You are on page 1of 109

‫دائرة المال من منظور إسلمي‬

‫جمع وترتيب‬

‫حسن شعراوي‬
‫باحث اقتصادي‬
‫‪Hsharawy2010@gmail.com‬‬

‫‪hasansalehsharawy@yahoo.com‬‬

‫‪1‬‬
‫تقرير الزمات المالية حول العالم لعام ‪2010‬‬

‫الصيغة العامة للتداول المالي عالمّيا‬

‫الزمة المالية الحالية ‪ ..‬هل ستولد نظامًا اقتصاديًا عالميًا جديدًا ؟‬

‫د ‪ .‬جبار محمد الشيخ حمادي‬


‫باحث ومحلل اقتصادي‬
‫تعرضت اسواق المال العالمية الى ازمة خطيرة من عدم الستقرار ولسيما قطاع المصارف وشركات التامين‬
‫في امريكا واوربا ودول اخرى وكما معروف ان سوق المال هو المكان الرسمي والقانوني لتداول وبيع وشراء‬
‫الدوات المالية باختلف انواعها لن الوحدات ذات الفائض المالي تتميز بما تحققه من دخل يزيد عن اجمالي‬
‫نفقاتها على الستهلك والستثمار بينما تتميز الوحدات ذات العجز المالي بان نفقاتها تزيد على الستهلك اكثر‬
‫من الدخل الذي تحققه ‪,‬‬

‫ان خلفية هذه الزمة التي بدات تنمو منذو عقدين من الزمن حيث حصد القتصاد المريكي العديد من النجاحات‬
‫وحقق الكثير من معدلت النمو السنوية والسيطرة والهيمنة القتصادية الكبيرة على الصعيد العالمي بعد انهيار‬
‫التحاد السوفيتي والدول الشتراكية في القرن الماضي واصبحت الوليات المتحدة المريكية القطب الوحد في‬
‫العالم مما حصد القتصاد المريكي ثمار الثورة التكنولوجية الحديثة في النترنيت وتوجيه المستثمرين نحو‬
‫شركات النترنيت وبلغت ذروة ذلك النشاط عام ‪ 2000‬وعندما اتسعت فجوة النترنيت اطاحت بكثير من‬
‫المكاسب المالية التي حققتها تلك الشركات بعد ذلك بدات فجوة اخرى تنمو وتكبر وتاخذ بالتساع هي قطاع‬
‫العقارات الذي شجعت المريكان المستثمرين لهذا القطاع ممااخذت قيمة العقارات بالرتفاع وبالتالي اسهم‬
‫الشركات العقارية المسجلة بالبورصة بصورة مستمرة في جميع انحاء العالم خاصة في امريكا التي بات‬
‫المستثمرين شراء العقار واعتبره افضل انواع الستثمار‪ .‬وعلى هذا الساس اتسعت التسهيلت العقارية من‬
‫المصارف بمنح قروض حتى للفراد غير القادرين على سداد ديونهم ولم تتوقف البنوك من منح القروض‬
‫العقارية رغم الكبوات المالية التي اصابته ‪ ,‬وبدا عام ‪ 2007‬باتساع فجوة العقارات وبالتالي شكلت الزمة‬
‫الثانية بعد فجوة النترنيت المر الذي ادى الى عجز الفراد من تسديد ديونهم حتى بعد بيع عقاراتهم المرهونة‬
‫ونلحظ من هذا ان اكثر من مليوني امريكي قد فقد ممتلكاته العقارية واصبحوا مديونين بالتزامات مالية قد‬
‫تادي لطيلة حياتهم بعدم تسديدها مما اعلنت الكثير من الشركات العقارية المريكية والعالمية عن افلسها‬
‫لعجزها عن تسديد الديون الكبيرة اما الفجوة الثالثة التي ادت الى هذه الزمة المالية هي الكوارث الطبيعية التي‬
‫ضربت اجزاء مختلفة من العالم ولسيما اعصار ) ايل ( الذي ضرب السواحل المريكية وكانت فجوة العصار‬
‫التي اتسعت وسببت ضغطا مؤثرا على القتصاد العالمي بصورة عامة والقتصاد المريكي بصورة خاصة المر‬
‫الذي ادى الى انخفاض انتاج الوليات المتحدة المريكية من النفط الخام ومشتقاته بمقدار الربع مما سبب‬
‫خسائر تصل الى اكثر من ‪ 18‬ثمانية عشرة مليار دولر ‪ .‬ونلحظ ان هذه الزمة القتصادية المالية العالمية‬
‫سوف تطيح بمزيد من الشركات الكبرى قبل هدوء العاصفة واشكك باقتراب خروج القتصاد المريكي منها‬
‫متعافيا لن القتصاد المريكي يعاني منها بسبب ازمة القروض العقارية ‪ .‬وارى ان هذه الزمة المالية سوف‬
‫تستمر في لعب دورا قويا لحين استقرار اسعار العقارات والمساكن في الوليات المتحدة المريكية وليتم قبل‬
‫اوائل العام المقبل وباعتقادي ان هذه الزمة ستزيد احتمالت الكساد القتصاد المريكي في الشهور المقبلة‬
‫والمتتبع للقتصاد العالمي بصورة عامة والمريكي بصورة خاصة يلحظ من هذه الزمة الراهنة بانها ليست‬
‫وليدة الصدفة وانما نشات وترعرعت وبالتالي انفجرت من خلل ازمة الئتمان التي عصفت بالقتصاد‬
‫المريكي منذ شهور عديدة‪ .‬وقد انعكست هذه الزمة على تطور السواق المالية في العالم حيث يسود الن‬
‫مناخ مخوف في اعمالها وبالتالي ادت هذه الزمة الى انهيار قيمة الكثير من اسهم الشركات والمصارف مما‬

‫‪2‬‬
‫جعل القلق ينتاب مستقبل هذه السواق‪ .‬اما تاثيرها يتوقف على السواق العربية من هذه الزمة يتوقف على‬
‫مدى التعامل والخدمات المصرفية ووجود اموال مستثمرين عرب من الخليج او غير الخليج في السواق‬
‫المريكية وكما نعرف ان هناك وجود اموال مستثمرين عرب في السواق المريكية والمصارف المريكية‬
‫يمتلكون فيها قسما من ممتلكاتهم فضل عن ذلك وجود حكومات عربية وخليجية كبيرة مستثمرون في السواق‬
‫المالية ويتطلعون لجني الرباح وهذه الحالة جديرة بالدراسة من اجل انقاذ الموال العربية وبالتالي توجيهها‬
‫في ميدان الستثمار الخارجي ‪ ,‬بصورة صحيحة ‪ .‬وبراي المتواضع ان هذه الزمة سوف تعصف اثارها لبقية‬
‫السواق العالمية والعربية النفطية المعتمدة على تصدير النفط قد ينحدر سعر النفط بالنخفاض المر الذي‬
‫سيؤدي الى انكماش موازناتها التي خطط لها باسعار عالية وبالتالي ستؤدي الى خلخلة الوضع القتصادي‬
‫لهذه الدول النفطية وكما معروف ان حركة رؤوس الموال والمضاربة بالعملت الجنبية لن هناك دول عربية‬
‫لديها ايداعات بالمليارات من الدولرات في المصارف المريكية فضل عن ذلك سندات مباعة ومن هذا الفهم‬
‫فان الكثير من المستثمرين سيفقدون جزءا كبيرا من ثرواتهم وان هذا الفايروس سينتقل بالعدوى الى الدول‬
‫التي لها علقات او خدمات مالية اقتصادية مع الوليات المتحدة المريكية ‪ ,‬اما دول الخليج ومصر والتي تملك‬
‫اسواق مالية اكثر انفتاحا على السواق العالمية والمريكية قد تتاثر بهذه الزمة لن مصدرها الوحيد من‬
‫عوائد النفط ومن المؤكد ان عوائدها المالية ستتراجع بما ينعكس على مشاريع التنمية فيها اضف لذلك حجم‬
‫الستثمارات العربية الكبيرة في السواق المالية المريكية ‪ .‬ومما تقدم فان حقيقة الزمة المالية من حيث‬
‫الطبيعة والبعاد هي ليست غريبة او فريدة من نوعها بالنسبة لتطور النظام القتصادي الراسمالي التقليدي اذ‬
‫ان هذه الزمات المالية لتاتي من فراغ بل تتفاعل مع الوضع القتصادي الكلي الذي يعاني من مشاكل خطيرة‬
‫في مقدمتها عجز الميزانية واختلل التوازن التجاري وتفاقم المديونية الخاصة والعامة اضافة الى الرتفاع‬
‫المستمر لمؤشرات البطالة والتضخم وان الزمة لتقتصر في الوليات المتحدة على قيمة السهم كما قلنا بل‬
‫شملت القتصاد الحقيقي بكل مفاصله فهي ازمة اقتصادية بدات منذ سنوات ولتزال في طور التشكيل والتطوير‬
‫والستفحال انها ازمة ليست حكومية فقط بل شملت الشركات والفراد ‪ .‬ونلخص اسبابها بالتي ‪-1 :‬الفجوة‬
‫الكبيرة بين القطاع المالي والقطاع الحقيقي وهذا مالحظناه من خلل استقرائنا للقتصاد المريكي الذي اعطانا‬
‫مؤشرات خطيرة من خلل عمق الفجوة بين حجم التداول في ) الوول ستريت ( والذي بلغ بنحو ) ‪( 34‬‬
‫تريليون دولر فيما بلغ حجم الناتج المحلي الجمالي المريكي بنحو ) ‪ ( 13‬ترليون دولر عام ‪ 2006‬هذا‬
‫المؤشر يبين عمق الفجوة الكبيرة بين القتصاد المالي والقتصاد الحقيقي ‪ .‬والمؤشر الثاني الذي لحظته هو‬
‫العجز في الميزان التجاري المريكي الذي اخذ بالزدياد منذ عام ‪ 1971‬حيث لم نلحظ تثبيت اي فائض بل كان‬
‫المثبت سنويا هوعجز سنويا حتى وصل في عام ‪ 2006‬الى ‪ 758‬مليار دولر ‪ .‬والسبب الرئيسي لهذا العجز‬
‫هو عدم قدرة الجهاز النتاجي وخاصة السلعي على تلبية الستهلك ‪-2 .‬كان العجز المالي المريكي في‬
‫ميزانية الوليات المتحدة المريكية لعام ‪ 2008‬والذي بلغ ‪ 410‬مليار دولر اي بنسبة ‪ % 2.9‬من الناتج‬
‫المحلي الجمالي وهذا المؤشر حسب اعتقادي يؤكد ان الوليات المتحدة المريكية لتهتم بالتوازنات‬
‫القتصادية وليست المالية فضل عن ذلك دعمها للطابع العسكري على حساب النفقات العامة كما ان الضرائب‬
‫تستخدم كوسيلة للحصول على اصوات الناخبين بدل من الحصول على ايرادات لتحويل العجز المالي‬
‫فائضوكانت الوليات المتحدة تسد هذا العجز من جمهورية الصين الشعبية ودول الخليج من فائض موازينها‬
‫التجارية بواسطة شراء تللك الدول سندات الخزينة المريكية ‪-3‬وقد اظهرت الحصاءات الرسمية لوزارة‬
‫الخزانة المريكية ارتفاع الديون الحكومية ) للدارة المركزية والدارات المحلية قيمة ‪ 43‬تريليون دولر عام‬
‫‪ 1990‬الى ‪ 8.4‬تريليون دولر عام ‪ 2003‬الى ‪ 8.9‬تريليون دولر في عام ‪ 2007‬وقد اصبحت هذه الديون‬
‫العامة تشكل عبء ثقيل مانسبة ‪ %64‬من الناتج المحلي الجمالي وهذه الديون انسحبت على الدارات‬
‫الحكومية المحلية والذي شمل الفراد والشركات حيث بلغت الديون الفردية ‪ 9.2‬تريليون دولر منها ديون‬
‫عقارية ذكرتها سلفا حيث كانت ‪ 66‬تريليون دولر ان هذه الديون العقارية التي ساهمت مساهمة اساسية في‬
‫الزمة المالية الحالية والتي تشكل اكثر من نصف الناتج المحلي المريكي ‪ ,‬كما تعاني الوليات المتحدة‬
‫المريكية من مشاكل اقتصادية اخرى في مقدمتها التضخم الذي تجاوز نسبة ‪ %4‬والبطالة التي نسبتها ‪%5‬‬
‫مع تراجع الهمية النسبية للصناعة مع مجموع الناتج المحلي فضل عن ذلك تردي الخدمات التعليمية ولكن‬
‫الوليات المتحدة المريكية لم تضع استراتيجية للستفادة من الزمات السابقة المماثلة في الماضي من القرن‬
‫السابق ولم تاخذها بالحسبان والتفكير بوضع حلول لها ‪ ,‬رغم تكرار هذه الزمات وخطورتها بل تقوم بحلول‬
‫ترقيعية وهي باقية على الصيغة الكلسيكية للقتصاد ولم تشكل حل جذريا وعمليا للمعضلت المتعاقبة التي‬
‫يشهدها الداء القتصادي في ظل الليات التقليدية القائمة على ابعاد الدولة وتدخلتها الحياة القتصادية ومن‬
‫خلل هذه الزمة المالية التي شبهها خبراء اقتصاديون بقوة انهيار التحاد السوفيتي السابق كما ان هذا‬
‫النهيار يعيد الى الذهان عقد الكساد القتصادي الذي ضرب الوليات المتحدة المريكية فلو راجعنا التاريخ‬
‫القتصادي الحديث لتطور الراسمالية في القرن العشرين لوجدنا ان الخبرة المستقاة من الزمة القتصادية‬
‫العالمية التي اندلعت من عام ‪ 1932- 1929‬قد وفرت دروسا ودللت جوهرية ليمكن الستغناء عنها في اي‬

‫‪3‬‬
‫مسعى ليجاد حل للصيغة القتصادية او النموذج القتصادي المنشود وللسف ان الوليات المتحدة والدول‬
‫الراسمالية الكبرى لم تستفد من تلك الدروس ولكن تغطرست حينما توصل الرئيس المريكي ريفان ورئيسة‬
‫وزراء بريطانية السيدة تاتشير الى صيغة مايسمى ب وفاق واشنطن والقاضي برفض تدخل الدولة مبدئيا‬
‫والدعوة الى تقديس اليات السوق بطريقة احادية الجانب وكان من عواقب وفاق واشنطن سلسلة متواصلة من‬
‫الزمات البنيوية والمزيد من المتاعب الجتماعية والقتصادية لقطاعات واسعة من السكان المريكان وافتقار‬
‫المليين منهم بل تمتد لتشمل التاثير السلبي على الوضع القتصادي العالمي ومن هذه الزمة بدات الدارة‬
‫المريكية والدول الرسمالية الكبرى بالتفتيش عن الحلول الخارجية وهاهي تستجدي بالحلول الشتراكية‬
‫واعترافها بالتحليلت الماركسية وما وضعه ماركس بدور الدولة وهو حلول مناسبة على الخفاقات التي‬
‫تصيب الراسمالية لن الشتراكية هي الحل الوحيد لمثل هذه الزمات وهاهي امريكا تستجدي بالحلول‬
‫الشتراكية بدخول الدولة بتقديم )‪ (700‬مليار دولر ثم اضافة وزير الخزانة )‪ (150‬مليار اخر ليصبح المبلغ‬
‫الجمالي )‪ (850‬مليار لنقاذ ) وول ستريت ( الذي تهاوى بشكل ارعب المواطن المريكي العادي كان المواطن‬
‫المريكي يتصور بأنه خالد وسرمدي الى البد لن هذه الزمة المالية قد كشفت وجهها الحتيالي البشع والذي‬
‫سيجعل المواطن المريكي تحت وطأة ضرائب فاحشة تدفع الى )‪ (850‬مليار دولر ستستقطع من لقمة عيشه‬
‫انها ايام سود بأنتظار ‪ .‬اما العراق لم يتأثر من هذه الزمةالمالية العالمية لن اقتصاد العراق هو لزال اقتصاد‬
‫مخطط واكثر المؤسسات المالية الكبيرة هي حكومية فضلعن ذلك ان العراق لم يستخدم الحتياطي الفدرالي‬
‫والذي يقدر بأكثر من )‪ (30‬مليار دولر امريكي ولم يدخل بمضاربات في البورصات العالمية والسواق المالية‬
‫ماعدا شراءه سندات الخزينة من الوليات المتحدة وهذه مضمونة لتؤدي الى خسائراو مجازفات وكذلك ان‬
‫القتصاد العراقي لم تعلن الدولة رسميا عن فلسفة اقتصادها ولكن المسموع عنه انها ستتحول الى اقتصاد‬
‫السوق وبالتالي القتصاد الحر وينبغي على الحكومة ان تدرس هذه الزمة المالية العالمية وتبني اقتصادها‬
‫باقتصاد مختلط شبيه بالتجربة الصينية والتجربة للشتراكية الديمقراطية هو الضمان الوحيد للقتصاد العراقي‬
‫والتخوف الوحيد من هذه الزمة المالية على القتصاد العراقي هو هبوط اسعار النفط لن وزارة المالية وضعت‬
‫سقف للبرميل الواحد ‪ $80‬فاذا هبط هذا السعر من خلل هذه الزمة قد يؤدي الى ازمة مالية ستؤثر على‬
‫ماكان مخطط له في الموازنة العراقية اما غير ذلك فلخوف على القتصاد العراقي لهذه الزمة ‪ .‬الحلول‬
‫والفاق لهذه الزمة المالية في العالم مهما كانت الحلول المطروحة ومها كانت المسميات فهي ‪-1 .‬بامكان‬
‫القتصادين تجاوزز هذه النكسة العميقة بالرتكاز الى المعالجة التي طرحها القتصادي البرطاني ) جون كينز (‬
‫الذي افترضها بتوسيع تدخل الدولة بمجالت عديدة وذلك بكتابه الموسوم النظرية العامة للبطالة والفائدة‬
‫والنقود وكان من تنائج هذه المعالجة انقاذ النظام القتصادي بتوسيع النفاق الغام للدولة وتكريس الجهود‬
‫لتحفيز الطلب العام ومكافحة البطالة بتعبير اخر قام القتصادي جون كينز بوضع السس الساسية للجمع بين‬
‫دور السوق والياته وبين دور الدولة وتدخلتها او مايطلق عليه في علم القتصاد بالقتصاد المختلط ‪ ,‬وقد‬
‫تعرض هذا المنهج الى نكسات جديدة ولسيما في ثمانينات القرن الماضي بالمكان دراستها بجدية والخروج‬
‫بمنهج جديد ‪-2 .‬ان دول شرق اسيا تعرضت في اواخر التسعينات من القرن الماضي والتي سميت )بالثنين‬
‫السود ( مماجعلها ان تدرس تلك النتكاسة وخرجت بوضع ضوابط رقابية جنتها من تكرار الزمة السابقة‬
‫حيث استفادت من تلك الخطاء حتى طبقوا اساليب )الصكوك السلمية ( لن القتصاد السلمي يحرم‬
‫المضاربة الربوية وهذا ماكتب به اية ال محمد باقر الصدر ) ق ‪ .‬س( وهذه الصكوك هي ليست بعيدة عن‬
‫اقتصاد الشتراكية الديمقراطية ‪ ,‬لن القتصاد السلمي هو نظام رقابي وفلسفته ليترك الموال بيد المضاربين‬
‫دون رقابة الدولة ومراقبةالصناديق التي توظف الموال من تلك الصكوك ‪ ،‬اذ تراقب من قبل مجلس رقابي‬
‫لتحدث فيه مضاربات غير شرعية او ربى اي انها رقابة تؤدي الى الحفاظ على الموال وبذلك يمكن للدولة‬
‫الغربية الستفادة من هذه التجربة واستخدامه نظام يواكب مجتمعاتهم ‪-3 .‬فلسفة الشتراكية الديمقراطية وهذه‬
‫الفلسفة تؤخذ بها اكثر الدول الوربية التي نظام الحكم فيها اشتراكيون ديمقراطيون وان هذا النظام يراقب من‬
‫قبل مجالس الشعب والبرلمان والدولة ‪-4 .‬القتصاد المختلط وهو الجمع بين دور الدولة والسوق وهو رد‬
‫مناسب على الخفاقات الخفاقات والنتكاسات والتراجعات المنسوبة سواء لليمين التقليدي او اليسار‬
‫الديمقراطي وهو يبلور تلخيصَأ صحيحًا للتجربة القتصادية العالمية خلل العقود الماضية التي شهدت الكثير‬
‫من النحرافات والنتكاسات سواء كان ذلك بأسم الرأسمالية او الشتراكية ‪-5 .‬التجربة الصينية وهي تجربة‬
‫ناجحة وهي خليط بالشتراكية والسوق سمته السوق الشتراكية وهو اصطلح جديد للقاموس القتصادي‬
‫فينبغي على الدول الراسمالية دراسة التجربة الصينية دراسة بعمق لكي تستخلص من تلك التجربة الفريدة في‬
‫العالم من اجل وضع نظام اقتصادي ومالي عالمي جديد وبالتالي انقاذ العالم من تلك الزمات المفتعلة من قبل‬
‫الوليات المتحدة المريكية لنقاذ القتصاد العالمي من تلك النهيارات والفوضى ونتامل من الدول الكبرى رسم‬
‫خارطة مالية جديدة واضحة المعالم دون هيمة دولة واحدة لجل الستقرار والمن القتــصادي والمالي في‬
‫العالم‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫الصيغة العامة للتداول المالي إسلمّيا‬

‫الصكوك السلمية تنقذ القتصاد العالمي من أزماته‬

‫د‪ .‬زيد عيادات ‪ -‬أكسفورد‬

‫كل المؤشرات تؤكد أن الصكوك السلمية تشهد مزيدا من الطلب العالمي وأن هذا الطلب دفع العديد من الدول‬
‫إلى خطب ودها عبر استصدارها صكوكا متوافقة مع الشريعة السلمية كأداة تمويل على أساس المشاركة‬
‫الستثمارية‪ ،‬ومن المتوقع في ظل حالة الطلب تلك الناجمة عن التوسع والنمو المتسارع لمنظومة القتصاد‬
‫السلمي أن تشهد صناعة الصكوك السلمية اهتماما عالميا وإقليميا باعتبارها أداة تنموية وبمشاركة شعبية‬
‫تحول دون تحميل الميزانية العامة للدولة أي أعباء إضافية‪ ،‬وتضاعف الهتمام العالمي بها على الخصوص‬
‫بعد الزمة المالية العالمية‪ ،‬ما يجعلها حصان طروادة لنقاذ القتصاد العالمي من بعض أزماته المالية‪ ،‬ولعل‬
‫مؤتمر الصكوك السلمية الذي سيعقد في دولة الكويت في ديسمبر ‪ 2009‬من أبرز المؤتمرات في هذا‬
‫الجانب‪ ،‬إضافة إلى مؤتمرات أخرى تعقد في لندن وماليزيا والسعودية‪.‬‬

‫ل يزال العالم يحاول الخروج بأقل الخسائر وبأسرع الطرق من إحدى أعنف الزمات القتصادية العالمية‪،‬‬
‫وبعد عام وأكثر على الزمة ل يزال العالم غير مطمئن إلى أن المور تسير بالتجاه الصحيح‪ ،‬ول يزال عديد‬
‫من البنوك والشركات يعلن إفلسه‪ ،‬وأصبح من الصعب على الدول أن توفر السيولة اللزمة لضمان بقاء هذه‬
‫الشركات والمؤسسات‪ ،‬وفي اللحظات التي شك فيها العالم بأنظمته القتصادية وأساليبه المالية حظي القتصاد‬
‫السلمي بنصيب جدير بالهتمام‪.‬‬

‫وعليه دفعت الزمة القتصادية العالمية التي قد يعود لها المؤرخون يوما ما كإحدى اللحظات التي "غيرت‬
‫مجرى التاريخ"‪ ،‬وكشفت عن السهولة والتسيب اللذين كان يتم بهما تنفيذ كثير من العمليات المصرفية‪،‬‬
‫والتمويلية المختلفة التي تشكل تهديدا جديا اليوم للقتصاد والسياسة والمجتمع‪ ,‬دفعت هذه الزمة العالم إلى‬

‫‪5‬‬
‫البحث عن طرق جديدة للنهوض من كبوته وإيجاد حلول بديلة ليس فقط للنهوض باقتصادها‪ ،‬بل وحماية‬
‫موقعها السياسي على الخريطة العالمية‪.‬‬

‫من هنا حظيت المصرفية السلمية على الهتمام الكبر في الدراسات القتصادية الغربية في الونة الخيرة‪،‬‬
‫وبناء على هذه الدراسات عدلت العديد من التشريعات في عديد من المؤسسات المصرفية الغربية بما ل يمنع‬
‫من تبني أدوات وسياسات مالية إسلمية للحد من مخاطر هذه الزمة وتجنب مسبباتها مرة أخرى‪ .‬كما ظهرت‬
‫مصطلحات اقتصادية إسلمية جديدة في قواميس البنوك والشركات العالمية كالصكوك والمشاركة والجارة و‬
‫التكافل التي استقطبت كثيرا من رؤوس الموال السلمية إضافة إلى إثبات وجودها ونجاحها على الساحة‬
‫العالمية‪ .‬لذلك اتجهت الدول لدوات مالية جديدة للتمويل؛ ومن هذه الدوات الصكوك السلمية‪.‬‬

‫الصكوك السلمية هي أداة استثمارية إسلمية تكون على شكل وثيقة بقيمة مالية متساوية تمثل ملكية شائعة‬
‫في رأس المال أو ديون أو أعيان تصدرها مؤسسة بأسماء من يكتتبون فيها مقابل دفع القيمة المحررة بها‪،‬‬
‫وتستثمر حصيلة البيع سواء بنفسها‪ ،‬أو بدفعه إلى الغير للستثمار نيابة عنها‪ ،‬وتعمل على ضمان تداوله‪،‬‬
‫ويشارك المكتتبون في الصكوك في نتائج هذا الستثمار حسب الشروط الخاصة بكل إصدار‪ ،‬وهناك أربعة‬
‫عشر نوعًا مختلفًا من الصكوك‪ ،‬كما بينت هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية السلمية‪ ،‬إل أن‬
‫أكثر النماط شيوعًا هو ما يطلق عليه صكوك الجارة‪ ،‬التي تقوم على معاملت تأجير إسلمية‪ ،‬ويمكن القول‬
‫إن الصكوك السلمية تمثل بديل للسندات التقليدية ليستفاد منها في تمويل الستثمارات بصيغة تتوافق مع‬
‫أحكام الشريعة السلمية مع قابليتها للتداول‪ ،‬المر الذي دفع دول كفرنسا وبريطانيا وروسيا وأمريكا‬
‫للتسريع في منح هذه الدوات تشريعات كافية تمكن المصرفية السلمية من الستثمار فيها‪ ،‬وبالرغم من أن‬
‫الصك هو شهادة ائتمانية مثل أية شهادة ائتمانية أخرى ال أن ما يتميز به الصك السلمي‪ ،‬هو أنه ملكية‬
‫شائعة في أصول أو منافع‪ ،‬وبالتالي فهي ملكية متوافقة مع القاعدة القتصادية السلمية التي تحرم الربا‬
‫المتمثل في ضمان عوائد ثابتة بغض النظر عن الربح أو الخسارة‪ .‬فالصكوك السلمية تعطي دخل لمالكيها‬
‫مقابل تجارة معينة أو تأجير لصل أو غيره من أنواع الصكوك المتاحة‪ ،‬وهي عبارة عن أوراق )صكوك(‬
‫تثبت حق ملكية في أصل معين‪ ،‬و)الصكوك( في القتصاد السلمي تقابلها )السندات المالية( في القتصاد‬
‫التقليدي‪ ،‬ويتميز )الصك( بضرورة وجود الصل مقارنة بـ )السندات التقليدية( التي قد تصدر بضمان المنشأة‬
‫فقط‪ ،‬وعرفت هيئة المحاسبة والمراجعة للمصرفية السلمية )الصكوك السلمية( بأنها وثائق متساوية‬
‫القيمة تمثل حصصًا شائعة في ملكية أو نشاط استثماري‪ ،‬وذلك بعد تحصيل قيمة )الصكوك( وقفل باب‬
‫الكتتاب واستخدامها فيما أصدرت من أجله‪ ،‬وقد وصل عددها إلى أربعة عشر نوعا‪.‬‬

‫ويمكن القول إن الصكوك من أدوات الستثمار التي تم تطويرها لتكون بديل عن أدوات الدين )السندات(‬
‫ليستفاد منها في تمويل الستثمارات بصيغة تتوافق مع أحكام الشريعة السلمية مع قابليتها للتداول‪ .‬ل‬
‫يختلف الفقهاء كثيرا على هذا التعريف العام للصكوك السلمية بهذه الطريقة فهي البديل الشرعي عن‬
‫التمويل من خلل السندات‪ ،‬كما وجد التورق بديل للفائدة "الربوية" على حد تعبير المراجع السلمية‪.‬‬

‫وتلعب الصكوك السلمية‪ ،‬أدوارا متعددة وفاعلة في توفير وإدارة السيولة النقدية منها‪ :‬تعبئة المدخرات‪،‬‬
‫ضمان سهولة تدفق الموال للستثمارات‪ ،‬تطوير في تشكيلة الدوات المالية السلمية‪ ،‬توسيع قاعدة سوق‬
‫الوراق المالية‪ ،‬اندماج اقتصاديات البلد السلمية فيما بينها‪ ،‬وبينها وبين الخارج‪.‬‬

‫ظهرت الصكوك السلمية قبل عدة سنوات‪ ،‬وانتشرت في السنوات الخمس السابقة‪ ،‬وقد تطورت صناعة‬
‫الصكوك السلمية بشكل متسارع ومثير للهتمام‪ .‬فقد توقع مركز دبي المالي العالمي أن تقفز قيمة‬
‫الصدارات إلى ‪ 100‬بليون دولر في غضون خمس سنوات من ‪ 31‬بليون دولر حاليا‪ .‬وقال المركز إن‬
‫معظم النمو سيقوده مصدرو النفط في الخليج العربي‪ ،‬وكذلك أعلن بنك دبي السلمي أخيرا عن إغلق أكبر‬
‫إصدار )للصكوك السلمية( في العالم مع زيادة القيمة الساسية للصدار من ‪ 2.8‬بليون دولر إلى ‪3.5‬‬
‫بليوون دولر نتيجة للقبال الكبير للمشاركة في الصدار الذي طرح لصالح مؤسسة الموانئ والجمارك‬
‫والمنطقة الحرة في دبي‪ ،‬حيث جمع الصدار أكثر من ‪ 11‬بليون دولر وذلك لنه يتناسب مع تمويل القطاع‬
‫النفطي وقطاع النشاءات اللذين باتا يشكلن تحديا في الخليج العربي‪ ،‬كما أن قطر تدرس اللجوء إلى سوق‬
‫السندات السلمية لتمويل ما يصل إلى ‪ 60‬بليون دولر من مشروعات الطاقة بحلول عام ‪ ،2010‬وتقول‬
‫الكويت إنها تحتاج إلى استثمار ‪ 46‬بليون دولر على القل في السنوات المقبلة لتطوير صناعة الطاقة‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫وفي الردن هنالك توجهات حكومية لصدار صكوك إسلمية‪ ،‬حيث يتوقع أن تنتهي من إصدارها قبل نهاية‬
‫العام الحالي‪ .‬وبحسب ما أقره مساعد أمين عام وزارة المالية والناطق الرسمي باسم الوزارة عيسى صالح‬
‫لجريدة »الغد«‪ ,‬فإن فكرة إصدار هذه الصكوك تهدف الى"توفير أداة نقدية جديدة تحفز القبال على أدوات‬
‫الحكومة النقدية التي تقتصر لغاية الن على السندات وأذونات الخزينة"‪.‬‬

‫وأضاف أن "الفائدة من توفير هذه الداة هو تشجيع فئات محددة ترفض استخدام الذونات والسندات لسباب‬
‫دينية وللبتعاد عن الربا"‪.‬‬

‫وقد شملت هذه الصكوك ملكية أصول أو منافع أو خدمات يتعين توفيرها وتكون صادرة باسم مالكها بفئات‬
‫متساوية القيمة لثبات حق مالكها على أسس وبعقد شرعي بضوابط شرعية بين طرفيها وآلية إصدارها‬
‫وتداولها والعائد عليها‪.‬‬

‫وفي حين تعتبر ماليزيا الدولة الرائدة في مجال الصكوك السلمية حيث كان أول إصدار للصكوك السلمية‬
‫في ماليزيا ‪ 1995‬لبناء محطة طاقة كهربائية بقيمة ‪ 350‬مليون دولر‪ ،‬فقد تبعتها بعد ذلك بلدان الخليج‪.‬‬

‫وتجدد اهتمام العالم باقتصاديات وآليات الصكوك السلمية بعد تعمق الزمة المالية العالمية في محاولة‬
‫لتوفير السيولة والحد من تداعيات النهيارات المالية‪ .‬وبدأت وسائل العلم العربية خلل النصف الول من‬
‫العام نفسه‪ ،‬بما يمثل زيادة قدرها ‪ % 75‬عما تحقق خلل نفس الفترة من العام الماضي‪ .‬كما زادت إصدارات‬
‫الحكومات للصكوك بمعدل ‪ 6‬أمثال مستوياتها خلل الفترة نفسها وبما يعادل ‪ 4.4‬مليار دولر‪ .‬وقد بلغت‬
‫مبيعات الصكوك السلمية خلل السنوات الثلث الماضية ‪ 40‬مليار دولر‪ ،‬إضافة إلى ذلك تتوقع دراسة‬
‫منشورة للبنك الدولي أن يصل حجم هذه الصكوك إلى ‪ 3‬تريليونات دولر في عام ‪.2015‬‬

‫ومن الملحظ أن ارتفاع تجارة الصكوك السلمية جاء مع معدلت نمو عالية شهدتها المصرفية السلمية‬
‫منذ نحو ‪ 5‬سنوات مضت‪ ،‬وفاق حجم تعاملتها ‪ 500‬مليار دولر‪ ،‬وحققت معدلت نمو تصل إلى ‪% 15‬‬
‫سنويا‪ ،‬ويتوقع لها أن تستمر على هذا المعدل أو تزيد‪ .‬وبحسب الخبراء والمختصين فإن أسباب ذلك ترجع‬
‫بشكل أساسي إلى ارتفاع أسعار النفط خلل العوام الماضية وإقبال غير المسلمين على أدوات التمويل‬
‫السلمية‪ ،‬وكذلك زيادة رغبة المتعاملين في البلدان السلمية في التعامل مع المؤسسات المالية السلمية‪.‬‬

‫ومن الواضح تماما أن ازدهار التعامل بالصكوك السلمية وتنامي الطلب عليها خصوصا في ظل الزمة‬
‫المالية العالمية يشكل فرصة متاحة أمام البنوك السلمية التي تدير معظم عمليات الكتتاب لهذه الصكوك‪،‬‬
‫فعلى سبيل المثال قامت البنوك السلمية في المارات بإدارة عمليات كبيرة للكتتاب في هذه الصكوك سواء‬
‫لصالح حكومة دبي‪ ،‬أو لبلدان عربية وإسلمية أخرى‪ ،‬كما حدث في حالتي السودان وباكستان‪ .‬ويعد بنك دبي‬
‫السلمي من أكبر المؤسسات المالية عالميا لدارة عمليات الكتتاب للصكوك السلمية‪ ،‬إذ تقدر عملياته في‬
‫هذا المجال بنحو ‪ 9‬مليارات دولر‪.‬‬

‫وعلى الرغم من أن الصكوك السلمية بدأت كإصدارات لمؤسسات ودول إسلمية وكأداة استثمارية‬
‫مشروعة‪ ،‬إل أنها غدت صيغة عالمية تجذب المستثمرين من مختلف أنحاء العالم‪ ،‬حيث تم إصدار عدة‬
‫صكوك إسلمية من قبل مؤسسات غربية مثل السندات التي أصدرتها الحكومة في ألمانيا عام ‪2004‬‬
‫مستهدفة أسواق الشرق الوسط‪ ،‬إلى جانب إصدار أول صكوك أميركية عام ‪ 2006‬لتمويل مشروعات حقول‬
‫الغاز‪ .‬ويشير الخبراء إلى أن هذه إلصدارات للشركات الوروبية وصلت خلل عام ‪ 2007‬إلى نحو ‪200‬‬
‫مليار دولر‪.‬‬

‫وبرغم ما شهده القتصاد العالمي أخيرا من انتكاسات في أسواقه المالية‪ ،‬وكذلك حالة الركود التي تعتري‬
‫القتصاد المريكي‪ ،‬وما يعكسه ذلك من مخاوف على اقتصاديات عديد من بلدان العالم‪ ،‬فإننا نجد أن الصكوك‬
‫السلمية تحقق معدلت مرتفعة في حجم إصدارها وانتشارها‪ ،‬ليس فقط في السوق القليمية أو في البلدان‬
‫العربية والسلمية‪ ،‬ولكن الظاهرة بدأت تشهد إقبال في دول غير إسلمية مثل إنجلترا واليابان‪.‬‬

‫كما أن التوظيف المالي للصكوك السلمية اتجه نحو علج واحدة من المشكلت المؤرقة لكثير من البلدان‪،‬‬
‫وهي قضية عجز الموازنة‪ ،‬ففي إنجلترا كان هدف دراسة استخدام هذه الصكوك هو علج عجز الموازنة‬
‫هناك‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫وسوف تشجع الحكومات العربية خاصة الخليجية منها عمليات الكتتاب في إصدارات الصكوك السلمية‪،‬‬
‫باعتبارها بابا من أبواب امتصاص السيولة المرتفعة التي يعانيها معظم بنوك المنطقة‪ ،‬وبذلك يتم تخفيف حدة‬
‫التضخم التي تعاني ارتفاعه معظم البلدان العربية‪ ،‬خاصة الدول الخليجية‪ .‬كما يساعد هذا المر من ناحية‬
‫أخرى صانع السياسة النقدية في دول المنطقة للتخفيف من ضغوط ارتباط العملت المحلية بالدولر‪ ،‬بعد حالة‬
‫التراجع للدولر في القتصاد العالمي على مدار السنوات الماضية‪.‬‬

‫رغم ما أبدته هذه الصكوك من وعود وأرباح وقفزات اقتصادية‪ ،‬إل أن هنالك صعوبات تواجه تطبيق هذا‬
‫النظام التمويلي‪ .‬يأتي في مقدمة هذه الصعوبات عدم وجود سوق ثانوي متكامل لهذه الصدارات‪ ،‬ويرجع‬
‫السبب في ذلك إلى قلة عدد الصكوك المصدرة في الوقت الراهن مقارنًة بسوق السندات التقليدي‪ .‬وفي‬
‫المؤتمر السنوي الثالث الذي عقد في لندن‪" ،‬البتكار للمستقبل‪ :‬الجيل القادم من الصكوك المالية بعد الزمة‬
‫القتصادية"‪ :‬يعتبر البعض أن المشكلت الناجمة عن الصكوك هي مشكلت يمكن التغلب عليها لنها نتجت‬
‫عن نضج هذا السوق‪ .‬من أهم هذه المشكلت تعثر المصدرين عن الوفاء بالتزاماتهم في موعدها‪ ،‬والتي ربما‬
‫تتطلب مزيدًا من البحث والتدقيق في توفير الضمانات المطلوبة أو في آليات الصدار وتحصيل اللتزامات‬
‫<الطلب دفع العديد من الدول إلى خطب ودها عبر استصدارها صكوكا متوافقة مع الشريعة السلمية كأداة‬
‫تمويل على أساس المشاركة الستثمارية‪ ،‬ومن المتوقع في ظل حالة الطلب تلك الناجمة عن التوسع والنمو‬
‫المتسارع لمنظومة القتصاد السلمي أن تشهد صناعة الصكوك السلمية اهتماما عالميا وإقليميا باعتبارها‬
‫أداة تنموية وبمشاركة شعبية تحول دون تحميل الميزانية العامة للدولة أي أعباء إضافية‪ ،‬وتضاعف الهتمام‬
‫العالمي بها على الخصوص بعد الزمة المالية العالمية‪ ،‬ما يجعلها حصان طروادة لنقاذ القتصاد العالمي من‬
‫بعض أزماته المالية‪ ،‬ولعل مؤتمر الصكوك السلمية الذي سيعقد في دولة الكويت في ديسمبر ‪ 2009‬من‬
‫أبرز المؤتمرات في هذا الجانب‪ ،‬إضافة إلى مؤتمرات أخرى تعقد في لندن وماليزيا والسعودية‪.‬‬

‫ل يزال العالم يحاول الخروج بأقل الخسائر وبأسرع الطرق من إحدى أعنف الزمات القتصادية العالمية‪،‬‬
‫وبعد عام وأكثر على الزمة ل يزال العالم غير مطمئن إلى أن المور تسير بالتجاه الصحيح‪ ،‬ول يزال عديد‬
‫من البنوك والشركات يعلن إفلسه‪ ،‬وأصبح من الصعب على الدول أن توفر السيولة اللزمة لضمان بقاء هذه‬
‫الشركات والمؤسسات‪ ،‬وفي اللحظات التي شك فيها العالم بأنظمته القتصادية وأساليبه المالية حظي القتصاد‬
‫السلمي بنصيب جدير بالهتمام‪.‬‬

‫وعليه دفعت الزمة القتصادية العالمية التي قد يعود لها المؤرخون يوما ما كإحدى اللحظات التي "غيرت‬
‫مجرى التاريخ"‪ ،‬وكشفت عن السهولة والتسيب اللذين كان يتم بهما تنفيذ كثير من العمليات المصرفية‪،‬‬
‫والتمويلية المختلفة التي تشكل تهديدا جديا اليوم للقتصاد والسياسة والمجتمع‪ ,‬دفعت هذه الزمة العالم إلى‬
‫البحث عن طرق جديدة للنهوض من كبوته وإيجاد حلول بديلة ليس فقط للنهوض باقتصادها‪ ،‬بل وحماية‬
‫موقعها السياسي على الخريطة العالمية‪.‬‬

‫من هنا حظيت المصرفية السلمية على الهتمام الكبر في الدراسات القتصادية الغربية في الونة الخيرة‪،‬‬
‫وبناء على هذه الدراسات عدلت العديد من التشريعات في عديد من المؤسسات المصرفية الغربية بما ل يمنع‬
‫من تبني أدوات وسياسات مالية إسلمية للحد من مخاطر هذه الزمة وتجنب مسبباتها مرة أخرى‪ .‬كما ظهرت‬
‫مصطلحات اقتصادية إسلمية جديدة في قواميس البنوك والشركات العالمية كالصكوك والمشاركة والجارة و‬
‫التكافل التي استقطبت كثيرا من رؤوس الموال السلمية إضافة إلى إثبات وجودها ونجاحها على الساحة‬
‫العالمية‪ .‬لذلك اتجهت الدول لدوات مالية جديدة للتمويل؛ ومن هذه الدوات الصكوك السلمية‪.‬‬

‫الصكوك السلمية هي أداة استثمارية إسلمية تكون على شكل وثيقة بقيمة مالية متساوية تمثل ملكية شائعة‬
‫في رأس المال أو ديون أو أعيان تصدرها مؤسسة بأسماء من يكتتبون فيها مقابل دفع القيمة المحررة بها‪،‬‬
‫وتستثمر حصيلة البيع سواء بنفسها‪ ،‬أو بدفعه إلى الغير للستثمار نيابة عنها‪ ،‬وتعمل على ضمان تداوله‪،‬‬
‫ويشارك المكتتبون في الصكوك في نتائج هذا الستثمار حسب الشروط الخاصة بكل إصدار‪ ،‬وهناك أربعة‬
‫عشر نوعًا مختلفًا من الصكوك‪ ،‬كما بينت هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية السلمية‪ ،‬إل أن‬
‫أكثر النماط شيوعًا هو ما يطلق عليه صكوك الجارة‪ ،‬التي تقوم على معاملت تأجير إسلمية‪ ،‬ويمكن القول‬
‫إن الصكوك السلمية تمثل بديل للسندات التقليدية ليستفاد منها في تمويل الستثمارات بصيغة تتوافق مع‬
‫أحكام الشريعة السلمية مع قابليتها للتداول‪ ،‬المر الذي دفع دول كفرنسا وبريطانيا وروسيا وأمريكا‬
‫للتسريع في منح هذه الدوات تشريعات كافية تمكن المصرفية السلمية من الستثمار فيها‪ ،‬وبالرغم من أن‬
‫الصك هو شهادة ائتمانية مثل أية شهادة ائتمانية أخرى ال أن ما يتميز به الصك السلمي‪ ،‬هو أنه ملكية‬

‫‪8‬‬
‫شائعة في أصول أو منافع‪ ،‬وبالتالي فهي ملكية متوافقة مع القاعدة القتصادية السلمية التي تحرم الربا‬
‫المتمثل في ضمان عوائد ثابتة بغض النظر عن الربح أو الخسارة‪ .‬فالصكوك السلمية تعطي دخل لمالكيها‬
‫مقابل تجارة معينة أو تأجير لصل أو غيره من أنواع الصكوك المتاحة‪ ،‬وهي عبارة عن أوراق )صكوك(‬
‫تثبت حق ملكية في أصل معين‪ ،‬و)الصكوك( في القتصاد السلمي تقابلها )السندات المالية( في القتصاد‬
‫التقليدي‪ ،‬ويتميز )الصك( بضرورة وجود الصل مقارنة بـ )السندات التقليدية( التي قد تصدر بضمان المنشأة‬
‫فقط‪ ،‬وعرفت هيئة المحاسبة والمراجعة للمصرفية السلمية )الصكوك السلمية( بأنها وثائق متساوية‬
‫القيمة تمثل حصصًا شائعة في ملكية أو نشاط استثماري‪ ،‬وذلك بعد تحصيل قيمة )الصكوك( وقفل باب‬
‫الكتتاب واستخدامها فيما أصدرت من أجله‪ ،‬وقد وصل عددها إلى أربعة عشر نوعا‪.‬‬

‫ويمكن القول إن الصكوك من أدوات الستثمار التي تم تطويرها لتكون بديل عن أدوات الدين )السندات(‬
‫ليستفاد منها في تمويل الستثمارات بصيغة تتوافق مع أحكام الشريعة السلمية مع قابليتها للتداول‪ .‬ل‬
‫يختلف الفقهاء كثيرا على هذا التعريف العام للصكوك السلمية بهذه الطريقة فهي البديل الشرعي عن‬
‫التمويل من خلل السندات‪ ،‬كما وجد التورق بديل للفائدة "الربوية" على حد تعبير المراجع السلمية‪.‬‬

‫وتلعب الصكوك السلمية‪ ،‬أدوارا متعددة وفاعلة في توفير وإدارة السيولة النقدية منها‪ :‬تعبئة المدخرات‪،‬‬
‫ضمان سهولة تدفق الموال للستثمارات‪ ،‬تطوير في تشكيلة الدوات المالية السلمية‪ ،‬توسيع قاعدة سوق‬
‫الوراق المالية‪ ،‬اندماج اقتصاديات البلد السلمية فيما بينها‪ ،‬وبينها وبين الخارج‪.‬‬

‫ظهرت الصكوك السلمية قبل عدة سنوات‪ ،‬وانتشرت في السنوات الخمس السابقة‪ ،‬وقد تطورت صناعة‬
‫الصكوك السلمية بشكل متسارع ومثير للهتمام‪ .‬فقد توقع مركز دبي المالي العالمي أن تقفز قيمة‬
‫الصدارات إلى ‪ 100‬بليون دولر في غضون خمس سنوات من ‪ 31‬بليون دولر حاليا‪ .‬وقال المركز إن‬
‫معظم النمو سيقوده مصدرو النفط في الخليج العربي‪ ،‬وكذلك أعلن بنك دبي السلمي أخيرا عن إغلق أكبر‬
‫إصدار )للصكوك السلمية( في العالم مع زيادة القيمة الساسية للصدار من ‪ 2.8‬بليون دولر إلى ‪3.5‬‬
‫بليوون دولر نتيجة للقبال الكبير للمشاركة في الصدار الذي طرح لصالح مؤسسة الموانئ والجمارك‬
‫والمنطقة الحرة في دبي‪ ،‬حيث جمع الصدار أكثر من ‪ 11‬بليون دولر وذلك لنه يتناسب مع تمويل القطاع‬
‫النفطي وقطاع النشاءات اللذين باتا يشكلن تحديا في الخليج العربي‪ ،‬كما أن قطر تدرس اللجوء إلى سوق‬
‫السندات السلمية لتمويل ما يصل إلى ‪ 60‬بليون دولر من مشروعات الطاقة بحلول عام ‪ ،2010‬وتقول‬
‫الكويت إنها تحتاج إلى استثمار ‪ 46‬بليون دولر على القل في السنوات المقبلة لتطوير صناعة الطاقة‪.‬‬

‫وفي الردن هنالك توجهات حكومية لصدار صكوك إسلمية‪ ،‬حيث يتوقع أن تنتهي من إصدارها قبل نهاية‬
‫العام الحالي‪ .‬وبحسب ما أقره مساعد أمين عام وزارة المالية والناطق الرسمي باسم الوزارة عيسى صالح‬
‫لجريدة »الغد«‪ ,‬فإن فكرة إصدار هذه الصكوك تهدف الى"توفير أداة نقدية جديدة تحفز القبال على أدوات‬
‫الحكومة النقدية التي تقتصر لغاية الن على السندات وأذونات الخزينة"‪.‬‬

‫وأضاف أن "الفائدة من توفير هذه الداة هو تشجيع فئات محددة ترفض استخدام الذونات والسندات لسباب‬
‫دينية وللبتعاد عن الربا"‪.‬‬

‫وقد شملت هذه الصكوك ملكية أصول أو منافع أو خدمات يتعين توفيرها وتكون صادرة باسم مالكها بفئات‬
‫متساوية القيمة لثبات حق مالكها على أسس وبعقد شرعي بضوابط شرعية بين طرفيها وآلية إصدارها‬
‫وتداولها والعائد عليها‪.‬‬

‫وفي حين تعتبر ماليزيا الدولة الرائدة في مجال الصكوك السلمية حيث كان أول إصدار للصكوك السلمية‬
‫في ماليزيا ‪ 1995‬لبناء محطة طاقة كهربائية بقيمة ‪ 350‬مليون دولر‪ ،‬فقد تبعتها بعد ذلك بلدان الخليج‪.‬‬

‫وتجدد اهتمام العالم باقتصاديات وآليات الصكوك السلمية بعد تعمق الزمة المالية العالمية في محاولة‬
‫لتوفير السيولة والحد من تداعيات النهيارات المالية‪ .‬وبدأت وسائل العلم العربية خلل النصف الول من‬
‫العام نفسه‪ ،‬بما يمثل زيادة قدرها ‪ % 75‬عما تحقق خلل نفس الفترة من العام الماضي‪ .‬كما زادت إصدارات‬
‫الحكومات للصكوك بمعدل ‪ 6‬أمثال مستوياتها خلل الفترة نفسها وبما يعادل ‪ 4.4‬مليار دولر‪ .‬وقد بلغت‬
‫مبيعات الصكوك السلمية خلل السنوات الثلث الماضية ‪ 40‬مليار دولر‪ ،‬إضافة إلى ذلك تتوقع دراسة‬
‫منشورة للبنك الدولي أن يصل حجم هذه الصكوك إلى ‪ 3‬تريليونات دولر في عام ‪.2015‬‬

‫‪9‬‬
‫ومن الملحظ أن ارتفاع تجارة الصكوك السلمية جاء مع معدلت نمو عالية شهدتها المصرفية السلمية‬
‫منذ نحو ‪ 5‬سنوات مضت‪ ،‬وفاق حجم تعاملتها ‪ 500‬مليار دولر‪ ،‬وحققت معدلت نمو تصل إلى ‪% 15‬‬
‫سنويا‪ ،‬ويتوقع لها أن تستمر على هذا المعدل أو تزيد‪ .‬وبحسب الخبراء والمختصين فإن أسباب ذلك ترجع‬
‫بشكل أساسي إلى ارتفاع أسعار النفط خلل العوام الماضية وإقبال غير المسلمين على أدوات التمويل‬
‫السلمية‪ ،‬وكذلك زيادة رغبة المتعاملين في البلدان السلمية في التعامل مع المؤسسات المالية السلمية‪.‬‬

‫ومن الواضح تماما أن ازدهار التعامل بالصكوك السلمية وتنامي الطلب عليها خصوصا في ظل الزمة‬
‫المالية العالمية يشكل فرصة متاحة أمام البنوك السلمية التي تدير معظم عمليات الكتتاب لهذه الصكوك‪،‬‬
‫فعلى سبيل المثال قامت البنوك السلمية في المارات بإدارة عمليات كبيرة للكتتاب في هذه الصكوك سواء‬
‫لصالح حكومة دبي‪ ،‬أو لبلدان عربية وإسلمية أخرى‪ ،‬كما حدث في حالتي السودان وباكستان‪ .‬ويعد بنك دبي‬
‫السلمي من أكبر المؤسسات المالية عالميا لدارة عمليات الكتتاب للصكوك السلمية‪ ،‬إذ تقدر عملياته في‬
‫هذا المجال بنحو ‪ 9‬مليارات دولر‪.‬‬

‫وعلى الرغم من أن الصكوك السلمية بدأت كإصدارات لمؤسسات ودول إسلمية وكأداة استثمارية‬
‫مشروعة‪ ،‬إل أنها غدت صيغة عالمية تجذب المستثمرين من مختلف أنحاء العالم‪ ،‬حيث تم إصدار عدة‬
‫صكوك إسلمية من قبل مؤسسات غربية مثل السندات التي أصدرتها الحكومة في ألمانيا عام ‪2004‬‬
‫مستهدفة أسواق الشرق الوسط‪ ،‬إلى جانب إصدار أول صكوك أميركية عام ‪ 2006‬لتمويل مشروعات حقول‬
‫الغاز‪ .‬ويشير الخبراء إلى أن هذه إلصدارات للشركات الوروبية وصلت خلل عام ‪ 2007‬إلى نحو ‪200‬‬
‫مليار دولر‪.‬‬

‫وبرغم ما شهده القتصاد العالمي أخيرا من انتكاسات في أسواقه المالية‪ ،‬وكذلك حالة الركود التي تعتري‬
‫القتصاد المريكي‪ ،‬وما يعكسه ذلك من مخاوف على اقتصاديات عديد من بلدان العالم‪ ،‬فإننا نجد أن الصكوك‬
‫السلمية تحقق معدلت مرتفعة في حجم إصدارها وانتشارها‪ ،‬ليس فقط في السوق القليمية أو في البلدان‬
‫العربية والسلمية‪ ،‬ولكن الظاهرة بدأت تشهد إقبال في دول غير إسلمية مثل إنجلترا واليابان‪.‬‬

‫كما أن التوظيف المالي للصكوك السلمية اتجه نحو علج واحدة من المشكلت المؤرقة لكثير من البلدان‪،‬‬
‫وهي قضية عجز الموازنة‪ ،‬ففي إنجلترا كان هدف دراسة استخدام هذه الصكوك هو علج عجز الموازنة‬
‫هناك‪.‬‬

‫وسوف تشجع الحكومات العربية خاصة الخليجية منها عمليات الكتتاب في إصدارات الصكوك السلمية‪،‬‬
‫باعتبارها بابا من أبواب امتصاص السيولة المرتفعة التي يعانيها معظم بنوك المنطقة‪ ،‬وبذلك يتم تخفيف حدة‬
‫التضخم التي تعاني ارتفاعه معظم البلدان العربية‪ ،‬خاصة الدول الخليجية‪ .‬كما يساعد هذا المر من ناحية‬
‫أخرى صانع السياسة النقدية في دول المنطقة للتخفيف من ضغوط ارتباط العملت المحلية بالدولر‪ ،‬بعد حالة‬
‫التراجع للدولر في القتصاد العالمي على مدار السنوات الماضية‪.‬‬

‫رغم ما أبدته هذه الصكوك من وعود وأرباح وقفزات اقتصادية‪ ،‬إل أن هنالك صعوبات تواجه تطبيق هذا‬
‫النظام التمويلي‪ .‬يأتي في مقدمة هذه الصعوبات عدم وجود سوق ثانوي متكامل لهذه الصدارات‪ ،‬ويرجع‬
‫السبب في ذلك إلى قلة عدد الصكوك المصدرة في الوقت الراهن مقارنًة بسوق السندات التقليدي‪ .‬وفي‬
‫المؤتمر السنوي الثالث الذي عقد في لندن‪" ،‬البتكار للمستقبل‪ :‬الجيل القادم من الصكوك المالية بعد الزمة‬
‫القتصادية"‪ :‬يعتبر البعض أن المشكلت الناجمة عن الصكوك هي مشكلت يمكن التغلب عليها لنها نتجت‬
‫عن نضج هذا السوق‪ .‬من أهم هذه المشكلت تعثر المصدرين عن الوفاء بالتزاماتهم في موعدها‪ ،‬والتي ربما‬
‫تتطلب مزيدًا من البحث والتدقيق في توفير الضمانات المطلوبة أو في آليات الصدار وتحصيل اللتزامات ‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫الزمة المالية في الكويت‬
‫البترول‬
‫البورصة‬

‫الزمة المالية تنعكس سلبيا على قطاع العقار‬


‫الكويتي‬

‫الجراح‪ :‬مشكلت قطاع العقار بدأت في الظهور قبل أزمة‬


‫البورصة المحلية )الفرنسية(‬

‫قال رئيس اتحاد العقاريين في الكويت توفيق الجراح إن القطاع‬


‫العقاري في الدولة الخليجية تأثر بالزمة المالية العالمية التي‬
‫انعكست على قطاعات القتصاد الكويتي‪ ،‬خاصة أن مشكلته بدأت في‬
‫الظهور قبل أزمة سوق البلد للوراق المالية في سبتمبر‪/‬أيلول‬
‫الماضي‪.‬‬

‫ونقلت وكالة النباء الكويتية )كونا( عن الجراح قوله إن القطاع العقاري‬


‫يعاني من شبه شلل وجمود منذ فترة غير قصيرة حيث توقفت مشاريع‬
‫التنمية ومشاريع البناء والتشغيل والتحويل "بي أو تي" منذ ما يتجاوز‬
‫سنتين‪.‬‬

‫وأوضح أن ذلك أدى إلى انحسار فرص العمال بدرجة كبيرة المر الذي‬
‫جعل شركات عقارية كثيرة تبحث عن فرص إقليمية وعالمية ووقعت‬
‫"فريسة الزمة المالية العالمية المحدقة بالمنطقة والعالم"‪.‬‬

‫واستبعد الجراح إمكانية إحصاء الضرار التي تعرضت لها استثمارات‬

‫‪11‬‬
‫الكويت في قطاع العقار في الكثير من دول العالم لكن الشركات‬
‫العقارية تواجه واقعا سيئا‪.‬‬

‫واعتبر القطاعين المالي والعقاري وجهين لعملة واحدة لوجود تداخل‬


‫كبير بينهما وتأثر كل منهما بالخر‪ ،‬فما يواجهه الول يتعرض له الثاني‪.‬‬

‫الزمة الئتمانية وتراجع النفط ينعكسان‬


‫على النمو الخليجي‬

‫البورصات الخليجية تأثرت سلبا بالزمة الئتمانية العالمية‬


‫)الفرنسية‪-‬أرشيف(‬

‫ذكر تقرير نشر اليوم الثنين لصندوق النقد الدولي أن‬


‫اقتصادات منطقة الشرق الوسط وآسيا الوسطى تمتعت‬
‫بمرونة كبيرة في الزمة الئتمانية العالمية‪ ،‬لكنه توقع‬
‫تراجع النمو العام المقبل‪.‬‬

‫وتوقع الصندوق انخفاض معدل النمو القتصادي في‬


‫منطقة الخليج العربية من ‪ %7.1‬خلل ‪ 2008‬إلى ‪%6.6‬‬
‫العام المقبل‪ ،‬وتراجع التضخم من ‪ %11.5‬إلى ‪.%10‬‬

‫وقال مدير منطقة الشرق الوسط وآسيا الوسطى بصندوق‬


‫النقد الدولي محسن خان إن النمو القتصادي بالشرق‬
‫الوسط معرض للخطر بسبب التراجع السريع في أسعار‬
‫النفط‪.‬‬

‫وقال خان إن تقدير الصندوق للنمو عام ‪ 2009‬مبني على‬


‫افتراض سعر متوسط للنفط يبلغ نحو ‪ 100‬دولر للبرميل‬

‫‪12‬‬
‫ونتيجة لذلك فإن بعض التوقعات ستعدل بالخفض لكن ليس‬
‫بقدر كبير‪.‬‬

‫وعن تأثير تراجع سعر النفط على دول الخليج العربي توقعت‬
‫وكالة التصنيف الئتماني ستاندرد آند بورز اليوم الثنين‬
‫مواصلة تلك الدول تحقيق فوائض بالميزانية حتى إذا وصل‬
‫متوسط سعر النفط إلى ‪79‬دولرا للبرميل في عام ‪.2009‬‬

‫"‬ ‫وأردفت أنه إذا انخفض سعر النفط دون‬


‫انخفضت أسعار‬ ‫‪ 40‬دولرا للبرميل وظل في هذا النطاق‬
‫النفط الخام بواقع‬ ‫حتى عام ‪ 2015‬وهو أسوأ التصورات‬
‫النصف في ثلثة‬ ‫المحتملة فإن عواصم الخليج العربية عدا‬
‫أشهر عن‬ ‫أبو ظبي ستواجه عجزا ماليا كبيرا‪.‬‬
‫مستواها القياسي‬
‫وأبرزت ستاندرد آند بورز في مذكرة بحثية الذي تجاوز ‪147‬‬
‫دولرا للبرميل في‬ ‫قوة الميزانيات العمومية للحكومات‬
‫يوليو الماضي‬ ‫الخليجية في مواجهة الصدمات السلبية‬
‫الحادة لسعار النفط‪.‬‬
‫"‬
‫وأضافت الوكالة أن السعودية أكبر الدول‬
‫المصدرة للنفط في العالم وجاراتها في منطقة الخليج عرضة‬
‫رغم ذلك لمخاطر تقلب أسعار النفط‪.‬‬

‫ففي الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار النفط نحو سبعة أمثالها‬
‫في السنوات الست الماضية استثمرت دول الخليج العربية‬
‫فوائض ضخمة‪ ،‬وضخت إيرادات نفطية في مشروعات للبنية‬
‫التحتية ومشروعات صناعية بهدف خفض اعتمادها على‬
‫صادرات الطاقة‪.‬‬

‫وتراجعت أسعار الخام بشدة مدفوعة بتكهنات تأثير الركود‬


‫العالمي على طلب الطاقة في الغرب وآسيا‪ ،‬علوة على‬
‫ارتفاع الدولر مؤخرا‪.‬‬

‫حيث انخفضت أسعار الخام بواقع النصف في ثلثة أشهر عن‬


‫مستواها القياسي الذي تجاوز ‪ 147‬دولرا للبرميل في‬
‫يوليو‪/‬تموز وارتفع النفط فوق ‪ 74‬دولرا للبرميل اليوم‬
‫الثنين‪.‬‬

‫الزمة المالية تصعب إقراض شركات الخليج‬

‫‪13‬‬
‫)الفرنسية‪-‬أرشيف(‬ ‫أزمة القتصاد العالمي وصلت إلى الخليج‬

‫قال مصرفيون في دول مجلس التعاون الخليجي إن‬


‫المصارف في المنطقة ستجد صعوبة في الحصول على‬
‫قروض مجمعة في ظل الضطرابات التي تشهدها أسواق‬
‫المال العالمية حاليا‪.‬‬

‫وبين المصرفيون أن البنوك العالمية ليست مستعدة لصفقات‬


‫اكتتاب في دبي أو في دول المجلس في الوقت الراهن‪ ،‬وأن‬
‫المقرضين أصبحوا أكثر انتقائية فيما يتعلق بالموافقة على‬
‫صفقات مع مقترضين خليجيين‪.‬‬

‫وقال الخبراء أيضا إن العديد من البنوك الخليجية تراجعت عن‬


‫التزاماتها في صفقات كان من المقرر أن تبرمها‪.‬‬

‫وكان قد أعلن السبوع الماضي بدء بورصة دبي محادثات مع‬


‫بنوك بشأن قرض مجمع لعادة تمويل قرض اتفقت عليه معها‬
‫في مارس‪/‬آذار الماضي قيمته ‪ 3.78‬مليارات دولر‪.‬‬

‫ويقول المقرضون الن إنه سيكون من الصعب للغاية الحصول‬


‫على القرض المطلوب في ظل ظروف السوق الراهنة‪.‬‬

‫وكان مركز دبي المالي العالمي يفاوض على قرض قيمته‬


‫‪ 1.5‬مليار دولر واختار ستة بنوك لترتيبه الشهر الماضي‪.‬‬

‫تراجع حاد للبورصات الخليجية أسوة‬


‫بالعالمية‬

‫‪14‬‬
‫متعاملون بسوق السهم الكويتية التي شهدت خسائر كبيرة‬
‫)الفرنسية(‬

‫شهدت البورصات الخليجية تراجعا حادا في تداولت اليوم‬


‫عزاه محللون إلى إشهار إفلس بنك ليمان براذرز رابع أكبر‬
‫بنك استثمار في أميركا‪.‬‬

‫كما انخفضت مؤشرات السهم في دول الخليج إلى أدنى‬


‫مستوياتها منذ ‪ 17‬شهرا‪ ،‬مع هروب المستثمرين من السواق‬
‫خشية تأثرها بتداعيات الضطرابات الخيرة في قطاع المال‬
‫الميركي‪.‬‬

‫وقال المحلل القتصادي علي النمش إن عاملين يدفعان‬


‫بالبورصات نزول‪ ،‬أولهما التأثير النفسي لقضية مصرف ليمان‬
‫براذرز‪ ،‬والخر التراجع الكبير في أسعار النفط‪.‬‬

‫وأغلقت سوق السعودية منخفضة ‪ %6.5‬مسجلة ‪7255.15‬‬


‫نقطة‪ ،‬حيث فقد مؤشر تداول ‪ %34.3‬من قيمته منذ بداية‬
‫العام‪.‬‬

‫وأغلقت بورصة الكويت‪ ،‬وهي ثاني أكبر بورصة في العالم‬


‫العربي‪ ،‬بتراجع ‪ %3.8‬ليصل المؤشر إلى ‪ 12360.2‬نقطة أي‬
‫بخسارة ‪ 488‬نقطة‪ ،‬وهي أكبر خسارة في يوم واحد هذه‬
‫السنة‪.‬‬

‫وانخفضت سوق الدوحة بنسبة ‪ %7.01‬لترسو عند ‪8216.71‬‬


‫نقطة‪ ،‬وهو مستوى أدنى بنسبة ‪ %14.2‬من مستوى إغلق‬
‫العام الماضي عند ‪ 9580.45‬نقطة‪.‬‬

‫وكان المؤشر في الدوحة فوق مستوى عشرة آلف نقطة‬


‫معظم أيام التداول هذه السنة‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫"‬
‫انخفض مجموع‬ ‫وفي المارات خسر مؤشر أبو ظبي‬
‫‪ %4.35‬ليصل إلى ‪ 3754.49‬نقطة‪ ،‬وهو القيمة السوقية‬
‫للسواق المالية‬ ‫مستوى أدنى ‪ %17.5‬من مستوى إغلق‬
‫السبع في دول‬ ‫‪ 2007‬عند ‪ 4551.8‬نقطة‪.‬‬
‫مجلس التعاون‬
‫الخليجي بمقدار‬ ‫أما سوق دبي المالية التي سجلت‬
‫‪ 200‬مليار دولر‬ ‫انخفاضات متتالية في السابيع الخيرة‪،‬‬
‫تقريبا مقارنة‬ ‫فقد أنهت تداولتها عند ‪ 4044.27‬نقطة‪،‬‬
‫بانخفاض قدره ‪ %1.7‬معوضة خسائر أكبر بقيمته نهاية العام‬
‫الماضي‬ ‫سجلت خلل التداولت‪.‬‬
‫"‬
‫وتتراجع سوقا أبو ظبي ودبي خصوصا‬
‫تحت تأثير تراجع السهم العقارية‪ ،‬وهي أسهم قيادية في‬
‫السوقين‪.‬‬

‫وأكد مصرف المارات العربية المتحدة المركزي اليوم أن‬


‫‪ %90‬من أموال المضاربة الجنبية خرجت من البلد‪ ،‬وساهم‬
‫الخروج الجماعي للموال الجنبية بتراجع أسواق السهم‬
‫بالمارات في السابيع الخيرة‪.‬‬

‫وكانت أموال المضاربة قد تدفقت على المارات العام‬


‫الماضي مع تزايد التكهنات بأن الدولة ربما ترفع قيمة عملتها‬
‫المرتبطة بالدولر مع هبوط العملة الميركية إلى مستويات‬
‫قياسية‪.‬‬

‫وانخفض مجموع القيمة السوقية للسواق المالية السبع في‬


‫دول مجلس التعاون الخليجي بمقدار ‪ 200‬مليار دولر تقريبا‬
‫مقارنة بقيمته نهاية العام الماضي‪.‬‬

‫وكان إجمالي القيمة السوقية للسواق الخليجية السبع بحدود‬


‫‪ 1.116‬ترليون دولر في نهاية ديسمبر‪/‬كانون الول‪.‬‬

‫هبوط في أسواق المال السعودية‬

‫‪16‬‬
‫ضعف سعر النفط ومخاوف تدهور القتصاد العالمي انعكسا‬
‫على البورصة السعودية )الفرنسية‪-‬أرشيف(‬

‫استمرت أسهم الشركات السعودية الكبيرة بالهبوط في‬


‫تداولت السبت مع إقبال المستثمرين على البيع بفعل أنباء‬
‫عن نظام جديد لحساب تغيرات السعار بالبورصة واستمرار‬
‫ضعف أسعار النفط‪.‬‬

‫وشهدت المؤشرات القطاعية في السوق تراجعات كبيرة‬


‫قادها قطاعا البتروكيماويات والبنوك‪ .‬وخسر مؤشر سوق‬
‫السهم السعودية )تداول( ما يزيد على ‪.%7.5‬‬

‫وتراجع سهم بنك الراجحي ‪ ،%4.99‬وهبط سهم مجموعة‬


‫سامبا المالية ‪ .%5.92‬وخالف سهم دار الركان للتطوير‬
‫العقاري التجاه النزولي للسوق وأغلق مرتفعا ‪ %3.52‬ليكون‬
‫السهم الوحيد الرابح في المؤشر القياسي‪.‬‬

‫وبهذه النخفاضات القوية يكون المؤشر السعودي قد كسر‬


‫حاجز ثمانية آلف نقطة هبوطا أثناء التداولت‪ ،‬كما تكون‬
‫السوق السعودية بإغلق السبت سجلت أسوأ هبوط لها منذ‬
‫يناير‪/‬كانون الثاني الماضي‪.‬‬

‫والمؤشر القياسي لسوق السهم السعودية منخفض بالفعل‬


‫أكثر من ‪ %26‬منذ ‪ 13‬يناير‪/‬كانون الثاني الماضي عندما‬
‫سجل أعلى مستوى له في ‪ 18‬شهرا‪.‬‬

‫وتضاف خسائر السبت إلى خسائر المؤشر في السبوع‬


‫الماضي والتي بلغت أكثر من ‪ %5‬بفعل ضعف أسعار النفط‬
‫ومخاوف من تدهور الوضاع القتصادية العالمية‪.‬‬

‫فساد باليمن يعطل التمويل الخارجي‬

‫‪17‬‬
‫المتحدثون شخصوا مشكلة استغلل التمويلت‬
‫الجنبية واقترحوا حلول )الجزيرة نت (‬

‫إبراهيم القديمي‪-‬صنعاء‬

‫قال مشاركون في ندوة عن التمويلت الخارجية إن الفساد‬


‫المالي والدارة الفاشلة وانعدام المحاسبة للوزراء أسباب‬
‫جوهرية لمتناع الدول المانحة عن الوفاء بالتزاماتها‬
‫المالية التي تعهدت بها في مؤتمر لندن ‪ 2006‬بشأن اليمن‪.‬‬

‫وناقشت الندوة التي اختتمت أمس السبت بصنعاء تعثر‬


‫التمويلت الخارجية لخطط التنمية القتصادية‪ ,‬وشروط‬
‫واستيعاب وتوظيف تلك التمويلت‪.‬‬

‫وقال أستاذ القتصاد بجامعة عمران‪ ,‬الدكتور مطهر‬


‫المخلفي إن عوامل أخرى ساهمت في الحد من قدرة‬
‫الحكومة على الستفادة من أموال المانحين‪.‬‬

‫عوامل مختلفة‬
‫وأضاف المخلفي في حديث للجزيرة نت أن من بين تلك‬
‫العوامل النقص الكبير للكفاءات البشرية‪ ,‬وتداخل المهام‬
‫والصلحيات بين مؤسسات‬
‫الدولة‪ ,‬وتقصير القيادات‬
‫الدارية وضعف الدور الرقابي‬
‫للبرلمان‪.‬‬

‫وحسب رأي المخلفي‬


‫فإن الجمع بين التمويل الذاتي‬
‫والتمويل الخارجي في‬
‫المشروع الواحد أدى إلى‬
‫عرقلة البدء في مشاريع وإلغاء‬
‫مطهر المخلفي )الجزيرة نت (‬ ‫أخرى‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫من جهته‪ ,‬رأى الدكتور علي الوافي أستاذ القتصاد بجامعة‬
‫صنعاء أن غياب الصلحات المؤسسية الشاملة التي تنبثق‬
‫عنها حكومة ذات كفاءة ونزاهة هو رأس الزاوية في مختلف‬
‫مشاكل اليمن سواء المنح أو القروض‪.‬‬

‫وحسب الوافي‪ ,‬فإن الكثير من مناقصات المشاريع التنموية‬


‫ترسو على مقاولين غير مؤهلين فيتسبب ذلك في عرقلة في‬
‫التنفيذ ومن ثم تسحب الدول المانحة دعمها للمشروع برمته‪.‬‬

‫وقال في هذا الطار إن مشاكل الراضي‪ ,‬وتباطؤ البرلمان‬


‫في المصادقة على التفاقيات‪ ,‬وانعدام دراسات الجدوى‬
‫العميقة للمشاريع عمقت الفجوة بين المانحين والحكومة‬
‫اليمنية‪.‬‬

‫وفي مداخلته في الندوة‪ ,‬اعتبر الدكتور محمد الفندي الخبير‬


‫القتصادي وزير التجارة السابق أن المساعدات والقروض ل‬
‫تخلو من تكلفة سياسية وتنازلت من قبل الطرف الطالب‬
‫للمعونة‪ .‬وأوضح أن الستغلل المثل لموارد اليمن يغنيه كثيرا‬
‫عن الخارج‪.‬‬

‫لكنه توقع أن يظل اليمن بحاجة إلى المعونات والقروض‬


‫الجنبية في ظل الداء الداري الحالي للحكومة‪.‬‬

‫وأشار الفندي إلى أن الدول المانحة رصدت في مؤتمر لندن‬


‫الول للخطة الخمسية ‪ 2010 -2006‬أكثر من خمسة‬
‫مليارات دولر‪ ,‬وقال إن الحكومة لم تستوعب من هذا المبلغ‬
‫سوى ‪ %20‬رغم قرب انتهاء سنوات الخطة‪.‬‬

‫الصلح أول‬
‫من جهته اشترط محمد جبران‪,‬‬
‫الخبير المالي والستاذ بجامعة‬
‫صنعاء‪ ,‬تحقيق إصلح سياسي‬
‫وترسيخ مبدأ التداول السلمي‬
‫للسلطة باعتبارهما مدخل‬
‫حقيقيا للصلح الشامل الذي‬
‫يجب أن يسبق إستراتيجية‬
‫مكافحة الفساد‪.‬‬
‫)الجزيرة‬ ‫الدكتور محمد جبران‬
‫نت (‬ ‫وقال جبران في حديث‬
‫للجزيرة نت إن قمع الفساد لن ينجح في اليمن‪.‬‬

‫واتهم ما سماه "لوبي الفساد" بنهب عشرة مليارات دولر من‬


‫داخل وخارج الموازنة العامة للدولة منها خمسة‬
‫مليارات تهرب ضريبي ومليار من عائدات النفط‪ .‬واتهمه‬
‫أيضا بتبديد أرباح الوحدات القتصادية المملوكة للدولة )‪75‬‬
‫شركة( إلى ‪ %0.5‬مقارنة بـ ‪ %20‬في ‪.2005‬‬

‫وأشار كذلك إلى تلعب في دعم المشتقات النفطية‬

‫‪19‬‬
‫والكهرباء وأراضي الدولة التي يمكن أن تدر مليين الدولرات‬
‫للخزينة العامة لكنها تباع وُتنهب وُتوهب حسب قوله‪ .‬ورأى‬
‫جبران أن توفير تلك الموال يمكن أن يغني اليمن عن ذل‬
‫السؤال وطلب المعونات المشروطة‪.‬‬

‫وقد أوصى المشاركون في الندوة ‪-‬التي تغيبت عنها الحكومة‪-‬‬


‫بإنشاء وحدات تنفيذية يشرف عليها مديرون من ذوي الخبرة‬
‫والكفاءة ونظافة اليد وتبني إستراتيجية إصلح اقتصادي‪.‬‬

‫كما أوصوا بمعالجة تراجع إيرادات النفط‪ ,‬وتحقيق المزيد من‬


‫التقدم في تنسيق نشاطات المانحين‪ ,‬وتحسين قاعدة‬
‫المعلومات‪ ,‬وإقامة صناعة النقل البحري‪ ,‬وربط التمويل‬
‫بالقطاعات ذات الولوية القصوى ممثلة بالزراعة والصحة‬
‫والتعليم وشؤون المن والدفاع إضافة إلى تفعيل الدور‬
‫الرقابي لمجلس النواب‬
‫ديون اليمن ستة مليارات‬

‫مؤسسات التمويل الدولية بقيت أولى الجهات الدائنة لليمن‬


‫في ‪) 2009‬الجزيرة(‬

‫ذكرت بيانات رسمية أن المديونية الخارجية لليمن ارتفعت في‬


‫العام الماضي لتصل إلى ‪ 6‬مليارات دولر‪ ،‬بزيادة قدرها ‪135‬‬
‫مليون دولر عن العام ‪ 2008‬عندما بلغ حجم ديون‬
‫البلد ‪ 5.894‬مليارات دولر‪.‬‬

‫وقال تقرير للبنك المركزي إن مؤسسات التمويل الدولية‬


‫بقيت أولى الجهات الدائنة للبلد بمقدار ‪ 3.154‬مليارات دولر‬
‫أميركي‪ ,‬كما يدين اليمن بحوالى ‪ 2.179‬مليار دولر لهيئة‬
‫التمويل الدولية‪.‬‬

‫كما تشمل الديون ‪ 669‬مليون دولر للصندوق العربي للنماء‪،‬‬

‫‪20‬‬
‫و ‪ 125‬مليون دولر للصندوق الدولي للتنمية الزراعية )إيفاد(‬
‫وحوالى ‪ 199‬مليون دولر لجهات لم يوردها التقرير‪.‬‬

‫وتتوزع بقيه المديونية على صندوق النقد الدولي‪ ،‬وصندوق‬


‫الوبك والبنك السلمي والتحاد الوروبي‪.‬‬

‫وأشار التقرير إلى أن مديونية اليمن للدول العضاء في نادي‬


‫باريس في المرتبة الثانية بواقع ‪ 1.743‬مليار دولر‪ ،‬منها‬
‫‪ 1.212‬مليار دولر لروسيا‪ ،‬و ‪ 270‬مليون دولر لليابان‪.‬‬

‫وتوزعت بقية المديونية على كل من الوليات المتحدة وفرنسا‬


‫وإيطاليا وإسبانيا والدنمارك وهولندا وألمانيا‪.‬‬

‫واحتلت ديون اليمن للدول غير العضاء في نادي باريس‬


‫المرتبة الثالثة بنحو ‪ 933.5‬مليون دولر الجزء الكبر منها‬
‫للصندوق السعودي بنحو ‪ 372.4‬مليون دولر‪.‬‬

‫كما شملت الديون نحو ‪ 273‬مليون دولر للصين و‬


‫‪ 137.4‬مليون دولر للصندوق الكويتي‪ ,‬وتتوزع بقية المديونية‬
‫على الصندوق العراقي والجزائر وبولندا وكوريا الجنوبية‪.‬‬

‫هبوط عائدات النفط اليمني ‪%65‬‬

‫صادرات النفط اليمنية تشكل نحو ‪ %70‬من موارد الموازنة‬


‫العامة للدولة )الفرنسية‪-‬أرشيف(‬

‫كشفت بيانات يمنية رسمية الخميس أن حصة الحكومة‬


‫اليمنية من عائدات صادرات النفط الخام سجلت تراجعا حادا‬
‫في الشهر العشرة الولى من العام الجاري‪ ،‬حيث هوت‬

‫‪21‬‬
‫بنسبة ‪.%65‬‬

‫وأوضحت البيانات الصادرة عن البنك المركزي أن القيمة‬


‫الجمالية التي حصلتها الحكومة من مبيعات النفط منذ بداية‬
‫العام حتى نهاية أكتوبر‪/‬تشرين الول الماضي بلغت ‪1.473‬‬
‫مليار دولر مقارنة مع ‪ 4.149‬مليارات دولر في الفترة‬
‫المقابلة من العام ‪.2008‬‬

‫وعزا البنك تراجع العائدات إلى انخفاض إجمالي إنتاج النفط‬


‫الخام في الفترة المذكورة إلى ‪ 25.5‬مليون برميل من ‪38.8‬‬
‫مليون برميل في الفترة نفسها من العام السابق‪.‬‬

‫وأضاف إلى ذلك سببا آخر‪ ،‬وهو الهبوط الكبير في أسعار‬


‫النفط العالمية في الفترة المذكورة مقارنة بالعام الماضي‪.‬‬

‫وأوضحت البيانات أن متوسط سعر الخام اليمني في العشرة‬


‫الشهر الماضية من العام ‪ 2009‬بلغ ‪ 60‬دولرا للبرميل هبوطا‬
‫من ‪ 107‬دولرات للبرميل في الفترة نفسها من العام ‪.2008‬‬

‫ويعد اليمن منتجا صغيرا للنفط ويتراوح إنتاجه حاليا بين ‪280‬‬
‫ألف برميل و ‪ 300‬ألف برميل يوميا‪ ،‬بعد أن كان قد تجاوز‬
‫‪ 400‬ألف برميل يوميا في السنوات السابقة‪.‬‬

‫وتشكل حصة صادرات النفط الخام التي تحصل عليها‬


‫الحكومة اليمنية من تقاسم النتاج مع شركات النفط الجنبية‬
‫المنتجة بموجب اتفاقيات المشاركة نحو ‪ %70‬من موارد‬
‫الموازنة العامة للدولة و ‪ %63‬من إجمالي صادرات البلد و‬
‫‪ %30‬من الناتج المحلي الجمالي‪.‬‬

‫أزمة أسواق المال‪ ..‬عندما تحتمي الليبرالية بالمال العام‬

‫‪22‬‬
23
‫عادل لطيفي‬

‫‪ -‬أزمة مالية أم أزمة الليبرالية؟‬


‫‪ -‬المال العام لنقاذ ثراء النخبة‬

‫يعيش العالم اليوم على وقع أخبار أسواق المال التي فرضت إيقاعها على مظاهر‬
‫الحياة‪ ،‬خاصة في المناطق التي تمثل مركزا حيويا للقتصاد المعولم‪.‬‬

‫لقد خطفت هذه الزمة الضواء على الساحة العلمية بالنظر لخطورتها وبالنظر‬
‫كذلك إلى التفرغ الكلي لقطاب القرار السياسي العالمي لمواجهتها‪.‬‬

‫ومن المؤشرات على ذلك أن مرت تعيينات الفائزين بجائزة نوبل هذه السنة‪ ،‬وعلى‬
‫"‬ ‫غير العادة‪ ،‬في شكل أخبار متفرقة وثانوية بعد أن غمرتها أخبار‬
‫المضاربات المالية‬ ‫النتاجي‬ ‫داو جونز‪ .‬إنها أزمة فاجأت الجميع في ظل واقع القتصاد‬
‫التي أعطت قيمة‬ ‫المتماسك‪ ،‬إلى حد ما‪ ،‬وفي ظل سرعة انتشارها‪.‬‬
‫لبعض المؤسسات‬
‫أعلى من قيمتها‬ ‫لكن على الرغم من آنية هذا الحدث وبغض النظر عن التطورات‬
‫الحقيقية‪ ،‬والرغبة‬ ‫اللحقة المحتملة فإن مضامينه الخلقية وانعكاساته على‬
‫المفرطة في‬ ‫المستوى الجتماعي بدأت تفرض نفسها كضرورة ملحة‪.‬‬
‫استثمار القروض‬
‫حتى على حساب‬ ‫أزمة مالية أم أزمة الليبرالية؟‬
‫زيادة فقر‬ ‫تعود‬ ‫الحالية‬ ‫المالية‬ ‫للزمة‬ ‫المباشرة‬ ‫بات من المعلوم أن الجذور‬
‫الفقراء‪ ،‬هما‬ ‫إلى قضية القروض العقارية )‪ (Sub-primes‬التي استفاد بموجبها‬
‫العاملن‬ ‫صغار الموظفين الميركيين وفقراء الجراء والمتقاعدين من‬
‫الحاسمان اللذان‬ ‫فرصة الحصول على مسكن مقابل ريع ربوي غير قار‪.‬‬
‫أفرزا هذه الزمة‬
‫"‬ ‫بدأ شبح الزمة عندما بات من المؤكد أن أغلب المستفيدين من‬

‫‪24‬‬
‫هذه القروض لم يعد بإمكانهم سداد دينهم بسبب الرتفاع المشط والفجائي لقيمة‬
‫السداد الربوي الشهري المطلوب الذي تجاوز في بعض الحالت ‪ %70‬من دخل‬
‫المدينين‪.‬‬

‫كانت هذه النتيجة بمثابة الشارة الولى إلى وضع مالي غير عادي ل بد من معالجته‬
‫بطريقة حكيمة تأخذ بعين العتبار البعد الجتماعي‪ ،‬لكن الغريب في المر أن رد‬
‫البنوك الميركية المقرضة‪ ،‬مثل بنك فاني ماي وبنك لبمان براذرز‪ ،‬كان نهاية في‬
‫العجرفة واللإنسانية‪.‬‬

‫لقد طلب ممن عجز عن الدفع ترك منزله على الفور‪ ،‬وهذا ما حصل بالفعل على يد‬
‫الشرطة الميركية التي رافقت جحافل الفقراء الميركيين نحو العراء‪.‬‬

‫المشكل أن هذه الكارثة الجتماعية لم تحل صعوبات البنوك‪ ،‬بل على العكس‬
‫سارعت في انهيارها‪ ،‬إذ فقدت المساكن المنشأة جانبا كبيرا من قيمتها منعكسة‬
‫بذلك على قيمة أسهم هذه البنوك في البورصات‪ ،‬وتجنبت البنوك الخرى إقراضها‬
‫في إطار الديون البين بنكية‪.‬‬

‫وفي النهاية اكتمل المشهد بإعلن البنوك الميركية وشركات التأمين المرتبطة‬
‫مباشرة بقضية الديون العقارية إفلسها‪ ،‬وتبع ذلك توقف شبه كلي للتعامل البين‬
‫بنكي وفقدان الثقة في حركة السهم‪.‬‬

‫هذه هي أبرز حلقات هذا المسلسل المتسارع الحداث‪ .‬بقي السؤال الهم وراء هذه‬
‫الحيثيات والمتمثل في تقييم البعاد القتصادية للزمة‪ .‬هل أنها مجرد أزمة مالية‬
‫ظرفية مرتبطة بخطأ معزول أم أنها أزمة هيكلية مرتبطة بطبيعة النظام الليبرالي‬
‫ذاته؟‬

‫يروج ساسة البلدان المتقدة‪ ،‬وكذلك القتصاديون الليبراليون‪ ،‬تحليل يرى أن الزمة‬
‫مرتبطة بالفعل بإستراتيجية استثمار خاطئة اعتمدتها بعض البنوك الميركية‪ .‬وتذهب‬
‫هذه الطراف أبعد من ذلك في اعتبار أن خطأ هذه البنوك يتمثل في إقراض الفقراء‬
‫لكونهم شريحة غير مضمونة من ناحية سداد الديون‪.‬‬

‫وعلى الرغم من أن بعض هؤلء يتحدث اليوم عن ضرورة إعطاء مسحة أخلقية‬
‫للرأسمال المالي‪ ،‬فإنهم يحصرون هذا البعد الخلقي في ضرورة احترام تداخل‬
‫النظام المالي العالمي وتعقده‪ ،‬مما يستوجب الحيطة وعدم المغامرة غير المحسوبة‬
‫في المضاربة‪.‬‬

‫بلغة أخرى فإن الهدف النهائي من هذه المسحة الخلقية هو ضبط مسؤولية‬
‫الفاعلين القتصاديين باتجاه المحافظة على النظام المالي الكلي القائم‪.‬‬

‫لكن مثل هذه التبريرات تبدو متعارضة إلى حد كبير مع واقع الزمة الحالية‪ .‬ويبرز‬
‫التعارض الول بين اعتبار الزمة ناجمة عن خطأ معزول‪ ،‬وبين سرعة انتشارها في‬
‫العالم‪.‬‬

‫وأقل ما يمكن أن يقال هنا إن النظام الليبرالي الحالي هو نظام هش ما دام بنك‬
‫واحد في العالم يمكن أن يحدث فعل لعبة الدومينو على المؤسسات القتصادية في‬
‫شتى القارات‪.‬‬

‫يبدو التناقض واضحا كذلك من حيث اعتبار صغار الموظفين والعمال عالة على نظام‬

‫‪25‬‬
‫القتراض وتناسي دورهم في تعزيز قدرات البنوك عن طريق الدخار والستهلك‪.‬‬

‫من جهة أخرى‪ ،‬يصعب الخذ بمثل هذا التحليل إذا سحبناه على إطار جغرافي أوسع‬
‫في ظل اقتصاد معولم‪ .‬فلو همشنا بعض الفئات الجتماعية من دائرة القتراض على‬
‫صعيد دولة‪ ،‬ما الذي يمنع تهميش الدول الفقيرة من دائرة التعامل المالي العالمي؟‬
‫والحال أن الدول الكبرى‪ ،‬معتمدة على البنك العالمي وعلى صندوق النقد الدولي‪ ،‬ما‬
‫فتئت تغرق هذه البلدان بقروضها وبشروط مشطة أدت إلى إفلس العديد من الدول‪.‬‬

‫نضيف هنا أن هذا القرار بعدم تطابق الفقر مع الستثمار المالي تكذبه على أرض‬
‫الواقع تجربة محمد يونس الحائز على جائزة نوبل للسلم من خلل ما أنجزه مع‬
‫غرامين بنك من استثمارات مع الوساط الكثر فقرا في بنغلديش‪.‬‬

‫فقد بينت هذه التجربة أن المشكل الساسي يكمن في تطابق الهداف المالية للدين‬
‫مع حد أدنى من اعتبار الوضاع الجتماعية للحرفاء‪.‬‬

‫"‬ ‫إن التحليلت الليبرالية التي نسمعها اليوم تتفادى الخوض في‬
‫عمق المسائل المتعلقة بالستثمار وبالعلقة بين القتصاد الحقيقي طرحت الزمة‬
‫الحالية مسألة‬ ‫النتاجي والمضاربة المالية وكذلك بالتهميش المفرط للدولة‬
‫البعد الخلقي في‬ ‫ولدور الرقابة الجماعية على أسواق العمال‪.‬‬
‫تنظيم أسواق‬
‫المال‪ ،‬لكن هذا‬ ‫لقد أفلتت كل هذه المسائل من عقالها منذ نهاية الثمانينيات‬
‫البعد تم تحويله‬ ‫ونهاية الحرب الباردة‪ ،‬وما نتج عن ذلك من انفراد الليبرالية‬
‫عن مساره‬ ‫المطلقة في ساحة المبادرة السياسية والقتصادية‪.‬‬
‫الطبيعي المرتبط‬
‫بشرائح اجتماعية‬ ‫ول يمكن أن ينكر أحد أن البنوك التي تورطت في قروض‬
‫مهمشة نحو‬ ‫سابرايمز فعلت ذلك ضمن عقلية النظام الليبرالي نفسه التي‬
‫احترام أخلقيات‬ ‫تلهث وراء رفع رقم المعاملت وتحسين الرباح‪.‬‬
‫تضمن وجود‬
‫النظام المالي‬ ‫ووصل المر إلى حد أن التطبيقات العملية لهذه العقلية في‬
‫وفاعلية أدائه‬ ‫المجال المالي أصبحت في تعارض تام مع واقع القتصاد النتاجي‬
‫"‬ ‫الحقيقي من ناحية‪ ،‬وكذلك مع إعادة هيكلة القتصادات داخل‬
‫الدول الكبرى وما نتج عن ذلك من زيادة هشاشة وضع صغار‬
‫الموظفين‪.‬‬

‫فالمضاربات المالية التي أعطت قيمة لبعض المؤسسات أعلى من قيمتها الحقيقية‪،‬‬
‫وكذلك الرغبة المفرطة والملحة في استثمار القروض حتى على حساب زيادة فقر‬
‫الفقراء‪ ،‬هما العاملن الحاسمان اللذان أفرزا هذه الزمة‪.‬‬

‫أثبتت الزمة الحالية كذلك وبشكل قاطع بطلن مقولة قدرة السوق الليبرالي على‬
‫إفراز ما يسمى بالتعديل الذاتي )‪ (autorégulation‬المرتبط بالعرض والطلب‪.‬‬

‫فبشهادة المتسببين في الزمة ذاتهم وبشهادة ساسة الوليات المتحدة من‬


‫الجمهوريين‪ ،‬بات تدخل الدولة لفرض الرقابة وتعديل السواق المالية أمرا حاسما‬
‫وملذا أخيرا‪.‬‬

‫ويمثل هذا التوجه نحو زيادة تدخل الدولة إقرارا بخلل مقولة التعديل الذاتي للسوق‬
‫التي ترسخت منذ أزمة سنة ‪ ،1929‬لكن هذا القرار يحمل في طياته أسئلة عديدة‬
‫حول السس الجتماعية لليبرالية نفسها وتوزيع الدوار بين المبادرة الفردية وبين دور‬
‫المجموعة ممثلة في الدولة‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫تراجع أسواق المال الخليجية‪ ..‬السباب والمعالجات‬

‫د‪ .‬همام الشماع‬

‫شملت النخفاضات الحادة كافة أسواق العالم المالية تقريبا ً في الشهرين الماضيين‬
‫لسباب عديدة‪ ،‬بعضها مفهوم ومبرر يأتي على رأسها تأثر أعمال الشركات سلبا ً بعد‬
‫الرتفاعات المتوالية في أسعار النفط‪ ،‬خصوصا ً أن البلدان الرئيسية ‪-‬كالصين والهند‪-‬‬
‫أصبحت مستوردا ً رئيسيا ً للنفط في العالم‪.‬‬

‫ومن السباب ‪-‬وهو الهم‪ -‬تفاقم أزمات الئتمان في القتصادات العالمية والتي انتقلت‬
‫بسرعة الهشيم من القتصاد الميركي إلى اقتصادات أوروبا والمملكة المتحدة‪ ،‬لترفع‬
‫خسائر الرهن العقاري إلى مستويات عالية أودت ببعض البنوك الكبرى كبنك ليمان‬
‫براذرز وميرل لينش ومؤسسات مالية عملقة‪.‬‬

‫في المقابل فإن السواق الخليجية التي تراجعت وفقدت المكاسب التي حققتها منذ‬
‫بداية هذا العام‪ ،‬تعيش ظروفا ومعطيات اقتصادية مختلفة تماما‪ ،‬كان من المفروض‬
‫أن تجعلها الملذ المن للستثمارات الهاربة من جحيم المشكلت القتصادية والمالية‬
‫التي تعيشها أسواق الدول المتقدمة‪ ،‬وتدفع بها بالتالي نحو الرتفاعات الستثنائية‪.‬‬

‫فالتأثر السلبي للدول الصناعية بأسعار النفط تقابله استفادة كبيرة لدول الخليج من‬
‫زيادة مواردها المالية‪ .‬وأزمة الرهن العقاري التي أضرت بالنمو وتطلبت تخفيض‬
‫الفائدة وتراجع قيمة العملة الميركية لم يكن لها تأثير على المصارف الخليجية التي‬
‫واصلت تحقيق معدلت نمو عالية خلل الرباع الماضية من العام الحالي واتضح أنها‬
‫بمنأى عن تأثيرات إفلس البنوك الميركية‪.‬‬

‫كما أن أزمة الئتمان الناجمة عن الديون المعدومة بسبب أزمة الرهن العقاري لم تكن‬
‫حاضرة في دول الخليج إطلقا‪ ،‬إضافة إلى أن الخفض التلقائي للفوائد في دول الخليج‬

‫‪27‬‬
‫بسبب ارتباط عملتها بالدولر كان من المفروض أن يرفع من السيولة المتجهة إلى‬
‫أسواق المال بسبب انخفاض العوائد البنكية‪.‬‬

‫"‬ ‫تراجع السواق الخليجية‬


‫لعل تاريخ بدء‬ ‫ورغم كل هذه العوامل المختلفة فإن السواق الخليجية بدأت‬
‫التراجع في‬ ‫مسلسل التراجع بشكل خاص منذ منتصف يونيو‪ /‬حزيران الماضي‪،‬‬
‫السواق الخليجية‬ ‫ولعل تاريخ بدء التراجع في هذه السواق وتوقيته يحمل أهمية‬
‫وتوقيته يحمل‬ ‫كبيرة في تشخيص السباب التي تقف وراء هذه التراجعات التي‬
‫أهمية كبيرة في‬ ‫ضربت المنطقة‪.‬‬
‫تشخيص السباب‬
‫التي تقف وراء‬ ‫فمن السهولة الزعم بأن الحداث السياسية والتشنجات التي تمر‬
‫بها المنطقة تشكل العامل الرئيسي لتراجع السواق‪ .‬ومن السهولة هذه التراجعات‬
‫التي ضربت‬ ‫أيضا البحث في الجعبة القديمة للتفتيش عن أسباب وأعذار تبرر‬
‫المنطقة‬ ‫البيع في ظروف تماثل الداء الجيد بل الممتاز لكل السواق‬
‫"‬ ‫الخليجية دون استثناء‪ ،‬حيث لم تتخلف شركة قيادية خليجية واحدة‬
‫عن تحقيق نمو ملموس في الرباح الربعية الثلثة الماضية‪ ،‬بحيث‬
‫أصبحت المضاعفات الربحية لبعض تلك الشركات أقل من عشرة قبل أن تنخفض إلى‬
‫أكثر من ذلك بعدما تراجعت السواق لتصل إلى أقل من خمسة‪ ،‬معلنة الوصول إلى‬
‫أكثر المستويات التاريخية جاذبية للستثمار‪.‬‬

‫ورغم بلوغها هذه المستويات الجذابة فإن السواق الخليجية واصلت التراجع‪ .‬وليس‬
‫من المتوقع أن تشهد في المستقبل القريب المنظور تحسنا في الداء قبل أن يزول‬
‫السبب الذي نعتقد أنه يقف وراء هذا التراجع‪ ،‬وهو عمليات التسييل التي تقوم بها‬
‫صناديق ومحافظ أجنبية في ظل تراجع هائل في مستويات السيولة المحلية‪.‬‬

‫وللتفصيل في الموضوع سنبحث فيه من خلل المحورين التاليين‪:‬‬

‫دللت تزامن الهبوط في السواق الخليجية‬

‫تراجع أسواق المال الخليجية‪ ..‬إلى أين؟ وما العمل؟‬

‫_____________________‬
‫المستشار القتصادي لشركة الفجر للوراق المالية‬

‫المصارف السلمية في تونس‬

‫‪28‬‬
‫خالد الطراولي‬

‫نافذة ربحية قابلة للرواج‬


‫الصيغة القانونية‬
‫بين البنك المركزي والكفاءة الشرعية‬

‫غلب عنصر المفاجأة والستغراب والتهليل على مواقف الملحظين والمتابعين للشأن‬
‫التونسي‪ ،‬فالحدث ل يبدو صغيرا وهو يحمل ول شك شحنة من العواطف والمشاعر‬
‫زيادة على أبعاده السياسية والقتصادية والجتماعية‪ ،‬ذلك هو إعلن إنشاء بنك الزيتونة‬
‫السلمي من خلل خبر صغير وكأنه يتحسس المكان والزمان قبل أن يرمي بجذوره‬
‫في أرض الزيتونة‪.‬‬

‫التقت على الخبر خمسة مضارب حيث إن صاحب المبادرة تونسي ورجل أعمال‬
‫معروف باستثماراته الداخلية‪ ،‬وصهر الرئيس‪ ،‬ويحمل تجربة سابقة في إذاعة الزيتونة‬
‫للقرآن الكريم‪ ،‬وتجربة إسلمية في التعامل المصرفي في بلد يحمل نظامه الكثير من‬
‫التوجس والتضارب تجاه الظاهرة السلمية إجمال‪ ،‬وبه صحوة إسلمية متعاظمة‬
‫تشكو عدم التأطير والتوجيه والرشاد ومفتوحة على كل البواب‪.‬‬

‫نافذة ربحية قابلة للرواج‬

‫يعتبر بنك الزيتونة السلمي نافذة اقتصادية ربحية متاحة للستثمار والربح الكبير‪،‬‬
‫حيث يبدو سوق "المنتجات السلمية" قابل للرواج في ظل هذه العودة المشهودة‬
‫للدين عبادة ومعاملة‪.‬‬

‫ويعيش المشهد القتصادي العام انحسارا وتململ في مستويات النتاج والستهلك‬


‫والستثمار‪ ،‬بعد حديث طال أكثر من عقد عن "المعجزة القتصادية التونسية"‬

‫‪29‬‬
‫ومعدلت نمو مرتفعة قياسا ببلدان أخرى‪.‬‬

‫ويأتي هذا البنك بينما المشهد الجتماعي مرتبك ويدخل مناطق الحيرة والخوف من‬
‫الحاضر والمستقبل‪ ،‬ويبرز النفلت في السعار وتأثيراته الخطيرة على المستوى‬
‫المعيشي‪ ،‬زيادة على تفاقم البطالة وخاصة لصحاب الشهادات العليا‪ ،‬مع انحسار في‬
‫مستوى الطبقة المتوسطة‪.‬‬

‫والمشهد العام للبلد يعيش ركودا ورتابة واجترارا‪ ،‬وفي نفس الوقت يحمل في‬
‫وبة نحو المجهول‪.‬‬‫داخله إمكانيات هائلة مص ّ‬

‫في هذا الطار المشحون تأتي التجربة الجديدة لبنك الزيتونة السلمي‪ ،‬والتي لنا معها‬
‫وقفة غير معمقة وإشارة ‪-‬إن أمكن‪ -‬إلى أماكن الظل واستشراف المستقبل‪ ،‬في‬
‫أبوابه المتعددة وخاصة بابه القتصادي‪.‬‬

‫"‬ ‫ول تعتبر مبادرة بنك الزيتونة ‪-‬كمنشأة إسلمية للصيرفة‪ -‬الولى‬
‫بنك الزيتونة‬ ‫من نوعها‪ ،‬فقد سبقتها في الثمانينيات تجربة بنك التمويل التونسي‬
‫السلمي نافذة‬ ‫السعودي )‪ (BEST‬الذي يتبع مجموعة البركة العالمية‪ ،‬كما دخل‬
‫اقتصادية ربحية‬ ‫على الخط منذ بداية السنة بنك نور السلمي التابع لدولة المارات‬
‫متاحة للستثمار‬ ‫العربية المتحدة‪.‬‬
‫والربح الكبير حيث‬
‫يبدو سوق‬ ‫ويشكل عدم تجذر التجربة البنكية السلمية في تونس وعدم بقائها‬
‫المنتجات‬ ‫استثناء في العالم السلمي‪ ،‬حيث مر على التجربة أكثر من أربعة‬
‫السلمية قابل‬ ‫عقود منذ انطلقتها البسيطة في قرية ميت غامر بمصر في بداية‬
‫للرواج في ظل‬ ‫الستينيات‪ ،‬وانتشارها المدوي خارج حدودها "الطبيعية" ودخولها‬
‫هذه العودة‬ ‫مواطن وبلدانا إسلمية وغير إسلمية‪ ،‬ومنها من رفع شعار‬
‫المشهودة للدين‬ ‫العلمانية عاليا كتركيا‪.‬‬
‫عبادة ومعاملة‬
‫"‬ ‫وفي إظهار لتراكم التجربة وتوسعها العالمي‪ ،‬توقع تقرير اقتصادي‬
‫أن تشهد أصول الصرافة السلمية نموا ً في العام ‪ 2010‬بمعدل ل‬
‫يقل عن ‪ %20‬سنويًا‪ ،‬ليتجاوز حجمها حاجز الـ ‪ 1.5‬تريليون دولر مقارنة بـ ‪ 900‬مليار‬
‫دولر خلل العام ‪.2007‬‬

‫وفي ظل الزمة الحالية التي يعيشها عالم المال والعمال أصبح التمويل‬
‫السلمي ملجأ هاما للمستثمرين بما يمثله من تقليل عامل المخاطرة في ظل المأزق‬
‫الحالي للئتمان العالمي وانهيار قطاع العقارات الميركي‪.‬‬

‫ويلحظ عدم وضوح المنحى المعتمد والصفة الملزمة للبنك الجديد‪ :‬هل هو بنك إيداع‬
‫أم بنك استثمار أم بنك أعمال أم بنك غير مقيم أم شركة إيجار مالي؟ وبين هذه‬
‫الصناف تتحدد القيمة الساسية للبنك‪ ،‬والضافة التي يمكن أن يقدمها للمسار‬
‫التنموي في تونس عبر علقته المباشرة مع الزبائن الصغار والكبار على السواء‪،‬‬
‫وكذلك لجدية الضافة السلمية في هذا المجال‪.‬‬

‫الصيغة القانونية‬

‫ميز الجهاز البنكي التونسي بين أصناف عدة من البنوك وأعطاها تحديدا واضحا‪،‬‬
‫فمهمة بنوك اليداع قبول اليداعات مهما تكن مدتها أو شكلها‪ ،‬ومنح القروض ول‬
‫سيما منها القصيرة الجل‪ ،‬والقيام كوسيط في عمليات الصرف‪ .‬كما تؤمن لزبائنها‬
‫استخلص وسداد الصكوك والسندات أو قسائم الدفع أو غيرها من سندات الدفع أو‬
‫الدين‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫خطورة الزمة المالية الميركية على القتصاد العالمي‬

‫د‪ .‬صباح نعوش‬

‫تداعيات انهيار قيم العقارات‬


‫المعالجة وحدودها‬
‫انتقال العدوى‬
‫الزمة اقتصادية‬

‫تشهد الوليات المتحدة أزمة مالية عنيفة انتقلت عدواها إلى السواق المالية لمختلف‬
‫الدول وبات علجها عسيرا‪ .‬ولم تعد الزمة الميركية الحالية جزئية تقتصر على‬
‫العقارات بل أصبحت شاملة تؤثر مباشرة على الستهلك الفردي الذي يشكل ثلثة‬
‫أرباع القتصاد الميركي وهو بالتالي الساس الذي ترتكز عليه حسابات معدلت النمو‪.‬‬

‫ول تأتي الزمات المالية من فراغ بل تتفاعل مع الوضع القتصادي الكلي الذي يعاني‬
‫في الوليات المتحدة من مشاكل خطيرة في مقدمتها عجز الميزانية واختلل الميزان‬
‫التجاري وتفاقم المديونية الخاصة والعامة إضافة إلى الرتفاع المستمر لمؤشرات‬
‫البطالة والتضخم والفقر‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫وفي يناير‪/‬كانون الثاني من العام الحالي خسر مؤشرات السهم الميركية داو جونز‬
‫‪ %4.6‬وناسداك ‪ %9.9‬لكن ارتفاع هذه النسبة أو تلك ل تعكس بالضرورة درجة‬
‫خطورة الوضع القتصادي والمالي الميركي الحالي‪ .‬ففي أكتوبر ‪/‬تشرين الول عام‬
‫‪ 1987‬سجل داو جونز هبوطا ً هائل ً قدره ‪ %22.6‬أي بنسبة تفوق بكثير النسبة الحالية‬
‫ومع ذلك فأن الزمة الراهنة اخطر لنها نجمت عن تراجع الستهلك الفردي في حين‬
‫كان ارتفاع أسعار الفائدة السبب الساس في أزمة ‪.1987‬‬

‫تداعيات انهيار قيم العقارات‬


‫ما أن انفجرت فقاعة النترنت في عام ‪ 2000‬حتى ظهرت فقاعة أخرى ترتبط‬
‫بالقطاع العقاري‪ .‬ومنذ ذلك العام أخذت قيم العقارات وبالتالي أسهم الشركات‬
‫العقارية المسجلة بالبورصة بالرتفاع بصورة مستمرة في جميع أنحاء العالم خاصة في‬
‫الوليات المتحدة حتى بات شراء العقار أفضل أنواع الستثمار في حين أن النشطة‬
‫الخرى بما فيها التكنولوجيا الحديثة معرضة للخسارة‪.‬‬

‫"أقبل الميركيون‬ ‫وأقبل الميركيون أفرادا ً وشركات على شراء العقارات بهدف‬
‫على شراء‬ ‫السكن أو الستثمار الطويل الجل أو المضاربة‪ .‬واتسعت‬
‫العقارات بهدف‬ ‫ً‬
‫التسهيلت العقارية إلى درجة أن المصارف منحت قروضا حتى‬
‫السكن أو‬ ‫للفراد غير القادرين على سداد ديونهم بسبب دخولهم الضعيفة‪.‬‬
‫الستثمار الطويل‬
‫الجل أو المضاربة‬ ‫وانتفخت الفقاعة العقارية حتى وصلت إلى ذروتها فانفجرت في‬
‫واتسعت‬ ‫صيف عام ‪ 2007‬حيث هبطت قيمة العقارات ولم يعد الفراد‬
‫التسهيلت‬ ‫قادرين على سداد ديونهم حتى بعد بيع عقاراتهم المرهونة‪ .‬وفقد‬
‫العقارية إلى درجة‬ ‫أكثر من مليوني أميركي ملكيتهم العقارية وأصبحوا مكبلين‬
‫أن المصارف‬ ‫باللتزامات المالية طيلة حياتهم‪ .‬ونتيجة لتضرر المصارف الدائنة‬
‫منحت قروضا ً‬ ‫نتيجة عدم سداد المقترضين لقروضهم هبطت قيم أسهمها في‬
‫حتى للفراد غير‬ ‫البورصة وأعلنت شركات عقارية عديدة عن إفلسها‪.‬‬
‫القادرين على‬
‫سداد ديونهم‬ ‫ولكن انهيار القيم لم يتوقف عند العقارات بل امتد إلى أسواق‬
‫"‬ ‫المالية وجميع القطاعات‪ .‬في عام ‪ 2000‬لم يقد انفجار فقاعة‬
‫النترنت بعد انتفاخ دام نحو عشر سنوات إلى أزمة مالية شاملة أو‬
‫إلى تخوف من حدوث كساد اقتصادي لن من يشتري جهاز الكمبيوتر ل يهدف عادة‬
‫الستثمار أو المضاربة ول يحتاج إلى القتراض بينما انفق الفراد جميع مدخراتهم‬
‫واقترضوا لشراء العقارات‪ .‬وبناء على ذلك تختلف الثار المالية والقتصادية المترتبة‬
‫عن هبوط أسعار العقار عن تلك المترتبة عن هبوط أسعار الكمبيوتر اختلفا كثيرا‪.‬‬
‫وأدى انفجار الفقاعة العقارية إلى تراجع الستهلك اليومي وبالتالي إلى ظهور ملمح‬
‫الكساد‪.‬‬

‫"الدارة الميركية‬ ‫المعالجة وحدودها‬


‫قررت تخصيص‬
‫نحو ‪ 150‬مليار‬ ‫قررت الدارة الميركية تخصيص نحو ‪ 150‬مليار دولر من خلل‬
‫خطة حوافز مالية تتضمن إعفاءات ضريبية مدتها سنتين منها ‪ 100‬دولر من خلل‬
‫خطة حوافز مالية‬ ‫مليار للفراد و ‪ 50‬مليار للشركات‪ .‬يهدف هذا الجراء إلى زيادة‬
‫تتضمن إعفاءات‬ ‫الستهلك لتنشيط القتصاد‪.‬‬
‫ضريبية مدتها‬
‫ولكن هذا المبلغ ل يغطي سوى ‪ %1.5‬من الديون الفردية العقارية سنتين منها ‪100‬‬
‫و ‪ %0.3‬من ديون الشركات وبالتالي ل يكفي لمعالجة الزمة مما مليار للفراد و ‪50‬‬
‫مليار للشركات‬ ‫يفسر استمرار هبوط المؤشر العام في البوصات العالمية بعد‬
‫دعما للقتصاد‬ ‫إعلن هذه الحوافز المالية‪.‬‬
‫"‬

‫‪32‬‬
‫كما أجرى مجلس الحتياطي التحادي )البنك المركزي الميركي( تعديل ً على أسعار‬
‫الفائدة قدره ‪ 0.50‬نقطة مئوية لتصل النسبة إلى ‪ .%3‬ويهدف هذا الجراء إلى‬
‫تسهيل اللجوء إلى القروض المصرفية للستثمار وحث الفراد على زيادة النفاق‪.‬‬

‫ودخلت الوليات المتحدة في دوامة الزمات المالية التي تستوجب في كل مرة تقليص‬
‫سعر الفائدة وسيفقد البنك المركزي أحد أهم أدواته لمعالجة هبوط قيم السهم عندما‬
‫يصل سعر الفائدة إلى الصفر كما هو الحال في اليابان‪.‬‬

‫وكان سعر الفائدة الميركية في عام ‪ 2007‬بمقدار ‪ %4.2‬ونسبة التضخم ‪ %3.2‬أي‬


‫أن السعر الحقيقي للفائدة )السعر السمي بعد طرح نسبة التضخم( إيجابي قدره‬
‫‪ .%1‬وفي مطلع عام ‪ 2008‬وبسبب الزمة المالية الخيرة انخفض سعر الفائدة إلى‬
‫‪ %3‬وارتفع معدل التضخم إلى ‪ %4.1‬ليصبح سعر الفائدة الحقيقي سلبيا ً قدره ‪-‬‬
‫‪.%1.1‬‬

‫قد يتصور البعض بأن طائرات آسيوية وخليجية ستحوم فوق ول ستريت لتقذف أطنانا ً‬
‫من الدولرات على السوق بهدف تهدئته‪ .‬والواقع ل يخلو هذا التصور من الصحة‪.‬‬
‫وهكذا تستفيد الوليات المتحدة من ارتفاع أسعار النفط الذي أدى إلى ظهور فوائض‬
‫مالية ل تستوعبها أسواق الخليج‪ .‬ولكن على افتراض كون الزمة الميركية مالية فقط‬
‫فأنها تستوجب رصد مبالغ طائلة لمواجهتها‪.‬‬

‫فعلى سبيل المثال الديون الفردية الميركية الناجمة عن الزمة العقارية تمثل ‪6.6‬‬
‫تريليونات دولر أي ما يعادل إيرادات النفط السعودية لمدة ‪ 55‬سنة‪ .‬وبالتالي فأن‬
‫قدرة الخليجيين وكذلك السيويين على مواجهة الزمة المريكية محدودة جدًا‪.‬‬

‫بالنتيجة النهائية فإن الحتلل العسكري للبلدان يصبح حل ً إضافيا ً لتحريك القتصاد‬
‫الميركي من زاويتين الولى النفاق العسكري والستفادة من قدرات البلد المحتل‬
‫لتحسين الوضع القتصادي الميركي كاستغلل النفط العراقي وفق عقود مشاركة‬
‫النتاج‪.‬‬

‫انتقال العدوى‬
‫على إثر هبوط قيم السهم في ول ستريت انخفض المؤشر العام‬
‫"عدوى الزمة‬ ‫للقيم بنسبة ‪ %7.1‬في فرانكفورت و ‪ %6.8‬في باريس و ‪%5.4‬‬
‫الميركية انتقلت‬ ‫في لندن و ‪ %7.5‬في مدريد و ‪ %3.8‬في طوكيو و ‪ %5.1‬في‬
‫إلى جميع أنحاء‬ ‫شنغهاي و ‪ %6‬في ساوباولو و ‪ %9.8‬في الرياض و ‪ %9.4‬في‬
‫العالم مع أن‬ ‫دبي و ‪ %3‬في بيروت و ‪ %4.2‬في القاهرة‪.‬‬
‫نسبة التراجع لم‬
‫وانتقلت عدوى الزمة الميركية إلى جميع أنحاء العالم مع ملحظة تكن على وتيرة‬
‫واحدة فهبط‬ ‫أن نسبة التراجع لم تكن على وتيرة واحدة‪ .‬وهبط المؤشر العام‬
‫المؤشر العام‬ ‫حتى في دول ل توجد فيها استثمارات أميركية في البورصة‬
‫حتى في دول ل‬ ‫كالسعودية بنسبة تفوق هبوط المؤشر العام في بلدان أخرى ل‬
‫توجد فيها‬ ‫تضع قيودا ً على الستثمارات الجنبية ومن بينها الميركية كأوروبا‪.‬‬
‫استثمارات‬
‫أميركية في‬ ‫كان انفجار الفقاعة العقارية الميركية عامل ً مهما ً لهبوط أسهم‬
‫البورصة‬ ‫الشركات الخرى غير العاملة في القطاع العقاري‪ .‬في حين ل‬
‫كالسعودية بنسبة‬ ‫وجود لمثل هذا العامل في دول أخرى ومع ذلك هبطت أسهم‬
‫تفوق هبوط‬ ‫شركاتها العقارية وغير العقارية‪ .‬السهم التي أصابها تدهور شديد‬
‫المؤشر العام في‬ ‫في الخليج ل علقة لها بالنشطة العقارية بل بالستثمارات‬
‫بلدان أخرى‬ ‫البتروكيمياوية أي بسلع التجارة الخارجية‪ .‬وحتى على افتراض‬
‫"‬

‫‪33‬‬
‫معاناة القطاع العقاري من مشاكل مالية على الصعيد العالمي فمن غير المعقول أن‬
‫تستفحل الزمة وتنهار السهم في العالم في نفس اليوم إذ أن السواق المالية في‬
‫المدن المذكورة أعله ليست فروعا ً لوول ستريت‪.‬‬

‫وانطلقا ً من هذا الملحظات العامة يمكن تحليل عالمية الزمة المالية بالعتماد على‬
‫ثلثة عوامل يتعلق العاملن الول والثاني بمختلف بلدان العالم ويرتبط العامل الثالث‬
‫بالدول التي تتبع سياستها النقدية نظام الصرف الثابت مقابل الدولر‪ .‬وتصب جميع‬
‫العوامل في محور واحد وهو فقدان الثقة بالسياسة القتصادية الميركية‪.‬‬

‫العامل الول والساس هو ظهور بوادر الكساد القتصادي في الوليات المتحدة المر‬
‫الذي ينعكس على صادرات البلدان الخرى وعلى أسواقها المالية‪ .‬فالوليات المتحدة‬
‫اكبر مستورد في العالم حيث بلغت وارداتها السلعية ‪ 1919‬مليار دولر أي ‪%15.5‬‬
‫من الواردات العالمية )إحصاءات التجارة الخارجية لعام ‪ 2006‬الصادرة عن منظمة‬
‫التجارة العالمية(‪.‬‬

‫أما العامل الثاني فهو تعويض الخسارة حيث اعتاد بعض أصحاب رؤوس الموال‬
‫الستثمار في عدة أسواق مالية في آن واحد‪ .‬فإذا تعرضت أسهمهم في دولة ما‬
‫للخسارة فأن أسهمهم في دولة أخرى قد ل تصيبها خسارة‪.‬‬

‫وفي حالت معينة عندما تهبط أسهمهم في دولة ما فسوف يسحبون أموالهم‬
‫المستثمرة في دولة أخرى لتعويض الخسارة أو لتفادي خسارة ثانية‪ .‬وتتم عمليات‬
‫السحب الجماعي في الساعات الولى من اليوم الول لخسارتهم‪.‬‬

‫في بعض البلدان العربية كمصر والسعودية هبط المؤشر العام بسبب هذه العمليات‬
‫التي قام بها مستثمرون في هذين البلدين نتيجة خسارتهم في ول ستريت‪.‬‬

‫وفيما يتعلق بالعامل الثالث قيتمثل بالخوف من هبوط جديد وحاد لسعر صرف‬
‫الدولر الميركي مقابل العملت الرئيسة الخرى‪ .‬وهبطت قيم السهم بين مطلع عام‬
‫‪ 1987‬ومطلع عام ‪ 2008‬في الوليات المتحدة سبع مرات بنسب عالية‪.‬‬

‫وفي كل مرة يتراجع سعر صرف الدولر مقابل العملت الوروبية بسبب لجوء البنك‬
‫المركزي الميركي إلى تخفيض أسعار الفائدة‪.‬‬

‫وهذا التراجع يعني خسارة نقدية للستثمارات بالدولر سواء في الوليات المتحدة أم‬
‫خارجها‪ .‬وتحدث هذه الخسارة أيضا ً وبنفس النسبة في البلدان التي تعتمد عملتها‬
‫المحلية على سعر صرف ثابت أمام الدولر كما هو حال غالبية أقطار مجلس التعاون‬
‫الخليجي‪ .‬وعلى هذا الساس فأن أية أزمة مالية في الوليات المتحدة تقود إلى سحب‬
‫استثمارات من هذه القطار لتتوطن في دول أخرى ذات عملت معومة كأوروبا‬
‫وبلدان جنوب شرق آسيا‪.‬‬
‫"الزمة في‬
‫الوليات المتحدة‬ ‫الزمة اقتصادية‬
‫ل تقتصر على قيم‬
‫ل تقتصر الزمة في الوليات المتحدة على قيم السهم بل تشمل السهم بل تشمل‬
‫القتصاد الحقيقي برمته فهي أزمة اقتصادية بدأت منذ عدة سنوات القتصاد الحقيقي‬
‫برمته فهي أزمة‬ ‫ول تزال في طور الستفحال‪ .‬أنها ليست حكومية فقط بل تمتد‬
‫اقتصادية بدأت‬ ‫لتشمل الشركات والفراد‪ .‬يمكن إبراز معالمها في النقاط التالية‪:‬‬
‫منذ عدة سنوات‬
‫‪ -1‬العجز التجاري‪ :‬منذ عام ‪ 1971‬لم يسجل الميزان التجاري أي ول تزال في طور‬
‫الستفحال"‬

‫‪34‬‬
‫فائض بل عجز يزداد سنويا ً وصل في عام ‪ 2006‬إلى ‪ 758‬مليار دولر‪ .‬ويعود السبب‬
‫الساس إلى عدم قدرة الجهاز النتاجي خاصة السلعي على تلبية الستهلك‪.‬‬

‫‪ -2‬عجز الميزانية‪ :‬ل يزال العجز المالي مرتفعا ً حيث قدر في ميزانية عام ‪ 2008‬بمبلغ‬
‫‪ 410‬مليار دولر أي ‪ %2.9‬من الناتج المحلي الجمالي‪ .‬بل شك يتعين الهتمام‬
‫بالتوازنات القتصادية وليس بالتوازنات المالية‪.‬‬

‫في الوليات المتحدة يغلب الطابع العسكري على النفقات العامة والطابع السياسي‬
‫على الضرائب‪ .‬ل يهدف النفاق العام إلى التشغيل بقدر ما يهدف إلى تمويل العمليات‬
‫الحربية الخارجية‪ .‬كما أن الضرائب تستخدم كوسيلة للحصول على أصوات الناخبين‬
‫بدل ً من الحصول على إيرادات لتمويل العجز المالي‪.‬‬

‫"إحصاءات وزارة‬ ‫‪ -3‬المديونية‪ :‬أظهرت إحصاءات وزارة الخزانة الميركية ارتفاع‬


‫الخزانة الميركية‬ ‫الديون الحكومية )الدارة المركزية والدارات المحلية( من ‪4.3‬‬
‫أظهرت ارتفاع‬ ‫تريليونات دولر في عام ‪ 1990‬إلى ‪ 8.4‬تريليونات دولر في عام‬
‫الديون الحكومية‬ ‫‪ 2003‬وإلى ‪ 8.9‬تريليونات دولر في عام ‪ .2007‬وأصبحت هذه‬
‫من ‪ 4.3‬تريليونات‬ ‫الديون العامة تشكل ‪ %64‬من الناتج المحلي الجمالي‪ .‬وبذلك‬
‫دولر في عام‬ ‫يمكن تصنيف الوليات المتحدة ضمن الدول التي تعاني بشدة من‬
‫‪ 1990‬إلى ‪8.4‬‬ ‫ديونها العامة‪ .‬يعادل حجم هذه الديون عشرة أضعاف الناتج‬
‫المحلي الجمالي لجميع الدول العربية ويعادل ثلثة أضعاف الديون تريليونات دولر‬
‫في ‪ 2003‬لتبلغ‬ ‫الخارجية للدول النامية‪.‬‬
‫‪ 8.9‬تريليونات‬
‫دولر في عام‬ ‫ول يتوقف ثقل المديونية المريكية على الدارات الحكومية بل‬
‫‪2007‬‬ ‫يشمل الفراد والشركات أيضًا‪ .‬فقد بلغت الديون الفردية ‪9.2‬‬
‫"‬ ‫تريليونات دولر منها ديون عقارية سبقت الشارة إليها بمبلغ ‪6.6‬‬
‫تريليونات دولر‪ .‬أن هذه الديون العقارية التي ساهمت مساهمة‬
‫فاعلة في الزمة المالية الحالية وتشكل أكثر من نصف الناتج المحلي الجمالي‬
‫المريكي‪ .‬أما ديون الشركات فتحتل المرتبة الولى من حيث حجمها البالغ ‪18.4‬‬
‫تريليون دولر‪ .‬وبذلك يكون المجموع الكلي ‪ 36‬تريليون دولر أي ثلثة أضعاف الناتج‬
‫المحلي الجمالي‪ .‬هذه الديون بذاتها أزمة اقتصادية خطيرة‪.‬‬

‫كما تعاني الوليات المتحدة من مشاكل اقتصادية أخرى في مقدمتها التضخم الذي‬
‫تجاوز ‪ %4‬والبطالة التي تشكل ‪ %5‬والصناعة التي تتراجع أهميتها والفقر وسوء‬
‫الخدمات التعليمية‪.‬‬

‫ل تقتصر خطورة الزمات المالية الميركية على إفقار المليين من الميركيين بل تمتد‬
‫لتشمل التأثير السلبي على الوضع القتصادي العالمي وقد يصل المر إلى الحتلل‬
‫العسكري‪.‬‬

‫أمام هذا الوضع المالي والقتصادي الميركي المتأزم يتعين على العرب أفرادا ً‬
‫وشركات وحكومات اتخاذ إجراءات سريعة للحفاظ على مصالحهم الحيوية في‬
‫مقدمتها سحب استثماراتهم من الوليات المتحدة‪.‬‬

‫وأصبح من اللزم على بلدان مجلس التعاون الخليجي التخلي عن الدولر كمثبت لقيم‬
‫عملتها المحلية أو على القل مراجعة القيم التعادلية لهذه العملت بما يتناسب مع‬
‫هبوط سعر صرف الدولر‪.‬‬
‫_____________________‬
‫باحث اقتصادي عراقي مقيم في فرنسا‬

‫‪35‬‬
‫الحل السلمي الستعجالي‬
‫خــالد الطراولي‬

‫‪36‬‬
37
‫ليس هذا نصا فكريا خالصا ول أدبيا‪ ،‬ولكنه مساهمة ونداء‪ ،‬تستدعي العقل والقلب‬
‫على السواء‪ ..‬مساهمة من أجل الخروج من المأزق‪ ،‬ونداء إلى أصحاب الختصاص‬
‫ورؤساء البنوك المركزية العالمية وإلى أصحاب القرار السياسي والقتصادي في‬
‫أوروبا وأميركا خاصة‪.‬‬

‫إن الزمة المالية الحالية تتجاوز منطق المعالجة الظرفية والنسبية‪ ،‬تتجاوز منطق‬
‫التباطؤ والنتظار والمراهنة على عامل الوقت‪ ،‬تتجاوز منطق الترقيع والترميم‪ ،‬ولكنها‬
‫أعمق وأشد‪ ،‬ولم يخطئ بعضهم في تشبيهها بأزمة ‪ 1929‬أو أشد كما يراها رئيس‬
‫الخزانة الميركية‪ ،‬رغم بعض الختلف الجوهري‪.‬‬

‫"‬ ‫وهي تلمس ول شك منزلة الزمة الحضارية لما لها من عمق‬


‫الزمة المالية‬ ‫ثقافي وتشكل عقلية وبناء ثقافة وسلوك‪ ،‬تواصل لكثر من قرنين‬
‫الحالية مؤهلة‬ ‫من الزمن‪ ،‬حيث بنيت هذه الحضارة على منطق بسيط في‬
‫لتركيع بلدان‬ ‫أسلوبه معقد في تنزيلته‪ ،‬وهي حضارة المال المطلق واليد‬
‫كثيرة نامية‬ ‫الخفية المسيرة لقوانين السوق كما أعلنها بداية آدم سميث‪،‬‬
‫وتدحرجها نحو‬ ‫وتواصلت بعده بتقنيات ووسائل يقارب بعضها ألعاب الكازينو‬
‫المجهول‪ ،‬ولعل‬ ‫ومراهنات سباقات الخيل‪ ,‬وهذا يستدعي ول شك إجابة حضارية‬
‫لشكال حضاري‪ ،‬وهذا ليس شأن هذه الورقة البسيطة ولعلنا نعود في شبه إعلن بلد‬
‫أوروبي ولو كان‬ ‫إليها في ورقات أخرى‪.‬‬
‫صغيرا مثل‬
‫آيسلندا لمكانية‬ ‫إن المر اليوم جلل‪ ،‬ول نبالغ ول ندخل الذعر في القلوب والهلع‬
‫في السلوك‪ ،‬لننا نؤمن أن المر ل يزال تحت المراقبة ولم ينفلت إفلسه‪ ،‬تعبير‬
‫لعمق الزمة‬ ‫ولكنه يتطلب السراع والحزم والجرأة‪.‬‬
‫وتمكنها ككرة‬
‫الثلج المتدحرجة‬ ‫إن مصير العالم أضحى على كف عفريت‪ ،‬وإن تدهور الزمة نحو‬
‫والمتضخمة لحظة‬ ‫منازل أشد وقعا وألما‪ ،‬لتضرب الصغار والكبار على السواء‪ ،‬ل‬
‫بعد لحظة‬ ‫يزال قائما وبشدة‪.‬‬
‫"‬
‫وهي أزمة مؤهلة لتركيع بلدان كثيرة نامية وتدحرجها نحو‬
‫المجهول‪ ،‬ولعل في شبه إعلن بلد أوروبي ولو كان صغيرا مثل آيسلندا لمكانية‬

‫‪38‬‬
‫السلع الستراتيجية ومشكلت الصلح القتصادي في مصر‬

‫عبد الحافظ الصاوي‬

‫التراجع الحكومي‬
‫الصلح الحقيقي‬
‫أسباب التراجع‬

‫أدى تخلي الحكومة المصرية عن السيطرة على السلع الستراتيجية لصالح القطاع‬
‫الخاص في إطار برنامج الخصخصة‪ ،‬وعدم تدخلها لصلح وضبط سوقها كحد أدنى‪،‬‬
‫إلى حدوث خلل كبير بها مثلما يحدث في مادتي الحديد والسمنت اللتين شهدتا‬
‫ارتفاعات كبيرة وغير مسبوقة‪ ،‬كما شهدت ممارسات خاطئة مثل الحتكار أو منافسة‬
‫غير عادلة أو وجود أسعار ل تمثل كفاءة وجودة المنتجات‪.‬‬

‫التراجع الحكومي‬
‫مع مطلع شهر أغسطس‪/‬آب الحالي نشرت الصحف المصرية تصريحات لوزيري‬
‫الستثمار والتجارة والصناعة في مصر تتحدث عن عزم الحكومة الدخول في مجال‬
‫الستثمار المباشر لنتاج الحديد والسمنت‪ ،‬وأن هذه الستثمارات سوف تتوجه إلى‬
‫صعيد مصر‪ ،‬وأنه قد تم الحصول على موافقات المجلس العلى للطاقة‪.‬‬

‫وتتمثل هذه الستثمارات في إنشاء مصنع لنتاج الحديد بتكلفة استثمارية قدرها ‪5.5‬‬
‫مليارات جنيه لنتاج نحو ‪ 1.5‬مليون طن سنويا‪ ،‬والمصنع الخر حصلت على رخصته‬
‫إحدى شركات قطاع العمال العام لنتاج ‪ 1.5‬مليون طن سنويا وبتكلفة قدرها ‪1.6‬‬
‫مليار جنيه‪ ،‬والمنطقة المزمع إقامته فيها هي محافظة قنا‪ .‬ولقيت هذه الخطوة ارتياحا‬
‫لدى الشارع المصري الذي لمس فيها بادرة نحو إصلح سوق الحديد والسمنت‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫لكن لم تمض أيام معدودات بل ساعات حتى خرج وزير التجارة والصناعة لينفي ما‬
‫نشر عن هذا التجاه الحكومي‪ ،‬كما أن وزير الستثمار ذهب ليبرر تصريحاته بأنها مجرد‬
‫إعادة توظيف لفوائض شركات عامة وليس ضخ استثمارات جديدة‪ ،‬وأن مصنع الحديد‬
‫قيد إعداد دراسة الجدوى التي ستنتهي في نوفمبر‪/‬تشرين الثاني القادم‪.‬‬

‫"‬ ‫وقد شهد هذا التضارب في تصريحات المسؤولين الحكوميين‬


‫البعض شكك في‬ ‫انتقادات من قبل الكتاب والصحافيين‪ ،‬كما أن البعض شكك في‬
‫قدرة الحكومة‬ ‫قدرة هؤلء الوزراء على مواجهة صاحب أكبر مصانع للحديد في‬
‫على مواجهة‬ ‫مصر المهندس أحمد عز الذي يحظى بنفوذ سياسي كبير‪ ،‬حيث‬
‫المهندس أحمد‬ ‫يشغل أمين تنظيم الحزب الوطني وكذلك رئيس لجنة الخطة‬
‫عز الذي يلقب‬ ‫والموازنة بمجلس الشعب‪ ،‬وهو صاحب مكانة خاصة في لجنة‬
‫بملك الحديد في‬ ‫السياسات التي يرأسها جمال مبارك نجل رئيس الجمهورية‪.‬‬
‫مصر ويحظى‬
‫بنفوذ سياسي‬ ‫والبعض ذهب لتهام الوزراء بأن تصريحاتهم للستهلك الصحفي‪،‬‬
‫ودلل على ذلك بالمهلة التي حددت لدخول مصنع الحديد الحكومي كبير في الفترة‬
‫الماضية‬ ‫الذي ذهبت التصريحات الولية باتجاه إنشائه‪ ،‬حيث حددت مهلة ‪40‬‬
‫"‬ ‫شهرا لدخوله مرحلة النتاج‪ ،‬وهي مدة طويلة ل تتفق وحالة‬
‫السوق التي تحتاج فترات أقصر من هذه المدة‪.‬‬

‫هناك نوع من التلبيس على العامة بشأن مفهوم الصلح‪ ،‬فالصلح في معناه الحقيقي‬
‫هو تقويم المعوج والخروج من دائرة الخسارة إلى الربح ومن الحتكار إلى المنافسة‪.‬‬

‫الصلح الحقيقي‬
‫كان المفهوم الذي ترسخ لدى الكثيرين منذ تطبيق برامج وأجندة الصندوق والبنك‬
‫الدوليين أو التي اصطلح على تسميتها ببرامج الصلح القتصادي‪ ،‬أنها‬
‫ليست وسيلة للتخلص من الستثمارات العامة لصالح القطاع الخاص بغض النظر عن‬
‫مردودها القتصادي والجتماعي‪ .‬وقد حظى برنامج الخصخصة المصرية بكثير من‬
‫اللغط منذ بداية تطبيقه‪ ،‬سواء لما اعتراه من عمليات فساد أو بيع لشركات رابحة‪ ،‬أو‬
‫زيادة سيطرة القطاع الخاص على السواق وفرض شروطه على المستهلكين بما أدى‬
‫إلى زيادات غير مبررة في السعار‪.‬‬

‫ولكن الصلح الحقيقي الذي تعرفه الدبيات القتصادية‪ ،‬حتى في ظل تطبيق‬


‫اقتصادات السوق‪ ،‬هو أن الدولة تتدخل في النشاط القتصادي سواء كان إنتاجيا أو‬
‫خدميا‪ ،‬طالما وجدت عجزا من القطاع الخاص في تلبية احتياجات السوق‪ ،‬أو جدت أن‬
‫هناك ممارسات خاطئة من قبل القطاع الخاص مثل الحتكار أو منافسة غير عادلة أو‬
‫وجود أسعار ل تمثل كفاءة وجودة المنتجات‪.‬‬

‫في الحالة المصرية‪ ،‬نجد أن دخول الحكومة عبر استثمارات عامة في مجال السلع‬
‫الستراتيجية مثل الحديد والسمنت قد تعرض للكثير من التعطيل والمماطلة‪ ،‬وكان‬
‫ينبغي أن يتم في وقت مبكر‪ ،‬بل يمكننا القول بأن الحكومة تبين لها خطؤها الن في‬
‫إقدامها على بيع حصتها في هذه القطاعات‪ ،‬فقد خرجت تماما من مجال إنتاج الحديد‬
‫والسمنت وأصبحت تمتلك حصصا غير مؤثرة داخل هذه الشركات بعد أن كانت‬
‫هي الطرف المسيطر في السابق‪.‬‬

‫وقد تجلى لها سوء تقديرها في بيع هذه الشركات عندما رفضت شركات القطاع‬
‫الخاص العاملة في مجال السمنت الستجابة لمطلب وزير التجارة والصناعة بخفض‬
‫السعار أو تلبية احتياجات السوق المحلي أول‪ ،‬وهو ما دعا الوزير فيما بعد إلى فرض‬
‫رسوم تصدير على كل طن تصل لنحو ‪ 180‬جنيها مصريا‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫كما عمدت الحكومة في الفترة الخيرة إلى اتخاذ خطوات للغاء الدعم‬
‫المقدم للطاقة لهذه الشركات في ثلث سنوات‪ ،‬ولكن هذه الشركات استطاعت أن‬
‫تلتف على هذه القرارات وحملت بها المستهلك المصري‪ ،‬فارتفعت السعار في كل‬
‫من الحديد والسمنت‪ ،‬وأصبح سعر طن الحديد يقارب نحو ‪ 9‬آلف جنيه مصري بعد‬
‫أن كان من قبل سنتين في حدود ‪ 5‬آلف جنيه‪ ،‬وكذلك السمنت قفز سعره من نحو‬
‫‪ 300‬جنيه للطن إلى نحو ‪ 450‬جنيها للطن‪.‬‬

‫أسباب التراجع‬
‫هناك الكثير من الدللت التي يعكسها موقف الحكومة المصرية بتراجعها عن‬
‫الدخول في إنتاج الحديد والسمنت‪ ،‬ومنها‪:‬‬

‫‪ .1‬أن هناك ضغوطا خارجية تمارس على الحكومة المصرية بعد الولوج إلى مجال‬
‫النتاج لهذه السلع وتركها للقطاع الخاص‪ ،‬وذلك وفق منهج سيطرة الليبرالية‬
‫القتصادية الحديثة والتي تتبناها العولمة‪ ،‬من خلل إزالة العوائق أمام القطاع الخاص‬
‫أيا كانت والخروج التام للدولة من مجالت النتاج‪ ،‬وأن ما سينشأ من مشكلت داخل‬
‫السواق سوف تحله آليات العرض والطلب من تلقاء نفسها‪ .‬وهذا غير مقبول على‬
‫أرض الواقع‪ ،‬فلو كان ذلك صحيحا لما تدخلت أميركا من قبل في فرض رسوم إغراق‬
‫على منتجات الحديد المستوردة من اليابان والتحاد الوروبي‪ ،‬أو لسمح التحاد‬
‫الوروبي وأميركا برفع الدعم عن القطاع الزراعي بهما‪.‬‬

‫‪ .2‬هناك نفوذ حقيقي يمتلكه لوبي رجال العمال في الدولة المصرية‪ ،‬ووجودهم في‬
‫الهيئة التشريعية وعلى المسرح السياسي هو من قبيل تحقيق مصالحهم بالدرجة‬
‫الولى‪ ،‬وهو المر الذي تجلى في إصدار العديد من التشريعات القتصادية والتي كان‬
‫آخرها التعديلت التي أدخلت على قانون تنظيم المنافسة ومنع الحتكار‪.‬‬

‫فزواج رأس المال والسلطة هو التوصيف الذي أطلق على توغل رجال العمال في‬
‫مؤسسات النظام‪ ،‬خاصة في السلطتين التنفيذية والتشريعية‪ .‬والمشكلة التي يكرسها‬
‫هذا الوضع أنه ل يضع حدودا فاصلة بين دور رجال العمال بحكم أنشطتهم‬
‫وممارستهم القتصادية وهذا النفوذ في ردهات النظام المصري‪ ،‬فأصبح منهم الوزراء‬
‫ورؤساء مؤسسات اقتصادية عامة مثل جهاز حماية حقوق المستهلك أو جهاز تنظيم‬
‫المنافسة‪ ،‬والتي من الواجب أن يتولها ناشطون من المجتمع‬
‫"‬ ‫الهلي ل تكون لهم مصلحة في التواجد على رأس هذه الجهزة‪.‬‬
‫كل من رجال‬
‫العمال والنظام‬ ‫كما شغل رجال العمال معظم المراكز الحساسة في مجلس‬
‫الشعب المصري من خلل رئاسة لجانه الفرعية أو شغل مناصب المصري يستقوي‬
‫بعضهم ببعض‪،‬‬ ‫وكلء هذه اللجان‪.‬‬
‫فرجال العمال‬
‫يحققون مصالحهم‬ ‫وخلصة القول في هذا الصدد إن كل من رجال العمال والنظام‬
‫الشخصية‬ ‫المصري يستقوي بعضهم ببعض‪ ،‬فرجال العمال يحققون‬
‫والذاتية عبر‬ ‫مصالحهم الشخصية والذاتية عبر السيطرة على السواق وتعظيم‬
‫الثروة في ظل أضرار كبيرة تقع على أفراد الشعب المصري‪ ،‬بينما السيطرة على‬
‫السواق وتعظيم‬ ‫النظام يستقوي بهم في توطيد بقائه‪.‬‬
‫الثروة في ظل‬
‫أضرار كبيرة تقع‬ ‫ورغم أن رجال العمال هؤلء ل يمثلون رصيدا شعبيا حقيقيا‬
‫على الشعب‬ ‫يمكنهم من مساندة النظام‪ ،‬ولكن النظام يستعين بهم من أجل‬
‫المصري‪ ،‬بينما‬ ‫تجميل صورته في الخارج خاصة أمام الغرب الذي يدعو لتبني‬
‫النظام يستقوي‬ ‫النموذج الليبرالي الرأسمالي‪.‬‬
‫بهم في توطيد‬
‫بقائه‬ ‫‪ .3‬سوف يترسخ لدى رجل الشارع أن الصلح لم يعد ممكنا‪ ،‬وأن‬
‫"‬

‫‪41‬‬
‫الحكومة سوف يقتصر دورها على مشاهدة هذا الماراثون لرتفاع السعار‪ ،‬وأن دورها‬
‫الحالي يزكي أجواء المضاربة التي يشهدها سوق بيع الحديد والسمنت‪ ،‬حيث شهدت‬
‫هاتان السلعتان طوابير طويلة على شبابيك الحجز بمنافذ البيع للشركات المنتجة‪،‬‬
‫وهذه المضاربة من شأنها أن تشيع حالة الفساد التي شهدتها أسواق أخرى مثل‬
‫العقارات وسوق الوراق المالية‪ .‬واستمرار ابتعاد الحكومة عن الدخول في‬
‫الستثمارات العامة للسلع الستراتيجية ل يعني سوى مساعدة القطاع الخاص على‬
‫ممارسة الحتكار والمنافسة غير العادلة‪.‬‬

‫‪ .4‬إن وجود فوائد لدى شركات قطاع العمال العام أمر إيجابي واستثماره في نشاط‬
‫إنتاجي يصنع فرص عمل ويحقق قيمة مضافة هو التجاه الصحيح‪ ،‬في ظل تزايد العجز‬
‫بالموازنة العامة للدولة والتي تستقطب كافة المبالغ المتحصلة من عوائد الشركات‬
‫العامة وعوائد البترول وقناة السويس وغيرها‪ ،‬ومع ذلك يظل هناك عجز مزمن‪ ،‬خاصة‬
‫أن الستثمارات العامة بالموازنة ‪-‬ومنذ تطبيق برنامج الصلح القتصادي‪ -‬لم تتعد‬
‫نسبة ‪ % 10‬من حجم النفاق العام‪ ،‬وفي مجملها تنصرف إلى الحلل والتجديد‬
‫وأعمال الصيانة ول تتجه لنشاء مشروعات جديدة‪.‬‬

‫"‬ ‫‪ .5‬إعلن الحكومة عن عزمها إقامة مشروعات عامة ل يعني‬


‫مزاحمة القطاع الخاص‪ ،‬أو النكوص عن عهدها بريادة هذا القطاع الظروف الحالية‬
‫تتيح لمصر فرصة‬ ‫لعملية التنمية‪ ،‬حيث أعطت الحكومة للقطاع الخاص في الفترة‬
‫قد ل تتكرر فيما‬ ‫الماضية تراخيص عدة بإنشاء مصانع لنتاج الحديد والسمنت‪،‬‬
‫بعد لتقليص الثار‬ ‫وبالتالي فالدولة هنا ليست محتكرة أو مزاحمة‪ ،‬حيث ل يزال‬
‫السلبية لعمليات‬ ‫السوق يستوعب هذه العداد من المصانع‪ ،‬لكن الهلع الذي‬
‫الخصخصة‪،‬‬ ‫أثاره إقدام الحكومة على إنشاء مصنعين أحدهما للحديد والخر‬
‫وإحداث نوع من‬ ‫للسمنت لدى القطاع الخاص أو الخارج أثار علمات استفهام‬
‫التوازن في‬ ‫كثيرة؟!‬
‫السوق خاصة في‬
‫السلع‬ ‫ختاما‪ ،‬فإن الظروف الحالية تتيح لمصر فرصة قد ل تتكرر فيما بعد‬
‫الستراتيجية‪ ،‬وهي‬ ‫لتقليص الثار السلبية لعمليات الخصخصة‪ ،‬وإحداث نوع من‬
‫خطوة يؤيدها‬ ‫التوازن في السوق خاصة في السلع الستراتيجية‪ ،‬وهي خطوة‬
‫الشارع والرأي‬ ‫يؤيدها الشارع والرأي العام شريطة أل تدار هذه المشروعات‬
‫العام شريطة أل‬ ‫بعقلية القطاع العام في الماضي أو جعلها مرتعا للمحسوبية‬
‫تدار هذه‬ ‫والوساطة أو إدارتها بمنطق تفضيل أهل الثقة على أهل الخبرة‪.‬‬
‫المشروعات‬
‫بعقلية القطاع‬ ‫فالظروف الحالية تتطلب وجود إدارة اقتصادية لتكون نموذجا‬
‫لتحفيز المشروعات العامة الخرى أو مشروعات القطاع الخاص‪ .‬العام في الماضي‬
‫أو جعلها مرتعا‬
‫للمحسوبية‬ ‫وإذا كان القطاع الخاص اليوم يمتعض أو يعترض على إقدام‬
‫والوساطة أو‬ ‫الحكومة على هذه الخطوة‪ ،‬فالتخوف مستقبل أن يكون القطاع‬
‫إدارتها بمنطق‬ ‫الخاص في موقف من يملي شروطه‪.‬‬
‫تفضيل أهل الثقة‬
‫على أهل الخبرة‬
‫"‬

‫الوقود الحيوي‪ ..‬أحلم وكوابيس‬

‫‪42‬‬
‫وحيد محمد مفضل‬

‫اهتزاز عرش النفط‬


‫البديل الحيوي‬
‫أحلم الوقود الحيوي الموعودة‬
‫كوابيسه المستطيرة‬

‫يخطئ من يظن أن في استمرار تصاعد أسعار النفط كل الربحية للدول البترولية‪،‬‬


‫وأن المتضرر الوحيد من ذلك أميركا والدول الصناعية الكبرى‪ ،‬الكثر طلبا ً واستهلكا ً‬
‫للذهب السود وبقية أنواع الوقود الحفري‪.‬‬

‫فالواضح والجلي في هذه المسألة أن جميع الدول ‪-‬بما في ذلك أسياد النفط في‬
‫الشرق الوسط‪ -‬قد تضررت من جراء ذلك وبدرجات متباينة‪.‬‬

‫اهتزاز عرش النفط‬

‫أوجه الضرر كثيرة‪ ،‬بعضها واقع بالفعل‪ ،‬وبعضها الخر متوقع في المستقبل المنظور‪.‬‬
‫من الضرار الواقعة‪ ،‬تلك الموجة القاسية من الغلء العالمي‪ ،‬التي لم ينج منها غني أو‬
‫فقير في أي بقعة من الرض‪ ،‬والتي اضطر معها كثير من الدول ومنها دول بترولية‬
‫إلى رفع معدلت الجور‪ ،‬وزيادة نسبة الدعم‪ ،‬مما يعني انخفاض هامش الربح من‬
‫فروق أسعار النفط إلى الحد الدنى‪ ،‬ناهيك عما أثاره الرتفاع المطرد في أسعار‬
‫السلع الساسية في هذه الدول من ارتفاع نسبة التضخم ومن إضرابات متتالية وتزايد‬
‫السخط العام‪ ،‬وغيرها من علمات الضطراب وعدم الستقرار‪.‬‬

‫من الضرار المنظورة‪ ،‬قرب زوال عرش النفط نتيجة إصرار وتكالب الدول الصناعية‬
‫الكبرى على إيجاد مصادر بديله للطاقة‪ ،‬تقيها تقلبات سوق النفط وأسعاره الملتهبة‪،‬‬
‫وتجنبها كذلك تحكم مصدريه في سوق الطاقة العالمي‪.‬‬

‫تضاف إلى هذا حقيقة أخرى نافذة تتعلق بمستقبل النفط ذاته‪ ،‬وهي قرب نفاد‬

‫‪43‬‬
‫القتصاد الفلسطيني ومعضلة العتماد على الخارج‬

‫ماجد كيالي‬

‫كيان بل موارد‬
‫توسيع التزامات السلطة‬
‫الرتهان للدول المانحة‬

‫أثارت وقائع وتفاصيل الحصار السرائيلي على قطاع غزة‪ ،‬وقبله ومعه قيام إسرائيل‬
‫بعزل المناطق الفلسطينية في الضفة الغربية‪ ،‬والتضييق على الحركة فيها‪ ،‬معضلة‬
‫اعتمادية الكيان الفلسطيني الناشئ على الخارج‪ ،‬وبينت مدى العطب في القتصاد‬
‫الفلسطيني‪ ،‬والقيود المفروضة على استقللية الكيان الفلسطيني‪ ،‬في كل المجالت‪،‬‬
‫وأهمها المجال القتصادي‪.‬‬

‫وعلى الصعيد الخارجي باتت هذه السلطة رهينة متطلبات الدول المانحة في عديد من‬
‫القضايا السيادية‪ ،‬وضمنها إنهاء المقاومة والعنف )محاربة الرهاب بالمصطلحات‬
‫السرائيلية(‪ ،‬وإدخال تغييرات على شكل السلطة‪ ،‬وعلقاتها الداخلية‪ ،‬تحت بند ما‬
‫يعرف بإصلح المؤسسات الفلسطينية‪.‬‬

‫كيان بل موارد‬

‫افتقد كيان السلطة الفلسطينية منذ قيامه‪ ،‬بموجب اتفاق أوسلو )‪ (1993‬الموارد‬
‫الساسية‪ ،‬وبدا واضحا أنه سيعتمد في معظم حاجاته الساسية على موارده من‬
‫إسرائيل )الكهرباء والمياه والمحروقات والمواد التموينية والصيدلنية ومواد البناء(‪،‬‬
‫كما سيعتمد في تغطية نفقاته على المساعدات المالية‪ ،‬التي تأتي من ما بات يعرف‬
‫بالدول المانحة )أي الداعمة لعملية السلم بين الفلسطينيين وإسرائيل(‪ ،‬إضافة إلى‬
‫القتطاعات الضريبية‪ ،‬التي تجبيها إسرائيل‪ ،‬عن السلع الداخلة لمناطق السلطة‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫"‬ ‫وكان مؤتمر باريس القتصادي‪ ،‬الذي عقد أواخر العام الماضي )‬
‫افتقد كيان‬ ‫‪ (2007‬وشاركت فيه ‪ 68‬دولة وعشرون منظمة ومؤسسة دولية‪،‬‬
‫السلطة‬ ‫أكد بشكل واضح مدى تبعية الكيان الفلسطيني للتمويل الخارجي‪،‬‬
‫الفلسطينية منذ‬ ‫ما تمثل بتعهد الدول والجهات المشاركة بتقديم مبلغ قدره ‪7.4‬‬
‫قيامه الموارد‬ ‫مليارات دولر‪ ،‬على ثلث سنوات للسلطة‪ ،‬في حين أن القيادة‬
‫الساسية واعتمد‬ ‫الفلسطينية كانت تأمل تحصيل أقل من ذلك بمليارين من‬
‫في معظم حاجاته‬ ‫الدولرات )!(‪ .‬ومثل‪ ،‬فقد وعدت الوليات المتحدة تقديم ‪555‬‬
‫على إسرائيل‬ ‫مليونا‪ ،‬وبريطانيا ‪ 500‬مليون‪ ،‬والتحاد الوروبي ‪ 640‬مليونا‪ ،‬وكندا‬
‫موردا للكهرباء‬ ‫‪ 360‬مليونا‪ ،‬في حين تعهدت كل من فرنسا وألمانيا والسويد‬
‫والوقود والمواد‬ ‫وإسبانيا بتقديم ‪ 300‬مليون دولر‪ ،‬كل على حدة‪ ،‬ومن الدول‬
‫الصيدلنية‬ ‫العربية‪ ،‬مثل‪ ،‬فقد تعهدت السعودية بتقديم مبلغ ‪ 500‬مليون دولر‪،‬‬
‫والتموينية واعتمد‬ ‫والمارات العربية المتحدة ‪ 300‬مليون دولر والكويت ‪ 300‬مليون‬
‫كذلك على الدول‬ ‫دولر‪.‬‬
‫المانحة‬ ‫المعضلة هنا ل تكمن فقط في واقع أن السلطة الفلسطينية لم‬
‫تستطع تنمية مواردها الذاتية‪ ،‬بسبب المعيقات والحصارات‬
‫"‬ ‫والممارسات التقييدية والتخريبية‪ ،‬التي انتهجتها إسرائيل ضدها‬
‫وضد المجتمع الفلسطيني‪ ،‬في الضفة والقطاع المحتلين‪ ،‬خصوصا‬
‫في السنوات السبع الماضية‪ .‬فإضافة إلى ما تقدم فإن هذه السلطة لم تعمل كما‬
‫يجب‪ ،‬طوال المرحلة الماضية‬

‫‪45‬‬
‫)أي منذ قيامها عام ‪ ،(1994‬من أجل تنمية مواردها الذاتية‪.‬‬

‫توسيع التزامات السلطة‬

‫جهت‪ ،‬وربما‬‫على العكس من ذلك فإن السلطة‪ ،‬وتحت ضغط اعتبارات غير مهنية‪ ،‬تو ّ‬
‫اضطّرت‪ ،‬لتوسيع التزاماتها بتضخيم جهاز الموظفين لديها‪ ،‬وضمن ذلك الموظفين في‬
‫الجهزة المنية‪ ،‬لعتبارات سياسية واجتماعية واقتصادية‪ ،‬تتعلق‪ ،‬أول‪ ،‬باستيعاب‬
‫العداد الكبيرة من المنضوين في العمل الفصائلي في مرحلة ما قبل قيام السلطة‪.‬‬
‫وثانيا‪ ،‬لمتصاص القادمين الجدد من المجتمع الفلسطيني في الضفة والقطاع إلى‬
‫سوق العمل‪ .‬وثالثا‪ ،‬لتأمين متطلبات عيش أكبر قطاع من الفلسطينيين‪.‬‬

‫لقد تفاقمت إجراءات التهميش والحصار والتخريب السرائيلية منذ اندلع‬


‫النتفاضة وما تضمنته من مواجهات )أواخر العام ‪ ،(2000‬خصوصا مع وجود حوالي‬
‫‪ 600‬حاجز في الضفة الغربية‪ ،‬وقد تسببت هذه الجراءات بانخفاض النتاج بنسبة‬
‫‪ %40‬للفرد )بالقياس للعام ‪ ،(1999‬وازدياد نسبة الفقر‪ ،‬وارتفاع نسبة البطالة إلى ما‬
‫يقارب ‪ %23‬من القوة العاملة في الراضي المحتلة‪ ،‬علما أن نسبة البطالة في قطاع‬
‫غزة باتت تزيد عن ‪) %50‬بحسب تقارير البنك الدولي(‪) .‬هآرتس ‪(21/12/2007‬‬

‫سر كيف أن السلطة باتت منشغلة‪ ،‬ومنهكة‪ ،‬ومرتهنة في سعيها‬ ‫ولعل كل ذلك يف ّ‬
‫لتأمين رواتب حوالي ‪ 160‬ألف موظف‪ 81 ،‬ألفا منهم في القطاعات الحكومية‬
‫الوظيفية والخدمية‪ ،‬والباقي )نصفهم تقريبا!( في الجهزة المنية‪ ،‬لعدد سكان يناهز‬
‫‪ 3.5‬مليين فلسطيني في الضفة والقطاع )بحسب البيانات الرسمية للسلطة‬
‫الفلسطينية‪ ،‬حتى يونيو ‪ ،(2006‬بمعنى أنه ثمة موظف لكل ‪ 24‬من الفلسطينيين‬
‫عموما‪ ،‬وبالتفاصيل فثمة موظف مدني‪ ،‬وموظف أمني‪ ،‬لكل ‪ 50‬منهم‪ ،‬وهو عدد كبير‪،‬‬
‫ومكلف جدا‪ ،‬بمختلف المقاييس‪ ،‬وللقطاعين المدني والمني‪.‬‬

‫وتفيد بيانات وزارة المالية الفلسطينية‪ ،‬للعام ‪ ،2006‬بأن كتلة الرواتب والجور‪ ،‬في‬
‫السلطة‪ ،‬تعادل مبلغا قدره ‪ 1.2‬مليار دولر تقريبا )بمبالغ قدرها ‪ 678.19‬مليون دولر‬
‫للمدنيين‪ ،‬و ‪ 502.81‬مليون دولر للعسكريين(‪ ،‬وذلك من أصل إجمالي النفقات البالغ‬
‫قدره ‪ 1.6‬مليار دولر‪ ،‬تقريبا‪ ،‬في حين أن صافي اليرادات المحلية )الضريبية وغير‬
‫الضريبية( لم تزد عن ‪ 351.60‬مليون دولر‪.‬‬

‫"‬ ‫وتكشف هذه المعطيات حجم العبء التمويلي الكبير الواقع على‬
‫تتحمل السلطة‬ ‫كاهل السلطة‪ ،‬حيث أن الكتلة الكبر من الموازنة تذهب للرواتب‬
‫الفلسطينية عبئا‬ ‫والجور‪ ،‬وليس للنفاق على الخدمات أو الستثمارات‪ ،‬كما يبين‬
‫ذلك ضعف موارد السلطة المحلية‪ ،‬واعتماديتها العالية على تمويل ماليا كبيرا بسعيها‬
‫لتأمين رواتب‬ ‫نفقاتها من الموارد الخارجية‪.‬‬
‫وأجور نحو ‪160‬‬
‫ألف موظف مدني‬ ‫ويمكن الستنتاج من كل ما تقدم أن السلطة الفلسطينية باتت‬
‫وعسكري‬ ‫بمثابة معيل كبير للمجتمع الفلسطيني‪ ،‬بدل من أن يقوم هذا‬
‫المجتمع بتمويل سلطته‪ ،‬أو تأمين الجزء الكبر من موارد دولته‬
‫"‬ ‫المفترضة‪ ،‬التي يّتضح‬
‫أنها تفتقد المكانيات الذاتية اللزمة لقيامها واستمرارها وتطورها‪.‬‬

‫الرتهان للدول المانحة‬

‫ول شك أن هذا الوضع يخلق تداعيات‪ ،‬كبيرة وخطيرة‪ ،‬على الخيارات السياسية‬
‫للسلطة‪ ،‬التي باتت أمام شعبها مطالبة بالشيء ونقيضه‪ ،‬فهي مطالبة بالستمرار‬

‫‪46‬‬
‫بتقديم مستحقات "العالة" الشهرية‪ ،‬من جهة‪ ،‬ومطالبة بالستمرار بمواجهة الملءات‬
‫الخارجية‪ ،‬وضمنها السرائيلية‪ ،‬التي ل تتلءم مع الحقوق الفلسطينية‪ ،‬بشكلها الناجز‪،‬‬
‫من جهة أخرى‪.‬‬

‫وعلى الصعيد الخارجي باتت هذه السلطة رهينة متطلبات الدول المانحة في عديد من‬
‫القضايا السيادية‪ ،‬وضمنها إنهاء المقاومة والعنف )محاربة الرهاب بالمصطلحات‬
‫السرائيلية(‪ ،‬وإدخال تغييرات على شكل السلطة‪ ،‬وعلقاتها الداخلية‪ ،‬تحت بند ما‬
‫يعرف بإصلح المؤسسات الفلسطينية‪.‬‬

‫النكى أن هذه السلطة‪ ،‬باعتبارها مازالت في موقع حركة التحرر الوطني‪ ،‬مطالبة‬
‫بالستمرار بمقاومة الحتلل السرائيلي‪ ،‬واحتضان مقاومة شعبها لهذا الحتلل‪،‬‬
‫ومطالبة أيضا بمواجهة الملءات السياسية السرائيلية في عملية المفاوضات‪ ،‬ومع‬
‫هذا وذاك‪ ،‬فهي معنية‪ ،‬بنفس الوقت‪ ،‬باستمرار العلقة الشكالية والمتداخلة مع‬
‫إسرائيل‪ ،‬التي مازالت تسيطر على مختلف أوجه الحياة في الكيان الفلسطيني‪،‬‬
‫بسيطرتها على الحدود الخارجية‪ ،‬والمعابر من وإلى الراضي الفلسطينية‪ ،‬ومن وإلى‬
‫الضفة والقطاع‪ ،‬وبالنسبة لتحكمها بالواردات والصادرات‪ ،‬إلى الراضي المحتلة‪،‬‬
‫وبالنسبة إلى كونها مسؤولة عن إمدادات هذه الراضي بالمواد الساسية‪ ،‬من المياه‬
‫إلى الكهرباء إلى المحروقات‪.‬‬

‫"‬ ‫وبالنسبة لقطاع غزة‪ ،‬مثل )والحال في الضفة ليست أفضل بكثير(‬
‫باتت السلطة‬ ‫فإن إسرائيل تتحكم بمعظم إمداداته من الكهرباء والطاقة والمواد‬
‫الفلسطينية رهينة‬ ‫التموينية والطبية‪ ،‬كما تتحكم بالنشاط التجاري وبحركة الناس على‬
‫متطلبات الدول‬ ‫المعابر‪ ،‬إلى الضفة أو إلى مصر‪ .‬فهي مثل‪ ،‬تزّود القطاع بما يعادل‬
‫المانحة في عديد‬ ‫‪ %80‬من التيار الكهربائي و ‪ %100‬من الوقود و ‪ %70‬من الماء و‬
‫من القضايا‬ ‫‪ %100‬من الوقود الذي يشغل المحركات الكهربائية‪ ،‬التي تشغل‬
‫السيادية‪ ،‬وضمنها‬ ‫بدورها آليات رفع الماء من البار الرتوازية‪.‬‬
‫إنهاء المقاومة‬ ‫ويبدو أن "حماس" عندما أخذت الحكومة‪ ،‬ثم عندما هيمنت على‬
‫والعنف )محاربة‬ ‫قطاع غزة‪ ،‬لم يكن بحسبانها هذا الوضع المعقد‪ ،‬ولم تهيئ نفسها‬
‫الرهاب‬ ‫للتعامل معه‪ ،‬فليس ثمة موارد مالية لتغطية الرواتب‪ ،‬وثمة‬
‫بالمصطلحات‬ ‫اعتمادية عالية على المدادات التي تأتي من إسرائيل )الكهرباء‬
‫السرائيلية(‪،‬‬ ‫والطاقة والمياه(‪ ،‬فضل عن أن إسرائيل تتحكم بكل واردات السلع‬
‫وإدخال تغييرات‬ ‫للراضي المحتلة‪.‬‬
‫على شكل‬
‫السلطة‪ ،‬وعلقاتها‬ ‫ومعلوم أنه كلما تقلصت قدرة كيان ما‪ ،‬أو دولة‪ ،‬عن تأمين مواردها‬
‫الداخلية‪ ،‬تحت بند‬ ‫الذاتية‪ ،‬وكلما زادت اعتماديتها على الموارد الخارجية‪ ،‬كلما تهيأت‬
‫ما يعرف بإصلح‬ ‫مسبقا للتفريط بجزء من سيادتها‪ ،‬والخضوع للملءات الخارجية‪.‬‬
‫المؤسسات‬ ‫فمن البديهي أن تقّيد كل هذه المتطلبات والرتهانات السلطة‪،‬‬
‫الفلسطينية‬ ‫وتضعها في وضع إشكالي وحرج على كافة الصعد الداخلية‬
‫والخارجية‪ ،‬وفي مواجهة إسرائيل‪ ،‬بغض النظر عن حقيقة توجهاتها‬
‫"‬ ‫أو خياراتها أو رغباتها‪.‬‬

‫وربما أن الخطر من ذلك أن هذه الحوال شوشت على طبيعة القضية الفلسطينية‪،‬‬
‫بتحولها من حركة تحرر وطني من الستعمار والستيطان الصهيوني‪ ،‬إلى مجرد حركة‬
‫تتطلع لتأمين متطلبات العيش لشعبها‪ .‬وتحويل القضية الفلسطينية من قضية سياسية‬
‫إلى قضية اقتصادية‪ ،‬وتحويل الهتمام من مسألة إنهاء الحتلل إلى مسألة تأمين لقمة‬
‫العيش للفلسطينيين‪ ،‬بغض النظر عن حقوقهم السياسية والوطنية‪.‬‬

‫لكن ما يجب النتباه إليه هنا‪ ،‬هو أن التحول في هذه التجاهات ل ينم عن جهل‪ ،‬أو عن‬
‫تناس‪ ،‬وإنما ضمن رؤية مفادها‪ ،‬أن تحويل الفلسطينيين‪ ،‬من الناحية السياسية‪،‬‬
‫يفترض إيجاد تحولت راسخة في بيئتهم الثقافية والجتماعية‪ ،‬وخلق ظروف حياة‬

‫‪47‬‬
‫التقرير القتصادي العربي‪ :‬تحديات كبيرة تواجه القتصاد‬
‫العربي‬

‫عرض ‪-‬‬

‫بدر محمد بدر‬


‫يستعرض التقرير القتصادي العربي أهم التطورات‬
‫القتصادية في الدول العربية خلل عام ‪ ,2006‬مقارنة‬
‫بالتطورات ذاتها على المستوى العالمي‪ .‬ويؤكد التقرير‬
‫أن التحديات القتصادية والجتماعية التي تواجه الدول‬
‫العربية في مجملها ل تزال كبيرة‪.‬‬

‫ويتكون التقرير من ثلثة عشر فصل ً تستعرض أهم‬


‫التطورات في المجالت الزراعية والصناعية والتجارية‬
‫والمالية والنقدية‪ ,‬في قطاع النفط والطاقة‪ ,‬في‬
‫موازين المدفوعات والدين الخارجي‪ ,‬وفي برامج‬
‫التشغيل والبطالة والعون النمائي وفي قطاع النقل‪.‬‬

‫كما يخصص التقرير فصل للقتصاد الفلسطيني‪ ,‬بالضافة إلى ثلثة عشر ملحقا ً‬
‫إحصائيا ً تفصيليا ً وبيانيا ً عن الوضاع القتصادية في عام ‪.2006‬‬

‫ويذكر التقرير في البداية مجموعة من الرقام المهمة منها أن المساحة الكلية للوطن‬
‫العربي تبلغ ‪ 14.2‬مليون كم ‪ ,2‬بما نسبته ‪ %10.2‬من المساحة الكلية للعالم‪ ,‬وبلغ‬
‫عدد السكان العرب في ‪ 318.3 ,2006‬مليون نسمة بنسبة ‪ %4.8‬من سكان العالم‪,‬‬
‫وبلغ معدل البطالة ‪ ,%15‬وبلغت نسبة الحتياطي النفطي المؤكد ‪ %57.6‬من‬
‫الحتياطي العالمي‪ ,‬وفي الغاز ‪ ,%29.5‬كما بلغ إنتاج البترول العربي ‪ 23‬مليون‬
‫برميل يوميًا‪ ,‬وبلغت عوائد الصادرات النفطية ‪ 419.1‬مليار دولر‪ ,‬في الوقت الذي‬
‫بلغ فيه الدين العام الخارجي للدول العربية المقترضة ‪ 137‬مليار دولر‪ ,‬فوائدها‬
‫السنوية ‪ 27.7‬مليار دولر‪.‬‬

‫أداء جيد‬
‫يقول التقرير إن القتصاد العالمي واصل أداءه الجيد خلل عام ‪ ,2006‬حيث بلغ‬
‫معدل النمو الحقيقي للناتج المحلي العالمي ‪ %5.4‬مقارنة بنحو ‪ %4.9‬في عام‬
‫‪ ,2005‬وهو العلى خلل العوام الخمسة الماضية‪.‬‬

‫وساهمت في هذا الداء القتصادات الوروبية‪ ,‬واستمرار اقتصاد الوليات المتحدة في‬
‫أدائه الجيد‪ ,‬بالرغم من تراخي الطلب المحلي الذي عززه النمو الملحوظ في‬
‫الصادرات‪ ,‬كما تحسن أيضا ً أداء القتصاد الياباني‪.‬‬

‫كذلك استمرت الدول النامية في تحقيق معدلت نمو عالية‪ ,‬وبوجه خاص كل من‬
‫الصين والهند اللتين حققتا معدلت نمو بلغت ‪ %10.7‬و ‪ %9.2‬على التوالي خلل عام‬
‫‪.2006‬‬

‫وقد انعكست التطورات القتصادية العالمية على اقتصادات الدول العربية من خلل‬
‫النمو القتصادي العالمي المرتفع‪ ,‬والتغيرات في أسعار النفط ونمو التجارة الدولية‬
‫والتدفقات المالية والرأسمالية‪ ,‬فمثل ً كان لستمرار ارتفاع السعار في سوق النفط‬
‫العالمية أثر إيجابي بشكل مباشر على اقتصادات الدول العربية المصدرة للنفط للعام‬

‫‪48‬‬
‫الثالث على التوالي‪.‬‬

‫وقد حققت هذه الدول معدلت نمو جيدة صاحبها ارتفاع الفوائض المالية‪ ,‬كما تأثرت‬
‫الدول العربية غير النفطية بشكل غير مباشر من خلل زيادة التحويلت التي ترسلها‬
‫العمالة العربية الوافدة إلى دولها‪ ,‬وزيادة تدفقات الستثمارات البينية في مختلف‬
‫القطاعات النتاجية‪ ,‬وزيادة حركة السياحة القليمية‪.‬‬

‫غير أن ارتفاع أسعار النفط زاد من عجز ميزان المدفوعات لدى الدول العربية‬
‫المستوردة للنفط‪ ,‬وبالتالي زاد من معدلت التضخم لديها‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫"‬
‫سجلت معظم‬ ‫زيادة السعار‬
‫ويشير التقرير إلى أن ارتفاع أسعار النفط العالمية‪ ,‬أدى إلى زيادة الدول العربية‬
‫الناتج المحلي الجمالي للدول العربية من ‪ 1092‬مليار دولر في اتجاهات تصاعدية‬
‫لمعدلت التضخم‬ ‫عام ‪ 2005‬إلى ‪ 1276‬مليار دولر في ‪ ,2006‬وحققت الدول‬
‫في أسعار‬ ‫العربية معدلت نمو حقيقية تقدر بحوالي ‪.%5.7‬‬
‫المستهلك بسبب‬
‫ارتفاع حجم‬ ‫وفي الوقت نفسه سجلت معظم الدول العربية اتجاهات تصاعدية‬
‫الطلب المحلي‬ ‫لمعدلت التضخم لسعار المستهلك‪ ,‬بسبب ارتفاع حجم الطلب‬
‫وزيادة أسعار‬ ‫المحلي وزيادة أسعار الواردات‪.‬‬
‫الواردات‬
‫"‬ ‫ويتميز الوضع السكاني في الدول العربية بارتفاع معدلت‬
‫الخصوبة‪ ,‬يصاحبه انخفاض سريع في معدلت الوفيات‪ ,‬مما أدى‬
‫إلى اتساع القاعدة الفتية من السكان‪ ,‬إذ تشكل الفئة العمرية القل من ‪ 15‬عاما‬
‫حوالي ‪ %35.8‬من إجمالي السكان العرب‪ ,‬بينما تمثل الفئة العمرية )من ‪ 15‬إلى‬
‫‪ 65‬عاما( وهم الناشطون اقتصاديًا‪ ,‬أكثر من نصف عدد السكان‪.‬‬

‫تحديات كبيرة‬
‫ويؤكد التقرير أن التحديات القتصادية والجتماعية التي تواجه الدول العربية في‬
‫مجملها ل تزال كبيرة‪ ,‬ومن أهمها توفير فرص عمل جديدة لستيعاب العداد‬
‫المتزايدة من العاطلين عن العمل‪ ,‬وتحقيق قفزة في مجالت التعليم والبحث العلمي‬
‫والبتكار وتحسين استغلل الموارد‪ ,‬وتعظيم استفادة الدول النفطية من الفوائض‬
‫المالية المتزايدة التي تحققها‪ ,‬من خلل توجيهها نحو الستثمارات المنتجة في‬
‫القطاعات النفطية وغير النفطية‪.‬‬

‫كما يتطلب ذلك من الدول غير النفطية توفير البيئة القتصادية والتجارية المواتية‬
‫لتحسين مردود الستثمار المحلي والجنبي بما يساهم في تحقيق استدامة النمو ورفع‬
‫مستوى المعيشة‪.‬‬

‫ويشير التقرير إلى أنه على الرغم من ارتفاع الناتج الزراعي للدول العربية إلى‬
‫حوالي ‪ 79.3‬مليار دولر في عام ‪ 2006‬أي بزيادة ‪ %13.4‬عن السنة السابقة‪ ,‬فقد‬
‫انخفضت نسبته في الناتج المحلي إلى ‪ %6.2‬بدل ً من ‪ ,%6.4‬وارتفعت الصادرات‬
‫الزراعية إلى ‪ 10.7‬مليارات دولر في عام ‪ 2005‬في حين ارتفعت الواردات الزراعية‬
‫إلى ‪ 35.3‬مليار دولر‪.‬‬

‫وبالتالي أصبح العجز حوالي ‪ 24.6‬مليار دولر سنويًا‪ ,‬فأدى الستمرار في التفاوت‬
‫بين معدلت نمو النتاج الزراعي من السلع الغذائية‪ ,‬وتزايد الطلب عليها‪ ,‬إلى تحقيق‬
‫الدول العربية كمجموعة تراجعا ً في نسبة الكتفاء الذاتي في عدد من السلع الغذائية‬
‫الرئيسية وفي مقدمتها الحبوب والدقيق والشعير واللحوم‪.‬‬

‫وفي المقابل اقتربت محاصيل أخرى من الكتفاء الذاتي‪ ,‬وهى البيض والفواكه‬
‫والبطاطس‪ ,‬في حين تحقق اكتفاء ذاتي في الخضراوات والسماك‪.‬‬

‫القطاع الصناعي‬
‫استمر تحسن أداء القطاع الصناعي للعام الرابع على التوالي نتيجة لرتفاع أسعار‬
‫النفط العالمية‪ ,‬وارتفع الناتج الصناعي العربي إلى نحو ‪ 632.8‬مليار دولر في عام‬
‫‪ ,2006‬محققا نموا ً قدره ‪ %20.4‬وارتفعت مساهمة القطاع الصناعي في الناتج‬
‫المحلي الجمالي إلى ‪ ,%49.5‬وتضاعف ناتج الصناعات الستخراجية ثلث مرات منذ‬
‫عام ‪.2002‬‬

‫ويقدر عدد العاملين في القطاع الصناعي بنحو ‪ 19.2‬مليون عامل يشكلون حوالي‬
‫‪50‬‬
‫النموذج السلمي في دائرة المال والقتصاد‬

‫ت‬
‫ب‬
‫ر‬
‫ز‬

‫أ‬
‫ه‬
‫م‬
‫ي‬
‫ة‬

‫ا‬
‫ل‬
‫ه‬
‫ن‬
‫د‬
‫س‬
‫ة‬

‫‪51‬‬
‫ا‬
‫ل‬
‫م‬
‫ا‬
‫ل‬
‫ي‬
‫ة‬

‫ك‬
‫أ‬
‫د‬
‫ا‬
‫ة‬

‫م‬
‫ن‬
‫ا‬
‫س‬
‫ب‬
‫ة‬

‫ل‬
‫إ‬
‫ي‬
‫ج‬
‫ا‬
‫د‬

‫‪52‬‬
‫ح‬
‫ل‬
‫و‬
‫ل‬

‫م‬
‫ب‬
‫ت‬
‫ك‬
‫ر‬
‫ة‬

‫و‬
‫أ‬
‫د‬
‫و‬
‫ا‬
‫ت‬

‫م‬
‫ا‬
‫ل‬
‫ي‬
‫ة‬

‫ج‬
‫د‬

‫‪53‬‬
‫ي‬
‫د‬
‫ة‬

‫ت‬
‫ج‬
‫م‬
‫ع‬

‫ب‬
‫ي‬
‫ن‬

‫م‬
‫و‬
‫ج‬
‫ه‬
‫ا‬
‫ت‬

‫ا‬
‫ل‬
‫ش‬
‫ر‬
‫ع‬

‫ا‬
‫ل‬

‫‪54‬‬
‫ح‬
‫ن‬
‫ي‬
‫ف‬

‫و‬
‫ا‬
‫ع‬
‫ت‬
‫ب‬
‫ا‬
‫ر‬
‫ا‬
‫ت‬

‫ا‬
‫ل‬
‫ك‬
‫ف‬
‫ا‬
‫ء‬
‫ة‬

‫ا‬
‫ل‬
‫ا‬
‫ق‬
‫ت‬

‫‪55‬‬
‫ص‬
‫ا‬
‫د‬
‫ي‬
‫ة‬
‫‪.‬‬

‫ل‬
‫ذ‬
‫ل‬
‫ك‬

‫ت‬
‫ح‬
‫ت‬
‫ا‬
‫ج‬

‫ا‬
‫ل‬
‫م‬
‫ؤ‬
‫س‬
‫س‬
‫ا‬
‫ت‬

‫ا‬

‫‪56‬‬
‫ل‬
‫م‬
‫ا‬
‫ل‬
‫ي‬
‫ة‬

‫ا‬
‫ل‬
‫إ‬
‫س‬
‫ل‬
‫ا‬
‫م‬
‫ي‬
‫ة‬

‫د‬
‫و‬
‫م‬
‫ا‬

‫إ‬
‫ل‬
‫ى‬

‫ا‬
‫ل‬

‫‪57‬‬
‫ا‬
‫ح‬
‫ت‬
‫ف‬
‫ا‬
‫ظ‬

‫ب‬
‫ت‬
‫ش‬
‫ك‬
‫ي‬
‫ل‬
‫ة‬

‫م‬
‫ت‬
‫ن‬
‫و‬
‫ع‬
‫ة‬

‫م‬
‫ن‬

‫ا‬
‫ل‬
‫أ‬

‫‪58‬‬
‫د‬
‫و‬
‫ا‬
‫ت‬

‫و‬
‫ا‬
‫ل‬
‫م‬
‫ن‬
‫ت‬
‫ج‬
‫ا‬
‫ت‬

‫ا‬
‫ل‬
‫م‬
‫ا‬
‫ل‬
‫ي‬
‫ة‬

‫ت‬
‫م‬
‫ك‬
‫ن‬
‫ه‬

‫‪59‬‬
‫ا‬

‫م‬
‫ن‬

‫إ‬
‫د‬
‫ا‬
‫ر‬
‫ة‬

‫س‬
‫ي‬
‫و‬
‫ل‬
‫ت‬
‫ه‬
‫ا‬

‫ب‬
‫ص‬
‫و‬
‫ر‬
‫ة‬

‫م‬
‫ر‬
‫ب‬

‫‪60‬‬
‫ح‬
‫ة‬
‫‪،‬‬

‫ب‬
‫ا‬
‫ل‬
‫إ‬
‫ض‬
‫ا‬
‫ف‬
‫ة‬

‫إ‬
‫ل‬
‫ى‬

‫ت‬
‫و‬
‫ف‬
‫ي‬
‫ر‬
‫ه‬
‫ا‬

‫ل‬
‫ل‬
‫م‬

‫‪61‬‬
‫ر‬
‫و‬
‫ن‬
‫ة‬

‫ا‬
‫ل‬
‫م‬
‫ن‬
‫ا‬
‫س‬
‫ب‬
‫ة‬

‫ل‬
‫ل‬
‫ا‬
‫س‬
‫ت‬
‫ج‬
‫ا‬
‫ب‬
‫ة‬

‫ل‬
‫م‬
‫ت‬
‫غ‬

‫‪62‬‬
‫ي‬
‫ر‬
‫ا‬
‫ت‬

‫ا‬
‫ل‬
‫ب‬
‫ي‬
‫ئ‬
‫ة‬

‫ا‬
‫ل‬
‫ا‬
‫ق‬
‫ت‬
‫ص‬
‫ا‬
‫د‬
‫ي‬
‫ة‬
‫‪.‬‬

‫تبرز أهمية الهندسة المالية كأداة مناسبة ليجاد حلول مبتكرة وأدوات مالية جديدة تجمع بين موجهات الشرع‬
‫الحنيف واعتبارات الكفاءة القتصادية‪.‬‬

‫لذلك تحتاج المؤسسات المالية السلمية دوما إلى الحتفاظ بتشكيلة متنوعة من الدوات والمنتجات المالية‬
‫تمكنها من إدارة سيولتها بصورة مربحة‪ ،‬بالضافة إلى توفيرها للمرونة المناسبة للستجابة لمتغيرات البيئة‬
‫القتصادية‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫وفي هذه الفترة بالذات والتي شهد فيها العالم تغيرات جذرية هائلة تمثلت في تغير أسلوب إدارة الموارد‬
‫القتصادية إلى النمط القتصادي الحر‪ ،‬إلى جانب ترابط أسواق التمويل الدولية بفعل ثورة التصالت‬
‫وتكنولوجيا المعلومات‪ ،‬فإن ذلك يفرض ضغوطا تنافسية حادة قد تكون غير متكافئة بالنسبة للمؤسسات‬
‫المالية السلمية‪ ،‬وبالذات في أسواق التمويل والخدمات المصرفية والمالية‪.‬‬

‫ويستدعي ذلك بالضرورة تطوير منتجات مالية إسلمية مستحدثة تضمن للمؤسسات قدرا من المرونة ونصيبا‬
‫سوقيا وارفا بساعدها على الستمرار بفعالية‪.‬‬

‫تعريف الهندسة المالية السلمية‪:‬‬

‫الهندسة المالية السلمية ) ‪ ( Financial Engineering Islamic‬يقصد بأنها مجموعة النشطة‬


‫التي تتضمن عمليات التصميم والتطوير والتنفيذ لكل من الدوات والعمليات المالية المبتكرة بالضافة إلى‬
‫صياغة حلول إبداعية لمشاكل التمويل وكل ذلك في إطار موجهات الشرع الحنيف‪.‬‬

‫وتتضمن هذه الهندسة العناصر التالية‪:‬‬

‫‪ .1‬ابتكار أدوات مالية جديدة‪.‬‬


‫‪ .2‬ابتكار آليات تمويلية جديدة‪.‬‬
‫‪ .3‬ابتكار حلول جديدة للدارة التمويلية‪ ،‬مثل إدارة السيولة أو الديون أو إعداد صيغ تمويلية لمشاريع‬
‫معينة تلئم الظروف المحيطة بالمشروع‪.‬‬
‫‪ .4‬أن تكون البتكارات المشار إليها سابقا سواء في الدوات أو العميلت التمويلية موافقة للشرع مع‬
‫البتعاد بأكبر قدر ممكن عن الختلفات الفقهية أي تتميز بالمصداقية الشرعية‪.‬‬

‫مزايا تطبيق الهندسة المالية السلمية في المصارف السلمية‪:‬‬

‫توفير البدائل للمنتجات المالية التقليدية‪:‬‬ ‫‪#‬‬

‫حيث أن الهندسة المالية السلمية هي وسيلة للبداع والتطوير وإيجاد المنتجات السلمية البديلة للمنتجات‬
‫التقليدية‪ ،‬وهذا يتطلب توفر القدرة على إيجاد المنتجات البديلة للتقليدية‪ ،‬في بيئة تفتقر إلى محفزات البداع‪،‬‬
‫بالضافة إلى ندرة الفراد المبدعين‪ ،‬والحاجة إلى ثقافة المؤسسات الكمالية السلمية وتفهمها للبداع‪،‬‬
‫ومدى اهتمامها بعمليات البحوث والتطوير‪ ،‬ومدى إلمام المبدعين المختصين بالمفاهيم الشرعية التي من‬
‫شانها تعزيز البداع الصيل‪.‬‬

‫تجنب التقليد لمنتجات المصارف التقليدية ‪:‬‬ ‫‪#‬‬

‫حيث أن التقليد هو البديل الوحيد للبداع في غياب الهندسة المالية السلمية وعجز المؤسسات المالية عن‬
‫ابتكار وتطوير منتجات مالية إسلمية تنافس نظيراتها التقليدية‪ ،‬ولكن في المقابل يجب عدم تحميل‬
‫المؤسسات المالية السلمية ما ل تحتمل‪.‬‬

‫محددات الهندسة المالية السلمية‪:‬‬ ‫‪#‬‬

‫تحتاج السوق المالية السلمية إلى مؤسسات مالية متطورة تستفيد من نتائج الهندسة المالية وفق المنهج‬
‫السلمي في إبداع وابتكار الطرق والعميلت التمويلية التي تضمن لهذه المؤسسات المالية التميز في تقديم‬
‫منتجاتها المالية‪ ،‬وتحقق لها التفوق والسبقية على المؤسسات المالية التقليدية‪ ،‬هذا من جهة ومن جهة‬
‫أخرى ضمان تدخل فعال لهذه المؤسسات المالية في هذه السواق‪ ،‬سواء من خلل التحوط أو إدارة المخاطر‪.‬‬

‫* المحدد الول‪:‬‬
‫اللتزام بشرط المشاركة في الربح أو الخسارة في نص واضح وكامل ل يقبل التأويل‪ ،‬وذلك على أساس‬

‫‪64‬‬
‫القواعد الشرعية المعمول بها في عقود المضاربة والمشاركات‪.‬‬

‫* المحدد الثاني‪:‬‬
‫أن ل يعاد دفع الموارد المعبأة عن طريق الوراق والدوات المالية التي أصدرت على أساس التخلي عن شرط‬
‫الفائدة الربوية إلى مؤسسات وشركات تتعامل بنظام الفائدة في كل تعاملتها‪ ،‬كما أنه ل يجوز استثمار‬
‫الموارد النقدية للوراق والدوات المالية السلمية في مشروعات تدر عوائد متفق عليها مقدما على سبيل‬
‫التأكيد‪.‬‬

‫* المحدد الثالث‪:‬‬
‫ضرورة استثمار الموارد التمويلية للوراق في مشروعات لها أولويات واضحة في مجال المصلحة العامة‬
‫للمجتمع السلمي‪.‬‬

‫مداخل الهندسة المالية السلمية ‪:‬‬

‫يمكن أن يكون لصناعة الهندسة المالية عدة مداخل‪ ،‬وتتعدد تبعا للطرق الممكن استخدامها من طرف‬
‫المؤسسات السلمية في إقامة هذه الصناعة‪ ،‬ومن هذه المداخل ما يلي ‪:‬‬

‫المدخل الول‪ :‬المحاكاة‬

‫والذي يعني أن يتم سلفا تحديد النتيجة المطلوبة من منتج صناعة الهندسة المالية السلمية‪ ،‬وهي عادة ل‬
‫تخرج عن نفس النتيجة التي يحققها منتج صناعة الهندسة المالية التقليدية‪.‬‬

‫المدخل الثاني‪ :‬الصالة والبتكار‪:‬‬

‫ويعني هذا المدخل البحث عن الحتياجات الفعلية للعملء والعمل على تصميم المنتجات المالية المناسبة لها‪،‬‬
‫بشرط أن تكون متوافقة مع مبادئ الشريعة السلمية‪ ،‬وهذا المنهج يتطلب دراسة مستمر لحتياجات العملء‬
‫ومتطلباتهم والعمل على تطوير الساليب التقنية والفنية اللزمة لها‪ ،‬وذلك لضمان الكفاءة القتصادية‬
‫للمنتجات المالية‪ ،‬كما يتطلب وضع أسس واضحة لصناعة هندسة مالية إسلمية مستقلة عن الهندسة المالية‬
‫التقليدية‪.‬‬

‫متطلبات الهندسة المالية السلمية ‪:‬‬

‫* الوعي ) وعي بالسوق وأحواله ( ‪ :‬ونقصد به أن تكون الحاجات التي يتطلبها السوق معروفة لمن يقوم‬
‫بالبتكار والتطوير للدوات والوراق المالية‪.‬‬

‫* الفصاح ) بيان المعاملت وشفافيتها ( ‪ :‬أي بيان المعاملت التي يمكن أن تؤديها تلك الدوات التي يتم‬
‫ابتكارها أو حتى تطويرها‪ ،‬وذلك لسد الثغرات التي يمكن أن ينفذ منها المضاربون لستخدام تلك الدوات‬
‫لتحقيق غايات لم تكن تهدف إليها أصل أو التحايل على الربا أو القمار‪.‬‬

‫* المقدرة واللتزام بالشريعة السلمية في التعامل‪ :‬أي وجود مقدرة رأسمالية تمكن من الشراء والتعامل‪،‬‬
‫وكذا اللتزام بضوابط شرعية‪.‬‬

‫السس العامة للهندسة المالية السلمية ‪:‬‬

‫تحريم الربا والغرر‪.‬‬ ‫*‬


‫حرية التعاقد‪.‬‬ ‫*‬
‫التيسير ورفع الحرج‪.‬‬ ‫*‬
‫الستحسان والستصلح ) المصالح المرسلة ( ‪:‬‬ ‫*‬

‫‪65‬‬
‫ويقصد بالستحسان هو ما يستحسنه المجتهد بعقله من دون تواجد لنص يعارضه أو يثبته‪ ،‬بل يرجع فيه إلى‬
‫الصل العام‪ ،‬وهو جريان المصالح التي يقرها الشرع‪.‬‬
‫أما المصالح المرسلة فمعناها الخذ بكل أمر فيه مصلحة يتلقاها العقل بالقبول‪ ،‬ول يشهد أصل خاص من‬
‫الشريعة بإلغائها أو اعتبارها‪ ،‬وتختلف هذه المصالح باختلف البلد وباختلف القوام والشخاص‪ ،‬وحتى‬
‫اختلف أحوال الشخص الواحد‪.‬‬

‫خصائص الهندسة المالية السلمية ‪:‬‬

‫‪ #‬المصداقية الشرعية‪ :‬وهي أن تكون المنتجات السلمية متوافقة مع الشريعة‪ ،‬حيث أن هذه المنتجات‬
‫هي ترجمة عملية للقيم والمثل التي جاء بها السلم‪ ،‬فبدون هذه المنتجات تظل المبادئ حبرا على ورق ول‬
‫رصيد لها من الواقع‪.‬‬
‫‪ #‬الكفاءة القتصادية‪.‬‬
‫‪ #‬العلقة بين الكفاءة القتصادية والمصداقية الشرعية‪.‬‬

‫معوقات تطبيق الهندسة المالية في المصارف السلمية ‪:‬‬

‫أول ‪ :‬التحديات المتعلقة بالجوانب المؤسسية‬

‫الطار المؤسسي السليم‪:‬‬ ‫*‬

‫لكل نظام متطلباته المؤسسية والبنوك السلمية ليست استثناء فهي تحتاج غلى عدد من المؤسسات‬
‫والترتيبات الداعمة بغية القيام بوظائفها المتعددة‪.‬‬

‫وتحاول مؤسسات العمل المصرفي السلمية الستفادة من الطار المؤسسي الذي يدعم العمل المصرفي‬
‫التقليدي‪ ،‬لكنها تعاني من انعدام الدعم المؤسسي الذي يوظف خصوصا لخدمة احتياجاتها‪.‬‬

‫الطار القانوني المناسب والسياسات الداعمة ‪:‬‬ ‫*‬

‫وضعت قوانين التجارة والمصارف والشركات في معظم البلدان السلمية على النمط الغربي‪ ،‬وتحتوي هذه‬
‫القوانين أحكاما تضيق من مدى نشاطات العمل المصرفي وتحصره في حدود تقليدية‪.‬‬

‫الطار الشرافي‪:‬‬ ‫*‬

‫الشراف على البنوك السلمية مهم بنفس درجة أهميته للبنوك التقليدية‪ ،‬وفي الوقت الراهن فإن عدم وجود‬
‫إطار إشرافي فعال يعتبر أحد نقاط ضعف للنظام القائم ويستحق اهتماما جادا‪.‬‬
‫وهناك حاجة لتنسيق وتقوية الدوار التي تضطلع بها كل من هيئات الرقابة الشرعية والبنوك المركزية في‬
‫الدول السلمية‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬التحديات المتعلقة بالجوانب التشغيلية ‪:‬‬

‫*انعدام التمويل عن طريق تقاسم الرباح‬

‫تنقسم المعاملت المالية السلمية إلى نوعين يقوم أحدهما على رسم ثابت على رأس المال ويستند الخر إلى‬
‫تقاسم الرباح‪ ،‬ويوفر النوعان كلهما التمويل من خلل شراء وبيع سلع حقيقية بينما تقوم المعاملت المالية‬
‫التقليدية على تسليف الموال مقابل رسم ثابت ) فائدة (‪.‬‬

‫* عدم سيولة الموجودات‬

‫مشكلة أخرى يسببها انتشار صيغ التمويل القائمة على أساس الدين‪ ،‬وهي صعوبة تحويل هذه الصيغ‬

‫‪66‬‬
‫التمويلية إلى أدوات مالية يمكن التفاوض بشأنها‪.‬‬

‫‪ -‬حشد الودائع وتوظيف الموال محليا‪.‬‬


‫‪ -‬المنافسة ‪.‬‬
‫‪ -‬العولمة‪.‬‬

‫تطبيقات الهندسة المالية في المصارف السلمية‬

‫• نموذج المرابحة )نموذج د‪ .‬سامي السويلم(‬


‫يقوم هذا النموذج على إعادة هندسة بيع المرابحة للمر بالشراء من خلل عقد المشاركة كما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬يقوم التاجر الذي ينوي تخصيص جزء من مبيعاته لتكون بالتقسيط بفتح حساب لدى البنك السلمي‬
‫كحصته في حساب المشاركة‪ ,‬ويقوم المصرف كذلك بإيداع مبلغ مماثل أو يزيد كحصة المصرف في حساب‬
‫المشاركة‪.‬‬
‫‪ -‬يقوم التاجر بعملية البيع بالتقسيط ونقل الملكية وكل ما يتعلق بالمور الفنية لبضاعته‪ ,‬ويتولى المصرف‬
‫متابعة القساط والتسديد وكافه المور المالية‪.‬‬
‫‪ -‬الرباح التي يجنيها هذا الحساب المشترك توزع بين التاجر والمصرف بالتفاق‪.‬‬
‫وبهذه الطريقة يحقق المصرف عدة أهداف‪ ,‬فهو أوًل يقلل التكاليف الجرائية التي تتسم بها عمليات المرابحة‬
‫بالمقارنة مع البنوك التقليدية‪ ،‬ومن ثم يبتعد عن الشبهات الشرعية المتعلقة بالقبض والحيازة‪ ,‬ويكون أيضًا‬
‫ل لعمل التجار وليس منافسًا لهم‪.‬‬
‫مكم ً‬

‫• نموذج الوكالة بأجر )نموذج د‪ .‬جمال الدين عطية(‬


‫ويقوم هذا النموذج على إعادة هندسة علقة المودعين مع المصرف السلمي‪ ،‬من علقة المضاربة‬
‫المشتركة التي تثير مشكلة تطبيقية وهي مسألة التداخل الزمني‪ ,‬وهي اختلف مواعيد السحب واليداع بين‬
‫المودعين ومواعيد بدء وتصفيه الستثمارات التي استخدمت فيها أموال المودعين‪ ,‬وهو يحول دون تحديد‬
‫الربح أو الخسارة الفعلية العائدة لي وديعة بعينها‪ ,‬ويقترح د‪.‬جمال الدين عطية أن تكون علقة البنك‬
‫ل عن المودعين في‬ ‫بالمودعين قائمة على أساس الوكالة بأجر بدًل من المضاربة‪ ،‬حيث يعتبر البنك وكي ً‬
‫ل عن‬‫استثمار أموالهم لقاء أجر ثابت أو نسبة من مبلغ الوديعة ذاتها‪ ,‬وهذا المقترح يجعل دخل البنك مستق ً‬
‫مواعيد ونتائج عمليات الستثمار الفعلية‪.‬‬

‫• نموذج سندات الجارة الموصوفة في الذمة)نموذج د‪ .‬منذر قحف(‬


‫سندات الجارة هي نوع مبتكر من السندات السلمية‪ ,‬وهي جمع بين السند كأداة مالية وعقد الجارة وعقد‬
‫ل بحيث يكون الوصف‬ ‫السلم‪ ,‬وآليتها أن تكون هناك الخدمة موصوفة في الذمة مثل التعليم الجامعي مث ً‬
‫ل ول يدع مجاًل للخلف كان يكون تعليم طالب جامعي‪ ,‬تتوفر فيه شروط معينة ويحدد له مساق دراسي‬ ‫تفصي ً‬
‫معلوم بزمنه ومدته ووصفه‪ ,‬بعد ذلك تقوم الجامعة وهي مقدمة خدمة التعليم الجامعي بإصدار سندات خدمة‬
‫موصوفة في الذمة تمثل تعليم طالب في الجامعة على أن تقدم هذه الخدمة الموصوفة في الذمة بعد عشر‬
‫ل‪ ،‬ويمثل السند حصة ساعية واحدة‪ ,‬ولحامل هذا السند الحق في الحصول على الخدمة الموصوفة‬ ‫سنوات مث ً‬
‫مقابل ما يدفعه الن من ثمن للسند الذي يمثل ملكيته للمنفعة‪ ,‬إن هذا المبتكر يحقق ميزة الكفاءة في تعبئة‬
‫المدخرات وميزة التخصيص الكفء للموارد‪ ,‬وتحقيق السيولة والربحية والضمان لكافة أطراف العلقة بشكل‬
‫كفؤ وهو ما تهدف إليه الهندسة المالية‪ ,‬كما أوضحناه آنفا‪.‬‬

‫الكتابة والشهاد والرهن لحل مشكلت التوثيق الذي يستلزمه الئتمان‪.‬‬ ‫•‬

‫شركات الموال )عنان ومفاوضة( لتحل مشكلة الحاجة إلى حجم التمويل الكبير‪.‬‬ ‫•‬

‫شركة المضاربة لتحل مشكلة الحاجة المتبادلة بين العمل والمال‪.‬‬ ‫•‬

‫• عقد البيع الذي ارتضاه المولى تعالى حل لنتقال العواض استجابة لحاجة المتبادلين إلى العيان‬
‫سجل للسلم اهتمامه بعقد البيع وضبطه له على نحو معجز تتصاغر عنده كل معطيات الفكر‬ ‫والثمان‪ ،‬وي ّ‬
‫الوضعي‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫البيع الجل والبيع مّنجم الثمن لحل مشكلة نقص السيولة آنيًا‪.‬‬ ‫•‬

‫سلم ليحل مشكلة تمويلية وتسويقية بتعجيل الثمن وتأجيل المثمن‪ .‬وتاليًا جاء السلم الموازي ليؤمن‬
‫• بيع ال ّ‬
‫كفاءة ذلك عند وجود الطرف الثالث‪.‬‬

‫• قبولها لمبدأ تسهيم رأس المال )تجزئته( لحل مشكلت حجم التمويل الكبير‪ ،‬وحل مشكلة السيولة بتأمين‬
‫التداول في السواق المالية‪.‬‬

‫• تحويل جهة اللتزام ومكان إبرائه بواسطة الحوالت أو السفاتج والكمبيالت‪ ،‬فالدين في السلم علقة‬
‫مالية ل شخصية‪ ،‬ومن أحيل على مليء فليتبع‪.‬‬

‫الوكالة التي تقيم الوكيل الملتزم محل الصيل الذي يوكله في الحدود التي يرتضيانها مما أقره الشارع‪.‬‬ ‫•‬

‫الكفالة التي تضم ذمة الغير الخالية من اللتزام إلى ذمة الملتزم تعضيدًا لها وتدعيمًا للمعاملت المالية‪.‬‬ ‫•‬

‫• رقاع الصيارفة أو السندات الذنية‪ ،‬التي توثق إقرارًا بمديونية محددة وتعهدًا بسدادها لحامل الرقعة أو‬
‫السند‪ ،‬في تنميط لعلقة ثنائية بين الدائن )حامل الرقعة( والمدين )محررها(‪.‬‬

‫• الصك أو ما صار يعرف اليوم بالشيك‪ ،‬وهو أمر من المالك إلى المستودع بدفع مبلغ للمستفيد‪ ،‬في تنميط‬
‫لعلقة ثلثية أطرافها المحرر )المحيل( والمستفيد )المحال( والمكلف )المحال عليه( أو المسحوب عليه‪.‬‬
‫ومثال ما تقدم ما تعامل به عبد ال بن الزبير وأخوه مصعب رضي ال عنهما من رقاع وصكوك‪ .‬هذا ويلحظ‬
‫أن هذه الدوات هي بمثابة البكرات في عالم الفيزياء الحركية وظيفتها توفير المرونة الكافية للتعامل مع‬
‫اللتزامات ضمن القواعد العامة للمعاملت السلمية لجهة ضبط ذمة اللتزام أو تاريخه أو مكان إبرائه‪.‬‬

‫• الكوبونات الجرية أو صكوك الطعام التي عرفتها الدولة السلمية إذ كانت تخصص لموظفيها‬
‫العموميين‪ :‬أجورهم معّرفة بكميات معلومة من صنوف معلومة من الطعام تغلبًا على مشكلة نقص السيولة‪.‬‬

‫• ومن الحلول المالية العملية والتي تبنتها كل المصارف التقليدية والسلمية‪ ،‬ما كان يفعله عبد ال بن‬
‫الزبير رضي ال عنه إذ كان يقبل المال من الناس على أنه قرض ل وديعة تحقيقا لمشروعية الضمان‬
‫ولمشروعية الربح الذي يتولد عن التصرف به‪.‬‬

‫• واستحدث الحنفية عقد الستصناع وأفردوه عن السلم وخصوه بشروط وقيود تحقيقا لمقاصد إنتاجية‬
‫وتمويلية‪.‬‬

‫• كما عرفت الهندسة المالية المعاصرة صناديق الستثمار والصكوك الستثمارية‪ ،‬ومشروعيتها تقّيد‬
‫بالبعاد العقدية التي تحكم أطرافها أوًل‪ ،‬وبطبيعة نشاطها ثانيًا وبمآلت التعامل بها ثالثا‪ ،‬ول شك أن وجودها‬
‫يّمكن المستثمر من خفض المخاطر بتنويع مروحة أصوله‪.‬‬

‫• ومن الدوات المستحدثة التي تبنتها الهندسة المالية السلمية المعاصرة‪ ،‬عقود الجارة التمويلية‬
‫والجارة المنتهية بالتمليك وصكوك الجارة الموصوفة في الذمة‪ ،‬وهي أدوات ينبغي أن تّمحص مبانيها‬
‫العقدية أول ثم ينظر في مآلت تطبيقها ثانيا‪.‬‬

‫آراء خبراء في الهندسة المالية السلمية ‪:‬‬

‫تعددت آراء الخبراء المتخصصين في الصيرفة السلمية في مفهوم الهندسة المالية السلمية‪ ،‬وكيفية‬
‫استخدامها من قيل المصارف السلمية‪ ،‬وخاصة في طل المتغيرات القتصادية الحالية‪ ،‬وفيما يلي بعض آراء‬
‫هؤلء الخبراء ‪:‬‬

‫‪68‬‬
‫‪ #‬الخبير المالي الدكتور سامي السويلم نائب رئيس معهد البحوث والتدريب في البنك السلمي للتنمية ‪:‬‬
‫عرف السويلم الهندسة المالية ]أنها مفهوم قديم قدم المعاملت المالية‪ ،‬أي أنها عبارة عن التصميم والتطوير‬
‫والتنفيذ لدوات واليات مالية مبتكرة‪ ،‬والصياغة لحلول إبداعية لمشكلت التمويل‪.‬‬

‫وأضاف السويلم أن البتكار المقصود ليس مجرد الختلف عن السائد بل ل بد أن بيكون هذا الختلف مميزا‬
‫إلى درجة تحقيقه مستوى أفضل من الكفاءة والمثالية‪ ،‬مبينا أن الشريعة السلمية قد تضمنت السس‬
‫الضرورية لقيام الهندسة المالية ‪ ،‬فهي قد شجعت على البتكار وحثت عليه‪ ،‬وبينت السس التي يمكن من‬
‫خللها توجيه وترشيد عملية البتكار المالي بما يحقق المصالح المرجوة‪.‬‬

‫ويستدل السويلم بما صح عن النبي صلى ال عليه وسلم أنه قال ‪" :‬من سن في السلم سنة حسنة فله‬
‫أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة‪ ،‬ل ينقص ذلك من أجورهم شيئا‪ ،‬ومن سن في السلم سنة سيئة‬
‫فعلية وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ل ينقص ذلك من أوزارهم شيئا"‪.‬‬

‫وبين السويلم أن هذا الحديث الشريف يمثل الساس الول في الحث على البداع والبتكار الذي ينفع‬
‫المسلمين ويحقق المصلحة الشرعية‪ ،‬موضحا أن قوله صلى ال عليه وسلم ‪" :‬من سنة سنة حسنة" يدل‬
‫على وصف العمل الحسن‪ ،‬ل يكون ذلك إل بموافقة الشرع‪ ،‬فلو كانت السنة المذكورة تغييرا للشرع لما كانت‬
‫حسنة‪ .‬فجانب الختراع أو البتكار المشروع هو في الدرجة الولى في التطبيق أو التنفيذ للحكم الشرعي‪ ،‬كما‬
‫ورد في الحديث وليس في الحكم نفسه‪.‬‬

‫‪ #‬الخبير والباحث الردني ناصر الزيادات ‪:‬‬


‫حيث أكد الزيادات أن هناك خلطا كبيرا بين مصطلحي الهندية المالية والمشتقات المالية‪ ،‬حيث أن المصارف‬
‫السلمية جديدة نوعا ما فإن استخدام الهندسة المالية سيجعلها أكثر جذبا وتنافسية من نظيرتها التقليدية‪.‬‬

‫وأوضح الزيادات أنه فيما يخص المؤسسات المالية السلمية فالحاجة ملحة للتطوير والبداع والهندسة ولكل‬
‫ما يندرج تحت تلك المترادفات ليس على المستوى المؤسسي وحسب بل على مستوى الصناعة‪.‬‬

‫وأشار الزيادات إلى أن الصناعة المالية السلمية كونها صناعة ناشئة بالمقارنة بنظيرتها التقليدية تعد‬
‫بأمس الحاجة إلى عميلت التطوير والبتكار لمنتجات مالية إسلمية أصيلة تحافظ على هوية الصناعة وتقيها‬
‫شرور التقليد حتى وإن كان في إطار شرعي‪ ،‬وهذا كله سيسهم في تحقيق نمو مستدام للصناعة ككل وينعكس‬
‫حتما على استدامة المؤسسات المالية السلمية‪.‬‬

‫وقد عرف الزيادات الهندسة المالية بأنها عبارة عن وسيلة للبداع والتطوير وإيجاد المنتجات السلمية‬
‫البديلة للمنتجات التقليدية‪ ،‬منوها إلى أن الهم من السؤال عن قدرة الهندسة المالية على إيجاد المنتجات‬
‫البديلة للمنتجات المالية التقليدية هو السؤال عن البيئة التي تحفز البداع وتسهله‪ ،‬والشخاص المبدعين‬
‫وسماتهم والهتمام بهم وثقافة المؤسسات المالية السلمية وتفهمها للبداع‪.‬‬

‫‪ #‬الدكتور عبد الكريم قندوز أستاذ في جامعة حسيبة بن بو علي الجزائرية‪ ،‬والمحاضر في قسم المالية في‬
‫كلية العلوم الدارية في جامعة الملك فيصل ‪:‬‬
‫أكد قندوز أن معظم تعاريف الهندسة المالية تعتبر إلى أن مستخلصة من وجهات نظر الباحثين الذين يطورون‬
‫النماذج والنظريات أو مصممي المنتجات المالية في المؤسسات المالية التقليدية‪ ،‬مبينا أنها عبارة عن‬
‫مجموعة النشطة التي تتضمن التصميم والتطوير والتنفيذ لكل من الدوات والعمليات المالية المبتكرة‪ ،‬إضافة‬
‫إلى صياغة حلول إبداعية لمشاكل التمويل وكل ذلك في إطار توجيهات الشرع‪.‬‬

‫وبين قندوز أن الصناعة المالية السلمية وجدت منذ أن جاءت الشريعة السلمية بأحكامها المطهرة‪ ،‬وربما‬
‫كان توجيه النبي صلى ال عليه وسلم لبلل المازني رضي ال عنه‪ ،‬عندما أراد أن يبادل التمر الجيد بالتمر‬
‫الرديء‪ ،‬فقال له صلى ال عليه وسلم ‪" :‬ل تفعل‪ ،‬بع الجمع بالدراهم واشتر بالدراهم جنيبا‪ ،‬إشارة لهمية‬
‫البحث عن حلول تلبي الحاجات القتصادية دون إخلل بالحكام الشرعية‪.‬‬

‫ونوه قندوز إلى أن الشريعة السلمية لم تحجر دائرة البتكار وغنما على العكس حجرت دائرة الممنوع‬

‫‪69‬‬
‫وأبقت دائرة المشروع متاحة للجهد البشري في البتكار والتجديد‪.‬‬

‫وذكر قندوز أن أسباب الحاجة لهذه الهندسة تتمثل في ضرورة النضباط بقواعد الشريعة‪ ،‬وتطور المعاملت‬
‫المالية‪ ،‬بالضافة إلى حدة المنافسة مع المؤسسات المالية التقليدية‪.‬‬

‫ويرى قندوز أن الهندسة المالية السلمية تهدف إلى إيجاد قيمة مضافة‪ ،‬وهذا يعني أن المنتجات المالية‬
‫السلمية تناسب المسلمين وغير المسلمين‪ ،‬وتحقق المصلحة لهم جميعا‪ ،‬مبينا أن مهمة القتصادي المسلم‬
‫المعني بالهندسة المالية ليس التخريج للمنتجات السائدة كالمشتقات وإنما البحث عن منتجات تناسب المفهوم‬
‫السلمي للتمويل والمخاطر‪ .‬وهذه المنتجات موجودة وقائمة وليست في حيز العدم‪.‬‬

‫وقال قندوز أن هناك فرقا بين الهندسة المالية السلمية والتقليدية‪ ،‬حيث أن البتكار في الصناعة المالية‬
‫السلمية ل يؤدي إلى تجاوز الحكام السلمية على النحو الذي يجري في الصناعة التقليدية‪.‬‬

‫وبين قندوز الهمية العلمية لهذه الهندسة‪ ،‬منوها إلى أن الحث والتطوير يؤديان إلى استكمال المنظومة‬
‫المعرفية للقتصاد السلمي ومواكبته للتطورات الحاصلة في العلوم المالية‪ ،‬كما أن هذه الهندسة تساعد على‬
‫إيجاد الكوادر الدارية التي يتطلبها العمل المصرفي السلمي والتي تجمع بين المعرفة الشرعية والخبرة‬
‫المصرفية السلمية‪.‬‬

‫‪ #‬الباحث القتصادي الستاذ أحمد محمد محمود نصار ‪:‬‬


‫فقد عرفها نصار بأنها مجموعة النشطة التي تتضمن عمليات التصميم والتطوير والتنفيذ لكل من الدوات‬
‫والعمليات المالية المبتكرة‪ ,‬وتكوين مجموعة حلول إبداعية لمشاكل التمويل في الشركات‪.‬‬

‫وبين نصار أن هذه الهندسة تشتمل على تصميم أدوات مالية مبتكرة‪ ,‬مثل بطاقة الئتمان‪ ,‬وأنواع جديدة من‬
‫السندات والسهم‪ ,‬وتصميم عقود تحوط مبتكرة‪ ،‬وتطوير الدوات المالية‪ ,‬أي تلبية هذه الدوات المبتكرة‬
‫لحاجات تمويلية جديدة‪ ,‬أو التغيير الجذري في العقود الحالية لزيادة كفاءتها فيما يخص المخاطرة وفترة‬
‫الستحقاق والعائد‪ ،‬بالضافة إلى تنفيذ الدوات المالية المبتكرة‪ ,‬أي ابتكار إجراءات تنفيذية مبتكرة من شأنها‬
‫أن تكون منخفضة التكلفة ومرنة وعملية‪.‬‬

‫ويرى نصار أن الهندسة المالية السلمية تعتبر منهجًا لنظم التمويل المعاصرة يهدف إلى تحقيق الكفاءة في‬
‫المنتجات المالية المعاصرة وتطويرها في ظل الحتياجات المالية والتي تتصف بأنها متجددة ومتنوعة‪.‬‬
‫وتكمن أهمية الهندسة المالية وخصوصًا في عالمنا المعاصر اليوم بأنها تقوم بالموازنة بين عدة أهداف ومن‬
‫ثم تصميم أدوات مبتكرة تستوعب كل هذه الهداف معًا‪ ,‬وهذه المهمة ليست باليسيرة حيث تحتاج إلى تضافر‬
‫جهود على شكل تنظيمي بين الشرعيين والقتصاديين والمصرفيين والمحاسبين للخروج بمبتكرات فعالة‪.‬‬

‫ويبين نصار أن أهمية الهندسة المالية بالنسبة للبنوك السلمية تبرز في أنها تتعامل ضمن الضوابط والقيود‬
‫الشرعية التي تنظم آلية أعمالها التمويلية والستثمارية‪ ,‬ولهذا يتوجب على المهندس المالي في البنوك‬
‫السلمية مراعاة هذه الضوابط وعدم اللجوء إلى الحيل‪ ,‬لن الحكام والضوابط الشرعية جاءت لتحقق‬
‫مصلحة للفرد والمجتمع معًا‪.‬‬

‫‪ #‬الستاذ الدكتور عبد الهادي السبهاني‪:‬‬


‫حيث أن السبهاني قام بتعريف الهندسة المالية السلمية على أساس علقتها بالتحوط‪ ،‬مبينا أن التحوط‬
‫يقصد به اتقاء المخاطر وتخفيف آثارها‪ ،‬وحين يكون الحديث عن الستثمار؛ فإن المخاطر تتلخص في‪ :‬فوات‬
‫ربح متوقع أو تآكل رأس المال‪ .‬ويقصد بالهندسة المالية السلمية ابتكار الحلول المالية وتنميطها في‬
‫منتجات تحقق الغراض المالية مع السلمة الشرعية‪.‬‬

‫والملحظ أن التحوط‪ ،‬وهو هدف من أهداف الهندسة المالية التقليدية المعاصرة‪ ،‬قد طغى على أهدافها‬
‫الخرى حتى أصبحت وكأنها معنية فقط بالبحث عن حلول افتراضية للتحوط كان أبرزها المشتقات المالية‪.‬‬
‫ولكي تروج هذه البضاعة كان ل بد من تصنيع الحاجة إليها بالدعاية والعلن‪ ،‬وبإذكاء الخوف وإذاعته‬
‫وتفعيل تقلبات السواق وهي مخاطر تحت السيطرة تلجئ إلى التحوط!!‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫ويرى السبهاني أن الهندسة المالية السلمية قد انزلقت أو كادت إلى منزلق الهندسة المالية التقليدية‪ ،‬وكان‬
‫المدخل الساذج لهذا التوجه هو التوكيد على موقف السلم الصحيح من حفظ المال ووجوب صيانته‪ ،‬لتصل‬
‫إلى استنتاج سريع وخطير يتلخص في أن التحوط بالوسائل التقليدية )المشتقات( أمر سائغ بل واجب شرعًا‪،‬‬
‫لن ما ل يتم الواجب )حفظ المال( إل به فهو واجب!!‪.‬‬

‫ولقد بني النظام المالي المعاصر على عقيدة فاسدة ماليا قبل أن تكون فاسدة شرعيا ومن وجوه فساد هذه‬
‫العقيدة المالية السعي إلى فك الرتباط بين مغانم الستثمار ومغارمه )مخاطرته(‪ ،‬ومن وجوه فسادها سماحها‬
‫بنقل هذه المخاطرة إلى الغير عبر صنوف المشتقات‪ ،‬ونسوا أن المخاطر محكومة بقانون ربما له دقة قوانين‬
‫الفيزياء‪ ،‬فهي تلد مع الستثمار ول تفنى إل بفنائه‪ ،‬وكان على النظام الذي شرعن تلك النانية وذلك الدجل‬
‫غصة تلك الصول السامة التي تتشردق بها البنوك وشركات التأمين والمؤسسات المالية‬ ‫المالي أن يتحمل ُ‬
‫والتي تتكلف الحكومات ومن ورائها دافعو الضرائب أعباءها الهائلة بينما انسحب اللصوص والنصابون إلى‬
‫مغاراتهم يستمرئون التنعم بوافر جنيهم تاركين العالم يتقلب في بلئه!!‪.‬‬

‫ويبين السبهاني أن المطلوب من الهندسة المالية السلمية وقفة نقدية تقديرية تخرجها من مدار الهندسة‬
‫المالية التقليدية خاصة وإن القوم صاروا يتلفتون إلى السلم ونظامه المالي والقتصادي‪.‬‬

‫ويشير السبهاني إلى عدم تأجيل الدعوة إلى النظام المالي والمصرفي والقتصادي السلمي أو تأخير عرضه‬
‫على الناس بحجة عدم نضجه‪ ،‬مبينا أن أول ما ينبغي فعله هو تنزيه هذا الفكر من تلك التخريجات التي قربته‬
‫من نظيره التقليدي حتى ل ُيفجع المتطلعون إلى السلم ونظامه المالي‪ ،‬بالمسخ الذي فعلته الهندسة المالية‬
‫السلمية مسايرة للسواق المالية والمصرفية التقليدية أو تأثرا بها‪.‬‬
‫وذكر السبهاني أن مزية النظام السلمي تكمن في تقديره في أمرين‪ :‬الول هو توسيع قاعدة المخاطرة‬
‫باشتراك الممول مع المستثمر في المغانم والمغارم‪ .‬أما الثاني فهو إرساء المخاطرة وعدم ترحيلها إلى الغير‪،‬‬
‫وهو ما يستفاد من استقراء أحكام المعاملت‪ .‬ول يفهم من كلمنا أننا نستهدف المخاطر أو الخسائر‪ ،‬ول يفهم‬
‫من كلمنا تسفيه الشعور الفطري للتحوط فهذا ما ل يقول به عاقل؛ إنما نريد تحوطا مشروعا‪ ،‬وإذا كانت‬
‫سوغ للغيار كل ما يتراضون عليه‪ ،‬فإن نظرية العقد السلمية تشترط أن يكون ما يتراضى‬ ‫نظرية العقد ت ّ‬
‫عليه العاقدون في دائرة الباحة التي حددتها الحكام الثابتة‪.‬‬

‫وأوضح السبهاني أن الهندسة المالية السلمية الصحيحة‪ ،‬التي سبق وجودها وجود هذا المصطلح‪،‬‬
‫ل من الدوات والحلول الفّعالة والمشروعة في عوالم التمويل والتجارة الحقيقية‪.‬‬
‫استطاعت أن تنتج سي ً‬

‫ويلخص السبهاني قوله بأن عقود التحوط عبر المشتقات المالية عقود طارئة ل علقة لها بالمبنى العقدي‬
‫للتمويل‪ ،‬وهي عقود فاسدة بذاتها لما يكتنفها من غرر وربا وميسر‪ ،‬وهي فاسدة في استخداماتها إذ أراد‬
‫البعض التحوط بها لما ل يجوز التحوط منه أي المخاطرة التي يطيب معها الربح‪ ،‬بينما أرادها الكثرون‬
‫أدوات للمضاربة والمقامرة ليس غير‪.‬‬

‫كما نوه السبهاني إلى أن المستثمر له أن يتحوط بتنويع أصوله والموائمة بين تدفقات حقوقه المالية‬
‫والتزاماته‪ ،‬وهذا من الحكمة التي يتعين أن يلتمسها‪ ،‬أما أن يلجأ إلى بيع المخاطر وترحيلها إلى الغير عبر‬
‫المشتقات المالية والتأمين التجاري فهو أمر ل يمكن قبوله إل بتعسف الستدلل‬

‫‪71‬‬
‫يعرف التورق بمعناه المصرفي بشراء العميل‬
‫الذي ينشد السيولة سلعة بثمن مقسط مؤجل من‬
‫البنك‪ ،‬وإعادة بيع السلعة بحيث يسد بثمنها‬
‫الحاجة التي من أجلها أراد المال‪ .‬وقد شهدت‬
‫عملية "التورق" جدل واسعا بين الفقهاء‪ ،‬فحرمها‬
‫البعض وأجازها البعض بضوابط وشروط‪ ،‬وينطلق‬
‫تحريم التورق من أنه ل يحتمل الخسارة الواردة‬
‫في تحمل نسب المخاطرة والخسارة وفق‬
‫السس التي يقوم عليها القتصاد السلمي‪.‬‬

‫التورق في الصل مأخوذ من الورق وهو الفضة لن الذي اشترى السلعة إنما اشتراها من أجل النقد‪ ،‬ويعرف‬
‫التورق بمعناه المصرفي بشراء العميل الذي ينشد السيولة سلعة بثمن مقسط مؤجل من البنك‪ ،‬وإعادة بيع‬
‫السلعة بحيث يسد بثمنها الحاجة التي من أجلها أراد المال‪.‬‬
‫وقد شهدت عملية "التورق" جدل واسعا بين الفقهاء‪ ،‬فحرمها البعض وأجازها البعض بضوابط وشروط‪،‬‬
‫وينطلق تحريم التورق من أنه ل يحتمل الخسارة الواردة في تحمل نسب المخاطرة والخسارة وفق السس‬
‫التي يقوم عليها القتصاد السلمي‪.‬‬

‫واستنادا إلى المعيار الشرعي من المعايير التي وضعتها هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية‬
‫السلمية رقم ‪ 30‬يعرف التورق بأنه ‪ :‬شراء سلعة بثمن آجل مساومة أو مرابحة‪ ،‬ثم بيعها إلى غير من‬
‫اشتريت منه للحصول على النقد بالثمن الحالي‪.‬وبذلك هو يتميز عن العينة‪.‬‬
‫ولن الشريعة تؤكد قاعدة "الغنم بالغرم"‪ ،‬وتأسيسا على ما جاء في القرآن الكريم ‪" :‬وأحل ال البيع وحرم‬
‫الربا"‪ ،‬فإن كثيرا من الباحثين يرون بأن البنوك السلمية عليها أن تبحث عن بدائل أخرى كثيرة في التمويل‬
‫بما ينعكس إيجابا على القتصاد السلمي وخصوصا في ضوء المخالفات والتجاوزات التي أصبحت تكتنف‬
‫تطبيقات الدوات الستثمارية في سوق الوراق المالية وتحديدا "التورق"‪.‬‬

‫* منتجات بديلة للتورق‬

‫هناك منتجات مالية إسلمية عدة تصلح لن تكون بديل للتورق ومنها على سبيل المثال ل الحصر‪-:‬‬

‫‪.1‬بيع الرجا ‪:‬‬

‫‪72‬‬
‫وهو بيع العميل أصل إنتاجيا إلى المصرف السلمي بسعر أقل من سعر المثل يتفق عليه مع حق العميل في‬
‫فسخ البيع واسترجاع الصل خلل فترة زمنية معينة‪ ،‬ويصبح البيع نافذا بمضي هذه الفترة‪.‬‬

‫ورأت دراسة أهميته في أن كثيرا من الفراد يتعرض إلى أزمة سيولة‪ ،‬فقد يكون فرد ما في حاجة ملحة للمال‬
‫وتنقطع به السبل في الحصول على من يقرضه‪ ،‬فقد يضطر إلى الذهاب إلى بنك ربوي‪ ،‬أو قد يبيع أنفس ما‬
‫عنده من أصول كالعقار أو أرض زراعية أو آلة إنتاجية؛ ليفك كربته وضيقه‪ ،‬فيتعرض للثم لو تعامل بالربا‪،‬‬
‫أو يفقد ذلك الصل النفيس ببيعه إلى البد‪ ،‬كما أن في ميدان العمل المصرفي السلمي هناك كثير من العملء‬
‫من يضطر إلى بيع بعض أصوله من أجل الوفاء بالتزاماتهم للغير أو حتى للبنوك‪ ،‬ويفقدون أحياًنا أصوًل‬
‫نفيسة قد ل يرغبون في بيعها‪.‬‬
‫وممارسة هذا النوع من البيوع قد يكون مخرجا لمن فقدوا أصولهم النفيسة‪ .‬ومما تجدر الشارة إليه أن بيع‬
‫الرجا قد يصبح وسيلة غير مباشرة لتقديم القرض الحسن باسترجاع العميل ثمن الصل النتاجي للمصرف‬
‫السلمي خلل فترة الفسخ‪ ،‬بعد أن حل به أزمته‪.‬‬

‫آلية تطبيق هذا البيع في النقاط التالية‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫• أول‪:‬عندما يتعرض العميل إلى أزمة سيولة ويحتاج إلى النقد‪ ،‬يعرض على المصرف السلمي أص ً‬
‫ل‬
‫ضا زراعية أو آلة منتجة( للبيع إلى المصرف مع اشتراطه حق الفسخ خلل )‪- 3‬‬
‫إنتاجيا )عقاًرا مؤجًرا أو أر ً‬
‫‪ (12‬شهًرا أو أقل أو أكثر‪.‬‬

‫• ثانيا‪ :‬لجل أن يتشجع المصرف ل بد أن يكون الصل النتاجي مدًرا للدخل‪ ،‬وأن يكون الثمن أقل من‬
‫ل لعادة البيع‪ ،‬ويسهل تسويقه‪ .‬بعبارة‬‫سعر المثل من غير إضرار بالعميل‪ ،‬وأن يكون الصل النتاجي قاب ً‬
‫أخرى يجب أن يجري المصرف دراسة جدوى على طلب العميل‪.‬‬

‫• ثالثا‪ :‬إذا اقتنع المصرف بجدوى شراء الصل يتم توقيع عقد بيع يسمى )عقد بيع الرجا( ويحدد فيه‬
‫أطراف العقد‪ ,‬ومواصفات المبيع‪ ،‬والثمن وشرط الفسخ ومدته‪ ,‬وشهود العقد وغير ذلك مما يقتضيه العقد من‬
‫أركان وشروط للبيع‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬تسجيل عقد البيع في المحكمة التجارية المختصة والشهر العقاري‪.‬‬ ‫•‬

‫• خامسا‪ :‬إذا تمكن العميل من استرجاع ثمن الصل للمصرف خلل فترة الفسخ‪ ،‬فإنه يتم إبطال عقد البيع‬
‫وفسخه وتعميد الفسخ لدى المحكمة التجارية‪ ،‬ويتحمل العميل المصروفات‪.‬‬

‫• كما ذكرت الدراسة عديدا من الضوابط الشرعية لتحاشي الوقوع في شبهة الربا كعدم المرونة في فترة‬
‫الفسخ )فترة القالة( للبائع؛ وذلك بعدم تمديده من حين لخر‪ ،‬بحيث يتمكن البائع من استرجاع مبيعه وينتفع‬
‫المشتري بغلته‪ .‬فاللتزام بتاريخ الجل يضمن عدم الصورية‪ ,‬إضافة إلى توثيق عقد البيع لدى محكمة تجارية‬
‫مختصة وتسجيله في الشهر العقاري )السجل العقاري(‪ .‬كما يجب على المصرف قبض المبيع بتخليته‪،‬‬
‫وتمكينه من التصرف فيه‪ ،‬خاصة بعد مضي فترة الفسخ‪.‬وأن يكون ثمن البيع معقوًل وليس ثمنا صوريا‪،‬‬
‫ويمكن أن يكون أقل من سعر المثل من غير إضرار بالعميل المضطر للبيع والمحتاج للسيولة‪ ،‬كذلك أن يكون‬
‫الفسخ باسترجاع الثمن في وقت واحد في نهاية الجل وليس بتقسيطه خلل الفترة‪ ،‬فيشتبه بالقرض‪ ،‬إضافة‬
‫إلى التأكيد على الدارة التنفيذية للمصرف من خلل الرقابة الشرعية بعدم التحايل وعدم الصورية في هذا‬
‫النوع من البيوع وإل سيصبح حينها نوعا من بيع العينة‪.‬‬

‫ورأت نفس الدراسة أن تبني المصارف السلمية لبيع الرجا وتقديمه للعملء كمنتج مصرفي إسلمي جديد‪،‬‬
‫ل من عميل مع حق الفسخ خلل‬ ‫يتوقف على مدى حصولها على عوائد إيجابية منه‪ .‬ذلك أن شراء عقار مث ً‬
‫فترة معينة ثم استخدام حقه في الفسخ يفقد البنك أي استفادة ويصبح المر بالنسبة له كأنه قرض حسن‪ ،‬ول‬
‫سيما أن هذا النوع من البيوع سوف يقبل عليه كثير من العملء الذين يحتاجون إلى السيولة النقدية‪.‬‬

‫وحول الحافز المادي الذي يمكن أن يحصل عليه المصرف بينت الدراسة أنه في حالة عدم فسخ العميل البيع‬

‫‪73‬‬
‫ونفاذ البيع بعد مضي الجل يبيع المصرف هذا الصل بسعر أعلى من سعر الشراء‪ ,‬ول سيما إذا كان الشراء‬
‫أقل من سعر المثل من غير إضرار بالعميل‪ ،‬إضافة إلى الستئثار مما حققه الصل من عوائد إن كان مدرًا‬
‫للدخل في فترة سريان الفسخ كالعقار المؤجر؛ وفقًا لقاعدة شرعية عند الفقهاء ومنهم المام الشوكاني تقول‬
‫إن )الغلة لمن استقر له الملك وعليه مؤنته(‪ ،‬فإذا استقر البيع للمصرف السلمي وعجز العميل عن الفسخ‬
‫فللمصرف أن يستأثر بالعوائد‪.‬‬
‫ودعت الدراسة إلى مناقشة عدة أمور من الناحية الشرعية‪ ،‬حيث إن المصارف قد ل تقتنع بتطبيق بيع الرجا‬
‫مصرفيا‪ ,‬وذلك بأن تقبل شراء الصل مع شرط الفسخ للعميل خلل مدة معينة‪ ،‬لعدم ضمان العائد المحفز لها‪,‬‬
‫ول سيما أن أغلبية العملء سيحرصون على الوفاء بالثمن قبل انقضاء الجل‪ ،‬وخاصة إذا كانت نفيسة ومدرة‬
‫للدخل‪.‬‬

‫وأثارت الدراسة تساؤلت للفقهاء المعاصرين في مسألة لم تكن موجودة في عهد الفقهاء السابقين‪ ،‬أو لم‬
‫يتطرقوا إليها ‪ -‬كعصر المام الشوكاني ‪ -‬لن حديثهم كان ينصب على أن المبيع عن طريق بيع الرجا هي‬
‫الرض‪ ،‬وهي غير قابلة للتلف أو الهلك‪ ،‬إل إذا كانت زراعية فقد يتلف المحصول أو الشجر‪.‬‬
‫والتساؤلت هي أن بيع الرجا ينقل الملك إلى المشتري ولكنه ملك غير مستقر في فترة خيار الفسخ‪ .‬وهنا لو‬
‫تلف المبيع أو هلك كانهيار عقار أو حريق )بغض النظر عن التأمين لن الذي سيؤمن هو من سيكون عليه‬
‫التلف( أو يحتاج إلى نفقات فهل الهلك على المشتري باعتبار أنه تحت يده؟ وهل ينفق عليه من أمواله في‬
‫مقابل الستفادة من عوائد الصل إن كان له غلة‪ ,‬ول سيما إذا تراضى البائع والمشتري على ذلك‪.‬‬

‫وذلك بناًء على أن المسوغ الشرعي للطرفين تلك القاعدة الشرعية القائلة ''الخراج بالضمان''‪ ،‬وبشرط أل‬
‫يكون هناك إضمار بينهما بالتفاق على أن الستفادة من الغلة هي مقابل القرض‪ ،‬مع ضمان اللتزام‬
‫بالضوابط الشرعية المذكورة سابًقا‪ .‬وبعبارة أخرى هل يجوز إذا شرط في عقد بيع الرجا أن فترة الفسخ غير‬
‫قابلة للتمديد‪ ،‬ويصبح البيع نافذا بعد مضي الجل احتراًزا من شبهة القرض بعائد الغلة‪ ،‬فهل يجوز وفقًا لهذا‬
‫الشرط أو الضابط‪ ,‬ووفقا لقاعدة الخراج بالضمان أن يستأثر المصرف بغلت المبيع مقابل النفقة عليه وتحمل‬
‫ضمانة تلفه‪.‬‬

‫وأشارت الدراسة إلى أقوال بعض المتأخرين من الشافعية والحناف ومجلة ''الحكام العدلية'' المادتين )‬
‫‪ (118‬و)‪ (398‬حول جواز النتفاع بغلة المبيع في بيع الوفاء‪ ،‬كما ذكرت قوًل للمالكية بجواز الغلة‬
‫للمشتري‪.‬‬

‫ورأت الدراسة أن إجازة النتفاع بغلة المبيع في بيع الرجا مع التشديد على اللتزام بالضوابط الشرعية‬
‫يشجع المصارف السلمية على التعامل مع هذا النوع من البيوع‪ ،‬وربما اعتبرته منتجا مصرفيا جديدا يقدم‬
‫لصحاب الحاجة إلى السيولة لفك أزماتهم‪ .‬وعلى ذلك إذا وجد رأي للفقهاء المعاصرين يجيز ذلك‪ ،‬فإنه حسب‬
‫الدراسة ل بد من إضافة الضابط التالي إلى جملة الضوابط الشرعية السابقة الذي ينص على‪'' :‬إذا هلك أو‬
‫تلف الصل النتاجي يكون على المصرف كما أن مصروفاته عليه في فترة الفسخ‪ ،‬في مقابل انتفاع المصرف‬
‫بغلته‪ ،‬وفقا للقاعدة الشرعية ''الخراج بالضمان''‪ .‬وللطرفين أن يتحاسبا عن المصروفات والغلة إذا فسخ‬
‫العميل البيع واسترد أصله''‪.‬‬

‫‪ – 2‬بيع السلم‪:‬‬

‫ل‪ .‬يسمى المشتري الُمسلِم‪ ،‬ويسمى البائع الُمسَلم إليه‪ ،‬ويسمى‬ ‫ل والمبيع مؤج ً‬
‫هو بيع يكون الثمن فيه معج ً‬
‫الثمن المعجل رأس مال السلم‪ ،‬وتسمى السلعة مؤجلة التسليم المسَلم فيه‪.‬‬

‫ل من المشتري )المسِلم( الذي يدفع الثمن للبائع‬


‫• الطبيعة التمويلية للسلم‪ :‬يتضمن السلم بطبيعته تموي ً‬
‫)المسَلم إليه( الذي يتعهد بسداد السلعة بعد أجل معين‪.‬‬

‫• العائد في بيع السلم وطبيعته الحتمالية‪ :‬يتمثل العائد الذي يحققه الممّول )المشتري( في الفرق بين سعر‬
‫السلعة سلًما وسعر السلعة عند حلول أجل السداد‪ ،‬فإذا كان سعر السلعة عند حلول أجل السداد أعلى من‬
‫سعرها سلًما فإن الممّول يكون قد حقق ربحا من خلل التمويل‪ ،‬أما إذا كان سعر السلعة عند حلول أجل‬

‫‪74‬‬
‫السداد أقل من سعرها سلًما فإن الممّول يكون قد حقق خسارة‪ ،‬أما إذا تساوى السعران فإن الممول ل يحقق‬
‫عائًدا )بل يكون قد حقق خسارة الفرصة البديلة(‪ .‬وهكذا فإن العائد الذي يحققه الممّول من عملية التمويل في‬
‫السلم هو عائد احتمالي بطبيعته ل يتحقق إل إذا كان سعر السلعة عند حلول أجل السداد أعلى من سعرها‬
‫المدفوع فيها سلًما‪.‬‬

‫‪ -‬هل يمكن إلغاء المخاطرة في بيع السلم وجعل العائد متيقًنا‪:‬‬

‫كما رأينا فإن العائد في بيع السلم ل يتحقق للممّول إل إذا كان سعر السلعة عند أجل السداد أعلى من سعرها‬
‫سلًما‪ ،‬فإذا أمكن ضمان تحقق هذا الشرط فإنه يمكن تحقيق يقينية العائد للممّول‪.‬‬

‫ولقد ذكر ابن تيمية رحمه ال صورة للسلم وأجازها وهي تحقق هذا المر‪ ،‬حيث جاء في الختيارات الفقهية‪:‬‬
‫)ولو أسلم مقداًرا معلوًما إلى أجل معلوم في شيء بحكم أنه إذا حلّ يأخذه بأنقص مما يساوي بقدر معلوم‬
‫صح‪ ،‬كالبيع بالسعر(‪ .‬ففي هذه الصورة يحدد رأس مال السلم )مبلغ التمويل( ويترك تحديد سعر الوحدة من‬
‫السلعة والكمية المسلم فيها إلى أجل السداد‪ ،‬بحيث يكون سعر الوحدة سلًما أقل من سعرها يوم السداد بمقدار‬
‫معلوم )مبلغ مطلق عند ابن تيمية‪ ،‬واشترط الشيخ ابن عثيمين أن يكون مبلًغا نسبًيا من السعر يوم السداد(‪.‬‬
‫وبناء عليه فإن كمية السلعة المسلم فيها ستتغير حسب السعر‪ ،‬فكلما زاد السعر ستنقص الكمية‪ ،‬وكلما نقص‬
‫السعر ستزيد الكمية‪ .‬وبهذه الطريقة فإن سعر السلعة عند السداد سيكون دائًما أكبر من سعرها سلًما مهما‬
‫تغير السعر الول‪ ،‬وبذلك يكون العائد موجًبا دائًما‪ ،‬أي أنه سيكون يقينًيا وليس احتمالًيا‪.‬‬

‫ويمر بيع السلم بثلث خطوات عملية هي عقد بيع السلم وتسليم وتسلم السلعة في الجل المحدد وعقد البيع‪.‬‬

‫في عقد بيع السلم يدفع المصرف الثمن في مجلس العقد ليستفيد به البائع ويغطي به حاجاته المالية المختلفة‬
‫فيما يلتزم البائع بالوفاء بالسلعة في الجل المحدد‪.‬‬

‫وفي الخطوة الثانية يتم تسلم وتسليم السلعة في الجل المحدد‪.‬‬


‫وامام المصرف حالت متعددة يمكن اختيار احدها وهي اول يتسلم المصرف السلعة في الجل المحدد ويتولى‬
‫تصريفها بمعرفته ببيع حال او مؤجل‪ ،‬وثانيا يوكل المصرف البائع ببيع السلعة نيابة عنه نظير اجر متفق‬
‫عليه او دون اجر‪ ،‬وثالثا يوجه البائع لتسليم السلعة الى طرف ثالث وهو المشترى بمقتضى وعد مسبق منه‬
‫بشرائها عند وجود طلب مؤكد بالشراء‪.‬‬

‫ويوافق فى الخطوة الثالثة عقد البيع على بيع السلعة حالة أو بالجل بثمن اعلى من ثمن شرائها سلما فيما‬
‫يوافق المشتري على الشراء ويدفع الثمن حسب التفاق‪.‬‬

‫‪ -‬ضوابط الستثمار عن طريق بيع السلم ‪:‬‬

‫وضع الفقهاء مجموعة من القواعد التي تضبط الستثمار عن طريق بيع السلم‪ ,‬منها‪:‬‬
‫‪ - 1‬أن يكون منضبطًا‪ :‬بمعنى أن كل ما يمكن انضباطه )محددا( فإنه جائز فيه السلم لنه ما تدعو إليه‬
‫حاجة‪.‬‬
‫‪ - 2‬أن يصفه وصفا نافيا للجهالة‪ ،‬فيذكر جنسه ونوعه‪.‬‬
‫‪ - 3‬أن يكون الجل معلوما كالشهر‪.‬‬
‫‪ - 4‬أن يكون المسلم فيه )البضاعة( في الذمة فإن أسلم في عين )بضاعة حالية( لم يصح‪.‬‬
‫‪ - 5‬أن يقضى )يدفع( رأس المال في المجلس‪ ,‬وأجاز مالك اليوم واليومين لتسلم رأس المال‪.‬‬
‫وأقر مؤتمر المصرف السلمي في دبي عام ‪ 1979‬هذا النوع من البيوع إذا كان المصرف يتقيد بالشروط‬
‫التي ذكرها الفقهاء ومراعاة ذلك في عقود السلم كافة‪.‬‬

‫• يتم تمويل العميل عن طريق بيع السلم وفق الجراءات التالية ‪:‬‬

‫‪ - 1‬يقوم العميل بالتقدم للمصرف بطلب لتمويل مشروع معين ويرغب في قيام المصرف بتوفير السيولة‬
‫النقدية اللزمة للمشروع ونوع المنتج الذي يقوم بإنتاجه‪ ،‬على أن يرفق بهذا الطلب دراسة جدوي للمشروع‬

‫‪75‬‬
‫يحدد فيه مبلغ السيولة المطلوب‪.‬‬
‫‪ - 2‬يقوم المصرف بتقييم جدوي المشروع المطلوب تمويله‪ ،‬ونوعية السلع التي يقوم المشروع بإنتاجها‪،‬‬
‫وفي حالة الموافقة عليه يقوم المصرف بشراء السلع التي يقوم المشروع )المصنع( بإنتاجها وتحديد موعد‬
‫التسلم ودفع قيمة البضاعة حال‪.‬‬
‫‪ - 3‬يقوم العميل بعد ذلك بإدارة أعمال المشروع )المصنع( وفق ما هو مخطط له في دراسة جدوي المشروع‬
‫وبعد النتهاء من النتاج يقوم بتسليم البضاعة للمصرف وفق الشروط المتفق عليها‪.‬‬
‫‪ - 4‬حتى يقوم المصرف ببيع تلك البضاعة فإن لديه بديلين‪ ,‬هما‪:‬‬
‫أ – بيع البضاعة قبل التسلم عن طريق عقد السلم الموازي للتجار على أن يحدد موعد التسليم بعد التسلم‬
‫من العميل‪ ،‬ويكون ذلك بسعر أكبر من سعر الشراء من العميل وأقل من سعر السلعة في السوق حتى يوفر‬
‫ميزة للمشتري‪.‬‬
‫ب – النتظار حتي موعد تسلم البضاعة ثم بيعها نقدا )بيع مساومة(‪ ،‬أو عن طريق بيع المرابحة‪.‬‬

‫‪ - 3‬الجارة الموصوفة بالذمة ‪:‬‬

‫هي عقد مسمى بالفقه السلمي‪ ،‬يشتمل على معنيين من معاني العقود المسماة بالفقه السلمي‪ ،‬وهما عقد‬
‫السلم وعقد الجارة ‪ ,‬أي انه يمكن تعريف عقد الجارة الموصوفة بالذمة بأنه » بيع منافع مستقبلية بثمن‬
‫حال« أو هي‪» :‬سلم في المنافع« سواء كانت منافع أعيان أو منافع أعمال ‪ .‬أو هي »إجارة الذمة » لن‬
‫المنفعة المستوفاة متعلقة بذمة المؤجر وليست متعينة ‪ ,‬أو الجارة الواردة على منفعة مضمونة‪ ،‬لن المنفعة‬
‫فيها يضمن المؤجر تقديمها في كل الحالت‪ ،‬وهي متعلقة بذمته ويطلق عليها باللغة النجليزية ‪ijara‬‬
‫‪.forward‬‬

‫‪ -‬أنواع الجارة الموصوفة بالذمة ‪:‬‬

‫• النوع الول‪ :‬الجارة التي يكون الثمن فيها موصوفًا بالذمة‪ ،‬وهذا العقد ل يلغى بتلف ما قد عينه الجير أو‬
‫المكري لنفسه من الجرة التي ضبطها موصوفة في ذمة المستأجر أو المكتري‪ ،‬كما ل يلغى العقد بظهور‬
‫عيب فيه ‪.‬‬
‫• النوع الثاني‪ :‬الجارة التي يكون العمل فيها موصوفًا بالذمة‪ :‬وهي كقول المستأجر‪ :‬ألزمت ذمتك أو أسلمت‬
‫إليك هذه الدراهم في خياطة هذا الثوب‪.‬‬
‫• النوع الثالث‪ :‬الجارة التي تكون فيها العين موصوفة بالذمة‪ :‬وهي كقول المؤجر للمستأجر‪ :‬جعلت لك‬
‫منفعتها )أي العين الموصوفة بالذمة( سنة بكذا ‪.‬‬

‫• أحكام الجارة الموصوفة بالذمة في الفقه السلمي ‪:‬‬

‫الشرط العام المكون لضوابط وأحكام عقد الجارة الموصوفة بالذمة‪ ،‬هو استقصاء صفات سلم في موصوفة‬
‫بالذمة‪ ،‬أي اللتزام الكامل بشروط وضوابط عقد السلم‪ ،‬لن الجارة الموصوفة بالذمة هي سلم في المنافع كما‬
‫تقدم بيانه‪ ،‬وفيما يلي الحكام العامة للجارة الموصوفة بالذمة‪:‬‬
‫الحكام العامة‪:‬‬

‫‪ - 1‬ل يجوز تأجيل الجرة ول الستبدال عنها‪ ،‬ول الحوالة بها ول عليها‪ ،‬ول البراء‪ ،‬بل يجب التسليم في‬
‫المجلس كرأس مال السلم ‪ ،‬لنه سلم في المنافع ‪ ،‬فان كانت الجرة مشاهدة غير معلومة القدر‪ ،‬فعلى القولين‬
‫في رأس مال السلم‪ ،‬وقال ابن رشد‪ » :‬ومن شرط إجارة الذمة أن يعجل النقد عند مالك ‪ ،‬ليخرج من الدين‬
‫بالدين «‪.‬‬

‫‪ - 2‬عقد الجارة الموصوفة بالذمة متعلق بذمة المؤجر وليس بعمله‪ :‬وهذا يعني انه مكلف بأن يتعهد‬
‫للمستأجر بتنفيذ العمل المطلوب منه على الوجه السليم ‪ ،‬أيا كانت الوسيلة إلى ذلك‪ ،‬وأيًا كانت الجهة‬
‫المنفذة ‪ ،‬وبناء على ذلك‪ ،‬فإن للجير أن يستأجر بدوره من يكلفه بإنجاز ما طلب منه‪ ،‬وله الحق في أن يتفق‬
‫معه على الجر الذي يشاء ‪ ،‬يقول المام النووي » هي قسمان )أي الجارة( ‪ :‬واردة على عين‪ ،‬كإجارة عقار‬
‫ودابة وشخص معينين ‪ ،‬وعلى الذمة كاستئجار دابة موصوفة بالذمة ‪ ،‬وبأن يلزم ذمته خياطة أو بناء« ‪ ،‬أي‬
‫أن استئجار الدابة في الذمة ل بد أن تخضع للوصف دون استئجار الشخص لللتزام بعمل ما‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫‪ - 3‬يجوز للمؤجر في الجارة الموصوفة بالذمة أن يؤخذ عربونًا من المستأجر ‪ ،‬تحسبًا لنكوله عن تنفيذ‬
‫العقد وتسلم العين التي التزم في العقد باستئجارها بدًل من رفع المر إلى الحاكم أو السلطان ‪ ،‬وقد قرر مجمع‬
‫الفقه السلمي في قراره رقم ‪ (3/8) 72 :‬بجواز أخذ العربون في كل من عقد البيع والجارة ‪ ،‬مستدًل بما‬
‫روي عن نافع بن عبد الحارث انه اشترى لعمر بن الخطاب دار السجن من صفوان بن أمية ‪ ،‬وقال له نافع ‪:‬‬
‫إن رضي عمر بالشراء فذاك ‪ ،‬وإل فله من ثمنها كذا وكذا ‪.‬‬

‫‪ - 4‬إذا نكل المؤجر ولم يسلم المستأجر العين المؤجرة في الوقت المحدد‪ ،‬أو فر بها‪ ،‬كان للمستأجر الخيار‬
‫في إمضاء العقد قابل بالتأخير أو فسخه‪.‬‬

‫‪ - 5‬يجوز استخدام الجرة في أغراض خاصة للمؤجر ‪, ،‬وقياس ذلك على جوازه في السلم‪.‬‬

‫‪ - 6‬يجوز أخذ رهن من المؤجر‪ ،‬كما إذا أجر بنائين على بناء دار‪ ،‬فإنه يصح أن يأخذ رهنا منهم في نظير‬
‫عملهم حتى إذا لم يبنوا الدار‪ ،‬فإن للمرتهن الحق في بيع المرهون ويستأجر منه من يعمله » وقريب من هذا‬
‫‪ :‬ما تأخذه المصالح من التأمينات التي يدفعها العمال حتى ل يهملوا في أدار أعمالهم »‬

‫نماذج تطبيق الجارة الموصوفة في الصناعة المالية السلمية ‪:‬‬

‫النموذج الول‪ :‬تمويل التعليم‪ :‬حيث تقوم المؤسسة المالية السلمية بتمويل خدمة التعليم بشرائها المقاعد‬
‫الدراسية او خدمة التعليم نقدًا‪ ،‬ومن ثم تأجيرها للعملء‪ .‬ويجب ان تكون محددة بالوصف الذي ل يدع مجاًل‬
‫للنزاع ‪ .‬والجدوى القتصادية من هذا النوع للتمويل من وجهة نظر العميل هو تقسيط مصروفات الدراسة مما‬
‫ل لتقديم هذه الخدمة ‪.‬‬
‫يعتبر تسهي ً‬

‫النموذج الثاني‪ :‬تمويل العلج‪ :‬بحيث تكون الجارة التي محلها تقديم الخدمات من المؤسسات المالية إلى‬
‫المتعاملين معها‪ ،‬هي إجارة موصوفة في الذمة‪ ،‬وتكون بعدم تعيين الطبيب بل بوصف الخدمة )العمال‬
‫والجراءات( وصفًا يمنع التنازع‪ .‬وفي الجارة الموصوفة بالذمة يمكن للمؤجر ) أي المؤسسة المالية ( إبرام‬
‫عقد الجارة قبل تملك منفعة العين التي تريد أن تؤجرها‪ ،‬فتبرم المؤسسة العقد مع العميل‪ ،‬ثم تتعاقد‬
‫ل ‪ ،‬وتشترط تقديم الخدمة لها أو لمن تحدده من عملئها ‪.‬‬ ‫المؤسسة مع الطبيب أو الجهة الصحية مث ً‬

‫ويجب عدم الربط بين الجارة الموصوفة بالذمة إذا تم إبرامها مع مقدم الخدمة أوًل وبين عقد الجارة مع‬
‫المستفيد من الخدمة‪ ،‬لن الموصوف في الذمة ل يجوز التصرف فيه قبل قبض محله‪ ،‬أي تعيينه فتكون من‬
‫قبيل الجارة المتوازية‪.‬‬

‫النموذج الثالث‪ :‬تمويل رحلت الحج‪ :‬وهذا النموذج مطبق في العديد من المؤسسات المالية السلمية‬
‫وبأسماء مختلفة‪ ،‬منها على سبيل المثال مصرف أبو ظبي السلمي تحت اسم »ترحال« ‪ ،‬بحيث يقدم عميل‬
‫المؤسسة طلب استئجار خدمة النقل‪ ،‬وذلك بعد أن تستأجرها المؤسسة من مقدم الخدمة‪ ،‬ثم يقدم العميل وعدا‬
‫بتملك خدمة وبعدها عقد تملك خدمة الموصوفة بالذمة‪ ،‬بحيث يقوم البنك بالدفع إلى شركة السياحة والسفر‬
‫نقدًا‪ ،‬وتقسيط المبلغ على العملء ‪ ،‬ويضاف في حالة تمويل رحلة الحج ملحق لوصف الخدمة وصفاً دقيقًا‬
‫خلل مناسك الحج‪.‬‬

‫النموذج الرابع‪ :‬تمويل العمال النشائية‪ :‬يوقع العميل والبنك على عقد ايجار العقار)موصوف بالذمة( الذي‬
‫سيتم تسليمه في تاريخ لحق‪ .‬يقدم هذا المنتج إلى العملء الراغبين بشراء منازل قيد النشاء‪ ،‬ويتولى البنك‬
‫السلمي دفع كافة المبالغ المستحقة مباشرة إلى مقاول المشروع وفق الجدول الموضوع خلل فترة النشاء‪.‬‬

‫وقد يقول قائل انه ل يجوز لن الجارة الموصوفة بالذمة كما في السلم ل تجوز في العقار ‪ ،‬ويرد عليه بأن‬
‫الموصوف بالذمة هو هنا البناء الذي سوف يتم انشاؤه وهو غير معين‪ ،‬أي ل يرى بالعين لحظة توقيع العقد‪،‬‬
‫ويسمى هذا المنتج في بنك دبي السلمي بالجارة الموصوفة بالذمة المنتهي بالتمليك‪ ،‬وعند انتهاء مشروع‬
‫البناء‪ ،‬يخضع هذا المنتج لقوانين عقد الجارة‪ ،‬ويبدأ العميل بتسديد القساط للبنك بعد استلم العقار ‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫النموذج الخامس‪ :‬صكوك الستثمار‪:‬‬

‫‪ - 1‬صكوك ملكية منافع العيان الموصوفة بالذمة‪ :‬وهي وثائق متساوية القيمة يتم إصدارها بغرض اجارة‬
‫أعيان موصوفة في الذمة‪ ،‬واستيفاء الجرة من حصيلة الكتتاب فيها‪ ،‬وتصبح منفعة العين الموصوفة في‬
‫الذمة مملوكة لحملة الصكوك ‪.‬‬

‫‪ - 2‬صكوك ملكية الخدمات من طرف موصوف بالذمة‪ :‬وهي وثائق متساوية القيمة يتم إصدارها بغرض‬
‫تقديم الخدمة من مصدر موصوف في الذمة )كمنفعة التعليم من جامعة يتم تحديد مواصفاتها دون تسميتها (‬
‫واستيفاء الجرة من حصيلة الكتتاب فيها‪ ،‬وتصبح تلك الخدمات مملوكة لحملة الصكوك‪.‬‬

‫آراء الخبراء‪:‬‬

‫تضاربت آراء الباحثين والفقهاء المصرفيين في عملية التورق‪ ،‬ومدى توافقها مع الشريعة السلمية‪ ،‬وكيفية‬
‫استخدامها من قبل البنوك والمؤسسات المالية السلمية‪ ،‬خاصة في ظل احتياج المصرفية السلمية لمنتجات‬
‫منافسة للمنتجات التقليدية‪ ،‬وفيما يلي بعض هذه الراء ‪:‬‬

‫الدكتور عز الدين خوجة المين العام للمجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية السلمية ‪:‬‬

‫يرى د‪ .‬خوجة أن منتج التورق يهدف إلى تمكين العملء من الحصول على السيولة النقدية بحيث يتسلمون‬
‫مبلغا نقديا حال مقابل التزامهم بدفع مبلغ نقدي أكبر في الجل‪ ،‬وذلك من خلل عقد شراء سلعة بثمن مؤجل‬
‫وبيعها لطرف ثالث غير البائع بأقل من الثمن الول‪.‬‬
‫وبين د‪ .‬خوجة من خلل متابعته للبحاث المقدمة عن التورق أن أصل الخلف بشان الحكم على مشروعية‬
‫التورق المصرفي بشكل أساسي إلى الختلف في تطبيق أصل مهم من أصول الشريعة وهو سد الذرائع‪ ،‬وهذا‬
‫الصل متفق عليه في الجملة بين الفقهاء وان وقع الخلف في جزئياته‪ ،‬والذرائع هي الوسائل التي يتبعها‬
‫المكلف وتكون طريقا سواء لمحرم أو محلل‪ ،‬فإذا تم استخدام هذه الوسائل لمحرم فهي تكون محرمة ويجب‬
‫سدها‪ ،‬وان استعملت طريقا لمحلل فهي جائزة ومطلوب فتحها واتباعها‪.‬‬
‫ويقول د‪ .‬خوجة أن التورق الفقهي الجائز يمكن أن يكون بديل عن التورق المصرفي‪ ،‬حيث أن التورق‬
‫الفقهي يحقق السيولة النقدية للمتورق وهي حاجة جائزة كما ذهب لذلك الغلبية‪.‬‬

‫الدكتور حسين حامد حسان رئيس الهيئة الشرعية لبنك دبي السلمي وعضو العديد من المجالس والمجامع‬
‫القتصادية السلمية‪:‬‬

‫يرى الدكتور حسان أن فقهاء العصر أقروا بالجماع عدم مشروعية "التورق"‪ ،‬وأن تطبيقاته في البنوك لم‬
‫تكن دقيقة‪ ،‬وشابها بعض الشبهات التي دفعت العلماء إلى الجماع على تحريم "التورق المنظم"‪.‬‬
‫كما ذكر الدكتور حسان أن جميع العقود المشروعة إنما شرعت لتحقيق مصالح لعاقديها‪ ،‬فإذا قصد العاقدان‬
‫بها ما شرعت لجله كانت صحيحة وإال كانت باطلة‪.‬‬
‫و أكد الدكتور حسان أن البنوك تستطيع الستفادة من البدائل الكثيرة المتوافرة في فقه المعاملت‪ ،‬مثل منتج‬
‫)السلم( الذي يدخل فيه البنوك كشريك في عملية المضاربة وبنسب مخاطرة وربح‪ ،‬مشيرا إلى أن مقاصد‬
‫الشريعة متعددة وكثيرة في هذا المجال‪.‬‬

‫الستاذ الدكتور علي محيى الدين القرة داغي ‪:‬‬

‫أكد داغي أهمية العقود الفقهية المعتمدة لدى فقهائنا الوائل وكيف أنها ل تزال ثّرة وثرية بتراثها الفقهي ‪،‬‬
‫وحّية بتطبيقاتها المعاصرة ‪ ،‬ونافعة باستعمالتها الشائعة ‪ ،‬وأن من هذه العقود عقد السلم الذي كان سائدًا‬
‫قبل السلم ‪ ،‬بل اقتضته الحاجة البشرية منذ زمن بعيد ‪ ،‬وأنه لما جاء السلم قام بضبطه‪.‬‬

‫وعرف داغي عقد السلم بأنه عقد قديم ظل مطبقًا في مختلف الحضارات السابقة ‪ ،‬وهذا إن دل على شيء‬
‫ل ‪ ،‬حيث يعتبر من أفضل‬
‫فإنما يدل على صلحيته للبقاء والعطاء في ظل الحضارة الحديثة ‪ ،‬وهذا ما تحقق فع ً‬
‫العقود لتحقيق السيولة لصحاب المهن والحرف والمشروعات الزراعية والصناعية التي تتأخر ثمارها أو‬

‫‪78‬‬
‫إنتاجها عن وقت الحاجة إلى السيولة‪.‬‬

‫مما سبق نرى أن القتصاد السلمي يحتوي في جعبته الكثير والكثير وهو بحر واسع يحتاج إلى غواص‬
‫ماهر ليخرج لنا منتجات مالية تواكب التطور المتسارع الذي تشهده صناعة المال السلمي‪.‬‬

‫أصبحت البنوك السلمية أمرا واقعا في الحياة‬


‫المصرفية والدولية خاصة في ظل الزمة الراهنة‪،‬‬
‫ولكن بعد أن شقت طريقها بصعوبة في بيئات‬
‫مصرفية بعيدة كل البعد في أسسها وآليات عملها‬
‫عن روح الشريعة السلمية‪ ،‬رغم ذلك فقد‬
‫واجهت وما زالت تواجه الصيرفة السلمية حتى‬
‫الن العديد من التحديات التي تعترض مسيرة‬
‫تقدمها وتحد من توسعها‪.‬‬

‫أصبحت البنوك السلمية أمرا واقعا في الحياة المصرفية والدولية خاصة في ظل الزمة الراهنة‪،‬‬
‫ولكن بعد أن شقت طريقها بصعوبة في بيئات مصرفية بعيدة كل البعد في أسسها وآليات عملها عن‬
‫روح الشريعة السلمية‪.‬‬

‫رغم ذلك فقد واجهت وما زالت تواجه الصيرفة السلمية حتى الن العديد من التحديات التي تعترض‬
‫مسيرة تقدمها وتحد من توسعها‪.‬‬

‫وتمثل الزمة العالمية الراهنة امتحانا للصيرفة السلمية فهل ستنجح في هذا المتحان لتثبت للعالم‬
‫كله أنها النظام المثل والنجع لمواجهة أي أزمات تمر على هذا العالم؟؟؟؟‪.‬‬

‫تساؤلت عديدة تدور في خاطر كل مصرفي وكل اقتصادي عن قدرة النظام المالي السلمي في أخذ‬
‫دوره المناسب والحقيقي في هذه المنظومة العالمية وفي الكشف عن رداءة النظام المالي التقليدي و‬
‫عجزه عن مواجهة هذه الزمة‪ ،‬وهذه التساؤلت سيجيب عنها التقرير التالي الذي سيوضح التحديات‬

‫‪79‬‬
‫التي تواجه النظام المصرفي السلمي بأنواعها وكيفية مواجهتها‪.‬‬

‫ةةةةة ةةةةةةةة ةةةة ةةةةة ةةةةةةة ةةةةةةةةةة ‪:‬‬

‫•التحديات المتعلقة بالبيئة الداخلية و الخارجية الحالية‪:‬‬

‫‪.1‬اختلف المدارس الفقهية التي ينتمي إليها أصحاب الفضيلة أعضاء الهيئات الشرعية لهذه‬
‫المؤسسات المالية‪ ،‬ويعتبر هذا التحدي من أخطر التحديات التي تواجه هذه الصناعة حيث أن هذا‬
‫الختلف قد يصل لدرجة التحريم فتجد أن الهيئة الشرعية لمؤسسة مالية تمنع أداة من أدوات‬
‫الستثمار أو التمويل التي تبيحها هيئة مؤسسة مالية أخرى مما يجعل التعاون بين هذه المؤسسات‬
‫المالية مستحيل في محل الخلف وبالتالي يحول بين هذه المؤسسات والستفادة من خبرات بعضها‬
‫البعض كما هو حاصل الن من اختلف بين المدرسة الفقهية للصيرفة السلمية في ماليزيا‬
‫والمدرسة الفقهية في الشرق العربي‪.‬‬

‫‪.2‬عدم وجود معايير دولية تناسب طبيعة المؤسسات المالية السلمية كمعيار بازل‪ ،‬على الرغم من‬
‫وجود هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية السلمية والتي لدسها الصلحيات لصدار‬
‫معايير تضبط عمل هذه المؤسسات‪.‬‬

‫‪.3‬عدم التزام بعض البنوك بالشريعة السلمية‪ ،‬حيث أن غالبية رؤساء هذه المصارف ل يعرفون‬
‫شيئًا عن المعاملت السلمية لكن ذلك ل يعني التشكيك في المصارف السلمية‪.‬‬

‫‪.4‬عدم وجود التشريعات و القوانين الملئمة لطبيعتها من قبل الحكومات في الدول السلمية‪،‬‬
‫والمشكلة أن القوانين التي تحكم أنشطة المصارف السلمية وخاصة التي تنظم علقتها بالبنك‬
‫المركزي مثل معدل الحتياطيات والسيولة النقدية وقيود التمويل ‪ ...‬الخ قد وضعت على نمط القوانين‬
‫الغربية والتي ل تلئم طبيعة الستثمار السلمي ‪ ،‬وان إلزامها بهذه القوانين يعرقل من دورها‬
‫الستثماري والتنموي‪.‬‬

‫‪.5‬الفتقار إلى الكفاءات و الكوادر المؤهلة‪ ،‬حيث يتطلب العمل المصرفي تأهيل خاصا وكفاءات‬
‫إدارية مدربة تكون على إلمام بطبيعتها المصرفية على اعتبار أنها تختلف عن المصارف التقليدية‪،‬‬
‫حيث أكد الكثير من الخبراء على ضرورة إعداد كوادر للمصارف السلمية تختار على أساس ترشيح‬
‫من الناحية السلمية تحت إشراف هيئة الرقابة الشرعية وعلى ضرورة دمج خبرات كل من كلية‬
‫الدارة وكلية الشريعة لنشاء أقسام بجميع الجامعات تجمع مابين العلم الشرعي وعلم القتصاد‬
‫لعداد كوادر تفهم العمل المصرفي السلمي‪.‬‬

‫‪.6‬حاجتها لليات تستطيع التوفيق بين رسالتها في التنمية وإعمار الرض والتي تتطلب توظيف‬
‫المدخرات في مشروعات طويلة الجل وذات مخاطر مرتفعة وبين رغبات المودعين في سهولة‬
‫تسييل الودائع مع قلة المخاطر‪.‬‬

‫‪.7‬ضآلة أحجام البنوك السلمية ) رأس المال (‪ ،‬حيث تعتبر رؤوس أموال البنوك السلمية العاملة‬
‫حاليا ضئيل جدا مقارنة بالمصارف العالمية حيث أظهرت الدراسات أن قرابة ‪ % 75‬من البنوك‬
‫السلمية يبلغ رأس مال كل منها اقل من ‪ 25‬مليون دولر أمريكي فقط‪ ،‬مما يحول دون تحقيقها‬

‫‪80‬‬
‫الهداف التي أسست من اجلها ويعبق من نموها‪.‬‬

‫‪.8‬ضعف التنسيق والتحالف‪ ،‬حيث أنه من الظاهر على العمل المصرفي السلمي بين المصارف‬
‫العاملة عدم التعاون والتكاتف و التحالف فيما بينها مما يظهر أن هناك نوع من الحسد في ما بينها‪،‬‬
‫حيث يؤكد هذا من تفرد أكثر من مصرف في العمل وفي منطقة واحدة وبدون أي تحالف يخدم سير‬
‫العمل أو يدعم التكاتف في مواجهة اقتناص الفرص لتمويل المشروعات الكبرى مما يفقدها وطأة‬
‫القدرة لمنافسة المصارف التقليدية‪.‬‬

‫‪ .9‬كما أن البنوك السلمية ليس لديها القدرة على التجديد وطرح منتجات واعدة مختلفة‪ ،‬المر الذي‬
‫يعني صراحة عدم القدرة على إدارة السيولة‪ ،‬فهي‪ ،‬إلى حد ما‪ ،‬تنسخ نفسها وتقلد بعضها بعضا‪ ،‬مما‬
‫يجعلها تتوجه جميعًا نحو قطاعات محددة‪ ،‬فعلى سبيل المثال هنالك تركيز على القطاع العقاري‬
‫وتمويل الصول‪.‬‬

‫‪ ..10‬شكوك حول مدى التزام النوافذ السلمية الجديدة بمبادئ الشريعة‪:‬‬

‫هناك اختلف كبير بين العلماء في جواز التعامل مع النوافذ السلمية‪ ،‬حيث أن بعضهم ل يحبذ‬
‫التعامل مع مثل هذه النوافذ وذلك لحتمال اختلط الحرام بالحلل‪.‬‬
‫أما الفريق الثاني فيرى أن فتح مثل هذه النوافذ يمثل تجربة جديدة وفرصة جيدة للترويج للمصرفية‬
‫السلمية وسيادة القتصاد السلمي ومبادئه في النظام المالي العالمي الجديد‪ ،‬فلماذا ل نستغلها‬
‫ونحاول تطبيق الشريعة السلمية على البنوك التقليدية التي بدأت بفتح نوافذ تطبق نوعا ما مبادئ‬
‫الشريعة؟؟؟!‬

‫‪.11‬غياب الرؤية واستعجال النتائج وهذا ناتج عن قلة دعم البحوث والدراسات المتعلقة بالصيرفة‬
‫السلمية‪ ،‬وهذه الرؤية ل تزال في كثير من الحالت ضبابية لسباب مفهومة‪ ،‬أهمها صعوبة‬
‫الموضوع ووعورة مسالكه‪.‬‬

‫‪.12‬الحملت العلمية ضد المصارف السلمية‪ ،‬حيث أن النظام القتصادي الغربي القائم علي الربا‬
‫يتأمل تجربة البنوك السلمية بوعي بالغ وحذر شديد وكل أعداء التضامن السلمي ل يريدون أن‬
‫يتحد المسلمون اقتصاديا وإنما يحبون أن يظلوا علي انقسامهم القتصادي مثلما هم منقسمون‬
‫سياسيا ومذهبيا وليس هناك شك في أن تجربة البنوك السلمية لم تزل في سباتها ولم يزل أمامها‬
‫طريق طويل وهي ل تعمل في فراغ وإنما في بأية تسيطر عليها البنوك الربوية ‪.‬‬

‫وهذا الهجوم علي البنوك السلمية ل يسفر عن وجهه صراحة وإنما يختبئ خلف أقنعة تبدي الخوف‬
‫من التجربة وهي تسعي لقتلعها ‪ .‬وكانت معظم الحملت التي تشنها الصحف والذاعات تحمل‬
‫أجندة خفية تركزت علي عدة محاور ‪:‬‬

‫*وصف البنوك السلمية بأنها تتعامل بالربا وإطلق أسم بنوك ) إسلربوية( عليها ‪.‬‬
‫*اتهام البنوك السلمية بأنها تستثمر أموالها بالفائدة في دول الغرب ‪.‬‬
‫*اتهام البنوك السلمية بأنها هيمنت علي أموال المودعين واستغلت عواطفهم وأخذت تتصرف‬
‫بأموالهم وفقا لهوائها‪ .‬لكن البنوك السلمية استطاعت أن تثبت وجودها رغم هذه الحملت‬
‫التشويهية بفضل العلماء الجلء والصحوة السلمية المباركة التي قادت هذه البنوك وعملت علي‬

‫‪81‬‬
‫حمايتها بل أن التشهير بها كان سببا رئيسا في رواجها واتساع نطاقها ‪.‬‬

‫‪.13‬عدم اكتمال الطار المؤسسي الملئم للبنوك السلمية حيث تغيب عنها بدرجة واضحة‬
‫المؤسسات التي تكفل التفاعل بين مختف مكوناتها كمؤسسات مرجعية أي عدم استكمال البنية‬
‫التحتية للعمال المصرفية المحلي والدولي‪.‬‬

‫‪.14‬عدم تمكن البنوك السلمية من نقل مدخرات من بلدان غربية إلى بلدان مسلمة فالبنوك‬
‫السلمية ليس بوسعها القيام بهذا الدور نظرا لصغر حجمها وبسبب حاجة البلدان السلمية لتحسين‬
‫أجوائها الستثمارية وتطوير أسواقها المالية وصلح اقتصاديتها‪.‬‬

‫‪.15‬افتقار البنوك والمؤسسات المالية السلمية للحس البداعي في تطوير منتجاتها المالية‪،‬‬
‫وتقليدها للمنتجات المالية الموجودة في السواق العالمية‪ ،‬مما يؤثر على شرعيتها ومدى توافقها مع‬
‫روح ديننا الحنيف‪.‬‬

‫‪ .16‬أبرز ما تواجهه المصرفية السلمية‪ ،‬هو أن معظم العمليات المصرفية في البنوك السلمية‬
‫موجه نحو التمويل وليس الستثمار‪ ،‬إلى جانب أن معظم البنوك السلمية تتجه نحو التمويل كونه‬
‫قليل المخاطر مقارنة بالستثمار‪.‬‬

‫‪.17‬كفاءة الندوات والمؤتمرات ‪:‬‬

‫حيث أن المؤتمرات ليست حبرا على ورق إذا استفيد منها بالطريقة الصحيحة ونظمت بالطريقة‬
‫الصحيحة وهنالك أصل الوراق والفكار التي تطرح والتي ل بد لكل مصرفي أن يستفيد منها ليطور‬
‫عمله وعمل المصرف الذي يعمل فيه ‪ ،‬ففي هذه الندوات إذن جدوى ل يمكن إنكارها ‪.‬‬

‫أما بعض المؤتمرات والندوات فقد يكون فيها تكرار لبعض الفكار وتكرار لبعض الوراق ومن دون‬
‫مداخلت‪ ،‬فالمداخلت تعتبر مهمة وتعطي فرصة للمشاركين لكيفية تطبيق مثل هذه المور‪ ،‬لكن‬
‫بشكل عام فالندوات ضرورية وأساسية حتى يعي الكثيرون من العاملين في القطاع المصرفي‬
‫السلمي والمؤسسات المالية السلمية والشركات أن هنالك ضرورة لن تكون المنتجات مطابقة‬
‫لمقاصد الشريعة السلمية والفتاوى الشرعية الفعلية‪.‬‬

‫كما أن هذه الندوات المختصة في القتصاد السلمي هي عبارة عن ملتقى عملي وليس نظريا‬
‫وغالبية هذه المؤتمرات والندوات في العادة تكون لها محاور مهمة لكن القضية تكمن في متابعة‬
‫توصيات تلك الندوات وآلية تنفيذ تلك التوصيات فهي التي تجعل المؤتمر ناجحا أو غير ناجح‪ ،‬حيث‬
‫أن الكثير من الفتاوى التي يتم تطبيقها من قبل المصارف السلمية تكون مرجعيتها من هذه‬
‫الندوات‪.‬‬

‫•التحديات المستقبلية ومتغيرات القتصاد العالمي ‪:‬‬

‫‪ .1‬تحدي العولمة ‪:‬‬

‫إن التحدي الكبر في العمل المصرفي السلمي هو تحدي العولمة حيث تزداد درجة المنافسة‬
‫الجنبية في داخل عدد من السواق المصرفية العربية في ظل تنامي حركة العولمة والتحرير المالي‬

‫‪82‬‬
‫على نطاق العالم ويقصد بالعولمة زيادة العتماد القتصادي المتبادل للبلدان على نطاق عالمي من‬
‫خلل تزايد حجم وتنوع المعاملت التي تتم عبر الحدود في البضائع والخدمات والتدفق الدولي‬
‫لرؤوس الموال وكذلك من خلل النتشار السرع للتكنولوجيا ويبدو أن دخول قطار العولمة يحمل‬
‫معه الكثير من التحديات المستقبلية وفيما يلي أهم هذه التحديات ‪:‬‬

‫* زيادة حدة المنافسة مع دخول البنوك التقليدية العربية والجنبية في سوق الستثمار السلمي‪،‬‬
‫وحتى يمكن البنوك السلمية من الستفادة من عملية العولمة أو حتى المشاركة فيها فلبد لها من‬
‫تطوير قدراتها التنافسية من حيث التميز الواضح وأخذ زمام المبادرة والبتكار والديناميكية والقدرة‬
‫على الستجابة بمرونة وكفاءة وسرعه لحتياجات السواق دونما الخروج على الشرعية وإعادة‬
‫تقديم نفسها للسوق السلمي وللعالم ككل ‪.‬‬

‫* عدم الوعي بالخطر الذي يهدد البنوك السلمية وفقدان تقدير أهمية الندماج لتكوين الحجم المثل‬
‫للبنك السلمي كخيار استراتيجي ‪.‬‬

‫* مدى قدرة البنوك السلمية على مواكبة الصناعة المصرفية العالمية من ناحية تطوير أنظمتها‬
‫وخدماتها ومنتجاتها‪.‬‬

‫‪ .2‬التحدي التكنولوجي ‪:‬‬

‫إذا أرادت البنوك السلمية مجاراة التطورات المصرفية العالمية والمحافظة على دورها في أسواقها‬
‫المحلية فإن عليها كذلك تطبيق التكنولوجيا المصرفية إلى أقصى الحدود فمع التطورات الحديثة‬
‫للتكنولوجيا أصبح بإمكان البنوك الن نقل خبرتها في أسواقها المحلية للتوسع في مناطق جديدة هذا‬
‫وقد أصبح بإمكان البنوك التي تتصف بالتقدم التكنولوجي المتطور الدخول إلى أسواق جديدة بأقل‬
‫عدد ممكن من الفروع التي تدعمها أجهزة الصراف اللي وتقنيات نقاط البيع والخدمة المصرفية‬
‫الهاتفية التي أصبحت تردد كثيرا عبارة ) بيل جينس ( )الصيرفة ضرورية ولكن البنوك ليست‬
‫ضرورية ( ‪ .‬وهناك عدة طرق لتأمين خدمات مصرفية الكترونية وهي على سبيل المثال ل الحصر ‪:‬‬

‫أ‪.‬بواسطة الهاتف عبر الولوج إلى خدمات مركز التخابر أو ما يسمي ‪call center services‬‬
‫أو خدمة الهاتف المصرفي أو ‪. phone banking‬‬

‫ب‪.‬بواسطة شبكة النترنت وهو ما يسمي ‪.internt banking‬‬

‫ج‪.‬بواسطة برتكول ‪ wab‬الخاص بالهاتف الخلوي وهو ما يسمي ‪.mobile banking‬‬

‫د‪.‬بواسطة أجهزة الخدمات الذاتية ) ‪ (sdf services products‬والصراف اللي )‪(ATM‬‬


‫الذي يؤمن خدمة متواصلة على مدار ‪ 24‬ساعة وفي أمكنة متعددة محليا وعالميا ) ‪Seif‬‬
‫‪.( services baking‬‬

‫‪ .3‬تحدي التكتل والندماج ‪:‬‬

‫تعاني بعض البنوك السلمية من ضعف هياكلها الدارية والمالية‪ ،‬حيث أنها تفتقر إلى أدنى‬
‫المقومات التي تمكنها من المنافسة في مشروعات استثمارية ضخمة‪ ،‬بعكس البنوك التقليدية الغربية‬

‫‪83‬‬
‫التي بدأت بحركة اندماج واسعة فيما بينها في كل من المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا‪.‬‬

‫آراء خبراء حول التحديات‬

‫توقع العديد من الخبراء وجود عدد من التحديات التي تواجه المصرفية السلمية‪ ،‬وذلك مع تنامي‬
‫حجم هذه الصناعة عالميا‪ ،‬وشهادة الكثير من الخبراء الغربيين حول تميز هذه الصناعة وأدائها‬
‫اليجابي في ظل الزمة الراهنة التي ألقت بظللها السوداء على سماء البنوك التقليدية‪ .‬وفيما يلي‬
‫بعض آراء هؤلء الخبراء ‪:‬‬

‫‪.1‬الدكتور عز الدين خوجة المين العام للمجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية السلمية ‪:‬‬

‫حيث توقع خوجة أن تواجه صناعة المصرفية السلمية عالميا العديد من التحديات التي تحدد‬
‫مستقبلها مع تنامي حجم البنوك السلمية وشركات التمويل والستثمار السلمية في العالم إلى نحو‬
‫‪ 450‬مليار دولر‪.‬‬

‫وأوضح خوجة أن أولى هذه التحديات تتعلق برضا العملء‪ ،‬حيث أن الصورة الذهنية حول البنوك‬
‫السلمية غير صافية‪ ،‬ونقية وتشوبها بعض الشبهات‪ ،‬مع نمو حجم الودائع لدى الصناعة المالية‬
‫السلمية في الخليج العربي إلى ‪ 58‬مليار دولر في عام ‪ ،2005‬إلى جانب عدم القتناع بوجود‬
‫فوارق جوهرية بين المنتجات السلمية وغيرها‪ ،‬والشعور بعدم اللتزام الديني الكامل من قبل‬
‫العاملين في المؤسسات المالية السلمية‪ ،‬ووجود انتقادات لعديد من الممارسات مع عدم اللتزام‬
‫بطبيعة العمل المصرفي وقصور المؤسسات المالية السلمية في تثقيفهم وتبيان أساليب عملهم‪.‬‬

‫كما أضاف خوجة أنه يمكن إزالة هذا التحدي من خلل تنوير العملء بطبيعة العمل المصرفي‬
‫السلمي‪ ،‬وبيان تميزه في آلياته ووسائله ومنتجاته‪ ،‬وتوضيح مبررات التوافق أو الختلف مع‬
‫العمل المصرفي التقليدي‪ ،‬والستماع إلى آراء العملء بهذا الخصوص‪.‬‬

‫وشمل التحدي الثاني الذي تواجهه الصيرفة السلمية‪ ،‬وفق الدكتور خوجه‪ ،‬تدريب الكوادر البشرية‬
‫مع تنامي عددهم إلى نحو ‪ 250‬ألف موظف نصفهم في منطقة الشرق الوسط‪ ،‬ومنهم ‪ 85‬في المائة‬
‫خلفيتهم المالية من المصرفية التقليدية‪ ،‬مشددا على ضرورة توافر خبرات مزدوجة لهذه الكوادر‪،‬‬
‫وأن تتوفر لها المعرفة الفنية المصرفية والحد الدنى من المعرفة الشرعية‪.‬‬
‫وبين خوجة أنه بالرغم من وجود عدد من المعاهد ومراكز التدريب في المؤسسات المالية السلمية‬
‫والبنوك المركزية‪ ،‬إل أن تحدي تدريب الكوادر البشرية ل يزال قائما‪.‬‬

‫وأشار خوجة إلى أنه على مستوى الجامعات والمراكز الكاديمية‪ ،‬هناك فصل تام بين الواقع العملي‬
‫والعلمي‪ ،‬مع عدم تناغم المنهج النظري والحتياجات العملية‪ ،‬إلى جانب مستوى المعاهد ومراكز‬
‫التدريب والتي غالبا تتشابه وتتكرر عناوين الدورات ومواضيعها فيها‪ ،‬مع تكرار نفس أسماء‬
‫المحاضرين في مختلف الدورات التدريبية‪.‬‬

‫وفيما يتعلق بجانب تحدي مستوى الخدمات والمنتجات‪ ،‬أكد خوجه أن من أبرز ما تواجهه المصرفية‬
‫السلمية‪ ،‬هو أن معظم العمليات المصرفية في البنوك السلمية موجه نحو التمويل وليس‬

‫‪84‬‬
‫الستثمار‪ ،‬إلى جانب أن معظم البنوك السلمية تتجه نحو التمويل كونه قليل المخاطر مقارنة‬
‫بالستثمار‪.‬‬

‫وأضاف خوجة‪ ،‬أن الختلف بين البنوك في استخدام المنتج الواحد كالعقود والنماذج وغيرها‪،‬‬
‫وغياب الشفافية والنمطية والتوثيق الكامل للمنتجات المر الذي يؤدي بالمتعاملين مع المصارف‬
‫السلمية إلى عدم فهم الصناعة وتقديرها‪ ،‬وعدم توافر بيئة مناسبة لستحداث منتجات جديدة‪،‬‬
‫والتسرع في طرح المنتجات من دون وجود مرجعية للصناعة تضبط عملية التطوير وحمايتها‪.‬‬

‫كما أكد خوجه أن واقع البنوك السلمية‪ ،‬هو محاكاة للبنوك التقليدية في تحديد تكلفة عمليات‬
‫التمويل‪ ،‬وأن هذا السلوب يؤدي إلى تنامي عدم مصداقية العملء‪ ،‬ويفقد البنوك السلمية أي تميز‬
‫واستقللية‪ ،‬مشددا على أهمية إيجاد مؤشر ربحية بديل عن سعر الفائدة لقياس عائد عمليات‬
‫التمويل‪ ،‬وتكوين إدارات متخصصة لمتابعة تطوير وتنفيذ عمليات المساهمات والمشاركات بمهنية‬
‫عالية وبأقل التكاليف‪.‬‬
‫وشخص خوجة التحدي الخير الذي يواجه صناعة المصرفية السلمية على مستوى المنظومة‬
‫الشرعية‪ ،‬والتي لها إيجابيات كبيرة كإصدار المعايير الشرعية‪ ،‬وتنامي الثقافة الفقهية المصرفية‬
‫داخل المؤسسات المالية السلمية‪ ،‬وغيرها‪ ،‬إل أن سلبيات كثيرة تواجهها‪.‬‬

‫ومن ضمن هذه السلبيات ـ وفقا لخوجة ـ عدم تفرغ أعضاء الهيئات الشرعية‪ ،‬بما يمكنهم من‬
‫المبادرة بالمتابعة والرقابة المستمرة على المؤسسات‪ ،‬وعدم وجود آليات ومنهج للرقابة الشرعية‬
‫يساعد الجيل الجديد من المدققين الشرعيين في المؤسسات‪ ،‬وعدم التنسيق بين فتاوى الهيئات‬
‫الشرعية وتباين واختلف بينها في قضايا ومسائل حساسة‪ ،‬وعدم وجود آلية مؤسساتية لخراج‬
‫الكوادر المؤهلة من العلماء‪.‬‬
‫وأضاف خوجة أن تقديم الحلول أهم من تشخيص التحديات‪ ،‬وبخاصة في المؤسسات المصرفية‬
‫العاملة في بلد غير إسلمية‪ ،‬وأن من ضمن هذه الخطة العشرية تأسيس المركز السلمية الدولي‬
‫للمصالحة والتحكيم‪ ،‬والذي يعمل من منظور إسلمي خالص‪.‬‬

‫وأبان خوجة أن المركز يهدف إلى حل النزاعات التي قد تحصل بين البنوك السلمية بأسرع وقت‬
‫بعيدا عن القضاء الذي قد تتأخر لديه القضايا طويل‪ ،‬خاصة أن البنوك السلمية بدأت تنتشر أفقيا‬
‫والتوسع دوليا وتأسيسها بنوكا أخرى خارج دولة مقرها‪ .‬وعلق المين العام للمجلس العام للبنوك‬
‫والمؤسسات السلمية على الندوة‪ ،‬مبينا أن تميزت بالحضور الكاديمي والعلمي من أساتذة جامعات‬
‫السعودية‪ ،‬وأن هذا ما يمح إليه رواد المصرفية السلمية من تقريب لوجهات النظر وبيان أوجه‬
‫الخلف‪ ،‬ودعم الجيل الجديد من العلماء التخصصين في الفقه والشريعة‪.‬‬

‫‪.2‬البروفيسور رفعت عبد الكريم‪ ،‬المين العام لمجلس الخدمات المالية السلمية ‪:‬‬

‫حيث أكد البروفيسور أنه بعد أن أثبتت المصرفية السلمية جدواها وأداءها المالي المتميز بشهادة‬
‫الكثيرين من خبراء المال والقتصاد في العالم الغربي والشرقي‪ ،‬فقد بدأت كثير من التحديات التي‬
‫كانت تواجهها في بداية مسيرتها في طريقها للزوال‪ ،‬غير انه بل شك هناك تحديات متبقية وقد تكون‬
‫برزت نتيجة لفرازات وانعكاسات الزمة المالية العالمية التي أصبحت فيما بعد أحد أهم أسباب‬
‫تقديمها للعالم كأحد الحلول الناجعة لمشكلت النظام المالي العالمي‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫ويعتقد عبد الكريم أن أهم هذه التحديات يكمن في كيفية تمكين الصناعة المصرفية السلمية في أن‬
‫يكون لها أثر وحضور قوي في إعادة بناء النظام المالي الدولي الذي يتهاوى الن‪ ،‬إذ أن الزمة‬
‫المالية العالمية أثبتت فشل النظام المالي العالمي‪ ،‬وهناك مشاورات لعادة بناء هذا النظام‪ ،‬وهذه‬
‫فرصة حقيقية للمصرفية السلمية للمساهمة في عمليات معالجات أبعاد تلك المشكلة‪ ،‬التي أصبحت‬
‫الن مطلبا مصرفيا عالميا لعادة هيكلة النظام المالي العالمي المتهالك‪ ،‬خاصة أن لدى المصرفية‬
‫السلمية الكثير من المقّومات التي يمكنها أن تقدم نموذجا ماليا عالميا محصنا بموانع النهيار‪.‬‬

‫لذلك يرى عبد الكريم أنه ل بد من البحث بجدية في كيفية تطوير النظام المصرفي السلمي حتى من‬
‫داخله‪ ،‬ليواكب التغيير المتسارع في النشاط القتصادي والنشاط المالي وفي احتياجات الناس‪ ،‬مع‬
‫المحافظ على أسسه الشرعية‪ ،‬علما أن هذه التحديات التي تقف في وجه المصرفية السلمية قد شّكل‬
‫لها المجلس لجان عمل خاصة لبلورة الرؤية ومن ثم معالجة ومواجهة التحديات بمهارة واقتدار‬
‫كبيرين ‪.‬‬

‫‪.3‬رئيس مجموعة البنك السلمي للتنمية الدكتور أحمد محمد علي ‪:‬‬

‫حيث اعتبر الدكتور أن غياب أو ضعف البنية الساسية القانونية أهم التحديات التي تواجه الصناعة‬
‫المالية السلمية‪ ،‬مشيرا إلى أن كثيرا من الدول التي تقدم الخدمات المالية السلمية تعمل وفق‬
‫أنظمة وقواعد شرعت للصناعة المالية التقليدية‪.‬‬

‫وقال علي إن من التحديات التي تواجه الصناعة المالية السلمية عدم التوافق على نظام لتسوية‬
‫الخلفات والنزاعات التي تنشأ في الصناعة المالية السلمية علوة على قلة المتخصصين فيها‪،‬‬
‫منوها إلى أن الزمة المالية العالمية التي عصفت ببنوك العالم ومؤسساته المالية كان تأثيرها‬
‫محدودا في المؤسسات المالية السلمية بسبب طبيعة الصناعة المالية السلمية القائمة على‬
‫المشاركة في الربح والخسارة والعمليات التي تسندها أصول حقيقية‪.‬‬

‫وبّين علي أن الصناعة المالية السلمية بدأت في سبعينات القرن الماضي بداية متواضعة بإنشاء‬
‫اللبنات الولى من المصرفية السلمية‪ ،‬وكان أكبر حدث حينذاك إنشاء البنك السلمي للتنمية عام‬
‫‪ 1975‬كمؤسسة دولية تعمل وفقًا للشريعة السلمية وإنشاء بنك دبي السلمي‪.‬‬

‫وأضاف علي إن إجمالي تمويلت البنك بلغت حتى نهاية العام الماضي ‪ 56.89‬مليار دولر لمختلف‬
‫الدول العضاء‪ ،‬موضحًا أنه كان سباقًا في إصدار الصكوك المتوافقة مع الشريعة السلمية على‬
‫النطاق العالمي‪ ،‬ساعده في ذلك التصنيف المرموق الذي ناله من أكبر ثلث وكالت تصنيف في‬
‫العالم‪.‬‬

‫الحلول المقترحة لمواجهة هذه التحديات ‪:‬‬

‫‪ .1‬تضافر الجهود لوضع قوانين خاصة لممارسة العمل المصرفي السلمي‪.‬‬

‫‪ .2‬تنظيم الصناعة المصرفية والشراف عليها‪ ،‬وضمان سلمة نظام التمويل وتحسين سياسة الرقابة‬
‫المصرفية‪.‬‬

‫‪ .3‬تحقيق الندماج فيما بين البنوك السلمية لتحقيق هدف الحجم المثل الذي يستطيع التنافس مع‬

‫‪86‬‬
‫البنوك التقليدية في عصر العولمة‪.‬‬

‫‪ .4‬تحديث النظمة وتقديم الخدمات المالية المتطورة لمواجهة المنافسة الدولية‪ ،‬وتوسيع قاعدة‬
‫المساهمين‪ ،‬والفصل بين الدارة والملكية‪ ،‬وإعادة هيكلة الشركات التابعة‪ ،‬والتقيد بمعايير هيئة‬
‫المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية السلمية‪ ،‬وتطبيق معايير مجلس الخدمات المالية السلمية‬
‫الذي يضم في عضويته الجهات الرقابية المحلية والدولية‪.‬‬

‫‪ .5‬تنظيم الدورات المتخصصة وورش العمل بالتعاون مع الهيئات الدولية مثل المجلس العام للبنوك‬
‫والمؤسسات المالية السلمية ومعهد التدريب بالبنك السلمي للتنمية ‪.‬‬

‫‪ .6‬اللتزام التام بمبادئ الشريعة السلمية واستثمار المزيد من للجهود والموال في تحسين خدمات‬
‫العمل المصرفي‪ ،‬والتوسع في الخدمات المقدمة لتغطية الطلب الكبير والهتمام المستمر بالجودة‬
‫والكفاءة في الداء المالي والداري‪.‬‬

‫‪ .7‬تنوير العملء بطبيعة العمل المصرفي السلمي‪ ،‬وبيان تميزه في آلياته ووسائله ومنتجاته‪،‬‬
‫وتوضيح مبررات التوافق أو الختلف مع العمل المصرفي التقليدي‪ ،‬والستماع إلى آراء العملء‬
‫بهذا الخصوص‪.‬‬

‫‪.8‬تطوير المنتجات السلمية التي تجد رواجا وإلغاء الضعيف منها مع توفير البديل الفضل المتوافق‬
‫مع الشريعة السلمية‪.‬‬

‫‪.9‬يجب دعم البحوث والدراسات التي تؤصل الرؤية وترسم المعالم الساسية للنظام السلمي‬
‫المنشود‪ ،‬وتسهم من ثم في بلورة خطة منهجية لتحقيقه‪.‬‬

‫وفي الختام فإن المصارف السلمية قادرة على إكمال الطريق التي بدأته‪ ،‬وعلى مواجهة أي أزمة‬
‫تقف عائقا في طريقها‪ ،‬وذلك لسبب واحد أل وهو أن النظام المالي السلمي منبثق وملهم من شرائع‬
‫إلهية ل نقص فيها ول بطلن‪.‬‬

‫وقد جاء الوقت المناسب لعلء صوت النظام المصرفي السلمي الذي تبين أنه يتميز بالتوازن‬
‫والستمرارية برغم الظروف والجواء المحيطة به‪.‬‬

‫ومن الضروري على البنوك والمؤسسات المالية السلمية أخذ الحيطة والحذر في التعامل مع الغير‬
‫خصوصا بعد اندلع هذه الزمة التي وأدت الكثير من البنوك التقليدية التي أظهرت عجزها وانتهاء‬
‫صلحيتها‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫"إن المسلمين يستطيعون التحايل على ربهم بما‬
‫ل نستطيع أن نتحايل به على قضاتنا!"‪ ،‬جملة‬
‫قالها أحد محاميين الغرب تصدعت لها قلوبنا‬
‫ولكنها للسف أصابت كبد الحقيقة‪ ،‬قالها تعليقا‬
‫على ما تقوم به بعض المصارف السلمية من‬
‫التحايل على الربا ‪.........‬‬

‫"إن المسلمين يستطيعون التحايل على ربهم بما ل نستطيع أن نتحايل به على قضاتنا!"‪ ،‬جملة قالها‬
‫أحد محاميين الغرب تصدعت لها قلوبنا ولكنها للسف أصابت كبد الحقيقة‪ ،‬قالها تعليقا على ما تقوم‬
‫به بعض المصارف السلمية من التحايل على الربا‪ ،‬وذلك بعد انتشار ظاهرة أسلمة التعاملت البنكية‬
‫لتكون بديل عن منتجات ربوية‪ ،‬ومن تلك المنتجات التي ثارت حولها قضايا واعتمدتها معظم البنوك‬
‫السلمية والتقليدية ‪ -‬التي تقدم منتجات مالية إسلمية‪ -‬في معاملتها ‪ ،‬ما يسمى بمقلوب التورق‬
‫أو التورق العكسي الذي جاء بديل للوديعة لجل في البنوك التقليدية‬

‫فما هو التورق بداية وما هي الوديعة لجل وما المقصود بمقلوب التورق ؟‬
‫التورق لغة ‪ :‬طلب الورق أي الدراهم‬
‫اصطلحا‪ :‬شراء سلعه لبيعها إلى آخر غير بائعها الول‪ ،‬للحصول على النقد‬
‫فالتورق أو ما يسمى التورق الفردي‪ :‬هو الحصول على النقد من خلل شراء سلعة بأجل ثم بيعها‬
‫نقدا لطرف آخر غير البائع‪ ) .‬وهذا من المنتجات التي وافق عليها المجمع الفقهي (‪.‬‬

‫والوديعة لجل هي أن يودع العميل مبلغا من المال لدى البنك ويلتزم البنك له في المقابل بإعادة‬
‫المبلغ بأكثر منه بنسبة متفق عليها بعد مضي فترة محددة )الجل( وهذه من صور الربا التي حرمها‬
‫السلم‪.‬‬

‫أما المقصود بـ "التورق العكسي" أو "مقلوب التورق )والذي يسمى أيضًا بـ المرابحة العكسية ‪،‬‬
‫والستثمار المباشر ‪ ،‬والستثمار بالمرابحة( ‪ :‬أن العميل )الموِدع( يوكل البنك في شراء سلعة‬

‫‪88‬‬
‫معينة ‪ ،‬ويسلم العميل البنك الثمن نقدًا ‪ ،‬ثم يقوم البنك بشراء هذه السلعة من العميل بثمن مؤجل ‪،‬‬
‫وبربح يتم التفاق عليه مع العميل ‪.‬‬

‫وهذه المعاملة محرمة أيضا‪ ،‬وهي ل تختلف عن التورق المنظم الذي تجريه البنوك ‪ ،‬إل في تبدل‬
‫الدوار بين العميل والبنك ‪ ،‬فالصل أن العميل هو المشتري ‪ ،‬والبنك هو البائع ‪ ،‬والمر هنا‬
‫بالعكس ‪ ،‬لذلك هم يسمونها "التورق العكسي"‬

‫كيف بدأ التعامل بالتورق العكسي؟!‬


‫يقوم المصرف السلمي نظريا على جذب الموال ثم توظيفها وهو يستند في ذلك على المنتجات‬
‫المالية السلمية‪ ،‬فكان المعاملت المصرفية‪ ،‬تله بعد ذلك سيطرة التورق المنظم على المعاملت‬
‫المصرفية سواءا في استقطاب الموال أو في توظيفها )استثمارها( والذي أساءت البنوك تطبيقه كما‬
‫يجب فابتعد عن الشرعية فجاء قرار الفقهاء بعدم مشروعية التورق المنظم مدعوما من هيئة‬
‫المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية السلمية‪.‬‬

‫والتورق المنظم هو أن يتولى البائع ترتيب الحصول على النقد للمتورق‪ ،‬بأن يبيعه سلعة بأجل ثم‬
‫يبيعها نيابة عنه نقدًا ويقبض الثمن من المشتري ويسلمه للمتورق‪ .‬وهناك مفهوم آخر هو التورق‬
‫المصرفي‪ ،‬حيث كثيرًا ما يستخدم هذا المصطلح رديفًا للتورق المنظم‪ .‬لكن يمكن التمييز بينهما بأن‬
‫التورق المصرفي هو تورق منظم يسبقه مرابحة للمر بالشراء‪ ،‬حيث المر بالشراء هو المتورق‪.‬‬
‫والسبب أن المصارف في الغالب ل تملك سلعًا ابتداء‪ ،‬فإذا رغب العميل في الحصول على النقد من‬
‫خلل التورق المنظم عبر المصرف‪ ،‬تطلب المر شراء المصرف السلعة لمر المتورق‪ ،‬ثم بيعها عليه‬
‫بأجل‪ ،‬ثم بيعها نقدًا وتسليم النقد للعميل‪ .‬وبهذا تحول المصرف من كونه عنصرا في العملية الحقيقية‬
‫إلى مجرد مصدر للنقد‪ ،‬فوجود السلع صوري ول يقوم المصرف بامتلك أي من السلع التي يوقوم‬
‫العملء بشراءها بواسطة التورق ولذلك كان القرار بمنع التورق المنظم‪.‬‬

‫ولكن المر لم يتوقف عند هذا الحد‪ ،‬فقد جاء منتج جديد ليسيطر على التعاملت المصرفية وليحول‬
‫جانب الستقطاب في المصارف إلى طريق الخطأ والخلل‪ ،‬وهذا المنتج ما هو إل مقلوب التورق‬
‫"التورق العكسي"‪ ،‬فأصبح هذا المنتج هو مصدر النقد للمصرف‪ ،‬وأصبح التمويل النقدي )نقدا بنقد(‬
‫هو أساس نشاط الكثير من المصارف السلمية‪ ،‬وبذلك كان الخلل في دور المصرف السلمي‬
‫الحقيقي والذي يقوم على أساس الستثمار والنشاط الحقيقي في جانبي الصول والخصوم‪ ،‬وقد‬
‫أصدر مجمع الفقه السلمي قرارًا بعدم جواز التورق المصرفي في العام ‪ 2003‬بعد انتشار المما‬
‫رسات المخالفة لقرار مجمع الفقه السلمي الخاص بجواز التعامل بالتورق في العمل المصرفي ‪.‬‬

‫اشكالت استخدام منتج مقلوب التورق‬


‫‪ -‬إن المصرف عندما يقبض الثمن نقدا فهو يقبضه قبض ضمان وليس قبض أمانة‪ ،‬إذ يتصرف فيه‬
‫بمجرد قبضه لمصلحته‪ ،‬وبهذا يمتنع أن يكون المصرف وكيل عن العميل‪ ،‬بل يكون بمثابة المقترض‬
‫لنه ضامن للمال‪ .‬ثم في نهاية المر يثبت في ذمة المصرف دين نقدي للعميل أكثر مما قبضه منه‪،‬‬
‫وهذا هو الربا‪.‬‬

‫‪ -‬إن المصرف مراده أن تكون السلعة ملكه‪ ،‬لنه هو الذي سيشتريها‪ ،‬وهو يعد العميل بذلك من أول‬

‫‪89‬‬
‫المر‪ .‬فشراؤه نيابة عن العميل مشروط بأنه سيشتري نفس السلعة من العميل‪ ،‬وهذا يناقض كونه‬
‫وكيل عنه‪ ،‬إذ أن الوكالة تعني التصرف لمصلحة الموكل )العميل(‪ ،‬والمصرف بهذه المعاملة يتصرف‬
‫لمصلحته هو وبالتالي فل يمكن للمصرف أن يشتري سلعة للعميل وهو ل يستطيع شراءها لنفسه‪ ،‬بل‬
‫إن المصرف هو الذي يحدد السلعة والسمسار أو الوسيط وكل ما يتعلق بشراء السلعة فيكون بذلك‬
‫المصرف هو المشتري الحقيقي وليس العميل‪.‬‬

‫وبهذا فل يمكن للمصرف أن يشتري السلعة من العميل إذ ان السلعة ملك للمصرف أصل وأصبح‬
‫قبض المصرف للنقد قبض ضمان وليس قبض أمانة‪ ،‬وتصبح المعاملة عبارة عن تبادل نقد حاضر‬
‫ودين مؤجل في ذمة المصرف‪ ،‬وهذا هو المنتج وغرضه بالساس‪.‬‬

‫‪ -‬إن المصرف يعلن عن المنتج ويسوقه على أساس أنه استثمار مضمون الثمن الجل ‪ ،‬فهو يلتزم‬
‫بشراء السلعة من العميل بعد شرائها نيابة عنه )على افتراض صحة التوكيل(‪ ،‬وهذا اللتزام غير‬
‫صحيح لنه يقع قبل تملك المصرف للسلعة وبالتالي فهو ممنوع ‪ ،‬ويتعذر منع اللتزام في منتج‬
‫التورق العكسي لن هذا هو الهدف من المنتج أساسا‪ ،‬حيث يسوق المنتج على أنه بديل للوديعة‬
‫لجل‪ ،‬وبحال امتنع المصرف عن اللتزام بأمر الشراء فإن المنتج يفقد خاصية مهمة وبالتالي ل‬
‫وجود للمنتج‪.‬‬

‫‪ -‬نص عدد من الفتاوى المعاصرة على أن الصل منع توكيل العميل المر بالشراء في المرابحة‬
‫المصرفية‪ ،‬فقد قررت الهيئة الشرعية الموحدة لمجموعة البركة أن الصل عدم جواز توكيل البنك‬
‫الواعد بالشراء والتسلم لن ذلك يفقد المرابحة معناها" )الفتوى ‪ .(3/10‬وأكد ذلك توصيات ندوة‬
‫البركة للقتصاد السلمي )‪ (9/7‬التي قررت "الخذ بالرأي القائل بعدم جواز هذا التوكيل" كما أكدت‬
‫"على أن يكون دفع دفع الثمن مباشرة دون توسط المر بالشراء"‪ ،‬ونص المعيار رقم ‪ 8‬لهيئة‬
‫المعايير بالبحرين على أن " الصل أن تشتري المؤسسة السلعة بنفسها مباشرة من البائع ويجوز‬
‫لها تنفيذ ذلك عن طريق وكيل غير المر بالشراء ول تلجأ لتوكيل العميل )المر بالشراء( إل عند‬
‫الحاجة الملحة"‪ .‬كما نص المعيار على أنه في حالة توكيل العميل‪ ،‬يجب أن تباشر المؤسسة دفع‬
‫الثمن للبائع بنفسها وعدم ايداع ثمن السلعة في حساب العميل الوكيل‪ .‬وكان مجمع الفقه السلمي قد‬
‫نص في الدورة الثالثة قرار )‪ (1‬على أن "الفضل أن يكون الوكيل بالشراء غير العميل المذكور إذا‬
‫تيسر ذلك"‪.‬‬

‫كل ما سبق يقتضي منع التورق العكسي "مقلوب التورق" لن جميع القرارات تقتضي منع توكيل‬
‫المدين )البنك( بصفة دائمة‪ ،‬كما أنها تصرح في حالة التوكيل بمنع تسليم الثمن للوكيل )البنك(‪ ،‬وهذا‬
‫يمنع أهم عناصر مقلوب التورق القائم على تسليم المتورق المبلغ نقدا للبنك‪.‬‬

‫‪ -‬يعتبر هذا المنتج أسوأ من منتج التورق المنظم الذي صدر قرار بمنعه على الرغم من وجود ثلث‬
‫أطراف في العملية‪ ،‬وذلك أن التورق المنظم يجعل البائع )الدائن( وكيل في البيع النقدي‪ ،‬فيقبض‬
‫النقد من طرف ثالث )نظريا على القل( ويسلمه للمدين‪ ،‬أما في مقلوب التورق فالنقد يسلم مباشرة‬
‫من الدائن للمدين‪ ،‬فإذا كان وجود طرف ثالث لتحصيل النقد لم ينف تهمة التحايل على الربا عن منتج‬
‫التورق المنظم فمن باب أولى إثبات هذه التهمة على منتج مقلوب التورق‪.‬‬

‫‪ -‬إن المعاملة في حقيقتها ل تختلف عن الوديعة لجل‪ ،‬والجميع يعلم هذه النتيجة سواء من العملء‬
‫أو من المصارف‪ ،‬والسلعة ما هي إل "حريرة" ليس لي الطرفين فيها مصلحة ول غرض إل تحليل‬

‫‪90‬‬
‫مبادلة نقد حاضر بمؤجل بين البنك والعميل‪ ،‬وهذا هو ربا النسيئة المجمع على تحريمه‪.‬‬

‫‪ -‬أخيرا فإن مثل هذه الحيل ثؤثر سلبا على صورة القتصاد السلمي‪ ،‬وقد حصل نزاع في قضية بين‬
‫أحد المصارف السلمية وبين أحد عملئه‪ ،‬حيث ادعى العميل أن التفاقية التي جرت بينه وبين ذلك‬
‫المصرف ل تمثل تمويل إسلميا ليتنصل من التزاماته‪ ،‬ورفعت القضية للقضاء النجليزي الذي علق‬
‫على القضية " لو كان الحكم في هذه القضية وفقا للشريعة السلمية لكان القرب أن يكسب المدعي‬
‫القضية" أي لكان القرب بطلن العقد‪ .‬وهذا ما دعا ذلك المحامي لقول " إن المسلمين يستطيعون‬
‫التحايل على ربهم بما ل نستطيع أن نتحايل به على قضاتنا"‪.‬‬

‫قرار المجمع الفقهي السلمي في رابطة العالم السلمي في دورته ال ‪19‬‬


‫والمنعقدة في مكة‬
‫نتيجة لما على هذا المنتج من ملحظات وإشكالت فقد جاء قرار المجمع الفقهي السلمي في رابطة‬
‫العالم السلمي في دورته التاسعة التي عقدت في مكة ‪ 8/11/2007-3‬يبمنع استخدام منتج مقلوب‬
‫التورق لعدم شرعيته واستيفاء الشروط ليكون منتجا اسلميا‬

‫فقد جاء فيه ما نصه‪" :‬فإن مجلس المجمع الفقهي السلمي في رابطة العالم السلمي في دورته‬
‫‪ 19‬المنعقدة في مكة المكرمة‪ ,‬قد نظر في موضوع‪) :‬المنتج البديل عن الوديعة لجل(‪ ،‬والذي تجريه‬
‫بعض المصارف في الوقت الحاضر تحت أسماء عديدة‪ ،‬منها‪ :‬المرابحة العكسية‪ ،‬والتورق العكسي‬
‫أو مقلوب التورق‪ ،‬والستثمار المباشر‪ ،‬والستثمار بالمرابحة‪ ،‬ونحوها من السماء المحدثة أو التي‬
‫يمكن إحداثها‪.‬‬
‫والصورة الشائعة لهذا المنتج تقوم على ما يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬توكيل العميل ) المودع ( المصرف في شراء سلعة محددة‪ ،‬وتسليم العميل للمصرف الثمن‬
‫حاضرًا‪.‬‬

‫‪ .2‬شراء المصرف للسلعة من العميل بثمن مؤجل‪ ،‬وبهامش ربح يجري التفاق عليه‪.‬‬

‫وبعد الستماع إلى البحوث والمناقشات المستفيضة حول هذا الموضوع‪ ،‬قرر المجلس عدم جواز هذه‬
‫المعاملة؛ لما يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬أن هذه المعاملة مماثلة لمسألة العينة المحرمة شرعًا‪ ،‬من جهة كون السلعة المبيعة ليست‬
‫مقصودة لذاتها‪ ،‬فتأخذ حكمها‪ ،‬خصوصًا أن المصرف يلتزم للعميل بشراء هذه السلعة منه‪.‬‬

‫‪ .2‬أن هذه المعاملة تدخل في مفهوم )التورق المنظم(‪ ،‬وقد سبق للمجمع أن قّرر تحريم التورق‬
‫المنظم بقراره الثاني في دورته ‪ ،17‬وما علل به منع التورق المصرفي من علل يوجد في هذه‬
‫المعاملة‪.‬‬

‫‪ .3‬أن هذه المعاملة تنافي الهدف من التمويل السلمي‪ ،‬القائم على ربط التمويل بالنشاط الحقيقي‪،‬‬
‫بما يعزز النمو والرخاء القتصادي‪.‬‬

‫والمجلس إذ يقدر جهود المصارف السلمية في رفع بلوى الربا عن المة السلمية‪ ،‬ويؤكد أهمية‬

‫‪91‬‬
‫التطبيق الصحيح للمعاملت المشروعة والبتعاد عن المعاملت المشبوهة أو الصورية التي تؤدي‬
‫إلى الربا المحرم‪ ,‬فإنه يوصي بما يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬أن تحرص المصارف والمؤسسات المالية علــى تجنب الربا بجميع صوره وأشكاله؛ امتثاًل لقوله‬
‫ن(‪.‬‬
‫ن ُكْنُتْم ُمْؤِمِني َ‬
‫ن الّربا ِإ ْ‬
‫ي ِم َ‬
‫ل َوَذُروا َما َبِق َ‬
‫ن آَمُنوا اّتُقوا ا َّ‬
‫سبحانه )َيا َأّيَها اّلِذي َ‬

‫‪ .2‬تأكيد دور المجامع الفقهية‪ ،‬والهيئات العلمية المستقلة‪ ،‬في ترشيد وتوجيه مسيرة المصارف‬
‫السلمية؛ لتحقيق مقاصد وأهداف القتصادي السلمي‪.‬‬

‫‪ .3‬إيجاد هيئة عليا في البنك المركزي في كل دولة إسلمية‪ ،‬مستقلة عن المصارف التجارية‪ ،‬تتكون‬
‫من العلماء الشرعيين والخبراء الماليين؛ لتكون مرجعًا للمصارف السلمية‪ ،‬والتأكد من أعمالها‬
‫وفق الشريعة السلمية‪ .‬وال ولي التوفيق‪ ,‬وصلى ال وسلم على نبينا محمد‪ ,‬وآله‪ ,‬وصحبه"‪.‬‬

‫آراء مخالفة لقرار المجمع‪:‬‬


‫في ورقة قدمها الشيخ‪ /‬عبدال بن سليمان المنيع – عضو هيئة كبار العلماء‪ -‬للمجمع الفقهي‬
‫السلمي في رابطة العالم السلمي في دورته ال ‪ 19‬بعنوان " المنتج البديل للوديعة لجل" جاء‬
‫فيها‪:‬‬

‫" لم يظهر لي مانع شرعي من القول بجوازه )يقصد المنتج( واعتباره بديل شرعيا عن استثمارات‬
‫الحسابات الجارية والودائع الستثمارية وذلك على سبيل الفوائد الربوية‪ ،‬فل شك أن هذا المنتج‬
‫سيقضي على التساؤلت المتكررة وطرحها واستنكار استحواذ المصارف على النتفاع بالحسابات‬
‫الجارية دون أصحابها‪ ،‬فالمصرف يطرح هذا المنتج على أصحاب الحسابات الجارية ويتيح لصاحب‬
‫الحساب الستفادة من حسابه بطريقة شرعية يستطيع بها أن يجد الباب مفتوحا أمامه للسحب من‬
‫مديونيته على المصرف متى شاء على سبيل "ضع وتعجل" كما يجد الباب مفتوحا أمامه لتوظيف ما‬
‫يتوفر لديه من مبالغ في عمليات تورق مع المصرف"‬

‫وهذا هو الرأي الوحيد المخالف لقرار المجمع‬

‫خاتمة‬
‫قامت البنوك السلمية أساسا لتحارب فكرة التعامل بالربا والفوائد‪ ،‬ولكن ما حدث أن البنوك‬
‫السلمية وقعت فريسة التحايل فخرجت منتجات مؤسلمة ظاهرها إسلمي وباطنها ربوي‪ ،‬ول سبيل‬
‫للنهوض من هذه العثرات إل عن طريق تكثيف الجهود لتخريج جيل واعي له معرفة تامة بالمور‬
‫الفقهية وبأمور القتصاد السلمي‪ ،‬فبطون الكتب ملئى بالمنتجات السلمية التي بحاجة لمن‬
‫يستخرجها ويكيفها لما وصل إليه القتصاد اليوم‪.‬‬

‫من هذه المنتجات المؤسلمة على سبيل المثال ‪:‬‬

‫‪ -1‬المشاركة ‪ :‬هي الفكرة البديلة عن فوائد الموال لنها تلعب دورا حيويا في القتصاد القائم على‬
‫المبادئ السلمية‪.‬‬
‫‪ -2‬بطاقات الئتمان‪ :‬حيث تتنوع الحيل‪ ،‬فمن بطاقات قائمة على الجرة وحقيقتها فائدة القرض إلى‬

‫‪92‬‬
‫بطاقات قلب الدين التي تجمع بين السلف والبيع‪.‬‬
‫‪ -3‬المرابحة العكسية )بديل الودائع بفائدة في المصارف التقليدية(‪.‬‬

‫نحن بحاجة فعل لمنتجات مالية إسلمية حقيقية خادمة لهداف القتصاد السلمي‪ ،‬فالقتصاديات‬
‫المعاصرة اليوم متجهه نحو القتصاد السلمي لن منظومة القتصاد المعاصر انتجت الكثير من‬
‫الزمات والمشكلت وبدأت القناعات تتوالى ووتكاثر عند الغرب بان نظم القتصاد السلمي تمتلك‬
‫الليات والتصورات للخروج من المشكلت التي عصفت بالقتصاد المعاصر وأصبح التعامل‬
‫بالمنتجات السلمية بمثابة طوق النجاة لمعظم البنوك العالمية التي أصبحت تتعامل بتلك المنتجات‪.‬‬
‫فمتى سيأتي اليوم الذي نتعامل فيه بمنتجات مالية إسلمية ‪ %100‬وليست بديل عن منتج‬
‫تقليدي؟؟؟!‬

‫المقايضة في السلم وحلول إسلمية ناجحة‬


‫مجلة القتصاد السلمي ‪ -‬المجلد العاشر ‪-‬‬

‫المصارف السلمية ‪ :‬المبدأ والتصور والمستقبل‬


‫محمد نجاة ال صديقي‬
‫أستاذ ‪ -‬مركز أبحاث القتصاد السلمي‬
‫جامعة الملك عبدالعزيز ‪ -‬جدة‬
‫‪http://www.kaau.edu.sa/CENTERS/SPC/page-085.htm‬‬
‫‪((http://www.kaau.edu.sa/CENTERS/SPC/page-085.htm‬‬
‫المستخلص ‪ :‬تؤكد الورقة على دور المصارف السلمية كوسيط مالي وعلى أهمية الوساطة‬
‫المالية للمجتمع ‪ ,‬وتبرهن على أن دخول المصارف السلمية مباشرة في نشاطات التجارة‬
‫والصناعة والزراعة ‪ ...‬الخ ل جدوى منه لنه يعني أنها تترك وظيفة الوساطة المالية لغيرها ‪ .‬ثم‬
‫تتعرض الورقة للوساطة المالية غبر الخالصة ) وهي تتم حاليا من خلل العقود السلمية‬
‫التقليدية كالبيع بثمن آجل والسلم والستصناع والجارة( وترى أنها في صالح المصارف‬
‫السلمية إذا كانت بطريقة " المضارب يضارب " بدون أن تلجأ تلك المصارف إلى الخوض في‬
‫المخاطر المتعلقة بالتجارة أو الصناعة ‪ ...‬الخ ‪ .‬وترى الورقة أن المحافظة على الوساطة المالية‬
‫هو أمر تقتضيه المصلحة العامة التي تقتضي أيضا التعاون بين المصارف السلمية و تحسين‬
‫الجراءات المحاسبية ‪.‬‬
‫مقدمة‬
‫هل فقدت المصارف السلمية مصداقيتها ؟ لماذا ل تستجيب لحاجة عملئها في إحراز عائدات‬
‫مجزية لمدخراتهم كباقي المؤسسات المالية ؟ يبدو أن هذين السؤالين هما محور ما تدور حوله‬
‫دراسة المهتمين بالمصارف السلمية هذه اليام‪.‬‬
‫الموضوع ليس أمًرا أكاديميا بحتا‪ .‬إنه رهان يقوم عليه مستقبل أكبر مشروع حيوي في السلم‬
‫في النصف الثاني من القرن العشرين‪ ،‬هذا بالضافة إلى بليين الدولرات التي تودع في تلك‬
‫المؤسسات ‪.‬‬
‫ل ننوي الجابة من تلك السئلة مباشرة في هذه الورقة‪ .‬بل سننظر في إمكان وجود عجز أو‬
‫نقص داخل البناء الحالي للمصارف السلمية‪ ،‬مما يمكن أن يشكل أساسا لتلك المشاكل التي‬
‫تواجهها تلك المصارف ‪ .‬أول سؤال ينبغي مناقشته هو‪ :‬هل ينبغي أن تعمل المصارف السلمية‬

‫‪93‬‬
‫كوسيط مالي أو أن تعمل كتجار ومنتجين ورجال أعمال؟ بعد أن نؤكد دور المصارف السلمية‬
‫كوسيط مالي سننتقل لجراء فحص دقيق لما تنطوي عليه مسألة الوساطة المالية‪ .‬وإذا ميزنا‬
‫جوهر تلك الوساطة بأنها تقسيم العمل والتخصص‪ ،‬وهما آليتان للتقدم النساني على مدى‬
‫التاريخ‪ ،‬فإن عليه الوساطة في تطوير رفاهة النسان من خلل توسيع النتاج وتقليل التكلفة‬
‫بارزة واضحة ‪ .‬وإننا نرى أن المجتمعات الحديثة ل يمكن أن تعمل دون وسائط مالية‪ ،‬وهي‬
‫أيضا لزمة لي مجتمع إسلمي معاصر ‪.‬‬
‫والمصارف السلمية التي أعدت جيًدا للضطلع بهذا الدور ل يمكنها أن تتخلى عن وظيفة‬
‫الوساطة لغيرها ‪ ،‬وهى عملّيا تقترب رويًدا نحو النغماس في العمل المباشر ‪ .‬وذلك مما يسهل‬
‫على المصارف الخرى الضطلع بالخدمات المالية ويؤدي من ثم إلى تهميش المصارف‬
‫السلمية ‪ .‬هناك بل ريب حاجة للتغيير ‪.‬‬
‫المصارف السلمية كوسيط مالي‬
‫لقد كان هناك تجار ومنتجون ورجال أعمال مسلمون قبل إنشاء المصارف السلمية‪ ،‬وبعض‬
‫أولئك كانوا يستخدمون أموال الغير مع اعتبارهم مساهمين أو مشاركين غير فاعلين )‬
‫‪ . (sleeping partners‬إن التجار في البضائع والخدمات ليس هو الغرض الذي أنشأت‬
‫من أجله المصارف السلمية ‪ ،‬بل كان يرجى من المصارف السلمية أن تؤمن للمسلم نفس‬
‫الخدمات التي تقدمها المصارف التقليدية ‪ ،‬حتى يتمكن المسلم من تفادى دفع أو أخذ الفائدة ‪ ،‬على‬
‫أن يتقاضى في نفس الوقت ربحا عن ادخاره أو تمويله لعمال التجارة ‪ ،‬الخ ‪.‬‬
‫كانت مهمة المصارف هي القيام بالوساطة المالية‪ ،‬برغم أنها ظلت تقوم بوظائف أخرى تتماشى‬
‫مع طبيعتها دون أن تؤثر فيها سلبا ‪ .‬إن المهمة الساسية هي العمل على تحريك مدخرات مليين‬
‫الناس من ذوي الدخول على صورة ودائع وتهيئة هذه الموارد للف من رجال العمال‬
‫لستثمارها ‪ .‬وبرغم أن هناك هيئات ومؤسسات أخرى تقوم بدور الوساطة كما سنرى بعد قليل ‪،‬‬
‫إل أن سهولة وصول الرجل العادي للمصارف أكثر منها لي مؤسسة أخرى ‪ .‬أما إذا لم تقم‬
‫عا كبيًرا من الناس سيعاني لن الرجل العادي ينظر إلى‬ ‫المصارف بهذه الوظيفة فإن قطا ً‬
‫المصارف بأنها الجهة الوحيدة التي تقبل الودائع تحت الطلب‪ ،‬وهو ما ل بد له منه على كل‬
‫الحوال‪ .‬كما أن هناك قطاعا واسعا من الناس يصعب عليه التعامل مباشرة مع السهم والسندات‬
‫والدوات المالية ‪ .‬دعنا ننظر عن كثب للوساطة المالية ‪:‬‬
‫طبيعة وأهمية الوساطة المالية‬
‫أولئك الذين يتمكنون من جمع بعض المدخرات يبحثون عن وسائل لزيادة تلك المدخرات‬
‫باستثمارها‪ .‬الذين يضطلعون بالعمال التجارية يبحثون عن الموارد التي يمكن أن يستخدموها‪.‬‬
‫وهم مستعدون أن يتحملوا التكلفة‪ .‬التكلفة في النظام الربوي‪ ،‬في غالب أحوالها‪ ،‬تكون هذه التكلفة‬
‫صة في الربح الفعلي الناتج‬ ‫في صورة معدل فائدة مقطوع ‪ .‬في النظام اللربوي تكون التكلفة ح ّ‬
‫ِمن استخدام الموارد ‪ .‬وسواء كان النظام ربويا أو خاليا من الربا فإن بحث هذين الشخصين عن‬
‫بعضهما البعض لعقد صفقة سيكون صعبا جدا‪ .‬إذ ل بد من توافق يتعلق بحجم الموارد والفترة‬
‫الزمنية التي يحتاج إليها ويتم التمويل بمقتضاها ‪ .‬على رجل العمال أن يتفق مع عدد من ذوي‬
‫الموارد قبل حيازته للموارد الكافية‪ .‬هذا الجراء يحتاج إلى وقت‪ .‬أما صاحب المورد المالي‬
‫فعليه أن يتصل بعدد من رجال العمال قبل أن يجد رجل العمال الذي يقبل عرضه للفترة‬
‫الممنوحة‪ .‬كما أن الفشل في تطابق الفترة الزمنية المطلوب لها العتماد المالي عرضا وطلبا‬
‫يجعل من العسير تأمين استمرارية العرض والطلب ‪ .‬ثم هناك صعوبة متزايدة تتعلق بالمخاطرة‪.‬‬
‫وكما سنلحظ هناك عدة أنواع من المخاطرة تتعلق باستثمار الموارد بغرض الربح ‪ ،‬وبعض هذه‬
‫المخاطر ل يمكن التنبؤ بها ‪ .‬وإذا افترض وجود التطابق المتعلق بالحجم والزمن‪ ،‬فإن كثيرا من‬
‫المشاريع قد ل تناسب بعض المدخرين لطبيعة المخاطرة التي تنطوي عليها‪ .‬وبصرف النظر عن‬
‫مخاطر العمل التجاري هناك أيضا مخاطر المماطلة ‪ ،‬بل حتى الخوف من الحتيال المباشر ‪.‬‬
‫وبسبب هذه المتاعب كثيرا ما يعمد صغار المدخرين للبحث عمن يعرفونه ويثقون فيه ‪ .‬كل ذلك‬

‫‪94‬‬
‫قد يؤدي إلى تأخير النتائج وإلى كنز )غير متعمد( للموارد المالية ‪.‬‬
‫التمويل المباشر الذي تعقد فيه صفقة مباشرة بين مالك التمويل )المدخر( ومستخدم التمويل‬
‫)المستثمر( غير فعال ‪ .‬وعدم فعاليته تشبه تماًما عدم فعالية المقايضة‪ .‬أيضا إن كان ل بد‬
‫للمدخرين من البحث عن المستثمرين‪ ،‬ول بد لهؤلء من البحث عن ممولين‪ ،‬فإن عائد المدخرين‬
‫سيكون حتما أقل من إجمالي تكلفة الموارد للمستثمرين‪ .‬أصحاب الموارد سيخصمون تكلفة‬
‫البحث إضافة إلى أي مخاطر إضافية ناتجة عن عدم التأكد من جدارة وأمانة المستثمر‪ .‬قلة العائد‬
‫على الموارد ستثبط الدخار‪ .‬وارتفاع تكلفة الموارد تؤدي إلى تثبيط الستثمار‪ .‬النتيجة النهائية‬
‫للقتصاد ستؤول إلى حجم إنتاج أقل‪ ،‬وظائف أقل‪ ،‬دخول شحيحة واقتصاد ضعيف إذا ما قورن ‪.‬‬
‫بما يمكن إحرازه من خلل الوساطة المالية ‪ .‬إن الوساطة تعتبر بل ريب من عوامل الرفاهة‪.‬‬
‫دور الوساطة المالية‬
‫ل تساعد على‬ ‫الوساطة المالية قادرة على إزالة مثالب التمويل المباشر بعدة طرق ‪ .‬فهي أو ً‬
‫الفصل بين قراري الدخار والستثمار في إنتاج حقيقي‪ .‬وبما أن هذا الخير يحتاج لمعلومات‬
‫وخبرات تتجاوز ما هو متاح للمدخر العادي‪ ،‬فإن تقسيم العمل والتخصص يزيدان موارد المة‪.‬‬
‫إن الفصل بين هاتين الوظيفتين والمباعدة بين إدارتي القطاع المالي للقتصاد وقطاعه الحقيقي‬
‫أصبحت الن سمة راسخة للقتصاد الحديث‪ .‬ويتسع القطاع الحقيقي عندما يهيمن المشتغلون في‬
‫ذلك القطاع على الموارد اللزمة بشروط مقبولة ‪ .‬وكلمة "مقبولة" لها أبعاد متعددة‪ :‬الفق‬
‫الزمني‪ ،‬حجم الموارد‪ ،‬المخاطرة‪ ،‬التكلفة‪ ،‬السرعة والمرونة‪ ،‬تلك هي بعض البعاد‪ .‬وتتباين‬
‫الهمية النسبية للبعاد من عملية لخرى‪ .‬على أن المنافسة تجعل أرباب العمل يسعون دائما‬
‫لتحسين الصفقات التي يعقدونها ‪ .‬وينشأ الضغط التنافسي غالبا في قلوب وعقول الناس الذين‬
‫يبحثون عن منتجات أفضل بأسعار أقل ‪ ،‬مضافا إليها خدمات أخرى مما يحسن في الصفقة‬
‫)ضمان الجودة‪ ،‬سرعة التسليم‪ ،‬الصيانة ‪ ،‬الصلح والستمرار في العرض( ‪.‬‬
‫ويندرج في مسألة الفصل هذه أيضا المعالجة المؤسساتية التي لم تكن معروفة في الماضي‪.‬‬
‫أصبحت المؤسسات هي التي تضطلع بتحريك الدخار وتوجيهه للمستخدمين في القتصاد‬
‫الحقيقي‪ ،‬أكثر مما يفعل الفراد‪ .‬إن الخطوات العديدة اللزمة لتحويل الموارد من المدخر النهائي‬
‫إلى المستخدم النهائي قد قسمت وأعيد تقسيمها إلى وظائف تمكن القائمون عليها ومن خللها أن‬
‫يقللوا التكلفة ويحسنوا الخدمات وأن يتحكموا في الناتج المالي بما يتوافق مع حاجة الطرفين ‪:‬‬
‫المدخر والمستثمر ‪.‬‬
‫إنه لمر هام بالنسبة لنا ‪ ،‬نحن الذين ننتمي إلى حقل القتصاد السلمي والمالية السلمية‪ ،‬أن‬
‫نعلم أن التطورات المشار إليها آنفا لم تتسبب فيها الفائدة الربوية ول هي تعتمد عليها‪ .‬إن فصل‬
‫الدخار عن الستثمار والمعالجة المؤسساتية الخاصة بتوظيف الموارد لستخدامها في النتاج‬
‫الحقيقي كلها نتاج تقسيم العمل والتخصص الذي ظل وسيلة للتقدم على مر التاريخ البشري ‪ .‬إنما‬
‫الجديد هو التعجيل غير المسبوق للعملية وما ذلك إل للتغيرات الجذرية في التقنية الخاصة‬
‫بالتصالت والمعلومات ‪ .‬أما الخدمات المالية المتنوعة فيمكن تنظيمها دون ارتباط بعنصر‬
‫الفائدة ‪ .‬والحقيقة أن هناك العديد من هذه العمليات التي تجري الن على أساس ل ربوي‪ ،‬على‬
‫سبيل المثال ‪ :‬العمولة والرسوم والمشاركة في الرباح‪ ..‬الخ‪ .‬وبجانب إتمام فصل الدخار عن‬
‫الستثمار وتأسيس )‪ (institutionalizing‬عملية توظيف الموارد‪ ،‬فإن الوساطة المالية‬
‫ُتعنى أيضا بالمعوقات الخاصة بالتمويل المباشر الذي سبق أن أشير إليه‪ ،‬أي تلك المتعلقة بالزمن‬
‫والحجم والسرعة في إتمام العملية وتقليل التكلفة‪ ،‬و المخاطر ‪ ،‬الخ ‪.‬‬
‫والوساطة تعالج مشكلة عدم التناسب بين سعة الموارد المبذولة من المدخرين والحجم المطلوب‬
‫من المستثمرين وذلك عن طريق المساهمة الجماعية‪ -‬حيث يؤخذ التمويل من ِبركة تصب فيها‬
‫الودائع باستمرار )بافتراض الزيادة المضطردة في الدخار رغما عن السحوبات(‪ ،‬مما يتيح‬
‫للمستخدمين المبالغ المالية التي يطلبونها ‪ .‬إن أصحاب الموارد عادة مترددون في إيداع مواردهم‬
‫لفترات زمنية طويلة‪ .‬أما رجال العمال فيرغبون في استثمار تلك الموال لفترات زمنية أطول‬

‫‪95‬‬
‫من تلك التي يرغب فيها أصحاب الموارد ‪ .‬والوساطة هي التي حلت المعضلة بحسن إدارة تلك‬
‫الموارد لما لها من سابق خبرة في ذلك المر ‪ .‬والوسطاء الماليون عندما يقومون بإعطاء الموارد‬
‫لمستثمريها لفترات أطول من تلك التي يرغب فيها أصحابها‪ ،‬إنما يقدمون خدمة مصرفية تعتمد‬
‫ليس على ضمان اليداعات المستمرة فحسب‪ ،‬وإنما أيضا على التسهيلت التي تحصل عليها من‬
‫المصارف الخرى‪ ،‬فتؤمن بذلك استمرار قدرتها على مواجهة طلبات السحب من المودعين ‪.‬‬
‫هناك مخاطر جمة ينطوي عليها الستثمار‪ .‬فمخاطر النتاج تتعلق بمشروعات معينة ‪ .‬ومخاطر‬
‫السعر تتعلق بالسوق ‪ .‬مخاطر معدلت الصرف الجنبي هامة للصناعة المتعلقة بالتصدير‪ ،‬في‬
‫حين أن مخاطر العملة هامة من منظور تكلفة المواد المستوردة لما لها من تأثير على القيمة‬
‫المحلية للنقود‪ .‬تقييم المخاطرة مهمة الشخص الخبير‪ ،‬ولكن العامل الهام هو المعلومات التي عادة‬
‫ل تتجمع إل بكلفة ‪ .‬والوسطاء هم الذين ينهضون لتلك التكلفة التي ل يطيقها الفراد‪ .‬المنافسة بين‬
‫الوسطاء هي التي تحفظ تكلفة تلك الخدمات موازية لتكلفتها الحقيقية ‪.‬‬
‫تقديم الموارد من المدخرين إلى المستثمرين من خلل المشاركة في الرباح يحتاج لمراقبة‬
‫الستخدام الحقيقي لتلك الموارد ولمراقبة حفظ الحسابات فيه‪ ..‬الخ‪ .‬وبينما يستحيل قيام الفراد‬
‫بذلك خاصة الصغار منهم‪ ،‬فإن مؤسسات الوساطة المالية يمكنها القيام بذلك حيث توزع التكلفة‬
‫على قاعدة عريضة ‪ .‬كما يمكنها ابتكار طرائق متنوعة لبلوغ ذلك بمؤازرة المدخرين مع‬
‫السلطات المراقبة والمنظمة للسوق المالي ‪ .‬وكما لحظنا آنفا فإن الصفقات المباشرة بين‬
‫المدخرين والمستثمرين تكون بطيئة‪ .‬المسألة ليست كذلك مع مؤسسات الوساطة المالية ‪ .‬فَمعين‬
‫ظمة‬‫اليداعات المستمر ودرجة السلمة التي توفرها الخدمة المصرفية وإجراءات السلطات المن ِ‬
‫والمراِقبة تمكن مؤسسات الوساطة من الستجابة الناجزة لرغبات المستثمرين وطلبات‬
‫المدخرين‪ .‬كل ذلك يجعل الوساطة ليس في درجة أعلى بالنسبة للتمويل المباشر فحسب بل شرطا‬
‫ضا ‪ .‬القتصادات الحديثة لم تعد قادرة على احتمال معاناة البطء وارتفاع التكلفة‬ ‫للتقدم والتطور أي ً‬
‫وزيادة المخاطرة الناشئة عن غياب الوساطة المالية ‪.‬‬

‫التجارة الحرة المشاكل والحلول‬


‫‪1-2‬‬
‫حيدر حسين الكاظمي‬
‫لم تكن المناداة بإطلق التجارة الدولية مناداة مصدرها الرخاء‬

‫القتصادي أو النتعاش الذي يصيب جسد المة بل على العكس‬

‫إنها وليدة الزمات القتصادية المتلحقة ومن الغريب أن ترفع‬

‫هذه الصوات ونحن على أعتاب القرن الحادي والعشرين بينما‬

‫كانت تلك الصوات التي تنادي بحرية التجارة ل تسمع في حين‬

‫أن العالم وحتى القرن التاسع عشر ينعم بحرية انتقال السلع‬

‫والخدمات ورؤوس الموال بين مختلف بقاع الرض فهل جاءت‬

‫المدنية أو الثورة الصناعية بفوائدها فقط أم حملت بين طياتها‬

‫‪96‬‬
‫أضرارًا لم يدرك العالم بعواقبها إل بعد فوات الوان‪.‬‬

‫الحرب العالمية الثانية‬


‫من الملحظ أن هذه الحرب ما أن توقفت حتى وضعت بين جنبيها كوارث ل تحصى ول‬

‫تقدر ل زالت أثمانها باهظة تدفعها الجيال المتلحقة ولم تكن شرارة الحرب هذه نزوة‬

‫ديكتاتور أو هفوة سياسي فحسب والمتتبع للحداث التاريخية التي سبقت اندلع هذه‬

‫الحرب وتحت ضياء المجهر القتصادي يرى أن لخيوط القتصاد أثره الواضح في‬

‫اندلع هذه الحرب ومن أهم السباب القتصادية إلى جانب الكساد العالمي هو الحواجز‬

‫والرسوم الجمركية التي كانت توضع بشدة على حدود البلدان وخاصة الصناعية‬

‫الكبرى كالمانيا والوليات المتحدة المريكية وبريطانيا لم تتحرك البضائع بحرية‪ ،‬ولم‬

‫تدخل الخدمات بحرية أيضًا أصبحت كل دولة تحرس حدودها بشدة متناهية لس من‬

‫المخربين أو المتسللين بل من أجل عدم دخول البضائع والسلع إلى دولها ومع اشتداد‬

‫هذه الحدة في الحراسة الحدودية ومع تزايد كميات السلع المنتجة وتكدسها في البلدان‬

‫الصناعية وأزمة البطالة أصبح أمر الحرية ل مفر منه أمام هذه الكوارث القتصادية‪.‬‬

‫اتفاقية الغات‬
‫ما أن وضعت الحرب أوزارها وانتهت عمليـــة تقسيم الغنائم بين دول الحلفاء أدركت‬

‫هذه الدول أن عليها عدم إعادة خطأ المس وبينما القارات مقسمة بشكل متساوي‬

‫تقريبًا بينها أدركت أن المرحلة القادمة يتطلب منها حرية واسعة وشاملة لحركة‬

‫اقتصادية نشيطة‪ ،‬ل بد أن تحدث وعلى أثرها وفي عام ‪ 1947‬وقعت حوالي ‪ 80‬دولة‬

‫اتفاقية دولية تعرف باتفاقية )لغات( )اتفاقية التجارة والتعرفة الجمركية العامة( وهذه‬

‫التفاقية تلزم الدول العضاء بفتح حدودها أمام أي تحرك للسلع والخدمات ورؤوس‬

‫الموال بين الدول العضاء‪ ،‬كما وإنها ألزمت الدول العضاء بعدم فرض رسوم‬

‫جمركية على السلع والخدمات من ناحية دعم التجار أو وضع عراقيل روتينية أمام‬

‫التجار القادمين إلى دولهم وهكذا أدرك العالم أخيرًا المبدأ السلمي القتصادي الذي‬

‫كان يحرم تقييد التجارة أو وضع قيود صارمة عليها وإدراكًا من القتصاد السلمي‬

‫بأن الرسوم الجمركية ل يمكن تجاوزها إذا وضعت إل من قبل أصحاب رؤوس الموال‬

‫‪97‬‬
‫الضخة وبالتالي فإن الزمن والحركة المستمرة بهذا الشكل سيسمح لصحاب هذه‬

‫الموال الضخمة أن يسيطروا على مقدرات المة وبالتالي التحكم بمصير شعوب‬

‫كاملة‪ ..‬ويبقى الكلم هنا على هذه التفاقية التي وإن حددت بالعديد من النقاط‬

‫والشروط وحل خلفات بين دول العضاء لكن يبقى مسألة نجاح مثل هذه التفاقيات‬

‫متوقفًا على نية العضاء أي النوايا الحسنة والتعاون بين الدول العضاء وهكذا هو‬

‫حال أي التفاقية اقتصادية فإنها ل تصادف النجاح إل إذا أحسن المجتمعون لجلها‬

‫النية وبذلوا ما بوسعهم من تعاون‪.‬‬

‫القتصاد الدولي من النجاح إلى الفشل‬


‫لقد أفاد القتصاد الدولي العالم كثيرًا خلل القرن التاسع عشر إل أن الحال لم يكن كذلك‬

‫في القرن العشرين‪ ،‬فخلل بعض الفترات من القرن التاسع عشر كان القتصاد العالمي‬

‫يتمتع بنفس الجراءات والترتيبات القتصادية القديمة فكانت هناك حرية انتقال السلع‬

‫والبضائع بين القطار غير مقيدة‪ ،‬إل بالقدر القليل من القيود التي كان يتجاوزها الزمن‬

‫في أغلب الحيان‪ ،‬لم يكن رأس المال وحده ينتقل بحرية بل كانت حركة انتقال اليد‬

‫العاملة هائلة جدًا إذ هاجر ما يقارب من ‪ 60‬مليون من الناس من النصف الكرة‬

‫الشرقي إلى نصفها الغربي وبينما كان الذهب يقدم خدماته اللية للعالم‪ ،‬أصبح اليوم‬

‫يبحث دون جدوى من خلل التفاقيات الدولية على أسعار ثابتة للعملت وإمكانية‬

‫تحويلها بصورة تامة وسريعة‪ ،‬وهكذا فإن القتصاد الدولي خـــلل القرن الماضي وفر‬

‫لنا جهازًا رائعًا للستفادة إلى الحد القصى من موارد العالم‪ ،‬ولكن هذا الجهاز أصابه‬

‫العطب والنهيار بمرور الزمن إذا بينما كان دخول الوليات المتحدة والمستعمرات‬

‫البريطانية والجزر الجنوبي من أمريكا الجنوبية في القتصاد العالمي قد ادى إلى‬

‫تطوير اقتصادي داخلي حثيث في هذه المناطق المأهولة حديثًا كان اقتصاد المناطق‬

‫ذات التراث القديم في العالم يتطور إلى اقتصاد مزدوج أو منعزل حيث كان القسم الول‬

‫يقدم بانتاج الغذاء أو المواد الولية للتصدير أما القسم الثاني الذي يشتمل على معظم‬

‫القتصاد الوطني لم يتطور ولم يصبح عصريًا لذلك اتسعت الهوة الموجودة بين البلدان‬

‫المتقدمة والبلدان المتأخرة وخاصة في القرن العشرين وبما أن البلدان المتخلفة لم‬

‫‪98‬‬
‫يكن لها صوت يسمع في السياسة الدولية فقد مرت هذه الهوة بسلم ولكن ظهرت‬

‫ثانية عندما بدأت هذه الدول تستقل الواحدة تلو الخرى فشعرت هذه الدول بأن‬

‫القتصاد الدولي في الماضي قد أعاق تطورها بدًل من السراع في تطورها فبدأت‬

‫تطالب الن بسياسة جديدة في التجارة الدولية بعد أن أخذت الدول المتقدمة بإنشاء‬

‫تحالفات اقتصادية وكما جرى سابقًا كاتفاقية الغات وبدأت تشجع التجارة الخارجية‬

‫بصورة متزايدة نحو قيام أسواق اقليمية مشتركة مما خلق مصاعب كبيرة للدول‬

‫الخارجة عن هذه التحالفات‪ .‬وأخيرًا إن علت العالم أن يعالج هذه الثغراات الموجودة‬

‫في النظام القتصادي الدولي‪.‬‬

‫الحل كان اسلميًا وسيبقى‬


‫أعطى السلم دستوره الخالد في كافة مجالت الحياة ويكفي للمبدا الحرية الذي رفعه‬

‫السلمي كدستور يكفي لهذا المبدأ أن يشمل كافة جوانب الحياة سواء السياسسية‬

‫والجتماعية وكذلك القتصادية‪ ،‬لنم يحد السلم ولم يقف بوجه التجارة بل كانت هذه‬

‫التجارة وعملها أمرا يحث عليه الشارع في كل لحظة بل هو نعمة ل بد أن تشكر‬

‫)ليلف قريش‪ ،‬إيلفهم رحلة الشتاء والصيف فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من‬

‫جوع وآمنهم من خوف( وقوله تعالى‪):‬ولكم رؤوس أموالكم ل تظلمون ول تظلمون(‪.‬‬

‫وعن المام الصادق)عليه السلم( قال‪ ):‬تسعة أعشار الرزق في التجارة()‪.(1‬‬

‫وعن أمير المؤمنين)عليه السلم( قال‪):‬تعرضوا للتجارات فإن لكم فيها غنى عما في‬

‫أيدي الناس وإن ال عز وجل يحب المحترف المين‪.(..‬‬

‫وأما قوله تعالى‪):‬يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه( فعرفهم‬

‫سبحانه كيف يشترون المتاع في الحض والسفر وكيف يتاجرون إذ كان ذلك من اسباب‬

‫المعاش)‪.(2‬‬

‫وسأل أبو عبد ال)عليه السلم( عن رجل فقال‪):‬ما حبسه من الحج‪ ،‬فقيل ترك التجارة‬

‫وقل شيئه؟ قال‪ :‬وكان متكأ فاستوى جالسًا ثم قال لهم‪ :‬ل تدعوا التجارة فتهونوا‬

‫أتجروا بارك ال لكم()‪.(3‬‬

‫وقال المام الصادق)عليه السلم( أيضًا‪):‬ترك التجارة مذهب للعقل()‪.(4‬‬

‫‪99‬‬
‫ومن كل ما سبق يتبين بوضوح كيف أن السلمي أطلق قيود التجارة وهذا الطلق‬

‫واضح من خلل توجيهات النصوص الشرعية للحث على التجارة فليس من المعقول‬

‫أن تفيد هذه النصوص بمواثيق حدودية وروم جمركية تثقل كاهل التجار وتعيق‬

‫حركتهم ورغم أن السلم أطلق حرية التجارة لكنه لم يدعها دون أن يعطيها اللوازم‬

‫الكفيلة بنجاح مثل هذه الحرية وهنا بدأت نقطة الحتراق بين القتصاد السلمي‬

‫والقتصاد الرأسمالي‪ ،‬فإن السلم لم يدع للتجار أن يفعلوا ما يشاؤون وان يتاجروا‬

‫بما شاءوا من البضائع ويبيعوها بما شاءوا من السعار وهنا يختلف السلم عما‬

‫يجري في النظام الراسمالي‪ ،‬فالسلم أعطى للدولة مسؤولية المراقبة ومنع التجار من‬

‫التلعب بالسعار والمنع هنا ليس تجاوزًا على حرية التجارة بل مثله مثل منع السارق‬

‫من السرقة ومنع الزاني عن الزنا فرفع السعار والتلعب بطعام الناس هو أحد‬

‫مصاديق )ل ضرر ول ضرار( وهو محرم مثله مثل المحرمات الخرى التي وقف‬

‫بوجهها السلم ومنع من ممارستها‪.‬‬

‫)إذن فالسلم في مسالة التجارة الحرة يتمتع بالمزايا التية لمعالجة أي مشكلت تطرأ‬

‫على هذا الموضوع وهي‪..‬‬

‫الرقابة الدائمة على عملية التجارة الحرة من قبل الدولة ورقابة الدولة ل يتناقض مع‬

‫مبدأ الحرية فإن للدولة أن تقف في وجه التلعب ول يحق لها أن تقف في وجه حرية‬

‫التجارة‪.‬‬

‫من حق الدولة أن تضع ضوابط لكمية التجارة الخارجية ونوعيتها حفاظًا على القتصاد‬

‫الوطني ضمن مسؤولية الدولة توفير الحاية الكافية للمنتوجات الداخلية الزراعية منها‬

‫والصناعية والمنع من تفشي البالة ويتم ذلك بعدة طرق منها‪:‬‬

‫أ‪ -‬يمنع استيراد بعض المنتوجات التي يتم إنتجها محليًا للمصلحة الوطنية الهم‪.‬‬

‫ب‪ -‬تحديد كمية معينة من المنتوجات المستوردة حتى ل تستطيع احتكار السوق وجذب‬

‫القوة الشرائيلة لها لن الضرورات تقدر بقدرها‪.‬‬

‫تنظيم التجارة الخارجية على أساس المقايضة بالبضائع الداخلية والخارجية من دون‬

‫اعتبار النقد كواسطة للتبادل‪ ..‬وفائدة المقايضة من البضائع بالضافة إلى منع هروب‬

‫‪100‬‬
‫العملة الصعبة من البلد تدفع الناس إلى تحسين منتوجاتهم حتى يتم تصديرها إلى‬

‫الخارج وعــــلى الدولة هنا أن تــــضع سياسة التصدير والستيراد على أساس‬

‫الموازنة التامة بين البضائع المصدرة والبضائع المستوردة معًا)‪.(5‬‬

‫سؤال مطروح‬
‫هنا قد نواجه سؤاًل وهو أل يتناقض ما طرحتموه من وسائل للدولة في معالجة المور‬

‫التجارية مع مبدأ الحرية التجارية في السلم؟‬

‫الجواب‪ :‬وللجابة وجب علينا أن نوضح كيف أن الدولة تبدا أعمالها القتصادية وفق‬

‫قاعدتين‪:‬‬

‫أ‪ -‬تدخل الدولة في الحياة القتصادية لضمان تطبيق الحكام السلمية الثابتة والتي‬

‫تتصل بحياة الفراد القتصادية فتحول دون تعامل الناس بالربا أو السيطرة على‬

‫الرض بدون إحياء كما تمارس الدولة نفسها تطبيق الحكام التي ترتبط بها مباشرة‬

‫ل الضمان الجتماعي والتوازن العام في الحياة القتصادية بالطريقة التي‬


‫فتحقق مث ً‬

‫سمح السلم باتباعها لتحقيق تلك المبادئ‪.‬‬

‫ب‪ -‬وهناك مجال يسمى )منطقة الفراغ( وهو في المجال التشريعي وهي التي تركها‬

‫التشريع السلمي للدولة لكي تملها في ضوء الظروف المتطورة بالشكل الذي يضمن‬

‫الهداف العامة للقتصاد السلمي وعدالته والفــــكرة السلمية لهذه المنطقة هو أن‬

‫السلمي ل يقدم مبادئه التشريعية للحياة القتصادية بوصفها علجًا مؤقتًا أو تنظيمًا‬

‫مرحليًا وإنما يقدمها باعتبارها الصورة النظرية الصالحة لجميع العصور‪.‬‬

‫وطرق السلم هنا بين علقتين للنسان‪ :‬الولى‪ :‬علقته مع الطبيعة‪ ،‬زراعة –صيد –‬

‫الخراج – فحم‪ ،‬وغيرها من الساليب التي يجيدها فهذه العلقة هي علقة النسان‬

‫بالطبيعة ل بالعنصر البشري أي الجماعة‪.‬‬

‫الثانية‪ :‬وهي علقة النسان بأخيه النسان والتي تحددها الحقوق والمتيازات‬

‫والواجبات فهي بطبيعتها تتوقف على وجود النسان ضمن الجماعة‪.‬‬

‫ويرى السلم أن العلقة الولى وهي علقة النسان مع الطبيعة تتطور بمر الزمن تبعًا‬

‫للمشاكل المتجددة التي يواجهها النسان وباستمرار ول بد لهذه المشاكل من حلول‬

‫‪101‬‬
‫فالحلول بنزر السلم ليست حلوًل ثابتة بل حلول متغيرة تبعًا لتطورات هذه العلقة في‬

‫الوسائل والساليب وعلى هذا فإن )منطقة الفراغ( تكون هنا في هذه العلقة بالذات‬

‫ويضع السلم هذه المنطقة وملئها تحت يد الدولة السلمية لتقررها وإليك المثال‬

‫التالي‪:‬‬

‫مثال‪ :‬إن من عمل في ارض وأنفق عليها جهدًا حتى أحياها فهو أحق بها من غيره‬

‫ويعتبر هذا المبدأ في السلم عادًل ولن بتطور قدرة النسان على الطبيعة ونموها‬

‫يصبح من الممكن من هذا العصر عصر التكنولوجيا الواسع أن يتاح لفرد واحد إحياء‬

‫آلف الهكتارات الزراعية فيصبح بإمكان أفراد قلئل إحياء مساحات واسعة جدًا من‬

‫الرض المر الذي يؤدي بالنهاية إلى انحسار ملكية واسعة من الرض الزراعية بيد‬

‫قلة من الفراد وهذا سيخالف بدوره مبدا العدالة الجتماعية من هنا وضعت )منطقة‬

‫الفراغ( لتسمح للدولة من تحديد هذا التصرف في حين أنه سابقًا لم يكن هذا موجودًا‬

‫إذن كانت هذه المنطقة علجًا لمرحلة انتجت ظروفًا أو حالة طارئة تستدعي منا ح ً‬
‫ل‬

‫يناسب المبادئ المطروحة‪.‬‬

‫هل هذا تناقض؟‬


‫إنه ل يعتبر تناقض بل استيعاب للصورة وقدرة الشريعة على مواكبة العصور المختلفة‬

‫وخاصة إذا لم يؤد هذا التصرف إلى خلل في المبادئ بل على العكس أدى إلى الحفاظ‬

‫على تلك المبادئ بوسائل حديثة مع إعطاء عنصر البت في هذه الوسائل ونوعها‬

‫وصورها بيد الحاكم الشرعي وفقًا لمقتضيات الظروف‪ .‬ودليله النص القراني‪ [ :‬يا ايها‬

‫الذين آمنوا أطيعوا ل وأطيعوا الرسول واولي المر منكم] وحدود منطقة الفراغ التي‬

‫تتسع لها صلحات ولي المر تضع كل فعل مباح تشريعيًا بطبيعته فأي نشاط وعمل‬

‫ولم يرد نص تشريعي يد لعلى حرمته أو وجوبه‪ ..‬يسمح لولي المر بإعطائه صفة‬

‫ثانوية بالمنع عنه أو بالمر به‪.‬‬

‫نماذج صريحة‬
‫جاء في النصوص أن النبي )صلى ال عليه وآله( نهى عن منع فضل الماء والكل فعن‬

‫المام الصادق)عليه السلم( أنه قال‪) :‬قضى رسول ال)صلى ال عليه وآله( بين أهل‬

‫‪102‬‬
‫المدينة في مشارب النخل أنه ل يمنع فضل ماء وكل(‪.‬‬

‫وهذا النهي نهي تحريم وإذا جمعنا إلى ذلك رأي الجهور من الفقهاء القائل‪ :‬بأن منع‬

‫النسان غيره من فل ما يملكه من ماء وكل ليس من المحرمات الصلية في الشريعة‬

‫كمنع الزوحة نفقتها أمكننا أن نستنتج أن النبي صدر عنه بوصفه ولي المر‪.‬‬

‫ونقل الترمذي عن رافع بن خديجة أنه قال‪ :‬نهانا رسول ال)صلى ال عليه وآله( عن‬

‫أمر كان لنا نافعًا إذ كانت لحدنا أرض أن يعطيها ببعض خراجها و بدراهم وقال‪ :‬إذا‬

‫كانت لحدكم أرض فليمنحها أخاه أو ليزرعها(‪.‬‬

‫ونحن عندما نجمع بين قصة هذا النهي واتفاق الفقهاء على عدم حرمة كراء الرض‬

‫في الشريعة بصورة عامة وإضافة نصوص أخرى تدل على جواز إجارة الرض نخرج‬

‫بتفسير هو أن النبي)صلى ال عليه وآله( بصوفه ولي المر حكم بذلك وليس حكمًا‬

‫شرعيًا عامًا‪.‬‬

‫من هنا يتبين لنا أهمية وضع هذه المنطقة وفي مجال التجارة الخارجية تدخل الدولة‬

‫في الحدود التي ذكت سابقًا لموازنة التطورات ومعالجة النتائج بما يتلئم مع مبدأ‬

‫المنطقة للمة بصورة عامة‪.‬‬

‫قباني مفتي لبنان في حوار لـ "القتصادية"‬

‫الصيرفة السلمية في لبنان تنتشر عبر ‪ 3‬أو ‪ 4‬بنوك إسلمية‬

‫معاوية كنة من جدة‬


‫على الرغم من الغلبية المسيحية التي تستحوذ على التركيبة السكانية في لبنان وتتطبع غالبية‬
‫العمال والنشاطات القتصادية هناك بالطابع الربوي‪ ،‬إل أن صناعة المصرفية السلمية قد‬
‫بدأت تشق طريقها بنجاح كبير‪ ،‬كما هو الحال في كثير من دول العالم‪ ،‬حيث صدر في عام‬
‫‪ 2004‬قانون خاص بالمصارف السلمية وتزامن ذلك مع توقع المسؤولين هناك بإقدام المزيد‬
‫من المجموعات الستثمارية والمالية العربية على طلب رخص تأسيس مصارف إسلمية في‬
‫لبنان‪ ،‬وذلك في ضوء تنامي الطلب والنمو النوعي‪ ،‬الذي تشهده الصيرفة السلمية في المنطقة‬

‫‪103‬‬
‫والعالم‪.‬‬
‫لمعرفة المزيد عن المصرفية السلمية في لبنان وبعض القضايا ذات الصلة قمنا بإجراء هذا‬
‫الحوار القصير مع فضيلة الشيخ محمد رشيد قباني مفتي لبنان‪.‬‬

‫بداية لو تحدثتم لنا عن الصيرفة السلمية في لبنان في خطوط عريضة؟‬


‫الصيرفة السلمية في لبنان تنتشر من خلل ثلثة أو أربعة بنوك إسلمية على سبيل المثال‬
‫بنك البركة وبيت التمويل العربي والبنك السلمي اللبناني بدأ العمل المصرفي السلمي ينتشر‬
‫في لبنان منذ أكثر من خمس أو سبع سنوات والناس يلجؤون إليه باعتبار أنه بعيد عن الحرام‬
‫والتعامل بالربا وفي الوقت نفسه يحقق الربح المطلوب في استثمار الموال بنسبة عالية باعتبار‬
‫أنه ل مخاطرة في استثمار الموال بالمصارف السلمية لخلوها من الفائدة الربوية التي تتراكم‬
‫على المستثمر وتجعله يحجم عن الستثمار الكبير خوفا من الفائدة وبانتفاء الفائدة يقبل المستثمر‬
‫دون خوف ول وجل لن المشاركة في الربح هي الساس‪.‬‬

‫هل من إقبال على هذه البنوك من غير المسلمين؟‬


‫طبعا الذين يتعاملون مع المصرفية السلمية في لبنان ليسوا فقط من المسلمين فعلى سبيل‬
‫المثال بنك عودة المعروف والمشهور في لبنان يحاول أن يقيم فرعا له في الصيرفة السلمية‬
‫والمشاركون فيه هم من المسلمين والمسيحيين‪.‬‬

‫هل تعتقد أن للبنوك السلمية دورًا في التنمية القتصادية خاصة في الدول النامية؟‬
‫نعم لها دور كبير وكما ذكرت منذ قليل أنه ل فائدة ول ربا في التعامل المصرفي السلمي لنه‬
‫يقوم على المشاركة بين صاحب رأس المال وبين المستثمر مباشرة دون وسيط الربا الذي يمثل‬
‫العائق الكبر‪ ،‬وكما يقول اللورد كينز المعروف في القتصاد البريطاني‪ :‬إن مجتمعا متمكنا من‬
‫علم الدارة مزودا بالموارد التكنيكية الحديثة ينبغي أن يكون قادرا على خفض الكفاءة الهامشية‬
‫"وهي الفائدة أو الربا" لرأس المال إلى درجة الصفر "وهذا يعني إلغاء الفائدة" خلل جيل واحد‬
‫"أي خلل ‪ 60‬سنة" لينتقل المجتمع من القتصاد الربوي إلى القتصاد الخالي من الربا‪.‬‬

‫لكم دور بارز في صندوق الزكاة اللبناني‪ ،‬سؤالي هو كيف يمكننا أن نستثمر أموال الزكاة في‬
‫صالح الفقراء؟‬
‫أول‪ :‬أموال الزكاة أرى أنها للصرف وليس للكتناز والستثمار ولكن يمكن خلل وجود أموال‬
‫الزكاة لنها ل تصرف دفعة واحدة وإنما خلل عام فيمكن استخدامها في الستثمار ريثما يتم‬
‫صرفها شيئا فشيئا أو وقتا بعد وقت فالصل أن أموال الزكاة ليست للستثمار وإنما هي‬
‫للصرف ولكن تستثمر حتى يحين وقت صرفها ويمكن ذلك أي استثمارها في مشروعات عدة‬
‫كالموال العادية وليس استثمارا طويل الجل وإنما قصيرا أي شهرا فشهر لنها ستصرف‬
‫قريبا‪.‬‬

‫القتصادية اليوم السبت‬


‫العدد‪ 5521 :‬السبت ‪ 1429/11/24‬هـ ‪22-11-2008‬‬

‫‪104‬‬
‫حسن شعراوي‬

‫‪Hasansalehsharawy@yahoo.com‬‬
‫ســــــــــيرة ذاتيـــة‬

‫حسن صالح أبو المعاطي محمد الشعراوي‬ ‫السم ‪:‬‬


‫كاتب وشاعر مصري‬
‫‪alhaqaeq.net‬‬
‫)صاحب ديوان الزورق المثقوب(‬
‫كافة حقوق نشره لشركة ‪scribd.com‬‬
‫عضو اتحاد الكتاب والدباء العرب‬
‫‪WATA.CC‬‬

‫عضو اتحاد المترجمين الدوليين‬


‫‪ATA‬‬

‫‪105‬‬
‫‪www.atanet.org‬‬

‫عضو اتحاد الُقّراء‬


‫)القرآن الكريم(‬
‫‪http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=souraview&qid=1376&rid=1‬‬

‫‪3/6/1976‬‬ ‫‪ 34‬عاًما‬ ‫السن وتاريخ الميلد‪:‬‬

‫أعزب‬ ‫الحالة الجتماعية‪:‬‬

‫معفى نهائّيا‬ ‫الموقف من التجنيد‪:‬‬

‫قرية ميت راضي – بنها – قليوبية‪ -‬مصـر‬ ‫العنوان‪:‬‬

‫منزل‪002/013/3881380 :‬‬ ‫الهاتف‪:‬‬


‫البريد اللكتروني‪:‬‬
‫‪hasansalehsharawy@yahoo.com‬‬
‫‪hsharawy2010@gmail.com‬‬

‫ليسانس آداب لغة عربية ‪1998‬م‬ ‫المؤهل وسنة التخرج‪:‬‬

‫حــــّر‬
‫محرر وباحث لغوي ُ‬ ‫العمل‪:‬‬
‫المهارات‪:‬‬
‫التحدث والكتابة بتقدير جيد‬ ‫اللغة النجليزية‪:‬‬

‫خبرة في العمل على جهاز الكمبيوتر بإصدارات ويندوز المختلفة‬ ‫الكمبيــوتر‪:‬‬


‫) ويندوز ‪ 95‬وحتى ويندوز ‪ (Xp‬و ‪ Adobe Acrobat‬و ‪ html‬و‬
‫و ‪sdlx‬‬ ‫‪vss‬‬
‫الخــــــبرة العملية‪:‬‬
‫خبرة في مجال التحرير الصحفي والتصحيح والبحث اللغوي بكبرى دور النشر‪ ،‬والصحف‬
‫ودور الترجمة‪.‬‬
‫ومن طبيعة العمل تحرير وتصحيح المؤلفات والمترجمات نحوّيا وإملئّيا ولغوّيا وأسلوبّيا‬
‫وضبط تشكيلها‪ ،‬والحكم على المترجمات وتقييمها من ناحية السلوب والقدرة على توصيل‬
‫الفكرة‪ ،‬ومقارنة النص العربي بالنص النجليزي ومدى توافق هذه الفكرة المترجمة مع قيمنا‬
‫وديننا الحنيف‪.‬‬
‫‪ -‬خبرة في التحرير الصحفي على شبكة النترنت‪.‬‬
‫‪ -‬خبرة في عمل )بروفريدينج( للمترجمات إلى العربية‪.‬‬

‫‪106‬‬
‫وقد جاوزت هذه الخبرة ‪10‬سنوات( تم خللها مراجعة عدد كبير من الكتب في شتى صنوف‬
‫المعرفة‪ ،‬فتنوعت ما بين كتب في إدارة العمال‪ ،‬وعلم النفس‪ ،‬وبرامج الكمبيوتر‪ ،‬وكتب‬
‫التراث السلمي‪ ،‬ومواقع النترنت والمشاركة في بناء المعاجم اللغوية المتخصصة‪.‬‬

‫‪:‬الهوايات‬

‫‪ 1‬كتابة الشعر‬
‫‪ 2‬تأليف القصة القصيرة‬
‫‪ 3‬كتابة السيناريو‬
‫‪ 4‬الغناء السلمي والبتهالت‬
‫‪ 5‬المشاركة في الحوارات الدبية والمنتديات‬
‫– الفروسية وتربية الخيل‬ ‫‪6‬‬
‫‪/http://www.equestriancentre.nsw.gov.au‬‬

‫‪ - 7‬الترجمة‬

‫‪The author: Hasan Saleh sharawy‬‬


‫‪Name: Hassan Saleh Abou El-Maati Mohamed al‬‬
‫‪Shaarawi‬‬

‫‪Egyptian writer and poet‬‬


‫‪alhaqaeq.net‬‬
‫‪scribd.com‬‬
‫‪Name and professional journalist Hassan Shaarawi‬‬
‫‪AMEMBER OF WATA,‬‬

‫‪WATA.CC‬‬

‫‪ATA‬‬

‫‪www.atanet.org‬‬

‫‪AND‬‬

‫‪107‬‬
READERS OF THE HOLY QURN

http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=souraview&qid=1376&rid=1

Age and date of birth, 34, 3/6/1976

Marital status: Single

Military Status: Exempt final

Address: village of Meet Radi - Banha - Qalubia - Egypt

Phone:

House 02/013 \ 3883180

E-mail

hasansalehsharawy@yahoo.com

hsharawy2010@gmail.com

Qualifications and year of graduation: Bachelor of Arts in 1998 Arab language

Occupation: Editor and researcher for language

:Skills
English: speaking and writing good grade

Computer: the experience of working on the computer and Windows versions


different

Windows 95 and even Windows Xp) and Adobe Acrobat, html, vss and sdlx)

:Work experience

Experience in the field of editorial content, e-language debugging and configuration


of automated content and linguistic research with major publishing houses,
newspapers and the role of translation. E-publishing companies

:It is the nature of work

Editorial content of the e -

Patch linguistic heritage of the literature and translators grammatically and spelling, -
linguistically and stylistically

Adjust the full composition of the structure of the floor -

108
Revision and evaluation of translators in terms of style and ability to deliver the -
idea, compared to the Arabic text and English text and the compatibility of this idea
.compiled with our values and our religion

Experience in the editorial on the Internet .. And update the site

.Experience in the work (Provredenj) for interpreters into Arabic -

This experience has exceeded 10 years) during which a review of a large number of
books in various forms of knowledge, Vtnoat between books in business
administration, psychology, computer programs, and Islamic heritage books, web
.sites and participate in building specialized dictionaries

Preparation of research and specialized studies in the literature and criticism and as -

Other trades

Peasant farms more than 20 years experience _

Horse trainer and horsemanship -


MEMBER
/http://www.equestriancentre.nsw.gov.au

109

You might also like