You are on page 1of 10

‫خطب الشيخ محمد حسان‬ ‫وأنذرهم يوم الحسرة‬

‫‪71‬‬

‫وأنذرهم يوم الحسرة‬


‫احلمد هلل ال ذى أذل ب املوت رق اب اجلب ابرة‪ ،‬احلمد هلل ال ذى أهنى ب املوت آم ال‬
‫القياصرة‪ ،‬فنقلهم باملوت من القصور إىل القبور‪ ،‬ومن ضياء املهود إىل ظلمة اللحود‪ ،‬ومن‬
‫مالعبة اجلوارى والنساء والغلمان إىل مقاساة اهلرام والديدان‪ ،‬ومن التنعم ىف ألوان الطعام‬
‫والشراب إىل التمرغ ىف ألوان الوحل والرتاب‪.‬‬
‫أمحدك يا رب واس تعينك وأس تهديك ال أحصى ثن اء عليك أنت كما أث نيت على‬
‫نفسك جل ثناؤك وعظم جاهك وال إله غريك ‪.‬‬
‫أشهد أن ال إله إال اهلل وحده ال شريك له ينادى يوم القيامة بعد فناء خلقه ويقول‬
‫‪ :‬أنا امللك‪ ،‬ملن امللك اليوم مث جييب على ذاته سبحانه ‪ :‬هلل الواحد القهار س بحانه سبحانه‬
‫ذو الع زة واجلربوت ‪ ،‬س بحان ذوى امللك وامللك وت ‪ ،‬س بحان من كتب الفن اء على‬
‫اخلالئق وال ميوت ‪.‬‬
‫وأش هد أن نبينا وحبيبنا حممد عب ده ورس وله وص فيه من خلقه وخليله ‪ ،‬أدى االمانة‬
‫وبلغ الرس الة ونصح لألمة ‪ ،‬فكشف اهلل به الغمة ‪ ،‬وجاهد ىف اهلل حق جه اده حىت أت اه‬
‫اليقني ‪ ،‬فاللهم أجزه عنا خري ما جزيت به نبيا عن أمته ورسوال عن دعوته ورسالته ‪.‬‬
‫رفع اهلل له ذكره ‪ ،‬وشرح اهلل له صدره ‪ ،‬وضع اهلل عنه وزره وزكاه اهلل جل وعال‬
‫ض َّل ِ‬
‫م َو َما غَ َوى ‪ ‬لنجم‪2:‬‬
‫]‬ ‫[ا‬ ‫ىف كل شئ ‪ ،‬زكاه ىف عقله فقال سبحانه ‪َ  :‬ما َ َ‬
‫صاحبُ ُك ْ‬
‫وزك اه ىف‬ ‫[النجم‪]17:‬‬ ‫‪‬‬ ‫ص ُر َو َما طَغَى‬ ‫زك اه وىف بص ره ق ال س بحانه ‪َ  :‬ما َزا َ‬
‫غ الْبَ َ‬
‫[الشرح‪]1:‬‬ ‫ص ْد َرك‪‬‬
‫َ‬ ‫صدره فقال سبحانه ‪ :‬أَلَ ْم نَ ْش َر ْح لَ َ‬
‫ك‬
‫وزك اه ىف طه ره‬ ‫رح‪]4:‬‬ ‫‪[ ‬االش‬ ‫ك ِذ ْك َر َك‬
‫وزك اه ىف ذك ره فق ال س بحانه ‪َ  :‬و َر َف ْعنَا لَ َ‬
‫وزك اه ىف علمه فق ال س بحانه ‪َ  :‬و َما‬ ‫ك ِو ْز َر َك‬ ‫فق ال س بحانه ‪َ  :‬و َو َ‬
‫ض ْعنَا َع ْن َ‬
‫رح‪]2:‬‬ ‫‪[ ‬الش‬

‫ِ‬
‫َي ْنط ُق َع ِن ال َْه َوى إِ ْن ُه َو إِاَّل َو ْح ٌي يُ َ‬
‫وحى‪ ‬النجم‪ 3،4:‬وزكاه ىف حلمه فقال سبحانه وتعاىل‬ ‫]‬ ‫[‬ ‫‪‬‬
‫خطب الشيخ محمد حسان‬ ‫وأنذرهم يوم الحسرة‬
‫‪72‬‬

‫وزك اه كله فق ال س بحانه‪َ  :‬وإِنَّ َ‬


‫ك لَ َعلَى ُخلُ ٍق‬ ‫يم‬ ‫‪  :‬بِ الْم ْؤ ِمنِين ر ُؤ ٌ ِ‬
‫ة‪]128 :‬‬ ‫‪[ ‬التوب‬ ‫وف َرح ٌ‬ ‫ُ َ َ‬
‫َِ ٍ‬
‫عظيم‪ ‬القلم‪4:‬‬
‫]‬ ‫[‬

‫وبعد كل ه ذا جعل اهلل جل وعال حبيبه إم ام األنبي اء وإم ام األص فياء وإم ام‬
‫األتقياء وخامت األنبياء ووهبه احلوض املورود وأعطاه اللواء املعقود ‪ ،‬وبعد ذلك كله قال‬
‫‪:‬‬ ‫له‬
‫‪]30:‬‬ ‫‪[ ‬الزمر‬ ‫ت َوإَِّن ُه ْم َميِّتُو َن‬ ‫‪‬إِنَّ َ‬
‫ك َميِّ ٌ‬
‫اللهم صل وس لم وب ارك عليه وعلى آله وص حبه وأتباعه وعلى كل من اقتفى أث ره‬
‫‪ ،‬وأهتدى هبديه وأسنت بسنته إىل يوم الدين ‪.‬‬
‫أما بعد ‪:‬‬
‫فيا أيها األحبة الك رام مع اللق اء الث الث والعش رين ما زلنا مع آي ات س ورة م رمي‪،‬‬
‫وإذا كنا سنواصل احلديث مع أول مجعة من ش هر رمض ان‪ ،‬إن كنا ستواصل احلديث ىف‬
‫تفسري آي ات الق رآن الك رمي فلسنا ممن جياىف ه ذا الشهر العظيم ‪ ،‬وإال ف إن ك ان ك ذلك ‪،‬‬
‫ضا َن الَّ ِذي أُنْ ِز َل فِ ِ‬
‫يه‬ ‫فإن شهر رمضان هو شهر القرآن لقول اهلل وجل وعال ‪َ  :‬ش ْه ُر َر َم َ‬
‫ات ِمن ال ُْه َدى والْ ُفرقَ ِ‬
‫َّاس وبِّينَ ٍ‬ ‫الْ ُق رآ ُن ه ِ‬
‫ان‪ ‬البق رة‪ 185:‬فتعالوا بنا لنواصل املسرية‬‫]‬ ‫َ ْ‬
‫[‬ ‫َ‬ ‫دى للن ِ َ َ‬
‫ْ ُ ً‬
‫مع القرآن الكرمي‪ ،‬فما أمجل أن تكون اللحظات الىت نقضيها مع كتاب اهلل جل وعال‪ ،‬مع‬
‫هذا الذكر احلكيم ‪ ،‬ومع هذا النور املبني‪ ،‬ومع هذا الصراط املستقيم‪ ،‬مع مأدبة اهلل جل‬
‫وعال مع الق رآن الك رمي ‪ ،‬ولقد أنتهينا ىف اللق اء املاضى وحنن نص دد تفس رينا لس ورة م رمي‬
‫ض َي اأْل َْم ُر َو ُه ْم فِي غَ ْفلَ ٍة َو ُه ْم ال‬ ‫مع قول اهلل جل وعال ‪ :‬وأَنْ ِذر ُهم ي وم الْحس ر ِة إِ ْذ قُ ِ‬
‫َ ْ ْ َْ َ َ َْ‬
‫ن‪ ‬مريم ‪39،40:‬‬
‫]‬ ‫[‬ ‫ض َو َم ْن َعلَْي َها َوإِلَْينَا ُي ْر َجعُو َ‬ ‫ُي ْؤ ِمنُو َن إِنَّا نَ ْح ُن نَ ِر ُ‬
‫ث اأْل َْر َ‬ ‫‪‬‬

‫أحبىت ىف اهلل أع ريوىن القلوب واألمساع لنعيش مع ه ذه األي ات والكلم ات الطيب ات‬
‫الن ريات املبارك ات ‪ ،‬ه ذا هو اإلن ذار الع ام جلميع اخلالئق على ظهر ه ذه األرض من اهلل‬
‫سر ِة‪‬‬ ‫ِ‬
‫جل وعال حلبيبه املصطفى حممد ‪َ  ‬وأَنْذ ْر ُه ْم َي ْو َم ال َ‬
‫ْح ْ َ‬
‫واإلن ذار ىف اللغة ‪ :‬هو اإلعالم املق رتن بالتهديد والوعيد ‪ ،‬ه ذا هو اإلن ذار إعالم‬
‫مقرتن بالتهديد والوعيد ‪ .‬واحلسرة ىف اللغة هى أشد الندم والتلهف على الشئ الذى فات‬
‫خطب الشيخ محمد حسان‬ ‫وأنذرهم يوم الحسرة‬
‫‪73‬‬

‫وال ميكن تداركه ‪ ،‬اإلن ذار إعالم مق رتن بالتهديد والوعيد واحلس رة هى أشد الن دم‬
‫والتلهف على الشئ ال ذى ف ات وال ميكن تدارك ه‪ ،‬يق ول اهلل جل وعال ‪َ ‬وأَنْ ِذ ْر ُه ْم َي ْو َم‬
‫ْح ْس َر ِة‪ ‬إنه ىف يوم القيامة‪ ،‬يا عباد اهلل إنه يوم القيامة إنه يوم احلسرة والندامة ‪ ،‬إنه يوم‬
‫ال َ‬
‫احلاقة ‪ ،‬أنه ي وم القارعة ‪ ،‬إنه ي وم الزلزلة ‪ ،‬إنه ي وم الص يحة ‪ ،‬إنه ي وم الص اخة ‪ ،‬إنه ي وم‬
‫الطامة الكربى ‪،‬إنه اآلزفة ‪ ،‬يوم ال ينفع مال وال بنون إال من أتى اهلل بقلب سليم ‪َ  :‬ي ْو َم‬
‫اح ِد الْ َقهَّا ِر‪ ‬إب راهيم ‪َ  48:‬ي ْو َم‬ ‫ات وب ر ُزوا لِلَّ ِه الْو ِ‬ ‫ض غَْي َر اأْل َْر ِ‬
‫]‬ ‫[‬ ‫َ‬ ‫الس َم َاو ُ َ َ َ‬ ‫ض َو َّ‬ ‫ُتبَ َّد ُل اأْل َْر ُ‬
‫ب َك َما بَ َدأْنَا أ ََّو َل َخ ْل ٍق نُِعي ُدهُ َو ْع داً َعلَْينَا إِنَّا‬ ‫الس ِج ِّل لِ ْل ُكتُ ِ‬‫اء َكطَ ِّي ِّ‬ ‫نَطْ ِوي َّ‬
‫الس َم َ‬
‫ال َكثِيب اً‬ ‫ت ال ِ‬ ‫ال و َك انَ ِ‬ ‫ف اأْل َر ُ ِ‬ ‫ِِ‬
‫ْجبَ ُ‬ ‫ض َوالْجبَ ُ َ‬ ‫ين‪ ‬األنبي اء‪َ  104:‬ي ْو َم َت ْر ُج ُ ْ‬‫]‬ ‫ُكنَّا فَ اعل َ‬
‫[‬

‫ت‬ ‫س َما َع ِملَ ْ‬ ‫اد ُل َع ْن َن ْف ِس َها َو ُت َوفَّى ُك ُّل َن ْف ٍ‬ ‫س تُج ِ‬ ‫ِ‬


‫َم ِهيالً‪ ‬المزمل ‪َ  14 :‬ي ْو َم تَ أْتي ُك ُّل َن ْف ٍ َ‬
‫]‬ ‫[‬

‫ض راً َو َما‬ ‫ت ِم ْن َخ ْي ٍر ُم ْح َ‬ ‫س َما َع ِملَ ْ‬ ‫َو ُه ْم ال يُظْلَ ُم و َن‪ ‬النحل ‪َ  111 :‬ي ْو َم تَ ِج ُد ُك ُّل َن ْف ٍ‬
‫]‬ ‫[‬

‫ِ‬ ‫ت ِمن س ٍ‬ ‫ِ‬


‫وه ُه ْم‬ ‫ب ُو ُج ُ‬ ‫َن َب ْيَن َها َو َب ْينَهُ أ ََمداً بَعيداً‪ ‬آل عمران ‪َ  30 :‬ي ْو َم ُت َقلَّ ُ‬
‫]‬ ‫[‬
‫وء َت َو ُّد لَ ْو أ َّ‬ ‫َعملَ ْ ْ ُ‬
‫ض ُو ُج وهٌ‬ ‫الر ُس وال‪ ‬األح زاب‪َ  66 :‬ي ْو َم َت ْبيَ ُّ‬
‫]‬ ‫[‬ ‫فِي النَّا ِر َي ُقولُ و َن يَا لَْيَتنَا أَطَ ْعنَا اللَّهَ َوأَطَ ْعنَا َّ‬
‫اب بِ َما‬ ‫وه ُهم أَ َك َف رتُم ب ْع َد إِ ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫يم ان ُك ْم فَ ُذوقُوا ال َْع َذ َ‬ ‫َ‬ ‫َّت ُو ُج ُ ْ ْ ْ َ‬ ‫اس َود ْ‬ ‫ين ْ‬ ‫َوتَ ْس َو ُّد ُو ُج وهٌ فَأ ََّما الذ َ‬
‫وه ُه ْم فَِفي َر ْح َم ِة اللَّ ِه ُه ْم فِ َيها‬ ‫ُ‬ ‫ت ُو ُج‬ ‫ْ‬ ‫ين ْابيَ َّ‬
‫ض‬ ‫َّ ِ‬
‫ُك ْنتُ ْم تَ ْك ُف ُرو َن َوأ ََّما الذ َ‬
‫‪‬‬

‫ت َم َع‬ ‫ول يَا لَْيتَنِي اتَّ َخ ْذ ُ‬ ‫ض الظَّالِ ُم َعلَى يَ َديْ ِه َي ُق ُ‬ ‫َخالِ ُدو َن ‪ ‬آل عمران ‪َ  107- 106 :‬و َي ْو َم َي َع ُّ‬
‫]‬ ‫[‬

‫ول س بِيالً‪ ‬الفرق ان ‪ 27 :‬وي وم نُس ِّير ال ِ‬


‫اه ْم َفلَ ْم‬ ‫ض بَ ا ِر َز ًة َو َح َ‬
‫ش ْرنَ ُ‬ ‫ال َوَت َرى اأْل َْر َ‬ ‫ْجبَ َ‬ ‫ََ ْ َ َ ُ‬ ‫]‬ ‫[‬ ‫الر ُس ِ َ‬ ‫َّ‬
‫ص ّفاً لََق ْد ِج ْئتُ ُمونَا َك َما َخلَ ْقنَ ا ُك ْم أ ََّو َل َم َّر ٍة بَ ْل‬ ‫َح داً َوعُ ِر ُ‬ ‫ِ ِ‬
‫ك َ‬ ‫ض وا َعلَى َربِّ َ‬ ‫‪‬‬

‫ُنغَ اد ْر م ْن ُه ْم أ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين‬‫اب َفَت َرى ال ُْم ْج ِرم َ‬ ‫َز َع ْمتُ ْم أَلَّ ْن نَ ْج َع َل لَ ُك ْم َم ْوع داً‪ ‬الكهف ‪َ  48 ، 47 :‬و ُوض َع الْكتَ ُ‬
‫]‬ ‫[‬

‫ص ِغ َيرةً َوال َكبِ َيرةً إِاَّل‬ ‫ِ‬ ‫ال ه َذا ال ِ‬ ‫م ْش ِف ِق ِ ِ ِ‬


‫اب ال ُيغَ اد ُر َ‬ ‫ْكتَ ِ‬ ‫ين م َّما في ه َو َي ُقولُ و َن يَا َو ْيلََتنَا َم ِ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫َح داً‪ ‬الكهف ‪َ  49 :‬وأَنْ ِذ ْر ُه ْم َي ْو َم‬
‫]‬ ‫[‬ ‫كأَ‬ ‫اض راً َوال يَظْلِ ُم َربُّ َ‬ ‫اها ووج ُدوا ما َع ِملُ وا ح ِ‬
‫َ‬ ‫ص َ ََ َ َ‬ ‫َح َ‬‫أْ‬
‫ال َْح ْس َرة‪‬‬
‫وأن ذرهم يا حممد ه ذا الي وم ال ذى تنخلع القل وب ألهواله أن ذر الغ افلني ‪ ،‬وأن ذر‬
‫ذار ع ام جلميع اخلالئق على‬
‫املؤم نني أن ذر الص ادقني وأن ذر العص اة املت أهلني ‪ ،‬إن ٌ‬
‫خطب الشيخ محمد حسان‬ ‫وأنذرهم يوم الحسرة‬
‫‪74‬‬

‫ض َي اأْل َْم ُر َو ُه ْم فِي غَ ْفلَ ٍة َو ُه ْم ال ُي ْؤ ِمنُ و َن‬


‫ظهر األرض‪‬وأَنْ ِذر ُهم ي وم الْحس ر ِة إِ ْذ قُ ِ‬
‫َ ْ ْ ََْ َ َْ‬
‫‪]39‬‬ ‫‪[‬مريم ‪:‬‬

‫وموجبات احلسرة يوم القيامة كثرية يا عباد اهلل فمنها ما رواه اإلمام البخارى ومسلم‬
‫من ح ديث أىب س عيد اخلدرى ‪ -‬رضى اهلل عنه ‪ -‬أن النىب ق ال ‪ " :‬إذا دخل أهل الجنية‬
‫الجنة وأهل الن ار الن ار ين ادى عليهم ‪ :‬يا أهل الجنة فيش رأبون وينظ رون يرفع ون‬
‫رؤوس هم تج اه ه ذا الن داء بع دما اس تقروا فى الجنة ‪ ،‬ثم ين ادى على أهل الن ار‬
‫فيشرأبون وينظرون ثم يؤتى بالموت "‬
‫ىف موضع بني اجلنة والن ار على ص ورة كبش أملح ‪ ،‬والكبش األملح ‪ :‬هو ال ذى ك ثر‬
‫بياضه أو هو األبيض بياضا ك امالً ي ؤتى ب املوت على هيئة كبش أملح ىف موضع بني اجلنة‬
‫والن ار ‪ ،‬وين ادى على أهل اجلنة وين ادى على أهل الن ار ويق ال هلم ‪ :‬هلى تعرف ون ه ذا ؛‬
‫فيقول ون ‪ :‬نعم نعرفه ه ذا هو املوت في ؤمر بذحبه في ذبح املوت ‪ ،‬ىف ص ورة ه ذا الكبش‬
‫األملح ‪ ،‬ىف موضع بني اجلنة والنار مث ينادى على أهل اجلنة يقال ‪ :‬يا أهل اجلنة خلود فال‬
‫موت ويا أهل النار خلود فال موت(‪ .. )1‬اهلل أكرب يا أهل اجلنة خلود فال موت خلود ىف‬
‫هذا النعيم ‪ ،‬هنيئ اً لكم جبنة ربكم هنيئ اً لكم مبا أعد اهلل لكم ‪ ،‬يا أولياء اهلل يا أصفياء اهلل‬
‫هنيئاً لكم هبذه الكرامة خلود ىف هذا النعيم ابد اآلبدين ‪ ،‬ويا أهل النار يا أهل النار خلود‬
‫فال موت ‪ ..‬هذا من موجبات احلسرة يوم القيامة يا عباد اهلل‪ .‬ومن موجبات احلسرة يوم‬
‫ض َي اأْل َْم ُر ‪ ‬أى ‪ :‬إذا ما اس تقر أهل اجلنة ىف اجلنة وأهل الن ار ىف الن ار‬ ‫القيامة أيض اً ‪ ‬إِ ْذ قُ ِ‬
‫قبل ذلك تنخلع القل وب حينما ي روا جنهم على حقيقتها ‪ ،‬وعلى طبيعتها ألول م رة وهم‬
‫ىف أرض احملشر وي أمر اهلل جل وعال في ؤتى جبهنم ‪ ،‬هلا س بعون ألف زم ام مع كل زم ام‬
‫سبعون ألف ملك كما ورد ىف احلديث الذى رواه مسلم من حديث عبد اهلل بن مسعود ‪‬‬

‫ول يَا لَْيتَنِي قَ َّد ْم ُ‬


‫س ا ُن َوأَنَّى لَ هُ ال ِّذ ْك َرى َي ُق ُ‬ ‫ِ‬ ‫ٍِ‬ ‫ٍِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ت‬ ‫‪‬‬

‫َّم َي ْو َمئ ذ َيتَ َذ َّك ُر اأْل نْ َ‬


‫يء َي ْو َمئ ذ ب َج َهن َ‬
‫َوج َ‬
‫ِ ِ‬
‫رب األرض‬ ‫دت َّ‬ ‫ل َحيَ اتي ‪ [ ‬الفجر ‪ ] 24 ، 23 :‬يا ليتىن ح افظت على الص لوات ‪ ،‬يا ليتىن وح ُ‬
‫والسموات ‪ ،‬يا ليتىن عبدت اهلل جل وعال ‪ ،‬يا ليتىن صمت النهار ‪ ،‬يا ليتىن قمت الليل ‪،‬‬
‫يا ليتىن ما عصيت اهلل ‪ ،‬يا ليتىن ما انشغلت بالشهوات ‪ ،‬يا ليتىن ما انشغلت بالشبهات ‪،‬‬

‫‪ )(1‬رواه البخارى فى التفسير (‪ )4730‬وفى الرقاق (‪ )6548‬ومسلم فى الجنة وصفة نعيمها (‪.)2849‬‬
‫خطب الشيخ محمد حسان‬ ‫وأنذرهم يوم الحسرة‬
‫‪75‬‬

‫يا ليتىن ي وم ال ينفع الن دم إنه ي وم احلس رة والندامة ‪ ،‬ي وم ال ينفع التحسر ‪ ،‬ي وم ال ينفع‬
‫الن دم ف إذا ما رأوها ال يبقى ملك وال يبقى نىب وال يبقى ص ديق إال خر على ركبتيه ىف‬
‫أرض احملشر هلو ما رأى ‪َ ‬وَت َرى ُك َّل أ َُّم ٍة َجاثِيَ ةً ‪ [ ‬اجلاثية ‪ ] 28 :‬فإذا ما رأوا هذا اهلول وهذا‬
‫املنظر الذى خيلع القلوب واألفئدة اضطربت اجلوارح واضطربت األفئدة وفزع اجلميع فإذا‬
‫ما انتهى احلس اب واس تقر أهل اجلنة وأهل الن ار ىف الن ار يب دأ ه ذا احلوار بني أهل اجلنة‬
‫وأهل الن ار ورمبا س أل س ائل كيف يس مع أهل اجلنة أهل الن ار ‪ ،‬وكيف يس مع أهل الن ار‬
‫أهل اجلنة نق ول أمل نقل لكم ىف اللق اء املاضى ‪ :‬إن اهلل جل وعال س يبدل كل شئ‬
‫وسيحول كل شئ حىت مسع أى إنسان أى شئ ويرى أى شئ ‪ ‬أَس ِمع بِ ِهم وأَبْ ِ‬
‫ص ْر َي ْو َم‬ ‫ْ ْ َْ‬
‫ض ٍ‬
‫الل ُمبِي ٍ‬
‫ن ‪ [ ‬مرمي ‪] 38 :‬‬ ‫يَأْتُو َننَا لَ ِك ِن الظَّالِ ُمو َن الَْي ْو َم فِي َ‬
‫ادى‬ ‫تغري كل شئ فبص رك الي وم حديد ‪ ،‬يب دأ ه ذا احلوار فيب دأ به أهل اجلنة ‪َ ‬ونَ َ‬
‫ادى‬ ‫اب النَّا ِر‪ [ ‬األع راف ‪ ] 44 :‬ين ادى أهل اجلنة على أهل الن ار ‪َ ‬ونَ َ‬ ‫أَص حاب ال ِ‬
‫َص َح َ‬
‫ْجنَّة أ ْ‬
‫ْ َ ُ َ‬
‫اب النَّا ِر أَ ْن قَ ْد َو َج ْدنَا َما َو َع َدنَا َر ُّبنَا َح ّق اً َف َه ْل َو َج ْدتُ ْم َما َو َع َد‬ ‫أَص حاب ال ِ‬
‫َص َح َ‬
‫ْجنَّة أ ْ‬
‫ْ َ ُ َ‬
‫َربُّ ُك ْم َح ّق اً قَ الُوا َن َع ْم‪ ‬ج واب ق اطع خمتصر ‪ ‬فَ أَذَّ َن ُم َؤذِّ ٌن َب ْيَن ُه ْم أَ ْن لَ ْعنَ ةُ اللَّ ِه َعلَى‬
‫ِِ‬
‫ين‪ [ ‬األعراف ‪ ] 44 :‬ويستمر احلوار بني أهل اجلنة وأهل النار وبعد بضع آيات ىف سورة‬ ‫الظَّالم َ‬
‫األع راف ينتهى ه ذا احلوار بتلهف واس تغاثة واس تجداء من أهل الن ار ألهل اجلنة‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْجن َِّة أَ ْن أَفِ ُ‬
‫يض وا َعلَْينَا م َن ال َْم اء أ َْو م َّما َر َزقَ ُك ُم اللَّهُ‬ ‫اب ال َ‬
‫َص َح َ‬ ‫اب النَّا ِر أ ْ‬
‫َص َح ُ‬ ‫ادى أ ْ‬ ‫‪َ ‬ونَ َ‬
‫ِ‬
‫ين‪ [ ‬األع راف ‪ ] 50 :‬هذه هى االستغاثة يا أهل اجلنة أفيضوا‬ ‫قَالُوا إِ َّن اللَّهَ َح َّر َم ُه َما َعلَى الْ َكاف ِر َ‬
‫علينا شيئا من املاء ‪ ،‬أشتد بنا العطش ىف هذه النريان املتأججة يا أهل اجلنة‪.‬‬
‫وي أتى اجلواب ال ذى يزيد ت أملهم ‪ ،‬وال ذى يزيد احلس رة واهلم والغم من أهل اجلنة‬
‫ِ‬
‫ين‪ ‬لقد ح رم اهلل على الك افرين ه ذا ىف ه ذا‬ ‫فيقول ون هلم ‪ ‬إِ َّن اللَّهَ َح َّر َم ُه َما َعلَى الْ َك اف ِر َ‬
‫اليوم أمل ينزل عليكم القرآن ؟ أمل يرسل إليكم الرسل ؟ أمل يذكركم هبذا اليوم ؟ ولكنكم‬
‫تع اليتم على اهلل جل وعال واس تكربمت على رسل اهلل واس تهزأمت بالعلم اء ‪ ،‬وأبيتم إال أن‬
‫تعان دوا اهلل جل وعال إن أن تعان دوا ش رع اهلل عز وجل ‪ ،‬وإذا ما أم ركم اهلل جل وعال‬
‫استهزأمت بأوامر اهلل وإذا ما هناكم رسول اهلل ‪ ‬سخرمت لنهى رسول اهلل ‪ ‬وإذا ما ذكركم‬
‫العلماء قلتم ‪ :‬هؤالء هم املتنطعون املتطرفون أبيتم إال أن تعرضوا عن منهج اهلل جل وعال‬
‫خطب الشيخ محمد حسان‬ ‫وأنذرهم يوم الحسرة‬
‫‪76‬‬

‫‪َ ‬ه ل ج َزاء اأْلِ ْح ِ ِ ِ‬


‫س ا ُن‪ [ ‬ال رمحن ‪ ] 60 :‬ك ذلك ال ج زاء هلذا الكفر وه ذا العن اد‬ ‫س ان إاَّل اأْل ْح َ‬
‫َ‬ ‫ْ َ ُ‬
‫اب النَّا ِر أَ ْن قَ ْد َو َج ْدنَا َما َو َع َدنَا‬ ‫ادى أَص حاب ال ِ‬
‫َص َح َ‬
‫ْجنَّة أ ْ‬
‫واإلعراض إال ما ترون ‪َ ‬ونَ َ ْ َ ُ َ‬
‫َر ُّبنَا َح ّقاً َف َه ْل َو َج ْدتُ ْم َما َو َع َد َربُّ ُك ْم َح ّقاً‬
‫‪ [ ‬مرمي ‪] 39 :‬‬

‫قالوا ‪ :‬نعم قالوا ‪ :‬نعم فتزداد احلسرة ويزداد التأمل ‪ ،‬ومن موجبات احلسرة أيض اً هلؤالء‬
‫والعي اذ باهلل حينما تتم الس عادة ألهل اجلنة كما ج اء ىف احلديث ال ذى رواه البخ ارى‬
‫ومس لم من ح ديث أىب س عيد اخلدرى رضى اهلل عنه ق ال ‪ :‬ين ادى احلق جل وعال ي وم‬
‫القيامة على أهل اجلنة ويق ول هلم ‪ :‬يا أهل اجلنة فيقول ون ‪ :‬لبيك ربنا وس عديك ‪ ،‬واخلري‬
‫كله ىف ي ديك ‪ ،‬فيق ول س بحانه ‪ :‬هل رض يتم ؟ فيقول ون ‪ :‬وما لنا إال نرضى وقد أدخلتنا‬
‫اجلنة وجنيتنا من الن ار وبيضت وجوهنا ي وم تس ود الوج وه ‪ ..‬فيق ول اهلل جل وعال ‪ :‬فال‬
‫أعطيكم أفضل من ذلك فيق ول أهل اجلنة ‪ :‬وأى شئ افضل من ذلك ؟ فيق ول جل وعال‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ :‬أحل عليكم رضواىن ‪ ،‬فال اسخط عليكم بعده أبداً‬
‫ق ال أع رف اخللق باهلل ‪ ‬كما ىف ص حيح مس لم من ح ديث أىب موسى األش عرى ‪ :‬إن‬
‫اهلل ال ين ام وال ينبغى له أن ين ام ‪ ،‬خيفض القسط ويرفعه ‪ ،‬يرفع إليه عمل الليل قبل عمل‬
‫النه ار ‪ ،‬وعمل النه ار قبل عمل الليل ‪ ،‬حجابه الن ور ‪ ،‬حجابه الن ور لو كش فه ألح رقت‬
‫سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه(‪.)2‬‬
‫ولكن يوم القيامة يتبدل كل شئ ‪ ،‬ويتغري كل شئ فيكشف بينهم احلجاب ‪ ،‬فيتمتعون‬
‫ِِ‬
‫ْح ْس نَى‬ ‫س نُوا ال ُ‬ ‫َح َ‬ ‫ب النظر إليه س بحانه عز وجل وتال النىب ق ول اهلل عز وجل ‪ ‬للَّذ َ‬
‫ين أ ْ‬
‫ادةٌ‪ [ ‬ي ونس ‪ ] 26 :‬واحلسىن ‪ :‬هى اجلنة والزي ادة ‪ :‬هى التمتع ب النظر إىل وجه ربنا جل‬ ‫َو ِزيَ َ‬
‫وعال ‪ ،‬كما يقول استاذنا ابن القيم رمحه اهلل تعاىل ‪ :‬ليس نعيم اجلنة ىف لبنها وال ىف مخرها‬
‫وال ىف حريرها وال ىف ذهبها وال ىف حورها وال ىف نعيمها ‪ ،‬لكن نعيم اجلنة احلقيقى ىف‬
‫رؤية وجه ربنا جل وعال ‪ ،‬ه ذا هو النعيم ال ذى ما انش غل به أهل اجلنة إال نس وا به كل‬
‫اظرةٌ ووج وهٌ يومئِ ٍذ ب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍِ ِ‬
‫اس َرةٌ تَظُ ُّن أَ ْن ُي ْف َع َل‬
‫‪‬‬

‫نعيم ‪ُ  :‬و ُج وهٌ َي ْو َمئ ذ نَاض َرةٌ إِلَى َر ِّب َها نَ َ َ ُ ُ َ ْ َ َ‬


‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫بِ ِ‬
‫ها فَاق َرةٌ‪ [ ‬القيامة ‪] 25-22 :‬‬ ‫َ‬

‫‪ )(1‬رواه البخارى فى الرقاق (‪ )6549‬وفى التوحيد (‪ )7518‬ومسلم فى الجنة وصفة نعيمها (‪.)2829‬‬
‫‪ )(2‬رواه مسلم فى اإليمان (‪.)295 ، 179/293‬‬
‫خطب الشيخ محمد حسان‬ ‫وأنذرهم يوم الحسرة‬
‫‪77‬‬

‫وت زداد حس رهتم بع دما تتم الس عادة ألهل اجلنة خبطبة إبليس اللعني يوم أن يقف أبليس‬
‫فيهم خطيب اً ؛ ل تزداد احلس رة ولتتم احلس رة واألمل كما أخرب اهلل جل وعال عن ذلك ىف‬
‫ِ‬
‫الش ْيطَا ُن لَ َّما قُض َي اأْل َْم ُر إِ َّن اللَّهَ َو َع َد ُك ْم َو ْع َد ال َ‬
‫ْح ِّق‬ ‫ال َّ‬ ‫س ورة إب راهيم بقوله ‪َ  :‬وقَ َ‬
‫اس تَ َج ْبتُ ْم لِي فَال‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َو َو َع ْدتُ ُك ْم فَأَ ْخلَ ْفتُ ُك ْم َو َما َكا َن ل َي َعلَْي ُك ْم م ْن ُس ْلطَان إِاَّل أَ ْن َد َع ْوتُ ُك ْم فَ ْ‬
‫ص ِر ِخ َّي إِنِّي َك َف ْر ُ‬
‫ت بِ َما‬ ‫َتلُوم ونِي ولُوم وا أَْن ُفس ُكم ما أَنَا بِم ِ‬
‫ص ِرخ ُك ْم َو َما أَْنتُ ْم بِ ُم ْ‬ ‫ُ ْ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬
‫يم‪ [ ‬إبراهيم ‪] 22 :‬‬
‫ون ِمن َقبل إِ َّن الظَّالِ ِمين لَهم َع َذ ِ‬ ‫أَ ْشر ْكتُم ِ‬
‫اب أَل ٌ‬
‫ٌ‬ ‫َ ُْ‬ ‫ْ ُْ‬ ‫َ ُ‬
‫ه ذه بعض موجب ات احلس رة ىف ه ذا الي وم ‪ ،‬وأن ذرهم ي وم احلس رة مثل لنفسك أيها‬
‫املغرور يوم القيامة والسماء متور ‪ ..‬إذا كورت مشس النهار وأدنيت حىت على رأس العباد‬
‫تسري ‪ ..‬وإذا النجوم تساقطت ‪ ،‬وتناثرت بعد الضياء كدور ‪ ..‬وإذا السعري تسعرت نرياهنا‬
‫وهلا على أهل الذنوب زفري وإذا العشار تعطلت وختربت خلت الديار فما هبا معمور وإذا‬
‫اجلبال تقلعت بأصوهلا فرأيتها مثل السحاب تسري ‪ ..‬وإذا الوحوش لدى القيامة أحشرت‬
‫‪ ،‬وتقول لألمالك ‪ :‬أين تسري ‪ ..‬وإذا الصحائف نشرت وتطايرت وهتتكت للعاملني ستور‬
‫‪ ..‬واذا اجلحيم تس عرت نرياهنا وهلا على أهل ال ذنوب زفري ‪ ..‬وإذا اجلليل ط وى الس ماء‬
‫ميينه طى الس جل كتابه املنش ور ‪ ..‬وإذا اجلن ان تزخ رفت وتطيب لفىت على ط ول البالء‬
‫‪‬‬ ‫ت‬ ‫س ُك ِّو َر ْ‬ ‫صبور ‪ ..‬أعوذ باهلل من الشيطان الرجيم بسم اهلل الرمحن الرحيم ‪ ‬إِ َذا َّ‬
‫الش ْم ُ‬
‫ت َوإِ َذا ال ُْو ُح ُ‬
‫وش‬ ‫‪‬‬
‫ار ُعطِّلَ ْ‬‫ش ُ‬ ‫ت َوإِ َذا ال ِْع َ‬
‫‪‬‬
‫ال ُس ِّي َر ْ‬ ‫ْجبَ ُ‬ ‫ت وإِ َذا ال ِ‬
‫وم انْ َك َد َر ْ َ‬
‫‪‬‬

‫ُّج ُ‬ ‫َوإِ َذا الن ُ‬


‫ب‬ ‫َي َذنْ ٍ‬ ‫ت بِأ ِّ‬
‫‪‬‬
‫ودةُ ُس ئِلَ ْ‬ ‫ت َوإِ َذا ال َْم ْو ُؤ َ‬
‫‪‬‬
‫وس ُز ِّو َج ْ‬
‫الن ُف ُ‬ ‫ت َوإِ َذا ُّ‬‫‪‬‬
‫ار ُس ِّج َر ْ‬ ‫ِ‬
‫ت َوإِ َذا الْب َح ُ‬
‫‪‬‬
‫ُح ِش َر ْ‬
‫ت وإِذَا ال ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف نُ ِش َر ْ‬ ‫قُتِلَ ْ‬
‫ت َوإِذَا ال َ‬
‫ْجنَّةُ‬ ‫يم ُس ِّع َر ْ‬
‫‪‬‬

‫ْجح ُ‬ ‫َ‬ ‫الس َماءُ ُكشطَ ْ َ‬


‫‪‬‬
‫ت َوإِذَا َّ‬ ‫‪‬‬
‫الص ُح ُ‬ ‫ت َوإِذَا ُّ‬ ‫‪‬‬

‫ت‪ [ ‬التك وير ‪ ]14-1 :‬أعوذ باهلل من الش يطان ال رجيم بسم اهلل‬ ‫ض َر ْ‬ ‫َح َ‬‫س َما أ ْ‬ ‫ت َن ْف ٌ‬ ‫ت َعلِ َم ْ‬‫‪‬‬
‫أُ ْزلَِف ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪‬‬ ‫ت‬ ‫ار فُ ِّج َر ْ‬‫ت َوإِذَا الْب َح ُ‬ ‫‪‬‬
‫ب ا ْنتََث َر ْ‬ ‫ت َوإِذَا الْ َك َواك ُ‬ ‫‪‬‬
‫الرمحن الرحيم ‪ ‬إِذَا َّ‬
‫الس َماءُ ا ْن َفطَ َر ْ‬
‫ك‬ ‫س ا ُن َما غَ َّر َك بَِربِّ َ‬ ‫ِ‬
‫ت يَا أ َُّي َها اأْل نْ َ‬
‫‪‬‬
‫َّر ْ‬ ‫ت َوأَخ َ‬ ‫س َما قَ َّد َم ْ‬‫ت َن ْف ٌ‬ ‫ت َعلِ َم ْ‬
‫‪‬‬
‫ور ُب ْعثِ َر ْ‬‫َوإِذَا الْ ُقبُ ُ‬
‫ك َكاَّل بَ ْل تُ َك ِّذبُو َن‬ ‫اء َر َّكبَ َ‬ ‫َي ص ٍ‬ ‫اك َفع َدلَ َ ِ‬ ‫الْ َك ِر ِيم الَّ ِذي َخلَ َق َ‬
‫‪‬‬

‫ورة َما َش َ‬ ‫ك في أ ِّ ُ َ‬ ‫‪‬‬

‫س َّو َ َ‬ ‫ك فَ َ‬ ‫‪‬‬

‫ين َي ْعلَ ُم و َن َما َت ْف َعلُ و َن إِ َّن اأْل َْب َر َار لَِفي‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫ين ك َرام اً َك اتب َ‬ ‫‪‬‬

‫بال دِّي ِن َوإِ َّن َعلَْي ُك ْم لَ َح افظ َ‬


‫‪‬‬

‫ِ ِ‬
‫اك‬‫ين َو َما أَ ْد َر َ‬
‫‪‬‬
‫ِ ِِ‬
‫ص لَ ْو َن َها َي ْو َم ال دِّي ِن َو َما ُه ْم َع ْن َها بغَ ائب َ‬
‫‪‬‬

‫نَِع ٍيم َوإِ َّن الْ ُف َّج َار لَفي َجح ٍيم يَ ْ‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫س َش ْيئاً َواأْل َْم ُر‬ ‫س لَِن ْف ٍ‬‫ك َن ْف ٌ‬ ‫اك َما َي ْو ُم ال دِّي ِن َي ْو َم ال تَ ْملِ ُ‬
‫‪‬‬ ‫َما َي ْو ُم ال دِّي ِن ثُ َّم َما أَ ْد َر َ‬
‫‪‬‬
‫خطب الشيخ محمد حسان‬ ‫وأنذرهم يوم الحسرة‬
‫‪78‬‬

‫َي ْو َمئِ ٍذ لِلَّ ِه‪ [ ‬االنفط ار ‪ ] 19-1 :‬أع وذ باهلل من الش يطان ال رجيم بسم اهلل ال رمحن ال رحيم ‪‬إِ َذا‬
‫س ا ُن َما لَ َها َي ْو َمئِ ٍذ‬
‫‪‬‬
‫ض أَْث َقالَ َها وقَ َ ِ‬
‫ال اأْل نْ َ‬ ‫َ‬ ‫‪‬‬

‫ت اأْل َْر ُ‬ ‫ض ِزل َْزالَ َها وأَ ْخ رج ِ‬


‫َ ََ‬ ‫‪‬‬

‫ت اأْل َْر ُ‬ ‫ُزلْ ِزلَ ِ‬


‫َّاس أَ ْشتَاتاً لُِي َر ْوا أَ ْع َمالَ ُه ْم فَ َم ْن‬
‫ص ُد ُر الن ُ‬
‫ٍ‬
‫ك أ َْو َحى لَ َها َي ْو َمئِذ يَ ْ‬
‫‪‬‬
‫ِّث أَ ْخبَ َار َها بِأ َّ‬
‫َن َربَّ َ‬ ‫‪‬‬
‫تُ َحد ُ‬
‫ال ذَ َّر ٍة َخ ْيراً َي َرهُ َو َم ْن َي ْع َم ْل ِم ْث َق َ‬
‫ال ذَ َّر ٍة َ‬
‫ش ّراً َي َرهُ‪ [ ‬الزلزلة ‪] 8-1 :‬‬ ‫‪‬‬ ‫َي ْع َم ْل ِم ْث َق َ‬
‫تذكر وقوفك يوم العرض عريانا ‪ ..‬مستوحشاً قلق األحشاء حريانا ‪ ..‬والنار تلهب من‬
‫غيظ ومن حنق ‪ ..‬على العص اة ورب الع رش غض باناً ‪ ..‬أق رأ كتابك يا عبد على مهل ‪..‬‬
‫فهل ت رى فيه حرفا غري ما ك ان ‪ ..‬فلما ق رأت ومل تنكر قراءته ‪ ..‬وأق ررت من ع رف‬
‫األشياء عرفان اً ‪ ..‬نادى اجلليل خذوه يا مالئكىت ‪ ..‬وأمضوا بعبد عصى للنار عطشانا ‪..‬‬
‫ْح ْس َر ِة‬ ‫ِ‬
‫املشركون غدا ىف النار يلتهبوا ‪ ..‬واملوحدون لدار اخللد سكانا ‪َ ‬وأَنْذ ْر ُه ْم َي ْو َم ال َ‬
‫ض َي اأْل َْم ُر َو ُه ْم فِي غَ ْفلَ ٍة َو ُه ْم ال ُي ْؤ ِمنُ و َن‪ [ ‬م رمي ‪ ] 38 :‬وبع دها ي أتى الفصل ‪ ،‬وت أتى‬ ‫إِ ْذ قُ ِ‬
‫ض َو َم ْن َعلَْي َها‬ ‫ث اأْل َْر َ‬ ‫احلقيقة الك ربى ىف ه ذا الوج ود ي أتى الق ول احلق ‪  :‬إِنَّا نَ ْح ُن نَ ِر ُ‬
‫َوإِلَْينَا ُي ْر َجعُ و َن‪ [ ‬م رمي ‪ ] 40 :‬لنتعرف على معاىن هذه الكلمات بعد جلسة االسرتاحة أسأل‬
‫اهلل جل وعال أن يتقبل منا ومنكم ص احل األعم ال ‪ ،‬وأن يغفر لنا ال ذنوب أنه وىل ذلك‬
‫ومواله وأقول ‪ :‬قوىل هذا واستغفر اهلل ىل ولكم‪.‬‬
‫الخطبة الثانية ‪:‬‬
‫احلمد هلل رب العاملني وأشهد أن ال إله إال اهلل وحده ال شريك له ‪ ،‬واشهد أن حممداً‬
‫عب ده ورس وله ‪ ،‬وصل اللهم وس لم وزد وب ارك عليه وعلى آله واص حابه وأتباعه ‪ ،‬وعلى‬
‫كل من اهتدى هبديه واسنت بسنته وأقتفى أثره إىل يوم الدين‪.‬‬
‫أما بعد ‪:‬‬
‫ض َو َم ْن َعلَْي َها َوإِلَْينَا‬ ‫أحبىت ىف اهلل هكذا يقول احلق جال وعال ‪  :‬إِنَّا نَ ْح ُن نَ ِر ُ‬
‫ث اأْل َْر َ‬
‫ُي ْر َجعُو َن‪ ‬هذه هى احلقيقة الكربى ىف هذا الوجود يا من غرك غناك ‪ ،‬يا من غرتك قوتك‬
‫‪ ،‬يا من غرتك أموالك ‪ ،‬يا من غرك جاهك ‪ ،‬يا من غرك جندك ‪ ،‬يا من غرك جاهك يا‬
‫من غرتك قوتك أعلم إنك موروث ‪ ،‬أعلم إنك راحل هلل جل وعال ‪ ،‬دنياك مهما طالبت‬
‫فهى قصرية ‪ ..‬ومهما عظمت فهى حقرية ؛ ألن الليل مهما طال البد من طلوع الفجر ‪،‬‬
‫وأن العمر مهما ط ال البد من دخ ول القرب ‪ ..‬ال دنيا دار ممر واآلخ رة دار املقر فخ ذوا من‬
‫خطب الشيخ محمد حسان‬ ‫وأنذرهم يوم الحسرة‬
‫‪79‬‬

‫ممركم ملق ركم ‪ ،‬وال تفض حوا أس تاركم عند من يعلم أس راركم ‪ ..‬إن اهلل جل وعال هو‬
‫ك َك ْدحاً‬ ‫ح إِلَى َربِّ َ‬ ‫ال وارث لكل شئ وال وارث لكل حى ‪ ‬يا أ َُّيها اأْلِ نْس ا ُن إِنَّ َ ِ‬
‫ك َك اد ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ض َو َم ْن‬ ‫ث اأْل َْر َ‬ ‫ك ال ُّر ْج َعى‪ [ ‬العلق ‪  ] 8 :‬إِنَّا نَ ْح ُن نَ ِر ُ‬ ‫فَ ُمالقِي ِه‪ [ ‬اإلنش قاق ‪  ] 6 :‬إِ َّن إِلَى َربِّ َ‬
‫َعلَْي َها َوإِلَْينَا ُي ْر َجعُ و َن‪ [ ‬م رمي ‪ ] 40 :‬إذا نفخ إس رافيل نفخة الص عق ‪ ،‬فم ات كل حى على‬
‫ظهر ه ذه األرض وىف الس موات إال ما ش اء اهلل جل وعال كما ق ال رب الع زة‬
‫اء اللَّهُ ثُ َّم نُِف َخ‬
‫ض إِاَّل َم ْن َش َ‬‫ات َو َم ْن فِي اأْل َْر ِ‬
‫الس ماو ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ع َق َم ْن في َّ َ َ‬ ‫‪َ ‬ونُِف َخ فِي ُّ‬
‫الصو ِر فَ ِ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ام َي ْنظُ ُرو َن‪ [ ‬الزمر ‪ ] 68 :‬م ات كل حى على وجه األرض ومن ىف‬ ‫في ه أُ ْخ َرى فَ ِإذَا ُه ْم قيَ ٌ‬
‫السموات إال ما شاء اهلل بعد نفخة الصعق ‪ ،‬فإذا ما أفىن اهلل خلقه وافىن اهلل عباده وذهب‬
‫‪‬‬

‫كل شئ وض اع كل شئ ال يبقى إال اهلل ك ان آخر كما ك ان أوالً ‪ ‬قُ ْل ُه َو اللَّهُ أ َ‬


‫َح ٌد‬
‫َح ٌد ‪ [ ‬اإلخالص] س كون م ذهل‬ ‫ِ‬ ‫اللَّهُ َّ‬
‫الص َم ُد لَ ْم يَل ْد َولَ ْم يُولَ ْد َولَ ْم يَ ُك ْن لَ هُ ُك ُف واً أ َ‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬

‫وخش وع مزل زل ال حس وال حركة وال ص وت ذهب كل شئ وض اع كل شئ ‪ ،‬وافىن‬


‫اهلل كل شئ ىف وسط ه ذا الس كون ىف وسط ه ذا اخلش وع ينطلق ص وت رهيب مهيب‬
‫يسأل صاحب الصوت وجييب ‪ ،‬وما ىف الوجود سائل غريه وال جميب ‪ ،‬يهتف احلق جل‬
‫وعال بصوته ويقول ‪ :‬أنا امللك اين ملوك ألرض إين املتجربون أين اجلبارون ؟!‬
‫وىف رواي ة مس لم ‪ :‬ملن املل ك الي وم ؟ فيجيب س بحانه على نفس ه بقول ه ‪ :‬هلل الواح د القه ار ‪ ،‬أين‬
‫الظاملون ؟ وأين التابعون له ىف الغى ؟ بل واين فرعون وهامان ؟ وأين من دوخوا الدنيا بسطوهتم وذكرهم‬
‫ىف ال ورى ظلم وطغي ان ه ل ابقى املوت ذا ع ز لعزت ه ‪ ،‬أو ه ل جنا من ه بالس لطان إنس ان ؟ ال ‪ ،‬وال ذى خلق‬
‫األكوان من عدم الكل يفىن فال أنس وال جان قل ‪:‬‬
‫الجليل‬ ‫الخطب‬ ‫وأظلك‬ ‫يا نفس قد أزف الرحيل‬
‫الطويل‬ ‫األمل‬ ‫بك‬ ‫يلعب‬ ‫أهبى يا نفس ال‬ ‫فت‬
‫الخليل‬ ‫به‬ ‫الخليل‬ ‫ينسى‬ ‫نزل‬ ‫نزلن بم‬ ‫فلت‬
‫ثرى حمل ثقيل‬ ‫ال‬ ‫يركبن عليك من‬ ‫ول‬
‫ذليل‬ ‫العزيز وال ال‬ ‫رن الفنا بنا فال يبقى‬ ‫ق‬
‫خطب الشيخ محمد حسان‬ ‫وأنذرهم يوم الحسرة‬
‫‪80‬‬

‫‪ ‬إِنَّا نَ ْح ُن نَ ِر ُ‬
‫ث‬ ‫ض َو َم ْن َعلَْي َه ا َوإِلَْينَ ا ُي ْر َجعُ و َن ‪‬‬
‫[ م رمي ‪] 40 :‬‬ ‫ث اأْل َْر َ‬ ‫‪ ‬إِنَّا نَ ْح ُن نَ ِر ُ‬
‫جعُو َن ‪ ‬فيا أيها املسكني ‪ ،‬أيها الالهى الغافل إىل مىت ؟ إىل مىت ؟ عد‬ ‫ض َو َم ْن َعلَْي َها َوإِلَْينَا ُي ْر َ‬‫اأْل َْر َ‬
‫إىل اهلل جل وعال ‪ ،‬فإن األنفاس حمسوبة ‪ ،‬وإن األيام معدودة !!‬
‫ذنب‬ ‫واذكر ذنوبك وابكها يا م‬ ‫دع عنك ما قد ف ات فى زمن الص با‬
‫اه وانت اله تلعب‬ ‫بل اثبت‬ ‫لم ينسه الملك ان حين نس يته‬
‫س تردها ب الرغم منك وتس لب‬ ‫روح منك وديعة أودعتها‬ ‫وال‬
‫ذهب‬ ‫اع ي‬ ‫دار حقيقتها مت‬ ‫وغ رور دني اك ال تى تس عى لها‬
‫نا فيهما تعد وتحسب‬ ‫أنفاس‬ ‫ار كالهما‬ ‫اعلم والنه‬ ‫الليل ف‬

‫ض َو َم ْن َعلَْي َها َوإِلَْينَا ُي ْر َجعُ و َن ‪ ‬اس أل اهلل جل وعال بأمسائه‬ ‫‪ ‬إِنَّا نَ ْح ُن نَ ِر ُ‬


‫ث اأْل َْر َ‬
‫احلسىن ‪ ،‬وصفاته العلى أن جيعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم‬
‫اهلل وأولئك هم أولو األلباب‪.‬‬

You might also like