Professional Documents
Culture Documents
جمع وترتيب
حسن شعراوي
باحث اقتصادي
Hsharawy2010@gmail.com
hasansalehsharawy@yahoo.com
1
تقرير الزمات المالية حول العالم لعام 2010
ان خلفية هذه الزمة التي بدات تنمو منذو عقدين من الزمن حيث حصد القتصاد المريكي العديد من النجاحات
وحقق الكثير من معدلت النمو السنوية والسيطرة والهيمنة القتصادية الكبيرة على الصعيد العالمي بعد انهيار
التحاد السوفيتي والدول الشتراكية في القرن الماضي واصبحت الوليات المتحدة المريكية القطب الوحد في
العالم مما حصد القتصاد المريكي ثمار الثورة التكنولوجية الحديثة في النترنيت وتوجيه المستثمرين نحو
شركات النترنيت وبلغت ذروة ذلك النشاط عام 2000وعندما اتسعت فجوة النترنيت اطاحت بكثير من
المكاسب المالية التي حققتها تلك الشركات بعد ذلك بدات فجوة اخرى تنمو وتكبر وتاخذ بالتساع هي قطاع
العقارات الذي شجعت المريكان المستثمرين لهذا القطاع ممااخذت قيمة العقارات بالرتفاع وبالتالي اسهم
الشركات العقارية المسجلة بالبورصة بصورة مستمرة في جميع انحاء العالم خاصة في امريكا التي بات
المستثمرين شراء العقار واعتبره افضل انواع الستثمار .وعلى هذا الساس اتسعت التسهيلت العقارية من
المصارف بمنح قروض حتى للفراد غير القادرين على سداد ديونهم ولم تتوقف البنوك من منح القروض
العقارية رغم الكبوات المالية التي اصابته ,وبدا عام 2007باتساع فجوة العقارات وبالتالي شكلت الزمة
الثانية بعد فجوة النترنيت المر الذي ادى الى عجز الفراد من تسديد ديونهم حتى بعد بيع عقاراتهم المرهونة
ونلحظ من هذا ان اكثر من مليوني امريكي قد فقد ممتلكاته العقارية واصبحوا مديونين بالتزامات مالية قد
تادي لطيلة حياتهم بعدم تسديدها مما اعلنت الكثير من الشركات العقارية المريكية والعالمية عن افلسها
لعجزها عن تسديد الديون الكبيرة اما الفجوة الثالثة التي ادت الى هذه الزمة المالية هي الكوارث الطبيعية التي
ضربت اجزاء مختلفة من العالم ولسيما اعصار ) ايل ( الذي ضرب السواحل المريكية وكانت فجوة العصار
التي اتسعت وسببت ضغطا مؤثرا على القتصاد العالمي بصورة عامة والقتصاد المريكي بصورة خاصة المر
الذي ادى الى انخفاض انتاج الوليات المتحدة المريكية من النفط الخام ومشتقاته بمقدار الربع مما سبب
خسائر تصل الى اكثر من 18ثمانية عشرة مليار دولر .ونلحظ ان هذه الزمة القتصادية المالية العالمية
سوف تطيح بمزيد من الشركات الكبرى قبل هدوء العاصفة واشكك باقتراب خروج القتصاد المريكي منها
متعافيا لن القتصاد المريكي يعاني منها بسبب ازمة القروض العقارية .وارى ان هذه الزمة المالية سوف
تستمر في لعب دورا قويا لحين استقرار اسعار العقارات والمساكن في الوليات المتحدة المريكية وليتم قبل
اوائل العام المقبل وباعتقادي ان هذه الزمة ستزيد احتمالت الكساد القتصاد المريكي في الشهور المقبلة
والمتتبع للقتصاد العالمي بصورة عامة والمريكي بصورة خاصة يلحظ من هذه الزمة الراهنة بانها ليست
وليدة الصدفة وانما نشات وترعرعت وبالتالي انفجرت من خلل ازمة الئتمان التي عصفت بالقتصاد
المريكي منذ شهور عديدة .وقد انعكست هذه الزمة على تطور السواق المالية في العالم حيث يسود الن
مناخ مخوف في اعمالها وبالتالي ادت هذه الزمة الى انهيار قيمة الكثير من اسهم الشركات والمصارف مما
2
جعل القلق ينتاب مستقبل هذه السواق .اما تاثيرها يتوقف على السواق العربية من هذه الزمة يتوقف على
مدى التعامل والخدمات المصرفية ووجود اموال مستثمرين عرب من الخليج او غير الخليج في السواق
المريكية وكما نعرف ان هناك وجود اموال مستثمرين عرب في السواق المريكية والمصارف المريكية
يمتلكون فيها قسما من ممتلكاتهم فضل عن ذلك وجود حكومات عربية وخليجية كبيرة مستثمرون في السواق
المالية ويتطلعون لجني الرباح وهذه الحالة جديرة بالدراسة من اجل انقاذ الموال العربية وبالتالي توجيهها
في ميدان الستثمار الخارجي ,بصورة صحيحة .وبراي المتواضع ان هذه الزمة سوف تعصف اثارها لبقية
السواق العالمية والعربية النفطية المعتمدة على تصدير النفط قد ينحدر سعر النفط بالنخفاض المر الذي
سيؤدي الى انكماش موازناتها التي خطط لها باسعار عالية وبالتالي ستؤدي الى خلخلة الوضع القتصادي
لهذه الدول النفطية وكما معروف ان حركة رؤوس الموال والمضاربة بالعملت الجنبية لن هناك دول عربية
لديها ايداعات بالمليارات من الدولرات في المصارف المريكية فضل عن ذلك سندات مباعة ومن هذا الفهم
فان الكثير من المستثمرين سيفقدون جزءا كبيرا من ثرواتهم وان هذا الفايروس سينتقل بالعدوى الى الدول
التي لها علقات او خدمات مالية اقتصادية مع الوليات المتحدة المريكية ,اما دول الخليج ومصر والتي تملك
اسواق مالية اكثر انفتاحا على السواق العالمية والمريكية قد تتاثر بهذه الزمة لن مصدرها الوحيد من
عوائد النفط ومن المؤكد ان عوائدها المالية ستتراجع بما ينعكس على مشاريع التنمية فيها اضف لذلك حجم
الستثمارات العربية الكبيرة في السواق المالية المريكية .ومما تقدم فان حقيقة الزمة المالية من حيث
الطبيعة والبعاد هي ليست غريبة او فريدة من نوعها بالنسبة لتطور النظام القتصادي الراسمالي التقليدي اذ
ان هذه الزمات المالية لتاتي من فراغ بل تتفاعل مع الوضع القتصادي الكلي الذي يعاني من مشاكل خطيرة
في مقدمتها عجز الميزانية واختلل التوازن التجاري وتفاقم المديونية الخاصة والعامة اضافة الى الرتفاع
المستمر لمؤشرات البطالة والتضخم وان الزمة لتقتصر في الوليات المتحدة على قيمة السهم كما قلنا بل
شملت القتصاد الحقيقي بكل مفاصله فهي ازمة اقتصادية بدات منذ سنوات ولتزال في طور التشكيل والتطوير
والستفحال انها ازمة ليست حكومية فقط بل شملت الشركات والفراد .ونلخص اسبابها بالتي -1 :الفجوة
الكبيرة بين القطاع المالي والقطاع الحقيقي وهذا مالحظناه من خلل استقرائنا للقتصاد المريكي الذي اعطانا
مؤشرات خطيرة من خلل عمق الفجوة بين حجم التداول في ) الوول ستريت ( والذي بلغ بنحو ) ( 34
تريليون دولر فيما بلغ حجم الناتج المحلي الجمالي المريكي بنحو ) ( 13ترليون دولر عام 2006هذا
المؤشر يبين عمق الفجوة الكبيرة بين القتصاد المالي والقتصاد الحقيقي .والمؤشر الثاني الذي لحظته هو
العجز في الميزان التجاري المريكي الذي اخذ بالزدياد منذ عام 1971حيث لم نلحظ تثبيت اي فائض بل كان
المثبت سنويا هوعجز سنويا حتى وصل في عام 2006الى 758مليار دولر .والسبب الرئيسي لهذا العجز
هو عدم قدرة الجهاز النتاجي وخاصة السلعي على تلبية الستهلك -2 .كان العجز المالي المريكي في
ميزانية الوليات المتحدة المريكية لعام 2008والذي بلغ 410مليار دولر اي بنسبة % 2.9من الناتج
المحلي الجمالي وهذا المؤشر حسب اعتقادي يؤكد ان الوليات المتحدة المريكية لتهتم بالتوازنات
القتصادية وليست المالية فضل عن ذلك دعمها للطابع العسكري على حساب النفقات العامة كما ان الضرائب
تستخدم كوسيلة للحصول على اصوات الناخبين بدل من الحصول على ايرادات لتحويل العجز المالي
فائضوكانت الوليات المتحدة تسد هذا العجز من جمهورية الصين الشعبية ودول الخليج من فائض موازينها
التجارية بواسطة شراء تللك الدول سندات الخزينة المريكية -3وقد اظهرت الحصاءات الرسمية لوزارة
الخزانة المريكية ارتفاع الديون الحكومية ) للدارة المركزية والدارات المحلية قيمة 43تريليون دولر عام
1990الى 8.4تريليون دولر عام 2003الى 8.9تريليون دولر في عام 2007وقد اصبحت هذه الديون
العامة تشكل عبء ثقيل مانسبة %64من الناتج المحلي الجمالي وهذه الديون انسحبت على الدارات
الحكومية المحلية والذي شمل الفراد والشركات حيث بلغت الديون الفردية 9.2تريليون دولر منها ديون
عقارية ذكرتها سلفا حيث كانت 66تريليون دولر ان هذه الديون العقارية التي ساهمت مساهمة اساسية في
الزمة المالية الحالية والتي تشكل اكثر من نصف الناتج المحلي المريكي ,كما تعاني الوليات المتحدة
المريكية من مشاكل اقتصادية اخرى في مقدمتها التضخم الذي تجاوز نسبة %4والبطالة التي نسبتها %5
مع تراجع الهمية النسبية للصناعة مع مجموع الناتج المحلي فضل عن ذلك تردي الخدمات التعليمية ولكن
الوليات المتحدة المريكية لم تضع استراتيجية للستفادة من الزمات السابقة المماثلة في الماضي من القرن
السابق ولم تاخذها بالحسبان والتفكير بوضع حلول لها ,رغم تكرار هذه الزمات وخطورتها بل تقوم بحلول
ترقيعية وهي باقية على الصيغة الكلسيكية للقتصاد ولم تشكل حل جذريا وعمليا للمعضلت المتعاقبة التي
يشهدها الداء القتصادي في ظل الليات التقليدية القائمة على ابعاد الدولة وتدخلتها الحياة القتصادية ومن
خلل هذه الزمة المالية التي شبهها خبراء اقتصاديون بقوة انهيار التحاد السوفيتي السابق كما ان هذا
النهيار يعيد الى الذهان عقد الكساد القتصادي الذي ضرب الوليات المتحدة المريكية فلو راجعنا التاريخ
القتصادي الحديث لتطور الراسمالية في القرن العشرين لوجدنا ان الخبرة المستقاة من الزمة القتصادية
العالمية التي اندلعت من عام 1932- 1929قد وفرت دروسا ودللت جوهرية ليمكن الستغناء عنها في اي
3
مسعى ليجاد حل للصيغة القتصادية او النموذج القتصادي المنشود وللسف ان الوليات المتحدة والدول
الراسمالية الكبرى لم تستفد من تلك الدروس ولكن تغطرست حينما توصل الرئيس المريكي ريفان ورئيسة
وزراء بريطانية السيدة تاتشير الى صيغة مايسمى ب وفاق واشنطن والقاضي برفض تدخل الدولة مبدئيا
والدعوة الى تقديس اليات السوق بطريقة احادية الجانب وكان من عواقب وفاق واشنطن سلسلة متواصلة من
الزمات البنيوية والمزيد من المتاعب الجتماعية والقتصادية لقطاعات واسعة من السكان المريكان وافتقار
المليين منهم بل تمتد لتشمل التاثير السلبي على الوضع القتصادي العالمي ومن هذه الزمة بدات الدارة
المريكية والدول الرسمالية الكبرى بالتفتيش عن الحلول الخارجية وهاهي تستجدي بالحلول الشتراكية
واعترافها بالتحليلت الماركسية وما وضعه ماركس بدور الدولة وهو حلول مناسبة على الخفاقات التي
تصيب الراسمالية لن الشتراكية هي الحل الوحيد لمثل هذه الزمات وهاهي امريكا تستجدي بالحلول
الشتراكية بدخول الدولة بتقديم ) (700مليار دولر ثم اضافة وزير الخزانة ) (150مليار اخر ليصبح المبلغ
الجمالي ) (850مليار لنقاذ ) وول ستريت ( الذي تهاوى بشكل ارعب المواطن المريكي العادي كان المواطن
المريكي يتصور بأنه خالد وسرمدي الى البد لن هذه الزمة المالية قد كشفت وجهها الحتيالي البشع والذي
سيجعل المواطن المريكي تحت وطأة ضرائب فاحشة تدفع الى ) (850مليار دولر ستستقطع من لقمة عيشه
انها ايام سود بأنتظار .اما العراق لم يتأثر من هذه الزمةالمالية العالمية لن اقتصاد العراق هو لزال اقتصاد
مخطط واكثر المؤسسات المالية الكبيرة هي حكومية فضلعن ذلك ان العراق لم يستخدم الحتياطي الفدرالي
والذي يقدر بأكثر من ) (30مليار دولر امريكي ولم يدخل بمضاربات في البورصات العالمية والسواق المالية
ماعدا شراءه سندات الخزينة من الوليات المتحدة وهذه مضمونة لتؤدي الى خسائراو مجازفات وكذلك ان
القتصاد العراقي لم تعلن الدولة رسميا عن فلسفة اقتصادها ولكن المسموع عنه انها ستتحول الى اقتصاد
السوق وبالتالي القتصاد الحر وينبغي على الحكومة ان تدرس هذه الزمة المالية العالمية وتبني اقتصادها
باقتصاد مختلط شبيه بالتجربة الصينية والتجربة للشتراكية الديمقراطية هو الضمان الوحيد للقتصاد العراقي
والتخوف الوحيد من هذه الزمة المالية على القتصاد العراقي هو هبوط اسعار النفط لن وزارة المالية وضعت
سقف للبرميل الواحد $80فاذا هبط هذا السعر من خلل هذه الزمة قد يؤدي الى ازمة مالية ستؤثر على
ماكان مخطط له في الموازنة العراقية اما غير ذلك فلخوف على القتصاد العراقي لهذه الزمة .الحلول
والفاق لهذه الزمة المالية في العالم مهما كانت الحلول المطروحة ومها كانت المسميات فهي -1 .بامكان
القتصادين تجاوزز هذه النكسة العميقة بالرتكاز الى المعالجة التي طرحها القتصادي البرطاني ) جون كينز (
الذي افترضها بتوسيع تدخل الدولة بمجالت عديدة وذلك بكتابه الموسوم النظرية العامة للبطالة والفائدة
والنقود وكان من تنائج هذه المعالجة انقاذ النظام القتصادي بتوسيع النفاق الغام للدولة وتكريس الجهود
لتحفيز الطلب العام ومكافحة البطالة بتعبير اخر قام القتصادي جون كينز بوضع السس الساسية للجمع بين
دور السوق والياته وبين دور الدولة وتدخلتها او مايطلق عليه في علم القتصاد بالقتصاد المختلط ,وقد
تعرض هذا المنهج الى نكسات جديدة ولسيما في ثمانينات القرن الماضي بالمكان دراستها بجدية والخروج
بمنهج جديد -2 .ان دول شرق اسيا تعرضت في اواخر التسعينات من القرن الماضي والتي سميت )بالثنين
السود ( مماجعلها ان تدرس تلك النتكاسة وخرجت بوضع ضوابط رقابية جنتها من تكرار الزمة السابقة
حيث استفادت من تلك الخطاء حتى طبقوا اساليب )الصكوك السلمية ( لن القتصاد السلمي يحرم
المضاربة الربوية وهذا ماكتب به اية ال محمد باقر الصدر ) ق .س( وهذه الصكوك هي ليست بعيدة عن
اقتصاد الشتراكية الديمقراطية ,لن القتصاد السلمي هو نظام رقابي وفلسفته ليترك الموال بيد المضاربين
دون رقابة الدولة ومراقبةالصناديق التي توظف الموال من تلك الصكوك ،اذ تراقب من قبل مجلس رقابي
لتحدث فيه مضاربات غير شرعية او ربى اي انها رقابة تؤدي الى الحفاظ على الموال وبذلك يمكن للدولة
الغربية الستفادة من هذه التجربة واستخدامه نظام يواكب مجتمعاتهم -3 .فلسفة الشتراكية الديمقراطية وهذه
الفلسفة تؤخذ بها اكثر الدول الوربية التي نظام الحكم فيها اشتراكيون ديمقراطيون وان هذا النظام يراقب من
قبل مجالس الشعب والبرلمان والدولة -4 .القتصاد المختلط وهو الجمع بين دور الدولة والسوق وهو رد
مناسب على الخفاقات الخفاقات والنتكاسات والتراجعات المنسوبة سواء لليمين التقليدي او اليسار
الديمقراطي وهو يبلور تلخيصَأ صحيحًا للتجربة القتصادية العالمية خلل العقود الماضية التي شهدت الكثير
من النحرافات والنتكاسات سواء كان ذلك بأسم الرأسمالية او الشتراكية -5 .التجربة الصينية وهي تجربة
ناجحة وهي خليط بالشتراكية والسوق سمته السوق الشتراكية وهو اصطلح جديد للقاموس القتصادي
فينبغي على الدول الراسمالية دراسة التجربة الصينية دراسة بعمق لكي تستخلص من تلك التجربة الفريدة في
العالم من اجل وضع نظام اقتصادي ومالي عالمي جديد وبالتالي انقاذ العالم من تلك الزمات المفتعلة من قبل
الوليات المتحدة المريكية لنقاذ القتصاد العالمي من تلك النهيارات والفوضى ونتامل من الدول الكبرى رسم
خارطة مالية جديدة واضحة المعالم دون هيمة دولة واحدة لجل الستقرار والمن القتــصادي والمالي في
العالم.
4
الصيغة العامة للتداول المالي إسلمّيا
كل المؤشرات تؤكد أن الصكوك السلمية تشهد مزيدا من الطلب العالمي وأن هذا الطلب دفع العديد من الدول
إلى خطب ودها عبر استصدارها صكوكا متوافقة مع الشريعة السلمية كأداة تمويل على أساس المشاركة
الستثمارية ،ومن المتوقع في ظل حالة الطلب تلك الناجمة عن التوسع والنمو المتسارع لمنظومة القتصاد
السلمي أن تشهد صناعة الصكوك السلمية اهتماما عالميا وإقليميا باعتبارها أداة تنموية وبمشاركة شعبية
تحول دون تحميل الميزانية العامة للدولة أي أعباء إضافية ،وتضاعف الهتمام العالمي بها على الخصوص
بعد الزمة المالية العالمية ،ما يجعلها حصان طروادة لنقاذ القتصاد العالمي من بعض أزماته المالية ،ولعل
مؤتمر الصكوك السلمية الذي سيعقد في دولة الكويت في ديسمبر 2009من أبرز المؤتمرات في هذا
الجانب ،إضافة إلى مؤتمرات أخرى تعقد في لندن وماليزيا والسعودية.
ل يزال العالم يحاول الخروج بأقل الخسائر وبأسرع الطرق من إحدى أعنف الزمات القتصادية العالمية،
وبعد عام وأكثر على الزمة ل يزال العالم غير مطمئن إلى أن المور تسير بالتجاه الصحيح ،ول يزال عديد
من البنوك والشركات يعلن إفلسه ،وأصبح من الصعب على الدول أن توفر السيولة اللزمة لضمان بقاء هذه
الشركات والمؤسسات ،وفي اللحظات التي شك فيها العالم بأنظمته القتصادية وأساليبه المالية حظي القتصاد
السلمي بنصيب جدير بالهتمام.
وعليه دفعت الزمة القتصادية العالمية التي قد يعود لها المؤرخون يوما ما كإحدى اللحظات التي "غيرت
مجرى التاريخ" ،وكشفت عن السهولة والتسيب اللذين كان يتم بهما تنفيذ كثير من العمليات المصرفية،
والتمويلية المختلفة التي تشكل تهديدا جديا اليوم للقتصاد والسياسة والمجتمع ,دفعت هذه الزمة العالم إلى
5
البحث عن طرق جديدة للنهوض من كبوته وإيجاد حلول بديلة ليس فقط للنهوض باقتصادها ،بل وحماية
موقعها السياسي على الخريطة العالمية.
من هنا حظيت المصرفية السلمية على الهتمام الكبر في الدراسات القتصادية الغربية في الونة الخيرة،
وبناء على هذه الدراسات عدلت العديد من التشريعات في عديد من المؤسسات المصرفية الغربية بما ل يمنع
من تبني أدوات وسياسات مالية إسلمية للحد من مخاطر هذه الزمة وتجنب مسبباتها مرة أخرى .كما ظهرت
مصطلحات اقتصادية إسلمية جديدة في قواميس البنوك والشركات العالمية كالصكوك والمشاركة والجارة و
التكافل التي استقطبت كثيرا من رؤوس الموال السلمية إضافة إلى إثبات وجودها ونجاحها على الساحة
العالمية .لذلك اتجهت الدول لدوات مالية جديدة للتمويل؛ ومن هذه الدوات الصكوك السلمية.
الصكوك السلمية هي أداة استثمارية إسلمية تكون على شكل وثيقة بقيمة مالية متساوية تمثل ملكية شائعة
في رأس المال أو ديون أو أعيان تصدرها مؤسسة بأسماء من يكتتبون فيها مقابل دفع القيمة المحررة بها،
وتستثمر حصيلة البيع سواء بنفسها ،أو بدفعه إلى الغير للستثمار نيابة عنها ،وتعمل على ضمان تداوله،
ويشارك المكتتبون في الصكوك في نتائج هذا الستثمار حسب الشروط الخاصة بكل إصدار ،وهناك أربعة
عشر نوعًا مختلفًا من الصكوك ،كما بينت هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية السلمية ،إل أن
أكثر النماط شيوعًا هو ما يطلق عليه صكوك الجارة ،التي تقوم على معاملت تأجير إسلمية ،ويمكن القول
إن الصكوك السلمية تمثل بديل للسندات التقليدية ليستفاد منها في تمويل الستثمارات بصيغة تتوافق مع
أحكام الشريعة السلمية مع قابليتها للتداول ،المر الذي دفع دول كفرنسا وبريطانيا وروسيا وأمريكا
للتسريع في منح هذه الدوات تشريعات كافية تمكن المصرفية السلمية من الستثمار فيها ،وبالرغم من أن
الصك هو شهادة ائتمانية مثل أية شهادة ائتمانية أخرى ال أن ما يتميز به الصك السلمي ،هو أنه ملكية
شائعة في أصول أو منافع ،وبالتالي فهي ملكية متوافقة مع القاعدة القتصادية السلمية التي تحرم الربا
المتمثل في ضمان عوائد ثابتة بغض النظر عن الربح أو الخسارة .فالصكوك السلمية تعطي دخل لمالكيها
مقابل تجارة معينة أو تأجير لصل أو غيره من أنواع الصكوك المتاحة ،وهي عبارة عن أوراق )صكوك(
تثبت حق ملكية في أصل معين ،و)الصكوك( في القتصاد السلمي تقابلها )السندات المالية( في القتصاد
التقليدي ،ويتميز )الصك( بضرورة وجود الصل مقارنة بـ )السندات التقليدية( التي قد تصدر بضمان المنشأة
فقط ،وعرفت هيئة المحاسبة والمراجعة للمصرفية السلمية )الصكوك السلمية( بأنها وثائق متساوية
القيمة تمثل حصصًا شائعة في ملكية أو نشاط استثماري ،وذلك بعد تحصيل قيمة )الصكوك( وقفل باب
الكتتاب واستخدامها فيما أصدرت من أجله ،وقد وصل عددها إلى أربعة عشر نوعا.
ويمكن القول إن الصكوك من أدوات الستثمار التي تم تطويرها لتكون بديل عن أدوات الدين )السندات(
ليستفاد منها في تمويل الستثمارات بصيغة تتوافق مع أحكام الشريعة السلمية مع قابليتها للتداول .ل
يختلف الفقهاء كثيرا على هذا التعريف العام للصكوك السلمية بهذه الطريقة فهي البديل الشرعي عن
التمويل من خلل السندات ،كما وجد التورق بديل للفائدة "الربوية" على حد تعبير المراجع السلمية.
وتلعب الصكوك السلمية ،أدوارا متعددة وفاعلة في توفير وإدارة السيولة النقدية منها :تعبئة المدخرات،
ضمان سهولة تدفق الموال للستثمارات ،تطوير في تشكيلة الدوات المالية السلمية ،توسيع قاعدة سوق
الوراق المالية ،اندماج اقتصاديات البلد السلمية فيما بينها ،وبينها وبين الخارج.
ظهرت الصكوك السلمية قبل عدة سنوات ،وانتشرت في السنوات الخمس السابقة ،وقد تطورت صناعة
الصكوك السلمية بشكل متسارع ومثير للهتمام .فقد توقع مركز دبي المالي العالمي أن تقفز قيمة
الصدارات إلى 100بليون دولر في غضون خمس سنوات من 31بليون دولر حاليا .وقال المركز إن
معظم النمو سيقوده مصدرو النفط في الخليج العربي ،وكذلك أعلن بنك دبي السلمي أخيرا عن إغلق أكبر
إصدار )للصكوك السلمية( في العالم مع زيادة القيمة الساسية للصدار من 2.8بليون دولر إلى 3.5
بليوون دولر نتيجة للقبال الكبير للمشاركة في الصدار الذي طرح لصالح مؤسسة الموانئ والجمارك
والمنطقة الحرة في دبي ،حيث جمع الصدار أكثر من 11بليون دولر وذلك لنه يتناسب مع تمويل القطاع
النفطي وقطاع النشاءات اللذين باتا يشكلن تحديا في الخليج العربي ،كما أن قطر تدرس اللجوء إلى سوق
السندات السلمية لتمويل ما يصل إلى 60بليون دولر من مشروعات الطاقة بحلول عام ،2010وتقول
الكويت إنها تحتاج إلى استثمار 46بليون دولر على القل في السنوات المقبلة لتطوير صناعة الطاقة.
6
وفي الردن هنالك توجهات حكومية لصدار صكوك إسلمية ،حيث يتوقع أن تنتهي من إصدارها قبل نهاية
العام الحالي .وبحسب ما أقره مساعد أمين عام وزارة المالية والناطق الرسمي باسم الوزارة عيسى صالح
لجريدة »الغد« ,فإن فكرة إصدار هذه الصكوك تهدف الى"توفير أداة نقدية جديدة تحفز القبال على أدوات
الحكومة النقدية التي تقتصر لغاية الن على السندات وأذونات الخزينة".
وأضاف أن "الفائدة من توفير هذه الداة هو تشجيع فئات محددة ترفض استخدام الذونات والسندات لسباب
دينية وللبتعاد عن الربا".
وقد شملت هذه الصكوك ملكية أصول أو منافع أو خدمات يتعين توفيرها وتكون صادرة باسم مالكها بفئات
متساوية القيمة لثبات حق مالكها على أسس وبعقد شرعي بضوابط شرعية بين طرفيها وآلية إصدارها
وتداولها والعائد عليها.
وفي حين تعتبر ماليزيا الدولة الرائدة في مجال الصكوك السلمية حيث كان أول إصدار للصكوك السلمية
في ماليزيا 1995لبناء محطة طاقة كهربائية بقيمة 350مليون دولر ،فقد تبعتها بعد ذلك بلدان الخليج.
وتجدد اهتمام العالم باقتصاديات وآليات الصكوك السلمية بعد تعمق الزمة المالية العالمية في محاولة
لتوفير السيولة والحد من تداعيات النهيارات المالية .وبدأت وسائل العلم العربية خلل النصف الول من
العام نفسه ،بما يمثل زيادة قدرها % 75عما تحقق خلل نفس الفترة من العام الماضي .كما زادت إصدارات
الحكومات للصكوك بمعدل 6أمثال مستوياتها خلل الفترة نفسها وبما يعادل 4.4مليار دولر .وقد بلغت
مبيعات الصكوك السلمية خلل السنوات الثلث الماضية 40مليار دولر ،إضافة إلى ذلك تتوقع دراسة
منشورة للبنك الدولي أن يصل حجم هذه الصكوك إلى 3تريليونات دولر في عام .2015
ومن الملحظ أن ارتفاع تجارة الصكوك السلمية جاء مع معدلت نمو عالية شهدتها المصرفية السلمية
منذ نحو 5سنوات مضت ،وفاق حجم تعاملتها 500مليار دولر ،وحققت معدلت نمو تصل إلى % 15
سنويا ،ويتوقع لها أن تستمر على هذا المعدل أو تزيد .وبحسب الخبراء والمختصين فإن أسباب ذلك ترجع
بشكل أساسي إلى ارتفاع أسعار النفط خلل العوام الماضية وإقبال غير المسلمين على أدوات التمويل
السلمية ،وكذلك زيادة رغبة المتعاملين في البلدان السلمية في التعامل مع المؤسسات المالية السلمية.
ومن الواضح تماما أن ازدهار التعامل بالصكوك السلمية وتنامي الطلب عليها خصوصا في ظل الزمة
المالية العالمية يشكل فرصة متاحة أمام البنوك السلمية التي تدير معظم عمليات الكتتاب لهذه الصكوك،
فعلى سبيل المثال قامت البنوك السلمية في المارات بإدارة عمليات كبيرة للكتتاب في هذه الصكوك سواء
لصالح حكومة دبي ،أو لبلدان عربية وإسلمية أخرى ،كما حدث في حالتي السودان وباكستان .ويعد بنك دبي
السلمي من أكبر المؤسسات المالية عالميا لدارة عمليات الكتتاب للصكوك السلمية ،إذ تقدر عملياته في
هذا المجال بنحو 9مليارات دولر.
وعلى الرغم من أن الصكوك السلمية بدأت كإصدارات لمؤسسات ودول إسلمية وكأداة استثمارية
مشروعة ،إل أنها غدت صيغة عالمية تجذب المستثمرين من مختلف أنحاء العالم ،حيث تم إصدار عدة
صكوك إسلمية من قبل مؤسسات غربية مثل السندات التي أصدرتها الحكومة في ألمانيا عام 2004
مستهدفة أسواق الشرق الوسط ،إلى جانب إصدار أول صكوك أميركية عام 2006لتمويل مشروعات حقول
الغاز .ويشير الخبراء إلى أن هذه إلصدارات للشركات الوروبية وصلت خلل عام 2007إلى نحو 200
مليار دولر.
وبرغم ما شهده القتصاد العالمي أخيرا من انتكاسات في أسواقه المالية ،وكذلك حالة الركود التي تعتري
القتصاد المريكي ،وما يعكسه ذلك من مخاوف على اقتصاديات عديد من بلدان العالم ،فإننا نجد أن الصكوك
السلمية تحقق معدلت مرتفعة في حجم إصدارها وانتشارها ،ليس فقط في السوق القليمية أو في البلدان
العربية والسلمية ،ولكن الظاهرة بدأت تشهد إقبال في دول غير إسلمية مثل إنجلترا واليابان.
كما أن التوظيف المالي للصكوك السلمية اتجه نحو علج واحدة من المشكلت المؤرقة لكثير من البلدان،
وهي قضية عجز الموازنة ،ففي إنجلترا كان هدف دراسة استخدام هذه الصكوك هو علج عجز الموازنة
هناك.
7
وسوف تشجع الحكومات العربية خاصة الخليجية منها عمليات الكتتاب في إصدارات الصكوك السلمية،
باعتبارها بابا من أبواب امتصاص السيولة المرتفعة التي يعانيها معظم بنوك المنطقة ،وبذلك يتم تخفيف حدة
التضخم التي تعاني ارتفاعه معظم البلدان العربية ،خاصة الدول الخليجية .كما يساعد هذا المر من ناحية
أخرى صانع السياسة النقدية في دول المنطقة للتخفيف من ضغوط ارتباط العملت المحلية بالدولر ،بعد حالة
التراجع للدولر في القتصاد العالمي على مدار السنوات الماضية.
رغم ما أبدته هذه الصكوك من وعود وأرباح وقفزات اقتصادية ،إل أن هنالك صعوبات تواجه تطبيق هذا
النظام التمويلي .يأتي في مقدمة هذه الصعوبات عدم وجود سوق ثانوي متكامل لهذه الصدارات ،ويرجع
السبب في ذلك إلى قلة عدد الصكوك المصدرة في الوقت الراهن مقارنًة بسوق السندات التقليدي .وفي
المؤتمر السنوي الثالث الذي عقد في لندن" ،البتكار للمستقبل :الجيل القادم من الصكوك المالية بعد الزمة
القتصادية" :يعتبر البعض أن المشكلت الناجمة عن الصكوك هي مشكلت يمكن التغلب عليها لنها نتجت
عن نضج هذا السوق .من أهم هذه المشكلت تعثر المصدرين عن الوفاء بالتزاماتهم في موعدها ،والتي ربما
تتطلب مزيدًا من البحث والتدقيق في توفير الضمانات المطلوبة أو في آليات الصدار وتحصيل اللتزامات
<الطلب دفع العديد من الدول إلى خطب ودها عبر استصدارها صكوكا متوافقة مع الشريعة السلمية كأداة
تمويل على أساس المشاركة الستثمارية ،ومن المتوقع في ظل حالة الطلب تلك الناجمة عن التوسع والنمو
المتسارع لمنظومة القتصاد السلمي أن تشهد صناعة الصكوك السلمية اهتماما عالميا وإقليميا باعتبارها
أداة تنموية وبمشاركة شعبية تحول دون تحميل الميزانية العامة للدولة أي أعباء إضافية ،وتضاعف الهتمام
العالمي بها على الخصوص بعد الزمة المالية العالمية ،ما يجعلها حصان طروادة لنقاذ القتصاد العالمي من
بعض أزماته المالية ،ولعل مؤتمر الصكوك السلمية الذي سيعقد في دولة الكويت في ديسمبر 2009من
أبرز المؤتمرات في هذا الجانب ،إضافة إلى مؤتمرات أخرى تعقد في لندن وماليزيا والسعودية.
ل يزال العالم يحاول الخروج بأقل الخسائر وبأسرع الطرق من إحدى أعنف الزمات القتصادية العالمية،
وبعد عام وأكثر على الزمة ل يزال العالم غير مطمئن إلى أن المور تسير بالتجاه الصحيح ،ول يزال عديد
من البنوك والشركات يعلن إفلسه ،وأصبح من الصعب على الدول أن توفر السيولة اللزمة لضمان بقاء هذه
الشركات والمؤسسات ،وفي اللحظات التي شك فيها العالم بأنظمته القتصادية وأساليبه المالية حظي القتصاد
السلمي بنصيب جدير بالهتمام.
وعليه دفعت الزمة القتصادية العالمية التي قد يعود لها المؤرخون يوما ما كإحدى اللحظات التي "غيرت
مجرى التاريخ" ،وكشفت عن السهولة والتسيب اللذين كان يتم بهما تنفيذ كثير من العمليات المصرفية،
والتمويلية المختلفة التي تشكل تهديدا جديا اليوم للقتصاد والسياسة والمجتمع ,دفعت هذه الزمة العالم إلى
البحث عن طرق جديدة للنهوض من كبوته وإيجاد حلول بديلة ليس فقط للنهوض باقتصادها ،بل وحماية
موقعها السياسي على الخريطة العالمية.
من هنا حظيت المصرفية السلمية على الهتمام الكبر في الدراسات القتصادية الغربية في الونة الخيرة،
وبناء على هذه الدراسات عدلت العديد من التشريعات في عديد من المؤسسات المصرفية الغربية بما ل يمنع
من تبني أدوات وسياسات مالية إسلمية للحد من مخاطر هذه الزمة وتجنب مسبباتها مرة أخرى .كما ظهرت
مصطلحات اقتصادية إسلمية جديدة في قواميس البنوك والشركات العالمية كالصكوك والمشاركة والجارة و
التكافل التي استقطبت كثيرا من رؤوس الموال السلمية إضافة إلى إثبات وجودها ونجاحها على الساحة
العالمية .لذلك اتجهت الدول لدوات مالية جديدة للتمويل؛ ومن هذه الدوات الصكوك السلمية.
الصكوك السلمية هي أداة استثمارية إسلمية تكون على شكل وثيقة بقيمة مالية متساوية تمثل ملكية شائعة
في رأس المال أو ديون أو أعيان تصدرها مؤسسة بأسماء من يكتتبون فيها مقابل دفع القيمة المحررة بها،
وتستثمر حصيلة البيع سواء بنفسها ،أو بدفعه إلى الغير للستثمار نيابة عنها ،وتعمل على ضمان تداوله،
ويشارك المكتتبون في الصكوك في نتائج هذا الستثمار حسب الشروط الخاصة بكل إصدار ،وهناك أربعة
عشر نوعًا مختلفًا من الصكوك ،كما بينت هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية السلمية ،إل أن
أكثر النماط شيوعًا هو ما يطلق عليه صكوك الجارة ،التي تقوم على معاملت تأجير إسلمية ،ويمكن القول
إن الصكوك السلمية تمثل بديل للسندات التقليدية ليستفاد منها في تمويل الستثمارات بصيغة تتوافق مع
أحكام الشريعة السلمية مع قابليتها للتداول ،المر الذي دفع دول كفرنسا وبريطانيا وروسيا وأمريكا
للتسريع في منح هذه الدوات تشريعات كافية تمكن المصرفية السلمية من الستثمار فيها ،وبالرغم من أن
الصك هو شهادة ائتمانية مثل أية شهادة ائتمانية أخرى ال أن ما يتميز به الصك السلمي ،هو أنه ملكية
8
شائعة في أصول أو منافع ،وبالتالي فهي ملكية متوافقة مع القاعدة القتصادية السلمية التي تحرم الربا
المتمثل في ضمان عوائد ثابتة بغض النظر عن الربح أو الخسارة .فالصكوك السلمية تعطي دخل لمالكيها
مقابل تجارة معينة أو تأجير لصل أو غيره من أنواع الصكوك المتاحة ،وهي عبارة عن أوراق )صكوك(
تثبت حق ملكية في أصل معين ،و)الصكوك( في القتصاد السلمي تقابلها )السندات المالية( في القتصاد
التقليدي ،ويتميز )الصك( بضرورة وجود الصل مقارنة بـ )السندات التقليدية( التي قد تصدر بضمان المنشأة
فقط ،وعرفت هيئة المحاسبة والمراجعة للمصرفية السلمية )الصكوك السلمية( بأنها وثائق متساوية
القيمة تمثل حصصًا شائعة في ملكية أو نشاط استثماري ،وذلك بعد تحصيل قيمة )الصكوك( وقفل باب
الكتتاب واستخدامها فيما أصدرت من أجله ،وقد وصل عددها إلى أربعة عشر نوعا.
ويمكن القول إن الصكوك من أدوات الستثمار التي تم تطويرها لتكون بديل عن أدوات الدين )السندات(
ليستفاد منها في تمويل الستثمارات بصيغة تتوافق مع أحكام الشريعة السلمية مع قابليتها للتداول .ل
يختلف الفقهاء كثيرا على هذا التعريف العام للصكوك السلمية بهذه الطريقة فهي البديل الشرعي عن
التمويل من خلل السندات ،كما وجد التورق بديل للفائدة "الربوية" على حد تعبير المراجع السلمية.
وتلعب الصكوك السلمية ،أدوارا متعددة وفاعلة في توفير وإدارة السيولة النقدية منها :تعبئة المدخرات،
ضمان سهولة تدفق الموال للستثمارات ،تطوير في تشكيلة الدوات المالية السلمية ،توسيع قاعدة سوق
الوراق المالية ،اندماج اقتصاديات البلد السلمية فيما بينها ،وبينها وبين الخارج.
ظهرت الصكوك السلمية قبل عدة سنوات ،وانتشرت في السنوات الخمس السابقة ،وقد تطورت صناعة
الصكوك السلمية بشكل متسارع ومثير للهتمام .فقد توقع مركز دبي المالي العالمي أن تقفز قيمة
الصدارات إلى 100بليون دولر في غضون خمس سنوات من 31بليون دولر حاليا .وقال المركز إن
معظم النمو سيقوده مصدرو النفط في الخليج العربي ،وكذلك أعلن بنك دبي السلمي أخيرا عن إغلق أكبر
إصدار )للصكوك السلمية( في العالم مع زيادة القيمة الساسية للصدار من 2.8بليون دولر إلى 3.5
بليوون دولر نتيجة للقبال الكبير للمشاركة في الصدار الذي طرح لصالح مؤسسة الموانئ والجمارك
والمنطقة الحرة في دبي ،حيث جمع الصدار أكثر من 11بليون دولر وذلك لنه يتناسب مع تمويل القطاع
النفطي وقطاع النشاءات اللذين باتا يشكلن تحديا في الخليج العربي ،كما أن قطر تدرس اللجوء إلى سوق
السندات السلمية لتمويل ما يصل إلى 60بليون دولر من مشروعات الطاقة بحلول عام ،2010وتقول
الكويت إنها تحتاج إلى استثمار 46بليون دولر على القل في السنوات المقبلة لتطوير صناعة الطاقة.
وفي الردن هنالك توجهات حكومية لصدار صكوك إسلمية ،حيث يتوقع أن تنتهي من إصدارها قبل نهاية
العام الحالي .وبحسب ما أقره مساعد أمين عام وزارة المالية والناطق الرسمي باسم الوزارة عيسى صالح
لجريدة »الغد« ,فإن فكرة إصدار هذه الصكوك تهدف الى"توفير أداة نقدية جديدة تحفز القبال على أدوات
الحكومة النقدية التي تقتصر لغاية الن على السندات وأذونات الخزينة".
وأضاف أن "الفائدة من توفير هذه الداة هو تشجيع فئات محددة ترفض استخدام الذونات والسندات لسباب
دينية وللبتعاد عن الربا".
وقد شملت هذه الصكوك ملكية أصول أو منافع أو خدمات يتعين توفيرها وتكون صادرة باسم مالكها بفئات
متساوية القيمة لثبات حق مالكها على أسس وبعقد شرعي بضوابط شرعية بين طرفيها وآلية إصدارها
وتداولها والعائد عليها.
وفي حين تعتبر ماليزيا الدولة الرائدة في مجال الصكوك السلمية حيث كان أول إصدار للصكوك السلمية
في ماليزيا 1995لبناء محطة طاقة كهربائية بقيمة 350مليون دولر ،فقد تبعتها بعد ذلك بلدان الخليج.
وتجدد اهتمام العالم باقتصاديات وآليات الصكوك السلمية بعد تعمق الزمة المالية العالمية في محاولة
لتوفير السيولة والحد من تداعيات النهيارات المالية .وبدأت وسائل العلم العربية خلل النصف الول من
العام نفسه ،بما يمثل زيادة قدرها % 75عما تحقق خلل نفس الفترة من العام الماضي .كما زادت إصدارات
الحكومات للصكوك بمعدل 6أمثال مستوياتها خلل الفترة نفسها وبما يعادل 4.4مليار دولر .وقد بلغت
مبيعات الصكوك السلمية خلل السنوات الثلث الماضية 40مليار دولر ،إضافة إلى ذلك تتوقع دراسة
منشورة للبنك الدولي أن يصل حجم هذه الصكوك إلى 3تريليونات دولر في عام .2015
9
ومن الملحظ أن ارتفاع تجارة الصكوك السلمية جاء مع معدلت نمو عالية شهدتها المصرفية السلمية
منذ نحو 5سنوات مضت ،وفاق حجم تعاملتها 500مليار دولر ،وحققت معدلت نمو تصل إلى % 15
سنويا ،ويتوقع لها أن تستمر على هذا المعدل أو تزيد .وبحسب الخبراء والمختصين فإن أسباب ذلك ترجع
بشكل أساسي إلى ارتفاع أسعار النفط خلل العوام الماضية وإقبال غير المسلمين على أدوات التمويل
السلمية ،وكذلك زيادة رغبة المتعاملين في البلدان السلمية في التعامل مع المؤسسات المالية السلمية.
ومن الواضح تماما أن ازدهار التعامل بالصكوك السلمية وتنامي الطلب عليها خصوصا في ظل الزمة
المالية العالمية يشكل فرصة متاحة أمام البنوك السلمية التي تدير معظم عمليات الكتتاب لهذه الصكوك،
فعلى سبيل المثال قامت البنوك السلمية في المارات بإدارة عمليات كبيرة للكتتاب في هذه الصكوك سواء
لصالح حكومة دبي ،أو لبلدان عربية وإسلمية أخرى ،كما حدث في حالتي السودان وباكستان .ويعد بنك دبي
السلمي من أكبر المؤسسات المالية عالميا لدارة عمليات الكتتاب للصكوك السلمية ،إذ تقدر عملياته في
هذا المجال بنحو 9مليارات دولر.
وعلى الرغم من أن الصكوك السلمية بدأت كإصدارات لمؤسسات ودول إسلمية وكأداة استثمارية
مشروعة ،إل أنها غدت صيغة عالمية تجذب المستثمرين من مختلف أنحاء العالم ،حيث تم إصدار عدة
صكوك إسلمية من قبل مؤسسات غربية مثل السندات التي أصدرتها الحكومة في ألمانيا عام 2004
مستهدفة أسواق الشرق الوسط ،إلى جانب إصدار أول صكوك أميركية عام 2006لتمويل مشروعات حقول
الغاز .ويشير الخبراء إلى أن هذه إلصدارات للشركات الوروبية وصلت خلل عام 2007إلى نحو 200
مليار دولر.
وبرغم ما شهده القتصاد العالمي أخيرا من انتكاسات في أسواقه المالية ،وكذلك حالة الركود التي تعتري
القتصاد المريكي ،وما يعكسه ذلك من مخاوف على اقتصاديات عديد من بلدان العالم ،فإننا نجد أن الصكوك
السلمية تحقق معدلت مرتفعة في حجم إصدارها وانتشارها ،ليس فقط في السوق القليمية أو في البلدان
العربية والسلمية ،ولكن الظاهرة بدأت تشهد إقبال في دول غير إسلمية مثل إنجلترا واليابان.
كما أن التوظيف المالي للصكوك السلمية اتجه نحو علج واحدة من المشكلت المؤرقة لكثير من البلدان،
وهي قضية عجز الموازنة ،ففي إنجلترا كان هدف دراسة استخدام هذه الصكوك هو علج عجز الموازنة
هناك.
وسوف تشجع الحكومات العربية خاصة الخليجية منها عمليات الكتتاب في إصدارات الصكوك السلمية،
باعتبارها بابا من أبواب امتصاص السيولة المرتفعة التي يعانيها معظم بنوك المنطقة ،وبذلك يتم تخفيف حدة
التضخم التي تعاني ارتفاعه معظم البلدان العربية ،خاصة الدول الخليجية .كما يساعد هذا المر من ناحية
أخرى صانع السياسة النقدية في دول المنطقة للتخفيف من ضغوط ارتباط العملت المحلية بالدولر ،بعد حالة
التراجع للدولر في القتصاد العالمي على مدار السنوات الماضية.
رغم ما أبدته هذه الصكوك من وعود وأرباح وقفزات اقتصادية ،إل أن هنالك صعوبات تواجه تطبيق هذا
النظام التمويلي .يأتي في مقدمة هذه الصعوبات عدم وجود سوق ثانوي متكامل لهذه الصدارات ،ويرجع
السبب في ذلك إلى قلة عدد الصكوك المصدرة في الوقت الراهن مقارنًة بسوق السندات التقليدي .وفي
المؤتمر السنوي الثالث الذي عقد في لندن" ،البتكار للمستقبل :الجيل القادم من الصكوك المالية بعد الزمة
القتصادية" :يعتبر البعض أن المشكلت الناجمة عن الصكوك هي مشكلت يمكن التغلب عليها لنها نتجت
عن نضج هذا السوق .من أهم هذه المشكلت تعثر المصدرين عن الوفاء بالتزاماتهم في موعدها ،والتي ربما
تتطلب مزيدًا من البحث والتدقيق في توفير الضمانات المطلوبة أو في آليات الصدار وتحصيل اللتزامات .
10
الزمة المالية في الكويت
البترول
البورصة
وأوضح أن ذلك أدى إلى انحسار فرص العمال بدرجة كبيرة المر الذي
جعل شركات عقارية كثيرة تبحث عن فرص إقليمية وعالمية ووقعت
"فريسة الزمة المالية العالمية المحدقة بالمنطقة والعالم".
11
الكويت في قطاع العقار في الكثير من دول العالم لكن الشركات
العقارية تواجه واقعا سيئا.
12
ونتيجة لذلك فإن بعض التوقعات ستعدل بالخفض لكن ليس
بقدر كبير.
وعن تأثير تراجع سعر النفط على دول الخليج العربي توقعت
وكالة التصنيف الئتماني ستاندرد آند بورز اليوم الثنين
مواصلة تلك الدول تحقيق فوائض بالميزانية حتى إذا وصل
متوسط سعر النفط إلى 79دولرا للبرميل في عام .2009
ففي الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار النفط نحو سبعة أمثالها
في السنوات الست الماضية استثمرت دول الخليج العربية
فوائض ضخمة ،وضخت إيرادات نفطية في مشروعات للبنية
التحتية ومشروعات صناعية بهدف خفض اعتمادها على
صادرات الطاقة.
13
)الفرنسية-أرشيف( أزمة القتصاد العالمي وصلت إلى الخليج
14
متعاملون بسوق السهم الكويتية التي شهدت خسائر كبيرة
)الفرنسية(
15
"
انخفض مجموع وفي المارات خسر مؤشر أبو ظبي
%4.35ليصل إلى 3754.49نقطة ،وهو القيمة السوقية
للسواق المالية مستوى أدنى %17.5من مستوى إغلق
السبع في دول 2007عند 4551.8نقطة.
مجلس التعاون
الخليجي بمقدار أما سوق دبي المالية التي سجلت
200مليار دولر انخفاضات متتالية في السابيع الخيرة،
تقريبا مقارنة فقد أنهت تداولتها عند 4044.27نقطة،
بانخفاض قدره %1.7معوضة خسائر أكبر بقيمته نهاية العام
الماضي سجلت خلل التداولت.
"
وتتراجع سوقا أبو ظبي ودبي خصوصا
تحت تأثير تراجع السهم العقارية ،وهي أسهم قيادية في
السوقين.
16
ضعف سعر النفط ومخاوف تدهور القتصاد العالمي انعكسا
على البورصة السعودية )الفرنسية-أرشيف(
17
المتحدثون شخصوا مشكلة استغلل التمويلت
الجنبية واقترحوا حلول )الجزيرة نت (
إبراهيم القديمي-صنعاء
عوامل مختلفة
وأضاف المخلفي في حديث للجزيرة نت أن من بين تلك
العوامل النقص الكبير للكفاءات البشرية ,وتداخل المهام
والصلحيات بين مؤسسات
الدولة ,وتقصير القيادات
الدارية وضعف الدور الرقابي
للبرلمان.
18
من جهته ,رأى الدكتور علي الوافي أستاذ القتصاد بجامعة
صنعاء أن غياب الصلحات المؤسسية الشاملة التي تنبثق
عنها حكومة ذات كفاءة ونزاهة هو رأس الزاوية في مختلف
مشاكل اليمن سواء المنح أو القروض.
الصلح أول
من جهته اشترط محمد جبران,
الخبير المالي والستاذ بجامعة
صنعاء ,تحقيق إصلح سياسي
وترسيخ مبدأ التداول السلمي
للسلطة باعتبارهما مدخل
حقيقيا للصلح الشامل الذي
يجب أن يسبق إستراتيجية
مكافحة الفساد.
)الجزيرة الدكتور محمد جبران
نت ( وقال جبران في حديث
للجزيرة نت إن قمع الفساد لن ينجح في اليمن.
19
والكهرباء وأراضي الدولة التي يمكن أن تدر مليين الدولرات
للخزينة العامة لكنها تباع وُتنهب وُتوهب حسب قوله .ورأى
جبران أن توفير تلك الموال يمكن أن يغني اليمن عن ذل
السؤال وطلب المعونات المشروطة.
20
و 125مليون دولر للصندوق الدولي للتنمية الزراعية )إيفاد(
وحوالى 199مليون دولر لجهات لم يوردها التقرير.
21
بنسبة .%65
ويعد اليمن منتجا صغيرا للنفط ويتراوح إنتاجه حاليا بين 280
ألف برميل و 300ألف برميل يوميا ،بعد أن كان قد تجاوز
400ألف برميل يوميا في السنوات السابقة.
22
23
عادل لطيفي
يعيش العالم اليوم على وقع أخبار أسواق المال التي فرضت إيقاعها على مظاهر
الحياة ،خاصة في المناطق التي تمثل مركزا حيويا للقتصاد المعولم.
لقد خطفت هذه الزمة الضواء على الساحة العلمية بالنظر لخطورتها وبالنظر
كذلك إلى التفرغ الكلي لقطاب القرار السياسي العالمي لمواجهتها.
ومن المؤشرات على ذلك أن مرت تعيينات الفائزين بجائزة نوبل هذه السنة ،وعلى
" غير العادة ،في شكل أخبار متفرقة وثانوية بعد أن غمرتها أخبار
المضاربات المالية النتاجي داو جونز .إنها أزمة فاجأت الجميع في ظل واقع القتصاد
التي أعطت قيمة المتماسك ،إلى حد ما ،وفي ظل سرعة انتشارها.
لبعض المؤسسات
أعلى من قيمتها لكن على الرغم من آنية هذا الحدث وبغض النظر عن التطورات
الحقيقية ،والرغبة اللحقة المحتملة فإن مضامينه الخلقية وانعكاساته على
المفرطة في المستوى الجتماعي بدأت تفرض نفسها كضرورة ملحة.
استثمار القروض
حتى على حساب أزمة مالية أم أزمة الليبرالية؟
زيادة فقر تعود الحالية المالية للزمة المباشرة بات من المعلوم أن الجذور
الفقراء ،هما إلى قضية القروض العقارية ) (Sub-primesالتي استفاد بموجبها
العاملن صغار الموظفين الميركيين وفقراء الجراء والمتقاعدين من
الحاسمان اللذان فرصة الحصول على مسكن مقابل ريع ربوي غير قار.
أفرزا هذه الزمة
" بدأ شبح الزمة عندما بات من المؤكد أن أغلب المستفيدين من
24
هذه القروض لم يعد بإمكانهم سداد دينهم بسبب الرتفاع المشط والفجائي لقيمة
السداد الربوي الشهري المطلوب الذي تجاوز في بعض الحالت %70من دخل
المدينين.
كانت هذه النتيجة بمثابة الشارة الولى إلى وضع مالي غير عادي ل بد من معالجته
بطريقة حكيمة تأخذ بعين العتبار البعد الجتماعي ،لكن الغريب في المر أن رد
البنوك الميركية المقرضة ،مثل بنك فاني ماي وبنك لبمان براذرز ،كان نهاية في
العجرفة واللإنسانية.
لقد طلب ممن عجز عن الدفع ترك منزله على الفور ،وهذا ما حصل بالفعل على يد
الشرطة الميركية التي رافقت جحافل الفقراء الميركيين نحو العراء.
المشكل أن هذه الكارثة الجتماعية لم تحل صعوبات البنوك ،بل على العكس
سارعت في انهيارها ،إذ فقدت المساكن المنشأة جانبا كبيرا من قيمتها منعكسة
بذلك على قيمة أسهم هذه البنوك في البورصات ،وتجنبت البنوك الخرى إقراضها
في إطار الديون البين بنكية.
وفي النهاية اكتمل المشهد بإعلن البنوك الميركية وشركات التأمين المرتبطة
مباشرة بقضية الديون العقارية إفلسها ،وتبع ذلك توقف شبه كلي للتعامل البين
بنكي وفقدان الثقة في حركة السهم.
هذه هي أبرز حلقات هذا المسلسل المتسارع الحداث .بقي السؤال الهم وراء هذه
الحيثيات والمتمثل في تقييم البعاد القتصادية للزمة .هل أنها مجرد أزمة مالية
ظرفية مرتبطة بخطأ معزول أم أنها أزمة هيكلية مرتبطة بطبيعة النظام الليبرالي
ذاته؟
يروج ساسة البلدان المتقدة ،وكذلك القتصاديون الليبراليون ،تحليل يرى أن الزمة
مرتبطة بالفعل بإستراتيجية استثمار خاطئة اعتمدتها بعض البنوك الميركية .وتذهب
هذه الطراف أبعد من ذلك في اعتبار أن خطأ هذه البنوك يتمثل في إقراض الفقراء
لكونهم شريحة غير مضمونة من ناحية سداد الديون.
وعلى الرغم من أن بعض هؤلء يتحدث اليوم عن ضرورة إعطاء مسحة أخلقية
للرأسمال المالي ،فإنهم يحصرون هذا البعد الخلقي في ضرورة احترام تداخل
النظام المالي العالمي وتعقده ،مما يستوجب الحيطة وعدم المغامرة غير المحسوبة
في المضاربة.
بلغة أخرى فإن الهدف النهائي من هذه المسحة الخلقية هو ضبط مسؤولية
الفاعلين القتصاديين باتجاه المحافظة على النظام المالي الكلي القائم.
لكن مثل هذه التبريرات تبدو متعارضة إلى حد كبير مع واقع الزمة الحالية .ويبرز
التعارض الول بين اعتبار الزمة ناجمة عن خطأ معزول ،وبين سرعة انتشارها في
العالم.
وأقل ما يمكن أن يقال هنا إن النظام الليبرالي الحالي هو نظام هش ما دام بنك
واحد في العالم يمكن أن يحدث فعل لعبة الدومينو على المؤسسات القتصادية في
شتى القارات.
يبدو التناقض واضحا كذلك من حيث اعتبار صغار الموظفين والعمال عالة على نظام
25
القتراض وتناسي دورهم في تعزيز قدرات البنوك عن طريق الدخار والستهلك.
من جهة أخرى ،يصعب الخذ بمثل هذا التحليل إذا سحبناه على إطار جغرافي أوسع
في ظل اقتصاد معولم .فلو همشنا بعض الفئات الجتماعية من دائرة القتراض على
صعيد دولة ،ما الذي يمنع تهميش الدول الفقيرة من دائرة التعامل المالي العالمي؟
والحال أن الدول الكبرى ،معتمدة على البنك العالمي وعلى صندوق النقد الدولي ،ما
فتئت تغرق هذه البلدان بقروضها وبشروط مشطة أدت إلى إفلس العديد من الدول.
نضيف هنا أن هذا القرار بعدم تطابق الفقر مع الستثمار المالي تكذبه على أرض
الواقع تجربة محمد يونس الحائز على جائزة نوبل للسلم من خلل ما أنجزه مع
غرامين بنك من استثمارات مع الوساط الكثر فقرا في بنغلديش.
فقد بينت هذه التجربة أن المشكل الساسي يكمن في تطابق الهداف المالية للدين
مع حد أدنى من اعتبار الوضاع الجتماعية للحرفاء.
" إن التحليلت الليبرالية التي نسمعها اليوم تتفادى الخوض في
عمق المسائل المتعلقة بالستثمار وبالعلقة بين القتصاد الحقيقي طرحت الزمة
الحالية مسألة النتاجي والمضاربة المالية وكذلك بالتهميش المفرط للدولة
البعد الخلقي في ولدور الرقابة الجماعية على أسواق العمال.
تنظيم أسواق
المال ،لكن هذا لقد أفلتت كل هذه المسائل من عقالها منذ نهاية الثمانينيات
البعد تم تحويله ونهاية الحرب الباردة ،وما نتج عن ذلك من انفراد الليبرالية
عن مساره المطلقة في ساحة المبادرة السياسية والقتصادية.
الطبيعي المرتبط
بشرائح اجتماعية ول يمكن أن ينكر أحد أن البنوك التي تورطت في قروض
مهمشة نحو سابرايمز فعلت ذلك ضمن عقلية النظام الليبرالي نفسه التي
احترام أخلقيات تلهث وراء رفع رقم المعاملت وتحسين الرباح.
تضمن وجود
النظام المالي ووصل المر إلى حد أن التطبيقات العملية لهذه العقلية في
وفاعلية أدائه المجال المالي أصبحت في تعارض تام مع واقع القتصاد النتاجي
" الحقيقي من ناحية ،وكذلك مع إعادة هيكلة القتصادات داخل
الدول الكبرى وما نتج عن ذلك من زيادة هشاشة وضع صغار
الموظفين.
فالمضاربات المالية التي أعطت قيمة لبعض المؤسسات أعلى من قيمتها الحقيقية،
وكذلك الرغبة المفرطة والملحة في استثمار القروض حتى على حساب زيادة فقر
الفقراء ،هما العاملن الحاسمان اللذان أفرزا هذه الزمة.
أثبتت الزمة الحالية كذلك وبشكل قاطع بطلن مقولة قدرة السوق الليبرالي على
إفراز ما يسمى بالتعديل الذاتي ) (autorégulationالمرتبط بالعرض والطلب.
ويمثل هذا التوجه نحو زيادة تدخل الدولة إقرارا بخلل مقولة التعديل الذاتي للسوق
التي ترسخت منذ أزمة سنة ،1929لكن هذا القرار يحمل في طياته أسئلة عديدة
حول السس الجتماعية لليبرالية نفسها وتوزيع الدوار بين المبادرة الفردية وبين دور
المجموعة ممثلة في الدولة.
26
تراجع أسواق المال الخليجية ..السباب والمعالجات
شملت النخفاضات الحادة كافة أسواق العالم المالية تقريبا ً في الشهرين الماضيين
لسباب عديدة ،بعضها مفهوم ومبرر يأتي على رأسها تأثر أعمال الشركات سلبا ً بعد
الرتفاعات المتوالية في أسعار النفط ،خصوصا ً أن البلدان الرئيسية -كالصين والهند-
أصبحت مستوردا ً رئيسيا ً للنفط في العالم.
ومن السباب -وهو الهم -تفاقم أزمات الئتمان في القتصادات العالمية والتي انتقلت
بسرعة الهشيم من القتصاد الميركي إلى اقتصادات أوروبا والمملكة المتحدة ،لترفع
خسائر الرهن العقاري إلى مستويات عالية أودت ببعض البنوك الكبرى كبنك ليمان
براذرز وميرل لينش ومؤسسات مالية عملقة.
في المقابل فإن السواق الخليجية التي تراجعت وفقدت المكاسب التي حققتها منذ
بداية هذا العام ،تعيش ظروفا ومعطيات اقتصادية مختلفة تماما ،كان من المفروض
أن تجعلها الملذ المن للستثمارات الهاربة من جحيم المشكلت القتصادية والمالية
التي تعيشها أسواق الدول المتقدمة ،وتدفع بها بالتالي نحو الرتفاعات الستثنائية.
فالتأثر السلبي للدول الصناعية بأسعار النفط تقابله استفادة كبيرة لدول الخليج من
زيادة مواردها المالية .وأزمة الرهن العقاري التي أضرت بالنمو وتطلبت تخفيض
الفائدة وتراجع قيمة العملة الميركية لم يكن لها تأثير على المصارف الخليجية التي
واصلت تحقيق معدلت نمو عالية خلل الرباع الماضية من العام الحالي واتضح أنها
بمنأى عن تأثيرات إفلس البنوك الميركية.
كما أن أزمة الئتمان الناجمة عن الديون المعدومة بسبب أزمة الرهن العقاري لم تكن
حاضرة في دول الخليج إطلقا ،إضافة إلى أن الخفض التلقائي للفوائد في دول الخليج
27
بسبب ارتباط عملتها بالدولر كان من المفروض أن يرفع من السيولة المتجهة إلى
أسواق المال بسبب انخفاض العوائد البنكية.
ورغم بلوغها هذه المستويات الجذابة فإن السواق الخليجية واصلت التراجع .وليس
من المتوقع أن تشهد في المستقبل القريب المنظور تحسنا في الداء قبل أن يزول
السبب الذي نعتقد أنه يقف وراء هذا التراجع ،وهو عمليات التسييل التي تقوم بها
صناديق ومحافظ أجنبية في ظل تراجع هائل في مستويات السيولة المحلية.
_____________________
المستشار القتصادي لشركة الفجر للوراق المالية
28
خالد الطراولي
غلب عنصر المفاجأة والستغراب والتهليل على مواقف الملحظين والمتابعين للشأن
التونسي ،فالحدث ل يبدو صغيرا وهو يحمل ول شك شحنة من العواطف والمشاعر
زيادة على أبعاده السياسية والقتصادية والجتماعية ،ذلك هو إعلن إنشاء بنك الزيتونة
السلمي من خلل خبر صغير وكأنه يتحسس المكان والزمان قبل أن يرمي بجذوره
في أرض الزيتونة.
التقت على الخبر خمسة مضارب حيث إن صاحب المبادرة تونسي ورجل أعمال
معروف باستثماراته الداخلية ،وصهر الرئيس ،ويحمل تجربة سابقة في إذاعة الزيتونة
للقرآن الكريم ،وتجربة إسلمية في التعامل المصرفي في بلد يحمل نظامه الكثير من
التوجس والتضارب تجاه الظاهرة السلمية إجمال ،وبه صحوة إسلمية متعاظمة
تشكو عدم التأطير والتوجيه والرشاد ومفتوحة على كل البواب.
يعتبر بنك الزيتونة السلمي نافذة اقتصادية ربحية متاحة للستثمار والربح الكبير،
حيث يبدو سوق "المنتجات السلمية" قابل للرواج في ظل هذه العودة المشهودة
للدين عبادة ومعاملة.
29
ومعدلت نمو مرتفعة قياسا ببلدان أخرى.
ويأتي هذا البنك بينما المشهد الجتماعي مرتبك ويدخل مناطق الحيرة والخوف من
الحاضر والمستقبل ،ويبرز النفلت في السعار وتأثيراته الخطيرة على المستوى
المعيشي ،زيادة على تفاقم البطالة وخاصة لصحاب الشهادات العليا ،مع انحسار في
مستوى الطبقة المتوسطة.
والمشهد العام للبلد يعيش ركودا ورتابة واجترارا ،وفي نفس الوقت يحمل في
وبة نحو المجهول.داخله إمكانيات هائلة مص ّ
في هذا الطار المشحون تأتي التجربة الجديدة لبنك الزيتونة السلمي ،والتي لنا معها
وقفة غير معمقة وإشارة -إن أمكن -إلى أماكن الظل واستشراف المستقبل ،في
أبوابه المتعددة وخاصة بابه القتصادي.
" ول تعتبر مبادرة بنك الزيتونة -كمنشأة إسلمية للصيرفة -الولى
بنك الزيتونة من نوعها ،فقد سبقتها في الثمانينيات تجربة بنك التمويل التونسي
السلمي نافذة السعودي ) (BESTالذي يتبع مجموعة البركة العالمية ،كما دخل
اقتصادية ربحية على الخط منذ بداية السنة بنك نور السلمي التابع لدولة المارات
متاحة للستثمار العربية المتحدة.
والربح الكبير حيث
يبدو سوق ويشكل عدم تجذر التجربة البنكية السلمية في تونس وعدم بقائها
المنتجات استثناء في العالم السلمي ،حيث مر على التجربة أكثر من أربعة
السلمية قابل عقود منذ انطلقتها البسيطة في قرية ميت غامر بمصر في بداية
للرواج في ظل الستينيات ،وانتشارها المدوي خارج حدودها "الطبيعية" ودخولها
هذه العودة مواطن وبلدانا إسلمية وغير إسلمية ،ومنها من رفع شعار
المشهودة للدين العلمانية عاليا كتركيا.
عبادة ومعاملة
" وفي إظهار لتراكم التجربة وتوسعها العالمي ،توقع تقرير اقتصادي
أن تشهد أصول الصرافة السلمية نموا ً في العام 2010بمعدل ل
يقل عن %20سنويًا ،ليتجاوز حجمها حاجز الـ 1.5تريليون دولر مقارنة بـ 900مليار
دولر خلل العام .2007
وفي ظل الزمة الحالية التي يعيشها عالم المال والعمال أصبح التمويل
السلمي ملجأ هاما للمستثمرين بما يمثله من تقليل عامل المخاطرة في ظل المأزق
الحالي للئتمان العالمي وانهيار قطاع العقارات الميركي.
ويلحظ عدم وضوح المنحى المعتمد والصفة الملزمة للبنك الجديد :هل هو بنك إيداع
أم بنك استثمار أم بنك أعمال أم بنك غير مقيم أم شركة إيجار مالي؟ وبين هذه
الصناف تتحدد القيمة الساسية للبنك ،والضافة التي يمكن أن يقدمها للمسار
التنموي في تونس عبر علقته المباشرة مع الزبائن الصغار والكبار على السواء،
وكذلك لجدية الضافة السلمية في هذا المجال.
الصيغة القانونية
ميز الجهاز البنكي التونسي بين أصناف عدة من البنوك وأعطاها تحديدا واضحا،
فمهمة بنوك اليداع قبول اليداعات مهما تكن مدتها أو شكلها ،ومنح القروض ول
سيما منها القصيرة الجل ،والقيام كوسيط في عمليات الصرف .كما تؤمن لزبائنها
استخلص وسداد الصكوك والسندات أو قسائم الدفع أو غيرها من سندات الدفع أو
الدين.
30
خطورة الزمة المالية الميركية على القتصاد العالمي
تشهد الوليات المتحدة أزمة مالية عنيفة انتقلت عدواها إلى السواق المالية لمختلف
الدول وبات علجها عسيرا .ولم تعد الزمة الميركية الحالية جزئية تقتصر على
العقارات بل أصبحت شاملة تؤثر مباشرة على الستهلك الفردي الذي يشكل ثلثة
أرباع القتصاد الميركي وهو بالتالي الساس الذي ترتكز عليه حسابات معدلت النمو.
ول تأتي الزمات المالية من فراغ بل تتفاعل مع الوضع القتصادي الكلي الذي يعاني
في الوليات المتحدة من مشاكل خطيرة في مقدمتها عجز الميزانية واختلل الميزان
التجاري وتفاقم المديونية الخاصة والعامة إضافة إلى الرتفاع المستمر لمؤشرات
البطالة والتضخم والفقر.
31
وفي يناير/كانون الثاني من العام الحالي خسر مؤشرات السهم الميركية داو جونز
%4.6وناسداك %9.9لكن ارتفاع هذه النسبة أو تلك ل تعكس بالضرورة درجة
خطورة الوضع القتصادي والمالي الميركي الحالي .ففي أكتوبر /تشرين الول عام
1987سجل داو جونز هبوطا ً هائل ً قدره %22.6أي بنسبة تفوق بكثير النسبة الحالية
ومع ذلك فأن الزمة الراهنة اخطر لنها نجمت عن تراجع الستهلك الفردي في حين
كان ارتفاع أسعار الفائدة السبب الساس في أزمة .1987
"أقبل الميركيون وأقبل الميركيون أفرادا ً وشركات على شراء العقارات بهدف
على شراء السكن أو الستثمار الطويل الجل أو المضاربة .واتسعت
العقارات بهدف ً
التسهيلت العقارية إلى درجة أن المصارف منحت قروضا حتى
السكن أو للفراد غير القادرين على سداد ديونهم بسبب دخولهم الضعيفة.
الستثمار الطويل
الجل أو المضاربة وانتفخت الفقاعة العقارية حتى وصلت إلى ذروتها فانفجرت في
واتسعت صيف عام 2007حيث هبطت قيمة العقارات ولم يعد الفراد
التسهيلت قادرين على سداد ديونهم حتى بعد بيع عقاراتهم المرهونة .وفقد
العقارية إلى درجة أكثر من مليوني أميركي ملكيتهم العقارية وأصبحوا مكبلين
أن المصارف باللتزامات المالية طيلة حياتهم .ونتيجة لتضرر المصارف الدائنة
منحت قروضا ً نتيجة عدم سداد المقترضين لقروضهم هبطت قيم أسهمها في
حتى للفراد غير البورصة وأعلنت شركات عقارية عديدة عن إفلسها.
القادرين على
سداد ديونهم ولكن انهيار القيم لم يتوقف عند العقارات بل امتد إلى أسواق
" المالية وجميع القطاعات .في عام 2000لم يقد انفجار فقاعة
النترنت بعد انتفاخ دام نحو عشر سنوات إلى أزمة مالية شاملة أو
إلى تخوف من حدوث كساد اقتصادي لن من يشتري جهاز الكمبيوتر ل يهدف عادة
الستثمار أو المضاربة ول يحتاج إلى القتراض بينما انفق الفراد جميع مدخراتهم
واقترضوا لشراء العقارات .وبناء على ذلك تختلف الثار المالية والقتصادية المترتبة
عن هبوط أسعار العقار عن تلك المترتبة عن هبوط أسعار الكمبيوتر اختلفا كثيرا.
وأدى انفجار الفقاعة العقارية إلى تراجع الستهلك اليومي وبالتالي إلى ظهور ملمح
الكساد.
32
كما أجرى مجلس الحتياطي التحادي )البنك المركزي الميركي( تعديل ً على أسعار
الفائدة قدره 0.50نقطة مئوية لتصل النسبة إلى .%3ويهدف هذا الجراء إلى
تسهيل اللجوء إلى القروض المصرفية للستثمار وحث الفراد على زيادة النفاق.
ودخلت الوليات المتحدة في دوامة الزمات المالية التي تستوجب في كل مرة تقليص
سعر الفائدة وسيفقد البنك المركزي أحد أهم أدواته لمعالجة هبوط قيم السهم عندما
يصل سعر الفائدة إلى الصفر كما هو الحال في اليابان.
قد يتصور البعض بأن طائرات آسيوية وخليجية ستحوم فوق ول ستريت لتقذف أطنانا ً
من الدولرات على السوق بهدف تهدئته .والواقع ل يخلو هذا التصور من الصحة.
وهكذا تستفيد الوليات المتحدة من ارتفاع أسعار النفط الذي أدى إلى ظهور فوائض
مالية ل تستوعبها أسواق الخليج .ولكن على افتراض كون الزمة الميركية مالية فقط
فأنها تستوجب رصد مبالغ طائلة لمواجهتها.
فعلى سبيل المثال الديون الفردية الميركية الناجمة عن الزمة العقارية تمثل 6.6
تريليونات دولر أي ما يعادل إيرادات النفط السعودية لمدة 55سنة .وبالتالي فأن
قدرة الخليجيين وكذلك السيويين على مواجهة الزمة المريكية محدودة جدًا.
بالنتيجة النهائية فإن الحتلل العسكري للبلدان يصبح حل ً إضافيا ً لتحريك القتصاد
الميركي من زاويتين الولى النفاق العسكري والستفادة من قدرات البلد المحتل
لتحسين الوضع القتصادي الميركي كاستغلل النفط العراقي وفق عقود مشاركة
النتاج.
انتقال العدوى
على إثر هبوط قيم السهم في ول ستريت انخفض المؤشر العام
"عدوى الزمة للقيم بنسبة %7.1في فرانكفورت و %6.8في باريس و %5.4
الميركية انتقلت في لندن و %7.5في مدريد و %3.8في طوكيو و %5.1في
إلى جميع أنحاء شنغهاي و %6في ساوباولو و %9.8في الرياض و %9.4في
العالم مع أن دبي و %3في بيروت و %4.2في القاهرة.
نسبة التراجع لم
وانتقلت عدوى الزمة الميركية إلى جميع أنحاء العالم مع ملحظة تكن على وتيرة
واحدة فهبط أن نسبة التراجع لم تكن على وتيرة واحدة .وهبط المؤشر العام
المؤشر العام حتى في دول ل توجد فيها استثمارات أميركية في البورصة
حتى في دول ل كالسعودية بنسبة تفوق هبوط المؤشر العام في بلدان أخرى ل
توجد فيها تضع قيودا ً على الستثمارات الجنبية ومن بينها الميركية كأوروبا.
استثمارات
أميركية في كان انفجار الفقاعة العقارية الميركية عامل ً مهما ً لهبوط أسهم
البورصة الشركات الخرى غير العاملة في القطاع العقاري .في حين ل
كالسعودية بنسبة وجود لمثل هذا العامل في دول أخرى ومع ذلك هبطت أسهم
تفوق هبوط شركاتها العقارية وغير العقارية .السهم التي أصابها تدهور شديد
المؤشر العام في في الخليج ل علقة لها بالنشطة العقارية بل بالستثمارات
بلدان أخرى البتروكيمياوية أي بسلع التجارة الخارجية .وحتى على افتراض
"
33
معاناة القطاع العقاري من مشاكل مالية على الصعيد العالمي فمن غير المعقول أن
تستفحل الزمة وتنهار السهم في العالم في نفس اليوم إذ أن السواق المالية في
المدن المذكورة أعله ليست فروعا ً لوول ستريت.
وانطلقا ً من هذا الملحظات العامة يمكن تحليل عالمية الزمة المالية بالعتماد على
ثلثة عوامل يتعلق العاملن الول والثاني بمختلف بلدان العالم ويرتبط العامل الثالث
بالدول التي تتبع سياستها النقدية نظام الصرف الثابت مقابل الدولر .وتصب جميع
العوامل في محور واحد وهو فقدان الثقة بالسياسة القتصادية الميركية.
العامل الول والساس هو ظهور بوادر الكساد القتصادي في الوليات المتحدة المر
الذي ينعكس على صادرات البلدان الخرى وعلى أسواقها المالية .فالوليات المتحدة
اكبر مستورد في العالم حيث بلغت وارداتها السلعية 1919مليار دولر أي %15.5
من الواردات العالمية )إحصاءات التجارة الخارجية لعام 2006الصادرة عن منظمة
التجارة العالمية(.
أما العامل الثاني فهو تعويض الخسارة حيث اعتاد بعض أصحاب رؤوس الموال
الستثمار في عدة أسواق مالية في آن واحد .فإذا تعرضت أسهمهم في دولة ما
للخسارة فأن أسهمهم في دولة أخرى قد ل تصيبها خسارة.
وفي حالت معينة عندما تهبط أسهمهم في دولة ما فسوف يسحبون أموالهم
المستثمرة في دولة أخرى لتعويض الخسارة أو لتفادي خسارة ثانية .وتتم عمليات
السحب الجماعي في الساعات الولى من اليوم الول لخسارتهم.
في بعض البلدان العربية كمصر والسعودية هبط المؤشر العام بسبب هذه العمليات
التي قام بها مستثمرون في هذين البلدين نتيجة خسارتهم في ول ستريت.
وفيما يتعلق بالعامل الثالث قيتمثل بالخوف من هبوط جديد وحاد لسعر صرف
الدولر الميركي مقابل العملت الرئيسة الخرى .وهبطت قيم السهم بين مطلع عام
1987ومطلع عام 2008في الوليات المتحدة سبع مرات بنسب عالية.
وفي كل مرة يتراجع سعر صرف الدولر مقابل العملت الوروبية بسبب لجوء البنك
المركزي الميركي إلى تخفيض أسعار الفائدة.
وهذا التراجع يعني خسارة نقدية للستثمارات بالدولر سواء في الوليات المتحدة أم
خارجها .وتحدث هذه الخسارة أيضا ً وبنفس النسبة في البلدان التي تعتمد عملتها
المحلية على سعر صرف ثابت أمام الدولر كما هو حال غالبية أقطار مجلس التعاون
الخليجي .وعلى هذا الساس فأن أية أزمة مالية في الوليات المتحدة تقود إلى سحب
استثمارات من هذه القطار لتتوطن في دول أخرى ذات عملت معومة كأوروبا
وبلدان جنوب شرق آسيا.
"الزمة في
الوليات المتحدة الزمة اقتصادية
ل تقتصر على قيم
ل تقتصر الزمة في الوليات المتحدة على قيم السهم بل تشمل السهم بل تشمل
القتصاد الحقيقي برمته فهي أزمة اقتصادية بدأت منذ عدة سنوات القتصاد الحقيقي
برمته فهي أزمة ول تزال في طور الستفحال .أنها ليست حكومية فقط بل تمتد
اقتصادية بدأت لتشمل الشركات والفراد .يمكن إبراز معالمها في النقاط التالية:
منذ عدة سنوات
-1العجز التجاري :منذ عام 1971لم يسجل الميزان التجاري أي ول تزال في طور
الستفحال"
34
فائض بل عجز يزداد سنويا ً وصل في عام 2006إلى 758مليار دولر .ويعود السبب
الساس إلى عدم قدرة الجهاز النتاجي خاصة السلعي على تلبية الستهلك.
-2عجز الميزانية :ل يزال العجز المالي مرتفعا ً حيث قدر في ميزانية عام 2008بمبلغ
410مليار دولر أي %2.9من الناتج المحلي الجمالي .بل شك يتعين الهتمام
بالتوازنات القتصادية وليس بالتوازنات المالية.
في الوليات المتحدة يغلب الطابع العسكري على النفقات العامة والطابع السياسي
على الضرائب .ل يهدف النفاق العام إلى التشغيل بقدر ما يهدف إلى تمويل العمليات
الحربية الخارجية .كما أن الضرائب تستخدم كوسيلة للحصول على أصوات الناخبين
بدل ً من الحصول على إيرادات لتمويل العجز المالي.
كما تعاني الوليات المتحدة من مشاكل اقتصادية أخرى في مقدمتها التضخم الذي
تجاوز %4والبطالة التي تشكل %5والصناعة التي تتراجع أهميتها والفقر وسوء
الخدمات التعليمية.
ل تقتصر خطورة الزمات المالية الميركية على إفقار المليين من الميركيين بل تمتد
لتشمل التأثير السلبي على الوضع القتصادي العالمي وقد يصل المر إلى الحتلل
العسكري.
أمام هذا الوضع المالي والقتصادي الميركي المتأزم يتعين على العرب أفرادا ً
وشركات وحكومات اتخاذ إجراءات سريعة للحفاظ على مصالحهم الحيوية في
مقدمتها سحب استثماراتهم من الوليات المتحدة.
وأصبح من اللزم على بلدان مجلس التعاون الخليجي التخلي عن الدولر كمثبت لقيم
عملتها المحلية أو على القل مراجعة القيم التعادلية لهذه العملت بما يتناسب مع
هبوط سعر صرف الدولر.
_____________________
باحث اقتصادي عراقي مقيم في فرنسا
35
الحل السلمي الستعجالي
خــالد الطراولي
36
37
ليس هذا نصا فكريا خالصا ول أدبيا ،ولكنه مساهمة ونداء ،تستدعي العقل والقلب
على السواء ..مساهمة من أجل الخروج من المأزق ،ونداء إلى أصحاب الختصاص
ورؤساء البنوك المركزية العالمية وإلى أصحاب القرار السياسي والقتصادي في
أوروبا وأميركا خاصة.
إن الزمة المالية الحالية تتجاوز منطق المعالجة الظرفية والنسبية ،تتجاوز منطق
التباطؤ والنتظار والمراهنة على عامل الوقت ،تتجاوز منطق الترقيع والترميم ،ولكنها
أعمق وأشد ،ولم يخطئ بعضهم في تشبيهها بأزمة 1929أو أشد كما يراها رئيس
الخزانة الميركية ،رغم بعض الختلف الجوهري.
38
السلع الستراتيجية ومشكلت الصلح القتصادي في مصر
التراجع الحكومي
الصلح الحقيقي
أسباب التراجع
أدى تخلي الحكومة المصرية عن السيطرة على السلع الستراتيجية لصالح القطاع
الخاص في إطار برنامج الخصخصة ،وعدم تدخلها لصلح وضبط سوقها كحد أدنى،
إلى حدوث خلل كبير بها مثلما يحدث في مادتي الحديد والسمنت اللتين شهدتا
ارتفاعات كبيرة وغير مسبوقة ،كما شهدت ممارسات خاطئة مثل الحتكار أو منافسة
غير عادلة أو وجود أسعار ل تمثل كفاءة وجودة المنتجات.
التراجع الحكومي
مع مطلع شهر أغسطس/آب الحالي نشرت الصحف المصرية تصريحات لوزيري
الستثمار والتجارة والصناعة في مصر تتحدث عن عزم الحكومة الدخول في مجال
الستثمار المباشر لنتاج الحديد والسمنت ،وأن هذه الستثمارات سوف تتوجه إلى
صعيد مصر ،وأنه قد تم الحصول على موافقات المجلس العلى للطاقة.
وتتمثل هذه الستثمارات في إنشاء مصنع لنتاج الحديد بتكلفة استثمارية قدرها 5.5
مليارات جنيه لنتاج نحو 1.5مليون طن سنويا ،والمصنع الخر حصلت على رخصته
إحدى شركات قطاع العمال العام لنتاج 1.5مليون طن سنويا وبتكلفة قدرها 1.6
مليار جنيه ،والمنطقة المزمع إقامته فيها هي محافظة قنا .ولقيت هذه الخطوة ارتياحا
لدى الشارع المصري الذي لمس فيها بادرة نحو إصلح سوق الحديد والسمنت.
39
لكن لم تمض أيام معدودات بل ساعات حتى خرج وزير التجارة والصناعة لينفي ما
نشر عن هذا التجاه الحكومي ،كما أن وزير الستثمار ذهب ليبرر تصريحاته بأنها مجرد
إعادة توظيف لفوائض شركات عامة وليس ضخ استثمارات جديدة ،وأن مصنع الحديد
قيد إعداد دراسة الجدوى التي ستنتهي في نوفمبر/تشرين الثاني القادم.
هناك نوع من التلبيس على العامة بشأن مفهوم الصلح ،فالصلح في معناه الحقيقي
هو تقويم المعوج والخروج من دائرة الخسارة إلى الربح ومن الحتكار إلى المنافسة.
الصلح الحقيقي
كان المفهوم الذي ترسخ لدى الكثيرين منذ تطبيق برامج وأجندة الصندوق والبنك
الدوليين أو التي اصطلح على تسميتها ببرامج الصلح القتصادي ،أنها
ليست وسيلة للتخلص من الستثمارات العامة لصالح القطاع الخاص بغض النظر عن
مردودها القتصادي والجتماعي .وقد حظى برنامج الخصخصة المصرية بكثير من
اللغط منذ بداية تطبيقه ،سواء لما اعتراه من عمليات فساد أو بيع لشركات رابحة ،أو
زيادة سيطرة القطاع الخاص على السواق وفرض شروطه على المستهلكين بما أدى
إلى زيادات غير مبررة في السعار.
في الحالة المصرية ،نجد أن دخول الحكومة عبر استثمارات عامة في مجال السلع
الستراتيجية مثل الحديد والسمنت قد تعرض للكثير من التعطيل والمماطلة ،وكان
ينبغي أن يتم في وقت مبكر ،بل يمكننا القول بأن الحكومة تبين لها خطؤها الن في
إقدامها على بيع حصتها في هذه القطاعات ،فقد خرجت تماما من مجال إنتاج الحديد
والسمنت وأصبحت تمتلك حصصا غير مؤثرة داخل هذه الشركات بعد أن كانت
هي الطرف المسيطر في السابق.
وقد تجلى لها سوء تقديرها في بيع هذه الشركات عندما رفضت شركات القطاع
الخاص العاملة في مجال السمنت الستجابة لمطلب وزير التجارة والصناعة بخفض
السعار أو تلبية احتياجات السوق المحلي أول ،وهو ما دعا الوزير فيما بعد إلى فرض
رسوم تصدير على كل طن تصل لنحو 180جنيها مصريا.
40
كما عمدت الحكومة في الفترة الخيرة إلى اتخاذ خطوات للغاء الدعم
المقدم للطاقة لهذه الشركات في ثلث سنوات ،ولكن هذه الشركات استطاعت أن
تلتف على هذه القرارات وحملت بها المستهلك المصري ،فارتفعت السعار في كل
من الحديد والسمنت ،وأصبح سعر طن الحديد يقارب نحو 9آلف جنيه مصري بعد
أن كان من قبل سنتين في حدود 5آلف جنيه ،وكذلك السمنت قفز سعره من نحو
300جنيه للطن إلى نحو 450جنيها للطن.
أسباب التراجع
هناك الكثير من الدللت التي يعكسها موقف الحكومة المصرية بتراجعها عن
الدخول في إنتاج الحديد والسمنت ،ومنها:
.1أن هناك ضغوطا خارجية تمارس على الحكومة المصرية بعد الولوج إلى مجال
النتاج لهذه السلع وتركها للقطاع الخاص ،وذلك وفق منهج سيطرة الليبرالية
القتصادية الحديثة والتي تتبناها العولمة ،من خلل إزالة العوائق أمام القطاع الخاص
أيا كانت والخروج التام للدولة من مجالت النتاج ،وأن ما سينشأ من مشكلت داخل
السواق سوف تحله آليات العرض والطلب من تلقاء نفسها .وهذا غير مقبول على
أرض الواقع ،فلو كان ذلك صحيحا لما تدخلت أميركا من قبل في فرض رسوم إغراق
على منتجات الحديد المستوردة من اليابان والتحاد الوروبي ،أو لسمح التحاد
الوروبي وأميركا برفع الدعم عن القطاع الزراعي بهما.
.2هناك نفوذ حقيقي يمتلكه لوبي رجال العمال في الدولة المصرية ،ووجودهم في
الهيئة التشريعية وعلى المسرح السياسي هو من قبيل تحقيق مصالحهم بالدرجة
الولى ،وهو المر الذي تجلى في إصدار العديد من التشريعات القتصادية والتي كان
آخرها التعديلت التي أدخلت على قانون تنظيم المنافسة ومنع الحتكار.
فزواج رأس المال والسلطة هو التوصيف الذي أطلق على توغل رجال العمال في
مؤسسات النظام ،خاصة في السلطتين التنفيذية والتشريعية .والمشكلة التي يكرسها
هذا الوضع أنه ل يضع حدودا فاصلة بين دور رجال العمال بحكم أنشطتهم
وممارستهم القتصادية وهذا النفوذ في ردهات النظام المصري ،فأصبح منهم الوزراء
ورؤساء مؤسسات اقتصادية عامة مثل جهاز حماية حقوق المستهلك أو جهاز تنظيم
المنافسة ،والتي من الواجب أن يتولها ناشطون من المجتمع
" الهلي ل تكون لهم مصلحة في التواجد على رأس هذه الجهزة.
كل من رجال
العمال والنظام كما شغل رجال العمال معظم المراكز الحساسة في مجلس
الشعب المصري من خلل رئاسة لجانه الفرعية أو شغل مناصب المصري يستقوي
بعضهم ببعض، وكلء هذه اللجان.
فرجال العمال
يحققون مصالحهم وخلصة القول في هذا الصدد إن كل من رجال العمال والنظام
الشخصية المصري يستقوي بعضهم ببعض ،فرجال العمال يحققون
والذاتية عبر مصالحهم الشخصية والذاتية عبر السيطرة على السواق وتعظيم
الثروة في ظل أضرار كبيرة تقع على أفراد الشعب المصري ،بينما السيطرة على
السواق وتعظيم النظام يستقوي بهم في توطيد بقائه.
الثروة في ظل
أضرار كبيرة تقع ورغم أن رجال العمال هؤلء ل يمثلون رصيدا شعبيا حقيقيا
على الشعب يمكنهم من مساندة النظام ،ولكن النظام يستعين بهم من أجل
المصري ،بينما تجميل صورته في الخارج خاصة أمام الغرب الذي يدعو لتبني
النظام يستقوي النموذج الليبرالي الرأسمالي.
بهم في توطيد
بقائه .3سوف يترسخ لدى رجل الشارع أن الصلح لم يعد ممكنا ،وأن
"
41
الحكومة سوف يقتصر دورها على مشاهدة هذا الماراثون لرتفاع السعار ،وأن دورها
الحالي يزكي أجواء المضاربة التي يشهدها سوق بيع الحديد والسمنت ،حيث شهدت
هاتان السلعتان طوابير طويلة على شبابيك الحجز بمنافذ البيع للشركات المنتجة،
وهذه المضاربة من شأنها أن تشيع حالة الفساد التي شهدتها أسواق أخرى مثل
العقارات وسوق الوراق المالية .واستمرار ابتعاد الحكومة عن الدخول في
الستثمارات العامة للسلع الستراتيجية ل يعني سوى مساعدة القطاع الخاص على
ممارسة الحتكار والمنافسة غير العادلة.
.4إن وجود فوائد لدى شركات قطاع العمال العام أمر إيجابي واستثماره في نشاط
إنتاجي يصنع فرص عمل ويحقق قيمة مضافة هو التجاه الصحيح ،في ظل تزايد العجز
بالموازنة العامة للدولة والتي تستقطب كافة المبالغ المتحصلة من عوائد الشركات
العامة وعوائد البترول وقناة السويس وغيرها ،ومع ذلك يظل هناك عجز مزمن ،خاصة
أن الستثمارات العامة بالموازنة -ومنذ تطبيق برنامج الصلح القتصادي -لم تتعد
نسبة % 10من حجم النفاق العام ،وفي مجملها تنصرف إلى الحلل والتجديد
وأعمال الصيانة ول تتجه لنشاء مشروعات جديدة.
42
وحيد محمد مفضل
فالواضح والجلي في هذه المسألة أن جميع الدول -بما في ذلك أسياد النفط في
الشرق الوسط -قد تضررت من جراء ذلك وبدرجات متباينة.
أوجه الضرر كثيرة ،بعضها واقع بالفعل ،وبعضها الخر متوقع في المستقبل المنظور.
من الضرار الواقعة ،تلك الموجة القاسية من الغلء العالمي ،التي لم ينج منها غني أو
فقير في أي بقعة من الرض ،والتي اضطر معها كثير من الدول ومنها دول بترولية
إلى رفع معدلت الجور ،وزيادة نسبة الدعم ،مما يعني انخفاض هامش الربح من
فروق أسعار النفط إلى الحد الدنى ،ناهيك عما أثاره الرتفاع المطرد في أسعار
السلع الساسية في هذه الدول من ارتفاع نسبة التضخم ومن إضرابات متتالية وتزايد
السخط العام ،وغيرها من علمات الضطراب وعدم الستقرار.
من الضرار المنظورة ،قرب زوال عرش النفط نتيجة إصرار وتكالب الدول الصناعية
الكبرى على إيجاد مصادر بديله للطاقة ،تقيها تقلبات سوق النفط وأسعاره الملتهبة،
وتجنبها كذلك تحكم مصدريه في سوق الطاقة العالمي.
تضاف إلى هذا حقيقة أخرى نافذة تتعلق بمستقبل النفط ذاته ،وهي قرب نفاد
43
القتصاد الفلسطيني ومعضلة العتماد على الخارج
ماجد كيالي
كيان بل موارد
توسيع التزامات السلطة
الرتهان للدول المانحة
أثارت وقائع وتفاصيل الحصار السرائيلي على قطاع غزة ،وقبله ومعه قيام إسرائيل
بعزل المناطق الفلسطينية في الضفة الغربية ،والتضييق على الحركة فيها ،معضلة
اعتمادية الكيان الفلسطيني الناشئ على الخارج ،وبينت مدى العطب في القتصاد
الفلسطيني ،والقيود المفروضة على استقللية الكيان الفلسطيني ،في كل المجالت،
وأهمها المجال القتصادي.
وعلى الصعيد الخارجي باتت هذه السلطة رهينة متطلبات الدول المانحة في عديد من
القضايا السيادية ،وضمنها إنهاء المقاومة والعنف )محاربة الرهاب بالمصطلحات
السرائيلية( ،وإدخال تغييرات على شكل السلطة ،وعلقاتها الداخلية ،تحت بند ما
يعرف بإصلح المؤسسات الفلسطينية.
كيان بل موارد
افتقد كيان السلطة الفلسطينية منذ قيامه ،بموجب اتفاق أوسلو ) (1993الموارد
الساسية ،وبدا واضحا أنه سيعتمد في معظم حاجاته الساسية على موارده من
إسرائيل )الكهرباء والمياه والمحروقات والمواد التموينية والصيدلنية ومواد البناء(،
كما سيعتمد في تغطية نفقاته على المساعدات المالية ،التي تأتي من ما بات يعرف
بالدول المانحة )أي الداعمة لعملية السلم بين الفلسطينيين وإسرائيل( ،إضافة إلى
القتطاعات الضريبية ،التي تجبيها إسرائيل ،عن السلع الداخلة لمناطق السلطة.
44
" وكان مؤتمر باريس القتصادي ،الذي عقد أواخر العام الماضي )
افتقد كيان (2007وشاركت فيه 68دولة وعشرون منظمة ومؤسسة دولية،
السلطة أكد بشكل واضح مدى تبعية الكيان الفلسطيني للتمويل الخارجي،
الفلسطينية منذ ما تمثل بتعهد الدول والجهات المشاركة بتقديم مبلغ قدره 7.4
قيامه الموارد مليارات دولر ،على ثلث سنوات للسلطة ،في حين أن القيادة
الساسية واعتمد الفلسطينية كانت تأمل تحصيل أقل من ذلك بمليارين من
في معظم حاجاته الدولرات )!( .ومثل ،فقد وعدت الوليات المتحدة تقديم 555
على إسرائيل مليونا ،وبريطانيا 500مليون ،والتحاد الوروبي 640مليونا ،وكندا
موردا للكهرباء 360مليونا ،في حين تعهدت كل من فرنسا وألمانيا والسويد
والوقود والمواد وإسبانيا بتقديم 300مليون دولر ،كل على حدة ،ومن الدول
الصيدلنية العربية ،مثل ،فقد تعهدت السعودية بتقديم مبلغ 500مليون دولر،
والتموينية واعتمد والمارات العربية المتحدة 300مليون دولر والكويت 300مليون
كذلك على الدول دولر.
المانحة المعضلة هنا ل تكمن فقط في واقع أن السلطة الفلسطينية لم
تستطع تنمية مواردها الذاتية ،بسبب المعيقات والحصارات
" والممارسات التقييدية والتخريبية ،التي انتهجتها إسرائيل ضدها
وضد المجتمع الفلسطيني ،في الضفة والقطاع المحتلين ،خصوصا
في السنوات السبع الماضية .فإضافة إلى ما تقدم فإن هذه السلطة لم تعمل كما
يجب ،طوال المرحلة الماضية
45
)أي منذ قيامها عام ،(1994من أجل تنمية مواردها الذاتية.
جهت ،وربماعلى العكس من ذلك فإن السلطة ،وتحت ضغط اعتبارات غير مهنية ،تو ّ
اضطّرت ،لتوسيع التزاماتها بتضخيم جهاز الموظفين لديها ،وضمن ذلك الموظفين في
الجهزة المنية ،لعتبارات سياسية واجتماعية واقتصادية ،تتعلق ،أول ،باستيعاب
العداد الكبيرة من المنضوين في العمل الفصائلي في مرحلة ما قبل قيام السلطة.
وثانيا ،لمتصاص القادمين الجدد من المجتمع الفلسطيني في الضفة والقطاع إلى
سوق العمل .وثالثا ،لتأمين متطلبات عيش أكبر قطاع من الفلسطينيين.
سر كيف أن السلطة باتت منشغلة ،ومنهكة ،ومرتهنة في سعيها ولعل كل ذلك يف ّ
لتأمين رواتب حوالي 160ألف موظف 81 ،ألفا منهم في القطاعات الحكومية
الوظيفية والخدمية ،والباقي )نصفهم تقريبا!( في الجهزة المنية ،لعدد سكان يناهز
3.5مليين فلسطيني في الضفة والقطاع )بحسب البيانات الرسمية للسلطة
الفلسطينية ،حتى يونيو ،(2006بمعنى أنه ثمة موظف لكل 24من الفلسطينيين
عموما ،وبالتفاصيل فثمة موظف مدني ،وموظف أمني ،لكل 50منهم ،وهو عدد كبير،
ومكلف جدا ،بمختلف المقاييس ،وللقطاعين المدني والمني.
وتفيد بيانات وزارة المالية الفلسطينية ،للعام ،2006بأن كتلة الرواتب والجور ،في
السلطة ،تعادل مبلغا قدره 1.2مليار دولر تقريبا )بمبالغ قدرها 678.19مليون دولر
للمدنيين ،و 502.81مليون دولر للعسكريين( ،وذلك من أصل إجمالي النفقات البالغ
قدره 1.6مليار دولر ،تقريبا ،في حين أن صافي اليرادات المحلية )الضريبية وغير
الضريبية( لم تزد عن 351.60مليون دولر.
" وتكشف هذه المعطيات حجم العبء التمويلي الكبير الواقع على
تتحمل السلطة كاهل السلطة ،حيث أن الكتلة الكبر من الموازنة تذهب للرواتب
الفلسطينية عبئا والجور ،وليس للنفاق على الخدمات أو الستثمارات ،كما يبين
ذلك ضعف موارد السلطة المحلية ،واعتماديتها العالية على تمويل ماليا كبيرا بسعيها
لتأمين رواتب نفقاتها من الموارد الخارجية.
وأجور نحو 160
ألف موظف مدني ويمكن الستنتاج من كل ما تقدم أن السلطة الفلسطينية باتت
وعسكري بمثابة معيل كبير للمجتمع الفلسطيني ،بدل من أن يقوم هذا
المجتمع بتمويل سلطته ،أو تأمين الجزء الكبر من موارد دولته
" المفترضة ،التي يّتضح
أنها تفتقد المكانيات الذاتية اللزمة لقيامها واستمرارها وتطورها.
ول شك أن هذا الوضع يخلق تداعيات ،كبيرة وخطيرة ،على الخيارات السياسية
للسلطة ،التي باتت أمام شعبها مطالبة بالشيء ونقيضه ،فهي مطالبة بالستمرار
46
بتقديم مستحقات "العالة" الشهرية ،من جهة ،ومطالبة بالستمرار بمواجهة الملءات
الخارجية ،وضمنها السرائيلية ،التي ل تتلءم مع الحقوق الفلسطينية ،بشكلها الناجز،
من جهة أخرى.
وعلى الصعيد الخارجي باتت هذه السلطة رهينة متطلبات الدول المانحة في عديد من
القضايا السيادية ،وضمنها إنهاء المقاومة والعنف )محاربة الرهاب بالمصطلحات
السرائيلية( ،وإدخال تغييرات على شكل السلطة ،وعلقاتها الداخلية ،تحت بند ما
يعرف بإصلح المؤسسات الفلسطينية.
النكى أن هذه السلطة ،باعتبارها مازالت في موقع حركة التحرر الوطني ،مطالبة
بالستمرار بمقاومة الحتلل السرائيلي ،واحتضان مقاومة شعبها لهذا الحتلل،
ومطالبة أيضا بمواجهة الملءات السياسية السرائيلية في عملية المفاوضات ،ومع
هذا وذاك ،فهي معنية ،بنفس الوقت ،باستمرار العلقة الشكالية والمتداخلة مع
إسرائيل ،التي مازالت تسيطر على مختلف أوجه الحياة في الكيان الفلسطيني،
بسيطرتها على الحدود الخارجية ،والمعابر من وإلى الراضي الفلسطينية ،ومن وإلى
الضفة والقطاع ،وبالنسبة لتحكمها بالواردات والصادرات ،إلى الراضي المحتلة،
وبالنسبة إلى كونها مسؤولة عن إمدادات هذه الراضي بالمواد الساسية ،من المياه
إلى الكهرباء إلى المحروقات.
" وبالنسبة لقطاع غزة ،مثل )والحال في الضفة ليست أفضل بكثير(
باتت السلطة فإن إسرائيل تتحكم بمعظم إمداداته من الكهرباء والطاقة والمواد
الفلسطينية رهينة التموينية والطبية ،كما تتحكم بالنشاط التجاري وبحركة الناس على
متطلبات الدول المعابر ،إلى الضفة أو إلى مصر .فهي مثل ،تزّود القطاع بما يعادل
المانحة في عديد %80من التيار الكهربائي و %100من الوقود و %70من الماء و
من القضايا %100من الوقود الذي يشغل المحركات الكهربائية ،التي تشغل
السيادية ،وضمنها بدورها آليات رفع الماء من البار الرتوازية.
إنهاء المقاومة ويبدو أن "حماس" عندما أخذت الحكومة ،ثم عندما هيمنت على
والعنف )محاربة قطاع غزة ،لم يكن بحسبانها هذا الوضع المعقد ،ولم تهيئ نفسها
الرهاب للتعامل معه ،فليس ثمة موارد مالية لتغطية الرواتب ،وثمة
بالمصطلحات اعتمادية عالية على المدادات التي تأتي من إسرائيل )الكهرباء
السرائيلية(، والطاقة والمياه( ،فضل عن أن إسرائيل تتحكم بكل واردات السلع
وإدخال تغييرات للراضي المحتلة.
على شكل
السلطة ،وعلقاتها ومعلوم أنه كلما تقلصت قدرة كيان ما ،أو دولة ،عن تأمين مواردها
الداخلية ،تحت بند الذاتية ،وكلما زادت اعتماديتها على الموارد الخارجية ،كلما تهيأت
ما يعرف بإصلح مسبقا للتفريط بجزء من سيادتها ،والخضوع للملءات الخارجية.
المؤسسات فمن البديهي أن تقّيد كل هذه المتطلبات والرتهانات السلطة،
الفلسطينية وتضعها في وضع إشكالي وحرج على كافة الصعد الداخلية
والخارجية ،وفي مواجهة إسرائيل ،بغض النظر عن حقيقة توجهاتها
" أو خياراتها أو رغباتها.
وربما أن الخطر من ذلك أن هذه الحوال شوشت على طبيعة القضية الفلسطينية،
بتحولها من حركة تحرر وطني من الستعمار والستيطان الصهيوني ،إلى مجرد حركة
تتطلع لتأمين متطلبات العيش لشعبها .وتحويل القضية الفلسطينية من قضية سياسية
إلى قضية اقتصادية ،وتحويل الهتمام من مسألة إنهاء الحتلل إلى مسألة تأمين لقمة
العيش للفلسطينيين ،بغض النظر عن حقوقهم السياسية والوطنية.
لكن ما يجب النتباه إليه هنا ،هو أن التحول في هذه التجاهات ل ينم عن جهل ،أو عن
تناس ،وإنما ضمن رؤية مفادها ،أن تحويل الفلسطينيين ،من الناحية السياسية،
يفترض إيجاد تحولت راسخة في بيئتهم الثقافية والجتماعية ،وخلق ظروف حياة
47
التقرير القتصادي العربي :تحديات كبيرة تواجه القتصاد
العربي
عرض -
كما يخصص التقرير فصل للقتصاد الفلسطيني ,بالضافة إلى ثلثة عشر ملحقا ً
إحصائيا ً تفصيليا ً وبيانيا ً عن الوضاع القتصادية في عام .2006
ويذكر التقرير في البداية مجموعة من الرقام المهمة منها أن المساحة الكلية للوطن
العربي تبلغ 14.2مليون كم ,2بما نسبته %10.2من المساحة الكلية للعالم ,وبلغ
عدد السكان العرب في 318.3 ,2006مليون نسمة بنسبة %4.8من سكان العالم,
وبلغ معدل البطالة ,%15وبلغت نسبة الحتياطي النفطي المؤكد %57.6من
الحتياطي العالمي ,وفي الغاز ,%29.5كما بلغ إنتاج البترول العربي 23مليون
برميل يوميًا ,وبلغت عوائد الصادرات النفطية 419.1مليار دولر ,في الوقت الذي
بلغ فيه الدين العام الخارجي للدول العربية المقترضة 137مليار دولر ,فوائدها
السنوية 27.7مليار دولر.
أداء جيد
يقول التقرير إن القتصاد العالمي واصل أداءه الجيد خلل عام ,2006حيث بلغ
معدل النمو الحقيقي للناتج المحلي العالمي %5.4مقارنة بنحو %4.9في عام
,2005وهو العلى خلل العوام الخمسة الماضية.
وساهمت في هذا الداء القتصادات الوروبية ,واستمرار اقتصاد الوليات المتحدة في
أدائه الجيد ,بالرغم من تراخي الطلب المحلي الذي عززه النمو الملحوظ في
الصادرات ,كما تحسن أيضا ً أداء القتصاد الياباني.
كذلك استمرت الدول النامية في تحقيق معدلت نمو عالية ,وبوجه خاص كل من
الصين والهند اللتين حققتا معدلت نمو بلغت %10.7و %9.2على التوالي خلل عام
.2006
وقد انعكست التطورات القتصادية العالمية على اقتصادات الدول العربية من خلل
النمو القتصادي العالمي المرتفع ,والتغيرات في أسعار النفط ونمو التجارة الدولية
والتدفقات المالية والرأسمالية ,فمثل ً كان لستمرار ارتفاع السعار في سوق النفط
العالمية أثر إيجابي بشكل مباشر على اقتصادات الدول العربية المصدرة للنفط للعام
48
الثالث على التوالي.
وقد حققت هذه الدول معدلت نمو جيدة صاحبها ارتفاع الفوائض المالية ,كما تأثرت
الدول العربية غير النفطية بشكل غير مباشر من خلل زيادة التحويلت التي ترسلها
العمالة العربية الوافدة إلى دولها ,وزيادة تدفقات الستثمارات البينية في مختلف
القطاعات النتاجية ,وزيادة حركة السياحة القليمية.
غير أن ارتفاع أسعار النفط زاد من عجز ميزان المدفوعات لدى الدول العربية
المستوردة للنفط ,وبالتالي زاد من معدلت التضخم لديها.
49
"
سجلت معظم زيادة السعار
ويشير التقرير إلى أن ارتفاع أسعار النفط العالمية ,أدى إلى زيادة الدول العربية
الناتج المحلي الجمالي للدول العربية من 1092مليار دولر في اتجاهات تصاعدية
لمعدلت التضخم عام 2005إلى 1276مليار دولر في ,2006وحققت الدول
في أسعار العربية معدلت نمو حقيقية تقدر بحوالي .%5.7
المستهلك بسبب
ارتفاع حجم وفي الوقت نفسه سجلت معظم الدول العربية اتجاهات تصاعدية
الطلب المحلي لمعدلت التضخم لسعار المستهلك ,بسبب ارتفاع حجم الطلب
وزيادة أسعار المحلي وزيادة أسعار الواردات.
الواردات
" ويتميز الوضع السكاني في الدول العربية بارتفاع معدلت
الخصوبة ,يصاحبه انخفاض سريع في معدلت الوفيات ,مما أدى
إلى اتساع القاعدة الفتية من السكان ,إذ تشكل الفئة العمرية القل من 15عاما
حوالي %35.8من إجمالي السكان العرب ,بينما تمثل الفئة العمرية )من 15إلى
65عاما( وهم الناشطون اقتصاديًا ,أكثر من نصف عدد السكان.
تحديات كبيرة
ويؤكد التقرير أن التحديات القتصادية والجتماعية التي تواجه الدول العربية في
مجملها ل تزال كبيرة ,ومن أهمها توفير فرص عمل جديدة لستيعاب العداد
المتزايدة من العاطلين عن العمل ,وتحقيق قفزة في مجالت التعليم والبحث العلمي
والبتكار وتحسين استغلل الموارد ,وتعظيم استفادة الدول النفطية من الفوائض
المالية المتزايدة التي تحققها ,من خلل توجيهها نحو الستثمارات المنتجة في
القطاعات النفطية وغير النفطية.
كما يتطلب ذلك من الدول غير النفطية توفير البيئة القتصادية والتجارية المواتية
لتحسين مردود الستثمار المحلي والجنبي بما يساهم في تحقيق استدامة النمو ورفع
مستوى المعيشة.
ويشير التقرير إلى أنه على الرغم من ارتفاع الناتج الزراعي للدول العربية إلى
حوالي 79.3مليار دولر في عام 2006أي بزيادة %13.4عن السنة السابقة ,فقد
انخفضت نسبته في الناتج المحلي إلى %6.2بدل ً من ,%6.4وارتفعت الصادرات
الزراعية إلى 10.7مليارات دولر في عام 2005في حين ارتفعت الواردات الزراعية
إلى 35.3مليار دولر.
وبالتالي أصبح العجز حوالي 24.6مليار دولر سنويًا ,فأدى الستمرار في التفاوت
بين معدلت نمو النتاج الزراعي من السلع الغذائية ,وتزايد الطلب عليها ,إلى تحقيق
الدول العربية كمجموعة تراجعا ً في نسبة الكتفاء الذاتي في عدد من السلع الغذائية
الرئيسية وفي مقدمتها الحبوب والدقيق والشعير واللحوم.
وفي المقابل اقتربت محاصيل أخرى من الكتفاء الذاتي ,وهى البيض والفواكه
والبطاطس ,في حين تحقق اكتفاء ذاتي في الخضراوات والسماك.
القطاع الصناعي
استمر تحسن أداء القطاع الصناعي للعام الرابع على التوالي نتيجة لرتفاع أسعار
النفط العالمية ,وارتفع الناتج الصناعي العربي إلى نحو 632.8مليار دولر في عام
,2006محققا نموا ً قدره %20.4وارتفعت مساهمة القطاع الصناعي في الناتج
المحلي الجمالي إلى ,%49.5وتضاعف ناتج الصناعات الستخراجية ثلث مرات منذ
عام .2002
ويقدر عدد العاملين في القطاع الصناعي بنحو 19.2مليون عامل يشكلون حوالي
50
النموذج السلمي في دائرة المال والقتصاد
ت
ب
ر
ز
أ
ه
م
ي
ة
ا
ل
ه
ن
د
س
ة
51
ا
ل
م
ا
ل
ي
ة
ك
أ
د
ا
ة
م
ن
ا
س
ب
ة
ل
إ
ي
ج
ا
د
52
ح
ل
و
ل
م
ب
ت
ك
ر
ة
و
أ
د
و
ا
ت
م
ا
ل
ي
ة
ج
د
53
ي
د
ة
ت
ج
م
ع
ب
ي
ن
م
و
ج
ه
ا
ت
ا
ل
ش
ر
ع
ا
ل
54
ح
ن
ي
ف
و
ا
ع
ت
ب
ا
ر
ا
ت
ا
ل
ك
ف
ا
ء
ة
ا
ل
ا
ق
ت
55
ص
ا
د
ي
ة
.
ل
ذ
ل
ك
ت
ح
ت
ا
ج
ا
ل
م
ؤ
س
س
ا
ت
ا
56
ل
م
ا
ل
ي
ة
ا
ل
إ
س
ل
ا
م
ي
ة
د
و
م
ا
إ
ل
ى
ا
ل
57
ا
ح
ت
ف
ا
ظ
ب
ت
ش
ك
ي
ل
ة
م
ت
ن
و
ع
ة
م
ن
ا
ل
أ
58
د
و
ا
ت
و
ا
ل
م
ن
ت
ج
ا
ت
ا
ل
م
ا
ل
ي
ة
ت
م
ك
ن
ه
59
ا
م
ن
إ
د
ا
ر
ة
س
ي
و
ل
ت
ه
ا
ب
ص
و
ر
ة
م
ر
ب
60
ح
ة
،
ب
ا
ل
إ
ض
ا
ف
ة
إ
ل
ى
ت
و
ف
ي
ر
ه
ا
ل
ل
م
61
ر
و
ن
ة
ا
ل
م
ن
ا
س
ب
ة
ل
ل
ا
س
ت
ج
ا
ب
ة
ل
م
ت
غ
62
ي
ر
ا
ت
ا
ل
ب
ي
ئ
ة
ا
ل
ا
ق
ت
ص
ا
د
ي
ة
.
تبرز أهمية الهندسة المالية كأداة مناسبة ليجاد حلول مبتكرة وأدوات مالية جديدة تجمع بين موجهات الشرع
الحنيف واعتبارات الكفاءة القتصادية.
لذلك تحتاج المؤسسات المالية السلمية دوما إلى الحتفاظ بتشكيلة متنوعة من الدوات والمنتجات المالية
تمكنها من إدارة سيولتها بصورة مربحة ،بالضافة إلى توفيرها للمرونة المناسبة للستجابة لمتغيرات البيئة
القتصادية.
63
وفي هذه الفترة بالذات والتي شهد فيها العالم تغيرات جذرية هائلة تمثلت في تغير أسلوب إدارة الموارد
القتصادية إلى النمط القتصادي الحر ،إلى جانب ترابط أسواق التمويل الدولية بفعل ثورة التصالت
وتكنولوجيا المعلومات ،فإن ذلك يفرض ضغوطا تنافسية حادة قد تكون غير متكافئة بالنسبة للمؤسسات
المالية السلمية ،وبالذات في أسواق التمويل والخدمات المصرفية والمالية.
ويستدعي ذلك بالضرورة تطوير منتجات مالية إسلمية مستحدثة تضمن للمؤسسات قدرا من المرونة ونصيبا
سوقيا وارفا بساعدها على الستمرار بفعالية.
حيث أن الهندسة المالية السلمية هي وسيلة للبداع والتطوير وإيجاد المنتجات السلمية البديلة للمنتجات
التقليدية ،وهذا يتطلب توفر القدرة على إيجاد المنتجات البديلة للتقليدية ،في بيئة تفتقر إلى محفزات البداع،
بالضافة إلى ندرة الفراد المبدعين ،والحاجة إلى ثقافة المؤسسات الكمالية السلمية وتفهمها للبداع،
ومدى اهتمامها بعمليات البحوث والتطوير ،ومدى إلمام المبدعين المختصين بالمفاهيم الشرعية التي من
شانها تعزيز البداع الصيل.
حيث أن التقليد هو البديل الوحيد للبداع في غياب الهندسة المالية السلمية وعجز المؤسسات المالية عن
ابتكار وتطوير منتجات مالية إسلمية تنافس نظيراتها التقليدية ،ولكن في المقابل يجب عدم تحميل
المؤسسات المالية السلمية ما ل تحتمل.
تحتاج السوق المالية السلمية إلى مؤسسات مالية متطورة تستفيد من نتائج الهندسة المالية وفق المنهج
السلمي في إبداع وابتكار الطرق والعميلت التمويلية التي تضمن لهذه المؤسسات المالية التميز في تقديم
منتجاتها المالية ،وتحقق لها التفوق والسبقية على المؤسسات المالية التقليدية ،هذا من جهة ومن جهة
أخرى ضمان تدخل فعال لهذه المؤسسات المالية في هذه السواق ،سواء من خلل التحوط أو إدارة المخاطر.
* المحدد الول:
اللتزام بشرط المشاركة في الربح أو الخسارة في نص واضح وكامل ل يقبل التأويل ،وذلك على أساس
64
القواعد الشرعية المعمول بها في عقود المضاربة والمشاركات.
* المحدد الثاني:
أن ل يعاد دفع الموارد المعبأة عن طريق الوراق والدوات المالية التي أصدرت على أساس التخلي عن شرط
الفائدة الربوية إلى مؤسسات وشركات تتعامل بنظام الفائدة في كل تعاملتها ،كما أنه ل يجوز استثمار
الموارد النقدية للوراق والدوات المالية السلمية في مشروعات تدر عوائد متفق عليها مقدما على سبيل
التأكيد.
* المحدد الثالث:
ضرورة استثمار الموارد التمويلية للوراق في مشروعات لها أولويات واضحة في مجال المصلحة العامة
للمجتمع السلمي.
يمكن أن يكون لصناعة الهندسة المالية عدة مداخل ،وتتعدد تبعا للطرق الممكن استخدامها من طرف
المؤسسات السلمية في إقامة هذه الصناعة ،ومن هذه المداخل ما يلي :
والذي يعني أن يتم سلفا تحديد النتيجة المطلوبة من منتج صناعة الهندسة المالية السلمية ،وهي عادة ل
تخرج عن نفس النتيجة التي يحققها منتج صناعة الهندسة المالية التقليدية.
ويعني هذا المدخل البحث عن الحتياجات الفعلية للعملء والعمل على تصميم المنتجات المالية المناسبة لها،
بشرط أن تكون متوافقة مع مبادئ الشريعة السلمية ،وهذا المنهج يتطلب دراسة مستمر لحتياجات العملء
ومتطلباتهم والعمل على تطوير الساليب التقنية والفنية اللزمة لها ،وذلك لضمان الكفاءة القتصادية
للمنتجات المالية ،كما يتطلب وضع أسس واضحة لصناعة هندسة مالية إسلمية مستقلة عن الهندسة المالية
التقليدية.
* الوعي ) وعي بالسوق وأحواله ( :ونقصد به أن تكون الحاجات التي يتطلبها السوق معروفة لمن يقوم
بالبتكار والتطوير للدوات والوراق المالية.
* الفصاح ) بيان المعاملت وشفافيتها ( :أي بيان المعاملت التي يمكن أن تؤديها تلك الدوات التي يتم
ابتكارها أو حتى تطويرها ،وذلك لسد الثغرات التي يمكن أن ينفذ منها المضاربون لستخدام تلك الدوات
لتحقيق غايات لم تكن تهدف إليها أصل أو التحايل على الربا أو القمار.
* المقدرة واللتزام بالشريعة السلمية في التعامل :أي وجود مقدرة رأسمالية تمكن من الشراء والتعامل،
وكذا اللتزام بضوابط شرعية.
65
ويقصد بالستحسان هو ما يستحسنه المجتهد بعقله من دون تواجد لنص يعارضه أو يثبته ،بل يرجع فيه إلى
الصل العام ،وهو جريان المصالح التي يقرها الشرع.
أما المصالح المرسلة فمعناها الخذ بكل أمر فيه مصلحة يتلقاها العقل بالقبول ،ول يشهد أصل خاص من
الشريعة بإلغائها أو اعتبارها ،وتختلف هذه المصالح باختلف البلد وباختلف القوام والشخاص ،وحتى
اختلف أحوال الشخص الواحد.
#المصداقية الشرعية :وهي أن تكون المنتجات السلمية متوافقة مع الشريعة ،حيث أن هذه المنتجات
هي ترجمة عملية للقيم والمثل التي جاء بها السلم ،فبدون هذه المنتجات تظل المبادئ حبرا على ورق ول
رصيد لها من الواقع.
#الكفاءة القتصادية.
#العلقة بين الكفاءة القتصادية والمصداقية الشرعية.
لكل نظام متطلباته المؤسسية والبنوك السلمية ليست استثناء فهي تحتاج غلى عدد من المؤسسات
والترتيبات الداعمة بغية القيام بوظائفها المتعددة.
وتحاول مؤسسات العمل المصرفي السلمية الستفادة من الطار المؤسسي الذي يدعم العمل المصرفي
التقليدي ،لكنها تعاني من انعدام الدعم المؤسسي الذي يوظف خصوصا لخدمة احتياجاتها.
وضعت قوانين التجارة والمصارف والشركات في معظم البلدان السلمية على النمط الغربي ،وتحتوي هذه
القوانين أحكاما تضيق من مدى نشاطات العمل المصرفي وتحصره في حدود تقليدية.
الشراف على البنوك السلمية مهم بنفس درجة أهميته للبنوك التقليدية ،وفي الوقت الراهن فإن عدم وجود
إطار إشرافي فعال يعتبر أحد نقاط ضعف للنظام القائم ويستحق اهتماما جادا.
وهناك حاجة لتنسيق وتقوية الدوار التي تضطلع بها كل من هيئات الرقابة الشرعية والبنوك المركزية في
الدول السلمية.
تنقسم المعاملت المالية السلمية إلى نوعين يقوم أحدهما على رسم ثابت على رأس المال ويستند الخر إلى
تقاسم الرباح ،ويوفر النوعان كلهما التمويل من خلل شراء وبيع سلع حقيقية بينما تقوم المعاملت المالية
التقليدية على تسليف الموال مقابل رسم ثابت ) فائدة (.
مشكلة أخرى يسببها انتشار صيغ التمويل القائمة على أساس الدين ،وهي صعوبة تحويل هذه الصيغ
66
التمويلية إلى أدوات مالية يمكن التفاوض بشأنها.
الكتابة والشهاد والرهن لحل مشكلت التوثيق الذي يستلزمه الئتمان. •
شركات الموال )عنان ومفاوضة( لتحل مشكلة الحاجة إلى حجم التمويل الكبير. •
شركة المضاربة لتحل مشكلة الحاجة المتبادلة بين العمل والمال. •
• عقد البيع الذي ارتضاه المولى تعالى حل لنتقال العواض استجابة لحاجة المتبادلين إلى العيان
سجل للسلم اهتمامه بعقد البيع وضبطه له على نحو معجز تتصاغر عنده كل معطيات الفكر والثمان ،وي ّ
الوضعي.
67
البيع الجل والبيع مّنجم الثمن لحل مشكلة نقص السيولة آنيًا. •
سلم ليحل مشكلة تمويلية وتسويقية بتعجيل الثمن وتأجيل المثمن .وتاليًا جاء السلم الموازي ليؤمن
• بيع ال ّ
كفاءة ذلك عند وجود الطرف الثالث.
• قبولها لمبدأ تسهيم رأس المال )تجزئته( لحل مشكلت حجم التمويل الكبير ،وحل مشكلة السيولة بتأمين
التداول في السواق المالية.
• تحويل جهة اللتزام ومكان إبرائه بواسطة الحوالت أو السفاتج والكمبيالت ،فالدين في السلم علقة
مالية ل شخصية ،ومن أحيل على مليء فليتبع.
الوكالة التي تقيم الوكيل الملتزم محل الصيل الذي يوكله في الحدود التي يرتضيانها مما أقره الشارع. •
الكفالة التي تضم ذمة الغير الخالية من اللتزام إلى ذمة الملتزم تعضيدًا لها وتدعيمًا للمعاملت المالية. •
• رقاع الصيارفة أو السندات الذنية ،التي توثق إقرارًا بمديونية محددة وتعهدًا بسدادها لحامل الرقعة أو
السند ،في تنميط لعلقة ثنائية بين الدائن )حامل الرقعة( والمدين )محررها(.
• الصك أو ما صار يعرف اليوم بالشيك ،وهو أمر من المالك إلى المستودع بدفع مبلغ للمستفيد ،في تنميط
لعلقة ثلثية أطرافها المحرر )المحيل( والمستفيد )المحال( والمكلف )المحال عليه( أو المسحوب عليه.
ومثال ما تقدم ما تعامل به عبد ال بن الزبير وأخوه مصعب رضي ال عنهما من رقاع وصكوك .هذا ويلحظ
أن هذه الدوات هي بمثابة البكرات في عالم الفيزياء الحركية وظيفتها توفير المرونة الكافية للتعامل مع
اللتزامات ضمن القواعد العامة للمعاملت السلمية لجهة ضبط ذمة اللتزام أو تاريخه أو مكان إبرائه.
• الكوبونات الجرية أو صكوك الطعام التي عرفتها الدولة السلمية إذ كانت تخصص لموظفيها
العموميين :أجورهم معّرفة بكميات معلومة من صنوف معلومة من الطعام تغلبًا على مشكلة نقص السيولة.
• ومن الحلول المالية العملية والتي تبنتها كل المصارف التقليدية والسلمية ،ما كان يفعله عبد ال بن
الزبير رضي ال عنه إذ كان يقبل المال من الناس على أنه قرض ل وديعة تحقيقا لمشروعية الضمان
ولمشروعية الربح الذي يتولد عن التصرف به.
• واستحدث الحنفية عقد الستصناع وأفردوه عن السلم وخصوه بشروط وقيود تحقيقا لمقاصد إنتاجية
وتمويلية.
• كما عرفت الهندسة المالية المعاصرة صناديق الستثمار والصكوك الستثمارية ،ومشروعيتها تقّيد
بالبعاد العقدية التي تحكم أطرافها أوًل ،وبطبيعة نشاطها ثانيًا وبمآلت التعامل بها ثالثا ،ول شك أن وجودها
يّمكن المستثمر من خفض المخاطر بتنويع مروحة أصوله.
• ومن الدوات المستحدثة التي تبنتها الهندسة المالية السلمية المعاصرة ،عقود الجارة التمويلية
والجارة المنتهية بالتمليك وصكوك الجارة الموصوفة في الذمة ،وهي أدوات ينبغي أن تّمحص مبانيها
العقدية أول ثم ينظر في مآلت تطبيقها ثانيا.
تعددت آراء الخبراء المتخصصين في الصيرفة السلمية في مفهوم الهندسة المالية السلمية ،وكيفية
استخدامها من قيل المصارف السلمية ،وخاصة في طل المتغيرات القتصادية الحالية ،وفيما يلي بعض آراء
هؤلء الخبراء :
68
#الخبير المالي الدكتور سامي السويلم نائب رئيس معهد البحوث والتدريب في البنك السلمي للتنمية :
عرف السويلم الهندسة المالية ]أنها مفهوم قديم قدم المعاملت المالية ،أي أنها عبارة عن التصميم والتطوير
والتنفيذ لدوات واليات مالية مبتكرة ،والصياغة لحلول إبداعية لمشكلت التمويل.
وأضاف السويلم أن البتكار المقصود ليس مجرد الختلف عن السائد بل ل بد أن بيكون هذا الختلف مميزا
إلى درجة تحقيقه مستوى أفضل من الكفاءة والمثالية ،مبينا أن الشريعة السلمية قد تضمنت السس
الضرورية لقيام الهندسة المالية ،فهي قد شجعت على البتكار وحثت عليه ،وبينت السس التي يمكن من
خللها توجيه وترشيد عملية البتكار المالي بما يحقق المصالح المرجوة.
ويستدل السويلم بما صح عن النبي صلى ال عليه وسلم أنه قال " :من سن في السلم سنة حسنة فله
أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ،ل ينقص ذلك من أجورهم شيئا ،ومن سن في السلم سنة سيئة
فعلية وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ل ينقص ذلك من أوزارهم شيئا".
وبين السويلم أن هذا الحديث الشريف يمثل الساس الول في الحث على البداع والبتكار الذي ينفع
المسلمين ويحقق المصلحة الشرعية ،موضحا أن قوله صلى ال عليه وسلم " :من سنة سنة حسنة" يدل
على وصف العمل الحسن ،ل يكون ذلك إل بموافقة الشرع ،فلو كانت السنة المذكورة تغييرا للشرع لما كانت
حسنة .فجانب الختراع أو البتكار المشروع هو في الدرجة الولى في التطبيق أو التنفيذ للحكم الشرعي ،كما
ورد في الحديث وليس في الحكم نفسه.
وأوضح الزيادات أنه فيما يخص المؤسسات المالية السلمية فالحاجة ملحة للتطوير والبداع والهندسة ولكل
ما يندرج تحت تلك المترادفات ليس على المستوى المؤسسي وحسب بل على مستوى الصناعة.
وأشار الزيادات إلى أن الصناعة المالية السلمية كونها صناعة ناشئة بالمقارنة بنظيرتها التقليدية تعد
بأمس الحاجة إلى عميلت التطوير والبتكار لمنتجات مالية إسلمية أصيلة تحافظ على هوية الصناعة وتقيها
شرور التقليد حتى وإن كان في إطار شرعي ،وهذا كله سيسهم في تحقيق نمو مستدام للصناعة ككل وينعكس
حتما على استدامة المؤسسات المالية السلمية.
وقد عرف الزيادات الهندسة المالية بأنها عبارة عن وسيلة للبداع والتطوير وإيجاد المنتجات السلمية
البديلة للمنتجات التقليدية ،منوها إلى أن الهم من السؤال عن قدرة الهندسة المالية على إيجاد المنتجات
البديلة للمنتجات المالية التقليدية هو السؤال عن البيئة التي تحفز البداع وتسهله ،والشخاص المبدعين
وسماتهم والهتمام بهم وثقافة المؤسسات المالية السلمية وتفهمها للبداع.
#الدكتور عبد الكريم قندوز أستاذ في جامعة حسيبة بن بو علي الجزائرية ،والمحاضر في قسم المالية في
كلية العلوم الدارية في جامعة الملك فيصل :
أكد قندوز أن معظم تعاريف الهندسة المالية تعتبر إلى أن مستخلصة من وجهات نظر الباحثين الذين يطورون
النماذج والنظريات أو مصممي المنتجات المالية في المؤسسات المالية التقليدية ،مبينا أنها عبارة عن
مجموعة النشطة التي تتضمن التصميم والتطوير والتنفيذ لكل من الدوات والعمليات المالية المبتكرة ،إضافة
إلى صياغة حلول إبداعية لمشاكل التمويل وكل ذلك في إطار توجيهات الشرع.
وبين قندوز أن الصناعة المالية السلمية وجدت منذ أن جاءت الشريعة السلمية بأحكامها المطهرة ،وربما
كان توجيه النبي صلى ال عليه وسلم لبلل المازني رضي ال عنه ،عندما أراد أن يبادل التمر الجيد بالتمر
الرديء ،فقال له صلى ال عليه وسلم " :ل تفعل ،بع الجمع بالدراهم واشتر بالدراهم جنيبا ،إشارة لهمية
البحث عن حلول تلبي الحاجات القتصادية دون إخلل بالحكام الشرعية.
ونوه قندوز إلى أن الشريعة السلمية لم تحجر دائرة البتكار وغنما على العكس حجرت دائرة الممنوع
69
وأبقت دائرة المشروع متاحة للجهد البشري في البتكار والتجديد.
وذكر قندوز أن أسباب الحاجة لهذه الهندسة تتمثل في ضرورة النضباط بقواعد الشريعة ،وتطور المعاملت
المالية ،بالضافة إلى حدة المنافسة مع المؤسسات المالية التقليدية.
ويرى قندوز أن الهندسة المالية السلمية تهدف إلى إيجاد قيمة مضافة ،وهذا يعني أن المنتجات المالية
السلمية تناسب المسلمين وغير المسلمين ،وتحقق المصلحة لهم جميعا ،مبينا أن مهمة القتصادي المسلم
المعني بالهندسة المالية ليس التخريج للمنتجات السائدة كالمشتقات وإنما البحث عن منتجات تناسب المفهوم
السلمي للتمويل والمخاطر .وهذه المنتجات موجودة وقائمة وليست في حيز العدم.
وقال قندوز أن هناك فرقا بين الهندسة المالية السلمية والتقليدية ،حيث أن البتكار في الصناعة المالية
السلمية ل يؤدي إلى تجاوز الحكام السلمية على النحو الذي يجري في الصناعة التقليدية.
وبين قندوز الهمية العلمية لهذه الهندسة ،منوها إلى أن الحث والتطوير يؤديان إلى استكمال المنظومة
المعرفية للقتصاد السلمي ومواكبته للتطورات الحاصلة في العلوم المالية ،كما أن هذه الهندسة تساعد على
إيجاد الكوادر الدارية التي يتطلبها العمل المصرفي السلمي والتي تجمع بين المعرفة الشرعية والخبرة
المصرفية السلمية.
وبين نصار أن هذه الهندسة تشتمل على تصميم أدوات مالية مبتكرة ,مثل بطاقة الئتمان ,وأنواع جديدة من
السندات والسهم ,وتصميم عقود تحوط مبتكرة ،وتطوير الدوات المالية ,أي تلبية هذه الدوات المبتكرة
لحاجات تمويلية جديدة ,أو التغيير الجذري في العقود الحالية لزيادة كفاءتها فيما يخص المخاطرة وفترة
الستحقاق والعائد ،بالضافة إلى تنفيذ الدوات المالية المبتكرة ,أي ابتكار إجراءات تنفيذية مبتكرة من شأنها
أن تكون منخفضة التكلفة ومرنة وعملية.
ويرى نصار أن الهندسة المالية السلمية تعتبر منهجًا لنظم التمويل المعاصرة يهدف إلى تحقيق الكفاءة في
المنتجات المالية المعاصرة وتطويرها في ظل الحتياجات المالية والتي تتصف بأنها متجددة ومتنوعة.
وتكمن أهمية الهندسة المالية وخصوصًا في عالمنا المعاصر اليوم بأنها تقوم بالموازنة بين عدة أهداف ومن
ثم تصميم أدوات مبتكرة تستوعب كل هذه الهداف معًا ,وهذه المهمة ليست باليسيرة حيث تحتاج إلى تضافر
جهود على شكل تنظيمي بين الشرعيين والقتصاديين والمصرفيين والمحاسبين للخروج بمبتكرات فعالة.
ويبين نصار أن أهمية الهندسة المالية بالنسبة للبنوك السلمية تبرز في أنها تتعامل ضمن الضوابط والقيود
الشرعية التي تنظم آلية أعمالها التمويلية والستثمارية ,ولهذا يتوجب على المهندس المالي في البنوك
السلمية مراعاة هذه الضوابط وعدم اللجوء إلى الحيل ,لن الحكام والضوابط الشرعية جاءت لتحقق
مصلحة للفرد والمجتمع معًا.
والملحظ أن التحوط ،وهو هدف من أهداف الهندسة المالية التقليدية المعاصرة ،قد طغى على أهدافها
الخرى حتى أصبحت وكأنها معنية فقط بالبحث عن حلول افتراضية للتحوط كان أبرزها المشتقات المالية.
ولكي تروج هذه البضاعة كان ل بد من تصنيع الحاجة إليها بالدعاية والعلن ،وبإذكاء الخوف وإذاعته
وتفعيل تقلبات السواق وهي مخاطر تحت السيطرة تلجئ إلى التحوط!!.
70
ويرى السبهاني أن الهندسة المالية السلمية قد انزلقت أو كادت إلى منزلق الهندسة المالية التقليدية ،وكان
المدخل الساذج لهذا التوجه هو التوكيد على موقف السلم الصحيح من حفظ المال ووجوب صيانته ،لتصل
إلى استنتاج سريع وخطير يتلخص في أن التحوط بالوسائل التقليدية )المشتقات( أمر سائغ بل واجب شرعًا،
لن ما ل يتم الواجب )حفظ المال( إل به فهو واجب!!.
ولقد بني النظام المالي المعاصر على عقيدة فاسدة ماليا قبل أن تكون فاسدة شرعيا ومن وجوه فساد هذه
العقيدة المالية السعي إلى فك الرتباط بين مغانم الستثمار ومغارمه )مخاطرته( ،ومن وجوه فسادها سماحها
بنقل هذه المخاطرة إلى الغير عبر صنوف المشتقات ،ونسوا أن المخاطر محكومة بقانون ربما له دقة قوانين
الفيزياء ،فهي تلد مع الستثمار ول تفنى إل بفنائه ،وكان على النظام الذي شرعن تلك النانية وذلك الدجل
غصة تلك الصول السامة التي تتشردق بها البنوك وشركات التأمين والمؤسسات المالية المالي أن يتحمل ُ
والتي تتكلف الحكومات ومن ورائها دافعو الضرائب أعباءها الهائلة بينما انسحب اللصوص والنصابون إلى
مغاراتهم يستمرئون التنعم بوافر جنيهم تاركين العالم يتقلب في بلئه!!.
ويبين السبهاني أن المطلوب من الهندسة المالية السلمية وقفة نقدية تقديرية تخرجها من مدار الهندسة
المالية التقليدية خاصة وإن القوم صاروا يتلفتون إلى السلم ونظامه المالي والقتصادي.
ويشير السبهاني إلى عدم تأجيل الدعوة إلى النظام المالي والمصرفي والقتصادي السلمي أو تأخير عرضه
على الناس بحجة عدم نضجه ،مبينا أن أول ما ينبغي فعله هو تنزيه هذا الفكر من تلك التخريجات التي قربته
من نظيره التقليدي حتى ل ُيفجع المتطلعون إلى السلم ونظامه المالي ،بالمسخ الذي فعلته الهندسة المالية
السلمية مسايرة للسواق المالية والمصرفية التقليدية أو تأثرا بها.
وذكر السبهاني أن مزية النظام السلمي تكمن في تقديره في أمرين :الول هو توسيع قاعدة المخاطرة
باشتراك الممول مع المستثمر في المغانم والمغارم .أما الثاني فهو إرساء المخاطرة وعدم ترحيلها إلى الغير،
وهو ما يستفاد من استقراء أحكام المعاملت .ول يفهم من كلمنا أننا نستهدف المخاطر أو الخسائر ،ول يفهم
من كلمنا تسفيه الشعور الفطري للتحوط فهذا ما ل يقول به عاقل؛ إنما نريد تحوطا مشروعا ،وإذا كانت
سوغ للغيار كل ما يتراضون عليه ،فإن نظرية العقد السلمية تشترط أن يكون ما يتراضى نظرية العقد ت ّ
عليه العاقدون في دائرة الباحة التي حددتها الحكام الثابتة.
وأوضح السبهاني أن الهندسة المالية السلمية الصحيحة ،التي سبق وجودها وجود هذا المصطلح،
ل من الدوات والحلول الفّعالة والمشروعة في عوالم التمويل والتجارة الحقيقية.
استطاعت أن تنتج سي ً
ويلخص السبهاني قوله بأن عقود التحوط عبر المشتقات المالية عقود طارئة ل علقة لها بالمبنى العقدي
للتمويل ،وهي عقود فاسدة بذاتها لما يكتنفها من غرر وربا وميسر ،وهي فاسدة في استخداماتها إذ أراد
البعض التحوط بها لما ل يجوز التحوط منه أي المخاطرة التي يطيب معها الربح ،بينما أرادها الكثرون
أدوات للمضاربة والمقامرة ليس غير.
كما نوه السبهاني إلى أن المستثمر له أن يتحوط بتنويع أصوله والموائمة بين تدفقات حقوقه المالية
والتزاماته ،وهذا من الحكمة التي يتعين أن يلتمسها ،أما أن يلجأ إلى بيع المخاطر وترحيلها إلى الغير عبر
المشتقات المالية والتأمين التجاري فهو أمر ل يمكن قبوله إل بتعسف الستدلل
71
يعرف التورق بمعناه المصرفي بشراء العميل
الذي ينشد السيولة سلعة بثمن مقسط مؤجل من
البنك ،وإعادة بيع السلعة بحيث يسد بثمنها
الحاجة التي من أجلها أراد المال .وقد شهدت
عملية "التورق" جدل واسعا بين الفقهاء ،فحرمها
البعض وأجازها البعض بضوابط وشروط ،وينطلق
تحريم التورق من أنه ل يحتمل الخسارة الواردة
في تحمل نسب المخاطرة والخسارة وفق
السس التي يقوم عليها القتصاد السلمي.
التورق في الصل مأخوذ من الورق وهو الفضة لن الذي اشترى السلعة إنما اشتراها من أجل النقد ،ويعرف
التورق بمعناه المصرفي بشراء العميل الذي ينشد السيولة سلعة بثمن مقسط مؤجل من البنك ،وإعادة بيع
السلعة بحيث يسد بثمنها الحاجة التي من أجلها أراد المال.
وقد شهدت عملية "التورق" جدل واسعا بين الفقهاء ،فحرمها البعض وأجازها البعض بضوابط وشروط،
وينطلق تحريم التورق من أنه ل يحتمل الخسارة الواردة في تحمل نسب المخاطرة والخسارة وفق السس
التي يقوم عليها القتصاد السلمي.
واستنادا إلى المعيار الشرعي من المعايير التي وضعتها هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية
السلمية رقم 30يعرف التورق بأنه :شراء سلعة بثمن آجل مساومة أو مرابحة ،ثم بيعها إلى غير من
اشتريت منه للحصول على النقد بالثمن الحالي.وبذلك هو يتميز عن العينة.
ولن الشريعة تؤكد قاعدة "الغنم بالغرم" ،وتأسيسا على ما جاء في القرآن الكريم " :وأحل ال البيع وحرم
الربا" ،فإن كثيرا من الباحثين يرون بأن البنوك السلمية عليها أن تبحث عن بدائل أخرى كثيرة في التمويل
بما ينعكس إيجابا على القتصاد السلمي وخصوصا في ضوء المخالفات والتجاوزات التي أصبحت تكتنف
تطبيقات الدوات الستثمارية في سوق الوراق المالية وتحديدا "التورق".
هناك منتجات مالية إسلمية عدة تصلح لن تكون بديل للتورق ومنها على سبيل المثال ل الحصر-:
72
وهو بيع العميل أصل إنتاجيا إلى المصرف السلمي بسعر أقل من سعر المثل يتفق عليه مع حق العميل في
فسخ البيع واسترجاع الصل خلل فترة زمنية معينة ،ويصبح البيع نافذا بمضي هذه الفترة.
ورأت دراسة أهميته في أن كثيرا من الفراد يتعرض إلى أزمة سيولة ،فقد يكون فرد ما في حاجة ملحة للمال
وتنقطع به السبل في الحصول على من يقرضه ،فقد يضطر إلى الذهاب إلى بنك ربوي ،أو قد يبيع أنفس ما
عنده من أصول كالعقار أو أرض زراعية أو آلة إنتاجية؛ ليفك كربته وضيقه ،فيتعرض للثم لو تعامل بالربا،
أو يفقد ذلك الصل النفيس ببيعه إلى البد ،كما أن في ميدان العمل المصرفي السلمي هناك كثير من العملء
من يضطر إلى بيع بعض أصوله من أجل الوفاء بالتزاماتهم للغير أو حتى للبنوك ،ويفقدون أحياًنا أصوًل
نفيسة قد ل يرغبون في بيعها.
وممارسة هذا النوع من البيوع قد يكون مخرجا لمن فقدوا أصولهم النفيسة .ومما تجدر الشارة إليه أن بيع
الرجا قد يصبح وسيلة غير مباشرة لتقديم القرض الحسن باسترجاع العميل ثمن الصل النتاجي للمصرف
السلمي خلل فترة الفسخ ،بعد أن حل به أزمته.
• أول:عندما يتعرض العميل إلى أزمة سيولة ويحتاج إلى النقد ،يعرض على المصرف السلمي أص ً
ل
ضا زراعية أو آلة منتجة( للبيع إلى المصرف مع اشتراطه حق الفسخ خلل )- 3
إنتاجيا )عقاًرا مؤجًرا أو أر ً
(12شهًرا أو أقل أو أكثر.
• ثانيا :لجل أن يتشجع المصرف ل بد أن يكون الصل النتاجي مدًرا للدخل ،وأن يكون الثمن أقل من
ل لعادة البيع ،ويسهل تسويقه .بعبارةسعر المثل من غير إضرار بالعميل ،وأن يكون الصل النتاجي قاب ً
أخرى يجب أن يجري المصرف دراسة جدوى على طلب العميل.
• ثالثا :إذا اقتنع المصرف بجدوى شراء الصل يتم توقيع عقد بيع يسمى )عقد بيع الرجا( ويحدد فيه
أطراف العقد ,ومواصفات المبيع ،والثمن وشرط الفسخ ومدته ,وشهود العقد وغير ذلك مما يقتضيه العقد من
أركان وشروط للبيع.
رابعا :تسجيل عقد البيع في المحكمة التجارية المختصة والشهر العقاري. •
• خامسا :إذا تمكن العميل من استرجاع ثمن الصل للمصرف خلل فترة الفسخ ،فإنه يتم إبطال عقد البيع
وفسخه وتعميد الفسخ لدى المحكمة التجارية ،ويتحمل العميل المصروفات.
• كما ذكرت الدراسة عديدا من الضوابط الشرعية لتحاشي الوقوع في شبهة الربا كعدم المرونة في فترة
الفسخ )فترة القالة( للبائع؛ وذلك بعدم تمديده من حين لخر ،بحيث يتمكن البائع من استرجاع مبيعه وينتفع
المشتري بغلته .فاللتزام بتاريخ الجل يضمن عدم الصورية ,إضافة إلى توثيق عقد البيع لدى محكمة تجارية
مختصة وتسجيله في الشهر العقاري )السجل العقاري( .كما يجب على المصرف قبض المبيع بتخليته،
وتمكينه من التصرف فيه ،خاصة بعد مضي فترة الفسخ.وأن يكون ثمن البيع معقوًل وليس ثمنا صوريا،
ويمكن أن يكون أقل من سعر المثل من غير إضرار بالعميل المضطر للبيع والمحتاج للسيولة ،كذلك أن يكون
الفسخ باسترجاع الثمن في وقت واحد في نهاية الجل وليس بتقسيطه خلل الفترة ،فيشتبه بالقرض ،إضافة
إلى التأكيد على الدارة التنفيذية للمصرف من خلل الرقابة الشرعية بعدم التحايل وعدم الصورية في هذا
النوع من البيوع وإل سيصبح حينها نوعا من بيع العينة.
ورأت نفس الدراسة أن تبني المصارف السلمية لبيع الرجا وتقديمه للعملء كمنتج مصرفي إسلمي جديد،
ل من عميل مع حق الفسخ خلل يتوقف على مدى حصولها على عوائد إيجابية منه .ذلك أن شراء عقار مث ً
فترة معينة ثم استخدام حقه في الفسخ يفقد البنك أي استفادة ويصبح المر بالنسبة له كأنه قرض حسن ،ول
سيما أن هذا النوع من البيوع سوف يقبل عليه كثير من العملء الذين يحتاجون إلى السيولة النقدية.
وحول الحافز المادي الذي يمكن أن يحصل عليه المصرف بينت الدراسة أنه في حالة عدم فسخ العميل البيع
73
ونفاذ البيع بعد مضي الجل يبيع المصرف هذا الصل بسعر أعلى من سعر الشراء ,ول سيما إذا كان الشراء
أقل من سعر المثل من غير إضرار بالعميل ،إضافة إلى الستئثار مما حققه الصل من عوائد إن كان مدرًا
للدخل في فترة سريان الفسخ كالعقار المؤجر؛ وفقًا لقاعدة شرعية عند الفقهاء ومنهم المام الشوكاني تقول
إن )الغلة لمن استقر له الملك وعليه مؤنته( ،فإذا استقر البيع للمصرف السلمي وعجز العميل عن الفسخ
فللمصرف أن يستأثر بالعوائد.
ودعت الدراسة إلى مناقشة عدة أمور من الناحية الشرعية ،حيث إن المصارف قد ل تقتنع بتطبيق بيع الرجا
مصرفيا ,وذلك بأن تقبل شراء الصل مع شرط الفسخ للعميل خلل مدة معينة ،لعدم ضمان العائد المحفز لها,
ول سيما أن أغلبية العملء سيحرصون على الوفاء بالثمن قبل انقضاء الجل ،وخاصة إذا كانت نفيسة ومدرة
للدخل.
وأثارت الدراسة تساؤلت للفقهاء المعاصرين في مسألة لم تكن موجودة في عهد الفقهاء السابقين ،أو لم
يتطرقوا إليها -كعصر المام الشوكاني -لن حديثهم كان ينصب على أن المبيع عن طريق بيع الرجا هي
الرض ،وهي غير قابلة للتلف أو الهلك ،إل إذا كانت زراعية فقد يتلف المحصول أو الشجر.
والتساؤلت هي أن بيع الرجا ينقل الملك إلى المشتري ولكنه ملك غير مستقر في فترة خيار الفسخ .وهنا لو
تلف المبيع أو هلك كانهيار عقار أو حريق )بغض النظر عن التأمين لن الذي سيؤمن هو من سيكون عليه
التلف( أو يحتاج إلى نفقات فهل الهلك على المشتري باعتبار أنه تحت يده؟ وهل ينفق عليه من أمواله في
مقابل الستفادة من عوائد الصل إن كان له غلة ,ول سيما إذا تراضى البائع والمشتري على ذلك.
وذلك بناًء على أن المسوغ الشرعي للطرفين تلك القاعدة الشرعية القائلة ''الخراج بالضمان'' ،وبشرط أل
يكون هناك إضمار بينهما بالتفاق على أن الستفادة من الغلة هي مقابل القرض ،مع ضمان اللتزام
بالضوابط الشرعية المذكورة سابًقا .وبعبارة أخرى هل يجوز إذا شرط في عقد بيع الرجا أن فترة الفسخ غير
قابلة للتمديد ،ويصبح البيع نافذا بعد مضي الجل احتراًزا من شبهة القرض بعائد الغلة ،فهل يجوز وفقًا لهذا
الشرط أو الضابط ,ووفقا لقاعدة الخراج بالضمان أن يستأثر المصرف بغلت المبيع مقابل النفقة عليه وتحمل
ضمانة تلفه.
وأشارت الدراسة إلى أقوال بعض المتأخرين من الشافعية والحناف ومجلة ''الحكام العدلية'' المادتين )
(118و) (398حول جواز النتفاع بغلة المبيع في بيع الوفاء ،كما ذكرت قوًل للمالكية بجواز الغلة
للمشتري.
ورأت الدراسة أن إجازة النتفاع بغلة المبيع في بيع الرجا مع التشديد على اللتزام بالضوابط الشرعية
يشجع المصارف السلمية على التعامل مع هذا النوع من البيوع ،وربما اعتبرته منتجا مصرفيا جديدا يقدم
لصحاب الحاجة إلى السيولة لفك أزماتهم .وعلى ذلك إذا وجد رأي للفقهاء المعاصرين يجيز ذلك ،فإنه حسب
الدراسة ل بد من إضافة الضابط التالي إلى جملة الضوابط الشرعية السابقة الذي ينص على'' :إذا هلك أو
تلف الصل النتاجي يكون على المصرف كما أن مصروفاته عليه في فترة الفسخ ،في مقابل انتفاع المصرف
بغلته ،وفقا للقاعدة الشرعية ''الخراج بالضمان'' .وللطرفين أن يتحاسبا عن المصروفات والغلة إذا فسخ
العميل البيع واسترد أصله''.
– 2بيع السلم:
ل .يسمى المشتري الُمسلِم ،ويسمى البائع الُمسَلم إليه ،ويسمى ل والمبيع مؤج ً
هو بيع يكون الثمن فيه معج ً
الثمن المعجل رأس مال السلم ،وتسمى السلعة مؤجلة التسليم المسَلم فيه.
• العائد في بيع السلم وطبيعته الحتمالية :يتمثل العائد الذي يحققه الممّول )المشتري( في الفرق بين سعر
السلعة سلًما وسعر السلعة عند حلول أجل السداد ،فإذا كان سعر السلعة عند حلول أجل السداد أعلى من
سعرها سلًما فإن الممّول يكون قد حقق ربحا من خلل التمويل ،أما إذا كان سعر السلعة عند حلول أجل
74
السداد أقل من سعرها سلًما فإن الممّول يكون قد حقق خسارة ،أما إذا تساوى السعران فإن الممول ل يحقق
عائًدا )بل يكون قد حقق خسارة الفرصة البديلة( .وهكذا فإن العائد الذي يحققه الممّول من عملية التمويل في
السلم هو عائد احتمالي بطبيعته ل يتحقق إل إذا كان سعر السلعة عند حلول أجل السداد أعلى من سعرها
المدفوع فيها سلًما.
كما رأينا فإن العائد في بيع السلم ل يتحقق للممّول إل إذا كان سعر السلعة عند أجل السداد أعلى من سعرها
سلًما ،فإذا أمكن ضمان تحقق هذا الشرط فإنه يمكن تحقيق يقينية العائد للممّول.
ولقد ذكر ابن تيمية رحمه ال صورة للسلم وأجازها وهي تحقق هذا المر ،حيث جاء في الختيارات الفقهية:
)ولو أسلم مقداًرا معلوًما إلى أجل معلوم في شيء بحكم أنه إذا حلّ يأخذه بأنقص مما يساوي بقدر معلوم
صح ،كالبيع بالسعر( .ففي هذه الصورة يحدد رأس مال السلم )مبلغ التمويل( ويترك تحديد سعر الوحدة من
السلعة والكمية المسلم فيها إلى أجل السداد ،بحيث يكون سعر الوحدة سلًما أقل من سعرها يوم السداد بمقدار
معلوم )مبلغ مطلق عند ابن تيمية ،واشترط الشيخ ابن عثيمين أن يكون مبلًغا نسبًيا من السعر يوم السداد(.
وبناء عليه فإن كمية السلعة المسلم فيها ستتغير حسب السعر ،فكلما زاد السعر ستنقص الكمية ،وكلما نقص
السعر ستزيد الكمية .وبهذه الطريقة فإن سعر السلعة عند السداد سيكون دائًما أكبر من سعرها سلًما مهما
تغير السعر الول ،وبذلك يكون العائد موجًبا دائًما ،أي أنه سيكون يقينًيا وليس احتمالًيا.
ويمر بيع السلم بثلث خطوات عملية هي عقد بيع السلم وتسليم وتسلم السلعة في الجل المحدد وعقد البيع.
في عقد بيع السلم يدفع المصرف الثمن في مجلس العقد ليستفيد به البائع ويغطي به حاجاته المالية المختلفة
فيما يلتزم البائع بالوفاء بالسلعة في الجل المحدد.
ويوافق فى الخطوة الثالثة عقد البيع على بيع السلعة حالة أو بالجل بثمن اعلى من ثمن شرائها سلما فيما
يوافق المشتري على الشراء ويدفع الثمن حسب التفاق.
وضع الفقهاء مجموعة من القواعد التي تضبط الستثمار عن طريق بيع السلم ,منها:
- 1أن يكون منضبطًا :بمعنى أن كل ما يمكن انضباطه )محددا( فإنه جائز فيه السلم لنه ما تدعو إليه
حاجة.
- 2أن يصفه وصفا نافيا للجهالة ،فيذكر جنسه ونوعه.
- 3أن يكون الجل معلوما كالشهر.
- 4أن يكون المسلم فيه )البضاعة( في الذمة فإن أسلم في عين )بضاعة حالية( لم يصح.
- 5أن يقضى )يدفع( رأس المال في المجلس ,وأجاز مالك اليوم واليومين لتسلم رأس المال.
وأقر مؤتمر المصرف السلمي في دبي عام 1979هذا النوع من البيوع إذا كان المصرف يتقيد بالشروط
التي ذكرها الفقهاء ومراعاة ذلك في عقود السلم كافة.
• يتم تمويل العميل عن طريق بيع السلم وفق الجراءات التالية :
- 1يقوم العميل بالتقدم للمصرف بطلب لتمويل مشروع معين ويرغب في قيام المصرف بتوفير السيولة
النقدية اللزمة للمشروع ونوع المنتج الذي يقوم بإنتاجه ،على أن يرفق بهذا الطلب دراسة جدوي للمشروع
75
يحدد فيه مبلغ السيولة المطلوب.
- 2يقوم المصرف بتقييم جدوي المشروع المطلوب تمويله ،ونوعية السلع التي يقوم المشروع بإنتاجها،
وفي حالة الموافقة عليه يقوم المصرف بشراء السلع التي يقوم المشروع )المصنع( بإنتاجها وتحديد موعد
التسلم ودفع قيمة البضاعة حال.
- 3يقوم العميل بعد ذلك بإدارة أعمال المشروع )المصنع( وفق ما هو مخطط له في دراسة جدوي المشروع
وبعد النتهاء من النتاج يقوم بتسليم البضاعة للمصرف وفق الشروط المتفق عليها.
- 4حتى يقوم المصرف ببيع تلك البضاعة فإن لديه بديلين ,هما:
أ – بيع البضاعة قبل التسلم عن طريق عقد السلم الموازي للتجار على أن يحدد موعد التسليم بعد التسلم
من العميل ،ويكون ذلك بسعر أكبر من سعر الشراء من العميل وأقل من سعر السلعة في السوق حتى يوفر
ميزة للمشتري.
ب – النتظار حتي موعد تسلم البضاعة ثم بيعها نقدا )بيع مساومة( ،أو عن طريق بيع المرابحة.
هي عقد مسمى بالفقه السلمي ،يشتمل على معنيين من معاني العقود المسماة بالفقه السلمي ،وهما عقد
السلم وعقد الجارة ,أي انه يمكن تعريف عقد الجارة الموصوفة بالذمة بأنه » بيع منافع مستقبلية بثمن
حال« أو هي» :سلم في المنافع« سواء كانت منافع أعيان أو منافع أعمال .أو هي »إجارة الذمة » لن
المنفعة المستوفاة متعلقة بذمة المؤجر وليست متعينة ,أو الجارة الواردة على منفعة مضمونة ،لن المنفعة
فيها يضمن المؤجر تقديمها في كل الحالت ،وهي متعلقة بذمته ويطلق عليها باللغة النجليزية ijara
.forward
• النوع الول :الجارة التي يكون الثمن فيها موصوفًا بالذمة ،وهذا العقد ل يلغى بتلف ما قد عينه الجير أو
المكري لنفسه من الجرة التي ضبطها موصوفة في ذمة المستأجر أو المكتري ،كما ل يلغى العقد بظهور
عيب فيه .
• النوع الثاني :الجارة التي يكون العمل فيها موصوفًا بالذمة :وهي كقول المستأجر :ألزمت ذمتك أو أسلمت
إليك هذه الدراهم في خياطة هذا الثوب.
• النوع الثالث :الجارة التي تكون فيها العين موصوفة بالذمة :وهي كقول المؤجر للمستأجر :جعلت لك
منفعتها )أي العين الموصوفة بالذمة( سنة بكذا .
الشرط العام المكون لضوابط وأحكام عقد الجارة الموصوفة بالذمة ،هو استقصاء صفات سلم في موصوفة
بالذمة ،أي اللتزام الكامل بشروط وضوابط عقد السلم ،لن الجارة الموصوفة بالذمة هي سلم في المنافع كما
تقدم بيانه ،وفيما يلي الحكام العامة للجارة الموصوفة بالذمة:
الحكام العامة:
- 1ل يجوز تأجيل الجرة ول الستبدال عنها ،ول الحوالة بها ول عليها ،ول البراء ،بل يجب التسليم في
المجلس كرأس مال السلم ،لنه سلم في المنافع ،فان كانت الجرة مشاهدة غير معلومة القدر ،فعلى القولين
في رأس مال السلم ،وقال ابن رشد » :ومن شرط إجارة الذمة أن يعجل النقد عند مالك ،ليخرج من الدين
بالدين «.
- 2عقد الجارة الموصوفة بالذمة متعلق بذمة المؤجر وليس بعمله :وهذا يعني انه مكلف بأن يتعهد
للمستأجر بتنفيذ العمل المطلوب منه على الوجه السليم ،أيا كانت الوسيلة إلى ذلك ،وأيًا كانت الجهة
المنفذة ،وبناء على ذلك ،فإن للجير أن يستأجر بدوره من يكلفه بإنجاز ما طلب منه ،وله الحق في أن يتفق
معه على الجر الذي يشاء ،يقول المام النووي » هي قسمان )أي الجارة( :واردة على عين ،كإجارة عقار
ودابة وشخص معينين ،وعلى الذمة كاستئجار دابة موصوفة بالذمة ،وبأن يلزم ذمته خياطة أو بناء« ،أي
أن استئجار الدابة في الذمة ل بد أن تخضع للوصف دون استئجار الشخص لللتزام بعمل ما.
76
- 3يجوز للمؤجر في الجارة الموصوفة بالذمة أن يؤخذ عربونًا من المستأجر ،تحسبًا لنكوله عن تنفيذ
العقد وتسلم العين التي التزم في العقد باستئجارها بدًل من رفع المر إلى الحاكم أو السلطان ،وقد قرر مجمع
الفقه السلمي في قراره رقم (3/8) 72 :بجواز أخذ العربون في كل من عقد البيع والجارة ،مستدًل بما
روي عن نافع بن عبد الحارث انه اشترى لعمر بن الخطاب دار السجن من صفوان بن أمية ،وقال له نافع :
إن رضي عمر بالشراء فذاك ،وإل فله من ثمنها كذا وكذا .
- 4إذا نكل المؤجر ولم يسلم المستأجر العين المؤجرة في الوقت المحدد ،أو فر بها ،كان للمستأجر الخيار
في إمضاء العقد قابل بالتأخير أو فسخه.
- 5يجوز استخدام الجرة في أغراض خاصة للمؤجر , ،وقياس ذلك على جوازه في السلم.
- 6يجوز أخذ رهن من المؤجر ،كما إذا أجر بنائين على بناء دار ،فإنه يصح أن يأخذ رهنا منهم في نظير
عملهم حتى إذا لم يبنوا الدار ،فإن للمرتهن الحق في بيع المرهون ويستأجر منه من يعمله » وقريب من هذا
:ما تأخذه المصالح من التأمينات التي يدفعها العمال حتى ل يهملوا في أدار أعمالهم »
النموذج الول :تمويل التعليم :حيث تقوم المؤسسة المالية السلمية بتمويل خدمة التعليم بشرائها المقاعد
الدراسية او خدمة التعليم نقدًا ،ومن ثم تأجيرها للعملء .ويجب ان تكون محددة بالوصف الذي ل يدع مجاًل
للنزاع .والجدوى القتصادية من هذا النوع للتمويل من وجهة نظر العميل هو تقسيط مصروفات الدراسة مما
ل لتقديم هذه الخدمة .
يعتبر تسهي ً
النموذج الثاني :تمويل العلج :بحيث تكون الجارة التي محلها تقديم الخدمات من المؤسسات المالية إلى
المتعاملين معها ،هي إجارة موصوفة في الذمة ،وتكون بعدم تعيين الطبيب بل بوصف الخدمة )العمال
والجراءات( وصفًا يمنع التنازع .وفي الجارة الموصوفة بالذمة يمكن للمؤجر ) أي المؤسسة المالية ( إبرام
عقد الجارة قبل تملك منفعة العين التي تريد أن تؤجرها ،فتبرم المؤسسة العقد مع العميل ،ثم تتعاقد
ل ،وتشترط تقديم الخدمة لها أو لمن تحدده من عملئها . المؤسسة مع الطبيب أو الجهة الصحية مث ً
ويجب عدم الربط بين الجارة الموصوفة بالذمة إذا تم إبرامها مع مقدم الخدمة أوًل وبين عقد الجارة مع
المستفيد من الخدمة ،لن الموصوف في الذمة ل يجوز التصرف فيه قبل قبض محله ،أي تعيينه فتكون من
قبيل الجارة المتوازية.
النموذج الثالث :تمويل رحلت الحج :وهذا النموذج مطبق في العديد من المؤسسات المالية السلمية
وبأسماء مختلفة ،منها على سبيل المثال مصرف أبو ظبي السلمي تحت اسم »ترحال« ،بحيث يقدم عميل
المؤسسة طلب استئجار خدمة النقل ،وذلك بعد أن تستأجرها المؤسسة من مقدم الخدمة ،ثم يقدم العميل وعدا
بتملك خدمة وبعدها عقد تملك خدمة الموصوفة بالذمة ،بحيث يقوم البنك بالدفع إلى شركة السياحة والسفر
نقدًا ،وتقسيط المبلغ على العملء ،ويضاف في حالة تمويل رحلة الحج ملحق لوصف الخدمة وصفاً دقيقًا
خلل مناسك الحج.
النموذج الرابع :تمويل العمال النشائية :يوقع العميل والبنك على عقد ايجار العقار)موصوف بالذمة( الذي
سيتم تسليمه في تاريخ لحق .يقدم هذا المنتج إلى العملء الراغبين بشراء منازل قيد النشاء ،ويتولى البنك
السلمي دفع كافة المبالغ المستحقة مباشرة إلى مقاول المشروع وفق الجدول الموضوع خلل فترة النشاء.
وقد يقول قائل انه ل يجوز لن الجارة الموصوفة بالذمة كما في السلم ل تجوز في العقار ،ويرد عليه بأن
الموصوف بالذمة هو هنا البناء الذي سوف يتم انشاؤه وهو غير معين ،أي ل يرى بالعين لحظة توقيع العقد،
ويسمى هذا المنتج في بنك دبي السلمي بالجارة الموصوفة بالذمة المنتهي بالتمليك ،وعند انتهاء مشروع
البناء ،يخضع هذا المنتج لقوانين عقد الجارة ،ويبدأ العميل بتسديد القساط للبنك بعد استلم العقار .
77
النموذج الخامس :صكوك الستثمار:
- 1صكوك ملكية منافع العيان الموصوفة بالذمة :وهي وثائق متساوية القيمة يتم إصدارها بغرض اجارة
أعيان موصوفة في الذمة ،واستيفاء الجرة من حصيلة الكتتاب فيها ،وتصبح منفعة العين الموصوفة في
الذمة مملوكة لحملة الصكوك .
- 2صكوك ملكية الخدمات من طرف موصوف بالذمة :وهي وثائق متساوية القيمة يتم إصدارها بغرض
تقديم الخدمة من مصدر موصوف في الذمة )كمنفعة التعليم من جامعة يتم تحديد مواصفاتها دون تسميتها (
واستيفاء الجرة من حصيلة الكتتاب فيها ،وتصبح تلك الخدمات مملوكة لحملة الصكوك.
آراء الخبراء:
تضاربت آراء الباحثين والفقهاء المصرفيين في عملية التورق ،ومدى توافقها مع الشريعة السلمية ،وكيفية
استخدامها من قبل البنوك والمؤسسات المالية السلمية ،خاصة في ظل احتياج المصرفية السلمية لمنتجات
منافسة للمنتجات التقليدية ،وفيما يلي بعض هذه الراء :
الدكتور عز الدين خوجة المين العام للمجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية السلمية :
يرى د .خوجة أن منتج التورق يهدف إلى تمكين العملء من الحصول على السيولة النقدية بحيث يتسلمون
مبلغا نقديا حال مقابل التزامهم بدفع مبلغ نقدي أكبر في الجل ،وذلك من خلل عقد شراء سلعة بثمن مؤجل
وبيعها لطرف ثالث غير البائع بأقل من الثمن الول.
وبين د .خوجة من خلل متابعته للبحاث المقدمة عن التورق أن أصل الخلف بشان الحكم على مشروعية
التورق المصرفي بشكل أساسي إلى الختلف في تطبيق أصل مهم من أصول الشريعة وهو سد الذرائع ،وهذا
الصل متفق عليه في الجملة بين الفقهاء وان وقع الخلف في جزئياته ،والذرائع هي الوسائل التي يتبعها
المكلف وتكون طريقا سواء لمحرم أو محلل ،فإذا تم استخدام هذه الوسائل لمحرم فهي تكون محرمة ويجب
سدها ،وان استعملت طريقا لمحلل فهي جائزة ومطلوب فتحها واتباعها.
ويقول د .خوجة أن التورق الفقهي الجائز يمكن أن يكون بديل عن التورق المصرفي ،حيث أن التورق
الفقهي يحقق السيولة النقدية للمتورق وهي حاجة جائزة كما ذهب لذلك الغلبية.
الدكتور حسين حامد حسان رئيس الهيئة الشرعية لبنك دبي السلمي وعضو العديد من المجالس والمجامع
القتصادية السلمية:
يرى الدكتور حسان أن فقهاء العصر أقروا بالجماع عدم مشروعية "التورق" ،وأن تطبيقاته في البنوك لم
تكن دقيقة ،وشابها بعض الشبهات التي دفعت العلماء إلى الجماع على تحريم "التورق المنظم".
كما ذكر الدكتور حسان أن جميع العقود المشروعة إنما شرعت لتحقيق مصالح لعاقديها ،فإذا قصد العاقدان
بها ما شرعت لجله كانت صحيحة وإال كانت باطلة.
و أكد الدكتور حسان أن البنوك تستطيع الستفادة من البدائل الكثيرة المتوافرة في فقه المعاملت ،مثل منتج
)السلم( الذي يدخل فيه البنوك كشريك في عملية المضاربة وبنسب مخاطرة وربح ،مشيرا إلى أن مقاصد
الشريعة متعددة وكثيرة في هذا المجال.
أكد داغي أهمية العقود الفقهية المعتمدة لدى فقهائنا الوائل وكيف أنها ل تزال ثّرة وثرية بتراثها الفقهي ،
وحّية بتطبيقاتها المعاصرة ،ونافعة باستعمالتها الشائعة ،وأن من هذه العقود عقد السلم الذي كان سائدًا
قبل السلم ،بل اقتضته الحاجة البشرية منذ زمن بعيد ،وأنه لما جاء السلم قام بضبطه.
وعرف داغي عقد السلم بأنه عقد قديم ظل مطبقًا في مختلف الحضارات السابقة ،وهذا إن دل على شيء
ل ،حيث يعتبر من أفضل
فإنما يدل على صلحيته للبقاء والعطاء في ظل الحضارة الحديثة ،وهذا ما تحقق فع ً
العقود لتحقيق السيولة لصحاب المهن والحرف والمشروعات الزراعية والصناعية التي تتأخر ثمارها أو
78
إنتاجها عن وقت الحاجة إلى السيولة.
مما سبق نرى أن القتصاد السلمي يحتوي في جعبته الكثير والكثير وهو بحر واسع يحتاج إلى غواص
ماهر ليخرج لنا منتجات مالية تواكب التطور المتسارع الذي تشهده صناعة المال السلمي.
أصبحت البنوك السلمية أمرا واقعا في الحياة المصرفية والدولية خاصة في ظل الزمة الراهنة،
ولكن بعد أن شقت طريقها بصعوبة في بيئات مصرفية بعيدة كل البعد في أسسها وآليات عملها عن
روح الشريعة السلمية.
رغم ذلك فقد واجهت وما زالت تواجه الصيرفة السلمية حتى الن العديد من التحديات التي تعترض
مسيرة تقدمها وتحد من توسعها.
وتمثل الزمة العالمية الراهنة امتحانا للصيرفة السلمية فهل ستنجح في هذا المتحان لتثبت للعالم
كله أنها النظام المثل والنجع لمواجهة أي أزمات تمر على هذا العالم؟؟؟؟.
تساؤلت عديدة تدور في خاطر كل مصرفي وكل اقتصادي عن قدرة النظام المالي السلمي في أخذ
دوره المناسب والحقيقي في هذه المنظومة العالمية وفي الكشف عن رداءة النظام المالي التقليدي و
عجزه عن مواجهة هذه الزمة ،وهذه التساؤلت سيجيب عنها التقرير التالي الذي سيوضح التحديات
79
التي تواجه النظام المصرفي السلمي بأنواعها وكيفية مواجهتها.
.1اختلف المدارس الفقهية التي ينتمي إليها أصحاب الفضيلة أعضاء الهيئات الشرعية لهذه
المؤسسات المالية ،ويعتبر هذا التحدي من أخطر التحديات التي تواجه هذه الصناعة حيث أن هذا
الختلف قد يصل لدرجة التحريم فتجد أن الهيئة الشرعية لمؤسسة مالية تمنع أداة من أدوات
الستثمار أو التمويل التي تبيحها هيئة مؤسسة مالية أخرى مما يجعل التعاون بين هذه المؤسسات
المالية مستحيل في محل الخلف وبالتالي يحول بين هذه المؤسسات والستفادة من خبرات بعضها
البعض كما هو حاصل الن من اختلف بين المدرسة الفقهية للصيرفة السلمية في ماليزيا
والمدرسة الفقهية في الشرق العربي.
.2عدم وجود معايير دولية تناسب طبيعة المؤسسات المالية السلمية كمعيار بازل ،على الرغم من
وجود هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية السلمية والتي لدسها الصلحيات لصدار
معايير تضبط عمل هذه المؤسسات.
.3عدم التزام بعض البنوك بالشريعة السلمية ،حيث أن غالبية رؤساء هذه المصارف ل يعرفون
شيئًا عن المعاملت السلمية لكن ذلك ل يعني التشكيك في المصارف السلمية.
.4عدم وجود التشريعات و القوانين الملئمة لطبيعتها من قبل الحكومات في الدول السلمية،
والمشكلة أن القوانين التي تحكم أنشطة المصارف السلمية وخاصة التي تنظم علقتها بالبنك
المركزي مثل معدل الحتياطيات والسيولة النقدية وقيود التمويل ...الخ قد وضعت على نمط القوانين
الغربية والتي ل تلئم طبيعة الستثمار السلمي ،وان إلزامها بهذه القوانين يعرقل من دورها
الستثماري والتنموي.
.5الفتقار إلى الكفاءات و الكوادر المؤهلة ،حيث يتطلب العمل المصرفي تأهيل خاصا وكفاءات
إدارية مدربة تكون على إلمام بطبيعتها المصرفية على اعتبار أنها تختلف عن المصارف التقليدية،
حيث أكد الكثير من الخبراء على ضرورة إعداد كوادر للمصارف السلمية تختار على أساس ترشيح
من الناحية السلمية تحت إشراف هيئة الرقابة الشرعية وعلى ضرورة دمج خبرات كل من كلية
الدارة وكلية الشريعة لنشاء أقسام بجميع الجامعات تجمع مابين العلم الشرعي وعلم القتصاد
لعداد كوادر تفهم العمل المصرفي السلمي.
.6حاجتها لليات تستطيع التوفيق بين رسالتها في التنمية وإعمار الرض والتي تتطلب توظيف
المدخرات في مشروعات طويلة الجل وذات مخاطر مرتفعة وبين رغبات المودعين في سهولة
تسييل الودائع مع قلة المخاطر.
.7ضآلة أحجام البنوك السلمية ) رأس المال ( ،حيث تعتبر رؤوس أموال البنوك السلمية العاملة
حاليا ضئيل جدا مقارنة بالمصارف العالمية حيث أظهرت الدراسات أن قرابة % 75من البنوك
السلمية يبلغ رأس مال كل منها اقل من 25مليون دولر أمريكي فقط ،مما يحول دون تحقيقها
80
الهداف التي أسست من اجلها ويعبق من نموها.
.8ضعف التنسيق والتحالف ،حيث أنه من الظاهر على العمل المصرفي السلمي بين المصارف
العاملة عدم التعاون والتكاتف و التحالف فيما بينها مما يظهر أن هناك نوع من الحسد في ما بينها،
حيث يؤكد هذا من تفرد أكثر من مصرف في العمل وفي منطقة واحدة وبدون أي تحالف يخدم سير
العمل أو يدعم التكاتف في مواجهة اقتناص الفرص لتمويل المشروعات الكبرى مما يفقدها وطأة
القدرة لمنافسة المصارف التقليدية.
.9كما أن البنوك السلمية ليس لديها القدرة على التجديد وطرح منتجات واعدة مختلفة ،المر الذي
يعني صراحة عدم القدرة على إدارة السيولة ،فهي ،إلى حد ما ،تنسخ نفسها وتقلد بعضها بعضا ،مما
يجعلها تتوجه جميعًا نحو قطاعات محددة ،فعلى سبيل المثال هنالك تركيز على القطاع العقاري
وتمويل الصول.
هناك اختلف كبير بين العلماء في جواز التعامل مع النوافذ السلمية ،حيث أن بعضهم ل يحبذ
التعامل مع مثل هذه النوافذ وذلك لحتمال اختلط الحرام بالحلل.
أما الفريق الثاني فيرى أن فتح مثل هذه النوافذ يمثل تجربة جديدة وفرصة جيدة للترويج للمصرفية
السلمية وسيادة القتصاد السلمي ومبادئه في النظام المالي العالمي الجديد ،فلماذا ل نستغلها
ونحاول تطبيق الشريعة السلمية على البنوك التقليدية التي بدأت بفتح نوافذ تطبق نوعا ما مبادئ
الشريعة؟؟؟!
.11غياب الرؤية واستعجال النتائج وهذا ناتج عن قلة دعم البحوث والدراسات المتعلقة بالصيرفة
السلمية ،وهذه الرؤية ل تزال في كثير من الحالت ضبابية لسباب مفهومة ،أهمها صعوبة
الموضوع ووعورة مسالكه.
.12الحملت العلمية ضد المصارف السلمية ،حيث أن النظام القتصادي الغربي القائم علي الربا
يتأمل تجربة البنوك السلمية بوعي بالغ وحذر شديد وكل أعداء التضامن السلمي ل يريدون أن
يتحد المسلمون اقتصاديا وإنما يحبون أن يظلوا علي انقسامهم القتصادي مثلما هم منقسمون
سياسيا ومذهبيا وليس هناك شك في أن تجربة البنوك السلمية لم تزل في سباتها ولم يزل أمامها
طريق طويل وهي ل تعمل في فراغ وإنما في بأية تسيطر عليها البنوك الربوية .
وهذا الهجوم علي البنوك السلمية ل يسفر عن وجهه صراحة وإنما يختبئ خلف أقنعة تبدي الخوف
من التجربة وهي تسعي لقتلعها .وكانت معظم الحملت التي تشنها الصحف والذاعات تحمل
أجندة خفية تركزت علي عدة محاور :
*وصف البنوك السلمية بأنها تتعامل بالربا وإطلق أسم بنوك ) إسلربوية( عليها .
*اتهام البنوك السلمية بأنها تستثمر أموالها بالفائدة في دول الغرب .
*اتهام البنوك السلمية بأنها هيمنت علي أموال المودعين واستغلت عواطفهم وأخذت تتصرف
بأموالهم وفقا لهوائها .لكن البنوك السلمية استطاعت أن تثبت وجودها رغم هذه الحملت
التشويهية بفضل العلماء الجلء والصحوة السلمية المباركة التي قادت هذه البنوك وعملت علي
81
حمايتها بل أن التشهير بها كان سببا رئيسا في رواجها واتساع نطاقها .
.13عدم اكتمال الطار المؤسسي الملئم للبنوك السلمية حيث تغيب عنها بدرجة واضحة
المؤسسات التي تكفل التفاعل بين مختف مكوناتها كمؤسسات مرجعية أي عدم استكمال البنية
التحتية للعمال المصرفية المحلي والدولي.
.14عدم تمكن البنوك السلمية من نقل مدخرات من بلدان غربية إلى بلدان مسلمة فالبنوك
السلمية ليس بوسعها القيام بهذا الدور نظرا لصغر حجمها وبسبب حاجة البلدان السلمية لتحسين
أجوائها الستثمارية وتطوير أسواقها المالية وصلح اقتصاديتها.
.15افتقار البنوك والمؤسسات المالية السلمية للحس البداعي في تطوير منتجاتها المالية،
وتقليدها للمنتجات المالية الموجودة في السواق العالمية ،مما يؤثر على شرعيتها ومدى توافقها مع
روح ديننا الحنيف.
.16أبرز ما تواجهه المصرفية السلمية ،هو أن معظم العمليات المصرفية في البنوك السلمية
موجه نحو التمويل وليس الستثمار ،إلى جانب أن معظم البنوك السلمية تتجه نحو التمويل كونه
قليل المخاطر مقارنة بالستثمار.
حيث أن المؤتمرات ليست حبرا على ورق إذا استفيد منها بالطريقة الصحيحة ونظمت بالطريقة
الصحيحة وهنالك أصل الوراق والفكار التي تطرح والتي ل بد لكل مصرفي أن يستفيد منها ليطور
عمله وعمل المصرف الذي يعمل فيه ،ففي هذه الندوات إذن جدوى ل يمكن إنكارها .
أما بعض المؤتمرات والندوات فقد يكون فيها تكرار لبعض الفكار وتكرار لبعض الوراق ومن دون
مداخلت ،فالمداخلت تعتبر مهمة وتعطي فرصة للمشاركين لكيفية تطبيق مثل هذه المور ،لكن
بشكل عام فالندوات ضرورية وأساسية حتى يعي الكثيرون من العاملين في القطاع المصرفي
السلمي والمؤسسات المالية السلمية والشركات أن هنالك ضرورة لن تكون المنتجات مطابقة
لمقاصد الشريعة السلمية والفتاوى الشرعية الفعلية.
كما أن هذه الندوات المختصة في القتصاد السلمي هي عبارة عن ملتقى عملي وليس نظريا
وغالبية هذه المؤتمرات والندوات في العادة تكون لها محاور مهمة لكن القضية تكمن في متابعة
توصيات تلك الندوات وآلية تنفيذ تلك التوصيات فهي التي تجعل المؤتمر ناجحا أو غير ناجح ،حيث
أن الكثير من الفتاوى التي يتم تطبيقها من قبل المصارف السلمية تكون مرجعيتها من هذه
الندوات.
إن التحدي الكبر في العمل المصرفي السلمي هو تحدي العولمة حيث تزداد درجة المنافسة
الجنبية في داخل عدد من السواق المصرفية العربية في ظل تنامي حركة العولمة والتحرير المالي
82
على نطاق العالم ويقصد بالعولمة زيادة العتماد القتصادي المتبادل للبلدان على نطاق عالمي من
خلل تزايد حجم وتنوع المعاملت التي تتم عبر الحدود في البضائع والخدمات والتدفق الدولي
لرؤوس الموال وكذلك من خلل النتشار السرع للتكنولوجيا ويبدو أن دخول قطار العولمة يحمل
معه الكثير من التحديات المستقبلية وفيما يلي أهم هذه التحديات :
* زيادة حدة المنافسة مع دخول البنوك التقليدية العربية والجنبية في سوق الستثمار السلمي،
وحتى يمكن البنوك السلمية من الستفادة من عملية العولمة أو حتى المشاركة فيها فلبد لها من
تطوير قدراتها التنافسية من حيث التميز الواضح وأخذ زمام المبادرة والبتكار والديناميكية والقدرة
على الستجابة بمرونة وكفاءة وسرعه لحتياجات السواق دونما الخروج على الشرعية وإعادة
تقديم نفسها للسوق السلمي وللعالم ككل .
* عدم الوعي بالخطر الذي يهدد البنوك السلمية وفقدان تقدير أهمية الندماج لتكوين الحجم المثل
للبنك السلمي كخيار استراتيجي .
* مدى قدرة البنوك السلمية على مواكبة الصناعة المصرفية العالمية من ناحية تطوير أنظمتها
وخدماتها ومنتجاتها.
إذا أرادت البنوك السلمية مجاراة التطورات المصرفية العالمية والمحافظة على دورها في أسواقها
المحلية فإن عليها كذلك تطبيق التكنولوجيا المصرفية إلى أقصى الحدود فمع التطورات الحديثة
للتكنولوجيا أصبح بإمكان البنوك الن نقل خبرتها في أسواقها المحلية للتوسع في مناطق جديدة هذا
وقد أصبح بإمكان البنوك التي تتصف بالتقدم التكنولوجي المتطور الدخول إلى أسواق جديدة بأقل
عدد ممكن من الفروع التي تدعمها أجهزة الصراف اللي وتقنيات نقاط البيع والخدمة المصرفية
الهاتفية التي أصبحت تردد كثيرا عبارة ) بيل جينس ( )الصيرفة ضرورية ولكن البنوك ليست
ضرورية ( .وهناك عدة طرق لتأمين خدمات مصرفية الكترونية وهي على سبيل المثال ل الحصر :
أ.بواسطة الهاتف عبر الولوج إلى خدمات مركز التخابر أو ما يسمي call center services
أو خدمة الهاتف المصرفي أو . phone banking
تعاني بعض البنوك السلمية من ضعف هياكلها الدارية والمالية ،حيث أنها تفتقر إلى أدنى
المقومات التي تمكنها من المنافسة في مشروعات استثمارية ضخمة ،بعكس البنوك التقليدية الغربية
83
التي بدأت بحركة اندماج واسعة فيما بينها في كل من المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا.
توقع العديد من الخبراء وجود عدد من التحديات التي تواجه المصرفية السلمية ،وذلك مع تنامي
حجم هذه الصناعة عالميا ،وشهادة الكثير من الخبراء الغربيين حول تميز هذه الصناعة وأدائها
اليجابي في ظل الزمة الراهنة التي ألقت بظللها السوداء على سماء البنوك التقليدية .وفيما يلي
بعض آراء هؤلء الخبراء :
.1الدكتور عز الدين خوجة المين العام للمجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية السلمية :
حيث توقع خوجة أن تواجه صناعة المصرفية السلمية عالميا العديد من التحديات التي تحدد
مستقبلها مع تنامي حجم البنوك السلمية وشركات التمويل والستثمار السلمية في العالم إلى نحو
450مليار دولر.
وأوضح خوجة أن أولى هذه التحديات تتعلق برضا العملء ،حيث أن الصورة الذهنية حول البنوك
السلمية غير صافية ،ونقية وتشوبها بعض الشبهات ،مع نمو حجم الودائع لدى الصناعة المالية
السلمية في الخليج العربي إلى 58مليار دولر في عام ،2005إلى جانب عدم القتناع بوجود
فوارق جوهرية بين المنتجات السلمية وغيرها ،والشعور بعدم اللتزام الديني الكامل من قبل
العاملين في المؤسسات المالية السلمية ،ووجود انتقادات لعديد من الممارسات مع عدم اللتزام
بطبيعة العمل المصرفي وقصور المؤسسات المالية السلمية في تثقيفهم وتبيان أساليب عملهم.
كما أضاف خوجة أنه يمكن إزالة هذا التحدي من خلل تنوير العملء بطبيعة العمل المصرفي
السلمي ،وبيان تميزه في آلياته ووسائله ومنتجاته ،وتوضيح مبررات التوافق أو الختلف مع
العمل المصرفي التقليدي ،والستماع إلى آراء العملء بهذا الخصوص.
وشمل التحدي الثاني الذي تواجهه الصيرفة السلمية ،وفق الدكتور خوجه ،تدريب الكوادر البشرية
مع تنامي عددهم إلى نحو 250ألف موظف نصفهم في منطقة الشرق الوسط ،ومنهم 85في المائة
خلفيتهم المالية من المصرفية التقليدية ،مشددا على ضرورة توافر خبرات مزدوجة لهذه الكوادر،
وأن تتوفر لها المعرفة الفنية المصرفية والحد الدنى من المعرفة الشرعية.
وبين خوجة أنه بالرغم من وجود عدد من المعاهد ومراكز التدريب في المؤسسات المالية السلمية
والبنوك المركزية ،إل أن تحدي تدريب الكوادر البشرية ل يزال قائما.
وأشار خوجة إلى أنه على مستوى الجامعات والمراكز الكاديمية ،هناك فصل تام بين الواقع العملي
والعلمي ،مع عدم تناغم المنهج النظري والحتياجات العملية ،إلى جانب مستوى المعاهد ومراكز
التدريب والتي غالبا تتشابه وتتكرر عناوين الدورات ومواضيعها فيها ،مع تكرار نفس أسماء
المحاضرين في مختلف الدورات التدريبية.
وفيما يتعلق بجانب تحدي مستوى الخدمات والمنتجات ،أكد خوجه أن من أبرز ما تواجهه المصرفية
السلمية ،هو أن معظم العمليات المصرفية في البنوك السلمية موجه نحو التمويل وليس
84
الستثمار ،إلى جانب أن معظم البنوك السلمية تتجه نحو التمويل كونه قليل المخاطر مقارنة
بالستثمار.
وأضاف خوجة ،أن الختلف بين البنوك في استخدام المنتج الواحد كالعقود والنماذج وغيرها،
وغياب الشفافية والنمطية والتوثيق الكامل للمنتجات المر الذي يؤدي بالمتعاملين مع المصارف
السلمية إلى عدم فهم الصناعة وتقديرها ،وعدم توافر بيئة مناسبة لستحداث منتجات جديدة،
والتسرع في طرح المنتجات من دون وجود مرجعية للصناعة تضبط عملية التطوير وحمايتها.
كما أكد خوجه أن واقع البنوك السلمية ،هو محاكاة للبنوك التقليدية في تحديد تكلفة عمليات
التمويل ،وأن هذا السلوب يؤدي إلى تنامي عدم مصداقية العملء ،ويفقد البنوك السلمية أي تميز
واستقللية ،مشددا على أهمية إيجاد مؤشر ربحية بديل عن سعر الفائدة لقياس عائد عمليات
التمويل ،وتكوين إدارات متخصصة لمتابعة تطوير وتنفيذ عمليات المساهمات والمشاركات بمهنية
عالية وبأقل التكاليف.
وشخص خوجة التحدي الخير الذي يواجه صناعة المصرفية السلمية على مستوى المنظومة
الشرعية ،والتي لها إيجابيات كبيرة كإصدار المعايير الشرعية ،وتنامي الثقافة الفقهية المصرفية
داخل المؤسسات المالية السلمية ،وغيرها ،إل أن سلبيات كثيرة تواجهها.
ومن ضمن هذه السلبيات ـ وفقا لخوجة ـ عدم تفرغ أعضاء الهيئات الشرعية ،بما يمكنهم من
المبادرة بالمتابعة والرقابة المستمرة على المؤسسات ،وعدم وجود آليات ومنهج للرقابة الشرعية
يساعد الجيل الجديد من المدققين الشرعيين في المؤسسات ،وعدم التنسيق بين فتاوى الهيئات
الشرعية وتباين واختلف بينها في قضايا ومسائل حساسة ،وعدم وجود آلية مؤسساتية لخراج
الكوادر المؤهلة من العلماء.
وأضاف خوجة أن تقديم الحلول أهم من تشخيص التحديات ،وبخاصة في المؤسسات المصرفية
العاملة في بلد غير إسلمية ،وأن من ضمن هذه الخطة العشرية تأسيس المركز السلمية الدولي
للمصالحة والتحكيم ،والذي يعمل من منظور إسلمي خالص.
وأبان خوجة أن المركز يهدف إلى حل النزاعات التي قد تحصل بين البنوك السلمية بأسرع وقت
بعيدا عن القضاء الذي قد تتأخر لديه القضايا طويل ،خاصة أن البنوك السلمية بدأت تنتشر أفقيا
والتوسع دوليا وتأسيسها بنوكا أخرى خارج دولة مقرها .وعلق المين العام للمجلس العام للبنوك
والمؤسسات السلمية على الندوة ،مبينا أن تميزت بالحضور الكاديمي والعلمي من أساتذة جامعات
السعودية ،وأن هذا ما يمح إليه رواد المصرفية السلمية من تقريب لوجهات النظر وبيان أوجه
الخلف ،ودعم الجيل الجديد من العلماء التخصصين في الفقه والشريعة.
.2البروفيسور رفعت عبد الكريم ،المين العام لمجلس الخدمات المالية السلمية :
حيث أكد البروفيسور أنه بعد أن أثبتت المصرفية السلمية جدواها وأداءها المالي المتميز بشهادة
الكثيرين من خبراء المال والقتصاد في العالم الغربي والشرقي ،فقد بدأت كثير من التحديات التي
كانت تواجهها في بداية مسيرتها في طريقها للزوال ،غير انه بل شك هناك تحديات متبقية وقد تكون
برزت نتيجة لفرازات وانعكاسات الزمة المالية العالمية التي أصبحت فيما بعد أحد أهم أسباب
تقديمها للعالم كأحد الحلول الناجعة لمشكلت النظام المالي العالمي.
85
ويعتقد عبد الكريم أن أهم هذه التحديات يكمن في كيفية تمكين الصناعة المصرفية السلمية في أن
يكون لها أثر وحضور قوي في إعادة بناء النظام المالي الدولي الذي يتهاوى الن ،إذ أن الزمة
المالية العالمية أثبتت فشل النظام المالي العالمي ،وهناك مشاورات لعادة بناء هذا النظام ،وهذه
فرصة حقيقية للمصرفية السلمية للمساهمة في عمليات معالجات أبعاد تلك المشكلة ،التي أصبحت
الن مطلبا مصرفيا عالميا لعادة هيكلة النظام المالي العالمي المتهالك ،خاصة أن لدى المصرفية
السلمية الكثير من المقّومات التي يمكنها أن تقدم نموذجا ماليا عالميا محصنا بموانع النهيار.
لذلك يرى عبد الكريم أنه ل بد من البحث بجدية في كيفية تطوير النظام المصرفي السلمي حتى من
داخله ،ليواكب التغيير المتسارع في النشاط القتصادي والنشاط المالي وفي احتياجات الناس ،مع
المحافظ على أسسه الشرعية ،علما أن هذه التحديات التي تقف في وجه المصرفية السلمية قد شّكل
لها المجلس لجان عمل خاصة لبلورة الرؤية ومن ثم معالجة ومواجهة التحديات بمهارة واقتدار
كبيرين .
.3رئيس مجموعة البنك السلمي للتنمية الدكتور أحمد محمد علي :
حيث اعتبر الدكتور أن غياب أو ضعف البنية الساسية القانونية أهم التحديات التي تواجه الصناعة
المالية السلمية ،مشيرا إلى أن كثيرا من الدول التي تقدم الخدمات المالية السلمية تعمل وفق
أنظمة وقواعد شرعت للصناعة المالية التقليدية.
وقال علي إن من التحديات التي تواجه الصناعة المالية السلمية عدم التوافق على نظام لتسوية
الخلفات والنزاعات التي تنشأ في الصناعة المالية السلمية علوة على قلة المتخصصين فيها،
منوها إلى أن الزمة المالية العالمية التي عصفت ببنوك العالم ومؤسساته المالية كان تأثيرها
محدودا في المؤسسات المالية السلمية بسبب طبيعة الصناعة المالية السلمية القائمة على
المشاركة في الربح والخسارة والعمليات التي تسندها أصول حقيقية.
وبّين علي أن الصناعة المالية السلمية بدأت في سبعينات القرن الماضي بداية متواضعة بإنشاء
اللبنات الولى من المصرفية السلمية ،وكان أكبر حدث حينذاك إنشاء البنك السلمي للتنمية عام
1975كمؤسسة دولية تعمل وفقًا للشريعة السلمية وإنشاء بنك دبي السلمي.
وأضاف علي إن إجمالي تمويلت البنك بلغت حتى نهاية العام الماضي 56.89مليار دولر لمختلف
الدول العضاء ،موضحًا أنه كان سباقًا في إصدار الصكوك المتوافقة مع الشريعة السلمية على
النطاق العالمي ،ساعده في ذلك التصنيف المرموق الذي ناله من أكبر ثلث وكالت تصنيف في
العالم.
.2تنظيم الصناعة المصرفية والشراف عليها ،وضمان سلمة نظام التمويل وتحسين سياسة الرقابة
المصرفية.
.3تحقيق الندماج فيما بين البنوك السلمية لتحقيق هدف الحجم المثل الذي يستطيع التنافس مع
86
البنوك التقليدية في عصر العولمة.
.4تحديث النظمة وتقديم الخدمات المالية المتطورة لمواجهة المنافسة الدولية ،وتوسيع قاعدة
المساهمين ،والفصل بين الدارة والملكية ،وإعادة هيكلة الشركات التابعة ،والتقيد بمعايير هيئة
المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية السلمية ،وتطبيق معايير مجلس الخدمات المالية السلمية
الذي يضم في عضويته الجهات الرقابية المحلية والدولية.
.5تنظيم الدورات المتخصصة وورش العمل بالتعاون مع الهيئات الدولية مثل المجلس العام للبنوك
والمؤسسات المالية السلمية ومعهد التدريب بالبنك السلمي للتنمية .
.6اللتزام التام بمبادئ الشريعة السلمية واستثمار المزيد من للجهود والموال في تحسين خدمات
العمل المصرفي ،والتوسع في الخدمات المقدمة لتغطية الطلب الكبير والهتمام المستمر بالجودة
والكفاءة في الداء المالي والداري.
.7تنوير العملء بطبيعة العمل المصرفي السلمي ،وبيان تميزه في آلياته ووسائله ومنتجاته،
وتوضيح مبررات التوافق أو الختلف مع العمل المصرفي التقليدي ،والستماع إلى آراء العملء
بهذا الخصوص.
.8تطوير المنتجات السلمية التي تجد رواجا وإلغاء الضعيف منها مع توفير البديل الفضل المتوافق
مع الشريعة السلمية.
.9يجب دعم البحوث والدراسات التي تؤصل الرؤية وترسم المعالم الساسية للنظام السلمي
المنشود ،وتسهم من ثم في بلورة خطة منهجية لتحقيقه.
وفي الختام فإن المصارف السلمية قادرة على إكمال الطريق التي بدأته ،وعلى مواجهة أي أزمة
تقف عائقا في طريقها ،وذلك لسبب واحد أل وهو أن النظام المالي السلمي منبثق وملهم من شرائع
إلهية ل نقص فيها ول بطلن.
وقد جاء الوقت المناسب لعلء صوت النظام المصرفي السلمي الذي تبين أنه يتميز بالتوازن
والستمرارية برغم الظروف والجواء المحيطة به.
ومن الضروري على البنوك والمؤسسات المالية السلمية أخذ الحيطة والحذر في التعامل مع الغير
خصوصا بعد اندلع هذه الزمة التي وأدت الكثير من البنوك التقليدية التي أظهرت عجزها وانتهاء
صلحيتها.
87
"إن المسلمين يستطيعون التحايل على ربهم بما
ل نستطيع أن نتحايل به على قضاتنا!" ،جملة
قالها أحد محاميين الغرب تصدعت لها قلوبنا
ولكنها للسف أصابت كبد الحقيقة ،قالها تعليقا
على ما تقوم به بعض المصارف السلمية من
التحايل على الربا .........
"إن المسلمين يستطيعون التحايل على ربهم بما ل نستطيع أن نتحايل به على قضاتنا!" ،جملة قالها
أحد محاميين الغرب تصدعت لها قلوبنا ولكنها للسف أصابت كبد الحقيقة ،قالها تعليقا على ما تقوم
به بعض المصارف السلمية من التحايل على الربا ،وذلك بعد انتشار ظاهرة أسلمة التعاملت البنكية
لتكون بديل عن منتجات ربوية ،ومن تلك المنتجات التي ثارت حولها قضايا واعتمدتها معظم البنوك
السلمية والتقليدية -التي تقدم منتجات مالية إسلمية -في معاملتها ،ما يسمى بمقلوب التورق
أو التورق العكسي الذي جاء بديل للوديعة لجل في البنوك التقليدية
فما هو التورق بداية وما هي الوديعة لجل وما المقصود بمقلوب التورق ؟
التورق لغة :طلب الورق أي الدراهم
اصطلحا :شراء سلعه لبيعها إلى آخر غير بائعها الول ،للحصول على النقد
فالتورق أو ما يسمى التورق الفردي :هو الحصول على النقد من خلل شراء سلعة بأجل ثم بيعها
نقدا لطرف آخر غير البائع ) .وهذا من المنتجات التي وافق عليها المجمع الفقهي (.
والوديعة لجل هي أن يودع العميل مبلغا من المال لدى البنك ويلتزم البنك له في المقابل بإعادة
المبلغ بأكثر منه بنسبة متفق عليها بعد مضي فترة محددة )الجل( وهذه من صور الربا التي حرمها
السلم.
أما المقصود بـ "التورق العكسي" أو "مقلوب التورق )والذي يسمى أيضًا بـ المرابحة العكسية ،
والستثمار المباشر ،والستثمار بالمرابحة( :أن العميل )الموِدع( يوكل البنك في شراء سلعة
88
معينة ،ويسلم العميل البنك الثمن نقدًا ،ثم يقوم البنك بشراء هذه السلعة من العميل بثمن مؤجل ،
وبربح يتم التفاق عليه مع العميل .
وهذه المعاملة محرمة أيضا ،وهي ل تختلف عن التورق المنظم الذي تجريه البنوك ،إل في تبدل
الدوار بين العميل والبنك ،فالصل أن العميل هو المشتري ،والبنك هو البائع ،والمر هنا
بالعكس ،لذلك هم يسمونها "التورق العكسي"
والتورق المنظم هو أن يتولى البائع ترتيب الحصول على النقد للمتورق ،بأن يبيعه سلعة بأجل ثم
يبيعها نيابة عنه نقدًا ويقبض الثمن من المشتري ويسلمه للمتورق .وهناك مفهوم آخر هو التورق
المصرفي ،حيث كثيرًا ما يستخدم هذا المصطلح رديفًا للتورق المنظم .لكن يمكن التمييز بينهما بأن
التورق المصرفي هو تورق منظم يسبقه مرابحة للمر بالشراء ،حيث المر بالشراء هو المتورق.
والسبب أن المصارف في الغالب ل تملك سلعًا ابتداء ،فإذا رغب العميل في الحصول على النقد من
خلل التورق المنظم عبر المصرف ،تطلب المر شراء المصرف السلعة لمر المتورق ،ثم بيعها عليه
بأجل ،ثم بيعها نقدًا وتسليم النقد للعميل .وبهذا تحول المصرف من كونه عنصرا في العملية الحقيقية
إلى مجرد مصدر للنقد ،فوجود السلع صوري ول يقوم المصرف بامتلك أي من السلع التي يوقوم
العملء بشراءها بواسطة التورق ولذلك كان القرار بمنع التورق المنظم.
ولكن المر لم يتوقف عند هذا الحد ،فقد جاء منتج جديد ليسيطر على التعاملت المصرفية وليحول
جانب الستقطاب في المصارف إلى طريق الخطأ والخلل ،وهذا المنتج ما هو إل مقلوب التورق
"التورق العكسي" ،فأصبح هذا المنتج هو مصدر النقد للمصرف ،وأصبح التمويل النقدي )نقدا بنقد(
هو أساس نشاط الكثير من المصارف السلمية ،وبذلك كان الخلل في دور المصرف السلمي
الحقيقي والذي يقوم على أساس الستثمار والنشاط الحقيقي في جانبي الصول والخصوم ،وقد
أصدر مجمع الفقه السلمي قرارًا بعدم جواز التورق المصرفي في العام 2003بعد انتشار المما
رسات المخالفة لقرار مجمع الفقه السلمي الخاص بجواز التعامل بالتورق في العمل المصرفي .
-إن المصرف مراده أن تكون السلعة ملكه ،لنه هو الذي سيشتريها ،وهو يعد العميل بذلك من أول
89
المر .فشراؤه نيابة عن العميل مشروط بأنه سيشتري نفس السلعة من العميل ،وهذا يناقض كونه
وكيل عنه ،إذ أن الوكالة تعني التصرف لمصلحة الموكل )العميل( ،والمصرف بهذه المعاملة يتصرف
لمصلحته هو وبالتالي فل يمكن للمصرف أن يشتري سلعة للعميل وهو ل يستطيع شراءها لنفسه ،بل
إن المصرف هو الذي يحدد السلعة والسمسار أو الوسيط وكل ما يتعلق بشراء السلعة فيكون بذلك
المصرف هو المشتري الحقيقي وليس العميل.
وبهذا فل يمكن للمصرف أن يشتري السلعة من العميل إذ ان السلعة ملك للمصرف أصل وأصبح
قبض المصرف للنقد قبض ضمان وليس قبض أمانة ،وتصبح المعاملة عبارة عن تبادل نقد حاضر
ودين مؤجل في ذمة المصرف ،وهذا هو المنتج وغرضه بالساس.
-إن المصرف يعلن عن المنتج ويسوقه على أساس أنه استثمار مضمون الثمن الجل ،فهو يلتزم
بشراء السلعة من العميل بعد شرائها نيابة عنه )على افتراض صحة التوكيل( ،وهذا اللتزام غير
صحيح لنه يقع قبل تملك المصرف للسلعة وبالتالي فهو ممنوع ،ويتعذر منع اللتزام في منتج
التورق العكسي لن هذا هو الهدف من المنتج أساسا ،حيث يسوق المنتج على أنه بديل للوديعة
لجل ،وبحال امتنع المصرف عن اللتزام بأمر الشراء فإن المنتج يفقد خاصية مهمة وبالتالي ل
وجود للمنتج.
-نص عدد من الفتاوى المعاصرة على أن الصل منع توكيل العميل المر بالشراء في المرابحة
المصرفية ،فقد قررت الهيئة الشرعية الموحدة لمجموعة البركة أن الصل عدم جواز توكيل البنك
الواعد بالشراء والتسلم لن ذلك يفقد المرابحة معناها" )الفتوى .(3/10وأكد ذلك توصيات ندوة
البركة للقتصاد السلمي ) (9/7التي قررت "الخذ بالرأي القائل بعدم جواز هذا التوكيل" كما أكدت
"على أن يكون دفع دفع الثمن مباشرة دون توسط المر بالشراء" ،ونص المعيار رقم 8لهيئة
المعايير بالبحرين على أن " الصل أن تشتري المؤسسة السلعة بنفسها مباشرة من البائع ويجوز
لها تنفيذ ذلك عن طريق وكيل غير المر بالشراء ول تلجأ لتوكيل العميل )المر بالشراء( إل عند
الحاجة الملحة" .كما نص المعيار على أنه في حالة توكيل العميل ،يجب أن تباشر المؤسسة دفع
الثمن للبائع بنفسها وعدم ايداع ثمن السلعة في حساب العميل الوكيل .وكان مجمع الفقه السلمي قد
نص في الدورة الثالثة قرار ) (1على أن "الفضل أن يكون الوكيل بالشراء غير العميل المذكور إذا
تيسر ذلك".
كل ما سبق يقتضي منع التورق العكسي "مقلوب التورق" لن جميع القرارات تقتضي منع توكيل
المدين )البنك( بصفة دائمة ،كما أنها تصرح في حالة التوكيل بمنع تسليم الثمن للوكيل )البنك( ،وهذا
يمنع أهم عناصر مقلوب التورق القائم على تسليم المتورق المبلغ نقدا للبنك.
-يعتبر هذا المنتج أسوأ من منتج التورق المنظم الذي صدر قرار بمنعه على الرغم من وجود ثلث
أطراف في العملية ،وذلك أن التورق المنظم يجعل البائع )الدائن( وكيل في البيع النقدي ،فيقبض
النقد من طرف ثالث )نظريا على القل( ويسلمه للمدين ،أما في مقلوب التورق فالنقد يسلم مباشرة
من الدائن للمدين ،فإذا كان وجود طرف ثالث لتحصيل النقد لم ينف تهمة التحايل على الربا عن منتج
التورق المنظم فمن باب أولى إثبات هذه التهمة على منتج مقلوب التورق.
-إن المعاملة في حقيقتها ل تختلف عن الوديعة لجل ،والجميع يعلم هذه النتيجة سواء من العملء
أو من المصارف ،والسلعة ما هي إل "حريرة" ليس لي الطرفين فيها مصلحة ول غرض إل تحليل
90
مبادلة نقد حاضر بمؤجل بين البنك والعميل ،وهذا هو ربا النسيئة المجمع على تحريمه.
-أخيرا فإن مثل هذه الحيل ثؤثر سلبا على صورة القتصاد السلمي ،وقد حصل نزاع في قضية بين
أحد المصارف السلمية وبين أحد عملئه ،حيث ادعى العميل أن التفاقية التي جرت بينه وبين ذلك
المصرف ل تمثل تمويل إسلميا ليتنصل من التزاماته ،ورفعت القضية للقضاء النجليزي الذي علق
على القضية " لو كان الحكم في هذه القضية وفقا للشريعة السلمية لكان القرب أن يكسب المدعي
القضية" أي لكان القرب بطلن العقد .وهذا ما دعا ذلك المحامي لقول " إن المسلمين يستطيعون
التحايل على ربهم بما ل نستطيع أن نتحايل به على قضاتنا".
فقد جاء فيه ما نصه" :فإن مجلس المجمع الفقهي السلمي في رابطة العالم السلمي في دورته
19المنعقدة في مكة المكرمة ,قد نظر في موضوع) :المنتج البديل عن الوديعة لجل( ،والذي تجريه
بعض المصارف في الوقت الحاضر تحت أسماء عديدة ،منها :المرابحة العكسية ،والتورق العكسي
أو مقلوب التورق ،والستثمار المباشر ،والستثمار بالمرابحة ،ونحوها من السماء المحدثة أو التي
يمكن إحداثها.
والصورة الشائعة لهذا المنتج تقوم على ما يلي:
.1توكيل العميل ) المودع ( المصرف في شراء سلعة محددة ،وتسليم العميل للمصرف الثمن
حاضرًا.
.2شراء المصرف للسلعة من العميل بثمن مؤجل ،وبهامش ربح يجري التفاق عليه.
وبعد الستماع إلى البحوث والمناقشات المستفيضة حول هذا الموضوع ،قرر المجلس عدم جواز هذه
المعاملة؛ لما يلي:
.1أن هذه المعاملة مماثلة لمسألة العينة المحرمة شرعًا ،من جهة كون السلعة المبيعة ليست
مقصودة لذاتها ،فتأخذ حكمها ،خصوصًا أن المصرف يلتزم للعميل بشراء هذه السلعة منه.
.2أن هذه المعاملة تدخل في مفهوم )التورق المنظم( ،وقد سبق للمجمع أن قّرر تحريم التورق
المنظم بقراره الثاني في دورته ،17وما علل به منع التورق المصرفي من علل يوجد في هذه
المعاملة.
.3أن هذه المعاملة تنافي الهدف من التمويل السلمي ،القائم على ربط التمويل بالنشاط الحقيقي،
بما يعزز النمو والرخاء القتصادي.
والمجلس إذ يقدر جهود المصارف السلمية في رفع بلوى الربا عن المة السلمية ،ويؤكد أهمية
91
التطبيق الصحيح للمعاملت المشروعة والبتعاد عن المعاملت المشبوهة أو الصورية التي تؤدي
إلى الربا المحرم ,فإنه يوصي بما يلي:
.1أن تحرص المصارف والمؤسسات المالية علــى تجنب الربا بجميع صوره وأشكاله؛ امتثاًل لقوله
ن(.
ن ُكْنُتْم ُمْؤِمِني َ
ن الّربا ِإ ْ
ي ِم َ
ل َوَذُروا َما َبِق َ
ن آَمُنوا اّتُقوا ا َّ
سبحانه )َيا َأّيَها اّلِذي َ
.2تأكيد دور المجامع الفقهية ،والهيئات العلمية المستقلة ،في ترشيد وتوجيه مسيرة المصارف
السلمية؛ لتحقيق مقاصد وأهداف القتصادي السلمي.
.3إيجاد هيئة عليا في البنك المركزي في كل دولة إسلمية ،مستقلة عن المصارف التجارية ،تتكون
من العلماء الشرعيين والخبراء الماليين؛ لتكون مرجعًا للمصارف السلمية ،والتأكد من أعمالها
وفق الشريعة السلمية .وال ولي التوفيق ,وصلى ال وسلم على نبينا محمد ,وآله ,وصحبه".
" لم يظهر لي مانع شرعي من القول بجوازه )يقصد المنتج( واعتباره بديل شرعيا عن استثمارات
الحسابات الجارية والودائع الستثمارية وذلك على سبيل الفوائد الربوية ،فل شك أن هذا المنتج
سيقضي على التساؤلت المتكررة وطرحها واستنكار استحواذ المصارف على النتفاع بالحسابات
الجارية دون أصحابها ،فالمصرف يطرح هذا المنتج على أصحاب الحسابات الجارية ويتيح لصاحب
الحساب الستفادة من حسابه بطريقة شرعية يستطيع بها أن يجد الباب مفتوحا أمامه للسحب من
مديونيته على المصرف متى شاء على سبيل "ضع وتعجل" كما يجد الباب مفتوحا أمامه لتوظيف ما
يتوفر لديه من مبالغ في عمليات تورق مع المصرف"
خاتمة
قامت البنوك السلمية أساسا لتحارب فكرة التعامل بالربا والفوائد ،ولكن ما حدث أن البنوك
السلمية وقعت فريسة التحايل فخرجت منتجات مؤسلمة ظاهرها إسلمي وباطنها ربوي ،ول سبيل
للنهوض من هذه العثرات إل عن طريق تكثيف الجهود لتخريج جيل واعي له معرفة تامة بالمور
الفقهية وبأمور القتصاد السلمي ،فبطون الكتب ملئى بالمنتجات السلمية التي بحاجة لمن
يستخرجها ويكيفها لما وصل إليه القتصاد اليوم.
-1المشاركة :هي الفكرة البديلة عن فوائد الموال لنها تلعب دورا حيويا في القتصاد القائم على
المبادئ السلمية.
-2بطاقات الئتمان :حيث تتنوع الحيل ،فمن بطاقات قائمة على الجرة وحقيقتها فائدة القرض إلى
92
بطاقات قلب الدين التي تجمع بين السلف والبيع.
-3المرابحة العكسية )بديل الودائع بفائدة في المصارف التقليدية(.
نحن بحاجة فعل لمنتجات مالية إسلمية حقيقية خادمة لهداف القتصاد السلمي ،فالقتصاديات
المعاصرة اليوم متجهه نحو القتصاد السلمي لن منظومة القتصاد المعاصر انتجت الكثير من
الزمات والمشكلت وبدأت القناعات تتوالى ووتكاثر عند الغرب بان نظم القتصاد السلمي تمتلك
الليات والتصورات للخروج من المشكلت التي عصفت بالقتصاد المعاصر وأصبح التعامل
بالمنتجات السلمية بمثابة طوق النجاة لمعظم البنوك العالمية التي أصبحت تتعامل بتلك المنتجات.
فمتى سيأتي اليوم الذي نتعامل فيه بمنتجات مالية إسلمية %100وليست بديل عن منتج
تقليدي؟؟؟!
93
كوسيط مالي أو أن تعمل كتجار ومنتجين ورجال أعمال؟ بعد أن نؤكد دور المصارف السلمية
كوسيط مالي سننتقل لجراء فحص دقيق لما تنطوي عليه مسألة الوساطة المالية .وإذا ميزنا
جوهر تلك الوساطة بأنها تقسيم العمل والتخصص ،وهما آليتان للتقدم النساني على مدى
التاريخ ،فإن عليه الوساطة في تطوير رفاهة النسان من خلل توسيع النتاج وتقليل التكلفة
بارزة واضحة .وإننا نرى أن المجتمعات الحديثة ل يمكن أن تعمل دون وسائط مالية ،وهي
أيضا لزمة لي مجتمع إسلمي معاصر .
والمصارف السلمية التي أعدت جيًدا للضطلع بهذا الدور ل يمكنها أن تتخلى عن وظيفة
الوساطة لغيرها ،وهى عملّيا تقترب رويًدا نحو النغماس في العمل المباشر .وذلك مما يسهل
على المصارف الخرى الضطلع بالخدمات المالية ويؤدي من ثم إلى تهميش المصارف
السلمية .هناك بل ريب حاجة للتغيير .
المصارف السلمية كوسيط مالي
لقد كان هناك تجار ومنتجون ورجال أعمال مسلمون قبل إنشاء المصارف السلمية ،وبعض
أولئك كانوا يستخدمون أموال الغير مع اعتبارهم مساهمين أو مشاركين غير فاعلين )
. (sleeping partnersإن التجار في البضائع والخدمات ليس هو الغرض الذي أنشأت
من أجله المصارف السلمية ،بل كان يرجى من المصارف السلمية أن تؤمن للمسلم نفس
الخدمات التي تقدمها المصارف التقليدية ،حتى يتمكن المسلم من تفادى دفع أو أخذ الفائدة ،على
أن يتقاضى في نفس الوقت ربحا عن ادخاره أو تمويله لعمال التجارة ،الخ .
كانت مهمة المصارف هي القيام بالوساطة المالية ،برغم أنها ظلت تقوم بوظائف أخرى تتماشى
مع طبيعتها دون أن تؤثر فيها سلبا .إن المهمة الساسية هي العمل على تحريك مدخرات مليين
الناس من ذوي الدخول على صورة ودائع وتهيئة هذه الموارد للف من رجال العمال
لستثمارها .وبرغم أن هناك هيئات ومؤسسات أخرى تقوم بدور الوساطة كما سنرى بعد قليل ،
إل أن سهولة وصول الرجل العادي للمصارف أكثر منها لي مؤسسة أخرى .أما إذا لم تقم
عا كبيًرا من الناس سيعاني لن الرجل العادي ينظر إلى المصارف بهذه الوظيفة فإن قطا ً
المصارف بأنها الجهة الوحيدة التي تقبل الودائع تحت الطلب ،وهو ما ل بد له منه على كل
الحوال .كما أن هناك قطاعا واسعا من الناس يصعب عليه التعامل مباشرة مع السهم والسندات
والدوات المالية .دعنا ننظر عن كثب للوساطة المالية :
طبيعة وأهمية الوساطة المالية
أولئك الذين يتمكنون من جمع بعض المدخرات يبحثون عن وسائل لزيادة تلك المدخرات
باستثمارها .الذين يضطلعون بالعمال التجارية يبحثون عن الموارد التي يمكن أن يستخدموها.
وهم مستعدون أن يتحملوا التكلفة .التكلفة في النظام الربوي ،في غالب أحوالها ،تكون هذه التكلفة
صة في الربح الفعلي الناتج في صورة معدل فائدة مقطوع .في النظام اللربوي تكون التكلفة ح ّ
ِمن استخدام الموارد .وسواء كان النظام ربويا أو خاليا من الربا فإن بحث هذين الشخصين عن
بعضهما البعض لعقد صفقة سيكون صعبا جدا .إذ ل بد من توافق يتعلق بحجم الموارد والفترة
الزمنية التي يحتاج إليها ويتم التمويل بمقتضاها .على رجل العمال أن يتفق مع عدد من ذوي
الموارد قبل حيازته للموارد الكافية .هذا الجراء يحتاج إلى وقت .أما صاحب المورد المالي
فعليه أن يتصل بعدد من رجال العمال قبل أن يجد رجل العمال الذي يقبل عرضه للفترة
الممنوحة .كما أن الفشل في تطابق الفترة الزمنية المطلوب لها العتماد المالي عرضا وطلبا
يجعل من العسير تأمين استمرارية العرض والطلب .ثم هناك صعوبة متزايدة تتعلق بالمخاطرة.
وكما سنلحظ هناك عدة أنواع من المخاطرة تتعلق باستثمار الموارد بغرض الربح ،وبعض هذه
المخاطر ل يمكن التنبؤ بها .وإذا افترض وجود التطابق المتعلق بالحجم والزمن ،فإن كثيرا من
المشاريع قد ل تناسب بعض المدخرين لطبيعة المخاطرة التي تنطوي عليها .وبصرف النظر عن
مخاطر العمل التجاري هناك أيضا مخاطر المماطلة ،بل حتى الخوف من الحتيال المباشر .
وبسبب هذه المتاعب كثيرا ما يعمد صغار المدخرين للبحث عمن يعرفونه ويثقون فيه .كل ذلك
94
قد يؤدي إلى تأخير النتائج وإلى كنز )غير متعمد( للموارد المالية .
التمويل المباشر الذي تعقد فيه صفقة مباشرة بين مالك التمويل )المدخر( ومستخدم التمويل
)المستثمر( غير فعال .وعدم فعاليته تشبه تماًما عدم فعالية المقايضة .أيضا إن كان ل بد
للمدخرين من البحث عن المستثمرين ،ول بد لهؤلء من البحث عن ممولين ،فإن عائد المدخرين
سيكون حتما أقل من إجمالي تكلفة الموارد للمستثمرين .أصحاب الموارد سيخصمون تكلفة
البحث إضافة إلى أي مخاطر إضافية ناتجة عن عدم التأكد من جدارة وأمانة المستثمر .قلة العائد
على الموارد ستثبط الدخار .وارتفاع تكلفة الموارد تؤدي إلى تثبيط الستثمار .النتيجة النهائية
للقتصاد ستؤول إلى حجم إنتاج أقل ،وظائف أقل ،دخول شحيحة واقتصاد ضعيف إذا ما قورن .
بما يمكن إحرازه من خلل الوساطة المالية .إن الوساطة تعتبر بل ريب من عوامل الرفاهة.
دور الوساطة المالية
ل تساعد على الوساطة المالية قادرة على إزالة مثالب التمويل المباشر بعدة طرق .فهي أو ً
الفصل بين قراري الدخار والستثمار في إنتاج حقيقي .وبما أن هذا الخير يحتاج لمعلومات
وخبرات تتجاوز ما هو متاح للمدخر العادي ،فإن تقسيم العمل والتخصص يزيدان موارد المة.
إن الفصل بين هاتين الوظيفتين والمباعدة بين إدارتي القطاع المالي للقتصاد وقطاعه الحقيقي
أصبحت الن سمة راسخة للقتصاد الحديث .ويتسع القطاع الحقيقي عندما يهيمن المشتغلون في
ذلك القطاع على الموارد اللزمة بشروط مقبولة .وكلمة "مقبولة" لها أبعاد متعددة :الفق
الزمني ،حجم الموارد ،المخاطرة ،التكلفة ،السرعة والمرونة ،تلك هي بعض البعاد .وتتباين
الهمية النسبية للبعاد من عملية لخرى .على أن المنافسة تجعل أرباب العمل يسعون دائما
لتحسين الصفقات التي يعقدونها .وينشأ الضغط التنافسي غالبا في قلوب وعقول الناس الذين
يبحثون عن منتجات أفضل بأسعار أقل ،مضافا إليها خدمات أخرى مما يحسن في الصفقة
)ضمان الجودة ،سرعة التسليم ،الصيانة ،الصلح والستمرار في العرض( .
ويندرج في مسألة الفصل هذه أيضا المعالجة المؤسساتية التي لم تكن معروفة في الماضي.
أصبحت المؤسسات هي التي تضطلع بتحريك الدخار وتوجيهه للمستخدمين في القتصاد
الحقيقي ،أكثر مما يفعل الفراد .إن الخطوات العديدة اللزمة لتحويل الموارد من المدخر النهائي
إلى المستخدم النهائي قد قسمت وأعيد تقسيمها إلى وظائف تمكن القائمون عليها ومن خللها أن
يقللوا التكلفة ويحسنوا الخدمات وأن يتحكموا في الناتج المالي بما يتوافق مع حاجة الطرفين :
المدخر والمستثمر .
إنه لمر هام بالنسبة لنا ،نحن الذين ننتمي إلى حقل القتصاد السلمي والمالية السلمية ،أن
نعلم أن التطورات المشار إليها آنفا لم تتسبب فيها الفائدة الربوية ول هي تعتمد عليها .إن فصل
الدخار عن الستثمار والمعالجة المؤسساتية الخاصة بتوظيف الموارد لستخدامها في النتاج
الحقيقي كلها نتاج تقسيم العمل والتخصص الذي ظل وسيلة للتقدم على مر التاريخ البشري .إنما
الجديد هو التعجيل غير المسبوق للعملية وما ذلك إل للتغيرات الجذرية في التقنية الخاصة
بالتصالت والمعلومات .أما الخدمات المالية المتنوعة فيمكن تنظيمها دون ارتباط بعنصر
الفائدة .والحقيقة أن هناك العديد من هذه العمليات التي تجري الن على أساس ل ربوي ،على
سبيل المثال :العمولة والرسوم والمشاركة في الرباح ..الخ .وبجانب إتمام فصل الدخار عن
الستثمار وتأسيس ) (institutionalizingعملية توظيف الموارد ،فإن الوساطة المالية
ُتعنى أيضا بالمعوقات الخاصة بالتمويل المباشر الذي سبق أن أشير إليه ،أي تلك المتعلقة بالزمن
والحجم والسرعة في إتمام العملية وتقليل التكلفة ،و المخاطر ،الخ .
والوساطة تعالج مشكلة عدم التناسب بين سعة الموارد المبذولة من المدخرين والحجم المطلوب
من المستثمرين وذلك عن طريق المساهمة الجماعية -حيث يؤخذ التمويل من ِبركة تصب فيها
الودائع باستمرار )بافتراض الزيادة المضطردة في الدخار رغما عن السحوبات( ،مما يتيح
للمستخدمين المبالغ المالية التي يطلبونها .إن أصحاب الموارد عادة مترددون في إيداع مواردهم
لفترات زمنية طويلة .أما رجال العمال فيرغبون في استثمار تلك الموال لفترات زمنية أطول
95
من تلك التي يرغب فيها أصحاب الموارد .والوساطة هي التي حلت المعضلة بحسن إدارة تلك
الموارد لما لها من سابق خبرة في ذلك المر .والوسطاء الماليون عندما يقومون بإعطاء الموارد
لمستثمريها لفترات أطول من تلك التي يرغب فيها أصحابها ،إنما يقدمون خدمة مصرفية تعتمد
ليس على ضمان اليداعات المستمرة فحسب ،وإنما أيضا على التسهيلت التي تحصل عليها من
المصارف الخرى ،فتؤمن بذلك استمرار قدرتها على مواجهة طلبات السحب من المودعين .
هناك مخاطر جمة ينطوي عليها الستثمار .فمخاطر النتاج تتعلق بمشروعات معينة .ومخاطر
السعر تتعلق بالسوق .مخاطر معدلت الصرف الجنبي هامة للصناعة المتعلقة بالتصدير ،في
حين أن مخاطر العملة هامة من منظور تكلفة المواد المستوردة لما لها من تأثير على القيمة
المحلية للنقود .تقييم المخاطرة مهمة الشخص الخبير ،ولكن العامل الهام هو المعلومات التي عادة
ل تتجمع إل بكلفة .والوسطاء هم الذين ينهضون لتلك التكلفة التي ل يطيقها الفراد .المنافسة بين
الوسطاء هي التي تحفظ تكلفة تلك الخدمات موازية لتكلفتها الحقيقية .
تقديم الموارد من المدخرين إلى المستثمرين من خلل المشاركة في الرباح يحتاج لمراقبة
الستخدام الحقيقي لتلك الموارد ولمراقبة حفظ الحسابات فيه ..الخ .وبينما يستحيل قيام الفراد
بذلك خاصة الصغار منهم ،فإن مؤسسات الوساطة المالية يمكنها القيام بذلك حيث توزع التكلفة
على قاعدة عريضة .كما يمكنها ابتكار طرائق متنوعة لبلوغ ذلك بمؤازرة المدخرين مع
السلطات المراقبة والمنظمة للسوق المالي .وكما لحظنا آنفا فإن الصفقات المباشرة بين
المدخرين والمستثمرين تكون بطيئة .المسألة ليست كذلك مع مؤسسات الوساطة المالية .فَمعين
ظمةاليداعات المستمر ودرجة السلمة التي توفرها الخدمة المصرفية وإجراءات السلطات المن ِ
والمراِقبة تمكن مؤسسات الوساطة من الستجابة الناجزة لرغبات المستثمرين وطلبات
المدخرين .كل ذلك يجعل الوساطة ليس في درجة أعلى بالنسبة للتمويل المباشر فحسب بل شرطا
ضا .القتصادات الحديثة لم تعد قادرة على احتمال معاناة البطء وارتفاع التكلفة للتقدم والتطور أي ً
وزيادة المخاطرة الناشئة عن غياب الوساطة المالية .
أن العالم وحتى القرن التاسع عشر ينعم بحرية انتقال السلع
96
أضرارًا لم يدرك العالم بعواقبها إل بعد فوات الوان.
تقدر ل زالت أثمانها باهظة تدفعها الجيال المتلحقة ولم تكن شرارة الحرب هذه نزوة
ديكتاتور أو هفوة سياسي فحسب والمتتبع للحداث التاريخية التي سبقت اندلع هذه
الحرب وتحت ضياء المجهر القتصادي يرى أن لخيوط القتصاد أثره الواضح في
اندلع هذه الحرب ومن أهم السباب القتصادية إلى جانب الكساد العالمي هو الحواجز
والرسوم الجمركية التي كانت توضع بشدة على حدود البلدان وخاصة الصناعية
الكبرى كالمانيا والوليات المتحدة المريكية وبريطانيا لم تتحرك البضائع بحرية ،ولم
تدخل الخدمات بحرية أيضًا أصبحت كل دولة تحرس حدودها بشدة متناهية لس من
المخربين أو المتسللين بل من أجل عدم دخول البضائع والسلع إلى دولها ومع اشتداد
هذه الحدة في الحراسة الحدودية ومع تزايد كميات السلع المنتجة وتكدسها في البلدان
الصناعية وأزمة البطالة أصبح أمر الحرية ل مفر منه أمام هذه الكوارث القتصادية.
اتفاقية الغات
ما أن وضعت الحرب أوزارها وانتهت عمليـــة تقسيم الغنائم بين دول الحلفاء أدركت
هذه الدول أن عليها عدم إعادة خطأ المس وبينما القارات مقسمة بشكل متساوي
تقريبًا بينها أدركت أن المرحلة القادمة يتطلب منها حرية واسعة وشاملة لحركة
اقتصادية نشيطة ،ل بد أن تحدث وعلى أثرها وفي عام 1947وقعت حوالي 80دولة
اتفاقية دولية تعرف باتفاقية )لغات( )اتفاقية التجارة والتعرفة الجمركية العامة( وهذه
التفاقية تلزم الدول العضاء بفتح حدودها أمام أي تحرك للسلع والخدمات ورؤوس
الموال بين الدول العضاء ،كما وإنها ألزمت الدول العضاء بعدم فرض رسوم
جمركية على السلع والخدمات من ناحية دعم التجار أو وضع عراقيل روتينية أمام
التجار القادمين إلى دولهم وهكذا أدرك العالم أخيرًا المبدأ السلمي القتصادي الذي
كان يحرم تقييد التجارة أو وضع قيود صارمة عليها وإدراكًا من القتصاد السلمي
بأن الرسوم الجمركية ل يمكن تجاوزها إذا وضعت إل من قبل أصحاب رؤوس الموال
97
الضخة وبالتالي فإن الزمن والحركة المستمرة بهذا الشكل سيسمح لصحاب هذه
الموال الضخمة أن يسيطروا على مقدرات المة وبالتالي التحكم بمصير شعوب
كاملة ..ويبقى الكلم هنا على هذه التفاقية التي وإن حددت بالعديد من النقاط
والشروط وحل خلفات بين دول العضاء لكن يبقى مسألة نجاح مثل هذه التفاقيات
متوقفًا على نية العضاء أي النوايا الحسنة والتعاون بين الدول العضاء وهكذا هو
حال أي التفاقية اقتصادية فإنها ل تصادف النجاح إل إذا أحسن المجتمعون لجلها
في القرن العشرين ،فخلل بعض الفترات من القرن التاسع عشر كان القتصاد العالمي
يتمتع بنفس الجراءات والترتيبات القتصادية القديمة فكانت هناك حرية انتقال السلع
والبضائع بين القطار غير مقيدة ،إل بالقدر القليل من القيود التي كان يتجاوزها الزمن
في أغلب الحيان ،لم يكن رأس المال وحده ينتقل بحرية بل كانت حركة انتقال اليد
الشرقي إلى نصفها الغربي وبينما كان الذهب يقدم خدماته اللية للعالم ،أصبح اليوم
يبحث دون جدوى من خلل التفاقيات الدولية على أسعار ثابتة للعملت وإمكانية
تحويلها بصورة تامة وسريعة ،وهكذا فإن القتصاد الدولي خـــلل القرن الماضي وفر
لنا جهازًا رائعًا للستفادة إلى الحد القصى من موارد العالم ،ولكن هذا الجهاز أصابه
العطب والنهيار بمرور الزمن إذا بينما كان دخول الوليات المتحدة والمستعمرات
تطوير اقتصادي داخلي حثيث في هذه المناطق المأهولة حديثًا كان اقتصاد المناطق
ذات التراث القديم في العالم يتطور إلى اقتصاد مزدوج أو منعزل حيث كان القسم الول
يقدم بانتاج الغذاء أو المواد الولية للتصدير أما القسم الثاني الذي يشتمل على معظم
القتصاد الوطني لم يتطور ولم يصبح عصريًا لذلك اتسعت الهوة الموجودة بين البلدان
المتقدمة والبلدان المتأخرة وخاصة في القرن العشرين وبما أن البلدان المتخلفة لم
98
يكن لها صوت يسمع في السياسة الدولية فقد مرت هذه الهوة بسلم ولكن ظهرت
ثانية عندما بدأت هذه الدول تستقل الواحدة تلو الخرى فشعرت هذه الدول بأن
تطالب الن بسياسة جديدة في التجارة الدولية بعد أن أخذت الدول المتقدمة بإنشاء
تحالفات اقتصادية وكما جرى سابقًا كاتفاقية الغات وبدأت تشجع التجارة الخارجية
بصورة متزايدة نحو قيام أسواق اقليمية مشتركة مما خلق مصاعب كبيرة للدول
الخارجة عن هذه التحالفات .وأخيرًا إن علت العالم أن يعالج هذه الثغراات الموجودة
السلمي كدستور يكفي لهذا المبدأ أن يشمل كافة جوانب الحياة سواء السياسسية
والجتماعية وكذلك القتصادية ،لنم يحد السلم ولم يقف بوجه التجارة بل كانت هذه
)ليلف قريش ،إيلفهم رحلة الشتاء والصيف فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من
وعن أمير المؤمنين)عليه السلم( قال):تعرضوا للتجارات فإن لكم فيها غنى عما في
وأما قوله تعالى):يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه( فعرفهم
سبحانه كيف يشترون المتاع في الحض والسفر وكيف يتاجرون إذ كان ذلك من اسباب
المعاش).(2
وسأل أبو عبد ال)عليه السلم( عن رجل فقال):ما حبسه من الحج ،فقيل ترك التجارة
وقل شيئه؟ قال :وكان متكأ فاستوى جالسًا ثم قال لهم :ل تدعوا التجارة فتهونوا
99
ومن كل ما سبق يتبين بوضوح كيف أن السلمي أطلق قيود التجارة وهذا الطلق
واضح من خلل توجيهات النصوص الشرعية للحث على التجارة فليس من المعقول
أن تفيد هذه النصوص بمواثيق حدودية وروم جمركية تثقل كاهل التجار وتعيق
حركتهم ورغم أن السلم أطلق حرية التجارة لكنه لم يدعها دون أن يعطيها اللوازم
الكفيلة بنجاح مثل هذه الحرية وهنا بدأت نقطة الحتراق بين القتصاد السلمي
والقتصاد الرأسمالي ،فإن السلم لم يدع للتجار أن يفعلوا ما يشاؤون وان يتاجروا
بما شاءوا من البضائع ويبيعوها بما شاءوا من السعار وهنا يختلف السلم عما
يجري في النظام الراسمالي ،فالسلم أعطى للدولة مسؤولية المراقبة ومنع التجار من
التلعب بالسعار والمنع هنا ليس تجاوزًا على حرية التجارة بل مثله مثل منع السارق
من السرقة ومنع الزاني عن الزنا فرفع السعار والتلعب بطعام الناس هو أحد
مصاديق )ل ضرر ول ضرار( وهو محرم مثله مثل المحرمات الخرى التي وقف
)إذن فالسلم في مسالة التجارة الحرة يتمتع بالمزايا التية لمعالجة أي مشكلت تطرأ
الرقابة الدائمة على عملية التجارة الحرة من قبل الدولة ورقابة الدولة ل يتناقض مع
مبدأ الحرية فإن للدولة أن تقف في وجه التلعب ول يحق لها أن تقف في وجه حرية
التجارة.
من حق الدولة أن تضع ضوابط لكمية التجارة الخارجية ونوعيتها حفاظًا على القتصاد
الوطني ضمن مسؤولية الدولة توفير الحاية الكافية للمنتوجات الداخلية الزراعية منها
أ -يمنع استيراد بعض المنتوجات التي يتم إنتجها محليًا للمصلحة الوطنية الهم.
ب -تحديد كمية معينة من المنتوجات المستوردة حتى ل تستطيع احتكار السوق وجذب
تنظيم التجارة الخارجية على أساس المقايضة بالبضائع الداخلية والخارجية من دون
اعتبار النقد كواسطة للتبادل ..وفائدة المقايضة من البضائع بالضافة إلى منع هروب
100
العملة الصعبة من البلد تدفع الناس إلى تحسين منتوجاتهم حتى يتم تصديرها إلى
الخارج وعــــلى الدولة هنا أن تــــضع سياسة التصدير والستيراد على أساس
سؤال مطروح
هنا قد نواجه سؤاًل وهو أل يتناقض ما طرحتموه من وسائل للدولة في معالجة المور
الجواب :وللجابة وجب علينا أن نوضح كيف أن الدولة تبدا أعمالها القتصادية وفق
قاعدتين:
أ -تدخل الدولة في الحياة القتصادية لضمان تطبيق الحكام السلمية الثابتة والتي
تتصل بحياة الفراد القتصادية فتحول دون تعامل الناس بالربا أو السيطرة على
الرض بدون إحياء كما تمارس الدولة نفسها تطبيق الحكام التي ترتبط بها مباشرة
ب -وهناك مجال يسمى )منطقة الفراغ( وهو في المجال التشريعي وهي التي تركها
التشريع السلمي للدولة لكي تملها في ضوء الظروف المتطورة بالشكل الذي يضمن
الهداف العامة للقتصاد السلمي وعدالته والفــــكرة السلمية لهذه المنطقة هو أن
السلمي ل يقدم مبادئه التشريعية للحياة القتصادية بوصفها علجًا مؤقتًا أو تنظيمًا
وطرق السلم هنا بين علقتين للنسان :الولى :علقته مع الطبيعة ،زراعة –صيد –
الخراج – فحم ،وغيرها من الساليب التي يجيدها فهذه العلقة هي علقة النسان
الثانية :وهي علقة النسان بأخيه النسان والتي تحددها الحقوق والمتيازات
ويرى السلم أن العلقة الولى وهي علقة النسان مع الطبيعة تتطور بمر الزمن تبعًا
101
فالحلول بنزر السلم ليست حلوًل ثابتة بل حلول متغيرة تبعًا لتطورات هذه العلقة في
الوسائل والساليب وعلى هذا فإن )منطقة الفراغ( تكون هنا في هذه العلقة بالذات
ويضع السلم هذه المنطقة وملئها تحت يد الدولة السلمية لتقررها وإليك المثال
التالي:
مثال :إن من عمل في ارض وأنفق عليها جهدًا حتى أحياها فهو أحق بها من غيره
ويعتبر هذا المبدأ في السلم عادًل ولن بتطور قدرة النسان على الطبيعة ونموها
يصبح من الممكن من هذا العصر عصر التكنولوجيا الواسع أن يتاح لفرد واحد إحياء
آلف الهكتارات الزراعية فيصبح بإمكان أفراد قلئل إحياء مساحات واسعة جدًا من
الرض المر الذي يؤدي بالنهاية إلى انحسار ملكية واسعة من الرض الزراعية بيد
قلة من الفراد وهذا سيخالف بدوره مبدا العدالة الجتماعية من هنا وضعت )منطقة
الفراغ( لتسمح للدولة من تحديد هذا التصرف في حين أنه سابقًا لم يكن هذا موجودًا
إذن كانت هذه المنطقة علجًا لمرحلة انتجت ظروفًا أو حالة طارئة تستدعي منا ح ً
ل
وخاصة إذا لم يؤد هذا التصرف إلى خلل في المبادئ بل على العكس أدى إلى الحفاظ
على تلك المبادئ بوسائل حديثة مع إعطاء عنصر البت في هذه الوسائل ونوعها
وصورها بيد الحاكم الشرعي وفقًا لمقتضيات الظروف .ودليله النص القراني [ :يا ايها
الذين آمنوا أطيعوا ل وأطيعوا الرسول واولي المر منكم] وحدود منطقة الفراغ التي
تتسع لها صلحات ولي المر تضع كل فعل مباح تشريعيًا بطبيعته فأي نشاط وعمل
ولم يرد نص تشريعي يد لعلى حرمته أو وجوبه ..يسمح لولي المر بإعطائه صفة
نماذج صريحة
جاء في النصوص أن النبي )صلى ال عليه وآله( نهى عن منع فضل الماء والكل فعن
المام الصادق)عليه السلم( أنه قال) :قضى رسول ال)صلى ال عليه وآله( بين أهل
102
المدينة في مشارب النخل أنه ل يمنع فضل ماء وكل(.
وهذا النهي نهي تحريم وإذا جمعنا إلى ذلك رأي الجهور من الفقهاء القائل :بأن منع
كمنع الزوحة نفقتها أمكننا أن نستنتج أن النبي صدر عنه بوصفه ولي المر.
ونقل الترمذي عن رافع بن خديجة أنه قال :نهانا رسول ال)صلى ال عليه وآله( عن
أمر كان لنا نافعًا إذ كانت لحدنا أرض أن يعطيها ببعض خراجها و بدراهم وقال :إذا
ونحن عندما نجمع بين قصة هذا النهي واتفاق الفقهاء على عدم حرمة كراء الرض
في الشريعة بصورة عامة وإضافة نصوص أخرى تدل على جواز إجارة الرض نخرج
بتفسير هو أن النبي)صلى ال عليه وآله( بصوفه ولي المر حكم بذلك وليس حكمًا
شرعيًا عامًا.
من هنا يتبين لنا أهمية وضع هذه المنطقة وفي مجال التجارة الخارجية تدخل الدولة
في الحدود التي ذكت سابقًا لموازنة التطورات ومعالجة النتائج بما يتلئم مع مبدأ
103
والعالم.
لمعرفة المزيد عن المصرفية السلمية في لبنان وبعض القضايا ذات الصلة قمنا بإجراء هذا
الحوار القصير مع فضيلة الشيخ محمد رشيد قباني مفتي لبنان.
هل تعتقد أن للبنوك السلمية دورًا في التنمية القتصادية خاصة في الدول النامية؟
نعم لها دور كبير وكما ذكرت منذ قليل أنه ل فائدة ول ربا في التعامل المصرفي السلمي لنه
يقوم على المشاركة بين صاحب رأس المال وبين المستثمر مباشرة دون وسيط الربا الذي يمثل
العائق الكبر ،وكما يقول اللورد كينز المعروف في القتصاد البريطاني :إن مجتمعا متمكنا من
علم الدارة مزودا بالموارد التكنيكية الحديثة ينبغي أن يكون قادرا على خفض الكفاءة الهامشية
"وهي الفائدة أو الربا" لرأس المال إلى درجة الصفر "وهذا يعني إلغاء الفائدة" خلل جيل واحد
"أي خلل 60سنة" لينتقل المجتمع من القتصاد الربوي إلى القتصاد الخالي من الربا.
لكم دور بارز في صندوق الزكاة اللبناني ،سؤالي هو كيف يمكننا أن نستثمر أموال الزكاة في
صالح الفقراء؟
أول :أموال الزكاة أرى أنها للصرف وليس للكتناز والستثمار ولكن يمكن خلل وجود أموال
الزكاة لنها ل تصرف دفعة واحدة وإنما خلل عام فيمكن استخدامها في الستثمار ريثما يتم
صرفها شيئا فشيئا أو وقتا بعد وقت فالصل أن أموال الزكاة ليست للستثمار وإنما هي
للصرف ولكن تستثمر حتى يحين وقت صرفها ويمكن ذلك أي استثمارها في مشروعات عدة
كالموال العادية وليس استثمارا طويل الجل وإنما قصيرا أي شهرا فشهر لنها ستصرف
قريبا.
104
حسن شعراوي
Hasansalehsharawy@yahoo.com
ســــــــــيرة ذاتيـــة
105
www.atanet.org
حــــّر
محرر وباحث لغوي ُ العمل:
المهارات:
التحدث والكتابة بتقدير جيد اللغة النجليزية:
106
وقد جاوزت هذه الخبرة 10سنوات( تم خللها مراجعة عدد كبير من الكتب في شتى صنوف
المعرفة ،فتنوعت ما بين كتب في إدارة العمال ،وعلم النفس ،وبرامج الكمبيوتر ،وكتب
التراث السلمي ،ومواقع النترنت والمشاركة في بناء المعاجم اللغوية المتخصصة.
:الهوايات
1كتابة الشعر
2تأليف القصة القصيرة
3كتابة السيناريو
4الغناء السلمي والبتهالت
5المشاركة في الحوارات الدبية والمنتديات
– الفروسية وتربية الخيل 6
/http://www.equestriancentre.nsw.gov.au
- 7الترجمة
WATA.CC
ATA
www.atanet.org
AND
107
READERS OF THE HOLY QURN
http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=souraview&qid=1376&rid=1
Phone:
hasansalehsharawy@yahoo.com
hsharawy2010@gmail.com
:Skills
English: speaking and writing good grade
Windows 95 and even Windows Xp) and Adobe Acrobat, html, vss and sdlx)
:Work experience
Patch linguistic heritage of the literature and translators grammatically and spelling, -
linguistically and stylistically
108
Revision and evaluation of translators in terms of style and ability to deliver the -
idea, compared to the Arabic text and English text and the compatibility of this idea
.compiled with our values and our religion
This experience has exceeded 10 years) during which a review of a large number of
books in various forms of knowledge, Vtnoat between books in business
administration, psychology, computer programs, and Islamic heritage books, web
.sites and participate in building specialized dictionaries
Preparation of research and specialized studies in the literature and criticism and as -
Other trades
109