
‫وفسروا وأولوا أيضا قول الله جل وعل ‪ ) :‬ي َدُ الل ّ ِ‬
‫ه‬
‫م ()الفتح‪ (10/‬فقالوا ‪ :‬إن معناها القدرة ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه ْ‬ ‫دي ِ‬
‫وقَ أي ْ ِ‬ ‫ف ْ‬
‫وهذا تأويل باطل ‪ ،‬كما قال أهل السنة والجماعة لماذا ؟‬
‫لن الله جل وعل أثبت لذاته يدان اثنتان وكلتاهما يمين‬
‫حتى ل تفكر بعقلك وأثبت الله جل وعل لذاته ساقا فقال‬
‫ساق ()القلم‪. (42/‬‬ ‫ن َ‬ ‫ع ْ‬
‫ف َ‬‫ش ُ‬ ‫م ي ُك ْ َ‬ ‫و َ‬‫سبحانه ‪ ) :‬ي َ ْ‬
‫وأثبت الله لذاته رجلين فقال النبي ‪ ‬في الحديث‬
‫الصحيح الذي خرجه البخاري ومسلم ‪ " :‬إن الله جل وعل‬
‫يلقي في جهنم من المشركين والكفار وتظل تنادى‬
‫وتقول ‪ :‬هل من مزيد ؟ هل من مزيد ؟ حتى يضع الحق‬
‫)‪(1‬‬
‫عز وجل عليها قدمه فتقول ‪ :‬قط قط قط قد امتلت"‬
‫بغير تأويل وأن نؤمن بالصفات بل تعطيل كما قال أستاذنا‬
‫في قوله‪:‬‬

‫)‪ (1‬أخرجه البخاري في اليمان والنذور ‪ ،‬باب الحلف بعزة ال وصفاته وكلماته )‬ ‫‪1‬‬

‫‪ (11/6661‬ومسلم في كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها باب النار يدخلها الجبارون‬
‫والجنة يدخلها الضعفاء )‪ 4/38‬جنة ( والترمذي في كتاب صفة الجنة ‪ ،‬باب في خلود‬
‫أهل الجنة وأهل النار )‪ (4/2557‬وأحمد في مسنده )‪. (3/12‬‬
‫خطب الشيخ محمد حسان )الشهـــــــــوات (‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(71‬‬
‫فا ً ( )الفجر‪ (22/‬عطل‬ ‫فا ً َ‬
‫ص ّ‬ ‫ص ّ‬
‫ك َ‬ ‫مل َ ُ‬ ‫وال ْ َ‬‫ك َ‬ ‫جاءَ َرب ّ َ‬
‫و َ‬
‫) َ‬
‫صفة المجيء عن الله عز وجل وقال ‪ :‬ل مجيء لله أبدا‬
‫ولكننا نقول بأن مذهب أهل السنة والجماعة يقولون بأنه‬
‫ينبغي أن نؤمن بالصفة دون تعطيل أثبت الله لذاته‬
‫المجيء ‪ ،‬وأثبت لذاته الدنو ‪ ،‬وأثبت الله لذاته القربى ‪،‬‬
‫ولكننا نؤمن بهذه الصفات بدون تعطيل لماذا ؟‬
‫أمر خطير ‪ ،‬لن تعطيل الصفة عن الموصوف يقول‬
‫بأن الموصوف ل وجود له أنفي صفة عن شيء ‪ ،‬إذن ل‬
‫وجود لهذا الشيء ‪ ،‬لنه ل تمنع الصفة تحجب الصفة إل‬
‫عن العدم المحض كما قال شيخ السلم ابن تيمية وابن‬
‫القيم ‪ :‬ل تنفي الصفة إل عن عدم محض فنحن نؤمن‬
‫بالصفات بدون تعطيل ‪ ،‬ول نعطل الصفة ‪.‬‬
‫ك ( أي أثبت الله لذاته المجيء‬ ‫جاءَ َرب ّ َ‬ ‫و َ‬ ‫فنقول ‪َ ) :‬‬
‫ولكن نقول ‪ :‬جاء ربك مجيئا يليق بكماله وجلله فكل ما‬
‫دار ببالك فالله بخلف ذلك ليس كمثله شيء وهو السميع‬
‫البصير‪ ،‬ل تدركه العقول ول تكيفه الفهام ‪ ،‬نؤمن‬
‫بالصفات بدون تعطيل أي ل نعطل الصفة ‪.‬‬
‫أيضا رابعا ‪ :‬نؤمن بصفات الله جل وعل بدون‬
‫تكييف ‪ ،‬أي بدون تحييز كما قال أستاذنا في قول الله جل‬
‫صاِد ( )الفجر‪ (14/‬أي أن الله‬ ‫مْر َ‬ ‫ك ل َِبال ْ ِ‬ ‫ن َرب ّ َ‬‫وعل ‪ ) :‬إ ِ ّ‬
‫معك في كل مكان على إطلق العبارة هكذا فلو ذهبت‬
‫إلى خمارة لوجدت الله هنالك وهذا كلم خطير ‪ ،‬وإنما‬
‫مذهب أهل السنة والجماعة في هذه العبارة أي في‬
‫التحييز والتكييف أن الله جل وعل ذاته ل تشبه بذوات‬
‫المخلوقين ‪ ،‬وإن أردنا أن نقول بأن الله موجود في كل‬
‫مكان على إطلقها لجعلنا ذات الله في أماكن القاذورات‬
‫والنجاسات ولقلنا كما قال هؤلء بالحلول والتحاد ‪.‬‬
‫ولكن ينبغي أن نقول ‪ :‬الله جل وعل علمه في كل‬
‫مكان ‪ ،‬أو إحاطته في كل مكان ‪ ،‬أو الله مع الناس ‪ ،‬أو‬
‫مخلوقاته في كل مكان بعلمه ‪ ،‬وبقدرته وإرادته ‪ ،‬وقهره‬
‫خطب الشيخ محمد حسان )الشهـــــــــوات (‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(72‬‬
‫وإحاطته وسلطانه ‪ ،‬ول نجعل ذات الله في أماكن‬
‫النجاسات ‪ ،‬أبدا ول في أماكن القاذورات أبدا ‪ ،‬لن ذات‬
‫الله ل تكيف ول تحيز كما قال علماؤنا في قول الله‬
‫وى ( )طـه‪(5/‬‬ ‫ست َ َ‬
‫شا ْ‬ ‫عْر ِ‬ ‫عَلى ال ْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ُ‬ ‫ح َ‬ ‫جل وعل ‪ ) :‬الّر ْ‬
‫يقول جهم بن صفوان عليه لعنة الله هذا الذي كان قائدا‬
‫للمعطلة يقول ‪ :‬لو وجدت سبيل لزالة هذه الية من‬
‫المصحف لزلتها وحذفتها ولجعلتها بدل من الرحمن على‬
‫العرش استوى ‪ ،‬الرحمن على العرش استولى ‪ ،‬وقال‬
‫جهم كما قال أسلفه من اليهود حينما قال الله عز وجل‬
‫جداً()لعراف‪/‬‬ ‫س ّ‬ ‫ب ُ‬ ‫خُلوا ال َْبا َ‬ ‫وادْ ُ‬ ‫ة َ‬‫حطّ ٌ‬ ‫قوُلوا ِ‬ ‫و ُ‬ ‫لهم ‪َ ) :‬‬
‫خُلوا‬‫وادْ ُ‬
‫ة َ‬ ‫حطّ ٌ‬ ‫قوُلوا ِ‬ ‫و ُ‬ ‫‪ (161‬أي حط عنا ذنوبنا – ) َ‬
‫م( فخالف اليهود أمر‬ ‫طيَئات ِك ُ ْ‬ ‫خ ِ‬ ‫م َ‬‫فْر ل َك ُ ْ‬ ‫غ ِ‬ ‫جدا ً ن َ ْ‬‫س ّ‬ ‫ب ُ‬ ‫ال َْبا َ‬
‫الله بدل ً من أن يدخلوا الباب سجدا دخل اليهود يزحفون‬
‫على أستاهم أي على مقاعدهم دخلوا يزحفون على‬
‫أستاهم بدل من أن يسجدوا لله كما أمرهم وبدل من أن‬
‫يقولوا ‪ :‬حطة أي حط عنا خطايانا استهزءوا بكلمة الله‬
‫فقالوا حنطة ‪.‬‬
‫ن‬‫م ُ‬ ‫ح َ‬
‫فيقول جهم بن صفوان عليه لعنة الله ‪) :‬الّر ْ‬
‫وى ( لو كان المر بيدى لزلتها وقلت‬ ‫ست َ َ‬ ‫شا ْ‬ ‫عْر ِ‬ ‫عَلى ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫‪ :‬الرحمن على العرش استولى ‪.‬‬
‫ولكن مذهب أهل السنة والجماعة في هذه الية‬
‫وى ( ‪ :‬أي استوى كما‬ ‫ست َ َ‬ ‫شا ْ‬ ‫عْر ِ‬ ‫عَلى ال ْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ُ‬ ‫ح َ‬
‫)الّر ْ‬
‫أخبر وعلى الوجه الذي أراد وبالمعنى الذي قال ‪ ،‬استواءا‬
‫منزها ً عن الحلول والنتقال ‪ ،‬فل العرش يحمله ‪ ،‬ول‬
‫الكرسى يسنده ‪ ،‬بل العرش وحملته والكرسى وعظمته‬
‫الكل محمول بلطف قدرته ‪ ،‬مقهور بجلل قبضته ‪.‬‬
‫لقد كنت أقول معقبا لهذه العبارات في كل مرة ‪،‬‬
‫لنه تعالى كان ول مكان ولقد قرأت والحمد لله أن هذه‬
‫العبارة خطأ شنيع أيضا ‪.‬‬
‫خطب الشيخ محمد حسان )الشهـــــــــوات (‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(73‬‬
‫وأسأل الله أن يغفر لي فيما مضى ‪ ،‬قرأت أن ابن‬
‫تيمية قال بأن لفظة كان الله ول مكان عبارة خاطئة ‪،‬‬
‫وإنما الصحيح أن يقال ‪ :‬كان الله ولم يكن شيء قبله‬
‫فأسأل الله أن يغفر لي فيما مضى وأن يغفر لستاذنا ‪.‬‬

You might also like