You are on page 1of 23

‫خطب الشيخ محمد حسان )التوبة النصوح(ـــــــــــ‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(99‬‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬


‫التوبة النصوح‬
‫إن الحمد لله رب العالمين‪ ،‬وأشهد أن ل إله إل الله‬
‫وحده ل شريك له‪ ،‬وأشهد أنا سيدنا محمدا ً عبده ورسوله‬
‫وصفيه من خلقه وخليله‪ ،‬أدى المانة وبلغ الرسالة ونصح‬
‫للمة‪ ،‬فكشف الله به الغمة‪ ،‬وجاهد فى الله حق جهاده‬
‫حتى أتاه اليقين‪ ،‬فاللهم اجزء عنا خير ما جزيت نبيا عن‬
‫أمته ورسول عن دعوته ورسالته‪ ،‬وصل اللهم وسلم عليه‬
‫وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه وعلى كل من اهتدى‬
‫بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين‪.‬‬
‫أما بعد‪ :‬فحياكم الله جميعا ً الخوة الفضلء‪ ،‬وطبتم‬
‫ل‪ ،‬وأسأل‬‫وطاب ممشاكم‪ ،‬وتبوأتم جميعا ً من الجنة منز ً‬
‫الله الحليم الكريم‪ -‬جل وعل – الذى جمعنى مع حضراتكم‬
‫فى هذا البيت الطيب المبارك على طاعته‪ ،‬أن يجمعنا فى‬
‫الخرة مع سيد الدعاة المصطفى فى جنته ودار مقامته‪،‬‬
‫إنه ولى ذلك والقادر عليه‪.‬‬
‫أحبتى فى الله نحن اليوم على موعد مع التوبة‬
‫النصوح وكما تعودت حتى ل ينسحب بساط الوقت سريعا ً‬
‫من تحت أقدامنا‪ ،‬فسوف ينتظم حديثى مع حضراتكم فى‬
‫هذا الموضوع الجليل العظيم فى العناصر المحددة التالية‪:‬‬
‫ل‪ :‬وجوب التوبة‪.‬‬‫أو ً‬
‫ثانيًا‪ :‬فضل التوبة‪..‬‬
‫ثالثًا‪ :‬شموس مضيئة فى سماء التوبة‪..‬‬
‫رابعا ً شروط التوبة‪..‬‬
‫خامسا ً ‪ :‬عقبات فى طريق التوبة وكيف الخلص‬
‫منها‪..‬‬
‫فأعيرونى القلوب وألسماع فى هذه اللحظات‪ ،‬والله‬
‫أسأل أن يتوب على وعليكم‪ ،‬وأن يستر على وعليكم فى‬
‫الدنيا والخرة‪ ،‬وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون‬
‫خطب الشيخ محمد حسان )التوبة النصوح(ـــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(100‬‬
‫َ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫ه‬
‫سن َ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫عو َ‬ ‫في َت ّب ِ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫و َ‬ ‫ق ْ‬ ‫عو َ‬ ‫م ُ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫أحسنه }ال ّ ِ‬
‫وُلوا‬ ‫ُ‬ ‫ول َئ ِ َ‬ ‫هم الل ّه ُ‬ ‫ُ‬
‫مأ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ك ُ‬ ‫وأ ْ‬ ‫ُ َ‬ ‫دا ُ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ك ال ّ ِ‬ ‫ول َئ ِ َ‬ ‫أ ْ‬
‫َ‬
‫ب{ )‪ (18‬سورة الزمر‬ ‫اْلل َْبا ِ‬
‫ل‪ :‬وجوب التوبة‪..‬‬ ‫أو ً‬
‫أحبتى الكرام قال المام ابن القيم رحمة الله‪ :‬أكثر‬
‫الناس ل يعرفون قدر التوبة‪ ،‬ول حقيقتها فضل عن القيام‬
‫ل‪ ،‬مع أن التوبة هى حقيقة دين‬ ‫بها‪ ،‬علماً وعمل ً وحا ً‬
‫السلم‪ ،‬والدين كله داخل فى مسمى التوبة‪ ،‬من أجل‬
‫ذلك استحق التائب أن يكون حبيب الرحمن – جل وعل –‬
‫فأصل التوبة فى اللغة الرجوع يقال‪ :‬تاب وآب وثاب‬
‫بمعنى رجع‪ ،‬فالتائب إلى الله هو الراجع عن كل ما يكرهه‬
‫الله ظاهرا ً وباطنًا‪ ،‬إلى كل ما يحبه الله ظاهرا ً وباطنا‪.‬‬
‫ولقد تظاهرت وتضافرت أدلة القرآن والسنة‪،‬‬
‫وإجماع المة على وجوب التوبة فى كل لحظة وحين‪ ،‬لن‬
‫المسلم ل يخلو من معصية ظاهرة أو باطنة‪ .‬من أجل‬
‫ذلك وجب عليه أن يجدد التوبة والوبة إلى الله بعدد‬
‫أانفاس حياته حتى يلقى الله – عز وجل – وهو على توبة‬
‫َ‬
‫ة‬
‫وب َ ً‬ ‫ه تَ ْ‬ ‫مُنوا ُتوُبوا إ َِلى الل ّ ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫قال تعالى‪َ} :‬يا أي ّ َ‬
‫م‬ ‫سي َّئات ِك ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫عنك ُ ْ‬ ‫فَر َ‬ ‫م َأن ي ُك َ ّ‬ ‫سى َرب ّك ُ ْ‬ ‫ع َ‬ ‫حا َ‬ ‫صو ً‬ ‫نّ ُ‬
‫م َل‬ ‫َ‬
‫و َ‬ ‫هاُر ي َ ْ‬ ‫ها اْلن ْ َ‬ ‫حت ِ َ‬ ‫من ت َ ْ‬ ‫ري ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫ت تَ ْ‬ ‫جّنا ٍ‬ ‫م َ‬ ‫خل َك ُ ْ‬ ‫وي ُدْ ِ‬ ‫َ‬
‫عى‬ ‫س َ‬‫م يَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ه ُنوُر ُ‬ ‫ع ُ‬ ‫م َ‬ ‫مُنوا َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫ي َ‬ ‫ه الن ّب ِ ّ‬ ‫زي الل ّ ُ‬ ‫خ ِ‬ ‫يُ ْ‬
‫م ل ََنا ُنوَرَنا‬ ‫َ‬ ‫بين أ َيديهم وبأ َ‬
‫م ْ‬‫ن َرب َّنا أت ْ ِ‬ ‫قوُلو َ‬ ‫م يَ ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫ما‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫َ ْ َ ْ ِ ِ ْ َ ِ‬
‫ديٌر{ )‪ (8‬سورة‬ ‫ق ِ‬ ‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫عَلى ك ُ ّ‬ ‫ك َ‬ ‫فْر ل ََنا إ ِن ّ َ‬ ‫غ ِ‬ ‫وا ْ‬ ‫َ‬
‫وُتوُبوا إ َِلى الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫التحريم ويقول الله عز وعل‪َ } :‬‬
‫َ‬
‫ن{ )‪(31‬‬ ‫حو َ‬ ‫فل ِ ُ‬ ‫م تُ ْ‬ ‫عل ّك ُ ْ‬ ‫ن لَ َ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ها ال ْ ُ‬ ‫عا أي ّ َ‬ ‫مي ً‬ ‫ج ِ‬ ‫َ‬
‫سورة النــور ويقول جل وعل‪:‬‬
‫ن{ )‪(11‬‬ ‫م ال ّ‬ ‫ول َئ ِ َ‬ ‫}ومن ل ّم يت ُب َ ُ‬
‫مو َ‬ ‫ظال ِ ُ‬ ‫ه ُ‬‫ك ُ‬ ‫فأ ْ‬ ‫ْ َ ْ‬ ‫َ َ‬
‫سورة الحجرات‬
‫وفى سنة النبى المين كما يقول المصطفى ‪ ‬كما‬
‫فى صحيح مسلم من حديث ابن عمر‪" :‬يا أيها الناس‬
‫خطب الشيخ محمد حسان )التوبة النصوح(ـــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(101‬‬

‫توبوا إلى الله واستغفروه فإنى أتوب إليه فى‬


‫اليوم مائة مرة" )‪ ... (1‬هذا نبينا وحبيبنا الذى غفر الله‬
‫له ما تقدم من ذنبه وما تأخر‪ ،‬يتوب إلى الله ويستغفر‬
‫الله فى اليوم مائة مرة‪.‬‬
‫وفى لفظ البخارى‪" :‬فإنى أستغفر الله وأتوب‬
‫إليه أكثر من سبعين مرة" )‪ (2‬فإن كان المصطفى‪-‬‬
‫أيها المسلمون أيها الشباب‪ -‬إن كان المصطفى يتوب فى‬
‫التوبة إلى رب الرض والسموات فى اليوم الواحد آلف‬
‫المرات‪ ،‬فوالله ل ينفك مسلم عن معصية صغرت أم‬
‫كبرت‪ ،‬ظاهرة أم باطنة‪ ،‬فنحن نحتاج إلى التوبة بعدد‬
‫أنفاس حياتنا فى هذه الدنيا‪ .‬وأبشرك بأن الله تعالى ل‬
‫يغلق باب التوبة أبدا ً حتى تبلغ روحك الحلقوم أو حتى‬
‫تطلع الشمس من مغربها‪ ،‬فتدبر كلم الصادق المصدوق‬
‫الذى ل ينطق عن الهوى‪.‬‬
‫ففى صحيح مسلم من حديث أبى موسى أن النبى‬
‫‪ ‬قال‪ " :‬إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب‬
‫مسىء النهار‪ ،‬ويبسط يده بالنهار ليتوب مسىء‬
‫)‪(3‬‬
‫الليل حتى تطلع الشمس من مغربها"‬
‫وفى الصحيحين من حديث أبى هريرة أن النبى ‪‬‬
‫قال‪" :‬ينزل الله – عز وجل‪ -‬إلى السماء الدنيا" ‪..‬‬
‫ينزل نزول يليق بكماله رجلله فكل ما دار ببالك فالله‬
‫وى{ )‪(5‬‬ ‫ست َ َ‬
‫شا ْ‬ ‫عَلى ال ْ َ‬
‫عْر ِ‬ ‫ن َ‬‫م ُ‬
‫ح َ‬
‫بخلف ذلك‪} .‬الّر ْ‬
‫سورة طـه ‪ ،‬استوى كما أخبر وعلى الوجه الذى أراد‪،‬‬
‫وبالمعنى الذى قال‪ :‬استواء منزها عن الحلول والنتقال‪.‬‬
‫فل العرش يحمله ول الكرسى يسنده‪ ،‬بل العرش وحملته‬
‫والكرسى وعظمته‪ ،‬الكل محمول بلطف قدرته مقهور‬
‫بجلل قبضته‪.‬‬

‫)‪ (1‬رواه مسلم فى الدعاء )‪.(42 / 2702‬‬ ‫‪1‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخارى فى الدعوات )‪.(6307‬‬ ‫‪2‬‬

‫)‪ (2‬رواه مسلم فى التوبة )‪.(31 / 2759‬‬ ‫‪3‬‬


‫خطب الشيخ محمد حسان )التوبة النصوح(ـــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(102‬‬

‫فالستواء معلوم والكيف مجهول‪ ،‬واليمان به واجب‪،‬‬


‫والسؤال عنه بدعة ل تسأل كيف يتنزل‪ ،‬فإن الله يتنزل‬
‫كل ليلة إلى السماء الدنيا تنزل يليق بكماله وجلله‪ ،‬فكل‬
‫يء ٌ‬‫ش ْ‬ ‫ه َ‬ ‫مث ْل ِ ِ‬ ‫س كَ ِ‬ ‫ما دار ببالك فالله بخلف ذلك } ل َي ْ َ‬
‫صيُر{ )‪ (11‬سورة الشورى }ل ّ‬ ‫ع الب َ ِ‬ ‫مي ُ‬ ‫س ِ‬ ‫و ال ّ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫َ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ف‬
‫طي ُ‬ ‫و الل ِ‬ ‫ه َ‬‫و ُ‬ ‫صاَر َ‬ ‫ك ال ب ْ َ‬ ‫ر ُ‬‫و ي ُدْ ِ‬‫ه َ‬ ‫و ُ‬
‫صاُر َ‬ ‫ه الب ْ َ‬ ‫رك ُ ُ‬ ‫ت ُدْ ِ‬
‫فل َ‬ ‫خِبيُر{ )‪ (103‬سورة النعام قال تعالى } َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ل إن الل ّه يعل َم َ‬ ‫َ‬
‫م لَ‬ ‫وأنت ُ ْ‬ ‫َ َ ْ ُ َ‬ ‫مَثا َ ِ ّ‬ ‫ه ال ْ‬ ‫رُبوا ْ ل ِل ّ ِ‬ ‫ض ِ‬ ‫تَ ْ‬
‫ما‬‫م َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫ن{ )‪ (74‬سورة النحل قال سبحانه }ي َ ْ‬ ‫مو َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫تَ ْ‬
‫َ‬
‫ما{ )‬ ‫عل ْ ً‬ ‫ه ِ‬ ‫ن بِ ِ‬ ‫طو َ‬ ‫حي ُ‬ ‫وَل ي ُ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫خل ْ َ‬
‫ف ُ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫دي ِ‬ ‫ن أي ْ ِ‬ ‫ب َي ْ َ‬
‫حد ٌ *‬ ‫هو الل ّ َ‬ ‫ق ْ‬ ‫‪ (110‬سورة طـه قال جل جلله } ُ‬
‫هأ َ‬ ‫ُ‬ ‫ل ُ َ‬
‫وا‬
‫ف ً‬ ‫ه كُ ُ‬ ‫كن ل ّ ُ‬ ‫م يَ ُ‬ ‫ول َ ْ‬‫م ُيول َدْ * َ‬ ‫ول َ ْ‬‫م ي َل ِدْ َ‬ ‫مد ُ * ل َ ْ‬ ‫ص َ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫د{ )‪ (4 ، 1‬سورة الخلص أحد فى أسمائه‪ ،‬أحد‬ ‫َ‬
‫ح ٌ‬ ‫أ َ‬
‫فى ذاته‪ ،‬أحد فى صفاته‪ ،‬أحد فى أفعاله‪.‬‬
‫قال أعرف الناس به ‪ ": ‬إن الله ل ينام ول‬
‫ينبغى له أن ينام‪ ،‬يخفض القسط ويرفعه‪،‬‬
‫ويرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار‪ ،‬وعمل‬
‫النهار قبل عمل الليل‪ ،‬حجابه النور‪ ،‬لو كشفه‬
‫لحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من‬
‫خلقه")‪ .. (1‬ينزل الله عز وجل كل ليلة إلى السماء‬
‫الدنيا‪ ،‬ويقول سبحانه وتعالى‪ " :‬أنا الملك من ذا الذى‬
‫يدعونى فأستجيب له‪ ،‬من ذا الذى يسألنى‬
‫فأعطيه‪ ،‬من ذا الذى يستغفرنى فأغفر له" فل‬
‫)‪(2‬‬
‫يزال كذلك حتى يصىء الفجر‪.‬‬
‫فأين أنت؟ تقضى الليل أمام الفلم الداعرة‪ ،‬أفق‬
‫أيها المسكين! يا من قضيت العمر أمام المسلسلت‬

‫)‪ (1‬رواه مسلم فى اليمان )‪ ،(293 / 179‬وأحمد )‪– 401 /4‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.(405‬‬
‫)‪ (2‬رواه البخارى فى التهجد )‪ ،(1145‬ومسلم فى صلة‬ ‫‪2‬‬

‫المسافرين )‪.(758‬‬
‫خطب الشيخ محمد حسان )التوبة النصوح(ـــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(103‬‬

‫والفلم قم وانتبه! قم فإن الموت يأتى بغتة‪ .‬المولى جل‬


‫جلله ينادى عليك وأنت فى غفلة‪ :‬أنتبه‪:‬‬
‫واذكر ذنوبك وابكها يا‬ ‫دع عنك ما قد فات فى‬
‫مذنب‬ ‫زمن الصبا‬
‫بل أثبتاه وأنت له تلعب‬ ‫لم ينسها الملكان حين‬
‫ستردها بالرغم منك‬ ‫نسيته‬
‫وتسلب‬ ‫والروح منك وديعة‬
‫دار حقيقتها متاع يذهب‬ ‫أودعتها‬
‫أنفاسنا فيهما تعد‬ ‫وغرور دنياك التى‬
‫وتحسب‬ ‫تسعى لها‬
‫الليل فاعلم والنهار كل‬
‫هما‬ ‫ذذ‬

‫الله جل جلله ينادى عليك فيقول‪ " :‬أنا الملك من‬


‫ذا الذى يدعونى فأستجيب له‪ ،‬من ذا الذى‬
‫يسألنى فأعطيه‪ ،‬من ذا الذى يستغفرنى فأغفر‬
‫له فل يزال كذلك حتى يضىء الفجر"‪. .‬‬
‫وفى الصحيحين من حديث أبى هريرة – رضى الله‬
‫عنه – أن النبى ‪ ‬قال‪" :‬قال الله عز وجل فى الحديث‬
‫القدسى‪ " :‬أنا عند ظن عبدى بى‪ ،‬وأنا معه إذا‬
‫ذكرنى‪ ،‬فإن ذكرنى فى نفسه ذكرته فى نفسى‬
‫‪ ،‬وإن ذكرنى فى مل ذكرته فى مل خير منهم‪،‬‬
‫وإن تقرب منى شبرا ً تقربت إليه ذراعًا‪ ،‬وإن‬
‫تقرب منى ذراعا ً تقربت إليه باعا‪ ،‬وإن أتانى‬
‫ن‬‫ذي َ‬ ‫ي ال ّ ِ‬‫عَباِد َ‬ ‫ل َيا ِ‬ ‫ق ْ‬ ‫يمشى أتيته هروله")‪ُ } (1‬‬
‫ة الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫م ِ‬‫ح َ‬ ‫من ّر ْ‬ ‫طوا ِ‬ ‫قن َ ُ‬ ‫م َل ت َ ْ‬‫ه ْ‬
‫س ِ‬‫ف ِ‬‫عَلى َأن ُ‬
‫فوا َ‬ ‫سَر ُ‬‫أ ْ‬
‫َ‬
‫فوُر‬ ‫و ال ْ َ‬
‫غ ُ‬ ‫ه َ‬
‫ه ُ‬‫عا إ ِن ّ ُ‬ ‫مي ً‬‫ج ِ‬‫ب َ‬ ‫فُر الذُّنو َ‬
‫غ ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه يَ ْ‬ ‫إِ ّ‬
‫م { )‪ (53‬سورة الزمر‬ ‫حي ُ‬ ‫الّر ِ‬

‫)‪ (1‬رواه البخارى فى التوحيد )‪ ، (7405‬ومسلم فى الذكر‬ ‫‪1‬‬

‫والدعاء )‪.(2675‬‬
‫خطب الشيخ محمد حسان )التوبة النصوح(ـــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(104‬‬

‫فهيا أيها المسلم! هيا إلى هذا الفضل العظيم‪،‬‬


‫فوالله لو عرفت فضل التوبة ما تركت التوبة طرفة‬
‫عين ‪ ...‬وهذا هو عنصرنا الثانى من عناصر اللقاء ‪..‬‬
‫فضل التوبة‪ :‬وأعظم فضل للتوبة أنها سبب لمحبة‬
‫الرب للعبد ‪ .‬هل تدبرت ما ذكرت أيها الكريم الفاضل؟‬
‫أقول‪ :‬إنها سبب لمحبة الرب للعبد ولم أقل التوبة سبب‬
‫لمحبة العبد للرب‪ ،‬فمن أنت ليحبك الملك؟! قال جل‬
‫وعل فى الحديث القدسى الذى رواه المام البخارى من‬
‫حديث أبى هريرة يقول تعالى‪ " :‬من عادى لى وليا‬
‫فقد آذنته بالحرب‪ " "..‬من عادى لى وليا فقد‬
‫آذنته بالحرب‪ ،‬وما تقرب إلى عبدى بشىء أحب‬
‫إلى مما أفترضه عليه ‪ ،‬ول يزال عبدى يتقرب‬
‫إلى بالنوافل حتى أحبه‪ ،‬فإذا أحببته كنت سمعه‬
‫الذى يسمع به وبصره الذى يبصر به‪ ،‬ويده التى‬
‫يبطش لها‪ ،‬ورجله التى يمشى عليها ولئن‬
‫)‪(1‬‬
‫سألنى لعطينة ولئن استعاذنى لعيذنه"‪..‬‬
‫ماذا لو أحبك الله؟ اسمع ! يقول النبى ‪ ‬كما فى‬
‫حديث أبى هريرة‪" :‬إذا أحب الله عبدا ً دعا جبريل‬
‫عليه السلم"‪ " .‬إذا أحب الله عبدا ً دعا جبريل‬
‫عليه السلم‪.‬‬
‫وقال ‪ :‬يا جبريل إنى أحب فلنا فأحببه" وتذكر‬
‫أنت عند الملك ويذكر أسمك ملك الملوك" إنى أحب‬
‫فلنا فأحببه‪ ،‬يحبه جبريل ‪ ،‬ثم ينادى جبريل فى‬
‫أهل السماء‪ ،‬ويقول‪ :‬يا هل السماء إن الله يحب‬
‫فلنا فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم ينادى جبريل‬
‫)‪(2‬‬
‫فى الرض‪ ،‬فيوضع له القبول فى الرض"‬

‫)‪ (2‬رواه البخارى فى الرقاق )‪.(6502‬‬ ‫‪1‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخارى فى بدء الخلق )‪ ،(3209‬وفى التوحيد )‪،(7485‬‬ ‫‪2‬‬

‫ومسلم فى البر والصلة الداب )‪ ،(157 /2637‬ومالك فى الشعر‬


‫)‪ ،(726 /2‬رقم )‪.(15‬‬
‫خطب الشيخ محمد حسان )التوبة النصوح(ـــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(105‬‬

‫حيثما توجه‪ ،‬وضع الله له القبول إذا احبه الله‬


‫سبحانه‪ ،‬وإذا أبغض الله عبدا ً دعا جبريل وقال‪ ":‬يا‬
‫جبريل إنى أبغض فلنا فأبغضه فيبغضه جبريل‬
‫وينادى جبريل‪ ،‬لهل السماء فيبغضه أهل‬
‫السماء ثم ينادى على أهل الرض فتوضع له‬
‫البغضاء فى الرض" أعاذنى الله وإياكم من البغضاء‪.‬‬
‫فإن أحبك رب الرض والسماء سعدت فى الدنيا‬
‫والخرة‪ ،‬ولو أحبك مسئول سعدت فى دنياك‪ ،‬فكيف لو‬
‫احبك من بيده الدنيا والخرة‪ ،‬سعدت فى الدنيا وسعدت‬
‫فى الخرة‪ ،‬أسأل الله أن يجعلنى وإياكم من أهل‬
‫السعادة فى الدنيا والخرة‪.‬‬
‫ثانيا ً ‪ :‬من فضائل التوبة‪ :‬أنها سبب لفرح الرب‬
‫بالعبد ‪ ..‬الله يفرح ل تعطل ول تكيف ول تمثل‪ .‬اسمع ماذا‬
‫قال أعرف الناس بربه وهو المصطفى ‪ ‬كما فى‬
‫الصحيحين من حديث أنس بن مالك‪" :‬لله أشد فرحا‬
‫بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على‬
‫راحلته بأرض فلة‪ ،‬فاتفلتت منه راحلته وعليها‬
‫طعامه وشرابه فأيس منها‪ ،‬فأتى شجرة‬
‫فاضطجع فى ظلها وقد أيس من راحلته")‪. (1‬‬
‫المعنى‪ :‬رجل يركب حمارا ً أو ناقة أو حصانا ً دابة‬
‫عليها الطعام والشراب ويمشى فى صحراء مقفرة‪،‬‬
‫مهلكة‪ .‬وفجأة انفلتت الدابة‪ :‬جرت‪ ،‬فضاع الطعام وضاع‬
‫الشراب‪ ،‬وضاعت الركوبة التى يركبها فى هذه الصحراء‬
‫فاستسلم للموت‪ ،‬فرأى شجرة فانطلق إليها ونام فى‬
‫ظلها ينتظر الموت‪ ،‬لنه ل يجد طعاما ً ول شرابا ً ول ظهرا ً‬
‫يركبه‪ .‬يقول المصطفى ‪ " :‬وبينما هو كذلك إذا به‬
‫يرى راحلته قائمة عند رأسه وعليها الطعام‬
‫والشراب"‪.‬‬
‫)‪ (2‬رواه البخارى فى الدعوات )‪ ، (6309 ، 6308‬ومسلم فى‬ ‫‪1‬‬

‫التوبة )‪.(2747‬‬
‫خطب الشيخ محمد حسان )التوبة النصوح(ـــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(106‬‬

‫فتصور معى أخى الحبيب الفرحة العارمة لهذا العبد‬


‫فقال‪" :‬اللهم أنت عبدى وأنا ربك" أخطأ من شدة‬
‫الفرح ‪ ..‬فرح الله بك إن تبت إليه أعظم من فرح هذا‬
‫العبد بعودة دابته إليه‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬من فضائل التوبة‪ :‬أنها سبب لنور القلب ومحو‬
‫أثر الذنب‪ ،‬يا له من فضل !! التوبة سبب لنور القلب‬
‫ومحو أثر الذنب‪ ،‬انتبهوا يا شباب! فلينتبه كل مسلم وكل‬
‫مسلمة‪ ،‬فل يستغنى عن هذا الموضوع عالم ول حاكم ول‬
‫رجل ول امرأة ول شاب ول شابة كلنا فى حاجة إلى‬
‫التوبة‪.‬‬
‫التوبة سبب لنور القلب ومحو أثر الذنب‪ ،‬إن صدقت‬
‫مع الله فى توبتك طهرك الله بتوبتك من كل ذنب كبر أم‬
‫صغر كما سأبين لحضراتكم الن‪ ،‬يقول المصطفى ‪ ‬فى‬
‫الحديث الذى رواه الترمذى والحاكم بسند صحيح من‬
‫حديث أبى هريرة‪ " :‬إذا أذنب العبد نكت فى قلبه‬
‫نكتة سوداء" )‪ .. (1‬إن الذنب ينكت نكتة سوداء فى‬
‫القلب‪ ،‬لن الفتن تعرض على القلوب ل على البصار‬
‫والذان فحسب‪.‬‬
‫يقول الحبيب محمد ‪ ‬كما فى حديث حذيفة بن‬
‫اليمان‪ ":‬تعرض الفتن على القلوب كعرض‬
‫الحصير عودا ً عودًا‪ ،‬فأى قلب أشربها نكتت فيه‬
‫نكتة سوداء‪ ،‬وأى قلب أنكرها نكتت فيه نكتة‬
‫بيضاء‪ ،‬حتى تعود القلوب على قلبين‪ .‬قلب أسود‬
‫مرباد كالكوز مجخيا ل يعرف معروفا ول ينكر‬
‫منكرا ً إل ما اشرب من هواه )‪ (2‬وقلب أبيض ل‬
‫تضره فتنة ما دامت السموات والرض‪ "..‬إذا أذنب‬
‫المؤمن نكت فى قلبه نكتة سوداء‪ ،‬اسمع! يقول‬

‫)‪ (1‬رواه أحمد )‪ ،(297 /2‬والترمذى فى التفسير )‪ ،(3334‬وابن‬ ‫‪1‬‬

‫ماجة فى الزهد )‪ ،(4244‬والحاكم )‪.(1/5‬‬


‫)‪ (2‬رواه مسلم فى اليمان )‪.(144/231‬‬ ‫‪2‬‬
‫خطب الشيخ محمد حسان )التوبة النصوح(ـــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(107‬‬

‫المصطفى ‪" : ‬فإن تاب ونزع واستغفر صقل‬


‫قلبه" يعود اليمان والنور إلى القلب مرة ثانية‪ ،‬لن‬
‫لليمان نورا ً فى القلب‪.‬‬
‫أكرر وأقول‪ :‬إن لليمان نورا ً فى القلب كما قال‬
‫الحبيب ‪ ‬فى حديثه الصحيح الذى رواه أبو نعيم‬
‫والدارمى من حديث على وصححه اللبانى أن الحبيب‬
‫النبى ‪ ‬قال‪" :‬ما من القلوب قلب إل وله سحابة‬
‫كسحابة القمر فبينا القمر مضىء إذ علته سحابة‬
‫فأظلم ‪ ،‬فإذا تجلت عنه اضاء‪."..‬‬
‫تدبر! كلم النبى ‪ ‬النفيس يشرق القمر فى‬
‫السماء‪ ،‬فتتحرك سحابة كثيفة مظلمة فتحجب السحابة‬
‫المظلمة نور القمر عن الرض‪ ،‬فذلك إن تحركت‬
‫المعاصى على القلب حجبت نور اليمان فى القلب‪ ،‬فإن‬
‫انقشعت السحب المظلمة‪ -‬سحب المعاصى والذنوب‬
‫بالتوبة والوبة والستغفار ‪ ،‬عاد اليمان فى القلب إلى‬
‫نوره وإشرافه‪ ،‬كما يقول المصطفى ‪" : ‬إذا أذنب‬
‫المؤمن نكت فى قلبه نكتة سوداء فإن تاب ونزع‬
‫واستغفر صقل قلبه فإن زاد – اى من المعاصى‬
‫والذنوب‪ -‬زادت" أى زادت بقعة السواد فى القلب‪ ،‬وذلك‬
‫عَلى‬ ‫ن َ‬ ‫ل َرا َ‬ ‫الران الذى ذكره الله فى قوله ‪} :‬ك َّل ب َ ْ‬
‫م‬‫ه ْ‬‫عن ّرب ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫ن * ك َّل إ ِن ّ ُ‬ ‫كاُنوا ي َك ْ ِ‬
‫سُبو َ‬ ‫ما َ‬ ‫هم ّ‬ ‫قلوب ِ ِ‬
‫ُ ُ‬
‫ن{ )‪ (15 ، 14‬سورة المطففين‬ ‫جوُبو َ‬ ‫ح ُ‬
‫م ْ‬‫ذ لّ َ‬‫مئ ِ ٍ‬
‫و َ‬‫يَ ْ‬
‫فالتوبة أحبتى فى الله سبب لنور القلب ومحو أثر الذنب‪.‬‬
‫رابعًا‪ :‬من فضائل التوبة‪ :‬التوبة سبب للحياة السعيدة‬
‫فى الدنيا والخرة‪ ،‬من أراد المال فعليه بالتوبة وسأذكر‬
‫لك ذلك بالدليل من القرآن‪ ،‬من أراد مال وغنى فعليه‬
‫بالتوبة‪ ،‬من حرم من نعمة النجاب وأراد الولد والذرية‬
‫فعليه بالتوبة‪ ..‬من أراد الحياة السعيدة الهانئة فى الدنيا‬
‫فعليه بالتوبة ‪ ..‬من أراد الحياة السعيدة فى الخرة فعليه‬
‫فُروا‬ ‫غ ِ‬
‫ست َ ْ‬
‫تا ْ‬ ‫قل ْ ُ‬ ‫ف ُ‬
‫بالتوبة‪ :‬اسمع لربك جل وعل‪َ } :‬‬
‫خطب الشيخ محمد حسان )التوبة النصوح(ـــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(108‬‬

‫كم‬ ‫عل َي ْ ُ‬ ‫ماء َ‬ ‫س َ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫س ِ‬ ‫فاًرا * ي ُْر ِ‬ ‫غ ّ‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫ه َ‬ ‫م إ ِن ّ ُ‬ ‫َرب ّك ُ ْ‬


‫َ‬
‫م‬‫عل ل ّك ُ ْ‬ ‫ج َ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫وب َِني َ‬ ‫ل َ‬ ‫وا ٍ‬ ‫م َ‬ ‫م ب ِأ ْ‬ ‫ددْك ُ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫وي ُ ْ‬ ‫مدَْراًرا * َ‬ ‫ّ‬
‫َ‬
‫ن ل ِل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫جو َ‬ ‫م َل ت َْر ُ‬ ‫ما ل َك ُ ْ‬ ‫هاًرا * ّ‬ ‫م أن ْ َ‬ ‫عل ل ّك ُ ْ‬ ‫ج َ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫ت َ‬ ‫جّنا ٍ‬ ‫َ‬
‫قاًرا{ )‪ (13 ، 10‬سورة نوح ‪.‬‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫ما لكم ل توحدون الله حق توحيده ول تعبدون الله‬
‫ت‬‫قل ْ ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫حق عبادته ول تقدرون الله حق قدره‪َ } ،‬‬
‫فاًرا{ انظر إلى نتائج‬ ‫غ ّ‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫ه َ‬ ‫م إ ِن ّ ُ‬ ‫فُروا َرب ّك ُ ْ‬ ‫غ ِ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫ا ْ‬
‫مدَْراًرا{ يا‬ ‫كم ّ‬ ‫عل َي ْ ُ‬ ‫ماء َ‬ ‫س َ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫س ِ‬ ‫الستغفار والتوبة }ي ُْر ِ‬
‫من تخشون قلة المال توبوا واستغفروا رب الرض‬
‫مدَْراًرا{ بالمطر‬ ‫كم ّ‬ ‫عل َي ْ ُ‬ ‫ماء َ‬ ‫س َ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫س ِ‬ ‫والسماء }ي ُْر ِ‬
‫والغيث‪ ،‬لن الذى يملك المطر والغيث هو الله‬
‫َ‬
‫ت‬‫جّنا ٍ‬ ‫م َ‬ ‫عل ل ّك ُ ْ‬ ‫ج َ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫وب َِني َ‬ ‫ل َ‬ ‫وا ٍ‬ ‫م َ‬ ‫م ب ِأ ْ‬ ‫ددْك ُ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫وي ُ ْ‬ ‫} َ‬
‫مُنوا ْ‬ ‫ل ال ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قَرى آ َ‬ ‫ه َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫وأ ّ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫هاًرا{ } َ‬ ‫م أن ْ َ‬ ‫عل ل ّك ُ ْ‬ ‫ج َ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫َ‬
‫ض‬ ‫َ‬ ‫هم ب ََر َ‬ ‫حَنا َ َ‬ ‫قوا ْ ل َ َ‬ ‫وات ّ َ‬
‫والْر ِ‬ ‫ماء َ‬ ‫س َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ت ّ‬ ‫كا ٍ‬ ‫علي ْ ِ‬ ‫فت َ ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ن{ )‪(96‬‬ ‫سُبو َ‬ ‫كاُنوا ْ ي َك ْ ِ‬ ‫ما َ‬ ‫هم ب ِ َ‬ ‫خذَْنا ُ‬ ‫فأ َ‬ ‫كن ك َذُّبوا ْ َ‬ ‫ول َ ِ‬ ‫َ‬
‫سورة العراف ‪ ...‬يا من أردت المال عليك بالتوبة ‪...‬‬
‫ويا من حرمت من نعمة الولد عليك بالتوبة والمداومة‬
‫على الستغفار‪.‬‬
‫ارجع إليه واعلم ان التوبة سبب للحياة الكريمة‬
‫السعيدة فى الدنيا والخرة‪ .‬والله ل سعادة فى الخرة‪ ،‬إل‬
‫م‬ ‫و َ‬ ‫لمن تاب إلى الله‪ -‬فى الدنيا وداوم على التوبة }ي َ ْ‬
‫ْ‬
‫د‬
‫عي ٌ‬ ‫س ِ‬ ‫و َ‬ ‫ي َ‬ ‫ق ّ‬ ‫ش ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ف ِ‬ ‫ه َ‬ ‫س إ ِل ّ ب ِإ ِذْن ِ ِ‬ ‫ف ٌ‬ ‫م نَ ْ‬ ‫ت ل َ ت َك َل ّ ُ‬ ‫ي َأ ِ‬
‫فأ َ‬
‫فيٌر‬ ‫ها َز ِ‬ ‫في َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ر لَ ُ‬ ‫ِ‬ ‫نا‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫في‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫ْ‬ ‫ا‬ ‫قو‬ ‫ُ‬ ‫ش‬ ‫َ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ذي‬‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ما‬
‫ّ‬ ‫* َ‬
‫شهيق * َ‬
‫ن‬
‫دي َ‬ ‫خال ِ ِ‬ ‫ة َ‬ ‫جن ّ ِ‬ ‫في ال ْ َ‬ ‫ف ِ‬ ‫دوا ْ َ‬ ‫ع ُ‬ ‫س ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ما ال ّ ِ‬ ‫وأ ّ‬ ‫َ‬ ‫و َ ِ ٌ‬ ‫َ‬
‫شاء َرب ّ َ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ما َ‬ ‫ض إ ِل ّ َ‬ ‫والْر ُ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ُ‬ ‫ما َ‬ ‫س َ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫م ِ‬ ‫دا َ‬ ‫ما َ‬ ‫ها َ‬ ‫في َ‬ ‫ِ‬
‫ذوٍذ{ )‪ (108 ، 105‬سورة هود اللهم‬ ‫ج ُ‬ ‫م ْ‬ ‫غي َْر َ‬ ‫طاء َ‬ ‫ع َ‬ ‫َ‬
‫اجعلنا من أهل السعادة‪.‬‬
‫فهيا ايها الكريم عجل الن وبادر بالتوبة‪ ..‬يا نادماً‬
‫على الذنوب أين اثر ندمك؟! أين بكاؤك عل زلة قدمك ‪..‬‬
‫يا اسير الخطايا أين الدموع الجارية‪ ..‬يا من بارز ربه‬
‫خطب الشيخ محمد حسان )التوبة النصوح(ـــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(109‬‬

‫بالقبائح أتصبر على الهاوية؟! فوا أسفاه إن دعيت اليوم‬


‫غلى التوبة وما لبيت ‪ ..‬واحسرتاه إن ذكرت الن بالتوبة‬
‫وما أنبت‪.‬‬
‫هيا بادر بالتوبة ول تؤجل ول تسوف ‪ ،‬فإن الموت‬
‫يأتى بغتة‪ ،‬وقد سبقك على الطريق كثير من الطهار‬
‫والبرار والخيار‪.‬‬
‫وهذا هو عنصرنا الثالث‪ :‬شموس مضيئة فى سماء‬
‫التوبة‪:‬‬
‫واستهل بأحاديث النبى المصطفى ‪ .. ‬يبين لنا‬
‫النبى ‪ ‬أن رجل ً قتل مائة نفس ‪ ..‬ومع ذاك لما تاب إلى‬
‫الله وصدق فى توبته تاب الله عليه‪ ،‬اسمع ماذا قال‬
‫الحبيب المصطفى ‪ ‬كما فى الصحيحين من حديث أبى‬
‫سعيد الخدرى قال ‪ " : ‬كان فيمن كان قبلكم رجل‬
‫قتل تسعة وتسعين نفسًا‪ ،‬فأراد أن يتوب فسأل‬
‫عن أعلم أهل الرض فدل على راهب )يعنى‬
‫عابد من عباد بنى إسرائيل لكن ل علم لديه(‪-‬‬
‫فذهب إليه وقال‪ :‬لقد قتلت تسعة وتسعين نفسا ً فهل لى‬
‫من توبة فقال‪ :‬ل ‪ ،‬ل توبة لك فقتله فكمل به المائة‪،‬‬
‫وأراد أن يتوب مع ذلك فسأل عن أعلم أهل الرض فدل‬
‫على رجل عالم"‪ ..‬وما أحوج المة إلى العلماء‪ ،‬فإن‬
‫العلماء هم الشموع التى تحترق ‪ ،‬لتضئ للمة طريق نبيها‬
‫‪ ، ‬هم القادة الحقيقيون فى المة الذين يسيرون على‬
‫طريق النبياء إن العلماء ورثة النبياء أسأل الله أن يبارك‬
‫فى علماء المة‪.‬‬
‫"فدل على رجل عالم فقال‪ :‬إنه قتل مائة‬
‫نفس فهل له من توبة قال‪ :‬نعم ومن الذى‬
‫يحول بينك وبين التوبة‪ ،‬لكن أذهب إلى أرض كذا‬
‫فإن فيها أناسا ً يعبدون الله فاعبد الله معهم"‬
‫)غير البيئة فلبد من تغير البيئة‪ ،‬بيئة المعصية والبعد عن‬
‫الله لبد من تغيير الصحبة التى تحول بينك وبين الطاعة‬
‫خطب الشيخ محمد حسان )التوبة النصوح(ـــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(110‬‬

‫وبين دروس العلم‪ ،‬صحبة تقول لك‪ :‬ل‪ ،‬احذر! ل تذهب‬


‫إلى المساجد واحذر أصحاب اللحى انتبه فإننا نريد أن‬
‫نربي الولد وإننا نريد أن نعيش‪.‬‬
‫وطائفة تقول لك‪ :‬تعال إن فلنا قد اشترى دشا يأتى‬
‫بالفلم الداعرة‪ ،‬تعالى لنقضى الليل عنده‪ ،‬وإن رجل ً‬
‫يقول لك‪ :‬إن المقهى الفلنى يقدم البانجو بأرخص‬
‫السعار غير البيئة وغير الصحبة وإل فلن تتمكن من التوبة‬
‫والوية إلى الله(‪.‬‬
‫"لكن اذهب إلى أرض كذا فإن فيها أناسا ً‬
‫يعبدون الله‪ ،‬فاعبد الله معهم ول ترجع إلى‬
‫أرضك فإنها أرض سوء" فانطلق الرجل إلى أرض‬
‫التوبة فقال‬
‫الحبيب ‪ " :‬حتى إذا نصف الطريق‪ -‬أى وصل إلى‬
‫منتصف الطريق‪ -‬أتاه الموت" مات "فاختصمت‬
‫ملئكة الرحمة وملئكة العذاب قالت ملئكة‬
‫الرحمة‪ :‬لقد جاء تائبا ً مقبل ً بقلبه إلى الله‬
‫تعالى‪ ،‬وقالت ملئكة العذاب‪ :‬إنه لم يعمل خيرا‬
‫قط ‪ ..‬فبعث الله إليهم ملكا حكما ً فقال الملك‪:‬‬
‫قيسوا المسافة بين الرضين فإلى أيتهما هو‬
‫أقرب فهو من أهلها"‪ " ..‬يعنى إن كان قريبا ً من‬
‫الرض التى ارتكب فيها المعاصى فلتقبضه‬
‫ملئكة العذاب‪ ،‬وإن كان قريبا ً من الرض التى‬
‫ذهب ليتوب فيها إلى الله عز وجل فلتقبضه‬
‫ملئكة الرحمة"‪.‬‬
‫قال المصطفى ‪ " : ‬فأوحى الله عز وجل إلى‬
‫هذه أن تباعدى وإلى هذه أن تقاربى‪"..‬‬
‫أوجى الله إلى أرض المعصية أن تباعدى والملك‬
‫ملكه ‪ ،‬وأوحى إلى أرض التوبة أن تقربى " فوجدوه قريبا ً‬
‫خطب الشيخ محمد حسان )التوبة النصوح(ـــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(111‬‬

‫قريبا ً يشير إلى الرض التى أراد أن يتوب فيها إلى الله‬
‫فقبضته ملئكة الرحمة)‪ .. (1‬برحمة الله جل وعل‪.‬‬
‫هذا قاتل‪ ..‬وهذا زان وزانية‪ .‬أسأل اله أن يطهرنا‬
‫وأن يستر نساءنا وبناتنا‪ .‬تأتى كبيرة الزنا بعد كبيرة‬
‫القتل ‪ .‬ومع ذلك إن تبت إلى الله وصدقت فى توبتك‬
‫وقبل الله منك التوبة فأبشر‪ ،‬فإن الذى سيتولى تخليصك‬
‫وتطهيرك يوم القيامة من صاحب الذنب هو الغفور‬
‫الرحيم جل جلله‪ .‬المهم أن تصدق فى التوبة‪ ،‬وأن تبكى‬
‫دما ً بدل الدمع على كبيرة الزنا التى وقعت فيها‪ ،‬وأن‬
‫تبكى دما ً بدل الدمع‪ ،‬ولتقلع ولنتب ولتستغفر ولتداوم‬
‫على الطهر والعمل الصالح‪.‬‬
‫اسمع ماذا قال المصطفى – والحديث رواه مسلم‬
‫وابو داود وغيرهم من حديث بريدة‪ -‬قال يريدة‪ :‬جاء ماعز‬
‫بن مالك )رجل زنى فى عهد المصطفى وهو محصن ‪– ..‬‬
‫أى متزوج( جاء للنبى ‪ ‬وقال‪ :‬طهرنى يا رسول الله‬
‫فقال له النبى‪" :‬ويحك ارجع استغفر الله وتب‬
‫إليه" ذهب ماعز غير بعيد فجاء إلى المصطفى وقال‪:‬‬
‫طهرنى يا رسول الله ‪ ..‬ل يصبر ‪ .‬ويريد أن يطهر فى‬
‫الدنيا قبل الخرة فقال له النبى ‪ ‬للمرة الثانية ‪" :‬‬
‫ويحك ارجع استغفر الله وتب إليه"‪ ..‬ولذلك قال‬
‫ابن تيمية طيب الله تراه‪ :‬الصل فى الكبائر التوبة قبل‬
‫إقامة الحد ‪ .‬التوبة ‪ ..‬ذهب ماعز غير بعيد فجاه إلى‬
‫المصطفى وقال‪ :‬طهرنى يا رسول الله فقال له النبى ‪‬‬
‫للمرة الثالثة‪" :‬ويحك ارجع استغفر الله وتب إليه"‬
‫ذهب ماعز غير بعيد فجاء إلى المصطفى ‪ ‬وقال‪ :‬لقد‬
‫زنيت يا رسول الله طهرنى‪ ،‬سأل النبى أصحابة وقال‪" :‬‬

‫)‪ (1‬رواه البخارى فى حديث النبياء )‪ ،(3470‬ومسلم فى التوبة‬ ‫‪1‬‬

‫)‪.(46 / 2766‬‬
‫خطب الشيخ محمد حسان )التوبة النصوح(ـــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(112‬‬

‫أبة جنون؟ ‪ "..‬قالوا ل ‪ ..‬قال النبى " أشرب خمرا؟"‬


‫فقام رجل ً من الصحابة فاستنكهة أى شم نكهته‪ -‬أى‬
‫رائحة فمه‪ -‬فقال ‪ :‬ل لم يشرب خمرا ً يا رسول الله‪ ،‬فأمر‬
‫النبى بإقامة الحد عليه رجما ً بالحجارة حتى الموت‪.‬‬
‫هذا حد الله لمن زنى وهو محصن أى متزوج فمضى‬
‫يومان أو ثلثة ثم عاد النبى ‪ ‬إلى أصحابة وقال لهم‪" :‬‬
‫استغفروا لخيكم ماعز بن مالك" فقالوا‪ :‬غفر الله‬
‫لماعز بن مالك‪ ..‬فقال المصطفى ‪ " :‬والذى نفسى‬
‫بيده لقد تاب توبة لو قسمت بين أمة‬
‫لوسعتهم")‪ .. (1‬وفى رواية أبى داود قال النبى‪" :‬‬
‫استغفروا لخيكم ماعز بن مالك" غفر الله لماعز‬
‫بن مالك‪ ..‬فقال المصطفى "والذى نفسى بيده إنه‬
‫)‪(2‬‬
‫الن لفى أنهار الجنة ينغمس فيها"‬
‫ثم جاءت الغامدية فقالت‪ :‬يا رسول الله طهرنى لقد‬
‫زنيت فقال المصطفى‪" :‬ويحك ارجعى وإستغفرى‬
‫الله وتوبى إليه" فقالت‪ :‬يا رسول الله أتريد أن تردنى‬
‫كما رددت ماعز بن مالك‪ ..‬هذه لم تأت بها شرطة‬
‫الداب‪ ،‬ول شرطة المر بالمعروف والنهى عن المنكر‪ ،‬بل‬
‫جاء بها إيمانها‪ ،‬وخوفها من ربها جل جلله فهؤلء لم‬
‫يتربوا على مراقبة القانون الوضعى العمى‪ ،‬بل على‬
‫مراقبة الرب العلى العلى‪ ،‬طهرنى يا رسول الله قال‬
‫المصطفى ‪" :‬ويحك ارجعى واستغفرى الله وتوبى‬
‫إليه" فقالت‪ :‬يا رسول الله أتريد أن تردنى كما رددت‬
‫ماعز بن مالك ‪ ..‬فقال المصطفى لها‪":‬أنت" قالت‪ :‬نعم‪.‬‬
‫أسمع ماذا قال لها الحبيب ‪" : ‬أذهبى حتى‬
‫تلدى" ‪ ..‬هذا الولد ما ذنبه؟ وهذا رد بليغ على العلمانيين‬
‫المجرمين الذين يختزلون الدين فى أمر الحدود‪،‬‬

‫)‪ (1‬رواه مسلم فى الحدود )‪ ، (22 / 1695‬وأحمد )‪، 347 /5‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.(348‬‬
‫)‪ (2‬رواه أبو داود فى الحدود )‪.(4428‬‬ ‫‪2‬‬
‫خطب الشيخ محمد حسان )التوبة النصوح(ـــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(113‬‬

‫ويزعمون أن دين السلم دين متعطش لتقطيع اليدى‬


‫ولرجم الخلق والعباد‪ ،‬ولسفك الدماء‪ ،‬يقول لها النبى ‪‬‬
‫وهى التى جاءت تعترف بالزنا‪" :‬ويحك ارجعى‬
‫واستغفرى الله وتوبى إليه"‪.‬‬
‫قال كل أهل العلم‪ :‬والله لو رجع ماعز واستغفر الله‬
‫وتاب إليه لتاب الله عليه قال‪" :‬اذهبى حتى تلدى" هذا‬
‫الولد ما ذنبه فذهبت حتى وضعت ولدها من الزنا‪ .‬اهربى‬
‫زورى جوازا واخرجى لى بلدة ل ‪ ،‬ل ‪ ...‬وجاءت به تحمله‬
‫على صدرها فى خرقة وهو طفل فى المهد للنبى ‪‬‬
‫لتقول ‪ :‬يا رسول الله هذا ولدى قد وضعته فطهرنى يا‬
‫رسول الله ‪ ...‬ماذا قال لها فى الثانية قال‪ :‬ل "ارجعى‬
‫حتى ترضعيه حتى تفطميه" أرضعيه سنتين كاملتين‬
‫حتى تفطميه‪.‬‬
‫عادت المرأة فأرضعت طفلها عامين كاملين لم‬
‫تهرب وما نسيت بل جاءت بعد عامين وفى يد ولدها‬
‫كسرة خبز ‪ ،‬لتبين للنبى ‪ ‬عمليا أن الولد قد فطم عن‬
‫الرضاع‪ ،‬فإنها مصرة على أن تطهر فى الدنيا قبل الخرة‬
‫فأمر النبى ‪ ‬رجل ً من المسلمين أن يأخذ الولد ليقوم‬
‫على تربيته‪.‬‬
‫وكان من بين هؤلء الذين رموها بالحجارة خالد بن‬
‫الوليد – رضى الله عنه‪ -‬فلما رماها خالد بن الوليد عل‬
‫بحجر تنفح دمها على وجهه خالد فسبها خالد بن الوليد‬
‫فسمعه النبى فقال‪ " :‬مهل يا خالد ‪ ..‬مهل يا خالد‬
‫فوالذى نفسى بيده لقد تابت توبة لو تابها‬
‫صاحب مكس لغفر له")‪ .. (1‬وفى رواية لما ماتت أمر‬
‫النبى ‪ ‬الصحابة بها ثم قام المصطفى ‪ ،‬ليصلى عليها‬
‫بنفسه‪ ،‬ثم دفنت‪ -‬صلى بفتح الصاد‪-‬‬

‫)‪ (1‬رواه مسلم فى الحدود )‪ ،(23 ، 22 / 1695‬وابو داود فى‬ ‫‪1‬‬

‫الحدود )‪.(4442‬‬
‫خطب الشيخ محمد حسان )التوبة النصوح(ـــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(114‬‬

‫وهذا هو الراجح بدليل رواية مسلم أن عمر بن‬


‫الخطاب قال له ‪ :‬يا رسول الله أتصلى عليها وقد زنت؟!‬
‫فقال له النبى ‪ ": ‬والذى نفسى بيده لقد تابت‬
‫توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة‬
‫لوسعتهم وهل وجدت أفضل من أن جادت‬
‫)‪. (1‬‬
‫بنفسها لله جل وعل"‬
‫طرق الفساد فأنت غير‬ ‫يا هاتكا حرم الرجال‬
‫مكرم‬ ‫وتابعا‬
‫فى قومه بزنى بربع‬ ‫من يزن فى قوم بألفى‬
‫الدرهم‬ ‫درهم‬
‫كان الوفاء من أهل‬ ‫إن الزنا دين إذا‬
‫بيتك فاعلم‬ ‫استقرضته‬

‫فتب إلى الله يا من زنيت ‪ ..‬توبى إلى الله يا من‬


‫زنيت‪ ،‬تب إلى الله يا من وقعت فى هذه الكبيرة البشعة‬
‫الشنيعة‪ .‬اللهم استر نساءنا وبناتنا وأصلح شبابنا‪ ،‬واحفظ‬
‫فروجنا يا أرحم الراحمين حتى ولو لم يقم عليك الحد‬
‫عجل بالتوبة‪ ،‬وتب إلى الله تبارك وتعالى‪ .‬فإذا وقفت بين‬
‫يدى الله سبحانه فى يوم ل ينفع فيه مال ول بنون إل من‬
‫أتى الله بقلب سليم‪ ،‬إن قبل الله منك التوبة تولى الله‬
‫سبحانه وتعالى تخليص الحق الذى عليك لمن ارتكبت فى‬
‫حقه كبيرة الزنا‪ .‬إن تبت إلى الله وكنت صادقا فى توبتك‬
‫وقبل الله منك التوبة ستدخل الجنة برحمته أنت وأخوك‬
‫صاحب الحق‪ ،‬المهم أن تصدق فى التوبة هذا زانى وهذه‬
‫زانية وهذا رجل قتل نفسه‪.‬‬
‫والحديث فى الصحيحين من حديث أبى هريرة عن‬
‫النبى ‪ ‬قال‪" :‬كان فيمن كان من قبلكم رجل‬
‫أسرف على نفسه‪ -‬أى أثقل على نفسه من‬
‫)‪ (1‬رواه مسلم فى الحدود )‪ /(24 / 1696‬وأبو داود فى الحدود‬ ‫‪1‬‬

‫)‪.(4440‬‬
‫خطب الشيخ محمد حسان )التوبة النصوح(ـــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(115‬‬

‫المعاصى والذنوب‪ -‬فلما حضرته الوفاة‪) -‬وأود أن‬


‫أنبه هنا إلى أن الرجل قد تاب إلى الله عز وجل توبه‬
‫عجيبة قبل الموت‪ (-‬فلما حضرته الوفاة‪ -‬قال لبنيه‪:‬‬
‫يا أولدى إذا أنا مت فحرقونى‪ ،‬حتى إذا صرت‬
‫فحما فاسحقونى‪ ،‬ثم اذروا نصفى فى البر‬
‫ونصفى فى البحر فلئن قدر على ربى ليعذبنى‬
‫عذابا ما عذبه لحد من العالمين فلما مات فعلوا‬
‫)‪(1‬‬
‫به ذلك‪:‬‬
‫وفى لفظ‪ ":‬فإذا كان يوم ريح عاصف فاذروا‬
‫نصفى فى البر ونصفى فى البحر فلما مات‬
‫فعلوا به ذلك فقال الله عز وجل‪ -‬أمر الله البحر‬
‫فجمع ما فيه وأمر الله البر فجمع ما فيه‪ -‬وقال‬
‫الله للعبد هذا‪ :‬كن فإذا هو رجل قائم بين يديه‬
‫جل جلله ثم قال الملك اسمع وهذه‪ -‬هى التوبة‪،‬‬
‫هذه هى التوبة‪ ،‬لم يقتل نفسه قنوطا ول يأسا‬
‫من الحياة بل قتل نفسه أو أمر بذلك خوفا من‬
‫لقاء الله وهو يظن أنه بذلك لن يقف بين يديه‪-‬‬
‫فقال الله له‪ :‬عبدى ما حملك على أن فعلت ما‬
‫فعلت فقال العبد ‪" :‬خشيتك يا رب" وفى لفظ ‪:‬‬
‫" مخافتك يا رب وأنت أعلم وأنت أعلم أننى‬
‫أخافك وأننى أخشاك وأخافك فى ساعة سأقف‬
‫فيها بين يديك فظننت أن ذلك لن يوقفنى‬
‫بذنوبى بين يديك"‪ .‬قال المصطفى ‪" :‬فغفر الله‬
‫له بذلك" إنه هو الرحيم الكريم‪.‬‬
‫وهذا شاب فى عصرنا هذا يخرج هو وشلته لصطياد‬
‫الفتيات ويخرج بهن إلى البر إلى الصحراء لرتكاب الزنا‬
‫بعد شرب الخمر‪ .‬وفى ليلة من الليالى أنهوا هذه الكبيرة‬
‫فى وقت مبكر من الليل وعادوا إلى بيوتهم وعاد هذا‬
‫)‪ (2‬رواه البخارى فى أحاديث النبياء )‪ ،(3478‬وفى التوحيد )‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،(7508 ، 7506‬ومسلم فى التوبة )‪.(757 ، 2756‬‬


‫خطب الشيخ محمد حسان )التوبة النصوح(ـــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(116‬‬

‫الشاب ليقضى ليلته مع فيلم جنسى داعر‪ ،‬حاول أهل هذا‬


‫الشاب وقد من الله عليهم بالسعة والثراء والجاه حاولوا‬
‫معه بشتى الطرق فلم يفلحوا‪ ،‬استضافوا أفضل أهل‬
‫العلم لهدايته فلم يصلحه‪ ،‬فأصر أهله على الزواج فأبى‬
‫أول المر ثم أذعن ليرضى والده فتزوج فرزقه الله‬
‫بطفلة جميلة صغيرة فبلغت السادسة من عمرها‪ ،‬ومع‬
‫ذلك فإنها ل ترى الوالد إل قبل الفجر ل يدخل البيت إل‬
‫قبل الفجر تقريبًا‪ ،‬فى كل ليلة حياة عربدة وفسوق وعاد‬
‫ليلة فوضع شريطا جنسيا ً داعرا وجلس بعدما اطمئن أن‬
‫طفلته تغط فى نوم عميق فى أحضان أمها ويشاء الله‬
‫تبارك وتعالى أن تستيقظ البنت وأبوها يشاهد هذا الفيلم‬
‫الداعر فسمعت صوتا خافتا ورأت نورا فى غرفة مكتب‬
‫أبيها فتسللت ودخلت على أبيها الذى اطمأن أن ابنته‬
‫نامت مع أمها فدخلت البنت الصغيرة بنت السادسة‪ ،‬فلما‬
‫رأت هذه المشاهد التى تخلع القلوب الحية صرخت البنت‬
‫وبكت ففزع فوقف مكانة ل يستطيع حركة وإذا بابنته‬
‫تقول له كلما غريبا تقول له‪) :‬يا بابا إذا كنت عاوز تروح‬
‫النار روح لوحدك بس مدخلناش النار معاك(‪.‬‬
‫فصرخ وصرخت البنت وضرب الجهاز والفيديو بقدمه‬
‫وانطلق إلى ابنته واحتضنها وظل يصرخ ويصرخ فقامت‬
‫الم وعرفت ما الخبر وهو فى هذا الوقت سمع آذان‬
‫الفجر‪ :‬الله أكبر الله أكبر‪ ..‬فدخل إلى الخلء واغتسل‬
‫ليرفع جنابة الزنا‪.‬‬
‫ولول مرة يدخل بيت الله جل وعل ويقدر الله‬
‫سبحانه أن يقرأ المام فى صلة الفجرة قول الله عز‬
‫م‬
‫ه ْ‬‫س ِ‬‫ف ِ‬‫عَلى َأن ُ‬‫فوا َ‬ ‫سَر ُ‬ ‫َ‬
‫نأ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ي ال ّ ِ‬
‫عَباِد َ‬ ‫ل َيا ِ‬ ‫ق ْ‬‫وجل ‪ُ } :‬‬
‫فُر الذُّنو َ‬
‫ب‬ ‫غ ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه يَ ْ‬ ‫ة الل ّ ِ‬
‫ه إِ ّ‬ ‫م ِ‬
‫ح َ‬ ‫من ّر ْ‬ ‫طوا ِ‬ ‫قن َ ُ‬‫َل ت َ ْ‬
‫م { )‪ (53‬سورة الزمر‬ ‫حي ُ‬‫فوُر الّر ِ‬ ‫غ ُ‬‫و ال ْ َ‬‫ه َ‬‫ه ُ‬‫عا إ ِن ّ ُ‬
‫مي ً‬ ‫ج ِ‬
‫َ‬
‫فبكى وعل صوته بالبكاء وبعد الصلة التفت المصلون‬
‫من؟! فلن‪ ،‬فلن يصلى معنا ويبكى لم يقدر الله له‬
‫خطب الشيخ محمد حسان )التوبة النصوح(ـــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(117‬‬

‫الهداية إل على يد ابنته الطاهرة الطيبة‪ ،‬فلن ما الذى‬


‫جرى فقص عليهم ما الذى كان وظل جالسا فى المسجد‬
‫يبكى حتى أشرقت الشمس فصلى الضحى‪.‬‬
‫فلما انطلق إلى عمله مبكرا ً تعجب زملءه‪ :‬ما شاء‬
‫الله أتيت اليوم مبكرًا! وهم يعلمون أنه ل يأتى فى هذا‬
‫الوقت أبدًا‪ ،‬فهم يعلمون سلوكه وسيرته السيئة وقص‬
‫عليهم ما كان ورأوا على وجهه انكسار التوبة‪ ،‬بل قل إن‬
‫شئت‪ :‬جلل وأنوار وهيبة التوبة فقالوا‪ :‬ما الخبر فقص‬
‫عليهم ما حدث فقال له مديره‪ :‬عد إلى بيتك فاسترح‬
‫فسنأتيك الليلة لنتناول معك العشاء‪ ،‬لتقص علينا خبر‬
‫توبتك‪.‬‬
‫فعاد إلى بيته قبل الظهر فوجد صراخا ً وبكاء ورأى‬
‫زحاما فدخل مسرعا ما الخبر؟ ما الذى جرى؟ فقالوا‪:‬‬
‫ماتت ابنتك!! ماتت أبنتى! ذهب النور الذى أخرجنى من‬
‫الظلمات إلى النور ذهبت هذه الطيبة الطاهرة التى جعل‬
‫الله توبتى على يدها‪ ،‬ماتت فى اليوم التى أحتاج إليها‬
‫فيه‪ ،‬ماتت قبل أن أبرهن لها عمليا أنى تبت إلى الله على‬
‫يديها‪.‬‬
‫وصمم هذا الولد الشاب أن يغسلها بيده وأن يكفنها‬
‫بيده وأن ينزل القبر بنفسه فأبوا عليه فقال‪ :‬ل ‪ ،‬دعونى‬
‫أودع النور الذى أخرجنى من الظلمات إلى النور‪ ،‬وعاد‬
‫فتاب إلى العزيز الغفور وصحت توبته ولم يرجع إلى الزنا‬
‫ولم يرجع إلى الخمر نسأل الله لنا وله الثبات‪.‬‬
‫فيا أيها الشاب‪ ،‬ل تقنط ول تيأس مهما بلغت ذنوبك‪،‬‬
‫وهذا والله شاب من شبابنا هنا فى قرية من قرى مركز‬
‫المنصورة كنت ألقى فى هذه القرية يوما محاضرة بين‬
‫المغرب والعشاء‪ ،‬عن وفاة الرسول ‪ ‬وأعد الخوة‬
‫فراشا خارج المسجد وازدحم الناس وكان العدد كبيرا ً فى‬
‫هذه المحاضرة الطيبة‪.‬‬
‫خطب الشيخ محمد حسان )التوبة النصوح(ـــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(118‬‬

‫ولذا فأنا أكرر دائما ً أن يحرص المسلمون على تكثير‬


‫سواد المسلمين فى المحاضرات العلمية‪ ،‬فإن تكثير‬
‫سواد المسلمين دعوة فى نفس الوقت ‪ ،‬خرج ثلثة من‬
‫الشباب يحملون فى جيوبهم أو أكياسهم وحقائبهم قطعا ً‬
‫كبيرة من الحشيش‪ ،‬لتقطيعها وبيعها فى المنصورة ليل ً‬
‫يقسم بالله هذا الشاب الذى يقص على القصة وهو منهم‬
‫يقول‪ :‬والله يا شيخ‪ -‬هذا على حد تعبيره‪) -‬رأينا الدقون‬
‫ملية شوارع البلد وجاية من كل طريق واحنا قلنا إيه اللى‬
‫خرج الدقون من جحورها هوة فى أية؟( ما الذى أخرج‬
‫أصحاب اللحى من جحورهم ما الخبر؟ فقالوا‪ ":‬ده فيه‬
‫محاضرة هنا لواحد اسمه محمد حسان قالوا‪ :‬بيبيع أيه؟‬
‫قالوا‪ :‬دى محاضرة قال الله وقال الرسول هكذا قالوا‬
‫لى"‪.‬‬
‫يقول‪ :‬فقلت للشابين معى‪ :‬ما زال الوقت مبكرًا‪،‬‬
‫لنتمكن من تقطيع الحشيش لبيعه فهل جلسنا مع هؤلء‬
‫فى الشارع حتى إذا دخل وقت العشاء انطلقنا إلى‬
‫المنصورة‪ ،‬يقسم لى بالله جلسنا معنا قطع كبيرة من‬
‫الحشيش جلسنا فى الشارع‪ ،‬يقول‪ :‬وكنت تتحدث عن‬
‫وفاة الرسول ‪ ‬يقسم لى بالله إن قلبه قد ارتجف‬
‫وارتعد وبكى وكأنه لم يبك فى حياته من قبل قال‪:‬‬
‫وتصورت أننى مع النبى فى غرفته وهو يغسل بعد‬
‫الموت‪.‬‬
‫يقول‪ :‬فلما أذن المؤذن لصلة العشاء دخلت إلى‬
‫دورة مياة المسجد فرفعت الجنابة عن نفسى بخرطوم‬
‫دورة المياة وخرجت للصلة وألقيت كل ما معى من‬
‫الحشيش فى دورة مياة المسجد وصليت وبكيت بكاء‬
‫مريرا ً وشعرت بلذة التوبة وحلوة الوبة‪ ،‬وقلت للخوين‬
‫اللذين كانا معى‪ :‬أنتما من الليلة فى طريق وأنا فى‬
‫طريق‪ ،‬فرد على كل واحد منهما فقالوا‪ :‬كنا سويا ً على‬
‫المعصية وها نحن الن نبدأ فى التوبة لله عز وعل‪.‬‬
‫خطب الشيخ محمد حسان )التوبة النصوح(ـــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(119‬‬

‫ووالله إنه الن لطالب علم من طلبنا ل يفارق درس‬


‫الربعاء فى المسجد التوحيد‪ ،‬وقد زينت سنة النبى وجهه‬
‫الزهر النور‪.‬‬
‫فل تيأس أخى الحبيب ول تقنط مهما كان الذنب‬
‫ومهما كانت المعصية‬
‫عد إلى الله‪.‬‬
‫وأعلم بأنك لو قلت يا رب يا رب تب على والله‬
‫فيَنا‬ ‫دوا ِ‬ ‫ه ُ‬ ‫جا َ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫سييسر لك طريق التوبة‪َ } :‬‬
‫ن{ )‪(69‬‬ ‫سِني َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ع ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه لَ َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫وإ ِ ّ‬ ‫سب ُل ََنا َ‬ ‫م ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫دي َن ّ ُ‬‫ه ِ‬ ‫ل َن َ ْ‬
‫ق الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫من ي َت ّ ِ‬ ‫و َ‬ ‫سورة العنكبوت وقال سبحانة‪َ } :‬‬
‫ب‬ ‫س ُ‬ ‫حت َ ِ‬ ‫ث َل ي َ ْ‬ ‫حي ْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫ق ُ‬ ‫وي َْرُز ْ‬ ‫جا * َ‬ ‫خَر ً‬ ‫م ْ‬ ‫ه َ‬ ‫عل ل ّ ُ‬ ‫ج َ‬ ‫يَ ْ‬
‫غ‬
‫ه َبال ِ ُ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ه إِ ّ‬ ‫سب ُ ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ف ُ‬ ‫ه َ‬ ‫عَلى الل ّ ِ‬ ‫ل َ‬ ‫وك ّ ْ‬ ‫من ي َت َ َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫قدًْرا{ )‪(3 ، 2‬‬ ‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ه ل ِك ُ ّ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫ع َ‬ ‫ج َ‬ ‫قد ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ر ِ‬ ‫م ِ‬ ‫أ ْ‬
‫سورة الطلق‪.‬‬
‫يا شباب من توكل عليه كفاه ومن اعتصم به نجاه‬
‫ومن فوض إليه المر هداه‪ .‬فتوبوا إلى الله‪ ،‬واعلموا أن‬
‫للتوبة شروطًا‪.‬‬
‫وهذا هو عنصرنا الرابع بإيجاز شديد‪:‬‬
‫أول شرط من شروط التوبة‪ :‬الخلص ل تتب خوفا‬
‫من السجن ول خوفا من العقوبة ول خوفا من ذم الناس‬
‫مُروا إ ِّل‬ ‫ُ‬
‫ما أ ِ‬ ‫و َ‬ ‫لك إن وقعت فى فضيحة‪ ،‬إنما تب لله‪َ } .‬‬
‫موا‬ ‫قي ُ‬ ‫وي ُ ِ‬ ‫فاء َ‬ ‫حن َ َ‬ ‫ن ُ‬ ‫دي َ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫صي َ‬ ‫خل ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫دوا الل ّ َ‬ ‫عب ُ ُ‬ ‫ل ِي َ ْ‬
‫ة{ )‪(5‬‬ ‫م ِ‬ ‫قي ّ َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ك ِدي ُ‬ ‫وذَل ِ َ‬ ‫كاةَ َ‬ ‫ؤُتوا الّز َ‬ ‫وي ُ ْ‬ ‫صَلةَ َ‬ ‫ال ّ‬
‫حى إ ِل َ ّ‬
‫ي‬ ‫م ُيو َ‬ ‫مث ْل ُك ُ ْ‬ ‫شٌر ّ‬ ‫ما أ ََنا ب َ َ‬ ‫ل إ ِن ّ َ‬ ‫ق ْ‬ ‫سورة البينة } ُ‬
‫َ‬
‫ه‬
‫قاء َرب ّ ِ‬ ‫جو ل ِ َ‬ ‫ن ي َْر ُ‬ ‫كا َ‬ ‫من َ‬ ‫ف َ‬ ‫حد ٌ َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫م إ ِل َ ٌ‬ ‫هك ُ ْ‬ ‫ما إ ِل َ ُ‬ ‫أن ّ َ‬
‫عبادة رب َ‬ ‫وَل ي ُ ْ‬
‫دا{‬ ‫ح ً‬ ‫هأ َ‬ ‫ك بِ ِ َ َ ِ َ ّ ِ‬ ‫ر ْ‬ ‫ش ِ‬ ‫حا َ‬ ‫صال ِ ً‬ ‫مًل َ‬ ‫ع َ‬ ‫ل َ‬ ‫م ْ‬ ‫ع َ‬ ‫فل ْي َ ْ‬ ‫َ‬
‫)‪ (110‬سورة الكهف‬
‫ثانيًا‪ :‬القلع عن المعاصى والذنوب‪.‬‬
‫رابعًا‪ :‬العمل الصالح والمداومة عليه‪.‬‬
‫خطب الشيخ محمد حسان )التوبة النصوح(ـــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(120‬‬

‫خامسًأ‪ :‬إن كان الذنب متعلقا ً بحق عبد من العباد‬


‫فتحلله‪ :‬إن أخذت مال رده وإن اغتبت أخا من إخواتك‬
‫فليس بالضرورة أن تذهب إليه‪ ،‬لتقول له‪ :‬لقد اغتبتك‬
‫حتى ل توغر صدره إنما يكفيك فقط أن تتوب إلى الله‬
‫وأن تذهب إلى المجلس الذى اغتبت فيه أخاك فتثنى‬
‫عليه الخير‪ ،‬وتدعو الله عز وجل له وهذه توبة‪.‬‬
‫وأسأل الله أن نكون ممن يستمعون القول فيتبعون‬
‫أحسنه‪ ،‬وأقول قولى هذا‪ ،‬وأستغفر لى ولكم‪.‬‬
‫خطب الشيخ محمد حسان )التوبة النصوح(ـــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ)‪(121‬‬

‫الخطبة الثانية‪:‬‬
‫الحمد لله رب العالمين وأشهد أن ل إله إل الله‬
‫وحده ل شريك له‪ ،‬واشهد أن محمدا ً عبده ورسوله‪ ،‬وصل‬
‫اللهم وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابة وأحبابه‬
‫وأتباعه وعلى كل من اهتدى بهدية واستن بسنته واقتفى‬
‫أثره إلى يوم الدين‪. .‬‬
‫أما بعد‪...‬‬
‫أيها الحبة الكرام وأخيرًا‪.‬‬
‫بقى أن نتعرف على عقبات خطيرة قد تعوق طريقنا‬
‫إن أردنا التوبة إلى الله عز وجل وهذه العقبات‪.‬‬
‫ل‪ :‬الشيطان بين التزين للعبد والتيئيس من رحمة‬ ‫أو ً‬
‫الرب‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬الغترار بستر الله وحلمه وتوالى نعمة على‬
‫العبد‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬الركون إلى الدنيا والنشغال عن الخرة‪.‬‬
‫رابعًا‪ :‬النفس المارة بالسوء‪.‬‬
‫خامسًا‪ :‬صحبة الشر والسوء هذه عقبات ستعترض‬
‫طريق التائب‪.‬‬
‫وأسأل الله العلى القدير فى هذه اللحظات الكريمة‬
‫الطيبة أن يتوب الله علينا‪ ،‬يا تواب اللهم ارحمنا يا رحيم‪.‬‬

You might also like